Professional Documents
Culture Documents
ن ثف ف
منرأ م
ة ال ف
ف م م ن
م
سلْمي ال ف
كبَنير بقلم المفكر ال ن
مرَّ رحمه الله ال ش
شييخْ علي يحيى مع ش
)ت 1400هـ 1980 /م(
ي ي
نل ك ع ييلى أ ي ت ي تيباي بعين ي ي مينا ت مؤ ي ب ك ال ي ت جايء ي ي إ بيذا ي ييا أي ييها الن شب ب ي
ن يول ي ييقت تل ي ي
ن ن يول ي ييزبني ي سرَّبقي ي شي يئئا يول ي ي ي ن ببالل شهب ي شرَّبك ي ي يت ي
ي ي
ن يول جل بهب شن ويأير ت ديهب ش ن أ يي ي ب
ه ب يي ي ي
رَّين ي تن ي ييفت ي ب ن ب بب تهييتا ن
ن يول ي يأبتي ي أيولد يهت ش
ي
ن الل ش ي
ه ه إب ش ن الل ش ي ست يغيبفيرَّ ل يهت ش ن يوا ي ف فييباي بعيهت ش معيترَّو ن ك بفي ي صين ي ي ي يعي ب
بض ي ما غ ي ب متنوُا ل ت يت يوُيل ش ي
وُا قيوُي ئ نآ ي ذي ي م ييا أ يي ييها ال ش ب حي ر غ يتفوُرر ير ب
ن
م يس ال يك تشفاتر ب ما ي يئ ب ي خيرَّةب ك ي ي ن ال ب م ي سوُا ب م قيد ي ي يئ ب ت ه ع يل يي يهب ي الل ش ت
ب ال يتقتبوُرب . ي
حا ب ص ي أ ي
ماَ إلي ن ك
كـ ف
بنتي ّ العزيزتين سعاَد وسلمى....
هذه الحاديث التي دارت بيني وبينكما – مما يهم الفتاة
المسلمة – قد جمعتها وهاأنا أقدمها إليكما مكتوُبة –
حسب رغبتكما – ولقد ترَّددت كثيرَّا في طبعها على هذه
الصوُرة ،وإخرَّاجها في كتاب ،لنها أحاديث خاصة من أب
إلى ابنتيه ،فيها كثيرَّ من التعابيرَّ التي يحترَّز منها الكاتب
عندما يكتب للناس جميعا ،ولكن رغبتكما في أن تصدر
كما هي – دون احترَّاز ودون تغيرَّ – شجعني على أن
أقدمها لزميلتكما من الفتيات المسلمات .فمن وجدت
فيه بعض الفائدة فيهن ،ورأت فيها نصيحة أبوُية لها فلها
الشكرَّ ولله الحمد على التوُفيق ،ومن لم تستفد منها
شيئا أو وجدت فيه ما يجرَّح شعوُرها ويغايرَّ تفكيرَّها
واتجاهها ،فلتتذكرَّ أن هذه الحاديث غيرَّ موُجهة إليها
شخصيا ،وإنما هي أحاديث خاصة بين أب وابنتيه ،مما
يدور بين أفرَّاد السرَّة في البيت عادة دون تكلف ول
مرَّاعاة لمشاعرَّ.
أما الذين كتبوُا عن قضية المرَّأة من أبنائنا وبناتنا،
وحاولوُا أن يدفعوُها بسرَّعة في طرَّيق الحضارة الغرَّبية
المنحرَّفة ،بما فيها من المزالق والشوُاك ،فإنني أعتذر
لحسني النية من بعض التعابيرَّ الشديدة التي قد يرَّاها
بعض الناس جارحة ،وأقرَّر لهم إنما هوُ الرَّأي الذي
انتهت إليه في هذه القضية ،مع كثيرَّ من الدراسة،
مستهديا في دراستي المنهج السلمي في معالجة
مشاكل الحياة ،معتقدا أن المشكلة التي لم تعالج
بالحلوُل السلمية فإنها لن تحل أبدا بغيرَّه ،وتنتهي إلى
خيرَّ البشرَّية.
أما الذين كتبوُا عن قضية المرَّأة بسوُء نية وبتفضيل
الراء البشرَّية على ما نزلت به شرَّيعة الله – بتبجح
ووقاحة – فإنني أنبذ إليهم على سوُاء.
وبالله التوُفيق وإليه المرَّجع والمصيرَّ
مر
علي يحيى مع ّ
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
والصلْة والسلْما على رسول الله
مقـــدمة
عني الكتاب في الشرق السإلماي مانذ نصف قرن تقريبا بالحديث عن
المرأة ،وجعلوا لها قضية ،وخصصوها بمشكلة .وأعلنوا عن ماعارك
حاماية الوطيس ،جردوا فيها اللسنة والقلم ،وقد أماسك الكثير مانهم
بالفتاة المسلمة يجرونها إلى مايدان المعركة ،راغبة أو كارهة ،فاهمة
أو ماخدوعة ،ماؤمانة بالفكرة أو ماندفعة بالحماس للجديد ،وكما اشترك
مان قبل شواذ مان النساء في المعارك الحاماية ،يضربون أعناق الرجال
ويحطمن هامااتهم ،فقد اندفع بعضهم اليوم إلى مايدان هذه المعركة،
حاسإرات الرؤوس ،بارزات النهود ،ماائلت الرداف ،كواشف عن سإوق
وأفخاذ ،وهن يضربن ذات اليمين وذات الشمال بشجاعة دونها شجاعة
الكاهنة ،وتصميم دونه تصميم كليوباترا ،وكل أسإلحتهن في هذه
المعركة إنما هي ألسنة حداد ،وصراخ مان ظلم مازعوم ودماوع تسفحها
بنت حواء عندماا تشاء.
وقد انتهت المعركة في كثير مان بلد الشرق بانتصار أعداء المرأة
ومان يحارب ماعهم مانهن ،لنهم يملكون قوى ماادية تفوق ماا تملكه
المرأة وأنصارها ،إن أعداء المرأة يملكون كل ماا يملكه الشيطان مان
حيل ووسإائل إغراء .إنهم يملكون أجهزة الذاعة والتلفزة التي يشرف
عليها ويوجهها ناس يهمهم بالدرجة الولى أن يجدوا القبال على
براماجهم وأن يسمعوا كلمة التقدير والعجاب والثناء.
ويملكون الصحافة الفاجرة التي تعتمد على الصور الخليعة في ترويج
أعدادها وإقبال الشباب المحروم اللهفان عليها.
ويملكون القصص الداعرة التي تبني حياتها المادية على إثارة الغرائز
مان القراء السذج واللعب بعواطفهم وأهوائهم ومايولهم.
ويملكون السينما التي ل تعالج شيئا غير أن تبرز المرأة في أوضاع
الغراء المختلفة ليرى الشباب الجوانب المستورة مانها عادة ولتتعلم
الفتاة كل أنواع الوقاحة وقلة الحياء.
ويملكون المجهول الساحر الذي يصورونه للمرأة ماشرقا كالنور،
رفافا كالزهر ،ماحبوبا كأحلم السعادة.
ويملكون جهود الغرب في تغيير القيم الخلقية في نظر الشرق،
وتصوير الحفاظ والطهارة والعفة ،بمظاهر الجمود والرجعية
والتخلف.
ويملكون جميع السإلحة التي تستعملها الديانات الباطلة بمذاهبها
المختلفة والوثنيات بأنواعها المتعددة في ماحاربة السإلم.
ويملكون ماع ذلك كله ،قوة التدجيل باسإم الحضارة والتقدم ،أو
باسإم الثورة والتحرر ،أو باسإم العلم والفلسفة ،إلى غير ذلك مان القوى
التي تفوق في مافعولها ماا تصنعه ماخترعات اليوم في تسخير قوى المادة
للتخريب.
ولقد كان مان أصعب أن يأخذ النسان قلما يكتب به كلماا يعرضه على الناس ،وكانت
للحديث أسإس وقواعد وآداب ،وكان الناس يستمعون للحجة ويسلمون للمنطق والبرهان،
وكانوا في جميع الحوال يقفون أماام الحق ويستمسكون به ،ويزورون عن الباطل ويبتعدون
عنه ،ولكن هذه الشياء كلها قد اندثرت اليوم .وأصبح كل مان يستطيع أن يضع سإوادا في
بياض ،يظن نفسه أوتي الفهم والعلم والدب ،وأنه يستطيع المناقشة والبحث ،ويرتفع به
الغرور فوق ذلك ،فيسفه آراء مان أذابوا سإواد أعينهم في التحقيق ،ثم يرتفع به الغرور فوق
ذلك فيرد أحكاماا نزلت بها كتب ماقدسإة مان السماء ،ويبطل هديا جاءت به الرسإل
والنبياء ....ومااذا عليه في ذلك ماا دام وجهه خاليا مان الحياء ،وقلبه خاليا مان العقيدة،
وعقله ل يملك وسإائل التفكير السليم .قفزة بسيطة يستطيع أن يصل بها إلى مارتبة المفكر،
ودرجة المصلح الجتماعي وشهرة الديب ،وماا عليه للوصول إلى ذلك إل ان يجري قلمه
بكلمة المرأة ،ويلوك حديث المساواة والثورة والتحرر .ثم يلبس روب المحامااة ليدافع عن
حقوقها الضائعة ،فيأخذ المعول ليكسر أبواب السجون المغلقة ،ويفتح لها النوافذ لتغيير
الهواء ،وينطلق بها إلى الشارع تضرب الرض بقدماين قويتين ثابتتين حتى تثبت للعالم أنها
ل تقل عن الرجل قوة .إلى آلف مان هذه الكاذيب التي يخدع بها نفسه ،ويخدع بها قارئه،
ويخدع بها المرأة وقديما قال أماير الشعراء-:
وفي الحاديث التية نستعرض هذه المواضيع واحدا بعد واحد إن شاء
ال تبارك وتعالى.
