You are on page 1of 391

‫َوقْفٌ لِ تَعَالَىٰ‬

‫َتأْلِيفُ‬
‫الفَقِي إل َع ْفوِ َربّهِ‬

‫َولِوالدَيه‬ ‫َغفَر ال َلهُ‬


‫جمِي ِع ا ُلسْلِمِي‬
‫وَلِ َ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫خطبة الكتاب‬

‫المكد ل الذي تفرد باللل‪ ،‬والعظمكة والعكز والككبياء والمال‪،‬‬


‫وأشكره ش كر عب ٍد مُعتر فٍ بالتق صي عن ش كر ب عض ما أول يه من النعام‬
‫والفضال‪ ،‬وأشهكد أن ل إله إل ال‪ ،‬وأشهكد أن ممدا عبده ورسكوله‬
‫تسليما كثيا‪.‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫ك أن صكيام شهكر رمضان‪ ،‬الذي هكو أ حد أركان السكلم ومبانيكه‬ ‫فبم ا‬
‫العظام فري ضة مُحك مة‪ ،‬كتب ها ال على ال سلمي ك ما كتب ها على الذ ين من‬
‫قبلهم من المم السابقة‪ ،‬والجيال الغابرة تقيقا لصالهم وتذيبا لنفوسهم‬
‫لينالوا من ثرة التقوى ما يكون سببا للفوز برضا ربم‪ ،‬وحلول دار القامة‪.‬‬
‫وحيث أن أرى أن الناس ف حاجة إل تبيي أحكام الصيام‪ ،‬والزكاة‪،‬‬
‫وصكدقة الفطكر‪ ،‬وصكدقة التطوع‪ ،‬وقيام رمضان‪ ،‬وأنمك فك حاجكة إل ذككر‬
‫طرف مكن آداب تلوة القرآن ودروسكه‪ ،‬والثك على قراءتكه‪ ،‬وأحكام‬
‫ال ساجد‪ ،‬والعتكاف‪ ،‬ف قد ج عت من كُ تب الد يث والف قه ما رأ يت أ نه‬
‫تتنا سب قراء ته مع عموم الناس‪ ،‬يفه مه ال كبي وال صغي‪ ،‬وأن يكون جامعا‬
‫لكث ٍي من أحكام ما ذُكر‪ ،‬ووافيا بالقصود‪ ،‬وقد اعتنيت حسب قدرت ومعرفت‬
‫بن قل الكم والدل يل أو التعليل أو كليه ما و سيته‪" :‬الناهل السان ف دروس‬
‫رمضان"‪ ،‬وأ سأل ال ال ي القيوم أن ي عل عمل نا خال صا لوج هه الكر ي‪ ،‬وأن‬

‫‪3‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ب مُجيب‪ ،‬على كل‬
‫ينفع به نفعا عاما من قرأه‪ ،‬ومن سعه‪ .‬إنه سيعٌ‪ ،‬علي ٌم قري ٌ‬
‫شي ٍء قدير‪ ،‬وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫عبد العزيز بن ممد السلمان‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫الباب الول‪ :‬ف شهر رمضان‬


‫يقول ال تعال‪ :‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا كُتِبَ عَ َل ْيكُ ُم الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ‬
‫عَلَى اّلذِي َن ِمنْ قَبْ ِل ُكمْ َلعَ ّلكُ ْم تَّتقُونَ ‪.‬‬
‫قال ابن كثي على هذه الية‪:‬‬
‫يقول ال تعال مُخاطبا الؤمني من هذه المة‪ ،‬وآمرا لم بالصيام وهو‬
‫المساك عن الطعام‪ ،‬والشراب‪ ،‬والوقاع‪ ،‬بنيةٍ خالصة ل عز وجل‪ ،‬لا فيه من‬
‫زكاة النفوس‪ ،‬وطهارتاك وتنقيتهكا مكن الخلط الرديئة‪ ،‬والخلق الرذيلة‪،‬‬
‫وذ كر أ نه ك ما أوج به علي هم ف قد أوج به على من كان قبل هم‪ ،‬فل هم في هم‬
‫أسكوة‪ ،‬وليجتهكد هؤلء فك أداء هذا الفرض أكمكل مكا فعله أولئك "انتهكى‬
‫كلمه رحه ال"‪.‬‬
‫وقد وردت ف فضله‪ ،‬ومضاعفة أجره أحاديث كثية‪:‬‬
‫روى المام أحد والنسائي عن أب هريرة ‪ ،‬قال‪ :‬كان رسول ال ‪،‬‬
‫يُبشكر أصكحابه بقدوم شهكر رمضان فيقول‪ « :‬جاءكهم شههر رمضان‪ ،‬شههر‬
‫مبارك‪ ،‬كتب ال عليكم صيامه‪ ،‬فيه تُفتح أبواب النة‪ ،‬وتُغلق فيه أبواب‬
‫الحيم‪ ،‬وتُغل فيه الشياطي‪ ،‬وفيه ليلة خيٌ من ألف شهر‪ ،‬من حُرم خيها‬
‫فقد حُرم»‪.‬‬
‫وقال ب عض العلماء‪" :‬هذا الد يث أ صل ف تنئة الناس بعض هم بعضا‬
‫بشهر رمضان"‪.‬‬
‫و ف الد يث ال خر‪« :‬لو يعلم الناس ما ف رمضان لتم نت أم ت أن‬
‫يكون رمضان السنة كلها»‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وعكن عُبادة مرفوعا‪« :‬أتاكهم رمضان شههر بركهة‪ ،‬يغشاكهم ال فيهه‪،‬‬
‫فيُنل الرحة‪ ،‬ويط الطايا‪ ،‬ويستجيب فيه الدعاء‪ ،‬ينظر ال إل تنافسكم‬
‫ف يه‪ ،‬ويُبا هي ب كم ملئك ته‪ ،‬فأروا ال من أنف سكم خيا‪ ،‬فإن الش قي من‬
‫حُرم فيه رحة ال»‪.‬‬
‫و ف ال صحيحي‪ ،‬عن أ ب هريرة ‪ ،‬عن ال نب قال‪« :‬إذا د خل ش هر‬
‫رمضان فُتحت أبواب السماء وغُلقت أبواب جهنم وسُلسلت الشياطي»‪.‬‬
‫ولسلم‪« :‬فُتحت أبواب الرحة» وف الصحيحي عن النب قال‪« :‬إن‬
‫ف النة بابا يُقال له الريان يدخل منه الصائمون ل يدخل منه غيهم» وف‬
‫روا ية‪« :‬فإذا دخلوا أغلق الباب» و ف روا ية « من د خل م نه شرب و من‬
‫شرب ل يظمأ أبدا»‪.‬‬
‫ولسكلم أيضا‪ ،‬عكن أبك هريرة مرفوعا‪« :‬إذا جاء رمضان فُتحهت‬
‫أبواب النة‪ ،‬وأغلقت أبواب النار‪ ،‬وصُفدت الشياطي»‪.‬‬
‫وعنه قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬إذا كان أول ليلة من رمضان صُفدت‬
‫الشياطيه ومردة النه‪ ،‬وغلقهت أبواب النيان‪ ،‬فلم يُفتهح منهها باب‪،‬‬
‫وفُتحت أبواب النة فلم يُغلق منها باب‪ ،‬وينادي مُنادٍ‪ :‬يا باغي الي أقبل‪،‬‬
‫ويا باغي الشر أقصر‪ ،‬ول عُتقاء من النار‪ ،‬وذلك كل ليلة»‪.‬‬
‫وعن أب هريرة قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬الصلوات المس‪ ،‬والمعة‬
‫إل المعة‪ ،‬ورمضان إل رمضان مُكفراتٌ ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر»‪.‬‬
‫وعنكه قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬ثلثهة ل تُرد دعوتمه‪ :‬الصهائم حته‬
‫يُف طر‪ ،‬والمام العادل‪ ،‬ودعوى الظلوم يرفع ها ال فوق الغمام‪ ،‬وتُف تح ل ا‬
‫أبواب ال سماء‪ ،‬ويقول‪" :‬وعز ت وجلل لن صرنك ولو ب عد ح ي"» رواه‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫الترمذي وحسنه وابن حبان ف صحيحه‪.‬‬
‫وعن أب هريرة عن رسول ال قال‪«:‬أعطيت أمت خس خصال‬
‫ف رمضان ل تُعطها أمة قبلهم‪ ،‬خلوف فم الصائم أطيب عند ال من ريح‬
‫ال سك‪ ،‬وت ستغفر ل م اليتان ح ت يُفطروا‪ ،‬ويز ين ال عز و جل كل يوم‬
‫جنته‪ ،‬ث يقول‪ :‬يُوشك عبادي الصالون أن يُلقوا عنهم الئونة‪ ،‬ويُ صَّيرُوا‬
‫ِإلَيْكِ‪ ،‬وتُصفد فيه مردة الشياطي فل يلصوا فيه إل ما كانوا يلصون إليه‬
‫ف غيه‪ ،‬ويُغفر لم ف آخر ليلة»‪ .‬قيل‪ :‬يا رسول ال أهي ليلة القدر؟‪ .‬قال‪:‬‬
‫«ل‪ ،‬ولكن العامل إنا يُوف أجره إذا قضى عمله»‪.‬‬
‫وعن أب هريرة أن النب صعد النب‪ ،‬فقال‪« :‬آمي‪ ،‬آمي‪ ،‬آمي»‬
‫قيل يا رسول ال‪ :‬إنك صعدت النب فقلت‪ :‬آمي‪ ،‬آمي‪ ،‬فقال‪« :‬جبيل عليه‬
‫السهلم‪ ،‬آتانه فقال‪ :‬مهن أدرك شههر رمضان فلم يُغفهر له‪ ،‬فدخهل النار‬
‫فأبعده قل آمي‪ ،‬فقلت آمي» الديث‪.‬‬
‫وعكن أبك هريرة عكن رسكول ال قال‪« :‬أظللكهم شهركهم هذا‪،‬‬
‫ي لم منه‪ ،‬ول َمرّ بالنافقي‬
‫بحلوف رسول ال ما مر بالسلمي شهر خ ٌ‬
‫شهرٌ ش ٌر لم منه‪ ،‬بحلوف رسول ال إن ال ليك تب أجره ونوافله قبل‬
‫أن يُدخله‪ ،‬ويكتب إصره وشقاءه قبل أن يُدخله‪ ،‬وذلك أن الؤمن يُعد فيه‬
‫القوت والنفقهة للعبادة‪ ،‬ويع ّد فيهه النافهق اتباع غفلت الؤمنيه واتباع‬
‫عوراتم‪ ،‬فغُنمٌ يغنمه الؤمن»‪.‬‬
‫وقال بندار ف حدي ثه‪« :‬ف هو غُن مٌ للمؤمن ي يغتن مه الفا جر» رواه ا بن‬
‫خزية ف صحيحه وغيه‪.‬‬
‫و عن أ نس‪ ،‬أن ال نب كان يد عو ببلوغ رمضان‪ ،‬فكان إذا د خل‬

‫‪7‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ش هر ر جب قال‪« :‬الل هم بارك ل نا ف ر جب وشعبان وبلغ نا رمضان» رواه‬
‫الطبان وغيه‪.‬‬
‫وقال عبد العزيز بن مروان‪" :‬كان السلمون يقولون عند حضور شهر‬
‫رمضان الل هم قد أظل نا ش هر رمضان وح ضر ف سلمه ل نا و سلمنا له‪ ،‬وارزق نا‬
‫صيامه وقيامه‪ ،‬وارزقنا فيه الد والجتهاد والنشاط‪ ،‬وأعذنا فيه من الفت"‪.‬‬
‫وقال مُعلى بن الفضل‪ :‬كانوا يدعون ال ستة أشهر أن يُبلغهم رمضان‬
‫ثك يدعونكه سكتة أشهكر أن يتقبله منهكم‪ .‬وقال ييك بكن أبك كثيك كان مكن‬
‫دعائهم‪" :‬اللهم سلمن إل رمضان وسلم ل رمضان وتسلمه من مُتقبل"‪.‬‬
‫قال الناظم‪:‬‬
‫عِبَادةِ سِرّ ضِدّ طَبْعٍ مُعَوّدِ‬ ‫وَخُذْ فِي بَيَانِ الصّوْم غَي‬
‫وَفَطْمٌ عَن الَحْبُوبِ‬ ‫وَصَبْرٌ لِفَقْدِ اللْفِ مِن‬
‫لَهُ الصّوم يُجزِيْ غَيْرَ‬ ‫فَثِْق فِيْهِ بِالوَعْدِ القَدِيِمِ مِن‬
‫لامس أَركَانٍِ لِدينِ مُحمّد‬ ‫وَحَافِظ عَلَى شَهر الصّيَام فإنه‬
‫وتُفتح َأْبوَاب النان ِلعُبّدِ‬ ‫تُغلق َأبْوَاب الحيم ِإذَا أتى‬
‫لهل الرّضا فِيه وَأه ِل التّعَبّدِ‬ ‫ت الّنعِيْم وَحُورِهَا‬‫تُزخرفُ جَنّا ُ‬
‫عَلَى أَلفِ شَه ٍر فُضّلت‬ ‫َوقَد خَصّه الُ العَظِيمُ بِلَيْلَةٍ‬
‫وَأَعظِمْ بَأَجْر الُخْلِص‬ ‫فَارغَم بِأَنفِ القَاطِعِ الشّهر‬
‫وَصُنْ صَوْمَهُ عَن ُك ّل ُم ْوهٍ‬ ‫فَقُمْ لَيْلَهُ وَاطْوِ نَهَارَكَ‬
‫اللهم أهل شهرنا علينا بالسلمة والسلم‪ ،‬والمن واليان‪ ،‬واغفر لنا‬
‫ف وكان‪ ،‬وأعتِق نا ف يه من لفحات النيان وأع نا على ال ي يا‬ ‫كل قبيحٍ سل َ‬
‫كر ي يا منان‪ ،‬واغ فر ل نا ولوالدي نا‪ ،‬وج يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي‪،‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫موعظههة‬
‫عباد ال أخرج البخاري ف صحيحه عن سهل بن سعد قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال ‪« :‬من يضمن ل ما بي لييه وما بي رجليه أضمن له النة»‪،‬‬
‫عباد ال إن هذا الديث على إيازه ليحتوي على وصيةٍ ثينة من أبلغ الوصايا‬
‫وأقيم ها وأجل ها وأنفع ها ف قد اشت مل على ال مر ب فظ عُضو ين عليه ما مدارٌ‬
‫عظيم حقيقي بتعاهدها بالرعاية والستقامة والرقابة والصيانة أل وها اللسان‬
‫والفرج‪ ،‬ول شك أنما إن أطلق سراحهما ف الشهوات واللذات وطرق الغي‬
‫والفساد كانا أصلً للبلء والفتنة والشر واللك‪.‬‬
‫وقال ‪ « :‬من و قي شر قبق به وذبذ به ولقل قه ف قد وج بت له ال نة»‬
‫الديث أخرجه منصور الديلمي من حديث أنس والقبقب البطن والذبذب‬
‫الفرج واللقلق اللسان‪.‬‬
‫عن أكثر ما يُدخل النار‬ ‫فهذه الشهوات با يهلك أكثر اللق و سُئل‬
‫فقال الجوفان الفم والفرج‪.‬‬
‫فالعاقل من يُبصر مواقع الكلم ويفظ لسانه من الفضول والذيان ول‬
‫يتعدى بفرجه زوجته وما ملكت يينه‪.‬‬
‫وقال ‪ « :‬من كان يؤمن بال واليوم الخر فليقل خيا أو ليصمت»‬
‫إذا فهمكت ذلك فاعلم أن زلت اللسكان عظيمكة فزلة مكن زلتكه قكد تؤدي‬
‫بالنسان إل اللك والعطب ومفارقة أهله وولده وأصدقائه وجيانه‪ ،‬فليحذر‬
‫النسان ما يري به لسانه‪.‬‬
‫قال ل ي ستقيم إيان ع بد ح ت ي ستقيم قل به‪ ،‬ول ي ستقيم قل به ح ت‬

‫‪9‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫يستقيم لسانه‪ ،‬الديث‪.‬‬
‫وعن سعيد بن جبي مرفوعا إل رسول ال أنه قال‪« :‬إذا أصبح ابن‬
‫آدم أصبحت العضاء كلها تذكر اللسان أي تقول‪ ،‬اتق ال فينا فإنك إن‬
‫استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا» وروي أن عمر بن الطاب‬
‫رأى أ با ب كر ال صديق و هو ي د ل سانه بيده فقال له‪ :‬ما ت صنع يا خلي فة‬
‫ر سول ال ؟ قال‪ :‬هذا أورد ن الوارد‪ ،‬إن ر سول ال قال‪« :‬ل يس ش يء‬
‫من السد إل يشكو إل ال اللسان على حدته»‪.‬‬
‫و عن ا بن م سعود أ نه كان على ال صفا يُل ب ويقول‪ :‬يا ل سان قل خيا‬
‫تغنم واسكت عن ش ّر تسلم من قبل أن تندم‪ ،‬فقيل‪ :‬يا أبا عبد الرحن أهذا‬
‫شي ٌء تقوله أو شيكء سكعته‪ ،‬فقال‪ :‬ل بكل شيءٌ سكعت رسكول ال يقول‪:‬‬
‫«إن أكثر خطايا ابن آدم ف لسانه»‪.‬‬
‫وقال ا بن ع مر‪ :‬قال ر سول ال ‪ « :‬من كف لسانه ستر ال عور ته‪،‬‬
‫ومن ملك غضبه وقاه ال عذابه‪ ،‬ومن اعتذر إل ال قبل ال عذره»‪.‬‬
‫ي فإنهك بذلك تغلب الشيطان»‪.‬‬ ‫وقال ‪« :‬إخزن لسهانك إل مهن خ ٍ‬
‫وقال ‪« :‬إذا رأيتم الؤمن صموتا وقورا فادنوا منه فإنه يُلقن الكمة»‪.‬‬
‫وأخرجه ابن ماجه من حديث خلد بلفظ «إذا رأيتم الرجل قد أُعطي‬
‫زهدا ف الدنيا‪ ،‬وقلة منطق فاقتربوا منه فإنه يُلقّى الكمة»‪.‬‬
‫ول تسب حفظ اللسان قاصرا على الصمت ف موضعه أو الكلم بل‬
‫يتعدى إل حفظكه مكن طعام مشبوه أو حرام وإن مكن العلوم أن اللسكان هكو‬
‫الوسيلة لضغ ما يأكله الرء وقذفه ف العدة بيت الطعام ومستقره وليصنه من‬
‫الزلل والرام فهو خي له ف عاقبة أمره‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وأ ما ح فظ الفرج فبترك التعدي على أعراض الناس وحرمات م ووض عه‬
‫ف اللل ف الطرق الشروعة وكفه عن الزنا والرام‪ ،‬والزنا آفة وبيلة على‬
‫الجتمع النسان وقد بينا مضاره ف الزء الثان وال أعلم‪.‬‬
‫وَحَادِي الَوت بِالرَوَاحِ‬ ‫ِإلَى كَمْ ذَا التّرَاخِيِ‬
‫وََلكِنّا أَشَدّ مِن الَمَادِ‬ ‫فَلَوْ كَنّا جَمَادا لتّعَظْنَا‬
‫وَمَا نُصْغِي ِإلَى قَولِ الُنَادِي‬ ‫تُنَادِينا الَنِيّةُ ُكلَّ وَقْتٍ‬
‫ب ِإلَى ازدِيَادِ‬
‫وََلكِن الذّنُو َ‬ ‫وَأَنْفَاسِ النّفُوسِ ِإلَى‬
‫فَلَيْسَ دَوَاؤُهُ غَيْر الَصَادِ‬ ‫ِإذَا مَا الزّرعُ قَارَنَه اصفِرار‬
‫وَبِالُخْرَى مُنَاديها يُنَادِي‬ ‫كَأَنّكَ بِالِشِيْبِ َوقَد‬
‫سَلمِكُم ِإلَى يَوْمِ التّنَادِ‬ ‫وقَالوا‪ :‬قَدْ قَضَىَ فاقْرَوا‬
‫آخر‪:‬‬
‫وَوَفّ سَبِيلَ الدّينِ بالعُرْوَةِ‬ ‫تَجَافَ عَن ال ّدنْيَا وَهَوّن‬
‫فَل ذِمّةً أَقْوَى هُديِتَ مِن‬ ‫وَسَارِع بِتَقوى الِ سِرا‬
‫يَمُنّ بِها فالشّكر مُسْتَجلبُ‬ ‫وَل تَنْسَ شُكْرَ الِ فِي ُكلِّ‬
‫فَإنّ طَرِيقَ الَقّ أُبلجُ لَ‬ ‫فَدَع عَ ْنكَ مَا لَ حَظّ فِ ْيهِ‬
‫وَعُم ٍر قَصِيٍ لَ يَدُومُ وَلَ يبقى‬ ‫وشُح بِأَيّامٍ بَقِيَ قَلئِل‬
‫فَجدّتُه تَبْلَى ومُدّتُه تَفْنَى‬ ‫أَلَم تَرَ أَنّ العُمْرَ يَمْضي‬
‫وَنَنْشُرُ أَعْمَا ًل وَأَعْمارُنَا‬ ‫نَخُوضُ وَنَلْهُو غَفْلَةً‬
‫وَتَنْتَابُنَا فِ ْي ِه النّوَائِبُ بِالبَلوَى‬ ‫تَواصِلُنا فِ ْيهِ الَحوَادِثُ‬
‫لَدَيها وَتَأْبَى أَنْ تُفَارِقَ مَا‬ ‫لقَّ‬‫عَجِبْتُ لِنَفْسٍٍ تُبصر ا َ‬
‫ت أَنْ َسوَف تُجزَى بِمَا‬ ‫َوقَد عَ ِلمْ َ‬ ‫وَتَسْعَى لِمَا فِ ْيهِ عَ َل ْيهَا مَضَرّةٌ‬
‫ف وَأَنْ‬ ‫ورَبّي أَهْلِ أَنْ يُخَا َ‬ ‫ذُنُوبِي أَخْشَاهَا وَلَسْتُ‬

‫‪11‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫َفإِنّي ل َأدْرِي أَأْكْرَمُ أَمْ أُخْزَى‬ ‫وَإِنْ كَانَ رَبّي غَافِرا ذَنْبَ‬
‫عباد ال إذا حضرتك إل الصكلة فأحضروا قلوبككم مكع البدان وقوموا‬
‫ب ي يدي ال عز و جل بضوع وخشوع وهيبةٍ ووقار وا ستكانة وتعظ يم أل‬
‫فراقبوا ال واعرفوا قدر مكن قمتكم له فعظموه وهابوه فقكد روى بعكض أهكل‬
‫العلم ف قول ال عز وجل‪َ :‬وقُومُوا لِلّهِ قَانِتِيَ قال‪ :‬القنوت‪ :‬الشوع ف‬
‫الركوع والسجود وغض البصر وخفض الناح من رهبة ال عز وجل‪.‬‬
‫وكان العلماء إذا قام أحد هم لل صلة هاب أن يتل فت أو يع بث بش يء‬
‫من شئون الدنيا إل ناسيا لنه ليس للعبد من صلته إل ما عقل منها فعليه أن‬
‫يتدبر ويتف هم ما يتكلم به من قراءة وت سبيح وت كبي وتل يل والق صود من‬
‫الركوع وال سجود وي ستحضر القيام ب ي يدي ال عز و جل وأ نه إن ل ي كن‬
‫يرى ال فإن ال يراه وكان ب عض التابع ي إذا قام إل ال صلة تغ ي لو نه وكان‬
‫يقول أتدرون بي يدي من أقف ومن أُناجي من منا ف قلبه مثل هذا الجلل‬
‫والي بة والتعظ يم لبد يع ال سموات والرض ول قد بلغ نا أن من تعظيم هم ل‬
‫ولمره أن أحدهكم كان إذا فاتتكه تككبية الحرام عزوه بصكيبته ‪ -‬رحةك ال‬
‫عليهم‪.‬‬
‫الل هم ث بت مب تك ف قلوب نا وقوّ ها ووفق نا لشكرك وذكرك وارزق نا‬
‫التأ هب وال ستعداد للقائك واج عل ختام صحائفنا كل مة التوح يد واغ فر ل نا‬
‫ولوالدي نا ولم يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على م مد‬
‫وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫الفصل الول‬
‫ف التوبة من العاصي‬
‫اعلم وفقنكا ال وإياك وجيكع السكلمي‪ ،‬أن الذنوب حجاب عكن ال‪،‬‬
‫والن صراف عن كل ما يُب عد عن ال وا جب‪ ،‬وإن ا ي تم ذلك بالعلم والندم‬
‫والعزم‪ ،‬فإنكه متك ل يعلم أن الذنوب أسكباب البُعكد عكن ال ل يندم على‬
‫الذنوب ول يتوجكع بسكبب سكلوكه طريكق البعكد‪ ،‬وإذا ل يتوجكع ل يرجكع‪،‬‬
‫والتو بة‪ :‬الرجوع عن الع صية إل الطا عة و هي واج بة من كل ذ نب‪ ،‬فإن‬
‫كا نت الع صية ب ي الع بد وب ي ر به تعال ل تتعلق ب ق آد مي‪ ،‬فل ها ثل ثة‬
‫شروط‪:‬‬
‫الول‪ :‬القلع عن العصية الت هو متلبس با‪ ،‬وعلمته مفارقة الذنب‬
‫فورا‪.‬‬
‫الثا ن‪ :‬الندم على فعل ها‪ ،‬وعلم ته طول الزن على ما فات وورد عن‬
‫ابن مسعود ‪ ،‬أن رسول ال قال‪« :‬الندم توبة»‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬العزم أن ل يعود إل معصكيةٍ أبدا‪ ،‬وعلمتكه التدارك لاك فات‬
‫وإصلح ما يأت‪ ،‬فإن كان الاضي تفريطا ف عبادة قضاها‪ ،‬أو مظلمة أداها‪،‬‬
‫أو خطيئة ل توجب غرامة حزن إذ تعاطاها‪.‬‬
‫فإن فُقد أحد الشروط الثلثة ل تصح توبته‪ .‬وإن كانت العصية تتعلق‬
‫بآدمي‪ ،‬فشروطها أربعة‪ ،‬الثلثة الشروط الذكورة‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬أن يبأ من حق صاحبها‪ ،‬فإن كانت مالً أو نوه رده إليه‪ ،‬إن‬
‫كان موجودا أو رد بدله ع ند تل فه من قيم ٍة أو مثلٍ‪ ،‬وإن كا نت حد قذف‬
‫ونوه مكنه منه أو طلب عفوه‪ ،‬وإن كانت غيبة استحله منها إن كان عاقلً‬

‫‪13‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫حليما‪ ،‬يغلب على الظكن أنكه إذا جاءه أخوه السكلم نادما تائبا عفكا عنكه‬
‫وسامه‪ ،‬وإل فليستغفر له؛ لا ورد عن أنس قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬إن من‬
‫كفارة الغيبة أن تستغفر لن اغتبته تقول‪ :‬ال اغفر لنا وله»‪.‬‬
‫وروى البخاري فك صكحيحه عكن أبك هريرة عكن النكب قال‪« :‬مهن‬
‫كانت عنده مظلمة لخيه من عرض أو مال فليتحلله منه اليوم قبل أن ل‬
‫يكون در هم ول دينار‪ ،‬إن كان له ع مل صال أُ خذ بقدر مظلم ته‪ ،‬وإن ل‬
‫يكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحُمل عليه»‪.‬‬
‫وقد أمر ال سبحانه وتعال بالتوبة‪ ،‬وبي ما للتائبي من الكرامة والجر‪،‬‬
‫فقال‪ :‬يَا َأيّهَا اّلذِي َن َآ َمنُوا تُوبُوا ِإلَى الّل ِه َت ْوَب ًة َن صُوحًا َع سَى َرّب ُك ْم َأ ْن ُي َك ّف َر‬
‫حِتهَا الْنهَا ُر ‪.‬‬‫جرِي ِم ْن َت ْ‬ ‫ت َت ْ‬
‫َعْن ُك ْم َسّيئَاِت ُك ْم َوُي ْد ِخَل ُك ْم َجنّا ٍ‬
‫قال ابن القيم ‪ -‬رحه ال ‪ :-‬والنصح ف التوبة يتضمن ثلثة أشياء‪:‬‬
‫الول‪ :‬تعميكم جيكع الذنوب واسكتغراقها باك بيكث ل تدع ذنبا إل‬
‫تناولته‪.‬‬
‫والثانه‪ :‬إجاع العزم والصكدق بكليتكه عليهكا بيكث ل يبقكى تردد ول‬
‫تلوم ول انتظار بل يمع كل إرادته وعزيته مبادرا با‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬تلي صها من الشوائب والعلل القاد حة ف إخل صها ووقوع ها‬
‫لحض الوف من خشية ال‪ ،‬والرغبة فيما لديه‪ ،‬والرهبة ما عنده‪ ،‬ل كمن‬
‫يتوب لفظ جاهه وحرمته ومنصبه ورياسته‪ ،‬أو لفظ حاله‪ ،‬أو لفظ قوته‬
‫لربك مكن ذمهكم‪ ،‬أو لئل يتسكلط عليكه‬
‫ٍ‬ ‫وماله‪ ،‬أو اسكتدعاء حدك الناس‪ ،‬أو‬
‫السفهاء‪ ،‬أو لقضاء نمته من الدنيا‪ ،‬أو لفلسه وعجزه ونو ذلك من العلل‬
‫الت تقدح ف صحتها وخلوصها ل عز وجل أ‪.‬هك‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وأ خب أ نه غفار لذنوب التائب ي‪ ،‬فقال عز شأ نه‪ :‬وَاّلذِي َن ِإذَا َفعَلُوا‬
‫ه َي ْغ ِفرُ‬
‫ِمه َومَن ْ‬
‫هتَ ْغ َفرُوا لِ ُذنُوِبه ْ‬
‫ّهه فَاس ْ‬
‫ُسههُ ْم ذَ َكرُوا الل َ‬
‫ش ًة أَوْ َظلَمُوا َأْنف َ‬ ‫فَاحِ َ‬
‫ك َجزَاؤُهُ مْ‬ ‫صرّوا عَلَى مَا َفعَلُوا وَهُ مْ َيعْلَمُو نَ * أُولَئِ َ‬‫ب إِل اللّ هُ َولَ مْ يُ ِ‬
‫الذّنُو َ‬
‫جرِي مِ نْ تَحْتِهَا النْهَا ُر خَاِلدِي َن فِيهَا َونِعْ َم أَ ْجرُ‬ ‫َم ْغفِ َر ٌة مِ نْ َرّبهِ ْم وَجَنّا تٌ تَ ْ‬
‫اْلعَامِلِيَ ‪.‬‬
‫وقال تعال‪َ :‬وتُوبُوا ِإلَى الّل ِه َجمِيعًا َأيّهَا اْل ُم ْؤ ِمنُو َن َل َعّل ُك ْم ُت ْفِلحُو َن ‪،‬‬
‫ب التّوّابِيَ ‪.‬‬ ‫ح ّ‬ ‫وأخب سبحانه أنه يب التوابي‪ ،‬فقال تعال‪ :‬إِ ّن ال ّلهَ يُ ِ‬
‫وقال ال نب ‪ « :‬يا أي ها الناس توبوا إل ال وا ستغفروه فإ ن أتوب ف‬
‫اليوم مائة مرة» رواه مسلم‪.‬‬
‫وقال ‪« :‬وال إن لستغفر ال وأتوب إليه ف اليوم أكثر من سبعي‬
‫مرة» رواه البخاري‪.‬‬
‫وقال ‪« :‬ل أشد فرحا بتوبة عبده حي يتوب إليه من أحدكم كان‬
‫ض فلة فانفل تت م نه وعلي ها طعا مه وشرا به فآ يس من ها‪،‬‬
‫على راحل ته بأر ٍ‬
‫فأتى شجرة فاضطجع ف ظلها وقد آيس من راحلته فبينما هو كذلك إذ‬
‫هو با قائمة عند فأخذ بطامها‪ ،‬ث قال من شدة الفرح‪ :‬اللهم أنت عبدي‬
‫وأنا ربك‪ ،‬أخطأ من شدة الفرح» الديث رواه مسلم‪.‬‬
‫وقال ‪« :‬إن ال تعال يبسهط يده بالليهل؛ ليتوب مسهيئُ النهار؛‬
‫ويب سط يده بالنهار؛ ليتوب مُ س ُئ الل يل ح ت تطلع الش مس من مغرب ا»‬
‫رواه مسلم‪.‬‬
‫والحاديث ف هذا كثية‪ ،‬والجاع مُنعقد على وجوب التوبة لمر ال‬
‫ورسكوله باك؛ ولن الذنوب مُهلكات مُبعدات عكن ال؛ فيجكب الرب منهكا‬

‫‪15‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫على الفور‪ ،‬وليحذر النسكان ككل الذر مكن الذنوب الكبائر والصكغائر‪،‬‬
‫ووجوب التوبة من الكبائر أهم وآكد‪ ،‬والصرار على الصغية أيضا كبية‪،‬‬
‫فل صغية مع الصرار ول كبية مع التوبة والستغفار‪.‬‬
‫وتواتر الصغائر عظيم التأثي ف تسويد القلب وهو كتواتر قطرات الاء‬
‫على الجر‪ ،‬فإنه يُحدث فيه حفرة ل مالة مع لي الاء وصلبة الجر‪ .‬فعلى‬
‫العا قل أن ي سترصد قل به با ستمرار ويُرا قب حركا ته ويُ سجل ت صرفاته ول‬
‫يتساهل ول يقول إنا من التوافه الصغار وصدق رسول ال حيث يقول‪:‬‬
‫«إياكم ومُحقرات الذنوب فإنن يتمعن على الرجل يُهلكنه»‪.‬‬
‫وإل هذا العن أشار الشاعر‪:‬‬
‫تَمُوْتُ الفَاعِي مِن سُمُومِ‬ ‫َولَ تَحْتَقِر كَيْدَ الضّعِيفِ‬
‫وَخرّبَ حَفْرُ الفَأ ِر سَدّ‬ ‫َوقَد هَدّ ِقدَما عَرْشَ بَلْقِيْسَ‬
‫وقال الخر‪:‬‬
‫إِنّ البَعُوضَة تُدمي مُقلة السَد‬ ‫لَ تَحْقِرَنّ صَغيا فِي‬
‫آخر‪:‬‬
‫فالقَطْرُ مِنْهُ تَتَدَفّقُ‬ ‫ل تَحْقَرَنّ مِن الذّنُوب‬
‫آخر‪:‬‬
‫وَكَبْيهَا ذَاك التُقى‬ ‫خَلِ الذّنُوب صَغِيَهَا‬
‫ضِِ الشَوكِِ يَحْذَ ُر مَا يَرى‬ ‫وَاصنَع كَمَاشٍ فَوقَ أر‬
‫إِنّ الّبَالَ مِن الَصَى‬ ‫ح ِقرَنّ صَغِيةً‬
‫لَ تَ ْ‬
‫وكما أن خي العمال الصالة أدومها إن قل‪ ،‬وأيضا الكبائر قلما تقع‬
‫من غي سوابق ومقدما تٍ من الصغائر‪ ،‬فمثل الزنا ‪ -‬العياذ بال – قلما يقع‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫فجأة بل تتقدم عليه مُراودة أو قبلةٌ أو لس‪.‬‬
‫الل هم ارزق نا العاف ية ف أبدان نا‪ ،‬والع صمة ف دين نا‪ ،‬وأح سن مُنقلب نا‪،‬‬
‫ووفقنا للعمل بطاعتك أبدا ما أبقيتنا‪ ،‬واجع لنا ب ي خيي الدنيا والخرة‪،‬‬
‫واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم‬
‫الراحي‪ ،‬وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصبحه أجعي‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫الفصل الثان‬
‫قال ابكن القيكم ‪ -‬رحهك ال ‪ :-‬وللمعاصكي مكن الثار الُضرة بالقلب‬
‫والبدن ف الدنيا والخرة ما ل يعلمه إل ال‪ ،‬فمنها أنا مدد من النسان يد‬
‫به عدوه عل يه‪ ،‬وج يش يقو يه به على حر به‪ ،‬و من عقوبات ا أن ا تون الع بد‬
‫أحوج ما يكون إل نف سه‪ ،‬ومن ها أن ا تر يء الع بد على ما ل ي كن يتر يء‬
‫عل يه‪ .‬ومن ها الط بع على القلب إذا تكاثرت ح ت ي صي صاحب الذ نب من‬
‫الغافلي‪ ،‬كما قال بعض السلف ف قوله تعال‪ :‬كَل َبلْ رَا نَ عَلَى قُلُوِبهِ مْ‬
‫هُونَ [الطففيك‪ .]12 :‬هكو الذنكب بعكد الذنكب وقال‪ :‬هكو‬ ‫مَا كَانُوا َيكْسِب‬
‫الذنب على الذنب حت يعمى القلب‪ ،‬وأصل هذا أن القلب يصدأ من العصية‬
‫فإذا زادت غلب الصدأ حت يصي رانا ث يغلب حت يصي طبعا وقفلً وختما‬
‫فيصي القلب ف غشاوة وغلف‪.‬‬
‫ومنها إفساد العقل فإن العقل نور والعصية تُطفيء نور العقل‪.‬‬
‫ومنها أن العبد ل يزال يرتكب الذنوب حت تون عليه وتصغر ف قلبه‪.‬‬
‫ومنها أن ينسلخ من القلب استقباحها فتصي له عادة‪.‬‬
‫ومنها أن العاصي تزرع أمثالا ويولد بعضها بعضا‪.‬‬
‫ومنها ظلمة يدها ف قلبه يس با كما يس بظلمة الليل‪.‬‬
‫ومنها أن العاصي توهن القلب والبدن أما وهنها للقلب‪ :‬فأمر ظاهر بل‬
‫ل تزال توهنه حت تزيل حياته بالكلية‪ ،‬وأما وهنها للبدن‪ :‬فإن الؤمن قوته ف‬
‫قلبه وكلما قوي قلبه قوي بدنه‪.‬‬
‫ومنها أن العاصي تحق العمر إذ أن العاصي كلها شرور‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ومنها شاتة العداء فإن العاصي كلها أضرار ف الدين والدنيا وهذا ما‬
‫يفرح العدو ويُسيء الصديق‪.‬‬
‫ومنهكا تعسكي أموره فل يتوجكه لمكر إل يده مغلقا دونكه أو متعسكرا‬
‫عليه‪.‬‬
‫ومنها الوحشة الت تصل بينه وبي الناس ول سيما أهل الي‪.‬‬
‫ومنها حرمان دعوة الرسول ودعوة اللئكة للذين تابوا‪.‬‬
‫ومنها أن الذنوب تدخل العبد تت لعنة رسول ال ‪.‬‬
‫ومن ها أن ا تدث ف الرض أنواعا من الف ساد ف الياه والواء والزرع‬
‫والثمار والساكن‪.‬‬
‫ومنها أنا تُطفيء من القلب نار الغية‪.‬‬
‫ومنها ذهاب الياء الذي هو مادة حياة القلب‪.‬‬
‫ومنها أنا تضعف ف القلب تعظيم الرب وتُضعف وقاره ف قلب العبد‪.‬‬
‫ومنها أنا تستدعي نسيان ال لعبده وتركه‪.‬‬
‫ومنها أنا ترج العبد من دائرة الحسان وتنعه ثواب الحسني‪.‬‬
‫ومنها أنا تُضعف سي القلب إل ال والدار الخرة‪.‬‬
‫ومنها أنا تصرف القلب عن صحته واستقامته‪.‬‬
‫ومنها أنا تعمي بصية القلب وتطمس نوره وتسد طرق العلم‪.‬‬
‫ومنها أنا تصغر النفس وتقرها وتقمعها‪.‬‬
‫ومنها أن العاصي ف أسر شيطانه وسجن شهواته‪.‬‬
‫ومنها سقوط الاه والنلة والكرامة عند ال وعند خلقه‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ومنها أنا توجب القطيعة بي العبد وبي ربه‪.‬‬
‫ومنها أنا تسلب صاحبها أساء الدح والشرف‪.‬‬
‫ومنها أنا تعل صاحبها من السفلة‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫هو ال ل تفى َعلَ ْيهِ السّرَائِر‬ ‫َألَ أَّيهَا الُستطرف الذنب جاهدا‬
‫فإن الذي ل يعرف ال كافرُ‬ ‫فإن كُنْت ل تعرفه حِ ْينَ عصيته‬
‫عَصَيْتَ فَأَنْتَ الُسْتَهِيُ‬ ‫وَإِنْ ُكنْت عَن عِلْمٍ وَمَعرفةٍ‬
‫عَلي ٌم بِِمَا تُطْوَى عَلَ ْيهِ‬ ‫فأَيّةَ حَالَيْكَ اعْتَقَدْتَ‬
‫وآخر‪:‬‬
‫وَتَلْحَظُنْي مُلحَظَةَ الرّقِيب‬ ‫تُغَازِلُنِي الَنِيّةُ مِن قَريِب‬
‫بِخَط الدّهْر أَسْطُرُه مَشِيِبِي‬ ‫وَتَنْشُرُ لِي كِِتَابا فِ ْيهِ طَيّي‬
‫ب مُنِيب‬ ‫يَلُوْحُ لِ ُكلّ أَوا ٍ‬ ‫كِِتَاب فِي مَعَانيهِ غُموضٌ‬
‫وَقِدْمًا كُنْتُ رَيّانَ القَضِيب‬ ‫أَرَى العَصَار تَعْصُر مَاءَ‬
‫فَعُوّضْتُ البَغيضَ من‬ ‫أَدَالَ الشّيبَ يَا صَاح‬
‫وَمِنْ حُسنِ النّضَارِة‬ ‫وُبّدْلُت التّثَاقل من نَشَاطِي‬
‫ِإذَا جَنْحَت وَمَالَتْ‬ ‫كَذَاك الشّمسُ يَعْلُوهَا‬
‫وَلَ تُلقى بِآسَادِِ الُرُوبِ‬ ‫تَحَارَبْنَا جُنو ٌد ل تُجاري‬
‫فَتَنلُ بِالُطَببِ والطّبِيب‬ ‫هِي القَدَارُ وَالَجَالُ تَأتِي‬
‫وَمَا أَغْرَاضُها غَيْرُ القُلوب‬ ‫تُفوق أسهُما عَن قَوسِ غَيْبٍ‬
‫مُؤَيّدَةٍٍ تُمَدّ مِن الغُيوب‬ ‫فأَنّى بِاحتراسٍ مِن جِنود‬
‫عَلَى مَا َقدْ رَكِبْتُ مِن ال ّذنُوبِ‬ ‫وَمَا آسىَ عَلَى الدّنْيَا َولَكِنْ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وَيَا وَيْحِي مِن اليَوم العَصْيب‬ ‫فَيَا لَهْفِي عَلَى طُولِ‬
‫عَلَى حُوْبِي بِتَهْتَانٍ سَكَوُب‬ ‫ِإذَا أَنَا لَم أَنُحْ نَفْسِي‬
‫عَلَ ْيهَا مِن َبعِيدٍ أَوْ قَرِيبِ؟‬ ‫فَ َمنْ هَذا الذي َب ْعدِي سَيَبكي‬
‫الل هم ا سلك ب نا منا هج ال سلمة وعاف نا من موجبات ال سرة والندا مة‬
‫ووفق نا لل ستعداد ل ا وعدت نا وأدم ل نا إح سانك ولط فك ك ما عودت نا وأت م‬
‫علينا ما به أكرمتنا برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على ممد وعلى آله‬
‫وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫الفصل الثالث‬
‫قال ابكن القيكم ‪ -‬رحهك ال تعال ‪ :-‬ماك ينبغكي أن يعلم أن الذنوب‬
‫والعاصي تضر‪ ،‬ول بد أن ضررها ف القلب كضرر السموم ف البدان على‬
‫اختلف درجات ا ف الضرر‪ ،‬و هل ف الدن يا والخرة شر وداء؛ إل ب سبب‬
‫الذنوب والعاصي؟‬
‫إل أن قال ‪ -‬رح ه ال ‪ :-‬ف ما الذي أخرج البو ين من ال نة والنع يم‬
‫واللذة والبهجة والسرور إل دار اللم والحزان والصائب؟ وما الذي أخرج‬
‫إبليس من ملكوت السماء وطرده ولعنه ومسخ ظاهره وباطنه‪ ،‬فجعل صورته‬
‫أق بح صورة وأشنع ها‪ ،‬وباط نه أق بح من صورته وأش نع وبدل بالقرب بُعدا‬
‫وبالرحة لعنةً وبالمال قُبحا وبالنة نارا تلظى وباليان كُفرا‪ ،‬وبوالة الول‬
‫الميكد عداوةً ومشاقكة وبزجكل التسكبيح والتقديكس والتهليكل زجكل الكفكر‬
‫والف سوق والع صيان‪ ،‬فهان على ال تعال غا ية الوان و سقط من عي نه غا ية‬
‫ال سقوط و حل عل يه غ ضب الرب تعال فأهواه‪ ،‬ومق ته أ كب ال قت فأرداه‪،‬‬
‫فصار قوادا لكل فاسق ومرم رَضيَ لنفسه بالقيادة بعد تلك العبادة والسيادة‪.‬‬
‫فعياذا بك اللهم من مالفة أمرك وارتكاب نيك‪.‬‬
‫و ما الذي أغرق أ هل الرض كل هم ح ت عل الاء فوق رءوس البال‪،‬‬
‫ومكا الذي سكلط الريكح على قوم عادٍ حتك ألقتهكم موتكى على وجكه الرض‬
‫كأنمك أعجاز نلٍ خاويكة ودمرت مكا مرت عليكه مكن ديارهكم وحروثهكم‬
‫وزروعهم ودوابم حت صاروا عِبةً للمم إل يوم القيامة‪.‬‬
‫وما الذي أرسل على قوم ثود الصيحة حت قطعت قلوبم ف أجوافهم‬
‫وماتوا عن آخر هم‪ ،‬و ما الذي ر فع قُرى اللوط ية ح ت سعت اللئ كة نباح‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫كلبم ث قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها فأهلكهم جيعا ث أتبعهم حجارةً‬
‫من ال سماء أمر ها علي هم فج مع علي هم من العقو بة ما ل يم عه على أمةٍ‬
‫غيهم‪ ،‬ولخوانم أمثالا قال تعال‪َ :‬ومَا هِ يَ مِ َن الظّالِ ِميَ بَِبعِيدٍ [هود‪:‬‬
‫‪.]83‬‬
‫و ما الذي أر سل على قوم شع يب سحاب العذاب كالظلل فل ما صار‬
‫فوق رءو سهم أم طر علي هم نارا تل ظى‪ ،‬و ما الذي أغرق فرعون وقو مه ف‬
‫البحر ث نُقلت أرواحهم إل جهنم‪ ،‬فالجساد للغرق والرواح للحرق‪ ،‬وما‬
‫الذي خسكف بقارون وداره وماله وأهله‪ ،‬ومكا الذي أهلك القرون مكن بعكد‬
‫نوح بأنواع العقوبات ودمرهكا تدميا‪ ،‬ومكا الذي أهلك قوم صكاحب يكس‬
‫بالصيحة حت خدوا عن آخرهم‪.‬‬
‫وما الذي بعث على بن إسرائيل قوما أول بأ سٍ شديد فجاسوا خلل‬
‫الديار وقتلوا الرجال وسبوا الذرية والنساء‪ ،‬وأحرقوا الديار ونبوا الموال‪ ،‬ث‬
‫بعثهم عليهم مرة ثانية فأهلكوا ما قدروا عليه وتبوا ما علوا تتبيا‪ ،‬وما الذي‬
‫سكلط عليهكم أنواع العقوبات مرة بالقتكل والسكب وخراب البلد‪ ،‬ومرة بور‬
‫اللوك ومرة بسكخهم قردةً وخنازيكر وآخكر ذلك أقسكم الرب تبارك وتعال‬
‫ليبعثن عليهم إل يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب‪.‬‬
‫شعر‪:‬‬
‫بِدَمْعٍٍ غَزيْرٍٍ وَاكِفٍٍ‬ ‫دَعُونِيْ عَلَى نَفْسِي أَنوحُ‬
‫أَخَافُ عَلَى نَفْسِي الضّعِيفَة‬ ‫دَعُونِيْ عَلَى نَفْسِي أنوحُ فَإِنّنِي‬
‫ِإذَا مَا َهذَا النوام والليل غيهب‬ ‫ضرّع والبكا‬
‫وإن حقيق بالتّ َ‬
‫وغارت نوم الليل وانقض كوكب‬ ‫وجالت دواعي الُزن من ُكلّ‬

‫‪23‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وأن بآفات ال ّذنُوب مُعذب‬ ‫َكفَى أن عين بالدموع بيلة‬
‫ِإلَى َأْينَ إلائي إِلَى َأْينَ أهرب‬ ‫فَ َمنْ ل ِإذَا نادى النادي بن عصى‬
‫َوقَد قُرّبَ الِيزَانُ والنّارُ‬ ‫َوقَد ظهرت تِلكَ الفضائح كُ ّلهَا‬
‫لَئنْ كُنْتُ فِي قَعْرِ الّحِيْمِ‬ ‫فَيَا طُولَ حُزْنِي ثُمّ يَا طُولَ‬
‫تَبِيتُ قياما فِي دُجَى الليلِ‬ ‫َفقَد فَازَ بالُلْكِ العَظيمِ عِصَابةٌ‬
‫َوقَد زُيِنَتْ حُورُ الِنَانِ‬ ‫ِإذَا أشْرَفَ الَبّارُ مِن فَوْقِ‬
‫ت َل ُكمْ دارِي َومَا شِئُْتمُ‬
‫َأبَحْ ُ‬ ‫ل وَمَرْحَبًا‬ ‫ل وَسَه ً‬
‫فَنَادَاهُمُ أه ً‬
‫قال العلماء وتعظكم الصكغية بأسكباب منهكا‪ :‬أن يسكتصغرها النسكان‬
‫ويستهي با فل يغتم بسببها ول يُبال‪ ،‬ولكن الؤمن الُجل ل الُعظم له هو‬
‫الستعظم لذنبه وإن صغر فإن الذنب كلما استعظمه العبد صغر عند ال تعال‬
‫وكلما استصغره كب عند ال تعال فإن استعظامه يكون عن نفور القلب منه‬
‫وكراهيته له‪.‬‬
‫قال ابن مسعود‪ :‬إن الؤمن يرى ذنبه كأنه ف أصل جبل ياف أن يقع‬
‫عليه وإن الفاجر يرى ذنبه كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا‪ ،‬أخرجاه ف‬
‫ال صحيحي‪ ،‬و ف البخاري من حد يث أ نس ‪« :‬إن كم لتعملون أعمالً هي‬
‫أدق فه أعينكهم مهن الشعهر كنها لنعدهها على عههد رسهول ال مهن‬
‫الوبقات»‪.‬‬
‫وقال بلل بن سعد ‪ :‬ل تنظر إل صغر الطيئة ولكن انظر إل عظمة‬
‫من عصيت‪ ،‬ومنها‪ :‬السرور با والتبجح بسببها‪ ،‬واعتقاد التمكن منها نعمة‬
‫حت إن الذنب الجاهر بالعاصي ليفتخر ب ا فيقول‪ :‬ما رأيت ن كيف شتمته‬
‫وكيف مزقت عرضه وكيف خدعته ف العاملة‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ومنها‪ :‬أن يتهاون بستر ال عليه‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن يُجاهر بالذنب ويُظهره ويذكره بعد فعله‪ ،‬وقد قال ‪« :‬كل‬
‫أم ت مُعا ف إل الجاهرون»‪ .‬ومن ها‪ :‬أن ت صدر ال صغية عن عال يُقتدى به‬
‫فذلك عظيم؛ لنه يتبعه عليها خلق كثي‪ ،‬ويبقى أثرها بعده‪.‬‬
‫ب مالف‬ ‫لقِّ قَل ٌ‬‫أَسيُ الَطَايَا عِنْدَ بابك واقف له عَن طريق ا َ‬
‫وَلَمْ يَنْهَهُ قَلْبٌ مِنَ الِ‬ ‫ل وَغِِّرةً‬‫قديا عصى عمدا وجه ً‬
‫تَزِيدُ سِنْوه ُوَهْوَ يَزْدَادُ َ فَهَا هُوَ فِي لَيْلِ الضّللَةِِ‬
‫لقّ‬‫فَمَا طَافَ فِ ْيهِ مِن سَنَا ا َ‬ ‫تَطَلّعَ صُبْحُ الشّيْبَ‬
‫ق خَوَاطِفُ‬ ‫حُلُومُ مَنَا ٍم أو بُرُوُ ٌ‬ ‫ثَلثونَ عَاما َقدْ تَوَلّتْ‬
‫ِإذَا ارْتَحَلَتْ عَنْهُ الشّبِيبَةْ‬ ‫وَجَاءَ الْشَيِبُ الُنذرُ الَرءَ‬
‫وَنَادَاكَ مِن سِنْ الكُهُولَةِِ‬ ‫أيّهَا الغرورُ َقدْ أَدْبَرَ الصّبَا‬
‫وَأَبْكَاهُ ذَنْبٌ َقدْ تَقَدّمَ‬ ‫فَهَل أَرّقَ الطّرفَ الزّمَانُ‬
‫فَدَمْعُكَ يُنْب أَنّ قَلْبَكَ‬ ‫فَجُدْ بالدّمُوعِ الُمرِ حُزنا‬
‫اللهم كما صُنت وجوهنا عن السجود لغيك فصن وجوهنا عن السألة‬
‫لغيك‪ .‬اللهم من كان على هوى وهو يظن أنه على الق ف ُردُه إل الق حت‬
‫ل يضل من هذه المة أحد‪ .‬اللهم ل تشغل قلوبنا با تكفلت لنا به ول تعلنا‬
‫ك واغ فر لنكا‬
‫ك عندن ا‬
‫ف رزقكك خولً لغيك ول تنع نا خيك ما عندك ب شر م ا‬
‫ولوالدينا ولميع السلمي الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي‪،‬‬
‫وصلى ال على ممد وآله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫الفصل الرابع‬
‫واعلم أن التوبكة إذا صكحت بأن اجتمعكت شروطهكا وانتفكت موانعهكا‬
‫قبلت بل شك إذا وق عت ق بل نزول الوت‪ ،‬لو كانكت عن أي ذ نب كان‪،‬‬
‫وقبل طلوع الشمس من مغربا كما قال تعال‪َ :‬يوْ َم َيأْتِي بَعْضُ َآيَاتِ َربّكَ‬
‫ت فِي إِيَاِنهَا خَ ْيرًا‬
‫ت مِ ْن قَ ْبلُ َأوْ كَ سَبَ ْ‬
‫ل يَ ْنفَ ُع َنفْ سًا إِيَاُنهَا لَ ْم تَكُ نْ َآمَنَ ْ‬
‫[النعام‪.]158 :‬‬
‫وأخرج المام أحد والترمذي عن ابن عمر أن رسول ال قال‪« :‬إن‬
‫ال تعال يقبل توبة العبد ما ل يُغرغر» أي‪ :‬ما ل تبلغ روحه حلقومه فيكون‬
‫بنلة الش يء الذي يتغر غر به الر يض‪ ،‬والغرغرة أن يُج عل الشروب ف ال فم‬
‫ويُردد إل أ صل اللق ول يُبلع‪ ،‬فهذه الالة حالة حضور الوت وب عد حضور‬
‫الوت ل يُق بل من العا صي تو بة‪ ،‬ول من الكافر ين رجوع‪ ،‬ك ما قال تعال‬
‫ت َأنّ ُه ل ِإلَ هَ إِل الّذِي َآمَنَ تْ‬
‫ق قَالَ َآمَنْ ُ‬
‫عن فرعون‪ :‬حَتّى ِإذَا أَدْرَكَ ُه اْلغَرَ ُ‬
‫ِب ِه بَنُو ِإسْرَائِيلَ [يونس‪.]90 :‬‬
‫ومن العوقات الضارة التسويف بالتوبة فمن أين يعلم النسان أنه يبقى‬
‫إل أن يتوب فتارك البادرة بالتو بة ب ي خطر ين عظيم ي أحده ا أن تترا كم‬
‫الظلمة على قلبه من العاصي حت تصي َريْنا وطبعا وثانيهما أن يُعاجله الرض‬
‫فل يد مهلة للشتغال بحو ما وقع من الظلمة ف القلب فيأت ربه بقلبٍ غي‬
‫سليم ول ينجو إل من أتى ال بقلبٍ سليم‪.‬‬
‫وي ب على الن سان أن ل يت نع من التو بة خشية الوقوع ف ذنب مرة‬
‫أخرى فإن هذا ظن يدخله الشيطان ف قلبه ليؤخر التوبة ولربا يقول ف نفسه‬
‫سأستمر ف العا صي أيام شبا ب و صحت ث أتوب ب عد ذلك‪ ،‬وهذا يُ سوف‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ويؤخر‪ ،‬وإذا بالوت أو الرض يُفاجئه فل يد مُتسعا للتوبة والرجوع إل ال‬
‫‪ -‬نعوذ بال من سوء الات ة ‪ -‬ولذلك كان ال سلف ال صال تكاد تنخلع‬
‫قلوب م ف كل مر ضة يرضون ا؛ لحتمال أن تكون تلك الر ضة إخراجا ل م‬
‫من الدن يا ق بل أن يتمكنوا من تدارك ما فات من الفوات بالتو بة الن صوح‬
‫وللستكثار من الباقيات ال صالات‪ ،‬ومرض مرة أ حد الصالي فدخل عليه‬
‫أصكحابه يعودونكه فقالوا له كيكف ندك؟ قال‪ :‬موقرا بالذنوب فقالوا‪ :‬هكل‬
‫تشتهي شيئا؟ قال‪ :‬نعم! أن يَمُن عليّ رب بالتوبة عن كل ما يُكره قبل موت‪.‬‬
‫وقكد قال العلماء ما مثال الُسكوف بالتو بة إل مثال مكن احتاج إل قلع‬
‫شجرة فرآها قوية ل تنقلع إل بشق ٍة شديدةٍ فقال‪ :‬أؤخرها سنة ث أعود إليها‬
‫و هو يعلم أن الشجرة كل ما بق يت ازدادت قوة لر سوخها وكل ما طال عمره‬
‫ازداد ضعفه فل حاقة ف الدنيا أعظم من حاقته إذ عجز مع قوته عن مقاومة‬
‫ضعيف فأخذ ينتظر الغلبة عليه إذا ضعف هو ف نفسه وقوي الضعيف‪.‬‬
‫قال ابكن القيكم ‪ -‬رحهك ال ‪ :-‬إذا أراد ال بعبده خيا فتكح له أبواب‬
‫التو بة والندم والنكسكار والذل والفتقار والسكتعانة بكه و صدق اللجكأ إليكه‬
‫ودوام التضرع والدعاء والتقرب إل يه ب ا أم كن من ال سنات ما تكون تلك‬
‫ال سيئة به سبب رح ته ح ت يقول عدو ال‪ :‬يا ليت ن ترك ته ول أوق عه وهذا‬
‫معن قول بعض السلف إن العبد ليعمل الذنب يدخل به النة ويعمل السنة‬
‫يدخل با النار‪ ،‬قالوا‪ :‬كيف؟ قال‪ :‬يعمل الذنب فل يزال نُصب عينيه خائفا‬
‫ل باكيا ناد ما مُ ستحيا من ر به تعال نا كس الرأس ب ي يد يه‬
‫م نه مُشفقا وج ً‬
‫مُنكسر القلب له فيكون ذلك الذنب أنفع له من طاعات كثية با ترتب عليه‬
‫من هذه المور ال ت ب ا سعادة الع بد وفل حه ح ت يكون ذلك الذ نب سبب‬
‫دخول النة‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ويف عل ال سنة فل يزال ي ن ب ا على ر به ويت كب ب ا ويرى نف سه شيئا‬
‫ويُع جب ب ا وي ستطيل ب ا ويقول فعلت وفعلت‪ ،‬فيور ثه من الع جب وال كب‬
‫والفخر والستطالة ما يكون سبب هلكه‪.‬‬
‫فإذا أراد ال تعال بذا السككي خيا ابتله بأم ٍر يكسكره بكه ويُذل بكه‬
‫عنقه ويُصغر به نفسه عنده‪ ،‬وإذا أراد به غي ذلك خله وعجبه وكبه وهذا‬
‫هو الذلن الوجب للكه فإن العارفي كلهم مُجمعون على أن التوفيق هو‬
‫أن ل يكلك ال تعال إل نفسك‪ ،‬والذل أن يكلك ال إل نفسك‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ارْحَمْ عِبادا أَكُفّ الفَقْرِ َقدْ‬ ‫يَا مَن يُغيثُ الوَرَى مِن بَعْدِ مَا‬
‫سِوَى جَمِيلِ رَجَا ٍء نَحْوَهُ‬ ‫عَوّدْتَهُم بَسْطَ أَرْزَاقٍ بِل‬
‫بالُودِ إنْ أقْسَطُوا والِلْمِ إن‬ ‫وَعَدْتَ بالفَضلِ فِي وِرْدٍٍ‬
‫وَكُل صَعْبٍٍ بِقَيْدِ الُجْوِد‬ ‫عَوارِفَ ارْتَبَطتْ شُمّ‬
‫بِجَمِّ إنْعَامِه الطرافُ‬ ‫يَا مَنْ تَعَرّفَ بالَعروفِ‬
‫وَهْمٌ يَجُوزُ عَلَ ْي ِه لَ وَلَ غَلَطُ‬ ‫وَعَالِما بِخَفِيّاتِ الُمُورِ‬
‫من شَأنِهِ أنْ يُواف حِيْنَ‬ ‫ي بباب الود مُنكسرا‬ ‫عبدٌ فق ٌ‬
‫قَبَائحُ وَخَطَايَا أمْرُها فَرَط‬ ‫مَهما أتى ليمدّ الكف أخجله‬
‫مِنْهُ ِإذَا خَطَبُوا فِي شكرِها‬ ‫يَا وَاسعا ضَاقَ خَطْوُ الَلْقِ‬
‫س يلحق منه مُسرفا قنطُ‬ ‫فلَيْ َ‬ ‫وَنَاشرا بيد الجال رحته‬
‫غَي الدُجنةِ لُحفٌ والثّرى ُبسُطُ‬ ‫ارْحَمْ عِبادا بضَنْكِ العَيشِ‬
‫سَا ٍم رفيع الذُرى مَا فوقه نطُ‬ ‫َلكِنهم من ذُرى عَليا َك فِي نطٍ‬
‫فَمَا يُبال أقام الي أَمْ شَحَطوا‬ ‫ومن يكن بالذي يَهواه مُجتمعا‬
‫وكل شي ٍء يُرجى بعد ذا شطط‬ ‫نن العبيد َوَأنْتَ اللك لَيْسَ سوى‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫موعظههة‬
‫فيكا أيهكا الهملون الغافلون تيقظوا فإليككم يوجكه الطاب ويكا أيهكا‬
‫النائمون انتبهوا قبكل أن تُناخ للرحيكل الركاب‪ ،‬قبكل هجوم هادم اللذات‬
‫ومفرق الماعات ومُذل الرقاب ومُش تت الحباب‪ ،‬ف يا له من زائر ل يعو قه‬
‫عائق ول يُضرب دونكه حجاب‪ ،‬ويكا له مكن نازل ل يسكتأذن على اللوك ول‬
‫يلح مكن البواب‪ ،‬ول يرحكم صكغيا ول يوقكر ككبيا ول ياف عظيما ول‬
‫ك هكو أعظكم منكه مكن السكؤال والواب‪ ،‬ووراءه هول‬ ‫يهاب‪ ،‬أل وإن بعده م ا‬
‫البعكث والشكر وأحواله الصكعاب مكن طول القام والزدحام فك الجسكام‬
‫واليزان والصراط والساب‪ ،‬اللهم أيقظنا من نوم الغفلة ونبهنا لغتنام أوقات‬
‫الهلة ووفق نا ل صالنا واع صمنا من قبائح نا وذنوب نا ول تؤاخذ نا ب ا انطوت‬
‫عليه ضمائرنا وأكنته سرائرنا واغفر لنا ولوالدينا وجيع السلمي برحتك يا‬
‫أرحم الراحي وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫الفصل الامس‬
‫وقال رحه ال‪:‬‬
‫اعلم أن صاحب الب صية إذا صدرت م نه الطئ ية فله ن ظر إل أمور‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن ين ظر إل أ مر ال ونيه فيُحدث له ذلك العتراف بكون ا خطيئة‪،‬‬
‫والقرار على نف سه بالذ نب‪ ،‬والثا ن‪ :‬أن ين ظر إل الوعد والوع يد فيُحدث له‬
‫ذلك خوفا وخشية تمله على التوبة‪ ،‬والثالث‪ :‬أن ينظر إل تكي ال له منها‬
‫وتليته بينه وبين ها وتقديرها عليه وأنه لو شاء لعصمه منها فيحدث له ذلك‬
‫أنواعا من العرفة بال وأسائه وصفاته وحكمته ورحته وعفوه وحلمه وكرمه‬
‫وتوجكب له هذه العرفكة عبوديكة بذه السكاء ل تصكل بدون لوازمهكا البتكة‬
‫ويعلم ارتباط اللق والمر والزاء والوعد والوعيد بأسائه وصفاته وأن ذلك‬
‫بوجب الساء والصفات وأثرها ف الوجود وأن كل اسم وصفة مُقتضٍ لثره‬
‫وموجبه مُتعل ٌق به ل بد منه‪.‬‬
‫وهذا الشهكد يُطلعكه على رياض مونقكة مكن العارف واليان وأسكرار‬
‫القدر والك مة يض يق عن الت عبي عن ها نطاق الكلم ف من بعض ها ما ذكره‬
‫الشيكخ "يُريكد صكاحب النازل"‪ :‬أن يعرف العبكد عزتكه فك قضائه وهكو أنكه‬
‫سبحانه العزيز الذي يقضي با يشاء وأنه لكمال عزته حكم على العبد وقضى‬
‫عليه بأن قلب قلبه وصرف إرادته على ما يشاء وحال بي العبد وقلبه وجعله‬
‫مُريدا شائيا ل ا شاء م نه العز يز الك يم وهذا من ك ما العزة‪ ،‬إذ ل يقدر على‬
‫ذلك إل ال وغايكة الخلوق أن يتصكرف فك بدنكك وظاهرك‪ ،‬وأمكا جعلك‬
‫مُريدا شائيا لا يشاؤه منك ويُريده فل يقدر عليه إل ذو العزة الباهرة …‬
‫فإذا عرف العبكد عكز سكيده ولحكظ بقلبكه وتككن شهوده منكه كان‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫الشتغال به عن ذل العصية أول به وأنفع له لنه يصي مع ال ل مع نفسه‪،‬‬
‫ومكن معرفكة عزتكه فك قضائه أن يعرف أنكه مدبر مقهور ناصكيته بيكد غيه ل‬
‫عصمة له إل بعصمته ول توفيق له إل بعونته فهو ذليل حقي ف قبضة عزيز‬
‫حيد‪.‬‬
‫و من شهود عز ته ف قضائه أن يش هد أن الكمال وال مد والِغ ن التام‬
‫والعزة كلها ل وأن العبد نفسه أول بالتقصي والذم والعيب والظلم والاجة‬
‫وكل ما ازداد شهوده لذله ونق صه وعي به وفقره ازداد شهوده لعزة ال وكماله‬
‫وحده وغناه وكذلك بالعكس فنقص الذنب وذلته يُطلعه على مشهد العزة‪.‬‬
‫ومنها أن العبد ل يريد معصية موله من حيث هي معصية فإذا ش هد‬
‫ل لاك هو متار له مريدا بإراد ته ومشيئ ته واختياره‬
‫جريان ال كم وجعله فاع ً‬
‫فكأنكه مُختا ٌر غيك متا ٍر مُريكد شا ٍء غيك شاءٍ فهذا يشهكد عزة ال وعظمتكه‬
‫وكمال قدرته‪.‬‬
‫و من ذلك أن يعرف بره سبحانه ف ستره عل يه حال ارتكاب الع صية‬
‫مع كمال رؤيته له ولو شاء لفض حه ب ي خل قه فحذروه وهذا من كمال بره‬
‫و من أ سائه الب‪ ،‬وهذا الب من سيده كان عن كمال غناه وكمال ف قر الع بد‬
‫إليه فيشتغل بطالعة هذه النة ومشاهدة هذا الب والحسان والكرم فيذهل عن‬
‫ذكر الطيئة فيبقى مع ال سبحانه وذلك أنفع له من الشتغال بنايته وشهود‬
‫ذل الع صية فإن الشتغال بال والغفلة ع ما سواه هو الطلب العلى والق صد‬
‫السن‪.‬‬
‫ومن ها شهود حلم ال سكبحانه وتعال ف إمهال راككب الطيئة مُطلقا‬
‫ولو شاء لعاجله بالعقوبة ولكنه الليم الذي ل يعجل فيُحدث له ذلك معرفة‬

‫‪31‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ربه سبحانه باسه الليم ومشاهدة صفة اللم والتعبد بذا السم‪ ،‬والكمة‬
‫والصلحة الاصلة من ذلك بتوسط الذنب أحب إل ال وأصلح للعبد وأنفع‬
‫من فوت ا‪ ،‬ووجود اللزوم بدون لز مه مت نع ومن ها معر فة الع بد كرم ر به ف‬
‫قبول العذر منكه إذا اعتذر إليكه بنحكو مكا تقدم مكن العتذار ل بالقدر فإنكه‬
‫ماصمته وماجة‪.‬‬
‫ومنها أن يشهد فضله ف مغفرته فإن الغفرة فضل من ال وإل فلو أخذ‬
‫بحض حقه كان عادلً ممودا‪.‬‬
‫وإن ا عفوه بفضله ل با ستحقاقك فيو جب ذلك شكرا له وم بة وإنا بة‬
‫إل يه وفرحا وابتهاجا به ومعر فة له با سه الغفار ومشاهدة لذه ال صفة وتعبدا‬
‫بقتضاها وذلك أكمل ف العبودية والحبة والعرفة‪.‬‬
‫ومنهكا أن يُكمكل لعبده مرتبكة الذل والضوع والنكسكار بيك يديكه‬
‫والفتقار إليه‪.‬‬
‫ومن ها أن أ ساء الرب تقت ضي آثار ها اقتضاء ال سباب التا مة ل سبباتا‬
‫فاسم السميع البصي يقتضي مسموعا ومبصرا‪ ،‬واسم الرزاق يقتضي مرزوقا‬
‫واسم الرحيم يقتضي مرحوما وكذلك أساء "الغفور والعفو والتواب والليم"‬
‫يقت ضي من يغ فر له ويتوب عل يه ويع فو ويلم وي ستحيل تعط يل هذه ال ساء‬
‫وال صفات إذ هي أ ساء حُ سن و صفات كمال ونعوت جلل وأفعال حك مة‬
‫وإحسان وجُو ٍد فل بد من ظهور آثارها ف العال‪.‬‬
‫وإل هذا أشار أعلم اللق بال صلوات ال وسلمه عليه حيث يقول‪« :‬‬
‫لو ل تُذنبوا لذهب ال بكم ولاء بقو ٍم يُذنبون ث يستغفرون فيغفر لم »‬
‫وأنكت إذا فرضكت اليوان بملتكه معدوما فمكن يرزق الرزاق سكبحانه وإذا‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫فرضت العصية والطيئة منتفية عن العال فلمن يغفر؟ وعمن يعفو؟ وعلى من‬
‫يتوب ويلم؟ وإذا فرضت الفاقات كلها قد سدت والعبيد أغنياء مُعافي فأين‬
‫السكؤال والتضرع والبتهال والجابكة وشهود النكة والتخصكيص بالنعام‬
‫والكرام فسكبحان مكن تعرف إل خلقكه بميكع أنواع التعرفات ودلمك عليكه‬
‫بأنواع الدللت‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫ت لهٍ تَلْعَبُ‬ ‫رَيبَ الَنُون وََأنْ َ‬ ‫حَتّى مَتَى تُسقى النّفُوس‬
‫ف لَ تَزَالُ تُرَوّعُ‬ ‫وَب َفقَد إِلْ ٍ‬ ‫عَجَبا لِمْنِك والَيَاةُ‬
‫وَِإلَى الْمْنّيةِ ُكلَّ يَومٍٍ تُدفَعُ‬ ‫أ َفقَد رَضِيْتَ بأنْ تُُعلَل‬
‫دُنْيَا تَغُرّ بِوصْلِهَا وَسَتُقطَعُ‬ ‫ل تَخْدَعَنّكَ بَعْدَ طُولِ‬
‫إن اللبيبَ بِمثْلِها لَ يُخدَعُ‬ ‫أَحْل ُم نَوْمٍٍ أَوْ كَظِلٍٍ زَايلٍ‬
‫ألِغَيِ نَفْسِكَ لَ أَبَالَكَ‬ ‫وَتَزَوّدَنّ لِيَومٍِ فَقْرِكَ‬
‫الل هم أحينا ف الدنيا مؤمن ي طائع ي وتوف نا م سلمي تائب ي واغ فر لنا‬
‫ولوالدي نا ولم يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ‬
‫وآله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫الفصل السادس‬
‫وقال ‪ -‬رحه ال ‪ -‬للتوبة القبولة علمات‪:‬‬
‫منهكا أن يكون بعكد التوبكة خيا ماك قبلهكا ومنهكا أنكه ل يزال الوف‬
‫مُ صاحبا له ل يأ من م كر ال طر فة ع ي فخو فه م ستمر إل أن ي سمع قول‬
‫شرُوا بِالْجَّن ِة الّتِي كُنْتُ مْ‬
‫ح َزنُوا َوأَْب ِ‬
‫الر سل لق بض رو حه‪ :‬أَل تَخَافُوا وَل تَ ْ‬
‫تُو َعدُونَ [فصلت‪ ،]30 :‬فهنا يزول الوف‪.‬‬
‫ومن ها انلع القلب وتقط عه ندما وخوفا وهذا على قدر ع ظم النا ية‬
‫و صغرها‪ ،‬وهذا تأو يل ا بن عُيي نة لقوله تعال‪ :‬ل َيزَالُ بُنْيَاُنهُ مُ اّلذِي بَنَوْا‬
‫ِمه [التوبكة‪ .]110 :‬قال‪ :‬تقطعهكا بالتوبكة‪ .‬ول ريكب أن‬ ‫رِيَب ًة ف ِي قُلُوِبه ْ‬
‫الوف الشديد من العقوبة العظيمة يوجب انصداع القلب وانلعه‪.‬‬
‫وهذا هو تقطعه وهذا حقيقة التوبة لنه ينقطع قلبه حسرةً على ما فرط‬
‫منه وخوفا من سوء عاقبته فمن ل ينقطع قلبه ف الدنيا على ما فرط حسرةً‬
‫وخوفا تقطكع فك الخرة إذا حقكت القائق وعايكن ثواب الطيعيك وعقاب‬
‫العاصي فل بد من تقطع القلب إما ف الدنيا وإما ف الخرة‪.‬‬
‫و من موجبات التو بة ال صحيحة أيضا ك سرةٌ خا صة ت صل للقلب ل‬
‫يشبه ها ش يء‪ ،‬ول تكون لغ ي الذ نب ل ت صل بوع ول ريا ضة ول حب‬
‫مرد وإنا هي أمر‪ ،‬وراء هذا كله‪ ،‬تُكسر القلب بي يدي الرب كسرة تامة‬
‫قد أحا طت به من ج يع جها ته وألق ته ب ي يدي ر به طريا ذليلً خاشعا‬
‫كحال عبدٍ جانٍ أبق من سيده فأخذ فأحضر بي يديه ول يد من يُنجيه من‬
‫سطوته ول يد منه بُدا ول عنه غناءً ول منه مهربا وعلم أن حياته وسعادته‬
‫وفلحه وناحه ف رضاه عنه‪ ،‬وقد علم إحاطة سيده بتفاصيل جناياته‪ ،‬هذا‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫مع ح به ل سيده وشدة حاج ته إل يه وعل مه بضع فه وعجزه وذله وقوة سيده‬
‫وعز ته‪ .‬فيجت مع ف هذه الحوال ك سرة وذل وخضوع ما أنفع ها للعبد و ما‬
‫أجدى عائدتا عليه وما أعظم جبه با وما أقربه با من سيده فليس شيء‬
‫أحب إل سيده من هذه الكسرة والضوع والتذلل والخبات والنطراح بي‬
‫يديه والستسلم له‪.‬‬
‫فلله ما أحلى قوله ف هذه الال أسألك بعزك وذل إل رحتن‪ ،‬أسألك‬
‫بقو تك وضع في‪ ،‬وبغناك ع ن وفقري إل يك هذه نا صيت الكاذ بة الاطئة ب ي‬
‫يديك‪ ،‬عبيدك سواي كثي وليس ل سيدٌ سواك ل ملجأ ول منجى منك إل‬
‫إليك‪ ،‬أسألك مسألة السكي‪ ،‬وأبتهل إليك ابتهال الاضع الذليل‪ ،‬وأدعوك‬
‫دُعاء الائف الضرير‪ ،‬سؤال من خضعت لك رقبته‪ ،‬ورغم لك أنفه‪ ،‬وفاضت‬
‫لك عيناه‪ ،‬وذل لك قلبه‪.‬‬
‫فهذا وأمثاله من آثار التو بة القبولة ف من ل ي د ذلك ف قل به فليت هم‬
‫توبته وليجع إل تصحيحها فما أصعب التوبة الصحيحة بالقيقة وما أسهلها‬
‫بالل سان والدعوى‪ ،‬و ما عال ال صادق بش يء أ شد عل يه من التو بة الال صة‬
‫الصادقة ول حول ول قوة إل بال‪.‬‬
‫وحقائق التوبة ثلثة‪ :‬وعد منها اتام التوبة قال‪ :‬لنا حق عليه ل يتيقن‬
‫أ نه أدى هذا ال ق على الو جه الطلوب م نه الذي ينب غي له أن يؤد يه عل يه‪،‬‬
‫فيخاف أنه ما وفاها حقها وأنا ل تقبل منه وأنه ل يبذل جهده ف صحتها‪،‬‬
‫وأن ا تو بة علة و هو ل يش عر ب ا كتوبةِ أرباب الوائج والفلس والحافظ ي‬
‫على حاجاتم ومنازلم بي الناس‪.‬‬
‫أو أ نه تاب مافظةً على حاله فتاب للحال ل خوفا من ذي اللل‪ ،‬أو‬

‫‪35‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫أنه تاب طلبا للراحة من الكد ف تصيل الذنب أو اتقاء ما يافه على عرضه‬
‫وماله ومن صبه أو لض عف دا عي الع صية ف قل به وخود نار شهو ته أو لنافاة‬
‫الع صية ل ا يطل به من العلم والرزق ون و ذلك من العلل ال ت تقدح ف كون‬
‫التوبة خوفا من ال وتعظيما له ولرماته وإجللً له وخشيةً من سقوط النلة‬
‫عنده وعن البُعد والطرد عنه والجاب عن رؤية وجهه ف الدار الخرة فهذه‬
‫التوبة لون وتوبة أصحاب العلل لون قال‪:‬‬
‫و من اتام التو بة ض عف العزي ة والتفات القلب إل الذ نب الفي نة ب عد‬
‫الفينة وتذكر حلوة مواقعته‪ .‬ومن اتام التوبة طُمأنينته ووثوقه من نفسه بأنه‬
‫قد تاب حت كأنه قد أُعطي منشورا بالمان فهذه من علمات التهمة‪.‬‬
‫ومن علماتا جود العي واستمرار الغفلة وأن ل يستحدث بعد التوبة‬
‫أعمالً صالة ل تكن له قبل الطيئة‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫موعظههة‬
‫ك تب عليّ بن أ ب طالب ر ضي ال عنه إل ولده ال سي من ع بد ال‬
‫عل يٍ أمي الؤمني الوالد الفان الذام للدنيا الساكن مساكن الوتى‪ ،‬إل الولد‬
‫الؤمل ما ل يُدرك السالك سبيل من قد هلك‪ ،‬عُرض ُة السقام ورهينة اليام‬
‫صبَ الفات وخليف ُة الموات‪.‬‬ ‫وأسي النايا وقرين الرزايا وصريع الشهوات ونُ ُ‬
‫يا بُنّ إن بق يت أو فن يت فإ ن أو صيك بتقوى ال عز و جل وعمارة قل بك‬
‫بذكره والعتصكام ببله فإن ال يقول‪ :‬وَاعْتَصِهمُوا بِحَ ْبلِ اللّهِه جَمِيعًا وَل‬
‫َت َف ّرقُوا وَاذْ ُكرُوا نِعْ َم َة اللّ هِ عَلَ ْيكُ مْ الية وأي سبب يا بُن أوثق من سبب‬
‫بي نك وب ي ال عز و جل أح يِ قل بك بالوع ظة ونوره بالك مة وقوه بالز هد‬
‫وذل بالوت وقرره بالفناء وحذره صكولة الدهكر وتقلب الليال واعرض عليكه‬
‫أخبار الاض ي و سر ف ديار هم وآثار هم فان ظر ما فعلوا وأ ين َحلّوا فإ نك‬
‫تدهم قد انتقلوا من دار الغرور ونزلوا دار الغربة وكأنك عن قليلٍ يا بُن قد‬
‫صرت كأحدهم فبع دنياك بآخرتك ول تبع آخرتك بدنياك ودع القول فيما‬
‫ل تعرف وال مر في ما ل تُكلف و مر بالعروف بيدك ول سانك و كن من أهله‬
‫وأن كر الن كر بيدك ول سانك وبا ين من فعله و خض الغمرات إل ال ق ول‬
‫تأخذك ف ال لومة لئم واحفظ وصيت فل خي ف علم ل ينفع واعلم أنه ل‬
‫غن بك عن حُسن الرتياد مع بلغك من الزاد فإن أصبت من أهل الفاقة من‬
‫يتمل عنك زادك فيوافيك به ف معادك فاغتنمه فإن أمامك عقبة كؤودا ل‬
‫ل وأج ل ف الطلب وأح سن ف الك سب فرُب‬ ‫ياوز ها إل أ خف الناس ح ً‬
‫ب‬
‫ب دينه والسلوب من سُل َ‬ ‫ب وإنا الحروب من حُر َ‬ ‫ب قد جر إل حر ٍ‬ ‫طل ٍ‬
‫يقي نه واعلم أ نه ل غ ن يعدل ال نة ول ف قر يعدل النار وال سلم عل يك ورح ة‬

‫‪37‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ال‪.‬‬
‫قال الناظم ‪ -‬رحه ال ‪:-‬‬
‫تَخَافَ وَ َل تَقْنطْ وُثُوقا‬ ‫ف والرّجَا عَاملً‬ ‫وَكُنْ بَيْنَ خَو ٍ‬
‫وَتُبْ مُطْلقا مَعْ َفقَد عِلْمِ‬ ‫تَذَكّرْ ذُنوبا َق ْد مَضَيْنَ وَتُبْ‬
‫وتُطوَى عَلَى العَمالِ صُحْفُ‬ ‫وَبَادِر مَتَابا قَبْلَ يُغلَقُ بابَه‬
‫ِإذَا عَايَنَ المْلكَ أَو غَرْغَرَ‬ ‫فَحِيْنَئِذٍٍ لَ يَنْفَعُ الَرْءَ‬
‫ب يَغُرّ الغافلَ الاهلَ‬ ‫سَرَا ٌ‬ ‫وَلَ تَجْعَل المَالَ حِصنا فَإنّهَا‬
‫فيُصبح ندمانا َيعَضّ عَلَى اليَد‬ ‫فَبَيْنَا هُوْ مُغْتَرا يُفاجئُُه الرّدَى‬
‫وَيَندمُ يَنوي ل يَعودُ ِإلَى‬ ‫وَتَوْبَةُ حَقَ الِ يَسْتَغْفِرُ‬
‫فَسَتْرُكَ أَوْلَى مِن مُقِرٍٍ‬ ‫وَإِنْ كَا َن مِمّا يُوجِبُ الدّ‬
‫وَمَعَ عَجْزَهِ يَنْوِي مَتَى‬ ‫وَإِنْ تَابَ مِن غَصْبٍٍ فيُشرَطُ‬
‫بِتَمْكِيْنِه مِن نَفْسِه مَعَ مَا‬ ‫وَمِنْ حَدّ قَذْفٍ أَوْ قَصَاصٍ‬
‫تَدَارُكُ عُدوانِ اللسَانِ أو اليَد‬ ‫وَتَحْلِيْلُ مَظْلُوم مَتَابٌ لِنَادِمٍ‬
‫الل هم يا من ل تضره الع صية ول تنف عه الطا عة أيقظ نا من نوم الغفلة‬
‫ونبهنا لغتنام أوقات الهلة ووفقنا لصالنا واعصمنا من قبائحنا ول تؤاخذنا‬
‫باك انطوت عليكه ضمائرنكا وأكنتكه سكرائرنا مكن أنواع القبائح والعائب التك‬
‫ب واغ فر ل نا‬
‫تعلم ها م نا‪ ،‬وام نن علي نا يا مول نا بتوبةٍ ت حو ب ا ع نا كل ذن ٍ‬
‫ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي‬
‫وصلى ال على ممدٍ وآله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫موعظة‬
‫قال ا بن الوزي ‪ -‬رح ه ال ‪ :-‬الذر الذر من العا صي فإن ا سيئة‬
‫العواقب‪ ،‬والذر الذر من الذنوب خصوصا ذنوب اللوات‪ ،‬فإن البارزة ل‬
‫تعال تُسقط العبد من عينه سُبحانه ول ينال لذة العاصي إل دائم الغفلة‪ ،‬فأما‬
‫الؤ من اليقظان فإ نه ل يل تذ ب ا‪ ،‬ل نه ع ند التذاذه ي قف بإزائه عل مه بتحري ها‬
‫وحذره من عقوبتها‪ ،‬فإن قويت معرفته رأى بعي علمه قرب الناهي وهو ال‬
‫فيتنغص عيشه ف حال التذاذه فإن غلبه سُكر الوى كان القلب مُتنغصا بذه‬
‫الراقبات وإن كان الط بع ف شهو ته ف ما هي إل ل ظة ث خز يٌ دائ ٌم وندم‬
‫ملز مٌ وبكاءٌ متواصل وأسف على ما كان مع طول الزمان حت إنه لو تيقن‬
‫العفو وقف بإزائه حذار العتاب فأفٍ للذنوب ما أقبح آثارها وأسوء أخبارها‪.‬‬
‫انتهى‪.‬‬
‫الل هم نور قلوب نا بنور اليان وثبت ها على قولك الثا بت ف الياة الدن يا‬
‫وف الخرة واجعلنا هُداة مهتدين وتوفنا مسلمي وألقنا بعبادك الصالي يا‬
‫أكرم الكرم ي و يا أر حم الراح ي و صلى ال على م مد وعلى آله و صحبه‬
‫أجعي‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫الفصل السابع‬
‫فيما ينبغي التنبيه عليه والتحذير من ارتكابه‪.‬‬
‫قال ابن الوزي ‪ -‬رحه ال ‪ :-‬السلمون الُغترون طبقات‪:‬‬
‫الطبقة الول (طبقة العلماء)‪ :‬وهم قومٌ أحكموا العلم وتركوا العمل به‬
‫ظنا منهكم أنمك قكد حفظوا الشريعكة فلهكم عنكد ال قدر‪ ،‬ولو حققوا النظكر‪،‬‬
‫لعلموا أن العلم ل يُرادُ إل للع مل وكأن م يزيدون من الُ جة علي هم ومن هم‬
‫قو مٌ أحكموا العلم والع مل إل أن م ل يُ صلحوا الصفات الباطنة الذمو مة من‬
‫ال كب وال سد والرياء ول يدروا أن هذه شُعَل تع مل ف ب يت القلب فتحرق‬
‫بواطن العرفة‪.‬‬
‫قلت وهؤلء كمر يض ظ هر به جروح أ صلها ف البا طن فأ مر ال طبيب‬
‫مكن بكه ذلك أن يغسكل الظاهكر بدواء وأمره بشرب دواء آخكر لاك نشكأ عنكه‬
‫الظاهر فاستعمل ما للظاهر وترك ما للباطن فأزال مؤقتا ما بظاهره وأما ما ف‬
‫باط نه فعلى حاله‪ ،‬فلو شرب ما للبا طن من الدواء بر يء الظا هر إذا أراد ال‬
‫واستراح ظاهره وباطنه فكذلك الذنوب والعاصي إذا اختفت ف القلب ظهر‬
‫أثرها على جوارح النسان‪.‬‬
‫و من العلماء قوم سلموا من هذه الفات‪ ،‬لكن هم ف خد مة الوى من‬
‫ح يث ل يعلمون ف هم يُ صنفون ويتكلمون ومراد هم ذكر هم بذلك ومدح هم‬
‫وكثرة اتباعِهِم وهذه ال فة من خبا يا النفوس ل يف طن ل ا إل الكياس من‬
‫الناس‪.‬‬
‫الطبقة الثانية (طبقة ال ُعبّاد)‪ :‬فمنهم من حققوا التعبد إل أنه يرى نفسه‬
‫ل بالنوافل فمنهم من‬
‫فهو مغرور بذلك ومنهم من ترك كثيا من الفرائض شُغ ً‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫يُدر كه الو سواس ف ن ية ال صلة ث يترك قل به ف باقي ها يُ سرح ف الغفلت‪،‬‬
‫ومنهم من يُكثر التلوة ول يعمل با يتلو‪ ،‬ومنهم من يصوم ول يتحفظ من‬
‫غيب ته‪ ،‬ومن هم من يرج إل ال ج ول يرج من الظال‪ ،‬ول ين ظر ف نفق ته‪،‬‬
‫ومنهم من ياور بكة وينسى الُرمة ومنهم من يأمر بالعروف وينسى نفسه‪.‬‬
‫ومن هم من يز هد ف الال و هو را غب ف الريا سة بالز هد‪ .‬ومن هم من‬
‫يتخلق بأخلق الفقراء فك صكور ثيابمك ومرقعاتمك ويترك أخلقهكم الباطنكة‪،‬‬
‫فيشبعك مكن الشهوات‪ ،‬وينام الليكل ول يعرف واجبات الشرع‪ ،‬قلت وهؤلء‬ ‫ُ‬
‫غرورهكم عظيكم كمكا قال بعكض العلماء‪ ،‬لنمك يظنون أنمك يُحبون فك ال‬
‫ورسوله وما قدروا على تقيق دقائق الخلص إل وهم ملصون‪ ،‬ول وقفوا‬
‫ك مكن ككل أحكد‬ ‫ك النفكس إل وهكم مُنهون‪ ،‬وهكم أحكب فك الدني ا‬
‫على خباي ا‬
‫ويظهرون الزهد ف الدنيا لشدة حرصهم عليها وقوة رغبتهم فيها‪.‬‬
‫يثون على الخلص وهم غي ملصي ويُظهرون الدعاء إل ال وهم منه‬
‫فارون ويوفون بال وهكم منكه آمنون‪ .‬ويُذكرون بال وهكم له ناسكون‪ ،‬ويثون‬
‫على التمسك بالسنة بالدقيق والليل وهم لا نابذون ويذمون الصفات الذمومة‬
‫وهم با مُتصفون‪ ،‬وكأنه ل يطرق أساعهم قوله تعال‪َ :‬أَتأْ ُمرُو َن النّا سَ بِالِْبرّ‬
‫ب َأفَل َتعْقِلُونَ [البقرة‪.]44 :‬‬ ‫َوتَ ْنسَوْ َن َأْن ُفسَ ُكمْ َوَأنْتُ ْم تَتْلُو َن الْكِتَا َ‬
‫وقولكه‪ :‬يَا أَّيهَا الّذِي نَ َآمَنُوا لِ مَ َتقُولُو نَ مَا ل َتفْعَلُو نَ * كَُبرَ مَقْتًا‬
‫عِ ْندَ اللّ ِه أَنْ َتقُولُوا مَا ل َتفْعَلُونَ [الصف‪ .]3-2 :‬وقوله تعال حكايةً عما‬
‫قال شُع يب‪ :‬وَمَا أُرِي ُد أَ ْن ُأخَاِلفَكُ مْ ِإلَى مَا أَْنهَاكُ مْ عَنْ هُ [هود‪.]88 :‬‬
‫وورد عن ابن عباس رضي ال عنهما أنه جاءه رجل فقال‪ :‬إن أريد أن آمر‬
‫بالعروف وأن ى عن الن كر‪ .‬قال أبل غت ذلك؟ قال‪ :‬أر جو‪ .‬قال‪ :‬إن ل ت ش‬

‫‪41‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫أن تفتضح بثلث آيات من كتاب ال فافعل يشي ابن عباس رضي ال عنهما‬
‫إل اليات التقدمة‪.‬‬
‫الطبقة الثالثة‪" :‬أرباب الموال" فمنهم قو مٌ يرصون على بناء الساجد‬
‫والدارس ويكتبون أ ساءهم علي ها لتخل يد ذكر هم و من أراد و جه ال ل يُبال‬
‫بذكر اللق وهؤلء قال بعض العلماء‪ :‬إنم اغتروا من وجهي‪ :‬أحدها أنم‬
‫اكتسكبوها مكن الظلم والشبهات والرشاء والهات الحظورة فهؤلء تعرضوا‬
‫لسخط ال ف كسبها فإذا عصوا ال ف كسبها فالواجب عليهم التوبة ورد‬
‫الموال إل أرباباك إن كانوا أحياء وإل ورثتهكم إن كانوا أمواتا‪ ،‬وإن ل يبكق‬
‫ل م ور ثة فالوا جب علي هم أن ي صرفوها ف أ هم ال صال ورب ا يكون ال هم‬
‫تفرقتها على الساكي‪.‬‬
‫والوجه الثان‪ :‬أنم يظنون بأنفسهم الخلص وقصد الي ف النفاق‬
‫وعلو البن ية‪ .‬ولو كلف وا حد من هم أن يُن فق دينارا على م سكي ل ت سمح‬
‫نفسه بذلك‪ ،‬لن حب الدح والثناء مُستكن ف باطنه‪.‬‬
‫ومنهكم قوم يتصكدقون ولككن فك الحافكل ويعطون مكن عادتكه الشككر‬
‫وإفشاء العروف‪.‬‬
‫ومنهم من يُكثر الج وربا ترك جيانه جياعا‪.‬‬
‫ومنهكم قوم يمعون الال ويبخلون بإخراجكه‪ ،‬ثك يشتغلون بالعبادات‬
‫البدنية الت ل تتاج إل نفقة كالصيام والصلة‪ ،‬ول يدرون أن جهاد النفس‬
‫ف البخل الُهلك أول‪:‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫ه قُرُونا‬
‫وَم َا هِ يَ أَ نْ غَرّت ْ‬ ‫لَقَدْ خَابهَ مَنهْ غَرّتَههُ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وَزِيْنَتِها فِي مِثْلِ تِلكَ‬ ‫أَتَتْنَا عَلَى زِيّ العَزيزِ بُثينَةٍ‬
‫عَزوفٌ عَن الدّنْيَا وَلَسْتُ‬ ‫فَقُلْتُ لَها غُرِي سِوَايَ‬
‫وَأَمْوَا ِل قَارُونٍ وَمُلْكِ‬ ‫وَهَبْها أَتَتْنا بِاَلكِنوز وَدُرّهَا‬
‫وَيُطْلبُ مِن خَزَاِنا بِالطّوائِل‬ ‫ألَيْسَ جَمِيْعا لِلفَناءِ مَصِيُها‬
‫لِمَا فِيكِ مِن عِ ٍز وِمُلكٍ‬ ‫فَغُرّي سِوايّ إِنّنِي غَيُ‬
‫فَشَأنَكِ يَا دُنيا وَأهْلَ‬ ‫َوقَد قَنِعَتْ َن ْفسِي بِِمَا َقدْ‬
‫وَأَخْشَى عِقَابا دَائِما غَيَ‬ ‫َفِإنّي أَخَافُ الَ يَومَ لِقَائِه‬
‫اللهكم ننكا برحتكك مكن النار وعافنكا مكن دار الزي والبوار وأدخلنكا‬
‫بفضلك النة دار القرار وعاملنا بكرمك وجودك يا كري يا غفار واغفر لنا‬
‫ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي‬
‫وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الطب قة الراب عة‪ :‬طب قة العوام‪ :‬وغرور هم من وجوه‪ :‬فمن هم من ي صلي‬
‫كيفما اتفق ول يسأل عما يُصلح الصلة وما يُفسدها‪ ،‬ومنهم من يواظب‬
‫على النوا فل كالتراو يح‪ ،‬ول تكاد تده ف صلة الما عة ومن هم من يُلزم‬
‫مالس الوعظ ول يعمل با يسمع ول ينتهي عن قبيح ما يأت‪ ،‬كأن القصود‬
‫الضور ف قط قلت‪ :‬لن مالس الذ كر والرشاد إن ا تف يد لكون ا مُرغ بة ف‬
‫الي وباعثة ف الغالب عليه فإن ل ينشأ عنها ذلك فل خي فيها وصفة هؤلء‬
‫كما قال بعض العلماء‪ :‬كمثلِ مري ضٍ يضر مالس الطباء ويسمع منهم ما‬
‫يصفونه من الدوية ول يفعلها ول يشتغل با فأي فائدة يصل عليها؟!‬
‫فكل وعظ ل يُغي منك صفة تتغي با أفعالك حت تُقبل على ال عز‬
‫وجكل وتعرض عكن الدنيكا وتقبكل إقبالً قويا‪ ،‬فإن ل تفعكل فذلك كان زيادة‬

‫‪43‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫حجة عليك‪ ،‬وهذا غرور عظيم‪.‬‬
‫ومنهم من يتنفل بالعبادات ويُهمل الفرائض‪.‬‬
‫ومن هم من يتطوع بال ي ويُك ثر الت سبيح مع معامل ته بالر با وا ستعمال‬
‫الغش‪ ،‬وربا صاح على والديه وأخذ أعراض الناس‪ ،‬وجهور الناس قد اتكلوا‬
‫على الع فو واللم ف هم مُ صرون على ذنوب وخطا يا فإذا ذكرت ل م العقو بة‬
‫قالوا‪ :‬هو كري وينسون أنه شديد العقاب‪ ،‬ومنهم أقوام يستعجلون العصية‬
‫موافقةً للهوى ويضمرون أننا سنتوب ويسوفون بالتوبة‪ ،‬ومن العُصاة من يغتر‬
‫بفعل خي فربا تصدق أو سبح وظن أن هذا يُقاوم ذنوبه‪.‬‬
‫وينسى ما حصل منه من الغيبة والكذب والرياء وغي ذلك من العاصي‬
‫الت تقضي على السنات الت أمثال البال‪.‬‬
‫ومن الغترين من يغره صلح آبائه وربا قال‪ :‬أب يشفع ل ول يدري‬
‫أن أباه فضل بالتقوى وكان مع التقوى خائفا؟ ومن أين له أن يشفع له؟‪ ،‬أو‬
‫ش َفعُو َن إِل لِ َمنِ ا ْرتَضَى [النبياء‪.]28 :‬‬
‫ما سع قوله تعال‪ :‬وَل َي ْ‬
‫ول يعلم أن نوحا عليه السلم أراد أن يمل ابنه معه ف السفينة فمنع‬
‫من ذلك وأغرق ال ابنه مع الغرقي‪.‬‬
‫وف الديث الصحيح أن رسول ال قال‪ « :‬يا فاطمة ل أغن عنك‬
‫من ال شيئا» فالعاقل من عمل على الرص وأخذ بالحوط فمن تأمل العلم‬
‫وتصفحه وشاور العقل دله على الزم فسلم من الغترار‪ ،‬وال الوفق‪.‬‬
‫وطبقكة أخرى أكبوا على تلوة كتاب ال وتركوا تدبره والعمكل بكه‪،‬‬
‫وربا ختموه ف يومٍ وليلةٍ بألسنتهم‪ ،‬أما قلوبم فهي ف أودية الدنيا تردد‪ ،‬ول‬
‫تتف كر ف معا ن القرآن لتن جر بزواجره وتت عظ بواع ظه وت قف ع ند أوامره‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ونواه يه وتع تب بوا ضع العتبار‪ ،‬ف من قرأ كتابا عدة مرات وترك الع مل به‬
‫يُخشى عليه من العقوبة‪.‬‬
‫وطب قة اغتروا وأكثروا ال صيام و هم مع ذلك ل يفظون أل سنتهم عن‬
‫الغيبة والنميمة والكذب والتملق عند الفُساق وأعداء الدين ول يعرفون الولء‬
‫والباء ول يفظون بطونمك عكن الرام‪ ،‬ول أعينهكم عكن النظكر الحرم ول‬
‫أساعهم عن اللهي والنكرات ول يقومون على أولدهم ويأمرونم‪.‬‬
‫وطبقة أخرى أكثرت من نوافل الج من غي خروج من الظال وقضاء‬
‫الديون واسكترضاء الوالديكن ول طلبوا لذلك الزاد اللل ورباك ضيعوا صكلة‬
‫الما عة أو ال صلة الكتو بة‪ ،‬ورب ا كانوا ل يُبالون بالنجا سات‪ ،‬ورب ا كان‬
‫نفقة أحدهم حراما كله هو ورفقاؤه‪ ،‬وربا كان مُرائيا ف إنفاقه فيعصي ال‬
‫فك كسكب الرام أولً وفك إنفاقكه للرياء ثانيا نعوذ بال مكن الغرور‪ .‬وفرقكة‬
‫أخذت فك طريكق المكر بالعروف وإرشاد اللق وأنكروا على الناس وتركوا‬
‫أنفسهم وأولدهم ومن يشونم أو يرجونم‪ .‬وفرقة أخرى غلب عليها البخل‬
‫فل تسكمح نفوسكهم بأداء الزكاة كاملة مُكملة يُخرج مقدار ربعهكا فقكط‬
‫ويتأول الباقي ويعد أنه إذا وجد فقيا أعطاه ويرى أن ما يدفعه إذا تقدم فقي‬
‫ف ب عض اليام وأعطاه كافيا ورب ا كا نت زكا ته عدد أيام ال سنة مئات من‬
‫الريالت نعوذ بال من الغرور‪.‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫وَنَحْنُ فِي غَفلةٍ عَمّا يُرَادَ‬ ‫الَوتُ فِي ُكلِّ حِيْ ٍن يَنْشِر‬
‫وَإِنْ تَوشّحَتْ مِن أثَوَابِهَا‬ ‫ل تَطْمَئِنّ ِإلَى ال ّدنْيَا‬
‫أيْنَ الذين هُم كَانوا لَنَا‬ ‫أَيْنَ الَحِبّةُ والِيانُ مَا‬

‫‪45‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫فَصَيّرتْهُمْ لِطْبَاق الثّرَى‬ ‫سَقَاهُمُ الَوتُ كَأسا غيَ‬
‫بالكرُمَات وتَرْثي الِبرّ والِِنَنَا‬ ‫تَبْكِي النَازِلُ مِنْهُم ُكلُّ‬
‫أَ َل يَظُنّ عَلَى مَعْلومِهِ حَسَنَا‬ ‫حَسْبُ الِمَام لَوَ أَبْقَاهُم‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫موعظهة‬
‫خطب عمر بن عبد العزيز آخر خطبة خطبها فقال فيها‪ :‬أما بعد "إنكم‬
‫ل تُخلقوا عبثا‪ ،‬ولن تُتركوا سُدىً‪ ،‬وإن ل كم معادا ينل ال ف يه للف صل ب ي‬
‫عباده‪ ،‬فقد خاب وخسر من خرج من رحة ال الت وسعت كل شيء وحرم‬
‫جنة عرضها السموات والرض‪ ،‬أل ترون أنكم ف أسلب الالكي‪ ،‬وسيثها‬
‫بعدكم الباقون كذلك حت تُرد إل خي الوارثي‪ ،‬وف كل يو ٍم تشيعون غاديا‬
‫ورائحا إل ال ق ضى ن به وانق ضى أجله فتدعو نه ف صدعٍ من الرض غ ي‬
‫موسدٍ ول مهد‪ ،‬قد خلع السباب‪ ،‬وفارق الحباب‪ ،‬وسكن التراب‪ ،‬وواجه‬
‫ال ساب‪ ،‬غنيا ع ما خلف‪ ،‬فقيا إل ما أ سلف‪ ،‬فاتقوا ال ق بل نزول الوت‬
‫وانقضاء مواقيته‪ ،‬وإن لقول لكم هذه القالة وما أعلم عند أحدٍ من الذنوب‬
‫أكثكر ماك أعلم عندي‪ ،‬ولككن أسكتغفر ال وأتوب إليكه‪ ،‬ثك رفكع طرف ردائه‬
‫وبكى حت شهق ث نزل‪ ،‬فما عاد إل النب بعدها حت مات رحة ال عليه‪.‬‬
‫بنهزِلَةٍ تَبْقَى وَفيها الَتَالِف‬ ‫أتَبكِيْ َلذَا الَوتِ أم أنتَ‬
‫فَتَلْقَى كَما لقَى القُرونُ‬ ‫كأنك َقدْ غُيبت فِي اللحْد والثّرى‬
‫ف وَلَم يَبْقَ‬‫فَلَم يَبْقَ ذُو إِل ٍ‬ ‫أَرَى الَوت َقدْ أفْنَى القُرونَ الت‬
‫ِإذَا عُصبت يَوما عَلَ ْي ِه اللّفَائِف‬ ‫كَانَ الفَتَى لَم يَغْنَ فِي النّاس‬
‫فَمُسْتَعبِرٌ يَبْكِي وَآخَرُ‬ ‫وَقَامَتْ عَلَ ْيهِ عُصبةٌ يندُبُونه‬
‫وَتُعقدْ مِن لِبْن عَلَ ْي ِه السّقَائفُ‬ ‫وَغُوْدِرَ فِي لَحْدٍ كَرِيْهٍ‬
‫بِمَا ذَرَفَتْ فِ ْيهِ العُيُوُن‬ ‫يَقِلّ الغِنَي عَن صاحِب اللّحد‬
‫وََلكِن حزينٌ موجَعُ القلبِ خائفُ‬ ‫وَمَا من يَخَافُ البَعْثَ والنّارَ‬
‫وَهَيّجَ أحْزانا ذُنُوبٌ سَوالف‬ ‫ِإذَا عَن ذِكْرُ الَوتِ أوْجَعَ‬

‫‪47‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫اللهم أنظمنا ف سلك حزبك الفلحي‪ ،‬واجعلنا من عبادك الخلصي‬
‫وآم نا يوم الفزع ال كب يوم الد ين‪ ،‬واحشر نا مع الذ ين أنع مت علي هم من‬
‫النبيي والصديقي والشهداء والصالي واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي‬
‫الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي‪ ،‬وصلى ال على مم ٍد وعلى‬
‫آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫الفصل الثامن‬
‫الث على صيانة الوقت وصرفه فيما فيه النفع‪:‬‬
‫وما يتأكد اجتنابه والتحذير منه ف رمضان وغيه اللوس ف الجالس‬
‫الت هي كفيلة بالسران والندامة كمجالس آلت اللهو من السطوانات –‬
‫والذياع (الراديكو) – وأعظكم مكن ذلك السكينما – والتليفزيون والفيديكو –‬
‫ومالس شرب الدخان ونوه والغي بة – والب هت – وال سخرية وال ستهزاء –‬
‫وملعب الكرة – والورق والكيم والنرد ونو هذه الجالس الدنيئة الت كم‬
‫قتلت مكن أوقات وككم ضاع فيهكا مكن أموال وككم جنكت على أصكحابا‬
‫وغيهم من آثام وأوزار وشرور وأضرار‪.‬‬
‫نسكأل ال العصكمة لنكا ولخواننكا السكلمي مكن تعاطيهكا بيعا وشراءً‬
‫واستعما ًل واقتنا ًء وحضورا وإعان ًة وتشجيعا‪.‬‬
‫وعن عقبة بن عامر أن رسول ال قال‪ « :‬كل ما يلهو به الرجل‬
‫السلم باطل إل رمية بقوس وتأديبه فرسه وملعبته أهله فإنن من الق»‪.‬‬
‫ففي هذا الديث دليل على أن كل ما يلهو به النسان فهو باطل أي‬
‫مُحرم منوع ما عدا هذه الثلث الت استثناها رسول ال فإنن من الق أو‬
‫وسيلة إل الق‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم ‪ -‬رحه ال ‪ -‬ف الكلم على حديث عقبة كل لو‬
‫يلهو به الرجل فهو باطل الديث ما معناه الباطل ضد الق فكل ما ل يكن‬
‫حقا ووسيلة إليه ول يكن نافعا فإنه باطل مشغل للوقت مفوت على النسان‬
‫ما ينفعه ف دينه ودنياه فيستحيل على الشرع إباحة مثل هذا اهك‪.‬‬
‫وقال ابن القيم ‪ -‬رحه ال ‪ -‬إذا أشكل حكم شيء هل هو الباحة أو‬

