You are on page 1of 3

‫شهر شعبان ن‬

‫بي السنة والبدعة ‪ -‬الشيخ عبدهللا الطيار‬

‫الخطبة األوىل‪:‬‬
‫ر‬ ‫ه‬ ‫ّ‬
‫إن الحمد ّلل نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده هللا فال مضل‬
‫ً‬
‫له‪ ،‬ومن يضل فال َهادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال رشيك َله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬أما بعد‪ :‬فاتقوا‬
‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َُ‬ ‫ين َآم ُنوا َّات ُقوا َّ َ‬
‫‪َ َّ َ ُّ َ :‬‬
‫اّلل َح َّق تق ِات ِه َوال ت ُموت َّن ِإ َّال َوأنت ْم ُم ْسِل ُمون)[آل عمران‪.]102:‬‬ ‫هللا عباد هللا (يا أيها ال ِذ‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫رض هللا عنهما‪ -‬قال‪ :‬قلت يا رسول هللا‪ :‬لم أرك تصوم شهرا من الشهور‬
‫عباد هللا‪ :‬روى أسامة بن زيد ‪ -‬ي‬
‫بي رجب ورمضان‪ ،‬وهو‬ ‫ما تصوم من شعبان‪ ،‬فقال ‪-‬صىل هللا عليه وسلم‪" :-‬ذاك شهر يغفل الناس عنه ن‬
‫النسائ)‪.‬‬ ‫عمىل وأنا صائم"(رواه‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫شهر ترفع فيه األعمال إىل رب العالمي‪ ،‬فأحب أن يرفع ي‬
‫رض هللا عنها‪ -‬قالت‪" :‬لم يكن النب ‪-‬صىل هللا عليه وسلم‪ -‬يصوم شه ًرا ر‬
‫أكث من شعبان‪،‬‬ ‫ن‬
‫ي‬ ‫وعن عائشة ‪ -‬ي‬
‫وكان يصوم شعبان كله"(رواه البخاري)‪.‬‬

‫ن‬
‫رض هللا عنها‪ -‬قالت‪" :‬كان رسول هللا ‪-‬صىل هللا عليه وسلم‪ -‬يصوم ى‬
‫حب نقول ال يفطر‪ ،‬ويفطر‬ ‫وعنها ‪ -‬ي‬
‫حب نقول ال يصوم"(رواه مسلم)‪.‬‬ ‫ى‬

‫النب ‪-‬صىل هللا عليه وسلم‪ -‬قال له‪" :‬أتصوم النهار‬ ‫ن‬
‫رض هللا عنهما‪ -‬أن ي‬
‫وعن عبد هللا بن عمرو بن العاص ‪ -‬ي‬
‫ُّ‬
‫وأمس‬ ‫وأصىل وأنام‪،‬‬ ‫"لكب أصوم وأفطر‪،‬‬ ‫وتقوم الليل؟" قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقال النب ‪-‬صىل هللا عليه وسلم‪ :-‬ن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫مب"(رواه البخاري ومسلم)‪.‬‬‫ن‬ ‫ى‬
‫سنب فليس ي‬
‫النساء؛ فمن رغب عن ي‬

‫النساء‪ ،‬وحرموا طيبات الطعام واللباس‪،‬‬ ‫لوا‬ ‫وروي أن نف ًرا من الصحابة تبتلوا‪ ،‬فجلسوا نف البيوت ى ن‬
‫واعث‬
‫‪َ َّ َ ُّ َ َ :‬‬ ‫ي‬
‫ين َآم ُنوا ال ُت َح ِّر ُموا َط ِّي َبات ماَ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫وهموا باالختصاء‪ ،‬وأجمعوا لقيام الليل وصيام النهار‪ ،‬فثلت فيهم (يا أيها ال ِذ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫َ َ َّ َّ ُ َ ُ ْ َ َ ْ َ ُ َّ َّ َ ُ ُّ ْ ُ ْ َ َ‬
‫ين)[المائدة‪.]26:‬‬‫أحل اّلل لكم وال تعتدوا ِإن اّلل ال ي ِحب المعت ِد‬

‫ن‬
‫عباد هللا‪ :‬وكان نبيكم ‪-‬صىل هللا عليه وسلم‪ -‬يتوسط يف إعطاء نفسه حقها‪ ،‬ويعدل فيها غاية العدل؛ فيصوم ويفطر‪،‬‬
‫ويقوم وينام‪ ،‬وينكح النساء‪ ،‬ويأكلكل ما يجد من الطيبات‪ ،‬وتارة يجوع ويربط عىل بطنه الحجر‪.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫وروي عنه أنه قال‪" :‬عرض َّ‬


