Professional Documents
Culture Documents
َتأْلِيفُ
الفَقِي إل َع ْفوِ َربّهِ
خطبة الكتاب
3
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ب مُجيب ،على كل
ينفع به نفعا عاما من قرأه ،ومن سعه .إنه سيعٌ ،علي ٌم قري ٌ
شي ٍء قدير ،وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
عبد العزيز بن ممد السلمان
الناهل السان ف دروس رمضان 378
5
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وعكن عُبادة مرفوعا« :أتاكهم رمضان شههر بركهة ،يغشاكهم ال فيهه،
فيُنل الرحة ،ويط الطايا ،ويستجيب فيه الدعاء ،ينظر ال إل تنافسكم
ف يه ،ويُبا هي ب كم ملئك ته ،فأروا ال من أنف سكم خيا ،فإن الش قي من
حُرم فيه رحة ال».
و ف ال صحيحي ،عن أ ب هريرة ،عن ال نب قال« :إذا د خل ش هر
رمضان فُتحت أبواب السماء وغُلقت أبواب جهنم وسُلسلت الشياطي».
ولسلم« :فُتحت أبواب الرحة» وف الصحيحي عن النب قال« :إن
ف النة بابا يُقال له الريان يدخل منه الصائمون ل يدخل منه غيهم» وف
روا ية« :فإذا دخلوا أغلق الباب» و ف روا ية « من د خل م نه شرب و من
شرب ل يظمأ أبدا».
ولسكلم أيضا ،عكن أبك هريرة مرفوعا« :إذا جاء رمضان فُتحهت
أبواب النة ،وأغلقت أبواب النار ،وصُفدت الشياطي».
وعنه قال :قال رسول ال « :إذا كان أول ليلة من رمضان صُفدت
الشياطيه ومردة النه ،وغلقهت أبواب النيان ،فلم يُفتهح منهها باب،
وفُتحت أبواب النة فلم يُغلق منها باب ،وينادي مُنادٍ :يا باغي الي أقبل،
ويا باغي الشر أقصر ،ول عُتقاء من النار ،وذلك كل ليلة».
وعن أب هريرة قال :قال رسول ال « :الصلوات المس ،والمعة
إل المعة ،ورمضان إل رمضان مُكفراتٌ ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر».
وعنكه قال :قال رسكول ال « :ثلثهة ل تُرد دعوتمه :الصهائم حته
يُف طر ،والمام العادل ،ودعوى الظلوم يرفع ها ال فوق الغمام ،وتُف تح ل ا
أبواب ال سماء ،ويقول" :وعز ت وجلل لن صرنك ولو ب عد ح ي"» رواه
الناهل السان ف دروس رمضان 378
الترمذي وحسنه وابن حبان ف صحيحه.
وعن أب هريرة عن رسول ال قال«:أعطيت أمت خس خصال
ف رمضان ل تُعطها أمة قبلهم ،خلوف فم الصائم أطيب عند ال من ريح
ال سك ،وت ستغفر ل م اليتان ح ت يُفطروا ،ويز ين ال عز و جل كل يوم
جنته ،ث يقول :يُوشك عبادي الصالون أن يُلقوا عنهم الئونة ،ويُ صَّيرُوا
ِإلَيْكِ ،وتُصفد فيه مردة الشياطي فل يلصوا فيه إل ما كانوا يلصون إليه
ف غيه ،ويُغفر لم ف آخر ليلة» .قيل :يا رسول ال أهي ليلة القدر؟ .قال:
«ل ،ولكن العامل إنا يُوف أجره إذا قضى عمله».
وعن أب هريرة أن النب صعد النب ،فقال« :آمي ،آمي ،آمي»
قيل يا رسول ال :إنك صعدت النب فقلت :آمي ،آمي ،فقال« :جبيل عليه
السهلم ،آتانه فقال :مهن أدرك شههر رمضان فلم يُغفهر له ،فدخهل النار
فأبعده قل آمي ،فقلت آمي» الديث.
وعكن أبك هريرة عكن رسكول ال قال« :أظللكهم شهركهم هذا،
ي لم منه ،ول َمرّ بالنافقي
بحلوف رسول ال ما مر بالسلمي شهر خ ٌ
شهرٌ ش ٌر لم منه ،بحلوف رسول ال إن ال ليك تب أجره ونوافله قبل
أن يُدخله ،ويكتب إصره وشقاءه قبل أن يُدخله ،وذلك أن الؤمن يُعد فيه
القوت والنفقهة للعبادة ،ويع ّد فيهه النافهق اتباع غفلت الؤمنيه واتباع
عوراتم ،فغُنمٌ يغنمه الؤمن».
وقال بندار ف حدي ثه« :ف هو غُن مٌ للمؤمن ي يغتن مه الفا جر» رواه ا بن
خزية ف صحيحه وغيه.
و عن أ نس ،أن ال نب كان يد عو ببلوغ رمضان ،فكان إذا د خل
7
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ش هر ر جب قال« :الل هم بارك ل نا ف ر جب وشعبان وبلغ نا رمضان» رواه
الطبان وغيه.
وقال عبد العزيز بن مروان" :كان السلمون يقولون عند حضور شهر
رمضان الل هم قد أظل نا ش هر رمضان وح ضر ف سلمه ل نا و سلمنا له ،وارزق نا
صيامه وقيامه ،وارزقنا فيه الد والجتهاد والنشاط ،وأعذنا فيه من الفت".
وقال مُعلى بن الفضل :كانوا يدعون ال ستة أشهر أن يُبلغهم رمضان
ثك يدعونكه سكتة أشهكر أن يتقبله منهكم .وقال ييك بكن أبك كثيك كان مكن
دعائهم" :اللهم سلمن إل رمضان وسلم ل رمضان وتسلمه من مُتقبل".
قال الناظم:
عِبَادةِ سِرّ ضِدّ طَبْعٍ مُعَوّدِ وَخُذْ فِي بَيَانِ الصّوْم غَي
وَفَطْمٌ عَن الَحْبُوبِ وَصَبْرٌ لِفَقْدِ اللْفِ مِن
لَهُ الصّوم يُجزِيْ غَيْرَ فَثِْق فِيْهِ بِالوَعْدِ القَدِيِمِ مِن
لامس أَركَانٍِ لِدينِ مُحمّد وَحَافِظ عَلَى شَهر الصّيَام فإنه
وتُفتح َأْبوَاب النان ِلعُبّدِ تُغلق َأبْوَاب الحيم ِإذَا أتى
لهل الرّضا فِيه وَأه ِل التّعَبّدِ ت الّنعِيْم وَحُورِهَاتُزخرفُ جَنّا ُ
عَلَى أَلفِ شَه ٍر فُضّلت َوقَد خَصّه الُ العَظِيمُ بِلَيْلَةٍ
وَأَعظِمْ بَأَجْر الُخْلِص فَارغَم بِأَنفِ القَاطِعِ الشّهر
وَصُنْ صَوْمَهُ عَن ُك ّل ُم ْوهٍ فَقُمْ لَيْلَهُ وَاطْوِ نَهَارَكَ
اللهم أهل شهرنا علينا بالسلمة والسلم ،والمن واليان ،واغفر لنا
ف وكان ،وأعتِق نا ف يه من لفحات النيان وأع نا على ال ي يا كل قبيحٍ سل َ
كر ي يا منان ،واغ فر ل نا ولوالدي نا ،وج يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي،
الناهل السان ف دروس رمضان 378
برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
موعظههة
عباد ال أخرج البخاري ف صحيحه عن سهل بن سعد قال :قال
رسول ال « :من يضمن ل ما بي لييه وما بي رجليه أضمن له النة»،
عباد ال إن هذا الديث على إيازه ليحتوي على وصيةٍ ثينة من أبلغ الوصايا
وأقيم ها وأجل ها وأنفع ها ف قد اشت مل على ال مر ب فظ عُضو ين عليه ما مدارٌ
عظيم حقيقي بتعاهدها بالرعاية والستقامة والرقابة والصيانة أل وها اللسان
والفرج ،ول شك أنما إن أطلق سراحهما ف الشهوات واللذات وطرق الغي
والفساد كانا أصلً للبلء والفتنة والشر واللك.
وقال « :من و قي شر قبق به وذبذ به ولقل قه ف قد وج بت له ال نة»
الديث أخرجه منصور الديلمي من حديث أنس والقبقب البطن والذبذب
الفرج واللقلق اللسان.
عن أكثر ما يُدخل النار فهذه الشهوات با يهلك أكثر اللق و سُئل
فقال الجوفان الفم والفرج.
فالعاقل من يُبصر مواقع الكلم ويفظ لسانه من الفضول والذيان ول
يتعدى بفرجه زوجته وما ملكت يينه.
وقال « :من كان يؤمن بال واليوم الخر فليقل خيا أو ليصمت»
إذا فهمكت ذلك فاعلم أن زلت اللسكان عظيمكة فزلة مكن زلتكه قكد تؤدي
بالنسان إل اللك والعطب ومفارقة أهله وولده وأصدقائه وجيانه ،فليحذر
النسان ما يري به لسانه.
قال ل ي ستقيم إيان ع بد ح ت ي ستقيم قل به ،ول ي ستقيم قل به ح ت
9
377 الناهل السان ف دروس رمضان
يستقيم لسانه ،الديث.
وعن سعيد بن جبي مرفوعا إل رسول ال أنه قال« :إذا أصبح ابن
آدم أصبحت العضاء كلها تذكر اللسان أي تقول ،اتق ال فينا فإنك إن
استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا» وروي أن عمر بن الطاب
رأى أ با ب كر ال صديق و هو ي د ل سانه بيده فقال له :ما ت صنع يا خلي فة
ر سول ال ؟ قال :هذا أورد ن الوارد ،إن ر سول ال قال« :ل يس ش يء
من السد إل يشكو إل ال اللسان على حدته».
و عن ا بن م سعود أ نه كان على ال صفا يُل ب ويقول :يا ل سان قل خيا
تغنم واسكت عن ش ّر تسلم من قبل أن تندم ،فقيل :يا أبا عبد الرحن أهذا
شي ٌء تقوله أو شيكء سكعته ،فقال :ل بكل شيءٌ سكعت رسكول ال يقول:
«إن أكثر خطايا ابن آدم ف لسانه».
وقال ا بن ع مر :قال ر سول ال « :من كف لسانه ستر ال عور ته،
ومن ملك غضبه وقاه ال عذابه ،ومن اعتذر إل ال قبل ال عذره».
ي فإنهك بذلك تغلب الشيطان». وقال « :إخزن لسهانك إل مهن خ ٍ
وقال « :إذا رأيتم الؤمن صموتا وقورا فادنوا منه فإنه يُلقن الكمة».
وأخرجه ابن ماجه من حديث خلد بلفظ «إذا رأيتم الرجل قد أُعطي
زهدا ف الدنيا ،وقلة منطق فاقتربوا منه فإنه يُلقّى الكمة».
ول تسب حفظ اللسان قاصرا على الصمت ف موضعه أو الكلم بل
يتعدى إل حفظكه مكن طعام مشبوه أو حرام وإن مكن العلوم أن اللسكان هكو
الوسيلة لضغ ما يأكله الرء وقذفه ف العدة بيت الطعام ومستقره وليصنه من
الزلل والرام فهو خي له ف عاقبة أمره.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وأ ما ح فظ الفرج فبترك التعدي على أعراض الناس وحرمات م ووض عه
ف اللل ف الطرق الشروعة وكفه عن الزنا والرام ،والزنا آفة وبيلة على
الجتمع النسان وقد بينا مضاره ف الزء الثان وال أعلم.
وَحَادِي الَوت بِالرَوَاحِ ِإلَى كَمْ ذَا التّرَاخِيِ
وََلكِنّا أَشَدّ مِن الَمَادِ فَلَوْ كَنّا جَمَادا لتّعَظْنَا
وَمَا نُصْغِي ِإلَى قَولِ الُنَادِي تُنَادِينا الَنِيّةُ ُكلَّ وَقْتٍ
ب ِإلَى ازدِيَادِ
وََلكِن الذّنُو َ وَأَنْفَاسِ النّفُوسِ ِإلَى
فَلَيْسَ دَوَاؤُهُ غَيْر الَصَادِ ِإذَا مَا الزّرعُ قَارَنَه اصفِرار
وَبِالُخْرَى مُنَاديها يُنَادِي كَأَنّكَ بِالِشِيْبِ َوقَد
سَلمِكُم ِإلَى يَوْمِ التّنَادِ وقَالوا :قَدْ قَضَىَ فاقْرَوا
آخر:
وَوَفّ سَبِيلَ الدّينِ بالعُرْوَةِ تَجَافَ عَن ال ّدنْيَا وَهَوّن
فَل ذِمّةً أَقْوَى هُديِتَ مِن وَسَارِع بِتَقوى الِ سِرا
يَمُنّ بِها فالشّكر مُسْتَجلبُ وَل تَنْسَ شُكْرَ الِ فِي ُكلِّ
فَإنّ طَرِيقَ الَقّ أُبلجُ لَ فَدَع عَ ْنكَ مَا لَ حَظّ فِ ْيهِ
وَعُم ٍر قَصِيٍ لَ يَدُومُ وَلَ يبقى وشُح بِأَيّامٍ بَقِيَ قَلئِل
فَجدّتُه تَبْلَى ومُدّتُه تَفْنَى أَلَم تَرَ أَنّ العُمْرَ يَمْضي
وَنَنْشُرُ أَعْمَا ًل وَأَعْمارُنَا نَخُوضُ وَنَلْهُو غَفْلَةً
وَتَنْتَابُنَا فِ ْي ِه النّوَائِبُ بِالبَلوَى تَواصِلُنا فِ ْيهِ الَحوَادِثُ
لَدَيها وَتَأْبَى أَنْ تُفَارِقَ مَا لقَّعَجِبْتُ لِنَفْسٍٍ تُبصر ا َ
ت أَنْ َسوَف تُجزَى بِمَا َوقَد عَ ِلمْ َ وَتَسْعَى لِمَا فِ ْيهِ عَ َل ْيهَا مَضَرّةٌ
ف وَأَنْ ورَبّي أَهْلِ أَنْ يُخَا َ ذُنُوبِي أَخْشَاهَا وَلَسْتُ
11
377 الناهل السان ف دروس رمضان
َفإِنّي ل َأدْرِي أَأْكْرَمُ أَمْ أُخْزَى وَإِنْ كَانَ رَبّي غَافِرا ذَنْبَ
عباد ال إذا حضرتك إل الصكلة فأحضروا قلوبككم مكع البدان وقوموا
ب ي يدي ال عز و جل بضوع وخشوع وهيبةٍ ووقار وا ستكانة وتعظ يم أل
فراقبوا ال واعرفوا قدر مكن قمتكم له فعظموه وهابوه فقكد روى بعكض أهكل
العلم ف قول ال عز وجلَ :وقُومُوا لِلّهِ قَانِتِيَ قال :القنوت :الشوع ف
الركوع والسجود وغض البصر وخفض الناح من رهبة ال عز وجل.
وكان العلماء إذا قام أحد هم لل صلة هاب أن يتل فت أو يع بث بش يء
من شئون الدنيا إل ناسيا لنه ليس للعبد من صلته إل ما عقل منها فعليه أن
يتدبر ويتف هم ما يتكلم به من قراءة وت سبيح وت كبي وتل يل والق صود من
الركوع وال سجود وي ستحضر القيام ب ي يدي ال عز و جل وأ نه إن ل ي كن
يرى ال فإن ال يراه وكان ب عض التابع ي إذا قام إل ال صلة تغ ي لو نه وكان
يقول أتدرون بي يدي من أقف ومن أُناجي من منا ف قلبه مثل هذا الجلل
والي بة والتعظ يم لبد يع ال سموات والرض ول قد بلغ نا أن من تعظيم هم ل
ولمره أن أحدهكم كان إذا فاتتكه تككبية الحرام عزوه بصكيبته -رحةك ال
عليهم.
الل هم ث بت مب تك ف قلوب نا وقوّ ها ووفق نا لشكرك وذكرك وارزق نا
التأ هب وال ستعداد للقائك واج عل ختام صحائفنا كل مة التوح يد واغ فر ل نا
ولوالدي نا ولم يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على م مد
وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
الفصل الول
ف التوبة من العاصي
اعلم وفقنكا ال وإياك وجيكع السكلمي ،أن الذنوب حجاب عكن ال،
والن صراف عن كل ما يُب عد عن ال وا جب ،وإن ا ي تم ذلك بالعلم والندم
والعزم ،فإنكه متك ل يعلم أن الذنوب أسكباب البُعكد عكن ال ل يندم على
الذنوب ول يتوجكع بسكبب سكلوكه طريكق البعكد ،وإذا ل يتوجكع ل يرجكع،
والتو بة :الرجوع عن الع صية إل الطا عة و هي واج بة من كل ذ نب ،فإن
كا نت الع صية ب ي الع بد وب ي ر به تعال ل تتعلق ب ق آد مي ،فل ها ثل ثة
شروط:
الول :القلع عن العصية الت هو متلبس با ،وعلمته مفارقة الذنب
فورا.
الثا ن :الندم على فعل ها ،وعلم ته طول الزن على ما فات وورد عن
ابن مسعود ،أن رسول ال قال« :الندم توبة».
الثالث :العزم أن ل يعود إل معصكيةٍ أبدا ،وعلمتكه التدارك لاك فات
وإصلح ما يأت ،فإن كان الاضي تفريطا ف عبادة قضاها ،أو مظلمة أداها،
أو خطيئة ل توجب غرامة حزن إذ تعاطاها.
فإن فُقد أحد الشروط الثلثة ل تصح توبته .وإن كانت العصية تتعلق
بآدمي ،فشروطها أربعة ،الثلثة الشروط الذكورة.
والرابع :أن يبأ من حق صاحبها ،فإن كانت مالً أو نوه رده إليه ،إن
كان موجودا أو رد بدله ع ند تل فه من قيم ٍة أو مثلٍ ،وإن كا نت حد قذف
ونوه مكنه منه أو طلب عفوه ،وإن كانت غيبة استحله منها إن كان عاقلً
13
377 الناهل السان ف دروس رمضان
حليما ،يغلب على الظكن أنكه إذا جاءه أخوه السكلم نادما تائبا عفكا عنكه
وسامه ،وإل فليستغفر له؛ لا ورد عن أنس قال :قال رسول ال « :إن من
كفارة الغيبة أن تستغفر لن اغتبته تقول :ال اغفر لنا وله».
وروى البخاري فك صكحيحه عكن أبك هريرة عكن النكب قال« :مهن
كانت عنده مظلمة لخيه من عرض أو مال فليتحلله منه اليوم قبل أن ل
يكون در هم ول دينار ،إن كان له ع مل صال أُ خذ بقدر مظلم ته ،وإن ل
يكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحُمل عليه».
وقد أمر ال سبحانه وتعال بالتوبة ،وبي ما للتائبي من الكرامة والجر،
فقال :يَا َأيّهَا اّلذِي َن َآ َمنُوا تُوبُوا ِإلَى الّل ِه َت ْوَب ًة َن صُوحًا َع سَى َرّب ُك ْم َأ ْن ُي َك ّف َر
حِتهَا الْنهَا ُر .جرِي ِم ْن َت ْ ت َت ْ
َعْن ُك ْم َسّيئَاِت ُك ْم َوُي ْد ِخَل ُك ْم َجنّا ٍ
قال ابن القيم -رحه ال :-والنصح ف التوبة يتضمن ثلثة أشياء:
الول :تعميكم جيكع الذنوب واسكتغراقها باك بيكث ل تدع ذنبا إل
تناولته.
والثانه :إجاع العزم والصكدق بكليتكه عليهكا بيكث ل يبقكى تردد ول
تلوم ول انتظار بل يمع كل إرادته وعزيته مبادرا با.
الثالث :تلي صها من الشوائب والعلل القاد حة ف إخل صها ووقوع ها
لحض الوف من خشية ال ،والرغبة فيما لديه ،والرهبة ما عنده ،ل كمن
يتوب لفظ جاهه وحرمته ومنصبه ورياسته ،أو لفظ حاله ،أو لفظ قوته
لربك مكن ذمهكم ،أو لئل يتسكلط عليكه
ٍ وماله ،أو اسكتدعاء حدك الناس ،أو
السفهاء ،أو لقضاء نمته من الدنيا ،أو لفلسه وعجزه ونو ذلك من العلل
الت تقدح ف صحتها وخلوصها ل عز وجل أ.هك.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وأ خب أ نه غفار لذنوب التائب ي ،فقال عز شأ نه :وَاّلذِي َن ِإذَا َفعَلُوا
ه َي ْغ ِفرُ
ِمه َومَن ْ
هتَ ْغ َفرُوا لِ ُذنُوِبه ْ
ّهه فَاس ْ
ُسههُ ْم ذَ َكرُوا الل َ
ش ًة أَوْ َظلَمُوا َأْنف َ فَاحِ َ
ك َجزَاؤُهُ مْ صرّوا عَلَى مَا َفعَلُوا وَهُ مْ َيعْلَمُو نَ * أُولَئِ َب إِل اللّ هُ َولَ مْ يُ ِ
الذّنُو َ
جرِي مِ نْ تَحْتِهَا النْهَا ُر خَاِلدِي َن فِيهَا َونِعْ َم أَ ْجرُ َم ْغفِ َر ٌة مِ نْ َرّبهِ ْم وَجَنّا تٌ تَ ْ
اْلعَامِلِيَ .
وقال تعالَ :وتُوبُوا ِإلَى الّل ِه َجمِيعًا َأيّهَا اْل ُم ْؤ ِمنُو َن َل َعّل ُك ْم ُت ْفِلحُو َن ،
ب التّوّابِيَ . ح ّ وأخب سبحانه أنه يب التوابي ،فقال تعال :إِ ّن ال ّلهَ يُ ِ
وقال ال نب « :يا أي ها الناس توبوا إل ال وا ستغفروه فإ ن أتوب ف
اليوم مائة مرة» رواه مسلم.
وقال « :وال إن لستغفر ال وأتوب إليه ف اليوم أكثر من سبعي
مرة» رواه البخاري.
وقال « :ل أشد فرحا بتوبة عبده حي يتوب إليه من أحدكم كان
ض فلة فانفل تت م نه وعلي ها طعا مه وشرا به فآ يس من ها،
على راحل ته بأر ٍ
فأتى شجرة فاضطجع ف ظلها وقد آيس من راحلته فبينما هو كذلك إذ
هو با قائمة عند فأخذ بطامها ،ث قال من شدة الفرح :اللهم أنت عبدي
وأنا ربك ،أخطأ من شدة الفرح» الديث رواه مسلم.
وقال « :إن ال تعال يبسهط يده بالليهل؛ ليتوب مسهيئُ النهار؛
ويب سط يده بالنهار؛ ليتوب مُ س ُئ الل يل ح ت تطلع الش مس من مغرب ا»
رواه مسلم.
والحاديث ف هذا كثية ،والجاع مُنعقد على وجوب التوبة لمر ال
ورسكوله باك؛ ولن الذنوب مُهلكات مُبعدات عكن ال؛ فيجكب الرب منهكا
15
377 الناهل السان ف دروس رمضان
على الفور ،وليحذر النسكان ككل الذر مكن الذنوب الكبائر والصكغائر،
ووجوب التوبة من الكبائر أهم وآكد ،والصرار على الصغية أيضا كبية،
فل صغية مع الصرار ول كبية مع التوبة والستغفار.
وتواتر الصغائر عظيم التأثي ف تسويد القلب وهو كتواتر قطرات الاء
على الجر ،فإنه يُحدث فيه حفرة ل مالة مع لي الاء وصلبة الجر .فعلى
العا قل أن ي سترصد قل به با ستمرار ويُرا قب حركا ته ويُ سجل ت صرفاته ول
يتساهل ول يقول إنا من التوافه الصغار وصدق رسول ال حيث يقول:
«إياكم ومُحقرات الذنوب فإنن يتمعن على الرجل يُهلكنه».
وإل هذا العن أشار الشاعر:
تَمُوْتُ الفَاعِي مِن سُمُومِ َولَ تَحْتَقِر كَيْدَ الضّعِيفِ
وَخرّبَ حَفْرُ الفَأ ِر سَدّ َوقَد هَدّ ِقدَما عَرْشَ بَلْقِيْسَ
وقال الخر:
إِنّ البَعُوضَة تُدمي مُقلة السَد لَ تَحْقِرَنّ صَغيا فِي
آخر:
فالقَطْرُ مِنْهُ تَتَدَفّقُ ل تَحْقَرَنّ مِن الذّنُوب
آخر:
وَكَبْيهَا ذَاك التُقى خَلِ الذّنُوب صَغِيَهَا
ضِِ الشَوكِِ يَحْذَ ُر مَا يَرى وَاصنَع كَمَاشٍ فَوقَ أر
إِنّ الّبَالَ مِن الَصَى ح ِقرَنّ صَغِيةً
لَ تَ ْ
وكما أن خي العمال الصالة أدومها إن قل ،وأيضا الكبائر قلما تقع
من غي سوابق ومقدما تٍ من الصغائر ،فمثل الزنا -العياذ بال – قلما يقع
الناهل السان ف دروس رمضان 378
فجأة بل تتقدم عليه مُراودة أو قبلةٌ أو لس.
الل هم ارزق نا العاف ية ف أبدان نا ،والع صمة ف دين نا ،وأح سن مُنقلب نا،
ووفقنا للعمل بطاعتك أبدا ما أبقيتنا ،واجع لنا ب ي خيي الدنيا والخرة،
واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم
الراحي ،وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصبحه أجعي.
17
377 الناهل السان ف دروس رمضان
الفصل الثان
قال ابكن القيكم -رحهك ال :-وللمعاصكي مكن الثار الُضرة بالقلب
والبدن ف الدنيا والخرة ما ل يعلمه إل ال ،فمنها أنا مدد من النسان يد
به عدوه عل يه ،وج يش يقو يه به على حر به ،و من عقوبات ا أن ا تون الع بد
أحوج ما يكون إل نف سه ،ومن ها أن ا تر يء الع بد على ما ل ي كن يتر يء
عل يه .ومن ها الط بع على القلب إذا تكاثرت ح ت ي صي صاحب الذ نب من
الغافلي ،كما قال بعض السلف ف قوله تعال :كَل َبلْ رَا نَ عَلَى قُلُوِبهِ مْ
هُونَ [الطففيك .]12 :هكو الذنكب بعكد الذنكب وقال :هكو مَا كَانُوا َيكْسِب
الذنب على الذنب حت يعمى القلب ،وأصل هذا أن القلب يصدأ من العصية
فإذا زادت غلب الصدأ حت يصي رانا ث يغلب حت يصي طبعا وقفلً وختما
فيصي القلب ف غشاوة وغلف.
ومنها إفساد العقل فإن العقل نور والعصية تُطفيء نور العقل.
ومنها أن العبد ل يزال يرتكب الذنوب حت تون عليه وتصغر ف قلبه.
ومنها أن ينسلخ من القلب استقباحها فتصي له عادة.
ومنها أن العاصي تزرع أمثالا ويولد بعضها بعضا.
ومنها ظلمة يدها ف قلبه يس با كما يس بظلمة الليل.
ومنها أن العاصي توهن القلب والبدن أما وهنها للقلب :فأمر ظاهر بل
ل تزال توهنه حت تزيل حياته بالكلية ،وأما وهنها للبدن :فإن الؤمن قوته ف
قلبه وكلما قوي قلبه قوي بدنه.
ومنها أن العاصي تحق العمر إذ أن العاصي كلها شرور.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ومنها شاتة العداء فإن العاصي كلها أضرار ف الدين والدنيا وهذا ما
يفرح العدو ويُسيء الصديق.
ومنهكا تعسكي أموره فل يتوجكه لمكر إل يده مغلقا دونكه أو متعسكرا
عليه.
ومنها الوحشة الت تصل بينه وبي الناس ول سيما أهل الي.
ومنها حرمان دعوة الرسول ودعوة اللئكة للذين تابوا.
ومنها أن الذنوب تدخل العبد تت لعنة رسول ال .
ومن ها أن ا تدث ف الرض أنواعا من الف ساد ف الياه والواء والزرع
والثمار والساكن.
ومنها أنا تُطفيء من القلب نار الغية.
ومنها ذهاب الياء الذي هو مادة حياة القلب.
ومنها أنا تضعف ف القلب تعظيم الرب وتُضعف وقاره ف قلب العبد.
ومنها أنا تستدعي نسيان ال لعبده وتركه.
ومنها أنا ترج العبد من دائرة الحسان وتنعه ثواب الحسني.
ومنها أنا تُضعف سي القلب إل ال والدار الخرة.
ومنها أنا تصرف القلب عن صحته واستقامته.
ومنها أنا تعمي بصية القلب وتطمس نوره وتسد طرق العلم.
ومنها أنا تصغر النفس وتقرها وتقمعها.
ومنها أن العاصي ف أسر شيطانه وسجن شهواته.
ومنها سقوط الاه والنلة والكرامة عند ال وعند خلقه.
19
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ومنها أنا توجب القطيعة بي العبد وبي ربه.
ومنها أنا تسلب صاحبها أساء الدح والشرف.
ومنها أنا تعل صاحبها من السفلة .انتهى.
شعرا:
هو ال ل تفى َعلَ ْيهِ السّرَائِر َألَ أَّيهَا الُستطرف الذنب جاهدا
فإن الذي ل يعرف ال كافرُ فإن كُنْت ل تعرفه حِ ْينَ عصيته
عَصَيْتَ فَأَنْتَ الُسْتَهِيُ وَإِنْ ُكنْت عَن عِلْمٍ وَمَعرفةٍ
عَلي ٌم بِِمَا تُطْوَى عَلَ ْيهِ فأَيّةَ حَالَيْكَ اعْتَقَدْتَ
وآخر:
وَتَلْحَظُنْي مُلحَظَةَ الرّقِيب تُغَازِلُنِي الَنِيّةُ مِن قَريِب
بِخَط الدّهْر أَسْطُرُه مَشِيِبِي وَتَنْشُرُ لِي كِِتَابا فِ ْيهِ طَيّي
ب مُنِيب يَلُوْحُ لِ ُكلّ أَوا ٍ كِِتَاب فِي مَعَانيهِ غُموضٌ
وَقِدْمًا كُنْتُ رَيّانَ القَضِيب أَرَى العَصَار تَعْصُر مَاءَ
فَعُوّضْتُ البَغيضَ من أَدَالَ الشّيبَ يَا صَاح
وَمِنْ حُسنِ النّضَارِة وُبّدْلُت التّثَاقل من نَشَاطِي
ِإذَا جَنْحَت وَمَالَتْ كَذَاك الشّمسُ يَعْلُوهَا
وَلَ تُلقى بِآسَادِِ الُرُوبِ تَحَارَبْنَا جُنو ٌد ل تُجاري
فَتَنلُ بِالُطَببِ والطّبِيب هِي القَدَارُ وَالَجَالُ تَأتِي
وَمَا أَغْرَاضُها غَيْرُ القُلوب تُفوق أسهُما عَن قَوسِ غَيْبٍ
مُؤَيّدَةٍٍ تُمَدّ مِن الغُيوب فأَنّى بِاحتراسٍ مِن جِنود
عَلَى مَا َقدْ رَكِبْتُ مِن ال ّذنُوبِ وَمَا آسىَ عَلَى الدّنْيَا َولَكِنْ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وَيَا وَيْحِي مِن اليَوم العَصْيب فَيَا لَهْفِي عَلَى طُولِ
عَلَى حُوْبِي بِتَهْتَانٍ سَكَوُب ِإذَا أَنَا لَم أَنُحْ نَفْسِي
عَلَ ْيهَا مِن َبعِيدٍ أَوْ قَرِيبِ؟ فَ َمنْ هَذا الذي َب ْعدِي سَيَبكي
الل هم ا سلك ب نا منا هج ال سلمة وعاف نا من موجبات ال سرة والندا مة
ووفق نا لل ستعداد ل ا وعدت نا وأدم ل نا إح سانك ولط فك ك ما عودت نا وأت م
علينا ما به أكرمتنا برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على ممد وعلى آله
وصحبه أجعي.
21
377 الناهل السان ف دروس رمضان
الفصل الثالث
قال ابكن القيكم -رحهك ال تعال :-ماك ينبغكي أن يعلم أن الذنوب
والعاصي تضر ،ول بد أن ضررها ف القلب كضرر السموم ف البدان على
اختلف درجات ا ف الضرر ،و هل ف الدن يا والخرة شر وداء؛ إل ب سبب
الذنوب والعاصي؟
إل أن قال -رح ه ال :-ف ما الذي أخرج البو ين من ال نة والنع يم
واللذة والبهجة والسرور إل دار اللم والحزان والصائب؟ وما الذي أخرج
إبليس من ملكوت السماء وطرده ولعنه ومسخ ظاهره وباطنه ،فجعل صورته
أق بح صورة وأشنع ها ،وباط نه أق بح من صورته وأش نع وبدل بالقرب بُعدا
وبالرحة لعنةً وبالمال قُبحا وبالنة نارا تلظى وباليان كُفرا ،وبوالة الول
الميكد عداوةً ومشاقكة وبزجكل التسكبيح والتقديكس والتهليكل زجكل الكفكر
والف سوق والع صيان ،فهان على ال تعال غا ية الوان و سقط من عي نه غا ية
ال سقوط و حل عل يه غ ضب الرب تعال فأهواه ،ومق ته أ كب ال قت فأرداه،
فصار قوادا لكل فاسق ومرم رَضيَ لنفسه بالقيادة بعد تلك العبادة والسيادة.
فعياذا بك اللهم من مالفة أمرك وارتكاب نيك.
و ما الذي أغرق أ هل الرض كل هم ح ت عل الاء فوق رءوس البال،
ومكا الذي سكلط الريكح على قوم عادٍ حتك ألقتهكم موتكى على وجكه الرض
كأنمك أعجاز نلٍ خاويكة ودمرت مكا مرت عليكه مكن ديارهكم وحروثهكم
وزروعهم ودوابم حت صاروا عِبةً للمم إل يوم القيامة.
وما الذي أرسل على قوم ثود الصيحة حت قطعت قلوبم ف أجوافهم
وماتوا عن آخر هم ،و ما الذي ر فع قُرى اللوط ية ح ت سعت اللئ كة نباح
الناهل السان ف دروس رمضان 378
كلبم ث قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها فأهلكهم جيعا ث أتبعهم حجارةً
من ال سماء أمر ها علي هم فج مع علي هم من العقو بة ما ل يم عه على أمةٍ
غيهم ،ولخوانم أمثالا قال تعالَ :ومَا هِ يَ مِ َن الظّالِ ِميَ بَِبعِيدٍ [هود:
.]83
و ما الذي أر سل على قوم شع يب سحاب العذاب كالظلل فل ما صار
فوق رءو سهم أم طر علي هم نارا تل ظى ،و ما الذي أغرق فرعون وقو مه ف
البحر ث نُقلت أرواحهم إل جهنم ،فالجساد للغرق والرواح للحرق ،وما
الذي خسكف بقارون وداره وماله وأهله ،ومكا الذي أهلك القرون مكن بعكد
نوح بأنواع العقوبات ودمرهكا تدميا ،ومكا الذي أهلك قوم صكاحب يكس
بالصيحة حت خدوا عن آخرهم.
وما الذي بعث على بن إسرائيل قوما أول بأ سٍ شديد فجاسوا خلل
الديار وقتلوا الرجال وسبوا الذرية والنساء ،وأحرقوا الديار ونبوا الموال ،ث
بعثهم عليهم مرة ثانية فأهلكوا ما قدروا عليه وتبوا ما علوا تتبيا ،وما الذي
سكلط عليهكم أنواع العقوبات مرة بالقتكل والسكب وخراب البلد ،ومرة بور
اللوك ومرة بسكخهم قردةً وخنازيكر وآخكر ذلك أقسكم الرب تبارك وتعال
ليبعثن عليهم إل يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب.
شعر:
بِدَمْعٍٍ غَزيْرٍٍ وَاكِفٍٍ دَعُونِيْ عَلَى نَفْسِي أَنوحُ
أَخَافُ عَلَى نَفْسِي الضّعِيفَة دَعُونِيْ عَلَى نَفْسِي أنوحُ فَإِنّنِي
ِإذَا مَا َهذَا النوام والليل غيهب ضرّع والبكا
وإن حقيق بالتّ َ
وغارت نوم الليل وانقض كوكب وجالت دواعي الُزن من ُكلّ
23
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وأن بآفات ال ّذنُوب مُعذب َكفَى أن عين بالدموع بيلة
ِإلَى َأْينَ إلائي إِلَى َأْينَ أهرب فَ َمنْ ل ِإذَا نادى النادي بن عصى
َوقَد قُرّبَ الِيزَانُ والنّارُ َوقَد ظهرت تِلكَ الفضائح كُ ّلهَا
لَئنْ كُنْتُ فِي قَعْرِ الّحِيْمِ فَيَا طُولَ حُزْنِي ثُمّ يَا طُولَ
تَبِيتُ قياما فِي دُجَى الليلِ َفقَد فَازَ بالُلْكِ العَظيمِ عِصَابةٌ
َوقَد زُيِنَتْ حُورُ الِنَانِ ِإذَا أشْرَفَ الَبّارُ مِن فَوْقِ
ت َل ُكمْ دارِي َومَا شِئُْتمُ
َأبَحْ ُ ل وَمَرْحَبًا ل وَسَه ً
فَنَادَاهُمُ أه ً
قال العلماء وتعظكم الصكغية بأسكباب منهكا :أن يسكتصغرها النسكان
ويستهي با فل يغتم بسببها ول يُبال ،ولكن الؤمن الُجل ل الُعظم له هو
الستعظم لذنبه وإن صغر فإن الذنب كلما استعظمه العبد صغر عند ال تعال
وكلما استصغره كب عند ال تعال فإن استعظامه يكون عن نفور القلب منه
وكراهيته له.
قال ابن مسعود :إن الؤمن يرى ذنبه كأنه ف أصل جبل ياف أن يقع
عليه وإن الفاجر يرى ذنبه كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا ،أخرجاه ف
ال صحيحي ،و ف البخاري من حد يث أ نس « :إن كم لتعملون أعمالً هي
أدق فه أعينكهم مهن الشعهر كنها لنعدهها على عههد رسهول ال مهن
الوبقات».
وقال بلل بن سعد :ل تنظر إل صغر الطيئة ولكن انظر إل عظمة
من عصيت ،ومنها :السرور با والتبجح بسببها ،واعتقاد التمكن منها نعمة
حت إن الذنب الجاهر بالعاصي ليفتخر ب ا فيقول :ما رأيت ن كيف شتمته
وكيف مزقت عرضه وكيف خدعته ف العاملة.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ومنها :أن يتهاون بستر ال عليه.
ومنها :أن يُجاهر بالذنب ويُظهره ويذكره بعد فعله ،وقد قال « :كل
أم ت مُعا ف إل الجاهرون» .ومن ها :أن ت صدر ال صغية عن عال يُقتدى به
فذلك عظيم؛ لنه يتبعه عليها خلق كثي ،ويبقى أثرها بعده.
ب مالف لقِّ قَل ٌأَسيُ الَطَايَا عِنْدَ بابك واقف له عَن طريق ا َ
وَلَمْ يَنْهَهُ قَلْبٌ مِنَ الِ ل وَغِِّرةًقديا عصى عمدا وجه ً
تَزِيدُ سِنْوه ُوَهْوَ يَزْدَادُ َ فَهَا هُوَ فِي لَيْلِ الضّللَةِِ
لقّفَمَا طَافَ فِ ْيهِ مِن سَنَا ا َ تَطَلّعَ صُبْحُ الشّيْبَ
ق خَوَاطِفُ حُلُومُ مَنَا ٍم أو بُرُوُ ٌ ثَلثونَ عَاما َقدْ تَوَلّتْ
ِإذَا ارْتَحَلَتْ عَنْهُ الشّبِيبَةْ وَجَاءَ الْشَيِبُ الُنذرُ الَرءَ
وَنَادَاكَ مِن سِنْ الكُهُولَةِِ أيّهَا الغرورُ َقدْ أَدْبَرَ الصّبَا
وَأَبْكَاهُ ذَنْبٌ َقدْ تَقَدّمَ فَهَل أَرّقَ الطّرفَ الزّمَانُ
فَدَمْعُكَ يُنْب أَنّ قَلْبَكَ فَجُدْ بالدّمُوعِ الُمرِ حُزنا
اللهم كما صُنت وجوهنا عن السجود لغيك فصن وجوهنا عن السألة
لغيك .اللهم من كان على هوى وهو يظن أنه على الق ف ُردُه إل الق حت
ل يضل من هذه المة أحد .اللهم ل تشغل قلوبنا با تكفلت لنا به ول تعلنا
ك واغ فر لنكا
ك عندن ا
ف رزقكك خولً لغيك ول تنع نا خيك ما عندك ب شر م ا
ولوالدينا ولميع السلمي الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي،
وصلى ال على ممد وآله وصحبه أجعي.
25
377 الناهل السان ف دروس رمضان
الفصل الرابع
واعلم أن التوبكة إذا صكحت بأن اجتمعكت شروطهكا وانتفكت موانعهكا
قبلت بل شك إذا وق عت ق بل نزول الوت ،لو كانكت عن أي ذ نب كان،
وقبل طلوع الشمس من مغربا كما قال تعالَ :يوْ َم َيأْتِي بَعْضُ َآيَاتِ َربّكَ
ت فِي إِيَاِنهَا خَ ْيرًا
ت مِ ْن قَ ْبلُ َأوْ كَ سَبَ ْ
ل يَ ْنفَ ُع َنفْ سًا إِيَاُنهَا لَ ْم تَكُ نْ َآمَنَ ْ
[النعام.]158 :
وأخرج المام أحد والترمذي عن ابن عمر أن رسول ال قال« :إن
ال تعال يقبل توبة العبد ما ل يُغرغر» أي :ما ل تبلغ روحه حلقومه فيكون
بنلة الش يء الذي يتغر غر به الر يض ،والغرغرة أن يُج عل الشروب ف ال فم
ويُردد إل أ صل اللق ول يُبلع ،فهذه الالة حالة حضور الوت وب عد حضور
الوت ل يُق بل من العا صي تو بة ،ول من الكافر ين رجوع ،ك ما قال تعال
ت َأنّ ُه ل ِإلَ هَ إِل الّذِي َآمَنَ تْ
ق قَالَ َآمَنْ ُ
عن فرعون :حَتّى ِإذَا أَدْرَكَ ُه اْلغَرَ ُ
ِب ِه بَنُو ِإسْرَائِيلَ [يونس.]90 :
ومن العوقات الضارة التسويف بالتوبة فمن أين يعلم النسان أنه يبقى
إل أن يتوب فتارك البادرة بالتو بة ب ي خطر ين عظيم ي أحده ا أن تترا كم
الظلمة على قلبه من العاصي حت تصي َريْنا وطبعا وثانيهما أن يُعاجله الرض
فل يد مهلة للشتغال بحو ما وقع من الظلمة ف القلب فيأت ربه بقلبٍ غي
سليم ول ينجو إل من أتى ال بقلبٍ سليم.
وي ب على الن سان أن ل يت نع من التو بة خشية الوقوع ف ذنب مرة
أخرى فإن هذا ظن يدخله الشيطان ف قلبه ليؤخر التوبة ولربا يقول ف نفسه
سأستمر ف العا صي أيام شبا ب و صحت ث أتوب ب عد ذلك ،وهذا يُ سوف
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ويؤخر ،وإذا بالوت أو الرض يُفاجئه فل يد مُتسعا للتوبة والرجوع إل ال
-نعوذ بال من سوء الات ة -ولذلك كان ال سلف ال صال تكاد تنخلع
قلوب م ف كل مر ضة يرضون ا؛ لحتمال أن تكون تلك الر ضة إخراجا ل م
من الدن يا ق بل أن يتمكنوا من تدارك ما فات من الفوات بالتو بة الن صوح
وللستكثار من الباقيات ال صالات ،ومرض مرة أ حد الصالي فدخل عليه
أصكحابه يعودونكه فقالوا له كيكف ندك؟ قال :موقرا بالذنوب فقالوا :هكل
تشتهي شيئا؟ قال :نعم! أن يَمُن عليّ رب بالتوبة عن كل ما يُكره قبل موت.
وقكد قال العلماء ما مثال الُسكوف بالتو بة إل مثال مكن احتاج إل قلع
شجرة فرآها قوية ل تنقلع إل بشق ٍة شديدةٍ فقال :أؤخرها سنة ث أعود إليها
و هو يعلم أن الشجرة كل ما بق يت ازدادت قوة لر سوخها وكل ما طال عمره
ازداد ضعفه فل حاقة ف الدنيا أعظم من حاقته إذ عجز مع قوته عن مقاومة
ضعيف فأخذ ينتظر الغلبة عليه إذا ضعف هو ف نفسه وقوي الضعيف.
قال ابكن القيكم -رحهك ال :-إذا أراد ال بعبده خيا فتكح له أبواب
التو بة والندم والنكسكار والذل والفتقار والسكتعانة بكه و صدق اللجكأ إليكه
ودوام التضرع والدعاء والتقرب إل يه ب ا أم كن من ال سنات ما تكون تلك
ال سيئة به سبب رح ته ح ت يقول عدو ال :يا ليت ن ترك ته ول أوق عه وهذا
معن قول بعض السلف إن العبد ليعمل الذنب يدخل به النة ويعمل السنة
يدخل با النار ،قالوا :كيف؟ قال :يعمل الذنب فل يزال نُصب عينيه خائفا
ل باكيا ناد ما مُ ستحيا من ر به تعال نا كس الرأس ب ي يد يه
م نه مُشفقا وج ً
مُنكسر القلب له فيكون ذلك الذنب أنفع له من طاعات كثية با ترتب عليه
من هذه المور ال ت ب ا سعادة الع بد وفل حه ح ت يكون ذلك الذ نب سبب
دخول النة.
27
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ويف عل ال سنة فل يزال ي ن ب ا على ر به ويت كب ب ا ويرى نف سه شيئا
ويُع جب ب ا وي ستطيل ب ا ويقول فعلت وفعلت ،فيور ثه من الع جب وال كب
والفخر والستطالة ما يكون سبب هلكه.
فإذا أراد ال تعال بذا السككي خيا ابتله بأم ٍر يكسكره بكه ويُذل بكه
عنقه ويُصغر به نفسه عنده ،وإذا أراد به غي ذلك خله وعجبه وكبه وهذا
هو الذلن الوجب للكه فإن العارفي كلهم مُجمعون على أن التوفيق هو
أن ل يكلك ال تعال إل نفسك ،والذل أن يكلك ال إل نفسك .انتهى.
ارْحَمْ عِبادا أَكُفّ الفَقْرِ َقدْ يَا مَن يُغيثُ الوَرَى مِن بَعْدِ مَا
سِوَى جَمِيلِ رَجَا ٍء نَحْوَهُ عَوّدْتَهُم بَسْطَ أَرْزَاقٍ بِل
بالُودِ إنْ أقْسَطُوا والِلْمِ إن وَعَدْتَ بالفَضلِ فِي وِرْدٍٍ
وَكُل صَعْبٍٍ بِقَيْدِ الُجْوِد عَوارِفَ ارْتَبَطتْ شُمّ
بِجَمِّ إنْعَامِه الطرافُ يَا مَنْ تَعَرّفَ بالَعروفِ
وَهْمٌ يَجُوزُ عَلَ ْي ِه لَ وَلَ غَلَطُ وَعَالِما بِخَفِيّاتِ الُمُورِ
من شَأنِهِ أنْ يُواف حِيْنَ ي بباب الود مُنكسرا عبدٌ فق ٌ
قَبَائحُ وَخَطَايَا أمْرُها فَرَط مَهما أتى ليمدّ الكف أخجله
مِنْهُ ِإذَا خَطَبُوا فِي شكرِها يَا وَاسعا ضَاقَ خَطْوُ الَلْقِ
س يلحق منه مُسرفا قنطُ فلَيْ َ وَنَاشرا بيد الجال رحته
غَي الدُجنةِ لُحفٌ والثّرى ُبسُطُ ارْحَمْ عِبادا بضَنْكِ العَيشِ
سَا ٍم رفيع الذُرى مَا فوقه نطُ َلكِنهم من ذُرى عَليا َك فِي نطٍ
فَمَا يُبال أقام الي أَمْ شَحَطوا ومن يكن بالذي يَهواه مُجتمعا
وكل شي ٍء يُرجى بعد ذا شطط نن العبيد َوَأنْتَ اللك لَيْسَ سوى
الناهل السان ف دروس رمضان 378
موعظههة
فيكا أيهكا الهملون الغافلون تيقظوا فإليككم يوجكه الطاب ويكا أيهكا
النائمون انتبهوا قبكل أن تُناخ للرحيكل الركاب ،قبكل هجوم هادم اللذات
ومفرق الماعات ومُذل الرقاب ومُش تت الحباب ،ف يا له من زائر ل يعو قه
عائق ول يُضرب دونكه حجاب ،ويكا له مكن نازل ل يسكتأذن على اللوك ول
يلح مكن البواب ،ول يرحكم صكغيا ول يوقكر ككبيا ول ياف عظيما ول
ك هكو أعظكم منكه مكن السكؤال والواب ،ووراءه هول يهاب ،أل وإن بعده م ا
البعكث والشكر وأحواله الصكعاب مكن طول القام والزدحام فك الجسكام
واليزان والصراط والساب ،اللهم أيقظنا من نوم الغفلة ونبهنا لغتنام أوقات
الهلة ووفق نا ل صالنا واع صمنا من قبائح نا وذنوب نا ول تؤاخذ نا ب ا انطوت
عليه ضمائرنا وأكنته سرائرنا واغفر لنا ولوالدينا وجيع السلمي برحتك يا
أرحم الراحي وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي.
29
377 الناهل السان ف دروس رمضان
الفصل الامس
وقال رحه ال:
اعلم أن صاحب الب صية إذا صدرت م نه الطئ ية فله ن ظر إل أمور:
أحدها :أن ين ظر إل أ مر ال ونيه فيُحدث له ذلك العتراف بكون ا خطيئة،
والقرار على نف سه بالذ نب ،والثا ن :أن ين ظر إل الوعد والوع يد فيُحدث له
ذلك خوفا وخشية تمله على التوبة ،والثالث :أن ينظر إل تكي ال له منها
وتليته بينه وبين ها وتقديرها عليه وأنه لو شاء لعصمه منها فيحدث له ذلك
أنواعا من العرفة بال وأسائه وصفاته وحكمته ورحته وعفوه وحلمه وكرمه
وتوجكب له هذه العرفكة عبوديكة بذه السكاء ل تصكل بدون لوازمهكا البتكة
ويعلم ارتباط اللق والمر والزاء والوعد والوعيد بأسائه وصفاته وأن ذلك
بوجب الساء والصفات وأثرها ف الوجود وأن كل اسم وصفة مُقتضٍ لثره
وموجبه مُتعل ٌق به ل بد منه.
وهذا الشهكد يُطلعكه على رياض مونقكة مكن العارف واليان وأسكرار
القدر والك مة يض يق عن الت عبي عن ها نطاق الكلم ف من بعض ها ما ذكره
الشيكخ "يُريكد صكاحب النازل" :أن يعرف العبكد عزتكه فك قضائه وهكو أنكه
سبحانه العزيز الذي يقضي با يشاء وأنه لكمال عزته حكم على العبد وقضى
عليه بأن قلب قلبه وصرف إرادته على ما يشاء وحال بي العبد وقلبه وجعله
مُريدا شائيا ل ا شاء م نه العز يز الك يم وهذا من ك ما العزة ،إذ ل يقدر على
ذلك إل ال وغايكة الخلوق أن يتصكرف فك بدنكك وظاهرك ،وأمكا جعلك
مُريدا شائيا لا يشاؤه منك ويُريده فل يقدر عليه إل ذو العزة الباهرة …
فإذا عرف العبكد عكز سكيده ولحكظ بقلبكه وتككن شهوده منكه كان
الناهل السان ف دروس رمضان 378
الشتغال به عن ذل العصية أول به وأنفع له لنه يصي مع ال ل مع نفسه،
ومكن معرفكة عزتكه فك قضائه أن يعرف أنكه مدبر مقهور ناصكيته بيكد غيه ل
عصمة له إل بعصمته ول توفيق له إل بعونته فهو ذليل حقي ف قبضة عزيز
حيد.
و من شهود عز ته ف قضائه أن يش هد أن الكمال وال مد والِغ ن التام
والعزة كلها ل وأن العبد نفسه أول بالتقصي والذم والعيب والظلم والاجة
وكل ما ازداد شهوده لذله ونق صه وعي به وفقره ازداد شهوده لعزة ال وكماله
وحده وغناه وكذلك بالعكس فنقص الذنب وذلته يُطلعه على مشهد العزة.
ومنها أن العبد ل يريد معصية موله من حيث هي معصية فإذا ش هد
ل لاك هو متار له مريدا بإراد ته ومشيئ ته واختياره
جريان ال كم وجعله فاع ً
فكأنكه مُختا ٌر غيك متا ٍر مُريكد شا ٍء غيك شاءٍ فهذا يشهكد عزة ال وعظمتكه
وكمال قدرته.
و من ذلك أن يعرف بره سبحانه ف ستره عل يه حال ارتكاب الع صية
مع كمال رؤيته له ولو شاء لفض حه ب ي خل قه فحذروه وهذا من كمال بره
و من أ سائه الب ،وهذا الب من سيده كان عن كمال غناه وكمال ف قر الع بد
إليه فيشتغل بطالعة هذه النة ومشاهدة هذا الب والحسان والكرم فيذهل عن
ذكر الطيئة فيبقى مع ال سبحانه وذلك أنفع له من الشتغال بنايته وشهود
ذل الع صية فإن الشتغال بال والغفلة ع ما سواه هو الطلب العلى والق صد
السن.
ومن ها شهود حلم ال سكبحانه وتعال ف إمهال راككب الطيئة مُطلقا
ولو شاء لعاجله بالعقوبة ولكنه الليم الذي ل يعجل فيُحدث له ذلك معرفة
31
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ربه سبحانه باسه الليم ومشاهدة صفة اللم والتعبد بذا السم ،والكمة
والصلحة الاصلة من ذلك بتوسط الذنب أحب إل ال وأصلح للعبد وأنفع
من فوت ا ،ووجود اللزوم بدون لز مه مت نع ومن ها معر فة الع بد كرم ر به ف
قبول العذر منكه إذا اعتذر إليكه بنحكو مكا تقدم مكن العتذار ل بالقدر فإنكه
ماصمته وماجة.
ومنها أن يشهد فضله ف مغفرته فإن الغفرة فضل من ال وإل فلو أخذ
بحض حقه كان عادلً ممودا.
وإن ا عفوه بفضله ل با ستحقاقك فيو جب ذلك شكرا له وم بة وإنا بة
إل يه وفرحا وابتهاجا به ومعر فة له با سه الغفار ومشاهدة لذه ال صفة وتعبدا
بقتضاها وذلك أكمل ف العبودية والحبة والعرفة.
ومنهكا أن يُكمكل لعبده مرتبكة الذل والضوع والنكسكار بيك يديكه
والفتقار إليه.
ومن ها أن أ ساء الرب تقت ضي آثار ها اقتضاء ال سباب التا مة ل سبباتا
فاسم السميع البصي يقتضي مسموعا ومبصرا ،واسم الرزاق يقتضي مرزوقا
واسم الرحيم يقتضي مرحوما وكذلك أساء "الغفور والعفو والتواب والليم"
يقت ضي من يغ فر له ويتوب عل يه ويع فو ويلم وي ستحيل تعط يل هذه ال ساء
وال صفات إذ هي أ ساء حُ سن و صفات كمال ونعوت جلل وأفعال حك مة
وإحسان وجُو ٍد فل بد من ظهور آثارها ف العال.
وإل هذا أشار أعلم اللق بال صلوات ال وسلمه عليه حيث يقول« :
لو ل تُذنبوا لذهب ال بكم ولاء بقو ٍم يُذنبون ث يستغفرون فيغفر لم »
وأنكت إذا فرضكت اليوان بملتكه معدوما فمكن يرزق الرزاق سكبحانه وإذا
الناهل السان ف دروس رمضان 378
فرضت العصية والطيئة منتفية عن العال فلمن يغفر؟ وعمن يعفو؟ وعلى من
يتوب ويلم؟ وإذا فرضت الفاقات كلها قد سدت والعبيد أغنياء مُعافي فأين
السكؤال والتضرع والبتهال والجابكة وشهود النكة والتخصكيص بالنعام
والكرام فسكبحان مكن تعرف إل خلقكه بميكع أنواع التعرفات ودلمك عليكه
بأنواع الدللت .انتهى.
شعرا:
ت لهٍ تَلْعَبُ رَيبَ الَنُون وََأنْ َ حَتّى مَتَى تُسقى النّفُوس
ف لَ تَزَالُ تُرَوّعُ وَب َفقَد إِلْ ٍ عَجَبا لِمْنِك والَيَاةُ
وَِإلَى الْمْنّيةِ ُكلَّ يَومٍٍ تُدفَعُ أ َفقَد رَضِيْتَ بأنْ تُُعلَل
دُنْيَا تَغُرّ بِوصْلِهَا وَسَتُقطَعُ ل تَخْدَعَنّكَ بَعْدَ طُولِ
إن اللبيبَ بِمثْلِها لَ يُخدَعُ أَحْل ُم نَوْمٍٍ أَوْ كَظِلٍٍ زَايلٍ
ألِغَيِ نَفْسِكَ لَ أَبَالَكَ وَتَزَوّدَنّ لِيَومٍِ فَقْرِكَ
الل هم أحينا ف الدنيا مؤمن ي طائع ي وتوف نا م سلمي تائب ي واغ فر لنا
ولوالدي نا ولم يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ
وآله وصحبه أجعي.
33
377 الناهل السان ف دروس رمضان
الفصل السادس
وقال -رحه ال -للتوبة القبولة علمات:
منهكا أن يكون بعكد التوبكة خيا ماك قبلهكا ومنهكا أنكه ل يزال الوف
مُ صاحبا له ل يأ من م كر ال طر فة ع ي فخو فه م ستمر إل أن ي سمع قول
شرُوا بِالْجَّن ِة الّتِي كُنْتُ مْ
ح َزنُوا َوأَْب ِ
الر سل لق بض رو حه :أَل تَخَافُوا وَل تَ ْ
تُو َعدُونَ [فصلت ،]30 :فهنا يزول الوف.
ومن ها انلع القلب وتقط عه ندما وخوفا وهذا على قدر ع ظم النا ية
و صغرها ،وهذا تأو يل ا بن عُيي نة لقوله تعال :ل َيزَالُ بُنْيَاُنهُ مُ اّلذِي بَنَوْا
ِمه [التوبكة .]110 :قال :تقطعهكا بالتوبكة .ول ريكب أن رِيَب ًة ف ِي قُلُوِبه ْ
الوف الشديد من العقوبة العظيمة يوجب انصداع القلب وانلعه.
وهذا هو تقطعه وهذا حقيقة التوبة لنه ينقطع قلبه حسرةً على ما فرط
منه وخوفا من سوء عاقبته فمن ل ينقطع قلبه ف الدنيا على ما فرط حسرةً
وخوفا تقطكع فك الخرة إذا حقكت القائق وعايكن ثواب الطيعيك وعقاب
العاصي فل بد من تقطع القلب إما ف الدنيا وإما ف الخرة.
و من موجبات التو بة ال صحيحة أيضا ك سرةٌ خا صة ت صل للقلب ل
يشبه ها ش يء ،ول تكون لغ ي الذ نب ل ت صل بوع ول ريا ضة ول حب
مرد وإنا هي أمر ،وراء هذا كله ،تُكسر القلب بي يدي الرب كسرة تامة
قد أحا طت به من ج يع جها ته وألق ته ب ي يدي ر به طريا ذليلً خاشعا
كحال عبدٍ جانٍ أبق من سيده فأخذ فأحضر بي يديه ول يد من يُنجيه من
سطوته ول يد منه بُدا ول عنه غناءً ول منه مهربا وعلم أن حياته وسعادته
وفلحه وناحه ف رضاه عنه ،وقد علم إحاطة سيده بتفاصيل جناياته ،هذا
الناهل السان ف دروس رمضان 378
مع ح به ل سيده وشدة حاج ته إل يه وعل مه بضع فه وعجزه وذله وقوة سيده
وعز ته .فيجت مع ف هذه الحوال ك سرة وذل وخضوع ما أنفع ها للعبد و ما
أجدى عائدتا عليه وما أعظم جبه با وما أقربه با من سيده فليس شيء
أحب إل سيده من هذه الكسرة والضوع والتذلل والخبات والنطراح بي
يديه والستسلم له.
فلله ما أحلى قوله ف هذه الال أسألك بعزك وذل إل رحتن ،أسألك
بقو تك وضع في ،وبغناك ع ن وفقري إل يك هذه نا صيت الكاذ بة الاطئة ب ي
يديك ،عبيدك سواي كثي وليس ل سيدٌ سواك ل ملجأ ول منجى منك إل
إليك ،أسألك مسألة السكي ،وأبتهل إليك ابتهال الاضع الذليل ،وأدعوك
دُعاء الائف الضرير ،سؤال من خضعت لك رقبته ،ورغم لك أنفه ،وفاضت
لك عيناه ،وذل لك قلبه.
فهذا وأمثاله من آثار التو بة القبولة ف من ل ي د ذلك ف قل به فليت هم
توبته وليجع إل تصحيحها فما أصعب التوبة الصحيحة بالقيقة وما أسهلها
بالل سان والدعوى ،و ما عال ال صادق بش يء أ شد عل يه من التو بة الال صة
الصادقة ول حول ول قوة إل بال.
وحقائق التوبة ثلثة :وعد منها اتام التوبة قال :لنا حق عليه ل يتيقن
أ نه أدى هذا ال ق على الو جه الطلوب م نه الذي ينب غي له أن يؤد يه عل يه،
فيخاف أنه ما وفاها حقها وأنا ل تقبل منه وأنه ل يبذل جهده ف صحتها،
وأن ا تو بة علة و هو ل يش عر ب ا كتوبةِ أرباب الوائج والفلس والحافظ ي
على حاجاتم ومنازلم بي الناس.
أو أ نه تاب مافظةً على حاله فتاب للحال ل خوفا من ذي اللل ،أو
35
377 الناهل السان ف دروس رمضان
أنه تاب طلبا للراحة من الكد ف تصيل الذنب أو اتقاء ما يافه على عرضه
وماله ومن صبه أو لض عف دا عي الع صية ف قل به وخود نار شهو ته أو لنافاة
الع صية ل ا يطل به من العلم والرزق ون و ذلك من العلل ال ت تقدح ف كون
التوبة خوفا من ال وتعظيما له ولرماته وإجللً له وخشيةً من سقوط النلة
عنده وعن البُعد والطرد عنه والجاب عن رؤية وجهه ف الدار الخرة فهذه
التوبة لون وتوبة أصحاب العلل لون قال:
و من اتام التو بة ض عف العزي ة والتفات القلب إل الذ نب الفي نة ب عد
الفينة وتذكر حلوة مواقعته .ومن اتام التوبة طُمأنينته ووثوقه من نفسه بأنه
قد تاب حت كأنه قد أُعطي منشورا بالمان فهذه من علمات التهمة.
ومن علماتا جود العي واستمرار الغفلة وأن ل يستحدث بعد التوبة
أعمالً صالة ل تكن له قبل الطيئة.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
موعظههة
ك تب عليّ بن أ ب طالب ر ضي ال عنه إل ولده ال سي من ع بد ال
عل يٍ أمي الؤمني الوالد الفان الذام للدنيا الساكن مساكن الوتى ،إل الولد
الؤمل ما ل يُدرك السالك سبيل من قد هلك ،عُرض ُة السقام ورهينة اليام
صبَ الفات وخليف ُة الموات. وأسي النايا وقرين الرزايا وصريع الشهوات ونُ ُ
يا بُنّ إن بق يت أو فن يت فإ ن أو صيك بتقوى ال عز و جل وعمارة قل بك
بذكره والعتصكام ببله فإن ال يقول :وَاعْتَصِهمُوا بِحَ ْبلِ اللّهِه جَمِيعًا وَل
َت َف ّرقُوا وَاذْ ُكرُوا نِعْ َم َة اللّ هِ عَلَ ْيكُ مْ الية وأي سبب يا بُن أوثق من سبب
بي نك وب ي ال عز و جل أح يِ قل بك بالوع ظة ونوره بالك مة وقوه بالز هد
وذل بالوت وقرره بالفناء وحذره صكولة الدهكر وتقلب الليال واعرض عليكه
أخبار الاض ي و سر ف ديار هم وآثار هم فان ظر ما فعلوا وأ ين َحلّوا فإ نك
تدهم قد انتقلوا من دار الغرور ونزلوا دار الغربة وكأنك عن قليلٍ يا بُن قد
صرت كأحدهم فبع دنياك بآخرتك ول تبع آخرتك بدنياك ودع القول فيما
ل تعرف وال مر في ما ل تُكلف و مر بالعروف بيدك ول سانك و كن من أهله
وأن كر الن كر بيدك ول سانك وبا ين من فعله و خض الغمرات إل ال ق ول
تأخذك ف ال لومة لئم واحفظ وصيت فل خي ف علم ل ينفع واعلم أنه ل
غن بك عن حُسن الرتياد مع بلغك من الزاد فإن أصبت من أهل الفاقة من
يتمل عنك زادك فيوافيك به ف معادك فاغتنمه فإن أمامك عقبة كؤودا ل
ل وأج ل ف الطلب وأح سن ف الك سب فرُب ياوز ها إل أ خف الناس ح ً
ب
ب دينه والسلوب من سُل َ ب وإنا الحروب من حُر َ ب قد جر إل حر ٍ طل ٍ
يقي نه واعلم أ نه ل غ ن يعدل ال نة ول ف قر يعدل النار وال سلم عل يك ورح ة
37
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ال.
قال الناظم -رحه ال :-
تَخَافَ وَ َل تَقْنطْ وُثُوقا ف والرّجَا عَاملً وَكُنْ بَيْنَ خَو ٍ
وَتُبْ مُطْلقا مَعْ َفقَد عِلْمِ تَذَكّرْ ذُنوبا َق ْد مَضَيْنَ وَتُبْ
وتُطوَى عَلَى العَمالِ صُحْفُ وَبَادِر مَتَابا قَبْلَ يُغلَقُ بابَه
ِإذَا عَايَنَ المْلكَ أَو غَرْغَرَ فَحِيْنَئِذٍٍ لَ يَنْفَعُ الَرْءَ
ب يَغُرّ الغافلَ الاهلَ سَرَا ٌ وَلَ تَجْعَل المَالَ حِصنا فَإنّهَا
فيُصبح ندمانا َيعَضّ عَلَى اليَد فَبَيْنَا هُوْ مُغْتَرا يُفاجئُُه الرّدَى
وَيَندمُ يَنوي ل يَعودُ ِإلَى وَتَوْبَةُ حَقَ الِ يَسْتَغْفِرُ
فَسَتْرُكَ أَوْلَى مِن مُقِرٍٍ وَإِنْ كَا َن مِمّا يُوجِبُ الدّ
وَمَعَ عَجْزَهِ يَنْوِي مَتَى وَإِنْ تَابَ مِن غَصْبٍٍ فيُشرَطُ
بِتَمْكِيْنِه مِن نَفْسِه مَعَ مَا وَمِنْ حَدّ قَذْفٍ أَوْ قَصَاصٍ
تَدَارُكُ عُدوانِ اللسَانِ أو اليَد وَتَحْلِيْلُ مَظْلُوم مَتَابٌ لِنَادِمٍ
الل هم يا من ل تضره الع صية ول تنف عه الطا عة أيقظ نا من نوم الغفلة
ونبهنا لغتنام أوقات الهلة ووفقنا لصالنا واعصمنا من قبائحنا ول تؤاخذنا
باك انطوت عليكه ضمائرنكا وأكنتكه سكرائرنا مكن أنواع القبائح والعائب التك
ب واغ فر ل نا
تعلم ها م نا ،وام نن علي نا يا مول نا بتوبةٍ ت حو ب ا ع نا كل ذن ٍ
ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي
وصلى ال على ممدٍ وآله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
موعظة
قال ا بن الوزي -رح ه ال :-الذر الذر من العا صي فإن ا سيئة
العواقب ،والذر الذر من الذنوب خصوصا ذنوب اللوات ،فإن البارزة ل
تعال تُسقط العبد من عينه سُبحانه ول ينال لذة العاصي إل دائم الغفلة ،فأما
الؤ من اليقظان فإ نه ل يل تذ ب ا ،ل نه ع ند التذاذه ي قف بإزائه عل مه بتحري ها
وحذره من عقوبتها ،فإن قويت معرفته رأى بعي علمه قرب الناهي وهو ال
فيتنغص عيشه ف حال التذاذه فإن غلبه سُكر الوى كان القلب مُتنغصا بذه
الراقبات وإن كان الط بع ف شهو ته ف ما هي إل ل ظة ث خز يٌ دائ ٌم وندم
ملز مٌ وبكاءٌ متواصل وأسف على ما كان مع طول الزمان حت إنه لو تيقن
العفو وقف بإزائه حذار العتاب فأفٍ للذنوب ما أقبح آثارها وأسوء أخبارها.
انتهى.
الل هم نور قلوب نا بنور اليان وثبت ها على قولك الثا بت ف الياة الدن يا
وف الخرة واجعلنا هُداة مهتدين وتوفنا مسلمي وألقنا بعبادك الصالي يا
أكرم الكرم ي و يا أر حم الراح ي و صلى ال على م مد وعلى آله و صحبه
أجعي.
39
377 الناهل السان ف دروس رمضان
الفصل السابع
فيما ينبغي التنبيه عليه والتحذير من ارتكابه.
قال ابن الوزي -رحه ال :-السلمون الُغترون طبقات:
الطبقة الول (طبقة العلماء) :وهم قومٌ أحكموا العلم وتركوا العمل به
ظنا منهكم أنمك قكد حفظوا الشريعكة فلهكم عنكد ال قدر ،ولو حققوا النظكر،
لعلموا أن العلم ل يُرادُ إل للع مل وكأن م يزيدون من الُ جة علي هم ومن هم
قو مٌ أحكموا العلم والع مل إل أن م ل يُ صلحوا الصفات الباطنة الذمو مة من
ال كب وال سد والرياء ول يدروا أن هذه شُعَل تع مل ف ب يت القلب فتحرق
بواطن العرفة.
