Professional Documents
Culture Documents
إفصاح" :اللهم اجعل خير عمري آخره ،وخير عملي خواتمه ،وخير أيامي يوم ألقاك".
إفصاح آخر "ليس هناك سوى شيء واحد يجعل الحلم مستحياًل ،هو الخوف من الفشل" .باولو كويلو
*********************************
هناك الكثير من مراحل الهلع التي قد يمر بها اإلنسان ،بالطبع تلك المراحل تعتمد على عمر الشخص ،ففتى في
الخامسة عشر لن يهلع من دمية ناطقة كما طفل في الرابعة ،ورجل في الثالثين لن يصاب بالهلع نفسه الذي قد
ُي ِص يب مراهق في الثامنة عشر عندما ُي مسك به والد فتاته وهو يتسلق نافذة غرفتها.
أما أنا مع وضعي المميز والخاص فكان أكبر هلعي هو االستيقاظ واكتشاف أن الشخص الذي كاد يقتلك داخل
غرفتك منحٍن على ركبته أمامك تماًم ا يحدق بك وأنت مستغرق في النوم.
استغرق األمر ثواٍن الستيعاب ما يحدث ،كيف دخل لغرفتي؟ ُص راخ يوجين! وقربه الشديد ويده التي كانت
تسند رأسي قبل ثواٍن .
أم أنه فقط أراد تفقد عالمتي مجدًد ا؟ فهو يبدي اهتماًم ا بها بشكل غريب ،كانت األسئلة التي جابت خاطري
بينما أحدق به بصمت غير مناسبة اآلن ابًد ا.
عندما أدركت اخيًر ا ما يحدث وما حدث أمس تحرك جسدي بال إرادة ،وفكرة واحدة طرقت عقلي ونفذتها فوًر ا،
ركلت بقدمي منطقة جرحة التي أعرفها جيًد ا ليتأوه ويندفع بعيًد ا ،دفعه لن يأتي بنتيجة! في األمس بينما أجره
علمت أن وزنه أضعاف وزني ويدان نحيلتان لن تكونا قادرتين حتى على تحريك ذراعه.
نهضت من مكاني والتقطت فأسه بسرعة ورفعته بصعوبة ،وقف على قدميه ودلك رقبته بملل بينما أبقيت على
الفأس مرفوعا نحوه بتهديد.
"أخرج!".
بقدر اإلمكان أخرجت صوتي قوًي ا ثابًت ا ،ورغم أنه لم يخرج كما تصورت بسبب بحة النوم التي تركت أثرها على
حلقي؛ إال أنه كان كافًي ا ليثبت أنني لن أتردد في التلويح بالفأس نحو رأسه.
حدق نحوي بصمت ولم يتحرك لذلك أعدت بصوت أعلى "أخرج من غرفتي!" لم يتحرك… نظر لفأسه ثم لوجهي
الجامد وقال "هذا فأسي!" رفعت حاجًب ا نحوه وقلت "أعلم هذا ،ستستعيده حينما تخرج من هنا ،واآلن أخرج".
تحرك يوجين وتوقف بجواري وقال "كيف سيخرج بينما تقفين أمام الباب وتهددينه بفأس؟" عقدت حاجبي
والتفت خلفي بسرعة وحينها أدركت أن الباب خلفي بالفعل؛ لذلك ...كيف سيخرج حًق ا؟
نظفت حلقي ونظرت نحوه ألراه يرفع حاجبيه ويضع مالمح سخرية على وجهه ،تحركت خطوة بعد األخرى
بينما ما زلت أوجه الفأس نحوه وكان التحرك بثقله صعًب ا جًد ا.
استجاب هو لتحركي وأخذ خطواته بكل برود تجاه الباب ،عندما توقف أمام الباب وحرك يده نحو المقبض
تنهدت براحة لمرور األمر بسالم.
أو هذا ما ظننت ألنه توقف فجأة والتفت نحوي وهناك نظرة استمتاع على وجهه ،تًب ا لك ،كنت أعرف أنه لن
يخرج بتلك السهولة.
"إن كنِت تريدين مني الخروج؛ لَم أدخلتني غرفتك منذ البداية؟" اللعين حًق ا كان يستمتع باألمر ،ابتلعت ونظرت
نحوه بثبات دون إجابة ...أخذ خطوة نحوي لكني رفعت الفأس بتهديد وصحت "ال تقترب!" قهقهة خرجت منه
وكانت تلك المرة األولى التي أراه يضحك بها ،رغم أنها ضحكة ساخرة ولكنها أفضل بمائة مرة من تعابير 'أريد
قتلك'.
"أنِت ترفعين الفأس بشكل خاطئ و ...هل حًق ا ستقومين بإصابتي به؟ أنِت أجبن من ذلك ،لو أردِت أذيتي
لتركتني في األمس دون معالجة جرحي" .كان الكيل قد طفح بي لذلك قلت بغيظ "لقد كانت شفقة ،رؤيتك
ملقى على وجهك والدماء من حولك أثارت شفقتي ،كما أن شرفي كطبيبة لم يسمح لي برؤية شخص يموت
دون مساعدة مهما كان هذا الشخص حقيًر ا".
كان من الواضح أن تلك الـ 'حقير' موجهة له ،لكن يبدو أن الشفقة أغاظته أكثر من الشتيمة ألن فكه انقبض بقوة
وجمع ذراعيه في قبضة وأصبحت لغة جسده عدوانية فجأة.
الجسد! إنه يقرأ خوفي وترددي وكل ضعفي من خالل جسدي ،ولكن ما قلته قبل قليل كان حقيقة وهذا ما
أغاظه ،إن كان هناك من يتقن قراءة الناس من خالل أجسادهم فهي أنا .كتمت أنفاسي ووضعت كامل تركيزي
بالتحكم في جسدي منذ هذه اللحظة ،لن أسمح له برؤية لحظة تردد واحدة حتى وإن كان هذا ما أشعر به.
"عليِك حًق ا االنتباه للهراء الذي يخرج من فمك" نظرته الباردة أصابتني بالهلع لكني ذكرت نفسي مراًر ا أن أتحكم
بجسدي جيًد ا .كوني الطرف الذي يتحكم فيما يحدث اآلن؛ سيصبح هو الطرف الذي ينفذ ال تلقائًي ا.
ابتسمت بسخرية دون قول شيء ما لكنه قال "شرفك كطبيبة! وهل سيسمح شرفِك بقتلي اآلن؟"
"ذلك الشرف كان شيئا عابًر ا ليلة األمس ،ولكن اآلن كل ما يهمني هو أن تبقى بعيًد ا عني وال تهمني الطريقة التي
سأحقق بها هذا".
أردت إغضابه ...شيء ما في غضبه كان يشفي غليلي منه؛ لذلك وجدت نفسي دون إدراك أقول بكل سخرية
"ثم ماذا؟ هل تمقت الشفقة حًق ا؟ أعني أليس هذا ما يشعر به الجميع تجاه متعجرف قاتل مثلك! أال ترى األمر
في أعينهم طيلة الوقت؟".
لنكن صرحاء ...لم أَر أحًد ا يشعر بالشفقة تجاهه أبًد ا ،في الواقع كان الجميع يتجنبه قدر اإلمكان ،ما كنت أراه
في أعينهم هو الحذر فحسب ،لكني أردت إغضابه ،أردت رؤيته يصرخ من الغضب بسببي! بسبب البشرية التي
يظن أنها ضعيفة.
لنقل أن عقلي توهم رد فعل من صراخ علي وسب وربما تحطيم عدة أشياء في غرفتي ،لكن لماذا لم أتصور أنه
قد يتجه نحوي فجأة بخطوات سريعة وبإمكاني رؤية عرق ينبض في رقبته.
وعاد الهلع مجدًد ا ...إمساكي للفأس كان مجرد تهديد ،كيف لي أن أغرز فأسا في جسد شخص يتنفس؟
ال يمكنني تصور نفسي أفعلها وهذا ما كان هو متأكد منه لذلك كان يتقدم بكل ثقة ،لكنه ال يعلم أن اندفاع
األدرينالين داخل البشر يجعلهم يقدمون على الكثير من الحماقات التي تجعلهم يتساءلون الحًق ا…
وهذا ما حدث… وجدت نفسي أرفع الفأس بقوة ولوحت به تماًم ا نحو وجهه الذي كان قريًب ا والذي كانت إصابة
الفأس له شيء أكيد.
أو ربما شبه أكيد؛ ألنه خالل جزء من ثانية كان قد أمسك بالكرسي الخشبي بجوارة ورفعه مكان وجهه لينغرس
الفأس في الكرسي.
كنت شاكرة أن رد فعله كان سريًع ا ،نعم أكرهه ،لكن رؤية رأسه تتدحرج نحو قدمي شيء مختلف.
لولهة كنت نادمة ومتفاجئة مما فعلت لكن عندما لمحت تلك النظرة على وجهه ،نظرة التفاجؤ ،تلك النظرة التي
تعني أنني فعلت شئا لم يكن يتوقعه على اإلطالق ،دفعت شعور النصر داخلي.
تراجع خطوتين للخلف بينما ألقى الكرسي فوق األرضية ،ورغم دهشتي بالموقف إال أنني قررت استخدامه
لصالحي...
من المستحيل أن ألوح بالفأس مجدًد ا ،أعلم هذا جيًد ا لكنه ال يعلم هذا ،كل ما يعلمه أنني قد أصيبه المرة
القادمة.
حاولت سحب الفأس من قاعدة الكرسي لكنه كان عالًق ا! حاولت شدُه بقوة لكنه لم يخرج ،فعلت األمر بيدي
االثنتين ووضعت قدمي اليمنى فوق الكرسي أدفعه للجهة المعاكسة التي أسحب الفأس اتجاهها لكنه لم
يتزحزح ،كيف يمكنه بحق اهلل حمل هذا الفأس وكأنه يحمل لعبة؟
انشغالي عن أمر أتريوس الذي يراقبني كان غلطة ألنني تحولت لطفلة تسب وتشتم الفأس ألنه ال يطيع ما تريد
وأصبح عدوي هو الفأس اآلن ،فقد كان عنيًد ا جًد ا ليخرج تماًم ا كصاحبه.
"جلنار" تجاهلت يوجين وانحنيت أسحب الفأس بقوة "جلنار ،أظن أنـ…" زفرت وصحت به "ليس اآلن" .لكنه
أكمل على كل حال "أظن أن عليِك االلتفات قلياًل " .عقدت حاجبي وتوقفت عن محاولة سحب الفأس وكدت
التفت لكن الشعور بجسده خلفي تماًم ا أصابني بالشلل.
نعم ،تفوز حماقتي مجدًد ا وتناصر أتريوس ،كان خلفي مباشرة لدرجة أنه كان بإمكاني الشعور بأنفاسه تضرب
رقبتي .تيقنت أنني أمام أمرين :إما أن يقتلني بكسر رقبتي خالل ثانية ،أو أن أضربه بمرفقي بقوة تجاه الجرح
وأبتعد بسرعة.
وهذا ما كدت أفعله ،لكنه سبقني هذه المرة وأمسكت يده اليسرى ذراعي وأصبح الركض مستحياًل اآلن ،يدي
اليمنى التي كانت فوق مقبض الفأس حاولت للمرة األخيرة سحبه بيأس لكن ال فائدة.
وعندما ظننت أنه سيقتلني ألنني تجرأت وكدت أقتله ،امتدت يده اليمنى ووضعها فوق يدي الملتفة حول
مقبض الفأس وبكل سهولة رفعه وكأنه يحمل قلًم ا ما.
لم أشعر بثقل الفأس هذه المرة ألنه كان يحمله ،قبضتي فقط محبوسة تحت قبضته .اآلن هو يملك الفأس
ومرفقي في ذات الوقت ،أي حركة مني قد تقتلني.
لم أتوقع أبًد ا اقترابه مني لهذه الدرجة وعندما أقول لهذه الدرجة أعني رأسه الذي تحرك ليسند ذقنه فوق كتفي
و خصالت شعره التي بإمكاني الشعور بها تالمس وجنتي "أنِت تسحبينه بالطريقة الخاطئة ،تضعين الكثيرة من
القوة في كف يدك وتنسين كيف توزعينها على ذراعك بالكامل كما أن"...
سكت قلياًل ليأخذ نفًس ا ويزفره ثم أردف "إن أردِت قتلي المرة القادمة عليِك اختيار جهة للتلويح ،أن تلوحي به
بشكل عشوائي قد يصيبني لكنه لن يقتلني ولكن إن حركِت يدك من الخلف وبشكل سريع نحو األمام حيث
صدري؛ حينها ما كنت ألصد ضربتِك ".