هل المرَّأة المسلمة مظلوُمة؟
لقد أكثر أعداء المرأة المسلمة في الشرق مان الصياح ،لن سإادتهم في
الغرب الذين لقنوهم هذه الصيحة ل يريدون مانهم أن يسكتوا ماا دامات
المرأة في الماة المسلمة لم تنحدر إلى نهاية القرار الذي يريدون أن
يدرجوها إليه .وأحسب أنه ل حاجة بي إلى أن أوضح للقارئة المسلمة
أنه ل يوجد في الغرب بما فيه مان فلسإفة وعلماء وزعماء وسإاسإة
وماستعمرين ومابشرين ودعاة حقوق النسان -شخص واحد يرغب في
رفع الظلم عن الشرق السإلماي ل عن المرأة المسلمة ،ول عن الشعوب
المسلمة .وإذا كان أهل الغرب يباشرون هم أنفسهم أفدح أنواع الظلم
على الرجل وعلى المرأة وعلى الطفال البرياء وعلى الشعوب والمام،
فما ماعنى تباكيهم مان الظلم الواقع على المرأة؟ ولماذا يا ترى راعوا
جوانب النسانية في هذه النقطة ،ولم يراعوها في أي ماسلك مان
ماسالكهم؟ إن هذه النظرة البسيطة كافية لن تجعل المفكر المسلم
يقف قبل أن يتلقف القوال مان أعدائه في جميع الميادين ثم يلبس لباس
المصلحين في الشرق ،ويبدأ في نشر الدعوة الضالة ،كـأنما هو الذي
ابتكرها بعد تبدير وتفكير ،إنني أدعوك أيتها الخت المسلمة أن تفكري
وأن تسألي نفسك وتسألي أولئك الذين يمسكون بك ليجروك
بمختلف الوسإائل إلى حيث يربط الشيطان بينك وبين مان يزعمون أن
المرأة في الشرق وفي بلد السإلم ماظلوماة ،عن حقيقة الظلم ،وعن
حقيقة العدل ،وماتى كان هذا الظلم وفي أي عهد؟ وكنت أود أن
تقرري لهم أول وبكل صراحة ،وفي وضوح تام ،أنك باعتبارك امارأة
ماسلمة ،ماؤمانة بكتاب ال ،وبما جاء به ماحمد ، وبما سإار عليه
المسلمون المهتدون ،أن عليك واجبات فرضها عليك السإلم ،وأنك
مالزماة بأدائها سإواء راقتهم أو لم ترقهم ،وأن لك حقوقا أنتر ماتمسكة
بها ،وأن مان سإلبها مانك أو حاول أن يسلبها فهو ظالم ماتعد ،وأنك
تدافعين عن حقوقك بما تملكين مان قوة ،والسإلم في جانبك ،وأن
السإلم سإن لك آدابا في السلوك فأنتر حرية بإتباعها.
فما هي الحقوق التي أعطاها ال للمرأة وسإلبها مانها الب أو الزوج أو
المجتمع حتى تعتبر ماظلوماة ،ويسارع أصحاب النخوة والشهاماة مان
أتباع كل ناعق إغاثتها؟ ل شك أن ماطالبة المرأة بأداء واجبها ل يعتبر
ظلما ،وأحسب أن ماعرفة الواجب أو الحق عند الرجل أو المرأة ،ل تكون
إل مان ماصدر واحد ،هو تشريع ال ،أماا كلم البشر فدعيه للبشر ماهما
زخرفته الدعوى وزوقته الباطيل ،وحسنته في عقول السدج شبه
ماستندة إلى العلم أو الفلسفة أو الحضارة أو روح العصر.
ومان أماثلة ذلك أن يصرخ المتشدقون بقضية المرأة ،ويملوا الدنيا
ضجيجا ،لن أبا ماحافظا رجعيا قد تشدد على فتاته وطلب مانها أن تصوم
رماضان وهي في أول سإن البلوغ ،ويحسبون أن هذا الب ظالما قاسإيا،
ويزعمون أن مان حقها أن تأكل كما تشاء ماتى تشاء ،وأن حرماانها مان
الكل بعض الوقت قسوة عليها ،فهو يضر بصحتها ويشوه جمالها،
ويكشف نضارتها ،ثم يستندون في ذلك إلى ماا يقوله علماء التغذية
والصحة والفيتاماينات ،وماا يقدره خبراء السمنة والرشاقة والعتدال.
فهل ترين يا أختي المسلمة أن هذا الكلم يستحق حتى ماجرد السماع،
وهل لمثل هذه الفلسفة مان وزن ،وهل لعلم التغذية هنا مان قيمة؟ إن
الخلق العظيم أراد مان الفتاة البالغة أن تصوم رماضان ،وقرر لها
السإباب التي تبيح لها الفطار ،والب إنما يقوم بواجبه حينما يلزم
الفتاة أو الفتى بأداء ماا فرضه ال عليهما وأراده مانهما ،فهل في هذا ظلم
يا فتاة اليوم؟ وهل تعتقدين أن أباك قاسإي ل يرحم لنه يطالبك
بفريضة الصوم؟
وال سإبحانه وتعالى يريد مان الفتاة أن تصلي خمس مارات في اليوم.
ولكن أعداء المرأة يريدون أن تتزين لهم بدل مان ذلك عدة مارات في
اليوم .ثم تخرج مان بيتها -في فتنتها وسإحرها -لتلقاهم في الحانة أو
المسرح أو السينما أو حيث شاؤوا ،ليستمتعوا بما وهبها ال مان نعمة
الجمال .فإذا جاء الب يقول لفتاته أو لزوجه :قوماي أيتها المرأة
الصالحة فتوضئ لصلة العصر أو المغرب أو ماا حضر مان الصلوات،
أجابته ماتأففة :لقد قضيت مانذ لحظات زمانا غير قصير ،وأنا أزجج
الحواجب والعيون ،وأطلي الخدود والشفاه ،وأصبغ الظافر وأسإوي
الشعر ،وأزن ماوضع ثيابي على هنداماي أماام المرآة ،وعملية الوضوء
هذه تفسد علي زينتي ،وتذهب عني سإحري وفتنتي ،ول شك أن السادة
المتسكعين في الطرقات ينتظرون مارور قدرري الميرياس .فإذا شدد الب
أو الزوج عليها وألزماها بأداء واجبها نحو ربها عد ظالما ل يرحم .فهل
توافقين أنتر على هذا الحكم أيتها الفتاة المسلمة؟
ويقوم الزوج بعد اسإتراحة الظهيرة يتهيأ للخروج لشأن مان الشئون
وينظر فإذا الزوجة المصونة قد زينت نفسها كأنها تستعد لليلة
الدخلة ،ووضعت حقيبة أنيقة صغيرة في يدها ،ووضعت تحت عقبيها
حذاء عالي الكعب أقبلت تحجل عليه كأنما هي ماقيدة ،واسإتقبلت باب
الخروج ....فيقول لها الزوج :إلى أين أيتها الزوجة العزيزة؟ أتزورين
إحدى القريبات؟ أتعودين ماريضة؟ أتحضرين حفلة عرس لصاحب حق
علينا؟ أتشربين الشاي عند جارتك؟ فتجيب الزوجة في نظرة ماتعالية
كأنها تعجب مان سإذاجته وغفلته :ل ،إني ذاهبة لروح عن نفسي قليل،
فقد سإئمت البيت .ثم أماررر ببعض المتاجر لرى ماا جدري فيها مان حلير
ولباس ،لعل ماوضة جديدة وصلت السوق ولم أسإمع بها .فيقول الزوج
في لهجة غاضبة ونبرة شديدة :ل أيتها الزوجة العزيزة ،قري في
بيتك لن ال تعالى يقول :وقرن في بيوتكن ،ول تبرجرين تبرج
الجاهلية الولى ،وأقرممن الصلة ،وآتيرني الزكاة وأطرعمني ال ورسإوله
.فتجيبه الزوجة :كيف أقر في بيتي ،وأنا أتوق إلى شم الهواء
وماعرفة آخر النباء عن أحدث الزياء ،وأشتهي أن أعرض هذا الجمال
على الرجال والنساء؟ فإذا شدد الزوج عليها في القاماة ،وألزماها بواجبها
الذي فرضه عليها الخلق العليم ،ومانعها مان أن تفتن أو تفتتن ،عردري هذا
الزوج ظالما ،قاسإيا ل يرحم ،فهل ترينه كذلك أيتها الفتاة المسلمة؟
هل ترين أن المرأة ماظلوماة حقا حين يطالبها أبوها أو زوجها بالقيام
بواجباتها مان أداء الصلة والصيام ،والتزام الحياء والسإتقرار في البيت
إذا لم تدعها حاجة ،وصيانة نفسها مان التبذل والتفسخ ،واختيار اللباس
الساتر المحتشم ،إلى غير ذلك ماما يفرضه عليها الدين ،ويطالبها به
الدب والخلق ،ويدعوها إليه الذوق السليم والطبع القويم؟
إنه يسير علي وعليك أيتها الخت المسلمة أن نستعرض جميع اللوان
التي تزعم أعداء المرأة -وهم يعملون جاهدين على أن يطرحوها اليوم
في المسلخ وغدا في جهنم -ويقولون عنها إنه ظلم وقسوة وحرماان،
وأن نناقشها لونا لونايي ،فما وجدناه مان واجبات وآداب سإلوكها
طالبناها بالقيام به والمحافظة عليه ،وليس عليها في ذلك مان ظلم أو
إرهاق ،وماا وجدناه مان حقوقها طالبنا بتيسيره لها ،وماا وجدناه ظلما
وقع عليها ،أو حرماانا أصيبت به طالبنا برفع عنها .وماوقفنا هذا مان
المرأة هو نفس ماوقفنا مان الرجل ،واجبات يجب عليها القيام بها ،وآداب
ينبغي لهما سإلوكها وحقوق لها أن يطالبها بها ويصل إليها ،والرجل
والمرأة كلهما في هذا الطار ليسا ظالمين ول ماظلوماين ،فإن تخلى
أحدهما عن واجباته أو آدابه فهو ظالم ،وإذا حرم مان حقوقه فهو
ماظلوم ،وبديهي أن الواجبات والداب والحقوق ،إنما يقررها الشرع
الكريم ،ل الفكر السقيم ،ول الطبع اللئيم.
إن الذئاب البشرية التي تتعاون اليوم حول المرأة -وتجعل لها قضية
خاصة ،وتحاول أن تفصلها مان قطيع البشرية ،وتسعى أن تحررها فيها
تزعم -وقد ولدت المرأة حرة كريمة كما ولد الرجل ،وعاشت حرة
كريمة طيلة حكم السإلم كما عاش الرجل -ل تتعاوى ألما لظلم وقع
على المرأة فآذاها ،وإنما تتعاوى أسإفا لنها حرمات مان الولوغ في دماها،
تماماا كما تتعاوى ذئاب حين ترى قطيعا مان الغنم يسهر عليه راع
يقظ .وحين تتعاوى ذئاب الغاب بجنب القطيع ،فإنما تتعاوى أول
للحرماان الذي أصابها مان يقظة الراعي ،وثانيا لعل عواءها يدخل الفزع
على الرعاة أو القطيع فتنفصل عنه بعض الشياه فيجد فيها فرصته" ،
وإنما يأكل الذئب مان الغنم القاصية".
إنها قضية واحدة ،إنهم حين يطالبون بدفع الظلم عن المرأة،
وبتحريرها مان رعاية الب أو الزوج ،فهم ل يقصدون ماا تفهمينه مان
ماعنى الحرية ورفع الظلم ،وإنما يقصدون انفصال المرأة عن الرعاية
والحماية حتى يجدوا ماعها رغبتهم ،ويحققوا لنفسهم شهوتهم ،ولو
كانت شهوة الشهرة -وإل فما هو الظلم الواقع مان الب على ابنته أو
الزوج على زوجته أو مان المجتمع على المرأة؟ ....إن حال رعاة
القطيع بين القطيع والذئاب تعالت صرخات الذئاب؟!.
محرَّومة من التعليم؟
هل المرَّأة المسلمة ي
ي
الدراسة والزواج
ل شك أن كثيرا مان الشباب ومان أولياء الماور يعتقدون أن الدراسإة
والزواج شيئان ماتناقضان ،وان الفتى والفتاة ل يمكن أن يقوماا
بالمهمتين :ماهمة الزواج ،وماهمة الدراسإة .وهذه الفكرة ليست جديدة ،
وإنما هي قديمة عبر عليها بعض الدعاة إلى العراض عن الزواج في
مارحلة الدراسإة بقولهم ":العلم كبش ذبح ليلة الزفاف".