قلت وهؤلء كمر يض ظ هر به جروح أ صلها ف البا طن فأ مر ال طبيب
مكن بكه ذلك أن يغسكل الظاهكر بدواء وأمره بشرب دواء آخكر لاك نشكأ عنكه
الظاهر فاستعمل ما للظاهر وترك ما للباطن فأزال مؤقتا ما بظاهره وأما ما ف
باط نه فعلى حاله ،فلو شرب ما للبا طن من الدواء بر يء الظا هر إذا أراد ال
واستراح ظاهره وباطنه فكذلك الذنوب والعاصي إذا اختفت ف القلب ظهر
أثرها على جوارح النسان.
و من العلماء قوم سلموا من هذه الفات ،لكن هم ف خد مة الوى من
ح يث ل يعلمون ف هم يُ صنفون ويتكلمون ومراد هم ذكر هم بذلك ومدح هم
وكثرة اتباعِهِم وهذه ال فة من خبا يا النفوس ل يف طن ل ا إل الكياس من
الناس.
الطبقة الثانية (طبقة ال ُعبّاد) :فمنهم من حققوا التعبد إل أنه يرى نفسه
ل بالنوافل فمنهم من
فهو مغرور بذلك ومنهم من ترك كثيا من الفرائض شُغ ً
الناهل السان ف دروس رمضان 378
يُدر كه الو سواس ف ن ية ال صلة ث يترك قل به ف باقي ها يُ سرح ف الغفلت،
ومنهم من يُكثر التلوة ول يعمل با يتلو ،ومنهم من يصوم ول يتحفظ من
غيب ته ،ومن هم من يرج إل ال ج ول يرج من الظال ،ول ين ظر ف نفق ته،
ومنهم من ياور بكة وينسى الُرمة ومنهم من يأمر بالعروف وينسى نفسه.
ومن هم من يز هد ف الال و هو را غب ف الريا سة بالز هد .ومن هم من
يتخلق بأخلق الفقراء فك صكور ثيابمك ومرقعاتمك ويترك أخلقهكم الباطنكة،
فيشبعك مكن الشهوات ،وينام الليكل ول يعرف واجبات الشرع ،قلت وهؤلء ُ
غرورهكم عظيكم كمكا قال بعكض العلماء ،لنمك يظنون أنمك يُحبون فك ال
ورسوله وما قدروا على تقيق دقائق الخلص إل وهم ملصون ،ول وقفوا
ك مكن ككل أحكد ك النفكس إل وهكم مُنهون ،وهكم أحكب فك الدني ا
على خباي ا
ويظهرون الزهد ف الدنيا لشدة حرصهم عليها وقوة رغبتهم فيها.
يثون على الخلص وهم غي ملصي ويُظهرون الدعاء إل ال وهم منه
فارون ويوفون بال وهكم منكه آمنون .ويُذكرون بال وهكم له ناسكون ،ويثون
على التمسك بالسنة بالدقيق والليل وهم لا نابذون ويذمون الصفات الذمومة
وهم با مُتصفون ،وكأنه ل يطرق أساعهم قوله تعالَ :أَتأْ ُمرُو َن النّا سَ بِالِْبرّ
ب َأفَل َتعْقِلُونَ [البقرة.]44 : َوتَ ْنسَوْ َن َأْن ُفسَ ُكمْ َوَأنْتُ ْم تَتْلُو َن الْكِتَا َ
وقولكه :يَا أَّيهَا الّذِي نَ َآمَنُوا لِ مَ َتقُولُو نَ مَا ل َتفْعَلُو نَ * كَُبرَ مَقْتًا
عِ ْندَ اللّ ِه أَنْ َتقُولُوا مَا ل َتفْعَلُونَ [الصف .]3-2 :وقوله تعال حكايةً عما
قال شُع يب :وَمَا أُرِي ُد أَ ْن ُأخَاِلفَكُ مْ ِإلَى مَا أَْنهَاكُ مْ عَنْ هُ [هود.]88 :
وورد عن ابن عباس رضي ال عنهما أنه جاءه رجل فقال :إن أريد أن آمر
بالعروف وأن ى عن الن كر .قال أبل غت ذلك؟ قال :أر جو .قال :إن ل ت ش
41
377 الناهل السان ف دروس رمضان
أن تفتضح بثلث آيات من كتاب ال فافعل يشي ابن عباس رضي ال عنهما
إل اليات التقدمة.
الطبقة الثالثة" :أرباب الموال" فمنهم قو مٌ يرصون على بناء الساجد
والدارس ويكتبون أ ساءهم علي ها لتخل يد ذكر هم و من أراد و جه ال ل يُبال
بذكر اللق وهؤلء قال بعض العلماء :إنم اغتروا من وجهي :أحدها أنم
اكتسكبوها مكن الظلم والشبهات والرشاء والهات الحظورة فهؤلء تعرضوا
لسخط ال ف كسبها فإذا عصوا ال ف كسبها فالواجب عليهم التوبة ورد
الموال إل أرباباك إن كانوا أحياء وإل ورثتهكم إن كانوا أمواتا ،وإن ل يبكق
ل م ور ثة فالوا جب علي هم أن ي صرفوها ف أ هم ال صال ورب ا يكون ال هم
تفرقتها على الساكي.
والوجه الثان :أنم يظنون بأنفسهم الخلص وقصد الي ف النفاق
وعلو البن ية .ولو كلف وا حد من هم أن يُن فق دينارا على م سكي ل ت سمح
نفسه بذلك ،لن حب الدح والثناء مُستكن ف باطنه.
ومنهكم قوم يتصكدقون ولككن فك الحافكل ويعطون مكن عادتكه الشككر
وإفشاء العروف.
ومنهم من يُكثر الج وربا ترك جيانه جياعا.
ومنهكم قوم يمعون الال ويبخلون بإخراجكه ،ثك يشتغلون بالعبادات
البدنية الت ل تتاج إل نفقة كالصيام والصلة ،ول يدرون أن جهاد النفس
ف البخل الُهلك أول:
شعرا:
ه قُرُونا
وَم َا هِ يَ أَ نْ غَرّت ْ لَقَدْ خَابهَ مَنهْ غَرّتَههُ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وَزِيْنَتِها فِي مِثْلِ تِلكَ أَتَتْنَا عَلَى زِيّ العَزيزِ بُثينَةٍ
عَزوفٌ عَن الدّنْيَا وَلَسْتُ فَقُلْتُ لَها غُرِي سِوَايَ
وَأَمْوَا ِل قَارُونٍ وَمُلْكِ وَهَبْها أَتَتْنا بِاَلكِنوز وَدُرّهَا
وَيُطْلبُ مِن خَزَاِنا بِالطّوائِل ألَيْسَ جَمِيْعا لِلفَناءِ مَصِيُها
لِمَا فِيكِ مِن عِ ٍز وِمُلكٍ فَغُرّي سِوايّ إِنّنِي غَيُ
فَشَأنَكِ يَا دُنيا وَأهْلَ َوقَد قَنِعَتْ َن ْفسِي بِِمَا َقدْ
وَأَخْشَى عِقَابا دَائِما غَيَ َفِإنّي أَخَافُ الَ يَومَ لِقَائِه
اللهكم ننكا برحتكك مكن النار وعافنكا مكن دار الزي والبوار وأدخلنكا
بفضلك النة دار القرار وعاملنا بكرمك وجودك يا كري يا غفار واغفر لنا
ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي
وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي.
الطب قة الراب عة :طب قة العوام :وغرور هم من وجوه :فمن هم من ي صلي
كيفما اتفق ول يسأل عما يُصلح الصلة وما يُفسدها ،ومنهم من يواظب
على النوا فل كالتراو يح ،ول تكاد تده ف صلة الما عة ومن هم من يُلزم
مالس الوعظ ول يعمل با يسمع ول ينتهي عن قبيح ما يأت ،كأن القصود
الضور ف قط قلت :لن مالس الذ كر والرشاد إن ا تف يد لكون ا مُرغ بة ف
الي وباعثة ف الغالب عليه فإن ل ينشأ عنها ذلك فل خي فيها وصفة هؤلء
كما قال بعض العلماء :كمثلِ مري ضٍ يضر مالس الطباء ويسمع منهم ما
يصفونه من الدوية ول يفعلها ول يشتغل با فأي فائدة يصل عليها؟!
فكل وعظ ل يُغي منك صفة تتغي با أفعالك حت تُقبل على ال عز
وجكل وتعرض عكن الدنيكا وتقبكل إقبالً قويا ،فإن ل تفعكل فذلك كان زيادة
43
377 الناهل السان ف دروس رمضان
حجة عليك ،وهذا غرور عظيم.
ومنهم من يتنفل بالعبادات ويُهمل الفرائض.
ومن هم من يتطوع بال ي ويُك ثر الت سبيح مع معامل ته بالر با وا ستعمال
الغش ،وربا صاح على والديه وأخذ أعراض الناس ،وجهور الناس قد اتكلوا
على الع فو واللم ف هم مُ صرون على ذنوب وخطا يا فإذا ذكرت ل م العقو بة
قالوا :هو كري وينسون أنه شديد العقاب ،ومنهم أقوام يستعجلون العصية
موافقةً للهوى ويضمرون أننا سنتوب ويسوفون بالتوبة ،ومن العُصاة من يغتر
بفعل خي فربا تصدق أو سبح وظن أن هذا يُقاوم ذنوبه.
وينسى ما حصل منه من الغيبة والكذب والرياء وغي ذلك من العاصي
الت تقضي على السنات الت أمثال البال.
ومن الغترين من يغره صلح آبائه وربا قال :أب يشفع ل ول يدري
أن أباه فضل بالتقوى وكان مع التقوى خائفا؟ ومن أين له أن يشفع له؟ ،أو
ش َفعُو َن إِل لِ َمنِ ا ْرتَضَى [النبياء.]28 :
ما سع قوله تعال :وَل َي ْ
ول يعلم أن نوحا عليه السلم أراد أن يمل ابنه معه ف السفينة فمنع
من ذلك وأغرق ال ابنه مع الغرقي.
وف الديث الصحيح أن رسول ال قال « :يا فاطمة ل أغن عنك
من ال شيئا» فالعاقل من عمل على الرص وأخذ بالحوط فمن تأمل العلم
وتصفحه وشاور العقل دله على الزم فسلم من الغترار ،وال الوفق.
وطبقكة أخرى أكبوا على تلوة كتاب ال وتركوا تدبره والعمكل بكه،
وربا ختموه ف يومٍ وليلةٍ بألسنتهم ،أما قلوبم فهي ف أودية الدنيا تردد ،ول
تتف كر ف معا ن القرآن لتن جر بزواجره وتت عظ بواع ظه وت قف ع ند أوامره
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ونواه يه وتع تب بوا ضع العتبار ،ف من قرأ كتابا عدة مرات وترك الع مل به
يُخشى عليه من العقوبة.
وطب قة اغتروا وأكثروا ال صيام و هم مع ذلك ل يفظون أل سنتهم عن
الغيبة والنميمة والكذب والتملق عند الفُساق وأعداء الدين ول يعرفون الولء
والباء ول يفظون بطونمك عكن الرام ،ول أعينهكم عكن النظكر الحرم ول
أساعهم عن اللهي والنكرات ول يقومون على أولدهم ويأمرونم.
وطبقة أخرى أكثرت من نوافل الج من غي خروج من الظال وقضاء
الديون واسكترضاء الوالديكن ول طلبوا لذلك الزاد اللل ورباك ضيعوا صكلة
الما عة أو ال صلة الكتو بة ،ورب ا كانوا ل يُبالون بالنجا سات ،ورب ا كان
نفقة أحدهم حراما كله هو ورفقاؤه ،وربا كان مُرائيا ف إنفاقه فيعصي ال
فك كسكب الرام أولً وفك إنفاقكه للرياء ثانيا نعوذ بال مكن الغرور .وفرقكة
أخذت فك طريكق المكر بالعروف وإرشاد اللق وأنكروا على الناس وتركوا
أنفسهم وأولدهم ومن يشونم أو يرجونم .وفرقة أخرى غلب عليها البخل
فل تسكمح نفوسكهم بأداء الزكاة كاملة مُكملة يُخرج مقدار ربعهكا فقكط
ويتأول الباقي ويعد أنه إذا وجد فقيا أعطاه ويرى أن ما يدفعه إذا تقدم فقي
ف ب عض اليام وأعطاه كافيا ورب ا كا نت زكا ته عدد أيام ال سنة مئات من
الريالت نعوذ بال من الغرور.
شعرا:
وَنَحْنُ فِي غَفلةٍ عَمّا يُرَادَ الَوتُ فِي ُكلِّ حِيْ ٍن يَنْشِر
وَإِنْ تَوشّحَتْ مِن أثَوَابِهَا ل تَطْمَئِنّ ِإلَى ال ّدنْيَا
أيْنَ الذين هُم كَانوا لَنَا أَيْنَ الَحِبّةُ والِيانُ مَا
45
377 الناهل السان ف دروس رمضان
فَصَيّرتْهُمْ لِطْبَاق الثّرَى سَقَاهُمُ الَوتُ كَأسا غيَ
بالكرُمَات وتَرْثي الِبرّ والِِنَنَا تَبْكِي النَازِلُ مِنْهُم ُكلُّ
أَ َل يَظُنّ عَلَى مَعْلومِهِ حَسَنَا حَسْبُ الِمَام لَوَ أَبْقَاهُم
الناهل السان ف دروس رمضان 378
موعظهة
خطب عمر بن عبد العزيز آخر خطبة خطبها فقال فيها :أما بعد "إنكم
ل تُخلقوا عبثا ،ولن تُتركوا سُدىً ،وإن ل كم معادا ينل ال ف يه للف صل ب ي
عباده ،فقد خاب وخسر من خرج من رحة ال الت وسعت كل شيء وحرم
جنة عرضها السموات والرض ،أل ترون أنكم ف أسلب الالكي ،وسيثها
بعدكم الباقون كذلك حت تُرد إل خي الوارثي ،وف كل يو ٍم تشيعون غاديا
ورائحا إل ال ق ضى ن به وانق ضى أجله فتدعو نه ف صدعٍ من الرض غ ي
موسدٍ ول مهد ،قد خلع السباب ،وفارق الحباب ،وسكن التراب ،وواجه
ال ساب ،غنيا ع ما خلف ،فقيا إل ما أ سلف ،فاتقوا ال ق بل نزول الوت
وانقضاء مواقيته ،وإن لقول لكم هذه القالة وما أعلم عند أحدٍ من الذنوب
أكثكر ماك أعلم عندي ،ولككن أسكتغفر ال وأتوب إليكه ،ثك رفكع طرف ردائه
وبكى حت شهق ث نزل ،فما عاد إل النب بعدها حت مات رحة ال عليه.
بنهزِلَةٍ تَبْقَى وَفيها الَتَالِف أتَبكِيْ َلذَا الَوتِ أم أنتَ
فَتَلْقَى كَما لقَى القُرونُ كأنك َقدْ غُيبت فِي اللحْد والثّرى
ف وَلَم يَبْقَفَلَم يَبْقَ ذُو إِل ٍ أَرَى الَوت َقدْ أفْنَى القُرونَ الت
ِإذَا عُصبت يَوما عَلَ ْي ِه اللّفَائِف كَانَ الفَتَى لَم يَغْنَ فِي النّاس
فَمُسْتَعبِرٌ يَبْكِي وَآخَرُ وَقَامَتْ عَلَ ْيهِ عُصبةٌ يندُبُونه
وَتُعقدْ مِن لِبْن عَلَ ْي ِه السّقَائفُ وَغُوْدِرَ فِي لَحْدٍ كَرِيْهٍ
بِمَا ذَرَفَتْ فِ ْيهِ العُيُوُن يَقِلّ الغِنَي عَن صاحِب اللّحد
وََلكِن حزينٌ موجَعُ القلبِ خائفُ وَمَا من يَخَافُ البَعْثَ والنّارَ
وَهَيّجَ أحْزانا ذُنُوبٌ سَوالف ِإذَا عَن ذِكْرُ الَوتِ أوْجَعَ
47
377 الناهل السان ف دروس رمضان
اللهم أنظمنا ف سلك حزبك الفلحي ،واجعلنا من عبادك الخلصي
وآم نا يوم الفزع ال كب يوم الد ين ،واحشر نا مع الذ ين أنع مت علي هم من
النبيي والصديقي والشهداء والصالي واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي
الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي ،وصلى ال على مم ٍد وعلى
آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
الفصل الثامن
الث على صيانة الوقت وصرفه فيما فيه النفع:
وما يتأكد اجتنابه والتحذير منه ف رمضان وغيه اللوس ف الجالس
الت هي كفيلة بالسران والندامة كمجالس آلت اللهو من السطوانات –
والذياع (الراديكو) – وأعظكم مكن ذلك السكينما – والتليفزيون والفيديكو –
ومالس شرب الدخان ونوه والغي بة – والب هت – وال سخرية وال ستهزاء –
وملعب الكرة – والورق والكيم والنرد ونو هذه الجالس الدنيئة الت كم
قتلت مكن أوقات وككم ضاع فيهكا مكن أموال وككم جنكت على أصكحابا
وغيهم من آثام وأوزار وشرور وأضرار.
نسكأل ال العصكمة لنكا ولخواننكا السكلمي مكن تعاطيهكا بيعا وشراءً
واستعما ًل واقتنا ًء وحضورا وإعان ًة وتشجيعا.
وعن عقبة بن عامر أن رسول ال قال « :كل ما يلهو به الرجل
السلم باطل إل رمية بقوس وتأديبه فرسه وملعبته أهله فإنن من الق».
ففي هذا الديث دليل على أن كل ما يلهو به النسان فهو باطل أي
مُحرم منوع ما عدا هذه الثلث الت استثناها رسول ال فإنن من الق أو
وسيلة إل الق.
وقال شيخ السلم -رحه ال -ف الكلم على حديث عقبة كل لو
يلهو به الرجل فهو باطل الديث ما معناه الباطل ضد الق فكل ما ل يكن
حقا ووسيلة إليه ول يكن نافعا فإنه باطل مشغل للوقت مفوت على النسان
ما ينفعه ف دينه ودنياه فيستحيل على الشرع إباحة مثل هذا اهك.
وقال ابن القيم -رحه ال -إذا أشكل حكم شيء هل هو الباحة أو
49
377 الناهل السان ف دروس رمضان
التحريك فلينظكر إل مفسكدته وثرتكه وغايتكه فإن كان مشتملً على مفسكدة
راجحة ظاهرة فإنه يستحيل على الشارع المر به أو إباحته بل العلم بتحريه
من شرعه قطعي ول سيما إذا كان مفضيا إل ما يُغضب ال ورسوله موصلً
إل يه عن قرب وقال ش يخ ال سلم ل يوز الل عب بالطاب والنقلة و كل ما
أفضى كثيه إل حرمةٍ وإذا ل يكن فيه مصلحة راجحة لنه يكون سببا للشر
والفساد وما ألى أو شغل عن ما أمر ال به فهو منه ٌي عنه وإن ل يرم جنسه
كالبيع والتجارة و سائر ما يلهى به البطالون من أنواع اللهو و سائر ضروب
اللعب ما ل يُستعان به على حق شرعي فكل حرام اهك.
وكذا ينبغي أن يذر ما يعوق سيه إل ال والدار الخرة كالطالعة ف
الجلت والصكحف والكتكب التك ل يعود على صكاحبها منهكا إل الضرر
وضياع عمره الذي هو رأس ماله في ها و سوف يُ سأل الن سان ع ما أفناه ف يه
فقد قال رسول ال « :ل تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حت يُسأل عن
خسه عهن عمره فيمها أفناه ،وعهن شبابهه فيمها أبله ،وعهن ماله مهن أيهن
اكتسبه وفيما أنفقه ،وماذا عمل با علم».
قال شيخ السلم" :بذل الال ل يوز إل لنفعة ف الدين والدنيا" وهذا
متفق عليه بي العلماء ومن خرج عن هذا كان سفيها مُبذرا لاله ،فالي ينفق
ماله ف منافع دينه أو مباحات دنياه ،وأما اليت ففي أوقافه ووصاياه فتتعي
منافع الدين ف حقه ،ولذا اشترط ف الوقف القربة فل يصي إل جهة مُحرمة
أو مكرو هة أو مبا حة ،بل إ ما إل وا جب أو م ستحب ،وعلى هذا فالشروط
التضمنة للمر با نى ال عنه ورسوله أو النهي عما أمر ال به ورسوله مالفةً
للنص والجاع.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
قال ا بن الق يم -رح ه ال :-الع بد من ح ي ا ستقرت قد مه ف هذه
الدار فهو مسافر فيها إل ربه ،ومدة سفره هي عمره ،واليام والليال مراحل
فل يزال يطويها حت ينتهي السفر ،فالكيّس ل يزال مهتما بقطع الراحل فيما
يقربه على ال لي جد ما قدم مضرا ث الناس منق سمون إل أقسام ،من هم من
قطعها متزودا با يُقربه إل دار الشقاء من الكفر وأنواع العاصي ،ومنهم من
قطع ها سائرا في ها إل ال وإل دار ال سلم ،و هم ثل ثة أق سام :سابقون أدوا
الفرائض وأكثروا من النوافكل بأنواع ها ،وترك الحارم ،والكروهات وفضول
الباحات ،ومقتصكدون أدوا الفرائض وتركوا الحارم ،ومنهكم الظال لنفسكه
الذي خلط عملً صالا وآ خر سيئا و هم ف ذلك درجات متفاوتون تفاوتا
عظيما اهك.
والوفق من يغتنم الزمن فيصرفه ف طاعة ال عز وجل من دراسة كتابه
وسنة رسول ال وتدبرها وتفهمهما والنظر ف كتب التفسي كتفسي ابن
جرير وابن كث ي ونوه ا من الحقق ي ،والطالعة ف شرح البخاري وم سلم
و سائر ال سنن ،ومُ صنفات العلماء الُحقق ي ،كالو فق وال جد وش يخ ال سلم
وابن القيم ونوهم من الئمة جزاهم ال عن السلم والسلمي خيا.
وقال بعضهم يُوب ُخ نفسه ويثها على حفظ الوقت:
مِنْ أمرِ دُنياه حَتّى فَاتَ آجِلُهُ مَا بالُ قَلْبَكَ َقدْ الْهاهُ عاجله
هَل رَدّ حَتْفَ امرئٍ عَنْه ل وَالنايا غِيُ غافلةٍ يَا غَافِ ً
لَكَ الَبَائِل فَانْظُرُ مَن دُنْيَاَك والنّفْسُ والشّيطانُ َقدْ
عن رُشْدِه فَهْو بَالتّحقِيق يَا عَالا حُبّه دُنْياهُ يُذهلُهُ
مَنْ لَم يَسُسْ مُلْكَهُ فالُلكُ أُعْطيْتَ مُلْكَا فَسُسْ مَا
51
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وَمَا انقْضَى بَعضُه لَم يَبْقَ وَبَادِرِ العُمْرَ فَالسّاعَاتُ
مِن نَادِمٍ وَلَوَ انْبَتّتْ س يَنْفَعُ بعدَ الَوتِ عَضّ ولَيْ َ
هَوّنْ عَلَيك فَإِنّ الدّودَ يَا مُسْمِنَ الِسْمِ مُخْتَارا
قَبْلَ الِسَابِ الذي تُعْيِيْ وَحَاسَبِ النّفْسَ فِيْمَا َأنْتَ
عَلَى جَهُو ٍل بِدنُيْاهُ يُطاوِلُهُه يَا طَالِبَ الّاهِ كَيْ يَسْمُو
إِلّ بِالنّعَمِ العُظْمَى مًعَامِلُهُ هَلْ نَالَ قَطْ امرؤٌ عَزا عَلَى
يَفورُ بِالنّعَمِ العُظمى مُعامٍلُهُ اعْمَلْ بِعِلْمٍ وَعَامِ ٍل بِهِ
أَعْرَضْتَ أَوْلَكَ مَعْروفُا إن تُبْتَ جَادَ وإنْ أَحْسَنتَ
فَهَلْ تُجوّدُ فِيْمَا َأنْتَ عَامِلُهُ يَا عَبْدُ جُوّدْتَ فِيْمَا َأنْتَ
مَنْ يَفْصِلُ الدّ مِمّا َأنْتَ فَالقَوْلُ وَالفِعْل مَعْروُضَان
فإنّ ذَاكَ خَسِيْسُ الَظِ لَ تَرضَ بِالقَولِ دُونَ الفِعْلِ
وَانْهَضْ لِتُصْلحَ مِنْه مَا فَارْجَع ِإلَى الِ عَمّا فَاتَ مِن
َفقَد تَقَضّتْ بِخُسْرانٍ وَارْبَحْ أَواخِرَ عُمْر لَ بَقَاءَ
الل هم إ نك تعلم سرنا وعلنيت نا وت سمع كلم نا وترى مكان نا ل ي فى
عليك شيء من أمرنا نن البؤساء الفقراء إليك الستغيثون الستجيون بك
ن سألك أن تُق يض لدي نك من ين صره ويز يل ما حدث من البدع والنكرات
ويقيكم علم الهاد ويقمكع أهكل الزيكغ والكفكر والعناد ونسكألك أن تغفكر لنكا
ولوالدينا وجيع السلمي برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على ممد وآله
وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
– 1حكم صوم رمضان:
صوم رمضان فريضة :والصل ف فريضته :الكتاب والسنة ،والجاع.
أما الدليل من الكتاب فقوله تعال :يَا أَّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا كُتِبَ عَلَ ْيكُمُ
الصّيَامُ كَمَا كُِتبَ عَلَى الّذِينَ ِم ْن قَبْ ِلكُ ْم َلعَلّ ُكمْ تَتّقُونَ [البقرة.]183 :
وأ ما ال سُنة ،ف عن ا بن ع مر قال :قال ر سول ال « :بُ ن ال سلم
على خ س :شهادة أن ل إله إل ال وأن مُحمدا ر سول ال ،وإقام ال صلة
وإيتاء الزكاة ،وصوم رمضان ،وحج البيت».
وأما الجاع ،فأجع السلمون على فريضة صوم شهر رمضان.
– 2بيان من يب عليه الصوم:
ويُفترض على ككل مسكلم عاقكل بالغ قادر أداء وقضاء ،ول يبك على
كافر – سواء كان أصليا أو مرتدا – لن الصوم عبادة ل تصح منه ف حال
ِنه يَنَْتهُوا
ِينه َك َفرُوا إ ْ
كفره ،ول يبك عليكه قضاءهكا لقوله تعالُ :ق ْل لِ ّلذ َ
ُي ْغفَ ْر َل ُهمْ مَا َقدْ سَلَفَ [النفال.]38 :
ولن فك إياب قضاء مكا فات فك حال كفره تنفيا عكن السكلم ولو
أسلم ف أثنائه ل يلزمه ما مضى من اليام ويصوم ما بقي من الشهر.
ولد يث ا بن ما جه ف و فد ثق يف :قدموا عل يه ف رمضان ،فضرب
عليهم قبة بالسجد فلما أسلموا ،صاموا ما بقي عليهم من الشهر ،إذ أن كل
يوم هو عبادة مُفردة.
ول يب الصوم على منون ،ول صب حت يبلغ ،لقوله « :رُفع القلم
53
377 الناهل السان ف دروس رمضان
عن ثلثة :عن الصب حت يبلغ ،وعن الجنون حت يفيق ،وعن النائم حت
يستيقظ».
وأما اشتراط القدرة على الصوم فلن من ل يقدر عليه با ٍل وهو الكبي
والعجوز – إذا كان الصوم يُجهدها ويشق عليهما مشقة شديدة – فلهما أن
يُفطرا ويُطع ما ل كل يو ٍم م سكينا ،لقول ا بن عباس ر ضي ال عنه ما ف قوله
تعال :وَعَلَى اّلذِي َن يُطِيقُونَ هُ ِف ْدَيةٌ [البقرة .]184 :لي ست بن سوخةٍ ف
الشيخ الكبي ،والرأة الكبية اللذين ل يستطيعان الصوم فيُطعمان مكان كل
يومٍ مسكينا.
وروي أن أنس بن مالك ضعف عن الصوم ف صنع جفنة من ثريد،
فدعا ثلثي مسكينا فأطعمهم.
والريض الذي ل يُرجى بُرؤه ،حُكمه حكم الشيخ الكبي ،يُطعم لكل
يومٍ مسكينا.
– 3ما يثبُت به الشهر:
ويب صوم رمضان برؤية هلله ،أو إكمال شعبان ثلثي يوما وتثبت
رؤية هلل رمضان بب مُسلم مُكلف عدل ولو عبدا أو أُنثى.
َصه ْمهُ [البقرة:
شهْ َر فَلْي ُ
ُمه ال ّ
َنه َش ِهدَ مِ ْنك ُ
قال ال تبارك وتعال :فَم ْ
.]185
وعن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما قال :سعت رسول ال يقول:
«إذا رأيتموه فصوموا ،وإذا رأيتموه فأفطروا ،فإن غم عليكم فاقدروا له».
وعكن ابكن عمكر رضكي ال عنهمكا قال« :ترآى الناس اللل فأخهبت
النب أن رأيته ،فصام وأمر بصيامه».
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وعكن ابكن عباس رضكي ال عنهمكا قال :إن أعرابيا جاء إل النكب ،
فقال :إ ن رأ يت اللل ،فقال« :أتش هد أن ل إله إل ال؟» قال :ن عم ،قال:
«أتش هد أن مُحمدا ر سول ال؟» قال :ن عم ،قال« :فأذن ف الناس يا بلل
أن يصوموا غدا».
ويُسكتحب إذا رَأى اللل أن يقول مكا ورد ،ومنكه حديكث ابكن عمكر
رضكي ال عنهمكا قال :كان رسكول ال إذا رأى اللل قال« :ال أكهب،
الل هم أهله علي نا بال من واليان وال سلمة وال سلم والتوف يق ل ا تُ حب
وترضى».
ومنكه حديكث طلحكة بكن عبكد ال ،أن النكب كان إذا رأى اللل
قال« :اللهم أهله علينا بالمن واليان والسلمة والسلم ،رب وربُك ال،
هلل رُشدٍ وخي».
وإن حال دون مطلع اللل ليلة الثلثيك مكن شعبان غيكم أو قتكر أو
غيها ،فإنه ل يب صومه ول يُستحب ،بل الشروع فطره لا ورد عن أب
هريرة قال ،قال رسول ال « :صوموا لرؤيته .وأفطروا لرؤيته ،فإن غُم
عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلثي».
وعن عمار بن ياسر رضي ال عنهما قال" :من صام اليوم الذي يشك
فيه فقد عصى أبا القاسم ".
وعكن ابكن عباس رضكي ال عنهمكا قال :قال رسكول ال « :صهوموا
لرؤي ته ،فإن حال بين كم وبي نه سحاب فكملوا العدة ثلث ي ول ت ستقبلوا
الشهر استقبالً».
ويُستثن القضاء ،والنذر والعادة ،فيجوز صومها فيه.
55
377 الناهل السان ف دروس رمضان
و عن أ ب هريرة قال :قال ر سول ال « :ل تقدموا رمضان ب صوم
يوم ول يومي إل رجلٌ كان يصوم صوما فليصمه».
– 4فيما يترتب على ثبوت رؤية اللل:
وإذا ث بت رؤ ية هلل رمضان ببلد لزم الناس كل هم ال صوم إذا اتف قت
الطالع لاك روى "كُريكب" قال :قدمكت الشام ،واسكتهل عليّ رمضان وأنكا
بالشام ،فرأيت اللل ليلة المعة ،ث قدمت الدينة ف آخر الشهر فسألن عبد
ال بن عباس .ث ذكر اللل فقال :مت رأيتم اللل؟ قلت :رأيناه ليلة المعة
فقال :أنت رأيته؟ قلت نعم ورآه الناس ،وصاموا ،وصام معاوية ،فقال :لكنا
رأيناه ليلة السكبت فل نزال نصكوم حتك نُكمكل ثلثيك أو نراه .فقلت :أفل
تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال :ل ،هكذا أمرنا رسول ال ".
ومكن رأى وحده هلل رمضان ورد قوله لزمكه الصكوم وجيكع أحكام
الشهر من طل قٍ وعتق ،وغيها مُعلقي به ،لعموم قوله « :صوموا لرؤيته
وأفطروا لرؤيته» ،ولنه تيقن أنه من رمضان فلزمه صومه وأحكامه بلف
غيه من الناس ،و من رأى وحده هلل شوال ل يُف طر لد يث «الف طر يوم
يُفطر الناس ،والضحى يوم يُضحي الناس».
وحديث« :الفطر يوم يُفطرون ،والضحى يوم يضحون».
وروى أبو رجاء عن أب قلبة:
أن رجل ي قد ما الدينة و قد رأ يا اللل ،و قد أصبح الناس صياما فأت يا
ع مر ،فذكرا ذلك له ،فقال لحده ا :أصائمٌ أ نت؟ قال :بل مُف طر .قال :ما
حلك على هذا؟ قال :ل أ كن ل صوم و قد رأ يت اللل وقال لل خر ،قال:
إن صائم ،قال :ما حلك على هذا؟ قال :ل أكن لفطر والناس صيام .فقال
الناهل السان ف دروس رمضان 378
للذي أفطر :لول مكان هذا لوجعت رأسك ،ث نودي ف الناس أن اخرجوا.
وإناك أراد ضربكه لفطاره برؤيتكه وحده ،ودفكع عنكه الضرب لكمال
الشهادة بكه ،ولو جاز له الفطكر لاك أنككر عليكه ول توعده ،وإن صكام الناس
بشهادة اثنيك :ثلثيك يوما فلم يروا اللل أفطروا لقول النكب « :فإن غُم
عليكم فصوموا ثلثي ث أفطروا».
وإذا قامت البينة أثناء النهار لزم أهل وجوب الصوم المساك ولو بعد
أكل هم لتعذر إم ساك الم يع فو جب أن يأتوا ب ا يقدرون عل يه لقوله تعال:
فَاّتقُوا اللّ هَ مَا ا سْتَطَعُْتمْ [التغا بن ،]16 :وحد يث« :إذا أمرت كم بأ مر
فأتوا منه ما استطعتم».
– 5ل يصح صيام رمضان إل بني ٍة من الليل:
ول يصح صوم رمضان ،ول غيه من الصيام الواجب إل بنيةٍ من الليل
ل كل يوم ،روت حف صة -ر ضي ال عن ها -عن ال نب أ نه قال « :من ل
يُبيت الصيام قبل الفجر فل صيام له».
و عن عائ شة -ر ضي ال عن ها -مرفوعا « :من ل يُبيت ال صيام ق بل
طلوع الفجر فل صيام له».
ومن نوى الصوم من الل يل ث أ تى ب عد النية ف الل يل با يُب طل الصيام
كال كل ل تب طل الن ية لظا هر ال ب ولن ال أباح ال كل إل آ خر الل يل فلو
بطلت به فات ملها ومن خطر بباله أنه صائم غدا فقد نوى ،لن النية ملها
القلب ،وال كل والشرب بن ية ال صوم ن ية ،قال الش يخ ت قي الد ين هو ح ي
يتعشكى عشاء مكن يريكد الصكوم ،ولو نوت حائض أو نفسكاء صكوم غ ٍد وقكد
عرفت أنا تطهر ليلً صح لشقة القارنة وال أعلم.
57
377 الناهل السان ف دروس رمضان
الل هم انظم نا ف سلك الفائز ين برضوا نك ،واجعل نا من التق ي الذ ين
أعددت لم فسيح جناتك ،وأدخلنا برحتك ف دار أمانك ،وعافنا يا مولنا
ف الدن يا والخرة من ج يع البل يا وأجزل ل نا من موا هب فضلك وهبا تك
ومتعنكا بالنظكر إل وجهكك الكريك مكع الذيكن أنعمكت عليهكم مكن النكبيي
والصديقي والشهداء والصالي ،واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء
منهكم واليتيك برحتكك يكا أرحكم الراحيك ،وصكلى ال على ممدٍ وعلى آله
وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
ويبحث ف:
– 1حكم صوم التطوع بنيةٍ من النهار.
– 2فيمن يُباح له الفطر ومن يب عليه.
– 3من عرض له جنون أو إغماء.
– 1حكم صوم التطوع بنيةٍ من النهار:
ويصح صوم التطوع بني ٍة من النهار قبل الزوال وبعده لا ورد عن عائشة -
رضي ال عنها -قالت :دخل عليّ رسول ال ذات يوم فقال « :هل عندكم
شيء فقلنا ل ،فقال :فإن إذن صائم» ،ث أتانا يوما آخر ،فقلنا :يا رسول ال
أُهدي لنا حيس ،فقال « :أرنيه ،فلقد أصبحت صائما فأكل».
وزاد النسائي ،ث قال« :إنا مثل صوم التطوع ،مثل الرجل يرج من
ماله الصدقة ،فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها» ،ومن لفظ له أيضا قال:
« يا عائ شة ،إن ا منلة من صام ف غ ي رمضان أو ف التطوع بنلة ر جل
أخرج صدقة ماله فجاد منها با شاء فأمضاه ،وبل منها با شاء فأمسكه».
قال البخاري :وقالت أم الدرداء :كان أبككو الدرداء يقول :عندكككم
طعام؟ فإن قلنا :ل ،قال :فإن صائم يومي .قال وفعله أبو طلحة وأبو هريرة،
وابن عباس ،وحذيفة -رضي ال عنهم.
ويُح كم بال صوم الُثاب عل يه ،من و قت الن ية ،لد يث« :إن ا العمال
بالنيات ،وإن ا ل كل امريءٍ ما نوى» ،و ما قبله ل يو جد ف يه ق صد القُر بة،
ُنافك غيك نيكة الفطار ،اقتصكارا على مُقتضكى
لككن يُشترط أن ل يوجكد م ٍ
الدليل ،ونظرا إل أن المساك هو القصود العظم ،فل يُعفى عنه أصلً ،فإن
59
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ج ْز الصيام ،فل يصح صوم من أكل ث نوى بقية فعل قبل النية ما يُفطره ل يَ ُ
يو مه لعدم ح صول حك مة ال صوم ،وي صح تطوع حائض ونف ساء طهرت ف
يوم ب صوم بقي ته وتطوع كا فر أ سلم ف يوم ل ا يأت يا ف يه بف سد من أ كل أو
شرب ونوه ا وإن بلغ صب ،أو أ سلم كا فر ،أو أفاق منون ف أثناء النهار،
وهم مفطرون ،لزمهم الم ساك عن مف سدات الصوم ،لرمة الو قت ولزوال
البيح ،وإن طهرت حائض أو نفساء ،أو قدم مسافر مفطرا؛ فعليهم المساك
َانه
َنه ك َوالقضاء ول خلف فك وجوب القضاء عليهكم لقوله تعال :فَم ْ
مِ ْن ُكمْ َمرِيضًا َأوْ عَلَى َس َفرٍ َف ِع ّدةٌ مِ ْن َأيّامٍ أُ َخرَ [البقرة.]184 :
ولقول عائشة -رضي ال عنها -كنا نيض على عهد رسول ال
فنؤمر بقضاء الصوم ،وكذا الكم ف الريض إذا صح ف أثناء النهار ،وكان
مفطرا.
ويُسن الفطر لسافر يُباح له القصر ،ولريض ،لقوله تعال :فَمَ نْ كَا َن
مِ ْنكُ ْم َمرِيضًا َأوْ عَلَى َسفَ ٍر َف ِعدّ ٌة مِ ْن َأيّا ٍم ُأخَرَ [البقرة .]184 :ولد يث:
«ليس من الب الصيام ف السفر».
و ف روا ية أخرى ،قال ر سول ال …« :علي كم برخ صة ال ال ت
رخص لكم فاقبلوها» وإن صام أجزأه.
ولديث « :هي رخصة من ال فمن أخذ با فحسن ،ومن أحب أن
يصوم فل جُناح عليه».
وعن حزة بن عمرو السلمي أنه قال للنب :أصوم ف السفر؟ قال:
«إن شت ف صم ،وإن شئت فاف طر» .وال أعلم و صلى ال على م مد وآله
وسلم.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
– 2فيمن يُباح له الفطر ومن يب عليه:
ويُباح الفطر ،لاضر سافر ف أثناء النهار ،لديث أب بصرة الغفاري:
أنه ركب ف سفينة من الفسطاط ف شهر رمضان ،فدفع ،ث قرب غداءه ،فلم
ياوز البيوت ح ت د عا بال سُفرة ،ث قال :اقترب! ق يل :أل ست ترى البيوت؟
قال :أترغب عن سنة ممد صلى ال عليه وسلم؟ فأكل.
وإن صام أجزأه ،لديث « :هي رخ صة من ال ف من أ خذ ب ا فح سن
ومن أحب أن يصوم فل جُناح عليه».
ويُباح الفطكر لامكل ،ومُرضكع ،إذا خافتكا على أنفسكهما ،فيُفطران
ويقضيان كالريكض الائف على نفسكه ،وإن خافتكا على ولديهمكا أفطرتكا
وقض تا ،ولزم ول الولد إطعام م سكي ل كل يوم لقوله تعال :وَعَلَى اّلذِي نَ
يُطِيقُونَ ُه ِفدَْيةٌ َطعَا ُم ِمسْكِيٍ [البقرة.]184 :
قال ابن عباس -رضي ال عنهما" :كانت رخصة للشيخ الكبي والرأة
يومك مسككينا والُبلى
وهاك يُطيقان الصكيام أن يُفطرا ويُطعمكا مكان ككل ٍ
والرضع إذا خافتا على أولدها أفطرتا وأطعمتا" .رواه أبو داود.
وروي ذلك عن ا بن ع مر -ر ضي ال عنه ما -ول مالف ل م من
الصحابة وليس لن جاز له الفطر برمضان أن يصوم غيه فيه لنه ل يسع غي
ما فرض فيه ول يصلح لسواه ،ويب الفطر على من احتاجه لنقاذ معصوم
من مهل كة ،كغرق ل نه يك نه تدارك ال صوم بالقضاء بلف الغر يق ونوه،
وي ب الف طر على الائض والنف ساء ل ا ورد عن أ ب سعيد الدري قال:
قال رسول ال « :أليس إذا حاضت ل تُصل ول تصم» متفق عليه.
61
377 الناهل السان ف دروس رمضان
– 3من عرض له جنون أو إغماء:
ومن نوى الصوم ث جُن أو أغمي عليه جيع النهار ،ول يُفق جزءا منه
ل يصح صومه؛ لن الصوم :المساك مع النية لديث أب هريرة قال :قال
رسول ال « :قال ال عز وجل ،كل عمل ابن آدم له إل الصوم فإنه ل،
وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه من أجلي …» ،فأضاف الترك إليه ،وهو
ل يُضاف إل الجنون والُغمكى عليكه ،فلم يُجكز والنيكة وحدهكا ل تُجزي،
ويصح الصوم من أفاق جزءا منه حيث نوى ليلً لصحة إضافة الترك إليه إذا،
ويُفارق النون اليكض بأنكه ل ينكع الوجوب بكل ينكع الصكحة ويرم فعله،
ويصح صوم من نام جيع النهار لن النوم عادةً ل يزول الحساس به بالكلية
ل نه م ت نُ به انت به .ويق ضي مُغ مى عل يه ز من إغمائه ل نه مُكلف ،ولن مدة
الغماء ل تطول غالبا ،ول تثبت الولية عليه ،ول يقضي منون زمن جنونه
لعدم تكليفه.
(موعظههة)
إخوانك إن الغفلة عكن ال مصكيبة عظيمكة قال تعال :وَل َتكُونُوا
س ُهمْ [الشر .]19 :فمن غفل عن ذكر ال كَاّلذِي َن نَسُوا اللّ َه َفأَنْسَاهُ ْم َأنْفُ َ
وألته الدنيا عن العمل للدار الخرة أنساه العمل لصال نفسه فل يسعى لا
ب ا فيه نفعها ول يأ خذ ف أسباب سعاتدها وإصلحها وما يُكملها ويُنسى
كذلك أمراض نفسه وقلبه وآلمه فل يطر بباله معالتها ول السعي ف إزالة
عللها وأمراضها الت تؤول إل اللك والدمار وهذا من أعظم العقوبات فأي
عقو بة أع ظم من عقو بة من أه ل نف سه وضيع ها ون سي م صالها وداء ها
ودواءها وأسباب سعادتا وفلحها وحياتا البدية ف النعيم القيم ومن تأمل
الناهل السان ف دروس رمضان 378
هذا الوضع تبي له أن كثيا من اللق قد نسوا أنفسهم وضيعوها وأضاعوا
حظها وباعوها بثمن بس بيع الغبون ويظهر ذلك عند الوت ويتجلى ذلك
كله يوم التغابنَ :ي ْومَ ل يَ ْنفَعُ مَا ٌل وَل بَنُونَ .الية.
ت فِي
ت مِ ْن قَ ْبلُ َأوْ كَ سََب ْ
يوم ل يَ ْنفَ ُع َنفْ سًا إِيَانُهَا لَ مْ َتكُ نْ َآمَنَ ْ
إِيَانِهَا خَ ْيرًا [النعام .]158 :إناك لسكرة على ككل ذي غفلة دوناك ككل
حسرة ،هؤلء هم الذين اشتروا الضللة بالدى فما ربت تارتم وما كانون
مهتدين نسأل ال العفو والعافية ف الدنيا والخرة.
الل هم اعط نا من ال ي فوق ما نر جو وا صرف ع نا من ال سوء فوق ما
نذر .الل هم علق قلوب نا برجائك واق طع رجاء نا ع من سواك .ال إ نك تعلم
عيوبنا فاسترها وتعلم حاجاتنا فاقضها كفى بك وليا وكفى بك نصيا ،يا
رب العالي ال وفقنا لسلوك سبيل عبادك الخيار واغفر لنا ولوالدينا ولميع
ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على
ممد وعلى آله وصحبه أجعي.
63
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
ويبحث ف:
– 1ذكر أشياء ترم على الصائم ويفطر با.
– 2حكم ما إذا أكل أو شرب ناسيا.
– 3بعض فوائد الصوم.
– 1ذكر أشياء ترم على الصائم ويفطر با:
يرم على كل مسلم عاقل تناول مفطر من غي عذر ،لا ورد عن أب
هريرة :أن رسول ال قال« :من أفطر يوما من رمضان من غي رخصة
ول مرض ،ل يقضه صوم الدهر كله وإن صامه».
و عن أ ب أُما مة الباهلي قال :سعت ر سول ال يقول« :بين ما أ نا
ل وعرا فقال اصعد فقلت :إن نائم أتان رجلن فأخذا بضبعي فأتيا ب جب ً
ل أطيقه فقال :إنا سنُسه ُلهُ لك فصعدت حت إذا كنت ف سراة البل ،إذا
بأ صواتٍ شديدة قلت :ما هذه ال صوات؟ قال :هذا عُواء أ هل النار ،ث
انطلق ب فإذا أنا بقو ٍم مُعلقي بعراقيبهم مُشققة أشداقهم تسيل أشداقهم
دما قال قلت :من هؤلء؟ قال :الذين يُفطرون قبل تلة صومهم» الديث
رواه ابن خزية وابن حبان ف صحيحيهما.
وماك يرم على الصكائم الككل والشرب بعكد تكبي الفجكر الثانك لقوله
جرِ
ط ال ْسوَ ِد مِ َن اْلفَ ْ
ط البْيَضُ مِنَ الْخَ ْي ِ
تعال … :حَتّى يَتَبَيّ َن لَكُ ُم الْخَيْ ُ
ُث ّم أَتِمّوا الصّيَا َم ِإلَى اللّ ْيلِ [البقرة.]187 :
فمن أكل أو شرب متارا ذاكرا لصومه أبطله ،لنه فعل ما يُناف الصوم
لغي عذر.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
– 2حكم ما إذا أكل أو شرب ناسيا:
ول يُفطر من أكل أو شرب ناسيا ،لا ورد عن أب هريرة قال :قال
ر سول ال « :من ن سي و هو صائم فأ كل أو شرب ،فليُ تم صومه ،فإن ا
أطعمه ال وسقاه».
وروى الاكم قوله « :من أفطر ف رمضان ناسيا فل قضاء عليه ول
كفارة ،ومن استقاء فسد صومه ،وعليه قضاء».
و من ذرَعَه الق يء فل ش يء عل يه ،ل ا ورد عن أ ب هريرة قال :قال
رسكول ال « :مهن ذرعهه القيهء فل قضاء عليهه ،ومهن اسهتقاء فعليهه
القضاء».
وم ا يُف طر :الجا مة ،ل ا ورد عن شداد بن أوس أن ال نب :أ تى
على رجل بالبقيع وهو يتجم ف رمضان ،فقال« :أفطر الاجم والحجوم».
وعكن رافكع بكن خديكج قال :قال رسكول ال « :أفطهر الاجهم
والحجوم».
وم ا يرم على ال صائم ،ويب طل صيامه الماع ف نار رمضان ،وعل يه
القضاء والكفارة ،وهي عتق رقبة فإن ل يد فصيام شهرين متتابعي ،فإن ل
يستطع فإطعام ستي مسكينا ،لا ورد عن أب هريرة قال :بينما نن جلوس
عنكد النكب إذ جاء رجكل فقال :هلككت يكا رسكول ال ،قال « :ومها
أهلكك؟» قال:وقعت على امرأت ف رمضان ،فقال رسول ال « :هل تد
ما تُع تق رق بة؟» قال :ل ،قال« :اجلس» .وم كث ال نب فبين ما ن ن على
ذلك أتى النب بعرق فيه تر ،والعرق الكتل الضخم ،قال« :أين السائل؟»
قال :أنا ،قال« :خذ هذا فتصدق به» ،فقال الرجل :أعلى أفقر من يا رسول
65
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ال؟ ،فوال ما ب ي لبتي ها – ير يد الرت ي – أ هل ب يت أف قر من أ هل بي ت؟
فضحك النب حت بدت نواجذه ،ث قال« :أطعمه أهلك» .متف ٌق عليه.
وترم الباشرة فيمكا دون الفرج إن ظكن إنزالً ،فإن باشكر فيمكا دون
الفرج ،فأنزل منيا فسد صومه؛ لنه إنزال عن مباشرة ،فأشبه الماع.
وما يُفطر :الردة عن السلم – أعاذنا ال منها -قال ال تعال :لَئِنْ
ت لَيَحْبَ َطنّ َعمَ ُلكَ َولََتكُوَننّ ِمنَ الْخَا ِسرِينَ [الزمر.]65 :
َأ ْشرَكْ َ
وقال تعال :وَمَ نْ َي ْكفُ ْر بِاليَا نِ َف َقدْ حَبِ طَ عَمَلُ ُه َوهُ َو فِي ال ِخ َرةِ
ِم َن الْخَا ِسرِينَ [الائدة.]5 :
وم ا يف طر :إي صال الغذ ية بالبرة إل الوف من طعام أو شراب ل نه
فك معنك الككل والشرب مكن غيك فرق وأمكا البوب الغذائيكة والدوائيكة
والشتركة فيُفطر من أكلها.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(موعظههة)
عباد ال إن قوارع اليام خاط بة ،ف هل أذن لعظات ا واع ية ،وإن فجائع
الوت صائبة فهل نفس لمر الخرة مراعية ،إن مطالع المال إل السارعة إل
اليات سكاعية أل فانظروا بثواقكب البصكار والبصكائر فك نواحكي الهات
والقطار فمكا ترون فك حشودككم وجوعككم إل الشتات ول تسكمعوا فك
ربوع كم إل فلن مر يض وفلن مات أ ين الباء الكابر أ ين العلماء العاملون
بعلمهكم الذيكن ل تأخذهكم فك ال لومةُ لئم الناصكحون لولتمك وأمتهكم
الزاهدون فك حطام الدنيكا الفانيكة أيكن الكرماء الفاضكل الذيكن يغارون إذا
انته كت الحارم أ ين الاجرون ال صارمون للفا سق والفا جر أ ين النا صرون
للقائم على أهكل العاصكي والكبائر أيكن أهكل الولء والباء الحبون فك ال
الُبغضون لعدائه؟.
أين النقون لآكلهم وملبسهم ومساكنهم عن الرام؟ والشتبه وهو ما
كان القلب ف القدام عليه والكف عنه حائر؟
أ ين الذ ين ل ي سكنون إل بر ضا صاحب الُلك خوفا من الخاطرة ف
صلتم وصيامهم ونكاحهم ومُكثهم ف الملك السكونة قهرا وغصبا.
أين الُتفقدون للفقراء والساكي الذين ليس لم موارد.
عثرت وال بمك العواثكر وأبادتمك السكني الغوابر وبترت أعمارهكم
الادثات البواتر واختطفهم عقبا تٌ كواسر .وخلت منهم الشاهد والحاضر
وعد مت من أج سادهم تلك الوا هر وطفئت من وجوه هم النوار الزوا هر
وابتلعتهم الفر والقابر إل يوم تبلى السرائر فلو كُشفت عنهم أغطية القبور
بعد ليلتي أو ثلث ليالٍ لرأيت الحداق على الدود سائلة والوصال بعضها
67
377 الناهل السان ف دروس رمضان
عن بعض مائلة وديدان الرض ف نواعم تلك البدان جائلة والرءوس الوسدة
على اليان زائلة ينكرها من كان عارفا با وينفر عنها من ل يزل آلفا با.
فل يُعرف السيد من السود ول اللك من الملوك ول الذكي من البليد
ول الغنك مكن الفقيك فرحكم ال عبدا بادر بالقلع عكن السكيئات وواصكل
السكراع والبادرة فك العمال الصكالات قبكل انقطاع مُدد الوقات وطيّ
صكحائف السكتودعات ونشكر فضائح القترافات والنايات فل تغتروا بياةٍ
تقودُ إل المات فورب ال سماء والرض إن ا توعدون لت فالبدار البدار ق بل
أن تتمنوا الهلة وهيهات.
شعرا:
أسْلَفُنَا وَهُم للدّين َق ْد نَمْضِيْ عَلَى سُبُلٍ كَانُوا لَهَا
وَنَحْنُ للقومَ أبْنَاءٌ وَأَحْفَادُ لَنَا بِهْم أُسْوَةٌ إِذْ هُم
عَوَاقِبُ ُكلُّها نُجْحٌ وَالصّبْرُ يَا نَفْسُ خَيْرٌ ُكلُّهُ
بَيْنَ الناَمِ وَإنْ طَاوَلْنَ فَاصبِر هُدِيتَ فَإنّ الَوتَ
كَأَنّهُم وَهُم اليْقَاظُ رُقّادُ والنّاس فِي غَفْلتٍ عَن
لَوْل النّفُوسِ الت لِلْوَهْمِ دُنيا تَغُرّ وَعَيشٌ كُّلهُ كَدَرٌ
قَبْلَ الوَفاةِ وَأَنْ تَحْفَرْنَ كُنّا عَدَدْنَا َلذَا الَوتِ عُدّتَه
تَبْقَى دَوَاما بِهَا حَشْرٌ فَالدّارُ مِن بَعْدِ هَذِي الدّارِ
هلُ الَقِّ والصّبْرِ أَبْدَالٌ وَجَنّةٌ أُزْلِفَتْ لِلمُتّقِي
تَعْجَلْ وَتَكْسَل فَإِنّ الرءَ فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ مِن قَبْلِ
فَبَادِر الفَوْتَ واصْطَدْ قَبْلَ لَ يَنْفَعُ العَبْدَ إل مَا يُقَدّمَه
وَفِ ْيهِ ُكلُّ الذيْ يَبْغَي وَيَرتَادُ والَوتُ للمُؤْمِنِ الَوّابِ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
مَعَ الّنعِيْم الذي مَا فِ ْيهِ أَنْكَادُ لِقَا الكَرِيْمِ تَعَالَى مَجْدُهُ
فَالفَضْلُ لِ كَالزَالِ آبَادُ فَضْلٌ مِن الِ إِحْسَانٌ
ظَنٌ جَمِيْلٌ مَعَ النْفَاِس فَالظّنُ بِالِ مَوْلنَا وَسَيّدِنَا
فَمِنْه لِ ِل ُكلِّ إمْدَادٌ وَإيْجَادُ نَرْجُوْهُ يَرْحَمُنَا نَرْجُوْهُ
مَعَ حُسْنِ خَاتِمَ ٍة فَالُعْمُر نَدْعُوْهُ نَسْأَلُهُ عَفْوا
وَاللّطْفَ نَرْجُو وَحُسْنُ َوقَد رَضِيْنَا قَضَاءَ الِ كَيِفَ
الل هم وفق نا ل سلوك منا هج التق ي ،وخ صنا بالتوف يق ال بي ،واجعل نا
ف عليهم ول هم يزنون واغفر لنا ولوالدينا بفضلك من القربي الذين ل خو ٌ
ولميع السلمي الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال
على ممدٍ وعلى آله وصحبه أجعي.
69
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
– 3بعض فوائد الصيام:
عباد ال إن لشهكر رمضان شرّفكه ال فوائد عظيمكة ومنافكع جةك وآثار
حسنة فهو يضبط النفس ويُطفيء شهوتا فإنا إذا شبعت تردت ف الغالب
وسعت ف شهواتا ،وإذا جاعت سكنت وخضعت وامتنعت عن ما توى،
ففي حديث عبد ال بن مسعود قال :قال رسول ال « :يا معشر الشباب
من ا ستطاع من كم الباءة فليتزوج و من ل ي ستطع فعل يه بال صوم فإ نه له
وجاء» .مُتف ٌق عليه.
ذلك أ نه يك سر من شهوة الشباب ح ت ل تط غى عل يه الشهوة ،فكان
ال صوم و سيلة إل كف الن فس عن العا صي ،ف سبحانه من إله حكي مٍ عل يم،
فالصيام يُرب ف النسان الفضائل والخلص والمانة والصب عند الشدائد،
لناك إذا انقادت للمتناع عكن اللل مكن الغذاء الذي ل غنك لاك عنكه طلبا
لرضاة ال تعال وخوفا من أليم عقابه.
فالحرى باك أن تتمرن على المتناع عكن الرام الذي هكي غنيكة عنكه
وتبعكد عنكه ككل البعكد فل يغدر ول يون ول يُخلف وعدا ول يكذب ول
يُرائي.
فإذا وفقه ال لصون صيامه عن الفسدات والنقصات فالصوم لن وفقه
ال سكبب فك اتقاء الحارم وقوة العزيةك والتحلي بالفضائل والتخلي عكن
الرذائل ،وإل هذا أشار جل وعل بقولهَ :لعَ ّلكُمْ تَّتقُونَ فالصوم يدعو إل
ش كر نع مة ال ،إذ هو كف الن فس عن الطعام والشراب ومباشرة الن ساء،
وكل هذا من جلئل نعم ال على خلقه.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
والمتناع عن هذه النعم من أول يوم من شهر رمضان إل آخره يُعرف
الن سان قدر ها ،إذ ل يُعرف ف ضل النع مة إل ب عد فقد ها فيبع ثه ذلك على
القيام بشكر ها وش كر النع مة وا جب على العباد ،وإل هذا أشار بقوله تعال:
ُونه
ُمه َتشْ ُكر َ
ُمه َولَعَ ّلك ْ
ّهه عَلَى م َا هَدَاك ْ
وَلُِتكْمِلُوا اْلعِ ّد َة َولِتُكَّبرُوا الل َ
[البقرة.]185 :
وأيضا فال صيام يب عث ف الن سان فضيلة الرح ة بالفقراء والع طف على
البائسكي ،فإن النسكان إذا ذاق أل الوع فك بعكض الوقات تذككر الفقيك
الائع ف جيع الوقات فيسارع إل رحته والحسان إليه ،قيل ليوسف عليه
السكلم ،وكان كثيك الوع :ل توع وأنكت على خزائن الرض؟ فقال :إنك
أخاف أن أشبع فأنسى الائع.
و من فوائد ال صيام ما ذ كر من أ نه ين قي ال سم من الفضلت الرديئة
ورطوبات المعاء ،ويشفي كثيا من المراض بإذن ال تعال ،وفيه من الزايا
الصحية ما شهد به العدو قبل الصديق ،فسبحانه من إله عليم حكيم.
ومن فوائد الصيام أنه يُقوي النفس على الب واللم وها تنب كل ما
من شأنه إثارة الغضب لن الصوم نصف الصب ،والصب نصف اليان كما
قال ،ول ا روى الن سائي عن مُعاذ بن ج بل ف حدي ثه الطو يل :أن ال نب
قال له« :أل أدلك على أبواب الي؟ قلت :بلى يا رسول ال ،قال :الصوم
جُنة» فالصوم جُنةٌ من العذاب ومن الخلق السيئة.
و من يُل حظ حال ال صائمي الوفق ي ل ا هم عل يه من تري الطا عة
وتري سبل اليات والبتعاد عن العا صي والرغ بة ف الح سان يُدرك أن
الصوم من أعظم أسبابه الداية ،ويُدرك معن قوله تعال :وَأَ ْن تَصُومُوا خَيْرٌ
71
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ُونه [البقرة .]184 :ويُدرك معنك قوله « :الصهوم
ُمه َتعْلَم َ
ِنه كُنْت ْ
ُمه إ ْ
َلك ْ
جُنهة» ويدرك مكا فيكه مكن تذيكب النفكس وتطهيهكا مكن الخلق الوبوءة
وترويضها على الطاعات وإعدادها للسعادتي الدنيوية والخروية ،وحسبك،
ف فضل الصيام قوله « :والذي نفسي بيده للوف فم الصائم أطيب عند
ال من ريح السك».
يقول ال عز و جل« :يذر شهو ته وطعا مه وشرا به لجلي فال صوم ل
وأ نا أجزي به» ،قال ا بن الق يم -رح ه ال -و قد اختلف ف وجود هذه
الرائحة من الصائم هل هي ف الدنيا أو ف الخرة على قولي وفصل الناع ف
السألة أن يُقال حيث أخب بأن ذلك الطيب يكون يوم القيامة فلنه الوقت
الذي يظهر فيه ثواب العمال وموجباتا من الي والشر فيظهر للخلق طيب
ذلك اللوف على السك كما يظهر فيه دم الكلوم ف سبيله كرائحة السك
وك ما تظ هر ف ال سرائر وتبدو على الوجوه وت صي علن ية ويظ هر ف يه ق بح
رائحكة الكفار وسكواد وجوههكم وحيكث أخكب بأن ذلك حيك يلف وحيك
يُم سون فل نه و قت ظهور أ ثر العبادة ويكون حينئذٍ طيب ها على ر يح ال سك
عند ال تعال وعند ملئكته وإن كانت تلك الرائحة كريهة للعباد.
مكروهك عنكد الناس مبوب عنكد ال تعال وبالعككس فإن الناسٍ فرُب
يكرهونكه لنافرتكه لطباعهكم وال تعال يسكتطيبه ويبكه لوافقتكه لمره ورضاه
ومب ته فيكون عنده أط يب من ر يح ال سك عند نا فإذا كان يوم القيا مة ظ هر
هذا الطيب للعباد وصار علنية.
وهكذا سائر آثار العمال من الي والشر وإنا يكمل ظهورها ويصي
علنية ف الخرة.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
الل هم يا من خلق الن سان ف أح سن تقو ي وبقدر ته ال ت ل يُعجز ها
شيء يُحيي العظام وهي رميم ،نسألك أن تدينا إل صراطك الستقيم صراط
الذين أنعمت عليهم من النبيي والصديقي والشهداء والصالي وأن تغفر لنا
ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي
وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه آجعي.
73
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
ويبحث ف :
– 1ذكر أشياء تفى على بعض الناس.
– 2ذكر اشياء ترم ويتأكد تريها ف حق الصائم.
– 3الث على صيانة الوقت وصرفه فيما فيه النفع ف الدنيا والخرة.
– 4فيما يُستحب للصائم أن يقوله أو يفعله.
– 5أحكام القضاء.
– 1ذكر أشياء تفى على بعض الناس:
يوز لن جامع بالليل أن ل يغتسل حت يطلع الفجر ،وصومه صحيح،
لا ورد عن عائشة -رضي ال عنها -أن رجلً قال :يا رسول ال ،تُدركن
الصلة وأنا ُجنُ بٌ أفأصوم؟ فقال ر سول ال « :وأنا تُدركن الصلة وأنا
ب فأصوم» فقال :لست مثلنا يا رسول ال ،قد غفر ال لك ما تقدم من جُنُ ٌ
ذنبك وما تأ خر ،فقال« :وال ،إن لرجو أن أكون أخشاكم ل وأعلمكم
با أتقي».
وعن عائشة ،وأم سلمة -رضي ال عنهما -أن النب «كان يُصبح
جنبا من جاعٍ غي احتلم ،ث يصوم ف رمضان».
و عن أم سلمة -ر ضي ال عن ها -قالت :كان ر سول ال ي صبح
جنبا من جاع ل حلم ،ث ل يفطر ول يقضي.
ل كن يُ ستحب ل ن لز مه الغ سل ليلً من جنب وحائض ونف ساء انق طع
دمها ،وكافر أسلم ،أن يغتسل قبل طلوع الفجر الثان.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ولو أراد أن يأ كل أو يشرب من و جب عل يه ال صوم ف نار رمضان
نا سيا أو جاهلً و جب على من رآه إعل مه؛ ل نه من باب ال مر بالعروف
والنهي عن النكر ومن باب النصيحة للمسلم.
و من أ كل شاكا ف طلوع الف جر ،ودام ش كه ،فل قضاء عل يه لظا هر
الية ،وإن أفطر يظن أن الشمس قد غابت ،ول تغب فعليه القضاء ،لا روى
هشام عن عروة عن فاطمة امرأته عن أساء رضي ال عنهما قالت" :أفطرنا
على عهد رسول ال ف يو مِ غيم ،ث طلعت الشمس" قيل لشام بن عروة
– وهو راوي الديث – أمروا بالقضاء؟ قال :ل بد من قضاء.
ول يُفسد صوم من طار إل حلقه ذباب ،أو غبار من طريق ،أو دقيق
أو دخان ،لعدم إمكان التحرز م نه وأ ما الدخان الذي بُلي به كث ي من الناس
فمُحرم ويُفطر من شربه.
ول يُفطر إن فكر فأنزل ،لقوله « :عُفي لمت ما حدثت به أنفسها
ما ل تعمل به أو تتكلم».
ول يُفطر إن احتلم ،لن ذلك ليس بسببٍ من جهته.
ومن اغتسل ،أو تضمض ،أو استنشق فدخل الاء إل حلقه بل قصد،
ل يفسد صومه ،لا ورد من أن عائشة ،وأم سلمة -رضي ال عنهما -قالتا:
"نشهد على رسول ال إن كان ليُصبح ُجنُبا من غي احتلم ،ث يغتسل".
وتُكره البالغة ف الضمضة والستنشاق للصائم ،لا ورد عن لقيط بن
صبة قال :قال رسول ال « :أسبغ الوضوء ،وخلل بي الصابع ،وبالغ
ف الستنشاق إل أن تكون صائما».
ويوز للصكائم أن يفعكل مكا يُخفكف عنكد شدة الرك والعطكش وذلك
75
377 الناهل السان ف دروس رمضان
كالتبد بالاء لا ورد عن بعض الصحابة أن النب صب على رأسه الاء وهو
صائم من العطش ومن الر ،وورد أن ابن عمر بل ثوبا فألقاه على نفسه وهو
صائم وكان ل نس بن مالك ح جر منقور يُش به الوض إذا أ صابه ال ر و هو
صكائم نزل فيكه ،وقال السكن ل بأس بالضمضكة والتكبد للصكائم ذككر هذه
الثار البخاري تعليقا وال أعلم.
– 2ذكر أشياء ترم ويتأكد تريها ف حق الصائم:
ي ب اجتناب كل كذب مرم ،أ ما الكذب لتخل يص مع صوم من ق تل
فواجب ،قلت ويترجح عندي مثله أيضا تليص ماله من ظال أو قاطع طريق
أو غاصكب أو نوك ذلك ،والال مُثمكن والحسكن يتأول ،ولصكلح بيك
الزوج ي فمباح ل ا ورد عن أم كلثوم ر ضي ال عن ها قالت :قال ر سول ال
«:ليس الكذاب الذي يُصلح بي الناس ويقول خيا أو ينمى خيا» متفق
عليه.
ث اعلم أن الداعي إل الكذب مبة النفع الدنيوي وحب التراث وذلك
أن ال خب يرى أن له فضلً على ال خب ب ا عل مه ف هو يتش به بالعال الفا ضل
ل ومسرة وهو يلب به نقصا وفضيحة فالكذب فيظن أنه يلب با يقوله فض ً
رذيلة مضة من أرذل الرذائل يُنبء عن تغلغل الفساد ف نفس صاحبها وعن
سلوك يُنشيء الشر إنشاءً فالكذب يتصدع به بنيان الجتمع ،وبه يتل سي
المور ،ويُسقط صاحبه من العيون ول يوثق ف قوله ،ول يوثق به ف عمل،
ول يرغب له ملس ،وأحاديثه عند الناس متروكة ،وشهادته مردودة وعن أب
أما مة قال :قال ر سول ال « :يُط بع الؤ من على اللل كل ها إل اليا نة
والكذب» رواه أحد.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
و عن ب ز بن حك يم عن أب يه عن جده مرفوعا« :و يل للذي يُحدث
ليُضحك به القوم ويل له ويلٌ له».
وعكن عائشكة -رضكي ال عنهكا -قالت :مكا كان خُلُق أبغكض إل
أصحاب رسول ال من الكذب ولقد كان الرجل يكذب عند رسول ال
الكذبة فما يزال ف نفسه عليه حت يعلم أنه أحدث منها توبة رواه أحد.
و ف الد يث ال خر أ نه ق يل لر سول ال :أيكون الؤ من كذابا قال:
«ل» الديث رواه مالك والبيهقي ف شُعب اليان.
وقال ابن القيم -رحه ال :-إياك والكذب فإنه يفسد عليك تصور
العلومات على مكا هكي عليكه ويفسكد عليكك تصكويرها وتعليمهكا للناس فإن
الكاذب ي صور العدوم موجودا والوجود معدوما وال ق باطلً والبا طل حقا
وال ي شرا فيف سد عل يه ت صوره وعل مه عقو بة له ث ي صور ذلك ف ن فس
الخا طب الغ تر به الرا كن إل يه فيف سد عل يه ت صوره وعل مه ون فس الكاذب
مُعرضة عن القيقة الوجودة نزاعة إل العدم مؤثرة للباطل ولذا كان الكذب
أساس الفجور.
ك ما قال ال نب « :إن الكذب يهدي إل الفجور وإن الفجور يهدي
إل النار» ،وأول ما يسري الكذب من النفس إل اللسان فيفسده ث يسري
إل الوارح فيفسد عليها أعمالا كما أفسد على اللسان أقواله فيعم الكذب
أقواله وأعماله وأحواله في ستحكم عل يه الف ساد ويترا مى داؤه إل اللكة إن ل
يتداركه ال بدواء الصدق بقلع تلك الادة من أصلها.
