You are on page 1of 95

‫ة‬ ‫ف‬ ‫قاَ ف‬

‫ن ثف ف‬
‫منرأ م‬
‫ة ال ف‬
‫ف م‬ ‫م ن‬
‫م‬

‫سلْمي ال ف‬
‫كبَنير‬ ‫بقلم المفكر ال ن‬
‫مرَّ رحمه الله‬ ‫ال ش‬
‫شييخْ علي يحيى مع ش‬
‫)ت ‪ 1400‬هـ‪ 1980 /‬م(‬

‫بسم الله الرحمن الرحيــم‬


‫ل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ‪،‬‬ ‫اللهم ص ش‬
‫وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد‪ ،‬كما‬
‫صليت وباركت على سيدنا إبرَّاهيم وعلى آل سيدنا‬
‫إبرَّاهيم‪ ،‬في العالمين إنك حميد مجيد‪.‬‬
‫‪‬‬
‫بسم الله الرَّحمن الرَّحيم‬

‫ي‬ ‫ي‬
‫نل‬ ‫ك ع ييلى أ ي‬ ‫ت ي تيباي بعين ي ي‬ ‫مينا ت‬ ‫مؤ ي ب‬ ‫ك ال ي ت‬ ‫جايء ي‬ ‫ي إ بيذا ي‬ ‫‪ ‬ييا أي ييها الن شب ب ي‬
‫ن يول ي ييقت تل ي ي‬
‫ن‬ ‫ن يول ي ييزبني ي‬ ‫سرَّبقي ي‬ ‫شي يئئا يول ي ي ي‬ ‫ن ببالل شهب ي‬ ‫شرَّبك ي ي‬ ‫يت ي‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ن يول‬ ‫جل بهب ش‬‫ن ويأير ت‬ ‫ديهب ش‬ ‫ن أ يي ي ب‬
‫ه ب يي ي ي‬
‫رَّين ي ت‬‫ن ي ييفت ي ب‬ ‫ن ب بب تهييتا ن‬
‫ن يول ي يأبتي ي‬ ‫أيولد يهت ش‬
‫ي‬
‫ن الل ش ي‬
‫ه‬ ‫ه إب ش‬ ‫ن الل ش ي‬ ‫ست يغيبفيرَّ ل يهت ش‬ ‫ن يوا ي‬ ‫ف فييباي بعيهت ش‬ ‫معيترَّو ن‬ ‫ك بفي ي‬ ‫صين ي ي‬ ‫ي يعي ب‬
‫ب‬‫ض ي‬ ‫ما غ ي ب‬ ‫متنوُا ل ت يت يوُيل ش ي‬
‫وُا قيوُي ئ‬ ‫نآ ي‬ ‫ذي ي‬ ‫م ‪ ‬ييا أ يي ييها ال ش ب‬ ‫حي ر‬ ‫غ يتفوُرر ير ب‬
‫ن‬
‫م ي‬‫س ال يك تشفاتر ب‬ ‫ما ي يئ ب ي‬ ‫خيرَّةب ك ي ي‬ ‫ن ال ب‬ ‫م ي‬ ‫سوُا ب‬ ‫م قيد ي ي يئ ب ت‬ ‫ه ع يل يي يهب ي‬ ‫الل ش ت‬
‫ب ال يتقتبوُرب ‪.‬‬ ‫ي‬
‫حا ب‬ ‫ص ي‬ ‫أ ي‬

‫صدق الله العظيم‬


‫‪‬‬

‫ماَ‬ ‫إلي ن ك‬
‫كـ ف‬
‫بنتي ّ العزيزتين سعاَد وسلمى‪....‬‬
‫هذه الحاديث التي دارت بيني وبينكما – مما يهم الفتاة‬
‫المسلمة – قد جمعتها وهاأنا أقدمها إليكما مكتوُبة –‬
‫حسب رغبتكما – ولقد ترَّددت كثيرَّا في طبعها على هذه‬
‫الصوُرة‪ ،‬وإخرَّاجها في كتاب‪ ،‬لنها أحاديث خاصة من أب‬
‫إلى ابنتيه‪ ،‬فيها كثيرَّ من التعابيرَّ التي يحترَّز منها الكاتب‬
‫عندما يكتب للناس جميعا‪ ،‬ولكن رغبتكما في أن تصدر‬
‫كما هي – دون احترَّاز ودون تغيرَّ – شجعني على أن‬
‫أقدمها لزميلتكما من الفتيات المسلمات‪ .‬فمن وجدت‬
‫فيه بعض الفائدة فيهن‪ ،‬ورأت فيها نصيحة أبوُية لها فلها‬
‫الشكرَّ ولله الحمد على التوُفيق‪ ،‬ومن لم تستفد منها‬
‫شيئا أو وجدت فيه ما يجرَّح شعوُرها ويغايرَّ تفكيرَّها‬
‫واتجاهها‪ ،‬فلتتذكرَّ أن هذه الحاديث غيرَّ موُجهة إليها‬
‫شخصيا‪ ،‬وإنما هي أحاديث خاصة بين أب وابنتيه‪ ،‬مما‬
‫يدور بين أفرَّاد السرَّة في البيت عادة دون تكلف ول‬
‫مرَّاعاة لمشاعرَّ‪.‬‬
‫أما الذين كتبوُا عن قضية المرَّأة من أبنائنا وبناتنا‪،‬‬
‫وحاولوُا أن يدفعوُها بسرَّعة في طرَّيق الحضارة الغرَّبية‬
‫المنحرَّفة‪ ،‬بما فيها من المزالق والشوُاك‪ ،‬فإنني أعتذر‬
‫لحسني النية من بعض التعابيرَّ الشديدة التي قد يرَّاها‬
‫بعض الناس جارحة‪ ،‬وأقرَّر لهم إنما هوُ الرَّأي الذي‬
‫انتهت إليه في هذه القضية‪ ،‬مع كثيرَّ من الدراسة‪،‬‬
‫مستهديا في دراستي المنهج السلمي في معالجة‬
‫مشاكل الحياة‪ ،‬معتقدا أن المشكلة التي لم تعالج‬
‫بالحلوُل السلمية فإنها لن تحل أبدا بغيرَّه‪ ،‬وتنتهي إلى‬
‫خيرَّ البشرَّية‪.‬‬
‫أما الذين كتبوُا عن قضية المرَّأة بسوُء نية وبتفضيل‬
‫الراء البشرَّية على ما نزلت به شرَّيعة الله – بتبجح‬
‫ووقاحة – فإنني أنبذ إليهم على سوُاء‪.‬‬
‫وبالله التوُفيق وإليه المرَّجع والمصيرَّ‬

‫مر‬
‫علي يحيى مع ّ‬
‫بسم الله الرَّحمن الرَّحيم‬
‫والصلْة والسلْما على رسول الله‬

‫مقـــدمة‬
‫عني الكتاب في الشرق السإلماي مانذ نصف قرن تقريبا بالحديث عن‬
‫المرأة‪ ،‬وجعلوا لها قضية‪ ،‬وخصصوها بمشكلة‪ .‬وأعلنوا عن ماعارك‬
‫حاماية الوطيس ‪ ،‬جردوا فيها اللسنة والقلم‪ ،‬وقد أماسك الكثير مانهم‬
‫بالفتاة المسلمة يجرونها إلى مايدان المعركة‪ ،‬راغبة أو كارهة‪ ،‬فاهمة‬
‫أو ماخدوعة‪ ،‬ماؤمانة بالفكرة أو ماندفعة بالحماس للجديد‪ ،‬وكما اشترك‬
‫مان قبل شواذ مان النساء في المعارك الحاماية‪ ،‬يضربون أعناق الرجال‬
‫ويحطمن هامااتهم‪ ،‬فقد اندفع بعضهم اليوم إلى مايدان هذه المعركة‪،‬‬
‫حاسإرات الرؤوس ‪ ،‬بارزات النهود‪ ،‬ماائلت الرداف‪ ،‬كواشف عن سإوق‬
‫وأفخاذ‪ ،‬وهن يضربن ذات اليمين وذات الشمال بشجاعة دونها شجاعة‬
‫الكاهنة‪ ،‬وتصميم دونه تصميم كليوباترا‪ ،‬وكل أسإلحتهن في هذه‬
‫المعركة إنما هي ألسنة حداد‪ ،‬وصراخ مان ظلم مازعوم ودماوع تسفحها‬
‫بنت حواء عندماا تشاء‪.‬‬
‫وقد انتهت المعركة في كثير مان بلد الشرق بانتصار أعداء المرأة‬
‫ومان يحارب ماعهم مانهن ‪ ،‬لنهم يملكون قوى ماادية تفوق ماا تملكه‬
‫المرأة وأنصارها‪ ،‬إن أعداء المرأة يملكون كل ماا يملكه الشيطان مان‬
‫حيل ووسإائل إغراء‪ .‬إنهم يملكون أجهزة الذاعة والتلفزة التي يشرف‬
‫عليها ويوجهها ناس يهمهم بالدرجة الولى أن يجدوا القبال على‬
‫براماجهم وأن يسمعوا كلمة التقدير والعجاب والثناء‪.‬‬
‫ويملكون الصحافة الفاجرة التي تعتمد على الصور الخليعة في ترويج‬
‫أعدادها وإقبال الشباب المحروم اللهفان عليها‪.‬‬
‫ويملكون القصص الداعرة التي تبني حياتها المادية على إثارة الغرائز‬
‫مان القراء السذج واللعب بعواطفهم وأهوائهم ومايولهم‪.‬‬
‫ويملكون السينما التي ل تعالج شيئا غير أن تبرز المرأة في أوضاع‬
‫الغراء المختلفة ليرى الشباب الجوانب المستورة مانها عادة ولتتعلم‬
‫الفتاة كل أنواع الوقاحة وقلة الحياء‪.‬‬
‫ويملكون المجهول الساحر الذي يصورونه للمرأة ماشرقا كالنور‪،‬‬
‫رفافا كالزهر‪ ،‬ماحبوبا كأحلم السعادة‪.‬‬
‫ويملكون جهود الغرب في تغيير القيم الخلقية في نظر الشرق‪،‬‬
‫وتصوير الحفاظ والطهارة والعفة‪ ،‬بمظاهر الجمود والرجعية‬
‫والتخلف‪.‬‬
‫ويملكون جميع السإلحة التي تستعملها الديانات الباطلة بمذاهبها‬
‫المختلفة والوثنيات بأنواعها المتعددة في ماحاربة السإلم‪.‬‬
‫ويملكون ماع ذلك كله ‪ ،‬قوة التدجيل باسإم الحضارة والتقدم ‪ ،‬أو‬
‫باسإم الثورة والتحرر‪ ،‬أو باسإم العلم والفلسفة‪ ،‬إلى غير ذلك مان القوى‬
‫التي تفوق في مافعولها ماا تصنعه ماخترعات اليوم في تسخير قوى المادة‬
‫للتخريب‪.‬‬

‫ولقد كان مان أصعب أن يأخذ النسان قلما يكتب به كلماا يعرضه على الناس‪ ،‬وكانت‬
‫للحديث أسإس وقواعد وآداب‪ ،‬وكان الناس يستمعون للحجة ويسلمون للمنطق والبرهان‪،‬‬
‫وكانوا في جميع الحوال يقفون أماام الحق ويستمسكون به‪ ،‬ويزورون عن الباطل ويبتعدون‬
‫عنه‪ ،‬ولكن هذه الشياء كلها قد اندثرت اليوم‪ .‬وأصبح كل مان يستطيع أن يضع سإوادا في‬
‫بياض‪ ،‬يظن نفسه أوتي الفهم والعلم والدب‪ ،‬وأنه يستطيع المناقشة والبحث‪ ،‬ويرتفع به‬
‫الغرور فوق ذلك‪ ،‬فيسفه آراء مان أذابوا سإواد أعينهم في التحقيق ‪ ،‬ثم يرتفع به الغرور فوق‬
‫ذلك فيرد أحكاماا نزلت بها كتب ماقدسإة مان السماء‪ ،‬ويبطل هديا جاءت به الرسإل‬
‫والنبياء‪ ....‬ومااذا عليه في ذلك ماا دام وجهه خاليا مان الحياء ‪ ،‬وقلبه خاليا مان العقيدة‪،‬‬
‫وعقله ل يملك وسإائل التفكير السليم‪ .‬قفزة بسيطة يستطيع أن يصل بها إلى مارتبة المفكر‪،‬‬
‫ودرجة المصلح الجتماعي وشهرة الديب ‪ ،‬وماا عليه للوصول إلى ذلك إل ان يجري قلمه‬
‫بكلمة المرأة‪ ،‬ويلوك حديث المساواة والثورة والتحرر‪ .‬ثم يلبس روب المحامااة ليدافع عن‬
‫حقوقها الضائعة‪ ،‬فيأخذ المعول ليكسر أبواب السجون المغلقة‪ ،‬ويفتح لها النوافذ لتغيير‬
‫الهواء‪ ،‬وينطلق بها إلى الشارع تضرب الرض بقدماين قويتين ثابتتين حتى تثبت للعالم أنها‬
‫ل تقل عن الرجل قوة‪ .‬إلى آلف مان هذه الكاذيب التي يخدع بها نفسه‪ ،‬ويخدع بها قارئه‪،‬‬
‫ويخدع بها المرأة وقديما قال أماير الشعراء‪-:‬‬

‫والغواني يغرهن الثناء‬ ‫خدعوها بقولهم حسناء‬


‫غير أن هذه الحيلة أصبحت ل تخدع المرأة فيها يبدو‪ ،‬فابتكروا لها‬
‫أسإاليب حديثة للخداع‪ .‬فقالوا‪ :‬ظلمها الب‪ ،‬واسإتعبدها الزوج‪ ،‬وحبستها‬
‫التقاليد‪ ،‬وقيدها العرف‪ ،‬وأعماها الحجاب‪ ،‬وأضر بها المقام في البيت‪،‬‬
‫وحرماتها تربية الطفال مان ماتعة الحياة‪ ،‬وهم يطالبون مانها ولها أن‬
‫تتمرد على الب‪ ،‬وتتحرر مان الزوج‪ ،‬وتخرج عن التقاليد‪ ،‬وتكسر‬
‫العرف‪ ،‬وتلقي عنها الحجاب‪ ،‬وتخرج مان البيت‪ ،‬وتتخلى للخادماة عن‬
‫الولد‪ ،‬حتى تجد نفسها في ماعترك الحياة دون أب يحميها‪ ،‬وزوج يغار‬
‫عليها‪ ،‬وتقاليد تصونها‪ ،‬وعرف تستند إليه‪ .‬وتلقي الحجاب عنها‪،‬‬
‫وتحطم نظام السإرة‪ ،‬لتعيش في ماعركة الحياة نعجة مادللة بين براثن‬
‫الذئاب العطشى‪ ،‬في الحدائق العاماة‪ ،‬وتحت الشجار المتشابكة‪ ،‬وبين‬
‫ماقاعد دور اللهو‪ ،‬وفي صالت الرقص‪ ،‬فل تنفلت مان برثن إل إلى برثن‬
‫أقوى أظفارا‪ .‬تمتد إليها اليدي اللهفى في المكتب والمصنع والمتجر‬
‫والمطار وغيرها مان ماواضع اللقاء‪ ،‬لتجرها إلى تناول عشاء في ماطعم‪،‬‬
‫أو كأس مان الشراب في حانة أو عرض في دار خيالة‪ .‬ثم تقضي الليل‬
‫أو بعض الليل في حجرة ماؤجرة في فندق‪ ،‬أو شقة مافروشة مان عمارة‪،‬‬
‫أو سإاحة جميلة مانعزلة مان حديقة‪.‬‬
‫هذه الصورة المؤلمة الواضحة مان بلد الغرب‪ ،‬قد توصل أعداء المرأة‬
‫إلى نتائجها فعل في بعض بلد الشرق السإلماي‪ ،‬فقطعوا بين الفتاة‬
‫وكراماة المرأة وعزتها‪ ،‬وبينها وبين أسإرتها‪ ،‬وبينها وبين دينها‪ ،‬وبينها‬
‫وبين خلقها‪ ،‬وبينها وبين بيتها وأطفالها‪ ،‬وبينها وبين التفكير السليم‪.‬‬
‫ومان المؤسإف أن فخ الخديعة إنما نصب للفتاة المتعلمة أول وبالذات‪،‬‬
‫فخدعوها بخرافة الظلم ونيل الحقوق‪ ،‬فاسإتمعت إليهم ماتريثة ماترددة‬
‫في مابدأ المار‪ ،‬ثم خيل إليها أن عليها أن تقدم لتنال حقا‪ ،‬فانزلقت في‬
‫الفخ وأسإلمتها الخطوة إلى الخطوة حتى وجدت نفسها وقد قطع عنها‬
‫خط الرجعة‪ ،‬إماا لن القيم التي كانت تعتز بها قد ذابت في نفسها‬
‫واضمحلت مان ضميرها‪ ،‬فمات فيها الشرف والكراماة‪ ،‬وإماا لنها عسر‬
‫عليها الرجوع ‪ ،‬وكبر عليها أن تكذب نفسها بعد فترة مان الكفاح‬
‫والجهد فتظاهرت بالمضي في الطريق والحسرة والسإف والندم يمل‬
‫قلبها‪ .‬وإماا لنها حقدت على المرأة والمجتمع فأرادت أن يتردى غيرها‬
‫فيما تردت فيه‪.‬‬
‫والذي يقرأ اليوم بعض ماا تكتبه مافكرات الغرب‪ ،‬خاصة حيث وصلت‬
‫المرأة إلى نهاية التجربة وآخر الهوة‪ ،‬بل بعض ماا تكتبه بعض الشرقيات‬
‫مامن خدعهن البريق في يوم ماا‪ ،‬وكن يطلق عليهن طلئع التحرر‬
‫والنعتاق والنطلق‪ ،‬يدرك ماقدار ماا تحسه تلك المفكرات والكاتبات‬
‫مان السإف على حياة خسرت وماجهود بذل في ضلل وتضليل‪.‬‬
‫وأنا اليوم أكتب هذه الكلمة لك أنت أيتها الخت المسلمة ‪ ،‬لك أنت‬
‫أيتها الفتاة المتعلمة سإواء كنت في المرحلة الجاماعية‪ ،‬أو في المدارس‬
‫الثانوية‪ ،‬أو في المعاهد الفنية والمهنية‪ ،‬أو في المدارس‬
‫العدادية‪....‬لنك أحرى أن تفهميني‪ ،‬ولنك في مابدأ الطريق‪ ،‬حيث‬
‫يقف أولئك الصعاليك ليمسكوا بك مان شعرك المسترسإل فيجرونك‬
‫إلى مايدان المعركة في زعمهم‪ ،‬وفي الواقع إنما يجرونك إلى‬
‫المسلخ‪....‬‬
‫لقد اسإتطاعت أماك واسإتطاعت مادرررسإتك في ) ليبيا وفي البلد‬
‫السإلماية الخرى التي تشبه ليبيا مان حيث سإيادة السإلم عليها(‪ ،‬أن‬
‫تقف حتى الن ثابتة ترتد عنها اليدي العابثة‪ ،‬والدعاوى الكاذبة لنها لم‬
‫تزل ماتحصنة بعقيدة المسلمة وخلقها‪.‬‬
‫أماا أنتر أيتها الفتاة وقد تكالبت عليك قوى الشر والتضليل‪ ،‬وأنتر في‬
‫هذه السنرر الذي تمور فيه مارياه الشباب والحياة في كل ذرة مان‬
‫كيانك‪ ،‬وتقوى الحساسإية فيك مان كل ماا تسمعين وماا تبصرين وماا‬
‫تلمسين‪ ،‬فيجدر بك إذا كنت تحرصين أن تعيشي ماؤمانة ماعتزة‬
‫بإيمانك‪ ،‬ماسلمة قوية في إسإلماك‪ ،‬شريفة فخورة بشرفك‪ -‬يجدر‬
‫بكر إذا كنتر كذلك أن تزني ماوقفك وأن تقدري خطواتك‪ ،‬وأن‬
‫تتفهمي ماا وراء الدعوات الموجهة إليك‪.‬‬
‫لقد كنت أحسب يا أختي المسلمة‪ ،‬أنه يكفي أن يقال لك‪ :‬هذا حكم‬
‫ال حتى تستقبلي ذلك الحكم في فرح واسإتبشار‪ .‬فما دام الحكم هو‬
‫حكم ال‪ ،‬وماا دام الطريق هو الطريق الذي مارت به أكرم النساء في‬
‫أكرم العهود‪ ،‬فإنه يكفي ذلك أن تكوني راضية عنه‪ ،‬ماستبشرة به‪.‬‬
‫وكنت أحسب أنه ماا يثار ماوضوع مان ماواضيعك حتى تقولي‪ :‬كيف‬
‫كان ماوقف النساء مان هذه القضية في عهود السإلم الولى‪ ....‬في عهد‬
‫رسإول ال ‪ ‬وعهد أصحابه رضوان ال عليهم‪ ،‬فإذا أجابك المجيبون بما‬
‫في سإيرتهن حينئذ‪ ،‬كان ذلك كافيا لك لتقبليه وليذهب جميع‬
‫فلسإفة الرض وكتابها كيف شاءوا وليقولوا ماا أرادوا فإنهم جميعا ل‬
‫يبلغون إشارة مان رسإول ال ‪ ، ‬ول كلمة مان هدي أصحابه‪ ،‬رضوان ال‬
‫عليهم‪.‬‬
‫وإذا شئت أيتها الخت المسلمة أن نستعرض ماعا تلك المواضيع التي‬
‫يحسبونها مان شئون المرأة خاصة‪ ،‬ويثيرون حولها الزوابع‪ ،‬ويدجلون‬
‫بها عليها‪ ،‬ويحاولون أن يغيروا فيها أحكام ال وينالوا مان تاريخ أماة‬
‫ماحمد المجيد الذي أعز المرأة ورفعها‪ ،‬وشرف النسانية وأكرماها ‪ ،‬فل‬
‫بأس بذلك‪ ،‬ولنستعرضها قضيرية قضية لتري المواقف الذي يجب أن‬
‫تتخذ الفتاة والمواقف التي يجب أن يقفها أولياء الفتاة‪.‬‬

‫وأحسب أن تلك القضايا ل تخرج عن المواضيع التية‪-:‬‬


‫‪ -1‬هل المرأة المسلمة ماظلوماة؟‬
‫‪ -2‬هل المرأة المسلمة ماحروماة مان التعليم؟‬
‫‪ -3‬الدراسإة والزواج‪.‬‬
‫‪ -4‬الزواج المبكر والوظائف‪.‬‬
‫‪ -5‬الحجاب والسفور‪.‬‬
‫‪ -6‬الختيار في الزواج‪.‬‬
‫‪ -7‬المرأة والشتغال في المرافق العاماة‪.‬‬
‫‪ -8‬التعدد والطلق‪.‬‬

‫وفي الحاديث التية نستعرض هذه المواضيع واحدا بعد واحد إن شاء‬
‫ال تبارك وتعالى‪.‬‬
‫هل المرَّأة المسلمة مظلوُمة؟‬