وأنا في هذا الفصل يهمني أن أناقش الموضوع مان بعض الجوانب ل
مان كل الجوانب ،وفي رأيي أنه يجب أن يلزم الفتى والفتاة بالسإتمرار
في الدراسإة حتى يعرف كل واحد مانهما المفروض الول مان العلم وهو
ماا يساعده على أداء واجبه نحو ربه ،ثم المفروض الثاني وهو ماا
يساعده على أداء واجبه للدولة والماة والسإرة ،وماعرفة حقوق عليها،
وان يتاح لهما أن ينال مان الثقافة العاماة ماا يتيسر لكل مانهما في ماجال
حياته الخاص .وأحسب أن كل مان الفتى والفتاة يستطيع الحصول على
المقدار الكافي في علوم الفرض الول في ماراحل التعليم الولى ،إذا
أحسنت الدولة وضع المناهج وماراعاة الجوانب الدينية فيها ،وأقرت فيها
الحصص الكافية ،وفي ماراحل التعليم المتوسإطة يتحصل كثير مان
الفتيان وأغلب الفتيات على المقادير الكافية في علوم الفرض الثاني
الذي يساعدهما على أداء الواجبات للدولة والماة والسإرة ،وماعرفة
حقوقها عليها ،وهذا بطبيعة الحال إذا أحسنت الدولة وضع المناهج لهذه
المرحلة.
وفي أواخر هذه المراحل الدراسإية مان المعاهد والمدارس المهنية
والمدارس الثانوية ،يبدأ أغلب الفتيان والفتيات في الدخول إلى سإن
البلوغ الشرعي ،وفي هذه السن تبدأ نوازع الفطرة تدعو إلى القيام
بواجبات الوظيفة الولى في طبيعة الحياة ،وظيفة الزواج .ويبدأ الب
والم يفكران في الموضوع بالنسبة لفتاهما أو فتاتهما.
فإذا جاء الفتى أو الفتاة في هذه المرحلة وطلبا مان أبويهما تأخير
الزواج فترة أخرى قصيرة ،لن كل واحد مانهما يملك طاقة الحتمال
والصبر ماا ل يغلبه ماعه الشيطان على نفسه ،ولنه يريد أن يستمر في
التفرغ لدراسإته حتى ينجزها ،كان على الب أن يوافق إذا أمان الفتنة
والفساد مان جهة ،وكان ماوضوع الدراسإة ماما يناسإب فطرة كل واحد
مانهما بأن كانت دراسإة الفتى فيما يناسإب فطرة الذكور ،وكانت
دراسإة الفتاة فيما يناسإب فطرة الناث ،فإذا انحرف أحدهما عن المجرى
الطبيعي ،فطلب دراسإة ماال يوافق فطرته كان على الب أن يقول له :ل
يا ولد حسبك دراسإة ،وابحث لك عن رفيقة العمر لتعيشا ماعا في
سإعادة ،أو يقول لهما :ل يا بنت حسبكر ماا حصلت عليه واصبري حتى
يقبل عليكر ابن الحلل لتبنيا ماعا عش الزوجية السعيد ،وتقوماي
بالوظيفة الولى في الحياة :وظيفة الزوجة.
والب في ماوقفه الول ماع الفتى ،وماوقفه الثاني ماع الفتاة لم
يحرماهما مان العلم ويمنع عنهما النور ،وإنما وريجه كلر واحد مانهما
إلى طريقه الماثل في الحياة ،ويستثني مان هذه الحوال مان الفتيان
والفتيات مان تظهر عليه بوادر للنبوغ المبكر في فرع مان فروع العلم
ويرجى مانه أن يبلغ فيه درجات تقصر عنها خطوات السير العادي .فإذا
تحقق المشرفون عليه أو عليها مان ذلك فل بأس أن يتاح له أو لها
إجراء هذه التجربة واغتنام هذه الفرصة ،لعل ذلك يعود بالخير على
الماة أو على الدولة أو على النسانية ،ولو في ماجال تخصص الجنس
الخر ،ولقد كانت شواذ مان النساء بلغت في أعمال الرجولة
كالشتراك في ماعارك في القتال وقيادة الجيوش -مابالغ فوق ماا
يستطيع الرجل العادي ،وقد كان هناك رجال بلغوا في العمال الخاصة
بالنساء كالخياطة والحياكة والتطريز -مابالغ تعجز عليها المرأة
العادية.
ولكن هذا النبوغ عند بعض الفراد ،والذي يعتبر في حكم الشاذ ل
يكون مابررا لن يفلت قياد الفتى أو قياد الفتاة .وإنما على السإرة أول
والدولة ثانيا والماة ثالثا ،أن تلزم كل واحد بالسير في مانهجه
الطبيعي حتى تتخلص مان الشذوذ والشواذ.
ولقد يزيد الموضوع إيضاحا أن أقص على القارئ الكريم والقارئة
الكريمة ،ماناقشة أجريتها ماع ماجوعة مان طلب الجاماعة الليبية ،وليس
سإرا أن أقول هنا أن عددا كبيرا مان أولئك الطلب ل يلتزماون
الحصانة الكامالة والعفاف التام ،أماا العدد الثاني مان الذين يلتزماون
العفاف ،ويريدون لنفسهم الحصانة فهم ماجمعون على أن الزواج ل
يعوق عن الدراسإة ،بل إن بعض المتزوجين مانهم ،مامن أخذ زوجته ماعه
يرى أن الطالب الجاماعي المتزوج ماستقر نفسيا وعاطفيا ،وأنه يقبل
على عمله الدراسإي بصفاء يساعده كثيرا على السإتيعاب ،بينما يعاني
الفريق الثاني مان الكبت أو النطلق ،قلقا نفسيا وفراغا عاطفيا وشعورا
بعدم السإتقرار والراحة ،ماا يجعله يحس بالحرماان أو يشعر بالثم
والجريمة.
أعتقد أن هذا يكفي في بيان حقوق الرجل والمرأة في التعليم ،ويبقى
علي أن أختم هذا الفصل بملحظة يسيرة ،أرجو أن تتأمالها فتاة اليوم
لتعرف حقيقة الدعاية الهائلة الكاذبة التي كانت تنتصب على أسإلفها،
وتجرد أماها وجدتها مان بواعث الحترام والتقدير بما يضفي عليها مان
نعوت الجهل والغفلة والسإتعباد والحرماان ،فما هي الصورة الحقيقية
لهذه الماة الفاضلة التي أجبتك أنتر أيتها الفتاة المتعلمة ،وأجبت
أخاكر الذي أصبح أديبا أو ماهندسإا أو طبيبا أو مافكرا أو فيلسوفا.
أحسب ان صورتها ل تخرج مان هذا الطار-:
هي امارأة ماسلمة نشأت في أسإرة ماسلمة ماتدنية لم يتح لها ان تلبس
الفستان القصير ،وأن تذهب إلى المدرسإة ماتمائلة ماتدللة ،ولم تجلس
على ماقعد مان الخشب أو الحديد ،ولم تتعود أنا مالها حمل القلم لترسإم
به صورة القط والكلب وابن الجيران ،وتكتب به الرسإائل بعد ان تصور
عليها قلبا ماطعونا بسهم ينزف مانه الدم .وغنما علمها أفراد السإرة
بالتلقين سإورا مان القرآن الكريم ،وبعض أحاديث الرسإول العظيم ،عليه
أفضل الصلة وأزكى التسليم ،ودربوها بالطريقة العملية على اداء
واجباتها نحو ربها مان طهارة وصلة وصيام وماا إليها ،ومالوا قلبها
إيمانا بال وماحبة للباء والبناء والخوة وسإائر القارب والمسلمين
وعرفوها ماكارم الخلق ،فالتزماتها ،كما عرفوها ماساوئها فاجتنبتها،
وعلوماها أن أغلى ماا تملكه المرأة إنما هو الحياء والعفاف وطاعة الب
وإرضاء الزوج وحفظ كراماته ومااله ،في غيابه وحضوره ،وماحبة
البناء ورعايتهم وتربيتهم ،فحرصت أن تقوم بكل ذلك على أحسن ماا
يقوم أماين بأماانته ،وعلموها أن المرأة الصالحة هي التي تستقر في
بيتها ،تتولى شئونه بنفسها وتربي أبناءها وتتعهد بنصيحتها ،ول تترك
مانزلها إل لشأن هام مان زيارة تقتضيها صلة الرحم ،أو ماشاركة في
فرح أو ماأتم تتطلبها روابط المجتمع ،في هذا الطار العام مان صور
الحياة كانت تحيا المرأة المسلمة إل ماا شذ ،فهل تعتبر هذه المرأة
جاهلة يا أختاه؟ إنكر ل تستطيعين أن تقولي ذلك إل إذا كنت مامن
غرتهم الكاذيب وخدعتهم الدعاوي الباطلة ،ونقموا على كل امارأة
شريفة لم تتح لهم مان نفسها المتعة ،ولم تبح جمالها في كل ماجال،
ولم تعرض فتنتها في كل سإوق.
وصدق الشاعر المبدع سإليمان السالمي حينما قال وهو يصف ماعرض دماشق الدولي:
لقد سإبق أن ذكرنا في فصل سإابق أن المراحل التي يمر بها الذكر
في حياته هي :أن يكون طفل ماعتنى به ،ثم ولدا بارا وتلميذا ماجدا ،ثم
زوجا صالحا ،ثم أبا كريما ،ثم جدا عطوفا -وان المراحل التي تنتقل
بينها النثى ،هي أن تكون طفلة ماعتنى بها ،ثم بنتا بارة وتلميذة ماجدة،
ثم زوجة صالحة ،ثم أماا فاضلة ،ثم جدة حنونا.
هذه هي المراحل الطبيعية والوظائف السإاسإية لكل فرد حسبما هيأته
لـه الفطرة واعدته للمرور بها إذا قدر له أن يتم عمرا كامال في
الحياة.
فإذا احتاجت المة إلى مان يقوم لها بمهمة مان المهام ،فإنه يجب ان
تختاره مامن هيأته الفطرة للقيام بتلك المهمة ،ماراعا لمصلحة الدولة
التي ماا هي في الواقع إل وسإائل لسد احتياجات الماة.
قد يكون في هذا الكلم بعض الغموض أيتها الخت المسلمة ،ولذلك
فها أنا أضرب لك المثلة لليضاح والبيان:
هبي أن ناطقا باسإم الدولة قال :إن الدولة رعاية لمصلحة الماة،
تحتاج إلى عدد كذا شخصا ،يقوماون بمهمة الحراسإة أو المحافظة على
الحدود أو إدارة أعمال الدولة أو التخطيط لمشاريع ماعمارية أو
الدارية ماؤسإسات ماصنعية أو تجارية ،أو للقيام بحفريات أثرية أو ماد
سإكك حديدية أو طرق صحراوية ،أو تدريس في مادارس نسوية أو
النخراط في دورات تدريبية لتخريج قوابل أو غير ذلك مان شتى
الوظائف والعمال ،ماما تتطلبه الحياة وتدعو إليه ماصلحة الماة ،ولكل
فرد يسند إليه عمل مان هذه العمال مابلغ كذا وكذا أجرا لـه ،وفي
رأيي أننا ل نحتاج إل مان ينظم طوابير المتقدماين لسإتجابة هذا النداء ،
فإن الفطرة قد هيأت لكل نوع مان هذه النواع وغيرها مان النواع مان
يحق لـه أن يتقدم ليقوم بهذه الوظيفة زيادة على وظيفته الطبيعية في
الحياة مان كونه زوجا أو أبا وكونها زوجة أو أماا.