‫‪49‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫التحريك فلينظكر إل مفسكدته وثرتكه وغايتكه فإن كان مشتملً على مفسكدة‬
‫راجحة ظاهرة فإنه يستحيل على الشارع المر به أو إباحته بل العلم بتحريه‬
‫من شرعه قطعي ول سيما إذا كان مفضيا إل ما يُغضب ال ورسوله موصلً‬
‫إل يه عن قرب وقال ش يخ ال سلم ل يوز الل عب بالطاب والنقلة و كل ما‬
‫أفضى كثيه إل حرمةٍ وإذا ل يكن فيه مصلحة راجحة لنه يكون سببا للشر‬
‫والفساد وما ألى أو شغل عن ما أمر ال به فهو منه ٌي عنه وإن ل يرم جنسه‬
‫كالبيع والتجارة و سائر ما يلهى به البطالون من أنواع اللهو و سائر ضروب‬
‫اللعب ما ل يُستعان به على حق شرعي فكل حرام اهك‪.‬‬
‫وكذا ينبغي أن يذر ما يعوق سيه إل ال والدار الخرة كالطالعة ف‬
‫الجلت والصكحف والكتكب التك ل يعود على صكاحبها منهكا إل الضرر‬
‫وضياع عمره الذي هو رأس ماله في ها و سوف يُ سأل الن سان ع ما أفناه ف يه‬
‫فقد قال رسول ال ‪« :‬ل تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حت يُسأل عن‬
‫خسه عهن عمره فيمها أفناه‪ ،‬وعهن شبابهه فيمها أبله‪ ،‬وعهن ماله مهن أيهن‬
‫اكتسبه وفيما أنفقه‪ ،‬وماذا عمل با علم»‪.‬‬
‫قال شيخ السلم‪" :‬بذل الال ل يوز إل لنفعة ف الدين والدنيا" وهذا‬
‫متفق عليه بي العلماء ومن خرج عن هذا كان سفيها مُبذرا لاله‪ ،‬فالي ينفق‬
‫ماله ف منافع دينه أو مباحات دنياه‪ ،‬وأما اليت ففي أوقافه ووصاياه فتتعي‬
‫منافع الدين ف حقه‪ ،‬ولذا اشترط ف الوقف القربة فل يصي إل جهة مُحرمة‬
‫أو مكرو هة أو مبا حة‪ ،‬بل إ ما إل وا جب أو م ستحب‪ ،‬وعلى هذا فالشروط‬
‫التضمنة للمر با نى ال عنه ورسوله أو النهي عما أمر ال به ورسوله مالفةً‬
‫للنص والجاع‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫قال ا بن الق يم ‪ -‬رح ه ال ‪ :-‬الع بد من ح ي ا ستقرت قد مه ف هذه‬
‫الدار فهو مسافر فيها إل ربه‪ ،‬ومدة سفره هي عمره‪ ،‬واليام والليال مراحل‬
‫فل يزال يطويها حت ينتهي السفر‪ ،‬فالكيّس ل يزال مهتما بقطع الراحل فيما‬
‫يقربه على ال لي جد ما قدم مضرا ث الناس منق سمون إل أقسام‪ ،‬من هم من‬
‫قطعها متزودا با يُقربه إل دار الشقاء من الكفر وأنواع العاصي‪ ،‬ومنهم من‬
‫قطع ها سائرا في ها إل ال وإل دار ال سلم‪ ،‬و هم ثل ثة أق سام‪ :‬سابقون أدوا‬
‫الفرائض وأكثروا من النوافكل بأنواع ها‪ ،‬وترك الحارم‪ ،‬والكروهات وفضول‬
‫الباحات‪ ،‬ومقتصكدون أدوا الفرائض وتركوا الحارم‪ ،‬ومنهكم الظال لنفسكه‬
‫الذي خلط عملً صالا وآ خر سيئا و هم ف ذلك درجات متفاوتون تفاوتا‬
‫عظيما اهك‪.‬‬
‫والوفق من يغتنم الزمن فيصرفه ف طاعة ال عز وجل من دراسة كتابه‬
‫وسنة رسول ال وتدبرها وتفهمهما والنظر ف كتب التفسي كتفسي ابن‬
‫جرير وابن كث ي ونوه ا من الحقق ي‪ ،‬والطالعة ف شرح البخاري وم سلم‬
‫و سائر ال سنن‪ ،‬ومُ صنفات العلماء الُحقق ي‪ ،‬كالو فق وال جد وش يخ ال سلم‬
‫وابن القيم ونوهم من الئمة جزاهم ال عن السلم والسلمي خيا‪.‬‬
‫وقال بعضهم يُوب ُخ نفسه ويثها على حفظ الوقت‪:‬‬
‫مِنْ أمرِ دُنياه حَتّى فَاتَ آجِلُهُ‬ ‫مَا بالُ قَلْبَكَ َقدْ الْهاهُ عاجله‬
‫هَل رَدّ حَتْفَ امرئٍ عَنْه‬ ‫ل وَالنايا غِيُ غافلةٍ‬ ‫يَا غَافِ ً‬
‫لَكَ الَبَائِل فَانْظُرُ مَن‬ ‫دُنْيَاَك والنّفْسُ والشّيطانُ َقدْ‬
‫عن رُشْدِه فَهْو بَالتّحقِيق‬ ‫يَا عَالا حُبّه دُنْياهُ يُذهلُهُ‬
‫مَنْ لَم يَسُسْ مُلْكَهُ فالُلكُ‬ ‫أُعْطيْتَ مُلْكَا فَسُسْ مَا‬

‫‪51‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وَمَا انقْضَى بَعضُه لَم يَبْقَ‬ ‫وَبَادِرِ العُمْرَ فَالسّاعَاتُ‬
‫مِن نَادِمٍ وَلَوَ انْبَتّتْ‬ ‫س يَنْفَعُ بعدَ الَوتِ عَضّ‬ ‫ولَيْ َ‬
‫هَوّنْ عَلَيك فَإِنّ الدّودَ‬ ‫يَا مُسْمِنَ الِسْمِ مُخْتَارا‬
‫قَبْلَ الِسَابِ الذي تُعْيِيْ‬ ‫وَحَاسَبِ النّفْسَ فِيْمَا َأنْتَ‬
‫عَلَى جَهُو ٍل بِدنُيْاهُ يُطاوِلُهُه‬ ‫يَا طَالِبَ الّاهِ كَيْ يَسْمُو‬
‫إِلّ بِالنّعَمِ العُظْمَى مًعَامِلُهُ‬ ‫هَلْ نَالَ قَطْ امرؤٌ عَزا عَلَى‬
‫يَفورُ بِالنّعَمِ العُظمى مُعامٍلُهُ‬ ‫اعْمَلْ بِعِلْمٍ وَعَامِ ٍل بِهِ‬
‫أَعْرَضْتَ أَوْلَكَ مَعْروفُا‬ ‫إن تُبْتَ جَادَ وإنْ أَحْسَنتَ‬
‫فَهَلْ تُجوّدُ فِيْمَا َأنْتَ عَامِلُهُ‬ ‫يَا عَبْدُ جُوّدْتَ فِيْمَا َأنْتَ‬
‫مَنْ يَفْصِلُ الدّ مِمّا َأنْتَ‬ ‫فَالقَوْلُ وَالفِعْل مَعْروُضَان‬
‫فإنّ ذَاكَ خَسِيْسُ الَظِ‬ ‫لَ تَرضَ بِالقَولِ دُونَ الفِعْلِ‬
‫وَانْهَضْ لِتُصْلحَ مِنْه مَا‬ ‫فَارْجَع ِإلَى الِ عَمّا فَاتَ مِن‬
‫َفقَد تَقَضّتْ بِخُسْرانٍ‬ ‫وَارْبَحْ أَواخِرَ عُمْر لَ بَقَاءَ‬
‫الل هم إ نك تعلم سرنا وعلنيت نا وت سمع كلم نا وترى مكان نا ل ي فى‬
‫عليك شيء من أمرنا نن البؤساء الفقراء إليك الستغيثون الستجيون بك‬
‫ن سألك أن تُق يض لدي نك من ين صره ويز يل ما حدث من البدع والنكرات‬
‫ويقيكم علم الهاد ويقمكع أهكل الزيكغ والكفكر والعناد ونسكألك أن تغفكر لنكا‬
‫ولوالدينا وجيع السلمي برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على ممد وآله‬
‫وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫‪ – 1‬حكم صوم رمضان‪:‬‬
‫صوم رمضان فريضة‪ :‬والصل ف فريضته‪ :‬الكتاب والسنة‪ ،‬والجاع‪.‬‬
‫أما الدليل من الكتاب فقوله تعال‪ :‬يَا أَّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا كُتِبَ عَلَ ْيكُمُ‬
‫الصّيَامُ كَمَا كُِتبَ عَلَى الّذِينَ ِم ْن قَبْ ِلكُ ْم َلعَلّ ُكمْ تَتّقُونَ [البقرة‪.]183 :‬‬
‫وأ ما ال سُنة‪ ،‬ف عن ا بن ع مر قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬بُ ن ال سلم‬
‫على خ س‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال وأن مُحمدا ر سول ال‪ ،‬وإقام ال صلة‬
‫وإيتاء الزكاة‪ ،‬وصوم رمضان‪ ،‬وحج البيت»‪.‬‬
‫وأما الجاع‪ ،‬فأجع السلمون على فريضة صوم شهر رمضان‪.‬‬
‫‪ – 2‬بيان من يب عليه الصوم‪:‬‬
‫ويُفترض على ككل مسكلم عاقكل بالغ قادر أداء وقضاء‪ ،‬ول يبك على‬
‫كافر – سواء كان أصليا أو مرتدا – لن الصوم عبادة ل تصح منه ف حال‬
‫ِنه يَنَْتهُوا‬
‫ِينه َك َفرُوا إ ْ‬
‫كفره‪ ،‬ول يبك عليكه قضاءهكا لقوله تعال‪ُ :‬ق ْل لِ ّلذ َ‬
‫ُي ْغفَ ْر َل ُهمْ مَا َقدْ سَلَفَ [النفال‪.]38 :‬‬
‫ولن فك إياب قضاء مكا فات فك حال كفره تنفيا عكن السكلم ولو‬
‫أسلم ف أثنائه ل يلزمه ما مضى من اليام ويصوم ما بقي من الشهر‪.‬‬
‫ولد يث ا بن ما جه ف و فد ثق يف‪ :‬قدموا عل يه ف رمضان‪ ،‬فضرب‬
‫عليهم قبة بالسجد فلما أسلموا‪ ،‬صاموا ما بقي عليهم من الشهر‪ ،‬إذ أن كل‬
‫يوم هو عبادة مُفردة‪.‬‬
‫ول يب الصوم على منون‪ ،‬ول صب حت يبلغ‪ ،‬لقوله ‪« :‬رُفع القلم‬

‫‪53‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫عن ثلثة‪ :‬عن الصب حت يبلغ‪ ،‬وعن الجنون حت يفيق‪ ،‬وعن النائم حت‬
‫يستيقظ»‪.‬‬
‫وأما اشتراط القدرة على الصوم فلن من ل يقدر عليه با ٍل وهو الكبي‬
‫والعجوز – إذا كان الصوم يُجهدها ويشق عليهما مشقة شديدة – فلهما أن‬
‫يُفطرا ويُطع ما ل كل يو ٍم م سكينا‪ ،‬لقول ا بن عباس ر ضي ال عنه ما ف قوله‬
‫تعال‪ :‬وَعَلَى اّلذِي َن يُطِيقُونَ هُ ِف ْدَيةٌ [البقرة‪ .]184 :‬لي ست بن سوخةٍ ف‬
‫الشيخ الكبي‪ ،‬والرأة الكبية اللذين ل يستطيعان الصوم فيُطعمان مكان كل‬
‫يومٍ مسكينا‪.‬‬
‫وروي أن أنس بن مالك ضعف عن الصوم ف صنع جفنة من ثريد‪،‬‬
‫فدعا ثلثي مسكينا فأطعمهم‪.‬‬
‫والريض الذي ل يُرجى بُرؤه‪ ،‬حُكمه حكم الشيخ الكبي‪ ،‬يُطعم لكل‬
‫يومٍ مسكينا‪.‬‬
‫‪ – 3‬ما يثبُت به الشهر‪:‬‬
‫ويب صوم رمضان برؤية هلله‪ ،‬أو إكمال شعبان ثلثي يوما وتثبت‬
‫رؤية هلل رمضان بب مُسلم مُكلف عدل ولو عبدا أو أُنثى‪.‬‬
‫َصه ْمهُ [البقرة‪:‬‬
‫شهْ َر فَلْي ُ‬
‫ُمه ال ّ‬
‫َنه َش ِهدَ مِ ْنك ُ‬
‫قال ال تبارك وتعال‪ :‬فَم ْ‬
‫‪.]185‬‬
‫وعن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬سعت رسول ال يقول‪:‬‬
‫«إذا رأيتموه فصوموا‪ ،‬وإذا رأيتموه فأفطروا‪ ،‬فإن غم عليكم فاقدروا له»‪.‬‬
‫وعكن ابكن عمكر رضكي ال عنهمكا قال‪« :‬ترآى الناس اللل فأخهبت‬
‫النب أن رأيته‪ ،‬فصام وأمر بصيامه»‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وعكن ابكن عباس رضكي ال عنهمكا قال‪ :‬إن أعرابيا جاء إل النكب ‪،‬‬
‫فقال‪ :‬إ ن رأ يت اللل‪ ،‬فقال‪« :‬أتش هد أن ل إله إل ال؟» قال‪ :‬ن عم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫«أتش هد أن مُحمدا ر سول ال؟» قال‪ :‬ن عم‪ ،‬قال‪« :‬فأذن ف الناس يا بلل‬
‫أن يصوموا غدا»‪.‬‬
‫ويُسكتحب إذا رَأى اللل أن يقول مكا ورد‪ ،‬ومنكه حديكث ابكن عمكر‬
‫رضكي ال عنهمكا قال‪ :‬كان رسكول ال إذا رأى اللل قال‪« :‬ال أكهب‪،‬‬
‫الل هم أهله علي نا بال من واليان وال سلمة وال سلم والتوف يق ل ا تُ حب‬
‫وترضى»‪.‬‬
‫ومنكه حديكث طلحكة بكن عبكد ال ‪ ،‬أن النكب كان إذا رأى اللل‬
‫قال‪« :‬اللهم أهله علينا بالمن واليان والسلمة والسلم‪ ،‬رب وربُك ال‪،‬‬
‫هلل رُشدٍ وخي»‪.‬‬
‫وإن حال دون مطلع اللل ليلة الثلثيك مكن شعبان غيكم أو قتكر أو‬
‫غيها‪ ،‬فإنه ل يب صومه ول يُستحب‪ ،‬بل الشروع فطره لا ورد عن أب‬
‫هريرة قال‪ ،‬قال رسول ال ‪ « :‬صوموا لرؤيته‪ .‬وأفطروا لرؤيته‪ ،‬فإن غُم‬
‫عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلثي»‪.‬‬
‫وعن عمار بن ياسر رضي ال عنهما قال‪" :‬من صام اليوم الذي يشك‬
‫فيه فقد عصى أبا القاسم "‪.‬‬
‫وعكن ابكن عباس رضكي ال عنهمكا قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬صهوموا‬
‫لرؤي ته‪ ،‬فإن حال بين كم وبي نه سحاب فكملوا العدة ثلث ي ول ت ستقبلوا‬
‫الشهر استقبالً»‪.‬‬
‫ويُستثن القضاء‪ ،‬والنذر والعادة‪ ،‬فيجوز صومها فيه‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫و عن أ ب هريرة قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬ل تقدموا رمضان ب صوم‬
‫يوم ول يومي إل رجلٌ كان يصوم صوما فليصمه»‪.‬‬
‫‪ – 4‬فيما يترتب على ثبوت رؤية اللل‪:‬‬
‫وإذا ث بت رؤ ية هلل رمضان ببلد لزم الناس كل هم ال صوم إذا اتف قت‬
‫الطالع لاك روى "كُريكب" قال‪ :‬قدمكت الشام‪ ،‬واسكتهل عليّ رمضان وأنكا‬
‫بالشام‪ ،‬فرأيت اللل ليلة المعة‪ ،‬ث قدمت الدينة ف آخر الشهر فسألن عبد‬
‫ال بن عباس‪ .‬ث ذكر اللل فقال‪ :‬مت رأيتم اللل؟ قلت‪ :‬رأيناه ليلة المعة‬
‫فقال‪ :‬أنت رأيته؟ قلت نعم ورآه الناس‪ ،‬وصاموا‪ ،‬وصام معاوية‪ ،‬فقال‪ :‬لكنا‬
‫رأيناه ليلة السكبت فل نزال نصكوم حتك نُكمكل ثلثيك أو نراه‪ .‬فقلت‪ :‬أفل‬
‫تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬هكذا أمرنا رسول ال "‪.‬‬
‫ومكن رأى وحده هلل رمضان ورد قوله لزمكه الصكوم وجيكع أحكام‬
‫الشهر من طل قٍ وعتق‪ ،‬وغيها مُعلقي به‪ ،‬لعموم قوله ‪ « :‬صوموا لرؤيته‬
‫وأفطروا لرؤيته»‪ ،‬ولنه تيقن أنه من رمضان فلزمه صومه وأحكامه بلف‬
‫غيه من الناس‪ ،‬و من رأى وحده هلل شوال ل يُف طر لد يث «الف طر يوم‬
‫يُفطر الناس‪ ،‬والضحى يوم يُضحي الناس»‪.‬‬
‫وحديث‪« :‬الفطر يوم يُفطرون‪ ،‬والضحى يوم يضحون»‪.‬‬
‫وروى أبو رجاء عن أب قلبة‪:‬‬
‫أن رجل ي قد ما الدينة و قد رأ يا اللل‪ ،‬و قد أصبح الناس صياما فأت يا‬
‫ع مر‪ ،‬فذكرا ذلك له‪ ،‬فقال لحده ا‪ :‬أصائمٌ أ نت؟ قال‪ :‬بل مُف طر‪ .‬قال‪ :‬ما‬
‫حلك على هذا؟ قال‪ :‬ل أ كن ل صوم و قد رأ يت اللل وقال لل خر‪ ،‬قال‪:‬‬
‫إن صائم‪ ،‬قال‪ :‬ما حلك على هذا؟ قال‪ :‬ل أكن لفطر والناس صيام‪ .‬فقال‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫للذي أفطر‪ :‬لول مكان هذا لوجعت رأسك‪ ،‬ث نودي ف الناس أن اخرجوا‪.‬‬
‫وإناك أراد ضربكه لفطاره برؤيتكه وحده‪ ،‬ودفكع عنكه الضرب لكمال‬
‫الشهادة بكه‪ ،‬ولو جاز له الفطكر لاك أنككر عليكه ول توعده‪ ،‬وإن صكام الناس‬
‫بشهادة اثنيك‪ :‬ثلثيك يوما فلم يروا اللل أفطروا لقول النكب ‪« :‬فإن غُم‬
‫عليكم فصوموا ثلثي ث أفطروا»‪.‬‬
‫وإذا قامت البينة أثناء النهار لزم أهل وجوب الصوم المساك ولو بعد‬
‫أكل هم لتعذر إم ساك الم يع فو جب أن يأتوا ب ا يقدرون عل يه لقوله تعال‪:‬‬
‫فَاّتقُوا اللّ هَ مَا ا سْتَطَعُْتمْ [التغا بن‪ ،]16 :‬وحد يث‪« :‬إذا أمرت كم بأ مر‬
‫فأتوا منه ما استطعتم»‪.‬‬
‫‪ – 5‬ل يصح صيام رمضان إل بني ٍة من الليل‪:‬‬
‫ول يصح صوم رمضان‪ ،‬ول غيه من الصيام الواجب إل بنيةٍ من الليل‬
‫ل كل يوم‪ ،‬روت حف صة ‪ -‬ر ضي ال عن ها ‪ -‬عن ال نب أ نه قال‪ « :‬من ل‬
‫يُبيت الصيام قبل الفجر فل صيام له»‪.‬‬
‫و عن عائ شة ‪ -‬ر ضي ال عن ها ‪ -‬مرفوعا‪ « :‬من ل يُبيت ال صيام ق بل‬
‫طلوع الفجر فل صيام له»‪.‬‬
‫ومن نوى الصوم من الل يل ث أ تى ب عد النية ف الل يل با يُب طل الصيام‬
‫كال كل ل تب طل الن ية لظا هر ال ب ولن ال أباح ال كل إل آ خر الل يل فلو‬
‫بطلت به فات ملها ومن خطر بباله أنه صائم غدا فقد نوى‪ ،‬لن النية ملها‬
‫القلب‪ ،‬وال كل والشرب بن ية ال صوم ن ية‪ ،‬قال الش يخ ت قي الد ين هو ح ي‬
‫يتعشكى عشاء مكن يريكد الصكوم‪ ،‬ولو نوت حائض أو نفسكاء صكوم غ ٍد وقكد‬
‫عرفت أنا تطهر ليلً صح لشقة القارنة وال أعلم‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫الل هم انظم نا ف سلك الفائز ين برضوا نك‪ ،‬واجعل نا من التق ي الذ ين‬
‫أعددت لم فسيح جناتك‪ ،‬وأدخلنا برحتك ف دار أمانك‪ ،‬وعافنا يا مولنا‬
‫ف الدن يا والخرة من ج يع البل يا وأجزل ل نا من موا هب فضلك وهبا تك‬
‫ومتعنكا بالنظكر إل وجهكك الكريك مكع الذيكن أنعمكت عليهكم مكن النكبيي‬
‫والصديقي والشهداء والصالي‪ ،‬واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء‬
‫منهكم واليتيك برحتكك يكا أرحكم الراحيك‪ ،‬وصكلى ال على ممدٍ وعلى آله‬
‫وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫ويبحث ف‪:‬‬
‫‪ – 1‬حكم صوم التطوع بنيةٍ من النهار‪.‬‬
‫‪ – 2‬فيمن يُباح له الفطر ومن يب عليه‪.‬‬
‫‪ – 3‬من عرض له جنون أو إغماء‪.‬‬
‫‪ – 1‬حكم صوم التطوع بنيةٍ من النهار‪:‬‬
‫ويصح صوم التطوع بني ٍة من النهار قبل الزوال وبعده لا ورد عن عائشة ‪-‬‬
‫رضي ال عنها ‪ -‬قالت‪ :‬دخل عليّ رسول ال ذات يوم فقال‪ « :‬هل عندكم‬
‫شيء فقلنا ل‪ ،‬فقال‪ :‬فإن إذن صائم»‪ ،‬ث أتانا يوما آخر‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا رسول ال‬
‫أُهدي لنا حيس‪ ،‬فقال‪ « :‬أرنيه‪ ،‬فلقد أصبحت صائما فأكل»‪.‬‬
‫وزاد النسائي‪ ،‬ث قال‪« :‬إنا مثل صوم التطوع‪ ،‬مثل الرجل يرج من‬
‫ماله الصدقة‪ ،‬فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها»‪ ،‬ومن لفظ له أيضا قال‪:‬‬
‫« يا عائ شة‪ ،‬إن ا منلة من صام ف غ ي رمضان أو ف التطوع بنلة ر جل‬
‫أخرج صدقة ماله فجاد منها با شاء فأمضاه‪ ،‬وبل منها با شاء فأمسكه»‪.‬‬
‫قال البخاري‪ :‬وقالت أم الدرداء‪ :‬كان أبككو الدرداء يقول‪ :‬عندكككم‬
‫طعام؟ فإن قلنا‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فإن صائم يومي‪ .‬قال وفعله أبو طلحة وأبو هريرة‪،‬‬
‫وابن عباس‪ ،‬وحذيفة ‪ -‬رضي ال عنهم‪.‬‬
‫ويُح كم بال صوم الُثاب عل يه‪ ،‬من و قت الن ية‪ ،‬لد يث‪« :‬إن ا العمال‬
‫بالنيات‪ ،‬وإن ا ل كل امريءٍ ما نوى»‪ ،‬و ما قبله ل يو جد ف يه ق صد القُر بة‪،‬‬
‫ُنافك غيك نيكة الفطار‪ ،‬اقتصكارا على مُقتضكى‬
‫لككن يُشترط أن ل يوجكد م ٍ‬
‫الدليل‪ ،‬ونظرا إل أن المساك هو القصود العظم‪ ،‬فل يُعفى عنه أصلً‪ ،‬فإن‬

‫‪59‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ج ْز الصيام‪ ،‬فل يصح صوم من أكل ث نوى بقية‬ ‫فعل قبل النية ما يُفطره ل يَ ُ‬
‫يو مه لعدم ح صول حك مة ال صوم‪ ،‬وي صح تطوع حائض ونف ساء طهرت ف‬
‫يوم ب صوم بقي ته وتطوع كا فر أ سلم ف يوم ل ا يأت يا ف يه بف سد من أ كل أو‬
‫شرب ونوه ا وإن بلغ صب‪ ،‬أو أ سلم كا فر‪ ،‬أو أفاق منون ف أثناء النهار‪،‬‬
‫وهم مفطرون‪ ،‬لزمهم الم ساك عن مف سدات الصوم‪ ،‬لرمة الو قت ولزوال‬
‫البيح‪ ،‬وإن طهرت حائض أو نفساء‪ ،‬أو قدم مسافر مفطرا؛ فعليهم المساك‬
‫َانه‬
‫َنه ك َ‬‫والقضاء ول خلف فك وجوب القضاء عليهكم لقوله تعال‪ :‬فَم ْ‬
‫مِ ْن ُكمْ َمرِيضًا َأوْ عَلَى َس َفرٍ َف ِع ّدةٌ مِ ْن َأيّامٍ أُ َخرَ [البقرة‪.]184 :‬‬
‫ولقول عائشة ‪ -‬رضي ال عنها ‪ -‬كنا نيض على عهد رسول ال‬
‫فنؤمر بقضاء الصوم‪ ،‬وكذا الكم ف الريض إذا صح ف أثناء النهار‪ ،‬وكان‬
‫مفطرا‪.‬‬
‫ويُسن الفطر لسافر يُباح له القصر‪ ،‬ولريض‪ ،‬لقوله تعال‪ :‬فَمَ نْ كَا َن‬
‫مِ ْنكُ ْم َمرِيضًا َأوْ عَلَى َسفَ ٍر َف ِعدّ ٌة مِ ْن َأيّا ٍم ُأخَرَ [البقرة‪ .]184 :‬ولد يث‪:‬‬
‫«ليس من الب الصيام ف السفر»‪.‬‬
‫و ف روا ية أخرى‪ ،‬قال ر سول ال ‪ …« :‬علي كم برخ صة ال ال ت‬
‫رخص لكم فاقبلوها» وإن صام أجزأه‪.‬‬
‫ولديث‪ « :‬هي رخصة من ال فمن أخذ با فحسن‪ ،‬ومن أحب أن‬
‫يصوم فل جُناح عليه»‪.‬‬
‫وعن حزة بن عمرو السلمي أنه قال للنب ‪ :‬أصوم ف السفر؟ قال‪:‬‬
‫«إن شت ف صم‪ ،‬وإن شئت فاف طر»‪ .‬وال أعلم و صلى ال على م مد وآله‬
‫وسلم‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫‪ – 2‬فيمن يُباح له الفطر ومن يب عليه‪:‬‬
‫ويُباح الفطر‪ ،‬لاضر سافر ف أثناء النهار‪ ،‬لديث أب بصرة الغفاري‪:‬‬
‫أنه ركب ف سفينة من الفسطاط ف شهر رمضان‪ ،‬فدفع‪ ،‬ث قرب غداءه‪ ،‬فلم‬
‫ياوز البيوت ح ت د عا بال سُفرة‪ ،‬ث قال‪ :‬اقترب! ق يل‪ :‬أل ست ترى البيوت؟‬
‫قال‪ :‬أترغب عن سنة ممد صلى ال عليه وسلم؟ فأكل‪.‬‬
‫وإن صام أجزأه‪ ،‬لديث‪ « :‬هي رخ صة من ال ف من أ خذ ب ا فح سن‬
‫ومن أحب أن يصوم فل جُناح عليه»‪.‬‬
‫ويُباح الفطكر لامكل‪ ،‬ومُرضكع‪ ،‬إذا خافتكا على أنفسكهما‪ ،‬فيُفطران‬
‫ويقضيان كالريكض الائف على نفسكه‪ ،‬وإن خافتكا على ولديهمكا أفطرتكا‬
‫وقض تا‪ ،‬ولزم ول الولد إطعام م سكي ل كل يوم لقوله تعال‪ :‬وَعَلَى اّلذِي نَ‬
‫يُطِيقُونَ ُه ِفدَْيةٌ َطعَا ُم ِمسْكِيٍ [البقرة‪.]184 :‬‬
‫قال ابن عباس ‪ -‬رضي ال عنهما‪" :‬كانت رخصة للشيخ الكبي والرأة‬
‫يومك مسككينا والُبلى‬
‫وهاك يُطيقان الصكيام أن يُفطرا ويُطعمكا مكان ككل ٍ‬
‫والرضع إذا خافتا على أولدها أفطرتا وأطعمتا"‪ .‬رواه أبو داود‪.‬‬
‫وروي ذلك عن ا بن ع مر ‪ -‬ر ضي ال عنه ما ‪ -‬ول مالف ل م من‬
‫الصحابة وليس لن جاز له الفطر برمضان أن يصوم غيه فيه لنه ل يسع غي‬
‫ما فرض فيه ول يصلح لسواه‪ ،‬ويب الفطر على من احتاجه لنقاذ معصوم‬
‫من مهل كة‪ ،‬كغرق ل نه يك نه تدارك ال صوم بالقضاء بلف الغر يق ونوه‪،‬‬
‫وي ب الف طر على الائض والنف ساء ل ا ورد عن أ ب سعيد الدري قال‪:‬‬
‫قال رسول ال ‪« :‬أليس إذا حاضت ل تُصل ول تصم» متفق عليه‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫‪ – 3‬من عرض له جنون أو إغماء‪:‬‬
‫ومن نوى الصوم ث جُن أو أغمي عليه جيع النهار‪ ،‬ول يُفق جزءا منه‬
‫ل يصح صومه؛ لن الصوم‪ :‬المساك مع النية لديث أب هريرة قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال ‪« :‬قال ال عز وجل‪ ،‬كل عمل ابن آدم له إل الصوم فإنه ل‪،‬‬
‫وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه من أجلي …»‪ ،‬فأضاف الترك إليه‪ ،‬وهو‬
‫ل يُضاف إل الجنون والُغمكى عليكه‪ ،‬فلم يُجكز والنيكة وحدهكا ل تُجزي‪،‬‬
‫ويصح الصوم من أفاق جزءا منه حيث نوى ليلً لصحة إضافة الترك إليه إذا‪،‬‬
‫ويُفارق النون اليكض بأنكه ل ينكع الوجوب بكل ينكع الصكحة ويرم فعله‪،‬‬
‫ويصح صوم من نام جيع النهار لن النوم عادةً ل يزول الحساس به بالكلية‬
‫ل نه م ت نُ به انت به‪ .‬ويق ضي مُغ مى عل يه ز من إغمائه ل نه مُكلف‪ ،‬ولن مدة‬
‫الغماء ل تطول غالبا‪ ،‬ول تثبت الولية عليه‪ ،‬ول يقضي منون زمن جنونه‬
‫لعدم تكليفه‪.‬‬
‫(موعظههة)‬
‫إخوانك إن الغفلة عكن ال مصكيبة عظيمكة قال تعال‪ :‬وَل َتكُونُوا‬
‫س ُهمْ [الشر‪ .]19 :‬فمن غفل عن ذكر ال‬ ‫كَاّلذِي َن نَسُوا اللّ َه َفأَنْسَاهُ ْم َأنْفُ َ‬
‫وألته الدنيا عن العمل للدار الخرة أنساه العمل لصال نفسه فل يسعى لا‬
‫ب ا فيه نفعها ول يأ خذ ف أسباب سعاتدها وإصلحها وما يُكملها ويُنسى‬
‫كذلك أمراض نفسه وقلبه وآلمه فل يطر بباله معالتها ول السعي ف إزالة‬
‫عللها وأمراضها الت تؤول إل اللك والدمار وهذا من أعظم العقوبات فأي‬
‫عقو بة أع ظم من عقو بة من أه ل نف سه وضيع ها ون سي م صالها وداء ها‬
‫ودواءها وأسباب سعادتا وفلحها وحياتا البدية ف النعيم القيم ومن تأمل‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫هذا الوضع تبي له أن كثيا من اللق قد نسوا أنفسهم وضيعوها وأضاعوا‬
‫حظها وباعوها بثمن بس بيع الغبون ويظهر ذلك عند الوت ويتجلى ذلك‬
‫كله يوم التغابن‪َ :‬ي ْومَ ل يَ ْنفَعُ مَا ٌل وَل بَنُونَ ‪ .‬الية‪.‬‬
‫ت فِي‬
‫ت مِ ْن قَ ْبلُ َأوْ كَ سََب ْ‬
‫يوم ل يَ ْنفَ ُع َنفْ سًا إِيَانُهَا لَ مْ َتكُ نْ َآمَنَ ْ‬
‫إِيَانِهَا خَ ْيرًا [النعام‪ .]158 :‬إناك لسكرة على ككل ذي غفلة دوناك ككل‬
‫حسرة‪ ،‬هؤلء هم الذين اشتروا الضللة بالدى فما ربت تارتم وما كانون‬
‫مهتدين نسأل ال العفو والعافية ف الدنيا والخرة‪.‬‬
‫الل هم اعط نا من ال ي فوق ما نر جو وا صرف ع نا من ال سوء فوق ما‬
‫نذر‪ .‬الل هم علق قلوب نا برجائك واق طع رجاء نا ع من سواك‪ .‬ال إ نك تعلم‬
‫عيوبنا فاسترها وتعلم حاجاتنا فاقضها كفى بك وليا وكفى بك نصيا‪ ،‬يا‬
‫رب العالي ال وفقنا لسلوك سبيل عبادك الخيار واغفر لنا ولوالدينا ولميع‬
‫ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على‬
‫ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫ويبحث ف‪:‬‬
‫‪ – 1‬ذكر أشياء ترم على الصائم ويفطر با‪.‬‬
‫‪ – 2‬حكم ما إذا أكل أو شرب ناسيا‪.‬‬
‫‪ – 3‬بعض فوائد الصوم‪.‬‬
‫‪ – 1‬ذكر أشياء ترم على الصائم ويفطر با‪:‬‬
‫يرم على كل مسلم عاقل تناول مفطر من غي عذر‪ ،‬لا ورد عن أب‬
‫هريرة ‪ :‬أن رسول ال قال‪« :‬من أفطر يوما من رمضان من غي رخصة‬
‫ول مرض‪ ،‬ل يقضه صوم الدهر كله وإن صامه»‪.‬‬
‫و عن أ ب أُما مة الباهلي قال‪ :‬سعت ر سول ال يقول‪« :‬بين ما أ نا‬
‫ل وعرا فقال اصعد فقلت‪ :‬إن‬ ‫نائم أتان رجلن فأخذا بضبعي فأتيا ب جب ً‬
‫ل أطيقه فقال‪ :‬إنا سنُسه ُلهُ لك فصعدت حت إذا كنت ف سراة البل‪ ،‬إذا‬
‫بأ صواتٍ شديدة قلت‪ :‬ما هذه ال صوات؟ قال‪ :‬هذا عُواء أ هل النار‪ ،‬ث‬
‫انطلق ب فإذا أنا بقو ٍم مُعلقي بعراقيبهم مُشققة أشداقهم تسيل أشداقهم‬
‫دما قال قلت‪ :‬من هؤلء؟ قال‪ :‬الذين يُفطرون قبل تلة صومهم» الديث‬
‫رواه ابن خزية وابن حبان ف صحيحيهما‪.‬‬
‫وماك يرم على الصكائم الككل والشرب بعكد تكبي الفجكر الثانك لقوله‬
‫جرِ‬
‫ط ال ْسوَ ِد مِ َن اْلفَ ْ‬
‫ط البْيَضُ مِنَ الْخَ ْي ِ‬
‫تعال‪ … :‬حَتّى يَتَبَيّ َن لَكُ ُم الْخَيْ ُ‬
‫ُث ّم أَتِمّوا الصّيَا َم ِإلَى اللّ ْيلِ [البقرة‪.]187 :‬‬
‫فمن أكل أو شرب متارا ذاكرا لصومه أبطله‪ ،‬لنه فعل ما يُناف الصوم‬
‫لغي عذر‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫‪ – 2‬حكم ما إذا أكل أو شرب ناسيا‪:‬‬
‫ول يُفطر من أكل أو شرب ناسيا‪ ،‬لا ورد عن أب هريرة قال‪ :‬قال‬
‫ر سول ال ‪ « :‬من ن سي و هو صائم فأ كل أو شرب‪ ،‬فليُ تم صومه‪ ،‬فإن ا‬
‫أطعمه ال وسقاه»‪.‬‬
‫وروى الاكم قوله ‪« :‬من أفطر ف رمضان ناسيا فل قضاء عليه ول‬
‫كفارة‪ ،‬ومن استقاء فسد صومه‪ ،‬وعليه قضاء»‪.‬‬
‫و من ذرَعَه الق يء فل ش يء عل يه‪ ،‬ل ا ورد عن أ ب هريرة قال‪ :‬قال‬
‫رسكول ال ‪« :‬مهن ذرعهه القيهء فل قضاء عليهه‪ ،‬ومهن اسهتقاء فعليهه‬
‫القضاء»‪.‬‬
‫وم ا يُف طر‪ :‬الجا مة‪ ،‬ل ا ورد عن شداد بن أوس أن ال نب ‪ :‬أ تى‬
‫على رجل بالبقيع وهو يتجم ف رمضان‪ ،‬فقال‪« :‬أفطر الاجم والحجوم»‪.‬‬
‫وعكن رافكع بكن خديكج قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬أفطهر الاجهم‬
‫والحجوم»‪.‬‬
‫وم ا يرم على ال صائم‪ ،‬ويب طل صيامه الماع ف نار رمضان‪ ،‬وعل يه‬
‫القضاء والكفارة‪ ،‬وهي عتق رقبة فإن ل يد فصيام شهرين متتابعي‪ ،‬فإن ل‬
‫يستطع فإطعام ستي مسكينا‪ ،‬لا ورد عن أب هريرة قال‪ :‬بينما نن جلوس‬
‫عنكد النكب إذ جاء رجكل فقال‪ :‬هلككت يكا رسكول ال‪ ،‬قال ‪« :‬ومها‬
‫أهلكك؟» قال‪:‬وقعت على امرأت ف رمضان‪ ،‬فقال رسول ال ‪ « :‬هل تد‬
‫ما تُع تق رق بة؟» قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪« :‬اجلس»‪ .‬وم كث ال نب فبين ما ن ن على‬
‫ذلك أتى النب بعرق فيه تر‪ ،‬والعرق الكتل الضخم‪ ،‬قال‪« :‬أين السائل؟»‬
‫قال‪ :‬أنا‪ ،‬قال‪« :‬خذ هذا فتصدق به»‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬أعلى أفقر من يا رسول‬

‫‪65‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ال؟‪ ،‬فوال ما ب ي لبتي ها – ير يد الرت ي – أ هل ب يت أف قر من أ هل بي ت؟‬
‫فضحك النب حت بدت نواجذه‪ ،‬ث قال‪« :‬أطعمه أهلك»‪ .‬متف ٌق عليه‪.‬‬
‫وترم الباشرة فيمكا دون الفرج إن ظكن إنزالً‪ ،‬فإن باشكر فيمكا دون‬
‫الفرج‪ ،‬فأنزل منيا فسد صومه؛ لنه إنزال عن مباشرة‪ ،‬فأشبه الماع‪.‬‬
‫وما يُفطر‪ :‬الردة عن السلم – أعاذنا ال منها ‪ -‬قال ال تعال‪ :‬لَئِنْ‬
‫ت لَيَحْبَ َطنّ َعمَ ُلكَ َولََتكُوَننّ ِمنَ الْخَا ِسرِينَ [الزمر‪.]65 :‬‬
‫َأ ْشرَكْ َ‬
‫وقال تعال‪ :‬وَمَ نْ َي ْكفُ ْر بِاليَا نِ َف َقدْ حَبِ طَ عَمَلُ ُه َوهُ َو فِي ال ِخ َرةِ‬
‫ِم َن الْخَا ِسرِينَ [الائدة‪.]5 :‬‬
‫وم ا يف طر‪ :‬إي صال الغذ ية بالبرة إل الوف من طعام أو شراب ل نه‬
‫فك معنك الككل والشرب مكن غيك فرق وأمكا البوب الغذائيكة والدوائيكة‬
‫والشتركة فيُفطر من أكلها‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(موعظههة)‬
‫عباد ال إن قوارع اليام خاط بة‪ ،‬ف هل أذن لعظات ا واع ية‪ ،‬وإن فجائع‬
‫الوت صائبة فهل نفس لمر الخرة مراعية‪ ،‬إن مطالع المال إل السارعة إل‬
‫اليات سكاعية أل فانظروا بثواقكب البصكار والبصكائر فك نواحكي الهات‬
‫والقطار فمكا ترون فك حشودككم وجوعككم إل الشتات ول تسكمعوا فك‬
‫ربوع كم إل فلن مر يض وفلن مات أ ين الباء الكابر أ ين العلماء العاملون‬
‫بعلمهكم الذيكن ل تأخذهكم فك ال لومةُ لئم الناصكحون لولتمك وأمتهكم‬
‫الزاهدون فك حطام الدنيكا الفانيكة أيكن الكرماء الفاضكل الذيكن يغارون إذا‬
‫انته كت الحارم أ ين الاجرون ال صارمون للفا سق والفا جر أ ين النا صرون‬
‫للقائم على أهكل العاصكي والكبائر أيكن أهكل الولء والباء الحبون فك ال‬
‫الُبغضون لعدائه؟‪.‬‬
‫أين النقون لآكلهم وملبسهم ومساكنهم عن الرام؟ والشتبه وهو ما‬
‫كان القلب ف القدام عليه والكف عنه حائر؟‬
‫أ ين الذ ين ل ي سكنون إل بر ضا صاحب الُلك خوفا من الخاطرة ف‬
‫صلتم وصيامهم ونكاحهم ومُكثهم ف الملك السكونة قهرا وغصبا‪.‬‬
‫أين الُتفقدون للفقراء والساكي الذين ليس لم موارد‪.‬‬
‫عثرت وال بمك العواثكر وأبادتمك السكني الغوابر وبترت أعمارهكم‬
‫الادثات البواتر واختطفهم عقبا تٌ كواسر‪ .‬وخلت منهم الشاهد والحاضر‬
‫وعد مت من أج سادهم تلك الوا هر وطفئت من وجوه هم النوار الزوا هر‬
‫وابتلعتهم الفر والقابر إل يوم تبلى السرائر فلو كُشفت عنهم أغطية القبور‬
‫بعد ليلتي أو ثلث ليالٍ لرأيت الحداق على الدود سائلة والوصال بعضها‬

‫‪67‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫عن بعض مائلة وديدان الرض ف نواعم تلك البدان جائلة والرءوس الوسدة‬
‫على اليان زائلة ينكرها من كان عارفا با وينفر عنها من ل يزل آلفا با‪.‬‬
‫فل يُعرف السيد من السود ول اللك من الملوك ول الذكي من البليد‬
‫ول الغنك مكن الفقيك فرحكم ال عبدا بادر بالقلع عكن السكيئات وواصكل‬
‫السكراع والبادرة فك العمال الصكالات قبكل انقطاع مُدد الوقات وطيّ‬
‫صكحائف السكتودعات ونشكر فضائح القترافات والنايات فل تغتروا بياةٍ‬
‫تقودُ إل المات فورب ال سماء والرض إن ا توعدون لت فالبدار البدار ق بل‬
‫أن تتمنوا الهلة وهيهات‪.‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫أسْلَفُنَا وَهُم للدّين َق ْد‬ ‫نَمْضِيْ عَلَى سُبُلٍ كَانُوا لَهَا‬
‫وَنَحْنُ للقومَ أبْنَاءٌ وَأَحْفَادُ‬ ‫لَنَا بِهْم أُسْوَةٌ إِذْ هُم‬
‫عَوَاقِبُ ُكلُّها نُجْحٌ‬ ‫وَالصّبْرُ يَا نَفْسُ خَيْرٌ ُكلُّهُ‬
‫بَيْنَ الناَمِ وَإنْ طَاوَلْنَ‬ ‫فَاصبِر هُدِيتَ فَإنّ الَوتَ‬
‫كَأَنّهُم وَهُم اليْقَاظُ رُقّادُ‬ ‫والنّاس فِي غَفْلتٍ عَن‬
‫لَوْل النّفُوسِ الت لِلْوَهْمِ‬ ‫دُنيا تَغُرّ وَعَيشٌ كُّلهُ كَدَرٌ‬
‫قَبْلَ الوَفاةِ وَأَنْ تَحْفَرْنَ‬ ‫كُنّا عَدَدْنَا َلذَا الَوتِ عُدّتَه‬
‫تَبْقَى دَوَاما بِهَا حَشْرٌ‬ ‫فَالدّارُ مِن بَعْدِ هَذِي الدّارِ‬
‫هلُ الَقِّ والصّبْرِ أَبْدَالٌ‬ ‫وَجَنّةٌ أُزْلِفَتْ لِلمُتّقِي‬
‫تَعْجَلْ وَتَكْسَل فَإِنّ الرءَ‬ ‫فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ مِن قَبْلِ‬
‫فَبَادِر الفَوْتَ واصْطَدْ قَبْلَ‬ ‫لَ يَنْفَعُ العَبْدَ إل مَا يُقَدّمَه‬
‫وَفِ ْيهِ ُكلُّ الذيْ يَبْغَي وَيَرتَادُ‬ ‫والَوتُ للمُؤْمِنِ الَوّابِ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫مَعَ الّنعِيْم الذي مَا فِ ْيهِ أَنْكَادُ‬ ‫لِقَا الكَرِيْمِ تَعَالَى مَجْدُهُ‬
‫فَالفَضْلُ لِ كَالزَالِ آبَادُ‬ ‫فَضْلٌ مِن الِ إِحْسَانٌ‬
‫ظَنٌ جَمِيْلٌ مَعَ النْفَاِس‬ ‫فَالظّنُ بِالِ مَوْلنَا وَسَيّدِنَا‬
‫فَمِنْه لِ ِل ُكلِّ إمْدَادٌ وَإيْجَادُ‬ ‫نَرْجُوْهُ يَرْحَمُنَا نَرْجُوْهُ‬
‫مَعَ حُسْنِ خَاتِمَ ٍة فَالُعْمُر‬ ‫نَدْعُوْهُ نَسْأَلُهُ عَفْوا‬
‫وَاللّطْفَ نَرْجُو وَحُسْنُ‬ ‫َوقَد رَضِيْنَا قَضَاءَ الِ كَيِفَ‬
‫الل هم وفق نا ل سلوك منا هج التق ي‪ ،‬وخ صنا بالتوف يق ال بي‪ ،‬واجعل نا‬
‫ف عليهم ول هم يزنون واغفر لنا ولوالدينا‬ ‫بفضلك من القربي الذين ل خو ٌ‬
‫ولميع السلمي الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال‬
‫على ممدٍ وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫‪ – 3‬بعض فوائد الصيام‪:‬‬
‫عباد ال إن لشهكر رمضان شرّفكه ال فوائد عظيمكة ومنافكع جةك وآثار‬
‫حسنة فهو يضبط النفس ويُطفيء شهوتا فإنا إذا شبعت تردت ف الغالب‬
‫وسعت ف شهواتا‪ ،‬وإذا جاعت سكنت وخضعت وامتنعت عن ما توى‪،‬‬
‫ففي حديث عبد ال بن مسعود قال‪ :‬قال رسول ال ‪ « :‬يا معشر الشباب‬
‫من ا ستطاع من كم الباءة فليتزوج و من ل ي ستطع فعل يه بال صوم فإ نه له‬
‫وجاء»‪ .‬مُتف ٌق عليه‪.‬‬
‫ذلك أ نه يك سر من شهوة الشباب ح ت ل تط غى عل يه الشهوة‪ ،‬فكان‬
‫ال صوم و سيلة إل كف الن فس عن العا صي‪ ،‬ف سبحانه من إله حكي مٍ عل يم‪،‬‬
‫فالصيام يُرب ف النسان الفضائل والخلص والمانة والصب عند الشدائد‪،‬‬
‫لناك إذا انقادت للمتناع عكن اللل مكن الغذاء الذي ل غنك لاك عنكه طلبا‬
‫لرضاة ال تعال وخوفا من أليم عقابه‪.‬‬
‫فالحرى باك أن تتمرن على المتناع عكن الرام الذي هكي غنيكة عنكه‬
‫وتبعكد عنكه ككل البعكد فل يغدر ول يون ول يُخلف وعدا ول يكذب ول‬
‫يُرائي‪.‬‬
‫فإذا وفقه ال لصون صيامه عن الفسدات والنقصات فالصوم لن وفقه‬
‫ال سكبب فك اتقاء الحارم وقوة العزيةك والتحلي بالفضائل والتخلي عكن‬
‫الرذائل‪ ،‬وإل هذا أشار جل وعل بقوله‪َ :‬لعَ ّلكُمْ تَّتقُونَ فالصوم يدعو إل‬
‫ش كر نع مة ال‪ ،‬إذ هو كف الن فس عن الطعام والشراب ومباشرة الن ساء‪،‬‬
‫وكل هذا من جلئل نعم ال على خلقه‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫والمتناع عن هذه النعم من أول يوم من شهر رمضان إل آخره يُعرف‬
‫الن سان قدر ها‪ ،‬إذ ل يُعرف ف ضل النع مة إل ب عد فقد ها فيبع ثه ذلك على‬
‫القيام بشكر ها وش كر النع مة وا جب على العباد‪ ،‬وإل هذا أشار بقوله تعال‪:‬‬
‫ُونه‬
‫ُمه َتشْ ُكر َ‬
‫ُمه َولَعَ ّلك ْ‬
‫ّهه عَلَى م َا هَدَاك ْ‬
‫وَلُِتكْمِلُوا اْلعِ ّد َة َولِتُكَّبرُوا الل َ‬
‫[البقرة‪.]185 :‬‬
‫وأيضا فال صيام يب عث ف الن سان فضيلة الرح ة بالفقراء والع طف على‬
‫البائسكي‪ ،‬فإن النسكان إذا ذاق أل الوع فك بعكض الوقات تذككر الفقيك‬
‫الائع ف جيع الوقات فيسارع إل رحته والحسان إليه‪ ،‬قيل ليوسف عليه‬
‫السكلم‪ ،‬وكان كثيك الوع‪ :‬ل توع وأنكت على خزائن الرض؟ فقال‪ :‬إنك‬
‫أخاف أن أشبع فأنسى الائع‪.‬‬
‫و من فوائد ال صيام ما ذ كر من أ نه ين قي ال سم من الفضلت الرديئة‬
‫ورطوبات المعاء‪ ،‬ويشفي كثيا من المراض بإذن ال تعال‪ ،‬وفيه من الزايا‬
‫الصحية ما شهد به العدو قبل الصديق‪ ،‬فسبحانه من إله عليم حكيم‪.‬‬
‫ومن فوائد الصيام أنه يُقوي النفس على الب واللم وها تنب كل ما‬
‫من شأنه إثارة الغضب لن الصوم نصف الصب‪ ،‬والصب نصف اليان كما‬
‫قال ‪ ،‬ول ا روى الن سائي عن مُعاذ بن ج بل ف حدي ثه الطو يل‪ :‬أن ال نب‬
‫قال له‪« :‬أل أدلك على أبواب الي؟ قلت‪ :‬بلى يا رسول ال‪ ،‬قال‪ :‬الصوم‬
‫جُنة» فالصوم جُنةٌ من العذاب ومن الخلق السيئة‪.‬‬
‫و من يُل حظ حال ال صائمي الوفق ي ل ا هم عل يه من تري الطا عة‬
‫وتري سبل اليات والبتعاد عن العا صي والرغ بة ف الح سان يُدرك أن‬
‫الصوم من أعظم أسبابه الداية‪ ،‬ويُدرك معن قوله تعال‪ :‬وَأَ ْن تَصُومُوا خَيْرٌ‬

‫‪71‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ُونه [البقرة‪ .]184 :‬ويُدرك معنك قوله ‪« :‬الصهوم‬
‫ُمه َتعْلَم َ‬
‫ِنه كُنْت ْ‬
‫ُمه إ ْ‬
‫َلك ْ‬
‫جُنهة» ويدرك مكا فيكه مكن تذيكب النفكس وتطهيهكا مكن الخلق الوبوءة‬
‫وترويضها على الطاعات وإعدادها للسعادتي الدنيوية والخروية‪ ،‬وحسبك‪،‬‬
‫ف فضل الصيام قوله ‪« :‬والذي نفسي بيده للوف فم الصائم أطيب عند‬
‫ال من ريح السك»‪.‬‬
‫يقول ال عز و جل‪« :‬يذر شهو ته وطعا مه وشرا به لجلي فال صوم ل‬
‫وأ نا أجزي به»‪ ،‬قال ا بن الق يم ‪ -‬رح ه ال ‪ -‬و قد اختلف ف وجود هذه‬
‫الرائحة من الصائم هل هي ف الدنيا أو ف الخرة على قولي وفصل الناع ف‬
‫السألة أن يُقال حيث أخب بأن ذلك الطيب يكون يوم القيامة فلنه الوقت‬
‫الذي يظهر فيه ثواب العمال وموجباتا من الي والشر فيظهر للخلق طيب‬
‫ذلك اللوف على السك كما يظهر فيه دم الكلوم ف سبيله كرائحة السك‬
‫وك ما تظ هر ف ال سرائر وتبدو على الوجوه وت صي علن ية ويظ هر ف يه ق بح‬
‫رائحكة الكفار وسكواد وجوههكم وحيكث أخكب بأن ذلك حيك يلف وحيك‬
‫يُم سون فل نه و قت ظهور أ ثر العبادة ويكون حينئذٍ طيب ها على ر يح ال سك‬
‫عند ال تعال وعند ملئكته وإن كانت تلك الرائحة كريهة للعباد‪.‬‬
‫مكروهك عنكد الناس مبوب عنكد ال تعال وبالعككس فإن الناس‬‫ٍ‬ ‫فرُب‬
‫يكرهونكه لنافرتكه لطباعهكم وال تعال يسكتطيبه ويبكه لوافقتكه لمره ورضاه‬
‫ومب ته فيكون عنده أط يب من ر يح ال سك عند نا فإذا كان يوم القيا مة ظ هر‬
‫هذا الطيب للعباد وصار علنية‪.‬‬
‫وهكذا سائر آثار العمال من الي والشر وإنا يكمل ظهورها ويصي‬
‫علنية ف الخرة‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫الل هم يا من خلق الن سان ف أح سن تقو ي وبقدر ته ال ت ل يُعجز ها‬
‫شيء يُحيي العظام وهي رميم‪ ،‬نسألك أن تدينا إل صراطك الستقيم صراط‬
‫الذين أنعمت عليهم من النبيي والصديقي والشهداء والصالي وأن تغفر لنا‬
‫ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي‬
‫وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه آجعي‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫ويبحث ف ‪:‬‬
‫‪ – 1‬ذكر أشياء تفى على بعض الناس‪.‬‬
‫‪ – 2‬ذكر اشياء ترم ويتأكد تريها ف حق الصائم‪.‬‬
‫‪ – 3‬الث على صيانة الوقت وصرفه فيما فيه النفع ف الدنيا والخرة‪.‬‬
‫‪ – 4‬فيما يُستحب للصائم أن يقوله أو يفعله‪.‬‬
‫‪ – 5‬أحكام القضاء‪.‬‬
‫‪ – 1‬ذكر أشياء تفى على بعض الناس‪:‬‬
‫يوز لن جامع بالليل أن ل يغتسل حت يطلع الفجر‪ ،‬وصومه صحيح‪،‬‬
‫لا ورد عن عائشة ‪ -‬رضي ال عنها ‪ -‬أن رجلً قال‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬تُدركن‬
‫الصلة وأنا ُجنُ بٌ أفأصوم؟ فقال ر سول ال ‪« :‬وأنا تُدركن الصلة وأنا‬
‫ب فأصوم» فقال‪ :‬لست مثلنا يا رسول ال‪ ،‬قد غفر ال لك ما تقدم من‬ ‫جُنُ ٌ‬
‫ذنبك وما تأ خر‪ ،‬فقال‪« :‬وال‪ ،‬إن لرجو أن أكون أخشاكم ل وأعلمكم‬
‫با أتقي»‪.‬‬
‫وعن عائشة‪ ،‬وأم سلمة ‪ -‬رضي ال عنهما ‪ -‬أن النب «كان يُصبح‬
‫جنبا من جاعٍ غي احتلم‪ ،‬ث يصوم ف رمضان»‪.‬‬
‫و عن أم سلمة ‪ -‬ر ضي ال عن ها ‪ -‬قالت‪ :‬كان ر سول ال ي صبح‬
‫جنبا من جاع ل حلم‪ ،‬ث ل يفطر ول يقضي‪.‬‬
‫ل كن يُ ستحب ل ن لز مه الغ سل ليلً من جنب وحائض ونف ساء انق طع‬
‫دمها‪ ،‬وكافر أسلم‪ ،‬أن يغتسل قبل طلوع الفجر الثان‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ولو أراد أن يأ كل أو يشرب من و جب عل يه ال صوم ف نار رمضان‬
‫نا سيا أو جاهلً و جب على من رآه إعل مه؛ ل نه من باب ال مر بالعروف‬
‫والنهي عن النكر ومن باب النصيحة للمسلم‪.‬‬
‫و من أ كل شاكا ف طلوع الف جر‪ ،‬ودام ش كه‪ ،‬فل قضاء عل يه لظا هر‬
‫الية‪ ،‬وإن أفطر يظن أن الشمس قد غابت‪ ،‬ول تغب فعليه القضاء‪ ،‬لا روى‬
‫هشام عن عروة عن فاطمة امرأته عن أساء رضي ال عنهما قالت‪" :‬أفطرنا‬
‫على عهد رسول ال ف يو مِ غيم‪ ،‬ث طلعت الشمس" قيل لشام بن عروة‬
‫– وهو راوي الديث – أمروا بالقضاء؟ قال‪ :‬ل بد من قضاء‪.‬‬
‫ول يُفسد صوم من طار إل حلقه ذباب‪ ،‬أو غبار من طريق‪ ،‬أو دقيق‬
‫أو دخان‪ ،‬لعدم إمكان التحرز م نه وأ ما الدخان الذي بُلي به كث ي من الناس‬
‫فمُحرم ويُفطر من شربه‪.‬‬
‫ول يُفطر إن فكر فأنزل‪ ،‬لقوله ‪« :‬عُفي لمت ما حدثت به أنفسها‬
‫ما ل تعمل به أو تتكلم»‪.‬‬
‫ول يُفطر إن احتلم‪ ،‬لن ذلك ليس بسببٍ من جهته‪.‬‬
‫ومن اغتسل‪ ،‬أو تضمض‪ ،‬أو استنشق فدخل الاء إل حلقه بل قصد‪،‬‬
‫ل يفسد صومه‪ ،‬لا ورد من أن عائشة‪ ،‬وأم سلمة ‪ -‬رضي ال عنهما ‪ -‬قالتا‪:‬‬
‫"نشهد على رسول ال إن كان ليُصبح ُجنُبا من غي احتلم‪ ،‬ث يغتسل"‪.‬‬
‫وتُكره البالغة ف الضمضة والستنشاق للصائم‪ ،‬لا ورد عن لقيط بن‬
‫صبة قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬أسبغ الوضوء‪ ،‬وخلل بي الصابع‪ ،‬وبالغ‬
‫ف الستنشاق إل أن تكون صائما»‪.‬‬
‫ويوز للصكائم أن يفعكل مكا يُخفكف عنكد شدة الرك والعطكش وذلك‬

‫‪75‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫كالتبد بالاء لا ورد عن بعض الصحابة أن النب صب على رأسه الاء وهو‬
‫صائم من العطش ومن الر‪ ،‬وورد أن ابن عمر بل ثوبا فألقاه على نفسه وهو‬
‫صائم وكان ل نس بن مالك ح جر منقور يُش به الوض إذا أ صابه ال ر و هو‬
‫صكائم نزل فيكه‪ ،‬وقال السكن ل بأس بالضمضكة والتكبد للصكائم ذككر هذه‬
‫الثار البخاري تعليقا وال أعلم‪.‬‬
‫‪ – 2‬ذكر أشياء ترم ويتأكد تريها ف حق الصائم‪:‬‬
‫ي ب اجتناب كل كذب مرم‪ ،‬أ ما الكذب لتخل يص مع صوم من ق تل‬
‫فواجب‪ ،‬قلت ويترجح عندي مثله أيضا تليص ماله من ظال أو قاطع طريق‬
‫أو غاصكب أو نوك ذلك‪ ،‬والال مُثمكن والحسكن يتأول‪ ،‬ولصكلح بيك‬
‫الزوج ي فمباح ل ا ورد عن أم كلثوم ر ضي ال عن ها قالت‪ :‬قال ر سول ال‬
‫‪«:‬ليس الكذاب الذي يُصلح بي الناس ويقول خيا أو ينمى خيا» متفق‬
‫عليه‪.‬‬
‫ث اعلم أن الداعي إل الكذب مبة النفع الدنيوي وحب التراث وذلك‬
‫أن ال خب يرى أن له فضلً على ال خب ب ا عل مه ف هو يتش به بالعال الفا ضل‬
‫ل ومسرة وهو يلب به نقصا وفضيحة فالكذب‬ ‫فيظن أنه يلب با يقوله فض ً‬
‫رذيلة مضة من أرذل الرذائل يُنبء عن تغلغل الفساد ف نفس صاحبها وعن‬
‫سلوك يُنشيء الشر إنشاءً فالكذب يتصدع به بنيان الجتمع‪ ،‬وبه يتل سي‬
‫المور‪ ،‬ويُسقط صاحبه من العيون ول يوثق ف قوله‪ ،‬ول يوثق به ف عمل‪،‬‬
‫ول يرغب له ملس‪ ،‬وأحاديثه عند الناس متروكة‪ ،‬وشهادته مردودة وعن أب‬
‫أما مة قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬يُط بع الؤ من على اللل كل ها إل اليا نة‬
‫والكذب» رواه أحد‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫و عن ب ز بن حك يم عن أب يه عن جده مرفوعا‪« :‬و يل للذي يُحدث‬
‫ليُضحك به القوم ويل له ويلٌ له»‪.‬‬
‫وعكن عائشكة ‪ -‬رضكي ال عنهكا ‪ -‬قالت‪ :‬مكا كان خُلُق أبغكض إل‬
‫أصحاب رسول ال من الكذب ولقد كان الرجل يكذب عند رسول ال‬
‫الكذبة فما يزال ف نفسه عليه حت يعلم أنه أحدث منها توبة رواه أحد‪.‬‬
‫و ف الد يث ال خر أ نه ق يل لر سول ال ‪ :‬أيكون الؤ من كذابا قال‪:‬‬
‫«ل» الديث رواه مالك والبيهقي ف شُعب اليان‪.‬‬
‫وقال ابن القيم ‪ -‬رحه ال ‪ :-‬إياك والكذب فإنه يفسد عليك تصور‬
‫العلومات على مكا هكي عليكه ويفسكد عليكك تصكويرها وتعليمهكا للناس فإن‬
‫الكاذب ي صور العدوم موجودا والوجود معدوما وال ق باطلً والبا طل حقا‬
‫وال ي شرا فيف سد عل يه ت صوره وعل مه عقو بة له ث ي صور ذلك ف ن فس‬
‫الخا طب الغ تر به الرا كن إل يه فيف سد عل يه ت صوره وعل مه ون فس الكاذب‬
‫مُعرضة عن القيقة الوجودة نزاعة إل العدم مؤثرة للباطل ولذا كان الكذب‬
‫أساس الفجور‪.‬‬
‫ك ما قال ال نب ‪« :‬إن الكذب يهدي إل الفجور وإن الفجور يهدي‬
‫إل النار»‪ ،‬وأول ما يسري الكذب من النفس إل اللسان فيفسده ث يسري‬
‫إل الوارح فيفسد عليها أعمالا كما أفسد على اللسان أقواله فيعم الكذب‬
‫أقواله وأعماله وأحواله في ستحكم عل يه الف ساد ويترا مى داؤه إل اللكة إن ل‬
‫يتداركه ال بدواء الصدق بقلع تلك الادة من أصلها‪.‬‬
‫ولذا كان أصكل أعمال القلوب كلهكا الصكدق وأضدادهكا مكن الرياء‬
‫والع جب وال كب والف خر واليلء والب طر وال شر والع جز والك سل وال ب‬

‫‪77‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫والهانكة وغيهكا أصكلها الكذب فككل عمكل صكال ظاهكر أو باطكن فمنشؤه‬
‫الصدق وكل عمل فاسد ظاهر أو باطن فمنشؤه الكذب‪ ،‬وال تعال يُعاقب‬
‫الكذاب بأن يٌُعقده ويثب طه عن م صاله ومناف عه ويث يب ال صادق بأن يوف قه‬
‫للقيام بصال دُنياه وآخرته‪.‬‬
‫فما استجلبت مصال الدنيا والخرة بثل الصدق ول مفاسدها ومضارها‬
‫ي‬
‫بثل الكذب قال تعال‪ :‬يَا َأّيهَا اّلذِي َن َآ َمنُوا اّتقُوا الّل َه َوكُونُوا َم َع ال صّا ِدِق َ‬
‫ص ْدُق ُه ْم [الائدة‪.]119 :‬‬ ‫ي ِ‬ ‫[التوبة‪ .]119 :‬وقال‪َ :‬هذَا َي ْو ُم َيْن َف ُع ال صّا ِدِق َ‬
‫ص َدقُوا ال ّل َه لَكَا َن خَ ْيرًا َلهُمْ [ممد‪.]21 :‬‬ ‫وقال‪َ :‬فإِذَا َعزَ َم المْ ُر فَ َلوْ َ‬
‫شعرا‪:‬‬
‫إِنّ اللسَانَ لِمَا عَوّدْتَ يَعْتَادُ‬ ‫عَوّدْ لِسَانَكَ قَولَ الصّدْقِ‬
‫فِي الصّدْقِ وَالكَذِبِ فَانْظُرْ‬ ‫مُوَكّ ٌل بِتَقَاضِي مَا سَنَنْتَ‬
‫الل هم نور قلوب نا بنور اليان وثبت ها على قولك الثا بت ف الياة الدن يا‬
‫وف الخرة واجعلنا هُداة مُهتدين وتوفنا مسلمي وألقنا بعبادك الصالي يا‬
‫أكرم الكرمي ويا أرحم الراحي وصلى ال على مُحمد وعلى آله وصحبه‬
‫أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫ف بيان أنواع الكذب‬
‫ويتنوع الكذب إل أنواع‪ ،‬فمكا كان متعلقا بأموال الناس وأعراضهكم‬
‫وأنف سهم هو من أ شد الكبائر وأق بح الرائم ال ت تُ ضر بالجت مع الن سان‪،‬‬
‫وتقضي على العدل‪ ،‬فإن الذي يقول الزور ليتقطع حقوق عباد ال أو يثلمهم‬
‫ف أعراضهم من كل ما يضر النسانية ويؤلها‪.‬‬
‫وقكد عرض نفسكه لغضكب ال وكان سكببا فك بكث الفوضكى وإغراء‬
‫الجرم ي على اقتراف الرائم فينالون من أعراض الناس وأموال م ما يشتهون‬
‫و هم آمنون من العقوبكة لنمك يدون شاهكد الزور يُ ساعدهم على الفلت‬
‫من ها‪ ،‬و قد أ كب خ طر قول الزور وأع ظم جُرمَ هُ ك ما ف الد يث قال‪:‬‬
‫ههن‪ ،‬وكان مُتكئا فجلس‪ ،‬فقال‪ :‬أل وقول‬ ‫«الشراك بال وعقوق الوالديه‬
‫الزور‪ ،‬ف ما زال يُكرر ها ح ت قل نا‪ :‬لي ته سكت»‪ ،‬فجلو سه ب عد اتكائه‬
‫اهتماما بشأ نه‪ ،‬و صدر قوله بأداة الت نبيه وكرر كلم ته ح ت شق على نف سه‬
‫وبدا الغضب ف وجهه‪ ،‬وتن أصحابه لو سكت‪.‬‬
‫وقول الزور يشمكل الشهادة بالباطكل والككم الائر ورمكي البرياء‬
‫والقول على ال بل علم‪.‬‬
‫وعكن خُريك بكن فاتكك قال‪ :‬صكلى رسكول ال صكلة الصكبح فلمكا‬
‫انصكرف قام قائما فقال‪« :‬عدلت شهادة الزور بالشراك بال» ثلث مرات‬
‫ثك قرأ‪ :‬فَاجْتَنِبُوا ال ّرجْسَه مِنَه ال ْوثَانِه وَاجْتَنِبُوا َق ْولَ الزّورِ * حَُنفَا َء لِلّهِه‬
‫ي ِبهِ [الج‪ .]31-30 :‬رواه أبو داود وابن ماجه‪.‬‬ ‫شرِكِ َ‬
‫غَ ْيرَ ُم ْ‬
‫وشاهد الزور يُسيء إل نفسه إذ يبيع آخرته بدنيا غيه‪ ،‬ويُسيء إل من‬

‫‪79‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫شهد له بإعانته على ظلمه‪ ،‬ويُسيء إل من يشهد عليه ف إضاعة حقه ويُسيء‬
‫إل القاضكي الذي جلس يتحرى العدل ليحككم بكه ويُنصكف الضعفاء مكن‬
‫القوياء وينتزع حق الظلوم من الظال بأنه بشهادته بالزور يُظلله ويسد أمامه‬
‫طريق الق ويفتح باب الباطل‪.‬‬
‫وبذا يشل يد العدالة أن تقتص للمظلوم من الظال ويُسيء شاهد الزور‬
‫إل أولده وأ سرته ل نه يُلوث ها بذه ال سمعة ال سيئة والفائ هة القبي حة وي مل‬
‫الناس على أن يقولوا لم عائلة الزور‪ ،‬وأعظم با من أذية للمستقيمي‪.‬‬
‫و عن ا بن م سعود قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬إن ال صدق يهدي إل‬
‫الب‪ ،‬والب يهدي إل النهة‪ ،‬وإن الرجهل ليصهدق حته يُكتهب عنهد ال‬
‫صهديقا‪ ،‬وإن الكذب يهدي إل الفجور‪ ،‬وإن الفجور يهدي إل النار‪ ،‬وإن‬
‫الرجل ليكذب حت يُكتب عند ال كذابا» مُتفق عليه‪.‬‬
‫وف الديث أن الكذب من صفات النفاق‪.‬‬
‫اللهم أتم علينا نعمتك الوافية وارزقنا الخلص ف أعمالنا والصدق ف‬
‫أقوالنا وعد علينا بإصلح قلوبنا واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي برحتك‬
‫يا أرحم الراحي وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫ف التحذير من الغيبة‬
‫ُمه َبعْض ًا‬
‫ضك ْ‬ ‫َبه بَعْ ُ‬
‫ويبك اجتناب الغيبكة قال ال تعال‪ :‬وَل َيغْت ْ‬
‫[الجرات‪ .]12 :‬أي‪ :‬ل يتناول بعض كم بعضا بظ هر الغ يب ب ا ي سوؤه ث‬
‫ضرب تعال للغي بة مثلً فقال‪َ :‬أيُحِبّ َأ َحدُكُ ْم أَ ْن َيأْ ُكلَ لَحْ َم َأخِي هِ مَيْتًا‬
‫َف َكرِهْتُمُوهُ [الجرات‪ ،]12 :‬وعن الباء عن النب أنه قال‪« :‬إن أرب‬
‫الر ب ا ستطالة الرجهل ف عِرض أخيهه و ف الد يث الخهر فإن دماءكهم‬
‫وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام»‪.‬‬
‫وعكن أ ب هريرة مرفوعا أن مكن الكبائر اسكتطالة الرء ف عرض ر جل‬
‫مسلم بغي حق‪.‬‬
‫وعن سعيد بن زيد عن النب قال‪« :‬إن من أرب الربا الستطالة ف‬
‫عِرض السلم بغي حق» رواه أحد وأبو داود‪.‬‬
‫فإن قيل ما الغيبة؟ قيل قد حدها النب ‪ ،‬فقد روى أبو هريرة عن‬
‫رسكول ال قال‪« :‬أتدرون مها الغيبهة؟» قالوا‪ :‬ال ورسكوله أعلم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫«ذكرك أخاك با يكره»‪ ،‬قال (أحدهم)‪ :‬أفرأيت إن كان ف أخي ما أقول؟‬
‫قال‪« :‬إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته‪ ،‬وإن ل يكن فيه فقد بته» أخرجه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫ومكن الغيبكة التمثيليات للشخاص واليئات وماكاتمك فك اللباس على‬
‫وجه التنقص والستهتار كما يفعله النهمكون ف أكل لوم الغوافل‪ .‬فتكون‬
‫الغيبة بالتعريض وبالكتابة وبالركة وبالرمز والشارة باليد وكل ما يُفهم منه‬
‫القصود فهو داخل ف الغيبة وهو حرام‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫فقد ورد عن عائشة ‪ -‬رضي ال عنها ‪ -‬قالت‪ :‬دخلت علينا امرأة فلما‬
‫ولت أومأت بيدي أي قصكية فقال ‪« :‬اغتبتهها» وقكد روى أبكو داود‬
‫والترمذي وصححه قول عائشة عن صفية أنا قصية وأن النب قال‪« :‬لقد‬
‫قلت كلمة لو مُزجت باء البحر لزجته»‪.‬‬
‫وأخرج أحد عن ابن عباس قال ليلة أُسري بالنب قال‪« :‬ونظر ف‬
‫الباب فإذا قوم يأكلون اليهف»‪ ،‬قال‪« :‬مهن هؤلء يها أخهي يها جبيهل؟»‬
‫قال‪« :‬الذين يأكلون لوم الناس»‪.‬‬
‫وقال ‪« :‬من أكل برجل مسلم أكلة فإن ال يُطعمه مثلها ف جهنم‪،‬‬
‫و من كُ سي ثوبا بر جل م سلم فإ نه يك سوه مثله ف جه نم و من قام بر جل‬
‫مقام سُمعةٍ وريا ٍء فإن ال يقوم به مقام سُمعةٍ وريا ٍء يوم القيامة»‪ .‬رواه أبو‬
‫داود‪.‬‬
‫فالغي بة عادة مرذولة‪ ،‬كثيا ما تق طع ال صلة ب ي الناس‪ ،‬وتث ي الحقاد‪،‬‬
‫وتشتت الشمل‪ ،‬ث هي مع ذلك مضيعة للوقت بالشتغال‪ ،‬با يضر النسان‪،‬‬
‫ول ينف عه‪ .‬وم ا تقدم ي تبي تر ي الغي بة وخطر ها وشر ها فإذا ي ب النكار‬
‫على الُغتاب وردعه‪.‬‬
‫و قد روى جابر بن ع بد ال عن ال نب أ نه قال‪ « :‬ما من امر يء‬
‫يذل امرءا م سلما ف مو طن تنت هك ف يه حُرم ته إل خذله ال ف مو طن‬
‫يُ حب ف يه ن صرته و ما من امر يء م سلم ين صر امرءا م سلما ف مو ضع‬
‫ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إل نصره ال ف موطن يُحب‬
‫فيه نصرته»‪.‬‬
‫و ف حد يث آ خر عن ال نب قال‪ « :‬من أذل عنده مؤ من و هو يقدر‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫على نصره فلم ينصره أذله ال على رءوس اللئق»‪.‬‬
‫وقال عمر بن الطاب ف خطبته‪ :‬ل يُعجبنكم من الرجل طفطفته ولكن‬
‫من أدى المانة وكف عن أعراض الناس فهو الرجل وقال أيضا كفى بالرء عيبا‬
‫أن يستبي له من الناس ما يفى عليه من نفسه ويقت الناس على ما يأت‪.‬‬
‫وقال السكن‪ :‬يكا ابكن آدم لن تنال حقيقكة اليان حتك ل تعيكب الناس‬
‫بعي بٍ هو ف يك وتبدأ بذلك الع يب من نف سك فتُ صلحه ف ما تُ صلح عيبا إل‬
‫ترى عيبا آخر فيكون شغلك ف خاصة نفسك وقيل لربيع بن خيثم ما نراك‬
‫ض فأتفرغ من عيب ها إل‬ ‫تع يب أحدا ول تذ مه فقال ما أ نا على نف سي برا ٍ‬
‫غيها ولقد أحسن القائل‪:‬‬
‫مِثْلُ الذّبَابِ يُرَاعِي مَوضِعَ‬ ‫شَرّ الوَرَى مَنْ بِعَيِبٍ‬
‫آخر‪:‬‬
‫فَلَ عَيْبَ إِلّ دُوُنَ مَا مِنَكَ‬ ‫ِإذَا مَا ذَكَرْتَ النّاسَ فَاتْرُكْ‬
‫فَكَيْفَ يَعِيْبُ العَوْرَ مَنْ‬ ‫فَإِنْ عِبْتَ قَوْما بِالّذِي‬
‫فَذَلِكَ عِ ْندَ الِ وَالنّاسِ‬ ‫وَإِنْ عِبْتَ قَوْما بِالّذِي هُوَ‬
‫وبالتال فخطر اللسان عظيم ليس كغيه من العضاء فإن العي ل تصل‬
‫إل غي اللوان والصور والذن ل تصل إل غي الصوات واليد ل تصل على‬
‫غي الجسام واللسان يول ف كل شيء وبه يبي اليان من الكفر‪.‬‬
‫وقد روى أنس بن مالك عن النب أنه قال‪« :‬ل يستقيم إيان عبد‬
‫حت يستقيم قلبه ول يستقيم قلبه حت يستقيم لسانه»‪.‬‬
‫وف الصحيحي عن أب هريرة عن النب قال‪« :‬إن الرجل ليتكلم‬
‫بالكل مة ما ي تبي ما في ها يزل ب ا ف النار أب عد م ا ب ي الشرق والغرب»‬

‫‪83‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وأخرج الترمذي ولفظكه‪« :‬إن الرجهل ليتكلم بالكلمهة مهن الشهر مها يعلم‬
‫مبلغ ها يك تب ال له ب ا عل يه سخطه إل يوم القيا مة» رواه ف شرح ال سنة‬
‫ورواه مالك والترمذي وابن ماجه نوه‪.‬‬
‫فالغيبة من آفات اللسان ومن الذنوب الت قل من يسلم منها كالكذب‬
‫والرياء والربا والداهنة‪.‬‬
‫وإذا فه مت ما سبق فاعلم أن الذنوب التعل قة بقوق العباد ل تُم حى إل‬
‫أن عفوا عنها أو ردت لم مظالهم‪ ،‬فقد ورد عن النب أنه قال‪« :‬الدواوين‬
‫عنهد ال ثلثهة‪ :‬ديوان ل يعبهأ ال بهه شيئا‪ ،‬وديوان ل يترك ال منهه شيئا‪،‬‬
‫وديوان ل يغفره ال‪ ،‬فأما الديوان الذي ل يغفره ال فالشرك بال»‪.‬‬
‫ِهه [النسكاء‪ .]48 :‬وقال‬‫َكه ب ِ‬
‫َنه ُيشْر َ‬ ‫ّهه ل َي ْغ ِفرُ أ ْ‬
‫قال تعال‪ :‬إِنّ الل َ‬
‫شرِ ْك بِال ّل ِه َفقَ ْد َحرّمَ ال ّلهُ عَلَ ْي ِه الْجَّنةَ [الائدة‪.]72 :‬‬
‫تعال‪ِ :‬إنّ ُه َمنْ ُي ْ‬
‫وأما الذي ل يعبأ ال به شيئا فظلم العبد نفسه فيما بينه وبي ال من‬
‫صوم يوم تركه أو صلة‪ ،‬فإنه يغفر ذلك ويتجاوز إن شاء وأما الديوان الذي‬
‫ل يترك م نه شيئا فظلم العباد بعض هم بعضا الق صاص ل مالة رواه أح د ف‬
‫م سنده والا كم ف م ستدركه فظلم الع بد نف سه بي نه وب ي ر به هو أ خف‬
‫الدواو ين وأ سرعها موا فإ نه يُم حى بالتو بة وال ستغفار وال سنات الاح ية‬
‫والصائب الُكفرة ونو ذلك‪.‬‬
‫ول ر يب أن الغي بة جنا ية على أعراض الناس و هم غافلون فكفارت ا أن‬
‫يتحلل منك اغتابكه ويطلب منكه العفكو إن كان ل يعلم بذلك ويتوب ويتندم‬
‫ويستغفر لن اغتابه ويذكره با فيه من الصال السنة عند من اغتابه عندهم‬
‫لعل ال أن يرحه ويغفر له إنه غفور رحيم‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وتقدم حديكث أنكس وقوله ‪« :‬إن مهن كفارة الغيبهة أن تسهتغفر لنه‬
‫اغتبته تقول‪" :‬اللهم اغفر لنا وله"»‪.‬‬
‫واعلم أ نه إذا تر تب على الغي بة م صلحة أو درء مف سدة كا نت لز مة إذا‬
‫ترتب عليها أم ٌر جائز فجائزة‪ ،‬ويكن ضبط الول ف خسة أمور أو ستة أمور‪.‬‬
‫الول‪ :‬الظلوم الذي ير يد أن يش كو ل ن ير فع مظلم ته‪ ،‬فله أن يذ كر‬
‫عيب ظاله الذي يتاج إليه ف بيان حقه‪.‬‬
‫الثان‪ :‬الستعانة على تغيي النكر لن يظن أن له قدرة على إزالته‪ ،‬فإن‬
‫له أن يقول‪ :‬إن فلنا ارتكب كذا وفعل كذا‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الستفتاء فإنه يوز للمستفت أن يقول للمفت‪ :‬إن فلنا ظلمن‬
‫ف كذا وكذا‪ ،‬فهل يوز له ذلك مثلً؟‬
‫الرابهع‪ :‬التحذيكر فيحذر السكلمي مكن شكر مكن يتصكدى للزعامكة فك‬
‫أمورهم العامة‪ ،‬أو من يتوقف عليه القضاء ف مصالهم؛ أو يتصدى لفتائهم‬
‫وتعليم هم‪ ،‬كالزعماء ف الشئون الدين ية والدنيو ية والشهود والدر سي ون و‬
‫ذلك من يُشترط فيهم المانة والتصاف بكارم الخلق‪ ،‬فيصح أن يبي ما‬
‫فيهم من النقائص والعيوب ويرفع بأمرهم ليبعدوا‪.‬‬
‫الامهس‪ :‬أن يتجاهكر بفسكقه‪ ،‬وقكد قال ‪ :‬ككل أمتك مُعافك إل‬
‫الجاهرون‪ .‬اللهم ثبت مبتك ف قلوبنا وقوها وارزقنا القيام بطاعتك وجنبنا‬
‫ما يُسخطك وأصلح نياتنا وذرياتنا وأعذنا من شر نفوسنا وسيئات أعمالنا‬
‫وأعذنا من عدوك واجعل هوانا تبعا لا جاء به رسولك واغفر لنا ولوالدينا‬
‫ولميع ال سلمي برحتك يا أر حم الراح ي و صلى ال على م مد وعلى آله‬
‫وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫وأسباب الغيبة أحد عشر‪:‬‬
‫‪ – 1‬تش في الغ يظ بذ كر م ساويء الوقوع ف عر ضه بالغي بة قولً أو‬
‫فعلً‪.‬‬
‫‪ – 2‬موافقكة القران والزملء ومسكاعدتم ويرى ذلك فك حسكن‬
‫العاشرة‪.‬‬
‫‪ – 3‬أن يستشعر من إنسان سيقصده ويُطول لسانه عليه أو يُقبح حاله‬
‫عند مُحتشم فيبادره فيطعن فيه ليُسقط شهادته‪.‬‬
‫‪ – 4‬أن ينسب إليه شيء فيذ كر أن الذي فعله فلن ويتبأ منه مع أن‬
‫التبأ يصل بدون أن يذكر الغي بشخصه‪.‬‬
‫‪ – 5‬أن ينطوي على عداوة ش خص وي سده فيم يه بساويء ومعائب‬
‫ين سبها إل يه لي صرف وجوه الناس ع نه ويُ سقط مهاب ته ومكان ته من النفوس‬
‫ويقصد بذلك إثبات فضل نفسه ولكن العاقل اللبيب يعرف أنه ما أضر على‬
‫العداء ول أشكد مكن التمسكك بالخلق الفاضلة والعتراف بالفضكل لهله‬
‫كما قيل‪:‬‬
‫بِمِثْلِ اعتِقَادِ الفَضَلِ فِي كُلّ‬ ‫َومَا عَبّرَ النْسَانُ عَن فضل‬
‫يَدَ النّقْصِ عَنْهُ بِانْتِقَاصِ‬ ‫ولَ ْيسَ مِن النْصَافِ أَنْ يَدْفَعَ‬
‫‪ – 6‬أن يقدح عند من يب ذلك الشخص حسدا لكرامهم ومبتهم له‪.‬‬
‫‪ – 7‬أن يقصد اللعب والزل والُزاح والطالبة ويُضحك الناس‪.‬‬
‫‪ – 8‬السكخرية والسكتهزاء بالشخكص اسكتحقارا له وهكو يري فك‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫الضور والغيبة ومنشؤه التكب واستصغار الُستهزأ به وتنقصه وازدراءه‪.‬‬
‫‪ – 9‬أن يتعجب من فعل الغائب للمنكر وهذا من الدين لكن أدى إل‬
‫الغيبة بذكر اسه فصار مُغتابا من حيث ل يدري‪.‬‬
‫‪ -10‬أن يغتم لسبب ما يُبتلى به فيقول مسكي فلن قد غمن أمره‬
‫وما ابتليّ به من العصية وغمه ورحته خي لكن ساقه إل شر وهو الغيبة من‬
‫حيث ل يدري أنه صاغها بصيغة الترحم والتوجع‪.‬‬
‫‪ -11‬إظهار الغضب ل على منكر قارفه إنسان فيذكر النسان باسه‬
‫وكان الواجب أن يُظهر غضبه على فاعله ول يُظهر عليه غيه بل يستر اسه‬
‫وهذه الثلثكة رباك تفكى على العلماء وطلبكة العلم فضلً عكن العوام ولذلك‬
‫تسمع منهم كثيا ما يقولون فلن ونعم لول أنه يفعل كذا وكذا يُعامل بالربا‬
‫مثلً وكان الواجب نصحه بدل الغيبة‪.‬‬
‫ول قد كثرت النمي مة والغي بة والب هت والكذب والوشا ية وال سعاية ب عد‬
‫ظهور التليفون وال سجلت فب عد أن كا نت ل تو جد إل مع اجتماع البدان‬
‫صارت تو جد أيضا مع التفرق وبُ عد ال سافات وتضاع فت أضعافا مُضاع فة‬
‫و صار ال سال من ها أ عز من ال كبيت الح ر‪ ،‬ن سأل ال ال ي القيوم العلي‬
‫العظيم أن يعصمنا وإخواننا السلمي منها اللهم صل على ممد‪.‬‬
‫وَيُعْطِيْكَ أَجْرَيْ صَوْمِهِ‬ ‫يُشَارِكُكَ الُغْتَابُ فِي‬
‫عَنْ النّجْبِ مِن أبْنَائِهِ‬ ‫وَيَحْمِلُ وِزْرا َع ْنكَ ظَنّ‬
‫بِخَيْرٍ وَكَفّرْ عَنْهُ مِن‬ ‫فَكَافِيْ ِه بِالُسْنَى وَقُل رَبّ‬
‫ثَوَابُ صَلةٍ أَوْ زَكَاةٍ فَهَاتِهِ‬ ‫فَيَا َأّيهَا الُغْتَابُ زِدْنِي فَإنْ‬
‫يُعَامِلُ عَنْهُ الَ فِي غَفَلَتِهِ‬ ‫فَغَيْرُ شَقّي مَنْ يَبِيْتُ‬

‫‪87‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫بِإمْعَانِهِ فِي نَفْعٍٍ بَعْضِ‬ ‫فَلَ تَعْجَبُوا مِن جَاهِل ضَرّ‬
‫عَلَى رَجُلٍ يُهدَي لَهُ حَسَنَاِتِه‬ ‫وَأعْجَبُ مِنْهُ عَاقِلٌ بَاتَ‬
‫وَيَهْلَكُ فِي تَخْلِيْصِهِ‬ ‫وَيَحْمِلُ مِن أَوْزَارِهِ‬
‫وَيُحْمَدُ فِي الدّنْيَا وَبَعْدَ‬ ‫فَ َمنْ يَحْتَمِلْ يَسْتَوْجِبِ‬
‫وَيَجْمَعُ أَسْبَابَ الَسَاوِيْ‬ ‫وَمَنْ يَنْتَصِفْ يَنْفَخْ ضِرَاما‬
‫وَلَ حَسَنٌ يُثْنَى بِه فِي حَيَاتِهِ‬ ‫فَلَ صَالِحٌ يُجْزَي بِهِ بَعْدَ‬
‫كَمَا فِي كِتَاب الِ حَاَل مَمَاتِهِ‬ ‫يَظلّ أَخُو النْسَانِ يَأْكُلُ‬
‫بِأنّ صِفَاتِ الكَلبِ دُوْنَ‬ ‫وَلَ يَسْتَحِيْ مِمّنْ يَرَاهُ‬
‫َولَكِنْ دَعَى الكَلْبِ اضْطِرَارُ‬ ‫َوقَد أَكَلَ مِن لَحْمِ مَيْتٍ‬
‫غَدًا مَنْ عَلَ ْيهِ الَوفُ من‬ ‫تَسَاوَيْتُمَا أَكْلً فَأَشْقَاكُمَا‬
‫فَيَبْقَى النْسَانُ بَعْضُ‬ ‫وَمَا لِكَلمٍ مَرّ كَالرّيْح‬
‫ال ارزق نا ح فظ جوارح نا عن العا صي ما ظ هر من ها و ما ب طن و نق‬
‫قلوب نا من ال قد وال سد وال حن‪ .‬الل هم إ نا نعوذ بك من شا تة العداء‬
‫وعُضال الداء وخيبكة الرجاء وزوال النعمكة اللهكم توفنكا مسكلمي وألقنكا‬
‫بالصالي غي خزايا ول مفتوني واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء‬
‫منهكم واليتيك برحتكك يكا أرحكم الراحيك وصكلى ال على ممكد وعلى آله‬
‫وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫وما يتأكد اجتنابه ول يتم الصيام لن ل ينبه‪ ،‬النظر إل الرأة الجنبية‬
‫والر جل المرد لغ ي ضرورة أو حا جة شرع ية لن الرأة كل ها عورة ل ي صح‬
‫أن يرى من ل يس من مارم ها شيئا من ج سدها ول شعر ها الت صل ب ا و ما‬
‫تفعله ب عض ن ساء هذا الزمان من ال تبج والتج مل ف ال سواق ما هو إل‬
‫ماهرة بالعاصي وتشبه بنساء الفرنج‪.‬‬
‫ف من أع ظم النكرات وأفظع ها خروج الرأة كاشفة رأسها أو عنق ها أو‬
‫نرها أو ذراعيها أو ساقيها أو وجهها أو الميع أو الثياب الظهرة للمفاتن أو‬
‫اللباس الشفاف الذي وجوده كعد مه ل ي ستر ما ت ته فهذا دا خل ف ال تبج‬
‫في جب على ال سلم أن ي نع ن ساءه و من له علي هن ول ية ويقبلن م نه ج يع ما‬
‫تقدم ويُلزمهن الستر والتحفظ وينصح إخوانه الهملي للمتصفات بذلك‪.‬‬
‫ومن الداب الت أمر ال تعال با نساء النب صلى ال عليه وسلم مع‬
‫أننك القدوة السكنة فك العفاف والتُقكى والتسكتر والياء واليان ومكع حياء‬
‫الناس منهن واحترامهم لن ما ذكره تعال ف سورة الحزاب بقوله‪َ :‬وقَرْنَ‬
‫فِي بُيُوِتكُ ّن وَل تََب ّرجْ َن تََبرّجَ الْجَاهِلِّيةِ الولَى [الحزاب‪.]33 :‬‬
‫قال مقاتكل‪ :‬التكبج أناك تُلقكي المار على رأسكها ول تشده فيواري‬
‫قلئدها وقرطها وعنقها ويبدو ذلك كله منها وذلك التبج‪.‬‬
‫وقال تعال آمرا لعباده الؤمني أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم‬
‫فل ينظروا إل ل ا أباح ل م الن ظر إل يه‪ُ :‬قلْ لِلْ ُم ْؤمِنِيَ َيغُضّوا مِ نْ أَبْ صَارِ ِهمْ‬
‫حفَظُوا ُفرُو َج ُهمْ [النور‪.]30 :‬‬
‫َويَ ْ‬
‫قال أبو حيان ف تفسيه‪ :‬قدم غض البصر على حفظ الفروج لن النظر‬

‫‪89‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫بريد الزنا ورائد الفجور والبلوى فيه أشد وأكثر ل يكاد يقدر على الحتراز‬
‫م نه‪ ،‬و هو الباب ال كب إل القلب وأع مر طرق الواس إل يه ويك ثر ال سقوط‬
‫من جهته‪.‬‬
‫ْهه‬
‫َانه عَن ُ‬
‫ِكه ك َ‬
‫َصهَر وَاْل ُفؤَادَ ُك ّل أُولَئ َ‬
‫السه ْم َع وَالْب َ‬
‫وقال تعال‪ :‬إِن ّ ّ‬
‫مَسْئُول [السراء‪ .]36 :‬وقال تعال‪َ :‬يعْلَمُ خَائِنَ َة العْيُ نِ [غافر‪.]19 :‬‬
‫قال البغوي‪ :‬أي خيانتها‪ ،‬وهي استراق النظر إل ما ل يل‪.‬‬
‫قال ماهد‪ :‬هو نظر العي إل ما نى ال عنه‪.‬‬
‫و عن أ ب هريرة أن ال نب قال‪« :‬ك تب على ا بن آدم ن صيبه من‬
‫الزنا‪ ،‬مدرك ذلك ل مالة‪ ،‬العينان زناها النظر‪ ،‬والذنان زناها الستماع‪،‬‬
‫واللسان زناه الكلم» متفق عليه‪.‬‬
‫وأخرج ال طبان عن ابن م سعود قال‪ :‬قال ر سول ال يعن عن ربه‬
‫عز و جل‪« :‬النظرة سهمٌ م سموم من سهام إبل يس من ترك ها من ماف ت‬
‫أبدلته إيانا يد حلوته ف قلبه»‪.‬‬
‫وروى الصكبهان عكن أبك هريرة قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬كهل عيٍ‬
‫باكية‪ ،‬يوم القيامة إل عينا غضت عن مارم ال وعينا سهرت ف سبيل ال‬
‫وعينا خرج منها مثل رأس الذباب من خشية ال» أخرجه المام أحد وابن‬
‫حبان ف صحيحه وقال صحيح السناد واعترضه النذري‪.‬‬
‫عن عبادة بن الصامت أن النب قال‪« :‬اضمنوا ل ستاَ من أنفسكم‬
‫أضمهن لكهم النهة‪ :‬اصهدقوا إذا حدثتهم‪ ،‬وأوفوا إذا وعدته‪ ،‬وأدوا إذا‬
‫ائتمنتم‪ ،‬واحفظوا فروجكم‪ ،‬وغضوا أبصاركم‪ ،‬وكفوا أيديكم»‪ .‬وقال ابن‬
‫الق يم ‪ -‬رح ه ال ‪ -‬والن ظر أ صل عا مة الوادث ال ت ت صيب الن سان فإن‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫النظرة تولد خطرة ث تولد الطرة فكرة ث تولد الفكرة شهوة ث تولد الشهوة‬
‫إرادة ث تقوى فتصي عزية جازمة فيقع الفعل ول بد ما ل ينع مانع‪.‬‬
‫وف هذا قيل‪ :‬الصب على غض النظر أيسر من الصب على أل بعده‪ .‬قال‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫وَمُعْظَمُ النّارِ مِن‬ ‫ُك ّل الَوَادِثِ مَبْدَاهَا مِن‬
‫س وَلَ‬
‫فَتْكَ السّهامِ بِلَ قَوْ ٍ‬ ‫كَمْ نَظْرَةٍ فَتَكَتْ فِِي‬
‫فِي أَعْيُن الغِيْدِ مَوْقُوفٌ‬ ‫وَالعَبْدُ مَا دَامَ ذَا عَيْنٍ‬
‫لَ مَرْحَبا بِسُرُوْرٍ عَادَ‬ ‫يَسُرّ نَاظِرَهُ مَا ضَرّ‬
‫وعكن بُريدة قال‪ :‬قال رسكول ال لعلي‪« :‬يها علي ل تتبهع النظرة‬
‫النظرة‪ ،‬فإن لك الول وليسهت لك الخرة» رواه أحدك والترمذي وأبكو‬
‫داود والدارمي‪.‬‬
‫وف حديث جرير قال‪ :‬سألت رسول ال عن نظرة الفجاءة فقال‪:‬‬
‫«اصرف بصرك» وروى مسلم‪ ،‬عن أب هريرة أن النب قال‪« :‬إن الرأة‬
‫تقبل ف صورة شيطان وتدبر ف صورة شيطان فإذا رأى أحدكم من امرأة‬
‫ما يُعجبه فليأت أهله فإن ذلك يرد ما ف نفسه»‪.‬‬
‫وعكن ابكن مسكعود عكن النكب قال‪« :‬الرأة عورة فإذا خرجهت‬
‫استشرفها الشيطان» رواه الترمذي‪.‬‬
‫وعكن أبك سكعيد الدري عكن النكب أنكه قال‪« :‬إن الدنيها حلوة‬
‫خضرة وإن ال م ستخلفكم في ها فين ظر ك يف تعملون فاتقوا الدن يا واتقوا‬
‫النساء فإن أول فتنة بن إسرائيل ف النساء» رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن أب أمامة عن النب ‪ ،‬قال‪ « :‬ما من مسلم ينظر إل ماسن امرأة‬

‫‪91‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫أول مرة ث يغض بصره إل أحدث ال له عبادة يد حلوتا» رواه أحد‪.‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫لَو كُنْتَ فِي النّسّاكِ مِثْلَ‬ ‫لَ تَخْلُ بامْرَأةٍ لَدَيْكَ‬
‫وَمَحَاسِن الحْدَاث والصّبْيَان‬ ‫وَاغْضُضْ جُفُوَنَك عَن‬
‫مِثْلُ الكِلبِ تَطُوْفُ‬ ‫إنّ الرّجَال النّاظِرْين ِإلَى‬
‫أُكِلَتْ بِل عَوضٍ َولَ أَثْمَانِ‬ ‫ك اللّحُوْمَ‬‫إنْ لَمْ تَصُنْ تِِْل َ‬
‫اللهم إن نواصينا بيديك وأمورنا ترجع إليك وأحوالنا ل تفى عليك‪،‬‬
‫وأنت ملجؤنا وملذنا‪ ،‬وإليك نرفع بثنا وحزننا وشكايتنا‪ ،‬يا من يعلم سرنا‬
‫وعلنيتنا نسألك أن تعلنا من توكل عليك فكفيته واستهداك فهديته وهب‬
‫ل نا من فضلك العظ يم و جد علي نا بإح سانك العم يم‪ ،‬واغ فر ل نا ولوالدي نا‬
‫ولميع السلمي الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي‪ ،‬وصلى ال‬
‫على ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫قال شيخ السلم ‪ -‬رحه ال ‪ :-‬يُقال إن غض البصر عن الصورة الت‬
‫يُنهى عن النظر إليها كالرأة والمرد السن يُورث ثلث فوائد‪:‬‬
‫إحداها‪ :‬حلوة اليان‪ ،‬ولذته الت هي أحلى وأطيب ما تركه ل‪ ،‬فإن‬
‫من ترك شيئا ل عوضه ال خيا منه‪.‬‬
‫الفائدة الثانية‪ :‬أن غض البصر يورث نور القلب والفراسة‪.‬‬
‫الفائدة الثالثهة‪ :‬قوة القلب وثباتكه وشجاعتكه فيجعكل ال له سكلطان‬
‫الب صية مع سلطان ال جة‪ ،‬فإن ف ال ثر "الذي يُخالف هواه يفرق الشيطان‬
‫من ظله"‪.‬‬
‫وإذا كان الن ظر إل من ل ي ل الن ظر إل يه مُحرما فاللوة ب ن ل ت ل‬
‫مُحر مة من باب أول وأحرى لن الو ساوس الشيطان ية ت د ل ا مالً ف هذه‬
‫الالة وثوران الشهوة يدك له مكبرا فيضعكف العقكل عنكد هذا‪ ،‬ول يكون له‬
‫تأث ي على ز جر الشهوة فت سوقه نف سه المارة بال سوء إل الفاح شة‪ ،‬لذا ن ى‬
‫ال صطفى عن اللوة ف قد رُوي عن ا بن عباس أن ر سول ال قال‪« :‬ل‬
‫يلون أحدكم بامرأة إل مع ذي مرم»‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫وعن عقبة بن عامر أن رسول ال قال‪« :‬إياكم والدخول على النساء»‬
‫فقال رجل من النصار أفرأيت المو؟ قال‪« :‬المو الوت»‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫والمو‪ :‬قريب الزوج كأخيه وابن أخيه وابن عمه‪.‬‬
‫و عن أم ي الؤمن ي ع مر بن الطاب أن ر سول ال قال‪« :‬أل يلو‬
‫رجهل بامرأة إل كان ثالثهمها الشيطان» رواه المام أحدك فك مُسكنده‬

‫‪93‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫والترمذي ف جامعه‪.‬‬
‫وعن ابن عباس عن النب أنه قال‪« :‬من كان يؤمن بال واليوم الخر‬
‫فل يلون بامرأة ليس بينه وبينها مرم»‪ .‬رواه الطبان ف الكبي‪.‬‬
‫وروى ال طبان أيضا عن أ ب أُما مة عن ر سول ال أ نه قال‪« :‬إياك‬
‫واللوة بالنساء والذي نفسي بيده ما خل رجل بامرأة إل ودخل الشيطان‬
‫بينه ما‪ ،‬ولن يز حم الر جل خنيرا مُتلطخا بط ي أو حأة خ ي فله من أن‬
‫يزحم منكبه منكب امرأة ل تل له»‪.‬‬
‫ومكن أخطكر مكا يكون على النسكاء خدمكة الرجال فك البيوت إذا كان‬
‫هناك اختلط بين هم وبين هن خ صوصا إذا كان الر جل ال ستخدم من الشبان‬
‫وإن كان له وسة جال فأقرب إل الطر وقد يكون أشب من صاحب البيت‬
‫وأج ل و هو ملزم للب يت ليله وناره و هو ت ت أ مر الزو جة أو نو ها و ف‬
‫إمكانا إبقاؤه أو طرده فالطر عظيم‪ ،‬وإن كان الرأة ذا شرف ومكانة وتأمل‬
‫قصة امرأة العزيز مع يوسف عليه السلم حي راودته عن نفسه فاستعاذ بال‬
‫من شر هن وكيد هن فع صمه ال عِ صم ًة عظي مة وحاه فامت نع أ شد المتناع‬
‫عن ها واختار ال سجن على ذلك وهذا ف غا ية مقامات الكمال أ نه مع شبا به‬
‫وجاله وكماله تدعوه سيدته و هي امرأة عز يز م صر و هي مع هذا ف غا ية‬
‫المال والال والريا سة ويت نع من ذلك‪ ،‬ويتار ال سجن على ذلك خوفا من‬
‫ال ورجا َء ثوابه ولذا ثبت ف الصحيحي أن من السبعة الذين يُظلهم ال ف‬
‫ظله رجل دعته امرأة ذات منصب وجال فقال إن أخاف ال‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫موعظههة‬
‫عباد ال نن ف زمن كله عجائب يعجب العاقل اللبيب ومن أعجب‬
‫ما ف يه أن الرجال أ صبحوا ل سلطان ل م على الن ساء إل النادر القل يل‪ ،‬ن عم‬
‫أصبحنا ف زمن للنساء فيه جبوت أمامه الرجال ف حال ضئيل انعكس المر‬
‫فصكار القوي ضعيفا والضعيكف قويا فإن كنكت فك شكك مكن ذلك فاخرج‬
‫وان ظر ف الشوارع ترى الن ساء تول ف الشوارع ذاهبات آيبات ويتثن ي ف‬
‫تبخترهن عليهن من الزينة ما يُرغم على النظر إليهن كل من له عينان‪.‬‬
‫ول ت سأل ع ما يد ثه ذلك الن ظر ف نفوس الشبان وأشباه الشبان تراه‬
‫إذا لح ها أتبع ها نظره ث جرى وراء ها ل نه يف هم من هيئت ها وتثني ها وتلفت ها‬
‫فهما ل يُقال له إنه فيه غلطان‪ ،‬إنه يفهم أنا إذا ل تكن تريد منه ما تريد ما‬
‫عرضت نفسها ف الشارع بذلك التهتك وذلك الزديان وهي ف بيتها أمام‬
‫زوجهكا الذي ينبغكي أن تتجمكل له تكون بالة تشمئز مكن رؤيتهكا نفكس‬
‫النسكان‪ ،‬تلبكس له أردى اللبكس ول تسك طيبا ول تعتنك له‪ ،‬فإذا أرادت‬
‫الروج بذلت من العناية ف تميل نفسها ما يُلهب نار الشوق إليها ف نفوس‬
‫الناظرين‪.‬‬
‫وهذه حالة تعكل العيون وقفا على النظكر إل تلك الجسكام وتشغكل‬
‫القلوب شغلً به تنسى كل شيء حت نفسها وربا وما له عليها من واجبات‪،‬‬
‫وتوجكه الفكار إل أمور دنيئة يقصكدها مكن أولئك النسكاء أرباب النفوس‬
‫الدنيئات‪ ،‬بل وتد فع النفوس دفعا ت ستغيث م نه الفضيلة ويغ ضب له الوا حد‬
‫القهار‪.‬‬
‫إن أولئك النسكاء زوجات وبنات وأخوات رجال يروننك بأعينهكم فك‬

‫‪95‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫الشوارع بتلك الال يرون ن ول يس ل م من الغية ما يُف هم أن م من صنف‬
‫الرجال‪ ،‬وأمامهكم يُجريكن الزينكة التك يرجكن باك إل تلك الياديكن اللى‬
‫بالنذال‪ ،‬وبعضهم يستصحب زوجته معه سافرةً ف الشوارع وربا فهم بعض‬
‫الفساق أنه يتصيد لا وذلك يري على ألسنة كثيٍ منهم‪.‬‬
‫ك الخ عصكمنا ال وإياك وجيكع السكلمي أنكت أقوى عقلً وأقوى‬ ‫أيه ا‬
‫دينا من الرأة ل خلف ف ذلك وإن ل يعصمك ال تتمن أن يكون منك مع‬
‫الرأة ما يكون إذا وقع نظرك على ما لا من باء وجال فتأكد كل التأكد أن‬
‫تَ َمنّ يْ الرأة أقوى من تَ َمنّ يْ الرجل إذا وقع نظرها على جيل من الرجال ول‬
‫تشك أنا بعد رؤيتها الميل تتمن فراقك إليه وربا دعت عليك‪ ،‬نن ف جو‬
‫موبوء بفساد الخلق‪ ،‬من تعرض له أصابه من ذلك الوباء ما يُضيعه ف دنياه‬
‫وف الدين‪.‬‬
‫فصن نساءك عن الروج إليه إن أردت العافية وإل فل تلم إل نفسك‬
‫إذا أ صبحت ف عداد الضائع ي والضائعات أ نت ترى كل يوم ما يكون ف‬
‫الطرق لن ساء غيك فل ت شك أن ن ساءك يُلق ي مثله وأ شد م نه وأي ر جل‬
‫يرضى أن ترج نساؤه ليلعب بعفافهن وشرفهن من ل دين له ول شرف ول‬
‫أخلق‪ ،‬إن البهيكم يغار ومعارك ذكور البهائم على إناثهكا معروفكة‪ ،‬فل تككن‬
‫أقل غيةً من البهيم‪ ،‬ولول أننا نرى بأعيننا مبلغ ضعف رجالنا أمام النساء ما‬
‫صدقنا أن يستصحب الرجل زوجته سافرة راكبةً أو غي راكبة تقدمه‪.‬‬
‫أي ها الخ أ نت الذي تل قى الشاق من حرّ وبر ٍد وأ نت مشغول بال كد‬
‫ل جل جلب الرزق‪ ،‬يكون منكك ذلك لتُطعكم الرأة وتكسكوها وتنعكم عليهكا‬
‫ُونه عَلَى النّسهَا ِء بِمَا‬
‫ففضلك عليهكا ككبي كمكا قال تعال‪ :‬الرّجَا ُل َقوّام َ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ض َوبِمَا َأنْ َفقُوا مِ ْن َأمْوَالِهِ مْ [الن ساء‪.]34 :‬‬
‫ضهُ مْ عَلَى َبعْ ٍ‬
‫ض َل اللّ هُ بَعْ َ‬
‫فَ ّ‬
‫وأنكت أرجكح منهكا عقلً وأكمكل دينا‪ ،‬فمكن الغلط أن تكون معهكا كالعبكد‬
‫الملوك يُصرفه موله كيف شاء‪ .‬وإذا كنت كما ذكر ال قواما عليها فأنت‬
‫مسكئول عنهكا لنكك راعيهكا والراعكي مسكئول عكن رعيتكه‪ ،‬فأنكت مُثاب إن‬
‫وجهتهكا إل عمكل اليك وآثك إن سككت عنهكا وهكي تعمكل أعمالً ليسكت‬
‫مرضية‪ ،‬فانظر ماذا عليك من الث ف خروج زوجتك وما يترتب عليه من‬
‫بليا مرثية وغي مرثية‪ ،‬فحل بينها وبي ما تعلم أن فيه ضرر عليها وكل عمل‬
‫يُغضب ربك‪ ،‬وإل فأنت شريك لا ف كل ما لا من أوزار‪ .‬أ‪.‬هك‪.‬‬
‫كل هذا سببه مال طة ربائب ال ستعمار الذ ين تشبهوا به وقلدوه ف‬
‫القوال والفعال‪ ،‬وقلدهم كثي من نسائنا‪ ،‬وصدق الُصطفى حيث يقول‪:‬‬
‫لترك ب سنن من كان قبل كم شبا ب شب وذراعا بذراع ح ت لو أن أحد هم‬
‫دخكل حجكر ضكب لدخلتموه وحتك لو أن أحدهكم جامكع امرأتكه بالطريكق‬
‫لفعلتموه‪ ،‬فل حول ول قوة إل بال العلي العظيكم وهكو حسكبنا ونعكم الوكيكل‬
‫اهك‪.‬‬
‫اللهم احفظنا من الخالفة والعصيان ول تؤاخذنا برائمنا وما وقع منا‬
‫من الطأ والنسيان واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء منهم واليتي‬
‫برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫فيما يُستحب أن يقوله أو يفعله‬
‫أن النكب قال‪:‬‬ ‫يُسكتحب أن يتسكحر للصكوم لاك ورد عكن أنكس‬
‫«تسحروا فإن ف السحور بركة»‪.‬‬
‫وعكن عمرو بكن العاص قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬إن فصهل مها بيه‬
‫صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر»‪.‬‬
‫وعكن ابكن عمكر رضكي ال عنهمكا أن النكب قال‪« :‬إن ال وملئكتهه‬
‫يصلون على التسحرين»‪.‬‬
‫وعكن العرباض بن سكارية قال دعا ن رسكول ال على ال سحور ف‬
‫رمضان فقال‪« :‬هلم إل الغداء البارك»‪.‬‬
‫وعكن أبك هريرة قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬نعهم سهحور الؤمهن‬
‫التمر»‪.‬‬
‫وينبغي أن يُخفف عشاءه ف ليال رمضان ليهضم طعامه قبل السحور‬
‫ولن المتلء من الطعام ربا يكون سببا للتخم‪.‬‬
‫وعن القداد بن معدِ يكرب قال سعت رسول ال يقول‪ « :‬ما مل‬
‫ابن آدم وعاء شرا من بطنه بسب ابن آدم أكلت يُقمن صلبه فإن كان‬
‫ل مالة فثلث طعام وثلث شراب وثلث نفس»‪.‬‬
‫والشبكع مذموم لنكه يوجكب تكاسكل البدن وكثرة النوم وبلدة الذهكن‬
‫وذلك يُكثكر البخار فك الرأس حتك يُغطكي موضكع الذككر والفككر‪ ،‬والبطنكة‬
‫تذ هب الفط نة وتلب أمراضا ع سرة‪ ،‬ومقام العدل أن ل يأ كل ح ت ت صدق‬
‫شهو ته وأن ير فع يده و هو يشت هي ونا ية مقام الُ سن قوله تعال‪ :‬وَكُلُوا‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ه ِرفُوا [العراف‪ .]31 :‬وقوله ‪« :‬ثلث طعام وثلث‬
‫وَا ْش َربُوا وَل تُسهه ْ‬
‫شراب وثلث نفس»‪.‬‬
‫والكل على مقام العدل يُصح البدن ويبعد الرض بإذن ال ويقلل النوم‬
‫ويُخفكف الؤنكة ويرقكق القلب ويصكفيه فتحسكن فكرتكه وتسكهل الركات‬
‫والتعبيات‪ ،‬والشبع يُميت القلب ومنه يكون الفرح والرح والضحك‪.‬‬
‫ويُستحب تأخي السحور لا ورد عن أنس بن مالك عن زيدٍ بن ثابت‬
‫قال‪ :‬ت سحرنا مع ر سول ال ث قام إل ال صلة قال أ نس‪ :‬قلت لز يد‪:‬‬
‫كما كان بي الذان والسحور؟ قال‪ :‬قدر خسي آية‪ .‬متفق عليه‪ .‬ولا ورد‬
‫ف البخاري عن سهل بن سعد قال‪ :‬ك نت أت سحر ف أهلي ث تكون‬
‫سُرعت أن أدرك السجود مع رسول ال ‪.‬‬
‫وعن سهل بن سعد الساعدي أن رسول ال قال‪« :‬ل يزال الناس‬
‫بي ما عجلوا الفطر وأخروا السحور»‪.‬‬
‫و عن ا بن عط ية قال‪ :‬دخلت أ نا وم سروق على عائ شة‪ ،‬فقل نا‪ :‬يا أم‬
‫الؤمن ي‪ ،‬رجلن من أ صحاب م مد أحده ا يُع جل الفطار ويُع جل ال صلة‬
‫وال خر يؤ خر الفطار ويؤ خر ال صلة‪ ،‬قالت‪ :‬أيه ما يُع جل الفطار ويُع جل‬
‫الصلة؟ قلنا‪ :‬عبد ال بن مسعود‪ ،‬قالت هكذا صنع رسول ال والخر أبو‬
‫موسى‪.‬‬
‫ولن ال سحور يُراد به التقوى على ال صوم‪ .‬فكان التأخ ي أبلغ ف ذلك‬
‫وأول‪ ،‬ويُ سن تعج يل ف طر إذا ت قق الغروب ل ا ورد عن أ ب هريرة قال‪:‬‬
‫قال رسول ال ‪« :‬قال ال عز وجل إن أحب عبادي إلّ أعجلهم فطرا»‪.‬‬
‫و عن أ ب هريرة قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬ل يزال الد ين ظاهرا ما‬