ولذا كان أصكل أعمال القلوب كلهكا الصكدق وأضدادهكا مكن الرياء
والع جب وال كب والف خر واليلء والب طر وال شر والع جز والك سل وال ب
77
377 الناهل السان ف دروس رمضان
والهانكة وغيهكا أصكلها الكذب فككل عمكل صكال ظاهكر أو باطكن فمنشؤه
الصدق وكل عمل فاسد ظاهر أو باطن فمنشؤه الكذب ،وال تعال يُعاقب
الكذاب بأن يٌُعقده ويثب طه عن م صاله ومناف عه ويث يب ال صادق بأن يوف قه
للقيام بصال دُنياه وآخرته.
فما استجلبت مصال الدنيا والخرة بثل الصدق ول مفاسدها ومضارها
ي
بثل الكذب قال تعال :يَا َأّيهَا اّلذِي َن َآ َمنُوا اّتقُوا الّل َه َوكُونُوا َم َع ال صّا ِدِق َ
ص ْدُق ُه ْم [الائدة.]119 : ي ِ [التوبة .]119 :وقالَ :هذَا َي ْو ُم َيْن َف ُع ال صّا ِدِق َ
ص َدقُوا ال ّل َه لَكَا َن خَ ْيرًا َلهُمْ [ممد.]21 : وقالَ :فإِذَا َعزَ َم المْ ُر فَ َلوْ َ
شعرا:
إِنّ اللسَانَ لِمَا عَوّدْتَ يَعْتَادُ عَوّدْ لِسَانَكَ قَولَ الصّدْقِ
فِي الصّدْقِ وَالكَذِبِ فَانْظُرْ مُوَكّ ٌل بِتَقَاضِي مَا سَنَنْتَ
الل هم نور قلوب نا بنور اليان وثبت ها على قولك الثا بت ف الياة الدن يا
وف الخرة واجعلنا هُداة مُهتدين وتوفنا مسلمي وألقنا بعبادك الصالي يا
أكرم الكرمي ويا أرحم الراحي وصلى ال على مُحمد وعلى آله وصحبه
أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
ف بيان أنواع الكذب
ويتنوع الكذب إل أنواع ،فمكا كان متعلقا بأموال الناس وأعراضهكم
وأنف سهم هو من أ شد الكبائر وأق بح الرائم ال ت تُ ضر بالجت مع الن سان،
وتقضي على العدل ،فإن الذي يقول الزور ليتقطع حقوق عباد ال أو يثلمهم
ف أعراضهم من كل ما يضر النسانية ويؤلها.
وقكد عرض نفسكه لغضكب ال وكان سكببا فك بكث الفوضكى وإغراء
الجرم ي على اقتراف الرائم فينالون من أعراض الناس وأموال م ما يشتهون
و هم آمنون من العقوبكة لنمك يدون شاهكد الزور يُ ساعدهم على الفلت
من ها ،و قد أ كب خ طر قول الزور وأع ظم جُرمَ هُ ك ما ف الد يث قال:
ههن ،وكان مُتكئا فجلس ،فقال :أل وقول «الشراك بال وعقوق الوالديه
الزور ،ف ما زال يُكرر ها ح ت قل نا :لي ته سكت» ،فجلو سه ب عد اتكائه
اهتماما بشأ نه ،و صدر قوله بأداة الت نبيه وكرر كلم ته ح ت شق على نف سه
وبدا الغضب ف وجهه ،وتن أصحابه لو سكت.
وقول الزور يشمكل الشهادة بالباطكل والككم الائر ورمكي البرياء
والقول على ال بل علم.
وعكن خُريك بكن فاتكك قال :صكلى رسكول ال صكلة الصكبح فلمكا
انصكرف قام قائما فقال« :عدلت شهادة الزور بالشراك بال» ثلث مرات
ثك قرأ :فَاجْتَنِبُوا ال ّرجْسَه مِنَه ال ْوثَانِه وَاجْتَنِبُوا َق ْولَ الزّورِ * حَُنفَا َء لِلّهِه
ي ِبهِ [الج .]31-30 :رواه أبو داود وابن ماجه. شرِكِ َ
غَ ْيرَ ُم ْ
وشاهد الزور يُسيء إل نفسه إذ يبيع آخرته بدنيا غيه ،ويُسيء إل من
79
377 الناهل السان ف دروس رمضان
شهد له بإعانته على ظلمه ،ويُسيء إل من يشهد عليه ف إضاعة حقه ويُسيء
إل القاضكي الذي جلس يتحرى العدل ليحككم بكه ويُنصكف الضعفاء مكن
القوياء وينتزع حق الظلوم من الظال بأنه بشهادته بالزور يُظلله ويسد أمامه
طريق الق ويفتح باب الباطل.
وبذا يشل يد العدالة أن تقتص للمظلوم من الظال ويُسيء شاهد الزور
إل أولده وأ سرته ل نه يُلوث ها بذه ال سمعة ال سيئة والفائ هة القبي حة وي مل
الناس على أن يقولوا لم عائلة الزور ،وأعظم با من أذية للمستقيمي.
و عن ا بن م سعود قال :قال ر سول ال « :إن ال صدق يهدي إل
الب ،والب يهدي إل النهة ،وإن الرجهل ليصهدق حته يُكتهب عنهد ال
صهديقا ،وإن الكذب يهدي إل الفجور ،وإن الفجور يهدي إل النار ،وإن
الرجل ليكذب حت يُكتب عند ال كذابا» مُتفق عليه.
وف الديث أن الكذب من صفات النفاق.
اللهم أتم علينا نعمتك الوافية وارزقنا الخلص ف أعمالنا والصدق ف
أقوالنا وعد علينا بإصلح قلوبنا واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي برحتك
يا أرحم الراحي وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
ف التحذير من الغيبة
ُمه َبعْض ًا
ضك ْ َبه بَعْ ُ
ويبك اجتناب الغيبكة قال ال تعال :وَل َيغْت ْ
[الجرات .]12 :أي :ل يتناول بعض كم بعضا بظ هر الغ يب ب ا ي سوؤه ث
ضرب تعال للغي بة مثلً فقالَ :أيُحِبّ َأ َحدُكُ ْم أَ ْن َيأْ ُكلَ لَحْ َم َأخِي هِ مَيْتًا
َف َكرِهْتُمُوهُ [الجرات ،]12 :وعن الباء عن النب أنه قال« :إن أرب
الر ب ا ستطالة الرجهل ف عِرض أخيهه و ف الد يث الخهر فإن دماءكهم
وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام».
وعكن أ ب هريرة مرفوعا أن مكن الكبائر اسكتطالة الرء ف عرض ر جل
مسلم بغي حق.
وعن سعيد بن زيد عن النب قال« :إن من أرب الربا الستطالة ف
عِرض السلم بغي حق» رواه أحد وأبو داود.
فإن قيل ما الغيبة؟ قيل قد حدها النب ،فقد روى أبو هريرة عن
رسكول ال قال« :أتدرون مها الغيبهة؟» قالوا :ال ورسكوله أعلم ،قال:
«ذكرك أخاك با يكره» ،قال (أحدهم) :أفرأيت إن كان ف أخي ما أقول؟
قال« :إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ،وإن ل يكن فيه فقد بته» أخرجه
مسلم.
ومكن الغيبكة التمثيليات للشخاص واليئات وماكاتمك فك اللباس على
وجه التنقص والستهتار كما يفعله النهمكون ف أكل لوم الغوافل .فتكون
الغيبة بالتعريض وبالكتابة وبالركة وبالرمز والشارة باليد وكل ما يُفهم منه
القصود فهو داخل ف الغيبة وهو حرام.
81
377 الناهل السان ف دروس رمضان
فقد ورد عن عائشة -رضي ال عنها -قالت :دخلت علينا امرأة فلما
ولت أومأت بيدي أي قصكية فقال « :اغتبتهها» وقكد روى أبكو داود
والترمذي وصححه قول عائشة عن صفية أنا قصية وأن النب قال« :لقد
قلت كلمة لو مُزجت باء البحر لزجته».
وأخرج أحد عن ابن عباس قال ليلة أُسري بالنب قال« :ونظر ف
الباب فإذا قوم يأكلون اليهف» ،قال« :مهن هؤلء يها أخهي يها جبيهل؟»
قال« :الذين يأكلون لوم الناس».
وقال « :من أكل برجل مسلم أكلة فإن ال يُطعمه مثلها ف جهنم،
و من كُ سي ثوبا بر جل م سلم فإ نه يك سوه مثله ف جه نم و من قام بر جل
مقام سُمعةٍ وريا ٍء فإن ال يقوم به مقام سُمعةٍ وريا ٍء يوم القيامة» .رواه أبو
داود.
فالغي بة عادة مرذولة ،كثيا ما تق طع ال صلة ب ي الناس ،وتث ي الحقاد،
وتشتت الشمل ،ث هي مع ذلك مضيعة للوقت بالشتغال ،با يضر النسان،
ول ينف عه .وم ا تقدم ي تبي تر ي الغي بة وخطر ها وشر ها فإذا ي ب النكار
على الُغتاب وردعه.
و قد روى جابر بن ع بد ال عن ال نب أ نه قال « :ما من امر يء
يذل امرءا م سلما ف مو طن تنت هك ف يه حُرم ته إل خذله ال ف مو طن
يُ حب ف يه ن صرته و ما من امر يء م سلم ين صر امرءا م سلما ف مو ضع
ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إل نصره ال ف موطن يُحب
فيه نصرته».
و ف حد يث آ خر عن ال نب قال « :من أذل عنده مؤ من و هو يقدر
الناهل السان ف دروس رمضان 378
على نصره فلم ينصره أذله ال على رءوس اللئق».
وقال عمر بن الطاب ف خطبته :ل يُعجبنكم من الرجل طفطفته ولكن
من أدى المانة وكف عن أعراض الناس فهو الرجل وقال أيضا كفى بالرء عيبا
أن يستبي له من الناس ما يفى عليه من نفسه ويقت الناس على ما يأت.
وقال السكن :يكا ابكن آدم لن تنال حقيقكة اليان حتك ل تعيكب الناس
بعي بٍ هو ف يك وتبدأ بذلك الع يب من نف سك فتُ صلحه ف ما تُ صلح عيبا إل
ترى عيبا آخر فيكون شغلك ف خاصة نفسك وقيل لربيع بن خيثم ما نراك
ض فأتفرغ من عيب ها إل تع يب أحدا ول تذ مه فقال ما أ نا على نف سي برا ٍ
غيها ولقد أحسن القائل:
مِثْلُ الذّبَابِ يُرَاعِي مَوضِعَ شَرّ الوَرَى مَنْ بِعَيِبٍ
آخر:
فَلَ عَيْبَ إِلّ دُوُنَ مَا مِنَكَ ِإذَا مَا ذَكَرْتَ النّاسَ فَاتْرُكْ
فَكَيْفَ يَعِيْبُ العَوْرَ مَنْ فَإِنْ عِبْتَ قَوْما بِالّذِي
فَذَلِكَ عِ ْندَ الِ وَالنّاسِ وَإِنْ عِبْتَ قَوْما بِالّذِي هُوَ
وبالتال فخطر اللسان عظيم ليس كغيه من العضاء فإن العي ل تصل
إل غي اللوان والصور والذن ل تصل إل غي الصوات واليد ل تصل على
غي الجسام واللسان يول ف كل شيء وبه يبي اليان من الكفر.
وقد روى أنس بن مالك عن النب أنه قال« :ل يستقيم إيان عبد
حت يستقيم قلبه ول يستقيم قلبه حت يستقيم لسانه».
وف الصحيحي عن أب هريرة عن النب قال« :إن الرجل ليتكلم
بالكل مة ما ي تبي ما في ها يزل ب ا ف النار أب عد م ا ب ي الشرق والغرب»
83
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وأخرج الترمذي ولفظكه« :إن الرجهل ليتكلم بالكلمهة مهن الشهر مها يعلم
مبلغ ها يك تب ال له ب ا عل يه سخطه إل يوم القيا مة» رواه ف شرح ال سنة
ورواه مالك والترمذي وابن ماجه نوه.
فالغيبة من آفات اللسان ومن الذنوب الت قل من يسلم منها كالكذب
والرياء والربا والداهنة.
وإذا فه مت ما سبق فاعلم أن الذنوب التعل قة بقوق العباد ل تُم حى إل
أن عفوا عنها أو ردت لم مظالهم ،فقد ورد عن النب أنه قال« :الدواوين
عنهد ال ثلثهة :ديوان ل يعبهأ ال بهه شيئا ،وديوان ل يترك ال منهه شيئا،
وديوان ل يغفره ال ،فأما الديوان الذي ل يغفره ال فالشرك بال».
ِهه [النسكاء .]48 :وقالَكه ب ِ
َنه ُيشْر َ ّهه ل َي ْغ ِفرُ أ ْ
قال تعال :إِنّ الل َ
شرِ ْك بِال ّل ِه َفقَ ْد َحرّمَ ال ّلهُ عَلَ ْي ِه الْجَّنةَ [الائدة.]72 :
تعالِ :إنّ ُه َمنْ ُي ْ
وأما الذي ل يعبأ ال به شيئا فظلم العبد نفسه فيما بينه وبي ال من
صوم يوم تركه أو صلة ،فإنه يغفر ذلك ويتجاوز إن شاء وأما الديوان الذي
ل يترك م نه شيئا فظلم العباد بعض هم بعضا الق صاص ل مالة رواه أح د ف
م سنده والا كم ف م ستدركه فظلم الع بد نف سه بي نه وب ي ر به هو أ خف
الدواو ين وأ سرعها موا فإ نه يُم حى بالتو بة وال ستغفار وال سنات الاح ية
والصائب الُكفرة ونو ذلك.
ول ر يب أن الغي بة جنا ية على أعراض الناس و هم غافلون فكفارت ا أن
يتحلل منك اغتابكه ويطلب منكه العفكو إن كان ل يعلم بذلك ويتوب ويتندم
ويستغفر لن اغتابه ويذكره با فيه من الصال السنة عند من اغتابه عندهم
لعل ال أن يرحه ويغفر له إنه غفور رحيم.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وتقدم حديكث أنكس وقوله « :إن مهن كفارة الغيبهة أن تسهتغفر لنه
اغتبته تقول" :اللهم اغفر لنا وله"».
واعلم أ نه إذا تر تب على الغي بة م صلحة أو درء مف سدة كا نت لز مة إذا
ترتب عليها أم ٌر جائز فجائزة ،ويكن ضبط الول ف خسة أمور أو ستة أمور.
الول :الظلوم الذي ير يد أن يش كو ل ن ير فع مظلم ته ،فله أن يذ كر
عيب ظاله الذي يتاج إليه ف بيان حقه.
الثان :الستعانة على تغيي النكر لن يظن أن له قدرة على إزالته ،فإن
له أن يقول :إن فلنا ارتكب كذا وفعل كذا.
الثالث :الستفتاء فإنه يوز للمستفت أن يقول للمفت :إن فلنا ظلمن
ف كذا وكذا ،فهل يوز له ذلك مثلً؟
الرابهع :التحذيكر فيحذر السكلمي مكن شكر مكن يتصكدى للزعامكة فك
أمورهم العامة ،أو من يتوقف عليه القضاء ف مصالهم؛ أو يتصدى لفتائهم
وتعليم هم ،كالزعماء ف الشئون الدين ية والدنيو ية والشهود والدر سي ون و
ذلك من يُشترط فيهم المانة والتصاف بكارم الخلق ،فيصح أن يبي ما
فيهم من النقائص والعيوب ويرفع بأمرهم ليبعدوا.
الامهس :أن يتجاهكر بفسكقه ،وقكد قال :ككل أمتك مُعافك إل
الجاهرون .اللهم ثبت مبتك ف قلوبنا وقوها وارزقنا القيام بطاعتك وجنبنا
ما يُسخطك وأصلح نياتنا وذرياتنا وأعذنا من شر نفوسنا وسيئات أعمالنا
وأعذنا من عدوك واجعل هوانا تبعا لا جاء به رسولك واغفر لنا ولوالدينا
ولميع ال سلمي برحتك يا أر حم الراح ي و صلى ال على م مد وعلى آله
وصحبه أجعي.
85
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
وأسباب الغيبة أحد عشر:
– 1تش في الغ يظ بذ كر م ساويء الوقوع ف عر ضه بالغي بة قولً أو
فعلً.
– 2موافقكة القران والزملء ومسكاعدتم ويرى ذلك فك حسكن
العاشرة.
– 3أن يستشعر من إنسان سيقصده ويُطول لسانه عليه أو يُقبح حاله
عند مُحتشم فيبادره فيطعن فيه ليُسقط شهادته.
– 4أن ينسب إليه شيء فيذ كر أن الذي فعله فلن ويتبأ منه مع أن
التبأ يصل بدون أن يذكر الغي بشخصه.
– 5أن ينطوي على عداوة ش خص وي سده فيم يه بساويء ومعائب
ين سبها إل يه لي صرف وجوه الناس ع نه ويُ سقط مهاب ته ومكان ته من النفوس
ويقصد بذلك إثبات فضل نفسه ولكن العاقل اللبيب يعرف أنه ما أضر على
العداء ول أشكد مكن التمسكك بالخلق الفاضلة والعتراف بالفضكل لهله
كما قيل:
بِمِثْلِ اعتِقَادِ الفَضَلِ فِي كُلّ َومَا عَبّرَ النْسَانُ عَن فضل
يَدَ النّقْصِ عَنْهُ بِانْتِقَاصِ ولَ ْيسَ مِن النْصَافِ أَنْ يَدْفَعَ
– 6أن يقدح عند من يب ذلك الشخص حسدا لكرامهم ومبتهم له.
– 7أن يقصد اللعب والزل والُزاح والطالبة ويُضحك الناس.
– 8السكخرية والسكتهزاء بالشخكص اسكتحقارا له وهكو يري فك
الناهل السان ف دروس رمضان 378
الضور والغيبة ومنشؤه التكب واستصغار الُستهزأ به وتنقصه وازدراءه.
– 9أن يتعجب من فعل الغائب للمنكر وهذا من الدين لكن أدى إل
الغيبة بذكر اسه فصار مُغتابا من حيث ل يدري.
-10أن يغتم لسبب ما يُبتلى به فيقول مسكي فلن قد غمن أمره
وما ابتليّ به من العصية وغمه ورحته خي لكن ساقه إل شر وهو الغيبة من
حيث ل يدري أنه صاغها بصيغة الترحم والتوجع.
-11إظهار الغضب ل على منكر قارفه إنسان فيذكر النسان باسه
وكان الواجب أن يُظهر غضبه على فاعله ول يُظهر عليه غيه بل يستر اسه
وهذه الثلثكة رباك تفكى على العلماء وطلبكة العلم فضلً عكن العوام ولذلك
تسمع منهم كثيا ما يقولون فلن ونعم لول أنه يفعل كذا وكذا يُعامل بالربا
مثلً وكان الواجب نصحه بدل الغيبة.
ول قد كثرت النمي مة والغي بة والب هت والكذب والوشا ية وال سعاية ب عد
ظهور التليفون وال سجلت فب عد أن كا نت ل تو جد إل مع اجتماع البدان
صارت تو جد أيضا مع التفرق وبُ عد ال سافات وتضاع فت أضعافا مُضاع فة
و صار ال سال من ها أ عز من ال كبيت الح ر ،ن سأل ال ال ي القيوم العلي
العظيم أن يعصمنا وإخواننا السلمي منها اللهم صل على ممد.
وَيُعْطِيْكَ أَجْرَيْ صَوْمِهِ يُشَارِكُكَ الُغْتَابُ فِي
عَنْ النّجْبِ مِن أبْنَائِهِ وَيَحْمِلُ وِزْرا َع ْنكَ ظَنّ
بِخَيْرٍ وَكَفّرْ عَنْهُ مِن فَكَافِيْ ِه بِالُسْنَى وَقُل رَبّ
ثَوَابُ صَلةٍ أَوْ زَكَاةٍ فَهَاتِهِ فَيَا َأّيهَا الُغْتَابُ زِدْنِي فَإنْ
يُعَامِلُ عَنْهُ الَ فِي غَفَلَتِهِ فَغَيْرُ شَقّي مَنْ يَبِيْتُ
87
377 الناهل السان ف دروس رمضان
بِإمْعَانِهِ فِي نَفْعٍٍ بَعْضِ فَلَ تَعْجَبُوا مِن جَاهِل ضَرّ
عَلَى رَجُلٍ يُهدَي لَهُ حَسَنَاِتِه وَأعْجَبُ مِنْهُ عَاقِلٌ بَاتَ
وَيَهْلَكُ فِي تَخْلِيْصِهِ وَيَحْمِلُ مِن أَوْزَارِهِ
وَيُحْمَدُ فِي الدّنْيَا وَبَعْدَ فَ َمنْ يَحْتَمِلْ يَسْتَوْجِبِ
وَيَجْمَعُ أَسْبَابَ الَسَاوِيْ وَمَنْ يَنْتَصِفْ يَنْفَخْ ضِرَاما
وَلَ حَسَنٌ يُثْنَى بِه فِي حَيَاتِهِ فَلَ صَالِحٌ يُجْزَي بِهِ بَعْدَ
كَمَا فِي كِتَاب الِ حَاَل مَمَاتِهِ يَظلّ أَخُو النْسَانِ يَأْكُلُ
بِأنّ صِفَاتِ الكَلبِ دُوْنَ وَلَ يَسْتَحِيْ مِمّنْ يَرَاهُ
َولَكِنْ دَعَى الكَلْبِ اضْطِرَارُ َوقَد أَكَلَ مِن لَحْمِ مَيْتٍ
غَدًا مَنْ عَلَ ْيهِ الَوفُ من تَسَاوَيْتُمَا أَكْلً فَأَشْقَاكُمَا
فَيَبْقَى النْسَانُ بَعْضُ وَمَا لِكَلمٍ مَرّ كَالرّيْح
ال ارزق نا ح فظ جوارح نا عن العا صي ما ظ هر من ها و ما ب طن و نق
قلوب نا من ال قد وال سد وال حن .الل هم إ نا نعوذ بك من شا تة العداء
وعُضال الداء وخيبكة الرجاء وزوال النعمكة اللهكم توفنكا مسكلمي وألقنكا
بالصالي غي خزايا ول مفتوني واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء
منهكم واليتيك برحتكك يكا أرحكم الراحيك وصكلى ال على ممكد وعلى آله
وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
وما يتأكد اجتنابه ول يتم الصيام لن ل ينبه ،النظر إل الرأة الجنبية
والر جل المرد لغ ي ضرورة أو حا جة شرع ية لن الرأة كل ها عورة ل ي صح
أن يرى من ل يس من مارم ها شيئا من ج سدها ول شعر ها الت صل ب ا و ما
تفعله ب عض ن ساء هذا الزمان من ال تبج والتج مل ف ال سواق ما هو إل
ماهرة بالعاصي وتشبه بنساء الفرنج.
ف من أع ظم النكرات وأفظع ها خروج الرأة كاشفة رأسها أو عنق ها أو
نرها أو ذراعيها أو ساقيها أو وجهها أو الميع أو الثياب الظهرة للمفاتن أو
اللباس الشفاف الذي وجوده كعد مه ل ي ستر ما ت ته فهذا دا خل ف ال تبج
في جب على ال سلم أن ي نع ن ساءه و من له علي هن ول ية ويقبلن م نه ج يع ما
تقدم ويُلزمهن الستر والتحفظ وينصح إخوانه الهملي للمتصفات بذلك.
ومن الداب الت أمر ال تعال با نساء النب صلى ال عليه وسلم مع
أننك القدوة السكنة فك العفاف والتُقكى والتسكتر والياء واليان ومكع حياء
الناس منهن واحترامهم لن ما ذكره تعال ف سورة الحزاب بقولهَ :وقَرْنَ
فِي بُيُوِتكُ ّن وَل تََب ّرجْ َن تََبرّجَ الْجَاهِلِّيةِ الولَى [الحزاب.]33 :
قال مقاتكل :التكبج أناك تُلقكي المار على رأسكها ول تشده فيواري
قلئدها وقرطها وعنقها ويبدو ذلك كله منها وذلك التبج.
وقال تعال آمرا لعباده الؤمني أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم
فل ينظروا إل ل ا أباح ل م الن ظر إل يهُ :قلْ لِلْ ُم ْؤمِنِيَ َيغُضّوا مِ نْ أَبْ صَارِ ِهمْ
حفَظُوا ُفرُو َج ُهمْ [النور.]30 :
َويَ ْ
قال أبو حيان ف تفسيه :قدم غض البصر على حفظ الفروج لن النظر
89
377 الناهل السان ف دروس رمضان
بريد الزنا ورائد الفجور والبلوى فيه أشد وأكثر ل يكاد يقدر على الحتراز
م نه ،و هو الباب ال كب إل القلب وأع مر طرق الواس إل يه ويك ثر ال سقوط
من جهته.
ْهه
َانه عَن ُ
ِكه ك َ
َصهَر وَاْل ُفؤَادَ ُك ّل أُولَئ َ
السه ْم َع وَالْب َ
وقال تعال :إِن ّ ّ
مَسْئُول [السراء .]36 :وقال تعالَ :يعْلَمُ خَائِنَ َة العْيُ نِ [غافر.]19 :
قال البغوي :أي خيانتها ،وهي استراق النظر إل ما ل يل.
قال ماهد :هو نظر العي إل ما نى ال عنه.
و عن أ ب هريرة أن ال نب قال« :ك تب على ا بن آدم ن صيبه من
الزنا ،مدرك ذلك ل مالة ،العينان زناها النظر ،والذنان زناها الستماع،
واللسان زناه الكلم» متفق عليه.
وأخرج ال طبان عن ابن م سعود قال :قال ر سول ال يعن عن ربه
عز و جل« :النظرة سهمٌ م سموم من سهام إبل يس من ترك ها من ماف ت
أبدلته إيانا يد حلوته ف قلبه».
وروى الصكبهان عكن أبك هريرة قال :قال رسكول ال « :كهل عيٍ
باكية ،يوم القيامة إل عينا غضت عن مارم ال وعينا سهرت ف سبيل ال
وعينا خرج منها مثل رأس الذباب من خشية ال» أخرجه المام أحد وابن
حبان ف صحيحه وقال صحيح السناد واعترضه النذري.
عن عبادة بن الصامت أن النب قال« :اضمنوا ل ستاَ من أنفسكم
أضمهن لكهم النهة :اصهدقوا إذا حدثتهم ،وأوفوا إذا وعدته ،وأدوا إذا
ائتمنتم ،واحفظوا فروجكم ،وغضوا أبصاركم ،وكفوا أيديكم» .وقال ابن
الق يم -رح ه ال -والن ظر أ صل عا مة الوادث ال ت ت صيب الن سان فإن
الناهل السان ف دروس رمضان 378
النظرة تولد خطرة ث تولد الطرة فكرة ث تولد الفكرة شهوة ث تولد الشهوة
إرادة ث تقوى فتصي عزية جازمة فيقع الفعل ول بد ما ل ينع مانع.
وف هذا قيل :الصب على غض النظر أيسر من الصب على أل بعده .قال
الشاعر:
وَمُعْظَمُ النّارِ مِن ُك ّل الَوَادِثِ مَبْدَاهَا مِن
س وَلَ
فَتْكَ السّهامِ بِلَ قَوْ ٍ كَمْ نَظْرَةٍ فَتَكَتْ فِِي
فِي أَعْيُن الغِيْدِ مَوْقُوفٌ وَالعَبْدُ مَا دَامَ ذَا عَيْنٍ
لَ مَرْحَبا بِسُرُوْرٍ عَادَ يَسُرّ نَاظِرَهُ مَا ضَرّ
وعكن بُريدة قال :قال رسكول ال لعلي« :يها علي ل تتبهع النظرة
النظرة ،فإن لك الول وليسهت لك الخرة» رواه أحدك والترمذي وأبكو
داود والدارمي.
وف حديث جرير قال :سألت رسول ال عن نظرة الفجاءة فقال:
«اصرف بصرك» وروى مسلم ،عن أب هريرة أن النب قال« :إن الرأة
تقبل ف صورة شيطان وتدبر ف صورة شيطان فإذا رأى أحدكم من امرأة
ما يُعجبه فليأت أهله فإن ذلك يرد ما ف نفسه».
وعكن ابكن مسكعود عكن النكب قال« :الرأة عورة فإذا خرجهت
استشرفها الشيطان» رواه الترمذي.
وعكن أبك سكعيد الدري عكن النكب أنكه قال« :إن الدنيها حلوة
خضرة وإن ال م ستخلفكم في ها فين ظر ك يف تعملون فاتقوا الدن يا واتقوا
النساء فإن أول فتنة بن إسرائيل ف النساء» رواه مسلم.
وعن أب أمامة عن النب ،قال « :ما من مسلم ينظر إل ماسن امرأة
91
377 الناهل السان ف دروس رمضان
أول مرة ث يغض بصره إل أحدث ال له عبادة يد حلوتا» رواه أحد.
شعرا:
لَو كُنْتَ فِي النّسّاكِ مِثْلَ لَ تَخْلُ بامْرَأةٍ لَدَيْكَ
وَمَحَاسِن الحْدَاث والصّبْيَان وَاغْضُضْ جُفُوَنَك عَن
مِثْلُ الكِلبِ تَطُوْفُ إنّ الرّجَال النّاظِرْين ِإلَى
أُكِلَتْ بِل عَوضٍ َولَ أَثْمَانِ ك اللّحُوْمَإنْ لَمْ تَصُنْ تِِْل َ
اللهم إن نواصينا بيديك وأمورنا ترجع إليك وأحوالنا ل تفى عليك،
وأنت ملجؤنا وملذنا ،وإليك نرفع بثنا وحزننا وشكايتنا ،يا من يعلم سرنا
وعلنيتنا نسألك أن تعلنا من توكل عليك فكفيته واستهداك فهديته وهب
ل نا من فضلك العظ يم و جد علي نا بإح سانك العم يم ،واغ فر ل نا ولوالدي نا
ولميع السلمي الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي ،وصلى ال
على ممد وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
قال شيخ السلم -رحه ال :-يُقال إن غض البصر عن الصورة الت
يُنهى عن النظر إليها كالرأة والمرد السن يُورث ثلث فوائد:
إحداها :حلوة اليان ،ولذته الت هي أحلى وأطيب ما تركه ل ،فإن
من ترك شيئا ل عوضه ال خيا منه.
الفائدة الثانية :أن غض البصر يورث نور القلب والفراسة.
الفائدة الثالثهة :قوة القلب وثباتكه وشجاعتكه فيجعكل ال له سكلطان
الب صية مع سلطان ال جة ،فإن ف ال ثر "الذي يُخالف هواه يفرق الشيطان
من ظله".
وإذا كان الن ظر إل من ل ي ل الن ظر إل يه مُحرما فاللوة ب ن ل ت ل
مُحر مة من باب أول وأحرى لن الو ساوس الشيطان ية ت د ل ا مالً ف هذه
الالة وثوران الشهوة يدك له مكبرا فيضعكف العقكل عنكد هذا ،ول يكون له
تأث ي على ز جر الشهوة فت سوقه نف سه المارة بال سوء إل الفاح شة ،لذا ن ى
ال صطفى عن اللوة ف قد رُوي عن ا بن عباس أن ر سول ال قال« :ل
يلون أحدكم بامرأة إل مع ذي مرم» .متفق عليه.
وعن عقبة بن عامر أن رسول ال قال« :إياكم والدخول على النساء»
فقال رجل من النصار أفرأيت المو؟ قال« :المو الوت» .متفق عليه.
والمو :قريب الزوج كأخيه وابن أخيه وابن عمه.
و عن أم ي الؤمن ي ع مر بن الطاب أن ر سول ال قال« :أل يلو
رجهل بامرأة إل كان ثالثهمها الشيطان» رواه المام أحدك فك مُسكنده
93
377 الناهل السان ف دروس رمضان
والترمذي ف جامعه.
وعن ابن عباس عن النب أنه قال« :من كان يؤمن بال واليوم الخر
فل يلون بامرأة ليس بينه وبينها مرم» .رواه الطبان ف الكبي.
وروى ال طبان أيضا عن أ ب أُما مة عن ر سول ال أ نه قال« :إياك
واللوة بالنساء والذي نفسي بيده ما خل رجل بامرأة إل ودخل الشيطان
بينه ما ،ولن يز حم الر جل خنيرا مُتلطخا بط ي أو حأة خ ي فله من أن
يزحم منكبه منكب امرأة ل تل له».
ومكن أخطكر مكا يكون على النسكاء خدمكة الرجال فك البيوت إذا كان
هناك اختلط بين هم وبين هن خ صوصا إذا كان الر جل ال ستخدم من الشبان
وإن كان له وسة جال فأقرب إل الطر وقد يكون أشب من صاحب البيت
وأج ل و هو ملزم للب يت ليله وناره و هو ت ت أ مر الزو جة أو نو ها و ف
إمكانا إبقاؤه أو طرده فالطر عظيم ،وإن كان الرأة ذا شرف ومكانة وتأمل
قصة امرأة العزيز مع يوسف عليه السلم حي راودته عن نفسه فاستعاذ بال
من شر هن وكيد هن فع صمه ال عِ صم ًة عظي مة وحاه فامت نع أ شد المتناع
عن ها واختار ال سجن على ذلك وهذا ف غا ية مقامات الكمال أ نه مع شبا به
وجاله وكماله تدعوه سيدته و هي امرأة عز يز م صر و هي مع هذا ف غا ية
المال والال والريا سة ويت نع من ذلك ،ويتار ال سجن على ذلك خوفا من
ال ورجا َء ثوابه ولذا ثبت ف الصحيحي أن من السبعة الذين يُظلهم ال ف
ظله رجل دعته امرأة ذات منصب وجال فقال إن أخاف ال.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
موعظههة
عباد ال نن ف زمن كله عجائب يعجب العاقل اللبيب ومن أعجب
ما ف يه أن الرجال أ صبحوا ل سلطان ل م على الن ساء إل النادر القل يل ،ن عم
أصبحنا ف زمن للنساء فيه جبوت أمامه الرجال ف حال ضئيل انعكس المر
فصكار القوي ضعيفا والضعيكف قويا فإن كنكت فك شكك مكن ذلك فاخرج
وان ظر ف الشوارع ترى الن ساء تول ف الشوارع ذاهبات آيبات ويتثن ي ف
تبخترهن عليهن من الزينة ما يُرغم على النظر إليهن كل من له عينان.
ول ت سأل ع ما يد ثه ذلك الن ظر ف نفوس الشبان وأشباه الشبان تراه
إذا لح ها أتبع ها نظره ث جرى وراء ها ل نه يف هم من هيئت ها وتثني ها وتلفت ها
فهما ل يُقال له إنه فيه غلطان ،إنه يفهم أنا إذا ل تكن تريد منه ما تريد ما
عرضت نفسها ف الشارع بذلك التهتك وذلك الزديان وهي ف بيتها أمام
زوجهكا الذي ينبغكي أن تتجمكل له تكون بالة تشمئز مكن رؤيتهكا نفكس
النسكان ،تلبكس له أردى اللبكس ول تسك طيبا ول تعتنك له ،فإذا أرادت
الروج بذلت من العناية ف تميل نفسها ما يُلهب نار الشوق إليها ف نفوس
الناظرين.
وهذه حالة تعكل العيون وقفا على النظكر إل تلك الجسكام وتشغكل
القلوب شغلً به تنسى كل شيء حت نفسها وربا وما له عليها من واجبات،
وتوجكه الفكار إل أمور دنيئة يقصكدها مكن أولئك النسكاء أرباب النفوس
الدنيئات ،بل وتد فع النفوس دفعا ت ستغيث م نه الفضيلة ويغ ضب له الوا حد
القهار.
إن أولئك النسكاء زوجات وبنات وأخوات رجال يروننك بأعينهكم فك
95
377 الناهل السان ف دروس رمضان
الشوارع بتلك الال يرون ن ول يس ل م من الغية ما يُف هم أن م من صنف
الرجال ،وأمامهكم يُجريكن الزينكة التك يرجكن باك إل تلك الياديكن اللى
بالنذال ،وبعضهم يستصحب زوجته معه سافرةً ف الشوارع وربا فهم بعض
الفساق أنه يتصيد لا وذلك يري على ألسنة كثيٍ منهم.
ك الخ عصكمنا ال وإياك وجيكع السكلمي أنكت أقوى عقلً وأقوى أيه ا
دينا من الرأة ل خلف ف ذلك وإن ل يعصمك ال تتمن أن يكون منك مع
الرأة ما يكون إذا وقع نظرك على ما لا من باء وجال فتأكد كل التأكد أن
تَ َمنّ يْ الرأة أقوى من تَ َمنّ يْ الرجل إذا وقع نظرها على جيل من الرجال ول
تشك أنا بعد رؤيتها الميل تتمن فراقك إليه وربا دعت عليك ،نن ف جو
موبوء بفساد الخلق ،من تعرض له أصابه من ذلك الوباء ما يُضيعه ف دنياه
وف الدين.
فصن نساءك عن الروج إليه إن أردت العافية وإل فل تلم إل نفسك
إذا أ صبحت ف عداد الضائع ي والضائعات أ نت ترى كل يوم ما يكون ف
الطرق لن ساء غيك فل ت شك أن ن ساءك يُلق ي مثله وأ شد م نه وأي ر جل
يرضى أن ترج نساؤه ليلعب بعفافهن وشرفهن من ل دين له ول شرف ول
أخلق ،إن البهيكم يغار ومعارك ذكور البهائم على إناثهكا معروفكة ،فل تككن
أقل غيةً من البهيم ،ولول أننا نرى بأعيننا مبلغ ضعف رجالنا أمام النساء ما
صدقنا أن يستصحب الرجل زوجته سافرة راكبةً أو غي راكبة تقدمه.
أي ها الخ أ نت الذي تل قى الشاق من حرّ وبر ٍد وأ نت مشغول بال كد
ل جل جلب الرزق ،يكون منكك ذلك لتُطعكم الرأة وتكسكوها وتنعكم عليهكا
ُونه عَلَى النّسهَا ِء بِمَا
ففضلك عليهكا ككبي كمكا قال تعال :الرّجَا ُل َقوّام َ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ض َوبِمَا َأنْ َفقُوا مِ ْن َأمْوَالِهِ مْ [الن ساء.]34 :
ضهُ مْ عَلَى َبعْ ٍ
ض َل اللّ هُ بَعْ َ
فَ ّ
وأنكت أرجكح منهكا عقلً وأكمكل دينا ،فمكن الغلط أن تكون معهكا كالعبكد
الملوك يُصرفه موله كيف شاء .وإذا كنت كما ذكر ال قواما عليها فأنت
مسكئول عنهكا لنكك راعيهكا والراعكي مسكئول عكن رعيتكه ،فأنكت مُثاب إن
وجهتهكا إل عمكل اليك وآثك إن سككت عنهكا وهكي تعمكل أعمالً ليسكت
مرضية ،فانظر ماذا عليك من الث ف خروج زوجتك وما يترتب عليه من
بليا مرثية وغي مرثية ،فحل بينها وبي ما تعلم أن فيه ضرر عليها وكل عمل
يُغضب ربك ،وإل فأنت شريك لا ف كل ما لا من أوزار .أ.هك.
كل هذا سببه مال طة ربائب ال ستعمار الذ ين تشبهوا به وقلدوه ف
القوال والفعال ،وقلدهم كثي من نسائنا ،وصدق الُصطفى حيث يقول:
لترك ب سنن من كان قبل كم شبا ب شب وذراعا بذراع ح ت لو أن أحد هم
دخكل حجكر ضكب لدخلتموه وحتك لو أن أحدهكم جامكع امرأتكه بالطريكق
لفعلتموه ،فل حول ول قوة إل بال العلي العظيكم وهكو حسكبنا ونعكم الوكيكل
اهك.
اللهم احفظنا من الخالفة والعصيان ول تؤاخذنا برائمنا وما وقع منا
من الطأ والنسيان واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء منهم واليتي
برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي.
97
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
فيما يُستحب أن يقوله أو يفعله
أن النكب قال: يُسكتحب أن يتسكحر للصكوم لاك ورد عكن أنكس
«تسحروا فإن ف السحور بركة».
وعكن عمرو بكن العاص قال :قال رسكول ال « :إن فصهل مها بيه
صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر».
وعكن ابكن عمكر رضكي ال عنهمكا أن النكب قال« :إن ال وملئكتهه
يصلون على التسحرين».
وعكن العرباض بن سكارية قال دعا ن رسكول ال على ال سحور ف
رمضان فقال« :هلم إل الغداء البارك».
وعكن أبك هريرة قال :قال رسكول ال « :نعهم سهحور الؤمهن
التمر».
وينبغي أن يُخفف عشاءه ف ليال رمضان ليهضم طعامه قبل السحور
ولن المتلء من الطعام ربا يكون سببا للتخم.
وعن القداد بن معدِ يكرب قال سعت رسول ال يقول « :ما مل
ابن آدم وعاء شرا من بطنه بسب ابن آدم أكلت يُقمن صلبه فإن كان
ل مالة فثلث طعام وثلث شراب وثلث نفس».
والشبكع مذموم لنكه يوجكب تكاسكل البدن وكثرة النوم وبلدة الذهكن
وذلك يُكثكر البخار فك الرأس حتك يُغطكي موضكع الذككر والفككر ،والبطنكة
تذ هب الفط نة وتلب أمراضا ع سرة ،ومقام العدل أن ل يأ كل ح ت ت صدق
شهو ته وأن ير فع يده و هو يشت هي ونا ية مقام الُ سن قوله تعال :وَكُلُوا
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ه ِرفُوا [العراف .]31 :وقوله « :ثلث طعام وثلث
وَا ْش َربُوا وَل تُسهه ْ
شراب وثلث نفس».
والكل على مقام العدل يُصح البدن ويبعد الرض بإذن ال ويقلل النوم
ويُخفكف الؤنكة ويرقكق القلب ويصكفيه فتحسكن فكرتكه وتسكهل الركات
والتعبيات ،والشبع يُميت القلب ومنه يكون الفرح والرح والضحك.
ويُستحب تأخي السحور لا ورد عن أنس بن مالك عن زيدٍ بن ثابت
قال :ت سحرنا مع ر سول ال ث قام إل ال صلة قال أ نس :قلت لز يد:
كما كان بي الذان والسحور؟ قال :قدر خسي آية .متفق عليه .ولا ورد
ف البخاري عن سهل بن سعد قال :ك نت أت سحر ف أهلي ث تكون
سُرعت أن أدرك السجود مع رسول ال .
وعن سهل بن سعد الساعدي أن رسول ال قال« :ل يزال الناس
بي ما عجلوا الفطر وأخروا السحور».
و عن ا بن عط ية قال :دخلت أ نا وم سروق على عائ شة ،فقل نا :يا أم
الؤمن ي ،رجلن من أ صحاب م مد أحده ا يُع جل الفطار ويُع جل ال صلة
وال خر يؤ خر الفطار ويؤ خر ال صلة ،قالت :أيه ما يُع جل الفطار ويُع جل
الصلة؟ قلنا :عبد ال بن مسعود ،قالت هكذا صنع رسول ال والخر أبو
موسى.
ولن ال سحور يُراد به التقوى على ال صوم .فكان التأخ ي أبلغ ف ذلك
وأول ،ويُ سن تعج يل ف طر إذا ت قق الغروب ل ا ورد عن أ ب هريرة قال:
قال رسول ال « :قال ال عز وجل إن أحب عبادي إلّ أعجلهم فطرا».
و عن أ ب هريرة قال :قال ر سول ال « :ل يزال الد ين ظاهرا ما
99
377 الناهل السان ف دروس رمضان
عجهل الناس الفطهر ،لن اليهود والنصهارى يؤخرون» .ولديكث سكهل
وحديث أب عطية وقد تقدما قريبا.
ويُسن أن يكون فِطره على رطب ،فإن عدم فتمر فإن عدم فماء لا ورد
عن أنس قال :كان رسول ال يُفطر على رُطبات قبل أن يُصلي فإن ل
تككن رطبات فتمرات ،فإن ل تككن ترات حسكا حسكوات مكن ماء ،وعكن
سلمان بن عا مر ال ضب قال :قال ر سول ال « :إذا أف طر أحد كم فليف طر
على تر ،فإنه بركة فإن ل يد ترا فالاء فإنه طهور».
والفطكر قبكل صكلة الغرب أفضكل ،لديكث أنكس قال" :مكا رأيكت
ر سول ال يُ صلي ح ت يُف طر ،ولو شر بة ماء" .وال أعلم و صلى ال على
ممد وآله وسلم.
ويُستحب قول الصائم عند فطره:
اللهم لك صمت ،وعلى رزقك أفطرت ،سبحانك وبمدك اللهم تقبل
من ،إنك أنت السميع العليم .لا ورد عن مُعاذ بن زهرة :أنه بلغه أن النب
كان إذا أف طر قال« :ذ هب الظ مأ وابتلت العروق ،وث بت ال جر إن شاء
ال» وثبت عن النب أنه قال« :للصائم عند فطره دعو ٌة ل تُرد» ولديثي
ابن عباس وأنس رضي ال عنهما قال :كان النب إذا أفطر قال« :اللهم لك
صمنا ،وعلى رزقك أفطرنا ،ال تقبل منا إنك أنت السميع العليم».
وعن عبد ال بن الزبي رضي ال عنهما قال :أفطر رسول ال عند
سكعد بكن معاذ ،فقال« :أفطهر عندكهم صهائمون وأكهل طعامكهم البرار
وصلت عليكم اللئكة».
كد أن يكون فطره على حلل ،وأن يذر أن
كان أن يتهك
وعلى النسك
الناهل السان ف دروس رمضان 378
يكون على حرام ،فإن أكل الرام من جلة موانع قبول الدعاء ،فقد ورد عن
أ ب هريرة قال :قال ر سول ال « :إن ال ط يب ول يق بل إل طيبا ،وإن
ال أ مر الؤمن ي ب ا أمهر به الر سلي ،فقال :يَا َأيّهَا الرّسُهلُ كُلُوا مِ نَ
الطّيّبَا تِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [الؤمنون ]51 :وقال :يَا َأيّهَا الّذِي نَ َآمَنُوا
كُلُوا مِنْ طَيّبَاتِ مَا رَ َزقْنَاكُمْ [البقرة ]172 :ث ذكر الرجل يطيل السفر
أش عث أ غب ي د يد يه إل ال سماء ويقول :يا رب يا رب! ومطع مه حرام،
ي بالرام فأن يُستجاب له». ومشربه حرام ،وملبسه حرام ،وغُذ ّ
و ف الد يث أل إن أول ما يُن ت من الن سان بط نه ف من ا ستطاع أل
يأكل إل طيبا فليفعل .الديث.
و من آداب الدعاء أن يكون من صميم القلب ف عن أ ب هريرة قال:
قال ر سول ال :ادعوا ال وأنتم موقنون بالجابة واعلموا أنه ل يستجيب
دعاء من قلبٍ غاف ٍل لهٍ وأن يكون دعائه ف السراء والضراء.
ف عن أ ب هريرة قال :قال ر سول ال من سره أن ي ستجيب ال له
عنكد الشدائد والكرب فليك ثر الدعاء ف الرخاء وأن يكون بالتضرع بالرغبكة
ضرّعًا َو ُخفْيَةً [العراف.]55 : ُمه تَ َ
والرهبكة ،قال ال تعال :ادْعُوا َرّبك ْ
ت َويَدْعُونَنَا رَغَبًا وَ َرهَبًا وَكَانُوا
وقالِ :إنّهُ مْ كَانُوا يُ سَارِعُو َن فِي الْخَ ْيرَا ِ
لَنَا خَا ِشعِيَ [النبياء .]90 :وقال ف حق يونس عليه السلم :فَ َلوْل َأنّ هُ
ث فِي بَطْنِ ِه ِإلَى يَوْ ِم يُ ْبعَثُو نَ [الصافات-143 : حيَ * لَلَبِ َ كَا َن مِ َن الْمُ سَبّ ِ
.]144وأن يفتتح الدعاء بالثناء على ال والصلة على نبيه رسول ال .
روى الترمذي وغيه عن فضالة بن عبيد قال بينما رسول ال قاعد
إذ دخكل رجكل فصكلى فقال اللهكم اغفكر ل وارحنك فقال رسكول ال :
101
377 الناهل السان ف دروس رمضان
«عجلت أيها الصلي إذا صليت فقعدت فاحد ال با هو أهله وصل علي
ث ادعه» قال :ث صلى رجل آخر بعد ذلك فحمد ال وصلى على النب
فقال له النب « :أيها الُصلي ادع تُجب».
و عن ع مر قال إن الدعاء موقوف ب ي ال سماء والرض ل ي صعد م نه
ش يء ح ت تُ صلي على نب يك صلى ال عل يه و سلم وأن يُخ فى الدعاء ،قال
السن بي دعوة السر ودعوة العلنية سبعون ضعفا وإن كان الرجل لقد جع
القرآن وما يشعر به الناس وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثي وما يشعر به
الناس وإن كان الرجل ليصلي الصلة الطويلة ف بيته وعنده الزوار ما يشعرون
به ول قد أدرك نا أقواما ما كان على الرض من ع مل يقدرون أن يعملوه ف
ال سر فيكون علني ًة أبدا ول قد كان ال سلمون يتهدون ف الدعاء و ما يُ سمع
صوت إن كان إل هسا بينهم وبي ربم وذلك أن ال يقول :ادْعُوا َرّبكُمْ
ضرّع ًا َو ُخفْيَةً وذلك أن ال ذككر عبدا صكالا رضكي فعله فقالِ :إذْ تَ َ
نَادَى َرّب ُه ِندَا ًء َخفِيّا .
قال ابن الوزي -رحه ال :-
رأيت من البلء أن الؤمن يدعو فل يُجاب ،فيكرر الدعاء وتطول الدة
فل يرى أثرا للجابكة ،فينبغكي له أن يعلم أن هذا مكن البلء الذي يتاج إل
ال صب ،و ما يعرض للن فس من الو سواس ف تأخ ي الواب مرض يتاج إل
طب ،ول قد عرض ل ش يء من هذا ال نس ،فإ نه نزلت ب نازلة ،فدعوت
وبال غت ،فلم أر الجا بة ،فأ خذ إبل يس يول ف حلبات كيده ،فتار ًة يقول:
الكرم واسع والبخل معدوم ،فما فائدة تأخي الواب؟
فقلت له :اخسأ يا لعي ،فما أحتاج إل تقاضٍ ،ول أرضاك وكيلً.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ث عدت إل نفسي فقلت :إياك ومساكنة وسوسته ،فإن لو ل يكن ف
تأخي الجابة إل أن يبلوكِ القدر ف مُحاربة العدو لكفى ف الكمة.
قالت :فسلن عن تأخي الجابة ف مثل هذه النازلة.
فقلت :قكد ثبكت بالبهان أن ال عكز وجكل مالك ،وللمالك التصكرف
بالنع والعطاء ،فل وجه للعتراض عليه.
والثانك :أنكه قكد ثبتكت حكمتكه بالدلة القاطعكة ،فرباك رأيكت الشيكء
مصلحة والكمة ل تقتضيه ،و قد يفى ف الك مة في ما يفعله الطبيب ،من
أشياء تؤذي ف الظاهر يُقصد با الصلحة ،فلعل هذا من ذاك.
والثالث :أنه قد يكون التأخي مصلحة ،والستعجال مضرة ،وقد قال النب
« :ل يزال العبد بي ما ل يستعجل ،يقول :دعوت فلم يُستجب ل».
والرابع :أنه قد يكون امتناع الجابة لفة فيك فربا يكون ف مأكولك
شُبهة ،أو قلبك وقت الدعاء ف غفلة ،أو تزاد عقوبتك ف منع حاجتك لذنبٍ
مكا صكدقت فك التوبكة منكه ،فابثكي عكن بعكض هذه السكباب لعلك تقعيك
بالقصود.
والامس :أنه ينبغي أن يقع البحث عن مقصودك بذا الطلوب ،فربا
كان ف حصوله زيادة إث ،أو تأخي عن مرتبة خي ،فكان النع أصلح.
شعرا:
أَمَا آَنَ أَنْ تَكْتَحِلِيْ ِإلَى مَتَى يَا عَيُ َهذَا الرّقَادُ
مَا فَاتَ مِن خَيٍٍ عَلَى ذِي تَنَبّهِيْ مِن رَقْدَةٍ وَانْظُرِيْ
قُمْ لِتَرى لُطْفَ الكَرِيِ يَا َأّيهَا الغَافِلُ فِي نَوْمِهِ
وَأَنْتَ فِي النّومِ شَبْيهُ مَوْلَكَ يَدْعُوكَ ِإلَى بَابِهِ
103
377 الناهل السان ف دروس رمضان
مِنْ ذَنْبِهِ هَلْ مَنْ لَهُ مِن وَيَبْسُطُ الكَفّيَ هَلْ تَائِ ٌ
ب
تَدُورُ فِي الفُرْشِ وِليْنَ وَأَنْتَ مِن جَنْبٍٍ ِإلَى جَانِب
وَأنتَ تَختَارُ الَفَا والبِعَادِ يَدْعُوْكَ مَولَكَ ِإلَى قُرْبِه
لَيْسَ عَلَى العُمْرِ العَزِيْزِ كَمْ هَكَذا التّسوِيْفُ فِي
وَنَيْرُ صُبحِ الشّيْبِ فَوْقَ لَقَد مَضَى لَيْلُ الصّبَا
رَحْمَتُهُ عَمّتْ جَمِيْعَ أَفِقْ فَإنّ الَ سُبْحَانَهُ
اللهم توفنا مسلمي وألقنا بعبادك الصالي واغفر لنا ولوالدينا ولميع
ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على
ممد وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
ف أحكام القضاء
ويسكتحب قضاء رمضان فورا مكع سكعة وقكت مسكارعة لباءة الذمكة
ويُسن التتابع ف قضائه لنه أشبه بالداء وأبعد عن اللف .ويوز تفريقه لا
ورد عن ا بن ع مر أن ال نب قال« :قضاء رمضان إن شاء فرق وإن شاء
تابع».
وروى الثرم بإ سناده عن م مد بن النكدر أ نه قال :بلغ ن أن ال نب
سُئل عن تقطيع قضاء رمضان ،فقال« :لو كان على أحدكم دين فقضاه من
الدرهم والدرهي حت يقضي ما عليه من الدين ،هل كان قاضيا دينه؟»
قالوا نعم يا رسول ال ،قال« :فال أحق بالعفو والتجاوز منكم».
قال البخاري :قال ا بن عباس ر ضي ال عنه ما :ل بأس أن يُفرق لقوله
تعالَ :فعِ ّد ٌة ِمنْ َأيّا ٍم أُ َخرَ .متتابعات ،فسقطت متتابعات.
ول يوز تأخي قضاء رمضان إل رمضان آخر من غي عذر ،لا أخرجه
الشيخان عكن عائشكة رضكي ال عنهكا ،قالت :كان يكون عليّ الصكوم مكن
رمضان فما أستطيع أن أقضي إل ف شعبان.
و ف روا ية ل سلم :إن كا نت إحدا نا لتف طر ف زمان ر سول ال ف ما
تقدر أن تقض يه مع ر سول ال إل ف شعبان .و ف روا ية للترمذي :قالت
رضي ال عنها :ما كنت أقضي ما يكون عليّ من قضاء رمضان إل ف شعبان
حت توف رسول ال .
وإذا ل يبكق مكن شعبان إل قدر مكا عليكه ،وجكب القضاء فورا مُتابعا
لضيق الوقت ،كأداء رمضان ف حق من ل عذر له.
105
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ول يُكره القضاء ف ع شر ذي ال جة ،فإن أ خر القضاء لغ ي عذر ح ت
أدر كه رمضان آ خر فعل يه مع القضاء إطعام م سكي ل كل يوم :ويُروى ذلك
عن ابن عباس رضي ال عنهما وابن عمر رضي ال عنهما وأب هريرة ول
يُرو عن غيهم خلفه .قاله ف الشرح.
ومن فاته رمضان قضا عدد أيامه تاما كان أو ناقصا لن القضاء يب
أن يكون بعدد ما فاته كالريض والسافر لا تقدم من قوله تعالَ :ف ِع ّدةٌ مِ نْ
َأيّا ٍم ُأ َخرَ .ويوز أن يق ضي يوم صيف عن يوم شتاء وأن يق ضي يوم شتاء
عن يوم صيف.
فائههدة
قال ابن الوزي -رحه ال :-
ينبغي للنسان أن يعرف شرف زمانه ،وقدر وقته ،فل يضيع منه لظة
ف غي قربة ،ويُقدم الفضل فالفضل من القول والعمل ،ولتكن نيته ف الي
قائمة من غي فتور( .وقد كان جاعة من السلف يُبادرون اللحظات) فننقل عن
عا مر بن ع بد ق يس :أن رج ًل قال له" :كلم ن" فقال له" :ام سك الش مس".
ودخلوا على بعض السلف عند موته ،وهو يُصلي ،فقيل له ،فقال" :الن تُطوى
صحيفت" .فإذا علم النسان أنه وإن بالغ ف الد بأن الوت يقطعه عن العمل،
عمل ف حياته ما يدوم له أجره وبعد موته ،فإن كان له شيء ف الدنيا ،وقف
وقفا ،وغرس غر سا ،وأجرى نرا ،وي سعى ف ت صيل ذر ية تذ كر ال بعده،
فيكون الجر له ،أو أن يُصنف كتابا ف العلم فإن تصنيف العال ولده الخلد
وأن يكون عاملً بالي عالا فيه فينقل من فعله ما يقتدي به الغي فذلك الذي
ل يت .وال أعلم وصلى ال على ممد وآله وسلم.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
اعلم وفق نا وإياك ال لطاع ته أن لل صيام ما سن كثية و هي قل يل من
كثي من ماسن الدين السلمي ثبتنا ال وإياك وجيع السلمي عليه فمنها أن
النسان إذا جاع بطنه اندفع جوع كثي من حواسه فإذا شبع بطنه جاع عينه
ول سانه ويده وفر جه فكان ت شبيع الن فس تويعا لذه الذكورات و ف تو يع
النفكس تشبيعهكا فكان هذا التجويكع أول ومكن ذلك أنكه إذا جاع علم حال
ك ي سد بكه جوع هم إذ ليكس البكالفقراء ف جوعهكم فيح هم ويعطي هم م ا
كالعاينة ل يعلم الراكب مشقة الراجل إل إذا ترجل.
ومن ماسن الصيام ف فرضه وشرعه أنه ل يفرض ف كل العمر مع ما
فيه من السن بل فرض شهرا من كل سنة شهر رمضان ورخص ف الفطار
عندما يصل لن وجب عليه عذر وأيضا أمر بالصوم ف النهار وأبيح ف الليل
الفطار وهذا من لطف ال أمر عباده على وجه يكن لم فيه إحراز الفضيلة
واكتساب الوسيلة ومن ذلك إنه خص الصيام بالنهار لن الكل فيه مُعتاد،
والنوم ف الل يل مُعتاد و من ما سن ال صوم اكت ساب مكارم الخلق لن قلة
الكل من ماسن الخلق.
ولذلك ل ي مد أ حد بكثرة ال كل وي مد على قلة ال كل يمده كل
ذي دين ف كل حي ول يُرو عن أحد من النبياء كثرة الكل ،ومن جلة
الحا سن ف الصيام أن ال من لطفه بعباده ل يشترط ف القضاء ما ف الداء
من كل وجه فلم يشترط ف القضاء طول اليوم باليوم ول حرارته ول برودته
فإذا أفطر ف أطول يوم ث قضاه ف أقصر يوم أجزاه وكفاه.
ومن جلة الحاسن ف الصوم أنه ل يشترط فيه قِران النية عند الشروع
107
377 الناهل السان ف دروس رمضان
كما ف سائر العبادات لن هذا الوقت وقت نوم وغفلة قلما يقف العبد عليه
فلو شرط لضاق المكر على الناس في سر المكر على عباده حتك أجاز الصكوم
بنيةٍ متقد مة ت قع بزء من الل يل ،وإن طرأ عل يه ال كل والشرب والر فث لن
ال أباح الكل والشرب إل آخر الليل فلو بطلت به فات ملها.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(موعظههة)
ك تب ع مر بن ع بد العز يز إل القر ضي :أ ما ب عد :ف قد بلغ ن كتابُك
تعظن وتذكر ما هو ل حظ وعليك حق وقد أصبت بذلك أفض َل الجر إن
الوع ظة كال صدقة بل هي أعظ مُ أجرا وأب قى نفعا وأح سن ذخرا وأو جب
ظ ب ا الرّجلُ أخاه ليزداد ب ا ف هدّى َرغَْبةً خيٌ
على الؤ من حقا ،لكَلم ٍة يع ُ
من مال يتصدق به عليه وإن كان به إليه حاجة ولا يُدرك أخوك بوعظتك
من الدى خ ي م ا ينال ب صدقتك من الدن يا ولن ين جو ر جل بوعظ تك من
هلكة خي من أن ينجو بصدقتك من فقر.
ف عظ من ت عظ لقضاء حق عل يك وا ستعمل كذلك نف سك ح ي ت عظ
وككن كالطكبيب الُجرب العال الذي قكد علم أنكه إذا وضكع الدواء حيكث ل
ينبغي أعنت نفسه وإذا أمسك من حيث ينبغي جهل وأث وإذا أراد أن يداوي
منونا ل يُداوه وهو مُرسل حت يستوثق منه ويوثق له خشية أن ل يبلغ منه
من الي ما يتقي منه من الشر وكان طبه وتربته مفتاح عمله واعلم أنه ل
يعل الفتاح على الباب لكي ما يُغلق فل يُفتح أو ليُفتح فل يُغلق ولكن ليغلق
ف حينه ويفتح ف حينه
بِإِرْشَادِهِمْ لِلْحَقّ عِ ْندَ وَكُنْ نَاصِحا لِلْمُسِلِمِيْنَ
عَنْ السّوْءِ وَازْجُرْ ذَا الَنَا وَمُرْهُمْ بِمَعْرُوفِ الشّرِيْعَةِ
لَعَلّكَ تُْبي دَاءَهُمْ بِدَوَائِه وَعِظْهُمْ بِآيَاتِ الكِتَاب
تَنَلْ مِنْهُ يَوْمَ الَشْرِ خَيْرَ فَإنْ يَهْد مَوْلَنَا بِوَعْظِكَ
عَلَيْكَ َومَا مُلّكْتَ أَمْرَ وَإلّ َفقَدْ أَدّيْتَ مَا كَانَ وَاجِبا
الل هم يا من خلق الن سان ف أح سن تقو ي وبقدر ته ال ت ل يعجز ها
109
377 الناهل السان ف دروس رمضان
شيء يُحيي العظام وهي رميم نسألك أن تدينا إل صراطك الستقيم صراط
الذين أنعمت عليهم من النبيي والصديقي والشهداء والصالي ،وأن تغفر لنا
ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي
وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
ف صلة التراويح
ويبحث ف:
– 1مشروعية صلة التراويح.
– 2صفة أو كيفية التراويح.
– 3مذاهب العلماء رحهم ال ف عدد ركعاتا.
– 4ما يُستحب فيها.
– 1مشروعية صلة التراويح:
التراويح سنة مؤكدة سنها رسول ال :فعن عائشة رضي ال عنها أن
ال نب صلى ف ال سجد ف صلى ب صلته ناس ث صلى الثان ية فك ثر الناس ث
اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يرج إلي هم ر سول ال فل ما أ صبح
قال« :رأيت الذي صنعتم فلم ينعن من الروج إليكم إل أن خشيت أن
تُفرض عليكم وذلك ف رمضان» متفق عليه.
و ف روا ية :قالت" :كان الناس ي صلون ف ال سجد ف رمضان بالل يل
أوزاعا مع الرجل الشيء من القرآن ،فيكون معه النفر المسة ،أو السبعة أو
أقل من ذلك أو أكثر ،يصلون بصلته ،قالت :فأمرن رسول ال أن أنصب
له حصكيا على باب حجرتك ،ففعلت ،فخرج إليكه بعكد أن صكلى العشاء
الخرة فاجتمع إليه من ف السجد فصلى بم .وذكرت القصة بعن ما تقدم،
غي أن فيها أنه ل يرج إليهم ف الليلة الثانية".
و عن جبي بن نف ي عن أ ب ذر قال :صمنا مع ر سول ال ،فلم
يصل بنا حت بقي سبع من الشهر فقام بنا حت ذهب شطر الليل ،فقلنا :يا
111
377 الناهل السان ف دروس رمضان
رسول ال ،لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه :فقال « :من قام مع المام حت ينصرف
كتب ال له قيام ليلة» ،ث ل يقم بنا حت بقي ثلث من الشهر فصلى بنا ف
الثالثكة ،ودعكا أهله ونسكاءه حتك توفنكا الفلح ،قلت له :ومكا الفلح؟
قال«:السحور».
و عن أ ب هريرة قال :كان ر سول ال ير غب ف قيام رمضان من
غ ي أن يأمر هم بعزي ة ،فيقول « :من قام رمضان إيانا واحت سابا غُ فر له ما
تقدم من ذنبه».
وعن عبد الرحن بن عوف :أن النب قال« :إن ال عز وجل فرض
صيام رمضان ،و سننت قيا مه ف من صامه إيانا واحت سابا خرج من ذنو به
كيوم ولدته أمه».
وعن زيد بن ثابت :أن النب اتذ حجرة ف حصي ،فصلى فيها ليال
اجت مع عل يه ناس ،ث فقدوا صوته ليلة فظنوا أ نه نام ،فج عل بعض هم يتنح نح
ليخرج إليهم فقال« :ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حت خشيت أن
يُكتب عليكم ،ولو كتب عليكم ما قمتم به ،فصلوا أيها الناس ف بيوتكم
فإن أفضل صلة الرء ف بيته إل الصلة الكتوبة».
وَنَرْجُوْهُ غُفْرَانا فَرَبّكَ ِإلَى الِ نَشْكُو قَسْوةً
قُمِ الليّلَ يَا َهذَا لَعَلّكَ ودُوْنَكَ مِنّي النّصْحَ يَا ذَا
إل كَمْ تَنَامُ الليلَ والعُمْرُ يَنْفَدُ
وإّن لَن ْفسِي نَاصِحٌ ومُلزمٌ تَيَقَظ وَتُبْ فالُ لِلْخَلْقِ
أَرَاكَ بِطُولِ اللّيلِ وِيْحَكَ فَقُمْ لَ تَنَمْ فالشّهْمُ بالَليّلْ
وَغَيْرُكَ فِي مِحْرابِهِ يَتَهَجّدُ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
أما تَسْتَحِيْ أَوْ تَرْعَوِي أَوْ لَقَدْ فَازَ أقوَامٌ وَنَحُن
ولَو عَلِمَ البَطّالُ مَا نَالَ س سَواءٌ قَائِمٌ ذَا وَرَاقِدُفلَيْ َ
من الجر والحسان ما كان يرقد
وَنُمْناً وَهُمْ بِالليل يبكون قوم فَكَم َق ْد أَكَلْنَا وَالتّقِيّونَ
لصام وقام الليل والنّاس نوم ولو مفلس يدري وهل َأيْ َن خيموا
إِذَا مَا دَنَى مِنْ عَبْدِهِ الْمُتَفَرّدُ
وَتَابَ وَأَبْدَى اَلْخَوْفَ مِن وَأَسْبَلَ فِي الدّاجِي دُمُوعا
بِحَزْمٍٍ وَعَزْ ٍم وَاجْتِهَادٍ وَقَامَ وَصَلّى خَائِفا فِي
وَيَعْلَمُ أَنّ الَ ذُوْ العَرْشِ يُعْبَ ُد
فَلَ ْيسَ لَهَا عَهْدٌ يَفِيْ لَوْ فَحَاذِرْ منِ الدّنْيَا وَمِنْ لَدْغِ
وَلَوْ كَانَتِ ال ّدنْيَا تَدُوْمُ فَسَافِرْ وَطَلّقْهَا ثَلثا وَخلّهَا
لَكَانَ رَسُولُ الِ فِيْهَا مُخَلّدُ
أَفِي سِنَةٍ كُنّا أَم القَلْبُ أَلَمْ يَأْن أَنْ نَخْشَعْ وَأَيْنَ
أَتَرْقُدُ يَا مَغْرُوْرُ وَالنّارُ تَيقّظْ أَخِيْ وَاحْذَرْ وَإِيّاَك
فَل حَرّهَا يَطْفَي وَل الّمْرُ يَخْمُدُ
نَعُجّ وَبَعْضُ القَوْمِ لِلبَعْضِ أَمَا لَوْ عَلمْنَاهَا نَهَضْنَا ِإذَا
أََلَ إِنّهَا نَا ٌر يُقالُ لَهَا لَظَى وَلَمْ نَغْتَمِضْ عَيْنا
فَتَخْمُدُ أَحْيَانا وَأَحْيَانَا تُوْقَدُ
وَحَافِظْ عَلَى تِلكَ النّوَافِل عَلَى الَمْسِ تَوْدِيْعا بِوَقْتٍٍ
فَيَا رَاكِبَ العِصْيَانِ وَيْحَكَ وتُبْ عَن ذُنُوْبٍٍ لَ تَذِلّ
113
377 الناهل السان ف دروس رمضان
سَتُحْشَرُ عَطْشَانا وَوَجْهُكَ أَسْودُ
لَهُمْ ُكلُّ خَيْر من إلَهِي َألَ إَنْ أَهَلَ العِلِْم فِي عِلْمِ
فَكَمْ بَيْنَ مَسْرُو ٍر بِطَاعَةِ سَمَوْ بِالْهُدَى وَالنّاسُ مِن فَوقَ
وَآخَرُ بالذّنْبِ الثّقِيْلِ مُقَيّدُ
وَقُرّبَتِ النّارُ العَظِيْمَةُ ِإذَا كُوّرَتْ شَمْسُ العِبَادِ
وَكُبْكِبَ هَذَا ثُمّ هَذَا مُسَلّمٌ
وَ َهذَا شَقِيّ فِي الَحِيمِ مُخَلّدُ ف َهذَا سَعِي ٌد فِي الِنَانِ مُنَعّمٌ
وَلبُدّ َهذَا الكمُ فِي الَشَر َوقَد كَانَ َهذَا الُكْمُ مِن رِبّنَا
ِإذَا نُصِبَ الِيْزَانُ لِلفَصْلِ إلي أَنِلْنِى العفوَ مِنْكَ مَعَ
وَقَد قَامَ خَيُ العَاليَ مُحَمّدُ
شِفيعُ الوَرى أَكرم بِها مِن نَبُ الُدَى الْمَعصومُ عَن ُكلّ
عَلَيْهِ صَلَةُ الِ فِي ُكلِّ وَمِلّتَهُ يَا صَاحِبِي خيَرُ مِلّةِ
مَعَ اللِ والصْحَابَ مَا دَارَ فُرْقَدُ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
– 2صفة أو كيفية صلة التراويح:
صلة التراويح بماعة أفضل ،قال المام أحد :كان علي وجابر وعبد
ال رضي ال عنهم يصلونا جاعة ،وروي عن علي أنه كان يعل للرجال
إماما وللنساء إماما.