ول شك أنه حين يتقدم إلينا -لو كنا نحن المنظمين لهذه الطوابير-
عدد مان الزواج والباء مامن يأنسون في أنفسهم القدرة على القيام
بمهمة الحراسإة أو الدفاع عن الحدود أو إدارة الشركات ،فإننا نتخلى
لهم عن الطريق ونفتح الباب ،لن الفطرة قد هيأتهم لذلك ،وليس في
طبيعتهم ول في طبيعة الحياة ماا يمنعهم مان مازاولة هذه الوظيفة
الثانية.
أماا لو تقدم إلينا عدد مان الزوجات والماهات ليقمن بنفس الوظيفة
مان الحراسإة الليلية ،أو الدفاع عن الحدود أو إدارة المؤسإسات ،أو شغل
الوظائف العاماة للدولة لسإتمهلناهن قليل ،وتركناهن يقفن في
الطابور حتى نتأكد مان حقيقتين :الولى أنه ل ماناص مان شغل تلك
المااكن ماهما كانت الظروف ،والثانية أنه ل يوجد مان الزواج والباء
مان يمكن أن يشغلها ،وأنه ل ماندوحة لنا مان شغل تلك المااكن بهؤلء
الزوجات أو الماهات الكريمات اللئي تقدمان إلى القيام بهذه الوظائف
التي تتنافى ماع طبيعة تكوينهن ،تضحية مانهن لمصلحة الماة ،أو ندعهن
واقفات في الطابور حتى نجد حل للمشكلة عن غير طريقهن.
أماا لو تقدم إلينا طابور مان الزوجات والماهات لشغل وظيفة مادرسإات
في مادارس البنات أو مامرضات في أقسام الولدة أو طبيبات لماراض
النساء ،أو قوابل تستقبل ثمرات الحياة البشرية عندماا يصافح النور
عيونها المغمضة لول مارة .فإننا نتخلى لهن عن الطريق ونفتح لهن
الباب ،ليقمن ماشكورات بهذه المهام التي تحتاجها الماة ،زيادة على
وظائفهن الطبيعية مان كونهن زوجات أو أماهات ،لن الفطرة قد هيأتهن
لذلك وليس في طبيعتهن ول في طبيعة الحياة ماا يمنع مان مازاولتهن
هذه الوظيفة الثانية.
أماا لو تقدم إلينا طابور مان الزواج والباء ليشغل بعض هذه
الفراغات ،فإننا نستمهله قليل ونتركه واقفا في الطابور حتى نتأكد
مان حقيقتين :الولى أنه ل ماناص مان شغل تلك الوظائف ماهما كانت
الظروف ،والثانية أنه ل يوجد مان الزوجات والماهات مان يشغل تلك
الفراغات ،وحينئذ قد نسمح لحدهم أن يتقدم ماشكورا لشغل ذلك
المكان ،ريثما يتوافر له مان هيأه تكوينه الفطري ليشغله بطريقة تتفق
ماع طبيعة الحياة ،وناماوس الكون.
قد يلحظ القارئ الكريم أو القارئة الكريمة الذكية أنني لم أترك
لغير الزواج والزوجات والباء والماهات ماجال للقيام بتلك المهام
التي تتطلبها الحياة ،فلماذا ل يتقدم لها الفتى قبل أن يكون زوجا وأبا؟
ولماذا ل تتقدم لها الفتاة قبل أن تكون زوجة أو أماا؟.
وللجابة على هذا السؤال أعرض ماا يلي :إن الذكر مان بني النسان
قد هيأت له الفطرة أن يزاول أول وظيفة بعد البلوغ ،وهي أن يكون
زوجا ،ثم أضافت له بعد ذلك وظيفة ثانية ،وهي أن يكون أبا ،والذكر
الذي لم يجرب الشتغال بوظيفته الولى وينجح فيها ،ل يزال غير أهل
للقيام بوظائف أخرى في الحياة ،فإذا اسإتطاع أن يقوم بالوظيفة الولى
التي هيأته لها الفطرة أيضا ،كان للماة أو الدولة ،بعد ذلك أن تسند
إليه وظائف أخرى إذا أبدى اسإتعدادا للقيام بها ،أماا الشخص الذي لم
يجرب القيام بوظيفته الطبيعية الولى ،أو يفشل فيها ،كيف يمكن
للدولة أو الماة أن تثق فيه ،فتستند إليه وظائف أخرى حيوية ،ولكي
يدرك القارئ والقارئة الكريمان الصورة التي أريد أن أضعها بين
أيديهما أحب أن يتبعا طريق سإير الفتى في مارحلة الحياة ،فهو ينشأ
طفل في رعاية أبوين ،ثم يتقدم في ماراحل العمر فيسلمانه إلى
المدرسإة ،ويتقدم به العمر في ماراحل الدراسإة إلى سإن البلوغ أو بعده
بقليل ،وفي هذه الفترة يستكمل اسإتعداده ليواجه الحياة .وماطلوب مانه
في مابدأ ماعركة الحياة أن يمارس حق الفطرة فيه ،فيعمل على بناء
العش والسإتقرار بالزواج .ولذلك فالمطلوب مانه في أواخر ماراحل
الدراسإة ،أو بعد النتهاء مانها ،أن يشغل الوظيفة الولى وظيفة الفطرة،
وظيفة الزوج ،وبعدها ينطلق في مايدان الحياة ويضيف إلى هذه
الوظيفة وظائف أخرى إذا كانت ماواهبه وكفاءته تساعده على ذلك.
وبناء على هذا السإاس ،فإن الذكر قبل أن يتزوج ،ل يمكن أن يجد
فراغا لشغل وظيفة مان وظائف الدولة ،وليس مان حق الدولة أن تطالبه
بالوقوف في الطابور ليقوم بعمل حارس أو ماحارب أو مادير أو ماهندس
أو طبيب أو غير ذلك ،وإنما له -وعلى الدولة أن تساعده في ذلك -أن
يشغل وظيفة الطبيعة الولى ثم يتقدم إلى الطابور ليأخذ ماكانه في
الصف حتى يحصل على الوظيفة الثانية.
وشبيه بهذه الصورة ،الصورة التي نضعها للنثى ،فهي تنشأ في رعاية
البوين ثم تلميذة في رعاية المدرسإة ،حتى تبلغ بها ماراحل الحياة إلى
سإن البلوغ أو بعد ذلك بقليل ،حيث تتهيأ لشغل وظيفتها الولى ،التي
أعدتها لها الفطرة ،وهي وظيفة الزوجة .وبعد أن تقوم بهذه الوظيفة
وتنجح فيها يحق لها أن تشغل غير ذلك مان الوظائف ،ويحق للدولة أن
تطالبها بالوقوف في طابور العمال لتشغل مانها ماا يوافق طبيعتها
وتكوينها ،ويلئم ماواهبها واسإتعدادها ،وهكذا ترى أيها القارئ الكريم
وأنتر أيتها القارئة الكريمة :أن الطريق طبيعي يسلكه الفتى وتسلكه
الفتاة ،وترعاهما في ذلك السإرة والدولة ،ول يمكن أن يحيدا بهما عن
هذا الطريق إل بانحراف في الخلق ،أو انحراف في الدين ،أو انحراف
في طبيعة المعيشة عندهما .ولعل القارئ الكريم يدهش لهذا الحديث،
لن المألوف عنده غيره ،فهو يرى رجال يكادون يستنفدون أعمارهم،
وقد تقلبوا في عديد مان الوظائف ،وهم ماع ذلك لم يتزوجوا .أي لم
يقوماوا بالوظيفة الولى ،ويرى نساء قد اماتدت بهن العمار وزاولن
ماختلف المهن ،وهن ماع ذلك غير ماتزوجات ،أي أنهن لم يقمن بوظيفة
الفطرة الولى ،وأنه قد سإمع وقرأ كثيرا عن ماضار الزواج المبكر
للرجل والمرأة ،وعن وجوب السإتعداد له ،وتكوين الجو المناسإب مااديا
أو نفسيا أو تجريبيا إلى آخر ماا تجود به الفلسفات البشرية الملحدة
الضالة .ويهمني هنا أن أقرر في تأكيد وجدر ،أن ذلك كله إنما هو
انحراف عن طريق السير الذي تسير به الحياة الطبيعية الهادئة في
الكون ،وانحراف عن المنهج القويم الذي هيئ للفطرة البشرية،
وانحراف عن السنة التي أرادها الخالق سإبحانه للنسان ،وانحراف عن
الهدى الذي دعا إليه رسإول ال ، وسإار عليه المسلمون وعرفوه ،
واختبروا صحته وجدواه قرونا طويلة ،وأحسب أن تأخير الزواج عن
ماوعده الطبيعي في الحوال العادية للفتى أو الفتاة إنما هو مارض ،قد
يكون مارضا فرديا ،وقد يكون مارضا اجتماعيا ،وسإواء كان هذا أو ذاك،
فإنه ل ينتج عنه إل أماراض فردية ،وأماراض اجتماعية خطيرة ،تنال مان
شرف الماة وكراماتها وخلقها ودينها.
إن وقدة الفطرة عند الفتى أو الفتاة في مارحلتها الطبيعية عند
البلوغ ،ل يطفئها إل اسإتقرارها الطبيعي ،فإذا تركت وشأنها فإنها ل
ماحالة حامالة صاحبها على إطفائها بوسإيلة مان الوسإائل ،وسإواء كانت
تلك الوسإائل شذوذا جنسيا ،بسيطا أو ماركبا ،وسإواء كان إطفاؤها
بالنطلق الكامال المتحرر مان جميع القيود أو بالنطلق المتقيد ،أو بما
يعبر عنه بالكبت والسيطرة على النفس .فل شك أن لجميع ذلك
ماضارها ولعل أخف أنواع الضرر التي تلحق الشخص بسبب تأخير
الزواج إنما هي أضرار ماا يسمى بالكبت أو الحرماان ،لن هذه الضرار
تكون ماقصورة على صاحبها ،أماا أضرار الشذوذ والنطلق والتجارب
وكل حالة تخالف حالة العفاف فإن ماضارها تلحق الفرد وتقوض
أركان المجتمع تقويضا.
وكان ينبغي للفتى والفتاة المسلمين حين يقال لعما :هذا حلل وهذا
حرام ،أو هذا أدب يدعو إليه السإلم ومانهج يسير عليه المهتدون مان
المؤمانين -أن يعرف كل مانهما الطريق الذي يسلك ،ولكن التزييف
في الحقائق ،والتشكيك فيها ،تركت فوق تلك الحقائق غمائم دكنا
يعسر على النسان العادي النظر مان خللها فأصبح ماطلوبا مان علماء
السإلم ،أن يوضحوا للشباب المسلم حتى ماا كان يعتبر مان البديهيات.