‫‪99‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫عجهل الناس الفطهر‪ ،‬لن اليهود والنصهارى يؤخرون»‪ .‬ولديكث سكهل‬
‫وحديث أب عطية وقد تقدما قريبا‪.‬‬
‫ويُسن أن يكون فِطره على رطب‪ ،‬فإن عدم فتمر فإن عدم فماء لا ورد‬
‫عن أنس قال‪ :‬كان رسول ال يُفطر على رُطبات قبل أن يُصلي فإن ل‬
‫تككن رطبات فتمرات‪ ،‬فإن ل تككن ترات حسكا حسكوات مكن ماء‪ ،‬وعكن‬
‫سلمان بن عا مر ال ضب قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬إذا أف طر أحد كم فليف طر‬
‫على تر‪ ،‬فإنه بركة فإن ل يد ترا فالاء فإنه طهور»‪.‬‬
‫والفطكر قبكل صكلة الغرب أفضكل‪ ،‬لديكث أنكس قال‪" :‬مكا رأيكت‬
‫ر سول ال يُ صلي ح ت يُف طر‪ ،‬ولو شر بة ماء"‪ .‬وال أعلم و صلى ال على‬
‫ممد وآله وسلم‪.‬‬
‫ويُستحب قول الصائم عند فطره‪:‬‬
‫اللهم لك صمت‪ ،‬وعلى رزقك أفطرت‪ ،‬سبحانك وبمدك اللهم تقبل‬
‫من‪ ،‬إنك أنت السميع العليم‪ .‬لا ورد عن مُعاذ بن زهرة‪ :‬أنه بلغه أن النب‬
‫كان إذا أف طر قال‪« :‬ذ هب الظ مأ وابتلت العروق‪ ،‬وث بت ال جر إن شاء‬
‫ال» وثبت عن النب أنه قال‪« :‬للصائم عند فطره دعو ٌة ل تُرد» ولديثي‬
‫ابن عباس وأنس رضي ال عنهما قال‪ :‬كان النب إذا أفطر قال‪« :‬اللهم لك‬
‫صمنا‪ ،‬وعلى رزقك أفطرنا‪ ،‬ال تقبل منا إنك أنت السميع العليم»‪.‬‬
‫وعن عبد ال بن الزبي رضي ال عنهما قال‪ :‬أفطر رسول ال عند‬
‫سكعد بكن معاذ‪ ،‬فقال‪« :‬أفطهر عندكهم صهائمون وأكهل طعامكهم البرار‬
‫وصلت عليكم اللئكة»‪.‬‬
‫كد أن يكون فطره على حلل‪ ،‬وأن يذر أن‬
‫كان أن يتهك‬
‫وعلى النسك‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫يكون على حرام‪ ،‬فإن أكل الرام من جلة موانع قبول الدعاء‪ ،‬فقد ورد عن‬
‫أ ب هريرة قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬إن ال ط يب ول يق بل إل طيبا‪ ،‬وإن‬
‫ال أ مر الؤمن ي ب ا أمهر به الر سلي‪ ،‬فقال‪ :‬يَا َأيّهَا الرّسُهلُ كُلُوا مِ نَ‬
‫الطّيّبَا تِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [الؤمنون‪ ]51 :‬وقال‪ :‬يَا َأيّهَا الّذِي نَ َآمَنُوا‬
‫كُلُوا مِنْ طَيّبَاتِ مَا رَ َزقْنَاكُمْ [البقرة‪ ]172 :‬ث ذكر الرجل يطيل السفر‬
‫أش عث أ غب ي د يد يه إل ال سماء ويقول‪ :‬يا رب يا رب! ومطع مه حرام‪،‬‬
‫ي بالرام فأن يُستجاب له»‪.‬‬ ‫ومشربه حرام‪ ،‬وملبسه حرام‪ ،‬وغُذ ّ‬
‫و ف الد يث أل إن أول ما يُن ت من الن سان بط نه ف من ا ستطاع أل‬
‫يأكل إل طيبا فليفعل‪ .‬الديث‪.‬‬
‫و من آداب الدعاء أن يكون من صميم القلب ف عن أ ب هريرة قال‪:‬‬
‫قال ر سول ال ‪ :‬ادعوا ال وأنتم موقنون بالجابة واعلموا أنه ل يستجيب‬
‫دعاء من قلبٍ غاف ٍل لهٍ وأن يكون دعائه ف السراء والضراء‪.‬‬
‫ف عن أ ب هريرة قال‪ :‬قال ر سول ال من سره أن ي ستجيب ال له‬
‫عنكد الشدائد والكرب فليك ثر الدعاء ف الرخاء وأن يكون بالتضرع بالرغبكة‬
‫ضرّعًا َو ُخفْيَةً [العراف‪.]55 :‬‬ ‫ُمه تَ َ‬
‫والرهبكة‪ ،‬قال ال تعال‪ :‬ادْعُوا َرّبك ْ‬
‫ت َويَدْعُونَنَا رَغَبًا وَ َرهَبًا وَكَانُوا‬
‫وقال‪ِ :‬إنّهُ مْ كَانُوا يُ سَارِعُو َن فِي الْخَ ْيرَا ِ‬
‫لَنَا خَا ِشعِيَ [النبياء‪ .]90 :‬وقال ف حق يونس عليه السلم‪ :‬فَ َلوْل َأنّ هُ‬
‫ث فِي بَطْنِ ِه ِإلَى يَوْ ِم يُ ْبعَثُو نَ [الصافات‪-143 :‬‬ ‫حيَ * لَلَبِ َ‬ ‫كَا َن مِ َن الْمُ سَبّ ِ‬
‫‪ .]144‬وأن يفتتح الدعاء بالثناء على ال والصلة على نبيه رسول ال ‪.‬‬
‫روى الترمذي وغيه عن فضالة بن عبيد قال بينما رسول ال قاعد‬
‫إذ دخكل رجكل فصكلى فقال اللهكم اغفكر ل وارحنك فقال رسكول ال ‪:‬‬

‫‪101‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫«عجلت أيها الصلي إذا صليت فقعدت فاحد ال با هو أهله وصل علي‬
‫ث ادعه» قال‪ :‬ث صلى رجل آخر بعد ذلك فحمد ال وصلى على النب‬
‫فقال له النب ‪« :‬أيها الُصلي ادع تُجب»‪.‬‬
‫و عن ع مر قال إن الدعاء موقوف ب ي ال سماء والرض ل ي صعد م نه‬
‫ش يء ح ت تُ صلي على نب يك صلى ال عل يه و سلم وأن يُخ فى الدعاء‪ ،‬قال‬
‫السن بي دعوة السر ودعوة العلنية سبعون ضعفا وإن كان الرجل لقد جع‬
‫القرآن وما يشعر به الناس وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثي وما يشعر به‬
‫الناس وإن كان الرجل ليصلي الصلة الطويلة ف بيته وعنده الزوار ما يشعرون‬
‫به ول قد أدرك نا أقواما ما كان على الرض من ع مل يقدرون أن يعملوه ف‬
‫ال سر فيكون علني ًة أبدا ول قد كان ال سلمون يتهدون ف الدعاء و ما يُ سمع‬
‫صوت إن كان إل هسا بينهم وبي ربم وذلك أن ال يقول‪ :‬ادْعُوا َرّبكُمْ‬
‫ضرّع ًا َو ُخفْيَةً وذلك أن ال ذككر عبدا صكالا رضكي فعله فقال‪ِ :‬إذْ‬ ‫تَ َ‬
‫نَادَى َرّب ُه ِندَا ًء َخفِيّا ‪.‬‬
‫قال ابن الوزي ‪ -‬رحه ال ‪:-‬‬
‫رأيت من البلء أن الؤمن يدعو فل يُجاب‪ ،‬فيكرر الدعاء وتطول الدة‬
‫فل يرى أثرا للجابكة‪ ،‬فينبغكي له أن يعلم أن هذا مكن البلء الذي يتاج إل‬
‫ال صب‪ ،‬و ما يعرض للن فس من الو سواس ف تأخ ي الواب مرض يتاج إل‬
‫طب‪ ،‬ول قد عرض ل ش يء من هذا ال نس‪ ،‬فإ نه نزلت ب نازلة‪ ،‬فدعوت‬
‫وبال غت‪ ،‬فلم أر الجا بة‪ ،‬فأ خذ إبل يس يول ف حلبات كيده‪ ،‬فتار ًة يقول‪:‬‬
‫الكرم واسع والبخل معدوم‪ ،‬فما فائدة تأخي الواب؟‬
‫فقلت له‪ :‬اخسأ يا لعي‪ ،‬فما أحتاج إل تقاضٍ‪ ،‬ول أرضاك وكيلً‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ث عدت إل نفسي فقلت‪ :‬إياك ومساكنة وسوسته‪ ،‬فإن لو ل يكن ف‬
‫تأخي الجابة إل أن يبلوكِ القدر ف مُحاربة العدو لكفى ف الكمة‪.‬‬
‫قالت‪ :‬فسلن عن تأخي الجابة ف مثل هذه النازلة‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬قكد ثبكت بالبهان أن ال عكز وجكل مالك‪ ،‬وللمالك التصكرف‬
‫بالنع والعطاء‪ ،‬فل وجه للعتراض عليه‪.‬‬
‫والثانك‪ :‬أنكه قكد ثبتكت حكمتكه بالدلة القاطعكة‪ ،‬فرباك رأيكت الشيكء‬
‫مصلحة والكمة ل تقتضيه‪ ،‬و قد يفى ف الك مة في ما يفعله الطبيب‪ ،‬من‬
‫أشياء تؤذي ف الظاهر يُقصد با الصلحة‪ ،‬فلعل هذا من ذاك‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أنه قد يكون التأخي مصلحة‪ ،‬والستعجال مضرة‪ ،‬وقد قال النب‬
‫‪« :‬ل يزال العبد بي ما ل يستعجل‪ ،‬يقول‪ :‬دعوت فلم يُستجب ل»‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬أنه قد يكون امتناع الجابة لفة فيك فربا يكون ف مأكولك‬
‫شُبهة‪ ،‬أو قلبك وقت الدعاء ف غفلة‪ ،‬أو تزاد عقوبتك ف منع حاجتك لذنبٍ‬
‫مكا صكدقت فك التوبكة منكه‪ ،‬فابثكي عكن بعكض هذه السكباب لعلك تقعيك‬
‫بالقصود‪.‬‬
‫والامس‪ :‬أنه ينبغي أن يقع البحث عن مقصودك بذا الطلوب‪ ،‬فربا‬
‫كان ف حصوله زيادة إث‪ ،‬أو تأخي عن مرتبة خي‪ ،‬فكان النع أصلح‪.‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫أَمَا آَنَ أَنْ تَكْتَحِلِيْ‬ ‫ِإلَى مَتَى يَا عَيُ َهذَا الرّقَادُ‬
‫مَا فَاتَ مِن خَيٍٍ عَلَى ذِي‬ ‫تَنَبّهِيْ مِن رَقْدَةٍ وَانْظُرِيْ‬
‫قُمْ لِتَرى لُطْفَ الكَرِيِ‬ ‫يَا َأّيهَا الغَافِلُ فِي نَوْمِهِ‬
‫وَأَنْتَ فِي النّومِ شَبْيهُ‬ ‫مَوْلَكَ يَدْعُوكَ ِإلَى بَابِهِ‬

‫‪103‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫مِنْ ذَنْبِهِ هَلْ مَنْ لَهُ مِن‬ ‫وَيَبْسُطُ الكَفّيَ هَلْ تَائِ ٌ‬
‫ب‬
‫تَدُورُ فِي الفُرْشِ وِليْنَ‬ ‫وَأَنْتَ مِن جَنْبٍٍ ِإلَى جَانِب‬
‫وَأنتَ تَختَارُ الَفَا والبِعَادِ‬ ‫يَدْعُوْكَ مَولَكَ ِإلَى قُرْبِه‬
‫لَيْسَ عَلَى العُمْرِ العَزِيْزِ‬ ‫كَمْ هَكَذا التّسوِيْفُ فِي‬
‫وَنَيْرُ صُبحِ الشّيْبِ فَوْقَ‬ ‫لَقَد مَضَى لَيْلُ الصّبَا‬
‫رَحْمَتُهُ عَمّتْ جَمِيْعَ‬ ‫أَفِقْ فَإنّ الَ سُبْحَانَهُ‬
‫اللهم توفنا مسلمي وألقنا بعبادك الصالي واغفر لنا ولوالدينا ولميع‬
‫ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على‬
‫ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫ف أحكام القضاء‬
‫ويسكتحب قضاء رمضان فورا مكع سكعة وقكت مسكارعة لباءة الذمكة‬
‫ويُسن التتابع ف قضائه لنه أشبه بالداء وأبعد عن اللف‪ .‬ويوز تفريقه لا‬
‫ورد عن ا بن ع مر أن ال نب قال‪« :‬قضاء رمضان إن شاء فرق وإن شاء‬
‫تابع»‪.‬‬
‫وروى الثرم بإ سناده عن م مد بن النكدر أ نه قال‪ :‬بلغ ن أن ال نب‬
‫سُئل عن تقطيع قضاء رمضان‪ ،‬فقال‪« :‬لو كان على أحدكم دين فقضاه من‬
‫الدرهم والدرهي حت يقضي ما عليه من الدين‪ ،‬هل كان قاضيا دينه؟»‬
‫قالوا نعم يا رسول ال‪ ،‬قال‪« :‬فال أحق بالعفو والتجاوز منكم»‪.‬‬
‫قال البخاري‪ :‬قال ا بن عباس ر ضي ال عنه ما‪ :‬ل بأس أن يُفرق لقوله‬
‫تعال‪َ :‬فعِ ّد ٌة ِمنْ َأيّا ٍم أُ َخرَ ‪ .‬متتابعات‪ ،‬فسقطت متتابعات‪.‬‬
‫ول يوز تأخي قضاء رمضان إل رمضان آخر من غي عذر‪ ،‬لا أخرجه‬
‫الشيخان عكن عائشكة رضكي ال عنهكا‪ ،‬قالت‪ :‬كان يكون عليّ الصكوم مكن‬
‫رمضان فما أستطيع أن أقضي إل ف شعبان‪.‬‬
‫و ف روا ية ل سلم‪ :‬إن كا نت إحدا نا لتف طر ف زمان ر سول ال ف ما‬
‫تقدر أن تقض يه مع ر سول ال إل ف شعبان‪ .‬و ف روا ية للترمذي‪ :‬قالت‬
‫رضي ال عنها‪ :‬ما كنت أقضي ما يكون عليّ من قضاء رمضان إل ف شعبان‬
‫حت توف رسول ال ‪.‬‬
‫وإذا ل يبكق مكن شعبان إل قدر مكا عليكه‪ ،‬وجكب القضاء فورا مُتابعا‬
‫لضيق الوقت‪ ،‬كأداء رمضان ف حق من ل عذر له‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ول يُكره القضاء ف ع شر ذي ال جة‪ ،‬فإن أ خر القضاء لغ ي عذر ح ت‬
‫أدر كه رمضان آ خر فعل يه مع القضاء إطعام م سكي ل كل يوم‪ :‬ويُروى ذلك‬
‫عن ابن عباس رضي ال عنهما وابن عمر رضي ال عنهما وأب هريرة ول‬
‫يُرو عن غيهم خلفه‪ .‬قاله ف الشرح‪.‬‬
‫ومن فاته رمضان قضا عدد أيامه تاما كان أو ناقصا لن القضاء يب‬
‫أن يكون بعدد ما فاته كالريض والسافر لا تقدم من قوله تعال‪َ :‬ف ِع ّدةٌ مِ نْ‬
‫َأيّا ٍم ُأ َخرَ ‪ .‬ويوز أن يق ضي يوم صيف عن يوم شتاء وأن يق ضي يوم شتاء‬
‫عن يوم صيف‪.‬‬
‫فائههدة‬
‫قال ابن الوزي ‪ -‬رحه ال ‪:-‬‬
‫ينبغي للنسان أن يعرف شرف زمانه‪ ،‬وقدر وقته‪ ،‬فل يضيع منه لظة‬
‫ف غي قربة‪ ،‬ويُقدم الفضل فالفضل من القول والعمل‪ ،‬ولتكن نيته ف الي‬
‫قائمة من غي فتور‪( .‬وقد كان جاعة من السلف يُبادرون اللحظات) فننقل عن‬
‫عا مر بن ع بد ق يس‪ :‬أن رج ًل قال له‪" :‬كلم ن" فقال له‪" :‬ام سك الش مس"‪.‬‬
‫ودخلوا على بعض السلف عند موته‪ ،‬وهو يُصلي‪ ،‬فقيل له‪ ،‬فقال‪" :‬الن تُطوى‬
‫صحيفت"‪ .‬فإذا علم النسان أنه وإن بالغ ف الد بأن الوت يقطعه عن العمل‪،‬‬
‫عمل ف حياته ما يدوم له أجره وبعد موته‪ ،‬فإن كان له شيء ف الدنيا‪ ،‬وقف‬
‫وقفا‪ ،‬وغرس غر سا‪ ،‬وأجرى نرا‪ ،‬وي سعى ف ت صيل ذر ية تذ كر ال بعده‪،‬‬
‫فيكون الجر له‪ ،‬أو أن يُصنف كتابا ف العلم فإن تصنيف العال ولده الخلد‬
‫وأن يكون عاملً بالي عالا فيه فينقل من فعله ما يقتدي به الغي فذلك الذي‬
‫ل يت‪ .‬وال أعلم وصلى ال على ممد وآله وسلم‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫(فصههل)‬
‫اعلم وفق نا وإياك ال لطاع ته أن لل صيام ما سن كثية و هي قل يل من‬
‫كثي من ماسن الدين السلمي ثبتنا ال وإياك وجيع السلمي عليه فمنها أن‬
‫النسان إذا جاع بطنه اندفع جوع كثي من حواسه فإذا شبع بطنه جاع عينه‬
‫ول سانه ويده وفر جه فكان ت شبيع الن فس تويعا لذه الذكورات و ف تو يع‬
‫النفكس تشبيعهكا فكان هذا التجويكع أول ومكن ذلك أنكه إذا جاع علم حال‬
‫ك ي سد بكه جوع هم إذ ليكس البك‬‫الفقراء ف جوعهكم فيح هم ويعطي هم م ا‬
‫كالعاينة ل يعلم الراكب مشقة الراجل إل إذا ترجل‪.‬‬
‫ومن ماسن الصيام ف فرضه وشرعه أنه ل يفرض ف كل العمر مع ما‬
‫فيه من السن بل فرض شهرا من كل سنة شهر رمضان ورخص ف الفطار‬
‫عندما يصل لن وجب عليه عذر وأيضا أمر بالصوم ف النهار وأبيح ف الليل‬
‫الفطار وهذا من لطف ال أمر عباده على وجه يكن لم فيه إحراز الفضيلة‬
‫واكتساب الوسيلة ومن ذلك إنه خص الصيام بالنهار لن الكل فيه مُعتاد‪،‬‬
‫والنوم ف الل يل مُعتاد و من ما سن ال صوم اكت ساب مكارم الخلق لن قلة‬
‫الكل من ماسن الخلق‪.‬‬
‫ولذلك ل ي مد أ حد بكثرة ال كل وي مد على قلة ال كل يمده كل‬
‫ذي دين ف كل حي ول يُرو عن أحد من النبياء كثرة الكل‪ ،‬ومن جلة‬
‫الحا سن ف الصيام أن ال من لطفه بعباده ل يشترط ف القضاء ما ف الداء‬
‫من كل وجه فلم يشترط ف القضاء طول اليوم باليوم ول حرارته ول برودته‬
‫فإذا أفطر ف أطول يوم ث قضاه ف أقصر يوم أجزاه وكفاه‪.‬‬
‫ومن جلة الحاسن ف الصوم أنه ل يشترط فيه قِران النية عند الشروع‬

‫‪107‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫كما ف سائر العبادات لن هذا الوقت وقت نوم وغفلة قلما يقف العبد عليه‬
‫فلو شرط لضاق المكر على الناس في سر المكر على عباده حتك أجاز الصكوم‬
‫بنيةٍ متقد مة ت قع بزء من الل يل‪ ،‬وإن طرأ عل يه ال كل والشرب والر فث لن‬
‫ال أباح الكل والشرب إل آخر الليل فلو بطلت به فات ملها‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(موعظههة)‬
‫ك تب ع مر بن ع بد العز يز إل القر ضي‪ :‬أ ما ب عد‪ :‬ف قد بلغ ن كتابُك‬
‫تعظن وتذكر ما هو ل حظ وعليك حق وقد أصبت بذلك أفض َل الجر إن‬
‫الوع ظة كال صدقة بل هي أعظ مُ أجرا وأب قى نفعا وأح سن ذخرا وأو جب‬
‫ظ ب ا الرّجلُ أخاه ليزداد ب ا ف هدّى َرغَْبةً خيٌ‬
‫على الؤ من حقا‪ ،‬لكَلم ٍة يع ُ‬
‫من مال يتصدق به عليه وإن كان به إليه حاجة ولا يُدرك أخوك بوعظتك‬
‫من الدى خ ي م ا ينال ب صدقتك من الدن يا ولن ين جو ر جل بوعظ تك من‬
‫هلكة خي من أن ينجو بصدقتك من فقر‪.‬‬
‫ف عظ من ت عظ لقضاء حق عل يك وا ستعمل كذلك نف سك ح ي ت عظ‬
‫وككن كالطكبيب الُجرب العال الذي قكد علم أنكه إذا وضكع الدواء حيكث ل‬
‫ينبغي أعنت نفسه وإذا أمسك من حيث ينبغي جهل وأث وإذا أراد أن يداوي‬
‫منونا ل يُداوه وهو مُرسل حت يستوثق منه ويوثق له خشية أن ل يبلغ منه‬
‫من الي ما يتقي منه من الشر وكان طبه وتربته مفتاح عمله واعلم أنه ل‬
‫يعل الفتاح على الباب لكي ما يُغلق فل يُفتح أو ليُفتح فل يُغلق ولكن ليغلق‬
‫ف حينه ويفتح ف حينه‬
‫بِإِرْشَادِهِمْ لِلْحَقّ عِ ْندَ‬ ‫وَكُنْ نَاصِحا لِلْمُسِلِمِيْنَ‬
‫عَنْ السّوْءِ وَازْجُرْ ذَا الَنَا‬ ‫وَمُرْهُمْ بِمَعْرُوفِ الشّرِيْعَةِ‬
‫لَعَلّكَ تُْبي دَاءَهُمْ بِدَوَائِه‬ ‫وَعِظْهُمْ بِآيَاتِ الكِتَاب‬
‫تَنَلْ مِنْهُ يَوْمَ الَشْرِ خَيْرَ‬ ‫فَإنْ يَهْد مَوْلَنَا بِوَعْظِكَ‬
‫عَلَيْكَ َومَا مُلّكْتَ أَمْرَ‬ ‫وَإلّ َفقَدْ أَدّيْتَ مَا كَانَ وَاجِبا‬
‫الل هم يا من خلق الن سان ف أح سن تقو ي وبقدر ته ال ت ل يعجز ها‬

‫‪109‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫شيء يُحيي العظام وهي رميم نسألك أن تدينا إل صراطك الستقيم صراط‬
‫الذين أنعمت عليهم من النبيي والصديقي والشهداء والصالي‪ ،‬وأن تغفر لنا‬
‫ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي‬
‫وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫ف صلة التراويح‬
‫ويبحث ف‪:‬‬
‫‪ – 1‬مشروعية صلة التراويح‪.‬‬
‫‪ – 2‬صفة أو كيفية التراويح‪.‬‬
‫‪ – 3‬مذاهب العلماء رحهم ال ف عدد ركعاتا‪.‬‬
‫‪ – 4‬ما يُستحب فيها‪.‬‬
‫‪ – 1‬مشروعية صلة التراويح‪:‬‬
‫التراويح سنة مؤكدة سنها رسول ال ‪ :‬فعن عائشة رضي ال عنها أن‬
‫ال نب صلى ف ال سجد ف صلى ب صلته ناس ث صلى الثان ية فك ثر الناس ث‬
‫اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يرج إلي هم ر سول ال فل ما أ صبح‬
‫قال‪« :‬رأيت الذي صنعتم فلم ينعن من الروج إليكم إل أن خشيت أن‬
‫تُفرض عليكم وذلك ف رمضان» متفق عليه‪.‬‬
‫و ف روا ية‪ :‬قالت‪" :‬كان الناس ي صلون ف ال سجد ف رمضان بالل يل‬
‫أوزاعا مع الرجل الشيء من القرآن‪ ،‬فيكون معه النفر المسة‪ ،‬أو السبعة أو‬
‫أقل من ذلك أو أكثر‪ ،‬يصلون بصلته‪ ،‬قالت‪ :‬فأمرن رسول ال أن أنصب‬
‫له حصكيا على باب حجرتك‪ ،‬ففعلت‪ ،‬فخرج إليكه بعكد أن صكلى العشاء‬
‫الخرة فاجتمع إليه من ف السجد فصلى بم‪ .‬وذكرت القصة بعن ما تقدم‪،‬‬
‫غي أن فيها أنه ل يرج إليهم ف الليلة الثانية"‪.‬‬
‫و عن جبي بن نف ي عن أ ب ذر قال‪ :‬صمنا مع ر سول ال ‪ ،‬فلم‬
‫يصل بنا حت بقي سبع من الشهر فقام بنا حت ذهب شطر الليل‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا‬

‫‪111‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫رسول ال‪ ،‬لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه‪ :‬فقال‪ « :‬من قام مع المام حت ينصرف‬
‫كتب ال له قيام ليلة»‪ ،‬ث ل يقم بنا حت بقي ثلث من الشهر فصلى بنا ف‬
‫الثالثكة‪ ،‬ودعكا أهله ونسكاءه حتك توفنكا الفلح‪ ،‬قلت له‪ :‬ومكا الفلح؟‬
‫قال‪«:‬السحور»‪.‬‬
‫و عن أ ب هريرة قال‪ :‬كان ر سول ال ير غب ف قيام رمضان من‬
‫غ ي أن يأمر هم بعزي ة‪ ،‬فيقول‪ « :‬من قام رمضان إيانا واحت سابا غُ فر له ما‬
‫تقدم من ذنبه»‪.‬‬
‫وعن عبد الرحن بن عوف‪ :‬أن النب قال‪« :‬إن ال عز وجل فرض‬
‫صيام رمضان‪ ،‬و سننت قيا مه ف من صامه إيانا واحت سابا خرج من ذنو به‬
‫كيوم ولدته أمه»‪.‬‬
‫وعن زيد بن ثابت‪ :‬أن النب اتذ حجرة ف حصي‪ ،‬فصلى فيها ليال‬
‫اجت مع عل يه ناس‪ ،‬ث فقدوا صوته ليلة فظنوا أ نه نام‪ ،‬فج عل بعض هم يتنح نح‬
‫ليخرج إليهم فقال‪« :‬ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حت خشيت أن‬
‫يُكتب عليكم‪ ،‬ولو كتب عليكم ما قمتم به‪ ،‬فصلوا أيها الناس ف بيوتكم‬
‫فإن أفضل صلة الرء ف بيته إل الصلة الكتوبة»‪.‬‬
‫وَنَرْجُوْهُ غُفْرَانا فَرَبّكَ‬ ‫ِإلَى الِ نَشْكُو قَسْوةً‬
‫قُمِ الليّلَ يَا َهذَا لَعَلّكَ‬ ‫ودُوْنَكَ مِنّي النّصْحَ يَا ذَا‬
‫إل كَمْ تَنَامُ الليلَ والعُمْرُ يَنْفَدُ‬
‫وإّن لَن ْفسِي نَاصِحٌ ومُلزمٌ‬ ‫تَيَقَظ وَتُبْ فالُ لِلْخَلْقِ‬
‫أَرَاكَ بِطُولِ اللّيلِ وِيْحَكَ‬ ‫فَقُمْ لَ تَنَمْ فالشّهْمُ بالَليّلْ‬
‫وَغَيْرُكَ فِي مِحْرابِهِ يَتَهَجّدُ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫أما تَسْتَحِيْ أَوْ تَرْعَوِي أَوْ‬ ‫لَقَدْ فَازَ أقوَامٌ وَنَحُن‬
‫ولَو عَلِمَ البَطّالُ مَا نَالَ‬ ‫س سَواءٌ قَائِمٌ ذَا وَرَاقِدُ‬‫فلَيْ َ‬
‫من الجر والحسان ما كان يرقد‬
‫وَنُمْناً وَهُمْ بِالليل يبكون قوم‬ ‫فَكَم َق ْد أَكَلْنَا وَالتّقِيّونَ‬
‫لصام وقام الليل والنّاس نوم‬ ‫ولو مفلس يدري وهل َأيْ َن خيموا‬
‫إِذَا مَا دَنَى مِنْ عَبْدِهِ الْمُتَفَرّدُ‬
‫وَتَابَ وَأَبْدَى اَلْخَوْفَ مِن‬ ‫وَأَسْبَلَ فِي الدّاجِي دُمُوعا‬
‫بِحَزْمٍٍ وَعَزْ ٍم وَاجْتِهَادٍ‬ ‫وَقَامَ وَصَلّى خَائِفا فِي‬
‫وَيَعْلَمُ أَنّ الَ ذُوْ العَرْشِ يُعْبَ ُد‬
‫فَلَ ْيسَ لَهَا عَهْدٌ يَفِيْ لَوْ‬ ‫فَحَاذِرْ منِ الدّنْيَا وَمِنْ لَدْغِ‬
‫وَلَوْ كَانَتِ ال ّدنْيَا تَدُوْمُ‬ ‫فَسَافِرْ وَطَلّقْهَا ثَلثا وَخلّهَا‬
‫لَكَانَ رَسُولُ الِ فِيْهَا مُخَلّدُ‬
‫أَفِي سِنَةٍ كُنّا أَم القَلْبُ‬ ‫أَلَمْ يَأْن أَنْ نَخْشَعْ وَأَيْنَ‬
‫أَتَرْقُدُ يَا مَغْرُوْرُ وَالنّارُ‬ ‫تَيقّظْ أَخِيْ وَاحْذَرْ وَإِيّاَك‬
‫فَل حَرّهَا يَطْفَي وَل الّمْرُ يَخْمُدُ‬
‫نَعُجّ وَبَعْضُ القَوْمِ لِلبَعْضِ‬ ‫أَمَا لَوْ عَلمْنَاهَا نَهَضْنَا ِإذَا‬
‫أََلَ إِنّهَا نَا ٌر يُقالُ لَهَا لَظَى‬ ‫وَلَمْ نَغْتَمِضْ عَيْنا‬
‫فَتَخْمُدُ أَحْيَانا وَأَحْيَانَا تُوْقَدُ‬
‫وَحَافِظْ عَلَى تِلكَ النّوَافِل‬ ‫عَلَى الَمْسِ تَوْدِيْعا بِوَقْتٍٍ‬
‫فَيَا رَاكِبَ العِصْيَانِ وَيْحَكَ‬ ‫وتُبْ عَن ذُنُوْبٍٍ لَ تَذِلّ‬

‫‪113‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫سَتُحْشَرُ عَطْشَانا وَوَجْهُكَ أَسْودُ‬
‫لَهُمْ ُكلُّ خَيْر من إلَهِي‬ ‫َألَ إَنْ أَهَلَ العِلِْم فِي عِلْمِ‬
‫فَكَمْ بَيْنَ مَسْرُو ٍر بِطَاعَةِ‬ ‫سَمَوْ بِالْهُدَى وَالنّاسُ مِن فَوقَ‬
‫وَآخَرُ بالذّنْبِ الثّقِيْلِ مُقَيّدُ‬
‫وَقُرّبَتِ النّارُ العَظِيْمَةُ‬ ‫ِإذَا كُوّرَتْ شَمْسُ العِبَادِ‬
‫وَكُبْكِبَ هَذَا ثُمّ هَذَا مُسَلّمٌ‬
‫وَ َهذَا شَقِيّ فِي الَحِيمِ مُخَلّدُ‬ ‫ف َهذَا سَعِي ٌد فِي الِنَانِ مُنَعّمٌ‬
‫وَلبُدّ َهذَا الكمُ فِي الَشَر‬ ‫َوقَد كَانَ َهذَا الُكْمُ مِن رِبّنَا‬
‫ِإذَا نُصِبَ الِيْزَانُ لِلفَصْلِ‬ ‫إلي أَنِلْنِى العفوَ مِنْكَ مَعَ‬
‫وَقَد قَامَ خَيُ العَاليَ مُحَمّدُ‬
‫شِفيعُ الوَرى أَكرم بِها مِن‬ ‫نَبُ الُدَى الْمَعصومُ عَن ُكلّ‬
‫عَلَيْهِ صَلَةُ الِ فِي ُكلِّ‬ ‫وَمِلّتَهُ يَا صَاحِبِي خيَرُ مِلّةِ‬
‫مَعَ اللِ والصْحَابَ مَا دَارَ فُرْقَدُ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫‪ – 2‬صفة أو كيفية صلة التراويح‪:‬‬
‫صلة التراويح بماعة أفضل‪ ،‬قال المام أحد‪ :‬كان علي وجابر وعبد‬
‫ال رضي ال عنهم يصلونا جاعة‪ ،‬وروي عن علي أنه كان يعل للرجال‬
‫إماما وللنساء إماما‪.‬‬
‫وف حديث أب ذر قال‪ :‬إن النب جع أهله وأصحابه وقال‪« :‬إنه‬
‫من قام مع المام حت ينصرف كُتب له قيام ليلة»‪.‬‬
‫ويهر المام بالقراءة لنقل اللف عن السلف‪ .‬ويُسلم من كل ركعتي‪،‬‬
‫ووقت ها ب عد صلة العشاء‪ ،‬ق بل الو تر إل طلوع الف جر‪ ،‬وفعل ها ف ال سجد‬
‫أف ضل‪ ،‬لن ال نب صلها ثلث ليا ٍل متوال ية‪ ،‬ك ما روت عائ شة ر ضي ال‬
‫عنهكا ومرة ثلث ليالٍ متفرقكة كمكا روى أبكو ذر‪ ،‬قال‪" :‬مكن قام مكع المام‬
‫ح سب له قيام ليلة‪ ،‬وكان أ صحابه يفعلون ا ف ال سجد أوزاعا ف جاعات‬
‫متفرقة ف عهده"‪.‬‬
‫و عن ع بد الرح ن بن القارئ قال‪" :‬خر جت مع ع مر بن الطاب ف‬
‫رمضان إل ال سجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يُ صلي الر جل لنف سه‪ ،‬ويُ صلي‬
‫الر جل في صلي ب صلته الر هط‪ ،‬فقال ع مر‪ :‬إ ن أرى لو ج عت هؤلء على‬
‫قارئ واحد لكان أمثل‪ .‬ث عزم فجمعهم على أُب بن كعب ث خرجت معه‬
‫ليلة أخرى والناس ي صلون ب صلة قارئ هم‪ ،‬فقال ع مر‪" :‬نع مت البد عة هذه‪،‬‬
‫ك أفضكل مكن التك يقومون" يعنك آخكر الليكل‪ ،‬وكان الناس‬ ‫والتك ينامون عنه ا‬
‫يقومون أوله‪ .‬فدلت هذه الخبار وغيها على أن فعل التراويح جاعة أفضل‬
‫من النفراد وكذا إجاع الصحابة وأهل المصار على ذلك‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وهو قول جهور العلماء‪ ،‬وتوز فُرادى واختلف أيتهما أفضل للقارئ‪،‬‬
‫قال البغوي وغيه‪ :‬اللف بنك يفكظ القرآن‪ ،‬ول ياف الكسكل عنهكا لو‬
‫انفرد‪ ،‬ول ت تل الما عة بتخل فه‪ ،‬فإن ف قد أ حد هذه المور فالما عة أف ضل‬
‫بل خلف وأ ما عدد صلة التراو يح‪ ،‬فقال القا ضي‪ :‬ل خلف أ نه ل يس ف‬
‫ذلك حد ل يزداد عليه ول ينقص منه‪.‬‬
‫فاختار المام أح د وجهور العلماء عشر ين رك عة‪ :‬ل ا روى مالك ف‬
‫(الو طأ) عن يز يد بن رومان قال‪" :‬كان الناس ف ز من ع مر يقومون ف‬
‫رمضان بثلث وعشرين ركعة"‪.‬‬
‫وقال السائب بن يزيد‪ :‬لا جع عمر الناس على أُب بن كعب‪ ،‬وكان‬
‫يُصلي بم عشرين ركعة‪ :‬وروى أبو بكر بن عبد العزيز ف كتابه (الشاف)‬
‫عن ابن عباس‪ :‬أن النب كان يُصلي ف شهر رمضان عشرين ركعة‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم‪ :‬له أن يُصليها عشرين كما هو الشهور ف مذهب‬
‫أحد والشافعي‪ ،‬وله أن يصليها ستا وثلثي كما هو مذهب مالك‪ ،‬وله أن‬
‫يُصكلي إحدى عشرة وثلث عشرة وكله حسكن‪ ،‬فيكون تكثيك الركعات أو‬
‫تقليلها بسب طول القيام وقصره‪ :‬وقال‪ :‬الفضل‪ ،‬يتلف باختلف الُصلي‬
‫فإن كان فيهم احتمال بعشر ركعات وثلث بعدها‪ ،‬كما كان النب يُصلي‬
‫لنفسه ف رمضان وغيه فهو الفضل‪ ،‬وإن كانوا ل يتملونه‪ ،‬فالقيام بعشرين‬
‫هكو الفضكل وهكو الذي يعمكل بكه أكثكر السكلمي‪ ،‬فإنكه وسكط بيك العشكر‬
‫والربعي‪ .‬وإن قام بأربعي وغيها جاز‪ ،‬ول يُكره شيء من ذلك‪ .‬ومن ظن‬
‫أن قيام رمضان ف يه عدد مؤ قت ل يُزاد ف يه ول يُن قص م نه ف قد أخ طأ‪ ،‬و قد‬
‫ينشط العبد فيكون الفضل ف حقه تفيفها‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وقال‪ :‬قراءة القرآن فك التراويكح سكُنة باتفاق السكلمي‪ ،‬بكل مكن أجكل‬
‫مق صود التراو يح قراءة القرآن في ها لي سمعوا كلم ال‪ ،‬فإن ش هر رمضان ف يه‬
‫نزل القرآن – فيه كان جبيل يُدارس النب ‪ -‬انتهى كلمه ‪ -‬رحه ال ‪-‬‬
‫فائههدة‬
‫قال ابن القيم ‪ -‬رحه ال ‪:-‬‬
‫ل ا رأى التيقظون سطوة الدن يا بأهل ها‪ ،‬وخداع ال مل لربا به‪ ،‬وتلك‬
‫الشيطان‪ ،‬وقيادة النفوس‪ ،‬رأوا الدولة للنفككس المارة‪ ،‬لأوا إل حصككن‬
‫التضرع واللاء؛ كما يأوي العبد الذعور إل حرم سيده‪.‬‬
‫شهوات الدنيا كلعب اليال‪ ،‬ونظر الاهل مقصور على الظاهر‪ ،‬فأما‬
‫ذو العقل فيى ما وراء الستر‪ .‬لح لم الُشتهى‪ ،‬فلما مدوا أيدي التناول بان‬
‫الع قل فيُرى ما وراء ال ستر‪ .‬لح ل م الشت هى‪ ،‬فل ما مدوا أيدي التناول بان‬
‫لبصار البصائر خبط الفخ‪ ،‬فطاروا بأجنحة الذر‪ ،‬وصوبوا إل الرحيل الثان‬
‫(يا ليت قومي يعلمون) تلمح القوم الوجود ففهموا القصود‪ ،‬فأجعوا الرحيل‬
‫ق بل الرح يل‪ ،‬وشروا لل سي ف سواء ال سبيل‪ ،‬فالناس مشتغلون بالفضلت‪،‬‬
‫وهم ف قطع الفلوات‪ ،‬وعصافي الوى ف وثاق الشبكة ينتظرون الذبح‪" ،‬وقع‬
‫ثعلبان ف شبكة‪ .‬فقال أحدها للخر‪ :‬أين الُلتقى بعد هذا؟ فقال‪ :‬بعد يومي‬
‫ف الدبا غة"‪ .‬تا ل ما كا نت اليام إل مناما فا ستيقظوا‪ ،‬و قد ح صلوا على‬
‫الظفر‪ .‬ما مضى من الدنيا أحلم‪ ،‬وما بقي منها أمان‪ ،‬والوقت ضائع بينهما‪.‬‬
‫ك يف ي سلم من له زو جة ل ترح ه‪ ،‬وولد ل يعذره‪ ،‬وجار ل يأم نه‪،‬‬
‫و صاحب ل ين صحه‪ ،‬وشر يك ل يُن صفه‪ ،‬وعدو ل ينام عن مُعادا ته‪ ،‬ون فس‬
‫أمارة بال سوء‪ ،‬ودن يا متزي نة‪ ،‬وهوى مرد‪ ،‬وشهوة غال بة له‪ ،‬وغ ضب قا هر‪،‬‬

‫‪117‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وشيطان مزين‪ ،‬وضعف مستولٍ عليه‪ ،‬فإن توله ال وجذبه إليه‪ ،‬انقهرت له‬
‫هذه كلها‪ ،‬وإن تلى عنه ووكله إل نفسه‪ ،‬اجتمعت عليه‪ ،‬فكانت اللكة‪.‬‬
‫اللهكم قوي إياننكا بكك وبلئكتكك وبكتبكك وبرسكلك وباليوم الخكر‬
‫وبالقدر خيه وشره اللهم وفقنا لمتثال أوامرك‪ ،‬واجتناب نواهيك واغفر لنا‬
‫ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي‬
‫وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫‪ – 4‬ما يُستحب ف صلة التراويح‪:‬‬
‫وعلى المام أن يتقكي ال‪ ،‬فل يُسكرع سكرعة تنكع الأموم مكن التيان‬
‫بركن كالطمأنينة‪ ،‬أو واجب كتسبيح ركوع وتسبيح سجود‪ ،‬أو قول‪" :‬رب‬
‫اغ فر ل" و من الؤ سف أن كثيا من الناس‪ ،‬أث قل الئ مة عنده من ي صلي‬
‫التراويح بشوع وخضوع واطمئنان‪ ،‬ولذا يفرون منه ويذهبون إل من يُسرع‬
‫باك ول يتمهكا على الوجكه الشروع‪ ،‬ول يطمئن باك‪ ،‬والطمأنينكة رككن مكن‬
‫أركان ال صلة‪ ،‬و قد قال للم سيء ف صلته ل ا أ خل بالطمأني نة‪« :‬ار جع‬
‫فصل‪ ،‬فإنك ل تصل»‪.‬‬
‫وقال ‪ « :‬صلوا ك ما رأيتمو ن أ صلي» وكان ال سلف يعتمدون على‬
‫العُصي من طول القيام‪.‬‬
‫وعن العرج قال‪" :‬ما أدركنا الناس إل وهم يلعنون الكفرة ف رمضان‬
‫وقال‪ :‬وكان القارئ يقرأ سورة البقرة ف ثان ركعات‪ ،‬وإذا قام ب ا ف اثن ت‬
‫عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف"‪.‬‬
‫وعن عبد ال بن بكر قال‪ :‬سعت أب يقول‪ :‬كنا ننصرف ف رمضان‬
‫من القيام فن ستعجل الدم بالطعام ما فة فوت ال سحور‪ ،‬و ف أخرى‪" :‬ما فة‬
‫الفجر"‪.‬‬
‫و عن ال سائب بن يز يد قال‪ :‬أ مر ع مر أُ ب بن ك عب‪ ،‬وتيما الداري‬
‫رضكي ال عنهكم أن يقومكا للناس فك رمضان بإحدى عشرة ركعكة‪ ،‬فكان‬
‫القارئ يقرأ بالئ ي ح ت ك نا نعت مد على الع صي من طول القيام‪ ،‬ف ما ك نا‬
‫ننصرف إل ف فروع الفجر‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ويُ ستحب أن يقرأ ب سورة القلم ف عشاء الخرة من الليلة الول من‬
‫رمضان بعد الفاتة لنا أول ما نزل من القرآن‪ .‬ويُستحب أن ل ينقص عن‬
‫ختمةٍ ف التراويح ليسمع الناس جيع القرآن‪ .‬ويتحرى أن يتم آخر التراويح‬
‫قبل ركوعه ويدعو‪.‬‬
‫ولش يخ ال سلم ف ذلك دعاء جا مع شا مل‪ .‬وقال‪ :‬رُوي أن ع ند كل‬
‫ختمة دعوة مُستجابة‪.‬‬
‫وقال العلماء ي ستحب لقارئ القرآن إذا خت مه أن ي مع أهله فإ نه روي‬
‫عن أ نس بن مالك أ نه كان ي مع أهله ع ند خ تم القرآن وع نه أ نه كان إذا‬
‫أشفى على ختم القرآن بالليل بقي أربع سور أو خس سور فإذا أصبح جع‬
‫أهله فتختمه ودعا ويُستحب لن علم بالتم أن يضره‪.‬‬
‫وروي عكن قتادة أن رجلً كان يقرأ القرآن فك مسكجد رسكول ال‬
‫فكان ابن عباس يعل عليه رقيبا‪ .‬فإذا أراد أن يتم قال للسائه قوموا بنا حت‬
‫ن ضر الات ة و عن ما هد‪ :‬كانوا يتمعون ع ند خ تم القرآن ويقولون الرح ة‬
‫تنل‪.‬‬
‫وعكن الككم بكن عيينكه قال‪ :‬كان ماهكد وعنده ابكن أبك لبابكة وأناس‬
‫يعرضون القرآن فإذا أرادوا أن يتموه أر سلوا إلي نا وقالوا‪ :‬إ نا نر يد أن ن تم‬
‫فأحبب نا أن تشهدو نا فإ نه يُقال‪ :‬إذا خُ تم القرآن نزلت الرح ة ع ند خت مه أو‬
‫حضرت الرحة عند ختمه‪.‬‬
‫وقال وهيكب بكن الورد قال ل عطاء‪ :‬بلغنك أن حيكد العرج يريكد أن‬
‫يتم القرآن فانظر إذا أراد أن يتم فأخبن حت أحضر التمة‪.‬‬
‫وَلَ تَكُ بِدْعِيا لَعَلّكَ‬ ‫تَمَسّكَ بِحَبْلِ الِ وَاتّبِعِ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫أَتَتْ عَن رَسْولِ الِ تَنْجُو‬ ‫وَدِنْ بكِتَاب الِ وَالسُنَن الّتِي‬
‫بِذَلكَ دَانَ التْقِيَاءُ‬ ‫وَقُلْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كُلاَمُ‬
‫كَمَا البَدْوُ لَ يَخْفَى وَرَبّكَ‬ ‫وَقُلْ يَتَجَلّى الُ لِلخَلقِ‬
‫وَلَيْسَ لَهُ شِبْهٌ تَعَالَى‬ ‫س بِوَالِدٍ‬ ‫ولَيْسَ بِمَوْلُوْدٍ وَلَيْ َ‬
‫بِمِصْدَاقٍ مَا قُلنا حَديثٌ‬ ‫َوقَدْ يُنْكِرُ الَهْمِيّ َهذَا‬
‫فَقُلْ مِثْلَ مَا َقدْ قَالَ فِي ذَاكَ‬ ‫رَوَاهُ جَرِيْرٌ عَن مَقَالِ‬
‫وَكِلْتَا يَدَيْهِ بِالفَوَاضِلِ‬ ‫َوقَد يُنْكِرُ الهَمِيّ أَيْضا‬
‫بِلَ كَيْفٍ جَلّ الوَاحِدُ‬ ‫وَقُلْ يَنْزِلُ الَبّارُ فِي ُكلِّ‬
‫فتُفرَجُ َأبْوَاب السّمَاءِ وَتُفْتَحُ‬ ‫ِإلَى طَبَقِ ال ّدنْيَا يَمُنّ بِفَضْلِه‬
‫وَمُسِْتَمْنِحا خَيْرا وَرِزْقا‬ ‫يَقُول َألَ مُسْتَغفرا يَلْقَ غَافِرا‬
‫َألَ خَابَ قَوْمٌ كَذّبُوهُم‬ ‫رَوَى ذَاكَ قَو ٌم لَ يُرد‬
‫وَزِيرَاه قَِدما ُثمّ عُثْمَان‬ ‫وَقُلْ إن خَيَ النّاسِ بَعْد‬
‫عَلَيّ حَلِيْفُ الْخَيْرِ بِالْخيْرِ‬ ‫وَرَابِعُهُمْ خَيْرُ البَرِيّةِ‬
‫عَلَى نُجَبِ الفِرْدَوْسِ بِالُلْدِ‬ ‫وإنّهُمُوا لَلرّهَطُ لَ شَكّ‬
‫وَعَامرُ فِِه ٍر وَالزّبَيْر الُمدّحُ‬ ‫سَعِيْدٌ وَسَعْدٌ وَابنُ عَوفٍ‬
‫وَلَ تَكُ طَعّانا تَعِيْبُ‬ ‫وَقُلْ خَيْرَ قَوْلٍ فِي الصّحَابَةِ‬
‫وَفِي الفَتْح آيٌ لِلصّحَابَة‬ ‫َفقَد نَطَقَ الوَحي الْمُبِيْنُ‬
‫دَعَامَةِ عَقْدِ الدّيْنِ والدّيْنُ‬ ‫وَبِالقَدَرِ الَقْدورِ أَيْقِنْ فَإنّه‬
‫وَل الَوْضَ وَاليزان إنّك‬ ‫وَلَ تُنكِرَنْ جَهْلً نَكِيا‬
‫مِن النّارِ أَجْسَادا مِن الفَحْمِ‬ ‫وَقُلْ يُخْرِجُ الُ العَظِيْمُ‬
‫كَحَبّ حَمِيْل السّيل إِذْ‬ ‫عَلَى النّهرِ فِي الفِرْدَوسِ تَحْيَا‬
‫وَأَنّ عَذَابَ القَبْرِ بِالَقِّ‬ ‫وَأَنّ رَسُولَ الِ لِلْخَلْقِ‬

‫‪121‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫فَكُلّهُمُ يَعْصِي وَذُو العَرْشِ‬ ‫وَلَ تُكْفِرَنْ أَهْلَ الصّلةِ‬
‫مَقَالٌ لِمَنْ يَهْوَاهُ يُرْدِيْ‬ ‫وَل تَعْتَقِد رَأيَ الَوَارِجْ‬
‫أََلَ إِنّمَا الُرْجِيْ بِالدّينِ‬ ‫وَل تَكُ مُرْجِيًا لَعُوْبًا‬
‫وَفِعْلٌ عَلَى قَوْلِ النّبِي‬ ‫وَقُلْ إِنّمَا الْيَمانُ قَوْلٌ‬
‫بِطَاعَتِهِ يَنْمَى وَفِي الوَزْنِ‬ ‫وَينقُصُ طَوْرَا بِالَعَاصِي‬
‫فَقَوْلُ رَسْولِ الِ أَزْكَى‬ ‫وَدَعْ عَ ْنكَ آرَاءْ الرّجَالِ‬
‫فَتَطعَنَ فِي أهْلِ اَلْحَدِيِث‬ ‫وَل تَكُ مِن قَوْمٍ تَلَهّوا‬
‫فَأَنْتَ عَلَى خَيْرٍٍ تَبِيْتُ‬ ‫ِإذَا مَا اعْتَقَدْتَ ال ّدهْرَ يَا‬
‫الل هم يا من عم الب ية جوده وإنعا مه ن سألك أن تتف ضل علي نا بعفوك‬
‫وغفرانك‪ ،‬وجيع السلمي الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي‪،‬‬
‫وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫ف صلة الوتر‬
‫ويبحث ف‪:‬‬
‫‪ – 1‬مشروع صلة الوتر‪ ،‬وحكمها‪.‬‬
‫‪ – 2‬وقت صلة الوتر‪.‬‬
‫‪ – 3‬القراءة الستحبة فيها‪.‬‬
‫‪ – 4‬عدد ركعاتا‪.‬‬
‫‪ – 5‬دعاء القنوت ف الوتر‪.‬‬
‫‪ – 1‬مشروعية صلة الوتر‪ ،‬وحكمها‪:‬‬
‫الوتر سنة مؤكدة لداومته عليه ف حضره وسفره‪ ،‬ولا ورد عن علي‬
‫قال‪ :‬ليس الوتر بتم كهيئة الكتوبة‪ ،‬ولكن سُنة سنها رسول ال (رواه‬
‫الترمذي والنسائي وح سّنه‪ ،‬والاكم وصححه‪ ،‬ورواه ابن ماجه) ولفظه‪ :‬أن‬
‫الو تر ل يس ب تم ول ك صلتكم‪ ،‬ول كن ر سول ال أو تر‪ ،‬فقال‪ « :‬يا أ هل‬
‫القرآن أوتروا فإن ال وتر يب الوتر»‪.‬‬
‫وعن جابر بن عبد ال أن رسول ال قام شهر رمضان‪ ،‬ث انتظروه‬
‫من القابلة فلم يرج‪ ،‬وقال‪« :‬خش يت أن يُك تب علي كم الو تر»‪ .‬رواه ا بن‬
‫حبان‪.‬‬
‫وعن ابن عمر أن رسول ال أوتر على بعيه‪ .‬رواه الماعة‪.‬‬
‫‪ – 2‬وقت صلة الوتر‪:‬‬
‫ووقت الوتر بعد صلة العشاء وسنتها لا روى خارجة بن حذافة قال‪:‬‬

‫‪123‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫خرج علي نا ر سول ال ذات غداة‪ ،‬فقال‪« :‬ل قد أكرم كم ال ب صلة هي‬
‫ي لكم من حُمُر النعم» قلنا‪ :‬وما هي يا رسول ال؟ قال‪« :‬الوتر فيما بي‬
‫خٌ‬
‫صلة العشاء إل طلوع الفجر»‪ .‬رواه المسة إل النسائي‪.‬‬
‫وروى أ بو ب صرة‪ :‬أن ال نب قال‪« :‬أن ال زاد كم صلة ف صلوها ما‬
‫بي صلة العشاء إل صلة الصبح‪ ،‬الوتر»‪ .‬رواه المام أحد‪ .‬ولديث أب‬
‫سعيد مرفوعا‪« :‬أوتروا قبل أن تصبحوا»‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وقال ‪« :‬فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة»‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫والفضل فعله سحرا‪ ،‬لقول عائشة‪ :‬من كل الليل قد أوتر رسول ال‬
‫فانتهى وتره إل السحر‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫ومن كان تجد جعل الوتر بعده‪ ،‬ومن خشي أن ل يقوم‪ ،‬أوتر قبل أن‬
‫ينام‪ ،‬لا ورد عن جابر قال‪ :‬قال رسول ال ‪ « :‬من خاف أن ل يقوم من‬
‫آخر الليل فليوتر أوله‪ ،‬ومن طمع أن يقوم آخره‪ ،‬فليوتر آخره‪ ،‬فإن صلة‬
‫آخر الليل مشهودة»‪ ،‬وذلك أفضل‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن ابن عمر رضي ال عنهما أن النب قال‪« :‬اجعلوا آخر صلتكم‬
‫بالليل وترا»‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫وأن أ حب من له ت جد متاب عة المام ف وتره قام إذا سلم المام وأ تى‬
‫بركعة بعد الوتر شفع با ركعة الوتر‪ .‬ث إذا تجد أوتر فينال فضيلة متابعة‬
‫المام ح ت ين صرف‪ ،‬لقوله ‪ « :‬من قام مع المام ح ت ين صرف كُ تب له‬
‫قيام ليلة»‪ .‬صححه الترمذي‪.‬‬
‫وينال فضيلة ج عل وتره آ خر صلته لد يث‪« :‬اجعلوا آ خر صلتكم‬
‫بالليل وترا»‪ .‬متفق عليه‪ ،‬ويقضيه مع شفعه إذا فات وقته لديث أب سعيد‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫قال‪ :‬قال ر سول ال ‪ « :‬من نام عن الو تر أو ن سيه فلي صل إذا أ صبح أو‬
‫ذكره»‪ .‬رواه أبو داود‪.‬‬
‫ول يصح الوتر قبل صلة العشاء لعدم دخول وقته‪ ،‬واقل الوتر ركعة‪،‬‬
‫ول يُكره التيان ب ا مفردة ولو بل عذر من سفر أو مرض ونوه ا ل ا ورد‬
‫عن ا بن ع مر وا بن عباس ر ضي ال عنه ما أن ما سعا ال نب يقول‪« :‬الو تر‬
‫ركعة من آخر الليل»‪ .‬رواه أحد ومسلم‪.‬‬
‫و عن أ ب أيوب قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬الو تر حق‪ ،‬ف من أ حب أن‬
‫يوتر بمس فليفعل‪ ،‬ومن أحب أن يوتر بثلث فليفعل»‪ .‬رواه المسة إل‬
‫الترمذي‪.‬‬
‫وث بت عن عشرة من ال صحابة أن الو تر ركعة من هم‪ :‬أ بو ب كر‪ ،‬وع مر‬
‫وعائ شة ر ضي ال عن هم – و هو مذ هب جهور أ هل العلم مالك والشاف عي‬
‫وغيهم – رحهم ال تعال‪.‬‬
‫و عن عائ شة ر ضي ال عن ها قالت‪" :‬كان ر سول ال يُ صلي ما ب ي‬
‫صلة العشاء إل الف جر إحدى عشرة رك عة يُ سلم من كل ركعت ي‪ ،‬ويو تر‬
‫بواحدة"‪.‬‬
‫و ف ل فظ كان ‪ :‬ي صلي بالل يل إحدى عشرة رك عة ويو تر بواحدة‪.‬‬
‫وأد ن الكمال ف الو تر ثلث ركعات ب سلمي‪ ،‬ل ا روى ع بد ال بن ع مر‬
‫رضي ال عنهما أن رجلً سأل النب عن الوتر فقال رسول ال ‪« :‬افصل‬
‫بي الواحدة والثنتي بالتسليم»‪ .‬رواه الثرم‪.‬‬
‫وعن ابن عمر رضي ال عنهما – أنه كان يُسلم بي الركعتي والركعة‬
‫بالتسليم ف الوتر‪ ،‬حت أنه كان يأمر ببعض حاجته‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ويوز سكرد الثلث بسكلم واحكد‪ ،‬فل يلس إل فك آخرهكن‪ ،‬وتوز‬
‫كمغرب‪ .‬و من أدرك مع المام رك عة من الثلث فإن كان المام يُ سلم من‬
‫كل اثنتي أجزأ لن أقل الوتر ركعة‪ ،‬وإن ل يكن المام يُسلم من كل اثنتي‬
‫ق ضى‪ ،‬لد يث‪ « :‬ما أدركتموه ف صلوا‪ ،‬و ما فات كم فاقضوا»‪ ،‬ولن القضاء‬
‫يكي الداء‪ ،‬وال أعلم وصلى ال على ممد وآله وسلم‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫ح ا ْسمَ َربّكَ العْلَى ‪ ،‬وف‬ ‫ويُستحب أن يُقرأ ف الركعة الول‪ :‬سَبّ ِ‬
‫الثانية‪ُ :‬ق ْل يَا َأّيهَا الْكَا ِفرُو نَ ‪ ،‬وف الثالثة‪ُ :‬قلْ ُهوَ اللّ ُه أَ َحدٌ لديث‬
‫عائشة‪" :‬كان النب يوتر بثلث ل يفصل فيهن"‪ .‬رواه أحد والنسائي‪.‬‬
‫وعن أُب بن كعب قال‪" :‬كان رسول ال يوتر ب ك سَبّحِ ا ْس َم‬
‫َربّ كَ العْلَى ‪ُ ،‬ق ْل يَا َأيّهَا الْكَا ِفرُو نَ ‪ُ ،‬قلْ ُهوَ اللّ هُ َأ َحدٌ "‪ .‬رواه أبو‬
‫داود‪ ،‬والن سائي‪ ،‬وزاد‪ :‬ول يُ سلم إل ف آخر هن‪ ،‬ول ب داود والترمذي عن‬
‫عائشة نوه‪ ،‬وفيه كل سورة ف ركعة‪ ،‬و ف الخية‪ُ :‬قلْ ُهوَ اللّ هُ َأ َحدٌ‬
‫والعوذتي‪.‬‬
‫والسنة لن أوتر با زاد على ركعة أن يُسلم من كل ركعتي لا روى‬
‫ابن عمر رضي ال عنهما أن النب كان يفصل بي الشفع والوتر‪ ،‬ويُسن‬
‫فعل الركعة عقب الشفع بل تأخي لا عنه‪ ،‬وإن صلى الحدى عشرة كلها‬
‫ب سل ٍم وا حد بأن سرد عشرا وتش هد التش هد الول‪ ،‬ث قام فأ تى بالرك عة‬
‫جاز‪ ،‬أو سرد الم يع ول يلس إل ف الخية جاز ل كن ال صفة الول أول‬
‫لنا فعله ‪.‬‬
‫‪ – 4‬عدد ركعاتا‪:‬‬
‫يوز الو تر ب مس وب سبع وبت سع‪ ،‬فإن أو تر بت سع سرد تاما وجلس‬
‫وتشهد التش هد الول ول يُ سلم‪ ،‬ث إذا صلى التاسعة وتش هد سلم‪ ،‬ل ا ورد‬
‫عن سعيد بن هشام قال انطلقت إل عائشة فقلت‪ :‬يا أم الؤمني‪ ،‬أنبئين عن‬
‫خلق ر سول ال ‪ ،‬فقالت‪ :‬أل ست تقرأ القرآن؟ قلت‪ :‬يا أم الؤمن ي‪ ،‬أنبئي ن‬
‫عن وتر رسول ال فقالت‪ :‬كنا نُعد له سواكه وطهوره فيبعثه ال ما شاء‬

‫‪127‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫أن يبعثه من الليل‪ ،‬فيبول ويتوضأ ويُصلي تسع ركعات‪ ،‬ل يلس فيها إل ف‬
‫الثامنة فيذكر ال ويمده‪ ،‬ويدعوه‪ ،‬ث ينهض ول يُسلم‪ ،‬فيصلي التاسعة‪ ،‬ث‬
‫يقعكد فيذككر ال‪ ،‬ويمده ويدعوه‪ ،‬ثك يُسكلم تسكليما فيُسكمعنا‪ ،‬ثك يُصكلي‬
‫ركعت ي ب عد ما يُ سلم و هو قا عد‪ ،‬فتلك إحدى عشرة رك عة يا بُ ن‪ .‬رواه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫وإن أو تر بسبع أو ب مس ل يلس إل ف آخرها ل ا ورد عن أم سلمة‬
‫قالت‪ :‬كان رسكول ال يوتكر بسكبع وبمكس ل يفصكل بينهكن سكلم ول‬
‫كلم‪ .‬رواه أحد والنسائي وابن ماجه‪.‬‬
‫و عن عائ شة‪ ،‬قالت‪ :‬كان ر سول ال يُ صلي من الل يل ثلث عشرة‬
‫ركعة‪ ،‬يوتر من ذلك بمس ول يلس ف شيء إل ف آخرهن‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫‪ – 5‬دعاء القنوت ف الوتر‪:‬‬
‫ويُ ستحب أن يق نت ف الرك عة الخية ب عد الركوع ل نه صح ع نه‬
‫من رواية أب هريرة وأنس وابن عباس وعن عمرو وعلي أنما كانا يقنتان بعد‬
‫الركوع‪ .‬رواه أحد والثرم‪ ،‬ولو كب ورفع يديه‪ ،‬ث قنت قبل الركوع جاز‬
‫لديث أُب بن كعب‪ :‬أن النب كان يقنت قبل الركوع‪ .‬رواه أبو داود‪.‬‬
‫وروى الثرم عن ا بن م سعود أ نه كان يق نت ف الو تر‪ ،‬وكان إذا فرغ‬
‫من القراءة كب ورفع يديه‪ ،‬ث قنت‪ .‬وقال أبو بكر ابن الطيب‪ :‬والقنوت‪:‬‬
‫الدعاء وهو ما رُوي عن عمر أنه قنت فقال‪« :‬بسم ال الرحن الرحيم‪:‬‬
‫اللههم إنها نسهتعينك ونسهتهديك ونسهتغفرك ونتوب إليهك‪ ،‬ونؤمهن بهك‬
‫ونتوكهل عليهك‪ ،‬ونُثنه عليهك اليه كله ونشكرك‪ ،‬ول نكفرك ونلع‬
‫ونترك من يفجرك‪ ،‬الل هم إياك نع بد ولك ن صلي ون سجد وإل يك ن سعى‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ونفد‪ ،‬نرجو رحتك ونشى عذابك‪ ،‬إن عذابك الد بالكفار مُلحق»‪.‬‬
‫وروى السكن بكن علي رضكي ال عنهمكا قال علمنك رسكول ال‬
‫كلمات أقول ن ف قنوت الو تر و هن‪« :‬الل هم اهد ن في من هد يت‪ ،‬وعاف ن‬
‫في من عاف يت وتول ن في من تول يت‪ ،‬وبارك ل في ما أعط يت‪ ،‬وق ن شر ما‬
‫قضيت‪ ،‬فإنك تقضي ول يُقضى عليك‪ ،‬إنه ل يذل من واليت‪ ،‬ول يعز من‬
‫عاديت‪ ،‬تباركت ربنا وتعاليت»‪.‬‬
‫وعكن علي بكن أبك طالب أن رسكول ال كان يقول فك وتره‪:‬‬
‫«اللهم إن أعوذ برضاك من سخطك‪ ،‬وبعفوك من عقوبتك‪ ،‬وبك منك‪ ،‬ل‬
‫نُحصي ثناءً عليك‪ ،‬أنت كما أثنيت على نفسك»‪ .‬رواه المسة ث يُصلي‬
‫على النكب ‪ ،‬لديكث السكن بكن علي وفك آخره‪« :‬وصهلى ال على‬
‫ممد»‪ .‬رواه النسائي‪.‬‬
‫و عن ع مر‪« :‬الدعاء موقوف ب ي ال سماء والرض‪ ،‬ل ي صعد م نه ش يء‬
‫ح ت تُ صلي على نب يك» رواه الترمذي‪ .‬ث ي سح وج هه بيد يه‪ ،‬ه نا وخارج‬
‫ال صلة إذا د عا‪ .‬لعموم حد يث ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما «كان ال نب إذا‬
‫رفع يديه ف الدعاء‪ ،‬ل يطهما حت يسح بما وجه»‪ .‬رواه الترمذي‪.‬‬
‫ولقوله ف حد يث ا بن عباس‪« :‬فإذا فر غت فام سح ب ما وج هك»‪.‬‬
‫رواه أ بو داود وا بن ما جه‪ .‬ويؤ من النفرد الضم ي‪ ،‬وإذا سلم من الو تر سن‬
‫قوله‪ « :‬سبحان اللك القدوس» ‪ -‬ثلث مرات – ير فع صوته ف الثال ثة‪ ،‬ل ا‬
‫روى أُب بن كعب قال‪ :‬كان رسول ال إذا سلم ف الوتر قال‪« :‬سبحان‬
‫اللك القدوس»‪ .‬وزاد ثلث مرات يُطيل ف آخرهن‪.‬‬
‫وف رواية للنسائي عن عبد الرحن بن أبزي عن أبيه قال‪ :‬كان يقول‬

‫‪129‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫إذا سلم‪« :‬سبحان اللك القدوس» ثلثا‪ ،‬ويرفع صوته بالثالثة‪.‬‬
‫تَرَاوِحَ فِي جَمْعٍ وَبِالوِتْرِ‬ ‫وَصَلّ بِشَهْرِ الصّوْمِ‬
‫لِتُوتِرَ إِمّا شِئْتَ بَعْدَ‬ ‫وَقُمْ بَعْدَهَا وَاشْفَعْ هُدِيْثَ‬
‫فَقُمْ تِلْوَ نِصْفٍٍ مِثْلِ دَاودَ‬ ‫وَأَفْضَلُ نَفْلِ الَرْءِ لَيْلً‬
‫لِبْعَادِ شَيْطَانٍ وَإيْقَاظِ رُقُدِ‬ ‫وَإِنْ شِئْتَ اجْهَرْ ِفْي ِه مَا لَم‬
‫وَقِلْ تَسْتَعِنْ بِالنّوْمِ عِ ْندَ‬ ‫وَخُذْ قَدْرَ طَوْقِ النّفْسِ لَ‬
‫وَتُبْ وَاسْتَقلْ مِمّا جَنَيْتَ‬ ‫فَإنْ لَمْ تُصَلّ فَاذْكُرِ الَ‬
‫أَمَا يَسْتَحِي مَولً رَقِيْبا‬ ‫فَلَ خَيْرَ فِي عَبْدٍٍ نَؤُو ٍم ِإلَى‬
‫وَمُسْتَغْف ٍر يُغْفَرْ لَهُ وَيؤَيّدِ‬ ‫يُنَادِيِهِ هَلْ مِن سَائِلٍ يُعْطَ‬
‫اللهم وفقنا توفيقا يقينا عن معاصيك وأرشدنا إل السعي فيما يرضيك‬
‫وأجرنا يا مولنا من خزيك وعذابك وهب لنا ما وهبته لوليائك وأحبابك‬
‫واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم‬
‫الراحي‪ ،‬وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫كتهاب الفضائهل‬
‫ويبحث ف‪:‬‬
‫‪ – 1‬ما ورد من ال ث على الجتهاد ف الع شر الخ ي من رمضان‬
‫والث على القيام عموما‪.‬‬
‫‪ – 2‬ما ورد ف فضل هذا العشر الخي‪ ،‬والث على القيام عموما‪.‬‬
‫‪ – 3‬ما ورد ف ليلة القدر من الفضل وذكر علمتها‪.‬‬
‫‪ – 1‬ما ورد من الث على الجتهاد ف العشر الخية من رمضان‪:‬‬
‫يُ ستحب الجتهاد والرص على مداو مة القيام ف الع شر الوا خر من‬
‫رمضان وإحياؤها بالعبادة واعتزال النساء وأمر الهل بالستكثار من الطاعة‬
‫فيها‪ ،‬لا ورد عن عائشة «أن النب ‪ ،‬كان إذا دخل العشر الواخر أحيا‬
‫الليل‪ ،‬وأيقظ أهله‪ ،‬وشد الئزر»‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫وعن ها قالت‪« :‬كان ر سول ال يت هد ف الع شر الوا خر م نه ما ل‬
‫يتهد ف غيه»‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وأخرج ال طبان من حد يث علي ‪« :‬أن ال نب كان يو قظ أهله ف‬
‫العشر الواخر من رمضان وكل صغي وكبي يُطيق الصلة»‪.‬‬
‫و ف الترمذي عن أم سلمة ر ضي ال عن ها قالت‪« :‬ل ي كن ال نب إذا‬
‫بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدا من أهله يطيق القيام إل أقامه»‪.‬‬
‫‪ – 3‬ما ورد ف فضل هذا العشر الخي‪:‬‬
‫عن أ ب هريرة أن ال نب قال‪ « :‬من قام ليلة القدر إيانا واحت سابا‬
‫غفر له ما تقدم من ذنبه»‪ .‬رواه الماعة إل ابن ماجه‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وعكن عائشكة رضكي ال عنهكا قالت‪ :‬قلت‪ :‬يكا رسكول ال‪ ،‬أرأيكت إن‬
‫عل مت أي ليلة ليلة القدر ما أقول في ها‪ :‬قال‪« :‬قول الل هم إ نك عفوٌ ت ب‬
‫العفو فاعف عن»‪ .‬رواه الترمذي‪.‬‬
‫قال ابكن جر ير‪ :‬كانوا يسكتحبون أن يغتسكل‪ ،‬ويتطيكب ف الليال التك‬
‫تكون أرجى لليلة القدر‪.‬‬
‫وروي عكن أنكس أنكه إذا كان ليلة أربكع وعشريكن اغتسكل وتطيكب‬
‫ولبس حلة وإزارا ورداءً‪ ،‬فإذا أصبح طواها فلم يلبسهما إل مثلها من قابل‪.‬‬
‫وقال حاد بن سلمة‪ :‬كان ثابت وحيد يلبسان أحسن ثيابما ويتطيبان‬
‫ويُطيبان السكجد بالنضوح والدخنكة فك الليلة التك تُرجكى فيهكا ليلة القدر‬
‫فيُسكتحب فك الليال التك تُرجكى فيهكا ليلة القدر التنظكف والتطيكب والتزيكن‬
‫بالغسل والطيب واللباس السن كما شرع ذلك ف المع والعياد‪ ،‬وكذلك‬
‫يُشرع أخذ الزينة من الثياب ف سائر الصلوات‪ ،‬قال ال تعال‪ :‬يَا بَنِي َآ َدمَ‬
‫جدٍ ‪.‬‬
‫ُخذُوا زِينََتكُمْ عِ ْندَ ُك ّل َمسْ ِ‬
‫وقال ابن عمر رضي ال عنهما‪« :‬ال أحق أن يُتزين له»‪.‬‬
‫وروي ع نه مرفوعا عن ال نب ‪ ،‬ول يك مل التز ين الظا هر إل بتزي ي‬
‫الباطكن بالتوبكة والنابكة إل ال تعال‪ ،‬وتطهيه مكن أدناس الذنوب‪ ،‬وال‬
‫سبحانه ل ينظر إل صوركم وأجسامكم‪ ،‬وإنا ينظر إل قلوبكم وأعمالكم‪.‬‬
‫فمن وقف بي يديه فيزين ظاهره باللباس‪ ،‬وباطنه بلباس التقوى‪ ،‬وقال‬
‫ال تعال‪ :‬يَا بَنِي َآدَ َم َق ْد أَْن َزلْنَا عَلَ ْيكُ ْم لِبَا سًا يُوَارِي سَوْ َآِت ُكمْ وَرِيشًا‬
‫ك خَ ْيرٌ ‪.‬‬ ‫َولِبَاسُ الّتقْوَى َذلِ َ‬
‫عباد ال‪ :‬إن عشرككم هذا هكو العشكر الخيك‪ ،‬وفيكه اليات والجور‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫الكثية تك مل ف يه الفضائل‪ ،‬وت تم ف يه الفا خر‪ ،‬ويطلع على عباده الرب العظ يم‬
‫الغافر ويُنيلهم الثواب الزيل الوافر‪ ،‬فيه تزكو العمال‪ ،‬وتُنال المال‪ ،‬وقد ذكر‬
‫جل وعل من ماسن أهل اليان‪ ،‬أنم تتجاف جنوبم عن الضاجع‪ ،‬عن مُعاذ‬
‫ا بن ج بل عن ال نب ف قوله تعال‪ :‬تَتَجَافَى جُنُوُبهُ مْ عَ نِ الْمَضَاجِ عِ‬
‫قال‪ :‬هي قيام العبد أول الليل‪.‬‬
‫وروى المام أح د عن ا بن م سعود أن ال نب قال‪« :‬ع جب رب نا من‬
‫رجلي‪ :‬رجل ثار من وطائه ولافه من بي حِبه وأهله إل صلته رغبة فيما‬
‫عندي وشفقة ما عندي» الديث‪.‬‬
‫وقال السكن وماهكد ومالك والوزاعكي وغيهكم‪" :‬إن الراد بالتجافك‬
‫القيام ل صلة النوا فل بالل يل"‪ ،‬و ف آ ية سورة الذاريات أ خب جل وعل أن م‬
‫كانوا ينامون القل يل من الل يل‪ ،‬ويتهجدون مُعظ مه قال تعال‪ :‬كَانُوا قَلِيل‬
‫جعُونَ ‪ .‬قال‪ :‬هي قيام العبد أول الليل‪.‬‬
‫ِم َن اللّيْ ِل مَا َيهْ َ‬
‫قال ابن عباس ما تأت عليهم ليلة يناموا حت يصبحوا إل يصلون فيها‬
‫شيئا‪ ،‬إما من أولا أو من أوسطها‪ .‬وقال السن‪ :‬كابدوا قيام الليل فل ينامو‬
‫من الليل إل قليله‪.‬‬
‫وعن أب أُمامه عن النب أنه قال‪« :‬عليكم بقيام الليل‪ ،‬فإنه داب‬
‫الصالي قبلكم‪ ،‬وهو قربة من ربكم ومغفرةُ للسيئات ومنهاة عن الث»‪.‬‬
‫وقال ال سن الب صري‪ :‬كان الح نف بن ق يس يقول‪ :‬عر ضت عملي‬
‫على عمكل أهكل النكة‪ ،‬فإذا قوم قكد باينونكا بونا بعيدا‪ ،‬وإذا قوم ل تبلغ‬
‫أعمال م‪ ،‬كانوا قليلً من الل يل ما يهجعون‪ ،‬وعر ضت عملي على ع مل أ هل‬
‫النار‪ ،‬فإذا قوم ل خ ي في هم مكذبون بكتاب ال ولر سل ال مُكذبون بالب عث‬

‫‪133‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫بعكد الوت‪ ،‬فقكد وجدت مكن خينكا منلة قوما خلطوا عملً صكالا وآخكر‬
‫سيئا‪.‬‬
‫وقال عبد الرحن بن زيد بن أسلم قال رجل من بن تيم لُب‪ :‬يا أبا‬
‫أسامة صفة ل أجدها فينا‪ ،‬ذكر ال تعال قوما فقال‪ :‬كَانُوا قَلِيل مِ َن اللّ ْيلِ‬
‫جعُو نَ ون ن وال قليلً ما نقوم‪ ،‬فقال له ُأ ب ‪ :‬طو ب ل ن ر قد إذا‬ ‫مَا َيهْ َ‬
‫نعس‪ ،‬واتقى ال إذا استيقظ‪.‬‬
‫وقال ع بد ال بن سلم ‪ :‬ل ا قدم ر سول ال الدي نة ان فل الناس‬
‫إليه‪ ،‬فكنت فيمن انفل‪ ،‬فلما رأيت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه‬
‫كذاب‪ ،‬فكان أول مكا سكعت منكه يقول‪« :‬يها أيهها الناس أطعموا الطعام‬
‫وصهلوا الرحام وأفشوا السهلم وصهلوا بالليهل والناس نيام تدخلوا النهة‬
‫بسلم»‪.‬‬
‫موعظههة‬
‫إخوا ن‪ :‬إن قيام الل يل ك ما علم تم ف يه ف ضل عظ يم وثواب جز يل ل ن‬
‫وفقه ال جل وعل‪ ،‬وهو من أثقل شيء على النفس ول سيما بعد أن يرقد‬
‫النسان‪ ،‬وإنا يكون خفيفا بالعتياد‪ ،‬وتوطي النفس وترينها عليه والداومة‬
‫وال صب على الش قة والجاهدة ف البتداء‪ ،‬ث ب عد ذلك ينشرح وينف تح باب‬
‫النكس بال وتلذ له الناجاة واللوة‪ ،‬وعنكد ذلك ل يشبكع النسكان مكن قيام‬
‫الليل‪ ،‬فضلً عن أن يستثقله أو يكسل عنه كما وقع لكثي من السلف‪ .‬قال‬
‫بعض هم‪ :‬أ هل الل يل ف ليل هم ألذ من أ هل الل هو ف لو هم و يا بُ عد ما ب ي‬
‫الالتي‪ ،‬فسبحان من وفق أقواما فتقربوا إليه بالنوافل‪ ،‬وأبعد بكمته وعدله‬
‫آخرين فهم عن ما ينفعهم ف حاضرهم ومآلم غافلون‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫وَتُجْمَعُ فِي لَوحٍ حَفِيْظٍ‬ ‫ذُنُوبُكَ يَا مَغْرُوْرُ تُحْصَي‬
‫وَأَنْتَ عَلَى ال ّدنْيَا حَرِيِصٌ‬ ‫وَقَلْبُكَ فِي سَهوٍ وَلَهوٍ‬
‫وَتَسْعَى حَثِيْثا فِي الَعَاصِيْ‬ ‫تُبَاهِيْ بِجَمْعِ الَالِ مِنَ‬
‫ت مِن بَعْدِ السّلمِةِ‬ ‫أَمَا َأنْ َ‬ ‫أَمَا تَذْكُرُ الَوتَ الُفَاجِيْكَ‬
‫بِهِ الِسْمِ مِن بعْدِ العَمَارَةِ‬ ‫أَمَا تَذْكُرُ القَبْرَ الوَحِيْشَ‬
‫وَمِيزَان قِسْطٍ لِلْوَفَاءِ‬ ‫أَمَا تَذْكُرُ اليَومَ الطّويلَ‬
‫وَسَوفَ بِأشْرِاكِ الَنِيّةِ‬ ‫تَرُوْحُ وَتَغْدُو فِي مَرَاحِكَ‬
‫فَل رَاحِمٍ يُنْجِي وَ َل ُثمّ‬ ‫تَُُعالِجُ نَزْعَ الرّوحِ مِن ُكلِّ‬
‫وَبُسّطَتْ الرّجْلَنِ وَالرّأْسُ‬ ‫وَغُمضَتِ العَيْنَانِ بَعْدَ‬
‫حَنُوطا وَأَكْفَانا وَلِلِمَاء‬ ‫وَقَامُوا سِراعا فِي جَهَازِكَ‬
‫بِدَمْعٍ غَزِيْرٍ وَاكِفٍٍ‬ ‫وَغَاسِلُكَ الَحُزُونُ تَبْكِيْ‬
‫يُحَرّكُ كَفِّيْهِِ عَلَيْكَ‬ ‫وَكُلّ حَبِيْبٍٍ لُبّهُ مُتَحَرّقٌ‬
‫َوقَدْ بَخرّوا مَنْشُورَهُنّ‬ ‫َوقَدْ نَشَرُوا الَكْفَانَ مِن بَعْدِ‬
‫عَلَيْكَ مَثَانِي طَيّهُنّ‬ ‫وَأَلقَوْكَ فِيْمَا بَيْنَهُنّ‬
‫تَضُمّكَ بَيْدَاءُ مِن الَرْضِ‬ ‫وَفِي حُفْرَةٍ أَلْقَوكَ حَيْرانْ‬
‫فَكَيْفُ يِطِيٍبُ اليَومَ أَكْ ٌل‬ ‫إِِذَا كَانَ َهذَا حَالُنَا بَعْدَ‬
‫ب ُثمّ‬‫بِهِ ظُلُمَاتُ غَيْهَ ٌ‬ ‫وَكَيْفَ يَطِيْبُ العَيْشُ‬
‫وَكُلُ جَدِيدٍ سَوْفَ يَبْلى‬ ‫وهولٌ وَدِيْدانٌ وَرَوْعٌ‬
‫فَهَادِمُ لِذَاتِ الفَتَى سَوْفَ‬ ‫فَيَا نَفْسُ خَافِي الَ وَارْجِي‬
‫وَعَفْوا فإنّ الَ لِلذّنبِ‬ ‫وَقُولِي إِلَهي أَوْلِنِي مِنْكَ‬
‫فَجِسْمِيْ ضَعِيفٌ وَالرّجَا‬ ‫وَل تُحرِقَنْ جِسْمِي بِنَارِكَ‬

‫‪135‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫عَلَيْكَ اتّكَالِي َأنْتَ لِلْخَلْقِِ‬ ‫ت يَا خَالِ َق‬
‫فَمَا لِي إِل َأنْ َ‬
‫عَلَى أَحْمَدَ الُخْتَا ِر مَا لَحَ‬ ‫وَصَلّي إلَهِي كُلّمَا ذَرّ شَارِقٌ‬
‫اللهم إنا نعوذ بك من الشك بعد اليقي‪ ،‬ومن الشيطان الرجيم‪ ،‬ومن‬
‫شدائد يوم الد ين‪ ،‬ون سألك رضاك وال نة‪ ،‬ونعوذ بك من سخطك والنار‪،‬‬
‫اللهكم ارحنكا إذا عرق البكي واشتكد الكرب والنيك‪ ،‬واغفكر لنكا ولوالدينكا‬
‫ولميع السلمي الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال‬
‫على ممدٍ وعلى آله أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫ليلهة القهدر‬
‫فضائلها وعلماتا‬
‫عكن ابكن عمكر رضكي ال عنهمكا قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬مهن كان‬
‫مُتحريا فليتحرهها ليلة سهب ٍع وعشريهن – أو قال ‪ :-‬تروهها ليلة سهبعٍ‬
‫وعشرين‪ ،‬يعن ليلة القدر» رواه أحد بإسناد صحيح‪.‬‬
‫و عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما أن رجلً أ ت نب ال فقال‪ :‬يا نب‬
‫ال‪ ،‬إ ن شي خٌ كبي عل يل ي شق عليّ القيام فأمر ن بليلة ل عل ال يوفق ن في ها‬
‫لليلة القدر‪ ،‬فقال‪« :‬عليك بالسابعة» رواه أحد‪.‬‬
‫وعن زر بن حبيش قال‪« :‬سعت أُب بن كعب يقول‪ :‬وقيل له أن عبد‬
‫ال بن مسعود يقول‪ :‬من قام السنة أصاب ليلة القدر‪ ،‬فقال أُب‪ :‬وال الذي‬
‫ل إله إل هو إنا لفي رمضان يلف ما يستثن‪ ،‬وال إن لعلم أي ليلة هي‪،‬‬
‫هي الليلة الت أمرنا رسول ال بقيامها هي ليلة سبعٍ وعشرين‪ ،‬وأمارتا أن‬
‫تطلع الش مس ف صبيحة يوم ها ل شعاع ل ا»‪ .‬رواه أح د‪ ،‬وم سلم‪ ،‬وأ بو‬
‫داود‪ ،‬والترمذي وصححه‪.‬‬
‫وروى البخاري عكن أبك سكعيد قال‪ :‬اعتكفنكا مكع النكب العشكر‬
‫الو سط من رمضان‪ ،‬فخرج صبيحة عشر ين فخطب نا وقال‪« :‬إ ن رأ يت ليلة‬
‫القدر ث أُن سيتها أو ن سيتها‪ ،‬فالتم سوها ف الع شر الوا خر ف الو تر‪ ،‬إ ن‬
‫رأيت أن أسجد ف ما ٍء وطي فمن كان اعتكف مع رسول ال فليجع»‬
‫فرجعنا وما نرى ف السماء قزعة‪ ،‬فجاءت سحابة فمطرت حت سال سقف‬
‫ال سجد – وكان من جر يد الن خل – وأقي مت ال صلة فرأ يت ر سول ال‬
‫يسجد ف الاء والطي‪ ،‬حت رأيت اثر الطي ف جبهته‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫و عن ع بد ال بن أن يس‪ :‬أن ر سول ال قال‪« :‬رأ يت ليلة القدر ث‬
‫أُنسيتها وإذا ب أسجد صبيحتها ف ما ٍء وطي»‪ .‬قال فمطرنا ف ليلة ثلث‬
‫وعشرين فصلى بنا رسول ال وانصرف‪ ،‬وأن أثر الاء والطي على جبهته‬
‫وأنفه‪ .‬رواه أحد ومسلم وزاد‪.‬‬
‫وعن أب بكرة‪ :‬أنه سع رسول ال يقول‪« :‬التمسوها ف تس ٍع بَقي‪،‬‬
‫ث بقي أو آخر ليلة»‪ .‬قال‪ :‬وكان أبو‬
‫س بقي‪ ،‬أو ثل ٍ‬
‫أو سب ٍع بقي‪ ،‬أو خ ٍ‬
‫بكرة يُصلي ف العشرين من رمضان صلته ف سائر السنة فإذا دخل العشر‬
‫اجتهد‪ .‬رواه أحد‪ ،‬والترمذي وصححه‪.‬‬
‫و عن أ ب نضرة عن أ ب سعيد ف حدي ثٍ له‪ :‬أن ال نب خرج على‬
‫الناس فقال‪ « :‬يا أي ها الناس‪ .‬إن ا كا نت أُبي نت ل ليلة القدر‪ ،‬وإ ن خر جت‬
‫ل خبكم ب ا فجاء رجُلن يتقان معه ما الشيطان فن سيتها‪ ،‬فالتم سوها ف‬
‫الع شر الوا خر من رمضان‪ ،‬التم سوها ف التا سعة والام سة وال سابعة»‬
‫قال‪ :‬قلت يا أ با سعد‪ :‬إن كم أعلم بالعدد م نا‪ ،‬فقال‪ :‬أ جل! ن ن أ حق بذلك‬
‫منكم»‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬ما التاسعة والسابعة والامسة؟ قال‪« :‬إذا مضت واحدة‬
‫وعشرون فالت تليها اثنان وعشرون فهي التاسعة‪ ،‬فإذا مضت ثلث وعشرون‬
‫فال ت تلي ها ال سابعة‪ ،‬فإذا م ضت خ سٌ وعشرون فال ت تلي ها الام سة» رواه‬
‫أحد‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫وعن ابن عباس أن النب قال‪« :‬التمسوها ف العشر الواخر من‬
‫رمضان ليلة القدر ف تاسعة تبقى‪ ،‬ف سابع ٍة تبقى‪ ،‬ف خامس ٍة تبقى»‪ .‬رواه‬
‫أحد‪ ،‬والبخاري‪ ،‬وأبو داود‪.‬‬
‫وف رواية‪ :‬قال رسول ال ‪ « :‬هي ف العشر الخي سبع يضي أو‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫تسعٌ يبقي‪ ،‬يعن ليلة القدر» رواه البخاري‪.‬‬
‫وعن ابن عمر رضي ال عنهما أن رجالً من أصحاب النب أُروا ليلة‬
‫القدر فك النام فك السكبع الواخكر‪ ،‬فقال رسكول ال ‪« :‬أرى رؤياكهم قهد‬
‫تواطأت فه السهبع الواخهر‪ ،‬فمهن كان مُتحريا فليتحرهها فه السهبع‬
‫الواخر»‪.‬‬
‫ولسلم قال‪ :‬أُرى رجل أن ليلة القدر ليلة سبعٍ وعشرين‪ ،‬فقال النب ‪:‬‬
‫«أرى رؤياكم قد تواطأت ف العشر الواخر فاطلبوها ف الوتر منها»‪.‬‬
‫وعن عائشة رضي ال عنها أن رسول ال قال‪« :‬تروا ليلة القدر ف‬
‫العشر الواخر من رمضان» رواه مسلم والبخاري‪.‬‬
‫وعن عبادة بن الصامت قال‪ :‬خرج رسول ال ليُخبنا بليلة القدر‬
‫فتلحى رجلن من السلمي‪ ،‬فقال‪« :‬خرجت لخبكم بليلة القدر فتلحى‬
‫فلن وفلن فرفعهت وعسهى أن يكون خيا لكهم فالتمسهوها فه التاسهعة‬
‫والسابعة والامسة» رواه البخاري‪.‬‬
‫و عن ع بد ال بن أن يس قال‪ :‬قلت يا ر سول ال إن ل باد ية أكون‬
‫في ها وأ نا أ صلي في ها ب مد ال‪ ،‬فمُر ن بليلة أنزل ا إل ال سجد فقال‪« :‬انزل‬
‫ثلثة وعشرين» رواه أبو داود‪.‬‬
‫قيل لبنه‪ :‬كيف كان أبوك يصنع؟ قال‪ :‬كان يدخل السجد إذا صلى‬
‫العصر فل يرج منه إل لاجة حت يُصلي الصبح‪ ،‬فإذا صلى الصبح‪ ،‬وجد‬
‫دابته على باب السجد‪ ،‬فجلس عليها ولق بباديته‪.‬‬
‫قال البغوي‪ :‬وفك الملة أبمك ال هذه الليلة على هذه المكة ليجتهدوا‬
‫بالعبادة ف ليال رمضان طمعا ف إدراكها‪ ،‬كما أخفى ساعة الجابة ف يوم‬

‫‪139‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫الم عة‪ ،‬واخ فى ال صلة الو سطى ف ال صلوات ال مس‪ ،‬وا سه الع ظم ف‬
‫ال ساء‪ ،‬ورضاه ف الطاعات ليغبوا ف جيع ها و سخطه ف العا صي لينتهوا‬
‫عن جيعها‪ ،‬وأخفى قيام الساعة ليجتهدوا ف الطاعات حذرا من قيامها‪.‬‬
‫إذا تقرر هذا وعل مت ما ورد من ال ث علي ها‪ ،‬فاعلم أ نه ينب غي ل كل‬
‫موفكق مريكد للكمال والسكعادة البديكة أن يبذل وسكعه ويسكتفرغ جهده فك‬
‫إحياء ليال العشكر الخيك وقيامهكا لعله أن يُصكادف تلك الليلة الليلة التك‬
‫اختص ال تعال با هذه المة‪ ،‬وآتاهم فيها من الفضل ما ل يصره العدد‪.‬‬
‫فيا عباد ال إن هذا عشر‪ .‬شهر‪ .‬مبارك الليال واليام وهو سبب لحو‬
‫الذنوب والثام‪ ،‬وفيكه يتوفكر جزيكل الشككر والنعام‪ ،‬فاعتذروا فيكه إل الول‬
‫الكر ي‪ ،‬وأقبلوا بقلوب كم إل يه وقفوا بالضوع لد يه‪ ،‬وانك سروا ب ي يديه فإنه‬
‫رحيمٌ كري‪.‬‬
‫عباد ال‪ :‬إنكم الن ف رمضان‪ ،‬وهو وحده عمر طويل لن رام الثواب‬
‫الز يل‪ ،‬فإن ف ليال يه ليلة واحدة خيا من ألف ش هر‪ ،‬قال ال تعال‪ :‬لَيْ َلةُ‬
‫اْلقَدْ ِر خَ ْيرٌ مِ ْن َألْ فِ َش ْهرٍ ‪ .‬فاجتهدوا رحكم ال بإخلص العمال ل جل‬
‫وعل وبادروا بالتوبة والستغفار والبتهال إل ذي اللل والكرام‪.‬‬
‫واعلموا رحككم ال أن الوتكى فك قبورهكم يتحسكرون على زيادة فك‬
‫أعمال م بت سبيحة أو تميدة أو رك عة‪ ،‬رُئي بعض هم ف النام فقال‪ :‬ما عند نا‬
‫أكثر من الندامة‪ ،‬وما عندكم أكثر من الغفلة‪ ،‬ورُئي بعضهم فقال‪ :‬قدمنا على‬
‫أم ٍر عظيكم نعلم ول نعمكل‪ ،‬وأنتكم تعلمون ول تعملون وال لتسكبيحة أو‬
‫تسبيحتان‪ ،‬أو ركعة أو ركعتان ف صحيفة أحدنا خيٌ من الدنيا وما فيها‪.‬‬
‫و ف الترمذي‪ :‬ما من م يت يوت إل ندم‪ ،‬إن كان مُح سنا ندم أن ل‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫يكون ازداد‪ ،‬وإن كان مُسيئا ندم أن ل يكون استعتب‪.‬‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫كَأَنّكَ مُخْلى لِلْمَلعِبِ‬ ‫تذكر وَلَ تَنْسَ الَعَادَ وَلَ‬
‫وَنَفْسُكَ مِن بَيْنِ الْجَوَانِحِ‬ ‫س ِإ ْذ َأنْتَ الُولوَلُ‬
‫وَلَ تنْ َ‬
‫ت فِي كَرْبِ السّيَاقِ‬ ‫وَإِذْ َأْن َ‬ ‫س ِإ ْذ َأنْتَ الُسَجّي‬‫وَلَ تنْ َ‬
‫وَإذْ َأنْتَ فِي بِيْضٍٍ مِن الرّيْطِ‬ ‫س ِإ ْذ َأنْتَ الُعزي قَريْبُهُ‬‫وَلَ تنْ َ‬
‫ِإذَا مَا هَدَوْكَاهُ انْثَنَوا لَم‬ ‫س ِإذْ يَهْديك قَو ٌم ِإلَى‬ ‫وَلَ تنْ َ‬
‫عَلَيْكَ بِهِ رَدْمٌ وَلَبْنٌ‬ ‫س ِإذْ قبٌ وَإذْ مِن تُرَابِه‬ ‫وَلَ تنْ َ‬
‫مَجَالِسُ فِيهِنّ العَنَاكِبُ‬ ‫س ِإ ْذ تُكْسَي غَدا مِنِهُ‬ ‫وَلَ تنْ َ‬
‫وَإنْ سَرّكَ البَيْتُ العَتِيِقُ‬ ‫َولَ ُبدّ مِن بَيْتَ انقطاعٍ‬
‫وَمَلْكٍٍ بِتِيْجَانِ الْهَوَانِ‬ ‫َألَ رُبّ ذِيْ طِمْرٍ غَدا فِي‬
‫وَإنْ زَخْرَفَ الغَاوُوْنَ فِيْهَا‬ ‫لَعَمْرُكَ مَا الدّنْيَا بِدَار ِإِقَامَةٍ‬
‫***‬
‫اللهم يا من خلق النسان وبناه واللسان وأجراه‪ ،‬يا من ل يُخيب من‬
‫دعاه‪ ،‬هب لك ٍل م نا ما رجاه‪ ،‬وبل غه من الدار ين مُناه‪ ،‬الل هم اغ فر ل نا ج يع‬
‫الزلت‪ ،‬واستر علينا كل الطيئات وسامنا يوم السؤال والناقشات‪ ،‬وانفعنا‬
‫وج يع ال سلمي ب ا أنزل ته من الكلمات يا أر حم الراح ي‪ ،‬و صلى ال على‬
‫مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫***‬

‫‪141‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫فصل ف ذكر بعض الدعية الواردة‬


‫عباد ال اغتنموا هذه الوقات الشريفكة وأكثروا فيهكا مكن الدعاء فإن‬
‫ب حاضر‬ ‫الدعاء له أثر عظيم وموقع جسيم وهو مخ العبادة ل سيما إذا كان بقل ٍ‬
‫و صادف إخباتا وخشوعا وانك سارا وتضرعا ورِق ًة وخشي ًة وا ستقبل القبلة حال‬
‫دعائه وكن على طهارة وجدد التوبة وأكثر من الستغفار وابدأ بمد ال وتنيهه‬
‫وتجيده وتقدي سه والثناء عل يه وشكره ث صلى على ال نب ب عد ذلك ود عا‬
‫بدعاء مشروع با سم من أ ساء ال ال سن منا سب لطلو به فإن كان ير يد علما‬
‫قال يا عليم علمن وإن كان يطلب رحة قال يا رحن ارحن وإن كان يطلب‬
‫رزقا قال يا رزاق ارزقن ونو ذلك ول ينع من الدعاء مانع كأكل الرام وقطيعة‬
‫رحم وعقوق ونو ذلك وتري أوقات الجابة وأتى بأسبابا وهي الستجابة ل‬
‫تعال بالنقياد لوامره والنتهاء عكن مكا نىك عنكه فال أصكدق القائليك وأوفك‬
‫ب َلكُ مْ ‪ ،‬وقال عز من قائل‪َ :‬وِإذَا‬ ‫الواعدين قال تعال‪ :‬ادْعُونِي أَ سْتَجِ ْ‬
‫ع ِإذَا َدعَا ِن ‪ ،‬وقال جل وعل‪:‬‬ ‫ب َد ْع َوَة الدّا ِ‬
‫ب ُأجِي ُ‬
‫ك ِعبَادِي َعنّي َفِإنّي َقرِي ٌ‬ ‫َسَأَل َ‬
‫ض َط ّر‬ ‫ب اْل ُم ْ‬
‫ضرّعًا َو ُخ ْفَي ًة ‪ ،‬وقال تبارك وتعال‪َ :‬أ ّم ْن ُيجِي ُ‬ ‫ا ْدعُوا َرّب ُك ْم َت َ‬
‫ف اللّ ُه وَ ْعدَ هُ‬‫ف ال سّو َء ‪ ،‬وقال تعال‪ :‬وَ ْع َد اللّ ِه ل يُخْلِ ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫ِإذَا َدعَا ُه َوَي ْك ِ‬
‫ق ِم َن ال ّلهِ قِيل ‪.‬‬ ‫صدَ ُ‬
‫‪ ،‬وقال‪َ :‬و َمنْ أَ ْ‬
‫ومكن أوقات إجابكة الدعاء إذا اجتمعكت الشروط وانتفكت الوانكع ثلث‬
‫الليل الخي‪ ،‬ويوم المعة عند صعود المام النب أو ف آخر ساعة من يومها‪،‬‬
‫وع ند الذان‪ ،‬وب ي الذان والقا مة‪ ،‬وع ند نزول الغ يث‪ ،‬وع ند ف طر ال صائم‪،‬‬
‫وعش ية عر فة‪ ،‬و ف حالة ال سجود‪ ،‬و ف ليلة القدر‪ ،‬و ف أدبار ال صلوات و ف‬
‫أدبار النوافل‪ .‬وعند ختم القرآن وعند البكاء والشية من ال‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫قال بعضهم‪:‬‬
‫عَشْرٌ بِهَا بِشّرِ الدّاعِي‬ ‫قَالُوا شُروطُ الدّعاءِ‬
‫وَقَت خُشُوعٌ وَحُسْنُ الظّنِ‬ ‫طَهَارَ ٌة وَصَلةٌ مَعْهُمَا نَدَمٌ‬
‫وَاسْمٌ يُنَاسِبُ مَقْرُوْنٌٌ‬ ‫وَحلّ قُوْتٍٍ َولَ يُدْعَى‬
‫فعلي كم عباد ال بالجتهاد بالدعاء‪ ،‬وعلي كم بوا مع الدعاء ال ت ت مع‬
‫خي الدنيا والخرة‪ ،‬وف الصحيحي‪« :‬كان أكثر دعاء النب ‪ :‬اللهم آتنا‬
‫ف الدنيا حسنة وف الخرة حسنة‪ ،‬وقنا عذاب النار»‪.‬‬
‫ومكن دعائه إذا سكافر‪« :‬أنهه كان يتعوذ مهن وعثاء السهفر وكآبهة‬
‫النظر‪ ،‬والور بعد الكور‪ ،‬ودعوة الظلوم‪ ،‬وسوء النظر ف الهل والال»‬
‫رواه مسلم‪.‬‬
‫ومن ما ورد عن أب بكرة قال‪ :‬قال رسول ال دعوات الكروب‪:‬‬
‫«اللهم رحتك أرجو فل تكلن إل نفسي طرفة عي وأصلح ل شأن كله‬
‫ل إله إل أنهت» رواه أبكو داود‪ ،‬وعكن أبك سكعيد الدري قال‪ :‬قال رجكل‪:‬‬
‫لزمتن هوم وديون يا رسول ال‪ ،‬قال‪« :‬أفل أعلمك كلما إذا قلته أذهب‬
‫ال ه ك وق ضى ع نك دي نك قال‪ :‬قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬قل إذا أ صبحت وإذا‬
‫أمسهيت اللههم إنه أعوذ بهك مهن المه والزن‪ ،‬وأعوذ بهك مهن العجهز‬
‫والكسل‪ ،‬وأعوذ بك من البخل والب‪ ،‬وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر‬
‫الرجال» قال‪ :‬ففعلت ذلك فأذهب هي وقضى عن دين‪ ،‬رواه أبو داود‪.‬‬
‫ومكن دعائه ‪« :‬اللههم إنه أسهألك الدى والتُقهى والعفاف والغنه‪،‬‬
‫الل هم اغ فر ل وارح ن واهد ن وعاف ن وارزق ن‪ ،‬الل هم إ ن أعوذ بك من‬
‫زوال نعم تك وتول عافي تك وفُجاءة نقم تك وج يع سخطك‪ ،‬الل هم إ ن‬

‫‪143‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫س ل تش بع و من‬
‫ب ل ي شع و من نف ٍ‬
‫أعوذ بك من علم ل ين فع و من قل ٍ‬
‫دعو ٍة ل يُستجاب لا»‪.‬‬
‫يا مُقلب‬ ‫وقالت أم سلمة ر ضي ال عن ها‪« :‬كان أك ثر دعاء ال نب‬
‫القلوب ثبت قلب على دينك»‪.‬‬
‫ومكن دعائه ‪« :‬اللههم إنه أسهألك النهة ومها قرب إليهها مهن قولٍ‬
‫وعمل‪ ،‬وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قولٍ وعمل‪ ،‬وأسألك من‬
‫ال ي كله عاجله وآجله ما عل مت م نه و ما ل أعلم‪ ،‬وأعوذ بك من ال شر‬
‫كله عاجله وآجله ما علمت منه وما ل أعلم»‪.‬‬
‫وقال ‪« :‬تعوذوا بال مهن جهدِ البلء ودرك الشقاء وسهوء القضاء‬
‫وشاتة العداء»‪.‬‬
‫ومن دعائه ‪« :‬اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خي من زكاها‬
‫أنت وليها ومولها»‪.‬‬
‫و من ذلك ما ورد عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما أن ر سول ال ‪.‬‬
‫كان يقول‪« :‬اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت‬
‫وبك خاصمت‪ ،‬اللهم إن أعوذ بعزتك ل إله إل أنت أن تضلن أنت الي‬
‫الذي ل يوت والن والنس يوتون»‪.‬‬
‫و من دعائه ‪« :‬الل هم إ ن أعوذ بك من الف قر والقلة والذلة‪ ،‬وأعوذ‬
‫بك من أن أظلم أو أُظلم»‪.‬‬
‫وعن عمر رضي ال عنه قال‪« :‬كان رسول ال يتعوذ من خس‪ :‬من‬
‫الب‪ ،‬والبخل‪ ،‬وسوء العمر‪ ،‬وفتنة الصدر وعذاب القب» رواه أبو داود‬
‫والنسائي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫و عن أ ب هريرة أن ر سول ال كان يقول‪« :‬الل هم إ ن أعوذ بك‬
‫من الشقاق والنفاق وسوء الخلق» رواه أبو داود‪.‬‬
‫وعنه أن رسول ال كان يقول‪« :‬اللهم إن أعوذ بك من الوع‬
‫فإ نه بئس الضج يع وأعوذ بك من اليا نة فإن ا بئ ست البطا نة» رواه أ بو‬
‫داود‪ ،‬والنسائي وابن ماجه‪.‬‬
‫و عن أ نس أن ر سول ال كان يقول‪« :‬الل هم إ ن أعوذ بك من‬
‫البص والذام والنون ومن سيء السقام» رواه أبو داود والنسائي‪.‬‬
‫وعن قطبة بن مالك قال‪ :‬كان النب يقول‪« :‬اللهم إن أعوذ بك‬
‫من منكرات الخلق والعمال والهواء والدواء» رواه الترمذي‪.‬‬
‫وعن شُتي بن شكل بن حُميد عن أبيه قال‪ :‬قلت‪ :‬يا نب ال‪ ،‬علمن‬
‫تعويذا أتعوذ به قال‪ « :‬قل اللهم إن أعوذ بك من شر سعي و شر ب صري‬
‫وشر لسان وشر قلب وشر عين» رواه أبو داود‪ ،‬والترمذي‪ ،‬والنسائي‪.‬‬
‫وعن أب اليسر أن رسول ال كان يدعو‪« :‬اللهم إن أعوذ بك من‬
‫الدم‪ ،‬وأعوذ بك من التردي و من الغرق والرق والرم‪ ،‬وأعوذ بك من‬
‫أن يتخبطنه الشيطان عنهد الوت‪ ،‬وأعوذ بهك مهن أن أموت فه سهبيلك‬
‫مُدبرا وأعوذ بك من أموت لديغا» رواه أبو داود والنسائي‪.‬‬
‫ومن دعائه ‪« :‬اللهم اغفر ل خطيئت وجهلي وإسراف ف أمري وما‬
‫أنت أعلم به من‪ ،‬اللهم اغفر ل جدي وهزل وخطئي وعمدي وكل ذلك‬
‫عندي الل هم اغ فر ل ما قد مت و ما أخرت و ما أ سررت و ما أعل نت و ما‬
‫أ نت أعلم به م ن‪ ،‬أنت القدم وأنت الؤخر وأ نت على كل شيءٍ قدير»‬
‫متفق عليه‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫و من ذلك ما عل مه ال صديق قال له‪ « :‬قل الل هم إ ن ظل مت نف سي‬
‫ظلما كثيا ول يغ فر الذنوب إل أ نت فاغ فر ل مغفرةً من عندك وارح ن‬
‫إنك أنت الغفور الرحيم» متفق عليه‪.‬‬
‫وعن أنس أن رسول ال قال‪« :‬إلظوا بياذا اللل والكرام» أي‬
‫الزموا هذه وألوا با وداوموا عليها‪.‬‬
‫وعكن عائشكة قالت‪ :‬كان النكب يقول‪« :‬اللههم إنه أعوذ بهك مهن‬
‫الكسل والرم والغرم والأث اللهم إن أعوذ بك من عذاب النار وفتنة النار‬
‫وفتنة القب وعذاب القب ومن شر فتنة الغن ومن شر فتنة الفقر ومن شر‬
‫فتنة السيح الدجال اللهم اغسل خطاياي باء الثلج والبد ونق قلب كما‬
‫يُنقى الثوب البيض من الدنس وباعد بين وبي خطاياي كما باعدت بي‬
‫الشرق والغرب» متفق عليه‪.‬‬
‫و عن ع بد ال بن يز يد الط مي عن ر سول ال أ نه كان يقول ف‬
‫دعائه «اللهم ارزقن حبك وحب من ينفعن حبه عندك اللهم ما رزقتن ما‬
‫أحب فاجعله قوةً ل فيما تُحب اللهم ما زويت عن ما أحب فاجعله فراغا‬
‫فيما تب» رواه الترمذي‪.‬‬
‫وعن أ ب الدرداء قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬كان من دعاء داود يقول‪:‬‬
‫اللهم إن أسألك حبك وحب من يبك والعمل الذي يُبلغن حبك اللهم‬
‫اج عل ح بك أ حب إلّ من نف سي ومال وأهلي و من الاء البارد» الد يث‬
‫رواه الترمذي و عن أم مع بد قالت سعت ر سول ال يقول‪« :‬الل هم ط هر‬
‫قل ب من النفاق وعملي من الرياء ول سان من الكذب وعي ن من اليا نة‬
‫فإ نك تعلم خائ نة الع ي و ما ت في ال صدور» رواه البيه قي ف الدعوات‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫الكبي‪.‬‬
‫وعكن عبكد ال بكن عمرو قال‪ :‬كان رسكول ال يقول‪« :‬اللههم إنه‬
‫أسهألك الصهحة والعفهة والمانهة وحسهن اللق والرضهى بالقدر» رواه‬
‫البيهقي ف الدعوات الكبي‪.‬‬
‫عكن شداد بكن أوس رضكي ال عنكه قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬سهيد‬
‫الستغفار أن يقول العبد اللهم أنت رب ل إله إل أنت خلقتن وأنا عبدك‬
‫وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك‬
‫بنعم تك عليّ وأبوء لك بذ نب فاغ فر ل فإ نه ل يغ فر الذنوب إل أ نت»‬
‫أخرجه البخاري‪ ،‬وال أعلم وصلى ال على ممد وآله وسلم‪.‬‬
‫وقال بعضهم ف سؤال الرحن تعال‪:‬‬
‫إِنْ ُكنْتَ بِالرحن ذَا إيان‬ ‫لَ تَطْلُبَنْ مِن غَيْر رِبّكَ‬
‫وَالفقراءُ والبخلءَ بالرحن‬ ‫وَمَنَ الّذِي يَستَبْدِلُ‬
‫يَرضَى يَعُودُ بَأخسرِ‬ ‫أَوْ يَشْتَرِي الظّلمَاتِ‬
‫وافزعْ ِإلَى الول بغيِ تَوان‬ ‫فَوِضْ ِإلَى الْمَعْبود أمَركَ‬
‫َأبْوَابم بابَ النوالِ الَهان‬ ‫وَاقرعْ ِإذَا نَامَ النَامُ‬
‫وَنَهارِه لِتَدارك العصيانِ‬ ‫بَابَ الّذِي بَسَط اليدَينِ‬
‫قُبَضَتْ يَدٌ خَوفا مِن‬ ‫وَيَداهُ مَبسوطِتان لِلحْسَانِ‬
‫يَغْضَبْ فَكَيفَ يَردّ‬ ‫بَابَ الّذِي إِنْ لَم تَسَلْهُ‬
‫لَجٍ إِليهِ مَا لَه مِن ثان‬ ‫بابَ الجيبِ ِإذَا دَعَاه مُرْتَجٍ‬
‫فِي آيَتَيْ بُشْرى مِن القُرآن‬ ‫الواعدُ العبدَ الجابةَ إن دَعا‬
‫ليُبشر الُهلَ مِن العُبدانِ‬ ‫باَبُ الّذِي نَبّا الرّسولُ‬

