You are on page 1of 31

‫‪Akwan‬‬

‫الفصل السابع عشر | وجًه ا لوجه مع الخطر‬

‫‪ -‬فبراير ‪2024 ,29‬‬

‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‬

‫إفصاح‪" :‬اللهم اجعل خير عمري آخره‪ ،‬وخير عملي خواتمه‪ ،‬وخير أيامي يوم ألقاك"‪.‬‬

‫إفصاح آخر "ليس هناك سوى شيء واحد يجعل الحلم مستحياًل ‪ ،‬هو الخوف من الفشل"‪ .‬باولو كويلو‬

‫مساحة لذكر اهلل‬

‫*********************************‬

‫الفصل السابع عشر‬

‫هناك الكثير من مراحل الهلع التي قد يمر بها اإلنسان‪ ،‬بالطبع تلك المراحل تعتمد على عمر الشخص‪ ،‬ففتى في‬
‫الخامسة عشر لن يهلع من دمية ناطقة كما طفل في الرابعة‪ ،‬ورجل في الثالثين لن يصاب بالهلع نفسه الذي قد‬
‫ُي ِص يب مراهق في الثامنة عشر عندما ُي مسك به والد فتاته وهو يتسلق نافذة غرفتها‪.‬‬

‫أما أنا مع وضعي المميز والخاص فكان أكبر هلعي هو االستيقاظ واكتشاف أن الشخص الذي كاد يقتلك داخل‬
‫غرفتك منحٍن على ركبته أمامك تماًم ا يحدق بك وأنت مستغرق في النوم‪.‬‬
‫استغرق األمر ثواٍن الستيعاب ما يحدث‪ ،‬كيف دخل لغرفتي؟ ُص راخ يوجين! وقربه الشديد ويده التي كانت‬
‫تسند رأسي قبل ثواٍن ‪.‬‬

‫أكانت يده تسند رأسي؟‬

‫أم أنه فقط أراد تفقد عالمتي مجدًد ا؟ فهو يبدي اهتماًم ا بها بشكل غريب‪ ،‬كانت األسئلة التي جابت خاطري‬
‫بينما أحدق به بصمت غير مناسبة اآلن ابًد ا‪.‬‬

‫عندما أدركت اخيًر ا ما يحدث وما حدث أمس تحرك جسدي بال إرادة‪ ،‬وفكرة واحدة طرقت عقلي ونفذتها فوًر ا‪،‬‬
‫ركلت بقدمي منطقة جرحة التي أعرفها جيًد ا ليتأوه ويندفع بعيًد ا‪ ،‬دفعه لن يأتي بنتيجة! في األمس بينما أجره‬
‫علمت أن وزنه أضعاف وزني ويدان نحيلتان لن تكونا قادرتين حتى على تحريك ذراعه‪.‬‬

‫نهضت من مكاني والتقطت فأسه بسرعة ورفعته بصعوبة‪ ،‬وقف على قدميه ودلك رقبته بملل بينما أبقيت على‬
‫الفأس مرفوعا نحوه بتهديد‪.‬‬

‫"أخرج!"‪.‬‬

‫بقدر اإلمكان أخرجت صوتي قوًي ا ثابًت ا‪ ،‬ورغم أنه لم يخرج كما تصورت بسبب بحة النوم التي تركت أثرها على‬
‫حلقي؛ إال أنه كان كافًي ا ليثبت أنني لن أتردد في التلويح بالفأس نحو رأسه‪.‬‬

‫حدق نحوي بصمت ولم يتحرك لذلك أعدت بصوت أعلى "أخرج من غرفتي!" لم يتحرك… نظر لفأسه ثم لوجهي‬
‫الجامد وقال "هذا فأسي!" رفعت حاجًب ا نحوه وقلت "أعلم هذا‪ ،‬ستستعيده حينما تخرج من هنا‪ ،‬واآلن أخرج"‪.‬‬

‫تحرك يوجين وتوقف بجواري وقال "كيف سيخرج بينما تقفين أمام الباب وتهددينه بفأس؟" عقدت حاجبي‬
‫والتفت خلفي بسرعة وحينها أدركت أن الباب خلفي بالفعل؛ لذلك‪ ...‬كيف سيخرج حًق ا؟‬

‫نظفت حلقي ونظرت نحوه ألراه يرفع حاجبيه ويضع مالمح سخرية على وجهه‪ ،‬تحركت خطوة بعد األخرى‬
‫بينما ما زلت أوجه الفأس نحوه وكان التحرك بثقله صعًب ا جًد ا‪.‬‬

‫استجاب هو لتحركي وأخذ خطواته بكل برود تجاه الباب‪ ،‬عندما توقف أمام الباب وحرك يده نحو المقبض‬
‫تنهدت براحة لمرور األمر بسالم‪.‬‬

‫أو هذا ما ظننت ألنه توقف فجأة والتفت نحوي وهناك نظرة استمتاع على وجهه‪ ،‬تًب ا لك‪ ،‬كنت أعرف أنه لن‬
‫يخرج بتلك السهولة‪.‬‬

‫"إن كنِت تريدين مني الخروج؛ لَم أدخلتني غرفتك منذ البداية؟" اللعين حًق ا كان يستمتع باألمر‪ ،‬ابتلعت ونظرت‬
‫نحوه بثبات دون إجابة‪ ...‬أخذ خطوة نحوي لكني رفعت الفأس بتهديد وصحت "ال تقترب!" قهقهة خرجت منه‬
‫وكانت تلك المرة األولى التي أراه يضحك بها‪ ،‬رغم أنها ضحكة ساخرة ولكنها أفضل بمائة مرة من تعابير 'أريد‬
‫قتلك'‪.‬‬

‫"أنِت ترفعين الفأس بشكل خاطئ و‪ ...‬هل حًق ا ستقومين بإصابتي به؟ أنِت أجبن من ذلك‪ ،‬لو أردِت أذيتي‬
‫لتركتني في األمس دون معالجة جرحي"‪ .‬كان الكيل قد طفح بي لذلك قلت بغيظ "لقد كانت شفقة‪ ،‬رؤيتك‬
‫ملقى على وجهك والدماء من حولك أثارت شفقتي‪ ،‬كما أن شرفي كطبيبة لم يسمح لي برؤية شخص يموت‬
‫دون مساعدة مهما كان هذا الشخص حقيًر ا"‪.‬‬
‫كان من الواضح أن تلك الـ 'حقير' موجهة له‪ ،‬لكن يبدو أن الشفقة أغاظته أكثر من الشتيمة ألن فكه انقبض بقوة‬
‫وجمع ذراعيه في قبضة وأصبحت لغة جسده عدوانية فجأة‪.‬‬

‫الجسد! إنه يقرأ خوفي وترددي وكل ضعفي من خالل جسدي‪ ،‬ولكن ما قلته قبل قليل كان حقيقة وهذا ما‬
‫أغاظه‪ ،‬إن كان هناك من يتقن قراءة الناس من خالل أجسادهم فهي أنا‪ .‬كتمت أنفاسي ووضعت كامل تركيزي‬
‫بالتحكم في جسدي منذ هذه اللحظة‪ ،‬لن أسمح له برؤية لحظة تردد واحدة حتى وإن كان هذا ما أشعر به‪.‬‬

‫"عليِك حًق ا االنتباه للهراء الذي يخرج من فمك" نظرته الباردة أصابتني بالهلع لكني ذكرت نفسي مراًر ا أن أتحكم‬
‫بجسدي جيًد ا‪ .‬كوني الطرف الذي يتحكم فيما يحدث اآلن؛ سيصبح هو الطرف الذي ينفذ ال تلقائًي ا‪.‬‬

‫ابتسمت بسخرية دون قول شيء ما لكنه قال "شرفك كطبيبة! وهل سيسمح شرفِك بقتلي اآلن؟"‬

‫"ذلك الشرف كان شيئا عابًر ا ليلة األمس‪ ،‬ولكن اآلن كل ما يهمني هو أن تبقى بعيًد ا عني وال تهمني الطريقة التي‬
‫سأحقق بها هذا"‪.‬‬

‫أردت إغضابه‪ ...‬شيء ما في غضبه كان يشفي غليلي منه؛ لذلك وجدت نفسي دون إدراك أقول بكل سخرية‬
‫"ثم ماذا؟ هل تمقت الشفقة حًق ا؟ أعني أليس هذا ما يشعر به الجميع تجاه متعجرف قاتل مثلك! أال ترى األمر‬
‫في أعينهم طيلة الوقت؟"‪.‬‬

‫لنكن صرحاء‪ ...‬لم أَر أحًد ا يشعر بالشفقة تجاهه أبًد ا‪ ،‬في الواقع كان الجميع يتجنبه قدر اإلمكان‪ ،‬ما كنت أراه‬
‫في أعينهم هو الحذر فحسب‪ ،‬لكني أردت إغضابه‪ ،‬أردت رؤيته يصرخ من الغضب بسببي! بسبب البشرية التي‬
‫يظن أنها ضعيفة‪.‬‬

‫لنقل أن عقلي توهم رد فعل من صراخ علي وسب وربما تحطيم عدة أشياء في غرفتي‪ ،‬لكن لماذا لم أتصور أنه‬
‫قد يتجه نحوي فجأة بخطوات سريعة وبإمكاني رؤية عرق ينبض في رقبته‪.‬‬

‫وعاد الهلع مجدًد ا‪ ...‬إمساكي للفأس كان مجرد تهديد‪ ،‬كيف لي أن أغرز فأسا في جسد شخص يتنفس؟‬

‫ال يمكنني تصور نفسي أفعلها وهذا ما كان هو متأكد منه لذلك كان يتقدم بكل ثقة‪ ،‬لكنه ال يعلم أن اندفاع‬
‫األدرينالين داخل البشر يجعلهم يقدمون على الكثير من الحماقات التي تجعلهم يتساءلون الحًق ا…‬

‫'كيف بحق اهلل فعلت هذا؟'‪.‬‬

‫وهذا ما حدث… وجدت نفسي أرفع الفأس بقوة ولوحت به تماًم ا نحو وجهه الذي كان قريًب ا والذي كانت إصابة‬
‫الفأس له شيء أكيد‪.‬‬

‫أو ربما شبه أكيد؛ ألنه خالل جزء من ثانية كان قد أمسك بالكرسي الخشبي بجوارة ورفعه مكان وجهه لينغرس‬
‫الفأس في الكرسي‪.‬‬

‫كنت شاكرة أن رد فعله كان سريًع ا‪ ،‬نعم أكرهه‪ ،‬لكن رؤية رأسه تتدحرج نحو قدمي شيء مختلف‪.‬‬

‫لولهة كنت نادمة ومتفاجئة مما فعلت لكن عندما لمحت تلك النظرة على وجهه‪ ،‬نظرة التفاجؤ‪ ،‬تلك النظرة التي‬
‫تعني أنني فعلت شئا لم يكن يتوقعه على اإلطالق‪ ،‬دفعت شعور النصر داخلي‪.‬‬
‫تراجع خطوتين للخلف بينما ألقى الكرسي فوق األرضية‪ ،‬ورغم دهشتي بالموقف إال أنني قررت استخدامه‬
‫لصالحي‪...‬‬

‫من المستحيل أن ألوح بالفأس مجدًد ا‪ ،‬أعلم هذا جيًد ا لكنه ال يعلم هذا‪ ،‬كل ما يعلمه أنني قد أصيبه المرة‬
‫القادمة‪.‬‬

‫حاولت سحب الفأس من قاعدة الكرسي لكنه كان عالًق ا! حاولت شدُه بقوة لكنه لم يخرج‪ ،‬فعلت األمر بيدي‬
‫االثنتين ووضعت قدمي اليمنى فوق الكرسي أدفعه للجهة المعاكسة التي أسحب الفأس اتجاهها لكنه لم‬
‫يتزحزح‪ ،‬كيف يمكنه بحق اهلل حمل هذا الفأس وكأنه يحمل لعبة؟‬

‫انشغالي عن أمر أتريوس الذي يراقبني كان غلطة ألنني تحولت لطفلة تسب وتشتم الفأس ألنه ال يطيع ما تريد‬
‫وأصبح عدوي هو الفأس اآلن‪ ،‬فقد كان عنيًد ا جًد ا ليخرج تماًم ا كصاحبه‪.‬‬

‫"جلنار" تجاهلت يوجين وانحنيت أسحب الفأس بقوة "جلنار‪ ،‬أظن أنـ…" زفرت وصحت به "ليس اآلن"‪ .‬لكنه‬

‫أكمل على كل حال "أظن أن عليِك االلتفات قلياًل "‪ .‬عقدت حاجبي وتوقفت عن محاولة سحب الفأس وكدت‬
‫التفت لكن الشعور بجسده خلفي تماًم ا أصابني بالشلل‪.‬‬

‫نعم‪ ،‬تفوز حماقتي مجدًد ا وتناصر أتريوس‪ ،‬كان خلفي مباشرة لدرجة أنه كان بإمكاني الشعور بأنفاسه تضرب‬
‫رقبتي‪ .‬تيقنت أنني أمام أمرين‪ :‬إما أن يقتلني بكسر رقبتي خالل ثانية‪ ،‬أو أن أضربه بمرفقي بقوة تجاه الجرح‬
‫وأبتعد بسرعة‪.‬‬

‫وهذا ما كدت أفعله‪ ،‬لكنه سبقني هذه المرة وأمسكت يده اليسرى ذراعي وأصبح الركض مستحياًل اآلن‪ ،‬يدي‬
‫اليمنى التي كانت فوق مقبض الفأس حاولت للمرة األخيرة سحبه بيأس لكن ال فائدة‪.‬‬

‫وعندما ظننت أنه سيقتلني ألنني تجرأت وكدت أقتله‪ ،‬امتدت يده اليمنى ووضعها فوق يدي الملتفة حول‬
‫مقبض الفأس وبكل سهولة رفعه وكأنه يحمل قلًم ا ما‪.‬‬

‫لم أشعر بثقل الفأس هذه المرة ألنه كان يحمله‪ ،‬قبضتي فقط محبوسة تحت قبضته‪ .‬اآلن هو يملك الفأس‬
‫ومرفقي في ذات الوقت‪ ،‬أي حركة مني قد تقتلني‪.‬‬

‫لم أتوقع أبًد ا اقترابه مني لهذه الدرجة وعندما أقول لهذه الدرجة أعني رأسه الذي تحرك ليسند ذقنه فوق كتفي‬
‫و خصالت شعره التي بإمكاني الشعور بها تالمس وجنتي "أنِت تسحبينه بالطريقة الخاطئة‪ ،‬تضعين الكثيرة من‬
‫القوة في كف يدك وتنسين كيف توزعينها على ذراعك بالكامل كما أن‪"...‬‬

‫سكت قلياًل ليأخذ نفًس ا ويزفره ثم أردف "إن أردِت قتلي المرة القادمة عليِك اختيار جهة للتلويح‪ ،‬أن تلوحي به‬
‫بشكل عشوائي قد يصيبني لكنه لن يقتلني ولكن إن حركِت يدك من الخلف وبشكل سريع نحو األمام حيث‬
‫صدري؛ حينها ما كنت ألصد ضربتِك "‪.‬‬

‫هل يخبرني اآلن كيف بإمكاني قتله؟ ما خطبه؟ ما‪ ...‬ما الذي يدور حًق ا في عقل هذا الرجل؟‬

‫"وشيء أخير‪ ،‬طالما العدو على مقربة منِك ال تدعي انتباهِك يتشتت عنه للحظة‪ ،‬حاولي تشتيت انتباهه حتى‬
‫تستعيدي سالحك"‪ .‬لم أتمالك نفسي هذه المرة والتفت أنظر نحوه "ما خطبك بحق اهلل؟ ما مشكلتك معي‬
‫بالضبط؟ منذ ظهوري بينكم وأنت تكرهني بشكل خاص‪ ،‬لَم ال تتجاهلني فقط كما تتجاهل الجميع؟ لماذا أنا؟"‪.‬‬
‫ال أعلم من أين لي بتلك القوة لقول كل هذا بينما وجهه قريًب ا لهذا الحد‪ ،‬ربما ألنه بشكل مفاجئ بدا أكثر هدوء‬
‫ومسالما بشكل غريب‪.‬‬