الحجاب والسفوُر
إن ال سإبحانه وتعالى حين خلق النسان مان ذكر وأنثى ،وجعله
خليفة في الرض ،لم يخلقه ليكون عاطل ماتبطل عالة على الغير ،ينام
الليل كله وبعض النهار ليخدماه غيره ويقدم إليه كل ماا يحتاج ،وغنما
أراده ال سإبحانه وتعالى أن يكافح في الحياة وأن يقدم كثيرا مان
الخدماات لنفسه ولسإرته ولماته ودولته .فما يحق لرجل أو لمارأة أن
تستلقي على الفراش الوثير طوال الوقت تنتظر اللقمة توضع في الفم،
والثوب يلقى على الجسم .والصورة التي عاشت عليها الماة السإلماية
كانت صورة ماشرقة مان الكفاح والجد والمثابرة على العمل ،يشترك
فيها الرجل والمرأة ،وماا عرفت البطالة والكسل والترهل في أي عهد مان
عهودها ،باسإتثناء بيوت ماتعددة في كل عهد أفسدها وفرة المال
والسلطان لديها ،وتلك البيوت المنحرفة ل تدخل في الطار العام
لحياة الماة المسلمة لنها تمثل النحلل والنحراف والترف الذي جاء
السإلم لمحاربته.
والذين ينادون اليوم بحق المرأة في العمل ،وماشاركة الرجل فيه إنما
ينادون مان حيث المبدأ بحقيقة ثابتة لم تتخل عنها المرأة في يوم مان
اليام .وماتى كانت المرأة غير عامالة وفي أي فترة مان فترات التاريخ؟
إذا اسإتثنينا صورا جانبية اتخذ الترف فيه المرأة أو الرجل أداة لهو
واسإتمتاع ،وتلك حالت الدعوات الهداماة اليوم التي يقوم بها ناس
يغترون بالمظاهر الخادعة ،ويحملون أماهاتهم وآباءهم مان الوزار ماا
لم يرتكبوا -أن هؤلء الناس يفكرون كما يفكر الجنبي الذي لم يعش
في الوسإاط السإلماية ،ويتكلمون بنفس الطريقة التي يتكلم بها مان جاء
مان أنحاء بعيدة ل يعرف شيئا عن بيئته وأماته ،ويريدون أن يصبغوا
أماتهم بذلك اللون الذي اسإتمرأته أذواقهم وألفته نفوسإهم ،واسإتحوذ
على عقولهم إن كانت لهم عقول ،وهم يرون أنه ماا لم تشتبك الفتاة
ماع الفتى في نزاع عنيف على كرسإي المكتب أو ماقود السيارة أو قبة
البرلمان ،أو جناح الثكنة فهي ماتأخرة وأماتها ماتأخرة.
إن العمل ماهما كان -ماا لم يناقض الدين والخلق -شريف ،ومازاولة
الرجل والمرأة لي عمل ماا لم يناقض الدين والخلق الكريم ،حق له أو
لها ،وقد يكون في بعض الحيان واجبا عليه أو عليها ،والعمال في
جوهرها ليس فيها عمل أشرف مان عمل .فعمل الموظف في نفسه ليس
أشرف مان عمل المباشر الذي يقدم له المساعدات ،ورئيس المصلحة
الذي يدير أعمالها ليس أشرف بعمله مان العامال الذي يفتح له الباب
وينفض الغبار عن ماكتبه ،وحقيقة الشرف إنما هي في نفس الشخص،
في أخلقه وفي ماعامالته وفي سإلوكه ،وبالجملة في دينه ،عن العامال
الذي ينظف طرق المدينة ،والحارس الذي يحرس الدوائر الحكوماية
ويقوم بإعدادها لصلحية العمل ،والموظف القابع على كرسإي ينجز
العمال ،ومادير المصلحة الذي يفكر ويخطط لنجاز ماهمات مارفق مان
مارافق الحياة ،والتاجر الذي يدير الحياة القتصادية للمدينة أو البلدة،
والمدرس الذي يتولى إعداد جيل مان أبناء الماة ،والطبيب الذي يعمل
بهمة لتخفيف اللم البشرية ،والشرطي الذي يسهر لحفظ المان ،وغير
هؤلء مان طوائف الناس الذين يتولون أعمال تشتبك بها ماصلحة الماة.
ليس واحد في هؤلء أشرف مان الخرين بسبب المهنة أو الوظيفة
المجردة ،وهذه العمال كلها شريفة برتبة واحدة ماا دامات تتوقف
عليها ماصلحة الدولة والماة مان جهة ،وماصلحة السإرة التي يمونها
القائم بالعمل مان جهة أخرى ،وكما أن هذه المهن باعتبارها حرفا
يزاولها الناس ليس بعضها أشرف مان بعض بالنظر إلى العمل نفسه،
كذلك ليس بعضها أشرف مان بعض بالنظر إلى الجور المستحقة على
أدائها ،أو المكاسإب المادية المتحصلة عليها ،فليست كثرة المال داخلة
في حساب الشرف أبدا ،وليس الغني باعتباره غنيا أشرف مان الفقير
باعتباره فقيرا أبدا ،ولكن الواحد مانهم يكون أشرف مان الثاني بما
يتحلى به مان فضائل الخلق ،كالصدق في المعامالة والخلص في
العمل والحرص على أداء الواجب وبذل المجهول في إتقانه وماحبة مان
يستحق الحب مان الناس .وغن الكناس الذي يجمع القماماة مان شوارع
المدينة بجد وحرص وماثابرة ودقة لشرف ألف مارة وأكرم مان ذلك
الشخص الذي يسند إليه ماركز هام في ماصلحة مان ماصالح الدولة فل
يحضر إلى عمله إل بعد ماضي نصف الوقت مانتفخا بالغرور ،فيجلس
على كرسإي وثير يتبادل البسمات الصفراء ماع الزوار ،وقد يتطوع
فيضع توقيعه الكريم على بعض الملفات والوراق ،وتبقى ماصالح الناس
ماعطلة اللهم إل ماا ينجز بهمة ماوظفي المصلحة الصغار .ثم يقوم
لتحمله سإيارة الدولة الفارغة فتعود به إلى البيت وإلى ماا شاء مان
المااكن .لعل القارئة الكريمة تحسب أنني خرجت عن الموضوع الذي
وضعت له العنوان ،والحقيقة أنني إنما قدمات لها هذه الصورة لتأكد
أنها ماعي وأنها تزن شرف العمل بميزان الحقيقة ل بميزان المظاهر
والقشور ،فتوافقني على أن جميع العمال شريفة ماا لم تكن ماخالفة
للدين والخلق الكريم.
إن خياطة الملبس أو غسلها وكيها تعتبر اليوم حرفة مان الحرف
التي تدور على أصحابها أرباحا ويكسبون مانها قوتا لسإرهم ،ول
يستطيع أحد أن يزعم أن ماهنة الخياطة والغسيل والكي ماخلة بالشرف،
وإن القيام بعمل طبخ الطعام وتقديمه للناس يعتبر اليوم ماهنة تدر على
أصحابها مابالغ طائلة مان المال .ول يزعم أحد أن هذا العمل ماخل
بالشرف .وغن التعليم وإلقاء الدروس وتربية النشء عمل يدر ماكاسإب
وتعيش عليه أسإر ،ول يوجد أحد يزعم أن هذا العمل ماخل بالشرف ،بل
إن مالعبة الطفال وتهيئة وسإائل اللهو والعبث البريء لهم وتوجيههم
في أثناء ذلك يعتبر اليوم مان أهم الوظائف ويدر على أصحابها أماوال
غزيرة ،وماا يوجد أحد يحسب أن ذلك يخل بالشرف .وغزل الصوف
وحياكة الثياب أعمال تدر أرباحا ول يوجد أحد يزعم أن هذه العمال
ل يقوم بها أصحاب الشرف ،وزراعة الرض وجمع الغلل والقيام
بأعمال البناء وغير ذلك كلها أعمال يقوم بها الناس وهم مان خيار
الماة شرفا وقدرا ،وطبيعة الحياة هي التي تتحكم في الفرد حتى يقوم
ببعض العمال ليتحصل مانها على أجر ،أو يقوم بها لنفسه وبيته الخاص
ولسإتهلكه ،وقد عاش الرجل المسلم والمرأة المسلمة طيلة ثلثة
عشر قرنا يعملون جنبا إلى جنب كل واحد في الميدان الذي يحسنه
والذي قد هيأته فطرته وتكوينه ،فلم يشك مانها ولم تشكر مانه .إنها
لم تقل إن الرجل قد اسإتبد بها فحرماها مان العمل ،ولم يقل إن المرأة
زاحمته فضيقت عليه ماجال الكفاح ،وإنما كان كل واحد مانهما يعمل
بجد وماثابرة في مايدانه الذي يعرفه تمام المعرفة ،فإذا تعطل أحدهما
لسبب مان السإباب اسإتمر الثاني حتى تزاح العقبة عن صاحبه.
وجاء اليوم دعاة التقليد بفتنة المساواة ،يوهمون الرأي العام أن نصف
المجتمع الذي هو المرأة ماعطل ،ويشهد ال أن هذا النصف لم يتعطل إل
في المجتمعات التي اسإتجابت لهم والتي تخلت فيه المرأة عن العمل
الذي تقتضيه فطرتها إلى عمل بعيد عن تكوينها ومايدان حياتها ،جريا
وراء فتنة المساواة المطلقة ،وإنه لحراج لهم وللمرأة الساذجة التي
انطلت عليها خدعهم وأضاليلهم أن نستجيب إلى قضية المساواة المطلقة
مان الرجل والمرأة ماتجاهلين فطرة ال التي فطر الناس عليها ،وفي
الماكان أن نقول لهم :حسنا يا دعاة المساواة الكامالة المطلقة هانحن
ماعكم وهيا إلى تنفيذ هذا المبدأ في نظركم .لنبدأ بالتعداد فكل ماكان
وجدنا فيه عددا مان العمال يجب أن نصرف نصفهم ليتولى ماكانهم عدد
مان النساء ولنبدأ هذا التنظيم العصري مان أي ماكان شاء هؤلء ،لنبدأه
مان المدينة أو القرية.
هذا ماشروع الدولة للسإكان نحتاج فيه إلى قوة كبيرة مان العمال
لنجازه في وقت ماناسإب ،ولقد اسإتحوذ عليه الرجال...هيا أيتها الدولة
انصفي نصف المجتمع المظلوم واصدري تعليماتك إلى ماتعهدي البناء
وأخبريهم أنهم أخطأوا حين أخذوا كل أعمالهم مان الرجال ،وعليهم أن
يصرفوا نصفهم -وهيا أيتها الفتيات الشديدات تمنطقن والبسن ثياب
العمل ،قصرن مان شعوركن على الطريقة التي يقص بها الرجل،بمبدأ
المساواة أول وحتى ل يعوقكن عن العمل ،لتبحث بعضكن عن خرق
تضعها على أكتافها لتقيها ألم الحجارة وهي تنقلها إلى السإطى ،ليضع
بعضكن قفافير في أيدهن حتى ل تمجل مان حمل جردال السإمنت أو
دفع عربة اليد ،ل تهتمي بغيرة السإمنت التي تغطي وجهك فإنها تكون
طبقة صلبة قوية لبشرة الوجه .امالي العربة جيدا وادفعيها بقوة
وسإرعة حنى ل يتعطل العمل ،لقد أخطأت خطأ فادحا حين جئت بالكعب
العالي ،إنه ل يساعد على العمل البتة ،ل تعودي به بعد اليوم.