‫لقد أكثر أعداء المرأة المسلمة في الشرق مان الصياح‪ ،‬لن سإادتهم في‬
‫الغرب الذين لقنوهم هذه الصيحة ل يريدون مانهم أن يسكتوا ماا دامات‬
‫المرأة في الماة المسلمة لم تنحدر إلى نهاية القرار الذي يريدون أن‬
‫يدرجوها إليه‪ .‬وأحسب أنه ل حاجة بي إلى أن أوضح للقارئة المسلمة‬
‫أنه ل يوجد في الغرب بما فيه مان فلسإفة وعلماء وزعماء وسإاسإة‬
‫وماستعمرين ومابشرين ودعاة حقوق النسان‪ -‬شخص واحد يرغب في‬
‫رفع الظلم عن الشرق السإلماي ل عن المرأة المسلمة‪ ،‬ول عن الشعوب‬
‫المسلمة‪ .‬وإذا كان أهل الغرب يباشرون هم أنفسهم أفدح أنواع الظلم‬
‫على الرجل وعلى المرأة وعلى الطفال البرياء وعلى الشعوب والمام‪،‬‬
‫فما ماعنى تباكيهم مان الظلم الواقع على المرأة؟ ولماذا يا ترى راعوا‬
‫جوانب النسانية في هذه النقطة‪ ،‬ولم يراعوها في أي ماسلك مان‬
‫ماسالكهم؟ إن هذه النظرة البسيطة كافية لن تجعل المفكر المسلم‬
‫يقف قبل أن يتلقف القوال مان أعدائه في جميع الميادين ثم يلبس لباس‬
‫المصلحين في الشرق‪ ،‬ويبدأ في نشر الدعوة الضالة‪ ،‬كـأنما هو الذي‬
‫ابتكرها بعد تبدير وتفكير‪ ،‬إنني أدعوك أيتها الخت المسلمة أن تفكري‬
‫وأن تسألي نفسك وتسألي أولئك الذين يمسكون بك ليجروك‬
‫بمختلف الوسإائل إلى حيث يربط الشيطان بينك وبين مان يزعمون أن‬
‫المرأة في الشرق وفي بلد السإلم ماظلوماة ‪ ،‬عن حقيقة الظلم‪ ،‬وعن‬
‫حقيقة العدل‪ ،‬وماتى كان هذا الظلم وفي أي عهد؟ وكنت أود أن‬
‫تقرري لهم أول وبكل صراحة ‪ ،‬وفي وضوح تام‪ ،‬أنك باعتبارك امارأة‬
‫ماسلمة‪ ،‬ماؤمانة بكتاب ال‪ ،‬وبما جاء به ماحمد ‪ ، ‬وبما سإار عليه‬
‫المسلمون المهتدون‪ ،‬أن عليك واجبات فرضها عليك السإلم‪ ،‬وأنك‬
‫مالزماة بأدائها سإواء راقتهم أو لم ترقهم‪ ،‬وأن لك حقوقا أنتر ماتمسكة‬
‫بها‪ ،‬وأن مان سإلبها مانك أو حاول أن يسلبها فهو ظالم ماتعد‪ ،‬وأنك‬
‫تدافعين عن حقوقك بما تملكين مان قوة‪ ،‬والسإلم في جانبك‪ ،‬وأن‬
‫السإلم سإن لك آدابا في السلوك فأنتر حرية بإتباعها‪.‬‬
‫فما هي الحقوق التي أعطاها ال للمرأة وسإلبها مانها الب أو الزوج أو‬
‫المجتمع حتى تعتبر ماظلوماة‪ ،‬ويسارع أصحاب النخوة والشهاماة مان‬
‫أتباع كل ناعق إغاثتها؟ ل شك أن ماطالبة المرأة بأداء واجبها ل يعتبر‬
‫ظلما‪ ،‬وأحسب أن ماعرفة الواجب أو الحق عند الرجل أو المرأة‪ ،‬ل تكون‬
‫إل مان ماصدر واحد ‪ ،‬هو تشريع ال‪ ،‬أماا كلم البشر فدعيه للبشر ماهما‬
‫زخرفته الدعوى وزوقته الباطيل‪ ،‬وحسنته في عقول السدج شبه‬
‫ماستندة إلى العلم أو الفلسفة أو الحضارة أو روح العصر‪.‬‬
‫ومان أماثلة ذلك أن يصرخ المتشدقون بقضية المرأة‪ ،‬ويملوا الدنيا‬
‫ضجيجا‪ ،‬لن أبا ماحافظا رجعيا قد تشدد على فتاته وطلب مانها أن تصوم‬
‫رماضان وهي في أول سإن البلوغ‪ ،‬ويحسبون أن هذا الب ظالما قاسإيا‪،‬‬
‫ويزعمون أن مان حقها أن تأكل كما تشاء ماتى تشاء‪ ،‬وأن حرماانها مان‬
‫الكل بعض الوقت قسوة عليها‪ ،‬فهو يضر بصحتها ويشوه جمالها‪،‬‬
‫ويكشف نضارتها‪ ،‬ثم يستندون في ذلك إلى ماا يقوله علماء التغذية‬
‫والصحة والفيتاماينات‪ ،‬وماا يقدره خبراء السمنة والرشاقة والعتدال‪.‬‬
‫فهل ترين يا أختي المسلمة أن هذا الكلم يستحق حتى ماجرد السماع‪،‬‬
‫وهل لمثل هذه الفلسفة مان وزن‪ ،‬وهل لعلم التغذية هنا مان قيمة؟ إن‬
‫الخلق العظيم أراد مان الفتاة البالغة أن تصوم رماضان‪ ،‬وقرر لها‬
‫السإباب التي تبيح لها الفطار‪ ،‬والب إنما يقوم بواجبه حينما يلزم‬
‫الفتاة أو الفتى بأداء ماا فرضه ال عليهما وأراده مانهما‪ ،‬فهل في هذا ظلم‬
‫يا فتاة اليوم؟ وهل تعتقدين أن أباك قاسإي ل يرحم لنه يطالبك‬
‫بفريضة الصوم؟‬
‫وال سإبحانه وتعالى يريد مان الفتاة أن تصلي خمس مارات في اليوم‪.‬‬
‫ولكن أعداء المرأة يريدون أن تتزين لهم بدل مان ذلك عدة مارات في‬
‫اليوم‪ .‬ثم تخرج مان بيتها‪ -‬في فتنتها وسإحرها‪ -‬لتلقاهم في الحانة أو‬
‫المسرح أو السينما أو حيث شاؤوا‪ ،‬ليستمتعوا بما وهبها ال مان نعمة‬
‫الجمال‪ .‬فإذا جاء الب يقول لفتاته أو لزوجه‪ :‬قوماي أيتها المرأة‬
‫الصالحة فتوضئ لصلة العصر أو المغرب أو ماا حضر مان الصلوات‪،‬‬
‫أجابته ماتأففة‪ :‬لقد قضيت مانذ لحظات زمانا غير قصير‪ ،‬وأنا أزجج‬
‫الحواجب والعيون‪ ،‬وأطلي الخدود والشفاه‪ ،‬وأصبغ الظافر وأسإوي‬
‫الشعر‪ ،‬وأزن ماوضع ثيابي على هنداماي أماام المرآة‪ ،‬وعملية الوضوء‬
‫هذه تفسد علي زينتي‪ ،‬وتذهب عني سإحري وفتنتي‪ ،‬ول شك أن السادة‬
‫المتسكعين في الطرقات ينتظرون مارور قدرري الميرياس‪ .‬فإذا شدد الب‬
‫أو الزوج عليها وألزماها بأداء واجبها نحو ربها عد ظالما ل يرحم‪ .‬فهل‬
‫توافقين أنتر على هذا الحكم أيتها الفتاة المسلمة؟‬
‫ويقوم الزوج بعد اسإتراحة الظهيرة يتهيأ للخروج لشأن مان الشئون‬
‫وينظر فإذا الزوجة المصونة قد زينت نفسها كأنها تستعد لليلة‬
‫الدخلة‪ ،‬ووضعت حقيبة أنيقة صغيرة في يدها‪ ،‬ووضعت تحت عقبيها‬
‫حذاء عالي الكعب أقبلت تحجل عليه كأنما هي ماقيدة‪ ،‬واسإتقبلت باب‬
‫الخروج‪ ....‬فيقول لها الزوج‪ :‬إلى أين أيتها الزوجة العزيزة؟ أتزورين‬
‫إحدى القريبات؟ أتعودين ماريضة؟ أتحضرين حفلة عرس لصاحب حق‬
‫علينا؟ أتشربين الشاي عند جارتك؟ فتجيب الزوجة في نظرة ماتعالية‬
‫كأنها تعجب مان سإذاجته وغفلته‪ :‬ل‪ ،‬إني ذاهبة لروح عن نفسي قليل‪،‬‬
‫فقد سإئمت البيت‪ .‬ثم أماررر ببعض المتاجر لرى ماا جدري فيها مان حلير‬
‫ولباس‪ ،‬لعل ماوضة جديدة وصلت السوق ولم أسإمع بها‪ .‬فيقول الزوج‬
‫في لهجة غاضبة ونبرة شديدة‪ :‬ل أيتها الزوجة العزيزة‪ ،‬قري في‬
‫بيتك لن ال تعالى يقول‪ :‬وقرن في بيوتكن‪ ،‬ول تبرجرين تبرج‬
‫الجاهلية الولى‪ ،‬وأقرممن الصلة‪ ،‬وآتيرني الزكاة وأطرعمني ال ورسإوله‬
‫‪ .‬فتجيبه الزوجة‪ :‬كيف أقر في بيتي‪ ،‬وأنا أتوق إلى شم الهواء‬
‫وماعرفة آخر النباء عن أحدث الزياء‪ ،‬وأشتهي أن أعرض هذا الجمال‬
‫على الرجال والنساء؟ فإذا شدد الزوج عليها في القاماة‪ ،‬وألزماها بواجبها‬
‫الذي فرضه عليها الخلق العليم‪ ،‬ومانعها مان أن تفتن أو تفتتن‪ ،‬عردري هذا‬
‫الزوج ظالما‪ ،‬قاسإيا ل يرحم‪ ،‬فهل ترينه كذلك أيتها الفتاة المسلمة؟‬
‫هل ترين أن المرأة ماظلوماة حقا حين يطالبها أبوها أو زوجها بالقيام‬
‫بواجباتها مان أداء الصلة والصيام‪ ،‬والتزام الحياء والسإتقرار في البيت‬
‫إذا لم تدعها حاجة‪ ،‬وصيانة نفسها مان التبذل والتفسخ‪ ،‬واختيار اللباس‬
‫الساتر المحتشم‪ ،‬إلى غير ذلك ماما يفرضه عليها الدين‪ ،‬ويطالبها به‬
‫الدب والخلق‪ ،‬ويدعوها إليه الذوق السليم والطبع القويم؟‬
‫إنه يسير علي وعليك أيتها الخت المسلمة أن نستعرض جميع اللوان‬
‫التي تزعم أعداء المرأة‪ -‬وهم يعملون جاهدين على أن يطرحوها اليوم‬
‫في المسلخ وغدا في جهنم‪ -‬ويقولون عنها إنه ظلم وقسوة وحرماان‪،‬‬
‫وأن نناقشها لونا لونايي ‪ ،‬فما وجدناه مان واجبات وآداب سإلوكها‬
‫طالبناها بالقيام به والمحافظة عليه‪ ،‬وليس عليها في ذلك مان ظلم أو‬
‫إرهاق ‪ ،‬وماا وجدناه مان حقوقها طالبنا بتيسيره لها‪ ،‬وماا وجدناه ظلما‬
‫وقع عليها‪ ،‬أو حرماانا أصيبت به طالبنا برفع عنها‪ .‬وماوقفنا هذا مان‬
‫المرأة هو نفس ماوقفنا مان الرجل‪ ،‬واجبات يجب عليها القيام بها‪ ،‬وآداب‬
‫ينبغي لهما سإلوكها وحقوق لها أن يطالبها بها ويصل إليها‪ ،‬والرجل‬
‫والمرأة كلهما في هذا الطار ليسا ظالمين ول ماظلوماين ‪ ،‬فإن تخلى‬
‫أحدهما عن واجباته أو آدابه فهو ظالم ‪ ،‬وإذا حرم مان حقوقه فهو‬
‫ماظلوم‪ ،‬وبديهي أن الواجبات والداب والحقوق‪ ،‬إنما يقررها الشرع‬
‫الكريم‪ ،‬ل الفكر السقيم ‪ ،‬ول الطبع اللئيم‪.‬‬
‫إن الذئاب البشرية التي تتعاون اليوم حول المرأة‪ -‬وتجعل لها قضية‬
‫خاصة‪ ،‬وتحاول أن تفصلها مان قطيع البشرية‪ ،‬وتسعى أن تحررها فيها‬
‫تزعم‪ -‬وقد ولدت المرأة حرة كريمة كما ولد الرجل‪ ،‬وعاشت حرة‬
‫كريمة طيلة حكم السإلم كما عاش الرجل‪ -‬ل تتعاوى ألما لظلم وقع‬
‫على المرأة فآذاها ‪ ،‬وإنما تتعاوى أسإفا لنها حرمات مان الولوغ في دماها‪،‬‬
‫تماماا كما تتعاوى ذئاب حين ترى قطيعا مان الغنم يسهر عليه راع‬
‫يقظ‪ .‬وحين تتعاوى ذئاب الغاب بجنب القطيع‪ ،‬فإنما تتعاوى أول‬
‫للحرماان الذي أصابها مان يقظة الراعي‪ ،‬وثانيا لعل عواءها يدخل الفزع‬
‫على الرعاة أو القطيع فتنفصل عنه بعض الشياه فيجد فيها فرصته‪" ،‬‬
‫وإنما يأكل الذئب مان الغنم القاصية"‪.‬‬
‫إنها قضية واحدة‪ ،‬إنهم حين يطالبون بدفع الظلم عن المرأة‪،‬‬
‫وبتحريرها مان رعاية الب أو الزوج‪ ،‬فهم ل يقصدون ماا تفهمينه مان‬
‫ماعنى الحرية ورفع الظلم‪ ،‬وإنما يقصدون انفصال المرأة عن الرعاية‬
‫والحماية حتى يجدوا ماعها رغبتهم‪ ،‬ويحققوا لنفسهم شهوتهم‪ ،‬ولو‬
‫كانت شهوة الشهرة‪ -‬وإل فما هو الظلم الواقع مان الب على ابنته أو‬
‫الزوج على زوجته أو مان المجتمع على المرأة؟‪ ....‬إن حال رعاة‬
‫القطيع بين القطيع والذئاب تعالت صرخات الذئاب؟!‪.‬‬
‫محرَّومة من التعليم؟‬
‫هل المرَّأة المسلمة ي‬
‫ي‬

‫أيتها الخت المسلمة‪...‬إن أعداءك الذين يريدون أن يجروك إلى‬


‫المسلخ‪ ،‬وإن يقطعوا صلتك بماضيك العريق المشرف‪ ،‬وان يغيروا في‬
‫ذهنك ماعايير أخلقك وماثلك‪ ،‬يقولون في وقاحة‪ :‬إن المرأة كانت‬
‫ماحروماة مان التعليم‪ ،‬ماغلفة بالجهل‪ ،‬ماغلقة الذهن‪ ،‬ضيقة الفق‪ ،‬إلى‬
‫آخر ماا هنالك مان تعابير في هذه الجوانب‪ ،‬فما ماقدار الحقيقة في هذه‬
‫الكاذيب؟‪...‬إنه مان المؤلم حقا هذا الموقف المزري‪ ،‬الذي أفلح فيه‬
‫الشيطان‪ ،‬شيطان الجن أو شيطان النس‪ ،‬حين غلب على الفتى أو الفتاة‪،‬‬
‫فقطع صلتها بماضيها وجعلهما يقفان ماوقف الجحود والنكران‪ ،‬فيعلنان‬
‫في غير حياء‪ :‬إن تلك الم الفاضلة‪ -‬التي أنجبت حضرتيهما وماهريدت‬
‫لهما الحياة حتى بلغا إلى هذه المرتبة‪ ،‬فأصبحا مان أصحاب القلم‪-‬‬
‫كانت جاهلة ماغلقة الذهن‪ ،‬وإن أباها الذي هو جدهما كان ماجرماا‬
‫أثيما‪ ،‬مانع النور عن بنته‪ ،‬وحال دونها ودون العلم‪ .‬إن هؤلء الببغاوات‬
‫إنما ينكرون اليوم على أبناء الجيل الحاضر نفس الخدع والباطيل‬
‫والسإاليب الملتوية التي توصل إليها‪ -‬بعد جهد ووقت وماال‪ -‬عباقرة‬
‫المكر والدهاء مان المستعمرين وأعداء السإلم‪ ،‬حتى أخرجوها في ثوب‬
‫يلبسه الرقعاء مان اتباع الحضارة الغربية دون وعي ول ماعرفة لمعنى‬
‫الحضارة‪ ،‬وحين كان أولئك الماكرون يفكرون في خدعهم‬
‫وأباطيلهم ماما يفرق وحدة الماة المتماسإكة‪ ،‬ويقطع أواصر السإرة‬
‫المترابطة‪ ،‬لم يجدوا وسإيلة خيرا مان نشر أوهام تجعل الفتى والفتاة‬
‫ماشحونين بالغرور‪ ،‬ماتوقعين ماتكبرين يحسبان نفسيهما أفضل مان‬
‫أبيهما وأماهما وأسإرتهما والمجتمع الذي يعيشان فيه‪ ،‬لنه أتيح لهما أن‬
‫يترددا على دور العلم ماا لم يتح لولئك‪ ،‬فهما بذلك ينظران إلى‬
‫أسإرتهما وماجتمعهما باحتقار وازدراء‪.‬‬
‫وأسإتطيع أن أقول لك في تأكيد وحزم أيتها الفتاة المسلمة الذكية‪،‬‬
‫أنه يحول دون المرأة والعلم أو دون المرأة والثقافة‪ ،‬كما أنه ل يوجد‬
‫أحد يسعى أن يحول دون الرجل والعلم أو دون الرجل والثقافة‪ ،‬فإذا لم‬
‫تتيسر السبل لفتى أو فتاة في أسإرة مان السإر للحصول على المقدار‬
‫الضروري مان العلم‪ ،‬فذلك يعود لسإباب خارجة عن أفراد السإرة‪ .‬على‬
‫أنه يجب‪ -‬ونحن نناقش قضية التعليم‪ -‬أن نحدد فروع العلم التي يجب‬
‫أن يستوعبها الفتى أو الفتاة‪ ،‬والتي إذا حال دون الحصول عليها حائل‬
‫كان ماعتديا أثيما‪.‬‬
‫فما هي العلوم التي يجب أن يتحصل عليها الفتى؟ وماا هي العلوم التي‬
‫يجب أن تحصل عليها الفتاة؟ وماا هي العلوم التي ينبغي أن يحصل عليها‬
‫كل واحد مانها؟ وماا هي العلوم التي تعتبر ترفا فكريا لكل واحد مانها إذا‬
‫حصل عليها كان ذلك حسنا‪ ،‬وإذا لم يتمكن مان ذلك لم يكن الحرماان‬
‫مانها خسارة؟‬
‫يجدر بي أن أذكرك هنا أيضا أنني أخاطبك أنت أيتها الفتاة المسلمة‬
‫الحريصة على إسإلماها‪ ،‬وأحسب أنك توافقيني تماماا في أن العلوم التي‬
‫يكون تعلمها فرضا وهي واجبة على كل ماسلم ذكرا كان أو أنثى‪ ،‬إنما‬
‫هي العلوم التي يعرف بها المؤمان أول‪ :‬واجباته نحو ربه وطرق أدائها‪،‬‬
‫ثانيا‪ :‬واجباته وحقوقه نحو ماجتمعه مان السإرة إلى الماة‪ ،‬ثالثا‪:‬‬
‫واجباته وحقوقه نحو دولته المسلمة‪ -‬وهي الدولة التي تسير بشرع ال‬
‫وقانونه‪ .-‬أماا الثقافة العاماة فهي ماتاحة للجميع بقدر ماا تتهيأ له‬
‫ظروف كل شخص وكل بيئة ‪ ،‬على أن هناك مايادين تخصص حسبما‬
‫تقتضيه الفطرة أول‪ ،‬ثم المواهب الشخصية ثانيا‪.‬‬
‫ولكل مان الرجل والمرأة أن يتعمق في مايادين تخصصه ماا أماكنه‬
‫التعمق وواتته الفرص‪ ،‬ول حرج عليه أن يلم بتخصصات الخر إذا لم‬
‫يحل ذلك دون القيام بمهام تخصصه‪ ،‬وماا دام الشخص يجري وراء‬
‫العلم لذات العلم دون أن يخل بواجبه الوكد فل أحد ينكر عليه ذلك‪.‬‬
‫وعندماا يتجاوز النسان مارحلة التعلم للعلم إلى التعلم لغرض آخر‬
‫كما هو الشأن الن‪ ،‬أي حين يكون العلم وسإيلة لغاية ‪ ،‬فإنه يجب أن‬
‫نبحث عن حقيقة الغاية التي تجعل العلم وسإيلة للوصول إليها‪ ،‬فإذا‬
‫كانت الغاية تبرر ماا يبذله الفتى والفتاة مان جهود وتضحيات للوصول‬
‫إليها‪ ،‬كان ذلك ماحبوبا مارغوبا فيه‪ ،‬ويجب أن تيسر لهما وسإائل‬
‫الوصول‪ ،‬أماا إذا كانت الغاية إنما تبرر جهود الفتى دون الفتاة أو جهود‬
‫الفتاة دون الفتى‪ ،‬وجب أن ييسر لحدهما حسبما تقتضيه الفطرة‬
‫والمصلحة ول يعتبر عدم تيسيره للخر حرماانا له مان العلم‪.‬‬
‫وأنت أيتها الفتاة المسلمة قد فتحت لك أبواب الدراسإة كما فتحت‬
‫للفتى‪ ،‬ويسرت لك الدولة أن تدرسإي ماا شاء لك رأيك وعقلك‬
‫وتوجيه ذويك‪ ،‬ولم تغلق دونك أي باب مان دور العلم‪ .‬وأتاحت لك‬
‫الدراسإة مانفردة أو ماشتركة في أغلب ماراحل الدراسإة‪ ،‬ولن نقول لك‬
‫أن الدين يمنع عنك هذه المرحلة ويبيح لك تلك هكذا اعتباطا‪ ،‬وإنما‬
‫نقول لك ذلك وبناء على حكم الدين نفسه نظرا لما يجب عليك‬
‫ماعرفته أول‪ ،‬وعلى سإلوكك وسإلوك زمايلك ثانيا‪ ،‬ونظرا إلى سإنك‬
‫ونضجك وسإنة نضجه ثالثا‪ .‬فل شك أن الدولة‪ -‬والماة والسإرة مان‬
‫ورائها‪ -‬حين قرت لك إماكانيات الدراسإة‪ ،‬وفتحت لكر أبواب التعلم‬
‫دون أن تتكبدي شيئا‪ ،‬فإنما تريد مانكر أن تكوني لها المرأة التي ترسإي‬
‫القواعد الثابتة للماة‪ ،‬وتساعد على البناء الصالح للدولة‪ ،‬وتساهم‬
‫ماساهمة فعالة في سإلماة المجتمع وتطهيره وتطويره‪ ،‬حسب تقدم‬
‫العصور في إطار الدين القويم‪ ،‬وتقر ماعها السإس الثابتة للحياة‬
‫الكريمة والنهضة السريعة‪ ،‬باعتبارك زوجة ‪ ،‬وباعتبارك أماا‪ .‬وهذه‬
‫العتبارات ل تشتك فإنها نفس العتبارات التي تطلب مان الرجل‬
‫باعتباره زوجا وباعتباره أبا‪.‬‬
‫وحياة الماة‪ ،‬ونظام المجتمع فيها‪ ،‬وكيان الدولة الحقيقي إنما ينبني‬
‫على هذه الحقائق الثابتة في كل ماجتمع‪ .‬زوجة وأم‪ .‬وزوج وأب‪،‬‬
‫ويبقى هنالك طرفان في كل ماجتمع يحتاجان إلى الرعاية أكثر مان‬
‫أي شيء آخر‪ ،‬ولهما مان الحقوق أكثر ماما عليهما مان الواجبات‪ .‬هذان‬
‫الطرفان هما طرف لم يتحمل المسئولية بعد‪ ،‬وطرف تخلى عنها لمن‬
‫يحملها‪ ،‬أماا الطرف الذي لم يتحملها بعد فهم البناء‪ ،‬وحقهم على‬
‫السإرة والمجتمع والماة والدولة أن توفر لهم بقدر الماكان‪ ،‬التكون‬
‫السليم للسير في الطريق القويم‪ .‬أماا واجباتهم فهي غالبا ل تتعدى‬
‫اللتزام بالسير في النهج الذي يسرته لهم الدولة باختيار الب والم‬
‫وتوجيهها‪.‬‬
‫أماا الطرف الذي تخلى عن المسئولية فهما الجدر والجدرية‪ ،‬وقد فرغا‬
‫مان واجبهما في الحياة وأصبحت لهما حقوق الرعاية والصيانة‬
‫والحترام‪ ،‬أماا واجبهما‪ -‬في أغلب الحيان فل يتعدى قلوبا مافعمة‬
‫بالحب والعطف والحنان ‪ ،‬يسبغانها على الحفاد وأبناء السإرة الصغار‪،‬‬
‫وذخيرة طيبة مان المعارف والتجارب والنصائح‪ ،‬تبذل في صدق لفراد‬
‫السإرة جميعا‪.‬‬
‫والمنهج الذي يسير عليه الذكر في الحياة بإشراف الدولة وتوجيه‬
‫الب والم ‪ ،‬هو أن يكون ولدا بارا‪ ،‬ثم زوجا صالحا‪ ،‬ثم أبا كريما‪ ،‬ثم‬
‫جدا عطوفا‪.‬‬
‫ولكل مارحلة مان هذه المراحل واجبات والتزاماات وحقوق‪ .‬أماا المنهج‬
‫الذي تسير عليه النثى ‪ ،‬فأن تكون بنتا ماطيعة ثم زوجة صالحة ثم أماا‬
‫شريفة‪ ،‬ثم جدة طيبة‪ ،‬فإذا تسلسلت هذه اللبنات في حياة أماة على أسإس‬
‫سإليمة صارت السإرة فيها دعاماة قوية‪ ،‬تنبني عليها ركائز ماتينة ترتفع‬
‫عليها الماجاد‪.‬‬