‫‪147‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫لَم تُحْظَ بِاليانِ والْغُفرانِ‬ ‫بابَ ِإذَا لَم تَأتِه مُتَذَل ً‬
‫ل‬
‫بُنًى وَعُدْتَ بِخَيْبَةٍ وَهَوان‬ ‫وَخَسرتَ فِي ُكلّ المورِ فَلَم‬
‫عَمر ٍو وَعَنْ ثَا ٍن وَعَنْ أَعوان‬ ‫بَابَ الّذِي يُغنِيْكَ عَن زَيْدٍ‬
‫لَم يُلْفَ مُنْتَقصا مَدَى‬ ‫بابَ اّلذِي إنْ يُعْطِ كُل سُؤْلَه‬
‫زَادُوهُ فِي مُلْك وَ َل سُلطان‬ ‫بَابَ الّذِي لَو يَتّقِيه الْخَلقُ‬
‫نَقَصُوهُ بِالكُفْرَان‬ ‫بَابَ الّذِي إِنْ يَكفروهُ‬
‫يَتَضَرّعُون إليه وَالثّقَلن‬ ‫بَابَ الّذِي أهلُ السَموات‬
‫شَأنٍ كَمَا فِي سُورة الرّحن‬ ‫بَابَ الّذِي فِي ُكلِّ يَوْمٍٍ وَهو‬
‫بِيَدِيه ُكلُّ مُن وكُلُ أَمان‬ ‫بَابَ الّذِي لَ خَيَ إِلّ عِنده‬
‫لِعظائم اللم وَالْدَثان‬ ‫بَابَ الّذِي يُرجى ِل ُكلّ مُلِمّةٍ‬
‫بَابَ الُجِيْر الُطعمِ الَنّان‬ ‫بَابَ الُعزِ والُذلِ لِمَنْ يَشَا‬
‫الوَاسعُ الرّحَى العَظيمُ الشّان‬ ‫الَي قَيُومُ الَلئِق كُلّها‬
‫بِلْ ُكلُّ َشيْءٍ نُص فِي القُرآَن‬ ‫الُرتَى وَسِعَ الَلَئِقَ‬
‫هتص بَأهلِ الدِينِ واليِمان‬ ‫آل كِتَابَتَها وُجُوبا فَهو مُخه‬
‫مَا كَا َن مِن شرٍ وَمِنْ إِحْسِان‬ ‫بابَ اّلذِي عَ ِلمَ الغُيوبَ مُقدّرا‬
‫عَبَثا تَعال دَائمَ الحْسَان‬ ‫بِالعِلم وَالِكُمِ الَفِي ِة لَمْ‬
‫وَاحْذَرْهُ لَ تَقْطَعْ بني ٍل أمانِ‬ ‫فَاعْبدهُ وارتجْ راضِيا‬
‫حُكْمٍ وَ َل يَنْجُو مِن‬ ‫فَالعبدُ لَيْسَ لَهُ عَلَى الَعْبُود‬
‫إل البَشّرُ قَبْلُ بِالغُفْرَان‬ ‫وَلِذَاكَ حَادَ الرسلَ مِن أنْ‬
‫س بالدعان‬ ‫فِي اللق نصُ لَيْ َ‬ ‫أَوَمَا سَمِعْتَ بِلَوْ ِإلَى مِن‬
‫يَلْقَى الكريَ البَ بِالدِيوانِ‬ ‫ح لِلعبدِ أَوْ‬ ‫فالوفُ حقٌ مُصْل ُ‬
‫نَجْوى لِيَسْتُرَ ُكلّ عَبْ ٍد جان‬ ‫فَيُقرِر العبد الضّعِيف بِذَنْبِه‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫س بالبُهْتَان‬
‫يُخزي صَيحْيح لَيْ َ‬ ‫إِل الُنَافِقَ والكَفُورَ كِلَهُِما‬
‫لَ قبْلَهَا فَاعْمَلَ بِغَيْرِ‬ ‫فَهُنَاكَ تُحْظَى بِالمَانِ‬
‫لِدَوُامِ خَوْف ال والْهَيَمان‬ ‫إِنّ السّوابِقَ وَالَوَاتِمَ‬
‫عَملُوا وسُمّوْا مِنِهُ‬ ‫فاَلعَارِفُون بِذَا عَلَى خَوفٍ‬
‫وال أعلم وصلى ال على ممد وآله وسلم‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫موعظههة‬
‫عباد ال إن الناس ف هذا الز من ل يعرفوا رب م العر فة ال ت تل يق بلله‬
‫وعظمته ولو عرفوه حق العرفة ل يكونوا بذه الال لنه من كان بال أعرف‬
‫كان م نه أخوف‪ ،‬إن العارف بال يشاه فتعقله هذه الش ية بإذن ال ع ما ل‬
‫ِهه‬
‫ِنه عِبَاد ِ‬
‫ّهه م ْ‬
‫ينبغكي مكن القوال والفعال قال ال تعال‪ِ :‬إنّمَا يَخْشَى الل َ‬
‫اْلعُلَمَاءُ ‪.‬‬
‫العارف بال ل يرؤ أن يرك لسانه بكلمة من النكرات أفعال أو أقوال‬
‫كالغيبة والنميمة والكذب والقذف والفسق والسخرية والستهزاء ونو ذلك‬
‫ول يستعمل عضوا من أعضائه ف عمل ليس بلل‪ ،‬بل يكف بصره وسعه‬
‫ويده ورجله عن الحرمات ل نه يؤ من حق اليان بأن ال جل وعل مه ما‬
‫تفى وتستر العبد عنه فإنه يراه‪.‬‬
‫والعارف بال ل ينطوي على رذيلة كالكب والقد والسد وسوء الظن‬
‫وغ ي ذلك من الرذائل المقوتات ل نه ي صدق أن ال ل ي فى عل يه ش يء ف‬
‫الرض ول ف ال سماء وأ نه يعلم ما تُك نه ال صدور‪ ،‬ك ما يعلم العلن ية‪ ،‬فل‬
‫يستريح العارف حت يكون باطنه كظاهره مُطهرا من كل فحشاء وكذلك ل‬
‫تسمع من فم العارف عند نزول الصائب والبليا والشدائد إل السن الميل‬
‫فل يغضكب لوت عزيكز أو فقكد مال‪ ،‬أو مرض شديكد طويكل لنكه يعلم أن‬
‫غضبه وتسخطه يفوت عليه أجره ول يرد ما فات كما قيل‪:‬‬
‫مَا دَامَ يَصْحَبُ فِ ْيهِ‬ ‫لَ تَلْقَ دَهْرَكَ إِلّ غَيْرَ‬
‫ك الفَائِتَ‬ ‫وَلَ يَرَدّ عَلَ ْي َ‬ ‫فَمَا يَدُومُ سُرورٌ مَا سُرِرْتَ‬
‫ول ييأس العارف من زوال شدة مه ما ا ستحكمت فإن الفرج ب يد ال‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫سرِ يُ سْرًا ول‬‫سرِ يُ سْرًا * إِنّ مَ َع اْلعُ ْ‬
‫الذي قال وقولكه الق َفإِنّ مَ َع اْلعُ ْ‬
‫ييأس من حصول خي مهما سا وابتعد لنه يؤمن أن المر بيد من إذا أراد‬
‫شيئا قال له كن فكان وإن بدا مُحالً ف ن ظر الهلء ول يق نط العارف ول‬
‫يُق نط مؤمنا من رح ة ال ال ت و سعت كل ش يء وإن كا نت ذنو به أمثال‬
‫البال والرمال ول يؤمن العارف مستقيما من العذاب مهما كان العمل من‬
‫الصكالات لنكه يُصكدق أنكه يغفكر الذنوب جيعا وأنكه له الجكة البالغكة وأن‬
‫القلوب بي إصبعي من أصابعه جل وعل فل تغفل عن ذلك وإن أهله الكثي‬
‫من الناس‪.‬‬
‫***‬
‫اللهم ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا ذنوبنا وهب لنا تقواك واهدنا بداك ول‬
‫تكل نا إل أحدٍ سواك واج عل ل نا من كل ه مٍ فرجا‪ ،‬و من كل ضي قٍ مرجا‬
‫اللهم اغننا بعافاتك من عقوبتك وبرضاك من سخطك واحفظ جوارحنا من‬
‫مالفكة أمرك واغفكر لنكا ولوالدينكا ولميكع السكلمي الحياء منهكم واليتيك‬
‫برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على ممدٍ وآله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫‪ – 1‬زكاة الفطر وما ورد من الثار ف شرعيتها‪:‬‬
‫زكاة الف طر واج بة بالف طر من رمضان‪ ،‬ل ا روى ا بن ع مر ر ضي ال‬
‫عنه ما‪« :‬أن ر سول ال فرض زكاة الف طر ف رمضان على الناس صاعا‬
‫من تر‪ ،‬أو صاعا من أقط‪ ،‬أو صاعا من شع ي على كل حر وعبد ذ كر‬
‫وأنثى من السلمي» متفق عليه‪.‬‬
‫وعنه‪« :‬أن رسول ال أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس‬
‫إل الصلة»‪.‬‬
‫و عن أ ب سعيد الدري‪ :‬ك نا نرج زكاة الف طر صاعا من طعام‪ ،‬أو‬
‫صاعا من تر‪ ،‬أو صاعا من أقطٍ‪ ،‬أو صاعا من زبيب‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫قال سعيد بن السيب‪ ،‬وعمر بن عبد العزيز – رحهما ال – ف قوله‬
‫ح َم ْن َتزَكّى هو زكاة الفطر‪.‬‬
‫تعال‪َ :‬قدْ َأفْلَ َ‬
‫وأضي فت هذه الزكاة إل الف طر لن ا ت ب بالف طر من رمضان‪ ،‬وهذه‬
‫يُراد باك الصكدقة عكن البدن والنفكس ومصكرفها كزكاة الال لعموم‪ِ :‬إنّمَا‬
‫ص َدقَاتُ لِ ْل ُف َقرَاءِ … الية‪.‬‬
‫ال ّ‬
‫ول ي نع وجوب ا د ين إل مع طلب‪ ،‬و هي واج بة على كل حر وع بد‬
‫ذ كر وأن ثى من ال سلمي‪ ،‬ف ضل له عن قو ته‪ ،‬و من تلز مه مؤون ته يوم الع يد‬
‫وليلته صاع لن النفقة أهم فيجب البداءة با‪ ،‬لقوله ‪« :‬ابدأ بنفسك» رواه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫وف رواية‪ …« :‬وابدأ بن تعول» رواه الترمذي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ويُعتب كون ذلك الصاع فاضلً عما يتاجه لنفسه‪ ،‬ومن تلزمه مؤونته‬
‫من م سكنٍ وخاد مٍ ودابةٍ وثياب بذلة ونوه‪ ،‬وك تب يتاج ها لن ظر لن هذه‬
‫حوائج أ صلية يتاج إلي ها كالنف قة‪ ،‬وتلز مه عن نف سه و عن من يو نه من‬
‫السلمي كزوج ٍة وعبدٍ وولدٍ‪ ،‬لعموم حديث ابن عمر رضي ال عنهما‪« :‬أمر‬
‫رسهول ال بصهدقة الفطهر عهن الصهغي والكهبي منه تونون» رواه‬
‫الدارقطن‪.‬‬
‫فإن ل يده لميعهم بدأ بنفسه‪ ،‬فزوجته‪ ،‬فرقيقه‪ ،‬فأمه‪ ،‬فأبيه‪ .‬فولده‪،‬‬
‫فأقرب ف مياث‪ ،‬ويُفرع مع الستواء‪.‬‬
‫أما دليل البداءة بالنفس فلحديث‪« :‬ابدأ بنفسك‪ ،‬ث بن تعول»‪.‬‬
‫وأ ما الزو جة فلوجوب نفقت ها ف حال الي سر والع سر لن ا على سبيل‬
‫العاوضة‪.‬‬
‫وأما الرقيق فلوجوب نفقته مع العسار بلف القارب لنا صلة تب‬
‫مع اليسار دون العسار‪.‬‬
‫وأما الم فلقوله للعراب حي قال له‪« :‬من أبر؟ قال‪ :‬أمك‪ ،‬قال‪ :‬ث‬
‫من؟ قال‪ :‬أ مك‪ ،‬قال ث من؟ قال‪ :‬أ مك‪ ،‬قال ث من؟ قال‪ :‬أبوك» ولن ا‬
‫ضعيفة عن الكسب‪.‬‬
‫وأما الب فلما سبق وحديث‪« :‬أنت ومالك لبيك»‪.‬‬
‫وأما الولد فلقربه ووجوب نفقته ف الملة‪.‬‬
‫وأما القرب ف الياث فلنه أول من غيه كالياث‪.‬‬
‫وتُستحب عن الني لفعل عثمان وعن أب قلبة قال‪« :‬يُعجبهم أن‬
‫يُعطوا زكاة الفطر عن الصغي والكبي حت عن المل ف بطن أمه» رواه‬
‫أبو بكر‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ول تب‪ ،‬قال ابن النذر‪ « :‬كل من نفظ عنه ل يوجبها عن الني‪،‬‬
‫وتب على اليتيم‪ ،‬ويرج عنه وليه من ماله»‪.‬‬
‫ول يلزم الزوج فطرة زوجة ناشز وقت الوجوب‪ ،‬ول تلزم الزوج فطرة‬
‫من ل تلزمه نفقتها‪ ،‬كغي الدخول با إذا ل تسلم إليه‪ ،‬والصغية الت ل يكن‬
‫الستمتاع با‪.‬‬
‫ومن لزم غيه فطرته كالزوجة‪ ،‬فأخرج عن نفسه بغي إذن من وجبت‬
‫عليه أُجزأ وال أعلم وصلى ال على ممد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫‪ – 2‬فصل ف وقت وجوب صدقة الفطر‪ ،‬والفضل منه‪:‬‬
‫وتب زكاة الفطر بغروب شس ليلة الفطر‪ ،‬لقول ابن عباس رضي ال‬
‫عنهما‪« :‬فرض رسول ال صدقة الفطر طُهر ًة للصائم من اللغو والرفث‪،‬‬
‫وطُعمةً للمسهاكي»‪ .‬رواه أبكو داود‪ ،‬والاككم وقال على شرط البخاري‬
‫فأضاف الصدقة إل الفطر فكانت واجبة به لن الضافة تقتضي الختصاص‪.‬‬
‫وأول ف طر ي قع من جيع رمضان بغيب الش مس من ليلة الف طر‪ ،‬ف من‬
‫أسكلم بعكد الغروب‪ ،‬أو تزوج بعكد الغروب‪ ،‬فل فطرة وإن وجكد ذلك‪ ،‬بأن‬
‫أ سلم أو تزوج‪ ،‬أو ولد له ولد‪ ،‬أو ملك عبدا‪ ،‬أو أي سر ق بل الغروب وج بت‬
‫الفطرة لوجود السبب فالعتبار بال الوجوب‪.‬‬
‫وإن مات ق بل الغروب هو‪ ،‬أو زوج ته‪ ،‬أو رقي قه‪ ،‬أو قري به ونوه‪ ،‬أو‬
‫أع سر‪ ،‬أو أبان الزو جة‪ ،‬أو أع تق الع بد‪ ،‬أو با عه أو وه به ل ت ب الفطرة ل ا‬
‫تقدم‪.‬‬
‫ول تسقط الفطرة بعد وجوبا بوت ول غيه‪ ،‬والفضل إخراجها يوم‬
‫الع يد ق بل ال صلة‪ ،‬ل ا ف الت فق عل يه من حد يث ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫مرفوعا‪ ،‬وف آخره‪« :‬وأمر با أن تؤدى قبل خروج الناس إل الصلة»‪.‬‬
‫وف حديث ابن عباس رضي ال عنهما‪ « :‬من أداها قبل الصلة فهي‬
‫زكاة مقبولة‪ ،‬ومن أداها بعد الصلة فهي صدقة من الصدقات»‪.‬‬
‫وتُكره بعدها خروجا من اللف‪ ،‬ولقوله ‪« :‬اغنوهم عن الطلب ف‬
‫هذا اليوم»‪ .‬رواه سعيد بن منصور‪.‬‬
‫فإذا أخرها بعد الصلة ل يصل الغناء لم ف هذا اليوم كله‪.‬‬
‫ويرم تأخيها عن يوم العيد مع القدرة‪ ،‬لنه تأخي للحق الواجب عن‬
‫وقتكه‪ ،‬وكان يقسكمها بيك مسكتحقيها بعكد الصكلة‪ .‬فدل على أن المكر‬
‫بتقديها على الصلة للستحباب‪.‬‬
‫ويقضي ها من أخر ها ل نه حق مال و جب‪ ،‬فل ي سقط بفوات وق ته‬
‫كالدين‪ ،‬وتُجزي قبل العيد بيوم أو بيومي‪ ،‬لقول ابن عمر رضي ال عنهما‪:‬‬
‫«كانوا يُعطون قبل الفطر بيوم أو يومي» رواه البخاري‪.‬‬
‫وهذا إشارة إل جيع هم فيكون إجاعا‪ ،‬ولن ذلك ل يُ خل بالق صود‪،‬‬
‫إذ الظاهر بقاؤها أو بعضها‪ ،‬إل يوم العيد‪.‬‬
‫و من وج بت عل يه فطرة غيه أخرج ها مع فطر ته مكان نف سه‪ ،‬لن ا‬
‫طُهرةٌ له‪ ،‬وفطرة من بعضه حر وبعضه رقيق‪ ،‬وفِطرةٌ قِن مشترك‪ .‬وفطرة من‬
‫له أكثر من وارث أو ملحق بأكثر من واحد تُقسط‪ ،‬ومن عجز منهم ل يلزم‬
‫الخر سوى قسطه‪.‬‬
‫‪ – 3‬الواجب ف الفطرة‪:‬‬
‫الواجب على كل شخص صاع بر‪ ،‬أو مثل مكيله من تر‪ ،‬أو زبيب‪،‬‬
‫أو أقط‪ ،‬لديث أب سعيد ‪« :‬كنا نرج زكاة الفطر‪ ،‬إذ كان فينا رسول ال‬

‫‪155‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫صاعا من طعام‪ ،‬أو صاعا من شع ي‪ ،‬أو صاعا من ت ر‪ ،‬أو صاعا من‬
‫زبيب‪ ،‬أو صاعا من أقط» متفق عليه‪.‬‬
‫ويُجزي دقيكق الب والشعيك إذا كان بوزن البك‪ ،‬نكص عليكه‪ ،‬واحتكج‬
‫بزيادة تفرد باك ابكن عُيينكة‪ :‬أن أحدا ل يذكره فيكه‪ ،‬قال‪ :‬بكل هكو فيكه‪ .‬رواه‬
‫الدارقطن‪.‬‬
‫قال ال جد‪ :‬بل هو أول بالجزاء ل نه كُ في مؤون ته كت مر منوع نواه‬
‫ب يُقتات كذرة ود خن وباقلء‬‫ويرج مع عدم ذلك ما يقوم مقا مه من ح ٍ‬
‫لنه أشبه بالنصوص عليه‪ ،‬فكان أول‪.‬‬
‫ويوز أن يُعطكي الماعكة فطرهكم لواحكد‪ ،‬وأن يُعطكي الواحكد فطرتكه‬
‫لماعة‪.‬‬
‫ول يُجزي إخراج القيمة لن ذلك غي النصوص عليه‪.‬‬
‫ويرم على الش خص شراء زكا ته و صدقته م ن صارت إل يه‪ ،‬لد يث‬
‫عمر ‪« :‬ل تشتره‪ ،‬ول تعد ف صدقتك‪ ،‬وإن أعطاكه بدرهم‪ ،‬فإن العائد‬
‫ف صدقته كالعائد ف قيئه» متفق عليه‪.‬‬
‫وح سما لادة ا سترجاع ش يء من ها حياء‪ ،‬أو طمعا ف مثل ها‪ ،‬أو خوفا‬
‫أن ل يُعط يه ب عد‪ ،‬فإن عادت إل يه بإرث أو و صية أو ه بة أو أخذ ها من دي نه‬
‫من غي شرط ول مواطأة طابت بل كراهة لعدم الانع‪ .‬ولديث بريرة رضي‬
‫ال عن ها أن ال نب أت ته امرأة‪ ،‬فقالت‪ :‬إ ن ت صدقت على أ مي بار ية وإن ا‬
‫ماتكت‪ ،‬فقال رسكول ال ‪« :‬وجهب أجرك وردهها عليهك الياث» متفكق‬
‫عليه‪ .‬رواه الماعة إل البخاري والنسائي‪.‬‬
‫ويُجزي إخراج صاع مموع من تر وزبيب وبُر وشعي وأقط كما لو‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫كان خالصا من أحدها‪.‬‬
‫ول يُجزي مُختلط بأكثر ما ل يُجزي‪.‬‬
‫ول يُجزي إخراج معيب كمُسوس‪ ،‬ومبلول‪ ،‬وقدي تغي طعمه‪.‬‬
‫والفضل تر‪ ،‬لفعل ابن عمر‪ ،‬قال نافع‪ :‬وكان ابن عمر يُعطي التمر‬
‫إل عاما واحدا أعوز التمر فأعطى شعيا رواه أحد والبخاري‪.‬‬
‫وقال له أبكو ملز‪ :‬أن ال قكد أوسكع‪ .‬والبُر أفضكل‪ ،‬فقال إن أصكحاب‬
‫سلكوا طريقا‪ ،‬فأنا أحب أن أسلكه رواه أحد واحتج به‪.‬‬
‫وظاهره أن جاعة الصحابة كانوا يُخرجون التمر‪ ،‬ولنه قوت‪ ،‬وأقرب‬
‫تناولً وأقل كلفة‪ ،‬ويليه ف الفضلية الزبيب لن فيه قوتا وحلوة وقلة كُلفة‪،‬‬
‫ث الب‪ ،‬لن القياس تقديه على الكل‪ ،‬لكن تُرك اقتداءً بالصحابة ف التمر وما‬
‫شاركه ف العن وهو الزبيب‪ ،‬ث النفع ف القتيات ودفع حاجة الفقي‪ ،‬ث‬
‫شعيه‪ ،‬ث دقيق شعي‪ ،‬ث سويقهما‪ ،‬ث أقط والفضل أن ل يُنقص مُعطي من‬
‫فِطره عن مُدبر أو نصف صاع من غيه ليُغنيه عن السؤال ف ذلك اليوم لقول‬
‫النب ‪:‬‬
‫«أغنوهم عن السؤال ف ذلك اليوم» ويُسن التكبي الُطلق وهو الذي‬
‫ل يُق يد بأدبار ال صلوات وال هر به ف ليل ت العيد ين إل فراغ الط بة لقوله‬
‫تعال‪ :‬وَلُِتكْمِلُوا اْلعِ ّد َة َولِتُكَّبرُوا اللّهَ َعلَى مَا هَدَاكُمْ ‪ ،‬وعن علي "أنه‬
‫كان يُ كب ح ت يُ سمِع أ هل الطر يق و صفة الت كبي‪ ،‬ال أ كب‪ ،‬ال أ كب‪ ،‬ال‬
‫أككب‪ ،‬ل إله إل ال‪ ،‬ال أككب‪ ،‬ال أككب‪ ،‬ول المكد‪ ،‬وفك ككل عشكر ذي‬
‫الجة"‪.‬‬
‫قال البخاري كان ابكن عمكر وأبكو هريرة يرجان إل السكوق فك أيام‬

‫‪157‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫العشر يُكبان ويكب الناس بتكبيها والتكبي القيد ف الضحى عقب كل‬
‫فريضكة صكلها فك جاعكة مكن صكلة الفجكر يوم عرفكة إل عصكر آخكر أيام‬
‫التشريق لديث جابر أن النب صلى الصبح يوم عرفة ث أقبل علينا فقال‪:‬‬
‫«ال أكهب» ومكد التككبي إل آخكر أيام التشريكق‪ ،‬رواه الدارقطنك بعناه إل‬
‫الُحرم فيُكب من صلة ظهر يوم النحر إل آخر أيام التشريق‪.‬‬
‫اللهم اعف عن تقصينا ف طاعتك وشكرك وأدم لنا لزوم الطريق إل‬
‫ما يُقربنا إليك وهب لنا نورا نتدي به إليك ويسر لنا ما يسرته لهل مبتك‬
‫وأيقظ نا من غفلت نا وألم نا رُشد نا وا سترنا ف دنيا نا وآخرت نا واحشر نا ف‬
‫زمرة التق ي وألق نا بعبادك ال صالي واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي‬
‫الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ وآله‬
‫وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫ال مد ل غا فر الذنوب وقا بل التوب‪ ،‬شد يد العقاب ذي الطول ل إله‬
‫إل ال إليه الصي‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبده ورسوله البشي النذير صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم أول الد ف العبادة والتشمي‪.‬‬
‫عباد ال‪ ،‬إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل فمن كان منكم أحسن‬
‫فعل يه بالتمام‪ ،‬و من كان من كم فرط ف يه فليخت مه بال سن‪ ،‬فالع مل بالتام‪،‬‬
‫وبادروا رحكم ال أوقات شهركم الباقية‪ ،‬واستدركوا ما مضى منه بالسرة‬
‫والندم‪ ،‬واختموه بالتوبة النصوح والرجوع إل صال العمل‪.‬‬
‫عباد ال‪ ،‬كم أُنا سٍ صلوا ف هذا الش هر صلة التراو يح وأوقدوا ف‬
‫الساجد طلبا للجر الصابيح‪ ،‬ونسخوا بإحسانم كل فع ٍل قبيح‪ ،‬وقبل التمام‬
‫سكنوا الضريح‪ ،‬ول ينفعه الال والمال لا نُقلوا‪ ،‬رحلوا عن الدنيا قدما قدما‬
‫ونقص ما بنوه هدما هدما‪ ،‬أدارت عليهم النون رحاها وأحلت وجوههم ف‬
‫الثرى فمحاها‪.‬‬
‫وهذا حالك عن قر يب فتي قظ يا قل يل الزاد‪ ،‬وحادي رحيله قد حدى‬
‫تأ هب للتلف وت يأ للردى‪ ،‬ذ هب ع نك ش هر ال صيام وود عك‪ ،‬و سارت ف يه‬
‫قوافل الصالي‪ ،‬وجهلك منعك والتوبيخ متو فر‪ ،‬ف ما أرجعك ول أزع جك‬
‫وأنت تؤمل منازل العاملي بأفعال الغافلي فما أطمعك‪.‬‬
‫يا من أصبح ساعيا إل ما يضره ستعلم من يأت غدا حزينا مُتندما‪ ،‬كم‬
‫من صائم يفضحه الساب والعرض‪ ،‬وكم من عا صٍ ف هذا الشهر تستغيث‬
‫م نه الرض‪ ،‬ف يا ل يت شعري من القبول م نا فنهن يه على توف يق ال له ب سن‬
‫عمله و يا ل يت شعري من الطرود فنعز يه ب سوء عمله‪ ،‬ف يا أي ها القبول هنيئا‬

‫‪159‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫لك بثواب ال عز و جل ورضوا نه ورح ته وغفرا نه وقبوله وإح سانه وعفوه‬
‫وامتنانه‪.‬‬
‫ويا أيها الطرود بإصراره‪ ،‬وطغيانه وظلمه وغفلته وخسرانه وتاديه ف‬
‫ع صيانه‪ ،‬ل قد عظ مت م صيبتك وخ سرت تار تك‪ ،‬وطالت ندام تك‪ ،‬ف يا ل ا‬
‫من خسارة ل تُشبهها خسارة‪ ،‬ل در أقوام حرسوا بالتقى أوقاتم‪ ،‬وتدرعوا‬
‫دروع الراقبة ف صبهم وجعوا بي الصدق والخلص ف ذكرهم‪ ،‬صبوا‬
‫باليقي على ظمأ الواجر‪ ،‬وبسطوا أقدامهم على بساط الدياجر وعملوا ليو مٍ‬
‫فيه القلوب لدى الناجر‪.‬‬
‫أقبلوا على خدمة ربم إقبال عال‪ ،‬وما سلكوا إل الطريق السال تذكروا‬
‫ذنوب م القدائم‪ ،‬فجددوا التو بة ب صدقٍ العزائم‪ ،‬وعدوا التق صي من العظائم‪،‬‬
‫وبذلوا ال هج الكرائم‪ ،‬فإذا جن الل يل ف ساجدٌ وقائم‪ ،‬ول يافون ف ال لو مة‬
‫لئم‪ ،‬أين أنت وهم؟ فهل ترى الساهر كالنائم؟ كل‪ ،‬ول الفطر كالصائم‪.‬‬
‫قال ابكن القيكم ‪ -‬رحهك ال ‪ -‬مكن أراد ال بكه خيا فتكح باب الذل‬
‫والنكسكار ودوام اللجوء إل ال تعال والفتقار إليكه ورؤيكة عيوب نفسكه‬
‫وجهل ها وعدوان ا ومشاهدة ف ضل ر به وإح سانه ورح ته وجوده وبره وغناه‬
‫وحده‪ .‬فالعارف‪ :‬سائر إل ال تعال بي هذين الناحي ل يكنه أن يسي إل‬
‫بما فمت فاته واحد منهما فهو كالطي الذي فُقد أحد جناحيه‪.‬‬
‫وقال ش يخ ال سلم ا بن تيم ية ‪ -‬رح ه ال ‪ -‬العارف ي سي إل ال ب ي‬
‫مشاهدة ال نة ومطال عة ع يب الن فس والع مل وهذا مع ن قوله ف الد يث‬
‫الصحيح من حديث بريدة سيد الستغفار أن يقول العبد‪« :‬اللهم أنت رب‬
‫ل إله إل أ نت خلقت ن وأ نا عبدك وأ نا على عهدك ووعدك ما ا ستطعت‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء لك بذنب فاغفر‬
‫ل إ نه ل يغ فر الذنوب إل أ نت» فج مع ف قوله أبوء لك بنعم تك عليّ‬
‫وأبوء بذنب بي مشاهدة النة ومطالعة عيب النفس والعمل‪.‬‬
‫فمشاهدة ال نة تو جب الح بة وال مد والش كر لول الن عم والح سان‬
‫ومطالعة عيب النفس والعمل توجب له الذل والنكسار والفتقار والتوبة ف‬
‫كل وقت وأن ل يرى نفسه إل مفلسا واقرب باب يدخل منه العبد على ال‬
‫تعال هو باب الفلس فل يرى لنفسه حا ًل ول مقاما ول سببا يتعلق به ول‬
‫وسيلة منه ين با‪.‬‬
‫بل يد خل على ال من باب الفتقار ال صرف والفلس ال حض دخول‬
‫من كسر الفقر والسكنة قلبه حت وصلت تلك الكسرة إل سويدائه فانصدع‬
‫وشلته الكسرة من كل جهاته وشهد ضرورته إل ربه عز وجل وكمال فاقته‬
‫وفقره إليه وأن ف كل ذرة من ذراته الظاهرة فاقة تامة وضرورة إل ربه تبارك‬
‫وتعال‪ ،‬وأنه إن تلى عنه طرفة عي هلك وخسر خسارة ل تُجب إل أن يعود‬
‫إل ال تعال ويتداركه برحته‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫وَاذْكُرْ لِمَنْ بَانَ مِن خِلّ‬ ‫دَعْ البُكَاءَ عَلَى الَطْلَلِ‬
‫عَلَى فِرَاقِ لَيْالٍ ذَاتِ أَنْوَارِ‬ ‫وَأذرِ الدّمُوعَ نَحِيْبا وَابْكِ مِن‬
‫إِلّ لِتَمْحِيْصَ آثا ٍم وَأَوْزَارِ‬ ‫عَلَى لَيَالٍ لِشَهْرِ الصّوْمِ مَا‬
‫وَاسْمَعْ غَرِيْبَ أَحَادِيِثي‬ ‫يَا لَئِمي فِي البُكَاءِ زِدْنِي ِبهِ‬
‫مِنّا الْمُصَلّي وَمِنّا القَانِتْ‬ ‫مَا كَا َن أَحْسَنَنَا وَالشّمَلُ‬
‫فِيْهَا الْمَصَابِيِحُ تَزْهُوْ مِثْلَ‬ ‫وَفِي التّرَاْوِيْحِ لِلرّاحَاتِ‬

‫‪161‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫حَقًا عَلَى ُكلِّ شَهْ ٍر ذَاتِ‬ ‫فِي لَيْلِهِ لَيِلَةُ القَدْرِ الّت‬
‫بِإذْنِ رَبّ غَفُوْرٍ خَالقٍ بَاري‬ ‫تَتَنَزّلُ الرّوحُ وَالمْلكُ‬
‫ف مِن خُطّةِِ‬‫شَهْرٌ ِبهِ يُعْتِقُ الُ العُصَاةَ وَقَدْ أَشْفُوا عَلَى جُرُ ٍ‬
‫وَيَحْفَظُ الِ ُكلُّ مِن شَرّ‬ ‫نَرْجُو اللَهَ مُحِبَ العِفْوِ‬
‫بِفَضْلِك الْجَمّ لَ تَهْتِكْ‬ ‫وَيِشْمَلُ العَفْوَ وَالرّضْوَانُ‬
‫مَا َقدْ بَقِيَ فَهُوَ حَقّ عَنْكُمُ‬ ‫فَابْكُوا َعلَى مَا مَضَى فِي الشّهرِ‬
‫اللهكم اجعلنكا مكن حزبكك وعبادك الصكالي الذيكن أهلتهكم لدمتكك‬
‫وجعلتهم من قبلت صيامه وقيامه واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء‬
‫منهكم واليتيك برحتكك يكا أرحكم الراحيك وصكلى ال على ممدٍ وصكحبه‬
‫أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫ف تلوة القرآن الكري‬
‫ويبحث ف‪:‬‬
‫‪ – 1‬ما ورد ف الث على قراءة القرآن الكري‪.‬‬
‫‪ – 2‬ما جاء ف فضل حل القرآن وتلوته‪.‬‬
‫‪ – 3‬ما ورد ف فضل تدبر القرآن وتفهمه‪.‬‬
‫‪ – 4‬ما ورد ف استحباب ترتيل القرآن الكري‪.‬‬
‫‪ – 5‬ما ورد ف بيان عظم بعض السور‪.‬‬
‫‪ – 6‬استحباب تسي الصوت ف التلوة‪.‬‬
‫‪ – 7‬ينبغي الشوع والشية والبكاء عند تلوة كتاب ال تعال‪.‬‬
‫‪ – 8‬ما ورد ف تعاهد القرآن والترهيب من نسيانه‪.‬‬
‫‪ – 1‬ما ورد من الث على القرآن الكري‪:‬‬
‫يُ ستحب ح فظ القرآن عن ظ هر قلب‪ ،‬والكثار من تلو ته كل و قت‬
‫لن تلو ته من أف ضل العبادات وأع ظم القربات وأ جل الطاعات وفي ها أ جر‬
‫عظ يم وثواب ج سيم من الول الكر ي‪ ،‬ول سيما ف ش هر رمضان قال ال‬
‫تعال آمرا رسوله بتلوة كتابه العزيز وإبلغه إل الناس‪ :‬وَاْتلُ مَا أُوحِيَ‬
‫ِإلَ ْيكَ ِمنْ كِتَابِ َرّبكَ ‪.‬‬
‫وأخب تعال عن عباده الؤمني الذين يتلون كتابه ويؤمنون به ويعملون‬
‫با فيه من إقام الصلة والنفاق ما رزقهم ال تعال ف الوقات الشروعة ليلً‬
‫ونارا سرا وعلن ية‪ ،‬فقال‪ :‬إِنّ اّلذِي نَ يَتْلُو نَ كِتَا بَ اللّ هِ َوَأقَامُوا ال صّلةَ‬

‫‪163‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ُمه‬
‫َنه تَبُورَ * لِيُ َوفَّيه ْ‬
‫ُونه تِجَا َر ًة ل ْ‬
‫سهرّا وَعَلنَِيةً يَ ْرج َ‬ ‫ُمه ِ‬ ‫َوَأنْ َفقُوا مِمّاه رَ َزقْنَاه ْ‬
‫ُأجُو َر ُهمْ َوَيزِي َد ُهمْ ِم ْن فَضْ ِلهِ ِإّنهُ َغفُو ٌر َشكُورٌ ‪.‬‬
‫و عن عثمان بن عفان عن ال نب قال‪« :‬خي كم من تعلم القرآن‬
‫وعلمه»‪ .‬رواه البخاري‪ ،‬ومسلم‪.‬‬
‫‪ – 2‬ما جاء ف فضل حل القرآن‪:‬‬
‫وعكن عائشكة رضكي ال عنهكا قالت‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬الذي يقرأ‬
‫القرآن و هو ماهرٌ به مع ال سفرة الكرام البرة‪ ،‬والذي يقرأ القرآن و هو‬
‫يتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران» رواه البخاري‪.‬‬
‫وعكن أبك أمامكة الباهلي قال‪ :‬سكعت رسكول ال يقول‪« :‬إقرءوا‬
‫القرآن فإنه يأت يوم القيامة شفيعا لصحابه» رواه مسلم‪.‬‬
‫و عن أ ب هريرة قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬تعلموا القرآن فاقرءوه‪،‬‬
‫فإن مثل القرآن لن تعلمه فقرأه وقام به‪ ،‬كمثل جراب مشو مِسكا تفوح‬
‫ري ه ف كل مكان‪ ،‬وم ثل من تعل مه فر قد و هو ف جو فه كم ثل جراب‬
‫أوكي على مسك» رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه‪.‬‬
‫وعكن أبك موسكى الشعري قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬مثهل الؤمهن‬
‫الذي يقرأ القرآن م ثل الترُ جة ري ها ط يب وطعم ها ط يب‪ ،‬وم ثل الؤ من‬
‫الذي ل يقرأ القرآن مثهل التمرة ل ريهح لاه وطعمهها طيهب حلو‪ ،‬ومثهل‬
‫النافق الذي يقرأ القرآن مثل الريانة ريها طيب وطعمها مر‪ ،‬ومثل النافق‬
‫الذي ل يقرأ القرآن كمثهل النظلة ليهس لاه ريهح وطعمهها مهر»‪ .‬رواه‬
‫البخاري ومسلم‪.‬‬
‫و عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما عن ال نب قال‪ « :‬ل ح سد إل ف‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫اثنتي‪ :‬رجل آتاه ال القرآن‪ ،‬فهو به آناء الل يل وآناء النهار‪ ،‬ورجل تعلم‬
‫علما فهو يعلم الناس منه»‪ .‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫وعكن ابكن عباس رضكي ال عنهمكا قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬إن الذي‬
‫ليهس فه جوفهه شيهء مهن القرآن كالبيهت الرب» رواه الترمذي وقال‪:‬‬
‫حديثٌ حسن‪.‬‬
‫وعن أب هريرة أن رسول ال قال‪ « :‬ما اجتمع قو مٌ ف بي تٍ من‬
‫بيوت ال يتلون كتاب ال ويتدارسهونه فيمها بينههم إل نزلت عليههم‬
‫ال سكينة‪ ،‬وغشيت هم الرح ة‪ ،‬وحفت هم اللئ كة‪ ،‬وذكر هم ال في من عنده»‬
‫أخرجه البخاري ف صحيحه عن أُسيد بن حضي قال‪ :‬بينما هو يقرأ سورة‬
‫البقرة وفرسكه مربوطكة عنده إذ جالت الفرس فسككت فسككنت فقرأ فجالت‬
‫الفرس‪ ،‬فسكت وسكنت الفرس ث قرأ فجالت الفرس فانصرف‪.‬‬
‫وكان ابنه يي قريبا منها فأشفق أن تصيبه‪ ،‬فلما أخذه رفع رأسه إل‬
‫السماء حت يراها فلما أصبح حدث النب فقال له‪ :‬اقرأ يا ابن حضي اقرأ‬
‫يا ا بن حض ي قال‪ :‬فأشف قت يا ر سول ال أن ت طأ ي ي وكان من ها قريبا‬
‫فرف عت رأ سي فان صرفت إل يه فرف عت رأ سي إل ال سماء فإذا م ثل الظلة في ها‬
‫أمثال ال صابيح فخر جت ح ت ل أرا ها قال‪« :‬أوتدرون ما ذاك؟ قلت‪ :‬ل‪،‬‬
‫قال‪ :‬تلك اللئكة دنت لصوتك ولو قرأت لصبحت ينظر الناس إليها ل‬
‫تتوارى»‪.‬‬
‫فالعا قل من يُك ثر من تلو ته وا ستذكاره للهتداء بد يه وال سترشاد‬
‫بواع ظه والعتبار بق صصه واللتقاط من درره وحكم خه وال ستضاءة بنوره‬
‫كيف ل وهو أساس الفصاحة وينبوع البلغة والباعة فتجد الطيب الِصقع‬

‫‪165‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫والشا عر البل يغ يقتب سان من آيا ته وي ستمدان من عذو بة ألفا ظه ومعان يه ما‬
‫يُزينان به كلمهما ويُحسنان به مقامهما‪.‬‬
‫وهو أساس الشريعة السلمية ومنه تُستمد الحكام الشرعية والسائل‬
‫الفقه ية وال ق أ نه عماد نا ف أ مر دين نا ودنيا نا وفق نا ال وج يع ال سلمي‬
‫للتمسك بأهدابه والسارعة إل امتثال أمره واجتناب نيه والوقوف عند حده‬
‫والتفكر ف أمثاله ومعجزه والتبصر ف نور حكمه واغفر لنا ولوالدينا ولميع‬
‫ال سلمي برحتك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ وعلى آله و صحبه‬
‫أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫وعن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما أن رسول ال قال‪« :‬إذا قرأ‬
‫ابن آدم السجدة فسجد‪ ،‬اعتزل الشيطان يبكي‪ ،‬ويقول‪ :‬يا ويله!»‪.‬‬
‫وفك روايكة‪« :‬يها ويلي! أُمهر ابهن آدم بالسهجود فسهجد فله النهة‪،‬‬
‫وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار» رواه مسلم وأبو داود‪.‬‬
‫وعكن النواس بكن سكعان قال‪ :‬سكعت رسكول ال يقول‪« :‬يؤتهى‬
‫بالقرآن يوم القيا مة وأهله الذ ين كانوا يعملون به ف الدن يا تقد مه سورة‬
‫البقرة وآل عمران» وضرب ل ما ر سول ال ثل ثة أمثال ما ن سيتهن ب عد‬
‫قال‪« :‬كأنما غمامتان أو ظُلتان سودوان بينهم شرق‪ ،‬أو كأنما فُرقان من‬
‫طي صواف يُحاجان عن صاحبهما» رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن عبد ال بن مسعود قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬من قرأ حرفا من‬
‫كتاب ال تعال‪ ،‬فله بهه حسهنة والسهنة بعشهر أمثالاه ل أقول‪ :‬أل حرف‬
‫ولكهن ألف حرف ولم حرف وميهم حرف» رواه أبكو عيسكى ممكد بكن‬
‫عيسى الترمذي‪.‬‬
‫وعن أ ب ذر قال‪ :‬قلت يا ر سول ال‪ ،‬أو صن‪ ،‬قال‪« :‬عل يك بتقوى‬
‫ال فإ نه رأس المهر كله» قلت‪ :‬يا ر سول ال زد ن‪ ،‬قال‪« :‬عل يك بتلوة‬
‫القرآن فإنه نو ٌر لك ف الرض وذُخ ٌر لك ف السماء» رواه ابن حبان‪.‬‬
‫وعن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما أن رسول ال قال‪ « :‬من قرأ‬
‫القرآن فقهد اسهتدرج النبوة ب ي جنهبيه غ ي أنهه ل يوحهى إليهه‪ ،‬ل ينبغهي‬
‫لصاحب القرآن أن يد مع من وجد‪ ،‬ول يهل مع من جهل وف جوفه‬
‫كلم ال» رواه الاكم‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وروي عكن علي بكن أبك طالب قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬مهن قرأ‬
‫القرآن فا ستظهره‪ ،‬فأ حل حلله وحرم حرا مه أدخله ال ال نة وشف عه ف‬
‫عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت لم النار» رواه ابن ماجه والترمذي‪.‬‬
‫وعن أب ذر قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬يا أبا ذر لن تغدو فتتعلم آية‬
‫من كتاب ال خيٌ لك من أن تُصلي مائة ركعة‪ ،‬ولن تغدو فتتعلم بابا من‬
‫العلم عمل به أو ل يُعمل به خي من أن تُصلي ألف ركعة» رواه ابن ماجه‪.‬‬
‫اللهم اهدنا إل سواء السبيل‪ ،‬ووفقنا للفقه ف دينك القوي‪ ،‬واجعلنا من‬
‫العامل ي به قولً‪ ،‬وفعلً الداع ي إل يه‪ ،‬واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي‬
‫الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي‪ ،‬وصلى ال على مم ٍد وعلى‬
‫آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫‪ – 3‬ما ورد ف فضل القرآن وتفهمه‪:‬‬
‫يُ ستحب التعوذ ل ن أراد الشروع ف القراءة بأن يقول‪" :‬أعوذ بال من‬
‫ِنه‬
‫ّهه م َ‬
‫َاسهَت ِعذْ بِالل ِ‬
‫َنه ف ْ‬
‫ْته اْل ُقرْآ َ‬
‫الشيطان الرجيكم" لقوله تعال‪َ :‬فإِذَا َقرَأ َ‬
‫الشّيْطَانِ ال ّرجِيمِ ‪.‬‬
‫وكان جاعة من السلف يقولون‪ :‬أعوذ بال السميع العليم من الشيطان‬
‫تركك على أن ل يعود قريبا إليهكا أعاد التعوذ‬
‫الرجيكم‪ ،‬فإن قطكع القراءة قطكع ٍ‬
‫الول وإن تركه قبل القراءة فيتوجب أن يأت با ث يقرأ لن وقتها قبل القراءة‬
‫للستحباب فل يقسط تركها إذا ولن العن يقتضي ذلك‪.‬‬
‫فإذا شرع ف القراءة فلي كن شأ نه التدبر وليحذر أن يكون م ثل ب عض‬
‫المج يقرأ القرآن وعيونه تول فيما حوله من الخلوقات يتلعب بالقرآن ول‬
‫ِهه ‪ ،‬وقال‬‫َكه لَِيدّّبرُوا َآيَات ِ‬
‫ْكه مُبَار ٌ‬
‫َاهه ِإلَي َ‬
‫َابه َأْنزَلْن ُ‬
‫يهتكم له‪ ،‬قال تعال‪ :‬كِت ٌ‬
‫تعال ف معرض النكار‪َ :‬أفَل يََت َدبّرُو َن الْ ُقرْآَ َن أَمْ عَلَى قُلُوبٍ َأ ْقفَاُلهَا ‪.‬‬
‫‪ – 4‬ما ورد ف استحباب ترتيل القرآن الكري‪:‬‬
‫ويُستحب لقاريء القرآن أن يُرتل قراءته لقوله تعال‪ :‬وَ َرتّ ِل الْ ُقرْآَ نَ‬
‫َت ْرتِيل ‪.‬‬
‫وثبت عن أم سلمة رضي ال عنها أنا تنعت قراءة مفسرة حرفا حرفا‪.‬‬
‫رواه أبو داود‪ ،‬والنسائي‪ ،‬والترمذي‪.‬‬
‫وعن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬يقال‬
‫لصاحب القرآن اقرأ ورتل كما كنت تُرتل ف الدنيا فإن منلك عند آخر‬

‫‪169‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫آية تقرؤها»‪ .‬رواه أحد‪ ،‬والترمذي وأبو داود والنسائي‪.‬‬
‫وعن قتادة قال‪ :‬سُئل أنس‪ ،‬كيف كانت قراءة النب ؟ فقال‪ :‬كانت‬
‫مدا مدا‪ ،‬ث قرأ بِ سْ ِم اللّ هِ ال ّرحْمَ ِن ال ّرحِي مِ يد بك بِ سْ ِم اللّ هِ ويد‬
‫بك ال ّرحْ َمنِ ويد بك ال ّرحِيمِ رواه البخاري‪.‬‬
‫وعن معاوية بن قرة عن ع بد ال بن مغ فل‪ ،‬قال‪ :‬رأيت ر سول ال‬
‫يقرأ سورة الفتح يُرجع ف قراءته‪ ،‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫وقد روى أبو ذر عن النب أنه قام ليلة بآية يُرددها‪ِ :‬إ ْن ُت َع ّذْب ُه ْم َفِإّن ُه ْم‬
‫ت وقال‬ ‫سّيئَا ِ‬ ‫ب اّلذِي َن ا ْجَت َرحُوا ال ّ‬
‫س َ‬
‫ِعبَا ُد َك وقام تيم الداري بآية‪َ :‬أ ْم َح ِ‬
‫أبو سليمان إن لقيم ف الية أربع ليال أو خس وقال ابن مسعود من ختم‬
‫القرآن نارا غفر له ذلك اليوم ومن ختمه ليلً غفر له تلك الليلة‪ ،‬وعن طلحة‬
‫بن مُصرف قال‪ :‬من ختم القرآن ف أي ساعة من النهار كانت صلت عليه‬
‫اللئ كة ح ت يُم سي أو أي ساعة من ل يل كا نت صلت عل يه اللئ كة ح ت‬
‫يُصبح‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(موعظههة)‬
‫قال ا بن الق يم ‪ -‬رح ه ال ‪ :-‬عشرة أشياء ضائ عة ل ينت فع ب ا‪ ،‬علم ل‬
‫يُعمل به وعمل ل إخلص فيه ول اقتداء فيه بكتاب ال وسنة رسوله فإنه‬
‫ل يوفق لما إذا ل يُخلص العمل ومال ل ينفق منه فل يستمتع به جامع هُ ف‬
‫الدنيكا ول يُقدمكه أمامكه لخرتكه وقلب فارغ مكن مبكة ال والشوق إل لقائه‬
‫والنس به وبدن مُعطل من طاعة ال وخدمته ومبةٍ ل تتقيد برضا الحبوب‬
‫وامتثال أوامره‪.‬‬
‫ووق تٌ مُعطلٌ من استدراك فارط واغتنام بر وقربة‪ ،‬وفكر يول فيما ل‬
‫ينفكع وخدمكة مكن ل تُقربكك خدمتكه إل ال ول تعود عليكك بصكلح دنياك‬
‫وخو فك ورجاؤك م ن نا صيته ب يد ال و هو أ سي ف قبض ته ول يلك لنف سه‬
‫نفعا ول ضررا ول موتا ول حيا ًة ول نشورا‪.‬‬
‫وأع ظم هذه الضاعات إضا عة القلب وإضا عة الو قت فإضا عة القلب‬
‫عن ال من إيثار الدن يا على الخرة وإضا عة الو قت من طول ال مل فاجت مع‬
‫الفسكاد كله فك اتباع الوى وطول المكل والصكلح كله فك اتباع الدى‬
‫والستعداد للقاء ال‪.‬‬
‫إل أن قال ول على عبده أمر أمره به وقضاء يقضيه عليه ونعم ينعم با‬
‫عل يه فل ين فك من هذه الثل ثة والقضاء نوعان إ ما م صائب وإ ما معائب وله‬
‫عليكه عبوديكة فك هذه الراتكب كلهكا ووفاهكا حقهكا فهذا أقرب اللق إليكه‬
‫وأبعد هم م نه من ج هل عبودي ته فعطل ها علما وعملً‪ .‬وال أعلم و صلى ال‬
‫على مم ٍد وآله وسلم‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫‪ – 5‬ما ورد ف عظم فضل بعض السور‪:‬‬
‫و عن أ ب الدرداء قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬أيع جز أحدكم أن يقرأ‬
‫ف ليله ثلث القرآن؟ قالوا‪ :‬وك يف يقرأ ثلث القرآن؟ قال‪ُ :‬قلْ ُهوَ اللّ هُ‬
‫َأ َحدٌ تعدل ثلث القرآن» رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن عبد ال بن عمر أن رسول ال قال‪« :‬ل يفقه من قرأ القرآن‬
‫ف أقل من ثلث» رواه الترمذي وأبو داود والدارمي‪.‬‬
‫وعكن عبكد ال بكن عمكر رضكي ال عنهمكا قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬أل‬
‫ي ستطيع أحد كم أن يقرأ ألف آ ية ف كل يوم؟» قالوا‪ :‬و من ي ستطيع أن يقرأ‬
‫ألف آية ف كل يوم؟ قال‪« :‬أما يستطيع أحدكم أن يقرأ َأْلهَا ُك ُم الّتكَاُث ُر »‬
‫رواه البيهقي‪.‬‬
‫وقالت عائ شة ر ضي ال عن ها‪« :‬ول أعلم نب ال قرأ القرآن ف ليلة‬
‫…» الديث رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن ابن مسعود أنه قال‪« :‬ل تنثروه نثر الرمل ول تذوه هذو الشعر‬
‫قفوا ع ند عجائ به وحركوا به القلوب ول ي كن هم أحد كم آ خر ال سورة»‬
‫رواه البغوي‪.‬‬
‫وعن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪« :‬لن أقرأ سورة أرتلها أحب إل‬
‫من أن القرآن كله» و قد نُ هي عن الفراط ف ال سراع ويُ سمى "الذر مة"‪،‬‬
‫فث بت عن ا بن م سعود أن رجلً قال له‪" :‬اقرأ الف صل ف رك عة واحدة‪،‬‬
‫فقال ا بن م سعود‪ :‬كهذا الش عر‪ ،‬إن قو ما يقرءون القرآن ل يُجاوز تراقي هم‪،‬‬
‫ولكن إذا وقع ف القلب فرسخ نفع"‪ .‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫قال ا بن الق يم ‪ -‬رح ه ال ‪ :-‬إذا أردت النتفاع بالقرآن فاج ع قل بك‬
‫عند تلوته وساعه وألق سعك واحضر حضور من يُخاطبه به من يتكلم به‬
‫منه إليه‪ ،‬فإنه خطاب منه لك على ل سان رسوله قال تعال‪ :‬إِنّ فِي َذلِ كَ‬
‫ب َأوْ َأْلقَى ال سّمْ َع َوهُ َو شَهِيدٌ وذلك أن تام التأثي‬
‫َلذِ ْكرَى لِمَ نْ كَا َن لَ هُ قَلْ ٌ‬
‫لا كان موقوفا على مؤثر مُقتضى ومل قابل وشرط لصول الثر انتفاء الانع‬
‫الذي ينع منه‪ :‬تضمنت الية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه على الراد‪.‬‬
‫وقال شيكخ السكلم‪ :‬وماك ينبغكي أن يُعلم أن أفضكل القراءة والذككر‬
‫والدعاء والصكلة وغيك ذلك يتلف باختلف حال الرجكل فالقراءة بتدبر‬
‫أفضل من القراءة بل تدبر والصلة بشوع وحضور قلب أفضل من ال صلة‬
‫بدون ذلك‪.‬‬
‫‪ – 6‬استحباب تسي الصوت ف التلوة‪:‬‬
‫يُ ستحب لقارئ القرآن أن يُح سن صوته بالقراءة‪ ،‬لن ت سي ال صوت‬
‫بالقراءة مُعيك على حضور القلب وخشوعكه وباعكث على حُسكن السكتماع‬
‫والصغاء إل القرآن‪.‬‬
‫وعكن أبك هريرة قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬ليهس منها مهن ل يتغهن‬
‫بالقرآن» رواه البخاري‪ .‬وع نه قال‪ :‬قال ر سول ال ‪ « :‬ما أذن ال لش يء‬
‫ب حسن الصوت يتغن بالقرآن ويهر به» متفق عليه‪.‬‬ ‫كما أذن لن ٍ‬
‫قال جهور العلماء‪ :‬معن (ل يتغن)‪ ،‬أي ل يُحسن صوته وعن الباء بن‬
‫عازب أن ال نب قال‪« :‬زينوا القرآن بأ صواتكم» رواه أح د وأ بو داود‬
‫وابن ماجه والدارمي‪.‬‬
‫هنوا القرآن‬
‫كول ال يقول‪« :‬حسه‬
‫كعت رسك‬
‫كه أيضا قال‪ :‬سك‬
‫وعنك‬

‫‪173‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫بأصواتكم‪ ،‬فإن الصوت السن يزيد القرآن حُسنا» رواه الدارمي‪.‬‬
‫وروى م سلم ف صحيحه عن أ ب مو سى الشعري قال ر سول ال‬
‫لب موسى‪« :‬لو رأيتن وأنا أستمع لقراءتك البارحة‪ ،‬لقد أوتيت مزمارا‬
‫من مزامي آل دواد»‪ ،‬قال العلماء الراد بالزمار هنا الصوت السن‪.‬‬
‫الل هم قا بل سيئاتنا بإح سانك‪ ،‬وا ستر خطيئت نا بغفرا نك وأذ هب ظل مة‬
‫ظلمنكا بنور رضوانكك‪ ،‬واقهكر عدونكا بعكز سكلطانك‪ ،‬فمكا تعودنكا منكك إل‬
‫الميل‪ ،‬واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء منهم واليتي‪ ،‬برحتك‬
‫يا أرحم الراحي‪ ،‬وصلى ال على ممدٍ وآله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫‪ – 7‬ينبغي الشوع والشية والبكاء عند تلوة كتاب ال تعال‪:‬‬
‫ويُسكتحب البكاء عنكد تلوة القرآن‪ ،‬وهكو صكفة العارفيكوشعار عباد ال‬
‫ال صالي‪ ،‬قال ال تعال ف و صف الاشع ي من عباده ع ند تلوة كتا به‪ :‬إِنّ‬
‫جدًا *‬
‫سه ّ‬‫َانه ُ‬‫ّونه لِل ْذق ِ‬‫خر َ‬ ‫ِمه يَ ِ‬
‫ِهه ِإذَا يُتْلَى عَلَ ْيه ْ‬
‫ِنه قَبْل ِ‬
‫ْمه م ْ‬ ‫ِينه أُوتُوا اْلعِل َ‬
‫اّلذ َ‬
‫خرّو َن لِل ْذقَا ِن يَبْكُونَ‬‫َوَيقُولُونَ سُبْحَانَ َربّنَا إِنْ كَا َن وَ ْعدُ َربّنَا لَ َم ْفعُول * َويَ ِ‬
‫َوَيزِي ُدهُ ْم ُخشُوعًا [سورة السراء]‪.‬‬
‫ولا ذكر تعال النبياء الكرمي وخواص الرسلي‪ ،‬وذكر فضائلهم ومراتبهم‬
‫جدًا َوُب ِكيّا ‪ ،‬وقال ال‬ ‫أخب أنم كانوا إذا تتلى عليهم آيات الرحن‪َ :‬خرّوا ُس ّ‬
‫ش ِعرّ مِنْ هُ جُلُودُ‬
‫حدِي ثِ كِتَابًا مَُتشَابِهًا مَثَانِ يَ تَ ْق َ‬‫س َن الْ َ‬
‫تعال‪ :‬اللّ هُ َن ّزلَ َأحْ َ‬
‫شوْنَ َرّبهُ ْم ُثمّ تَلِيُ جُلُو ُدهُ ْم َوقُلُوُبهُ ْم ِإلَى ذِ ْكرِ ال ّلهِ ‪.‬‬
‫خَ‬ ‫اّلذِي َن يَ ْ‬
‫وقد وردت فيه أحاديث كثية‪ ،‬وآثار للسلف‪ ،‬فمن ذلك ما ورد عن‬
‫ال نب أ نه قال‪« :‬اقرأوا القرآن وابكوا‪ ،‬فإن ل تبكوا فتباكوا»‪ ،‬و عن ع بد‬
‫ال بن م سعود قال‪ :‬قال ل ر سول ال ‪« :‬اقرأ عليّ» قلت‪ :‬أأقرأ عل يك‬
‫وعل يك أُنزل؟! قال‪« :‬فإ ن أ حب أن أ سعه من غيي» فقرأت من سورة‬
‫شهِيدٍ َوجِئْنَا‬
‫ف ِإذَا جِئْنَا مِنْ ُك ّل ُأ ّمةٍ ِب َ‬
‫النساء حت أتيت إل هذه الية‪ :‬فَكَيْ َ‬
‫ه عَلَى َهؤُل ِء َشهِيدًا قال‪« :‬حسهبك الن»‪ ،‬فالتفكت إليكه فإذا عيناه‬ ‫بِك َ‬
‫تذرفان‪ .‬متف ٌق عليه‪.‬‬
‫وعن مُطرف بن عبد ال بن الشخي عن أبيه قال‪ :‬رأيت رسول ال‬
‫يُصلي وف صدره أزيز كأزيز الرجل من البكاء‪ ،‬أخرجه المسة إل ابن ماجه‬
‫وصححه ابن حبان‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ول ا اش تد بر سول ال وج عه ق يل له ال صلة‪ ،‬فقال‪« :‬مُروا أ با ب كر‬
‫فليُ صل بالناس»‪ ،‬قالت عائ شة إن أ با ب كر رجلٌ رق يق إذا قرأ غل به البكاء‪،‬‬
‫قال‪« :‬مروه فليصل» رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن عمر أنه صلى بالماعة الصبح‪ ،‬فقرأ سورة يوسف فبكى حت‬
‫سالت دموعه‪ ،‬وف رواية‪ :‬أنه كان ف صلة العشاء‪ ،‬وف رواية‪ :‬أنه بكى حت‬
‫سعوا بُكاءه من وراء الصفوف‪.‬‬
‫وقرأ ع مر بن ع بد العز يز بالناس ذات ليلة وَاللّ ْيلِ ِإذَا َيغْشَى فل ما‬
‫بلغ َفَأنْذَ ْرُتكُ مْ نَارًا تَلَظّ ى فلم ي ستطع أن يُنفذ ها فر جع ح ت إذا بلغ ها‬
‫خنقته العبة فلم يستطع أن ينفذها فقرأ سورة غيها‪.‬‬
‫وينب غي أن يكون ذلك حال العلماء ف قد أخرج ا بن جر ير وا بن النذر‬
‫وغيها عن عبد العلى التيمي‪ ،‬أنه قال‪ :‬إن من أوتّ من العلم ما ل يُبكيه‬
‫لليق أن قد أوت من العلم ما ل ينفعه‪ ،‬لن ال تعال نعت أهل العلم فقال‪:‬‬
‫خرّو َن لِل ْذقَانِ يَ ْبكُونَ وقال ‪« :‬ل يلج النار من بكى من خشية ال‬
‫وَيَ ِ‬
‫حته يعود اللبه فه الضرع» الديكث رواه الترمذي وقال ‪« :‬عينان ل‬
‫تسهما النار عي بكت من خشية ال وعي باتت ترس ف سبيل ال» رواه‬
‫الترمذي‪.‬‬
‫ويُستحب إذا مر بآية رحة أن يسأل ال من فضله‪ ،‬وإذا مر بآية عذاب‬
‫أن يستعيذ بال من الشر أو من العذاب‪ ،‬أو يقول‪" :‬اللهم إن أسألك العافية"‬
‫أو يقول‪" :‬أسألك العافاة من كل مكروه" أو نو ذلك‪.‬‬
‫وإذا مكر بآيكة تنيكه نزه ال تعال فقال‪" :‬سكبحانه وتعال" أو "تبارك‬
‫وتعال" أو "جلت عظ مة رب نا"‪ ،‬ف قد صح عن حذيفة بن اليمان أنه قال‪:‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫صليت مع ال نب ذات ليلة فافتتح البقرة‪ ،‬فقلت يركع عند الائة ث مضى‪،‬‬
‫فقلت يُصلي با ف ركعة فمضى‪ ،‬ث افتتح آل عمران فقرأها ث افتتح النساء‬
‫فقرأها‪ ،‬يقرأ مُترسلً إذا مر فيها بتسبيح سبح‪ ،‬وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر‬
‫بتعوذ تعوذ ث ركع‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫موعظههة‬
‫عباد ال إن من تعظ يم رب نا جل وعل تعظ يم كت به ور سله وذلك من‬
‫أ صول اليان ف من ا ستخف بكتاب ال أو آ ية م نه أو ا ستخف بر سله خ سر‬
‫كل السران‪ ،‬عباد ال أين الغية الدينية كل يوم ند الكتب الت تتوي على‬
‫التوحيكد وعلى اليات مكن كتاب ال وعلى الحاديكث الشريفكة مُلقاة مكع‬
‫القمام و ف ال فر القذرة تُداس بالنعال وتلوث بالقذار تلوث تلويثا ت ستغيث‬
‫منه العواطف اليانية أليس هذا من النكرات لاذا ل تُصان وتُرفع أو تُقب ف‬
‫ملٍ طاهر‪.‬‬
‫قولوا ل ن يُلقي ها ول ن يقدر على منع هم من إلقائ ها اتقوا ال هذه حالة‬
‫وال تؤل النفوس وتشمت بنا العداء قولوا لم كيف تسمح نفوسكم تلقونا‬
‫هذا اللقاء الق ي وكذلك ك تب ف قه وإن ل ي كن في ها آيات ول أحاد يث‬
‫ينبغي احترامها ورفعها‪.‬‬
‫وكذلك ينب غي الت نبيه على ب عض الك تب ال ت ج ع والعياذ بال ب ا مع‬
‫اليات القرآنية والحاديث النبوية صور ذوات الرواح وقد تكون فوق الية‬
‫خ صوصا إذا أط بق الكتاب وهذا وال ا ستهانة عظي مة وا ستخفاف باليات‬
‫والحاديث والكتب الدينية ل يوز السكوت على هذه الالة الزرية‪.‬‬
‫وما ينبغي التنبيه عليه هو عدم وضع اليات والحاديث ف الرائد بل‬
‫يُشار إل ملتا وأرقامها لن الرائد صارت قسم كبي من قمامة الحلت‬
‫وفي ها صور ذوات الرواح‪ ،‬وهذه حالة مي فة إن دا مت مع ما انت شر من‬
‫النكرات والعاصي الت ملت الب والبحر يُخشى أن تُحيط بم عقوبتها‪.‬‬
‫ن سأل ال أن يُنجي نا من عقوبت ها وأن يو قظ ولت نا ويُنبه هم لزالت ها‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وتطه ي الرض من ها إ نه القادر على ذلك ول أرى مل صا للن سان الذي قد‬
‫ابتلي بشراء الريدة حالة الكذب قتالة الوقت إل أنه يُحرقها من حي يلص‬
‫من قراءتا ليسلم من باقي شرورها وأوزارها‪.‬‬
‫و سوف ينا قش عن ها يوم القيا مة عن الو قت الذي ضي عه في ها والال‬
‫الذي أنف قه في ها و ما ح صل ب سببه على اليات والحاد يث ال ت في ها من‬
‫الستهانة والمتهان وإخراج اللئكة عن الحل الت وضعها فيه إذا كان فيها‬
‫صور ذوات الرواح حيث أن اللئكة ل تدخل بيتا فيه صورة‪.‬‬
‫قال بعضهم‪ :‬شعرا‪:‬‬
‫عِنْدَ الْمَذايِيْع وَالتّلْفَازِ‬ ‫َألَ اِرْعِوَاءَ لِمَنْ كَانَتْ‬
‫ِإذَا تَصرّمَ وَقْتٌ مِنْهُ لَمْ‬ ‫مُضَيّعا فِيهَا عُمُرا مَا لَهُ‬
‫هَيْهَاتَ أنْ يَرْجِعَ الْمَاضِي‬ ‫أَيَحْسِبُ الْعُمْرَ مَرْدُودا‬
‫يُنَالُ بَعْدَ ذَهَابِ الْعُمْرِ‬ ‫أَمْ يَحْسَبُ العُمْرَ مَا وَلّتْ‬
‫مَا دُمْتَ حَيّا فإنّ الَوتَ فِي‬ ‫فَبَادِر الْعُمْرَ قَبْلَ الفَوْتِ‬
‫فِي كَسْبِ مَا تُحْمَدَنْ عُقْبَاهُ‬ ‫وَاحرِصْ وَبَادِرْ ِإذَا مَا أمكُنْت‬
‫ح لِذِي‬ ‫أَوْ فَعَل بِرّ وإصلَ ٍ‬ ‫مِنْ نَفَعِ ذِي فَاقَهٍ أَوْ غَوثِ‬
‫وَال ّدهْر ذُو غي فَاجْهَدْ ِبهِ‬ ‫فَالْعُمْرُ مُنْصَرِمٌ وَالوَقتُ‬
‫ع لِلْعِلْمِ وَالدَبِ‬ ‫مُخَادِع مُد ٍ‬ ‫فَاعْمَل بِقَوْلِي وَ َل تَجْنَح ِإلَى‬
‫حَوَاهُ مَعَ نَصَبٍ مَنْ سُوءِ ُ‬ ‫يَرَى السّعادَةَ فِي كَسْبِ‬
‫وَلَ تُصِخْ نَحْوَ فَدمٍ غَيْرِ ذِي‬ ‫فَالرّأيُ مَا قُلْتُهُ فاعْمَل بِهِ‬
‫ح بَيّ ٍن مِن أَعْجَب‬ ‫عَنْ وَاض ٍ‬ ‫فَغَفْلَةُ الْمَرءْ مَعَ عِلْمٍ‬
‫وال أعلم وصلى ال على ممد وعلى آله وسلم‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫‪ – 8‬مها ورد فه تعاههد القرآن الكريه‪ ،‬والترهيهب مهن نسهيانه‪،‬‬
‫والعراض عنه‪:‬‬
‫ويُسكن ختمكه فك ككل أسكبوع لقوله لعبكد ال بكن عمرو رضكي ال‬
‫عنهما‪« :‬واقرأ ف كل سبع ليال‪ ،‬ول تزد على ذلك» متفق عليه‪.‬‬
‫قال عبد ال بن أحد بن حنبل – رحهما ال – كان أب يتم القرآن‬
‫ف النهار ف كل أ سبوع‪ ،‬يقرأ كل يوم سُبعا ل يكاد يتر كه نظرا لقوله‬
‫لعبد ال بن عمرو رضي ال عنهما‪« :‬واقرأ ف كل سَبع»‪ ،‬وإن قرأ ف ثل ثٍ‬
‫فحسن‪ ،‬لا ورد عن عبد ال بن عمرو رضي ال عنهما قلت يا رسول ال‪،‬‬
‫إن ل قوة‪ ،‬قال‪« :‬اقرأ فه ك ّل ثلث» رواه أبكو داود‪ ،‬ول بأس فيمكا دوناك‬
‫أحيانا‪ ،‬وف الوقات الفاضلة كرمضان‪ ،‬خصوصا الليال الت تُطلب فيها ليلة‬
‫القدر‪.‬‬
‫وينبغي لقارئ القرآن أن يتعهده بالفظ والداومة على تلوته‪ ،‬وليحذر‬
‫كل الذر من هجرانه وترك التعهد له‪ ،‬فيتعرض بذلك لنسيانه وترك العمل به‬
‫الذي هو من أعظم الذنوب‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحه ال‪ :‬هجر القرآن أنواع‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬هجر ساعه‪ ،‬واليان به‪ ،‬والصغاء إليه‪.‬‬
‫والثان‪ :‬هجر العمل به والوقوف عند حلله وحرامه‪ ،‬وإن قرأه وآمن به‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬هجر تكيمه والتحاكم إليه ف أصول الدين وفروعه واعتقاد‬
‫أنه ل يفيد اليقي وأن أدلته لفظية ل تُحصل العلم‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫والرابكع‪ :‬هجكر السكتشفاء والتداوي بكه فك جيكع أمراض القلوب‬
‫وأدوائها‪ ،‬فيطلب شفاء دائه من غيه ويهجر التداوي به‪.‬‬
‫والامس‪ :‬هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد التكلم منه‪.‬‬
‫وككل هذا داخكل فك قوله تعال‪ :‬وَقَالَ الرّسهُولُ يَا رَبّ إِنّ قَوْمِي‬
‫خذُوا َهذَا اْلقُرْ َآنَ مَ ْهجُورًا ‪.‬‬
‫اتّ َ‬
‫ل مستقيما‬‫وروى المام أحد من حديث سرة‪ :‬أن النب رأى رج ً‬
‫على قفاه‪ ،‬ورجلً قائما بيده ف هر أو صخرة فيشدخ ب ا رأ سه‪ :‬فيتدهده‪ ،‬فإذا‬
‫ذهب ليأخذه عاد رأسه كما كان فيصنع به مثل ذلك‪ ،‬فسأل عنه‪ ،‬فقيل له‪:‬‬
‫رجل أتاه ال القرآن فنام عنه بالليل ول يعمل به بالنهار‪ ،‬فهو يفعل به ذلك‬
‫إل يوم القيامة‪.‬‬
‫و ف حد يث عمرو بن شع يب مرفوعا‪« :‬ي ثل القرآن يوم القيا مة رجلً‬
‫فيؤتكى بالرجكل قكد حله فخالف أمره فيتمثكل له حدودي‪ ،‬فيقول‪ :‬يكا رب‪،‬‬
‫حل ته إياي فبئس حا مل تعدى حدودي‪ ،‬وض يع فرائ ضي‪ ،‬ور كب مع صيت‬
‫وترك طاعت‪ ،‬فما يزال يُقذف عليه بالجج حت يُقال شأنك به فيأخذ بيده‬
‫فما يُرسله حت يُكبه على منخره ف النار»‪ .‬الديث‪.‬‬
‫و عن سعد بن عبادة قال‪ :‬قال ر سول ال ‪ « :‬ما من امريءٍ يقرأ‬
‫القرآن ث ينساه إل لقي ال يوم القيامة أجذم» رواه أبو داود‪.‬‬
‫وعكن أبك موسكى الشعري عكن النكب أنكه قال‪« :‬تعاهدوا هذا‬
‫القرآن – فوالذي نفسي بيده – لو أشد تفلتا من البل من ُعقُلها» رواه‬
‫البخاري ومسلم‪.‬‬
‫قال‪« :‬إنا مثل صاحب‬ ‫وعن ابن عمر رضي ال عنهما أن رسول ال‬

‫‪181‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫القرآن كمثل البل الُعلقة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت»‪،‬‬
‫متفق عليه‪.‬‬
‫قال ابن عباس رضي ال عنهما تكفل ال لن قرأ القرآن وعمل با فيه‬
‫أن ل يضل ف الدنيا ول يشقى ف الخرة‪ ،‬ث قرأ قوله تعال‪َ :‬فِإمّا َي ْأتِيَنّكُ مْ‬
‫مِنّي ُهدًى فَ َم ِن اتّبَ عَ ُهدَا يَ فَل يَضِلّ وَل يَشْقَى * َومَ نْ أَعْرَ ضَ عَ نْ ِذكْرِي َفِإنّ‬
‫ش ْرتَنِي أَعْمَى وَ َقدْ‬
‫شةً ضَنْكًا َوَنحْشُرُ هُ يَوْ مَ اْلقِيَا َمةِ أَعْمَى * قَالَ َربّ لِ مَ حَ َ‬
‫لَ هُ مَعِي َ‬
‫كُ ْنتُ بَصِيًا * قَالَ َكذَِلكَ أَتَ ْتكَ َآيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا َوكَ َذِلكَ الْيَ ْومَ تُنْسَى ‪ .‬اهك‪.‬‬
‫وروى أنس أن النب قال‪« :‬عُرضت عليّ أجور أمت حت القذاة‬
‫يُخرجها الرجل من السجد وعرضت عليّ ذنوب أمت فلم أر ذنبا أعظم‬
‫من سورة من القرآن أو آية أوتيها الرجل ث نسيها»‪ ،‬ويا للسف استبدلوا‬
‫البكيث بالطيكب أكبوا على الرائد والجلت والكتكب الليعات بدل تلوة‬
‫كتاب ال فل حول ول قوة إل بال العلي العظيم‪ :‬وهو حسبنا ونعم الوكيل‪.‬‬
‫وفك الديكث الذي رواه الترمذي وغيه عكن علي قال‪ :‬قال رسكول‬
‫ال ‪« :‬إنا ستكون فت قلت‪ :‬فما الخرج منها يا رسول ال؟ قال‪ :‬كتاب‬
‫ال فيه نبأ ما قبلكم وخب ما بعدكم وحكم ما بينكم‪ ،‬هو الفصل ليس‬
‫بالزل من تركه من جبار قصمه ال‪ ،‬ومن ابتغى الدى ف غيه أضله ال‪،‬‬
‫وهو حبل ال التي‪ ،‬وهو الذكر الكيم وهو الصراط الستقيم‪ ،‬وهو الذي‬
‫ل تز يغ به الهواء‪ ،‬ول تلت بس به الل سن‪ ،‬ول تنق ضي عجائ به ول تش بع‬
‫منه العلماء من قال به صدق‪ ،‬ومن عمل به أُجر‪ ،‬ومن حكم به عدل ومن‬
‫دعى إليه هُدي إل صراطٍ مستقيم»‪.‬‬
‫إذا فهمت ذلك فاعلم أن القرآن قد بي فيه كل ما يتاج إليه العباد من‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫أ صول الد ين وفرو عه وأحكام الدار ين ح ت أن ال تعال يُث ن المور الكبار‬
‫الت يتاج القلب لرورها عليه كل وقت وإعادتا ف كل ساعة بألفاظٍ متلفة‬
‫وأدل ٍة متنوعة لتستقر ف القلوب‪.‬‬
‫قال تعال لرسوله‬
‫‪َ :‬وَأنْ َزلْنَا إِلَيْ كَ ال ّذكْرَ لِتُبَيّ نَ لِلنّا سِ مَا نُزّلَ إِلَيْهِ مْ‬
‫ك الْكِتَا بَ تِبْيَانًا لِكُلّ شَ ْيءٍ ‪ ،‬وقال‬
‫َوَلعَلّهُ مْ يََتفَكّرُو نَ ‪ ،‬وقال‪َ :‬ونَ ّزلْنَا عَلَيْ َ‬
‫هلْنَاهُ َتفْصهِيل ‪ ،‬ففيكه بيان اللل والرام والثواب‬ ‫تعال‪َ :‬وكُلّ شَ ْيءٍ فَص ّ‬
‫ى من الضللة‪ ،‬رحةً لن صدق به وعمل فيه وحكمةً ف الدقيق‬ ‫والعقاب وهد ٍ‬
‫والليل والويل لن رجع إل القواني وتركه فكل حكم سوى حكم ال فهو‬
‫باط ٌل مردود وكل حاكم بغي حكمه وحكم رسوله فهو طاغوت كافر بال‬
‫وما أكثر ‪ -‬ف هذا الزمن ‪ -‬الُحكمي للقواني الوضعية والنظمة الالية‪.‬‬
‫قال ال تعال‪َ :‬ومَ نْ لَ مْ َيحْكُ مْ بِمَا أَنْ َزلَ اللّ هُ َفأُولَئِ كَ هُ ُم الْكَافِرُو نَ ‪،‬‬
‫وهذا عا ٌم شامل فما من قضية إل ول فيها حكم‪ ،‬قال ال تعال‪ :‬مَا فَ ّرطْنَا‬
‫فِي الْكِتَا بِ مِ نْ شَ ْيءٍ ‪ ،‬وقال تعال‪ :‬الْيَوْ مَ أَكْ َملْ تُ لَكُ مْ دِينَكُ مْ َوأَتْمَ ْم تُ‬
‫َعلَيْكُ مْ نِعْمَتِي ‪ ،‬فهذه ال ية الليلة القدر عظي مة الو قع كبية الفائدة ح سنة‬
‫الغزى اختار ها الرب سبحانه وتعال ليخ تم ب ا كتا به الكر ي ووح يه الُع جز‬
‫وأحكام شريعته السمحة ودينه النيف‪.‬‬
‫و من مزا يا هذه ال ية الكري ة ال ت انفردت ب ا ع ما ب قي من ال سور‬
‫واليات أن ال أكمل با الدين بعرفة الحكام الشرعية‪ ،‬من الفرائض والسنن‬
‫والدود والحكام واللل والرام ول ينل بعدهكككا حلل ول حرام ول‬
‫شيكء مكن الفرائض وأتك باك النعمكة على عباده الؤمنيك بدايتهكم لحكامكه‬
‫وتوفيقهم لعرفة أمره ونيه وحلله وحرامه وإنازه سبحانه ما وعدهم به ف‬

‫‪183‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫قوله‪ :‬وَلِتمّ ِنعْمَتِي َعلَيْ ُكمْ ‪.‬‬
‫فكان من تام نعمته أن دخلوا مكة آمني وحجوا مطمئني ل يُخالطهم‬
‫أ حد من الشرك ي وأنه سبحانه اختار لذه ال مة دين ال سلم وملة إبراه يم‬
‫عل يه ال سلم عن الديان كل ها بيانا لشرف هذا الد ين واعتناءً بأ مة م مد‬
‫وحسبنا من ذلك قوله تعال‪ :‬إِ ّن الدّينَ عِ ْندَ ال ّلهِ السْلمُ ‪.‬‬
‫وقوله تعال‪َ :‬ومَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ السْلمِ دِينًا فَ َلنْ ُيقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الخِ َرةِ‬
‫مِنَ اْلخَاسِرِينَ ‪.‬‬
‫وهذا ما دعا كعب الحبار – وذلك قبل أن يُسلم وكان معه نفرٌ من‬
‫اليهود – أن يقول لليفة السلمي عمر بن الطاب ‪ :‬يا أمي الؤمني آية ف‬
‫كتابككم تقرءوناك لو علينكا معشكر اليهود نزلت لتذناهكا عيدا وأقمنكا لاك‬
‫مُحتفلً فك ككل عام نُجدد ذكراهكا ونتدارس فضائلهكا الكثية وذكرياتاك‬
‫العطرة‪.‬‬
‫قائلً‪ :‬أي آيكة هكي؟ قال كعكب‪ :‬الْيَو َ‬
‫ْمه‬ ‫فيبتدر عمكر بكن الطاب‬
‫َأكْمَ ْل تُ لَكُ مْ دِينَكُ مْ َوَأتْمَمْ تُ َعلَيْكُ مْ ِنعْمَتِي َورَضِي تُ لَكُ مُ ال سْلمَ دِينًا ‪،‬‬
‫فيجي به أم ي الؤمن ي ب كل تؤدةٍ و سكينة قائلً قد عرف نا ذلك اليوم والكان‬
‫الذي نزلت ف يه على ال نب و هو قائم بعر فة يوم ج عة‪ ،‬و ف روا ية إ سحاق‬
‫ابن قبيضة نزلت يوم جعة يوم عرفة وكلها بمد ال لنا عيدا‪ .‬اهك‪.‬‬
‫و من الدلة على وجوب الرجوع إل الكتاب وال سنة ع ند التحا كم ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫قال تعال‪َ :‬ونَ ّزلْنَا عَلَ ْيكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِ ُكلّ َش ْيءٍ ‪.‬‬
‫ُمه‬
‫ِنه كُنْت ْ‬
‫ّهه وَالرّسهُولِ إ ْ‬
‫ّوهه إِلَى الل ِ‬
‫ُمه فِي شَ ْيءٍ فَ ُرد ُ‬ ‫وقال‪َ :‬فإ ْ‬
‫ِنه تَنَازَعْت ْ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫تُ ْؤمِنُونَ بِال ّلهِ ‪ ،‬وقوله‪َ :‬وكُلّ شَ ْيءٍ فَصّ ْلنَاهُ َتفْصِيل ‪.‬‬
‫وقال تعال‪ :‬فَل َو َربّ كَ ل يُ ْؤمِنُو نَ حَتّى يُحَكّمُو كَ فِيمَا َشجَرَ بَيْنَهُ مْ ‪.‬‬
‫الية‪.‬‬
‫وقال تعال‪ :‬اّتِبعُوا مَا ُأْن ِز َل ِإَلْي ُك ْم ِم ْن َرّب ُك ْم وَل َتّتِبعُوا ِم ْن دُوِن ِه َأ ْوِليَا َء ‪.‬‬
‫وقال ‪« :‬تركتكم على الحجة البيضاء ليلها كنهارها‪ ،‬ل يزيغ عنها‬
‫بعدي إل هالك»‪ ،‬وقال فيما صح عنه‪ « :‬ما بُعث من نب إل كان حقا عليه‬
‫أن يدل أمته على خي ما يعلمه لم وينهاهم عن شر ما يعلمه لم» وقال‬
‫أبو ذر‪ :‬لقد توف رسول ال وما طائر يُقلب جناحيه ف السماء إل ذكر لنا‬
‫منه علما‪.‬‬
‫ول شك أن من أعرض عن كتاب ال و سنة ر سوله واعتاض عنه ما‬
‫بالقوان ي الوضع ية أ نه كا فر كُف ٌر نا قل عن اللة ال سلمية وكذا من ا ستهزأ‬
‫بالقرآن أو طلب تناقضكه أو دعوى أنكه متلف أو متلق أو أثبكت شيئا نفاه‬
‫القرآن أو نفا ما أثبته القرآن فقد كفر قال تعال‪ُ :‬قلْ لَئِ نِ اجَْت َمعَ تِ النْ سُ‬
‫وَاْلجِنّ َعلَى أَ نْ َي ْأتُوا بِمِ ْثلِ َهذَا الْقُرْآَ نِ ل َي ْأتُو نَ بِمِثْلِ هِ ‪ .‬وقال‪َ :‬ولَوْ كَا نَ‬
‫مِ نْ ِع ْندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَ َجدُوا فِيهِ اخْتِلفًا كَثِيًا ‪ .‬ول خلف بي السلمي ف أن‬
‫من ج حد من القرآن سورة أو آ ية أو كل مة أو حرفا متفقا عل يه أ نه كا فر‬
‫وقال عليّ‪« :‬من كفر برفٍ منه فقد كفر به كله»‪.‬‬
‫وكذا من زعم أنه يسعه الروج عن شريعة ممد ‪ ،‬كما وسع الضر‬
‫الروج عن شريعة موسى‪ .‬أو زعم أن هدي غي ممد أفضل من هديه أو‬
‫أحسكن؛ أو زعكم أنكه ل يسكع الناس فك مثكل هذه العصكور إل الروج عكن‬
‫الشريعكة‪ ،‬وأناك كانكت كافيكة فك الزمان الول فقكط وأمكا فك هذه الزمنكة‬

‫‪185‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫فالشريعة ل تُساير الزمن ول بد من تنظيم قواني با يُناسب الزمن‪ ،‬فل شك‬
‫أن هذا العتقاد إذا صدر من إنسان فإنه قد استهان بكتاب ال وسنة رسوله‬
‫وتنقصهما‪ ،‬ول شك ف كفره وخروجه من الدين السلمي بالكلية‪.‬‬
‫وكذلك من ز عم أ نه مُحتاج للشري عة ف علم الظا هر دون البا طن‪ ،‬أو‬
‫ف علم البا طن فقط أو ف علم الشري عة دون علم القيقة أو أن هذه الشرائع‬
‫غي منسوخة بدين ممد ‪ ،‬أو استهان بدين السلم‪ ،‬أو تنقصه أو هزل به‬
‫أو بشيءٍ من شرائ عه أو ب ن جاء به وكذلك أل ق ب عض العلماء ال ستهانة‬
‫ِهه‬ ‫بملتكه لجكل حله فهذه المور كلهكا كفكر‪ .‬قال تعال‪ :‬قُلْ أَبِالل ِ‬
‫ّهه َو َآيَات ِ‬
‫َورَسُولِهِ كُنُْتمْ تَسَْتهْ ِزئُونَ * ل تَعَْتذِرُوا َقدْ َكفَرُْتمْ َبعْدَ إِيَانِ ُكمْ ‪.‬‬
‫الل هم قوي إيان نا بك ونور قلوب نا بنور اليان واجعل نا هُداةً مُهتد ين‪،‬‬
‫الل هم يا مُقلب القلوب ث بت قلوب نا على دي نك وألم نا ذكرك وشكرك وأم نا‬
‫من سطوتك ومكرك واغ فر لنا ولوالدينا وج يع ال سلمي برحتك يا أرحم‬
‫الراحي‪.‬‬
‫وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫وقال ف تذير أهل اليان عن الكم بغي ما أنزل الرحن بعد سياقه‬
‫لقول ال تعال‪ :‬أَلَ مْ تَرَ ِإلَى الّذِي نَ يَزْعُمُو نَ أَنّهُ مْ َآمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْ كَ وَمَا‬
‫ُأنْزِلَ مِ نْ َقبْلِ كَ … ‪ ،‬ال ية‪ ،‬ث لو ل ي كن ف القرآن الج يد ف الز جر عن‬
‫اتباع القواني البشرية غي هذه الية الكرية لكفت العاقل اللبيب الذي أوت‬
‫رشده وأههك صكلح قلبكه عكن تطلب غيهكا فكيكف والقرآن كله يدعكو إل‬
‫تك يم ما أنزل ال وعدم تك يم ما عداه إ ما ت صريا وإ ما تلويا وله جا هد‬
‫ويُجاهد من يُجاهد من عباد ال التقي من لدن بعث سيدنا ممد صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم إل يوم تقوم الساعة‪.‬‬
‫وقد صح عنه أنه قال‪« :‬ل تزال طائفة من أمت ظاهرين على الق‬
‫ل يضرهم من خذلم ول خلف من خالفهم حت يأت أمر ال»‪ ،‬وأنه قال‪:‬‬
‫«ل تتمع أمت على ضللة»‪ ،‬فعلمنا بذلك أن من المتنع بالسمع أن يتمال‬
‫العال كلهم شرقا وغربا من سيدنا ممد على اتباع القواني البشرية وعدم‬
‫البالة بالكم الشرعي بل ل بد أن يكون فيهم ولو واحد يُنكر على هؤلء‬
‫الكل إما بلسانه إن أمكنه ذلك ول يفتكوا به وأما بقلبه وظن الفتك به كما‬
‫قد كان أيام الستبداد‪.‬‬
‫والغرض بيان أن طائفة على الق ل تزال تقاتل وتاهد على تكيم ما‬
‫أنزل ال باللسان والبيان والبدن والسنان والال وكل مكن لنوع النسان وأن‬
‫بكه يتكم نظام العدل واللك والديكن والدنيكا وبكه يسكتقيم أمكر العاش والعاد‬
‫وتكمل لم الراحة والمن والرية التامة والسياسة العامة لميع اللل والرعايا‬
‫الختلفة الصناف واللسنة والمزجة‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ومكن شكك فك هذا فلينظكر الفرق بيك حال السكلم فك هذه القرون‬
‫التأخرة الت عطلت فيها حدود الشريعة وأحكامها وحاله ف القرون التقدمة‬
‫ال ت ما كا نت على شيءٍ أح فظ من ها على أحكام الشري عة وأر عى ل ا‪ ،‬ي د‬
‫الفرق كما بي الثرى والثريا وكما بي السماء والرض وكما قال الشاعر‪:‬‬
‫وَنَزَلْتُ بِالبَيْدِاءِ أَبْعَدَ‬ ‫نَزَلُوا بِمَكّةَ فِي قَبَائِلِ‬
‫أل ترى أن الصحابة رضي ال عنهم بعد وفاة نبيهم فتحوا ما فتحوا‬
‫من أقال يم البلدان ونشروا ال سلم واليان والقرآن ف مدة نو مائة سنة مع‬
‫قلة عدد ال سلمي وعدد هم وض يق ذات يد هم ون ن مع كثرة عدد نا ووفرة‬
‫عدد نا وهائل ثروت نا وطائل قوت نا ل نزداد إل ضعفا وتقهقرا إل الورى وذُلً‬
‫وحقارةً ف عيون العداء وذلك لن من ل ين صر دين ال ل ين صره ال‪ ،‬قال‬
‫ال تعال‪ :‬يَا أَيّهَا اّلذِي نَ َآمَنُوا إِ نْ تَنْ صُرُوا اللّ هَ يَنْ صُ ْر ُكمْ َويُثَبّ تْ أَقْدَامَكُ مْ ‪،‬‬
‫فرتب نصرهم على نصره بإقامة طاعته وطاعة رسوله‪.‬‬
‫وقال ش يخ ال سلم رح ه ال على قوله تعال‪ :‬فَل َو َربّ كَ ل يُ ْؤمِنُو نَ‬
‫جدُوا فِي َأنْفُ سِ ِهمْ َحرَجًا مِمّ ا َقضَيْ تَ‬
‫حَتّ ى ُيحَكّمُو كَ فِيمَا َشجَرَ بَيْنَهُ مْ ثُمّ ل َي ِ‬
‫سلِيمًا ‪.‬‬
‫سلّمُوا تَ ْ‬
‫َويُ َ‬
‫ف من ل يلتزم تك يم ال ور سوله في ما ش جر بين هم ف قد اق سم سبحانه‬
‫بنف سه أن ل يؤمنوا‪ .‬وأ ما من كان ملتزما ل كم ال ور سوله ظاهرا أو باطنا‬
‫ل كن ع صى وات بع هواه فهذا بنلة أمثاله من الع صاة ف من ل يلتزم ح كم ال‬
‫ورسوله فهو كافر وهذا واجب على المة ف كل ما تنازعت فيه من المور‬
‫العتقادية والعملية‪.‬‬
‫فالمور الشتر كة ب ي ال مة ل يُح كم في ها إل بالكتاب وال سنة ل يس‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫لحدٍ أن يُلزم الناس بقول عال ول أمي ول شيخ ول ملك وحكام السلمي‬
‫ف المور العينة ل يكمون ف المور الكلية وإذا حكموا ف العينات فعليهم‬
‫أن يكموا با ف كتاب ال فإن ل يكن فبما ف سُنة رسول ال فإن ل يدوا‬
‫اجتهد الاكم برأيه‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫لنه لا بعث مُعاذا إل اليمن قال‪ :‬ب تكم؟ قال‪ :‬بكتاب ال‪ .‬قال‪:‬‬
‫فإن ل ت د؟ قال‪ :‬ب سنة ر سول ال قال‪ :‬فإن ل ت د؟ قال‪ :‬أجت هد رأ يي‪.‬‬
‫قال‪ :‬المد ل الذي وفق رسول رسول ال لا يُرضي رسول ال ‪.‬‬
‫وف كتاب عمر بن عبد العزيز إل عروة‪ :‬كتبت إلّ تسألن عن القضاء‬
‫بي الناس‪ .‬وإن رأس القضاء اتباع ما ف كتاب ال ث القضاء بسنة رسول ال‬
‫ث بكم أئمة الدى ث استشارة ذوي العلم والرأي وذكر عن سفيان ابن‬
‫عُيينة قال كان ابن شبمة يقول‪:‬‬
‫عِنْد اللّبِيبِ َولَ الفَقْيه‬ ‫ما فِي القَضَاءِ شَفَاعَةٌ‬
‫أَوْ بالكِتَاب بِرَغْمِ أنْفِ‬ ‫هَوِنْ عَليّ ِإذَا قَضَيْتُ بِسُنّةٍ‬
‫بِنَظَائِرٍ مَعْرُوْفَ ٍة وَمَعالِم‬ ‫وَقَضَيْتُ فِيْمَا لَمْ أَجِدْ أَثرا‬
‫و عن ا بن و هب قال‪ :‬قال مالك ال كم حكمان‪ ،‬حك مٌ جاء به كتاب‬
‫ال وحكم أحكمته السنة قال‪ :‬ومتهدٌ رأيه فلعله يوفق‪.‬‬
‫وقال ا بن الق يم رح ه ال‪ :‬على قوله تعال‪ :‬فَل َو َربّ كَ ل يُ ْؤمِنُو نَ ‪،‬‬
‫الية‪.‬‬
‫فأقسم سبحانه بأجل مقسم به وهو نفسه عز وجل على أنه ل يثبت‬
‫لم إيان ول يكونون من أهله حت يُحكموا الرسول ف جيع موارد الناع‬
‫ف جيع أبواب الدين فإن لفظة (ما) من صيغ العموم تقتضي نفي اليان أو‬

‫‪189‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫يوجد تكيمه ف جيع ما شجر بينهم‪.‬‬
‫ول يقت صر على هذا ح ت ضم إل يه انشراح صدورهم بك مه ح يث ل‬
‫يدون ف أنف سهم حرجا و هو الض يق وال صر من حك مه بل يقبلوا حك مه‬
‫بالنشراح ويقابلوه بالتسكليم ل أنمك يأخذونكه على إغماض ويشربون على‬
‫قذىً فإن هذا مُنا فٍ لليان بل ل بد أن يكون أخذه بقبولٍ ور ضا وانشراح‬
‫صدور‪.‬‬
‫ومت أراد العبد أن يعلم هذا فلينظر ف حاله ويُطالعه ف قلبه عند ورود‬
‫حكمه على خلف هواه وغرضه فسبحان ال كم من حزازة ف نفوس كثي‬
‫من الناس من كث ي من الن صوص وبود هم أن لو ل ترد و كم من حرارة ف‬
‫أكبادهم منها وكم من شجىً ف حلوقهم منها ومن موردها ستبدو لم تلك‬
‫السرائر بالذي يسوء ويزي يوم تُبلى السرائر‪.‬‬
‫ث ل يقت صر سبحانه على ذلك ح ت ضم إل يه قوله تعال‪َ :‬ويُ َ‬
‫سلّمُوا‬
‫سلِيمًا ‪ ،‬فذكر الفعل مؤكدا بصدره القائم مقام ذكره مرتي وهو الضوع‬ ‫تَ ْ‬
‫له والنقياد ل ا ح كم به طوعا ورضا وت سليما ل قهرا ومُ صابرةً ك ما يُ سلم‬
‫القهور ل ن قهره كُرها بل ت سليم عب ٍد مُطي ٌع لوله و سيده الذي هو أ حب‬
‫شيءٍ إليه يعلم أن سعادته وفلحه ف تسليمه إليه ويعلم بأنه أول به من نفسه‬
‫وأبر به منها وأرحم به منها وأنصح له منها وأعلم بصاله منها وأقدر على‬
‫تليصها‪.‬‬
‫وتأ مل لذا الع ن الذكور ف ال ية بوجو هٍ عديدة من التأك يد‪ ،‬أول ا‪:‬‬
‫ت صديرها بالق سم يتض من الق سم عليه وهو قوله ل يؤمنون‪ ،‬وثاني ها‪ :‬تأكيده‬
‫بن فس الق سم وثالث ها تأكيده بالق سم به و هو إق سامه بنف سه ل بش يء من‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ملوقاتكه ورابعا تأكيده بانتفاء الرج وهكو وجود التسكليم وخامسكها تأكيكد‬
‫الفعل بالصدر وما هذا إل لشدة الاجة إل هذا المر العظيم وأنه ما يُعتن به‬
‫ويُقرر ف نفوس العباد‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫قال ابن القيم رحه ال‪:‬‬
‫لا أعرض الناس عن تكيم الكتاب وال سُنة والحاكمة إليهما واعتقدوا‬
‫عدم الكتفاء بما وعدلوا إل الراء والقياس والستحسان وأقوال أهل الراء‬
‫عرض ل م من ذلك ف سادٌ ف فطر هم وظل مة ف قلوب م وكدر ف أفهام هم‬
‫وم ق ف عقول م فعمت هم هذه المور وغل بت علي هم ح ت ر ب في ها ال صغي‬
‫وهرم عليها الكبي فلم يروها منكرا‪.‬‬
‫فجاءتم دولةٌ أخرى أقامت فيها البدع مقام السنن والوى مقام الرشد‬
‫والضلل مقام الدايكة والنككر مقام العروف والهكل مقام العلم والرياء مقام‬
‫الن صيحة والظلم مقام العدل ف صارت الدولة والغل بة لذه المور وأهل ها هم‬
‫الشار إليهم‪.‬‬
‫فإذا رأيكت هذه المور قكد أقبلت وراياتاك قكد نصكبت وجيوشهكا قكد‬
‫ركبكت فبطكن الرض وال خيك مكن ظهرهكا وقُلل البال خيٌ مكن السكهول‬
‫ومالطة الوحش أسلم من مالطة الناس‪.‬‬
‫اقشعرت الرض وأظلمت السماء وظهر الفساد ف الب والبحر من ظلم‬
‫الفجرة وذهبت البكات وقلت اليات وهزلت الوحش وتكدرت الياة من‬
‫ف سق الظل مة وب كى ضوء النهار وظل مة الل يل من العمال البي ثة والفعال‬
‫الفظيعة وشكا الكرام الكاتبون والُعقبات إل ربم من كثرة الفواحش وغلبة‬
‫النكرات والقبائح‪.‬‬
‫وهذا وال منذر ب سيل عذا بٍ قد انع قد غما مه ومؤذ نٌ بليلٍ قد ادَْلهَمّ‬
‫ظلمُ هُ فاعزلوا عن طريق هذا السيل بتوب ٍة نصوٍح ما دامت التوبة مكنة وبابا‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫مفتوحا وكأنككم بالباب وقكد أغلق وبالرهكن وقكد غلق وبالناح وقكد علق‬
‫ي مُنقلب ينقلبون‪.‬‬
‫وسيعلم الذين ظلموا أ ّ‬
‫وقال‪:‬‬
‫لعَلَى سَبِيل العَفْوِ وَالغُفْرَانِ‬ ‫والِ مَا خَوْفِي الذّنُوب فإنّها‬
‫تَحْكِيمِ َهذَا الوَحْيِ‬ ‫َلكِنّمَا أَخْشَى انْسِلخِ‬
‫ل كَا َن ذَاك بِمِنّ ٍة الْمَنّان‬ ‫وَرِضا بِآرَاءٍ الرّجالِ‬
‫أعْرَضْتُ عَن ذَا الوَحْي طُولَ‬ ‫فَبأيّ وَجْهٍ ألْتَقَيْ َربّي ِإذَا‬
‫عَزْلً حَقِيْقِيا بَلَ كِتْمَانِ‬ ‫وَعَزْلَتُهُ عَمّا أريدُ لجْلِهِ‬

‫‪193‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫وقال الش يخ م مد بن إبراه يم ف رده على مُحك مي القوان ي‪ :‬إن من‬
‫الكفر الكب الُستبي تنيل القانون اللعي منلة ما نزل به الروح المي على‬
‫قلب ممدٍ ليكون من النذرين بلسانٍ عربٍ مبي ف الكم به بي العالي‬
‫والرد إل يه ع ند تنازع التنازع ي مناق ضة ومعاندةً لقول ال عز و جل‪َ :‬فإِ نْ‬
‫تَنَازَعْتُ مْ فِي شَ ْيءٍ فَرُدّو هُ إِلَى اللّ هِ وَالرّ سُولِ إِ نْ كُنْتُ مْ تُ ْؤمِنُو نَ بِاللّ هِ وَالْيَوْ مِ الخِرِ‬
‫َذِلكَ َخيْرٌ َوأَحْسَنُ تَأْوِيل ‪.‬‬
‫وقد نفى ال سبحانه وتعال اليان عن من ل يُحكّ ُم النب فيما شجر‬
‫هل‬‫بينهكم نفيا مؤكدا بتكرر أداة النفكي وبالقسكم قال تعال‪ :‬فَل َو َربّك َ‬
‫جدُوا فِي أَْنفُ سِ ِهمْ حَرَجًا مِمّا‬
‫يُ ْؤمِنُو نَ َحتّى ُيحَكّمُو كَ فِيمَا َشجَرَ بَيْنَهُ مْ ُثمّ ل يَ ِ‬
‫َقضَيْتَ َويُسَلّمُوا تَسْلِيمًا ‪.‬‬
‫قال وتأمل‪ .‬ما ف الية الول وهي قوله تعال‪َ :‬فإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَ ْيءٍ‬
‫َفرُدّوهُ ِإلَى اللّهِ وَالرّسُولِ ‪ ،‬الية‪ ،‬كيف ذكر النكرة وهي قوله شيء ف‬
‫سياق الشرط وهو قوله جل شأنه‪َ :‬فإِ نْ تَنَازَ ْعتُ مْ الفيد العموم فيما يتصور‬
‫التنازع فيه جنسا وقدرا‪.‬‬
‫ث تأمل كيف جعل ذلك شرطا ف حصول اليان بال واليوم الخر بقوله‪:‬‬
‫إِ نْ كُنْتُ مْ تُؤْمِنُو نَ بِاللّ هِ وَالْيَوْ مِ ال ِخرِ ث قال جل شأ نه ذلك خيٌ فش يء‬
‫يُطلق ال عليكه أنكه خيك ل يتطرق إليكه شكر أبدا بكل هكو خيك مضك عاجلً‬
‫وآجلً‪.‬‬
‫ث قال‪َ :‬وأَحْ سَنُ تَأْوِيل أي عاق بة ف الدن يا والخرة فيف يد أن الرد‬
‫إل غ ي الر سول ع ند التنازع شر م ض وأ سوأ عاق بة ف الدن يا والخرة‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ع كس ما يقوله النافقون‪ :‬إِ نْ أَرَدْنَا إِل إِحْ سَانًا َوتَوْفِيقًا ‪ ،‬وقول م إِنّمَا‬
‫ص ِلحُونَ ‪.‬‬
‫َنحْنُ مُ ْ‬
‫ش ُعرُو َن ‪،‬‬ ‫ولذا رد ال عليهم قائلً‪ :‬أَل ِإّن ُه ْم ُه ُم اْل ُم ْف ِ‬
‫سدُو َن َوَل ِك ْن ل َي ْ‬
‫وعككس مكا يقوله القانونيون مكن حكمهكم على القانون باجكة العال بكل‬
‫ضرورت م إل التحا كم إل يه وهذا سوء ظن صرف ب ا جاء به الر سول‬
‫ومضك اسكتنقاص لبيان ال ورسكوله والككم عليكه بعدم الكفايكة للناس عنكد‬
‫التنازع وسوء العاقبة ف الدنيا والخرة إن هذا لزمٌ لم‪.‬‬
‫قال وقكد نفكى ال اليان عكن مكن أراد التحاككم إل غيك مكا جاء بكه‬
‫الر سول من النافق ي ك ما قال تعال‪َ :‬ألَ مْ تَرَ إِلَى اّلذِي نَ يَزْعُمُو نَ َأنّهُ مْ‬
‫َآمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْ كَ َومَا أُنْ ِزلَ مِ نْ قَبْلِ كَ يُرِيدُو نَ أَ نْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطّاغُو تِ‬
‫َو َقدْ أُمِرُوا َأنْ يَ ْكفُرُوا ِبهِ َويُرِيدُ الشّ ْيطَانُ َأنْ يُضِلّ ُهمْ ضَلل َبعِيدًا ‪.‬‬
‫فإن قوله‪" :‬يزعمون تكذ يب ل م في ما ادعوه من اليان فإ نه ل يت مع‬
‫التحاكم إل غي ما جاء به النب مع اليان ف قلب عبدٍ أصلً بل أحدها‬
‫يُناف الخر والطاغوت مُشتق من الطغيان وهو مُجاوزة الد فكل من حكم‬
‫بغ ي ما جاء به الر سول أو حا كم إل غ ي ما جاء به ال نب ف قد ح كم‬
‫بالطاغوت وحاكم إليه وذلك أنه من حق كل أحد أن يكون حاكما با جاء‬
‫به ال نب ف من ح كم بل فه أو حا كم إل خل فه ف قد ط غى وجاوز حده‬
‫حُكما أو تكيما فصار بذلك طاغوتا لتجاوزه حده"‪.‬‬
‫قال‪" :‬وتأ مل قوله عز و جل‪َ :‬و َقدْ أُمِرُوا أَ نْ يَ ْكفُرُوا بِ هِ تعرف م نه‬
‫مُعاندة القانونييك وإراداتمك خلف مُراد ال منهكم حول هذا الصكدد فالراد‬
‫من هم شرعا والذي تعبدوا به هو الك فر بالطاغوت ل تكي مه َفَبدّ َل الّذِي نَ‬