أنتر يا وزارة المواصلت كم عدد العمال الذين يشتغلون في الطرق؟
إنهم بضعة آلف ،حسنا اصرفي نصفهم وخذي بدلهم مان النساء ،تقدماي
أنتر يا فتاة ،اماسكي المعول هكذا ،وارفعي التراب هكذا ،جري العربة،
صففي الحجر واماسكي بخرطوم القطران .وأنتر ل تخافي مان الدخان
هيا تقدماي .إنك ماأجورة ونحن ندفع لك ،ل تتأخري ول تخافي مان
النار المشتعلة ولكن احذري أن يمس القطران الذائب يديك أو
رجليك .ولكن ليس ماعنى ذلك أن تقفي هكذا مابهوتة فاغرة الفم ،هيا
اشتغلي.
ل شك أن هذه الصورة البشعة التي توضع فيها المراة ،وهذا المأزق
الحرج الضيق الذي تدفع إليه عمل بمبدأ المساواة في العمل وإتاحة
الفرص للجميع -لم يتخيله طلب اشتغال المراة في المرافق العاماة
وماساواتها بالرجل في ذلك ،لن القضية في جوهرها عندهم ليست هي
قضية المراة .ول قضية العمل ول قضية المصلحة العاماة ،وإنما كل ماا
يعنيهم مانها أن تكون المراة بين أيديهم وأعينهم ،ماتزينة ماتبرجة
ماتحررة مان قيود الدين والخلق والعرف -ماستبيحة وماستباحة .أحسب
أن ماا قدماته لكر أيتها الخت المسلمة يكفي لن تعرفي أن أولئك
الناس حينما طلبوا مانكر أن تشاركي الرجل في العمل لم يكن قصدهم
ماا تفهمينه أنتر مان حقيقة العمل وشرفه وإنما يريدون مانكر أن
تكوني قريبة مانهم في ماتاجرهم ومافاجرهم .وبنظرة بسيطة إلى واقع
الماة المسلمة في العهود التي سإبقتك يمكن لكر أن تعرفي أن المراة
في طول العهود السابقة لم تكن عاطلة عن العمل ،ول ماتوقفة عن
ماشاركة الرجل في هذه المهمة الحيوية ،غير أن الطريقة التي كان
يعمل بها كل مان الرجل والمرأة ،كانت تسير حسب ماتطلبات الفطرة
والطبيعة ،فكان كل مانهما يعمل حسب إماكانياته واسإتعدادته الفطرية
والجسمية وماا تقتضيه ماصلحة العمل مان جهة وماصلحة السإرة والماة
مان جهة أخرى ،ماقدرين في جميع ذلك المعاني الروحية والمعاني
الجسدية في توازن تام بحيث ل يخل العمل بمطالب الروح ول بمطالب
الجسد ول يعطل قوى أي مانهما .مانقادين للعواطف في إطار الصحة
النفسية السليمة التي ل انحراف فيها عن سإنن الديان والخلق والعرف
السليم.
فعندماا يخرج الرجل إلى الحقل ليشتغل بالزراعة وتبقى المراة في
البيت لتشتغل بالحياكة فهذا تشارك في العمل ،وتعاون على ماتطلبات
الحياة ،يجري حسب ماا هيأته الطبيعة لكل واحد مانهما وماا تقتضيه
فطرته ،وعندماا يخرج الرجل ليعمل في ماصلحة تنظيف الشوارع في
المدينة وتبقى المراة لتعمل في تنظيف صالت البيت وحجراته ،فإن هذا
العمل يجري على سإنن الفطرة وماا تقتضيه طبيعة كل واحد مان
الجنسين ،وعندماا يخرج الرجل ليعمل طباخا في ماطعم وتبقى المراة
لتطبخ طعام السإرة في البيت فإن هذا العمل جار على فطرة سإليمة،
وهكذا بقية العمال فإنه ل يوجد عمل بالخارج إل ويقابله عمل بالبيت،
وطبيعة تكوين الرجل تقتضي أن يقوم هو بالعمل الخارجي ،وطبيعة
تكوين المراة تقتضي أن تقوم هي بالعمل الداخلي ،فإذا وجدت ظروف
خاصة في أسإرة ماا تضطر المراة أن تقوم بالعمل الخارجي أو الرجل أن
يقوم بالعمل الداخلي جاز ذلك لهما على أن ل يتعدى ضرورة في
الحياة ،وشذوذا عن قاعدة عاماة ،هذا بالنظر إلى الرجل والمرأة بطبيعة
تكوينها الجسمي والنفسي والروحي ،أماا النظر إلى السإرة والبيت فإن
السإرة تعتمد على أسإاسإين ثابتين في حياتهما ،أحدهما ماادي يجلب مان
الخارج وثانيهما روحي ينبع مان الداخل .فإذا أناطت السإرة الجانب
المادي لها بالرجل وطالبته بان يوفر لهما ماتطلباتها مان خارج المنزل
بأسإلوب مان أسإاليب العمل كان هذا يجري حسب الفطرة السليمة .وإذا
أناطت الجانب الروحي بالم وطالبتها بأن تضفي على السإرة داخل
البيت ،الجو المناسإب مان الطمئنان والسإتقرار والسكن وتبادل شعور
المحبة والعطف ،كان هذا أيضا طبيعيا يتفق ماع الفطرة السليمة .أماا
لو تغير هذا التجاه فطلبت السإرة مان الم أن تقوم في الصباح الباكر
لتلبس ثياب العمل ثم تشق النهج والشوارع ،باحثة عن العمل حتى توفر
الجانب المادي الخارجي للسإرة ،ثم طلبت مان الرجل أن يبقى في ثياب
البيت ليوفر الجانب الروحي الذي تحتاجه السإرة ،فإن هذا السلوك
يكون انحرافا ومارضا نفسيا وشذوذا عن طبيعة الحياة .وماهما تكن
المراة ماسترجلة فإنها ل تستطيع أن تقوم بواجبات الرجل ،وماهما يكن
الرجل ماتأنثا فإنه ل يستطيع أن يقوم بدور المراة ،وماهما يكن قلبه
مافعما بالمحبة والعطف ،فإنه ل يستطيع أن يعبر عن ماشاعره لفراد
السإرة المختلفين بالطريقة التي تعبر بها المرأة ،ول أن يضفي على
البيت ذلك الجو الذي تضيفه هي عليه.
فإذا أثبت بالواقع الذي عاشته النسانية في عمرها الطويل أن المراة
تستطيع أن تقوم بعملها لفائدة السإرة والمجتمع في البيت بجدارة ل
يساويها فيها الرجل ول يقترب مانها ،وان الرجل يستطيع أن يقوم
بعمله لفائدة السإرة والمجتمع بجدارة ل تلحقه فيها المراة ول تقترب
مانه ،فلماذا نحاول أن نغير طبيعة الفطرة فتخرج المراة لتقوم بعمل
الرجل ونحبس الرجل ليقوم بعمل المرأة ،أو نجمعهما ماعا ليقوماا
بعمل الرجل ويبقى عمل المراة ماهمل دون أن يقوم به أحد .إنه بمقدار
عدد النساء اللوتي أخرجناهن إلى العمل في مايدان الرجال نكون قد
حرمانا أرباب أسإر مان العمل وهم ماسئولون شرعا وقانونا وعرفا على
رعاية تلك السإر ،ووضعنا ماا كان يجب أن يؤول إلى تلك السإر
بأيدي أفراد مان النساء ،هن ماكفولت بحكم الشرع والقانون وبقدر عدد
أولئك النساء اللتي أخرجناهن إلى العمل في مايادين الرجال نكون فد
هدمانا أسإرا وحرماناها مان الرعاية والحب والحنان ،وأغلقنا بيوتا أو
وضعناها تحت تصرف الخدم والجراء.
ولقد تنخدع الفتاة أو ينخدع الفتى بالنظرة المادية المجردة أو
بالنظرة المحصنة ،ولكنهما ل ينخدعان أبدا بالنظرة الجماعية ،النظرة
إلى السإرة في تكوين الماة .اللهم إل إذا كانا ماتحللين مان الخلق
والمثل ورعاية المصلحة العاماة.
إن طبيعة المرأة وتكوينها الخلقي والخرلقي وماواهبها تقتضي أن تقوم
بأعمال ماعينة في ماجالت ماعينة وحدود ماعينة ،وإن طبيعة الرجل
وتكوينه الخلمقي والخرلقي وماواهبه تقتضي أن يقوم بأعمال ماعينة في
ماجالت ماعينة وحدود ماعينة ،فإذا شذت امارأة وقامات بأعمال الرجل أو
شذ رجل وقام بأعمال النساء فل بأس مان ذلك ولكل قاعدة شواذ ،أماا أن
نجعل ذلك الشذوذ قاعدة فنسوي بين الطرفين في العمل أو نطالب
النساء بأعمال الرجل أو الرجال بأعمال النساء فذلك مارض اجتماعي
خطير يحتاج إلى علج .وخروج عن الفطرة البشرية التي جعلت مان
النسان ذكرا وأنثى وجعلت مان كل ذكر وأنثى زوجين يكورينان أسإرة
لها خصائص وماميزات .إن كل امارأة تخرج مان البيت لتمسك عمل مان
أعمال الرجال تكون قد أحدثت خلل في التوازن الجتماعي وذلك لننا
بوضعنا امارأة في المعمل أو المكتب أو المتجر أو المزرعة ،نكون قد
أخرنا رجل يمون أسإرة بذلك العمل ،وحرمانا أسإرة مان دخل ضروري
لها لنضعه في يدي أسإرة أخرى قد نالت حظها وحصلت على حقها ،
والن أيتها الفتاة المسلمة احسبني قد وضعت بين يديك الحقائق التي
يجب أن تعرفيها وأن أحدا ل يستطيع أن يخدعك ،فإذا كان قلبك ل
يزال مامتلئا بإيمانه ،وعقلك ل يزال ماحتفظا برجاحته وحكمته فإن
السبيل أمااماك واضح وإنك في بيتك وبحجابك ماحترماة حتى مان
خصوماك ،ماحبوبة مان الجميع ،وإذا شئتر أن تسلكي ماسلك المتبرجات
الفاجرات فإنكر قد تسمعين غزل لكر ،وقد تسمعين إطراء لفتنتك
وجمالك ليلعب بك اللعبون حتى إذا جف عودك وذوي جمالك
وخسرت دينك وأغضبت ربك لفظك أولئك العابثون ولم يبق يرن
في أذنيكر إل قهقهة الشيطان سإاخرة شاماتة " ،كمثل الشيطان إذ قال
للنسان اكفر فلما كفر قال إني برئ مانك إني أخاف ال رب العالمين
،فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها ،وذلك جزاء الظالمين".
