Professional Documents
Culture Documents
الدكتور (أبو القاسم سعد اهلل)؛شيخ المؤرخين الجزائريين،كونها تكشف النقاب عن جوانب مهمة
من عالقة نقوال زيادة بالمغرب العربي وشمال إفريقيا من خالل منجزاته ومؤلفاته التي درس
فيها تاريخ المنطقة،ففي مسيرة العّالمة نقوال زيادة جملة من الجوانب التي تستحق البحث
والتنقيب والدراسة واالكتشاف،فهو رمز من رموز الحضارة العربية ،وصوت تاريخ سيظل صداه
يتردد على مر األجيال والعصور.
لقد كان الدكتور سعد اهلل أحد أصدقاء العّالمة نقوال زيادة،وكان زميًال له بمعهد البحوث
والدراسات العربية بالقاهرة،وهذا ما يشير إليه شيخ المؤرخين الجزائريين ،حيث يقول موضحًا
عالقته به«:صدفًة كنا معًا في القاهرة أستاذين زائرين في وقت واحد بمعهد البحوث
والدراسات العربية.وفي صباح الثامن من أبريل سنة1976:م جاءني الدكتور نقوال زيادة إلى
الفندق مودعًا،فقد أخبرته قبل ذلك بيوم بأنني مغادر القاهرة.وأثناء الحديث القصير الذي دار
بيننا أخبرني أنه كان قد زار الجزائر سنة1951:م،وأنه لقي بها عددًا من المثقفين ذكر لي منهم
الشيوخ:محمد البشير اإلبراهيمي،ومحمد خير الدين،والطيب العقبي،وأحمد بن زكري.كما
أخبرني أنه زار العاصمة وقسنطينة وتلمسان وغيرها من المدن.وأنه كتب بعد رجوعه إلى
إعجاب بالعّالمة نقوال زيادة ووصف محاضرته بالمفيدة،وبأنه كان يملك ناصية اللغة العربية
واإلنجليزية.
وقد تعددت لقاءات شيخ المؤرخين الجزائريين بالعّالمة نقوال زيادة،ودارت بينهما الكثير
من المناقشات العلمية المعمقة رفقة عدد من كبار مؤرخي وأدباء األمة العربية مثل:الدكتور
يونان لبيب رزق،وعبد العزيز نوار،وصالح العقاد،وأحمد عبد الرزاق وغيرهم.حيث يقول الدكتور
سعد اهلل وهو بصدد وصف لقاءاته به «...ولكن لقاءاتنا كانت مثمرة لكلينا،فهو قادم من لبنان
محمًال بأفكار ومشاريع وأنا قادم من الجزائر محمًال بأفكار ومشاريع.فكنا نجلس في بهو
الفندق،أو في قاعة األساتذة بالمعهد أو على مائدة بعض األصدقاء المصريين ونتحدث ونرسم
خططًا لتعاون ثقافي الحقًا،ولكن عندما يرجع كل منا إلى البلد الذي جاء منه تصطدم األحالم
بالواقع وتتوقف أو تتبخر لألسف.وأذكر أننا التقينا أيضًا في بيروت عدة مرات عند بعض دور
النشر،وبعض هذه اللقاءات في القاهرة وفي بيروت مسجلة في يومياتي».
وحينما قررت إحدى المؤسسات الثقافية األردنية إصدار كتاب تكريمي يخصص للعّالمة
نقوال زيادة طلبت اللجنة المشرفة على الكتاب من أبي القاسم سعد اهلل أن ُي شارك ببحث عن
التاريخ العربي ُي نشر ضمن الكتاب التكريمي،فساهم الدكتور سعد اهلل بدراسة مطولة عن«األمير
شكيب أرسالن والقضية الجزائرية».
ومن أهم األبحاث التي كتبها شيخ المؤرخين الجزائريين عن المؤرخ الكبير نقوال زيادة،
بحثه المعنون ب«نقوال زيادة وشمال إفريقيا»والذي نشر في كتاب«حصاد الخريف»الصادر
في طبعته األولى سنة2010:م،إذ تتجلى أهمية هذا البحث في تقديمه رصدًا شامًال عن جهود
نقوال زيادة في دراسة تاريخ شمال إفريقيا،كما يميط اللثام عن رؤى نقوال زيادة للتحوالت
التاريخية التي وقعت بالمغرب العربي.