‫الدراسة والزواج‬
‫ل شك أن كثيرا مان الشباب ومان أولياء الماور يعتقدون أن الدراسإة‬
‫والزواج شيئان ماتناقضان‪ ،‬وان الفتى والفتاة ل يمكن أن يقوماا‬
‫بالمهمتين‪ :‬ماهمة الزواج‪ ،‬وماهمة الدراسإة‪ .‬وهذه الفكرة ليست جديدة ‪،‬‬
‫وإنما هي قديمة عبر عليها بعض الدعاة إلى العراض عن الزواج في‬
‫مارحلة الدراسإة بقولهم‪ ":‬العلم كبش ذبح ليلة الزفاف"‪.‬‬
‫وأنا في هذا الفصل يهمني أن أناقش الموضوع مان بعض الجوانب ل‬
‫مان كل الجوانب‪ ،‬وفي رأيي أنه يجب أن يلزم الفتى والفتاة بالسإتمرار‬
‫في الدراسإة حتى يعرف كل واحد مانهما المفروض الول مان العلم وهو‬
‫ماا يساعده على أداء واجبه نحو ربه‪ ،‬ثم المفروض الثاني وهو ماا‬
‫يساعده على أداء واجبه للدولة والماة والسإرة‪ ،‬وماعرفة حقوق عليها‪،‬‬
‫وان يتاح لهما أن ينال مان الثقافة العاماة ماا يتيسر لكل مانهما في ماجال‬
‫حياته الخاص‪ .‬وأحسب أن كل مان الفتى والفتاة يستطيع الحصول على‬
‫المقدار الكافي في علوم الفرض الول في ماراحل التعليم الولى‪ ،‬إذا‬
‫أحسنت الدولة وضع المناهج وماراعاة الجوانب الدينية فيها‪ ،‬وأقرت فيها‬
‫الحصص الكافية‪ ،‬وفي ماراحل التعليم المتوسإطة يتحصل كثير مان‬
‫الفتيان وأغلب الفتيات على المقادير الكافية في علوم الفرض الثاني‬
‫الذي يساعدهما على أداء الواجبات للدولة والماة والسإرة‪ ،‬وماعرفة‬
‫حقوقها عليها‪ ،‬وهذا بطبيعة الحال إذا أحسنت الدولة وضع المناهج لهذه‬
‫المرحلة‪.‬‬
‫وفي أواخر هذه المراحل الدراسإية مان المعاهد والمدارس المهنية‬
‫والمدارس الثانوية‪ ،‬يبدأ أغلب الفتيان والفتيات في الدخول إلى سإن‬
‫البلوغ الشرعي‪ ،‬وفي هذه السن تبدأ نوازع الفطرة تدعو إلى القيام‬
‫بواجبات الوظيفة الولى في طبيعة الحياة‪ ،‬وظيفة الزواج‪ .‬ويبدأ الب‬
‫والم يفكران في الموضوع بالنسبة لفتاهما أو فتاتهما‪.‬‬
‫فإذا جاء الفتى أو الفتاة في هذه المرحلة وطلبا مان أبويهما تأخير‬
‫الزواج فترة أخرى قصيرة‪ ،‬لن كل واحد مانهما يملك طاقة الحتمال‬
‫والصبر ماا ل يغلبه ماعه الشيطان على نفسه‪ ،‬ولنه يريد أن يستمر في‬
‫التفرغ لدراسإته حتى ينجزها‪ ،‬كان على الب أن يوافق إذا أمان الفتنة‬
‫والفساد مان جهة‪ ،‬وكان ماوضوع الدراسإة ماما يناسإب فطرة كل واحد‬
‫مانهما بأن كانت دراسإة الفتى فيما يناسإب فطرة الذكور‪ ،‬وكانت‬
‫دراسإة الفتاة فيما يناسإب فطرة الناث‪ ،‬فإذا انحرف أحدهما عن المجرى‬
‫الطبيعي‪ ،‬فطلب دراسإة ماال يوافق فطرته كان على الب أن يقول له‪ :‬ل‬
‫يا ولد حسبك دراسإة‪ ،‬وابحث لك عن رفيقة العمر لتعيشا ماعا في‬
‫سإعادة‪ ،‬أو يقول لهما‪ :‬ل يا بنت حسبكر ماا حصلت عليه واصبري حتى‬
‫يقبل عليكر ابن الحلل لتبنيا ماعا عش الزوجية السعيد‪ ،‬وتقوماي‬
‫بالوظيفة الولى في الحياة‪ :‬وظيفة الزوجة‪.‬‬
‫والب في ماوقفه الول ماع الفتى‪ ،‬وماوقفه الثاني ماع الفتاة لم‬
‫يحرماهما مان العلم ويمنع عنهما النور‪ ،‬وإنما وريجه كلر واحد مانهما‬
‫إلى طريقه الماثل في الحياة ‪ ،‬ويستثني مان هذه الحوال مان الفتيان‬
‫والفتيات مان تظهر عليه بوادر للنبوغ المبكر في فرع مان فروع العلم‬
‫ويرجى مانه أن يبلغ فيه درجات تقصر عنها خطوات السير العادي‪ .‬فإذا‬
‫تحقق المشرفون عليه أو عليها مان ذلك فل بأس أن يتاح له أو لها‬
‫إجراء هذه التجربة واغتنام هذه الفرصة‪ ،‬لعل ذلك يعود بالخير على‬
‫الماة أو على الدولة أو على النسانية‪ ،‬ولو في ماجال تخصص الجنس‬
‫الخر‪ ،‬ولقد كانت شواذ مان النساء بلغت في أعمال الرجولة‬
‫كالشتراك في ماعارك في القتال وقيادة الجيوش‪ -‬مابالغ فوق ماا‬
‫يستطيع الرجل العادي‪ ،‬وقد كان هناك رجال بلغوا في العمال الخاصة‬
‫بالنساء كالخياطة والحياكة والتطريز‪ -‬مابالغ تعجز عليها المرأة‬
‫العادية‪.‬‬
‫ولكن هذا النبوغ عند بعض الفراد‪ ،‬والذي يعتبر في حكم الشاذ ل‬
‫يكون مابررا لن يفلت قياد الفتى أو قياد الفتاة‪ .‬وإنما على السإرة أول‬
‫والدولة ثانيا والماة ثالثا‪ ،‬أن تلزم كل واحد بالسير في مانهجه‬
‫الطبيعي حتى تتخلص مان الشذوذ والشواذ‪.‬‬
‫ولقد يزيد الموضوع إيضاحا أن أقص على القارئ الكريم والقارئة‬
‫الكريمة‪ ،‬ماناقشة أجريتها ماع ماجوعة مان طلب الجاماعة الليبية‪ ،‬وليس‬
‫سإرا أن أقول هنا أن عددا كبيرا مان أولئك الطلب ل يلتزماون‬
‫الحصانة الكامالة والعفاف التام‪ ،‬أماا العدد الثاني مان الذين يلتزماون‬
‫العفاف‪ ،‬ويريدون لنفسهم الحصانة فهم ماجمعون على أن الزواج ل‬
‫يعوق عن الدراسإة‪ ،‬بل إن بعض المتزوجين مانهم‪ ،‬مامن أخذ زوجته ماعه‬
‫يرى أن الطالب الجاماعي المتزوج ماستقر نفسيا وعاطفيا‪ ،‬وأنه يقبل‬
‫على عمله الدراسإي بصفاء يساعده كثيرا على السإتيعاب‪ ،‬بينما يعاني‬
‫الفريق الثاني مان الكبت أو النطلق‪ ،‬قلقا نفسيا وفراغا عاطفيا وشعورا‬
‫بعدم السإتقرار والراحة‪ ،‬ماا يجعله يحس بالحرماان أو يشعر بالثم‬
‫والجريمة‪.‬‬
‫أعتقد أن هذا يكفي في بيان حقوق الرجل والمرأة في التعليم‪ ،‬ويبقى‬
‫علي أن أختم هذا الفصل بملحظة يسيرة‪ ،‬أرجو أن تتأمالها فتاة اليوم‬
‫لتعرف حقيقة الدعاية الهائلة الكاذبة التي كانت تنتصب على أسإلفها‪،‬‬
‫وتجرد أماها وجدتها مان بواعث الحترام والتقدير بما يضفي عليها مان‬
‫نعوت الجهل والغفلة والسإتعباد والحرماان‪ ،‬فما هي الصورة الحقيقية‬
‫لهذه الماة الفاضلة التي أجبتك أنتر أيتها الفتاة المتعلمة‪ ،‬وأجبت‬
‫أخاكر الذي أصبح أديبا أو ماهندسإا أو طبيبا أو مافكرا أو فيلسوفا‪.‬‬
‫أحسب ان صورتها ل تخرج مان هذا الطار‪-:‬‬
‫هي امارأة ماسلمة نشأت في أسإرة ماسلمة ماتدنية لم يتح لها ان تلبس‬
‫الفستان القصير‪ ،‬وأن تذهب إلى المدرسإة ماتمائلة ماتدللة‪ ،‬ولم تجلس‬
‫على ماقعد مان الخشب أو الحديد‪ ،‬ولم تتعود أنا مالها حمل القلم لترسإم‬
‫به صورة القط والكلب وابن الجيران‪ ،‬وتكتب به الرسإائل بعد ان تصور‬
‫عليها قلبا ماطعونا بسهم ينزف مانه الدم‪ .‬وغنما علمها أفراد السإرة‬
‫بالتلقين سإورا مان القرآن الكريم‪ ،‬وبعض أحاديث الرسإول العظيم‪ ،‬عليه‬
‫أفضل الصلة وأزكى التسليم‪ ،‬ودربوها بالطريقة العملية على اداء‬
‫واجباتها نحو ربها مان طهارة وصلة وصيام وماا إليها‪ ،‬ومالوا قلبها‬
‫إيمانا بال وماحبة للباء والبناء والخوة وسإائر القارب والمسلمين‬
‫وعرفوها ماكارم الخلق‪ ،‬فالتزماتها‪ ،‬كما عرفوها ماساوئها فاجتنبتها‪،‬‬
‫وعلوماها أن أغلى ماا تملكه المرأة إنما هو الحياء والعفاف وطاعة الب‬
‫وإرضاء الزوج وحفظ كراماته ومااله‪ ،‬في غيابه وحضوره ‪ ،‬وماحبة‬
‫البناء ورعايتهم وتربيتهم‪ ،‬فحرصت أن تقوم بكل ذلك على أحسن ماا‬
‫يقوم أماين بأماانته‪ ،‬وعلموها أن المرأة الصالحة هي التي تستقر في‬
‫بيتها‪ ،‬تتولى شئونه بنفسها وتربي أبناءها وتتعهد بنصيحتها‪ ،‬ول تترك‬
‫مانزلها إل لشأن هام مان زيارة تقتضيها صلة الرحم‪ ،‬أو ماشاركة في‬
‫فرح أو ماأتم تتطلبها روابط المجتمع‪ ،‬في هذا الطار العام مان صور‬
‫الحياة كانت تحيا المرأة المسلمة إل ماا شذ‪ ،‬فهل تعتبر هذه المرأة‬
‫جاهلة يا أختاه؟ إنكر ل تستطيعين أن تقولي ذلك إل إذا كنت مامن‬
‫غرتهم الكاذيب وخدعتهم الدعاوي الباطلة‪ ،‬ونقموا على كل امارأة‬
‫شريفة لم تتح لهم مان نفسها المتعة‪ ،‬ولم تبح جمالها في كل ماجال‪،‬‬
‫ولم تعرض فتنتها في كل سإوق‪.‬‬
‫وصدق الشاعر المبدع سإليمان السالمي حينما قال وهو يصف ماعرض دماشق الدولي‪:‬‬

‫وماليحة جاءت لتشهد ماعرضا‬

‫بقواماها الممشوق والوجه الوضي‬


‫ماا شاقها شيء هنالك إنما‬

‫جاءت لتعرض نفسها في المعرض‬

‫الزواج المبكرَّ والوُظائف‬

‫لقد سإبق أن ذكرنا في فصل سإابق أن المراحل التي يمر بها الذكر‬
‫في حياته هي‪ :‬أن يكون طفل ماعتنى به‪ ،‬ثم ولدا بارا وتلميذا ماجدا‪ ،‬ثم‬
‫زوجا صالحا‪ ،‬ثم أبا كريما‪ ،‬ثم جدا عطوفا‪ -‬وان المراحل التي تنتقل‬
‫بينها النثى‪ ،‬هي أن تكون طفلة ماعتنى بها‪ ،‬ثم بنتا بارة وتلميذة ماجدة‪،‬‬
‫ثم زوجة صالحة ‪ ،‬ثم أماا فاضلة ‪ ،‬ثم جدة حنونا‪.‬‬
‫هذه هي المراحل الطبيعية والوظائف السإاسإية لكل فرد حسبما هيأته‬
‫لـه الفطرة واعدته للمرور بها إذا قدر له أن يتم عمرا كامال في‬
‫الحياة‪.‬‬
‫فإذا احتاجت المة إلى مان يقوم لها بمهمة مان المهام‪ ،‬فإنه يجب ان‬
‫تختاره مامن هيأته الفطرة للقيام بتلك المهمة‪ ،‬ماراعا لمصلحة الدولة‬
‫التي ماا هي في الواقع إل وسإائل لسد احتياجات الماة‪.‬‬
‫قد يكون في هذا الكلم بعض الغموض أيتها الخت المسلمة‪ ،‬ولذلك‬
‫فها أنا أضرب لك المثلة لليضاح والبيان‪:‬‬
‫هبي أن ناطقا باسإم الدولة قال‪ :‬إن الدولة رعاية لمصلحة الماة‪،‬‬
‫تحتاج إلى عدد كذا شخصا‪ ،‬يقوماون بمهمة الحراسإة أو المحافظة على‬
‫الحدود أو إدارة أعمال الدولة أو التخطيط لمشاريع ماعمارية أو‬
‫الدارية ماؤسإسات ماصنعية أو تجارية‪ ،‬أو للقيام بحفريات أثرية أو ماد‬
‫سإكك حديدية أو طرق صحراوية‪ ،‬أو تدريس في مادارس نسوية أو‬
‫النخراط في دورات تدريبية لتخريج قوابل أو غير ذلك مان شتى‬
‫الوظائف والعمال‪ ،‬ماما تتطلبه الحياة وتدعو إليه ماصلحة الماة‪ ،‬ولكل‬
‫فرد يسند إليه عمل مان هذه العمال مابلغ كذا وكذا أجرا لـه‪ ،‬وفي‬
‫رأيي أننا ل نحتاج إل مان ينظم طوابير المتقدماين لسإتجابة هذا النداء ‪،‬‬
‫فإن الفطرة قد هيأت لكل نوع مان هذه النواع وغيرها مان النواع مان‬
‫يحق لـه أن يتقدم ليقوم بهذه الوظيفة زيادة على وظيفته الطبيعية في‬
‫الحياة مان كونه زوجا أو أبا وكونها زوجة أو أماا‪.‬‬
‫ول شك أنه حين يتقدم إلينا‪ -‬لو كنا نحن المنظمين لهذه الطوابير‪-‬‬
‫عدد مان الزواج والباء مامن يأنسون في أنفسهم القدرة على القيام‬
‫بمهمة الحراسإة أو الدفاع عن الحدود أو إدارة الشركات ‪ ،‬فإننا نتخلى‬
‫لهم عن الطريق ونفتح الباب‪ ،‬لن الفطرة قد هيأتهم لذلك‪ ،‬وليس في‬
‫طبيعتهم ول في طبيعة الحياة ماا يمنعهم مان مازاولة هذه الوظيفة‬
‫الثانية‪.‬‬
‫أماا لو تقدم إلينا عدد مان الزوجات والماهات ليقمن بنفس الوظيفة‬
‫مان الحراسإة الليلية‪ ،‬أو الدفاع عن الحدود أو إدارة المؤسإسات‪ ،‬أو شغل‬
‫الوظائف العاماة للدولة لسإتمهلناهن قليل‪ ،‬وتركناهن يقفن في‬
‫الطابور حتى نتأكد مان حقيقتين‪ :‬الولى أنه ل ماناص مان شغل تلك‬
‫المااكن ماهما كانت الظروف‪ ،‬والثانية أنه ل يوجد مان الزواج والباء‬
‫مان يمكن أن يشغلها‪ ،‬وأنه ل ماندوحة لنا مان شغل تلك المااكن بهؤلء‬
‫الزوجات أو الماهات الكريمات اللئي تقدمان إلى القيام بهذه الوظائف‬
‫التي تتنافى ماع طبيعة تكوينهن‪ ،‬تضحية مانهن لمصلحة الماة‪ ،‬أو ندعهن‬
‫واقفات في الطابور حتى نجد حل للمشكلة عن غير طريقهن‪.‬‬
‫أماا لو تقدم إلينا طابور مان الزوجات والماهات لشغل وظيفة مادرسإات‬
‫في مادارس البنات أو مامرضات في أقسام الولدة أو طبيبات لماراض‬
‫النساء‪ ،‬أو قوابل تستقبل ثمرات الحياة البشرية عندماا يصافح النور‬
‫عيونها المغمضة لول مارة‪ .‬فإننا نتخلى لهن عن الطريق ونفتح لهن‬
‫الباب‪ ،‬ليقمن ماشكورات بهذه المهام التي تحتاجها الماة‪ ،‬زيادة على‬
‫وظائفهن الطبيعية مان كونهن زوجات أو أماهات ‪ ،‬لن الفطرة قد هيأتهن‬
‫لذلك وليس في طبيعتهن ول في طبيعة الحياة ماا يمنع مان مازاولتهن‬
‫هذه الوظيفة الثانية‪.‬‬
‫أماا لو تقدم إلينا طابور مان الزواج والباء ليشغل بعض هذه‬
‫الفراغات‪ ،‬فإننا نستمهله قليل ونتركه واقفا في الطابور حتى نتأكد‬
‫مان حقيقتين‪ :‬الولى أنه ل ماناص مان شغل تلك الوظائف ماهما كانت‬
‫الظروف‪ ،‬والثانية أنه ل يوجد مان الزوجات والماهات مان يشغل تلك‬
‫الفراغات‪ ،‬وحينئذ قد نسمح لحدهم أن يتقدم ماشكورا لشغل ذلك‬
‫المكان‪ ،‬ريثما يتوافر له مان هيأه تكوينه الفطري ليشغله بطريقة تتفق‬
‫ماع طبيعة الحياة‪ ،‬وناماوس الكون‪.‬‬
‫قد يلحظ القارئ الكريم أو القارئة الكريمة الذكية أنني لم أترك‬
‫لغير الزواج والزوجات والباء والماهات ماجال للقيام بتلك المهام‬
‫التي تتطلبها الحياة‪ ،‬فلماذا ل يتقدم لها الفتى قبل أن يكون زوجا وأبا؟‬
‫ولماذا ل تتقدم لها الفتاة قبل أن تكون زوجة أو أماا؟‪.‬‬
‫وللجابة على هذا السؤال أعرض ماا يلي‪ :‬إن الذكر مان بني النسان‬
‫قد هيأت له الفطرة أن يزاول أول وظيفة بعد البلوغ‪ ،‬وهي أن يكون‬
‫زوجا‪ ،‬ثم أضافت له بعد ذلك وظيفة ثانية‪ ،‬وهي أن يكون أبا‪ ،‬والذكر‬
‫الذي لم يجرب الشتغال بوظيفته الولى وينجح فيها‪ ،‬ل يزال غير أهل‬
‫للقيام بوظائف أخرى في الحياة‪ ،‬فإذا اسإتطاع أن يقوم بالوظيفة الولى‬
‫التي هيأته لها الفطرة أيضا‪ ،‬كان للماة أو الدولة‪ ،‬بعد ذلك أن تسند‬
‫إليه وظائف أخرى إذا أبدى اسإتعدادا للقيام بها‪ ،‬أماا الشخص الذي لم‬
‫يجرب القيام بوظيفته الطبيعية الولى‪ ،‬أو يفشل فيها‪ ،‬كيف يمكن‬
‫للدولة أو الماة أن تثق فيه‪ ،‬فتستند إليه وظائف أخرى حيوية‪ ،‬ولكي‬
‫يدرك القارئ والقارئة الكريمان الصورة التي أريد أن أضعها بين‬
‫أيديهما أحب أن يتبعا طريق سإير الفتى في مارحلة الحياة‪ ،‬فهو ينشأ‬
‫طفل في رعاية أبوين‪ ،‬ثم يتقدم في ماراحل العمر فيسلمانه إلى‬
‫المدرسإة‪ ،‬ويتقدم به العمر في ماراحل الدراسإة إلى سإن البلوغ أو بعده‬
‫بقليل‪ ،‬وفي هذه الفترة يستكمل اسإتعداده ليواجه الحياة‪ .‬وماطلوب مانه‬
‫في مابدأ ماعركة الحياة أن يمارس حق الفطرة فيه‪ ،‬فيعمل على بناء‬
‫العش والسإتقرار بالزواج‪ .‬ولذلك فالمطلوب مانه في أواخر ماراحل‬
‫الدراسإة‪ ،‬أو بعد النتهاء مانها‪ ،‬أن يشغل الوظيفة الولى وظيفة الفطرة‪،‬‬
‫وظيفة الزوج‪ ،‬وبعدها ينطلق في مايدان الحياة ويضيف إلى هذه‬
‫الوظيفة وظائف أخرى إذا كانت ماواهبه وكفاءته تساعده على ذلك‪.‬‬
‫وبناء على هذا السإاس ‪ ،‬فإن الذكر قبل أن يتزوج‪ ،‬ل يمكن أن يجد‬
‫فراغا لشغل وظيفة مان وظائف الدولة ‪ ،‬وليس مان حق الدولة أن تطالبه‬
‫بالوقوف في الطابور ليقوم بعمل حارس أو ماحارب أو مادير أو ماهندس‬
‫أو طبيب أو غير ذلك ‪ ،‬وإنما له‪ -‬وعلى الدولة أن تساعده في ذلك‪ -‬أن‬
‫يشغل وظيفة الطبيعة الولى ثم يتقدم إلى الطابور ليأخذ ماكانه في‬
‫الصف حتى يحصل على الوظيفة الثانية‪.‬‬
‫وشبيه بهذه الصورة ‪ ،‬الصورة التي نضعها للنثى‪ ،‬فهي تنشأ في رعاية‬
‫البوين ثم تلميذة في رعاية المدرسإة‪ ،‬حتى تبلغ بها ماراحل الحياة إلى‬
‫سإن البلوغ أو بعد ذلك بقليل‪ ،‬حيث تتهيأ لشغل وظيفتها الولى‪ ،‬التي‬
‫أعدتها لها الفطرة ‪ ،‬وهي وظيفة الزوجة‪ .‬وبعد أن تقوم بهذه الوظيفة‬
‫وتنجح فيها يحق لها أن تشغل غير ذلك مان الوظائف‪ ،‬ويحق للدولة أن‬
‫تطالبها بالوقوف في طابور العمال لتشغل مانها ماا يوافق طبيعتها‬
‫وتكوينها‪ ،‬ويلئم ماواهبها واسإتعدادها‪ ،‬وهكذا ترى أيها القارئ الكريم‬
‫وأنتر أيتها القارئة الكريمة‪ :‬أن الطريق طبيعي يسلكه الفتى وتسلكه‬
‫الفتاة‪ ،‬وترعاهما في ذلك السإرة والدولة‪ ،‬ول يمكن أن يحيدا بهما عن‬
‫هذا الطريق إل بانحراف في الخلق‪ ،‬أو انحراف في الدين‪ ،‬أو انحراف‬
‫في طبيعة المعيشة عندهما‪ .‬ولعل القارئ الكريم يدهش لهذا الحديث‪،‬‬
‫لن المألوف عنده غيره‪ ،‬فهو يرى رجال يكادون يستنفدون أعمارهم‪،‬‬
‫وقد تقلبوا في عديد مان الوظائف ‪ ،‬وهم ماع ذلك لم يتزوجوا‪ .‬أي لم‬
‫يقوماوا بالوظيفة الولى‪ ،‬ويرى نساء قد اماتدت بهن العمار وزاولن‬
‫ماختلف المهن‪ ،‬وهن ماع ذلك غير ماتزوجات ‪ ،‬أي أنهن لم يقمن بوظيفة‬
‫الفطرة الولى‪ ،‬وأنه قد سإمع وقرأ كثيرا عن ماضار الزواج المبكر‬
‫للرجل والمرأة ‪ ،‬وعن وجوب السإتعداد له ‪ ،‬وتكوين الجو المناسإب مااديا‬
‫أو نفسيا أو تجريبيا إلى آخر ماا تجود به الفلسفات البشرية الملحدة‬
‫الضالة‪ .‬ويهمني هنا أن أقرر في تأكيد وجدر‪ ،‬أن ذلك كله إنما هو‬
‫انحراف عن طريق السير الذي تسير به الحياة الطبيعية الهادئة في‬
‫الكون‪ ،‬وانحراف عن المنهج القويم الذي هيئ للفطرة البشرية‪،‬‬
‫وانحراف عن السنة التي أرادها الخالق سإبحانه للنسان‪ ،‬وانحراف عن‬
‫الهدى الذي دعا إليه رسإول ال ‪ ، ‬وسإار عليه المسلمون وعرفوه ‪،‬‬
‫واختبروا صحته وجدواه قرونا طويلة‪ ،‬وأحسب أن تأخير الزواج عن‬
‫ماوعده الطبيعي في الحوال العادية للفتى أو الفتاة إنما هو مارض‪ ،‬قد‬
‫يكون مارضا فرديا‪ ،‬وقد يكون مارضا اجتماعيا‪ ،‬وسإواء كان هذا أو ذاك‪،‬‬
‫فإنه ل ينتج عنه إل أماراض فردية‪ ،‬وأماراض اجتماعية خطيرة‪ ،‬تنال مان‬
‫شرف الماة وكراماتها وخلقها ودينها‪.‬‬
‫إن وقدة الفطرة عند الفتى أو الفتاة في مارحلتها الطبيعية عند‬
‫البلوغ‪ ،‬ل يطفئها إل اسإتقرارها الطبيعي ‪ ،‬فإذا تركت وشأنها فإنها ل‬
‫ماحالة حامالة صاحبها على إطفائها بوسإيلة مان الوسإائل‪ ،‬وسإواء كانت‬
‫تلك الوسإائل شذوذا جنسيا ‪ ،‬بسيطا أو ماركبا‪ ،‬وسإواء كان إطفاؤها‬
‫بالنطلق الكامال المتحرر مان جميع القيود أو بالنطلق المتقيد‪ ،‬أو بما‬
‫يعبر عنه بالكبت والسيطرة على النفس‪ .‬فل شك أن لجميع ذلك‬
‫ماضارها ولعل أخف أنواع الضرر التي تلحق الشخص بسبب تأخير‬
‫الزواج إنما هي أضرار ماا يسمى بالكبت أو الحرماان‪ ،‬لن هذه الضرار‬
‫تكون ماقصورة على صاحبها‪ ،‬أماا أضرار الشذوذ والنطلق والتجارب‬
‫وكل حالة تخالف حالة العفاف فإن ماضارها تلحق الفرد وتقوض‬
‫أركان المجتمع تقويضا‪.‬‬
‫وكان ينبغي للفتى والفتاة المسلمين حين يقال لعما‪ :‬هذا حلل وهذا‬
‫حرام‪ ،‬أو هذا أدب يدعو إليه السإلم ومانهج يسير عليه المهتدون مان‬
‫المؤمانين‪ -‬أن يعرف كل مانهما الطريق الذي يسلك ‪ ،‬ولكن التزييف‬
‫في الحقائق‪ ،‬والتشكيك فيها‪ ،‬تركت فوق تلك الحقائق غمائم دكنا‬
‫يعسر على النسان العادي النظر مان خللها فأصبح ماطلوبا مان علماء‬
‫السإلم‪ ،‬أن يوضحوا للشباب المسلم حتى ماا كان يعتبر مان البديهيات‪.‬‬