هل يخبرني اآلن كيف بإمكاني قتله؟ ما خطبه؟ ما ...ما الذي يدور حًق ا في عقل هذا الرجل؟
"وشيء أخير ،طالما العدو على مقربة منِك ال تدعي انتباهِك يتشتت عنه للحظة ،حاولي تشتيت انتباهه حتى
تستعيدي سالحك" .لم أتمالك نفسي هذه المرة والتفت أنظر نحوه "ما خطبك بحق اهلل؟ ما مشكلتك معي
بالضبط؟ منذ ظهوري بينكم وأنت تكرهني بشكل خاص ،لَم ال تتجاهلني فقط كما تتجاهل الجميع؟ لماذا أنا؟".
ال أعلم من أين لي بتلك القوة لقول كل هذا بينما وجهه قريًب ا لهذا الحد ،ربما ألنه بشكل مفاجئ بدا أكثر هدوء
ومسالما بشكل غريب.
كان من الصعب التركيز بين ما أقول وعينيه التي تحدق بي ،تلك العين الزجاجية التي تبدو مألوفة جًد ا ،وبين
خصالته التي وقعت على جانب وجهه التي ذكرني لونها اآلن بذلك الفتى الصغير من ذلك الحلم المزعج.
"ال تجعلي نفسك تشعر بأنها شيء خاص ،أنِت فقط جبانة ،فاشلة ،تشبهين الفأر الموجود كغداء للثعبان ،الذي
يحاول بشتى الطرق الخروج من العلبة وقد نسى أنه مجرد وجبة .لعبة التحمل والبقاء السخيفة التي تلعبينها
مع نفسك يومًي ا حتى ال ينهار عقلك؛ إنها تغيظني ...بشكل ما ال يحق لِك أن تكوني واحدة منا حتى".
عضضت على وجنتي بقوة حتى أنني أشك بكوني قد جرحتها ،سحبت يدي اليمنى من بين يديه وأبعدت نفسي
عنه أللتفت أواجهه وجًه ا لوجه قبل أن أدفع بمرفقي بعيًد ا عن قبضته اليسرى.
"اسمع يا هذا ،ال يهمني ما تظن عني وما يغيظك وما ال يفعل ،لكني اكتفيت حًق ا .نعم ،أنت ترعبني وهذا طبيعي
ألنك كدت تقتلني .أنا ضعيفة ولن أنكر هذا ألنه طبيعي ،إنه جزء مني ،جزء يجعلني بشرية ،جزء ال يجعلني
كشخص مثلك وأنا فخورة بهذا الضعف .خائفة مما يحدث ،خائفة من كل هذا وبالكاد أتماسك ،أنت محق تماًم ا،
لكنني لست وجبة أحد وال غداء أحد ،أتفهم؟ ال يحق لك الحكم على كل من تريد كما تريد ألنك لست بإله ،مهما
كنت فأنت تتألم وتصاب وتفشل وتنجح ،تخون وتتم خيانتك ،تنتصر وتخسر وربما تبكي وتضحك ،وتحزن
وتفرح ،وهذا يجعلك مثلي تماًم ا أتريوس ،ال أفضل وال أقل ...مثلي تماًم ا ،تمتلك قوة أفضل مني وبنية جسدية
مختلفة عني ،لكن هنا تماًم ا."...
توقفت ونكزت بقوة صدره األيسر بإصبعي حيث قلبه وأكملت "هنا تماًم ا أنت مثلي ،ألنه ينبض ويتألم كما أفعل،
سواء تقبلت هذه الحقيقة أم لم تفعل فهي تظل حقيقة ال مفر منها ،أتريوس".
وهذه كانت إحدى تلك االنفجارات التي لن أندم عليها أبًد ا ،كل كلمة خرجت كنت واثقة منها تماًم ا وكنت واثقة
من وقعها على أذنه ومن تأثيرها عليه ،حتى لو أخفى ذلك بكل قوة يملكها ،إنه ال يختلف عني أبًد ا.
"اثبتي ذلك" عقدت حاجبي بتعجب لكنه أخذ خطوة وأصبح ما يفصل بيننا إنشات قليلة ،وكرر "اثبتي أنني
مثلك".
نظرته لم تكن تحمل تحدي ،بدت لي وكأنه يريد هذا! بل يتوسل إلثبات وكان هذا غريًب ا جًد ا ،لكني قلت بال تردد
"أنت تكرهني ...قلبك يفعل ،حسًنا ،إًذ ا كذلك أنا ...أكرهك ،قلبي يكرهك ،هذا الكره يثبت تماًم ا أنك شخص ال
وحش ،الوحوش ال تكره ،في الواقع الوحوش ال تشعر".
الشيء الوحيد الذي أفهمه تماًم ا أنه مقتنع أنه وحش ما "مجدًد ا تحركين فمِك بهراء ال تقصدينه ،كاذبة وجبانة،
أنِت ال تستحقين عالمتِك هذه".
رفع يده ليلمس إبهامه العالمة على جانب عنقي لكني أمسكت بكف يده بقوة وأبعدتها "ليس أنت من يحدد هذا،
لست من يحدد إن كنت فارسة أم ال ،لست من يحدد إن كنت قوية أم ال وإن كنت كاذبة أم ال ،ليس أنت من
يحدد إن كنت أستحق هذه العالمة ،أنا من يحدد كل هذا؛ أعجبك ذلك أم لم يعجبك".
صمُت لثانية حدق خاللها كل منا باآلخر ثم قلت "يوجين كان محقا ،كان علي تركك ملقى فوق السلم لكني فقط
فتاة ال تستمع".
دون النظر نحو يوجين استطعت سماع صرخة انتصاره ،وهذا نبهني أنه كان يشاهد ما يحدث بصمت منذ
البداية.
ظهر التشوش عليه لوهلة وانعقد حاجباه وأكاد أجزم أنه يقاوم حتى ال يفتح فمه ويسأل 'من يوجين بحق
اإلله؟' لكنه تراجع وتجاهل األمر… ربما!
"واآلن اخرج من غرفتي ،وأرجوك تجاهلني منذ اليوم" .ظل صامًت ا لثواٍن وهو ينقل عينيه فوق وجهي "إن
وجدتني أموت المرة القادمة ال تتدخلي" .رفعت حاجبي وقاومت سب يوجين الذي كان يغني بأن ما قاله تحقق
بالفعل وقلت "من دواع سروري ،واآلن اخرج".
رفع حاجًب ا نحوي وظل صامًت ا ألكرر كلمة اخرج مجدًد ا لكنه دحرج عينيه ورفع يده وقال "سأخرج ما إن تقرري
ترك يدي" .لم أفهم ما يقصد تماًم ا ،اتسعت عيناي عندما نظرت ليده التي أبعدتها عن عنقي ،لقد ظللت ممسكة
بها ...حسًنا ،ال يعتبر إمساًكا ألن أظافري قد تركت أثًر ا يبدو مؤلًم ا في راحة يده ،حتى أنني قد خدشته بقوة
ولكنه لم يتذمر.
عندما أبعدت يدي بسرعة نظرت بعيًد ا… األمر محرج ،أتظاهر بكل تلك القوة وفي النهاية أمسك يده كالغبية ،لقد
كنت مغتاظة فحسب ،لماذا جميع المواقف الغريبة تحدث معه؟
عندما نظرت نحوه كانت نظرة غريبة في عينيه وهناك ابتسامة صغيرة على شفتيه ،لم تكن ساخرة أو باردة،
كانت حًق ا ابتسامة عادية طبيعية لشخص طبيعي.
منعت نفسي من التحديق بصدمة كالحمقاء ألن هذا سيبدو غبًي ا ،طلب الخروج ثم التحديق به.
التفت وتحرك نحو الباب وعندما ظننته سيلتفت مجدًد ا ويرمي إحدى إهانته خاب ظني ألنه خرج بال كلمة.
ظللت واقفة في مكاني أحاول استيعاب كل ما حدث قبل قليل! هل حًق ا حدث ما حدث أم أنه حلم سخيف؟
أعني أنا! أنا جلنار روسيل وقفت في وجه أتريوس وجًه ا لوجه… أمام من كاد يقتلني؟ فليخبرني أحدكم أين
ذهبت جلنار القديمة ألنني أفتقد عدم الوقوع في مشاكل.
نظرت للفوضى من حولي بصمت ،الكرسي الخشبي الشبه مكسور وقميصه الملوث بالدماء الملقى في إحدى
الزوايا ،سريري الملوث أيًض ا بدمائه ،الضمادات والكمادات ،وجدت نفسي أتنهد براحة وكأن أحد األحداث الكبيرة
قد انتهى.
نظرت ليوجين الذي كان فقط ينظر نحوي "ماذا؟" رفع كتفيه وقال "ال أعلم ،ربما خالل خمس دقائق في بداية
اليوم كدِت تقطعين رقبة أحدهم ثم تبادلِت معه أقوى حديث صريح ما كنِت لتتبادليه مع نفسك و ...هل كان
ذلك الرجل يقترب منِك بشكل مبالغ فيه أم أنه عقلي؟".
دحرجت عيني بسخرية وقلت "نعم ،لقد كان يحاول أن يفقدني عقلي ،إنه يقرأ ذعري كلما اقترب مني واألمر
يشعره بالمتعة لذلك انسحب عندما رأى أنني كسرت حالة الذعر تلك هذه المرة".
عقد حاجبيه لوهلة وكأنه أدرك شيئا ما قبل أن يصرخ قائاًل "هل حًق ا قلِت له أن يوجين محق!؟ لقد ذكرِت اسمي
أمامه يا فتاة ،وقلِت أنِك تكرهينه! و ثم وكزِت صدره و "...صحت في وجهه إليقافه "اهدأ قلياًل ! ما رد الفعل
المتأخر هذا؟".
ابتلع حديثه وحدق نحوي ثم قال "من الصعب إعطاء رد فعل فوري لما يحدث ،أال تظنين أنه كثير على شبح
الستيعابه؟" كدت أرد لكن الطرق على الباب قبل أن يفتح بقوة منعني.
ذو القامة الصغيرة التي دخل برأسه األزرق وعينيه الصفراويتين أجبرني على االبتسام رغم كل ما حدث "صباح
الخير ،أختي جلنار ،لقد اشتقت لِك .أخبرتني واندر أن أوقظك وأن أستأذن وأدخل عندما تأذني لي ...لم تأذني
لي! تبا ،هل علي الخروج والطرق مجدًد ا أم ...اللعنة" .صمت عندما انتبه لحالة الغرفة "أهاًل باإلذاعة الصباحية".
سخر يوجين ولكني حًق ا بدأت أحب هذا الفتى.
"وانــــدر! هنــاك رابلونين قــد زار جلنار" .صرخ بقوة فجأة مما أفزعني ،بدا خائف في الواقع وقال بسرعة "هل
أنِت بخير؟ هناك دماء ،الكثير منها ،هل أصبِت هـ…" لكني أمسكت بكتفه وقلت "اهدأ ،أنا بخير ،هارليك .هذه
ليست دمائي".
عقد حاجبيه وقال "أهذه دماء الرابلونين؟ هل حًق ا قاتلِت واحًد ا؟".
"رابلونين؟" كررت بتساؤل وفتح فمه ليجيب لكن واندر التي دلفت للغرفة منعته قائلة "كم مرة علي القول أن
الرابلونين خرافة ،هارليك ،ال يوجد رابلونين هنا ولـ "...توقفت عندما وقعت عيناها على الغرفة قبل أن تضع
يدها على صدرها بصدمة وتقول "إلهي ،هل مر رابلونين من هنا؟".
دحرجت عيَني وصحت "واندر! ما هو الرابلونين بحق اهلل؟" أفاقها صياحي من التحديق داخل غرفتي وقالت
"ذلك ...مجرد خرافة يتناقلها األطفال عن مخلوق قادم من الجحيم ،شيء مع أنياب ضخمة وأظافر كبيرة
وأعين بارزة ،إنه مخلوق فوضوي ،عندما يحدث ضرر في مكان ما كنا نقول 'هل مر رابلونين من هنا؟' كتشبه
لكن ال وجود له".
كتف هارليك ذراعيه بغيظ وقال "إنه موجود ،كل شيء موجود ،أنا متأكد".
لم يبُد عليه االقتناع بما قالته واندر لكنه خرج بصمت وأغلق الباب ،تنهدت واندر بيأس ثم نظرت نحوي بقلق
وقالت "ماذا حدث هنا جلنار؟ ما هذه الدماء؟ ولَم المكان مبعثر؟ هل أصبِت باألمس؟" حركت رأسي بال لتعقد
حاجبيها وتتفحصني بعينها باهتمام مبالغ فيه.
