You are on page 1of 34

‫الدكتور مختار حسين شبيلي‬

‫دور الشرطة في تحقيق األمن االجتماعي‬

‫بحث مقّد م لمؤتمر األمـن االجتماعي في المرجعية اإلسالمية‬

‫كلية الشريعة – جامعة آل البيت‬

‫األردن‪ 4 - 3 :‬تموز ‪2012‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫مقّد مـة‬

‫منذ أن خلق اهلل البريئة كانت حاجة اإلنسان والمجتمعات لألمن حاجة حيوّي ة ألجل استمرار الحياة‬
‫واس تقرارها وعم ران األرض ‪ ،‬وغي اب األمن ي ترّتب عن ه الخ وف وانع دام الطمأنين ة مّم ا ي ؤّثر في حي اة‬
‫المجتمع ات ‪ .‬وي دّل األمن االجتم اعي على ع ّد ة مظ اهر وج وانب مثل س المة األش خاص والجماع ات من‬
‫األخطار الداخلية والخارجية المه ّد دة لسالمتهم الجسدية وممتلكاتهم الخاّص ة ومن خطر الجريمة والمجرمين‪.‬‬
‫وال يتحق ق األمن االجتم اعي إال بت وافر جمل ة من العملي ات والمع ايير المجتمعي ة ذات الط ابع االقتصادي‬
‫واالجتم اعي والسياس ي والثق افي‪ ،‬يس عى المجتم ع وأف راده لتجس يدها‪ ،‬وتق وم س لطة الدول ة بفرض ها بواس طة‬
‫القانون والتنظيم كما ُيساهم فيها المجتمع المدني‪.‬‬

‫تق وم مؤسس ات الدول ة ك ل في مج ال اختصاصها بف رض النظ ام وس يادة الق انون بواس طة أجهزته ا‬
‫اإلدارية والقضائية من جهة‪ ،‬والتوعية االجتماعية ومسؤولية المجتمع المدني في الحفاظ على األمن االجتماعي‬
‫من جه ة أخرى ‪ .‬ومن مؤسس ات الدول ة الهاّم ة التي يقع على عاتقه ا عبء توف ير األمن ‪ :‬إدارة الش رطة التي‬
‫تض طلع بمهّم ة ح ّق الدول ة في ف رض قي ود تح ّد به ا من حرّي ات األف راد بقصد حماي ة النظ ام الع ام في مختل ف‬
‫مظاهره ( األمن العاّم والسكينة العاّم ة والصّح ة العاّم ة ) ‪ .‬وفي سبيل ذلك تؤّد ي الشرطة عّد ة وظائف تض بطها‬
‫القوانين أهّم ها الوظيفة اإلدارية والقضائية واالجتماعية ‪ُ ،‬م ّتبعة في ذلك وسائل ردعية ووقائية ‪ ،‬مثل أعمال‬
‫الضبط القضائي الهادفة لتتّب ع المجرمين والكشف عنهم وإ لقاء القبض عليهم لتقديمهم للعدالة التي تقتّص منهم‬
‫لغاي ة توف ير األمن للمواط نين ‪ ،‬أو الض بط اإلداري ال ذي ُينّظم ش ؤون الن اس اليومي ة ويرس م ح دود ك ل ف رد‬
‫وواجبات ه وذل ك بواس طة ( مثال ) ش رطة الم رور ‪ ،‬والبن اء ‪ ،‬وحف ظ األمن الع اّم ‪ ،‬إلى ج انب الوظيف ة‬
‫االجتماعي ة التي قوامه ا توعّي ة المواطن بأهمّي ة وض رورة الحفاظ على أمن ه الخاص وأمن الجماع ة بالتع اون‬
‫الوثي ق م ع الش رطة ‪ ،‬وتق ديم ي د المس اعدة للمواط نين والتق ّر ب من بعض مش اكلهم االجتماعي ة بالخصوص ‪.‬‬
‫ويرى علماء االجتماع أن غياب وتراجع مع ّد الت الجريمة بمختلف أشكالها يعّب ر عن حالة األمن االجتماعي ‪،‬‬
‫والعكس ف إن تفش ي اإلج رام يع ني حال ة غي اب األمن االجتم اعي ‪ ،‬فمعي ار األمن من وط بق درة المؤسس ات‬
‫الحكومية واالجتماعية في الحّد من الجريمة والتصّد ي لها ‪ ،‬وأن حماية األفراد والجماعة من مسؤولية الدولة –‬
‫من خالل ف رض النظ ام وبس ط س يادة الق انون بواس طة األجه زة األمني ة والقض ائية ‪ ،‬واس تخدام الق ّو ة إذا تطلب‬
‫الم ر ذل ك ليتحق ق األمن والش عور بالعدال ة ال تي تع زز االنتم اء للدول ة بصفتها الح امي األمين لحي اة الن اس‬
‫‪1‬‬
‫وممتلكاتهم وتوفير العيش الكريم لهم ‪.‬‬

‫نظير محمد أمين – المتغيرات الدولية واإلقليمية و أثرها على األمن االجتماعي ‪ .‬ص ‪5‬‬ ‫‪1‬‬
‫ال شّك أن لجهاز الشرطة عمال كبيرا وأساسيا في تحقيق األمن االجتماعي‪ ،‬أوال بأدائه الدور الكامل‬
‫في خدمة األمن العاّم بالتعاون مع مؤسسات الدولة األخرى‪ ،‬وثانيا تقّر به من المواطن وتعاونه معه لتجسيد هذا‬
‫األمن‪.‬‬

‫سنعالج موضوع هذا البحث من هذه المنطلقات باستعراض نقاط‪ :‬مفهوم األمن االجتماعي ومقّو ماته‪،‬‬
‫ودعائم ه‪ ،‬والترك يز على دور جه از الش رطة في تحقي ق األمن االجتم اعي ب التطرق ألهّم وظ ائف الش رطة‬
‫التقليدية والحديثة ( االجتماعية ) مقّد مين مقترحات تثري هذا الموضوع الهاّم ‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم األمن االجتماعي و مقّو ماته‬

‫األمن االجتم اعي بمفهوم ه البس يط يع ني س المة األف راد والجماع ات من األخط ار ال تي الداخلي ة‬
‫والخارجي ة ال تي يتعّر ض ون له ا س واء ذات الطبيع ة العس كرية ال تي ي ترّتب عنه ا القت ل واالعت داء على األف راد‬
‫والممتلكات ‪ ،‬أو في مجال تزايد معّد الت الجريمة وتفّش ي اإلجرام الذي يؤّد ي إلى المساس باألمن االجتماعي‪،‬‬
‫فتسعى الدولة إلى إقامة قواعد لعبة يجب احترامها في العالقات االجتماعية‪ ،‬ألن السلطة السياسية من أولويات‬
‫مهاّم ه ا العم ل على توف ير األمن وس يادة النظ ام‪ ،‬وه ذا يع ني أنه ا تنش غل ب األمن الب دني للمواط نين وه و الخ ير‬
‫األثمن ال ذي بدون ه ُيبقي التمّت ع ب الخيرات األخ رى ب دون ج دوى‪ .‬ووج ود الش رطة يجّس د مادّي ا حماي ة األف راد‬
‫األكثر تعّر ضا للخطر والتهديد ( باألساس )‪.2‬‬

‫كما يمكن أن يكون األمن االجتماعي مسؤولية اجتماعية بوصفه ينبع من مسؤولية الفرد تجاه نفسه‬
‫وأسرته ‪ ،‬وبهذا نشأت أعراف العشيرة وتقاليدها لتصبح جزءا من القانون السائد ‪ ،‬وذلك قبل أن يّتخذ مفهوم‬

‫كلية القانون والعلوم السياسية – جامعة ديالي ‪ ،‬العراق‪.2010‬‬


‫‪1‬‬
‫فيليب برو‪ -‬ترجمة محمد عرب صاصيال ــ علم االجتماع السياسي ص ‪.99‬‬ ‫‪2‬‬

‫المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع – بيروت ‪ ،‬لبنان ‪.1998‬‬


‫الدول ة ش كله الح الي ‪ ،‬حيث تحتك ر الدول ة الس لطة ومظ اهر الق ّو ة وإ صدار الق انون لتنظيم ش ؤون األف راد‬
‫والمجتم ع ‪ ،‬وال ينفي ه ذا بطبيع ة الح ال م ا للمجتم ع من دور في المحافظ ة على األمن االجتم اعي خاصة‬
‫بأس اليب مدنّي ة وحض ارية ‪ .‬وكم ا يك ون األمن في الض رورات والحاج ات المادي ة‪ ،‬يك ون ك ذلك في األم ور‬
‫المعنوّي ة والنفس ية والروحي ة‪ ،‬وكم ا يك ون للف رد فإن ه يك ون لالجتم اع اإلنس اني الع اّم ‪ . 3‬وه ذا يفّس ر أن لألمن‬
‫االجتماعي أبعادا ذات طابع سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي ومعنوي سنستعرضها في هذا المبحث‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ -‬مفهوم األمن االجتماعي‬

‫قبل التطّر ق لمفهوم األمن االجتماعي يجدر الحديث عن التطّو ر االجتماعي الذي يخّص تطّو ر عالقات‬
‫األف راد بعض هم البعض ‪ ،‬بحيث يك ون الج انب االجتم اعي والنظ رة إلى رعاي ة الف رد للف رد ال تق ّل عن رعاي ة‬
‫الفرد لنفسه‪ .‬والتطّو ر االجتماعي يعكس نمّو عالقات األفراد في دائرة المشاركة الوجدانية والتعاون في سبيل‬
‫العم ل المثم ر والخ ير الع اّم للمجتم ع ب دال من اس تمرار "الفردّي ة" وتحّك م األناني ة ال تي ت وحي به ا طفول ة الف رد‬
‫وطفول ة المجتم ع‪ . 4‬ومن ذ الق دم أدرك أف راد األس رة فعال عالق ات بعض هم ببعض ‪ ،‬وارتبط وا فيم ا بينهم على‬
‫أساس من التعاون والرعاية المتبادلة عند األزمات التي تج ّد بينهم أو تطرأ عليهم من غريب عنهم ‪ ،‬وعرفوا‬
‫ح دود م ا يجب أن ُيفع ل وم ا يجب أن ُي ترك في س بيل ه ذا التع اون وس بيل تل ك الرعاي ة ‪ ،‬ووقف وا أن لهم جميع ا‬
‫هدفا واحدا هو أن تبقى أسرتهم قوّية عزيزة في مواجهة غيرها من األسر ‪ .‬هناك يكون الوعي االجتماعي قد‬
‫تيّقظ بين أفراد هذه األسرة وأخذ طريقه نحو غايته لينتقل م ــن مرحلة إلى مرحلة أقوى منها ‪ ،‬حتى يصل األمر‬
‫بينهم إلى تكّتل أو وح دة‪ ، 5‬ومن هن ا نش أت ب وادر البن اء االجتم اعي األّو ل ال ذي س عى في ه األف راد إلى تعمي ق‬
‫عالقاتهم وتقوّي ة روابطهم اإلنسانية المشتركة التي كان أساسها التعاون المثمر لتحقيق حاجيات الجماعة التي‬
‫من أولوياتها أمنهم االجتماعي للتّم كن بالخصوص من العيش في طمأنينة وسالم ‪.‬‬

‫د‪ .‬محمد عمارة ‪ -‬اإلسالم واألمن االجتماعي ‪ .‬ص‪ ، 5‬دار الشروق – القاهرة ‪ ،‬مصر ‪.1998‬‬ ‫‪3‬‬

‫د‪ .‬محمد البهّي – الدين والحضارة اإلنسانية‪ .‬ص ‪ ، 27‬دار الفكر – بيروت ‪ ،‬القاهرة ( لبنان ‪ ،‬مصر ) ‪.1974‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪5‬‬
‫د‪ .‬محمد البهّي – المرجع السابق ص ‪.29‬‬

‫‪2‬‬
‫تعّد دت اآلراء حول مفهوم األمن االجتماعي في واقعنا المعاصر‪ ،‬وذلك تبعا لمجاالت الحياة المرتبط‬
‫بها هذا المفهوم‪ ،‬وتبعا الختالف اهتمامات المفكرين والعلماء‪ ،‬وحسب اختالف المتغّيرات والعوامل التي تحيط‬
‫بهم واختالف أه داف الدراس ات ال تي يقوم ون به ا‪ .‬ويمكن إيج از مف اهيم األمن االجتم اعي من وجه ة نظ ر‬
‫الباحثين في الجوانب التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬الجانب التنظيمي ‪ ،‬الذي غايته عناية الدولة ومؤسساتها بالبعد الجنائي وحماية األفراد والمجتمع من‬
‫أي اعتداء يحتمل وقوعه عليهم ( وهذا موضوع بحثنا ) ‪.‬‬

‫‪ -‬الجانب السياسي أو االقتصادي أو االجتماعي ‪ ،‬الذي تترجمه درجة اإلدراك التي تصلها أجهزة‬
‫الدولة المختّص ة وتطّبقها في شكل استراتيجيات تقوم على أساس الحفاظ على المظاهر االقتصادية واالجتماعي ة‬
‫والسياسية وتطويرها في المجتمع‪. 6‬‬

‫ـ الجانب العسكري ‪ ،‬وهو الحفاظ على أمن اإلقليم وتوفيرا لحماية العسكرية ‪.‬‬

‫والحقيقة أن هذه الجوانب غير مستقّلة عن بعضها البعض بل تتكامل لتحّقق غاية واحدة أساسا ‪ ،‬وهي‬
‫إنجاز األمن بمفهومه الشامل‪ ،‬وفي هذا الصدد يورد وزير الدفاع األميركي األسبق روبرت ماكنمارا في كتابه‬
‫( جوهر األمن ) تعريفا لألمن يرى بأنه ليس سوى التط ّو ر والتنمية سواء منها االقتصادية أو االجتماعية أو‬
‫السياسية في ظل حماية مضمونة ( أي توفير األمن العسكري لهذه التنمية وحمايتها من التهديدات ) ‪ .‬ولهذا‬
‫ف إن األمن الحقيقي للدول ة ينب ع من معرفته ا العميق ة للمصادر ال تي ته ّد د مختل ف مق ّد راتها ومواجهته ا إلعط اء‬
‫الفرصة لتنمي ة تل ك الق درات تنمي ة فعلّي ة في كاف ة المج االت س واء في الحاض ر أو المس تقبل ‪ ،‬فال ُيمكن حصر‬
‫األمن في الجانب الردعي والعسكري بدون توفير المقّو مات والسلوكيات التي تع ّد من أهّم ركائزه خاّص ة مع‬
‫تزايد التهديدات األمنية الراهنة ‪ .‬أّم ا هنري كيسنجر وزير الخارجية األميركي األسبق فيرى أن األمن يعني‬
‫أّي تصرفات يسعى المجتمع عن طريقها لحفظ حّق ه في البقاء ‪ .‬وهناك من ع ّر ف األمن االجتماعي بأنه قدرة‬
‫المجتمع والدول ة على مواجهة كاف ة التهديدات الداخلي ة والخارجي ة بما يؤّد ي إلى محافظته على كيانه وهوّيت ه‬
‫وإ قليمه وموارده وتماسكه وتطّو ره وحرّية إرادته‪. 7‬‬

