Professional Documents
Culture Documents
زينب الغـزال
مقدمة
والصلة والسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..نازعتني فكرة الكتابة عن "أيام من
حيا تي " وترددت كثيرا .غ ير أن الكثرة م من أ ثق في إيمان هم بالقض ية ال سلمية و هم من أبنائي
وأخواني رواد الدعوة وبناة فكرها الذين عاشوا معي تلك اليام ،رأوا أنه من حق السلم علينا أن
نسجل تلك الحقبة من اليام التي عاشت فيها الدعوة السلمية محاربة من قوى اللحاد والباطل في
الشرق والغرب ،التيي قاميت لتقتيل كلمية الحيق ورافعيي لوائهيا وكيل دعاتهيا الفاهميين الفاقهيين
الم صارحين بشجا عة و صدق بأن كتاب ال و سنة ر سوله معطلن ول بد من قيام الكتاب وال سنة .
ول بد من عودة ال مة ال سلمية ب كل مقومات ها إلى أرض ال سلم لتح قق ال صورة العمل ية العمل قة
بعودة مجت مع التوح يد والعلم والمعر فة وال صلة الحقيق ية بال سبحانه وتعالى ،فتنطوي مجتمعات
الجاهلية التي أعمت البشرية عن طريقها السوي وشغلتها بغثائها عن طريق ال ..طريق الحق ،
فيعملوا على تطه ير الرض من تأل يه الب شر ،وعبادة طواغ يت الرض بإتباع تشريعات هم وتعط يل
ل صيلح لمية ول لهذا العالم إل بالدعوة إلي السيلم .إن غياهيب السيجون ومقاصيل التعذييب
وشرا سة حملة ال سياط لم تزد المخل صين من أبناء الدعوة وبناة فكر ها إل قوة وثباتا و صبرا على
كذلك كان ع هد الذ ين سلكوا طر يق ال حق قبل نا فاعتقدوه .فل يس بال سياط يض يع الطر يق ! ! ول كن
سهل أن ت ضع القوة الباط شة العمياء ال سياط في أيدي المجان ين ،ول كن ال صعب هو أن ت صرف
المخدوعين بالباطل والمقتنعين بحمل السياط والمتألهين في الرض ،عن طريق غوايتهم وجهلهم
والطريق إلى الحق واحد وهو طريق ال وأنبيائه ورسله وورثتهم .
أما الباطل فطرقه وسبله متفرقة .وعلى كل سبيل من سبله شيطان يزين للمغمورين منهم في ظلمة
الباطل غوايته ويقودهم إلى سبيله ( .وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ول تتبعوا السبل فتفرق بكم
ول يس أمام البشر ية اليوم للخلص من ذلك الضلل وهؤلء الطغاة من الب شر إل أن ينتهجوا من هج
الحق ،ومنهج ال ،المنهج المحمدي الموحى به "القرآن الكريم " والملهم به من السنة الصحيحة
.
وإنيي لرى بوادر النصير وإرهاصياته -إن شاء ال -بقيام المية وعودة المجتميع الذي سييعلو
بتوحيده فوق توليفات البشر مما يغزو بلدنا اليوم من تيارات اللحاد ،نعم إني لحسها قريبة وأرى
أعلمها ترمى بهذا الغثاء من فكر البشرية الضال في ركام الجاهلية .
إني لكاد أشاهد أعلم اللتزام بما كل فت به خ ير أمة أخرجت للناس . .وأعلم اللتزام بشهادة أن
ن عم إن نا ل ن ستعجل الز من .فال سنون ،عشرات ها ومئات ها ،لي ست بذات قي مة في ع مر الدعوات
والمم .ولكن العبرة أننا ثابتون على الطريق ،مؤمنون بسلمة الخطى ووضوح الرؤية .
إننا على يقين أننا على حق .وكل الذي يعنينا أن نضيف لبنات جديدة للبناء .المهم أل نتقاعس ول
نتخاذل ول نتقهقير عين عقيدتنيا :عقيدة التوحييد ،عقيدة العميل ،عقيدة البيان ،بيان الحيق للناس
جميعا ،بيان عقيدتنا لكل البشر.
وإيمانا منا بأن فترة سجننا وتعذيبنا هي من حق التاريخ ،ومن حق الذين على الطريق أن يعوها
ويدر سوها حتيى يبقوا على طر يق الجهاد ،ول تتحول قضيتهيم إلى سيفسطة كلم ية ،وحدييث ترف
وقصية تارييخ ،إيمانيا بهذا كله نزلت على رأى المخلصيين مين أبنائي وإخوانيي ،واسيتعنت بال
سبحانه وتعالى في ج مع ما احتو ته ذاكر تي م ما كان .وان كان من ال صعب أن ي ستعاد بو صفه
ونمطه ..
ويك فى دللة عل يه أن أش ير إلى أن حاملي ال سياط و خبراء التعذ يب بألوا نه وأشكاله ،قد سموه :
جهنم !! إن جهنم هذه كانت بوتقة لصهر معادن الرجال فنقتها ،وانجلت مهزلة التعذيب عن رجال
محصتهم الفتنة فقالوا بأعلى صوت " :يا أيها الناس :السلم ليس انتماء بل التزام واتباع " .
وأرجيو ال أن يعيننيي على اسيتعادة الصيورة أو بعضهيا ،وأن تكون للمخلصيين مشعيل حيق ونور
وهدايية .فلنشيق لخطانيا صيراطا مسيتقيما ،وإنيي لعيدهيا وأصير عليهيا " :إنهيا رسيالة الرسيل
والنبياء ،هيمنت عليها وأكملتها رسالة محمد صلى ال عليه وسلم ،فبشريعته أتم الحق تكاليفه
لعباده ونسخ بها ما سبقها وأقامها حقيقة زكية (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) الكهف 129 :
.
إن الذ ين تجشموا وعورة الطريق وعرفوا بمشيئة ال مقا صد الكتاب والسنة ،لن يحيدوا عن الحق
والخير والدعوة إليه حتى تقوم المة وتستقر البشرية تحت أعلم كتاب ال وسنة رسوله .
وإننا لعلى الطريق مثابرون محتسبون ما نلقى غد ال . .و( إن ال اشترى من المؤمنين أنفسهم
وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل ال فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والنجيل
فإلى أرواح الشهداء الذين سبقونا :تحية حب وعرفان ووعدا بأننا على الطريق .إلى كل من كان
في قلبه مثقال ذرة من خير . .لعل ال أن ينفع به ويهدي . .وما تشاءون إل أن يشاء ال .
في م ساء يوم من أيام الشتاء ،و فى أوائل ش هر فبراير عام 1964م ك نت عائدة إلى بي تي ،ح ين
انقلبت بي عربتي إثر اصطدامها بعربة أخرى ،كانت الصدمة قاسية فذهبت في شبه إغماءة ،كانت
اللم الشديدة توقظني منها .ولم أتبين من كل ما حدث حولي إل صوت إنسان ينادى اسمى في فزع
،وغبت عن الوعي ،وحين تنبهت وجدت نفسي في مستشفى هليوبوليس وبجانبي زوجي وأشقائي
وشقيقاتي وبعض زملئي في الدعوة وزميلتي .كان الكل في فزع وألم شديدين تحكيهما تعبيرات
الوجوه التي تصفحتها وأنا أفتح عيني لول مرة وشفتاي تتمتمان "الحمد ل . .الحمد ل ،وكأني
بالتمتمة أسألهم عما حدث ؟ إل أنني ما لبثت أن غبت ثانية عن الوعي ،ولم أتنبه إل بدخول إحدى
الحكيمات بالمسيتشفى ميع ممرضيين وممرضتيين لحملي إلى حجرة الشعية .وتذكرت ميا حدث
وسيمعت زوجيي يقول :الحميد ل سيلمها ال ،احمدي ال ييا حاجية .وسيألت عن سيائق عربتيي
فعلمت أنه –بحمد ال – بخير ،وأنه يعالج في المستشفى ،وعلمت فيما بعد أنه أصيب بارتجاج في
المخ .وحملت إلى غر فة الشعة ،ول ما تبين وجود كسر في عظ مة الفخذ ،و ضع ساقي في قفص
حديدي وتقرر إجراء عمل ية جراح ية .ونقلت إلى م ستشفى مظ هر عاشور ليجري ها لي جراح العظام
الدكتور محميد عبيد ال ،واسيتغرق إجراء العمليية -تعاد بعيد التحضيير والتخديير -ثلث سياعات
ونصف الساعة . .عشت بعدها فترة ،ونذر الخطر تحيط بي .ثم زالت أيام الخطر وبدأت ألتقط ما
يقال وميا ينقيل ،مميا يوضيح أن الحادث كان مدبرا مين مخابرات جمال عبيد الناصير لغتيالي،
وتواترت الخبار تؤكيد ذلك .وكان لفييف مين الشباب المسيلم يزورنيي يومييا للطمئنان ،وعلى
رأسهم الخ الشهيد عبد الفتاح عبده إسماعيل .فلما بلغتني تلك الخبار ،طلبت منه أن يقلل الشباب
من زيار تي .وكان رده أ نه قد حاول هذا فعل ،ولكنهم رفضوا وأ صروا على زيار تي . .و فى أ حد
اليام التال ية د خل ال سكرتير الداري لجما عة ال سيدات الم سلمات وبيده ملف أوراق ،يعرض ها على
بصيفتي رئيسية الجماعية ،وكان فيي الغرفية زوجيي والسييدة حرم السيتاذ الهضييبي المرشيد العام
للخوان المسيلمين ،ورأييت زوجيي يسيرع إلى السيكرتير قبيل أن تتاح له فرصية تقدييم الملف لي
فيأخذه منه ويخرج معه من الحجرة ،وهو يحدثه حديثا فهمت منه أنه نهاه مرة قبل ذلك عن تقديم
هذه الوراق لي ،ودهشت لذلك وسألت زوجي عن السبب فتعلل بأنني محتا جة إلى موافقة الدكتور
عبد ال المشرف على علجي .وذهب زوجي إلى الدكتور الذي ما لبث أن جاء ليكشف على ساقي
وليحرم على القيام بأي عمل ،ليؤكد لي أنه منع دخول الوراق أو وصول الخبار عن الجمعية إلى
.ولما احتججت بأن المر بسيط لن يتعدى التوقيعات أصر على موقفه .ومضت أيام رجوت الطبيب
بعدها السماح بمزاولة بعض أعمال الجماعة من فراشي فرفض ،وازددت يقينا بان هناك شيئا ما،
زوجي والسكرتير والزائرون ،بل حتى سكرتيرة مجلس إدارة جماعة السيدات المسلمات التي كانت
تزورني دائما ،وكنت أحس من إجابتها المقتضبة على أسئلتي عن الجماعة بأنها تخفى عنى شيئا.
وجاءت ني ال سكرتيرة في أم سية ا ستجمعت في ها شجاعت ها لتن قل إلى ما أخفوه ع نى .كان ال مر
خطيرا على ما بدا من مو قف زو جي ا! بشجاع تي والمش جع على ال صبر والحتمال وقوة الرادة .
وأخذت الوراق السييدة فإذا هيي قرار "بحيل المركيز العام لجماعية السييدات المسيلمات " ،وأخذت
ال سكرتيرة تتحدث إلى قائلة " :طب عا يا حا جة ال مر شد يد بالن سبة إل يك " .قلت "الح مد ل ،ول كن
ل يس من حق الحكو مة أن ت حل الجما عة ،إن ها جما عه إ سلمية" أجابت ني " :ل أ حد يقدر أن يقول
للحكومة هذا ،ل قد بذلنا مجهود كبيرا جدا ،ولكن عبد الناصر مصر على حل الجماعة ،هو يكرهك
ل يطيق أن يسمع اسمك على لسان أي إنسان .عندما يذكر اسمك يثور ويغضب وينهى المقابلة!
قلت " :الح مد ل الذي جعله يخاف ني ويبغض ني ،وأ نا أبغ ضه لو جه ال ولن يزيد نا طغيا نه ،ن حن
معاشير المجاهديين ،إل إصيرارا على أن نرضيي ضمائرنيا ونعييش لدعوتنيا ،إنهيا دعوة التوحييد
وسننتصر بإذن ال ،وأرخص ما نبذله لها أن نستشهد في سبيلها"" .ليس لعبد الناصر الحق في أن
إن ال تبارك وتعالى هو الذي يع قد للم سلمين رايات هم ،والذي يعقده ال ل الب شر" .قالت والدموع
في عينيها " :يا حاجة . .المسألة خطيرة ،ونرجو ال أن ل تنتهي بحل الجماعة ،ربما كانت كلماتك
هذه تسجل ،أو أنها قد سجلت فعل ربما كان هنا جهاز تسجيل " .واستمرت تسر إلى " :يا حاجة :
أنا أطلب منك شيئا صغيرا وهو التوقيع على هذه الورقة ،فإذا وقعتها سيلغى قرار الحل " .فسألتها
أن تطلع ني على الور قة فإذا هي ا ستمارة انت ساب للتحاد الشترا كي ،فقلت ل ها " :ل وال ،شلت
يدي إذا وقعت يو ما على ما يدينني أمام ال بأنني اعتر فت بحكم الطاغوت جمال عبد الناصر الذي
قتل عبد القادر عوده وزملءه .إن الذين غمسوا أيديهم في دم الموحدين خصوم ل وللمؤمنين .
الشرف لنا أن يحل المركز العام للسيدات الم سلمات " .قبلت رأسي وهى تبكى وتقول - :أتثقين
بأن ني ابن تك ؟ قلت :نعم . .قالت :فاتركي هذا الموضوع . .قلت :سنترك المر ،ولن أو قع هذه
الورقة .إن فيها ولء للطاغية ،وهذا أمر مستحيل إتيانه ،وال يفعل ما يختاره لعباده .ومرت أيام
وفى الب يت كانت ال سيدة السكرتيرة تزور ني يوم يا وأخبرتني بان قرار الحل أو قف .ودهشت لذلك
و سألت ك يف ذلك فقالت " :ل أدرى .رب ما يكون ف تح باب للت صال بك " .وأ خذ ال سكرتير الداري
يحضير لي ميا يحتاج للطلع والتوقييع ،وأخذت أزاول نشاطيي فيي تسييير أعمال المركيز العام
لل سيدات الم سلمات من بي تي .ولك نى عدت إلى الم ستشفى مرة أخرى لجراء عمل ية جراح ية لر فع
المسامير من الفخذ ،وكان قد أفرج عن الشهيد المام سيد قطب وزارني في المستشفى وجمع من
الخوان .وذات يوم فوجئت بخطاب مرسل! عن طريق البريد ببطاقة كتبت فيها هذه البيانات :
جاءتني هذه البطاقة بالبريد ومعها ما يثبت سداد اشتراكي عن عام 1964فضحكت ضحكة مريرة
بما صار إليه حال "مصر" وتذكرت كيف كنا نعيش في حرية لعنوها بعد انقلبهم العسكري .وبعد
اسيتكمال العلج بالمسيتشفى عدت إلى المنزل وأخذت دعوات التحاد الشتراكيي تتوالى بالبرييد
لحضور اجتماعات التحاد الشتراكي ،ولكنني قررت أن أتخذ موقفا سلبيا ،وبعد أيام صرح الدكتور
بالخروج ومزاولة نشاطيي تدريجييا فيي المركيز العام للسييدات المسيلمات ،وكنيت ل أزال أسيتعين
بالعكاز في الم شي .و فى صبيحة أ حد اليام ،وبين ما أ نا بالمر كز العام لل سيدات الم سلمات ،دق
جرس الهاتيف ،وطلب منيى السيكرتير أن أرد على مين يطلبنيي مين التحاد الشتراكيي ،أمسيكت
بالسيماعة قائلة لمحدثيي " :السيلم عليكيم " ورد السيلم مين الجهية الخرى ،ثيم قلت " :نعيم ،ماذا
تريد؟" فسألني إن كنت أنا زينب الغزالي ،ولما أجبت باليجاب قال " :نحن هنا التحاد الشتراكي،
إن شاء ال أعضاء مجلس إدارة السييدات المسيلمات وحضرتيك على رأسيهم تشرفيي وتنوري ،
تأخذون علم السييدات المسيلمات وتذهبون لسيتقبال عبيد الناصير فيي المطار" .فأجبتيه " :إن شاء
ال ،يفعل ال ما يشاء ويختار" .قال " :عشمنا كده ،مجلس الدارة وعدد كبير من أعضاء الجمعية
العمومية ،وإذا أمرت أرسلنا لك عربة تكون تحت تصرفكم " .قلت " :شكرا" .وانتهت المكالمة .
وبعد يومين أو ثلثة جاءت مكالمة أخرى من التحاد الشتراكي ،كانت سيدة تسأل عن سبب عدم
حضورنا لستقبال الرئيس في المطار .قلت " :إن أعضاء مجلس إدارة السيدات المسلمات والجمعية
العموميية ملتزمات بالسيلوك السيلمي ،ول يسيتطعن ييا ابنتيي الحضور فيي مثيل هذه السيتقبالت
المزدحمة" .قالت " :إزاى الكلم ده يا ست زينب ؟ يبدو إنك مش عاوزة تتعاوني معنا ،هل بلغت
العضوات و هن رف ضن ؟" .قلت " :ماد مت أ نا غ ير مقتن عة بهذا الع مل ل نه يخالف تعال يم ال سلم
فك يف أبلغ هن ؟" .قالت " :إن تي غ ير متعاو نة مع نا" .قلت :ن حن مرتبطات بتعال يم القران وال سنة،
عهدنا مع ال ،وتعاوننا على البر والتقوى كما أمرنا ال ،والهاتف ل يصلح لمثل هذه المناقشة. ،
قالت " :تفضلي ،سننتظرك في مركز التحاد الشتراكي بميدان عابدين لنتفاهم ا .قلت :أنا مريضة،
حرك تي قليلة ب سبب علج رجلي ،فإذا شئت تفضلي وشرفي نا في المر كز العام لل سيدات الم سلمات .
قالت :وأنيت نازلة مين البييت مري علينيا ،ألسيت عضوة فيي التحاد الشتراكيي؟ ! .قلت " :أنيا
عضوة في المركز العام لجماعة السيدات المسلمات ،والسلم عليك يا ابنتى ورحمة ال .،وأنهيت
المكالمة ولم أذهب إليها .وبعد أسبوع من هذه المكالمات التليفونية عرض على سكرتير الجماعة
خطاب م سجل يح مل تار يخ 1964 /9 /1 5بقرار وزاري ر قم 1 32بتار يخ 1964 /9 /6م .
ل . .ل . .للطاغية
وع قد مجلس إدارة ال سيدات الم سلمات اجتما عا عاجل في 9جمادى 1384ه ي الموا فق /9 /15
الجماعة وأموالها وممتلكاتها لجماعة أخرى كانت قد انفصلت عنا بإيعاز من
المباحيث العا مة قبيل انقلب ع بد النا صر ! ،تحولت هذه الفئة المنشقية ب عد النقلب إلى ج ند لع بد
النا صر ،ك ما قرر المجلس دعوة الجمع ية العموم ية لجل سة طارئة ا ستثنائية في مدة ل تتجاور 24
ساعة ،واجتمعت الجمعية العمومية ،وقررت رفض قرار الحل وعرض المر على القضاء .ووكلنا
الدكتور عبد ال رشوان المحامى ليمثلنا في القضية ،وأرسلت الجماعة خطابات مسجلة وبرقيات
إلى رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية والشئون الجتماعية والنائب العام و صورا منها للصحف ،
نخطرها برفض قرار الحل ،وبان المركز العام للسيدات المسلمات تأسس 1 3 57هي – 1 936م
لنشر الدعوة السلمية والعودة بالمسلمين إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم ،ول يس لوزارة الشئون أو
الداخلية ولية علينا ،والولية ل وحده ،ولمن يقيم دينه ،ويحكم بشرعه .وعند ذلك تعجل عبد
لتعط يل دعوة ال ولو جه الشيطان -أمرا ع سكريا بو قف صدور مجلة (ال سيدات الم سلمات ) ل جل
غير مسمى ،وكنت صاحبة امتيازها ورئيسة تحريرها .واقتحم زبانية الطاغوت دار المركز العام
لجما عة ال سيدات الم سلمات وا ستولوا على محتويا ته ،وشردوا مائة وعشر ين فتاة وطفلة يتيمات
كانت جماعة ال سيدات المسلمات تؤويهن وتك فل جميع احتياجاتهن من إيواء وتعل يم ،ب كل مراحله
من الروضة إلى الجامعة .وأحب أن أسجل هنا بكل فخر أن زبانية الطاغوت لم يجدوا سيدة واحدة
في انتظار هم من أعضاء المر كز العام لل سيدات الم سلمات ،سواء من مجلس الدارة أو الجمع ية
العموم ية أو هيئة الواعظات ،وكانوا قد طلبوا م نى الحضور لت سليمهم الدار فرف ضت ،وكذلك كان
موقف جميع عضوات الدار فاستلموا من السكرتير الداري ،وهو موظف وليس له هذا الحق . .
ويشرفني أن أسجل هنا بعض العبارات التي سجلتها الجمعية العمومية جلستها ،وأرسلتها ترد بها
على قرار الحل إلى رئيس الجمهورية والنائب العام ووزير الداخلية والصحف " :إن جماعة السيدات
المسلمات أسست 1 3 57هي – 1 936م لنشر دعوة ال والعمل على إيجاد المة المسلمة التي
الم سلمين " " .فجما عة ال سيدات الم سلمات ،ر سالتها الدعوة إلى ال سلم وتجن يد الرجال والن ساء
شبابا وشيبا لعتقاد رسالته وإقامة دولته الحاكمة بما أنزل ال " .
ون حن –ال سيدات الم سلمات – نر فض قرار الحل ،ول يس لرئ يس الجمهور ية –وهو ينادى صراحة
بعلمانية الدولة -حق الولء علينا ،ول لوزارة الشئون الجتماعية كذلك .وليست الدعوة أموالً أو
حطا ما ت صادره حكو مة العلماني ين المحارب ين ل ولر سوله ولل مة الم سلمة " .فلت صادر الحكو مة
الموال والحطام ولكن ها ل ت ستطيع أن ت صادر عقيدت نا .إن ر سالتنا ر سالة دعوة ودعاة ،إن نا ن قف
ت حت مظلة ل إله إل ال وحده ،وهذا العتقاد بأ نه ل إله إل ال يلزم نا بالع مل الم ستمر المتوا صل
غير المنقطع ،حق تقوم دولة السلم بأمة السلم الواعية لدينها الحاكمة بشرعه ،المجاهدة في
أخذت سييدات الجماعية يتوافدن إلى بيتيي بعيد ذلك متسيائلت :ماذا نفعيل ؟ ؟ كان هذا الموقيف
الشامخ من السيدات المسلمات سنة 1964في قمة عناد السلطة الناصرية ،في الوقت الذي كان فيه
الكثيرون يقفون مو قف التق ية ويقرون الطاغوت على فعله بل ي صدرون الفتاوى المؤيدة لفعاله . .
ويصبغون عليه صبغة ترفعه إلى مكان اللوهية! وما كانت التقية كذلك يوما ما في السلم لضياع
العقيدة والتمويه على المسلمين ،ولقد رأينا بعض المجلت السلمية تتسابق في إرضاء الطاغوت
.ح تى مجلة الز هر نف سه العزيزة علي نا معز ته ،تخلط ب عض سطورها بنبضات هامدة لكتاب
منافقين يتسابقون في إرضاء الباطل وأهله . .وأخذت الفتاوى تتوالى في تجريح المجاهدين الذين
أخذوا بالعزيمة ولم يأخذوا بالضلل ،الذي سماه من أخذ به رخصة ،جرحوا المجاهدين الذين انعم
ال علي هم بالتزام ال سلم ل بالنتماء إل يه ،واللتزام هو ال سلم ،أ ما النتماء بغ ير التزام فش يء
آخر .وقد أبت جماعة السيدات المسلمات أن تأخذ بما سموه رخصة ،أو أن تكتفي بالنتماء ،فرفعت
منا صبهم وضياع دنيا هم ،ولم ت قف مو قف المتفرج ك ما ف عل كث ير من الناس ،ولكن ها قالت رأي ها
بصراحة -في الوضاع التي كانت سائدة يومئذ -ل تبتغى إل وجه ال وان غضب الناس جميعا .
وكا نت عضوات الجماعة ل ي صبرن على عدم لقائي فأخذن يتوافدن على بيتي يواسينني في ال مر.
فقد كانت جماعة السيدات المسلمات حياتي ووجودي ،عاهدت ال يوم تأسيسها أن ل أعيش لغيره
سيبحانه .وأخذت أعداد السييدات المسيلمات الكيبيرة المتوافدة على دارى يعاهدن ال مين جدييد أل
يع شن إل لكل مة ال حق وتبليغ ها ،واتف قن م عي على ع قد اجتماعات بمنازل هن تتولى الواعظات في ها
إرشاد السيدات إلى مبادئ السلم ،ولكن حكومة الطاغية التي كانت تتعقب الدعاة إلى ال في كل
مكان بهذه الجتماعات ،أرسلت إلى السيدات اللئى يتم الوعظ في منازلهن وقامت بتهديدهن وأخذ
التعهد أل يعقدن اجتماعا للوعظ في بيوتهن .واقتصر النشاط بعد ذلك على النشاط الفردي .
المساومة ثم المخادعة
أ خذ رجال المبا حث والمخابرات النا صرية يطلبون مقابل تي ويعرضون عرو ضا لعادة المر كز العام
للسييدات المسيلمات .وكانيت هذه العروض تكلفنيي أن أشترى الدنييا بالخرة .وعلى سيبيل المثال
عرضوا على إعادة إصدار مجلة السيدات المسلمات باسمي كرئيسة للتحرير وصاحبة المتياز مقابل
300جنيه شهريا ،على أن ل يكون لي شأن بما يكتب في المجلة .وكان جوابي :مستحيل أن
تصدر مجلة السيدات المسلمات من مكاتب المخابرات لتنشر علمانية عبد الناصر فأنا لم أعتد إل أن
أكون مسئولة مسئولية فعلية .كذلك عرضوا على إعادة المركز العام وصرف إعانة قدرها عشرون
ألف جنيه سنويا ،على أن يكون من مؤسسات التحاد الشتراكي . .وكانت إجابتي :إن شاء ال ،
لن يكون عملنيا إل للسيلم .إن الذيين يتكسيبون بالسيلم ل يسيتطيعون خدمتيه ،وكان هذا الرد
يغضبهم .ولكنهم يحاولون إغرائي المرة بعد المرة .وكنت أتعجب من الطريقة ومن إصرارهم على
هذه المحاولت الفاشلة ،ولكنني اكتشفت بعد ذلك وعرفت لماذا هم حريصون على مخادعتي .
خفافيش الليل
ف في إحدى الم سيات ،وأ نا في منزلي ،ا ستأذن ثل ثة رجال لمقابل تي ، ،وب عد دخول هم إلى حجرة
ال صالون ذه بت إلي هم فوجدت هم يلبسون (غترا) عربية ،ول ما سلمت علي هم قدموا لي أنفسهم على
أنهيم مين سيوريا ،قادمون مين السيعودية للفسيحة فيي القاهرة لمدة عشرة أيام وأنهيم قابلوا فيي
ال سعودية ال ستاذ سعيد رمضان والش يخ م صطفى العالم وكا مل الشر يف ومح مد العشماوي وفت حي
الخولي (هؤلء مين الخوان الذيين فروا مين الطاغوت وظلميه ) ،وهيم يسيلمون على الخوان فيي
م صر ويريدون أن يطمئنوا علي هم وعلى تنظيم هم ،و قد أمرو نا بالنضمام إلى هذا التنظ يم ون حن
مستعدون لتنف يذ الوا مر والبقاء في م صر لمعاو نة التنظ يم .ثم أخذوا يتحدثون عن الخوان و عن
عبيد الناصير وكييف أنيه يضطهيد الخوان المسيلمين ثيم تكلموا عين أحداث سينة 1954وعين حيل
جماعة الخوان المسلمين واستشهاد عبد القادر عودة وزملئه ،وكيف أنهم مستعدون للخذ بالثأر
وق تل ع بد النا صر ،وأن هذا هو رأى كا مل الشر يف والعشماوي ورمضان والخولي والعالم .ول ما
ك نت أ سمع ل هم ف قط ،طلبوا م نى الجا بة ،فقلت " :أ نا أ سمع إلى أشياء جديدة على وم صطلحات ل
أدرى عن ها شيئا" .قالوا " :سنرجع لك يا أ خت زي نب مرة أخرى لنعرف رأى المر شد ورأى التنظ يم
في هذا . " . . .فأجبتهم باقتضاب " :أولً :أنا ل أعرف شيئا يسمى التنظيم في الخوان .وأسمع
ثانيا :أنا ل أحدث المرشد في مثل هذه المور ،فصداقتي به وصلتي :إخوة !سلمية ومحبة عائلية
.ثالثا :إن قتل عبد الناصر شيء غير وارد عند المسلمين كما أتصور ،وأنا أنصحكم بالعودة إلى
وهم وقوف جلسوا وقال أحدهم " :الظاهر الخت زينب غير مقتنعة .من الذي خرب بلد المسلمين
أ سماء تلعثموا كثيرا و هم ينطقوا ب ها ،وكا نت :ع بد الشا في ع بد ال حق ،ع بد الجل يل عي سى ،ع بد
الرح من خل يل .ضح كت لم صادفة وجود كل مة "ع بد في ال سماء الثل ثة ،وكان وا حد ف قط هو الذي
ذ كر أ سماء الثل ثة .وقلت ل هم :خ ير ل كم أن ترجعوا إلى بلد كم ق بل أن تم سك ب كم مخابرات ع بد
الناصر إن كنتم ل تعرفونها ،وليس لكم بها صلة فعل وأنا أعتقد ذلك وأجاب أحدهم :على كل حال
لك الحق في أن تشكى يا حاجة فينا ،ستريننا مرة أخرى وستعرفين من نحن .وانصرفوا .وزارني
الخ عبد الفتاح إسماعيل فذكرت له قصة الزوار السوريين( المزعومين ) . . .
على أنه من المباحث العامة .وأخذ يسألني عما بيني وبين السوريين الذين زاروني . . .فوضحت
له أنني مدركة تماما أنهم جواسيس وليسوا إخوانا سوريين ،وأنهم في المباحث قد أرسلوهم ،وأن
هذه أعمال صيبيانية سيخيفة ،فقيد فعلوا كيل ميا يريدون ،صيادروا المجلة والمركيز العام فميا الذي
يريدونه بعد ذلك ؟ ! وكان أغرب ما سألني عنه ما أعنيه في أحاديثي عن جمالوف وجمالفة .فقلت
له :إن هؤلء ملحدة يفخرون بالنتماء إلى البا طل وأهله .وغ ير الحد يث قائل " :إن نا م سلمون يا
حا جة" قلت " :إن الم سلمين غيير ذلك ؟ قال " :لو تفاه مت معنيا ل صبحت من الغيد وزيرة للشئون
الجتماعية" .فضحكت ساخرة وقلت " :المسلمون ل تغريهم المناصب ،ول يشتركون في حكومات
علمان ية إلحاد ية .ومر كز المرأة الم سلمة يوم تقوم حكو مة ال سلم ستقرره الحكو مة ال سلمية .
ماذا تريدون م نى؟" قال " :نر يد أن نتفا هم م عا" قلت " :هذا م ستحيل ،أناس يدعون للك فر ويرفعون
شعارات الضلل . .وأناس يدعون لتوح يد ال واليمان به . .فك يف يت فق هذا؟" .ثم أرد فت قائلة
"توبوا إلى ال واستغفروه وارجعوا إليه . . .أرجو إنهاء المقابلة" .وكان قد فرغ من القهوة التي
قدمت له فقام منصرفا وهو يقول " :وال نحن نريد أن نتفاهم معك .ويوم نتفاهم معك ،ستكونين
أ نت ال تي ستصدرين قرارا بإعادة جما عة ال سيدات الم سلمات وكذلك المجلة" ،قلت له :شكرا . .
السلم في غنى عن الهيئات والجماعات التي ترضى بالعمالة لعداء السلم ،ربنا يهديكم ويتوب
عليكم " .وبعد يومين من هذه الزيارة وقفت عربة حكومية على باب منزلي ونزل منها شاب يرتدى
ملبس كحل ية اللون وك نت أجلس في شر فة المنزل فدخل وقال " :السلم عليكم يا حا جة زينب " .
فرددت السلم ودعوته لدخول المنزل ،ودخل حجرة الضيوف وقدم لي نفسه . .أحمد راسخ ضابط
من المباحث العامة ،ونظرت إليه بتدقيق وكآني أبحث طوله وعرضه ،فقد دعيت مرة إلى وزارة
الداخلية لمقابلة شخص يسمى أحمد راسخ ! . . .وذهبت إلى هناك وكان فوق مكتبه لوحة مكتوبا
عليها أحمد راسخ ،ثم حدث أن زارني قبل يومين الشخص الذي يسمى نفسه :أحمد راسخ ،وها
اسيم واحيد لثلث شخصييات مختلفية . . .أخذت أنظير إلييه وأنيا ل أصيدق ميا أرى . .فمين غيير
المعقول أن يكون كيل رجال المباحيث العامية باسيم أحميد راسيخ ! . . .وشعير بنظرتيي الفاحصية
عج بت من هذا ال مر ،وأج بت ساخرة " :ل . .إن هذا الب يت ي ستقبل ضيو فه دائ ما -سواء كانوا
على موعد أو غير موعد -بترحيب وتكريم .ولكنى سأحكي حكاية قرأتها في جريدة الهرام على
ما أذكر " .كانت ملكة هولندا وزوجها في ضيافة ملك إنجلترا منذ مائتي عام ولفت نظر ملك إنجلترا
اهتمام ملكية هولندا بكلب كان يجرى فيي السيتقبال ،هرولت إلييه فيي لهفية وكأنهيا فقدت الوعيي،
وحمل ته إلى صدرها وأخذت تقبله بش غف وحنان ،ثم أعط ته لزوج ها و هى ت سر له بب عض الكلمات
وتشيير إلى عينيي الكلب ووجهيه فأخيذ الملك الكلب وأخيذ يقبله كذلك . . .تعجبيت ملكية إنجلترا
وزوجها مما رأيا وبخاصة بعد أن عادت ملكة هولندا وأخذت الكلب من زوجها وهما يجففان الدموع
المنهمرة من أعينهما ،وضمته إلى صدرها كطفل عزيز عليهما .ولما دعيا إلى مائدة الطعام الملكية
أخذت ملكية هولندا الكلب معهيا وأخذت تطعميه وقالت ملكية إنجلترا :إن الكلب لبنتهيا الميرة .أميا
الملك ف قد سأل ضيو فه عن سر هذا التعلق بالكلب وقال وكأ نه يعتذر" :لول أن الميرة متعل قة بهذا
انتقلت روحيه إلى هذا الكلب وأخذت تحاول إقناع ملكيي إنجلترا بأن عينيي الكلب هميا عينيا ابنهيا
تماما . . .وأقنع ملك إنجلترا ابنته بإهداء الكلب لملكة هولندا فأهدته لها فقد كانت تسمع القصة مع
والديها" .ثم قلت له " :يا أستاذ راسخ ،إن الذين يقولون بتناسخ الرواح يدعون بعض الشبه بين
الش خص المتو فى وب ين الذي حلت ف يه الروح ب عد ذلك .ولك نى التق يت بثل ثة من المبا حث كل هم
يدعى أنه أحمد راسخ ،ومع ذلك فهم مختلفون في الطول والعرض واللون ول يوجد تشابه بينهم .
فارتسيمت على وجهيه دهشية شديدة وحيرة بالغية .وقال " :نحين ناس طيبون ييا حاجية ونرييد أن
نتفاهم معك ،أنا صحيح أحمد راسخ " .قلت " :وهذا المر ليس له من الهمية نصيب " .وسالت :
"ماذا تر يد؟ " .قال " :إن الحكو مة تر غب رغ بة شديدة في التفا هم م عك ،ون حن نعلم أن الخوان
الم سلمين خدعوك وأقنعوك بمبادئ هم ،والذي حدث لجما عة ال سيدات الم سلمات و حل مركز ها العام
كان سببه الخوان .هؤلء ناس مشاغبون .ون حن نر يد أن تتفاه مي مع نا .و ما نريده ب سيط جدا
هو أن نعرف الفراد القائمون بنشاط من الخوان المسلمين ،وال يا حاجة الريس سيحفظ لك هذه
الخدمة وفى أيام قليلة ستلمسين نتيجة تعاونك معنا .وأنت سيدة طيبة طول عمرك ل شأن لك بشغب
الخوان المسلمين وكفى ما سببوه لك مع الحكومة" .وأخذ يدعى أن الستاذ المام الهضيبي والمام
يأمن لهما.
وأضاف :ولو ك نت تعرف ين ما يقوله الخوان ع نك لتفاه مت مع نا . . .وضح كت . . .ثم قلت :
"سأتكلم معك على أنك رجل من رجال المباحث ل يهمني الن اسمه ول رسمه :
أولً :إنيي أعتقيد أن المسيلمين الذيين ل يعلمون مين السيلم إل ظواهره يعرفون ويعتقدون أنكيم
بعيدون عين السيلم ومحاربون له .أتريدون أن تتفاهمون ميع الحيق وأنتيم على الباطيل ؟ !
تسيتوردون عقائدكيم مين الشرق والغرب وترفعون شعارات اللحاد الشيوعيي ،وتارة تتمسيحون
بآل هة الرأ سمالية وضائعون ب ين الشعار ين . .و من هذا الضياع ت ستمدون تشريعات كم وأحكام كم ل
أظن ني صريحة م عك وكل مي وا ضح ل يحتاج إلى تأو يل .ال سلم ش يء غ ير ما تريدون ا .قال :
"وال يا حاجة أنا أصلى الجمعة" .قلت " :وبقية الفرائض ؟ا .قال " :تعودت أن أصلى الجمعة لن
والدي كان يفعل ذلك وكان يأخذني معه إلى المسجد يوم الجمعة .". . .
قلت له " :ألم تسأل والدك لماذا يصلى الجمعة فقط ؟" .قال " :قلوبنا مسلمة يا حاجة مادمنا نقول :
ل إله إل ال قلت له كفاية ذلك " إن كلمة (ل إله إل ال ) بغير التزامكم بها ستكون حجة عليكم عند
ال ،ل حجية لكيم " .قال " :الناس على ديين ملوكهيم " .قلت " :إن شاء ال تحشرون على ديين
ملوك كم " .قال " :عش مي أن نتفا هم " .قلت " :إن ر سالت ال نبياء على مدى التار يخ لم تل تق أبدا
بالباطل وأهله إل لتدعوهم ليسلموا وجوههم ل سبحانه ! .فانصرف وهو يقول في لهجة غاضبة :
"طبعا . .أنا لن أجيء لك ثانية وإذا أردت التصال بي فها هو رقم تليفوني" .قلت له " :متشكرة ،ل
أريده " .وفيى أواخير شهير يولييه 1965علميت أن هناك عمليات اعتقال فيي صيفوف الخوان
الباب الثاني:
وكانت بيعة
لم ت كن صلتي بجما عة الخوان الم سلمين حدي ثة ك ما توهم ها العابثون إذ كا نت تعود بتاريخ ها إلى
سنة 1357هي 1937م .في ذلك اليوم البعيد المبارك من 1358هي تقريبا وبعد ما يقرب من
ستة أشهر على تأسيس جماعة السيدات المسلمات كان أول لقاء لي مع المام الشهيد حسن البنا .
كان ذلك عقب محاضرة ألقيتها على الخوات المسلمات في دار الخوان المسلمين وكانت يومئذ في
العتبة .
كان المام المرشيد فيي سيبيله لتكويين قسيم للخوات المسيلمات ،وبعيد مقدمية عين ضرورة وحدة
صفوف المسلمين واتفاق كلمتهم دعاني إلى رئاسة قسم الخوات المسلمات .وكان هذا يعنى دمج
الولييد الجدييد الذي أعتيز بيه " جماعية السييدات المسيلمات " واعتباره جزء مين حركية الخوان
المسلمين ،ولم أعد بأكثر من مناقشة المر مع الجمعية العمومية للسيدات المسلمات ،التي رفضت
وتكررت اللقاءات مع تم سك كل م نا برأ يه وتأ سست الخوات الم سلمات ولم يغ ير ذلك من علقت نا
ال سلمية شيئا .وحاولت في أ خر لقاء ل نا في دار ال سيدات الم سلمات أن أخ فف من غض به بع هد
آخذه على نفسي أن تكون السيدات المسلمات لبنة من لبنات الخوان المسلمين على أن تظل باسمها
واسيتقللها بميا يعود على الدعوة بفائدة أكيبر .على أن هذا أيضا لم يرضيه عين الندماج بديلً
ودارت الحداث ب سرعة ووق عت حوادث سنة 1948و صدر قرار حل الخوان وم صادرة أملك هم
وإغلق شعبها ،والزج باللف في المعتقلت وقامت الخوات المسلمات بنشاط يشكرن عليه وكانت
إحداهن السيدة تحية الجبيلي زوجة أخي وابنة عمى ومنها عرفت الكثير من التفاصيل ،ولول مرة
وجدت نفسي مشتاقة إلى مراجعة كل آراء الستاذ البنا وإصراره على الندماج الكلي .وفي صبيحة
اليوم التالي ل حل جما عة الخوان ك نت بمك تبي في دار ال سيدات الم سلمات و في ن فس الحجرة ال تي
وأب كي بكاءً شديدا ،ف قد أح سست أن ح سن الب نا كان على حق ف هو المام الذي ي جب أن يبا يع من
الم سلمين جميعا على الجهاد لعودة الم سلمين إلي مق عد م سئوليتهم ،وإلي وجود هم الحقي قي الذي
ي جب أن يكونوا ف يه ،و هو مكان الذروة في العالم يقودو نه إلي ح يث أراد ال ويحكمو نه ب ما أنزل
ال .وأحسست أن حسن البنا كان أقوى مني وأكثر صراحة في نشر الحقيقة وإعلنها .وإن هذه
الشجاعة والجرأة هي الرداء الذي يجب أن يرتديه كل مسلم .وقد ارتداه البنا ودعا إليه .ثم وجدت
نف سي أه تف بال سكرتير ليو صلني بالخ ع بد الحف يظ ال صيفي الذي كلف ته بن قل ر سالة شفو ية للمام
البنا يذكره فيها بعهدي في آخر لقاء لنا … وحين عاد بتحيته ودعائه استدعيت أخي محمد الغزالي
ال جبيلي وكلف ته بإي صال وري قة صغيرة بوا سطته أو بوا سطة زوج ته إلي المام المر شد وكان في
الوريقة " :سيدي المام حسن البنا … زينب الغزالي الجبيلي تتقدم إليك اليوم وهي أمة عارية من
كل شي إل عبوديتها ل وتعبيد نفسها لخدمة دعوة ال ،وأنت اليوم النسان الوحيد الذي يستطيع
أن يبيع هذه المة بالثمن الذي يرضيه لدعوة ال تعالى .في انتظار أوامرك وتعليماتك سيدي المام
…".
وعاد شقيقيي ليحدد لي لقاءً سيريعا فيي دار الشبان المسيلمين ،كان المفروض أن يحدث وكأنيه
مصيادفة .ولم أكين أعدم ميبررا لتواجدي هناك ،فقيد كنيت ذاهبية إلي صيالة دار الشبان للقاء
محاضرة ،والتقيت بالستاذ البنا فقلت له ونحن نصعد الدرج " :اللهم إني أبايعك على العمل لقيام
دولة السلم وأرخص ما أقدم في سبيلها دمي ،والسيدات المسلمات بشهرتها " فقال " :وأنا قبلت
البيعة وتظل السيدات المسلمات على ما هي عليه " .وافترقنا على أن يكون اتصالنا بواسطة منزل
أخيي وكانيت أول رسيالة مين المام الشهييد تكليفا بالوسياطة بيين النحاس والخوان ،وكان رفعية
مصيطفى باشيا النحاس خارج الحكيم حينذاك وحدد النحاس المرحوم أميين خلييل للقيام بإزالة سيوء
التفاهيم ورضيى به المام الشه يد وكنيت حل قة الت صال .و في ليلة مين ليالي فبراير سنة 1949
جاءني أمين خليل ليقول لي " يجب اتخاذ إجراءات ليسافر البنا من القاهرة فالمجرمون يأتمرون به
ليقتلوه .ولم أجيد و سيلة للت صال به مباشرة ف قد اعتقيل أ خي ،فحاولت التصيال بالمام الشه يد
شخ صيا ،وأ نا في طري قي للت صال بلغ ني خبر الغتيال ونقله إلى الم ستشفى ثم تواترت الخبار
ب سرعة ب سوء حال ته وذ هب شهيدا إلى ر به مع ال نبيين وال صديقين والشهداء وال صالحين وح سن
أولئك رفيقا .وكان ألمي كبيرا وكانت نقمتي على المجرمين مرة لم أحاول كتمها .
وجاءت حكومية اتحاد الحزاب وأصيدرت أمرا بحيل جماعية السييدات المسيلمات واعترضيت أمام
القضاء الذي حكيم لنيا فيي عهيد حكومية حسيين سيري باشيا سينة 1950بالعودة للنشاط .وكان
المحا مي في هذه القض ية ال ستاذ ع بد الفتاح ح سن "با شا" وجاءت حكو مة الو فد وعاد الخوان إلي
نشاط هم و هم على بيعت هم للمام المر شد ح سن الهض يبي ،وأحب بت في اليوم الول لفتتاح المر كز
العام للخوان المسلمين أن أعلن ولئي للدعوة بطريق غير مباشر إلي أن يقضي ال في المر بما
يريد ،فتبرعت بأغلى شئ كنت أعتز به في أثاث منزلي وهو طاقم صالون أرابيسك مطعم بالصدف
و سارت المور هادئة مطمئ نة ،وزار ني الشه يد ع بد القادر عودة وشكر ني على ال تبرع وقال " :
ي سعدنا إذا أ صبحت زي نب الغزالي ال جبيلي من الخوان الم سلمين ".قلت " :أر جو أن أكون ها بإذن
ال " .فقال " :قيد كانيت والحميد ل " .وصيارت المور فيي هدوء ومودة بينيي وبيين كثيرة مين
أعضاء الجماعة حتى حكومة النقلب العسكري بقيادة اللواء محمد نجيب الذي كان قد زارني قبل
النقلب بأيام ب صحبة الم ير ع بد ال الفي صل ول يس سراج الد ين والش يخ الباقوري وشقي قي علي
الغزالي بمناسبة وجود المير عبد ال الفيصل في مصر ،وقد تعاطف الخوان مع النقلب وكذلك
السييدات المسيلمات لفترة أحسيست بعدهيا أن المور ل تسيير كميا كنيا نأميل وأنهيا ليسيت الثورة
المنتظرة تتويجا لجهود سبقت على أيدي العامل ين لنقاذ هذا البلد … وأخذت أن قل رأ يي ل من ألقاه
السيدات المسلمات ،فما كان لحد من الخوان أن يقسم يمين ولء لحكومة ل تحكم بما أنزل ال ..
ومن يفعل منهم ذلك يجب فصلهم من الخوان وواجب الخوان أن يحددوا موقفهم بعد أن اتضحت
وزارني الشهيد عبد القادر عودة طالبا مني تأجيل الكتابة في هذا الموضوع ،وأمسكت عددين ،ثم
المرشيد العام بعدم الكتابية فيي هذا الموضوع ،وتذكرت بيعتيي للبنيا -رحميه ال -واعتقدت أن
الولء قائم بها للهض يبي ،وامتثلت لل مر .وم نذ ذلك الو قت والبيعة تحكم ت صرفاتي ح تى ما يبدو
منها خاصا كرحلة مؤتمر السلم في فيينا التي لم أقم بها إل بعد أن حصلت على لذن المام المرشد
الهضيبي …
وسقط القناع
النا صر لتظ هر عدائه لل سلم ومحارب ته له في شخوص دعا ته وقيادات نهض ته ،و صدرت أحكام
العدام البش عة على قمم القيادات ال سلمية :الشهيد الم ستشار ع بد القدر عودة ،صاحب الفضيلة
العالم الزهري الورع الذي ر صدت القيادة البريطان ية في القنال عام 1951عشرة آلف جن يه ل من
يأتيي بيه حيا أو ميتا :الشييخ محميد فرغلي الذي أُهدي للسيتعمار ميتا دون أن تخسير الخزينية
البريطانية مبلغ المكافأة ،وباقي الشهداء الكرام .حتى المجاهد الكبير المام حسن الهضيبي حكموا
عليه بالعدام ،ولم ينفذ ،فقد أصيب فجأة بذبحة شديدة بالقلب نقل على أثرها للمنزل وقرر الطباء
ال صحف صباح اليوم التالي .ول كن قدرة ال أحب طت كيده ،وعاش المام .فل كل أ جل كتاب ،ن عم
عاش ،ليؤدي ب عد ذلك خدمات للم سلمين ويقود الدعوة ال سلمية في أحلك أيام شهدت ها الدعوة ،
وقد أظهر قوة الصلبة في الحق وهو المريض بعدة أمراض مما أذهل الجلدين وجعلهم يقودونه
إلى ال سجن الحر بي مرة أخرى ويعذبو نه بأب شع أنواع التعذ يب ،ولك نه ظل متم سكا بال حق سائرا
على طريق أصحاب الدعوات إلى أن شهد هو نهاية عبد الناصر وزبانيته وهو صامد ،رافع أعلم
الحيق والتوحييد الذي أعتقده ،متلبيس بكيل حبات وجوده ،وأخيذ بالعزيمية ولم يتسيرب إلى نفسيه
ضعف أو وهن في دين ال ورفض أن يأخذ بالرخص فيقيم في بيته وينكر بقلبه كما يفتي ويأخذ
بذلك بعض العلماء .بل أني لذكر له هذا الموقف الكريم الشجاع حينما أراد بعض من طالت عليهم
المدة واعتراهم بعض الضعف أن يأخذوا بالرخصة ويكتبوا للطاغية مؤيدين وملتمسين العفو منه ،
و سألوا المام ح سن الهض يبي أن يأذن ل هم في ذلك فقال قول ته المشهورة " :أ نا ل أكره أ حد على
الخذ بالعزيمة والوقوف معنا ،ولكنى أقول لكم :إن الدعوات لم تقم يوما بالذين يأخذون بالرخص
" .قال ذلك وهو الشيخ الكبير ذو الثمانين عاما ،وظل بسجن مزرعة طره إلى آخر الفواج التي
أفرج عنها بعد موت عبد الناصر … ولنا عودة أخرى إلى تفاصيل أحداث . 1965
وفي عام 1955رأيت نفسي مجندة لخدمة الدعوة السلمية بغير دعوة من أحد فقد كانت صرخات
اليتامى الذين فقدوا آباءهم بالتعذيب ودموع النساء اللتي ترملن وأزواجهن خلف قضبان السجون
.والباء والمهات من الشيوخ الذين فقدوا فلذات أكبادهم .كانت هذه الصرخات والدموع تنفذ إلى
أعما قي .ووجدت نف سي وكأ ني من الم سئولين عن ضياع الجياع وجراح المعذب ين .وأخذت أقدم
القليل .