طمأنتها قائلة "لم تكن أنا واندر ،أقسم أنني بخير ،عليك االطمئنان على شخص آخر" .ارتفع حاجبيها وقالت
"أتريوس" لم أقاوم رمقها بنظرات واضح عليها االستغراب وقلت "كيف؟ أعني أن هناك الكثير غيره؛ بإمكانهم أن
يكونوا مصابين".
ابتسمت وحركت رأسها وقالت "أعرف هذا الفتى جيًد ا جلنار ،ال أحد سيخفي أنه مصاب سواه ،كما… ال أحد
سيشكرك على االعتناء به بإثارة الفوضى بغرفتِك صباًح ا غيره".
أصابت في تحليلها تماًم ا ،إنها تعرفه جيًد ا "هل حًق ا اعتنيِت به؟" لمسة الشك في صوتها كانت تحاول إخفائها
حتى ال تؤذي مشاعري لكني عذرتها ،أن تظن أن هناك شخًص ا اعتني بشخص كاد يقتله لهو نوًع ا ما… ضرٌب من
الجنون.
أومأت برأسي وقلت "صدقيني ،لم أترك مشاعري الشخصية تؤثر على مهنتي ،كما اعتنيت بأغدراسيل اعتنيت
بأتريوس ،ومهما كان بغيًض ا معي يظل من الصعب رؤية أحدهم يموت دون تدخل".
اتسعت ابتسامتها واحتضنت جسدي فجأة وتمتمت "أنِت حًق ا شيًئ ا آخر" .ابتعدت وأمسكت كتفي وقالت "في
كل صباح تثبتين لي أن هذا الفريق حًق ا في حاجة لك" .نعم ،رفع اآلمال مجدًد ا ،منعت نفسي من التذمر حتى ال
أعكر صفو مزاجها ولكني قلت "ال تسعدي بي كثيًر ا ،عالجته لياًل وحاولت قطع رأسه صباًح ا".
اتسعت عيناها ألفسر "تعلمين ،ليس من السهل المبيت في ذات الغرفة مع شخص يخبرك في كل دقيقة يراِك
فيها أنه يريد قتلك لذلك ...أخذت فأسه ألدافع عن نفسي و ...تحمست قلياًل ولوحت به بطريقة متهورة وكاد
يصيبه لوال أنه يملك رد فعل سريع".
نظرت نحو الكرسي في نهاية حديثي لتنظر هي أيًض ا نحوه بدهشة قبل أن تنفجر ضحًكا "إلهي ،حاولِت ضربه
بفأسه؟" أومأت برأسي لتحاول تنظيم أنفاسها "دعيني أحزر ،بما أنه استخدم شيئا للدفاع عن نفسه هذا يعني
أنه كان يظن أنِك لن تتمكني من ضربه" .وجدت نفسي ابتسم وقلت "لم يكن يظن أنني قد ألوح به حتى".
اضطرت واندر في النهاية أن تتجه لغرفة أتريوس لالطمئنان عليه وهي تتمتم بأنها تعتني بطفل ما ،حاولت
ترتيب تلك الفوضى رغم أن واندر أخبرتني أن ال أقلق فهي ستهتم بالتنظيف ،أخذت قميصه مع المالءة
ووضعت كليهما في سلة الغسيل ثم أمضيت صباحي كالمعتاد.
قابلت هارليك أثناء اتجاهي للمطبخ والذي أصر أن هناك رابلونين قد أحدث تلك الفوضى وبصعوبة قمت بتغيير
موضوع غرفتي.
كان من الظريف قضاء الوقت مع ثرثرة هارليك التي ال تنتهي ،حضرت البان كيك مجدًد ا وجاءت واندر لتضيف
بعض األطباق الجانبية ،انضم جوزفين لنا وأصبح المكان مزدحًم ا فجأة عندما جاء رومياس وظل جالًس ا أمام
باب المطبخ يستمع لما نقول.
"في األمس قابلنا رجل غريب ،تعاملت جلنار معه وقال شيء غريب" .نظرت لهارليك بطرف عيني بحدة ليصمت
لكن قرص جوزفين ذراعي وقال "ال تنظري له بتلك الطريقة ،دعيه يقول ما يريد" .رفعت حاجًب ا وقلت "ظننتك
ال تشعر بالفضول لما يحدث معي!" نظف حلقه وصمت وبإمكاني رؤية احمرار طفيف على وجهه ألكتم ضحكي
بصعوبة.
"أنا أشعر بالفضول" التفت بصدمة نحو رومياس الذي تمتم بجملته بسرعة وكأنه ال يريد منا سماعها ليحرك
جوزفين شفته بـ شكًر ا لك نحو رومياس.
"حسًنا ،ما حدث كان كالتالي عندما اتبعنا تلك الكرة نحو المكان الفارغ كانت هناك صخرة كبيرة وجاء ذلك
الشيخ من الال مكان وعرض الكثير مقابل تلك الكرة ،المال والقوة وقال أنه يرى الرغبات لكنه لم يَر خاصة جلنار،
ثم نزلنا إلى أسفل األرض ألنه كان امتحان واجتازته جلنار وأصبحنا نرى النجوم من أسفل األرض ،ثم ظهر على
الحائط شيء ما وقال الرجل أن هناك من سبق جلنار إلى هنا وأنها تشبه شخصا يعرفه ثم قال جولديان،
وترجيته ليقول ما يعرفه لكنه طردنا".
صمت جال المكان بعد حديث هارليك السريع وغير المرتب ،تنهد جوزفين وقال "أخبرني بأكثر شيء مثير
لالهتمام فيما حدث باألمس في جملة مكونة من سبع كلمات" .عقد هارليك حاجبيه وقال "الشيخ قال جلنار
تشبه رجل يدعى جولديان".
التفت الجميع نحوي في الوقت ذاته بطريقة مثيرة للريبة فقلت "إنه شخص وحيد وخرف ،اتفقنا!؟ لم يكن
يعني ما قاله" هز هارليك رأسه بقوة وقال "أنا متأكد أنه ظل ينظر لجلنار بطريقة غريبة ثم قال ذلك ،حتى أنني
قلت له جولديان؟ الملك جولديان؟ ولم ينِف ذلك" .دحرجت عيني وقلت "ولم يؤكد ذلك أيًض ا هارليك ،هناك
مئات الرجال الذين يدعون جولديان ،ال معنى لما قال".
عقد ذراعيه فوق صدره وقال "أنا متأكد أنه كان يقصد الملك… ال ،بل أنا متأكد أن هذا الرجل كان يعرف الملك
جولديان" كانت أنظار من معنا تنتقل من علي إلى هارليك ثم تعود نحوي وكأنهم يحاولون معرفة من الصادق.
"كيف لرجل أن يعرف شخص مات منذ مئات السنين؟" قلت باستنكار ولكن لم يبُد أنهم يتفقون معي لذلك
تنهدت وقد اكتفيت من هذه التفاهة ،لذلك تركتهم وخرجت من المطبخ ،فال فائدة من العناد مع طفل.
خرجت لخارج المنزل ألخذ بعض الهواء فقد شعرت باالختناق بالداخل ،بالتفكير باألمر هذه المرة الثانية التي
أخرج فيها من الباب الرئيسي منذ مجيئي إلى هنا ،دائًم ا ما آخذ الطرق أسفل األرض مع أحدهم.
"هل أنِت بخير؟" التفت نحو أغداراسيل الذي ظهر فجأة من الال مكان "أظن أني من علي سؤالك هذا السؤال".
مازحت ليقهقه ويحرك كتفه بخفه ويقول "لقد كان عماًل جيًد ا ما فعلته األمس ،أعني… شكًر ا ،أنقذِت حياتي،
أنا ...ال أعرف ،أبدو تافًه ا اآلن" ضحك كالنا بال سبب "لم أنقذ حياتك ،ذلك لم يكن بالشيء الكبير" رفعت كتفي
في النهاية وضحكت بشكل متوتر.
"مرت الطـ"...
"تبـ"...
توقف كالنا عندما تحدثنا في اللحظة ذاتها "ابدئي أنِت أواًل " رفع شعره للخلف بحركة سريعة وأومأ نحوي.
"الطبيبة الملكية جاءت باألمس ،البد أنها اعتنت بك ،هل ستصبح ذراعك بخير؟" ابتسم وحك ذقنه ثم قال
"نعم ،في الواقع أصبحت بخير" أزاح قميصه عن كتفه ليظهر ضمادا الصقا فوق جرحه وقال "الطبيبة الملكية
تمتلك موهبة في الشفاء؛ لذلك قد أغلقت الجرح وقالت أنه ال يجب تحريكه كثيًر ا؛ فالجلد لين وقد يتمزق في
هذه الفترة".
أومأت براحة وقبل أن أتحدث أضاف "لقد مدحت ما قمِت به ،قالت أنها لم تَر أحًد ا يعالج الجرح من قبل
بخياطته ،فزعت في البداية لكن عندما تفقدت األمر قالت أنها مبهورة بكيف يمكن إغالق جرح دون استخدام
السحر ،وأن من قام بهذا لهو شخص رائع" لم أقاوم االبتسامة باتساع وقلت "أصدقني القول! هل قالت ذلك
حًق ا؟".
"حسًنا ،اختلقت جزئية الشخص الرائع لكن الباقي كان حقيقيا" .أومأت برأسي باقتناع اآلن ليضحك في المقابل.
"واآلن دورك" قلت ليتحدث "كنت فقط أظن أنِك تبدين متضايقة ،هل أزعجِك أحدهم؟" نظر بجدية نحوي وأنا
حًق ا لم أرد التحدث حيال أي مما يضايقني.
عندما ضربت أشعة الشمس وجهه كانت عيناه أكثر لمعاًن ا؛ لذلك وجدت نفسي أقول لتغيير الموضوع "تبدو
عيناك كلون الذهب في ضوء الشمس".
كان شيء غبًي ا لقوله ،أعني أنا ال أحظى بمحادثة مع رجل على شكل انفرادي وال أعلم كيف أتملص من األسئلة
وقول أول ما جاء بعقلي كان خطأ غبي.
صمت هو لثانية ،كان يفتح فمه ويغلقه مجدًد ا "هل ضايقِك أتريوس؟" تًب ا ،لماذا ال ينسى األمر؟ عندما طال
صمتي تنهد بقوة وركل حجارة صغير كانت على االرض بقدمه "هل يجدر بي قتل هذا الرجل؟" كان يتمتم بها
لنفسه أكثر من كونها موجهة لي .تذكرت ما قاله هارليك عن شجارهما ،يبدو أن كليهما ال يطيق اآلخر من بعدها
أو ربما منذ البداية ،البداية التي ال أعرف عنها شيء.
"لقد حاولت قتل أتريوس صباًح ا" .التفت نحوي بسرعة وكأنه لم يَر هذا قادم "ال تنظر نحوي بتلك الطريقة ،لم
أملك نية ولم أخطط لألمر إن كان هذا ما تظنه" أطلق ضحكة وبدا يهز رأسه بعدم تصديق.
"عليك تناول الفطور ،تعلم ،حتى ال يسوء جرحك" .ابتسم واقترب مني ليربت على رأسي ويتمتم "أنِت امرأة
يصعب فهمها" .ثم وكعادة أغدراسيل أنهى جملته واتجه للداخل وقد تركني مع مئات األفكار المشوشة.
اجتمع الجميع للفطور كالعادة وكان يوًم ا عادًي ا ،ال يبدو كيوم تال هجوًم ا على مكان ما .عندما انضم لنا أتريوس
تحت ضغط واندر صمت الجميع عن الحديث ،وكأن وجوده يجبر الجميع على الصمت أو ربما يضغط عليهم،
كان الهواء يبدو ثقياًل على الجميع ،وخصوًص ا أغدراسيل الذي لم يتفانى في إظهار كم هو منزعج بوضع األشياء
بقوة وإصدار أصوات مزعجة.
بدا أتريوس غير مهتم بالمرة لما يحدث من حوله فقط يتناول طعامه بصمت ،وأنا… أصبح لدي هواية جديدة
بمراقبة أوجه الجميع.
"ماذا ستفعلون اليوم؟" قطع هارليك الصمت المحيط بنا وتنهدت شاكرة لذلك ،بدا وكأن جوزفين كان ينتظر من
أحدهم التحدث ألنه رد بحماس "علينا الذهاب للقصر الملكي ،فقد طلبت األميرة رؤيتنا" .نهض هارليك من
مكانه صائًح ا بحماس "حًق ا! هل سنرى القصر العظيم؟" رمقته واندر بطرف عينيها لكنه بدا غير مهتم بأي شيء
في هذه اللحظة.