‫‪6‬‬
‫سني محمد أمين – مفهوم األمن ‪ - 2008 .‬الموقع الكتروني‪snimedamine.maktoobblog.com :‬‬

‫‪7‬‬
‫سني محمد أمين – مفهوم األمن ‪ - 2008 .‬المرجع السابق‪.‬‬
‫واألمن االجتماعي من وجهة النظر اإلسالمية يشمل كلمتين ‪ :‬األمن ‪ ،‬وهو في اصطالح اللغة العربية‬
‫وكما جاءت معانيه في القرآن الكريم هو ض ّد الخوف الذي هو الفزع ‪ ،‬وهو الطمأنينة واالطمئنان بعدم توقع‬
‫مك روه في ال زمن الحاض ر واآلتي ‪ ،‬واالجتم اعي معناه ا المواق ف ال تي فيه ا ت أثير متب ادل بين فرق اء ت ربطهم‬
‫رواب ط وعالق ات‪ .8‬وه ذا األمن االجتم اعي ال يتحق ق إال في بوتق ة الض رورات الخمس ال تي ال قي ام لل دين وال‬
‫للدنيا بدون تحققها‪ ،‬ألن غيابها ُيفضي إلى اختالل استقامة المصالح فتتهّد د الحياة في الدنيا‬

‫والنجاة والنعيم في اآلخرة‪ ،‬وهي‪ :‬الحفاظ على الدين وإ قامته – الحفاظ على اإلنسان ‪ -‬الحفاظ على العقل‬
‫اإلنساني – الحفاظ على العرض والنسب – الحفاظ على المال‪.9‬‬

‫ومن المنظور اإلسالمي( الحديث ) فاألمن االجتماعي يدّل على مطلق حالة االطمئنان التي يشعر بها‬
‫أفراد المجتمع والناتجة عن مساهمة مؤسسات التنمية االجتماعية في تفعيل جميع االستراتيجيات واإلمكانيات‬
‫والممارسات التي تحقق للفرد الشعور بعدم الخوف في حاضره ومستقبله‪ ،‬وتسعى لحماية دينه ونفسه وعقله‬
‫وماله وعرضه ‪ ،‬وتؤّك د على االعتراف بوجوده ومكانته في المجتمع ‪ ،‬وتتيح له‬

‫المشاركة اإليجابية في مجتمعه ‪ .‬وهذه المرجعية عبر عليها قديما من قبل القاضي أبو يعلى في مجال ت أمين‬
‫األمن ال داخلي بقول ه " حماي ة البيض ة وال ذب عن الح وزة ليتصّر ف الن اس في المع ايش وينتش روا في األس فار‬
‫آمنين ‪ ".‬وعن الدفاع الخارجي ذكر‪ " :‬تحصين الثغور بالعّد ة المانعة والقّو ة الدافعة حتى ال تظفر األعداء بغ ّر ة‬
‫ينتهكون بها محرما أو يسفكون فيها دما لمسلم أو ُم عاهد " ‪.‬وعن منع الظلم وإ قامة العدل ‪ " :‬تنفيذ األحكام بين‬
‫المتشاجرين حتى تظهر النصفة فال يتعّد ى الظالم وال يضعف المظلوم ‪ .‬وإ قامة الحدود لتصان محارم اهلل تعالى‬
‫عن االنتهاك‪ ،‬وتحفظ حقوق عباده من إتالف واستهالك "‪. 10‬‬

‫واستنتاجا من هذه المفاهيم المختلفة‪ ،‬يمكن مالحظة أن األمن االجتماعي يواجه جبهتان أساسيتان‪:‬‬

‫‪ -‬الجبهة األمنية‪ ،‬التي تعني تحرير الفرد والمجتمع من الخوف وعدم االستقرار المعنوي والــمادي‪.‬‬

‫د‪ .‬محمد عمارة ‪ -‬المرجع السابق ص ‪.11‬‬ ‫‪8‬‬

‫د‪ .‬محمد عمارة ‪ .‬المرجع السابق ص‪.20 – 19‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪3‬‬
‫األحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى الحنبلي ص ‪ – 11‬عن محمد المبارك ‪ :‬اإلسالم (الحكم والدولة ) ص‪87‬‬ ‫‪10‬‬

‫دار الفكر‪ -‬بيروت ‪ ،‬القاهرة – لبنان ‪ ،‬مصر ( الطبعة الثالثة ) ‪.1980‬‬


‫‪ -‬الجبهة االقتصادية والسياسية واالجتماعية‪ ،‬التي تعني تحقيق متطلبات الحياة العاّم ة من رفاه اقتصادي‬
‫وتنمي ة وتط وير‪ ،‬وحرّي ة ومش اركة سياس ية وحكم راش د‪ ،‬ومس اواة وع دل وتنمي ة بش رية وخ دمات من تعليم‬
‫وصّح ة وغيرها‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ -‬مقّو مات األمن االجتماعي‬

‫يعتبر األمن االجتماعي المحور األساسي لبناء المجتمع وعامال حاسما في حماية منجزاته والسبيل إلى‬
‫االزده ار والتق ّد م ‪ ،‬ألن ه ي وفر البيئ ة المالئم ة وظ روف األمن للعم ل والبن اء ‪ ،‬ويبعث الطمأنين ة في النف وس ‪،‬‬
‫ويش كل ح افزا لإلب داع واالنطالق نح و أف ق المس تقبل ويتحق ق األمن باالنس جام االجتم اعي والتواف ق واإليم ان‬
‫بمقّو م ات األّم ة وال وطن ال تي تعم ل على توحي د النس يج االجتم اعي والثق افي والسياس ي في إط ار من الع دل‬
‫والمس اواة بين مختل ف الش رائح االجتماعي ة في ظ ل الحكم الراش د‪ .‬ويس هم اس تتباب األمن في االنصهار‬
‫االجتم اعي وإ رس اء قواعد المس اواة االجتماعي ة بعي دا عن التط احن الع رقي والط ائفي والم ذهبي وال ديني ‪ ،‬م ع‬
‫العم ل على الحف اظ على الخصوصيات الثقافي ة – االجتماعي ة المجّس دة لمب دأ التن ّو ع في إط ار الوح دة وصون‬
‫الحرّية واحترام حقوق اإلنسان‪ .‬وعلى ضوء هذا المفهوم الشامل لألمن‪ ،‬فإن مقّو مات األمن االجتماعي تكمن‬
‫في العوامل التالية‪:‬‬

‫‪1‬ـ ـ الحكم الراشــد‪ :‬يتّم تحدي د مفه وم الحكم الراش د باعتب اره تنس يقا للف اعلين في مجموع ات اجتماعي ة أو‬
‫مؤسسات داخل وخارج الحكومة للوصول لألهداف التي تّم ت مناقشتها وتحديدها جماعيا‪ .‬والحكم الراشد مرّد ه‬
‫مجموعة المؤسسات والشبكات والتعليمات والتنظيمات والمعايير ذات االستخدام السياسي للفاعلين العموميين‬
‫والخ واص‪ ،‬وال ذي يس اهم في اس تقرار المجتم ع والنظ ام السياس ي وفي توجيه ه والقـ ـــدرة على حكم ه‪ ،‬وعلى‬
‫المقدرة لتزويده بالخدمات‪ ،‬وض ــمان الشرعّية‪ ،11‬وتتلخـّـص مظاهر الحكم الراشد في ما يلي‪:‬‬

‫المشاركة السياسية‪ ،‬وتع ني أن يك ون للمواط نين رأي في صنع الق رار س واء بطريق ة مباش رة أو من خالل‬
‫مؤسسات الوساطة المشروعة‪.‬‬

‫‪ 11‬نعمان عباسي – الحكم الراشد وأولوية ترتيب المشهد النخبوي في الجزائر‪ -‬مجلة الباحث االجتماعي عدد ‪10‬‬
‫الجزائر ‪ ،‬سبتمبر ‪ 2010‬ص ‪.117‬‬
‫‪4‬‬
‫حكم القانون‪ ،‬بحيث يكون القانون هو الس ّيد وال ُيعلى عليه‪ ،‬وأن تحكم مؤسسات القانون بالعدل‪ .‬وفي هذا‬

‫الصدد يؤكد المفكرون الغربيون أن الغاية النهائية لنظرية دولة القانون تتلخص في ضرورة إيجاد آليات تح ّد‬
‫من سلطان الدولة بكيفّية يحدث معها التوازن المرجو بين السلطة والحرّية في المجتمع‪.12‬‬

‫الشــفافية ‪ ،‬ومن مظ اهر س يادة الق انون الش فافية في إدارة وتس يير الش أن الع اّم ‪ ،‬بحيث يتمكن الم واطن من‬
‫االطالع على مجري ات الحي اة السياس ية واالقتصادية في بل ده ‪ ،‬ويك ون على دراي ة بالمعلوم ات ال تي تخّص ها ‪،‬‬
‫ويمكنه الوصول إليها بيسر في إطار ما يسمح به القانون والتنظيم ‪ ،‬أّم ا إخفاء الحقائق وتحويرها وجعلها حكرا‬
‫على دوائر معّينة ومنعها على المواطنين من شأن ذلك أن يثير ريبة وشكوك المواطن في نّي ة وكفاءة مسئوليه‬
‫في حسن إدارة شؤون الدولة ‪.‬‬

‫تحقيق اإلجمـاع الوطـني‪ ،‬والمقصود ب ه أن يحصل إجم اع من قب ل أف راد المجتم ع ح ول المصالح والمن افع‬
‫التي تخدم الجماعة من خالل السياسات واإلجراءات والتدابير التي تّتخذها السلطة الحاكمة ‪.‬‬

‫‪ -2‬المســاواة والعــدل‪ :‬ال يس تقيم حكم الجماع ة وتحقي ق األمن االجتم اعي إال في ظ ّل المس اواة والع دل‪،‬‬
‫ومي ادين المس اواة ع ادة هي المس اواة السياس ية واالقتصادية والمس اواة المدنّي ة واالجتماعي ة‪ ،‬ويج ري الح ديث‬
‫عنها في عالقات المواطنين الداخلية وبين األجناس والقوميات والشعوب وبين الدول‪ .‬وتسعى الدولة الحديثة‬
‫لتحقيق المساواة في كل مظاهرها بين مختلف طبقات المجتمع وفئات ه ومكّو نات ه‪ ،‬وهي السبيل األوحد لتحقيق‬
‫االنسجام االجتماعي والشعور بالتآخي واالنتماء للوطن مّم ا يق ّو ي األمن االجتماعي ويزيد من تماسك األّم ة ‪.‬‬
‫وقد قام اإلسالم على مبادئ العدل والمساواة وطّبقها باعتبارها عنصرا من عناصر األخ ّو ة اإلنسانية ‪ ،‬وكانت‬
‫مب دأ غ ير مع روف في األمم ال تي س بقته ‪ .‬وأم ر الق رآن بالع دل ك أمر ع اّم دون تخصيص بن وع دون ن وع وال‬
‫بطائفة دون أخرى باعتبار أن العدل نظام اهلل وشرعه والناس عباده وخلقه يستوون أبيضهم وأسودهم ‪ ،‬ذكرهم‬
‫َّل‬
‫وأنثاهم ‪ ،‬مس لمهم وغ ير مس لمهم أم ام ع دل اهلل وُح كم ه‪ ،‬ول ذلك ينبغي الحكم بالع دل والقس طاس ‪ِ) :‬إَّن ال َه‬
‫‪13‬‬

‫َّل‬ ‫ِه‬ ‫َّل ِنِع ِع‬ ‫ِل‬ ‫ِت‬


‫َيْأُمُر ُك ْم َأْن ُتَؤ ُّد وا اَأْلَم اَن ا ِإَلى َأْه ـ َها َو ِإَذ ا َح َك ْم ُتْم َبْيَن الَّن اِس َأْن َتْح ُك ُم وا ِباْلَع ْد ِل ِإَّن ال َه َّم ـا َي ُظُك ْم ِب ِإَّن ال َه‬
‫َك اَن َس ِم يًع َبِص يًر ا ‪.14( .‬‬

‫د‪ .‬محمد أرزقي نسيب ‪ -‬أصول القانون الدستوري والنظم السياسية ‪ -‬شركة دار األّم ة ‪ ،‬الجزائر ‪ 1998‬ص‪. 41‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪ 13‬جالل مظهر‪ -‬حضارة اإلسالم وأثرها في الترّقي العالمي‪ .‬ص ‪ 229 -228‬منشورات مكتبة الخانجي – القاهرة ‪ ،‬مصر‬
‫‪.1974‬‬
‫‪ 14‬سورة النساء – اآلية ‪.58‬‬
‫ترتكز قيم العدل والمساواة في الدولة الحديثة على مجموعة من العمليات والمهاّم التي تقوم هيئات و‬
‫مؤسسات الدولة بالسعي لتوفيرها ‪ ،‬حتى ُتهّيئ منـاخ حياة اجتـ ــماعية مّتسـقة ومنسـجمة مــع تطـلعات‬

‫المواطنين ُتساهم في النهاية بفعالية في توطيد ركائز األمن االجتماعي‪ ،‬وتتلّخ ص في‪:‬‬

‫‪ -‬نزاهة جهاز القضاء وُح كمه بالعدل بين المواطنين بتطبيق القانون على الجميع بدون تمييز أو انحياز‬
‫وسيادة القانون الذي يخضع له جميع أفراد المجتمع‪.‬‬