‫الحجاب والسفوُر‬

‫لقد أطال الناس الحديث في الحجاب والسفور‪ ،‬وأعداء المرأة يملون‬


‫الدنيا ضجيجا على المرأة المسلمة الحصينة الماينة‪ ،‬لنها لم تزاحمهم‬
‫بنهودها وأردافها في الطرقات‪ ،‬ولم تداعكهم بأفخاذها وأكتافها في‬
‫المنتزهات‪ ،‬ولم تساررهم بلفتاتها وغمزاتها في المنعطفات‪ ،‬ولم‬
‫تواعدهم ببسماتها وإشاراتها في الحفلت‪ ،‬ولم تتلو بين أيديهم في‬
‫المراقص‪ ،‬وتتهافت عليهم في المشارب‪ ،‬وتتجرد لهم في المخادع‪.‬‬
‫وكان يكفي المرأة المسلمة في ماوضوع الحجاب والسفور أن يقال‬
‫لها‪ :‬قال ال تبارك وتعالى‪ ،‬وقال رسإول ال عليه الصلة والسلم‪،‬‬
‫وكانت أماهات المؤمانين وأزواج أصحاب رسإول ال ‪ ‬يفعلن كذا‬
‫ويسرن بسيرة كذا وكذا‪ .‬كان هذا يكفي المرأة المسلمة لتجد‬
‫طريقها وتسير فيه آمانة ماطمئنة ‪ ،‬ول تهتم بعد ذلك بما يقول الناس‬
‫في الشرق أو في الغرب فما بعد هدي ماحمد ‪ ، ‬وهدي أصحابه رضوان‬
‫ال عليهم مان سإبيل قويم‪.‬‬
‫فإذا طلبت ماني أيتها الفتاة المسلمة أن أناقش ماوضوع الحجاب‬
‫والسفور على ضوء الواقع في المجتمع السإلماي ‪ ،‬وطبيعة المرأة‬
‫والرجل ونظرته إليها وماصلحة السإرة وماصلحة الماة والدولة‪ .‬وقبل‬
‫ذلك وبعد ذلك على السلوك الذي وضعه السإلم لها‪ -‬فإنني أتحدث‬
‫إليك باعتبارك ماسلمة ماعتزة بإسإلماها‪،‬حريصة على دينها‪ ،‬يهمها أن‬
‫تحافظ على خلقها‪ -‬فمن واجبي أن أعرض ذلك عليك لتقديري‬
‫سإلوكك على هدى وبصيره‪.‬‬
‫يغالي أعداء المرأة في الشرق الذين يريدون أن يجروها عارية أو شبه‬
‫عارية إليهم‪ ،‬فينحون عليها وعلى ماجتمعها باللئمة‪ ،‬ويصفونها‬
‫ويصفونه بالرجعية والجمود‪ ،‬ويزعمون أن ماجتمعها القاسإي الذي ل‬
‫يرحم ‪ ،‬مانعها الخروج مان البيت وحرم عليها شم الهواء ورؤية نور‬
‫الشمس‪.‬‬
‫وهذه أكبر أكذوبة على سإمع الزماان وبصره‪ ،‬فما وجد أب أو زوج‪،‬‬
‫مانع المرأة مان الخروج وحبسها في البيت ل تريم‪ ،‬كما يعبر الرقعاء‬
‫الذين ل يستحون ‪ ،‬والفواجر اللواتي يهمهن أن يتستر إثمهن في زحمة‬
‫الكثرة الغالبة‪ ،‬اللهم إل إذا كان ذلك مان شواذ ل يدخلون في حساب‪،‬‬
‫ول يعتد به في إجراء حكم‪ .‬ولفتة واحدة إلى الماضي تكفي لمن يريد‬
‫أن يقتنع‪.‬‬
‫أي عرس وقع في بلد الشرق‪ ،‬لم تحضره مان النساء مان تمت إليه‬
‫بأوهى السإباب؟ وأي ولدة وقعت في الشرق لم تجتمع فيها أغلب نساء‬
‫القرية أو مان يمت إليها بأدنى صله إذا كان ذلك في مادينة‪ .‬وأي ماأتم‬
‫مارري دون أن تكون حركة النساء فيه أكثر مان حركات الرجال عشرات‬
‫المرات‪ ،‬فكيف حضرت أولئك النسوة في هذه المناسإبات‪ ،‬وهن مامنوعات‬
‫مان الخروج أو ماسجونات في البيوت كما يقول أعداء المرأة المسلمة‪.‬‬
‫ثم في أي يوم وأية مادينة خلت الشوارع مان النساء غاديات رائحات‬
‫أفرادا وأسإرابا‪ .‬فكيف يكنري ماسجونات وهن يملن الطرق‪.‬‬
‫إن المراة المسلمة لم تكن في يوم مان اليام مامنوعة مان الخروج أو‬
‫ماسجونة بين أربعة جدران‪ .‬وكل ماا في المار أن المرأة المسلمة كانت‬
‫تقيم في البيت وتستقر فيه لنه ماكانها الطبيعي‪ ،‬وماكان عملها‪ ،‬ومايدان‬
‫كفاحها‪ ،‬وقد تخرج مان البيت إذا دعت الحاجة إلى خروجها‪ ،‬إنها تزور‬
‫مان تشاء مان القارب والجيران لمناسإبة ولغير ماناسإبة‪ .‬وتحضر كل‬
‫اجتماع يهمر المرأة‪ ،‬وكانت في العصور السإلماية الولى تحضر الصلة‬
‫في المسجد‪ ،‬وتستمع فيه إلى دروس الوعظ والرشاد‪ ،‬وكان النساء‬
‫يبرزن إلى المصلي في العيد حتى العواتق مانهن بل حتى الحوائض‬
‫اللتي ل يصلين لتكثير عدد المسلمين‪ .‬فمن الذي حبسها في البيت وفي‬
‫أي عصر؟‬
‫إن أعداء المرأة ل يهمهم هذه القاماة في البيت التي تقتضيها ماصلحة‬
‫السإرة والمجتمع‪ ،‬ول هذا الخروج الذي تقتضيه ماصلحة السإرة‬
‫والمجتمع‪ ،‬والسلوك الذي ينبني على الحق والحكمة ل يساعدهم ول‬
‫يهمهم‪ ،‬لن واضعي التخطيط ل يساعدهم أن تكون المرأة مادركة‬
‫فاهمة لبواعث البقاء في البيوت ومالزماتها‪ ،‬أو بواعث الخروج‬
‫المصلحية مانها‪.‬‬
‫إن الذي يساعدهم على تخطيطهم أن تسأم المرأة المسلمة البقاء في‬
‫البيت وأن تعتبره تأخرا ورجعية‪ ،‬فتترك رعايته وتدبير شئونه‪،‬‬
‫وتستقبل النهج والشوارع‪ ،‬تطوف هنا وهناك ماتفرسإة في أنواع البضائع‬
‫المعروضة‪ ،‬عارضة في الوقت نفسه بضاعة نفسها على العين الجائعة‪.‬‬
‫أماا العمال التي كانت تقوم بها في المنزل فهي ماتروكة لغيرها‪،‬‬
‫والثاث الذي كانت تعده بمعرفتها‪ ،‬والشغل الذي كانت تزاوله بيدها‪،‬‬
‫فمال ذلك إلى الضياع‪ ،‬والدروس العملية التي كانت تعطيها لبنتها‬
‫أصبحت مان غير وظيفتها وقد أسإلمت البنت في نصف اليوم إلى‬
‫المدرسإة‪ ،‬وفي النصف الثاني إلى الشارع‪ ،‬تشاكس أبناء الجيران إذا‬
‫كانت طفلة‪ ،‬وتعاكسهم ويعاكسونها إذا كانت ماراهقة‪ ،‬وتلعب بهم‬
‫ويلعبون بها إذا تجاوزت تلك المرحلة مان العمر‪.‬‬
‫إن البيت المسلم كان عامارا بصاحبة البيت وأفراد أسإرتها‪ .‬وقد حافظ‬
‫على ماستوى أخلقي رفيع‪ ،‬طيلة العصور الماضية‪ ،‬وهذا ماا أحنق أعداء‬
‫المرأة وأعداء السإلم‪ ،‬فأرادوا أن يحطموا القيم الخلقية‪ ،‬التي تغرسإها‬
‫الم الفاضلة في أبنائها ذكورا وإناثا‪ ،‬فحاولوا إبعادها عنهم بجرها إلى‬
‫الشارع‪.‬‬
‫وهكذا أصبح الطفال بعد الفترات القصيرة التي يقضونها في المدرسإة‬
‫يقتبسون القيم والمثل مان صبيان ماثلهم في الشوارع أو مان الخدم‪ ،‬لن‬
‫الم التي كانت تقيم في البيت ويكون البناء بجنبها‪ ،‬تلحظ سإلوكهم‬
‫في كل شيء في لهوهم وعبثهم‪ ،‬وفي تنازعهم وخصومااتهم‪ ،‬وفي‬
‫حزنهم وغضبهم‪ ،‬وفي فرحهم واسإتبشارهم‪ ،‬وفي أفراحهم وآلماهم‪ ،‬بل‬
‫وترعاهم حتى في شقاوتهم‪ .‬وكانت في كل وقت تأمار وتنهى وتهذب‬
‫حسبما تراه مان ماصلحة أولدها وطبيعة المجتمع الذي يعيشون فيه‬
‫وله‪ ،‬والدين الذي يدينون به‪.‬‬
‫أصبحت هذه الم غير ماوجودة في البيت لنها في الصباح ماشغولة‬
‫بعمل اغتصبته مان الرجل في إحدى الدوائر‪ ،‬وفي مانتصف النهار مانهكة‬
‫في لعادة زينتها‪ ،‬أماا في المساء فهي ماشغولة بلوك النركت الباردة في‬
‫المحلت العاماة‪ ،‬تقهقه لها ل لعجابها بالنكتة‪ ،‬وإنما لظهار رنة‬
‫الضحكة‪ ،‬وفتنة البسمة‪ ،‬ومايسة القدر‪.‬‬
‫هذا أيتها الخت المسلمة العزيزة‪ ،‬فيما قالوا عنه أن المرأة مامنوعة‬
‫مان الخروج ماحبوسإة في البيت‪ ،‬يقوم عليها سإحبان غليظ الطبع‪ ،‬وقد‬
‫رأيت كذبهم في ذلك وتحريفهم للواقع والوقائع‪....‬‬
‫أماا فيما يتعلق باللباس‪ ،‬فكذبهم فيه أوقح‪ ،‬وغرضهم مانه أوضح‪ ....‬إن‬
‫المراة المسلمة بلباسإها السابغ الفضفاض المعروف‪ ،‬لم تحرم مان شيء‬
‫أبدا‪ ،‬فهي تسير به في كل شارع نشيطة ماستورة ماحترماة‪ ،‬تعرف كيف‬
‫تسير وأين تسير‪ ،‬ولكن الذي أحنقهم فيه‪ ،‬أنها لم تنسلخ مان شخصيتها‬
‫المسلمة الصيرنة‪ ،‬وأنها تراهم ول يرونها‪ ،‬وهم يريدون أن يمتعوا‬
‫أبصارهم الفاسإقة‪ .‬فحرماهم لباسإها الساتر مان شهوة غالبة ورغبة‬
‫جاماحة فحملوا عليه‪ ،‬إنكر أيتها الفتاة المسلمة لو قلت لهم اليوم‪:‬‬
‫حسنا يا أتباع كل ناعق‪ ،‬إنكم تنتقدون على المرأة المسلمة أنها بقيت‬
‫ماعتصمة بالبيت‪ ،‬ماحتجبة عن أبصار الفساق‪ ،‬وتريدونها سإائرة في‬
‫الشوارع ماتنقلة بين الزقة فها أنا ألبي رغبتكم سإائرة في الشوارع‬
‫والحارات كاشفة عن وجهي إلى مانتهى حدود الوجه‪ ،‬فهل يرضيكم‬
‫ويكفيكم هذا‪ -‬طلبتم الخروج فها أنا خارجة‪ ،‬وطلبتم السفور فها أنا‬
‫سإافرة الوجه‪ ،‬وماا لكم ولشعري وماا لكم ولكتفي‪ ،‬وماا لكم ولساقي؟ وماا‬
‫لكم ولذراعي‪ ،‬وماا لكم ولنحري؟ ماا حاجتي إلى كشف ذلك وماا‬
‫حاجتكم؟ وماا لكم ولبقية جسمي تريدونه في الثوب الضيق المخنوق‬
‫المعبر‪ ،‬لو فعلت كل هذا يا أختاه‪ ،‬لما أرضاهم كل ذلك مانكر‪،‬‬
‫ولقالوا إنها ل زالت ماتخلفة‪ ،‬ولم تنل حقها مان المساواة لنكر في‬
‫الحقيقة لم تنحدري إلى آخر أعماق الهوة التي يريدون أن تتمرغي‬
‫ويتمرغوا ماعك فيها‪.‬‬
‫إن المرأة المسلمة في البادية لم تتعود أن تضع نقابا على وجهها ‪،‬‬
‫ولكنها في نفس الوقت ل تكشف عن بقية الجسم‪ ،‬إنها تلبس جلبابا يغطي‬
‫جسمها ماا عدا الوجه‪ ،‬فهل يرى أعداء المرأة أن هذه المرأة أيضا ماحجبة‬
‫ماحروسإة ماحروماة مان النور يغلفها الجمود رغم أنها تؤدي أكثر ماما‬
‫يؤدي الرجل مان العمال‪ ،‬وماا رأي أولئك السادة لو أننا طلبنا لفتاة‬
‫اليوم بلباس شبيه بهذا اللباس‪ .‬لباس خفيف فضفاض‪ ،‬سإاتر لجميع‬
‫الجسم وتقاطيعه ماا عدا الكفين والوجه‪ ،‬هل تعتبر المرأة بهذا الزي‬
‫أيضا ماتحجبة غير سإافرة؟‬
‫ل شك أنهم يرونها كذلك لن المخططين مان أعداء السإلم وأعداء‬
‫المرأة المسلمة ل يكفيهم هذا ‪ ،‬وإنما يهمهم أن يستأصلوا الحياء والدين‬
‫مان قلب المرأة‪ ،‬ول يكفي المفتونين لن هذا الزي ل يشبع رغباتهم ول‬
‫يمل عيونهم الظمأى‪....‬هذه قضية الحجاب والسفور أيتها الفتاة‬
‫المسلمة عرضتها عليكر في أبسط صورها‪ ،‬فإذا شئت أن تعرفي أحاك‬
‫السإلم وآدابه في الخروج مان المنزل‪ ،‬والتسكع في الشوارع‪ ،‬وأن‬
‫تعرفي أحكاماه وآدابه في لباس المرأة المسلمة‪ ،‬فهذا كتاب ال بين‬
‫أيدينا نحكمه فيما شجر بيننا وهو أصدق الحاكمين‪.‬‬
‫قال ال تبارك وتعالى في سإورة النساء‪ :‬وماا أرسإلنا مان رسإول إل‬
‫ليطاع بإذن ال‪ ،‬ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاسإتغفروا ال‬
‫واسإتغفر لهم الرسإول لوجدوا ال توابا رحيما‪ ،‬فل وربك ل يؤمانون‬
‫حتى يحكموك فيما شيجيري بينهم ثم ل يجدوا في أنفسهم حرجا ماما‬
‫قضيت ويسلموا تسليما‪.‬‬
‫هذا كلم ربكر أيتها الخت المسلمة وهو يأمارك بطاعة الرسإول‬
‫وبين لكر أن مان لم يطعر الرسإول فقد ظلم نفسه‪ ،‬ومان ظلم نفسه عليه‬
‫أن يعود إلى رحاب ال ماستغفرا تائبا لن ال تواب رحيم‪ ،‬فإذا وقع‬
‫الخلف في أمار وجب الرجوع إلى حكم ال على لسان الرسإول‪ ،‬ول‬
‫يكون النسان ماؤمانا حتى يحكم الرسإول ثم يرضى بحكمه ويقتنع بأنه‬
‫الحق ويطمئن إليه كل الطمئنان‪ ،‬ول يجد في نفسه حرجا مان حكم ال‬
‫وحكم رسإوله ثم يسلم لحكم ال وحكم رسإوله تسليما ويذعن له إذعانا‪،‬‬
‫فإن لم يفعل فليس له أن يدعي اليمان‪.‬‬
‫وأنتر أيتها الخت المسلمة وقد أثيرت حولكر هذه الشبهات عليكر‬
‫أن تحكمي ال ورسإوله وأن ل تجدي في نفسك مان حكم ال حرجا‪ ،‬وأن‬
‫تسلمي لـه تسليما‪ ،‬فما هو حكم ال في هذا الموضوع؟‬
‫قال ال تبارك وتعالى يخاطب أماهات المؤمانين رضوان ال عليهن‪،‬‬
‫وليس لك قدوة أفضل مانهن‪ ‬وقرن في بيوتكن ول تبرجن تبرج‬
‫الجاهلية الولى‪ ،‬وأقمن الصلة‪ ،‬وآتين الزكاة‪ ،‬وأطعن ال ورسإوله‪.‬‬
‫هذه أوامار ال سإبحانه وتعالى لنساء النبي ‪ ، ‬وهن أماهات للمؤمانين ل‬
‫ينظرن إلى المسلمين إل نظرتهن إلى أبنائهن‪ ،‬ول ترتفع أبصارهم‬
‫إليهن إل كما يرتفع بصر البن المؤدب الحيي إلى أماه الوقورة‬
‫المحبوبة المحترماة‪ ،‬وماع ذلك فإن ال سإبحانه وتعالى يأمارهن‬
‫بالسإتقرار في البيوت وينهاهن عن الخروج والتبرج‪ ،‬ويأمارهن بإقاماة‬
‫الصلة وإيتاء الزكاة وطاعة ال وطاعة الرسإول‪ .‬أل ترين أنهن لكر‬
‫قدوة صالحة‪ ،‬وأن أماهات المؤمانين أماهات لكر؟ إن كنت ماؤمانة‬
‫والوامار اللهية التي أصدرت إلى أماكر صادرة إليكر أنت أيضا‪ ،‬فماذا‬
‫يريد مانكر هؤلء الذين يتعاوون في كل شارع‪ ،‬يجرونك إليهم عارية‬
‫مان اللباس‪ ،‬عارية مان اليمان‪.‬‬
‫دعيهم في عبثهم‪ ،‬واسإتمعي إلى ربك عز وجل يكرماكر بإصدار أماره‬
‫إليكر ماباشرة‪  ،‬وقل للمؤمانات يغضضن مان أبصارهن ويحفظن‬
‫فروجهن ول يبدين زينتهن إل ماا ظهر مانها‪ ،‬وليضربن بخمرهن على‬
‫جيوبهن‪ ‬لقد صمم ال تبارك وتعالى لك الزي الذي يليق بالمرأة‬
‫المسلمة ويحق لها أن تلبسه‪ ،‬فإذا شئتر أيتها الفتاة المسلمة أن تتركي‬
‫الزي الذي صممه ال لكر مان فوق سإبع سإماوات لترتدي الزي الذي‬
‫صممه إبليس أو دعاة الفجور في باريس فأنت وماا تختارين‪ ،‬ولكن ل‬
‫تتشوفي أن تكوني مامن أكرماتهن السماء بتوجيه النداء‪ .‬إن القرآن‬
‫الكريم حين صمم لك الزي الذي ينبغي لكر أن تلبسيه فجعل مانه‬
‫الخمار الذي يستر الرأس وينحدر على الكتفين ثم ينضم على النحر‬
‫والصدر مانسدل على الذراعين لم يغفل رجليك‪ ،‬فقال تبارك وتعالى ‪:‬‬
‫ول يضربن بأرجلهن ليعلم ماا يخفين مان زينتهن‪ ‬فما رأيك ماع هذا‬
‫النص الكريم في المرأة التي تكشف ماا أمار ال بستره وتشمر عن سإاقيها‬
‫إلى الركبتين أو أنصاف الفخذين أو في تلك التي تضع تحت قدمايها‬