منذ البداية يؤكد شيخ المؤرخين الجزائريين على أن أعمال نقوال زيادة تدل على اهتمامه
بأهل المغرب العربي وكفاحهم،وتاريخهم ،وذلك-كما يذكر-خالفًا لمعظم المثقفين والمؤرخين
العرب في المشرق في عهده،ويشير إلى أن ما لفت نقوال زيادة هو الصراع ضد االستعمار،كما
يظهر في كتبه عن ليبيا وتونس،ثم أدب الرحلة.
يقول الدكتور سعد اهلل في مستهل بحثه«إن ورقتنا تدرس عالقة الدكتور نقوال زيادة
بالمغرب العربي( شمال إفريقيا)من خالل كتاباته.وسنبدأ باألقدم منها ثم نتابع تطور أفكاره
حول المنطقة.وقد الحظنا أنه باإلضافة إلى الكتب نشر بحوثًا ومقاالت بالعربية واإلنجليزية عن
المنطقة أشار بنفسه إلى بعضها في ثنايا مؤلفاته.وال ندري متى بدأت بالضبط عالقته بأقطار
المغرب العربي وأهلها،ولكن يبدو لنا أنها ال ترجع إلى أبعد من سنة1946:م حين نشر أول كتاب
له دعاه(صور من التاريخ العربي)،وهو كتاب-كما يدل عنوانه-ليس خاصًا بالمغرب العربي.فقد
ضمنه صورًا تاريخية عنه وعن األندلس».
ويتساءل شيخ المؤرخين الجزائريين عن أسباب اهتمام نقوال زيادة بالمغرب العربي
خالفًا لمعظم المثقفين الشرقيين في ذلك العهد؟ويقول عن هذا السؤال بأنه قد ال يجد الجواب
الشافي له اآلن.
«ذلك أنه لم يكشف عن الجواب في مؤلفاته وبحوثه:فهل هو مجرد االهتمام بمنطقة معزولة
في زمن أخذت فيه حركات التحرير تنشط،ومنها حركات المغرب العربي التي كان على رأسها
في المشرق خالل الثالثينيات أمثال:عبد العزيز الثعالبي(تونس)،و عبد الكريم الخطابي(مراكش-
المغرب)،والفضيل الورتالني(الجزائر)،وإدريس السنوسي(ليبيا)؟»
ويضيف الدكتور سعد اهلل«هل كان اهتمام أهل الشام باألندلس هو الذي قاد الدكتور زيادة
إلى البحث في آداب وسفارات األندلسيين والمغاربة فكان البد من الدخول إلى البيوت من
أبوابها؟
وربما تكون هناك عالقة بينه وبين اإلنجليز خالل الحرب العالمية الثانية وهي التي كانت
وراء اهتمامه بالجناح المغربي للطائر العربي الكبير،وهذه العالقة هي التي عبرت عنها رحلته
األولى إلى برقة(بنغازي) سنة1949:م،ونتج عنها كتابه(برقة الدولة العربية الثامنة).
وربما يقول آخر:إن االهتمام األكاديمي هو الذي كان وراء عالقة نقوال زيادة بالمغرب
العربي.ذلك أنه فيما بدا لنا كان من أوائل المهتمين بالتاريخ في خدمة المجتمع أو التاريخ
االجتماعي وإعادة تفسير التاريخ في ضوء الواقع،وبأدب الرحالت كفن وتاريخ اجتماعي.وقد
كان المغاربة من أبرز من كتب في الرحلة ووصف العالم،ابتداًء من اإلدريسي مرورًا بعشرات
الرحالت التي انطلقت من األندلس وبالد المغرب.ويبدو أن الجغرافية والرحالت كانت تجد
اهتمامًا خاصًا لدى نقوال زيادة فبدأ بها،وقد ظهر ذلك في كتابه(الرحالت والجغرافية عند
العرب)،وهو الكتاب الذي تحدث فيه عن رحالة المغرب العربي وكتاباتهم عن مدنهم وأهلهم
وأحوالهم».
كما الحظ شيخ المؤرخين الجزائريين أن العّالمة نقوال زيادة لم يغط بمؤلفاته السياسية
الحديثة كل أقطار المغرب العربي،واكتفى بقطرين حديثي العهد باالستقالل هما ليبيا
وتونس،حيث خص ليبيا بمؤلفين أحدهما تناول فيه إقليم برقة أو بنغازي فقط،ووصل فيه إلى
مشارف االستقالل.أما الكتاب الثاني فقد تطرق فيه إلى القطر الليبي وهو يقاوم االحتالل
اإليطالي ويعاني من تداول اإلدارات(العثمانية واإليطالية واإلنجليزية) عليه ثم هو دولة
مستقلة .في حين تناول القطر التونسي في عهد االحتالل،وتوقف مع سنوات اإلصالح الوطني
التي انطلقت مع أحمد باي،ثم الحماية الفرنسية.