‫‪ -‬تحقي ق العدال ة االجتماعي ة بين مختل ف فئ ات المجتم ع‪ ،‬وبين المن اطق والجه ات وبين الري ف والمدين ة‪،‬‬
‫والمساواة في توزيع ثروات البالد‪ ،‬فال تعمل الدولة كمجّر د شرطّي للنظام االجتماعي وإ نما كسلطة حامية تمنح‬
‫اإلعانات من الخيرات المادية للبالد‪.‬‬

‫‪ -‬المساواة بين األفراد في الوصول للمناصب السياسية واإلدارية حسب ُم ؤّهالتهم وطاقاتهم واستعداداتهم‬
‫ال غ ير ب دون تمي يز أو إقصاء ‪ ،‬والمس اواة في ف رص العم ل والتعليم والخ دمات االجتماعي ة ‪ ،‬والمس اواة‬
‫االقتصادية ‪.‬‬

‫‪ -‬مكافح ة مظ اهر الفس اد والرش وة والمحسوبية والمحاب اة ‪ ،‬وهي التي ُتش عر المواط نين أك ثر من غيرها‬
‫بالتمييز وعدم العدل وُتؤّد ي إلى التذّم ر وعدم الثقة في األجهزة الحكومية ‪.‬‬

‫إّن اهتم ام وعم ل الدول ة ومؤّس س اتها على تحقي ق ق در من المس اواة بين أفراده ا وفئاته ا ومكّو ن ات‬
‫مجتمعه ا ومناطقه ا ‪ُ ،‬يش عرهم ب الفخر واالع تزاز والتق دير واالح ترام لحك ّامهم ‪ ،‬ويبعث بينهم روح الت آخي‬
‫والوئ ام ومش اعر المحّب ة ‪ ،‬وتس ري روح الوطنّي ة وحّب ال وطن في أوصالهم ‪ ،‬مّم ا يزي د من تمّس كهم وتعّلقهم‬
‫بوطنهم ودولتهم ‪ ،‬وتتَقّو ى بالنتيجة وحدتهم الوطنية وأمنهم االجتماعي دون ريب ‪.‬‬

‫‪ -3‬المواطنـة‪ :‬المواطن ة هي حال ة االنتم اء إلى مجتم ع واح د‪ ،‬يض ُّم ه بش كل ع اّم راب ط اجتم اعي وسياس ي‬
‫وثق افي موّح د في دول ة معّين ة‪ .‬وك وُن أّن للم واطن حقوق ا يجب أن يناله ا فه و في نفس ال وقت ُم ل زم بتحّم ل‬
‫واجبات اجتماعي ة ُيفرض علي ه تأدّيته ا‪ .‬وي ترّتب على فكرة المواطن ة مصطلح المواطن اإليج ابي أو الفّع ال ‪،‬‬

‫‪5‬‬
‫وهو الذي ُيسهم في رفع مستوى مجتمعه ووطنه الحضاري عن طريق العمل الرسمّي الذي يؤّد يه أو من خالل‬
‫عمل ه التط ّو عي‪ .15‬وتش مل مس ؤولية الف رد نح و المجتم ع ( المس ؤولية االجتماعي ة ) مثال التزام ه ب دفع حق وق‬
‫الضرائب ‪ ،‬واحترام القانون ‪ ،‬واحترام حرّي ة وخصوصية الغير ‪ ،‬وواجب أداء الخدمة العسكرية وأداء العمل‬
‫التض امني الموّج ه لفائ دة أف راد مجتمع ه ‪ .‬والمواَطن ة تع ني أيض ا ُع م ق االنتس اب إلى الدول ة وال وطن ‪ ،‬ال إلى‬
‫المنطقة أو الطائفة أو العشيرة والقبيلة أو لثقافة محلّي ة معّينة ‪ .‬وهي قبل ك ّل شيء قَيم وسلوك وأخالق وذوق‬
‫حضاري بحّب الوطن والتعّلق به وااللتزام المعنوي نحو المجتمع‪.‬‬

‫ولّم ا كانت المواطنة من الناحية الوجدانية هي شعوٌر وحّس قوّي بأهمية االنتماء للوطن ‪ -‬ينتج عنه‬
‫وعٌي بالتح ديات ال تي يواجهه ا ال وطن واس تعداد لل ذود عن حم اه ‪ ،‬ويعكس س لوكا وممارس ة تجع ل مصلحة‬
‫ال وطن ُم قّد م ة على المصلحة الخاصة – ف إن المواطن ة من الناحي ة الثقافي ة هي الح وار وإ نت اج الفك ر وتفاع ل‬
‫اآلراء وتبادل الرؤى واحترام توّج هات اآلخرين ونبذ التعّص ب والكراهية واالنفتاح المّت زن على جميع الثقافات‬
‫والحوار الواعي معها‪ .‬ومن مظاهر المواطنة ‪:‬‬

‫‪ -‬المشاركة الطوعية واالختيارية في األنشطة االجتماعية المختلفة العائدة بالنفع على المجتمع ‪.‬‬

‫‪ -‬التشّبث بقَيم المجتمع األصيلة ‪.‬‬

‫‪ -‬تقديم المصلحة العاّم ة على المصلحة الخاصة ‪.‬‬

‫‪ -‬التحّض ر‪ ،‬واكتساب الحّس المدني بواسطة احترام أفراد المجتمع وفئاته‪ ،‬وقبول التعايش مع الغير‪،‬‬

‫والتآخي واالعتدال والتسامح والدعوة للحوار وقبول االختالف‪.‬‬

‫‪ -‬المحافظة على األمالك العامة والخاصة ‪ ،‬واحترام القوانين ‪ ،‬والوعي بأهمية األمن االجتماعي‪.‬‬

‫‪ -‬احترام معتقدات اآلخرين وثقافاتهم وآرائهم‪.‬‬

‫‪ -‬اإلخالص في خدمة الوطن سواء من موقع العمل الرسمي أو التطّو عي‪.‬‬

‫‪ -‬استهجان واستنكار كل أمر يضّر الوطن والمجتمع والتبليغ عنه للجهات المختصة‪.‬‬

‫‪ -‬أداء االلتزامات المدنّية وتحّم ل األعباء المالية كالضرائب والرسوم ‪.‬‬

‫‪ -‬المشاركة في األنشطة والواجبات التضامنية ‪.‬‬

‫موسوعة ويكييديا موقع الكتروني) مادة المواطنة ( ‪ar.wikipedia.org‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -‬اإلسهام في األعمال واألنشطة التي تنّظمها أجهزة الدولة والموّج هة لصالح المجتمع ‪ ،‬ومثال ذل ك حمالت‬
‫تحس يس الش باب‪ ،‬وحمالت مكافح ة المخ درات بأنواعه ا ‪ ،‬وحمالت التوعي ة بنظاف ة المحي ط والمحافظ ة على‬
‫البيئة ‪ ،‬وحمالت التوعّية بحوادث المرور واحترام قواعد السير‪.‬‬

‫‪ -‬المشاركة في االنتخابات ‪.‬‬

‫‪ -‬خدمة الوطن دون انتظاَر مقابل‪ ،‬عمًال بمُقولة " ال تنتظر من وطنك ماذا ُيقدّم لك‪ ،‬بل انظر ما يمكن أن‬
‫تقّد م أنَت لوطنك " ‪.‬‬

‫وال تتوّطد المواطنة إال من خالل وجهين‪ ،‬وجه الواجبات‪ ،‬التي ذكرنا أهّم ها فيما سبق‪ ،‬ووجه الحقوق‬
‫التي يشعر المواطن أنه ينالها تلقائيا في مجتمعه‪ ،‬وهي على العموم‪:‬‬

‫‪ -‬الحّق في احترام الخصوصّية‪ ،‬والكرامة‪.‬‬

‫‪ -‬المساواة أمام القانون ‪.‬‬

‫‪ -‬المساواة السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ -‬عدم التمييز الطائفي والمذهبي والديني والفكري والثقافي‪ ،‬بما ينسجم وحدود التوّج هات العامة للمجتمع‬

‫‪ -‬التوزيع العادل لثروات الوطن على المواطنين ‪.‬‬

‫‪ -‬إشاعة العدل وسيادة القانون ‪.‬‬

‫وتتزايد قَيم المواطنة وتتعّم ق بالحرص على التشّبث بالمبادئ التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬المحافظة على مقّو مات الشخصّية الوطنية ( الدين واللغة والتاريخ والوطن )‬

‫‪ -‬االعتزاز بالوطن واالستعداد للدفاع عنه وعن أمنه والتضحية من أجله ‪.‬‬

‫‪ -‬االعتقاد الراس خ ب أن األمن االجتم اعي حصن حصين للمجتم ع ‪ ،‬وال درع ال واقي من المخ اطر المحّد ق ة‬
‫بالوطن وأهله والتهديدات والتح ّد يات التي تواجهه ‪ ،‬ألن األمن االجتماعي في أّي بلد من ثوابت األّم ة التي ال‬
‫تتنازل عنها في كل الظروف ‪ ،‬والمساس بها مساٌس بأمن البالد واستقرارها ومستقبلها وسمعتها بين األمم ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ -‬دعم األمن االجتماعي‬


‫تسهر أجهزة الدولة والمجتمع المدني على دعم األمن االجتماعي بمكافحة والوقاية من مختلف اآلفات‬
‫االجتماعية التي تهّد د أسس المجتمع‪ ،‬وهي ( باإلضافة للجريمة ) مظاهر االنحراف والتط ّر ف وإ همال األسرة‬
‫وتدهور األخالق وانتشار المخدرات والفساد والفقر‪.‬‬

‫‪ -‬االنحــراف والتط ـّر ف ‪ :‬ويع ني الحي اد على الطري ق والس وّي وانته اك المع ايير االجتماعي ة ومجانب ة‬
‫الفط رة الس ليمة وإ تب اع س بيل الخط أ الُم نهى عن ه ش رعا وقانون ا ‪ ،‬والغل ّو في التفك ير ومع اداة المجتم ع وقواع د‬
‫سيره الطبيعّية ‪ .‬وغالبا مـا تترجم األفكار المتطرفة إلى أفعال عنيفة ضـّد النظام القائم والمجتمع ( اإلرهاب )‬
‫وتكفير الناس والحكام ‪ ،‬وبالنتيجة زعزعة وتقويض األمن االجتماعي ‪.‬‬

‫‪ -‬إهمــال األســرة وفســاد األخالق ‪ :‬بم ا أن األس رة هي الخلّي ة األولى ال تي يق ع على عاتقه ا تربي ة النشء‬
‫والس هر على إع داده نفس يا ومادي ا ليواج ه المجتم ع والحي اة ‪ ،‬فيجب إعطاؤه ا الق در الك افي من االهتم ام كونه ا‬
‫المدرسة األولى والمعّلم األّو ل والمسئولة على بوادر التربية الصحيحة والفعلية ‪ ،‬وهذا من أجل حماية األجيال‬
‫وصونها من فساد األخالق والتسّيب والالمباالة ‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫‪ -‬المخ ـّد رات ‪ :‬وهي من اآلف ات الك برى ال تي ته ّد د المجتم ع وتعبث بكيان ه واس تقراره لم ا تترك ه من آثار‬
‫سلبية على صّح ة األبدان والنفوس ‪ ،‬وتشكل تبديدا للطاقات واألموال ‪ ،‬وتورث الخمول واالستهتار ‪ ،‬وقد تك ون‬
‫مطّية الرتكاب الجرائم المختلفة ‪.‬‬

‫‪ -‬الفس ــاد ‪ :‬تنعكس آثار الفس اد الم الي واالقتصادي والسياس ي واالجتم اعي على البني ة االقتصادية –‬
‫االجتماعي ة للبل د فيت أثر مجه ود التنمي ة وتحقي ق العدال ة االجتماعي ة والتوزي ع الع ادل لل دخل الوط ني ‪ ،‬وتتج ه‬
‫االس تثمارات للقطاع ات الهامش ية ‪ ،‬وتتوّس ع الفج وة بين الفق راء واألغني اء وي برز التف اوت الطبقي والجه وي‬
‫وتصبح ثروة البالد في يد عدد قليل من المستنفذين المستفيدين من هذا الواقع الَم رضي ‪ .‬كما ينتج عن الفساد‬
‫تكاليف مادية واجتماعية بعد أن تصبح هذه الجريمة نشاطا مربحا تتيح لفاعليها توسيع نشاطهم داخل دواليب‬
‫الدولة ‪ ،‬كما تكون سببا في فقر وبطالة فئة واسعة من المواطنين خاصة الشباب في ظل غياب فرص العمل‬
‫والتمايز االجتماعي مما يؤّد ي إلى عزوفهم عن العمل الذي ال يوفر الدخل المالي الكبير ‪ ،‬ويصير اهتم امهم في‬
‫تحّين ف رص ممارس ة األنش طة الطفيلي ة والهامش ية ورّبم ا الالمش روعة كأعم ال الغش واألنش طة التجاري ة‬
‫المحظورة ‪ . 16‬وفي النهاية تنتقل القوة االقتصادية والمالية من كّفة السوق والحكومة والمواطنين الشرفاء إلى‬
‫كّفة الفساد وأصحابه‪.‬‬

‫‪ -‬الفقر والبطالة ‪ :‬يعتبر الفقر والبطالة مشكلة اجتماعية واقتصادية تؤّد ي إلى الحرمان والعوز ‪ ،‬وتشكل‬
‫بيئة الفقر والبطالة مناخا مناسبا للتذّم ر واالنحراف االجتماعي الذي بدوره يه ّد د قيم المجتمع وينشر الفوضى‬
‫والخوف ‪ .‬ويمّس هذا االختالل (خاصة) األطفال والشباب الذين ُيحرمون من مقّو مات الحياة الكريمة كالرعاية‬
‫والمأوى الالئق والتعليم مما ُيسّبب في جنوح هذه الفئة وُيعّر ضها للضياع ‪ ،‬معتبرة المجتمع عدّو ا فتسلك طريق‬
‫العن ف والجريم ة ض ّد ه ‪ .‬وله ذا ف إن السياس ات االقتصادية واالجتماعي ة الحكيم ة والناجع ة في مج ال التنمي ة‬
‫البشرية واالجتماعية واالقتصادية كفيلة بالحّد من ظاهرة الفقر والحرمان والبطالة‪.‬‬