ولكن أعداد الجياع تزداد يوما بعد يوم .وأعداد العرايا كذلك .وأخبار الشهداء الذين يقضى عليهم
تحيت سيياط الفجرة المارقيين القسياة الجاحديين .والمدارس والجامعات تتطلب مصياريف وأدوات
وملبيس .وأصيحاب المنازل يطالبون بإيجار منازلهيم .وزادت المشكلة تعقيدا وثقيل الحميل على
حامله .واتسع الخرق على الراقع وبخاصة بعد عام ونصف .وبالتحديد في منتصف 1956حينما
خرج بعض أعداد من المعتقلين الذين لم يحكم عليهم .كان البعض منهم في اشد الحاجة لمن يزوده
بالمال والطعام والمل بس والمأوى .كل هذا والم سلمون في هذا البلد الط يب في م صر ال تي نك بت
بمين قاد النقلب لييس فيهيم مين يعيي واجبيه .بيل على العكيس مين ذلك وجدنيا كثيرا مين علماء
كان الجمييع مين المتفرجيين على ميا يحدث .حتيى الذيين يبكون للمأسياة ويتألمون كانوا يكتمون
آلم هم ويخفون دموع هم خش ية أن يتهم هم الطاغ ية بأن هم م سلمون .ول ما اش تد بي اللم على ما
وصلت إليه المور .ولم أجد لنفسي مخرجا .ذهبت لزيارة أستاذي الجليل صاحب الفضيلة الشيخ
مح مد الودن .و هو من القلة القليلة التق ية النق ية من رجال الز هر .وك نت أ ستشيره في كل ما
يعرض لي من أمور الدعوة وعلوم ال سلم .وكان يعت قد م عي أن عدم اندماج ال سيدات الم سلمات
ربما يخدم الخوان في فترة مقبلة .وقد كان يعلم ببيعتي للبنا ويباركها ويؤيدها كما كان يعلم ولئي
للدعوة ب عد ا ستشهاد الب نا وقبله .وجل ست إل يه أحد ثه عن مأ ساة ال سر .كان ي ستمع إل يّ في ألم
شديد .وأنهيت حديثي بعرض ما فكرت في عمله في حدود إمكانياتي .وكنت أرى أنه ل يكفي أن
نتألم وجراح الجوع وجراح ال سياط وجراح العرا يا وتشرد الن ساء والطفال يجرى بق سوة وشدة في
دوائر حياة الدعاة والملب ين والمجاهد ين لتكون كل مة ال هي العل يا .وأرى أ ني أ ستطيع كرئي سة
للسييدات المسيلمات أن أقدم العون إن شاء ال لسير الخوان بميا يمكنيي ال فييه .فقبيل فضيلتيه
موقفي في الجماعة والثقة المطلقة في شخصي من السيدات المسلمات أعضاء الجماعة فقال لي
فضيل ته :قد أ صبح فرضا حتميا عل يك أن ل تبخلي بج هد في هذا الطر يق و ما تقوم ين به اجعل يه
بي نك وب ين ال تبارك وتعالى ثم أضاف :إن المن قذ الوح يد بأ مر ال لل سلم هم هؤلء المعذبون "
الخوان المسلمون " ل أمل لنا إل في ال ثم في إخلصهم وما يبذلون في سبيل الدعوة .اعملي يا
أحد أني أفعل شيئا .فقد كان فرد أو فردان هما اللذان أُسلمهما ما أستطيع على أنها أشياء مرسلة
ثم عل مت أن الوالدة الفاضلة المجاهدة ال كبيرة حرم ال ستاذ الهض يبي تبذل هي أيضا مجهودا كبيرا
مع ب عض الفضليات الكريمات من الخوات الم سلمات م ثل :المجاهدة آمال العشماوي حرم ال ستاذ
من ير الدلة وكا نت هي بنف سها على رأس الخوات الم سلمات .وم ثل خالدة ح سن الهض يبي وأمي نة
قطب وحميدة قطب وفتحية بكر والمجاهدة أمينة الجوهري وعلية الهضيبي وتحية سليمان الجبيلي
.واتسعت اتصالتي رويدا رويدا فاتصلت بخالدة الهضيبي في سرية شديدة ثم بحميدة قطب وأمينة
كان أول لقاء لي به في عام 1957و في مو سم ال حج .ك نت في ميناء ال سويس على رأس بع ثة
الحج لجماعة السيدات المسلمات ،وكان معي في المودعين شقيقي محمد الغزالي الجبيلي فوجدته
ل :الخ عبد
ل عليّ في صحبة إنسان يكسو وجهه نور ومهابة يغض بصره ،قدمه لي أخي قائ ً
مقب ً
الفتاح إ سماعيل ،كان من أ حب شباب الخوان إلى المام الشه يد ح سن الب نا ،كان فضيلة المر شد
يحبه ويؤثره وله فيه ثقة مطلقة ،وقد طلب مني أن أقدمه لك بهذه الصورة حتى تعرفيه ،وحياني
الخ و هو يقول سأكون إنشاء ال مع كم في الباخرة ،فرح بت به وان صرف ،و صعدنا إلى الباخرة
وتحركت بعيدا عن الشاطئ وانشغلت بمطالب البعثة ،بعثة حج السيدات المسلمات .وعندما ذهبت
إلى حجرتي بعد تناول الغداء ،سمعت طرقات على الباب ،أذنت بالدخول فتكرر الطرق ثانية ولكن
الطارق كان يذهيب بعيدا عين فتحية الباب ،ولميا سيمع صيوتي يأذن بالدخول للمرة الثالثية .دخيل
فوجد ته الخ الذي قد مه لي شقي قي على ر صيف الميناء ..قال في إخبات و هو يطرق إلى الرض
ي السلم ..أنا أعلم بحمد ال أن بينك وبين المام الشهيد حسن البنا بيعة بعد طول
بعد أن ألقى عل ّ
خلف ،ولما سألته عن مصدر معلوماته أجاب :المام الشهيد نفسه طيب ال ثراه ..فسألته عما
ير يد ،أجاب :أن نلت قي في م كة لو جه ال نتحدث في ما كان الب نا يريده م نك إن شاء ال .كا نت
كلمات سهلة العبارات طيبة النوايا لينة ،لكنها مع بساطتها قوية صادقة ثقيلة التكاليف تحمل معنى
المر ول تترك مجالً للتفكير .قلت إنشاء ال في دار بعثة السيدات المسلمات بمكة أو بجدة ،ولما
سأل عن العناو ين حدث ته عن أخو ين في جدة قال إ نه يعرفه ما وه ما الش يخ العشماوي وم صطفى
العالم وكلهما يستطيع أن يرشده إلى مكان إقامتي بمكة وجدة .حياني الخ وانصرف .
وفي ليلة من ليالي ذي الحجة كنت على موعد بعد صلة العشاء مع فضيلة المرحوم الشيخ المام
مح مد بن إبراه يم المف تي ال كبر للمل كة العرب ية ال سعودية حينذاك ..وك نا نب حث معا مذكرة قدمت ها
لجللة الملك أشرح له في ها ضرورة تعل يم البنات في الممل كة ،وأطلب م نه ال سراع في تنف يذ هذا
المشروع ،مبينة مصلحة المملكة في ذلك ،وحولت المذكرة على فضيلة المفتي الذي طلب مقابلتي
.وقض يت ساعتين أب حث المشروع م عه .وع ند ان صرافي من مجل سه ،أخذت طري قي إلى باب
السلم وكان في نيتي أن أطوف حين أوقفني صوت يناديني باسمي محييا بتحية السلم ،والتفت
فإذا به عبد الفتاح إسماعيل وسألني عن وجهتي ولما عرف أنها الطواف ثم دار البعثة صحبني إلى
المسجد وطفنا بالبيت معا وبعد صلة سنة الطواف جلسنا تجاه الملتزم وأخذ يتحدث فيما يريد .
سألني عن رأ يي في قرار حل الخوان .أج بت أ نه قرار با طل شرعا .قال :هذا ال مر الذي أر يد
بح ثه م عك ..ول ما سألته أن يزور ني في دار البع ثة ا ستبعدها كمكان لم ثل هذه المور خوفا من
أجهزة التجسيس الناصيرية ،واتفقنيا على أن نجتميع فيي مكتيب عمارة الحرم المكيي ..فيي مكتيب
معالي الرجل الصالح الشيخ صالح القزاز ،واجتمعنا هناك ولكنه أسر إل يّ أن الفضل أن نلتقي في
الحرم وانصيرف هيو على أن نلتقيي خلف مقام إبراهييم .وبعيد ركعتيي الطواف جلسينا خلف مبنيى
زمزم بالقرب مين مقام إبراهييم ،وأخيذ يتحدث عين بطلن قرار حيل جماعية الخوان المسيلمين
ووجوب تنظييم صيفوف الجماعية وإعادة نشاطهيا ،واتفقنيا على أن نتصيل بعيد العودة مين الرض
المقدسة بالمام حسن الهضيبي المرشد العام لنستأذنه في العمل .وقال عندما هممنا بالنصراف :
يجب أن نرتبط هنا ببيعة مع ال على أن نجاهد في سبيله ،ل نتقاعس حتى نجمع صفوف الخوان
ونفاصل بيننا وبين الذين ل يرغبون في العمل أيا كان وضعهم ومقامهم ،وبايعنا ال على الجهاد
الذن بالعمل
و مع أوائل 1958كا نت لقاءا تي قد تعددت بع بد الفتاح إسماعيل في منزلي و في دار المركز العام
للسيدات المسلمات .كنا نبحث في أمور المسلمين محاولين بكل جهدنا أن نفعل شيئا للسلم يعيد
لهذه المة مجدها وعقيدتها ،مبتدئين بسيرة الرسول عليه الصلة والسلم والسلف الصالح ومن
بعدهم ،جاعلين منهجنا مستمدا من كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم .
وكا نت خ طة الع مل ت ستهدف تجم يع كل من ير يد الع مل لل سلم لين ضم إلي نا ..كان ذلك كله مجرد
بحوث وو ضع خ طط ح تى نعرف طريق نا ،فل ما أرد نا أن نبدأ الع مل كان ل بد من ا ستئذان ال ستاذ
الهض يبي باعتباره مرشدا عاما لجما عة الخوان ،لن درا ساتنا الفقه ية حول قرار ال حل انت هت إلى
أنه باطل لن عبد الناصر ليس له ولء ول تجب له طاعة على المسلمين حيث أنه يحارب السلم
ول يحكيم بكتاب ال تعالى ..والتقييت بالسيتاذ الهضييبي لسيتأذنه فيي العميل باسيمي وباسيم عبيد
الفتاح إ سماعيل ،وأذن ل نا في الع مل ب عد لقاءات عديدة شر حت له فيها الغا ية وتفا صيل الدراسات
التي قمت بها وعبد الفتاح .وكان أول قرار لبدء العمل هو أن يقوم الخ عبد الفتاح عبده إسماعيل
بعملية استكشاف على امتداد مصر كلها .على مستوى المحافظة والمركز والقرية ،والمقصود من
هذا أن نتيبين مين يرغيب فيي العميل مين المسيلمين ومين يصيلح للعميل معنيا ،مبتدئيين بالخوان
وبدأ الخ عبد الفتاح إسماعيل جولته بادئا بالذين خرجوا من السجون من الخوان والذين لم يدخلوا
لتختبر معادنهم وهل أثرت المحنة في عزيمتهم ،وهل دخول من دخل السجن جعلهم يبتعدون عما
يعرضهيم للسيجن مرة أخرى أم أنهيم ل يزالون على ولئهيم للدعوة مسيتعدين للتضحيية بكيل غال
وكنا ندرس معا التقارير التي يقدمها عبد الفتاح إسماعيل عن كل منطقة ،وكنت أزور المرشد العام
وأبل غه مج مل ما اتفق نا عليه وما و صلنا إل يه ..وك نا إذا عرض نا عل يه صورا من ال صعوبات ال تي
نلقي ها ،قال :ا ستمروا في سيركم ول تلتفتوا إلى الوراء ،ل تغتروا بعناو ين الرجال وشهرت هم .
أنتم تبنون بناء جديدا من أساسه .وكان تارة يقر ما يعرض عليه وتارة يعطي بعض التوجيهات .
ومن هذه التوجيهات أنه أوصانا بأن نضمك إلى مراجع بحوثنا " المحلي لبن حزم " .
وفي سنة 1959انتهت بحوثنا إلى وضع برنامج للتربية السلمية ،وأشهد ال على أنه لم يكن
في برنامج نا غ ير ترب ية الفرد الم سلم الذي يعرف واج به تجاه ر به وتكو ين المجت مع الم سلم الذي
سييجد نفسيه بالضرورة مفاصيلً للمجتميع الجاهلي .ولميا كانيت جماعية الخوان المسيلمين معطلً
نشاطها بسبب قرار الحل الجاهلي لسنة 1954كان ضروريا أن يكون النشاط سريا .
وقفة مع زوجي
لم يكن عملي في هذا النشاط يعطلني عن تأدية رسالتي في المركز العام لجماعة السيدات المسلمات
ول يجعلني أقصر في واجبي السري ،غير أن زوجي الفاضل المرحوم محمد سالم سالم لحظ تردد
الخ عبيد الفتاح إسيماعيل وبعيض لبنات طاهرة زكييه مين الشباب المسيلم على منزلنيا .فسيألني
زوجييي :هيل هناك نشاط للخييوان المسيلمين ؟ أجبيت :نعيم . .فسيألني عين مدى النشاط
ونوعيته . .قلت :إعادة تنظيم جماعة الخوان ..ولما أخذ يبحث المر معي قلت له :هل تذكر يا
ماذا قلت لك ؟ قال :نعم اشترطت شروطا ،ولكني أخاف عليك اليوم من تعرضك للجبابرة .
ثم صمت وأطرق برأسه فقلت له :أنا أذكر جيدا ما قلت لك :لقد قلت لك يومها :إن هناك شيئا في
أطل عك عل يه على ألّ ت سألني ع نه ب عد ذلك ،وشرو طي بخ صوص هذا ال مر ل أتنازل عن ها . .أ نا
رئيسة المركز العام لجماعة السيدات المسلمات ..وهذا حق ،ولكن الناس في أغلبهم يعتقدون أني
أدين بمبادئ الوفد السياسية ،وهذا غير صحيح ..المر الذي أومن به وأعتقده هو رسالة الخوان
المسلمين ..ما يربطني بمصطفى النحاس هو الصداقة الشخصية ،لكني على بيعة مع حسن البنا
على الموت في سبيل ال ،غير أني لم أخط خطوة واحدة توقفني داخل دائرة هذا الشرف الرباني ،
ولكنيي أعتقيد أنيي سيأخطو هذه الخطوة يوما ميا بيل وأحلم بهيا وأرجوهيا ،ويومهيا إذا تعارضيت
مصلحتك الشخصية وعملك القتصادي مع عملي السلمي ووجدت أن حياتي الزوجية ستكون عقبة
في طر يق الدعوة وقيام دولة ال سلم ف سنكون على مفرق طر يق ،ويوم ها أطر قت إلى الرض ثم
رف عت رأ سك والدموع محبو سة في عين يك لتقول :أ نا أ سألك لتقول :أ نا أ سألك ماذا يرض يك من
عليي أل
ّ المطالب الماديية فل تسيألين ول تطلبيين أي شيئ مين مهير أو مطالب زواج ،وتشترطيين
أنا ل أعلم أن لك صلة بالستاذ البنا ،والذي أعلمه أنك اختلفت معه بشأن انضمام جماعة السيدات
قلت :الحمد ل ،اتفقنا أثناء محنة الخوان سنة 1948قبل استشهاد البنا ،وكنت قررت أن ألغي
أمير الزواج مين حياتيي ،وأنقطيع للدعوة انقطاعا كليا ..وأنيا ل أسيتطيع أن أطلب منيك اليوم أن
تشاركنيي هذا الجهاد ،ولكين مين حقيي أن اشترط علييك أل تمنعنيي جهادي فيي سيبيل ال ،ويوم
تضعني المسئولية في صفوف المجاهدين فل تسألني ماذا أفعل ولتكن الثقة بيننا تامة ،بين رجل
يرييد الزواج من امرأة وه بت نفسيها للجهاد فيي سيبيل ال وقيام الدولة السيلمية وهيي فيي سين
الثام نة عشرة ،وإذا تعارض صالح الزواج والدعوة إلى ال ،ف سينتهي الزواج وتب قى الدعوة في
ثم توقفت عن الكلم برهة ونظرت إليه قائلة :هل تذكرت ؟ قال :نعم .قلت :اليوم أطلب منك أن
تفيي بوعدك ..ل تسيألني بمين ألتقيي .وأدعيو ال أن يجعيل أجير جهادي قسيمة بيننيا فضلً منيه
سبحانه إذا تق بل عملي . .أ نا أعلم أن من ح قك أن تأمر ني و من وا جبي أن أطيعك ولكن ال أ كبر
في نفو سنا من أنف سنا ،ودعو ته أغلى علي نا من ذوات نا .ون حن في مرحلة خطيرة من مرا حل
الدعوة . .قال :سامحيني ،أعملي على بركة ال .يا ليتني أعيش وأرى غاية الخوان قد تحققت
،وقامت دولة السلم ..يا ليتني كنت في شبابي فأعمل معكم ….
ل و نهار ،وكان الزوج المؤ من ي سمع طرقات
وك ثر الع مل ،والنشاط وتد فق الشباب على بي تي لي ً
الباب في جوف الل يل فيقوم من نو مه ويف تح للطارق ين ويدخل هم إلي حجرة المك تب ،ويذ هب إلي
حجرة السيدة التي تدير أعمال البيت فيوقظها ويطلب منها أن تعد للزائرين بعض الطعام والشاي ،
ثم يأتي إليّ فيوقظني في إشفاق وهو يقول :بعض أولدك في المكتب وعليهم علمات جهد أو سفر
،وأرتدي ملبسي وأذهب إليهم ويأخذ هو طريقه إلى مكان نومه وهو يقول لي :إذا صليتم الفجر
جماعة فأيقظيني لصلي معكم إن كان ذلك ل يضر ،فأجيب إنشاء ال .
فإن صلينا الف جر أيقظ ته لي صلي مع نا ثم ين صرف ،و هو يح يي الموجود ين تح ية أبو ية مملوءة
في عام 1962التق يت بشقيقات المام الفق يه والمجاهد الكبير الشه يد سيد ق طب بالتفاق مع الخ
عبد الفتاح إسماعيل وبإذن من الستاذ حسن الهضيبي ،المرشد العام للخوان المسلمين ،للتصال
بالمام سيد قطب في السجن لخذ رأيه في بعض بحوثنا والسترشاد بتوجيهاته .طلبت من حميدة
قطب أن تبلغ الخ سيد قطب تحياتنا ورغبة الجماعة المجتمعة لدراسة منهج إسلمي في السترشاد
بآرائه ..وأعطيتها قائمة بالمراجع التي ندرسها وكان فيها تفسير ابن كثير ،والمحلي لبن حزم ،
والم للشافعي وكتب في التوحيد لبن عبد الوهاب وفي ظلل القرآن لسيد قطب ،وبعد فترة رجعت
إلي حميدة وأوصت بدراسة مقدمة سورة النعام ..الطبعة الثانية وأعطتني ملزمة من كتاب قالت :
إن سيد يعده للطبيع واسيمه معالم في الطرييق ..وكان سيد قطيب قيد ألفيه فيي السيجن وقالت لي
وعلمت أن المرشد اطلع على ملزم هذا الكتاب وصرح للشهيد سيد قطب بطبعه ..وحين سألته قال
لي :على بر كة ال ..إن هذا الكتاب ح صر أملي كله في سيد ،رب نا يحف ظه ،ل قد قرأ ته وأعدت
قراءتيه وأعدت قراءتيه ،إن سييد قطيب هيو الميل المرتجيى للدعوة الن ،إن شاء ال وأعطانيي
تدرس بتوسيع فيي حلقات ،وكانيت الفكار متفقية والغايات غيير مختلفية فانسيجمت الدراسية ميع
الو صايا وال صفحات ال تي كا نت تأتي نا من المام الشه يد سيد ق طب رح مه ال و هو دا خل ال سجن ،
وكانيت ليالي طيبية وأياما خالدة ولحظات قدس ميع ال ،يجتميع عشرة أو خمسية مين الشباب
ويقرءون ع شر آيات ترا جع أحكام ها وأوا مر ال سلوك في ها و كل غايات ها ومقا صدها في حياة الع بد
المسلم .وبعد تفهمها وا ستيعابها يتقرر النتقال إلي ع شر آيات أخرى إقتداء بأصحاب النبي صلى
ومرت أيام حلوة طي بة ونع مة من ال تحتوي نا ون حن ندرس وندرس ونر بي أنف سنا ونه يئ للدعوة
رجالهيا بشباب اقتنيع بضرورة العداد لقيام دعوة الحيق العادل ..وقرر وجوب حتميية إعداد أجيال
في شخوص هذا الشباب الذي نرجوه أساتذة في التوجيه والعداد للجيال المقبلة .
قررنيا فيميا قررنيا يي بتعليمات مين المام سييد قطيب وبإذن الهضييبي يي أن تسيتمر مدة التربيية
والتكو ين والعداد والغرس لعقيدة التوح يد في النفوس .والقنا عة بأ نه ل إ سلم إل بعودة الشري عة
السلمية وبالحكم بكتاب ال وسنة رسوله لتصبح شريعة القرآن مهيمنة على كل حياة المسلمين ،
قررنا أن يستغرق برنامجنا التربوي ثلثة عشر عاما ،عمر الدعوة في مكة ،على أن قاعدة المة
السيلمية الن هيم الخوان الملتزمون بشريعية ال وأحكاميه فنحين ملزمون بإقامية كيل الوامير
والنوا هي الواردة في الكتاب وال سنة في دا خل دائرت نا ال سلمية ..والطا عة واج بة علي نا لمام نا
المبا يع ،على أن إقا مة الحدود مؤجلة ي مع اعتقاد ها والذود عن ها ي ح تى تقوم الدولة ..وك نا
على قناعية كذلك بأن الرض اليوم خاليية مين القاعدة التيي تتوفير فيهيا صيفات المية السيلمية
ل ..
الملتزمة التزاما كام ً
كما كان المر في عهد النبوة والخلفات الراشدة ،ولذلك وجب الجهاد على الجماعة المسلمة التي
حكيم ال والتمكيين لدينيه فيي الرض حتيى يعود جمييع المسيلمين للسيلم فيقوم الديين القييم ،ل
ودرسينا كذلك وضيع العالم السيلمي كله بحثا عين أمثلة لميا كان قائما مين قبيل بخلفية الراشديين
والتي نريدها نحن في جماعة ال الن ،فقررنا بعد دراسة واسعة للواقع القائم المؤلم ،أن ليس
هناك دولة واحدة ينط بق علي ها ذلك ،وا ستثنينا الممل كة العرب ية ال سعودية مع تحفظات وملحظات
يجب أن تستدركها المملكة وتصححها ،وكانت الدراسات كلها تؤكد أن أمة السلم ليست قائمة ،
وإن كا نت الدولة تر فع الشعارات بأن ها تق يم شري عة ال ! … .وكان في ما قررناه ب عد تلك الدرا سة
الواسيعة ،أنيه بعيد مضيي ثلثية عشير عاما مين التربيية السيلمية للشباب والشيوخ والنسياء
والفتيات ،نقوم بمسح شامل في الدولة فإذا وجدنا أن الحصاد من أتباع الدعوة السلمية المعتقدين
بأن السيلم ديين ودولة ،والمقتنعيين بقيام الحكيم السيلمي قيد بلغ %75مين أفراد المية رجالً
ونساءً ،نادينا بقيام الدولة السلمية ،وطالبنا الدولة بقيام حكم إسلمي ،فإذا وجدنا الحصاد 25
%جددنا التربية والدراسة لمدة ثلثة عشر عاما أخرى وهلم جرا ،حتى نجد أن المة فد نضجت
وما علينا أن تنتهي أجيال وتأتي أجيال ،المهم أن العداد مستمر ،المهم أن نظل نعمل حتى تنتهي
آجال نا ثم ن سلم الرا ية مرفو عة " بل إله إل ال ،مح مد ر سول ال " إلى البناء الكرام الذ ين يأتون
من بعد نا .وك نا على ات صال بالستاذ مح مد ق طب ،بإذن من المرشد العام ،كان يزور نا في بي تي
الباب الثالث:
المؤامرة
وخرج الستاذ الشهيد سيد قطب من السجن ،وسبق خروجه بشهور عملية محاولة اغتيالي التي لم
تنجح ،والتي تحدثنا عنها في أول هذه المذكرات ،وانتقلت إلينا أخبار بان إخراج الشهيد سيد قطب
من السجن تخطيط من المخابرات ليسهل اغتياله ،وأن في خطة الغتيالت القضاء على عبد الفتاح
عبده إ سماعيل . .وعش نا متوكل ين على ال نع مل وخلف ظهور نا ما يدبر الفجار ،غ ير أن نا أخذ نا
ندرس ميا وصيلنا مين أخبار عين رعيب الفجار الحاكميين ،فقيد أصيبحوا يتوهمون أن هناك حركية
فكريية يقودهيا سييد قطيب مين داخيل السيجن ،وتقودهيا وتعميل على تنفيذهيا جماعية مين الخوان
المسلمين ،على رأسها الشهيد عبد الفتاح إسماعيل وزينب الغزالي الجبيلي خارج السجن . .وقد
تأكدت لدي نا الخبار بان المخابرات المريك ية والمخابرات الرو سية ووليت هم ال صهيونية العالم ية قد
قدموا تقاريير مشفوعية بتعليمات لعبيد الناصير بأخيذ المير منتهيى الجيد للقضاء على هذه الحركية
السلمية ،ول فسينتهي كل ما فعله عبد الناصر في المنطقة من تحويل عن الفكر السلمي وبث
وخلصة المخاوف :أن هذه الحركة السلمية ستقضي على كل فكر مغاير للسلم .هذا ما وصلنا
إجمال عما تحو يه تقار ير المخابرات المريكية والروسية لعبد الناصر ،ومن ناح ية أخرى فان عبد
النا صر اع تبر أن الب عث ال سلمي بمثا بة قضاء تام على حك مه الدكتاتوري الغا شم . .و فى أوائل
أغ سطس 1965و صلتني أخبار عن إعداد قائ مة من المطلوب اعتقال هم من رع يل ر سالة الترب ية
الجديدة والفكر الذي أقام من الشباب جواهر نورانية تتحرك بالسلم .كما كان يتحرك به رجال من
الصدر الول في فجر الرسالة إلى دار ابن أبى الرقم ،ويتصدر القائمة الستاذ الشهيد سيد قطب ،
زينيب الغزالي الجيبيلي ،عبيد الفتاح عبده إسيماعيل ،محميد يوسيف هواش .وفيى الخاميس مين
أغسطس وصلتني أخبار اعتقال الشهيد سيد قطب .كنت مجتمعة مع بعض الخوات حين جاءتني
محمد قد اعتقل في مرسى مطروح قبل أيام ،فطلبت زوجي في رأس البر ورجوته أن يطمئننى على
سيد قطب وجاءت مكالمة زوجي بعد ساعة تؤكد اعتقاله .
وقررنا تأجيل الجتماع بالخوات حتى نرى ماذا بعد العتقالت ،وكان اعتقال سيد قطب كالصاعقة
بالنسبة لجميع الشباب ،فضل عنا نحن ،فقد كان الهضيبي قد أوكل كل المسئوليات لسيد قطب ،
وكانت اتصالتنا كلها به حسب أمر الهضيبي ،وكان علينا بعد اعتقاله أن نرجع إلى المرشد العام ،
نستأذنه فيمن يتولى المسئولية بدل من سيد .كنت أنا وعبد الفتاح ،نفكر فيما حدث قبل أن يحدث
بخمسة أيام ،فلما حدث ،زارني عبد الفتاح وكلفني بالسفر لرؤية المرشد في السكندرية وقدم لي
أ حد أبنائ نا من الشباب على أ نه سيكون حل قة الت صال بين نا إذا اعت قل هو . .ول كن ب عد ساعات
أرسل إلى يطلب منى أن ألزم بيتي ،وألغى سفري للسكندرية -غير أنى كنت قد اتصلت بالمرشد،
وجاءت السيدة حرمه من السكندرية -ورتب المر على أن نكون على اتصال دائم بالهضيبي ،هذه
المرة قدم لي أ خا كري ما ليكون حل قة الت صال بين نا . .مر سى م صطفى مر سى .وات صلت بالمر شد
العام وأخبرته بواقع المر ،وأقرنا على ما اتفقنا عليه وتأثر تأثرا عميقا لخبار العتقالت وبخاصة
اعتقال سييد قطيب .وأخذت الخبار تتوالى بالقبيض على العشرات والمئات ،وارتفيع إلى اللف ،
وقيد أقسيم لي شميس بدران بعيد اعتقالي برأس عبيد الناصير اعتقلوا مائة ألف مين الخوان فيي
عشرين يوما ،ملئوا بهم السجن الحربي وسجن القلعة وسجن أبي زعبل وسجن الفيوم والسكندرية
وطنطا و سجونا أخرى .وفى يوم الخميس 19أغسطس ،علمت أن سيدة فاضلة تناهز الخامسة
والثمانين تدعى أم أحمد من شبرا قد قبضوا عليها ،وهى من المناصرين للدعوة من يومها الول ،
و سارت في الطر يق مع المام الشه يد ح سن الب نا خطوة خطوة ،وكان ل ها ج هد كبير مبارك في
مساعدة ال سر ال تي فقدت العائل بال سجن والمعتقلت النا صرية . .وكا نت على ات صال دائم ب نا . .
كان خبر اعتقال ها مفز عا ومؤثرا بالن سبة لي ،ولك نى قلت ل بن أخت ها ب عد دقائق صمت أغرقت ني
باللم " :إنه شيء جميل . .ما دام في الرض التي ضاعت معالمها امرأة مؤم نة تعتقل في سبيل
ال ،وفى سبيل دولة القران ،وهي في الخامسة والثمانين ،فمرحى مرحى يا جنود ال " ! . .
وأرسلت لبنتي في السلم غادة عمار وقلت لها " :اليوم اعتقلت مجاهدة جليلة فاضلة تدعى الست
أم أحمد ،وتقطن بناحية شبرا ولدى أموال لحساب أسر المسجونين وشؤون الدعوة فها هي إليك يا
غادة ،فإذا اعتقلت فسلميها للمرشد أو لل قطب ،وسلمتها مظروفا فيه أموال الجماعة التي كانت
أمانية عندي ،وهيى اشتراكات مين الخوان المسيلمين .وعلميت بعيد ذلك وأنيا فيي السيجن أن هذا
المبلغ أودعته غادة عند ابنتي في السلم فاطمة عيسى وعندما قبض عليها الطغاة استولوا على
هذا المال الذي كان ثمين الطعام وأجير المسياكن ومصياريف التعلييم والعلج لبناء المسيجونين
وأ سرهم ،تلك ال سر ال تي ل ذ نب ل ها ول جري مة ،و ما قررت دولة النقلب الع سكري ل تبيدهم إل
لنهم من القاعدة الخالدة على التاريخ لتجديد أمر المة السلمية .علمت بذلك عندما جيء بغادة
عمار وعل ية الهض يبي إلى زنزان تي في ال سجن الحر بي فقلت " :ح سبنا ال ون عم الوك يل ،الدن يا
ساعة ،أ ما الخرة ف هي دار نا والح ساب هناك " .ومرت ساعات رهي بة تح مل لي أخبار اعتقالت
جديدة ،ومرة أخرى جاءني رسول طلب منى أن أسافر إلى السكندرية لمقابلة المرشد .كان ذلك في
مساء الخميس 19أغسطس ،وبينما كنت أستعد للسفر جاء آخر وطلب منى تأجيل السفر لحين
وجاء دوري
وفى فجر الجمعة 20أغسطس 1965اقتحم رجال الطاغوت منزلي ،ولما طلبت منهم إذنا بالتفتيش
،قالوا :إذن ! أي إذن يا مجانين ؟ نحن في عهد عبد الناصر ،نفعل ما نشاء معكم يا كلب ! . .
وأخذوا يقهقهون في صورة هستيرية وهم يقولون :الخوان المسلمون مجانين ،قال إيه ،يريدون
إذن تفتيش في حكم عبد الناصر! ودخلوا البيت وأتلفوا ما فيه بالتمزيق تارة وبالتكسير تارة أخرى
حتى لم يتركوا شيئا سليما .وكنت أنظر إليهم باحتقار وهم يمزقون فراش المنزل .وأخيرا قبضوا
على ابن أخي الطالب في كلية المعلمين محمد محمد الغزالي ،وكان يقيم معي كابني وقالوا لي :ل
تغادري البييت .قلت :أفهيم مين ذلك أن إقامتيي محددة .قالوا :إلى حيين صيدور أوامير أخرى،
واعلمي أن البيت تحت الحراسة فإذا تحركت فسيقبض عليك .وظننت أن المر سيقف عند تحديد
القامية ،وجاء لزيارتيي شقيقتيي وأولدهيا وزوجهيا ،وكنيت أعيد حقيبتيي اسيتعدادا للقبيض على .
ورجوت زوج شقيقتيي مغادرة المنزل حتيى ل يقبضوا علييه إن عادوا ووجدوه كميا فعلوا ميع ابين
أ خي .ولك نه أ صر على البقاء ر غم محاول تي المتكررة في إفها مه أن الو قت ل يس و قت مجاملة أو
نحوه .وبين ما ك نا نتناول الغداء اقت حم المنزل زبان ية الطاغوت وأتوا على البق ية الباق ية وا ستولوا
على ما في الخزا نة .وا ستولوا على ما يز يد على ن صف مكتب تي ،ولم تفلح محاول تي في إنقاذ
ب عض المؤلفات القدي مة في التف سير والحد يث والف قه والتار يخ م ما يعود تار يخ طبعه إلى أك ثر من
مائة عام ،ك ما لم تفلح محاول تي في الحتفاظ بمجموعات ثلث من مجلة ال سيدات الم سلمات ال تي
أوقفت بأمر عسكري سنة ، 1958فقد صادروا كل ما أرادوا وللخزانة وقتها قصة عجيبة .فقد
كانت الخزانة لزوجي إل أن بها أشياء تخصني أيضا .فلما طلبوا المفتاح قلت لهم :إنه مع زوجي
و هو م سافر في م صيفه ،فإذا ب هم يهتفون بر جل من هم يأمرو نه بف تح الخزا نة ،وتقدم هذا الر جل
وفتح الخزانة بآلت ومفاتيح كانت معه ،كأي لص متمرس ! ! ولما طلبت منهم إيصال بما أخذوه
قالوا في سخرية " :أ نت مجنو نة .أ نت فاكرة نف سك شاطرة ،إخر سي بلش دو شة" .وقبضوا على
وأدخلوني عربة وجدت فيها ابن أخي الذي قبضوا عليه في الفجر ،وشابا من شباب الدعوة ،سألت
ابين أخيي :إييه ييا محميد؟ فلم يجبنيي ففهميت أن التعليمات إلييه أن ل يتكلم ،وكانوا قيد أتوا بيه
ليرشدهيم إلى المنزل لن هؤلء كانوا غيير زوار الفجير . .وأخذت العربية تنهيب بنيا الطرييق حتيى
وصيلت إلى السيجن الحربيي ،عرفيت ذلك مين اللوحية الموجودة على بوابتيه ،واقتحميت السييارة
البوابة المرعبة ،وبعدما ابتلعت البوابة السيارة ومن فيها .أنزلت منها واتجه بي وغد غليظ إلى
حجرة ا ستجوبني في ها و غد آ خر ،وأدخلت من ها إلى حجرة أخرى .ووق فت أمام ر جل ض خم الج ثة
مظلم الوجه قبيح اللفظ ،فسأل الذي يمسك ذراعي عنى فأجابني بسباب غلف فيه أسمي ،ومع ذلك
التفت هو إلى في غلظة وسألني من أنت ! .قلت " :زينب الغزالي الجبيلي" .فانطلق يسب ويلعن
ب ما ل يع قل ول يت صور .و صرخ الذي يم سك بذرا عي قائل " :دا رئ يس النيا بة يا ب نت ال يي . . .
قلت :لقد اعتقلوني أنا وكتبي وكل ما في الخزانة ،فأرجو حصر هذه الشياء وتسجيلها فمن حقي
أن تعاد إلى .أجاب رئيس النيابة المزعوم الذي وضح فيما بعد أنه شمس بدران ،أجاب في فجور
وجاهلية متغطرسة" :يا بنت الييي . . .نحن سنقتلك بعد ساعة ،كتب إيه ؟ وخزنة إيه ؟ ومصاغ
إيه ؟ أنت ستعدمين بعد قليل ،كتب إيه وحاجات إيه اللي بتسألي عليها يا بنت الييي ، . . .إحنا
سندفنك كما دفنا عشرات منكم يا كلب هنا في السجن الحربي" لم أستطع أن أجيب ،لن الكلمات
كانيت بذيئة اللفاظ سيافلة ،والسيباب والشتائم منحطية إلى الحيد الذي ل يسيتطيع فييه النسيان أن
وقال هذا المتغطرس للذي يمسيك ذراعيي :خذهيا . . .قال :إلى أيين ؟ أجاب ؟ هيم عارفون .
وجذبني الفاجر في وحشية وهو يقول :يا بنت الي . . .وعند الباب نادى صاحب الجثة الغليظة
المظلمية على الشيطان الممسيك بذراعيي فالتفيت إلييه ،فكأنيي أرى ظلمية مين دخان غلييظ أسيود
تغر قه ،قلت في سرى :أعوذ بال من الشيطان الرج يم ،ثم تضر عت إلى ال قائلة :الل هم أنزل
على سكينتك وثبت قدمي في دوائر أهل الحق ،واربط على قلبي بذكرك وارزقني الرضا بما يرضيك
.وقال الممسك بذراعي للشيطان :نعم يا معالي الباشا .قال له :تروح رقم 24وبعد ذلك تأتوني
.وانصرف بي الشيطان الشقي الممسك بذراعي وأدخلني حجرة ،فرأيت رجلين يجلسان إلى مكتب
في يد أحده ما مفكرة ك نت أعرف ها ،و هى خا صة بالخ الشه يد ع بد الفتاح إ سماعيل ،كان يخرج ها
في حلقات القران ونحن نتدارس ويدون بها بعض ملحظاته ،فعرفت أنه اعتقل وبعض الخوان إذ
كان عنده اجتماع بهيم فيي ذلك الوقيت ،وأحدث ذلك رعدة فيي نفسيي خشييت أن يلحظهيا بعيض
الشياطين ،وكان أذان العصر يخترق سمعي ،وترك الشيطان رقبتي ولكن ظللت في مكاني فصليت
إلى ال ،و ما أن انته يت من الصلة ح تى ان كب الشيطان على في وحش ية ،ق يل له :اذهب بها إلى
. 24
خرج بيي الشيطان وهيو ممسيك بذراعيي ،وسيار معنيا اثنان مين الشياطيين سيود الوجوه ممسيكان
بالكراب يج ،ساروا بي في أنحاء متعددة من ال سجن الحر بي . .ورأ يت الخوان الم سلمين معلق ين
على العواد وال سياط تل هب أج سادهم العار ية ،وبعض هم سلطت عل يه الكلب الضالة لتمزق ج سده
بعد السياط .وبعضهم يقف ووجهه إلى الحائط في انتظار دوره من التعذيب والتنكيل .كنت أعرف
عددا كبيرا من هؤلء الشباب المؤمن ين التقياء النقياء ،أبنائي وأحبائي في ال ،أ صحاب مجالس
التف سير والحد يث والحياة الندية الذك ية في دارى ،في دارهم ،في دار ا بن أ بى الر قم ،في هدأة
السيحر ،فيي أنوار الفجير .عرفيت منهيم الكثيير ،رأييت العجيب ،هذه النماط البشريية الفريدة فيي
إنسانيتها ،المترفعة بإسلمها ،الموصولة بالسماء المرموقة بعين القدرة المنزهة المتمتعة بحضرة
ال سبحانه وتعالى ،شباب ال سلم ،شيوخ ال سلم ،هذا م صلوب على خش بة ،هذا منك فئ على
وجهيه للحائط ،والسيياط تنزل علييه تأكيل مين ظهره ،هذا ينزف مين جيبينه الذي لم ينحين إل ل
والنور يغمير وجهيه المنسياب مين رأسيه المرتفيع المعتيز بال ،وذاك ظهره للحائط ،كيل الوجوه
يجرى فيهيا نور التوحييد . .ولكين نزييف الدم مين الوجوه والظهور شييء مخييف .وصيرخ شاب
مصلوب على خشبة :أماه ! ثبتك ال ! قلت :والنور قد غطى المكان فلمع لون الدم فيه :أبنائي ،
ور فع الشيطان يده و هو يهوى ب ها على صدغي وأذ ني ،فأخذت عي ني تدور وأذ ني كذلك كأن ما سا
كهربيا قد مسها ،وانكشف النور عن أجسام ممزقة وأشلء متناثرة تمل المكان ،فقلت :في سبيل
ييييية :
ييييين الجني
يييييي مي
يييييه يأتي
يييييوتا كأني
يييييمعت صي
ال ،وسي
الل هم ث بت القدام ،الل هم احفظ هم من الفجرة .لولك ر بى ما اهتدي نا ،ول ت صدقنا ول صلينا . .
فثبت القدام إن لقينا .وارتفعت أصوات ال سياط وتزاحمت ،ولكن صوت اليمان أقوى وأوضح ،
وكا نت بر هة ،وخرج صوت آ خر كأ نه مق بل من ال سماء يقول " :ل إله إل ال وحده ل شر يك له ".
وقلت ثانية " :صبرا يا أبنائي إنها بيعة ،صبرا إن موعدكم الجنة" .وأخذت يد الفاجر ظهري بضربة
موجعة أليمة ساخنة ،فقلت " :ال أكبر ول الحمد ،اللهم صبرا ور ضا ،اللهم شكرا وحمدا على ما
أنع مت به علي نا من ال سلم واليمان والجهاد في سبيلك " .وف تح باب لحجرة مظل مة فدخلت ها ثم
ابتلعتني الحجرة فقلت :باسم ال السلم عليكم .وأغلق الباب وأضيئت الكهرباء قوية! إنها للتعذيب
! الحجرة مليئة بالكلب ! ل أدرى كم ! ! أغم ضت عي ني ووض عت يدي على صدري من شدة
الفزع ،وسيمعت باب الحجرة يغلق بالسيلسل والقفال وتعلقيت الكلب بكيل جسيمي ،رأسيي ويدي،
صدري وظهري ،كل مو ضع في ج سمي ،أح سست أن أنياب الكلب تغوص فت حت عي ني من شدة
الفزع وبسرعة أغمضتهما لهول ما أرى ووضعت يدي تحت إبطي وأخذت أتلو أسماء ال الحسنى
مبتدئة ب " يا ال ،يا ال " وأخذت أنت قل من ا سم إلى ا سم ،فالكلب تت سلق ج سدي كله ،أ حس
أنيابها في فروة رأسي ،في كتفي ،في ظهري ،أحسها في صدري ،في كل جسدي ،أخذت أنادى ربى
خذني من عالم الصورة ،اشغلني عن هذه الغيار كلها ،اشغلني بك ،أوقفني في حضرتك ،إصبغني
ب سكينتك ،ألب سني أرد ية محب تك ،ارزق ني الشهادة ف يك وال حب ف يك والر ضا بك والمودة لك وث بت
القدام يا ال ،أقدام الموحد ين " .كل هذا ك نت أقوله ب سري ،فالكلب ناش بة أنياب ها في ج سدي .
مرت ساعات ثم ف تح الباب وأخر جت من الحجرة .ك نت أت صور أن ثيا بي البيضاء مغمو سة في
الدماء ،كذلك كنيت أحيس وأتصيور أن الكلب قيد فعلت .لكين ييا لدهشتيي ،الثياب كأن لم يكين بهيا
شيء ،كأن نابا واحدا لم ينشب في جسدي .سبحانك يا رب ،،إنه معي ،يا ال هل أستحق فضلك
وكرمك ،يا ال يا إلهي لك الحمد .كل هذا أقوله أيضا في سرى ،فالشيطان ممسك بذراعي يسألني
:كيف لم تمزقك الكلب ؟ والسوط في يده وخلفي شيطان ثان بيده سوط أيضا .كان الشفق الحمر
يكسو السماء ينبئ بأن الشمس قد غربت ،وأننا أوشكنا على العشاء إذن فقد تركت مع الكلب اكثر
من ثلث ساعات .لك الحمد يا إلهي على كل حال .اخترقوا بي طريقا توهمته طويل ،فتح باب :
ابتلعت ني ال ساحة المخي فة خل فه .ثم ابتلع ني م مر طو يل مخ يف على جا نبيه أبواب مغل قة .أ حد
البواب منفرج ب عض الش يء ي طل م نه و جه من ير ،خرج م نه ب عض النور فبدد ب عض ظلم الم مر،
عرفت فيما بعد أنه باب الزنزانة رقم 2التي تسبق زنزانتي رقم 3ويسكنها الضابط الكبير محمد
رشاد مهنا الذي كان يوما وصيا على عرش مصر الذي توهم الفجرة أن الخوان سينصبونه رئيسا
وفتح باب الزنزانة . . . 3فابتلعتني واختطفتني ظلمتها وأغلق الباب خلفي في اللحظة التي أشعل
في ها م صباح معلق في سقف الزنزا نة ،كان الضوء مخي فا مرع با لشد ته ل ت ستطيع أن تف تح عي نك
وب عد فترة طر قت الباب ،وجاء مارد أ سود في غلظ ته سألني ع ما أر يد ،فا ستأذنت في الذهاب إلى
دورة المياه للوضوء ،فأجاب فييي وحشييية ممنوع طرق الباب -ممنوع دورة المياه -ممنوع
الوضوء -ممنوع الشرب .إذا طرقيت الباب سيأجلدك خمسيين جلدة ،وفرقيع بالسيوط فيي الهواء
ليري ني أ نه على ا ستعداد لتنف يذ تهديده .لم ي كن في الزنزا نة ش يء ،وك نت قد تع بت من الوق فة
الطويلة بين الكلب في "الحجرة "24فخلعت معطفي وفرشته على أرضها وتيممت وصليت المغرب
والعشاء ،وجلسيت القرفصياء ،ولكين سياقي المكسيورة لم ترحنيي فوضعيت حذائي تحيت رأسيي
وتمددت على إسيفلت الحجرة .لكين الطغاة لم يمهلونيي .كان بأعلى الزنزانية نافذة تطيل على فناء
ال سجن ،جاءوا ب صليب من الخ شب على ارتفاع النافذة ثم جاءوا بشباب من المؤمن ين ي صلبونهم
الوا حد تلو ال خر على هذا ال صليب ،ويأخذون في جلد الم صلوب بال سياط ،والشاب يذ كر ا سم ال
وي ستنجد به ،وب عد ن صف ساعة من الجلد الم ستمر المتوا صل يقولون لهذا الشاب الذي قد يكون
مهندسا أو مستشارا أو طبيبا" :يا ابن الكلب متى جئت هنا؟" .فيقول " :اليوم أو البارحة" ،فيعودون
إلى السيؤال " :م تى ذهبيت إلى منزل زي نب الغزالي آ خر مرة؟" .فإن قال ل أذكير ،عادوا إلى الجلد
وطلبوا منيه أن يسيب زينيب الغزالي بأبشيع ميا يتصيور النسيان مين اللفاظ الفاحشية ؟الكلمات
البذيئة ،؟طبعا يرفض هذا الشاب المؤ من ويعودون لجلده مرة أخرى ،ورب ما قال أ حد الشباب :إن نا
ل نرى فيها إل الصدق والفضيلة فيزيدونه ضربا وجلدا حتى يفقد الوعي ،فيأتوا بآخر طالبين منه
نفس الشيء ظنا منهم أن ذلك يضعف من عزيمتي .وهكذا ،شاب يعقب أخاه ،وقلبي يتمزق على
هذا الشباب المؤمن .أخذت أناجى ال وأتضرع إليه طويل .سألت ال أن يجعلني فداء لهذا الشباب
فأتلقى التعذيب بدل منهم ،فقد تصورت أن هذا أهون على ،فأخذت أدعو ال أن يجعلني مكانهم أو
ي صرف ع نى وعن هم هذا الجلد .تمن يت أن يقولوا ما يريده هؤلء الفجرة عن زي نب الغزالي ح تى
تر فع عن هم ال سياط ،ولكنهم لم يقولوا ،وال سياط تتضا عف وتتعالى صيحاتهم واللم يمزق ني .وأ نا
أنا جي ر بى فأقول "الل هم اشغل ني بك عن هم واشغل هم بك ع نى .الل هم ألهم هم الخ ير الذي يرض يك ،
اللهم احجب عنى أصوات تعذيبهم ،اللهم إنك تعلم ما في نفسي ول أعلم ما في نفسك ،إنك أنت
علم الغيوب ،تعلم خائنة العين وما تخفى الصدور ،فرحمتك اللهم بعبادك " .
الرؤيا
ول أدرى كيف أخذني النوم وأنا أذكر ال ،وكان في هذا النوم خير وفضل وعطاء ،كان فيه رؤيا
مباركة هي إحدى رؤاي الربع لحضرة النبي عليه الصلة والسلم في محنتي :
"رأيت بحمد ال صحراء مترامية وإبلً عليها هوادج كأنها صنعت من النور ،وفى كل هودج أربعة
مين الرجال كأنهيم أيضيا وجوه نورانيية ،رأيتنيي خلف هذا السييل مين البيل فيي هذه الصيحراء
المترامية التي ل يحدها البصر ،أقف خلف رجل عظيم مهيب وهو يأخذ بخطام امتد في أعناق هذا
السيل الجارف من البل التي ل يحصى عددها .أخذت أردد في سرى :أتكون حضرة محمد صلى
ال عليه وسلم .فإذا به يجيبني " :أنت يا زينب على قدم محمد عبد ال ورسوله " .سألت " :أنا يا
قال عليه الصلة والسلم " :أنتم يا زينب على الحق ،أنتم يا زينب على الحق ،أنتم يا زينب على
قدم محمد عبد ال ورسوله " .وقمت من النوم وكأنني ملكت الوجود بهذه الرؤيا ،وأدهشني – بعد
ما نسيت ما أنا فيه وأين أنا – أنى ل أجد ألم السياط ول الصلبان القريبة من النافذة ،فقد نقلت إلى
ثاني ما أدهشني أن اسمي في شهادة الميلد زينب غزالي واسم الشهرة المعروف لدى الناس "زينب
الغزالي" والرسول عليه الصلة والسلم يناديني بأسمى في شهادة الميلد وفعل نقلتني الرؤيا عن
الزمان والمكان فتيمميت ،وأخذت أصيلى ركعات شكرا ل على هذا العطاء .وفيى إحدى سيجداتي
وجدتني أقول " :ربى بم أشكرك ؟ إني ل أجد ما أشكرك به إل أن أجدد بيعتي لك .اللهم إني أبايعك
على الشهادة في سبيلك .اللهم أنا أبايعك على أل يعذب أحد بسببي .اللهم ثبتني على الحق الذي
يرضيك وأوقفني في دائرة الحق الذي يرضيك ! " وانتهيت من صلتي ،وأخذت أكرر ما دعوت به
في سجودي وكأنني أعيش في عالم غير الذي أنا فيه وأحسست براحة وسكينة واطمئنان قلب . .