وف حديث أب ذر قال :إن النب جع أهله وأصحابه وقال« :إنه
من قام مع المام حت ينصرف كُتب له قيام ليلة».
ويهر المام بالقراءة لنقل اللف عن السلف .ويُسلم من كل ركعتي،
ووقت ها ب عد صلة العشاء ،ق بل الو تر إل طلوع الف جر ،وفعل ها ف ال سجد
أف ضل ،لن ال نب صلها ثلث ليا ٍل متوال ية ،ك ما روت عائ شة ر ضي ال
عنهكا ومرة ثلث ليالٍ متفرقكة كمكا روى أبكو ذر ،قال" :مكن قام مكع المام
ح سب له قيام ليلة ،وكان أ صحابه يفعلون ا ف ال سجد أوزاعا ف جاعات
متفرقة ف عهده".
و عن ع بد الرح ن بن القارئ قال" :خر جت مع ع مر بن الطاب ف
رمضان إل ال سجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يُ صلي الر جل لنف سه ،ويُ صلي
الر جل في صلي ب صلته الر هط ،فقال ع مر :إ ن أرى لو ج عت هؤلء على
قارئ واحد لكان أمثل .ث عزم فجمعهم على أُب بن كعب ث خرجت معه
ليلة أخرى والناس ي صلون ب صلة قارئ هم ،فقال ع مر" :نع مت البد عة هذه،
ك أفضكل مكن التك يقومون" يعنك آخكر الليكل ،وكان الناس والتك ينامون عنه ا
يقومون أوله .فدلت هذه الخبار وغيها على أن فعل التراويح جاعة أفضل
من النفراد وكذا إجاع الصحابة وأهل المصار على ذلك.
115
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وهو قول جهور العلماء ،وتوز فُرادى واختلف أيتهما أفضل للقارئ،
قال البغوي وغيه :اللف بنك يفكظ القرآن ،ول ياف الكسكل عنهكا لو
انفرد ،ول ت تل الما عة بتخل فه ،فإن ف قد أ حد هذه المور فالما عة أف ضل
بل خلف وأ ما عدد صلة التراو يح ،فقال القا ضي :ل خلف أ نه ل يس ف
ذلك حد ل يزداد عليه ول ينقص منه.
فاختار المام أح د وجهور العلماء عشر ين رك عة :ل ا روى مالك ف
(الو طأ) عن يز يد بن رومان قال" :كان الناس ف ز من ع مر يقومون ف
رمضان بثلث وعشرين ركعة".
وقال السائب بن يزيد :لا جع عمر الناس على أُب بن كعب ،وكان
يُصلي بم عشرين ركعة :وروى أبو بكر بن عبد العزيز ف كتابه (الشاف)
عن ابن عباس :أن النب كان يُصلي ف شهر رمضان عشرين ركعة.
وقال شيخ السلم :له أن يُصليها عشرين كما هو الشهور ف مذهب
أحد والشافعي ،وله أن يصليها ستا وثلثي كما هو مذهب مالك ،وله أن
يُصكلي إحدى عشرة وثلث عشرة وكله حسكن ،فيكون تكثيك الركعات أو
تقليلها بسب طول القيام وقصره :وقال :الفضل ،يتلف باختلف الُصلي
فإن كان فيهم احتمال بعشر ركعات وثلث بعدها ،كما كان النب يُصلي
لنفسه ف رمضان وغيه فهو الفضل ،وإن كانوا ل يتملونه ،فالقيام بعشرين
هكو الفضكل وهكو الذي يعمكل بكه أكثكر السكلمي ،فإنكه وسكط بيك العشكر
والربعي .وإن قام بأربعي وغيها جاز ،ول يُكره شيء من ذلك .ومن ظن
أن قيام رمضان ف يه عدد مؤ قت ل يُزاد ف يه ول يُن قص م نه ف قد أخ طأ ،و قد
ينشط العبد فيكون الفضل ف حقه تفيفها.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وقال :قراءة القرآن فك التراويكح سكُنة باتفاق السكلمي ،بكل مكن أجكل
مق صود التراو يح قراءة القرآن في ها لي سمعوا كلم ال ،فإن ش هر رمضان ف يه
نزل القرآن – فيه كان جبيل يُدارس النب -انتهى كلمه -رحه ال -
فائههدة
قال ابن القيم -رحه ال :-
ل ا رأى التيقظون سطوة الدن يا بأهل ها ،وخداع ال مل لربا به ،وتلك
الشيطان ،وقيادة النفوس ،رأوا الدولة للنفككس المارة ،لأوا إل حصككن
التضرع واللاء؛ كما يأوي العبد الذعور إل حرم سيده.
شهوات الدنيا كلعب اليال ،ونظر الاهل مقصور على الظاهر ،فأما
ذو العقل فيى ما وراء الستر .لح لم الُشتهى ،فلما مدوا أيدي التناول بان
الع قل فيُرى ما وراء ال ستر .لح ل م الشت هى ،فل ما مدوا أيدي التناول بان
لبصار البصائر خبط الفخ ،فطاروا بأجنحة الذر ،وصوبوا إل الرحيل الثان
(يا ليت قومي يعلمون) تلمح القوم الوجود ففهموا القصود ،فأجعوا الرحيل
ق بل الرح يل ،وشروا لل سي ف سواء ال سبيل ،فالناس مشتغلون بالفضلت،
وهم ف قطع الفلوات ،وعصافي الوى ف وثاق الشبكة ينتظرون الذبح" ،وقع
ثعلبان ف شبكة .فقال أحدها للخر :أين الُلتقى بعد هذا؟ فقال :بعد يومي
ف الدبا غة" .تا ل ما كا نت اليام إل مناما فا ستيقظوا ،و قد ح صلوا على
الظفر .ما مضى من الدنيا أحلم ،وما بقي منها أمان ،والوقت ضائع بينهما.
ك يف ي سلم من له زو جة ل ترح ه ،وولد ل يعذره ،وجار ل يأم نه،
و صاحب ل ين صحه ،وشر يك ل يُن صفه ،وعدو ل ينام عن مُعادا ته ،ون فس
أمارة بال سوء ،ودن يا متزي نة ،وهوى مرد ،وشهوة غال بة له ،وغ ضب قا هر،
117
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وشيطان مزين ،وضعف مستولٍ عليه ،فإن توله ال وجذبه إليه ،انقهرت له
هذه كلها ،وإن تلى عنه ووكله إل نفسه ،اجتمعت عليه ،فكانت اللكة.
اللهكم قوي إياننكا بكك وبلئكتكك وبكتبكك وبرسكلك وباليوم الخكر
وبالقدر خيه وشره اللهم وفقنا لمتثال أوامرك ،واجتناب نواهيك واغفر لنا
ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي
وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
– 4ما يُستحب ف صلة التراويح:
وعلى المام أن يتقكي ال ،فل يُسكرع سكرعة تنكع الأموم مكن التيان
بركن كالطمأنينة ،أو واجب كتسبيح ركوع وتسبيح سجود ،أو قول" :رب
اغ فر ل" و من الؤ سف أن كثيا من الناس ،أث قل الئ مة عنده من ي صلي
التراويح بشوع وخضوع واطمئنان ،ولذا يفرون منه ويذهبون إل من يُسرع
باك ول يتمهكا على الوجكه الشروع ،ول يطمئن باك ،والطمأنينكة رككن مكن
أركان ال صلة ،و قد قال للم سيء ف صلته ل ا أ خل بالطمأني نة« :ار جع
فصل ،فإنك ل تصل».
وقال « :صلوا ك ما رأيتمو ن أ صلي» وكان ال سلف يعتمدون على
العُصي من طول القيام.
وعن العرج قال" :ما أدركنا الناس إل وهم يلعنون الكفرة ف رمضان
وقال :وكان القارئ يقرأ سورة البقرة ف ثان ركعات ،وإذا قام ب ا ف اثن ت
عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف".
وعن عبد ال بن بكر قال :سعت أب يقول :كنا ننصرف ف رمضان
من القيام فن ستعجل الدم بالطعام ما فة فوت ال سحور ،و ف أخرى" :ما فة
الفجر".
و عن ال سائب بن يز يد قال :أ مر ع مر أُ ب بن ك عب ،وتيما الداري
رضكي ال عنهكم أن يقومكا للناس فك رمضان بإحدى عشرة ركعكة ،فكان
القارئ يقرأ بالئ ي ح ت ك نا نعت مد على الع صي من طول القيام ،ف ما ك نا
ننصرف إل ف فروع الفجر.
119
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ويُ ستحب أن يقرأ ب سورة القلم ف عشاء الخرة من الليلة الول من
رمضان بعد الفاتة لنا أول ما نزل من القرآن .ويُستحب أن ل ينقص عن
ختمةٍ ف التراويح ليسمع الناس جيع القرآن .ويتحرى أن يتم آخر التراويح
قبل ركوعه ويدعو.
ولش يخ ال سلم ف ذلك دعاء جا مع شا مل .وقال :رُوي أن ع ند كل
ختمة دعوة مُستجابة.
وقال العلماء ي ستحب لقارئ القرآن إذا خت مه أن ي مع أهله فإ نه روي
عن أ نس بن مالك أ نه كان ي مع أهله ع ند خ تم القرآن وع نه أ نه كان إذا
أشفى على ختم القرآن بالليل بقي أربع سور أو خس سور فإذا أصبح جع
أهله فتختمه ودعا ويُستحب لن علم بالتم أن يضره.
وروي عكن قتادة أن رجلً كان يقرأ القرآن فك مسكجد رسكول ال
فكان ابن عباس يعل عليه رقيبا .فإذا أراد أن يتم قال للسائه قوموا بنا حت
ن ضر الات ة و عن ما هد :كانوا يتمعون ع ند خ تم القرآن ويقولون الرح ة
تنل.
وعكن الككم بكن عيينكه قال :كان ماهكد وعنده ابكن أبك لبابكة وأناس
يعرضون القرآن فإذا أرادوا أن يتموه أر سلوا إلي نا وقالوا :إ نا نر يد أن ن تم
فأحبب نا أن تشهدو نا فإ نه يُقال :إذا خُ تم القرآن نزلت الرح ة ع ند خت مه أو
حضرت الرحة عند ختمه.
وقال وهيكب بكن الورد قال ل عطاء :بلغنك أن حيكد العرج يريكد أن
يتم القرآن فانظر إذا أراد أن يتم فأخبن حت أحضر التمة.
وَلَ تَكُ بِدْعِيا لَعَلّكَ تَمَسّكَ بِحَبْلِ الِ وَاتّبِعِ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
أَتَتْ عَن رَسْولِ الِ تَنْجُو وَدِنْ بكِتَاب الِ وَالسُنَن الّتِي
بِذَلكَ دَانَ التْقِيَاءُ وَقُلْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كُلاَمُ
كَمَا البَدْوُ لَ يَخْفَى وَرَبّكَ وَقُلْ يَتَجَلّى الُ لِلخَلقِ
وَلَيْسَ لَهُ شِبْهٌ تَعَالَى س بِوَالِدٍ ولَيْسَ بِمَوْلُوْدٍ وَلَيْ َ
بِمِصْدَاقٍ مَا قُلنا حَديثٌ َوقَدْ يُنْكِرُ الَهْمِيّ َهذَا
فَقُلْ مِثْلَ مَا َقدْ قَالَ فِي ذَاكَ رَوَاهُ جَرِيْرٌ عَن مَقَالِ
وَكِلْتَا يَدَيْهِ بِالفَوَاضِلِ َوقَد يُنْكِرُ الهَمِيّ أَيْضا
بِلَ كَيْفٍ جَلّ الوَاحِدُ وَقُلْ يَنْزِلُ الَبّارُ فِي ُكلِّ
فتُفرَجُ َأبْوَاب السّمَاءِ وَتُفْتَحُ ِإلَى طَبَقِ ال ّدنْيَا يَمُنّ بِفَضْلِه
وَمُسِْتَمْنِحا خَيْرا وَرِزْقا يَقُول َألَ مُسْتَغفرا يَلْقَ غَافِرا
َألَ خَابَ قَوْمٌ كَذّبُوهُم رَوَى ذَاكَ قَو ٌم لَ يُرد
وَزِيرَاه قَِدما ُثمّ عُثْمَان وَقُلْ إن خَيَ النّاسِ بَعْد
عَلَيّ حَلِيْفُ الْخَيْرِ بِالْخيْرِ وَرَابِعُهُمْ خَيْرُ البَرِيّةِ
عَلَى نُجَبِ الفِرْدَوْسِ بِالُلْدِ وإنّهُمُوا لَلرّهَطُ لَ شَكّ
وَعَامرُ فِِه ٍر وَالزّبَيْر الُمدّحُ سَعِيْدٌ وَسَعْدٌ وَابنُ عَوفٍ
وَلَ تَكُ طَعّانا تَعِيْبُ وَقُلْ خَيْرَ قَوْلٍ فِي الصّحَابَةِ
وَفِي الفَتْح آيٌ لِلصّحَابَة َفقَد نَطَقَ الوَحي الْمُبِيْنُ
دَعَامَةِ عَقْدِ الدّيْنِ والدّيْنُ وَبِالقَدَرِ الَقْدورِ أَيْقِنْ فَإنّه
وَل الَوْضَ وَاليزان إنّك وَلَ تُنكِرَنْ جَهْلً نَكِيا
مِن النّارِ أَجْسَادا مِن الفَحْمِ وَقُلْ يُخْرِجُ الُ العَظِيْمُ
كَحَبّ حَمِيْل السّيل إِذْ عَلَى النّهرِ فِي الفِرْدَوسِ تَحْيَا
وَأَنّ عَذَابَ القَبْرِ بِالَقِّ وَأَنّ رَسُولَ الِ لِلْخَلْقِ
121
377 الناهل السان ف دروس رمضان
فَكُلّهُمُ يَعْصِي وَذُو العَرْشِ وَلَ تُكْفِرَنْ أَهْلَ الصّلةِ
مَقَالٌ لِمَنْ يَهْوَاهُ يُرْدِيْ وَل تَعْتَقِد رَأيَ الَوَارِجْ
أََلَ إِنّمَا الُرْجِيْ بِالدّينِ وَل تَكُ مُرْجِيًا لَعُوْبًا
وَفِعْلٌ عَلَى قَوْلِ النّبِي وَقُلْ إِنّمَا الْيَمانُ قَوْلٌ
بِطَاعَتِهِ يَنْمَى وَفِي الوَزْنِ وَينقُصُ طَوْرَا بِالَعَاصِي
فَقَوْلُ رَسْولِ الِ أَزْكَى وَدَعْ عَ ْنكَ آرَاءْ الرّجَالِ
فَتَطعَنَ فِي أهْلِ اَلْحَدِيِث وَل تَكُ مِن قَوْمٍ تَلَهّوا
فَأَنْتَ عَلَى خَيْرٍٍ تَبِيْتُ ِإذَا مَا اعْتَقَدْتَ ال ّدهْرَ يَا
الل هم يا من عم الب ية جوده وإنعا مه ن سألك أن تتف ضل علي نا بعفوك
وغفرانك ،وجيع السلمي الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي،
وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
ف صلة الوتر
ويبحث ف:
– 1مشروع صلة الوتر ،وحكمها.
– 2وقت صلة الوتر.
– 3القراءة الستحبة فيها.
– 4عدد ركعاتا.
– 5دعاء القنوت ف الوتر.
– 1مشروعية صلة الوتر ،وحكمها:
الوتر سنة مؤكدة لداومته عليه ف حضره وسفره ،ولا ورد عن علي
قال :ليس الوتر بتم كهيئة الكتوبة ،ولكن سُنة سنها رسول ال (رواه
الترمذي والنسائي وح سّنه ،والاكم وصححه ،ورواه ابن ماجه) ولفظه :أن
الو تر ل يس ب تم ول ك صلتكم ،ول كن ر سول ال أو تر ،فقال « :يا أ هل
القرآن أوتروا فإن ال وتر يب الوتر».
وعن جابر بن عبد ال أن رسول ال قام شهر رمضان ،ث انتظروه
من القابلة فلم يرج ،وقال« :خش يت أن يُك تب علي كم الو تر» .رواه ا بن
حبان.
وعن ابن عمر أن رسول ال أوتر على بعيه .رواه الماعة.
– 2وقت صلة الوتر:
ووقت الوتر بعد صلة العشاء وسنتها لا روى خارجة بن حذافة قال:
123
377 الناهل السان ف دروس رمضان
خرج علي نا ر سول ال ذات غداة ،فقال« :ل قد أكرم كم ال ب صلة هي
ي لكم من حُمُر النعم» قلنا :وما هي يا رسول ال؟ قال« :الوتر فيما بي
خٌ
صلة العشاء إل طلوع الفجر» .رواه المسة إل النسائي.
وروى أ بو ب صرة :أن ال نب قال« :أن ال زاد كم صلة ف صلوها ما
بي صلة العشاء إل صلة الصبح ،الوتر» .رواه المام أحد .ولديث أب
سعيد مرفوعا« :أوتروا قبل أن تصبحوا» .رواه مسلم.
وقال « :فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة» .متفق عليه.
والفضل فعله سحرا ،لقول عائشة :من كل الليل قد أوتر رسول ال
فانتهى وتره إل السحر .متفق عليه.
ومن كان تجد جعل الوتر بعده ،ومن خشي أن ل يقوم ،أوتر قبل أن
ينام ،لا ورد عن جابر قال :قال رسول ال « :من خاف أن ل يقوم من
آخر الليل فليوتر أوله ،ومن طمع أن يقوم آخره ،فليوتر آخره ،فإن صلة
آخر الليل مشهودة» ،وذلك أفضل .رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي ال عنهما أن النب قال« :اجعلوا آخر صلتكم
بالليل وترا» .متفق عليه.
وأن أ حب من له ت جد متاب عة المام ف وتره قام إذا سلم المام وأ تى
بركعة بعد الوتر شفع با ركعة الوتر .ث إذا تجد أوتر فينال فضيلة متابعة
المام ح ت ين صرف ،لقوله « :من قام مع المام ح ت ين صرف كُ تب له
قيام ليلة» .صححه الترمذي.
وينال فضيلة ج عل وتره آ خر صلته لد يث« :اجعلوا آ خر صلتكم
بالليل وترا» .متفق عليه ،ويقضيه مع شفعه إذا فات وقته لديث أب سعيد
الناهل السان ف دروس رمضان 378
قال :قال ر سول ال « :من نام عن الو تر أو ن سيه فلي صل إذا أ صبح أو
ذكره» .رواه أبو داود.
ول يصح الوتر قبل صلة العشاء لعدم دخول وقته ،واقل الوتر ركعة،
ول يُكره التيان ب ا مفردة ولو بل عذر من سفر أو مرض ونوه ا ل ا ورد
عن ا بن ع مر وا بن عباس ر ضي ال عنه ما أن ما سعا ال نب يقول« :الو تر
ركعة من آخر الليل» .رواه أحد ومسلم.
و عن أ ب أيوب قال :قال ر سول ال « :الو تر حق ،ف من أ حب أن
يوتر بمس فليفعل ،ومن أحب أن يوتر بثلث فليفعل» .رواه المسة إل
الترمذي.
وث بت عن عشرة من ال صحابة أن الو تر ركعة من هم :أ بو ب كر ،وع مر
وعائ شة ر ضي ال عن هم – و هو مذ هب جهور أ هل العلم مالك والشاف عي
وغيهم – رحهم ال تعال.
و عن عائ شة ر ضي ال عن ها قالت" :كان ر سول ال يُ صلي ما ب ي
صلة العشاء إل الف جر إحدى عشرة رك عة يُ سلم من كل ركعت ي ،ويو تر
بواحدة".
و ف ل فظ كان :ي صلي بالل يل إحدى عشرة رك عة ويو تر بواحدة.
وأد ن الكمال ف الو تر ثلث ركعات ب سلمي ،ل ا روى ع بد ال بن ع مر
رضي ال عنهما أن رجلً سأل النب عن الوتر فقال رسول ال « :افصل
بي الواحدة والثنتي بالتسليم» .رواه الثرم.
وعن ابن عمر رضي ال عنهما – أنه كان يُسلم بي الركعتي والركعة
بالتسليم ف الوتر ،حت أنه كان يأمر ببعض حاجته .رواه البخاري.
125
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ويوز سكرد الثلث بسكلم واحكد ،فل يلس إل فك آخرهكن ،وتوز
كمغرب .و من أدرك مع المام رك عة من الثلث فإن كان المام يُ سلم من
كل اثنتي أجزأ لن أقل الوتر ركعة ،وإن ل يكن المام يُسلم من كل اثنتي
ق ضى ،لد يث « :ما أدركتموه ف صلوا ،و ما فات كم فاقضوا» ،ولن القضاء
يكي الداء ،وال أعلم وصلى ال على ممد وآله وسلم.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
ح ا ْسمَ َربّكَ العْلَى ،وف ويُستحب أن يُقرأ ف الركعة الول :سَبّ ِ
الثانيةُ :ق ْل يَا َأّيهَا الْكَا ِفرُو نَ ،وف الثالثةُ :قلْ ُهوَ اللّ ُه أَ َحدٌ لديث
عائشة" :كان النب يوتر بثلث ل يفصل فيهن" .رواه أحد والنسائي.
وعن أُب بن كعب قال" :كان رسول ال يوتر ب ك سَبّحِ ا ْس َم
َربّ كَ العْلَى ُ ،ق ْل يَا َأيّهَا الْكَا ِفرُو نَ ُ ،قلْ ُهوَ اللّ هُ َأ َحدٌ " .رواه أبو
داود ،والن سائي ،وزاد :ول يُ سلم إل ف آخر هن ،ول ب داود والترمذي عن
عائشة نوه ،وفيه كل سورة ف ركعة ،و ف الخيةُ :قلْ ُهوَ اللّ هُ َأ َحدٌ
والعوذتي.
والسنة لن أوتر با زاد على ركعة أن يُسلم من كل ركعتي لا روى
ابن عمر رضي ال عنهما أن النب كان يفصل بي الشفع والوتر ،ويُسن
فعل الركعة عقب الشفع بل تأخي لا عنه ،وإن صلى الحدى عشرة كلها
ب سل ٍم وا حد بأن سرد عشرا وتش هد التش هد الول ،ث قام فأ تى بالرك عة
جاز ،أو سرد الم يع ول يلس إل ف الخية جاز ل كن ال صفة الول أول
لنا فعله .
– 4عدد ركعاتا:
يوز الو تر ب مس وب سبع وبت سع ،فإن أو تر بت سع سرد تاما وجلس
وتشهد التش هد الول ول يُ سلم ،ث إذا صلى التاسعة وتش هد سلم ،ل ا ورد
عن سعيد بن هشام قال انطلقت إل عائشة فقلت :يا أم الؤمني ،أنبئين عن
خلق ر سول ال ،فقالت :أل ست تقرأ القرآن؟ قلت :يا أم الؤمن ي ،أنبئي ن
عن وتر رسول ال فقالت :كنا نُعد له سواكه وطهوره فيبعثه ال ما شاء
127
377 الناهل السان ف دروس رمضان
أن يبعثه من الليل ،فيبول ويتوضأ ويُصلي تسع ركعات ،ل يلس فيها إل ف
الثامنة فيذكر ال ويمده ،ويدعوه ،ث ينهض ول يُسلم ،فيصلي التاسعة ،ث
يقعكد فيذككر ال ،ويمده ويدعوه ،ثك يُسكلم تسكليما فيُسكمعنا ،ثك يُصكلي
ركعت ي ب عد ما يُ سلم و هو قا عد ،فتلك إحدى عشرة رك عة يا بُ ن .رواه
مسلم.
وإن أو تر بسبع أو ب مس ل يلس إل ف آخرها ل ا ورد عن أم سلمة
قالت :كان رسكول ال يوتكر بسكبع وبمكس ل يفصكل بينهكن سكلم ول
كلم .رواه أحد والنسائي وابن ماجه.
و عن عائ شة ،قالت :كان ر سول ال يُ صلي من الل يل ثلث عشرة
ركعة ،يوتر من ذلك بمس ول يلس ف شيء إل ف آخرهن .متفق عليه.
– 5دعاء القنوت ف الوتر:
ويُ ستحب أن يق نت ف الرك عة الخية ب عد الركوع ل نه صح ع نه
من رواية أب هريرة وأنس وابن عباس وعن عمرو وعلي أنما كانا يقنتان بعد
الركوع .رواه أحد والثرم ،ولو كب ورفع يديه ،ث قنت قبل الركوع جاز
لديث أُب بن كعب :أن النب كان يقنت قبل الركوع .رواه أبو داود.
وروى الثرم عن ا بن م سعود أ نه كان يق نت ف الو تر ،وكان إذا فرغ
من القراءة كب ورفع يديه ،ث قنت .وقال أبو بكر ابن الطيب :والقنوت:
الدعاء وهو ما رُوي عن عمر أنه قنت فقال« :بسم ال الرحن الرحيم:
اللههم إنها نسهتعينك ونسهتهديك ونسهتغفرك ونتوب إليهك ،ونؤمهن بهك
ونتوكهل عليهك ،ونُثنه عليهك اليه كله ونشكرك ،ول نكفرك ونلع
ونترك من يفجرك ،الل هم إياك نع بد ولك ن صلي ون سجد وإل يك ن سعى
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ونفد ،نرجو رحتك ونشى عذابك ،إن عذابك الد بالكفار مُلحق».
وروى السكن بكن علي رضكي ال عنهمكا قال علمنك رسكول ال
كلمات أقول ن ف قنوت الو تر و هن« :الل هم اهد ن في من هد يت ،وعاف ن
في من عاف يت وتول ن في من تول يت ،وبارك ل في ما أعط يت ،وق ن شر ما
قضيت ،فإنك تقضي ول يُقضى عليك ،إنه ل يذل من واليت ،ول يعز من
عاديت ،تباركت ربنا وتعاليت».
وعكن علي بكن أبك طالب أن رسكول ال كان يقول فك وتره:
«اللهم إن أعوذ برضاك من سخطك ،وبعفوك من عقوبتك ،وبك منك ،ل
نُحصي ثناءً عليك ،أنت كما أثنيت على نفسك» .رواه المسة ث يُصلي
على النكب ،لديكث السكن بكن علي وفك آخره« :وصهلى ال على
ممد» .رواه النسائي.
و عن ع مر« :الدعاء موقوف ب ي ال سماء والرض ،ل ي صعد م نه ش يء
ح ت تُ صلي على نب يك» رواه الترمذي .ث ي سح وج هه بيد يه ،ه نا وخارج
ال صلة إذا د عا .لعموم حد يث ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما «كان ال نب إذا
رفع يديه ف الدعاء ،ل يطهما حت يسح بما وجه» .رواه الترمذي.
ولقوله ف حد يث ا بن عباس« :فإذا فر غت فام سح ب ما وج هك».
رواه أ بو داود وا بن ما جه .ويؤ من النفرد الضم ي ،وإذا سلم من الو تر سن
قوله « :سبحان اللك القدوس» -ثلث مرات – ير فع صوته ف الثال ثة ،ل ا
روى أُب بن كعب قال :كان رسول ال إذا سلم ف الوتر قال« :سبحان
اللك القدوس» .وزاد ثلث مرات يُطيل ف آخرهن.
وف رواية للنسائي عن عبد الرحن بن أبزي عن أبيه قال :كان يقول
129
377 الناهل السان ف دروس رمضان
إذا سلم« :سبحان اللك القدوس» ثلثا ،ويرفع صوته بالثالثة.
تَرَاوِحَ فِي جَمْعٍ وَبِالوِتْرِ وَصَلّ بِشَهْرِ الصّوْمِ
لِتُوتِرَ إِمّا شِئْتَ بَعْدَ وَقُمْ بَعْدَهَا وَاشْفَعْ هُدِيْثَ
فَقُمْ تِلْوَ نِصْفٍٍ مِثْلِ دَاودَ وَأَفْضَلُ نَفْلِ الَرْءِ لَيْلً
لِبْعَادِ شَيْطَانٍ وَإيْقَاظِ رُقُدِ وَإِنْ شِئْتَ اجْهَرْ ِفْي ِه مَا لَم
وَقِلْ تَسْتَعِنْ بِالنّوْمِ عِ ْندَ وَخُذْ قَدْرَ طَوْقِ النّفْسِ لَ
وَتُبْ وَاسْتَقلْ مِمّا جَنَيْتَ فَإنْ لَمْ تُصَلّ فَاذْكُرِ الَ
أَمَا يَسْتَحِي مَولً رَقِيْبا فَلَ خَيْرَ فِي عَبْدٍٍ نَؤُو ٍم ِإلَى
وَمُسْتَغْف ٍر يُغْفَرْ لَهُ وَيؤَيّدِ يُنَادِيِهِ هَلْ مِن سَائِلٍ يُعْطَ
اللهم وفقنا توفيقا يقينا عن معاصيك وأرشدنا إل السعي فيما يرضيك
وأجرنا يا مولنا من خزيك وعذابك وهب لنا ما وهبته لوليائك وأحبابك
واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم
الراحي ،وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
كتهاب الفضائهل
ويبحث ف:
– 1ما ورد من ال ث على الجتهاد ف الع شر الخ ي من رمضان
والث على القيام عموما.
– 2ما ورد ف فضل هذا العشر الخي ،والث على القيام عموما.
– 3ما ورد ف ليلة القدر من الفضل وذكر علمتها.
– 1ما ورد من الث على الجتهاد ف العشر الخية من رمضان:
يُ ستحب الجتهاد والرص على مداو مة القيام ف الع شر الوا خر من
رمضان وإحياؤها بالعبادة واعتزال النساء وأمر الهل بالستكثار من الطاعة
فيها ،لا ورد عن عائشة «أن النب ،كان إذا دخل العشر الواخر أحيا
الليل ،وأيقظ أهله ،وشد الئزر» .متفق عليه.
وعن ها قالت« :كان ر سول ال يت هد ف الع شر الوا خر م نه ما ل
يتهد ف غيه» .رواه مسلم.
وأخرج ال طبان من حد يث علي « :أن ال نب كان يو قظ أهله ف
العشر الواخر من رمضان وكل صغي وكبي يُطيق الصلة».
و ف الترمذي عن أم سلمة ر ضي ال عن ها قالت« :ل ي كن ال نب إذا
بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدا من أهله يطيق القيام إل أقامه».
– 3ما ورد ف فضل هذا العشر الخي:
عن أ ب هريرة أن ال نب قال « :من قام ليلة القدر إيانا واحت سابا
غفر له ما تقدم من ذنبه» .رواه الماعة إل ابن ماجه.
131
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وعكن عائشكة رضكي ال عنهكا قالت :قلت :يكا رسكول ال ،أرأيكت إن
عل مت أي ليلة ليلة القدر ما أقول في ها :قال« :قول الل هم إ نك عفوٌ ت ب
العفو فاعف عن» .رواه الترمذي.
قال ابكن جر ير :كانوا يسكتحبون أن يغتسكل ،ويتطيكب ف الليال التك
تكون أرجى لليلة القدر.
وروي عكن أنكس أنكه إذا كان ليلة أربكع وعشريكن اغتسكل وتطيكب
ولبس حلة وإزارا ورداءً ،فإذا أصبح طواها فلم يلبسهما إل مثلها من قابل.
وقال حاد بن سلمة :كان ثابت وحيد يلبسان أحسن ثيابما ويتطيبان
ويُطيبان السكجد بالنضوح والدخنكة فك الليلة التك تُرجكى فيهكا ليلة القدر
فيُسكتحب فك الليال التك تُرجكى فيهكا ليلة القدر التنظكف والتطيكب والتزيكن
بالغسل والطيب واللباس السن كما شرع ذلك ف المع والعياد ،وكذلك
يُشرع أخذ الزينة من الثياب ف سائر الصلوات ،قال ال تعال :يَا بَنِي َآ َدمَ
جدٍ .
ُخذُوا زِينََتكُمْ عِ ْندَ ُك ّل َمسْ ِ
وقال ابن عمر رضي ال عنهما« :ال أحق أن يُتزين له».
وروي ع نه مرفوعا عن ال نب ،ول يك مل التز ين الظا هر إل بتزي ي
الباطكن بالتوبكة والنابكة إل ال تعال ،وتطهيه مكن أدناس الذنوب ،وال
سبحانه ل ينظر إل صوركم وأجسامكم ،وإنا ينظر إل قلوبكم وأعمالكم.
فمن وقف بي يديه فيزين ظاهره باللباس ،وباطنه بلباس التقوى ،وقال
ال تعال :يَا بَنِي َآدَ َم َق ْد أَْن َزلْنَا عَلَ ْيكُ ْم لِبَا سًا يُوَارِي سَوْ َآِت ُكمْ وَرِيشًا
ك خَ ْيرٌ . َولِبَاسُ الّتقْوَى َذلِ َ
عباد ال :إن عشرككم هذا هكو العشكر الخيك ،وفيكه اليات والجور
الناهل السان ف دروس رمضان 378
الكثية تك مل ف يه الفضائل ،وت تم ف يه الفا خر ،ويطلع على عباده الرب العظ يم
الغافر ويُنيلهم الثواب الزيل الوافر ،فيه تزكو العمال ،وتُنال المال ،وقد ذكر
جل وعل من ماسن أهل اليان ،أنم تتجاف جنوبم عن الضاجع ،عن مُعاذ
ا بن ج بل عن ال نب ف قوله تعال :تَتَجَافَى جُنُوُبهُ مْ عَ نِ الْمَضَاجِ عِ
قال :هي قيام العبد أول الليل.
وروى المام أح د عن ا بن م سعود أن ال نب قال« :ع جب رب نا من
رجلي :رجل ثار من وطائه ولافه من بي حِبه وأهله إل صلته رغبة فيما
عندي وشفقة ما عندي» الديث.
وقال السكن وماهكد ومالك والوزاعكي وغيهكم" :إن الراد بالتجافك
القيام ل صلة النوا فل بالل يل" ،و ف آ ية سورة الذاريات أ خب جل وعل أن م
كانوا ينامون القل يل من الل يل ،ويتهجدون مُعظ مه قال تعال :كَانُوا قَلِيل
جعُونَ .قال :هي قيام العبد أول الليل.
ِم َن اللّيْ ِل مَا َيهْ َ
قال ابن عباس ما تأت عليهم ليلة يناموا حت يصبحوا إل يصلون فيها
شيئا ،إما من أولا أو من أوسطها .وقال السن :كابدوا قيام الليل فل ينامو
من الليل إل قليله.
وعن أب أُمامه عن النب أنه قال« :عليكم بقيام الليل ،فإنه داب
الصالي قبلكم ،وهو قربة من ربكم ومغفرةُ للسيئات ومنهاة عن الث».
وقال ال سن الب صري :كان الح نف بن ق يس يقول :عر ضت عملي
على عمكل أهكل النكة ،فإذا قوم قكد باينونكا بونا بعيدا ،وإذا قوم ل تبلغ
أعمال م ،كانوا قليلً من الل يل ما يهجعون ،وعر ضت عملي على ع مل أ هل
النار ،فإذا قوم ل خ ي في هم مكذبون بكتاب ال ولر سل ال مُكذبون بالب عث
133
377 الناهل السان ف دروس رمضان
بعكد الوت ،فقكد وجدت مكن خينكا منلة قوما خلطوا عملً صكالا وآخكر
سيئا.
وقال عبد الرحن بن زيد بن أسلم قال رجل من بن تيم لُب :يا أبا
أسامة صفة ل أجدها فينا ،ذكر ال تعال قوما فقال :كَانُوا قَلِيل مِ َن اللّ ْيلِ
جعُو نَ ون ن وال قليلً ما نقوم ،فقال له ُأ ب :طو ب ل ن ر قد إذا مَا َيهْ َ
نعس ،واتقى ال إذا استيقظ.
وقال ع بد ال بن سلم :ل ا قدم ر سول ال الدي نة ان فل الناس
إليه ،فكنت فيمن انفل ،فلما رأيت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه
كذاب ،فكان أول مكا سكعت منكه يقول« :يها أيهها الناس أطعموا الطعام
وصهلوا الرحام وأفشوا السهلم وصهلوا بالليهل والناس نيام تدخلوا النهة
بسلم».
موعظههة
إخوا ن :إن قيام الل يل ك ما علم تم ف يه ف ضل عظ يم وثواب جز يل ل ن
وفقه ال جل وعل ،وهو من أثقل شيء على النفس ول سيما بعد أن يرقد
النسان ،وإنا يكون خفيفا بالعتياد ،وتوطي النفس وترينها عليه والداومة
وال صب على الش قة والجاهدة ف البتداء ،ث ب عد ذلك ينشرح وينف تح باب
النكس بال وتلذ له الناجاة واللوة ،وعنكد ذلك ل يشبكع النسكان مكن قيام
الليل ،فضلً عن أن يستثقله أو يكسل عنه كما وقع لكثي من السلف .قال
بعض هم :أ هل الل يل ف ليل هم ألذ من أ هل الل هو ف لو هم و يا بُ عد ما ب ي
الالتي ،فسبحان من وفق أقواما فتقربوا إليه بالنوافل ،وأبعد بكمته وعدله
آخرين فهم عن ما ينفعهم ف حاضرهم ومآلم غافلون.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
شعرا:
وَتُجْمَعُ فِي لَوحٍ حَفِيْظٍ ذُنُوبُكَ يَا مَغْرُوْرُ تُحْصَي
وَأَنْتَ عَلَى ال ّدنْيَا حَرِيِصٌ وَقَلْبُكَ فِي سَهوٍ وَلَهوٍ
وَتَسْعَى حَثِيْثا فِي الَعَاصِيْ تُبَاهِيْ بِجَمْعِ الَالِ مِنَ
ت مِن بَعْدِ السّلمِةِ أَمَا َأنْ َ أَمَا تَذْكُرُ الَوتَ الُفَاجِيْكَ
بِهِ الِسْمِ مِن بعْدِ العَمَارَةِ أَمَا تَذْكُرُ القَبْرَ الوَحِيْشَ
وَمِيزَان قِسْطٍ لِلْوَفَاءِ أَمَا تَذْكُرُ اليَومَ الطّويلَ
وَسَوفَ بِأشْرِاكِ الَنِيّةِ تَرُوْحُ وَتَغْدُو فِي مَرَاحِكَ
فَل رَاحِمٍ يُنْجِي وَ َل ُثمّ تَُُعالِجُ نَزْعَ الرّوحِ مِن ُكلِّ
وَبُسّطَتْ الرّجْلَنِ وَالرّأْسُ وَغُمضَتِ العَيْنَانِ بَعْدَ
حَنُوطا وَأَكْفَانا وَلِلِمَاء وَقَامُوا سِراعا فِي جَهَازِكَ
بِدَمْعٍ غَزِيْرٍ وَاكِفٍٍ وَغَاسِلُكَ الَحُزُونُ تَبْكِيْ
يُحَرّكُ كَفِّيْهِِ عَلَيْكَ وَكُلّ حَبِيْبٍٍ لُبّهُ مُتَحَرّقٌ
َوقَدْ بَخرّوا مَنْشُورَهُنّ َوقَدْ نَشَرُوا الَكْفَانَ مِن بَعْدِ
عَلَيْكَ مَثَانِي طَيّهُنّ وَأَلقَوْكَ فِيْمَا بَيْنَهُنّ
تَضُمّكَ بَيْدَاءُ مِن الَرْضِ وَفِي حُفْرَةٍ أَلْقَوكَ حَيْرانْ
فَكَيْفُ يِطِيٍبُ اليَومَ أَكْ ٌل إِِذَا كَانَ َهذَا حَالُنَا بَعْدَ
ب ُثمّبِهِ ظُلُمَاتُ غَيْهَ ٌ وَكَيْفَ يَطِيْبُ العَيْشُ
وَكُلُ جَدِيدٍ سَوْفَ يَبْلى وهولٌ وَدِيْدانٌ وَرَوْعٌ
فَهَادِمُ لِذَاتِ الفَتَى سَوْفَ فَيَا نَفْسُ خَافِي الَ وَارْجِي
وَعَفْوا فإنّ الَ لِلذّنبِ وَقُولِي إِلَهي أَوْلِنِي مِنْكَ
فَجِسْمِيْ ضَعِيفٌ وَالرّجَا وَل تُحرِقَنْ جِسْمِي بِنَارِكَ
135
377 الناهل السان ف دروس رمضان
عَلَيْكَ اتّكَالِي َأنْتَ لِلْخَلْقِِ ت يَا خَالِ َق
فَمَا لِي إِل َأنْ َ
عَلَى أَحْمَدَ الُخْتَا ِر مَا لَحَ وَصَلّي إلَهِي كُلّمَا ذَرّ شَارِقٌ
اللهم إنا نعوذ بك من الشك بعد اليقي ،ومن الشيطان الرجيم ،ومن
شدائد يوم الد ين ،ون سألك رضاك وال نة ،ونعوذ بك من سخطك والنار،
اللهكم ارحنكا إذا عرق البكي واشتكد الكرب والنيك ،واغفكر لنكا ولوالدينكا
ولميع السلمي الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال
على ممدٍ وعلى آله أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ليلهة القهدر
فضائلها وعلماتا
عكن ابكن عمكر رضكي ال عنهمكا قال :قال رسكول ال « :مهن كان
مُتحريا فليتحرهها ليلة سهب ٍع وعشريهن – أو قال :-تروهها ليلة سهبعٍ
وعشرين ،يعن ليلة القدر» رواه أحد بإسناد صحيح.
و عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما أن رجلً أ ت نب ال فقال :يا نب
ال ،إ ن شي خٌ كبي عل يل ي شق عليّ القيام فأمر ن بليلة ل عل ال يوفق ن في ها
لليلة القدر ،فقال« :عليك بالسابعة» رواه أحد.
وعن زر بن حبيش قال« :سعت أُب بن كعب يقول :وقيل له أن عبد
ال بن مسعود يقول :من قام السنة أصاب ليلة القدر ،فقال أُب :وال الذي
ل إله إل هو إنا لفي رمضان يلف ما يستثن ،وال إن لعلم أي ليلة هي،
هي الليلة الت أمرنا رسول ال بقيامها هي ليلة سبعٍ وعشرين ،وأمارتا أن
تطلع الش مس ف صبيحة يوم ها ل شعاع ل ا» .رواه أح د ،وم سلم ،وأ بو
داود ،والترمذي وصححه.
وروى البخاري عكن أبك سكعيد قال :اعتكفنكا مكع النكب العشكر
الو سط من رمضان ،فخرج صبيحة عشر ين فخطب نا وقال« :إ ن رأ يت ليلة
القدر ث أُن سيتها أو ن سيتها ،فالتم سوها ف الع شر الوا خر ف الو تر ،إ ن
رأيت أن أسجد ف ما ٍء وطي فمن كان اعتكف مع رسول ال فليجع»
فرجعنا وما نرى ف السماء قزعة ،فجاءت سحابة فمطرت حت سال سقف
ال سجد – وكان من جر يد الن خل – وأقي مت ال صلة فرأ يت ر سول ال
يسجد ف الاء والطي ،حت رأيت اثر الطي ف جبهته.
137
377 الناهل السان ف دروس رمضان
و عن ع بد ال بن أن يس :أن ر سول ال قال« :رأ يت ليلة القدر ث
أُنسيتها وإذا ب أسجد صبيحتها ف ما ٍء وطي» .قال فمطرنا ف ليلة ثلث
وعشرين فصلى بنا رسول ال وانصرف ،وأن أثر الاء والطي على جبهته
وأنفه .رواه أحد ومسلم وزاد.
وعن أب بكرة :أنه سع رسول ال يقول« :التمسوها ف تس ٍع بَقي،
ث بقي أو آخر ليلة» .قال :وكان أبو
س بقي ،أو ثل ٍ
أو سب ٍع بقي ،أو خ ٍ
بكرة يُصلي ف العشرين من رمضان صلته ف سائر السنة فإذا دخل العشر
اجتهد .رواه أحد ،والترمذي وصححه.
و عن أ ب نضرة عن أ ب سعيد ف حدي ثٍ له :أن ال نب خرج على
الناس فقال « :يا أي ها الناس .إن ا كا نت أُبي نت ل ليلة القدر ،وإ ن خر جت
ل خبكم ب ا فجاء رجُلن يتقان معه ما الشيطان فن سيتها ،فالتم سوها ف
الع شر الوا خر من رمضان ،التم سوها ف التا سعة والام سة وال سابعة»
قال :قلت يا أ با سعد :إن كم أعلم بالعدد م نا ،فقال :أ جل! ن ن أ حق بذلك
منكم» ،قال :قلت :ما التاسعة والسابعة والامسة؟ قال« :إذا مضت واحدة
وعشرون فالت تليها اثنان وعشرون فهي التاسعة ،فإذا مضت ثلث وعشرون
فال ت تلي ها ال سابعة ،فإذا م ضت خ سٌ وعشرون فال ت تلي ها الام سة» رواه
أحد ،ومسلم.
وعن ابن عباس أن النب قال« :التمسوها ف العشر الواخر من
رمضان ليلة القدر ف تاسعة تبقى ،ف سابع ٍة تبقى ،ف خامس ٍة تبقى» .رواه
أحد ،والبخاري ،وأبو داود.
وف رواية :قال رسول ال « :هي ف العشر الخي سبع يضي أو
الناهل السان ف دروس رمضان 378
تسعٌ يبقي ،يعن ليلة القدر» رواه البخاري.
وعن ابن عمر رضي ال عنهما أن رجالً من أصحاب النب أُروا ليلة
القدر فك النام فك السكبع الواخكر ،فقال رسكول ال « :أرى رؤياكهم قهد
تواطأت فه السهبع الواخهر ،فمهن كان مُتحريا فليتحرهها فه السهبع
الواخر».
ولسلم قال :أُرى رجل أن ليلة القدر ليلة سبعٍ وعشرين ،فقال النب :
«أرى رؤياكم قد تواطأت ف العشر الواخر فاطلبوها ف الوتر منها».
وعن عائشة رضي ال عنها أن رسول ال قال« :تروا ليلة القدر ف
العشر الواخر من رمضان» رواه مسلم والبخاري.
وعن عبادة بن الصامت قال :خرج رسول ال ليُخبنا بليلة القدر
فتلحى رجلن من السلمي ،فقال« :خرجت لخبكم بليلة القدر فتلحى
فلن وفلن فرفعهت وعسهى أن يكون خيا لكهم فالتمسهوها فه التاسهعة
والسابعة والامسة» رواه البخاري.
و عن ع بد ال بن أن يس قال :قلت يا ر سول ال إن ل باد ية أكون
في ها وأ نا أ صلي في ها ب مد ال ،فمُر ن بليلة أنزل ا إل ال سجد فقال« :انزل
ثلثة وعشرين» رواه أبو داود.
قيل لبنه :كيف كان أبوك يصنع؟ قال :كان يدخل السجد إذا صلى
العصر فل يرج منه إل لاجة حت يُصلي الصبح ،فإذا صلى الصبح ،وجد
دابته على باب السجد ،فجلس عليها ولق بباديته.
قال البغوي :وفك الملة أبمك ال هذه الليلة على هذه المكة ليجتهدوا
بالعبادة ف ليال رمضان طمعا ف إدراكها ،كما أخفى ساعة الجابة ف يوم
139
377 الناهل السان ف دروس رمضان
الم عة ،واخ فى ال صلة الو سطى ف ال صلوات ال مس ،وا سه الع ظم ف
ال ساء ،ورضاه ف الطاعات ليغبوا ف جيع ها و سخطه ف العا صي لينتهوا
عن جيعها ،وأخفى قيام الساعة ليجتهدوا ف الطاعات حذرا من قيامها.
إذا تقرر هذا وعل مت ما ورد من ال ث علي ها ،فاعلم أ نه ينب غي ل كل
موفكق مريكد للكمال والسكعادة البديكة أن يبذل وسكعه ويسكتفرغ جهده فك
إحياء ليال العشكر الخيك وقيامهكا لعله أن يُصكادف تلك الليلة الليلة التك
اختص ال تعال با هذه المة ،وآتاهم فيها من الفضل ما ل يصره العدد.
فيا عباد ال إن هذا عشر .شهر .مبارك الليال واليام وهو سبب لحو
الذنوب والثام ،وفيكه يتوفكر جزيكل الشككر والنعام ،فاعتذروا فيكه إل الول
الكر ي ،وأقبلوا بقلوب كم إل يه وقفوا بالضوع لد يه ،وانك سروا ب ي يديه فإنه
رحيمٌ كري.
عباد ال :إنكم الن ف رمضان ،وهو وحده عمر طويل لن رام الثواب
الز يل ،فإن ف ليال يه ليلة واحدة خيا من ألف ش هر ،قال ال تعال :لَيْ َلةُ
اْلقَدْ ِر خَ ْيرٌ مِ ْن َألْ فِ َش ْهرٍ .فاجتهدوا رحكم ال بإخلص العمال ل جل
وعل وبادروا بالتوبة والستغفار والبتهال إل ذي اللل والكرام.
واعلموا رحككم ال أن الوتكى فك قبورهكم يتحسكرون على زيادة فك
أعمال م بت سبيحة أو تميدة أو رك عة ،رُئي بعض هم ف النام فقال :ما عند نا
أكثر من الندامة ،وما عندكم أكثر من الغفلة ،ورُئي بعضهم فقال :قدمنا على
أم ٍر عظيكم نعلم ول نعمكل ،وأنتكم تعلمون ول تعملون وال لتسكبيحة أو
تسبيحتان ،أو ركعة أو ركعتان ف صحيفة أحدنا خيٌ من الدنيا وما فيها.
و ف الترمذي :ما من م يت يوت إل ندم ،إن كان مُح سنا ندم أن ل
الناهل السان ف دروس رمضان 378
يكون ازداد ،وإن كان مُسيئا ندم أن ل يكون استعتب.
قال الشاعر:
كَأَنّكَ مُخْلى لِلْمَلعِبِ تذكر وَلَ تَنْسَ الَعَادَ وَلَ
وَنَفْسُكَ مِن بَيْنِ الْجَوَانِحِ س ِإ ْذ َأنْتَ الُولوَلُ
وَلَ تنْ َ
ت فِي كَرْبِ السّيَاقِ وَإِذْ َأْن َ س ِإ ْذ َأنْتَ الُسَجّيوَلَ تنْ َ
وَإذْ َأنْتَ فِي بِيْضٍٍ مِن الرّيْطِ س ِإ ْذ َأنْتَ الُعزي قَريْبُهُوَلَ تنْ َ
ِإذَا مَا هَدَوْكَاهُ انْثَنَوا لَم س ِإذْ يَهْديك قَو ٌم ِإلَى وَلَ تنْ َ
عَلَيْكَ بِهِ رَدْمٌ وَلَبْنٌ س ِإذْ قبٌ وَإذْ مِن تُرَابِه وَلَ تنْ َ
مَجَالِسُ فِيهِنّ العَنَاكِبُ س ِإ ْذ تُكْسَي غَدا مِنِهُ وَلَ تنْ َ
وَإنْ سَرّكَ البَيْتُ العَتِيِقُ َولَ ُبدّ مِن بَيْتَ انقطاعٍ
وَمَلْكٍٍ بِتِيْجَانِ الْهَوَانِ َألَ رُبّ ذِيْ طِمْرٍ غَدا فِي
وَإنْ زَخْرَفَ الغَاوُوْنَ فِيْهَا لَعَمْرُكَ مَا الدّنْيَا بِدَار ِإِقَامَةٍ
***
اللهم يا من خلق النسان وبناه واللسان وأجراه ،يا من ل يُخيب من
دعاه ،هب لك ٍل م نا ما رجاه ،وبل غه من الدار ين مُناه ،الل هم اغ فر ل نا ج يع
الزلت ،واستر علينا كل الطيئات وسامنا يوم السؤال والناقشات ،وانفعنا
وج يع ال سلمي ب ا أنزل ته من الكلمات يا أر حم الراح ي ،و صلى ال على
مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
***
141
377 الناهل السان ف دروس رمضان
143
377 الناهل السان ف دروس رمضان
س ل تش بع و من
ب ل ي شع و من نف ٍ
أعوذ بك من علم ل ين فع و من قل ٍ
دعو ٍة ل يُستجاب لا».
يا مُقلب وقالت أم سلمة ر ضي ال عن ها« :كان أك ثر دعاء ال نب
القلوب ثبت قلب على دينك».
ومكن دعائه « :اللههم إنه أسهألك النهة ومها قرب إليهها مهن قولٍ
وعمل ،وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قولٍ وعمل ،وأسألك من
ال ي كله عاجله وآجله ما عل مت م نه و ما ل أعلم ،وأعوذ بك من ال شر
كله عاجله وآجله ما علمت منه وما ل أعلم».
وقال « :تعوذوا بال مهن جهدِ البلء ودرك الشقاء وسهوء القضاء
وشاتة العداء».
ومن دعائه « :اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خي من زكاها
أنت وليها ومولها».
و من ذلك ما ورد عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما أن ر سول ال .
كان يقول« :اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت
وبك خاصمت ،اللهم إن أعوذ بعزتك ل إله إل أنت أن تضلن أنت الي
الذي ل يوت والن والنس يوتون».
و من دعائه « :الل هم إ ن أعوذ بك من الف قر والقلة والذلة ،وأعوذ
بك من أن أظلم أو أُظلم».
وعن عمر رضي ال عنه قال« :كان رسول ال يتعوذ من خس :من
الب ،والبخل ،وسوء العمر ،وفتنة الصدر وعذاب القب» رواه أبو داود
والنسائي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
و عن أ ب هريرة أن ر سول ال كان يقول« :الل هم إ ن أعوذ بك
من الشقاق والنفاق وسوء الخلق» رواه أبو داود.
وعنه أن رسول ال كان يقول« :اللهم إن أعوذ بك من الوع
فإ نه بئس الضج يع وأعوذ بك من اليا نة فإن ا بئ ست البطا نة» رواه أ بو
داود ،والنسائي وابن ماجه.
و عن أ نس أن ر سول ال كان يقول« :الل هم إ ن أعوذ بك من
البص والذام والنون ومن سيء السقام» رواه أبو داود والنسائي.
وعن قطبة بن مالك قال :كان النب يقول« :اللهم إن أعوذ بك
من منكرات الخلق والعمال والهواء والدواء» رواه الترمذي.
وعن شُتي بن شكل بن حُميد عن أبيه قال :قلت :يا نب ال ،علمن
تعويذا أتعوذ به قال « :قل اللهم إن أعوذ بك من شر سعي و شر ب صري
وشر لسان وشر قلب وشر عين» رواه أبو داود ،والترمذي ،والنسائي.
وعن أب اليسر أن رسول ال كان يدعو« :اللهم إن أعوذ بك من
الدم ،وأعوذ بك من التردي و من الغرق والرق والرم ،وأعوذ بك من
أن يتخبطنه الشيطان عنهد الوت ،وأعوذ بهك مهن أن أموت فه سهبيلك
مُدبرا وأعوذ بك من أموت لديغا» رواه أبو داود والنسائي.
ومن دعائه « :اللهم اغفر ل خطيئت وجهلي وإسراف ف أمري وما
أنت أعلم به من ،اللهم اغفر ل جدي وهزل وخطئي وعمدي وكل ذلك
عندي الل هم اغ فر ل ما قد مت و ما أخرت و ما أ سررت و ما أعل نت و ما
أ نت أعلم به م ن ،أنت القدم وأنت الؤخر وأ نت على كل شيءٍ قدير»
متفق عليه.
145
377 الناهل السان ف دروس رمضان
و من ذلك ما عل مه ال صديق قال له « :قل الل هم إ ن ظل مت نف سي
ظلما كثيا ول يغ فر الذنوب إل أ نت فاغ فر ل مغفرةً من عندك وارح ن
إنك أنت الغفور الرحيم» متفق عليه.
وعن أنس أن رسول ال قال« :إلظوا بياذا اللل والكرام» أي
الزموا هذه وألوا با وداوموا عليها.
وعكن عائشكة قالت :كان النكب يقول« :اللههم إنه أعوذ بهك مهن
الكسل والرم والغرم والأث اللهم إن أعوذ بك من عذاب النار وفتنة النار
وفتنة القب وعذاب القب ومن شر فتنة الغن ومن شر فتنة الفقر ومن شر
فتنة السيح الدجال اللهم اغسل خطاياي باء الثلج والبد ونق قلب كما
يُنقى الثوب البيض من الدنس وباعد بين وبي خطاياي كما باعدت بي
الشرق والغرب» متفق عليه.
و عن ع بد ال بن يز يد الط مي عن ر سول ال أ نه كان يقول ف
دعائه «اللهم ارزقن حبك وحب من ينفعن حبه عندك اللهم ما رزقتن ما
أحب فاجعله قوةً ل فيما تُحب اللهم ما زويت عن ما أحب فاجعله فراغا
فيما تب» رواه الترمذي.
وعن أ ب الدرداء قال :قال رسول ال « :كان من دعاء داود يقول:
اللهم إن أسألك حبك وحب من يبك والعمل الذي يُبلغن حبك اللهم
اج عل ح بك أ حب إلّ من نف سي ومال وأهلي و من الاء البارد» الد يث
رواه الترمذي و عن أم مع بد قالت سعت ر سول ال يقول« :الل هم ط هر
قل ب من النفاق وعملي من الرياء ول سان من الكذب وعي ن من اليا نة
فإ نك تعلم خائ نة الع ي و ما ت في ال صدور» رواه البيه قي ف الدعوات
الناهل السان ف دروس رمضان 378
الكبي.
وعكن عبكد ال بكن عمرو قال :كان رسكول ال يقول« :اللههم إنه
أسهألك الصهحة والعفهة والمانهة وحسهن اللق والرضهى بالقدر» رواه
البيهقي ف الدعوات الكبي.
عكن شداد بكن أوس رضكي ال عنكه قال :قال رسكول ال « :سهيد
الستغفار أن يقول العبد اللهم أنت رب ل إله إل أنت خلقتن وأنا عبدك
وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك
بنعم تك عليّ وأبوء لك بذ نب فاغ فر ل فإ نه ل يغ فر الذنوب إل أ نت»
أخرجه البخاري ،وال أعلم وصلى ال على ممد وآله وسلم.
وقال بعضهم ف سؤال الرحن تعال:
إِنْ ُكنْتَ بِالرحن ذَا إيان لَ تَطْلُبَنْ مِن غَيْر رِبّكَ
وَالفقراءُ والبخلءَ بالرحن وَمَنَ الّذِي يَستَبْدِلُ
يَرضَى يَعُودُ بَأخسرِ أَوْ يَشْتَرِي الظّلمَاتِ
وافزعْ ِإلَى الول بغيِ تَوان فَوِضْ ِإلَى الْمَعْبود أمَركَ
َأبْوَابم بابَ النوالِ الَهان وَاقرعْ ِإذَا نَامَ النَامُ
وَنَهارِه لِتَدارك العصيانِ بَابَ الّذِي بَسَط اليدَينِ
قُبَضَتْ يَدٌ خَوفا مِن وَيَداهُ مَبسوطِتان لِلحْسَانِ
يَغْضَبْ فَكَيفَ يَردّ بَابَ الّذِي إِنْ لَم تَسَلْهُ
لَجٍ إِليهِ مَا لَه مِن ثان بابَ الجيبِ ِإذَا دَعَاه مُرْتَجٍ
فِي آيَتَيْ بُشْرى مِن القُرآن الواعدُ العبدَ الجابةَ إن دَعا
ليُبشر الُهلَ مِن العُبدانِ باَبُ الّذِي نَبّا الرّسولُ
147
377 الناهل السان ف دروس رمضان
لَم تُحْظَ بِاليانِ والْغُفرانِ بابَ ِإذَا لَم تَأتِه مُتَذَل ً
ل
بُنًى وَعُدْتَ بِخَيْبَةٍ وَهَوان وَخَسرتَ فِي ُكلّ المورِ فَلَم
عَمر ٍو وَعَنْ ثَا ٍن وَعَنْ أَعوان بَابَ الّذِي يُغنِيْكَ عَن زَيْدٍ
لَم يُلْفَ مُنْتَقصا مَدَى بابَ اّلذِي إنْ يُعْطِ كُل سُؤْلَه
زَادُوهُ فِي مُلْك وَ َل سُلطان بَابَ الّذِي لَو يَتّقِيه الْخَلقُ
نَقَصُوهُ بِالكُفْرَان بَابَ الّذِي إِنْ يَكفروهُ
يَتَضَرّعُون إليه وَالثّقَلن بَابَ الّذِي أهلُ السَموات
شَأنٍ كَمَا فِي سُورة الرّحن بَابَ الّذِي فِي ُكلِّ يَوْمٍٍ وَهو
بِيَدِيه ُكلُّ مُن وكُلُ أَمان بَابَ الّذِي لَ خَيَ إِلّ عِنده
لِعظائم اللم وَالْدَثان بَابَ الّذِي يُرجى ِل ُكلّ مُلِمّةٍ
بَابَ الُجِيْر الُطعمِ الَنّان بَابَ الُعزِ والُذلِ لِمَنْ يَشَا
الوَاسعُ الرّحَى العَظيمُ الشّان الَي قَيُومُ الَلئِق كُلّها
بِلْ ُكلُّ َشيْءٍ نُص فِي القُرآَن الُرتَى وَسِعَ الَلَئِقَ
هتص بَأهلِ الدِينِ واليِمان آل كِتَابَتَها وُجُوبا فَهو مُخه
مَا كَا َن مِن شرٍ وَمِنْ إِحْسِان بابَ اّلذِي عَ ِلمَ الغُيوبَ مُقدّرا
عَبَثا تَعال دَائمَ الحْسَان بِالعِلم وَالِكُمِ الَفِي ِة لَمْ
وَاحْذَرْهُ لَ تَقْطَعْ بني ٍل أمانِ فَاعْبدهُ وارتجْ راضِيا
حُكْمٍ وَ َل يَنْجُو مِن فَالعبدُ لَيْسَ لَهُ عَلَى الَعْبُود
إل البَشّرُ قَبْلُ بِالغُفْرَان وَلِذَاكَ حَادَ الرسلَ مِن أنْ
س بالدعان فِي اللق نصُ لَيْ َ أَوَمَا سَمِعْتَ بِلَوْ ِإلَى مِن
يَلْقَى الكريَ البَ بِالدِيوانِ ح لِلعبدِ أَوْ فالوفُ حقٌ مُصْل ُ
نَجْوى لِيَسْتُرَ ُكلّ عَبْ ٍد جان فَيُقرِر العبد الضّعِيف بِذَنْبِه
الناهل السان ف دروس رمضان 378
س بالبُهْتَان
يُخزي صَيحْيح لَيْ َ إِل الُنَافِقَ والكَفُورَ كِلَهُِما
لَ قبْلَهَا فَاعْمَلَ بِغَيْرِ فَهُنَاكَ تُحْظَى بِالمَانِ
لِدَوُامِ خَوْف ال والْهَيَمان إِنّ السّوابِقَ وَالَوَاتِمَ
عَملُوا وسُمّوْا مِنِهُ فاَلعَارِفُون بِذَا عَلَى خَوفٍ
وال أعلم وصلى ال على ممد وآله وسلم.
149
377 الناهل السان ف دروس رمضان
موعظههة
عباد ال إن الناس ف هذا الز من ل يعرفوا رب م العر فة ال ت تل يق بلله
وعظمته ولو عرفوه حق العرفة ل يكونوا بذه الال لنه من كان بال أعرف
كان م نه أخوف ،إن العارف بال يشاه فتعقله هذه الش ية بإذن ال ع ما ل
ِهه
ِنه عِبَاد ِ
ّهه م ْ
ينبغكي مكن القوال والفعال قال ال تعالِ :إنّمَا يَخْشَى الل َ
اْلعُلَمَاءُ .
العارف بال ل يرؤ أن يرك لسانه بكلمة من النكرات أفعال أو أقوال
كالغيبة والنميمة والكذب والقذف والفسق والسخرية والستهزاء ونو ذلك
ول يستعمل عضوا من أعضائه ف عمل ليس بلل ،بل يكف بصره وسعه
ويده ورجله عن الحرمات ل نه يؤ من حق اليان بأن ال جل وعل مه ما
تفى وتستر العبد عنه فإنه يراه.
والعارف بال ل ينطوي على رذيلة كالكب والقد والسد وسوء الظن
وغ ي ذلك من الرذائل المقوتات ل نه ي صدق أن ال ل ي فى عل يه ش يء ف
الرض ول ف ال سماء وأ نه يعلم ما تُك نه ال صدور ،ك ما يعلم العلن ية ،فل
يستريح العارف حت يكون باطنه كظاهره مُطهرا من كل فحشاء وكذلك ل
تسمع من فم العارف عند نزول الصائب والبليا والشدائد إل السن الميل
فل يغضكب لوت عزيكز أو فقكد مال ،أو مرض شديكد طويكل لنكه يعلم أن
غضبه وتسخطه يفوت عليه أجره ول يرد ما فات كما قيل:
مَا دَامَ يَصْحَبُ فِ ْيهِ لَ تَلْقَ دَهْرَكَ إِلّ غَيْرَ
ك الفَائِتَ وَلَ يَرَدّ عَلَ ْي َ فَمَا يَدُومُ سُرورٌ مَا سُرِرْتَ
ول ييأس العارف من زوال شدة مه ما ا ستحكمت فإن الفرج ب يد ال
الناهل السان ف دروس رمضان 378
سرِ يُ سْرًا ولسرِ يُ سْرًا * إِنّ مَ َع اْلعُ ْ
الذي قال وقولكه الق َفإِنّ مَ َع اْلعُ ْ
ييأس من حصول خي مهما سا وابتعد لنه يؤمن أن المر بيد من إذا أراد
شيئا قال له كن فكان وإن بدا مُحالً ف ن ظر الهلء ول يق نط العارف ول
يُق نط مؤمنا من رح ة ال ال ت و سعت كل ش يء وإن كا نت ذنو به أمثال
البال والرمال ول يؤمن العارف مستقيما من العذاب مهما كان العمل من
الصكالات لنكه يُصكدق أنكه يغفكر الذنوب جيعا وأنكه له الجكة البالغكة وأن
القلوب بي إصبعي من أصابعه جل وعل فل تغفل عن ذلك وإن أهله الكثي
من الناس.
***
اللهم ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا ذنوبنا وهب لنا تقواك واهدنا بداك ول
تكل نا إل أحدٍ سواك واج عل ل نا من كل ه مٍ فرجا ،و من كل ضي قٍ مرجا
اللهم اغننا بعافاتك من عقوبتك وبرضاك من سخطك واحفظ جوارحنا من
مالفكة أمرك واغفكر لنكا ولوالدينكا ولميكع السكلمي الحياء منهكم واليتيك
برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على ممدٍ وآله وصحبه أجعي.
151
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
– 1زكاة الفطر وما ورد من الثار ف شرعيتها:
زكاة الف طر واج بة بالف طر من رمضان ،ل ا روى ا بن ع مر ر ضي ال
عنه ما« :أن ر سول ال فرض زكاة الف طر ف رمضان على الناس صاعا
من تر ،أو صاعا من أقط ،أو صاعا من شع ي على كل حر وعبد ذ كر
وأنثى من السلمي» متفق عليه.
وعنه« :أن رسول ال أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس
إل الصلة».
و عن أ ب سعيد الدري :ك نا نرج زكاة الف طر صاعا من طعام ،أو
صاعا من تر ،أو صاعا من أقطٍ ،أو صاعا من زبيب .متفق عليه.
قال سعيد بن السيب ،وعمر بن عبد العزيز – رحهما ال – ف قوله
ح َم ْن َتزَكّى هو زكاة الفطر.
تعالَ :قدْ َأفْلَ َ
وأضي فت هذه الزكاة إل الف طر لن ا ت ب بالف طر من رمضان ،وهذه
يُراد باك الصكدقة عكن البدن والنفكس ومصكرفها كزكاة الال لعمومِ :إنّمَا
ص َدقَاتُ لِ ْل ُف َقرَاءِ … الية.
ال ّ
ول ي نع وجوب ا د ين إل مع طلب ،و هي واج بة على كل حر وع بد
ذ كر وأن ثى من ال سلمي ،ف ضل له عن قو ته ،و من تلز مه مؤون ته يوم الع يد
وليلته صاع لن النفقة أهم فيجب البداءة با ،لقوله « :ابدأ بنفسك» رواه
مسلم.
وف رواية …« :وابدأ بن تعول» رواه الترمذي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ويُعتب كون ذلك الصاع فاضلً عما يتاجه لنفسه ،ومن تلزمه مؤونته
من م سكنٍ وخاد مٍ ودابةٍ وثياب بذلة ونوه ،وك تب يتاج ها لن ظر لن هذه
حوائج أ صلية يتاج إلي ها كالنف قة ،وتلز مه عن نف سه و عن من يو نه من
السلمي كزوج ٍة وعبدٍ وولدٍ ،لعموم حديث ابن عمر رضي ال عنهما« :أمر
رسهول ال بصهدقة الفطهر عهن الصهغي والكهبي منه تونون» رواه
الدارقطن.
فإن ل يده لميعهم بدأ بنفسه ،فزوجته ،فرقيقه ،فأمه ،فأبيه .فولده،
فأقرب ف مياث ،ويُفرع مع الستواء.
أما دليل البداءة بالنفس فلحديث« :ابدأ بنفسك ،ث بن تعول».
وأ ما الزو جة فلوجوب نفقت ها ف حال الي سر والع سر لن ا على سبيل
العاوضة.
وأما الرقيق فلوجوب نفقته مع العسار بلف القارب لنا صلة تب
مع اليسار دون العسار.
وأما الم فلقوله للعراب حي قال له« :من أبر؟ قال :أمك ،قال :ث
من؟ قال :أ مك ،قال ث من؟ قال :أ مك ،قال ث من؟ قال :أبوك» ولن ا
ضعيفة عن الكسب.
وأما الب فلما سبق وحديث« :أنت ومالك لبيك».
وأما الولد فلقربه ووجوب نفقته ف الملة.
وأما القرب ف الياث فلنه أول من غيه كالياث.