‫إن كل ثغرة من ثغرات األمن االجتماعي تحتاج إلى جهود خاصة ومختّص ة لدراستها ووضع الخطط‬
‫واالس تراتيجيات لمعالجته ا واعتم اد ال برامج لمواجهته ا كمش اكل المخ درات والعن ف واالنح راف الالخالقي‬
‫والفك ري والفس اد ‪ ،‬وتحت اج إلس هام جه ود ش عبية ومدنّي ة للتكف ل به ا وملء فراغاته ا خاصة من ج انب ال دعاة‬
‫وعلماء الدين ‪ ،‬والصحافة بأنواعها والمدرسة وطبقة الميسورين في المجتمع ‪ ،‬وليس مجال هذا العمل فقط‬
‫أجه زة الدول ة أو إدارة الش رطة ‪ ،‬ب ل إن ه مهّم ة ك ل المجتم ع ‪ ،‬ال ذي سيس تفيد في النهاي ة ال محال ة من ه دوء‬
‫الجبهة االجتماعية ويجني ثمار األمن االجتماعي الغالية ‪.‬‬

‫د‪ .‬مختار حسين شبيلي – اإلجرام االقتصادي والمالي الدولي وسبل مكافحته ص ‪37‬‬ ‫‪16‬‬

‫جامعة نايف العربية للعلوم األمنية – الرياض ‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪2007‬‬

‫‪8‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬مهاّم ووظائف جهاز الشرطة‬

‫الشرطة ( كسلطة ) هي حّق الدولة في أن تفرض قيودا تّح د بها من حرية األفراد بقصد حماية النظام‬
‫العاّم ‪ .17‬والشرطة ( كوظيفة ) هي تنظيم وضبط النظام العاّم في المجتمع‪ ،18‬وتقليديا تح ّد د أهداف النظام العام‬
‫في ثالثة مجاالت هي‪:‬‬

‫ـ األمن الع ــام ‪ :‬ويعني به كّل ما ُيطمئن الناس على حياتهم وأموالهم وممتلكاتهم ‪.‬‬

‫ـ السكينة العامة ‪ :‬ويقصد بها المحافظة على حالة الهدوء والسكينة في الطرقات واألماكن العامة‪ ،‬وكل ما‬
‫مــن شأنه أن يعّك ر صفو المواطن من ضوضاء وصخب حتى في مسكنـه ‪.‬‬

‫ـ الصحة العامة ‪ :‬وهي جميع اإلجراءات التي تتّم من أجل الحفاظ على صحة المواطنين ‪ ،‬ووقايتهم من‬
‫أخطار مختلف األمراض واألوبئة ‪.‬‬

‫تسعى الدولة الحديثة لتحقيق هذه األهداف الثالثة بواسطة الهيئات اإلدارية المختّص ة التي تقوم بوظيفة‬
‫الشرطة اإلدارية‪ ،‬ومن هذه الهيئات مصالح الشرطـة اإلدارية التابعة إلدارة الشرطة (األمن العام)‪.‬‬

‫تقوم إدارة الشرطة ـ في إطار تنفيذ مهاّم ها ـ بوظائف متع ّد دة ‪ ،‬تح ّد دها اللوائح والقوانين ‪ ،‬وفـي‬
‫الجزائ ر مثال يح ّد د المرس وم التنفي ذي ‪ 92‬ـ ‪ 72‬الم ؤرخ في ‪ 31‬ـ ‪10‬ـ ‪ ( 1992‬المتعل ق بمه اّم وتنظيم‬
‫المديرية العامـة لألمن الوطني ) المهاّم والوظائف األساسية إلدارة الشرطة‪. 19‬‬

‫وتنّص الم ادة الثاني ة من ه ذا المرس وم على أن المديري ة العام ة لألمن الوط ني ـ في إط ار‬
‫اختصاصاتها ـ ُتكّلّف بالمهام التالية ‪ :‬ـ السهر على فرض احترام القوانين واللوائح ـ ضمان حماية الممتلكات‬
‫واألشخاص ـ الوقاية ‪ ،‬وقمع كل أشكال اإلخالل بالنظام العام ـ المساهمة في حماية والدفاع عن المؤسسات‬
‫الوطنية ‪ ،‬ومكافحـة األنشطة الهّد امـة ‪ ،‬وقمع حاالت المساس باالقتصاد الوطني ـ ضمان مراقبة المرور عبر‬
‫الح دود ‪ ،‬و الس هر على ف رض اح ترام الق وانين والل وائح المتعلق ة بش روط دخ ول وإ قام ة األج انب ـ اإلخط ار‬
‫ال دوري للس لطات العمومي ة بالحال ة العام ة الس ائدة في البالد ‪ .‬وتبع ا له ذه المه اّم المتش عبة ‪ ،‬ف إن جه از‬
‫الشرطة ُيؤّد ي ثالث وظائف رئيسية هي ‪ :‬الوظيفة اإلدارية ـ الوظيفة االجتماعية ـ الوظيفة القضائية‪.‬‬

‫‪ 17‬اللواء محمود السباعي ـ إدارة الشرطة في الدولة الحديثة ‪ ،‬ص ‪57‬‬


‫الشركة العربية للطباعة والنشر ـ القاهرة ‪ ،‬مصـر‪.1963‬‬
‫‪van holderbeke – la force publique à l’épreuve des violences urbaines –Revue Sciences Criminelles. France -‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪. 2000-3. juillet-sept.2000. Page 559‬‬


‫‪ 19‬المرسوم التنفيذي ‪ 92‬ـ ‪ ، 72‬بتاريخ ‪ 31‬ـ ‪ ( 1992 -10‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫المطلب األول ‪ -‬الوظيفة اإلداريـة‬

‫يقوم أفراد إدارة الشرطة بأداء مهاّم هم بصفتهم رجال السلطة التنفيذية وعمال الشرطة اإلدارية‪.‬‬

‫والشرطة اإلدارية ـ بما هو متعارف عليه ـ هي ح ّق اإلدارة في فرض قيود والتزامات على األفراد ‪ ،‬تح ّد‬
‫به ا من حرّي اتهم به دف تحقي ق األمن والنظ ام بصفة عام ة ‪ ،‬وتق وم اإلدارة بذلـك بواس طة مصالحها‬
‫اإلداري ة المختلف ة (المركزي ة والمحلي ة ) ‪ ،‬وتلج أ جه ات اإلدارة في ع دة دول إلى جه از الش رطة‬
‫لالس تعانة ب ه في تنفي ذ الل وائح والق وانين ‪ ،‬أم ا مه اّم صيانة النظ ام ب المفهوم الض ّيق مثل تنظيـم الم رور‬
‫والمحافظة على النظام إبان التظاهرات العامة فتؤديها الشرطة مباشرة‪.‬‬

‫وهكذا فهيئة الشرطة هي المؤسسة التي يقع على عاتقها عبء تحقيق معظم أهداف الشرطة اإلدارية ‪،‬‬
‫فضال عن كونها القوة التنفيذية التي تلجأ إليها المنظمات المنضوية تحت سلطة اإلدارة لتنفـيذ ما تصدره من‬
‫أوام ر وأحك ام ب القوة أو ح تى باس تعمال الس الح في ظ روف وبش روط مح دّد ة‪ .‬والمقصود بالوظيف ة اإلداري ة‬

‫لجهاز الشرطة ‪ ،‬مجمل المهاّم واألهداف الموكلة للجهاز حين ممارسته لحق اإلدارة في فرض النظام العاّم‬
‫‪ ،‬وه ذه المه اّم ق د تتوّس ع في دول ة معّين ة ‪ ،‬كم ا ق د تخ ّف في أخـرى حس ب األوض اع السياس ية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية لكل دولة ‪ ،‬وكذلك حسب الظروف ‪ ،‬حيث أن سلطـة الشرطة تمت ّد نحو االتساع‬
‫في ظروف معّينة كحالة الطوارئ وحالة الحصار ‪.‬‬

‫وإ ذا س ّلمنا أن أهّم وظائف الشرطة اإلدارية تتمثل في حق إصدار اللوائح التنفيذية واألوامر‬
‫المقّي دة لحري ة األف راد ‪ ،‬وك ذلك األم ر باس تعمال الق وة كوس يلة لتنفي ذ مهاّم ه ا ‪( ،‬وهي كله ا من س لطات‬
‫واختصاصات اإلدارة ) إال أن لجه از الش رطة دور ه اّم في تنفي ذ ه ذه الل وائح و اإلش راف على إصدار‬
‫بعض ها ‪ ،‬مثل إصدار األوام ر الفردي ة وس لطة منح ال رخص أو منعه ا ‪ ،‬والت دّخ ل المباش ر في ح االت‬
‫اإلخالل بالنظام العـاّم واالضطرابات االجتماعية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ -‬الوظيفة االجتماعية‬


‫المقصود بالوظيفة االجتماعية للشرطة هو مجمل األنشطة والمساعي التي ُتؤّد ى في إطار‬
‫تنفيذ المهام الرئيسية ‪ ،‬ولكن بوصفها وقاية وتوعية نحو المجتمع واألفراد ‪ ،‬لتحصينهم ومساعدتهم في‬
‫مواجهة مخاطر الجريمة والسلوكيات غير السوّية ومختلف االختالل الذي يعترض التوازن المجتمعي‪.‬‬

‫والضبط االجتماعي هو مجموعة اإلجراءات والوسائل وعمليات التخسيس والتوجيه و الضغط‬


‫واإللزام الساعية لجعل المجتمع يسير وفق نمط سلوكي متعارف عليه ال يحيد عنه ويتّم هـذا بواس طة‬
‫عملي ات التربي ة والتوجي ه عن طري ق الحمالت اإلعالمي ة والدعاي ة و النش اط الج واري االجتم اعي‬
‫والثقافي والرياضي ‪ ،‬أو عن طريق اإللزام بواسطة تطبيق القانون واللوائح ‪.‬‬

‫وهكذا نالحظ كيف ألقى المجتمع الحديث على عاتق الشرطة عبئا جديدا هو اإلسهام في حماية أخالق‬
‫الشعـب ورعاي ة س لوكه االجتم اعي‪ ،‬إلى جانب عبء توفير األمن والطمأنين ة‪ ،‬س عيا لتحقيق التناغم والتكامل‬
‫بين أدوات الضبط االجتماعي‪ .‬فالشرطة ـ اليوم ـ ال تكافح الجريمة فقط بعد وقوعها ‪ ،‬بل تشارك‬
‫مشاركة فعال ة في البحث عن مسبّبات هذه الجريمة بوصفها مشكلة اجتماعي ة إليجاد الحلول لها ‪،‬‬
‫وهذا بتضافر جهودها مع جهود هيئات أخرى في الدولة مثل إدارة الشؤون االجتماعية والمؤسسات الدينية‬
‫والمؤسسات التربوية والتعليمية والرياضية وجمعيات المجتمع المدني ‪ ،‬ووسائل اإلعالم ‪ ،‬وحتى الجمعيات‬
‫السياسية ‪ ،‬وسبيل الشرطة في ذلك هو إثارة انتباه المجتمع للمشاكـل التي تواجهه ‪ ،‬والمساهمة الفعّالة‬
‫في التعاون مع هذا المجتمع للقضاء على مثل هذه المشاكل والمظاهر السلبية ‪.‬‬

‫وفي هذا المسعى العاّم استحدثت عدّة إدارات شرطة في ا لعالم ما ُيسّم ى بالشرطة المجتمعية‬
‫أو الجواريـة وهي عبارة عن ديناميكية للتق ّر ب من المواطن ‪ ،‬خاصة في المناطق واألحياء التي تش ّك ل‬
‫بؤرا للتوتر واالختالل االجتماعي مثل التجّم عات السكنية الفقيرة والمعوزة التي غالبا ما تش ّك ل مرتعا‬
‫للجريمـــة والت ذّم ر واآلف ات واالنح راف ‪ ،‬وذل ك ب الوقوف إلى جانبه ا بغي ة إيج اد حل ول لمش اكلها‬
‫وإ خراجها مـن عزلتها وقلقها ‪ ،‬ومحاولة تحقيق احتياجاتها االجتماعية التي س ّببتها عوامل معيّن ة كالبطالة‬
‫والفــراغ وصعوبات المعيش ة وظ روف الحي اة الض نكة ‪ .‬ويتّم التقـّر ب منه ا بخل ق جس ور اتصال بين ه ذه‬
‫الفئات وبين مختلف‬

‫‪10‬‬
‫الهيئات في الدولة لتسهيل إيجاد حلول لمختلف مشاكلها كالتشغيل وتوفيــر االحتياجات المادية المختلفة‬
‫كالس كن الالئ ق ووسـ ـ ـ ـــائل النق ل وانج از الهياك ل ك الطرق والم دارس وفض اء الترفي ه‪ ،‬باإلض افة لفتح‬
‫قنوات االتصال معها باالهتمام بمشاكلها وإ شراكها في األنشطة الجوارية المختلفة ‪ ،‬رياضية كانت أو ثقافية‬
‫أو فنّية‪.‬‬

‫مبدأ ف ّك عزلة المواطـن‬ ‫إن غاية تقريب الشرطة من المواطن تستمّد جذورها من غاية‬
‫النفسية ـ االجتماعية ‪ ،‬وربط أواصر الثقة والتفاهم بينه وبين الشرطة التي كان ال يرى فيها سوى‬
‫جهـة قمع وقهر وردع ‪ ،‬ال هيئة تساهم في حّل مشاكله المادية واالجتماعية ‪ ،‬وتعمل على نقل قضاياه‬
‫للجه ات اإلداري ة المعنّي ة ‪ .‬وتوعيت ه ب أن عملي ات مكافح ة الجريم ة ونش ر الطمأنين ة والس لم ـ في ح ّد ذاته ا ـ‬
‫تصّب في مصلحة المواطن قبل كل شيء‪ .‬وترتكز فلسفة تحقيق األمن االجتماعي التي تنتهجها الشرطة اليوم‬
‫في تأمين المدن في إطار احترام حرية المواطن ‪ des villes Sures pour des citoyens libres ،‬كما‬
‫عّبر عنها وزير الداخلية الفرنسي األسبق جان بيار شوفانمان ‪.‬‬

‫وتعت بر الش رطة الجواري ة الي وم ‪ ،‬إلى ج انب مراك ز المس اعدة االجتماعي ة (مراك ز مراقب ة‬