‫كان من الصعب التركيز بين ما أقول وعينيه التي تحدق بي‪ ،‬تلك العين الزجاجية التي تبدو مألوفة جًد ا‪ ،‬وبين‬
‫خصالته التي وقعت على جانب وجهه التي ذكرني لونها اآلن بذلك الفتى الصغير من ذلك الحلم المزعج‪.‬‬

‫"ال تجعلي نفسك تشعر بأنها شيء خاص‪ ،‬أنِت فقط جبانة‪ ،‬فاشلة‪ ،‬تشبهين الفأر الموجود كغداء للثعبان‪ ،‬الذي‬
‫يحاول بشتى الطرق الخروج من العلبة وقد نسى أنه مجرد وجبة‪ .‬لعبة التحمل والبقاء السخيفة التي تلعبينها‬
‫مع نفسك يومًي ا حتى ال ينهار عقلك؛ إنها تغيظني‪ ...‬بشكل ما ال يحق لِك أن تكوني واحدة منا حتى"‪.‬‬

‫عضضت على وجنتي بقوة حتى أنني أشك بكوني قد جرحتها‪ ،‬سحبت يدي اليمنى من بين يديه وأبعدت نفسي‬
‫عنه أللتفت أواجهه وجًه ا لوجه قبل أن أدفع بمرفقي بعيًد ا عن قبضته اليسرى‪.‬‬

‫"اسمع يا هذا‪ ،‬ال يهمني ما تظن عني وما يغيظك وما ال يفعل‪ ،‬لكني اكتفيت حًق ا‪ .‬نعم‪ ،‬أنت ترعبني وهذا طبيعي‬
‫ألنك كدت تقتلني‪ .‬أنا ضعيفة ولن أنكر هذا ألنه طبيعي‪ ،‬إنه جزء مني‪ ،‬جزء يجعلني بشرية‪ ،‬جزء ال يجعلني‬
‫كشخص مثلك وأنا فخورة بهذا الضعف‪ .‬خائفة مما يحدث‪ ،‬خائفة من كل هذا وبالكاد أتماسك‪ ،‬أنت محق تماًم ا‪،‬‬
‫لكنني لست وجبة أحد وال غداء أحد‪ ،‬أتفهم؟ ال يحق لك الحكم على كل من تريد كما تريد ألنك لست بإله‪ ،‬مهما‬
‫كنت فأنت تتألم وتصاب وتفشل وتنجح‪ ،‬تخون وتتم خيانتك‪ ،‬تنتصر وتخسر وربما تبكي وتضحك‪ ،‬وتحزن‬
‫وتفرح‪ ،‬وهذا يجعلك مثلي تماًم ا أتريوس‪ ،‬ال أفضل وال أقل‪ ...‬مثلي تماًم ا‪ ،‬تمتلك قوة أفضل مني وبنية جسدية‬
‫مختلفة عني‪ ،‬لكن هنا تماًم ا‪."...‬‬

‫توقفت ونكزت بقوة صدره األيسر بإصبعي حيث قلبه وأكملت "هنا تماًم ا أنت مثلي‪ ،‬ألنه ينبض ويتألم كما أفعل‪،‬‬
‫سواء تقبلت هذه الحقيقة أم لم تفعل فهي تظل حقيقة ال مفر منها‪ ،‬أتريوس"‪.‬‬

‫وهذه كانت إحدى تلك االنفجارات التي لن أندم عليها أبًد ا‪ ،‬كل كلمة خرجت كنت واثقة منها تماًم ا وكنت واثقة‬
‫من وقعها على أذنه ومن تأثيرها عليه‪ ،‬حتى لو أخفى ذلك بكل قوة يملكها‪ ،‬إنه ال يختلف عني أبًد ا‪.‬‬

‫"اثبتي ذلك" عقدت حاجبي بتعجب لكنه أخذ خطوة وأصبح ما يفصل بيننا إنشات قليلة‪ ،‬وكرر "اثبتي أنني‬
‫مثلك"‪.‬‬

‫نظرته لم تكن تحمل تحدي‪ ،‬بدت لي وكأنه يريد هذا! بل يتوسل إلثبات وكان هذا غريًب ا جًد ا‪ ،‬لكني قلت بال تردد‬
‫"أنت تكرهني‪ ...‬قلبك يفعل‪ ،‬حسًنا‪ ،‬إًذ ا كذلك أنا‪ ...‬أكرهك‪ ،‬قلبي يكرهك‪ ،‬هذا الكره يثبت تماًم ا أنك شخص ال‬
‫وحش‪ ،‬الوحوش ال تكره‪ ،‬في الواقع الوحوش ال تشعر"‪.‬‬

‫الشيء الوحيد الذي أفهمه تماًم ا أنه مقتنع أنه وحش ما "مجدًد ا تحركين فمِك بهراء ال تقصدينه‪ ،‬كاذبة وجبانة‪،‬‬
‫أنِت ال تستحقين عالمتِك هذه"‪.‬‬

‫رفع يده ليلمس إبهامه العالمة على جانب عنقي لكني أمسكت بكف يده بقوة وأبعدتها "ليس أنت من يحدد هذا‪،‬‬
‫لست من يحدد إن كنت فارسة أم ال‪ ،‬لست من يحدد إن كنت قوية أم ال وإن كنت كاذبة أم ال‪ ،‬ليس أنت من‬
‫يحدد إن كنت أستحق هذه العالمة‪ ،‬أنا من يحدد كل هذا؛ أعجبك ذلك أم لم يعجبك"‪.‬‬

‫صمُت لثانية حدق خاللها كل منا باآلخر ثم قلت "يوجين كان محقا‪ ،‬كان علي تركك ملقى فوق السلم لكني فقط‬
‫فتاة ال تستمع"‪.‬‬
‫دون النظر نحو يوجين استطعت سماع صرخة انتصاره‪ ،‬وهذا نبهني أنه كان يشاهد ما يحدث بصمت منذ‬
‫البداية‪.‬‬

‫ظهر التشوش عليه لوهلة وانعقد حاجباه وأكاد أجزم أنه يقاوم حتى ال يفتح فمه ويسأل 'من يوجين بحق‬
‫اإلله؟' لكنه تراجع وتجاهل األمر… ربما!‬

‫"واآلن اخرج من غرفتي‪ ،‬وأرجوك تجاهلني منذ اليوم"‪ .‬ظل صامًت ا لثواٍن وهو ينقل عينيه فوق وجهي "إن‬
‫وجدتني أموت المرة القادمة ال تتدخلي"‪ .‬رفعت حاجبي وقاومت سب يوجين الذي كان يغني بأن ما قاله تحقق‬
‫بالفعل وقلت "من دواع سروري‪ ،‬واآلن اخرج"‪.‬‬

‫رفع حاجًب ا نحوي وظل صامًت ا ألكرر كلمة اخرج مجدًد ا لكنه دحرج عينيه ورفع يده وقال "سأخرج ما إن تقرري‬
‫ترك يدي"‪ .‬لم أفهم ما يقصد تماًم ا‪ ،‬اتسعت عيناي عندما نظرت ليده التي أبعدتها عن عنقي‪ ،‬لقد ظللت ممسكة‬
‫بها‪ ...‬حسًنا‪ ،‬ال يعتبر إمساًكا ألن أظافري قد تركت أثًر ا يبدو مؤلًم ا في راحة يده‪ ،‬حتى أنني قد خدشته بقوة‬
‫ولكنه لم يتذمر‪.‬‬

‫عندما أبعدت يدي بسرعة نظرت بعيًد ا… األمر محرج‪ ،‬أتظاهر بكل تلك القوة وفي النهاية أمسك يده كالغبية‪ ،‬لقد‬
‫كنت مغتاظة فحسب‪ ،‬لماذا جميع المواقف الغريبة تحدث معه؟‬

‫عندما نظرت نحوه كانت نظرة غريبة في عينيه وهناك ابتسامة صغيرة على شفتيه‪ ،‬لم تكن ساخرة أو باردة‪،‬‬
‫كانت حًق ا ابتسامة عادية طبيعية لشخص طبيعي‪.‬‬

‫منعت نفسي من التحديق بصدمة كالحمقاء ألن هذا سيبدو غبًي ا‪ ،‬طلب الخروج ثم التحديق به‪.‬‬

‫التفت وتحرك نحو الباب وعندما ظننته سيلتفت مجدًد ا ويرمي إحدى إهانته خاب ظني ألنه خرج بال كلمة‪.‬‬

‫ظللت واقفة في مكاني أحاول استيعاب كل ما حدث قبل قليل! هل حًق ا حدث ما حدث أم أنه حلم سخيف؟‬
‫أعني أنا! أنا جلنار روسيل وقفت في وجه أتريوس وجًه ا لوجه… أمام من كاد يقتلني؟ فليخبرني أحدكم أين‬
‫ذهبت جلنار القديمة ألنني أفتقد عدم الوقوع في مشاكل‪.‬‬

‫نظرت للفوضى من حولي بصمت‪ ،‬الكرسي الخشبي الشبه مكسور وقميصه الملوث بالدماء الملقى في إحدى‬
‫الزوايا‪ ،‬سريري الملوث أيًض ا بدمائه‪ ،‬الضمادات والكمادات‪ ،‬وجدت نفسي أتنهد براحة وكأن أحد األحداث الكبيرة‬
‫قد انتهى‪.‬‬

‫نظرت ليوجين الذي كان فقط ينظر نحوي "ماذا؟" رفع كتفيه وقال "ال أعلم‪ ،‬ربما خالل خمس دقائق في بداية‬
‫اليوم كدِت تقطعين رقبة أحدهم ثم تبادلِت معه أقوى حديث صريح ما كنِت لتتبادليه مع نفسك و‪ ...‬هل كان‬
‫ذلك الرجل يقترب منِك بشكل مبالغ فيه أم أنه عقلي؟"‪.‬‬

‫دحرجت عيني بسخرية وقلت "نعم‪ ،‬لقد كان يحاول أن يفقدني عقلي‪ ،‬إنه يقرأ ذعري كلما اقترب مني واألمر‬
‫يشعره بالمتعة لذلك انسحب عندما رأى أنني كسرت حالة الذعر تلك هذه المرة"‪.‬‬

‫عقد حاجبيه لوهلة وكأنه أدرك شيئا ما قبل أن يصرخ قائاًل "هل حًق ا قلِت له أن يوجين محق!؟ لقد ذكرِت اسمي‬
‫أمامه يا فتاة‪ ،‬وقلِت أنِك تكرهينه! و ثم وكزِت صدره و‪ "...‬صحت في وجهه إليقافه "اهدأ قلياًل ! ما رد الفعل‬
‫المتأخر هذا؟"‪.‬‬
‫ابتلع حديثه وحدق نحوي ثم قال "من الصعب إعطاء رد فعل فوري لما يحدث‪ ،‬أال تظنين أنه كثير على شبح‬
‫الستيعابه؟" كدت أرد لكن الطرق على الباب قبل أن يفتح بقوة منعني‪.‬‬

‫ذو القامة الصغيرة التي دخل برأسه األزرق وعينيه الصفراويتين أجبرني على االبتسام رغم كل ما حدث "صباح‬
‫الخير‪ ،‬أختي جلنار‪ ،‬لقد اشتقت لِك ‪ .‬أخبرتني واندر أن أوقظك وأن أستأذن وأدخل عندما تأذني لي‪ ...‬لم تأذني‬
‫لي! تبا‪ ،‬هل علي الخروج والطرق مجدًد ا أم‪ ...‬اللعنة"‪ .‬صمت عندما انتبه لحالة الغرفة "أهاًل باإلذاعة الصباحية"‪.‬‬
‫سخر يوجين ولكني حًق ا بدأت أحب هذا الفتى‪.‬‬

‫"وانــــدر! هنــاك رابلونين قــد زار جلنار"‪ .‬صرخ بقوة فجأة مما أفزعني‪ ،‬بدا خائف في الواقع وقال بسرعة "هل‬
‫أنِت بخير؟ هناك دماء‪ ،‬الكثير منها‪ ،‬هل أصبِت هـ…" لكني أمسكت بكتفه وقلت "اهدأ‪ ،‬أنا بخير‪ ،‬هارليك‪ .‬هذه‬
‫ليست دمائي"‪.‬‬

‫عقد حاجبيه وقال "أهذه دماء الرابلونين؟ هل حًق ا قاتلِت واحًد ا؟"‪.‬‬

‫"رابلونين؟" كررت بتساؤل وفتح فمه ليجيب لكن واندر التي دلفت للغرفة منعته قائلة "كم مرة علي القول أن‬
‫الرابلونين خرافة‪ ،‬هارليك‪ ،‬ال يوجد رابلونين هنا ولـ‪ "...‬توقفت عندما وقعت عيناها على الغرفة قبل أن تضع‬
‫يدها على صدرها بصدمة وتقول "إلهي‪ ،‬هل مر رابلونين من هنا؟"‪.‬‬

‫دحرجت عيَني وصحت "واندر! ما هو الرابلونين بحق اهلل؟" أفاقها صياحي من التحديق داخل غرفتي وقالت‬
‫"ذلك‪ ...‬مجرد خرافة يتناقلها األطفال عن مخلوق قادم من الجحيم‪ ،‬شيء مع أنياب ضخمة وأظافر كبيرة‬
‫وأعين بارزة‪ ،‬إنه مخلوق فوضوي‪ ،‬عندما يحدث ضرر في مكان ما كنا نقول 'هل مر رابلونين من هنا؟' كتشبه‬
‫لكن ال وجود له"‪.‬‬

‫كتف هارليك ذراعيه بغيظ وقال "إنه موجود‪ ،‬كل شيء موجود‪ ،‬أنا متأكد"‪.‬‬

‫"هل رأيت واحًد ا هارليك؟"‪.‬‬

‫"ال‪ ،‬لكن تومي دائًم ا ما يتبجح برؤية واحد"‪.‬‬

‫"تومي فتى كاذب‪ ،‬واآلن أذهب ودعني أتحدث مع جلنار لدقائق"‪.‬‬

‫لم يبُد عليه االقتناع بما قالته واندر لكنه خرج بصمت وأغلق الباب‪ ،‬تنهدت واندر بيأس ثم نظرت نحوي بقلق‬
‫وقالت "ماذا حدث هنا جلنار؟ ما هذه الدماء؟ ولَم المكان مبعثر؟ هل أصبِت باألمس؟" حركت رأسي بال لتعقد‬
‫حاجبيها وتتفحصني بعينها باهتمام مبالغ فيه‪.‬‬

‫"إن أخبرتِك فلن تصدقي"‪ .‬تمتمت بتعب‪.‬‬

‫طمأنتها قائلة "لم تكن أنا واندر‪ ،‬أقسم أنني بخير‪ ،‬عليك االطمئنان على شخص آخر"‪ .‬ارتفع حاجبيها وقالت‬
‫"أتريوس" لم أقاوم رمقها بنظرات واضح عليها االستغراب وقلت "كيف؟ أعني أن هناك الكثير غيره؛ بإمكانهم أن‬
‫يكونوا مصابين"‪.‬‬

‫ابتسمت وحركت رأسها وقالت "أعرف هذا الفتى جيًد ا جلنار‪ ،‬ال أحد سيخفي أنه مصاب سواه‪ ،‬كما… ال أحد‬
‫سيشكرك على االعتناء به بإثارة الفوضى بغرفتِك صباًح ا غيره"‪.‬‬
‫أصابت في تحليلها تماًم ا‪ ،‬إنها تعرفه جيًد ا "هل حًق ا اعتنيِت به؟" لمسة الشك في صوتها كانت تحاول إخفائها‬
‫حتى ال تؤذي مشاعري لكني عذرتها‪ ،‬أن تظن أن هناك شخًص ا اعتني بشخص كاد يقتله لهو نوًع ا ما… ضرٌب من‬
‫الجنون‪.‬‬