‫رئ أن يجعل يىل بطحاء مكة ذهبا‪ ،‬فقلت‪ :‬ال يا رب‪ ،‬ولكن أجوع يوما‬
‫عىل ي‬‫ي‬ ‫ً‬
‫يوما‪ ،‬فإذا جعت ن‬
‫تضعت إليك وذكرتك‪ ،‬وإذا شبعت حمدتك وشكرتك" فاختار ‪-‬صىل هللا عليه‬ ‫وأشبع‬
‫مقام الشكر والصث والرضا‪.‬‬ ‫وسلم‪ -‬لنفسه أفضل األحوال؛ ليجمع ن‬
‫بي‬
‫ي‬
‫رض هللا‬ ‫وكان ‪-‬صىل هللا عليه وسلم‪ -‬يخص شعبان بمزيد من الصيام لكنه ال يصومه كله؛ فعن عائشة ‪ -‬ن‬
‫ً ي ً‬ ‫عنها‪ -‬قالت‪" :‬ما رأيت رسول هللا ‪-‬صىل هللا عليه وسلم‪ -‬قام ليلة ى‬
‫حب الصباح وال صام شهرا متتابعا إال‬
‫رمضان"(رواه مسلم)‪.‬‬

‫وقد جاء نف بعض األحاديث اإلشارة إىل الحكمة من ر‬


‫كثة الصيام فيه "ذاك شهريغفل الناس عنه ن‬
‫بي رجب ورمضان"‪.‬‬ ‫ي‬

‫فف ذلك إشارة إىل أنه شهر اكتنفه شهران عظيمان‪ :‬شهر رمضان‪ ،‬وشهر هللا الحرام رجب‪ ،‬وهنا يظن كثث‬ ‫ن‬
‫ي‬
‫من الناس أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان؛ ألن شهر رجب شهر حرام‪ ،‬فجاء النص عىل أن صيام‬
‫شعبان أفضل‪.‬‬

‫ن‬
‫وف ذلك داللة رصيحة عىل استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة والعبادة‪ ،‬وأن ذلك محبوب هلل‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫‪-‬تعاىل‪-‬؛ ألن فيه إخفاء الطاعة‪ ،‬وهذا أحد أشار قبولها وفضلها‪ ،‬وفيه أيضا مشقة عىل النفس؛ ألن العمل‬
‫مع الناس أسهل وأيرس‪.‬‬

‫ينبغ للمسلم أن يحرص عىل اتباع هدي محمد ‪-‬صىل هللا عليه وسلم‪-‬؛ ألن فيه الخث‬ ‫عباد هللا‪ :‬وهكذا ن‬
‫ي‬
‫ول‬ ‫َّ َ ْ َ َ َ ُ ْ ن َ ُ‬
‫مرضات ْ الرب ‪-‬جل وعال‪ ،-‬وصدق هللا العظيم (لقد كان لكم ِ يف رس ِ‬ ‫والصالح‪ ،‬وهو الطريق الموصل إىل‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫اّلل واليوم اْل ِخ َر)[األحزاب‪.]21:‬‬‫َ‬ ‫َّ ُ ْ َ ٌ َ َ َ ٌ ِّ َ َ َ َ ْ ُ َّ‬
‫اّلل أسوة حسنة لمن كان يرجو‬ ‫ِ‬

‫ن‬ ‫ن‬
‫ونفعب وإياكم بما فيه من اْليات والذكر الحكيم‬
‫ي‬ ‫بارك هللا يىل ولكم يف القرآن العظيم‪،‬‬
‫أقول ما سمعتم فاستغفروا هللا يغفر يىل ولكم؛ إنه هو الغفور الرحيم‬

‫‪-------------------------------------------------‬‬
‫الخطبة الثانية‪:‬‬
‫ن‬
‫العالمي‪ ،‬والصالة والسالم عىل رسول هللا‪ ،‬وبعد‪:‬‬ ‫الحمد هلل رب‬
‫ً‬
‫فاعلموا ‪-‬أيها المؤمنون‪ -‬أن هناك بدعا يحييها بعض الناس ن يف شهر شعبان‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬

‫وه مائة ركعة‪.‬‬


‫وه تخصيص قيام ليلة النصف من شعبان‪ ،‬ي‬
‫* صالة الثاءة؛ ي‬

‫* صالة ست ركعات بنية دفع البالء وطول العمر‪ ،‬واالستغناء عن الناس‪.‬‬


‫ُ ُّ‬ ‫ن‬
‫* قراءة سورة (يس)‪ ،‬والدعاء يف هذه الليلة بدعاء مخصوص بقولهم‪ :‬اللهم يا ذا المن وال يمن عليه يا ذا‬
‫الجالل واإلكرام‪.‬‬