"سنذهب نحن وأنت ستبقى مع جلنار وواندر" .بدت جملة أوكتيفيان بمثابة الصفعة لهارليك الذي صمت بال رد
حتى ظننت أنه يحاول أال يبكي لكنه فاجأني عندما ضرب الطاولة بقبضته بقوة وصاح "أنا فارس ،ال يمكنكم
استثنائي فقط لعمري!".
التنهيدات التي سمعتها ونظرات الجميع المتململة أعلمتني أن هذا الحوار ال يدور للمرة األولى "األمر ال عالقة له
بعمرك ،فجلنار ستبقى أيًض ا" .حافظ أوكتيفيان على هدوءه وأكمل فطوره بطبيعية "هذا غير عادل ،أنتم
تستثنوننها أيًض ا ألنها بشرية ،ال حق لكم في هذا".
"نحن ال نستثني أحدا ،ما سنتحدث عنه هو أمور خاصة بيوم األمس وأشياء ستجدها مملة".
"ال أجد شئون البالد مملة ،ليس ألني أصغر منك عمًر ا يعني أنني أهتم فقط بألعاب الصبية ،تم اختياري كفارس
لسبب ،وتم اختيار جلنار لسبب أيًض ا ،هل علمتموها كيف تقاتل حتى؟ هل حاول أحدكم إخبارها بالوضع الذي
نمر به؟ هل فكر أحدكم بها كمقاتلة ال كشخص ضعيف يوًم ا ،ماذا إن كـ."...
"هارليك ،توقف!" حاولت بشدة تهدئة نفسي ،ما كان علي الصياح بهذه الطريقة .قضمت شفتي بقوة حتى ال
أصرخ عليه مجدًد ا وأخذت نفًس ا عميًق ا "اهدأ ،اتفقنا!؟ ال تأخذ األمر على محمل شخصي ،لكن إن كنت تريد منهم
أال يعاملوك كصبي فتوقف عن التصرف كواحد".
تجاهلت بشدة نظرات الجميع نحوي وركزت على هارليك الذي بدا متفاجًئ ا " أعلم أنك متحمس ومندفع حيال
الدفاع عن اآلخرين ،لكن إن وجهت هذا االندفاع بطريقة خاطئة فكل ما ستفعله هو اإلتيان بالمزيد من الخسائر،
ال أعرف الكثير عن أموركم وال عن آلية اختيار الفرسان لكني أعلم أن مجرد عالمة على جسدك ال تجعلك
مستحًق ا للقتال دفاًع ا عن اآلخرين ،ألنك إن لم تكن جاهًز ا بحق فحينها ستكون حتى عاجًز ا عن المحاربة دفاًع ا
عن نفسك".
ال أعلم إن كان ما قلت قد أحبطه أم أثر به أو حتى دفعه للتفكير بجدية ،لكنه صمت وجلس على غير عادته
العنادية التي الحظتها منذ األمس.
رفعت رأسي بعيًد ا عنه وانكتمت أنفاسي لنظرات الجميع الموجهة نحوي و ...نعم ،حتى أتريوس كان ينظر
بحاجب مرفوع.
عندما الحظوا ارتباكي حاول الجميع أن يبدو طبيعًي ا ويأكل طعامه كأن شيئا لم يكن ،لكن هل على كل شيء أن
يكون كأنه لم يكن؟ بالطبع ال ،ألن أتريوس قال فجأة "ال تنزعج كثيًر ا؛ فأنا أيًض ا سأبقى".
أدركت غضب الجميع فجأة ،خصوًص ا أغدراسيل وأوكتيفيان ،لكن كان هناك شيئا آخر علي إدراكه ،وهو كيفية
التنفس ،خصوًص ا مع العصير الذي توقف في منتصف حلقي ألبدأ في السعال بقوة.
عندما انتهت نوبة السعال بدأت أرى أنني قاطعت نوبة غضبهم ،وبدا وجه الجميع مكفهرا ولكنهم متماسكين
حتى ال تموت المسكينة التي معهم اختنًق ا.
"ماذا تعني بأنك لن تأتي؟ إنه أمر ملكي من األميرة ،ال يمكنك الرفض" .تحدث أوكتيفيان بصرامة ووجدت
نفسي أوجه نظري ألرى رد فعل أتريوس لكن تحديقه المستمتع نحوي جعلني أراجع إن كان ما حدث صباًح ا
سيمر بسالم حًق ا.
"أنا لن أرفض ،أنا فقط لن أذهب" .قال ببرود ليضع أغدراسيل كأسه بقوة ويقول "هذا يسمى تجاهل ،يبدو الئًق ا
جًد ا باألشخاص أمثالك ،أتعلم أنا أتفق معك ،ال تذهب ،وفرت الكثير من الصداع علينا" ابتسم أتريوس براحة
وقال ساخًر ا "شكًر ا لتفهمِك ،آنسة أغدراسيل".
جفل جسدي بفزع عندما تحطمت الكأس الزجاجية بين يدي أغدراسيل ونهض واقًف ا بانفعال وعندما نظرت
لوجه أتريوس أدركت ما يحاول فعله ،أغدراسيل يعطيه تماًم ا ما يريد ...إنه يستمتع بإغضاب الجميع ودفعهم
لبدء قتال بعدها لذلك وجدت نفسي أستمتع بإفساد متعته.
نهضت من مكاني عندما رأيت أغدراسيل يتجه نحوه وأمسكت ذراعه وسحبته ،نظر نحوي بغضب ،لكني قلت
"اتبعني دون أن تسأل" .في الواقع بدا الجميع متفاجئا لتدخلي غير المتوقع البتة ،وهو بالذات! بدا منزعًج ا أو
يحاول إخفاء انزعاجه ،لن أعطيه الشجار الذي يريد.
خرجت من المنزل وما زلت أجر أغدراسيل خلفي وهو يتبعني بال تساؤل ،بدأنا المشي داخل األشجار المتشابكة
لمدة وعندما طال مشينا قرر أخيًر ا السؤال "أين نذهب؟" ما زال غاضًب ا لكنه يتمالك نفسه اآلن.
لم أجبه وواصلت المشي حتى وصلت للمكان الذي أريد ،بدا مستغرًبا لما يحدث وسأل "لَم نحن هنا؟" بالطبع من
الغريب جلبه للمكان الذي كدت أقتل فيه.
"أخرجه هنا" عقد حاجبيه بال فهم ألفسر قائلة "أخرج غضبك هنا .ال أعرف ،اصرخ ،الكم ،أو اركل ،افعل ما تراه
مناسًب ا".
تردد في البداية لكن انتهى به األمر وهو يصرخ بقوة ثم أخذ يلكم بعض األشجار ويصرخ مجدًد ا حتى هدأ
وجلس على األرض.
"أفضل؟" قهقه وهو يتنفس بقوة "أفضل" .جلست بجواره وألقيت نظرة سريعة على مفاصله المحمرة بالكامل
"هل تؤلم؟" هز رأسه للجانبين بصمت.
مر وقت بال حديث بين كلينا قبل أن يقول "هل تفعلين هذا عادًة عندما تغضبين؟".
"ال ،لم أكن أغضب من قبل ،كنت جيدة في التجاهل ،لكني قرأت في كتاب أنها طريقة جيدة وتساعد في تجنب
العنف".
لم يقاوم الضحك هذه المرة رغم أنني ظننته قد يغضب عند ذكر اسمه مجدًد ا "أنِت حًق ا فتاة جيدة ،ما كان
عليِك الخوض في أمر كهذا" رفعت كتفي ونهضت من مكاني وقلت "أخبر التوبازيوس بهذا".
لم أكن ألظن أنني قد أسحب أحدهم بهذه الطريقة يوًم ا أو أتحدث بهذا الشكل مع شخص يوًم ا ما ،لكن يبدو أن
القدر حًق ا يضع في طريقنا الكثير مما ال نتوقعه ...في الواقع القدر يضع طرق غير الطرق التي نظن أننا
سنسلكها ويجبرك على تغيير الخطة بالكامل.
عندما عدت مع أغدراسيل لم أجد الجميع موجود ،فقط واندر وهارليك الذي الزم غرفته ،تركني أغدراسيل
ليتجه للقصر الملكي حيث الجميع ،وأنا أخذتني واندر في تحقيق شامل كان يشارك يوجين ببعض األسئلة فيه.
عندما غربت الشمس حدث ما حدث ليلة األمس ،حيث بدأت الكرة تهتز مجدًد ا ثم أصدرت الضوء ذاته ،كدت
أخرج ألتبعها لكني قابلت هارليك في طريقي ،بدا هادئا ونوًع ا ما حزين؛ مما أثار انزعاجي.
كان من الصعب تركه هكذا لذلك عرضت عليه المجيء معي مؤكدة أن مغامرتنا ستكون أكثر متعة من الذهاب
لقصر ملكي ،ولم يستغرق إقناعه دقائق ألن حماسه قد عاد بقوة.
هذه المرة كانت الكرة تشير نحو الباب الرئيسي للمنزل لذلك سلكنا طريقنا للخارج عبره" .إلى أين قد ترشدنا في
هذه المنطقة؟" تعجب هارليك بينما ما نزال نسير بال وجهة واضحة ،بدأ طريقنا يمتلئ باألشجار وبدأت أقلق إن
كان طريق العودة سيبقى واضًح ا لنا.
أصبح الطريق أكثر انحداًر ا وكان علينا الحذر أين نضع أقدامنا بالضبط" .ال منازل وال أشخاص هنا ،فمنزلنا تم
أخذه في مكان بعيد عن السكان حتى نتدرب كما نريد" وضح هارليك بينما نسير وهذا يفسر لما جئت إلى هنا
عبر مركبة طائرة في المرة األولى.
بعد عشر دقائق من االصطدام باألغصان والتعرقل بالحفر والصخور توقفنا فجأة عندما سمعنا صوت أحدهم،
نظرت لهارليك وخبأت ضوء الكرة بيدي ،ألم يقل أن ال أشخاص هنا؟
اقتربنا قلياًل وقد انحنينا وبدا يوجين حذًر ا لدرجة أنه قد نسى أنه شبح ال يمكن رؤيته فقد انحنى معنا ومشى
بحذر.
أشرت لهاريك بالصمت عندما نظرت خالل األشجار وحينها تجمدت بفزع ..هذا ليس شخًص ا! هذا ال يبدو كأي
مخلوق على اإلطالق.
ما بين الخوف والذهول! هذا ما يمكنني وصف ما أمر به اآلن ،لم يكن بإمكاني التفكير في أي شيء يمكن فعله،
الركض بأقصى ما أملك أم الوقوف بصمت وانتظار أًي ا كان ما قد يحدث ،أم فقط ...أم فقط ماذا؟ ال يمكنني
التمييز بعد اآلن؟
"إياِك وإصدار حركة واحدة" همُس هارليك دفعني للنظر نحوه وحالته التي كان عليها أفزعتني في الواقع ،كانت
عيناه متسعة ويبدو وكأنه يحارب حتى ال يتنفس ،وكان يتعرق بشكل مخيف.
أعدت عيني نحو ذلك الكائن أمامنا ،تلك األعين الحادة أشبه بعدسة اختلط اللون األسود بالرمادي فيها ،جسده
األسود ذو الجلد السميك يقف على أربعة قوائم يلف ذيله حوله بينما جناحيه مطويين فوق ظهره ،كان جسده
بالكامل قد لطخ ببعض الخطوط البيضاء التي تلمع تحت ضوء القمر.
شيء واحد كنت متأكدة منه ،فزع هارليك لم يكن لمظهر ما هو أمامنا! بل كان لما هو عليه ،ألن هذا الشكل هو
أقل ما ُي قال عنه ساحر.
"علينا العودة من حيث أتينا دون إصدار صوت واحد" .همس بصوت يكاد ُي سمع وأنا متأكدة أن أصوات حفيف
األشجار من حولنا وبعض الصفير الخافت لحشرات الغابة إن خفتت لسمعت صوت قلبه ينبض بقوة.
"ما هذا؟" همست نحوه لكنه أشار بالصمت وبدا على حافة البكاء وهذا بدأ ينقل الخوف لي.
بدأ هارليك يأخذ خطوة بعد األخرى للخلف بهدوء شديد .نظرت ليوجين الذي رفع كتفه بعدم فهم قبل أن يلقي
نظرة على ما أمامنا "هذا الشيء الخالب يبدو تماًم ا كتنين!" قال يوجين هو يحدق نحوه لتتسع عيناي بقوة.