وتُستحب عن الني لفعل عثمان وعن أب قلبة قال« :يُعجبهم أن
يُعطوا زكاة الفطر عن الصغي والكبي حت عن المل ف بطن أمه» رواه
أبو بكر.
153
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ول تب ،قال ابن النذر « :كل من نفظ عنه ل يوجبها عن الني،
وتب على اليتيم ،ويرج عنه وليه من ماله».
ول يلزم الزوج فطرة زوجة ناشز وقت الوجوب ،ول تلزم الزوج فطرة
من ل تلزمه نفقتها ،كغي الدخول با إذا ل تسلم إليه ،والصغية الت ل يكن
الستمتاع با.
ومن لزم غيه فطرته كالزوجة ،فأخرج عن نفسه بغي إذن من وجبت
عليه أُجزأ وال أعلم وصلى ال على ممد وآله وصحبه وسلم.
– 2فصل ف وقت وجوب صدقة الفطر ،والفضل منه:
وتب زكاة الفطر بغروب شس ليلة الفطر ،لقول ابن عباس رضي ال
عنهما« :فرض رسول ال صدقة الفطر طُهر ًة للصائم من اللغو والرفث،
وطُعمةً للمسهاكي» .رواه أبكو داود ،والاككم وقال على شرط البخاري
فأضاف الصدقة إل الفطر فكانت واجبة به لن الضافة تقتضي الختصاص.
وأول ف طر ي قع من جيع رمضان بغيب الش مس من ليلة الف طر ،ف من
أسكلم بعكد الغروب ،أو تزوج بعكد الغروب ،فل فطرة وإن وجكد ذلك ،بأن
أ سلم أو تزوج ،أو ولد له ولد ،أو ملك عبدا ،أو أي سر ق بل الغروب وج بت
الفطرة لوجود السبب فالعتبار بال الوجوب.
وإن مات ق بل الغروب هو ،أو زوج ته ،أو رقي قه ،أو قري به ونوه ،أو
أع سر ،أو أبان الزو جة ،أو أع تق الع بد ،أو با عه أو وه به ل ت ب الفطرة ل ا
تقدم.
ول تسقط الفطرة بعد وجوبا بوت ول غيه ،والفضل إخراجها يوم
الع يد ق بل ال صلة ،ل ا ف الت فق عل يه من حد يث ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما
الناهل السان ف دروس رمضان 378
مرفوعا ،وف آخره« :وأمر با أن تؤدى قبل خروج الناس إل الصلة».
وف حديث ابن عباس رضي ال عنهما « :من أداها قبل الصلة فهي
زكاة مقبولة ،ومن أداها بعد الصلة فهي صدقة من الصدقات».
وتُكره بعدها خروجا من اللف ،ولقوله « :اغنوهم عن الطلب ف
هذا اليوم» .رواه سعيد بن منصور.
فإذا أخرها بعد الصلة ل يصل الغناء لم ف هذا اليوم كله.
ويرم تأخيها عن يوم العيد مع القدرة ،لنه تأخي للحق الواجب عن
وقتكه ،وكان يقسكمها بيك مسكتحقيها بعكد الصكلة .فدل على أن المكر
بتقديها على الصلة للستحباب.
ويقضي ها من أخر ها ل نه حق مال و جب ،فل ي سقط بفوات وق ته
كالدين ،وتُجزي قبل العيد بيوم أو بيومي ،لقول ابن عمر رضي ال عنهما:
«كانوا يُعطون قبل الفطر بيوم أو يومي» رواه البخاري.
وهذا إشارة إل جيع هم فيكون إجاعا ،ولن ذلك ل يُ خل بالق صود،
إذ الظاهر بقاؤها أو بعضها ،إل يوم العيد.
و من وج بت عل يه فطرة غيه أخرج ها مع فطر ته مكان نف سه ،لن ا
طُهرةٌ له ،وفطرة من بعضه حر وبعضه رقيق ،وفِطرةٌ قِن مشترك .وفطرة من
له أكثر من وارث أو ملحق بأكثر من واحد تُقسط ،ومن عجز منهم ل يلزم
الخر سوى قسطه.
– 3الواجب ف الفطرة:
الواجب على كل شخص صاع بر ،أو مثل مكيله من تر ،أو زبيب،
أو أقط ،لديث أب سعيد « :كنا نرج زكاة الفطر ،إذ كان فينا رسول ال
155
377 الناهل السان ف دروس رمضان
صاعا من طعام ،أو صاعا من شع ي ،أو صاعا من ت ر ،أو صاعا من
زبيب ،أو صاعا من أقط» متفق عليه.
ويُجزي دقيكق الب والشعيك إذا كان بوزن البك ،نكص عليكه ،واحتكج
بزيادة تفرد باك ابكن عُيينكة :أن أحدا ل يذكره فيكه ،قال :بكل هكو فيكه .رواه
الدارقطن.
قال ال جد :بل هو أول بالجزاء ل نه كُ في مؤون ته كت مر منوع نواه
ب يُقتات كذرة ود خن وباقلءويرج مع عدم ذلك ما يقوم مقا مه من ح ٍ
لنه أشبه بالنصوص عليه ،فكان أول.
ويوز أن يُعطكي الماعكة فطرهكم لواحكد ،وأن يُعطكي الواحكد فطرتكه
لماعة.
ول يُجزي إخراج القيمة لن ذلك غي النصوص عليه.
ويرم على الش خص شراء زكا ته و صدقته م ن صارت إل يه ،لد يث
عمر « :ل تشتره ،ول تعد ف صدقتك ،وإن أعطاكه بدرهم ،فإن العائد
ف صدقته كالعائد ف قيئه» متفق عليه.
وح سما لادة ا سترجاع ش يء من ها حياء ،أو طمعا ف مثل ها ،أو خوفا
أن ل يُعط يه ب عد ،فإن عادت إل يه بإرث أو و صية أو ه بة أو أخذ ها من دي نه
من غي شرط ول مواطأة طابت بل كراهة لعدم الانع .ولديث بريرة رضي
ال عن ها أن ال نب أت ته امرأة ،فقالت :إ ن ت صدقت على أ مي بار ية وإن ا
ماتكت ،فقال رسكول ال « :وجهب أجرك وردهها عليهك الياث» متفكق
عليه .رواه الماعة إل البخاري والنسائي.
ويُجزي إخراج صاع مموع من تر وزبيب وبُر وشعي وأقط كما لو
الناهل السان ف دروس رمضان 378
كان خالصا من أحدها.
ول يُجزي مُختلط بأكثر ما ل يُجزي.
ول يُجزي إخراج معيب كمُسوس ،ومبلول ،وقدي تغي طعمه.
والفضل تر ،لفعل ابن عمر ،قال نافع :وكان ابن عمر يُعطي التمر
إل عاما واحدا أعوز التمر فأعطى شعيا رواه أحد والبخاري.
وقال له أبكو ملز :أن ال قكد أوسكع .والبُر أفضكل ،فقال إن أصكحاب
سلكوا طريقا ،فأنا أحب أن أسلكه رواه أحد واحتج به.
وظاهره أن جاعة الصحابة كانوا يُخرجون التمر ،ولنه قوت ،وأقرب
تناولً وأقل كلفة ،ويليه ف الفضلية الزبيب لن فيه قوتا وحلوة وقلة كُلفة،
ث الب ،لن القياس تقديه على الكل ،لكن تُرك اقتداءً بالصحابة ف التمر وما
شاركه ف العن وهو الزبيب ،ث النفع ف القتيات ودفع حاجة الفقي ،ث
شعيه ،ث دقيق شعي ،ث سويقهما ،ث أقط والفضل أن ل يُنقص مُعطي من
فِطره عن مُدبر أو نصف صاع من غيه ليُغنيه عن السؤال ف ذلك اليوم لقول
النب :
«أغنوهم عن السؤال ف ذلك اليوم» ويُسن التكبي الُطلق وهو الذي
ل يُق يد بأدبار ال صلوات وال هر به ف ليل ت العيد ين إل فراغ الط بة لقوله
تعال :وَلُِتكْمِلُوا اْلعِ ّد َة َولِتُكَّبرُوا اللّهَ َعلَى مَا هَدَاكُمْ ،وعن علي "أنه
كان يُ كب ح ت يُ سمِع أ هل الطر يق و صفة الت كبي ،ال أ كب ،ال أ كب ،ال
أككب ،ل إله إل ال ،ال أككب ،ال أككب ،ول المكد ،وفك ككل عشكر ذي
الجة".
قال البخاري كان ابكن عمكر وأبكو هريرة يرجان إل السكوق فك أيام
157
377 الناهل السان ف دروس رمضان
العشر يُكبان ويكب الناس بتكبيها والتكبي القيد ف الضحى عقب كل
فريضكة صكلها فك جاعكة مكن صكلة الفجكر يوم عرفكة إل عصكر آخكر أيام
التشريق لديث جابر أن النب صلى الصبح يوم عرفة ث أقبل علينا فقال:
«ال أكهب» ومكد التككبي إل آخكر أيام التشريكق ،رواه الدارقطنك بعناه إل
الُحرم فيُكب من صلة ظهر يوم النحر إل آخر أيام التشريق.
اللهم اعف عن تقصينا ف طاعتك وشكرك وأدم لنا لزوم الطريق إل
ما يُقربنا إليك وهب لنا نورا نتدي به إليك ويسر لنا ما يسرته لهل مبتك
وأيقظ نا من غفلت نا وألم نا رُشد نا وا سترنا ف دنيا نا وآخرت نا واحشر نا ف
زمرة التق ي وألق نا بعبادك ال صالي واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي
الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ وآله
وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
ال مد ل غا فر الذنوب وقا بل التوب ،شد يد العقاب ذي الطول ل إله
إل ال إليه الصي ،وأشهد أن ممدا عبده ورسوله البشي النذير صلى ال عليه
وعلى آله وصحبه وسلم أول الد ف العبادة والتشمي.
عباد ال ،إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل فمن كان منكم أحسن
فعل يه بالتمام ،و من كان من كم فرط ف يه فليخت مه بال سن ،فالع مل بالتام،
وبادروا رحكم ال أوقات شهركم الباقية ،واستدركوا ما مضى منه بالسرة
والندم ،واختموه بالتوبة النصوح والرجوع إل صال العمل.
عباد ال ،كم أُنا سٍ صلوا ف هذا الش هر صلة التراو يح وأوقدوا ف
الساجد طلبا للجر الصابيح ،ونسخوا بإحسانم كل فع ٍل قبيح ،وقبل التمام
سكنوا الضريح ،ول ينفعه الال والمال لا نُقلوا ،رحلوا عن الدنيا قدما قدما
ونقص ما بنوه هدما هدما ،أدارت عليهم النون رحاها وأحلت وجوههم ف
الثرى فمحاها.
وهذا حالك عن قر يب فتي قظ يا قل يل الزاد ،وحادي رحيله قد حدى
تأ هب للتلف وت يأ للردى ،ذ هب ع نك ش هر ال صيام وود عك ،و سارت ف يه
قوافل الصالي ،وجهلك منعك والتوبيخ متو فر ،ف ما أرجعك ول أزع جك
وأنت تؤمل منازل العاملي بأفعال الغافلي فما أطمعك.
يا من أصبح ساعيا إل ما يضره ستعلم من يأت غدا حزينا مُتندما ،كم
من صائم يفضحه الساب والعرض ،وكم من عا صٍ ف هذا الشهر تستغيث
م نه الرض ،ف يا ل يت شعري من القبول م نا فنهن يه على توف يق ال له ب سن
عمله و يا ل يت شعري من الطرود فنعز يه ب سوء عمله ،ف يا أي ها القبول هنيئا
159
377 الناهل السان ف دروس رمضان
لك بثواب ال عز و جل ورضوا نه ورح ته وغفرا نه وقبوله وإح سانه وعفوه
وامتنانه.
ويا أيها الطرود بإصراره ،وطغيانه وظلمه وغفلته وخسرانه وتاديه ف
ع صيانه ،ل قد عظ مت م صيبتك وخ سرت تار تك ،وطالت ندام تك ،ف يا ل ا
من خسارة ل تُشبهها خسارة ،ل در أقوام حرسوا بالتقى أوقاتم ،وتدرعوا
دروع الراقبة ف صبهم وجعوا بي الصدق والخلص ف ذكرهم ،صبوا
باليقي على ظمأ الواجر ،وبسطوا أقدامهم على بساط الدياجر وعملوا ليو مٍ
فيه القلوب لدى الناجر.
أقبلوا على خدمة ربم إقبال عال ،وما سلكوا إل الطريق السال تذكروا
ذنوب م القدائم ،فجددوا التو بة ب صدقٍ العزائم ،وعدوا التق صي من العظائم،
وبذلوا ال هج الكرائم ،فإذا جن الل يل ف ساجدٌ وقائم ،ول يافون ف ال لو مة
لئم ،أين أنت وهم؟ فهل ترى الساهر كالنائم؟ كل ،ول الفطر كالصائم.
قال ابكن القيكم -رحهك ال -مكن أراد ال بكه خيا فتكح باب الذل
والنكسكار ودوام اللجوء إل ال تعال والفتقار إليكه ورؤيكة عيوب نفسكه
وجهل ها وعدوان ا ومشاهدة ف ضل ر به وإح سانه ورح ته وجوده وبره وغناه
وحده .فالعارف :سائر إل ال تعال بي هذين الناحي ل يكنه أن يسي إل
بما فمت فاته واحد منهما فهو كالطي الذي فُقد أحد جناحيه.
وقال ش يخ ال سلم ا بن تيم ية -رح ه ال -العارف ي سي إل ال ب ي
مشاهدة ال نة ومطال عة ع يب الن فس والع مل وهذا مع ن قوله ف الد يث
الصحيح من حديث بريدة سيد الستغفار أن يقول العبد« :اللهم أنت رب
ل إله إل أ نت خلقت ن وأ نا عبدك وأ نا على عهدك ووعدك ما ا ستطعت
الناهل السان ف دروس رمضان 378
أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء لك بذنب فاغفر
ل إ نه ل يغ فر الذنوب إل أ نت» فج مع ف قوله أبوء لك بنعم تك عليّ
وأبوء بذنب بي مشاهدة النة ومطالعة عيب النفس والعمل.
فمشاهدة ال نة تو جب الح بة وال مد والش كر لول الن عم والح سان
ومطالعة عيب النفس والعمل توجب له الذل والنكسار والفتقار والتوبة ف
كل وقت وأن ل يرى نفسه إل مفلسا واقرب باب يدخل منه العبد على ال
تعال هو باب الفلس فل يرى لنفسه حا ًل ول مقاما ول سببا يتعلق به ول
وسيلة منه ين با.
بل يد خل على ال من باب الفتقار ال صرف والفلس ال حض دخول
من كسر الفقر والسكنة قلبه حت وصلت تلك الكسرة إل سويدائه فانصدع
وشلته الكسرة من كل جهاته وشهد ضرورته إل ربه عز وجل وكمال فاقته
وفقره إليه وأن ف كل ذرة من ذراته الظاهرة فاقة تامة وضرورة إل ربه تبارك
وتعال ،وأنه إن تلى عنه طرفة عي هلك وخسر خسارة ل تُجب إل أن يعود
إل ال تعال ويتداركه برحته .انتهى.
شعرا:
وَاذْكُرْ لِمَنْ بَانَ مِن خِلّ دَعْ البُكَاءَ عَلَى الَطْلَلِ
عَلَى فِرَاقِ لَيْالٍ ذَاتِ أَنْوَارِ وَأذرِ الدّمُوعَ نَحِيْبا وَابْكِ مِن
إِلّ لِتَمْحِيْصَ آثا ٍم وَأَوْزَارِ عَلَى لَيَالٍ لِشَهْرِ الصّوْمِ مَا
وَاسْمَعْ غَرِيْبَ أَحَادِيِثي يَا لَئِمي فِي البُكَاءِ زِدْنِي ِبهِ
مِنّا الْمُصَلّي وَمِنّا القَانِتْ مَا كَا َن أَحْسَنَنَا وَالشّمَلُ
فِيْهَا الْمَصَابِيِحُ تَزْهُوْ مِثْلَ وَفِي التّرَاْوِيْحِ لِلرّاحَاتِ
161
377 الناهل السان ف دروس رمضان
حَقًا عَلَى ُكلِّ شَهْ ٍر ذَاتِ فِي لَيْلِهِ لَيِلَةُ القَدْرِ الّت
بِإذْنِ رَبّ غَفُوْرٍ خَالقٍ بَاري تَتَنَزّلُ الرّوحُ وَالمْلكُ
ف مِن خُطّةِِشَهْرٌ ِبهِ يُعْتِقُ الُ العُصَاةَ وَقَدْ أَشْفُوا عَلَى جُرُ ٍ
وَيَحْفَظُ الِ ُكلُّ مِن شَرّ نَرْجُو اللَهَ مُحِبَ العِفْوِ
بِفَضْلِك الْجَمّ لَ تَهْتِكْ وَيِشْمَلُ العَفْوَ وَالرّضْوَانُ
مَا َقدْ بَقِيَ فَهُوَ حَقّ عَنْكُمُ فَابْكُوا َعلَى مَا مَضَى فِي الشّهرِ
اللهكم اجعلنكا مكن حزبكك وعبادك الصكالي الذيكن أهلتهكم لدمتكك
وجعلتهم من قبلت صيامه وقيامه واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء
منهكم واليتيك برحتكك يكا أرحكم الراحيك وصكلى ال على ممدٍ وصكحبه
أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
ف تلوة القرآن الكري
ويبحث ف:
– 1ما ورد ف الث على قراءة القرآن الكري.
– 2ما جاء ف فضل حل القرآن وتلوته.
– 3ما ورد ف فضل تدبر القرآن وتفهمه.
– 4ما ورد ف استحباب ترتيل القرآن الكري.
– 5ما ورد ف بيان عظم بعض السور.
– 6استحباب تسي الصوت ف التلوة.
– 7ينبغي الشوع والشية والبكاء عند تلوة كتاب ال تعال.
– 8ما ورد ف تعاهد القرآن والترهيب من نسيانه.
– 1ما ورد من الث على القرآن الكري:
يُ ستحب ح فظ القرآن عن ظ هر قلب ،والكثار من تلو ته كل و قت
لن تلو ته من أف ضل العبادات وأع ظم القربات وأ جل الطاعات وفي ها أ جر
عظ يم وثواب ج سيم من الول الكر ي ،ول سيما ف ش هر رمضان قال ال
تعال آمرا رسوله بتلوة كتابه العزيز وإبلغه إل الناس :وَاْتلُ مَا أُوحِيَ
ِإلَ ْيكَ ِمنْ كِتَابِ َرّبكَ .
وأخب تعال عن عباده الؤمني الذين يتلون كتابه ويؤمنون به ويعملون
با فيه من إقام الصلة والنفاق ما رزقهم ال تعال ف الوقات الشروعة ليلً
ونارا سرا وعلن ية ،فقال :إِنّ اّلذِي نَ يَتْلُو نَ كِتَا بَ اللّ هِ َوَأقَامُوا ال صّلةَ
163
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ُمه
َنه تَبُورَ * لِيُ َوفَّيه ْ
ُونه تِجَا َر ًة ل ْ
سهرّا وَعَلنَِيةً يَ ْرج َ ُمه ِ َوَأنْ َفقُوا مِمّاه رَ َزقْنَاه ْ
ُأجُو َر ُهمْ َوَيزِي َد ُهمْ ِم ْن فَضْ ِلهِ ِإّنهُ َغفُو ٌر َشكُورٌ .
و عن عثمان بن عفان عن ال نب قال« :خي كم من تعلم القرآن
وعلمه» .رواه البخاري ،ومسلم.
– 2ما جاء ف فضل حل القرآن:
وعكن عائشكة رضكي ال عنهكا قالت :قال رسكول ال « :الذي يقرأ
القرآن و هو ماهرٌ به مع ال سفرة الكرام البرة ،والذي يقرأ القرآن و هو
يتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران» رواه البخاري.
وعكن أبك أمامكة الباهلي قال :سكعت رسكول ال يقول« :إقرءوا
القرآن فإنه يأت يوم القيامة شفيعا لصحابه» رواه مسلم.
و عن أ ب هريرة قال :قال ر سول ال « :تعلموا القرآن فاقرءوه،
فإن مثل القرآن لن تعلمه فقرأه وقام به ،كمثل جراب مشو مِسكا تفوح
ري ه ف كل مكان ،وم ثل من تعل مه فر قد و هو ف جو فه كم ثل جراب
أوكي على مسك» رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
وعكن أبك موسكى الشعري قال :قال رسكول ال « :مثهل الؤمهن
الذي يقرأ القرآن م ثل الترُ جة ري ها ط يب وطعم ها ط يب ،وم ثل الؤ من
الذي ل يقرأ القرآن مثهل التمرة ل ريهح لاه وطعمهها طيهب حلو ،ومثهل
النافق الذي يقرأ القرآن مثل الريانة ريها طيب وطعمها مر ،ومثل النافق
الذي ل يقرأ القرآن كمثهل النظلة ليهس لاه ريهح وطعمهها مهر» .رواه
البخاري ومسلم.
و عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما عن ال نب قال « :ل ح سد إل ف
الناهل السان ف دروس رمضان 378
اثنتي :رجل آتاه ال القرآن ،فهو به آناء الل يل وآناء النهار ،ورجل تعلم
علما فهو يعلم الناس منه» .رواه البخاري ومسلم.
وعكن ابكن عباس رضكي ال عنهمكا قال :قال رسكول ال « :إن الذي
ليهس فه جوفهه شيهء مهن القرآن كالبيهت الرب» رواه الترمذي وقال:
حديثٌ حسن.
وعن أب هريرة أن رسول ال قال « :ما اجتمع قو مٌ ف بي تٍ من
بيوت ال يتلون كتاب ال ويتدارسهونه فيمها بينههم إل نزلت عليههم
ال سكينة ،وغشيت هم الرح ة ،وحفت هم اللئ كة ،وذكر هم ال في من عنده»
أخرجه البخاري ف صحيحه عن أُسيد بن حضي قال :بينما هو يقرأ سورة
البقرة وفرسكه مربوطكة عنده إذ جالت الفرس فسككت فسككنت فقرأ فجالت
الفرس ،فسكت وسكنت الفرس ث قرأ فجالت الفرس فانصرف.
وكان ابنه يي قريبا منها فأشفق أن تصيبه ،فلما أخذه رفع رأسه إل
السماء حت يراها فلما أصبح حدث النب فقال له :اقرأ يا ابن حضي اقرأ
يا ا بن حض ي قال :فأشف قت يا ر سول ال أن ت طأ ي ي وكان من ها قريبا
فرف عت رأ سي فان صرفت إل يه فرف عت رأ سي إل ال سماء فإذا م ثل الظلة في ها
أمثال ال صابيح فخر جت ح ت ل أرا ها قال« :أوتدرون ما ذاك؟ قلت :ل،
قال :تلك اللئكة دنت لصوتك ولو قرأت لصبحت ينظر الناس إليها ل
تتوارى».
فالعا قل من يُك ثر من تلو ته وا ستذكاره للهتداء بد يه وال سترشاد
بواع ظه والعتبار بق صصه واللتقاط من درره وحكم خه وال ستضاءة بنوره
كيف ل وهو أساس الفصاحة وينبوع البلغة والباعة فتجد الطيب الِصقع
165
377 الناهل السان ف دروس رمضان
والشا عر البل يغ يقتب سان من آيا ته وي ستمدان من عذو بة ألفا ظه ومعان يه ما
يُزينان به كلمهما ويُحسنان به مقامهما.
وهو أساس الشريعة السلمية ومنه تُستمد الحكام الشرعية والسائل
الفقه ية وال ق أ نه عماد نا ف أ مر دين نا ودنيا نا وفق نا ال وج يع ال سلمي
للتمسك بأهدابه والسارعة إل امتثال أمره واجتناب نيه والوقوف عند حده
والتفكر ف أمثاله ومعجزه والتبصر ف نور حكمه واغفر لنا ولوالدينا ولميع
ال سلمي برحتك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ وعلى آله و صحبه
أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
وعن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما أن رسول ال قال« :إذا قرأ
ابن آدم السجدة فسجد ،اعتزل الشيطان يبكي ،ويقول :يا ويله!».
وفك روايكة« :يها ويلي! أُمهر ابهن آدم بالسهجود فسهجد فله النهة،
وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار» رواه مسلم وأبو داود.
وعكن النواس بكن سكعان قال :سكعت رسكول ال يقول« :يؤتهى
بالقرآن يوم القيا مة وأهله الذ ين كانوا يعملون به ف الدن يا تقد مه سورة
البقرة وآل عمران» وضرب ل ما ر سول ال ثل ثة أمثال ما ن سيتهن ب عد
قال« :كأنما غمامتان أو ظُلتان سودوان بينهم شرق ،أو كأنما فُرقان من
طي صواف يُحاجان عن صاحبهما» رواه مسلم.
وعن عبد ال بن مسعود قال :قال رسول ال « :من قرأ حرفا من
كتاب ال تعال ،فله بهه حسهنة والسهنة بعشهر أمثالاه ل أقول :أل حرف
ولكهن ألف حرف ولم حرف وميهم حرف» رواه أبكو عيسكى ممكد بكن
عيسى الترمذي.
وعن أ ب ذر قال :قلت يا ر سول ال ،أو صن ،قال« :عل يك بتقوى
ال فإ نه رأس المهر كله» قلت :يا ر سول ال زد ن ،قال« :عل يك بتلوة
القرآن فإنه نو ٌر لك ف الرض وذُخ ٌر لك ف السماء» رواه ابن حبان.
وعن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما أن رسول ال قال « :من قرأ
القرآن فقهد اسهتدرج النبوة ب ي جنهبيه غ ي أنهه ل يوحهى إليهه ،ل ينبغهي
لصاحب القرآن أن يد مع من وجد ،ول يهل مع من جهل وف جوفه
كلم ال» رواه الاكم.
167
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وروي عكن علي بكن أبك طالب قال :قال رسكول ال « :مهن قرأ
القرآن فا ستظهره ،فأ حل حلله وحرم حرا مه أدخله ال ال نة وشف عه ف
عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت لم النار» رواه ابن ماجه والترمذي.
وعن أب ذر قال :قال رسول ال « :يا أبا ذر لن تغدو فتتعلم آية
من كتاب ال خيٌ لك من أن تُصلي مائة ركعة ،ولن تغدو فتتعلم بابا من
العلم عمل به أو ل يُعمل به خي من أن تُصلي ألف ركعة» رواه ابن ماجه.
اللهم اهدنا إل سواء السبيل ،ووفقنا للفقه ف دينك القوي ،واجعلنا من
العامل ي به قولً ،وفعلً الداع ي إل يه ،واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي
الحياء منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي ،وصلى ال على مم ٍد وعلى
آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
– 3ما ورد ف فضل القرآن وتفهمه:
يُ ستحب التعوذ ل ن أراد الشروع ف القراءة بأن يقول" :أعوذ بال من
ِنه
ّهه م َ
َاسهَت ِعذْ بِالل ِ
َنه ف ْ
ْته اْل ُقرْآ َ
الشيطان الرجيكم" لقوله تعالَ :فإِذَا َقرَأ َ
الشّيْطَانِ ال ّرجِيمِ .
وكان جاعة من السلف يقولون :أعوذ بال السميع العليم من الشيطان
تركك على أن ل يعود قريبا إليهكا أعاد التعوذ
الرجيكم ،فإن قطكع القراءة قطكع ٍ
الول وإن تركه قبل القراءة فيتوجب أن يأت با ث يقرأ لن وقتها قبل القراءة
للستحباب فل يقسط تركها إذا ولن العن يقتضي ذلك.
فإذا شرع ف القراءة فلي كن شأ نه التدبر وليحذر أن يكون م ثل ب عض
المج يقرأ القرآن وعيونه تول فيما حوله من الخلوقات يتلعب بالقرآن ول
ِهه ،وقالَكه لَِيدّّبرُوا َآيَات ِ
ْكه مُبَار ٌ
َاهه ِإلَي َ
َابه َأْنزَلْن ُ
يهتكم له ،قال تعال :كِت ٌ
تعال ف معرض النكارَ :أفَل يََت َدبّرُو َن الْ ُقرْآَ َن أَمْ عَلَى قُلُوبٍ َأ ْقفَاُلهَا .
– 4ما ورد ف استحباب ترتيل القرآن الكري:
ويُستحب لقاريء القرآن أن يُرتل قراءته لقوله تعال :وَ َرتّ ِل الْ ُقرْآَ نَ
َت ْرتِيل .
وثبت عن أم سلمة رضي ال عنها أنا تنعت قراءة مفسرة حرفا حرفا.
رواه أبو داود ،والنسائي ،والترمذي.
وعن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما قال :قال رسول ال « :يقال
لصاحب القرآن اقرأ ورتل كما كنت تُرتل ف الدنيا فإن منلك عند آخر
169
377 الناهل السان ف دروس رمضان
آية تقرؤها» .رواه أحد ،والترمذي وأبو داود والنسائي.
وعن قتادة قال :سُئل أنس ،كيف كانت قراءة النب ؟ فقال :كانت
مدا مدا ،ث قرأ بِ سْ ِم اللّ هِ ال ّرحْمَ ِن ال ّرحِي مِ يد بك بِ سْ ِم اللّ هِ ويد
بك ال ّرحْ َمنِ ويد بك ال ّرحِيمِ رواه البخاري.
وعن معاوية بن قرة عن ع بد ال بن مغ فل ،قال :رأيت ر سول ال
يقرأ سورة الفتح يُرجع ف قراءته ،رواه البخاري ومسلم.
وقد روى أبو ذر عن النب أنه قام ليلة بآية يُرددهاِ :إ ْن ُت َع ّذْب ُه ْم َفِإّن ُه ْم
ت وقال سّيئَا ِ ب اّلذِي َن ا ْجَت َرحُوا ال ّ
س َ
ِعبَا ُد َك وقام تيم الداري بآيةَ :أ ْم َح ِ
أبو سليمان إن لقيم ف الية أربع ليال أو خس وقال ابن مسعود من ختم
القرآن نارا غفر له ذلك اليوم ومن ختمه ليلً غفر له تلك الليلة ،وعن طلحة
بن مُصرف قال :من ختم القرآن ف أي ساعة من النهار كانت صلت عليه
اللئ كة ح ت يُم سي أو أي ساعة من ل يل كا نت صلت عل يه اللئ كة ح ت
يُصبح.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(موعظههة)
قال ا بن الق يم -رح ه ال :-عشرة أشياء ضائ عة ل ينت فع ب ا ،علم ل
يُعمل به وعمل ل إخلص فيه ول اقتداء فيه بكتاب ال وسنة رسوله فإنه
ل يوفق لما إذا ل يُخلص العمل ومال ل ينفق منه فل يستمتع به جامع هُ ف
الدنيكا ول يُقدمكه أمامكه لخرتكه وقلب فارغ مكن مبكة ال والشوق إل لقائه
والنس به وبدن مُعطل من طاعة ال وخدمته ومبةٍ ل تتقيد برضا الحبوب
وامتثال أوامره.
ووق تٌ مُعطلٌ من استدراك فارط واغتنام بر وقربة ،وفكر يول فيما ل
ينفكع وخدمكة مكن ل تُقربكك خدمتكه إل ال ول تعود عليكك بصكلح دنياك
وخو فك ورجاؤك م ن نا صيته ب يد ال و هو أ سي ف قبض ته ول يلك لنف سه
نفعا ول ضررا ول موتا ول حيا ًة ول نشورا.
وأع ظم هذه الضاعات إضا عة القلب وإضا عة الو قت فإضا عة القلب
عن ال من إيثار الدن يا على الخرة وإضا عة الو قت من طول ال مل فاجت مع
الفسكاد كله فك اتباع الوى وطول المكل والصكلح كله فك اتباع الدى
والستعداد للقاء ال.
إل أن قال ول على عبده أمر أمره به وقضاء يقضيه عليه ونعم ينعم با
عل يه فل ين فك من هذه الثل ثة والقضاء نوعان إ ما م صائب وإ ما معائب وله
عليكه عبوديكة فك هذه الراتكب كلهكا ووفاهكا حقهكا فهذا أقرب اللق إليكه
وأبعد هم م نه من ج هل عبودي ته فعطل ها علما وعملً .وال أعلم و صلى ال
على مم ٍد وآله وسلم.
171
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
– 5ما ورد ف عظم فضل بعض السور:
و عن أ ب الدرداء قال :قال رسول ال « :أيع جز أحدكم أن يقرأ
ف ليله ثلث القرآن؟ قالوا :وك يف يقرأ ثلث القرآن؟ قالُ :قلْ ُهوَ اللّ هُ
َأ َحدٌ تعدل ثلث القرآن» رواه مسلم.
وعن عبد ال بن عمر أن رسول ال قال« :ل يفقه من قرأ القرآن
ف أقل من ثلث» رواه الترمذي وأبو داود والدارمي.
وعكن عبكد ال بكن عمكر رضكي ال عنهمكا قال :قال رسكول ال « :أل
ي ستطيع أحد كم أن يقرأ ألف آ ية ف كل يوم؟» قالوا :و من ي ستطيع أن يقرأ
ألف آية ف كل يوم؟ قال« :أما يستطيع أحدكم أن يقرأ َأْلهَا ُك ُم الّتكَاُث ُر »
رواه البيهقي.
وقالت عائ شة ر ضي ال عن ها« :ول أعلم نب ال قرأ القرآن ف ليلة
…» الديث رواه مسلم.
وعن ابن مسعود أنه قال« :ل تنثروه نثر الرمل ول تذوه هذو الشعر
قفوا ع ند عجائ به وحركوا به القلوب ول ي كن هم أحد كم آ خر ال سورة»
رواه البغوي.
وعن ابن عباس رضي ال عنهما قال« :لن أقرأ سورة أرتلها أحب إل
من أن القرآن كله» و قد نُ هي عن الفراط ف ال سراع ويُ سمى "الذر مة"،
فث بت عن ا بن م سعود أن رجلً قال له" :اقرأ الف صل ف رك عة واحدة،
فقال ا بن م سعود :كهذا الش عر ،إن قو ما يقرءون القرآن ل يُجاوز تراقي هم،
ولكن إذا وقع ف القلب فرسخ نفع" .رواه البخاري ومسلم.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
قال ا بن الق يم -رح ه ال :-إذا أردت النتفاع بالقرآن فاج ع قل بك
عند تلوته وساعه وألق سعك واحضر حضور من يُخاطبه به من يتكلم به
منه إليه ،فإنه خطاب منه لك على ل سان رسوله قال تعال :إِنّ فِي َذلِ كَ
ب َأوْ َأْلقَى ال سّمْ َع َوهُ َو شَهِيدٌ وذلك أن تام التأثي
َلذِ ْكرَى لِمَ نْ كَا َن لَ هُ قَلْ ٌ
لا كان موقوفا على مؤثر مُقتضى ومل قابل وشرط لصول الثر انتفاء الانع
الذي ينع منه :تضمنت الية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه على الراد.
وقال شيكخ السكلم :وماك ينبغكي أن يُعلم أن أفضكل القراءة والذككر
والدعاء والصكلة وغيك ذلك يتلف باختلف حال الرجكل فالقراءة بتدبر
أفضل من القراءة بل تدبر والصلة بشوع وحضور قلب أفضل من ال صلة
بدون ذلك.
– 6استحباب تسي الصوت ف التلوة:
يُ ستحب لقارئ القرآن أن يُح سن صوته بالقراءة ،لن ت سي ال صوت
بالقراءة مُعيك على حضور القلب وخشوعكه وباعكث على حُسكن السكتماع
والصغاء إل القرآن.
وعكن أبك هريرة قال :قال رسكول ال « :ليهس منها مهن ل يتغهن
بالقرآن» رواه البخاري .وع نه قال :قال ر سول ال « :ما أذن ال لش يء
ب حسن الصوت يتغن بالقرآن ويهر به» متفق عليه. كما أذن لن ٍ
قال جهور العلماء :معن (ل يتغن) ،أي ل يُحسن صوته وعن الباء بن
عازب أن ال نب قال« :زينوا القرآن بأ صواتكم» رواه أح د وأ بو داود
وابن ماجه والدارمي.
هنوا القرآن
كول ال يقول« :حسه
كعت رسك
كه أيضا قال :سك
وعنك
173
377 الناهل السان ف دروس رمضان
بأصواتكم ،فإن الصوت السن يزيد القرآن حُسنا» رواه الدارمي.
وروى م سلم ف صحيحه عن أ ب مو سى الشعري قال ر سول ال
لب موسى« :لو رأيتن وأنا أستمع لقراءتك البارحة ،لقد أوتيت مزمارا
من مزامي آل دواد» ،قال العلماء الراد بالزمار هنا الصوت السن.
الل هم قا بل سيئاتنا بإح سانك ،وا ستر خطيئت نا بغفرا نك وأذ هب ظل مة
ظلمنكا بنور رضوانكك ،واقهكر عدونكا بعكز سكلطانك ،فمكا تعودنكا منكك إل
الميل ،واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء منهم واليتي ،برحتك
يا أرحم الراحي ،وصلى ال على ممدٍ وآله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
– 7ينبغي الشوع والشية والبكاء عند تلوة كتاب ال تعال:
ويُسكتحب البكاء عنكد تلوة القرآن ،وهكو صكفة العارفيكوشعار عباد ال
ال صالي ،قال ال تعال ف و صف الاشع ي من عباده ع ند تلوة كتا به :إِنّ
جدًا *
سه َّانه ُّونه لِل ْذق ِخر َ ِمه يَ ِ
ِهه ِإذَا يُتْلَى عَلَ ْيه ْ
ِنه قَبْل ِ
ْمه م ْ ِينه أُوتُوا اْلعِل َ
اّلذ َ
خرّو َن لِل ْذقَا ِن يَبْكُونََوَيقُولُونَ سُبْحَانَ َربّنَا إِنْ كَا َن وَ ْعدُ َربّنَا لَ َم ْفعُول * َويَ ِ
َوَيزِي ُدهُ ْم ُخشُوعًا [سورة السراء].
ولا ذكر تعال النبياء الكرمي وخواص الرسلي ،وذكر فضائلهم ومراتبهم
جدًا َوُب ِكيّا ،وقال ال أخب أنم كانوا إذا تتلى عليهم آيات الرحنَ :خرّوا ُس ّ
ش ِعرّ مِنْ هُ جُلُودُ
حدِي ثِ كِتَابًا مَُتشَابِهًا مَثَانِ يَ تَ ْق َس َن الْ َ
تعال :اللّ هُ َن ّزلَ َأحْ َ
شوْنَ َرّبهُ ْم ُثمّ تَلِيُ جُلُو ُدهُ ْم َوقُلُوُبهُ ْم ِإلَى ذِ ْكرِ ال ّلهِ .
خَ اّلذِي َن يَ ْ
وقد وردت فيه أحاديث كثية ،وآثار للسلف ،فمن ذلك ما ورد عن
ال نب أ نه قال« :اقرأوا القرآن وابكوا ،فإن ل تبكوا فتباكوا» ،و عن ع بد
ال بن م سعود قال :قال ل ر سول ال « :اقرأ عليّ» قلت :أأقرأ عل يك
وعل يك أُنزل؟! قال« :فإ ن أ حب أن أ سعه من غيي» فقرأت من سورة
شهِيدٍ َوجِئْنَا
ف ِإذَا جِئْنَا مِنْ ُك ّل ُأ ّمةٍ ِب َ
النساء حت أتيت إل هذه الية :فَكَيْ َ
ه عَلَى َهؤُل ِء َشهِيدًا قال« :حسهبك الن» ،فالتفكت إليكه فإذا عيناه بِك َ
تذرفان .متف ٌق عليه.
وعن مُطرف بن عبد ال بن الشخي عن أبيه قال :رأيت رسول ال
يُصلي وف صدره أزيز كأزيز الرجل من البكاء ،أخرجه المسة إل ابن ماجه
وصححه ابن حبان.
175
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ول ا اش تد بر سول ال وج عه ق يل له ال صلة ،فقال« :مُروا أ با ب كر
فليُ صل بالناس» ،قالت عائ شة إن أ با ب كر رجلٌ رق يق إذا قرأ غل به البكاء،
قال« :مروه فليصل» رواه مسلم.
وعن عمر أنه صلى بالماعة الصبح ،فقرأ سورة يوسف فبكى حت
سالت دموعه ،وف رواية :أنه كان ف صلة العشاء ،وف رواية :أنه بكى حت
سعوا بُكاءه من وراء الصفوف.
وقرأ ع مر بن ع بد العز يز بالناس ذات ليلة وَاللّ ْيلِ ِإذَا َيغْشَى فل ما
بلغ َفَأنْذَ ْرُتكُ مْ نَارًا تَلَظّ ى فلم ي ستطع أن يُنفذ ها فر جع ح ت إذا بلغ ها
خنقته العبة فلم يستطع أن ينفذها فقرأ سورة غيها.
وينب غي أن يكون ذلك حال العلماء ف قد أخرج ا بن جر ير وا بن النذر
وغيها عن عبد العلى التيمي ،أنه قال :إن من أوتّ من العلم ما ل يُبكيه
لليق أن قد أوت من العلم ما ل ينفعه ،لن ال تعال نعت أهل العلم فقال:
خرّو َن لِل ْذقَانِ يَ ْبكُونَ وقال « :ل يلج النار من بكى من خشية ال
وَيَ ِ
حته يعود اللبه فه الضرع» الديكث رواه الترمذي وقال « :عينان ل
تسهما النار عي بكت من خشية ال وعي باتت ترس ف سبيل ال» رواه
الترمذي.
ويُستحب إذا مر بآية رحة أن يسأل ال من فضله ،وإذا مر بآية عذاب
أن يستعيذ بال من الشر أو من العذاب ،أو يقول" :اللهم إن أسألك العافية"
أو يقول" :أسألك العافاة من كل مكروه" أو نو ذلك.
وإذا مكر بآيكة تنيكه نزه ال تعال فقال" :سكبحانه وتعال" أو "تبارك
وتعال" أو "جلت عظ مة رب نا" ،ف قد صح عن حذيفة بن اليمان أنه قال:
الناهل السان ف دروس رمضان 378
صليت مع ال نب ذات ليلة فافتتح البقرة ،فقلت يركع عند الائة ث مضى،
فقلت يُصلي با ف ركعة فمضى ،ث افتتح آل عمران فقرأها ث افتتح النساء
فقرأها ،يقرأ مُترسلً إذا مر فيها بتسبيح سبح ،وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر
بتعوذ تعوذ ث ركع .رواه مسلم.
177
377 الناهل السان ف دروس رمضان
موعظههة
عباد ال إن من تعظ يم رب نا جل وعل تعظ يم كت به ور سله وذلك من
أ صول اليان ف من ا ستخف بكتاب ال أو آ ية م نه أو ا ستخف بر سله خ سر
كل السران ،عباد ال أين الغية الدينية كل يوم ند الكتب الت تتوي على
التوحيكد وعلى اليات مكن كتاب ال وعلى الحاديكث الشريفكة مُلقاة مكع
القمام و ف ال فر القذرة تُداس بالنعال وتلوث بالقذار تلوث تلويثا ت ستغيث
منه العواطف اليانية أليس هذا من النكرات لاذا ل تُصان وتُرفع أو تُقب ف
ملٍ طاهر.
قولوا ل ن يُلقي ها ول ن يقدر على منع هم من إلقائ ها اتقوا ال هذه حالة
وال تؤل النفوس وتشمت بنا العداء قولوا لم كيف تسمح نفوسكم تلقونا
هذا اللقاء الق ي وكذلك ك تب ف قه وإن ل ي كن في ها آيات ول أحاد يث
ينبغي احترامها ورفعها.
وكذلك ينب غي الت نبيه على ب عض الك تب ال ت ج ع والعياذ بال ب ا مع
اليات القرآنية والحاديث النبوية صور ذوات الرواح وقد تكون فوق الية
خ صوصا إذا أط بق الكتاب وهذا وال ا ستهانة عظي مة وا ستخفاف باليات
والحاديث والكتب الدينية ل يوز السكوت على هذه الالة الزرية.
وما ينبغي التنبيه عليه هو عدم وضع اليات والحاديث ف الرائد بل
يُشار إل ملتا وأرقامها لن الرائد صارت قسم كبي من قمامة الحلت
وفي ها صور ذوات الرواح ،وهذه حالة مي فة إن دا مت مع ما انت شر من
النكرات والعاصي الت ملت الب والبحر يُخشى أن تُحيط بم عقوبتها.
ن سأل ال أن يُنجي نا من عقوبت ها وأن يو قظ ولت نا ويُنبه هم لزالت ها
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وتطه ي الرض من ها إ نه القادر على ذلك ول أرى مل صا للن سان الذي قد
ابتلي بشراء الريدة حالة الكذب قتالة الوقت إل أنه يُحرقها من حي يلص
من قراءتا ليسلم من باقي شرورها وأوزارها.
و سوف ينا قش عن ها يوم القيا مة عن الو قت الذي ضي عه في ها والال
الذي أنف قه في ها و ما ح صل ب سببه على اليات والحاد يث ال ت في ها من
الستهانة والمتهان وإخراج اللئكة عن الحل الت وضعها فيه إذا كان فيها
صور ذوات الرواح حيث أن اللئكة ل تدخل بيتا فيه صورة.
قال بعضهم :شعرا:
عِنْدَ الْمَذايِيْع وَالتّلْفَازِ َألَ اِرْعِوَاءَ لِمَنْ كَانَتْ
ِإذَا تَصرّمَ وَقْتٌ مِنْهُ لَمْ مُضَيّعا فِيهَا عُمُرا مَا لَهُ
هَيْهَاتَ أنْ يَرْجِعَ الْمَاضِي أَيَحْسِبُ الْعُمْرَ مَرْدُودا
يُنَالُ بَعْدَ ذَهَابِ الْعُمْرِ أَمْ يَحْسَبُ العُمْرَ مَا وَلّتْ
مَا دُمْتَ حَيّا فإنّ الَوتَ فِي فَبَادِر الْعُمْرَ قَبْلَ الفَوْتِ
فِي كَسْبِ مَا تُحْمَدَنْ عُقْبَاهُ وَاحرِصْ وَبَادِرْ ِإذَا مَا أمكُنْت
ح لِذِي أَوْ فَعَل بِرّ وإصلَ ٍ مِنْ نَفَعِ ذِي فَاقَهٍ أَوْ غَوثِ
وَال ّدهْر ذُو غي فَاجْهَدْ ِبهِ فَالْعُمْرُ مُنْصَرِمٌ وَالوَقتُ
ع لِلْعِلْمِ وَالدَبِ مُخَادِع مُد ٍ فَاعْمَل بِقَوْلِي وَ َل تَجْنَح ِإلَى
حَوَاهُ مَعَ نَصَبٍ مَنْ سُوءِ ُ يَرَى السّعادَةَ فِي كَسْبِ
وَلَ تُصِخْ نَحْوَ فَدمٍ غَيْرِ ذِي فَالرّأيُ مَا قُلْتُهُ فاعْمَل بِهِ
ح بَيّ ٍن مِن أَعْجَب عَنْ وَاض ٍ فَغَفْلَةُ الْمَرءْ مَعَ عِلْمٍ
وال أعلم وصلى ال على ممد وعلى آله وسلم.
179
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
– 8مها ورد فه تعاههد القرآن الكريه ،والترهيهب مهن نسهيانه،
والعراض عنه:
ويُسكن ختمكه فك ككل أسكبوع لقوله لعبكد ال بكن عمرو رضكي ال
عنهما« :واقرأ ف كل سبع ليال ،ول تزد على ذلك» متفق عليه.
قال عبد ال بن أحد بن حنبل – رحهما ال – كان أب يتم القرآن
ف النهار ف كل أ سبوع ،يقرأ كل يوم سُبعا ل يكاد يتر كه نظرا لقوله
لعبد ال بن عمرو رضي ال عنهما« :واقرأ ف كل سَبع» ،وإن قرأ ف ثل ثٍ
فحسن ،لا ورد عن عبد ال بن عمرو رضي ال عنهما قلت يا رسول ال،
إن ل قوة ،قال« :اقرأ فه ك ّل ثلث» رواه أبكو داود ،ول بأس فيمكا دوناك
أحيانا ،وف الوقات الفاضلة كرمضان ،خصوصا الليال الت تُطلب فيها ليلة
القدر.
وينبغي لقارئ القرآن أن يتعهده بالفظ والداومة على تلوته ،وليحذر
كل الذر من هجرانه وترك التعهد له ،فيتعرض بذلك لنسيانه وترك العمل به
الذي هو من أعظم الذنوب.
قال ابن القيم رحه ال :هجر القرآن أنواع:
أحدها :هجر ساعه ،واليان به ،والصغاء إليه.
والثان :هجر العمل به والوقوف عند حلله وحرامه ،وإن قرأه وآمن به.
والثالث :هجر تكيمه والتحاكم إليه ف أصول الدين وفروعه واعتقاد
أنه ل يفيد اليقي وأن أدلته لفظية ل تُحصل العلم.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
والرابكع :هجكر السكتشفاء والتداوي بكه فك جيكع أمراض القلوب
وأدوائها ،فيطلب شفاء دائه من غيه ويهجر التداوي به.
والامس :هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد التكلم منه.
وككل هذا داخكل فك قوله تعال :وَقَالَ الرّسهُولُ يَا رَبّ إِنّ قَوْمِي
خذُوا َهذَا اْلقُرْ َآنَ مَ ْهجُورًا .
اتّ َ
ل مستقيماوروى المام أحد من حديث سرة :أن النب رأى رج ً
على قفاه ،ورجلً قائما بيده ف هر أو صخرة فيشدخ ب ا رأ سه :فيتدهده ،فإذا
ذهب ليأخذه عاد رأسه كما كان فيصنع به مثل ذلك ،فسأل عنه ،فقيل له:
رجل أتاه ال القرآن فنام عنه بالليل ول يعمل به بالنهار ،فهو يفعل به ذلك
إل يوم القيامة.
و ف حد يث عمرو بن شع يب مرفوعا« :ي ثل القرآن يوم القيا مة رجلً
فيؤتكى بالرجكل قكد حله فخالف أمره فيتمثكل له حدودي ،فيقول :يكا رب،
حل ته إياي فبئس حا مل تعدى حدودي ،وض يع فرائ ضي ،ور كب مع صيت
وترك طاعت ،فما يزال يُقذف عليه بالجج حت يُقال شأنك به فيأخذ بيده
فما يُرسله حت يُكبه على منخره ف النار» .الديث.
و عن سعد بن عبادة قال :قال ر سول ال « :ما من امريءٍ يقرأ
القرآن ث ينساه إل لقي ال يوم القيامة أجذم» رواه أبو داود.
وعكن أبك موسكى الشعري عكن النكب أنكه قال« :تعاهدوا هذا
القرآن – فوالذي نفسي بيده – لو أشد تفلتا من البل من ُعقُلها» رواه
البخاري ومسلم.
قال« :إنا مثل صاحب وعن ابن عمر رضي ال عنهما أن رسول ال
181
377 الناهل السان ف دروس رمضان
القرآن كمثل البل الُعلقة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت»،
متفق عليه.
قال ابن عباس رضي ال عنهما تكفل ال لن قرأ القرآن وعمل با فيه
أن ل يضل ف الدنيا ول يشقى ف الخرة ،ث قرأ قوله تعالَ :فِإمّا َي ْأتِيَنّكُ مْ
مِنّي ُهدًى فَ َم ِن اتّبَ عَ ُهدَا يَ فَل يَضِلّ وَل يَشْقَى * َومَ نْ أَعْرَ ضَ عَ نْ ِذكْرِي َفِإنّ
ش ْرتَنِي أَعْمَى وَ َقدْ
شةً ضَنْكًا َوَنحْشُرُ هُ يَوْ مَ اْلقِيَا َمةِ أَعْمَى * قَالَ َربّ لِ مَ حَ َ
لَ هُ مَعِي َ
كُ ْنتُ بَصِيًا * قَالَ َكذَِلكَ أَتَ ْتكَ َآيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا َوكَ َذِلكَ الْيَ ْومَ تُنْسَى .اهك.
وروى أنس أن النب قال« :عُرضت عليّ أجور أمت حت القذاة
يُخرجها الرجل من السجد وعرضت عليّ ذنوب أمت فلم أر ذنبا أعظم
من سورة من القرآن أو آية أوتيها الرجل ث نسيها» ،ويا للسف استبدلوا
البكيث بالطيكب أكبوا على الرائد والجلت والكتكب الليعات بدل تلوة
كتاب ال فل حول ول قوة إل بال العلي العظيم :وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وفك الديكث الذي رواه الترمذي وغيه عكن علي قال :قال رسكول
ال « :إنا ستكون فت قلت :فما الخرج منها يا رسول ال؟ قال :كتاب
ال فيه نبأ ما قبلكم وخب ما بعدكم وحكم ما بينكم ،هو الفصل ليس
بالزل من تركه من جبار قصمه ال ،ومن ابتغى الدى ف غيه أضله ال،
وهو حبل ال التي ،وهو الذكر الكيم وهو الصراط الستقيم ،وهو الذي
ل تز يغ به الهواء ،ول تلت بس به الل سن ،ول تنق ضي عجائ به ول تش بع
منه العلماء من قال به صدق ،ومن عمل به أُجر ،ومن حكم به عدل ومن
دعى إليه هُدي إل صراطٍ مستقيم».
إذا فهمت ذلك فاعلم أن القرآن قد بي فيه كل ما يتاج إليه العباد من
الناهل السان ف دروس رمضان 378
أ صول الد ين وفرو عه وأحكام الدار ين ح ت أن ال تعال يُث ن المور الكبار
الت يتاج القلب لرورها عليه كل وقت وإعادتا ف كل ساعة بألفاظٍ متلفة
وأدل ٍة متنوعة لتستقر ف القلوب.
قال تعال لرسوله
َ :وَأنْ َزلْنَا إِلَيْ كَ ال ّذكْرَ لِتُبَيّ نَ لِلنّا سِ مَا نُزّلَ إِلَيْهِ مْ
ك الْكِتَا بَ تِبْيَانًا لِكُلّ شَ ْيءٍ ،وقال
َوَلعَلّهُ مْ يََتفَكّرُو نَ ،وقالَ :ونَ ّزلْنَا عَلَيْ َ
هلْنَاهُ َتفْصهِيل ،ففيكه بيان اللل والرام والثواب تعالَ :وكُلّ شَ ْيءٍ فَص ّ
ى من الضللة ،رحةً لن صدق به وعمل فيه وحكمةً ف الدقيق والعقاب وهد ٍ
والليل والويل لن رجع إل القواني وتركه فكل حكم سوى حكم ال فهو
باط ٌل مردود وكل حاكم بغي حكمه وحكم رسوله فهو طاغوت كافر بال
وما أكثر -ف هذا الزمن -الُحكمي للقواني الوضعية والنظمة الالية.
قال ال تعالَ :ومَ نْ لَ مْ َيحْكُ مْ بِمَا أَنْ َزلَ اللّ هُ َفأُولَئِ كَ هُ ُم الْكَافِرُو نَ ،
وهذا عا ٌم شامل فما من قضية إل ول فيها حكم ،قال ال تعال :مَا فَ ّرطْنَا
فِي الْكِتَا بِ مِ نْ شَ ْيءٍ ،وقال تعال :الْيَوْ مَ أَكْ َملْ تُ لَكُ مْ دِينَكُ مْ َوأَتْمَ ْم تُ
َعلَيْكُ مْ نِعْمَتِي ،فهذه ال ية الليلة القدر عظي مة الو قع كبية الفائدة ح سنة
الغزى اختار ها الرب سبحانه وتعال ليخ تم ب ا كتا به الكر ي ووح يه الُع جز
وأحكام شريعته السمحة ودينه النيف.
و من مزا يا هذه ال ية الكري ة ال ت انفردت ب ا ع ما ب قي من ال سور
واليات أن ال أكمل با الدين بعرفة الحكام الشرعية ،من الفرائض والسنن
والدود والحكام واللل والرام ول ينل بعدهكككا حلل ول حرام ول
شيكء مكن الفرائض وأتك باك النعمكة على عباده الؤمنيك بدايتهكم لحكامكه
وتوفيقهم لعرفة أمره ونيه وحلله وحرامه وإنازه سبحانه ما وعدهم به ف
183
377 الناهل السان ف دروس رمضان
قوله :وَلِتمّ ِنعْمَتِي َعلَيْ ُكمْ .
فكان من تام نعمته أن دخلوا مكة آمني وحجوا مطمئني ل يُخالطهم
أ حد من الشرك ي وأنه سبحانه اختار لذه ال مة دين ال سلم وملة إبراه يم
عل يه ال سلم عن الديان كل ها بيانا لشرف هذا الد ين واعتناءً بأ مة م مد
وحسبنا من ذلك قوله تعال :إِ ّن الدّينَ عِ ْندَ ال ّلهِ السْلمُ .
وقوله تعالَ :ومَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ السْلمِ دِينًا فَ َلنْ ُيقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الخِ َرةِ
مِنَ اْلخَاسِرِينَ .
وهذا ما دعا كعب الحبار – وذلك قبل أن يُسلم وكان معه نفرٌ من
اليهود – أن يقول لليفة السلمي عمر بن الطاب :يا أمي الؤمني آية ف
كتابككم تقرءوناك لو علينكا معشكر اليهود نزلت لتذناهكا عيدا وأقمنكا لاك
مُحتفلً فك ككل عام نُجدد ذكراهكا ونتدارس فضائلهكا الكثية وذكرياتاك
العطرة.
قائلً :أي آيكة هكي؟ قال كعكب :الْيَو َ
ْمه فيبتدر عمكر بكن الطاب
َأكْمَ ْل تُ لَكُ مْ دِينَكُ مْ َوَأتْمَمْ تُ َعلَيْكُ مْ ِنعْمَتِي َورَضِي تُ لَكُ مُ ال سْلمَ دِينًا ،
فيجي به أم ي الؤمن ي ب كل تؤدةٍ و سكينة قائلً قد عرف نا ذلك اليوم والكان
الذي نزلت ف يه على ال نب و هو قائم بعر فة يوم ج عة ،و ف روا ية إ سحاق
ابن قبيضة نزلت يوم جعة يوم عرفة وكلها بمد ال لنا عيدا .اهك.
و من الدلة على وجوب الرجوع إل الكتاب وال سنة ع ند التحا كم ما
يلي:
قال تعالَ :ونَ ّزلْنَا عَلَ ْيكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِ ُكلّ َش ْيءٍ .
ُمه
ِنه كُنْت ْ
ّهه وَالرّسهُولِ إ ْ
ّوهه إِلَى الل ِ
ُمه فِي شَ ْيءٍ فَ ُرد ُ وقالَ :فإ ْ
ِنه تَنَازَعْت ْ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
تُ ْؤمِنُونَ بِال ّلهِ ،وقولهَ :وكُلّ شَ ْيءٍ فَصّ ْلنَاهُ َتفْصِيل .
وقال تعال :فَل َو َربّ كَ ل يُ ْؤمِنُو نَ حَتّى يُحَكّمُو كَ فِيمَا َشجَرَ بَيْنَهُ مْ .
الية.
وقال تعال :اّتِبعُوا مَا ُأْن ِز َل ِإَلْي ُك ْم ِم ْن َرّب ُك ْم وَل َتّتِبعُوا ِم ْن دُوِن ِه َأ ْوِليَا َء .
وقال « :تركتكم على الحجة البيضاء ليلها كنهارها ،ل يزيغ عنها
بعدي إل هالك» ،وقال فيما صح عنه « :ما بُعث من نب إل كان حقا عليه
أن يدل أمته على خي ما يعلمه لم وينهاهم عن شر ما يعلمه لم» وقال
أبو ذر :لقد توف رسول ال وما طائر يُقلب جناحيه ف السماء إل ذكر لنا
منه علما.
ول شك أن من أعرض عن كتاب ال و سنة ر سوله واعتاض عنه ما
بالقوان ي الوضع ية أ نه كا فر كُف ٌر نا قل عن اللة ال سلمية وكذا من ا ستهزأ
بالقرآن أو طلب تناقضكه أو دعوى أنكه متلف أو متلق أو أثبكت شيئا نفاه
القرآن أو نفا ما أثبته القرآن فقد كفر قال تعالُ :قلْ لَئِ نِ اجَْت َمعَ تِ النْ سُ
وَاْلجِنّ َعلَى أَ نْ َي ْأتُوا بِمِ ْثلِ َهذَا الْقُرْآَ نِ ل َي ْأتُو نَ بِمِثْلِ هِ .وقالَ :ولَوْ كَا نَ
مِ نْ ِع ْندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَ َجدُوا فِيهِ اخْتِلفًا كَثِيًا .ول خلف بي السلمي ف أن
من ج حد من القرآن سورة أو آ ية أو كل مة أو حرفا متفقا عل يه أ نه كا فر
وقال عليّ« :من كفر برفٍ منه فقد كفر به كله».
وكذا من زعم أنه يسعه الروج عن شريعة ممد ،كما وسع الضر
الروج عن شريعة موسى .أو زعم أن هدي غي ممد أفضل من هديه أو
أحسكن؛ أو زعكم أنكه ل يسكع الناس فك مثكل هذه العصكور إل الروج عكن
الشريعكة ،وأناك كانكت كافيكة فك الزمان الول فقكط وأمكا فك هذه الزمنكة
185
377 الناهل السان ف دروس رمضان
فالشريعة ل تُساير الزمن ول بد من تنظيم قواني با يُناسب الزمن ،فل شك
أن هذا العتقاد إذا صدر من إنسان فإنه قد استهان بكتاب ال وسنة رسوله
وتنقصهما ،ول شك ف كفره وخروجه من الدين السلمي بالكلية.
وكذلك من ز عم أ نه مُحتاج للشري عة ف علم الظا هر دون البا طن ،أو
ف علم البا طن فقط أو ف علم الشري عة دون علم القيقة أو أن هذه الشرائع
غي منسوخة بدين ممد ،أو استهان بدين السلم ،أو تنقصه أو هزل به
أو بشيءٍ من شرائ عه أو ب ن جاء به وكذلك أل ق ب عض العلماء ال ستهانة
ِهه بملتكه لجكل حله فهذه المور كلهكا كفكر .قال تعال :قُلْ أَبِالل ِ
ّهه َو َآيَات ِ
َورَسُولِهِ كُنُْتمْ تَسَْتهْ ِزئُونَ * ل تَعَْتذِرُوا َقدْ َكفَرُْتمْ َبعْدَ إِيَانِ ُكمْ .
الل هم قوي إيان نا بك ونور قلوب نا بنور اليان واجعل نا هُداةً مُهتد ين،
الل هم يا مُقلب القلوب ث بت قلوب نا على دي نك وألم نا ذكرك وشكرك وأم نا
من سطوتك ومكرك واغ فر لنا ولوالدينا وج يع ال سلمي برحتك يا أرحم
الراحي.
وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
وقال ف تذير أهل اليان عن الكم بغي ما أنزل الرحن بعد سياقه
لقول ال تعال :أَلَ مْ تَرَ ِإلَى الّذِي نَ يَزْعُمُو نَ أَنّهُ مْ َآمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْ كَ وَمَا
ُأنْزِلَ مِ نْ َقبْلِ كَ … ،ال ية ،ث لو ل ي كن ف القرآن الج يد ف الز جر عن
اتباع القواني البشرية غي هذه الية الكرية لكفت العاقل اللبيب الذي أوت
رشده وأههك صكلح قلبكه عكن تطلب غيهكا فكيكف والقرآن كله يدعكو إل
تك يم ما أنزل ال وعدم تك يم ما عداه إ ما ت صريا وإ ما تلويا وله جا هد
ويُجاهد من يُجاهد من عباد ال التقي من لدن بعث سيدنا ممد صلى ال
عليه وآله وسلم إل يوم تقوم الساعة.
وقد صح عنه أنه قال« :ل تزال طائفة من أمت ظاهرين على الق
ل يضرهم من خذلم ول خلف من خالفهم حت يأت أمر ال» ،وأنه قال:
«ل تتمع أمت على ضللة» ،فعلمنا بذلك أن من المتنع بالسمع أن يتمال
العال كلهم شرقا وغربا من سيدنا ممد على اتباع القواني البشرية وعدم
البالة بالكم الشرعي بل ل بد أن يكون فيهم ولو واحد يُنكر على هؤلء
الكل إما بلسانه إن أمكنه ذلك ول يفتكوا به وأما بقلبه وظن الفتك به كما
قد كان أيام الستبداد.
والغرض بيان أن طائفة على الق ل تزال تقاتل وتاهد على تكيم ما
أنزل ال باللسان والبيان والبدن والسنان والال وكل مكن لنوع النسان وأن
بكه يتكم نظام العدل واللك والديكن والدنيكا وبكه يسكتقيم أمكر العاش والعاد
وتكمل لم الراحة والمن والرية التامة والسياسة العامة لميع اللل والرعايا
الختلفة الصناف واللسنة والمزجة.
187
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ومكن شكك فك هذا فلينظكر الفرق بيك حال السكلم فك هذه القرون
التأخرة الت عطلت فيها حدود الشريعة وأحكامها وحاله ف القرون التقدمة
ال ت ما كا نت على شيءٍ أح فظ من ها على أحكام الشري عة وأر عى ل ا ،ي د
الفرق كما بي الثرى والثريا وكما بي السماء والرض وكما قال الشاعر:
وَنَزَلْتُ بِالبَيْدِاءِ أَبْعَدَ نَزَلُوا بِمَكّةَ فِي قَبَائِلِ
أل ترى أن الصحابة رضي ال عنهم بعد وفاة نبيهم فتحوا ما فتحوا
من أقال يم البلدان ونشروا ال سلم واليان والقرآن ف مدة نو مائة سنة مع
قلة عدد ال سلمي وعدد هم وض يق ذات يد هم ون ن مع كثرة عدد نا ووفرة
عدد نا وهائل ثروت نا وطائل قوت نا ل نزداد إل ضعفا وتقهقرا إل الورى وذُلً
وحقارةً ف عيون العداء وذلك لن من ل ين صر دين ال ل ين صره ال ،قال
ال تعال :يَا أَيّهَا اّلذِي نَ َآمَنُوا إِ نْ تَنْ صُرُوا اللّ هَ يَنْ صُ ْر ُكمْ َويُثَبّ تْ أَقْدَامَكُ مْ ،
فرتب نصرهم على نصره بإقامة طاعته وطاعة رسوله.
وقال ش يخ ال سلم رح ه ال على قوله تعال :فَل َو َربّ كَ ل يُ ْؤمِنُو نَ
جدُوا فِي َأنْفُ سِ ِهمْ َحرَجًا مِمّ ا َقضَيْ تَ
حَتّ ى ُيحَكّمُو كَ فِيمَا َشجَرَ بَيْنَهُ مْ ثُمّ ل َي ِ
سلِيمًا .
سلّمُوا تَ ْ
َويُ َ
ف من ل يلتزم تك يم ال ور سوله في ما ش جر بين هم ف قد اق سم سبحانه
بنف سه أن ل يؤمنوا .وأ ما من كان ملتزما ل كم ال ور سوله ظاهرا أو باطنا
ل كن ع صى وات بع هواه فهذا بنلة أمثاله من الع صاة ف من ل يلتزم ح كم ال
ورسوله فهو كافر وهذا واجب على المة ف كل ما تنازعت فيه من المور
العتقادية والعملية.
فالمور الشتر كة ب ي ال مة ل يُح كم في ها إل بالكتاب وال سنة ل يس
الناهل السان ف دروس رمضان 378
لحدٍ أن يُلزم الناس بقول عال ول أمي ول شيخ ول ملك وحكام السلمي
ف المور العينة ل يكمون ف المور الكلية وإذا حكموا ف العينات فعليهم
أن يكموا با ف كتاب ال فإن ل يكن فبما ف سُنة رسول ال فإن ل يدوا
اجتهد الاكم برأيه .انتهى.
لنه لا بعث مُعاذا إل اليمن قال :ب تكم؟ قال :بكتاب ال .قال:
فإن ل ت د؟ قال :ب سنة ر سول ال قال :فإن ل ت د؟ قال :أجت هد رأ يي.
قال :المد ل الذي وفق رسول رسول ال لا يُرضي رسول ال .
وف كتاب عمر بن عبد العزيز إل عروة :كتبت إلّ تسألن عن القضاء
بي الناس .وإن رأس القضاء اتباع ما ف كتاب ال ث القضاء بسنة رسول ال
ث بكم أئمة الدى ث استشارة ذوي العلم والرأي وذكر عن سفيان ابن
عُيينة قال كان ابن شبمة يقول:
عِنْد اللّبِيبِ َولَ الفَقْيه ما فِي القَضَاءِ شَفَاعَةٌ
أَوْ بالكِتَاب بِرَغْمِ أنْفِ هَوِنْ عَليّ ِإذَا قَضَيْتُ بِسُنّةٍ
بِنَظَائِرٍ مَعْرُوْفَ ٍة وَمَعالِم وَقَضَيْتُ فِيْمَا لَمْ أَجِدْ أَثرا
و عن ا بن و هب قال :قال مالك ال كم حكمان ،حك مٌ جاء به كتاب
ال وحكم أحكمته السنة قال :ومتهدٌ رأيه فلعله يوفق.
وقال ا بن الق يم رح ه ال :على قوله تعال :فَل َو َربّ كَ ل يُ ْؤمِنُو نَ ،
الية.
فأقسم سبحانه بأجل مقسم به وهو نفسه عز وجل على أنه ل يثبت
لم إيان ول يكونون من أهله حت يُحكموا الرسول ف جيع موارد الناع
ف جيع أبواب الدين فإن لفظة (ما) من صيغ العموم تقتضي نفي اليان أو
189
377 الناهل السان ف دروس رمضان
يوجد تكيمه ف جيع ما شجر بينهم.
ول يقت صر على هذا ح ت ضم إل يه انشراح صدورهم بك مه ح يث ل
يدون ف أنف سهم حرجا و هو الض يق وال صر من حك مه بل يقبلوا حك مه
بالنشراح ويقابلوه بالتسكليم ل أنمك يأخذونكه على إغماض ويشربون على
قذىً فإن هذا مُنا فٍ لليان بل ل بد أن يكون أخذه بقبولٍ ور ضا وانشراح
صدور.
ومت أراد العبد أن يعلم هذا فلينظر ف حاله ويُطالعه ف قلبه عند ورود
حكمه على خلف هواه وغرضه فسبحان ال كم من حزازة ف نفوس كثي
من الناس من كث ي من الن صوص وبود هم أن لو ل ترد و كم من حرارة ف
أكبادهم منها وكم من شجىً ف حلوقهم منها ومن موردها ستبدو لم تلك
السرائر بالذي يسوء ويزي يوم تُبلى السرائر.