‫أومأت برأسي وقلت "صدقيني‪ ،‬لم أترك مشاعري الشخصية تؤثر على مهنتي‪ ،‬كما اعتنيت بأغدراسيل اعتنيت‬
‫بأتريوس‪ ،‬ومهما كان بغيًض ا معي يظل من الصعب رؤية أحدهم يموت دون تدخل"‪.‬‬

‫اتسعت ابتسامتها واحتضنت جسدي فجأة وتمتمت "أنِت حًق ا شيًئ ا آخر"‪ .‬ابتعدت وأمسكت كتفي وقالت "في‬
‫كل صباح تثبتين لي أن هذا الفريق حًق ا في حاجة لك"‪ .‬نعم‪ ،‬رفع اآلمال مجدًد ا‪ ،‬منعت نفسي من التذمر حتى ال‬
‫أعكر صفو مزاجها ولكني قلت "ال تسعدي بي كثيًر ا‪ ،‬عالجته لياًل وحاولت قطع رأسه صباًح ا"‪.‬‬

‫اتسعت عيناها ألفسر "تعلمين‪ ،‬ليس من السهل المبيت في ذات الغرفة مع شخص يخبرك في كل دقيقة يراِك‬
‫فيها أنه يريد قتلك لذلك‪ ...‬أخذت فأسه ألدافع عن نفسي و‪ ...‬تحمست قلياًل ولوحت به بطريقة متهورة وكاد‬
‫يصيبه لوال أنه يملك رد فعل سريع"‪.‬‬

‫نظرت نحو الكرسي في نهاية حديثي لتنظر هي أيًض ا نحوه بدهشة قبل أن تنفجر ضحًكا "إلهي‪ ،‬حاولِت ضربه‬
‫بفأسه؟" أومأت برأسي لتحاول تنظيم أنفاسها "دعيني أحزر‪ ،‬بما أنه استخدم شيئا للدفاع عن نفسه هذا يعني‬
‫أنه كان يظن أنِك لن تتمكني من ضربه"‪ .‬وجدت نفسي ابتسم وقلت "لم يكن يظن أنني قد ألوح به حتى"‪.‬‬

‫اضطرت واندر في النهاية أن تتجه لغرفة أتريوس لالطمئنان عليه وهي تتمتم بأنها تعتني بطفل ما‪ ،‬حاولت‬
‫ترتيب تلك الفوضى رغم أن واندر أخبرتني أن ال أقلق فهي ستهتم بالتنظيف‪ ،‬أخذت قميصه مع المالءة‬
‫ووضعت كليهما في سلة الغسيل ثم أمضيت صباحي كالمعتاد‪.‬‬

‫قابلت هارليك أثناء اتجاهي للمطبخ والذي أصر أن هناك رابلونين قد أحدث تلك الفوضى وبصعوبة قمت بتغيير‬
‫موضوع غرفتي‪.‬‬

‫كان من الظريف قضاء الوقت مع ثرثرة هارليك التي ال تنتهي‪ ،‬حضرت البان كيك مجدًد ا وجاءت واندر لتضيف‬
‫بعض األطباق الجانبية‪ ،‬انضم جوزفين لنا وأصبح المكان مزدحًم ا فجأة عندما جاء رومياس وظل جالًس ا أمام‬
‫باب المطبخ يستمع لما نقول‪.‬‬

‫"في األمس قابلنا رجل غريب‪ ،‬تعاملت جلنار معه وقال شيء غريب"‪ .‬نظرت لهارليك بطرف عيني بحدة ليصمت‬
‫لكن قرص جوزفين ذراعي وقال "ال تنظري له بتلك الطريقة‪ ،‬دعيه يقول ما يريد"‪ .‬رفعت حاجًب ا وقلت "ظننتك‬
‫ال تشعر بالفضول لما يحدث معي!" نظف حلقه وصمت وبإمكاني رؤية احمرار طفيف على وجهه ألكتم ضحكي‬
‫بصعوبة‪.‬‬

‫"أنا أشعر بالفضول" التفت بصدمة نحو رومياس الذي تمتم بجملته بسرعة وكأنه ال يريد منا سماعها ليحرك‬
‫جوزفين شفته بـ شكًر ا لك نحو رومياس‪.‬‬

‫"حسًنا‪ ،‬ما حدث كان كالتالي عندما اتبعنا تلك الكرة نحو المكان الفارغ كانت هناك صخرة كبيرة وجاء ذلك‬
‫الشيخ من الال مكان وعرض الكثير مقابل تلك الكرة‪ ،‬المال والقوة وقال أنه يرى الرغبات لكنه لم يَر خاصة جلنار‪،‬‬
‫ثم نزلنا إلى أسفل األرض ألنه كان امتحان واجتازته جلنار وأصبحنا نرى النجوم من أسفل األرض‪ ،‬ثم ظهر على‬
‫الحائط شيء ما وقال الرجل أن هناك من سبق جلنار إلى هنا وأنها تشبه شخصا يعرفه ثم قال جولديان‪،‬‬
‫وترجيته ليقول ما يعرفه لكنه طردنا"‪.‬‬
‫صمت جال المكان بعد حديث هارليك السريع وغير المرتب‪ ،‬تنهد جوزفين وقال "أخبرني بأكثر شيء مثير‬
‫لالهتمام فيما حدث باألمس في جملة مكونة من سبع كلمات"‪ .‬عقد هارليك حاجبيه وقال "الشيخ قال جلنار‬
‫تشبه رجل يدعى جولديان"‪.‬‬

‫التفت الجميع نحوي في الوقت ذاته بطريقة مثيرة للريبة فقلت "إنه شخص وحيد وخرف‪ ،‬اتفقنا!؟ لم يكن‬
‫يعني ما قاله" هز هارليك رأسه بقوة وقال "أنا متأكد أنه ظل ينظر لجلنار بطريقة غريبة ثم قال ذلك‪ ،‬حتى أنني‬
‫قلت له جولديان؟ الملك جولديان؟ ولم ينِف ذلك"‪ .‬دحرجت عيني وقلت "ولم يؤكد ذلك أيًض ا هارليك‪ ،‬هناك‬
‫مئات الرجال الذين يدعون جولديان‪ ،‬ال معنى لما قال"‪.‬‬

‫عقد ذراعيه فوق صدره وقال "أنا متأكد أنه كان يقصد الملك… ال‪ ،‬بل أنا متأكد أن هذا الرجل كان يعرف الملك‬
‫جولديان" كانت أنظار من معنا تنتقل من علي إلى هارليك ثم تعود نحوي وكأنهم يحاولون معرفة من الصادق‪.‬‬

‫"كيف لرجل أن يعرف شخص مات منذ مئات السنين؟" قلت باستنكار ولكن لم يبُد أنهم يتفقون معي لذلك‬
‫تنهدت وقد اكتفيت من هذه التفاهة‪ ،‬لذلك تركتهم وخرجت من المطبخ‪ ،‬فال فائدة من العناد مع طفل‪.‬‬

‫خرجت لخارج المنزل ألخذ بعض الهواء فقد شعرت باالختناق بالداخل‪ ،‬بالتفكير باألمر هذه المرة الثانية التي‬
‫أخرج فيها من الباب الرئيسي منذ مجيئي إلى هنا‪ ،‬دائًم ا ما آخذ الطرق أسفل األرض مع أحدهم‪.‬‬

‫"هل أنِت بخير؟" التفت نحو أغداراسيل الذي ظهر فجأة من الال مكان "أظن أني من علي سؤالك هذا السؤال"‪.‬‬
‫مازحت ليقهقه ويحرك كتفه بخفه ويقول "لقد كان عماًل جيًد ا ما فعلته األمس‪ ،‬أعني… شكًر ا‪ ،‬أنقذِت حياتي‪،‬‬
‫أنا‪ ...‬ال أعرف‪ ،‬أبدو تافًه ا اآلن" ضحك كالنا بال سبب "لم أنقذ حياتك‪ ،‬ذلك لم يكن بالشيء الكبير" رفعت كتفي‬
‫في النهاية وضحكت بشكل متوتر‪.‬‬

‫مرت فترة من الصمت بيننا قبل أن أقول‪:‬‬

‫"مرت الطـ‪"...‬‬

‫"تبـ‪"...‬‬

‫توقف كالنا عندما تحدثنا في اللحظة ذاتها "ابدئي أنِت أواًل " رفع شعره للخلف بحركة سريعة وأومأ نحوي‪.‬‬

‫"الطبيبة الملكية جاءت باألمس‪ ،‬البد أنها اعتنت بك‪ ،‬هل ستصبح ذراعك بخير؟" ابتسم وحك ذقنه ثم قال‬
‫"نعم‪ ،‬في الواقع أصبحت بخير" أزاح قميصه عن كتفه ليظهر ضمادا الصقا فوق جرحه وقال "الطبيبة الملكية‬
‫تمتلك موهبة في الشفاء؛ لذلك قد أغلقت الجرح وقالت أنه ال يجب تحريكه كثيًر ا؛ فالجلد لين وقد يتمزق في‬
‫هذه الفترة"‪.‬‬

‫أومأت براحة وقبل أن أتحدث أضاف "لقد مدحت ما قمِت به‪ ،‬قالت أنها لم تَر أحًد ا يعالج الجرح من قبل‬
‫بخياطته‪ ،‬فزعت في البداية لكن عندما تفقدت األمر قالت أنها مبهورة بكيف يمكن إغالق جرح دون استخدام‬
‫السحر‪ ،‬وأن من قام بهذا لهو شخص رائع" لم أقاوم االبتسامة باتساع وقلت "أصدقني القول! هل قالت ذلك‬
‫حًق ا؟"‪.‬‬

‫"حسًنا‪ ،‬اختلقت جزئية الشخص الرائع لكن الباقي كان حقيقيا"‪ .‬أومأت برأسي باقتناع اآلن ليضحك في المقابل‪.‬‬
‫"واآلن دورك" قلت ليتحدث "كنت فقط أظن أنِك تبدين متضايقة‪ ،‬هل أزعجِك أحدهم؟" نظر بجدية نحوي وأنا‬
‫حًق ا لم أرد التحدث حيال أي مما يضايقني‪.‬‬

‫عندما ضربت أشعة الشمس وجهه كانت عيناه أكثر لمعاًن ا؛ لذلك وجدت نفسي أقول لتغيير الموضوع "تبدو‬
‫عيناك كلون الذهب في ضوء الشمس"‪.‬‬

‫كان شيء غبًي ا لقوله‪ ،‬أعني أنا ال أحظى بمحادثة مع رجل على شكل انفرادي وال أعلم كيف أتملص من األسئلة‬
‫وقول أول ما جاء بعقلي كان خطأ غبي‪.‬‬

‫صمت هو لثانية‪ ،‬كان يفتح فمه ويغلقه مجدًد ا "هل ضايقِك أتريوس؟" تًب ا‪ ،‬لماذا ال ينسى األمر؟ عندما طال‬
‫صمتي تنهد بقوة وركل حجارة صغير كانت على االرض بقدمه "هل يجدر بي قتل هذا الرجل؟" كان يتمتم بها‬
‫لنفسه أكثر من كونها موجهة لي‪ .‬تذكرت ما قاله هارليك عن شجارهما‪ ،‬يبدو أن كليهما ال يطيق اآلخر من بعدها‬
‫أو ربما منذ البداية‪ ،‬البداية التي ال أعرف عنها شيء‪.‬‬

‫"لقد حاولت قتل أتريوس صباًح ا"‪ .‬التفت نحوي بسرعة وكأنه لم يَر هذا قادم "ال تنظر نحوي بتلك الطريقة‪ ،‬لم‬
‫أملك نية ولم أخطط لألمر إن كان هذا ما تظنه" أطلق ضحكة وبدا يهز رأسه بعدم تصديق‪.‬‬

‫"عليك تناول الفطور‪ ،‬تعلم‪ ،‬حتى ال يسوء جرحك"‪ .‬ابتسم واقترب مني ليربت على رأسي ويتمتم "أنِت امرأة‬
‫يصعب فهمها"‪ .‬ثم وكعادة أغدراسيل أنهى جملته واتجه للداخل وقد تركني مع مئات األفكار المشوشة‪.‬‬

‫اجتمع الجميع للفطور كالعادة وكان يوًم ا عادًي ا‪ ،‬ال يبدو كيوم تال هجوًم ا على مكان ما‪ .‬عندما انضم لنا أتريوس‬
‫تحت ضغط واندر صمت الجميع عن الحديث‪ ،‬وكأن وجوده يجبر الجميع على الصمت أو ربما يضغط عليهم‪،‬‬
‫كان الهواء يبدو ثقياًل على الجميع‪ ،‬وخصوًص ا أغدراسيل الذي لم يتفانى في إظهار كم هو منزعج بوضع األشياء‬
‫بقوة وإصدار أصوات مزعجة‪.‬‬

‫بدا أتريوس غير مهتم بالمرة لما يحدث من حوله فقط يتناول طعامه بصمت‪ ،‬وأنا… أصبح لدي هواية جديدة‬
‫بمراقبة أوجه الجميع‪.‬‬

‫"ماذا ستفعلون اليوم؟" قطع هارليك الصمت المحيط بنا وتنهدت شاكرة لذلك‪ ،‬بدا وكأن جوزفين كان ينتظر من‬
‫أحدهم التحدث ألنه رد بحماس "علينا الذهاب للقصر الملكي‪ ،‬فقد طلبت األميرة رؤيتنا"‪ .‬نهض هارليك من‬
‫مكانه صائًح ا بحماس "حًق ا! هل سنرى القصر العظيم؟" رمقته واندر بطرف عينيها لكنه بدا غير مهتم بأي شيء‬
‫في هذه اللحظة‪.‬‬

‫"سنذهب نحن وأنت ستبقى مع جلنار وواندر"‪ .‬بدت جملة أوكتيفيان بمثابة الصفعة لهارليك الذي صمت بال رد‬
‫حتى ظننت أنه يحاول أال يبكي لكنه فاجأني عندما ضرب الطاولة بقبضته بقوة وصاح "أنا فارس‪ ،‬ال يمكنكم‬
‫استثنائي فقط لعمري!"‪.‬‬

‫التنهيدات التي سمعتها ونظرات الجميع المتململة أعلمتني أن هذا الحوار ال يدور للمرة األولى "األمر ال عالقة له‬
‫بعمرك‪ ،‬فجلنار ستبقى أيًض ا"‪ .‬حافظ أوكتيفيان على هدوءه وأكمل فطوره بطبيعية "هذا غير عادل‪ ،‬أنتم‬
‫تستثنوننها أيًض ا ألنها بشرية‪ ،‬ال حق لكم في هذا"‪.‬‬

‫"نحن ال نستثني أحدا‪ ،‬ما سنتحدث عنه هو أمور خاصة بيوم األمس وأشياء ستجدها مملة"‪.‬‬
‫"ال أجد شئون البالد مملة‪ ،‬ليس ألني أصغر منك عمًر ا يعني أنني أهتم فقط بألعاب الصبية‪ ،‬تم اختياري كفارس‬
‫لسبب‪ ،‬وتم اختيار جلنار لسبب أيًض ا‪ ،‬هل علمتموها كيف تقاتل حتى؟ هل حاول أحدكم إخبارها بالوضع الذي‬
‫نمر به؟ هل فكر أحدكم بها كمقاتلة ال كشخص ضعيف يوًم ا‪ ،‬ماذا إن كـ‪."...‬‬

‫"هارليك‪ ،‬توقف!" حاولت بشدة تهدئة نفسي‪ ،‬ما كان علي الصياح بهذه الطريقة‪ .‬قضمت شفتي بقوة حتى ال‬
‫أصرخ عليه مجدًد ا وأخذت نفًس ا عميًق ا "اهدأ‪ ،‬اتفقنا!؟ ال تأخذ األمر على محمل شخصي‪ ،‬لكن إن كنت تريد منهم‬
‫أال يعاملوك كصبي فتوقف عن التصرف كواحد"‪.‬‬