لم أتفاجأ من تسمية يوجين ...في الواقع كاد قلبي يتوقف وقد هدأ كل شيء فجأة ،أنظار ثالثتنا اتجهت نحو
ذلك… التنين ،ألنه ألتفت نحونا تزامًنا مع حديث يوجين بأكثر نظرة قاتلة.
عندما نظرت للخلف لم يكن ذلك التنين ورائي ،توقفت ألتقطت أنفاسي وأبحث بعيني عن هارليك ويوجين و…
بالحديث عن يوجين ،هل هذا صوت صراخه؟
بدا كصوت امرأة تلد لكني تعرفت عليه ،حًق ا كان يصرخ! وجدت نفسي أركض بسرعة تجاه صوته ،لماذا قد
يصرخ وال شيء قد يمسه بأذى؟ هو شبح!
اقتربت من مصدر الصراخ ووجدت نفسي بصوت عاٍل أصرخ باسم يوجين ،لم أعد متأكدة بعد اآلن إن كان
سيظل سالًم ا؟
توقفت في اللحظة األخيرة وتجمدت للمنظر أمامي! كان يوجين يحلق بأسرع ما يمكنه وذلك التنين قد فرد
جناحيه ليلحق بيوجين ،عندما الحظني يوجين حلق هارًبا نحوي لتتسع عيناي بفزع "أيها األحمق ،ال تجلبه إلى
هنا!" صرخت بينما ألتفت أركض بعيًد ا وأصبح التنين يالحق كلينا اآلن.
أصبحت اآلن أركض عائدة نحو المكان الذي هربت منه في البداية ،كنت أصرخ بفزع وأشتم يوجين كلما نظرت
خلفي وأرى ذلك الشيء على مقربة مني.
"ال يمكنه لمسك أيها الغبي! لَم تهرب منه؟" صرخت بشدة وأنا أكاد أبكي "هل جربِت أن تكوني الوحيدة التي
يحلق شيء نحوها بسرعة الضوء؟ إنه يراني واللعنة! من يعرف ماذا بعد؟" صرخ في نهاية جملته قبل أن
يحاول أن يسرع أكثر.
التقطت عيناي جسما ثالثا انضم لنا ،كان هارليك بالكاد يتنفس وهو يحاول النجاة بحياته "سأتحول ،علي
التحول ،يجب أن أتحول ،ماذا أفعل؟ سنموت" .كان صوته مرتجًف ا لكني صرخت به "إياك والتحول! هذا سيزيد
الوضع سوًء فحسب".
التفت خلفي لتتسع عيناي ،كان يحطم األشجار بجناحيه بكل سهولة قبل أن يطلق صوتا أشبه بعويل أذى أذني
وجعلني أكاد أنفجر في البكاء ،لم أنتبه أين أضع قدمي إال وأنا أشعر بجسدي يهوي إلى األسفل.
تعثرت قدمي ثم ظل جسدي يتدحرج فوق األرض المائلة إلى األسفل ،هارليك الذي حاول إمساك يدي كان قد
سقط بسبب طريقة وقوفه الخاطئة وكانت عشرات األغصان تخدش جسدي ،هذا إذ لم نتحدث عن الصخور
التي كانت تصطدم بي.
توقف جسدي عن التدحرج ككرة أخيًر ا وحاولت التقاط أنفاسي ،رفعت رأسي بصعوبة أنظر نحو هارليك الذي
كان يتأوه بألم محاواًل الوقوف ،حاولت جمع شتات نفسي والوقوف على قدمي التي كانت تنزف بشكل سيء
وقد ملئت الخدوش ذراعي ووجهي.
"هل أنِت بخير؟" يوجين الذي حظا بهبوط آمن صرخ بفزع وهو ينظر لحالتي المتدهورة.
"جلنار!" التفت لهارليك الذي كان ينظر خلفنا أللتفت بسرعة وأشعر بقلبي يكاد يتوقف! كان حائط صخري
ضخم خلفنا ،أي ...ال مهرب.
التفت بسرعة إلى األمام عندما سمعت صوت ارتطام شيء باألرض وما كان سوى قوائم ذلك التنين تحفر مكانها
على األرضية أمامنا بينما يحدق نحونا بأعين شرسة.
لم يكن هناك أحد مستثنى من هذا حتى يوجين قد حصل على قدٍر من النظرات المرعبة ،كانت عيناه مختلفة
اآلن ،سوداء بالكامل .كشر عن أنيابه الحادة وهو ينظر نحونا بغضب.
"جلنار… أريد منِك أن تركضي نحو األمام عند إشارتي" .التفت لهارليك الذي يحدق بالتنين بتركيز "هل جننت؟
كيف سنركض وهو يقف أمامنا؟" يمكنني رؤيته يبتلع وهناك لمحة من الخوف والتردد في عينيه وحركة جسده
كلها "سأقوم بتشتيته ،ال تقلقي".
عقدت حاجبي بعدم فهم قبل أن أركز بنظري على قبضة هارليك ،كانت عروقه بارزة بشكل مخيف كما حال
العروق على عنقه ،وبدا وكأن الدم تجمع داخل عينيه ،وحينها فهمت ما يحاول فعله .يبدو أن ذلك التنين انتبه
لمن فينا قد يشكل تهديًد ا له؛ ألنه ركز انتباهه فجأة على هارليك.
ال ،ال يمكن أن يفعلها ،إن تحول لعمالق قد يقتل أي شيء أمامه ...األسوأ! قد يقتل نفسه ،إنه خائف! يمكنني
رؤية ذلك بوضوح .إنه طفل بحق اهلل ،بالتأكيد سيكون خائفا! كيف بإمكاني الركض وتركه هنا على هذه الحالة؟
إلى أي مدى قد أصبح جبانة؟
كنت خائفة أنا أيًض ا ،رؤيته يحارب شيئا ما ويحاول بشدة مقاومة خوفه كانت تشوشني ،عندما تقدم خطوة
نحو التنين الذي بدا على أتم االستعداد للهجوم عليه عرفت أنني أمام أمرين ،إحداهما كان األعقل لكن األجبن،
واآلخر...
كان األكثر جنوًن ا ،ربما األكثر جنوًن ا على اإلطالق .نظرت ليوجين الذي يبدو أنه يمكنه قراءة أفكاري بسهولة وبدا
لوهلة مشوًش ا وغير متأكد ،مثلي تماًم ا ،لكن واللعنة ...كل شيء منذ مجيئي إلى هنا لهو جنون! من يبالي؟ كدت
أموت العديد من المرات ،لتكن هذه إحدى هذه المرات.
"عشرون ثانية من الشجاعة" همست لنفسي وأنا أغمض عيني واستجمع كل شجاعتي فقط في عشرين ثانية
قد تنهي األمر ،كوني شجاعة ولو لعشرين ثانية في حياتك وافعلي شيًئ ا!
عندما نظرت ليوجين هذه المرة كان هناك ابتسامة على وجهه ،ابتسامة أعرفها جيًد ا ،كان قد اتخذ قراره أيًض ا.
أومأ لي برأسه آلخذ نفًس ا قوًي ا وأصرخ بصوت عاٍل "هــذا يــــــكـــفــي!"
صراخي مع يوجين في الوقت ذاته جاء تزامًنا مع عويل ذلك التنين ،كان يبدو وكأنه قد قرر في هذه اللحظة
قتل هارليك ،لكن صراخ كلينا كان عاٍل لدرجٍة جعلته يلتفت نحونا بسرعة.
يمكنني تخمين النظرة على وجه هارليك ،ولكني ركزت عيني على ذلك التنين ،إما أنت أو أنا هذه الليلة.
كاد يتقدم نحوي بسرعة لكن يوجين صرخ "أيها السميك ،هنا! انظر لشخص في حجمك" .التفت التنين نحوه
وكشر بغضب وكاد يتحرك نحوه ،لكني صرخت "أين تظن نفسك ذاهًب ا؟".
أعاد نظرته نحوي لكن يوجين لم يترك له فرصة وهو يأخذ خطوات على يمينه "هنا ،انظر هنا ،أال تريد تذوق
شبح لمرة في حياتك؟" كان يوجين يعطيني القوة ألكمل دون خوف ،وكأن هذا ما نفعله كل يوم.
"إياك ولمس صديقي ،أتفهم؟" صحت بحدة عندما تحرك فجأة نحو يوجين ،التفت نحوي وأصبحت نظرته أكثر
سواًد ا ،وبدون إدراك فجأة وجدت نفسي أبادله نظرات صارمة.
حدث كل شيء بسرعة لم أدركها ،عندما قفز بشكل غير متوقع نحوي وفي اللحظة ذاتها ومض شيء داخل
عقلي ،صوت صاح باسم ...اسم وجدت نفسي أصرخ به بصرامة "كارولوس ،توقف!"
لم أكن خائفة! إن كنت سُأ صدم من شيء في هذه اللحظة فهو أني لم أكن خائفة! على العكس تماًم ا كنت أشعر
وكأن ما أفعله هو شيء عادي! بل وأني شعرت بالغضب لسلوك ...كارولوس؟
كانت يداي قد تشكلت كقبضة بجواري وقد وقفت دون تردد أمامه تماًم ا ،عندما صرخت به كان قد كبح قفزته
وتوقف أمامي ينظر نحوي بصمت.
كنت ألتقط أنفاسي بصعوبة ولكني رغم ذلك وقفت بثقة أمامه ،وهذه المرة كان دوري في التكشير ...مر صمت
علينا استمر لثواٍن قبل أن يخفض كارولوس رأسه لتصبح موازية لطولي واقترب خطوة أخرى مني بحذر،
دفنت كل شعور بالخوف عميًق ا وكانت العشرون ثانية من الشجاعة قد أفلحت ،حتى أنها امتدت لدقائق كثيرة.
عندما اقترب حتى أصبح وجهه يقابل وجهي تماًم ا تنفس بقوة لتضرب أنفاسه وجهي ،وعلي القول أنها لم تكن
ذات رائحة جيدة ،هذا الفتى يحتاج إلى مئة علبة من معجون النعناع!
أردت لمسه لكني ترددت في الوقت ذاته ،ال أريد فقدان يدي.
عندما ظللت أنظر نحوه دون أن أرمش هدأ وجهه فجأة وعينيه عادت للونها الطبيعي األسود والرمادي ،وقد
توسع بؤبؤ عينيه بشكل عادي.
ارتفع ليقف على قوائمه األربعة بـ ال أعلم… بدا كأنه يتفاخر أو يتظاهر بكبرياء ،وهذا ما دفعني لالبتسام .وضعت
يدي داخل جيب ردائي ،تحول بسرعة لحالة تأهب ،رفعت يدي األخرى أمامه وقلت "اهدأ ،سأريك شيًئ ا؛ ليس
إال" .أخرجت الكرة من جيبي أمام وجهه وقلت "ال نريد إيذاءك ،فقط نريد غرًض ا ما".
اتجهت عيناه بسرعة نحو الكرة قبل أن تعود نحوي ثم تعود للكرة مجدًد ا ،بدا حذًر ا جًد ا أو أني شعرت به حذًر ا
للغاية.
"ماذا يحدث بحق اهلل؟" سمعت همس هارليك لكني ركزت على كارولوس أمامي "هؤالء أصدقائي ،هارليك".
أشرت على هارليك المتجمد مكانه وبالكاد يضع تعبيًر ا على وجهه "وهذا يوجين" .أشرت على يوجين الذي لوح
بحذر.
نظر لهم بداية من هارليك حتى يوجين قبل أن يعيد أنظاره نحوي ،عقدت حاجبي أنظر نحوه… أمال برأسه
نحوي ليرتفع حاجبي بفهم "أنا! أنا جلنار" جنون ...حًق ا يبدو كجنون ،ولكني أقسم أنني أشعر بما يريد هذا
الفتى! إنه ال يتحدث ،لكني أشعر بما يقصد.
عندما نظر للكرة مجدًد ا ثم التفت شعرت بما يريد "تريدنا أن نتبعك؟" أردت فقط أن أتأكد أني لم أجن! وعندما
التفت برأسه نحونا نصف التفاته ونظر بعينيه بكسل شعرت مجدًد ا به ،كنت متأكدة أنه يريد منا أن نتبعه.
"جلنار ،هذا جنون!" التفت نحو هارليك الذي كان لون وجهه شاحًب ا بشدة "وجودي بينكم هو جنون بحد ذاته،
هارليك ،فقط دعنا نتبعه" .لم أكن على استعداد لمناقشة األمر ألنني تبعته دون االستماع لحديث هارليك ،تبعني
بسرعة وأخذ خطواته خلف جسدي كحماية من كارولوس.