‫‪195‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ظَ َلمُوا قَوْل غَ ْي َر الّذِي قِيلَ لَ ُهمْ "‪.‬‬
‫ث تأمل قوله‪َ :‬وُيرِيدُ الشّيْطَا ُن أَ ْن يُضِ ّلهُ مْ ضَلل بَعِيدًا كيف دل‬
‫على أن ذلك ضلل وهؤلء القانونيون يرونه من الدى ك ما دلت الية على‬
‫أنكه مكن إرادة الشيطان عككس مكا يتصكوره القانونيون فتكون على زعمهكم‬
‫مُرادات الشيطان هي صلح الن سان ومراد الرح ن و ما ب عث به سيد ولد‬
‫عدنان معزولً من هذا الوصف ومنحىً عن هذا الشأن‪.‬‬
‫وقكد قال تعال منكرا على هذا الضرب مكن الناس ومقررا ابتغاءهكم‬
‫حكْ مَ الْجَاهِلِّيةِ‬
‫أحكام الاهلية وموضحا أنه ل حكم أحسن من حكمه َأفَ ُ‬
‫سنُ ِم َن اللّ ِه ُحكْمًا ِل َقوْمٍ يُوقِنُونَ ‪.‬‬
‫يَ ْبغُونَ َو َمنْ أَ ْح َ‬
‫فتأمل هذه الية الكرية وكيف دلت أن قسمة الكم ثنائية وأنه ليس‬
‫ب عد ح كم ال تعال إل ح كم الاهل ية الو ضح أن القانوني ي ف زمرة أ هل‬
‫الاهل ية شاءوا أم أبوا بل هم أ سوأ حا ًل من هم وأكذب من هم مقالً ذلك أن‬
‫أهل الاهلية ل تنافس لديهم حول هذا الصدد‪.‬‬
‫وأ ما القانونيون فمتناقضون ح يث يزعمون اليان ب ا جاء به الر سول‬
‫ل وقكد قال ال فك أمثال‬ ‫ويناقضون ويريدون أن يتخذوا بيك ذلك سكبي ً‬
‫ك ُهمُ الْكَا ِفرُو َن َحقّا َوأَعَْتدْنَا لِلْكَا ِفرِينَ َعذَابًا ُمهِينًا ‪.‬‬
‫هؤلء‪ :‬أُولَئِ َ‬
‫ث ان ظر ك يف ردت هذه ال ية الكري ة على القانوني ي ما زعموه من‬
‫س ُن مِنَ اللّهِ‬
‫حسن زُبالة أذهانم ونُحاتة أفكارهم بقوله عز وجل‪ :‬وَمَ ْن أَحْ َ‬
‫ُحكْمًا ِل َقوْ ٍم يُوقِنُونَ ‪.‬‬
‫قال الافظ بن كثي ف تفسي هذه الية‪ :‬يُنكر تعال على من خرج من‬
‫ح كم ال الح كم الشت مل على كل خ ي النا هي عن كل شر وعدل إل ما‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫سواه ف الراء والهواء وال صطلحات ال ت وضع ها الرجال بل م ستند من‬
‫شري عة ال ك ما كان أ هل الاهل ية يكمون به من الضللت والهالت م ا‬
‫يضعو نه بآرائ هم وأهوائ هم وك ما ي كم به التتار من ال سياسات اللك ية ال ت‬
‫يقدمونا على الكم بكتاب ال وسنة رسوله ‪.‬‬
‫فمن فعل ذلك فهو كافر يب قتاله حت يرجع إل حكم ال ورسوله‬
‫حكْ مَ الْجَاهِلِّيةِ يَ ْبغُو نَ‬
‫فل ي كم سواه ف قل يل ول كث ي قال تعال‪َ :‬أفَ ُ‬
‫س ُن مِ نَ اللّ هِ ُحكْمًا ِل َقوْ ٍم يُوقِنُو نَ أي‬
‫و عن ح كم ال يعدلون وَمَ ْن أَحْ َ‬
‫ومن أعدل من ال ف حكمه لن عقل من ال شرعه وآمن به وأيقن وعلم أن‬
‫ال أح كم الاكم ي وأر حم من الوالدة بولد ها فإ نه تعال العال ب كل شيءٍ‬
‫القادر على كل شيء العادل ف كل شيء‪.‬‬
‫حكُ ْم بِمَا َأْنزَ َل اللّ ُه َفأُولَئِكَ هُمُ اْلكَا ِفرُونَ ‪،‬‬
‫وقال تعال‪ :‬وَمَنْ لَمْ يَ ْ‬
‫حكُ مْ‬‫حكُ مْ بِمَا َأْنزَ َل اللّ هُ َفأُولَئِ كَ هُ ُم الظّالِمُو نَ ‪َ ،‬ومَ نْ لَ ْم يَ ْ‬
‫وَمَ ْن لَ مْ يَ ْ‬
‫بِمَا َأْنزَلَ ال ّل ُه َفأُولَِئكَ ُهمُ اْلفَا ِسقُونَ ‪.‬‬
‫فانظر كيف سجل تعال على الاكمي بغي ما أنزل ال بالكفر والظلم‬
‫والفسق ومن المتنع أن يُسمّى ال سبحانه الاكم بغي ما أنزل ال كافرا ول‬
‫يكون كافرا بل هو كافر مُطلقا إما كفر عمل وإما كفر اعتقاد‪.‬‬
‫وما جاء عن ابن عباس ف تفسي هذه الية يدل على أن الاكم بغي ما‬
‫أنزل ال كافر إما كفر اعتقاد ناقل عن اللة وإما كفر عمل ل ينقل عن اللة‪.‬‬
‫قال وهذه الحاككم الن فك كثيٍ مكن أمصكار السكلم مُهيأة مفتوحكة‬
‫البواب والناس إلي ها أ سراب إ ثر أ سراب ي كم حكام ها بين هم في ما يالف‬
‫ح كم الكتاب وال سنة من أحكام ذلك القانون وتلزم هم به وتُحت مه علي هم‬

‫‪197‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫فأي كف ٍر فوق هذا الكفكر وأي مُناقضكة للشهادة بأن ممدا رسكول ال بعكد‬
‫هذه الناقضة نسأل ال العصمة عن جيع العاصي وأن يُثبتنا على قوله الثابت‬
‫ف الياة الدنيا وف الخرة‪.‬‬
‫وما قيل ف الث على التمسك بالقرآن الكري ما قاله الصنعان‪:‬‬
‫فَهَلْ بَعْدَ َهذَا الغْتَرابُ‬ ‫ولَيْسَ اغْتِرابُ الدّينِ إِلّ‬
‫سِوَى عُزْلةٍ فِيهَا اللَيْسَ‬ ‫وَلَمْ يَبْقَ لِلرَاجِي سَلَمَةَ‬
‫حَوَاهُ مِن الْعِلْمِ الشّرِيْفِ‬ ‫كِتَابٌ حَوَى ُك ّل العُلوم‬
‫تَرَى آدَما ِإذْ كَانَ وَهْوَ‬ ‫فَإِنْ رُمْتَ تَارِيْخا رَأيْتَ‬
‫يُوارِيْهِ لَمّا أنْ أرَاه غُرابُ‬ ‫ل قَتِيْلَ‬ ‫وَلقَيْتَ هَابِي ً‬
‫َعلَى الرضِ مِن مَاء السّماءِ‬ ‫وَتَنْظُرُ نَوحا وَهْوَ فِي الفُلكِ‬
‫وَمَا قَالَ ُكلُّ مِنْهُمُو‬ ‫وَإِنْ شِئْتَ ُكلّ النْبِيَاءِ‬
‫وَنَارا بِهَا لِلمُشْرِكِي‬ ‫وَجَنّاتِ عَدنٍ حُورَهَا‬
‫لِ ُكلّ شَقِيٍّ َقدْ حَوَاهُ عِقَابُ‬ ‫فَتِلكَ لَرْبَابِ التّقَاء وَهَذِه‬
‫فَإِنّ دُمُوعَ العَيْنِ عَنْهُ‬ ‫وَإِنْ تُرِدِ الوَعْظَ اّلذِي إِنْ‬
‫وَلِلرّوِحِ مِنِهُ مَطْعَمٌ‬ ‫تَجِدْهُ َومَا تَهْوَاهُ مِن ُكلِّ‬
‫تُرِيْدُ فَمَا تَدْعُو إليه تُجَابُ‬ ‫وَإِنْ رُمْتَ إِبْرَازَ الدِلّةِ فِي‬
‫بِهَا قُطّعَتْ لِلمُلحِدِينَ‬ ‫تَدُلّ عَلَى التّوْحِيِدِ فِ ْيهِ‬
‫ولَيْسَ عَلَ ْيهِ لِلذّكِي حِجَابُ‬ ‫وَمَا مَطْلَبٌ إِلّ وَفِ ْيهِ‬
‫فَوَالِ مَا عَنْهُ يَنُوبُ ِكتَابُ‬ ‫وَفِ ْيهِ الدّوَاءُ مِن ُكلِّ دَاءٍ‬
‫مَفَاوِزُ جَهْلٍ كُلُّهَا‬ ‫يَرِيْكَ صِرَاطا مُسْتَقِيْما‬
‫فَألفَاظُه مَهْمَا تَلَوْتَ‬ ‫يَزِيْدُ عَلَى مَرّ الْجَدِيْديْنِ‬
‫وَتْبلغُ أَقْصَى العُمْرِ وَهِيَ‬ ‫وَآياتُهُ فِي ُكلِّ حِيْنٍ طَريّةٌ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وَفِ ْيهِ عُلومٌ جَمّةٌ وَثَوَابُ‬ ‫ى لِلعَامِلِيَ‬
‫وَفِ ْيهِ هُد ً‬
‫اللهم اجعلنا لكتابك من التالي ولك به من العاملي وبا صرفت فيه‬
‫من اليات منتفعي‪ ،‬وإل لذيذ خطابه مستمعي‪ ،‬ولوامره ونواهيه خاضعي‬
‫وبالعمال ملصي‪ ،‬واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء منهم واليتي‬
‫برحتك يا أرحم الراحي‪ ،‬وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫ف فضائل ذكر ال‬
‫يُستحب الكثار من ذكر ال تعال ف كل وقت‪ ،‬ول سيما ف رمضان‪.‬‬
‫قال ال تعال‪َ :‬وَل ِذ ْك ُر الّل ِه َأ ْكَب ُر ‪ ،‬وقال‪ :‬فَا ْذ ُكرُونِي َأ ْذ ُك ْر ُك ْم ‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫وَاذْ ُكرُوا اللّ هَ كَثِيًا َلعَلّكُ ْم ُتفْلِحُو نَ ‪ ،‬وقال‪ :‬وَالذّا ِكرِي نَ اللّ هَ كَِثيًا‬
‫ت أَ َعدّ اللّهُ لَهُ ْم َمغْ ِف َرةً َوَأجْرًا عَظِيمًا ‪ ،‬وقال‪ :‬وَاذْ ُكرْ َربّكَ فِي‬
‫وَالذّا ِكرَا ِ‬
‫ضرّعًا وَخِي َفةً ‪ ،‬ال ية‪ ،‬وقال‪ :‬يَا أَيّهَا اّلذِي نَ َآمَنُوا اذْ ُكرُوا اللّ هَ‬ ‫ك تَ َ‬
‫َنفْ سِ َ‬
‫‪.‬‬
‫وعكن أبك هريرة قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬كلمتان خفيفتان على‬
‫اللسهان‪ ،‬ثقيلتان فه اليزان‪ ،‬حهبيبتان إل الرحنه‪ :‬سهبحان ال وبمده‪،‬‬
‫سبحان ال العظيم» متفق عليه‪.‬‬
‫وع نه قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬لن أقول سهبحان ال والمهد ل‪،‬‬
‫ب إلّ ما طلعت عليه الشمس» رواه مسلم‪.‬‬
‫ول إله إل ال‪ ،‬وال أكب‪ ،‬أح ّ‬
‫وع نه‪ :‬أن ر سول ال قال‪ « :‬من قال ل إله إل ال وحده ل شر يك‬
‫له‪ ،‬له اللك وله ال مد‪ ،‬و هو على كل شي ٍء قد ير ف كل يو ٍم وليلة مائة‬
‫مرة كا نت له عدل ع شر رقاب وكُ تب له مائة ح سنة ومُح يت ع نه مائة‬
‫سيئة‪ ،‬وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حت يُمسي‪ ،‬ول يأت أحدٌ‬
‫بأفضل ما جاء به إل رجلٍ عمل أكثر منه»‪ ،‬وقال‪ « :‬من قال‪ :‬سبحان ال‬
‫وبمده ف يو ٍم مائة مرة حُطت عنه خطاياه‪ ،‬وإن كانت مثل زبد البحر»‬
‫متفق عليه‪.‬‬
‫عن النب أنه قال‪ « ::‬من قال‪ :‬ل إله إل‬ ‫وعن أب أيوب النصاري‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ال وحده ل شريهك له‪ ،‬له اللك‪ ،‬وله المهد‪ ،‬وههو على كهل شي ٍء قديهر‪،‬‬
‫عشر مرات‪ ،‬كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إساعيل»‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫وعن أب ذر قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬أل أخبك بأحب الكلم إل‬
‫ال؟ قلت‪ :‬بلى يا رسول ال أخبن بأحب الكلم إل ال‪ ،‬فقال‪ :‬إن أحب‬
‫الكلم إل ال سبحان ال وبمده» رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬من‬
‫سبح ال مائة بالغداة ومائة بالعشي كان كمن حج مائة حجة ومن حد ال‬
‫مائة بالغداة ومائة بالع شي كان ك من ح ل على مائة فرس ف سبيل ال أو‬
‫قال غزا مائة غزوة ومهن هلل ال مائة بالغداة ومائة بالعشهي كان كمهن‬
‫أعتق مائة رقبة من ولد إساعيل ومن كب ال مائة بالغداة ومائة بالعشي ل‬
‫يأت ف ذلك اليوم أ حد بأك ثر م ا أ تى به إل من قال م ثل ما قال أو زاد‬
‫على ما قال» رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن غريب‪.‬‬
‫وف الصحيحي عن علي أن فاطمة أتت النب تشكو إليه ما تلقى ف‬
‫يد ها من الر حى‪ ،‬وبلغ ها أ نه جاء رق يق فلم تُ صادفه فذكرت ذلك لعائ شة‬
‫فذهبنكا نقوم فقال على مكانكمكا فجاء وقعكد بينك وبينهكا حتك وجدت برد‬
‫قدمه على بطن فقال أل أدلكما على خي ما سألتما‪ ،‬إذا أخذتا مضجعكما‬
‫فسبحا ثلثا وثلثي واحدا ثلثا وثلثي وكبا أربعا وثلثي فهو خ ٌي لكما‬
‫من خادم‪.‬‬
‫وجاء عن معقل بن يسار عن النب قال‪« :‬من قال حي يصبح ثلث‬
‫مرات أعوذ بال السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ ثلث آيات من‬
‫آخر سورة الشر وكل ال به سبعي ألف ملك يُصلون عليه حت يُمسي‬

‫‪201‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وإن مات فه ذلك اليوم مات شهيدا ومهن قالاه حيه يُمسهي كان بتلك‬
‫النلة» حسنه الترمذي وغربه‪.‬‬
‫اللهكم اكتكب فك قلوبنكا اليان وأيدنكا بنورٍ منكك يكا نور السكموات‬
‫والرض اللهم وافتح لدُعائنا باب القبول والجابة واغفر لنا وارحنا برحتك‬
‫الواسعة إنك أنت الغفور الرحيم وصلى ال على ممدٍ وآله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫و عن أ ب هريرة قال‪ :‬كان ر سول ال ي سي ف طر يق م كة‪ ،‬ف مر‬
‫على جبكل يقال له (جدان) فقال‪« :‬سهيوا هذا جُمدان‪ ،‬سهبق الفردون»‬
‫قالوا‪ :‬و ما الفردون يا ر سول ال؟ قال‪« :‬الذاكرون ال كثيا والذاكرات»‬
‫رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن أب موسى قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬مثل الذي يذكر ربه والذي‬
‫ل يذكره مثل الي واليت» متفق عليه‪.‬‬
‫وعن أب هريرة قال‪ :‬قال رسول ال يقول ال‪« :‬أنا عند ظن عبدي‬
‫ب‪ ،‬وأنا معه إذا ذكرن‪ ،‬فإن ذكرن ف نفسه ذكرته ف نفسي وإن ذكرن‬
‫ل ذكرته ف ملٍ خيٍ منه» متفق عليه‪.‬‬
‫فم ٍ‬
‫و عن أ ب مو سى الشعري قال‪ :‬قال ر سول ال ‪ « :‬يا ع بد ال بن‬
‫قيس‪ ،‬أل أدلك على كنٍ من كنوز النة‪ :‬ل حول ول قوة إل بال» متفق‬
‫عليه‪.‬‬
‫وعن أب هريرة قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬إن ال تعال يقول‪ :‬أنا مع‬
‫عبدي إذا ذكرن‪ ،‬وتركت ب شفتاه» رواه البخاري‪.‬‬
‫وعن عبد ال بن بُسر أن رجلً قال‪ :‬يا رسول ال إن شرائع السلم‬
‫قد كثرت عليّ فأ خبن بشيء أتش بث به‪ ،‬قال‪« :‬ل يزال لسانك رطبا من‬
‫ذكر ال» رواه الترمذي وحسنه‪ ،‬وابن ماجة‪ ،‬وصححه ابن حبان والاكم‪.‬‬
‫وروى ع مر بن الطاب قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬ذا كر ال ف رمضان‬
‫مغفور له‪ ،‬و سائل ال ف يه ل ي يب» رواه ال طبان ف (الو سط) والبيه قي‪،‬‬
‫والصبهان‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫كول ال ‪« :‬الباقيات‬‫كعيدٍ الدري قال‪ :‬قال رسك‬ ‫كن أب ك سك‬‫وعك‬
‫ال صالات‪ :‬ل إله إل ال‪ ،‬و سبحان ال‪ ،‬وال أ كب‪ ،‬وال مد ل‪ ،‬ول حول‬
‫ول قوة إل بال» أخرجه النسائي‪ ،‬وصححه ابن حبان والاكم‪.‬‬
‫وعكن أبك الدرداء قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬أل أخهبكم بيه‬
‫أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها ف درجاتكم وخيٌ لكم من إنفاق‬
‫الذهب والورق وخي لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا‬
‫أعناقكم؟ قالوا‪ :‬بلى‪ ،‬قال ذكر ال»‪.‬‬
‫و عن ع بد ال بن بُ سر قال‪ :‬جاء أعرا ب إل ال نب فقال‪ :‬أي الناس‬
‫خيك؟ قال‪« :‬طوبه لنه طال عمره وحسهن عمله» قال‪ :‬يكا رسكول ال أي‬
‫العمال أفضل؟ قال‪« :‬أن تفارق الدنيا ولسانك رطبا من ذكر ال»‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحه ال قراءة القرآن أفضل من الذكر والذكر أفضل من‬
‫الدعاء هذا من حيث النظر لكلٍ منهما مُجردا وقد يعرض للمفضول ما يعله‬
‫أول بل يُعينه فل يوز أن يعدل عنه إل الفاضل وهذا كالتسبيح ف الركوع‬
‫والسجود فإنه أفضل من قراءة القرآن بل فيهما بل منه ٌي عنها ني تري أو‬
‫كراهة‪.‬‬
‫لاك ورد عكن ابكن عباس رضكي ال عنهمكا قال‪ :‬كشكف رسكول ال‬
‫ال ستارة والناس صفوف خلف أ ب ب كر فقال‪ « :‬يا أي ها الناس إ نه ل ي بق من‬
‫مبشرات النبوة إل الرؤ يا ال صالة يرا ها ال سلم أو تُرى له أل وإ ن نُه يت‬
‫أن أقرأ القرآن راكعا أو سهاجدا‪ ،‬أمها الركوع فعظموا فيهه الرب‪ ،‬وأمها‬
‫السجود فاجتهدوا ف الدعاء فقمن أن يُستجاب لكم» رواه أحد ومسلم‬
‫والنسائي وأبو داود‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ك أفضكل مكن القراءة وكذا التشهكد‬‫وكذا التسكبيح والتحميكد ف ملهم ا‬
‫وكذلك رب اغفر ل وارحن واهدن وعافن وارزقن بي السجدتي أفضل‬
‫من القراءة وكذلك الذكر عقب السلم من الصلة – ذكر التهليل والتسبيح‬
‫والتكبي والتحميد أفضل من الشتغال عنه بالقراءة‪.‬‬
‫وكذلك إجابكة الؤذن والقول كمكا يقول أفضكل مكن القراءة وإن كان‬
‫فضل القرآن على كل كلم كفضل ال تعال على خلقه لكن لكل مقامٍ مقال‬
‫مت فات مقالهُ فيه وعدل عنه إل غيه اختلت الكمة وفقدت الصلحة منه‪.‬‬
‫وهكذا الذكار القيدة بحال مصكوصة أفضكل مكن القراءة الطلقكة‬
‫والقراءة الطل قة أف ضل من الذكار القيدة بحالٍ م صوصة‪ ،‬والقراءة الطل قة‬
‫أفضكل مكن الذكار الطلقكة اللهكم إل أن يعرض للعبكد مكا يعكل الذكرى أو‬
‫الدعاء أنفع له من قراءة القرآن مثاله أن يتفكر ف ذنوبه فيحدث له توبة من‬
‫اسكتغفار أو يعرض له مكا ياف أذاه مكن شياطيك النكس والنك فيعدل إل‬
‫الذكار والدعوات الت تُحصنه وتوطه‪.‬‬
‫وكذلك أيضا قد يعرض للع بد حا جة ضرور ية إذا اشت غل عن سؤالا‬
‫بقراءة وذكر ل يضر قلبه فيها وإذا أقبل على سؤالا والدعاء إليها اجتمع قلبه‬
‫كله على ال تعال وأحدث له تضرعا وخشوعا وابتهالً فهذا قكككد يكون‬
‫اشتغاله بالدعاء والالة هذه أنفكع وإن كان ككل مكن القراءة والذككر أفضكل‬
‫وأعظم أجرا‪.‬‬
‫و عن أ ب هريرة قال‪ :‬قال ر سول ال «إن ل ملئ كة يطوفون ف‬
‫الطرق يلتمسهون أههل الذكهر فإذا وجدوا قوما يذكرون ال تنادوا هلموا‬
‫إل حاجتكم»‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫قال‪ :‬فيحفون م بأجنحت هم إل ال سماء الدن يا قال في سألم رب م و هو‬
‫أعلم بم ما يقول عبادي قال‪ :‬يقولون‪ :‬يُسبحونك ويُكبونك ويَحمدونك‬
‫ويُمجدونهك‪ .‬قال‪ :‬فيقول‪ :‬ههل رأونه؟ قال‪ :‬فيقولون‪ :‬ل وال مها رأوك‪،‬‬
‫قال‪ :‬فيقول‪ :‬كيف لو رأون؟‬
‫قال‪ :‬فيقولون‪ :‬لو رأوك كانوا أشههد لك عبادة وأشههد لك تجيدا‬
‫وأكثر لك تسبيحا‪ .‬قال‪ :‬فيقول‪ :‬فما يسألون؟ قالوا‪ :‬يسألونك النة‪ .‬قال‪:‬‬
‫فيقول‪ :‬وههل رأوهها؟ فيقولون‪ :‬ل وال يها رب مها رأوهها‪ .‬قال‪ :‬يقول‪:‬‬
‫فكيف لو رأوها؟‬
‫قال‪ :‬يقولون‪ :‬لو أنم رأوها لكانوا أشد عليها حرصا وأشد لا طلبا‬
‫وأعظم فيها رغبةً‪ .‬قال‪ :‬فمم يتعوذون؟ قال‪ :‬يقولون‪ :‬من النار‪ .‬قال‪ :‬فهل‬
‫رأوهها؟ قال‪ :‬يقولون‪ :‬ل وال يها رب مها رأوهها‪ .‬قال‪ :‬يقول‪ :‬فكيهف لو‬
‫رأوها؟ قال‪ :‬يقولون‪ :‬لو رأوها كانوا أشد فرارا وأشد لا مافة‪.‬‬
‫قال‪ :‬فيقول‪ :‬فأُشهدكهم أنه غفرت لمه‪ .‬قال‪ :‬يقول ملك مهن‬
‫اللئ كة‪ :‬فيهم فلن وفلن ل يس من هم إن ا جاء لا جة قال هم الُل ساء ل‬
‫يشقهى جليسههم» ولذلك حكث على اللوس فك مالس الذككر وشبهكه‬
‫بروضة النة‪.‬‬
‫وروى الترمذي عن أنس قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬إذا مررت برياض‬
‫ال نة فارتعوا‪ ،‬قالوا‪ :‬و ما رياض ال نة؟ قال‪ :‬حلق الذ كر» وروى أ بو داود‬
‫عن أب هريرة قال‪ :‬قال رسول ال ‪ « :‬ما من قوم يقومون من ملس ل‬
‫يذكر ال فيه إل قاموا عن مثل جيفة حار وكان عليهم حسرة»‪.‬‬
‫وروى مسلم عن حنظلة بن الربيع السدي قال‪ :‬لقين أبو بكر فقال‪:‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫كيف أنت يا حنظلة؟ قلت‪ :‬نافق حنظلة‪ .‬قال‪ :‬سبحان ال‪ ،‬ما تقول؟ قلت‪:‬‬
‫نكون عند رسول ال يُذكرنا بالنار والنة كأنا رأي عي فإذا خرجنا من‬
‫عند رسول ال عافسنا الزواج والضيعات نسينا كثيا‪.‬‬
‫قال أبو بكر إنا لنلقى مثل ذلك فانطلقت أنا وأبو بكر حت دخلنا على‬
‫ر سول ال فقلت‪ :‬نا فق حنظلة يا ر سول ال‪ ،‬نكون عندك وتُذكر نا بالنار‬
‫والنكة كأنكا رأي عيك فإذا خرجنكا مكن عندك عافسكنا الزواج والولد‬
‫والضيعات نسينا كثيا‪.‬‬
‫فقال ر سول ال ‪« :‬والذي نف سي بيده لو تدومون على ما تكونون‬
‫عندي وف الذكر لصافحتكم اللئكة على فرشكم وف طرقكم ولكن يا‬
‫حنظلة ساعة وساعة ثلث مرات»‪.‬‬
‫قال أ حد العلماء‪ :‬إذا ح صل الُ نس بذ كر ال انق طع عن غ ي ذ كر ال‬
‫وما سوى ال عز وجل هو الذي يُفارق عند الوت فل يبقى معه ف القب أهلٌ‬
‫ول مال ول ولد ول ولية ول يبقى إل عمله الصال ذكر ال وما وله‪.‬‬
‫فإن كان قد أ نس به ت تع به وتلذذ بانقطاع العوائق ال صارفة ع نه إذ‬
‫ضرورات الاجات ف الياة الدنيا تصد عن ذكر ال وعن العمال الصالة‬
‫ول يبقى بعد الوت عائق فكأنه خلي بينه وبي مبوبه فعظمت غبطته وتلص‬
‫من السجن الذي كان منوعا به عما به أنسه‪.‬‬
‫ولذلك قال ر سول ال ‪« :‬إن روح القدس ن فث ف رو عي‪ ،‬أح بب‬
‫ما أحببت فإنك مُفارقه أراد به كل ما يتعلق بالدنيا فإن ذلك يفن بالوت‬
‫ف حقه فكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو اللل والكرام»‪.‬‬
‫اللهكم اجعكل اليان هادما للسكيئات‪ ،‬كمكا جعلت الكفكر عادما‬

‫‪207‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫للح سنات ووفق نا للعمال ال صالات‪ ،‬واجعل نا م ن تو كل عل يك فكفي ته‪،‬‬
‫واستهداك فهديته ودعاك فأجبته‪ ،‬واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء‬
‫منهم واليتي برحتك يا رأرحم الراحي وصلى ال على مُحمدٍ وآله وصحبه‬
‫أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫ف فوائد ذكر ال تعال‬
‫قال ابن القيم رحه ال‪ :‬وف ذكر ال أكثر من مائة فائدة يرضي الرحن‬
‫ويطرد الشيطان ويز يل ال م ويلب الرزق ويك سب الها بة واللوة ويورث‬
‫مبة ال الت هي روح السلم‪.‬‬
‫ويورث العرفكة والنابكة والقرب وحياة القلب وذككر ال للعبكد وهكو‬
‫قوت القلب وروحكه ويلي صكداه ويطك الطايكا ويرفكع الدرجات ويُحدث‬
‫النس ويزيل الوحشة‪.‬‬
‫ويذكر بصاحبه وينجي من عذاب ال ويوجب تنل السكينة وغشيان‬
‫الرح ة وحفوف اللئ كة بالذا كر ويش غل عن الكلم الضار ويُ سعد الذا كر‬
‫ويُسعد به جليسه ويؤمن من السرة يوم القيامة وهو مع البكاء سبب لظلل‬
‫ال العبد يوم الشر الكب ف ظل عرشه‪.‬‬
‫ك يُعطكي السكائلي‪ ،‬وأنكه أيسكر‬
‫وأنكه سكبب لعطاء ال للذاككر أفضكل م ا‬
‫العبادات و هو من أجل ها‪ ،‬وأفضل ها؛ وأ نه غراس ال نة‪ ،‬وأن العطاء والف ضل‬
‫الذي رُتكب عليكه ل يُرتكب على غيه‪ ،‬وأن دوام الذككر للرب تبارك وتعال‬
‫يوجب المان من نسيانه الذي هو سبب شقاء العبد ف معاشه ومعاده‪.‬‬
‫وأن الذكر يُسي العبد وهو ف فراشه وف سوقه‪ ،‬وأن الذكر نور الذاكر‬
‫ف الدنيا ونور له ف قبه ونور له ف معاده وأن ف القلب خلة وفاقة ل يسدها‬
‫شيء ألبتة إل ذكر ال عز وجل‪.‬‬
‫وأن الذ كر ي مع ما تفرق على الع بد من قل به وإراد ته وهو مه وعز مه‬
‫والذ كر يُفرق ما اجت مع عل يه من الموم والغموم والحزان وال سرات على‬

‫‪209‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫موت حظوظه ومطالبه ويُفرق ما اجتمع على حربه من جند الشيطان‪.‬‬
‫وأن الذ كر يُن به القلب من نو مه ويوق ظه‪ ،‬والقلب إذا كان نائما فات ته‬
‫الرباح والتا جر‪ ،‬وأن الذ كر شجرة تُث مر العارف والحوال ال ت ش ر إلي ها‬
‫السالكون‪ ،‬فل سبيل إل نيل ثارها إل من شجرة الذكر‪.‬‬
‫وأن الذاكر قريب من مذكوره ومذكوره معه وهذه العية معية خاصة‪،‬‬
‫وأن الذكر يعدل عتق الرقاب ونفقة الموال والمل على اليل ف سبيل ال‬
‫عز وجل‪ ،‬وأن الذكر رأس الشكر‪ ،‬وأن أكرم اللق على ال من التقي من ل‬
‫يزال لسانه رطبا من ذكر ال‪.‬‬
‫وأن فك القلب قسكوة ل يُذيبهكا إل ذككر ال تعال وأن الذككر شفاء‬
‫القلب ودواؤه والغفلة مر ضه‪ ،‬وأن الذ كر أ صل موالة ال عز و جل وأ نه ما‬
‫استجلبت نعم ال واستدفعت نقمه بثل ذكر ال‪.‬‬
‫وأن الذكر يوجب صلة ال عز وجل وملئكته على الذاكر وأن من‬
‫شاء أن ي سكن رياض ال نة ف الدن يا فلي ستوطن مالس الذ كر فإن ا رياض‬
‫النة‪ ،‬وأن مالس الذكر مالس اللئكة‪.‬‬
‫وأن ال عز وجل يُباهي بالذاكرين ملئكته‪ ،‬وأن مُدمن الذكر يدخل‬
‫النة وهو يضحك وأن جيع العمال إنا شرعت إقامة لذكر ال تعال‪ ،‬وأن‬
‫أفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه ذكرا ل عز وجل‪ ،‬فأفضل الصوام أكثرهم‬
‫ذكرا ل عز وجل‪.‬‬
‫وأن ذكر ال يُسهل الصعب ويُيسر العسي ويُخفف الشاق‪ ،‬وأن ذكر‬
‫ال يذهب عن القلب ماوفه كلها‪ ،‬وله تأثي عجيب ف حصول المن‪ ،‬وأن‬
‫ف الشتغال بالذكر اشتغالً عن الكلم الباطل من الغيبة والنميمة واللغو‪ ،‬وأن‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫عمال الخرة كلهم ف مضمار السباق‪ ،‬والذاكرون أسبقهم ف ذلك الضمار‬
‫ولكن القترة والغبار ينعان من رؤية سبقهم‪.‬‬
‫فإذا انلى الغبار وانكشكف‪ ،‬رآهكم الناس‪ ،‬وقكد حازوا قصكب السكبق‪،‬‬
‫وأن الذكر سبب لتصديق الرب عز وجل عبده‪ ،‬فإنه أخب عن ال بأوصاف‬
‫كماله ونعوت جلله فإذا أخب با العبد صدقه ربه ومن صدق ال ل يُحشر‬
‫مع الكاذبي ورُجي له أن يُحشر مع الصادقي‪.‬‬
‫اللهم ألمنا ذكرك ووفقنا للقيام بقك وبارك لنا ف اللل من رزقك‬
‫ول تفضحنا بي خلقك يا خي من دعاه داع وأفضل من رجاه راج يا قاضيّ‬
‫الاجات وميب الدعوات هب لنا ما سألناه وحقق رجاءنا فيما تنيناه يا من‬
‫يلك حوائج ال سائلي ويعلم ما ف ضمائر ال صامتي أذق نا برد عفوك وحلوة‬
‫مغفرتك يا أرحم الراحي وصلى ال على مُحمدٍ وآله أجعي‪.‬‬
‫***‬

‫‪211‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫ومن فوائد الذكر أيضا ما ذكره ابن القيم رحه ال‪:‬‬
‫أن دور ال نة تُب ن بالذ كر‪ ،‬فإذا أم سك الذا كر عن الذ كر أم سكت‬
‫اللئ كة عن البناء‪ ،‬وأن الذ كر سد ب ي الع بد وب ي جه نم فإذا كا نت له إل‬
‫جهنكم طريكق عمكل مكن العمال‪ ،‬كان الذككر سكدا فك تلك الطريكق‪ ،‬وأن‬
‫اللئككة تسكتغفر للذاككر كمكا تسكتغفر للتائب‪ ،‬وأن البال والقفار تتباهكى‬
‫وتستبشر بن يذكر ال عز وجل عليها‪ ،‬وأن كثرة ذكر ال عز وجل أمان من‬
‫النفاق‪ ،‬فإن النافقي قليلو الذكر ل عز وجل‪.‬‬
‫ّهه إِل قَلِيل وأن‬
‫ُونه الل َ‬
‫قال تبارك وتعال فك النافقيك‪ :‬وَل َيذْ ُكر َ‬
‫للذ كر من ب ي العمال لذة ل يُشبه ها ش يء فلو ل ي كن للع بد من ثوا به إل‬
‫اللذة الا صلة للذا كر‪ ،‬وأ نه يك سو الو جة نضرةً ف الدن يا ونورا ف الخرة‪،‬‬
‫وأن ف دوام الذكر ف الطريق والبيت والضر والسفر والبقاع تكثيا لشهود‬
‫العبكد يوم القيامكة‪ ،‬فإن البقعكة والدار والبكل والرض تشهكد للذاككر يوم‬
‫القيامة‪ ،‬وأن الذكر يُعطي الذاكر قوة حت أنه ليفعل مع الذكر ما ل يظن فعله‬
‫بدو نه‪ ،‬قال و قد شاهدت من قوة ش يخ ال سلم ا بن تيم ية ف سننه وكل مه‬
‫وإقدا مه وكتاب ته أمرا عجيبا‪ ،‬فكان يك تب ف اليوم من الت صنيف ما يكت به‬
‫الناسخ ف جُمع ٍة وأكثر‪.‬‬
‫وقد علم النب ابنته فاطمة وعليا رضي ال عنهما أن يُسبحا كل ليلة‬
‫إذا أخذا مضاجعهمكا ثلثا وثلثيك‪ ،‬ويمدا ثلثا وثلثيك‪ ،‬ويُككبا‪ ،‬أربعا‬
‫وثلثيك‪ ،‬لاك سكألته الادم‪ ،‬وشككت إليكه مكا تُقاسكيه مكن الطحكن والسكعي‬
‫والدمة‪ ،‬فعلمها ذلك‪ ،‬وقال‪ :‬إنه خي لكما من خادم‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫فق يل إن من داوم على ذلك و جد قوة ف عمله مُغنيةً عن خادم‪ ،‬قال‬
‫و سعت ش يخ ال سلم ا بن تيم ية رح ه ال تعال يذ كر أثرا ف هذا الباب‪،‬‬
‫ويقول‪ :‬إن اللئكة لا أُمروا بمل العرش‪ ،‬قالوا يا ربنا كيف نمل عرشك‬
‫عليه عظمتك وجللك‪ ،‬فقال‪ :‬قولوا ل حول ول قوة إل بال‪.‬‬
‫فلما قالوا حلوه حت رأيت ابن أب الدنيا قد ذكر هذا الثر بعينه عن‬
‫الليث بن سعد عن معاوية بن صال قال حدثنا مشيختنا أنه بلغهم أن أول ما‬
‫خلق ال عكز وجكل حيك كان عرشكه على الاء حلة العرش قالوا‪ :‬ربنكا لاك‬
‫خلقتنا؟ قال‪ :‬خلقتكم لمل عرشي‪ .‬قالوا‪ :‬ربنا ومن يقوى على حل عرشك‬
‫وعليكه عظمتكك وجللك ووقارك‪ ،‬قال‪ :‬لذلك خلقتككم‪ ،‬فأعادوا عليكه ذلك‬
‫مرارا‪ ،‬فقال‪ :‬قولوا ل حول ول قوة إل بال فحملوه‪.‬‬
‫قال‪ :‬وهذه الكلمة لا تأثي عجيب ف معاناة الشغال الصعبة‪ ،‬وتمل‬
‫الشاق والدخول على اللوك و من يُخاف‪ ،‬وركوب الهوال‪ ،‬ول ا أيضا تأثيٌ‬
‫ف دفع الفقر قال‪ :‬ومبن الدين على قاعدتي الذكر والشكر‪.‬‬
‫وليكس الراد بالذ كر مُجرد ذ كر الل سان بل الذككر القلبك والل سان‪،‬‬
‫وذلك ي ستلزم معرف ته واليان به وب صفات كماله ونعوت جلله والثناء عل يه‬
‫بأنواع الدح وذلك ل يتكم إل بتوحيده فذكره القيقكي يسكتلزم ذككر نعمكه‬
‫وآلئه وإحسانه إل خلقه‪.‬‬
‫وأما الشكر فهو القيام بطاعته‪ ،‬فذكره مُستلزم لعرفته وشكره متضمن‬
‫لطاعته وها الغاية الت خلق لجلها الن والنس‪.‬‬
‫(فائههدة)‬
‫ب أزعجه فأعظم دواءٍ له قوة‬
‫قال الشيخ تقي الدين‪ :‬من اُبتُليّ ببلء قل ٍ‬

‫‪213‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫اللتجاء إل ال ودوام التضرع والدعاء بأن يتعلم الدعيكة الأثورة ويتوخكى‬
‫الدعاء ف مظان الجابة مثل آخر الليل وأوقات الذان والقامة وف السجود‬
‫وأدبار الصلوات‪ ،‬ويضم إل ذلك الستغفار‪.‬‬
‫وليتخكذ وردا مكن الذكار طرفك النهار وعنكد النوم‪ ،‬وليصكب على مكا‬
‫ح منه ويكتب‬
‫يعرض له من الوانع والصوارف‪ ،‬فإنه ل بد أن يؤيده ال برو ٍ‬
‫اليان ف قل به وليحرص على عمود الد ين‪ ،‬ولي كن هجياه ل حول ول قوة‬
‫إل بال العلي العظيم‪.‬‬
‫فإ نه ب ا ي مل الثقال ويُكا بد الهوال‪ ،‬وينال رف يع الحوال ول ي سأم‬
‫من الدعاء والطلب‪ ،‬فإن العبد يُستجاب له ما ل يعجل وليعلم أن النصر مع‬
‫ال صب‪ ،‬وأن الفرج مع الكرب وأن مع الع سر ي سرا‪ ،‬ول ي نل أ حد شيئا من‬
‫عميم الي إل بالصب وال الوفق‪.‬‬
‫َوقَد خَابَ قَو ٌم عَن َسبِيلِكَ َق ْد‬ ‫بِذِكِرِكَ يَا مَول الوَرَى‬
‫فَأَنْتَ تَرَى مَا فِي القُلوُبِِ‬ ‫شَهِدْنَا يَقِيْنا أَنّ عِلْمَكَ‬
‫أَسَأْنَا وَقصّرنَا وجُودُكَ‬ ‫إِلَهِي تَحَمّلْنَا ذُنُوبا‬
‫وَأَنْتَ تَرانَا ُث ّم تَعْفُو‬ ‫سَتَرْنَا مَعَاصِينَا عَن الْخَلقِ‬
‫صُدُودُكَ عَنْهُ بَل يَخَافُ‬ ‫وَحَقّكَ مَا فِيْنَا مُسيءُ‬
‫وَحَاجَاتِنَا بِالْمُقْتَضَى‬ ‫سَكَتْنَا عَن الشّكْوىَ حَيَاءً‬
‫فَهَلْ يَسْتَطِيْع الصّبْرَ عَنْهُ‬ ‫ِإذَا كَا َن ذُلّ العَبْدِ بِالْحَالِ‬
‫فَأَنْتَ اّلذِي تُوَلِىْ الْجَمِيلَ‬ ‫إِلَهِي فَجُدْ وَاصْفَحَ‬
‫وَوَفّقْتَهُم حَتّى أنابُوا‬ ‫وَأَنْتَ الّذِي قَرّبْتَ قَوما‬
‫فَأَنْتَ اّلذِي قَوّمْتَهُم‬ ‫وَقُلْتَ اسْتَقَامُوا مِنّةً‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫فَهُمْ فِي اللّيَالِي سَاجِدُونَ‬ ‫لَهُمْ فِي الدّجَى أُنْ ٌ‬
‫س‬
‫فَعَاشُوا بِهَا وَالنّاسُ سُكْرَى‬ ‫نَظَرْتَ إِليْهِم نَظْرةً‬
‫وَسَامِح وَسَلّمْنَا فَأنْتَ‬ ‫لَكَ الْحَمْدُ عَامِلْنَا بِمَا َأنْتَ‬
‫الل هم ألم نا ذكرك وشكرك ووفق نا ل ا وف قت له ال صالي من خل قك‬
‫واغفر لنا ولوالدينا وجيع السلمي برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على‬
‫ممد وآله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫قال ف حادي الرواح ول ا علم الوفقون ما خلقوا له و ما إياد هم له‬
‫رفعوا رءوسم فإذا علم النة قد رفع لم شروا إليه وإذا صراطها الستقيم قد‬
‫وضح لم فاستقاموا عليه ورأوا من أعظم الغب بيع ما ل عيُ رأت ول أُذ نٌ‬
‫سعت ول خطر على قلب بشر‪.‬‬
‫ف أبدٍ ل يزول ول ينفد بصبابة عيش إنا هو أضغاث أحلم أو كطيف‬
‫زار ف النام مشوب بالن غص مزوج بالغ صص إن أض حك قليلً أب كى كثيا‬
‫وإن سر يوما أحزن شهورا آل مه تز يد على لذا ته وأحزا نه أضعاف م سراته‬
‫أوله ماوف وآخره متالف‪.‬‬
‫فيا عجبا من سفيه ف صورة حكيم ومعتوه ف مسلخ عاقل آثر الظ‬
‫الفان السيس على الظ الباقي النفيس باع جنةً عرضها الرض والسموات‬
‫بسكج ٍن ضيكق بيك أرباب العاهات والبليات ومسكاكن طيبكة فك جنات عدن‬
‫تري من تتها النار بأعطانٍ ضيقة آخرها الراب والبوار‪.‬‬
‫وأبكارا عُربا أترابا كأننك الياقوت والرجان بقذرات دنسكات سكيئات‬
‫الخلق مُسافحات أو متخذات أخدا نٍ وحورا مقصوراتٍ ف اليام ببيثات‬
‫مُسيبات بي النام وأنارا من خر لذة للشاربي بشرا بٍ نس مُذهب للعقل‬
‫مُفسد للدنيا والدين‪ ،‬ولذة النظر إل وجه العزيز الرحيم بالتمتع برؤية الوجه‬
‫القبيح الذميم‪.‬‬
‫و ساع الطاب من الرح ن ب سماع العازف والغناء واللان واللوس‬
‫على منابر اللؤلؤ والياقوت والرجان والزبرجكد ويوم الزيكد باللوس فك مال‬
‫الفسوق مع كل شيطانٍ مريد‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وإنا يظهر الغب الفاحش ف هذا البيع يوم القيامة ويتبي سفه بائعه يوم‬
‫السرة والندامة إذا حشر التقون إل الرحن وفدا وسيق الجرمون إل جهنم‬
‫وردا ونادى النادي على رءوس الشهاد ليعلمن أهل الوقف من أول بالكرم‬
‫من بي العباد‪.‬‬
‫فلو توهم التخلف عن هذه الرفقة وما أعد لم من الكرام وادخر لم‬
‫من الفضل والنعام وما أخفي لم من قرة أعي ل يقع على مثلها بصر ول‬
‫سعته أذن ول خطر على قلب بشر علم أي بضاعة أضاع وأنه ل خي له ف‬
‫حياته وهو معدود من سقط التاع‪.‬‬
‫وأن القوم قد تو سطوا مُلكا كبيا ل تعتر يه الفات ول يلح قه الزوال‬
‫وفازوا بالنع يم الق يم ف جوار الرب ال كبي التعال‪ ،‬ف هم ف روضات النات‬
‫يتقلبون وعلى أسكرتا تتك الجال يلسكون وعلى الفرش التك بطائنهكا مكن‬
‫ق يتكئون وبالور العي يتمتعون‪.‬‬
‫استب ٍ‬
‫وبأنواع الثمار يتفكهون‪ :‬يَطُوفُ عَلَ ْيهِ ْم ِولْدَانٌ مُخَ ّلدُونَ * ِبأَكْوَابٍ‬
‫صدّعُونَ عَنْهَا وَل يُ ْن ِزفُو نَ * وَفَا ِك َهةٍ مِمّ ا‬ ‫س مِ ْن َمعِيٍ * ل يُ َ‬ ‫َوَأبَارِي َق وَ َكأْ ٍ‬
‫ه * َوحُورٌ عِيٌه * َكَأمْثَالِ الّل ْؤلُؤِ‬ ‫ه طَ ْي ٍر مِمّاه َيشَْتهُون َ‬
‫ه * َولَحْم ِ‬ ‫يَتَخَّيرُون َ‬
‫ف مِنْ َذهَبٍ‬ ‫الْ َمكْنُو نِ * َجزَا ًء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ‪ ،‬يُطَا فُ عَ َل ْيهِمْ بِ صِحَا ٍ‬
‫س وَتَ َلذّ العْيُ ُن َوَأنْتُ ْم فِيهَا خَالِدُونَ تا ال‬ ‫َوأَ ْكوَابٍ َوفِيهَا مَا َتشَْتهِي ِه الْنفُ ُ‬
‫ل قد نودي علي ها ف سوق الك ساد ف ما قلب ول ا ستام إل أفراد من العباد‬
‫وقال رحه ال ف النونية‪:‬‬
‫بِالِ مَا عُذْرٌ أمْرِءٍٍ هُو مُؤْمِنٌ‬
‫س بالْيَقْظَانِ‬ ‫حَقًا َبذَا لَيْ َ‬

‫‪217‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫بَلْ قَلْبُهُ فِي رَقْدَة فَِإذَا اسْتَفَا‬
‫قَ فَلُبْسُهُ هُو حُلةُ الكَسْلَنِ‬
‫تَالِ لَوْ شَاقَتْكَ جَنّاتُ النّعِيْه‬
‫همِ طَلَبْتَهَا بِنَفَائِسِ الَثْمَانِ‬
‫وَسَعَيْتَ جُهْدَكَ فِي وِصَالِ‬
‫وَكَواعِبٍ بِيْضِ الوُجُوهِ حِسَانٍ‬
‫جُلَيَتْ عَلَ ْيكَ عَرائسٌ وَالِ لَوْ‬
‫تُجْلَى عَلَى صَخْرٍٍ مِن الصّوّانِ‬
‫رَقّتْ حَواشِيْهِ وَعَادَ لِوْقَتِهِ‬
‫يَنْهَالُ مِثْلَ نَقَي مِن الكُثْبِانِ‬
‫َلكِنّ قَلْبَك فِي القَسَاوَةِ جَازَ‬
‫الصّخْرِ وَالْحَصْبَا ِء فِي أَشْجَانِ‬
‫لَوْ هَزّكَ الشّوْقُ الُقِيْمُ وَكُنْتَ‬
‫حِسٍّ لَمَا اسْتَبْدَلْتَ بِالَدْوَانِ‬
‫أَوْ صَادَفَتْ مِنَكَ الصّفَاتُ‬
‫ب َبذَا الشّانِ‬‫هبٍ ُكنْتَ ذَا طَلَ ٍ‬
‫حُورٌ تُزَفّ ِإلَى ضَرِيْرٍ مُقْعَدٍ‬
‫يَا مِِحْنَ ِة الْحَسْنَاءِ بِالْعُمْيَانِ‬
‫شَمْسٌ لِعنّيْ تَزَفُ إليِهِ مَا‬
‫ذَا حِيَلَةُ الْعِنّيْن فِي الغَشَيَان‬
‫يَا سِلْعَةَ الرّحْمَن لَسْتَ‬
‫بَلْ َأنْتَ غَالية عَلَى الْكَسْلَنِ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫يَا سِلْعَةَ الرّحْمَنِ لَيْسَ يَنَالَهَا‬
‫باللْفِ إِلّ وَاحدٌ لَ اثْنَانِ‬
‫يَا سِلْعَةَ الرّحْمَنِ مَاذَا كَفُوْهَا‬
‫إِلّ أوُلُوا التّقْوَى مَعَ اليْمَانِ‬
‫يَا سِلْعَةَ الرّحْمَنِ سُوقُكِ‬
‫بِيْنَ الَرَاذَلِ سَفُلَةِ الْحَيَوَانِ‬
‫يَا سِلْعَةَ الرّحْمَنِ َأيْ َن الْمُشْتَري‬
‫فَلَقَدْ عُرِضْتِ بأيْسَرِ الَثْمَانِ‬
‫يَا سِلْعَةَ الرّحْمَنِ هَلْ مِن‬
‫فَالْمَهْرُ قَبْلَ الَوتِ ذُوْ إِمْكَانِ‬
‫يَا سِلْعَةَ الرّحْمَنِ كَيْفَ تَصْبّر‬
‫هخُطّابُ عَنْكَ وَهُمْ ذَوُو إِيْمَانِ‬
‫يَا سِلْعَةَ الرّحْمَنِ لَوْلَ أَنّهَا‬
‫حُجبَتْ بِكُلّ مَكَارِه النْسَانِ‬
‫مَا كَانَ عَنْهَا قَطُ مِن مُتَخَلّفٍ‬
‫وَتَعَطّلَتْ دَارُ الْجَزاءِ الثّانِي‬
‫َلكِِنّهَا حُجِبَتْ بِكُلّ كَريْهَةٍ‬
‫لِيَصُدّ عَنْهَا الْمُبْطِلُ الْمُتَوانِي‬
‫وَتَنَالُهَا الْهِمَمُ الّتِي تَسْمُوا ِإلَى‬
‫رَبّ العُلى بِمَشيْئَةِ الرّحْمَنِ‬
‫اللهم اجعلنا من التقي البرار وأسكنا معهم ف دار القرار‪ ،‬اللهم وفقنا‬
‫ب سن القبال عل يك وال صغاء إل يك ووفق نا للتعاون ف طاع تك والبادرة إل‬

‫‪219‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫خدمتك وحسن الداب ف معاملتك والتسليم لمرك والرضا بقضائك والصب‬
‫على بلئك والش كر لنعمائك‪ ،‬واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء‬
‫منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على ممد وآله أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫ف فضائل الستغفار‬
‫يُستحب الكثار من الستغفار ف كل وقت‪ ،‬ويتأكد ف الزمان الفاضل‪،‬‬
‫هحَا ِر ‪ ،‬وقال‪َ :‬أفَل‬ ‫هَت ْغ ِفرِي َن بِالس ْ‬
‫والكان الفاضكل‪ ،‬قال تعال‪ :‬وَاْلمُس ْ‬
‫يَتُوبُو َن ِإلَى اللّ هِ َويَ سْتَ ْغ ِفرُوَنهُ وَاللّ هُ َغفُورٌ َرحِي مٌ ‪ ،‬وقال تعال‪َ :‬ومَا كَا نَ‬
‫اللّهُ ُم َع ّذبَهُمْ وَهُمْ يَسَْت ْغ ِفرُونَ ؛ وقال تعال‪ ،‬مُخبا عن نوح‪َ … :‬فقُلْتُ‬
‫اسَْت ْغ ِفرُوا َربّكُ ْم ِإنّهُ كَانَ َغفّارًا * ُيرْ ِسلِ السّمَاءَ عَلَ ْيكُ ْم مِدْرَارًا * َويُ ْمدِدْكُمْ‬
‫ج َعلْ َلكُ ْم جَنّا تٍ ال ية‪ ،‬وقال تعال‪ :‬وَاّلذِي َن ِإذَا َفعَلُوا‬ ‫ِبَأمْوَا ٍل َوبَنِيَ َويَ ْ‬
‫ه َي ْغ ِفرُ‬
‫ِمه َومَن ْ‬
‫هتَ ْغ َفرُوا لِ ُذنُوِبه ْ‬
‫ّهه فَاس ْ‬
‫ُسههُ ْم ذَ َكرُوا الل َ‬
‫ش ًة أَوْ َظلَمُوا َأْنف َ‬ ‫فَاحِ َ‬
‫ْسهُه ثُمّ‬‫ِمه نَف َ‬
‫َنه َيعْ َملْ سهُوءًا َأوْ يَظْل ْ‬
‫ّهه ‪ .‬وقال تعال‪َ :‬وم ْ‬ ‫ُوبه إِل الل ُ‬ ‫الذّن َ‬
‫ج ِد ال ّلهَ َغفُورًا َرحِيمًا ‪.‬‬ ‫َيسَْت ْغفِ ِر ال ّلهَ يَ ِ‬
‫وعكن شداد بكن أوس عكن النكب قال‪« :‬سهيد السهتغفار أن يقول‬
‫العبد‪ :‬اللهم أنت رب‪ ،‬ل إله إل أنت‪ ،‬خلقتن وأنا عبدك‪ ،‬وأنا على عهدك‬
‫ووعدك ما استطعت‪ ،‬أعوذ بك من شر ما صنعت‪ ،‬أبوء لك بنعمتك عليّ‪،‬‬
‫وأبوء بذنب‪ ،‬فاغفر ل‪ ،‬إنه ل يغفر الذنوب إل أنت»‪.‬‬
‫وعن ابن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬إنا كنا لنعد لرسول ال ف الجلس‬
‫يقول‪« :‬رب اغفر ل‪ ،‬وتب علي‪ ،‬إنك أنت التواب الغفور» مائة مرة‪.‬‬
‫وعن عبد ال بن بُسر قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬طوب لن وجد ف‬
‫صحيفته‪ :‬استغفار كثي»‪.‬‬
‫و عن أ ب هريرة قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬إن ال عز و جل لي فع‬
‫الدرجهة للعبهد الصهال فه النهة فيقول‪ :‬يها رب‪ ،‬أنه ل هذه؟ فيقول‪:‬‬

‫‪221‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫باستغفار ولدك لك»‪.‬‬
‫وعكن ابكن عباس رضكي ال عنهمكا قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬مهن لزم‬
‫الستغفار جعل ال له من كل ه مٍ فرجا ومن كل ضي ٍق مرجا‪ ،‬ورزقه من‬
‫حيث ل يتسب»‪.‬‬
‫و عن ال غر الز ن قال ر سول ال ‪« :‬إ نه ليغان على قل ب‪ ،‬وإ ن‬
‫لستغفر ال ف اليوم مائة مرة»‪.‬‬
‫وقال حُذيفة‪ :‬كنت ذرب اللسان على أهلي‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬لقد‬
‫خش يت أن يُدخل ن ل سان النار‪ ،‬فقال ال نب ‪« :‬فأ ين أ نت من ال ستغفار‪،‬‬
‫فإن لستغفر ال ف اليوم مائة مرة» أخرجه النسائي‪.‬‬
‫وعن زيد مول رسول ال ‪ ،‬أنه سع النب يقول‪« :‬من قال‪ :‬استغفر‬
‫ال الذي ل إله إل هو‪ ،‬الي القيوم‪ ،‬وأتوب إليه غفر له‪ ،‬وإن كان قد فر‬
‫من الزحف» رواه أبو داود‪.‬‬
‫و عن أ ب سعيد الدري عن ال نب قال‪ « :‬من قال ح ي يأوي إل‬
‫فراشه‪ :‬استغفر ال الذي ل إله إل هو‪ ،‬الي القيوم‪ ،‬وأتوب إل يه – ثلث‬
‫مرات – غُفرت له ذنوبهه‪ ،‬وإن كانهت عدد رمهل عال‪ ،‬وإن كانهت عدد‬
‫أيام الدنيا» رواه الترمذي‪.‬‬
‫و عن أ نس سعت ر سول ال يقول‪« :‬قال ال تعال‪ :‬يا ا بن آدم‬
‫إ نك ما دعوت ن ورجوت ن غفرت لك على ما كان م نك ول أبال‪ ،‬يا ا بن‬
‫آدم‪ ،‬لو بلغت ذنوبك عنان السماء ث استغفرتن غفرت لك ول أبال‪ ،‬يا‬
‫ا بن آدم إ نك لو أتيت ن بقراب الرض خطا يا ث لقيت ن ل تشرك ب شيئا‬
‫لتيتك بقرابا مغفرة رواه الترمذي»‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وعن أب سعيد الدري عن النب قال‪« :‬قال إبليس‪ :‬وعزتك ل‬
‫أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم ف أجسادهم‪ ،‬فقال‪ :‬وعزت وجلل‬
‫ل أزال أغفر لم ما استغفرون»‪.‬‬
‫و عن الزب ي أن ر سول ال قال‪ « :‬من أ حب أن ت سره صحيفته‬
‫فليكثر فيها من الستغفار»‪.‬‬
‫وعكن أبك هريرة عكن الرسكول قال‪« :‬إن العبهد إذا أخطهأ خطيئة‬
‫نكتت ف قلبه نكتة‪ ،‬فإن هو نزع واستغفر صُقلت‪ ،‬فإن عاد زيد فيها حت‬
‫تعلو قلبه‪ ،‬فذلك الران الذي ذكر ال تعال‪ :‬كَل َبلْ رَانَ عَلَى قُلُوِبهِ ْم مَا‬
‫كَانُوا َي ْكسِبُونَ »‪.‬‬
‫وروي عن أ نس أن ر سول ال قال‪« :‬إن للقلوب صدأ ك صدأ‬
‫النحاس‪ ،‬وجلؤها الستغفار»‪.‬‬
‫وروي عن أنس بن مالك قال‪ :‬كان رسول ال ف مسية‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫«استغفروا ال‪ ،‬فاستغفرنا‪ ،‬فقال‪ :‬أتوها سبعي مرة‪ ،‬فأتمناها‪ ،‬فقال رسول‬
‫ال ‪ :‬ما من ع بد ول أ مة ي ستغفر ال ف يو مٍ سبعي مرة إل غ فر ال له‬
‫سبعمائة ذنب‪ ،‬وقد خاب عبد أو أمة عمل ف يو مٍ وليلة أكثر من سبعمائة‬
‫ذنب»‪.‬‬
‫و عن أ ب هريرة قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬والذي نف سي بيده لو ل‬
‫تُذنبوا لذهب ال تعال بكم ولاء بقو ٍم يُذنبون فيستغفرون ال تعال فيغفر‬
‫لم» رواه مسلم‪.‬‬
‫وف حديث سلمان‪« :‬فاستكثروا فيه من خصلتي تُرضون بما ربكم‬
‫وخ صلتي ل غ ن ل كم عنه ما‪ ،‬فأ ما ال صلتان اللتان تُرضون ب ما رب كم‬

‫‪223‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫فشهادة أن ل إله إل ال‪ ،‬والستغفار وأما الت ل غن بكم عنهما فتسألونه‬
‫النة وتعوذون به من النار»‪.‬‬
‫فهذه الصكال الربكع الذكورة فك الديكث كلٌ منهكا سكبب للمغفرة‬
‫والعتق من النار‪ ،‬فأ ما كل مة الخلص فإن ا تدم الذنوب وتحوها موا‪ ،‬ول‬
‫تُبقي ذنبا‪ ،‬ول يسبقها عمل‪ ،‬وهي تعدل عتق الرقاب الذي يوجب العتق من‬
‫النار‪ ،‬و من أ تى ب ا ح ي يُ صبح وح ي يُمسي أعت قه ال من النار‪ ،‬و من قال ا‬
‫خالصا من قلبه حرمه ال على النار‪.‬‬
‫وأ ما كل مة ال ستغفار ف من أع ظم أ سباب الغفرة‪ ،‬فإن ال ستغفار دُعاء‬
‫بالغفرة‪ ،‬ودعاء الصكائم إذا اجتمعكت له الشروط وانتفكت الوانكع مُسكتجاب‬
‫حال صيامه وعند فطره‪.‬‬
‫وف حديث أب هريرة‪« :‬ويغفر ال إل لن أب‪ ،‬قالوا يا أبا هريرة ومن‬
‫يأب؟ قال‪ :‬يأب أن يستغفر ال»‪.‬‬
‫وقال لقمان لبنه‪ :‬يا بُن عود لسانك الستغفار‪ ،‬فإن ل ساعات ل يرد‬
‫فيها سائلً‪ ،‬وقد جع ال بي التوحيد والستغفار‪ ،‬ف قوله‪ :‬فَاعْلَ ْم َأنّ هُ ل‬
‫ِإَلهَ إِل ال ّل ُه وَاسَْتغْ ِف ْر ِلذَنِْبكَ ‪.‬‬
‫وفك بعكض الثار‪ :‬أن إبليكس قال‪ :‬أهلككت الناس بالذنوب وأهلكونك‬
‫بالستغفار ول إله إل ال‪.‬‬
‫والستغفار ختام العمال الصالة كلها فيختم به الصلة والج والقيام‬
‫ف الليل ويتم به الجالس‪ ،‬فإن كانت ذكرا كان كالطابع عليها وإن كانت‬
‫لغوا كان كفارة لا‪ ،‬فكذلك ينبغي أن يُختتم صيام رمضان بالستغفار يُرقِع‬
‫ما ترق من ال صيام بالل غو والر فث "ويت هد ف الكثار من العمال والتقلل‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫من شواغل الدنيا والقبال على الخرة ما دام ف قيد الياة"‪.‬‬
‫ومن عظة السن البصري لعمر بن عبد العزيز‪ :‬أما بعد فإن الدنيا دار‬
‫ظ عن لي ست بدار إقا مة ل ا ف كل ح ي قت يل‪ ،‬تُذل من أعز ها‪ ،‬وتُف قر من‬
‫جعها هي كالسم يأكله من ل يعرفه وفيه حتفه‪ ،‬فكن فيها كالداوى جراحه‬
‫يت مي قليلً ما فة ما يكره طويلً وي صب على شدة الدواء ما فة طول الداء‪،‬‬
‫فاحذر هذه الدنيكا الداعكة الغدارة التالة التك قكد تزينكت بدعهكا وقتلت‬
‫بغرورها وتلت بآمالا وسوفت بُطّابا‪.‬‬
‫فأ صبحت كالعروس الجل ية‪ ،‬العيون إلي ها ناظرة والقلوب علي ها وال ة‬
‫وهكي لزواجهكا كُلهكم قاليكة‪ ،‬فل الباقكي بالاضكي مُعتكب ول الخكر بالول‬
‫مُزدجر‪ ،‬فعاشق لا قد ظفر منها باجته فاغتر وطغى ونسي العاد فشغل فيها‬
‫لُبكه حتك زلت بكه قدمكه فعظمكت ندامتكه وكثرت حسكرته واجتمعكت عليكه‬
‫سكرات الوت وتأله وحسرات الفوت بغصته‪ ،‬وراغب فيها ل يُدرك منها ما‬
‫طلب ول يرح نفسه من التعب فخرج بغي زا ٍد وقدم على غي مهاد‪.‬‬
‫فاحذرها يا أمي الؤمني وكن أس ّر ما تكون فيها احذر لا فإن صاحب‬
‫الدنيا كلما اطمأن فيها إل سرور أشخصته إل مكروه وضار وقد وصل الرخاء‬
‫منهكا بالبلء وجُعكل البقاء إل فناء فسكرورها مشوب بالحزان أمانيهكا كاذبكة‬
‫وآمالا باطلة وصفوها كدر وعيشها نكد وابن آدم فيها على خطر اهك‪.‬‬
‫شعرا مقول على لسان حال الدنيا‪:‬‬
‫س بالبَاكِي وَ َل الُتَبَاكِي‬ ‫مَنْ لَيْ َ‬
‫س بِزاك‬‫لِقَبيح مَا يَأْتِي فَلَيْ َ‬
‫نادَتْ بِي ال ّدنْيَا فَقلْتُ لَهَا‪:‬‬
‫مَا ُعدَّ فِي الَكْيَاسِ مِن لبّاكِ‬

‫‪225‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وَلَما صَفَا عِ ْن َد الِلَه َولَ دَنَا‬
‫مِنهُ امْرُؤٌ صَافَاكِ أَوْ دَاناكِ‬
‫مَا زَلْتِ خَادِعَت بِبَرْقٍ خُلّبٍ‬
‫وَلَوْ اهْتَديتُ لَما انْخَدَعْتُ‬
‫قالَتْ أَغَرّكَ مِن جَنَاحِكَ‬
‫وَكَا َن ِب ِه َقدْ قُصّ فِي أشْراكي‬
‫تالِ مَا فِي الَرْضِ مَوْضِع رَاحَةٍ‬
‫إِلّ َوقَد نُصبتْ عَلَ ْيهِ شِبَاكِي‬
‫طِرْ كَيْفَ شِئْتَ فَأَنْتَ فِيِهَا‬
‫عَانٍ بِهَا لَ يُرتَجَى لِفَكاك‬
‫مَنْ كَا َن يَصْرَعُ قِرْنَهُ فِي مَعْرَكٍ‬
‫فعَلَى صَرْعَتُهُ بِغَيْرِ عِرَاكِ‬
‫مَا أَعْرِفُ العَضْبَ الصّقِيلَ َولَ‬
‫وَلَقَد بَطَشْتُ بِذِي السّلحِ‬
‫كَمْ ضَيْغَم عَفّرْتُهُ بعَريِنَه‬
‫وَلَكَم فَتَكْتَ بأفْتَكِ الفّتّاك‬
‫فَأجَبْتُها مُتَعَجّبا مِن غَدْرها‬
‫أجَزَيتِ بالبَغْضاءِ مِن يَهْواكِ‬
‫لَجَلتُ عَيْنِي فِي بَنِيكِ فَكلّهم‬
‫أَسْراك أَو جَرحَاك أَوْ صَرعاك‬
‫لَوْ قَارضُوك عَلَى صنِيعَك فِيْهمُ‬
‫قَطَعُوا مَدى أَعْمَارِهِمْ بِقِلكِ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫طُمِسَتْ عُقُولُهُم ونُورُ قُلوبِهم‬
‫فَتَهافَتُوا حِرصا عَلَى حَلْواك‬
‫فَكأَنّهُم مِثلُ الذّبَابِ تَساقطتْ‬
‫فِي الَرَى حَتّى استُؤصِلُوا بِهَلَكِ‬
‫لَ كُنْتِ مِن أمٍ لَنا أكّالةٍ‬
‫بَعْدَ الوِلَدَةِ‪ ،‬مَا أقَلّ حَياكِ!‬
‫وَلَقَد عَهدْنَا المّ تَلْطُفُ‬
‫ت مَا أقْسَاكَ‬‫عَطْفا عَلَ ْي ِه َوأَنْ َ‬
‫مَا فَوقَ ظَهْرِكَ قَاطِنٌ أَوْ ظَاعِنٌ‬
‫إِلّ سيُهْشَمُ فِي ثِفَالِِ رَحاك‬
‫ت دَاءٌ كامِنٌ‬‫أنتِ السّرابُ َوأَنْ َ‬
‫بي الضّلوعِ فَمَا أعَزّ دَواكِ‬
‫يُعْصَى اللَه ِإذَا أطِعتِ وَطاعِتِيْ‬
‫لِ َربّي أنْ أُشَقّ عَصاك‬
‫فَرْضٌ عَلَيْنَا بِرّنا أَمّاتِنا‬
‫وَعُقوقُهنّ مُحَر ٌم إِلّك‬
‫ما أن يَدُومُ الفقرُ فيكِ َولَ الغِنَى‬
‫سِيّان فَقْرُك عِنْدنا وغِنْاك‬
‫أَيْنَ الْجَبَابرةُ الل وَرِياشُهُم‬
‫قَد بَاشَرُوا بَعْدَ الْحَرِيْرِ ثَراكِ‬
‫وَلَطَالَمَا رُدّوا بارديةِ البَها‬
‫فَتَعوّضُوا مِنْهَا رِداءَ رَداك‬

‫‪227‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫كَانَتْ وُجُوهُهُم كَأقمارِ الدّجَا‬
‫فَغَدَت مُسَجّاةً بِثَوبِ دُجَاك‬
‫وَعَنَتْ لِقَيّومِ السّمَاوَاتِ العُلَ‬
‫رَبّ الْجَمِيْعِ‪ ،‬وَقَاهِرِ الَمْلَك‬
‫وَجَللِ َربّي لَوْ تَصِحّ عَزائِمي‬
‫لَزَهِدْتُ فِيكِ وَلبتَغَيتُ سِواكِ‬
‫وَأخَذْت زَادي مِنْكِ مَنْ عَمَل‬
‫وَشَدَدْتُ إِيْمَانِي بِنَقْضِ‬
‫وَحَطَطْتُ رَحْلِي تَحْتَ ألوِيَةِ‬
‫وَلَمَا رَآنِي ال تَحْتَ لِواكِ‬
‫ك فَسَوفَ يَلْحَقُكَ‬ ‫مَهْلً عَلَ ْي َ‬
‫فَتُرَى بِل أَرْضٍ وَ َل أَفْلَك‬
‫ويُعيدُنا رَبّ أَمَاتَ جَمِيعَنَا‬
‫لِيَكُونَ يُرْضِى غَيْرَ مَنْ أَرْضَاك‬
‫وَالِ مَا الْمَحْبُوبُ عِ ْن َد مَليكِهِ‬
‫إِلّ لَبيْبُ لَمْ يَزَلْ يَشناكِ‬
‫ل لِعَقائِل‬ ‫هَجرَ الغَوانِي واصِ ً‬
‫يَضْحَكْنَ حُبّاً لِلولّي البَاكِي‬
‫إِنّي أَرِقْتُ لَهُنّ لَ لِحَمائِم‬
‫تَبْكي الْهَدِيلَ عَلَى غُصُونِ أَراكِ‬
‫لَ عَيْشَ يَصْفُو لِلمُلوكِ وَإِنّمَا‬
‫تَصْفُو وَتُحْمَدُ عِيْشِةُ النّسّاكِ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وَمن الِلَه عَلَى النّبِي صَلتُهُ‬
‫عَددَ النّجُومِ وعِدّة المْلكِ‬
‫الل هم يا من ل تضره الع صية ول تنف عه الطا عة أيقظ نا من نوم الغفلة‬
‫ونبهنا لغتنام أوقات الهلة ووفقنا لصالنا واعصمنا من قبائحنا وذنوبنا ول‬
‫تؤاخذنا با انطوت عليه ضمائرنا وأكنته سرائرنا من أنواع القبائح والعائب‬
‫ال ت تعلم ها م نا واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي‬
‫برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫ف أحكام العتكاف ف السجد‬
‫العتكاف لغة‪ :‬لزوم الشيء‪ ،‬وحبس النفس عليه برا كان أو غيه‪ ،‬وف‬
‫الشرع‪ :‬لزوم مسلم ل غسل عليه‪ ،‬عاقل ولو ميز‪ ،‬مسجدا ولو ساعة من ليل‬
‫أو نار لطاعة ال‪.‬‬
‫وهو سنة ف كل وقت‪ ،‬وف رمضان آكده‪ ،‬وآكده عشره الخي‪ ،‬لا‬
‫ورد عن عائ شة ر ضي ال عن ها قالت‪« :‬كان ر سول ال يعت كف الع شر‬
‫الواخر من رمضان»‪.‬‬
‫و عن أ نس قال‪« :‬كان ال نب صلى ال عل يه و سلم يعت كف الع شر‬
‫الواخكر مكن رمضان‪ ،‬فلم يعتككف عاما فلمكا كان فك العام القبكل إعتككف‬
‫عشرين»‪.‬‬
‫أ ما كو نه ل ي صح من الكا فر‪ ،‬فل نه من فروع اليان‪ ،‬ول ي صح م نه‬
‫كالصوم‪ ،‬وأما من زال عقله كالجنون فلنه ليس من أهل العبادات فلم يصح‬
‫منه‪.‬‬
‫أما كونه ل غسل عليه‪ ،‬فلقوله صلى ال عليه وسلم ف حديث عائشة‬
‫رضي ال عنها‪« :‬إن ل أحل السجد لائض ول جنب»‪.‬‬
‫وأما كونه ف مسجد‪ ،‬فلقوله تعال‪ :‬وََأنْتُ مْ عَا ِكفُو َن فِي الْمَ سَاجِ ِد‬
‫ول يصح إل ف مسجد تقام فيه الماعة‪ ،‬لن العتكاف ف غيه يُفضي إما‬
‫إل ترك الما عة‪ ،‬أو تكرر الروج إلي ها كثيا مع إمكان التحرر م نه‪ ،‬و هو‬
‫ف للعتكاف‪.‬‬ ‫منا ٍ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫والعتكاف ف م سجد تقام ف يه الم عة أف ضل‪ ،‬لئل يتاج إل الروج‬
‫إليهكا‪ ،‬ولن ثواب الماعكة فك الامكع أكثكر‪ ،‬ولنكه صكلى ال عليكه وسكلم‬
‫اعتكف ف السجد الامع‪.‬‬
‫ويبك العتكاف بالنذر‪ ،‬قال ابكن النذر أجعك أهكل العلم على أن‬
‫العتكاف ل يب على الناس فرضا إل أن يوجب الرء على نفسه العتكاف‬
‫نذرا‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم‪« :‬من نذر أن يُطيع ال فليطعه»‪.‬‬
‫والفضكل أن يعتككف بصكوم‪ ،‬ولن النكب كان يعتككف فك شهكر‬
‫رمضان‪ ،‬فإن اعتكف بغي صوم جاز‪ ،‬لديث عمر قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول‬
‫ال‪ ،‬إ ن نذرت ف الاهل ية أن أعت كف ليلة ف ال سجد الرام قال‪« :‬فأوف‬
‫بنذرك»‪.‬‬
‫ولو كان ال صوم شرطا ف يه ل ا صح اعتكاف الل يل‪ ،‬وكال صلة و سائر‬
‫العبادات‪.‬‬
‫ول يصح اعتكاف إل بنية‪ ،‬لنه عبادة مضة‪ ،‬ولديث‪« :‬إنا العمال‬
‫بالنيات»‪.‬‬
‫و من نذر العتكاف أو ال صلة ف م سجد غ ي الثل ثة‪ ،‬و هي‪ :‬ال سجد‬
‫الرام‪ ،‬ومسجد الدينة‪ ،‬والسجد القصى‪ :‬جاز له أن يعتكف ف غيه لنه ل‬
‫مزية لبعضها على بعض‪.‬‬
‫وإن نذر أن يعتكف ف السجد الرام لزمه أن يعتكف فيه لا روي عن‬
‫عمر أنه سأل النب ‪ :‬قال‪ :‬كنت نذرت ف الاهلية أن أعتكف ليلة ف‬
‫السجد الرام قال‪« :‬أوف بنذرك»‪.‬‬
‫ولنه أفضل من سائر الساجد‪ ،‬ول يوز أن يُسقط فرضه با دونه‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وإن نذر أن يعت كف ف م سجد الدي نة جاز له أن يعت كف ف ال سجد‬
‫الرام‪ ،‬لنه أفضل منه‪ ،‬ول يز أن يعتكف ف السجد القصى‪ ،‬لن مسجد‬
‫النب أفضل منه‪.‬‬
‫وإن نذر أن يعتككف فك السكجد القصكى جاز له أن يعتككف فك أي‬
‫السجدين أحب لنما أفضل منه‪ .‬بدليل قوله ‪ « :‬صلةٌ ف مسجدي هذا‬
‫أفضل من ألف صلة فيما سواه إل السجد الرام»‪.‬‬
‫ول يوز للمعت كف أن يرج من ال سجد لغ ي عذر‪ ،‬ل ا روت عائ شة‬
‫ر ضي ال عنها قالت‪« :‬إن ر سول ال ليد خل على رأسه وهو ف ال سجد‬
‫فأرجله‪ ،‬وكان ل يدخل البيت إل لاجة إذا كان معتكفا»‪.‬‬
‫وعن ها ر ضي ال عن ها قالت‪« :‬ال سُنة على العت كف أن ل يعود مريضا‪،‬‬
‫ول يشهد جنازة‪ ،‬ول يس امرأة ول يُباشرها‪ ،‬ول يرج لاجة إنسان إل ما‬
‫ل بد منه‪ ،‬ول اعتكاف إل بصوم‪ ،‬ول اعتكاف إل ف مسجدٍ جامع»‪.‬‬
‫فإن خرج مكن غيك عذر بطكل اعتكافكه‪ ،‬لن العتكاف‪ :‬اللبكث فك‬
‫ال سجد‪ ،‬فإذا خرج فقد فعل ما ينافيه من غي عذر كما لو أكل ف الصوم‬
‫ذاكرا‪.‬‬
‫ويوز أن يرج لاجة النسان ول يبطل اعتكافه‪ ،‬وكذا إن خرج من‬
‫السجد ناسيا ل يبطل اعتكافه‪ ،‬لقوله ‪« :‬رُفع عن أمت الطأ والنسيان وما‬
‫استكرهوا عليه»‪.‬‬
‫ويستحب للمعتكف التشاغل بفعل القرب كقراءة القرآن‪ ،‬والحاديث‬
‫الصحيحة‪ ،‬والصلة‪ ،‬وذكر ال‪ ،‬ونو ذلك‪.‬‬
‫وسن له اجتناب ما ل يعنيه من جدل ومرا ٍء وكثرة كلم لا ورد عن أب‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫هريرة قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬من حُسن إسلم الرء تركه ما ل يعنيه»‪.‬‬
‫الل هم وفقنا لصال العمال‪ ،‬ون نا من جيع الهوال‪ ،‬وأم نا من الفزع‬
‫ال كب يوم الر جف والزلزال‪ ،‬واغ فر ل نا ولوالدي نا‪ ،‬ولم يع ال سلمي الحياء‬
‫منهم واليتي برحتك يا ارحم الراحي‪ ،‬وصلى ال على ممدٍ وآله وصحبه‬
‫أجعي‪.‬‬
‫قُمْ فِي الدّجَى يَا َأّيهَا الْمُتَعَْدُ‬
‫ق السِرَةِ تَرْقَد‬ ‫حَتّى مَتَى فَو َ‬
‫قُمْ وادْعُ مَولَكَ اّلذِي خَلَقَ‬
‫وَالصّبْحَ وامضِ َفقَد دَعَاكَ‬
‫وَاسْتَغفرِ الَ العَظِيمَ بذِلّةٍ‬
‫وَاطَلبْ رضاهُ فجُودُهُ لَ يَنَفْذُ‬
‫وَانْدَمْ عَلَى مَا فاتَ واندبْ مَا‬
‫بالمسِ واذْكُرْ مَا يَجَيء ِبهِ الغَدُ‬
‫وَاضرعُ وَقُلْ‪ :‬يَا رَبّ عَفْوَكَ‬
‫مِنْ دُون عَفْوك لَيْسَ لِي مَا يَعْضُدُ‬
‫أسَفا عَلَى عُمْرِي اّلذِي ضِيّعْتُهُ‬
‫ت فَوْقِي تَرْصُدُ‬ ‫تَحْتَ ال ّذنُوب وََأنْ َ‬
‫يَا رَبّ ل أَحْسِبْ مَرارَةَ‬
‫عَنْ زَلةٍ َق ْد ذَابَ مِنْهَا الْمَورِدُ‬
‫يَا رَبّ َقدْ ثَقُلَتْ عَلَيّ كَبائِر‬
‫بِإزاء عَيْنِي لَمْ تَزَلْ تَتَرَدّدُ‬
‫يَا رَبّ مَالِي غَي لُطْفِكَ مَلْجَأً‬

‫‪233‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وَلعَلّنِي عَن بَابِهِ لَ أُطرد‬
‫يَا رَبّ هَبْ لِي تَوْبَةً أَقْضِي‬
‫دَيْنا عَلَيّ ِبهِ جَلَلُكَ يَشْهَدُ‬
‫أَنْتَ الْخَبِيُ بِحَالِ عَبْدِكَ إِنّهُ‬
‫بِسَلسِل الوزرِ الثّقِيْلِ مُقَيّدُ‬
‫ع يَلْتِجي‬
‫أَنْتَ الْمُجِيبُ ِل ُكلّ دَا ٍ‬
‫أَنْتَ الِمجيُ لِ ُكلّ مَنْ يَسْتَنْجِدُ‬
‫مِنْ أَيّ بَحْرٍ غَيْرَ بَحْرِكَ‬
‫وَليّ بِابٍ غَيْرَ بِابِكَ نَقْصُدُ‬
‫الل هم وفقنا لصال العمال‪ ،‬ون نا من جيع الهوال‪ ،‬وأم نا من الفزع‬
‫ال كب يوم الر جف والزلزال‪ ،‬واغ فر ل نا ولوالدي نا‪ ،‬ولم يع ال سلمي الحياء‬
‫منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي‪ ،‬وصلى ال على ممدٍ وآله وصحبه‬
‫أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫ف بناء الساجد وآدابا‬
‫ويبحث ف‪:‬‬
‫‪ – 1‬ما ورد ف الث على بناء الساجد وثوابا العظيم‪.‬‬
‫‪ – 2‬ما ورد ف صيانة الساجد عن القذار وتنظيفها‪.‬‬
‫‪ – 3‬ما ورد ف تنب آ كل البصل والثوم الصلة ف ال ساجد‪ ،‬وإبعاد‬
‫الصغي والجنون‪.‬‬
‫‪ – 4‬ينبغي تنيب الساجد البيع والشراء ورفع الصوت ونشدان الضالة‬
‫فيها‪.‬‬
‫‪ – 5‬حرمة البالغة ف زخرفة الساجد‪.‬‬
‫‪ – 6‬كراهة التزام موضع معي من السجد للصلة لغي المام‪.‬‬
‫‪ – 1‬ما ورد ف الث على بناء الساجد‪ ،‬وثوابا العظيم‪:‬‬
‫بناء الساجد ف المصار والقرى والحال ونوها حسب الاجة فرض‬
‫كفايكة ويُسكتحب اتاذ السكاجد فك الدور‪ ،‬وتنظيفهكا وتطييبهكا‪ ،‬قال تعال‪:‬‬
‫ت َأذِ نَ اللّ ُه أَ ْن ُترْفَ َع َوُيذْ َكرَ فِيهَا ا سْ ُمهُ … ال ية‪ ،‬ول ا روت‬
‫فِي بُيُو ٍ‬
‫عائشة رضي ال عنها قالت‪« :‬أمر رسول ال ببناء الساجد ف الدور‪ ،‬وأن‬
‫تُنظف وتُطيب»‪.‬‬
‫وعن عثمان بن عفان قال‪ :‬سعت ر سول ال يقول‪ « :‬من ب ن ل‬
‫مسجدا بن ال له مثله ف النة»‪.‬‬
‫قال‪« :‬من بن ل مسجدا‬ ‫وعن ابن عباس رضي ال عنهما عن النب‬

‫‪235‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ولو كمفحص قطاةٍ بن له بيتا ف النة»‪.‬‬
‫وعن عمر بن الطاب قال‪ :‬سعت رسول ال يقول‪ « :‬من بن ل‬
‫مسجدا يُذكر فيه ال‪ ،‬بن ال له بيتا ف النة»‪.‬‬
‫وروي عن أب هريرة قال‪ :‬قال رسول ال ‪ « :‬من بن بيتا يُعبد ال‬
‫فيه‪ ،‬من مالٍ حلل بن ال له بيتا ف النة»‪.‬‬
‫وروي عن عائشة رضي ال عنها عن النب قال‪« :‬من بن مسجدا ل‬
‫يريد ريا ًء ول سعة بن ال له بيتا ف النة»‪.‬‬
‫و عن أ ب هريرة قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬إن م ا يل حق الؤ من من‬
‫عمله وحسهناته بعهد موتهه‪ :‬علما علمهه ونشره أو ولدا صهالا تركهه‪ ،‬أو‬
‫مصحفا ورثه‪ ،‬أو مسجدا بناء أو بيتا لبن السبيل بناه؛ أو نرا أجراه‪ ،‬أو‬
‫صدقةً أخرجها من ماله ف صحته وحياته‪ ،‬تلحقه من بعد موته»‪.‬‬
‫وأ حب البلد إل ال م ساجدها‪ ،‬وأب غض البلد إل ال أ سواقها‪ ،‬ف عن‬
‫أبك هريرة عكن النكب قال‪« :‬أحهب البلد إل ال مسهاجدها‪ ،‬وأبغهض‬
‫البلد إل ال أسواقها»‪.‬‬
‫‪ – 2‬ما ورد ف صيانة الساجد وتنظيفها‪:‬‬
‫ويُسن صيانة الساجد عن كل وسخ‪ ،‬وقذر‪ ،‬وقذاة‪ ،‬ومُخاط‪ ،‬وبُصاق‪،‬‬
‫وتقل يم أظفار‪ ،‬و قص شارب‪ ،‬وحلق رأس‪ ،‬ون تف إ بط‪ ،‬ل ا ورد عن أ نس‬
‫قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬عُرضهت علي ّ أجور أعمال أمته حته القذاة‬
‫يُخرجها الرجل من السجد»‪.‬‬
‫و عن أ نس قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬البُ صاق ف ال سجد خطيئة‪،‬‬
‫وكفارتا دفنها»‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫و عن أ ب هريرة أن امرأة سوداء كانت تقم ال سجد ففقدها رسول‬
‫ال ف سأل عن ها ب عد أيام‪ ،‬فق يل له‪ :‬إن ا ما تت‪ ،‬فقال‪« :‬فهل أذنتمو ن»؟‬
‫فأتى قبها فصلى عليها‪.‬‬
‫وعن سرة بن جندب قال‪ :‬أمرنا رسول ال أن نتخذ الساجد ف‬
‫ديارنا‪ ،‬وأمرنا أن ننظفها‪.‬‬
‫وعن ابن عمر رضي ال عنهما قال بينما رسول ال يطب يوما‪ ،‬إذ‬
‫رأى نامة ف قبلة السجد فتغيظ على الناس‪ ،‬ث حكها‪ - ،‬قال وأحسبه قال‬
‫‪« :-‬فد عا بزعفران فلط خه به‪ ،‬وقال‪« :‬إن ال عز و جل ق بل و جه أحد كم‬
‫إذا صلى‪ ،‬فل يُبصق بي يديه»‪.‬‬
‫و عن حذيفة قال‪ :‬قال ر سول ال ‪ « :‬من ت فل تاه القبلة جاء يوم‬
‫القيامة وتفله بي عينيه» وعن أب سهلة السائب بن خلد من أصحاب النب‬
‫ل أم قوما فبصق ف القبلة ورسول ال ينظر فقال رسول ال حي‬ ‫أن رج ً‬
‫فرغ‪« :‬ل يُصلي لكم هذا»‪ ،‬فأراد ب عد ذلك أن يُصلي لم فمنعوه وأخبوه‬
‫بقول رسول ال فذكر ذلك لرسول ال فقال‪« :‬نعم‪ ،‬وحسبت أنه قال‪:‬‬
‫إنك آذيت ال ورسوله»‪.‬‬
‫‪ – 3‬ما ورد ف تنب آكل البصل والثوم الصلة ف الساجد‪:‬‬
‫يُسن صيانة الساجد عن رائحة كريهة من بص ٍل وثوم وكُراث ونوها‪،‬‬
‫لا ورد عن أنس قال‪ :‬قال النب ‪« :‬من أكل من هذه الشجرة فل يقربنا‬
‫ول يُصلي معنا»‪.‬‬
‫و عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما أن ال نب قال‪ « :‬من أ كل من هذه‬
‫الشجرة – يعن الثوم – فل يقربن مسجدنا»‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وعكن جابر قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬مهن أكهل ثوما أو بصهلً‪،‬‬
‫فليعتزلنا – أو‪ ،‬فليعتزل مسجدنا»‪.‬‬
‫وفك روايكة لسكلم‪« :‬مهن أكهل البصهل والثوم والكراث‪ ،‬فل يقربهن‬
‫مسجدنا فإن اللئكة تتأذى ما تأذى منه بنو آدم»‪.‬‬
‫و عن ع مر بن الطاب أ نه خ طب يوم الم عة‪ ،‬فقال ف خطب ته‪ ،‬ث‬
‫إن كم أي ها الناس تأكلون شجرت ي ل أراه ا إل خبيثتي‪ ،‬الب صل والثوم ول قد‬
‫رأيت رسول ال إذا وجد ريهما من الرجل ف السجد أمر به فأخرج إل‬
‫البقيع‪ ،‬فمن أكلهما فليُمتهما طبخا‪.‬‬
‫اللهم انظمنا ف سلك أهل السعادة‪ ،‬واجعلنا من عبادك الحسني الذين‬
‫لم السن وزيادة‪ ،‬واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء منهم واليتي‬
‫برحتك يا أرحم الراحي‪ ،‬وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫(فصههل)‬
‫يُسن أن يُصان السجد عن صغي ل يُميز لغي مصلحة‪ ،‬وأن يُصان عن‬
‫منون حال جنونه‪ ،‬وعن لغط‪ ،‬وخصومة وكثرة حديث ل غٍ‪ ،‬ورفع صوتٍ‬
‫بكروه‪ ،‬وعن رفع الصبيان أصواتم باللعب وغيه‪ ،‬ويُمنع فيه اختلط الرجال‬
‫والن ساء‪ ،‬وإيذاء ال صلي وغي هم بقولٍ أو فعلٍ‪ ،‬ويُم نع ال سكران من دخوله‪،‬‬
‫وعكن واثلة بكن السكقع ‪ :‬أن النكب قال‪« :‬جنبوا مسهاجدكم صهبيانكم‬
‫ومانينكهم وسهل سهيوفكم‪ ،‬واتذوا على أبواباه الطاههر وجروهها فه‬
‫المع»‪.‬‬
‫وعن عبد ال بن مسعود قال‪ :‬قال رسول ال ‪ « :‬سيكون ف آخر‬
‫الزمان قومٌ يكون حديثهم ف مساجدهم ليس ل فيهم حاجة»‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫و عن حك يم بن حزام قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬ل تُقام الدود ف‬
‫الساجد‪ ،‬ول يُستقاد فيها»‪.‬‬
‫وعن السن رحه ال مُرسلً قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬يأت على الناس‬
‫زمان يكون حديثهم ف مساجدهم ف أمر دنياهم فل تُجالسوهم فليس ل‬
‫فيهم حاجة»‪.‬‬
‫و عن ال سائب بن يز يد قال‪« :‬ك نت نائما ف ال سجد فح صبن ر جل‬
‫فنظرت فإذا هو ع مر بن الطاب‪ ،‬فقال‪ :‬اذ هب فأت ن بذ ين‪ ،‬فجئ ته ب ما‪،‬‬
‫فقال‪ :‬م ن أنت ما – أو من أ ين أنت ما؟ قال‪ :‬من أ هل الطائف‪ ،‬قال‪ :‬لو كنت ما‬
‫من أهل الدينة لوجعتكما‪ ،‬ترفعان أصواتكما ف مسجد رسول ال »‪.‬‬
‫و عن مالك قال‪ :‬ب ن ع مر رح بة ف ناح ية تُ سمى "البطحاء"‪ ،‬وقال‬
‫مكن كان يُريكد أن يلغكط أو يُنشكد شعرا‪ ،‬أو يرفكع صكوته فليخرج إل هذه‬
‫الرحبة‪.‬‬
‫وعن أب هريرة قال‪ :‬قال رسول ال ‪ :‬إذا اتذ الفيء دُو ًل والمانة‬
‫مُغنما والزكاة مغرما‪ ،‬وتُعلّمَك لغيك الديكن‪ ،‬وأطاع الرجكل امرأتكه وعكق ُأمّهكُ‪،‬‬
‫وأدنَى صديقه أباه‪ ،‬وظهرت ال صوات ف ال ساجد و ساد ال قبيلة فا سقهم‪،‬‬
‫وكان زعيكم القوم أرذلمك‪ ،‬وأُكرم الرجكل مافكة شره‪ ،‬وظهرت القينات‬
‫والعازف‪ ،‬وشُر بت المور‪ ،‬ول عن آ خر هذه ال مة أول ا‪ ،‬فارتقبوا ع ند ذلك‬
‫ريا حراء وزلزلة وخ سفا وم سخا‪ ،‬وقذفا وآيات تتا بع كنظام ق طع سلكه‬
‫فتتابع"‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫‪ – 4‬ينب غي تن يب ال ساجد الب يع والشراء‪ ،‬ور فع ال صوت ونُشدان‬
‫الضالة فيها‪:‬‬
‫ويُحرم ف ال سجد الب يع والشراء‪ ،‬فإن ف عل فالب يع با طل لد يث عمرو‬
‫بن شعيب عن أبيه عن جده قال‪« :‬نى رسول ال عن البيع والبتياع وعن‬
‫تناشكد الشعار فك السكاجد» رواه أحدك وأبكو داود‪ ،‬والنسكائي‪ ،‬والترمذي‬
‫وحسنه‪.‬‬
‫ويُسن أن يُقال لن باع أو اشترى ف السجد‪ :‬ل أربح ال تارتك‪ ،‬لا‬
‫ورد عن أ ب هريرة قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬إذا رأي تم من يبيع أو يبتاع‬
‫ف السهجد فقولوا‪ :‬ل أر بح ال تارتهك وإذا رأي تم من ينشهد ف يه ضالة‬
‫فقولوا‪ :‬ل ردها ال عليك» رواه الترمذي والدارمي‪.‬‬
‫وم ا ينب غي التف طن له‪ ،‬والتحذ ير م نه وإبعاده عن ال ساجد الك تب ال ت‬
‫فيها صور ذوات الرواح‪ ،‬كالجاء للسنة الول البتدائية‪ ،‬وكالطالعة لسائر‬
‫ال سنوات‪ ،‬وكالعلوم‪ ،‬فإن ب عض التلم يذ يأتون ب ا إل ال ساجد ليُطالعوا في ها‬
‫وإذا تلقت وضعها ف السجد‪ ،‬وقد ورد عن ابن عمر رضي ال عنهما قال‪:‬‬
‫و عد ر سول ال جب يل أن يأت يه فراث عل يه ح ت اش تد على ر سول ال ‪،‬‬
‫فخرج فلقيكه جبيكل‪ ،‬فشككا إليكه‪ ،‬فقال‪« :‬إنها ل ندخهل بيتا فيهه كلب ول‬
‫صورة» رواه البخاري‪.‬‬
‫ويُسكن صكون السكجد عكن إنشاد شع ٍر قبيكح‪ ،‬وإنشاد ضالة ونُشداناك‪،‬‬
‫ويُ سن ل سامع نُشدان الضالة أن يقول‪ :‬ل رد ها ال عل يك‪ ،‬ل ا ورد عن أ ب‬
‫ل يُن شد ف ال سجد ضالة‬ ‫هريرة قال‪ :‬قال ر سول ال ‪ « :‬من سع رج ً‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫فليقل‪ :‬ل أداها ال إليك‪ .‬فإن الساجد ل تُب لذا» رواه أحد ومسلم وابن‬
‫ماجة‪.‬‬
‫ل نشد ف السجد فقال‪ :‬من دعا إل المل الحر؟‬ ‫وعن بريدة‪ :‬أن رج ً‬
‫فقال النكب ‪« :‬ل وجدت‪ ،‬إناه بُنيهت السهاجد لاه بُنيهت له» رواه أحدك‬
‫ومسلم وابن ماجة‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫‪ – 5‬حُرمة البالغة ف زخرفة الساجد‪:‬‬
‫وترم زخرفت ها بنق شٍ و صبغ وكتاب ٍة وغ ي ذلك م ا يُل هي ال صلي عن‬
‫صلته غالبا‪ ،‬وإن فُ عل ذلك من مال الو قف حرم فعله‪ ،‬وو جب ضمان مال‬
‫الوقف الذي صُرف فيه ل لصلحةٍ فيه‪.‬‬
‫عكن ابكن عباس رضكي ال عنهمكا قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬مها أُمرت‬
‫بتشييد الساجد» قال ابن عباس رضي ال عنهما‪« :‬لتزخرفنها كما زخرفت‬
‫اليهود والنصارى» رواه أبو داود‪.‬‬
‫وعن أنس أن النب قال‪« :‬ل تقوم الساعة حت يتباهى الناس ف‬
‫الساجد» رواه المسة إل الترمذي‪.‬‬
‫وقال البخاري رحه ال قال أبو سعيد‪ :‬كان سقف السجد من جريد‬
‫النخل‪ ،‬وأمر عمر ببناء السجد‪ ،‬وقال‪ :‬أكن الناس من الطر وإياك أن تُحمر‬
‫أو تُ صفر فتف ت الناس‪ .‬وينب غي أن ل ي ستعمل الناس ح صر ال سجد وقناديله‬
‫وسجاجيده وبُسطه وسائر ما وقف لصاله ف مصالهم‪ ،‬كالعراس ويب‬
‫صرف الوقف للجهة الت عينها‪.‬‬
‫‪ – 6‬كراهة التزام موضع مُعي من السجد للصلة‪ ،‬لغي المام‪:‬‬
‫ويُكره لغ ي المام مداو مة مو ضع مع ي من السجد ل ُي صلى إل ف يه‪ ،‬لا‬
‫ورد عن عبد الرحن بن شبل قال‪ :‬نى رسول ال عن نقرة الغراب‪ ،‬وافتراش‬
‫ال سبع وأن يُو طن الر جل الكان ف ال سجد ك ما يُو طن البع ي‪ .‬رواه أ بو داود‪،‬‬
‫والنسائي والدارمي‪ .‬فإن لغيه اللوس فيه‪ ،‬لديث (من سبق إل مباح فهو له)‬
‫قال ف الختيارات الفقهية وإذا فرش مُصلى ول يلس عليه ليس له ذلك ولغيه‬
‫رف عه ف أظ هر قول العلماء قلت ومثله و ضع خر قة أو ع صا أو ن عل أو تقد ي‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫خادم أو ولد ث إذا حضر قام عنه وجلس فيه فهذا ل يوز وال أعلم‪.‬‬
‫وقال فك إغاثكة اللهفان ول يُصكل رسكول ال على سكجادة قكط ول‬
‫كانت السجادة تُفرش بي يديه بل كان يُصلي على الرض وربا سجد على‬
‫الطي وكان يُصلي على الصي فيُصلي على ما اتفق بسطه فإن ل يكن شيء‬
‫صلى على الرض‪.‬‬
‫قال الناظم لختيارات شيخ السلم بن تيمية رحه ال‪:‬‬
‫وَوَضْعُ الْمُصَلى فِي الْمَسَاجِدِ‬
‫س مِن الْهُدَي القَويِمِ الُحَمّدِ‬‫وَلَيْ َ‬
‫وَتَقْدِيْمُهُ فِي الصّفّ حَجْرٌ‬
‫وَغَصْبٌ لَهَا عَن دَاخِلٍ مُتَعَبّدِ‬
‫وَيُشْبِهُهُ وَضْعُ العَصَاءِ‬
‫كَحُكْم الْمُصَلّي فِي ابْتِدَاعِ‬
‫بَلَى مُسْتَحَبّ أن يُمَاطَا وَيُرفَعَا‬
‫عَن الدّاخِليَ الرّاكِعِيَ بِمَسْجِدِ‬
‫لَئنْ لَمْ يَكُنْ َهذَا بِنَصٍٍ مُقَرّرٍ‬
‫وَل فِعْلُ أَصْحَابِ النّبِيّ مُحَمّدِ‬
‫فَخَيْرُ الُمُورِ السّالِفَاتِ عَلَى‬
‫وَشَرّ الُمورِ الْمُحْدَثَاتُ فَبَعدِ‬
‫اللهم ألقنا بعبادك الصالي البرار‪ ،‬وآتنا ف الدنيا حسنة وف الخرة‬
‫حسنة‪ ،‬وقنا عذاب النار‪ ،‬واغفر لنا ولوالدينا‪ ،‬ولميع السلمي الحياء منهم‬
‫واليت ي‪ ،‬برح تك يا أر حم الراح ي‪ ،‬و صلى ال على سيدنا ممدٍ وعلى آله‬
‫وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪243‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫(فصههل)‬
‫ف اليام الت يُسن أو يُكره صيامها‬
‫ويبحث ف‪:‬‬
‫‪ – 1‬ما ورد من الثواب العظيم ف صوم بعض اليام‪.‬‬
‫‪ – 2‬بيان اليام الت يُكره أو يَحرُم صيامها‪ ،‬والنهي عن التشبه بالغي‪.‬‬
‫‪ – 1‬ما ورد من الثواب العظيم ف صوم بعض اليام‪:‬‬
‫يُسن صيام أيام البيض‪ ،‬وهي الثالث عشر والرابع عشر والامس عشر‪،‬‬
‫لا ورد عن أب ذر قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬إذا صمت من الشهر ثلثا‪،‬‬
‫فصم‪ :‬ثلث عشرة وأربع عشرة وخس عشرة» رواه الترمذي‪.‬‬
‫وعكن قتادة بكن ملحان قال‪ :‬كان رسكول ال يأمرنكا بصكيام أيام‬
‫البيض ثلث عشرة وأربع عشرة وخسة عشرة‪ ،‬رواه أبو داود‪.‬‬
‫و عن أ ب هريرة قال‪ :‬أو صان خليلي ب صيام ثل ثة أيام من كل‬
‫شهر‪ ،‬وركعتا الضحى‪ ،‬وأن أوتر قبل أن أنام‪ ،‬متفق عليه‪.‬‬
‫وعكن أبك الدرداء قال أوصكان خليلي بثلث‪ ،‬لن أدعهكن مكا‬
‫ع شت‪ :‬ب صيام ثل ثة أيام من كل ش هر‪ ،‬و صلة الض حى وبأن ل أنام ح ت‬
‫أوتر‪ ،‬رواه مسلم‪.‬‬
‫ويُسن صيام أيام الثني والميس‪ ،‬وستٍ من شوال‪ ،‬لا ورد عن أب‬
‫قتادة رضي ال عنه أن رسول ال سُئل عن صوم يوم الثني فقال‪« :‬ذلك‬
‫اليوم يوم ولدت فيه‪ ،‬ويوم بُعثت فيه‪ ،‬وأُنزل عليّ فيه» رواه مسلم‪.‬‬
‫عن ر سول ال ‪« :‬تُعرض العمال يوم الثن ي‪،‬‬ ‫و عن أ ب هريرة‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫والميس فأحب أن يُعرض عملي وأنا صائم» رواه الترمذي وقال‪ :‬حدي ثٌ‬
‫حسن ورواه مسلم بغي صوم‪.‬‬
‫وعن أب أيوب النصاري أن رسول ال قال‪« :‬من صام رمضان‪،‬‬
‫ث أتبعه ستا من شوال‪ ،‬كان كصيام الدهر» رواه مسلم‪.‬‬
‫وا ستحب صيام ستة أيام من شوال أك ثر العلماء وروي ذلك عن ا بن‬
‫عباس وطاوس والشعب‪ ،‬وميمون بن مهران‪ ،‬وهو قول ابن البارك – رحهم‬
‫ال – وأكثر العلماء‪ :‬على أنه يُستحب صيامها مُتتابعة أول الشهر ثان الفطر‪،‬‬
‫و قد رُوي ف ذلك حد يث مرفوع‪ « :‬من صام ستة أيام ب عد الف طر متتاب عة‬
‫فكأنا صام السنة» أخرجه الطبان وغيه‪.‬‬
‫و ف حد يث عمران بكن حُصكي عن ال نب أ نه قال لر جل‪« :‬إذا‬
‫أفطرت فصم» وإنا كان صيام رمضان وإتباعه بستٍ من شوال يعدل صيام‬
‫الدهر لن السنة بعشر أمثالا‪.‬‬
‫و قد جاء ذلك مف سرا من حد يث ثوبان عن ال نب أ نه قال‪ « :‬صيام‬
‫رمضان بعشرة أشهر‪ ،‬وصيام ستة أيام بشهرين‪ ،‬فذلك صيام السنة‪ ،‬يعن‬
‫صيام رمضان وستة أيام بعده» أخرجه‪ :‬المام أحد والنسائي‪ .‬وهذا لفظه‪.‬‬
‫وخرجه‪ :‬ابن حبان ف صحيحه‪ .‬وصححه أبو حات الرازي‪.‬‬
‫ويُسن صيام يوم عرفة لغي حاج با‪ ،‬وشهر الحرم‪ ،‬وآكده العاشر‪ ،‬ث‬
‫التاسع‪ ،‬لا ورد عن أب هريرة قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬أفضل الصيام بعد‬
‫رمضان ش هر ال الحرم‪ ،‬وأف ضل ال صلة ب عد الفري ضة صلة الل يل‪ .‬رواه‬
‫مسلم»‪.‬‬
‫يا رسول ال‪ .‬كيف من يصوم‬ ‫وف حديث أب قتادة قال‪ :‬قال عمر‬

‫‪245‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫الدهكر كله؟ قال‪« ":‬ل صهام ول أفطهر» وقال‪« :‬ل يصهم ول يُفطهر» قال‪:‬‬
‫ك يف من ي صوم يوم ي ويف طر يوما؟ قال‪« :‬ويط يق أ حد» قال‪ :‬ك يف من‬
‫ي صوم يوما ويف طر يوما؟ قال‪« :‬ذلك صوم داود»‪ ،‬قال‪ :‬ك يف من ي صوم‬
‫يوما ويف طر يوم ي؟ قال‪« :‬وددت أ ن طو قت ذلك» ث قال ر سول ال ‪:‬‬
‫«ثلث من كل شهر‪ ،‬ورمضان إل رمضان‪ ،‬فهذا صيام الدهر كله‪ ،‬صيام‬
‫يوم عر فة احت سب على ال أن يُك فر ال سنة ال ت قبله وال سنة ال ت بعده‪،‬‬
‫وصهيام يوم عاشوراء احتسهب على ال أن يُكفهر السهنة الته قبله»‪ .‬رواه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫صام يوم عاشوراء‬ ‫و عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما أن ر سول ال‬
‫وأمر بصيامه‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫وعنه رضي ال عنهما‪« :‬لئن بقيت إل قابل‪ ،‬لصومن التاسع» متفق عليه‪.‬‬
‫وعن أب هريرة أن رسول ال ‪« :‬نى عن صوم يوم عرفة بعرفة»‬
‫رواه أبو داود والنسائي وابن خزية ف صحيحه‪.‬‬
‫ويُسن صيام تسع ذي الجة‪ ،‬لا ورد عن ابن عباس رضي ال عنهما‬
‫قال‪ :‬قال ر سول ال ‪ « :‬ما من أيام الع مل ال صال في ها أ حب إل ال من‬
‫هذه اليام» يع ن أيام الع شر‪ ،‬قالوا‪ :‬يا ر سول ال‪ ،‬ول الهاد ف سبيل ال‪،‬‬
‫قال‪« :‬ول الهاد ف سبيل ال إل رجلٌ خرج بنف سه وماله فلم ير جع من‬
‫ذلك بشيء» رواه البخاري‪.‬‬
‫و عن أ ب هريرة قال‪ :‬قال ر سول ال ‪ « :‬ما من أيام أ حب إل ال‬
‫أن يُتع بد له في ها من أيام الع شر‪ ،‬وإن صيام يوم في ها ليعدل صيام سنة‪،‬‬
‫وليلة فيها بليلة القدر» رواه ابن ماجة والترمذي وقال حديث غريب‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫اللهم إنا نسألك التوبة ودوامها‪ ،‬ونعوذ بك من العصية وأسبابا‪ ،‬ال‬
‫أ فض علي نا من ب ر كر مك وعو نك ح ت نرج من الدن يا على ال سلمة من‬
‫وبال ا وارأف ب نا رأف َة ال بيب ب بيبه ع ند الشدائد ونزول ا‪ ،‬وارح نا من هوم‬
‫الدنيا وغمومها بالروح والريان إل النة ونعيمها‪ ،‬ومتعنا بالنظر إل وجهك‬
‫الكر ي ف جنات النع يم‪ :‬مع الذ ين أنع مت علي هم من ال نبيي وال صديقي‬
‫والشهداء وال صالي‪ ،‬واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي‪ ،‬الحياء من هم‬
‫واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي‪ ،‬و صلى ال على مم ٍد وعلى آله و صحبه‬
‫أجعي‪.‬‬

‫‪247‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫ف بيان اليام الت يُكره أو يُحرم صيامها‬
‫والنهي عن التشبه بالغي‬
‫ويُكره إفراد رجب بالصوم‪ ،‬والمعة والسبت‪ ،‬أما رجب‪ :‬فلما روى‬
‫أحد رحه ال عن خرشة بن الُر قال‪ :‬رأيت عمر يضرب أكف الُترجبي‬
‫حت يضعوها ف الطعام‪ ،‬ويقول كُلوا‍ فإنا هو شه ٌر كانت تُعظمه الاهلية‪.‬‬
‫وبإ سناده عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما أ نه كان إذا رأى الناس و ما‬
‫يُعدونه لرجب كرهه وقال‪« :‬صوموا منه وأفطروا»‪.‬‬
‫وأ ما الم عة‪ ،‬فل ما ورد عن أ ب هريرة عن ال نب قال‪« :‬ل تصوا‬
‫ليلة المعة بقيا ٍم من بي الليال‪ ،‬ول تصوا يوم المعة بصيا ٍم من بي اليام‬
‫إل أن يكون ف صوم يصومه أحدُكُم» رواه مسلم‪.‬‬
‫وع نه قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬ل ي صومن أحدُكُم يوم الم عة إل‬
‫أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده» مُتفق عليه‪.‬‬
‫وأما السبت فلما روي عن عبد ال بن بُسر عن أخته رضي ال عنهما‬
‫أن رسول ال قال‪« :‬ل تصوموا يوم السبت إل فيما افترض عليكم‪ ،‬فإن‬
‫ل ي د أحد كم إل لِحاء عن بة‪ ،‬أو عود شجرة فليمض غه» رواه الم سة إل‬
‫النسائي‪.‬‬
‫ويُكره تقدم رمضان بصكوم يوم أو يوميك‪ ،‬لاك ورد عكن أبك هريرة‬
‫قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬ل تقدموا رمضان ب صوم يوم ول يوم ي إل ر جل‬
‫كان يصوم صوما فليصمه» متفق عليه‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ويُكره صوم الدهر‪ ،‬لديث عبد ال بن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال ‪« :‬ل صام من صام البد» متفق عليه‪.‬‬
‫ولسلم من حديث أب قتادة بلفظٍ‪« :‬ل صام ول أفطر»‪.‬‬
‫ويُكره صكوم النيوز والهرجان وككل عيكد للكفار‪ ،‬أو يوم يُفردونكه‬
‫بالتعظيم‪ ،‬لا فيه من موافقة الكفار ف تعظيمها‪ ،‬قال عبد ال بن عمر رضي‬
‫ال عنه ما‪ :‬من تأ سى ببلد العا جم نيوز هم ومهرجان م وتش به ب م ح ت‬
‫يوت حشر معهم‪.‬‬
‫قال الشيكخ وغيه‪ :‬مكا ل يوافكق عادة أو يصكمه عكن نذر ونوه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وكذلك يوم الم يس الذي يكون ف آ خر صومهم كيوم (ع يد الائدة) ويوم‬
‫الحد الذي يسمونه (عيد الفصح) و(عيد النور) و(العيد الكبي) ونو ذلك‪،‬‬
‫ليس للمسلم أن يُشابهم ف أصله ول ف وصفه‪.‬‬
‫وقال‪ :‬ل يل للمسلمي أن يتشبهوا ف شيء ما يتص بأعيادهم‪ ،‬ل من‬
‫طعام‪ ،‬ول مكن لباس‪ ،‬ول اغتسكال‪ ،‬ول إيقاد نيان‪ ،‬ول تبطيكل عادة مكن‬
‫معيشة أو عبادة أو غي ذلك‪ ،‬ول تُمكن الصبيان ونوهم من اللعب الت ف‬
‫العياد‪ ،‬ول إظهار زينة‪.‬‬
‫وبالملة ليس لم أن يصوا أعيادهم بشيءٍ من شعائرهم بل يكون يوم‬
‫عيدهم عند السلمي كسائر اليام‪ ،‬ل يصه السلمون بشيءٍ من خصائصهم‪.‬‬
‫وت صيصه ب ا تقدم فل نزاع فيه ب ي العلماء‪ ،‬بل قد ذهبت طائ فة من‬
‫العلماء إل كفر من يفعل هذه المور‪ :‬لا فيها من تعظيم شعائر الكفر‪.‬‬
‫وقد اشترط عمر والصحابة وسائر أئمة السلمي أن ل يُظهروا أعيادهم‬
‫ف ديار السلمي فكيف إذا أظهرها السلمون؟ حت قال عمر بن الطاب‪ :‬ل‬