وسيمعت ضجية شديدة فيي الخارج وأصيوات عربات كثيرة تتزاحيم إلى الداخيل وأخرى خارجية مين
الجح يم ،عر فت في ما بعد أن هذا الو قت انتهاء ورد ية من الزبان ية وبدء ورد يه أخرى للتعذ يب . .
وسمعت المؤذن يؤذن لصلة الفجر فرددت الذان ثم تيممت وصليت . .
أمض يت على هذه الحال ستة أيام على التوالي من م ساء الجم عة 20أغ سطس إلى الخم يس 26
أغ سطس ل يف تح باب الزنزا نة فل أ كل ول شرب ول دورة مياه ول صلة بالخارج ،غ ير تل صص
هذا الشيطان الذي يضع عينه على فتحة باب الزنزانة الصغيرة بين الحين والحين .ولك أن تتصور
أي ها القارئ العز يز ك يف ت ستطيع أن تع يش هكذا ،وإذا ا ستطعت أن تع يش بل طعام ول ماء ك يف
يستغني النسان عن قضاء حاجته الضرورية؟ كيف يعيش النسان بغير أن يذهب إلى دورة المياه
ذلك ! فما بالك بالذين يدعون أنهم مسلمون . .وهل يفعل ذلك أي كائن ينتمي للجنس ا لبشرى ؟ !
يا ال ! لكم جنى الطغاة المستبدون على كرامة النسان ،وتحللوا من كل دين وخلق ،ولكن اليقين
بال واعتقاد ال حق ،وأن يرى الن سان ر به ويعا يش أمره كل ذلك قد ي صنع شيئا كبيرا فوق طا قة
البشر .فل تدهش أيها القارئ :لنني استطعت أن أعيش هذه اليام بغير ماء ،أو طعام ،أو قضاء
ضرورة ،أو صلة بإن سان .الل هم إل هذه الطرقات من الشيطان ال سود الذي رب ما ف تح الباب ي سأل
في غلظة ووحشية :يا بنت اليي . .أنت لسة عايشة؟!.. .
الول :هو ف ضل ال علي نا باليمان به .إ نه ال سلم الذي يم نح صاحبه قوة يغالب ب ها ال صعاب
والمشقات أ يا كا نت هذه ال صعاب .إ نه ف ضل ال .فاليمان يع طى قوة وطا قة احتمال هائلة ،تعلو
قوة الطواغيت الفجرة الذين ظنوا أنهم فعل يحكمون .والحق أن المؤمن يعيش متصل بال سبحانه
والمر الثا ني :هو تلك الرؤيا المباركة التي كا نت بمثا بة تخف يف وزاد ودفعة حياة من ال تعالى،
الطواغيت . .وفى صبيحة اليوم السابع فتح باب الزنزانة ودخل الشيطان السود وبيده ربع رغيف
ملوث بقذارة من فضلت النسان وقطعة من الجبن الصفر كذلك .ورمى بهما إلى الرض وقال يا
بنت الي . .ده أكلك ما دمت عايشة .لم أمس الخبز ول الجبن وأخذت الماء وأغمضت عيني لشدة
قذارة إنائه وسددت أنفى ،ورفعت الماء إلى فمي وأنا أقول " :بسم ال الذي ل يضر مع اسمه شيء
في الرض ول في السماء وهو السميع العليم " " .اللهم اجعله غذاءً وريا ،وجهادا وعلما ،ومعرفة
وصيبرا ورضيا" .وشربيت مين الكوز وأغلقيت الزنزانية .ومكثيت على حالي إلى ميا قبيل غروب
الشمس .حين فتحت الزنزانة ودخل الشيطان السود .وقال وهو يضرب بالسوط الذي في يده –
على الحائط وعلى أرض الزنزانة :قومي يابنت الـ ..روحي المراحيض ..وعندما خرجت كدت
أن أ سقط على الرض لشدة إعيائي فأم سك بذراعي ومشى بي حتى أدخلني المرحاض ،ولما أردت
اغلق باب المرحاض قال :ممنوع اغلقه ،فخرجت من المرحاض وقلت له :أرجعني إلى الزنزانة
ل أريد شيئا .قال في وحشية والجاهلية تغطي عليه وعلى المكان .أدخلي يا بنت الي . .أمال إحنا
حانحر سكم إزاي يا أولد . . . .أر يد من القارئ أن يت صور م عي هذا المو قف ؟! أي جاهل ية وأي
إلحاد يبيح ذلك ؟ .عدت إلى الزنزانة وأنا أتمنى الموت إن كان الموت خيرا لي .حتى ل أضطر مر
ة أخرى إلى الذهاب إلى دورة المياه مع هذا الشيطان ،أغل قت الزنزا نة فتيم مت و صليت المغرب .
و ما أن انته يت ح تى ف تح باب الزنزا نة ود خل الو حش الذي أدخل ني من ق بل حجرة الكلب ويد عى
صيفوت الروبيي ،ومعيه شخصيان .ثيم قال أتفضيل ييا دكتور .تولى أحدهيم الكشيف على وأنيا على
إسفلت الزنزانة .قال واحد من الواقفين للذي يكشف على :إيه يا شعراوي؟ أجاب :ل شيء قلبها
سليم .ذلك القلب الذي أصيب بجلطة من التعذيب .وخرجوا وأغلقت الزنزانة .وبعد دقائق فتحت
الزنزانة وأخذوني إلى حوش مرعب مظلم مخيف وتركوني ساعتين تقريبا .وجهي للحائط بعد أن
أمرونيي بعدم التحرك .وقالوا لي وهيم يغلقون على باب الحوش :أجلك انتهيى النهاردة ! ييا بنيت
الييي . .أخذت أفكير فعل فيميا يقولون وأطلب مين ال السيكينة والمين وأن ألقاه على السيلم ،
وأخذت أتلو فات حة الكتاب و سورة البقرة وأ نا أ حس وكآ ني أقرأ ها للمرة الولى .وا صلت بالتلوة
حتيى أيقظتنيي مين اسيتغراقي صيفعة مين ييد غليظية قاسيية وصيعق الكهرباء ،وأخيذ هذا الوحيش
يضرب ني بق سوة بال سوط على جسدي حيثما و قع ،ثم أعطا ني ثلث ورقات بيضاء وقال :والظل مة
تتساقط من وجهه كأنما في عينيه شيطان :إكتبى هذه الوراق ! ودخل ثلثة رجال يأمرونه أن يعيد
ضربي ويعلقون " :حتى ل تنسى أن تكتبي ما نريد يا بنت اليي " .. . .ثم أمروه بعد فترة بإيقاف
الضرب وأمسك بي أحدهم في غلظة ورمى بي إلى الحائط .عرفت فيما بعد أنه حمزة البسيوني .
وتلقفني آخر ،ويدعى سعد خليل فأخذ يهزني هزا عنيفا حتى أسقطني على الرض وأمر العسكري
أن يركل ني بقد مه .ثم جاءوا بمق عد أجل سوني عل يه وأعطو ني الوراق وأ نا ل أ ستطيع أن أم سكها
لشدة ما بي ،وقاومت وأمسكتها واللم يعتصرني .وصاح بي أحد هؤلء القزام :اكتبي أسماء كل
من تعرفين في السعودية .في السودان .في لبنان ،في الردن .في أي مكان في العالم .اكتبي
كل معارفك على وجه الرض ،إذا لم تكتبي فسنضربك بالرصاص في هذا المكان الذي تقفين فيه .
اكتبي كل معارفك من الخوان المسلمين وكل شئ عن صلتك بهم .وقدموا لي قلما ثم أغلقوا الباب
وخرجوا .وجلست إلى الوراق وكتبت فيها :إن لي في كثير من البلد أصدقاء عرفوني عن طريق
الدعوة السيلمية .فحركتنيا فيي الرض هيي ل سيبحانه ،وال يسيوق إلينيا مين يختار وجهتيه
وطريقه .الطريق الذي سلكه من قبلنا أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم والسلف الصالح . . .
إن غايتنا أن ننشر دعوة ال وندعو للحكم بشرعه .أنني باسم ال أدعوكم أن تتخلوا عن جاهليتكم
وتجددوا إسيلمكم .وتنطقوا بالشهادتيين وتسيلموا ل وجوهكيم ،وتتوبوا إلى ال مين هذه الظلمية
ال تي را نت على قلوب كم فأغلقت ها في و جه كل خ ير ،ل عل ال يخرج كم من ظل مة الجاهل ية إلى نور
السيلم .وبلغوا ذلك لرئييس جمهوريتكيم لعله يتوب ويسيتغفر ويعود للسيلم ،ويخلع عين نفسيه
أطمار الجاهلية .فان أبى فانتم مسئولون عن أنفسكم وعن الطريق الذي اخترتموه .وأشهد أن ل
عليهم .اللهم وتب علينا فانك أنت العزيز الحكيم .وثبت أقدامنا على الطريق وامنحنا الشهادة في
كتبيت ذلك مسيتعينة بال واثقية أنيى أدييت رسيالة ال .وعدت إلى تلوتيي ،وجاء المدعيو صيفوت
الروبي فاخذ الوراق وتركني في هذا المكان المرعب بعد أن أطفأ النور .ولم تمض فترة حتى فتح
باب الحوش وأوقدت الكهرباء ود خل أرب عة جنود ومع هم صفوت ي صيح بكل ما في قامو سه البشع
من ألفاظ السباب والشتائم .يا بنت اليي . .و . .و . .إح نا بنهزر؟ إيه الكلم الفارغ اللي أنت
كاتباه ده ؟ .
ثم صاح قائل :انتباه ! ! حمزة با شا الب سيوني ،مد ير عام ال سجون الحرب ية .ود خل مد ير عام
ال سجون الحرب ية ت سبقه كلمات يقذف ب ها ،ل ت ساويها في سفالتها أي كل مة أو لف ظة سمعتها من
ق بل ،على قذارة ما سمعت .أخذت أن ظر إل يه باحتقار شد يد وازدراء .وكا نت في أيدي هم أوراق
قالوا كذبا إنها الوراق التي كتبتها ومزقها أحدهم وهم يعيدون ما قاله صفوت من أنهم ل يهزلون
وأنهم يستنكرون الكلم الفارغ الذي كتب ته .وقال البسيوني :خذوها .دي ما فيش فايدة فيها .ثم
وضعوا يدي ورجلي في قيد وعلقوني على خشبة كما يعلق الجزار ذبيحته وجلدت وحشيا من أناس
تمرنوا وتمرسوا في الجريمة .كنت أردد اسم ال تعالى حتى أغمى على .أفقت فوجدت نفسي على
نقالة م ثل نقالة الم ستشفيات .ك نت عاجزة عن الحر كة والكلم .غ ير أ نى ك نت أ حس ب ما ي قع .
وذهبوا بي إلى الزنزا نة .ول ما أف قت من إغمائي وجدت نف سي م صابة بنز يف شد يد .طر قت الباب
أستغيث بأن يسعفوني بشيء أجفف به الدماء المتدفقة .وطلبت الطبيب فجاء الجواب سبابا ولعنات
.
وعدت إلى ربى أساله -وهو الذي بيده كل شئ -أن يرفع عنى ما بي .وتذكرت حديث رسول ال
صلى ال عليه وسلم ( :اتق دعوة المظلوم فليس بينها وبين ال حجاب ا ودعوت ال أن يوقف الدم
.واستجاب ال دعائي كرما وفضل .غير أنى ظللت أقاسي من آلم شديدة بجسدي كله .ناهيك
عن قدمي كان بهما نارا موقدة .ولجأت إلى ذكر ال والصلة له ،أروض نفسي بالنصراف إليه
على احتمال ما بي .ومرت ليال قاسية وأنا على هذه الحال :آلم مبرحة ول طبيب ول علج إل
هذا الشيطان السود الذي يفتح الباب مرة كل يوم ليرمى بقطعة من الخبز وأخرى من الجبن .وكما
يضع هذا الشيء يأخذه فقد كنت ل أطيق رائحة ما يقدمونه من طعام .
وفى يوم أحسست بمن يجذبني إلى باب الزنزانة .كان صوت أقدام أحسست أن قلبي ينجذب إليها .
وأمسكت بباب الزنزانة ووضعت عيني عالي الثقب الذي يراقبونني منه بين الحين والحين .ورأيت
صياحب هذه الخطيى .كان المام حسين الهضييبي المرشيد العام .وأدركيت أنهيم قبضوا علييه .
ووضعيت فميي على الثقيب وقرأت قوله تعالى ( :ول تهنوا ول تحزنوا وأنتيم العلون إن كنتيم
مؤمنين ،إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله ) آل عمران . 140 - 139 :وصرت أترقب
هذه الخطيى الغاليية .وكان ال يرزقنيي رؤيتيه كيل يوم .فكنيت أقيف وأردد اليية ويجييب بإيماءة
خفي فة ل يلحظ ها الشيطان الذي يراف قه .كان هذا اللقاء يؤن سني كثيرا ويشغل ني عن جل آل مي.
وهذا أمر ل يحس بجلله غير المؤمنين المتآخين في ال .فالسلم يربط بين قيادته وجنده برباط
يعلو بالنفوس حتى تؤثر مرضاة ال على نفسها .وعشت يغمرني الطمئنان بذلك .
لم يطل بي الطمئنان .فذات مساء فتحت الزنزانة وفاجأني الشيطان صفوت بالسوط يضرب به كل
شيء ويضرب به الحائط .ثم أخذني بوحشية من ذراعي وأخرجني من الزنزانة إلى حوش السجن
.فإلى مكتب يواجه السجن رقم ( ،)2وأجلسني على مقعد تجاه مكتب وتركني وخرج ،وما لبث أن
جاء شيطان آخر سألني عما إذا كنت زينب الغزالي ولما أجبت باليجاب خرج كما دخل .وبعد فترة
دخل ثلثة جنود كأنهم خارجون لتوهم من جهنم .طول أجسامهم مرعب وعرض أجسامهم كذلك .
وجوههم تعكس غلظة قلوبهم .وبعدهم بقليل دخل رجل فسألهم عما إذا كانوا قد عرفوني ورأوني ،
المنشاوي فيجلدوه بعيد أن قيدوه وصيلبوه على عود مين الخشيب .وبيين الجلدة والجلدة كانوا
ي سألونه عن عدد المرات ال تي زار ني فيها .ويطلبون م نه أن يسبني فير فض فيزيدونه جلدا ،وأنا
أتمزق مميا أرى وأسيمع حتيى طرحوه أرضيا واعتقدت أنيه يحتضير .ولكين إرادة ال شاءت له أن
يعيش وبحاكم ليحكم عليه بالشغال الشاقة المؤبدة .يدعو في السجن للسلم وللحق الذي آمن به
ح تى امتدت إل يه يد آث مة وبتعليمات من ع بد النا صر لتقتله في سجن ليمان طره فيفوز بالشهادة .
ولم يكتف الثمون بجلد الخ فاروق ،بل أتوا بأخ آخر علقوه على أعوادهم وأعادوا عليه ما سألوا
فاروق عنه ورفض الخ كما رفض أخوه من قبل .واشتد العذاب وتعب الشاب وظنوا أنه يموت .
فأنزلوه أرضا ورفعوه على نقالة وانصرفوا به ل يدرى أحد إلى أين . . .ويبدو أنهم اعتقدوا أن ما
رأيت وما سمعت . .سيدفعني إلى بعض ما يريدون فأرسلوا لي رجل يتصنع أنه من أهل النصيحة
والخيير .حيانيي وقدم لي نفسيه على أنيه عمير عيسيى وكييل النيابية (وعرفيت فيميا بعيد أنيه أحيد
المصونة .شوفي الخوان المسلمين ،كلهم بمن فيهم الهضيبي اعترفوا بكل شيء.
نفسيك قبيل فوات الوان وتقولي الحقيقية وتقولي لنيا :ماذا كان هؤلء ينوون فعله ،وتوضحيي
وصمت ولم أجبه .قال " :جاوبي يا ست زينب في هدوء وروية .نحن نريد أن نصل إلى الحقيقة".
فأج بت :أعتقد أن الخوان المسلمين وأنا معهم ومنهم لم نفعل شيئا يغ ضب البشر السوي المدرك
للحقيقة .ماذا فعلنا؟ كنا نعلم الناس السلم فهل في هذا جريمة؟.
وصيمت فقال " :لكين أقوالهيم تثبيت أنهيم كانوا يتآمرون على حاجات كثيير منهيا قتيل جمال عبيد
الناصر وتخريب البلد ،وأنك أنت اللي كنت تحرضينه على ذلك .وأنا وكيل نيابة ليس لي مصلحة
قلت :ليس من أهداف الخوان المسلمين قتل عبد الناصر أو غيره أو تخريب البلد ،الذي خرب البلد
فعل هو جمال عبد الناصر .إن غايتنا اكبر من ذلك .إنها الحقيقة الكبرى قضية التوحيد في الرض
،توحيد ال ،عبادة ال وحده ،إقامة القرآن والسنة .إنها قضية ( إن الحكم إل ل ) النعام 57 :
وعندميا نحقيق غايتنيا إن شاء ال سيتهدم هياكلهيم وتنتهيي أسيطورتهم .إن أهدافنيا الصيلح ل
التخريب .البناء ل الهدم " .فابتسم ابتسامة باهتة وقال " :يعنى فعل أنتم تتآمرون على عبد الناصر
وحك مه .هذا ثا بت من أقوالك يا ست زي نب " .قلت " :ال سلم ل يعرف ل غة التآ مر ،ول كن يجا به
الباطل بالحق ويوضح للناس الطريقين :طريق ال تعالى وطريق الشيطان " .الذين يسلكون طريق
الشيطان مرضى بؤساء نقدم لهم الدواء في إشفاق وعطف والدواء في أيدينا :دعوة ال ،دين ال
،شريعية ال ( وننزل مين القرآن ميا هيو شفاء ورحمية للمؤمنيين ول يزييد الظالميين إل خسيارا )
السراء . 182 :وانقلب وجه الشيطان الذي كان يدعى أنه وكيل النيابة ،والحق أنه كان سعد عبد
الكريم .وخرج وهو يقول :أنا أردت أن أخدمك .ولكن يظهر أنك مازلت مخدوعة بما صوره لك
الخوان الم سلمون . .وجاء صفوت الرو بي فأوقف ني وو ضع وج هي إلى الحائط وترك ني ساعات
أتمزق ب ما أ سمع من تعذ يب الخوان ،وجلد هم واحدا ب عد ال خر ،يحضر ني من أ سمائهم :مر سى
مصيطفى .فاروق الصياوي .طاهير عبيد العزييز سيالم .وعاد كييل النيابية المزعوم ومعيه حمزة
البسيوني وصفوت الروبي .وقال حمزة :لماذا ل تريدين أن تتفاهمي مع وكيل النيابة؟ نحن نريد
داه ية! ! ح سن الهض يبي قال كل حا جة .والخوان قالوا كل حا جة .وأ نت لم ل تخل صين نف سك
مثل هم ؟ .قلت :صحيح ! الخوان قالوا كل حا جة ولذا تجلدون هم وت صلبونهم على الخ شب .أ نا ل
اكذب على الخوان ول على نفسي . .نحن مسلمون ونعمل للسلم وهذا هو عملنا !!
كان يقف خلفهم أربعة من زبانيتها يضربون بسياطهم الرض التي كانوا يجلدون عليها الخوان .
نظرت إلى وكيل النيابة المزعوم وقلت :وهذه السياط يا وكيل النيابة؟ هل هي من مواد القانون في
كلية الحقوق ؟ وضربني حمزة البسيوني على وجهي وهو يقول :هو أنت يا بنت اليي . . . . .حا
تجنني نا! أ نا اقدر أدف نك زي ما با د فن عشرة كل يوم من كم ! فنظرت ثان ية لوك يل النيا بة المزعوم
وقلت له :لماذا ل تكتب هذا الكلم في محضرك ؟ إذا كان معك محضر ! !
فنظر إلى حمزة البسيوني وقال :خلص تصرفوا أنتم ،أنا كنت أريد أن أخدمها لكن هي ل تريد.
وكانت هذه الكلمة بمثابة أمر لصفوت وزبانيته الذين يضربون الرض والحائط بالسياط ،وتحولت
السياط إلى جسدي فأغمضت عيني خوفا من أن يصيبها السوط ،وظلت السياط نازلة على جسدي
بوحشية ،وأنا أشكو إلى ال وكنت كلما اشتد اللم رفعت صوتي قائلة :يا رب ! يا ال ! وتركوني
عونك ! ألبسني سكينتك ! ! بعد ساعات جاء صفوت ومعه شيطان أسود يدعى سامبو .ضربوني
على وج هي عدة ضربات وأخذو ني إلى الزنزا نة وأغلقو ها .ب عد دقائق من إغلق الزنزا نة سمعت
آذان الفجر فصليت ودعوت ال " :إن لم يكن بك غضب على فل أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي .
أعوذ بنور وجهك الذي أشر قت له الظلمات وصلح عل يه أمر الدن يا والخرة أن ينزل بي غض بك أو
يحل على سخطك ،لك العتبى حتى ترضى ول حول ول قوة إل بك "!!
القامة..
قال :اجلسي يا ست زينب ،نحن عرفنا أن الجماعة هنا أتعبوك .أنا أعرفك بنفسي :أنا من مكتب
السيد رئيس الجمهورية ،ونريد أن نتفاهم معك يا ست زينب !! البلد كلها تحبك ونحن أيضا نحبك .
لكن أنت متباعدة عنا ومخاصمانا ول تريدين أن تتفاهمي معنا .لكن وال لو تتفاهمي معنا يا ست
زي نب سنخرجك اليوم من ال سجن الحر بي ،كل نا نقول :هذا الو ضع ل يس لك أ نت .أ نا ل أعدك أن
تخرجي من السجن فقط .بل أعدك أيضا أن تكوني وزيرة للشئون الجتماعية بدل حكمت أبو زيد .
. .قلت له :هل جلدتم حكمت أبو زيد قبل أن تصبح وزيرة وأطلقتم عليها ا لكلب ؟ .قال :ما هذا
قلت :وماذا تريدون منيى؟ .قال :الخوان المسيلمون لبسيوك كيل التهمية .والهضييبي لبيخ فيي
الموضوع وعبد الفتاح إسماعيل قال كل حاجة ،وسيد قطب قال كل حاجة .لكن نحن أحسسنا أنهم
يحاولون تخلييص أنفسيهم وتحميلك أنيت المسيئولية كلهيا .ولذا جئت النهاردة بنفسيي بأمير مين
الرئ يس ع بد النا صر ح تى نتفاهم وتخرجي مع نا .و سأوصلك إلى بي تك بعربي تي ،وأ حب أعر فك أن
من أقوال الخوان أصبح معروفا ومعلوما لدينا أنهم كانوا يريدون الستيلء على الحكم ،وإنك أنت
التي رسمت الخطة للستيلء على السلطة وقتل عبد الناصر وأربعة وزراء معه .ونحن نريد فقط
توضيح موقفك ودور سيد قطب والهضيبي في الموضوع .ومن هم الوزراء الربعة المطلوب قتلهم
:تفضلي تكلمي! واشرحي لنا الموقف بالتفصيل .قلت :أول الخوان المسلمون لم يدبروا خطة
للستيلء على الحكم ول لقتل عبد الناصر والوزراء الربعة المزعومين ول لقتل واحد .الموضوع
هو دراسة للسلم ولمعرفة أسباب تأخر المسلمين والحالة التي وصلوا إليها . .عند ذلك قاطعني
قائل :يا ست زينب أنا قلت لك :هم قالوا كل حاجة .قلت :جائز جدا.
وقطعا قالوا ما أراده الجلدون منهم .فترخصوا لنفسهم وقالوا شيئا لم يحدث . . .
جري مة فأمر نا ل " .فأق سم بال العظ يم أ نه ير يد خدم تي وأ نه ح ضر خ صيصا لخدم تي .قلت له :
شكرا أنيا لم أفكير يوميا أن أكون موظفية حتيى ول وزيرة ،أنيا قضييت عمري فيي خدمية السيلم
وموضوع وزارة الشئون ل يعنينيي فيي قلييل أو كثيير لنيي ل أصيلح للوظيفية ،فعملي كله التطوع
لخدمة السلم .وقام الرجل وتركني في الحجرة بعد أن قال :أنت حرة ،نحن عرضنا خدماتنا وأنت
ترفضين . . .
وبعد خرو جه ب ساعة د خل الحجرة رياض ومعه صفوت وكان رياض قد هدد ني أك ثر من مرة بأ نه
أيام وبعد الضرب المؤلم أعادوني إلى الزنزانة .كان ذلك أيضا مع طلوع الفجر .
في عصر اليوم التالي سمعت أصوات أعرفها وأحبها ،قمت بصعوبة إلى الباب ونظرت من الفتحة
الضيقة ،فرأيت الشيطان حمزة البسيوني وتابعه صفوت يسدان على الفتحة ،إل أنى سمعت أصواتا
أعرف ها ،و ما ل بث الشيطان وتاب عه أن تحر كا فرأ يت ب عض الوجوه الغال ية :عل ية ح سن الهض يبي،
وغادة عمار .وجلست حتى ل يراني أ حد من الطغاة وأنا أن ظر من فتحة الباب ،غ ير أن اللم أ خذ
بي فغ طى كل مشاعري وأحا سيسي ،وأخذت أد عو ال سبحانه وتعالى وأ سأله أن يد فع عن بنا تي
وأخوا ني شرور الطغاة .ك نت م ستغرقة أف كر :عل ية حا مل في شهور ها الخيرة ؟ ك يف اعتقل ها
الطغاة؟ وغادة؟ ماذا فعلوا برضيعت ها ال صغيرة؟ ك يف تركت ها؟ إن ها لق سوة وفجور ووحش ية ! ! يا
للبشر من حكامهم عندما يرتدون أردية الجاهلية ،فتغطى كل مشاعرهم وتضيع ضمائرهم فيصبحون
وينف تح الباب وير مى الشيطان ال سود ببطان ية وو سادة ،وكان قد مر علي ثمان ية ع شر يو ما وأ نا
أفترش السفلت ،وأعود بعد لحظات ووسادتي يرمى بهما على الرض وأنا في دهشة مما يحدث .
ولم تل بث دهش تي أن زالت ح ين ف تح الباب ثان يه ليد خل صفوت وحمزة الب سيوني م صطحبين عل ية
الهضييبي وغادة عمار يدخلنهميا ويخرجان ويغلق باب الزنزانية .وتقبيل على عليية تأخذنيي بيين
ذراعي ها تقبل ني وأنا من صرفة عن نف سي والدنيا وتتساءل في ألم :أنت الحا جة؟ والت فت إلى غادة
فأرى عينيها ممتلئتين بالدموع تغرقان وجهها .وأسأل علية في ألم . .ألم تعرفيني ؟ فتجيب :ل . .
ل . .يا حاجة لقد تغيرت كثيرا نقص وزنك إلى حد مخيف ،وأصبح وجهك كأنه وجه شقيقك سعد
الدين .قلت :هذا أمر طبيعي ،أنت ل تعرفين الهول الذي أعيش فيه .وفوق ذلك فأنا ل أتناول من
متلبسا بجريمته .وتحاول أن تر تب المكان بما أصبح فيه من بطاطين ووسادات .وتجد وتسألني
عن مصحف ،مسكينة علية لقد حسبت أننا نتعامل مع "آدميين " بل نسيت علية أننا هنا مع أعداء
الم صحف ؟ " أأنت ظر من هم أن ي سمحوا لي به وتعرض على غادة م صحفا صغيرا كان مع ها وكذلك
تفعل علية .ونجلس ولما مددت رجلي المكسورة التماسا للراحة ظهرت آثار التعذيب وضرب السياط
،وتسألني علية عما ترى فاتلوا عليها الية الكريمة عن أصحاب الخدود ( النار ذات الوقود إذ هم
عليهيا قعود وهيم على ميا يفعلون بالمؤمنيين شهود وميا نقموا منهيم إل أن يؤمنوا بال العزييز
الحميد ) ،وتبكي غادة في صمت وتتساءل علية في عجب :أيمكن أن يحدث هذا مع النساء ،علية
طيبة القلب لم تستطع أن تصل بخيالها إلى المدى الذي يمكن أن يبلغه حكم عبد الناصر من عداوة ل
وأرادت علية أن تغير الموضوع وأن تخرج بي خارج السوار ،ونقلت لي نبأ وفاة مصطفى النحاس
با شا .وخنقتني عبارات الوفاء وأنا أد عو ر بي " الل هم إنك غ ني عن عقابه و هو فق ير إلى رحمتك ،
الل هم فارح مه " وعرفت من ها أنه مات ب عد دخولي ال سجن بيوم ين أو ثل ثة .وحدثت ني عن جنازته ،
وعن اللوف المؤلفة التي التي كانت تسد جميع الطرقات ،عن المظاهرات ،عن خطف النعش حتى
م سجد الحسـين ،عـن الهتافات بأل زعيـم بعـد النحاس ،عـن بعـض شعارات الخوان وسـط مسـيرة
الجنازة ،عن محاولة أجهزة الدولة الوقوف أمام هذا الطوفان ،عن تعل يق العلم الخار جي على ما
رأي ها صريحا واعتقاد ها سليما فهت فت معل نة مدو ية ت شق بهتاف ها سماء م صر " :ل زع يم بعدك يا
نحاس " .فكأن ها بتلك ال صرخات المدو ية ت عبر عن حرمان مكبوت في النفوس والقلوب والمشا عر .
والوجدان فكأنهـا تقول " :أيتهـا الزعامات الباطلة أسـقطي " " أيتهـا القنعـة الزائفـة انكشـف الغطاء
وو ضح خدا عك وغ شك " " أي ها المن قذ أغر قك ال سراب والو هم " " يا حبيب المليينأمرت الفجار
فزيفو ها ف صدقتهم و ما أ نت إل ول يد إعلم مأجور وكا تب مأمور " " أيت ها الخ شب الم سندة ستحرقك
النار ..نار الحق فتصبحوا رمادا تذروه الرياح يا سرابا وأهل الحق ظمأى " .
و سألت عل ية وماذا ب عد ذلك ؟ قالت يتها مس الناس على اعتقال عشر ين ألفا من المشيع ين .ن عم ل قد
كانت جنازة النحاس أذان حق واعلن صدق عن سريرة م صر والمشا عر الحبي سة في نفوس أبنائ ها
والحر ية المكبو تة .وشد ني الحد يث إلى ذكريات كثيرة عن م صطفى النحاس ،ذلك الر جل الذي لم
يحقـد يوما على أعدائه ،وكان ل يعـز عليـه أن يعترف بالخطـأ إذا أخطـأ ،لقـد كان زعيما وطنيا .
و سألت محدث تي هل اعت قل أ خي " سيف الغزالي " الوفدي فلم تؤ كد عل ية ولم ت نف ،و ساد ال صمت
فظنت بي خوفا على أخي فربتت على كتفي قائلة :يا حاجة كل شئ عنده بمقدار .لم يكن بي خوف
ولكن كان انشغالي بهذه الصورة الرائعة للجنازة .فقد كانت صورة التشييع كما نقلتها لي علية تعطي
إشارة صريحة وقوية إلى أن نبض هذه المة لم يتوقف رغم كل إيحاءات أجهزة العلم التي خدعت
حدث كان يعني أنه ـ بإذن ال ـ سيأتي اليوم الذي تكشف فيه الحقائق ليعلم الناس حقيقة حكامهم وما
يـبيعون ومـا يشترون ،يـبيعون شعوبهـم وضمائرهـم ويشترون مقاعـد للحكـم مقابـل سـحق السـلم
والمسلمين ،إنه لتخطيط رهيب ! وانصرفت إلى غادة أسألها عن زوجها وأولدها ووالديها .ومن
بين دموعها عرفت أن الزوج هرب لجئا إلى السودان ،وأن الم مريضة تائهة بين سمية المريضة
وهالة الرضيعة .وأنها ما كانت لتهتم بشيء لول الطفلتين .هدأتها ودعوت للجميع ثم سألتها عن
ضياء الطوبجي وهل تم زفافه ؟ وكان الجواب أن هم قبضوا عليه ويده في يد عروسته والمأذون ،
وقبضوا على عروسته وهى في ملبس الزفاف وعلى أخته منى وأخيه الدكتور .وهزني نبأ القبض
على الفتيات وتساءلت :إذن كان القصد هو القبض على كل من له اتصال بالخوان .وتدخلت علية
لتقول :بل على كل من يرى مؤد يا لل صلة .وبدأت غادة تحدث ني عن العتقالت والوحش ية في
تفت يش المنازل ليل ونهارا ولم أكن بحاجة إلى هذا الحديث فقد حدث هذا معي واكثر .قلت :أعتقد
أن التتار حين حاربوا السلم لم يفعلوا ما فعله عبد الناصر وزبانيته ،ول الرومان حين كانوا في
مصر قبل الفتح السلمي .لقد أنسانا الحكم الناصري فجور المجرمين في التاريخ النساني كله .
إنه مارد أصم عن سماع الحق أعمى عن رؤية النور .فل عجب أن يجلد النساء ويسجنهن ويقتل
الرجال ويي تم الطفال وير مل الن ساء ! ! والحد يث بمرار ته و ما ف يه من شجون وأ سى كان الوا قع
يح كى ذلك كله .والتف تت إلى تحدق بي وتغوص بعيني ها في قد مي المنتفخت ين و ساقي المتور مة
وقالت :أ ظن أن دور نا في التعذ يب قد جاء يا حا جة ،رب نا يعين نا وي صبرنا .و سآتيك بفو طة من
ظللت :ثمانية عشر يوما وأنا في هذه الملبس الملوثة بدماء النزيف كما ترين يا ابنتي .وأخذت
غادة تب كى و هى تن ظر إلى ملب سي المجمدة بالدم وال صديد فوق ج سمي .واقتر حت على أن تغ ير
ملبسي بما معها هي ولما رفعت الملبس الممزقة عن جسدي فوجئنا بآثار السياط تمزقه وكانت
صيحة ا ستنكار وألم ،فهذا م ما ل يم كن أن يحدث مع الن ساء في نظره ما . .وحاولت أن أخ فف
عنهما ما رأتا فحمدت ال على أن كان هذا في سبيله سبحانه وتعالى ،ل في سبيل أي دعوة دنيوية
أو إلحاد ية ،حمد ته على أن أكرم نا بال سلم وحمد ته على أن شرف نا بمظلة :أن ل إله إل ال وحده
وحاولت علية بدورها أن تخفف عنى ،فنقلت لي أحاديثهم عنى حديث أختها السيدة خالدة الهضيبي
عن أن ال سجن لن يضير ها بشرط أن يدعو ها ف يه م عي في زنزا نة واحدة .ل قد هز ني هذا الحد يث
كثيرا .ولكن لو رأت خالدة جسمي لغيرت رأيها وطلبت من ال أن يعافيها . .ودعوته سبحانه أن
يعفى جميع الخوات وجميع المسلمين والمسلمات من جور وظلم أهل الباطل .
الطعام عبادة
وف تح باب الزنزا نة فجأة فانق طع ما بين نا من حد يث ود خل الشيطان السود وبيده ثل ثة أرغ فة من
الخ بز و" قروا نة" صفيح ب ها فا صوليا م سلوقة .أخذت ها م نه عل ية .وأغلق الباب .ك نت ل أط يق
رائ حة هذا الطعام .وكا نت عل ية حامل ويبدو عليها الجهاد .وكأنها أحست ب ما في نفسي فقر بت
الطعام م نى و هى تقول :ال كل حلو يا حا جة! وناولت ني رغي فا ،وناولت غادة رغي فا آ خر وابتدأت
تأ كل وتبعت ها غادة .قالت عل ية :ي جب أن أ كل من أ جل الض يف الذي ه نا ! ! وأشارت إلى حمل ها
ولما رأتني متوقفة توقفت وكذلك فعلت غادة .قالت علية :نحن نأكل ونقول مع كل لقمة بسم ال
الرح من الرح يم .ولم أ ستطع أن أبتلع الطعام .فقالت عل ية :يا حا جة أ نا معتقدة أ نك أ صبحت في
نصف وزنك طبعا من عدم الكل ،وقد أصبح الكل في هذا الوقت عبادة .فالجلدون سيسعدهم أن
تموت زينيب الغزالي .والمتناع عين الكيل حرام .حاولت دون جدوى أن أناقشهيا بأنيي آكيل ميا
يمسك على الحياة ،وإرادة ال قد أعطتني الصبر عن الطعام والقدرة على الكتفاء بملعقة سلطة .
ومازالت بي تلح حتى أكلت .ويعلم ال أنه كان عذابا ل طعاما .وفى صبيحة اليوم الثاني لحضور
عل ية وغادة ،ا ستطعت أن أشركه ما م عي في لقائي اليو مي بالمر شد العام عن طر يق ث قب الباب ،
وحدثتهما عما بعثه في نفسي من طمأنينة وراحة .واستطاعت علية أن ترى أباها في ذهابه إلى
دورة المياه وإيابه وكذلك غادة .وجلسنا باقي النهار تحكى لنا فيه غادة كيف قبضوا عليها وكيف
الت قت بحميدة ق طب ب عد الق بض على ،وأبلغت ني أن هم قبضوا على آل ق طب جمي عا .ومرت ساعات
وعند صلة العشاء فتح باب الزنزانة ودخل الشرير صفوت الروبي ومعه جندي آخر وأخذاني إلى
المك تب الذي سبق أن دخل ته مرت ين من ق بل ذلك .وجدت رجل يجلس على المك تب ،ألق يت عل يه
ال سلم فلم يرد .وأخذت نظرا ته الوحش ية تتفر سني و هو يقول :أ نت زي نب الغزالي؟ قلت :ن عم .
أشار إلى مق عد أما مه لجلس عل يه ثم قال :إذن أ نت زي نب الغزالي ! ! لماذا أ سأت إلى نف سك إلى
هذا ال حد؟ أ كل هذا ل جل الخوان الم سلمين ؟ كل وا حد من هم يحاول تخل يص نف سه .و هم جمي عا
يرمونيك أنيت فيي البئر وحدك .أنيت صيعبانة علينيا .أنيا ألفييت على نفسيي أن أنتشلك مين البئر.
و سأتفاهم م عك على ب عض المور .تذ هبين بعد ها إلى الب يت .ل يس هذا ف قط .أ نا أقول لك با سم
جمال عبيد الناصير :إن تيم التفاهيم وعقلت فسييصدر الرئييس قرارا بإعادة المركيز العام للسييدات
المسلمات وسيرجع لك مجلتك ،وسيعطيك إعانة للمجلة ألفي جنيه شهريا وسيصرف لك مبلغا كبيرا
للجمعية ويعيدها أحسن مما كانت .إن تفاهمت معي سأرسل في إحضار ملبسك وبعد ساعة سنقابل
جمال ع بد ا ل نا صر . .أ نت صعبانة علي نا والخوان الذ ين أوقعوك في داه ية .رب نا ي سامحهم .
الر يس قل به كبير ! . .كان يتكلم وأ نا صامتة ل أج يب . .فقال :ما تردى يا ست زي نب ؟ وال
الريس ناوي يقيل حكمت أبو زيد ويجيبك مكانها .نحن نريد أن تتعاوني معنا .افتحي قلبك وقولي
كل شئ و ستعرفين أن ني أخوك وأ حب لك الخ ير .وناس طيبون كثيرون في الخارج أي ضا يحبو نك
ويتوسطون من أجلك .وقد قلبوا الدنيا لجلك .قلت :أنا ل أريد أن كون وزيرة ،ولم يجل بخاطري
هذا ال مر في يوم من اليام ،أ ما جما عة ال سيدات والمجلة كذلك . .ف قد فو ضت أمري فيه ما ل ،
وليس من الضروري للمسلمين أن يعملوا تحت راية مجلة أو جماعة فهم يعملون تحت راية ل إله
إل ال .قال :إذن فلم كنتيم ترتبون لعادة الخوان المسيلمين ؟ ييا سيت زينيب ؟ قلت :نحين
مختلفون في فهم كل شئ .أنا مثل أعتقد أن جماعة السيدات التي أسستها لم تحل .وعبد الناصر
يتوهم أنه حلها باستيلئه على أموالها ودورها وممتلكاتها .فالمسلمون تعقد راياتهم بيد ال ،وما
يعقده ال ل يحله الب شر .وجما عة الخوان م ثل جما عة ال سيدات الم سلمات لم ت حل أي ضا .ودعوة
ال ماضية في طريقها وكلمة الحق قائمة .وسيفنى عبد الناصر ودولته وتبقى كلمة ال .وعندما
تنقضيي آجالنيا ونلقيى ال ،سييعلم الذيين ظلموا أي منقلب ينقلبون ! .ن ديين ال قائم ،ول تزال
طائفة من أمة السلم قائمة على الحق مدافعة عن دين ال ،مجاهدة في سبيل ال ،ل يضرهم من
خالفهيم حتيى يأتيي أمير ال وهيم على ذلك .وأدعيو ال تبارك وتعالى أن نكون مين الذيين يأمرون
بالمعروف وينهون عن المن كر ،مبينين لل مة طريق ها إلى ال تعالى . .هؤلء المرون بالمعروف
والناهون عن المنكر خلفاء رسول ال صلى ال عليه وسلم وهم المجددون لمر السلم .
إن تأ سيس جما عة الخوان الم سلمين لم ي كن خ بط عشواء من ح سن الب نا ولك نه كان تنفيذا ل مر
أراده ال لتجديد هذا الدين بإقامة دولته وتنفيذ شريعته ولذا فليس من حق جمال عبد الناصر حل
جماعة الخوان .قلت هذا وسكت .فقال لي :وال إنك خطيبة فعل .لكنى لم آتك لخذ منك درسا
في الخوان ولتجتذبيني لكون واحدا منهم .أنا آتيك ل صل معك إلى حل ينقذك من الم صيبة التي
أوقعت نفسك فيها . .لقد رمى الخوان كلهم المسئولية عليك . .عبد الفتاح إسماعيل يقول :إنك
أنت التي جندتيه . .الهضيبي خلص نفسه ورمى المسئولية عليك فقال :أنت أسست التنظيم .سيد
هيو عارف انيك خطيبية ،لك تأثيير على الناس والناس تحبيك وجماهيرك كثيرة . .أنيت ييا زينيب
خسيارة وأنيت ورقية رابحية . .أهناك أحيد يرييد عبيد الناصير أن يقربيه ويرفيض ؟ أنيت مجنونية
صحيح ! ل مؤاخذة .أ نا أقول هذا ل ني أر يد م صلحتك وأ نت طول عمرك ترب ين اليتا مى وتعمل ين
الخير .اعقلي يا حاجة وشوفي مصلحتك واسمعي كلمي . . .قلت :أل يكفيك ما قلت ؟ قال :أمر
ب سيط جدا سترين الخ ير بعده :أن تذكري لي جم يع أسماء الخوان الذ ين كانوا يحضرون إل يك في
المنزل ،والطري قة ال تي كانوا سيقتلون ب ها ع بد النا صر ،وم تى أخذ تم ال مر من الهض يبي بق تل
الريس .كما نريد أن نعرف موقف سيد قطب ،وكيف أعدت الخطة وما هي تفاصيلها ،وأنا أحلف
لك برأس عبد الناصر أنك ستخرجين هذه الليلة من السجن ولتت سلمي وزارة الشئون الجتماعية .
دى فرصة ل تضيعيها ،أنا حلفت لك بشرفي وشرف الريس .اعقلي وفكري جيدا في مصلحتك ،كل
الخوان الن ل يفكرون إل في أنفسهم . .وه نا د خل الحجرة رجل غليظ الجثة ل تقع عي ني عليه
إل ورأيت شيطانا في وجهه .قال :يا سيادة العقيد لقد أحضرنا كل التسجيلت التي كنا نضعها في
منزلها بالزيتون ومصر الجديدة .إذا أمرت نحضرها حتى تسمعها لها.
قال محدثي :اذهب أنت الن يا رياض ! ثم عاد يكلمني قال :شوفي يا زينب ،أنا عارف أن زوجك
رجل طيب وأريد أن أخد مك من أجلك وأجله .واخو تك منهم أصدقاء لي أعزاء على .أ نا أريد أن
أخدميك والرئييس حرييص على أن تتفاهميي معنيا وهيو يرييد خدمتيك ،وأنيا أعدك بشرفيي وشرف
الرئيس عبد الناصر أن أحرق الشرطة أمامك إذا تفاهمنا ،نحن نريد أن نخلصك من الورطة التي
أوقعك فيها الخوان ،وال العظيم نحن مسلمون أحسن منهم .ما هو السلم ؟ السلم أن ل يضر
النسان أخاه ! !
قلت وكلى سخرية :والذي تشهده هنا ،أليس إضرارا بأخيك وبالناس جميعا .قال في بلهة :نحن
قلت :أدعو ال أن يتوب عليكم وتكونوا مسلمين .وهنا أخرج ورقا من درج مكتبه وأمسك بالقلم
وقال :يا ست زي نب قولي من الذي كان يأ تي عندك ؟ .قلت :ل أتذ كر ل ني ل أح فظ ال سماء ول
أ سأل أحدا عن ا سمه .قال :ط يب ! نترك هذا الموضوع لنعود إل يه ب عد قل يل .نتكلم في موضوع
قلت :أي موضوع هذا؟ قال :موضوع قتل عبد الناصر وال ستيلء على الحكم ! قلت :يا أستاذ !
القض ية ا كبر من ق تل ع بد النا صر وال ستيلء على الح كم .ق تل ع بد النا صر أ مر تا فه ل يش غل
المسلمين ،القضية قضية السلم ،السلم غير قائم ونحن نعمل لقيام السلم ونعمل على تربية
ن شء لل سلم .وإذا كان ع بد النا صر يحارب ال سلم في أشخاص الم سلمين وين كر الح كم بشري عة
السلم مدعيا أن هذا رجعية وتعصب وتأخر فأمر ل يشغلنا .قال :أنت مجنونة ! هذا الكلم خطير.
أل تعلم ين أ نك لو قتلت ه نا الن ودف نت ما علم بك أ حد .الظا هر أ نك ت ستحقين ما أ نت ف يه .لو
قلت :يفعل ال ما يشاء ويختار .ولم أكد أقول هذا حتى انقلب كالو حش الذي أخذه الصرع ،وأخذ
يهذي فيي هسيتيريا بالسيب واللعين والشتيم .ثيم نادى أحيد الجنود وأعطاه إشارة جاء على إثرهيا
رياض إبراه يم .قال له :ودي الت سجيلت للمحك مة .هذه مجنو نة .اعرف شغلك مع ها وهات ل ها
سعد وان صرف ذلك الذي كان ي ساومني .وح ضر الع سكري سعد و هو يقول ن عم يا با شا .قال له :
سويها يا سعد .وسأله سعد :كم جلدة يا باشا؟ قال :خمسمانة جلدة .وأنا راجع بعد قليل .وأخذ
سعد يضربني بالسوط على يدي ورجلي وظهري وكل مكان في جسدي .ثم يتركني واقفة ووجهي
للحائط ويغ يب مقدار ساعة يعود بعد ها لضر بي بال سوط مرة أخرى .ثم جاءوا بجما عة من شباب
الخوان وأخذوا يجلدونهيم ويلقنونهيم ألفاظيا قبيحية وسيبابا مشينية ليوجهوهيا لي .وكان الشبان
وكان منهم الطيار ضياء الطوبجي الذي قبض عليه يوم زفافه .
بعد جلد شباب الخوان وجلدي أخذوني إلى حوش السجن الذي فيه زنزانتي .وأوقفني المدعو سعد
ووج هي للحائط ما يقرب من ساعة .كان البرد قار سا وآلم الر كل وال سياط شديدة .وجاء حمزة
الب سيوني ،ك نت قد بدأت أح فظ ب عض ال سماء .وكان م عه رياض الذي قال :يا ب نت اعقلي وفكري
في مصلحتك .نحن ل نريد إل نفعك .انصحها يا حمزة باشا !
حاتعقلى وتعتر في ك ما اعترف كل الرجال أم ل ؟! قلت :ل يس لدى ما أعترف به .الخ ير الذي ك نا
نجتمع من أجله هو بعث عقيدة التوحيد في نفوس الشباب .التفت حمزة لصفوت وكان يقف خلفه .
فقال صفوت :أوامرك يا با شا .قال حمزة :هات لي كر سيا ول ها كر سيا .زوج ها صاحبي .ولذا
جاء الكرسي فأمرني بالجلوس ليعرف كيف يكلمني موضحا أنه يفعل ذلك من أجل زوجي .حاولت
أن أجلس فلم أ ستطع .كا نت ال سياط قد أخذت من ج سدي م ما أعجز ني عن الجلوس .أعاد حمزة
ال مر بالجلوس فقلت :كلمني وأنا واقفة .فقال لي :أنت التي فعلت هذا في نف سك وحقرت نفسك
بهذا الشكل .لقد أصبح شكلك قبيحا ،وأصبحت رجلك مثل رجلي الرجل الوحش .إن زوجك سيغتم
ح ين يراك بهذا الش كل .ل قد أ صبح سنك ستين سنة .وزو جك صاحبي و صعبان عل يّ انظري إلى
قال صفوت :إ نت بتقول يا با شا :سنها ستون سنة ،دي شكل ها ك ما لو كان سنها مائة وعشر ين
سنة .وشكلها أصبح قبيحا ،زوجها يسبها ويلعنها وستصلها ورقة الطلق في البريد وأخذ يقهقه .
قال حمزة :أ نت صعبانة على ،أ نا أر يد أن أخد مك .ظللت صامتة ل أتكلم ،بل أن ظر نظرات في ها
احتقار له وازدراء ل ما يقول ،ول أدري أكان ي حس بهذه النظرات أم أ نه كان غب يا؟ ك نت أراه غب يا
كنيت أحيس عندميا كان يهذي بتهديداتيه .صيرخ كالوغيد يأمير صيفوت أن يضيع وجهيي للحائط ،
وأسرعت أنا بنفسي أنفذ المر وأرفع يدي إلى أعلى ،وما لبث السوط في يد صفوت أن بدأ يهوى
على ظهري في وحشية ،ثم استدعى عسكريا اسمه سعيد أوقفه بجانبي وبيده سوط يضرب به في
الرض .وجاء آخييير بصيييفيحة زييييت مغلي وضعوا فيهيييا عددا مييين السيييياط .
وانصرف حمزة البسيوني وصفوت .وتركوا هذا الشقي سعيد يغمس تلك السياط في الزيت المغلي
ويأمرنيي أن أنظير .ثيم دخيل الحوش اكثير مين عشرة عسياكر أخيذ كيل واحيد منهيم سيوطا أخذوا
يضربون بها في الرض ويقولون :يا ب نت ال ييي . .بنسن لك الكراب يج .وأ نا ل الت فت إليهم .
ك نت مشغولة عنهم بذكر ال .ك نت أتلو قول ال تعالى ( الذ ين قال ل هم الناس إن الناس قد جمعوا
لكيم فاخشوهيم فزادهيم إيمانيا وقالوا حسيبنا ال ونعيم الوكييل ،فانقلبوا بنعمية مين ال وفضيل لم
يم سسهم سوء) ود خل ال سفاح الرو بي ب عد فترة وقال :اخرجوا يا أولد .انتظرو ني .أجل نا قتل ها
ف تح الباب وابتلعت ني الزنزا نة .كا نت عل ية وغادة نائمت ين فجل ستا وأزعجه ما الدم الذي ينزف من
قدمي .سألتني علية عما فعلوه في رجلي ،قلت :الحمد ل وطلبت منهما العودة إلى النوم وأنا أردد
حد يث الر سول عل يه ال سلم " :ب سم ال ،أعوذ بعزة ال وقدر ته من شر ما أ جد وأحاذر" .ومرت
ليلتان وآلم الجلد تأخذ منى كل مأخذ ،وأنا أكتم آلمي داخل نفسي إشفاقا منى على علية وغادة،
وكانتا تحرصان كل الحرص على أل تسألني عما حدث في تلك الليلة ول عن سبب استدعائي ،لقد
اكتفتا بما رأتا من آثار التعذيب على جسدي وبمنظري عند العودة .وفى صبيحة يوم سألتني غادة
عما حدث فأسكتتها علية وشعرت أنا بأن في سؤال غادة نذيرا بفصل جديد فانقبضت نفسي وانقضى
اليوم .