‫األحداث‪ ،‬التي تسهم بفعالية في مكافحة جنوح األحداث ) وفرق حماية الطفولة التابعة للشرطة من أهّم‬
‫األنشطة التي ترتكز عليها الخدمة االجتماعية الوقائية إلدارة الشرطة ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ -‬الوظيفة القضائيــــة‬

‫تنحصر واجب ات الش رطة في المج ال القض ائي في البحث عن الج رائم و مرتكبيه ا ‪ ،‬وجم ع‬
‫كافـة األدل ة الالزم ة للتحقي ق وال دعوى ‪ ،‬وال يك ون له ا الح ق في مباش رة أي عم ل من أعم ال التحقــيق أو‬
‫االّتهام إال بما تمنحه إياها سلطات التحقيق وسلطة القضاء ‪ .‬وتساير هذه الوظيفة مختلف المراحل التي‬
‫تمّر بها الدعوى الجنائية بما يحدّد ه لها القانون سواء في طور جمع األدلة أو التحقيق أو حتى االتهام‪ .‬وفي‬
‫مرحلة جمع االستدالالت تقوم مصالح الشرطـة بمهّم ة البحث عن الجرائم ومن ارتكبها أو ساهم فيها‬
‫و التح ّر ي فيه ا وتجمي ع األدل ة والمعلوم ات ال تي تهّم التحقي ق ‪ ،‬بم ا يقتض ي من ض باط الش رطة‬
‫القض ائية من واجب تلقي الش كاوى والبالغ ات بشــأن الج رائم المرتكب ة ‪ ،‬والحصول على جمي ع‬
‫اإليض احات الخاصة ح ول م ا يق ع من ج رائم ‪ ،‬وتحري ر مختل ف المعاين ات الض رورية لتس هيل إثب ات‬
‫الوق ائع ال تي وصلت إلى علمهم أو أم روا ب التحقيق فيه ا ‪ ،‬والعمـل بك ل الوس ائل للمحافظ ة على أدّل ة‬
‫الجرائم المرتكبة ‪ .‬أّم ا في مجال التحقيق في الجرائم فقد خ ّو لت القوانين لضباط الشرطة القضائية‬
‫نوعا من سلطة التصّر ف في ميادين محّد دة مثل إدارة مسرح الجريمة و توقيف المشتبه فيهم وسماع‬
‫أقوالهم وس ماع الش هود ‪ ،‬وتفتيش األش خاص والمس اكن ‪ ،‬والتحقيق في ح االت الجرائم المتلّبس به ا ‪،‬‬
‫وكذلك تنفيـذ اإلنابة القضائية وتعليمات النيابة ‪ ،‬وتحرير المحاضر المختلفة ‪ ،‬وكل هذا يتّم تحت سلطة‬
‫ورقــابـة النيابة ‪.‬‬

‫كم ا أن للش رطة دورا و ل و ض ّيقا في مج ال (الحكم ) من حيث إصدار الغرام ات في‬
‫مخالفـات معّينة كمخالفات المرور أو مخالفات البناء أ والطريق العمومي وحماية البيئة والنظافة العامـة‬
‫والسكينة العامة ‪ ...‬الخ‪ .‬وعند القيام بمهاّم هم يحرص ضباط الشرطة القضائية بشّد ة على‪:‬‬

‫ـ العم ل دائم ا تحت إم رة النياب ة وطبق ا ألوامره ا ‪ ،‬واح ترام التعليم ات بم ا يس توجبه الق انون ـ‬
‫ضرورة احترام حقوق األفراد والحريات العامة ‪ ،‬وعدم التعّس ف في استعمال السلطة ـ التقّي د بالعمل‬
‫في إطار القانون ‪ ،‬ال غير ‪.‬‬

‫والمالحظ أن الوظيفة القضائية لهيئة الشرطة تختلف من بلد آلخر‪ ،‬فقد تتوّس ع في بلد كما‬
‫تضيق في بلد آخر طبقا لما يحّد ده القانون‪ ،‬إال أنها تتّم يز بطبيعة خاصة وهي‪:‬‬

‫ـ أن هذه الوظيفة عادة ما تبدأ إال بعد وقوع الجريمة وهي ذات طبيعة قمعية تهدف لضـبط‬
‫الجرائم تمهيدا إلنزال العقاب بمرتكبيها ‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫ـ أن ضباط الشرطة القضائية يتبعون للسلطة القضائية ويخضعون إلشرافها فيما يخّص اختصاصهـم‪.‬‬

‫ـ أن إلحاق صفة الضبط القضائي وسلطاته ال تكون إال بقانون‪ ،‬لما في هذه السلطات من تع ّر ض للحريات‬
‫‪.‬‬ ‫الفردية‬
‫‪20‬‬

‫‪ -‬تنظيــم الضبط القضائي‬

‫يعتبر الضـ ـ ـ ـ ـ ـــبط القضائي " س لطة " مكّلفة من جه ة بمعاين ة مخالفات قان ـ ـ ـــون العقوبات ‪،‬‬
‫ومن جه ة بتجمي ع األدل ة ح ول الج رائم المرتكب ة والبحث عن مرتكبيه ا ‪ ،‬وتنفي ذ اإلناب ات القض ائية‬

‫اللواء محمود السباعي ‪ -‬المرجع السابق ص ‪. 125‬‬ ‫‪20‬‬


‫وتعليم ات النياب ة و جه ات التحقي ق من جه ة أخ رى‪ ،‬ويت ولى وكي ل الجمهوري ة إدارة الض بط القض ائي ‪،‬‬
‫ويشرف عليه النائب العـام في دائرة اختصاصه تحت رقابة غرفة االتهام‪.‬‬

‫إن المهمة األساسية للضبط القضائي ـ كما سبق ورأينا ـ هي البحث والتّح ري عن الجرائــم‬
‫المق ّر رة في ق انون العقوب ات ‪ ،‬وجم ع األدل ة عنه ا والبحث عن مرتكبيه ا م ا دام لم ُيب دئ فيه ا بتحقيــق‬
‫قضائي ‪.‬‬

‫يقوم ضباط الشرطة القضائية في إطار البحث والتحّر ي عن الجرائم وجمع األدلة والكشف‬
‫عـن الفاعلين بمهاّم تلّقي الشكاوي والبالغات وجمع االستدالالت وإ جراء التحقيقات االبتدائية ‪ ،‬وبناءا‬
‫عل ـــى رخصة من الن ائب الع ام المختّص إقليمي ا يج وز لهم نش ر اإلش عارات أو األوصاف أو الصور‬
‫ال تي تخّص أشخاصا ج اري البحث عنهم في إط ار مكافح ة اإلره اب والتخ ريب ‪ .‬كم ا أن لهم الحـق في‬
‫طـلب مساعدة القّو ة العمومية بمناسبة تنفيذ مّهامهم ‪. 21‬‬

‫كما يقوم ضباط الشرطة القضائية بتحرير محاضر بأعمالهم‪ ،‬وإ خطار وكيل الجمهورية عل ــى وجه‬
‫الس رعة بالجناي ات والجنح ال تي تصل إلى علمهم ‪ ،‬وموافات ه مباش رة بالمحاض ر المح ّر رة زيـادة على‬
‫المس تندات والوثائق المتعّلق ة به ا‪ ،‬وك ذلك األش ياء المض بوطة ‪ .22‬وفي مج ال االختصاص المك اني‬
‫لض باط الشرطة القض ائية ف إن لهم س لطة مباش رة ه ذا االختصاص في الحدود التي يباش رون ض منها‬
‫وظائفهم المعتادة ‪ ،‬غير أنه يجوز لهم في حالة االستعجال مباشرة مهاّم هم في كاّف ة تراب الجمهورية‬
‫عن دما ‪ ،‬يطلب منهم ذل ك أح د رج ال القض اء المختّص ين قانـونا على أن يس اعدهم ض باط الش رطة‬
‫القض ائية " المحلّيين " الممارس ين لوظ ائفهم في المنطق ة المعنيـة بش رط اإلطالع المس بق لوكي ل‬
‫الجمهورية الذي باشروا العمل في دائرة اختصاصه ‪.‬‬

‫‪ -‬الرقابة القضائية على أعمال الضبط القضائي‬

‫‪ 21‬المادة ‪ 17‬من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ‪ -‬وزارة العدل ‪ :‬نشر الديوان الوطني لألشغال التربوية‬
‫الجزائر‪. 1999‬‬
‫‪ 22‬المادة ‪ 18‬من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪.‬‬
‫يخضع ضباط الشرطة القضائية وأعوانها ـ عند أداء مهامهم ـ إلشراف وكيل الجمهورية فـي دائرة‬
‫االختصاص‪ ،‬وإلش راف الن ائب الع ام في دائ رة اختصاص المجلس القض ائي‪ ،‬ويقتصر اإلش راف ه ذا على‬
‫وظائف الضبط القضائي أما أعمال وظائفهم اإلدارية ( األصلية ) فيخضعون في أدائها لرؤسائهم اإلداريين‪. 23‬‬

‫وتباشر النيابة العامة رقابتها على الضبط القضائي من خالل مجموعة من اإلجراءات هـي‬
‫‪ :‬ـ متابعة النيابة العامة لنشاط الضبطية القضائية وتوجيهه لفائدة المجتمع بواسطة الكشف عن الجرائم‬
‫ومعاقب ة مرتكبيه ا‪ ،‬وفي ه ذا الس ـــياق ُتل زم ض باط الش رطة القض ائية ب واجب إخط ار وكــيل الجمهوري ة‬
‫بكل اإلجراءات والخطوات التي ُيقدمون عليها في إطار ممارسة مهامهم ‪ ،‬من ذلك إطالع النيابة بالجنح‬
‫والجنايات التي تصـل إلى علمهم ‪ ،‬واالنتقال إلى مسرح الجريمة وتوقيف األشـخاص والتحف ّظ على األدلة‬
‫و مباشرة عمليات التفتيش الضرورية ‪ ...‬إلى آخره من اإلجراءات ‪ .‬وكل خروج أو تجاوز أو تقاعس في‬
‫أداء ه ذه الواجبات ُيع ّر ض ك ل مخ الف للمس ائلة ورقاب ة غرف ة االتهام التي يحــق له ا توجي ه المالحظ ة‬
‫واللوم أو التوقيف عن مباشرة وظيفة الضبط القضائي بصورة مؤقتة أو إسقاط تلك الصفة نهائيا عن‬
‫ض باط الش رطة القض ائية دون اإلخالل ب الجزاءات التأديبي ة الصارمة ال تي قـد تلحقهم من قب ل رؤس ائهم‬
‫اإلداريين‪. 24‬‬

‫وفي مج ال رقاب ة ومتابع ة النياب ة العام ة لمه ام ونش اط الض بط القض ائي ‪ ،‬يق وم وكالء‬

‫الجمهورية بعملية اإلطالع الدوري على سجالت الحجز بمخافر الشرطة من أجل التأكد أن الحجز قد تّم‬
‫طبقـا للقانون وفي اآلجال المحدّد ة ‪ ،‬بمراعاة الحالة البدنية والنفسية للمحتجزين ‪ .‬كما يمـكنهم القيام بزيارة‬
‫مبرمجة أو فجائية ألماكن الحجز بمخافر الشرطة والدرك للوقوف على مدى احترام القانون عند احتجاز‬
‫األشخاص ‪ .‬ويقوم وكالء الجمهورية اليوم بالرقابة المهنية على نوعية أداء وظيفة الضبط القضائي من قبل‬
‫ضباط الشرطة القضائية عن طريق تقييم عملهم الميداني ـ مهنيا وقانونيا ـ بواسطة عمليات التنقيـ ـ ــط السنوية مما‬
‫يساهم في تحسين األداء ويشّج ع على المثابرة‪ ،‬ومجازاة الموظفين المتمّيزين‪.‬‬

‫‪ 23‬أحمد شوقي الشلقاني ‪ -‬مبادئ اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري ص ‪ .162‬ديوان المطبوعات الجامعية ــ‬
‫الجزائر ‪.2008‬‬
‫‪12‬‬
‫‪ 24‬المادة ‪ 209‬من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‪.‬‬
‫والحقيقة أن كل هذه التدابير الرقابية هدفها حماية حقوق األفراد وحرياّتهم وحياتهم الشخصية من‬
‫تعّس ف وتج اوز بعض رج ال الش رطة‪ .‬وال يخفى على أح د م ا لمه اّم رج ال الش رطة من خط ورة وأهمّي ة في‬
‫سبيل تحقيق األمن االجتماعي في مظاهره الجلّية ( حماية أمن األفراد والمجتمع والممتلكات العاّم ة والخاّص ة )‬
‫وال يجب أن ُتنسي المواط نين بعض " مض ايقات " الش رطة أهمّيتهم وض رورة ُو ج ودهم الملّح ة للحفاظ على‬
‫األمن وحماية األفراد ومكافحة الجريمة والمجرمين ‪.‬‬

‫المبحث الثالث – جهود الشرطة في حماية أمن المجتمع‬

‫ليس أمن المجتمع بالمفهوم الواسع مهّم ة جهاز الشرطة فحسب‪ ،‬بل إن لألوضاع ذات الطابع السياسي‬
‫واالقتصادي واالجتماعي دور في استتباب األمن ‪ ،‬ولشرح ذلك نذكر أن التسهيالت االقتصادية تهتم بالفرص‬
‫المتاح ة لألف راد الس تغالل الم وارد االقتصادية ألغ راض االس تهالك والتب ادل واإلنت اج‪ ،‬وتعتم د االس تحقاقات‬
‫االقتصادية للفرد على ما يملكه من موارد أو ما هو متاح منها الستخدامه وعلى ظروف التبادل مثل األسعار‬
‫النس بية وعم ل األس واق ‪ .‬وتتعل ق الف رص االجتماعي ة بالترتيب ات االجتماعي ة في المج االت ال تي ت ؤثر في‬
‫الحريات الحقيقية المتاحة لألفراد ليعيشوا حياة طيبة كالترتيبات المتعلقة بالصحة والتعليم ‪ ،‬وال تقتصر أهمية‬
‫مثل هذه الخدمات للحياة الخاصة لألفراد فحسب بل تمتد لتؤثر على تفعيل مشاركتهم في النشاطات االقتصادية‬
‫والسياسية ‪ .‬فتعريف التنمية البشرية يمتد ليشمل األمن اإلنساني (البشري)‪ ،‬وهناك نقاط ثالث لها عالقة وصلة‬
‫وثيق ة ب األمن االقتصادي لألف راد وذات ارتب اط وثي ق بالحري ات وهي‪ :‬توزي ع ال ثروة – صياغة السياس ات‬
‫التنموية – سياسات التشغيل‪ .25‬كما ال يخفى أن اختالل التوازن بين القطاعين العام والخاص الناتج عن تحويل‬
‫مؤسسات القطاع العام إلى القطاع الخاص دون تعويضها بشيء سيوّلد تناقضا بين حجم القطاعين مما يترتب‬
‫عنه نتائج سياسية واقتصادية واجتماعية سلبية ‪ ،‬كما تسهم عملية خلق طبقة من المستنفذين الذين يجمعون بين‬
‫النف وذ الم الي واالجتم اعي ( والسياس ي ) ُيبقيهم بعي دين عن مباش رة العم ل اإلنت اجي أي أنهم يتحول ون إلى فئ ة‬
‫طفيلية معطلة ‪ .‬لهذا ال بد من وجود جهاز رقابة معقد يشرف على الفعاليات االقتصادية ويحول دون استغالل‬
‫الفئة المتحكمة اقتصاديا في المجتمع من أن تنقل نفوذها السلبي للمجتمع‪ . 26‬وبالتالي ففي حاالت كثيرة تعتبر‬