‫‪249‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫تتعلموا رطانة العاجم‪ ،‬ول تدخلوا على الشركي ف كنائسهم يوم عيدهم‪،‬‬
‫فإن السخطة تنل عليهم‪ ،‬وإذا كان كذلك‪ ،‬فكيف بن يفعل ما يسخط ال‬
‫به عليهم ما هو من شعائرهم؟ وقال عمر‪ :‬ما تعلم رجل الفارسية إل خب‬
‫ول خب إل نقصت مروءته‪.‬‬
‫شهَدُو َن‬
‫وقد قال غي واحد من السلف ف قوله تعال‪ :‬وَالّذِي نَ ل َي ْ‬
‫الزّورَ قال‪ :‬أعياد الكفار‪ ،‬فإذا كان هذا ف شهود ها من غ ي ف عل‪ ،‬فك يف‬
‫بالفعال الت هي من خصائصها؟‍!‬
‫وقد روي عن النب ف السند والسنن أنه قال‪ « :‬من تشبه بقوم فهو‬
‫منهم»‪ ،‬وف لفظ‪« :‬ليس منا من تشبه بغينا» وهو حديث جيد‪ ،‬فإذا كان‬
‫هذا ف التشبه – وإن كان من العادات – فكيف التشبه بم فيما هو أبلغ من‬
‫ذلك؟‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم رحه ال اعتياد اللغة يؤثر ف العقل واللق والدين‬
‫تأثيا قويا بيّنا ب سب تلك الل غة وقال ف اقتضاء ال صراط ال ستقيم عن نا فع‬
‫عن ا بن ع مر قال‪ :‬قال ر سول ال ‪ « :‬من يُح سن أن يتكلم بالعرب ية فل‬
‫يتكلم بالعجمة فإنه يورث النفاق»‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحه ال على حديث‪ « :‬من تشبه بقو ٍم فهو منهم» أي‬
‫بالندماج وتلشكت شخ صيته في هم ف ما يكون ذلك إل عن تعظ يم وإكبار‬
‫ل م‪ ،‬ف هو لذلك يُل غي شخ صيته ويتل شى ف شخ صية الخر ين‪ ،‬ف من تش به‬
‫بالر سول وأ صحابه بإلغاء شخ صية الاهل ية ال سفيهة‪ ،‬واند مج ف معنو ية‬
‫الرسول وأصحابه علما وعملً واعتقادا وأدبا‪ ،‬فهو بل شك منهم‪.‬‬
‫ومن تشبه بالفرنج ف لباسهم وأخلقهم ونظمهم ومعاملتهم فهو بل‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫شك إفرن ي غ ي م سلم‪ ،‬وإن صلى و صام وز عم أ نه م سلم‪ ،‬فلهذا التش به‬
‫ونتائ جه الدين ية والدنيو ية نرى العظم ي للن صارى والوثني ي الري صي على‬
‫التشبه بم والندماج فيهم يُعاونونم على الضرر بدينهم وبلدهم وأمهم عن‬
‫قصد وعن غي قصد أهك‪.‬‬
‫ويُكره وصال إل من النب ‪ ،‬لا ورد عن أب هريرة قال نى رسول‬
‫ال عن الو صال‪ ،‬فقال ر جل من ال سلمي‪ :‬فإ نك توا صل يا ر سول ال‬
‫فقال‪« :‬وأيكم مثلي إن أبيت يُطعمن رب ويسقين» فلما أبوا أن ينتهوا عن‬
‫الوصكال واصكل بمك يوما ثك يوما‪ ،‬ثك رأوا اللل فقال‪« :‬لو تأخهر اللل‬
‫لزدتكم» كالُنكل لم حي أبوا أن ينتهوا‪ ،‬متفق عليه‪.‬‬
‫ول يوز صكوم العيديكن عكن فرض أو تطوع‪ ،‬وإن قصكد صكيامها كان‬
‫عاصيا‪ ،‬ول يُجزئ عن الفرض‪.‬‬
‫ول يوز صيام أيام التشر يق إل عن دم مُتعةٍ وقران‪ ،‬لاك ورد عن أ ب‬
‫سعيد الدري عن ر سول ال ‪« :‬أ نه ن ى عن صوم يوم ي‪ :‬يوم الف طر‪،‬‬
‫ويوم النحر» متفق عليه‪.‬‬
‫وروى أ بو عب يد مول أز هر‪ ،‬قال‪ :‬شهدت الع يد مع ع مر بن الطاب‬
‫فقال‪« :‬هذان يومان نىك رسكول ال عكن صكيامهما‪ :‬يوم فطرككم مكن‬
‫صيامكم‪ ،‬واليوم الخر تأكلون فيه من نُسككم» متفقٌ عليه‪.‬‬
‫وأما أيام التشريق‪ ،‬فلما روي عن نبيشة الذل قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫‪« :‬أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر ال عز وجل» رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن عائشة وابن عمر رضي ال عنهم أن النب «نى عن صوم خسة‬
‫أيام ف السنة‪ :‬يوم الفطر‪ ،‬ويوم النحر‪ ،‬وثلثة أيام التشريق» رواه الدارقطن‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫الل هم ا سلك ب نا م سلك ال صادقي البرار‪ ،‬وألق نا بعبادك ال صطفي‬
‫الخيار‪ ،‬وأتنا ف الدنيا حسنة وف الخرة حسنة‪ ،‬وقنا عذاب النار‪.‬‬
‫الل هم أح يي قلوبا أمات ا البُ عد عن با بك‪ ،‬ول تُعذب نا بأل يم عقا بك يا‬
‫أكرم مكن سكح بالنوال وجاد بالفضال‪ ،‬اللهكم أيقظنكا مكن غفلتنكا بلطفكك‬
‫وإحسانك‪ ،‬وتاوز عن جرائمنا بعفوك وغفرانك‪ ،‬واغفر لنا ولوالدينا ولميع‬
‫ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على‬
‫مُحمد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫ف الث على تقوى ال عز وجل‬
‫عباد ال عليككم بتقوى ال فإناك وصكية ال للوليك والخريكن‪ ،‬قال ال‬
‫ب ِم ْن َقْبِل ُك ْم َوِإيّا ُك ْم َأ ِن اّتقُوا الّل َه فما‬
‫صْينَا اّلذِي َن أُوتُوا اْل ِكتَا َ‬
‫تعال‪َ :‬وَل َق ْد َو ّ‬
‫من خ ي عا جل ول آ جل ظا هر ول با طن إل وتقوى ال سبي ٌل مو صلٌ إل يه‪،‬‬
‫ووسيلة مبلغة له‪ ،‬وما من شر عاجل ول آجل ظاهر ول باطن إل وتقوى ال‬
‫عز وجل حرز متي وحصن حصي للسلمة منه والنجاة من ضرره‪.‬‬
‫و كم علق ال العظ يم ف كتا به العز يز على التقوى من خيات عظي مة‬
‫و سعادات ج سيمة من ذلك الع ية الا صة الُقتض ية للح فظ والعنا ية والن صر‬
‫والتأييد‪ ،‬قال تعال‪ :‬وَاتّقُوا اللّ َه وَاعْلَمُوا أَنّ اللّهَ مَ َع الْمُّتقِيَ ‪ ،‬ومن ذلك‬
‫الحبة لن اتقى ال‪ ،‬قال ال تعال‪ :‬فَمَا ا سَْتقَامُوا َلكُ مْ فَا سَْتقِيمُوا َلهُ مْ إِنّ‬
‫اللّهَهيُحِبّ الْمُّتقِيَ ‪ ،‬و من ذلك التوف يق للعلم‪ ،‬قال تعال‪ :‬وَاتّقُوا اللّهَه‬
‫َوُيعَلّ ُمكُ ُم اللّ هُ و من ذلك ن في الوف والزن عن الت قي ال صلح قال ال‬
‫ح َزنُو نَ‬
‫ح فَل خَوْ فٌ عَلَ ْيهِ ْم وَل هُ ْم يَ ْ‬ ‫تعال‪ :‬قال تعال‪ :‬فَمَ نِ اّتقَى وَأَ صْلَ َ‬
‫و من ذلك الفرقان ع ند الشتباه ووقوع الشكال والكفارة لل سيئات والغفرة‬
‫ُمه‬
‫ج َعلْ َلك ْ‬ ‫ّهه يَ ْ‬
‫ِنه تَّتقُوا الل َ‬
‫ِينه َآمَنُوا إ ْ‬
‫للذنوب‪ ،‬قال ال تعال‪ :‬يَا َأيّهَا الّذ َ‬
‫ضلِ اْلعَظِيمِ ‪.‬‬ ‫ُف ْرقَانًا وَُيكَ ّفرْ عَ ْن ُكمْ سَيّئَاتِ ُك ْم وََي ْغ ِفرْ َلكُ ْم وَال ّل ُه ذُو اْلفَ ْ‬
‫ومن ذلك النجاة من النار قال ال تعال‪َ :‬وإِ ْن مِ ْنكُ ْم إِل وَا ِردُهَا كَانَ‬
‫ك حَتْمًا َمقْضِيّ ا * ثُمّ نُنَجّ ي الّذِي نَ اّت َقوْا وقال تعال‪ :‬وَيُنَجّ ي‬ ‫عَلَى َربّ َ‬
‫ح َزنُو نَ ومن ذلك‬ ‫س ُه ُم ال سّوءُ وَل هُ مْ يَ ْ‬
‫اللّ ُه الّذِي َن اتّ َقوْا بِ َمفَا َزِتهِ مْ ل يَمَ ّ‬
‫الخرج من الشدائد والرزق من ح يث ل يت سب‪ ،‬قال تعال‪َ :‬ومَ نْ يَتّ قِ‬

‫‪253‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫حَتسِبُ ‪.‬‬
‫ث ل يَ ْ‬
‫خ َرجًا * وََيرْ ُز ْقهُ ِم ْن حَيْ ُ‬
‫ج َع ْل َلهُ مَ ْ‬
‫ال ّلهَ يَ ْ‬
‫ج َع ْل لَ هُ مِ نْ أَ ْمرِ هِ‬
‫و من ذلك الي سر‪ ،‬قال ال تعال‪ :‬وَمَ نْ يَتّ قِ اللّ َه يَ ْ‬
‫سرًا ومن ذلك عظم الجر‪ ،‬قال تعال‪ :‬وَمَ ْن يَتّقِ اللّهَ يُ َك ّفرْ عَنْهُ سَيّئَاِتهِ‬ ‫يُ ْ‬
‫َوُيعْظِ ْم لَ هُ َأ ْجرًا ومن ذلك الوعد من ال بالنة‪ ،‬قال تعال‪ :‬جَنّا تِ َعدْ نٍ‬
‫الّتِي وَ َع َد ال ّرحْ َمنُ عِبَا َدهُ بِاْلغَيْبِ اليات إل قوله‪َ :‬منْ كَا َن َتقِيّا ‪.‬‬
‫ت الْجَّنةُ لِلْ ُمّتقِيَ وقال تعال‪ :‬إِنّ الْمُّتقِيَ فِي‬
‫وقال تعال‪ :‬وَأُ ْزِلفَ ِ‬
‫صدْقٍ عِ ْندَ مَلِي كٍ ُمقَْتدِرٍ ‪ ،‬وقال تعال‪ِ :‬إنّمَا‬ ‫جَنّا تٍ وََن َهرٍ * فِي َم ْق َعدِ ِ‬
‫ْضه‬
‫ُمه لَِبع ٍ‬
‫ضه ْ‬ ‫ِنه الْمُّتقِيَ ‪ ،‬وقال تعال‪ :‬الخِل ُء َيوْمَِئذٍ بَعْ ُ‬ ‫ّهه م َ‬‫يََتقَّبلُ الل ُ‬
‫َعدُ ّو إِل الْمُّتقِيَ ‪.‬‬
‫و من ذلك الكرامكة ع ند ال بالتقوى‪ ،‬قال تعال‪ :‬إِنّ أَ ْكرَ َمكُ مْ ِع ْندَ‬
‫اللّ ِه َأتْقَاكُ مْ إذا فهمت ذلك فاعلم أن التقوى هي امتثال الوامر واجتناب‬
‫النواهي‪ ،‬فالتقون هم الذين يراهم ال حيث أمرهم ول يُقدمون على ماناهم‬
‫عنه‪.‬‬
‫التقون هكم الذيكن يعترفون بالقك قبكل أن يُشهَ َد عليهكم ويعرفونكه‬
‫ويؤدونه‪ ،‬وينكرون الباطل ويتنبونه ويافون الرب الليل الذي ل تفى عليه‬
‫خافية‪ ،‬التقون يعملون بكتاب ال فيحرمون ما حرمه ويلون ما أحله‪.‬‬
‫ول يونون فكك أمانككة ول يرضون بالذل والهانككة ول يعقون ول‬
‫يقطعون‪ ،‬ول يؤذون جيانمك ول يضربون إخوانمك‪ ،‬يصكلون مكن قطعهكم‪،‬‬
‫ويعطون من حرمهم‪ ،‬ويعفون عمن ظلمهم الي عندهم مأمول‪ ،‬والشر من‬
‫جانبهم مأمون ل يغتابون ول يُكذبون ول يُنافقون‪.‬‬
‫ول ينمون ول يسدون ول يُراءون ول يُرابون ول يقذفون ول يأمرون‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫بنكرٍ ول ينهون عن معروف‪ ،‬بل يأمرون بالعروف وينهون عن النكر‪ ،‬تلك‬
‫صفات التقي حقا الذين يشون ربم بالغيب وهم من الساعة مشفقون‪.‬‬
‫إخوان‪ ،‬لو تلى كل منا بالتقوى لسن عمله‪ ،‬وخلصت نيته‪ ،‬واستقام‬
‫على الدى‪ ،‬وابتعد عن العاصي والردى‪ ،‬وكان يوم القيامة من الناجي‪.‬‬
‫وصف الؤمن التقي‬
‫للمام علي‬
‫التقون هم أهل الفضائل منطقهم الصواب وملبسهم القتصاد ومشيهم‬
‫التواضكع غضوا أبصكارهم عمكا حرم ال عليهكم ووقفوا أسكاعهم على العلم‬
‫النا فع ل م نزلت أنف سهم من هم ف البلء ك ما نزلت ف الرخاء ولول ال جل‬
‫الذي ك تب ال ل م ل ت ستقر أرواح هم ف أج سادهم طر فة ع ي شوقا إل‬
‫الثواب وخوفا من العقاب‪.‬‬
‫عظم الالق ف أنفسهم فصغر ما دونه ف أعينهم فهم والنة كمن قد‬
‫رآها فهم فيها مُنعمون وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها مُعذبون قلوب م‬
‫مزونة وشرورهم مأمونة وأجسادهم نيفة وحاجاتم خفيفة وأنفسهم عفيفة‬
‫صبوا أياما قصية أعقبتهم راحة طويلة وتارة مُرية يسرها لم ربم‪.‬‬
‫أرادتمك الدنيكا فلم يريدوهكا واسكرتم ففدوا أنفسكهم منهكا أمكا الليكل‬
‫ل يُحزنون بكه أنفسكهم‬ ‫فصكافون أقدامهكم تاليك لجزاء القرآن يرتلونكه ترتي ً‬
‫ويستثيون به دواء دائهم‪.‬‬
‫فإذا مروا بآ ية في ها تشو يق ركنوا إلي ها طمعا وتطل عت نفو سهم إلي ها‬
‫شوقا وظنوا أنا نُصب أعينهم وإذا مروا بآية فيها تويف أصغوا إليها مسامع‬
‫قلوبمك وظنوا أن زئيك جهنكم وشهيقهكا فك أصكول آذانمك فهكم حانون على‬

‫‪255‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫أوساطهم مفترشون لباههم وأكفهم ورُكبهم وأطراف أقدامهم يطلبون إل‬
‫ال تعال ف فكاك رقابم وأما النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء‪.‬‬
‫قد براهم الوف بري القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما‬
‫بالقوم من مرض ويقول قد خولطوا ولقد خالطهم أمر عظيم؟ ل يرضون من‬
‫أعمالمك القليكل ول يسكتكثرون الكثيك فهكم لنفسكهم متهمون ومكن أعماله‬
‫مشفقون إذا ز كي أحد هم خاف م ا يُقال فيقول أ نا أعلم بنف سي من غيي‬
‫ور ب أعلم ب من نف سي الل هم ل تؤاخذ ن ب ا يقولون واجعل ن أف ضل م ا‬
‫يظنون‪ ،‬واغفر ل ما ل يعلمون‪.‬‬
‫فمن علمة أحدهم أنك ترى له قوة ف دين وحزما ف لي وإيانا ف‬
‫يق ي‪ ،‬وحر صا ف علم‪ ،‬وعلما ف حلم وق صدا ف غِ ن وخشوعا ف عبادة‬
‫وتملً ف فاقة وصبا ف شدة وطلبا ف حلل ونشاطا ف هُدى وترجا عن‬
‫طمع‪.‬‬
‫يعمل العمال الصالة وهو على وجل‪ ،‬يُمسي وهه الشكر‪ ،‬ويُصبح‬
‫وهه الذكر يبيت حذرا ويُصبح فرحا‪ ،‬حذرا لا حذر من الغفلة‪ ،‬وفرحا با‬
‫أ صاب من الف ضل والرح ة‪ ،‬إن ا ستصعبت عل يه نف سه في ما تكره‪ ،‬ل يُعط ها‬
‫سؤلا فيما تب‪.‬‬
‫قرة عينكه فيمكا ل يزول‪ ،‬وزهادتكه فيمكا ل يبقكى‪ ،‬يزج اللم بالعلم‪،‬‬
‫والقول بالع مل‪ ،‬تراه قريبا أمله‪ ،‬قليلً زل‪ ،‬خاشعا قل به‪ ،‬قان عة نف سه‪ ،‬منورا‬
‫أكله سهلً أمره‪ ،‬حريزا دينه‪ ،‬ميتةً شهوته مكظوما غيظه‪ ،‬الي منه مأمول‪،‬‬
‫والشر منه مأمون‪.‬‬
‫إن كان من الغافلي كتب ف الذاكرين وإن كان ف الذاكرين ل يُكتب‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫من الغافل ي يع فو ع من ظل مه ويع طي من حر مه وي صل من قط عه‪ ،‬بعيدا‬
‫فح شه‪ ،‬لينا قوله غائبا منكره‪ ،‬حاضرا معرو فه‪ ،‬مقبلً خيه‪ ،‬مدبرا شره‪ ،‬ف‬
‫الزلزل وقور‪ ،‬وف الكاره صبور وف الرخاء شكور‪.‬‬
‫ل ي يف على من يب غض‪ ،‬ول يأث في من ُي حب‪ ،‬يعترف بال ق ق بل أن‬
‫يش هد عل يه‪ ،‬ل يض يع ما ا ستحفظ‪ ،‬ول ين سى ما ذ كر‪ ،‬ول يُنا بز باللقاب‪،‬‬
‫ول يُضار بالار‪ ،‬ول يشمت بالصاب‪ ،‬ول يدخل ف الباطل‪ ،‬ول يرج من‬
‫الق‪.‬‬
‫إن صمت ل يغ مه صمته‪ ،‬وإن ض حك ل ي عل صوته‪ ،‬وإن ب غى عل يه‬
‫صب ح ت يكو نه ال هو الذي ينت قم له‪ ،‬نف سه م نه ف عناء والناس م نه ف‬
‫راحة‪ ،‬أتعب نفسه لخرته‪ ،‬وأراح الناس من نفسه‪.‬‬
‫بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة‪ ،‬ودنوه من دنا منه لي ورحة‪ ،‬ليس‬
‫تباعده بكب وعظمة‪ ،‬ول دنوه بكرٍ وخديعة‪.‬‬
‫قال فصعِق هام صعقة كانت نفسه فيها‪ .‬فقال أمي الؤمني عليه السلم‬
‫أ ما وال ل قد ك نت أخاف ها عل يه‪ ،‬ث قال هكذا ت صنع الوا عظ البال غة بأهل ها‬
‫فقال له قائل‪ :‬ف ما بالك يا أم ي الؤمن ي فقال وي ك‪ ،‬إن ل كل أ جل وقتا ل‬
‫يعدوه وسببا ل تاوزه أهك‪.‬‬
‫عَلَ ْيكَم بِتَقْوَى ال لَ تَتَركَونَهَا‬
‫فَإِنّ التّقى أَقْوَى وَأَوْلَى‬
‫لِبَاس التُقى خَيْرُ الْمَلبِسِ كُلّها‬
‫وَأَبْهَى لِبَاسا فِي الوُجُودِ‬
‫فَمَا أَحْسَنَ التّقوى وأَهْدَى‬

‫‪257‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫بِهَا يَنْفَعُ النْسَانَ مَا كَا َن يَعْمَلُ‬
‫فَيَا َأيّهَا النْسَانُ بَادِر ِإلَى التّقَى‬
‫وَسَارِعْ ِإلَى الْخَيْرَاتِ مَا دُمْتَ‬
‫وَأَكْثِرْ من التّقْوَى لِتَحْمِدَ‬
‫بِدَارِ الْجَزَاء دَارٍ بِهِا َسوْفَ‬
‫وَقَدّمْ لِمَا تَقْدَمْ عَلَ ْي ِه فَإِنّمَا‬
‫ف تُجْزَى بِالّذِي سَوْفَ‬ ‫غَدا سَوْ َ‬
‫وَأَحْسِنْ َولَ تُهْمِلْ ِإذَا كُنْتَ‬
‫فَدَارُ بَنِيْ الدّنْيَا مَكَانُ التّرَحّلُ‬
‫وَأَدّ فُرُوْضَ الدّيْنِ وَأتقِنْ‬
‫كَوَامِلَ فِي أَوْقَاتِهَا وَالتّنَفّلُ‬
‫وَسَارِعْ ِإلَى الْخَيْرَاتِ لَ‬
‫فَإِنّكَ إِنْ أَهْمَلْتَ مَا َأنْتَ‬
‫َولَكِنْ سِتُجْزِى بِالّذِي َأنْتَ عَامِلٌ‬
‫وَعَن مَا مَضَى عَن ُكلِّ شَيْءٍ‬
‫وَلَ تُلْهِكَ الدّنْيَا فَرَبّكَ ضَامِنٌ‬
‫لِرِزْقِ الْبَرَايَا ضَامِ ٌن مُتَكَفْلُ‬
‫وَدُنْيَاكَ فَاعْبُرْهَا وَأُخْرَاكَ زِدْ‬
‫عَمَارا وَإِيْثَارا ِإذَا كُنْتَ تَعْقِلُ‬
‫فَ َمنْ آثَرَ ال ّدنْيَا جَهُولٌ وَمَن يَبِع‬
‫لُخْرَاه بِال ّدنْيَا أَضَلّ وَأَجْهَلُ‬
‫وَلَذّاتُهَا وَالَاهُ وَالعِزُ وَالغِنَي‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫بِأَضْدَادِهَا عَمّا قَلِيْلٍ تَبَدّلُ‬
‫فَ َمنْ عَاشَ فِي ال ّدنْيَا وَإِنْ طَالَ‬
‫ف يُنْقَلُ‬
‫فَل بُدّ عَنْهَا رَاغِما سَوْ َ‬
‫وَيَنْزِلُ دَارا لَ أَنِيْسَ َلهُ بِهَا‬
‫لِ ُك ّل الوَرَى مِنْهُم مَعَادٌ وَمَوْئِلُ‬
‫وَيَبْقَى رَهِيْنا بِالتّرَابِ بِمَا جَنَى‬
‫ِإلَى بَعْثِهِ من أَرْضِهِ حِ ْينَ يَنْسِلُ‬
‫يُهَالُ بِأهْوَالٍ يَشِيْبُ بِبعْضِهَا‬
‫وَل هَوْلَ ِإلّ بَعْدَهُ الْهَوْلُ‬
‫وَفِي البَعْثِ بَعدَ الَوتِ نَشْرُ‬
‫وَمِيْزَانُ قِسْطٍ طائِشٍٍ أَوْ مُثَقّلُ‬
‫وَحَشْرٌ يَشِيْبُ الطّفْلِ منه‬
‫وَمنه الْجِبَال الرّاسِيَاتُ تُزَلْزَلُ‬
‫وَنَارُ تَلَظّى فِي لَظَاهَا سَلسِلٌ‬
‫يُغَلّ بِهَا الفُجّارُ ُث ّم يُسَلْسَلُ‬
‫شَرَابُ ذَوِيْ الِجْرَامِ فِيْهَا‬
‫وَزُقّوْمُهَا مَطْعُومُهُم حِ ْي َن يُؤكَلُ‬
‫حَمِيْمٌ وَغَسّاقٌ وآخَرُ مِثْلُهُ‬
‫مِن الْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ‬
‫يَزِيْدُ هَوَانا من هَوَاهَا َولَ يَزَلْ‬
‫ِإلَى قَعْرِهَا يَهْوِي دَوَاما وَيَنْزِلُ‬
‫وَفِي نَارِه يَبْقَى دَوَاما مُعَذّبا‬

‫‪259‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫يَصِيْحُ ثُبُورا وَيْحَهُ يَتَوَلوَلُ‬
‫عَلَ ْيهَا صِرَاطٌ مَدْحَضٌ وَمَزَلّةٌ‬
‫عَلَيْهِ البَرَايَا فِي القِيَامِةِ تُحْمَلُ‬
‫وَفِ ْيهِ كُلَلِيبُ تَعَلّقُ بِالوَرَى‬
‫فهَذَا نَجَا مِنْهَا وَ َهذَا مُخْرَدَلُ‬
‫فَلَ مُذُنِبٌ يَفْدِيْهِ مَا يَفْتَدِي بِهِ‬
‫وَإِنْ يَعْتَذِر يَوْما فَلَ العُذْرَ‬
‫ف َهذَا جَزَاءُ الْمُجْرِمِي عَلَى الرّدَى‬
‫و َهذَا اّلذِي يَومَ القِيَامَة يَحْصُلُ‬
‫أَعُوذُ برَبّي من لَظَى وَعَذَابَهَا‬
‫وَمِن حَالِ مَنْ يَهْوَى بِهَا‬
‫وَمِنْ حَالِ مَنْ فِي زَمْهَرِيْرٍ‬
‫وَمَن كَا َن فِي الَغْلَلِ فِيْهَا‬
‫وَجَنّاتِ عَدْنٍ زُخْرِفَتْ ُثمّ‬
‫لِقَوْمٍ عَلَى التّقْوَى دَوْاما تَبَتّلُ‬
‫بِهَا ُكلُّ مَا تَهْوَى النّفُوس‬
‫وَقُرّةُ عَيْنٍ لَيْسَ عَنْهَا تَرَحّلُ‬
‫مَلَبِسُهُم فِيْهَا حَرِيْرُ‬
‫وَإسْتَبْرَقُ لَ يَعْتَرِيْهِ التّحَلّلُ‬
‫وَمَأكُوْلُهم من ُكلِّ مَا يَشْتَهُونَهُ‬
‫وَمَنْ سَلسَبِِْيل شُرْبُهُم‬
‫وَأَزْوَاجُهم حُورٌ حِسَانٌ كَوَاعِبُ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫عَلَى مِثْلِ شَكْلِ الشّمسِ بَلْ هُوَ‬
‫يُطَافُ عَلَيْهِم بِالّذِي يَشْتَهُونَهُ‬
‫ِإذَا أَكَلُوا نَوْعا بِآَخرَ بِدّلُوا‬
‫فَوَاكِهُهَا تَدْنُوا ِإلَى مَنْ يُرِيْدُهَا‬
‫وَسُكّانَهَا مَهْمَا تَمَنّوْهُ يَحْصُلُ‬
‫وَأَنْهَارُهَا الَلْبَانُ تَجْرِي‬
‫تَنَاوُلُهَا عِ ْن َد الرَادَةِ يَسْهُلُ‬
‫بِهَا ُكلُّ أَنْوَاعِ الفَوُاكِهِ ُكلِّهَا‬
‫وَخَمْرٌ وَمَاءُ سَلسَبِِيْلٌ مُعَسْلُ‬
‫يُقَالُ لَهُمْ طِبْتُم سَلِمْتُم مِن‬
‫سَلَمٌ عَلَ ْيكَم بِالسّلَمَةِ فُادخُلُوا‬
‫بِأَسْبَابِ تَقْوَى لِ وَالعَمَلِ‬
‫يُحِبّ ِإلَى جَنّاتِ عَدْ ٍن تَوَصّلُوا‬
‫ِإذَا كَا َن َهذَا وَالّذَي قَبْلَه الْجَزَاءِ‬
‫فحَقّ عَلَى العَيْنَيْنِ بِالدّمْعِ‬
‫وَحَقّ عَلَى مَنْ كَا َن بِالِ مُؤْمِنا‬
‫يُقَدّمْ َلهُ خَيْرا وَ َل يَتَعَلّلُ‬
‫وَأَنْ يَأخُذَ الِنْسَانُ زَادا مِن‬
‫وَل يَسْأَم التّقْوَى َولَ يَتَمَلْمَلُ‬
‫وَإنّ أِمامَ النّاسِ حَشْرٌ وَمَوقِفٌ‬
‫وَيَومٌ طَوِيل ألفُ عَامٍ وَأَطْوَلُ‬
‫فَيَالَكَ مِن يَومٍ عَلَى ُكلِّ مُبْطِل‬

‫‪261‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫فَظِيْعٍ وَأَهْوَا ُل القِيَامِةِ تُعْضِلُ‬
‫تَكُونُ ِبهِ الطْوَادُ كَالعِهْنِ أَوْ‬
‫ل أَهْيَلً يَتَهَلْهَلُ‬ ‫كَثِيْبا مَهِيْ ً‬
‫بِهِ مِلّةُ السْلَمِ تُقْبَلُ وَحَدَهَا‬
‫وَلَ غَيْرَهَا مِن أَيْ دِيْنٍ فَيَبْطُلُ‬
‫بِهِ يُسْأَلُون النّاسَ مَاذَا عَبَدتُمُوا‬
‫وَمَاذَا أَجَبْتُم مَنْ دَعَا وَهُوَ‬
‫حٍسَابُ اّلذِي يَنْقَادُ عَرْضٌ‬
‫س مُنقَادا حِسَابُ مُثَقّلُ‬ ‫وَمَنْ لَيْ َ‬
‫أَعُوْذُ بِكَ الّلهُمَ مِن سُوءِ‬
‫وَأَسْأَلُكَ التّثْبِيْتَ أُخْرَى‬
‫إِلَهِي فَثَبّتْنِي عَلَى دِيْنَكَ الذي‬
‫رَضِيْتَ ِبهِ دِيْنا وَإيّاهُ تَقْبَلُ‬
‫وَهَبْ لِي مِن الفِرْدَوْسِ قَصْرا‬
‫و ُمنّ بِخَيْرَاتٍ بِهَا أَتَعَجّلُ‬
‫وَلِ حَمْ ٌد دَائِمٌ بِدَوَامِهِ‬
‫مَدَى ال ّدهْرِ لَ يَفْنَى َولَ الْحَمْدِ‬
‫يَزِيْدُ عَلَى وَزْنِ الْخَلَئِقِ كُلِّهَا‬
‫وَأَرْجَحُ مِن وَزْنِ الْجَمِيْعِ‬
‫وَإِنّي بِحَمْدِ الِ فِي الْحَمْدِ‬
‫وَأُنْهِي بِحَمْدِ الِ قَوْلِي‬
‫صَل ًة وتَسْلِيْما وَأَزْكَى تَحِيّةً‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫تَعُمّ جَمِيْعَ الْمُرْسَلِيْنَ‬
‫وَأَزْكَى صَلة الِ ُثمّ سلَمُهُ‬
‫عَلَى الْمُصْطَفَى أَزْكَى الْبَرِيّةِ‬
‫اللهم وفقنا لا وفقت إليه القوم وأيقظنا من سِنةِ الغفلة والنوم وارزقنا‬
‫ال ستعداد لذلك اليوم الذي ير بح ف يه التقون الل هم وعامل نا بإح سانك و جد‬
‫ف علي هم ول هم‬ ‫علي نا بفضلك وامتنا نك واجعل نا من عبادك الذي ل خو ٌ‬
‫يزنون‪ ،‬الل هم ار حم ذل نا ب ي يد يك واج عل رغبت نا في ما لد يك‪ ،‬ول ترم نا‬
‫بذنوب نا‪ ،‬ول تطرد نا بعيوب نا‪ ،‬واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء‬
‫من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ وآله و صحبه‬
‫أجعي‪.‬‬
‫(موعظههة)‬
‫عباد ال‪ ،‬إن ب ي أيدي كم يو مٌ ل شك فيكه ول مراء‪ ،‬يقكع ف يه الفراق‬
‫وتنفصم فيه العُرى‪ ،‬فتدبروا أمركم‪ ،‬قبل أن تضروا‪ ،‬وانظروا لنفسكم نظر‬
‫ت مِ نْ خَ ْيرٍ‬
‫جدُ ُك ّل َنفْ سٍ مَا عَ ِملَ ْ‬
‫من قد فهم ودرى‪ ،‬قال ال تعال‪َ :‬يوْ َم تَ ِ‬
‫ضرًا يا له من يوم يش يب ف يه الولدان‪ ،‬وت سي ف يه البال‪ ،‬وتظ هر ف يه‬ ‫مُحْ َ‬
‫الفايا‪ ،‬وتنطق فيه العضاء‪ ،‬شاهدة بالعمال‪ ،‬فانتبه يا من قد وهى شبابه‪،‬‬
‫وامل بالوزار كتا به‪ ،‬عباد ال‪ ،‬أ ما بلغ كم أن النار للكفار والع صاة أُعدت‪،‬‬
‫إن ا لتحرق كل ما يُل قى في ها‪ ،‬قال ال تعال‪ِ :‬إذَا ُألْقُوا فِيهَا سَ ِمعُوا لَهَا‬
‫شرَرٍ‬ ‫ْظه ‪ ،‬وقال‪ِ :‬إنّهَا تَرْمِي ِب َ‬ ‫ِنه اْلغَي ِ‬‫ِيه َتفُورُ * َتكَا ُد تَمَّي ُز م َ‬
‫َشهِيقًا َوه َ‬
‫صفْرٌ عباد ال‪ ،‬أ ما بلغ كم أن طعام أهل ها الزقوم‪،‬‬ ‫صرِ * َكَأنّ ُه جِمَاَلةٌ ُ‬
‫كَاْلقَ ْ‬
‫وشرابم الميم‪ ،‬قال عليه الصلة والسلم‪« :‬لو أن قطرة من الزقوم قطرت‬

‫‪263‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ف الرض لمَرّت على أ هل الدن يا معيشت هم» فك يف ب ن هو طعا مه‪ ،‬ل‬
‫ج َر َة ال ّزقّومِ * َطعَا ُم الثِيمِ * كَالْ ُم ْهلِ يَغْلِي‬
‫طعام له غيه‪ ،‬قال تعال‪ :‬إِنّ شَ َ‬
‫فِي الْبُطُونِ * َكغَ ْل ِي الْحَمِيمِ ‪.‬‬
‫أخرج الطبان وابن أب حات من طريق منصور بن عمار حدثنا بشي‬
‫بن طلحة عن خالد بن الدريك عن يعلى بن منية رفع الديث إل النب‬
‫قال‪« :‬يُنشيء ال لهل النار سحابة سوداء مُظلمة‪ ،‬فيُقال‪ :‬يا أهل النار أي‬
‫شيءٍ تطلبون‪ ،‬فيذكرون باه سهحابة الدنيها‪ ،‬فيقولون‪ :‬يها ربنها الشراب‪،‬‬
‫فتُمطهر أغل ًل تزيهد فه أغللههم‪ ،‬وسهلسل تزيهد فه سهلسلهم‪ ،‬وجرا‬
‫يلتهب عليهم»‪.‬‬
‫اللهم توفنا مسلمي وألقنا بالصالي غي خزايا ول مفتوني واغفر لنا‬
‫ولوالدي نا ولم يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ‬
‫وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫‪ -31‬كتاب الزكاة‬
‫ويبحث ف‪:‬‬
‫‪ – 1‬الموال الت تب فيها الزكاة‪.‬‬
‫‪ – 2‬نصاب الزكاة‪.‬‬
‫‪ – 3‬مصارف الزكاة‪.‬‬
‫‪ – 4‬تعريف أهل الزكاة وبيان مقدار ما يُعطاه كل صنف‪.‬‬
‫‪ – 1‬الموال الت تب فيها الزكاة‪:‬‬
‫اعلم – رحكك ال – أن ال سكبحانه وتعال أوجكب على الؤمنيك‬
‫أ صحاب الموال الزكو ية زكاة ل ن ذكر هم ال ف كتا به‪ ،‬وق سمها بين هم‬
‫ور تب الثواب على أدائ ها‪ ،‬والعقاب على منع ها‪ ،‬وقرن ا بال صلة ف موا ضع‬
‫كثية من كتا به‪ ،‬تعظيما لشأن ا‪ ،‬وت نبيها بذكر ها‪ ،‬وحثا على أدائ ها لتطه ي‬
‫النفس من درن الشح والبخل‪ ،‬ودفع النفس إل الود‪ ،‬والتصدق والنفاق ف‬
‫مراضكي ال تعال؛ لتحصكيل النماء والزيادة والبككة والفلح والطهارة‪ ،‬قال‬
‫صدَ َق ًة تُ َط ّهرُ ُهمْ َوُتزَكّي ِهمْ ِبهَا ‪.‬‬
‫تعال‪ :‬خُ ْذ ِمنْ َأ ْموَاِل ِهمْ َ‬
‫فالزكاة تُطهر الزكي من أناس الذنوب‪ ،‬وتنقيه من أوساخها وتُزكي‬
‫أخلقه بالتحلي بالود والسخاء وترُنه على السخاء الذي يبه كل بر وفاجر‬
‫وتُبعده عن ال شح الذي هو مذموم ع ند كل أح ٍد وتُط هر القلب عن حب‬
‫الدنيا ببذل اليسي‪ .‬فاليسي هو الواجب وهو بذل القليل من الكثي قال تعال‪:‬‬
‫ِجه‬
‫خر ْ‬ ‫ُمه تَ ْبخَلُوا َويُ ْ‬
‫ح ِفك ْ‬
‫َسهَألْكُمُوهَا فَيُ ْ‬
‫ِنه ي ْ‬
‫ُمه * إ ْ‬
‫َسهأَْلكُ ْم َأمْوَالَك ْ‬
‫وَل ي ْ‬
‫ّهه‬
‫ّونه الْمَا َل حُبّاه جَمّاه ‪ ،‬وقال‪َ :‬وِإن ُ‬ ‫ُمه ‪ ،‬وقال تعال‪ :‬وَتُحِب َ‬ ‫ضغَانَك ْ‬
‫أَ ْ‬

‫‪265‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫شدِيدٌ ‪.‬‬
‫حبّ الْخَ ْي ِر َل َ‬
‫لِ ُ‬
‫فالشارع الك يم اللط يف بعباده أوجب شيئا ي سيا ب عد مدة طويلة إذا‬
‫اعتاد النسكان إخراجكه مكن الال الحبوب طبعا امتثالً لمكر ال ورسكوله؛‬
‫استفاد حُب خالقه الذي رزقه إياه ووعده أن يلف عليه ما أنفقه‪ .‬قال تعال‪:‬‬
‫وَمَا َأْنفَقْتُ مْ مِ نْ َشيْ ٍء َفهُ َو يُخْ ِلفُ ُه َوهُ َو خَ ْيرُ الرّا ِزقِيَ ‪ ،‬وقال‪ :‬وََأْنفِقُوا‬
‫مِ نْ مَا رَ َزقْنَاكُ مْ مِ نْ قَ ْب ِل أَ نْ َي ْأتِ يَ أَ َحدَكُ ُم الْ َموْ تُ فََيقُولَ َربّ َلوْل َأخّ ْرتَنِي‬
‫صدّقَ وَأَ ُك ْن ِمنَ الصّالِحِيَ ‪.‬‬ ‫ب َفأَ ّ‬
‫ِإلَى َأ َجلٍ َقرِي ٍ‬
‫و عن أ ب هريرة ر ضي ال ع نه قال‪ :‬قال ر سول ال ‪ « :‬ما من يوم‬
‫يُصبح العباد فيه إل وملكان ينلن فيقول أحدها اللهم أعط مُنفقا خلفا‬
‫ويقول الخر اللهم أعط مسكا تلفا» وعنه أن رسول ال قال‪« :‬قال ال‬
‫تعال‪ :‬أنفق يا ابن آدم يُنفق عليك» مُتفق عليه‪.‬‬
‫إذا فهمكت ذلك فاعلم أن الزكاة هكي أحكد أركان السكلم ومبانيكه‬
‫العظام الشار إليهكا بقوله ‪« :‬بُنه السهلم على خسه» ذككر منهكا إيتاء‬
‫الزكاة‪ .‬وتب الزكاة ف خسة أشياء‪:‬‬
‫‪ – 1‬بيمة النعام وهي البل والبقر والغنم‪.‬‬
‫‪ – 2‬الارج من الرض وما ف معناه كالعسل الارج من النحل‪.‬‬
‫‪ – 3‬عروض التجارة‪.‬‬
‫‪ – 4‬الثان‪.‬‬
‫‪ – 5‬الثمار‪.‬‬
‫ول زكاة ف ش يء من ذلك ح ت يبلغ ن صابا‪ ،‬ول زكاة ف مال ح ت‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫يول عل يه الول‪ ،‬إل ف الارج من الرض لقوله تعال‪ :‬وَ َآتُوا َحقّ ُه يَوْ َم‬
‫حَ صَا ِدهِ وإل نتاج ال سائمة‪ ،‬ور بح التجارة فإن حول ما حول أ صلهما إن‬
‫كان نصابا‪ ،‬وإل فابتداء الول من حي كمل نصابا‪.‬‬
‫ومن كان عنده مال وعليه دين فإن كان بقدار ما عنده فل زكاة فيه‪،‬‬
‫فإن كان عنده عشرة آلف وعليكه ديكن عشرة آلف فأصكبح مكا يلك شيئا‬
‫وإن كان عنده عشرون ألفا وعليه عشرة زكى عشرة وإن كان عليه عشرون‬
‫وعنده عشرة فل يس عل يه ش يء وله ال خذ من الزكاة ل نه من الفقراء ول نه‬
‫غارم‪.‬‬
‫وي ضم ال ستفاد إل ن صاب بيده من جن سه‪ ،‬أو ف حك مه ف وجوب‬
‫الزكاة ل ف الول‪ ،‬فيُزكي كل واحد إذا ت حوله‪.‬‬
‫وتب الزكاة فيما زاد على النصاب بسابه إل ف السائمة فل زكاة ف‬
‫وق صها ل ا روى أ بو عبيدة ف غري به‪( :‬ول يس ف الوقاص صدقة)‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫(الوقص ما بي الفرضي)‪.‬‬
‫أمكا عروض التجارة‪ ،‬فهكو ككل مكا أعكد للبيكع والشراء لجكل الربكح‬
‫والتكسكب مكن جيكع السكلع التجاريكة‪ :‬كالجوهرات والطعمكة والقمشكة‬
‫والسكيارات والكائن‪ ،‬والثابتات‪ :‬كالعقارات من أراضٍك وبيوت ونو ها‪ ،‬إذا‬
‫تلكها بفعله بنية التجارة وبلغت قيمتها نصابا‪ ،‬لا ورد عن سرة بن جندب‬
‫قال‪ :‬إن ر سول ال «أمر نا أن نُخرج ال صدقة م ا نُعده للب يع» رواه أ بو‬
‫داود‪.‬‬
‫فتقوم العروض إذا حال عليها الول‪ ،‬وأوله من حي بلوغ القيمة نصابا‬
‫بال حض للفقراء من ذ هب أو ف ضة‪ ،‬ول يُع تب ما اشتر يت به‪ ،‬ويُخرج ر بع‬

‫‪267‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ع شر قيمت ها‪ ،‬و من ا ستفاد مالً خارجا عن ر بح التجارة كالجرة والرا تب‬
‫ونوهاك‪ ،‬فإنكه يبتدي حو ًل مكن حيك السكتفادة إن كان نصكابا‪ ،‬وإل فمكن‬
‫كماله ويزكيه إذا ت حوله‪.‬‬
‫وأ ما الثان‪ ،‬و هي النقود من ذ هب أو ف ضة‪ ،‬أو ما يقوم مقام ها من‬
‫فلوس أو أوراق نقد ية‪ ،‬وكذلك حُلي الذ هب والف ضة إذا بلغ ن صابا بنف سه‪،‬‬
‫أو با يضم إليه من جنسه أو ف حكمه ول يكن مُعدا للستعمال أو للعارة‪،‬‬
‫فإن أُعد للستعمال أو للعارة فل زكاة فيه‪.‬‬
‫وأقكل نصكاب الذهكب عشرون مثقالً‪ ،‬وفيهكا نصكف مثقال وهكو ربكع‬
‫الع شر‪ ،‬لد يث عائ شة وا بن ع مر ر ضي ال تعال عنه ما مرفوعا‪« :‬أ نه كان‬
‫يأخذ من كل عشرين مثقا ًل نصف مثقال» رواه ابن ماجه‪.‬‬
‫‪ – 2‬نصاب الزكاة‪:‬‬
‫والنصاب من الذهب بالنيه السعودي أحد عشر جنيها ونصف جنيه‬
‫تقريبا‪ ،‬وكذلك بالنيه الفرني أحد عشر جنيها ونصف جنيه تقريبا واقل‬
‫نصكاب الفضكة مائتكا درهكم‪ ،‬وبالريال العربك سكتة وخسكون ريا ًل تقريبا‪،‬‬
‫وبالريال الفرنسي ثلثة وعشرون ريالً تقريبا‪.‬‬
‫وأما الوراق الوجودة فإذا ملك منها ما يُقابل نصابا من الفضة وحال‬
‫عليه الول فإنه يُخرج منها رُبع العشر‪.‬‬
‫ومكن كان عنده فضكة وأراد أن يُخرج زكاتاك مكن الوراق الوجودة‬
‫التعامل فيها نظر إل قيمة الفضة من الوراق وأخرج ربع عشر القابل لا‪،‬‬
‫فمثلً إذا كان عنده ألف ريال مكن الفضكة يُسكاوي ثلثكة آلف مكن الوراق‬
‫أخرج عن الفضة خسة وسبعي ريالً هي مقابل زكاة اللف من الفضة وهي‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫خس وعشرون‪.‬‬
‫وإن كان عنده ذهب‪ ،‬وأراد أن يُخرج زكاته من الوراق التعامل فيها‬
‫نظر إل قيمة الذهب من الوراق وأخرج ربع عشر القابل لا‪ ،‬فمثلً إذا كان‬
‫عنده مائة جنيكه وكان النيكه يسكاوي خسكي ريا ًل فتكون الائة فك خسكة‬
‫آلف ريال فزكات ا من الوراق مائة وخ س وعشرون ريالً هو مقا بل زكاة‬
‫مائة النيه وهو جنيهان ونصف جنيه من زكاة الائة وهو جنيهان ونصف‪.‬‬
‫وتب الزكاة ف مال الصب والجنون لعموم حديث مُعاذ لا بعثه إل‬
‫اليمن‪ ،‬ويُخرج عنهما وليهما ف مالما من مالما‪.‬‬
‫الل هم ألم نا ذكرك ووفق نا للقيام ب قك‪ ،‬وخل صنا من حقوق خل قك‪،‬‬
‫وبارك لنا ف اللل من رزقك‪ ،‬ول تفضحنا ب ي خل قك‪ ،‬يا خ ي من دعاه‬
‫ع وأفضل من رجاه را جٍ يا قاضي الاجات‪ ،‬وميب الدعوات‪ ،‬هب لنا ما‬ ‫دا ٍ‬
‫سألناه‪ ،‬وحقق رجاءنا فيما تنيناه‪ ،‬يا من يلك حوائج السائلي ويعلم ما ف‬
‫صدور الصامتي أذقنا برد عفوك وحلوة مغفرتك واغفر لنا ولوالدينا ولميع‬
‫السلمي الحياء منهم واليتي برحتك يأرحم الراحي وصلى ال على ممدٍ‬
‫وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪269‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫‪ – 3‬وأما زكاة الارج من الرض فتجب ف كل مكيل مُدخر من الب‬
‫كالق مح والشع ي والذرة و من الث مر كالت مر والزب يب قال ال تعال‪ :‬يَا َأيّهَا‬
‫ض ‪،‬‬ ‫سْبُت ْم َو ِم ّم ا َأ ْخ َرجْنَا َل ُك ْم ِم َن ال ْر ِ‬
‫ت مَا َك َ‬
‫اّلذِي َن َآ َمنُوا َأْن ِفقُوا ِم ْن َطّيبَا ِ‬
‫وقوله ‪« :‬في ما سقت ال سماء والعيون أو كان عثريا الع شر وفي ما سُقي‬
‫بالنضح نصف العشر» رواه البخاري‪.‬‬
‫وإنا تب فيه بشرطي الول‪ :‬أن يبلغ نصابا وقدره بعد تصفية الب‬
‫وجفاف الثمر خسة أوسق والوسق ستون صاعا نبويا فتكون خسة الوسق‬
‫(‪ )300‬ثلثائة صاع بالصاع النبوي وبالصاع الال مائتي وثانية وعشرين‬
‫صاعا ووزن الصاع النبوي بالريال الفرنسي ثانون ريالً (‪ ،)80‬ووزن الصاع‬
‫الال بالريال الفرن سي مائة وأرب عة (‪ )104‬فيكون زائدا على ال صاع النبوي‬
‫بُمس وخُمس الُمس تقريبا‪.‬‬
‫والشرط الثان‪ :‬أن يكون مالكا للنصاب وقت وجوبا فوقت الوجوب‬
‫فك البك إذا اشتكد وفك الثمكر إذا بدا صكلحها لنكه حينئ ٍذ يُقصكد للككل‬
‫والقتيات به فأش به اليا بس و عن عائ شة أن ال نب كان يب عث ع بد ال بن‬
‫رواحة إل يهود فيخرص عليهم النخل حي يطيب قبل أن يؤكل منه‪ .‬رواه‬
‫أبو داود‪.‬‬
‫وي ب في ما سُقي بل مؤ نة الع شر وفي ما سُقي بكل فة ن صف الع شر‬
‫لديث ابن عمر مرفوعا فيما سقت السماء العشر وفيما سُقي بالنضح نصف‬
‫العشكر رواه أحدك والبخاري والنسكائي وأبك داود وابكن ماجكه فيمكا سكقت‬
‫ال سماء والنار والعيون أو كان بعل الع شر وفي ما سُقي بال سوان والن ضح‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫نصف العشر‪.‬‬
‫وي ب إخراج زكاة ال ب مُ صفى من قشره والث مر ياب سا ل ا ورد عن‬
‫عتاب بن أُسيد أن النب أمر أن يُخرص العنب زبيبا كما يُخرص التمر ول‬
‫يُسكمى زبيبا ول ترا حقيقكة إل اليابكس وقيكس الباقكي عليهمكا‪ ،‬ول يسكتقر‬
‫وجوبا إل بعلها ف الرين أو ف البيدر أو ف السطاح ونوه‪.‬‬
‫فإن تل فت البوب والثمار ال ت ت ب في ها الزكاة ق بل الو ضع بالر ين‬
‫ونوه بغي تع ٍد منه سقطت خرصت أو ل ترص وإن تلف البعض من الزرع‬
‫والثمر قبل الستقرار زكى الباقي إن كان نصابا وإل فل زكاة فيه لقوله ‪:‬‬
‫«ليس فيما دون خسة أوسق صدقة»‪.‬‬
‫ول تتكرر زكاة الُعشكر إذا ل يقصكد بكه التجارة فإن كانكت مُعدة‬
‫للتجارة كالذي يشتري الب أو الرز أو الزيت يتربص به أو يقطعه فهذه تعتب‬
‫عروضا إذا كانت تبلغ نصابا كلما دار عليها الول قومها بالنفع للفقراء من‬
‫عي أو ورق ول يعتب ما اشتريت به‪.‬‬
‫ويُسكتحب للمام ب عث خارص لث مر الن خل والكرم إذا بدا صلحها‪.‬‬
‫وشرط كونكه مسكلما أمينا خكبيا لديكث عائشكة قالت كان عليكه الصكلة‬
‫وال سلم يب عث ع بد ال بن روا حة إل اليهود يرص علي هم النخ يل ق بل أن‬
‫يؤكل‪ ،‬متفق عليه‪.‬‬
‫وفك حديكث عتاب بكن أُسكيد أن النكب كان يبعكث على الناس مكن‬
‫يرص علي هم كروم هم وثار هم رواه الترمذي وا بن ما جه و صح ع نه أ نه‬
‫خرص على امرأة بوادي القرى حديقة لا وحديثها ف مسند أحد‪.‬‬
‫ويبك أن يترك الارص لرب الال الثلث أو الربكع فيجتهكد السكاعي‬

‫‪271‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ب سب ال صلحة لد يث سهل بن أ ب حث مة قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬إذا‬
‫أخرصهتم فخذوا ودعوا الثلث فإن ل تدعهو الثلث فدعوا الربهع» رواه‬
‫المسة‪.‬‬
‫(موعظههة)‬
‫أيها الغافل راقب من يراك ف كل حال‪ ،‬وطهر سرك فهو عليم با يطر‬
‫بالبال‪ ،‬إل مت تيل مع الزخارف وإل كم ترغب لسماع اللهي والعازف‬
‫والحرمات أمكا آن لك أن تُجالس صكاحب الديكن والصكلح العاككف على‬
‫عمله يق طع ليله بالقيام ح ت ال صباح وناره بال صيام ل ي ل ول يتوا ن رجاء‬
‫الفوز بالرباح وأ نت ف غمرة هواك مفتونا ف النماك بدنياك وكأ ن بك‬
‫وقكد هجكم عليكك مكا بدد شلك وأوهكن قواك وافترسكك مكن بيك أهلك‬
‫وعشيتك وأخلئك وتلى عنك خليلك وأصدقاؤك ل يستطيعون رد ما نزل‬
‫بكك ول تدك له كاشفا فانتبكه مكا دام جسكمك صكحيحا والعمكل منكك فك‬
‫إمكان‪.‬‬
‫الل هم وفق نا ل صال العمال ون نا من ج يع الهوال وأم نا من الفزع‬
‫والرجف والزلزال‪ ،‬واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء منهم واليتي‬
‫برحتك يا أرحم الراحي‪ ،‬وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫‪ – 33‬فصل ف بيان مصارف الزكاة‬


‫ويُشترط لخراجهكا نيكة مكن مُكلف‪ ،‬لديكث‪« :‬إناه العمال بالنيات‬
‫وإن ا ل كل امريءٍ ما نوى»‪ ،‬فينوي الزكاة‪ ،‬أو ال صدقة الواج بة‪ ،‬أو صدقة‬
‫الال‪.‬‬
‫ويُسن أن يُفرق زكاته على أقاربه الذين ل تلزمه مؤونتهم لا ورد عن‬
‫سلمان بن عامر قال رسول ال ‪« :‬الصدقة على السكي صدقة‪ ،‬وهي‬
‫على ذي الر حم اثنتان‪ :‬صدقة و صلة» رواه أح د‪ ،‬والترمذي‪ ،‬والن سائي‪،‬‬
‫وابن ماجه والدارمي‪.‬‬
‫ويُسكتحب أن يقول الُخرج‪ :‬اللهكم اجعلهكا مغنما‪ ،‬ول تعلهكا مغرما‪،‬‬
‫ويمد ال على توفيقه لدائها‪ ،‬لا روى أبو هريرة قال‪ :‬قال رسول ال ‪:‬‬
‫«إذا أعطيتهم الزكاة فل تنسهوا ثواباه أن تقولوا اللههم اجعلهها مغنما ول‬
‫تعلها مغرما» رواه ابن ماجه‪.‬‬
‫ويقول الخذ وهو الفقي أو السكي أو أحد الصناف آجرك ال فيما‬
‫أعطيت وبارك لك فيما أبقيت وجعله لك طهورا‪.‬‬
‫ص ّل‬
‫ص َد َقةً تُ َط ّه ُرهُ مْ َوُتزَكّيهِ ْم ِبهَا وَ َ‬
‫قال ال تعال‪ :‬خُ ْذ مِ ْن َأمْوَالِهِ مْ َ‬
‫عَلَ ْيهِ مْ إِنّ صَلَتكَ َسكَ ٌن َلهُ مْ أي ادع لم‪ ،‬كما روى مسلم ف صحيحه‬
‫عن ع بد ال بن أ ب أو ف قال‪ :‬كان ال نب إذا أ ت ب صدق ِة قو مٍ صلى‬
‫عليهم‪ ،‬فأتاه أب بصدقته‪ ،‬فقال‪« :‬اللهم صلي على آل أب أوف»‪.‬‬
‫وللمزكي دفعها إل المام وإل الساعي‪ ،‬ويبأ بذلك‪ ،‬ول يُجزي دفعها‬
‫إل كاف ٍر غيك مؤلف‪ ،‬ول حكظ فيهكا لغنك ول لقوي مُكتسكب لاك ورد عكن‬
‫عبدال بن عدي أن رجل ي أ خباه أن ما أت يا ال نب ي سألنه من ال صدقة‬

‫‪273‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫فقلب فيهما البصر ورآها جلدين فقال لما‪« :‬إن شئتما أعطيتكما ول حظ‬
‫لغن ول لقوي مُكتسب» فالواجب تأمل حا ِل السائل والتفرس فيه كما فعل‬
‫النب فكم من إنسان يدعي الفقر وهو غن‪.‬‬
‫وكم من متعارج وما به عرج ولكن لمرٍ ما تعارجه‪.‬‬
‫و كم من حا مل ور قة يأ كل ب ا ل يدري ما في ها ولو بر قت و سبت‬
‫بدقةٍ لوجدت العجائ بَ‪ ،‬لن الوازع الدي ن قد ض عف جدا واختلط الا بل‬
‫بالنابل فل يُميز الفقي والستحق للزكاة إل إنسان مُتبصر بعد التأمل والبحث‬
‫التام والر يص على إبراء ذم ته وإي صال زكا ته إل ال ستحق ل ا يعرف ك يف‬
‫يدك موضعهكا تاما منك ل يسكألون الناس إلافا الحتاجيك الختفيك الييك‬
‫ل ي سأل ب عد الغرب فقال‬‫الرا مل ذوي العوائل‪ ،‬وروي أن ع مر سع سائ ً‬
‫لرجل من قومه َعشّ السائل فعشاه ث سعه ثانيا يسأل فقال أل أقل لك عش‬
‫السائل قال قد عشيته فنظر عمر له فإذا تت يده ملة ملؤة خبزا فقال لست‬
‫سائلً لكنك تاجر ث أخذ الخلة ونثرها بي يدي إبل الصدقة وضربه بالدّرّة‬
‫وقال ل تعد‪.‬‬
‫وقال ‪« :‬ل تل الصدقة لغن ول لذي مِرةٍ سويٍ»‪ .‬رواه أحد وأبو‬
‫داود‪.‬‬
‫ول يدفكع بالزكاة مذمكة‪ ،‬ول يقكي باك ماله‪ ،‬ول يسكتخدم باك‪ ،‬ويلزم‬
‫الن سان الذي ير يد إبراء ذم ته صحيحا أن يُف تش على أ هل العوائد وي سأل‬
‫عنهم بدقة من يعرف حالم من جيان وأقارب حت يتأكد هل هم أغنياء فل‬
‫يدفع ها إلي هم لن دفع ها ل م مع الغ ن وجوده كعد مه فل تبأ ذم ته وتب قى‬
‫الزكاة ف ذمته ول يمله الياء فيُعطي صاحب الغن قبل أن يبحث عنه هل‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫هو على فقره‪.‬‬
‫لن كثيا مكن الفقراء فك وقتنكا انفتكح لمك أبواب الرزق مكن أولد أو‬
‫بنات أو عقار أو شئون ول يُبال بغضب من منعه عادته مع استغنائه ويلتمس‬
‫رضا ال جل وعل وسواء كانوا أقرباء أو غي أقرباء‪.‬‬
‫ول يوز صرف الزكاة لغي الصناف الثمانية الذكورين ف الية‪ ،‬قال‬
‫ي وَالْعَامِلِيَ عَلَيْهَا وَالْ ُم َؤلّ َفةِ‬
‫صدَقَاتُ لِ ْل ُف َقرَا ِء وَالْمَ سَاكِ ِ‬
‫ال تعال‪ِ :‬إنّمَا ال ّ‬
‫ب وَاْلغَارِمِيَ َوفِي سَبِي ِل اللّ ِه َواِبْ ِن السّبِي ِل َفرِيضَ ًة مِنَ اللّهِ‬ ‫قُلُوُبهُ ْم َوفِي ال ّرقَا ِ‬
‫وَاللّهُ عَلِي ٌم َحكِيمٌ ‪.‬‬
‫فل يوز صرفها ف بناء الدارس أو الساجد‪ ،‬ول وقف مصاحف‪ ،‬ول‬
‫كتب علم‪ ،‬ول تكفي موتى‪ ،‬ول توقيف مقابر ول غيها من جهات الي‪،‬‬
‫لن ال تعال تول الكم فيها بنفسه‪ ،‬فقد ورد عن زياد بن الارث الصدائي‬
‫قال‪ :‬أت يت ال نب فبايع ته‪ ،‬فذ كر حديثا طويلً‪ ،‬فأتاه ر جل فقال‪ :‬اعط ن‬
‫مكن الصكدقة‪ ،‬فقال رسكول ال ‪« :‬إن ال ل يرض بُكهم نهب ول غيه فه‬
‫الصهدقات‪ ،‬حته حكهم فيهها فجزأهها ثانيهة أجزاء‪ ،‬فإن كنهت مهن تلك‬
‫الجزاء أعطيتك»‪.‬‬
‫‪ - 1‬فيأخذ الفقي وهو من ل يد شيئا أو يد بعض الكفاية من الزكاة‬
‫تام كفايته مع عائلته سنة لن وجوب الزكاة يتكرر بتكرر الول‪.‬‬
‫‪ - 2‬ويأخذ السكي وهو من يد الكفاية‪ ،‬أو نصفها تام كفايته مع‬
‫عائلته سنة؛ لن وجوب الزكاة يتكرر بتكرر الول‪.‬‬
‫‪ - 3‬ويُع طى من الزكاة العا مل و هو كجاب وحا فظ وكا تب وقا سم‬
‫وجامع الواشي وعددها وكيال ووزان وساع وراعٍ وحال وجال قدر أجرته‬

‫‪275‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وإن تلفت ف يده بل تفريط منه فيُعطى أجرته من بيت الال لن للمام رزقه‬
‫على عمله من بيت الال‪.‬‬
‫‪ - 4‬ويُعطى من الزكاة الؤلف وهو السيد الطاع ف عشيته ما يصل‬
‫به التأليف لنه القصود‪.‬‬
‫‪ – 5‬ويُعطى من الزكاة الرقاب وهم الكاتبون وفاء دين الكتابة ويوز‬
‫أن يُفدي من الزكاة أسيا مُسلما ف أيدي الكفار‪.‬‬
‫‪ – 6‬ويُع طى الغارم من الزكاة و هو من تد ين ل صلح ذات ب ي أو‬
‫تمكل بسكبب إتلف نفكس أو مال أو نبا أو مالً لتسككي فتنكة وقعكت بيك‬
‫طائفت ي ويتو قف صلحهما على من يتح مل ذلك أو تد ين لشراء نف سه من‬
‫كفار أو لنفسه ف مباح وأعسر وفاء دينه كمكاتب‪ ،‬ودين ال كدين الدمي‪.‬‬
‫‪ – 7‬ويُعطى الغازي ف سبيل ال ما يتاج لغزوه ذهابا وإيابا وإقامةً ف‬
‫أرض العدو ونو ثن سلح ودرع وفرس لفارس‪.‬‬
‫‪ - 8‬ويُعطى من الزكاة ابن السبيل وهو الُسافر النقطع به بغي بلده ما‬
‫يُبلغه بلده أو مُنتهى قصده وعوده إليها إن ل يكن سفره مُحرما أو مكروها‪.‬‬
‫(موعظههة)‬
‫عباد ال إن وجود الوت بي الناس موعظة كبى لو كانوا يعقلون فإنه‬
‫بلسان الال يقول لكل واحد م نا‪ :‬سأنزل بك يوما أو ليلة ك ما ترى الناس‬
‫بعينكك يوتون وقكد يكون لحدهكم مكن الال والاه والقوة والمال والعلم‬
‫والفصاحة والركز الدنيوي ما يُدهش الناظرين له‪ ،‬وقد يكون قد طال عمره‬
‫وطال أمله ح ت مل ومُل م نه‪ .‬وبين ما هو ف حالٍ من النشاط قو يٌ مشدود‬
‫أسره‪ ،‬ذو ه ٍة تضيق با الدنيا‪ ،‬قد أقبلت عليه الدنيا من كل جهة‪ ،‬وزهت له‪،‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫إذا تراه ج ثة هامدة أش به بأعجاز الن خل الاو ية ل حس له ول حر كة ول‬
‫أقوال ول أفعال قد ض يق على من حوله وإذا ل يُ سرعوا به إل الد فن يكون‬
‫جيفة من اليف تؤذي رائحتها الكريهة كل من قرب منها‪ ،‬هذا كله يكون‬
‫بعد ذلك النشاط والقوى لن هادم اللذات نزل به‪.‬‬
‫وب عد نزوله ل ت سأل كان له ما كان‪ ،‬و ف الال تُ صبح زوج ته أرملة‬
‫ويُصبح أولده أيتاما‪ ،‬وف الال تُقسم أمواله ال ت جعها وقاسى على جعها‬
‫ل تع جز عن نق ضه‬‫الشدائد‪ ،‬لن الوت يز يل مُل كه وينقله إل مُلك ورث ته نق ً‬
‫اليام‪ ،‬نعم إنه بالوت يزول ماله كله وهي أكب مصيبة مالية‪.‬‬
‫وأ كب من ها أ نه يُ سأل ع نه كله داخلً وخارجا من حللٍ أم من حرام‬
‫وبعد مُدة يسية يُنسى هو ويُنسى ماله ويُنسى جاهه ويُنسى مركزه ومكانته‬
‫ولو كان ملكا أو وزيرا وما كأنه رأته العيون ول سعت كلمه الذان‪ ،‬كما‬
‫قيل‪:‬‬
‫كَأَنّهُم قَطُ مَا كَانُوا َولَ وُجدُوا‬
‫وَمَاتَ ذِِكْ ُرهُموا بِيْنَ الوَرَى‬
‫إن الناس يرون الوت كل يوم بأعين هم ف بيوت م أو ف ال ستشفيات‪،‬‬
‫ويرون ما له من آثار ومع ذلك فإنم بُجرد أن يوت بينهم ميت يكون منهم‬
‫مع موته هذا ما يُدهش الفكار فترى من أقاربه من يتسابقون إل البحث عما‬
‫خلف وانتهاب مكا اتصكلت إليكه أيديهكم مكن ماله‪ ،‬ورباك شبكت بيك ورثتكه‬
‫الروب من أجل أن يتميز كل واحد منهم ف التركة عمن سواه وقد تشتد‬
‫بم تلك العداوة تعمل عملها ما بقيت تلك‪.‬‬
‫يفعلون هذا كله ع قب من يوت بدل أن يع تبوا ويتعظوا به فيزهد هم‬

‫‪277‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫هذا التفكي والعتبار ف ذلك الال الفان الذاهب عن أيديهم عن قريب كما‬
‫ذهب عنه من وصل إليهم من طريقه‪ ،‬لقد سبق أقوام كانوا يؤمنون بالوت‬
‫حق اليان فكانوا يُقدرون الدن يا حق التقد ير‪ ،‬كانوا يعرفون أن ا فان ية وأن ا‬
‫غرارة خداعة وأنم تاركوها يوما رغم أنوفهم ل رجوع بعده لقليل منها ول‬
‫س ذَاِئ َقةُ الْ َموْ تِ فا ستعدوا واقرءوا قوله‬
‫كث ي قرءوا قوله تعال‪ُ :‬ك ّل َنفْ ٍ‬
‫تعال‪ :‬مَا عِ ْندَكُمْ يَ ْن َفدُ َومَا عِ ْن َد اللّ ِه بَاقٍ فكانوا إذا حصل لم شيء من‬
‫الدنيا صرفوا ذلك لا ينفعهم ف الدار الخرة‪ ،‬وإذا سعت أنم كانوا يطلبون‬
‫الدنيا فلما ذكرنا‪.‬‬
‫قال ا بن م سعود ل ا نزلت آ ية ال صدقة ك نا نُحا مل على ظهور نا فجاء‬
‫رجل فتصدق بشيء كثي فقالوا‪ :‬مُرائي‪ ،‬وجاء رجل فتصدق بصاع فقالوا إن‬
‫ِنه‬
‫ُونه الْمُ ّطوّعِيَ م َ‬ ‫ِينه يَلْ ِمز َ‬‫ال لغنٌ عكن صكاع هذا فنلت اليكة‪ :‬الّذ َ‬
‫خرُو َن مِ ْنهُ مْ‬
‫جدُو نَ إِل جُ ْه َدهُ ْم فَيَ سْ َ‬
‫صدَقَاتِ وَالّذِي نَ ل يَ ِ‬
‫الْ ُم ْؤمِنِيَ فِي ال ّ‬
‫خ َر ال ّلهُ مِ ْن ُهمْ َوَل ُهمْ َعذَابٌ َألِيمٌ ‪.‬‬
‫سَ ِ‬
‫ومن طريق آخر حث الرسول على الصدقة يعن ف غزوة تبوك فجاء‬
‫عبكد الرحنكبكن عوف بأربعكة آلف فقال‪ :‬يكا رسكول ال مال ثانيكة آلف‬
‫جئ تك بن صفها وأم سكت بن صفها فقال ر سول ال ‪« :‬بارك ال لك في ما‬
‫أمسكت وفيما أعطيت» وجاء أبو عقيل بصاعٍ من تر فقال‪ :‬يا رسول ال‬
‫أصبت صاعي من تر صاع أقرضته لرب وصاع لعيال قال‪ :‬فلمزه النافقون‬
‫وقالوا‪ :‬ما أع طى ا بن عوف إل رياء وقالوا أل ي كن ال ور سوله غني ي عن‬
‫صاع هذا وهكذا كان ال صحابة ر ضي ال عن هم يعلون ما نالوا من الدن يا‬
‫وسيلة إل الخرة‪:‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫ِإذَا اكْتَسَبَ الْمَالَ الْفَتَى مِن‬
‫وَأَحْسَنَ تَدبْيا َلهُ حِ ْينَ يَجْمَعُ‬
‫وَمَيّزَ فِي إِنْفَاقِه بِيْنَ مُصلحٍ‬
‫مَعِيْشَتَهُ فِيْمَا يَضُرُ وَيَنْفَعُ‬
‫وَأَرْضَى ِبهِ أَهْلَ الْحُقُوقِ وَلَم‬
‫بِهِ الذُخْرَ زَادا لِلّتِي هِيَ أَنْفَعُ‬
‫فَذَاكَ الْفَتَى لَ جَامِعَ الْمَالِ‬
‫لَولدِ سُوءٍٍ حَيْثُ حَلّوُا‬
‫الل هم تق بل م نا ي سي العمال‪ ،‬و هب ل نا إ ساءتنا ف القوال والفعال‬
‫وسامنا عن الغفلة والهال واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي برحتك يا‬
‫أرحم الراحي‪ .‬وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪279‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫‪ – 34‬فيما ورد من الوعيد الشديد على ترك الزكاة‪:‬‬
‫إذا فه مت ما تقدم م ا ت ب ف يه الزكاة وبيان ن صاب الزكاة وم صرفها‬
‫ومكا ينبغكي أن يقول الدافكع والدفوع إليكه‪ .‬فاعلم أناك مكا خالطكت مالً إل‬
‫ق شره وفتنته‬
‫أفسدته ومقت بركته وأي خي ونفع ف ما ٍل محوق البكة با ٍ‬
‫وشغل البدن والقلب وإتعابما؟‬
‫وال حق‪ :‬م نه ما هو ظا هر‪ ،‬و هو ذهاب صورة الال ورجوع الن سان‬
‫بعد الستغناء فقيا‪ ،‬وقد وقع ذلك للق كثي من التساهلي بأمر الزكاة‪.‬‬
‫ومن الحق‪ :‬مق باطن وهو أن يكون الال ف الصورة موجودا وكثيا‬
‫ول كن ل ينت فع ف يه صاحبه ل ف دي نه ف وجوه الب والشار يع الي ية وبذل‬
‫العروف‪ ،‬ول ينتفع فيه ف نفسه ومروءته بالستر والصيانة‪ ،‬ومع ذلك يتضرر‬
‫به تضررا كثيا بإمساكه عن حقه ووضعه ف غي جهته إما بإنفاقه بالعاصي‬
‫والعياذ بال‪ ،‬وإما ف الشهوات البهيمية الت ل نفع فيها ول حاصل‪.‬‬
‫وقكد ورد فك منكع الزكاة عكن ال ورسكوله تشديدات هائلة وتديدات‬
‫عظيمة ويُخشى على مانع الزكاة من سوء الاتة والتعرض لوعيد ال وغضبه‬
‫والروج من الدنيا على غي ملة السلم وما جاء من الوعيد ف حق من بل‬
‫با أو قصر ف إخراجها قوله تعال‪ :‬وَل يَحْ سََب ّن الّذِي َن يَبْخَلُو َن بِمَا َآتَاهُ مُ‬
‫اللّ هُ مِ ْن فَضْلِ هِ هُ َو خَ ْيرًا َلهُ ْم َبلْ هُ َو َشرّ َلهُ مْ سَيُ َط ّوقُو َن مَا بَخِلُوا بِ هِ يَوْ مَ‬
‫ض وَال ّل ُه بِمَا َتعْمَلُو َن خَبِيٌ ‪.‬‬
‫ت وَالرْ ِ‬ ‫اْلقِيَا َمةِ َولِ ّلهِ مِيَاثُ السّمَاوَا ِ‬
‫ضةَ وَل يُ ْنفِقُونَه َا ف ِي‬
‫َبه وَاْلفِ ّ‬
‫ُونه ال ّذه َ‬
‫ِينه َيكِْنز َ‬ ‫وقال تعال‪ :‬وَاّلذ َ‬
‫ب َألِي مٍ * َيوْ َم يُحْمَى عَلَ ْيهَا فِي نَارِ َجهَنّ َم فَُتكْوَى‬
‫شرْهُ مْ ِب َعذَا ٍ‬
‫سَبِيلِ اللّ ِه فََب ّ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ِبهَا جِبَا ُههُ ْم وَجُنُوبُهُ مْ وَ ُظهُو ُرهُ مْ َهذَا مَا كََن ْزتُ مْ لْنفُ سِ ُك ْم َفذُوقُوا مَا كُنْتُ مْ‬
‫َتكِْنزُونَ ‪.‬‬
‫وعن أب هريرة قال‪ :‬قال رسول ال ‪ « :‬ما من صاحب ذهب ول‬
‫ف ضة ل يؤدي من ها حق ها إل إذا كان يوم القيا مة صُفحت له صفائح من‬
‫نار فأُحيّ عليها ف نار جهنم‪ ،‬فيُكوى با جنبه وجبينه وظهره‪ ،‬كلما بردت‬
‫أُعيدت له ف يو ٍم كان مقداره خسي ألف سنة حت يُقضى بي العباد فيى‬
‫سبيله‪ :‬إما إل النة‪ ،‬وإما إل النار»‪.‬‬
‫ق يل‪ :‬يا ر سول ال فال بل؟ قال‪« :‬ول صاحب إ بل ل يُؤدي حق ها –‬
‫ومن حقها حلبها يوم وردها – إل إذا كان يوم القيامة بُطح لا بقاع قرقر‬
‫ل واحدا‪ :‬تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها‪،‬‬ ‫أوفر ما كانت ل يفقد منها فصي ً‬
‫كل ما مر عل يه أولد ها رد عل يه أخرا ها ف يو مٍ كان مقداره خ سي ألف‬
‫سنة حت يُقضى بي العباد فيى سبيله‪ :‬إما إل النة‪ ،‬وإما إل النار‪.‬‬
‫قيل‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬فالبقر والغنم؟ قال‪« :‬ول صاحب بقر ول غنم‬
‫ل يؤدي من ها حق ها إل إذا كان يوم القيا مة بُ طح ل ا بقاع قر قر ل يف قد‬
‫منها شيئا ليس فيها عقصاء ول جلحاء ول عضباء‪ ،‬تنطحه بقرونا وتطؤه‬
‫بأظلف ها كل ما مر عل يه أول ا رد عل يه آخر ها ف يو مٍ كان مقداره خ سي‬
‫ألف سنة حت يُقضى بي العباد فيى سبيله‪ :‬إما إل النة وإما إل النار»‪.‬‬
‫وعن جابر قال‪ :‬سعت رسول ال يقول‪ « :‬ما من صاحب إبل ل‬
‫يفعل فيها حقها إل جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت‪ ،‬وقعد لا بقاع قرقر‬
‫ت ست عل يه بقوائم ها وأخفاف ها‪ ،‬ول صاحب ب قر ل يف عل في ها حق ها إل‬
‫جاءت يوم القيا مة أو فر ما كا نت وق عد ل ا بقاع قر قر فتنط حه بقرون ا‪،‬‬

‫‪281‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وتطؤه بأظلفها‪ ،‬ليس فيها جاء ول منكسر قرنا ول صاحب كن ل يفعل‬
‫ف يه ح قه إل جاء كنه يوم القيا مة شُجاعا‪ ،‬أقرع يتب عه فاتا فاه‪ ،‬فإذا أتاه‬
‫فر منه‪ ،‬فيُناديه خذ كنك الذي خبأته فأنا عنه غن‪ ،‬فإذا رأى أن ل بد منه‬
‫سلك يده ف فيه فيقضمها قضم الفحل»‪.‬‬
‫و ف روا ية للن سائي قال‪ :‬قال ر سول ال ‪ « :‬ما من ر جل ل يؤدي‬
‫زكاة ماله إل جاء يوم القيامهة شُجاع مهن نار فتُكوى باه جبهتهه وجنبهه‬
‫وظهره ف يو ٍم كان مقداره خسي ألف سنة‪ ،‬حت يُقضى بي الناس»‪ .‬وال‬
‫أعلم وصلى ال على مُحمدٍ وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫وعكن جابر قال‪ :‬قال رجكل يكا رسكول ال‪ ،‬أرأيكت إن أدى الرجكل‬
‫زكاة ماله‪ ،‬فقال رسول ال ‪« :‬من أدى زكاة ماله فقد ذهب عنه شره»‪.‬‬
‫وعن الحنف بن قيس قال‪ :‬جلست إل مل من قريش فجاء رجل‬
‫خ شن الش عر والثياب واليئة ح ت قام علي هم ف سلم ث قال‪ :‬ب شر الكانز ين‬
‫ف يُح مى عل يه ف نار جه نم‪ ،‬ث يو ضع على حل مة ثدي أحد هم ح ت‬ ‫برض ٍ‬
‫يرج من ن غض كت فه ويو ضع على ن غض كت فه ح ت يرج من حل مة ثد يه‬
‫فيتزلزل‪ ،‬ث ول‪ ،‬فجلس إل سارية‪ ،‬وتبع ته وجل ست إل يه‪ ،‬وأ نا ل أدري من‬
‫هكو‪ ،‬فقلت‪ :‬ل أرى القوم إل قكد كرهوا الذي قلت‪ ،‬قال إنمك ل يعقلون‬
‫شيئا‪ ،‬قال ل خليلي‪ ،‬قلت مكن خليلك؟ قال النكب ‪ :‬أتبصكر أحدا؟ قال‪:‬‬
‫فنظرت إل الشمس ما بقي من النهار وأنا أرى أن رسول ال ‪ :‬يُرسلن ف‬
‫حاجةٍ له قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬ما أُحب أن ل مثل أح ٍد ذهبا أنفقه كله إل ثلثة‬
‫دنانيك‪ ،‬وإن هؤلء ل يعقلون‪ ،‬إناك يمعون‪ ،‬ل وال ل أسكألم دنيكا ول‬
‫أستفتيهم عن دينٍ حت ألقى ال عز وجل‪.‬‬
‫وف رواية لسلم‪ ،‬أنه قال‪« :‬بشر الكانزين بكي ف ظهورهم فيخرج‬
‫من جنوبم‪ ،‬وبكي من قبل أقفائهم حت يرج من جباههم قال‪ :‬ث تنحى‬
‫فقعد‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬من هذا؟ قالوا‪ :‬هذا أبو ذر‪ ،‬قال‪ :‬فقمت إليه‪ ،‬فقلت‪ :‬ما‬
‫شيءٌ سعتك تقول قُبيل؟ قال‪ :‬ما قلت إل شيئا قد سعته من نبيهم قال‪:‬‬
‫قلت ما تقول ف هذا العطاء‪ .‬قال‪ :‬خذه فإن ف يه اليوم معونة فإذا كان ثنا‬
‫لدينك فدعه»‪.‬‬
‫حديثا عن‬ ‫وروي عن أب هريرة قال‪ :‬سعت من عمر بن الطاب‬

‫‪283‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫رسول ال ‪ ،‬ما سعته منه‪ ،‬وكنت أكثرهم لزوما لرسول ال ‪ ،‬قال عمر‪:‬‬
‫قال رسول ال ‪« :‬ما تلف مال ف برٍ ول برٍ إل ببس الزكاة»‪.‬‬
‫و عن عائ شة ر ضي ال عن ها قالت‪ :‬قال ر سول ال ‪ « :‬ما خال طت‬
‫الصدقة – أو قال الزكاة – مالً إل أفسدته»‪.‬‬
‫وعن السن‪ :‬أن رسول ال قال‪« :‬حصنوا أموالكم بالزكاة‪ ،‬وداووا‬
‫مرضاكم بالصدقة‪ ،‬واستقبلوا أمواج البلء بالدعاء والتضرع»‪.‬‬
‫فتأمل يا أخي اليات الكريات والحاديث الشريفات …‬
‫وانظر كيف يؤتى بالال الذي كان يبه مانع الزكاة حبا شديدا ويعزه‬
‫ال عز الذي ي صل به إل أن يُم سكه ويم عه ويوع يه ول يُفرط ف ش يء م نه‪،‬‬
‫حت ما كان منه حقا للفقراء البؤساء الساكي يؤتى به بعينه ويُجعل صفائح‬
‫و مع أن هذه ال صفائح من نا ٍر يُح مى علي ها ف نار جه نم لتش تد حرارات ا‬
‫وتزداد ليكون أل ها الوا قع على بدن ما نع الزكاة بالغا النها ية ف الشدة ح ي‬
‫يُكوى با جنبه وجبينه وظهره‪.‬‬
‫وتصيص هذه العضاء الثلثة قال بعض العلماء لن الُعذب وهو مانع‬
‫الزكاة إذا جاءه الفقي يسأله شيئا من حقه عبس وجهه وعقد جبينه عبوسا‬
‫وتعقيدا يدل على كراهته لذا السؤال‪.‬‬
‫فإذا أل الفقي عليه زاد ف عبوسه أن يضن بواجهة ذلك الفقي فينتقل‬
‫من الواجهة إل النراف عنه ويعل جنبه ف وجه السكي السائل مبالغةً ف‬
‫إظهار الكراهية لسؤاله‪.‬‬
‫فإذا ازداد الفق ي واش تد ف الطلب واللاح بالغ ال سؤول ف الغ ضب‬
‫فانصكرف عنكه ووله ظهره ماشيا مكن مكانكه وتاركا له يهوي فك هوات‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫احتياجه بدون أي اكتراث فلما كان هذا حال تلك العضاء الثلثة ف الدنيا‬
‫خُصت ف الخرة بالكي بتلك الصفائح الت هي ماله وبذلك يعرف أنه يُهان‬
‫بالال الذي كان يُعزه ف دنياه‪.‬‬
‫ولو كان يُهينه بالدنيا بفارقة ما كان يب عليه منه لكان سببا لكرامه‬
‫ف ذلك اليوم الرهيب الُفزع‪.‬‬
‫وانظر كيف تأت نعمه‪ :‬إبله وبقره وغنمه الت ل يؤد حق ال فيها أقوى‬
‫ما كا نت وأوفره‪ ،‬فتطؤه ال بل بأخفاف ها وتع ضه بأنياب ا الادة وتطؤه الب قر‬
‫والغ نم بأظلف ها وتنط حه بقرون ا ال سليمة ليكون الن طح ب ا أو جع وآل ول‬
‫تيء بقرة ول نعجة إل ولا قرناها ليس بما أي مانع ينع من توجيههما إليه‬
‫وط عن الا نع ب ما الط عن الل يم‪ .‬وإن ا كا نت أقوى ما كا نت ليكون وطؤ ها‬
‫ونطحها وعضها بنتهى القوة‪ .‬وإذا كان مبطوحا لا وهي تتردد عليه بالوطء‬
‫كان أم كن ل ا ف ف عل ما تُعذبه به وهذا العذاب ل يكون زم نه قليلً ولكنه‬
‫يدوم ما دام الوقف‪.‬‬
‫ومقدار الو قف خ سون ألف سنة ونوع آ خر من العذاب خاص با نع‬
‫الزكاة و هو أن يو ضع ح جر م مى عل يه و قد ز يد ف حرار ته فأُح ي عل يه‬
‫كذلك ف نار جه نم فل يتح مل الل حم شدة حرار ته فيذوب ذوبا نا فيد خل‬
‫الجر السم واللحم يذوب أمامه حت يرج من القطعة الرقيقة الت ف طرف‬
‫الكتف‪.‬‬
‫ث يو ضع على هذه القط عة الرقي قة و قد عاد ال سم إل ما كان عل يه‬
‫فيُف عل به ك ما تقدم يرج من حل مة ثد يه ويز يد ف الل حال التعذ يب أن‬
‫الجر يتزلزل ل ير ف البدن مستقيما وقت نفوذه‪.‬‬

‫‪285‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ن سأل ال أن يُعامل نا بعفوه وج يع ال سلمي و قد ل يكون هذا العذاب‬
‫كافيا فيكون سبيله إل النار ال ت في ها ألوان العذاب الل يم من زقوم وح يم‬
‫وغساق وضريع وويل وغسلي‪.‬‬
‫ولنع الزكاة شكلٌ آخر من الشؤم الدنيوي غي ما تقدم كما ف حديث‬
‫ما تلف مال ف بر ول ب ر إل ب بس الزكاة فالد يث يدل على أ نه أي مال‬
‫يضيع ف أي مكان ف بر أو بر سبب تلفه ترك الزكاة‪ .‬وهي عقوبة تعكس‬
‫على الانكع قصكده‪ ،‬إذ هكو يقصكد بنعكه لاك تكثيك الال والروب مكن نقصكه‬
‫بإخراج القدر الوا جب م نه‪ .‬ولو أخرج القدر الوا جب و هو قل يل من كث ي‪،‬‬
‫ثوابك عظيكم هكو ثواب رككن مكن أركان‬‫ٌ‬ ‫لفكظ ماله بإذن ال ولكان له‬
‫السلم‪ ،‬ولكان له من الفضل على الُعطى ما ل ينساه مدة حياته‪.‬‬
‫أما العقوبة الخروية فالنار الت قال ال تعال عنها‪ :‬كَل ِإنّهَا لَظَى *‬
‫شوَى * َتدْعُوا َمنْ َأ ْدَبرَ َوَتوَلّى * وَجَمَ َع َفَأوْعَى ‪.‬‬
‫َنزّا َعةً لِل ّ‬
‫فعل يك أي ها العا قل‪ ،‬أن تُحا سب نف سك بد قة َوُت َقوّم ما أعدد ته للب يع‬
‫والشراء وأن تُبيء ذم تك بيق ي‪ ،‬بإخراج الزكاة كل ها إذا ت الول‪ ،‬وأن ل‬
‫تدفعها إل لن تعلم أنه من يستحقها يقينا أو يغلب على الظن أنه من أهلها‪.‬‬
‫واحذر ككل الذر مكن التهاون بترك شي ٍء منهكا أو التسكويف باك أو‬
‫سلوك الطرق اللتوية للتخلص من أدائها أو التحايل على ترك شيءٍ منها فكل‬
‫حيلة تُستعمل لتضييع حق من حقوق ال أو حقوق عباده أو تُبيح ما حرم ال‬
‫أو ترم ما أ حل ال فهي من اليل الُحرمة الت سيُجازى عليها أشد الزاء‬
‫وما ربك بظلمٍ للعبيد‪.‬‬
‫ويوز تعج يل الزكاة لول ي فأ قل إذا ك مل الن صاب ل ا ورد عن علي‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ف تعج يل صدقته ق بل أن ت ل‬ ‫أن العباس بن ع بد الطلب سأل ال نب‬
‫فرخص له ف ذلك رواه المسة إل النسائي‪.‬‬
‫وعن أب هريرة قال بعث رسول ال عمر على الصدقة فقيل منع ابن‬
‫جيل وخالد بن الوليد والعباس فقال رسول ال ‪« :‬ما ينقم ابن جيل إل أنه‬
‫كان فقيا فأغناه ال ور سوله وأ ما خال ٌد فإن كم تظلمون خالدا و قد ح بس‬
‫أدرا عه وأعتاده ف سبيل ال وأ ما العباس ف هي حق عليّ ومثل ها مع ها ث‬
‫قال‪ :‬يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صِنو أبيه» متفق عليه‪.‬‬
‫اللهم اغفر لنا ما قطع قلوبنا عن ذكرك واعف عن تقصينا ف طاعتك‬
‫وشكرك وأدم لنا لزوم الطريق إليك وهب لنا نورا نتدي به إليك واسلك بنا‬
‫سبيل أهل مرضاتك واقطع عنا كل ما يُبعدنا عن سبيلك ويسر لنا ما يسرته‬
‫لهل مبتك وأيقظنا من غفلتنا وألمنا رُشدنا وحقق بكرمك قصدنا واسترنا‬
‫ف دنيانا وآخرتنا واحشرنا ف زمرة التقي وألقنا بعبادك الصالي واغفر لنا‬
‫ولوالدينا ولميع السلمي الحياء واليتي برحتك يا أرحم الراحي وصلى‬
‫ال على ممدٍ وآله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫(موعظههة)‬
‫عباد ال إن العاقل اللبيب الفطن الرشيد من يسعى ف نفع نفسه وأهله‬
‫ودفع الضرر عنهم‪ ،‬وإنا نرى ف زمننا الذي كثرت فيه النكرات وانطت فيه‬
‫الخلق وقل فيه الورع وكثر فيه النفاق والرياء‪.‬‬
‫ترى الناس يشون الناس ول يافون ربّا قهارا بطشكه شديكد وعذابكه‬
‫أل يم ترى الر جل يف عل الن كر جهارا ول تنهاه وتن سى أو تتنا سى قول ال‬
‫ش ْو ُه ِإ ْن ُكْنُت ْم ُم ْؤ ِمنِيَ ‪ ،‬وقوله‪ :‬فَل‬
‫خَ‬
‫ش ْوَن ُه ْم فَالّل ُه َأحَقّ َأ ْن َت ْ‬
‫خَ‬
‫تعال‪َ :‬أَت ْ‬

‫‪287‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫شوْنِي ‪.‬‬
‫ش ْوهُ ْم وَا ْخ َ‬
‫خَ‬‫تَ ْ‬
‫وقوله ‪ « :‬من رأى من كم منكرا فليغيه بيده فإن ل ي ستطع فبل سانه‬
‫فإن ل يستطع فبقلبه ليس وراء ذلك من اليان حبة خردل»‪.‬‬
‫فقكل للذي يرى تارك الصكلة ول ينهاه ل يوز لك ذلك انصكح أخاك‬
‫السلم وقل للذي قد عميت بصيته فأتى بكفار خدامي أو سواقي أو مربي‬
‫أو طباخي أو خياطي وأمنهم على مارمه‪ :‬خف ال واحذر من عقوبة الدنيا‬
‫ق بل عقو بة الخرة ك يف تأ ت بأعداء ال ور سوله والؤمن ي‪ ،‬ل قد أ سأت إل‬
‫نفسك وأهلك والسلمي‪.‬‬
‫أما سعت قول النب ‪« :‬من جامع الشرك أو سكن معه فهو مثله»‪.‬‬
‫أو ما بلغك قصة الثلثة الذين هجرهم السلمون نوا من خسي ليلة‬
‫بأيامها حي تلفوا عن رسول ال ف غزوة تبوك‪.‬‬
‫أو ما بل غك أن أ با هريرة أق سم‪( :‬ل يظله سقف هو وقا طع ر حم)‬
‫وأنت وأعداء ال الكفار متصل بعضكم ف بعض ف البيت والسوق والسيارة‬
‫ب الّتِي فِي‬
‫عياذا بال من ذلك‪َ :‬فإِّنهَا ل َتعْمَى البْصَارُ َوَلكِنْ تَعْمَى اْلقُلُو ُ‬
‫صدُورِ ‪.‬‬
‫ال ّ‬
‫وإذا رأ يت من يلق لي ته ويُب قي شار به متشب ها بالجوس ف قل له أ ما‬
‫سعت حديث «أكرموا اللحى»‪ ،‬وحديث «وفروا اللحى»‪ ،‬وقول ال تعال‪:‬‬
‫ب أَلِيمٌ‬
‫حذَ ِر الّذِينَ ُيخَاِلفُونَ عَنْ أَ ْمرِ ِه أَنْ تُصِيَبهُ ْم فِتَْن ٌة أَ ْو يُصِيَب ُهمْ َعذَا ٌ‬
‫فَلْيَ ْ‬
‫وقوله ‪« :‬كل أمت معاف إل الجاهرون» وعملك هذا مُجاهرة‪.‬‬
‫وإذا رأيت شارب الدخان فانصحه وبي له مضاره ف الدين والبدن والدنيا‪.‬‬
‫وإذا رأيكت مكن يقتكل وقتكه أمام اللهكي والنكرات فانصكحه وبيك له‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫الضار الت منها ترك الصلة جاعة أو إهالا بتاتا والعياذ بال‪.‬‬
‫وإذا رأيكت الذي يُطارد النسكاء فك السكواق فقكل بال هكل ترضكى أن‬
‫الفسقة مثلك يطاردون نساءك اتق ال وتب إليه من هذا الُلق الرذيل‪.‬‬
‫وإذا رأيكت الذي يغكش السكلمي فقكل له اتكق ال أمكا بلغكك حديكث‬
‫الصطفى ‪« :‬من غشنا فليس منا»‪.‬‬
‫وإذا رأيت من يعامل بالربا فقل كيف تارب ربك الذي أعطاك الال‬
‫خف ال واحذر أن يحقك ال ويحق مالك‪.‬‬
‫وإذا رأيت من يُسافر إل بلد الكفر فانصحه وقل أما سعت قول النب‬
‫«أ نا بر يء من م سلم ب ي أظ هر الشرك ي ل ترآى ناراه ا» وكان‬
‫يأ خذ على أ صحابه ع ند البي عة يأ خذ على يد أحد هم‪« :‬أن ل ترى نارك نار‬
‫الشركي إل أن تكون حربا لم»‪.‬‬
‫وإذا رأيت من يصور أو يبيع صور ذوات الرواح فانصحه وقل له أما‬
‫بلغك أن أشد عذابا يوم القيامة الصورون‪ ،‬أما بلغك أن من صور صورة ف‬
‫الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ‪ ،‬وقل له أما سعت‬
‫حديث كل مصور ف النار يعل له بكل صورة صورها نفس فيعذبه ف جهنم‬
‫اتق ال قبل أن تقف بي يديه حافيا عاريا أعزلً‪.‬‬
‫وإذا رأيكت مكن يكبيع الصكور أو آلت اللهكو كالتليفزيون والكورة‬
‫والذياع والفيديو والسينما والورق اللهية عما خُلق النسان له‪ ،‬وأبا البائث‬
‫الدخان ونو هذه البدع الُحرمة الت ضاع العمر والال بسببها وقضت على‬
‫الخلق والغية الدينيكة فقكل له أترضكى لنفسكك أن تتجكر بالحرمات وأن‬
‫تكون م ن يع ي على العا صي وين شر الف ساد ا تق ال ق بل أن يفاجئك هادم‬

‫‪289‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫اللذات فتندم ول يفيدك الندم‪ .‬ويصدق عليك قول الشاعر‪:‬‬
‫وَالبَغي مَصْرَعُهُ َوخِيمُ‬ ‫نَدِمَ الْبُغَاةُ وَلتَ سَاعَة‬
‫ل ول‬ ‫وإذا رأيكت مكن يُطفكف فك الكيال واليزان أو يأخكذ راتبكه كام ً‬
‫يؤدي العمكل كاملً قكل له اتكق ال أمكا تقرأ قول رب العاليك‪َ :‬وْيلٌ‬
‫ُمه َأوْ‬
‫َسهَتوْفُو َن * َوإِذَا كَالُوه ْ‬
‫ّاسه ي ْ‬ ‫ِينه ِإذَا اكْتَالُوا عَلَى الن ِ‬
‫لِلْمُ َط ّففِي َ * اّلذ َ‬
‫ك َأنّهُ ْم مَ ْبعُوثُو نَ * لَِيوْ مٍ عَظِي مٍ * َيوْ مَ‬
‫سرُونَ * أَل يَظُنّ أُولَئِ َ‬‫وَ َزنُوهُ مْ يُخْ ِ‬
‫ب الْعَالَمِيَ ‪.‬‬
‫س ِلرَ ّ‬
‫َيقُومُ النّا ُ‬
‫وإذا رأيت الغتابي ناشة العراض أكالة لوم الغوافل فقل لم أما قرأت‬
‫ضكُمْ َبعْضًا َأيُحِبّ أَ َحدُكُمْ أَ ْن َيأْ ُكلَ لَحْمَ‬
‫ب بَعْ ُ‬
‫قول اللك الديان‪ :‬وَل َيغْتَ ْ‬
‫َأخِيهِ مَيْتًا ‪ .‬الية‪.‬‬
‫وإذا رأيت النمام فقل له أما سعت قول النب ‪« :‬ل يدخل النة نام»‬
‫وهكذا تف عل عند ما تر يد أن تن صح أ هل العا صي نوك هؤلء من منافق ي‬
‫ومتملقي وكذابي‪.‬‬
‫ولقكد تضاعفكت الغيبكة والنميمكة والكذب أضعافا كثية بعكد ظهور‬
‫التلفزيون والتليفون والُ سجلت ف قد كا نت بالول ل تو جد إل مع اجتماع‬
‫البدان والن توجكد ولو كان بينهكم مسكافات بعيدة نسكأل ال العافيكة لنكا‬
‫ولخواننا السلمي إنه على كل شيءٍ قدير وبكل شيءٍ عليم‪.‬‬
‫وال أعلم وصلى ال على ممد‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(موعظههة)‬
‫قال ابن القيم ‪ -‬رحه ال‪:‬‬
‫ما ضُرب ع بد بعقو بة أع ظم من ق سوة القلب والب عد عن ال‪ ،‬خل قت‬
‫النار لذابكة القلوب القاسكية أبعكد القلوب مكن ال القلب القاسكي‪ ،‬إذا قسكى‬
‫َقحُطت العي‪.‬‬
‫ق سوة القلب من أرب عة أشياء إذا جاوزت قدر الا جة‪ :‬ال كل‪ ،‬والنوم‪،‬‬
‫والكلم‪ ،‬والخالطكة‪ ،‬كمكا أن البدن إذا مرض ل ينفكع فيكه الطعام والشراب‬
‫فكذلك القلب إذا مرض بالشهوات ل تنجح فيه الواعظ‪.‬‬
‫من أراد صفاء قلبه فلُيؤْثِر ال على شهواته‪.‬‬
‫القلوب التعلقكة بالشهوات مجوبكة عكن ال بقدر تعلقهكا باك‪ .‬شغلوا‬
‫قلوبم بالدنيا‪ ،‬ولو شغلوها بال والدار الخرة لالت ف معان كلمه وآياته‬
‫الشهودة ورجعت إل أصحابا بغرائب الكم وطرف الفوائد‪.‬‬
‫إذا غُذي بالتذ كر‪ ،‬و سُقي بالتف كر‪ ،‬ونُ قي من الد غل‪ ،‬رأى العجائب‬
‫وألم الكمة‪ ،‬خراب القلب من المن والغفلة‪ ،‬وعمارته من الشية والذكر‪.‬‬
‫إذا زهدت القلوب ف موائد الدن يا قعدت على موائد الخرة ب ي أ هل‬
‫تلك الدعوة‪ ،‬وإذا رضيت بوائد الدنيا فاتتها تلك الوائد‪.‬‬
‫والقلب يرض كما يرض البدن وشفاؤه ف التوبة والمية ويصدأ كما‬
‫تصكدأ الرآة وجلؤه بالذككر‪ ،‬ويعرى كمكا يعرى السكم وزينتكه التقوى‪،‬‬
‫ويوع ويظ مأ ك ما يوع البدن‪ ،‬وطعا مه وشرا به العر فة والح بة والتو كل‬
‫والنابة والدمة‪.‬‬

‫‪291‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫للقلب ستة مواطن يول فيها ل سابع لا‪ :‬ثلثة سافلة وثلثة عالية‪.‬‬
‫فال سافلة‪ :‬دن يا تتز ين له ون فس تد ثه وعدو يو سوس له‪ ،‬فهذه موا طن‬
‫الرواح السافلة ل تزال تول فيها‪.‬‬
‫والثلثكة العاليكة‪ :‬علم يتكبي له‪ ،‬وعقكل يُرشده‪ ،‬وإله يعبده‪ ،‬والقلوب‬
‫جوالة ف هذه الواطن‪.‬‬
‫وقال رح ه ال‪ :‬ول ريب أن القلب ي صدأ ك ما ي صدأ النحاس والفضة‬
‫وغيهاك وجلؤه بالذككر فإنكه يلوه حتك يدعكه كالرآة البيضاء‪ ،‬فإذا ترك‬
‫صديء‪ ،‬فإذا ذكر جله‪.‬‬
‫وصكدأ القلب بأمريكن‪ :‬بالغفلة والذنكب‪ ،‬وجلؤه بشيئيك‪ :‬بالسكتغفار‬
‫والذككر‪ ،‬فمكن كانكت الغفلة أغلب أوقاتكه كان الصكدأ متراكما على قلبكه‪،‬‬
‫وصدأه بسب غفلته‪ ،‬وإذا صدأ القلب ل تنطبع فيه صور العلومات على ما‬
‫هي عليه فيى الباطل ف صورة الق والق ف صورة الباطل‪ ،‬لنه لا تراكم‬
‫عل يه ال صدأ وا سود ورك به الران ف سد ت صوره وإدرا كه‪ ،‬فل يق بل حقا ول‬
‫ينكر باطلً‪ ،‬وهذا أعظم عقوبات القلب‪.‬‬
‫وأصل ذلك من الغفلة واتباع الوى فإنما يطمسان نور القلب ويعميان‬
‫بصره‪ ،‬قال تعال‪ :‬وَل تُ ِط ْع مَ نْ أَ ْغفَلْنَا قَلْبَ هُ عَ ْن ذِ ْك ِرنَا وَاتّبَ َع هَوَا ُه وَكَا نَ‬
‫َأ ْمرُ هُ ُفرُطًا فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل فلينظر‪ :‬هل هو من أهل الذكر‬
‫أو من الغافلي؟ وهل الاكم عليه الوى أو الوحي؟ فإن كان الاكم عليه هو‬
‫الوى و هو من أهل الغفلة كان أمره فرطا‪ ،‬ومع ن الفُرط قد فُ سر بالتضي يع‪،‬‬
‫أي أمره الذي ي ب أن يلز مه ويقوم به‪ ،‬و به رشده وفل حه ضائع قد فرط‬
‫فيه‪ ،‬وفسر بالسراف‪ ،‬أي قد أفرط‪ ،‬وفسر بالهلك‪ ،‬وفسر باللف للحق‪،‬‬
‫وكلها أقوال متقاربة‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫والقصود أن ال سبحانه وتعال نى عن طاعة من جع هذه الصفات‪،‬‬
‫فينب غي للر جل أن ين ظر ف شي خه وقدو ته ومتبو عه فإن وجده كذلك فليب عد‬
‫م نه وإن وجده م ن غلب عل يه ذ كر ال عز و جل واتباع ال سنة‪ ،‬وأمره غ ي‬
‫مفروط عليه بل هو حازم ف أمره فليتمسك بغرزه‪ ،‬ول فرق بي الي واليت‬
‫إل بالذكر‪ ،‬فمثل الذي يذ كر ربه والذي ل يذكر ربه كمثل الي واليت‪.‬‬
‫وف السند مرفوعا أكثروا ذكر ال تعال حت يُقال منون اهك‪.‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫يَا َأّيهَا الْمُغْتَرّ بِالِ‬
‫فِرّ مِن الِ إِِلَى الِ‬
‫ولُذْ ِبهِ وَاسأَلْهُ مِن فَضْلِهِ‬
‫َفقَد نِجَا مَنْ لَذَ بِالِ‬
‫وَقَمْ َلهُ وَالّليْلُ فِي جنْحه‬
‫فَحَبّذَا مَنْ قَامَ لِ‬
‫وَاتْلُ مِن الوَحْيِ وَلَوْ آَيةً‬
‫تُكْسَى بِهَا نُورا مِن ال‬
‫وَعَفّر الوَجْهَ َلهُ سَاجِدا‬
‫فَعَزّ وَجْهٌ ذلّ لِ‬
‫فَمَا نَعِيْم كَمنُاَجَاتِهِ‬
‫لِقَانِت يُخْلِصِ لِ‬
‫وَاْبُعدْ عَن الذّنْبِ وَل تَاتَهِ‬
‫فَبُعدُهُ قُرْبٌ مِن الِ‬
‫يَا طَالِبا جَاها بِغَيْرِ التّقَى‬

‫‪293‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫جَهِلْتَ مَا يُدْنِي مِن الِ‬
‫لَ جَاهَ إِ ّل جَاه يَوَمَ القَضَا‬
‫س حُكْمٌ لِسِوى الِ‬
‫إذ لَيْ َ‬
‫وَصَارَ مِن يُسْعدُ فِي جَنّةٍ‬
‫عَاليَةٍ فِي رَحْمَةِ الِ‬
‫يَسْكُنُ فِي الفَرْدَوُس فِي قَبّةٍٍ‬
‫مِنْ لُؤْلُ ٍؤ فِي جِيْرَةٍ الِ‬
‫وَمَنْ يِكُنْ يُقْضَى عَلَ ْي ِه الشّقَا‬
‫فِي جاحِمٍ فِي سَخطِ الِ‬
‫يُسْحَبُ فِي النّارِ عَلَى وَجْهِه‬
‫بسَابِق الْحُكْمِ مِن الِ‬
‫يَا عَجَبا مِن مَوقِنْ بَالزا‬
‫وَهُوَ قَليلُ الْخَوفِ لِ‬
‫كَأَنّهُ َقدْ جَاءَهُ مُخُبَرٌ‬
‫بِأَمْنِه مِن قَبل الِ‬
‫يَا ُربّ جَبّار شَدِيدُ القُوَى‬
‫أَصَابَهُ سَهْ ٌم مِن الِ‬
‫فَأنْفَذَ الْمَقْتَلَ مِنْهُ وَكَمْ‬
‫أصْمَتْ وَتُصْمي أسْهُمُ الِ‬
‫واسُْت ّل قسرا مِن قُصُور ِإلَى الْه‬
‫أَجْدَاثِ وَاسْتَسْلِم لِ‬
‫مُرْتَهنا فِيْهَا بِمَا َقدْ جَنَى‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫يُخشَى عَلَ ْيهِ غَضَبُ الِ‬
‫لَيْسَ َلهُ حَو ٌل وَ َل قُوّةٌ‬
‫الْحَوْلُ والقوّةُ لِ‬
‫يَا صَاحِ سِرْ فِي الَرضِ كيمَا‬
‫مَا فَوْقَهَا مِن عَبْر الِ‬
‫وَكَمْ لَنَا مِن عِبْرَةٍ تَحْتَهَا‬
‫فِي أَمَم صَارتْ ِإلَى الِ‬
‫مِنْ مَ ِلكٍ مِنْهُمْ وَمِنْ سَوْقَةٍ‬
‫َحشْرُهُمُ هَيّنٌ عَلَى الِ‬
‫وَالْحَظْ بِعَيْنَيْكَ أدِيْمَ السّمَا‬
‫وَمَا ِبهَا مِن حِكْمِةِ الِ‬
‫تَرَى ِبهَا الَفْلَكِ دَوّارَةً‬
‫شَاهِدَةٌ بِالهلْك لِ‬
‫مَا وَقَفَت مُذْ أَجْرَيْتْ لَمْحَةُ‬
‫‪ -‬أَوْ دُونَهَا – خَوْفَا مِن الِ‬
‫ب َولَ‬
‫وَمَا عَلَ ْيهَا مِن حِسَا ٍ‬
‫تَخْشَى اّلذِي يُخْشَى مِن الِ‬
‫وَهِيَ َومَا غَابَ َومَا َقدْ بَدَا‬
‫مِنْ آَي ٍة فِي قَبْضة الِ‬
‫تُوحّدُ الِ عَلَى َعرْشِِه‬
‫فِي غَيْبِه فَالمْرُ لِ‬
‫وَمَا تَسَمّى أحدٌ فِي السّمَا‬