ث ل يقت صر سبحانه على ذلك ح ت ضم إل يه قوله تعالَ :ويُ َ
سلّمُوا
سلِيمًا ،فذكر الفعل مؤكدا بصدره القائم مقام ذكره مرتي وهو الضوع تَ ْ
له والنقياد ل ا ح كم به طوعا ورضا وت سليما ل قهرا ومُ صابرةً ك ما يُ سلم
القهور ل ن قهره كُرها بل ت سليم عب ٍد مُطي ٌع لوله و سيده الذي هو أ حب
شيءٍ إليه يعلم أن سعادته وفلحه ف تسليمه إليه ويعلم بأنه أول به من نفسه
وأبر به منها وأرحم به منها وأنصح له منها وأعلم بصاله منها وأقدر على
تليصها.
وتأ مل لذا الع ن الذكور ف ال ية بوجو هٍ عديدة من التأك يد ،أول ا:
ت صديرها بالق سم يتض من الق سم عليه وهو قوله ل يؤمنون ،وثاني ها :تأكيده
بن فس الق سم وثالث ها تأكيده بالق سم به و هو إق سامه بنف سه ل بش يء من
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ملوقاتكه ورابعا تأكيده بانتفاء الرج وهكو وجود التسكليم وخامسكها تأكيكد
الفعل بالصدر وما هذا إل لشدة الاجة إل هذا المر العظيم وأنه ما يُعتن به
ويُقرر ف نفوس العباد.
191
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
قال ابن القيم رحه ال:
لا أعرض الناس عن تكيم الكتاب وال سُنة والحاكمة إليهما واعتقدوا
عدم الكتفاء بما وعدلوا إل الراء والقياس والستحسان وأقوال أهل الراء
عرض ل م من ذلك ف سادٌ ف فطر هم وظل مة ف قلوب م وكدر ف أفهام هم
وم ق ف عقول م فعمت هم هذه المور وغل بت علي هم ح ت ر ب في ها ال صغي
وهرم عليها الكبي فلم يروها منكرا.
فجاءتم دولةٌ أخرى أقامت فيها البدع مقام السنن والوى مقام الرشد
والضلل مقام الدايكة والنككر مقام العروف والهكل مقام العلم والرياء مقام
الن صيحة والظلم مقام العدل ف صارت الدولة والغل بة لذه المور وأهل ها هم
الشار إليهم.
فإذا رأيكت هذه المور قكد أقبلت وراياتاك قكد نصكبت وجيوشهكا قكد
ركبكت فبطكن الرض وال خيك مكن ظهرهكا وقُلل البال خيٌ مكن السكهول
ومالطة الوحش أسلم من مالطة الناس.
اقشعرت الرض وأظلمت السماء وظهر الفساد ف الب والبحر من ظلم
الفجرة وذهبت البكات وقلت اليات وهزلت الوحش وتكدرت الياة من
ف سق الظل مة وب كى ضوء النهار وظل مة الل يل من العمال البي ثة والفعال
الفظيعة وشكا الكرام الكاتبون والُعقبات إل ربم من كثرة الفواحش وغلبة
النكرات والقبائح.
وهذا وال منذر ب سيل عذا بٍ قد انع قد غما مه ومؤذ نٌ بليلٍ قد ادَْلهَمّ
ظلمُ هُ فاعزلوا عن طريق هذا السيل بتوب ٍة نصوٍح ما دامت التوبة مكنة وبابا
الناهل السان ف دروس رمضان 378
مفتوحا وكأنككم بالباب وقكد أغلق وبالرهكن وقكد غلق وبالناح وقكد علق
ي مُنقلب ينقلبون.
وسيعلم الذين ظلموا أ ّ
وقال:
لعَلَى سَبِيل العَفْوِ وَالغُفْرَانِ والِ مَا خَوْفِي الذّنُوب فإنّها
تَحْكِيمِ َهذَا الوَحْيِ َلكِنّمَا أَخْشَى انْسِلخِ
ل كَا َن ذَاك بِمِنّ ٍة الْمَنّان وَرِضا بِآرَاءٍ الرّجالِ
أعْرَضْتُ عَن ذَا الوَحْي طُولَ فَبأيّ وَجْهٍ ألْتَقَيْ َربّي ِإذَا
عَزْلً حَقِيْقِيا بَلَ كِتْمَانِ وَعَزْلَتُهُ عَمّا أريدُ لجْلِهِ
193
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
وقال الش يخ م مد بن إبراه يم ف رده على مُحك مي القوان ي :إن من
الكفر الكب الُستبي تنيل القانون اللعي منلة ما نزل به الروح المي على
قلب ممدٍ ليكون من النذرين بلسانٍ عربٍ مبي ف الكم به بي العالي
والرد إل يه ع ند تنازع التنازع ي مناق ضة ومعاندةً لقول ال عز و جلَ :فإِ نْ
تَنَازَعْتُ مْ فِي شَ ْيءٍ فَرُدّو هُ إِلَى اللّ هِ وَالرّ سُولِ إِ نْ كُنْتُ مْ تُ ْؤمِنُو نَ بِاللّ هِ وَالْيَوْ مِ الخِرِ
َذِلكَ َخيْرٌ َوأَحْسَنُ تَأْوِيل .
وقد نفى ال سبحانه وتعال اليان عن من ل يُحكّ ُم النب فيما شجر
هلبينهكم نفيا مؤكدا بتكرر أداة النفكي وبالقسكم قال تعال :فَل َو َربّك َ
جدُوا فِي أَْنفُ سِ ِهمْ حَرَجًا مِمّا
يُ ْؤمِنُو نَ َحتّى ُيحَكّمُو كَ فِيمَا َشجَرَ بَيْنَهُ مْ ُثمّ ل يَ ِ
َقضَيْتَ َويُسَلّمُوا تَسْلِيمًا .
قال وتأمل .ما ف الية الول وهي قوله تعالَ :فإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَ ْيءٍ
َفرُدّوهُ ِإلَى اللّهِ وَالرّسُولِ ،الية ،كيف ذكر النكرة وهي قوله شيء ف
سياق الشرط وهو قوله جل شأنهَ :فإِ نْ تَنَازَ ْعتُ مْ الفيد العموم فيما يتصور
التنازع فيه جنسا وقدرا.
ث تأمل كيف جعل ذلك شرطا ف حصول اليان بال واليوم الخر بقوله:
إِ نْ كُنْتُ مْ تُؤْمِنُو نَ بِاللّ هِ وَالْيَوْ مِ ال ِخرِ ث قال جل شأ نه ذلك خيٌ فش يء
يُطلق ال عليكه أنكه خيك ل يتطرق إليكه شكر أبدا بكل هكو خيك مضك عاجلً
وآجلً.
ث قالَ :وأَحْ سَنُ تَأْوِيل أي عاق بة ف الدن يا والخرة فيف يد أن الرد
إل غ ي الر سول ع ند التنازع شر م ض وأ سوأ عاق بة ف الدن يا والخرة
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ع كس ما يقوله النافقون :إِ نْ أَرَدْنَا إِل إِحْ سَانًا َوتَوْفِيقًا ،وقول م إِنّمَا
ص ِلحُونَ .
َنحْنُ مُ ْ
ش ُعرُو َن ، ولذا رد ال عليهم قائلً :أَل ِإّن ُه ْم ُه ُم اْل ُم ْف ِ
سدُو َن َوَل ِك ْن ل َي ْ
وعككس مكا يقوله القانونيون مكن حكمهكم على القانون باجكة العال بكل
ضرورت م إل التحا كم إل يه وهذا سوء ظن صرف ب ا جاء به الر سول
ومضك اسكتنقاص لبيان ال ورسكوله والككم عليكه بعدم الكفايكة للناس عنكد
التنازع وسوء العاقبة ف الدنيا والخرة إن هذا لزمٌ لم.
قال وقكد نفكى ال اليان عكن مكن أراد التحاككم إل غيك مكا جاء بكه
الر سول من النافق ي ك ما قال تعالَ :ألَ مْ تَرَ إِلَى اّلذِي نَ يَزْعُمُو نَ َأنّهُ مْ
َآمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْ كَ َومَا أُنْ ِزلَ مِ نْ قَبْلِ كَ يُرِيدُو نَ أَ نْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطّاغُو تِ
َو َقدْ أُمِرُوا َأنْ يَ ْكفُرُوا ِبهِ َويُرِيدُ الشّ ْيطَانُ َأنْ يُضِلّ ُهمْ ضَلل َبعِيدًا .
فإن قوله" :يزعمون تكذ يب ل م في ما ادعوه من اليان فإ نه ل يت مع
التحاكم إل غي ما جاء به النب مع اليان ف قلب عبدٍ أصلً بل أحدها
يُناف الخر والطاغوت مُشتق من الطغيان وهو مُجاوزة الد فكل من حكم
بغ ي ما جاء به الر سول أو حا كم إل غ ي ما جاء به ال نب ف قد ح كم
بالطاغوت وحاكم إليه وذلك أنه من حق كل أحد أن يكون حاكما با جاء
به ال نب ف من ح كم بل فه أو حا كم إل خل فه ف قد ط غى وجاوز حده
حُكما أو تكيما فصار بذلك طاغوتا لتجاوزه حده".
قال" :وتأ مل قوله عز و جلَ :و َقدْ أُمِرُوا أَ نْ يَ ْكفُرُوا بِ هِ تعرف م نه
مُعاندة القانونييك وإراداتمك خلف مُراد ال منهكم حول هذا الصكدد فالراد
من هم شرعا والذي تعبدوا به هو الك فر بالطاغوت ل تكي مه َفَبدّ َل الّذِي نَ
195
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ظَ َلمُوا قَوْل غَ ْي َر الّذِي قِيلَ لَ ُهمْ ".
ث تأمل قولهَ :وُيرِيدُ الشّيْطَا ُن أَ ْن يُضِ ّلهُ مْ ضَلل بَعِيدًا كيف دل
على أن ذلك ضلل وهؤلء القانونيون يرونه من الدى ك ما دلت الية على
أنكه مكن إرادة الشيطان عككس مكا يتصكوره القانونيون فتكون على زعمهكم
مُرادات الشيطان هي صلح الن سان ومراد الرح ن و ما ب عث به سيد ولد
عدنان معزولً من هذا الوصف ومنحىً عن هذا الشأن.
وقكد قال تعال منكرا على هذا الضرب مكن الناس ومقررا ابتغاءهكم
حكْ مَ الْجَاهِلِّيةِ
أحكام الاهلية وموضحا أنه ل حكم أحسن من حكمه َأفَ ُ
سنُ ِم َن اللّ ِه ُحكْمًا ِل َقوْمٍ يُوقِنُونَ .
يَ ْبغُونَ َو َمنْ أَ ْح َ
فتأمل هذه الية الكرية وكيف دلت أن قسمة الكم ثنائية وأنه ليس
ب عد ح كم ال تعال إل ح كم الاهل ية الو ضح أن القانوني ي ف زمرة أ هل
الاهل ية شاءوا أم أبوا بل هم أ سوأ حا ًل من هم وأكذب من هم مقالً ذلك أن
أهل الاهلية ل تنافس لديهم حول هذا الصدد.
وأ ما القانونيون فمتناقضون ح يث يزعمون اليان ب ا جاء به الر سول
ل وقكد قال ال فك أمثال ويناقضون ويريدون أن يتخذوا بيك ذلك سكبي ً
ك ُهمُ الْكَا ِفرُو َن َحقّا َوأَعَْتدْنَا لِلْكَا ِفرِينَ َعذَابًا ُمهِينًا .
هؤلء :أُولَئِ َ
ث ان ظر ك يف ردت هذه ال ية الكري ة على القانوني ي ما زعموه من
س ُن مِنَ اللّهِ
حسن زُبالة أذهانم ونُحاتة أفكارهم بقوله عز وجل :وَمَ ْن أَحْ َ
ُحكْمًا ِل َقوْ ٍم يُوقِنُونَ .
قال الافظ بن كثي ف تفسي هذه الية :يُنكر تعال على من خرج من
ح كم ال الح كم الشت مل على كل خ ي النا هي عن كل شر وعدل إل ما
الناهل السان ف دروس رمضان 378
سواه ف الراء والهواء وال صطلحات ال ت وضع ها الرجال بل م ستند من
شري عة ال ك ما كان أ هل الاهل ية يكمون به من الضللت والهالت م ا
يضعو نه بآرائ هم وأهوائ هم وك ما ي كم به التتار من ال سياسات اللك ية ال ت
يقدمونا على الكم بكتاب ال وسنة رسوله .
فمن فعل ذلك فهو كافر يب قتاله حت يرجع إل حكم ال ورسوله
حكْ مَ الْجَاهِلِّيةِ يَ ْبغُو نَ
فل ي كم سواه ف قل يل ول كث ي قال تعالَ :أفَ ُ
س ُن مِ نَ اللّ هِ ُحكْمًا ِل َقوْ ٍم يُوقِنُو نَ أي
و عن ح كم ال يعدلون وَمَ ْن أَحْ َ
ومن أعدل من ال ف حكمه لن عقل من ال شرعه وآمن به وأيقن وعلم أن
ال أح كم الاكم ي وأر حم من الوالدة بولد ها فإ نه تعال العال ب كل شيءٍ
القادر على كل شيء العادل ف كل شيء.
حكُ ْم بِمَا َأْنزَ َل اللّ ُه َفأُولَئِكَ هُمُ اْلكَا ِفرُونَ ،
وقال تعال :وَمَنْ لَمْ يَ ْ
حكُ مْحكُ مْ بِمَا َأْنزَ َل اللّ هُ َفأُولَئِ كَ هُ ُم الظّالِمُو نَ َ ،ومَ نْ لَ ْم يَ ْ
وَمَ ْن لَ مْ يَ ْ
بِمَا َأْنزَلَ ال ّل ُه َفأُولَِئكَ ُهمُ اْلفَا ِسقُونَ .
فانظر كيف سجل تعال على الاكمي بغي ما أنزل ال بالكفر والظلم
والفسق ومن المتنع أن يُسمّى ال سبحانه الاكم بغي ما أنزل ال كافرا ول
يكون كافرا بل هو كافر مُطلقا إما كفر عمل وإما كفر اعتقاد.
وما جاء عن ابن عباس ف تفسي هذه الية يدل على أن الاكم بغي ما
أنزل ال كافر إما كفر اعتقاد ناقل عن اللة وإما كفر عمل ل ينقل عن اللة.
قال وهذه الحاككم الن فك كثيٍ مكن أمصكار السكلم مُهيأة مفتوحكة
البواب والناس إلي ها أ سراب إ ثر أ سراب ي كم حكام ها بين هم في ما يالف
ح كم الكتاب وال سنة من أحكام ذلك القانون وتلزم هم به وتُحت مه علي هم
197
377 الناهل السان ف دروس رمضان
فأي كف ٍر فوق هذا الكفكر وأي مُناقضكة للشهادة بأن ممدا رسكول ال بعكد
هذه الناقضة نسأل ال العصمة عن جيع العاصي وأن يُثبتنا على قوله الثابت
ف الياة الدنيا وف الخرة.
وما قيل ف الث على التمسك بالقرآن الكري ما قاله الصنعان:
فَهَلْ بَعْدَ َهذَا الغْتَرابُ ولَيْسَ اغْتِرابُ الدّينِ إِلّ
سِوَى عُزْلةٍ فِيهَا اللَيْسَ وَلَمْ يَبْقَ لِلرَاجِي سَلَمَةَ
حَوَاهُ مِن الْعِلْمِ الشّرِيْفِ كِتَابٌ حَوَى ُك ّل العُلوم
تَرَى آدَما ِإذْ كَانَ وَهْوَ فَإِنْ رُمْتَ تَارِيْخا رَأيْتَ
يُوارِيْهِ لَمّا أنْ أرَاه غُرابُ ل قَتِيْلَ وَلقَيْتَ هَابِي ً
َعلَى الرضِ مِن مَاء السّماءِ وَتَنْظُرُ نَوحا وَهْوَ فِي الفُلكِ
وَمَا قَالَ ُكلُّ مِنْهُمُو وَإِنْ شِئْتَ ُكلّ النْبِيَاءِ
وَنَارا بِهَا لِلمُشْرِكِي وَجَنّاتِ عَدنٍ حُورَهَا
لِ ُكلّ شَقِيٍّ َقدْ حَوَاهُ عِقَابُ فَتِلكَ لَرْبَابِ التّقَاء وَهَذِه
فَإِنّ دُمُوعَ العَيْنِ عَنْهُ وَإِنْ تُرِدِ الوَعْظَ اّلذِي إِنْ
وَلِلرّوِحِ مِنِهُ مَطْعَمٌ تَجِدْهُ َومَا تَهْوَاهُ مِن ُكلِّ
تُرِيْدُ فَمَا تَدْعُو إليه تُجَابُ وَإِنْ رُمْتَ إِبْرَازَ الدِلّةِ فِي
بِهَا قُطّعَتْ لِلمُلحِدِينَ تَدُلّ عَلَى التّوْحِيِدِ فِ ْيهِ
ولَيْسَ عَلَ ْيهِ لِلذّكِي حِجَابُ وَمَا مَطْلَبٌ إِلّ وَفِ ْيهِ
فَوَالِ مَا عَنْهُ يَنُوبُ ِكتَابُ وَفِ ْيهِ الدّوَاءُ مِن ُكلِّ دَاءٍ
مَفَاوِزُ جَهْلٍ كُلُّهَا يَرِيْكَ صِرَاطا مُسْتَقِيْما
فَألفَاظُه مَهْمَا تَلَوْتَ يَزِيْدُ عَلَى مَرّ الْجَدِيْديْنِ
وَتْبلغُ أَقْصَى العُمْرِ وَهِيَ وَآياتُهُ فِي ُكلِّ حِيْنٍ طَريّةٌ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وَفِ ْيهِ عُلومٌ جَمّةٌ وَثَوَابُ ى لِلعَامِلِيَ
وَفِ ْيهِ هُد ً
اللهم اجعلنا لكتابك من التالي ولك به من العاملي وبا صرفت فيه
من اليات منتفعي ،وإل لذيذ خطابه مستمعي ،ولوامره ونواهيه خاضعي
وبالعمال ملصي ،واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء منهم واليتي
برحتك يا أرحم الراحي ،وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي.
199
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
ف فضائل ذكر ال
يُستحب الكثار من ذكر ال تعال ف كل وقت ،ول سيما ف رمضان.
قال ال تعالَ :وَل ِذ ْك ُر الّل ِه َأ ْكَب ُر ،وقال :فَا ْذ ُكرُونِي َأ ْذ ُك ْر ُك ْم ،وقال:
وَاذْ ُكرُوا اللّ هَ كَثِيًا َلعَلّكُ ْم ُتفْلِحُو نَ ،وقال :وَالذّا ِكرِي نَ اللّ هَ كَِثيًا
ت أَ َعدّ اللّهُ لَهُ ْم َمغْ ِف َرةً َوَأجْرًا عَظِيمًا ،وقال :وَاذْ ُكرْ َربّكَ فِي
وَالذّا ِكرَا ِ
ضرّعًا وَخِي َفةً ،ال ية ،وقال :يَا أَيّهَا اّلذِي نَ َآمَنُوا اذْ ُكرُوا اللّ هَ ك تَ َ
َنفْ سِ َ
.
وعكن أبك هريرة قال :قال رسكول ال « :كلمتان خفيفتان على
اللسهان ،ثقيلتان فه اليزان ،حهبيبتان إل الرحنه :سهبحان ال وبمده،
سبحان ال العظيم» متفق عليه.
وع نه قال :قال ر سول ال « :لن أقول سهبحان ال والمهد ل،
ب إلّ ما طلعت عليه الشمس» رواه مسلم.
ول إله إل ال ،وال أكب ،أح ّ
وع نه :أن ر سول ال قال « :من قال ل إله إل ال وحده ل شر يك
له ،له اللك وله ال مد ،و هو على كل شي ٍء قد ير ف كل يو ٍم وليلة مائة
مرة كا نت له عدل ع شر رقاب وكُ تب له مائة ح سنة ومُح يت ع نه مائة
سيئة ،وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حت يُمسي ،ول يأت أحدٌ
بأفضل ما جاء به إل رجلٍ عمل أكثر منه» ،وقال « :من قال :سبحان ال
وبمده ف يو ٍم مائة مرة حُطت عنه خطاياه ،وإن كانت مثل زبد البحر»
متفق عليه.
عن النب أنه قال « ::من قال :ل إله إل وعن أب أيوب النصاري
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ال وحده ل شريهك له ،له اللك ،وله المهد ،وههو على كهل شي ٍء قديهر،
عشر مرات ،كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إساعيل» .متفق عليه.
وعن أب ذر قال :قال رسول ال « :أل أخبك بأحب الكلم إل
ال؟ قلت :بلى يا رسول ال أخبن بأحب الكلم إل ال ،فقال :إن أحب
الكلم إل ال سبحان ال وبمده» رواه مسلم.
وعن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده قال :قال رسول ال « :من
سبح ال مائة بالغداة ومائة بالعشي كان كمن حج مائة حجة ومن حد ال
مائة بالغداة ومائة بالع شي كان ك من ح ل على مائة فرس ف سبيل ال أو
قال غزا مائة غزوة ومهن هلل ال مائة بالغداة ومائة بالعشهي كان كمهن
أعتق مائة رقبة من ولد إساعيل ومن كب ال مائة بالغداة ومائة بالعشي ل
يأت ف ذلك اليوم أ حد بأك ثر م ا أ تى به إل من قال م ثل ما قال أو زاد
على ما قال» رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن غريب.
وف الصحيحي عن علي أن فاطمة أتت النب تشكو إليه ما تلقى ف
يد ها من الر حى ،وبلغ ها أ نه جاء رق يق فلم تُ صادفه فذكرت ذلك لعائ شة
فذهبنكا نقوم فقال على مكانكمكا فجاء وقعكد بينك وبينهكا حتك وجدت برد
قدمه على بطن فقال أل أدلكما على خي ما سألتما ،إذا أخذتا مضجعكما
فسبحا ثلثا وثلثي واحدا ثلثا وثلثي وكبا أربعا وثلثي فهو خ ٌي لكما
من خادم.
وجاء عن معقل بن يسار عن النب قال« :من قال حي يصبح ثلث
مرات أعوذ بال السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ ثلث آيات من
آخر سورة الشر وكل ال به سبعي ألف ملك يُصلون عليه حت يُمسي
201
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وإن مات فه ذلك اليوم مات شهيدا ومهن قالاه حيه يُمسهي كان بتلك
النلة» حسنه الترمذي وغربه.
اللهكم اكتكب فك قلوبنكا اليان وأيدنكا بنورٍ منكك يكا نور السكموات
والرض اللهم وافتح لدُعائنا باب القبول والجابة واغفر لنا وارحنا برحتك
الواسعة إنك أنت الغفور الرحيم وصلى ال على ممدٍ وآله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
و عن أ ب هريرة قال :كان ر سول ال ي سي ف طر يق م كة ،ف مر
على جبكل يقال له (جدان) فقال« :سهيوا هذا جُمدان ،سهبق الفردون»
قالوا :و ما الفردون يا ر سول ال؟ قال« :الذاكرون ال كثيا والذاكرات»
رواه مسلم.
وعن أب موسى قال :قال رسول ال « :مثل الذي يذكر ربه والذي
ل يذكره مثل الي واليت» متفق عليه.
وعن أب هريرة قال :قال رسول ال يقول ال« :أنا عند ظن عبدي
ب ،وأنا معه إذا ذكرن ،فإن ذكرن ف نفسه ذكرته ف نفسي وإن ذكرن
ل ذكرته ف ملٍ خيٍ منه» متفق عليه.
فم ٍ
و عن أ ب مو سى الشعري قال :قال ر سول ال « :يا ع بد ال بن
قيس ،أل أدلك على كنٍ من كنوز النة :ل حول ول قوة إل بال» متفق
عليه.
وعن أب هريرة قال :قال رسول ال « :إن ال تعال يقول :أنا مع
عبدي إذا ذكرن ،وتركت ب شفتاه» رواه البخاري.
وعن عبد ال بن بُسر أن رجلً قال :يا رسول ال إن شرائع السلم
قد كثرت عليّ فأ خبن بشيء أتش بث به ،قال« :ل يزال لسانك رطبا من
ذكر ال» رواه الترمذي وحسنه ،وابن ماجة ،وصححه ابن حبان والاكم.
وروى ع مر بن الطاب قال :قال ر سول ال « :ذا كر ال ف رمضان
مغفور له ،و سائل ال ف يه ل ي يب» رواه ال طبان ف (الو سط) والبيه قي،
والصبهان.
203
377 الناهل السان ف دروس رمضان
كول ال « :الباقياتكعيدٍ الدري قال :قال رسك كن أب ك سكوعك
ال صالات :ل إله إل ال ،و سبحان ال ،وال أ كب ،وال مد ل ،ول حول
ول قوة إل بال» أخرجه النسائي ،وصححه ابن حبان والاكم.
وعكن أبك الدرداء قال :قال رسكول ال « :أل أخهبكم بيه
أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها ف درجاتكم وخيٌ لكم من إنفاق
الذهب والورق وخي لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا
أعناقكم؟ قالوا :بلى ،قال ذكر ال».
و عن ع بد ال بن بُ سر قال :جاء أعرا ب إل ال نب فقال :أي الناس
خيك؟ قال« :طوبه لنه طال عمره وحسهن عمله» قال :يكا رسكول ال أي
العمال أفضل؟ قال« :أن تفارق الدنيا ولسانك رطبا من ذكر ال».
قال ابن القيم رحه ال قراءة القرآن أفضل من الذكر والذكر أفضل من
الدعاء هذا من حيث النظر لكلٍ منهما مُجردا وقد يعرض للمفضول ما يعله
أول بل يُعينه فل يوز أن يعدل عنه إل الفاضل وهذا كالتسبيح ف الركوع
والسجود فإنه أفضل من قراءة القرآن بل فيهما بل منه ٌي عنها ني تري أو
كراهة.
لاك ورد عكن ابكن عباس رضكي ال عنهمكا قال :كشكف رسكول ال
ال ستارة والناس صفوف خلف أ ب ب كر فقال « :يا أي ها الناس إ نه ل ي بق من
مبشرات النبوة إل الرؤ يا ال صالة يرا ها ال سلم أو تُرى له أل وإ ن نُه يت
أن أقرأ القرآن راكعا أو سهاجدا ،أمها الركوع فعظموا فيهه الرب ،وأمها
السجود فاجتهدوا ف الدعاء فقمن أن يُستجاب لكم» رواه أحد ومسلم
والنسائي وأبو داود.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ك أفضكل مكن القراءة وكذا التشهكدوكذا التسكبيح والتحميكد ف ملهم ا
وكذلك رب اغفر ل وارحن واهدن وعافن وارزقن بي السجدتي أفضل
من القراءة وكذلك الذكر عقب السلم من الصلة – ذكر التهليل والتسبيح
والتكبي والتحميد أفضل من الشتغال عنه بالقراءة.
وكذلك إجابكة الؤذن والقول كمكا يقول أفضكل مكن القراءة وإن كان
فضل القرآن على كل كلم كفضل ال تعال على خلقه لكن لكل مقامٍ مقال
مت فات مقالهُ فيه وعدل عنه إل غيه اختلت الكمة وفقدت الصلحة منه.
وهكذا الذكار القيدة بحال مصكوصة أفضكل مكن القراءة الطلقكة
والقراءة الطل قة أف ضل من الذكار القيدة بحالٍ م صوصة ،والقراءة الطل قة
أفضكل مكن الذكار الطلقكة اللهكم إل أن يعرض للعبكد مكا يعكل الذكرى أو
الدعاء أنفع له من قراءة القرآن مثاله أن يتفكر ف ذنوبه فيحدث له توبة من
اسكتغفار أو يعرض له مكا ياف أذاه مكن شياطيك النكس والنك فيعدل إل
الذكار والدعوات الت تُحصنه وتوطه.
وكذلك أيضا قد يعرض للع بد حا جة ضرور ية إذا اشت غل عن سؤالا
بقراءة وذكر ل يضر قلبه فيها وإذا أقبل على سؤالا والدعاء إليها اجتمع قلبه
كله على ال تعال وأحدث له تضرعا وخشوعا وابتهالً فهذا قكككد يكون
اشتغاله بالدعاء والالة هذه أنفكع وإن كان ككل مكن القراءة والذككر أفضكل
وأعظم أجرا.
و عن أ ب هريرة قال :قال ر سول ال «إن ل ملئ كة يطوفون ف
الطرق يلتمسهون أههل الذكهر فإذا وجدوا قوما يذكرون ال تنادوا هلموا
إل حاجتكم».
205
377 الناهل السان ف دروس رمضان
قال :فيحفون م بأجنحت هم إل ال سماء الدن يا قال في سألم رب م و هو
أعلم بم ما يقول عبادي قال :يقولون :يُسبحونك ويُكبونك ويَحمدونك
ويُمجدونهك .قال :فيقول :ههل رأونه؟ قال :فيقولون :ل وال مها رأوك،
قال :فيقول :كيف لو رأون؟
قال :فيقولون :لو رأوك كانوا أشههد لك عبادة وأشههد لك تجيدا
وأكثر لك تسبيحا .قال :فيقول :فما يسألون؟ قالوا :يسألونك النة .قال:
فيقول :وههل رأوهها؟ فيقولون :ل وال يها رب مها رأوهها .قال :يقول:
فكيف لو رأوها؟
قال :يقولون :لو أنم رأوها لكانوا أشد عليها حرصا وأشد لا طلبا
وأعظم فيها رغبةً .قال :فمم يتعوذون؟ قال :يقولون :من النار .قال :فهل
رأوهها؟ قال :يقولون :ل وال يها رب مها رأوهها .قال :يقول :فكيهف لو
رأوها؟ قال :يقولون :لو رأوها كانوا أشد فرارا وأشد لا مافة.
قال :فيقول :فأُشهدكهم أنه غفرت لمه .قال :يقول ملك مهن
اللئ كة :فيهم فلن وفلن ل يس من هم إن ا جاء لا جة قال هم الُل ساء ل
يشقهى جليسههم» ولذلك حكث على اللوس فك مالس الذككر وشبهكه
بروضة النة.
وروى الترمذي عن أنس قال :قال رسول ال « :إذا مررت برياض
ال نة فارتعوا ،قالوا :و ما رياض ال نة؟ قال :حلق الذ كر» وروى أ بو داود
عن أب هريرة قال :قال رسول ال « :ما من قوم يقومون من ملس ل
يذكر ال فيه إل قاموا عن مثل جيفة حار وكان عليهم حسرة».
وروى مسلم عن حنظلة بن الربيع السدي قال :لقين أبو بكر فقال:
الناهل السان ف دروس رمضان 378
كيف أنت يا حنظلة؟ قلت :نافق حنظلة .قال :سبحان ال ،ما تقول؟ قلت:
نكون عند رسول ال يُذكرنا بالنار والنة كأنا رأي عي فإذا خرجنا من
عند رسول ال عافسنا الزواج والضيعات نسينا كثيا.
قال أبو بكر إنا لنلقى مثل ذلك فانطلقت أنا وأبو بكر حت دخلنا على
ر سول ال فقلت :نا فق حنظلة يا ر سول ال ،نكون عندك وتُذكر نا بالنار
والنكة كأنكا رأي عيك فإذا خرجنكا مكن عندك عافسكنا الزواج والولد
والضيعات نسينا كثيا.
فقال ر سول ال « :والذي نف سي بيده لو تدومون على ما تكونون
عندي وف الذكر لصافحتكم اللئكة على فرشكم وف طرقكم ولكن يا
حنظلة ساعة وساعة ثلث مرات».
قال أ حد العلماء :إذا ح صل الُ نس بذ كر ال انق طع عن غ ي ذ كر ال
وما سوى ال عز وجل هو الذي يُفارق عند الوت فل يبقى معه ف القب أهلٌ
ول مال ول ولد ول ولية ول يبقى إل عمله الصال ذكر ال وما وله.
فإن كان قد أ نس به ت تع به وتلذذ بانقطاع العوائق ال صارفة ع نه إذ
ضرورات الاجات ف الياة الدنيا تصد عن ذكر ال وعن العمال الصالة
ول يبقى بعد الوت عائق فكأنه خلي بينه وبي مبوبه فعظمت غبطته وتلص
من السجن الذي كان منوعا به عما به أنسه.
ولذلك قال ر سول ال « :إن روح القدس ن فث ف رو عي ،أح بب
ما أحببت فإنك مُفارقه أراد به كل ما يتعلق بالدنيا فإن ذلك يفن بالوت
ف حقه فكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو اللل والكرام».
اللهكم اجعكل اليان هادما للسكيئات ،كمكا جعلت الكفكر عادما
207
377 الناهل السان ف دروس رمضان
للح سنات ووفق نا للعمال ال صالات ،واجعل نا م ن تو كل عل يك فكفي ته،
واستهداك فهديته ودعاك فأجبته ،واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء
منهم واليتي برحتك يا رأرحم الراحي وصلى ال على مُحمدٍ وآله وصحبه
أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
ف فوائد ذكر ال تعال
قال ابن القيم رحه ال :وف ذكر ال أكثر من مائة فائدة يرضي الرحن
ويطرد الشيطان ويز يل ال م ويلب الرزق ويك سب الها بة واللوة ويورث
مبة ال الت هي روح السلم.
ويورث العرفكة والنابكة والقرب وحياة القلب وذككر ال للعبكد وهكو
قوت القلب وروحكه ويلي صكداه ويطك الطايكا ويرفكع الدرجات ويُحدث
النس ويزيل الوحشة.
ويذكر بصاحبه وينجي من عذاب ال ويوجب تنل السكينة وغشيان
الرح ة وحفوف اللئ كة بالذا كر ويش غل عن الكلم الضار ويُ سعد الذا كر
ويُسعد به جليسه ويؤمن من السرة يوم القيامة وهو مع البكاء سبب لظلل
ال العبد يوم الشر الكب ف ظل عرشه.
ك يُعطكي السكائلي ،وأنكه أيسكر
وأنكه سكبب لعطاء ال للذاككر أفضكل م ا
العبادات و هو من أجل ها ،وأفضل ها؛ وأ نه غراس ال نة ،وأن العطاء والف ضل
الذي رُتكب عليكه ل يُرتكب على غيه ،وأن دوام الذككر للرب تبارك وتعال
يوجب المان من نسيانه الذي هو سبب شقاء العبد ف معاشه ومعاده.
وأن الذكر يُسي العبد وهو ف فراشه وف سوقه ،وأن الذكر نور الذاكر
ف الدنيا ونور له ف قبه ونور له ف معاده وأن ف القلب خلة وفاقة ل يسدها
شيء ألبتة إل ذكر ال عز وجل.
وأن الذ كر ي مع ما تفرق على الع بد من قل به وإراد ته وهو مه وعز مه
والذ كر يُفرق ما اجت مع عل يه من الموم والغموم والحزان وال سرات على
209
377 الناهل السان ف دروس رمضان
موت حظوظه ومطالبه ويُفرق ما اجتمع على حربه من جند الشيطان.
وأن الذ كر يُن به القلب من نو مه ويوق ظه ،والقلب إذا كان نائما فات ته
الرباح والتا جر ،وأن الذ كر شجرة تُث مر العارف والحوال ال ت ش ر إلي ها
السالكون ،فل سبيل إل نيل ثارها إل من شجرة الذكر.
وأن الذاكر قريب من مذكوره ومذكوره معه وهذه العية معية خاصة،
وأن الذكر يعدل عتق الرقاب ونفقة الموال والمل على اليل ف سبيل ال
عز وجل ،وأن الذكر رأس الشكر ،وأن أكرم اللق على ال من التقي من ل
يزال لسانه رطبا من ذكر ال.
وأن فك القلب قسكوة ل يُذيبهكا إل ذككر ال تعال وأن الذككر شفاء
القلب ودواؤه والغفلة مر ضه ،وأن الذ كر أ صل موالة ال عز و جل وأ نه ما
استجلبت نعم ال واستدفعت نقمه بثل ذكر ال.
وأن الذكر يوجب صلة ال عز وجل وملئكته على الذاكر وأن من
شاء أن ي سكن رياض ال نة ف الدن يا فلي ستوطن مالس الذ كر فإن ا رياض
النة ،وأن مالس الذكر مالس اللئكة.
وأن ال عز وجل يُباهي بالذاكرين ملئكته ،وأن مُدمن الذكر يدخل
النة وهو يضحك وأن جيع العمال إنا شرعت إقامة لذكر ال تعال ،وأن
أفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه ذكرا ل عز وجل ،فأفضل الصوام أكثرهم
ذكرا ل عز وجل.
وأن ذكر ال يُسهل الصعب ويُيسر العسي ويُخفف الشاق ،وأن ذكر
ال يذهب عن القلب ماوفه كلها ،وله تأثي عجيب ف حصول المن ،وأن
ف الشتغال بالذكر اشتغالً عن الكلم الباطل من الغيبة والنميمة واللغو ،وأن
الناهل السان ف دروس رمضان 378
عمال الخرة كلهم ف مضمار السباق ،والذاكرون أسبقهم ف ذلك الضمار
ولكن القترة والغبار ينعان من رؤية سبقهم.
فإذا انلى الغبار وانكشكف ،رآهكم الناس ،وقكد حازوا قصكب السكبق،
وأن الذكر سبب لتصديق الرب عز وجل عبده ،فإنه أخب عن ال بأوصاف
كماله ونعوت جلله فإذا أخب با العبد صدقه ربه ومن صدق ال ل يُحشر
مع الكاذبي ورُجي له أن يُحشر مع الصادقي.
اللهم ألمنا ذكرك ووفقنا للقيام بقك وبارك لنا ف اللل من رزقك
ول تفضحنا بي خلقك يا خي من دعاه داع وأفضل من رجاه راج يا قاضيّ
الاجات وميب الدعوات هب لنا ما سألناه وحقق رجاءنا فيما تنيناه يا من
يلك حوائج ال سائلي ويعلم ما ف ضمائر ال صامتي أذق نا برد عفوك وحلوة
مغفرتك يا أرحم الراحي وصلى ال على مُحمدٍ وآله أجعي.
***
211
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
ومن فوائد الذكر أيضا ما ذكره ابن القيم رحه ال:
أن دور ال نة تُب ن بالذ كر ،فإذا أم سك الذا كر عن الذ كر أم سكت
اللئ كة عن البناء ،وأن الذ كر سد ب ي الع بد وب ي جه نم فإذا كا نت له إل
جهنكم طريكق عمكل مكن العمال ،كان الذككر سكدا فك تلك الطريكق ،وأن
اللئككة تسكتغفر للذاككر كمكا تسكتغفر للتائب ،وأن البال والقفار تتباهكى
وتستبشر بن يذكر ال عز وجل عليها ،وأن كثرة ذكر ال عز وجل أمان من
النفاق ،فإن النافقي قليلو الذكر ل عز وجل.
ّهه إِل قَلِيل وأن
ُونه الل َ
قال تبارك وتعال فك النافقيك :وَل َيذْ ُكر َ
للذ كر من ب ي العمال لذة ل يُشبه ها ش يء فلو ل ي كن للع بد من ثوا به إل
اللذة الا صلة للذا كر ،وأ نه يك سو الو جة نضرةً ف الدن يا ونورا ف الخرة،
وأن ف دوام الذكر ف الطريق والبيت والضر والسفر والبقاع تكثيا لشهود
العبكد يوم القيامكة ،فإن البقعكة والدار والبكل والرض تشهكد للذاككر يوم
القيامة ،وأن الذكر يُعطي الذاكر قوة حت أنه ليفعل مع الذكر ما ل يظن فعله
بدو نه ،قال و قد شاهدت من قوة ش يخ ال سلم ا بن تيم ية ف سننه وكل مه
وإقدا مه وكتاب ته أمرا عجيبا ،فكان يك تب ف اليوم من الت صنيف ما يكت به
الناسخ ف جُمع ٍة وأكثر.
وقد علم النب ابنته فاطمة وعليا رضي ال عنهما أن يُسبحا كل ليلة
إذا أخذا مضاجعهمكا ثلثا وثلثيك ،ويمدا ثلثا وثلثيك ،ويُككبا ،أربعا
وثلثيك ،لاك سكألته الادم ،وشككت إليكه مكا تُقاسكيه مكن الطحكن والسكعي
والدمة ،فعلمها ذلك ،وقال :إنه خي لكما من خادم.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
فق يل إن من داوم على ذلك و جد قوة ف عمله مُغنيةً عن خادم ،قال
و سعت ش يخ ال سلم ا بن تيم ية رح ه ال تعال يذ كر أثرا ف هذا الباب،
ويقول :إن اللئكة لا أُمروا بمل العرش ،قالوا يا ربنا كيف نمل عرشك
عليه عظمتك وجللك ،فقال :قولوا ل حول ول قوة إل بال.
فلما قالوا حلوه حت رأيت ابن أب الدنيا قد ذكر هذا الثر بعينه عن
الليث بن سعد عن معاوية بن صال قال حدثنا مشيختنا أنه بلغهم أن أول ما
خلق ال عكز وجكل حيك كان عرشكه على الاء حلة العرش قالوا :ربنكا لاك
خلقتنا؟ قال :خلقتكم لمل عرشي .قالوا :ربنا ومن يقوى على حل عرشك
وعليكه عظمتكك وجللك ووقارك ،قال :لذلك خلقتككم ،فأعادوا عليكه ذلك
مرارا ،فقال :قولوا ل حول ول قوة إل بال فحملوه.
قال :وهذه الكلمة لا تأثي عجيب ف معاناة الشغال الصعبة ،وتمل
الشاق والدخول على اللوك و من يُخاف ،وركوب الهوال ،ول ا أيضا تأثيٌ
ف دفع الفقر قال :ومبن الدين على قاعدتي الذكر والشكر.
وليكس الراد بالذ كر مُجرد ذ كر الل سان بل الذككر القلبك والل سان،
وذلك ي ستلزم معرف ته واليان به وب صفات كماله ونعوت جلله والثناء عل يه
بأنواع الدح وذلك ل يتكم إل بتوحيده فذكره القيقكي يسكتلزم ذككر نعمكه
وآلئه وإحسانه إل خلقه.
وأما الشكر فهو القيام بطاعته ،فذكره مُستلزم لعرفته وشكره متضمن
لطاعته وها الغاية الت خلق لجلها الن والنس.
(فائههدة)
ب أزعجه فأعظم دواءٍ له قوة
قال الشيخ تقي الدين :من اُبتُليّ ببلء قل ٍ
213
377 الناهل السان ف دروس رمضان
اللتجاء إل ال ودوام التضرع والدعاء بأن يتعلم الدعيكة الأثورة ويتوخكى
الدعاء ف مظان الجابة مثل آخر الليل وأوقات الذان والقامة وف السجود
وأدبار الصلوات ،ويضم إل ذلك الستغفار.
وليتخكذ وردا مكن الذكار طرفك النهار وعنكد النوم ،وليصكب على مكا
ح منه ويكتب
يعرض له من الوانع والصوارف ،فإنه ل بد أن يؤيده ال برو ٍ
اليان ف قل به وليحرص على عمود الد ين ،ولي كن هجياه ل حول ول قوة
إل بال العلي العظيم.
فإ نه ب ا ي مل الثقال ويُكا بد الهوال ،وينال رف يع الحوال ول ي سأم
من الدعاء والطلب ،فإن العبد يُستجاب له ما ل يعجل وليعلم أن النصر مع
ال صب ،وأن الفرج مع الكرب وأن مع الع سر ي سرا ،ول ي نل أ حد شيئا من
عميم الي إل بالصب وال الوفق.
َوقَد خَابَ قَو ٌم عَن َسبِيلِكَ َق ْد بِذِكِرِكَ يَا مَول الوَرَى
فَأَنْتَ تَرَى مَا فِي القُلوُبِِ شَهِدْنَا يَقِيْنا أَنّ عِلْمَكَ
أَسَأْنَا وَقصّرنَا وجُودُكَ إِلَهِي تَحَمّلْنَا ذُنُوبا
وَأَنْتَ تَرانَا ُث ّم تَعْفُو سَتَرْنَا مَعَاصِينَا عَن الْخَلقِ
صُدُودُكَ عَنْهُ بَل يَخَافُ وَحَقّكَ مَا فِيْنَا مُسيءُ
وَحَاجَاتِنَا بِالْمُقْتَضَى سَكَتْنَا عَن الشّكْوىَ حَيَاءً
فَهَلْ يَسْتَطِيْع الصّبْرَ عَنْهُ ِإذَا كَا َن ذُلّ العَبْدِ بِالْحَالِ
فَأَنْتَ اّلذِي تُوَلِىْ الْجَمِيلَ إِلَهِي فَجُدْ وَاصْفَحَ
وَوَفّقْتَهُم حَتّى أنابُوا وَأَنْتَ الّذِي قَرّبْتَ قَوما
فَأَنْتَ اّلذِي قَوّمْتَهُم وَقُلْتَ اسْتَقَامُوا مِنّةً
الناهل السان ف دروس رمضان 378
فَهُمْ فِي اللّيَالِي سَاجِدُونَ لَهُمْ فِي الدّجَى أُنْ ٌ
س
فَعَاشُوا بِهَا وَالنّاسُ سُكْرَى نَظَرْتَ إِليْهِم نَظْرةً
وَسَامِح وَسَلّمْنَا فَأنْتَ لَكَ الْحَمْدُ عَامِلْنَا بِمَا َأنْتَ
الل هم ألم نا ذكرك وشكرك ووفق نا ل ا وف قت له ال صالي من خل قك
واغفر لنا ولوالدينا وجيع السلمي برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على
ممد وآله وصحبه أجعي.
215
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
قال ف حادي الرواح ول ا علم الوفقون ما خلقوا له و ما إياد هم له
رفعوا رءوسم فإذا علم النة قد رفع لم شروا إليه وإذا صراطها الستقيم قد
وضح لم فاستقاموا عليه ورأوا من أعظم الغب بيع ما ل عيُ رأت ول أُذ نٌ
سعت ول خطر على قلب بشر.
ف أبدٍ ل يزول ول ينفد بصبابة عيش إنا هو أضغاث أحلم أو كطيف
زار ف النام مشوب بالن غص مزوج بالغ صص إن أض حك قليلً أب كى كثيا
وإن سر يوما أحزن شهورا آل مه تز يد على لذا ته وأحزا نه أضعاف م سراته
أوله ماوف وآخره متالف.
فيا عجبا من سفيه ف صورة حكيم ومعتوه ف مسلخ عاقل آثر الظ
الفان السيس على الظ الباقي النفيس باع جنةً عرضها الرض والسموات
بسكج ٍن ضيكق بيك أرباب العاهات والبليات ومسكاكن طيبكة فك جنات عدن
تري من تتها النار بأعطانٍ ضيقة آخرها الراب والبوار.
وأبكارا عُربا أترابا كأننك الياقوت والرجان بقذرات دنسكات سكيئات
الخلق مُسافحات أو متخذات أخدا نٍ وحورا مقصوراتٍ ف اليام ببيثات
مُسيبات بي النام وأنارا من خر لذة للشاربي بشرا بٍ نس مُذهب للعقل
مُفسد للدنيا والدين ،ولذة النظر إل وجه العزيز الرحيم بالتمتع برؤية الوجه
القبيح الذميم.
و ساع الطاب من الرح ن ب سماع العازف والغناء واللان واللوس
على منابر اللؤلؤ والياقوت والرجان والزبرجكد ويوم الزيكد باللوس فك مال
الفسوق مع كل شيطانٍ مريد.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وإنا يظهر الغب الفاحش ف هذا البيع يوم القيامة ويتبي سفه بائعه يوم
السرة والندامة إذا حشر التقون إل الرحن وفدا وسيق الجرمون إل جهنم
وردا ونادى النادي على رءوس الشهاد ليعلمن أهل الوقف من أول بالكرم
من بي العباد.
فلو توهم التخلف عن هذه الرفقة وما أعد لم من الكرام وادخر لم
من الفضل والنعام وما أخفي لم من قرة أعي ل يقع على مثلها بصر ول
سعته أذن ول خطر على قلب بشر علم أي بضاعة أضاع وأنه ل خي له ف
حياته وهو معدود من سقط التاع.
وأن القوم قد تو سطوا مُلكا كبيا ل تعتر يه الفات ول يلح قه الزوال
وفازوا بالنع يم الق يم ف جوار الرب ال كبي التعال ،ف هم ف روضات النات
يتقلبون وعلى أسكرتا تتك الجال يلسكون وعلى الفرش التك بطائنهكا مكن
ق يتكئون وبالور العي يتمتعون.
استب ٍ
وبأنواع الثمار يتفكهون :يَطُوفُ عَلَ ْيهِ ْم ِولْدَانٌ مُخَ ّلدُونَ * ِبأَكْوَابٍ
صدّعُونَ عَنْهَا وَل يُ ْن ِزفُو نَ * وَفَا ِك َهةٍ مِمّ ا س مِ ْن َمعِيٍ * ل يُ َ َوَأبَارِي َق وَ َكأْ ٍ
ه * َوحُورٌ عِيٌه * َكَأمْثَالِ الّل ْؤلُؤِ ه طَ ْي ٍر مِمّاه َيشَْتهُون َ
ه * َولَحْم ِ يَتَخَّيرُون َ
ف مِنْ َذهَبٍ الْ َمكْنُو نِ * َجزَا ًء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ،يُطَا فُ عَ َل ْيهِمْ بِ صِحَا ٍ
س وَتَ َلذّ العْيُ ُن َوَأنْتُ ْم فِيهَا خَالِدُونَ تا ال َوأَ ْكوَابٍ َوفِيهَا مَا َتشَْتهِي ِه الْنفُ ُ
ل قد نودي علي ها ف سوق الك ساد ف ما قلب ول ا ستام إل أفراد من العباد
وقال رحه ال ف النونية:
بِالِ مَا عُذْرٌ أمْرِءٍٍ هُو مُؤْمِنٌ
س بالْيَقْظَانِ حَقًا َبذَا لَيْ َ
217
377 الناهل السان ف دروس رمضان
بَلْ قَلْبُهُ فِي رَقْدَة فَِإذَا اسْتَفَا
قَ فَلُبْسُهُ هُو حُلةُ الكَسْلَنِ
تَالِ لَوْ شَاقَتْكَ جَنّاتُ النّعِيْه
همِ طَلَبْتَهَا بِنَفَائِسِ الَثْمَانِ
وَسَعَيْتَ جُهْدَكَ فِي وِصَالِ
وَكَواعِبٍ بِيْضِ الوُجُوهِ حِسَانٍ
جُلَيَتْ عَلَ ْيكَ عَرائسٌ وَالِ لَوْ
تُجْلَى عَلَى صَخْرٍٍ مِن الصّوّانِ
رَقّتْ حَواشِيْهِ وَعَادَ لِوْقَتِهِ
يَنْهَالُ مِثْلَ نَقَي مِن الكُثْبِانِ
َلكِنّ قَلْبَك فِي القَسَاوَةِ جَازَ
الصّخْرِ وَالْحَصْبَا ِء فِي أَشْجَانِ
لَوْ هَزّكَ الشّوْقُ الُقِيْمُ وَكُنْتَ
حِسٍّ لَمَا اسْتَبْدَلْتَ بِالَدْوَانِ
أَوْ صَادَفَتْ مِنَكَ الصّفَاتُ
ب َبذَا الشّانِهبٍ ُكنْتَ ذَا طَلَ ٍ
حُورٌ تُزَفّ ِإلَى ضَرِيْرٍ مُقْعَدٍ
يَا مِِحْنَ ِة الْحَسْنَاءِ بِالْعُمْيَانِ
شَمْسٌ لِعنّيْ تَزَفُ إليِهِ مَا
ذَا حِيَلَةُ الْعِنّيْن فِي الغَشَيَان
يَا سِلْعَةَ الرّحْمَن لَسْتَ
بَلْ َأنْتَ غَالية عَلَى الْكَسْلَنِ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
يَا سِلْعَةَ الرّحْمَنِ لَيْسَ يَنَالَهَا
باللْفِ إِلّ وَاحدٌ لَ اثْنَانِ
يَا سِلْعَةَ الرّحْمَنِ مَاذَا كَفُوْهَا
إِلّ أوُلُوا التّقْوَى مَعَ اليْمَانِ
يَا سِلْعَةَ الرّحْمَنِ سُوقُكِ
بِيْنَ الَرَاذَلِ سَفُلَةِ الْحَيَوَانِ
يَا سِلْعَةَ الرّحْمَنِ َأيْ َن الْمُشْتَري
فَلَقَدْ عُرِضْتِ بأيْسَرِ الَثْمَانِ
يَا سِلْعَةَ الرّحْمَنِ هَلْ مِن
فَالْمَهْرُ قَبْلَ الَوتِ ذُوْ إِمْكَانِ
يَا سِلْعَةَ الرّحْمَنِ كَيْفَ تَصْبّر
هخُطّابُ عَنْكَ وَهُمْ ذَوُو إِيْمَانِ
يَا سِلْعَةَ الرّحْمَنِ لَوْلَ أَنّهَا
حُجبَتْ بِكُلّ مَكَارِه النْسَانِ
مَا كَانَ عَنْهَا قَطُ مِن مُتَخَلّفٍ
وَتَعَطّلَتْ دَارُ الْجَزاءِ الثّانِي
َلكِِنّهَا حُجِبَتْ بِكُلّ كَريْهَةٍ
لِيَصُدّ عَنْهَا الْمُبْطِلُ الْمُتَوانِي
وَتَنَالُهَا الْهِمَمُ الّتِي تَسْمُوا ِإلَى
رَبّ العُلى بِمَشيْئَةِ الرّحْمَنِ
اللهم اجعلنا من التقي البرار وأسكنا معهم ف دار القرار ،اللهم وفقنا
ب سن القبال عل يك وال صغاء إل يك ووفق نا للتعاون ف طاع تك والبادرة إل
219
377 الناهل السان ف دروس رمضان
خدمتك وحسن الداب ف معاملتك والتسليم لمرك والرضا بقضائك والصب
على بلئك والش كر لنعمائك ،واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء
منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على ممد وآله أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
ف فضائل الستغفار
يُستحب الكثار من الستغفار ف كل وقت ،ويتأكد ف الزمان الفاضل،
هحَا ِر ،وقالَ :أفَل هَت ْغ ِفرِي َن بِالس ْ
والكان الفاضكل ،قال تعال :وَاْلمُس ْ
يَتُوبُو َن ِإلَى اللّ هِ َويَ سْتَ ْغ ِفرُوَنهُ وَاللّ هُ َغفُورٌ َرحِي مٌ ،وقال تعالَ :ومَا كَا نَ
اللّهُ ُم َع ّذبَهُمْ وَهُمْ يَسَْت ْغ ِفرُونَ ؛ وقال تعال ،مُخبا عن نوحَ … :فقُلْتُ
اسَْت ْغ ِفرُوا َربّكُ ْم ِإنّهُ كَانَ َغفّارًا * ُيرْ ِسلِ السّمَاءَ عَلَ ْيكُ ْم مِدْرَارًا * َويُ ْمدِدْكُمْ
ج َعلْ َلكُ ْم جَنّا تٍ ال ية ،وقال تعال :وَاّلذِي َن ِإذَا َفعَلُوا ِبَأمْوَا ٍل َوبَنِيَ َويَ ْ
ه َي ْغ ِفرُ
ِمه َومَن ْ
هتَ ْغ َفرُوا لِ ُذنُوِبه ْ
ّهه فَاس ْ
ُسههُ ْم ذَ َكرُوا الل َ
ش ًة أَوْ َظلَمُوا َأْنف َ فَاحِ َ
ْسهُه ثُمِّمه نَف َ
َنه َيعْ َملْ سهُوءًا َأوْ يَظْل ْ
ّهه .وقال تعالَ :وم ْ ُوبه إِل الل ُ الذّن َ
ج ِد ال ّلهَ َغفُورًا َرحِيمًا . َيسَْت ْغفِ ِر ال ّلهَ يَ ِ
وعكن شداد بكن أوس عكن النكب قال« :سهيد السهتغفار أن يقول
العبد :اللهم أنت رب ،ل إله إل أنت ،خلقتن وأنا عبدك ،وأنا على عهدك
ووعدك ما استطعت ،أعوذ بك من شر ما صنعت ،أبوء لك بنعمتك عليّ،
وأبوء بذنب ،فاغفر ل ،إنه ل يغفر الذنوب إل أنت».
وعن ابن عمر رضي ال عنهما قال :إنا كنا لنعد لرسول ال ف الجلس
يقول« :رب اغفر ل ،وتب علي ،إنك أنت التواب الغفور» مائة مرة.
وعن عبد ال بن بُسر قال :قال رسول ال « :طوب لن وجد ف
صحيفته :استغفار كثي».
و عن أ ب هريرة قال :قال ر سول ال « :إن ال عز و جل لي فع
الدرجهة للعبهد الصهال فه النهة فيقول :يها رب ،أنه ل هذه؟ فيقول:
221
377 الناهل السان ف دروس رمضان
باستغفار ولدك لك».
وعكن ابكن عباس رضكي ال عنهمكا قال :قال رسكول ال « :مهن لزم
الستغفار جعل ال له من كل ه مٍ فرجا ومن كل ضي ٍق مرجا ،ورزقه من
حيث ل يتسب».
و عن ال غر الز ن قال ر سول ال « :إ نه ليغان على قل ب ،وإ ن
لستغفر ال ف اليوم مائة مرة».
وقال حُذيفة :كنت ذرب اللسان على أهلي ،فقلت :يا رسول ال ،لقد
خش يت أن يُدخل ن ل سان النار ،فقال ال نب « :فأ ين أ نت من ال ستغفار،
فإن لستغفر ال ف اليوم مائة مرة» أخرجه النسائي.
وعن زيد مول رسول ال ،أنه سع النب يقول« :من قال :استغفر
ال الذي ل إله إل هو ،الي القيوم ،وأتوب إليه غفر له ،وإن كان قد فر
من الزحف» رواه أبو داود.
و عن أ ب سعيد الدري عن ال نب قال « :من قال ح ي يأوي إل
فراشه :استغفر ال الذي ل إله إل هو ،الي القيوم ،وأتوب إل يه – ثلث
مرات – غُفرت له ذنوبهه ،وإن كانهت عدد رمهل عال ،وإن كانهت عدد
أيام الدنيا» رواه الترمذي.
و عن أ نس سعت ر سول ال يقول« :قال ال تعال :يا ا بن آدم
إ نك ما دعوت ن ورجوت ن غفرت لك على ما كان م نك ول أبال ،يا ا بن
آدم ،لو بلغت ذنوبك عنان السماء ث استغفرتن غفرت لك ول أبال ،يا
ا بن آدم إ نك لو أتيت ن بقراب الرض خطا يا ث لقيت ن ل تشرك ب شيئا
لتيتك بقرابا مغفرة رواه الترمذي».
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وعن أب سعيد الدري عن النب قال« :قال إبليس :وعزتك ل
أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم ف أجسادهم ،فقال :وعزت وجلل
ل أزال أغفر لم ما استغفرون».
و عن الزب ي أن ر سول ال قال « :من أ حب أن ت سره صحيفته
فليكثر فيها من الستغفار».
وعكن أبك هريرة عكن الرسكول قال« :إن العبهد إذا أخطهأ خطيئة
نكتت ف قلبه نكتة ،فإن هو نزع واستغفر صُقلت ،فإن عاد زيد فيها حت
تعلو قلبه ،فذلك الران الذي ذكر ال تعال :كَل َبلْ رَانَ عَلَى قُلُوِبهِ ْم مَا
كَانُوا َي ْكسِبُونَ ».
وروي عن أ نس أن ر سول ال قال« :إن للقلوب صدأ ك صدأ
النحاس ،وجلؤها الستغفار».
وروي عن أنس بن مالك قال :كان رسول ال ف مسية ،فقال:
«استغفروا ال ،فاستغفرنا ،فقال :أتوها سبعي مرة ،فأتمناها ،فقال رسول
ال :ما من ع بد ول أ مة ي ستغفر ال ف يو مٍ سبعي مرة إل غ فر ال له
سبعمائة ذنب ،وقد خاب عبد أو أمة عمل ف يو مٍ وليلة أكثر من سبعمائة
ذنب».
و عن أ ب هريرة قال :قال ر سول ال « :والذي نف سي بيده لو ل
تُذنبوا لذهب ال تعال بكم ولاء بقو ٍم يُذنبون فيستغفرون ال تعال فيغفر
لم» رواه مسلم.
وف حديث سلمان« :فاستكثروا فيه من خصلتي تُرضون بما ربكم
وخ صلتي ل غ ن ل كم عنه ما ،فأ ما ال صلتان اللتان تُرضون ب ما رب كم
223
377 الناهل السان ف دروس رمضان
فشهادة أن ل إله إل ال ،والستغفار وأما الت ل غن بكم عنهما فتسألونه
النة وتعوذون به من النار».
فهذه الصكال الربكع الذكورة فك الديكث كلٌ منهكا سكبب للمغفرة
والعتق من النار ،فأ ما كل مة الخلص فإن ا تدم الذنوب وتحوها موا ،ول
تُبقي ذنبا ،ول يسبقها عمل ،وهي تعدل عتق الرقاب الذي يوجب العتق من
النار ،و من أ تى ب ا ح ي يُ صبح وح ي يُمسي أعت قه ال من النار ،و من قال ا
خالصا من قلبه حرمه ال على النار.
وأ ما كل مة ال ستغفار ف من أع ظم أ سباب الغفرة ،فإن ال ستغفار دُعاء
بالغفرة ،ودعاء الصكائم إذا اجتمعكت له الشروط وانتفكت الوانكع مُسكتجاب
حال صيامه وعند فطره.
وف حديث أب هريرة« :ويغفر ال إل لن أب ،قالوا يا أبا هريرة ومن
يأب؟ قال :يأب أن يستغفر ال».
وقال لقمان لبنه :يا بُن عود لسانك الستغفار ،فإن ل ساعات ل يرد
فيها سائلً ،وقد جع ال بي التوحيد والستغفار ،ف قوله :فَاعْلَ ْم َأنّ هُ ل
ِإَلهَ إِل ال ّل ُه وَاسَْتغْ ِف ْر ِلذَنِْبكَ .
وفك بعكض الثار :أن إبليكس قال :أهلككت الناس بالذنوب وأهلكونك
بالستغفار ول إله إل ال.
والستغفار ختام العمال الصالة كلها فيختم به الصلة والج والقيام
ف الليل ويتم به الجالس ،فإن كانت ذكرا كان كالطابع عليها وإن كانت
لغوا كان كفارة لا ،فكذلك ينبغي أن يُختتم صيام رمضان بالستغفار يُرقِع
ما ترق من ال صيام بالل غو والر فث "ويت هد ف الكثار من العمال والتقلل
الناهل السان ف دروس رمضان 378
من شواغل الدنيا والقبال على الخرة ما دام ف قيد الياة".
ومن عظة السن البصري لعمر بن عبد العزيز :أما بعد فإن الدنيا دار
ظ عن لي ست بدار إقا مة ل ا ف كل ح ي قت يل ،تُذل من أعز ها ،وتُف قر من
جعها هي كالسم يأكله من ل يعرفه وفيه حتفه ،فكن فيها كالداوى جراحه
يت مي قليلً ما فة ما يكره طويلً وي صب على شدة الدواء ما فة طول الداء،
فاحذر هذه الدنيكا الداعكة الغدارة التالة التك قكد تزينكت بدعهكا وقتلت
بغرورها وتلت بآمالا وسوفت بُطّابا.
فأ صبحت كالعروس الجل ية ،العيون إلي ها ناظرة والقلوب علي ها وال ة
وهكي لزواجهكا كُلهكم قاليكة ،فل الباقكي بالاضكي مُعتكب ول الخكر بالول
مُزدجر ،فعاشق لا قد ظفر منها باجته فاغتر وطغى ونسي العاد فشغل فيها
لُبكه حتك زلت بكه قدمكه فعظمكت ندامتكه وكثرت حسكرته واجتمعكت عليكه
سكرات الوت وتأله وحسرات الفوت بغصته ،وراغب فيها ل يُدرك منها ما
طلب ول يرح نفسه من التعب فخرج بغي زا ٍد وقدم على غي مهاد.
فاحذرها يا أمي الؤمني وكن أس ّر ما تكون فيها احذر لا فإن صاحب
الدنيا كلما اطمأن فيها إل سرور أشخصته إل مكروه وضار وقد وصل الرخاء
منهكا بالبلء وجُعكل البقاء إل فناء فسكرورها مشوب بالحزان أمانيهكا كاذبكة
وآمالا باطلة وصفوها كدر وعيشها نكد وابن آدم فيها على خطر اهك.
شعرا مقول على لسان حال الدنيا:
س بالبَاكِي وَ َل الُتَبَاكِي مَنْ لَيْ َ
س بِزاكلِقَبيح مَا يَأْتِي فَلَيْ َ
نادَتْ بِي ال ّدنْيَا فَقلْتُ لَهَا:
مَا ُعدَّ فِي الَكْيَاسِ مِن لبّاكِ
225
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وَلَما صَفَا عِ ْن َد الِلَه َولَ دَنَا
مِنهُ امْرُؤٌ صَافَاكِ أَوْ دَاناكِ
مَا زَلْتِ خَادِعَت بِبَرْقٍ خُلّبٍ
وَلَوْ اهْتَديتُ لَما انْخَدَعْتُ
قالَتْ أَغَرّكَ مِن جَنَاحِكَ
وَكَا َن ِب ِه َقدْ قُصّ فِي أشْراكي
تالِ مَا فِي الَرْضِ مَوْضِع رَاحَةٍ
إِلّ َوقَد نُصبتْ عَلَ ْيهِ شِبَاكِي
طِرْ كَيْفَ شِئْتَ فَأَنْتَ فِيِهَا
عَانٍ بِهَا لَ يُرتَجَى لِفَكاك
مَنْ كَا َن يَصْرَعُ قِرْنَهُ فِي مَعْرَكٍ
فعَلَى صَرْعَتُهُ بِغَيْرِ عِرَاكِ
مَا أَعْرِفُ العَضْبَ الصّقِيلَ َولَ
وَلَقَد بَطَشْتُ بِذِي السّلحِ
كَمْ ضَيْغَم عَفّرْتُهُ بعَريِنَه
وَلَكَم فَتَكْتَ بأفْتَكِ الفّتّاك
فَأجَبْتُها مُتَعَجّبا مِن غَدْرها
أجَزَيتِ بالبَغْضاءِ مِن يَهْواكِ
لَجَلتُ عَيْنِي فِي بَنِيكِ فَكلّهم
أَسْراك أَو جَرحَاك أَوْ صَرعاك
لَوْ قَارضُوك عَلَى صنِيعَك فِيْهمُ
قَطَعُوا مَدى أَعْمَارِهِمْ بِقِلكِ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
طُمِسَتْ عُقُولُهُم ونُورُ قُلوبِهم
فَتَهافَتُوا حِرصا عَلَى حَلْواك
فَكأَنّهُم مِثلُ الذّبَابِ تَساقطتْ
فِي الَرَى حَتّى استُؤصِلُوا بِهَلَكِ
لَ كُنْتِ مِن أمٍ لَنا أكّالةٍ
بَعْدَ الوِلَدَةِ ،مَا أقَلّ حَياكِ!
وَلَقَد عَهدْنَا المّ تَلْطُفُ
ت مَا أقْسَاكَعَطْفا عَلَ ْي ِه َوأَنْ َ
مَا فَوقَ ظَهْرِكَ قَاطِنٌ أَوْ ظَاعِنٌ
إِلّ سيُهْشَمُ فِي ثِفَالِِ رَحاك
ت دَاءٌ كامِنٌأنتِ السّرابُ َوأَنْ َ
بي الضّلوعِ فَمَا أعَزّ دَواكِ
يُعْصَى اللَه ِإذَا أطِعتِ وَطاعِتِيْ
لِ َربّي أنْ أُشَقّ عَصاك
فَرْضٌ عَلَيْنَا بِرّنا أَمّاتِنا
وَعُقوقُهنّ مُحَر ٌم إِلّك
ما أن يَدُومُ الفقرُ فيكِ َولَ الغِنَى
سِيّان فَقْرُك عِنْدنا وغِنْاك
أَيْنَ الْجَبَابرةُ الل وَرِياشُهُم
قَد بَاشَرُوا بَعْدَ الْحَرِيْرِ ثَراكِ
وَلَطَالَمَا رُدّوا بارديةِ البَها
فَتَعوّضُوا مِنْهَا رِداءَ رَداك
227
377 الناهل السان ف دروس رمضان
كَانَتْ وُجُوهُهُم كَأقمارِ الدّجَا
فَغَدَت مُسَجّاةً بِثَوبِ دُجَاك
وَعَنَتْ لِقَيّومِ السّمَاوَاتِ العُلَ
رَبّ الْجَمِيْعِ ،وَقَاهِرِ الَمْلَك
وَجَللِ َربّي لَوْ تَصِحّ عَزائِمي
لَزَهِدْتُ فِيكِ وَلبتَغَيتُ سِواكِ
وَأخَذْت زَادي مِنْكِ مَنْ عَمَل
وَشَدَدْتُ إِيْمَانِي بِنَقْضِ
وَحَطَطْتُ رَحْلِي تَحْتَ ألوِيَةِ
وَلَمَا رَآنِي ال تَحْتَ لِواكِ
ك فَسَوفَ يَلْحَقُكَ مَهْلً عَلَ ْي َ
فَتُرَى بِل أَرْضٍ وَ َل أَفْلَك
ويُعيدُنا رَبّ أَمَاتَ جَمِيعَنَا
لِيَكُونَ يُرْضِى غَيْرَ مَنْ أَرْضَاك
وَالِ مَا الْمَحْبُوبُ عِ ْن َد مَليكِهِ
إِلّ لَبيْبُ لَمْ يَزَلْ يَشناكِ
ل لِعَقائِل هَجرَ الغَوانِي واصِ ً
يَضْحَكْنَ حُبّاً لِلولّي البَاكِي
إِنّي أَرِقْتُ لَهُنّ لَ لِحَمائِم
تَبْكي الْهَدِيلَ عَلَى غُصُونِ أَراكِ
لَ عَيْشَ يَصْفُو لِلمُلوكِ وَإِنّمَا
تَصْفُو وَتُحْمَدُ عِيْشِةُ النّسّاكِ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وَمن الِلَه عَلَى النّبِي صَلتُهُ
عَددَ النّجُومِ وعِدّة المْلكِ
الل هم يا من ل تضره الع صية ول تنف عه الطا عة أيقظ نا من نوم الغفلة
ونبهنا لغتنام أوقات الهلة ووفقنا لصالنا واعصمنا من قبائحنا وذنوبنا ول
تؤاخذنا با انطوت عليه ضمائرنا وأكنته سرائرنا من أنواع القبائح والعائب
ال ت تعلم ها م نا واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي
برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
229
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
ف أحكام العتكاف ف السجد
العتكاف لغة :لزوم الشيء ،وحبس النفس عليه برا كان أو غيه ،وف
الشرع :لزوم مسلم ل غسل عليه ،عاقل ولو ميز ،مسجدا ولو ساعة من ليل
أو نار لطاعة ال.