‫تجاهلت بشدة نظرات الجميع نحوي وركزت على هارليك الذي بدا متفاجًئ ا " أعلم أنك متحمس ومندفع حيال‬
‫الدفاع عن اآلخرين‪ ،‬لكن إن وجهت هذا االندفاع بطريقة خاطئة فكل ما ستفعله هو اإلتيان بالمزيد من الخسائر‪،‬‬
‫ال أعرف الكثير عن أموركم وال عن آلية اختيار الفرسان لكني أعلم أن مجرد عالمة على جسدك ال تجعلك‬
‫مستحًق ا للقتال دفاًع ا عن اآلخرين‪ ،‬ألنك إن لم تكن جاهًز ا بحق فحينها ستكون حتى عاجًز ا عن المحاربة دفاًع ا‬
‫عن نفسك"‪.‬‬

‫ال أعلم إن كان ما قلت قد أحبطه أم أثر به أو حتى دفعه للتفكير بجدية‪ ،‬لكنه صمت وجلس على غير عادته‬
‫العنادية التي الحظتها منذ األمس‪.‬‬

‫رفعت رأسي بعيًد ا عنه وانكتمت أنفاسي لنظرات الجميع الموجهة نحوي و‪ ...‬نعم‪ ،‬حتى أتريوس كان ينظر‬
‫بحاجب مرفوع‪.‬‬

‫عندما الحظوا ارتباكي حاول الجميع أن يبدو طبيعًي ا ويأكل طعامه كأن شيئا لم يكن‪ ،‬لكن هل على كل شيء أن‬
‫يكون كأنه لم يكن؟ بالطبع ال‪ ،‬ألن أتريوس قال فجأة "ال تنزعج كثيًر ا؛ فأنا أيًض ا سأبقى"‪.‬‬

‫أدركت غضب الجميع فجأة‪ ،‬خصوًص ا أغدراسيل وأوكتيفيان‪ ،‬لكن كان هناك شيئا آخر علي إدراكه‪ ،‬وهو كيفية‬
‫التنفس‪ ،‬خصوًص ا مع العصير الذي توقف في منتصف حلقي ألبدأ في السعال بقوة‪.‬‬

‫عندما انتهت نوبة السعال بدأت أرى أنني قاطعت نوبة غضبهم‪ ،‬وبدا وجه الجميع مكفهرا ولكنهم متماسكين‬
‫حتى ال تموت المسكينة التي معهم اختنًق ا‪.‬‬

‫"ماذا تعني بأنك لن تأتي؟ إنه أمر ملكي من األميرة‪ ،‬ال يمكنك الرفض"‪ .‬تحدث أوكتيفيان بصرامة ووجدت‬
‫نفسي أوجه نظري ألرى رد فعل أتريوس لكن تحديقه المستمتع نحوي جعلني أراجع إن كان ما حدث صباًح ا‬
‫سيمر بسالم حًق ا‪.‬‬

‫"أنا لن أرفض‪ ،‬أنا فقط لن أذهب"‪ .‬قال ببرود ليضع أغدراسيل كأسه بقوة ويقول "هذا يسمى تجاهل‪ ،‬يبدو الئًق ا‬
‫جًد ا باألشخاص أمثالك‪ ،‬أتعلم أنا أتفق معك‪ ،‬ال تذهب‪ ،‬وفرت الكثير من الصداع علينا" ابتسم أتريوس براحة‬
‫وقال ساخًر ا "شكًر ا لتفهمِك ‪ ،‬آنسة أغدراسيل"‪.‬‬

‫جفل جسدي بفزع عندما تحطمت الكأس الزجاجية بين يدي أغدراسيل ونهض واقًف ا بانفعال وعندما نظرت‬
‫لوجه أتريوس أدركت ما يحاول فعله‪ ،‬أغدراسيل يعطيه تماًم ا ما يريد‪ ...‬إنه يستمتع بإغضاب الجميع ودفعهم‬
‫لبدء قتال بعدها لذلك وجدت نفسي أستمتع بإفساد متعته‪.‬‬

‫نهضت من مكاني عندما رأيت أغدراسيل يتجه نحوه وأمسكت ذراعه وسحبته‪ ،‬نظر نحوي بغضب‪ ،‬لكني قلت‬
‫"اتبعني دون أن تسأل"‪ .‬في الواقع بدا الجميع متفاجئا لتدخلي غير المتوقع البتة‪ ،‬وهو بالذات! بدا منزعًج ا أو‬
‫يحاول إخفاء انزعاجه‪ ،‬لن أعطيه الشجار الذي يريد‪.‬‬

‫خرجت من المنزل وما زلت أجر أغدراسيل خلفي وهو يتبعني بال تساؤل‪ ،‬بدأنا المشي داخل األشجار المتشابكة‬
‫لمدة وعندما طال مشينا قرر أخيًر ا السؤال "أين نذهب؟" ما زال غاضًب ا لكنه يتمالك نفسه اآلن‪.‬‬

‫لم أجبه وواصلت المشي حتى وصلت للمكان الذي أريد‪ ،‬بدا مستغرًبا لما يحدث وسأل "لَم نحن هنا؟" بالطبع من‬
‫الغريب جلبه للمكان الذي كدت أقتل فيه‪.‬‬

‫أمام ذلك المنحدر‪.‬‬

‫"أخرجه هنا" عقد حاجبيه بال فهم ألفسر قائلة "أخرج غضبك هنا‪ .‬ال أعرف‪ ،‬اصرخ‪ ،‬الكم‪ ،‬أو اركل‪ ،‬افعل ما تراه‬
‫مناسًب ا"‪.‬‬

‫تردد في البداية لكن انتهى به األمر وهو يصرخ بقوة ثم أخذ يلكم بعض األشجار ويصرخ مجدًد ا حتى هدأ‬
‫وجلس على األرض‪.‬‬

‫"أفضل؟" قهقه وهو يتنفس بقوة "أفضل"‪ .‬جلست بجواره وألقيت نظرة سريعة على مفاصله المحمرة بالكامل‬
‫"هل تؤلم؟" هز رأسه للجانبين بصمت‪.‬‬

‫مر وقت بال حديث بين كلينا قبل أن يقول "هل تفعلين هذا عادًة عندما تغضبين؟"‪.‬‬

‫"ال‪ ،‬لم أكن أغضب من قبل‪ ،‬كنت جيدة في التجاهل‪ ،‬لكني قرأت في كتاب أنها طريقة جيدة وتساعد في تجنب‬
‫العنف"‪.‬‬

‫"ال يوجد شخص ال يغضب‪ ،‬جلنار"‪.‬‬

‫"اكتشفت ذلك عندما قابلت أتريوس"‪.‬‬

‫لم يقاوم الضحك هذه المرة رغم أنني ظننته قد يغضب عند ذكر اسمه مجدًد ا "أنِت حًق ا فتاة جيدة‪ ،‬ما كان‬
‫عليِك الخوض في أمر كهذا" رفعت كتفي ونهضت من مكاني وقلت "أخبر التوبازيوس بهذا"‪.‬‬

‫لم أكن ألظن أنني قد أسحب أحدهم بهذه الطريقة يوًم ا أو أتحدث بهذا الشكل مع شخص يوًم ا ما‪ ،‬لكن يبدو أن‬
‫القدر حًق ا يضع في طريقنا الكثير مما ال نتوقعه‪ ...‬في الواقع القدر يضع طرق غير الطرق التي نظن أننا‬
‫سنسلكها ويجبرك على تغيير الخطة بالكامل‪.‬‬

‫عندما عدت مع أغدراسيل لم أجد الجميع موجود‪ ،‬فقط واندر وهارليك الذي الزم غرفته‪ ،‬تركني أغدراسيل‬
‫ليتجه للقصر الملكي حيث الجميع‪ ،‬وأنا أخذتني واندر في تحقيق شامل كان يشارك يوجين ببعض األسئلة فيه‪.‬‬

‫عندما غربت الشمس حدث ما حدث ليلة األمس‪ ،‬حيث بدأت الكرة تهتز مجدًد ا ثم أصدرت الضوء ذاته‪ ،‬كدت‬
‫أخرج ألتبعها لكني قابلت هارليك في طريقي‪ ،‬بدا هادئا ونوًع ا ما حزين؛ مما أثار انزعاجي‪.‬‬

‫كان من الصعب تركه هكذا لذلك عرضت عليه المجيء معي مؤكدة أن مغامرتنا ستكون أكثر متعة من الذهاب‬
‫لقصر ملكي‪ ،‬ولم يستغرق إقناعه دقائق ألن حماسه قد عاد بقوة‪.‬‬
‫هذه المرة كانت الكرة تشير نحو الباب الرئيسي للمنزل لذلك سلكنا طريقنا للخارج عبره‪" .‬إلى أين قد ترشدنا في‬
‫هذه المنطقة؟" تعجب هارليك بينما ما نزال نسير بال وجهة واضحة‪ ،‬بدأ طريقنا يمتلئ باألشجار وبدأت أقلق إن‬
‫كان طريق العودة سيبقى واضًح ا لنا‪.‬‬

‫أصبح الطريق أكثر انحداًر ا وكان علينا الحذر أين نضع أقدامنا بالضبط‪" .‬ال منازل وال أشخاص هنا‪ ،‬فمنزلنا تم‬
‫أخذه في مكان بعيد عن السكان حتى نتدرب كما نريد" وضح هارليك بينما نسير وهذا يفسر لما جئت إلى هنا‬
‫عبر مركبة طائرة في المرة األولى‪.‬‬

‫بعد عشر دقائق من االصطدام باألغصان والتعرقل بالحفر والصخور توقفنا فجأة عندما سمعنا صوت أحدهم‪،‬‬
‫نظرت لهارليك وخبأت ضوء الكرة بيدي‪ ،‬ألم يقل أن ال أشخاص هنا؟‬

‫اقتربنا قلياًل وقد انحنينا وبدا يوجين حذًر ا لدرجة أنه قد نسى أنه شبح ال يمكن رؤيته فقد انحنى معنا ومشى‬
‫بحذر‪.‬‬

‫أشرت لهاريك بالصمت عندما نظرت خالل األشجار وحينها تجمدت بفزع‪ ..‬هذا ليس شخًص ا! هذا ال يبدو كأي‬
‫مخلوق على اإلطالق‪.‬‬

‫ما بين الخوف والذهول! هذا ما يمكنني وصف ما أمر به اآلن‪ ،‬لم يكن بإمكاني التفكير في أي شيء يمكن فعله‪،‬‬
‫الركض بأقصى ما أملك أم الوقوف بصمت وانتظار أًي ا كان ما قد يحدث‪ ،‬أم فقط‪ ...‬أم فقط ماذا؟ ال يمكنني‬
‫التمييز بعد اآلن؟‬

‫"إياِك وإصدار حركة واحدة" همُس هارليك دفعني للنظر نحوه وحالته التي كان عليها أفزعتني في الواقع‪ ،‬كانت‬
‫عيناه متسعة ويبدو وكأنه يحارب حتى ال يتنفس‪ ،‬وكان يتعرق بشكل مخيف‪.‬‬

‫أعدت عيني نحو ذلك الكائن أمامنا‪ ،‬تلك األعين الحادة أشبه بعدسة اختلط اللون األسود بالرمادي فيها‪ ،‬جسده‬
‫األسود ذو الجلد السميك يقف على أربعة قوائم يلف ذيله حوله بينما جناحيه مطويين فوق ظهره‪ ،‬كان جسده‬
‫بالكامل قد لطخ ببعض الخطوط البيضاء التي تلمع تحت ضوء القمر‪.‬‬

‫شيء واحد كنت متأكدة منه‪ ،‬فزع هارليك لم يكن لمظهر ما هو أمامنا! بل كان لما هو عليه‪ ،‬ألن هذا الشكل هو‬
‫أقل ما ُي قال عنه ساحر‪.‬‬

‫"علينا العودة من حيث أتينا دون إصدار صوت واحد"‪ .‬همس بصوت يكاد ُي سمع وأنا متأكدة أن أصوات حفيف‬
‫األشجار من حولنا وبعض الصفير الخافت لحشرات الغابة إن خفتت لسمعت صوت قلبه ينبض بقوة‪.‬‬

‫"ما هذا؟" همست نحوه لكنه أشار بالصمت وبدا على حافة البكاء وهذا بدأ ينقل الخوف لي‪.‬‬

‫بدأ هارليك يأخذ خطوة بعد األخرى للخلف بهدوء شديد‪ .‬نظرت ليوجين الذي رفع كتفه بعدم فهم قبل أن يلقي‬
‫نظرة على ما أمامنا "هذا الشيء الخالب يبدو تماًم ا كتنين!" قال يوجين هو يحدق نحوه لتتسع عيناي بقوة‪.‬‬

‫لم أتفاجأ من تسمية يوجين‪ ...‬في الواقع كاد قلبي يتوقف وقد هدأ كل شيء فجأة‪ ،‬أنظار ثالثتنا اتجهت نحو‬
‫ذلك… التنين‪ ،‬ألنه ألتفت نحونا تزامًنا مع حديث يوجين بأكثر نظرة قاتلة‪.‬‬

‫ثم بدأ كل شيء بعد صرخة هارليك بكلمة "اركضي"‪.‬‬


‫لم أحتج أن يخبرني أحدهم بأن أركض ألن هذا ما فعلته دون تفكير‪ ،‬شيء كان يعج داخل عقلي بتذمر‪ ،‬لماذا‬
‫مخلوقات هذه الغابة ال يمكنها أن تكون ودودة ولو لمرة؟‬

‫عندما نظرت للخلف لم يكن ذلك التنين ورائي‪ ،‬توقفت ألتقطت أنفاسي وأبحث بعيني عن هارليك ويوجين و…‬
‫بالحديث عن يوجين‪ ،‬هل هذا صوت صراخه؟‬

‫بدا كصوت امرأة تلد لكني تعرفت عليه‪ ،‬حًق ا كان يصرخ! وجدت نفسي أركض بسرعة تجاه صوته‪ ،‬لماذا قد‬
‫يصرخ وال شيء قد يمسه بأذى؟ هو شبح!‬

‫اقتربت من مصدر الصراخ ووجدت نفسي بصوت عاٍل أصرخ باسم يوجين‪ ،‬لم أعد متأكدة بعد اآلن إن كان‬
‫سيظل سالًم ا؟‬

‫توقفت في اللحظة األخيرة وتجمدت للمنظر أمامي! كان يوجين يحلق بأسرع ما يمكنه وذلك التنين قد فرد‬
‫جناحيه ليلحق بيوجين‪ ،‬عندما الحظني يوجين حلق هارًبا نحوي لتتسع عيناي بفزع "أيها األحمق‪ ،‬ال تجلبه إلى‬
‫هنا!" صرخت بينما ألتفت أركض بعيًد ا وأصبح التنين يالحق كلينا اآلن‪.‬‬

‫أصبحت اآلن أركض عائدة نحو المكان الذي هربت منه في البداية‪ ،‬كنت أصرخ بفزع وأشتم يوجين كلما نظرت‬
‫خلفي وأرى ذلك الشيء على مقربة مني‪.‬‬

‫"ال يمكنه لمسك أيها الغبي! لَم تهرب منه؟" صرخت بشدة وأنا أكاد أبكي "هل جربِت أن تكوني الوحيدة التي‬
‫يحلق شيء نحوها بسرعة الضوء؟ إنه يراني واللعنة! من يعرف ماذا بعد؟" صرخ في نهاية جملته قبل أن‬
‫يحاول أن يسرع أكثر‪.‬‬

‫التقطت عيناي جسما ثالثا انضم لنا‪ ،‬كان هارليك بالكاد يتنفس وهو يحاول النجاة بحياته "سأتحول‪ ،‬علي‬
‫التحول‪ ،‬يجب أن أتحول‪ ،‬ماذا أفعل؟ سنموت"‪ .‬كان صوته مرتجًف ا لكني صرخت به "إياك والتحول! هذا سيزيد‬
‫الوضع سوًء فحسب"‪.‬‬

‫التفت خلفي لتتسع عيناي‪ ،‬كان يحطم األشجار بجناحيه بكل سهولة قبل أن يطلق صوتا أشبه بعويل أذى أذني‬
‫وجعلني أكاد أنفجر في البكاء‪ ،‬لم أنتبه أين أضع قدمي إال وأنا أشعر بجسدي يهوي إلى األسفل‪.‬‬