"ال أفهم ,..أنا ال أفهم شيء ،كيف أوقفته؟ لماذا يستمع لِك ؟ من يوجين بحق اهلل؟ ال يوجد سوانا هنا جلنار ،لماذا
أشرِت على شخص ثالث؟ ال ال ،دعينا نعود ألمر التنين ،كيف بحق اهلل لم يقتلنا تنين الشفق؟ ال أحد يخرج حًي ا
بعد مواجهة تنين الشفق! إنه قوي كاللعنة و."...
كبحت ضحكتي عندما انتبهت لمشية كارولوس ،بدا فخوًر ا بينما يرفع قامته بشكل أكبر ويفرد جناحيه بشكل
استعراضي ،إنه يفهم ما يقوله هارليك عنه.
"تنين الشفق!" التقطت ما جذبني ليومئ هارليك ويهمس بحذر "يسمى تنين الشفق ،إنه من أخطر أنواع
التنانين ،ال يمكن ترويضه أبًد ا ،حاول ملك البرومفينا من قبل ترويضه ،لكنه فشل و " ...أوقفته مجدًد ا وسألت
"البرومفينا؟" أومأ برأسه وقال "إنهم شعب متحكِم الكائنات ،تينر جام هو الفارس المختار من بين البرومفينا".
إًذ ا هناك شخص يسمى تينر جام وهو متحكم كائنات ضمن أعضاء الفريق.
صراخ كل من هارليك ويوجين أعادني ألرض الواقع ،كان كالهما يختبئ خلفي بينما كارولوس قد التفت نحونا
فجأة مما أخافهما ،كان يشعر بالملل لرد فعل كليهما مما أضحكني.
نظرت للمكان من حولنا حيث توقف ،كان هناك مدخل لكهف أمامنا ،أعدت أنظاري نحو كارولوس الذي التفت
وأكمل خطواته للداخل ،تبعته ليتوقف يوجين قائاًل "لن أدخل هناك ،إنه يخطط لتناولنا" .دحرجت عيني على
سخافته وقلت "إًذ ا ابَق هنا".
عندما رأى أني جادة تبعني بسرعة ،الحظت أن هارليك كان ينظر حوله بشك ثم بدأ ينظر نحوي أنا بخوف "أعلم
أنك تظنني جننت ،لكني سأفسر األمر لك ،اتفقنا؟" بدا مشوًش ا وغير متأكد عما سأفسر بالضبط فهناك الكثير
لُي فسر ،لكنه أومأ بصمت.
عندما تعمقت خطواتنا إلى داخل الكهف بدأ الظالم يغطي المكان وأصبحت الرؤية صعبة لذلك توقفت "ال
يمكنني السير ،ال أرى شـ "...صمت عندما شيًئ ا فشيًئ ا بدت الخطوط البيضاء فوق جسده تنير! كانت تشع بشكل
أّخ اذ وتحت ضوئها كان جلده األسود يلمع.
لم يتوقف وظل يسير بينما تبعته بدهشة وأنا أنظر نحوه بإعجاب "هذا رائع!" صحت ليلقي نحوي نظرة بطرف
عينه "ال تكن مغروًر ا جًد ا" تمتمت لكنه تقدمني بخطوات واسعة ليصبح في المقدمة.
توقفت عندما توقف ،نظر نحو الكرة في يدي التي بدأت تهتز ثم ابتعد وبسط قوائمه على األرضية قبل أن
يتسطح براحة ويراقب ما أفعل "مستمتع بالعرض؟" سخرت ليلف عنقه للجهة األخرى وكأنه غير مهتم.
وجهت الكرة حيث يشير الضوء ليحدث ما حدث في المرة السابقة ،على سقف الكهف ظهر الرقم اليوناني ثالثة.
األول هو الرقم أربعة عشر والثاني ثالثة ،تبقى رقمان إذا كانت األحجية صحيحة ،ثم سنجعل خمسة أشياء
مستوية لنحصل على الرقم األخير.
ابتسمت لنفسي بفخر ،لقد عملت بجد حًق ا .عندما التفت نحو التنين كارولوس كان يسترق نظرات نحو السقف
بفضول.
"أمسكتك!" صحت به لكنه التفت بسرعة ونهض وقد أعطى ظهره لنا قبل أن يستلقي مجدًد ا.
"هل بدأ عقلي يفسد أم أن تنين الشفق يتصرف كصبي اآلن؟" زمجرة صدرت من كارولوس أفزعت هارليك
"آسف ،لم أقصد إساءة ،أنا حًق ا أسف" انفجرت ضحًكا بينما أشعر باألسى على الفتى المسكين.
"يهدأ! جلنار ،أنِت تتحدثين مع تنين وتقومي بتسميته ،وتريدين من الفتى أن يهدأ؟ بحق اهلل أنِت تتواصلين
معه وهو يمكنه رؤيتي و ...كيف يمكنِك أن تكوني هادئة ،أنا ميت وأشعر بالفزع".
زفرت ونظرت ليوجين "ال أعرف ،اتفقنا!؟ أنا ال أعرف شيًئ ا حًق ا ،كيف يمكنني الشعور به؟ وكيف بإمكانه رؤيتك؟
ولماذا لم يخبرني أحدهم عن وجود تنانين في هذا العالم؟ ال أفهم شيًئ ا ،لكن ما أفهمه هو أن كارولوس ليس
مؤٍذ ،ال ينوي قتلنا ،كما أني لم أسِّم ه ...لسبب ال أعرفه أنا أعرف أن اسمه كارولوس".
"جلنار ،ال تخيفيني ،مع من تتحدثين بحق اهلل؟" صاح هارليك وبإمكاني رؤية عينيه تدمعان "هارليك ،اهدأ
أخبرتك سأفسر ،إنه يوجين "...قاطعني يوجين "هل هو الوقت المناسب حًق ا للتفسير؟ نحن داخل كهف ال نعرفه
بجوار كائن أسطوري كاد يقتلنا ،واهلل وحده يعلم كيف سنعود".
"الفتى فزع مثلك تماًم ا يوجين ،إنه يستحق معرفة ما يحدث على األقل ،ضع نفسك في موضعه ،لست الوحيد
القلق هنا".
"إنه فارس مثلي تماًم ا ،وهو يعرف المكان أكثر من كلينا ،لن أستثنيه كما يفعل اآلخرون لي وله ،وهذا يعود لي،
واآلن اصمت قلياًل !".
كنت قد فقدت أعصابي وقد صحت بنهاية الجملة ليصمت يوجين أخيًر ا ،التفت نحو هارليك لكنه كان يقف
يراقبني بفزع ،وخلفه كان يقف كارولوس يبدل أنظاره بيني وبين يوجين.
"هارليك ،أريدك أن تهدأ قلياًل ،ال شيء خطير يحدث ،األمر فقط أنني أرى شخًص ا ال يراه اآلخرون ،أنا أراه منذ أن
كنت على األرض ،يسمى يوجين و "...قاطعني يوجين ليزعجني وقال "صاحب الجاللة يوجين ،دعيه يراني
بصورة أمير أو ملـ."...
وفجأة بدا كارولوس متحمًس ا للفكرة ألنه نظر ليوجين بسرعة وبدا متأهًب ا ،ركض يوجين خلفي وصاح "دعيه
ينظر بعيًد ا" دحرجت عيني وأعدت تركيزي مع هارليك.
"أتعرف األشباح؟" عقد حاجيه وتمتم "أرواح األموات؟" أومأت برأسي وقلت "متشابهان تقريًب ا لكنك أصبت،
يوجين هو روح شخص ميت".
تحولت نظراته لفزع ،ولكن يوجين بدا ال يعطي لعنه ألنه صاح "اهتموا بشعور الشبح الميت قلياًل ! قولي أني
روح في أجازة مؤقتة ،أو ربما روح يالزمها النحس لينظر نحوها تنين بهذه الطريقة".
"ال تخف ،إنه غير مؤٍذ ،في الواقع إنه مضحك و ...مسٍل " قاطعني مجدًد ا "قلت اجعليني أبدو كأمير؛ ال مهرج"
هززت رأسي بيأس وأكملت "األمر هو أن يوجين يالزمني من قبل أن أقابلكم يا رفاق ،منذ أن كنت على األرض
و."...
قاطعني وقال "هل البشر يرافقون أرواح األموات؟" حركت رأسي للجانبين وقلت "ال ،أنا فقط من يراه ،وهذا
لسبب ال أعلمه ،ال أحد يرى يوجين هنا أو على األرض سواي" اتسعت عينيه وصاح "أيمكنك إًذ ا رؤية روح عمي
ريفاندوالو؟ لقد مات منذ شهر!".
طرفت بتعجب وانفجر يوجين ضحًكا وقال "ريفا… ماذا؟ من يسمي طفله بهذا االسم؟ كيف عاش بدون أن يغير
اسمه؟" حاولت أال أنفجر ضحًكا وقلت لهارليك "ال ،ال يمكنني رؤيته و ...آسفة لموت عمك" رفع كتفيه بإهمال
وقال "ال بأس ،توقع الجميع أن يموت منذ قرن لكنه كان عنيدا ومتمسكا بالحياة ،كان يبلغ ألفي سنة تقريًب ا".
سعلت بصدمة قبل أن أتمالك نفسي وأربت على كتفه "حسًنا! المغزى أنني ال أرى سوى يوجين ،وال يراه سواي...
في الواقع كارولوس يراه أيًض ا".
التفَت للتنين ينظر نحوه وبدا كارولوس غير مهتٍم وهو يمرر عينيه على كل واحد منا بكسل" .انظر ،يوجين
يقف هناك تماًم ا .إنه شبح جيد وغير مؤٍذ على اإلطالق ،إنه…" صمت قلياًل أنظر نحو يوجين بتفحص أحاول
إيجاد كلمة لوصفه.
"ما خطب هذه النظرة؟ تجعلينني أبدو كأرمل في الستين ،إن لم تخبريه بأني أمير فاجعليني أبدو كبراد بيت
على األقل" دحرجت عيني وقلت لهارليك الوصف الذي وجدته "إنه يبدو كصبي في جسد رجل" أومأت لنفسي
متفقة معها تماًم ا.
"اللعنة عليِك !" صاح بسخط مما أجبرني على الضحك "كيف بإمكاني تصديقِك ؟" نظرت لهارليك بسرعة ولم
أتوقع أنه قد يقول هذا في الواقع!
بدا وكأنه شعر بالذنب والندم على سؤاله العفوي؛ ألنه تردد وحاول التفسير قائاًل "لم أعِن شيًئ ا… لم أعِن شيًئ ا
على اإلطالق ...فقط من الصعب تصديق ما تقولين .تعرفين ،ال أعلم ،األمر فقط "...انخفض صوته في النهاية
وبدا مرتبًكا لكني جذبت كتفيه وقلت "ال بأس ،أعرف ما تقصد ومعك حق في ذلك ،كنت لفعلت الشيء ذاته إن
كنت مكانك".
صمت قلياًل أحاول التفكير في طريقة تجعله يصدق أن يوجين موجود "لَم ال أمر من خالله؟" عقدت حاجبي
نحو يوجين "ال أعني المعنى السيء لألمر ،أعني… تعلمين ،يصاب األشخاص عادة برعشة باردة عندما تتصادم
أجسادهم بهيئتي ،أظن أن هذا كاٍف له!".
نظرت لهارليك الذي بدا مترقًب ا "عندما يمر من خالل األشخاص يصابون برعشة سريعة وشعور بارد ،إن شعرت
بهذا األمر فهذا كاٍف لتصدق أن يوجين اصطدم بجسدك!".
اتسعت عيناه وصاح بسرعة "الال ،ال بأس! أصدقك ،أنا أصدقك .ال تدعيه يلمسنـ "...توقف فجأة وأمسك بجسده
الذي ارتعش وصك على أسنانه ألن يوجين عبر خالل جسده بكل بساطة "هناك تيار بارد هنـ "...توقف عندما
استوعب األمر وصاح "هل مر من خاللي!؟" أومأت له بابتسامة ليتسمر وهو ينظر نحو الحائط.
"هل هو بخير؟" سأل يوجين بترقب وحاولت أال أنفجر ضحًكا "هناك شبح معنا في هذا المكان حًق ا!".
زفر وأومأ محاواًل تقبل األمر "أتعلمين؟ وجود شبح في صفك يعطيِك "...قلت في نفس الوقت "مئة نقطة
لصالحي ،أعلم ،اعتدت على قول هذا لنفسي".