وهو سنة ف كل وقت ،وف رمضان آكده ،وآكده عشره الخي ،لا
ورد عن عائ شة ر ضي ال عن ها قالت« :كان ر سول ال يعت كف الع شر
الواخر من رمضان».
و عن أ نس قال« :كان ال نب صلى ال عل يه و سلم يعت كف الع شر
الواخكر مكن رمضان ،فلم يعتككف عاما فلمكا كان فك العام القبكل إعتككف
عشرين».
أ ما كو نه ل ي صح من الكا فر ،فل نه من فروع اليان ،ول ي صح م نه
كالصوم ،وأما من زال عقله كالجنون فلنه ليس من أهل العبادات فلم يصح
منه.
أما كونه ل غسل عليه ،فلقوله صلى ال عليه وسلم ف حديث عائشة
رضي ال عنها« :إن ل أحل السجد لائض ول جنب».
وأما كونه ف مسجد ،فلقوله تعال :وََأنْتُ مْ عَا ِكفُو َن فِي الْمَ سَاجِ ِد
ول يصح إل ف مسجد تقام فيه الماعة ،لن العتكاف ف غيه يُفضي إما
إل ترك الما عة ،أو تكرر الروج إلي ها كثيا مع إمكان التحرر م نه ،و هو
ف للعتكاف. منا ٍ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
والعتكاف ف م سجد تقام ف يه الم عة أف ضل ،لئل يتاج إل الروج
إليهكا ،ولن ثواب الماعكة فك الامكع أكثكر ،ولنكه صكلى ال عليكه وسكلم
اعتكف ف السجد الامع.
ويبك العتكاف بالنذر ،قال ابكن النذر أجعك أهكل العلم على أن
العتكاف ل يب على الناس فرضا إل أن يوجب الرء على نفسه العتكاف
نذرا ،لقوله صلى ال عليه وسلم« :من نذر أن يُطيع ال فليطعه».
والفضكل أن يعتككف بصكوم ،ولن النكب كان يعتككف فك شهكر
رمضان ،فإن اعتكف بغي صوم جاز ،لديث عمر قال :قلت :يا رسول
ال ،إ ن نذرت ف الاهل ية أن أعت كف ليلة ف ال سجد الرام قال« :فأوف
بنذرك».
ولو كان ال صوم شرطا ف يه ل ا صح اعتكاف الل يل ،وكال صلة و سائر
العبادات.
ول يصح اعتكاف إل بنية ،لنه عبادة مضة ،ولديث« :إنا العمال
بالنيات».
و من نذر العتكاف أو ال صلة ف م سجد غ ي الثل ثة ،و هي :ال سجد
الرام ،ومسجد الدينة ،والسجد القصى :جاز له أن يعتكف ف غيه لنه ل
مزية لبعضها على بعض.
وإن نذر أن يعتكف ف السجد الرام لزمه أن يعتكف فيه لا روي عن
عمر أنه سأل النب :قال :كنت نذرت ف الاهلية أن أعتكف ليلة ف
السجد الرام قال« :أوف بنذرك».
ولنه أفضل من سائر الساجد ،ول يوز أن يُسقط فرضه با دونه.
231
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وإن نذر أن يعت كف ف م سجد الدي نة جاز له أن يعت كف ف ال سجد
الرام ،لنه أفضل منه ،ول يز أن يعتكف ف السجد القصى ،لن مسجد
النب أفضل منه.
وإن نذر أن يعتككف فك السكجد القصكى جاز له أن يعتككف فك أي
السجدين أحب لنما أفضل منه .بدليل قوله « :صلةٌ ف مسجدي هذا
أفضل من ألف صلة فيما سواه إل السجد الرام».
ول يوز للمعت كف أن يرج من ال سجد لغ ي عذر ،ل ا روت عائ شة
ر ضي ال عنها قالت« :إن ر سول ال ليد خل على رأسه وهو ف ال سجد
فأرجله ،وكان ل يدخل البيت إل لاجة إذا كان معتكفا».
وعن ها ر ضي ال عن ها قالت« :ال سُنة على العت كف أن ل يعود مريضا،
ول يشهد جنازة ،ول يس امرأة ول يُباشرها ،ول يرج لاجة إنسان إل ما
ل بد منه ،ول اعتكاف إل بصوم ،ول اعتكاف إل ف مسجدٍ جامع».
فإن خرج مكن غيك عذر بطكل اعتكافكه ،لن العتكاف :اللبكث فك
ال سجد ،فإذا خرج فقد فعل ما ينافيه من غي عذر كما لو أكل ف الصوم
ذاكرا.
ويوز أن يرج لاجة النسان ول يبطل اعتكافه ،وكذا إن خرج من
السجد ناسيا ل يبطل اعتكافه ،لقوله « :رُفع عن أمت الطأ والنسيان وما
استكرهوا عليه».
ويستحب للمعتكف التشاغل بفعل القرب كقراءة القرآن ،والحاديث
الصحيحة ،والصلة ،وذكر ال ،ونو ذلك.
وسن له اجتناب ما ل يعنيه من جدل ومرا ٍء وكثرة كلم لا ورد عن أب
الناهل السان ف دروس رمضان 378
هريرة قال :قال رسول ال « :من حُسن إسلم الرء تركه ما ل يعنيه».
الل هم وفقنا لصال العمال ،ون نا من جيع الهوال ،وأم نا من الفزع
ال كب يوم الر جف والزلزال ،واغ فر ل نا ولوالدي نا ،ولم يع ال سلمي الحياء
منهم واليتي برحتك يا ارحم الراحي ،وصلى ال على ممدٍ وآله وصحبه
أجعي.
قُمْ فِي الدّجَى يَا َأّيهَا الْمُتَعَْدُ
ق السِرَةِ تَرْقَد حَتّى مَتَى فَو َ
قُمْ وادْعُ مَولَكَ اّلذِي خَلَقَ
وَالصّبْحَ وامضِ َفقَد دَعَاكَ
وَاسْتَغفرِ الَ العَظِيمَ بذِلّةٍ
وَاطَلبْ رضاهُ فجُودُهُ لَ يَنَفْذُ
وَانْدَمْ عَلَى مَا فاتَ واندبْ مَا
بالمسِ واذْكُرْ مَا يَجَيء ِبهِ الغَدُ
وَاضرعُ وَقُلْ :يَا رَبّ عَفْوَكَ
مِنْ دُون عَفْوك لَيْسَ لِي مَا يَعْضُدُ
أسَفا عَلَى عُمْرِي اّلذِي ضِيّعْتُهُ
ت فَوْقِي تَرْصُدُ تَحْتَ ال ّذنُوب وََأنْ َ
يَا رَبّ ل أَحْسِبْ مَرارَةَ
عَنْ زَلةٍ َق ْد ذَابَ مِنْهَا الْمَورِدُ
يَا رَبّ َقدْ ثَقُلَتْ عَلَيّ كَبائِر
بِإزاء عَيْنِي لَمْ تَزَلْ تَتَرَدّدُ
يَا رَبّ مَالِي غَي لُطْفِكَ مَلْجَأً
233
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وَلعَلّنِي عَن بَابِهِ لَ أُطرد
يَا رَبّ هَبْ لِي تَوْبَةً أَقْضِي
دَيْنا عَلَيّ ِبهِ جَلَلُكَ يَشْهَدُ
أَنْتَ الْخَبِيُ بِحَالِ عَبْدِكَ إِنّهُ
بِسَلسِل الوزرِ الثّقِيْلِ مُقَيّدُ
ع يَلْتِجي
أَنْتَ الْمُجِيبُ ِل ُكلّ دَا ٍ
أَنْتَ الِمجيُ لِ ُكلّ مَنْ يَسْتَنْجِدُ
مِنْ أَيّ بَحْرٍ غَيْرَ بَحْرِكَ
وَليّ بِابٍ غَيْرَ بِابِكَ نَقْصُدُ
الل هم وفقنا لصال العمال ،ون نا من جيع الهوال ،وأم نا من الفزع
ال كب يوم الر جف والزلزال ،واغ فر ل نا ولوالدي نا ،ولم يع ال سلمي الحياء
منهم واليتي برحتك يا أرحم الراحي ،وصلى ال على ممدٍ وآله وصحبه
أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
ف بناء الساجد وآدابا
ويبحث ف:
– 1ما ورد ف الث على بناء الساجد وثوابا العظيم.
– 2ما ورد ف صيانة الساجد عن القذار وتنظيفها.
– 3ما ورد ف تنب آ كل البصل والثوم الصلة ف ال ساجد ،وإبعاد
الصغي والجنون.
– 4ينبغي تنيب الساجد البيع والشراء ورفع الصوت ونشدان الضالة
فيها.
– 5حرمة البالغة ف زخرفة الساجد.
– 6كراهة التزام موضع معي من السجد للصلة لغي المام.
– 1ما ورد ف الث على بناء الساجد ،وثوابا العظيم:
بناء الساجد ف المصار والقرى والحال ونوها حسب الاجة فرض
كفايكة ويُسكتحب اتاذ السكاجد فك الدور ،وتنظيفهكا وتطييبهكا ،قال تعال:
ت َأذِ نَ اللّ ُه أَ ْن ُترْفَ َع َوُيذْ َكرَ فِيهَا ا سْ ُمهُ … ال ية ،ول ا روت
فِي بُيُو ٍ
عائشة رضي ال عنها قالت« :أمر رسول ال ببناء الساجد ف الدور ،وأن
تُنظف وتُطيب».
وعن عثمان بن عفان قال :سعت ر سول ال يقول « :من ب ن ل
مسجدا بن ال له مثله ف النة».
قال« :من بن ل مسجدا وعن ابن عباس رضي ال عنهما عن النب
235
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ولو كمفحص قطاةٍ بن له بيتا ف النة».
وعن عمر بن الطاب قال :سعت رسول ال يقول « :من بن ل
مسجدا يُذكر فيه ال ،بن ال له بيتا ف النة».
وروي عن أب هريرة قال :قال رسول ال « :من بن بيتا يُعبد ال
فيه ،من مالٍ حلل بن ال له بيتا ف النة».
وروي عن عائشة رضي ال عنها عن النب قال« :من بن مسجدا ل
يريد ريا ًء ول سعة بن ال له بيتا ف النة».
و عن أ ب هريرة قال :قال ر سول ال « :إن م ا يل حق الؤ من من
عمله وحسهناته بعهد موتهه :علما علمهه ونشره أو ولدا صهالا تركهه ،أو
مصحفا ورثه ،أو مسجدا بناء أو بيتا لبن السبيل بناه؛ أو نرا أجراه ،أو
صدقةً أخرجها من ماله ف صحته وحياته ،تلحقه من بعد موته».
وأ حب البلد إل ال م ساجدها ،وأب غض البلد إل ال أ سواقها ،ف عن
أبك هريرة عكن النكب قال« :أحهب البلد إل ال مسهاجدها ،وأبغهض
البلد إل ال أسواقها».
– 2ما ورد ف صيانة الساجد وتنظيفها:
ويُسن صيانة الساجد عن كل وسخ ،وقذر ،وقذاة ،ومُخاط ،وبُصاق،
وتقل يم أظفار ،و قص شارب ،وحلق رأس ،ون تف إ بط ،ل ا ورد عن أ نس
قال :قال رسكول ال « :عُرضهت علي ّ أجور أعمال أمته حته القذاة
يُخرجها الرجل من السجد».
و عن أ نس قال :قال ر سول ال « :البُ صاق ف ال سجد خطيئة،
وكفارتا دفنها».
الناهل السان ف دروس رمضان 378
و عن أ ب هريرة أن امرأة سوداء كانت تقم ال سجد ففقدها رسول
ال ف سأل عن ها ب عد أيام ،فق يل له :إن ا ما تت ،فقال« :فهل أذنتمو ن»؟
فأتى قبها فصلى عليها.
وعن سرة بن جندب قال :أمرنا رسول ال أن نتخذ الساجد ف
ديارنا ،وأمرنا أن ننظفها.
وعن ابن عمر رضي ال عنهما قال بينما رسول ال يطب يوما ،إذ
رأى نامة ف قبلة السجد فتغيظ على الناس ،ث حكها - ،قال وأحسبه قال
« :-فد عا بزعفران فلط خه به ،وقال« :إن ال عز و جل ق بل و جه أحد كم
إذا صلى ،فل يُبصق بي يديه».
و عن حذيفة قال :قال ر سول ال « :من ت فل تاه القبلة جاء يوم
القيامة وتفله بي عينيه» وعن أب سهلة السائب بن خلد من أصحاب النب
ل أم قوما فبصق ف القبلة ورسول ال ينظر فقال رسول ال حي أن رج ً
فرغ« :ل يُصلي لكم هذا» ،فأراد ب عد ذلك أن يُصلي لم فمنعوه وأخبوه
بقول رسول ال فذكر ذلك لرسول ال فقال« :نعم ،وحسبت أنه قال:
إنك آذيت ال ورسوله».
– 3ما ورد ف تنب آكل البصل والثوم الصلة ف الساجد:
يُسن صيانة الساجد عن رائحة كريهة من بص ٍل وثوم وكُراث ونوها،
لا ورد عن أنس قال :قال النب « :من أكل من هذه الشجرة فل يقربنا
ول يُصلي معنا».
و عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما أن ال نب قال « :من أ كل من هذه
الشجرة – يعن الثوم – فل يقربن مسجدنا».
237
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وعكن جابر قال :قال رسكول ال « :مهن أكهل ثوما أو بصهلً،
فليعتزلنا – أو ،فليعتزل مسجدنا».
وفك روايكة لسكلم« :مهن أكهل البصهل والثوم والكراث ،فل يقربهن
مسجدنا فإن اللئكة تتأذى ما تأذى منه بنو آدم».
و عن ع مر بن الطاب أ نه خ طب يوم الم عة ،فقال ف خطب ته ،ث
إن كم أي ها الناس تأكلون شجرت ي ل أراه ا إل خبيثتي ،الب صل والثوم ول قد
رأيت رسول ال إذا وجد ريهما من الرجل ف السجد أمر به فأخرج إل
البقيع ،فمن أكلهما فليُمتهما طبخا.
اللهم انظمنا ف سلك أهل السعادة ،واجعلنا من عبادك الحسني الذين
لم السن وزيادة ،واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء منهم واليتي
برحتك يا أرحم الراحي ،وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
(فصههل)
يُسن أن يُصان السجد عن صغي ل يُميز لغي مصلحة ،وأن يُصان عن
منون حال جنونه ،وعن لغط ،وخصومة وكثرة حديث ل غٍ ،ورفع صوتٍ
بكروه ،وعن رفع الصبيان أصواتم باللعب وغيه ،ويُمنع فيه اختلط الرجال
والن ساء ،وإيذاء ال صلي وغي هم بقولٍ أو فعلٍ ،ويُم نع ال سكران من دخوله،
وعكن واثلة بكن السكقع :أن النكب قال« :جنبوا مسهاجدكم صهبيانكم
ومانينكهم وسهل سهيوفكم ،واتذوا على أبواباه الطاههر وجروهها فه
المع».
وعن عبد ال بن مسعود قال :قال رسول ال « :سيكون ف آخر
الزمان قومٌ يكون حديثهم ف مساجدهم ليس ل فيهم حاجة».
الناهل السان ف دروس رمضان 378
و عن حك يم بن حزام قال :قال ر سول ال « :ل تُقام الدود ف
الساجد ،ول يُستقاد فيها».
وعن السن رحه ال مُرسلً قال :قال رسول ال « :يأت على الناس
زمان يكون حديثهم ف مساجدهم ف أمر دنياهم فل تُجالسوهم فليس ل
فيهم حاجة».
و عن ال سائب بن يز يد قال« :ك نت نائما ف ال سجد فح صبن ر جل
فنظرت فإذا هو ع مر بن الطاب ،فقال :اذ هب فأت ن بذ ين ،فجئ ته ب ما،
فقال :م ن أنت ما – أو من أ ين أنت ما؟ قال :من أ هل الطائف ،قال :لو كنت ما
من أهل الدينة لوجعتكما ،ترفعان أصواتكما ف مسجد رسول ال ».
و عن مالك قال :ب ن ع مر رح بة ف ناح ية تُ سمى "البطحاء" ،وقال
مكن كان يُريكد أن يلغكط أو يُنشكد شعرا ،أو يرفكع صكوته فليخرج إل هذه
الرحبة.
وعن أب هريرة قال :قال رسول ال :إذا اتذ الفيء دُو ًل والمانة
مُغنما والزكاة مغرما ،وتُعلّمَك لغيك الديكن ،وأطاع الرجكل امرأتكه وعكق ُأمّهكُ،
وأدنَى صديقه أباه ،وظهرت ال صوات ف ال ساجد و ساد ال قبيلة فا سقهم،
وكان زعيكم القوم أرذلمك ،وأُكرم الرجكل مافكة شره ،وظهرت القينات
والعازف ،وشُر بت المور ،ول عن آ خر هذه ال مة أول ا ،فارتقبوا ع ند ذلك
ريا حراء وزلزلة وخ سفا وم سخا ،وقذفا وآيات تتا بع كنظام ق طع سلكه
فتتابع".
239
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
– 4ينب غي تن يب ال ساجد الب يع والشراء ،ور فع ال صوت ونُشدان
الضالة فيها:
ويُحرم ف ال سجد الب يع والشراء ،فإن ف عل فالب يع با طل لد يث عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده قال« :نى رسول ال عن البيع والبتياع وعن
تناشكد الشعار فك السكاجد» رواه أحدك وأبكو داود ،والنسكائي ،والترمذي
وحسنه.
ويُسن أن يُقال لن باع أو اشترى ف السجد :ل أربح ال تارتك ،لا
ورد عن أ ب هريرة قال :قال ر سول ال « :إذا رأي تم من يبيع أو يبتاع
ف السهجد فقولوا :ل أر بح ال تارتهك وإذا رأي تم من ينشهد ف يه ضالة
فقولوا :ل ردها ال عليك» رواه الترمذي والدارمي.
وم ا ينب غي التف طن له ،والتحذ ير م نه وإبعاده عن ال ساجد الك تب ال ت
فيها صور ذوات الرواح ،كالجاء للسنة الول البتدائية ،وكالطالعة لسائر
ال سنوات ،وكالعلوم ،فإن ب عض التلم يذ يأتون ب ا إل ال ساجد ليُطالعوا في ها
وإذا تلقت وضعها ف السجد ،وقد ورد عن ابن عمر رضي ال عنهما قال:
و عد ر سول ال جب يل أن يأت يه فراث عل يه ح ت اش تد على ر سول ال ،
فخرج فلقيكه جبيكل ،فشككا إليكه ،فقال« :إنها ل ندخهل بيتا فيهه كلب ول
صورة» رواه البخاري.
ويُسكن صكون السكجد عكن إنشاد شع ٍر قبيكح ،وإنشاد ضالة ونُشداناك،
ويُ سن ل سامع نُشدان الضالة أن يقول :ل رد ها ال عل يك ،ل ا ورد عن أ ب
ل يُن شد ف ال سجد ضالة هريرة قال :قال ر سول ال « :من سع رج ً
الناهل السان ف دروس رمضان 378
فليقل :ل أداها ال إليك .فإن الساجد ل تُب لذا» رواه أحد ومسلم وابن
ماجة.
ل نشد ف السجد فقال :من دعا إل المل الحر؟ وعن بريدة :أن رج ً
فقال النكب « :ل وجدت ،إناه بُنيهت السهاجد لاه بُنيهت له» رواه أحدك
ومسلم وابن ماجة.
241
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
– 5حُرمة البالغة ف زخرفة الساجد:
وترم زخرفت ها بنق شٍ و صبغ وكتاب ٍة وغ ي ذلك م ا يُل هي ال صلي عن
صلته غالبا ،وإن فُ عل ذلك من مال الو قف حرم فعله ،وو جب ضمان مال
الوقف الذي صُرف فيه ل لصلحةٍ فيه.
عكن ابكن عباس رضكي ال عنهمكا قال :قال رسكول ال « :مها أُمرت
بتشييد الساجد» قال ابن عباس رضي ال عنهما« :لتزخرفنها كما زخرفت
اليهود والنصارى» رواه أبو داود.
وعن أنس أن النب قال« :ل تقوم الساعة حت يتباهى الناس ف
الساجد» رواه المسة إل الترمذي.
وقال البخاري رحه ال قال أبو سعيد :كان سقف السجد من جريد
النخل ،وأمر عمر ببناء السجد ،وقال :أكن الناس من الطر وإياك أن تُحمر
أو تُ صفر فتف ت الناس .وينب غي أن ل ي ستعمل الناس ح صر ال سجد وقناديله
وسجاجيده وبُسطه وسائر ما وقف لصاله ف مصالهم ،كالعراس ويب
صرف الوقف للجهة الت عينها.
– 6كراهة التزام موضع مُعي من السجد للصلة ،لغي المام:
ويُكره لغ ي المام مداو مة مو ضع مع ي من السجد ل ُي صلى إل ف يه ،لا
ورد عن عبد الرحن بن شبل قال :نى رسول ال عن نقرة الغراب ،وافتراش
ال سبع وأن يُو طن الر جل الكان ف ال سجد ك ما يُو طن البع ي .رواه أ بو داود،
والنسائي والدارمي .فإن لغيه اللوس فيه ،لديث (من سبق إل مباح فهو له)
قال ف الختيارات الفقهية وإذا فرش مُصلى ول يلس عليه ليس له ذلك ولغيه
رف عه ف أظ هر قول العلماء قلت ومثله و ضع خر قة أو ع صا أو ن عل أو تقد ي
الناهل السان ف دروس رمضان 378
خادم أو ولد ث إذا حضر قام عنه وجلس فيه فهذا ل يوز وال أعلم.
وقال فك إغاثكة اللهفان ول يُصكل رسكول ال على سكجادة قكط ول
كانت السجادة تُفرش بي يديه بل كان يُصلي على الرض وربا سجد على
الطي وكان يُصلي على الصي فيُصلي على ما اتفق بسطه فإن ل يكن شيء
صلى على الرض.
قال الناظم لختيارات شيخ السلم بن تيمية رحه ال:
وَوَضْعُ الْمُصَلى فِي الْمَسَاجِدِ
س مِن الْهُدَي القَويِمِ الُحَمّدِوَلَيْ َ
وَتَقْدِيْمُهُ فِي الصّفّ حَجْرٌ
وَغَصْبٌ لَهَا عَن دَاخِلٍ مُتَعَبّدِ
وَيُشْبِهُهُ وَضْعُ العَصَاءِ
كَحُكْم الْمُصَلّي فِي ابْتِدَاعِ
بَلَى مُسْتَحَبّ أن يُمَاطَا وَيُرفَعَا
عَن الدّاخِليَ الرّاكِعِيَ بِمَسْجِدِ
لَئنْ لَمْ يَكُنْ َهذَا بِنَصٍٍ مُقَرّرٍ
وَل فِعْلُ أَصْحَابِ النّبِيّ مُحَمّدِ
فَخَيْرُ الُمُورِ السّالِفَاتِ عَلَى
وَشَرّ الُمورِ الْمُحْدَثَاتُ فَبَعدِ
اللهم ألقنا بعبادك الصالي البرار ،وآتنا ف الدنيا حسنة وف الخرة
حسنة ،وقنا عذاب النار ،واغفر لنا ولوالدينا ،ولميع السلمي الحياء منهم
واليت ي ،برح تك يا أر حم الراح ي ،و صلى ال على سيدنا ممدٍ وعلى آله
وصحبه أجعي.
243
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
ف اليام الت يُسن أو يُكره صيامها
ويبحث ف:
– 1ما ورد من الثواب العظيم ف صوم بعض اليام.
– 2بيان اليام الت يُكره أو يَحرُم صيامها ،والنهي عن التشبه بالغي.
– 1ما ورد من الثواب العظيم ف صوم بعض اليام:
يُسن صيام أيام البيض ،وهي الثالث عشر والرابع عشر والامس عشر،
لا ورد عن أب ذر قال :قال رسول ال « :إذا صمت من الشهر ثلثا،
فصم :ثلث عشرة وأربع عشرة وخس عشرة» رواه الترمذي.
وعكن قتادة بكن ملحان قال :كان رسكول ال يأمرنكا بصكيام أيام
البيض ثلث عشرة وأربع عشرة وخسة عشرة ،رواه أبو داود.
و عن أ ب هريرة قال :أو صان خليلي ب صيام ثل ثة أيام من كل
شهر ،وركعتا الضحى ،وأن أوتر قبل أن أنام ،متفق عليه.
وعكن أبك الدرداء قال أوصكان خليلي بثلث ،لن أدعهكن مكا
ع شت :ب صيام ثل ثة أيام من كل ش هر ،و صلة الض حى وبأن ل أنام ح ت
أوتر ،رواه مسلم.
ويُسن صيام أيام الثني والميس ،وستٍ من شوال ،لا ورد عن أب
قتادة رضي ال عنه أن رسول ال سُئل عن صوم يوم الثني فقال« :ذلك
اليوم يوم ولدت فيه ،ويوم بُعثت فيه ،وأُنزل عليّ فيه» رواه مسلم.
عن ر سول ال « :تُعرض العمال يوم الثن ي، و عن أ ب هريرة
الناهل السان ف دروس رمضان 378
والميس فأحب أن يُعرض عملي وأنا صائم» رواه الترمذي وقال :حدي ثٌ
حسن ورواه مسلم بغي صوم.
وعن أب أيوب النصاري أن رسول ال قال« :من صام رمضان،
ث أتبعه ستا من شوال ،كان كصيام الدهر» رواه مسلم.
وا ستحب صيام ستة أيام من شوال أك ثر العلماء وروي ذلك عن ا بن
عباس وطاوس والشعب ،وميمون بن مهران ،وهو قول ابن البارك – رحهم
ال – وأكثر العلماء :على أنه يُستحب صيامها مُتتابعة أول الشهر ثان الفطر،
و قد رُوي ف ذلك حد يث مرفوع « :من صام ستة أيام ب عد الف طر متتاب عة
فكأنا صام السنة» أخرجه الطبان وغيه.
و ف حد يث عمران بكن حُصكي عن ال نب أ نه قال لر جل« :إذا
أفطرت فصم» وإنا كان صيام رمضان وإتباعه بستٍ من شوال يعدل صيام
الدهر لن السنة بعشر أمثالا.
و قد جاء ذلك مف سرا من حد يث ثوبان عن ال نب أ نه قال « :صيام
رمضان بعشرة أشهر ،وصيام ستة أيام بشهرين ،فذلك صيام السنة ،يعن
صيام رمضان وستة أيام بعده» أخرجه :المام أحد والنسائي .وهذا لفظه.
وخرجه :ابن حبان ف صحيحه .وصححه أبو حات الرازي.
ويُسن صيام يوم عرفة لغي حاج با ،وشهر الحرم ،وآكده العاشر ،ث
التاسع ،لا ورد عن أب هريرة قال :قال رسول ال « :أفضل الصيام بعد
رمضان ش هر ال الحرم ،وأف ضل ال صلة ب عد الفري ضة صلة الل يل .رواه
مسلم».
يا رسول ال .كيف من يصوم وف حديث أب قتادة قال :قال عمر
245
377 الناهل السان ف دروس رمضان
الدهكر كله؟ قال« ":ل صهام ول أفطهر» وقال« :ل يصهم ول يُفطهر» قال:
ك يف من ي صوم يوم ي ويف طر يوما؟ قال« :ويط يق أ حد» قال :ك يف من
ي صوم يوما ويف طر يوما؟ قال« :ذلك صوم داود» ،قال :ك يف من ي صوم
يوما ويف طر يوم ي؟ قال« :وددت أ ن طو قت ذلك» ث قال ر سول ال :
«ثلث من كل شهر ،ورمضان إل رمضان ،فهذا صيام الدهر كله ،صيام
يوم عر فة احت سب على ال أن يُك فر ال سنة ال ت قبله وال سنة ال ت بعده،
وصهيام يوم عاشوراء احتسهب على ال أن يُكفهر السهنة الته قبله» .رواه
مسلم.
صام يوم عاشوراء و عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما أن ر سول ال
وأمر بصيامه .متفق عليه.
وعنه رضي ال عنهما« :لئن بقيت إل قابل ،لصومن التاسع» متفق عليه.
وعن أب هريرة أن رسول ال « :نى عن صوم يوم عرفة بعرفة»
رواه أبو داود والنسائي وابن خزية ف صحيحه.
ويُسن صيام تسع ذي الجة ،لا ورد عن ابن عباس رضي ال عنهما
قال :قال ر سول ال « :ما من أيام الع مل ال صال في ها أ حب إل ال من
هذه اليام» يع ن أيام الع شر ،قالوا :يا ر سول ال ،ول الهاد ف سبيل ال،
قال« :ول الهاد ف سبيل ال إل رجلٌ خرج بنف سه وماله فلم ير جع من
ذلك بشيء» رواه البخاري.
و عن أ ب هريرة قال :قال ر سول ال « :ما من أيام أ حب إل ال
أن يُتع بد له في ها من أيام الع شر ،وإن صيام يوم في ها ليعدل صيام سنة،
وليلة فيها بليلة القدر» رواه ابن ماجة والترمذي وقال حديث غريب.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
اللهم إنا نسألك التوبة ودوامها ،ونعوذ بك من العصية وأسبابا ،ال
أ فض علي نا من ب ر كر مك وعو نك ح ت نرج من الدن يا على ال سلمة من
وبال ا وارأف ب نا رأف َة ال بيب ب بيبه ع ند الشدائد ونزول ا ،وارح نا من هوم
الدنيا وغمومها بالروح والريان إل النة ونعيمها ،ومتعنا بالنظر إل وجهك
الكر ي ف جنات النع يم :مع الذ ين أنع مت علي هم من ال نبيي وال صديقي
والشهداء وال صالي ،واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي ،الحياء من هم
واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي ،و صلى ال على مم ٍد وعلى آله و صحبه
أجعي.
247
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
ف بيان اليام الت يُكره أو يُحرم صيامها
والنهي عن التشبه بالغي
ويُكره إفراد رجب بالصوم ،والمعة والسبت ،أما رجب :فلما روى
أحد رحه ال عن خرشة بن الُر قال :رأيت عمر يضرب أكف الُترجبي
حت يضعوها ف الطعام ،ويقول كُلوا فإنا هو شه ٌر كانت تُعظمه الاهلية.
وبإ سناده عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما أ نه كان إذا رأى الناس و ما
يُعدونه لرجب كرهه وقال« :صوموا منه وأفطروا».
وأ ما الم عة ،فل ما ورد عن أ ب هريرة عن ال نب قال« :ل تصوا
ليلة المعة بقيا ٍم من بي الليال ،ول تصوا يوم المعة بصيا ٍم من بي اليام
إل أن يكون ف صوم يصومه أحدُكُم» رواه مسلم.
وع نه قال :قال ر سول ال « :ل ي صومن أحدُكُم يوم الم عة إل
أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده» مُتفق عليه.
وأما السبت فلما روي عن عبد ال بن بُسر عن أخته رضي ال عنهما
أن رسول ال قال« :ل تصوموا يوم السبت إل فيما افترض عليكم ،فإن
ل ي د أحد كم إل لِحاء عن بة ،أو عود شجرة فليمض غه» رواه الم سة إل
النسائي.
ويُكره تقدم رمضان بصكوم يوم أو يوميك ،لاك ورد عكن أبك هريرة
قال :قال ر سول ال « :ل تقدموا رمضان ب صوم يوم ول يوم ي إل ر جل
كان يصوم صوما فليصمه» متفق عليه.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ويُكره صوم الدهر ،لديث عبد ال بن عمر رضي ال عنهما قال :قال
رسول ال « :ل صام من صام البد» متفق عليه.
ولسلم من حديث أب قتادة بلفظٍ« :ل صام ول أفطر».
ويُكره صكوم النيوز والهرجان وككل عيكد للكفار ،أو يوم يُفردونكه
بالتعظيم ،لا فيه من موافقة الكفار ف تعظيمها ،قال عبد ال بن عمر رضي
ال عنه ما :من تأ سى ببلد العا جم نيوز هم ومهرجان م وتش به ب م ح ت
يوت حشر معهم.
قال الشيكخ وغيه :مكا ل يوافكق عادة أو يصكمه عكن نذر ونوه ،قال:
وكذلك يوم الم يس الذي يكون ف آ خر صومهم كيوم (ع يد الائدة) ويوم
الحد الذي يسمونه (عيد الفصح) و(عيد النور) و(العيد الكبي) ونو ذلك،
ليس للمسلم أن يُشابهم ف أصله ول ف وصفه.
وقال :ل يل للمسلمي أن يتشبهوا ف شيء ما يتص بأعيادهم ،ل من
طعام ،ول مكن لباس ،ول اغتسكال ،ول إيقاد نيان ،ول تبطيكل عادة مكن
معيشة أو عبادة أو غي ذلك ،ول تُمكن الصبيان ونوهم من اللعب الت ف
العياد ،ول إظهار زينة.
وبالملة ليس لم أن يصوا أعيادهم بشيءٍ من شعائرهم بل يكون يوم
عيدهم عند السلمي كسائر اليام ،ل يصه السلمون بشيءٍ من خصائصهم.
وت صيصه ب ا تقدم فل نزاع فيه ب ي العلماء ،بل قد ذهبت طائ فة من
العلماء إل كفر من يفعل هذه المور :لا فيها من تعظيم شعائر الكفر.
وقد اشترط عمر والصحابة وسائر أئمة السلمي أن ل يُظهروا أعيادهم
ف ديار السلمي فكيف إذا أظهرها السلمون؟ حت قال عمر بن الطاب :ل
249
377 الناهل السان ف دروس رمضان
تتعلموا رطانة العاجم ،ول تدخلوا على الشركي ف كنائسهم يوم عيدهم،
فإن السخطة تنل عليهم ،وإذا كان كذلك ،فكيف بن يفعل ما يسخط ال
به عليهم ما هو من شعائرهم؟ وقال عمر :ما تعلم رجل الفارسية إل خب
ول خب إل نقصت مروءته.
شهَدُو َن
وقد قال غي واحد من السلف ف قوله تعال :وَالّذِي نَ ل َي ْ
الزّورَ قال :أعياد الكفار ،فإذا كان هذا ف شهود ها من غ ي ف عل ،فك يف
بالفعال الت هي من خصائصها؟!
وقد روي عن النب ف السند والسنن أنه قال « :من تشبه بقوم فهو
منهم» ،وف لفظ« :ليس منا من تشبه بغينا» وهو حديث جيد ،فإذا كان
هذا ف التشبه – وإن كان من العادات – فكيف التشبه بم فيما هو أبلغ من
ذلك؟.
وقال شيخ السلم رحه ال اعتياد اللغة يؤثر ف العقل واللق والدين
تأثيا قويا بيّنا ب سب تلك الل غة وقال ف اقتضاء ال صراط ال ستقيم عن نا فع
عن ا بن ع مر قال :قال ر سول ال « :من يُح سن أن يتكلم بالعرب ية فل
يتكلم بالعجمة فإنه يورث النفاق».
قال ابن القيم رحه ال على حديث « :من تشبه بقو ٍم فهو منهم» أي
بالندماج وتلشكت شخ صيته في هم ف ما يكون ذلك إل عن تعظ يم وإكبار
ل م ،ف هو لذلك يُل غي شخ صيته ويتل شى ف شخ صية الخر ين ،ف من تش به
بالر سول وأ صحابه بإلغاء شخ صية الاهل ية ال سفيهة ،واند مج ف معنو ية
الرسول وأصحابه علما وعملً واعتقادا وأدبا ،فهو بل شك منهم.
ومن تشبه بالفرنج ف لباسهم وأخلقهم ونظمهم ومعاملتهم فهو بل
الناهل السان ف دروس رمضان 378
شك إفرن ي غ ي م سلم ،وإن صلى و صام وز عم أ نه م سلم ،فلهذا التش به
ونتائ جه الدين ية والدنيو ية نرى العظم ي للن صارى والوثني ي الري صي على
التشبه بم والندماج فيهم يُعاونونم على الضرر بدينهم وبلدهم وأمهم عن
قصد وعن غي قصد أهك.
ويُكره وصال إل من النب ،لا ورد عن أب هريرة قال نى رسول
ال عن الو صال ،فقال ر جل من ال سلمي :فإ نك توا صل يا ر سول ال
فقال« :وأيكم مثلي إن أبيت يُطعمن رب ويسقين» فلما أبوا أن ينتهوا عن
الوصكال واصكل بمك يوما ثك يوما ،ثك رأوا اللل فقال« :لو تأخهر اللل
لزدتكم» كالُنكل لم حي أبوا أن ينتهوا ،متفق عليه.
ول يوز صكوم العيديكن عكن فرض أو تطوع ،وإن قصكد صكيامها كان
عاصيا ،ول يُجزئ عن الفرض.
ول يوز صيام أيام التشر يق إل عن دم مُتعةٍ وقران ،لاك ورد عن أ ب
سعيد الدري عن ر سول ال « :أ نه ن ى عن صوم يوم ي :يوم الف طر،
ويوم النحر» متفق عليه.
وروى أ بو عب يد مول أز هر ،قال :شهدت الع يد مع ع مر بن الطاب
فقال« :هذان يومان نىك رسكول ال عكن صكيامهما :يوم فطرككم مكن
صيامكم ،واليوم الخر تأكلون فيه من نُسككم» متفقٌ عليه.
وأما أيام التشريق ،فلما روي عن نبيشة الذل قال :قال رسول ال
« :أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر ال عز وجل» رواه مسلم.
وعن عائشة وابن عمر رضي ال عنهم أن النب «نى عن صوم خسة
أيام ف السنة :يوم الفطر ،ويوم النحر ،وثلثة أيام التشريق» رواه الدارقطن.
251
377 الناهل السان ف دروس رمضان
الل هم ا سلك ب نا م سلك ال صادقي البرار ،وألق نا بعبادك ال صطفي
الخيار ،وأتنا ف الدنيا حسنة وف الخرة حسنة ،وقنا عذاب النار.
الل هم أح يي قلوبا أمات ا البُ عد عن با بك ،ول تُعذب نا بأل يم عقا بك يا
أكرم مكن سكح بالنوال وجاد بالفضال ،اللهكم أيقظنكا مكن غفلتنكا بلطفكك
وإحسانك ،وتاوز عن جرائمنا بعفوك وغفرانك ،واغفر لنا ولوالدينا ولميع
ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على
مُحمد وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
ف الث على تقوى ال عز وجل
عباد ال عليككم بتقوى ال فإناك وصكية ال للوليك والخريكن ،قال ال
ب ِم ْن َقْبِل ُك ْم َوِإيّا ُك ْم َأ ِن اّتقُوا الّل َه فما
صْينَا اّلذِي َن أُوتُوا اْل ِكتَا َ
تعالَ :وَل َق ْد َو ّ
من خ ي عا جل ول آ جل ظا هر ول با طن إل وتقوى ال سبي ٌل مو صلٌ إل يه،
ووسيلة مبلغة له ،وما من شر عاجل ول آجل ظاهر ول باطن إل وتقوى ال
عز وجل حرز متي وحصن حصي للسلمة منه والنجاة من ضرره.
و كم علق ال العظ يم ف كتا به العز يز على التقوى من خيات عظي مة
و سعادات ج سيمة من ذلك الع ية الا صة الُقتض ية للح فظ والعنا ية والن صر
والتأييد ،قال تعال :وَاتّقُوا اللّ َه وَاعْلَمُوا أَنّ اللّهَ مَ َع الْمُّتقِيَ ،ومن ذلك
الحبة لن اتقى ال ،قال ال تعال :فَمَا ا سَْتقَامُوا َلكُ مْ فَا سَْتقِيمُوا َلهُ مْ إِنّ
اللّهَهيُحِبّ الْمُّتقِيَ ،و من ذلك التوف يق للعلم ،قال تعال :وَاتّقُوا اللّهَه
َوُيعَلّ ُمكُ ُم اللّ هُ و من ذلك ن في الوف والزن عن الت قي ال صلح قال ال
ح َزنُو نَ
ح فَل خَوْ فٌ عَلَ ْيهِ ْم وَل هُ ْم يَ ْ تعال :قال تعال :فَمَ نِ اّتقَى وَأَ صْلَ َ
و من ذلك الفرقان ع ند الشتباه ووقوع الشكال والكفارة لل سيئات والغفرة
ُمه
ج َعلْ َلك ْ ّهه يَ ْ
ِنه تَّتقُوا الل َ
ِينه َآمَنُوا إ ْ
للذنوب ،قال ال تعال :يَا َأيّهَا الّذ َ
ضلِ اْلعَظِيمِ . ُف ْرقَانًا وَُيكَ ّفرْ عَ ْن ُكمْ سَيّئَاتِ ُك ْم وََي ْغ ِفرْ َلكُ ْم وَال ّل ُه ذُو اْلفَ ْ
ومن ذلك النجاة من النار قال ال تعالَ :وإِ ْن مِ ْنكُ ْم إِل وَا ِردُهَا كَانَ
ك حَتْمًا َمقْضِيّ ا * ثُمّ نُنَجّ ي الّذِي نَ اّت َقوْا وقال تعال :وَيُنَجّ ي عَلَى َربّ َ
ح َزنُو نَ ومن ذلك س ُه ُم ال سّوءُ وَل هُ مْ يَ ْ
اللّ ُه الّذِي َن اتّ َقوْا بِ َمفَا َزِتهِ مْ ل يَمَ ّ
الخرج من الشدائد والرزق من ح يث ل يت سب ،قال تعالَ :ومَ نْ يَتّ قِ
253
377 الناهل السان ف دروس رمضان
حَتسِبُ .
ث ل يَ ْ
خ َرجًا * وََيرْ ُز ْقهُ ِم ْن حَيْ ُ
ج َع ْل َلهُ مَ ْ
ال ّلهَ يَ ْ
ج َع ْل لَ هُ مِ نْ أَ ْمرِ هِ
و من ذلك الي سر ،قال ال تعال :وَمَ نْ يَتّ قِ اللّ َه يَ ْ
سرًا ومن ذلك عظم الجر ،قال تعال :وَمَ ْن يَتّقِ اللّهَ يُ َك ّفرْ عَنْهُ سَيّئَاِتهِ يُ ْ
َوُيعْظِ ْم لَ هُ َأ ْجرًا ومن ذلك الوعد من ال بالنة ،قال تعال :جَنّا تِ َعدْ نٍ
الّتِي وَ َع َد ال ّرحْ َمنُ عِبَا َدهُ بِاْلغَيْبِ اليات إل قولهَ :منْ كَا َن َتقِيّا .
ت الْجَّنةُ لِلْ ُمّتقِيَ وقال تعال :إِنّ الْمُّتقِيَ فِي
وقال تعال :وَأُ ْزِلفَ ِ
صدْقٍ عِ ْندَ مَلِي كٍ ُمقَْتدِرٍ ،وقال تعالِ :إنّمَا جَنّا تٍ وََن َهرٍ * فِي َم ْق َعدِ ِ
ْضه
ُمه لَِبع ٍ
ضه ْ ِنه الْمُّتقِيَ ،وقال تعال :الخِل ُء َيوْمَِئذٍ بَعْ ُ ّهه م َيََتقَّبلُ الل ُ
َعدُ ّو إِل الْمُّتقِيَ .
و من ذلك الكرامكة ع ند ال بالتقوى ،قال تعال :إِنّ أَ ْكرَ َمكُ مْ ِع ْندَ
اللّ ِه َأتْقَاكُ مْ إذا فهمت ذلك فاعلم أن التقوى هي امتثال الوامر واجتناب
النواهي ،فالتقون هم الذين يراهم ال حيث أمرهم ول يُقدمون على ماناهم
عنه.
التقون هكم الذيكن يعترفون بالقك قبكل أن يُشهَ َد عليهكم ويعرفونكه
ويؤدونه ،وينكرون الباطل ويتنبونه ويافون الرب الليل الذي ل تفى عليه
خافية ،التقون يعملون بكتاب ال فيحرمون ما حرمه ويلون ما أحله.
ول يونون فكك أمانككة ول يرضون بالذل والهانككة ول يعقون ول
يقطعون ،ول يؤذون جيانمك ول يضربون إخوانمك ،يصكلون مكن قطعهكم،
ويعطون من حرمهم ،ويعفون عمن ظلمهم الي عندهم مأمول ،والشر من
جانبهم مأمون ل يغتابون ول يُكذبون ول يُنافقون.
ول ينمون ول يسدون ول يُراءون ول يُرابون ول يقذفون ول يأمرون
الناهل السان ف دروس رمضان 378
بنكرٍ ول ينهون عن معروف ،بل يأمرون بالعروف وينهون عن النكر ،تلك
صفات التقي حقا الذين يشون ربم بالغيب وهم من الساعة مشفقون.
إخوان ،لو تلى كل منا بالتقوى لسن عمله ،وخلصت نيته ،واستقام
على الدى ،وابتعد عن العاصي والردى ،وكان يوم القيامة من الناجي.
وصف الؤمن التقي
للمام علي
التقون هم أهل الفضائل منطقهم الصواب وملبسهم القتصاد ومشيهم
التواضكع غضوا أبصكارهم عمكا حرم ال عليهكم ووقفوا أسكاعهم على العلم
النا فع ل م نزلت أنف سهم من هم ف البلء ك ما نزلت ف الرخاء ولول ال جل
الذي ك تب ال ل م ل ت ستقر أرواح هم ف أج سادهم طر فة ع ي شوقا إل
الثواب وخوفا من العقاب.
عظم الالق ف أنفسهم فصغر ما دونه ف أعينهم فهم والنة كمن قد
رآها فهم فيها مُنعمون وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها مُعذبون قلوب م
مزونة وشرورهم مأمونة وأجسادهم نيفة وحاجاتم خفيفة وأنفسهم عفيفة
صبوا أياما قصية أعقبتهم راحة طويلة وتارة مُرية يسرها لم ربم.
أرادتمك الدنيكا فلم يريدوهكا واسكرتم ففدوا أنفسكهم منهكا أمكا الليكل
ل يُحزنون بكه أنفسكهم فصكافون أقدامهكم تاليك لجزاء القرآن يرتلونكه ترتي ً
ويستثيون به دواء دائهم.
فإذا مروا بآ ية في ها تشو يق ركنوا إلي ها طمعا وتطل عت نفو سهم إلي ها
شوقا وظنوا أنا نُصب أعينهم وإذا مروا بآية فيها تويف أصغوا إليها مسامع
قلوبمك وظنوا أن زئيك جهنكم وشهيقهكا فك أصكول آذانمك فهكم حانون على
255
377 الناهل السان ف دروس رمضان
أوساطهم مفترشون لباههم وأكفهم ورُكبهم وأطراف أقدامهم يطلبون إل
ال تعال ف فكاك رقابم وأما النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء.
قد براهم الوف بري القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما
بالقوم من مرض ويقول قد خولطوا ولقد خالطهم أمر عظيم؟ ل يرضون من
أعمالمك القليكل ول يسكتكثرون الكثيك فهكم لنفسكهم متهمون ومكن أعماله
مشفقون إذا ز كي أحد هم خاف م ا يُقال فيقول أ نا أعلم بنف سي من غيي
ور ب أعلم ب من نف سي الل هم ل تؤاخذ ن ب ا يقولون واجعل ن أف ضل م ا
يظنون ،واغفر ل ما ل يعلمون.
فمن علمة أحدهم أنك ترى له قوة ف دين وحزما ف لي وإيانا ف
يق ي ،وحر صا ف علم ،وعلما ف حلم وق صدا ف غِ ن وخشوعا ف عبادة
وتملً ف فاقة وصبا ف شدة وطلبا ف حلل ونشاطا ف هُدى وترجا عن
طمع.
يعمل العمال الصالة وهو على وجل ،يُمسي وهه الشكر ،ويُصبح
وهه الذكر يبيت حذرا ويُصبح فرحا ،حذرا لا حذر من الغفلة ،وفرحا با
أ صاب من الف ضل والرح ة ،إن ا ستصعبت عل يه نف سه في ما تكره ،ل يُعط ها
سؤلا فيما تب.
قرة عينكه فيمكا ل يزول ،وزهادتكه فيمكا ل يبقكى ،يزج اللم بالعلم،
والقول بالع مل ،تراه قريبا أمله ،قليلً زل ،خاشعا قل به ،قان عة نف سه ،منورا
أكله سهلً أمره ،حريزا دينه ،ميتةً شهوته مكظوما غيظه ،الي منه مأمول،
والشر منه مأمون.
إن كان من الغافلي كتب ف الذاكرين وإن كان ف الذاكرين ل يُكتب
الناهل السان ف دروس رمضان 378
من الغافل ي يع فو ع من ظل مه ويع طي من حر مه وي صل من قط عه ،بعيدا
فح شه ،لينا قوله غائبا منكره ،حاضرا معرو فه ،مقبلً خيه ،مدبرا شره ،ف
الزلزل وقور ،وف الكاره صبور وف الرخاء شكور.
ل ي يف على من يب غض ،ول يأث في من ُي حب ،يعترف بال ق ق بل أن
يش هد عل يه ،ل يض يع ما ا ستحفظ ،ول ين سى ما ذ كر ،ول يُنا بز باللقاب،
ول يُضار بالار ،ول يشمت بالصاب ،ول يدخل ف الباطل ،ول يرج من
الق.
إن صمت ل يغ مه صمته ،وإن ض حك ل ي عل صوته ،وإن ب غى عل يه
صب ح ت يكو نه ال هو الذي ينت قم له ،نف سه م نه ف عناء والناس م نه ف
راحة ،أتعب نفسه لخرته ،وأراح الناس من نفسه.
بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة ،ودنوه من دنا منه لي ورحة ،ليس
تباعده بكب وعظمة ،ول دنوه بكرٍ وخديعة.
قال فصعِق هام صعقة كانت نفسه فيها .فقال أمي الؤمني عليه السلم
أ ما وال ل قد ك نت أخاف ها عل يه ،ث قال هكذا ت صنع الوا عظ البال غة بأهل ها
فقال له قائل :ف ما بالك يا أم ي الؤمن ي فقال وي ك ،إن ل كل أ جل وقتا ل
يعدوه وسببا ل تاوزه أهك.
عَلَ ْيكَم بِتَقْوَى ال لَ تَتَركَونَهَا
فَإِنّ التّقى أَقْوَى وَأَوْلَى
لِبَاس التُقى خَيْرُ الْمَلبِسِ كُلّها
وَأَبْهَى لِبَاسا فِي الوُجُودِ
فَمَا أَحْسَنَ التّقوى وأَهْدَى
257
377 الناهل السان ف دروس رمضان
بِهَا يَنْفَعُ النْسَانَ مَا كَا َن يَعْمَلُ
فَيَا َأيّهَا النْسَانُ بَادِر ِإلَى التّقَى
وَسَارِعْ ِإلَى الْخَيْرَاتِ مَا دُمْتَ
وَأَكْثِرْ من التّقْوَى لِتَحْمِدَ
بِدَارِ الْجَزَاء دَارٍ بِهِا َسوْفَ
وَقَدّمْ لِمَا تَقْدَمْ عَلَ ْي ِه فَإِنّمَا
ف تُجْزَى بِالّذِي سَوْفَ غَدا سَوْ َ
وَأَحْسِنْ َولَ تُهْمِلْ ِإذَا كُنْتَ
فَدَارُ بَنِيْ الدّنْيَا مَكَانُ التّرَحّلُ
وَأَدّ فُرُوْضَ الدّيْنِ وَأتقِنْ
كَوَامِلَ فِي أَوْقَاتِهَا وَالتّنَفّلُ
وَسَارِعْ ِإلَى الْخَيْرَاتِ لَ
فَإِنّكَ إِنْ أَهْمَلْتَ مَا َأنْتَ
َولَكِنْ سِتُجْزِى بِالّذِي َأنْتَ عَامِلٌ
وَعَن مَا مَضَى عَن ُكلِّ شَيْءٍ
وَلَ تُلْهِكَ الدّنْيَا فَرَبّكَ ضَامِنٌ
لِرِزْقِ الْبَرَايَا ضَامِ ٌن مُتَكَفْلُ
وَدُنْيَاكَ فَاعْبُرْهَا وَأُخْرَاكَ زِدْ
عَمَارا وَإِيْثَارا ِإذَا كُنْتَ تَعْقِلُ
فَ َمنْ آثَرَ ال ّدنْيَا جَهُولٌ وَمَن يَبِع
لُخْرَاه بِال ّدنْيَا أَضَلّ وَأَجْهَلُ
وَلَذّاتُهَا وَالَاهُ وَالعِزُ وَالغِنَي
الناهل السان ف دروس رمضان 378
بِأَضْدَادِهَا عَمّا قَلِيْلٍ تَبَدّلُ
فَ َمنْ عَاشَ فِي ال ّدنْيَا وَإِنْ طَالَ
ف يُنْقَلُ
فَل بُدّ عَنْهَا رَاغِما سَوْ َ
وَيَنْزِلُ دَارا لَ أَنِيْسَ َلهُ بِهَا
لِ ُك ّل الوَرَى مِنْهُم مَعَادٌ وَمَوْئِلُ
وَيَبْقَى رَهِيْنا بِالتّرَابِ بِمَا جَنَى
ِإلَى بَعْثِهِ من أَرْضِهِ حِ ْينَ يَنْسِلُ
يُهَالُ بِأهْوَالٍ يَشِيْبُ بِبعْضِهَا
وَل هَوْلَ ِإلّ بَعْدَهُ الْهَوْلُ
وَفِي البَعْثِ بَعدَ الَوتِ نَشْرُ
وَمِيْزَانُ قِسْطٍ طائِشٍٍ أَوْ مُثَقّلُ
وَحَشْرٌ يَشِيْبُ الطّفْلِ منه
وَمنه الْجِبَال الرّاسِيَاتُ تُزَلْزَلُ
وَنَارُ تَلَظّى فِي لَظَاهَا سَلسِلٌ
يُغَلّ بِهَا الفُجّارُ ُث ّم يُسَلْسَلُ
شَرَابُ ذَوِيْ الِجْرَامِ فِيْهَا
وَزُقّوْمُهَا مَطْعُومُهُم حِ ْي َن يُؤكَلُ
حَمِيْمٌ وَغَسّاقٌ وآخَرُ مِثْلُهُ
مِن الْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ
يَزِيْدُ هَوَانا من هَوَاهَا َولَ يَزَلْ
ِإلَى قَعْرِهَا يَهْوِي دَوَاما وَيَنْزِلُ
وَفِي نَارِه يَبْقَى دَوَاما مُعَذّبا
259
377 الناهل السان ف دروس رمضان
يَصِيْحُ ثُبُورا وَيْحَهُ يَتَوَلوَلُ
عَلَ ْيهَا صِرَاطٌ مَدْحَضٌ وَمَزَلّةٌ
عَلَيْهِ البَرَايَا فِي القِيَامِةِ تُحْمَلُ
وَفِ ْيهِ كُلَلِيبُ تَعَلّقُ بِالوَرَى
فهَذَا نَجَا مِنْهَا وَ َهذَا مُخْرَدَلُ
فَلَ مُذُنِبٌ يَفْدِيْهِ مَا يَفْتَدِي بِهِ
وَإِنْ يَعْتَذِر يَوْما فَلَ العُذْرَ
ف َهذَا جَزَاءُ الْمُجْرِمِي عَلَى الرّدَى
و َهذَا اّلذِي يَومَ القِيَامَة يَحْصُلُ
أَعُوذُ برَبّي من لَظَى وَعَذَابَهَا
وَمِن حَالِ مَنْ يَهْوَى بِهَا
وَمِنْ حَالِ مَنْ فِي زَمْهَرِيْرٍ
وَمَن كَا َن فِي الَغْلَلِ فِيْهَا
وَجَنّاتِ عَدْنٍ زُخْرِفَتْ ُثمّ
لِقَوْمٍ عَلَى التّقْوَى دَوْاما تَبَتّلُ
بِهَا ُكلُّ مَا تَهْوَى النّفُوس
وَقُرّةُ عَيْنٍ لَيْسَ عَنْهَا تَرَحّلُ
مَلَبِسُهُم فِيْهَا حَرِيْرُ
وَإسْتَبْرَقُ لَ يَعْتَرِيْهِ التّحَلّلُ
وَمَأكُوْلُهم من ُكلِّ مَا يَشْتَهُونَهُ
وَمَنْ سَلسَبِِْيل شُرْبُهُم
وَأَزْوَاجُهم حُورٌ حِسَانٌ كَوَاعِبُ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
عَلَى مِثْلِ شَكْلِ الشّمسِ بَلْ هُوَ
يُطَافُ عَلَيْهِم بِالّذِي يَشْتَهُونَهُ
ِإذَا أَكَلُوا نَوْعا بِآَخرَ بِدّلُوا
فَوَاكِهُهَا تَدْنُوا ِإلَى مَنْ يُرِيْدُهَا
وَسُكّانَهَا مَهْمَا تَمَنّوْهُ يَحْصُلُ
وَأَنْهَارُهَا الَلْبَانُ تَجْرِي
تَنَاوُلُهَا عِ ْن َد الرَادَةِ يَسْهُلُ
بِهَا ُكلُّ أَنْوَاعِ الفَوُاكِهِ ُكلِّهَا
وَخَمْرٌ وَمَاءُ سَلسَبِِيْلٌ مُعَسْلُ
يُقَالُ لَهُمْ طِبْتُم سَلِمْتُم مِن
سَلَمٌ عَلَ ْيكَم بِالسّلَمَةِ فُادخُلُوا
بِأَسْبَابِ تَقْوَى لِ وَالعَمَلِ
يُحِبّ ِإلَى جَنّاتِ عَدْ ٍن تَوَصّلُوا
ِإذَا كَا َن َهذَا وَالّذَي قَبْلَه الْجَزَاءِ
فحَقّ عَلَى العَيْنَيْنِ بِالدّمْعِ
وَحَقّ عَلَى مَنْ كَا َن بِالِ مُؤْمِنا
يُقَدّمْ َلهُ خَيْرا وَ َل يَتَعَلّلُ
وَأَنْ يَأخُذَ الِنْسَانُ زَادا مِن
وَل يَسْأَم التّقْوَى َولَ يَتَمَلْمَلُ
وَإنّ أِمامَ النّاسِ حَشْرٌ وَمَوقِفٌ
وَيَومٌ طَوِيل ألفُ عَامٍ وَأَطْوَلُ
فَيَالَكَ مِن يَومٍ عَلَى ُكلِّ مُبْطِل
261
377 الناهل السان ف دروس رمضان
فَظِيْعٍ وَأَهْوَا ُل القِيَامِةِ تُعْضِلُ
تَكُونُ ِبهِ الطْوَادُ كَالعِهْنِ أَوْ
ل أَهْيَلً يَتَهَلْهَلُ كَثِيْبا مَهِيْ ً
بِهِ مِلّةُ السْلَمِ تُقْبَلُ وَحَدَهَا
وَلَ غَيْرَهَا مِن أَيْ دِيْنٍ فَيَبْطُلُ
بِهِ يُسْأَلُون النّاسَ مَاذَا عَبَدتُمُوا
وَمَاذَا أَجَبْتُم مَنْ دَعَا وَهُوَ
حٍسَابُ اّلذِي يَنْقَادُ عَرْضٌ
س مُنقَادا حِسَابُ مُثَقّلُ وَمَنْ لَيْ َ
أَعُوْذُ بِكَ الّلهُمَ مِن سُوءِ
وَأَسْأَلُكَ التّثْبِيْتَ أُخْرَى
إِلَهِي فَثَبّتْنِي عَلَى دِيْنَكَ الذي
رَضِيْتَ ِبهِ دِيْنا وَإيّاهُ تَقْبَلُ
وَهَبْ لِي مِن الفِرْدَوْسِ قَصْرا
و ُمنّ بِخَيْرَاتٍ بِهَا أَتَعَجّلُ
وَلِ حَمْ ٌد دَائِمٌ بِدَوَامِهِ
مَدَى ال ّدهْرِ لَ يَفْنَى َولَ الْحَمْدِ
يَزِيْدُ عَلَى وَزْنِ الْخَلَئِقِ كُلِّهَا
وَأَرْجَحُ مِن وَزْنِ الْجَمِيْعِ
وَإِنّي بِحَمْدِ الِ فِي الْحَمْدِ
وَأُنْهِي بِحَمْدِ الِ قَوْلِي
صَل ًة وتَسْلِيْما وَأَزْكَى تَحِيّةً
الناهل السان ف دروس رمضان 378
تَعُمّ جَمِيْعَ الْمُرْسَلِيْنَ
وَأَزْكَى صَلة الِ ُثمّ سلَمُهُ
عَلَى الْمُصْطَفَى أَزْكَى الْبَرِيّةِ
اللهم وفقنا لا وفقت إليه القوم وأيقظنا من سِنةِ الغفلة والنوم وارزقنا
ال ستعداد لذلك اليوم الذي ير بح ف يه التقون الل هم وعامل نا بإح سانك و جد
ف علي هم ول هم علي نا بفضلك وامتنا نك واجعل نا من عبادك الذي ل خو ٌ
يزنون ،الل هم ار حم ذل نا ب ي يد يك واج عل رغبت نا في ما لد يك ،ول ترم نا
بذنوب نا ،ول تطرد نا بعيوب نا ،واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء
من هم واليت ي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ وآله و صحبه
أجعي.
(موعظههة)
عباد ال ،إن ب ي أيدي كم يو مٌ ل شك فيكه ول مراء ،يقكع ف يه الفراق
وتنفصم فيه العُرى ،فتدبروا أمركم ،قبل أن تضروا ،وانظروا لنفسكم نظر
ت مِ نْ خَ ْيرٍ
جدُ ُك ّل َنفْ سٍ مَا عَ ِملَ ْ
من قد فهم ودرى ،قال ال تعالَ :يوْ َم تَ ِ
ضرًا يا له من يوم يش يب ف يه الولدان ،وت سي ف يه البال ،وتظ هر ف يه مُحْ َ
الفايا ،وتنطق فيه العضاء ،شاهدة بالعمال ،فانتبه يا من قد وهى شبابه،
وامل بالوزار كتا به ،عباد ال ،أ ما بلغ كم أن النار للكفار والع صاة أُعدت،
إن ا لتحرق كل ما يُل قى في ها ،قال ال تعالِ :إذَا ُألْقُوا فِيهَا سَ ِمعُوا لَهَا
شرَرٍ ْظه ،وقالِ :إنّهَا تَرْمِي ِب َ ِنه اْلغَي ِِيه َتفُورُ * َتكَا ُد تَمَّي ُز م َ
َشهِيقًا َوه َ
صفْرٌ عباد ال ،أ ما بلغ كم أن طعام أهل ها الزقوم، صرِ * َكَأنّ ُه جِمَاَلةٌ ُ
كَاْلقَ ْ
وشرابم الميم ،قال عليه الصلة والسلم« :لو أن قطرة من الزقوم قطرت
263
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ف الرض لمَرّت على أ هل الدن يا معيشت هم» فك يف ب ن هو طعا مه ،ل
ج َر َة ال ّزقّومِ * َطعَا ُم الثِيمِ * كَالْ ُم ْهلِ يَغْلِي
طعام له غيه ،قال تعال :إِنّ شَ َ
فِي الْبُطُونِ * َكغَ ْل ِي الْحَمِيمِ .
أخرج الطبان وابن أب حات من طريق منصور بن عمار حدثنا بشي
بن طلحة عن خالد بن الدريك عن يعلى بن منية رفع الديث إل النب
قال« :يُنشيء ال لهل النار سحابة سوداء مُظلمة ،فيُقال :يا أهل النار أي
شيءٍ تطلبون ،فيذكرون باه سهحابة الدنيها ،فيقولون :يها ربنها الشراب،
فتُمطهر أغل ًل تزيهد فه أغللههم ،وسهلسل تزيهد فه سهلسلهم ،وجرا
يلتهب عليهم».
اللهم توفنا مسلمي وألقنا بالصالي غي خزايا ول مفتوني واغفر لنا
ولوالدي نا ولم يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ
وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
-31كتاب الزكاة
ويبحث ف:
– 1الموال الت تب فيها الزكاة.
– 2نصاب الزكاة.
– 3مصارف الزكاة.
– 4تعريف أهل الزكاة وبيان مقدار ما يُعطاه كل صنف.
– 1الموال الت تب فيها الزكاة:
اعلم – رحكك ال – أن ال سكبحانه وتعال أوجكب على الؤمنيك
أ صحاب الموال الزكو ية زكاة ل ن ذكر هم ال ف كتا به ،وق سمها بين هم
ور تب الثواب على أدائ ها ،والعقاب على منع ها ،وقرن ا بال صلة ف موا ضع
كثية من كتا به ،تعظيما لشأن ا ،وت نبيها بذكر ها ،وحثا على أدائ ها لتطه ي
النفس من درن الشح والبخل ،ودفع النفس إل الود ،والتصدق والنفاق ف
مراضكي ال تعال؛ لتحصكيل النماء والزيادة والبككة والفلح والطهارة ،قال
صدَ َق ًة تُ َط ّهرُ ُهمْ َوُتزَكّي ِهمْ ِبهَا .
تعال :خُ ْذ ِمنْ َأ ْموَاِل ِهمْ َ
فالزكاة تُطهر الزكي من أناس الذنوب ،وتنقيه من أوساخها وتُزكي
أخلقه بالتحلي بالود والسخاء وترُنه على السخاء الذي يبه كل بر وفاجر
وتُبعده عن ال شح الذي هو مذموم ع ند كل أح ٍد وتُط هر القلب عن حب
الدنيا ببذل اليسي .فاليسي هو الواجب وهو بذل القليل من الكثي قال تعال:
ِجه
خر ْ ُمه تَ ْبخَلُوا َويُ ْ
ح ِفك ْ
َسهَألْكُمُوهَا فَيُ ْ
ِنه ي ْ
ُمه * إ ْ
َسهأَْلكُ ْم َأمْوَالَك ْ
وَل ي ْ
ّهه
ّونه الْمَا َل حُبّاه جَمّاه ،وقالَ :وِإن ُ ُمه ،وقال تعال :وَتُحِب َ ضغَانَك ْ
أَ ْ
265
377 الناهل السان ف دروس رمضان
شدِيدٌ .
حبّ الْخَ ْي ِر َل َ
لِ ُ
فالشارع الك يم اللط يف بعباده أوجب شيئا ي سيا ب عد مدة طويلة إذا
اعتاد النسكان إخراجكه مكن الال الحبوب طبعا امتثالً لمكر ال ورسكوله؛
استفاد حُب خالقه الذي رزقه إياه ووعده أن يلف عليه ما أنفقه .قال تعال:
وَمَا َأْنفَقْتُ مْ مِ نْ َشيْ ٍء َفهُ َو يُخْ ِلفُ ُه َوهُ َو خَ ْيرُ الرّا ِزقِيَ ،وقال :وََأْنفِقُوا
مِ نْ مَا رَ َزقْنَاكُ مْ مِ نْ قَ ْب ِل أَ نْ َي ْأتِ يَ أَ َحدَكُ ُم الْ َموْ تُ فََيقُولَ َربّ َلوْل َأخّ ْرتَنِي
صدّقَ وَأَ ُك ْن ِمنَ الصّالِحِيَ . ب َفأَ ّ
ِإلَى َأ َجلٍ َقرِي ٍ
و عن أ ب هريرة ر ضي ال ع نه قال :قال ر سول ال « :ما من يوم
يُصبح العباد فيه إل وملكان ينلن فيقول أحدها اللهم أعط مُنفقا خلفا
ويقول الخر اللهم أعط مسكا تلفا» وعنه أن رسول ال قال« :قال ال
تعال :أنفق يا ابن آدم يُنفق عليك» مُتفق عليه.
إذا فهمكت ذلك فاعلم أن الزكاة هكي أحكد أركان السكلم ومبانيكه
العظام الشار إليهكا بقوله « :بُنه السهلم على خسه» ذككر منهكا إيتاء
الزكاة .وتب الزكاة ف خسة أشياء:
– 1بيمة النعام وهي البل والبقر والغنم.
– 2الارج من الرض وما ف معناه كالعسل الارج من النحل.
– 3عروض التجارة.
– 4الثان.
– 5الثمار.
ول زكاة ف ش يء من ذلك ح ت يبلغ ن صابا ،ول زكاة ف مال ح ت
الناهل السان ف دروس رمضان 378
يول عل يه الول ،إل ف الارج من الرض لقوله تعال :وَ َآتُوا َحقّ ُه يَوْ َم
حَ صَا ِدهِ وإل نتاج ال سائمة ،ور بح التجارة فإن حول ما حول أ صلهما إن
كان نصابا ،وإل فابتداء الول من حي كمل نصابا.
ومن كان عنده مال وعليه دين فإن كان بقدار ما عنده فل زكاة فيه،
فإن كان عنده عشرة آلف وعليكه ديكن عشرة آلف فأصكبح مكا يلك شيئا
وإن كان عنده عشرون ألفا وعليه عشرة زكى عشرة وإن كان عليه عشرون
وعنده عشرة فل يس عل يه ش يء وله ال خذ من الزكاة ل نه من الفقراء ول نه
غارم.
وي ضم ال ستفاد إل ن صاب بيده من جن سه ،أو ف حك مه ف وجوب
الزكاة ل ف الول ،فيُزكي كل واحد إذا ت حوله.
وتب الزكاة فيما زاد على النصاب بسابه إل ف السائمة فل زكاة ف
وق صها ل ا روى أ بو عبيدة ف غري به( :ول يس ف الوقاص صدقة) ،وقال:
(الوقص ما بي الفرضي).
أمكا عروض التجارة ،فهكو ككل مكا أعكد للبيكع والشراء لجكل الربكح
والتكسكب مكن جيكع السكلع التجاريكة :كالجوهرات والطعمكة والقمشكة
والسكيارات والكائن ،والثابتات :كالعقارات من أراضٍك وبيوت ونو ها ،إذا
تلكها بفعله بنية التجارة وبلغت قيمتها نصابا ،لا ورد عن سرة بن جندب
قال :إن ر سول ال «أمر نا أن نُخرج ال صدقة م ا نُعده للب يع» رواه أ بو
داود.