‫‪ 25‬برنامج األمم المتحدة اإلنمائي لسنة ‪ – 2009‬تقرير التنمية اإلنسانية العربية ‪ :‬تحديات أمن اإلنسان في البلدان العربية –‬
‫نيويورك ‪.2009‬‬
‫‪13‬‬
‫‪ 26‬األستاذ عزوز عبد الناصر‪ -‬نموذج متبلور لتخطيط التنمية بالدول النامية ‪Login.yahoo.com‬موقع الكتروني‪.‬‬
‫الجريمة نتاج لوضع اجتماعي واقتصادي مخت ّل ‪ .‬وفي هذا المبحث نتع ّر ض ألسباب الجريمة وفلسفة الجزاء‪،‬‬
‫والوقاية من الجريمة‪ ،‬ودور الشرطة المجتمعية‪.‬‬

‫المطلب األول – أسباب اإلجرام وفلسفة الجزاء‬

‫الجريمة بوجه عام هي كل عمل غير مشروع يقع على اإلنسان في نفسه أو ماله أو عرضه أو على‬
‫المجتمع ومؤسساته ونظمه السياسية واالقتصادية‪ .‬ويرى علماء النفس أن الجريمة هي تعارض سلوك الفرد‬
‫مع سلوك الجماعة ‪ ،‬ومن ثّم يعتبر مجرما الشخص الذي ُيقدم على ارتكاب فعل مخالف للمبادئ السلوكية التي‬
‫تس ود في المجتم ع ال ذي ينتمي إلي ه ‪ ،‬وم ا يح ّو ل س لوك الش خص من فع ل مرف وض اجتماعي ا إلى جريم ة ه و‬
‫النّص القانوني الذي يحّد د عناصر الجريمة والعقوبة المق ّر رة لها بوصفها كل عمل أو امتناع عن عمل يعاقب‬
‫عليه القانون بعقوبة جزائية‪ . 27‬ومهما تباينت أغراض العقوبة في المجتمعات القديمة والحديثة فإنها ترمي في‬
‫األساس إلى مكافحة الجريمة وتحقيق العدالة وإ ن ظهرت في صور ونماذج متنوعة تطورت بتط ّو ر المجتمع‬
‫البش ري ‪ ،‬فمن مرحل ة االنتق ام الف ردي إلى االنتق ام الجم اعي إلى ال ردع إلى فك رة اإلصالح والتأهي ل ‪ :‬كله ا‬
‫سلس لة مّتصلة الحلق ات ام تزجت فيه ا مجم ل ه ذه األه داف وف ق مقتض يات الظ روف والواق ع االجتم اعي‪. 28‬‬
‫وتهدف فلسفة الجزاء الجنائي لتحقيق الردع باألساس بنوعيه العام والخاص ‪ ،‬ألن الغاية من العقوبة هي ردع‬
‫الجاني على نحو ال يعود فيه إلى طريق اإلجرام مّر ة أخرى ويرتبط ذلك بالردع العاّم في معنى إنذار الكافة من‬
‫غ ير المج رم فال يح ذو ح ذوه‪ . 29‬وال يخفى أن المجتم ع ه و ال ذي يه يئ أس باب الجريم ة والظ روف الدافع ة‬
‫الرتكابه ا ‪ ،‬وم ع أن األم راض النفس ية واالض طرابات العقلي ة تلعب دورا في دف ع الف رد إلى ارتك اب الجريم ة‬
‫غ ير أن ه ذه العوام ل الشخصية يمكن في نهاي ة األم ر رّد ه ا إلى طبيع ة الحي اة االجتماعي ة ونوعي ة الجماع ات‬
‫االجتماعية‬

‫التي يعيش الفرد بينها وفي ظلها ولها صلة قوّية به‪ . 30‬كما أظهرت الدراسات واإلحصاءات من حيث‬

‫‪ 27‬د‪ .‬أحسن بوسقيعة – الوجيز في القانون الجزائي العام ص‪ - 27‬دار هومة للطباعة والنشر ‪ ،‬الجزائر ‪2003‬‬
‫‪28‬‬
‫‪ 28‬د‪ .‬علي محمد جعفر‪ -‬مكافحة الجريمة ‪ .‬ص‪ 18‬المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ‪ .‬بيروت‪ .‬لبنان ‪.1998‬‬
‫د‪ .‬سليمان عبد المنعم – نظرية الجزاء الجنـائي ص ‪ 8‬المؤسسـة الجامعيـة للدراسـات والنشـر والتوزيـع ‪ .‬بـيروت‪ .‬لبنـان‬ ‫‪29‬‬

‫‪.1999‬‬

‫‪ 30‬د‪ .‬أحمد الربايعة – أثر الثقافة والمجتمع في دفع الفرد إلى ارتكاب الجريمة ص‪142‬‬
‫المركز العربي للدراسات األمنية والتدريب – الرياض ‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪.1984‬‬
‫المب دأ وم ع بعض االس تثناءات أن الظ روف الشخصية واالجتماعي ة ال تي س اهمت في تك وين الجريم ة ق د‬
‫ساعدت أيضا على تكرارها ‪ ،‬وهذا األمر يمكن تفسيره بعدم مالئمة أساليب اإلصالح التي اّتبعت مع‬

‫النزي ل في المؤسس ة العقابي ة ‪ ،‬وع دم إزال ة األس باب والعوام ل ال تي دفعت ه إلى الجريم ة ‪ .‬فوس ائل التع ذيب‬
‫والقسوة واإلكراه لم تح ّد بصورة حاسمة من موجة اإلجرام في المجتمع‪ ،‬ولذلك فإتباع أساليب متخّص صة في‬
‫إصالح شأن المجرم وإ بعاد شبح اإلجرام عنه هي الكفيلة بالح ّد من اإلجرام‪ . 31‬وثّم ة اهتمام واضح في الوقت‬
‫الحاضر بنظريات الضبط االجتماعي ‪ ،‬ومؤّد ى ظهور هذا االتجاه كرّد فعل لموقف علماء اإلجرام الذين لم‬
‫يتوّص لوا بع د لرؤي ة عملي ة متكامل ة لتفس ير الجريم ة واالنح راف ‪ ،‬وتؤك د تل ك النظري ات على أبع اد نظرّي ة‬
‫أساس ية في تفس ير الجريم ة واالنح راف عاّم ة وبوج ه خ اص على أس اس القيم المنحرف ة ‪ ،‬وذل ك م ا أوض حته‬
‫كتاب ات ك ل من " ه ورتن " و " ل يزلي " باالس تناد إلى ع دد من الدراس ات واألبح اث الحديثة ال تي خلصت ب أن‬
‫جناح معظم الجانحين بمثابة انفصال واع عــن معاييرهم األخــالقية‪ . 32‬ومن خالل ما سبق سياقه يتضح جليا أن‬
‫أس باب الجريم ة ع ادة م ا تك ون إم ا شخصية أو نفس ية أو ألس باب اجتماعي ة واقتصادية ‪ ،‬وله ذا س عت األنظم ة‬
‫لمواجهتها بطرق ردعية بفرض مبدأ سيادة النظام الذي يمّثل أحد مبادئ الدولة الحديثة فتسري العقوبة على كل‬
‫من ارتكب جرما منصوصا علي ــه (طبقا لمبدأ الشرعية )‪ ، 33‬وأيضا بطرق وقائية حيث ال يختلف أح د على أن‬
‫وقاي ة المجتم ع ألبنائ ه من الوق وع في الجريم ة كمعت دي أو معت دى علي ه يس هم في عملي ة التنمي ة اجتماعي ا‬
‫واقتصاديا وعالئقي ا م ع بقي ة المجتمع ات ألن الجريم ة تعرق ل المس يرة التنموي ة وتعي ق االس تقرار األم ني‬
‫واالجتماعي ‪ ،‬كما أنها تشكل ضربة موجعة لعملية االنتماء وربط الفرد بالمجتمع ‪ ،‬علما أن آثار الجريمة ال‬
‫يقع عبئها على الفرد المجني عليه بل تتعداه إلى المجتمع ‪ ،‬وهذا ما دفع بالمؤسسات الحكومية واألهلية في أي‬
‫مجتمع إلى التضامن وإ لى المزيد من توحيد الجهود وترشيدها بغية رفع مستوى هذه الوقاية‪. 34‬‬

‫المطلب الثاني – الوقاية من الجريمة‬

‫‪ 31‬د‪ .‬علي محمد جعفر المرجع السابق ص ‪.47‬‬


‫‪14‬‬

‫‪ 32‬د‪ .‬عبد القادر الشيخلي – المبادئ العامة لألنظمة في المملكة العربية السعودية ص ‪.74‬‬
‫مكتبة الملك فهد الوطنية – الرياض ‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪. 2011‬‬
‫‪ 33‬د‪ .‬علي شتا – علم االجتماع الجنائى ‪ .‬ص ‪ – 101‬مكتبة االشعاع الفنّية ‪ ،‬القاهرة ‪ .‬مصر ‪.1997‬‬
‫‪ 34‬د‪ .‬خليل وديع شكور‪ -‬العنف والجريمة ص ‪ – 131‬الدار العربية للعلوم ‪ ،‬بيروت – لبنان ‪.1997‬‬
‫يعّد األمن على النفس والمال مما قد يتلفهما من عوامل طبيعية وبشرية هو جماع النعم كلها ‪ ،‬فإذا زال‬
‫الخ وف حلت مع ه الس عادة واألمن والعافي ة ‪ .‬وأظه ُر العوام ل المه ّد دة للنفس والم ال والمنتج ة لب ذور الخ وف‬
‫والشقاء ‪ :‬الجريمة بكل أشكالها وأنواعها ‪ ،‬ومن أجل هذا كانت مكافحة الجريمة والوقاية منها جسر المرور‬
‫إلى رب وع نعم ة األمن‪ . 35‬ويجب االع تراف أن مفه وم العقوب ة (وح ده) لم ينجح في تك ريس العقوب ة ك أداة‬
‫للقضاء على الجريمة في المجتمع ‪ ،‬مّم ا جعل االهتمام ينصرف ليس فقط للجريمة كرّد فعل ماّد ي وإ نما أيضا‬
‫للمج رم والظ روف ال تي أّد ت ب ه الرتك اب الجريم ة ‪ ،‬وك ان لتط ّو ر الفلس فة اإلنس انية تأثيره ا على ه ذا التح ّو ل‬
‫الذي بدأ يّتجه أكثر فأكثر لمصلحة المذنب في السياسة الجنائية المعاصرة‪ . 36‬يمكن حصر األنماط النظرية في‬
‫مج ال الوقاي ة من الجريم ة في نمطين أساس يين ‪ :‬الوقاي ة االجتماعي ة ‪ ،‬ال تي ترك ز على العوام ل االقتصادية‬
‫واالجتماعية الُم فرزة للجريمة ومعالجتها عن طريق التعّلم والتثقيف وتوفير العمل والســكن وملء أوقات الفراغ‬
‫للشباب والبرامج االجتماعية الموّج ــهة ‪.‬‬

‫والوقاية الموقفّي ة ‪ ،‬التي توّج ه نحو فئات اجتماعية معّر ضة للوقوع في براثن الجريمة ‪ ،‬والتي تكثر‬
‫الجريمة في أوساطها ‪ ،‬أو التركيز على األنماط اإلجرامية المرتفعة في المجتمع ‪ . 37‬والحقيقة أن عملية الوقاي ة‬
‫من الجريمة تؤديها أجهزة ومؤسسات مختلفة في الدولة مثل المصالح االجتماعية وكذلك الشرطة‪.‬‬

‫‪ -‬الدور الوقائي للشرطة ‪ :‬الشك أن للشرطة دورا هاما في منع الجرائم قبل أن تقع ‪ ،‬وهذا الدور من أهم‬
‫ش ؤون الض بطية اإلداري ة القّو ام ة على األمن الع اّم ‪ ،‬وأول واجب يق ع على ع اتق الش رطة في ه ذا المج ال ه و‬
‫اكتشاف‬

‫الخطورة اإلجرامية لألشخاص ومنعها في الوقت المناسب من اإلفضاء إلى جرائم فعلّي ة وذلك أن التجربة دّلت‬
‫على أن كل جريمة تحدث يغلب صدورها من شخص كان شائعا عنه في الوسط به أنه شرس وسيئ األخالق ‪،‬‬
‫ومن جه ة أخ رى ف إن ك ل جريم ة ال ب ّد أن تس بقها ف ترة من الت أهب واالس تعداد أو كثيرا م ا تظه ر خالله ا على‬