توقف الدكتور أبو القاسم سعد اهلل مع مؤلفات العّالمة الرائد نقوال زيادة حسب تسلسل
ظهورها:
-1بالنسبة لكتاب«صور من التاريخ العربي» فهو يحتوي على سبعة أقسام تتناول المجتمع
العربي في مشرقه ومغربه،وفي القسم الثاني منه تحدث عن جزر البحر األبيض
المتوسط،وتطرق إلى أخبار الفتوح العربية في هذه
الجزر(قبرص،كريت،صقلية،مالطة،سردينية،)...ولم يغفل الحديث عن العمران العربي اإلسالمي
الذي نشأ في هذه الجزر،وبالط روجر ملك النورمان،والرحالة ابن جبير.
كما تطرق فيه إلى األندلس وتاريخها األدبي والحضاري،وهو كتاب لم يكن مخصًص ا كله
للمغرب العربي(شمال إفريقيا)،ولذلك فقد اتسم بالتنوع فتحدث نقوال زيادة عن
كاهن(حائك)الوادي آشي،والعالقات األندلسية-البيزنطية،وحياة األندلس من مجالس أنس وأدب
وبذخ اجتماعي.
-2أما كتاب«برقة الدولة العربية الثامنة»،والذي صدر سنة1950:م،بعد أن زارها نقوال زيادة
سنة،1949:وعمل فيها لمدة سنة مساعدًا لمدير المعارف البريطاني،وهذا ما جعله-كما يقول
الدكتور سعد اهلل-يعرف البالد وأهلها عن كثب،ويشعر بحب شديد لها ولهم،وهذا الكتاب في
أصله ألف للتعبير عن وفائه ألهلها كما أوضح ذلك في المقدمة.
انطلق نقوال زيادة في كتابه هذا من وصف المدينة وصفًا جغرافيًا،فذكر«شواطئها
وتعرجاتها كما ظهرت له من الطائرة التي نزل بها المدينة المخربة التي كانت مسرح معارك خالل
الحرب العالمية الثانية،فوصف اتصالها بالصحراء وصعوبة الصعود منها ومن سواحلها إلى الجبل
األخضر مهما كان اتجاه الصعود،وذكر باألسماء الرومانية بعض األماكن التي أصبحت لها أسماء
عربية.وصرح بأنه قد أخذ معلومات الكتاب من الرسائل التي كان يبعث بها إلى زوجه،فكان
ينقل أحيانًا من نصوص الرسائل حرفيًا.كما جاء ببعض الخرائط االقتصادية للمدينة وإحصاءات
عن ثروات برقة من الجمال والخيول واألبقار واألغنام وحتى الماعز والحمير،باإلضافة إلى
الشريف(ت،) 1918:ومحمد إدريس الذي كان حيًا عند كتابة الكتاب.وذكر من زواياها البيضاء
والكفرة وجغبوب.ودعم انتشارها بخريطة،كما تحدث عن عالقة السنوسية بتركيا الفتاة ،وعن
االعتداء اإليطالي على ليبيا بجيش قوامه،34.000و6.300فارس،بينما عدد القوات العثمانية
في القطر الليبي كله ال تتجاوز4.210جنود.
وفي الكتاب وصف لمقاومة أهل برقة لالحتالل اإليطالي وحركة الجهاد الليبي التي
استغرقت حوالي عقدين،وقد وصف القائد غرازياني بالفاتك ألنه أسر رمز المقاومة عمر
المختار،ونصب له محكمة صورية حكمت بإعدامه.وقد زار مكان اإلعدام فاندهش من قلة
المترددين عليه بعد أن كان يعج بالناس-حسب تعبيره-فاقترح إقامة نصب تذكاري لعمر
المختار.وقسم مراحل النظام السياسي واإلداري بعد ذلك بحسب السلطة،فهذا االستعمار
اإليطالي بقي إلى 1942بإدارة عسكرية،وأنشأ عدة قرى أصبحت لها اليوم أسماء عربية،كما
استولى اإليطاليون على األراضي الخصبة،وعملوا على تجهيل السكان.ثم ظهرت حركة التحرر
بعد هجرة كثير من الليبيين إلى مصر حيث انطلقت المقاومة ضد إيطاليا.