وبعد صلة العشاء فتح باب الزنزانة وسدته جثة صفوت المظلمة الذي نادى بوحشية :يا بنت يا
زي نب ق في؟ و سحبني من يدي و هو يقول تعالى اخ تل تواز ني وكدت أ سقط على الرض من شدة
العياء! . .وفى الطريق قابله رجل قال له :خليل بك ينتظرك يا صفوت ! قال وهو يسب ويلعن .
.أنا آخذ له البلوى دي سأل الخر هي دي زينب الغزالي؟ فأجاب صفوت :نعم هي دي .زينب
الغزالي . .وأخذ يسب ويلعن وأدخلني حجرة بها مكتب عليه رجل كأن وجهه الليل المظلم المخيف
.انتفض الر جل واقفا كأن ج نا مسه وقال ل صفوت :روح انته هات الر جل .وتركني واق فة وأخذ
يذرع الحجرة ذهابا وإيابا كالملدوغ .عاد صفوت ومعه رجل دخل وجلس على المكتب .أخذ يقول
:من أنت يا بنت ؟ قلت :زينب الغزالي الجبيلي! قال :ولم أنت هنا ؟ قلت :ل أعلم .قال :لزم
تعرفي .أنت هنا لنك والهضيبي وسيد قطب وعبد الفتاح إسماعيل دبرتم لقتل جمال عبد الناصر.
قلت :لم يحدث هذا! قال :اعتدلي في كلمك ! . .الليلة قتل ل جلد ككل مرة .أتعرفين من أنا؟ أنا
و حش ال سجن الحر بي . .أ نت فاه مة .قلت . .ل يس ه نا إل الوحوش والكلب . .لم أر أحدا من
الدمييين منيذ دخلت السيجن إل هؤلء المظلوميين مين الخوان حملة المانية وزعماء الحيق .فقام
وركلني برجله ودفعني بكل تا يد يه فأوقع ني ،ثم أ خذ يرف صنى برجليه ،ثم أوقفني وكان الضرب قد
أتعب ني فا ستندت إلى الحائط .فن ظر إلى وقال :ل نر يد هذه الفل سفة اعتدلي وتكل مي! . .وضرب ني
بكلتا يديه على وجهي . .وأخذني صفوت بيديه . .وأجلسني على مقعد وخرج وأغلق باب الحجرة
. .وبعد فترة دخل رجل وقال " :إيه يا زينب ماذا تفعلين بنفسك . .أنت تشتمين الناس وتسخرين
ب هم . .الر يس قل به كبير وير يد أن يخد مك .ن حن نريدك شاهدا في القض ية ف قط و سنخرجك من
الجريمة التي ألبسها إياك الخوان المسلمون " .قلت " :ليس هناك جريمة لدى الخوان المسلمين .
.الجري مة أن كم أن تم أي ها الوغاد تحكمون هذا البلد الط يب " .قال " :أ نت إ ما مجنو نة أو حال تك
النفسية سيئة سأتركك وأبعث لك من يعرف كيف يتفاهم معك " .وتركني وخرج ،وحمدت ال على
أنيه لم يأمرنيي بالوقوف لشدة تعيبي .وبعيد فترة دخيل رجيل وبيده سيوط وكان ميا يميزه أن حيب
الشباب يمل وجهه .قال :قفي يا بت . .من أنت ؟ قلت :زينب الغزالي الجبيلي . .قال :يا نهار
أسود .تبقى دي ليلتك الخيرة مادمت حضرت هنا .ودخل رجل آخر فقال للول :أخرج أنت سأقعد
مع ها قليل .هذا حرام .دي فعلت خيرا كثيرا ،ل كن أوقع ها الخوان . .قال الول :صحيح يا ب يه
لزم تكون عملت ط يب ل نك لحقت ها .كان فا ضل ل ها دقائق وعمر ها ينت هي . .قال الثا ني :اذ هب
أ نت .سأقعد أتفا هم معها ما تريدون من ها بالض بط ؟ قال الول :الر يس والمش ير يريدان أن تكون
شا هد ملك في القض ية وتعترف على الخوان . .والخوان كل هم اعترفوا يا ب يه .ثم خرج وب قى
الثاني .قال :يا زينب ما هذا الذي تعملينه في نفسك ؟ ملبسك متقطعة ومتبهدلة . .ثم جلس على
المكتيب وهيو يقول " :إنيت بايين علييك العياء خالص . .تقدري كمان تجاوبيي على أسيئلتي ،أو
نتفاهم غدا"؟ لم أجبه . .قال " :أنا كنت مع أخيك عبد المنعم وسيف ومع زوجك هذا الصباح . .
زوجك رجل طيب جدا إ أنت صعبانة على قوى . .وأنا أر يد إخراجك من هذه القضية ،وموضوع
استراحة قصيرة
وابتلعتني الزنزانة ،وكانت علية وغادة نائمتين ،وتنبهت علية إلى دخولي فقالت :أجئت يا حاجة؟
ييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييد ل .
قلت :الحمي
حاولت أن أنام فلم أستطع . .وأذن الفجر فصلينا ،وأخذت غادة تسألني عما حدث .
قلت المر ل .أدعو ال أن يثبتنا على الحق ،إنهم يريدونها فتنة .إنهم يطلبون منى المستحيل .
قالت علية :ربنا يعينك يا حاجة .وأعادت غادة السؤال عن تفصيل ما حدث . .فلم أحدثها . .كنت
متع بة وكان على أن أه يئ نف سي للقاء الليلة الت ية . .وفه مت عل ية ذلك فأ سكتت غادة وانق ضى
النهار.
وجاء اللييل الذي أصيبحت أخافيه وأخشاه ،وأخذت عليية وغادة تدعوان لي وللخوان جميعيا ،
وفت حت الزنزا نة وأخذت ،ولك نى وجدت رجل آ خر لم أره من ق بل وم عه صفوت ،ذه با بي إلى
مكاتب التعذيب .أمر الرجل صفوت بالنصراف وأمرني بالجلوس على مقعد بجوار المكتب .ثم بدأ
حدي ثه قائل :يا ست زي نب أ نت أتع بت الناس الذ ين يريدون خدم تك .وأ نا اليوم مقطوع لخدم تك ،
وأر جو أن يعين ني رب نا وتنهدي بال وتتر كي حكا ية الخوان الم سلمين ،وكفا ية أن هم أوقفوك هذا
المو قف الحرج . .أ نت مخدو عة في هم .فاكرة إن هم صحيح يريدون ال سلم .هؤلء طلب ح كم '
نحن نريد أن تفتحي لنا قلبك .الهضيبي قال كلما معناه الحكم عليك بالعدام وأيده سيد قطب في
ذلك . .ن حن ل ن صدق كلم هم ونر يد إخرا جك من القض ية نهائ يا واعتبارك شا هد ملك . .ك ما أن نا
نريد أن تذ هبي الن إلى منزلك ،وعندما نحتاج ليك في الشهادة نرسل لك أو نذهب نحن إليك في
منزلك ،إذا وافقيت على هذا سيتقابلين المشيير عامير والرئييس عبيد الناصير ،وسييصدر قرار مين
الرئ يس بإلغاء قرار حل جما عة السييدات ،وقرار بإعادة صدور المجلة ،لييس هذا فح سب بيل إن
الرئييس ينوى أن يعطييك مركزا كيبيرا فيي الدولة يجعلك صياحبة السييطرة على كيل الجمعيات فيي
الجمهور ية . .وك فى ما حدث لك من غدر الخوان . .كل الم صائب يريدون وضع ها على رأ سك
ليخرجوا هم سالمين " . .كان يتحدث وأ نا صامتة ل أن طق بكل مة ،وكان و هو يتحدث يتفرس في
ملمحي .ثم دق جرسا على المكتب دخل بعده صفوت فطلب لنفسه شايا ثم التفت إلى يقول :أنت
تشربيين القهوة فهيل أطلب لك فنجان قهوة .فقلت " :شكرا . .ل أرييد شيئا" .قال " :اسيمعي ييا
زي نب ،سأعطيك ور قا وقل ما ،اك تبي ف يه كل ما اتفق نا عل يه فقلت " :إن نا لم نت فق على شئ .ول
قال وهو يناولني الورقة والقلم " :إنت للن لم تستطيعي أن تقدري مصلحتك . .الرئيس جمال يريد
قلت " :أي قضية؟ ! ! ناس اجتمعوا ليدرسوا دينهم ،ويتفقهوا فيه . .هل هذه قضية أو جريمة؟ !
! الولى بالرئ يس وبالمش ير أن يحاكما الذين ينشرون التسيب الخلقي ،والنحلل ،بل والتسيب
اللحادي . .وينشرون الفسياد فيي كيل مكان . .إذا كتبيت فسيأكتب الحقيقية الواقعية فيي هذا البلد
المسكين . .الحق الذي أعلمه سأكتبه .قال " :أنا عارف إنك سيدة فاضلة على علم ،وعقلك كبير،
ولن ترتضى أن تزيدي موقفك سوءا اكثر مما أنت فيه ! ! . .أنا سأتركك مع الورق والقلم . .قبل
الكتابة .ضعي أمام عينيك أن الرئيس يريد إخراجك من القضية . .القضية وضحت معالمها تماما
. .الهضيبي وسيد قطب كانا يدبران لغتيال عبد الناصر والستيلء على الحكم .ويقولن إن زينب
الغزالي هي التي كانت تدبر وتخطط .يريدان إلقاء كل المسئولية فوق رأسك ويلتمسان البراءة لهما
فقط .بل إنهما يقولن إنك أنت السبب في كل ما حدث ،وأنت التي سببت لهما الذى والضرر. .
اك تبي . .اك تبي . .ل كن فكرى طويل في موق فك ومو قف الخوان م نك . .إن هم يريدون إل صاق
القض ية كل ها بك . .وإخراج أنف سهم من ها . .إن نا نعلم أن هم حرضوك ثم تخلوا ع نك . .هل هذه
شجاعة؟!! إنها نذالة" . .وتركني وحدي مع الورق والقلم . .وآه من الورق والقلم مع سجين في
زنزانة ! ! . .
وكتبت " . . .كنا نجتمع مع شباب الخوان ندرس في كتب الفقه والسنة والحديث والتفسير .كنا
ندرس كتاب المحلى لبن حزم ،وزاد المعاد لبن القيم ،والترغيب والترهيب للحافظ المنذر ،وفى
ظلل القران لسييد قطيب ،وملزم مين كتاب معالم فيي الطرييق . .كنيا ندرس سييرة الرسيول
والصيحابة .وك يف قاميت الدعوة السيلمية . .وكان ذلك بإذن وإرشاد السيتاذ الهضييبي . .كان
الغرض من الدرا سة هو إيجاد لبنات سليمة من الشباب المسلم .عل نا ن ستطيع إعادة مجد السلم
وبعد دراسة طويلة قررنا أن نعيد تنظيم الخوان المسلمين في كل مواقعها وأن نعمل بدأب ومثابرة
على جمع كل من نستطيع من لبنات صالحة من شباب المة الضائع في المجتمع الجاهلي المحيط
بالبشرية كلها . .وقررنا أن يستغرق هذا العمل ثلثة عشر عاما .بعدها نقوم بمسح للجمهورية،
فإن وجد نا الفئة المؤم نة بمبادئ ال سلم ت قل ن سبتهم عن %25جدد نا فترة الدرا سة الم صحوبة
بالترب ية لثل ثة ع شر عا ما أخرى ثم نع يد التقي يم ثان ية وثال ثة وراب عة ح تى ت صل الن سبة %75من
مجموع الشعب . .عندها ننادى بالدولة السلمية . .فماذا يخيف عبد الناصر ،وماذا يخيفكم أيها
الحاكمون ؟ ربميا تميض أجيال قبيل أن يتحقيق هذا الذي نرجوه ،فميا الذي يخيفكيم ؟! ! لييس فيي
ح سابنا -بالمرة -ق تل ع بد النا صر ،فقتله ل يس أمرا واردا في قضيت نا . .القض ية ا كبر من ق تل
ش خص أو أشخاص وفكرة القتيل مرفوضية ولكن كم تتعللون ب ها لتقتلوا المؤمنيين ! ! . .من الذي
إن ال مر الذي ترت عد م نه الشيوع ية الملحدة ،ويخ يف الغرب المنحرف ،المر تد عن م سيحيته . .
إن ال مر الذي ترت جف م نه ال صهيونية العالم ية ويجعل ها ل تنام ول تهدأ . .ال مر الذي ير عب كل
هؤلء جميعا ،هو عودة السلم بعقائده وشرائعه ومعاملته إلى المسلمين ! ! . .نعم عودة السلم
تقلق كيل هؤلء ولذلك هيم يتربصيون بنيا ويتجسيسون علينيا ،ثيم يأمرون عملئهيم بالقضاء على
المؤمن ين . .ول كن ال م تم نوره .ومخزي الكافر ين . .إن قتلتمو نا اليوم ف سيأتي من بعد نا من
يرفع راية السلم . .أما مجلة السيدات المسلمات أو المركز العام للسيدات المسلمات أو الدنيا كلها
إذا جاءت نا لتكون لغ ير ال فن حن نرفض ها ول نريد ها . .إن نا ل نطلب إل ال وطري قه وشريع ته "
وذيلت هذه الكلمات بتوق يع "زي نب الغزالي ال جبيلي"! ! .ود خل صفوت الرو بي وطلب م نى الوراق
فأعطيتهيا له وخرج . .ومرت فترة .عاد إلى الرجيل الذي كان أعطانيي الوراق والقلم .ومعيه
أوراق -ليست هي التي كتبتها -ثم مزقها وقذفني بها في وجهي ليوهمني بأنه مزق ما كتبت ! !
. .وقال لصفوت " :خذوها يا صفوت . .إنها ل تستحق إل العدام كما قرروا . .أنا كنت أريد أن
أخدمها لكنها رفضت يدي الممدودة إليها . .دعهم يعدمونها! ! " . .وانصرف . .إنني في دهشة
-بل في حيرة -إن كانوا يقولون ويزعمون أن القضية وضحت كل معالمها وتكشفت كل عناصرها،
فلماذا لم يقدموني إلى المحاكمة العلنية ،ول داعي للترغيب والترهيب والتعذيب ؟! ! أم أن القضية
هي الموت البط يء تنفيذا لمخ طط مر سوم ؟ ح قا ل قد وض حت القض ية . .ووض حت كل معالم ها. .
وتكشفت كل عناصرها . .بل وبان هدفها والغرض منها . .أنهم يريدونها جاهلية . .جاهلية! !
أغلق باب الزنزانية فانتقلت إلى عالم آخير ! ! . .كان الرهاق والجهيد واللم قيد سيطر كيل منهيا
سطورا عميقة في نفسي وجسدي!! . .وتكورت في مكاني أحاول النوم فلم أستطع فقد كنت كأنني
أتقلب على م سامير محم ية . .فال سياط والر كل وال صفع قد مز قت ج سمي ،وال سب بأب شع اللفاظ
وهكذا ظللت أتقلب ح تى سمعت أذان الف جر فا ستيقظت عل ية وغادة وتيمم تا وادي نا ال صلة . .كان
حالي يغنى عن أي سؤال فنظرت إلىّ علية وقالت " :الدكتور أعطاني حبوبا مهدئة أتأخذين قرصا يا
حاجة؟ ! ! " قلت " :ل بأس يا علية!إ" .تناولت القرص واستسلمت للنوم . .ولكن هيهات للنوم أن
يج مع أشلء ج سد ممزق ،وشتات ن فس ممز قة! ! ففزع نا إلى ال . .نقرأ القرآن . .ون صلى ما
استطعنا . .كانت غادة تحفر على حائط الزنزانة تاريخ كل يوم منذ مجيئها إلى السجن . .قالت :
"اليوم 8أكتوبر فقلت " :ربنا يفوته على خير " . .قالت علية " :إن شاء ال " وفى الضحى فتحت
الزنزانية وظهير -صيفوت ومعيه جنديان يحملن حقيبية كيبيرة عرفيت مين النظرة الولى أنهيا مين
منزلي! ! ف تح صفوت الحقي بة و هو ينادى " :يا زي نب ! هذه مل بس طلبنا ها لك من الب يت وأ خذ
يخرج ما في الحقي بة ويعر ضه على ثم أعاد ما أخر جه إلى الحقي بة ثان ية وأقفل ها . .كا نت الحقي بة
كأن ها أعدت لرحلة طويلة . .ف سألته " :من طلب كل هذه المل بس و من أحضر ها"؟ فقال صفوت :
نحن طلبناها وأختك حياة أحضرتها . .ثم أمر الجنديين بالنصراف بالحقيبة! ! ولبث قليل ثم أغلق
الزنزانة! ! انصرف الزبانية فأغمضت عيني ورحت في إغماءة شديدة؟ على إثرها هرعت إلي علية
وغادة تدلكان يدي وقد مي تحاولن إفاق تي ،وأخذ تا تهونان على ال مر . .هم اعتقدوا إ نك محتا جة
إلى ملبس فطلبوها . .المر بسيط وعادى جدا " . .قلت " :ل يا علية إنها مصيبة كبيرة ،فقالت
علية " :لماذا يا حاجة؟ انهم رأوا ثيابك قد تمزقت وأنك في حاجة إلى ملبس .فقلت " :ل ..ل ..يا
عل ية .هذه فت نة! ! لماذا أ نا بالذات ال تي تأتيها مل بس ؟ إن ني منقب ضة وغ ير م ستريحة إلى هذا. .
إنني مقبلة على اختبار اكبر مما أنا فيه ! . .وأخذت أدعو ال أن يثبتني على الحق .وانتظمنا في
صلة الع صر .ون حن في الرك عة الخيرة د خل صفوت وجذب ني بوحش ية وقال " :تعالى م عي ! ! "
وأغلق الزنزا نة على غادة وعل ية .سار بي إلى آ خر الم مر .ثم قذف ني في زنزا نة حال كة الظلم ،
كريهة الرائحة ،رطبة تمرح فيها فئران متوحشة! ! جلست في رعب شديد وجسمي يرتعد من شدة
البرد وبرودة ال سفلت بق سوة ،وظل مة الزنزا نة تضا عف خو في ور عبي وآل مي ! ولجأت إلى ال
لتغلب على هذه الظرف .فتيمميت وأخذت أصيلى وأصيلى وأناجيى ربيي ( . .أل بذكير ال تطمئن
ود خل صفوت و مد يده قائل " :أقرئي هذا الخطاب يا ب نت ! نظرت في الخطاب . .فوجدت مكتو با
في أعله "مك تب رئ يس الجمهور ية" ثم مكتوب في صلبه باللة الكات بة " -بأ مر جمال ع بد النا صر
رنيس الجمهورية تعذب زينب الغزالي الجبيلي فوق تعذيب الرجال ! "
التوقييع (جمال عبيد الناصير رئييس الجمهوريية" ومختوم بخاتيم شعار الدولة الخاص برئاسية
الجمهورية .
قرأت الخطاب ثيم أعدتيه إلى صيفوت قائلة " :ال اكيبر منكيم جميعيا . .نحين معنيا ال " . .فأخيذ
يرمينيي صيفوت بنظرات شرسية ويقذف مين فميه بقذارات مين السيب المقذع . .ولم أنطيق بكلمية
بعيد فترة قصييرة سيمعت صيفوت يصييح بأعلى صيوته "انتباه "! ! وفتحيت الزنزانية ودخيل حمزة
الب سيوني تترا قص الشياط ين في عين يه وقال " :آ خر فر صة لك . .ساعة واحدة فكرى في ها جيدا
وقدري مصلحتك ،لقد أحضرت لك ثيابا لتقابلي المشير عبد الحكيم عامر والرئيس جمال .ثم يتغير
موق فك في القض ية " ون ظر إلى صفوت قائل " :اقرأ علي ها الخطاب يا صفوت ! ! " فر فع صفوت
عقير ته وقرأ "بأ مر جمال ع بد النا صر رئ يس الجمهور ية تعذب زي نب الغزالي ال جبيلي فوق تعذ يب
الرجال " إمضاء جمال عبد الناصر . .أخذ حمزة البسيوني الخطاب من صفوت وقال وهو يناوله لي
" :خذي . .خذي يا مجنونة الخطاب واعرفي ما فيه جيدا " . .فقلت له " :لقد قرأته " ! ! فقال
" :أقرئيه مرة أخرى" . .ثم اتجه إلى صفوت وقال :أين السوط يا صفوت ؟! ! فأخذت الخطاب
وقرأته ثم قذفت به إلى الرض وقلت له " :ربنا اكبر منكم يا فجرة . .اخرجوا يا كفرة! !" .
نادى حمزة البسيوني على ب عض الجنود خارج الزنزانة ،فد خل جندي يحمل حقيبة الملبس .وقال
في وحشية " :سنمنحك فرصة لمدة ساعة . .وهذه ملبسك . .فكرى جيدا ولمصلحتك فقط ..حل
المشكلة في يدك أ نت ! ! " ثم أغلقوا الزنزا نة وان صرفوا .أخذت أ ستغفر ال وادعوه الثبات على
الحيق .ومضيت السياعة الممنوحية لي .فدق أذنيي صيوت صيفوت "انتباه ! ! " ثيم دخيل حمزة
البسييوني ونظير إلى ثيم قال " :ألم ترتدى ثيابيك ؟ ! ! أتريديين الموت ؟ ! " .ل بأس ! لقيد بعيت
نفسك ! حسنا خذها يا صفوت . .بنت الكلب . . . .تريد أن تقدم نفسها فداء لسيد قطب والهضيبي
،إن هم يريدون التخلص من ها ويخرجون هم أبرياء .جذب ني صفوت بع نف وخرج بي من الزنزا نة
وسار بي في الممر ،وأثناء مروري على زنزانتي قلت "ال اكبر" بصوت مرتفع حتى تسمع "علية
وغادة فكنت أعتقد أنها اللحظة الخيرة في حياتي ،كما قال حمزة البسيوني ! ! .ال اكبر منكم يا
إ!
والق سوة ! ! كان ينطلق في لذة غري بة يضرب الموحد ين المؤمن ين ،بأع نف ما يم كن أن يت صوره
العقل البشرى .ظنا منه أن القسوة والعنف في التعذيب يرد المسلمين عن دينهم وعقيدتهم !! وقد
كان مك تب حمزة الب سيوني يت صل بمك تب ش مس .وكان ي قف خل في الجلد صفوت الرو بي واثنان
قال ش مس بدران و هو مازال في غطر سته " :يا ب نت يا زي نب ! خلى بالك وتكل مي بع قل وشو في
فين مصلحتك ،خلينا نخلص منك ونشوف غيرك وإل بعزة "عبد الناصر" أجعل السياط تمزقك .قلت
" :يفعل ال ما يشاء ويختار" .فقال " :ما هذه الرطانة العجيبة يا بنت . .؟إ " فلم أرد عليه فقال :
"ما هي صلتك بسيد قطب والهضيبي؟" .قلت في هدوء " :أخوة في السلم . ،فقال في استنكار بليد
" :أخوة ماذا؟" .فأعدت " :أخوة في السلم " .فقال " :ما مهنة سيد قطب ؟".
قلت " :الستاذ المام سيد قطب مجاهد في سبيل ال ،ومفسر لكتاب ال ،ومجدد ومجتهد" .
فقال فيي بلدة :ميا معنيى هذا الكلم ؟ فقلت وأنيا أضغيط على مخارج اللفاظ تأكيدا له معناه :إن
ال ستاذ سيد ق طب زع يم ،وم صلح ،وكا تب إ سلمي ،بل من أع ظم الكتاب ال سلميين ،ووارث
محمدي .
وبإشارة من إصبعه انهال على الزبانية .وقال هو :إيه يا ست ؟ ولم أجبه – قال :ومهنة الهضيبي
إييه كمان ؟ فقلت " :السيتاذ المام حسين الهضييبي" إمام مباييع مين المسيلمين المنتميين لجماعية
الخوان الم سلمين ،الملتزم ين بتنف يذ أحكام الشري عة ،والمجاهد ين في سبيل ال ح تى تعود ال مة
فقال " :هراء ،وكلم فارغ . .ما هذا يا بنت اليي. " . . .
وقال حسن خليل " :دعها يا باشا . .توجد نقطة مهمة !!" ثم تقدم إلى وامسكني من ذراعي وقال :
"هل قرأت كتاب "معالم الطريق " لسيد قطب ؟ فقلت " :نعم قرأته " .
فقال رجل آخر من الجالسين – وكان يدخل بعض الضباط أثناء الستجواب ويجلسون للمشاركة في
الستجواب من جهة .ومن جهة أخرى كنوع من الرهاب ممكن تعطينا موجزا لهذا الكتاب ؟
فقلت " :بسم ال الرحمن الرحيم ،والصلة والسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
."..
فقاطعني شمس بدران في صفاقة غريبة :أنت واقفة على منبر مسجد يا بنت اليي . . . .؟! إننا
وقال حسن خليل :معذورة يا باشا . .أكملي يا زينب .ماذا فهمت من كتاب معالم في الطريق ؟
فقلت :كتاب معالم فسي الطريسق فسي فهسم المجتهسد المفسسر سسيد قطسب يدعسو المسسلمين لمراجعسة أنفسسهم
مع كتاب ال ،وسنة رسول ال ،وتصحيح تصورهم لعقيدة التوحيد .فإذا وجدوا أنفسهم – وهذا هو
الواقسسسع الن – منقطعيين عين كتاب ال ،وسينة رسيوله سيارعوا بالتوبية .وعادوا إلى دينهيم
وكتابهيم ،وسينة رسيولهم ! .ثيم يدعوهيم للمفاصيلة بينهيم وبيين الجاهليية المتفشيية فيي المية،
فطمست وضوح الرؤية في فهم القرآن .وتصور أوامره تصورا سليما .فإذا راجعت المة الكتاب
ومرام يه ،ومقا صده ،والتز مت بدين ها صحت عقيدت ها .فال سيد ق طب يرى ضرورة تب صير ال مة
بمراجعة عقيدتها لتقرر صدقا من قلبها وضميرها ،أنها ملتزمة بكل ما تكلفها به شهادة أن ل إله
ولزمت الصمت بضع لحظات ،فقال حسن خليل في تهكم أبله "إنها خطيبة .وقال آخر" :إنها كاتبة
كذ".
وأخرج مجموعة من مجلة السيدات المسلمات كانوا قد استولوا عليها مع الكتب يوم القبض على .
وأ خذ يقرأ من ها ب عض ج مل من مقال افتتا حي ل حد أعداد المجلة .ل كن ش مس بدران قاط عه ون ظر
إلى الحيوانات المفتر سة ال تي تح يط به .وقال جاهل ية :أ نا لم أف هم شيئا م ما قال ته هذه الب نت ! !
فنزل على الزبانية بسياطهم :قائلين وضحى يا بت للباشا .فقال حسن خليل -ويبدو وكأنه ينسج
ثم قال كأنه :أريد أن أفهم معنى ما تلزم به ل إله إل ال محمد رسول ال ،فقلت :إن محمدا صلى
ال عليه وسلم ،جاء ليخرج البشرية كلها من عبادة البشر ،وعبادة الوثن ،إلى عبادة ال الواحد
القهار هذا مع نى ل إله إل ال .وأما مع نى مح مد عبده ورسوله ،فكل ما جاء به مح مد صلى ال
علييه و سلم من الوحيي ،و هو القرآن الكرييم والسينة الصيحيحة ،هيو حيق واجيب التنف يذ اعتقادا
فقال شمس بدران وقد أخذته العزة بالثم "كفى سخافات !" ثم نزل على وحوشهم بالكرابيج .
وقال ح سن خل يل " لحظات أخرى يا با شا -من أجلى .ون ظر إلى وقال :هل ن حن م سلمون أم
كفار؟! ! .
قلت :اعرض نف سك على كتاب ال و سنة ر سوله ،و ستعرف أ ين أ نت من ال سلم .فقال ش مس
بدران "يا بنت اليي ، . .وانطلقت القاذورات من فمه تكشف أخلقيات هذا المخلوق العجيب ! ! أما
وبدأ شمس بدران يمارس عملية وحش الغاب المفترس . .إن غابة عبد الناصر ل تعرف تقاليد أو
عادات .بل ت سودها جاهل ية حمقاء ،يظل ها طغيان أهوج ،وت سرح في دروب ها ذئاب خبي ثة جائ عة
نظر شمس بدران إلى صفوت وقال :علقها يا صفوت الضرب ده مش نافع ! ! .
منهم سوطا .وأعدوا اللة ليعقوني عليها .فقلت لهم " :أعطوني بنطلونا من فضلكم . .أرجوكم ! ! "
.
فقال حسن خليل لشمس بدران " :ل بأس يا باشا" .فقال شمس بدران " :هاتوا لها بنطلونا" .وفى
سرعة عجيبة أحضر أحد الجنود بنطلونا كأنما انتزعه من تحت رجليه ! !
وقال حسن خليل لشمس بدران " :عفوا يا باشا ثم التفت إلى وقال " :أدخلي هذه الحجرة البسي فيها
كانيت حجرة فاخرة الثاث ،مكيفية الهواء ،بهيا جهاز تليفزيون وجهاز رادييو! ! ولبسيت البنطلون
وخر جت إلي هم ! ! وعل قت بأ مر ش مس بدران في هذه الحديد ية . .ول أدرى ك يف ربطوا يدي مع
ويخرج المر من فم شمس بدران كضابط عظيم في ساحة الوغى :اجلدها يا وله خمسمائة جلدة! !
وتنهال السياط تسطر على قدمي وجسدي أبشع ما عرفته الجاهلية من قسوة وحيوانية ..ويشتد
الجلد . .ويشتيد اللم .يعيز على أن أضعيف أمام هؤلء الوحوش .احتملت .احتملت وأنيا أضرع
ويتضاعف اللم ،ويتضاعف ،ولما فاض الكيل ،ولم يعد كأنه طاقة على الكتمان عل صوتي يرفع
شكواي للذي يعلم السر وأخفى .أخذت أردد :يا ال يا ال ،والسياط تشق في قدمي مجارى اللم
.وفى قلبي ومشاعري مجارى الرضا ،والتعلق بال ! ! . .حتى فقدت الوعي .ولم أشعر بنفسي ،
ورقدت ج ثة هامدة فوق الرض و هم يحاولون ت نبيهي ويحاولون إيقا في فل أ ستطيع .فكل ما وق فت
سقطت .
كان اللم فوق الحتمال والدم ينزف من قد مي ويأ مر ش مس بدران صفوت بإيقا في .ك نت في غا ية
اللم والجهد فحاولت أن أستند إلى الحائط فيبعدني صفوت عن الحائط بسوطه !!. .
فأقول ل هم :دعو ني أجلس على الرض فيقول ش مس بدران :ل . .ل . .أ ين ر بك ادع يه لينقذك
من يدي . .نادى ع بد النا صر وانظري ماذا يحدث . .ولم أرد عل يه ،في ستمر في جاهلي ته :ردى
فقلت ب صوت خا فت لشدة ما أ نا ف يه " :ال سبحانه الفعال ذو القوة المت ين " وأخرجو ني من مك تب
أعضائي تتمزق ! ! . .و سرت مع جلدي صفوت الرو بي إلى ح يث ير يد أن ي سوقني! ! . .و ما
كدت أشرف على نها ية الم مر ح تى نادى ح سن خل يل بكلمات كأن ها الحميم تخرج من بركان ثائر:
ومرة أخرى دخلت مكتيب شميس بدران ،وكانيت المفاجأة! ! إذ رأييت حميدة قطيب أماميي ! ! . .
عرفتهيا ،وهيى لم تعرفنيي ،فالسيياط ،والكلب ،والجهاد ،والجوع ،والعطيش ،والتمزق فيي
وسيأل شميس بدران البنية الفاضلة حميدة قطيب :هيل هذه زينيب الغزالي؟ فدققيت حميدة النظير
وأجابت :نعم . .كنت في قمة الجهاد واللم .فلم أتابع السئلة التي كانت توجه .إن شمس بدران
يسأل عن الخت الفاضلة فاطمة عيسى ،التي كانت تنزل في زنزانة مقابلة لزنزانتي .أخذت البنة
وميا كدت أخرج حتيى سيقطت على الرض .فأمير صيفوت جندييا أن ينادى الممرض عبيد المعبود،
حضير عبيد المعبود ومعيه زجاجية نزع غطاءهيا .ومررهيا أمام أنفيى " فأفقيت ،ثيم أوقفونيي . .
وأمرني الجلد صفوت بالسير .بل وأخذ يضربني بسوطه لسرع الخطأ ! ! فاسقط على الرض . .
فيأمرني بالوقوف والسير .وسوطه المجنون يصب على جسدي المكدود نارا حامية! ! وهكذا دخلت
الممر أسير فاسقط ،ثم أنهض لسير فأسقط ،وسوط الجلد المجنون ل يرحم ! ! يا إلهي ! ! هل
هذا إنسان ؟ ،أم مخلوق آخر يمشى على رجلين وسوط .وسمعت صوتا ينادي :دخلها يا صفوت
سجن ر قم ( )5و صوتا آ خر اذ هب ب ها إلى الماء يا صفوت ! ! " أدخل ني صفوت سجنا وأمر ني
بالجلوس على الرض .ثم أمر الجندي التمورجي عبد المعبود أن يضمد جراحي ! ! . .
وف تح باب زنزا نة ،فرأ يت خلف الباب سدا حديد يا يرت فع لك ثر من م تر .أمر ني صفوت أن أخلع
ملبسي وأن أقفز هذا السد الحديدي! جمدني الخوف ووجدت نفسي ل أقوى على الحركة فلم أتقدم
شيييييييبرا واحدا .وتركزت عيناي على بئر مييييييين الماء خلف السيييييييد.
وجمعيت كيل قوتيي فيي فميي وقلت :لن أخلع ملبسيي أبدا ! ! .فقال فيي جاهليية ماجنية عابثية:
ستنزلين الماء بثوب واحد . .فقلت :أنا لبسة جلبابا واحدا .فقال صفوت في غرور :سأمزقه ! !
البنطلون خسارة وأنت ستموتين بعد ساعة ! ! .قلت :عندما أدخل الحجرة سأعطيك البنطلون . .
.فقال في صلف وحماقة :حجرة آيه يا بنت الي . .إننا سنقذفك في البئر ونخلص منك .قلت :
وأدار صفوت ظهره .وخلعت البنطلون الذي أعطوه لي عندما جلدوني في مكتب شمس بدران ! !
.
ووقفيت فيي الثوب الممزق ،ل أدرى ماذا أفعيل ! ! . .وعندميا أمرنيي صيفوت أن أقفيز إلى الماء
امتن عت وقلت :ل ،أ نا ل أر مى نف سي في الماء ،إذا كن تم ناوي ين على قتلى فتحملوا أن تم م سئولية
هذا ال مر . .أ ما أ نا فلن أنت حر أبدا . . .ك نت أعت قد أن هم قد اعتزموا قتلى والخلص م نى ح قا،
فظروف الحال كانت تؤكد عندي هذا العتقاد . .فالغلظة والفظاظة التي فاقت كل تصور والبئر التي
أماميي والتيي يطلبون منيى أن أقفيز فيهيا .كيل هذا أكيد عندي أن النيية اتجهيت فعل إلى قتلى! !
إلهي .
وجاء الزبانيية يسيوقونني بسيياطهم لقفيز إلى الماء فأتمنيع ،فترتفيع جاهليتهيم .وتزداد حميية
سياطهم فأ سقط على الرض ،ف قد كان العذاب فوق طاق تي بكث ير . .تف نن ف يه صفوت ،والجندي
سعد ،وجندي ثالث يدعى سامبو ،هكذا سمعتهم ينادونه ،وحملني الثلثة وقذفوا بي إلى البئر! ! .
وأفتح عيني فإذا بأنني أقف على أرض صلبة! ! . .وعرفت أن الماء لم يكن بئرا وإنما هو زنزانة
من الماء . . ! ! . .فات جه إلى ال سبحانه وأقول :با سمك اللهم ،سلمت لك آمري ،وأ نا أم تك ،
وعلى عهدك ما استطعت . .ألبسني أردية حبك ،وأغدق على من صبرك يا ال .. .ويريد صفوت
أن يزيد طوفان العذاب فيقول ،وسوطه ينزل على جسدي حيثما اتفق :اقعدي يا بنت اليي. .إ! .
فأقول :ك يف أق عد في هذا الماء؟ إن هذا م ستحيل . .فيقول الجلد بل سانه و سوطه :اجل سي ك ما
تجلسين في الصلة . .أظن تعرفين هذا جيدا . .أرينا مهارتك وأقعدي . .إنك لم ترى شيئا بعد. .
فمازال في جع بة أ بى خالد الكث ير . .جمال ع بد النا صر هو الذي عرف ك يف يتعا مل مع الخوان
المسلمين . .هيا اجلسي يا بنت اليي . . .وجلست فصارت المياه إلى أسفل ذقني ،وقال صفوت :
إياك أن تتحر كي ولو حر كة واحدة . .جمال ع بد النا صر أ مر بجلدك كل يوم ألف جلدة بال سوط ..
أحب أعرفك التسعيرة هنا . .الحركة بعشرة سياط ! ! .لشدة الهول ،نسيت أقدامي الممزقة .بل
نسيت كل جندي .غير أن المياه أخذت تفعل بالجراح ما لم أستطع وصفه من آلم ،لول عناية ال
ما احتملتها . .وشغلتني آلمي عن صفوت ،وسعد ،وسامبو ،ولكن أعادني صفوت بسوطه إلى
وقال صفوت :أعلمي -يا حلوة -لو نمت فالسوط يوقظك .هذه الجلسة فقط . .نعم تجلسين هكذا . .
هسسل تريسسن الفتحسسة المحفورة بالباب ؟ إنهسسا للمراقبسسة . .إذا وقفسست ،أو نمسست أو حركسست يدك أو رجلك
فالسسياط موجودة ومسستعدة . .إننسا وضعناك فسي وسسط الحجرة ،فإياك أن تفكري أن تزحفسي لتسسندي
رأسسك مثل إلى الحائط .إذا سسولت لك نفسسك أن تفعلي هذا فعشرة سسياط . .إذا وقفست فعشرة سسياط .
ومسد رجلك خمسسة سسياط . .مسد ذراعسك خمسسة سسياط . .علمست – يسا حلوة – هذه الت سعيرة؟ فلينفعك
الهض يبي أو سيد ق طب . .أ نت ه نا في جه نم ع بد النا صر . .إذا قلت يا رب فلن ينقذك أ حد ،و يا
سعادتك لو قلت يا عبد الناصر . .فستفتح لك الجنة .جنة عبد الناصر أيضا . .أتفهمين ؟! ! أنت يا
حلوة -ما زال أما مك الكث ير .و ما سيأتي اك ثر وأك ثر . .يا لي تك تعقل ين . .إن ني م ستعد أر جو لك
معالي الباشا وتذهبين إليه . .وتقولين ما يريده . .هل أنت مجنونة؟ من أجل من تفعلين في نفسك
كيل هذا؟ مين أجيل الخوان ؟ . .كلهيم اعترفوا ولم يبقوا علييك . .ولفوا الحبيل حول عنقيك . . .
ظللت صامتة وإن كانت نظراتي إليه تقول الكثير . .ولكنه جاهل أحمق وحيوان مغرور! ! .
فاستأنف سخفه ،أو بالحرى استأنف إغراءه :أطيعيني ،واستمعي إلى . .وأنقذي نفسك . .أنت
وظللت على حالي من الصمت والسكون فقال " :ردى يا بنت اليي . .فصمت ..فقال :المر بسيط
جدا .سآخذك إلى معالي ش مس بدران با شا ،وتقول ين له ك يف ات فق سيد ق طب مع الهض يبي على
ف صرخت ب كل قو تي . .كل الخوان أبرياء .ورب نا سينتقم من كم لي ست الدن يا غايت نا ،ن حن نطلب
رضاء ال ،وبعده فليكييييييييييييييييين ميييييييييييييييييا يكون ! !
يتحمله بشر من حقد وكراهية! ! واستمرت قذارته واستمر حقده وكراهيته اكثر من نصف ساعة! !
ثم انصرف وهو يقول :أنت عارفة التعليمات والتسعيرة يا بنت اليي . . .لم أستطع أن أظل في
مكاني بل حركة .فليس في مقدور أي إنسان مهما كانت طاقته ومهما بلغت قوة احتماله أن يجلس
الضرب بالسيوط أهون مين التجميد فيي هذه الجلسية دون حركية .فلهييب السيوط أهون مين عذاب
الماء!!. .
أخذت أفكر كيف أتحرك . .لو مددت رجلي سيصل الماء إلى فمي .فلم يكن بد من الوقوف وأتحمل
عشرة سياط ! ! . .وفوضت المر ل .وقلت :يا رب أنت معي! ! ووقفت !! .
خيل إلى أن الجند نائمون . .وسمعت أذان الفجر ،فتيممت على الحائط ،لن الماء كان قذرا جدا ل
ي صلح للوضوء . .وأد يت ركع تي ال سنة ،ودخلت في ركع تي الفرض وه نا فت حت الزنزا نة ،وهوى
وأخذت أردد :ح سبنا ال ون عم الوك يل .ح تى تأخذ ني سنة من النوم فيوقظ ني الماء الذي ي صافح
يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي .
ذقني
كانت زيارة سامبو وسوطه ل تقل عن خمس مرات في الليلة الواحدة! ! . .فكان لبد من الحركة،
الجريمة ! !
مع الضحى ،جاء صفوت وأخرجني إلى زنزانة أخرى بجوار زنزانة الماء . .ابتلعتني هذه الزنزانة
. .وتكورت في ركن من جوفها مستندة إلى حائط . .كان الحائط بالنسبة إلي كأنه وسادة ناعمة
محشوة بريش النعام ! ! كانت آلمي عاتية متنوعة . .آلم الجوع تفري أمعائي . .وآلم جروحي
تمزقني . .جروح جسدي وجروح نفسي . .لقد صرت كتلة آلم . .كل جزء منها يئن ويصرخ إ!
. .ويدخل صفوت ومعه مارد أسود! ! أخذ يتحسس سوطه بيده اليسرى ثم يضرب الرض والحائط
،وكأنه يستحث لهيبه ،أو يستنفر حميته ! ! وقف صفوت وألقى أوامره وتعليماته إلى هذا المارد
بان يرتكيب أبشيع جريمية ممكين أن يقترفهيا بشير ! ! . .وترك له السيوط وهيو يقول فيي صيلف
وغرور :إذا وجدت منهيا أي معارضية فالسيوط معيك . . .انشغلت عين هذا السيفه بال سيبحانه
وسألته متوسلة إليه " :اللهم إني أمتك ،وعلى عهدك ما استطعت . .أدعوك بضعفى ،وقلة حيلتي،
وانكسياري ،وهوانيي على الناس ،أن تدفيع عنيى شير الشرار ،وتحمينيي بقدرتيك ،وتعيننيي على
أخرجني من إغراقتي في مناجاة ربى صوت هذا النسان المأمور بإيذائي بأبشع جريمة . .يناديني
"يا خالة! !" .ونظرت إليه ودهشت . .فقد تغير وجهه وارتسمت عليه ملمح إنسان ! ! .
قال بصوت منخفض فيه شفافية :ل تخافي يا خالة . .لن أؤذيك ،ولو قطعوني . .فقلت بصعوبة
بال غة :رب نا يهد يك يا ب نى . .رب نا يكر مك .ف تح باب الزنزا نة في ع نف وانطلق صفوت يضرب
الرجيل بالسيوط ويقول :ييا ملعون ،ييا ابين الكلب ،لقيد أوردت نفسيك مورد الهلك ،سيتقدم إلى
مجلس عسكري . .هذه أوامر جمال عبد الناصر يا ابن الكلب . .أنت تكسرها؟! أنقذ نفسك فورا
والتعليمات الفاحشة بكلمات صريحة صارخة ل يمكن أن تخرج من فم إنسان وأغلق الزنزانة وأطل
مين الفتحية وقال " :أنيا سيأتركك سياعة ،ثيم أعود إلييك لنظير ماذا فعلت . .أنقيذ نفسيك ،ونفيذ
حيا الجندي صفوت تحية عسكرية مز داخل الزنزانة وقال " :حاضر يا أفندم ! ! " .كنت أستمع إلى
هذه الجاهليسة وذلك الفجور ،فأناجسي ربى بتلك الكلمات " ،إنهسا دعوتسك ،ونحسن جندهسا ،وشهداؤهسا .
.فغيرتسك على جندك ،وأعراضهسم يسا ال ! اجعلنسا أقوى مسن ظلمهسم وألوان تعذيبهسم " ،وأخذت أدعسو
لهذا الرجسل بالهدايسة ،ظننست أن هذا الرجسل -بعسد الوامسر الجديدة -سسيخشى البشسر ،فيسسلك مسسالك
الوحوش . .ولكنسه كان رائعسا وشجاعسا .وقال كأنسه فسي براءة الطفال :لماذا يعذبونكسم هكذا يسا خالة؟
فقلت :إننا – يا بنى – ندعو ل ،ونريد حكم السلم لهذا البلد .ول نطلب لنفسنا سلطانا.
وسمعت أذان الظهر فتيممت على حائط الزنزانة وأديت الصلة ،فقال في رجاء " :ادعى لي يا خالة
.فدعوت له بالهداية وقمت لصلة السنة ،فقال :ادعى لي أن يكرمني ال بالصلة يا خالة . .أنتم
رأونيي أصيلى يسيجنونني . . .فقلت له :صيل ولو سيجنوك ،فال معيك .فقال ونور اليمان يمل
وج هه " . .سأصلى" .وفجأة ضرب أ حد الجنود باب الزنزا نة بع نف وقال :يا ا بن الكلب . .ماذا
تف عل ؟إ! .فقال الر جل :ال ست لم تفرغ من ال صلة .فقال الجندي في صفاقة :صفوت آت إل يك.
وجاء صفوت كحيوان مجنون وه جم على الر جل بوحش ية شر سة ،و ظل ينهال ب سوطه على الر جل
ح تى أفقده ح تى الن ين ! ! وجاء م ساعدو الجلد وحملوا الم سكين إلى م صيره ،وأغل قت الزنزا نة
على آلميي وهموميي . .آلمنيي ميا نال هذا الرجيل بسيببي ،أو لن ال أضاء بصييرته فلم يطيع
الظالم ! ! كانت السياط التي مزقت جسده تمزق جسدي وتحفر أخاديد في نفسي! ! .
وغر بت الش مس ،فن شط جلدو ال سجن الحر بي وزباني ته ،وبدأت عجلة التعذ يب تدور! ! آخذو ني
فيي سيتر اللييل ،إلى زنزانية الماء . .كانيت أمعائي تصيرخ مين الجوع وحلقيي يكاد يتشقيق مين
العطش ،وآلم جراحي تضرب كل جزء من جسمي بعنف وشراسة .آخذتني سنة من النوم ،وأنا
على هذا الحال ،فإذا بخلق جمييل ،يرتدون حلل مين الحريير ،مزركشية ،داخيل مخملت مطرزة
بالذهب ،ويحملون صحافا من الذهب والف ضة عليها ما طاب من الطعمة من لحوم وفاكهة لم أر
مثيل ل ها! ! . .فأخذت آ كل من هذه ،وتلك ،وا ستيقظت من سنة النوم هذه ،فوجدت نف سي في
شبيع وري ،فل جوع ،ول عطيش !! بيل إن مذاق ميا أكلتيه مين طعام كان ل يزال بفميي!! فأخذت
أشكر ال وأحمده . .مكثت في الماء طول الليل إلى ضحى اليوم الثالث ،عندما دخل صفوت وشمر
بنطلونيه ،ونزل إلى الماء وقال وهيو يهزنيي بقسيوة :إلى متيى تظليين على عنادك ؟ أنقذي نفسيك
واكفينا أمرك . .أحكي الحكاية . .كيف اتفق سيد قطب مع الهضيبي على قتل عبد الناصر ومتى
قال لك أن تأمري ع بد الفتاح إ سماعيل بقتل عبد النا صر؟ فقلت :كل هذا لم يح صل . .فخرج يسب
ويلعن ..ثم عاد صفوت مرة أخرى بعد ساعة تقري با ،وأخرج ني من الماء ،وأدخل ني في الزنزا نة
الخرى التيي تجاور زنزانية الماء وانصيرف وارتعدت . .فقيد اتجيه تفكيري إلى ميا حدث فيي هذه
ور جع صفوت وضا بط بملب سه الر سمية يد عى إبراه يم . .وقال صفوت :سيادة الضا بط سيتكلم
مصيلحتك وتعملي لهيا فقيط ؟ . .هؤلء القوم لييس لهيم إله حتيى يخشونيه ! هيل تعلميي ماذا فعلوا
بالجندي الذي لم ين فذ الوا مر م عك بال مس ؟ ل قد أعدم رم يا بالر صاص . .إن هم اليوم يعدون لك
فرقية مين أعتيى المجرميين . .اعملي كيل ميا يطلبونيه منيك وأنقذي نفسيك مين أنيابهيم . .حسين
الهض يبي و سيد ق طب وع بد الفتاح رجال ،يتحملون م سئولية خطئ هم . .والتز مت ال صمت ،ف قد
سئمت أسلوب المساومة والغراء والتهديد ،ول أظن أنني سألقى من التعذيب أكثر ول أبشع مما
أنا فيه . .فقال الضابط لصفوت وكأنه عز عليه أن يفشل في مهمته :اعمل معها ما شئت ،إنها
تستاهل كل اللي يحصل ليها . . .ودخل صفوت وأطلق سبابه الصارخ :عبد الناصر أرسل في طلب
شياطين من النوبة سينهشونك نهشا . .إلى أين تفرين منهم ؟ الوقت يمضي ،وكل دقيقة تقربك
من النها ية ثم أغلق الباب خل فه . .وب عد الع صر ،نقلو ني إلى زنزا نة الماء ح يث مك ثت في ها طول
اللييل ! ! . . .وجاء ضحيى اليوم الرابيع ،ولم أر أحدا غيير صيفوت الذي أخرجنيي مين الماء
وأدخلني الزنزانة الخرى . .وبعد العصر أعادو ني إلى زنزانة الماء فمك ثت فيها إلى ض حى اليوم
لم يبق موضع في جسمي إل وفيه اثر عذاب وموضع جراح ! ! ولم تبق ذرة في نفسي إل وفيها
جرح عميق ينزف ألما وحسرة !! . .هل كل ما يحدث هنا في السجن الحربي يخرج من بشر. .