‫‪295‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫والَرْضِ غَيْر الِ بِالِ‬
‫إِ ّن حِمَى ال مَنِيْ ٌع فَمَا‬
‫يَقْرُبُ شَي ٌء من حِمى الِ‬
‫لَ شَيْء فِي الَفْوَاهِ أَحْلَى من‬
‫هوحِيْدِ وَالتّمِْجِيْدِ لِ‬
‫وَلَ اطْمَأنّ القَلْبُ إِ ّل لِمَنْ‬
‫يَعْمُرهُ بِالذّكْرِ لِ‬
‫وَإِنْ رَأَى فِي دِيْنِه شُبْهة‬
‫أمْسك عنهَا خَشْيَة الِ‬
‫أَوْ عَرضَتْهُ فاقةٌ أَو غِِنً‬
‫لقاها بالشّكْرِ لِ‬
‫وَمَنْ يَكُنْ فِي هدْيِه هَكذَا‬
‫كَانَ خَلِيْقا برِضَى الِ‬
‫وَكَا َن فِي الدّنْيَا وَفِي قَبْره‬
‫وَبَعْدَهُ فِي ذِمّةِ الِ‬
‫وَفِي غَ ٍد تُبْصُرُهُ آمنا‬
‫لِخَوْفِهِ اليَوم منْ الِ‬
‫مَا أقْبَح ِإذَا مَا صَبا‬
‫وَعاقَه الْجَهْلِ عَن الِ‬
‫وَهُوَ مِن العُمْرِ عَلَى بَازِلٍ‬
‫يَحْمِلُهُ حَثّا ِإلَى الِ‬
‫ل ِإذَا أَشْفى رَأَى شَيْبَهُ‬
‫هَ ّ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫يَنْعَاهُ فَاسْتَحْيَى مِن ال‬
‫كَأَنّمَا رَيْنَ عَلَى قَلْبِهِ‬
‫فَصَارَ مَحْجُوبا عَن ال‬
‫ما يُعذرُ الْجَاهِلُ فِي جِهْلِهِ‬
‫فَضْلً عَن العَالِم بِالِ‬
‫دَاران ل بُدّ لنَا مِنْهُمَا‬
‫بِالفَضْلِ وَالعَدْلِ مِنْ الِ‬
‫وَلَسْتُ َأدْرِي مَنْزِلِي مِنْهُمَا‬
‫لَكِن تَوَكّلْتُ عَلَى الِ‬
‫فَاْعَجب لِعَبْدٍ هَذه حَاُلهُ‬
‫كَيْفَ نَبَا عَن طَاعَةِ الِ‬
‫وَاسوْأتا إِنْ خَابَ ظَنّي غَدا‬
‫وَلَم تَسَعْنِي رَحْمَةُ الِ‬
‫وَكُنْتُ فِي النّارِ أَخَا شِِقْوةٍ‬
‫نَعُوذُ من ذَلِكَ بِالِ‬
‫كَمْ سَوْءَ ٍة مَسْتُورَةٍ عِنْدَنَا‬
‫يَكْشِفُهَا العَرْضُ عَلَى الِ‬
‫فِي مَشْهدٍ فِ ْيهِ جَمِيْعُ الوَرَى‬
‫قَدْ ن ّكسُوا الَذْقَان لِ‬
‫وَكَمْ تَرَى من فَائِزٍ فِيْهِم‬
‫جَلله سَتْرٌ مِن الِ‬
‫فَالْحَمدُ لِ عَلَى نِعْمَ ِة الْه‬

‫‪297‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫إِسْلَمِ ُثمّ الْحَمْدُ لِ‬
‫(فصههل)‬
‫* ف بعض آداب الزكاة‪:‬‬
‫قال ف منهاج القاصدين اعلم أن على مُريد الزكاة وظائفا‪:‬‬
‫الوظيفهة الول‪ :‬أن يفهكم الراد مكن الزكاة‪ ،‬وهكو ثلثكة أشياء‪ :‬ابتلء‬
‫مدعي مبة ال تعال‪ ،‬بإخراج مبوبه والتنه عن صفة البخل الُهلك‪ ،‬وشكر‬
‫نعمة الال‪.‬‬
‫ص َدقَاتِ‬
‫الوظيفة الثانية‪ :‬السرار بإخراجها لقوله تعال‪ :‬إِ ْن تُ ْبدُوا ال ّ‬
‫خفُوهَا َوتُ ْؤتُوهَا اْلفُ َقرَا َء َفهُ َو خَ ْيرٌ َلكُ مْ وحد يث ال سبعة‬
‫فَِنعِمّ ا هِ َي َوإِ ْن تُ ْ‬
‫ل ت صدق ب صدقة فأخفا ها ح ت ل تعلم شاله ما تن فق يي نه‬ ‫و عد من هم رج ً‬
‫لكو نه أب عد عن الرياء وال سُمعة‪ ،‬و ف الظهار إذلل للفق ي أيضا‪ ،‬فإن خاف‬
‫أن يُت هم بعدم الخراج أع طى من ل يُبال من الفقراء بال خذ ب ي الما عة‬
‫علنية وأعطى غيه سرا‪.‬‬
‫الوظيفهة الثالثهة‪ :‬أن ل يُفسكدها بالنك والذى‪ ،‬وذلك أن النسكان إذا‬
‫رأى نفسه مُحسنا إل الفقي مُنعما عليه بالعطاء‪ ،‬ربا حصل منه ذلك‪ ،‬ولو‬
‫ح قق الن ظر لرأى الفق ي مُح سنا إل يه‪ ،‬بقبول حق ال الذي هو طهرٌ له‪ ،‬وإذا‬
‫ا ستحضر مع ذلك أن إخرا جه للزكاة شُ كر لنع مة الال‪ ،‬فل يب قى بي نه وب ي‬
‫الفقيك مُعاملة‪ ،‬ول ينبغكي أن يت قر الفق ي بفقره لن الف ضل ليكس بالال ول‬
‫النقص بعدمه‪.‬‬
‫الوظيفة الرابعة‪ :‬أن يستصغر العطية‪ ،‬فإن الستعظم للفعل مُعجب به‪،‬‬
‫وقد قيل‪ :‬ل يتم العروف إل بثلث‪ :‬بتصغيه وتعجيله وستره‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫الوظيفة الامسة‪ :‬أن ينتقي من ماله أحله وأجوده وأحبه إليه‪ ،‬أما الِل‬
‫فإن ال تعال طي بٌ ل يق بل إل طيبا‪ ،‬وأ ما الجود ف قد قال ال تعال‪ :‬وَل‬
‫ث مِ ْن ُه تُ ْنفِقُونَ ‪.‬‬
‫تَيَمّمُوا الْخَبِي َ‬
‫وعن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬أصاب عمر أرضا بيب‪،‬‬
‫فأ تى ال نب ي ستأمره في ها‪ ،‬فقال‪ :‬يا ر سول ال إ ن أ صبت أرضا ل أُ صب‬
‫مال قط هو أن فس عندي م نه‪ ،‬ف ما تأمر ن؟ قال‪ :‬إن شئت حب ست أ صلها‬
‫وتصدقت با‪ .‬قال‪ :‬فتصدق با عمر‪ ،‬غي أنه ل يُباع أصلها ول يورث ول‬
‫يوهب‪ .‬قال‪ :‬فتصدق با عمر ف الفقراء وذوي القرب وف الرقاب وف سبيل‬
‫ال وابن السبيل والضيف‪ ،‬ل جُناح على من وليها أن يأكل منها بالعروف أو‬
‫يطعم صديقا غي متمول فيه‪ ،‬وف لفظ غي متأثلٍ‪ .‬رواه الماعة‪.‬‬
‫و عن أ نس قال‪ :‬كان أ بو طل حة أك ثر الن صار بالدي نة مالً من‬
‫نل‪ ،‬وكان أحب أمواله إليه َبيْرُحاء‪ ،‬وكانت مُستقبلة السجد‪ ،‬وكان رسول‬
‫ال يشرب من ماءٍ في ها ط يب‪ .‬قال أ نس‪ :‬فل ما نزلت هذه ال ية‪ :‬لَ نْ‬
‫تَنَالُوا الِْب ّر حَتّى تُ ْن ِفقُوا مِمّا تُحِبّو نَ جاء أبو طلحة إل رسول ال فقال‪:‬‬
‫َنه تَنَالُوا الِْب ّر حَتّىه تُنْ ِفقُوا مِمّاه‬
‫يكا رسكول ال‪ ،‬إن ال تعال أنزل عليكك ل ْ‬
‫تُحِبّونَ وإن أحب مال إل بيحاء وإنا صدقة ل تعال أرجو برها وذُخرها‬
‫عند ال تعال فضعها يا رسول ال حيث أمرك ال‪ ،‬فقال رسول ال ‪ « :‬بخ‬
‫بخ ذلك مالٌ رابح‪ ،‬وقد سعت ما قلت‪ ،‬وإن أرى أن تعلها ف القربي‪،‬‬
‫فقال أ بو طل حة‪َ :‬أفْعَل يا ر سول ال‪ ،‬فق سمها أ بو طل حة ف أقار به وب ن‬
‫عمه» متفق عليه‪.‬‬
‫وينبغي أن يُلحظ ف ذلك أمرين‪:‬‬

‫‪299‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫أحده ا‪ :‬حق ال سبحانه وتعال بالتعظ يم له‪ ،‬فإ نه أ حق من اخت ي له‪،‬‬
‫ولو أن النسان قدم إل ضيفه طعاما رديئا لوغر صدره‪.‬‬
‫والثانه‪ :‬حكق نفسكه فإن الذي يُقدمكه هكو الذي يلقاه غدا فك القيامكة‬
‫فينبغي أن يتار الجود لنفسه‪ ،‬وأما أحبه إليه‪ ،‬فلقوله تعال‪ :‬لَ نْ تَنَالُوا الِْبرّ‬
‫حَتّى تُ ْن ِفقُوا مِمّا تُحِبّونَ ‪.‬‬
‫وكان ابن ع مر رضي ال عنهما إذا اشتد ح به لشيءٍ من ماله قربه ل‬
‫عكز وجكل‪ .‬وروى أنكه نزل الحفكة وهكو شاككٍ‪ ،‬فقال‪ :‬إنك لشتهكي حيتانا‬
‫فالتم سوا له فلم يدوا إل حوتا فأخذ ته امرأ ته ف صنعته‪ ،‬ث قرب ته إل يه فأ تى‬
‫مسكي‪ ،‬فقال ابن عمر رضي ال عنهما خُذه‪ ،‬فقال له أهله‪ :‬سبحان ال قد‬
‫عنيتنا ومعنا زاد نعطيه‪ ،‬فقال‪ :‬إن عبد ال يبه‪.‬‬
‫وروي أن سكائلً وقكف بباب الربيكع بكن خيثكم رحهك ال تعال‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أطعموه سكّرا‪ ،‬فإن الربيع يُحبُ السكر‪.‬‬
‫الوظيفة السادسة‪ :‬أن يطلب لصدقته من تزكو به‪ ،‬وهم خصوص من‬
‫عموم الصناف الثمانية‪ ،‬ولم صفات‪:‬‬
‫الول‪ :‬التقوى‪ ،‬فليخص بصدقته التقي فإنه يرد با ههم إل ال تعال‪،‬‬
‫وف الديث الذي رواه ابن حِبان ف صحيحه عن أب سعيد الدري عن النب‬
‫أطعموا التقياء وأولوا معروف كم الؤمن ي‪ ،‬و قد كان عا مر بن ع بد ال بن‬
‫الزبي يتخي ال ُعبّاد وهم سجود فيأتيهم بالصرة فيها الدناني والدراهم فيضعها‬
‫ع ند نعال م ب يث يُح سون ب ا ول يشعرون بكا نه‪ ،‬فق يل له‪ :‬ما ين عك أن‬
‫ترسل با إليهم؟ فيقول‪ :‬أكره أن يتمعر وجه أحدهم إذا نظر إل رسول‪.‬‬
‫الصهفة الثانيهة‪ :‬العلم فإن إعطاء العال إعانكة على العلم ونشكر الديكن‪،‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وذلك تقوية للشريعة‪.‬‬
‫ال صفة الثال ثة‪ :‬أن يكون م ن يرى النعام من ال وحده ول يلت فت إل‬
‫السكباب إل بقدر ما نُدب إليكه مكن شكر ها‪ ،‬فأ ما الذي عادتكه الدح عنكد‬
‫العطاء فإنه سيذم عند النع‪.‬‬
‫الصفة الرابعة‪ :‬أن يكون صائنا لفقره‪ ،‬ساترا لاجته‪ ،‬كاتا للشكوى‪،‬‬
‫حسَُب ُهمُ الْجَاهِ ُل أَغْنِيَا َء ِم َن التّ َعفّفِ ‪.‬‬
‫كما قال تعال‪ :‬يَ ْ‬
‫و من آداب الُز كي ال ت تتأ كد عل يه أن يكون ط يب الن فس بإخراج ها‬
‫فرحا مسرورا مُستبشرا بقبول الفقي الُستحق لزكاته‪ ،‬وليحذر من أن يكون‬
‫كارها لخراجها فإنه من صفات النافقي‪ ،‬قال ال تعال‪ :‬وَل يُ ْن ِفقُو َن إِل‬
‫َوهُ مْ كَا ِرهُو نَ وأ خب سبحانه أن النا فق يُ صلي ول كن ل يأتي ها إل و هو‬
‫كسلن وقد يُزكي ولكن مع الكراهة‪ ،‬وقوله ‪« :‬من تشبه بقو ٍم فهو منهم»‬
‫وف لفظ‪« :‬ليس منا من تشبه بغينا» وهو حديثٌ جيد‪.‬‬
‫(موعظههة)‬
‫عباد ال إن كنتم ف سعة من العيش فاحدوا ال تعال أن جعلكم من‬
‫أ هل الي سار وأديوا شكره يُدم علي كم النع مة ويزد ها‪ ،‬و هو الكر ي الواد‪.‬‬
‫و من تام النع مة أن تن سخوا من الزكاة بإخراج ها كاملة إل ذوي الاجات‬
‫لعلككم أن تفوزوا باللف والثواب الزيكل مكن فاطكر الرض والسكموات‪،‬‬
‫أحسنوا إل عباد ال ك ما أح سن ال إليكم وراعوا عند الح سان الدب فل‬
‫تنوا على الفقيك ول تؤذوه فإن ذلك مُحبكط للعمال واسكتروا عطاءككم‬
‫مُخل صي متيقن ي أن حاجت كم إل الثواب وتكف ي الذنوب أ شد من حا جة‬
‫الفقيك إل مكا تُخرجون‪ .‬واعلموا أن إحسكانكم إناك هكو لنفسككم واعصكوا‬

‫‪301‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫الشيطان فإ نه يأ مر بالب خل وين هى عن الع طف على ال ساكي‪ ،‬يُخيف كم إن‬
‫تصدقتم أن يذهب مالكم وأنتم تعلمون أن نصيحة العدو مُهلكة‪ ،‬وقد أخب‬
‫ال جل وعل أن الشيطان للن سان عدوٌ مبي‪ ،‬وأ خب ‪« :‬أ نه ما من يو مٍ‬
‫يُصهبح العباد إل ملكان ينلن فيقول أحدهاه اللههم أعهط منفقا خلفا‬
‫ويقول الخر اللهم أعط مسكا تلفا» رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫اللهم اعصمنا عن الخالفة والعصيان وألمنا ذكرك وشكرك يا كري يا‬
‫منان واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا‬
‫أرحم الراحي وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫* فصل فيمن تل له الصدقة‪:‬‬
‫اعلم وفق نا ال وإياك وج يع ال سلمي ل ا يُح به ويرضاه‪ ،‬أن م ا يتع ي‬
‫على كل مؤمن أن يصون نفسه عنه‪ ،‬مسألة الناس إل عند الضرورة أو الاجة‬
‫الشديدة ال ت ل بد له من ها ول ِغ ن له عن ها‪ ،‬وذلك ل ا ورد عن قبي صة بن‬
‫مُخارق اللل قال‪ :‬تملت حالةً‪ ،‬فأتيكت رسكول ال أسكأله فيهكا‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫«أقم حت تأتينا الصدقة فآمر لك با» ث قال‪« :‬يا قبيصة إن السألة ل تل‬
‫إل لحد ثلثة رجل تمل حالة فحلت له السألة حت يصيبها ث يسك‪ .‬أو‬
‫رجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له السألة حت يُصيب قواما من‬
‫عيش‪ ،‬أو قال سدادا من عيش‪ ،‬ورجل أصابته فاقه حت يقوم ثلثة‪ ،‬من‬
‫ذوي الجا من قومه يقولون لقد أصابت فلنا فاقة‪ ،‬فحلت له السألة حت‬
‫يصيب قواما من عيش أو قال‪ :‬سدادا من عيش – فما سواهن من السألة‬
‫يا قبيصة سُحتٌ يأكلها صاحبها سُحتا» ‪.‬‬
‫* التحذير من أخذ الصدقة لن ل تل له‪:‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫عكن أبك هريرة قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬مهن سهأل الناس أموالمه‬
‫تكثرا فإنا يسأل جرا‪ ،‬فليستقلل أو ليستكثر»‪.‬‬
‫وعن عبدال بن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬مايزال‬
‫الرجل يسأل حت يأت يوم القيامة ليس ف وجهه مُزعة لم»‪.‬‬
‫وعن معاوية قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬ل تُلحفوا ف السألة‪ .‬فو ال‬
‫ل يسألن أحدٌ منكم شيئا فتخرج له مسألته من شيئا أنا كار هٌ له‪ ،‬فيبارك‬
‫له فيما أعطيته»‪.‬‬
‫و عن الزب ي بن العوام قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬لن يأ خذ أحد كم‬
‫ي له‬
‫حبله فيأت بزمة حطب على ظهره فيبيعها – يكف ال با وجهه – خ ٌ‬
‫من أن يسأل الناس‪ :‬أعطوه أو منعوه»‪.‬‬
‫وعن سرة بن جندب قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬إنا السائل كدوح‬
‫يكدح با الرجل وجهه‪ ،‬فمن شاء أبقى على وجهه‪ ،‬ومن شاء ترك‪ ،‬إل أن‬
‫يسأل الرجل ذا سُلطان أو ف أمر ل يد منه بد»‪.‬‬
‫وعن عبد ال بن مسعود قال‪ :‬قال رسول ال ‪ « :‬من سأل الناس‬
‫وله مها يُغنيهه‪ :‬جاء يوم القيامهة ومسهألته خُموش أو خدوش أو كدوح»‪،‬‬
‫قيل‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬وما يغنيه؟ قال‪« :‬خسون درها أو قيمتها من الذهب»‪.‬‬
‫ولب داود عن سهل بن النظلية‪ ،‬قيل‪ :‬وما الغن الذي ل ينبغي معه‬
‫السألة؟ قال ‪« :‬قدر ما يُغذيه أو يُعشيه»‪.‬‬
‫وعن أنس أن رجلً من النصار أتى النب يسأله‪ ،‬فقال‪« :‬ما ف‬
‫بيتك شيءٌ؟» قال‪" :‬بلى‪ ،‬حلسٌ نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه‬
‫الاء" قال‪« :‬ائت ن ب ما»‪ ،‬فأتاه ب ما‪ ،‬فأخذه ا ر سول ال بيده وقال‪ « :‬من‬

‫‪303‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫يشتري هذ ين؟» قال ر جل‪" :‬أ نا آخذه ا بدر هم"‪ ،‬قال ‪ « :‬من يز يد على‬
‫در هم؟»‪ ،‬مرت ي أو ثلثا‪ ،‬قال ر جل‪" :‬أ نا آخذه ا بدره ي" فأعطاه ا إياه‪،‬‬
‫فأخذ الدرهي وأعطاها النصاري وقال‪« :‬اشتر بأحدها طعاما فانبذه إل‬
‫أهلك‪ ،‬واشتر بالخر قدوما فأتن به»‪ ،‬فأتى به فشد فيه عودا بيده‪ ،‬ث‬
‫قال‪« :‬اذ هب فاحت طب‪ ،‬و بع ول أري نك خ سة ع شر يوما» فذ هب الر جل‬
‫يتطب ويبيع‪ ،‬فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها‬
‫ي لك مهن أن تيهء السهألة نُكتهة فه‬ ‫طعاما‪ ،‬فقال رسكول ال ‪« :‬هذا خ ٌ‬
‫وج هك يوم القيا مة‪ ،‬إن ال سألة ل ت صلح إل لثل ثة‪ :‬لذي فق ٍر مُد قع‪ ،‬أو‬
‫لذي غر ٍم مُقطع‪ ،‬أو لذي دم موجع»‪.‬‬
‫وللترمذي نوه عن حبشي بن جُنادة‪ ،‬وفيه‪« :‬ومن سأل الناس ليُثري‬
‫به ماله كان خوشا ف وجهه يوم القيامة‪ ،‬ورضفا يأكله ف جهنم فمن شاء‬
‫فليقلل‪ ،‬ومن شاء فليكثر»‪.‬‬
‫وعن ابن مسعود قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬من نزلت فاقة به فأنزلا‬
‫بالناس ل تُ سد فاق ته‪ ،‬و من نزلت به فا قة فأنزل ا بال فيو شك ال له برز قٍ‬
‫عاجل أو آجل»‪.‬‬
‫وعن أب كبشة عمرو بن سعد الناري أنه سع رسول ال يقول‪:‬‬
‫«ثلثهة أقسهم عليههن وأحدثكهم حديثا فاحفظوه‪ :‬مها نقهص مال عب ٍد مهن‬
‫صدقة‪ ،‬ول ظُلِ مَ عبدٌ مظل مة صبَ علي ها إل زاده ال عزا‪ ،‬ول ف تح عبدٌ‬
‫باب مسألة إل فتح ال عليه باب فق ٍر – أو كلمة نوها ‪.»-‬‬
‫وعكن ثوبان قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬مهن يتكفهل ل أن ل يسهأل‬
‫الناس شيئا أتكفل له النة؟» فقلت‪ :‬أنا‍ فكان ل يسأل أحدا شيئا‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫و عن حك يم بن حزام قال‪ :‬سألت ر سول ال فأعطا ن‪ ،‬ث قال‪:‬‬
‫« يا حك يم‪ ،‬إن هذا الال خضرة حلوة ف من أخذه ب سخاوة نف سٍ بورك له‬
‫نفسه ل يُبارك له فيهه‪ ،‬وكان كالذي يأكهل ول‬
‫ٍ‬ ‫فيهه‪ ،‬ومهن أخذه بإشراف‬
‫يشبع‪ ،‬وال يد العليا خ ي من ال يد السفلى»‪ ،‬قال حك يم‪ :‬فقلت‪ :‬يا ر سول‬
‫ال‪ ،‬والذي بعثك بالق ل أرزأ أحدا بعدك شيئا حت أفارق الدنيا‪.‬‬
‫(موعظههة)‬
‫عباد ال ما أح سن أن يع يش الرء قانعا ب ا رز قه ال ف هذه الياة فل‬
‫ي د ب صره إل ما ف أيدي الناس ول تتطلع نف سه إل سلب حقوق الناس أو‬
‫ظلم هم والعتداء على ما و هب ال ل م من نع مٍ ج سام فإن القا نع يش عر‬
‫ويُحس بسكينة وطُمأنينة كما يشعر بأنه غن عن كل اللق‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫ِإذَا كُنْتَ فِي ال ّدنْيَا قَنُوعا‬
‫فَأَنْتَ وَمَالِكَ الدّنْيَا سَوَاءُ‬
‫وذلك أن له نفسكا راضيكة باك قسكم ال آمن ًة مُطمئنكة ل يتسكرب إليه ا‬
‫ك‬
‫الشع والطمع اللذان ها من أقبح القبائح وأسوأ الشمائل ول يزال صاحب‬
‫هذين أو أحدها إل وهو مذموم وبأقبح الصفات موسوم ل تعرض له القناعة‬
‫ولو كانت الدنيا باسرها له‪ .‬قد مل حبها قلبه وغمر مبتها والتفان ف طلبها‬
‫قل به و صار ل ير ضى من ها بالي سي ول يق نع بالكث ي وقل ما ت د مُت صفا بذا‬
‫الوصف إل وهو متشتت الفكر قليل الراحة عنده من السد واللع وضعف‬
‫التوكل على ال الشيء الكثي الذي يُخشى عليه مع استدامته معه من سوء‬
‫الاتة‪.‬‬
‫أما القانع ذو النفس البية الراضية الُطمئنة التوكلة على ال فيُرجى لا‬

‫‪305‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫أن تنالا الية الكرية‪ :‬يَا َأيُّتهَا الّنفْسُ الْمُ ْطمَئِّنةُ * ا ْرجِعِي ِإلَى َربّكِ رَاضَِيةً‬
‫َمرْضِّيةً ‪ ،‬الية‪.‬‬
‫قال ‪« :‬من أصبح آمنا ف سربه مُعاف ف بدنه معه قوت يومه فكأنا‬
‫حيزت له الدنيا بذافيها»‪.‬‬
‫وقال ابن مسعود ‪ « :‬ما من يوم إل يُنادي فيه ملك من تت العرش‬
‫ي يُطغيك»‪.‬‬ ‫يا ابن آدم قليل يكفيك خيٌ من كث ٍ‬
‫وقال بعكض العلماء‪ :‬أطيكب العيكش القناعكة وأنككد العيكش ال شع ومكن‬
‫ل ب ا ف يده مُتطلعا ل ا ف أيدي الناس‬
‫الخلق الذمي مة ال ت ت عل الن سان بي ً‬
‫الرص والفراط ف حب الدنيا وجعها ولو أدى ذلك إل إهدار الكرامة وإراقة‬
‫ماء الوجه فالذر عباد ال من الرص على الدنيا فإن حبها رأس كل خطيئة‪.‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫وَإِنّي امرؤٌ بِالطّبْعِ ألْغِيْ‬
‫وَأَزْجُرُ َن ْفسِي طَابِعا لَ تَطَبّعَا‬
‫س وَفَضْلُ‬
‫وَعِنْدِي غِنَى نَفْ ٍ‬
‫وَلَسْتُ كَمَنْ إِنْ ضَاقَ ذَرْعا‬
‫وَإِنْ مَدّ نَحْوَ الزّادِ قَوْ ٌم أَكُفّهَا‬
‫تَأَخّرت بَاعا إنْ دَنَا القَوْمُ‬
‫ي دَنِيْئَةً‬
‫وَمُذْ كَانَتْ ال ّدنْيَا لَدَ ّ‬
‫تَعَرّضْتُ لِلعْرَاضِ عَنْهَا تَرَفّعَا‬
‫وَذَاكَ لِعِلْمِيْ إِنّمَا الُ رَازِقٌ‬
‫فَ َمنْ غَيْرُهُ أَرْجُو وَأَخْشَى‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫فَلَ الضّعْف يُقْصِي الرّزقَ إِن كَانَ‬
‫وَل الْحَوْلُ يُدْنِيْهِ ِإذَا مَا تَجَزّعَا‬
‫فَل تَبْطِرَنْ إِنْ نِلْتَ مِنْ‬
‫وَكُنْ شَامِخا بِالنَفِ إِنْ ُكنْتَ‬
‫فَقَدْرُ الفَتَى مَا حَازَهُ وَأَفَادَهُ‬
‫مِن العِلْمِ لَ مَالُ حَوَاهُ وَجَمّعَا‬
‫فَكُنْ عَالِما فِي النّاسِ أَوْ مُتَعَلّمًا‬
‫وَإِنْ فَاتَكَ القِسْمَانِ أَصْغِ‬
‫وَل تَكُ لِلَقْسِامِ مَا اسْتَطَعْتَ‬
‫فتُدْرَأ عَنْ وُرْد النّجَاةِِ وَتُدْفَعَا‬
‫اللهم يا حي يا قيوم يا بديع السموات والرض نسألك أن توفقنا لا فيه‬
‫صلح ديننا ودنيانا وأحسن عاقبتنا وأكرم مثوانا واغفر لنا ولوالدينا ولميع‬
‫السلمي برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على مُحم ٍد وعلى آله وصحبه‬
‫أجعي‪.‬‬

‫‪307‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫عن عوف بن مالك الشجعي قال‪ :‬كنا عند النب تسعة أو ثانية أو‬
‫سبعة‪ ،‬فقال‪« :‬أل تُبايعون ر سول ال؟ وك نا حدي ثي ع هد ببيعةٍ‪ ،‬فقل نا‪ :‬قد‬
‫بايعناك يا ر سول ال! ث قال‪ :‬أل تُبايعون ر سول ال؟ قال‪ :‬فب سطنا أيدي نا‬
‫وقلنها‪ :‬قهد بايعناك يها رسهول ال‪ ،‬فعلم نُبايعهك؟ قال‪ :‬أن تعبدوا ال ول‬
‫تشركوا به شيئا‪ ،‬والصلوات المس‪ ،‬وتطيعوا ال وأسر كلمة خفية‪ ،‬ول‬
‫ت سألون الناس شيئا‪ ،‬فل قد رأ يت ب عض أولئك الن فر ي سقط سوط أحد هم‬
‫فما يسأل أحدا يناوله إياه»‪.‬‬
‫وعن زيد بن أسلم قال‪ :‬شرب عمر بن الطاب لبنا فاعجبه‪ ،‬فسأل‬
‫الذي سقاه‪ :‬من أ ين هذا الل ب؟ فأ خبه أ نه ورد على ماء – قد ساه – فإذا‬
‫نعم من نعم الصدقة وهم يسقون‪ ،‬فحلبوا من ألبانا فجعلته ف سقائي فهو‬
‫هذا فأدخل عمر يده ف فمه فاستقاء‪ .‬أي أخرجه من جوفه‪.‬‬
‫وعن عمر بن الطاب قال‪ :‬كان النب يُعطين العطاء‪ ،‬فأقول اعطه‬
‫أفقر من‪ ،‬فقال‪« :‬خذه فتموله وتصدق به‪ ،‬فما جاءك من هذا الال وأنت‬
‫غي مشرف ول سائل‪ ،‬فخذه‪ ،‬ومال فل تتبعه نفسك»‪ ،‬متفق عليه‪.‬‬
‫وعن ابن الساعدي قال‪ :‬استعملن عمر على الصدقة‪ ،‬فلما فرغت منها‬
‫وأديتها إليه أمر ل بعمالة‪ .‬فقلت إنا عملت ل‪ ،‬قال‪ :‬خذ ما أعطيت فإن قد‬
‫عملت على ع هد ر سول ال فعمل ن‪ ،‬فقلت‪ :‬م ثل قولك‪ .‬فقال ل ر سول‬
‫ال ‪« :‬إذا أعطيت شيئا من غي أن تسأله فكل وتصدق»‪ ،‬رواه أبو داود‪.‬‬
‫وعن أب سعيد‪ :‬أن أناسا من النصار سألوا رسول ال فأعطاهم‪ ،‬ث‬
‫سألوه فأعطا هم ح ت ن فد ما عنده‪ ،‬فقال‪ « :‬ما يكون عندي من خ ي فلن‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫أدخره عنكم‪ ،‬ومن يستعفف يُعفه ال‪ ،‬ومن يستغن يُغنه ال‪ ،‬ومن يتصب‬
‫يُصبه ال‪ ،‬وما أُعطي أحد عطاء خيا وأوسع من الصب»‪ ،‬رواه المسة‪.‬‬
‫و عن أ ب هريرة عن ال نب قال‪« :‬ل يس الغ ن عن كثرة العرض‬
‫ولكن الغن غن النفس»‪ ،‬رواه البخاري ومسلم وغيها‪.‬‬
‫وقد اشتمل الديثان الخيان على جُمل جامعة نافعة‪:‬‬
‫الول‪ :‬قولكه ‪« :‬ومن يستعفف يُعفه ال» ففيها الث على ماهدة‬
‫النفكس على انصكرافها عكن التعلق بالخلوقيك‪ ،‬وذلك بالسكتعفاف عمكا فك‬
‫أيدي هم‪ ،‬فل يُطلب من هم شيئا ل بل سان الال ول بل سان القال‪ ،‬بل يكون‬
‫معتمدا على ال وحده‪.‬‬
‫وف الملة الثانية‪ :‬وهي قوله ‪« :‬ومن يستغن يُغنه ال» الث على‬
‫الستغناء بال والثقة به والعتماد عليه ف الدقيق والليل‪.‬‬
‫والثالثهة‪ :‬قوله ‪« :‬ومهن يتصهب يُصهبه ال» ففيهكا أيضا الثك على‬
‫مُجاهدة النفس على الصب الذي هو حبس النفس على ما تكره تقربا إل ال‬
‫لنه يتاج إل الصب على طاعة ال حت يؤديها وعن معصية ال حت يتركها‬
‫ل‪ ،‬وإل الصب على أقدار ال الؤلة فل يتسخط‪.‬‬
‫وف الديث الخر‪ ،‬وهو قوله ‪« :‬ليس الغن عن كثرة العرض …»‬
‫إل بيان أن الغن ليس بسعة الثروة ووفرة الال وكثرة التاع‪ ،‬ولكن الغن غن‬
‫الن فس‪ ،‬ف من ا ستغن ب ا ف يده ع ما ف أيدي الناس‪ ،‬ول تشرف عل يه نف سه‬
‫ول تتطلع إليه فهو الغن الدير بلقب الغن‪ ،‬وإن كان ف الال مُِقلّ‪ ،‬إذ رضاه‬
‫با قسم ال‪ ،‬وعفته وزهده وقناعته جعلته ف درجةٍ من الغن دونا بطبقات‬
‫أ هل الثراء الذ ين حُرموا الزهادة والقنا عة والر ضا ب ا ك تب ال ل م‪ ،‬الذ ين‬

‫‪309‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫تذهب أنفسهم حسرةً إذا فاتتهم صفقة أو ضاعت عليهم فرصة‪ ،‬بل ما جاءه‬
‫رضي به وقنع بلف من كثر ماله وتشعبت أملكه وصار قلبه موزعا بي‬
‫ضيع ته وعمارا ته وذه به وفض ته وأورا قه و سائر أمواله ول يس له هم إل ج ع‬
‫الال فهو معشوقه يرص عليه أشد الرص‪ ،‬ويتميز غيظا إذا فاته منه القليل‬
‫وبوده لو ضكم مكا فك أيدي الناس إل مكا فك يده فصكار ل يتلذذ بأككل ول‬
‫بشرب ول يرتاح لنادمة جليس لشتغال قلبه به فهذا هو الفقي حقا الحروم‬
‫صدقا وصدق من قال‪:‬‬
‫وَمَنْ يُنْفِقْ السّاعَاتِ فِي جَمْعِ‬
‫مَخَافَةَ فَقْرٍٍ فَالّذِي فَعَلَ‬
‫الل هم ي سر ل نا أ مر الرزق واع صمنا من الرص والت عب ف طل به و من‬
‫شغل القلب وتعلق الم به‪ ،‬ومن الذل للخلق بسببه ومن التفكي والتدبي ف‬
‫تصيله‪ ،‬ومن الشح والرص عليه بعد حصوله‪ ،‬واغفر لنا ولوالدينا ولميع‬
‫ال سلمي الحياء من هم واليت ي‪ ،‬برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على‬
‫مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫(موعظههة)‬
‫عباد ال أو صيكم ونف سي بتقوى ال العز يز العلم ال ي القيوم الذي ل‬
‫ينام وأو صيكم ف معامل ته ب ا ي به ويرضاه ف القدام والحجام والفزع إل يه‬
‫عنكد تفاقكم الشدائد واشتباه الحكام‪ ،‬والعتماد عليكه فك الدقيكق والليكل‪،‬‬
‫والت سليم له ف الن قض والبرام‪ ،‬والرغ بة في ما لد يه فبيديه ال ي و هو الكر ي‬
‫الواد‪ ،‬ومقابلة قضائه بقيقة الرضى والستسلم‪ ،‬أما خلقكم وأسبغ عليكم‬
‫نعمه ظاهر ًة وباطنة و هو جزيل النعام‪ ،‬أما شرفكم وفضل كم بزيل العقول‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫والفهام‪ ،‬أ ما أو ضح ل كم الطر يق الو صل إل دار ال سلم‪ ،‬أ ما ب عث إلي كم‬
‫مُحمدا لتبليكغ الشرائع والحكام‪ ،‬أمكا أنزل عليكه الذككر ليكبي للناس مكا‬
‫أودعه فيه من الحكام‪ ،‬أما دعاكم إل التوكل عليه والعتصام‪ ،‬أما حثكم‬
‫إل الع مل في ما يقرب إل دار ال سلم‪ ،‬أ ما حذر كم عوا قب معا صيه ونا كم‬
‫عن الثام‪ ،‬أما أنذركم هول يوم أطول اليام‪ ،‬اليوم الذي يشيب فيه الولدان‪،‬‬
‫وتنفطر فيه السماء‪ ،‬وتنكدر فيه النجوم‪ ،‬وتظهر فيه أمورٌ عظام‪ ،‬أما خوفكم‬
‫موارد المام‪ ،‬أما ذكركم مصارع من قبلكم من النام‪ ،‬أما أمدكم بالبصار‬
‫والساع وصحة الجسام‪ ،‬أما وعدكم بقبول توبة التائبي رحة منه جرت به‬
‫القلم‪ ،‬فو ال ل ق لذا الرب العظ يم أن يُطاع فل يُع صى على الدوام‪ ،‬ف يا‬
‫أيهكا الشيوخ بادروا فمكا للزرع إذا أحصكد إل الصكرام‪ ،‬ويكا معشكر الشباب‬
‫جدوا ف العمل فرب امريءٍ ما بلغ التمام‪ ،‬واحذروا عقاب ربكم يوم يؤخذ‬
‫بالنواصكي والقدام‪ ،‬يوم تُبدل الرض غيك الرض والسكموات وبرزوا ل‬
‫الوا حد القهار‪ ،‬يوم ما أطول الوقوف ف يه وأثقله على كل مر مخ جبار يوم‬
‫الناق شة ف يه عن القت يل والنق ي والقطم ي و صغائر العمال والكبائر‪ ،‬فتأهبوا‬
‫لذلك اليوم العظيم واستعدوا له أت استعداد‪.‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫لَكَ الْحَمْدُ وَالنّعْمَاءُ وَاللكُ‬
‫وَل شَيْء أَعْلَ مِنْكَ مَجْدا‬
‫مَلِيْكق عَلَى عَرْشِ السّماءِ‬
‫لِعِزّتِهِ تَعْنُوا الوُجُوْهُ وَتَسْجُدُ‬
‫فَسُبْحَانَ مَنْ لَ يَقْدُرُ الْخَلْقُ‬

‫‪311‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ق العَرْشِ فَرْدٌ‬
‫وَمَنْ هُوَ فَوْ َ‬
‫وَمَنْ لَمْ تُنَازِعْهُ الْخَلئِقُ‬
‫وَإِنْ لَمْ تُفَرّدْهُ العِبَادُ فَمُفْرَدُ‬
‫مَلِيْكُ السّمَواتِ الشّدَادِ‬
‫س بِشِيءٍ عَن قَضَاهُ تَأْوّدُ‬ ‫ولَيْ َ‬
‫هُوَ الُ باريُ الْخَلْقِ‪ ،‬والْخضلْقُ‬
‫إِمَا ٌء َلهُ طَوْعا جَمِيْعا وَأَعْبُدُ‬
‫وَأَنّى يِكُونُ الْخَلقُ كَالْخَالقِ‬
‫يُمِيْتُ وَيُحْيِي دَائِبا لَيْسَ يَهْمَِدُ‬
‫تُسَبْحْهُ الطّيْرُ الْجَوَانِحُ فِي‬
‫وَإِذْ هِي فِي جَوّ السّمَاءِ تُصَعّدُ‬
‫وَمِنْ خَوْفِ َربّي سَبّحَ الرّعْدُ‬
‫وَسَبّحَهُ الشْجَارُ وَالوَحْشُ‬
‫وَسَبّحَهُ النّيْنَانْ وَالبَحْرُ زَاخِرا‬
‫وَمَا طَمّ مِنْ شِي ٍء َومَا هُوَ مُقْلَدُ‬
‫أََ َل َأيّهَا القَلبُ الْمُقِيْمُ عَلَى‬
‫ِإلَى أَيّ حِ ْينَ مِنَكَ َهذَا التّصَدّدُ‬
‫لقّ كَالعَمَى الْمُمِيْطِ عَن‬ ‫عَنْ ا َ‬
‫س يَرُدّ الَقَّ إِ ّل مُفَنّدُ‬
‫ولَيْ َ‬
‫وَحَالَتُ دُنْيا لَ تَدُوْمُ لهْلِهَا‬
‫فَبَيْنَ الفَتَى فِيْهَا مَهِيْبٌٌ‬
‫إِذْ انْقَلَبَتْ عَنْهُ وَزَالَ نَعِيْمُهَا‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وَأصْبَحَ مِنْ تُرَبِ القُبُورِ‬
‫وَفَارَقَ رُوْحا كَا َن بَيْنَ جِنَانِهِ‬
‫وَجَاوَرَ مَوْتَى مَا لَهُم مُتُرَدّدُ‬
‫فَأَيّ فَتَى قَبْلِيْ رَأَيْتَ مُخَلّدا‬
‫لَهُ فِي قَدِيِمِ ال ّدهْرِ مَا يَتَوَدّدُ‬
‫فَلَمْ تَسْلَمْ الدّنْيَا وَإنْ ظَنّ‬
‫بِصِحّتِهَا وَالدّهْرُ َقدْ يَتَجَرّدُ‬
‫أَلَسْتَ تَرَى فِيْمَا مَضَى لَكَ‬
‫فَمَه لَ تَكُنْ يَا قَلبُ أَعْمَى‬
‫فَكُنْ خَائِفا لِلمَوْتِ وَالبَعْثِ‬
‫وَل تَكُ مِمّنْ غَرّهْ اليَومُ أَو غَدُ‬
‫فَإنّكَ فِي دُنْيَا غَرُورِ ٍ لهْلِهَا‬
‫وَفِيْهَا عَدُوّ كَاشِحُ الصّدْرِ‬
‫اللهكم ارحكم غربتنكا فك القبور وآمنكا يوم البعكث والنشور واغفكر لنكا‬
‫ولوالدي نا وج يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ‬
‫وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪313‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫فصل ف صدقة التطوع‬


‫يبحث ف‪:‬‬
‫‪ – 1‬ما ورد من الثار الشرعية ف فضلها‪.‬‬
‫‪ – 2‬أفضل الصدقة جهد من مقل‪.‬‬
‫‪ – 3‬بيان عظم ثواب الصدقة ف شهر رمضان‪ ،‬وف الرمي‪.‬‬
‫‪ – 4‬الولوية ف الصدقة للقرباء وطُلب العلم‪.‬‬
‫‪ – 1‬ما ورد من الثار الشرعية ف فضلها‪:‬‬
‫تُ سن صدقة التطوع ف كل و قت‪ ،‬قال تعال‪ :‬مَ ْن ذَا اّلذِي ُي ْقرِ ضُ‬
‫يةً … الية‪.‬‬‫ضعَافًا كَثِ َ‬
‫ال ّلهَ َقرْضًا َحسَنًا فَيُضَا ِع َفهُ َل ُه أَ ْ‬
‫وعن أب هريرة قال‪ :‬قال رسول ال ‪ « :‬من تصدق بعدل ترة من‬
‫ك سب ط يب‪ ،‬ول يق بل ال إل الط يب‪ ،‬فإن ال يتقبل ها بيمي نه‪ ،‬ث يُربي ها‬
‫لصاحبها كما يُرب أحدكم فلوه حت تكون مثل البل» متفق عليه‪.‬‬
‫و عن جابر قال‪ :‬كنا ف صدر النهار ع ند رسول ال فجاء قوم عُراة‬
‫مُجتا ب النمار أو العباء‪ ،‬مُتقلدي ال سيوف‪ ،‬عامت هم من م ضر بل كل هم من‬
‫مضر‪ ،‬فتمعر وجه رسول ال لا رأى بم من الفاقة فدخل ث خرج فأمر‬
‫بللً فأذن وأقام فصلى‪ ،‬ث خطب فقال‪ « :‬يَا أَّيهَا النّاسُ اّتقُوا َرّبكُ ُم الّذِي‬
‫خَ َلقَكُ مْ مِ نْ َنفْ سٍ وَاحِ َدةٍ ‪ -‬إل آخر الية ‪ -‬إِنّ اللّ هَ كَا نَ عَلَ ْيكُ مْ َرقِيبًا‬
‫س مَا َقدّمَ تْ لِ َغدٍ ت صدق‬ ‫وال ية ال ت ف ال شر‪ :‬اّتقُوا اللّ هَ َولْتَنْ ُظ ْر نَفْ ٌ‬
‫رجل من ديناره من درهه من ثوبه من صاع بُره من صاع تره حت قال‪:‬‬
‫ولو بشق ترة قال‪ :‬فجاء رجل من النصار بصرة كادت كتفه تعجز عنها‪،‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫بل قد عجزت»‪.‬‬
‫ث تتا بع الناس ح ت رأ يت كوم ي من طعا مٍ وثيا بٍ ح ت رأ يت و جه‬
‫رسول ال ‪ :‬يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول ال ‪« :‬من سن ف السلم‬
‫سُنة حسنة فله أجرها‪ ،‬وأجر من عمل با من بعده من غي أن يُنقص من‬
‫أجورهم شيء‪ ،‬ومن سن ف السلم سُنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من‬
‫عمل با من بعده‪ ،‬من غي أن يُنقص من أوزارهم شيء»‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫وهذا الكلم البليكغ دعوة إل التنافكس فك اليك والتسكابق فك افتتاح‬
‫مشروعاته‪.‬‬
‫وعن أب مسعود النصاري ‪ ،‬قال‪ :‬جاء رجل إل رسول ال بناقة‬
‫مطو مة‪ .‬فقال‪ :‬هذه ف سبيل ال‪ ،‬فقال ر سول ال ‪« :‬لك ب ا يوم القيا مة‬
‫سبعمائة ناقة كلها مطومة»‪.‬‬
‫وعن أنس مرفوعا‪« :‬إن الصدقة لتُطفيء غضب الرب‪ ،‬وتدفع ميتة‬
‫السوء»‪ .‬رواه الترمذي وحسنه‪.‬‬
‫وكمكا أناك تُطفيكء غضكب الرب تبارك وتعال فهكي تُطفيكء الذنوب‬
‫والطايا كما يُطفيء الاء النار‪.‬‬
‫و عن مر ثد بن ع بد ال قال‪ :‬حدث ن أ صحاب ر سول ال أ نه يقول‪:‬‬
‫«إن ظل الؤمن يوم القيامة صدقته»‪ .‬رواه أحد‪.‬‬
‫ِنه تُ ْبدُوا‬
‫وصكدقة السكر أفضكل مكن صكدقة العلنيكة لقوله تعال‪ :‬إ ْ‬
‫خفُوهَا َوُتؤْتُوهَا اْل ُف َقرَا َء َف ُهوَ خَ ْي ٌر لَ ُكمْ ‪.‬‬
‫ص َدقَاتِ فَِنعِمّا هِ َي َوإِنْ تُ ْ‬
‫ال ّ‬
‫وروى أبو هريرة عن النب أنه قال‪ « :‬سبعة يظلهم ال ف ظله يوم ل‬
‫ظل إل ظله» وذكر منهم رجلً تصدق بصدقة فأخفاها حت ل تعلم شاله ما‬

‫‪315‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫تنفق يينه‪ ،‬متفق عليه‪.‬‬
‫و ف الترمذي عن مُعاذ بن جبل قال‪ :‬كنت مع رسول ال ف سفر‬
‫فأصبحت يوما قريبا منه ونن نسي فقال‪ :‬أل أدلك على أبواب الي؟ الصوم‬
‫ُجنّةك‪ ،‬والصكدقة تُطفيكء الطيئة كمكا يُطفيكء الاء النار‪ ،‬وصكلة الرجكل فك‬
‫ِعه‬
‫َنه الْمَضَاج ِ‬
‫ُمه ع ِ‬
‫جوف الليكل شعار الصكالي‪ .‬ثك تل‪ :‬تَتَجَافَى جُنُوُبه ْ‬
‫َيدْعُو نَ َرّبهُ ْم َخوْفًا وَطَ َمعًا َومِمّا رَ َزقْنَاهُ ْم يُ ْنفِقُو نَ وف بعض الثار باكروا‬
‫بالصدقة فإن البلء ل يتخطاها‪.‬‬
‫وف حديث سعيد بن السيب عن عبد الرحن بن سرة بن جندب قال‬
‫خرج علي نا ر سول ال يوما وك نا ف صفةٍ بالدي نة فقام علي نا فقال‪« :‬إ ن‬
‫رأ يت البار حة عجبا رأ يت رجلً من أم ت أتاه ملك الوت ليق بض رو حه‬
‫فجاء بره بوالد يه فرد ملك الوت ع نه‪ ،‬ورأ يت رجلً من أم ت قد بُ سط‬
‫ل من أمت‬‫عليه عذاب القب فجاءه وضوؤه فاستنقذه من ذلك‪ ،‬ورأيت رج ً‬
‫قهد احتوشتهه الشياطيه فجاءه ذكهر ال عهز وجهل وطرد الشياطيه عنهه‬
‫ل مهن أمته قهد احتوشتهه ملئكهة العذاب فجاءتهه صهلته‬ ‫ورأيهت رج ً‬
‫فاستنقذته من أيديهم ورأيت رجلً من أمت يلتهب وف رواية يلهث عطشا‬
‫كلما دنا من حوض مُنع وطُرد فجاءه صيام رمضان فسقاه وأرواه ورأيت‬
‫رجلً من أم ت ورأيت ال نبيي جلو سا حِلقا حِلقا كلما دنا إل حلقة طرد‬
‫فجاءه غُسله من النابة فأخذ بيده فأقعده إل جنب‪ ،‬ورأيت رجلً من أمت‬
‫بي يديه ظلمة ومن خلفه ظلمة وعن يينه ظلمة وعن يساره ظلمة ومن‬
‫فوقه ظلمة وهو متحي فيها فجاءه حجه وعمرته فاستخرجاه من الظلمة‬
‫وأدخله ف النور ورأ يت رجلً من أم ت يت قي بوج هه و هج النار وشرره‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫فجاء ته صدقته ف صارت سُترة بي نه وب ي النار وظللت على رأ سه ورا يت‬
‫رجلً من أم ت يُكلم الؤمن ي ول يُكلمو نه فجاء ته صلته لرح ه فقالت يا‬
‫معشر السلمي إنه كان وصو ًل لرحه فكلموه فكلمه الؤمنون وصافحوه‬
‫ل مهن أمته قهد احتوشتهه الشياطيه فجاءه أمره‬ ‫وصهافحهم ورأيهت رج ً‬
‫بالعروف ونيه عن النكر فاستنقذه من أيديهم وأدخله ف ملئكة الرح ة‬
‫ورأيت رجلً من أمت جاثيا على ركبتيه وبينه وبي ال عز وجل حجاب‬
‫فجاءه حُسن خلقه فأخذ بيده وأدخله على ال‪.‬‬
‫ورأيت رجلً من أمت قد ذهبت صحيفته من قبل شاله فجاءه خوفه‬
‫من ال عز و جل فأ خذ صحيفته فوضع ها ف يي نه ورأ يت رجلً من أم ت‬
‫خف ميزا نه فجاءه أفرا طه فثقلوا ميزا نه ورأ يت رجلً من أم ت قائما على‬
‫شفي جهنم فجاءه رجاؤه ف ال عز وجل فاستنقذه من ذلك ومضى‪.‬‬
‫ورأيت رجلً من أمت قد أهوى ف النار فجاءته دمعته الت بكى من‬
‫خشية ال عز وجل فاستنقذته من ذلك‪.‬‬
‫ورأيت رجلً من أمت قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة ف‬
‫ريحٍه عاصهف فجاءه حُسهن ظنهه بال عهز وجهل فسهكن رعدتهه ومضهى‪،‬‬
‫ل مهن أمته يزحهف على الصهراط ويبهو أحيانا ويتعلق أحيانا‬ ‫ورأيهت رج ً‬
‫فجاءته صلته فأقامته على قدميه وأنقذته ورأيت رجلً من أمت انتهى إل‬
‫أبواب النة فغل قت البواب دو نه فجاء ته شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا‬
‫رسول ال ففتحت له البواب وأدخلته النة» رواه الافظ أبو موسى الدين‬
‫قال ابن القيم رحه ال وكان شيخ السلم ابن تيمية قدس ال روحه يُعظم شأن‬
‫هذا الديث وبلغن عنه أنه كان يقول شواهد الصحة عليه انتهى‪.‬‬

‫‪317‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وبنا سبة سياقه ه نا قوله فجاء ته صدقته ف صارت سترا بي نه وب ي النار‬
‫وظللت على رأسه قال رحه ال‪ :‬وف تثيل النب للصدقة بن قدم ليُضرب‬
‫عن قه فافتدى نف سه من هم باله كفا ية فإن ال صدقة تفدي الع بد من عذاب ال‬
‫تعال فإن ذنو به وخطاياه تقت ضي هل كه فتج يء ال صدقة تفد يه من العذاب‬
‫وتفكه منه ولذا قال النب ف الديث الصحيح لا خطب النساء يوم العيد‪:‬‬
‫« يا مع شر الن ساء ت صدقن ولو من حُلي كن فإ ن رأيت كن أك ثر أ هل النار»‬
‫وكأنه حضهن ورغبهن على ما يفدين به أنفسهن من النار‪.‬‬
‫اللهم قو إياننا بك وبلئكتك وبكتبك وبرسلك وباليوم الخر وبالقدر‬
‫خيه وشره واغ فر ل نا ولوالدي نا وج يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي‬
‫وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫وصدقة التطوع بطيب نفس أفضل منها بدونه‪ ،‬لا ف حديث معاويه‬
‫الغاضري قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬ثلث من فعلهن فقد ذاق طعم اليان‪:‬‬
‫مهن عبهد ال وحده‪ ،‬وعلم أن ل إله إل ال وأعطهى زكاة ماله طيبةً باه‬
‫نفسه» رواه أبو داود‪.‬‬
‫وال صدقة ف ال صحة أف ضل من ها ف غي ها‪ ،‬ل ا ورد عن أ ب هريرة‬
‫قال‪ :‬جاء ر جل إل ال نب فقال‪ :‬يا ر سول ال‪ ،‬أي ال صدقة أع ظم أجرا؟‬
‫قال‪« :‬أن تصدق وأنت صحيح شحيح تشى الفقر وتأمل الغن‪ ،‬ول تُهمل‬
‫حت إذا بلغت اللقوم قلت‪ :‬لفلن كذا وقد كان لفلن» متفق عليه‪.‬‬
‫فالعا قل من يُ سابق ف ميدان اليات ب ا يقد مه من ال صلة والح سان‬
‫لخوانه الفقراء الذين أناخ الفقر عليهم وعضهم البؤس بنابه وأوجعهم بكلبه‬
‫الذ ين ل موارد ل م ل قل يل ول كث ي الذ ين لو رأيت هم لظننت هم من الغنياء‬
‫وأهكل الثروة والال وال أعلم ب ا يقاسكونه من الديون لاك تتك أيديهكم من‬
‫الصغار والكبار وما يُقاسون من أل الوع والفقر والشدة والعسر لكن ينعهم‬
‫الياء وعزة النفكس أن يدوا أيديهكم للسكؤال وأن يطلبوا الرزق إل مكن ال‬
‫الككبي التعال الرزاق وهؤلء هكم الذيكن ينبغكي العتناء بمك والبحكث عكن‬
‫أحوال م وذلك عن طر يق جيان م وأقربائ هم ح ت ت قع ال صدقة موقع ها و قد‬
‫ورد ف القرآن و صفهم قال تعال‪ :‬يَحْ سَُب ُه ُم الْجَا ِهلُ أَغْنِيَا َء مِ نَ الّت َعفّ فِ‬
‫‪.‬‬
‫وأوصى بم النب ففي الديث الذي رواه البخاري أن رسول ال‬
‫هة واللقمتان‬
‫هكي الذي يطوف على الناس ترده اللقمه‬
‫هس السه‬
‫قال‪« :‬ليه‬

‫‪319‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫والتمرة والتمرتان ولكهن السهكي الذي ل يده غنه يُغنيهه ول يُفطهن له‬
‫فيُتصدق عليه ول يقوم فيسأل الناس»‪.‬‬
‫ولاك كان ال صحابة رضوان ال علي هم أجع ي حري صي جدا على ما‬
‫يُقرب إل ال مكن أنواع الطاعات سكأل أحد هم ال نب أي ال صدقة أفضكل‬
‫فأجابه بقوله‪« :‬أن تصدق وأنت صحيح» أي السم مُعافا ف البدن تتمتع‬
‫بقواك العقلية وال سمية شحيح تأ مل الغ ن أي تط مع فيه لقدر تك عل يه عن‬
‫طر يق الكا سب والرباح وت شى الف قر وإن ا كا نت ال صدقة ف هذه الال‬
‫أف ضل ل ا ت ستدعيه من شدة مُجاهدة الن فس على إخراج الال مع قيام الا نع‬
‫وهو الشح فإخراجه حينئذٍ دليل واضح على قوة اليان وحُسن النية وصحة‬
‫الق صد وشدة الرغ بة في ما يُقرب إل ال "ول تُه مل ح ت إذا بل غت اللقوم"‬
‫أي بلغكت الروح مرى النفكس وذلك عنكد الغرغرة "قلت لفلن كذا ولفلن‬
‫كذا" وهذا كناية عن الوصي والوصى له فالديث يُرشدنا إل أنه ل ينبغي‬
‫ل نا أن نؤ خر ال صدقة إل و قت معاي نة الوت واليذان بالن صراف عن الدن يا‬
‫ومفارقة نعيمها وقد نبهنا ال جل وعل على هذا حيث يقول‪َ :‬وَأنْ ِفقُوا مِنْ‬
‫مَا رَ َزقْنَاكُ مْ مِ نْ قَ ْب ِل أَ نْ َي ْأتِ يَ أَ َحدَكُ ُم الْ َموْ تُ فََيقُولَ َربّ َلوْل َأخّ ْرتَنِي إِلَى‬
‫ي * َولَ نْ ُي َؤخّ َر اللّ ُه َنفْ سًا ِإذَا جَاءَ‬
‫حَ‬‫ق وَأَكُ نْ مِ نَ ال صّالِ ِ‬ ‫صدّ َ‬ ‫ب َفأَ ّ‬‫َأ َجلٍ َقرِي ٍ‬
‫ي بِمَا َتعْمَلُونَ ‪.‬‬ ‫َأجَ ُلهَا وَال ّل ُه خَبِ ٌ‬
‫الل هم اخ تم بالعمال ال صالات أعمار نا وح قق بفضلك آمال نا و سهل‬
‫لبلوغ رضاك سبلنا وح سن ف ج يع الحوال أعمال نا يا مُن قذ الغر قى و يا‬
‫مُنجي اللكى ويا دائم الحسان أذقنا برد عفوك وأنلنا من كرمك وجودك ما‬
‫تقر به عيوننا من رؤيتك ف جنات النعيم واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫(فصههل)‬
‫روى البخاري مكن حديكث ابكن مسكعود قال‪ :‬قال رسكول ال ‪:‬‬
‫«أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله»؟ قالوا‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬ما منا أحد إل‬
‫وماله أحب إليه‪ .‬قال‪« :‬فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر»‪.‬‬
‫وعكن أبك هريرة قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬يقول العبهد‪ :‬مال مال‪،‬‬
‫وإنا ما له من مالِه ثلث‪ :‬ما أكل فأفن‪ ،‬أو لبس فأبلى‪ ،‬أو أعطى فأقن‪،‬‬
‫وما سوى ذلك ذاهب وتاركه للناس» رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ – 2‬وأفضل الصدقة جهد من مقل‪:‬‬
‫وكان السلف يؤثرون على أنفسهم فيقدمون الحاويج على حاجة أنفسهم‬
‫ُونه عَلَى‬
‫ك قال تعال‪ :‬وَُي ْؤثِر َ‬
‫ويبدءون بالناس قبلهكم فكحال احتياجهكم‪ ،‬كم ا‬
‫صةٌ ‪.‬‬‫َأْن ُفسِ ِهمْ وََلوْ كَانَ بِ ِه ْم خَصَا َ‬
‫وث بت ف ال صحيح عن ر سول ال أ نه قال‪« :‬أف ضل ال صدقة ج هد‬
‫ُونه‬
‫القهل» وهذا القام أعلى مكن حال الذيكن وصكفهم ال بقوله‪َ :‬ويُ ْطعِم َ‬
‫ال ّطعَا مَ عَلَى حُبّ ِه مِ سْكِينًا وقوله‪ :‬وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبّ هِ فإن هؤلء‬
‫تصدقوا وهم يُحبون ما تصدقوا به وقد ل يكون لم حاجة إليه ول ضرورة‬
‫وهؤلء آثروا على أنفسهم مع خصاصتهم وحاجتهم إل ما أنفقوه‪ ،‬ومن هذا‬
‫القام ت صدق ال صديق بم يع ماله فقال ر سول ال ما أبق يت لهلك؟‬
‫فقال‪ :‬أبقيت لم ال ورسوله‪ ،‬وهكذا الاء الذي عرض على عكرمة وأصحابه‬
‫يوم اليموك ف كل من هم يأ مر بدف عه إل صاحبه و هو جر يح مُث قل أحوج ما‬
‫يكون إل الاء فرد الخكر إل الثالث فمكا وصكل إل الثالث حتك ماتوا عكن‬

‫‪321‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫آخرهم ول يشربه أحد منهم رضي ال عنهم وأرضاهم‪.‬‬
‫‪ – 3‬بيان عظم ثواب الصدقة ف شهر رمضان وف الرمي‪:‬‬
‫وال صدقة ف رمضان أف ضل من ها ف غيه لد يث ا بن عباس ر ضي ال‬
‫عنهمكا قال‪« :‬كان رسكول ال أجود الناس – وكان أجود مكا يكون فك‬
‫رمضان حيك يلقاه جبيكل يلقاه فك ككل ليلة مكن رمضان فيُدارسكه القرآن‬
‫فلرسول ال حي يلقاه جبيل أجود بالي من الريح الُرسلة»‪.‬‬
‫ولن الصكدقة فك رمضان إعانكة على أداء فريضكة الصكوم‪ ،‬وفك أوقات‬
‫سغََبةٍ *‬
‫الاجات أفضل منها ف غيها لقوله تعال‪َ :‬أوْ إِ ْطعَا ٌم فِي َيوْ ٍم ذِي مَ ْ‬
‫يَتِيمًا ذَا مَ ْق َرَبةٍ * َأ ْو ِمسْكِينًا ذَا مَ ْت َربَةٍ ‪.‬‬
‫والصدقة ف كل زمان فاضل كالعشر‪ ،‬أفضل منها ف غيها لديث ابن‬
‫عباس رضي ال عنهما‪« :‬ما من أيام العمل فيهن أحب إل ال من هذه اليام‪،‬‬
‫يعن أيام العشر‪ ،‬قالوا يا رسول ال ول الهاد ف سبيل ال؟ قال‪ :‬ول الهاد‬
‫ف سبيل ال‪ ،‬إل رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء»‪.‬‬
‫والصدقة ف الرمي أفضل منها ف غيها لتضاعف السنات بالمكنة‬
‫الفاضلة‪.‬‬
‫و عن أ ب هريرة عن ال نب قال‪ « :‬صلة ف م سجدي هذا أف ضل‬
‫من ألف صلة في ما سواه إل ال سجد الرام»‪ .‬وزاد ف روا ية‪« :‬فإن خ ي‬
‫النبياء وإن مسجدي خي الساجد»‪.‬‬
‫وزاد‪« :‬صلة ف السجد الرام أفضل من مائة ألف صلة فيما سواه»‪.‬‬
‫اللهكم ثبكت مبتكك فك قلوبنكا وقوهكا وألمنكا ذكرك وشكرك ويسكرنا‬
‫للي سرى وجنب نا الع سرى واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي برح تك يا‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫أرحم الراحي وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫(فصههل)‬
‫‪ – 4‬الولوية ف الصدقة للقرباء والار وطلب العلم‪:‬‬
‫والصدقة على ذي الرحم أفضل منها على غيه ل سيما مع عداوة‪ ،‬أما‬
‫الدليكل على أفضليتهكا فك القرابكة فلحديكث سكلمان التقدم‪« :‬الصهدقة على‬
‫السكي صدقة‪ ،‬وعلى ذي الرحم ثنتان‪ :‬صدقة وصلة»‪.‬‬
‫ولقوله ل ب طل حة‪« :‬وإ ن أرى أن تعل ها ف القرب ي» فقال أ بو‬
‫طلحة‪ :‬أفعل يا رسول ال فقسمها أبو طلحة ف أقاربه وبن عمه‪.‬‬
‫وأ ما الدل يل على التأ كد مع العداوة فل ما ورد عن أم كلثوم ر ضي ال‬
‫عن ها أن ال نب قال أف ضل ال صدقة على ذي الر حم الكا شح رواه ال طبان‬
‫ورجاله رجال الصحيح‪.‬‬
‫ل سكأل رسكول ال ‪ ،‬عكن‬
‫وعكن حكيكم بكن حزام قال‪ :‬إن رج ً‬
‫الصدقات أيها أفضل؟ قال‪« :‬على ذي الرحم الكاشح»‪.‬‬
‫ث الصدقة على الار أفضل لقوله تعال‪ :‬وَالْجَا ِر ذِي الْ ُق ْربَى وَالْجَارِ‬
‫الْجُنُبِ ‪.‬‬
‫و عن ا بن ع مر وعائ شة ر ضي ال عنه ما قال‪ :‬قال ر سول ال ‪ « :‬ما‬
‫زال جبيل يوصين بالار حت ظننت أنه سيورثه»‪.‬‬
‫وعن أب شريح الزاعي‪ :‬أن النب قال‪« :‬ومن كان يؤمن بال واليوم‬
‫الخر فليحسن إل جاره»‪.‬‬
‫ويُسكتحب أن يصك بالصكدقة مكن اشتدت حاجتكه لقوله تعال‪ :‬أَوْ‬

‫‪323‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫سكِينًا ذَا مَ ْترََبةٍ ‪ ،‬وكونا على عال أفضل؛ لن ف إعطائه إعانة على العلم‬
‫مِ ْ‬
‫ون شر الد ين وذلك لتقو ية الشريعة‪ ،‬وكون ا على صاحب دين أف ضل‪ ،‬وكذا‬
‫على ذي عائلة أفضل من ليس كذلك‪.‬‬
‫وال ن بال صدقة كبية‪ ،‬ويب طل الثواب به‪ ،‬قال تعال‪ :‬يَا َأيّهَا اّلذِي نَ‬
‫ص َدقَاِتكُ ْم بِالْ َم ّن وَالذَى ‪.‬‬
‫َآمَنُوا ل تُبْطِلُوا َ‬
‫ومن أخرج شيئا يتصدق به‪ ،‬أو وكل ف ذلك‪ ،‬ث بدا له أن ل يتصدق‬
‫به استحب أن يضيه‪ ،‬ول يب‪ ،‬وقد صح عن عبد ال بن عمرو بن العاص‬
‫ر ضي ال عنه ما أ نه كان إذا أخرج طعاما ل سائل فلم يده عزله ح ت ي يء‬
‫آ خر‪ .‬وقاله ال سن‪ :‬ويت صدق بال يد ول يق صد ال بيث فيت صدق به لقوله‬
‫ث مِنْ هُ تُ ْن ِفقُو نَ وأف ضل ال صدقة ج هد ال قل ل ا‬
‫تعال‪ :‬وَل تَيَمّمُوا الْخَبِي َ‬
‫ورد عن أب هريرة مرفوعا «قيل يا رسول ال‪ :‬أي الصدقة أفضل؟ قال‪:‬‬
‫أفضل الصدقة جهد القل»‪.‬‬
‫(موعظههة)‬
‫إخوان إنكم ف دار هي مل العب والفات‪ ،‬وأنتم على سفر والطريق‬
‫كثية الخافات‪ ،‬فتزودوا مكن دنياككم قبكل المات‪ ،‬وتداركوا هفواتككم قبكل‬
‫الفوات‪ ،‬وحاسبوا أنفسكم وراقبوا ال ف اللوات‪ ،‬وتفكروا فيما أراكم من‬
‫اليات‪ ،‬وبادروا بالعمال ال صالات‪ ،‬وا ستكثروا ف أعمار كم الق صية من‬
‫ال سنات‪ ،‬ق بل أن يُنادي ب كم مُناد الشتات‪ ،‬ق بل أن يُفاجئ كم هادم اللذات‪،‬‬
‫ق بل أن يت صاعد من كم الن ي والزفرات ق بل أن تنق طع قلوب كم ع ند فراق كم‬
‫حسكرات‪ ،‬قبكل أن يغشاككم مكن غكم الوت الغمرات‪ ،‬قبكل أن تُزعجوا مكن‬
‫الق صور إل بطون الفلوات‪ ،‬ق بل أن يُحال بين كم وب ي ما تشتهون من هذه‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫الياة قبل أن تتمنوا ُرجُوعكم إل الدنيا وهيهات‪.‬‬

‫شعرا‪:‬‬
‫أَيَا لَهيا فِي غَمْرَةِ الْجَهْلِ‬
‫صَريعا عَلَى فُرُشِ الرّدَى يَتَقَلّبُ‬
‫تَأَمّلْ هَدَاكَ الُ مَا ُثمّ وَانْتَبِهْ‬
‫فهَذَا شَرَابُ القَوْمِ حَقا يُرَكّبُ‬
‫وَتَركِيْبُهُ فِي هَذه الدّارِ إنْ تَفُتْ‬
‫س لَ ُه بَعْدَ الْمَنِيّةِ مَطْلَبُ‬
‫فَلَ ْي َ‬
‫فَيَا عَجَبا مِن مُعْرِضٍ عَنْ حَيَاتِهِ‬
‫وَعَنْ حَظّهِ العَالِي وَيِلْهُو‬
‫وَلَوْ عَلِمَ الْمَحْرُوْمُ أَيّ‬
‫أَضَاعَ لَمْسَي قَلْبُهُ يَتَلَهّبُ‬
‫فَإِنْ كَا َن لَ يَدْرِي فَتِلكَ‬
‫وَإِنْ كَا َن يَدْرِي فَالْمُصِيْبَةُ‬
‫بَلى َسوْفَ يَدْرِي حِ ْينَ يَنْكَشِفُ‬
‫وَيُصْبِحُ مَسْلُوبا يَنُوْحُ‬
‫وَتَعْجَبُ مِمّنْ بَاعَ شَيْئَا‬
‫يُسَاوِي بِلَ عِلْ ٍم وَأَمْرُكَ‬
‫لَنّكَ َقدْ بِعْتَ الْحَيَاةَ وَطِيْبَهَا‬
‫بِلَذّةِ حُلْمٍ عَنْ قَلِيْ ٍل سَيَذْهَبُ‬
‫فَهَلّ عَكَسْتَ الَمرَ إِنْ ُكنْتَ‬

‫‪325‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وََلكِنْ أَضَعْتَ الَحْزَم وَالْحُكْمُ‬
‫تَصُدّ وَتَنْأَى عَنْ حَبِيْبِكَ دَائِما‬
‫فَأَيْنَ عَن الحْبَابِ وَيْحَكَ‬
‫سَتَعْلَمُ يَوْمَ الْحَشْرِ أَيّ‬
‫ك الْمَوَازِيُن تُنْصَبُ‬
‫أَضَعْتَ إِذا تِل َ‬
‫الل هم ا سلك ب نا سبيل البرار‪ ،‬واجعل نا من عبادك الُ صطفي الخيار‪،‬‬
‫وام نن علي نا بالع فو والع تق من النار‪ ،‬واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي‬
‫الحياء منهم واليت ي برحتك يا أر حم الراحي و صلى ال على مم ٍد وعلى‬
‫آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫ف ذكر طرف من الفوائد الترتبة على أداء الزكاة‬
‫وبذل صدقة التطوع والضار الترتبة على منع الزكاة‪:‬‬
‫‪ – 1‬امتثال أمر ال ورسوله‪.‬‬
‫‪ – 2‬تقدي ما يُحبه ال على مبة الال‪.‬‬
‫‪ – 3‬إن الصدقة برهان على إيان صاحبها كما ف الديث «والصدقة‬
‫برهان»‪.‬‬
‫‪ – 4‬شكر نعمة ال التفضل على الخرج با أعطاه من الال‪.‬‬
‫‪ - 5‬السلمة من وبال الال ف الخرة‪.‬‬
‫‪ – 6‬تنمية الخلق السنة والعمال الفاضلة الصالة‪.‬‬
‫‪ – 7‬التطهي من دنس الذنوب والخلق الرذيلة قال ال تعال‪ُ :‬خذْ‬
‫ص َدقَ ًة تُ َط ّهرُ ُه ْم وَُتزَكّي ِهمْ ِبهَا ‪.‬‬
‫ِم ْن َأمْوَاِل ِهمْ َ‬
‫‪ – 8‬إضعاف مادة السد والقد والبُغض أو قطعها كليا‪.‬‬
‫‪ – 9‬تصي الال وحفظه لديث‪« :‬حصنوا أموالكم بالزكاة»‪.‬‬
‫هم‬
‫كث «داوو مرضاكه‬
‫كن المراض لديك‬
‫كدقة دواء مك‬
‫‪ -10‬إن الصك‬
‫بالصدقة»‪.‬‬
‫‪ -11‬التصاف بأوصاف الكرماء‪.‬‬
‫‪ -12‬إنا سبب لدفع البلء‪.‬‬
‫‪ -13‬التمرن على البذل والعطاء‪.‬‬
‫‪ -14‬إن ا سبب لد فع ج يع ال سقام لد يث «باكروا بال صدقة فإن‬

‫‪327‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫البلء ل يتخطاها»‪.‬‬
‫‪ -15‬إنا سبب للب الودة لنا إحسان‪ ،‬والنفوس مبولة على حب‬
‫من أحسن إليها‪.‬‬
‫‪ -16‬إنا سبب للدعاء من القابض للدافع وتقدمت الدلة‪.‬‬
‫‪ -17‬إن م نع الزكاة سبب ل نع الق طر لد يث «ول منعوا الزكاة إل‬
‫حبس عنهم القطر»‪.‬‬
‫‪ -19 ،18‬الفوز بالطلوب والنجاة مككن الرهوب قال ال تعال‪:‬‬
‫ق شُحّ َنفْ سِ ِه َفأُولَئِ كَ هُ مُ الْ ُمفْلِحُو نَ وقد فسر الفلح بأنه الفوز‬
‫َومَ نْ يُو َ‬
‫بالطلوب والنجاة من الرهوب وهذا من جوامع الكلم‪.‬‬
‫‪ -20‬إناك تدفكع ميتكة السكوء كمكا فك الديكث «إن الصهدقة تُطفيهء‬
‫غضب الرب وتدفع ميتة السوء»‪.‬‬
‫‪ -21‬إن التصدق يكون ف ظل ال يوم القيامة كما ف الديث « سبعة‬
‫يُظلهم ال ف ظله» وذكر منهم رجل تصدق بصدقة فأخفاها حت ل تعلم‬
‫شاله ما تنفق يينه الديث وتقدم وف الديث الخر «وإنا يستظل الؤمن‬
‫يوم القيامة ف ظل صدقته»‪.‬‬
‫‪ -22‬الفوز بالثناء من ال لن ال مدح النفقي والتصدقي‪.‬‬
‫‪ -25 ،24 ،23‬الفوز بال جر من ال وال من م ا يُخاف م نه ون في‬
‫سهرّا‬
‫ُمه بِاللّ ْيلِ وَالّنهَا ِر ِ‬
‫ُونه َأ ْموَاَله ْ‬
‫ِينه يُ ْنفِق َ‬
‫الزن عنهكم قال ال تعال‪ :‬الّذ َ‬
‫ح َزنُونَ ‪.‬‬ ‫وَعَلنِيَ ًة فَ َل ُهمْ َأ ْجرُ ُهمْ عِ ْندَ َرّب ِهمْ وَل َخوْفٌ عَلَ ْي ِه ْم وَل ُهمْ يَ ْ‬
‫‪ -26‬إن أداء الزكاة سبب لنول القطر كما أن منعها سبب لبسه‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫‪ -27‬إنا سبب لحبة ال لن التصدق مُحسن على الُتصدق عليه وال‬
‫يُحب الُحسني‪.‬‬
‫‪ -28‬السلمة من كفر نعمة ال‪.‬‬
‫‪ -29‬الروج من حقوق ال وحقوق الضعفاء‪.‬‬
‫‪ -32 ،31 ،30‬أن ا سبب للرزق والن صر ك ما ف الد يث «وكثرة‬
‫الصدقة ف السر والعلنية تُرزقوا وتُنصروا وتُجبوا»‪.‬‬
‫‪ -33‬إنا تُطفيء عن أهل ها حر القبور ك ما ف الد يث «إن ال صدقة‬
‫لتُطفيء عن أهلها حر القبور»‪.‬‬
‫‪ -34‬إنا تزيد ف العمر كما ف الديث «إن صدقة السلم تزيد ف‬
‫العمر»‪.‬‬
‫‪ -35‬السلمة من اللعن الوارد ف مانع الزكاة لا روى الصبهان عن‬
‫علي قال‪ :‬ل عن ر سول ال آ كل الر با وموكله وشاهده وكات به والواش ة‬
‫والستوشة ومانع الصدقة والحلل والُحلل له‪.‬‬
‫‪ -36‬الفوز بالقرب من رح ة ال قال تعال‪ :‬إِنّ َرحْ َم َة اللّ ِه َقرِي ٌ‬
‫ب‬
‫مِ َن الْمُحْ سِنِيَ ‪ .‬وقال‪ :‬وَ َرحْمَتِي وَ سِعَتْ ُك ّل َشيْ ٍء فَ سَأَكْتُُبهَا لِ ّلذِي نَ‬
‫يَّتقُونَ َوُيؤْتُو َن الزّكَاةَ الية‪.‬‬
‫‪ -37‬الوعد باللف للمنفق لديث «اللهم أعط منفقا خلفا»‪.‬‬
‫‪ -38‬الظفر بدعاء اللئكة للمنفق‪.‬‬
‫‪ -39‬إن فك إخراج الزكاة حكل للزمات القتصكادية وسكوء الالة‬
‫الجتماعية فلو أن أهل الموال الزكوية تنسخوا منها ووضعوها ف مواضعها‬

‫‪329‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫لقا مت ال صال الدين ية والدنيو ية وزالت الضرورات واندف عت شرور الفقراء‬
‫وكان ذلك أع ظم حا جز و سد ي نع ع بث الف سدين‪ ،‬و ف الد يث «واتقوا‬
‫الشح فإنه أهلك من كان قبلكم حلهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا‬
‫مارمهم»‪.‬‬
‫‪ -40‬إن ال يُعيك التصكدق على الطاعكة ويُهيكء له طريكق السكداد‬
‫والرشاد ويُذلل له سبل ال سعادة قال ال تعال‪َ :‬فأَمّ ا مَ نْ أَعْطَى وَاتّقَى *‬
‫سرَى ‪.‬‬ ‫س ُر ُه لِلُْي ْ‬
‫حسْنَى * َفسَنَُي ّ‬
‫ق بِالْ ُ‬
‫صدّ َ‬
‫وَ َ‬
‫‪ -41‬إن منكع الزكاة يُخبكث الال الطيكب لديكث «مهن كسهب طيبا‬
‫خب ثه م نع الزكاة‪ ،‬و من ك سب خبيثا ل تُطي به الزكاة» رواه ال طبان ف‬
‫الكبي موقوفا بإسناد مُنقطع‪.‬‬
‫‪ -42‬إن منع الزكاة سبب لتلف الال لديث « ما تلف مال ف بر ول‬
‫بر إل ببس الزكاة » رواه الطبان ف الوسط وهو حديث غريب‪.‬‬
‫‪ -43‬إن م نع الزكاة سبب للبتلء بال سني ل ا ف الد يث قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال ‪« :‬ما منع قوم الزكاة إل ابتلهم ال بالسني» رواه الطبان ف‬
‫الوسط ورُواته ثقات‪.‬‬
‫‪ -44‬إن من ل يؤد حق ال ف ماله أنه أحد الثلثة الذين هم أول من‬
‫يد خل النار لديكث أ ب هريرة قال‪ :‬قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪:‬‬
‫«عُرض عليّ أول ثل ثة يدخلون ال نة فالشه يد وعب ٌد ملوك أح سن عبادة‬
‫ف مُتعفف ذو عيال وأما أول ثلثة يدخلون النار‬‫ربه ونصح لسيده وعفي ٌ‬
‫ي مُسهلط وذو ثروةٍ مهن مالٍ ل يُؤدي حهق ال فه ماله وفقيٌ فخور»‬‫فأم ٌ‬
‫رواه ابن خزية ف صحيحه وابن حِبان مفردا ف موضعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫‪ -46 ،45‬إن الصدقة يُذهب ال با الكب والفخر لديث «إن صدقة‬
‫السلم تزيد ف العمر وتنع ميتة السوء ويذهب با الكب والفخر» رواه‬
‫الطبان‪.‬‬
‫‪ -47‬السلمة من التطويق بالشجاع القرع كما ف الديث‪ « :‬ما من‬
‫أحهد ل يؤدي زكاة ماله إل مثهل له يوم القيامهة شُجاعا أقرع يطوق بهه‬
‫عنقه»‪.‬‬
‫‪ -48‬ال سلمة من صفة النافق ي ل ا ف الد يث «ظهرت ل م ال صلة‬
‫فقبلوها‪ ،‬وخفيت لم الزكاة فأكلوها أولئك هم النافقون» رواه البزار‪.‬‬
‫‪« -50 ،49‬إن البلء ل يتخ طى ال صدقة وإن ا ت سد سبعي بابا من‬
‫ال سوء»‪ .‬رواه ال طبان ف ال كبي‪ ،‬و عن أ نس بن مالك قال‪ :‬قال ر سول ال‬
‫‪« :‬باكروا بالصدقة فإن البلء ل يتخطاها» رواه البيهقي مرفوعا وموقوفا‬
‫على أنس ولعله أشبه‪.‬‬
‫‪ -51‬إن ال صدقة حجاب من النار ل ن احت سبها ل ا روى عن ميمو نة‬
‫بنت سعد أنا قالت‪ :‬يا رسول ال أفتنا عن الصدقة فقال‪« :‬إنا حجاب من‬
‫النار لن احتسبها يبتغي با وجه ال عز وجل» رواه الطبان‪.‬‬
‫‪ -52‬إن إخراج الصدقة يؤل سبعي شيطانا لا ورد عن بُريدة قال‪:‬‬
‫قال ر سول ال «ل يرج شيئا من ال صدقة ح ت ي فك عن ها ل يي سبعي‬
‫شيطانا» رواه أحد والبزار والطبان وابن خزية ف صحيحه‪.‬‬
‫‪ -53‬إن ال يُسخر للمتصدق ما يكون سببا لنمو ماله كبكة ف ظماء‬
‫ن ر و سقي أرض ك ما روي عن أ ب هريرة قال‪ :‬قال ر سول ال ‪« :‬بي نا‬
‫رجل ف فلة من الرض فسمع صوتا ف سحابة‪ :‬اسق حديقة فلن فتنحى‬

‫‪331‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ذلك السهحاب فأفرغ ماءه فه حرة فإذا شرجهة مهن تلك الشراج قهد‬
‫اسهتوعبت ذلك الاء كله فتتبهع الاء فإذا رجهل قائم فه حديقهة يول الاء‬
‫ب سحاته فقال له‪ :‬يا ع بد ال ما ا سك قال‪ :‬فلن لل سم الذي سع ف‬
‫السحابة فقال له‪ :‬يا عبد ال ل سألتن عن اسي قال‪ :‬سعت ف السحاب‬
‫الذي هذا ماؤه يقول‪ :‬اسق حديقة فلن لسك فما تصنع فيها؟ قال‪:‬أما إذ‬
‫قلت هذا فإن أنظر إل ما يرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيال ثلثه‬
‫وأرد فيها ثلثه» رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ -54‬إن ال صدقة ل تن قص الال خلفا ل ا يظ نه ب عض الُهال لد يث‬
‫أ ب هريرة أن ر سول ال قال‪ « :‬ما نق صت صدقة من مال» الد يث‬
‫رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ -55‬إن ال صدقة إذا كانت من كسبٍ طيب فإن ال يقبلها بيمينه ث‬
‫يربيها لصاحبها كما ورد ف حديث أب هريرة قال‪ :‬قال رسول ال ‪ « :‬من‬
‫تصدق بعدل ترة من كسبٍ طيب ول يقبل ال إل الطيب فإن ال يقبلها‬
‫بيمينه ث يربيها لصاحبها كما يُرب أحدكم فلوه حت تكون مثل البل»‬
‫متفق عليه‪.‬‬
‫‪ -56‬إن الصدقة سبب من أسباب العية الاصة لن التصدق مُحسن‬
‫حسِنُونَ ‪.‬‬
‫وقد قال ال تعال‪ :‬إِ ّن اللّ َه مَ َع اّلذِينَ اّت َقوْا وَاّلذِي َن ُهمْ مُ ْ‬
‫‪ -57‬إن الصدقي يُضاعف ال لم ثواب أعمالم السنة بعشر أمثالا‬
‫ص ّدقِيَ‬
‫إل سبعمائة ضعف إل حيث شاء ال عز وجل قال تعال‪ :‬إِنّ الْمُ ّ‬
‫ف َل ُهمْ وََل ُهمْ َأ ْجرٌ َكرِيٌ ‪.‬‬
‫صدّقَاتِ َوَأقْرَضُوا ال ّل َه َقرْضًا َحسَنًا يُضَاعَ ُ‬
‫وَالْمُ ّ‬
‫‪« -58‬إن الصدقة لتطفيء غضب الرب وتدفع ميتة السوء»‪ ،‬وقال‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫الترمذي حسن غريب‪.‬‬
‫‪ -59‬إن بإخراج الزكاة كل سنة يرى الفقراء أن الغنياء ل م ف ضل‬
‫علي هم فيدافعون عن هم ما ا ستطاعوا أ ما كف ال يد عن هم وم نع معروف هم أن‬
‫ي صل إلي هم فإ نه يو غر صدورهم ويلؤ ها حقدا علي هم ويتهدون ف سلب‬
‫حياتم للوصول إل أموالم الخزونة فتكون الياة مُهددة والمن مفقودا‪.‬‬
‫‪ -60‬إن منكع الصكدقات يزيكل النعكم ويرب الديار العامرة وتأمكل قصكة‬
‫أصحاب النة الذكورة ف سورة ن‪ ،‬والقلم وما يسطرون‪ ،‬قال تعال‪ :‬فَتَنَا َدوْا‬
‫ُمه‬
‫ُمه صهَا ِرمِيَ * فَانْطَ َلقُوا َوه ْ‬ ‫ِنه ُكنْت ْ‬‫ُمه إ ْ‬‫َنه ا ْغدُوا عَلَى َح ْرثِك ْ‬ ‫ُصهبِحِيَ * أ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ي إل قوله تعال‪ :‬فَطَا فَ‬ ‫س ِك ٌ‬ ‫َيَتخَاَفتُو َن * َأ ْن ل َي ْد ُخَلّنهَا اْلَي ْو َم َعَلْي ُك ْم ِم ْ‬
‫صرِيِ ‪ .‬وتأمل قصة‬ ‫ك َوهُ مْ نَائِمُو نَ * َفأَ صْبَحَتْ كَال ّ‬ ‫ف مِ نْ َربّ َ‬ ‫عَلَ ْيهَا طَائِ ٌ‬
‫ثعلبة ف سورة التوبة قال تعال‪َ :‬ومِ ْنهُ ْم مَ نْ عَاهَ َد اللّ َه لَئِ نْ َآتَانَا مِ نْ فَضْلِ هِ‬
‫ص ّد َقنّ َولََنكُوَننّ مِ َن ال صّالِحِيَ * فَلَمّا َآتَاهُ ْم مِ نْ فَضْلِ ِه بَخِلُوا بِ ِه َوتَ َولّوْا‬ ‫لَنَ ّ‬
‫َوهُ مْ ُم ْعرِضُو نَ * َفأَ ْعقَبَهُ ْم نِفَاقًا فِي قُلُوِبهِ ْم ِإلَى َيوْ ِم يَ ْلقَ ْونَ هُ بِمَا َأخْلَفُوا اللّ هَ‬
‫مَا وَ َعدُو ُه َوبِمَا كَانُوا َيكْ ِذبُونَ ‪.‬‬
‫(موعظههة)‬
‫عباد ال إن الؤمن بال حقا يبتعد عن العاصي كما يبتعد عن النار فإذا‬
‫زل مرة من الرات اضطر بت أع صابه وج عل قل به ي فق وأ صابه ندم عظ يم‬
‫ل وها جت عل يه أحزا نه وتذ كر‬‫وكل ما تذ كر تلك الفوة اح ر وج هه خج ً‬
‫عصكيانه لسكيده وموله ول يزال موجكع القلب منكسكره حتك يُفارق الدنيكا‬
‫ويُوارى ف التراب‪.‬‬
‫هذا هو العروف عن الؤ من‪ ،‬ول يعرف سواه ف أ هل اليان لن م‬

‫‪333‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫يدركون تاما أنم إن عصوا خالقهم ورازقهم أنم سيندمون ويُعاقبون إن ل‬
‫يتوبوا إل مول هم‪ ،‬هذا ما كان عل يه ال سلف ال صال و من تبع هم‪ ،‬وان ظر ما‬
‫عل يه أك ثر الناس اليوم ف هذا الع صر الظلم من الرأة على انتهاك مارم ال‬
‫تتمثل أمامك حالم بالة قو مٍ ل يؤمنون بثواب ول عقاب تراهم قد أضاعوا‬
‫ال صلة وأ صروا على م نع الزكاة إل النوادر من هم ترا هم يُطاردون الن ساء ف‬
‫السواق ويشربون الدخان علنا ويلقون اللحا كذلك ويغشون ف معاملتم‬
‫تراهم أمام اللهي والنكرات ليلً ونارا‪ ،‬تراهم يوالون أعداء ال ويُعظمونم‬
‫تراهكم ل يكتفوا بالعاصكي فك بلدهكم بكل يذهبون إل البلد الخرى‪ ،‬بلد‬
‫الفسق والفجور والرية وينفقون فيها الموال الطائلة ف ما يُغضب ال الذي‬
‫أغ ن وأق ن ول كن ليعلم هؤلء الف سقة أن ال ل يغ فل عن أعمال م ال سيئة‬
‫و سوف تش هد علي هم ب ا الرض وال سماوات‪ ،‬ول تب كي علي هم ل هذه ول‬
‫هذه يوم يتجرعون كأس المات‪ ،‬ويشهد با عليهم اللكان كاتب السنات‪،‬‬
‫وكا تب ال سيئات‪ ،‬ويش هد ب ا علي هم الف ظة الذ ين يتعاقبون على حِفظ هم‬
‫تعاقب الراس ويشهد با عليهم جوارحهم الت باشرت فعل العاصي ويشهد‬
‫با خي شاهد وهو مولهم جل وعل الذي تستوي الشهادة عنده والغيوب‪،‬‬
‫ويش هد بذلك علي هم ك تب أعمال م ال ت كل ما فعلوا ب ا مكتوب ح ت إذا‬
‫رأوها يوم القيامة وبدا لم ما ل يكن لم ف حساب فزعوا وقالوا يا يولتنا ما‬
‫لذا الكتاب ل يُغادر صغية ول كبية إل أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا‬
‫ول يظلم ربك أحدا‪ ،‬كل هؤلء يشهدون على العاصي بالعاصي فيُسجلون‬
‫عليهكم مكا قدمتكه أيديهكم وليكس لذلك نتيجكة إن ل يتوبوا إل غضكب الرب‬
‫عليهم‪ ،‬وإلقاؤهم ف درا الجرمي الاني جهنم‪ ،‬وإذا كان المر هكذا فلماذا‬
‫يفرح العُ صاة‪ ،‬و من ورائ هم جه نم ال ت ل تُب قي ول تذر‪ .‬ال ت تر مي بشررٍ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫كالقصر كأنه جالةٌ صفر‪.‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫وَكَيْفَ قَرّتْ لهْلِ العِلْمِ‬
‫أَوْ اسْتَلَذوا لَذِيْذَ النّومِ أَوْ‬
‫وَالَوْتُ يُنْذِرُهُمْ جَهْرا عَلَنِيَةً‬
‫لَوْ كَا َن لِلقَوْمِ أَسْمَاعُ لَقَدْ‬
‫وَالنّارُ ضَاحِيَةٌ لَ بُدّ مَوْرِدُهُمْ‬
‫س يَدْرُونَ مَنْ يَنْجُوْ وَمَنْ‬ ‫وَلَيْ َ‬
‫آخر‪:‬‬
‫وَكَيْفَ يَلَذّ العَيْشَ مَنْ كَانَ‬
‫بِأَنّ الْمَنَايَا بَغْتَةً سَتُعَاجِلُهْ‬
‫وَكَيْفَ يَلَذّ العَيْشَ مَنْ كَانَ‬
‫بِأَنّ إِلهَ الْخَلْقِ لَ بُدّ سَائِلُهْ‬
‫ن سأل ال تعال النجاة من ها وأن يوفق نا للعمال الؤهلة لدار اللد وأن‬
‫يُوفق ولتنا للقيام على هؤلء الجرمي‪ ،‬وردعهم وإلزامهم سلوك طرق الق‬
‫إنه القادر على ذلك‪.‬‬
‫اللهم اجعل ف قلوبنا نورا نتدي به إليك وتولنا بسن رعايتك حت‬
‫نتو كل عل يك وارزق نا حلوة التذلل ب ي يد يك واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع‬
‫ال سلمي برحتك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ وعلى آله و صحبه‬
‫أجعي‪.‬‬

‫‪335‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫موعظة ف التحذير عن النماك‬
‫ف الدنيا ولذاتا وشهواتا‬
‫عباد ال‪ ،‬إن من ن ظر إل الدن يا بعيِ الب صية أي قن أن نعيم ها ابتلء‪،‬‬
‫وحياتا عناء وعيشها نكد‪ ،‬وصفوها كدر وأهلها منها على وجلٍ إما بنعمةٍ‬
‫زائلةٍ‪ ،‬أو بليةٍ نازلةٍ أو منيةٍ قاضيةٍ‪.‬‬
‫م سكي من اطمأن ور ضي بدارٍ حلل ا ح ساب‪ ،‬وحرام ها عقاب‪ ،‬إن‬
‫أخذه من حلل حوسب عليه‪ ،‬وإن أخذه من حرام عُذب به‪ ،‬من استغن ف‬
‫الدنيا فت‪ ،‬ومن افتقر فيها حزن‪ ،‬من أحبها أذلته‪ ،‬ومن التفت إليها ونظرها‬
‫أعمته‪.‬‬
‫لَوْ ُكنْتَ رَائِدَ قَوْمٍ ظَاعِنِيْنَ ِإلَى‬
‫دُنْيَاكَ هَذِي لَمَا أُلْفِيْتَ كَذّابَا‬
‫لَقُلْتَ تِلكَ بَلءٌ نَبْتُهَا سَقَمٌ‬
‫وَمَاؤُهَا العَذْبُ سُ ٌم للفَتَى ذَابَا‬
‫وكم كشف للسامعي عن حقيقة الدنيا وبي لم قصر مدتا وانقضاء‬
‫لذتاك باك يُضرب مكن المثال السكية‪ ،‬قال ال تعال‪ :‬اعْ َلمُوا َأنّمَا الْحَيَاةُ‬
‫الدّنْيَا َلعِ بٌ َوَلهْ ٌو وَزِيَنةٌ َوَتفَا ُخرٌ بَيَْنكُ ْم َوتَكَاُث ٌر فِي المْوَالِ وَالوْلدِ كَمََثلِ‬
‫ص َفرّا ثُمّ َيكُو نُ حُطَامًا وَفِي‬ ‫ج فََترَا ُه مُ ْ‬
‫ب الْ ُكفّا َر نَبَاتُ هُ ثُمّ َيهِي ُ‬‫ث أَ ْعجَ َ‬
‫غَيْ ٍ‬
‫ضوَا ٌن َومَا الْحَيَاةُ ال ّدنْيَا إِل مَتَا عُ‬
‫ب َشدِيدٌ َو َم ْغفِ َر ٌة مِ نَ اللّ هِ وَ ِر ْ‬
‫ال ِخ َرةِ َعذَا ٌ‬
‫اْلغُرُورِ ‪.‬‬
‫شرح ل نا العل يم الك يم ف هذه ال ية حال الدن يا ال ت افت ت الناس ب ا‬
‫الذ ين ق صر نظر هم وب ي أن ا من مقرات المور ال ت ل ير كن إلي ها العقلء‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫فضلً عن الفتتان با والنماك ف طلبها وقتل الوقت ف تصيلها بأنا لع بٌ‬
‫ل ثرة ف يه سوى الت عب‪ ،‬ولوٌ تش غل صاحبها وتله يه ع ما ينف عه ف آخر ته‪،‬‬
‫وزينة ل تفيد الفتون با شرفا ذاتيا كاللبس الميلة والراكب البهية والنازل‬
‫الرفي عة الوا سعة‪ ،‬وتفا خر بالنسكاب والعظام البال ية ومباهات بكثرة الموال‬
‫والولد وعظم الاه‪.‬‬
‫ث أشار جل شأنه إل أنا مع ذلك سريعة الزوال‪ ،‬قريبة الضمحلل‪،‬‬
‫كمثل غيث راق الزراع نباته الناشئ به‪ ،‬ث يهيج ويتحرك وينمو إل أقصى ما‬
‫قدره ال له فسرعان ما تراه مصفرا متغيا ذابلً بعدما رأيته أخضر ناضرا‪ ،‬ث‬
‫ي صي من الي بس هشيما مُتك سرا‪ ،‬فف يه ت شبيه ج يع ما ف الدن يا من ال سني‬
‫الكثية بدة نبات غيث واحدٍ يفن ويضمحل ويتلشى ف أقل من سنة‪.‬‬
‫إشارة إل سرعة زوال ا وقرب فنائ ها‪ ،‬وب عد ما ب ي جل وعل حقارة‬
‫الدنيا وسرعة زوالا تزهيدا فيها‪ ،‬وتنفيا وتذيرا من النماك ف طلبها أشار‬
‫إل فخامة شأن الخرة وفظاعة ما فيها من اللم وعظم ما فيها من اللذات‬
‫ترهيبا من عذابا الليم‪ ،‬وترغيبا ف تصيل النعيم القيم والعيش السليم ما ل‬
‫عيٌ رأت ول أذنٌ سعت ول خطر على قلب بشر‪.‬‬
‫والناس في ها ق سمان فُطناء قد وفق هم ال فعلموا أن ا ظلٌ زائل ونعي مٌ‬
‫حائل وأضغاث أحلم‪ ،‬بل فهموا أن ا ن عم ف طي ها ن قم‪ ،‬وعرفوا أن ا حياةٌ‬
‫فان ية‪ ،‬وأن ا م عب وطر يق إل الياة الباق ية‪ ،‬فرضوا من ها بالي سي‪ ،‬وقنعوا من ها‬
‫بالقليل‪ ،‬فاستراحت قلوبم من هها وأحزانا واستراحت أبدانم من نصبها‪،‬‬
‫وعنائ ها‪ ،‬وسكلم ل م دين هم‪ ،‬وكانوا ع ند ال هم الحموديكن‪ ،‬فلم تشغل هم‬
‫دنياهم عن طاعة مولهم‪.‬‬

‫‪337‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫جعلوا النفكس الخيك ومكا وراءه نصكب أعينهكم‪ ،‬وتدبروا ماذا يكون‬
‫مصيهم‪ ،‬وفكروا كيف يرجون من الدنيا‪ ،‬وإيانم سال لم وما الذي يبقى‬
‫معهم منها ف قبورهم‪ ،‬وما الذي يتركونه لعدائهم ف الدنيا‪ ،‬ومن ل يُغنيهم من‬
‫ال شيئا َي ْو َم ل َيْن َف ُع مَا ٌل وَل َبنُو َن ‪َ ،‬ي ْو َم ل ُي ْغنِي َم ْولًى َع ْن َم ْولًى َشْيئًا‬
‫‪َ ،‬ي ْو َم َي ِف ّر اْل َم ْر ُء ِم ْن َأخِي ِه * َوُأ ّم ِه َوَأبِي ِه * َوصَا ِحَبِت ِه َوَبنِي ِه ويبقى عليهم‬
‫وبال ما جعوا وما عمروا ف غي طاعة ال‪.‬‬
‫أدركوا ككل هذا فتأهبوا للسكفر الطويكل وأعدوا الواب للحسكاب‪،‬‬
‫وقدموا الزاد للمعاد وخيك الزاد التقوى‪ ،‬فطوبك لمك خافوا فآمنوا وأحسكنوا‬
‫ففازوا وأفلحوا‪.‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫إِنّ لِ عِبَادا فُطَنَا‬
‫طَلّقُوا الدّنْيَا وَخَافثوا الفِتَنَا‬
‫نَظَرُوا فِيْهَا فَلَمّا عَلِمُوا‬
‫أَنّهَا لَيْسِتْ لِحَيٍّ سَكَنَا‬
‫جَعَلُوهَا لُجةً وَاتّخَذُوا‬
‫صَالِحَ الَعْمَالِ فِيْهَا سُفُنَا‬
‫الل هم نور قلوب نا بنور اليان وأع نا على أنف سنا والشيطان وأي سه م نا‬
‫كما أيسته من رحتك يا رحن وآتنا ف الدنيا حسنة وف الخرة حسنة وقنا‬
‫عذاب النار واغ فر لنا ولوالدينا ولميع ال سلمي برحتك يا أر حم الراح ي‬
‫وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫(فصههل)‬
‫والق سم الثا ن من الناس جهال ع مي الب صائر ل ينظروا ف أمر ها ول‬
‫يكشفوا سوء حال ا ومآل ا‪ ،‬برزت ل م بزينت ها ففتنت هم‪ ،‬فإلي ها أخلدوا‪ ،‬وب ا‬
‫رضوا‪ ،‬ولاك اطمأنوا‪ ،‬حتك ألتهكم عكن ال تعال‪ ،‬وشغلتهكم عكن ذككر ال‪،‬‬
‫وطاعته‪َ ،‬نسُوا ال ّلهَ َفَأْنسَا ُهمْ َأْن ُفسَ ُهمْ أُولَِئكَ ُهمُ اْلفَا ِسقُونَ ‪.‬‬
‫ُونه لِقَاءَن َا وَرَضُوا بِالْحَيَا ِة ال ّدنْي َا‬
‫ِينه ل َيرْج َ‬ ‫قال تعال‪ :‬إِن ّ الّذ َ‬
‫وَاطْ َمَأنّوا ِبهَا وَاّلذِينَ هُمْ عَنْ َآيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ َم ْأوَاهُمُ النّا ُر بِمَا كَانُوا‬
‫َي ْكسِبُونَ ‪.‬‬
‫نعكم إنمك نسكوا ال وأهلوا حقوقكه ومكا قدروه حكق قدره‪ ،‬ول يُراعوا‬
‫لنماك هم ف الدن يا وتالك هم علي ها موا جب أوامره ونواه يه حق رعايت ها‪،‬‬
‫فأن ساهم أنف سهم أن ساهم م صالهم وأغفل هم عن منافع ها وفوائد ها ف صار‬
‫أمر هم فر طا فرجعوا ب سارة الدار ين‪ ،‬وغُبنوا غبنا ل ي كن تدار كه ول ي ب‬
‫كسكره‪ ،‬وسكيون يوم القيامكة مكن الهوال مكا يُنسكيهم أرواحهكم‪ ،‬ويعلهكم‬
‫حيارى ذاهلي يوم تذهل كل مُرضعة عن ما أرضعت وتضع كل ذات حلٍ‬
‫حلها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب ال شديد‪.‬‬
‫ض من لك مع تق صيك‬ ‫و ف م ثل هذا يقول أ حد العلماء‪ :‬اجتهادك في ما ُ‬
‫فيما طلب منك دليل انطماس بصيتك‪ ،‬أقاموا الدنيا فهدمتهم‪ ،‬واعتزوا با من‬
‫دون ال فأذلتهم‪ ،‬أكثروا فيها من المال وأحبوا طول الجال ونسوا الوت وما‬
‫سرُوا‬
‫بعده من شدائد الدن يا والخرة قال تعال‪ُ :‬ق ْل إِنّ اْلخَا ِسرِي َن اّلذِي َن َخ ِ‬
‫ي ‪.‬‬ ‫سرَا ُن اْل ُمِب ُ‬
‫خْ‬
‫ك ُه َو اْل ُ‬
‫س ُه ْم َوَأ ْهلِي ِه ْم َي ْو َم اْل ِقيَا َم ِة أَل َذِل َ‬
‫َأْن ُف َ‬
‫وروى الترمذي مكن حديكث أنكس قال‪ :‬قال رسكول ال ‪« :‬مهن‬

‫‪339‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫كانت الخرة هه جعل ال غناه ف قلبه وجع عليه شله وأتت الدنيا وهي‬
‫راغمة‪ ،‬ومن كانت الدنيا هه جعل فقره بي عينيه وفرق عليه شله ول يأته‬
‫من الدنيا إل ما ُقدّر له‪ ،‬فل يُمسي إل فقيا ول يُصبح إل فقيا‪ ،‬وما أقبل‬
‫ع بد على ال بقل به إل ج عل ال قلوب الؤمن ي تنقاد إل يه بالود والرح ة‪،‬‬
‫ي إليه أسرع» اهك‪.‬‬
‫وكان ال بكل خ ٍ‬
‫وقال ف عدة ال صابرين‪ ،‬و قد أ خب أن ا لو ساوت ع ند ال جناح‬
‫بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء‪ ،‬وأنا أهون على ال من السخلة اليتة‬
‫على أهلها‪.‬‬
‫وأن مثلها ف الخرة كمثل ما يعلق بإصبع من أدخل إصبعه ف البحر‬
‫وأنا ملعونة ملعون ما فيها إل ذكر ال وما وله‪ ،‬وعال ومتعلم وأنا سجنُ‬
‫الؤمن وجنة الكافر‪.‬‬
‫وأُ مر الع بد أن يكون في ها كأ نه غر يب أو عابر سبيل وَيعُ ّد نف سه من‬
‫أهل القبور وإذا أصبح فل ينتظر الساء وإذا أمسى فل ينتظر الصباح‪.‬‬
‫ونُهي عن اتاذ ما يُرغب فيها‪ ،‬ولعن عبد الدينار وعبد الدرهم ودعا‬
‫عليه بالتعس والنتكاس وعدم إقالة العثرة بالنتقاش‪.‬‬
‫وأ خب أن ا خضرة حلوة أي تأ خذ العيون بضرت ا والقلوب بلوت ا‪،‬‬
‫وأ مر باتقائ ها والذر من ها ك ما يُت قى الن ساء ويُحذر منهن وأ خب أن الرص‬
‫عليها‪ ،‬وعلى الرياسة والشرف يُفسد الدين‪.‬‬
‫وأخب أنه ف الدنيا كراكب استظل تت شجرة ف يومٍ صائفٍ‪ ،‬ث راح‬
‫وتركها‪ ،‬وهذا ف القيقة حالُ سكان الدنيا كلهم‪ ،‬ولكن هو شهد هذه‬
‫الال‪ ،‬وعُمي عنها بنو الدنيا‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ومر بم وهم يُعالون ُخصّا لم قد وهى‪ ،‬فقال ما أرى المر إل أعجل‬
‫من ذلك‪ ،‬وأمر بستر على بابه فنع وقال إنه يُذكرن الدنيا‪ ،‬وأعلم الناس أنه‬
‫ت يُقيم‬
‫ت يسكنه‪ ،‬وثوبٍ يواري عورته وقو ٍ‬ ‫ليس لح ٍد منهم حق ف سوى بي ٍ‬
‫صلبه‪.‬‬
‫وأخكب أن اليكت يتبعكه أهله‪ ،‬وماله‪ ،‬وعمله فيجكع أهله وماله ويبقكى‬
‫عمله‪ ،‬وكان يقول‪ :‬الز هد ف الدن يا يُر يح القلب والبدن‪ ،‬والرغ بة ف الدن يا‬
‫تُط يل الموم‪ ،‬والزن‪ ،‬وكان يقول من ج عل الموم كل ها ها واحدا‪ ،‬كفاه‬
‫ال سائر هو مه‪ ،‬و من تشع بت به الموم ف أحوال الدن يا ل يُبال ال ف أي‬
‫أوديتها هلك‪.‬‬
‫وأخب أن بذل العبد ما فضل عن حاجته خيٌ له‪ ،‬وإمساكه شرٌ له وأنه‬
‫ل يُلم على الكفاف‪ ،‬وأخب أن عباد ال ليسوا بالتنعمي فيها فإن أمامهم دار‬
‫النعيم فهم ل يرضون بنعيمهم ف الدنيا عوضا من ذلك النعيم‪.‬‬
‫و ف حد يث مناجاة مو سى‪« :‬ول تُعجبنك ما زين ته ول ما مُ تع به ول‬
‫تَمُدان إل ذلك أعينك ما‪ ،‬فإن ا زهرة الدن يا‪ ،‬وزي نة الترف ي وإ ن لو شئت أن‬
‫أُزينكما من الدنيا بزينةٍ يعلمُ فرعون حي ينظر إليها أن مقدرته تعجز عن مثل‬
‫ما أوتيت ما فعلت‪ ،‬ول كن أر غب بك ما عن نعيم ها ذلك‪ ،‬وأزو يه عنك ما‪،‬‬
‫وكذلك أفعكل بأوليائي‪ ،‬وقديا مكا أخرت لمك فك ذلك فإنك لذودهكم عكن‬
‫نعيم ها ورخائ ها ك ما يذود الرا عي الشف يق غن مه عن مرا عي الل كة وإ ن‬
‫لجنبهم سلوتا‪ ،‬وعيشها كما يذود الراعي الشفيق إبله عن مبارك الغرة‪.‬‬
‫و ما ذلك لوان م عليّ‪ ،‬ول كن لي ستكملوا ن صيبهم من كرام ت سالا‬
‫موفرا ل تكلمه الدنيا ول يُطغه الوى‪.‬‬