‫‪ 35‬د‪ .‬منصور رحماني – علم اإلجرام والسياسة الجنائية ‪ .‬ص‪ – 6‬دار العلوم للنشر‪ .‬عنابه ‪ -‬الجزائر‪. 2006‬‬
‫‪ 36‬د‪ .‬علي محمد جعفر المرجع السابق ص ‪.199‬‬
‫‪ 37‬د‪ .‬عبد هللا عبد العزيز اليوسف – األنساق االجتماعية ودورها في مقاومة اإلرهاب والتطّرف ‪ .‬ص‪63‬‬
‫جامعة نايف العربية للعلوم األمنية – الرياض ‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪.2006‬‬
‫‪15‬‬
‫الش خص ذات ه إم ارات كاش فة عن س وء قصده ك أن يس وده القل ق أو تظه ر في طريق ة معيش ته دالئ ل الفوض ى‬
‫واالضطراب ‪ ،‬أو أن يّتخذ مواقف تهديدية أو أن يزّو د نفسه بما ُيستخدم في تنفيذ الجرائم ‪ ،‬ويغلب فوق ذلك أن‬
‫يك ون معه ودا في ه االنح راف أو التع ّو د ‪ .‬ومن واجب ات الش رطة التقّص ي والبحث ال دائم في ك ل حال ة خط يرة‬
‫ومنعه ا من أن ت ؤّد ي لجريم ة خط يرة‪ . 38‬كم ا تس اهم الش رطة في عملي ة الرعاي ة الالحق ة بع د االف راج على‬
‫الس جين ف تراقب نش اطه ‪ .‬أّم ا الت دابير المق ّر رة لألح داث المنح رفين أو المعّر ض ين لالنح راف فإنه ا تك ون ذات‬
‫طابع تربوي تتناسب وإ جراءات التأهيل واإلصالح المجّر دة عن ألم العقوبة المفروضة على البالغين وتأتي في‬
‫مقّد متها تدابير الحماية التي تشتمل على تسليم الحدث إلى ولّي ه أو وصّيه الشرعي إذا توافرت فيهما الطمأنينة‬
‫األخالقي ة ‪ ،‬أو إلى مؤسس ة اجتماعي ة تعّينه ا محكم ة األح داث ‪ ،‬أو يخض ع للمراقب ة االجتماعي ة ليوّج ه الح دث‬
‫التوجي ه المناس ب والصحيح‪ .‬وتح رص إدارة الش رطة الي وم أن يك ون ت دّخ لها في إط ار من اح ترام للحري ات‬
‫العامة وحقوق اإلنسان حتى ُتسّهل عملها وتنال ثقة وحّب المواطنين ألن أمن كل شخص ال يمكن أن يكون إال‬
‫في الثقة في نظام جماعي يقوم بفرض وحماية محيط ومناخ آمن ومطمئن‪. 39‬‬

‫من المعروف أن نظام الشرطة وقوانين بلد ما يكونون دائما نتاج تط ّو ر تاريخي معّين يخضع لتقاليد‬
‫ثقافي ة واجتماعي ة وقانوني ة مختلف ة ت ؤّد ي – ليس فق ط – إلى مف اهيم مختلف ة للش رطة ولكن ه أيض ا لتصرفات‬
‫مختلف ة من ط رف الجمه ور نحوه ا ‪ ،‬وبالنس بة لم وظفي الش رطة ف إنهم يحض ون بنظ رات مختلف ة من قب ل‬
‫المواط نين ح ول مك انتهم في المجتم ع وال دور المنتظ ر منهم أداؤه ‪ ،‬ومن غ ير الممكن أن تتوّح د نظ رة الن اس‬
‫للشرطة في أّي من البلدان فهناك من يراها بعين الرضا كما أن هناك من يراها بعين السخط ورغم تن ّو ع النظم‬
‫الشرطية – فيما يتعلق بحقوق اإلنسان – إال أنه توجد مبادئ وقوانين مطّبقة عالميا فيما يخّص هذا األمر وذلك‬
‫باالقتداء بالمبادئ الواردة في اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪. 40‬‬

‫تتعّز ز الوقاية من الجريمة بواسطة التربية األمنية التي تعني تعليم وتعلم المفاهيم األمنية والخبرات‬
‫الالزمة للمواطنين لتحقيق األمن الوطني وحماية الموارد الطبيعية ومقاومة الرذيلة واألمراض‬

‫‪ 38‬د‪.‬رمسيس بهنام – المجرم تكوينا وتقويما ‪ .‬ص ‪ – 285‬دار المعارف ‪ ،‬اإلسكندرية – مصر‪. 1983‬‬
‫‪les cahiers de la sécurité intérieure (I H ES I ) page 8 – Ed ; doc . française – France 1991 39‬‬
‫‪j. Alderson – les droits de l’homme et la police. ED. Conseil de l’Europe – STRASBOURG 40‬‬

‫‪.FRANCE. 1984 - page 31‬‬

‫‪16‬‬
‫االجتماعية‪ ،‬والتربية األمنية تربية مزدوجة وعملة ذات وجهين‪ :‬تربية أمنية للشرطة وللمواطن ‪ ،‬تجعل‬
‫الش رطي والم واطن رجال أمن يس هر كالهم ا من خالل موقع ه على األمن ‪ ،‬فلم تع د األجه زة األمني ة وح دها‬
‫المس ئولة على الحف اظ على أمن المجتم ع ومكتس باته ب ل يش اركها في ذل ك جمي ع مؤسس ات المجتم ع الم دني‬
‫لتحقيق األمن االجتماعي والوطني وتعزيزه ‪ .‬وللوصول ألهداف ملموس ة في المجال األمني يتطلب تحضير‬
‫برامج تدريبية ناجعة وكافية لرجل األمن ‪ ،‬فغاية برامج التدريب الموجهة لرجل األمن ترمي أساسا لتطوير‬
‫قدرات ه وتغي ير س لوكه على ثالثة مس تويات ‪ :‬التغي ير في المعرف ة والتغي ير في المه ارة والتغي ير في االتج اه ‪،‬‬
‫بتلقي معارف أولية وقواعد قانونية وتنظيمية تخّص ميدان العمل وتنفيذ المهاّم وتطبيق تقنيات الشرطة الخاصة‬
‫واكتس اب واس تيعاب الصفات النفس ية والشخصية المرتبط ة بمهن ة الش رطي‪ .‬ومن أهم الصفات ال تي ينبغي‬
‫توافره ا في رج ل األمن ‪ :‬المعرف ة العلمي ة والصفات النفس ية – االس تعدادات والصفات الشخصّية – الخصال‬
‫والصفات األخالقية‪. 41‬‬

‫‪ -‬الدفاع االجتماعي‪ :‬تقوم حرك ة ال دفاع االجتم اعي الح ديث على أس اس بناء السياس ة الجنائي ة على أفك ار‬
‫إنس انية‪ ،‬في محاول ة لتجدي د النظم العقابي ة به دف مواجه ة الجريم ة بط رق علمي ة وعقلي ة واالس تفادة من تق ّد م‬
‫ومكتشفات العلوم اإلنسانية‪ . 42‬وحسب العالم اإليطالي "غراماتيكا " يقوم الدفاع االجتماعي على المبادئ التالية‬
‫‪ :‬واجب الدولة القضاء على أسباب انحراف الفرد داخل المجتمع ‪ -‬ليس للدولة ( من أجل الحفاظ على النظام‬
‫المق ّر ر بواس طة الق انون )الح ّق في العق اب فحس ب ‪ ،‬ولكن يق ع على عاتقه ا واجب تأهي ل الف رد الج انح التأهي ل‬
‫االجتماعي ‪ ،‬بحيث أّال يتّم بواسطة العقوبات ولكن بتدابير الدفاع االجتماعي الوقائية أو التربوّي ة أو العالجية ‪.‬‬
‫– تناسب تدابير الدفاع االجتماعي مع كل فرد وذلك بالنظر لشخصيته االجتماعية وليس بالنظر لمسئوليته عن‬
‫الضرر الناتج عن الجريمة ‪ – .‬تبدأ دعوى الدفاع االجتماعي بتقدير طبيعة ودرجة عدم اجتماعية الفرد ‪ ،‬كما‬
‫أنه ا تنتهي ب زوال الحاج ة إلى تط بيق الت دابير ‪ ،‬وهي تع ّد من البداي ة للنهاي ة محض قض ائية ‪ .‬ـ إن التأهي ل‬
‫االجتماعي للفرد يدخل ضمن إطار شديد السعة لفكرة الدفاع االجتماعي‪.43‬‬

‫المطلب الثالث – الشرطة المجتمعية‬

‫‪ 41‬د‪ .‬مختار حسين شبيلي – صفات المحقق الجنائي ص ‪ 27‬و‪ – 28‬مجلة الشرطة ‪ ،‬العدد ‪ – 70‬ديسمبر ‪ 2003‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ 42‬د‪ .‬حسن صادق المرصفاوي – في المحقق الجنائي ‪ .‬ص ‪ – 21‬دار المعارف ‪ ،‬اإلسكندرية – مصر‪.1990‬‬
‫‪ 43‬د‪ .‬أمين مصطفى محمد ‪ -‬علم الجزاء الجنائي‪ .‬ص ‪ ،148 –147‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ :‬القاهرة‪ ،‬مصر‪1995‬‬
‫المجتمعي‪ ،‬وتذليل الحاجز النفسي بين الشرطة والمواطن‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫ديناميكية خاصة يؤّد يها أفراد‬ ‫الشرطة المجتمعية أو الشرطة الجوارية‪Police de proximité‬‬
‫الشرطة العاديين من مصالح األمن العمومي بالخصوص ‪ ،‬موّج هة نحو الفئات الشعبية ‪ ،‬كما تش ّك ل وسيطا بين‬
‫هيئة الشرطة والمؤسسات األخرى في الدولة المعنية باألمن االجتماعي والمجتمع المدني ‪ ،‬مهّم تها التواصل‬
‫والتفاع ل اله ادف لتحقي ق أك بر ق در من المش اركة فيم ا بين الش رطة والمجتم ع في تحّم ل أعب اء المس ؤوليات‬
‫األمني ة وف ق مفه وم األمن اإلنس اني الش امل وخل ق أواصر تع اون وثي ق بين رج ال األمن وأف راد وهيئ ات‬
‫المجتمع بغية خلق أجواء ثقافية تدّع م األمن االجتماعي ‪ ،‬ومن أهداف هذه الديناميكية‪:‬‬

‫ـ ترسيخ مبادئ المواطنة والسلم االجتماعي وسيادة القانون لدى المواطنين‪.‬‬

‫ــ تعزي ز ال وعي ب القيم اإلنس انية والوطني ة في الوح دة والتس امح ومحارب ة الس لوك اله ّد ام كالـعنف واآلف ات‬
‫االجتماعية ( المخدرات وفساد األخالق وجنوح األحداث )‪.‬‬
‫ـ تفعيل الدور الوقائي لعمل الشرطة ضمن المجتمع ‪ ،‬وإ شراك فئات المجتمع في مسؤوليات األمن‬

‫ـ توعية المواطن بأن الشرطة حليفه وتعمل لصالحه وفائدته وفي سبيل أمنه ‪ ،‬وليست جهة عدّو ة ومزعجة‬
‫له ‪.‬‬

‫ــ محاول ة إيج اد حل ول موض وعية وعملي ة للمش كالت االجتماعي ة من خالل تش جيع الجمه ور للمش اركة في‬
‫تقويم السلوك والتصرفات الخاطئة ‪.‬‬

‫ــ تط وير آلي ات العم ل التط وعي في المج ال األم ني ‪ ،‬وتق ديم ال دعم النفس ي واالجتم اعي لض حايا الجريم ة‬
‫والحوادث البليغة واإلرهاب ‪.‬‬

‫ــ إب راز ال دور االجتم اعي الم دني للش رطة كق وة تق وم بخدم ة الش عب ‪ ،‬وفتح قن وات االتصال بين الش رطة‬
‫والمجتمع لتمتين عرى الثقة والتفاعل اإليجابي فيما بينهما ‪.‬‬

‫ــ تفعي ل دور المجتم ع ومؤسس ات الض بط االجتم اعي في الدول ة للوقاي ة من مختل ف أش كال اإلج رام‬
‫واألمراض االجتماعية ‪.‬‬

‫ــ رصد الظ واهر اإلجرامي ة ال تي تمّس المجتم ع مباش رة كال دعارة واالتج ار بالبش ر وتع اطي المخ درات‪،‬‬
‫والجرائم المالية واالقتصادية التي تنخر المال العام‪ ،‬والفساد‪.‬‬

‫ــ ال دعوة للمس اهمة في حمالت التوعي ة ال تي تق وم به ا مصالح الش رطة لش رح ق انون الم رور والوقاي ة من‬
‫حوادث السير ‪ ،‬ومضاّر المخدرات وحماية الطفولة والعنف في المالعب الرياضية ‪ ..‬الخ ‪.‬‬
‫ــ تق ريب الش باب (بالخصوص) من مصالح األمن ‪ ،‬والتواصل واالحتك اك بهم عن طري ق تنظيم األنش طة‬
‫الرياضية والثقافية الجوارية بمناسبة األعياد الوطنية والدينية وأعياد الشرطة ‪.‬‬

‫اختيار أفراد الشرطة المجتمعية‪:‬‬

‫يخضع اختيار أفراد وضباط الشرطة المجتمعية إلى مجموعة من المعايير والصفات التي تس ّهل لهم إتمام‬
‫مهمتهم على أكمل وجه‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫ـ الثقة بالنفس واإليمان في نجاح المهّم ة ‪ ،‬والقدرة على اإلقناع والتعامل الفّع ال والتواصل واالتصال السليم‬
‫مع مختلف شرائح المجتمع ‪.‬‬

‫ـ المرونة في األداء ‪ ،‬واعتماد االبتكار في خلق الحلول المناسبة لمختلف الحاالت الطارئة ‪.‬‬

‫ــ اح ترام المواط نين والت دخل اله ادئ وال رزين‪ ،‬والمعامل ة بلباق ة‪ ،‬وع دم التع ّر ض للخصوصيات الثقافي ة‬
‫واالجتماعية للمجتمع ‪.‬‬

‫ـ الثقاف ة الواس عة‪ ،‬واإللم ام بالمب ادئ األساس ية لعلم االجتم اع وعلم النفس ‪ ،‬واإلطالع الجّي د على الع ادات‬
‫والتقاليد المحلية لسكان المنطقة ‪.‬‬

‫ـ الحنكة المهنية والثقافة القانونية الكافية لممارسة مهنة الشرطة ‪.‬‬

‫ـ التزام النزاهة واجتناب التصرفات الألخالقية وغير القانونية ‪.‬‬

‫المهام الرئيسية للشرطة المجتمعية ‪:‬‬

‫ــ توعّي ة الم واطن ب أن جه از األمن يتفّهم هموم ه وانش غاالته ومخاوف ه‪ ،‬ويس عى لمس اعدته في ك ل األح وال‬
‫والظروف‪.‬‬