‫باتفاق أهل‬ ‫ه ليلة القدر‪ ،‬وكل ذلك باطل ال أصل له؛ فليلة القدر‬‫اعتقادهم أن ليلة النصف من شعبان ي‬ ‫*‬
‫‪ُ َ ْ َ ْ َ َّ :‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫العلم يف رمضان؛ ألنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن‪ ،‬وهذا رصي ح الداللة يف كتاب هللا‪ ،‬قال تعاىل ِ(إنا أنزلناه‬
‫َ َ َْ ْ‬
‫ِ ن يف ل ْيل ِة القد ِر)[القدر‪ ،]1:‬وقال تعاىل‪( :‬شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن)[البقرة‪.]185:‬‬

‫ن‬
‫والذي أوقع بعض الناس يف هذه البدع أحاديث ضعيفة أوموضوعة ال يعتمد عليها‪ ،‬وقد سئل سماحة الشيخ ابن باز‬
‫‪-‬رحمه هللا‪ -‬عن حكم االحتفال بليلة النصف من شعبان‪ ،‬وهل لها صالة خاصة؟ فأجاب بقوله‪" :‬ليلة النصف من‬
‫وه ليلة ليس لها‬‫شعبان ليس فيها حديث صحيح‪ ،‬كل األحاديث الواردة فيها موضوعة وضعيفة ال أصل لها‪ ،‬ي‬
‫خصوصية‪ ،‬ال قراءة وال صالة خاصة وال جماعة‪ ،‬وما قاله بعض العلماء أن لها خصوصية فهو قول ضعيف؛ فال‬
‫ر‬
‫بشء‪ ،‬هذا هوالصواب وباهلل التوفيق" انتىهكالمه ‪-‬رحمه هللا‪.-‬‬
‫يجوزأن تخص ي‬
‫ن‬
‫عباد هللا‪ :‬اعلموا ‪-‬رحمكم هللا‪ -‬أن الخثكل الخث يف اتباع هدي رسول هللا ‪-‬صىل هللا عليه وسلم‪ ،-‬ومن‬
‫ً‬
‫حاد عن طريقه فعمله مردود عليه‪ ،‬قال ‪-‬صىل هللا عليه وسلم‪" :-‬من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد"‪،‬‬
‫وف رواية‪" :‬من أحدث ن يف أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"(رواه مسلم)‪.‬‬
‫ي‬
‫ن‬

‫ُ ْ ُ ُ ْ ُ ُّ َ َّ َ َ َّ ُ ن ُ ْ ْ ُ ُ َّ ُ َ َ ْ ْ َ ُ ْ ُ ُ َ ُ‬
‫وبك ْم)[آلعمران‪.]31:‬‬ ‫وئ يح ِببكم اّلل ويغ ِفر لكم ذن‬ ‫وقال تعاىل‪( :‬قل ِإن كنتم ت ِحبون اّلل فات ِبع ِ ي‬
‫ن‬
‫فاحرصوا ‪-‬بارك هللا فيكم‪ -‬عىل اتباع هدي رسول هللا ‪-‬صىل هللا عليه وسلم‪ -‬يف سائر أحوالكم وسثوا‬
‫وتحرسوا ن يف زمرة نبيكم ‪-‬صىل هللا عليه وسلم‪.-‬‬
‫ر‬ ‫عىل نهجه؛ لتصلوا إىل مرضات ربكم‪،‬‬

‫واحرسنا نف زمرته‪ ،‬وثبتنا عىل هديه ى‬


‫حب نلقاك يا ربنا‪.‬‬ ‫ر‬ ‫اللهم أوردنا حوضه‪،‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫عليما‪( :‬إ َّن َّ َ‬ ‫ن‬
‫اّلل‬ ‫ِ‬ ‫المصطف فقد أمركم هللا بذلك‪ ،‬فقال جل من قائل‬ ‫هذا وصلوا وسلموا عىل الحبيب‬
‫َ َ َ َ ُ ُ َ ُّ َ َ َ َّ ِّ َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ َ ُّ َ َ ْ َ َ ِّ ُ َ ْ ً‬
‫الئكته يصلون عىل النِ يب يا أيها ال ِذين آمنوا صلوا علي ِه وسلموا تس ِليما)[األحزاب‪.]٥٦:‬‬
‫وم ِ‬
‫اللهم صل عىل محمد وعىل آل محمد كما صليت عىل إبراهيم وعىل آل إبراهيم إنك حميد مجيد‬ ‫ِّ‬
‫اللهم بارك عىل محمد وعىل آل محمد كما باركت عىل إبراهيم وعىل آل إبراهيم إنك حميد مجيد‬

‫الدعاء ‪...‬‬
‫‪-------------------------------------------------‬‬
‫مكتبة أبو أحمد ‪ -‬فرسان المنابر (التليغرام)‪:‬‬
‫‪https://t.me/AbuAhmed_Khutab_Khutaba‬‬

You might also like