‫حذاء بالكعب العالي ‪ ،‬وتبدأ تحجل حجل الغراب‪ ،‬وتتحمل أشد أنواع‬
‫العذاب لتبرز للناظرين تخلعات الجسم المسكين‪ ،‬وتكشف لهم عن‬
‫عضلت الساقين‪ ،‬فهل لهذه المرأة بقية مان حياء أو دين‪.‬‬
‫وال سإبحانه وتعالى حين امار المراة بالسإتقرار في البيت وصمم لها‬
‫الزي الذي ينسجم ماع اليمان والحشمة والحياة‪ ،‬وامارها بستر زينتها‬
‫على الجانب‪ ،‬حدد لها الشخاص الذين يسمح لها بإظهار الزينة أمااماهم ‪‬‬
‫ول يبدين زينتهن إل لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو‬
‫أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو‬
‫ماا مالكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الربة مان الرجال أو الطفل الذي‬
‫لم يظهروا على عورات النساء‪.‬‬
‫ماا رأيكر أيتها الخت الكريمة ماع هذا النص في المرأة التي ل تهتم‬
‫بنفسها وزينتها ماا دامات في بيتها فإذا جاء ماوعد الخروج قضت الساعات‬
‫الطوال أماام المرآة ليقال عنها فاتنة تخلب اللباب عندماا تستقبلها أعين‬
‫الظامائين‪ ،‬وماجالس المشتهين‪ ،‬وأذرع الراقصين‪ ،‬وأكف العابثين‪....‬‬
‫هل اسإتمعت هذه المرأة إلى أمار ال سإبحانه وتعالى حين قال‪ :‬وقرن‬
‫في بيوتكن ‪ ‬أو حين قال‪ :‬ول تبرجن تبرج الجاهلية الولى‪ ‬أو حين‬
‫قال‪ :‬ول يبدين زينتهن‪ ‬أو حين قال‪ :‬وقل للمؤمانات يغضضن مان‬
‫أبصارهن‪ ‬أو حين قال‪ :‬ويحفظن فروجهن‪ ‬أو حين قال‪ :‬وليضربن‬
‫بخمرهن على جيوبهن‪.‬‬
‫وغن المرأة المسلمة التي أدبها السإلم يجب أن تكون صورة حية‬
‫ماستوحاة مان أوامار ال ‪ ،‬قارة في بيتها‪ ،‬غير ماتبرجة بزينة‪ ،‬ماحافظة‬
‫على الصلة‪ ،‬آتية للزكاة‪ ،‬ماطيعة ل ولرسإوله‪ ،‬غاضة لبصرها‪ ،‬حافظة‬
‫لفرجها‪ ،‬سإاترة لزينتها بلباسإها الصافي المحتشم‪ ،‬فهل لكر أيتها الخت‬
‫المسلمة أن تكوني مان هذا الفريق؟ إنها أوامار ال سإبحانه وتعالى‬
‫والمار بيديك‪.‬‬
‫الختيار في الزيواج‬
‫إن ماوضوع الزواج مان أهم المواضيع في حياة الرجل والمرأة على‬
‫السواء‪ ،‬وقد أشرنا في حديث سإابق إلى أن الزواج هو الوظيفة الولى‬
‫التي يجب أن يقوم بها الفتى أو الفتاة هند ماوعدها مان بلوغها‪ ،‬ول‬
‫يتأخران عن القيام بها بعد البلوغ إل بسبب قاهر ماشروع ‪ ،‬وليس هذا‬
‫السبب مااديا في جميع الحوال ول يتأخر عن القيام بهذه الوظيفة في‬
‫الحياة مان أجل الدولة أو المجتمع إل مانحرفين مان الشباب‪ ،‬سإواء كانوا‬
‫ذكورا أو إناثا‪ ،‬ول يؤخرهم المجتمع أو الدولة إل إذا كانت مانحرفة‬
‫عن التجاه القويم‪.‬‬
‫هذه الحقيقة‪ -‬فيما أحسب‪ -‬بديهية ل تحتاج إلى نقاش‪ ،‬ولو أن الراء‬
‫المستورة التي تفسح المجال للنحراف والشذوذ‪ ،‬تدعو إلى تأخير‬
‫الزواج ماتعللة بأسإباب ماتعددة ‪ ،‬مانها أسإباب ماادية زاعمة أن نظام السإرة‬
‫ل يستقر إذا لم يتسع الوقت للفتى أو الفتاة حتى يكونا ثروة ‪ ،‬ومانها‬
‫أسإباب صحية زاعمة أن الزواج المبكر يضر بصحة الفتى والفتاة ومانها‬
‫أسإباب نفسية زاعمة أن الفتى والفتاة يجب أن يتاح لهما تجارب عاطفية‬
‫قبل أن يرتبطا بالزواج حتى يسلما مان العقد النفسية‪ ،‬ومانها أسإباب‬
‫اجتماعية زاعمة أن الفتى والفتاة ل يقويان على تحمل المسئولية‬
‫لتكوين أسإرة في السن المبكرة‪ ،‬وهذه الراء المستوحاة مان الخارج‬
‫والتعاليل التي عللت بها ليس لها قيمة حقيقية بالنظر إلى واقع الحياة‬
‫مانذ القرون الولى‪ ،‬فإن الزواج المبكر كان هو الطريقة المتبعة‬
‫والغالبة في شعوب العالم أجمع‪ ،‬وإن الرجال القوياء الذين تكونوا في‬
‫تلك الجيال ل نجد لهم شبيها في هؤلء المهازيل مان رجال اليوم‪ ،‬ول‬
‫شك أننا حين نذكر القوة في هذا المجال ل نعني القوة البدنية قط‪،‬‬
‫وإنما نعني القوة بأوسإع ماعانيها‪ ،‬قوة البدن‪ ،‬وقوة الخلق‪ ،‬وقوة العقيدة‪،‬‬
‫وقوة الرادة‪ ،‬وقوة العقل‪ .‬وعلى كل فهذا ماوضوع جانبي بالنسبة لما‬
‫نريد أن نناقشه اليوم‪.‬‬
‫لقد اعتاد بعض كتاب اليوم الذين يلتهون وراء الراء المستوردة أن‬
‫يطلقوا على إتمام عملية الزواج وتكوين السإرة‪ -‬عبارة الشركة‪ -‬وان‬
‫يصوروا هذه الوظيفة بتصوير ماادي جاف باشتراك طرفين هما شريك‬
‫الحياة وشريكة الحياة‪ ،‬ويضفون على أحكام هذا الرباط المقدس صبغة‬
‫ماادية تجارية صرفة‪ .‬ول شك أن القضية إذا أصبحت شركة تجارية‬
‫ماكونة مان رجل وامارأة وجب أن يقدم كل واحد مان الطرفين التزاماات‬
‫ماادية لتكوين رأس المال الذي تقوم عليه الشركة وأنه مان حق كل‬
‫واحد مان الشريكين أن يجرب شريكه تجربة شخصية ليعرف مادى‬
‫صلحيته للعمل في الشركة‪ ،‬ثم إن رئاسإة الشركة يجب أن تكون لمن‬
‫يملك أكثر السإهم‪ ،‬وعندماا تنحدر بالرباط المقدس إلى هذا المعنى‬
‫المادي المنحط فإنه خير لنا أن نلغيه مان المجتمع‪ ،‬وان نكف عن‬
‫الحديث عنه لنه في ذلك الحين ل يكون رباطا ماقدسإا‪ ،‬ول يكون كنا‬
‫يجد فيه الزوجان الهناء والسعادة ول ماحضنا يحضن ثمرات البشرية‬
‫لنتاج النسان‪ ،‬ول ماهادا تتكون فيه القيم النسانية الولى حسب الفطرة‬
‫التي فطر ال الناس عليها‪ ،‬وإنما تكون ماكتبا للتعامال وديونا لحسابات‬
‫الربح والخسارة‪.‬‬
‫وماعنى هذا أن اختيار أحد الزوجين للخر على أسإاس ماادي اختيار‬
‫فاشل‪ ،‬ولذلك فيجب أن نستبعده مان تفكيرنا في هذا الموضوع الهام‬
‫كما نستبعد جميع المكاسإب المادية فيه‪.‬‬
‫فماذا يبقى في الموضوع؟‬
‫يبقى في الموضوع حق الختيار‪ ...‬فما هو حق الفتى في اختيار‬
‫زوجته؟ وماا هو حق الفتاة في اختيار زوجها؟ وكيف يتم اختيارهما؟‬
‫وهل كان الفتى والفتاة ماظلوماين في المجتمع السإلماي المتحجب دون‬
‫اختيار أحد الزوجين لزوجته؟‬
‫ل شك أن الذين يملون الدنيا بالضجيج والصخب في هذا الموضوع‪،‬‬
‫يزعمون أن قضية الزواج في الماة المسلمة كانت تتم بين طرفين‬
‫يجهل كل واحد مانهما كل شيء عن الخر‪ ،‬ول شك أن هذا الزعم مان‬
‫أكذب الكذب‪ ،‬ول شك أن أولئك الذين يزعمون هذا الزعم ل‬
‫يخرجون عن أحد اثنين‪ :‬إماا جهلة بطبيعة المجتمع وحياة الناس فيه‬
‫ول عذر لهم في هذا الجهل‪ ،‬وإماا أن يكونوا عارفين لذلك‪ ،‬وغنما‬
‫ينعقون بما يحسبونه رأيا جديدا وتقدماا في عصر التقدم‪ ،‬وإماا غفلة‬
‫وسإذاجة وجهل‪ ،‬وإماا رغبة في الشهرة واندفاعا ماع التيار‪...‬‬
‫وعلى كل حال فأنا أدعوكما أيها القارئان المسلمان أن تنظرا ماعي‬
‫إلى الصورة التي أضعها أمااماكما لمجتمع ماسلم ماتحجب‪ ،‬وكيف يتم‬
‫الزواج فيه؟ فإذا رأيتما فيه شيئا غير صحيح يتعلق بالفتى أو الفتاة‬
‫فأرجوكما أن تصححاه وأن تثبتا الحق والصواب‪.‬‬
‫هذه قرية أو مادينة ماسلمة‪ ،‬إذا خرجت فيها المرأة مان بيتها لشأن مان‬
‫شئونها‪ ،‬سإترت ماا أمار ال بستره‪ ،‬وحفظت نفسها مان أعين الذئاب‪ ،‬تنشأ‬
‫البنت في هذه السإرة طفلة صغيرة تقفز ماع أترابها مان البنين والبنات‬
‫في الزقة والشوارع‪ ،‬ويتقدم بها السن قليل فتتجنب الطفال الذكور‬
‫بفطرتها وتنساق ماع أترابها لعبة لهية‪ ،‬ويسير بها الزمان قليل فيبدأ‬
‫تدريبها على العمل وإرسإالها في حاجات البيت‪ ،‬فتدخل وتخرج وتذهب‬
‫إلى الجيران وتزور القارب‪ ،‬وتكون رسإولة الدعوات وحامالة الهدايا‬
‫العادية بين السإر المتحابة وهي في جميع هذه الحوال تلبس لباسإا‬
‫بسيطا سإاترا ل تحجب وجها ول تستر قدماا ول تكشف عورة‪ ،‬وأعين‬
‫المراهقين وطلب الزواج مان الشباب في كل ذلك ل تنحط عنها تتأمال‬
‫تقاسإيم وجهها وتكوين أعضائها وانسجام قدها وأدب ماسلكها ثم هم‬
‫يتحدثون عنها وعن أسإرتها في ماجالسهم الخاصة ويقارنون بينها وبين‬
‫زمايلتها حسب آرائهم وأمازجتهم وأذواقهم‪.‬‬
‫ونستطيع أن نضع عكس الصورة للفتى‪ .‬فإن الفتيات وهن يلعبن‬
‫ويرحن ويجئن ويتصلن بين بيوت القارب والجيران‪ ،‬يلحظن الشباب‬
‫لهوهم وماجالسهم ويستمعن إلى أحاديثهم ويتأمالن وجوههم وأعضائهم‬
‫وحركاتهم وماا شئن مان شئونهم‪ .‬فإذا بلغت الفتاة سإن البلوغ أو قبله‬
‫بقليل أمارها أهلها بالحتجاب‪ ،‬فتقر البنت البنت في البيت بعد ان يكون‬
‫كل الشباب قد عرفوها وتكون قد عرفت الكثير مانهم‪ .‬وفي اليام‬
‫الولى مان احتجابها ل تنفك عن اختلسإات وتطلعات بين شقوق البواب‬
‫والنوافذ في غفلة مان أشداء أسإرتها وعلى مارأى مان ماتساهليهم ل سإيما‬
‫إذا علمت أن أحدا مامن تهتم به يكون فريبا وتمكن رؤيته مان ثقب القفل‬
‫أو شقوق الباب‪ ،‬وقد توارب الباب أو النافذة لترى أو ترى‪ ،‬ماظهرة‬
‫البراءة وعدم القصد‪.‬‬
‫وإذا كان هذا ماسلك الفتاة فإن الفتيان الذين يهتمون بفتاة ماا‬
‫أصبحت ماحجبة قد يكون أكثر مان هذا اللون‪ ،‬ول شك أنهم يمرون‬
‫ويعيدون المرور مان الشارع ويزورون البيت لقل سإبب إذا كان ذلك‬
‫مامكنا ويحاولون بما أوتوا مان براعة ولباقة أن يلفتوا نظرها إليهم وأن‬
‫يسترقوا نظرة‪.‬‬
‫والحقيقة مان هذه الصورة أن كل فتاة في القرية قد عرفها جميع‬
‫الشبان‪ ،‬وان كل فتى قد عرفته جميع الفتيات أو أغلبهن‪ ،‬ويتقدم واحد‬
‫مان أولئك الفتيان لخطبة الفتاة فيتم الزواج أو ل يتم‪ ...‬ويندر جدا‬
‫أن يتقدم شاب ماجهول كل الجهل للفتاة أو يجهلها كل الجهل‪ ،‬فإذا‬
‫وقعت حالة مان هذه فهي حالة شاذة ل تستدعي المناقشة ول يخشى مانها‬
‫الضرر فإن التفاق بين الطرفين غالبا ل يتم‪.‬‬
‫وعلى هذا ‪ ،‬فالعنصر الول مان المعرفة الشخصية بين الفتى والفتاة‬
‫كان ماكفول في المجتمع السإلماي‪ ،‬وصورة الفتى ماعروفة للفتاة‪،‬‬
‫وصورة الفتاة ماعروفة للفتى‪ ،‬فل داعي لن تشغل أفكارنا بما يبتكره‬
‫الخيال مان المآسإي التي تنتج عن مافاجأة أحد الزوجين بقبح الثاني‪ ،‬إلى‬
‫آخر ماا تجود به أقلم أولئك المضللين الذين ل يستهدفون في الحقيقة‬
‫ل ماصلحة السإرة ول ماصلحة المجتمع ول ماصلحة الفتى والفتاة‪.‬‬
‫وأظن أن هذه الصورة كافية لتبديد ماا يقوله أولئك المرجفون‪ .‬فأية‬
‫فتاة في طور المراهقة وهي تتوقع كل يوم أن تؤمار بالتحجب‬
‫والسإتقرار في البيت‪ -‬لم تكن تتطلع إلى الفتيان الذين تمر بهم‬
‫ويمرون بها وترهم ويرونها‪ ،‬وتتأمال بكل ماا تملك مان أحاسإيس‬
‫المراهقة صورهم وحركاتهم وأقوالهم؟ وأي فتيات تجمع بينهن خلوة‬
‫اللعب أو الحديث‪ ،‬لم يكن يستعرضن جملة مان الفتيات ويتحدثن عنهم‬
‫حسب عواطفهن وأمازجتهن ونظرتهن للرجل‪ ،‬ويتمثلن همسة الحب‬
‫وبناء العش وعيشة السعادة ماع هذا أو ذلك؟ وأي فتى بقي ماجهول لم‬
‫يعرفنه ماعرفة تكاد تكون كامالة ويستمعن إلى الحديث عنه ويتحدثن؟‬
‫أماا الصورة المقابلة فهي أوضح‪ .‬فأي فتى في طور المراهقة لم يكن‬
‫يتتبع ويتأمال كل فتاة تقترب مان سإن البلوغ وتتهيأ للزواج؟ وأي‬
‫ماجمع للفتيان في لهو أو سإمر لم يكن مادار الحديث فيه عن فتيات‬
‫القرية أو الحارة‪ ،‬وعن لونها وشكلها وحركاتها وسإلوكها وماوقف‬
‫أهلها مانها‪ ،‬فأي فتاة بقيت ماجهولة مانهم‪ .‬إن مان ينكر ذلك إنما ينكر‬
‫واقعا ظاهرا ظهور الشمس ول حاجة للبرهنة عليه فإنه يحمل الدليل‬
‫في قلب كل ذكر وأنثى مان سإن المراهقة إلى سإن اليأس‪.‬‬
‫فما هي النقطة الثانية التي يريد أن يعرفها الفتى في الفتاة أو هي فيه‬
‫ماا داماا قد عرفا مانهما الشكل واللون وكثيرا مان السلوك‪.‬‬
‫يقول المفتنون مان الكتاب سإواء كانوا غلة في اتباع الراء المستوردة‬
‫أو ماائلين إلى العتدال يريد أن يعرف أخلقها‪ ،‬وتريد أن تعرف أخلقه‪،‬‬
‫وكيف يصح لشخصين يجتمعان على رباط يربط بينهما مادى الحياة‬
‫وكل مانهما يجهل أخلق الخر‪ ،‬ويبدو هذا السؤال وجيها‪ .‬وأنا قبل أن‬
‫أدخل في ماناقشة الموضوع أريد أن يفهم الخوان القارئة والقارئ أنني‬
‫إنما أتحدث إلى أخوين ماسلمين يحافظان على دينهما وخلقهما‬
‫وشرفهما‪ ،‬ويعتزان بكراماتها ‪ ،‬ويهمهما أن ل يحطما أي ماثل مان المثل‬
‫العليا التي دعاها إليها دينهما‪.‬‬
‫كيف يستطيع الفتى أن يعرف حقيقة أخلق الفتاة؟ وكيف تستطيع‬
‫هي أن تعرف ذلك مانه؟ هل تتيح لهما تجربة فنضع بين أيديهما سإنة أو‬
‫سإنتين أو خمسا يعيشان فيها ماعيشة الزواج‪ .‬فإذا اطمأن كل واحد‬
‫مانهما إلى الخر ورضي سإلوكه نجحت التجربة وسإمح لهما بالزواج‪،‬‬
‫وإذا فشلت التجربة التمس الفتى فتاة أخرى‪ ،‬والتمست الفتاة لها فتى‬
‫آخر لتجربة أخرى‪ ،‬فإذا كتاب القارئ الكريم أو القارئة الذكية يرضى‬
‫أحدهما هذه الصورة‪ -‬وقد دعا إليها كتاب في الغرب‪ ،‬ولم يخجل أن‬
‫يتحدث بها كتاب في الشرق‪ -‬فله أن يتبعها في نفسه أو أبنائه وبناته‪،‬‬
‫وكل ماا علينا له في هذه الحالة إنما هو حسرة على أخ فقدناه أو أخت‬