‫تعثرت قدمي ثم ظل جسدي يتدحرج فوق األرض المائلة إلى األسفل‪ ،‬هارليك الذي حاول إمساك يدي كان قد‬
‫سقط بسبب طريقة وقوفه الخاطئة وكانت عشرات األغصان تخدش جسدي‪ ،‬هذا إذ لم نتحدث عن الصخور‬
‫التي كانت تصطدم بي‪.‬‬

‫توقف جسدي عن التدحرج ككرة أخيًر ا وحاولت التقاط أنفاسي‪ ،‬رفعت رأسي بصعوبة أنظر نحو هارليك الذي‬
‫كان يتأوه بألم محاواًل الوقوف‪ ،‬حاولت جمع شتات نفسي والوقوف على قدمي التي كانت تنزف بشكل سيء‬
‫وقد ملئت الخدوش ذراعي ووجهي‪.‬‬

‫"هل أنِت بخير؟" يوجين الذي حظا بهبوط آمن صرخ بفزع وهو ينظر لحالتي المتدهورة‪.‬‬

‫"جلنار!" التفت لهارليك الذي كان ينظر خلفنا أللتفت بسرعة وأشعر بقلبي يكاد يتوقف! كان حائط صخري‬
‫ضخم خلفنا‪ ،‬أي‪ ...‬ال مهرب‪.‬‬
‫التفت بسرعة إلى األمام عندما سمعت صوت ارتطام شيء باألرض وما كان سوى قوائم ذلك التنين تحفر مكانها‬
‫على األرضية أمامنا بينما يحدق نحونا بأعين شرسة‪.‬‬

‫لم يكن هناك أحد مستثنى من هذا حتى يوجين قد حصل على قدٍر من النظرات المرعبة‪ ،‬كانت عيناه مختلفة‬
‫اآلن‪ ،‬سوداء بالكامل‪ .‬كشر عن أنيابه الحادة وهو ينظر نحونا بغضب‪.‬‬

‫"جلنار… أريد منِك أن تركضي نحو األمام عند إشارتي"‪ .‬التفت لهارليك الذي يحدق بالتنين بتركيز "هل جننت؟‬
‫كيف سنركض وهو يقف أمامنا؟" يمكنني رؤيته يبتلع وهناك لمحة من الخوف والتردد في عينيه وحركة جسده‬
‫كلها "سأقوم بتشتيته‪ ،‬ال تقلقي"‪.‬‬

‫عقدت حاجبي بعدم فهم قبل أن أركز بنظري على قبضة هارليك‪ ،‬كانت عروقه بارزة بشكل مخيف كما حال‬
‫العروق على عنقه‪ ،‬وبدا وكأن الدم تجمع داخل عينيه‪ ،‬وحينها فهمت ما يحاول فعله‪ .‬يبدو أن ذلك التنين انتبه‬
‫لمن فينا قد يشكل تهديًد ا له؛ ألنه ركز انتباهه فجأة على هارليك‪.‬‬

‫ال‪ ،‬ال يمكن أن يفعلها‪ ،‬إن تحول لعمالق قد يقتل أي شيء أمامه‪ ...‬األسوأ! قد يقتل نفسه‪ ،‬إنه خائف! يمكنني‬
‫رؤية ذلك بوضوح‪ .‬إنه طفل بحق اهلل‪ ،‬بالتأكيد سيكون خائفا! كيف بإمكاني الركض وتركه هنا على هذه الحالة؟‬
‫إلى أي مدى قد أصبح جبانة؟‬

‫كنت خائفة أنا أيًض ا‪ ،‬رؤيته يحارب شيئا ما ويحاول بشدة مقاومة خوفه كانت تشوشني‪ ،‬عندما تقدم خطوة‬
‫نحو التنين الذي بدا على أتم االستعداد للهجوم عليه عرفت أنني أمام أمرين‪ ،‬إحداهما كان األعقل لكن األجبن‪،‬‬
‫واآلخر‪...‬‬

‫كان األكثر جنوًن ا‪ ،‬ربما األكثر جنوًن ا على اإلطالق‪ .‬نظرت ليوجين الذي يبدو أنه يمكنه قراءة أفكاري بسهولة وبدا‬
‫لوهلة مشوًش ا وغير متأكد‪ ،‬مثلي تماًم ا‪ ،‬لكن واللعنة‪ ...‬كل شيء منذ مجيئي إلى هنا لهو جنون! من يبالي؟ كدت‬
‫أموت العديد من المرات‪ ،‬لتكن هذه إحدى هذه المرات‪.‬‬

‫"عشرون ثانية من الشجاعة" همست لنفسي وأنا أغمض عيني واستجمع كل شجاعتي فقط في عشرين ثانية‬
‫قد تنهي األمر‪ ،‬كوني شجاعة ولو لعشرين ثانية في حياتك وافعلي شيًئ ا!‬

‫عندما نظرت ليوجين هذه المرة كان هناك ابتسامة على وجهه‪ ،‬ابتسامة أعرفها جيًد ا‪ ،‬كان قد اتخذ قراره أيًض ا‪.‬‬
‫أومأ لي برأسه آلخذ نفًس ا قوًي ا وأصرخ بصوت عاٍل "هــذا يــــــكـــفــي!"‬

‫صراخي مع يوجين في الوقت ذاته جاء تزامًنا مع عويل ذلك التنين‪ ،‬كان يبدو وكأنه قد قرر في هذه اللحظة‬
‫قتل هارليك‪ ،‬لكن صراخ كلينا كان عاٍل لدرجٍة جعلته يلتفت نحونا بسرعة‪.‬‬

‫يمكنني تخمين النظرة على وجه هارليك‪ ،‬ولكني ركزت عيني على ذلك التنين‪ ،‬إما أنت أو أنا هذه الليلة‪.‬‬

‫كاد يتقدم نحوي بسرعة لكن يوجين صرخ "أيها السميك‪ ،‬هنا! انظر لشخص في حجمك"‪ .‬التفت التنين نحوه‬
‫وكشر بغضب وكاد يتحرك نحوه‪ ،‬لكني صرخت "أين تظن نفسك ذاهًب ا؟"‪.‬‬

‫أعاد نظرته نحوي لكن يوجين لم يترك له فرصة وهو يأخذ خطوات على يمينه "هنا‪ ،‬انظر هنا‪ ،‬أال تريد تذوق‬
‫شبح لمرة في حياتك؟" كان يوجين يعطيني القوة ألكمل دون خوف‪ ،‬وكأن هذا ما نفعله كل يوم‪.‬‬
‫"إياك ولمس صديقي‪ ،‬أتفهم؟" صحت بحدة عندما تحرك فجأة نحو يوجين‪ ،‬التفت نحوي وأصبحت نظرته أكثر‬
‫سواًد ا‪ ،‬وبدون إدراك فجأة وجدت نفسي أبادله نظرات صارمة‪.‬‬

‫حدث كل شيء بسرعة لم أدركها‪ ،‬عندما قفز بشكل غير متوقع نحوي وفي اللحظة ذاتها ومض شيء داخل‬
‫عقلي‪ ،‬صوت صاح باسم‪ ...‬اسم وجدت نفسي أصرخ به بصرامة "كارولوس‪ ،‬توقف!"‬

‫لم أكن خائفة! إن كنت سُأ صدم من شيء في هذه اللحظة فهو أني لم أكن خائفة! على العكس تماًم ا كنت أشعر‬
‫وكأن ما أفعله هو شيء عادي! بل وأني شعرت بالغضب لسلوك‪ ...‬كارولوس؟‬

‫كانت يداي قد تشكلت كقبضة بجواري وقد وقفت دون تردد أمامه تماًم ا‪ ،‬عندما صرخت به كان قد كبح قفزته‬
‫وتوقف أمامي ينظر نحوي بصمت‪.‬‬

‫كنت ألتقط أنفاسي بصعوبة ولكني رغم ذلك وقفت بثقة أمامه‪ ،‬وهذه المرة كان دوري في التكشير‪ ...‬مر صمت‬
‫علينا استمر لثواٍن قبل أن يخفض كارولوس رأسه لتصبح موازية لطولي واقترب خطوة أخرى مني بحذر‪،‬‬
‫دفنت كل شعور بالخوف عميًق ا وكانت العشرون ثانية من الشجاعة قد أفلحت‪ ،‬حتى أنها امتدت لدقائق كثيرة‪.‬‬

‫عندما اقترب حتى أصبح وجهه يقابل وجهي تماًم ا تنفس بقوة لتضرب أنفاسه وجهي‪ ،‬وعلي القول أنها لم تكن‬
‫ذات رائحة جيدة‪ ،‬هذا الفتى يحتاج إلى مئة علبة من معجون النعناع!‬

‫أردت لمسه لكني ترددت في الوقت ذاته‪ ،‬ال أريد فقدان يدي‪.‬‬

‫عندما ظللت أنظر نحوه دون أن أرمش هدأ وجهه فجأة وعينيه عادت للونها الطبيعي األسود والرمادي‪ ،‬وقد‬
‫توسع بؤبؤ عينيه بشكل عادي‪.‬‬

‫ارتفع ليقف على قوائمه األربعة بـ ال أعلم… بدا كأنه يتفاخر أو يتظاهر بكبرياء‪ ،‬وهذا ما دفعني لالبتسام‪ .‬وضعت‬
‫يدي داخل جيب ردائي‪ ،‬تحول بسرعة لحالة تأهب‪ ،‬رفعت يدي األخرى أمامه وقلت "اهدأ‪ ،‬سأريك شيًئ ا؛ ليس‬
‫إال"‪ .‬أخرجت الكرة من جيبي أمام وجهه وقلت "ال نريد إيذاءك‪ ،‬فقط نريد غرًض ا ما"‪.‬‬

‫اتجهت عيناه بسرعة نحو الكرة قبل أن تعود نحوي ثم تعود للكرة مجدًد ا‪ ،‬بدا حذًر ا جًد ا أو أني شعرت به حذًر ا‬
‫للغاية‪.‬‬

‫"ماذا يحدث بحق اهلل؟" سمعت همس هارليك لكني ركزت على كارولوس أمامي "هؤالء أصدقائي‪ ،‬هارليك"‪.‬‬
‫أشرت على هارليك المتجمد مكانه وبالكاد يضع تعبيًر ا على وجهه "وهذا يوجين"‪ .‬أشرت على يوجين الذي لوح‬
‫بحذر‪.‬‬

‫نظر لهم بداية من هارليك حتى يوجين قبل أن يعيد أنظاره نحوي‪ ،‬عقدت حاجبي أنظر نحوه… أمال برأسه‬
‫نحوي ليرتفع حاجبي بفهم "أنا! أنا جلنار" جنون‪ ...‬حًق ا يبدو كجنون‪ ،‬ولكني أقسم أنني أشعر بما يريد هذا‬
‫الفتى! إنه ال يتحدث‪ ،‬لكني أشعر بما يقصد‪.‬‬

‫عندما نظر للكرة مجدًد ا ثم التفت شعرت بما يريد "تريدنا أن نتبعك؟" أردت فقط أن أتأكد أني لم أجن! وعندما‬
‫التفت برأسه نحونا نصف التفاته ونظر بعينيه بكسل شعرت مجدًد ا به‪ ،‬كنت متأكدة أنه يريد منا أن نتبعه‪.‬‬

‫"جلنار‪ ،‬هذا جنون!" التفت نحو هارليك الذي كان لون وجهه شاحًب ا بشدة "وجودي بينكم هو جنون بحد ذاته‪،‬‬
‫هارليك‪ ،‬فقط دعنا نتبعه"‪ .‬لم أكن على استعداد لمناقشة األمر ألنني تبعته دون االستماع لحديث هارليك‪ ،‬تبعني‬
‫بسرعة وأخذ خطواته خلف جسدي كحماية من كارولوس‪.‬‬

‫"ال أفهم‪ ,..‬أنا ال أفهم شيء‪ ،‬كيف أوقفته؟ لماذا يستمع لِك ؟ من يوجين بحق اهلل؟ ال يوجد سوانا هنا جلنار‪ ،‬لماذا‬
‫أشرِت على شخص ثالث؟ ال ال‪ ،‬دعينا نعود ألمر التنين‪ ،‬كيف بحق اهلل لم يقتلنا تنين الشفق؟ ال أحد يخرج حًي ا‬
‫بعد مواجهة تنين الشفق! إنه قوي كاللعنة و‪."...‬‬

‫كبحت ضحكتي عندما انتبهت لمشية كارولوس‪ ،‬بدا فخوًر ا بينما يرفع قامته بشكل أكبر ويفرد جناحيه بشكل‬
‫استعراضي‪ ،‬إنه يفهم ما يقوله هارليك عنه‪.‬‬

‫"تنين الشفق!" التقطت ما جذبني ليومئ هارليك ويهمس بحذر "يسمى تنين الشفق‪ ،‬إنه من أخطر أنواع‬
‫التنانين‪ ،‬ال يمكن ترويضه أبًد ا‪ ،‬حاول ملك البرومفينا من قبل ترويضه‪ ،‬لكنه فشل و‪ " ...‬أوقفته مجدًد ا وسألت‬
‫"البرومفينا؟" أومأ برأسه وقال "إنهم شعب متحكِم الكائنات‪ ،‬تينر جام هو الفارس المختار من بين البرومفينا"‪.‬‬
‫إًذ ا هناك شخص يسمى تينر جام وهو متحكم كائنات ضمن أعضاء الفريق‪.‬‬

‫صراخ كل من هارليك ويوجين أعادني ألرض الواقع‪ ،‬كان كالهما يختبئ خلفي بينما كارولوس قد التفت نحونا‬
‫فجأة مما أخافهما‪ ،‬كان يشعر بالملل لرد فعل كليهما مما أضحكني‪.‬‬

‫نظرت للمكان من حولنا حيث توقف‪ ،‬كان هناك مدخل لكهف أمامنا‪ ،‬أعدت أنظاري نحو كارولوس الذي التفت‬
‫وأكمل خطواته للداخل‪ ،‬تبعته ليتوقف يوجين قائاًل "لن أدخل هناك‪ ،‬إنه يخطط لتناولنا"‪ .‬دحرجت عيني على‬
‫سخافته وقلت "إًذ ا ابَق هنا"‪.‬‬

‫عندما رأى أني جادة تبعني بسرعة‪ ،‬الحظت أن هارليك كان ينظر حوله بشك ثم بدأ ينظر نحوي أنا بخوف "أعلم‬
‫أنك تظنني جننت‪ ،‬لكني سأفسر األمر لك‪ ،‬اتفقنا؟" بدا مشوًش ا وغير متأكد عما سأفسر بالضبط فهناك الكثير‬
‫لُي فسر‪ ،‬لكنه أومأ بصمت‪.‬‬

‫عندما تعمقت خطواتنا إلى داخل الكهف بدأ الظالم يغطي المكان وأصبحت الرؤية صعبة لذلك توقفت "ال‬
‫يمكنني السير‪ ،‬ال أرى شـ‪ "...‬صمت عندما شيًئ ا فشيًئ ا بدت الخطوط البيضاء فوق جسده تنير! كانت تشع بشكل‬
‫أّخ اذ وتحت ضوئها كان جلده األسود يلمع‪.‬‬

‫لم يتوقف وظل يسير بينما تبعته بدهشة وأنا أنظر نحوه بإعجاب "هذا رائع!" صحت ليلقي نحوي نظرة بطرف‬
‫عينه "ال تكن مغروًر ا جًد ا" تمتمت لكنه تقدمني بخطوات واسعة ليصبح في المقدمة‪.‬‬

‫مالحظة‪ ،‬هذا التنين نرجسي لحد ما‪.‬‬

‫توقفت عندما توقف‪ ،‬نظر نحو الكرة في يدي التي بدأت تهتز ثم ابتعد وبسط قوائمه على األرضية قبل أن‬
‫يتسطح براحة ويراقب ما أفعل "مستمتع بالعرض؟" سخرت ليلف عنقه للجهة األخرى وكأنه غير مهتم‪.‬‬

‫وجهت الكرة حيث يشير الضوء ليحدث ما حدث في المرة السابقة‪ ،‬على سقف الكهف ظهر الرقم اليوناني ثالثة‪.‬‬