مين إنسيان ! غيير معقول أن هؤلء المخلوقات بشير ! ! . .إنهيم مخلوقات تسيمع وترى وتنطيق
وتمشى على رجلين ،ولها ذراعان وهيكل بشرى ! ! . .ل . .ل . .إنها مخلوقات غريبة . .من
تركيبية عجيبية . . ! ! . .وأخرجونيي مين الماء إلى الزنزانية المجاورة . .وحيانيي صيفوت بعدة
ضربات ملتهبة بسوطه المجنون . .وقال وهو يضربني :إن ما سيحصل لك اليوم لم يحصل لكلب
أجرب في طاحونة!! وأغلق باب الزنزانة ثم انصرف . .وما مروري إل دقائق قليلة حتى فتح باب
الزنزا نة مرة أخرى وامتلت بحمزة الب سيوني وصيفوت وجندب ين آخريين ! ! . .وانطل قت القذارة
من فم حمزة الب سيوني بأب شع ما يم كن أن يتخيله إن سان . .سب فا ضح صارخ وقال " :يا ب نت
ال يي .. .أنقذي نف سك وقولي كل ش يء .اعترف الهض يبي ،واعترف سيد ق طب ،واعترف ع بد
الفتاح إسماعيل ،ووضعنا أصابعنا على كل شيء من واقع اعترافاتهم . .عرفنا منهم أن الهضيبي
أمرك أن تقولي لع بد الفتاح إ سماعيل بأن دم ع بد النا صر مباح ل نه كا فر . .كل وا حد من هم تكلم ،
وأنقذ نفسه وأنت ضيعت نفسك . . .ثم قال مهددا والشرر يتطاير من عينيه :ستعرفين كيف أنتزع
ثم الت فت إلى صفوت وقال :ن فذ الوا مر يا صفوت . . . .و من ي عص ال مر من أولد الكلب –
مشيرا إلى الجندييين حوله إلى المكتيب فورا . .وتولى صيفوت إفهام الجندييين مهمتهميا البشعية
بأسلوب داعر صارخ الفجور ،بعيد كل البعد عن الحياء . .مغمور في النحطاط إلى أبعد ما يكون .
.فقال لحدهميا فيي مجون :نفيذ التعليمات – ييا ابين الكلب – بعيد إغلق الزنزانية ،وبعيد أن يتيم
التنفيذ ،ادع زميلك ليقوم بدوره كذلك . .مفهوم ؟! ! ثم أغلق الزنزانة وانصرف . .
جلس الرجيل يتوسيل إلى أن أقول ميا يريدون لنيه ل يرييد أن يؤذينيي ،ومين جهية أخرى فإن عدم
التنفيذ يلحق به ضررا بليغا وايذاءً جسيما . .قلت له بكل ما أوتيت من قوة :إياك أن تقترب منى
كنيت أرى الرجيل ينكميش ويتقاعيس غيير أنيه أخيذ يقترب فيي خطوات ،ولم أدر إل ويداي حول
رقبته ،وأنا أصرخ بكل صوتي " :بسم ال ،ال أكبر . .وغرزت أسناني في عنقه ،وإذا به ينفلت
الوحش تحت قدمي ،جثة هامدة ل تنبض إل بهذا الزبد البيض . .أنا التي تتربع على قمة اللم ،
والتي مزقتها الجراح التي حفرتها السياط في كل موضع من جسمها! أنا التي غلفها العياء من كل
كان هذا علمية صيدق ،وبشرى للمخلصيين . .فالحميد ل ول إله إل ال . .إن الطغاة يخافون
ويهزمون ،وأ صحاب الر سالت خلف القضبان مجردون من كل شئ إل من اليمان بال تعالى . .
غ ير أن ثبات المؤمن ين على ال حق هو دائ ما شئ ل ي ستطيع المنهزمون في أنف سهم وضمائر هم
بتقاعسهم عن اليمان أن يفعلوه .يا إلهي ما أكرمك وما أوسع عطاءك . .أنت ربنا ورب كل شئ
. .فهؤلء الذ ين يأخذون بأ مر ال يحاربون . .ويقاومون . .ول كن العاق بة دائ ما للمتق ين . .
وفتحيت الزنزانية ودخيل رأس الزبانيية حمزة البسييوني ،والجلد صيفوت وجنيد آخرون ،ووقيع
نظرهييم على هذا الوحييش الممدد على الرض ،والرغاء البيييض يخرج ميين فمييه . .
فبهيت الذي كفير؟! . .خرسيت اللسينة وتبادلوا نظرات زائغية حيرى . . ! . .وحملوا الجثية
فيي زنزانية الماء ظللت حتيى جاء اليوم السيادس . .وفيى ضحيى اليوم أخرجونيي مين الماء إلى
الزنزانة المجاورة ،فتوترت أعصابي انتظارا لما سيحدث . .فقد مرت بي في هذه الزنزانة ألوان
من العذاب .فوضت أمري إلى ال ،وجلست مستندة إلى حائط الزنزانة . .أحسست بأشياء تتحرك
،فرفعت رأسي إليها ،فإذا بخيوط متصلة من الفئران تنزل من النافذة كان أحدا يفرغها من كيس ! !
أخذتني رعدة شديدة ،وشعرت بر عب مريع ! ! . .أخذت أردد اللهم ا صرف ع نى السوء بما شئت
وكييف شئت " ..ورددت هذا الدعاء ،حتيى سيمعت أذان الظهير ،فتيمميت وصيليت وجلسيت أختيم
ييييلته . .
ييييت صي
يييير فأديي
ييييى أذان العصي
يييير ال حتي
ييييلتي ،وأذكي
صي
وه نا د خل الو حش صفوت الرو بي . .كا نت الفئران قد ان صرفت من النافذة من ح يث أفر غت ولم
يت بق إل فأر أو اثنان ! ! دارت عيناه في أنحاء الزنزا نة في نظرات ده شة ،وارت سمت على وج هه
وكأن ذلك قد عز عليه ،فانصرف يسب ويلعن تلحقه خيبة المل ! ! . .وأعادني إلى زنزانة الماء
ع بد النا صر وال ستيلء على ال سلطة ب عد قلب نظام ع بد النا صر . .فقلت له :هذا كذب وافتراء.
وما كنا نجتمع إل لنتدارس كتاب ال وسنة رسوله ،وتربية جيل مسلم يفقه السلم ،ويعمل لقيام
دولته .
فقال :أ نت م صرة على هذا؟ ستعرفين ك يف يكون العذاب من الن . .إن كل ما مر عل يك يع تبر
محاولت إلى جا نب ما سيأتي .وذ هب وبق يت أ نا في الماء !!..ثمان ية أيام وأ نا على هذه الحال ،
حتييييييى بلغ بييييييي الرهاق والجهاد درجيييييية تفوق كييييييل احتمال .
وبدا ذلك واضحا على صحتي التي وصلت إلى حال يرثى لها! !
وفى اليوم التاسع جاء رياض ومعه صفوت وضابط آخر في زيه الرسمي .وأخرجوني من الماء .
بدأ رياض يهدد ني بأن هذه المرة هي الفر صة الخيرة لنقاذ نف سي ،فإ ما أن أعترف ك ما يريدون ،
وقال :أنت فاهمة ربكم عنده جهنم صحيح ؟! جهنم هنا عند عبد الناصر . .الجنة عند عبد الناصر
جنة موجودة حقيقية . .وليست جنة وهمية خيالية مثل التي يعدكم بها ربكم إ! ( كبرت كلمة تخرج
ثيم أخرجونيي مين الماء إلى الزنزانية المجاورة وأغلقوهيا ثيم انصيرفوا . .وفزعيت إلى ال فيي
صلتي؟ أطلب منه أن يصرف عنى شر هؤلء ،كنت في صلتي عندما دخل الزنزانة عدد من الجند
يزيد على العشرة ومعهم ضابط بزيه الرسمي .ثم انضم إليهم حمزة البسيوني ،وصفوت الروبي .
قال صفوت لحمزة البسيوني :أوامرك يا باشا في بنت اليي . .فقال حمزة البسيوني للجند :ماذا
شربتم ؟!
فقالوا :شاي يا معالي الباشا . . .فقال :شاي يا أولد الكلب . .خذهم يا صفوت اسق كل واحد
منهم زجاجة خ مر ،وأن يدخنوا الحشيش ،وأطعمهم كل ما يشتهون ،ثم ارم لهم بنت الييي. .
مك ثت في الزنزا نة ح تى صلة الع صر . .ك نت ساجدة في ال صلة عند ما فت حت الزنزا نة ويند فع
صيفوت وجذبنيي مين ذراعيي فيي وحشيية وقطيع صيلتي ،ثيم أخذنيي إلى زنزانية المياه وأغلقهيا
وانصرف !
وجاء رياض ودلف إلى الزنزانة ،وكله علمة تعجب يحاول أن يخفيها تحت ظلل من الذهول وهو
يقول :تريد ين أن تكو ني قدي سة ؟ الجنود الذيين أعددنا هم لك ذهبوا إلى الم ستشفى . .لكنهيم غدا
سيأتون ينهشون لحمك نهشا ،في المستشفى حقنوهم وأصبحوا كالكلب المسعورة . .وأنها أوامر
جمال عبيد الناصير . .لن يتركيك أبدا . .تعبنيا مين النصييحة وحاولنيا معيك مرة ومرات وأنيت ل
تتزحزح ين عن موق فك . .تريد ين أن تكو ني قدي سة ردى ،ردى . .أ ين سوطك يا صفوت ؟" أ خذ
صفوت يضرب ني ورياض ي ستحثه :ا ستمر يا صفوت . .قدي سة يع نى إ يه يا ب نت ال ييي ! ! . .
أظهرت كرامات في السجن الحربي . .لكن ،أنت هنا ،ول الشيطان يعرف ماذا نعمل فيك ؟!.
تقول ،ميا دفيع ال شروركيم عنيا .ولميا اسيتطعنا المقاومية والصيبر" والتغلب على ميا تسيموه ،
بأنف سكم جح يم ع بد النا صر . .لكن نا طلب حقي قة نطلب ال ،ثم رضاه . .سينصرنا ال علي كم إن
"أدركني يا صفوت بنت الي . . . .بتخطب . .إنها تخطب يا صفوت .. .وأسرع صفوت لنجدة
وقال :دعها لي يا سعادة البك .وغدا سترى وتشاهد ما نزل بها! ! .وأجلسوني الجلسة المعتادة
ال وحده يعلم الحالة التي كنت عليها ..لقد كنت في قمة اللم ،وقمة الجهاد ،وقمة المعاناة .إن
آه ! ! مسيكين ييا بلدي! ! هيل أمرك إلى هذه الطغمية التيي اعتدت على كيل القييم ،وحطميت كيل
القوانين ؟! !
شغل ني التفك ير في بلدي عن ب عض آل مي . .وإن كان أضاف ه ما إلى همو مي ! ! إن ما أ صابني
ويصيبني قد أصاب ويصيب غيري بكل تأكيد . .لقد بت أتصور أن البلد كله قد صار سجنا حربيا،
يحك مه حمزة الب سيوني ،و صفوت ،ورياض ،وال سفاح الشرس ش مس بدران ! ! . .كل هم حلقات
مسيكين ييا بلدي . .ل ،ل لن تكون مسيكينا ييا بلدي ،وفييك حملة كتاب ال وسينة رسيوله ،ومين
ي ستظل بمظلة ل إله إل ال وأن محمدا عبده ور سوله . .إن نا إن ذهب نا ف سيأتي بعد نا وبعد نا من
يرفع الراية غدا . .تشرق الرض بنور ربها ،وتتفيأ البشرية ظلل العبودية ل الواحد القهار . .
معذرة على هذا التكرار ..فالمقصـود التفصـيل والتوضيـح ،كيـف كان حال مصـر :فسـدت الحياة
وأ سنت ،ظلم ،ر عب ،اعتقالت ،مجازر ،تشر يد … .سيطرت قوى ال شر والبا طل وا ستبدت ،
وسـاوت بيـن الجميـع ،بيـن أصـحاب القلم والفكـر والرأي ،والوزراء والقادة العسـكريين ،وبيـن
المواطن العادي .بين الشاب والشيخ ..بين الرجل والمرأة ..بين المريض والصحيح ..كلهم أمام
السياط ،وتحت السياط ،والصلب ،والكلب ،وجميع أنواع التعذيب ،الكل سواء … إنها اشتراكية
التعذيب !!
. .وفى صباح اليوم التاسع ،أخرجوني من الماء في وقت مبكر وقال -صفوت :أنت ذاهبة إلى
وكيل النيابة ،وكفاك عذابا وأنقذي نفسك ..ثم أضاف وقد بدت في عينيه نظرة التهديد :طبعا أنت
عارفية المطلوب منيك . .وسينرى ميا تقوليين ! إ" .وجذبنيي بقسيوة ،فقلت :إن ثوبيي ممزق . .
أعطني ثوبا أستتر به فقال مساوما :أحضر لك جلبابا وتكتبين أن حسن الهضيبي وسيد قطب اتفقا
فقلت ل فقال :أذهيبي عاريية ،ولينفعيك إسيلمك . .وليراك الخوان هكذا . .فقلت :إن ال هيو
الحليم الستار .ودخلت مبنى آخر من مباني السجن الحربي :ثم إلى حجرة مفتوحة يتصدرها رجل
يجلس إلى مكتيييب ،وعرفيييت فيميييا بعيييد أن هذا الرجيييل يدعيييى جلل الدييييب .
نظر إلى نظرة تائهة تشعرك بأنه يحس أنه أصغر من المهمة المعهودة إليه . .وقال مشيرا بطرف
إ صبعه :اجل سي .فجل ست على كرسي أمام المكتب ثم بدأ حدي ثه معي أ نت زي نب الغزالي ال جبيلي
إني مسلم أحب لك الخير وجئت ل ' نقذك .أنا أسعد فخر الدين وكيل النيابة . .أنا ل أستطيع أن
أت صور أن زي نب الغزالي هي الجال سة أما مي بهذه الحال ال تي و صلت إلي ها .أر جو أن ت ساعديني
فقلت :وال ما نقول إل ما يرضى ربنا ول نبغي إل وجهه تعالى .فقطب حاجبيه ونكس رأسه وهو
فقلت :أنا من مواليد 2يناير سنة 1917فقال :مندهشا أو متصنعا الدهشة يا ساتر! كنت معتقدا
أن سنك في الت سعين . .لماذا فعلت كل ،هذا؟! قلت ( :لن ي صيبنا إل ما ك تب ال ل نا هو مول نا
وعلى ال فليتوكيييييل المؤمنون ) .فقال :يبدو أنيييييك غيييييير قادرة على الكلم ؟!
فلزمت الصمت ! ! فسأل :على أي شئ اتفقت أنت والشيخ عبد الفتاح إسماعيل ؟ .قلت :اتفقنا
على أن نر بى الشباب على ال سلم ،ونفق هه في أ صول الكتاب وال سنة ح تى نن قذ هذا المجت مع من
هذا الضياع الذي يعيش فيه .قال* أنا ل أريد خطابة . .أنا أريد أن توضحي " .إن الهضيبي قال
لك أمرا تنقلينه إلى عبد الفتاح عبده إسماعيل ،وقال لك أمرا ثانيا تنقلينه إلى سيد قطب ما هو هذا
قلت :ا ستأذنت فضيلة المرشد ال ستاذ الهض يبى ليجت مع الشباب لدرا سة تف سير القرآن وال سنة مع
ال ستعانة بب عض ك تب الف قه كالمحلى ل بن حزم ،وك تب التوح يد ل بن ع بد الوهاب ،وا بن تيم يه،
ييماعيل .
ييد الفتاح عبده إسي
يين الشباب كان عبي
ييب ،ومي
يييد قطي
ييتاذ سي
ييب السي
وكتي
فقال -وقد رسم على شفتيه ابتسامة حاول أن تكون ساخرة : -ل يا ست زينب ،الموضوع ليس
كذلك . .الموضوع ظهير ووضيح فأنقذي نفسيك واذكري الحقيقية ،فقلت :كيل الذي كنيا نريده أن
نربي جيل صالحا ونبني أمة مسلمة .فقال في إصرار :كلهم اعترفوا وقد ألقوا المصيبة عليك كلها،
فقلت بهدوء :ال المطلع يحمينيي ويحميهيم -إن شاء ال -مين أن ننزلق إلى باطيل . .فقال فيي
عصيبية وبدأ يظهير نواياه :ل .يبدو أنيك مغرمية بإظهار عضلتيك الخطابيية ،ومغرورة . .حتيى
النيابيييييييية ل تسييييييييتطيع أن تصييييييييل معييييييييك إلى قرار!
فقلت ،وأنا ل أستطيع الكلم -فقد كنت في قمة التعب والجهاد ولكن شعور بالظلم دفعني إلى أن
أقول :-لو عرفت النيابة واجبها ما . .فقاطعني ثائرا" :أخرسي! حتى النيابة تتطاولين عليها ول
ت سلم من ل سانك " . .ثم نادى صفوت الذي كان واق فا بالباب . .ل فائدة من ها يا صفوت . .إنها
اعتدت على النيابة سأثبت في المحضر أنها اعتدت على النيابة .
جذب ني صفوت بوحش ية ون ظر إلى وك يل النيا بة وقال :إلى أ ين يا سعادة الب يه . .؟ فقال وك يل
النيابية بسيرعة – وكأنيه يرد على سيؤال مسيبق : -إلى الماء طبعيا . .وعدت إلى الماء وسيوط
السوط مع الرغيف ! !
بعد العصر ،في اليوم العاشر ،فتحت زنزانة الماء ،وأخرجني صفوت من الزنزانة أسلمني لثنين من
الزبان ية وقال له ما " :إلى سجن . . "3أدخلو ني هناك زنزا نة ،فارتم يت على الرض ج ثة هامدة
مثخنة بالجراح . .كان جسمي متورما كالكرة المنفوخة . .وأحس بأن قلبي يكاد ينخلع من مكانه .
.انبطحت على الرض ل أقوى على النين ! ! . .وأسلمت نفسي للذي بيده مقادير المور.
ل أدرى كيم مير مين الوقيت وأنيا على الرض ،حينميا سيمعت جلبية خارج الزنزانية .زحفيت على
الرض وب صعوبة بال غة أم سكت بالباب ونظرت من الفت حة .فرأ يت جما عة من الخوان ،يقفون
طابورا طويل ،ب يد كل وا حد " قروا نة " من ال صفيح يتقدم ب ها إلى جندي ،فيغرف هذا الخ ير من "
قزان " أمامه شيئا غريبا ويصبه في القروانة الصفيح . .وعندما يتناول الخ نصيبه من هذا الطعام
الغريب ،يتناول أيضا نصيبه من السياط ! ! كان عدد من الجنود الزبانية يقفون في صفين متقابلين
،وعندما يمر الخ بعد أن يتناول نصيبه من الطعام ،يضربه كل جندي عند مروره عليه بسوطه .
.وهكذا لبد أن يدفع الخ ضريبة إجبارية عددا من السياط بعدد الجنود! وينصرف الخ .
شعر أحد الزبانية بي وأنا أختلس النظر إلى طابور تسليم الطعام الرهيب ،فدخل زنزانتي كالوحش
الهائج وأخذ يضربني بحذائه ضربا مؤلما ،ثم ينهال بسوطه المجنون على ما يصادفه من جسمي،
فخارت قواي ،وغبت في نوم عميق على إسفلت الزنزانة! ! .
أيقظني الملعون صفوت ومعه أحد الجنود بيده قروانة بها قليل من الحساء أسود اللون ،تنبعث منه
رائحية كريهية ل تطاق . .قال صيفوت :اشربيي هذا وإل فسينضربك عشرة سيياط .فقلت :
سأشربها! ! فقال صفوت لمساعده :اتركها عشر دقائق ،ثم عد إليها .وانظر ماذا فعلت ؟ ،إن لم
تكين قيد شربيت اضربهيا عشرة سيياط ونادينيي . ، ! ! . .خرجيا وأغلقيا الباب ،ولميا بعيد وقيع
أقدامهميا ،واطمأننيت إلى أن أحدا ل ،يرانيي ،سيكبت الحسياء تحيت البطان ية التيي رموا بهيا على
إ سفلت الزنزا نة . .وعاد الجندي ب عد المدة المحددة فو جد القروا نة فار غة فأخذ ها وان صرف ! !
قضييت ليلتيي . .وييا لهيا مين ليلة . .كنيت على قمية اللم والمعاناة . .أنياب آلم البدن تنهيش
إلى المستشفى
وفى ضحى اليوم إلحادي عشر فتح صفوت الزنزانة وقال :تفضل يا دكتور ماجد .ودخل الطبيب
ماجد في زيه العسكري ومعه التمورجي الجندي عبد المعبود . .كانت قدماي تنزفان دما وصديدا ،
ييييييي .
ييييييمي وآلم حادة تفرى عظامي
ييييييي جسي
وأورام وانتفاخات منتشرة في
قال الطبيب ماجد للتمورجي :اعصر لها رجليها ونظف الجروح وانقلها إلى المستشفى " . .ونقلت
إلى المستشفى في حراسة اثنين من الزبانية! ! مكثت يوما في المستشفى (أو الشفخانة كما يطلقون
عليها) وسعدت ،ل لنني بعدت عن التعذيب ،فالتعذيب في جسمي ضارب أنيابه ،ولكنني سعدت
من تغيير المكان . .نعم ،كنت في زنزانة في المستشفى ،ولكن شعوري بأنني في مستشفى أدخل
على بعض الراحة . .وحمدت ال .تمنيت أن تمتد إقامتي في المستشفى فترة تلتئم فيها جراحي،
ويخف فيها زئير عظامي . .واستسلمت لهذا الحلم الجميل ولكن ،وآه من لكن ! جاءتني الزبانية
وأخرجتني من حلمي الجميل إلى واقعي المر الليم ! ! وأخذني الزبانية إلى مكتب شمس بدران ! !
. .كنت أمشى على قدمي بصعوبة بالغة . .بل لم اكن أستطيع أن أحمل جسمي . .ولكن السوط
في يد الزبانية خلفي تهددني إن أبطأت ،ويهوى على إن تلكأت أو وقفت ! ! ولم اكمل الطريق من
الم ستشفى إلى مك تب ش مس بدران ،ف سقطت على الرض في منت صف الطر يق ،فرفع ني الج ند،
وجروني على الرض جرا . .وأوصلوني على هذه الحال إلى مكتب شمس بدران ؟! !
مع شمس
وما كاد السفاح الجاهلي شمس يراني حتى نادى على صفوت الروبي ،وفي حركة ،كأنه أمام آلت
التصوير -فقد ازداد احتقان وجهه وارتسمت عليه غضبة عارمة ،وتحجرت عيناه في مقلتيه حتى
صار وج هه م ثل و جه البو مة – وا ستدار إلى صفوت ،وذرا عه ممدودة إلى آ خر مدا ها ،وإ صبعه
تش ير إلى :علق ها يا صفوت واجلد ها خم سمائة جلدة! ! . .وحش ية ما بعد ها وحش ية؟ وق سوة
غري بة ل يعرف ها إل ش مس بدران ! ! .وعلقو ني وجهزو ني للجلد ! ! . .وش مر صفوت الرو بي
عن ساعده ،ور فع سوطه وأ خذ في تنف يذ أ مر موله ش مس ! ! خم سمائة جلدة . .وأ نا أ ستغيث
ضار عة " :يا ال ،يا ال " وش مس بدران يقول " :أ ين هو ال ؟!" الذي تنادي نه ،فلينف عك إن كان
موجودا ! . .لو استغثت بعبد الناصر لغاثك في الحال ! . .ثم أخذ بلسانه يتطاول على جلل ال
سبحانه ،مما تأبى ألسنة المؤمنين أن تتفوه والتلفظ به ؟ ولو كان إعادة لما قاله الفاجر الكافر .
و تم الجلد .وأنزلو ني من التعلي قة وأوقفو ني والدم ينزف مين قدميي . .وأمرنيي بدران أن أؤدي
حركة "محلك سر" مدعيا أن هذا علج لقدمي! ! .وبعد فترة أسندت ظهري إلى الحائط ،ثم جلست
مين شدة العناء ،فجذبنيي صيفوت بغلظية ،ولم أسيتطع الوقوف فهوييت على الرض . .وهنيا جاء
حمزة البسيوني وحش السجن الحربي ،وقال :إنها تمثل يا باشا! ! . .وأغمى على ،وتنبهت على
ال طبيب الذي أعطا ني حق نة في ذرا عي وأ مر لي بكوب من ع صير الليمون وا سقوني إياه . .قال
ش مس بدران :ه يا ! لن ينف عك العناد . .نفذي ما نر يد وإل علقناك ثان يا .وثال ثا .وراب عا .ومائة
مرة . .ل يخطر على بالك أبدا أننا عاجزون عن انتزاع ما نريده منك . .إننا نعطيك الفرصة فقط.
وقال ح سن خل يل محاول أن يثني ني عن عزمي :يا بنت اعقلي ،واشترى نفسك . .لن ينفعك أ حد
من الخوان هنا . .كل منهم يريد نفسه فقط . .إنهم يفرون إلى النجاة! !
ثم أخرج ورقا وقلما واستأنف حديثه أو نصائحه :خذها يا صفوت إلى المستشفى ودعها تكتب كل
ما تعرفه عن تنظيم الخوان . .كيف عرفتهم ؟! وكيف اتفقوا على قتل جمال عبد الناصر . .وتذكر
كل أسماء الذين تعرفهم من الخوان ! ! وفى الطريق إلى المستشفى كان صفوت يأمرني بالمشي،
وأنا عاجزة كطفل يخطو خطواته الولى! ! وتستبد بصفوت وحشيته فكان يوقفني بين وقت وآخر
ويأمرني أن أؤدي محلك سر! ! محلك سر! ! إن هذا علج لقدميك يا بنت الي . . . .
ال وحده يعلم كيف قطعت الطريق إلى المستشفى . .لقد كانت رحلة عذاب ووصلت إلى المستشفى
ودخلت زنزانتي .أعطاني صفوت الورق والقلم وقال :طبعا عرفت المطلوب . .ول داعي للفلسفة
. .اك تبي كل ما تعلمو نه يا إخوان يا كذابون . .وك يف كن تم ستقتلون جمال ع بد النا صر. .
لم أستطع أن أمسك القلم ،فقد كانت يداي متورمتين ،ولم أستطع الكتابة فمضى اليوم الول ،ولم
أفعل شيئا . .لم اكتب حرفا واحدا . .وعاد صفوت ليأخذ ما كتبت .فوجد الورق أبيض لم يمر عليه
القلم .فقال :سيييأترك لك الورق لتنقذي نفسيييك ييييا بنيييت اليييي . .وانصيييرف.
وأخذت اكتيب بصيعوبة .وفيى اليوم الثالث جاء حمزة البسييوني ،وجميع الوراق وانصيرف ،
وقضيت يومي بين صحوة وغفوة .ل أستطيع أن أستقر على موضع . .إن وقفت نبحت قدماي .
وجاء صيفوت ،ومعيه جنديان ليأخذانيي إلى مكتيب شميس بدران وبنفيس الطريقية السيابقة قطعيت
الطريق سيرا على قدمي مع الوقوف على فترات في "محلك سرا بأمر صفوت الروبي! !
ودخلت مكتيب شميس بدران فنظير لي فيي وحشيية وقسيوة وهيو يمزق أوراقيا ويلقيهيا فيي سيلة
المهملت ثم قال :يا بنت الي . .ألم يكفك كل هذا العذاب ؟! ! ماذا كت بت ؟ كلم فارغ . .أجلدها
فقال حمزة البسيوني وحسن خليل :سنعيدها للكلب أحسن يا باشا ،فقال شمس بدران في عصبية
أ سرع صفوت وعاد وم ساعده ن جم بكلب ين كالوحش ين من مجمو عة الكلب المدر بة ال تي كا نت لي
مع ها سابقة في اليوم الول من أيام "با ستيل م صر" . .ال سجن الحر بي . .وقال ش مس بدران :
وهجم على الوحشان ،فأغمضت عيني .وأنا أقول :حسبي ال ونعم الوكيل ،اللهم اكفني السوء
بميا شئت وكييف شئت .وظيل الكلبان ينهشان جسيمي كله بأنيابهميا ويشعلن فييه نارا موقدة. .
وش مس بدران ل ي كف عن سبابه يا ب نت ال ي . .اك تبي أنكم اتفق تم على ق تل جمال ع بد النا صر. .
ويبدو أن شمس بدران قد شعر بأن ل جدوى من الكلب فصرخ في صفوت ،وجسمه كله يهتز من
وا ستدعوا ال طبيب ،فح ضر ثم فح صني وقال لش مس بدران :إذا سمح البا شا يؤ جل جلد ها اليوم
وقال شمس بدران لحمزة البسيوني " :خذها إلى 24أريد يا حمزة أن تحمل إلى جثتها .
وحملوني إلى رقم . . 24بناء لم أدخله من قبل ،ثم أوقفوني فاقشعر بدني وتسمرت في مكاني! !
. .رقم 24هذا زنزانة في وسطها نار موقدة ،وعند كل ركن من الركان الربعة يقف جندي بيده
سوط كلسان الفعى . .وتناولني الجندي بسوطه وهو يأمرني بأن أدخل في دائرة النار ،فإذا اقتربت
منعني الجندي القريب منها ،فيتلقاني الثالث . .وهكذا النار المشتعلة قريبة منى ،يلفحني لهيبها..
ظللت ما يقرب من ساعتين وأنا بين لهيبين ،لهيب النار المشتعلة التي أخشى الوقوع فيها ،ولهيب
سياط الزبان ية وكل الله يبين مر .ويد خل حمزة الب سيوني ،ونظرة بلهاء بل مع نى في عين يه ويقول
وأنا في وسط هذا السعير :اكتبي أنكم ستقتلون جمال عبد الناصر وإل قذفناك في النار ! ! .
ونظرت إلييه نظرة ،وصيرخت فيي وجهيه صيرخة بدون صيوت ،وبكييت بدون دموع . .لقيد كان
فيي صيباح يوم ،أخرجونيي مين زنزانية المسيتشفى ،فرأييت مصيورين وآلت التصيوير معدة،
وأجل سوني على مق عد ،وأمرو ني أن أ ضع ساقا على ساق ،وأ ضع سيجارة في ف مي ،لي صوروني
على هذه الحالة فقلت :م ستحيل أم سك سيجارة ل في يدي ،ول في ف مي! ! فوضعوا الم سدس في
ظهري وفى أم رأسي لمسك السيجارة فرفضت ونطقت بالشهادتين وقلت :افعلوا ما تشاءون -لن
أفعل ! ! ضربت بالسياط . .أعادوا المسدس إلى رأسي ،وأعادوا المر بمسك السيجارة ووضعها
في فمي ،فرفضت وأصررت على الرفض ! ! . .فلما يئسوا صوروني . .
في اليوم التالي ،طلبوا م نى أن أذ هب' لتحدث في التليفزيون على أن يملوا على كل ما من عند هم
وبهتان هم على "الخوان المسلمين" .فقلت :لن أقول إل التي إذا ذه بت إلى التليفزيون " .إن جمال
عبد الناصر كافر يحارب السلم في شخص جماعة الخوان المسلمين . .ولذلك نحن نحاربه ،لنه
قال إن الح كم بالقرآن رجع ية وتأ خر وتع صب مق يت ،ول نه ي ستورد مواد أحكا مه وتشريعا ته من
الدب الح مر الشيو عي ومذه به اللحادي الذي يقول ل إله والحياة مادة . .لهذا ن حن نحار به " . .
فقال :ستتكلمين والمسدس في ظهرك ونافوخك . .لبد أن تقولي ما نريده نحن ..قلت :بالمس
لم أرض أن أضع سيجارة في يدي أو في فمي ،وأنتم تهددونني بمسدسكم وتضعونه في رأسي وفى
ظهري ،ومصورو صحافتكم وإعلمكم يشهدون ،فهل تظنون اليوم أن أقول غير الحقيقة؟ ! ل . .
واظن إننا لحملة رسالة … .وأمناء أمة وورثة كتاب فجلدت وأعدت إلى الزنزانة .
وأعادوني إلى مكتب شمس بدران . .وما كاد يراني حتى قال في دهشة مصطنعة :إيه أما زالت
على قييد الحياة ييا بنيت اليي . .؟! أنيا قلت ييا حمزة هات لي جثتهيا . .فقال حمزة البسييوني فيي
رجاء :معذرة يا با شا . .قل ل ها تعليما تك و هي م ستعدة لتنفيذ ها .فقال ش مس بدران :اك تبي يا
فقلت :لن اكتب إل الحقيقة . .إذا أردتم فاقتلوني . .إنها شهادة تكتب عند ال إن شاء سبحانه .
فقلت :إن الشهادة من عند ال ؟ إذا أرادها لحد من خلقه أعطاها له .
فقال شمس بدران وقد أثاره إصراري :علقها يا صفوت . .واجلدها خمسمائة جلدة! ! لتعرف من
ربها .
وعلقوني ،وجلدني الزبانية . .سخاء في الوحشية وكرم في القسوة! ! خمسمائة جلدة على إنسان
في قمة اللم ،وقمة المعاناة . .ماذا بعد؟! وأعادوني إلى الزنزانة .
ولم يمض وقت حتى أخذوني ثانية إلى مكتب شمس بدران الذي قال :
أجلسيي هنيا؟! ! وأشار إلى كرسيي أمام مكتبيه . .ثيم قال :هيل أنيت فاهمية أن قلوبنيا جامدة ل
ت حس ؟! أ نا متأ ثر جدا لحالتك . .أنا والدي شيخ في الزهر! ! نظرت إل يه نظرة ذات مغزى كبير
وعاد إلى طبعه الوحشي قائل في عصبية مهددا :يا بنت الي . .إ! .اسحبها يا حمزة إلى . .32
الحجرة 32
ودخلت زنزانة وجدت بها عمودين من الخشب متصلين من أعلى بعمود أفقي تتدلى منه حلقتان . .
أوقفوني على كرسي .وأمروني بالسوط أن أمسك الحلقتين ،عندئذ أزاحوا الكرسي من تحت قدمي
ف صرت معل قة في الهواء ! ! . .لم أ ستطع أن أ ستمر في الحلقت ين أك ثر من ع شر دقائق فهو يت
على الرض وتلقف ني الزبان ية ب سياطهم المجنو نة .وأعادو ني مرة أخرى إلى الحلقت ين .ف سقطت ،
فعملت في ال سياط المجنو نة ما شاء ل ها هوى الزبان ية . .وظلت هذه العمل ية تتكرر ما يقرب من
ثلث ساعات ! !
أعادونيي إلى مكتيب شميس بدران ،فأشار بطرف إصيبعه ،فيي حركية تمثيليية ،إلى كرسيي أمام
مكت به ،فجل ست ثم أ خذ جلل الد يب وح سن خل يل يحاولن إقنا عي بأن أك تب ما يريده البا شا . .
ويكرران بأن ذلك في مصلحتي! ! فقلت لهما :لن أكتب شيئا ل أعرفه . .فقال لي :إننا عرفنا كل
ملف ع بد الفتاح إ سماعيل وملف مجدي ع بد العز يز ،وأح مد ع بد المج يد وملف سيد ق طب ،وملف
محميد هواش ،وصيبري عرفيه ،وعبيد المجييد الشاذلي ،وفاروق المنشاوي ،ومرسيي مصيطفى
مر سي ،على حد زعم هم ،ثم قال ش مس بدران :اقرأ ل ها أقوال هم ،وقرأ جلل الد يب أقوال على
فقال شمس بدران :تريدين أن تنكري أنك أسست تنظيم الخوان ؟ إليك كلم شيخكم يقطع بأنك أنت
التي أسست التنظيم . .اقرأ لها أقوال الهضيبي يا جلل .وبعد عدة دقائق قال له :انتظر . .اترك
هذا الملف واقرأ لها أقوال عبد الفتاح إسماعيل ،وأخذ جلل يقرأ . .وبعد قليل سألني شمس بدران
فأ خذ جلل يقرأ ثم ينت قل من ملف إلى ملف ول ما فرغ قال ش مس بدران :ما رأ يك في ما سمعت ؟!
هل تكتبين ما نريد؟ فقلت :هذا باطل ؟؟ فقال في تهكم :وما هو الحق يا نابغة الزمان ؟ قلت :كل
ما سجل هنا لعلى عشماوي ،أعتقد أنه هو الباطل . .أما بقية إخواني فهم أهل الدعوة وأهل الحق
. .والمسطر هذا مزور عليهم . .قال شمس :علقها يا صفوت وأنت يا حمزة هات على عشماوي
وح ضر الكلب .وجاء على عشماوي . .كان على عشماوي يل بس "بيجا مة من الحر ير المهفهف
نظيفية ،أنيقية شعره ممشيط ل يبدو علييه أي أثير للتعذييب ،فلميا رأيتيه واسيتعرضت فيي حالة
الخريين ،وحالتيي علميت بيل تيقنيت أن هذا المخلوق خان أمانية ال ،وشهيد على إخوانيه زورا
فهوى في مهاوي الفساق الفجار ،الظالمين ،وأصبح من رجال شمس بدران وذنبا من أذناب جمال
قال له شمس بدران :يا على ،ماذا أخذت من زينب الغزالي في آخر يوم توجهت فيه إليها ،وماذا
قالت لك ؟
قال على عشماوي :أعطتني ألف جنيه ،وقالت لي . .النقود ستكون عند غادة عمار لتسليمها إلى
بيت الهضيبي أو بيت قطب ،إذا قبضوا على اتصل بغادة أو بحميدة ستعرف أين النقود إذا احتجتم
إليها" .
فقال شمس بدران :كم كانت النقود يا زينب الغزالي؟ ولماذا كنت خائفة عليها؟
فقلت :كا نت النقود أرب عة آلف جن يه ،و هى قي مة اشتراكات مجمو عة من الخوان في ال سودان
والسعودية ،لمساعدة أسر المسجونين ،ومصاريف الطلبة في المدارس والجامعات ،وإيجار بيوت
،صرفنا منها في العيد الماضي ألف جنيه على العائلت . .
وهذا الواقف أمامكم هو الذي أخذ اللف جنيه ليعطيها لعبد الفتاح إسماعيل لحساب الهضيبي .
وقال شميس بدران :أنيت ييا على ،ماذا أكلت عنيد زينيب الغزالي آخير مرة؟ فقال على عشماوي :
أعطت ني ط بق أرز بالكبدة وقالت لي :كل ،رب نا يعي نك ..ثم قال :كفا ية! ! اخرج يا على ،فخرج
وب عد لحظات عاد حمزة الب سيوني بع بد الفتاح إ سماعيل (.أعدم في العام 1966مع الشه يد ال سيد
ق طب) .كان يك سوه وقار ال صادقين ،ونور الموحد ين ،يل بس حلة سجن زرقاء ،ممز قة ،وآثار
التعذييب تنطيق بمدى ميا لقاه هذا المجاهيد الصيادق المؤمين الموحيد . .وقال يوجيه القول إلى :
"السلم عليكم " .قلت " :وعليكم السلم ورحمة ال وبركاته " .
وقال شمس بدران :ماذا كنت تعمل عند زينب الغزالي يا عبد الفتاح ؟ لماذا كنت تذهب إليها؟
ويرد ع بد الفتاح بل سان صدق و حق غر يب على الجاهل ين :أخ تي في ال . .ك نا نتعاون على أن
نبني الشباب المسلم على مبادئ القرآن والسنة ،وبطبيعة الحال كان ذلك سيفضي إلى تغيير الدولة،
ويقول شمس بدران في غلظة :أتخطب ؟ أنت لست على المنبر يا ابن الي . . . .اخرج . .اخرج
. .ويخرج ع بد الفتاح إ سماعيل ك ما جاء . .ب عد أن و جه القول إلى "ال سلم علي كم ورح مة ال
وأخذت شمس بدران ثورة عارمة فجرت القذارة على لسانه فانساب بأبشع اللفاظ وأقذرها ! !
واسترحت . .نعم استرحت لشموخ الرجولة في عبد الفتاح إسماعيل ،مأخوذة بذروة اليمان فيه ،
وقلت في سرى "الحمد ل ! أن ل رجال . .اللهم احفظهم لدعوتك يا ال .إن خان على العشماوي
وتنبهت على صوت شمس بدران وهو يصرخ :خذوها بنت اليييي . .وبكره تيجي ومعها الورق
مكتوب .وأعطى حسن خليل لصفوت ورقا وقلما وأعادوني إلى المستشفى وأمسكت بالورق والقلم
.ماذا اكتب ؟ ماذا يريدون منا؟ أيريدون أن نغضب ربنا ونخالف ديننا! إ؟ ل وال لن نكتب إل أننا
في سبيل ال قمنا وتحت راية القران سرنا . .ل إله إل ال . .محمد رسول ال .لن نشرك بربنا
أحدا ول نعبد إل إياه .ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وتوفنا مسلمين .وأنتم يا فراعنة العصر
اقضوا ،إنما تقضون هذه الحياة الدنيا .وغدا سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
وفيى اليوم التالي جاء حمزة البسييوني ورياض وصيفوت وأخذوا الوراق وانصيرفوا ،وعادوا بعيد
ساعة تقري با ،وحملو ني في عر بة -لعجزي عن الحر كة -إلى مك تب ش مس بدران ،الذي رأي ته
يمزق أوراقيا يلقيهيا فيي سيلة المهملت وهيو يقول :هذه أوراقيك أنيا سيآخذ كوز دم مين جسيدك
وتكتبين ما أريده بالدم . .وأعادوني إلى المستشفى ! ! . .تحت اللعنات وضرب السياط .
مك ثت بالم ستشفى عدة أيام تحت العلج .فقد ك نت قاب قوسين أو أد نى من ا لموت ! ! وذات يوم
قبيل الغروب أخذوني إلى مكتب شمس بدران . .لكنهم لم يدخلوني " بل أمروني أن أقف ووجهي
إلى جهاز كهربائي ،يخرج صوتا مزعجا ،وينبعث منه هواء ساخن . .ظللت واقفة -ووجهي إلى
هذا الجهاز اللعين -ليلة كاملة! ! وفى الصباح أعادوني إلى المستشفى .دخل الدكتور ماجد ونظر
إلى وجهي وقال لعبد المعبود التمورجي :وجهها شديد الصفرار . .هل أخذوها مرة أخرى الليلة؟
الدكتور أ مر لك بهذا ..وع ند الغروب أخر جت من الم ستشفى لو ضع في حجرة قري بة من مك تب
ش مس بدران ،ثم ح ضر الزبان ية حمزة و صفوت ورياض و صاروا يتداولون في ما بين هم هام سين .
وانصيرف الولن وبقيى الخيير الذي انقلب إلى مسيخ مشوه يل طم وج هه وي شد شعره ،ثيم يفت عل
حركات كما لو كان يريد تمزيق ملبسه ويصرخ عاويا متهما إياي بالجنون والغفلة ،مهددا بأني إذا
لم أطع شمس باشا اليوم فإن حياتي سوف تنتهي .ثم يتساءل إن كنت أعلم أين ذهب عواد ورفعت
وإ سماعيل الفيو مي ( أ ستشهد في با حة ال سجن الحر بي في العام 1965ب عد أن حطموا رأ سه في
نافورة السجن) ؟ ويضيف أنهم يدفنون كل يوم في السجن عشرة كلب من الخوان ،يدفنونهم في
جح يم ع بد النا صر .فل ما عل قت على هلو سته تلك بأن قتل نا شهداء في الج نة ،زاد من ل طم وج هه
وصاح مادام الكلب والماء والنار والسياط وكل هذا العذاب لم ينفع معك . .فاليوم الباشا سيذبحك
. . .أخذ المر من جمال عبد الناصر . . .ماذا ستفعلين . .؟! قلت :الذي يفعل هو ال .فقال في
بله :أ نت تريديننا أن نفعل مثلكم ونخيب خيبتكم ؟ أنت تريديننا أن نترك روسيا التي تحكم نصف
العالم ونن صاع لكلم ش خص م ثل الهض يبي أو سيد ق طب أو ح سن الب نا؟ أن تم مجان ين . .إن نا ل سنا
مثلكم . .ردى على .فقلت " إن هم كانوا إذا قيل لهم ل إله إل ال ي ستكبرون .ويقولون أئ نا لتاركون
آلهت نا لشا عر مجنون " وكا نت هذه الل هة هي ال صنام .والحكام سدنة ال صنام .و هم الذ ين رموا
محمدا الرسـول " صلى ال عليـه و سلم " سـيد ولد آدم .رموه بالجنون .وهكذا يعييد التارييخ نفسيه
فتقولون لمين يدعونكيم إلى ال أنهيم مجانيين ،ويسييركم الطاغوت الذي اسيتخدمكم فيي الباطيل ،
وتسيرون خلفه أذلء بثمن بخس :أرضيتم المخلوق وأغضبتم الخالق .فجن جنونه وثارت ثائرته
وهو يقول :أتريدون أن تعيدو نا إلى الجمود والتأ خر؟ .وف تح الباب واند فع ج ند كالوحوش يلهبون
جسدي بالسياط .وهو يضحك في بله ويقول :وال يا زينب أنا خايف عليك ومشفق عليك . . .
قلت في سخرية :شفقة وخوف ؟! ما هذا!! أنت تخاف ؟! القضية كما تقولون وضحت كل عناصرها
. .فماذا يهمكم اعترافي أو إقراري؟! نعم وضح كل شئ . .وضح زوركم ،وكذبكم ،وإلصاق
الجرائم بالبرياء .أخذ المجنون رياض يضرب صدره ،ويشد شعره ويصرخ :بأي قوة تعيشين ؟!!
كدنيا نفقيد عقولنيا فييك . . .الطباء يقولون :إذا لم يدخيل لك طعام سيتهلكين . .ودخيل حمزة
البسيوني وصفوت ،وقال حمزة :خيرا يا رياض ..ماذا فعلت معها؟ أظن عقلت ؟ !
ملت نظرة ب كل ال سخرية و صوبتها إلى حمزة الب سيوني وقلت :ل أدرى من المجنون ؟ فن ظر إلى
حمزة ولم يعقب ،ثم استدار إلى صفوت وقال :هاتها يا صفوت إلى مكتب الباشا؟! !
أجلسني شمس على كرسي وقال :أعتقد أنه ل داعي للستمرار في العناد ،أريدك أن تكتبي ما نريد
.فقلت :أتر يد أن اك تب أن نا ك نا سنقتل ع بد النا صر؟ هذا أ مر م ستحيل ،وال ما ك نا لنجتمع إل
لدرا سة القرآن والحد يث ل نبين للناس ك يف يخرجون من طا عة الطواغ يت البشر ية إلى طا عة ال
فيعبدونه وحده ويقيمون دينه ،ل يأتمرون إل بما في الكتاب والسنة ،ل يعصون ال فيما أمرهم ،
ولكن يتحرونه دوما ،ويجتهدون أل يعصوه ،وإن عصوه تابوا ،واستغفروا . .ومع ذلك نحن نعتقد
أن الحكم القائم حكم جاهلي يجب أن يزول ،ل بالحديد والنار بل بوجود قاعدة إسلمية عريضة في
المة ،فكيف تقولون إننا كنا سنقتل عبد الناصر؟! . .لبد أن نخرجكم أول من الجاهلية ..فعندما
توجد هذه القاعدة ستقوم الدولة السلمية حتما ،انهالت السياط من مردة النس فصرخت بأعلى ما
استطعت :لن أكتب لن اكتب .فاقتلوني .فالدنيا ل تساوى عندي شيئا . .
والتفيت إلي شميس بدران يسيأل :الورق الذي مزقتيه لم تذكري فييه شيئا عين عبيد العزييز على .
فسألت :ومن عبد العزيز على؟ فقال شمس بدران :عبد العزيز على باشا الذي عينه عبد الناصر
وزيرا ولم يحفظ هذا المعروف وعض اليد التي أكرمته ،وتنكر لعبد الناصر .فقلت على الفور وقد
ط فا ال سم إلى ذاكر تي :ع بد العز يز على ،صاحب حر كة ال يد ال سوداء ضد النجل يز؟ ع بد العز يز
على .لقد كان عبد الناصر وزملؤه يجلسون على الرض أمامه يستمعون منه دروسا في الوطنية .
.إنني أعرف أنه رجل عظيم ،وهو صديق زوجي ،وأخ في ال ،وزوجته من أعضاء المركز العام
لجماعية ال سيدات المسيلمات وصيديقتي وأختيي فيي ال .فسيأل فيي تهكيم :ألم تضمييه إلى تنظييم
الخوان ؟! ! أجبت :كان يشرفنا ذلك ،إنه كما قالت الخنساء" :علم في رأسه نار".
ف صرخ ش مس بدران في عجر فة تخ جل من ها الجاهل ية :إ يه كمان عندك من الكلم الفارغ ؟! . .
ييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييياط .
ونزلت السي
بعد ها فترة را حة وتشاور ها مس في ما بين هم ،ثم قال ح سن خل يل :نر يد أن نعرف ،لماذا عر فت
عبد العزيز بعبد الفتاح عبده إسماعيل ،وأين تم هذا التعارف ؟ أجبت :عندما كسرت رجلي بفعل
رجال مخابرات كم ،كان يزور ني في الم ستشفى هو وزوج ته .وا ستمرت زيارا ته في الب يت عند ما
تركت المستشفى .وتصادف يوما أن جاء عبد الفتاح عبده إسماعيل لزيارتي وكان عبد العزيز على
إسماعيل كان مجرد لقاء عابر ،فكيف تعرف عبد العزيز على في بيتك وبواسطتك بفريد عبد الخالق
؟
فقلت :عندما جاءت الممرضة لجراء العلج الطبيعي لساقي المكسورة ،خرج عبد العزيز على
وجلس في الصالون .وفى هذه الثناء حضر فريد عبد الخالق فجلس في الصالون .وكان ليعرف
عبد العزيز على بعد .وعندما انتهت جلسة العلج ،وانصرفت الحكيمة ،دخل فريد عبد الخالق
ليراني ،ودخل عبد العزيز على ليستأذن في النصراف ،فقدمت كل منهما للخر ،فصرخ شمس
بدران وكان في قمة الضيق :نادوا صفوت ! ! ولم أفق إل في المستشفى ،وقدماي في الضمادات
الوهم الكبير !
مكثت بضعة أيام في المستشفى تحت العلج ،ثم حملت إلى مكتب شمس بدران ! ! ويصر شمس
بدران على وه مه ال كبير ،ويلف ويدور حوله ،ح تى يخ يل إلى أ نه من كثرة ترديده هذا الو هم قد
( الخوان الم سلمون دبروا واتفقوا على اغتيال جمال ع بد النا صر! ! ) وين ظر إلى شمس بدران
وده شة كبيرة تمل عين يه ،وتمل ق سمات وج هه ،ويقول م ستنكرا :أ أ نت على ق يد الحياة؟! .ثم
يقول متعجبيا" :بعيد كيل ميا جرى علييك ولك ؟إإ" .فأرد :قال ال تعالى ( قتيل أصيحاب الخدود )
البروج ، ! 4 :والذ ين قتلوا أصحاب الخدود كانوا مجان ين بالبا طل والزور والبهتان .أ ما الذ ين
قتلوا فيي الخدود -وبأيدي أصيحابه -فكانوا أ صحاب رسيالة ،وحملة أما نة . .م صرين على أن
فقال شمس بدران :إننا ل نفهم هذا الكلم ول يستهوينا هذا السلوب يا مجنونة! أما زلت تعتقدين
في وجود إله ؟ ! أنتم مهزومون من سنة 1948إلى الن – انهزمتم لما قاومتم فاروق ،وانهزمتم
عندما قاومتم الثورة في سنة 1954وانهزمتم عندما قاومتم الثورة في سنة .1965فأين ربكم الذي
تزعمون؟ ! ! فقلت :إن نا انت صرنا في سنة 1948وانت صرنا في سنة 1954وانت صرنا في سنة
.1965
فقال :إننا نعلقك كالدجاجة . .نرميك في النار . .نقذف بك إلى الكلب ،لماذا لم يمنعنا ربكم عنكم ،
إن كان موجودا يا مهزوم ين يا أولد ال يي . .؟! وقلت :أ ما كون كم منت صرين علي نا بهذا الجلد،
وبتلك اللوان من العذاب فهذا أمر توهمونه ،أنتم تخافون منا! ! .