‫خرجت مان الماة المسلمة الكريمة إلى أماة ل جنس لها ول دين ويعوض‬
‫ال المسلمين عنها خيرا‪.‬‬
‫أماا الصورة التي تكون أخف مان هذه التجربة فهي إتاحة اللقاءات‬
‫المتكررة بين الفتى والفتاة بمحضر أسإرتيهما أو أسإرة أحدهما في‬
‫زيارات مافتعلة لهذا‪ ،‬وقد تترك لهما خلوة قصيرة ينفردان فيها ليتحدثا‬
‫عن همسات الحب ولواعج القلب‪ ،‬وقد ينال مانها أو تنال مانه في هذه‬
‫الخلوة أشياء ل تبلغ أن تكون جريمة‪ .‬ول تقل عن كونها ماعصية ‪ ،‬وقد‬
‫فتن بعض الناس بهذه الصورة وحسبوها حل وسإطا وزعموا أنها ل‬
‫تتنافى ماع السإلم‪ ،‬وجروا للسإتدلل على آرائهم هذه أحاديث شريفة‬
‫يحملونها ماال تحمله‪ ،‬ويسوقونها لما ل تساق له‪ ،‬وقبل الحكم بأن هذا‬
‫يجوز أو ل يجوز نريد أن نستعرض حقيقة المعرفة التي تحصل‬
‫للخطيبين مان هذه الزيارة‪ ،‬فهل يستطيع الفتى أو الفتاة أن يعرف‬
‫أخلق الخر في زيارات رسإمية يحضرها أفراد السإرتين أو بعضهم‪ ،‬أو‬
‫في خلوة ماختلسة تتأجج فيها عواطفهما ويتوق كل مانهما إلى أن يسمع‬
‫همسة الحب مان صاحبه أو يختطف مانه ماا يتيسر خطفه‪ .‬وقد غاب في‬
‫الحالة الولى الطبع وحل ماحله التكلف‪ ،‬وغاب في الحالة الثانية العقل‬
‫وحل ماحله العاطفة‪ ،‬فما ماقدار هذه المعرفة؟ وماا قيمتها؟ ثم إن تلك‬
‫التجربة سإواء كانت التجربة الكامالة كالصورة الولى أو التجربة‬
‫المقيدة كالصورة الثانية‪ ،‬ل يكون فيها شيء أبدا غير أن يتكلف الراغب‬
‫مانهما في الرتباط أنواع السلوك الذي يرضي الطرف الثاني حتى تتم‬
‫عملية الرتباط الزوجي‪ ،‬ثم يظهر الطبع وتتغلب السجية ويذوب‬
‫التكلف وهكذا ل يستفيد الفتى أو الفتاة مان التجربة الشخصية نوع أول‬
‫أو نوع ثاني أية ماعرفة حقيقية بأخلق صاحب الثانية‪ ،‬وماآل تلك‬
‫المسرحية كلها إلى الفشل ‪ ،‬ويبقى نفس السؤال قائما‪ :‬كيف يتزوج‬
‫إنسان بشخص ل يعرف حقيقة أخلقه؟‬
‫إن فتاة الغرب ومان يسير في ركابها مان فتيات الشرق هن اللواتي‬
‫يتزوجن كل يوم بمن ل يعرفن أخلقه رغم التجارب الكامالة‪ ،‬وإن فتى‬
‫الغرب ومان يسير في ركابه مان فتيان الشرق هم الذين يتزوجون كل‬
‫يوم بمن ل يعرفون أخلقهن‪ .‬ولكي تتضح لك هذه الحقيقة تأمال ماا‬
‫يلي‪:‬‬
‫إن الفتى والفتاة الغربيين ومان يسير في ركابهما مان فتيان الشرق‬
‫قد افصلوا عن أسإرهم فأصبحت ل تهتم بهم الهتمام الحقيقي النظيف‪.‬‬
‫وأصبح أولئك الفتيان ذكورا وإناثا ل يعتمدون على أسإرهم ول على‬
‫أصدقاء أسإرهم‪ ،‬وإنما يعتمدون على أنفسهم وعلى مان شاكلهم مان‬
‫أصحاب التجربة العابرة‪ .‬وذلك أن الفتاة وقد انفلتت مان رباط السإرة‬
‫تمضي وهي تتلمس الحصول على زوج ماناسإب فترماي شباكها على كل‬
‫مان يروق لديها‪ ،‬وتبدي له مان الخلق ماا يستهويه‪ ،‬ويقوم الفتى بنفس‬
‫الدور وهو يتلمس الفتاة التي يربط ماصيرها بمصيره‪.‬‬
‫ويلتقي بها أو تلتقي به إماا في السينما أو في الحديقة أو في المصنع‬
‫أو في المتجر أو المكتب أو المعرض أو المنتزه العام أو غير ذلك مان‬
‫المااكن والمحلت ‪ ،‬فتعجبه صورتها في بادئ المر‪ ،‬أو تعجبها صورته‬
‫ويبادئها بالتحية والحديث أو تبادئه وتتكون العلقة الشخصية الفردية‬
‫المحصنة بين شخصين ماتباعدين ل صلة سإابقة بينهما‪ ،‬وإنما ربطت‬
‫الصدفة وحدها أواصر علقتهما كما يربط السوق بين المشتري‬
‫والبضاعة‪ ،‬وقد يكون الدافع الحقيقي لعملية الشراء إنما هو جوع‬
‫المعدة عند الشاري وجمال التنسيق الظاهري للبضاعة رغم فجاجتها‬
‫ومارارة طعمها‪.‬‬
‫وبعد هذا التعرف يضفي الراغب مانهما في إتمام الصفقة على نفسه‬
‫أكرم الصفات ويتحلى بأحسن الخلق‪ ،‬وعندماا تتم يبدأ الصبغ‬
‫الخلقي المتكلف في النصول‪ ،‬والطبع الحقيقي في الظهور‪ ،‬وحينئذ‬
‫يتكشف للواحد مانهما في الخر مان العيوب الخلقية ماا لم يخطر له‬
‫على بال‪ ،‬ويتضح لكل مانهما أنه لم يعرف أخلق الخر‪ ،‬وأنه ارتبط به‬
‫عن جهل‪ ،‬وتبدأ المشكلة في التعقيد‪....‬‬
‫وإلى جانب هذه الصورة الغريبة يمكن للقارئ والقارئة الكريمين أن‬
‫يضعا الصورة المقابلة التي عاشت عليها الماة المسلمة في أكرم‬
‫عهودها‪ ،‬والتي ماا زالت ماستمرة إلى الن رغم انحراف قليل دخلها مان‬
‫قبل‪ ،‬بسبب جهل بعض الولياء‪ ،‬وأخطار تحف بها اليوم بسبب انخداع‬
‫شبابنا نصف المثقف ببريق الحضارة الغربية الزائف‪ .‬وإليك تلك‬
‫الصورة‪:‬‬
‫عندماا يدخل الفتى مارحلة المراهقة تبدأ أسإرته وأقاربه يدرسإون‬
‫أخلق الفتيات ويتأمالون سإلوكهن ويتعرفون حياءهن وأدبهن‬
‫وبراعتهن في العمل إلى آخر ماا يطلب في الزوجة الصالحة المحبوبة‪،‬‬
‫ويقارنون بين الفتيات المتقاربات في السن‪ ،‬ويفاضلون بينهن‬
‫ويستعرضون أثناء ذلك حال أسإرهن وماركزها الجتماعي‪ .‬وهذا‬
‫الموقف الذي تقفه السإرة هو نفس الموقف الذي يتخذه الفتى‪ ،‬فيعرف‬
‫عنها بطرقه الخاصة أكثر ماا يعرفه غيره مان الناس‪ ،‬وعندماا يتقرر‬
‫التقدم إلى الخطبة توضع الصورة الكامالة لسلوك الفتاة وأخلقها في‬
‫بيت أبيها أماام الفتى‪ ،‬ول شك أن ذلك السلوك الذي كانت تسلكه‬
‫الفتاة في بيت أبيها هو خلقها الطبيعي دون تكلف أو تظاهر أو رياء‪.‬‬
‫ويوجه الولياء فتاهم ويقترحون عليه أو يختارون له‪ ،‬فإذا لم يرق له‬
‫اختيارهم لنهم غلبوا الجانب الخلقي أو المركز الجتماعي على‬
‫الجانب الجمالي فإن مان حقه أن يرفض اختيارهم وأن يختار لنفسه‪.‬‬
‫وليس لهم فوق ذلك إل أن يبذلوا له الرأي والنصيحة‪ ،‬أماا القرار‬
‫والتنفيذ فمن حقه وحده‪.‬‬
‫وقد يشذ عن هذه الصورة أب أو اهل فيتغلبون على فتى ويزوجونه‬
‫مان يختارونها رغم ماعارضته‪ ،‬وقد تكون نظرتهم في الموضوع ماادية‬
‫صرفه أو تأثير قرابة ماحصنة‪ .‬وهذه الحالة هي الخرى إنحراف عن‬
‫النهج السإلماي في تكوين السإس السليمة لبناء السإرة‪ .‬ويجب أن يبتعد‬
‫عنها أوليتاء المار كما يجب أن يبتعد الشباب عن النحراف الغربي‬
‫الحديث‪ .‬ويبقى الطريق الطبيعي للختيار والمعرفة‪ ،‬وهو أن يشترك‬
‫أفراد السإرة جميعا في البحث والختيار ‪ ،‬أماا القرار والتنفيذ فهو مان‬
‫حق الفتى وحده‪.‬‬
‫وبنفس الطريقة ونفس السإلوب يتم اختيار الزوج للفتاة‪ ،‬فعندماا‬
‫تدخل الفتاة سإن المراهقة يبدأ أفراد السإرة في البحث والتنقيب‬
‫والتساؤل والتطلع وتسلك الفتاة نفس المسلك الذي سإلكته السإرة‬
‫بطريقتها الخاصة‪ ،‬وعندماا يتقدم فتى لخطبتها تكون جميع المعلوماات‬
‫المطلوبة عن أخلقه وسإلوكه وحالته الجتماعية ماعروفة عند السإرة‬
‫وعند الفتاة ماعرفة كامالة‪ .‬فإذا اتفقت السإرة والفتاة على القبول تم‬
‫الرتباط‪ ،‬أماا إذا اختلفتا باعتراض السإرة أو اعتراض الفتاة‪ ،‬فإن على‬
‫السإرة أن تبين للفتاة رأيها وتقدم النصيحة الخالصة‪ ،‬أماا القرار‬
‫والتنفيذ فهو حق للفتاة وحدها‪ ،‬اللهم إل إذا اعترضت السإرة بمانع‬
‫ماعتبر شرعا كاختلف الدين ماثل‪ ،‬بأن يكون الخاطب غير ماسلم فإن‬
‫على الفتاة في هذه الحالة أن تستجيب راضية إلى حكم ال‪.‬‬
‫وقد تشذ عن هذه الصورة حالت خاصة تستمسك فيها السإرة أو‬
‫بعض أفرادها برأي خاص وتفرضه على الفتاة رغم إرادتها‪ ،‬وهذه هي‬
‫الخرى حالة انحراف عن المنهج السإلماي يجب أن تقاوم بنفس الشدة‬
‫التي يقاوم بها كل انحراف‪.‬‬
‫والن بعد أن عرضت عليك هاتين الصورتين فأيهما أقرب إلى‬
‫الحقيقة والواقع وأبعد عن التغرير والتضليل؟ وأي الفتاتين قد عرفت‬
‫صاحبها ماعرفة أدق وأصدق مان الثانية‪ .‬تلك الفتاة التي دخلت مالعب‬
‫الكرة فوقع نظرها على فتى راقتها تقاسإيم وجهه فابتسمت له‪ ،‬فابتسم‬
‫لها وحياها وجلس إلى جانبها حتى انتهت المباراة‪ ،‬وقد اكتشف كل‬
‫مانهما أنه يشجع نفس الفريق الذي شجعه صاحبه‪ ،‬وربط بينهما اتحاد‬
‫مايولهما في لعبة الكرة فطلب مانها أن تصحبه إلى ماطعم لتناول العشاء‬
‫ثم إلى السينما لقضاء السهرة‪ ،‬وتعدد اللقاء بينهما أياماا أو شهورا أو‬
‫سإنوات‪ ،‬وكل ماا تعرف عنه أنه فتى جميل‪ ،‬يحادثها في الحب ببراعة‪،‬‬
‫وينفق عليها في الملهي بسخاء‪ ،‬ويصف لها في الخلوات جمال الطبيعة‪،‬‬
‫وبهاء القمر‪ ،‬وقد يتناول الحديث أسإرته العريقة أو ماركزه الخطير أو‬
‫وظيفته المحترماة أو ثروته الطائلة‪ ،‬وقد ينفي كل هذا ويبني لها‬
‫قصور الحلم في الحياة السعيدة والعش الهنيء الذي يتعاونان في بنائه‬
‫والحياة فيه‪ ،‬وبعد أن يستمتع بها وتستمتع به تتكشف له فيها عيوب ‪،‬‬
‫وتتكشف لها فيه عيوب‪ ،‬فينفصلن ‪ ،‬لن كل واحد مانهما لم يعرف الخر‬
‫ماعرفة حقيقية صحيحة‪ .‬ويحاول أن يعيد التجربة ماع غيرها‪ ،‬وقد‬
‫تتعدد التجارب ‪ ،‬وتحاول أن تعيد التجربة ماع غيره‪ ،‬وقد تتعدد التجارب‬
‫أيضا‪ ،‬ويتعدد ماع تلك التجارب عدم المعرفة الحقيقية‪ ،‬ويتعدد ماعها‬
‫الخطأ نفسه‪ ،‬ويتعدد حتى ينتهيا إلى آخر ماراحل العمر‪ ،‬أو ينتهي‬
‫أحدهما إلى ذلك‪ ،‬وقد يركن أحدهما إلى زواج صوري ل يهنأ فيه ول‬
‫يستقر لن الخيلة في التجارب الماضية ل تزال تمل فراغ ذهنه‪ ،‬وتشغل‬
‫ذاكرته‪ ،‬وتعيد في نفسه المقارنة بين ماا خسر وماا كسب‪.‬‬
‫إذا وضحت لكر الصورة السابقة أيتها الخت المسلمة‪ ،‬وخطر لكر أن‬
‫توجهي إلى سإؤال تقولين لي فيه‪ :‬كيف يحق لي أن اختار زوجي؟‬
‫فإليك الجواب‪-:‬‬
‫إنني أتصورك فتاة تدرسإين اليوم في إحدى ماراحل التعليم المتوسإط‪،‬‬
‫وقد تكونين مامن لزمات بيتها بأمار أسإرتها‪ ،‬وأنتر ول شك تعرفين كل‬
‫أو أغلب الفتيان الذين يعيشون في ماحيطك ‪ ،‬سإواء كانوا جيرانا أو‬
‫أصدقاء للجيران‪ ،‬أو زمالء في المدرسإة‪ ،‬أو حتى أفواج الطلبة الذين‬
‫تلتقين بهم وأنتر ذاهبة إلى المدرسإة أو آتية مانها‪ .‬ول شك أنكر‬
‫تحدثت عن بعضهم ماع زمايلتك في خلواتكن ولهوكن وسإمركن‪،‬‬
‫وأنتر تعرفين كل أولئك الشبان أو أغلبهم ماعرفة سإطحية والواضح‬
‫مانها صورهم الظاهرة‪ ،‬فإذا تقدم أحدهم إلى أسإرتك يخطبك ‪ ،‬فلكر‬
‫الحق كل الحق أن تسألي مان تثقين فيه مان أفراد السإرة أو القارب أو‬
‫الصدقاء عن أخلقه وسإلوكه وماركزه الجتماعي وماا يهمك مان‬
‫شأنه حتى تكوريني عنه صورة واضحة صادقة تبين عليها حكمكر‬
‫بالقبول أو الرفض وليس لهلك مان عمل في الموضوع غير تزويدك‬
‫بالمعلوماات والنصائح‪ -‬فإذا فرض أن الفتى الذي تقدم لخطبتك لم تقع‬
‫عيناكر عليه مان قبل‪ ،‬ولم تعرفي عنه ماا يجب أن تعرفه الزوجة عن‬
‫زوجها فلكر أن تطلبي مان أهلك أول أن يتيحوا لكر رؤية هذا الرجل‪،‬‬
‫رؤية هذا الرجل‪ ،‬ل في اجتماع ماتكلف ولكن في وضع طبيعي ل يدري‬
‫فيه شيئا‪ ،‬حتى تتمكني مان ماعرفة شكله ولونه وتقاسإيم وجهه وبناء‬
‫أعضائه‪ .‬ثم أن يستمهلوه حتى تعرفي عنه صفاته وأخلقه بالطريقة‬
‫السابقة ل بطريقة التجربة ول بطريقة اللقاء ‪ ،‬سإواء كان ذلك‬
‫بمحضر أفراد السإرة أو بدون ماحضرهم فإن الرجل بالنسبة إليكر ل‬
‫يزال أجنبيا‪ ،‬وإنما أبيح لنا ولكر النظر إليه خلسة‪ ،‬وأبيح له النظر‬
‫إليك خلسة أيضا لئل يقدم أحدكما على الرتباط برباط شرعي‬
‫ماقدس ماع شخص ل يعرف شكله ولونه‪.‬‬
‫وهذه هي الصورة الوحيدة التي أرشدت إليها السنة النبوية المطهرة‬
‫تمكين أحد الخاطبين في رؤية ماخطوبه في حالة طبيعية غير ماتكلفة‬
‫دون أن يهيأ لها الجتماع والحديث قبل الرتباط بالعقد‪.‬‬
‫ول داعي لن يجمعوا بينك وبينه ل في ماحضرهم ول في ماغيبهم‪،‬‬
‫فإن الشكل قد رأيته‪ ،‬وأن الخلق والمسالك والمركز الجتماعي قد‬
‫عرفته وقد اخترت ماوقفك مانه‪ ،‬ونحن ماعك في هذا الموقف‪ ،‬سإواء‬
‫كان قبول أو رفضا‪ .‬فإذا شك أبوك أو أماك أو أحد مان لـه عليك‬
‫سإلطان‪ ،‬أن ينحرف عن المنهج السإلماي ويرغمك على قبول مان‬
‫ترفضين‪ ،‬أو رفض مان تقبلين دون أن سإتند إلى حكم مان دين ال‪ ،‬فنحن‬
‫ماعك في هذا الموقف ‪ ،‬ووليكر هذا يجب أن يطيع ال فيك قبل أن‬
‫يأمارك بطاعته في أمار نفسك‪.‬‬
‫فهل ترين بعد هذا أنكر ماظلوماة في اختيار فتى الحلم ورفيق‬
‫العمر‪ ،‬وأبي الولد؟‬
‫إنني أنتظر مانك أن تقولي‪ :‬لقد رضيت ماا رضيه السإلم لي‪ ،‬وليذهب‬
‫الغرب وأتباعه إلى الجحيم‪.‬‬
‫أماا أولياؤنا مامن يحمله الجهل أو الطمع أو العصبية على الوقوف دون‬
‫الحق وعلى ماعارضته شرع ال بعادة أو تقليد أو عرف خاطئ فإنني‬
‫أرجو أن يزاح القناع عن أعينهم‪ ،‬وان تعمل الدولة على تعليمهم‪ ،‬وان‬
‫يؤكد علماء الشريعة حق البناء على الباء‪ ،‬وحق الباء على البناء‪،‬‬
‫حتى يسلموا أمارهم ل‪ ،‬ويحرصوا على مارضاته في أنفسهم وفي‬
‫أبنائهم‪.‬‬
‫المرَّأة والشتغال في المرَّافق العامة‬