أما الوضع سنة 1949:فقد اختلف،إذ كان السنوسي يتردد على ليبيا مما أسهم في تهدئة
الخواطر،حسب رأي المؤلف.ثم جاء الحكم البريطاني فوضع أسسًا لنظام مختلف،واعترف
بإدريس حاكمًا(ملكًا)على برقة،ثم تطور هذا الحكم إلى االستقالل الداخلي قبل أن تنال ليبيا
استقاللها الكامل في فاتح سنة،1952:بينما أعلنت فرنسا استقالل فزان في سنة.»1950:
-3الجغرافية والرحالت عند العرب:وهو كتاب يشتمل على عدة فصول من ضمنها فصل
بعنوان«تونس وجغرافيو العرب»،وآخر عن ابن بطوطة الذي يسميه الدكتور نقوال زيادة شيخ
الرحالين،إضافة إلى فصل عن رحلة التجاني التونسي،وفصل موسوم ب«رحالة من المغرب».
تطرق نقوال زيادة في أحد فصول الكتاب إلى بالد المغرب في عرف الجغرافيين
العرب،حيث إنها تعني عندهم«المنطقة الممتدة من مصر إلى المحيط األطلسي»،وربما أدخلوا
في ذلك األندلس أيضًا،وقد أشار إلى ما كتبه ابن حوقل في كتابه«صورة األرض» عن مدن
القطر التونسي،وبالنسبة للجزائر أو المغرب األوسط،فقد أورد ما جاء في كتاب أبي الفداء من
تعريف لمدينة وهران،حين قال عنها«:إنها مدينة في بالد البربر على ضفة البحر،وهي تبعد عن
تلمسان مسيرة يوم» .ونقل أبو الفداء عن المقدسي أن وهران تقابل األندلس.كما لم يهمل
الحديث عن بعض المدن الصحراوية النائية وعمرانها في تونس وليبيا مثل :غدامس وفزان
وودان وزويلة،وبعض الجبال مثل :جبل قفصة وجبل وسالت.
وقد نقل نقوال زيادة عن ابن سعيد ما ذكره بالنسبة لمدينة أوجلة الصغيرة المتحضرة
الرابطة في الميدان التجاري بين الصحراء وبالد السودان ،كما تحدث عن مدن المغرب األقصى
طنجة وسبتة وفاس،وكما كانت تلمسان محل اهتمام ابن سعيد فقد شغلت اهتمام نقوال زيادة
كذلك،حيث وصفها كل منهما بأنها« مدينة مشهورة مسورة،لها ثالثة عشر بابًا،وبخارجها أشجار
وأنهار.وهي قاعدة ملوك بني عبد الواد(الزيانيين).وقد أضافا إليها بجاية الواقعة وسط الجزائر
وقسنطينة الواقعة بشرقها.واعتبر ابن سعيد بجاية قاعدة المغرب األوسط ،ولها بساتين على
ضفتي نهرها،وتقابلها مدينة طرطوشة في األندلس.وقال:إن جزائر بني مزغنة(مدينة الجزائر
حاليًا) تقع غربي بجاية بينما مرسى الخرز الشهيرة بالمرجان فتقابله جزيرة سردينية.كما ذكر
أن قسنطينة لها نهر يصب في خندق سحيق حتى أنه يحدث دويًا هائًال.وقسنطينة هي آخر
مملكة بجاية وأول مملكة إفريقية(تونس).وتحدث عن ثرائها بالحبوب التي تحفظ في المطامير
مائة سنة وال تفسد.ولها أسواق وتجارة،وسكانها من البربر،ويصلها بالمسيلة جبل متصل».
وقد قدم نقوال زيادة رأيه في تاريخ الرحلة من المغرب إلى المشرق،و ذهب إلى أن رحالت
المغاربة إلى المشرق أكثر من رحالت المشارقة إلى المغرب ألسباب منها أداء فريضة
الحج،ووجود مراكز العلم األولى.وقد اختار ثالثة رحالة هم:ابن جبير وابن سعيد
والعبدري.وبعضهم من مثقفي األندلس وبعضهم من مثقفي المغرب وهذا يدل-كما يقول الدكتور
سعد اهلل-على عناية نقوال زيادة بهذه المنطقة من العالم العربي واإلسالمي.
