Professional Documents
Culture Documents
تحرير موضوع إنشائي حول الأسرة
تحرير موضوع إنشائي حول الأسرة
ذات مساء من أمسيات الخريف الباردة القارسة ،كنت مع عائلتي الحبيب ة في بيتن ا 1
متجّم عين حول التلفاز نتابع برامجه الّثقافّية المسّلية ،لكن كان ينقصنا فرد من األف راد ...إّن ه
أخي الّص غير سامي...
رّددت أّم ي حائرة وقد ظهرت على وجهها عالمات الخوف والقلق" :أين هو يا ترى؟ وم اذا
يفعل وحيدا؟" ودون أن ينبس أبي ببنت شفة هرع إلى الّتلفاز ليغلقه ثّم أش ار إلى ولي د أخي
الكبير بحركات غريبة فهمها هذا األخير ووقف بسرعة خاطفة.
شرع أخي يبحث عن المفقود في جميع أنحاء البيت صارخا ،مناديا" :سامي ...سامي ...أين
أنت أّيها الشقّي ؟ هّال ظهرت وأرحتنا من هذه الهواجس؟ "...كان يبحث في كّل مكان .ينظر هنا
وهناك في كّل ركن من البيت وكأّنه إبرة ضاعت في كوم قّش ...وفجأة ص اح أخي ثّم تس ّم ر
تحت مكتب غرفته ...لقد وجد الّص غير يئّن هناك بصوت ال يكاد يسمع في حالة تثير الّش فقة...
أما وجهه فقد كان مصفّر ا وكأّنه قد فقد الحياة ...أخذ الولد بين يديه في سرعة جنونّية وأقبل
علينا مسرعا وهو يقول في صوت ق د خنقت ه الع برات " :أّم ي ...أبي ...أس رعا ،إّن أخي
يموت "...ثّم انخرط في عويل جعل أّم ي توشك أن تفقد صوابها وهي تّتجه لألخ العلي ل ،تجّس
الّنبض وتبحث عن أسباب العّلة الّظ اهرة وهي تهتف بحرقة" :آه بنّي ...ما لصغيري الحبيب؟...
ما الّذ ي حدث لك؟ ...حّدث أّم ك بنّي "...أحسست وكأّن خنجرا قد طعن أعمق ذّر ة في الف ّؤ اد،
وشعرت بحّب جارف يشّدني إلى أخي وتصّو رت في لحظة مآلي ومآل العائلة لو غادرنا س امي
إلى األبد...إّنها الّتعاسة التي ستخّيم حتما على الجميع...مع من سألعب ومع من سأتشاجر؟ مع
من؟ مع من؟ "...وانطلقت كالمعتوه ال أدرك شيئا غ ير رغب تي الجارف ة في أن أنق ذ أخي،
حبيبي ...كان الّدافع قوّيا في أن أسهم بعمل ما للتخفيف على المصاب .فاّتجهت نحو اله اتف
ال شعوريا أدعو طبيب الحارة الماهر لعّله يشّخ ص لنا العّلة ويحّدد لنا الّدواء الّن اجع قب ل أن
تستفحل بأخي هذه الحالة الّط ارئة ...كانت أّم ي ال تدري ماذا تفعل كانت تضّم ه إلى صدرها في
حنان وتحاول أن تكّلمه لكن ال حياة لمن تنادي ...كان أبي أكثرنا هدوءا وق درة على الّتفك ير
العملّي ...فأسرع إلى صيدلّيتنا الصغيرة وأحضر ما كان يتصّو ره قادرا على تس كين ب راكين
الحرارة التي حّلت برأس الصبّي ..سكب في الفم جرعة من دواء مسّك ن للحرارة ...ثّم أمس ك
بضمائد وضعها في خليط من الماء الّش ديد البرودة مع أخالط كثيرة أخرى ...ووضع الض مائد
على جبين الصبي ...كّر ر هذه العملّية عّدة مّر ات إلى أن قدم الّط بيب ...وقف الّط بيب بج وار
المريض الذي وضعه أبي فوق فراشه وأبعدنا عنه حتى ال نقلق راحته ...قّلب الص بّي يمن ة
ويسرة ثّم جّس النبض وأنصت إلى دقات القلب ...وقاس الحرارة ،،،كان حريصا في بحثه عن
أسباب العّلة المفاجئة ...بعد برهة خلناها دهورا انفرجت أسارير الّط بيب وه و يهمس إلين ا
قائال " :ال تجزعوا إّنه بخير ،إّن الّط قس المتقّلب مع لعبه في الحديقة قد جعل اللوزتين تحتقنان
فتسّببا له في هذه الحّم ى التي لم يحتملها جسمه الّض عيف ...وقد فعلت خيرا يا ص احبي ،لّم ا
وضعت هذه الضمائد لتخّف ف عنه الحّم ى ...فهي من ألّد أعداء الّص غار...وسأس ّج ل في ه ذه
الوصفة بعض األدوية وبعض المقوّيات حّت ى يستعيد نشاطه "...أخذت الوصفة في سرعة البرق
أللحق الّص يدلّية قبل أن تغلق...
وقد واظبت أّم ي طيلة أسبوع على إعطائه الّدواء في مواعيده بدّق ة متناهية ...وق د ك انت
حريصة على أن توّف ر له األجواء المناسبة كي ال يغادر الفراش قبل أن يشفى تمام ا ...وكنت
أسمعها وهي تهمس مبتهلة إلى اهلل كي يشفي وليدها ويحفظه من كّل سوء ...وكنت أدرك في
كّل مّر ة أّن اهلل عندما أخبرنا بأّن الجّنة تحت أقدام األّم هات فذلك ألّنه األعلم بقلب األّم العظيم...
وأدركت أيضا قيمة األخّو ة وقيمة أن تعمر القلوب بالحّب ...فالحّب والّتعاون بين أفراد العائل ة
هما المفتاح الّس حرّي المذّلل لكّل الّص عاب...
خالل أسبوع من الّر عاية المكّث فة استعاد سامي عافيته وتجّدد نشاطه وبدأ المنزل شيئا فشيئا
فراس الغويل المدرسة اإلعدادّي ة بم نزل يستعيد نشاطه المعتاد..
جميل()2002
يشعر الشخص بقيمة عائلته في كثيٍر من المواقف التي يمّر بها ،كأن يسافر ويعيش وحيدًا بعيدًا
عن أهله وعائلته ،أو أن يرحل والداه ويتركاه وحيدًا ،أو أن يحدث شرٌخ في العالقات فتتعرض
العائلة لالنهيار والتمزق ،ويتفرق أفرادها بإرادتهم ،وغيرها الكثير من المواقف والظروف التي
تجعل الشخص يفتقد جو العائلة ،لذلك ال يعرف قيمة العائلة إال من جرب العيش دونها ،وذاق
.مرارة الحرمان منها