فقال غاضبا :أسكتي! أنتم مجرمون .فقلت :كل . .لسنا مجرمين ،نحن حملة رسالة ،وأمناء أمة،
ودعاة حق ،وعلمات على طريق النور .فقال :أريد أن تشرحي لي كيف أنكم منتصرين علينا! .
فقلت :نحين منتصيرون عليكيم ،طالميا نحين أغنياء بال ،أقوياء بيه سيبحانه ،متوكلون علييه ،
مكافحون ،مقاتلون مجاهدون في سبيله . .ول كن أمرا واحدا يث بت أن نا منهزمون ،لو تخلي نا عن
اعتقاد نا بوجوب الجهاد لر فع را ية التوح يد وإعلء كل مة ال سلم ..إن ال سلم في حقيق ته :د ين
ودولة ،سياسة داخل ية ،سياسة خارج ية ،نظام أ مة ،نظام مجت مع ،سلم يمل الدن يا عدل ،وحرب
تخلص العباد من عبادة الفرد إلى عبادة ال الوا حد القهار و ل طاعة لمخلوق في مع صية الخالق .
.إن العبد الذي أسلم وجهه ل تعالى بصدق ويقين أصبح متصل بال سبحانه رب كل شئ ،فكيف
يخاف خلقه من اتصلت روحه بعالم السماء وتعلق قلبه بالفردوس فهانت عليه الدنيا؟! أما أنتم أيها
الضالون المكذبون ماذا تسيتطيعون ؟ تمزقون أجسيادنا ،تقتلوننيا ،ترهبوننيا ،تمنعون عنيا الماء
والطعام . .ال سياط في أيدي كم ،و سائل التعذ يب ر هن إشارت كم ،كل ذلك في ضمائر نا شئ ه ين ،
تفرقون منيا خوفيا . .لماذا؟ لننيا حزب ال وأنتيم حزب الشيطان ( إن الذيين يحادون ال ورسيوله
أثارت لغية اليمان وأثار منطيق التوحييد ،جاهليية شميس بدران وحيوانيتيه ،فصيرخ كالملدوغ :
صفوت . .صفوت ! ! علقها واجلدها خمسمائة جلدة! ! وجلدت . .وأنزلت ،وسئلت نفس السئلة
،وأصيررت على ميا أجبيت بيه . .فيعود شميس بدران إلى صيراخه :علقهيا ييا صيفوت واجلدهيا
مائت ين وخم سين جلدة! ! وعل قت ،وجلدت . .وأف قت من غيبوب تي لجد ني في الم ستشفى محا طة
بعدد من الطباء يقومون بإسعافي وتضميد جروحي! ! مكثت في المستشفى عدة أيام تحت العلج "
قال مهددا :اعتدلي في إجابتك . .فلم يعد بك قوة للجلد . .وصفوت كما تعلمين على أتم استعداد. .
قالي :مح مد ق طب ،وشباب الخوان كانوا يجتمعون في بي تك .لماذا؟ قلت :اعتاد ال ستاذ مح مد
قطب وشقيقتاه -أمينة وحميدة -زيارتي . .فقاطعني شمس بدران -وقد كست ألفاظه ما تعودته
أنا أقول ،محمد قطب ،وشباب الخوان ،أولد الي . .كانوا يجتمعون عندك ،لماذا؟
أجبت على بذاءته :الشباب الفاضل ،المسلم العامل ،اعتاد بعضه أن يزورني ،وقد يلتقون بالستاذ
ييييييييييييييدفة .
ييييييييييييييب صي
ييييييييييييييد قطي
محمي
فيصرخ :يا بنت الي . .أنا أقول ،كان الشباب يطلبون منك أن تهيئي لهم الجتماع بمحمد قطب ،
فكان يحضر عندك للغداء هو وهؤلء الشباب .وبعد الغداء يتم اللقاء وينعقد الجتماع . .لماذا؟
فأرد بكل ثبات وطمأنينة :لما أصدر الستاذ محمد قطب كتابيه "جاهلية القرن العشرين ا و"التطور
والثبات " طلب ب عض أبنائي ،وإخوا ني من شباب الدعوة أن يجتمعوا بال ستاذ مح مد ق طب لي سألوه
عن بعض الشياء في الكتابين استعصت على فهمهم ،واستجاب الستاذ لدعوتهم عدة مرات .ثم
يسييييأل :ولماذا كان يحضيييير عبييييد الفتاح عبده إسييييماعيل هذه الجتماعات ؟
فارد :لنه من خيرة شباب الخوان المسلمين ،ومن صفوة رجالها .
فيجيب في سخرية جاهلة :وال عال ،من الصفوة يا بنت الي . .ثم يزيد :في أي اجتماع من هذه
الجتماعات ات فق هو ومح مد ق طب على ق تل ع بد النا صر؟ قلت :ق صة ق تل ع بد النا صر هذه أن تم
اخترعتموها.
ال . .فقام م سرعا يركل ني و هو يقول :نهاي تك على أيدي اليوم . .يا ب نت ال ي ! . .ثم سال ب عد
فترة :إ يه التنظ يم الذي أقمت يه مع مح مد ق طب ؟ اتفق تم على ق تل جمال ع بد النا صر . .ع بد الفتاح
فقلت :الفيومي قتلتوه خلص .فضحك ضحكا عاليا وقال :ما أنت عارفة كويس ! يا صفوت . .
يا صفوت ودي ها للفيو مي ( كان من حراس الطاغ ية ع بد النا صر الشخ صيين وكان من الخوان
واتهموه ظلما وجورا بمحاولة اغتيال الطاغية . .ورغم أنه كان في متناول يمينه إل أنه يفعل . .
المجنون ! ! . .
فأ سقط في إغماءه وأن قل إلى الم ستشفى لمعاودة إعدادي وتجهيزي ل سماع مهاترات ش مس بدران
وعصابته ،ولمزيد من التعذيب والتنكيل لي وإهدار النسانية على مذبح شهوة السلطان ! .
مرة أخرى نقلونيي إلى مكتيب شميس بدران ! ! . .لقيد عاد إلى الوعيي بعيد أن فقدتيه تحيت سيياط
الزبان ية . .فل بأس من العودة إلى مك تب التعذ يب . .مك تب ش مس بدران ! ! . .ن عم .حملو ني
على نقالة إلى مكتيب شميس بدران ! ! كان شميس بيين عصيبة مين أعوانيه ،وبادرنيي عندميا
أجلسوني على كرسي أمام مكتبه :يا بنت الي . .لم يعد بك أدنى احتمال لدنى قدر من التعذيب ،
فارحمي نفسك ،وإل قسما برأس عبد الناصر أدفنك مع الفيومي وغيره .
وأضاف واحيد مين إلذناب :اسيمعي ييا زينيب ،ردى على سيعادة الباشيا ،وفكري فيي مصيلحتك ،
لننت هي م عك إلى حل . .وا سترسل ش مس بدران :تذكري جيدا ،جاء إل يك ش خص من طرف فؤاد
سيراج الديين ،وطلب منيك أن تتفقيي ميع الخوان المسيلمين ليتعاونوا ميع الوفيد لزالة حكيم عبيد
الناصر ،وقال لك هذا الشخص بأن هناك رجال في مكتب المشير عامر سيتعاونون معكم ومع الوفد
.فقلت -وأ نا أض غط على الكلمات من فرط دهش تي على قدرة هؤلء الشياط ين على التلف يق
والتزو ير : -هذا م حض كذب ،إن فؤاد سراج الد ين لم ير سل إلى أحدا في م ثل هذا ال مر ول في
غيره .ولم أل تق بفؤاد با شا من حوالي إث تي عشرة سنة . .ول كي أكون دقي قة في شهاد تي ،فإن
زو جي الحاج مح مد سالم سالم كان في مزاد ،والت قى-م صادفة -بمعالي فؤاد با شا سراج الد ين ،
ف سأل زو جي عن صحتي وأحوالي ،وكل فه أن يبلغ ني سلمه وتمنيا ته .وهوت ال سياط الملعو نة،
كأن ها أل سنة الفا عي جائ عة ت صب زعاف ها أين ما ح طت ،أو كأل سنة الل هب نشوى ما ي صادفها . .
ويتساءل الزبانية وسياطهم تتصارع على قدمي وجسدي :فؤاد سراج الدين أرسل إليك أم ل؟
فيأمير شميس بدران بزيادة وطأة التعذييب ،فيغميى على ،ويوقيف الجلد وأنقيل على نقالة إلى
المستشفى! ! . .ثم تبدأ الدائرة من جديد ،وأعود إلى مكتب شمس بدران مرة ثالثة ! ! . .ويقول
شمس بدران ،وقد أخذته العزة بالثم :افهمي أنه ل يقف أمامنا أي شئ . .إننا ندفن منكم كل يوم
عشرين كلبا ،وصحراء السجن الحربي بطنها مستعدة لمئات اللوف . .وقسما برأس عبد الناصر
إن لم تسلكي ك ما نر يد ،لدف نك م ثل الكلب ال تي أدفنها كل يوم .ولم أن ظر إل يه ،ولم ي بد على أي
أ ثر أو تأث ير من سفاهته وجاهلي ته ،فا ستشاط غض با وقال :ردي على وإل قتل تك وجعلت نهاي تك
تحيت السيياط .فقلت :ل إله إل ال الفعال ،وحسيبنا ال ونعيم الوكييل ،ربنيا أفرغ علينيا صيبرا
ويحضر صفوت كلبين من الكلب المدربة ،ويطلقهما على ،فيهجمان على كما يهجم الوحش الجائع
وأستعيذ من أذى الوحشين بقولي :اللهم إني أعوذ برضاك من غضبك ،اللهم فادفع السوء عنى
فقال حمزة البسيوني .يا باشا وجهها أصفر وأشرفت على الموت .وقال شمس بدران في غطرسة
:أخرج الكلب يا صفوت ،وخذوها . .ارموها تموت في المستشفى .وعدت إلى المستشفى على
نقالة! !
وفى منتصف الليل . .في جنح الظلم ،ومرة رابعة إلى مكتب شمس بدران ! ! إنها الحقيقة . .
الحقي قة المرة المؤل مة ال تي تجرع كأ سها فر يق من المواطن ين إشبا عا لشهوة النتقام ،وخ صيصا
لهدم الديين السيلمي بإبادة دعاتيه ،وحتيى تنطوي ،فيي زعمهيم ،مظلة ل إله إل ال . .محميد
وما كادوا ينزلونني من النقالة إلى مقعد في مكتب شمس بدران ،حتى أغمى على فاحضروا عصير
وقال شمس بدران :يا بنت اتعدلي ،يا زينب أنت صعبانة علينا ،إننا لسنا وحوشا كما تقولين . .
والرئ يس جمال ع بد النا صر قل به كبير و سيغفر لك إذا قلت الحقي قة . .اعملي لم صلحتك ف قط . .
قولي الحقي قة يا زي نب . .فقلت :الحقي قة ..قولوا لع بد النا صر إن كم المغت صبون المعتدون علي
سلطان ال . .توبوا إل يه وارجعوا . .اخرجوا من باطل كم إلى ال حق ،من ظلم كم إلى العدل ،و من
ظلم كم إلى النور . .إن الذ ين يؤيدون كم في باطل كم وت ستعملونهم مخالب با طل وعدوان وجري مة ،
قلوبهم مريضة ،وأنتم مرضى .وتساءلوا في دهشة مشوبة بثورة أو في ثورة مشوبة بدهشة :
هيي دي الرسيالة اللي عايزانيا ننقلهيا لعبيد الناصير؟! ! فقلت بإصيرار وبغييظ :إننيي لم أقلهيا إل
لتنقلوها إليه ! !
وكان الجواب على "تطاولي" هذا إلهاب جسيدي بالسيوط منهيم فيي ا ستنكار وارتعاد :دي ب كل تأكييد
مجنونة . .مجنونة . .مجنونة . .في حاجة إلى علج بالجلسات الكهربائية! . .
وما إن ينتهي المرتعدون الذين في قلوبهم هواء من استنكارهم (لتطاولي) على سيدهم ،حتى يعلو
صوت المسخ المسمى شمس بدران :الكلب اللي مجوعينها من إمبارح . .فين يا حمزة؟! ويردف
حسن خليل بصوت تمثيلى :يا زينب حرام عليك ،إنت قريبة من الموت . .أتقذى نفسك ،محدش
من الخوان راح ينفعك ،كلهم عملوا لمصلحتهم وأنقذوا أنفسهم . .أرجو أن يسمح الباشا بإحضار
على عشماوي ليذكرها بالشخص الذي جاء إليها من طرف فؤاد سراج الدين .
وقال شمس بدران :تذكري يا بنت الي . .وإل واجهناك بعلي عشماوي . .فقلت :علي عشماوي
باع نف سه لطواغ يت البا طل والجري مة بث من ب خس ،فخ سر الدن يا والخرة . .وق صة سراج الد ين
قصة مدبرة المراد بها أن تذلوا الرجال . .رجال ذوى قلوب ،وضمائر ،ورؤوس مرفوعة . .
ودخل حجرة التحقيق ضابط يدعى سعيد عبد الكريم اشترك معهم ثم قال :يا زينب ،سأفكرك بشيء
قيد يسياعدك فيي موضوع سيراج الديين . .أل تعرفيين الحسييني عبيد الغفار ،كان فيي الخوان
المسلمين ثم انشق عنهم مع شباب سيدنا محمد ،وتفاهمت أنت معه عدة مرات ليعود إلى صفوف
الخوان المسلمين ،لنك حريصة على أن يبذل جهده داخل صفوف الجماعة؟
فقلت :حسبنا ال ونعم الوكيل ،الحسيني عبد الغفار هو أخي في ال ،وكان في الخوان المسلمين
ك ما كان في شباب سيدنا مح مد ،وتكل مت م عه فعل ليعود إلى صفوف الخوان الم سلمين ،ولك نه
اعتذر عن ذلك ،وليس له علقة بسراج الدين ول بالوفد ..وكان رئيس شباب الحرار الدستوريين
فقال حسن خليل :هذا صحيح ،لكن عندما تكون المسألة اتفاق الدستوريين والسعديين والوفديين
والخوان المسلمين تكون المسألة في طريقها الطبيعي ! ! فقلت :ليس هذا حقا ،وهناك مسافة بين
الخوان وغيرهم الذين لم يدرسوا النظرية السلمية بتكتيكها اللهي ،وأيدلوجيتها الربانية .وأشار
شمس ونزلت على السياط ،وقال عبد الكريم :نرجوك يا باشا . .خليها تكمل . .قال عبد الكريم
:كملي يا زي نب .قلت :أ ما الخوان الم سلمون فيأخذون ال سلم عقيدة يبحثون في منابع ها
ويدققون في م صادرها ،تلقو ها من ال تعالى على يد ر سوله صلى ال عل يه و سلم . .بمعايشت هم
للكتاب وال سنة ،والرض ع ند الخوان ل ها وزن ها وقدر ها ما دا مت أر ضا لل سلم ،في سبيلها
يستشهدون ،وعن حياضها يذودون ،يحررون الرض ل كما يحررون البشر ل ،يعبدون الرض
ل ك ما يعبدون البشر ل .وعلى الرض المعبدة ل وبالبشر المعبد ل تكون المة ويكون المجتمع
المسلم.
ألم يحرر محمد صلى ال عليه وسلم .عند بعثته الرض ثم يدعو الناس إلى التوحيد ،ولم يدع ولم
يناد بال صلح الجتما عي ثم يد عو الناس إلى التوح يد ،ولم يدع إلى تق سيم المال بال سوية ثم يدعو
الناس للتوحيد ،لم يدع لصلح جزئي ،ولكن محمد صلى ال عليه وسلم .دعا إلى التوحيد فأسلم
من المؤمنين.
ثم كا نت بدر الولى نداء لقيام ال مة ،وتوالى نزول القران على مح مد صلى ال عل يه و سلم .قال
قفزت على الكلب والوحوش البشريية تشبع ني ضر با ونهشيا والدماء ت سيل ه نا وهناك . .سيارع
الطبيب الواقف معهم بوقف جلدي ولكن هيهات . .هيهات . .انطلق آذان الفجر ينير سكون الليل
تبار كت يا رب وتعال يت ،فأ نا حفيدة إبراه يم أول الموحد ين و جد ال نبي صلى ال عل يه و سلم .أن
رحمتني من أبالسة يسؤوهم أن أقول :ربى ال ل أشرك به أحدا ( قل يا أيها الكافرون ،ل أعبد ما
تعبدون . ) . .أفقت لجدني في المستشفى ول أدري ،وان كنت واعية تماما لما ينتظرني .
وهكذا ،كا نت القزام مت سلحة بال سلطة تت سلط على الرجال ،فتح طم "الكرا مة" ،وتمزق ال كبرياء ،
وتذل الباء والشمم ،في أيام كان القانون فيها في سبات عميق . .والنسانية في إجازة طويلة . .
والرحمة رحلت عن ديارنا ! ! . .وسألني شمس ،وسألني أعوانه ،عندما حملوني إلى مكتبه :
قولي يا ب نت يا زي نب ،ما رأى الحسيني ع بد الغفار في الكلم الذي بلغك من فؤاد سراج الد ين .
ومن الذين كانوا سيتعاونون مع فؤاد سراج الدين من مكتب المشير عامر؟ وماذا طلب من الخوان
فأجبت :الحسيني عبد الغفار أخي في ال ،ول أعلم شيئا عما أسمع من إفك وكذب .
فتساءل حسن خليل وسعد عبد الكريم :أسمعي يا زينب ،ألم يقابل الحسيني عبد الفتاح إسماعيل
في بيتك ؟ .ألم تكلمي الحسيني لينتظم في صفوف الخوان المسلمين ؟ .
قلت :أ نا تكل مت مع الح سيني ليعود إلى صفوف دعو ته ول يس هذا جري مة ،الح سيني ر جل مؤ من
بدعوة الخوان ،وإن لم يكن منتظما فيها ،فإنه يتمنى أن تتحقق مقاصدها ،وأن تهدى الناس إلى
مقاصد الكتاب وغاياته ،وإلى مراد السنة وأهدافها ،وقد تقابل الحسيني مع عبد الفتاح إسماعيل في
بيتي وأخذا يتحدثان عن السلم وما أصاب المسلمين من انحطاط وتأخر ،ثم انصرف الحسيني عبد
الغفار ،و قد تقا بل الح سيني مع ع بد الفتاح إ سماعيل في بي تي م صادفة ثم قال لي ع بد الفتاح عبده
إسماعيل :الحسيني رجل صالح وطيب وعالم مخلص ..قال أحدهم :الحسيني قال كل شيء .لكن
أنت تريدين أن تكون الفداء لكل الخوان المسلمين ،وحتى الحسيني وفؤاد سراج الدين ،وتبعديهم
عن المسئولية . .إننا نمنحك فرصة أخيرة لتراجعي فيها نفسك بخصوص رجال الوفد ،وبعض رجال
مكتب المشير عامر . .ما رأيك في هذه الفرصة؟ وسنواجهك بالحسيني وفؤاد سراج الدين ولكن
فقلت :الحمد ل نرى بقلوبنا وصرخ شمس بدران كمن لدغته أفعى " :هات الكلب يا صفوت "! !
فتدخل أحد العوان يهدئه :ل عليك يا باشا .إنها ل تدري أين مصلحتها ول تقدر النهاية! !
فقلت :النها ية ب يد ال ولي ست بأيدي كم ،وال الفعال ذو القوة المت ين .وقال آ خر من شلة الضباط
المحيط ين بش مس بدران :يأ مر البا شا بإحضار الح سيني ع بد الغفار .ثم نادوا صفوت لحضاره ،
إنهم كالخفافيش يعشقون الظلم ،؟ ل ينشطون إل فيه . .ففي الليل حملوني وأجلسوني على مقعد
في مكتب شمس بدران ،وبعد لحظات دخل الحسيني عبد الغفار . .كانت ذراعه مكسورة ملفوفة
في جبيرة ومعلقة إلى صدره . .وكانت قدماه في ضمادات سميكة . .وكانت آثار التعذيب الوحشي
قلت :وعليكم ال سلم .ون ظر إل يه ش مس بدران في سخرية و سأل في تهكم :يا ح سيني ،ما هي
قصتك مع زينب ؟
وقال الحسيني :الورق مكتوب فيه كل شيء .فأخرج شمس بدران أوراقا وأعطاها للحسيني وأمره
بقراءتها.-
لم ا كن مشغولة بالوراق ال تي ب ين يدي الح سيني ،بل ك نت أف كر ك يف أج يب على هذا الشيطان ب ما
يخفف عن الحسيني أو يرفع عنه العذاب ،ويقيني أن الحسيني عذب حتى يكتب ما يريدون .وأخذ
الحسيني يقرأ في الوراق التي أعطاها له شمس بدران . .أشياء كثيرة لم أحس يوما أن الحسيني
يعتقد ها أو يد عو ل ها أو يتكلم ب ها .كل ما قرأه لم ي كن صحيحا ول واق عا وإن ما خيال مر يض . .
سألني ش مس :ما رأ يك ! قلت :إ نه الكراه للخوان والب طش والعذاب ح تى يقولوا ما تريدون !
أج بت :الح سيني ل يكذب .ولك نى على يق ين أ نه قد عذب ح تى . .ف صرخ ش مس مقاط عا غاض با.
ماذا تقصيدين ؟ الكلم الذي قرأه الحسييني ألم يقله لك ؟! وقال حسين خلييل :إننيا نريدك أن تقولي
وقال آخر :هل ستحرقين نفسك بالنار من أجل الحسيني كما حرقتها من أجل الخوان ؟ فأجبت :أنا
قال شمس بدران :أنت يا حسيني بلغت زينب رسالة من فؤاد سراج الدين !
فقلت وأنا أوجه الكلم إلى الحسيني :أنت يا حسيني بلغتني رسالة من فؤاد باشا سراج الدين ؟
فقلت :أنا ل أعرف إل فؤاد باشا سراج الدين . .من هو فؤاد الصغير يا حسيني؟!
فقال :أنا قلت إن المسألة كانت عبارة عن نكتة رواها لي على سليمان وأنا ذكرت هذه النكتة أمام
الحاجة زينب ! !
فقلت لش مس بدران :ح سبنا ال ون عم الوك يل ! . .النك تة صنعتم من ها مؤامرة ! . .وفؤاد با شا
ثيم نادى شميس على صيفوت وعادت السيياط لتنهال مين جدييد .ثيم قال شميس :خذهيا ييا حمزة
للمستشفى.
عذاب !! . .في المستشفى ! ! . .
وفي اليوم التالي دخل زنزانتي في المستشفى حمزة البسيوني ومعه رجل يرتدى الملبس العسكرية
برت بة لواء ومعه ما التمور جي ع بد المعبود .وقال حمزة الب سيوني لع بد المعبود :اذ هب وأح ضر
كرسيا ومنضدة صغيرة ،وفى لحظات عاد عبد المعبود بالكرسي والمنضدة .وضع حمزة البسيوني
ورقا أبيض على المنضدة وقال لعبد المعبود :اجلس إلى هذه المنضدة واكتب كل ما ستمليه عليك .
وجاء صفوت الرو بي يح مل ملفات متضخ مة .أخرج حمزة من كل ملف ور قة وقال لي :كل هذا
الكلم تدونيه في أوراقك ،هو من كلم الهضيبي ،وسيد قطب ،وعبد الفتاح إسماعيل ،وهواش ،
وأحمد عبد المجيد ،ومرسى مصطفى مرسى ،وصبري عرفة ،وفاروق المنشاوي ،وعبد العزيز
على ،فقلت لهم :سأكتب ما أعرفه ،ليس لي علقة بهذا الكلم . .إنني ل أصدق ول أعتقد أنها
للخوان الذيين تدعون أنهيا لهيم . .قال حمزة البسييوني :ردى كميا ينبغيي ،سينرسلك إلى مكتيب
وما أمليت على عبد المعبود إل ما يرضى ال ربنا هو ولينا ونعم النصير.
و فى صباح اليوم التالي أخذو ني إلى مك تب ش مس بدران ووضعو ني على مق عد ،أ خذ ش مس بدران
أورا قا وأ خذ يمزق ها وير مى ب ها في سلة المهملت ،وقال في أ سلوب يتر فع أي مخلوق في أد نى
درجات النسانية ويتم تع بأ قل ق سط من الخلق أن ينحدر إليه :أ نت يا بنت اليي . .تريد ين أن
تهدمي كل التحقيقات وتبطلي كل أقوال الخوان ؟ الكلم الذي قاله الخوان مضبوط .
إجابات الخوان أنت ملزمة بتأييدها في أقوالك .أنت ملزمة بكل ما قاله الخوان .
فقلت :أ نا ملز مة بال حق الذي أعتقده ،إن ني ل ست ملز مة أن أقول إل ما أعتقده .وغ ير ملز مة بأن
أصدق أن هذه الجابات من أقوال إخواني .واجهوني بهم جميعا ،إن سياطكم وتعذيبكم قد انتزعتها
من هم ..انتزا عا .ف صرخ ش مس بدران :خذ ها يا حمزة،أ نا أريد ها ج ثة أو قع ت صريح دفن ها! . .
أخذو ني إلى حجرة وأغلقو ها على ،وب عد ساعة أخرجو ني من ها ،وأوقفو ني ت حت سياط الكراب يج
ووج هي إلى الحائط أمام جهاز تكي يف .وظللت واق فة ما يقرب من ال ست ساعات و كأ ن نئ ك نت
واقفة على مسامير محماة .فقد كانت آلم حادة تفرى قاع قد مي مع ضربات الجلد المستمرة .
وفيى منتصيف اللييل -ودائميا اللييل -أعادونيي إلى مكتيب شميس بدران الذي قال لي :ييا
زينيب..أكتيبي . .الرئييس جمال عبيد الناصير سييغفر لك . .واكثير الخوان اعترفوا ..إن سيلكت
ستقابلين جمال ع بد النا صر صباح غد ،وتعود ين إلى بي تك فورا ،وبعد ها سيلغى قرار حل المر كز
العام لل سيدات الم سلمات ،و سيتقرر إعطاؤك خم سين ألف جن يه كإعا نة للجما عة ،وكدف عة أولى
لبناء أرض الجماعة في مصر الجديدة ،وعشرة آلف جنيه لعادة صدور المجلة .وسأل رجل من
في مصر الجديدة يا زينب ؟ فأجبت :نعم ،عندها ستة آلف متر .فقال نفس الرجل – والذي عرفت
أنه صلح نصر فيما بعد – وماذا كانت ستفعل الجمعية بهذه المساحة الكبيرة من الرض ؟
فقلت :كانيت الجمعيية سيتبنى دارا لتربيية الفتاة المسيلمة ,ودار ضيافية للمسيلمات وقاعية
محاضرات ،ودارا للمركيز العام ،ومسيجدا ،وجمعيية لتحفييظ القران الكرييم ،ومدرسية إعداديية
فتساءل :ومن أين لكم بالموال ؟ فأجبت :من التبرعات – والعمل على مراحل .
فقال :إذن ،إن ها فر صة جميلة يمنح ها لك الرئ يس جمال . .تعود ين إلى بي تك وتعود الجما عة . .
فقلت :ثقت نا في ال ا كبر . .الله ا كبر في نفو سنا من الرض ،و من المال ،و من كل طواغ يت
الرض المعتدين على حق ال وحق عباده ،أنا ل أريد أي شيء منكم ،ولن أقبل أبدأ أن أقابل عبد
كث ير وع بد القادر عودة وزملئه ،لن أ صافح ال يد ال تي غم ست في هذا الدم المبارك ،إن هذا الدم
سيقود على مدى ال سنين أجيال الم سلمين الذ ين سيعودون إلى ماضي هم الزا هر المج يد .إلى مق عد
الم سئولية في هذا العالم . .وتنهال اللكمات والركلت والضربات فأ قع هامدة على الرض ،ويقول
تسيلق الكلبان ظهري فيي ركوعيي وسيجودي ،وأخذا يخمشان رأسيي ،ووجهيي . .وأنيا أصيلى
وأسيتغرق وأسيبح فيي عالم الدعوات والتضرعات .وبعيد سياعة فتحيت الزنزانية وسيحبوا الكلبيين
بعد العشاء أعادوني إلى مكتب شمس بدران .قال شمس بدران :يا زينب ،انعقد في بيتك اجتماع
كان يضم أكثر من خمسين رجل من الخوان المسلمين من جميع أنحاء الجمهورية -هذا الجتماع
فقال :أ نا أ سألك ،ما الغرض من هذا الجتماع ؟ فقلت :ل أتذ كر .سأل :تناولوا الفطار عندك !
ف سأل :ولماذا كان الجتماع ؟ فقلت :ك نا ندرس ال سلم ،وك يف نقاوم تيارات اللحاد ال تي تغذي ها
وتنفخ فيها أجهزة الجاهلية وأعلمها ..قال :ولماذا عندك بالذات ؟ أجبت :لنني من المسلمين إن
ونشرات النحلل التيي توزع بأثمان رمزيية لنشير الشيوعيية ،واللحاد والنحلل والتسييب فيي كيل
شيء .فقاطعني في شبه صراخ :كفى ،كفى . .دا كلم فارغ ،ما هي أسماء المجتمعين عندك ؟
سأل :أحد المجتمعين ترك الجتماع وقابل الهضيبي ثم رجع مرة أخرى بعد اتصالك تليفونيا بمنزل
فقلت :ل أتذكر .وكل ما يعلق بذاكرتي في هذا الخصوص أنه سألني أن أستأذن الهضيبي لمقابلته .
سأل :كنتم مجتمعين إذن؟ أنا أسهل لك الجابة! الرجل الذي ذهب إلى الهضيبي اسمه عبد الفتاح
الشريف أليس كذلك ؟
ثم أردف :سأعلقك إن لم تجيبي ثم اكمل . .اتفقتم على قلب نظام الحكم وقتل جمال عبد الناصر.
فقلت :اتفقنا على محاربة الجاهلية ،والتسيب والنحلل واللحاد .والعمل على نشر تعاليم القران
وإقناع المسلمين بوجوب حكم القرآن والسنة .فسأل مستنكرا :وماذا يعمل الزهر؟ انطقي ما هي
وظي فة الز هر؟ علق ها يا صفوت واجلد ها .وأ نا ت حت ال سياط أقول يا ال ،يا ال ،وأخذت اكرر
الباب الخامس
وسمع فرعون
أف قت ..يا إل هي ..إن ني ما زلت على الرض أمام هم ج ثة هامدة . .إن هم أ سعفوني ..وب صعوبة
شديدة حاولت الن ظر في الحاضر ين . .فإذا بجمال ع بد النا صر يت كئ على ك تف ع بد الحك يم عا مر
عند ما رأ يت جمال ع بد النا صر وع بد الحك يم عا مر ،ن سيت أل مي ،ود بت في ج سدي يق ظة غري بة،
أعطو ني كو با من ع صير الليمون فشرب ته ،رفعو ني من فوق الرض على مق عد ،ثم أحضروا لي
كان إحساسي بان هناك شيئا خطيرا سيحدث ،فكل ما يدور حولي يقوى عندي هذا الحساس .
وقال شميس بدران ؟هيو ينفيخ :ييا بنيت ييا زينيب ،أرييد أن تجييبي على كيل سيؤال أوجهيه إلييك
افترضي يا زينب أن الخوان المسلمين هم الذين يحكمون البلد ،وأننا نقف أمامكم تحاكموننا ،فماذا
ييييييييييييييييييييييا؟
ييييييييييييييييييييييم تفعلون بني
كنتي
فأجبت في قوة وشجاعة :نحن ل نسكن في مساكن الذين ظلموا أنفسهم ول نلوث أيدينا بما لوث به
الظالمون أيديهم ،نحن لنغمس أيدينا في الدم ' . .نحن ل نجلس في مقاعد طواغيت الرض , .
فقال :اخرسي! أنا باسألك ،إن كنت جالسة على هذا الكرسي مكاني ماذا كنت تفعلين معي؟
فقلت :ن حن طلب حقي قة ،ل يس في ح سابنا أن ن صل إلى الح كم ،إن نا حملة لواء "ل إله إل ال "
فقال شمس بدران :اخرسي يا بنت الي .. .أنا اكرر لك السؤال .ماذا كنتم تفعلون لو وصلتم إلى
ا أ؟
فقلت :إن نا ل سنا طلب ح كم ! . .ول يعني نا أن نكون في ق مة الم سئولية أو ع ند ال سفح حرا سا
للطريق المؤدى إلى الرجل الذي حمل المانة وبايعته المة ،عبدا ل حاكما بما أنزل ال ولتكن هذه
الدار دار البعيث . .البعيث السيلمي .فصيرخ شميس بدران متشنجيا :اخرسيي . .اخرسيي . .
اخرسي؟ ! أريد إجابة واحدة :افترضي أنك جلست على الكرسي الذي أجلس عليه الن ماذا تفعلين
م عي وأ نا مت هم أما مك . .؟ فقلت :رب ما تنت هي أجيال وأجيال ح تى يح كم ال سلم ،ن حن ل نتع جل
الخطى ،ويوم يحكم السلم ستكون مواقع المرأة المسلمة في مملكتها الطبيعية لتربى رجال المة .
فقال شمس بدران كتائه يضرب في الصحراء في يوم عاصف :يا بنت الي . . .أنا أقول افترضي
فقلت :السيلم عدل ورحمية ،فل سيياط ول قتيل ،ول تعذييب ول سيجون ،ول نفيى ،ول دفين
للحياء ،ول تمز يق لج ساد الشهداء :رف عت ب كر وعواد وإ سماعيل الفيو مي . .ل تشر يد أطفال ،
ول تر مل ن ساء ،ل فراع نة ول وثن ية . .ول كن ال حق والعدل . .الكل مة تواجه ها الكل مة والح جة
تواجه ها الح جة . .صرخ ش مس كال صريع :اخر سي . .اخر سي . .علق ها يا صفوت اجلد ها .
وعلق ني صفوت ،وعلى لفائف الشاش ،أخذت ال سياط المجنو نة تهوى على كل جزء في ج سمي،
والدم ينزف . .ول أدري كم من الوقت مر . .فقد رأى الطبيب إنزالي وقال :إن حالتها خطيرة .
قال أحد الضباط :إننا نريد أن تكون حية حتى تقف أمام المحكمة! !
فقال شميس بدران :نعيم ،نعيم نريدهيا تعييش لتذهيب إلى المحكمية ويتفرج عليهيا الشعيب وتكون
عبرة.
ونقلت إلى الم ستشفى ولم أدر ماذا حدث في تلك الليلة ،ف قد ر حت في غيبو بة أفقدت ني الح ساس
باللم ' كما أفقدتني الستمتاع باسترجاع الحوار مع شمس بدران على مسمع من جمال عبد الناصر
أ سعفت بالعلج ،لن هم كانوا يحر صون على حيا تي . .فأ نا مته مة من وج هة ن ظر من ين سجون
القضيية ويؤلفون فصيولها ويصينعون أبطالهيا . .فل غرابية إذن ،أن يصيرف لي دواء لسيتطيع
وفى مساء يوم سمعت صوت مراد وصفوت يخرج من زنزانة الخ أحمد كمال ويسألنه عن عنوان
سيف السلم . .وأعطاهما العنوان ،وبعد ما يقرب من ثلث ساعات عادا إلى زنزانة الخ أحمد
و سيف الب نا هو ن جل المام الشه يد ح سن الب نا ،أخذت أد عو ل سيف وأ مه وإخو ته ،فأ مه مري ضة
بالقلب ،و سيف هو العائل الوح يد للب يت وال سرة .أخذت أضرع إلى ال سبحانه أن ي صرف عنهم
كيدهم .
رفعو ني على نقالة إلى مك تب ش مس بدران . .و سألني ش مس بدران سؤالً تأ كد لي م نه أن سيف
السلم البنا نجل المام الشهيد حسن البنا في السجن الحربي! ! وشغلني جدا أمر وجود سيف البنا
وقال شميس بدران لحمزة البسييوني :ألم أقيل لك إن هذه البنيت ل تدخيل مكتيبي وهيى حيية؟ لماذا
على ق يد الحياة؟ لماذا . .لماذا؟ فقلت :ل يس بإراد تك ،ول بإراد تي أن أع يش أو أموت ،ولكن ها
فصيرخ قائل :اخرسيي ،اخرسيي . .ردى على سيؤالي فقيط :مين الذي كان سييغتال جمال عبيد
فقال حسن خليل :قرب لها المسألة قليل يا باشا ،أ؟ اسمح لي أن أفهمها الموضوع .
ثم أردف –بعد أن أومأ إليه شمس بدران برأسه – هناك شخص حكى لك عن جماعة تربصوا لجمال
عبيد الناصير فيي الطرييق الصيحراوي وكان مسيافرا بالسييارة إلى السيكندرية .مين حكيى لك هذه
ييير؟
يييد الناصي
يييب لغتيال عبي
ييييارة الجيي
يييي السي
ييين كان في
ييية؟ ومي
الروايي
فقلت :ما أت فه ما تعذبون الناس من أجله ! ويلكم من ال ! ثم ويلكم من التار يخ ! ثم ويلكم من
الناس جميعيا وهيم ينزلون عليكيم لعناتهيم ! . .وكان جزائي على ذلك قاسييا :دم يسييل وعظام
تكسر! .
وكان ش مس يقول :إن علقناك الن ستموتين ،ولكننا سنسامحك إن أ خبرت عن الحكاية! ! احكي
لنا الحكاية من أولها . .يا بنت اليي .الحكاية اللي قالها لك سيف البنا.
فقلت :آه . .النكتة التي قالها سيف ،فقام شمس مسرعا يركلني ويصفعني وهو يقول :أيوه يا
ييييييييييييييييييييييية!
يييييييييييييييييييييييي النكتي
أختي
وقلت :كنت في بيت الشهيد البنا وقال سيف السلم . .يقولون كان جمال عبد الناصر مسافرا في
الطريق الصحراوي بالسيارة إلى السكندرية وكمن له جماعة من الجيش في سيارة جيب ليغتالوه .
وفيى اللحظية الخيرة تغيير نظام سيفر عبيد الناصير ،وسيافر بالقطار ،والغرييب فيي الموضوع أن
السيارة الجيب هربت فلم يستطيعوا القبض عليها ول على من فيها.
فقلت ل سيف :ح قا إن ها نك تة . .ل كن ل يس هو الفراغ الذي ج عل الناس يقولون ذلك ك ما تقول يا
سيف . . .أنا ل أعتقد أن هناك سيارة جيب ،والمر كله من صنع جهاز المخابرات . .هناك كل
يوم مؤامرة مزعو مة لغتيال ع بد النا صر ،مرة من الج يش ومرة من الش عب ،وهلم جرا ون سمع
فقلت :الناس ل يفكرون في قتله . .ق تل الحا كم الظالم ل ين هي المشكلة . .القض ية ا كبر من ق تل
وأجابني سيف :من الفضل للناس أن يشغلوا أنفسهم بمصالحهم الشخصية وتربية أنفسهم .
فقلت :على أي حال لم يقتل هذا البلد غير النكت . .لم يستطع الناس أن ينفسوا عما في صدورهم
إل بالنكتة . .وبها قتلت الرجولة وقتلت المسئولية .وانتهى الحديث مع سيف السلم البنا .
دار حدييث فيهيا بينيك وبيين عبيد الفتاح إسيماعيل وعلى العشماوي فيي بيتيك ودرسيتم تخطيطهيا،
فقلت :ما ح صل غ ير ذلك ،أ نا نقلت النك تة لع بد الفتاح عبده إ سماعيل عن سيف ال سلم . .لم
قال ش مس بدران :أ نت حك يت هذه الحكا ية لح سن الهض يبي .لماذا؟ ن كت الناس بتقول ها وحكايات
بترويها .
قال ش مس :جم يل ،نترك موضوع سيف الن ،وننت قل إلى موضوع آ خر :كان ع بد العز يز على
هو المسئول عن تنظيم الخوان حتى خروج سيد قطب من السجن ،قولي لنا كيف أتى هذا؟ قلت :
فقال :كييف ؟ عبيد العزييز على كانيت يجتميع ميع على عشماوي وعبيد الفتاح إسيماعيل وضياء
الطوبجي ،ويحيى حسين ،وعبد المجيد الشاذلي ،ومجدي عبد العزيز ،واجتمع مع سيد قطب عدة
فقال شمس بدران :ومن يدرى بها غيرك ؟! أنت تعرفين جيدا أنهم كانوا يجتمعون .
وقال شمس بدران :من الذي حمل أمر الهضيبي بزعامة عبد العزيز للتنظيم غيرك ؟
فقال شمس بدران مهددا :يبدو أننا حا نشوف شغلنا معك ،ل بتعقلي ول بتشوفي مصلحتك .
وقال أحد الجالسين على طريقة السماسرة . .واحد يشد وواحد يرخى :لحظة واحدة يا باشا .أنا
سأحاول مع زينب ثم اتجه إلى وقال :يا زينب . .الهضيبي اعترف ،وعبد العزيز على اعترف ،
أ نا سأحاول أفكرك بحكا ية يمكن تجعلك تتداركين المر ،كلهم اعترفوا ول داعي للنكار . .ما هو
ال سم الذي أعده ع بد العز يز على لي ستعمله إ سماعيل الفيو مي ( ا ستشهد في ال سجن الحر بي ب عد
تعذ يب مروع في العام )1965في ق تل جمال ع بد النا صر؟ ما هي حكا ية ال سم وك يف دار التفاق
عليها؟
فصيرخت :ييا عالم أنتيم مجانيين بأمير اسيمه قتيل عبيد الناصير؟ إن كنتيم تريدون قتله فاقتلوه
وأريحونا ،وعلى كل واجهوني بعبد العزيز على ،واجهوني بالستاذ حسن الهضيبي!
فقلت :على العشماوي كذاب أشر ،وسأبصق في وجهه لنه كذاب مأجور . .
فقال شمس بدران :أليس على العشماوي واحدا من كم ؟ قلت :واجهو ني بالرجال الفاضل . .عبد
وقال شميس بدران :اسيمعي! متيى اسيتشرت الهضييبي ليتولى عبيد العزييز على زعامية الخوان
ودخيل على العشماوي يرتدى الحريير الهفهاف ممشيط الشعير ،تبدو علييه آثار المعاملة الحسينة .
!!.
وقال له شميس بدران فيي رقية :ماذا حصيل ييا على ،عندميا ذهبتيم إلى الهضييبي وكانيت رجلهيا
مكسورة ،ولم تنزل من العربة ،وذهبت أنت لبنت الهضيبي لتعرف رأى أبيها ا!
وقال على العشماوي :نعم حصل ،لقد قلت لبنت الهضيبي أن تسأل أباها عن ثقته في عبد العزيز
على ،وما إذا كان المرشد يرشحه لتولى المر نيابة عنه . .وعادت وهى تحمل موافقة الهضيبي
فقلت لعلى العشماوي .أنت كذاب ،والحقيقة أنك قلت لي بأن هناك واحدا من الخوان تقدم لخطبة
حفيدة ع بد العز يز بك على ،وهذا الخ ير يد أن يعرف رأى الهض يبي وأ نا ك نت خار جة من منزلي
دون اتفاق مسيبق ،فركيب على العشماوي معيي ،وقلت له إننيي ل أسيتطيع الصيعود إلى بييت
الهضييبي نظرا لكسير رجلي ،والفضيل أن تذهيب معيي ،وكان رد السيتاذ الهضييبي إن أسيرة عبيد
العزيز على ل يسأل عنها ،فهي أسرة مسلمة طيبة ،وعلى بركة ال .
فقال علي العشماوي :إن هذه اصطلحات يا باشا ،والحاجة تعرف هذا جيدا.
على العواد تقطع السياط أجسادهم ،وتنهشهم الكلب ،ويتقلبون في ألوان من العذاب وأنت على
هذه الهيئة . .أنيت مأجور رخييص ..أنيت عمييل كاذب ،ولذلك يسيمع لك .فقال شميس بدران :
اخرج أ نت يا على! . .ثم ات جه إلى و صوته يح مل ،التهد يد :يا زي نب إن نا نمن حك فر صة أخيرة،
اشرحي لنا صلة عبد العزيز على ؟ بالتنظيم ،وما هي الرسائل المتبادلة بين الهضيبي وعبد العزيز
على بواسطتك ؟
فقلت :أنا مصرة على مواجهة عبد العزيز على والهضيبي
قال ش مس بدران :خذ ها يا صفوت ،إلى أن نح ضر ع بد العز يز علي والهض يبي ! .وخر جت مع
صفوت من مكتب شمس بدران ،وأوقفني صفوت ووجهي إلى الحائط ثم أدخلوني مرة أخرى مكتب
شميييس بدران .غيييير أنيييى لم أجيييد الهضييييبي أو عبيييد العزييييز على .
فقال شمس بدران في حدة :هل نعمل على هواك يا بنت الييي .؟ سنحضر :من نريد . .ووقت
وقال حسن خليل :يا بنت اعقلي .الباشا يريد أن يحولك إلى النيابة .فاعقلى ،واعملي لمصلحتك
..
ن عم التجه يز للنيا بة ! ! ..ال سياط ،الكلب ،النار ،زنزا نة الماء ،التعل يق على العواد كالذبائح ،
إيلم الن فس بأقذر اللفاظ وأفحش ها ،التجو يع ،الع طش ،الحرمان من ا ستعمال دورة المياه فترات
طويلة ،الذهاب إلى مكا تب التحق يق صباحا وم ساء مع ا ستمرار أنواع التعذ يب ،تحط يم الع صاب
بالت التعذيب . .كل هذه وسائل التجهيز والعداد للمثول أمام حضرة صاحبة الجللة النيابة! !
محمد قطب
وفى مكتب شمس قال حسن خليل :إننا نريد يا باشا قبل النيابة أن ننتهي من موضوع تنظيم محمد
قطب .ونرى موضوع الولد المدعو الدكتور مسعود فقال شمس بدران كمن عثر على شيء كان قد
يييب .
يييا زيني
يييب يي
يييد قطي
يييم محمي
يييم تنظيي
يييم .نعي
يييه :نعي
يييد مني
فقي
كاتب إسلمي وكل عمله أن يبين للناس الطريق الصواب ،وأين الدائرة التي يقف فيها المسلمون ،
وللناس بعيييد ذلك أن يتصيييرفوا حسيييب ميييا يرون وحسيييب ميييا يعتقدون .
فقال شمس بدران :خذها يا حمزة ،يبدو أنها تريد أن تعود إلى المياه ،والكلب ،والنار والجلد .
.و . .و.
وأخذني حمزة الب سيوني إلى حجرة تبعد عن حجرة شمس بدران قليل ،وأغلقها على ثم انصرف .
وب عد ن صف ساعة جاء ني ح سن خل يل قال :ا سمعي يا زي نب ،أ نا حضرت إل يك ل ن صحك ،أ نا
مندهش لنني أراك تلقين الحبل حول عنقك ،كل الخوان عملوا لنفسهم ،وعرفوا طريق السلمة،
لقيد ألقينيا القبيض على مائة ألف ،الباقيي عندنيا الن عشرون ألفيا .كيل واحيد مين هؤلء اعترف
بالحقيقة ،ومن يعترف ،يخلى سبيله فورا ،ونصف العشرين ألفا اعترفوا بكل شيء واعتذروا عما
فعلوه وقبلنيا عذرهيم وأخلى سيبيلهم . .حتيى المرشيد حسين الهضييبي ،وعبيد الفتاح إسيماعيل ،
وسيد قطب ،كل هؤلء اعترفوا واعتذروا . .أنت تعملين لحماية المرشد وهو ألصق بك كل شيء،
وعبد الفتاح إسماعيل وسيد قطب كذلك . .أنت تحرقين نفسك من أجل أشخاص كلهم تنكروا لك .
أنيت لزم تغيري موقفيك . .الرجال عرفوا السيلمة وعملوا لهيا وألقوا المسيئولية كلهيا علييك . .
الهضيبي شتمك ،سيد قطب شتمك . .عبد الفتاح إسماعيل شتمك ،محمد قطب شتمك ،سيد قطب
شت مك ،كل الخوان شتموك . .إن موق فك م حل تقدير نا وإعجاب نا ،ونحت قر موقف هم ،ود عك من
إننا احتقرنا الخوان عندما سبوك وازداد احترامنا لك وإعجابنا بك . .خسارة هذه الشخصية القوية
تنت هي بهذا الش كل . .ش مس با شا م صر على أن يعيدوا التعذ يب من جد يد من نمرة وا حد ..أ نا
أخذت على عاتقيي التفاهيم معيك لعود إلى الباشيا برأي يخرجيك مين هذه الورطية . .اسيترسل
مت سائل :ك نت تتناول ين الغداء مع الهض يبي يوم ين في ال سبوع أو يو ما على ال قل بانتظام ،وهذا
باعتراف الهضيبي في التحقيق ،وكنت تحملين الوامر والتعليمات إلى عبد الفتاح إسماعيل ،أرجو
أن تعطينا نموذجا من هذه الوامر .الهضيبي وعبد الفتاح إسماعيل اعترفا بهذا .سيد قطب عندما
خرج من السجن كنت حلقة التصال بينه وبين الهضيبي . .إننا ل نتكلم من فراغ يا ست زينب .
كانت في يده ور قة ين ظر فيها ثم يتكلم . .ألقى نظرة إليها ثم استطرد :مثل أموال الجماعة كانت
عندك فيي البييت فنقلتيهيا إلى بييت الهضييبي .ثيم عادت مرة أخرى إلى بيتيك .ثيم نقلت إلى بييت
الهضيبي ثانية وعادت إليك أخيرا .كل هذا ذكره الهضيبي فما معنى إنكارك له ؟!
كل المور يا ست زينب تكشف سرها والناقص هو أن تضعي النقط فوق الحروف .وطبعا ستكتبين
فيي كيل هذا وعين أشياء أخرى ،وسينرفع إلى عبيد الناصير ونوضيح له أنيك تغيرت ثيم نحولك إلى
النيا بة وينت هي التحق يق ع ند هذا ال حد ،و سيفرج ع نك ب عد يوم ين ،ثم ي تم تعيي نك وزيرة للشئون
الجتماعية .حكمت أبو زيد مغضوب عليها الن ،ما رأيك يا ست زينب ؟! وضغط على زر جرس
صغير فحضر جندي فورا ووقف أمامه منتصب القامة .فقال له :هات عصير ليمون ،وأخذ يشرح
وعاد الجندي بكوبي ليمون فقال :اتفضلي كوب الليمون ،ثم أمر الجندي أن يحضر فنجاني قهوة.
.واستأنف الكلم وأنا صامتة . .يبدو أنه اطمأن لما قال ،والتفت إلى الجندي قائل :إنت تحت أمر
الست زينب ،ثم قال لي :سنطلبك عند الباشا بعد ساعة وشوفي مصلحتك بقه . .