‫األول هو الرقم أربعة عشر والثاني ثالثة‪ ،‬تبقى رقمان إذا كانت األحجية صحيحة‪ ،‬ثم سنجعل خمسة أشياء‬
‫مستوية لنحصل على الرقم األخير‪.‬‬

‫ابتسمت لنفسي بفخر‪ ،‬لقد عملت بجد حًق ا‪ .‬عندما التفت نحو التنين كارولوس كان يسترق نظرات نحو السقف‬
‫بفضول‪.‬‬
‫"أمسكتك!" صحت به لكنه التفت بسرعة ونهض وقد أعطى ظهره لنا قبل أن يستلقي مجدًد ا‪.‬‬

‫"هل بدأ عقلي يفسد أم أن تنين الشفق يتصرف كصبي اآلن؟" زمجرة صدرت من كارولوس أفزعت هارليك‬
‫"آسف‪ ،‬لم أقصد إساءة‪ ،‬أنا حًق ا أسف" انفجرت ضحًكا بينما أشعر باألسى على الفتى المسكين‪.‬‬

‫"اهدأ قلياًل ‪ ،‬اتفقنا؟"‬

‫"يهدأ! جلنار‪ ،‬أنِت تتحدثين مع تنين وتقومي بتسميته‪ ،‬وتريدين من الفتى أن يهدأ؟ بحق اهلل أنِت تتواصلين‬
‫معه وهو يمكنه رؤيتي و‪ ...‬كيف يمكنِك أن تكوني هادئة‪ ،‬أنا ميت وأشعر بالفزع"‪.‬‬

‫زفرت ونظرت ليوجين "ال أعرف‪ ،‬اتفقنا!؟ أنا ال أعرف شيًئ ا حًق ا‪ ،‬كيف يمكنني الشعور به؟ وكيف بإمكانه رؤيتك؟‬
‫ولماذا لم يخبرني أحدهم عن وجود تنانين في هذا العالم؟ ال أفهم شيًئ ا‪ ،‬لكن ما أفهمه هو أن كارولوس ليس‬
‫مؤٍذ ‪ ،‬ال ينوي قتلنا‪ ،‬كما أني لم أسِّم ه‪ ...‬لسبب ال أعرفه أنا أعرف أن اسمه كارولوس"‪.‬‬

‫أخذت نفًس ا عميًق ا لتهدئة نفسي‪.‬‬

‫"جلنار‪ ،‬ال تخيفيني‪ ،‬مع من تتحدثين بحق اهلل؟" صاح هارليك وبإمكاني رؤية عينيه تدمعان "هارليك‪ ،‬اهدأ‬
‫أخبرتك سأفسر‪ ،‬إنه يوجين‪ "...‬قاطعني يوجين "هل هو الوقت المناسب حًق ا للتفسير؟ نحن داخل كهف ال نعرفه‬
‫بجوار كائن أسطوري كاد يقتلنا‪ ،‬واهلل وحده يعلم كيف سنعود"‪.‬‬

‫"الفتى فزع مثلك تماًم ا يوجين‪ ،‬إنه يستحق معرفة ما يحدث على األقل‪ ،‬ضع نفسك في موضعه‪ ،‬لست الوحيد‬
‫القلق هنا"‪.‬‬

‫"لماذا جلبته معنا منذ البداية‪ ،‬أتبدو هذه كنزهة أطفال؟"‪.‬‬

‫"إنه فارس مثلي تماًم ا‪ ،‬وهو يعرف المكان أكثر من كلينا‪ ،‬لن أستثنيه كما يفعل اآلخرون لي وله‪ ،‬وهذا يعود لي‪،‬‬
‫واآلن اصمت قلياًل !"‪.‬‬

‫كنت قد فقدت أعصابي وقد صحت بنهاية الجملة ليصمت يوجين أخيًر ا‪ ،‬التفت نحو هارليك لكنه كان يقف‬
‫يراقبني بفزع‪ ،‬وخلفه كان يقف كارولوس يبدل أنظاره بيني وبين يوجين‪.‬‬

‫تنهدت ومسحت وجهي بكف يدي‪ ،‬لنبدأ من البداية‪...‬‬

‫"هارليك‪ ،‬أريدك أن تهدأ قلياًل ‪ ،‬ال شيء خطير يحدث‪ ،‬األمر فقط أنني أرى شخًص ا ال يراه اآلخرون‪ ،‬أنا أراه منذ أن‬
‫كنت على األرض‪ ،‬يسمى يوجين و‪ "...‬قاطعني يوجين ليزعجني وقال "صاحب الجاللة يوجين‪ ،‬دعيه يراني‬
‫بصورة أمير أو ملـ‪."...‬‬

‫"اصمت وإال جعلت كارولوس يطاردك لساعة"‪.‬‬

‫وفجأة بدا كارولوس متحمًس ا للفكرة ألنه نظر ليوجين بسرعة وبدا متأهًب ا‪ ،‬ركض يوجين خلفي وصاح "دعيه‬
‫ينظر بعيًد ا" دحرجت عيني وأعدت تركيزي مع هارليك‪.‬‬

‫"أتعرف األشباح؟" عقد حاجيه وتمتم "أرواح األموات؟" أومأت برأسي وقلت "متشابهان تقريًب ا لكنك أصبت‪،‬‬
‫يوجين هو روح شخص ميت"‪.‬‬
‫تحولت نظراته لفزع‪ ،‬ولكن يوجين بدا ال يعطي لعنه ألنه صاح "اهتموا بشعور الشبح الميت قلياًل ! قولي أني‬
‫روح في أجازة مؤقتة‪ ،‬أو ربما روح يالزمها النحس لينظر نحوها تنين بهذه الطريقة"‪.‬‬

‫"ال تخف‪ ،‬إنه غير مؤٍذ ‪ ،‬في الواقع إنه مضحك و‪ ...‬مسٍل " قاطعني مجدًد ا "قلت اجعليني أبدو كأمير؛ ال مهرج"‬
‫هززت رأسي بيأس وأكملت "األمر هو أن يوجين يالزمني من قبل أن أقابلكم يا رفاق‪ ،‬منذ أن كنت على األرض‬
‫و‪."...‬‬

‫قاطعني وقال "هل البشر يرافقون أرواح األموات؟" حركت رأسي للجانبين وقلت "ال‪ ،‬أنا فقط من يراه‪ ،‬وهذا‬
‫لسبب ال أعلمه‪ ،‬ال أحد يرى يوجين هنا أو على األرض سواي" اتسعت عينيه وصاح "أيمكنك إًذ ا رؤية روح عمي‬
‫ريفاندوالو؟ لقد مات منذ شهر!"‪.‬‬

‫طرفت بتعجب وانفجر يوجين ضحًكا وقال "ريفا… ماذا؟ من يسمي طفله بهذا االسم؟ كيف عاش بدون أن يغير‬
‫اسمه؟" حاولت أال أنفجر ضحًكا وقلت لهارليك "ال‪ ،‬ال يمكنني رؤيته و‪ ...‬آسفة لموت عمك" رفع كتفيه بإهمال‬
‫وقال "ال بأس‪ ،‬توقع الجميع أن يموت منذ قرن لكنه كان عنيدا ومتمسكا بالحياة‪ ،‬كان يبلغ ألفي سنة تقريًب ا"‪.‬‬

‫سعلت بصدمة قبل أن أتمالك نفسي وأربت على كتفه "حسًنا! المغزى أنني ال أرى سوى يوجين‪ ،‬وال يراه سواي‪...‬‬
‫في الواقع كارولوس يراه أيًض ا"‪.‬‬

‫التفَت للتنين ينظر نحوه وبدا كارولوس غير مهتٍم وهو يمرر عينيه على كل واحد منا بكسل‪" .‬انظر‪ ،‬يوجين‬
‫يقف هناك تماًم ا‪ .‬إنه شبح جيد وغير مؤٍذ على اإلطالق‪ ،‬إنه…" صمت قلياًل أنظر نحو يوجين بتفحص أحاول‬
‫إيجاد كلمة لوصفه‪.‬‬

‫"ما خطب هذه النظرة؟ تجعلينني أبدو كأرمل في الستين‪ ،‬إن لم تخبريه بأني أمير فاجعليني أبدو كبراد بيت‬
‫على األقل" دحرجت عيني وقلت لهارليك الوصف الذي وجدته "إنه يبدو كصبي في جسد رجل" أومأت لنفسي‬
‫متفقة معها تماًم ا‪.‬‬

‫"اللعنة عليِك !" صاح بسخط مما أجبرني على الضحك "كيف بإمكاني تصديقِك ؟" نظرت لهارليك بسرعة ولم‬
‫أتوقع أنه قد يقول هذا في الواقع!‬

‫بدا وكأنه شعر بالذنب والندم على سؤاله العفوي؛ ألنه تردد وحاول التفسير قائاًل "لم أعِن شيًئ ا… لم أعِن شيًئ ا‬
‫على اإلطالق‪ ...‬فقط من الصعب تصديق ما تقولين ‪ .‬تعرفين‪ ،‬ال أعلم‪ ،‬األمر فقط‪ "...‬انخفض صوته في النهاية‬
‫وبدا مرتبًكا لكني جذبت كتفيه وقلت "ال بأس‪ ،‬أعرف ما تقصد ومعك حق في ذلك‪ ،‬كنت لفعلت الشيء ذاته إن‬
‫كنت مكانك"‪.‬‬

‫صمت قلياًل أحاول التفكير في طريقة تجعله يصدق أن يوجين موجود "لَم ال أمر من خالله؟" عقدت حاجبي‬
‫نحو يوجين "ال أعني المعنى السيء لألمر‪ ،‬أعني… تعلمين‪ ،‬يصاب األشخاص عادة برعشة باردة عندما تتصادم‬
‫أجسادهم بهيئتي‪ ،‬أظن أن هذا كاٍف له!"‪.‬‬

‫نظرت لهارليك الذي بدا مترقًب ا "عندما يمر من خالل األشخاص يصابون برعشة سريعة وشعور بارد‪ ،‬إن شعرت‬
‫بهذا األمر فهذا كاٍف لتصدق أن يوجين اصطدم بجسدك!"‪.‬‬

‫اتسعت عيناه وصاح بسرعة "الال‪ ،‬ال بأس! أصدقك‪ ،‬أنا أصدقك‪ .‬ال تدعيه يلمسنـ‪ "...‬توقف فجأة وأمسك بجسده‬
‫الذي ارتعش وصك على أسنانه ألن يوجين عبر خالل جسده بكل بساطة "هناك تيار بارد هنـ‪ "...‬توقف عندما‬
‫استوعب األمر وصاح "هل مر من خاللي!؟" أومأت له بابتسامة ليتسمر وهو ينظر نحو الحائط‪.‬‬

‫"هل هو بخير؟" سأل يوجين بترقب وحاولت أال أنفجر ضحًكا "هناك شبح معنا في هذا المكان حًق ا!"‪.‬‬

‫"هارليك‪ ،‬لقد كان حولنا دائًم ا ال فرق"‪.‬‬

‫زفر وأومأ محاواًل تقبل األمر "أتعلمين؟ وجود شبح في صفك يعطيِك ‪ "...‬قلت في نفس الوقت "مئة نقطة‬
‫لصالحي‪ ،‬أعلم‪ ،‬اعتدت على قول هذا لنفسي"‪.‬‬

‫صمت وبدأ يحاول ترتيب أفكاره قبل أن تتسع عيناه بحماس ويصيح "علينا إخبار اآلخرين‪ ،‬حينها سيتوقفون‬
‫عن النظر نحوِك كضعيفة! أنِت ترين شيئا ال يمكنهم رؤيته‪ .‬أتعلمين؟ هذا سيبدل آراءهم وسيجعلهم يأخذونِك‬
‫على محمل جاد إذا عر‪."...‬‬

‫"هارليك… هارليك‪ ،‬توقف!" صحت به ليصمت وينظر نحوي بتعجب "ال يجب أن نخبر أحًد ا‪ ،‬ألنه… ألنهم لن‬
‫يصدقوني‪ ،‬سيظنون أني أكذب‪ ،‬ال يجب أن نشغل عقلهم بهذا األمر و‪."...‬‬

‫صاح معترًض ا "يمكنِك إقناعهم‪ ،‬هناك سبل كثيرة إلقناعهم كما فعلِت معي‪ ،‬أغداراسيل سيصدقِك و‪ ...‬جوزفين‬
‫قد يفعل أيًض ا‪ ،‬السيدة واندر! كما أنهم قـد يفسرون األمر‪ ،‬لماذا يمكنِك رؤيته و لـ…"‪.‬‬

‫"هارليك ال أريد منهم أن يعرفوا… وإن أخبرتهم فأنا ال أريد أن يصدقوا! ماذا إن كانوا يملكون تفسيًر ا لألمر؟‬
‫أتعرف ماذا قد يحصل؟ ال أريد أن أعرف‪ ،‬وال أريد التفكير في األمر‪ ،‬الشيخ من األمس تمكن من سماع يوجين‬
‫بشكل ما وكارولوس يرى يوجين‪ ،‬من يعلم من التالي!؟ ماذا إن أخذوه بعيًد ا؟ ال أريد منهم أن يأخذوا يوجين‪،‬‬
‫هارليك"‪.‬‬

‫توقفت لوهلة أتنفس بهدوء "إنه صديقي‪ ،‬وهو الشيء الوحيد الجيد الذي يحدث لي حتى اآلن‪ ،‬بالرغم من‬
‫تماسكي إال أنني أشعر بأنني سأنفجر من كل ما يحدث‪ .‬عندما أستيقظ صباح كل يوم وأتيقن أن ما يحدث ليس‬
‫بكابوس وأن هذه ليست غرفتي وال هذا منزلي وال هذه عائلتي أكاد أفقد صوابي حينها‪ ،‬لكن يوجين يساعدني‬
‫على التماسك"‪.‬‬

‫التفت نحو يوجين الذي كان يستمع بابتسامة هادئة على وجهه "رؤيته تشعرني أن كل شيء سيكون بخير‪ ،‬ال‬
‫يجب أن أقلق‪ ،‬فأنا أمتلك شخًص ا بجانبي‪ ،‬شخص ال يراه سواي وهو ما يجعلني أشعر أن يوجين شيء خاص‪،‬‬
‫حتى وإن كان ميتا فهو أفضل من عشرات األحياء الذين قابلتهم"‪.‬‬

‫نظف يوجين حلقه وقال "الكثير من المدح‪ ،‬ال أريد أن ينفجر رأسي من الغرور وما شابه‪ ،‬توقفي قبل أن أشعر‬
‫بأن كل شيء يتمحور حولي‪ ،‬هل يتمحور كل شيء حولي؟" ضحكت على سخافته وقلت "يوجين أفضل ما‬
‫حدث لي وال أريد منهم أن يفسدوا هذا! ال أريد منك أن تفسد هذا‪ ،‬هارليك"‪.‬‬

‫ظل يحدق نحوي قبل أن يضع نظرة جادة وصارمة وقال "أعدك‪ ،‬كلمة شرف على حياتي‪ ،‬لن أخبر أحدهم‬
‫بصديقِك الشبح إال إذا أخبرتني أن أفعل"‪ .‬اتسعت ابتسامتي قبل أن أنكش شعره وأقول "واآلن انضممت لدائرة‬
‫المميزين لألسرار الغريبة"‪.‬‬

‫ضحك وقد بدأ يهدأ أخيًر ا‪ ،‬نهضت من على ركبتي ونظرت حولي "علينا العودة للمنزل فقد تأخر الوقت" أومأ‬
‫برأسه وقال "كيف سنعود؟"‪.‬‬
‫التفت نحو كارولوس الذي كان يراقب منذ مدة "أترشدنا؟" ظل يحدق بصمت لمدة "نعم أم ال؟" تحرك نحوي‬
‫وأخفض عنقه قبل أن يدفع جسدي برأسه؛ مما دفعني للقهقهة والمسح على رأسه "أنت ظريف للغاية" تمتمت‬
‫بينما أغمض عينيه وتنفس بقوة‪.‬‬