كما اهتم كذلك بالرحالة المغربي ابن بطوطة،واستغرب من كونه قضى ثمانية وعشرين عامًا
في الرحلة قاطعًا مائة وعشرين ألف كلم،لذلك فقد دعاه«شيخ الرحالين العرب وسيد الرحالين
في القرن الثامن الهجري(الرابع عشر الميالدي)».
وقد الحظ نقوال زيادة أن من خصائص رحالت ابن بطوطة أنه كان قليل االهتمام بالمدن
واألرض كثير االهتمام بالناس،ومنهم العلماء واألولياء،ولذلك اعتبره رحالة متميزًا ومؤرخًا
اجتماعيًا بارعًا،كما أورد كذلك بعض النصوص من رحلة ابن بطوطة عن المغرب وحكم السلطان
أبي عنان المريني،وقارن فيها بين خيرات ورخص السلع في المغرب وغالئها في مصر والشام
والخليج،كما تحدث فيها عن بعض عادات المغرب والمشرق.
-4محاضرات في تاريخ ليبيا من االستعمار اإليطالي إلى االستقالل :أصل هذا الكتاب مجموعة
من المحاضرات عن تاريخ ليبيا ألقاها نقوال زيادة على طلبة قسم الدراسات التاريخية
والجغرافية بمعهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية .وقد ذكر أنه يضعها
«بين يدي القارئ العربي،آمًال أن يفيد منها بالقدر الذي أفدته أنا في إعدادها».
وقد بدأ كتابه هذا بخريطة شاملة لليبيا«،وقسمه إلى عشرة فصول هي:البلد
وأهله،وشيء من التاريخ،وهما فصالن تمهيديان فقط ألن اهتمامه كان منصبًا على االحتالل
اإليطالي وما بعده ثم على ليبيا في القرن،19والسنوسية،وليبيا وإيطاليا(في فصلين بنفس
العنوان)،وليبيا من1943إلى،1949ثم مصر وجامعة الدول العربية،وقضية ليبيا في المحافل
الدولية ونحو االستقالل.
احتوى كتاب المحاضرات أيضًا على عدد هام من المالحق:منها دستور المملكة الليبية
المتحدة،والقانون األساسي لوالية برقة،والقانون األساسي لوالية فزان مذكرًا بأنه لم يسجل
جميع الوثائق التي صدرت عن مندوب األمم المتحدة مثل التقارير ومناقشات الجمعية العامة
لقضية ليبيا.ولكنه أورد قائمة بكتب مختارة باللغتين العربية واألجنبية،ناقًال عن القدماء
والمحدثين من الليبيين وغيرهم؛مثل:الزاوي والسنوسي والحشائشي وشكري والكعاك».
وقد ركز نقوال زيادة على السنوسية والعالقات الليبية اإليطالية،وأشار إلى عالقة
السنوسية بحركة تركيا الفتاة،حيث رأى أنها لم تتأثر بها،كما لم تتأثر بسقوط السلطان عبد
الحميد سنة1908:م،ألن السنوسية لم تكن راضية عما كانت ترمي إليه حركة تركيا الفتاة من
تتريك العرب،وال راضية عن خطط الحركة إللغاء الخالفة،حتى أن النائبين اللذين انتخبا لمجلس
النواب العثماني كانا معارضين لجمعية االتحاد والترقي.
كما نبه الدكتور نقوال زيادة إلى أن«اإليطاليين اعتقدوا خطًأ أن تسامح السنوسية مع
األتراك عن طريق تمكينهم من رفع علمهم على واحتي الكفرة وجغبوب سيجعل السكان
يستقبلون اإليطاليين باألحضان ويثورون ضد األتراك،ولكنهم كانوا مخطئين.وتحدث عما عرف
بالجمهورية الطرابلسية سنة،1918:أي :بعد خروج العثمانيين نهائيًا،وعن تكوين مجلس شورى
من خمسة وعشرين عضوًا من أعضاء الحكومة الجديدة.وقال:إن طرابلس لم يصبها ما أصاب
بني غازي وطبرق من تدمير خالل الحرب العالمية الثانية.
أما بريطانيا التي حلت محل إيطاليا بعد انتهاء الحكم الفاشيستي،فقد اهتمت باإلدارة رغم
أن ليبيا ظلت تتبع وزارة الحربية البريطانية ال وزارة الخارجية.وقد أشاد بما قامت به بريطانيا
من أعمال في ليبيا مثل فتحها 103مدارس ومستشفيين اثنين في مصراتة وطرابلس.ولمح
إلى أن ما قامت به بريطانيا في ليبيا يعتبر في درجة اإلنجازات،وربما كان ذلك هو السبب الذي
جعل اإليطاليين يرغبون في الرجوع إلى ليبيا بعد أن كانوا غادروها».