جـــات
دد الزو ي
تــــعي ي
هذا ماوضوع آخر مان المواضيع التي كثرت فيها الكتابة في هذه
الفترة الحرجة مان تاريخ الماة السإلماية ،وذلك أن الغرب اتباعا
للشهوة قد مانع تعدد الزوجات في عصبة رجل واحد تحت نظام يكفل
لهن الحياة الكريمة ،والعيش الشريف ،وحماية الدين والقانون والعرف.
وأباحه لهم ولهن بدون تحديد للعدد ،وبطرق ل تحفظ للمرأة كراماة
ول حقا ،ول تكفل لها حياة ول شرفا .واندفع ماغترون مان أبنائنا
وراءهم يلهثون .ويصيحون بنا أن نلحق بهم...
ونحن كأماة ماسلمة ل يهمنا ماا يتردى فيه الغير ويتخبط فيه إل
بمقدار ماا يدرك مادى الخطر والضرار التي تلحقنا لنتباعد عنها
ولننذرهم بسوء العاقبة التي تنجم عن ترديهم باعتبارهم أماة ذات رسإالة
لسإعاد البشرية.
وإذا قال أولئك الناس البعداء عن النظر في أحكام ال يمنع التعدد أو
يجوز بتحديد أو بدون تحديد ،أو قالوا غير ذلك فإن كلماهم هذا ل
يهمنا ،وتشريعاتهم تلك ل تستلفت نظرنا .إن الذي يهمنا ويجب أن
نفهمه وان نعلمه وأن نعمل به ،إنما هو التشريع الذي أنزله ال خاصا
بالماة المسلمة ...وكان يكفي المراة المسلمة والرجل المسلم أن يقال
لهما :هذا حكم ال فيذعنا ويسلما تسليما ،دون نقاش ودون فلسفة
ماصلحية أو عاطفية ،ودون آراء بشرية ،وماا دامات إرادة ال تبارك
وتعالى تطالبنا بعمل أو بترك ،أو تحرم علينا أو تجيز لنا فليس لنا أن
نخرج عن ماقتضى تلك الرادة.
والذي يؤسإفنا في الموضوع ليس هو ذلك الهذر الطويل الذي ينعق
به أتباع الغرب كل يوم ،ول هو ماسلك المنحرفين والمنحرفات عن
الدين والخلق ول المخدوعون ببهرج الحضارة الغربية دون تمييز بما
يصلح فيقتبس أو ل يصلح فينبذ ،ول طغيان التحرر الباحي في بعض
المجتمعات فإن ذلك كله ل يقدم ول يؤخر في حقيقة التشريع ولن
يلبث أن يرتد عندماا يصدم بصخرة اليمان.
وإنما الذي يؤسإفنا حقا إنما هي أقلم تنتسب إلى العلم وتشتهر في
الدراسإات ثم تأتي إلى آيات مان كتاب ال عز وجل ،وإلى أحاديث مان
رسإول ال فتختلق لها ماعاني ليس لها ،وتتمحل لها المفاهيم وتشتق
لها الشروط ،وتستخرج مانها أحكام تخالف أحكام السإلم وتناقضها،
وتخالف ماا اجمع عليه المسلمون مانذ خير القرون حتى العصر الحاضر،
ماستندة إلى مانطق مازعوم وفهم أعرج.
ومان أماثلة ذلك ماجموعة مان الكتاب يخشون أن يرماي دعاة الحضارة
الغربية السإلم بأنه ل يساير ركب الحضارة والتقدم ويصفوه
بالرجعية والجمود فيحاولون مان جانبهم أن يثبتوا لولئك الدعاة أن
السإلم يوافقهم ويسير ماعهم وقد سإبقهم.
وفي ماوضوع تعدد الزوجات كانت الفكرة الغربية تأنف أن تبيح تعدد
الزوجات بالقانون ولكنها تبيحه بمنطق التجربة والحرية وغيرها،
وخاف هؤلء الكتاب أن يرماى السإلم بالتخلف فجعلوا يحاولون أن
يوافقوا بين ماا جاء في السإلم وماا تجيء به الراء البشرية مان تحريم
التعدد فقالوا :إن القرآن الكريم يحرم التعدد ،لنه يشترط العدل على
طالب التعدد ،وينص أن النسان ل يستطيع أن يعدل ولو حرص .وينتج
مان هذا أن ماريد التعدد في الزواج ماطالب بالعدل ،وأن العدل ماستحيل
في طبيعة البشر ،فإباحة التعدد ماستحيلة أو غير جائزة.
بهذا المنطق الملتوي والفهم المنحرف يتناولون اليات البينات مان
كتاب ال تعالى ليلحقوا حكما مان أحكام السإلم بحكم النصرانية
المحرفة لن الحضارة الغربية اعتنقته حين لم تعرف غيره .والغريب
في أمار هؤلء القوم أنه ل يخجلهم دعواهم أنعهم أفهم للكتاب العزيز
مان النبي ومان الصحابة رضوان ال عليهم ومان علماء السإلم مانذ
عصر النبوة إلى اليوم .ولم يرتفع إلى أذهانهم أن الماة بمختلف
ماذاهبها قد أجمعت على جواز التعدد وأن الجماع حجة ،ولقد عاش
رسإول ال طول حياته وأصحابه رضوان ال عليهم يجمعون بين أكثر
مان واحدة ويطلقون .ولم يعرف عن رسإول ال أنه نهى عن التعدد ،
اللهم إل حالة واحدة ذكرها المؤرخون .وذلك عندماا عزم أبو الحسن
علي بن أبي طالب أن يتزوج بنت أبي جهل على فاطمة بنت رسإول ال ،
فغضب رسإول ال وخطب على المنبر فأثنى على بعض أصحابه خيرا
ثم قال ":والذي نفسي بيده ل أحل حراماا ول أحرم حلل ولن تجتمع
بنت نبي ال ماع بنت عدو ال" .والذي أغضب رسإول ال ليس هو
التعدد ول زواج علي على فاطمة ،وإنما أغضب رسإول ال الجمع بينت
بنت رسإول ال وبنت أبي جهل عدو ال في بيت واحد ،وكأنما خاف
النبي أن يأتي ناس في آخر الزماان يستندون على حديثه هذا ليردوا
حكما مان أحكام ال .فقرر أنه بموقفه هذا لم ينسخ الحكم الول بجواز
التعدد ،وانه لم ينتهك حرماة أحكام ال ،فيحلل الحرام أو يحرم
الحلل ،إن أحكام ال في الموضوع باقية ثابتة ،وإنما الذي أغضبه
وجعله يقف هذا الموقف الشديد إنما هو التفكير في الجمع بين نبي
السإلم وبنت عدو السإلم في بيت واحد وتحت عصمة رجل واحد.
لقد يساعدك أيتها الفتاة المسلمة الذكية أن تتركي كلم البشر
وتتأمالي كلم ال تبارك وتعالى الواضح البين الصريح وهو يقرر
حكمه بشأنك ويصدر أواماره تعالى إليك وإلى زمايلك الفتى ،اقرأي
قوله تعالى :وإن خفتم أل تقسطوا في اليتاماى فأنكحوا ماا طاب لكم مان
النساء ماثنى وثلث ورباع فإن خفتم أن ل تعدلوا فواحدة أو ماا مالكت
أيمانكم ،ذلك أدنى أل تعدلوا ،وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم
عن شيء مانه نفسا فكلوه هنيئا ماريئا .ويقول عز وجل في آية أخرى:
ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ،فل تميلوا كل الميل
فتذروها كالمعلقة ،وإن تصلحوا وتتقوا فإن ال كان غفورا رحيما.
وأحسب أنكر لستر في حاجة إلي أيتها الفتاة الذكية لسإاعدك على
فهم الية الكريمة التي تخاطب الرجل تكون تحت رعايته فتاة يتيمة
يتولى تربيتها والشراف على شئونها فتنازعه نفسه إلى الزواج بها
لجمالها وشبابها ،أو لمالها وثروتها ،أو أنه يستطيع أن يحصل عليها
دون أن يدفع لها ماا يدفع لمثلها.
وال سإبحانه وتعالى يخاطب ذلك الرجل ويأماره أن ينظر إلى تلك
الفتاة بحقيقة العدل والشهاماة ،فإذا كان الدافع إلى الزواج بها هو دافع
المحبة والمودة فقط ،ولم يكن بينهما فرق في السن يتيح عنه بعد في
المشاعر والحاسإيس وكانت الفتاة بعملية الزواج به ل تحس بأي غبن
أو حرماان أو ظلم ،جاز له أن يقدم ،أماا إذا كان هنالك سإبب ماصلحي
يدعوه إلى الزواج بها وليس بها فيه أية ماصلحة فإن ال يأماره أن
يعرض عن ذلك وفي إماكانه أن يجمع بين عدد مان النساء ماثنى وثلث
ورباع حتى يسد عن نفسه الفراغ الذي يحسه بحرماانه مان تلك الفتاة
التي قد تكون جمعت بين المحاسإن الوضيئة ،والروح الرضية ،والمال
الوفير ،والعقل الرصين ،والشريعة السإلماية حين تنقذ هذه الفتاة
اليتيمة مان أن تكون ضحية للعرفان بالجميل فتظلم في نفسها أو في
ماالها تبيح للرجل أن يعوض عن تلك المكاسإب المادية أو النفسية بأن
يجمع في بيته مان يجد عندها الجمال أو المال أو الخلق الكريم والدين
القويم لئل يشعر هو الخر بأنه ظلم وحرم مان جزاء إحسانه
وتضحياته لمن تولى رعايتها ،ولكنه في ذلك يحذر أيضا مان ان يعتقد
أن تلك الباحة ماطلقة ويطالب بمراعاة العدل .وال سإبحانه وتعالى
يجعل على الرجل في الحالتين رقيبا ل يغيب ول يغفل ذلك الرقيب هو
إحساسإه السإلماي المرهف ،وضميره اليقظ الحي :وإن خفتم أن ل
تقسطوا في اليتاماى ، وإن خفتم أل تعدلوا فواحدة .إحساس الرجل
بالخوف مان عدم القساط في أمار اليتيمة وإحساسإه بالخوف مان عدم
العدل في التعدد هو ماناط الحكم ،وعليه مادار القدام أو الحجام .إن
الرجل عندماا يفكر في الزواج مان اليتيمة التي يرعى أمارها ولم يحس
بأي خوف مان انه يستغلها بسبب إحسانه إليها وأنه لم يهدف ماطلقا إلى
تحقيق شهوة أو ماصلحة لنفسه على حسابها ،وكان إحساس هذا الرجل
حيا ،وقلبه مافعما باليمان ،فإن له أن يقدم على الزواج في حالة المان
وأن يعرض عنه في حالة الخوف ،ولو عوض ماا فقد مانها بتعدد
الزوجات.