‫إن ال سإبحانه وتعالى حين خلق النسان مان ذكر وأنثى ‪ ،‬وجعله‬
‫خليفة في الرض‪ ،‬لم يخلقه ليكون عاطل ماتبطل عالة على الغير‪ ،‬ينام‬
‫الليل كله وبعض النهار ليخدماه غيره ويقدم إليه كل ماا يحتاج‪ ،‬وغنما‬
‫أراده ال سإبحانه وتعالى أن يكافح في الحياة وأن يقدم كثيرا مان‬
‫الخدماات لنفسه ولسإرته ولماته ودولته‪ .‬فما يحق لرجل أو لمارأة أن‬
‫تستلقي على الفراش الوثير طوال الوقت تنتظر اللقمة توضع في الفم‪،‬‬
‫والثوب يلقى على الجسم‪ .‬والصورة التي عاشت عليها الماة السإلماية‬
‫كانت صورة ماشرقة مان الكفاح والجد والمثابرة على العمل‪ ،‬يشترك‬
‫فيها الرجل والمرأة‪ ،‬وماا عرفت البطالة والكسل والترهل في أي عهد مان‬
‫عهودها‪ ،‬باسإتثناء بيوت ماتعددة في كل عهد أفسدها وفرة المال‬
‫والسلطان لديها‪ ،‬وتلك البيوت المنحرفة ل تدخل في الطار العام‬
‫لحياة الماة المسلمة لنها تمثل النحلل والنحراف والترف الذي جاء‬
‫السإلم لمحاربته‪.‬‬
‫والذين ينادون اليوم بحق المرأة في العمل‪ ،‬وماشاركة الرجل فيه إنما‬
‫ينادون مان حيث المبدأ بحقيقة ثابتة لم تتخل عنها المرأة في يوم مان‬
‫اليام‪ .‬وماتى كانت المرأة غير عامالة وفي أي فترة مان فترات التاريخ؟‬
‫إذا اسإتثنينا صورا جانبية اتخذ الترف فيه المرأة أو الرجل أداة لهو‬
‫واسإتمتاع‪ ،‬وتلك حالت الدعوات الهداماة اليوم التي يقوم بها ناس‬
‫يغترون بالمظاهر الخادعة‪ ،‬ويحملون أماهاتهم وآباءهم مان الوزار ماا‬
‫لم يرتكبوا‪ -‬أن هؤلء الناس يفكرون كما يفكر الجنبي الذي لم يعش‬
‫في الوسإاط السإلماية‪ ،‬ويتكلمون بنفس الطريقة التي يتكلم بها مان جاء‬
‫مان أنحاء بعيدة ل يعرف شيئا عن بيئته وأماته‪ ،‬ويريدون أن يصبغوا‬
‫أماتهم بذلك اللون الذي اسإتمرأته أذواقهم وألفته نفوسإهم‪ ،‬واسإتحوذ‬
‫على عقولهم إن كانت لهم عقول‪ ،‬وهم يرون أنه ماا لم تشتبك الفتاة‬
‫ماع الفتى في نزاع عنيف على كرسإي المكتب أو ماقود السيارة أو قبة‬
‫البرلمان‪ ،‬أو جناح الثكنة فهي ماتأخرة وأماتها ماتأخرة‪.‬‬
‫إن العمل ماهما كان‪ -‬ماا لم يناقض الدين والخلق‪ -‬شريف‪ ،‬ومازاولة‬
‫الرجل والمرأة لي عمل ماا لم يناقض الدين والخلق الكريم‪ ،‬حق له أو‬
‫لها‪ ،‬وقد يكون في بعض الحيان واجبا عليه أو عليها‪ ،‬والعمال في‬
‫جوهرها ليس فيها عمل أشرف مان عمل‪ .‬فعمل الموظف في نفسه ليس‬
‫أشرف مان عمل المباشر الذي يقدم له المساعدات‪ ،‬ورئيس المصلحة‬
‫الذي يدير أعمالها ليس أشرف بعمله مان العامال الذي يفتح له الباب‬
‫وينفض الغبار عن ماكتبه‪ ،‬وحقيقة الشرف إنما هي في نفس الشخص‪،‬‬
‫في أخلقه وفي ماعامالته وفي سإلوكه‪ ،‬وبالجملة في دينه‪ ،‬عن العامال‬
‫الذي ينظف طرق المدينة ‪ ،‬والحارس الذي يحرس الدوائر الحكوماية‬
‫ويقوم بإعدادها لصلحية العمل‪ ،‬والموظف القابع على كرسإي ينجز‬
‫العمال‪ ،‬ومادير المصلحة الذي يفكر ويخطط لنجاز ماهمات مارفق مان‬
‫مارافق الحياة‪ ،‬والتاجر الذي يدير الحياة القتصادية للمدينة أو البلدة‪،‬‬
‫والمدرس الذي يتولى إعداد جيل مان أبناء الماة‪ ،‬والطبيب الذي يعمل‬
‫بهمة لتخفيف اللم البشرية‪ ،‬والشرطي الذي يسهر لحفظ المان‪ ،‬وغير‬
‫هؤلء مان طوائف الناس الذين يتولون أعمال تشتبك بها ماصلحة الماة‪.‬‬
‫ليس واحد في هؤلء أشرف مان الخرين بسبب المهنة أو الوظيفة‬
‫المجردة ‪ ،‬وهذه العمال كلها شريفة برتبة واحدة ماا دامات تتوقف‬
‫عليها ماصلحة الدولة والماة مان جهة‪ ،‬وماصلحة السإرة التي يمونها‬
‫القائم بالعمل مان جهة أخرى‪ ،‬وكما أن هذه المهن باعتبارها حرفا‬
‫يزاولها الناس ليس بعضها أشرف مان بعض بالنظر إلى العمل نفسه‪،‬‬
‫كذلك ليس بعضها أشرف مان بعض بالنظر إلى الجور المستحقة على‬
‫أدائها‪ ،‬أو المكاسإب المادية المتحصلة عليها‪ ،‬فليست كثرة المال داخلة‬
‫في حساب الشرف أبدا‪ ،‬وليس الغني باعتباره غنيا أشرف مان الفقير‬
‫باعتباره فقيرا أبدا‪ ،‬ولكن الواحد مانهم يكون أشرف مان الثاني بما‬
‫يتحلى به مان فضائل الخلق‪ ،‬كالصدق في المعامالة والخلص في‬
‫العمل والحرص على أداء الواجب وبذل المجهول في إتقانه وماحبة مان‬
‫يستحق الحب مان الناس‪ .‬وغن الكناس الذي يجمع القماماة مان شوارع‬
‫المدينة بجد وحرص وماثابرة ودقة لشرف ألف مارة وأكرم مان ذلك‬
‫الشخص الذي يسند إليه ماركز هام في ماصلحة مان ماصالح الدولة فل‬
‫يحضر إلى عمله إل بعد ماضي نصف الوقت مانتفخا بالغرور‪ ،‬فيجلس‬
‫على كرسإي وثير يتبادل البسمات الصفراء ماع الزوار‪ ،‬وقد يتطوع‬
‫فيضع توقيعه الكريم على بعض الملفات والوراق‪ ،‬وتبقى ماصالح الناس‬
‫ماعطلة اللهم إل ماا ينجز بهمة ماوظفي المصلحة الصغار‪ .‬ثم يقوم‬
‫لتحمله سإيارة الدولة الفارغة فتعود به إلى البيت وإلى ماا شاء مان‬
‫المااكن‪ .‬لعل القارئة الكريمة تحسب أنني خرجت عن الموضوع الذي‬
‫وضعت له العنوان‪ ،‬والحقيقة أنني إنما قدمات لها هذه الصورة لتأكد‬
‫أنها ماعي وأنها تزن شرف العمل بميزان الحقيقة ل بميزان المظاهر‬
‫والقشور‪ ،‬فتوافقني على أن جميع العمال شريفة ماا لم تكن ماخالفة‬
‫للدين والخلق الكريم‪.‬‬
‫إن خياطة الملبس أو غسلها وكيها تعتبر اليوم حرفة مان الحرف‬
‫التي تدور على أصحابها أرباحا ويكسبون مانها قوتا لسإرهم‪ ،‬ول‬
‫يستطيع أحد أن يزعم أن ماهنة الخياطة والغسيل والكي ماخلة بالشرف‪،‬‬
‫وإن القيام بعمل طبخ الطعام وتقديمه للناس يعتبر اليوم ماهنة تدر على‬
‫أصحابها مابالغ طائلة مان المال‪ .‬ول يزعم أحد أن هذا العمل ماخل‬
‫بالشرف‪ .‬وغن التعليم وإلقاء الدروس وتربية النشء عمل يدر ماكاسإب‬
‫وتعيش عليه أسإر‪ ،‬ول يوجد أحد يزعم أن هذا العمل ماخل بالشرف‪ ،‬بل‬
‫إن مالعبة الطفال وتهيئة وسإائل اللهو والعبث البريء لهم وتوجيههم‬
‫في أثناء ذلك يعتبر اليوم مان أهم الوظائف ويدر على أصحابها أماوال‬
‫غزيرة‪ ،‬وماا يوجد أحد يحسب أن ذلك يخل بالشرف‪ .‬وغزل الصوف‬
‫وحياكة الثياب أعمال تدر أرباحا ول يوجد أحد يزعم أن هذه العمال‬
‫ل يقوم بها أصحاب الشرف‪ ،‬وزراعة الرض وجمع الغلل والقيام‬
‫بأعمال البناء وغير ذلك كلها أعمال يقوم بها الناس وهم مان خيار‬
‫الماة شرفا وقدرا‪ ،‬وطبيعة الحياة هي التي تتحكم في الفرد حتى يقوم‬
‫ببعض العمال ليتحصل مانها على أجر‪ ،‬أو يقوم بها لنفسه وبيته الخاص‬
‫ولسإتهلكه‪ ،‬وقد عاش الرجل المسلم والمرأة المسلمة طيلة ثلثة‬
‫عشر قرنا يعملون جنبا إلى جنب كل واحد في الميدان الذي يحسنه‬
‫والذي قد هيأته فطرته وتكوينه ‪ ،‬فلم يشك مانها ولم تشكر مانه‪ .‬إنها‬
‫لم تقل إن الرجل قد اسإتبد بها فحرماها مان العمل‪ ،‬ولم يقل إن المرأة‬
‫زاحمته فضيقت عليه ماجال الكفاح‪ ،‬وإنما كان كل واحد مانهما يعمل‬
‫بجد وماثابرة في مايدانه الذي يعرفه تمام المعرفة‪ ،‬فإذا تعطل أحدهما‬
‫لسبب مان السإباب اسإتمر الثاني حتى تزاح العقبة عن صاحبه‪.‬‬
‫وجاء اليوم دعاة التقليد بفتنة المساواة ‪ ،‬يوهمون الرأي العام أن نصف‬
‫المجتمع الذي هو المرأة ماعطل‪ ،‬ويشهد ال أن هذا النصف لم يتعطل إل‬
‫في المجتمعات التي اسإتجابت لهم والتي تخلت فيه المرأة عن العمل‬
‫الذي تقتضيه فطرتها إلى عمل بعيد عن تكوينها ومايدان حياتها ‪ ،‬جريا‬
‫وراء فتنة المساواة المطلقة‪ ،‬وإنه لحراج لهم وللمرأة الساذجة التي‬
‫انطلت عليها خدعهم وأضاليلهم أن نستجيب إلى قضية المساواة المطلقة‬
‫مان الرجل والمرأة ماتجاهلين فطرة ال التي فطر الناس عليها‪ ،‬وفي‬
‫الماكان أن نقول لهم‪ :‬حسنا يا دعاة المساواة الكامالة المطلقة هانحن‬
‫ماعكم وهيا إلى تنفيذ هذا المبدأ في نظركم‪ .‬لنبدأ بالتعداد فكل ماكان‬
‫وجدنا فيه عددا مان العمال يجب أن نصرف نصفهم ليتولى ماكانهم عدد‬
‫مان النساء ولنبدأ هذا التنظيم العصري مان أي ماكان شاء هؤلء‪ ،‬لنبدأه‬
‫مان المدينة أو القرية‪.‬‬
‫هذا ماشروع الدولة للسإكان نحتاج فيه إلى قوة كبيرة مان العمال‬
‫لنجازه في وقت ماناسإب‪ ،‬ولقد اسإتحوذ عليه الرجال‪...‬هيا أيتها الدولة‬
‫انصفي نصف المجتمع المظلوم واصدري تعليماتك إلى ماتعهدي البناء‬
‫وأخبريهم أنهم أخطأوا حين أخذوا كل أعمالهم مان الرجال‪ ،‬وعليهم أن‬
‫يصرفوا نصفهم‪ -‬وهيا أيتها الفتيات الشديدات تمنطقن والبسن ثياب‬
‫العمل‪ ،‬قصرن مان شعوركن على الطريقة التي يقص بها الرجل‪،‬بمبدأ‬
‫المساواة أول وحتى ل يعوقكن عن العمل ‪ ،‬لتبحث بعضكن عن خرق‬
‫تضعها على أكتافها لتقيها ألم الحجارة وهي تنقلها إلى السإطى‪ ،‬ليضع‬
‫بعضكن قفافير في أيدهن حتى ل تمجل مان حمل جردال السإمنت أو‬
‫دفع عربة اليد‪ ،‬ل تهتمي بغيرة السإمنت التي تغطي وجهك فإنها تكون‬
‫طبقة صلبة قوية لبشرة الوجه‪ .‬امالي العربة جيدا وادفعيها بقوة‬
‫وسإرعة حنى ل يتعطل العمل‪ ،‬لقد أخطأت خطأ فادحا حين جئت بالكعب‬
‫العالي‪ ،‬إنه ل يساعد على العمل البتة‪ ،‬ل تعودي به بعد اليوم‪.‬‬
‫أنتر يا وزارة المواصلت كم عدد العمال الذين يشتغلون في الطرق؟‬
‫إنهم بضعة آلف‪ ،‬حسنا اصرفي نصفهم وخذي بدلهم مان النساء ‪ ،‬تقدماي‬
‫أنتر يا فتاة‪ ،‬اماسكي المعول هكذا‪ ،‬وارفعي التراب هكذا‪ ،‬جري العربة‪،‬‬
‫صففي الحجر واماسكي بخرطوم القطران‪ .‬وأنتر ل تخافي مان الدخان‬
‫هيا تقدماي‪ .‬إنك ماأجورة ونحن ندفع لك‪ ،‬ل تتأخري ول تخافي مان‬
‫النار المشتعلة ولكن احذري أن يمس القطران الذائب يديك أو‬
‫رجليك‪ .‬ولكن ليس ماعنى ذلك أن تقفي هكذا مابهوتة فاغرة الفم‪ ،‬هيا‬
‫اشتغلي‪.‬‬
‫ل شك أن هذه الصورة البشعة التي توضع فيها المراة‪ ،‬وهذا المأزق‬
‫الحرج الضيق الذي تدفع إليه عمل بمبدأ المساواة في العمل وإتاحة‬
‫الفرص للجميع‪ -‬لم يتخيله طلب اشتغال المراة في المرافق العاماة‬
‫وماساواتها بالرجل في ذلك‪ ،‬لن القضية في جوهرها عندهم ليست هي‬
‫قضية المراة‪ .‬ول قضية العمل ول قضية المصلحة العاماة‪ ،‬وإنما كل ماا‬
‫يعنيهم مانها أن تكون المراة بين أيديهم وأعينهم‪ ،‬ماتزينة ماتبرجة‬
‫ماتحررة مان قيود الدين والخلق والعرف‪ -‬ماستبيحة وماستباحة‪ .‬أحسب‬
‫أن ماا قدماته لكر أيتها الخت المسلمة يكفي لن تعرفي أن أولئك‬
‫الناس حينما طلبوا مانكر أن تشاركي الرجل في العمل لم يكن قصدهم‬
‫ماا تفهمينه أنتر مان حقيقة العمل وشرفه وإنما يريدون مانكر أن‬
‫تكوني قريبة مانهم في ماتاجرهم ومافاجرهم‪ .‬وبنظرة بسيطة إلى واقع‬
‫الماة المسلمة في العهود التي سإبقتك يمكن لكر أن تعرفي أن المراة‬
‫في طول العهود السابقة لم تكن عاطلة عن العمل‪ ،‬ول ماتوقفة عن‬
‫ماشاركة الرجل في هذه المهمة الحيوية‪ ،‬غير أن الطريقة التي كان‬
‫يعمل بها كل مان الرجل والمرأة‪ ،‬كانت تسير حسب ماتطلبات الفطرة‬
‫والطبيعة‪ ،‬فكان كل مانهما يعمل حسب إماكانياته واسإتعدادته الفطرية‬
‫والجسمية وماا تقتضيه ماصلحة العمل مان جهة وماصلحة السإرة والماة‬
‫مان جهة أخرى‪ ،‬ماقدرين في جميع ذلك المعاني الروحية والمعاني‬
‫الجسدية في توازن تام بحيث ل يخل العمل بمطالب الروح ول بمطالب‬
‫الجسد ول يعطل قوى أي مانهما‪ .‬مانقادين للعواطف في إطار الصحة‬
‫النفسية السليمة التي ل انحراف فيها عن سإنن الديان والخلق والعرف‬
‫السليم‪.‬‬
‫فعندماا يخرج الرجل إلى الحقل ليشتغل بالزراعة وتبقى المراة في‬
‫البيت لتشتغل بالحياكة فهذا تشارك في العمل‪ ،‬وتعاون على ماتطلبات‬
‫الحياة‪ ،‬يجري حسب ماا هيأته الطبيعة لكل واحد مانهما وماا تقتضيه‬
‫فطرته‪ ،‬وعندماا يخرج الرجل ليعمل في ماصلحة تنظيف الشوارع في‬
‫المدينة وتبقى المراة لتعمل في تنظيف صالت البيت وحجراته‪ ،‬فإن هذا‬
‫العمل يجري على سإنن الفطرة وماا تقتضيه طبيعة كل واحد مان‬
‫الجنسين‪ ،‬وعندماا يخرج الرجل ليعمل طباخا في ماطعم وتبقى المراة‬
‫لتطبخ طعام السإرة في البيت فإن هذا العمل جار على فطرة سإليمة‪،‬‬
‫وهكذا بقية العمال فإنه ل يوجد عمل بالخارج إل ويقابله عمل بالبيت‪،‬‬
‫وطبيعة تكوين الرجل تقتضي أن يقوم هو بالعمل الخارجي‪ ،‬وطبيعة‬
‫تكوين المراة تقتضي أن تقوم هي بالعمل الداخلي ‪ ،‬فإذا وجدت ظروف‬
‫خاصة في أسإرة ماا تضطر المراة أن تقوم بالعمل الخارجي أو الرجل أن‬
‫يقوم بالعمل الداخلي جاز ذلك لهما على أن ل يتعدى ضرورة في‬
‫الحياة‪ ،‬وشذوذا عن قاعدة عاماة‪ ،‬هذا بالنظر إلى الرجل والمرأة بطبيعة‬
‫تكوينها الجسمي والنفسي والروحي‪ ،‬أماا النظر إلى السإرة والبيت فإن‬
‫السإرة تعتمد على أسإاسإين ثابتين في حياتهما‪ ،‬أحدهما ماادي يجلب مان‬
‫الخارج وثانيهما روحي ينبع مان الداخل‪ .‬فإذا أناطت السإرة الجانب‬
‫المادي لها بالرجل وطالبته بان يوفر لهما ماتطلباتها مان خارج المنزل‬
‫بأسإلوب مان أسإاليب العمل كان هذا يجري حسب الفطرة السليمة‪ .‬وإذا‬
‫أناطت الجانب الروحي بالم وطالبتها بأن تضفي على السإرة داخل‬
‫البيت‪ ،‬الجو المناسإب مان الطمئنان والسإتقرار والسكن وتبادل شعور‬
‫المحبة والعطف‪ ،‬كان هذا أيضا طبيعيا يتفق ماع الفطرة السليمة‪ .‬أماا‬
‫لو تغير هذا التجاه فطلبت السإرة مان الم أن تقوم في الصباح الباكر‬
‫لتلبس ثياب العمل ثم تشق النهج والشوارع‪ ،‬باحثة عن العمل حتى توفر‬
‫الجانب المادي الخارجي للسإرة‪ ،‬ثم طلبت مان الرجل أن يبقى في ثياب‬
‫البيت ليوفر الجانب الروحي الذي تحتاجه السإرة‪ ،‬فإن هذا السلوك‬
‫يكون انحرافا ومارضا نفسيا وشذوذا عن طبيعة الحياة‪ .‬وماهما تكن‬
‫المراة ماسترجلة فإنها ل تستطيع أن تقوم بواجبات الرجل‪ ،‬وماهما يكن‬
‫الرجل ماتأنثا فإنه ل يستطيع أن يقوم بدور المراة ‪ ،‬وماهما يكن قلبه‬
‫مافعما بالمحبة والعطف‪ ،‬فإنه ل يستطيع أن يعبر عن ماشاعره لفراد‬
‫السإرة المختلفين بالطريقة التي تعبر بها المرأة‪ ،‬ول أن يضفي على‬
‫البيت ذلك الجو الذي تضيفه هي عليه‪.‬‬
‫فإذا أثبت بالواقع الذي عاشته النسانية في عمرها الطويل أن المراة‬
‫تستطيع أن تقوم بعملها لفائدة السإرة والمجتمع في البيت بجدارة ل‬
‫يساويها فيها الرجل ول يقترب مانها ‪ ،‬وان الرجل يستطيع أن يقوم‬
‫بعمله لفائدة السإرة والمجتمع بجدارة ل تلحقه فيها المراة ول تقترب‬
‫مانه‪ ،‬فلماذا نحاول أن نغير طبيعة الفطرة فتخرج المراة لتقوم بعمل‬
‫الرجل ونحبس الرجل ليقوم بعمل المرأة ‪ ،‬أو نجمعهما ماعا ليقوماا‬
‫بعمل الرجل ويبقى عمل المراة ماهمل دون أن يقوم به أحد‪ .‬إنه بمقدار‬
‫عدد النساء اللوتي أخرجناهن إلى العمل في مايدان الرجال نكون قد‬
‫حرمانا أرباب أسإر مان العمل وهم ماسئولون شرعا وقانونا وعرفا على‬
‫رعاية تلك السإر‪ ،‬ووضعنا ماا كان يجب أن يؤول إلى تلك السإر‬
‫بأيدي أفراد مان النساء‪ ،‬هن ماكفولت بحكم الشرع والقانون وبقدر عدد‬
‫أولئك النساء اللتي أخرجناهن إلى العمل في مايادين الرجال نكون فد‬
‫هدمانا أسإرا وحرماناها مان الرعاية والحب والحنان‪ ،‬وأغلقنا بيوتا أو‬
‫وضعناها تحت تصرف الخدم والجراء‪.‬‬
‫ولقد تنخدع الفتاة أو ينخدع الفتى بالنظرة المادية المجردة أو‬
‫بالنظرة المحصنة‪ ،‬ولكنهما ل ينخدعان أبدا بالنظرة الجماعية‪ ،‬النظرة‬
‫إلى السإرة في تكوين الماة‪ .‬اللهم إل إذا كانا ماتحللين مان الخلق‬
‫والمثل ورعاية المصلحة العاماة‪.‬‬
‫إن طبيعة المرأة وتكوينها الخلقي والخرلقي وماواهبها تقتضي أن تقوم‬
‫بأعمال ماعينة في ماجالت ماعينة وحدود ماعينة‪ ،‬وإن طبيعة الرجل‬
‫وتكوينه الخلمقي والخرلقي وماواهبه تقتضي أن يقوم بأعمال ماعينة في‬
‫ماجالت ماعينة وحدود ماعينة‪ ،‬فإذا شذت امارأة وقامات بأعمال الرجل أو‬
‫شذ رجل وقام بأعمال النساء فل بأس مان ذلك ولكل قاعدة شواذ‪ ،‬أماا أن‬
‫نجعل ذلك الشذوذ قاعدة فنسوي بين الطرفين في العمل أو نطالب‬
‫النساء بأعمال الرجل أو الرجال بأعمال النساء فذلك مارض اجتماعي‬
‫خطير يحتاج إلى علج‪ .‬وخروج عن الفطرة البشرية التي جعلت مان‬
‫النسان ذكرا وأنثى وجعلت مان كل ذكر وأنثى زوجين يكورينان أسإرة‬
‫لها خصائص وماميزات‪ .‬إن كل امارأة تخرج مان البيت لتمسك عمل مان‬
‫أعمال الرجال تكون قد أحدثت خلل في التوازن الجتماعي وذلك لننا‬
‫بوضعنا امارأة في المعمل أو المكتب أو المتجر أو المزرعة‪ ،‬نكون قد‬
‫أخرنا رجل يمون أسإرة بذلك العمل‪ ،‬وحرمانا أسإرة مان دخل ضروري‬
‫لها لنضعه في يدي أسإرة أخرى قد نالت حظها وحصلت على حقها ‪،‬‬
‫والن أيتها الفتاة المسلمة احسبني قد وضعت بين يديك الحقائق التي‬
‫يجب أن تعرفيها وأن أحدا ل يستطيع أن يخدعك‪ ،‬فإذا كان قلبك ل‬
‫يزال مامتلئا بإيمانه‪ ،‬وعقلك ل يزال ماحتفظا برجاحته وحكمته فإن‬
‫السبيل أمااماك واضح وإنك في بيتك وبحجابك ماحترماة حتى مان‬
‫خصوماك‪ ،‬ماحبوبة مان الجميع‪ ،‬وإذا شئتر أن تسلكي ماسلك المتبرجات‬
‫الفاجرات فإنكر قد تسمعين غزل لكر‪ ،‬وقد تسمعين إطراء لفتنتك‬
‫وجمالك ليلعب بك اللعبون حتى إذا جف عودك وذوي جمالك‬
‫وخسرت دينك وأغضبت ربك لفظك أولئك العابثون ولم يبق يرن‬
‫في أذنيكر إل قهقهة الشيطان سإاخرة شاماتة‪ " ،‬كمثل الشيطان إذ قال‬
‫للنسان اكفر فلما كفر قال إني برئ مانك إني أخاف ال رب العالمين‬
‫‪ ،‬فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها‪ ،‬وذلك جزاء الظالمين"‪.‬‬
‫جـــات‬
‫دد الزو ي‬
‫تــــعي ي‬
‫هذا ماوضوع آخر مان المواضيع التي كثرت فيها الكتابة في هذه‬
‫الفترة الحرجة مان تاريخ الماة السإلماية‪ ،‬وذلك أن الغرب اتباعا‬
‫للشهوة قد مانع تعدد الزوجات في عصبة رجل واحد تحت نظام يكفل‬
‫لهن الحياة الكريمة ‪ ،‬والعيش الشريف‪ ،‬وحماية الدين والقانون والعرف‪.‬‬
‫وأباحه لهم ولهن بدون تحديد للعدد‪ ،‬وبطرق ل تحفظ للمرأة كراماة‬
‫ول حقا‪ ،‬ول تكفل لها حياة ول شرفا‪ .‬واندفع ماغترون مان أبنائنا‬