وجلست إلى المكتب وجرى قلمي على الورق بالتي :بسم ال الرحمن الرحيم وأصلى وأسلم على
مح مد وآله و صحبه ،أ ما ب عد فأح مد ال تعالى وأشكره وأع جز عن إح صاء الثناء الوا جب لجلله
سيبحانه وتعالى فقيد اختارنيي -بغيير اسيتحقاق منيى -لكون علي الطرييق الذي اختاره لعباده . .
طرييق القرآن والسينة ،طرييق الحيق الحميد ل الذي أوقفنيي تحيت مظلة قوله تعالى ( :ربنيا إننيا
سمعنا مناديا ينادي لليمان أن آمنوا بربكم فآمنا ) ،الحمد ال الذي أوقفني تحت مظلة قوله تعالى
( :إن ال أشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة ) التوبة .
والح مد ل الذي اختار ني من ب ين رجال مؤمن ين ون ساء مؤمنات واجتبا ني ب صحبة رجال مؤمن ين
ون ساء مؤمنات لنكون شهداء أن ر سالة ال ال تي أوقف نا حيات نا على نظر ها والدعوة إلي ها والجهاد
فيي سيبيلها بكيل مرتخيص وغال تحقيقيا لقوله تعالى ( :إن ال اشترى مين المؤمنيين أنفسيهم
وأموالهيم بان لهيم الجنية يقاتلون فيي سيبيل ال فيقتلون ويقتلون ) التوبية . .وتحقيقا لقوله تعالى
بذلك كله أكرر وأؤكيد أننيا لزلنيا على طرييق شهادة أن ل إله إل ال وحده ل شرييك له وأن محمدا
كل ظالم أشرك بك ،وعطل كتابك وعادى دينك ،وحارب أهل دينك حماة كتابك وحماة سنة رسولك
.
اللهيم بذلك أحييا وعلى ذلك ألقاك إن شاء ال .فتقبلنيي سيبحانك فيي أهيل التوحييد ،أهيل الكلمية
سأدعو إل يه على ب صيرة فل تجهدوا أنف سكم لترمو نا في نقائ صكم وتغم سونا في ظلمات فجور كم
وشرك كم بال ،ومحاربت كم لل سلم وأهله .إ نا برءاء من كم وم ما تعملون . .إ نا مقاومون لباطل كم
ود خل حمزة البسيوني وقال :أيوه يا زينب ! ! إن شاء ال يكون ربنا هداك وعرفت مصلحتك ! !
زوجك رجل طيب . .الحاج سالم صديقي . .إنه رجل على خلق . .أنا ل أعرف كيف وقعت في
براثن الخوان المسلمين . .على فكرة! هل انتهيت من الكتابة؟ فناولته الوراق .
فقال :تعالى معيي عنيد الباشيا . .وذهبنيا إلى مكتيب الباشيا شميس بدران ! ! قال شميس بدران :
اجل سي يا زي نب ،اطلبوا ليمو نا وقهوة لزي نب ! ! أ خذ الورق وشرع يقرأ ،وأخذت ق سمات وج هه
تترجم إحساسه وشعرت أنه يكاد ينفجر! ! وخرجت سهام نارية من عيني شمس بدران إلى حمزة
البسيوني ومن معه .وقال وهو يضغط على اللفاظ :ما هذا؟ ألف سوط يا صفوت .البنت سخرت
منيا كلنيا ..أيين كنيت ييا حمزة أيين كنتيم جميعيا؟ . .فانهالت السيياط وألقيى الوراق إلى الرض
واستطرد :البنت سخرت منا .لعبت بعقولنا كلنا يا حمزة . .إنها اكثر من خطيبه على منبر . .يا
جمع أحد الضباط الوراق المبعثرة في الحجرة وقرأ منها سطورا وقال :إيه القرف ده هو أنت إيه
. .افعل معها ما شئت يا باشا .أوقفوا السياط وحكموا على بقراءة الوراق .وقال أحد الجالسين
:انظر بنت اليييي .خطيبة وكاتبة وضيعت نفسها ومستقبلها . .يا بنت اليي .إنها تستحق
قدماي ممزقتان ملفوفتان بضمادات ..و كل مو ضع في ج سمي ا ستوفى ن صيبه -وفوق ن صيبه -
من ال سياط و من ألوان العذاب الخرى .ورغم ذلك رفع ني الزبان ية على التعلي قة كالذبي حة ،وانهالت
وانب ثق الدم من الضمادات فأ مر ال طبيب بإنزالي . .رمو ني أمام حجرة ش مس بدران ما يقرب من
جاء مراد وحمزة البسيوني وقال في جاهلية الجاهلين :قرر الطباء أن الموت قاب قوسين منك أو
أدنى ،ولكن لبد أن تذهبي إلى المحكمة لتسمعي حكم العدام بأذنيك وتجنى ثمرة ما زرعت .إننا
سينرسلك إلى النيابية غدا ،واعلميي أنيك إن لم تسيتجيبي لكيل ميا تقرره النيابية ،سيتعودين لنيا مرة
أخرى .ثم نادى حمزة . .صفوت وقال له :باكر خذها النيابة الساعة ! ! 9وانصرفوا . .
النيابة ! !
ل قد مررت ب كل درجات التعذ يب در جة در جة ،من الجلد بال سياط المجنو نة كأل سنة الل هب إلى ن هش
الكلب المدربية ،إلى زنزانية الماء ،إلى زنزانية النار ،ثيم تكررت عمليية الجلد والصيلب والتعلييق
وجاءت النيابية ،لتسيتكمل المهزلة فصيولها ،ويعاقيب المظلومون فيي ظيل العدل وسييادة القانون .
!!.
وإنهم جميعا لمخطط واحد ينفذون ! ! في خيام التحقيق كان التهديد مستمرا من المحقق الذي يطلب
مين المتهيم أن يوقيع على ميا يسيجل مين زور وبهتان فيي أوراق التحقييق ت حت نظير وسيمع كبار
والقضاء الذ ين روى التار يخ نزاهت هم في كل ع صر وكا نت شجاعت هم في ال حق مضرب المثال ،
رأينا بعضهم في السجن الحربي مسخا مشوها وباطل مزورا ،يكذبون في شجاعة ويخافون الباطل
ويدافعون عنه بجرأة .يهددون المتهم إذا لم يوقع على ما يسجلونه ويقر بكل ما يكتبونه ،بالعودة
إلى مكاتب التحقيق بالسجن الحربي! ! نظر وكيل النيابة إلى وضمادات الشاش تغلف قدمي ويغلف
نف سي إعياء وض عف . .ل يكاد صوتي يخرج من ب ين شف تي . .ووك يل النيا بة يجلس خلف ج بل
من الدوسيهات . .أمامه أوراق مكتوبة .سكرتير النيابة جالس إلى مكتب صغير وأمامه كومة من
الوراق البيضاء وبيده قلم مسيتعد لتنفييذ المير . .أملى علييه وكييل النيابية اسيمي ،وسيني ومكان
والتفت إلى وكيل النيابة بوجه جامد ثم قال :يا زينب ،في هذه الملفات والدوسيهات أقوال الخوان
الم سلمين كل ها ' وا ضح في ها موق فك جيدا ،سأترك أقوالك في المكا تب ،وأر يد الحقي قة م نك أ نت
وهذه حقي قة قال ها ح سن الهض يبي ،وقال ها سيد ق طب ،وقال ها ع بد الفتاح إ سماعيل وقال ها جم يع
الخوان . .أريد يا زينب أن تتخلى عن عنادك وأل تضيعي وقتنا فيما ل يفيد . .والمر بسيط جدا
ي السئلة وانا أجيب .ولكني لحظت عجبا !! كنت إذا أجبت على سؤال ببضعة كلمات
وأخذ يوجه إل ّ
أثارني ما لحظته فقلت لوكيل النيابة المحقق :ماذا يا استاذ قناوي ؟ إنني اجبت على سؤال واحد في
فقال :إنني اساعدك لن كل كلمة منك ستعرض على سيادة رئيس الجمهورية .كلمك أنت بالذات
سأقرأ عليك فيما بعد كل شئ .وقلت في هدوء وما الداعي مادمت تكتب من عندك .ل داعي لن
أتكلم وليكتب كاتب النيابة ما تريد على أن يكون في علمك أنني لن أعترف إذا كان هناك محكمة ..
وعاد إلي سؤالي .قال :أنت قلت :عبد الناصر كافر وحكومته كافرة والمجتمع كافر أيضا.
قلت :نحن ل نكفر أهل القبلة .قال :ومن هم أهل القبلة ؟ قلت :الذين يقولون :ل إله إل ال محمد
رسول ال ثم يلتزمون بما جاء به رسول ال صلى ال عليه وسلم من عند ربه .قال أريد أن تشرحي
قلت " :الذ ين يقيمون ال صلة ويؤتون الزكاة وي صومون رمضان ويحجون الب يت إن ا ستطاعوا إل يه
سبيلً ويلتزمون بأحكام الكتاب والسنة .ل يشرعون من عند أنفسهم ول يحكمون بغير ما أنزل ال .
"
قال :هل تعتبرين جمال عبد الناصر وحكومته والمجتمع من أهل القبلة .قلت :عبد الناصر نفسه ل
.لنه حاكم يستطيع أن يحكم بكتاب ال لو أراد إل أنه عمل على تعطيله ،فهو يشرع للناس من عنده
ويعطل كتاب ال وقد قال عبد الناصر صراحة :أنه ل يقيم حكومة دينية .
قال :أ نا أر يد أن تقولي لي ب صراحة :ع بد النا صر والحكو مة كافر ين .ول رأ يك إ يه .قلت :ل قد
أجبـت ومـن شاء أن يعلم حقيقتـه مـع ال فليعرض نفسـه على كتاب ال وكان قـد كتـب حوالي خمـس
ل آخـر فقال :أنتـم كنتـم تريدون قتـل أم كلثوم وعبـد الحليـم حافـظ .قلت :إن
ثـم عاد يسـألني سـؤا ً
المشغولين بالدعوة لدين ال وعودة المة السلمية إلى حياة الناس ل ينشغلون بهذه المور السخيفة .
ثم يوم يعود الم سلمون لدين هم ف ستنتهي كل هذه الرذائل ،و ستتخلص ال مة من هذا الت سيب المق يت ،
وعبادة الشيطان في هذه الصور المختلفة التي فتنت المة وانهارت بها هذا النهيار الذي جعلها غثاء
كان وك يل النيا بة مح مد القناوي ي سمع م نى كلما ويك تب غيره أو يحر فه أو ين قل كلما آ خر من
الملفات المرصوصة أمامه .وهكذا كانت خيمة النيابة على هذا النمط الغريب العجيب عشرة أيام .
وكان الم ستشار مح مد ع بد ال سلم يتردد على الخي مة وي سأل القناوي عن الو ضع ويقول له :أبذل
و في الخي مة قلت للقناوي :إ ني أرى شيئا عجبا .أرى رجال القانون والقضاء في غا بة يتعايشون
مع وحوشها ،يلقون عن أنفسهم ثياب القضاء ويرمون من فوق أكتافهم أردية القانون والعدل قال
:نحن نحرص على تخليصك وإنقاذك من الخوان ليس لك بعد أقوال الهضيبي وسيد قطب وعبد
و ما رأ يك في كلم الهض يبي و سيد ق طب وع بد الفتاح إ سماعيل ؟ قلت أن تم تختلقون علي هم الكذب
وهؤلء هم طليعة الجماعة المسلمة .قال :وهل نكذب على أحد ؟ أنت لتقولين الحقيقة وتكذبين .
قلت أكذب على من ؟ .قال :على الحكو مة وعلي نا ن حن رجال النيا بة .قلت أ نت م صدق أ نك من
قال :سأقفل التحق يق وأعيدك إلى مكا تب التعذ يب ..وب عد ذلك تحضر ين ل نا مرة أخرى . .وطلب
قهوة وأخذ يشربها .وبعد ما شرب القهوة قال :إيه يا زينب ؟ أتريدين الرجوع إلى المكتب ؟ إن
أمرني بالتوقيع على ما كتب فرفضت .فأعادني مرة أخرى إلى المكاتب وجلدت من جديد وأعادوني
ب عد يوم ين طل بت للنيا بة مرة أخرى .وهناك وجدت عددا من الشباب أفناهم التعذ يب وك ساهم ثوب
عذاب.
فسألني قناوي :متى التقيت بهؤلء ؟ ومتى تعرفت إليهم ؟ وما هي أسمائهم ؟ وأنظر إلى الشباب
وأقول سائلة :متى رأيتكم ؟ هل التقيتم بي حقا ؟ هل تعرفونني قبل اليوم ؟ ما أسماؤكم ؟ ويصرخ
وكيل النيابة معترضا مدعيا أنني أوجههم بأسئلتي ،فأرد عليه طالبة منه أن يسألهم متى التقوا بي
ل أن يسألني متى التقيت بهم ؟ ويسألهم الواحد بعد الخر وتكون الجابة واحدة لم نلتق بها .
فيقول القناوي :ولكن كم قل تم في التحقيقات ان كم التقي تم ب ها .فيجيبون :ت حت سياط التعذ يب ك نا
نقول أي شئ .ثم نعاد جميعا إلى المكا تب !! مكا تب التعذ يب !! عشرات وعشرات المرات عرض
عليّ الشباب الصابر ما بين خيام النيابة ومكاتب اللم والعذاب والقهر .
عودة إلى المكاتب
وشيوخا وي سألونني م تى :التق يت ب هم ؟ ويكون الجواب :من هؤلء الذ ين ت سألونني أ ين التق يت
وتنت هي المواج هة ب صورة جديدة من التعذ يب :كالوقوف في مكان مظلم وأ حد الع ساكرخلفي يضرب
بالكرباج على الرض ويأمرنـي أن أسـتمر فـي خطوة "مكانـك سـر" ،فإذا بلغـت العياء ولم أسـتطع
الستمرار في تلك الحركة ،وأقدامي ممزقة ومربطة بأربطة الشاش عاجلني بعشرة أو عشرين سوطا
و سأضرب أمثلة للتعذ يب ب عد انتهاء النيا بة من التحق يق لتعرفوا ماذا كان ع بد النا صر وماذا كان
التعذيب
أخذو ني في منت صف ليلة من ليالي هم ال سوداء إلى مك تب مجاور لمك تب ش مس بدران ،كان يجلس
الذي أخذ يسألني..قال :اشرحي يا زينب يا غزالي اتصالتك بخالدة الهضيبي وأحمد ثابت زوجها
قلت :نشاط خالدة الهضيبي معي كان محصورا في مساعدة أسر المسجونين .
قلت :مساعدات مالية أو عينية ،وشرحت له نوعية العينية – بعد سؤاله – أنها كالقمشة والدقيق
والقمح والرز والسمن والفاصوليا .وعاد يسألني عن زوجها أحمد ثابت .ولما أوضحت له أنه لم
يكين له مين عميل إل الحضور إلى المركيز العام للسييدات المسيلمات ليوصيل الشياء التيي أرسيلها
لخالدة لتسلمها للسر – دون أن ينزل من العربية – رفض تصديقي وأسلمني إلى صفوت فأوقفني
ليتصيرف ،وتصيرف صيفوت فأوقفنيي ووجهيي للحائط مكررا السيؤال عين صيلة خالدة الهضييبي
بالتنظيم .
ولما مضت ساعة دون أن أغير من موقفي بدأ يهددني بالكلب وبالضرب وأصررت على أقوالي .
ودخيل حمزة البسييوني فطلب منيه جلل الدييب أخذى إلى الكلب .وأخذونيي إلى حجرة مظلمية
وأدخلوا كلبيييا معيييي وتركونيييي اكثييير مييين سييياعتين ميييع الكلب ثيييم
أعادوني إلى المستشفى .و فى الليلة الثانية أعادوا استجوابي عن علقة خالدة بالتنظيم وأصررت
على موقفيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي
السابق ،وتركني جلل الديب في الغرفة ،وخرج ليرسل لي صفوت فيضربني بقدميه وبيديه حيثما
اتفق ،ثم يغلق على الحجرة ويخرج ليعود بعد ساعتين فيعيدني إلى المستشفى!
المال
ومرة أخرى طلبوني لمكتب شمس بدران وقال شمس :لقد أتينا بالزيني من غزة .وقد تعرف عليه
المر شد ومأمون الهضيبي .وهو الذي أتاك بالمال وإذا لم تتعر في عل يه سيتم إعاد تك للتحقيق من
اللف للياء! إنت فاهمة؟ والمهم يا بنت يا زينب أن الزيني قد اعترف .وأخذوني إلى حجرة وجدت
فيهيا رجل فيي صيورة ل يمكين معهيا أن يتعرف علييه أحيد ،وأخرجونيي وأعادونيي إلى شميس .
قال :لقد تعرف الكل عليه . .إنه صادق الزيني ،يا بنت الييي . .وتدخل جلل الديب ليطلب من
شمس أن يسألني عن المال لي غرض هو؟ و سألني شمس وأجب ته بأ نه للسر :للكل ،للتعليم ،
وجن جنون شمس فصاح بحمزة :خذها وألقها للثعابين ل للكلب .
وخرجت مع حمزة وصفوت ،وأخذوني إلى المستشفى وطلب حمزة كرسيا فجلس عليه ثم قال :
إنت صعبانة على يا زينب ،لن آخذك إلى الثعابين ،قولي لي لي غرض كان المال ؟
وكان جلل الديب قد وصل ليسأل :هل اعتدلت أم ل؟ وكان جواب حمزة :اتركها لي يا جلل يبدو
أح سست ع مق بشاعت هم وازداد احتقاري ،وأ صبح ال مر ل يشغل ني كثيرا .بل أ صبحت أف ضل أن
أظيييل ميييع الكلب على أن أبقيييى ثوانيييي ميييع شميييس أو حمزة أو جلل . .
وذات ليلة أخذونيي إلى مكتيب شميس بدران بعيد العشاء جلسيت ل أدرى كيم ،ولكنيى أغميى على،
فأ سعفوني بالح قن وأعادو ني إلى الم ستشفى وبعد ثل ثة أيام أخذو ني ثان ية إلى مك تب ش مس بدران
الذي أقسييم برأس عبييد الناصيير إنييه سيييعيد تعذيييبي ميين رقييم 1إلى رقييم 34
وكانت هذه الرقام قد مرت على بصنوف من التعذيب مختلفة الصور ،متعددة اللوان .وابتدأ حديثه
بقوله :يا بنت يا زينب ،أنا سأذكر لك حادثتين حصلوا معك :حادثة فيها محمد قطب و الهضيبي
وبنقول لك إن هذه الحاجات اعترف بها حسن الهض يبي ومحمد قطب . .راح تكذبينا لكن من أين
ك نا سنعرفها؟ . .الحاد ثة ال تي في ها على عشماوي ستقولين :إن على كذاب . .ل كن الثان ية ل يس
في ها على . .قال ش مس بدران :في يوم كل مت مح مد ق طب ونزل لك من حلوان بالل يل ،فأعطي ته
مصياغك وخمسيمائة جنييه ،وقلت له :الخمسيمائة جنييه سيلمهم للوالدة "تقصيد حرم الهضييبي"
ومصياغي هذا أنيا متبرعية لسير الخوان ،خذهيم ييا محميد . .أعطهيم للسيت الوالدة فيي الوقيت
المناسب .
قلت :نعم ،هذه الحادثة حصلت وما الذي يصيبني فيها؟ مصاغي أتبرع به كما أشاء ،وقد تبرعت
إلى اكرم وجه للخير ،لجماعة الخوان المسلمين إعانة للسر .أما المال فقد كان للخوان وكان على
أن أرده لصله عندما أخشى عليه .قال شمس :الخمسمائة جنيه كانوا للتنظيم ل للسر .قلت :ل،
للسيييير .قال :على عشماوي قالي :إنهييييا للتنظيييييم .قلت :على عشماوي كذاب .
قال :محمد قطب قال إنه ل يعرف الغرض من الخمسمائة جنيه .لكن أنت بعثت بها مع المصاغ .
وقلت له :أعطهيا لحرم الهضييبي .قلت :واجهونيي بمحميد قطيب .لقيد قلت له :إن الخمسيمائة
جنيه مساعدة للسر .قال :طيب ،وكيف جاءت هذه الخمسمائة جنيه ؟
قلت :في يوم جاءني على عشماوي يطلب منى ورقة لخ من السعودية ليتمكن من مقابلة المرشد
أو مأمون ،وأفهمتيه أن الخ مأمون ل يحتاج إلى واسيطة وان المرشيد فيي السيكندرية ،إل أن
وقال لي :إن هذا الخ قابيل مأمون وتيبرع بهذا المبلغ وإن مأمون طلب م نه إعطاء المبلغ للحاجية
السيعودية -حسيب روايية على عشماوي -أن يوصيل على عشماوي المبلغ إلييك وأن المبلغ
قال شميس بدران :المبلغ لم يكين للسير ،لن محميد قطيب قال ذلك .فقلت مؤكدة :إننيي وحدي
يكون ال مر قد الت بس على ال ستاذ مح مد ق طب إن كان قد قال ذلك .قالوا :سنعيدك للتعذ يب . .
قلت :واجهونيي بمحميد قطيب .ولميا واجهونيي بالسيتاذ محميد قطيب ،قال :إننيي سيلمته المال
والمصاغ ليوصله إلى الوالدة وحاولت أن أذكر حضرته بما قلته له من أن المبلغ كان للسر وكان
عندي أمانة ،لم يستطع أن يتذكر ،إل أنه قال :ما دامت الحاجة متأكدة أنها قالت لي هذا فإن قولها
صحيح .
وأوقفو ني إلى ال صباح ووج هي للحائط ثم أعادو ني للم ستشفى .وب عد يوم ين أخذو ني إلى مك تب
شمس بدران الذي بادرني بقوله :نحن نريدك يا زينب أن تعترفي بالتنظيم الذي كان محمد قطب قد
أسسه .
وأجبت :لقد سئلت من قبل في هذا وأجبت بان محمد قطب لم يؤسس تنظيما.
فقال لصفوت :علقها يا صفوت ! وعلقني صفوت وجلدوني على قدمي! . .ثم أخذت لمكتب مجاور
لمكتب شمس بدران ،وقال لي رجل من رجاله -ل أعرف اسمه -كان يجلس بجانب حسن خليل
دائما :ووجهي يا بنت يا زينب :إنت عبيطة ! أنت ل تعرفي تخلصي نفسك ؟! الخوان كذبوا عليك
كثيرا ،فلماذا ل تتفاهميي معنيا وتعطينيا بعيض المعلومات عين محميد قطيب ؟ ونحين سينحفظ
لك هذا الجمييل ونبدأ نتفاهيم معاك ! قلت :كييف أتفاهيم معكيم ؟ أنيا أحتقير طرقكيم وباطلكيم ! أنتيم
عملء للشيطان ،لن ت ستطيعوا أن توقعوا بين نا ن حن عباد الرح من ! ن حن ل ي صدق الخ م نا في
قال :سنعيد التعذيب من جديد .وستحقق النيابة معك مرة أخرى .
قلت :النيا بة من كم وأن تم من ها ..أن تم جمي عا ل تعرفون طر يق ال .أن تم من الضال ين المغضوب
عليهم . .
ودخل حمزة البسيوني وفى يده ورقة وضعها أمامه وسأله :هي لسه مغلباك يا باشا؟ وخرج حمزة
وابتدأ هو يتكلم في موضوع محمد قطب ثانية .وخرج وجاء صفوت وضربني بالسوط حيثما اتفق
ثم خرج ووج هي للحائط . .ب عد ساعة تقري با د خل شيطان آ خر أ خذ يشرح لي ما سيترتب على
تعاونيي معهيم بإعطائهيم معلومات عين التنظييم الخاص بمحميد قطيب مين نتائج فيي صيالح زوجيي
ولما لم يتغير معي أخذوني إلى حجرة الكلب .وفى هذه المرة كان مع الكلب في الزنزانة رجل قال
له حمزة البسيوني :إن لم يأكلها الكلب فكلها أنت يا ولد! وأغلقت الزنزانة لساعتين لم اكف فيهما
عن قول "حسبنا ال ونعم والوكيل " أما الرجل والكلب فكأن خرسا لحق بهما حتى فتح الباب وأخذت
وفى اليوم التالي أخذت إلى مكتب رياض إبراهيم الذي سألني عمن قابلت من كرداسة .
أجبت :أنا ل أعرف شيئا عن كرداسة هذه .قال :ألم يقابلك أحد منها أبدا؟ أجبت :ل . .فذكر أن
أحمد عبد المجيد من كرداسة .ثم قال مهددا بأنه ذاهب إلى الباشا ليرسل لي من يتفاهم معي وخرج
.ودخل عسكري أمرني بالوقوف وأن أدير وجهي إلى الحائط وضربني على ظهري بالسوط ! وبعد
وب عد أيام طلبو ني لمك تب رياض -ثان ية -وواجه ني ب سيدات لم أر هن من ق بل ،و سألني ع من
تكون زوجة السيسي من بينهن قلت ل أعرفها ،وإذا بهم يدخلون شابا صغير السن والعسكري خلفه
بالسيييوط ويسيييألون :أيييين هيييي زينيييب الغزالي ؟ فنظييير الشاب وقال :ل أعرف
.ول ما سألوه ثان ية عن زو جة عباس ال سيسي أجاب ثان ية :ل أعرف .ف سألوه ع من قابل ته من
السيدات الموجودات فأجاب :لم يقابلني أحدها فأخرجوه كما أدخلوه بالسوط يلسع ظهره .
ثم فوجئت بحميدة قطب تدخل وخلفها صفوت .وسألوها عن زوجة السيسي قالت " :ل أعرفها" .
ثم أخرجوا السيدات الربع وأخرجوا حميدة وبقيت مع رياض .قال :اسمعي يا بنت يا زينب . .أل
تعرفين واحدا من الخوان متزوجا من أربعة ؟ قلت :ل . .قال :هل تعتقدين أنى أقول لك فزورة ؟
! هناك واحد من الخوان متزوج أربعة .إن لم تقولي من هو ستضربين .قلت :افعل ما تشاء.
أمروا أن أ ضع وج هي في الحائط وقام وضرب ني عدة كراب يج وترك ني في الحجرة وخرج . .وب عد
ساعتين عاد ومعه صفوت الروبي الذي أخذني إلى المستشفى .
قرر الطباء أن حالتيي الصيحية متدهورة ،وان لم يسيمحوا لي بأكيل مين المنزل فإن حياتيي يخشيى
علي ها ،ول أ ستطيع الذهاب إلى المحك مة .ف سمحوا لي بدخول ال كل وكان عبارة عن فاك هة ول بن
وفى يوم احتالت أختي لتدخل لي لحما ،فأفرغت علبة لبن جافة وملتها لحما مفروما وأدخلتها على
وأخذ عبد المعبود التمرجي يوزع الباقي على الخوان المرضى في المستشفى .وكان معنا الستاذ
عبد العزيز على – وزير البلديات السابق – وكنا نتقاسم كل واحد برتقالة وكل اثنين سلطانية زبادي
.وبعد التوزيع ناديت الممرض ورجوته أن يوزع هذه العلبة على الخوان ،كل واحد كوب لبن
فخرج بهيا ثيم عاد إلى مرة ثانيية وهيو يقول :هذا ينفعيك أنيت ييا حاجية ،دي فيهيا لحيم مفروم ،
فرجو ته أن يوزع ها :كل وا حد يأ خذ ملع قة .فف عل وعاد و فى العل بة الل حم المفروم ،ورجو ته أن
يو صله إلى الستاذ ع بد العزيز ومعه علبة زبادي ،وسأل ع بد المعبود لم أخ تص بهذا؟ فأج بت من
زنزانتييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي :
وكان الخوان يدخرون مين ضرورياتهيم القليلة ميا يعاونون بيه إخوة لهيم تمزقيت أجسيامهم مين
التعذييب ،فهيم يحتاجون إلى غذاء خاص وعنايية خاصية ،مميا جعلنيا نفرح لي شييء يصيلنا مين
مر ما يقرب من عام على اعتقالي ولم يسمح لي بالكل من الخارج إل قبل المحاكمة بثلثة أشهر؟
خوفا من أن أموت قبل أن يحاكموني بأباطيلهم .وتلك كانت طريقتهم في الحياة :الخداع والبهتان .
أب شع من هذا ما عرف ته ب عد ذلك عند ما زارت ني أخ تي ووالد تي ق بل المحاك مة بأيام وقالت لي :إن
صفوت الروبي كان يطلب منهم في اليام الولى لعتقالي أكواما من الطلبات من الدوية والفاكهة
لقد كانت خطة مدبرة لستنزاف قدراتنا -معاشر المجاهدين -بإرهاق أسرنا في الخارج .أرادوا
أن يقولوا للناس الذ ين سيسمح ل هم بدخول محكمت هم :إن معاملت نا للمتهم ين على أح سن ما يرام
بدلييييل أنهيييم بصيييحة جيدة وأن الكيييل دخيييل لهيييم مييين الخارج وهكذا مييين
سيأضرب لك -أيهيا القارئ -بعيض المثلة على ميا كان يعانييه المسيجونون مين الجوع وخاصية
المرضى .
ذات يوم د خل شاب من الخوان ،ج سمه ممزق من التعذ يب ،وحضروا به إلى الم ستشفى لعل جه
وأخذ الطبيب يبحث عن قطعة سكر .ولكنه لم يجد في المستشفى وسمعت الهرج والسؤال عن قطعة
ال سكر .فطر قت باب زنزان تي ول ما فتحوا رجوت هم أن يأخذوا برطما نا صغيرا كان به ع سل ن حل
جاء ني مع الطعام من الخارج ،أ خذ الممرض الع سل وأمره ال طبيب أن يع طى ملع قة للمر يض . .
وهذا يحدث بطبيعة الحال بعيدا عن أعين الزبانية؟ فمثل هذا من الممنوعات في المستشفى! ! .
ومرت اليام .ووصلت بهم الحال إلى تعذيبنا بمنع الماء عن المريض .فيظل طوال الليل ل يشرب
نقطة ماء – ونحن في أشهر الصيف – حتى أصبح الحصول على نصف كوب ماء من المعجزات ،
ك نت مري ضة جدا وحال تي ال صحية سيئة ،ف سمحوا لي بدخول ب عض الماء ،وكان بجواري أخ كر يم
في الزنزانة المجاورة فكنت أقسم معه هذا القليل من الماء ،ولن تصدق أيها القارئ إذا ذكرت لك
الطريقة التي كنت أوصل بها الماء إليه ،لن تصدق أنني كنت أضع الماء في كيس نظارتي وأناوله
إليها . . .
وتاب الوحش
وسأقص عليك ،أخي القارئ ،قصة حدثت وأنا بالمستشفى تجعلك تزداد يقينا بأن في هذا الشعب
خامات طيبية وقلوبيا طاهرة؟ لو وجدت التوجييه السيليم لتيت ثمارهيا وعبدت ربهيا ،ودافعيت عين
عقيدت ها ب كل ما تملك من ج هد ومال . .كان مع نا في الم ستشفى ع سكري ممرض ا سمه :صلح
وكان مكلفا بإعطاء الحقن للمرضى ومراقبة الزنزانات .وذات يوم كنت ذاهبة إلى دورة المياه ،وإذا
بالهواء ير فع بطان ية كانوا ي ستعملونها با با لزنزا نة ال ستاذ المام الشه يد سيد ق طب ،لن ها كا نت
بغير باب خشبي ،وتصادف مع ر فع البطانية مروري أمام الزنزانة ،وقامت الدنيا في المستشفى،
ك يف تحدث هذه الجري مة البش عة ،وترى زي نب الغزالي سيد ق طب و هو جالس في زنزان ته ! وقام
ومميا زاد الموضوع بشاعية أن صيفوت الروبيي كان داخل إلى المسيتشفى فيي هذه اللحظية فأراد
العساكر أن يثبتوا له أنهم حريصون على تنفيذ الوامر ،ول يسمحون لحد أن يرى أخاه ؟ ولو كان
ذلك صدفة ب سبب بطان ية رفع ها الهواء ! كان صلح أش به بو حش كا سر ل إن سانية ول ع قل ول
دين ،وكان الستاذ سيد قطب يلطفه ويخبره بأنه ل دخل له ول ذنب في رفع البطانية ،وظل يكلمه
بكلم هادئ حلو حتى جعل هذا الوحش يلين ويستحي . .ثم يأتيني بعد أيام نادما يقول :إنه يريد أن
يسلم من جديد ،يسألنى ماذا عليه أن يعمل حتى يكون مسلما صحيحا . .وسألته :هل تستطيع أن
قال :إذا أسيلمت إسيلمهم فسييصبرني ال إن شاء ويقوينيي .سيألته تقول :ل إله إل ال محميد
رسول ال ؟ قال :نعم ،ثم رددها أمامي . .فقلت :إذن ،ل تفعل إل ما يأمرك ال به ول تطع أمر
قال :أنيا أرييد أن أفهيم السيلم الحقيقيي ،السيلم الذي جعلكيم تتحملون كيل هذا العذاب بصيبر ل
يستطيعه بشر.
فطلبت م نه أن يرجو ال ستاذ سيد قطب أن يفهمه ال سلم حين يذهب إليه ليعط يه الحقن وأر سلت
وانقضت أيام ،وجاءت عريضة التهام بموعد المحاكمة ،وكانت مهزلة لم يشهد لها التاريخ مثيل،
ولقد اخبرونا أن الحكام في درج شمس .وقد حرمونا حق الدفاع ومقابلة المحامين ،فحين طلبت
يييين
ييييه ممنوع مي
ييييل لي :إني
يييية قيي
ييييد الخواجي
ييييتاذ أحمي
انتداب السي
الدفاع في هذه القضية .فقلت :إذن ل أريد محاميا ،سأدافع أنا عن نفسي .
فانتدبوا لي محامييا مسييحيا ليتولى الدفاع عنيى وصيرحوا لهلي بزيارتيي قبيل المحاكمية .فجاءت
والد تي وأختاي اللئى كدن يغ مى علي هن ل ما رأ ين من تغ ير صورتي وضع فى الشد يد ،وشجعت هن
وجلست معهن ،ومعنا صفوت وحمزة البسيوني مشرفين على الزيارة .
وطل بت من أهلي أل يوكلوا محام يا ع نى ،ولك نى عل مت من هم أن هم وكلوا ال ستاذ ح سين أ بو ز يد
واتفقوا م عه على ألف جن يه ن صفها ق بل المحاك مة .فأو صيتهم بعدم إنفاذ التفاق ،إل أ نى فوجئت
يوم المحاك مة بالمحا مى أ بو ز يد يدا فع ع نى .و فى م ساء اليوم ال سابق للمحاك مة أخذت إلى مك تب
شميس بدران الذي قال لي :المطلوب منيك أل تعترضيي على أي شييء جاء فيي التحقيقات ،وأن
تصدقي على كل كلمة وردت في الوراق ،وإذا اعتذرت إلى المحكمة بان الخوان خدعوك وأظهرت
ندمك على ما فعلت فان المحكمة ستخفف عنك الحكم . .إياك أن تعترضي على أي كلمة جاءت في
التحقيقات ،ن حن نر يد أن نخد مك .فإذا قررت أ نك ت تبرئين من الخوان الم سلمين وأن هم خدعوك
قلت له ( :يفعل ال ما يشاء ويختار .ما كان لهم الخيرة من أمرهم .قال :كلميني بالعربي . .ما "
ترطنيش " . .أنا ل أفهم ما تقولين . .الظاهر أنك ل تنوين الخير ،نحن نريد أن نخدمك .قلت له :
"وعنده مفاتح الغيب ل يعلمها إل هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إل يعلمها ول
قال :خذهيا ييا حمزة وهيى حرة تفكير فيي مصيلحتها أول تفكير .قال حمزة :اتركهيا ييا بييه ،أنيا
سأتفاهم معها وخرجت من مكتب شمس بدران إلى مكتب مجاور له ،وأخذ حمزة البسيوني يقنعني
بان يكون موقفيي فيي المحكمية البراءة مين الخوان المسيلمين ،ويعييد على مسيمعي ميا سيبق أن
كرروه مرات ومرات من أن الهضيبي وسيد قطب وعبد الفتاح إسماعيل قد غرروا بي .
وبذل لي الوعيد بأنهيم سييسلموني النقود التيي صيودرت منيى كهديية بسييطة أولى لي .على قدر
كلمي في المحكمة عن تغرير الخوان بي ستكون هدية جمال عبد الناصر لي ! ونصحني أن أتعقل
وأعود معه إلى شمس باشا لعده بتنفيذ رغباته ويكفيني ما حدث .
سمعت كل ما قاله ولم أجب ،لم املك حين كرر أنه يريد تخليصي من الحكم بالعدام إل أن قلت له
:أ نت ل ت ستطيع أن ت ستخرج من ج سمك البول إذا أتح بس م نك يا م سكين ! . .أرجع ني إلى
الزنزانة . .وأخذت أفكر في أمر هؤلء الطواغيت وفى استعداد المحكمة لتنفيذ كل ما يريدون ! !
ولم أستطع أن افهم -والمر بيدهم والمحكمة بيدهم -هذا الحرص على أل نتكلم في المحكمة أو
القارئ -أن التمثيلية ل تتم إل بهذا الفصل الخير وهو مهزلة المحكمة التي يريدون عرضها أمام
الشعيييييييييييييييييييييييب المكبيييييييييييييييييييييييل
بالقيود .وكأنهم يريدون أن يقولوا له :انظر ،ها هم الخوان يريدون قتل الرئيس وفد شهدوا على
أنفسهم بذلك ،ولكن خيب ال ظنهم فجاءت النتيجة عكس ما يتوقعون . .لقد كانت مهزلة.
وأي مهزلة اكبر من أن يأتوا بأمثال الفريق الدجوي ليجلس في منصة القضاء؟!
بشرى
وفيى غمرة تلك الحداث رأييت – فيميا يرى النائم – أنيى أقيف فيي سياحة قييل إنهيا المحكمية التيي
سنحاكم فيها ،وبينما أنا واقفة إذا بالحوائط تزول وإذا بي وسط ساحة كبيرة مساحتها الرض كلها،
وإذا بالسيماء تظلل الرض وتنطبيق عليهيا كأنهيا خيمية أطبقيت على الرض لي وإذا بالنور يغمير
يقف أمامي وأنا خلفه وأسمعه يقول :استمعي يا زينب لصوت الحق ،وسمعت صوتا يخترق أقطار
السماوات والرض يقول :ستنعقد هنا محاكم الباطل وستصدر أحكام الطواغيت وسيحكم عليكم ظلما
وعدوانا أنتم حملة المانة ورواد الطريق ( فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا ال لعلكم تفلحون ) .
كانت هذه بعض الكلمات التي سمعتها تخترق أقطار السماوات والرض ببلغة لم أستطع أن أعيها
وعندما انتهى هذا الصوت ،التفت إلى حضرة النبي صلى ال عليه و سلم وأشار إلى جهة اليمين ،
فقال لي حضرة ال نبي ( صلى ال عل يه و سلم) :يا زي نب ! ا صعدي هذا الج بل ف ستجدين ع ند الق مة
ح سن الهض يبي ،بلغ يه هذه الكلمات .ون ظر إلى نظرة عمي قة أخذت ب كل كيا ني غ ير أ نه صلى ال
علييه وسيلم يتحدث بكلمات منطوقية ،ولكنيى أحسيست أنيى حملت الكلمات فعل ،وفهميت ميا يريده
منى ،ورفع الرسول الكريم صلوات ال وسلمه عليه يده إلى الجبل ،فوجدت نفسي وأنا صاعدة
التقيت في طريقي بخالدة الهضيبي وعلية الهضيبي فسألتهما :هل أنتم معنا في الطريق ؟ أجابتا :
نعم .
وتركتهما وواصلت السير وعلى بعد أمتار التقيت بأمينة قطب وحميدة قطب وفاطمة عيسى فسألتهن
وأخذت طري قي في ال صعود ح تى و صلت إلى الق مة .فوجدت أر ضا مب سوطة فوق ق مة الج بل و فى
وسطها ساحة مفروشة بالبسط وعليها الرائك والمساند والهضيبي يجلس في الوسط .فلما رآني
ييافحته قلت
ييا صي
ييه ،فلمي
ييي عليي
ييو فرح بقدومي
ييي وهي
ييل على يحييني
ييف وأقبي
وقي
له :أ نا مكل فة من حضرة الر سول أن أبل غك كلمات أما نة من الر سول .أما نة م نه عل يه ال صلة
والسلم .قال لي :إنها بلغتني والحمد ل .وجلسنا وكأن هذه الكلمات تنقل عن طريق الرواح ل
عن طريق لفظ مصور في كل مة منطو قة .ول ما جلست إلى الهضيبي رأ يت على الرض في سفح
الجبل قطارا فيه امرأتان عاريتان ،فنبهت الهضيبي ،فنظر إلى ما في القطار .وكنت متألمة جدا لما
قال :هل تعتقدين أن الذي وصلنا إليه بأيدينا وبأنفسنا .إنه بفضل ال علينا فل تشغلي نفسك بهما.
قال :فلنحمد ال على ما أعطانا .ورفع يديه وكأنه يحمد ال ،ورفعت يدي وحمدت ال معه .
ونحن نكرر الحمد ل استيقظت من النوم .ولم يعد هناك ما أخشاه .
وأكاد أحس ببرد وسلم وراحة واطمئنان ،وغسلت تلك الرؤية ما بي من ألم وأذهبت ما بقلبي من
حزن ( فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لكفرن عنهم سيئاتهم
ولدخلنهيم جنات تجري مين تحتهيا النهار ثوابيا مين عنيد ال وال عنده حسين الثواب ) ( . .ل
يغرنك تقلب الذين كفروا في البلد) ( . . . .يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا
اليوم الموعود
استيقظنا يوم المحاكمة وأخرجونا إلى المكاتب في انتظار العربات التي ستقلنا إلى المحكمة .وفى
حوالي الثامنية امتلت سياحة السيجن الحربيي برجال البولييس ضباطيا وجنودا وكأنهيم ذاهبون إلى
سياحة القتال ،وجاءت عربية وصيعدنا فيهيا وتكدس حولنيا الحراس مين ضباط وجنود وذهبنيا إلى
وليعلم القارئ أن المكمل للعدد هو "على عشماوي" الذي اعتبر شاهد ملك ببيعه دينه بحياة ذليلة .
فلما دخلنا القفص وحضر من يسمونهم القضاة ،نادى الدجوي أسماءنا واحدا واحدا سائل كل منا :
هل لك اعتراض على المحكمة؟ .
ويجيب الخ :ليس لي اعتراض على الشخاص ،ولكنى أعترض على القانون الذي نحاكم به لنه
ول ما فرغ من سؤالنا جمي عا ،قال :قررت المحك مة أن تحا كم زي نب الغزالي وحميدة ق طب محاك مة
أشر نا إلى ب عض أهالي نا الموجود ين بالقا عة بالتح ية ،ثم أدخلو نا حجرة أغلقو ها علي نا ح تى انت هت
الجل سة فأخرجونيا إلى العربية ومنهيا إلى ال سجن الحر بي .كان ذلك يوم 10/4/1966ومكثنيا في
الزنزنات ح تى يوم . 17/5/1966لتعاد م سرحية المحك مة .ك ما سبق أن ذكرت من أن تلك "
المحاكمة " هى الفصل الخير الذي يريدون عرضه أمام الشعب .
الباب السادس
محكمة !!
في يوم , 1965 /5 /17أخذونا إلى المحكمة ،وأدخلونا القفص .هيئة المحكمة يتقدمها الفريق
الدجوي منتفيخ الوداج ،وجلس أعضاء النيابية فيي مكان عين يمينيه .تلي منصية النيابية منضدة
علي ها عدد من ال صحفيين ،كانوا قد حضروا ق بل هيئة المحك مة ،وأخذوا ي صوروننا .وكان مع هم
صحفي يدعى عبد العظيم ؟ طالما جاء ليلتقط بعض الصور لنشاط المركز العام للسيدات المسلمات
فقلت له :يا ع بد العظ يم احت فظ بهذه ال صور لعل نا نحتاج ها يو ما ما ،ولعله أن يكون قريبا .قال :
حاضر .وكانت هذه شجاعة منه ولكنه ارتعش واصفر وجهه وتغير لونه وهو يجيب .
وبعيد دقائق لم أره فيي القاعية ،والتفيت إلى الصيحفيين أسيألهم :ماذا تفعلون ؟ وابتدأ الدجوي
المحاكمة بأن نادى اسمي فخرجت من القفص لرد على أسئلته ،وكانت كل السئلة التي وجهها ل
تمت بصلة لكلمي في التحقيق .فكنت أقول له :هذا الكلم لم أقله في التحقيق . .
قال لي :إن حسن الهضيبي قال :إن الربعة آلف جنيه التي أعطيته إياها سرقتها من زوجك .
قلت :الرب عة آلف جنييه اشتراكات و تبرعات من الخوان المسيلمين ؟ لحسياب أ سر المسيجونين
فارت بك وارتعد وكأن عقر با لد غه وسأل :عندما ك سرت رجلك ك نت خائ فة على هذا المبلغ فلماذا؟!
ولما جاءك عبد الفتاح إسماعيل في المستشفى أرسلته ليأخذ المبلغ من الخزنة في منزلك ويسلمه
للهضييبي فلماذا؟ قلت :لنهيا أموال الدعوة السيلمية ،حيق المسيجونين المجاهديين الذيين شردتيم
أسرهم وخفت عليها ولو مت سيأخذها الورثة وهى ليست ملكي ،لكنها ملك الدعوة.
قال :هي ملك التنظيم حتى تشتروا بها سلحا .والهضيبي قال إنه ل يعرف مصدر هذه الموال ،إل
وتدخلت النيابة وقال .سيد قطب يقول إنه قال لحميدة .بأن الضربة تكون شاملة وعلى أوسع مدى
.
أجبت :هذا لم يحدث .قال وكيل النيابة :وهل يكذب سيد قطب ؟ قلت :حاشا ل أن يكذب .
فانف تح وك يل النيا بة كالمجرور القذر ،وأخذت ني الده شة فلم ا كن أتو قع أن أ سمع هذه اللفاظ القذرة
مين النيابية فيي قاعية المحكمية .وهكذا اسيتطاع الطاغوت أن يقضيى على الكرامية والخلق فيي
مصر؟!
انتهى الدجوي من سؤالي ومناقشتي فعدت إلى القفص ،وخرجت حميدة لتجيب على أسئلته .ولما
فرغيت مين الجوبية وعادت إلى القفيص .ابتدأت مرافعية النيابية ولسيت أدرى إذا كان يجوز أن
أسميها مرافعة .فقد هبطت فيها النيابة إلى درك أسفل من انحطاط اللفظ وقبحه ،وشنيع ما نطقت
به من عبارات القذف في العراض وال سباب للبرياء .وكانت ظل مة تخيم على وجه المتكلم باسم
النيابة وتمتد لتطمس المحكمة كلها . .وضاق صدري بالباطل المجسم في النيابة والمحكمة ،فرفعت
يدي أطلب الكلمة .فظن الدجوي المدعى أنه قاض ،وأني سأعتذر خوفا من باطلهم وتهديدهم وما
طلب ته النيا بة من إعدا مي لن الشغال الشا قة المؤبدة ل تكا فئ جريم تي . .ون ظر الدجوي نحوي
وق فت وقلت " :ب سم ال الرح من الرح يم . .ن حن أمناء أ مة وور ثة كتاب وحماة شري عة ،ول نا في
رسول ال أسوة حسنة .وإننا لثابتون على الطريق حتى نرفع راية ل إله إل ال وحده ل شريك له
وأن محمدا عبده ورسوله ،وحتى تلتزم بها المة .وحسبنا ال ونعم الوكيل فيما افترى الظالمون
.وأشرت إلى النيا بة والمحك مة م عا وأ نا أردد :ح سبنا ال ون عم الوك يل في هذا البا طل والبهتان
وال ثم ال مبين " .وأخذت الدجوي نو بة ه ستيرية ف صار ي صرخ " :أ سكتي أ سكتي هي بتقول إ يه ؟
يع نى إ يه (أ سوة) .إ يه معنا ها الكل مة دي؟! ويكرر هذا . .وه نا ض جت القا عة بالض حك على ذلك
الذي حكموا عل يه أن يكون قاض يا و هو ل يف هم مع نى كل مة "أ سوة" وهكذا كان ع بد النا صر ينت قي
جل ست وأ نا أقول :ما الج هل إل مف سدة ول كل سوء مجل بة .ليش هد التار يخ على من يحاكمون نا
ويحكموننا. .
وانت هت الجل سة وعد نا إلى ال سجن وعاد كل م نا إلى زنزان ته ب عد أن حا سبوني على ما قلت في
المحكمة. .
واعتقدت أنه بمحاكمتي انتهت المتاعب بالنسبة لي ،ولكنى فوجئت بأنهم يستدعونني للتحقيق مرة
أخرى في المكاتب ،ويسألونني عن أشخاص ،فإذا أجبت بأني ل أعرفهم بدءوا معي التعذيب من
جد يد والوقوف ووج هي للحائط .وهكذا ا ستمر التعذ يب ر غم انتهاء المحاك مة ،ف هل و قع هذا من
محاكم التفتيش أو أي محاكم أخرى في التاريخ ؟ هل وقع في بداية الدعوة وفى ظلم جاهلية قريش
جاء اليوم الموعود للنطيق بالحكام ،أخرجونيا أنيا وحميدة فيي عربية خلف عربية الرجال ومعنيا
الحرس ،وذهبنيا لنسيتمع إلى الحكام .أجلسيونا فيي حجرة وانتظرنيا إلى أن انتهيى الحكيم على
الرجال فأدخلونا القاعة وكان أحد الضباط يجلس فيها ،نادى اسمي ثم قال :زينب الغزالي الجبيلي
أشغال شا قة مؤبدة 25عاما مع مصادرة المضبوطات .قلت :ال اكبر ول الحمد ،في سبيل ال
و فى سبيل دعوة ال حق ،دعوة ال سلم ! ،ول تهنوا ول تحزنوا وأن تم العلون إن كن تم مؤمن ين )
آل عمران
ثم نادى حميدة قطب وقال :عشر سنوات أشغال شاقة ،فضممتها إلى صدري وأنا أردد :ال اكبر
ول الحمد ،في سبيل دولة القران ،الحاكمة بالقرآن والسنة إن شاء ال.
وصرنا نردد هذا حتى و صلنا إلى حوش المحكمة ،فوجدنا الخوان في العربات ،وكنا قلقين نريد
أن نطمئن على أحكامهم ،فلما رأونا صاحوا سائلين :إيه يا أخت زينب ؟!
قلت 25:سنة أشغال شاقة مؤبدة في سبيل دولة السلم الحاكمة بالقرآن والسنة إن شاء ال .
عادوا يسألون :والخت حميدة؟ قلت :عشر سنوات أشغال في سبيل ال ودعوة السلم .
وسألتهم عن أحكام الخ سيد قطب والخ عبد الفتاح إسماعيل ويوسف هواش وبقية الخوة.