-5تونس في عهد الحماية :1934-1881وصف الدكتور أبو القاسم سعد اهلل هذا الكتاب بأنه
كتاب ظرفي كتبه نقوال زيادة بعد مرور بضع سنوات على استقالل تونس وقدمه لمعهد
الدراسات العربية العالمية في شكل محاضرات ألقاها على طلبة قسم الدراسات التاريخية
والجغرافية بالقاهرة،وقد جعله في خمسة فصول ومجموعة من المالحق.
خصص الفصل األول للحديث عن جغرافية وتاريخ تونس منذ أقدم العصور مع التركيز
على الفتح اإلسالمي العربي،ثم عصور الوالة،واألغالبة،والدولة الفاطمية،والدولة
الصنهاجية،والتغريبة الهاللية،والدولة الموحدية،والدولة الحفصية،واالحتالل اإلسباني،واالحتالل
العثماني،ثم الحماية أو االحتالل الفرنسي،مع نبذة عن العالقات بين تونس والدول الكبرى
األخرى.
وتحدث في الفصل الثاني منه عن النهضة التونسية في القرن التاسع عشر،فذكر إصالحات
أحمد باي،ومحمد باي،ثم محمد الصادق باي،وإصالحات خير الدين باشا التونسي،ومساهمة
محمد قبادو،ومن هذه اإلصالحات حصول تونس على شبه دستور ألول مرة في تاريخ دولة
عربية مسلمة،وهو المعروف بعهد األمان(.)1858
وقد كرس نقوال زيادة الفصل الرابع من كتابه هذا للحديث عن عالقات تونس مع أوروبا
أثناء العهد العثماني،وكيف تطورت إلى االحتالل الفرنسي،وتحدث في الفصل الخامس عن
الحماية الفرنسية وما أحدثته من تغييرات في المجتمع التونسي،والسيما منها تلك التغييرات
التي أدخلها المقيم العام الفرنسي.كما دعم كتابه هذا بمجموعة من المالحق التي تتصل بتاريخ
تونس الدبلوماسي من مراسالت ومعاهدات ونحوها قبل الحماية الفرنسية.
يؤكد شيخ المؤرخين الجزائريين في ختام بحثه هذا على أن نقوال زيادة قد تعمق في
دراسة أحوال المغرب العربي وتجول في مراحله التاريخية من العصور اإلسالمية المزدهرة إلى
مراحل االستعمار المزرية.وقد كانت دراسته للمنطقة تبعًا للمنهجية التاريخية التي اتبعها
المسلمون السابقون باعتمادهم الوصف أكثر من التحليل والنقد.وقد كان نقوال زيادة في(صور
من التاريخ العربي)،وفي(الجغرافية والرحالت عند العرب)معجبًا بمساهمة أهل المغرب في
هذين التخصصين(الجغرافية والرحلة)فنقل عن بعضهم وأعجب باستنتاجاتهم وتعاطف مع
محزونهم ،و« ال يخفى أن نقوال زيادة مؤرخ اجتماعي،فقد اهتم بحركة الناس في مختلف
ميادينهم اليومية،من عادات وأسعار وتجارة ومصاهرة بين العائالت وحياة الحضر والبدو
ونشاط األسواق،ثم الحياة الدينية والعلمية واألدبية،ودور المدن وما إلى ذلك.كما اهتم
بالعالقات بين الشرق والغرب والسيما السفارات بين الحكام المسلمين والحكام الغربيين.هذا عن
بعض كتبه العامة والتي تناول فيها أخبار بالد المغرب.أما كتبه التي تناول فيها بالتحديد ليبيا
وتونس فقد اهتم بالحركات اإلصالحية والتحررية وبالنظم اإلدارية التي سنتها كل دولة
مستعمرة ثم مقاومة االحتالل بمختلف أشكال المقاومة.أما لغته فلم تكن هجومية وال سافرة
رغم قرب العهد من األحداث،بل كان يعالج مواضيعه بلغة محايدة هادئة مع أسلوب شفاف هو
أقرب إلى الصياغة األدبية الطلية منه إلى الصياغة العلمية الجافة».