وفي أمار التعدد نحتاج إلى نفس الموقف نحتاج إلى الحساس الحي
والقلب المفعم باليمان ،فإذا وجد عند الرجل الدافع إلى التعدد ولم
يفتح أمااماه الطريق على ماصراعيه هكذا ،وإنما يطالب باسإتشارة قلبه،
فإن أحس بالخوف مان عدم العدل ،وجب الحجام عن التعدد ،وغن أحس
بالطمئنان والسإتئناس والقدرة على العدل جاز القدام على التعدد ،ول
شك أن القلب الذي حكم هذا التحكيم ،ويوزن به هذا الوزن ،وتعلق على
حكمه ماصائر أفراد مان البشر إنما هو القلب المؤمان الحساس الذي
يراقب ال ويخشاه ،أماا القلب الذي رانت عليه الشهوة ،وغلبت عليه
الشقوة فليس له في هذا المجال حساب.
واضح مان سإياق الية الكريمة أنها أباحت لكافل اليتيمة أن يتزوج
ماثنى وثلث ورباع حتى ل يظلم اليتيمة في نفسها أو ماالها ،وحتى ل
يحس بأنه ماحروم في أمارها ،ولكنها أمارته بالقتصار على الواحدة إذا
خاف مان نفسه عدم العدل ولم يطمئن إلى قوة إرادته في التغلب على
النوازع والمشاعر والميول ،فتؤثر على سإلوكه ماع أزواجه ،وواضح
مانها أيضا أن التعدد إنما يبيح فيما يشبه أن يكون ضرورة تفرضها
النفس البشرية ونوازع الفطرة وحياة المجتمع .وإن تلك الضرورة
عند الرجل الذي يستجيب لها تتلشى إذا خاف مان نفسه عدم العدل.
ويجب عليه القتصار على الواحدة.
فإذا شئتر أيتها الفتاة المسلمة أن تنتقلي إلى تأمال الية الخرى يتضح
لكر الحكم السإلماي في الموضوع ويستبين لكر ماعناه الكامال الذي
تناولته اليتان فافعلي:
ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فل تميلوا كل
الميل فتذروها كالمعلقة ،وإن تصلحوا وتتقوا فإن ال كان غفورا
رحيما.
هكذا تقرر الية الكريمة في صراحة ووضوح أن الرجل ل يستطيع أن
يعدل في النساء ولو حرص والقرآن الكريم ينفي هذه السإتطاعة بـ
"لن" التي تفيد تأبيد النفي واليأس مان وقع المنفي ،حتى لو حرص
الرجل على التيان بالعدل ،لن العدل الكامال ليس مان طبيعة البشر ول
في إماكانه ،وعقب على هذا الحكم القاطع بعدم اسإتطاعة الرجل للعدل
بقوله فل تميلوا كل الميل أي عن بعضهن إلى بعضهن دون البعض،
فتبقى الواحدة مانهن كأنها ماعلقة ليست ماتزوجة ول ماطلقة ،ولشك
نفي المولى سإبحانه وتعالى لسإتطاعة الرجل العدل ولو حرص ثم نهيه
لـه أن يميل كل الميل هو إباحة التعدد ماع تحقق عدم اسإتطاعته العدالة
وإنما ينهاه عن الجور في الميول أو الميلن فيما تمكن فيه السإتطاعة
أن تعدل في النساء ولو حرصت فاجهد أن تعدل فيما تستطيع العدل فيه،
ودع ماال تستطيعه إلى خالق الرجل والمرأة وماا لهما مان حقوق
وواجبات ،ثم أرجع سإلوك الرجل والمرأة جميعا إلى الحساس السإلماي
والقلب المفعم باليمان وبين لهما أن سإلوكهما إذا كان مانبعثا عن
إرادة الصلح وعن التقوى واسإتشعار خوف ال فإن ال غفورا رحيما.
ويوضح الرسإول هذا المعنى حين يتجه إلى ماوله عز وجل يعرض
سإلوكه في أهله ،ويعتذر عما في نفسه ":اللهم هذا قسمي فيما أماللك
فل تلمني فيما تملك ول أمالك".
ويسرني أيتها الخت الكريمة أن تتناولي بيديك اللطفيتين
الطاهرتين ماصحفا شريفا ثم تجلسي في ماكان طاهر وتفتحي على
سإورة النساء ثم تبدئين التلوة مان أول السورة في تدبر وإماعان
وخشوع وفهم إلى نهايتها ،وعندماا تمرين باليتين الكريمتين فأطيلي
فيها الوقوف والتأمال ماع مالحظة السياق ،وإذا شئتر أن تستعيني ببعض
كتب التفسير فقد تفيدكر في زيادة الفهم والرضا بحكم ال.
بعد هذا كله أحب أن أقول لكر إن القرآن الكريم قد أباح تعدد
الزوجات في عصمة رجل واحد ،بحيث ل يتجاوز عددهن أربعا في وقت
واحد .على أن تكفل لكل واحدة مانهن حقوقها وكراماتها ،وقد جرى
على ذلك الناس في عهد رسإول ال وفي عهد أصحابه مان بعد ،وقد
كانوا -ول شك -أفهم للقرآن ،وأحفل به مانا وأحرص على التقيد
بأحكام ال .فإذا جاء اليوم ماتكلف يتكلف للقرآن الكريم ماعنى يناقض
المعنى الذي فهمه الرعيل الول مان هذه الماة ،وسإيره غير السيرة التي
سإار عليها أولئك المعتدون ،ففهمه وسإيرته ماردودان عليه.
ولقد كان يكفي هذا المقدار ليرضى المؤمان وترضى المؤمانة أنه لو
لم يرد نص في كتاب ال يبيح التعدد لكان يكفينا تشريعا أن يثبت أن
التعدد واقع في عهد رسإول ال وأنه علم به ولم ينه عنه.
ومان البديهي عند المؤمان والمؤمانة أن الحق إنما هو الحق الذي أعطاه
ال لهما أو لحدهما ،وأن ماا حرماه ال عنهما أو عن أحدهما فليس له
بحق .فإذا أباح ال للرجل أن يجمع بين أربع زوجات فذلك مان حقه،
لن ال تبارك وتعالى هو الذي خوله هذا الحق .وإذا طلب الرجل زيادة
عن أربع فليس ذلك مان حقه لن ال لم يتح لـه هذا الحق ،ولم يبحه
لـه ،وماا يقال للرجل يقال للمرأة ،فإن ال حين أباح لها أن تتزوج
رجل واحدا فهذا حقها لها أن تطالب به ،وتحصل عليه ،وعندماا حرم ال
عليها الزيادة على الواحد فليس مان حقها أن تطالب بالزيادة عليه لن
ذلك ليس مان حقها.
فإذا جاء اليوم ناس يطالبون بتساوي الرجل ماع المراة في الحقوق
والواجبات ،قلنا :حبا وكراماة .إنه يجب أن يتساويا فيما سإاوى ال
بينهما فيه .وان يختص كل واحد مانهما فيما لـه مان حقوق أو عليه مان
واجبات فيما خصص ال كل مانهما به .ومان الخطأ أن تتجاهل أحكام
ال لنراضي عواطف الرجل أو عواطف المراة ،أو نسترضي بشرا ل يبلغ
ماا لديهم مان علم وفكر غير تجارب ناقصة لم تكتمل ولن تمتد أكثر
مان بضع سإنوات.
وإنه لحق على المؤمانة أن تعتبر كل حكم جاء به السإلم هو حق
يجب أن تستمسك به ،فإذا شكت في الحكم هل ينبني على أسإس السإلم،
أم انه تقليد أو عادة ألصقته بالسإلم أفهام بشرية في بعض العصور فإن
لها الحق وكامال الحق في البحث والمناقشة والرجوع بالموضوع إلى
أصول الشريعة مان الكتاب والسنة والجماع وسإيرة السلف مان أصحاب
رسإول ال وفي ذلك الحجة الكافية لها أو عليها ،وعليها أن تقبل ماا
يثبت مان ماصادر التشريع ،سإواء وافق ماشاعرها وهواها وعواطفها أو
خالف كل رغباتها.
ونحن حين نتحدث عن تعدد الزوجات نقول للخت المسلمة :عن ال
سإبحانه وتعالى قد أباح للمسلم أن يجمع بين أربع زوجات فأقل ،بشرط
أن يحفظ لجميعهن حقوقهن وكراماتهن ،وليس لكر أن تعترضي على
حكم ال ،ويجب أن ترضي به وتسلمي تسليما.
على أننا لسنا ندعوا إلى التعدد ماا لم توجد أسإبابه ووسإائله ،وتتهيأ
ظروف إقاماته على أسإاس سإليم مان العدل الممكن ،وماراعاة الحقوق
المتساوية والمعامالة الطيبة الكريمة ،وتدعوا إليه ضرورة اجتماعية
تحتم اللتجاء إليه صيانة للمجتمع مان فساد ينشأ عن زيادة عدد النساء
عن الرجل .أو ضرورة شخصية ماعتبرة شرعا .ثم إن الزوجة الثانية
فما بعدها ماخبرة في الموافقة على التعدد والدخول إلى بيت فيه زوجة
أو زوجات.
وأسإتطيع أن ألحظ هنا أن نية المراة وأسإباب دخولها إلى بيت عامار
بامارأة أخرى أهم شيء في الموضوع .فإذا كانت الظروف التي تحمل
المراة الثانية على القبول ظروفا ماعقولة وماقبولة شرعا بالنسبة لها
وللزوج والزوجة الولى ،وكانت نيتها سإليمة ،كان ذلك أمارا ل
يستدعي مانا الشكوى ،أماا إذا كانت السإباب داخلة في باب التحدي أو
النتقام أو المغامارة أو غلبة الهوى والعواطف وماا إلى ذلك .فإن
الحساب سإينصب عليها وسإيتولى ال سإبحانه وتعالى إيقاع العقوبة عليها
نظير ماا سإببته مان تنغيص وألم لختها المسلمة.
وماا قلناه في ماوضوع القصد والنية للزوجة الثانية نقوله للرجل أو
للزوج الذي يسعى إلى التعدد ،فإنه ل يحق له أن يفكر في التعدد ماا لم
يكن الدافع إليه نابعا مان روح السإلم ماجردا مان الهوى بعيدا مان تحكم
الشهوة ودافع المتعة .فإذا أقدم على الزواج المتعدد وفي إحساسإه شيء
مان الكيد للزوجة الولى أو تنغيص حياتها أو النتقام مانها أو الرغبة
في تعذيبها أو القصد إلى إهمالها وتعطيل حقوقها فإنه حينئذ ل يكون
إل ماجرماا أثيما يستحق أشد أنواع العقاب ،والذي يتولى عقابه في هذه
الحالة وينتصر للزوجة المظلوماة هو ال الواحد القهار.
ماحتويات الكتاب
الصف الموضوع
حة
إليكما5 ....................................................................
...........
ماقدماة6 ...................................................................
............
10 هل المراة المسلمة
ماظلوماة؟....................................................
13 هل المراة المسلمة ماحروماة مان
التعليم؟......................................
16 الدراسإة
والزواج.................................................................
.
19 الزواج المبكر
والوظائف........................................................
23 الحجاب
والسفور.................................................................
28 الختيار في
الزواج..............................................................
35 المراة والشتغال في المرافق
العاماة..........................................
41 تعدد
الزوجات.................................................................
...
المحتوى47 ................................................................
...........