فقالوا :شهداء في سبيل ال ! ففهمت أنه إعدام وقلت :اللهم تقبل في سبيل دولة السلم الحاكمة
وجاء صفوت الرو بي وم عه ع ساكر من ال سجن الحر بي وع ساكر من البول يس فأخذو ني وحميدة
بالقوة إلى عربية صيغيرة وجاء الصيحفيون ليصيورونا ،وهجميت على آلة تصيوير أحدهيم أرييد
تك سيرها . .صائحة في هم :يا م صفقون ل كل ظالم ' يا آكلي ال سحت على موائد الطواغ يت ،ماذا
تفعلون ؟
وعدنا إلى السجن وجرت المحاسبة على ما صدر .ومنذ هذا التاريخ بعد صدور الحكام جمعونا أنا
حرب ال سجن – ويد عى إبراه يم – و صفوت الرو بي .وان صرف الضا بط وب قى صفوت والخ سيد
قطب .
قلت :مرحبيا ييا أخ سييد ،هذه مفاجأة سيارة وغاليية علينيا جدا ،إنهيا لحظات مين رضوان ال أن
وجلس يتحدث إلينا عن الجال ومواعيدها وأنها بيد ال ول أحد يتحكم فيها إل ال ،وأمرنا بالرضا
والت سليم ،وكان الحد يث عن الرضاء بقضاء ال ،وأ سر إلى حميدة بب عض كلمات ،ك ما أ سر لي
وه نا غ ضب صفوت وزم جر وأن هى المقابلة .وهكذا الطغاة ل ي ستطيعون ممار سة الخ ير في أي
لحظة من حياتهم .ونظر إلينا المام الشهيد وقال :ما علينا . .فلنوطن أنفسنا على الصبر . .وسلم
طلب الطغاة حميدة ليلة تنفيذ الحكم بالعدام .وسأتركها تقص علينا ما جرى .
قالت :استدعاني حمزة البسيوني إلى مكتبه ،وأراني حكم العدام ،والتصديق عليه .ثم قال لي :
إن الحكومة مستعدة أن تخ فف هذا الحكم إذا كان شقيقي يجيبهم إلى ما يطلبون ،ثم أردف قائل :
إن شقيقيك خسيارة لمصير كلهيا ولييس لك وحدك ،إننيي غيير متصيور أن نفقيد هذا الشخيص بعيد
ساعات ،إن نا نر يد أن ننقذه من العدام بأي ش كل وبأي و سيلة .إن ب ضع كلمات يقول ها ستخلصه
من حكم العدام .ول أحد يستطيع أن يؤثر عليه إل أنت ،أنت وحدك مكلفة بأن تقولي له هذا. .
أنا مكلف بأن أبلغه هذا ولكن ل أحد أفضل منك في تبليغه هذا المر .بضع كلمات يقولها وينتهي كل
شيء! نريد أن يقول :إن هذه الحركات كانت على صلة بجهة ما ،وبعد ذلك تنتهي القضية بالنسبة
قلت له :ولكنيك تعلم -كميا يعلم عبيد الناصير -أن هذه الحركية ليسيت على صيلة بأي جهية مين
الجهات .
قال حمزة الب سيوني :أ نا عارف وكل نا عارفون أن كم الج هة الوحيدة في م صر ال تي تع مل من أ جل
العقيدة ،نحن عارفون أنكم أحسن ناس في البلد ،ولكننا نريد أن نخلص سيد قطب من العدام .
فن ظر إلى صفوت وقال :خذ ها يا صفوت إلى أخي ها .وذه بت إلى شقي قي و سلمت عل يه وبلغ ته ما
يريدون منيه ،فنظير إلى ليرى أثير ذلك على وجهيي ،وكأنيه يقول " :أنيت التيي تطلبيين أم هيم ؟
وهنا نظر إلى وقال " :وال لو كان هذا الكلم صحيحا لقلته ولما استطاعت قوة على وجه الرض
أن تمنعني من قوله .ولكنه لم يحدث وأنا ل أقول كذبا أبدا" .سأل صفوت :يعنى ده رأيك ؟ أجاب
بقوله :نعم .فتركنا صفوت وقال :على العموم تقدروا تقعدوا مع بعض شويه . .
وانصيرف وأفهميت أخيي الحكايية مين أولهيا ،وقلت له :إن حمزة اسيتدعاني وأرانيي تنفييذ حكيم
العدام .وطلب م نى أن أطلب م نك هذا الطلب .سال :وأ نت ترض ين ذلك ؟ قلت :ل .قال :إنهم ل
يستطيعون ضرا ول نفعا .إن العمار بيد بال ،وهم ل يستطيعون التحكم في حياتي ول يستطيعون
إطالة العمار ول تقصيرها ،كل ذلك بيد ال .وال من ورائهم محيط .
وبعيد أيام سيمعنا عين تنفييذ الحكام بالعدام فيي المام الشهييد سييد قطيب والشهييد عبيد الفتاح
إ سماعيل ،والشه يد مح مد هواش .وو قع علي نا إعدام سيد ق طب وأخو يه مو قع ال صاعقة ،فال كل
كريم عزيز مجاهد" وشقيقة سيدة تقيم معي في الزنزانة ،كيف أواسيها؟ كيف أخفف عنها؟ ما الذي
أستطيع أن أفعله ؟ بل كيف أخفف عن نفسي؟ وبماذا أواسى نفسي في هذا الم صاب ؟ إن الحادث
جلل ،
والمصاب فادح ،فإعدام سيد قطب وأخويه في ال والجهاد ليس بالمر الهين ! . .
سيد قطب مفسر القرآن ،الداعية السلمي ،الحكيم في فهمه وبيانه وصفاء منهجه ،وقوة حجته ،
ألييس هيو صياحب التفسيير العظييم "فيي ظلل القران ) الذي فتيح بابيا جديدا للتفكيير فيي كتاب ال
والوقوف عند أحكامه ،وبين كيف يكون اللتزام ؟! سيد قطب الذي وضح في مقدمة سورة النعام
:أين الطريق ؟
سيد قطب . .صاحب :هذا الدين ،والعدالة الجتماع ية ،والمستقبل لهذا الدين ،والت صوير الفني
في القرآن ،ومشاهد القيامة ،وما يربو على العشرين كتابا في كل معرفة من علوم القرآن ! إن
إن الب عث ال سلمي في القوت ين العظمي ين هو ما ير كز عل يه الشه يد سيد ق طب .ومع نى ذلك أن
تنتهي دولة القوتين العظميين وأن تحكم الشريعة العالم ' ل تلك الهمجية الجاهلية.
ن عم .إن ب عث ال سلم معناه إنهاء قوة المريكان والروس وأن تقوم القوة الشرع ية صاحبة ال حق
الشرعي في حكم هذا العالم ( كن تم خير أمة أخرجت للناس ) آل عمران . . 110 :وستقوم بإذن
يوم تنف يذ الحكام رأ يت سيد ق طب في سنة خفي فة ب عد صلة الف جر .فقال لي :إعلمي أ ني لم أ كن
معهم ،أنا كنت في المدينة مع حضرة الرسول عليه الصلة والسلم ،وتنبهت فحكيت لحميدة .
وفى صبيحة اليوم الثاني لتنفيذ أحكام العدام ،أخذتني سنة من النوم كذلك بعد صلة الفجر ،وأنا
أتلو أذكار ختم الصلة ،فسمعت صوتا يقول لي :سيد في الفردوس العلى ورفقته في عليين .
تنبهت وحكيت لحميدة فانهمرت دموعها وقالت :أنا على ثقة من فضل ال علينا وبأنه
إن شاء ال في الفردوس العلى .قلت لها :وهذه الرؤى تثبيت من ال سبحانه وتعالى ومواساة .
نعم ونفذ أمر ال وعشنا في شدة قل أن يحتملها بشر ،وظننا أننا سنعيش في صمت نضمد الجراح
ل تلحق نا ف يه ق سوة ال ستجوابات والتحقيقات .ف قد انت هت المعر كة الفاجرة ب عد الحكام وتنفيذ ها.
ول كن ك يف ! ! ف ما زال الفجار يطلبون ني للمكا تب وأترك حميدة نه با لللم والقلق والنتظار الخائف
القلق حتى أعود إليها فتسألني ،فأحكي لها أن الطغاة قبضوا على مسلمين جدد وأنهم يسألونني عن
أسيماء ل أعرفهيا ،ويريدون أن يلفقوا لي قضيية أخرى فحكيم المؤبيد ل يكفيهيم .نعيم عشنيا بعيد
الحكام وتنفيذ ها في ال سجن الحر بي مهدد ين ،لم ترت فع عن حيات نا ظلل التهد يد والتعذ يب .لك نا
وجدنا في القران خير سكن فعشنا معه وصدق ال ( أل بذكر ال تطمئن القلوب ) الرعد ، 128 :
وطلبنا أن يصرحوا لنا بقراءة الجرائد وأمر حمزة بإحضارها لنا على حساب أماناتنا في السجن ،
عشنا في السجن الحربي نلوك شدة قسوة اليام وتهديدات المكاتب ،فلم تنقطع المؤامرات على حكم
عبد الناصر وكلما وجدوا مشتركا في مؤامرة عسكرية سألوا زينب الغزالي هل تعر فه ،وتكررت
صور الرهاب والتهديد ،فلم تكن تمر أيام إل ومؤامرة عسكرية جديدة ،والويل لزينب الغزالي إذا
ومات زوجي
عقب رجوعي من سماع الحكام طلبت من حمزة البسيوني أن يرسل لزوجي لنني أريد مقابلته ،
ولما لم يحضر كررت طلبي ،فطلبوني في المكتب وسألوني عن سبب إلحاحي فقلت :لقد حكم على
بالسجن 25سنة وأنا أريد أن أبلغه أنني أعفيه من التمسك برباط الزوجية ليكون حرا بعد ذلك في
تصرفه .
أجاب حمزة في غلظة :سيعملها جمال عبد الناصر ،ما أعدمكيشي .لكن حا يموتك بالتدريج ! . .
.
قلت :ال الفعال ،وعبد الناصر وأنتم والدنيا كلها مجتمعة ل تستطيع أن تسقط ورقة من شجرة إل
بإذن ال .
قال :نحن سنأتي لك قريبا بورقة الطلق .خرجت وأنا أقول :أنتم وحوش .
وعدت إلى الزنزانة ،ومرت أيام قاسية ،وفى يوم كنت أصلى الفجر وأتلو القرآن فأخذتني سنة من
النوم ،فرأيت فيما يرى النائم صورة زوجي في صفحة الوفيات وأنا أقرأ نعيه ،انتبهت وأنا أردد :
ووجدت حميدة تردد نفس الدعاء ،دهشت لكنى كتمت عنها ما رأيت ،وتكررت الرؤيا .
وو صلتنا الجرائد صباح يوم جم عة فأخذت أتصفحها ،وإذا بي أجد نعى زوجي .قلت :أشهد أن ل
إله إل ال وأن محمد! رسول ال ،إنا ل وإنا إليه راجعون .في الجنة إن شاء ال يا حاج محمد!
.
الحيي القيوم ،الديان ،مالك السيماوات والرض .لقيد حمله الطغاة ،وهيو على فراش المرض
ومصابا بالذبحة الصدرية ،إلى السجن ،وقد ساوموه على حريته نظير أن يدلي بأقوال معينة ضدي
. .أ نا زوج ته ! ! فل ما ر فض نقلوه إلى سجن انفرادي ،ف يا للعار! ! ل قد آ ثر أن يل قى سالم مح مد
سالم فوق إسفلت الزنزانة ،وأن يظل كذلك حتى تهددت حياته بالخطر ،وطلب طبيب السجن الحربي
وقد شاء ال له أن يفرج عنه ،وأن يعيش ،حتى يسمع الحكام التي تصم العهد بالوحشية والظلم
والبربرية . .فعاوده المرض ولقي ربه ،يشكو إليه في أعلى سماواته ظلم الطغاة وفجورهم على
أرضه .
ومرت أيام وجاءت السرة لزيارتي ،ومنها علمت أن جمال عبد الناصر وجنده خيروا الرجل الطيب
النسان الفاضل زوجي المرحوم الحاج محمد سالم سالم بين أمرين ل ثالث لهما :إما أن يطلق زينب
الغزالي ال جبيلي أو أن ين قل إلى ال سجن الحر بي ،وطلب من هم مهلة أ سبوعين يف كر .فأ صروا على
الختيار فورا ،وكان معهم المدعو أبو الوفا دنقل يهدد الحاج محمد بتنفيذ أمر عبد الناصر ،بل إن
الفجور بلغ برجال المباحث أنهم أحضروا المأذون معهم ليجري الطلق .
وقع زوجي على ما كتبوا له وهو يقول :اللهم اشهد إنني لم أطلق زوجتي زينب الغزالي الجبيلي .
ك ما قال ل هم :أ نا سأموت ،اتركو ني أموت بكرام تي ،أ نا سأموت و هى على ع صمتي ،ح صل ذلك
ولن زو جي مر يض ،أ صيب ب عد سماع الحكام بشلل ن صفي ،وكان من ق بل م صابا بذب حة نتي جة
استيلء عبد الناصر على شركاته وأمواله وأرضه وبيته . .فحسبنا ال ونعم الوكيل .
ولم يطل به المر ،فقد توفى رحمه ال بعد توقيعه على الطلق .وسمعت السرة وقالت شقيقتي :
إنها لما سمعت بما حدث غضبت ورفعت صورة للحاج كانت في حجرة الصالون .
وغض بت من ها وطل بت أن تعاد ال صورة .فزو جي كان أ خي في ال ق بل أن يكون زو جي ،وبي تي
سيبقى بيته مادمت على قيد الحياة .لقد جمعت بيننا العقيدة قبل أن يجمع الزواج ،والزواج عرض
مين أعراض الحياة ،ولكين الخوة فيي ال باقيية خالدة ل تزول ول تقاس بهيا الدنييا وميا فيهيا،
والعزاء قامت بما عليها من واجب وأحسست بشيء من الراحة لذلك .
وحيين خلوت إلى نفسيي تذكرت رؤييا مين ال على بهيا إذ رأييت حضرة الرسيول علييه الصيلة
والسلم ،وأرخت لها بين سطور المصحف الذي كنت أقرأ فيه ،وعدت إلى التاريخ فوجدته مطابقا
ن عم رأي يت حض يرة ال نبي عل يه ال صلة وال سلم يم شى بمل بس بي يضاء وخل فه مباشرة ح سن
الهضييبي بملبيس بيضاء وعلى رأسيه طاقيية .وأنيا أقيف ومعيي السييدة عائشية ومعهيا عدد مين
النساء ،وقع في نفسي أنهن وصيفاتها ،وكانت السيدة توصيني بكلمات ،فلما أصبح الرسول عليه
السلم في محاذاتنا نادى عائشة ،وقال لها :صبرا يا عائشة ،صبرا يا عائشة ،صبرا يا عائشة،
وكانت حقا عائشة رضى ال عنها تشد يدي كل مرة وتوصيني بالصبر! .
ق مت وحك يت الرؤ يا لحميدة ،وأخذت أ سال ال أن يرزق ني الر ضا والحتمال ،وتيق نت أن اختبارا
جديدا في طريقه إلى ،فأخذت أضرع إلى ال أن يمنحني عونه وصبره وثباتا منه سبحانه وتعالى،
وانضم إلينا جيران جدد وفى ليلة من ليالي الشتاء الباردة سمعنا ضجة وجلبة في الزنزانة المقابلة.
وفتحت زنزانتنا ودخل صلح التمرجي وطلب منا دواء ضد القيء كان قد أدخله لنا في الصباح ،
وعلم نا م نه في اليوم التالي أن الم سجون في الزنزا نة المقابلة رئ يس وزراء الي من وم عه عشرون
آخرون من رجال الحكم هناك ،وأن الشيخ الريانى في الزنزانة المجاورة ،لم ندهش لذلك ،فليس
هل حرر عبد الناصر اليمن بما فعل كما قالت أبواق دعايته ؟
هل سمعتم أن إنجلترا عند ما ا ستعمرت م صر ،أخذت عشرات من رجال ها إلى سجون لندن ؟ هل
حملت بوارج بونابرت إلى سجون باريس رجال مصر بعد حملتها عليها؟
هل لي أن أت ساءل ل ما لم يحا كم ع بد النا صر على ما ارت كب من جرائم لت ستطيع م صر أن توا جه
إن المر لجد خطير إن لم تبرأ مصر من جرائم وقعت في عهد عبد الناصر .
جماعة الخوان المسلمين – التي برئت إلى ال ورفعت صوتها عاليا باستنكار جرائمه ،لقد خدعها
في أيام الحر كة الولى فأيد ته ،ول ما عل مت من هو ،ول من عمال ته قررت في عز مة اليمان أن
تقاومه ،وكانت معركة الشرف بين الحق والباطل سنة ، 1954ثم معركة المجد سنة ، 1965نعم
كا نت معر كة 65معر كة م جد وشرف ،لب عث ال سلم شام خا قو يا ،ب عد أن خ يل للطاغوت أن دعوة
الخوان أ صبحت تاري خا يروى وعمل سدلت عل يه ال ستار ،وق صصا تلوك ها الل سنة وب عض رجال
كانت معركة 1965وث بة الشبال ونه ضة الشباب من الجيل الذي ولد في أيام انقلب ع بد النا صر
وصب به كل ما يملك من سموم إعلمه وصناع حكمه .نعم ذلك الجيل الذي استوعبناه وبنينا به
بعثتنا للدعوة ونظمنا به صفوفنا من جديد ،فجن جنون عبد الناصر؟ فقد سلبته امرأة ورجل جيله
كما كان يصيح فيمن حوله ،كانت المرأة أنا وكان الرجل عبد الفتاح عبده إسماعيل .
ن عم أخذ نا من جيله ذلك الفخار من شباب نا فبنيناه لل سلم ،وكا نت معر كة دفع نا في ها أغلى رجال
وانتهت أيام السجن الحربي ،والخوان المسلمون كالطود الشامخ شرفا ورجولة ومجدا .
الحربية إلى السجون المدنية لتفسح المجال لمن امتلت بهم السجون من طغمته ،يستر بهم عاره
ييذ
ييم تنفيي
ييث يتي
ييل المشوار إلى حيي
ييتطيع أن يكمي
ييه ،ليسي
ييم عمالتي
ييى بهي
ويخفي
خطة السياد نعم جاء الخامس من يونيو بخزيه وعاره اللذين سيكبلن فرعون القرن العشرين ذلك
"الذي طغى في البلد .فأكثر فيها الفساد" سيكلله بخزيه وعاره يوم يبعث للحساب .
الباب السابع
يونيو 5
ق بل هذا اليوم لن ين ساه أ حد .في يو مي 4 ،3يون يو تكرر ف تح الزنزا نة علي نا بغ ير سبب وبدون
مناسبة .وليوجه إلينا سؤال إن كنا نريد شيئا . .ثم تدور أحاديث موجهة عن الحرب والحديث عن
وك نا ن ظل في صمتنا و سكوتنا . .وذات مرة كان المتحدث هو ال طبيب .فت ساءلت :هل سنحرر
فل سطين ؟! فاح مر وج هه غض با لغ ير ال و سأل :يع نى إ يه ؟ قلت :ما دا مت ال صهيونية العالم ية
تو جه أ ساليب الح كم للقوت ين العظمي ين فلن يكون على الحاكم ين بأ مر هات ين القوت ين إل التنف يذ. .
ولن تحرر فلسطين إل بالسلم ،يوم يحكم بالسلم ستحرر فلسطين ! .
وجاء صباح الخا مس من يون يو ولم تف تح الزنزانات . .وفجأة ف تح باب الزنزا نة مارد أ سود من
العساكر وصاح :لقد انتصر عبد الناصر يا ولد الييييييييي .وخرج كما دخل ليأتي غيره
ب عد مهلة يشتم نا وين قل إلي نا أخبار النت صار وإ سقاط الطائرات بأعداد ها ،ويخرج ليد خل ثالث ب عد
فترة فيروي أخبار الزعيم الهمام وانتصاراته . .ورابع . .وخامس . .ونحن في صمت ل نجيب .
ومع أذان العصر فتحت الزنزانة ودخل صفوت الروبي في وحشية وأخذ يضربني بحذاء غليظ فقد
كان بمل بس الميدان ،كان يأخذ ني بيد يه ويرمي ني إلى الحائط ثم ينزل بحذائه الغل يظ على ج سدي
ييى
ييت حميدة وهي
يي . . .ووقفي
ييت اليي
ييا بني
ييرنا يي
ييا انتصي
ييو يقول :إحني
ركل وهي
تقول :ليه. .؟! والمجرم ل يكف عن ضربي حتى الغماء فتركني وأخذ يأمر العساكر المصاحبين
له برمي حاجيات نا خارج الزنزا نة ،ثم عاد إلى ضر بي .بعد ذلك أخرج نا من الزنزا نة و ساقنا وهو
ل :انتصرنا .انتصرنا غصب عنك وموتك حل دلوقت (كان ذلك عصر 5يونيو
يكيل لي السباب قائ ً
سنة ) 1967وأ صعدوني وحميدة عر بة ج يش م صفحة مملوءة بالحرس من ضباط وع سكر .
وخرجت السيارة من السجن الحربي ،وكان أركان حرب السجن بجانب سائق السيارة ،وصرت في
غير وعى ومن غير تفكير من قسوة الضرب أردد :حسبنا ال ونعم الوكيل ،كنت أرددها بصوت
مرتفيع جدا .وأحسيست أن السيماء والرض وكيل الكون ينطيق معيي ويشكيو إلى ال .وكنيت كلميا
نبهتني حميدة لصمت أخذتني غيبوبة وصرت أردد :حسبنا ال ونعم الوكيل .وكنت أحس وأسمع
كنت على يقين من أنني مسوقة إلى العدام كما ذكر صفوت وهو يفهمني في الزنزانة ،فانصرفت
إلى ال ب كل مشاعري وأ نا أتلو ( إن ال اشترى من المؤمن ين أنف سهم وأموال هم بأن ل هم الج نة )
التوبة ،وقوله تعالى ( :وما جعل لبشر من قبلك الخلد ) النبياء34 :
وفجأة وقفت العربة وأخذت حميدة تهزني وفتحت عيني ،فإذا نحن أمام سجن القناطر للنساء.
ليلة عذاب نفسي
وابتلعت نا بوا بة ال سجن وأدخل نا حجرة المأمور .وفت شت حقائب نا تفتي شا دقي قا .كان الو قت ليل .
وأخذتنا امرأة يقال لها (باش سجانة) تدعى عنايات إلى حجرة بجوار حجرة المأمور ،وهناك فتشونا
مرة أخرى وألب سونا مل بس ال سجن وأدخل نا حجرة ل يس ل ها باب غ ير أعمدة حديد ية متفر قة ،ب ها
سرير من طابق ين :الطا بق الول تالف ،والثا ني عل يه و سادة مهلهلة .وكا نت الحجرة مطلة على
صالة بها ثلثة عنابر فيها نساء ،علمت بعد ذلك أن أحكاما قد صدرت عليهن بسبب السرقة وتجارة
المخدرات والسيلوك المنحرف . .والقتيل . .وكان النوم يداعيب جفوننيا وميا يكاد يلمسيها حتيى
يفارقهيا . .اللييل ضارب أطنابيه . .والظلم يكسيو المكان بوحشتيه ،والنفوس أشربيت الرذيلة ،
والعنابر أغل قت ب ما في ها من سوء ،فظ هر النحطاط الخل قي وظهرت الم ستنقعات ال سنة بالرذائل ،
سحيقة انحدرت بالن سان عن آدمي ته .وهكذا مر الل يل ب ساعاته الطويلة ون حن نرى ون سمع ما
يؤذى النفوس ويجرح المشا عر .وقضي نا تلك ال ساعات الطويلة في ذ كر ال تعالى نذكره ون سبحه
و ما كاد يبزغ ويشرق النهار بضوئه ح تى سرت طمأني نة إلى نفو سنا ،وتضرع نا إلى رب نا سبحانه
ولن أنسى هذه الليلة فقد كانت ليلة شديدة وقاسية وان لم يكن بها سياط .وظلت ابنتي حميدة تبكى
حتى أغمي عليها وكنت أحاول التخفيف عنها .وأقول لها إننا حملة أمانة ،وأصحاب رسالة ،فلبد
من ال صبر والتح مل . .تح مل مشاق الطر يق وال صبر على ما نرى و ما يجرى علي نا ،وأجر نا على
ال . .
إن كل ما أصابنا في السجن الحربي من إهانة للنفس ،وضرب بالسياط وتمزيق البدان ،وتنكيل
وب طش بل وق تل وتجو يع وع طش و .إن كل ذلك ل ي ساوى ما رأي نا و سمعنا في هذه الليلة ال تي
عشنا ها وأمام نا ذلك القط يع الضال من عالم الب شر التائه في سراديب الجاهل ية .ذلك القط يع من
عالم المرأة المسيكينة التيي يقال لهيا إنهيا تحررت ،فصيارت عبدا للشهوات والهواء وأصيبحت
الجري مة حرفت ها فأغرقت ها ،فن سيت إن سانيتها وطهر ها وعفاف ها ومكارم ها فغدت حيوا نا ل يعرف
كبهي مة عمياء قاد زمام ها . .أع مى على عوج الطر يق ،فضلت وأ صبح هوا ها يقود ها إلى مهاوي
الرذيلة وساعدها في ذلك المفسدون في الرض أهل الباطل واللحاد .وقوى الشر والجرام . .
وفيى هذا الجيو المشحون بالهواء والمفاسيد والظلم والظلمات ،انطلق نداء الفجير ،فبدد بإشراقية
الصباح تلك الغيوم السوداء فتوجهنا إلى الرحمن الرحيم فصلينا ودعوناه راجين فرجه ورضوانه .
!.
وجاء و قت ف تح العنابر ب عد ساعات وطل بت من ال سجانة مقابلة المأمور وعادت ب عد ساعة تدعو نا
إلى مكتيب المأمور . .صيراع مين نوع جدييد دخلت أنيا وحميدة على المأمور فقال لنيا :الكانتيين
ممنوع والزيارة ممنوعية ،ولييس لكميا أي حيق مين حقوق المسياجين .أنتميا (تكديير) حتيى نؤمير
قلت له :إن نا لم نطلب مقابل تك لهذا ال مر ول كن جئ نا لنسألك . .فقال مقاطعا :أن تم طلب تم مقابل تي؟
قال :إ يه الكلم ده ؟ حا نرجع كم إلى ال سجن الحر بي تا ني وتشوفوا اللي شفتوه ؟! قلت :ن حن ل
نسيتطيع البقاء فيي هذا المكان الذي ل يلييق بالحيوان .قال المأمور :أنيا مأمور وده سيجن .وأنتيم
مسجونون .وما فيش غير كده .ثم وقف وصاح اتفضلوا اخرجوا!
قلت :سنظل في فناء السجن ولن نعود إلى هذه الحجرة أبدا . .وليكن ما يكون . .
قال :السيجن سجن وإذا ميا كنتوش حا تنفذوا ال مر سنطلق علي كم الرصياص فورا .قلت :القتيل
أهون من هذا العيش والجال بيد ال سبحانه ،وقتلكم لنا شهادة .فأخرجنا من مكتبه وتركنا في
وبعد فترة نادى المأمور الباش سجانة قائل لها :وديهم يا سعاد على الملحظة .
وقالت سعاد :ألف مبروك حا تقعدوا في الملح ظة .و صعدنا درجات ل سلم الملح ظة ،ودخل نا إلى
عنبر واسع به عشرون سريرا للسجينات ،وبعد ساعة جاءت السجانة المختصة بالملحظة وقالت
تعالوا ،اليراد جه ،ولم نفهم مقصدها ،غير أنها أخذتنا وأوقفتنا في صف من النساء يسمى اليراد
.واليراد هو قطيع من البشر الحائر في مجتمع ضاعت فيه القيم والمعاني فهوى إلى الرذيلة ،إلى
هوة سحيقة ،فج يء به إلى ال سجون . .و سمعت ال سجانة ت قف على باب حجرة وت صيح :اليراد
النهاردة خمسية وأربعيين ،خمسية وعشريين تسيول ،خمسيتاشر دعارة ،وثلثية سيرقة واثنيين
خرجنيا مين ذلك الطابور ،وأخذت حميدة معيي فقالت السيجانة رايحيين فيين ؟! انتظروا لميا ييجيي
دوركم .
قلت لها :سنقف وحدنا ،ولسنا من هذا اليراد قالت :بتقولي إيه يا ادلعدي؟ قلت :سنقف وحدنا.
قالت :معلهش ،ودول مش خلق ال زيكم ؟! لم أجبها ولزمنا الصمت ،أخذت السجانة في إدخال
البشريية الضالة إلى حجرة ثيم جاءت إلينيا تقول :السيت الدكتورة أمرت أن تجلسيوا حتيى تنتهيي
وتدخلوا إليها .ولما فرغت الطبيبة استدعتنا ودخلنا فسألتنا عن السم والسن وما نشكو منه ،ثم
أخذونيا إلى حجرة وأغلقوا علينيا بابهيا .ولم يميض وقيت طوييل حتيى ارتفيع الصيراخ وعل البكاء
وحدثت ني نف سي حدي ثا طويل :وأي نك سة تلك يا ترى ؟! من لك أي ها الش عب الم سكين ! ما اك ثر
نكساتك ! ل قد تعددت فما أعظمها ! و ما أعمقها وما أقساها! ل قد أصابت شعب نا نكسات ونك سات :
وكانت طامة كبرى ،جعلت عبدة القردة والخنازير وأذلء الرض المغضوب عليهم من السماء إخوة
الشياطين ،جعلتهم النكسة يستعمرون أرضا عربية ويحكمون أهلها ويذيقونهم من العذاب أصنافا،
ومن ألوان البطش والتنكيل ما تمتلئ به نفس يهودية حقيرة ذليلة . .واستطرد حديث نفسي :ما
هذا الذي نعي شه ونحياه ؟! ال سلم – القوة والعزة والكرا مة – يق تل ،ويق تل أبناؤه ول ي سمح ل هم
بالحياة ول حتيى أن يتنسيموا نسييمها أو ينبتوا ولو رويدا رويدا .قتلوا السيلم وأصيحابه فقتلوا
الرجال والعزة والمنعية .هؤلء الرجال .حقيا هيم الذيين بفضيل ال تعالى يقهرون الباطيل وأهله ،
مه ما تعددت أنوا عه وتغيرت أشكاله واختل فت صوره وأ سماؤه .ب هم تعلو الرض العزة والكرا مة،
وتغدو البشرية لربها خاضعة عابدة تتنسم عبير الطاعة وتسلم البشرية لربها راضية ،تسلك طريق
العبود ية ذلل ،وت ستجيب لنداء ال حق مه ما كا نت تكالي فه ومه ما كا نت تضحيا ته .أ سمع من حولي
إن النكسة بما كسبت أيديكم ،واتخذتم كتاب ال تعالى وراءكم ظهريا .وال لو نصرنا ال لنصرنا
. .لو نصرناه بإسلم وجوهنا وقلوبنا إليه ،لو نصرناه باتباع شرعه القويم ونهجه المستقيم ،لو
نصرناه بالمسارعة إلى محابه ومراضيه واجتناب نواهيه .لو نصرناه . .وال لو نصرناه لنصرنا
:لنصرنا برضوانه علينا .لنصرنا بالتمكين في الرض والخلفة عنه سبحانه .لنصرنا على قوى
الرض الباطلة الحائدة عين طريقيه المسيتقيم ،فبكتاب ال وسينة رسيوله تنصيرون وتمكنون فيي
الرض ،وتسيعدون فيي الداريين دنييا وآخرة .ففيي طاعية ال العزة والسيعادة والنصير والغلبية
والتمكين وجنات النعيم في الفردوس العلى عند رب العالمين ( .إن تنصروا ال ينصركم ويثبت
ومن قول سيدنا عمر . ." :وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم ل .ولول ذلك لم تكن لنا بهم
قوة ،لن عددنا ليس كعددهم ،ول عدتنا كعدتهم فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في
القوة .". .وببعدكم عن الكتاب وال سنة :تهزمون وتشقون ،وتزلون وتكون النكسة .بل ونكسات
.ففي معصية ال الذل والبؤس والهوان والضعف والجحيم والعذاب المقيم ( .فمن اتبع هداي فل
رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا ،قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ،وكذلك
يييييييه ولعذاب
ييييييين بآيات ربي
يييييييرف ولم يؤمي
ييييييين أسي
نجزي مي
وتجول نفسيي فيي معان كثيرة ،ويسياعدها على ذلك الواقيع المير والحاضير اللييم يسياعدها على
علي نا ،وي صل إلى سمعي ذلك ال صياح والبكاء على حا مى ال سلم ! عش نا في هذه الحجرة مغل قا
بابهيا إل لماميا ،ل ندرى شيئا مميا حولنيا .وفيى ذات يوم اسيتطعنا أن نحصيل على حيين غفلة مين
الحارسة على علبة سجائر ،فكانت هذه العلبة مفتاحا سحريا لقلب السجانة الغليظة القلب .
وبها فتح لنا باب الزنزانة مدة أطول فتمكنا أن نتبين ما يدور حولنا . .كان بجوار حجرتنا حجرة
ت سكنها امرأة مع طفل ها الذي ل يعلم له أ با ،وأمام نا امرأة أخرى تق ضى أيام ها الخيرة في مرض
السل نتيجة سلوكها المشين ،وبجوار هذه الحجرة عنبر فسيح يحوى ألوانا من المراض المزمنة
المعدية ،وفى نهاية المبنى من ناحية تقع دورة مياه صرح لنا بالذهاب إليها مخالطين لهذه البشرية
المريضة بمرض الجاهلية والمراض البدنية المعدية .وفى الناحية الخرى من المبنى توجد بعض
الن ساء اللئى لم نعرف جن سيتهن في حجرات نظي فة مفرو شة مزي نة وتو جد في هذه الناح ية أي ضا
دورة مياه صحية .علمنا ذلك كله لن كل من هنا يسمون ذلك الجانب "الهيلتون " .
كان الجوع قد أخذ منا مأخذا شديدا حين أهدتنا إحدى المسجونات قليل من الطعام ،كان لهدائه أثر
جميل جدا في قلوبنا .فقد أحسسنا بأن الغابة على وحشيتها وحيوانيتها لم تخل من إنسانية .طلبنا
مين السيجانة السيماح لنيا بالذهاب إلى دورة المياه الثانيية لنظافتهيا وخلوهيا مين اللفاظ الجارحية
والعبارات الناب ية ،فقالت ال سجانة :دورة المياه الثان ية خا صة بال ست الدكتورة واليهود . .ف سألها
قالت :نعم ستات يهود .مدام مرسيل ،مدام لوسي ،وهم كثير . .قاعدين ومتنزهين ،ل أحد يقول
لهم كلمة ول يؤخر لهم طلبا .زي البيت وأحسن شوية ،كلهم جايين في تجسس .ثم قالت :كلموا
وبعد أخذ ورد في هذا المر بيننا وبين المأمور انتهى برفض طلبنا متعلل بأن ذلك خاص باليهود! .
.
تلك اللحظات الربانية دخلت سيدة طويلة القامة شقراء ،وألقت علينا التحية فرددنا التحية ،ثم قالت
حضرتك زينب الغزالي قلت :نعم ،قالت :أنا مرسيل مسجونة سياسية وطبعا -بيننا وبينكم خلف
في العقيدة ،فأ نا يهود ية وأن تم م سلمون ،ول كن الن فس ل تخلو من إن سانية ،خا صة و قت الشدائد
والمحن -فل مانع أن تكون بيننا وبينكم معاملة طيبة في السجن .أما خارجه فبيننا الحرب والقتال
أو الخلف في الهداف ،أ ما الن فن حن جمي عا في شدة وق سوة .ول قد جئت إلي كم في غفلة من
الم سئولين لعرض علي كم تعاو ني لخد مة بعض نا لب عض .فشكرناها على ذلك ثم قالت :ن حن لدي نا
إمكانيات للكيل وان كانيت قليلة فسينقتسمها معكيم وسيأتحرى أن ل يكون فيي الكيل ميا هيو محرم
عند كم ،ون حن اليهود ل نأ كل ل حم الخنز ير مثل كم .ومرت أيام كا نت مر سيل اليهود ية تح ضر ل نا
بع ضا من المأكولت .وكان أ هم من ذلك كله أن هذه اليهود ية دبرت ل نا أ مر ا ستعمال دورة المياه
الخا صة ب هم .. .أح ست ابن تي حميدة الحرج من تلك المور فقلت :إن ال سبحانه وتعالى ي سوق
الخير لعباده على يد من يشاء ،وال تعالى ل يعنت عباده ول يديم عليهم العسر ،وليس لنا حيلة إل
أن نتعايش مع النسانية أينما وجدت ما دام ذلك في دائرة السلم .
ورأينا في تلك الغابة الموحشة وال صحراء الجرداء القاحلة إنسانية متمثلة في طبيبة مسيحية تقدم
لنا عونها بين الفينة والفينة ،فعجبنا لهذا الطابع النساني . .النادر وجوده في مثل هذه الظروف .
. .وقدمت لنا أيضا مسجونة لم تخل من قلب رقيق كيف نعيش ونتعامل في هذا المكان مع تلك
النسانية المهدرة .كل شيء يشترى بالمال ،فتح باب الزنزانة لمدى أطول بالمال . .وكذلك نسمة
الهواء ولقمة العيش وما يستر الجسد . . . ! ! .كل شيء هنا فاغر فاه ليبتلع ،الكل هنا سواء في
ذلك . .المسيجونات والسيجانات .وذلك يتطلب مين النسيان المال والجهيد .فهيل كان ذلك أمرا
ميسورا ! .
الموت . .والطغاة
قد ين سى الطواغ يت الم ستبدون أو يتنا سون أن هم ل بد سيشربون من الكأس :كأس المن ية .كأس
الرجوع إلى ال تعالى ،يتناسون ذلك فيتجبرون ويطغون ويبطشون ويعذبون ،والزمن عجلته تسير
بمشيئة الوا حد القهار ،وبتعا قب الل يل والنهار ،وتولد أجيال وتنق ضي أعمار ،وتبلى أج ساد وتنزع
أرواح انتزاعا فل يستطاع ردها (.فلول إذا بلغت الحلقوم ،وأنتم حينئذ تنظرون ،ونحن اقرب إليه
و سط حيات نا المزدح مة ب ما نرى ونشا هد من صور تع كس حقي قة البشر ية من حول نا ،وانحدار ها
وهبوط ها إلى أعماق سحيقة من الرذيلة والنحطاط ،تنا قل الناس في سجن القنا طر ن بأ موت ع بد
الناصر وهم حزانى يبكون .وال يعلم أننا ما كنا يوما شامتين في موت أحد . .فهذه آجال وأعمار
مقدرة مقدار ،فل يعدو إنسيان أجله ول يسيتبقى مين عمره شيئا .ولكين الموت نذيير البشريية
وناقوس فنائ ها :أن أفيقوا من سباتكم ودعوا طغيان كم و جبروتكم ،فذلك ل يغ نى شيئا ،ستتركون
قوت كم وبطش كم ،ومال كم و سلطانكم ،وجند كم وحزب كم وال هل والولد ،ستتركون كل ذلك وراء كم
( . .ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملئ كة با سطوا أيدي هم أخرجوا أنف سكم اليوم
تجزون عذاب الهون بميا كنتيم تقولون على ال غيير الحيق وكنتيم عين آياتيه تسيتكبرون ،ولقيد
جئتمو نا فرادى ك ما خلقنا كم أول مرة وترك تم ما خولنا كم وراء ظهور كم و ما نرى مع كم شفعاء كم
الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ) النعام .94-93 :
( وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون ال من شيء لما
شديد ،إن في ذلك لية لمن خاف عذاب الخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ،وما
نؤخره إل لجل معدود ،يوم يأت ل تكلم نفسن إل بإذنه فمنهم شقي وسعيد ،فأما الذين شقوا ففي
فعال لما يريد ،وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والرض إل ما شاء
فموت إنسان وذهابه إلى ربه تعالى ل يشغل بال المخلصين الداعين إلى ربهم سبحانه فالموت حق
فل ينشغلون به .و كل ما يشغل هم الع يش في طا عة ال تعالى وك نف رضوا نه ،وبذل الج هد من
الن فس والنف يس في سبيل ر فع را ية التوح يد .وعند ما يأتي الجل لهم أو لغيرهم ينتقلون إلى دار
ومعركة السلم ليست معركة فرد أو أفراد ،ولكنها معركة الحق مع الباطل معركة اليمان مع الكفر،
يموت من يموت ويقتل من يقتل .ولكن قتلى المؤمنين في رحاب الجنة ،في الفردوس العلى في
مقعد صدق عند مليك مقتدر في جنات ونهر ،شهداء أحياء ( يا عباد ل خوف عليكم اليوم ول انتم
تحزنون ،الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ،ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ،يطاف عليهم
بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه النفس وتلذ العين وأنتم فيها خالدون ،وتلك الجنة
التي أورثتموها بما كنتم تعملون ،لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون ) الزخرف . 73-68
وأ ما قتلى ومو تى الك فر والبا طل واللحاد ف في سقر و ما أدراك ما سقر ل تب قى ول تذر ،تشوى
الوجوه والبدان ،كل ما نض جت جلود هم بدل هم رب هم جلودا غير ها ليذوقوا العذاب ،ل هم من فوق هم
ظلل مين النار ومين تحتهيم ظلل ،أحاط بهيم سيرادقها ،وإن يسيتغيثوا يغاثوا بماء كالمهيل يشوى
( . .لهم نار جهنم ل يقضى عليهم فيموتوا ول يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور ،
وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من
وتسيير اليام سييرها كميا شاء ال وقدر ،وتنتهيي آجال وأعمار ول يسيتطع إنسيان رد المشيئة
الربانيية .ويتناقيل الناس نبيأ موت عبيد الناصير والبكاء والعوييل والصيراخ والنحييب يمل الدنييا،
وأحاديث الرثاء ليل ونهار ل تنقطع ،ل يمل قائلها من بكاء أو تملق أو رياء.
ووصل إلى سمعي كلمات شيخ ينعى الفقيد حامى حمى السلم ! . .ولقد أقسم هذا الشيخ نفسه في
بيتي قبل ذلك بسنين إن من يسمى عبد الناصر حامى حمى السلم هو كافر ،قد خلع ربقة السلم
من عنقه ،خسر الدنيا والخرة .وفى وسط هذه الظروف التي شحنوها بالحزن والسى على الفقيد
العظيم ،استقبلنا نبا انتقاله إلى الواحد القهار كما يستقبله من كان في قلبه ذرة من إيمان ،وغدا
تنا قل الناس ه نا في سجن القنا طر أن نا لم ن بك ولم ن صرخ ولم نحزن ولم نتألم على ب طل البطال !
وحرك ذلك في نفوس الذناب الشائهة قلوبهم المريضة ونفوسهم التي تعهدت أل تكون إل في خدمة
سادتها ومطامعها وهواها ،وتحركت لتصب جام غضبها علينا :كيف ل نحزن على . .عبد الناصر!
وتحرك الغثاء
( أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الرض ) الرعد 117 :تحرك التباع من
رجال النفاق والرياء والزل فى ،وبذلوا المش قة والج هد .ج هد العب يد لرضاء سادتهم ولو في تا فه
ال مر ،فقا سينا من غلظ المعاملة و سوء الخلق ما جاد به الذناب .و فى صبيحة يوم ع قب موت
عبد الناصر فتح علينا باب الزنزانة وإذا بسجانة تمسك بعصا غليظة وتهجم بسرعة وكادت تحطم
رأ سي لول أن ال سلم ونجا نا من ك يد المجرم ين ،وعجزت إدارة ال سجن عن مجازات ها أو ح تى
لومها أو شئ من هذا القبيل ،وتركت وشانها تجرى هنا وهناك وكأنها لم تصنع شيئا!
وفيى أثناء زيارة أهلي لي أخيبرتهم بحادث العتداء هذا ،فبذلوا جهدهيم بالتصيال بالمسيئولين
صغيرهم وكبيرهم وإرسال برقيات إليهم ،فتحركت النيابة وأخذت تحقق مع السجانة على أنها هي
طل بت لذلك عدم إكمال التحق يق وأبلغت النيا بة أن المدبر والمخ طط لذلك ليست هي ال سجانة ولكنها
قوى اللحاد و الباطل ومعتنقو البطش والجرام ،فل معنى لمعاقبة من ل يملك من أمر نفسه شيئا،
ويتحرك بأمر مسئول كأداة لتنفيذ ما يدبر في الخفاء لرهاب أصحاب الدعوات واستئصالهم ،ولكن
ال غالب على أمره ،وهذا نوع جدييد من التعذ يب المعنوي لم يخ طر بالبال ،ابتكره تحيت ظروف
ابتلء جديد
كان يوم 9أغسيطس سينة 1971يوميا مشهودا ،إذ حميل صيباحه إلينيا أخبارا جديدا حيين جاءت
سجانة مهرولة تدعو ني ب سرعة لمقابلة المأمور في مكت به .شدت نا المفاجأة وجعلت نا نذ هب بفكر نا
في ال مر . .ماذا يكون وماذا يدبر الطواغ يت والظل مة؟ ! أهناك بلغ كيدي بأن نا نن شر ال سلم في
هذا المكان ،أم هناك خبر عن ال هل والديار ،أم هناك مخال فة ول ندرى ب ها أم . . . .؟! عشرات
من علمات الستفهام ؟؟ لم يخطر ببالنا ما تأتى به القدار ،فذهبت إلى مكتب المأمور فوجدت أمرا
بالفراج عنيى وحدي .وكان شيئا مذهل فأنيا صياحبة الحكيم المؤبيد بالشغال الشاقية أخرج لتبقيى
ابن تي وحيدة في هذا الم ستنقع ال سن ،تقا سى ما تقا سى ،فانز عج قل بي من أعما قه و سيطر على
نفسيي حزن عمييق وحيرة بالغية وبدون شعور صيرخت قائلة :ل . .ل .لن يكون هذا أبدا . .لن
وب عد دقائق قليلة وجدت ابن تي حميدة أما مي في حجرة المأمور .ا ستدعاها لتهدئ تي ولتخ فف ع نى
ما أنا فيه ،كانت محنة هائلة قاسية كيف ذلك ؟ كيف أخرج وأترك ابنتي وحدها ووجهها المطمس
المشرق ل يفارق قل بي و صوتها بكلمات ها الند ية ي هز أوتار نف سي؟! ك يف أترك ها وحد ها في هذا
المكان المظلم الموحش ،توا جه بمفرد ها قسوة المعاملة . .ومشاعري في نف سي وفؤادها تصرخ
بشدة :كل . .كل لن أترك ها ،ويطول في قل بي ال صراع ويم تد و هى تدعو ني :يا أماه يا أماه هذا
فضيل ال ورحمية منيه والمير كله ل وال ل ينسيى عباده .وطال الموقيف وامتيد المشهيد فقال
المأمور لبن تي حميدة :اتفضلي سلمى علي ها وارجعي إلى الزنزا نة .و فى لحظات مضت كالبرق ،
فريدة فيي نوعهيا ،وحيدة فيي مشاعرهيا .تعانقنيا والدميع يخيط مجراه على الوجوه والقلب ينبيض
بسرعة والنفس يتردد ،وكأنه يسابق الزمن وفى وسط لحظات خالدة من المشاعر وخلجات النفوس
ييم إجراءات
ييي حجرة المأمور الذي أتي
ييى وحيدة في
.وجدت نفسي
الخروج وانفطرت نفسي وتمزق قلبي والدمع ينهمر ،وأنا أخطو الخطوة الولى إلى بيتي .
مساومة أخيرة
اختر قت العر بة الطر يق إلى بي تي ،ول كن غيرت طريق ها فجأة ،ووجدت نف سي أمام مب نى المبا حث
العا مة .ودخلت حجرة أغلقوا على باب ها من ال ساعة الثان ية عشرة ظهرا إلى التا سعة م ساء ح تى
أخذو ني إلى مك تب به ضابطان ،أخذا يسألن أ سئلة تدور حول السلم وهل أ نت ستقومين بزيارة
الخوان بعد ذلك ؟!
ك نت مشغولة بابن تي حميدة فقلت له ما :ل يس من العدل أن أخرج – وأ نا المحكوم علي ها بالمؤ بد –
وتبقى ابنتي وحيدة .إنكم تريدون فتنة ولكن ال لن يحقق لكم ما تدبرون .قال :اهدئي يا حاجة.
قلت :إنكم تكيدون كيدا وال من ورائكم محيط ،وال غالب على أمره ولكن اكثر الناس ل يعلمون
.قال :يا حاجة دي أوامر من فوق ل نقدر على أن نخرج حد وليس لنا كلم .
ثم أخذوني إلى مكتب أحمد رشدي الذي كان يستخدم سياطه ونفسه المري ضة ليكيد رجالً ربط ال
على قلوبهم برباط اليمان ولكن هيهات . .هيهات .ولما دخلت عنده طلب منى الجلوس على مقعد
أمامه وقدم لي التهنئة بالخروج .ثم دار بيني وبينه حديث كان عبارة عن جملة أوامر وجهها لي
كان ملخ صها أن ل أمارس النشاط ال سلمي ،وأن ل أتزاور بي ني وبين إخوا ني ومعار في في ال ،
ول تعاون بيننا ول تواد ،وأن أتردد على مكتبه بين الحين والحين .
فقلت له لما فرغ من حديثه :الكلم الذي وجهته إلى أرفضه جملة وتفصيل ،بل أرفض قرار المر
بالخروج وبلغ المسئولين بذلك وأطلب عودتي فورا إلى سجن القناطر .أنهى أحمد رشدي الحديث ،
وابتسم قائل " :على أي حال فيه كثير من الخوان تفاهموا معي على ذلك " فقاطعته قائلة :وال ل
أعلم عن الخوان إل خيرا وأما ما تقوله أنت بالنسبة لبعض الخوان فل أستطيع أن أبدى رأيا . .
ل أصدق صدوره منهم .إن الخوان المسلمين ورثة حق يعملون له ليل نهار حتى يأتي ال بنصره
ودق جرس التليفون وأجاب أح مد رشدي قائل :د عه يكلم ني .ثم قال :أهل و سهل يا أ ستاذ ع بد
المن عم اتف ضل .ن حن محتاجون إل يك ..وو ضع سماعة التليفون ثم قال لي أح مد رشدي :ال ستاذ
ع بد المن عم الغزالى جاى ه نا .وب عد قل يل ح ضر شقي قي ع بد المن عم و سلم على و هو يب كى .قال له
منى وأنا شقيقها الصغر ،وليس من عادتي أن أناقشها في شيء .أضف إلى ذلك -لو سمحت لي-
أنها تمتاز بقوة منطقها وصحة حجتها فقال أحمد رشدي :طيب يا حاجة مبروك بس ملكيش دعوة
بعميل تنظيمات مسيلحة للخوان .قلت :التنظيمات السيرية أنتيم الذيين تلفقون قصيصها وتخرجون
تمثيلياتها .
إن قيام الدولة السيلمية واجيب على المسيلمين وعدتهيم فيي ذلك الدعوة إلى ال تعالى كميا دعيا
ر سوله صلى ال عل يه و سلم و صحبه الكرام .وهذه ر سالة كل م سلم سواء كان من الخوان أو
غيرهم .
ثم انصرفت مع شقيقي إلى بيتي وكان ذلك في الساعة الثالثة صباحا في اليوم العاشر من أغسطس
سنة .1971
انتهى الكتاب . .وجزى ال خيرا كل من ساهم في مراجعة وتدقيق ونشر وتوزيع الكتاب .