‫"ظننت أن جلدك سيكون أكثر خشونة"‪ .‬تمتمت بين نفسي وأنا أتلمس جلده‪ ،‬تركته ليرفع رأسه ويتحرك نحو‬
‫المخرج "هيا‪ ،‬سنعود للمنزل" التفت قائلة لهما لكن كليهما كان ينظر نحوي وفاهيهما مفتوحين بغباء "ماذا؟"‬
‫صحت بهما ليتمالك كل منهما نفسه‪.‬‬

‫"من الصعب التصديق أنِك تروضين تنين شفق" رفع هارليك كتفيه وتبعه يوجين قائاًل "بل من الصعب التصديق‬
‫أنِك كنِت تخافين من حمقاء كفريونكا وتمسحين على رأس‪ ...‬تنين!" دحرجت عيني لكليهما وتبعت كارولوس‬
‫دون الرد‪.‬‬

‫"أتعلمين؟ ال تنزعجي مما سأقول لكن بدأت أظن أنِك أخطر من الفرسان جميًع ا" ارتفع حاجباي وتساءلت‬
‫"حًق ا!؟" أومأ برأسه وقال "كانت أمي تقول دائًم ا 'تلك األشياء التي ال نتوقع شيًئ ا منها هي دائًم ا ما تفاجئنا في‬
‫النهاية' لم أفهم مقصدها سوى عندما قابلتِك "‪.‬‬

‫"والدتك شخص حكيم‪ ،‬أتعلم؟ هناك جملة نقولها نحن البشر‪ ،‬ربما هذه ما كنت تقصده‪ ،‬توقع غير المتوقع… لكن‬
‫لم أفهم ما عالقة هذا األمر بي؟"‪.‬‬

‫رفع حاجبيه وقال "أتمازحينني!؟ هل يتوقع أحد منِك شيء ما؟ أي من الفرسان؟ ال أحد! ولكن على العكس‬
‫تماًم ا‪ ،‬أنِت ترين شيئا ال يراه أحدهم‪ ،‬وتكادين تفتحين بوابة لم يستطع أحدهم فتحها‪ ،‬واآلن تروضين تنين‬
‫الشفق! أتعلمين أن مروضي التنانين عادة يكونون من العائلة الملكية؟ وغالًب ا من النبالء؟ إن سمع أحدهم أنِك‬
‫روضِت تنيًنا وليس أي تنين‪ ،‬بل تنين الشفق؛ سيجنون"‪.‬‬

‫كدت أتساءل عن أمر ما لكنه قاطعني "أتعرفين ما الرائع في كل هذا؟ أنِك ال تعطين لعنة! إن كان شخًص ا آخر‬
‫لركض متفاخًر ا أمام اآلخرين إلثبات نفسه‪ ،‬لكنك ال تهتمين حتى‪ ،‬إثبات نفسِك والرد على ما يقولونه ومحاولة‬
‫إثارة إعجابهم‪ ،‬األمر ال يعنيِك ‪ ،‬حتى أنِك تظلين توافقيهم الرأي ثم بووم! تفعلين عكس ما يتوقعون تماًم ا"‪.‬‬

‫اتسعت ابتسامته وقال "أكاد أجزم أن األمر سيحتاج وقًت ا قصيًر ا قبل أن تصبحي مقاتلة أفضل من الجميع‪ ،‬أظن‬
‫أنِك لو تدربِت سـ…" قاطعته قائلة "انَس األمر‪ ،‬أنا ال يمكنني إلحاق الضرر بأي شخص مهما كان‪ ،‬أتريد مني أن‬
‫أقاتل؟" قهقهت بسخرية في النهاية‪.‬‬

‫توقف أمامي فجأة وقال "مشكلتِك الوحيدة هي أنِك ال تؤمنين بنفسك‪ ،‬أخبريني بكل صراحة‪ ،‬قبل أسبوع من‬
‫اآلن هل كنِت تظنين أنِك قادرة على ترويض تنين؟" دحرجت عيني وقلت "لم أعلم أنهم موجودون حتى ثم…"‬
‫قاطعني مجدًد ا "هل ظننِت أنِك ستصُم دين ألسبوع وسط جنون هؤالء الرجال في المنزل؟"‪.‬‬

‫صمت لكنه أكمل "أرأيِت ؟ أراهن أنِك ستصبحين مقاتلة في غضون أسابيع إن تدربِت ‪ ،‬ال أعلم إن كان هذا أنِت أم‬
‫أن هذه ميزة البشر‪ ،‬لكنِك تتكيفن مع كل شيء بسهولة وتعتادينه وتتفوقين على الجميع فيه‪ ،‬ال أرى القتال‬
‫استثناء"‪.‬‬

‫ودون أن يسمع ردي كان قد سبقني بخطوات كأنه ال يريد سماع أي اعتراض على قناعته الشخصية "هذه المرة‬
‫أتفق تماًم ا مع اإلذاعة المسائية" نظرت ليوجين الذي كان يستمع بصمت منذ البداية قبل أن أتمتم "بدأ الجميع‬
‫يتحدث كواندر فجأة"‪.‬‬
‫لحقت خطوات هارليك قبل أن أسأله "لماذا يخاف الجميع من كارولوس؟" بدا عليه التعجب ألقول "أعني تنين‬
‫الشفق؟" أشرت بعيني نحو كارولوس الذي كان يتقدمنا جميًع ا‪.‬‬

‫"هذا طبيعي! لم ينُج أحد قد واجهه من قبل؛ فهو عدائي وشرس للغاية‪ .‬قرأت في أحد الكتب أنه قادر على قتل‬
‫ألف رجل في دقائق‪ ،‬وهو نادر جًد ا‪ ،‬من الصعب أن تجدي تنين شفق‪ ،‬بعضهم يقول أن في العوالم كلها ال يوجد‬
‫سوى اثنين فقط منه‪ ،‬والبعض يقول أنه واحد فقط ال غير‪ ،‬وهذا يعني أننا نمشي مع أكثر المخلوقات ندرة على‬
‫وجه العوالم كلها"‪.‬‬

‫عقدت حاجبي ونظرت نحو كارولوس الذي لم يتوقف عن المسير‪ ،‬ما الذي جلب هذا التنين لهذا المكان؟ تقدمت‬
‫خطوات حتى أصبحت أسير بمحاذاته "هل حًق ا قتلت العديد من الناس؟" ملت نحوه وسألت لكنه لم يبِد‬
‫اهتماًم ا‪" .‬يقولون أنك الوحيد من نوعك" وهنا بدا مهتًم ا‪ ،‬ألنه فرد جناحية وحركهما في شكل استعراضي‪ ،‬هو‬
‫حًق ا نرجسي!‬

‫"تعلم؟ قتل األشخاص شيء خاطئ‪ ،‬فقط في حالة الدفاع عن النفس يكون جيدا" نظر نحوي بطرف عينيه‬
‫وشعرت أنه بدا مهتما بما أقول "تعلم؟ ال أرى أنك مخيف لهذا الحد‪ ،‬تبدو لطيًف ا" كشر فجأة عن أنيابه ونظر‬
‫نحوي بشراسة‪ ،‬لكن بادلته نظرات غير مهتمة وقلت "فعلك لهذا لن يغير من رأيي"‪.‬‬

‫عاد وجهه لتعبير طبيعي واتسعت عيناه وهو ينظر نحوي "ال تحاول‪ ،‬لن أقر بأنك متوحش"‪ .‬خرج صوت‬
‫متحجرش من حلقه قبل أن ينظر بعيًد ا وشعرت به مجدًد ا! كان حانقا؛ مما دفعني للضحك‪" .‬ألديك تفسير لما‬
‫أشعر بما تريد؟"‪.‬‬

‫بدا جاهاًل لألمر مما أجبرني على الصمت ووضع يدي داخل جيوب ردائي‪.‬‬

‫توقف عن المسير وظل ينظر نحو األمام بصمت "هل وصلنا؟" سألت أحاول رؤية المنزل من بين األشجار‪ ،‬دفع‬
‫جسدي برأسه نحو األمام مما أثبت لي أننا وصلنا حًق ا‪.‬‬

‫"هارليك‪ ،‬ال تخبر أحًد ا بأمر كارولوس" حذرت لتتسع عيناه ويصيح "لماذا!؟"‪.‬‬

‫"ألنهم قد يحاولون قتله‪ ،‬لقد ساعدنا ولم يقتلنا هارليك‪ ،‬أتظنه يستحق أن ُي قتل‪ ،‬كما أنك قلت أنه من الصعب أن‬
‫ينجو أحدهم إن حاول مواجهته‪ ،‬ال أريد أن ُي قتل كارولوس وال أحد الفرسان"‪.‬‬

‫صمت ثم بدأ يتمتم "أنِت محقة‪ ،‬ال يجب أن يعرفوا‪ ،‬رغم أنه تنين متوحش لكنه أظهر وجًه ا جديًد ا الليلة‪ ،‬وإن‬
‫قابله الفرسان لن يتركوا فرصة لفهم األمر وسيحاولون قتله‪ ،‬وإن قتلوه سيجعلك هذا حزينة ألنه يبدو أنِك‬
‫معجبة به‪ ،‬وإن قتل هو أحد الفرسان هذا سيكون سيئا جًد ا‪ ،‬وقد ساعدنا الليلة لذلك نحن مدينون له مهما كان‬
‫متوحًش ا‪ ،‬إن سألونا فماذا سنقول؟ كيف نفسر األمر؟ ربما نقول أي شيء عادا أننا قابلنا تنيًنا هنا و‪."...‬‬

‫مسح يوجين على وجهه بعدم صبر وقال "أوقفيه‪ ،‬أرجوِك " ال أعلم لما كان يوجين غاضًب ا‪ ،‬أحب رؤية عادة‬
‫هارليك في التفكير بصوت عاٍل ‪ ،‬يبدو حًق ا ظريف‪.‬‬

‫"هارليك‪ ،‬ال تقل شيئا!" ارتفع حاجباه وقال "ال شيء؟" ابتسمت باستمتاع وقلت "تخيل كَّم الفضول الذي قد‬
‫يصيبهم عندما نعود مليئان بالجروح والخدوش من مكان ما ونعطيهم أجوبة غامضة على أسئلتهم‪ ،‬أال تشعر‬
‫برغبة باالنتقام؟ يذهبون لقصر الملك الجتماع سري ويقاتلون وال يخبرونا بشيء عن األمر‪ ،‬أال تظن أنه يجب أن‬
‫نحتفظ بجانبنا من األسرار أيًض ا؟"‪.‬‬
‫بدت ابتسامة شريرة تظهر على وجهه "أنِت محقة‪ ،‬سيشعرون بما أشعر ولو لوهلة" بدأ يضحك بشكل درامي‬
‫ألهز رأسي وأنا أمدح نفسي داخلًي ا ألنني أمسكت بنقطة ضعفه‪.‬‬

‫نظرت نحو كارولوس وقلت "ستذهب‪ ،‬صحيح؟" ظل ينظر نحوي بصمت ألتنهد "يمكنني رؤيتِك الحًق ا! تعلم‪ ،‬لن‬
‫نخبر أحدا بأمرك‪ ،‬يمكنك البقاء في هذه الغابة‪ ،‬ما رأيك؟" أحنى عنقه نحوي قبل أن يقترب برأسه ويدفع‬
‫وجنتي بخفة‪.‬‬

‫اتسعت ابتسامتي وقلت "سأعتبر هذه نعم‪ ،‬لست خائفة منك إن كان هذا ما يقلقك‪ ،‬أراك الحًق ا" مسحت على‬
‫رأسه قبل أن أبتعد‪.‬‬

‫فرد جناحيه بشكل واسع قبل أن يرتفع عن األرض ويحلق مبتعًد ا‪ ،‬هذا كان حًق ا يوًم ا طوياًل وال يصدق‪ ،‬بداية‬
‫بأتريوس ونهاية بكارولوس‪.‬‬

‫تحركت خالل األشجار وبدا المنزل اآلن في مرمى البصر‪ ،‬تبعني كل من هارليك الذي ظل يتدرب على أكثر‬
‫الجمل استفزاًز ا ويوجين الذي يصفر بمزاج متحسن فجأة‪.‬‬

‫دلف ثالثتنا إلى المنزل وكان أول من التقينا به واندر التي ركضت نحونا ومالمح القلق بادية على وجهها "لقد‬
‫كان شيًئ ا ال يصدق حًق ا‪ ،‬من كان يظن أننا سنفعل ونرى أشياء مماثلة‪ ،‬كانت هذه أفضل ليلة!" صاح هارليك‬
‫فجأة ثم نظر نحوي وغمز بعينه‪ .‬حاولت أن أقاوم رغبتي في الضحك ووجدت نفسي أجاري حركاته الصبيانية‬
‫"أنت محق‪ ،‬لقد كان ممتًع ا فعاًل "‪.‬‬

‫"أين كنتما بحق خالق الجحيم؟" صاحت واندر في وجهنا مما أجفلني‪ ،‬لَم هي غاضبة؟‬

‫"لقـ…"‪.‬‬

‫"تختفيان فجأة وتظهران فجأة دون إخبار أحد‪ ،‬كما‪ ...‬يا إلهي العزيز‪ ،‬من فعل بكما هذا؟ لقد تمزق ردائك‪ ،‬ولَم‬
‫الخدوش تمأل كليكما؟"‪.‬‬

‫لم تعطني فرصة واحدة لتفسير شيء‪ ،‬وفي الواقع ما كنت ألخبرهم بأننا دخلنا في حالة هروب من تنين!‬

‫"واندر‪ ،‬لقد خرجت ليلة أمس أيًض ا‪ ،‬ما المشكلة؟" كادت ترد لكن قاطعها هارليك "نعم‪ ،‬ما المشكلة؟ هي أيًض ا‬
‫فارسة‪ ،‬أتسألين أحدهم أين يذهب وأين كان وما فعل؟" أشار على الرجال خلف واندر حيث كان أغدراسيل‬
‫وجوزفين واقفين خلفها‪ ،‬وكل من رومياس واكتيفيان جالسان‪ ،‬ولمحت بطرف عيني هيئة أتريوس مستندة‬
‫على مدخل المطبخ وبين يديه شيء ما يقضم منه ويتابع األمر باستمتاع‪.‬‬

‫"وإن كنت أنا قاصر فجلنار بالغة‪ ،‬وأنا كنت معها‪ ،‬وكالنا فارسان لذلك ال أرى أي داعي لهذا التحقيق" كتف يديه‬
‫فوق صدره بحزم في نهاية حديثه وبادلت واندر نظرة مندهشة من هذا االندفاع الهجومي!‬

‫"األمر ليس كما تتصور هارليك‪ ،‬إنه فقط‪ ...‬كنا قلقين‪ ،‬ثم أنت تعرف؛ كالكما سيء في القتال‪ ،‬كما إن كنتما‬
‫تفعالن شيئا‪ ،‬فأخبرانا يمكننا المساعدة"‪ .‬حاول أغدراسيل التدخل بلطف لكن علي القول أنه زاد غيظ هارليك‬
‫الذي قال "ال تقلق إًذ ا! نتكفل بأنفسنا‪ ،‬كما أنه شيء ال يمكنكم فعله على أي حال"‪.‬‬

‫"أين كنتما؟" قاطع سؤال أوكتيفيان أي جدال يحدث‪ ،‬ولكن بدا هارليك وكأنه ينتظر هذا السؤال من أوكتيفيان‬
‫لينتقم منه شر انتقام "الال مكان"‪ .‬كانت إجابته تثير الغيظ بالفعل ومنعت نفسي من الضحك بالقوة وضحكات‬
‫يوجين كانت تزيد الوضع سوء‪.‬‬

‫"لن أتناقش مع طفل‪ ،‬جلنار‪ ،‬ما المشكلة؟" بدا أوكتيفيان واثًق ا من أني سأجيبه ثم أعاتب هارليك على أفعاله‬
‫الصبيانية‪ ،‬تنهدت ونظرت لهارليك الذي كانت عيناه تقتل أوكتيفيان مائة مرة‪.‬‬