‫وراءهم يلهثون ‪ .‬ويصيحون بنا أن نلحق بهم‪...‬‬
‫ونحن كأماة ماسلمة ل يهمنا ماا يتردى فيه الغير ويتخبط فيه إل‬
‫بمقدار ماا يدرك مادى الخطر والضرار التي تلحقنا لنتباعد عنها‬
‫ولننذرهم بسوء العاقبة التي تنجم عن ترديهم باعتبارهم أماة ذات رسإالة‬
‫لسإعاد البشرية‪.‬‬
‫وإذا قال أولئك الناس البعداء عن النظر في أحكام ال يمنع التعدد أو‬
‫يجوز بتحديد أو بدون تحديد‪ ،‬أو قالوا غير ذلك فإن كلماهم هذا ل‬
‫يهمنا‪ ،‬وتشريعاتهم تلك ل تستلفت نظرنا‪ .‬إن الذي يهمنا ويجب أن‬
‫نفهمه وان نعلمه وأن نعمل به‪ ،‬إنما هو التشريع الذي أنزله ال خاصا‬
‫بالماة المسلمة‪ ...‬وكان يكفي المراة المسلمة والرجل المسلم أن يقال‬
‫لهما‪ :‬هذا حكم ال فيذعنا ويسلما تسليما‪ ،‬دون نقاش ودون فلسفة‬
‫ماصلحية أو عاطفية‪ ،‬ودون آراء بشرية‪ ،‬وماا دامات إرادة ال تبارك‬
‫وتعالى تطالبنا بعمل أو بترك ‪ ،‬أو تحرم علينا أو تجيز لنا فليس لنا أن‬
‫نخرج عن ماقتضى تلك الرادة‪.‬‬
‫والذي يؤسإفنا في الموضوع ليس هو ذلك الهذر الطويل الذي ينعق‬
‫به أتباع الغرب كل يوم‪ ،‬ول هو ماسلك المنحرفين والمنحرفات عن‬
‫الدين والخلق ول المخدوعون ببهرج الحضارة الغربية دون تمييز بما‬
‫يصلح فيقتبس أو ل يصلح فينبذ‪ ،‬ول طغيان التحرر الباحي في بعض‬
‫المجتمعات فإن ذلك كله ل يقدم ول يؤخر في حقيقة التشريع ولن‬
‫يلبث أن يرتد عندماا يصدم بصخرة اليمان‪.‬‬
‫وإنما الذي يؤسإفنا حقا إنما هي أقلم تنتسب إلى العلم وتشتهر في‬
‫الدراسإات ثم تأتي إلى آيات مان كتاب ال عز وجل‪ ،‬وإلى أحاديث مان‬
‫رسإول ال ‪ ‬فتختلق لها ماعاني ليس لها‪ ،‬وتتمحل لها المفاهيم وتشتق‬
‫لها الشروط‪ ،‬وتستخرج مانها أحكام تخالف أحكام السإلم وتناقضها‪،‬‬
‫وتخالف ماا اجمع عليه المسلمون مانذ خير القرون حتى العصر الحاضر‪،‬‬
‫ماستندة إلى مانطق مازعوم وفهم أعرج‪.‬‬
‫ومان أماثلة ذلك ماجموعة مان الكتاب يخشون أن يرماي دعاة الحضارة‬
‫الغربية السإلم بأنه ل يساير ركب الحضارة والتقدم ويصفوه‬
‫بالرجعية والجمود فيحاولون مان جانبهم أن يثبتوا لولئك الدعاة أن‬
‫السإلم يوافقهم ويسير ماعهم وقد سإبقهم‪.‬‬
‫وفي ماوضوع تعدد الزوجات كانت الفكرة الغربية تأنف أن تبيح تعدد‬
‫الزوجات بالقانون ولكنها تبيحه بمنطق التجربة والحرية وغيرها‪،‬‬
‫وخاف هؤلء الكتاب أن يرماى السإلم بالتخلف فجعلوا يحاولون أن‬
‫يوافقوا بين ماا جاء في السإلم وماا تجيء به الراء البشرية مان تحريم‬
‫التعدد فقالوا‪ :‬إن القرآن الكريم يحرم التعدد ‪ ،‬لنه يشترط العدل على‬
‫طالب التعدد‪ ،‬وينص أن النسان ل يستطيع أن يعدل ولو حرص‪ .‬وينتج‬
‫مان هذا أن ماريد التعدد في الزواج ماطالب بالعدل‪ ،‬وأن العدل ماستحيل‬
‫في طبيعة البشر ‪ ،‬فإباحة التعدد ماستحيلة أو غير جائزة‪.‬‬
‫بهذا المنطق الملتوي والفهم المنحرف يتناولون اليات البينات مان‬
‫كتاب ال تعالى ليلحقوا حكما مان أحكام السإلم بحكم النصرانية‬
‫المحرفة لن الحضارة الغربية اعتنقته حين لم تعرف غيره‪ .‬والغريب‬
‫في أمار هؤلء القوم أنه ل يخجلهم دعواهم أنعهم أفهم للكتاب العزيز‬
‫مان النبي ‪ ‬ومان الصحابة رضوان ال عليهم ومان علماء السإلم مانذ‬
‫عصر النبوة إلى اليوم‪ .‬ولم يرتفع إلى أذهانهم أن الماة بمختلف‬
‫ماذاهبها قد أجمعت على جواز التعدد وأن الجماع حجة‪ ،‬ولقد عاش‬
‫رسإول ال ‪ ‬طول حياته وأصحابه رضوان ال عليهم يجمعون بين أكثر‬
‫مان واحدة ويطلقون‪ .‬ولم يعرف عن رسإول ال ‪ ‬أنه نهى عن التعدد ‪،‬‬
‫اللهم إل حالة واحدة ذكرها المؤرخون‪ .‬وذلك عندماا عزم أبو الحسن‬
‫علي بن أبي طالب أن يتزوج بنت أبي جهل على فاطمة بنت رسإول ال ‪، ‬‬
‫فغضب رسإول ال ‪ ‬وخطب على المنبر فأثنى على بعض أصحابه خيرا‬
‫ثم قال‪ ":‬والذي نفسي بيده ل أحل حراماا ول أحرم حلل ولن تجتمع‬
‫بنت نبي ال ماع بنت عدو ال"‪ .‬والذي أغضب رسإول ال ‪ ‬ليس هو‬
‫التعدد ول زواج علي على فاطمة‪ ،‬وإنما أغضب رسإول ال ‪ ‬الجمع بينت‬
‫بنت رسإول ال ‪ ‬وبنت أبي جهل عدو ال في بيت واحد‪ ،‬وكأنما خاف‬
‫النبي ‪ ‬أن يأتي ناس في آخر الزماان يستندون على حديثه هذا ليردوا‬
‫حكما مان أحكام ال‪ .‬فقرر أنه بموقفه هذا لم ينسخ الحكم الول بجواز‬
‫التعدد ‪ ،‬وانه لم ينتهك حرماة أحكام ال‪ ،‬فيحلل الحرام أو يحرم‬
‫الحلل‪ ،‬إن أحكام ال في الموضوع باقية ثابتة‪ ،‬وإنما الذي أغضبه‬
‫وجعله يقف هذا الموقف الشديد إنما هو التفكير في الجمع بين نبي‬
‫السإلم وبنت عدو السإلم في بيت واحد وتحت عصمة رجل واحد‪.‬‬
‫لقد يساعدك أيتها الفتاة المسلمة الذكية أن تتركي كلم البشر‬
‫وتتأمالي كلم ال تبارك وتعالى الواضح البين الصريح وهو يقرر‬
‫حكمه بشأنك ويصدر أواماره تعالى إليك وإلى زمايلك الفتى‪ ،‬اقرأي‬
‫قوله تعالى‪ :‬وإن خفتم أل تقسطوا في اليتاماى فأنكحوا ماا طاب لكم مان‬
‫النساء ماثنى وثلث ورباع فإن خفتم أن ل تعدلوا فواحدة أو ماا مالكت‬
‫أيمانكم‪ ،‬ذلك أدنى أل تعدلوا‪ ،‬وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم‬
‫عن شيء مانه نفسا فكلوه هنيئا ماريئا‪ .‬ويقول عز وجل في آية أخرى‪:‬‬
‫ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ‪ ،‬فل تميلوا كل الميل‬
‫فتذروها كالمعلقة‪ ،‬وإن تصلحوا وتتقوا فإن ال كان غفورا رحيما‪.‬‬
‫وأحسب أنكر لستر في حاجة إلي أيتها الفتاة الذكية لسإاعدك على‬
‫فهم الية الكريمة التي تخاطب الرجل تكون تحت رعايته فتاة يتيمة‬
‫يتولى تربيتها والشراف على شئونها فتنازعه نفسه إلى الزواج بها‬
‫لجمالها وشبابها‪ ،‬أو لمالها وثروتها‪ ،‬أو أنه يستطيع أن يحصل عليها‬
‫دون أن يدفع لها ماا يدفع لمثلها‪.‬‬
‫وال سإبحانه وتعالى يخاطب ذلك الرجل ويأماره أن ينظر إلى تلك‬
‫الفتاة بحقيقة العدل والشهاماة ‪ ،‬فإذا كان الدافع إلى الزواج بها هو دافع‬
‫المحبة والمودة فقط‪ ،‬ولم يكن بينهما فرق في السن يتيح عنه بعد في‬
‫المشاعر والحاسإيس وكانت الفتاة بعملية الزواج به ل تحس بأي غبن‬
‫أو حرماان أو ظلم ‪ ،‬جاز له أن يقدم‪ ،‬أماا إذا كان هنالك سإبب ماصلحي‬
‫يدعوه إلى الزواج بها وليس بها فيه أية ماصلحة فإن ال يأماره أن‬
‫يعرض عن ذلك وفي إماكانه أن يجمع بين عدد مان النساء ماثنى وثلث‬
‫ورباع حتى يسد عن نفسه الفراغ الذي يحسه بحرماانه مان تلك الفتاة‬
‫التي قد تكون جمعت بين المحاسإن الوضيئة‪ ،‬والروح الرضية‪ ،‬والمال‬
‫الوفير‪ ،‬والعقل الرصين‪ ،‬والشريعة السإلماية حين تنقذ هذه الفتاة‬
‫اليتيمة مان أن تكون ضحية للعرفان بالجميل فتظلم في نفسها أو في‬
‫ماالها تبيح للرجل أن يعوض عن تلك المكاسإب المادية أو النفسية بأن‬
‫يجمع في بيته مان يجد عندها الجمال أو المال أو الخلق الكريم والدين‬
‫القويم لئل يشعر هو الخر بأنه ظلم وحرم مان جزاء إحسانه‬
‫وتضحياته لمن تولى رعايتها‪ ،‬ولكنه في ذلك يحذر أيضا مان ان يعتقد‬
‫أن تلك الباحة ماطلقة ويطالب بمراعاة العدل‪ .‬وال سإبحانه وتعالى‬
‫يجعل على الرجل في الحالتين رقيبا ل يغيب ول يغفل ذلك الرقيب هو‬
‫إحساسإه السإلماي المرهف‪ ،‬وضميره اليقظ الحي‪ :‬وإن خفتم أن ل‬
‫تقسطوا في اليتاماى‪ ، ‬وإن خفتم أل تعدلوا فواحدة‪ .‬إحساس الرجل‬
‫بالخوف مان عدم القساط في أمار اليتيمة وإحساسإه بالخوف مان عدم‬
‫العدل في التعدد هو ماناط الحكم‪ ،‬وعليه مادار القدام أو الحجام‪ .‬إن‬
‫الرجل عندماا يفكر في الزواج مان اليتيمة التي يرعى أمارها ولم يحس‬
‫بأي خوف مان انه يستغلها بسبب إحسانه إليها وأنه لم يهدف ماطلقا إلى‬
‫تحقيق شهوة أو ماصلحة لنفسه على حسابها‪ ،‬وكان إحساس هذا الرجل‬
‫حيا‪ ،‬وقلبه مافعما باليمان ‪ ،‬فإن له أن يقدم على الزواج في حالة المان‬
‫وأن يعرض عنه في حالة الخوف‪ ،‬ولو عوض ماا فقد مانها بتعدد‬
‫الزوجات‪.‬‬
‫وفي أمار التعدد نحتاج إلى نفس الموقف نحتاج إلى الحساس الحي‬
‫والقلب المفعم باليمان‪ ،‬فإذا وجد عند الرجل الدافع إلى التعدد ولم‬
‫يفتح أمااماه الطريق على ماصراعيه هكذا‪ ،‬وإنما يطالب باسإتشارة قلبه‪،‬‬
‫فإن أحس بالخوف مان عدم العدل‪ ،‬وجب الحجام عن التعدد‪ ،‬وغن أحس‬
‫بالطمئنان والسإتئناس والقدرة على العدل جاز القدام على التعدد‪ ،‬ول‬
‫شك أن القلب الذي حكم هذا التحكيم‪ ،‬ويوزن به هذا الوزن‪ ،‬وتعلق على‬
‫حكمه ماصائر أفراد مان البشر إنما هو القلب المؤمان الحساس الذي‬
‫يراقب ال ويخشاه‪ ،‬أماا القلب الذي رانت عليه الشهوة‪ ،‬وغلبت عليه‬
‫الشقوة فليس له في هذا المجال حساب‪.‬‬
‫واضح مان سإياق الية الكريمة أنها أباحت لكافل اليتيمة أن يتزوج‬
‫ماثنى وثلث ورباع حتى ل يظلم اليتيمة في نفسها أو ماالها‪ ،‬وحتى ل‬
‫يحس بأنه ماحروم في أمارها‪ ،‬ولكنها أمارته بالقتصار على الواحدة إذا‬
‫خاف مان نفسه عدم العدل ولم يطمئن إلى قوة إرادته في التغلب على‬
‫النوازع والمشاعر والميول‪ ،‬فتؤثر على سإلوكه ماع أزواجه‪ ،‬وواضح‬
‫مانها أيضا أن التعدد إنما يبيح فيما يشبه أن يكون ضرورة تفرضها‬
‫النفس البشرية ونوازع الفطرة وحياة المجتمع‪ .‬وإن تلك الضرورة‬
‫عند الرجل الذي يستجيب لها تتلشى إذا خاف مان نفسه عدم العدل‪.‬‬
‫ويجب عليه القتصار على الواحدة‪.‬‬
‫فإذا شئتر أيتها الفتاة المسلمة أن تنتقلي إلى تأمال الية الخرى يتضح‬
‫لكر الحكم السإلماي في الموضوع ويستبين لكر ماعناه الكامال الذي‬
‫تناولته اليتان فافعلي‪:‬‬
‫‪ ‬ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فل تميلوا كل‬
‫الميل فتذروها كالمعلقة‪ ،‬وإن تصلحوا وتتقوا فإن ال كان غفورا‬
‫رحيما‪.‬‬
‫هكذا تقرر الية الكريمة في صراحة ووضوح أن الرجل ل يستطيع أن‬
‫يعدل في النساء ولو حرص والقرآن الكريم ينفي هذه السإتطاعة بـ‬
‫"لن" التي تفيد تأبيد النفي واليأس مان وقع المنفي‪ ،‬حتى لو حرص‬
‫الرجل على التيان بالعدل‪ ،‬لن العدل الكامال ليس مان طبيعة البشر ول‬
‫في إماكانه‪ ،‬وعقب على هذا الحكم القاطع بعدم اسإتطاعة الرجل للعدل‬
‫بقوله ‪ ‬فل تميلوا كل الميل‪ ‬أي عن بعضهن إلى بعضهن دون البعض‪،‬‬
‫فتبقى الواحدة مانهن كأنها ماعلقة ليست ماتزوجة ول ماطلقة‪ ،‬ولشك‬
‫نفي المولى سإبحانه وتعالى لسإتطاعة الرجل العدل ولو حرص ثم نهيه‬
‫لـه أن يميل كل الميل هو إباحة التعدد ماع تحقق عدم اسإتطاعته العدالة‬
‫وإنما ينهاه عن الجور في الميول أو الميلن فيما تمكن فيه السإتطاعة‬
‫أن تعدل في النساء ولو حرصت فاجهد أن تعدل فيما تستطيع العدل فيه‪،‬‬
‫ودع ماال تستطيعه إلى خالق الرجل والمرأة وماا لهما مان حقوق‬
‫وواجبات‪ ،‬ثم أرجع سإلوك الرجل والمرأة جميعا إلى الحساس السإلماي‬
‫والقلب المفعم باليمان وبين لهما أن سإلوكهما إذا كان مانبعثا عن‬
‫إرادة الصلح وعن التقوى واسإتشعار خوف ال فإن ال غفورا رحيما‪.‬‬
‫ويوضح الرسإول ‪ ‬هذا المعنى حين يتجه إلى ماوله عز وجل يعرض‬
‫سإلوكه في أهله‪ ،‬ويعتذر عما في نفسه‪ ":‬اللهم هذا قسمي فيما أماللك‬
‫فل تلمني فيما تملك ول أمالك"‪.‬‬
‫ويسرني أيتها الخت الكريمة أن تتناولي بيديك اللطفيتين‬
‫الطاهرتين ماصحفا شريفا ثم تجلسي في ماكان طاهر وتفتحي على‬
‫سإورة النساء ثم تبدئين التلوة مان أول السورة في تدبر وإماعان‬
‫وخشوع وفهم إلى نهايتها‪ ،‬وعندماا تمرين باليتين الكريمتين فأطيلي‬
‫فيها الوقوف والتأمال ماع مالحظة السياق‪ ،‬وإذا شئتر أن تستعيني ببعض‬
‫كتب التفسير فقد تفيدكر في زيادة الفهم والرضا بحكم ال‪.‬‬
‫بعد هذا كله أحب أن أقول لكر إن القرآن الكريم قد أباح تعدد‬
‫الزوجات في عصمة رجل واحد‪ ،‬بحيث ل يتجاوز عددهن أربعا في وقت‬
‫واحد‪ .‬على أن تكفل لكل واحدة مانهن حقوقها وكراماتها‪ ،‬وقد جرى‬
‫على ذلك الناس في عهد رسإول ال ‪ ‬وفي عهد أصحابه مان بعد‪ ،‬وقد‬
‫كانوا‪ -‬ول شك‪ -‬أفهم للقرآن ‪ ،‬وأحفل به مانا وأحرص على التقيد‬
‫بأحكام ال‪ .‬فإذا جاء اليوم ماتكلف يتكلف للقرآن الكريم ماعنى يناقض‬
‫المعنى الذي فهمه الرعيل الول مان هذه الماة‪ ،‬وسإيره غير السيرة التي‬
‫سإار عليها أولئك المعتدون‪ ،‬ففهمه وسإيرته ماردودان عليه‪.‬‬
‫ولقد كان يكفي هذا المقدار ليرضى المؤمان وترضى المؤمانة أنه لو‬
‫لم يرد نص في كتاب ال يبيح التعدد لكان يكفينا تشريعا أن يثبت أن‬
‫التعدد واقع في عهد رسإول ال ‪ ‬وأنه علم به ولم ينه عنه‪.‬‬
‫ومان البديهي عند المؤمان والمؤمانة أن الحق إنما هو الحق الذي أعطاه‬
‫ال لهما أو لحدهما‪ ،‬وأن ماا حرماه ال عنهما أو عن أحدهما فليس له‬
‫بحق‪ .‬فإذا أباح ال للرجل أن يجمع بين أربع زوجات فذلك مان حقه‪،‬‬
‫لن ال تبارك وتعالى هو الذي خوله هذا الحق‪ .‬وإذا طلب الرجل زيادة‬
‫عن أربع فليس ذلك مان حقه لن ال لم يتح لـه هذا الحق‪ ،‬ولم يبحه‬
‫لـه‪ ،‬وماا يقال للرجل يقال للمرأة ‪ ،‬فإن ال حين أباح لها أن تتزوج‬
‫رجل واحدا فهذا حقها لها أن تطالب به‪ ،‬وتحصل عليه‪ ،‬وعندماا حرم ال‬
‫عليها الزيادة على الواحد فليس مان حقها أن تطالب بالزيادة عليه لن‬
‫ذلك ليس مان حقها‪.‬‬
‫فإذا جاء اليوم ناس يطالبون بتساوي الرجل ماع المراة في الحقوق‬
‫والواجبات ‪ ،‬قلنا‪ :‬حبا وكراماة‪ .‬إنه يجب أن يتساويا فيما سإاوى ال‬
‫بينهما فيه‪ .‬وان يختص كل واحد مانهما فيما لـه مان حقوق أو عليه مان‬
‫واجبات فيما خصص ال كل مانهما به‪ .‬ومان الخطأ أن تتجاهل أحكام‬
‫ال لنراضي عواطف الرجل أو عواطف المراة‪ ،‬أو نسترضي بشرا ل يبلغ‬
‫ماا لديهم مان علم وفكر غير تجارب ناقصة لم تكتمل ولن تمتد أكثر‬
‫مان بضع سإنوات‪.‬‬
‫وإنه لحق على المؤمانة أن تعتبر كل حكم جاء به السإلم هو حق‬
‫يجب أن تستمسك به‪ ،‬فإذا شكت في الحكم هل ينبني على أسإس السإلم‪،‬‬
‫أم انه تقليد أو عادة ألصقته بالسإلم أفهام بشرية في بعض العصور فإن‬
‫لها الحق وكامال الحق في البحث والمناقشة والرجوع بالموضوع إلى‬
‫أصول الشريعة مان الكتاب والسنة والجماع وسإيرة السلف مان أصحاب‬
‫رسإول ال ‪ ‬وفي ذلك الحجة الكافية لها أو عليها‪ ،‬وعليها أن تقبل ماا‬
‫يثبت مان ماصادر التشريع ‪ ،‬سإواء وافق ماشاعرها وهواها وعواطفها أو‬
‫خالف كل رغباتها‪.‬‬
‫ونحن حين نتحدث عن تعدد الزوجات نقول للخت المسلمة‪ :‬عن ال‬
‫سإبحانه وتعالى قد أباح للمسلم أن يجمع بين أربع زوجات فأقل ‪ ،‬بشرط‬
‫أن يحفظ لجميعهن حقوقهن وكراماتهن‪ ،‬وليس لكر أن تعترضي على‬
‫حكم ال ‪ ،‬ويجب أن ترضي به وتسلمي تسليما‪.‬‬
‫على أننا لسنا ندعوا إلى التعدد ماا لم توجد أسإبابه ووسإائله‪ ،‬وتتهيأ‬
‫ظروف إقاماته على أسإاس سإليم مان العدل الممكن‪ ،‬وماراعاة الحقوق‬
‫المتساوية والمعامالة الطيبة الكريمة‪ ،‬وتدعوا إليه ضرورة اجتماعية‬
‫تحتم اللتجاء إليه صيانة للمجتمع مان فساد ينشأ عن زيادة عدد النساء‬
‫عن الرجل‪ .‬أو ضرورة شخصية ماعتبرة شرعا‪ .‬ثم إن الزوجة الثانية‬
‫فما بعدها ماخبرة في الموافقة على التعدد والدخول إلى بيت فيه زوجة‬
‫أو زوجات‪.‬‬
‫وأسإتطيع أن ألحظ هنا أن نية المراة وأسإباب دخولها إلى بيت عامار‬
‫بامارأة أخرى أهم شيء في الموضوع‪ .‬فإذا كانت الظروف التي تحمل‬
‫المراة الثانية على القبول ظروفا ماعقولة وماقبولة شرعا بالنسبة لها‬
‫وللزوج والزوجة الولى‪ ،‬وكانت نيتها سإليمة ‪ ،‬كان ذلك أمارا ل‬
‫يستدعي مانا الشكوى‪ ،‬أماا إذا كانت السإباب داخلة في باب التحدي أو‬
‫النتقام أو المغامارة أو غلبة الهوى والعواطف وماا إلى ذلك‪ .‬فإن‬
‫الحساب سإينصب عليها وسإيتولى ال سإبحانه وتعالى إيقاع العقوبة عليها‬
‫نظير ماا سإببته مان تنغيص وألم لختها المسلمة‪.‬‬
‫وماا قلناه في ماوضوع القصد والنية للزوجة الثانية نقوله للرجل أو‬
‫للزوج الذي يسعى إلى التعدد ‪ ،‬فإنه ل يحق له أن يفكر في التعدد ماا لم‬
‫يكن الدافع إليه نابعا مان روح السإلم ماجردا مان الهوى بعيدا مان تحكم‬
‫الشهوة ودافع المتعة‪ .‬فإذا أقدم على الزواج المتعدد وفي إحساسإه شيء‬
‫مان الكيد للزوجة الولى أو تنغيص حياتها أو النتقام مانها أو الرغبة‬
‫في تعذيبها أو القصد إلى إهمالها وتعطيل حقوقها فإنه حينئذ ل يكون‬
‫إل ماجرماا أثيما يستحق أشد أنواع العقاب‪ ،‬والذي يتولى عقابه في هذه‬
‫الحالة وينتصر للزوجة المظلوماة هو ال الواحد القهار‪.‬‬
‫ماحتويات الكتاب‬

‫الصف‬ ‫الموضوع‬
‫حة‬
‫إليكما‪5 ....................................................................‬‬
‫‪...........‬‬
‫ماقدماة‪6 ...................................................................‬‬
‫‪............‬‬
‫‪10‬‬ ‫هل المراة المسلمة‬
‫ماظلوماة؟‪....................................................‬‬
‫‪13‬‬ ‫هل المراة المسلمة ماحروماة مان‬
‫التعليم؟‪......................................‬‬
‫‪16‬‬ ‫الدراسإة‬
‫والزواج‪.................................................................‬‬
‫‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫الزواج المبكر‬
‫والوظائف‪........................................................‬‬
‫‪23‬‬ ‫الحجاب‬
‫والسفور‪.................................................................‬‬
‫‪28‬‬ ‫الختيار في‬
‫الزواج‪..............................................................‬‬
‫‪35‬‬ ‫المراة والشتغال في المرافق‬
‫العاماة‪..........................................‬‬
‫‪41‬‬ ‫تعدد‬
‫الزوجات‪.................................................................‬‬
‫‪...‬‬
‫المحتوى‪47 ................................................................‬‬
‫‪...........‬‬

You might also like