‫‪341‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫واعلم أنه ل يتزين ل العباد بزينةٍ هي أبلغ من الزهد ف الدنيا فإنا زينة‬
‫التقيك عليهكم منهكا لباسٌك يُعرفون بكه مكن السككينة‪ ،‬والشوع سكيماهم فك‬
‫وجوههم من أثر السجود‪.‬‬
‫أولئك أوليائي حقا فإذا لقيتهم فاخفض لم جناحك‪ ،‬وذلل لم قلبك‪،‬‬
‫ف عليهم ول‬
‫ولسانك‪ ،‬وقال الواريون‪ :‬يا عيسى مَ ْن أولياء ال الذين ل خو ٌ‬
‫هم يزنون؟‬
‫قال الذ ين نظروا إل با طن الدن يا‪ ،‬ح ي ن ظر الناس إل عاجل ها فأماتوا‬
‫منها ما يشون أن ييتهم‪ ،‬وتركوا ما عملوا أن سيتركهم‪ ،‬فصار استكثارهم‬
‫من ها ا ستقللً‪ ،‬وذكر هم إيا ها فواتا‪ ،‬وفرح هم ب ا أ صابوا من ها حزنا‪ ،‬ف ما‬
‫عارضهم من نائلها رفضوه‪ ،‬وما عارضهم من رفعتها بغي الق وضعوه‪.‬‬
‫خلقت الدنيا عندهم فليسوا يُجددونا‪ ،‬وخربت بينهم فليسوا يعمرونا‪،‬‬
‫وماتت ف صدورهم‪ ،‬فليسوا يُحيونا‪ ،‬يهدمونا فيبنون با آخرتم‪ ،‬ويبيعونا‪،‬‬
‫فيشترون با ما يبقى لم‪.‬‬
‫رفضو ها فكانوا ب ا هم الفرح ي‪ ،‬ونظروا إل أهل ها صرعى قد حلت‬
‫بم الثلت‪ ،‬فأحيوا ذكر الوت وأماتوا ذكر الياة‪.‬‬
‫يُحبون ل‪ ،‬ويُحبون ذكره‪ ،‬وي ستضيئون بنوره‪ ،‬ويُضيئون به‪ ،‬ل م خ ٌب‬
‫عجيكب وعندهكم البك العجيكب‪ ،‬بمك قام الكتاب‪ ،‬وبكه قاموا وبمك نطكق‬
‫الكتاب‪ ،‬و به نطقوا‪ ،‬وب م عُلم الكتاب‪ ،‬و به عملوا لي سوا يرون نائلً مع ما‬
‫نالوا‪ ،‬ول أمانا دون ما يرجون‪ ،‬ول خوفا دون ما يذرون‪.‬‬
‫وقال‪ :‬يا ب ن إ سرائيل‪ ،‬اجعلوا بيوت كم كمنازل الضياف ف ما ل كم ف‬
‫العال من منلٍ إن أنتم إل عابري سبيل‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وقال يا مع شر الواري ي أيكم ي ستطيع أن يب ن فوق موج الب حر دارا‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬يكا روح ال مكن يقدر على ذلك‪ ،‬قال‪ :‬إياككم والدنيكا فل تتخذوهكا‬
‫قرارا‪.‬‬
‫وقال‪ :‬حلوة الدنيا مرارة الخرة‪ ،‬ومرارة الدنيا‪ ،‬حلوة الخرة‪.‬‬
‫وقال‪ :‬يا ب ن إ سرائيل تاونوا بالدن يا‪ ،‬ت ن علي كم‪ ،‬وأهينوا الدن يا تكرم‬
‫عليكم الخرة‪ ،‬ول تكرموا الدنيا‪ ،‬تن عليكم الخرة‪ ،‬فإن الدنيا ليست بأهل‬
‫للكرامة‪ ،‬وكل يوم تدعوا إل الفتنة والسارة»‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬و قد توا تر عن ال سلف أن حب الدن يا رأس الطا يا‪ ،‬وأ صلها‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬إن عيسى بن مري عليه السلم قال‪ :‬رأس الطيئة حب الدنيا‪ ،‬والنساء‬
‫حُبالة الشيطان‪ ،‬والمر جِماع كل شر‪.‬‬
‫شعرا‪ :‬قال المام الشافعي رحه ال‪:‬‬
‫خَبَتْ نَارُ َنفْسِِي بِاشتِعَالِ‬
‫وَأَظْلَمَ لِيْلِي ِإذْ أَضَاءَ شِهَابُهَا‬
‫أَيَا بُوْمَةً َقدْ عَشّشَتْ فَْوقَ‬
‫عَلَى الرّغْمِ مِنّي حِ ْينَ طَارِ‬
‫رَأَيْتِ خَرَابَ العُمْرِ مِنّي‬
‫وَمَأْوَاكِ مِنْ ُكلِّ الدّيَارِ‬
‫أَأَنْعَم عَيْشا بَعْدَ مَا حَلّ‬
‫س يُغْنِي‬
‫طَلَئِعُ شَيْبٍٍ لَيْ َ‬
‫ِإذَا اصْفَرّ لَوْنُ الْمُرءِ وابيَضّ‬
‫تَنَغّصَ مِنْ أَيَامِهِ مُسْتَطابُهَا‬

‫‪343‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وَعِزَةُُ عُمْرِ الْمَرْءِ قَبْلَ‬
‫س تَوَلّى شَبَابُهَا‬ ‫َوقَدْ فَنِيَتْ نَف ٌ‬
‫فَدَعْ عَ ْنكَ سَوآتِ الُمورِ فَإِنّهَا‬
‫س التّقِيِ ارْتَكابُهَا‬ ‫حَرَامٌ عَلَى نَفْ ِ‬
‫وَأدّ زَكَاةَ الْجَاهِ وَاعْلَمْ بِأَنّهَا‬
‫كَمِثْلِ زَكَاةِ الْمَالِ تَمّ نِصَابُهَا‬
‫وَأَحْسِنْ ِإلَى الَحْرارِ تَمْلِكْ‬
‫فَخَيْرُ تِجَارَاتِ الرّجَالِ‬
‫وَل تَمْشِيَن فِي مَنْكِبِ الرضِ‬
‫فَعَمّا قَلي ٍل يَحْتَوْيكَ تُرَابُهَا‬
‫وَمَنْ يَذُقْ ال ّدنْيَا َفِإنّي طَعمُتَهَا‬
‫وَسِيْقَ إِليْنَا عَذْبُهَا وَعَذَابُهَا‬
‫فَلم أَرَهَا إِِلّ غُرُورا وَبَاطِلً‬
‫كَمَا لَحَ فِي ظَهْرِ الفَلةِ‬
‫وَمَا هِي ِإلّ جِيْفَةٌ مُسْتَحِيْلَةٌ‬
‫ه ُه ّن اجْتِذابُهَا‬
‫عَلَ ْيهَا كِلَبٌ ّ‬
‫فإنْ تَجْتَنِبْهَا كُنْتَ سِلْما لهَلِهَا‬
‫وَإِنْ تَجْتَذِبْهَا نَازَعَتْكَ‬
‫ِإذَا انْسَدَ بابٌ عَ ْنكَ مِنْ دُونِ‬
‫فَدَعْهَا لخْرَى يَنْفَتِحْ لَكَ‬
‫فإنّ قُرَابَ البَطْنِ يَكْفِيْكَ‬
‫وَيَكْفِيكَ سَوآتِ المُورِ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫س أَوْطَنَتْ قَعْرَ‬ ‫فَطُوبَى لِنَفْ ٍ‬
‫مُغلَقَةَ ا َلبْوَابِ مُرْخَىً حِجَابُهَا‬
‫فَيَارَبّ هَبْ لِي تَوْبَةً قَبْلَ‬
‫أَُُبادِرُهَا مِنْ قَبْلِ إِغْلَقِ‬
‫فَمَا تَخْرَبُ ال ّدنْيَا بِمَوتِ‬
‫وََلكِنْ بِمَوتِ الَكْرَمِيْنَ‬
‫الل هم ثبت نا على قولك الثا بت ف الياة الدن يا و ف الخرة الل هم وأيد نا‬
‫بن صرك وارزق نا من فضلك ون نا من عذا بك يوم تب عث عبادك‪ ،‬واغ فر ل نا‬
‫ولوالدي نا ولم يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ‬
‫وآله وسلم‪.‬‬
‫(فصههل)‬
‫و عن سفيان قال‪ :‬كان عي سى بن مر ي يقول حب الدن يا أ صل كل‬
‫خطيئة والال فيه داء كثي‪ ،‬قالوا وما داؤه قال‪ :‬ل يسلم من الفخر واليلء‪،‬‬
‫قالوا فإن سلم‪ ،‬قال يشغله إصلحه عن ذكر ال عز وجل‪.‬‬
‫كا يدعوا إل خطيئة‬
‫كة والشاهدة‪ ،‬فإن حبهك‬ ‫قالوا وذلك معلوم بالتجربك‬
‫ظاهرة وباطنة‪ ،‬ول سيما خطيئة يتوقف تصيلها عليها‪ ،‬فيسكر عاشقها حبها‬
‫عن علمه بتلك الطيئة‪ ،‬وقبحها وعن كراهتها واجتنابا‪.‬‬
‫وحب ها يو قع ف الشبهات‪ ،‬ث ف الكروهات‪ ،‬ث ف الحرمات‪ ،‬وطال ا‬
‫أو قع ف الك فر‪ ،‬بل ج يع ال مم الكذ بة ل نبيائهم إن ا حل هم على كفر هم‬
‫وهلكهم حب الدنيا‪ ،‬فإن الرسل لا نوهم عن الشرك والعاصي الت كانوا‬
‫يكتسبون با الدنيا‪ ،‬حلهم حبها على مالفتهم وتكذيبهم‪.‬‬

‫‪345‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫فكل خطيئة ف العال أصلها حب الدنيا‪ ،‬ول تنس خطيئة البوين قديا‪،‬‬
‫فإن ا كان سببها حب اللود ف الدن يا‪ ،‬ول ت نس ذ نب إبل يس و سببه حب‬
‫الرياسة‪ ،‬الت مبتها ش ٌر من مبة الدنيا‪.‬‬
‫وب سببها ك فر فرعون وهامان وجنوده ا‪ ،‬وأ بو جه ٍل وقو مه‪ ،‬واليهود‪،‬‬
‫فحب الدنيا والرياسة هو الذي عمر النار بأهلها‪.‬‬
‫والزهد ف الدنيا والزهد ف الرياسة هو الذي عمر النة بأهلها‪.‬‬
‫وال سكر ب ب الدنيا أع ظم من ال سكر بشرب ال مر بكث ي‪ ،‬و صاحب‬
‫هذا ال سكر ل يف يق م نه‪ ،‬إل ف ظل مة الل حد‪ ،‬ولو انك شف ع نه غطاؤه ف‬
‫الدنيا لعلم ما كان فيه من السكر‪ ،‬وإنه أشد من سكر المر والدنيا تسحر‬
‫العقول أعظم سحر‪.‬‬
‫قال المام أحد‪ :‬حدثنا سيار حدثنا جعفر قال‪ :‬سعت مالك بن دينار‬
‫يقول‪ :‬اتقوا السّحارة‪ ،‬اتقوا السّحارة‪ ،‬فإنا تسحر قلوب العلماء‪.‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫لَوْ ُكنْتُ فِي دِينِي مِن الَبْطَالِ‬
‫مَا كُنْتُ بِالوَانِي وَ َل البَطّالِ‬
‫وَلَبِسْتُ مِنْهُ لمةً فَضْفَاضَةً‬
‫مَسْرُودَةً مِن صَالِح الَعْمَالِ‬
‫لَكِِنّنِي عَطّلتُ أَقْوَاسَ التُّقَى‬
‫مِن نَبْلِها فَرَمَتْ بِغَيِ نِبَالِ‬
‫وَرَمَى العَدُوّ بِسِهْمِهِ‬
‫إِذْ لَمْ أُحَصّنْ جُنّةً لِنضَالِ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫فَأَنَا كَمَنْ يَلْقَى الكَتِيْبَةَ‬
‫ق مُتَعَرضا لِنِزالِ‬ ‫فِي مَأز ٍ‬
‫لَولَ رَجَاءُ العَفْوِ كُنْتُ كَناقِعٍ‬
‫بَرْحَ الغَلِيْلِ بِرَشْفِ لَمْع اللِ‬
‫شَابَ القَذَالُ فآنَ لِي أَنْ أَرعَوي‬
‫لَو كُنْتُ مُتّعِظا بِشَيْبِ قَذَال‬
‫وَلَوْ أَنّنِي مُسْتَبْصِرا ِإذْ حَلّ بِي‬
‫ت أن حُلولَهُ تَرْحَالِي‬ ‫لعَلِمْ َ‬
‫فَنَظَرتُ فِي زَادٍ لِدَارِ إِقَامَتِي‬
‫وَسَأَلت َربّي أَنْ يَحُلّ عِقَالِي‬
‫فَلَكَمْ هَمَمْتُ بِتَوبَةٍٍ فَمُنِعتُها‬
‫ل لَهَا‪ ،‬وَبَدا لِي‬
‫إِذْ لَمْ أَكُنْ أَهْ ً‬
‫وَيعِزّ ذَاكَ عَلَيّ ِإلّ أَنّنِي‬
‫ب فِي قَبْضَ ِة الْمُتَعَالِي‬ ‫مُتَقَلّ ٌ‬
‫وَوَصَلْتُ دُنْيَا َسوْفَ تَقْطَعُ‬
‫بِأُفُولِ أَنْجُمِهَا وَخَسْفِ‬
‫شَغَلَتْ مَفت أَهْلِهَا بِفتُونِهَا‬
‫وَمِنْ الْمُحَال تَشَاغُ ٌل بِمُحَالِ‬
‫ل شَيْء أَخْسَر صَفْقَ ًة مِنْ عَالِمٍ‬
‫لَعِبَتْ ِب ِه ال ّدنْيَا مَعَ الْجُهّالِ‬
‫ق دِينَهُ أَيْدِيْ سَبَا‬ ‫فَغَدَا يُفرّ ُ‬
‫وَيُزِيلُهُ حِرْصا لِجَمْعِ الْمَالِ‬

‫‪347‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫لَ خَيْرَ فِي كَسْبِ الْحَرَامِ‬
‫يُرْجَى الْخَلَصُ لِكاسِبٍ لِحَللِ‬
‫مَا إنْ سَمِعْتُ بِعَائِلٍ تُكْوَى غَدا‬
‫بالنّارِ جَبْهَتُهُ عَلَى القْلَلِ‬
‫وَِإذَا أَرَدْتَ صَحِيْحَ مَنْ يُكْوَى‬
‫فَاقْرَأْ عَقِيْبَةَ سُورَة الَنْفَالِ‬
‫مَا يَثْقُلُ الْمِيزَانُ إِ ّل بِامِرئٍ‬
‫قَدْ خَفّ كَاهِلُهُ مِن الَثْقَالِ‬
‫فَخُذِ الكفافَ وَ َل تَكُنْ ذَا فَضْلَةٍ‬
‫ي سُؤالِ‬ ‫فَالْفَضْلُ تُسْأَلُ عَنْهُ أَ ّ‬
‫وَدَع الْمَطَارفَ وَالَمِط ّي لِهْلِهَا‬
‫وَاقْنَعْ بِأَطْمَارٍ وَلُبْسِ نِعَالِ‬
‫ت وَفَقْرُنَا وَغِنَاهُمُ‬ ‫فَهُمُ َوأَنْ َ‬
‫ل يَسْتَقِرّ وَ َل يَدُومُ بِحَالِ‬
‫وَطُفِ البِلدَ لِكَيْ تَرَى آثارَ‬
‫قَدْ كَا َن يَمْلِكُهَا مِنَ الَقْيالِ‬
‫عَصفَتْ بِهِمْ رِيْحُ الرّدَى‬
‫ذَرْوَ الرّياح الْهُوج حَقْفَ رِمالِ‬
‫وَتَزَلْزَلَتْ بِهِمُ الْمَنَابِرُ بَعْدَ‬
‫ثَبتَتْ وَكَانُوا فَوقَهَا كَجِبَالِ‬
‫وَاحْبِسْ قَلُوصَكَ سَاعَة ً‬
‫وَاحْذَرْ عَلَ ْيكَ ِبهَا مِنْ الَغْوَالِ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫فَلَكَمْ ِبهَا مِن أَرْقَمٍ صلٍ وَكَم‬
‫قَدْ كَا َن فِيْهَا مِنْ مَها وَغَزَالِ‬
‫وَلَكَمْ غَدَتْ مِنْهَا وَرَاحَتْ‬
‫لِلحَرْبِ يَقْدُمُهَا أَبُوْ الَشْبَالِ‬
‫فَتَقَطّعَتْ أَسْبَابُهُم وَتَمَزّقَتْ‬
‫وَلَقَبْلُ مَا كَانُوا كَنَظْمِ للَ‬
‫وَِإذَا أَتَيْتَ قُبورَهُمْ فَاسْأَلْهُمُ‬
‫عَمّا لَقُوا فِيْهَا مِن الَهْوالِ‬
‫فَسَيُخْبِرُونَكَ إِنْ فَهِمْتَ‬
‫بِعِبَارِةٍ كَالوَحْي لَ بِمَقَالِ‬
‫إِنّا ِبهَا رَهْن ِإلَى يَومِ الْجَزا‬
‫بِجَرَائِم الَقْوَالِ وَالَفْعَالِ‬
‫مَنْ ل يُراقِبُ رَبّهُ وَيَخَافُهُ‬
‫تَبّتْ يَدَاهُ َومَا َلهُ مِنْ وَالَ‬
‫الل هم ثبت نا على قولك الثا بت ف الياة الدن يا و ف الخرة ووفق نا ل ا‬
‫وفقكت له عبادك الصكالي مكن امتثال أوامرك واجتناب نواهيكك واغفكر لنكا‬
‫ولوالدي نا ولم يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ‬
‫وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪349‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫وأ قل ما ف حبها أنه يُلهي عن حب ال‪ ،‬وذكره‪ ،‬ومن ألاه ماله عن‬
‫ذكر ال فهو من الاسرين‪ ،‬قالوا وإنا كان حب الدنيا رأس الطايا ومفسدا‬
‫للدين من وجوه‪ ،‬أحدها أنه يقتضي تعظيمها وهي حقية عند ال‪.‬‬
‫و من أ كب الذنوب تعظ يم ما حقره ال‪ ،‬وثاني ها أن ال لعن ها‪ ،‬ومقت ها‪،‬‬
‫وأبغض ها إل ما كان له في ها‪ ،‬و من أ حب ما لع نه ال‪ ،‬ومق ته وابغ ضه‪ ،‬ف قد‬
‫تعرض للفتنة‪ ،‬ومقته وغضبه‪.‬‬
‫وثالثها أنه إذا أحبها صيها غايته‪ ،‬وتوسل إليها بالعمال الت جعلها‬
‫ال وسائل إليه‪ ،‬وإل الدار الخرة‪ ،‬فعكس المر وقلب الكمة فانتكس قلبه‪،‬‬
‫وانعكس سيه إل وراء‪.‬‬
‫فهاهنكا أمران‪ :‬أحدهاك جعكل الوسكيلة غايكة‪ ،‬والثانك التوسكل بأعمال‬
‫الخرة إل الدنيكا‪ ،‬وهذا ش ٌر معكوس مكن ككل وجكه‪ ،‬وقلب منكوس غايكة‬
‫النتكاس‪.‬‬
‫وهذا هو الذي ينط بق عل يه حذو القذة بالقذة قوله تعال‪ :‬مَ نْ كَا َن‬
‫ُيرِي ُد الْحَيَاةَ ال ّدنْيَا وَزِينََتهَا ُنوَفّ ِإلَ ْيهِ ْم أَعْمَاَلهُ مْ فِيهَا َوهُ مْ فِيهَا ل يُبْخَ سُونَ‬
‫ط مَا صََنعُوا فِيهَا َوبَا ِطلٌ‬
‫ك اّلذِي نَ لَيْ سَ لَهُ ْم فِي ال ِخ َرةِ إِل النّا ُر َوحَبِ َ‬ ‫* أُولَئِ َ‬
‫مَا كَانُوا َيعْمَلُونَ ‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬مَ نْ كَا َن ُيرِيدُ اْلعَاجِ َلةَ عَجّلْنَا لَ هُ فِيهَا مَا َنشَا ُء لِمَ نْ نُرِيدُ ُثمّ‬
‫َانه ُيرِيدُ‬
‫َنه ك َ‬ ‫ّمه يَصهْلهَا َم ْذمُومًا َم ْدحُورًا ‪ .‬وقوله‪ :‬م ْ‬ ‫َهه جَهَن َ‬ ‫َجعَلْنَا ل ُ‬
‫َحرْ ثَ الخِ َر ِة َن ِزدْ لَ هُ فِي َحرْثِ هِ َومَ نْ كَا َن ُيرِيدُ َحرْ ثَ ال ّدنْيَا ُن ْؤتِ ِه مِ ْنهَا َومَا‬
‫َل ُه فِي ال ِخ َرةِ ِم ْن نَصِيبٍ ‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫فهذه ثلث آيات يُشبه بعضها بعضا‪ ،‬وتدل على معن واحد‪ ،‬وهو أن‬
‫من أراد بعمله الدن يا وزينت ها دون ال والدار الخرة‪ ،‬فح ظه ما أراد‪ ،‬وهكو‬
‫نصيبه‪ ،‬ليس له نصيبٌ غيه‪.‬‬
‫والحاد يث عن ر سول ال مُطاب قة لذلك مُف سرةٌ له‪ ،‬كحد يث أ ب‬
‫هريرة ف الثل ثة الذ ين هم أول من تُ سعر ب م النار‪ ،‬الغازي والت صدق‪،‬‬
‫والقارئ الذين أرادوا بذلك الدنيا والنصيب وهو ف صحيح مسلم‪.‬‬
‫وف سنن النسائي عن أب أُمامة قال جاء رجل إل النب ‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬
‫رسول ال‪ :‬رجل غزا يلتمس الجر والذكر‪ ،‬ما له؟ فقال رسول ال ‪« :‬ل‬
‫ش يء له»‪ ،‬فأعاد ها ثلث مرات‪ ،‬يقول له ر سول ال ‪« :‬ل ش يء له»‪ ،‬ث‬
‫قال‪« :‬إن ال تعال ل يقبل إل ما كان خالصا وابتغي به وجهه»‪.‬‬
‫فهذا قد بطل أجره وحبط عمله مع أنه قصد حصول الجر لا ضم إليه‬
‫قصد الذكر بي الناس فلم يُخلص عمله ل فبطل كله‪ ،‬قال ورابعها أن مبتها‬
‫تعترض ب ي الع بد‪ ،‬وب ي ف عل ما يعود عل يه نف عه ف الخرة‪ ،‬لشتغاله ع نه‬
‫بحبوبه والناس ها هنا مراتب‪.‬‬
‫فمنهم من يشغله مبوبه عن اليان‪ ،‬وشرائعه‪.‬‬
‫ومنهم من يشغله عن الواجبات الت تب عليه ل وللقه فل يقوم با‬
‫ظاهرا ول باطنا‪.‬‬
‫ومنهم من يشغله حبها عن كثيٍ من الواجبات‪.‬‬
‫ومنهم من يشغله عن واجب يُعارض تصيلها وإن قام بغيه‪.‬‬
‫ومنهم من يشغله عن القيام بالواجب ف الوقت الذي ينبغي على الوجه‬
‫الذي ينبغي فيُفرط ف وقته‪ ،‬وف حقوقه‪.‬‬

‫‪351‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ومنهم من يشغله عن عبودية قلبه ف الواجب‪ ،‬وتفريغه ل عند أدائه‪،‬‬
‫فيؤديه ظاهرا ل باطنا‪ ،‬وأين هذا من عشاق الدنيا ومبيها هذا من أندرهم‪،‬‬
‫وأقل درجات حبها أن يُشغل عن سعادة العبد وهو تفريغ القلب لب ال‪،‬‬
‫ول سانه لذكره وج ع قل به على ل سانه وج ع ل سانه وقل به على ر به‪ ،‬فعشق ها‬
‫ومبتها تضر بالخرة‪ ،‬ول بد‪ ،‬كما أن مبة الخرة تُضر بالدنيا‪.‬‬
‫وخامسها أن مبتها تعلها أكثر هم العبد‪.‬‬
‫وسكادسها أن مُحبهكا أشكد الناس عذابا باك‪ ،‬وهكو مُعذب فك دوره‬
‫الثلث‪ ،‬يُعذب ف الدنيا بتحصيلها‪ ،‬وف السعي فيها ومنازعة أهلها وف دار‬
‫البزخ أي ف القب بفواتا‪ ،‬والسرة عليها‪ ،‬وكونه قد حيل بينه وبي مبوبه‬
‫على وج ٍه ل يرجو اجتماعه به أبدا ول يصل له هناك مبوب يُعوضه عنه‪.‬‬
‫فهذا أشد الناس عذابا ف قبه‪ ،‬يعمل الم‪ ،‬والغم‪ ،‬والزن والسرة‪ ،‬ف‬
‫روحه ما تعمل الديدان وهوام الرض ف جسمه‪.‬‬
‫و سابعها أن عاشق ها ومب ها الذي يؤثر ها على الخرة من أ سفه اللق‬
‫وأقلهكم عقلً‪ ،‬إذ آثكر اليال على القيقكة‪ ،‬والنام على اليقظكة والظكل الزائل‬
‫على النعيم الدائم والدار الفانية على الدار الباقية إن اللبيب بثلها ل يُخدع‪.‬‬
‫ث ع قد ف صلً وذ كر ف يه أمثلة تبي حقي قة الدن يا‪ :‬الثال الول‪ :‬للع بد‬
‫ثلثة أحوال‪ ،‬حالة ل يكن فيها شيئا‪ ،‬وهي ما قبل أن يو جد‪ ،‬وحالة أخرى‬
‫وهي من ساعة موته‪ ،‬إل ما ل ناية له ف البقاء السرمدي فلنفسه وجود بعد‬
‫خروجها من البدن‪ ،‬إما ف النة وإما ف النار‪.‬‬
‫ث تُعاد إل بدنه‪ ،‬فيُجازى بعمله‪ ،‬ويسكن إحدى الدارين ف خلود دائم‬
‫ث بي هاتي الالتي وهي ما بعد وجوده وما قبل موته حالة متوسطة‪ ،‬وهي‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫أيام حياته فلينظر إل مقدار زمانا‪ ،‬وينسبه إل الالتي‪ ،‬يعلم أنه أقل من طرفة‬
‫عي ف مقدار عمر الدنيا‪.‬‬
‫ومن رأى الدنيا بذه العي ل يركن إليها‪ ،‬ول يُبال كيف تقضت أيامه‬
‫فيها ف ضُ ٍر وضي ٍق أو ف سع ٍة ورفاهية ولذا ل يضع النب لبنة على لبن ٍة ول‬
‫قصبةً على قصبةٍ‪ ،‬وقال ما ل وللدنيا‪ ،‬إنا مثلي ومثل الدنيا كراكب قال ف‬
‫ظل شجرة‪ ،‬ث راح وتركها‪.‬‬
‫وإل هذا أشار ال سيح بقوله عل يه ال سلم‪" :‬الدن يا قنطرة فاعبو ها ول‬
‫تعمرو ها"‪ ،‬وهذا م ثل صحيح فإن الياة م عب إل الخرة‪ ،‬وال هد هو الر كن‬
‫الول‪ ،‬على أول القنطرة‪ ،‬واللحد هو الركن الثان على آخرها‪.‬‬
‫ومن الناس من قطع نصف القنطرة‪.‬‬
‫ومن هم من ق طع ثُلثي ها‪ ،‬ومن هم من ل ي بق له إل خطوة واحدة‪ ،‬و هو‬
‫غا فل عن ها وكيف ما كان فل بد من العبور‪ ،‬ف من و قف يب ن على القنطرة‪،‬‬
‫ويزينهكا بأصكناف الزينكة‪ ،‬وهكو يُسكتحث على العبور فهكو فك غايكة الهكل‬
‫وال مق‪ .‬الثال الثا ن شهوات الدن يا ف القلب كشهوات الطع مة ف العدة‪،‬‬
‫و سوف ي د الع بد ع ند الوت لشهوات الدن يا ف قل به من الكرا هة والن ت‬
‫والقبكح مكا يده للطعمكة اللذيذة إذا انتهكت فك العدة‪ ،‬غايتهكا‪ ،‬وكمكا أن‬
‫الطعمة كلما كانت ألذ طعما وأكثر دسا وأكثر حلوة كان رجيعها أقذر‪،‬‬
‫فكذلك كل شهوة كانت ف النفس ألذ وأقوى فالتأذي با عند الوت أشد‪،‬‬
‫كما أن تفجع النسان بحبوبه إذا فقده يقوى بقدر مبة الحبوب‪.‬‬
‫شعرا قال بعضهم يُخاطب نفسه‪:‬‬
‫ِإلَى مَ أَرَى يَا قَلْبُ مِنْكَ‬
‫َوقَد حَلّ وَخْطُ الشّيْبِ بِالرّأْسِ‬

‫‪353‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وَأَخْبَرَ عَن قُرْبِ الرّحِيلِ‬
‫فَدُونَك طَاعَاتٍ وَخَلّ‬
‫وَعُضّ عَلَى مَا فَاتَ مِنْكَ أَنَامِلً‬
‫وَفَجّرْ مِنْ العَيْنِ الدّمُوعَ‬
‫فَكَمْ مَرّ ٍة وَافَقْتَ نَفْسا مَرِيْدَةً‬
‫ك الرّوَاسِيَا‬‫َفقَد حَمّلَت شَرا عَلَ ْي َ‬
‫وَكَمْ مَرّةٍ أَحْدَثتَ بِدْعا‬
‫وَغَادَرْتَ هَدْيا مُسْتَقِيما‬
‫وَكَمْ مَرّةٍ أَمْرَ الِلَه نَبَذْتَهُ‬
‫وَطَاوَعْتَ شَيْطَانا عَدُوا مُداجِيَا‬
‫وَكَمْ مَرّ ٍة َقدْ خُضتَ بَحْرَ غِوَايَةٍ‬
‫وَأَسْخَطْتَ رَبا بِاكْتِسَاب‬
‫وَكَمْ مَرّةٍ بِِ ّر الله غَمَصتَهُ‬
‫َوقَد صِرْتَ فِي كُفْرَانِهِ مُتمَادِيَا‬
‫وَلَ زِلْتَ بال ّدنْيَا حَرِيْصا وَمُولَعا‬
‫َوقَد كُنْتَ عَن يَومَ القِيَامَةِ سَاهِيَا‬
‫فَمَا لَكَ فِي بَيْتِ البِل ِإذْ نَزَلْتَهُ‬
‫عَن الَهْلِ وَالَحْبَابِ وَالْمَالِ‬
‫فَتُسْأَلَ عَن رَبٍّ وَدِيْن مُحَمّدٍ‬
‫فَإن قُلْتَ هَاهٍ فَادْرٍ أَنْ ُكنْتَ‬
‫َوَيأتِيْكَ من نارٍ سَمُو ّم أليْمَةّ‬
‫ص ُر فِيهَا عَقْربا وَأَفَاعِيَا‬
‫وَتُب ُ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وَيَا لَيْتَ شِعْريْ كَيْفَ حَالُكَ‬
‫ي الْمَطَاوِيَا‬ ‫صِراطٌ وَمِيزَا ٌن يُب ُ‬
‫فَ َمنْ نَاقشَ الرّحْمَن نُوْقِشَ بَتّةً‬
‫وأُلق ّي فِي نَارٍ وَإنْ كَا َن وَالِيَا‬
‫هُنَالِكَ لَ تَجْزِيْهِ نَفْسٌ عَن‬
‫ئ فِي غَمّهِ كَا َن جَاثِيَا‬ ‫فَكُلُ امرِ ٍ‬
‫الل هم ث بت قلوب نا على دي نك وألم نا ذكرك وشكرك واخ تم ل نا بات ة‬
‫السعادة واغفر لنا ولوالدينا وجيع السلمي برحتك يا أرحم الراحي وصلى‬
‫ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬

‫‪355‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬

‫(فصههل)‬
‫الثال الثالث لا ولهلها ف اشتغالم بنعيمها عن الخرة وما يُعقبهم من‬
‫السرات مثل أهل الدنيا ف غفلتهم م ثل قو ٍم ركبوا سفينة فانتهت بم إل‬
‫جزيرة فأمرهكم اللح بالروج لقضاء الاجكة وحذرهكم البطاء‪ ،‬وخوفهكم‬
‫مرور السفينة‪.‬‬
‫فتفرقوا ف نوا حي الزيرة‪ ،‬فق ضى بعض هم حاج ته وبادر إل ال سفينة‬
‫فصادف الكان خاليا‪ ،‬فأخذ أوسع الماكن وألينها‪.‬‬
‫ووقف بعضهم ف الزيرة‪ ،‬ينظر إل أزهارها وأنوارها العجيبة ويسمع‬
‫نغمات طيور ها‪ ،‬ويُعج به ح سن أحجار ها‪ ،‬ث حدث ته نف سه بفوات ال سفينة‪،‬‬
‫وسرعة مرورها‪ ،‬وخطر ذهابا فلم يُصادف إل مكانا ضيقا فجلس فيه‪.‬‬
‫وأكب بعضهم على تلك الجارة الُستحسنة‪ ،‬والزهار الفائقة فحمل‬
‫منهكا حله فلمكا جاء ل يدك فك السكفينة إل مكانا ضيقا‪ ،‬وزاده حله ضيقا‪،‬‬
‫ف صار مموله ثقلً عل يه‪ ،‬ووبالً ول يقدر على نبذه بل ل ي د من حله بُدا‬
‫ول يد له ف السفينة موضعا‪ ،‬فحمله على عنقه وندم على أخذه‪ ،‬فلم تنف عه‬
‫الندامة‪ ،‬ث ذبلت الزهار‪ ،‬وتغيت أراييحها وآذاه نتنها‪.‬‬
‫وتول بعضهم ف تلك الغياض‪ ،‬ونسي السفينة‪ ،‬وأبعد ف نزهته‪ ،‬حت‬
‫إن اللح نادى بالناس‪ ،‬عند دفع السفينة‪ ،‬فلم يبلغه صوته‪ ،‬لشتغاله بلهيه‪،‬‬
‫ف هو تارة يتناول من الث مر وتارة ي شم تلك الزهار وتارة يع جب من ح سن‬
‫الشجار‪.‬‬
‫وهكو على ذلك خائف مكن سكبع يرج عليكه‪ ،‬غيك منفكك مكن شوك‬
‫يتش بث ف ثيا به‪ ،‬ويد خل ف قدم يه أو غ صن يرح بد نه أو عو سج يُخرق‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫ثيابه‪ ،‬ويهتك عورته‪ ،‬أو صوتٍ هائل يُفزعه‪.‬‬
‫ثك مكن هؤلء مكن لقك بالسكفينة‪ ،‬ول يبكق فيهكا موضكع‪ ،‬فمات على‬
‫الساحل‪ ،‬ومنهم من شغله لوه‪ ،‬فافترسته السباع ونشته اليات ومنهم من‬
‫تاه فهام على وجهه حت هلك‪ ،‬فهذا مثال أهل الدنيا ف اشتغالم بظوظهم‬
‫العاجلة‪ ،‬ونسيانم موردهم وعاقبة أمرهم‪ ،‬وما أقبح بالعاقل أن تغره أحجار‪،‬‬
‫ونبات يصي هشيما‪.‬‬
‫الثال الرابع لغترار الناس بالدنيا‪ ،‬وضعف إيانم بالخرة أن رسول ال‬
‫قال ل صحابه‪«:‬إن ا مثلي ومثل كم وم ثل الدن يا كم ثل قو مٍ سلكوا مفازةً‬
‫غباء‪ ،‬ح ت إذا ل يدروا ما سلكوا من ها أك ثر أم ما ب قي‪ ،‬أنفدوا الزاد‪،‬‬
‫وحسهروا الظههر‪ ،‬وبقوا بيه ظهرانه الفازة‪ ،‬ل زاد ول حولة‪ ،‬فأيقنوا‬
‫باللكة»‪.‬‬
‫فبينما هم كذلك‪ ،‬إذ خرج عليهم رجل ف حُل ٍة يقطر رأسه‪ ،‬فقالوا إن‬
‫هذا قريب عهدٍ بريف‪ ،‬وما جاءكم هذا إل من قريب‪ ،‬فلما انتهى إليهم‪ ،‬قال‬
‫يا هؤلء علم أنتم‪ ،‬قالوا على ما ترى‪ ،‬قال أرأيتم إن هديتكم على ماء رواء‬
‫ورياضٍ خضرٍ ما تعلون ل؟‬
‫قالوا ل نع صيك شيئا‪ ،‬قال ُعهُود كم‪ ،‬ومواثيق كم بال؟‪ ،‬قال‪ :‬فأعطوه‬
‫عهودهم‪ ،‬ومواثيقهم بال ل يعصونه شيئا‪ ،‬قال‪ :‬فأوردهم ماءً ورياضا خُضرا‬
‫قال‪ :‬فمكث ما شاء ال‪.‬‬
‫ثك قال يكا هؤلء الرحيكل‪ ،‬قالوا إل أيكن؟‪ ،‬قال إل ما ٍء ليكس كمائككم‬
‫ورياضٍ ليست كرياضكم‪ ،‬قال فقال جُل القوم‪ ،‬وهم أكثرهم وال ما وجدنا‬
‫هذا حت ظننا أن لن نده‪ ،‬وما نصنع بعيشٍ هو خيٌ من هذا؟‬

‫‪357‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫قال وقالت طائفكة وهكم أقلهكم‪ ،‬أل تُعطوا هذا الرجكل عهودككم‪،‬‬
‫ومواثيقككم بال‪ ،‬ل تعصكونه شيئا‪ ،‬وقكد صكدقكم فك أول حديثكه‪ ،‬فوال‬
‫ليصكدُقنكم فك آخره‪ ،‬فراح بنك اتبعكه‪ ،‬وتلف بقيتهكم‪ ،‬فبادرهكم عدوهكم‪،‬‬
‫فأصبحوا بي أسيٍ وقتيل»‪.‬‬
‫شعرا‪:‬‬
‫ِإذَا عَاجَل الدّنْيَا أَلَمّ بِمَفْرَحٍ‬
‫فَ َمنْ خَلفهُ فَجْعٌ سَيْتلُوهُ آجِلُ‬
‫وَكَانَتْ حَياةُ الْحَي سَوقا ِإلَى‬
‫وَأيّامُهُ دُوْنَ الْمَمَاتِ مَرَاحَلُ‬
‫وَمَا لُبْث مَنْ يَغْدُو وَفِي ُكلِّ‬
‫لَهُ أَجَ ٌل فِي مُدّ ِة العُمْرِ قَاتِلُ‬
‫وَلِلمَرءِ يَو ٌم لَ مَحَالَةَ مَا لَهُ‬
‫غَ ٌد وَسْطَ عا ٍم مَا َلهُ الدّهْرَ قَابِلُ‬
‫كَفَانا اعْترافا بِالفَنَاءِ وَرُقْبَةً‬
‫س لِلخُلْدِ آمِلُ‬ ‫لِمَكْروهِهِ أَنْ لَيْ َ‬
‫الل هم ث بت مب تك ف قلوب نا وث بت إيان نا ونور ب صائرنا واهد نا سبل‬
‫السلم وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن وألمنا ذكرك وشكرك واعمر‬
‫أوقاتنا بتلوة كتابك وارزقنا التدبر له والعمل به ف الدقيق والليل واغفر لنا‬
‫ولوالدي نا وج يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ‬
‫وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫(فصههل)‬
‫الثال الامس للدنيا وأهلها‪ ،‬ما مثلها به كظل شجرة‪ ،‬والرء مُسافر‬
‫فيها إل ال‪ ،‬فاستظل ف ظل تلك الشجرة ف يومٍ صائف‪ ،‬ث راح وتركها‪.‬‬
‫فتأمكل حسكن هذا الثال‪ ،‬ومطابقتكه للواقكع سكواء‪ ،‬فإناك فك خضرتاك‬
‫كشجرة‪ ،‬وف سرعة انقضائها وقبضها شيئا فشيئا كالظل والعبد مسافر إل‬
‫ربه‪ ،‬والسافر إذا رأى شجرة ف يو مٍ صائف ل يسن به أن يبن تتها دارا‪،‬‬
‫ول يتخذ ها قرارا‪ ،‬بل ي ستظل ب ا بقدر الا جة‪ ،‬وم ت زاد على ذلك انق طع‬
‫عن الرفاق‪.‬‬
‫الثال السادس تثيله لا بُدخل أصبعه ف اليم‪ ،‬فالذي يرجع به أصبعه‬
‫من البحر هو مثل الدنيا بالنسبة إل الخرة‪.‬‬
‫الثال السابع ما مثلها به ف الديث التفق على صحته من حديث‬
‫أبك سكعيد الدري ‪ ،‬قال إن النكب جلس ذات يوم‪ ،‬علىالنكب وجلسكنا‬
‫حوله‪ ،‬فقال «إن ماه اخاف عليكهم مهن بعدي مها يُفتهح عليكهم مهن زهرة‬
‫الدن يا‪ ،‬وزينت ها» فقال ر جل يا ر سول ال‪ :‬أو يأ ت ال ي بال شر‪ ،‬ف صمت‬
‫رسول ال ‪.‬‬
‫ث قال‪« :‬ك يف قلت؟» قال‪ :‬يا ر سول ال أو يأ ت ال ي بال شر‪ ،‬فقال‬
‫ر سول ال ‪« :‬إن ال ي ل يأ ت إل بال ي‪ ،‬وإن م ا ين بت الرب يع ما يق تل‬
‫هرتاها‪،‬‬‫ه إذا امتلت خاصه‬ ‫هر‪ ،‬أكلت حته‬ ‫حبطا أو يلم‪ ،‬إل آكلة الضه‬
‫استقبلت الشمس فثلطت وبالت‪ ،‬ث اجترت فعادت فأكلت»‪.‬‬
‫فمن أخذ مالً بقه بورك له فيه‪ ،‬ومن أخذ ما ًل بغي حق‪ ،‬فمثله كمثل‬
‫الذي يأ كل ول يش بع‪ ،‬فأ خب أن م ا ياف علي هم الدن يا‪ ،‬و ساها زهرة‪،‬‬

‫‪359‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫فشبهها بالزهر‪ ،‬ف طيب رائحته وحسن منظره‪ ،‬وقلة بقائه‪.‬‬
‫فهذه الفقرة الي سية‪ ،‬من جوا مع كلمِ هِ ‪ ،‬حوت على إياز ها بشارة‬
‫ال صحابة الكرام ب ا سيكون على أيدي هم‪ ،‬من ف تح البلد‪ ،‬وإخضاع العباد‪،‬‬
‫وجلب الموال الطائلة‪ ،‬والغنائم الكثية‪ ،‬وتذير هم من الغرور‪ ،‬والركون إل‬
‫هذه الشياء الفانية‪ ،‬والعراض الزائلة‪.‬‬
‫وضرب مثل ي حكيم ي أحده ا م ثل الفرط ف ج ع الدن يا‪ ،‬وال خر‬
‫مثل القتصد فيها‪ ،‬أما الول‪ ،‬فمثله مثل الربيع وذلك قوله فإن ما ينبت الربيع‬
‫ما يقتل حبطا أو يلم‪ ،‬بأن يُقارب اللك‪.‬‬
‫فهذا الطكر ماء ينله لغاثكة اللق وإرواء ككل ذي روح فرغكم فوائده‬
‫الكثية ومنافعه الغزيرة وما يتسبب عن ذلك من إنبات العشب والكل‪ ،‬يأكل‬
‫منه اليوان فيُكثر فينتفخ بطنه‪ ،‬فيهلك أو يُقارب اللك‪ ،‬وكذلك الذي يُكثر‬
‫من جع الال‪ ،‬ويكون عنده من الشع والشره‪ ،‬والرص‪ ،‬ما يتجاوز به الد‪،‬‬
‫ول سيما إذا جع الال من غي حله‪ ،‬ومنع ذا الق حقه‪ ،‬فإن ل يقتله قارب‬
‫أن يقتله‪.‬‬
‫ولذلك كث ي من أ هل الموال قتلت هم أموال م فإن م شرهوا ف جع ها‪،‬‬
‫واحتاج إليها غيهم‪ ،‬فلم يصلوا إل ذلك إل بقتلهم‪ ،‬أو ما يُقارب ذلك من‬
‫إذللم وقهرهم والضغط عليهم‪.‬‬
‫وأما الثال الثان‪ :‬وهو مثال القتصد ف جع الدنيا‪ ،‬الطالب للها‪ ،‬فقد‬
‫مثكل له بقوله‪« :‬إل آكلة الضهر»‪ ،‬فكأنكه قال أل انظروا آكلة الضراء‪،‬‬
‫واعتبوا بشأنا «أكلت حت إذا امتدت خاصرتاها» وعظم جنباها‪ ،‬أقلعت‬
‫سكريعا «اسهتقبلت عيه الشمهس» تسكتمريء بذلك مكا أكلت وتتره‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫«فثلطت» ألقت ما ف بطنها من أذى سه ً‬
‫ل رقيقا‪.‬‬
‫وف قوله «استقبلت عي الشمس فثلطت وبالت» ثلث فوائد أحدها‬
‫أن ا ل ا أخذت حاجت ها من الر عى ترك ته‪ ،‬وبر كت مُ ستقبل ًة ع ي الش مس‪،‬‬
‫ت ستمريء‪ ،‬الفائدة الثان ية أن ا أعر ضت ع ما يضر ها من الشره ف الر عى‪،‬‬
‫وأقبلت على ما ينفعها‪ ،‬من استقبال الشمس الت يصل لا برارتا إنضاج ما‬
‫أكلته وإخراجه‪.‬‬
‫الثال ثة‪ :‬أن ا ا ستفرغت بالبول والثلط ما جع ته من الر عى ف بطن ها‪،‬‬
‫فاستراحت بإخراجه ولو بقي فيها لقتلها‪ ،‬هكذا جامع الال مصلحته أن يفعل‬
‫به كما فعلت هذه الشاة فتنبه لذلك أيها الُغفّ ُل الموع النوع‪.‬‬
‫وَإِيّاكَ وال ّدنْيَا الدّنِيّةَ إِنّهَا‬
‫هِيَ السّحْرُ فِي تَخْيِيْلِه‬
‫مَتَاعُ غُرُوْ ٍر لَ يَدُوْمُ سُرورُها‬
‫وَأضْغاثُ حُلْمٍ خَادِعٍ بِهَبَائِهِ‬
‫فَ َمنْ أَكْرَمَتْ يَوما أَهَانَتْ َلهُ غَدا‬
‫وَمَنْ أَضْحَكَتْ َقدْ آذنَتْ‬
‫وَمَنْ تَسْقِهِ كِأْسا مِنْ الشّهْدِ‬
‫تُجَرّعُهُ كَأسَ الرّدَى فِي مَسَائِهِ‬
‫وَمَن تَكْسُ تَاجَ الُلكِ تَنْزَعُهُ‬
‫بأَيْدِي الْمَنَايَا أَوْ بِأَيدِي‬
‫َألَ إِنّهَا لِلمَرْءِ مِنْ أَكَبِ العِدَا‬
‫وَيَحْسَبُهَا الْمَغْرُوْرُ مِن‬

‫‪361‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫فَلَذّاتُها مَسْمُومَةٌ وَوُعودُهَا‬
‫ب فَمَا الظّامِي رَوَى مِن‬ ‫سَرَا ٌ‬
‫وَكَمْ فِي كِتَاب الِ مِنْ ذَكْرِ‬
‫وَكَمْ ذَمّهَا الَخْيَارُ مِن‬
‫فَدُونَكَ آياتِ الكِتَاب تَجِدْ بِهَا‬
‫مِن العِلْمِ مَا يَجْلُو الصّدَا‬
‫وَمَن يَكُ جَمْعُ الْمَالِ مَبْلَغَ‬
‫فَمَا قَلْبُهُ إِ ّل مَرِيْضا بِدَائِهِ‬
‫فَدَعْهَا َفإِنّ الزّهْدَ فِيْهَا مُحَتّمٌ‬
‫وَإِنْ لَمْ يَقُمْ جُلّ الوَرَى‬
‫وَمَنْ لَمْ يَذَرْهَا زَاهِدا فِي‬
‫سَتَزْهَدُ فِ ْي ِه النّاسُِ بَعْدَ فَنَائِهِ‬
‫فَتَتْرُكُهُ يَوْما صَرِيْعا بِقَبِرِه‬
‫رَهِيْنا أَسِيْرا آيِسَا مِن وَرَائِهِ‬
‫وَيَنْسَاهُ أَهْلُوْهُ الْمُفدّى لَدَيْهِمُ‬
‫وَتَكْسُوهُ ثَوبَ الرّخْصِ بَعْدَ‬
‫وَيَنْتَهِبُ الوُرّاثُ أَمْوَالَهُ الّتِي‬
‫عَلَى جِمْعِهَا قَاسَى عَظِيمَ شَقَائِهِ‬
‫وَتُسْكِنهُ بَعدَ الشّواهِقِ حُفْرةً‬
‫تَضِيقُ ِبهِ بَعْدَ اتّسَاعِ فَضَائِهِ‬
‫يُقِيمُ ِبهَا طولَ الزمانِ وَماَلَهُ‬
‫أَنيسٌ سوى دُوْدٍ سَعَى فِي‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫فَوَاها لَهَا من غُربةٍ ُثمّ كُربَةٍ‬
‫وَمِن تُربَةٍ تَحٍوِي الفَتَى لِبَلئِهِ‬
‫وَمِن بَعدِ ذَا يَو ُم الْحِسَابِ‬
‫فيُجزَى ِبهِ النْسَانُ أَوْف جَزَائِهِ‬
‫ولَ تنْسَ ذَكْرَ الَوتِ فَالَوتُ‬
‫وَ َل ُبدّ يَوما لِلفَتَى مِنْ لِقَائِهِ‬
‫قَضَى الُ مَوْلنَا عَلَى الْخَلْقِ‬
‫وَ َل ُبدّ فِيهم من نُفُوذِ قَضَائِهِ‬
‫فَخُذْ أُهبةً لِلْمَوتِ مِن عَمَلِ‬
‫لِتَغنَمَ وَقْتَ العُمْرِ قَبْلَ‬
‫وَإيّاكَ وَالمَالَ فَالعُمْرُ يَنْقَضِي‬
‫وَأَسْبَابُهُا مَمْدُوْدَ ٌة مِن وَرَائِهِ‬
‫وَحَافِظْ عَلَى دُينِ الْهُدى فَلَعَلّهُ‬
‫يَكونُ خِتَامَ العُمْرِ عِ ْن َد انْتِهَائِهِ‬
‫فَدَوْنَك مِنّي فاسْتَمعها نَصِيْحَةً‬
‫تُضَارِعُ لَونَ التّبْرِِ حَالَ‬
‫وَصَلّي عَلَى طُوْلِ الزّمَانِ مُسَلّما‬
‫سَلما يَفُوقُ الْمِسْكَ عَرْفُ‬
‫عَلَى خَاتَمِ الرُسِلِ الكِرَامِ مُحَمّدٍ‬
‫وَأَصحابِهِ وَاللِ أَهل كِِسَائِهِ‬
‫وَأتبَاعِهم فِي الدّينِ مَا اهْتَزّ بالرّبَا‬
‫رِياضٌ سَقَاهَا طَلّهَا بِنَدائِهِ‬

‫‪363‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫الل هم اج عل قلوب نا ملؤة ب بك وأل سنتنا رط بة بذكرك ونفو سنا مُطيعةً‬
‫لمرك وارزقنكا الزهكد فك الدنيكا والقبال على الخرة واغفكر لنكا ولوالدينكا‬
‫ولم يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على مم ٍد وعلى آله‬
‫وسلم‪.‬‬
‫(موعظههة)‬
‫عباد ال إن لكلمة التوحيد فضائل عظيمة ل يكن استقصاؤها منها إنا‬
‫كل مة ال سلم وإن ا مفتاح دار ال سلم ف يا ذوي العقول ال صحاح و يا ذوي‬
‫الب صائر والفلح جددوا إيان كم ف ال ساء وال صباح بقول ل إله إل ال من‬
‫أعماق قلوبكم متأملي لعناها عاملي بقتضاها‪.‬‬
‫عباد ال ما قا مت ال سموات والرض ول صحت ال سنة والفرض ول‬
‫كيوف الهاد‪ ،‬ول‬‫كد يوم العرض إل بل إله إل ال ول جُردت سك‬ ‫نا ك أحك‬
‫أُرسلت الرسل إل العباد‪ ،‬إل ليعلموهم العمل بل إله إل ال‪.‬‬
‫تال إن ا كل مة ال ق‪ ،‬ودعوة ال ق وأن ا براءة من الشرك وناة هذا ال مر‬
‫ك ِم ْن َرسُو ٍل إِل‬ ‫ولجلها خلق ال اللق‪ ،‬كما قال تعال‪َ :‬ومَا َأ ْر َس ْلنَا ِم ْن َقْبِل َ‬
‫ح‬
‫نُوحِي ِإَلْي ِه َأّن ُه ل ِإَل َه إِل َأنَا فَا ْعُبدُو ِن ‪ ،‬وقال تعال‪ُ :‬يَن ّز ُل اْلمَلِئ َك َة بِالرّو ِ‬
‫ِم ْن َأ ْم ِر ِه َعلَى َم ْن َيشَا ُء ِم ْن ِعبَا ِد ِه َأ ْن َأْن ِذرُوا َأّن ُه ل ِإَل َه إِل َأنَا فَاّتقُو ِن ‪.‬‬
‫قال ابن عيينة رحه ال ما أنعم ال على عبدٍ من العباد نعمةً أفضل من‬
‫أن عرّفَ هُ ل إله إل ال‪ ،‬وإن ل إله إل ال لهل النة كالاء البارد لهل الدنيا‬
‫ولجلها أعدت دار الثواب‪ ،‬ودار العقاب ولجلها أمرت الرسل بالهاد‪.‬‬
‫فمن قالا عصم ماله ودمه‪ ،‬ومن أباها فماله ودمه حلل‪ ،‬وبا كلم ال‬
‫مو سى كفاحا و هي أح سن ال سنات ك ما ف ال سند عن شداد بن أوس‪،‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وعبادة بكن الصكامت رضكي ال عنهمكا أن النكب قال لصكحابه‪« :‬ارفعوا‬
‫أيديكم وقولوا ل إله إل ال»‪ ،‬فرفعنا أيدينا ساعة فوضع ر سول ال يده‬
‫وقال‪« :‬ال مد ل الل هم بعثت ن بذه الكل مة‪ ،‬وأمرت ن ب ا ووعدت ن ال نة‬
‫وإنك ل تُخلف اليعاد»‪.‬‬
‫ث قال أبشروا‪ ،‬فإن ال قد غفر لكم وهي أحسن السنات‪ ،‬وهي تحو‬
‫الذنوب والطايا‪.‬‬
‫و ف سُنن ا بن ما جه عن أم هان ء عن ال نب قال‪« :‬ل إله إل ال ل‬
‫تترك ذنبا ول يسبقها عمل»‪ ،‬ورؤي بعض السلف بعد موته ف النام‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫«ما أبقت ل إله إل ال شيئا وهي تُجدد ما درس من اليان ف القلب»‪.‬‬
‫و ف ال سند أن ال نب قال ل صحابه‪« :‬جددوا إيان كم» قالوا‪ :‬ك يف‬
‫نُجدد إياننا؟ قال‪« :‬قولوا ل إله إل ال‪ ،‬وهي الت ل يعدلا شيء ف الوزن‪،‬‬
‫فلو وُ ِزنَتْ بالسموات والرض لرجحت بن»‪.‬‬
‫كما ف السند عن عبد ال بن عمرو رضي ال عنهما عن النب ‪« :‬أن‬
‫نوحا عليه السلم قال لبنه عند موته آمرك بل إله إل ال فإن السموات‬
‫السهبع والرضيه السهبع لو وضعهن فه كفهة ووضعهت ل إله ال بكفهة‬
‫لرج حت ب ن ولو أن ال سموات ال سبع والرض ي كن ف حل قة مُبه مة‬
‫فَصَمَ ْت ُه ّن ل إله إل ال»‪.‬‬
‫وإنا ترجح بالسموات والرض كما ف حديث عبد ال بن عمرو رضي‬
‫ال عنهما أن موسى عليه السلم قال‪« :‬يا رب علمن شيئا أذكرك وأدعوك به‪،‬‬
‫قال‪ :‬يا موسى قل ل إله إل ال‪ .‬قال موسى‪ :‬يا رب كل عبادك يقولون هذا‬
‫قال‪ :‬يا موسى قل ل إله إل ال‪ .‬قال‪ :‬ل إله إل ال‪ ،‬إنا أريد شيئا تصن به‪،‬‬

‫‪365‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫قال‪ :‬يا موسى لو أن السموات السبع والرضي السبع وعامرهن غيي ف‬
‫كفة ول إله إل ال ف كفة مالت بن ل إله إل ال»‪.‬‬
‫وكذلك ترجكح فك صكحائف الذنوب‪ ،‬كمكا فك حديكث السكجلت‪،‬‬
‫والبطاقكة‪ ،‬وفك حديكث عبكد ال بكن عمرو فيمكا أخرجكه أحدك والنسكائي‬
‫والترمذي عن النب ‪.‬‬
‫و هي ال ت ترق الُجُب‪ ،‬ح ت ت صل إل ال عز و جل‪ ،‬وإن ا ل يس ل ا‬
‫دون ال حجاب‪ ،‬لا تقدم ولا ف الترمذي عن عبد ال بن عمرو وعن النب‬
‫قال‪« :‬ل إله إل ال ليس لا دون ال حجاب»‪.‬‬
‫وإنا تُفتح لا أبواب السماء كما ف حديث أب هريرة عن النب‬
‫أنه قال‪« :‬ما من عب ٍد قال ل إله إل ال مُخلصا إل فُتحت لا أبواب السماء‬
‫حت تُفضي إل العرش»‪.‬‬
‫ويُروى عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما مرفوعا ما من ش يء إل بي نه‬
‫وبي ال حجاب‪ ،‬إل قول ل إله إل ال كما أن شفتيك ل تجبها كذلك ل‬
‫يجبها شيء حت تنتهي إل ال عز وجل‪.‬‬
‫وورد عن ال نب ‪ « :‬من قال ل إله ال وحده ل شر يك له‪ ،‬له اللك‬
‫وله ال مد و هو على كل شي ٍء قد ير مل صا ب ا قل به يُ صدق ب ا ل سانه إل‬
‫ف تق ال له ال سماء فتقا ح ت ين ظر إل قائل ها من أ هل الرض‪ ،‬و حق لعبدٍ‬
‫نظر ال إليه أن يُعطيه سؤاله‪ ،‬وهي الكلمة الت يُصدق ال قائلها»‪.‬‬
‫كما ف حديث أب هريرة وأب سعيد رضي ال عنهما عن النب قال‪:‬‬
‫«إذا قال العبد ل إله إل ال وال أكب صدقه ربه‪ .‬وقال‪ :‬ل إله إل أنا‪ ،‬وأنا‬
‫أكهب‪ ،‬وإذا قال ل إله إل ال وحده ل شريهك له قال‪ :‬ال ل إله إل أنها‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫وحدي ل شريهك ل‪ ،‬وإذا قال ل إله إل ال وحده ل شريهك له‪ ،‬له الُلك‬
‫وله المهد‪ ،‬قال ال‪ :‬ل إله إل أنها ل اللك ول المهد‪ ،‬وإذا قال العبهد ل‬
‫إله إل ال ول حول ول قوة إل بال‪ ،‬قال ال‪ :‬ل إله إل أنها ول حول ول‬
‫قوة إل ب وكان يقول‪ :‬من قالا ف مرضه ث مات ل تطعمه النار»‪.‬‬
‫وهي أفضل ما قاله النبيون كما ورد ذلك ف دعاء عرفة وهي أفضل الذكر‬
‫كما ف حديث جابر الرفوع «أفضل الذكر ل إله إل ال وعن ابن عباس رضي‬
‫ل إل با»‪.‬‬
‫ال عنهما أحب كلمة إل ال ل إله إل ال‪ ،‬ل يقبل ال عم ً‬
‫وهكي أفضكل العمال‪ ،‬وأكثرهكا تضعيفا وتعدل عتكق الرقاب وتكون‬
‫حرزا من الشيطان‪ ،‬ك ما ف ال صحيحي عن أ ب هريرة عن ال نب قال‪:‬‬
‫« من قال ل إله إل ال وحده ل شر يك له‪ ،‬له اللك وله ال مد و هو على‬
‫كل شي ٍء قد ير ف يو ٍم مائة مرة‪ ،‬كا نت له عدل ع شر رقاب‪ ،‬وك تب له‬
‫مائة حسهنة‪ ،‬ومُحهي عنهه مائة سهيئة ول يأت أحدٌ بأفضهل ماه جاء بهه‪ ،‬إل‬
‫واحد عمل أكثر من ذلك»‪.‬‬
‫وورد أن من قال ا ع شر مرات كان ك من أع تق أرب عة أن فس من ولد‬
‫إساعيل‪ ،‬وف الترمذي عن عمر مرفوعا من قالا إذا دخل السوق وزاد فيها‬
‫يُحيي ويُميت وهو حيّ ل يوت بيده الي وهو على كل شيءٍ قدير كتب‬
‫ال له ألف ألف ح سنة وم ى ع نه ألف سيئة ور فع له ألف ألف در جة و ف‬
‫رواية يُبن له بيتا ف النة‪.‬‬
‫ومن فضائلها أنا أمان من وحشة القب وهول الحشر كما ف السند‬
‫وغيه عن النب ‪« :‬ليس على أهل ل إله إل ال وحشةٌ ف قبورهم ول ف‬
‫نشورهم‪ ،‬وكأن بأهل ل إله إل ال ينفضون التراب عن رءوسهم ويقولون‬

‫‪367‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫المد ال الذي أذهب عنا الزن»‪.‬‬
‫وف حدي ثٍ مُرسل‪ « :‬من قال ل إله إل ال اللك الق البي كل يوم‬
‫مائة مرة كا نت أما نا من الف قر‪ ،‬وأُن سا من وح شة ال قب‪ ،‬وا ستُجلب به‬
‫الغن‪ ،‬واستقرع به باب النة وهي شعار الؤمني إذا قاموا من قبورهم»‪.‬‬
‫ومن فضائلها أنا تفتح لقائلها أبواب النة الثمانية‪ ،‬يدخل من أيها شاء‬
‫وف الصحيحي عن عُبادة بن الصامت عن النب قال‪ « :‬من شهد أن ل‬
‫إله إل ال وحده ل شر يك له‪ ،‬وأن ممدا عبده ور سوله‪ ،‬وأن عي سى ع بد‬
‫ح منه‪ ،‬وأن النة حق‪ ،‬والنار حق‬ ‫ال ورسوله‪ ،‬وكلمته ألقاها إل مري ورو ٌ‬
‫وأن ال ساعة آت ية ل ر يب في ها‪ ،‬وأن ال يب عث من ف القبور‪ ،‬فت حت له‬
‫أبواب النة الثمانية يدخل من أيها شاء»‪.‬‬
‫وف حديث عبد الرحن بن سرة عن النب ف قصة منامه الطويل‪،‬‬
‫وف يه قال‪« :‬رأ يت رجلً من أُم ت انت هى إل أبواب ال نة فأُغل قت دو نه‪،‬‬
‫فجاءته شهادة أن ل إله إل ال ففتحت له البواب وأدخلته النة»‪.‬‬
‫ومن فضائلها أن أهلها وإن دخلوا النار بتقصيهم ف حقوقهم‪ ،‬فإنم ل بد‬
‫أن يرجوا منها‪ ،‬وف الصحيحي عن أنس عن النب ‪« :‬يقول ال‪ :‬وعزت‬
‫وجلل وكبيائي وعظمت لخرجن منها من قال ل إله إل ال» اهك‪.‬‬
‫الل هم علم نا ما ينفع نا وانفع نا ب ا علمت نا ول ت عل علم نا وبالً علي نا‪،‬‬
‫الل هم قوي معرفت نا بك وبأ سائك و صفاتك ونور ب صائرنا ومتع نا بأ ساعنا‬
‫وأبصارنا وقواتنا يا رب العالي واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي برحتك‬
‫يا أرحم الراحي وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫قال الشيخ سليمان بن سحمان رحه ال‪:‬‬
‫رَسَائِلُ إِخْوَانِ الصّفَا وَالتّوَدُدِ‬
‫ب سَلِيْمٍ مُوَحّدِ‬ ‫ِإلَى ُكلِّ ذِي قَلْ ٍ‬
‫وَمِن بَعْدِ حَمْدَ الِ والشّكر‬
‫صَلة وَتَسْلِيْما عَلَى خَيْرِ‬
‫وَآَلٍ وَصَحْبٍ وَالسّلمُ عَلَ ْي َكمُ‬
‫بِعَدّ وَمِيْضِ البَرْقِ أَهْلَ‬
‫وَبَعْدُ َفقَدْ طَمّ البَلءُ وَعَمّنَا‬
‫مَن الْجَهْلِ بِالدّيْنِ القَوِيْمِ‬
‫س نَشْكُوْ كَشْفَهُ‬
‫بِمَا لَيْ َ‬
‫لِغَيْرِ الله الوَاحِدِ الْمُتَفَرّدِ‬
‫وَلَمْ يَبْقَ إِ ّل النَزْرُ فِي ُكلِّ بَلْدَةٍ‬
‫يُعَادِيْهُمُ من أَهْلِهَا ُكلُّ مُعْتَدِ‬
‫فَهُبّوا عِبَادَ الِ من نَومةِ ال ّردَى‬
‫ِإلَى الفِقْهِ فِي أَصْلِ الْهُدَى‬
‫َوقَد ع ّن أَنْ نُهدي ِإلَى ُكلِّ صَاحِبٍ‬
‫نَضْيدا مِن الصْلِ الَصِيْلِ‬
‫فَدُوْنَكَ مَا نُهْدِي فَهَلْ َأنْتَ‬
‫لِذَلكَ أَمْ َقدْ غِِي قَلْبُكَ بالدّدِ‬
‫تَرُوْقُ لَكَ الدّنْيَا وَلَذّاتُ أَهْلِهَا‬
‫كَانَ لَمْ تَصِرْ يَوْما ِإلَى قَبْرِِ‬
‫فَإنّ رَمت أَنْ تَنْجُوْ مِن النّار‬
‫وتُحْظَى بِجَنّاتٍ وَخُلْدٍ مُؤبّدِ‬

‫‪369‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وَ َروْحٍٍ وَرَيْحَانٍ وَأَرْفَهِ حِِبْرَ ٍة‬
‫وَحُوْ ٍر حِِسَانٍ كَاليَوَاقِيْتِ ُخرّدِ‬
‫فَحَقّقْ لِتَوْحِيْدِ العِبَادَةِ‬
‫بَأَنْوَاعِهَا لِ قَصدا وَجَرّدِ‬
‫وَأَفْرِدْهُ بِالتّعْظِيمِ وَالْخَوْفِ‬
‫وَبالُبِ والرّغب إليه وَجَرّدِ‬
‫ح الّذِي َأنْتَ نَاسِكٌ‬ ‫وَبِالنّذْرِ وَالذّبْ ِ‬
‫وَلَ تَسْتَغِثْ إِ ّل بِرَبّكَ تَهْتَدِ‬
‫وَلَ تَسْتَعِي إِ ّل ِبهِ وَبْحَولِهه‬
‫لَهُ خَاشِيا بَل خَاشِعا فِي التّعَبْدِ‬
‫وَلَ تَسْتَعِذ ِإلّ بِِ ِه لَ بِغَيْره‬
‫وَكُنْ لئِذا بال فِي ُكلِّ مَقْصَدِ‬
‫إِليه مُنِيْبا تَائِبا مُتَوَكّلً‬
‫عَلَيْهِ وَثِقْ بِالِ ذِيِ العَرْشِ‬
‫وَل تَدْعُ ِإلّ الَ لَ َشيْء غَيْرَه‬
‫ع لِغَيْر الِ غَا ٍو وَمُعْتَدِ‬
‫فَدَا ٍ‬
‫وَفِي صَرْفِهَا أَو بَعْضِهَا الشّرْكُ‬
‫فَجَانِبْهُ وَاحْذَرْ أَنْ تَجِيء‬
‫وَهَذَا الّذِي فِ ْيهِ الْخُصُومَة َقدْ‬
‫ح وَالنّبِيّ مُحمّدِ‬ ‫عَلَى عَهْدِ نُو ٍ‬
‫وَوَحِدهُ فِي أَفْعَالِه جَلّ ذِكْرُهُ‬
‫مُقِرا بَأنّ الَ أَكْمَلُ سَيّدِ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫هُو الْخَالِقُ الْمُحْيِي الْمُمِيْتُ‬
‫هُوَ الْمَالِكُ الرّزاق فَاسأَلْهُ‬
‫ِإلَى غَيْر ذَا من ُكلِِّ أَفْعَالِهِ الّتِي‬
‫أَقَرّ وَلَمْ يَجْحَد ِبهَا ُكلِّ مُلْحِدِ‬
‫وَوَحّدْهُ فِِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِه‬
‫وَلَ تَتَاوَلْهَا كَرَأي الْمُفّندِ‬
‫فَلَيْسَ كَمْثْلِ الِ شَي ٌء وَ َل لَهُ‬
‫سَ ِميٌ وَقُلْ لَ كُفْوَ لِ تَهَْتدِ‬
‫وَذَا كُلُُّه مَعْنَى شَهَادَة أَنّهُ‬
‫إِله الوَرَى حَقا بِغَيْر تَرَدّدِ‬
‫ن َفِإنّها‬
‫فَحَقّق لَهَا لَفْظا وَمَعْ ً‬
‫لَنْعمَ الرّجَا يَو َم الِلقَا لِلمُوحّد‬
‫هِيَ العُروَةُ الوُثْقَى فَكُنْ‬
‫بِهَا مُستَقِيما فِي الطّرِيْق‬
‫فَكُنْ وَاحِدا فِِي وَاحِ ٍد وَلِوَاحِدٍ‬
‫تَعَالَى وَ َل تُشْرِكْ ِبهِ أَوْ تُندّدِ‬
‫وَمَنْ لَمْ يُقَيّدْهَا بِكُلّ‬
‫كَمَا قَالَه الَعْلَمُ مِنْ ُكلِّ مُهْتَد‬
‫فَلَيْسَ َعلَى نَهْجِ الشّرِيْعَة سَالِكا‬
‫وََلكِن عَلَى آَرَاءِ ُكلِِّ ملدّد‬
‫فَأَوّلُهَا اْلعِلْمُ الْمُنَافِي لِضِدّهِ‬
‫من الْجَهْل إِنْ الْجَهْلَ لَيْسَ‬

‫‪371‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫فَلَو كَانَ ذَا عِلمٍ كَثِيْ ٍر وَجَاهش ٌل‬
‫بِمَدْلُولِهَا يَوما فَبِالْجَهْلِ مُرْتَدِ‬
‫وَمِن شِرطِهَا وَهُوَ القَبُولُ‬
‫هُوَ الرّدُ فَافْهَمْ ذَلِكَ القَيْدَ‬
‫كَحَالِ قُرَيْشٍ حِ ْينَ لَمْ يَقْبَلُوا‬
‫وَرَدّوْهُ لَمّا أَنْ عَتَوا فِي التّمَرّدِ‬
‫َوقَدْ عَلِمُوا مِنهَا الْمُرَادَ وَأَنّهَا‬
‫تَدُلُ عَلَى تَوْحِيدِه والتّفَرّد‬
‫فقَالُوا كَمَا َقدْ قالَه ال عَنْهمُ‬
‫بِسُوْرَة (ص~) فَاعْلَمَن ذَاكَ‬
‫فَصَارَت ِبهِ أَمْوَالُهُم وَدِمَاؤُهُم‬
‫حَلَلً وَأَغْنَاما لِ ُكلِّ مُوَحّدِ‬
‫وَثَالثها الخْلَصُ فَأعلَم وَضِدّهُ‬
‫هُوَ الشّركُ بِالَعْبُودِ مِن ُكلِّ‬
‫كَمَا أَمَرَ الَ الكَرِيْمُ نَبِيّهُ‬
‫جدِ‬ ‫بِسُوْرَةِ تَنْزِيل الكِتَاب الُمَ ّ‬
‫ط الْمَحَبّة فَلتَكُنْ‬ ‫وَرَابِعَهَا شَرْ ُ‬
‫مُحبا لِمَا دَلّتْ عَلَ ْيهِ من الْ ُهدِ‬
‫ع العِبَادِةِ كُلِّهَا‬
‫وَإخْلص أَنْوَا ِ‬
‫كذا النّفْي للشرِكِ الْمُفنَ ِد وَالددِ‬
‫وَمَن كَا َن ذَا حُبٍ لِمَوْلَهُ إِنّمَا‬
‫يَتِم بِحُبْ الدّين دِيْنِ مُحَمّدِ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫فَعَا ِد الّذِي عَادَى لِدِينِ مُحمّ ٍد‬
‫وَوَا ِل الّذِّي وَاله مِنْ ُكلِِّ مُهْتَدِ‬
‫وَاحْبَب رَسُول الِِ أَكْمَ َل مَنْ‬
‫ِإلَى الِ والتّقْوَى وَأك َم َل مُرشِدِ‬
‫أَحَبّ مِن الولدِ والنّفْسِ بَل‬
‫جَمِيْعِ الوَرَى وَالْمَالِ مِنْ ُكلِّ‬
‫وَطَارِفِهِ وَالوَالِدَيْنَ كِلَيْهِمَا‬
‫بآبَائِنَا وَالمّهَات فَنَفْتَدِ‬
‫وَاَحْبِبْ لِحِبّ الِ مَن كَانَ‬
‫وَأَبْغِض لِبُغضِ الِ أَهلَ التّمَردِ‬
‫ب وَالبُغض وَالول‬ ‫وَمَا الدّي ُن إِ ّل الْحُ ّ‬
‫كَذاك الْبَرَا مِن ُكلِّ غَا ٍو وَمُعْتَدِ‬
‫وَخَامِسُهَا فَالنقِيَادُ وَضِدّهُ‬
‫هو التّرك لِلمْأْمُوْرِ أَوْ فِعْلُ‬
‫فَتَنقَادُ حَقا بِالْحُقُوْق جَمِيْعِهَا‬
‫وَتَعْمَلُ بِالْمَفْرُوضِ حَتْما‬
‫وَتَتْرُكُ مَا َقدْ حَرّمَ الُ طَائِعاً‬
‫ب تَرْشُدِ‬ ‫وَمُستَسْلِما لِ بِالقَل ِ‬
‫فَ َمنْ لَمْ يَكُن لِ بِالقَلبِ مُسْلِما‬
‫وَلَمْ يَك طَوْعا بِالْجَوارِح يَنْقَد‬
‫فَلَيْسَ َعلَى نَهْجِ الشّرِيْعَة سَالِكا‬
‫وَإِنْ خَالَ رُشدا مَا أَتَى مِن تَعّبدِ‬

‫‪373‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وَسَادِسَهَا وَهُوَ اليَقِيُ وَضِدّهُ‬
‫هُوَ الشّكُ فِي الدّين القَوِيْمِ‬
‫وَمَنْ شَكّ فَلْيَبْكي عَلَى رَفْضِ‬
‫وَيَعْلَمَ أنْ َقدْ جَاءَ يَوما بِمَوْئِدِ‬
‫وَيَعْلَمْ أَنّ الشّكَ يَنْفِي يَقِيْنَهَا‬
‫فَلَ بُدّ فِيِهَا بِاليَقِيْنَ الْمؤَكّد‬
‫بِهَا قَلْبُهُ مُسْتَيْقنا جَاءَ ذِكْرُهُ‬
‫عَن السّيْدِِ الْمَعْصُو ِم أَكْمَلَ‬
‫وَل تَنْفَع الْمَرء الشّهَادَةُ‬
‫ِإذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِينا ذَا تَجَرّدِ‬
‫وَسَابِعُهَا الصّدْقُ الْمُنَافِي‬
‫مَن الكَذبِ الدّاعي ِإلَى ُك ّل مُفسدِ‬
‫وعَارِفُ مَعنَاهَا ِإذَا كَانَ قَابِلً‬
‫لَهَا عَامِلً بِالْمُقْتَضَى فَهْوَ‬
‫وَطَابَقَ فِيْهَا قَلْبَه لِلِسَانِهِ‬
‫وَعَنْ وَاجِبَات الدِيْنِ لَمْ‬
‫وَمَنْ لَمْ تَقُمْ هَذِهِ الشّرُوْطُ‬
‫بِقَائِلِها يَوما فلَيْسَ عَلَى الْهُدِي‬
‫ِإذَا صَحّ َهذَا وَاسْتَقَرّ فَاِنّمَا‬
‫حَقِيْقَتُهُ السْل ُم فَاعْلَمْهُ َت ْرشُدِ‬
‫وَإن لَ ُه – فاحْذَرْ هُدِيْتَ –‬
‫فَ َمنْ جَاءَ مِنْهَا نَاقضا فَلْيُجَدّدِ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫َفقَد نَقَضَ السْلمَ وَارْتَدّ‬
‫وَزَاغَ عَن السّمْحَاء فَلْيَتَشَهّدِ‬
‫فَ َمنْ ذَاكَ شِرْكُ فِي العِبَادَةِ‬
‫وَذَبْحٌ لِغَيْرِ الوَاحِد الْمُتَفَرّدِ‬
‫كَمَنْ كَا َن يَغْدُو لِلْقِبَابِ‬
‫وَلِلجِنِ فَعْلَ الْمُشرِكِ الْمُتَمَرّدِ‬
‫وَجَاعِلِ بَيْنَ الَ –بَغْيا– وَبَيْنَهُ‬
‫س بِمُهْتَدِ‬‫وَسَائِطَ يَدْعُوهُم فلَيْ َ‬
‫وَيَطْلُبُ مِنْهُم بِالْخضُوع‬
‫ِإلَى الِ والزُلْفَى لَدَيْهِ وَيَجْتَدِ‬
‫وَثَالِثُهَا مَن لَمْ ُي َكفّ ْر لِكَافِرٍ‬
‫وَمَنْ كَا َن فِي تَكْفِيْرِه ذَا تَرَدّد‬
‫وَصَحّحَ عَمْدا مَذْهَبَ الكُفْرِ‬
‫وذَا كُلُّهُ كُفْرٌ بِإجْمَاعِ مَن هُدِي‬
‫وَرَابِعُهَا فَالعْتِقَادُ بِأنّمَا‬
‫سِوَى الْمُصْطَفَى الْهَادِي‬
‫لَحْسَن حُكْما فِي المُورِ‬
‫وَأَكْمَلُ من هَدْىِ النّبِيِّ مُحمّدِ‬
‫ب وَابن أَخْطَبَ‬ ‫كَحَالَةِ كَعْ ٍ‬
‫عَلَى هَدْيِهِم مِن ُكلّ غَاوٍ ومُعْتَدِ‬
‫ح مَنْ كَانَ‬ ‫وَخَامِسُهَا يَا صَا ِ‬
‫لِشَيْ ٍء أَتَى من هَدْي أَكْمَ ِل سَيّدِ‬

‫‪375‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫َفقَد صَارَ مُرتَدا وإنْ كَا َن عامِ ً‬
‫ل‬
‫ض َل ُه فَلْيُجَدّدِ‬
‫بِمَا هُوَ ذَا بُغْ ٍ‬
‫وَذَلِكَ بِالجْمَاعِ من ُكلِِّ مُهْتَدٍ‬
‫َوقَد جَاءَ نَصٌ ذِكْرُهُ فِي (مُحَ ّمدِ)‬
‫وَسَادِسُهَا من كَانَ بِالدِيْنِ هَازِئا‬
‫وَلَو بِعِقَابِ الوَاحِدِ الْمُتَفَرّدِ‬
‫وَحُس ُن ثَوَابِ الِ لِلعبد فَلَتَكُن‬
‫عَلَى حَذِ ٍر من ذَلك القِيْ ِل تَرْشُدِ‬
‫ص فِي (بَرَاءةَ) ذِِكْ ُرهُ‬
‫َوقَد جَاءَ ن ٌ‬
‫فَرَاجِعْهُ فِيْهَا عِ ْندَ ذَكْرِ التّهَدّدِ‬
‫وَسَابِعُهَا مَنْ كَا َن لِلَسحْرِ فَاعِلً‬
‫كَذَلك رَاضٍ فِعْلَهُ لَمْ يُفَنّدِ‬
‫ص مُصرّحٌ‬ ‫وَفِي سُوْرَة (الزّهرَاءِ) نَ ٌ‬
‫بِتَكْفِيهِ فاطْلُبْه مِن ذَاكَ تَهْتَدِ‬
‫ف والعَطفُ‬ ‫وَمِنه لَعَمْري الصّر ُ‬
‫أَخِيْ حُكْمَ َهذَا الْمُعْتَدِي‬
‫وَثَامِنُهَا وَهِيَ الْمُظَاهَرة الّتِي‬
‫يُعَا ُن ِبهَا الكفارُ من ُكلّ ِ مُلحِِدِ‬
‫عَلَى الْمُسْلِمِيَ الطّائعيِنَ لِرَبّهِم‬
‫عِياذا بِكَ اللّهثمّ مِن ُكلِّ مُفْسِدِ‬
‫وَمَن يَتَولّى كَافِرا فَهُو مِث ُلهُ‬
‫وَمَنْه بِل شَكٍ ِبهِ أَوْ تَرَدّد‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫كَمَا قَالَه الرّحْمن جَ ّل جَلُلهُ‬
‫وَجَاءَ عَن الْهَادِي النّبِيِّ مُحمّدِ‬
‫وَتَاسِعُهَا وَهُوَ اعْتِقَا ٌد مُضَ ّللٌ‬
‫وَصاحُبهُ ل شَكّ بالكُف ِر ُمرَْتدِ‬
‫س حَقا وَوَاجِبا‬ ‫كمُعتَقِدِ أَنْ لَيْ َ‬
‫ع الْمُصْطَفَى خَيْ ِر مُرْشِدِ‬ ‫عَلَيه اتّبا ُ‬
‫فَ َمنْ يَعْتَقد هَذَا الضّللً وَأَنّهُ‬
‫يَسَعْهُ خُرُوْجٌ عَن شَرِيْعَةِ أَحْمَدِ‬
‫كَمَا كَانَ هَذَا فِي شَرِيْعَةِ مَنْ خَلَ‬
‫ب مُوسَى حَيْثُ لَمْ‬ ‫كَصَاحِ ِ‬
‫ص فِي‬‫هُو الْخُض ُر الْمَقْصُو ُ‬
‫وَمُوسَى كَلِيمُِ الِِ فَافْهَمْ‬
‫وَهَذَا اعْتِقَادٌ لِلمَلحِدَ ِة الولَى‬
‫خ أَهْ ِل التّحَادِ الُفّندِ‬ ‫مَشَايِ ِ‬
‫كَنَحْوِ ابن سِيْنَا وَابن سبعيَ‬
‫يُسَمّى ابْنَ رُشْ ٍد وَالْحَفِي ِد الُلدّدِ‬
‫وَشَيْخٍ كَبِيْرِ فِي الضَللَة صَاحِبُ‬
‫هفُصُوصِ وَمَن ضَاهَا ُه ُم فِي‬
‫وَعَاشِرُهَا العْرَاضُ عَن دِيْنِ‬
‫س بِ ُمهَْتدِ‬
‫فَل يَتَعَل ْم ُه فَلَي َ‬
‫وَمَن لَمْ يَكُنْ يَوما مِن الدّ ْهرِ‬
‫بِه فَهُوَ فِي كُفْرَانِهِ ذُوْ تَعَمّدِ‬

‫‪377‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫وَلَ فَرْقَ فِي هَذِي النَواقِضِ‬
‫ت أَنْ تَنْجُوْ وَلِلْحَقّ‬ ‫ِإذَا ُرمْ َ‬
‫هُنَالِكَ بِيْنَ الْهَزْلِ وَالْجَدّ‬
‫وَل رَاهِب مِنْهُم لِخَوْفِ التّهَدُدِ‬
‫سِوُى الْمُكْرَهِ الْمَضْهُودِ أِنْ‬
‫هُنالِكَ بِالشّرْطِ الَطِيْدِ الْمُؤَكّدِ‬
‫وَحَاذِرْ‪ ،‬هَدَاكَ الُُ‪ ،‬مِنْ ُكلِِّ‬
‫سِوَاَها‪ ،‬وَجَانِِ ْبهَا جَمِيْعا لِتَهْتَدِ‬
‫وَكُنْ بَاذِلً لِلْجِدّ وَالْجُهْد‬
‫ي مُو ّحدِ‬ ‫وَسَلْ رَبّكَ التّثْبِيْتَ أَ ّ‬
‫وَإِيّاهُ فَارْغَبْ فِي الْهِدَايَةِ‬
‫لَعَلّكَ أَنْ تَنْجُوْ مِن النّارِ فِي غَدِ‬
‫وَصَلِ إِلَهِي مَا تَأَلّقَ بَارِقٌ‬
‫وَمَا وَخَدَتْ قُودٌ بِمَوْ ٍر مُعّبدِ‬
‫تَؤُ ّم ِإلَى البّيْتِ العّتِيْقِ َومَا سَرَى‬
‫نَسِيْ ُم الصّبَا أَوْ شَاقَ صَوْتُ‬
‫وَمَا لَحَ نَجْ ٌم فِي دُجى اللّيْلِِ‬
‫وَمَا انْهَلّ صَوْبُُ فِي َعوَا ٍل َووُ ّهدِ‬
‫عَلَى السّيْدِِ الْمَعْصُو ِم أَفْضَلَ‬
‫وَأَكْرَ َم خَلْقِ الِ طُرا وَأَجْ َودِ‬
‫ب وَمَن كَا َن تَابِعا‬ ‫وَآلٍ وَأَصْحَا ٍ‬
‫صَلةً دَوَاما فِي الرّواحِ وَفِي الغَدِ‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫(فصههل)‬
‫ف ذكر ناذج من صب النب على‬
‫الشدائد والذى ف الدعوة إل ال‬
‫و من تمله للشدائد والذى ف الدعوة إل ال ما ورد عن أ نس‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال ‪« :‬لقد أوذيت ف ال وما يُؤذى أحد‪ ،‬وأخفت ف ال‬
‫وما يُخاف أحد‪ ،‬ولقد أتت عليّ ثلثون من بي يو مٍ وليلةٍ‪ ،‬وما ل ولبللٍ‬
‫ما يأكله ذو كبد إل ما يُواري إبط بللٍ» خرجه أحد‪.‬‬
‫وعنكد البيهقكي أن أبكا طالب قال له ‪« :‬يها ابهن أخهي إن قومهك قهد‬
‫جاءون وقالوا كذا وكذا فابق عليّ وعلى نفسك‪ ،‬ول تُحمل ن من المر‬
‫ما ل أطيق أنا ول أنت‪ ،‬فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك‪ ،‬فظن‬
‫رسول ال أن قد بدا لعمه فيه‪ ،‬وأنه خاذله‪ ،‬ومُسلمُه‪ ،‬وضعف عن القيام‬
‫معه‪.‬‬
‫فقال ر سول ال ‪ :‬يا عم لو و ضع الش مس ف يي ن والق مر ف‬
‫يساري‪ ،‬ما تركت هذا المر حت يُظهره ال‪ ،‬أو أهلك ف طلبه‪ ،‬ث استعب‬
‫رسول ال فبكى‪ ،‬فلما ول قال له حي رأى ما بلغ المر برسول ال ‪:‬‬
‫يا ا بن أ خي‪ ،‬فأق بل عل يه فقال‪ :‬ا مض لمرك واف عل ما أحب بت فوال ل‬
‫أسلمك لشي ٍء أبدا»‪.‬‬
‫وأخرج البيه قي عن ع بد ال بن جع فر‪ ،‬قال ل ا مات أبو طالب عرض‬
‫لرسول ال سفيه من سفهاء قريش فألقى عليه ترابا‪ ،‬فرجع إل بيته فأتته‬
‫امرأة من بنا ته ت سح عن وج هه التراب وتب كي‪ ،‬فج عل يقول‪« :‬أي بُن ية ل‬
‫تبك ي فإن ال ما نع أباك‪ ،‬ويقول ما ب ي ذلك ما نالت قر يش شيئا أكر هه‬

‫‪379‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫حت مات أبو طالب ث شرعوا»‪.‬‬
‫وأخرج أبكو نعيكم فك الليكة عكن أبك هريرة قال‪ :‬لاك مات أبكو طالب‬
‫تهموا بالنكب ‪ ،‬فقال‪« :‬يها عهم مها أسهرع مها وجدت فقدك»‪ ،‬وأخرج‬
‫الطبان عن الارث بن الارث قلت لب‪ :‬ما هذه الماعة؟ قال‪ :‬هؤلء قوم‬
‫اجتمعوا على صابء ل م فنل نا فإذا ر سول ال يد عو الناس إل توح يد ال‬
‫عكز وجكل واليان بكه وهكم يردون عليكه ويؤذونكه حتك إذا انتصكف النهار‪،‬‬
‫ل فتناوله‬
‫وانصكدع الناس عنكه أقبلت امرأة قكد بدا نرهكا تمكل قدحا ومندي ً‬
‫من ها فشرب‪ ،‬وتو ضأ‪ ،‬ث ر فع رأ سه فقال‪ « :‬يا بُن ية خري عل يك نرك ول‬
‫تاف ي على أب يك» قلنا من هذه قالوا‪ :‬هذه زي نب بن ته رضي ال عنها‪ ،‬قال‬
‫اليثمي رجاله ثقات‪.‬‬
‫واخرج البخاري عن عروة بن الزبي عن عبد ال بن عمرو قال قلت‬
‫له ما أكثر ما رأيت قريشا أصابت من رسول ال فيما كانت تظهر من‬
‫عداوته قال‪« :‬حضرتُهم وقد اجتمع أشرافهم ف الجر»‪.‬‬
‫فقالوا‪ :‬ما رأينا مثل ما صبنا عليه من هذا الرجل قط‪ ،‬سفه أحلمنا‪،‬‬
‫وشتم آبائنا‪ ،‬وعاب ديننا‪ ،‬وفرق جاعاتنا‪ ،‬وسب آلتنا‪ ،‬لقد صبنا منه على‬
‫أمرٍ عظيم‪ ،‬أو كما قالوا‪.‬‬
‫قال فبين ما هم ف ذلك إذ طلع علي هم ر سول ال فأق بل ي شي ح ت‬
‫استقبل الركن ث مر بم طائفا بالبيت‪ ،‬فلما مر بم غمزوه‪ - :‬أي أشاروا إليه‬
‫– ببعض ما يقول قال‪ :‬فعرفت ذلك ف وجهه‪.‬‬
‫ث مضى فلما مر بم الثانية بثلها فعرفت ذلك ف وجهه ث مضى فلما‬
‫مر ب م الثال ثة فغمزوه بثل ها فقال‪« :‬أت سمعون يا مع شر قر يش‪ ،‬أ ما والذي‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫نفس مُحمدٍ بيده لقد جئتكم بالذبح» فأخذت القوم كلمته‪ ،‬حت ما منهم‬
‫ر جل إل كأن على رأ سه طائر وا قع ح ت إن أشد هم ف يه وضاءة ق بل ذلك‬
‫ليفؤه بأحسن ما يد من القول حت ليقول انصرف يا أبا القاسم‪ ،‬انصرف‬
‫راشدا فوال ما كنت جهولً‪.‬‬
‫فانصرف رسول ال حت إذا كان الغد اجتمعوا ف الجر وأنا معهم‬
‫فقال بعضهم لبعض ذكرت ما بلغ منكم وما بلغكم عنه حت إذا باداكم با‬
‫تكرهون تركتموه‪ ،‬فبينما هم ف ذلك إذ طلع عليهم رسول ال فوثبوا عليه‬
‫وثبكة رجلٍ واح ٍد فأطافوا بكه يقولون أنكت الذي تقول كذا وكذا لاك كان‬
‫يبلغهم من عيب آلتهم ودينهم‪.‬‬
‫قال فيقول رسكول ال ‪« :‬نعهم أنها الذي أقول ذلك»‪ ،‬قال‪ :‬فلقكد‬
‫ل منهم أخذ بجمع ردائه‪ ،‬وقام أبو بكر دونه يقول وهو يبكي‪:‬‬ ‫رأيت رج ً‬
‫ل أن يقول ر ب ال‪ ،‬ث ان صرفوا ع نه فإن ذلك ل شد ما رأ يت‬
‫أتقتلون رج ً‬
‫قريشا بلغت منه قط‪.‬‬
‫وأخرج أ بو يعلى عن أ نس بن مالك قال ل قد ضربوا ر سول ال‬
‫مرة حت غُشي عليه‪ ،‬فقام أبو بكر فجعل يُنادي ويلكم أتقتلون رجلً أن‬
‫يقول رب ال‪ ،‬فقالوا‪ :‬من هذا؟ فقالوا‪ :‬أبو بكر الجنون‪.‬‬
‫وفك الديكث الذي أخرجكه أبكو يعلى عكن أسكاء بنكت أبك بككر أن‬
‫الشركي لوا بأب بكر عن رسول ال وأقبلوا عليه قالت‪ :‬فرجع إلينا أبو‬
‫ب كر فج عل ل ي س شيئا من غدائره – أي جدائله إل جاء م عه‪ ،‬و هو يقول‬
‫تباركت يا ذا اللل والكرام‪.‬‬
‫وأخرج البزار ف مُ سنده عن م مد بن عق يل عن علي أ نه خطب هم‬

‫‪381‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫فقال‪ :‬يا أيها الناس من أشجع الناس‪ ،‬فقالوا أنت يا أمي الؤمني‪ ،‬فقال‪ :‬أما‬
‫أنا ما بارزن أحد إل انتصفت منه‪ ،‬ولكن هو أبو بكر إنا جعلنا لرسول‬
‫ال عريشا فقلنكا مكن يكون مكع رسكول ال لئل يهوي إليكه أحكد مكن‬
‫الشركيك فوال مكا دنكا منكا أحدٌ إل أبكو بككر شاهرا بالسكيف على رأس‬
‫رسول ال ل يهوِي إليه أحدٌ إل أهوى إليه فهذا أشجع الناس‪.‬‬
‫قال‪ :‬ول قد رأ يت ر سول ال وأخذ ته قر يش فهذا يُحاده وهذا يُتلتله‬
‫ويقولون أ نت جعلت الل ة إلا واحدا فوال ما د نا م نا أ حد إل أ بو ب كر‬
‫يضرب هذا ويُجا هد هذا ويُتل تل هذا‪ ،‬وهو يقول ويل كم أتقتلون رجلً يقول‬
‫رب ال‪.‬‬
‫ث رفع علي بُردة كانت عليه فبكى حت أخضل ليته‪ ،‬ث قال أنشدكم‬
‫ال أمؤمن آل فرعون خي أم هو‪ ،‬فسكت القوم‪ ،‬فقال علي ‪ ،‬فوال لساعة‬
‫من أ ب ب كر خيٌ من ملء الرض من مؤ من آل فرعون‪ ،‬ذاك ر جل يك تم‬
‫إيانه‪ ،‬وهذا رجل أعلن إيانه الديث‪.‬‬
‫اللهكم ي سر ل نا سبيل العمال الصكالات وهيكئ لنكا من أمرنكا رشدا‬
‫واج عل معون تك العظ مى ل نا سندا واحشر نا إذا توفيت نا مع عبادك ال صالي‬
‫ف عليهم ول هم يزنون‪ ،‬واغفر لنا ولوالدينا وجيع السلمي‬ ‫الذين ل خو ٌ‬
‫برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫(فصههل)‬
‫أخرج البخاري عكن عروة قال‪ :‬سكألت ابكن أبك العاص فقلت‪:‬‬
‫أخبن بأشد شيء صنعه الشركون برسول ال ‪ ،‬قال‪ :‬بينما النب يُصلي‬
‫ف حجر الكعبة إذ أقبل عليه عُقبة ابن أب مُعيط فوضع ثوبه على عُنقه فخنقه‬
‫خنقا شديدا‪.‬‬
‫فأقبل أبو بكر حت أخذ بنكبه‪ ،‬ودفعه عن النب ‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫َأَتقْتُلُونَ َرجُل أَ ْن َيقُولَ َرّبيَ ال ّلهُ َو َقدْ جَاءَ ُك ْم بِالْبَيّنَاتِ ِمنْ َرّبكُمْ الية‪.‬‬
‫وعند ابن أب شيبة عن عُروة بن العاص قال‪ :‬ما رأيت قريشا أرادوا‬
‫ق تل ال نب إل يوما ائتمروا به و هم جلوس ف ظل الكع بة ور سول ال‬
‫يُصلي عند القام‪ ،‬فقام إليه عُقبة بن أب مُعيط فجعل رداءه ف عنقه ث جذبه‬
‫حت وجب لركبتيه ساقطا‪ ،‬وتصايح الناس فظنوا أنه مقتول‪.‬‬
‫من ورائه وهو‬ ‫فأقبل أبو بكر يشتد حت أخذ بضبعي رسول ال‬
‫يقول‪َ :‬أَتقْتُلُونَ َرجُل أَ ْن َيقُولَ َرّبيَ ال ّلهُ الديث‪.‬‬
‫وأخرج البزار والطبان عن عبد ال بن مسعود قال بينما رسول ال‬
‫ف السجد وأبو جهل وشيبة وعُتبة أبناء ربيعة وعُقبة بن أب مُعيط وأمية‬
‫بن خلف ورجلن آخران كانوا سبعة‪ ،‬وهم ف الجر ورسول ال يُصلي‬
‫فلما سجد أطال السجود‪.‬‬
‫فقال أ بو ج هل‪ :‬أي كم يأ ت جزور ب ن فلن فيأتي نا بفرث ها فنكفئه على‬
‫ممد ‪ ،‬فانطلق أشقاهم عُقبة بن أب مُعيط فأتى به فألقاه على كتفيه وهو‬
‫ساجد قال ابن مسعود‪ :‬وأنا قائم ل أستطيع أن أتكلم‪ ،‬ليس عندي منع ٌة تنعن‪،‬‬
‫إذ سعت فاطمة بنت رسول ال فأقبلت حت ألقت ذلك عن عاتقه‪.‬‬

‫‪383‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫ث ا ستقبلت قريشا ت سبهم فلم يرجعوا إلي ها شيئا‪ ،‬ور فع ر سول ال‬
‫رأسه كما كان يرفع عند تام السجود‪ ،‬فلما قضى رسول ال صلته‪ ،‬قال‪:‬‬
‫«اللهم عليك بقريش ثلثا‪ ،‬عليك بعُتبة‪ ،‬وعُقبة‪ ،‬وأب جهل وشيبة»‪.‬‬
‫ث خرج من ال سجد فلق يه أ بو البختري ب سوط يتخ صر به‪ ،‬فل ما رأى‬
‫النب أنكر وجهه فقال‪ :‬ما لك‪ ،‬فقال النب ‪« :‬خل عن» قال‪ :‬علم ال ل‬
‫أخلي عنك‪ ،‬أو ت بن ما شأ نك‪ ،‬فلقد أصابك شيءٌ‪ ،‬فلما علم ال نب أنه‬
‫غي ح ٍل عنه أخبه‪.‬‬
‫فقال إن أبكا جهكل أمكر فطرح على الفرث‪ ،‬فقال أبكو البختكر هلم إل‬
‫السجد فأتى النب وأبو البختر فدخل السجد‪.‬‬
‫ث أقبل أبو البختري إل أب جهل فقال‪ :‬يا أبا الكم أنت الذي أمرت‬
‫بحمد فطُرح عليه الفرث‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فرفع السوط فضر به رأسه قال‪:‬‬
‫فثار الرجال بعضهم إل بعض‪ ،‬قال‪ :‬وصاح أبو جهل‪ :‬ويكم هي له إنا أراد‬
‫ممد أن يُلقي بيننا العداوة‪ ،‬وينجو هو وأصحابه الديث‪.‬‬
‫وأخرج الطبان عن يعقوب بن عُتبة بن الغية بن الخنس بن شريق‬
‫حليف بن زهرة مُرسلً‪ ،‬أن أبا جهل اعترض لرسول ال بالصفا فآذاه‪.‬‬
‫وكان حزة صاحب قنص‪ ،‬وصيد‪ ،‬وكان يومئذٍ ف قنصه‪ ،‬فلما رجع‬
‫قالت له امرأ ته وكا نت قد رأت ما صنع أ بو ج هل بر سول ال ‪ ،‬يا أ با‬
‫عمارة لو رأيت ما صنع تعن أبا جهل بابن أخيك‪ ،‬فغضب حزة ومضى‬
‫كما هو قبل أن يدخل بيته‪.‬‬
‫وهو مُعلق قوسه ف عنقه حت دخل السجد فوجد أبا جهل ف ملس‬
‫من مالس قر يش فلم يُكل مه ح ت عل رأ سه بقو سه‪ ،‬فش جه فقام رجال من‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫قريش إل حزة يسكونه عنه‪ ،‬فقال حزة دين دين مُحمد أشهد أنه رسول‬
‫ال‪ ،‬فوال ل أنثن عن ذلك‪ ،‬فامنعون من ذلك إن كنتم صادقي‪.‬‬
‫فلما أسلم حزة ‪ ،‬عز به رسول ال والسلمون‪ ،‬وثبت لم بعض‬
‫أمرهكم‪ ،‬وهابكت قريكش وعلموا أن حزة سكيمنعه‪ ،‬قال اليثمكي ورجاله‬
‫ثقات‪.‬‬
‫وأخرج أ بو نع يم ف دلئل النبوة عن عروة بن الزب ي ر ضي ال عنه ما‬
‫قال ومات أبكو طالب وازداد مكن البلء على رسكول ال بشدة‪ ،‬فعمكد إل‬
‫ثقيف يرجو أن يؤووه وينصروه‪ ،‬فوجد ثلثة نفر منهم‪ ،‬سادة ثقيف‪ ،‬وهم‬
‫أخوة ع بد يال يل بن عمرو‪ ،‬و حبيب ا بن ع مر‪ ،‬وم سعود بن عمرو‪ ،‬فعرض‬
‫عليهم نفسه‪ ،‬وشكا إليهم البلء‪ ،‬وما انتهك قومه منه‪.‬‬
‫فقال أحد هم‪ :‬أ نا أ سرق ثياب الكع بة إن كان ال بع ثك بشيءٍ قط‪،‬‬
‫وقال آ خر‪ :‬وال ل أكل مك ب عد مل سك هذا كل مة واحدة أبدا لن ك نت‬
‫ر سولً ل نت أع ظم شرفا وحقا من أن أكل مك‪ ،‬وقال ال خر‪ :‬أع جز ال أن‬
‫يُرسل غيك‪.‬‬
‫وأفشوا ذلك ف ثق يف الذي قال ل م واجتمعوا ي ستهزؤون بر سول ال‬
‫‪ ،‬وقعدوا له صكفي على طريقكه‪ ،‬فأخذوا بأيديهكم الجارة فجعكل ل يرفكع‬
‫رجله ول يضعهكا إل رضخوهكا بالجارة وهكم فك ذلك يسكتهزؤون‬
‫ويسخرون‪.‬‬
‫فل ما خلص من صفيهم وقدماه ت سيلن بالدماء‪ ،‬ع مد إل حائط من‬
‫كرومهم فأتى حبلة من الكرم فجلس ف أصلها مكروبا موجعا تسيل قدماه‬
‫الدماء فإذا ف الكرم عُت بة بن ربي عة وشي بة بن ربي عة فل ما أب صرها كره أن‬

‫‪385‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫يأتيهما لا علم من عداوتما ل ولرسوله وبه الذي به فأرسل إليه غلمهما‬
‫عداسا بعنب وهو نصران من أهل نينوى‪ ،‬فلما أتاه وضع العنب بي يديه‪.‬‬
‫فقال رسول ال ‪« :‬بسم ال» فعجب عداس‪ ،‬فقال له رسول ال ‪:‬‬
‫«من أي أرضٍ أنت يا عداس؟» قال‪ :‬أنا من أهل نينوى‪.‬‬
‫فقال النب ‪« :‬من أهل مدينة الرجل الصال يونس بن مت»‪ ،‬فقال له‬
‫عداس‪ :‬وما يدريك من يونس بن مت‪ ،‬فأخبه رسول ال من شأن يونس‬
‫ما عرف‪.‬‬
‫وال أعلم وصلى ال على مُحمدٍ وآله وسلم‪.‬‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬

‫الفهرس‬
‫صفحة‬ ‫الوضوع‬
‫‪3‬‬ ‫خطبة الكتاب‬
‫‪5‬‬ ‫الفصل الول ف شهر رمضان‬
‫‪13‬‬ ‫الفصل الول ف التوبة من العاصي‬
‫‪18‬‬ ‫الفصل الثان‬
‫‪22‬‬ ‫الفصل الثالث‬
‫‪26‬‬ ‫الفصل الرابع‬
‫‪30‬‬ ‫الفصل الامس‬
‫‪34‬‬ ‫الفصل السادس‬
‫‪37‬‬ ‫موعظة‬
‫‪40‬‬ ‫الفصل السابع‬
‫‪47‬‬ ‫موعظة خطبة عمر بن عبد العزيز‬
‫‪49‬‬ ‫الفصل الثامن‬
‫‪49‬‬ ‫الث على صيانة الوقت وصرفه فيما فيه النفع‬
‫‪53‬‬ ‫فصل – حكم صوم رمضان‬
‫‪59‬‬ ‫فصل – حكم صوم التطوع بنية من النهار‬
‫‪61‬‬ ‫فصل – فيمن يُباح له الفطر ومن يب عليه‬

‫‪387‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫‪62‬‬ ‫موعظة‬
‫‪64‬‬ ‫فصل – ذكر أشياء تُحرم على الصائم ويفطر با‬
‫‪67‬‬ ‫موعظة‬
‫‪70‬‬ ‫فصل – بعض فوائد الصيام‬
‫‪74‬‬ ‫فصل – ذكر أشياء تفى على بعض الناس‬
‫‪79‬‬ ‫فصل – ف بيان أنواع الكذب‬
‫‪81‬‬ ‫فصل – ف التحذير من الغيبة‬
‫‪86‬‬ ‫فصل – وأسباب الغيبة أحد عشر‬
‫‪89‬‬ ‫فصل – النظر إل الرأة الجنبية‬
‫‪93‬‬ ‫فصل – عن شيخ السلم رحه ال‬
‫‪95‬‬ ‫موعظة‬
‫‪98‬‬ ‫فصل – فيما يُستحب أن يقوله أو يفعله‬
‫‪105‬‬ ‫فصل – ف أحكام القضاء‬
‫‪106‬‬ ‫فائدة‬
‫‪107‬‬ ‫فصل – ماسن الصيام‬
‫‪109‬‬ ‫موعظة‬
‫‪111‬‬ ‫فصل – ف صلة التراويح‬
‫‪115‬‬ ‫فصل ‪ -‬صفة أو كيفية صلة التراويح‬
‫‪117‬‬ ‫فائدة – قال ابن القيم رحه ال‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫‪119‬‬ ‫فصل – ما يُستحب ف صلة التراويح‬
‫‪123‬‬ ‫فصل – ف صلة الوتر‬
‫‪127‬‬ ‫فصل – ما يُستحب أن يُقرأ ف الركعة الول‬
‫‪131‬‬ ‫كتاب الفضائل‬
‫‪134‬‬ ‫موعظة‬
‫‪137‬‬ ‫ليلة القدر فضائلها وعلمتها‬
‫‪142‬‬ ‫فصل – ف ذكر بعض الدعية الواردة‬
‫‪150‬‬ ‫موعظة‬
‫‪152‬‬ ‫فصل – ف زكاة الفطر‬
‫‪159‬‬ ‫فصل – عن عزم رحيل شهر رمضان‬
‫‪163‬‬ ‫فصل – ف تلوة القرآن الكري‬
‫‪167‬‬ ‫فصل – عن سجود سجدة القرآن‬
‫‪169‬‬ ‫فصل – ما ورد ف فضل القرآن وتفهمه‬
‫‪171‬‬ ‫موعظة‬
‫‪172‬‬ ‫فصل – ما ورد ف عظم فضل بعض السور‬
‫فصل – ينبغي الشوع والشية والبكاء عند تلوة كتاب ال‬
‫‪175‬‬
‫تعال‬
‫‪180‬‬ ‫فصل – ما ورد ف تعاهد القرآن الكري‬
‫‪187‬‬ ‫فصل‬

‫‪389‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫‪192‬‬ ‫فصل – لا أعرض الناس عن تكيم الكتاب‬
‫‪194‬‬ ‫فصل – ف رده على مكمي القواني‬
‫‪200‬‬ ‫فصل – ف فضائل ذكر ال‬
‫‪203‬‬ ‫فصل – الذاكرون ل كثيا والذاكرات‬
‫‪209‬‬ ‫فصل – من فوائد الذكر أيضا ما ذكره ابن القيم رحه ال‬
‫‪212‬‬ ‫فصل‬
‫‪221‬‬ ‫فصل – ف فضائل الستغفار‬
‫‪230‬‬ ‫فصل– ف أحكام العتكاف ف السجد‬
‫‪235‬‬ ‫فصل – ف بناء الساجد وآدابا‬
‫‪238‬‬ ‫فصل‪ -‬يسن أن يصان السجد‬
‫‪240‬‬ ‫فصل – ينبغي تنيب الساجد البيع والشراء‬
‫‪242‬‬ ‫فصل – حرمة البالغة ف زخرفة الساجد‬
‫‪244‬‬ ‫فصل – ف اليام الت يُسن أو يُكره صيامها‬
‫فصل – ف بيان اليام الت يكره أو يرم صيامها – النهي عن‬
‫‪248‬‬
‫التشبه بالغي‬
‫‪253‬‬ ‫فصل – ف الث على تقوى ال عز وجل‬
‫‪255‬‬ ‫وصف الؤمن التقي – المام علي رضي ال عنه‬
‫‪265‬‬ ‫‪ – 31‬كتاب الزكاة‬
‫‪270‬‬ ‫فصل – وأما زكاة الارج‬
‫الناهل السان ف دروس رمضان‬ ‫‪378‬‬
‫‪272‬‬ ‫موعظة‬
‫‪273‬‬ ‫‪ – 33‬فصل ف بيان مصارف الزكاة‬
‫‪276‬‬ ‫موعظة‬
‫‪280‬‬ ‫‪ – 34‬فصل فيما ورد من الوعيد الشديد على ترك الزكاة‬
‫‪283‬‬ ‫فصل – وعن جابر‬
‫‪287‬‬ ‫موعظة‬
‫‪291‬‬ ‫موعظة – قال ابن القيم رحه ال‬
‫‪298‬‬ ‫فصل – ف بعض آداب الزكاة‬
‫‪301‬‬ ‫موعظة‬
‫‪301‬‬ ‫التحذير من أخذ الصدقة لن ل تل له‬
‫‪305‬‬ ‫موعظة‬
‫‪308‬‬ ‫فصل – عن عون بن مالك الشجعي‬
‫‪310‬‬ ‫موعظة‬
‫‪314‬‬ ‫فصل – ف صدقة التطوع‬
‫‪321‬‬ ‫فصل – روى البخاري «أيكم ماله وارثه أحب إليه من ماله»‬
‫‪322‬‬ ‫‪ – 3‬بيان عظم ثواب الصدقة ف شهر رمضان وف الرمي‬
‫‪323‬‬ ‫‪ – 4‬فصل – الولوية ف الصدقة للقرباء والار وطلب اْلعِلْم‬
‫‪324‬‬ ‫موعظة‬
‫‪327‬‬ ‫فصل – ف ذكر طرف من الفوائد الترتبة على أداء الزكاة‬

‫‪391‬‬
‫‪377‬‬ ‫الناهل السان ف دروس رمضان‬
‫‪333‬‬ ‫موعظة‬
‫‪336‬‬ ‫موعظة ف التحذير عن النماك ف الدنيا ولذاتا وشهواتا‬
‫‪339‬‬ ‫فصل – القسم الثان من الناس جهال عمي البصائر‬
‫‪345‬‬ ‫فصل – عن عيسى ابن مري وحديثه حب الدنيا أصل كل خطيئة‬
‫‪350‬‬ ‫فصل‬
‫‪356‬‬ ‫فصل – الثال الثالث‬
‫‪359‬‬ ‫فصل – الثال الامس‬
‫‪364‬‬ ‫موعظة‬
‫‪369‬‬ ‫شعر للشيخ سليمان بن سحمان رحه ال‬
‫‪379‬‬ ‫ناذج من سية النب على الشدائد‬
‫‪387‬‬ ‫الفهرس‬

You might also like