صمت وبدأ يحاول ترتيب أفكاره قبل أن تتسع عيناه بحماس ويصيح "علينا إخبار اآلخرين ،حينها سيتوقفون
عن النظر نحوِك كضعيفة! أنِت ترين شيئا ال يمكنهم رؤيته .أتعلمين؟ هذا سيبدل آراءهم وسيجعلهم يأخذونِك
على محمل جاد إذا عر."...
"هارليك… هارليك ،توقف!" صحت به ليصمت وينظر نحوي بتعجب "ال يجب أن نخبر أحًد ا ،ألنه… ألنهم لن
يصدقوني ،سيظنون أني أكذب ،ال يجب أن نشغل عقلهم بهذا األمر و."...
صاح معترًض ا "يمكنِك إقناعهم ،هناك سبل كثيرة إلقناعهم كما فعلِت معي ،أغداراسيل سيصدقِك و ...جوزفين
قد يفعل أيًض ا ،السيدة واندر! كما أنهم قـد يفسرون األمر ،لماذا يمكنِك رؤيته و لـ…".
"هارليك ال أريد منهم أن يعرفوا… وإن أخبرتهم فأنا ال أريد أن يصدقوا! ماذا إن كانوا يملكون تفسيًر ا لألمر؟
أتعرف ماذا قد يحصل؟ ال أريد أن أعرف ،وال أريد التفكير في األمر ،الشيخ من األمس تمكن من سماع يوجين
بشكل ما وكارولوس يرى يوجين ،من يعلم من التالي!؟ ماذا إن أخذوه بعيًد ا؟ ال أريد منهم أن يأخذوا يوجين،
هارليك".
توقفت لوهلة أتنفس بهدوء "إنه صديقي ،وهو الشيء الوحيد الجيد الذي يحدث لي حتى اآلن ،بالرغم من
تماسكي إال أنني أشعر بأنني سأنفجر من كل ما يحدث .عندما أستيقظ صباح كل يوم وأتيقن أن ما يحدث ليس
بكابوس وأن هذه ليست غرفتي وال هذا منزلي وال هذه عائلتي أكاد أفقد صوابي حينها ،لكن يوجين يساعدني
على التماسك".
التفت نحو يوجين الذي كان يستمع بابتسامة هادئة على وجهه "رؤيته تشعرني أن كل شيء سيكون بخير ،ال
يجب أن أقلق ،فأنا أمتلك شخًص ا بجانبي ،شخص ال يراه سواي وهو ما يجعلني أشعر أن يوجين شيء خاص،
حتى وإن كان ميتا فهو أفضل من عشرات األحياء الذين قابلتهم".
نظف يوجين حلقه وقال "الكثير من المدح ،ال أريد أن ينفجر رأسي من الغرور وما شابه ،توقفي قبل أن أشعر
بأن كل شيء يتمحور حولي ،هل يتمحور كل شيء حولي؟" ضحكت على سخافته وقلت "يوجين أفضل ما
حدث لي وال أريد منهم أن يفسدوا هذا! ال أريد منك أن تفسد هذا ،هارليك".
ظل يحدق نحوي قبل أن يضع نظرة جادة وصارمة وقال "أعدك ،كلمة شرف على حياتي ،لن أخبر أحدهم
بصديقِك الشبح إال إذا أخبرتني أن أفعل" .اتسعت ابتسامتي قبل أن أنكش شعره وأقول "واآلن انضممت لدائرة
المميزين لألسرار الغريبة".
ضحك وقد بدأ يهدأ أخيًر ا ،نهضت من على ركبتي ونظرت حولي "علينا العودة للمنزل فقد تأخر الوقت" أومأ
برأسه وقال "كيف سنعود؟".
التفت نحو كارولوس الذي كان يراقب منذ مدة "أترشدنا؟" ظل يحدق بصمت لمدة "نعم أم ال؟" تحرك نحوي
وأخفض عنقه قبل أن يدفع جسدي برأسه؛ مما دفعني للقهقهة والمسح على رأسه "أنت ظريف للغاية" تمتمت
بينما أغمض عينيه وتنفس بقوة.
"ظننت أن جلدك سيكون أكثر خشونة" .تمتمت بين نفسي وأنا أتلمس جلده ،تركته ليرفع رأسه ويتحرك نحو
المخرج "هيا ،سنعود للمنزل" التفت قائلة لهما لكن كليهما كان ينظر نحوي وفاهيهما مفتوحين بغباء "ماذا؟"
صحت بهما ليتمالك كل منهما نفسه.
"من الصعب التصديق أنِك تروضين تنين شفق" رفع هارليك كتفيه وتبعه يوجين قائاًل "بل من الصعب التصديق
أنِك كنِت تخافين من حمقاء كفريونكا وتمسحين على رأس ...تنين!" دحرجت عيني لكليهما وتبعت كارولوس
دون الرد.
"أتعلمين؟ ال تنزعجي مما سأقول لكن بدأت أظن أنِك أخطر من الفرسان جميًع ا" ارتفع حاجباي وتساءلت
"حًق ا!؟" أومأ برأسه وقال "كانت أمي تقول دائًم ا 'تلك األشياء التي ال نتوقع شيًئ ا منها هي دائًم ا ما تفاجئنا في
النهاية' لم أفهم مقصدها سوى عندما قابلتِك ".
"والدتك شخص حكيم ،أتعلم؟ هناك جملة نقولها نحن البشر ،ربما هذه ما كنت تقصده ،توقع غير المتوقع… لكن
لم أفهم ما عالقة هذا األمر بي؟".
رفع حاجبيه وقال "أتمازحينني!؟ هل يتوقع أحد منِك شيء ما؟ أي من الفرسان؟ ال أحد! ولكن على العكس
تماًم ا ،أنِت ترين شيئا ال يراه أحدهم ،وتكادين تفتحين بوابة لم يستطع أحدهم فتحها ،واآلن تروضين تنين
الشفق! أتعلمين أن مروضي التنانين عادة يكونون من العائلة الملكية؟ وغالًب ا من النبالء؟ إن سمع أحدهم أنِك
روضِت تنيًنا وليس أي تنين ،بل تنين الشفق؛ سيجنون".
كدت أتساءل عن أمر ما لكنه قاطعني "أتعرفين ما الرائع في كل هذا؟ أنِك ال تعطين لعنة! إن كان شخًص ا آخر
لركض متفاخًر ا أمام اآلخرين إلثبات نفسه ،لكنك ال تهتمين حتى ،إثبات نفسِك والرد على ما يقولونه ومحاولة
إثارة إعجابهم ،األمر ال يعنيِك ،حتى أنِك تظلين توافقيهم الرأي ثم بووم! تفعلين عكس ما يتوقعون تماًم ا".
اتسعت ابتسامته وقال "أكاد أجزم أن األمر سيحتاج وقًت ا قصيًر ا قبل أن تصبحي مقاتلة أفضل من الجميع ،أظن
أنِك لو تدربِت سـ…" قاطعته قائلة "انَس األمر ،أنا ال يمكنني إلحاق الضرر بأي شخص مهما كان ،أتريد مني أن
أقاتل؟" قهقهت بسخرية في النهاية.
توقف أمامي فجأة وقال "مشكلتِك الوحيدة هي أنِك ال تؤمنين بنفسك ،أخبريني بكل صراحة ،قبل أسبوع من
اآلن هل كنِت تظنين أنِك قادرة على ترويض تنين؟" دحرجت عيني وقلت "لم أعلم أنهم موجودون حتى ثم…"
قاطعني مجدًد ا "هل ظننِت أنِك ستصُم دين ألسبوع وسط جنون هؤالء الرجال في المنزل؟".
صمت لكنه أكمل "أرأيِت ؟ أراهن أنِك ستصبحين مقاتلة في غضون أسابيع إن تدربِت ،ال أعلم إن كان هذا أنِت أم
أن هذه ميزة البشر ،لكنِك تتكيفن مع كل شيء بسهولة وتعتادينه وتتفوقين على الجميع فيه ،ال أرى القتال
استثناء".
ودون أن يسمع ردي كان قد سبقني بخطوات كأنه ال يريد سماع أي اعتراض على قناعته الشخصية "هذه المرة
أتفق تماًم ا مع اإلذاعة المسائية" نظرت ليوجين الذي كان يستمع بصمت منذ البداية قبل أن أتمتم "بدأ الجميع
يتحدث كواندر فجأة".
لحقت خطوات هارليك قبل أن أسأله "لماذا يخاف الجميع من كارولوس؟" بدا عليه التعجب ألقول "أعني تنين
الشفق؟" أشرت بعيني نحو كارولوس الذي كان يتقدمنا جميًع ا.
"هذا طبيعي! لم ينُج أحد قد واجهه من قبل؛ فهو عدائي وشرس للغاية .قرأت في أحد الكتب أنه قادر على قتل
ألف رجل في دقائق ،وهو نادر جًد ا ،من الصعب أن تجدي تنين شفق ،بعضهم يقول أن في العوالم كلها ال يوجد
سوى اثنين فقط منه ،والبعض يقول أنه واحد فقط ال غير ،وهذا يعني أننا نمشي مع أكثر المخلوقات ندرة على
وجه العوالم كلها".
عقدت حاجبي ونظرت نحو كارولوس الذي لم يتوقف عن المسير ،ما الذي جلب هذا التنين لهذا المكان؟ تقدمت
خطوات حتى أصبحت أسير بمحاذاته "هل حًق ا قتلت العديد من الناس؟" ملت نحوه وسألت لكنه لم يبِد
اهتماًم ا" .يقولون أنك الوحيد من نوعك" وهنا بدا مهتًم ا ،ألنه فرد جناحية وحركهما في شكل استعراضي ،هو
حًق ا نرجسي!
"تعلم؟ قتل األشخاص شيء خاطئ ،فقط في حالة الدفاع عن النفس يكون جيدا" نظر نحوي بطرف عينيه
وشعرت أنه بدا مهتما بما أقول "تعلم؟ ال أرى أنك مخيف لهذا الحد ،تبدو لطيًف ا" كشر فجأة عن أنيابه ونظر
نحوي بشراسة ،لكن بادلته نظرات غير مهتمة وقلت "فعلك لهذا لن يغير من رأيي".
عاد وجهه لتعبير طبيعي واتسعت عيناه وهو ينظر نحوي "ال تحاول ،لن أقر بأنك متوحش" .خرج صوت
متحجرش من حلقه قبل أن ينظر بعيًد ا وشعرت به مجدًد ا! كان حانقا؛ مما دفعني للضحك" .ألديك تفسير لما
أشعر بما تريد؟".
بدا جاهاًل لألمر مما أجبرني على الصمت ووضع يدي داخل جيوب ردائي.
توقف عن المسير وظل ينظر نحو األمام بصمت "هل وصلنا؟" سألت أحاول رؤية المنزل من بين األشجار ،دفع
جسدي برأسه نحو األمام مما أثبت لي أننا وصلنا حًق ا.
"هارليك ،ال تخبر أحًد ا بأمر كارولوس" حذرت لتتسع عيناه ويصيح "لماذا!؟".
"ألنهم قد يحاولون قتله ،لقد ساعدنا ولم يقتلنا هارليك ،أتظنه يستحق أن ُي قتل ،كما أنك قلت أنه من الصعب أن
ينجو أحدهم إن حاول مواجهته ،ال أريد أن ُي قتل كارولوس وال أحد الفرسان".
صمت ثم بدأ يتمتم "أنِت محقة ،ال يجب أن يعرفوا ،رغم أنه تنين متوحش لكنه أظهر وجًه ا جديًد ا الليلة ،وإن
قابله الفرسان لن يتركوا فرصة لفهم األمر وسيحاولون قتله ،وإن قتلوه سيجعلك هذا حزينة ألنه يبدو أنِك
معجبة به ،وإن قتل هو أحد الفرسان هذا سيكون سيئا جًد ا ،وقد ساعدنا الليلة لذلك نحن مدينون له مهما كان
متوحًش ا ،إن سألونا فماذا سنقول؟ كيف نفسر األمر؟ ربما نقول أي شيء عادا أننا قابلنا تنيًنا هنا و."...
مسح يوجين على وجهه بعدم صبر وقال "أوقفيه ،أرجوِك " ال أعلم لما كان يوجين غاضًب ا ،أحب رؤية عادة
هارليك في التفكير بصوت عاٍل ،يبدو حًق ا ظريف.