‫"أخبرك هارليك‪ ،‬ال شيء لتقلقوا حوله‪ ،‬يمكننا االعتناء بأنفسنا‪ ،‬لديكم ما هو أهم لتقلقوا حوله على أي حال" بدا‬
‫منزعًج ا فجأة مما جعلني أبتسم بهدوء ألزيد من استفزازه‪ ،‬هل كان إزعاج اآلخرين ممتًع ا هكذا؟‬

‫"جلنار!" صاح أغدراسيل بعدم تصديق لكني أطلقت قهقهة صغيرة وقلت "رفاق حًق ا ال بأس‪ ،‬ال يحل كل شيء‬
‫بالقتال عادًة " أومأ هارليك موافًق ا وقال "ال تزعجوا أنفسكم‪ ،‬أخبرتكم أنه شيء ال يمكنكم فعله"‪.‬‬

‫"إن كان ال يمكننا فعله فمن يمكنه بحق اهلل؟" صاح جوزفين ليرفع هارليك كتفيه ويبتسم بكل براءة ويقول‬
‫"فقط جلنار تستطيع"‪.‬‬

‫التفت الجميع نحوي لكني اكتفيت بابتسامة وقلت "نحن حًق ا متعبان‪ ،‬كان يوًم ا شاًق ا‪ ،‬سنأخذ حماًم ا ونخلد للنوم‬
‫ال تشغلوا عقولكم باألمر‪ ،‬تصبحون على خير"‪.‬‬

‫دفعت هارليك ليسير أمامي وهو يحارب ابتسامته الكبيرة‪ ،‬التفت نحوهم فجأة وقال "كدت أنسى… ال تقلقوا‬
‫بشأني بعد اآلن‪ ،‬لن أزعجكم منذ اليوم ألذهب معكم لمهماتكم‪ ،‬كنت محًّق ا سيد أوكتيفيان‪ ،‬أمور المملكة شيء‬
‫ممل‪ ،‬البقاء مع جلنار أكثر متعة" ثم صعد بكل فخر بما قال‪.‬‬

‫كنت أكرر داخلًي ا 'ال تضحكي‪ ،‬ال تضحكي' بينما أصعد الساللم بوجه بارد‪.‬‬

‫لسبب ما التفت نصف التفاته للخلف أنظر نحو المكان الذي يقف فيه أتريوس‪ ،‬كان ال يزال على وضعه السابق‪،‬‬
‫لكنه متكتف اليدين وينظر بعيًد ا‪ ،‬حتى أنه لم يلحظني‪.‬‬

‫تنفست براحة وأكملت صعودي لألعلى‪.‬‬

‫"جلنار‪ ،‬كان هذا رائع! أرأيِت النظرة المرتسمة على وجوههم؟ اآلن سيشعرون بما كنت أشعر‪ ...‬وبالمناسبة؛ لم‬
‫تكن جملة استعراضية‪ ،‬أنا حًق ا أستمتع بقضاء الوقت معك" همس هارليك بحماس عندما صعدنا إلى الطابق‬
‫الثاني حيث ال يمكنهم سماعنا‪.‬‬

‫ابتسمت له وربت على رأسه‪ ،‬نظرت نحو يوجين الذي يحاول تمالك نفسه من الضحك حتى اآلن "اهدأ وإال مت‬
‫مرتين من كثرة الضحك"‪ .‬سخرت منه ليحاول التنفس بعمق "أهو جيونجين؟"‪.‬‬

‫كان دوري هذه المرة ألضحك "يوجين… إنه يوجين‪ ،‬نعم‪ ،‬وهو معجب جًد ا بما فعلت باألسفل" ابتسم بحماس‬
‫وقال "كنت رائًع ا سيد يوجين‪ ،‬صحيح؟ على كل حال ال تقلق‪ ،‬لن أخبر أحد بسرك سأحتفظ به" سكت لبرهة قبل‬
‫أن يقول "تصبحين على خير جلنار‪ ،‬تصبح على خير سيد يوجين" ثم لوح بيده وصعد نحو غرفته‪.‬‬

‫"هل قال سيد يوجين؟" بدا يوجين مصدوًم ا لوهلة "مسكين ال يعرف أي أبله أنت"‪.‬‬

‫*******************************************‬

‫هالوووووووووووووو‬
‫مش طبيعي وضعي وانا براجع الفصل ومتحمسه كأني مش عارفه انا كاتبه ايه‬

‫بس ثنائي جلنار وهارليك رهيب ياخي‬

‫ظهر عنصر جدييييييييد في الروايه‬

‫الرهيب الخطير الفطير كاروووولوووووسسس‬

‫هيظهر تاني فمتقلقوش‬

‫معلش الفصل اتاخر شويه بس المهم انه ينزل‬

‫انجوييييي‬

‫باااااييي‬

‫توبازيوس‬

‫‪ 29 .The lover‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 12:24‬م‬

‫كنت برجع اقرأ الفصل ‪ ١٦‬وحصلت ‪ ١٧‬نزل 😭‬


‫رد‬

‫‪ 29 goog‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 12:33‬م‬

‫كارلوس 😭️❤️❤️❤️❤️❤️❤‬
‫رد‬

‫ُس كون ‪ 29‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 1:10‬م‬

‫الحماس مو طبيعي في ذي الرواية بدًء ا من الحدث الرهيب مع اتريوس بالبداية 😭😭💗‬


‫ولما كان يعلمها كيف تستعمل الفأس‪ ،‬انا هنا خالص ذبت‬
‫ولما قابلت كارولوس وبالمناسبة كارولوس يجننن وكيوت ✨✨‬
‫تنين الشفق اذكر انو في الكتاب كانت اكثر الرسومات لتنانين‪ ،‬المهم‬
‫بطلتنا تراقب اتريوس كتير 🤭‬
‫مدري ليه احس جلنار بتتفوق عليهم كلهم‪ ،‬وفعًال جلنار وهارليك اكيت ثنائي ✨✨‬
‫متحمسة للفصل الجاي💗💗‬
‫رد‬

‫ُض ــَح ـٰى ‪ 29‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 1:30‬م‬


‫الفصل تحفةةةة حرفيًا انا اقرا واضحك واكثر شي ضحكني يوجين من يصرخ كامرأة تلد 😂😂‬
‫عفية استعجلي بتنزيل الفصول حرفيًا مجاي اتحمل انتظر 😭😂️♥‬ ‫رد‬

‫‪ 29 Mella‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 1:45‬م‬

‫من اقرب الفصول على قلبي بجد ️♥✨‬


‫رد‬

‫‪ 29 RokaSidky‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 1:54‬م‬

‫هيييييييه اسراء نزلت فصل‬


‫بس ايه الجامدان ده يا اسراء🔥🔥🔥‬
‫كارلوس لوال أن هو تنين كلن زماني اتجوزته على طوووووووووول😂😂️❤‬
‫رد‬

‫‪ 29 Fun world‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 1:58‬م‬

‫واخيرا كارلوس‬

‫رد‬

‫‪ 29 Zubaydah‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 2:08‬م‬

‫حرفيا انا بدخل كل ساعه اتاكد في فصل جديد وال ال‬

‫‪ 1 RokaSidky‬مارس ‪ 2024‬في ‪ 5:46‬ص‬

‫وانا كمااان😭😭‬
‫رد‬

‫‪ 29 Rosiellili137‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 2:08‬م‬

‫واخيرا كاروووولووووس يمهههه المطاردة كانت تجنن وتضحك‬

‫رد‬

‫بطاطا ‪ 29‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 2:27‬م‬

‫بغيت‬ ‫كارولووسسس يييجننننن وقلبس النرجسي ما تدري هذا تنين وال قطوه 😭😭😭😭‬
‫اصارخ من فخري بجلنار لما وقفته وقدرت تروضه بكلمة 🔥‍️❤‬
‫ياخي اتعب وانا اقول ففخخخرررييي جلنار يوم وقفت قدام اتريوس وقالت كل شي بخاطرها‬
‫وكانت حتقتله بعد يشيخه يسعد قلبك ويسعد امك الي جابتك فداك الكون بس‬
‫مع اني احب اتريوس بس نوو جلنار بنتي تفوزز‬
‫بعدين حركات اتريوس مشكوكه 🤨🤨🤨‬
‫معلينا منه بس كان مرررههه بخااطريي لو يدرون ان جلنار روضت كارولوس وخلته خويها وقطوه‬
‫عندها هههه بس بعد التفكير في كالمها صدق افضل لو ما عرفوا وضل بين الثالثي الحلو حقنا‬
‫عشان نبعد عن المشاكل وال يتاذى تنيننا الحلو كارولوس‬

‫ويارب ظهوره الجاي قريب حشتاقله مره 😞💗‬


‫الزبده حماس باقي رقمين يعني يومين ونوصل الخر بيت من اللغز مقدر اصبرر واتمنى الطريق‬
‫للرقمين الجايين ما يكونوا خطيرين بزياده‪--‬‬
‫رد‬

‫‪ 29 sans nom‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 3:20‬م‬

‫حمااس مش طبيعي مع انها ليست المرة االولى لكن مرت سنوات على قراءتها‬
‫الفصل كان ممتع بشكل رهيب ‪،‬مواجهة صباحية مع اتريوس ورحلة مسائية ممتعة مع هارليك‬
‫ولقاء اسطوري لكارولوس‬

‫رد‬

‫‪ 29 Nourhene‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 4:29‬م‬

‫فصل ناااااااااار 🔥🔥🔥‬


‫ابداع كالعادة 🤍🤍‬
‫رد‬

‫‪ 29 Nourhene‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 4:30‬م‬

‫‪Can't wait till the next chapter‬‬


‫رد‬

‫‪ 29 RHB974‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 5:18‬م‬

‫أعيد قراءته من جديد بنفس الحماس كأنها أول مرة كم اشتقتلهم وخصوصا كارلوس حي انها أليف‬
‫منتشرة على نار عندما يكتشف فرسان وجوده وتلك الصدمة على وجوههم‬ ‫األول🤣🤣🤣🤣‬
‫إسراءطريقة سردك روعة بتخلي كل مالجروسين يعيدوا قراءته بكل جمال أكثر من أول‬

‫رد‬

‫شهّد ‪ 29‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 6:28‬م‬

‫الحماس الفف😭‬
‫رد‬

‫كتاليا ‪ 29‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 7:19‬م‬


‫حماس ابد مو طبيعي رغم اني عادي قريت توبازيوس ‪ ١٠٠٠‬مره وال شبعت وهذا ان دل على شيء‬
‫يدل على روعة وجودة محتوى االسطوري للرواية ‪ ،‬رغم السنين تضل بالنسبة لي رقم واحد‬
‫رد‬

‫‪ 29 SOSKA‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 7:35‬م‬

‫هال بالحبيب ككاروووولوووووسسسى الغالى ي ناس وصل 🥺️♥️♥‬


‫رد‬

‫‪ 29 SOSKA‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 7:36‬م‬

‫سيد يوجين !!؟ 🤣🤣‬


‫رد‬

‫‪ 29 Mero‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 9:47‬م‬

‫حمااااااس‬

‫رد‬

‫‪ 29 Rehab‬فبراير ‪ 2024‬في ‪ 11:07‬م‬

‫مش متخيلة كارلوس كان واحشني اد اية اية انا فية دموع فخر نزلت من عيني انا ما اسمه اتقال‬

‫رد‬

‫‪ 1 Sama Hassan‬مارس ‪ 2024‬في ‪ 12:34‬ص‬

‫عيطت من الفرحة‬

‫رد‬

‫‪ 1 ~asma‬مارس ‪ 2024‬في ‪ 12:53‬ص‬

‫️❤️❤️❤️❤️❤️❤‬
‫رد‬

‫‪ 1 Anwar‬مارس ‪ 2024‬في ‪ 2:21‬ص‬

‫😭💕💕‬
‫رد‬

‫المتجولة ‪ 1‬مارس ‪ 2024‬في ‪ 4:44‬ص‬

‫️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤‬
‫رد‬

‫‪ 3 Mochy‬مارس ‪ 2024‬في ‪ 3:19‬ص‬


‫يارب عالمة اتريوس تطلع هي هي عالمة جلنار 😭😭🤡‬ ‫رد‬

‫‪ 3 Mochy‬مارس ‪ 2024‬في ‪ 3:20‬ص‬

‫مش متخيلة ان الفصل دا عبارة عن الفصل التسعة و عشرين و الثالثين 😭😭😭‬


‫رد‬

‫‪ 3 Mochy‬مارس ‪ 2024‬في ‪ 3:22‬ص‬

‫و اخيرا كارولوس الحب ظهر اشتقت له حقيقي 😭😭💕‬


‫رد‬

‫‪ 3 Mochy‬مارس ‪ 2024‬في ‪ 3:26‬ص‬

‫الفصل اللي وضح شخصية جلنار و ازاي اتغيرت‪ ،‬حقيقي فصل احدثه تقيلة و جميلة‪ ،‬في انتظار‬
‫موجهات اكثر عمقا مع اتريوس 😭😭💕‬
‫رد‬

‫‪🐣 Tweety‬‬
‫‪ 6‬مارس ‪ 2024‬في ‪ 7:48‬ص‬

‫💟💟💟💟💟💟‬
‫رد‬

‫‪ 21 ♛┈⛧┈┈•༶‬مارس ‪ 2024‬في ‪ 1:10‬م‬

‫كنت أتخيل كارولوس مثل توتليس 😭💗‬


‫رد‬

‫‪ 5 Basant elmawy‬أبريل ‪ 2024‬في ‪ 11:41‬ص‬

‫حبيت ️❤💖‬
‫رد‬

‫لكتابة تعليق‪ُ ،‬ي رجى النقر على الزر أدناه لتسجيل الدخول باستخدام حساب ‪.Blogger‬‬

‫تسجيل الدخول باستخدام حساب ‪BLOGGER‬‬


‫المشاركات الشائعة من هذه المدونة‬

‫الفصل األول | أقل من العادية‬


‫‪ -‬يناير ‪2024 ,11‬‬

‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته إفصاح‪" :‬يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم‬
‫استغفرتني غفرت لك وال أبالي”‪ .‬إفصاح آخر‪" :‬أني أتجاهل ولست بجاهل‪ ،‬وغضيض للبصر‬
‫…‬ ‫ولست أعمى‪“ .‬عبد الرحمن السميط رحمه اهلل مساحة لذكر اهلل‬

‫قراءة المزيد‬

‫الفصل الثامن واألربعين | كالبشر‬


‫‪ -‬أبريل ‪2024 ,08‬‬

‫السالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته إفصاح‪" :‬اللهم رحمتك أرجو‪ ،‬أصلح لي شأني كله‪ ،‬وال تكلني‬
‫إلى نفسي طرفة عين‪ ،‬ال إله إال أنت "‪ .‬إفصاح آخر " إنها حياة كالماء ليس لها لون وال شكل وال‬
‫…‬ ‫تستطيع أن تمسكها بيديك"‪ .‬إحسان عبد القدوس مساحة لذكر اهلل‬

‫قراءة المزيد‬

‫الـــمقدمة‬
‫‪ -‬يناير ‪2024 ,06‬‬

‫ممـلـــكُة إلَت رانُي وس اْلُع ـــــــظـــــمى على بعِد آالف السنين الضوئية‪ ..‬ما بين ستاِئ ر الُظ لمِة لليلٍة‬
‫غاب عنها البدر‪ ،‬وَق طَر اِت األمطار َأ ضافت لمسًة حزينًة ألراضي المملكة‪ ،‬في ُح لكِة الظالم تتعالى‬
‫َص يحات النساء‪ ،‬وبكاء األطفال يكسُر الصمت‪ .‬كان الجميُع كعاصفٍة هوجاء َي ُلوذون إلى مخارج…‬

‫قراءة المزيد‬

‫‏يتم التشغيل بواسطة ‪Blogger‬‬

‫صور المظاهر بواسطة ‪Radius Images‬‬


‫‪AKWAN‬‬

‫احظ بوقت ممتع بعيًد ا عن العالم‪.‬‬

‫االنتقال إلى الملف الشخصي‬

‫األرشيف‬

‫التسميات‬

‫اإلبالغ عن إساءة االستخدام‬

You might also like