‫ـ العمل على تطوير صورة جديدة وإ يجابية للمؤسسة األمنية في أذهان المواطنين ‪.‬‬

‫ـ االهتمام بقضايا وشكاوى المواطن والرّد عليها بالسرعة المطلوبة ‪.‬‬

‫ــ االس تعانة باألس رة في مج ال الوقاي ة من الجريم ة‪ ،‬وتنظيم دور المجتم ع في مي دان مكافح ة الجريم ة من‬
‫خالل نشاط الجمعيات المدنية‪.‬‬

‫ـ االرتقاء بالخدمة األمنية المقَد مة للجمهور‪ ،‬وتحليل رغبات المواطنين وقياس آرائهم تجاه إدارة الشرطة‪.‬‬
‫‪18‬‬

‫الخاتمــــــــــــة‬

‫ال يختل ف اثن ان ب األمس و الي وم ح ول أهمي ة األمن في حي اة المجتمع ات ‪ ،‬وال يمكن أن ننك ر م ا‬
‫للشرطة من دور أساسي وحيوي في استتباب األمن في المجتمع الحديث وحماية الحقوق السياس ية واالجتماعي ة‬
‫لألفراد ‪ ،‬وأن التعاون بين الشرطة والمواطنين وتأصيل الفهم المشترك لدور كل منهما في الحفاظ على األمن‬
‫االجتماعي هو أساس نجاح هذه المهمة النبيلة ‪ ،‬وتكريس المهارات المهنية والتطبيق الصحيح للقانون من أجل‬
‫حماية األفراد وممتلكاتهم وحقوقهم ‪ ،‬والسهر الدائم على مكافحة الجريمة والوقوف إلى جانب ضحاياها تع ّد من‬
‫أساس يات عم ل رج ال األمن ‪ .‬كم ا يعت بر التع اون والتنس يق بين رج ال األمن ومنظم ات المجتم ع الم دني‬
‫والمواط نين لتحقي ق األمن االجتم اعي المنش ود وس يلة فعال ة في نش ر الطمأنين ة واألم ان ‪ ،‬وذل ك بتقوي ة وش ائج‬
‫التقارب واالتصال والثقة المتبادلة بينهم كمبدأ من مبادئ العمل األمني الناجح الذي يعّد غاية كل المجتمع ‪.‬‬

‫ولكن يجب أن نعي أن مهمة األمن االجتماعي ال تقع فقط على عاتق األجهزة األمنية – وإ ن كان لها‬
‫الدور الكبير في ذلك – بل هي مسؤولية النظام السياسي واالجتماعي واالقتصادي ‪ ،‬الذي يعمل على احترام‬
‫مقّو م ات ه ذا األمن ‪ ،‬بالعم ل وف ق مب ادئ الع دل والمس اواة ورعاي ة الحق وق الفردي ة والعام ة والحكم الراش د ‪.‬‬
‫والشرطة في النهاية ليست سوى أداة في يد السلطة الحاكمة تضبط بها شؤون المجتمع وتحميه من الفوضى‬
‫واألم راض االجتماعي ة وتس هر على تطبيق وفرض احترام ق وانين الدول ة ‪ ،‬وال ُيمكن للش رطة أن توّفر األمن‬
‫االجتماعي بالقّو ة والتسلط ‪ ،‬فمهمتها ليست محاربة المجتمع وتخويفه وإ نما حماية أفراده من مظاهر الخوف‬
‫والالأمن ‪ ،‬بالقيام بمحاربة كل من يه ّد د النظام والسكينة في المجتمع وكل من يتجاوز قواعد القانون ‪ ،‬وكل‬
‫من يحاول العبث بالمال العام أو ينشر الفساد والبغي ‪ ،‬وكل من ال يحترم حقوق اآلخرين أو ينتهك سالمتهم أو‬
‫م الهم وعرض هم ‪ ،‬وك ل من يتع ّر ض ألمن ال وطن ‪ :‬ه ذا ه و دور الش رطة في تحقي ق األمن االجتم اعي ‪ ،‬ال تي‬
‫عليه ا عبء أداء ه ذه المهّم ة المقّد س ة في ظ ل اح ترام الق انون والع دل في تطبيق ه ‪ ،‬واح ترام الحري ات العام ة‬
‫وحق وق اإلنس ان والم واطن ‪ .‬وه ذا ه و المفه وم الحقيقي ل دور الش رطة ال ذي تس عى ال دول الحديثة لتجس يده‬
‫وتكريسه ‪ ،‬ويصبو المواطن أن يراه مطبقا على أرض الواقع فتقوى ثقته وإ يمانه في رسالة األمن ‪ ،‬ال أن يرى‬
‫الشرطة سيفا مسلطا على رقبته يرعبه أكثر مما يؤّم نه ‪ .‬إن األمن نعمة ‪ ،‬والحفاظ عليها ورعايتها واجب ‪،‬‬
‫وخير من عّبر على قيمة وأولوية هذه النعمة ماورد في القرآ ن الكريم ‪ ":‬فليعبدوا رّب هذا البيت الذي أطعمهم‬
‫من جوع وآمنهم من خوف " ( سورة قريش – اآلية ‪ . ) 106‬وما جاء في حديث النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪:‬‬
‫من أصبح آمنا في سربه ‪ ،‬معافًا في بدنه ‪ ،‬عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها " ‪.‬‬

‫‪19‬‬

‫المراجــــع‬

‫ــ المؤلفات العربية‬

‫‪ 1‬الل واء محم ود الس باعي ـ إدارة الش رطة في الدول ة الحديثة ‪ -‬الش ركة العربي ة للطباع ة والنش ر‬
‫‪ -‬القاهرة ‪ ،‬مصـر‪1963‬‬

‫د‪ .‬محمد البهّي – الدين والحضارة اإلنسانية ‪ -‬دار الفكر‪ :‬بيروت و القاهرة ‪1974‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 3‬جالل مظهر‪ -‬حضارة اإلسالم وأثرها في الترّقي العالمي‪ .‬منشورات مكتبة الخانجي – القاهرة ‪،‬‬

‫مصر ‪1974‬‬

‫محمد المبارك ‪ :‬اإلسالم (الحكم والدولة ) ‪ -‬األحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى الحنبلي‬ ‫‪4‬‬

‫دار الفكر‪ -‬بيروت ‪ ،‬القاهرة – لبنان ‪ ،‬مصر ( الطبعة الثالثة ) ‪1980‬‬

‫د‪.‬رمسيس بهنام – المجرم تكوينا وتقويما – دار المعارف ‪ ،‬اإلسكندرية – مصر ‪1983‬‬ ‫‪5‬‬

‫د‪ .‬أحمد الربايعة – أثر الثقافة والمجتمع في دفع الفرد إلى ارتكاب الجريمة‬ ‫‪6‬‬
‫المركز العربي للدراسات األمنية والتدريب – الرياض ‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪1984‬‬

‫د‪ .‬حسن صادق المرصفاوي – في المحقق الجنائي – دار المعارف ‪ ،‬اإلسكندرية – مصر‪1990‬‬ ‫‪7‬‬

‫د‪ .‬أمين مصطفى محمد ‪ -‬علم الجزاء الجنائي‪ ، .‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ :‬القاهرة‪ ،‬مصر‪1995‬‬ ‫‪8‬‬

‫د‪ .‬علي شتا – علم االجتماع الجنائى – مكتبة االشعاع الفنّية ‪ ،‬القاهرة ‪ .‬مصر ‪1997‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪ 10‬د‪ .‬خليل وديع شكور‪ -‬العنف والجريمة – الدار العربية للعلوم ‪ ،‬بيروت – لبنان ‪1997‬‬

‫دار الشروق – القاهرة ‪ ،‬مصر ‪1998‬‬ ‫‪ 11‬د‪ .‬محمد عمارة ‪ -‬اإلسالم واألمن االجتماعي‬

‫‪ 12‬د‪.‬محمد أرزقي نسيب ‪ -‬أصول القانون الدستوري والنظم السياسية ‪ -‬دار األمة ‪ ،‬الجزائر ‪1998‬‬

‫‪ 13‬فيليب برو‪ -‬ترجمة محمد عرب صاصيال ـ علم االجتماع السياسي ‪.‬‬

‫المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع – بيروت‪ ،‬لبنان ‪1998‬‬

‫‪ 14‬د‪ .‬علي محمد جعفر‪ -‬مكافحة الجريمة المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ‪ .‬بيروت‪.‬‬
‫لبنان ‪1998‬‬

‫‪ 15‬د‪ .‬سليمان عبد المنعم – نظرية الجزاء الجنائي المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫بيروت‪ .‬لبنان ‪1999‬‬

‫‪ 16‬د‪ .‬أحسن بوسقيعة ‪ -‬الوجيز في القانون الجزائي العام ‪ -‬دار هومة للطباعة والنشر‪ ،‬الجزائر ‪2003‬‬

‫‪ 17‬د‪ .‬منصوررحماني ‪ -‬علم اإلجرام والسياسة الجنائية – دار العلوم للنشر‪ .‬عنابه ‪ -‬الجزائر ‪2006‬‬

‫‪ 18‬د‪ .‬عبد اهلل عبد العزيز اليوسف – األنساق االجتماعية ودورها في مقاومة اإلرهاب والتطّر ف‬

‫جامعة نايف العربية للعلوم األمنية – الرياض ‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪2006‬‬

‫‪ 19‬د‪ .‬مختار حسين شبيلي – اإلجرام االقتصادي والمالي الدولي وسبل مكافحته‬

‫جامعة نايف العربية للعلوم األمنية – الرياض ‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪2007‬‬

‫‪ 20‬أحمد شوقي الشلقاني ‪ -‬مبادئ اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري‬

‫ديوان المطبوعات الجامعية ـ الجزائر‪2008‬‬

‫‪ 21‬نظير محمد أمين – المتغيرات الدولية واإلقليمية و أثرها على األمن االجتماعي‬

‫‪20‬‬

‫منشورات كلية القانون والعلوم السياسية – جامعة ديالي ‪ ،‬العراق ‪2010‬‬


‫‪ 22‬د‪ .‬عبد القادر الشيخلي – المبادئ العامة لألنظمة في المملكة العربية السعودية ‪.‬‬

‫مكتبة الملك فهد الوطنية – الرياض ‪ ،‬المملكة العربية السعودية ‪2011‬‬

‫ــ المؤلفات األجنبيـة‬

‫‪1Van holderbeke – la force publique à l’épreuve des violences urbaines‬‬ ‫‪Revue‬‬


‫‪Sciences Criminelles. France - 2000-3. juillet-sept.2000.‬‬
‫‪2 j. Alderson – les droits de l’homme et la police. ED. Conseil de l’Europe‬‬
‫‪STRASBOURG- FRANCE. 1984‬‬
‫‪3 les cahiers de la sécurité intérieure (I H ES I ) – Ed ; doc . Française – France‬‬
‫‪1991‬‬

‫التقارير والمقاالت‬

‫‪ 1‬برنامج األمم المتحدة اإلنمائي لسنة ‪ – 2009‬تقرير التنمية اإلنسانية العربية ‪ :‬تحديات أمن اإلنسان‬
‫في البلدان العربية – نيويورك ‪2009‬‬

‫‪ 2‬مختار شبيلي – صفات المحقق الجنائي – مجلة الشرطة ‪ ،‬العدد ‪ – 70‬ديسمبر ‪ . 2003‬الجزائر ‪3‬‬
‫سني محمد أمين ‪ -‬مفهوم األمن ‪– 2008 .‬‬

‫موقع الكتروني‪snimedamine.maktoobblog.com :‬‬

‫‪ 4‬نعم ان عباس ي – الحكم الراش د وأولوي ة ت رتيب المش هد النخب وي في الجزائ ر‪ -‬مجل ة الب احث‬
‫االجتماعي عدد ‪ 10‬الجزائر ‪ ،‬سبتمبر ‪2010‬‬

‫‪ 5‬األستاذ عزوز عبد الناصر‪ -‬نموذج متبلور لتخطيط التنمية بالدول النامية‬

‫موقع الكتروني ‪Login.yahoo.com‬‬

‫النصوص القانونية‬

‫ـ قانون االجراءات الجزائية الجزائري ــ وزارة العدل ‪ :‬نشر الديوان الوطني لألشغال التربوية ‪ ،‬الجزائر‬
‫‪1999‬‬
‫( غير منشور)‬ ‫ـ المرسوم التنفيذي ‪ 92‬ـ ‪ . 72‬بتاريخ ‪ 31‬ـ ‪1992 -10‬‬

‫الموسوعات‬

‫موسوعة ويكيبيديا)مادة المواطنة( موقع الكتروني ‪: ar.wikipedia.org‬‬

‫‪21‬‬

‫الفـــــــــــــــــــــهرس‬

‫‪1‬‬ ‫مقّد مـة‬

‫‪2‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم األمن االجتماعي ومقّو ماته‬

‫‪2‬‬ ‫المطلب األّو ل ـ مفهوم األمن االجتماعي‬

‫‪4‬‬ ‫المطلب الثاني ـ مقّو مات األمن االجتماعي‬

‫‪7‬‬ ‫المطلب الثالث ـ دعم األمن االجتماعي‬

‫‪9‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬مهاّم ووظائف جهاز الشرطة‬

‫‪9‬‬ ‫المطلب األّو ل ـ الوظيفة اإلدارية‬

‫‪10‬‬ ‫المطلب الثاني ـ الوظيفة االجتماعية‬

‫‪11‬‬ ‫المطلب الثالث ـ الوظيفة القضائية‬

‫‪13‬‬ ‫المبحث الثالث ‪ :‬جهود الشرطة في حماية أمن المجتمع‬

‫‪14‬‬ ‫المطلب األّو ل ـ أسباب اإلجرام وفلسفة الجزاء‬

‫‪15‬‬ ‫المطلب الثاني ـ الوقاية من الجريمة‬


‫‪17‬‬ ‫المطلب الثالث ـ الشرطة المجتمعية‬

‫‪19‬‬ ‫الخاتمـــــــة‬

‫‪20‬‬ ‫المــراجع‬

‫‪22‬‬ ‫الفه ــرس‬

‫‪22‬‬

You might also like