"هارليك ،ال تقل شيئا!" ارتفع حاجباه وقال "ال شيء؟" ابتسمت باستمتاع وقلت "تخيل كَّم الفضول الذي قد
يصيبهم عندما نعود مليئان بالجروح والخدوش من مكان ما ونعطيهم أجوبة غامضة على أسئلتهم ،أال تشعر
برغبة باالنتقام؟ يذهبون لقصر الملك الجتماع سري ويقاتلون وال يخبرونا بشيء عن األمر ،أال تظن أنه يجب أن
نحتفظ بجانبنا من األسرار أيًض ا؟".
بدت ابتسامة شريرة تظهر على وجهه "أنِت محقة ،سيشعرون بما أشعر ولو لوهلة" بدأ يضحك بشكل درامي
ألهز رأسي وأنا أمدح نفسي داخلًي ا ألنني أمسكت بنقطة ضعفه.
نظرت نحو كارولوس وقلت "ستذهب ،صحيح؟" ظل ينظر نحوي بصمت ألتنهد "يمكنني رؤيتِك الحًق ا! تعلم ،لن
نخبر أحدا بأمرك ،يمكنك البقاء في هذه الغابة ،ما رأيك؟" أحنى عنقه نحوي قبل أن يقترب برأسه ويدفع
وجنتي بخفة.
اتسعت ابتسامتي وقلت "سأعتبر هذه نعم ،لست خائفة منك إن كان هذا ما يقلقك ،أراك الحًق ا" مسحت على
رأسه قبل أن أبتعد.
فرد جناحيه بشكل واسع قبل أن يرتفع عن األرض ويحلق مبتعًد ا ،هذا كان حًق ا يوًم ا طوياًل وال يصدق ،بداية
بأتريوس ونهاية بكارولوس.
تحركت خالل األشجار وبدا المنزل اآلن في مرمى البصر ،تبعني كل من هارليك الذي ظل يتدرب على أكثر
الجمل استفزاًز ا ويوجين الذي يصفر بمزاج متحسن فجأة.
دلف ثالثتنا إلى المنزل وكان أول من التقينا به واندر التي ركضت نحونا ومالمح القلق بادية على وجهها "لقد
كان شيًئ ا ال يصدق حًق ا ،من كان يظن أننا سنفعل ونرى أشياء مماثلة ،كانت هذه أفضل ليلة!" صاح هارليك
فجأة ثم نظر نحوي وغمز بعينه .حاولت أن أقاوم رغبتي في الضحك ووجدت نفسي أجاري حركاته الصبيانية
"أنت محق ،لقد كان ممتًع ا فعاًل ".
"أين كنتما بحق خالق الجحيم؟" صاحت واندر في وجهنا مما أجفلني ،لَم هي غاضبة؟
"لقـ…".
"تختفيان فجأة وتظهران فجأة دون إخبار أحد ،كما ...يا إلهي العزيز ،من فعل بكما هذا؟ لقد تمزق ردائك ،ولَم
الخدوش تمأل كليكما؟".
لم تعطني فرصة واحدة لتفسير شيء ،وفي الواقع ما كنت ألخبرهم بأننا دخلنا في حالة هروب من تنين!
"واندر ،لقد خرجت ليلة أمس أيًض ا ،ما المشكلة؟" كادت ترد لكن قاطعها هارليك "نعم ،ما المشكلة؟ هي أيًض ا
فارسة ،أتسألين أحدهم أين يذهب وأين كان وما فعل؟" أشار على الرجال خلف واندر حيث كان أغدراسيل
وجوزفين واقفين خلفها ،وكل من رومياس واكتيفيان جالسان ،ولمحت بطرف عيني هيئة أتريوس مستندة
على مدخل المطبخ وبين يديه شيء ما يقضم منه ويتابع األمر باستمتاع.
"وإن كنت أنا قاصر فجلنار بالغة ،وأنا كنت معها ،وكالنا فارسان لذلك ال أرى أي داعي لهذا التحقيق" كتف يديه
فوق صدره بحزم في نهاية حديثه وبادلت واندر نظرة مندهشة من هذا االندفاع الهجومي!
"األمر ليس كما تتصور هارليك ،إنه فقط ...كنا قلقين ،ثم أنت تعرف؛ كالكما سيء في القتال ،كما إن كنتما
تفعالن شيئا ،فأخبرانا يمكننا المساعدة" .حاول أغدراسيل التدخل بلطف لكن علي القول أنه زاد غيظ هارليك
الذي قال "ال تقلق إًذ ا! نتكفل بأنفسنا ،كما أنه شيء ال يمكنكم فعله على أي حال".
"أين كنتما؟" قاطع سؤال أوكتيفيان أي جدال يحدث ،ولكن بدا هارليك وكأنه ينتظر هذا السؤال من أوكتيفيان
لينتقم منه شر انتقام "الال مكان" .كانت إجابته تثير الغيظ بالفعل ومنعت نفسي من الضحك بالقوة وضحكات
يوجين كانت تزيد الوضع سوء.
"لن أتناقش مع طفل ،جلنار ،ما المشكلة؟" بدا أوكتيفيان واثًق ا من أني سأجيبه ثم أعاتب هارليك على أفعاله
الصبيانية ،تنهدت ونظرت لهارليك الذي كانت عيناه تقتل أوكتيفيان مائة مرة.
"أخبرك هارليك ،ال شيء لتقلقوا حوله ،يمكننا االعتناء بأنفسنا ،لديكم ما هو أهم لتقلقوا حوله على أي حال" بدا
منزعًج ا فجأة مما جعلني أبتسم بهدوء ألزيد من استفزازه ،هل كان إزعاج اآلخرين ممتًع ا هكذا؟
"جلنار!" صاح أغدراسيل بعدم تصديق لكني أطلقت قهقهة صغيرة وقلت "رفاق حًق ا ال بأس ،ال يحل كل شيء
بالقتال عادًة " أومأ هارليك موافًق ا وقال "ال تزعجوا أنفسكم ،أخبرتكم أنه شيء ال يمكنكم فعله".
"إن كان ال يمكننا فعله فمن يمكنه بحق اهلل؟" صاح جوزفين ليرفع هارليك كتفيه ويبتسم بكل براءة ويقول
"فقط جلنار تستطيع".
التفت الجميع نحوي لكني اكتفيت بابتسامة وقلت "نحن حًق ا متعبان ،كان يوًم ا شاًق ا ،سنأخذ حماًم ا ونخلد للنوم
ال تشغلوا عقولكم باألمر ،تصبحون على خير".
دفعت هارليك ليسير أمامي وهو يحارب ابتسامته الكبيرة ،التفت نحوهم فجأة وقال "كدت أنسى… ال تقلقوا
بشأني بعد اآلن ،لن أزعجكم منذ اليوم ألذهب معكم لمهماتكم ،كنت محًّق ا سيد أوكتيفيان ،أمور المملكة شيء
ممل ،البقاء مع جلنار أكثر متعة" ثم صعد بكل فخر بما قال.
كنت أكرر داخلًي ا 'ال تضحكي ،ال تضحكي' بينما أصعد الساللم بوجه بارد.
لسبب ما التفت نصف التفاته للخلف أنظر نحو المكان الذي يقف فيه أتريوس ،كان ال يزال على وضعه السابق،
لكنه متكتف اليدين وينظر بعيًد ا ،حتى أنه لم يلحظني.
"جلنار ،كان هذا رائع! أرأيِت النظرة المرتسمة على وجوههم؟ اآلن سيشعرون بما كنت أشعر ...وبالمناسبة؛ لم
تكن جملة استعراضية ،أنا حًق ا أستمتع بقضاء الوقت معك" همس هارليك بحماس عندما صعدنا إلى الطابق
الثاني حيث ال يمكنهم سماعنا.
ابتسمت له وربت على رأسه ،نظرت نحو يوجين الذي يحاول تمالك نفسه من الضحك حتى اآلن "اهدأ وإال مت
مرتين من كثرة الضحك" .سخرت منه ليحاول التنفس بعمق "أهو جيونجين؟".
كان دوري هذه المرة ألضحك "يوجين… إنه يوجين ،نعم ،وهو معجب جًد ا بما فعلت باألسفل" ابتسم بحماس
وقال "كنت رائًع ا سيد يوجين ،صحيح؟ على كل حال ال تقلق ،لن أخبر أحد بسرك سأحتفظ به" سكت لبرهة قبل
أن يقول "تصبحين على خير جلنار ،تصبح على خير سيد يوجين" ثم لوح بيده وصعد نحو غرفته.
"هل قال سيد يوجين؟" بدا يوجين مصدوًم ا لوهلة "مسكين ال يعرف أي أبله أنت".
*******************************************
هالوووووووووووووو
مش طبيعي وضعي وانا براجع الفصل ومتحمسه كأني مش عارفه انا كاتبه ايه
انجوييييي
باااااييي
توبازيوس
كارلوس 😭️❤️❤️❤️❤️❤️❤
رد
واخيرا كارلوس
رد
وانا كمااان😭😭
رد
رد
بغيت كارولووسسس يييجننننن وقلبس النرجسي ما تدري هذا تنين وال قطوه 😭😭😭😭
اصارخ من فخري بجلنار لما وقفته وقدرت تروضه بكلمة 🔥️❤
ياخي اتعب وانا اقول ففخخخرررييي جلنار يوم وقفت قدام اتريوس وقالت كل شي بخاطرها
وكانت حتقتله بعد يشيخه يسعد قلبك ويسعد امك الي جابتك فداك الكون بس
مع اني احب اتريوس بس نوو جلنار بنتي تفوزز
بعدين حركات اتريوس مشكوكه 🤨🤨🤨
معلينا منه بس كان مرررههه بخااطريي لو يدرون ان جلنار روضت كارولوس وخلته خويها وقطوه
عندها هههه بس بعد التفكير في كالمها صدق افضل لو ما عرفوا وضل بين الثالثي الحلو حقنا
عشان نبعد عن المشاكل وال يتاذى تنيننا الحلو كارولوس
حمااس مش طبيعي مع انها ليست المرة االولى لكن مرت سنوات على قراءتها
الفصل كان ممتع بشكل رهيب ،مواجهة صباحية مع اتريوس ورحلة مسائية ممتعة مع هارليك
ولقاء اسطوري لكارولوس
رد
أعيد قراءته من جديد بنفس الحماس كأنها أول مرة كم اشتقتلهم وخصوصا كارلوس حي انها أليف
منتشرة على نار عندما يكتشف فرسان وجوده وتلك الصدمة على وجوههم األول🤣🤣🤣🤣
إسراءطريقة سردك روعة بتخلي كل مالجروسين يعيدوا قراءته بكل جمال أكثر من أول
رد
الحماس الفف😭
رد
حمااااااس
رد
مش متخيلة كارلوس كان واحشني اد اية اية انا فية دموع فخر نزلت من عيني انا ما اسمه اتقال
رد
عيطت من الفرحة
رد
️❤️❤️❤️❤️❤️❤
رد
😭💕💕
رد
️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤
رد
الفصل اللي وضح شخصية جلنار و ازاي اتغيرت ،حقيقي فصل احدثه تقيلة و جميلة ،في انتظار
موجهات اكثر عمقا مع اتريوس 😭😭💕
رد
🐣 Tweety
6مارس 2024في 7:48ص
💟💟💟💟💟💟
رد
حبيت ️❤💖
رد
لكتابة تعليقُ ،ي رجى النقر على الزر أدناه لتسجيل الدخول باستخدام حساب .Blogger
السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته إفصاح" :يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم
استغفرتني غفرت لك وال أبالي” .إفصاح آخر" :أني أتجاهل ولست بجاهل ،وغضيض للبصر
… ولست أعمى“ .عبد الرحمن السميط رحمه اهلل مساحة لذكر اهلل
قراءة المزيد
السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته إفصاح" :اللهم رحمتك أرجو ،أصلح لي شأني كله ،وال تكلني
إلى نفسي طرفة عين ،ال إله إال أنت " .إفصاح آخر " إنها حياة كالماء ليس لها لون وال شكل وال
… تستطيع أن تمسكها بيديك" .إحسان عبد القدوس مساحة لذكر اهلل
قراءة المزيد
الـــمقدمة
-يناير 2024 ,06
ممـلـــكُة إلَت رانُي وس اْلُع ـــــــظـــــمى على بعِد آالف السنين الضوئية ..ما بين ستاِئ ر الُظ لمِة لليلٍة
غاب عنها البدر ،وَق طَر اِت األمطار َأ ضافت لمسًة حزينًة ألراضي المملكة ،في ُح لكِة الظالم تتعالى
َص يحات النساء ،وبكاء األطفال يكسُر الصمت .كان الجميُع كعاصفٍة هوجاء َي ُلوذون إلى مخارج…
قراءة المزيد
األرشيف
التسميات