فتقوم العروض إذا حال عليها الول ،وأوله من حي بلوغ القيمة نصابا
بال حض للفقراء من ذ هب أو ف ضة ،ول يُع تب ما اشتر يت به ،ويُخرج ر بع
267
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ع شر قيمت ها ،و من ا ستفاد مالً خارجا عن ر بح التجارة كالجرة والرا تب
ونوهاك ،فإنكه يبتدي حو ًل مكن حيك السكتفادة إن كان نصكابا ،وإل فمكن
كماله ويزكيه إذا ت حوله.
وأ ما الثان ،و هي النقود من ذ هب أو ف ضة ،أو ما يقوم مقام ها من
فلوس أو أوراق نقد ية ،وكذلك حُلي الذ هب والف ضة إذا بلغ ن صابا بنف سه،
أو با يضم إليه من جنسه أو ف حكمه ول يكن مُعدا للستعمال أو للعارة،
فإن أُعد للستعمال أو للعارة فل زكاة فيه.
وأقكل نصكاب الذهكب عشرون مثقالً ،وفيهكا نصكف مثقال وهكو ربكع
الع شر ،لد يث عائ شة وا بن ع مر ر ضي ال تعال عنه ما مرفوعا« :أ نه كان
يأخذ من كل عشرين مثقا ًل نصف مثقال» رواه ابن ماجه.
– 2نصاب الزكاة:
والنصاب من الذهب بالنيه السعودي أحد عشر جنيها ونصف جنيه
تقريبا ،وكذلك بالنيه الفرني أحد عشر جنيها ونصف جنيه تقريبا واقل
نصكاب الفضكة مائتكا درهكم ،وبالريال العربك سكتة وخسكون ريا ًل تقريبا،
وبالريال الفرنسي ثلثة وعشرون ريالً تقريبا.
وأما الوراق الوجودة فإذا ملك منها ما يُقابل نصابا من الفضة وحال
عليه الول فإنه يُخرج منها رُبع العشر.
ومكن كان عنده فضكة وأراد أن يُخرج زكاتاك مكن الوراق الوجودة
التعامل فيها نظر إل قيمة الفضة من الوراق وأخرج ربع عشر القابل لا،
فمثلً إذا كان عنده ألف ريال مكن الفضكة يُسكاوي ثلثكة آلف مكن الوراق
أخرج عن الفضة خسة وسبعي ريالً هي مقابل زكاة اللف من الفضة وهي
الناهل السان ف دروس رمضان 378
خس وعشرون.
وإن كان عنده ذهب ،وأراد أن يُخرج زكاته من الوراق التعامل فيها
نظر إل قيمة الذهب من الوراق وأخرج ربع عشر القابل لا ،فمثلً إذا كان
عنده مائة جنيكه وكان النيكه يسكاوي خسكي ريا ًل فتكون الائة فك خسكة
آلف ريال فزكات ا من الوراق مائة وخ س وعشرون ريالً هو مقا بل زكاة
مائة النيه وهو جنيهان ونصف جنيه من زكاة الائة وهو جنيهان ونصف.
وتب الزكاة ف مال الصب والجنون لعموم حديث مُعاذ لا بعثه إل
اليمن ،ويُخرج عنهما وليهما ف مالما من مالما.
الل هم ألم نا ذكرك ووفق نا للقيام ب قك ،وخل صنا من حقوق خل قك،
وبارك لنا ف اللل من رزقك ،ول تفضحنا ب ي خل قك ،يا خ ي من دعاه
ع وأفضل من رجاه را جٍ يا قاضي الاجات ،وميب الدعوات ،هب لنا ما دا ٍ
سألناه ،وحقق رجاءنا فيما تنيناه ،يا من يلك حوائج السائلي ويعلم ما ف
صدور الصامتي أذقنا برد عفوك وحلوة مغفرتك واغفر لنا ولوالدينا ولميع
السلمي الحياء منهم واليتي برحتك يأرحم الراحي وصلى ال على ممدٍ
وعلى آله وصحبه أجعي.
269
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
– 3وأما زكاة الارج من الرض فتجب ف كل مكيل مُدخر من الب
كالق مح والشع ي والذرة و من الث مر كالت مر والزب يب قال ال تعال :يَا َأيّهَا
ض ، سْبُت ْم َو ِم ّم ا َأ ْخ َرجْنَا َل ُك ْم ِم َن ال ْر ِ
ت مَا َك َ
اّلذِي َن َآ َمنُوا َأْن ِفقُوا ِم ْن َطّيبَا ِ
وقوله « :في ما سقت ال سماء والعيون أو كان عثريا الع شر وفي ما سُقي
بالنضح نصف العشر» رواه البخاري.
وإنا تب فيه بشرطي الول :أن يبلغ نصابا وقدره بعد تصفية الب
وجفاف الثمر خسة أوسق والوسق ستون صاعا نبويا فتكون خسة الوسق
( )300ثلثائة صاع بالصاع النبوي وبالصاع الال مائتي وثانية وعشرين
صاعا ووزن الصاع النبوي بالريال الفرنسي ثانون ريالً ( ،)80ووزن الصاع
الال بالريال الفرن سي مائة وأرب عة ( )104فيكون زائدا على ال صاع النبوي
بُمس وخُمس الُمس تقريبا.
والشرط الثان :أن يكون مالكا للنصاب وقت وجوبا فوقت الوجوب
فك البك إذا اشتكد وفك الثمكر إذا بدا صكلحها لنكه حينئ ٍذ يُقصكد للككل
والقتيات به فأش به اليا بس و عن عائ شة أن ال نب كان يب عث ع بد ال بن
رواحة إل يهود فيخرص عليهم النخل حي يطيب قبل أن يؤكل منه .رواه
أبو داود.
وي ب في ما سُقي بل مؤ نة الع شر وفي ما سُقي بكل فة ن صف الع شر
لديث ابن عمر مرفوعا فيما سقت السماء العشر وفيما سُقي بالنضح نصف
العشكر رواه أحدك والبخاري والنسكائي وأبك داود وابكن ماجكه فيمكا سكقت
ال سماء والنار والعيون أو كان بعل الع شر وفي ما سُقي بال سوان والن ضح
الناهل السان ف دروس رمضان 378
نصف العشر.
وي ب إخراج زكاة ال ب مُ صفى من قشره والث مر ياب سا ل ا ورد عن
عتاب بن أُسيد أن النب أمر أن يُخرص العنب زبيبا كما يُخرص التمر ول
يُسكمى زبيبا ول ترا حقيقكة إل اليابكس وقيكس الباقكي عليهمكا ،ول يسكتقر
وجوبا إل بعلها ف الرين أو ف البيدر أو ف السطاح ونوه.
فإن تل فت البوب والثمار ال ت ت ب في ها الزكاة ق بل الو ضع بالر ين
ونوه بغي تع ٍد منه سقطت خرصت أو ل ترص وإن تلف البعض من الزرع
والثمر قبل الستقرار زكى الباقي إن كان نصابا وإل فل زكاة فيه لقوله :
«ليس فيما دون خسة أوسق صدقة».
ول تتكرر زكاة الُعشكر إذا ل يقصكد بكه التجارة فإن كانكت مُعدة
للتجارة كالذي يشتري الب أو الرز أو الزيت يتربص به أو يقطعه فهذه تعتب
عروضا إذا كانت تبلغ نصابا كلما دار عليها الول قومها بالنفع للفقراء من
عي أو ورق ول يعتب ما اشتريت به.
ويُسكتحب للمام ب عث خارص لث مر الن خل والكرم إذا بدا صلحها.
وشرط كونكه مسكلما أمينا خكبيا لديكث عائشكة قالت كان عليكه الصكلة
وال سلم يب عث ع بد ال بن روا حة إل اليهود يرص علي هم النخ يل ق بل أن
يؤكل ،متفق عليه.
وفك حديكث عتاب بكن أُسكيد أن النكب كان يبعكث على الناس مكن
يرص علي هم كروم هم وثار هم رواه الترمذي وا بن ما جه و صح ع نه أ نه
خرص على امرأة بوادي القرى حديقة لا وحديثها ف مسند أحد.
ويبك أن يترك الارص لرب الال الثلث أو الربكع فيجتهكد السكاعي
271
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ب سب ال صلحة لد يث سهل بن أ ب حث مة قال :قال ر سول ال « :إذا
أخرصهتم فخذوا ودعوا الثلث فإن ل تدعهو الثلث فدعوا الربهع» رواه
المسة.
(موعظههة)
أيها الغافل راقب من يراك ف كل حال ،وطهر سرك فهو عليم با يطر
بالبال ،إل مت تيل مع الزخارف وإل كم ترغب لسماع اللهي والعازف
والحرمات أمكا آن لك أن تُجالس صكاحب الديكن والصكلح العاككف على
عمله يق طع ليله بالقيام ح ت ال صباح وناره بال صيام ل ي ل ول يتوا ن رجاء
الفوز بالرباح وأ نت ف غمرة هواك مفتونا ف النماك بدنياك وكأ ن بك
وقكد هجكم عليكك مكا بدد شلك وأوهكن قواك وافترسكك مكن بيك أهلك
وعشيتك وأخلئك وتلى عنك خليلك وأصدقاؤك ل يستطيعون رد ما نزل
بكك ول تدك له كاشفا فانتبكه مكا دام جسكمك صكحيحا والعمكل منكك فك
إمكان.
الل هم وفق نا ل صال العمال ون نا من ج يع الهوال وأم نا من الفزع
والرجف والزلزال ،واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي الحياء منهم واليتي
برحتك يا أرحم الراحي ،وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
273
377 الناهل السان ف دروس رمضان
فقلب فيهما البصر ورآها جلدين فقال لما« :إن شئتما أعطيتكما ول حظ
لغن ول لقوي مُكتسب» فالواجب تأمل حا ِل السائل والتفرس فيه كما فعل
النب فكم من إنسان يدعي الفقر وهو غن.
وكم من متعارج وما به عرج ولكن لمرٍ ما تعارجه.
و كم من حا مل ور قة يأ كل ب ا ل يدري ما في ها ولو بر قت و سبت
بدقةٍ لوجدت العجائ بَ ،لن الوازع الدي ن قد ض عف جدا واختلط الا بل
بالنابل فل يُميز الفقي والستحق للزكاة إل إنسان مُتبصر بعد التأمل والبحث
التام والر يص على إبراء ذم ته وإي صال زكا ته إل ال ستحق ل ا يعرف ك يف
يدك موضعهكا تاما منك ل يسكألون الناس إلافا الحتاجيك الختفيك الييك
ل ي سأل ب عد الغرب فقالالرا مل ذوي العوائل ،وروي أن ع مر سع سائ ً
لرجل من قومه َعشّ السائل فعشاه ث سعه ثانيا يسأل فقال أل أقل لك عش
السائل قال قد عشيته فنظر عمر له فإذا تت يده ملة ملؤة خبزا فقال لست
سائلً لكنك تاجر ث أخذ الخلة ونثرها بي يدي إبل الصدقة وضربه بالدّرّة
وقال ل تعد.
وقال « :ل تل الصدقة لغن ول لذي مِرةٍ سويٍ» .رواه أحد وأبو
داود.
ول يدفكع بالزكاة مذمكة ،ول يقكي باك ماله ،ول يسكتخدم باك ،ويلزم
الن سان الذي ير يد إبراء ذم ته صحيحا أن يُف تش على أ هل العوائد وي سأل
عنهم بدقة من يعرف حالم من جيان وأقارب حت يتأكد هل هم أغنياء فل
يدفع ها إلي هم لن دفع ها ل م مع الغ ن وجوده كعد مه فل تبأ ذم ته وتب قى
الزكاة ف ذمته ول يمله الياء فيُعطي صاحب الغن قبل أن يبحث عنه هل
الناهل السان ف دروس رمضان 378
هو على فقره.
لن كثيا مكن الفقراء فك وقتنكا انفتكح لمك أبواب الرزق مكن أولد أو
بنات أو عقار أو شئون ول يُبال بغضب من منعه عادته مع استغنائه ويلتمس
رضا ال جل وعل وسواء كانوا أقرباء أو غي أقرباء.
ول يوز صرف الزكاة لغي الصناف الثمانية الذكورين ف الية ،قال
ي وَالْعَامِلِيَ عَلَيْهَا وَالْ ُم َؤلّ َفةِ
صدَقَاتُ لِ ْل ُف َقرَا ِء وَالْمَ سَاكِ ِ
ال تعالِ :إنّمَا ال ّ
ب وَاْلغَارِمِيَ َوفِي سَبِي ِل اللّ ِه َواِبْ ِن السّبِي ِل َفرِيضَ ًة مِنَ اللّهِ قُلُوُبهُ ْم َوفِي ال ّرقَا ِ
وَاللّهُ عَلِي ٌم َحكِيمٌ .
فل يوز صرفها ف بناء الدارس أو الساجد ،ول وقف مصاحف ،ول
كتب علم ،ول تكفي موتى ،ول توقيف مقابر ول غيها من جهات الي،
لن ال تعال تول الكم فيها بنفسه ،فقد ورد عن زياد بن الارث الصدائي
قال :أت يت ال نب فبايع ته ،فذ كر حديثا طويلً ،فأتاه ر جل فقال :اعط ن
مكن الصكدقة ،فقال رسكول ال « :إن ال ل يرض بُكهم نهب ول غيه فه
الصهدقات ،حته حكهم فيهها فجزأهها ثانيهة أجزاء ،فإن كنهت مهن تلك
الجزاء أعطيتك».
- 1فيأخذ الفقي وهو من ل يد شيئا أو يد بعض الكفاية من الزكاة
تام كفايته مع عائلته سنة لن وجوب الزكاة يتكرر بتكرر الول.
- 2ويأخذ السكي وهو من يد الكفاية ،أو نصفها تام كفايته مع
عائلته سنة؛ لن وجوب الزكاة يتكرر بتكرر الول.
- 3ويُع طى من الزكاة العا مل و هو كجاب وحا فظ وكا تب وقا سم
وجامع الواشي وعددها وكيال ووزان وساع وراعٍ وحال وجال قدر أجرته
275
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وإن تلفت ف يده بل تفريط منه فيُعطى أجرته من بيت الال لن للمام رزقه
على عمله من بيت الال.
- 4ويُعطى من الزكاة الؤلف وهو السيد الطاع ف عشيته ما يصل
به التأليف لنه القصود.
– 5ويُعطى من الزكاة الرقاب وهم الكاتبون وفاء دين الكتابة ويوز
أن يُفدي من الزكاة أسيا مُسلما ف أيدي الكفار.
– 6ويُع طى الغارم من الزكاة و هو من تد ين ل صلح ذات ب ي أو
تمكل بسكبب إتلف نفكس أو مال أو نبا أو مالً لتسككي فتنكة وقعكت بيك
طائفت ي ويتو قف صلحهما على من يتح مل ذلك أو تد ين لشراء نف سه من
كفار أو لنفسه ف مباح وأعسر وفاء دينه كمكاتب ،ودين ال كدين الدمي.
– 7ويُعطى الغازي ف سبيل ال ما يتاج لغزوه ذهابا وإيابا وإقامةً ف
أرض العدو ونو ثن سلح ودرع وفرس لفارس.
- 8ويُعطى من الزكاة ابن السبيل وهو الُسافر النقطع به بغي بلده ما
يُبلغه بلده أو مُنتهى قصده وعوده إليها إن ل يكن سفره مُحرما أو مكروها.
(موعظههة)
عباد ال إن وجود الوت بي الناس موعظة كبى لو كانوا يعقلون فإنه
بلسان الال يقول لكل واحد م نا :سأنزل بك يوما أو ليلة ك ما ترى الناس
بعينكك يوتون وقكد يكون لحدهكم مكن الال والاه والقوة والمال والعلم
والفصاحة والركز الدنيوي ما يُدهش الناظرين له ،وقد يكون قد طال عمره
وطال أمله ح ت مل ومُل م نه .وبين ما هو ف حالٍ من النشاط قو يٌ مشدود
أسره ،ذو ه ٍة تضيق با الدنيا ،قد أقبلت عليه الدنيا من كل جهة ،وزهت له،
الناهل السان ف دروس رمضان 378
إذا تراه ج ثة هامدة أش به بأعجاز الن خل الاو ية ل حس له ول حر كة ول
أقوال ول أفعال قد ض يق على من حوله وإذا ل يُ سرعوا به إل الد فن يكون
جيفة من اليف تؤذي رائحتها الكريهة كل من قرب منها ،هذا كله يكون
بعد ذلك النشاط والقوى لن هادم اللذات نزل به.
وب عد نزوله ل ت سأل كان له ما كان ،و ف الال تُ صبح زوج ته أرملة
ويُصبح أولده أيتاما ،وف الال تُقسم أمواله ال ت جعها وقاسى على جعها
ل تع جز عن نق ضهالشدائد ،لن الوت يز يل مُل كه وينقله إل مُلك ورث ته نق ً
اليام ،نعم إنه بالوت يزول ماله كله وهي أكب مصيبة مالية.
وأ كب من ها أ نه يُ سأل ع نه كله داخلً وخارجا من حللٍ أم من حرام
وبعد مُدة يسية يُنسى هو ويُنسى ماله ويُنسى جاهه ويُنسى مركزه ومكانته
ولو كان ملكا أو وزيرا وما كأنه رأته العيون ول سعت كلمه الذان ،كما
قيل:
كَأَنّهُم قَطُ مَا كَانُوا َولَ وُجدُوا
وَمَاتَ ذِِكْ ُرهُموا بِيْنَ الوَرَى
إن الناس يرون الوت كل يوم بأعين هم ف بيوت م أو ف ال ستشفيات،
ويرون ما له من آثار ومع ذلك فإنم بُجرد أن يوت بينهم ميت يكون منهم
مع موته هذا ما يُدهش الفكار فترى من أقاربه من يتسابقون إل البحث عما
خلف وانتهاب مكا اتصكلت إليكه أيديهكم مكن ماله ،ورباك شبكت بيك ورثتكه
الروب من أجل أن يتميز كل واحد منهم ف التركة عمن سواه وقد تشتد
بم تلك العداوة تعمل عملها ما بقيت تلك.
يفعلون هذا كله ع قب من يوت بدل أن يع تبوا ويتعظوا به فيزهد هم
277
377 الناهل السان ف دروس رمضان
هذا التفكي والعتبار ف ذلك الال الفان الذاهب عن أيديهم عن قريب كما
ذهب عنه من وصل إليهم من طريقه ،لقد سبق أقوام كانوا يؤمنون بالوت
حق اليان فكانوا يُقدرون الدن يا حق التقد ير ،كانوا يعرفون أن ا فان ية وأن ا
غرارة خداعة وأنم تاركوها يوما رغم أنوفهم ل رجوع بعده لقليل منها ول
س ذَاِئ َقةُ الْ َموْ تِ فا ستعدوا واقرءوا قوله
كث ي قرءوا قوله تعالُ :ك ّل َنفْ ٍ
تعال :مَا عِ ْندَكُمْ يَ ْن َفدُ َومَا عِ ْن َد اللّ ِه بَاقٍ فكانوا إذا حصل لم شيء من
الدنيا صرفوا ذلك لا ينفعهم ف الدار الخرة ،وإذا سعت أنم كانوا يطلبون
الدنيا فلما ذكرنا.
قال ا بن م سعود ل ا نزلت آ ية ال صدقة ك نا نُحا مل على ظهور نا فجاء
رجل فتصدق بشيء كثي فقالوا :مُرائي ،وجاء رجل فتصدق بصاع فقالوا إن
ِنه
ُونه الْمُ ّطوّعِيَ م َ ِينه يَلْ ِمز َال لغنٌ عكن صكاع هذا فنلت اليكة :الّذ َ
خرُو َن مِ ْنهُ مْ
جدُو نَ إِل جُ ْه َدهُ ْم فَيَ سْ َ
صدَقَاتِ وَالّذِي نَ ل يَ ِ
الْ ُم ْؤمِنِيَ فِي ال ّ
خ َر ال ّلهُ مِ ْن ُهمْ َوَل ُهمْ َعذَابٌ َألِيمٌ .
سَ ِ
ومن طريق آخر حث الرسول على الصدقة يعن ف غزوة تبوك فجاء
عبكد الرحنكبكن عوف بأربعكة آلف فقال :يكا رسكول ال مال ثانيكة آلف
جئ تك بن صفها وأم سكت بن صفها فقال ر سول ال « :بارك ال لك في ما
أمسكت وفيما أعطيت» وجاء أبو عقيل بصاعٍ من تر فقال :يا رسول ال
أصبت صاعي من تر صاع أقرضته لرب وصاع لعيال قال :فلمزه النافقون
وقالوا :ما أع طى ا بن عوف إل رياء وقالوا أل ي كن ال ور سوله غني ي عن
صاع هذا وهكذا كان ال صحابة ر ضي ال عن هم يعلون ما نالوا من الدن يا
وسيلة إل الخرة:
الناهل السان ف دروس رمضان 378
شعرا:
ِإذَا اكْتَسَبَ الْمَالَ الْفَتَى مِن
وَأَحْسَنَ تَدبْيا َلهُ حِ ْينَ يَجْمَعُ
وَمَيّزَ فِي إِنْفَاقِه بِيْنَ مُصلحٍ
مَعِيْشَتَهُ فِيْمَا يَضُرُ وَيَنْفَعُ
وَأَرْضَى ِبهِ أَهْلَ الْحُقُوقِ وَلَم
بِهِ الذُخْرَ زَادا لِلّتِي هِيَ أَنْفَعُ
فَذَاكَ الْفَتَى لَ جَامِعَ الْمَالِ
لَولدِ سُوءٍٍ حَيْثُ حَلّوُا
الل هم تق بل م نا ي سي العمال ،و هب ل نا إ ساءتنا ف القوال والفعال
وسامنا عن الغفلة والهال واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي برحتك يا
أرحم الراحي .وصلى ال على ممد وعلى آله وصحبه أجعي.
279
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
– 34فيما ورد من الوعيد الشديد على ترك الزكاة:
إذا فه مت ما تقدم م ا ت ب ف يه الزكاة وبيان ن صاب الزكاة وم صرفها
ومكا ينبغكي أن يقول الدافكع والدفوع إليكه .فاعلم أناك مكا خالطكت مالً إل
ق شره وفتنته
أفسدته ومقت بركته وأي خي ونفع ف ما ٍل محوق البكة با ٍ
وشغل البدن والقلب وإتعابما؟
وال حق :م نه ما هو ظا هر ،و هو ذهاب صورة الال ورجوع الن سان
بعد الستغناء فقيا ،وقد وقع ذلك للق كثي من التساهلي بأمر الزكاة.
ومن الحق :مق باطن وهو أن يكون الال ف الصورة موجودا وكثيا
ول كن ل ينت فع ف يه صاحبه ل ف دي نه ف وجوه الب والشار يع الي ية وبذل
العروف ،ول ينتفع فيه ف نفسه ومروءته بالستر والصيانة ،ومع ذلك يتضرر
به تضررا كثيا بإمساكه عن حقه ووضعه ف غي جهته إما بإنفاقه بالعاصي
والعياذ بال ،وإما ف الشهوات البهيمية الت ل نفع فيها ول حاصل.
وقكد ورد فك منكع الزكاة عكن ال ورسكوله تشديدات هائلة وتديدات
عظيمة ويُخشى على مانع الزكاة من سوء الاتة والتعرض لوعيد ال وغضبه
والروج من الدنيا على غي ملة السلم وما جاء من الوعيد ف حق من بل
با أو قصر ف إخراجها قوله تعال :وَل يَحْ سََب ّن الّذِي َن يَبْخَلُو َن بِمَا َآتَاهُ مُ
اللّ هُ مِ ْن فَضْلِ هِ هُ َو خَ ْيرًا َلهُ ْم َبلْ هُ َو َشرّ َلهُ مْ سَيُ َط ّوقُو َن مَا بَخِلُوا بِ هِ يَوْ مَ
ض وَال ّل ُه بِمَا َتعْمَلُو َن خَبِيٌ .
ت وَالرْ ِ اْلقِيَا َمةِ َولِ ّلهِ مِيَاثُ السّمَاوَا ِ
ضةَ وَل يُ ْنفِقُونَه َا ف ِي
َبه وَاْلفِ ّ
ُونه ال ّذه َ
ِينه َيكِْنز َ وقال تعال :وَاّلذ َ
ب َألِي مٍ * َيوْ َم يُحْمَى عَلَ ْيهَا فِي نَارِ َجهَنّ َم فَُتكْوَى
شرْهُ مْ ِب َعذَا ٍ
سَبِيلِ اللّ ِه فََب ّ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ِبهَا جِبَا ُههُ ْم وَجُنُوبُهُ مْ وَ ُظهُو ُرهُ مْ َهذَا مَا كََن ْزتُ مْ لْنفُ سِ ُك ْم َفذُوقُوا مَا كُنْتُ مْ
َتكِْنزُونَ .
وعن أب هريرة قال :قال رسول ال « :ما من صاحب ذهب ول
ف ضة ل يؤدي من ها حق ها إل إذا كان يوم القيا مة صُفحت له صفائح من
نار فأُحيّ عليها ف نار جهنم ،فيُكوى با جنبه وجبينه وظهره ،كلما بردت
أُعيدت له ف يو ٍم كان مقداره خسي ألف سنة حت يُقضى بي العباد فيى
سبيله :إما إل النة ،وإما إل النار».
ق يل :يا ر سول ال فال بل؟ قال« :ول صاحب إ بل ل يُؤدي حق ها –
ومن حقها حلبها يوم وردها – إل إذا كان يوم القيامة بُطح لا بقاع قرقر
ل واحدا :تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها، أوفر ما كانت ل يفقد منها فصي ً
كل ما مر عل يه أولد ها رد عل يه أخرا ها ف يو مٍ كان مقداره خ سي ألف
سنة حت يُقضى بي العباد فيى سبيله :إما إل النة ،وإما إل النار.
قيل :يا رسول ال ،فالبقر والغنم؟ قال« :ول صاحب بقر ول غنم
ل يؤدي من ها حق ها إل إذا كان يوم القيا مة بُ طح ل ا بقاع قر قر ل يف قد
منها شيئا ليس فيها عقصاء ول جلحاء ول عضباء ،تنطحه بقرونا وتطؤه
بأظلف ها كل ما مر عل يه أول ا رد عل يه آخر ها ف يو مٍ كان مقداره خ سي
ألف سنة حت يُقضى بي العباد فيى سبيله :إما إل النة وإما إل النار».
وعن جابر قال :سعت رسول ال يقول « :ما من صاحب إبل ل
يفعل فيها حقها إل جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت ،وقعد لا بقاع قرقر
ت ست عل يه بقوائم ها وأخفاف ها ،ول صاحب ب قر ل يف عل في ها حق ها إل
جاءت يوم القيا مة أو فر ما كا نت وق عد ل ا بقاع قر قر فتنط حه بقرون ا،
281
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وتطؤه بأظلفها ،ليس فيها جاء ول منكسر قرنا ول صاحب كن ل يفعل
ف يه ح قه إل جاء كنه يوم القيا مة شُجاعا ،أقرع يتب عه فاتا فاه ،فإذا أتاه
فر منه ،فيُناديه خذ كنك الذي خبأته فأنا عنه غن ،فإذا رأى أن ل بد منه
سلك يده ف فيه فيقضمها قضم الفحل».
و ف روا ية للن سائي قال :قال ر سول ال « :ما من ر جل ل يؤدي
زكاة ماله إل جاء يوم القيامهة شُجاع مهن نار فتُكوى باه جبهتهه وجنبهه
وظهره ف يو ٍم كان مقداره خسي ألف سنة ،حت يُقضى بي الناس» .وال
أعلم وصلى ال على مُحمدٍ وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
وعكن جابر قال :قال رجكل يكا رسكول ال ،أرأيكت إن أدى الرجكل
زكاة ماله ،فقال رسول ال « :من أدى زكاة ماله فقد ذهب عنه شره».
وعن الحنف بن قيس قال :جلست إل مل من قريش فجاء رجل
خ شن الش عر والثياب واليئة ح ت قام علي هم ف سلم ث قال :ب شر الكانز ين
ف يُح مى عل يه ف نار جه نم ،ث يو ضع على حل مة ثدي أحد هم ح ت برض ٍ
يرج من ن غض كت فه ويو ضع على ن غض كت فه ح ت يرج من حل مة ثد يه
فيتزلزل ،ث ول ،فجلس إل سارية ،وتبع ته وجل ست إل يه ،وأ نا ل أدري من
هكو ،فقلت :ل أرى القوم إل قكد كرهوا الذي قلت ،قال إنمك ل يعقلون
شيئا ،قال ل خليلي ،قلت مكن خليلك؟ قال النكب :أتبصكر أحدا؟ قال:
فنظرت إل الشمس ما بقي من النهار وأنا أرى أن رسول ال :يُرسلن ف
حاجةٍ له قلت :نعم ،قال :ما أُحب أن ل مثل أح ٍد ذهبا أنفقه كله إل ثلثة
دنانيك ،وإن هؤلء ل يعقلون ،إناك يمعون ،ل وال ل أسكألم دنيكا ول
أستفتيهم عن دينٍ حت ألقى ال عز وجل.
وف رواية لسلم ،أنه قال« :بشر الكانزين بكي ف ظهورهم فيخرج
من جنوبم ،وبكي من قبل أقفائهم حت يرج من جباههم قال :ث تنحى
فقعد ،قال :قلت :من هذا؟ قالوا :هذا أبو ذر ،قال :فقمت إليه ،فقلت :ما
شيءٌ سعتك تقول قُبيل؟ قال :ما قلت إل شيئا قد سعته من نبيهم قال:
قلت ما تقول ف هذا العطاء .قال :خذه فإن ف يه اليوم معونة فإذا كان ثنا
لدينك فدعه».
حديثا عن وروي عن أب هريرة قال :سعت من عمر بن الطاب
283
377 الناهل السان ف دروس رمضان
رسول ال ،ما سعته منه ،وكنت أكثرهم لزوما لرسول ال ،قال عمر:
قال رسول ال « :ما تلف مال ف برٍ ول برٍ إل ببس الزكاة».
و عن عائ شة ر ضي ال عن ها قالت :قال ر سول ال « :ما خال طت
الصدقة – أو قال الزكاة – مالً إل أفسدته».
وعن السن :أن رسول ال قال« :حصنوا أموالكم بالزكاة ،وداووا
مرضاكم بالصدقة ،واستقبلوا أمواج البلء بالدعاء والتضرع».
فتأمل يا أخي اليات الكريات والحاديث الشريفات …
وانظر كيف يؤتى بالال الذي كان يبه مانع الزكاة حبا شديدا ويعزه
ال عز الذي ي صل به إل أن يُم سكه ويم عه ويوع يه ول يُفرط ف ش يء م نه،
حت ما كان منه حقا للفقراء البؤساء الساكي يؤتى به بعينه ويُجعل صفائح
و مع أن هذه ال صفائح من نا ٍر يُح مى علي ها ف نار جه نم لتش تد حرارات ا
وتزداد ليكون أل ها الوا قع على بدن ما نع الزكاة بالغا النها ية ف الشدة ح ي
يُكوى با جنبه وجبينه وظهره.
وتصيص هذه العضاء الثلثة قال بعض العلماء لن الُعذب وهو مانع
الزكاة إذا جاءه الفقي يسأله شيئا من حقه عبس وجهه وعقد جبينه عبوسا
وتعقيدا يدل على كراهته لذا السؤال.
فإذا أل الفقي عليه زاد ف عبوسه أن يضن بواجهة ذلك الفقي فينتقل
من الواجهة إل النراف عنه ويعل جنبه ف وجه السكي السائل مبالغةً ف
إظهار الكراهية لسؤاله.
فإذا ازداد الفق ي واش تد ف الطلب واللاح بالغ ال سؤول ف الغ ضب
فانصكرف عنكه ووله ظهره ماشيا مكن مكانكه وتاركا له يهوي فك هوات
الناهل السان ف دروس رمضان 378
احتياجه بدون أي اكتراث فلما كان هذا حال تلك العضاء الثلثة ف الدنيا
خُصت ف الخرة بالكي بتلك الصفائح الت هي ماله وبذلك يعرف أنه يُهان
بالال الذي كان يُعزه ف دنياه.
ولو كان يُهينه بالدنيا بفارقة ما كان يب عليه منه لكان سببا لكرامه
ف ذلك اليوم الرهيب الُفزع.
وانظر كيف تأت نعمه :إبله وبقره وغنمه الت ل يؤد حق ال فيها أقوى
ما كا نت وأوفره ،فتطؤه ال بل بأخفاف ها وتع ضه بأنياب ا الادة وتطؤه الب قر
والغ نم بأظلف ها وتنط حه بقرون ا ال سليمة ليكون الن طح ب ا أو جع وآل ول
تيء بقرة ول نعجة إل ولا قرناها ليس بما أي مانع ينع من توجيههما إليه
وط عن الا نع ب ما الط عن الل يم .وإن ا كا نت أقوى ما كا نت ليكون وطؤ ها
ونطحها وعضها بنتهى القوة .وإذا كان مبطوحا لا وهي تتردد عليه بالوطء
كان أم كن ل ا ف ف عل ما تُعذبه به وهذا العذاب ل يكون زم نه قليلً ولكنه
يدوم ما دام الوقف.
ومقدار الو قف خ سون ألف سنة ونوع آ خر من العذاب خاص با نع
الزكاة و هو أن يو ضع ح جر م مى عل يه و قد ز يد ف حرار ته فأُح ي عل يه
كذلك ف نار جه نم فل يتح مل الل حم شدة حرار ته فيذوب ذوبا نا فيد خل
الجر السم واللحم يذوب أمامه حت يرج من القطعة الرقيقة الت ف طرف
الكتف.
ث يو ضع على هذه القط عة الرقي قة و قد عاد ال سم إل ما كان عل يه
فيُف عل به ك ما تقدم يرج من حل مة ثد يه ويز يد ف الل حال التعذ يب أن
الجر يتزلزل ل ير ف البدن مستقيما وقت نفوذه.
285
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ن سأل ال أن يُعامل نا بعفوه وج يع ال سلمي و قد ل يكون هذا العذاب
كافيا فيكون سبيله إل النار ال ت في ها ألوان العذاب الل يم من زقوم وح يم
وغساق وضريع وويل وغسلي.
ولنع الزكاة شكلٌ آخر من الشؤم الدنيوي غي ما تقدم كما ف حديث
ما تلف مال ف بر ول ب ر إل ب بس الزكاة فالد يث يدل على أ نه أي مال
يضيع ف أي مكان ف بر أو بر سبب تلفه ترك الزكاة .وهي عقوبة تعكس
على الانكع قصكده ،إذ هكو يقصكد بنعكه لاك تكثيك الال والروب مكن نقصكه
بإخراج القدر الوا جب م نه .ولو أخرج القدر الوا جب و هو قل يل من كث ي،
ثوابك عظيكم هكو ثواب رككن مكن أركانٌ لفكظ ماله بإذن ال ولكان له
السلم ،ولكان له من الفضل على الُعطى ما ل ينساه مدة حياته.
أما العقوبة الخروية فالنار الت قال ال تعال عنها :كَل ِإنّهَا لَظَى *
شوَى * َتدْعُوا َمنْ َأ ْدَبرَ َوَتوَلّى * وَجَمَ َع َفَأوْعَى .
َنزّا َعةً لِل ّ
فعل يك أي ها العا قل ،أن تُحا سب نف سك بد قة َوُت َقوّم ما أعدد ته للب يع
والشراء وأن تُبيء ذم تك بيق ي ،بإخراج الزكاة كل ها إذا ت الول ،وأن ل
تدفعها إل لن تعلم أنه من يستحقها يقينا أو يغلب على الظن أنه من أهلها.
واحذر ككل الذر مكن التهاون بترك شي ٍء منهكا أو التسكويف باك أو
سلوك الطرق اللتوية للتخلص من أدائها أو التحايل على ترك شيءٍ منها فكل
حيلة تُستعمل لتضييع حق من حقوق ال أو حقوق عباده أو تُبيح ما حرم ال
أو ترم ما أ حل ال فهي من اليل الُحرمة الت سيُجازى عليها أشد الزاء
وما ربك بظلمٍ للعبيد.
ويوز تعج يل الزكاة لول ي فأ قل إذا ك مل الن صاب ل ا ورد عن علي
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ف تعج يل صدقته ق بل أن ت ل أن العباس بن ع بد الطلب سأل ال نب
فرخص له ف ذلك رواه المسة إل النسائي.
وعن أب هريرة قال بعث رسول ال عمر على الصدقة فقيل منع ابن
جيل وخالد بن الوليد والعباس فقال رسول ال « :ما ينقم ابن جيل إل أنه
كان فقيا فأغناه ال ور سوله وأ ما خال ٌد فإن كم تظلمون خالدا و قد ح بس
أدرا عه وأعتاده ف سبيل ال وأ ما العباس ف هي حق عليّ ومثل ها مع ها ث
قال :يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صِنو أبيه» متفق عليه.
اللهم اغفر لنا ما قطع قلوبنا عن ذكرك واعف عن تقصينا ف طاعتك
وشكرك وأدم لنا لزوم الطريق إليك وهب لنا نورا نتدي به إليك واسلك بنا
سبيل أهل مرضاتك واقطع عنا كل ما يُبعدنا عن سبيلك ويسر لنا ما يسرته
لهل مبتك وأيقظنا من غفلتنا وألمنا رُشدنا وحقق بكرمك قصدنا واسترنا
ف دنيانا وآخرتنا واحشرنا ف زمرة التقي وألقنا بعبادك الصالي واغفر لنا
ولوالدينا ولميع السلمي الحياء واليتي برحتك يا أرحم الراحي وصلى
ال على ممدٍ وآله وصحبه أجعي.
(موعظههة)
عباد ال إن العاقل اللبيب الفطن الرشيد من يسعى ف نفع نفسه وأهله
ودفع الضرر عنهم ،وإنا نرى ف زمننا الذي كثرت فيه النكرات وانطت فيه
الخلق وقل فيه الورع وكثر فيه النفاق والرياء.
ترى الناس يشون الناس ول يافون ربّا قهارا بطشكه شديكد وعذابكه
أل يم ترى الر جل يف عل الن كر جهارا ول تنهاه وتن سى أو تتنا سى قول ال
ش ْو ُه ِإ ْن ُكْنُت ْم ُم ْؤ ِمنِيَ ،وقوله :فَل
خَ
ش ْوَن ُه ْم فَالّل ُه َأحَقّ َأ ْن َت ْ
خَ
تعالَ :أَت ْ
287
377 الناهل السان ف دروس رمضان
شوْنِي .
ش ْوهُ ْم وَا ْخ َ
خَتَ ْ
وقوله « :من رأى من كم منكرا فليغيه بيده فإن ل ي ستطع فبل سانه
فإن ل يستطع فبقلبه ليس وراء ذلك من اليان حبة خردل».
فقكل للذي يرى تارك الصكلة ول ينهاه ل يوز لك ذلك انصكح أخاك
السلم وقل للذي قد عميت بصيته فأتى بكفار خدامي أو سواقي أو مربي
أو طباخي أو خياطي وأمنهم على مارمه :خف ال واحذر من عقوبة الدنيا
ق بل عقو بة الخرة ك يف تأ ت بأعداء ال ور سوله والؤمن ي ،ل قد أ سأت إل
نفسك وأهلك والسلمي.
أما سعت قول النب « :من جامع الشرك أو سكن معه فهو مثله».
أو ما بلغك قصة الثلثة الذين هجرهم السلمون نوا من خسي ليلة
بأيامها حي تلفوا عن رسول ال ف غزوة تبوك.
أو ما بل غك أن أ با هريرة أق سم( :ل يظله سقف هو وقا طع ر حم)
وأنت وأعداء ال الكفار متصل بعضكم ف بعض ف البيت والسوق والسيارة
ب الّتِي فِي
عياذا بال من ذلكَ :فإِّنهَا ل َتعْمَى البْصَارُ َوَلكِنْ تَعْمَى اْلقُلُو ُ
صدُورِ .
ال ّ
وإذا رأ يت من يلق لي ته ويُب قي شار به متشب ها بالجوس ف قل له أ ما
سعت حديث «أكرموا اللحى» ،وحديث «وفروا اللحى» ،وقول ال تعال:
ب أَلِيمٌ
حذَ ِر الّذِينَ ُيخَاِلفُونَ عَنْ أَ ْمرِ ِه أَنْ تُصِيَبهُ ْم فِتَْن ٌة أَ ْو يُصِيَب ُهمْ َعذَا ٌ
فَلْيَ ْ
وقوله « :كل أمت معاف إل الجاهرون» وعملك هذا مُجاهرة.
وإذا رأيت شارب الدخان فانصحه وبي له مضاره ف الدين والبدن والدنيا.
وإذا رأيكت مكن يقتكل وقتكه أمام اللهكي والنكرات فانصكحه وبيك له
الناهل السان ف دروس رمضان 378
الضار الت منها ترك الصلة جاعة أو إهالا بتاتا والعياذ بال.
وإذا رأيكت الذي يُطارد النسكاء فك السكواق فقكل بال هكل ترضكى أن
الفسقة مثلك يطاردون نساءك اتق ال وتب إليه من هذا الُلق الرذيل.
وإذا رأيكت الذي يغكش السكلمي فقكل له اتكق ال أمكا بلغكك حديكث
الصطفى « :من غشنا فليس منا».
وإذا رأيت من يعامل بالربا فقل كيف تارب ربك الذي أعطاك الال
خف ال واحذر أن يحقك ال ويحق مالك.
وإذا رأيت من يُسافر إل بلد الكفر فانصحه وقل أما سعت قول النب
«أ نا بر يء من م سلم ب ي أظ هر الشرك ي ل ترآى ناراه ا» وكان
يأ خذ على أ صحابه ع ند البي عة يأ خذ على يد أحد هم« :أن ل ترى نارك نار
الشركي إل أن تكون حربا لم».
وإذا رأيت من يصور أو يبيع صور ذوات الرواح فانصحه وقل له أما
بلغك أن أشد عذابا يوم القيامة الصورون ،أما بلغك أن من صور صورة ف
الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ ،وقل له أما سعت
حديث كل مصور ف النار يعل له بكل صورة صورها نفس فيعذبه ف جهنم
اتق ال قبل أن تقف بي يديه حافيا عاريا أعزلً.
وإذا رأيكت مكن يكبيع الصكور أو آلت اللهكو كالتليفزيون والكورة
والذياع والفيديو والسينما والورق اللهية عما خُلق النسان له ،وأبا البائث
الدخان ونو هذه البدع الُحرمة الت ضاع العمر والال بسببها وقضت على
الخلق والغية الدينيكة فقكل له أترضكى لنفسكك أن تتجكر بالحرمات وأن
تكون م ن يع ي على العا صي وين شر الف ساد ا تق ال ق بل أن يفاجئك هادم
289
377 الناهل السان ف دروس رمضان
اللذات فتندم ول يفيدك الندم .ويصدق عليك قول الشاعر:
وَالبَغي مَصْرَعُهُ َوخِيمُ نَدِمَ الْبُغَاةُ وَلتَ سَاعَة
ل ول وإذا رأيكت مكن يُطفكف فك الكيال واليزان أو يأخكذ راتبكه كام ً
يؤدي العمكل كاملً قكل له اتكق ال أمكا تقرأ قول رب العاليكَ :وْيلٌ
ُمه َأوْ
َسهَتوْفُو َن * َوإِذَا كَالُوه ْ
ّاسه ي ْ ِينه ِإذَا اكْتَالُوا عَلَى الن ِ
لِلْمُ َط ّففِي َ * اّلذ َ
ك َأنّهُ ْم مَ ْبعُوثُو نَ * لَِيوْ مٍ عَظِي مٍ * َيوْ مَ
سرُونَ * أَل يَظُنّ أُولَئِ َوَ َزنُوهُ مْ يُخْ ِ
ب الْعَالَمِيَ .
س ِلرَ ّ
َيقُومُ النّا ُ
وإذا رأيت الغتابي ناشة العراض أكالة لوم الغوافل فقل لم أما قرأت
ضكُمْ َبعْضًا َأيُحِبّ أَ َحدُكُمْ أَ ْن َيأْ ُكلَ لَحْمَ
ب بَعْ ُ
قول اللك الديان :وَل َيغْتَ ْ
َأخِيهِ مَيْتًا .الية.
وإذا رأيت النمام فقل له أما سعت قول النب « :ل يدخل النة نام»
وهكذا تف عل عند ما تر يد أن تن صح أ هل العا صي نوك هؤلء من منافق ي
ومتملقي وكذابي.
ولقكد تضاعفكت الغيبكة والنميمكة والكذب أضعافا كثية بعكد ظهور
التلفزيون والتليفون والُ سجلت ف قد كا نت بالول ل تو جد إل مع اجتماع
البدان والن توجكد ولو كان بينهكم مسكافات بعيدة نسكأل ال العافيكة لنكا
ولخواننا السلمي إنه على كل شيءٍ قدير وبكل شيءٍ عليم.
وال أعلم وصلى ال على ممد.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(موعظههة)
قال ابن القيم -رحه ال:
ما ضُرب ع بد بعقو بة أع ظم من ق سوة القلب والب عد عن ال ،خل قت
النار لذابكة القلوب القاسكية أبعكد القلوب مكن ال القلب القاسكي ،إذا قسكى
َقحُطت العي.
ق سوة القلب من أرب عة أشياء إذا جاوزت قدر الا جة :ال كل ،والنوم،
والكلم ،والخالطكة ،كمكا أن البدن إذا مرض ل ينفكع فيكه الطعام والشراب
فكذلك القلب إذا مرض بالشهوات ل تنجح فيه الواعظ.
من أراد صفاء قلبه فلُيؤْثِر ال على شهواته.
القلوب التعلقكة بالشهوات مجوبكة عكن ال بقدر تعلقهكا باك .شغلوا
قلوبم بالدنيا ،ولو شغلوها بال والدار الخرة لالت ف معان كلمه وآياته
الشهودة ورجعت إل أصحابا بغرائب الكم وطرف الفوائد.
إذا غُذي بالتذ كر ،و سُقي بالتف كر ،ونُ قي من الد غل ،رأى العجائب
وألم الكمة ،خراب القلب من المن والغفلة ،وعمارته من الشية والذكر.
إذا زهدت القلوب ف موائد الدن يا قعدت على موائد الخرة ب ي أ هل
تلك الدعوة ،وإذا رضيت بوائد الدنيا فاتتها تلك الوائد.
والقلب يرض كما يرض البدن وشفاؤه ف التوبة والمية ويصدأ كما
تصكدأ الرآة وجلؤه بالذككر ،ويعرى كمكا يعرى السكم وزينتكه التقوى،
ويوع ويظ مأ ك ما يوع البدن ،وطعا مه وشرا به العر فة والح بة والتو كل
والنابة والدمة.
291
377 الناهل السان ف دروس رمضان
للقلب ستة مواطن يول فيها ل سابع لا :ثلثة سافلة وثلثة عالية.
فال سافلة :دن يا تتز ين له ون فس تد ثه وعدو يو سوس له ،فهذه موا طن
الرواح السافلة ل تزال تول فيها.
والثلثكة العاليكة :علم يتكبي له ،وعقكل يُرشده ،وإله يعبده ،والقلوب
جوالة ف هذه الواطن.
وقال رح ه ال :ول ريب أن القلب ي صدأ ك ما ي صدأ النحاس والفضة
وغيهاك وجلؤه بالذككر فإنكه يلوه حتك يدعكه كالرآة البيضاء ،فإذا ترك
صديء ،فإذا ذكر جله.
وصكدأ القلب بأمريكن :بالغفلة والذنكب ،وجلؤه بشيئيك :بالسكتغفار
والذككر ،فمكن كانكت الغفلة أغلب أوقاتكه كان الصكدأ متراكما على قلبكه،
وصدأه بسب غفلته ،وإذا صدأ القلب ل تنطبع فيه صور العلومات على ما
هي عليه فيى الباطل ف صورة الق والق ف صورة الباطل ،لنه لا تراكم
عل يه ال صدأ وا سود ورك به الران ف سد ت صوره وإدرا كه ،فل يق بل حقا ول
ينكر باطلً ،وهذا أعظم عقوبات القلب.
وأصل ذلك من الغفلة واتباع الوى فإنما يطمسان نور القلب ويعميان
بصره ،قال تعال :وَل تُ ِط ْع مَ نْ أَ ْغفَلْنَا قَلْبَ هُ عَ ْن ذِ ْك ِرنَا وَاتّبَ َع هَوَا ُه وَكَا نَ
َأ ْمرُ هُ ُفرُطًا فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل فلينظر :هل هو من أهل الذكر
أو من الغافلي؟ وهل الاكم عليه الوى أو الوحي؟ فإن كان الاكم عليه هو
الوى و هو من أهل الغفلة كان أمره فرطا ،ومع ن الفُرط قد فُ سر بالتضي يع،
أي أمره الذي ي ب أن يلز مه ويقوم به ،و به رشده وفل حه ضائع قد فرط
فيه ،وفسر بالسراف ،أي قد أفرط ،وفسر بالهلك ،وفسر باللف للحق،
وكلها أقوال متقاربة.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
والقصود أن ال سبحانه وتعال نى عن طاعة من جع هذه الصفات،
فينب غي للر جل أن ين ظر ف شي خه وقدو ته ومتبو عه فإن وجده كذلك فليب عد
م نه وإن وجده م ن غلب عل يه ذ كر ال عز و جل واتباع ال سنة ،وأمره غ ي
مفروط عليه بل هو حازم ف أمره فليتمسك بغرزه ،ول فرق بي الي واليت
إل بالذكر ،فمثل الذي يذ كر ربه والذي ل يذكر ربه كمثل الي واليت.
وف السند مرفوعا أكثروا ذكر ال تعال حت يُقال منون اهك.
شعرا:
يَا َأّيهَا الْمُغْتَرّ بِالِ
فِرّ مِن الِ إِِلَى الِ
ولُذْ ِبهِ وَاسأَلْهُ مِن فَضْلِهِ
َفقَد نِجَا مَنْ لَذَ بِالِ
وَقَمْ َلهُ وَالّليْلُ فِي جنْحه
فَحَبّذَا مَنْ قَامَ لِ
وَاتْلُ مِن الوَحْيِ وَلَوْ آَيةً
تُكْسَى بِهَا نُورا مِن ال
وَعَفّر الوَجْهَ َلهُ سَاجِدا
فَعَزّ وَجْهٌ ذلّ لِ
فَمَا نَعِيْم كَمنُاَجَاتِهِ
لِقَانِت يُخْلِصِ لِ
وَاْبُعدْ عَن الذّنْبِ وَل تَاتَهِ
فَبُعدُهُ قُرْبٌ مِن الِ
يَا طَالِبا جَاها بِغَيْرِ التّقَى
293
377 الناهل السان ف دروس رمضان
جَهِلْتَ مَا يُدْنِي مِن الِ
لَ جَاهَ إِ ّل جَاه يَوَمَ القَضَا
س حُكْمٌ لِسِوى الِ
إذ لَيْ َ
وَصَارَ مِن يُسْعدُ فِي جَنّةٍ
عَاليَةٍ فِي رَحْمَةِ الِ
يَسْكُنُ فِي الفَرْدَوُس فِي قَبّةٍٍ
مِنْ لُؤْلُ ٍؤ فِي جِيْرَةٍ الِ
وَمَنْ يِكُنْ يُقْضَى عَلَ ْي ِه الشّقَا
فِي جاحِمٍ فِي سَخطِ الِ
يُسْحَبُ فِي النّارِ عَلَى وَجْهِه
بسَابِق الْحُكْمِ مِن الِ
يَا عَجَبا مِن مَوقِنْ بَالزا
وَهُوَ قَليلُ الْخَوفِ لِ
كَأَنّهُ َقدْ جَاءَهُ مُخُبَرٌ
بِأَمْنِه مِن قَبل الِ
يَا ُربّ جَبّار شَدِيدُ القُوَى
أَصَابَهُ سَهْ ٌم مِن الِ
فَأنْفَذَ الْمَقْتَلَ مِنْهُ وَكَمْ
أصْمَتْ وَتُصْمي أسْهُمُ الِ
واسُْت ّل قسرا مِن قُصُور ِإلَى الْه
أَجْدَاثِ وَاسْتَسْلِم لِ
مُرْتَهنا فِيْهَا بِمَا َقدْ جَنَى
الناهل السان ف دروس رمضان 378
يُخشَى عَلَ ْيهِ غَضَبُ الِ
لَيْسَ َلهُ حَو ٌل وَ َل قُوّةٌ
الْحَوْلُ والقوّةُ لِ
يَا صَاحِ سِرْ فِي الَرضِ كيمَا
مَا فَوْقَهَا مِن عَبْر الِ
وَكَمْ لَنَا مِن عِبْرَةٍ تَحْتَهَا
فِي أَمَم صَارتْ ِإلَى الِ
مِنْ مَ ِلكٍ مِنْهُمْ وَمِنْ سَوْقَةٍ
َحشْرُهُمُ هَيّنٌ عَلَى الِ
وَالْحَظْ بِعَيْنَيْكَ أدِيْمَ السّمَا
وَمَا ِبهَا مِن حِكْمِةِ الِ
تَرَى ِبهَا الَفْلَكِ دَوّارَةً
شَاهِدَةٌ بِالهلْك لِ
مَا وَقَفَت مُذْ أَجْرَيْتْ لَمْحَةُ
-أَوْ دُونَهَا – خَوْفَا مِن الِ
ب َولَ
وَمَا عَلَ ْيهَا مِن حِسَا ٍ
تَخْشَى اّلذِي يُخْشَى مِن الِ
وَهِيَ َومَا غَابَ َومَا َقدْ بَدَا
مِنْ آَي ٍة فِي قَبْضة الِ
تُوحّدُ الِ عَلَى َعرْشِِه
فِي غَيْبِه فَالمْرُ لِ
وَمَا تَسَمّى أحدٌ فِي السّمَا
295
377 الناهل السان ف دروس رمضان
والَرْضِ غَيْر الِ بِالِ
إِ ّن حِمَى ال مَنِيْ ٌع فَمَا
يَقْرُبُ شَي ٌء من حِمى الِ
لَ شَيْء فِي الَفْوَاهِ أَحْلَى من
هوحِيْدِ وَالتّمِْجِيْدِ لِ
وَلَ اطْمَأنّ القَلْبُ إِ ّل لِمَنْ
يَعْمُرهُ بِالذّكْرِ لِ
وَإِنْ رَأَى فِي دِيْنِه شُبْهة
أمْسك عنهَا خَشْيَة الِ
أَوْ عَرضَتْهُ فاقةٌ أَو غِِنً
لقاها بالشّكْرِ لِ
وَمَنْ يَكُنْ فِي هدْيِه هَكذَا
كَانَ خَلِيْقا برِضَى الِ
وَكَا َن فِي الدّنْيَا وَفِي قَبْره
وَبَعْدَهُ فِي ذِمّةِ الِ
وَفِي غَ ٍد تُبْصُرُهُ آمنا
لِخَوْفِهِ اليَوم منْ الِ
مَا أقْبَح ِإذَا مَا صَبا
وَعاقَه الْجَهْلِ عَن الِ
وَهُوَ مِن العُمْرِ عَلَى بَازِلٍ
يَحْمِلُهُ حَثّا ِإلَى الِ
ل ِإذَا أَشْفى رَأَى شَيْبَهُ
هَ ّ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
يَنْعَاهُ فَاسْتَحْيَى مِن ال
كَأَنّمَا رَيْنَ عَلَى قَلْبِهِ
فَصَارَ مَحْجُوبا عَن ال
ما يُعذرُ الْجَاهِلُ فِي جِهْلِهِ
فَضْلً عَن العَالِم بِالِ
دَاران ل بُدّ لنَا مِنْهُمَا
بِالفَضْلِ وَالعَدْلِ مِنْ الِ
وَلَسْتُ َأدْرِي مَنْزِلِي مِنْهُمَا
لَكِن تَوَكّلْتُ عَلَى الِ
فَاْعَجب لِعَبْدٍ هَذه حَاُلهُ
كَيْفَ نَبَا عَن طَاعَةِ الِ
وَاسوْأتا إِنْ خَابَ ظَنّي غَدا
وَلَم تَسَعْنِي رَحْمَةُ الِ
وَكُنْتُ فِي النّارِ أَخَا شِِقْوةٍ
نَعُوذُ من ذَلِكَ بِالِ
كَمْ سَوْءَ ٍة مَسْتُورَةٍ عِنْدَنَا
يَكْشِفُهَا العَرْضُ عَلَى الِ
فِي مَشْهدٍ فِ ْيهِ جَمِيْعُ الوَرَى
قَدْ ن ّكسُوا الَذْقَان لِ
وَكَمْ تَرَى من فَائِزٍ فِيْهِم
جَلله سَتْرٌ مِن الِ
فَالْحَمدُ لِ عَلَى نِعْمَ ِة الْه
297
377 الناهل السان ف دروس رمضان
إِسْلَمِ ُثمّ الْحَمْدُ لِ
(فصههل)
* ف بعض آداب الزكاة:
قال ف منهاج القاصدين اعلم أن على مُريد الزكاة وظائفا:
الوظيفهة الول :أن يفهكم الراد مكن الزكاة ،وهكو ثلثكة أشياء :ابتلء
مدعي مبة ال تعال ،بإخراج مبوبه والتنه عن صفة البخل الُهلك ،وشكر
نعمة الال.
ص َدقَاتِ
الوظيفة الثانية :السرار بإخراجها لقوله تعال :إِ ْن تُ ْبدُوا ال ّ
خفُوهَا َوتُ ْؤتُوهَا اْلفُ َقرَا َء َفهُ َو خَ ْيرٌ َلكُ مْ وحد يث ال سبعة
فَِنعِمّ ا هِ َي َوإِ ْن تُ ْ
ل ت صدق ب صدقة فأخفا ها ح ت ل تعلم شاله ما تن فق يي نه و عد من هم رج ً
لكو نه أب عد عن الرياء وال سُمعة ،و ف الظهار إذلل للفق ي أيضا ،فإن خاف
أن يُت هم بعدم الخراج أع طى من ل يُبال من الفقراء بال خذ ب ي الما عة
علنية وأعطى غيه سرا.
الوظيفهة الثالثهة :أن ل يُفسكدها بالنك والذى ،وذلك أن النسكان إذا
رأى نفسه مُحسنا إل الفقي مُنعما عليه بالعطاء ،ربا حصل منه ذلك ،ولو
ح قق الن ظر لرأى الفق ي مُح سنا إل يه ،بقبول حق ال الذي هو طهرٌ له ،وإذا
ا ستحضر مع ذلك أن إخرا جه للزكاة شُ كر لنع مة الال ،فل يب قى بي نه وب ي
الفقيك مُعاملة ،ول ينبغكي أن يت قر الفق ي بفقره لن الف ضل ليكس بالال ول
النقص بعدمه.
الوظيفة الرابعة :أن يستصغر العطية ،فإن الستعظم للفعل مُعجب به،
وقد قيل :ل يتم العروف إل بثلث :بتصغيه وتعجيله وستره.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
الوظيفة الامسة :أن ينتقي من ماله أحله وأجوده وأحبه إليه ،أما الِل
فإن ال تعال طي بٌ ل يق بل إل طيبا ،وأ ما الجود ف قد قال ال تعال :وَل
ث مِ ْن ُه تُ ْنفِقُونَ .
تَيَمّمُوا الْخَبِي َ
وعن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما قال :أصاب عمر أرضا بيب،
فأ تى ال نب ي ستأمره في ها ،فقال :يا ر سول ال إ ن أ صبت أرضا ل أُ صب
مال قط هو أن فس عندي م نه ،ف ما تأمر ن؟ قال :إن شئت حب ست أ صلها
وتصدقت با .قال :فتصدق با عمر ،غي أنه ل يُباع أصلها ول يورث ول
يوهب .قال :فتصدق با عمر ف الفقراء وذوي القرب وف الرقاب وف سبيل
ال وابن السبيل والضيف ،ل جُناح على من وليها أن يأكل منها بالعروف أو
يطعم صديقا غي متمول فيه ،وف لفظ غي متأثلٍ .رواه الماعة.
و عن أ نس قال :كان أ بو طل حة أك ثر الن صار بالدي نة مالً من
نل ،وكان أحب أمواله إليه َبيْرُحاء ،وكانت مُستقبلة السجد ،وكان رسول
ال يشرب من ماءٍ في ها ط يب .قال أ نس :فل ما نزلت هذه ال ية :لَ نْ
تَنَالُوا الِْب ّر حَتّى تُ ْن ِفقُوا مِمّا تُحِبّو نَ جاء أبو طلحة إل رسول ال فقال:
َنه تَنَالُوا الِْب ّر حَتّىه تُنْ ِفقُوا مِمّاه
يكا رسكول ال ،إن ال تعال أنزل عليكك ل ْ
تُحِبّونَ وإن أحب مال إل بيحاء وإنا صدقة ل تعال أرجو برها وذُخرها
عند ال تعال فضعها يا رسول ال حيث أمرك ال ،فقال رسول ال « :بخ
بخ ذلك مالٌ رابح ،وقد سعت ما قلت ،وإن أرى أن تعلها ف القربي،
فقال أ بو طل حةَ :أفْعَل يا ر سول ال ،فق سمها أ بو طل حة ف أقار به وب ن
عمه» متفق عليه.
وينبغي أن يُلحظ ف ذلك أمرين:
299
377 الناهل السان ف دروس رمضان
أحده ا :حق ال سبحانه وتعال بالتعظ يم له ،فإ نه أ حق من اخت ي له،
ولو أن النسان قدم إل ضيفه طعاما رديئا لوغر صدره.
والثانه :حكق نفسكه فإن الذي يُقدمكه هكو الذي يلقاه غدا فك القيامكة
فينبغي أن يتار الجود لنفسه ،وأما أحبه إليه ،فلقوله تعال :لَ نْ تَنَالُوا الِْبرّ
حَتّى تُ ْن ِفقُوا مِمّا تُحِبّونَ .
وكان ابن ع مر رضي ال عنهما إذا اشتد ح به لشيءٍ من ماله قربه ل
عكز وجكل .وروى أنكه نزل الحفكة وهكو شاككٍ ،فقال :إنك لشتهكي حيتانا
فالتم سوا له فلم يدوا إل حوتا فأخذ ته امرأ ته ف صنعته ،ث قرب ته إل يه فأ تى
مسكي ،فقال ابن عمر رضي ال عنهما خُذه ،فقال له أهله :سبحان ال قد
عنيتنا ومعنا زاد نعطيه ،فقال :إن عبد ال يبه.
وروي أن سكائلً وقكف بباب الربيكع بكن خيثكم رحهك ال تعال ،فقال:
أطعموه سكّرا ،فإن الربيع يُحبُ السكر.
الوظيفة السادسة :أن يطلب لصدقته من تزكو به ،وهم خصوص من
عموم الصناف الثمانية ،ولم صفات:
الول :التقوى ،فليخص بصدقته التقي فإنه يرد با ههم إل ال تعال،
وف الديث الذي رواه ابن حِبان ف صحيحه عن أب سعيد الدري عن النب
أطعموا التقياء وأولوا معروف كم الؤمن ي ،و قد كان عا مر بن ع بد ال بن
الزبي يتخي ال ُعبّاد وهم سجود فيأتيهم بالصرة فيها الدناني والدراهم فيضعها
ع ند نعال م ب يث يُح سون ب ا ول يشعرون بكا نه ،فق يل له :ما ين عك أن
ترسل با إليهم؟ فيقول :أكره أن يتمعر وجه أحدهم إذا نظر إل رسول.
الصهفة الثانيهة :العلم فإن إعطاء العال إعانكة على العلم ونشكر الديكن،
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وذلك تقوية للشريعة.
ال صفة الثال ثة :أن يكون م ن يرى النعام من ال وحده ول يلت فت إل
السكباب إل بقدر ما نُدب إليكه مكن شكر ها ،فأ ما الذي عادتكه الدح عنكد
العطاء فإنه سيذم عند النع.
الصفة الرابعة :أن يكون صائنا لفقره ،ساترا لاجته ،كاتا للشكوى،
حسَُب ُهمُ الْجَاهِ ُل أَغْنِيَا َء ِم َن التّ َعفّفِ .
كما قال تعال :يَ ْ
و من آداب الُز كي ال ت تتأ كد عل يه أن يكون ط يب الن فس بإخراج ها
فرحا مسرورا مُستبشرا بقبول الفقي الُستحق لزكاته ،وليحذر من أن يكون
كارها لخراجها فإنه من صفات النافقي ،قال ال تعال :وَل يُ ْن ِفقُو َن إِل
َوهُ مْ كَا ِرهُو نَ وأ خب سبحانه أن النا فق يُ صلي ول كن ل يأتي ها إل و هو
كسلن وقد يُزكي ولكن مع الكراهة ،وقوله « :من تشبه بقو ٍم فهو منهم»
وف لفظ« :ليس منا من تشبه بغينا» وهو حديثٌ جيد.
(موعظههة)
عباد ال إن كنتم ف سعة من العيش فاحدوا ال تعال أن جعلكم من
أ هل الي سار وأديوا شكره يُدم علي كم النع مة ويزد ها ،و هو الكر ي الواد.
و من تام النع مة أن تن سخوا من الزكاة بإخراج ها كاملة إل ذوي الاجات
لعلككم أن تفوزوا باللف والثواب الزيكل مكن فاطكر الرض والسكموات،
أحسنوا إل عباد ال ك ما أح سن ال إليكم وراعوا عند الح سان الدب فل
تنوا على الفقيك ول تؤذوه فإن ذلك مُحبكط للعمال واسكتروا عطاءككم
مُخل صي متيقن ي أن حاجت كم إل الثواب وتكف ي الذنوب أ شد من حا جة
الفقيك إل مكا تُخرجون .واعلموا أن إحسكانكم إناك هكو لنفسككم واعصكوا
301
377 الناهل السان ف دروس رمضان
الشيطان فإ نه يأ مر بالب خل وين هى عن الع طف على ال ساكي ،يُخيف كم إن
تصدقتم أن يذهب مالكم وأنتم تعلمون أن نصيحة العدو مُهلكة ،وقد أخب
ال جل وعل أن الشيطان للن سان عدوٌ مبي ،وأ خب « :أ نه ما من يو مٍ
يُصهبح العباد إل ملكان ينلن فيقول أحدهاه اللههم أعهط منفقا خلفا
ويقول الخر اللهم أعط مسكا تلفا» رواه البخاري ومسلم.
اللهم اعصمنا عن الخالفة والعصيان وألمنا ذكرك وشكرك يا كري يا
منان واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي الحياء من هم واليت ي برح تك يا
أرحم الراحي وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
* فصل فيمن تل له الصدقة:
اعلم وفق نا ال وإياك وج يع ال سلمي ل ا يُح به ويرضاه ،أن م ا يتع ي
على كل مؤمن أن يصون نفسه عنه ،مسألة الناس إل عند الضرورة أو الاجة
الشديدة ال ت ل بد له من ها ول ِغ ن له عن ها ،وذلك ل ا ورد عن قبي صة بن
مُخارق اللل قال :تملت حالةً ،فأتيكت رسكول ال أسكأله فيهكا ،فقال:
«أقم حت تأتينا الصدقة فآمر لك با» ث قال« :يا قبيصة إن السألة ل تل
إل لحد ثلثة رجل تمل حالة فحلت له السألة حت يصيبها ث يسك .أو
رجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له السألة حت يُصيب قواما من
عيش ،أو قال سدادا من عيش ،ورجل أصابته فاقه حت يقوم ثلثة ،من
ذوي الجا من قومه يقولون لقد أصابت فلنا فاقة ،فحلت له السألة حت
يصيب قواما من عيش أو قال :سدادا من عيش – فما سواهن من السألة
يا قبيصة سُحتٌ يأكلها صاحبها سُحتا» .
* التحذير من أخذ الصدقة لن ل تل له:
الناهل السان ف دروس رمضان 378
عكن أبك هريرة قال :قال رسكول ال « :مهن سهأل الناس أموالمه
تكثرا فإنا يسأل جرا ،فليستقلل أو ليستكثر».
وعن عبدال بن عمر رضي ال عنهما قال :قال رسول ال « :مايزال
الرجل يسأل حت يأت يوم القيامة ليس ف وجهه مُزعة لم».
وعن معاوية قال :قال رسول ال « :ل تُلحفوا ف السألة .فو ال
ل يسألن أحدٌ منكم شيئا فتخرج له مسألته من شيئا أنا كار هٌ له ،فيبارك
له فيما أعطيته».
و عن الزب ي بن العوام قال :قال ر سول ال « :لن يأ خذ أحد كم
ي له
حبله فيأت بزمة حطب على ظهره فيبيعها – يكف ال با وجهه – خ ٌ
من أن يسأل الناس :أعطوه أو منعوه».
وعن سرة بن جندب قال :قال رسول ال « :إنا السائل كدوح
يكدح با الرجل وجهه ،فمن شاء أبقى على وجهه ،ومن شاء ترك ،إل أن
يسأل الرجل ذا سُلطان أو ف أمر ل يد منه بد».
وعن عبد ال بن مسعود قال :قال رسول ال « :من سأل الناس
وله مها يُغنيهه :جاء يوم القيامهة ومسهألته خُموش أو خدوش أو كدوح»،
قيل :يا رسول ال ،وما يغنيه؟ قال« :خسون درها أو قيمتها من الذهب».
ولب داود عن سهل بن النظلية ،قيل :وما الغن الذي ل ينبغي معه
السألة؟ قال « :قدر ما يُغذيه أو يُعشيه».
وعن أنس أن رجلً من النصار أتى النب يسأله ،فقال« :ما ف
بيتك شيءٌ؟» قال" :بلى ،حلسٌ نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه
الاء" قال« :ائت ن ب ما» ،فأتاه ب ما ،فأخذه ا ر سول ال بيده وقال « :من
303
377 الناهل السان ف دروس رمضان
يشتري هذ ين؟» قال ر جل" :أ نا آخذه ا بدر هم" ،قال « :من يز يد على
در هم؟» ،مرت ي أو ثلثا ،قال ر جل" :أ نا آخذه ا بدره ي" فأعطاه ا إياه،
فأخذ الدرهي وأعطاها النصاري وقال« :اشتر بأحدها طعاما فانبذه إل
أهلك ،واشتر بالخر قدوما فأتن به» ،فأتى به فشد فيه عودا بيده ،ث
قال« :اذ هب فاحت طب ،و بع ول أري نك خ سة ع شر يوما» فذ هب الر جل
يتطب ويبيع ،فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها
ي لك مهن أن تيهء السهألة نُكتهة فه طعاما ،فقال رسكول ال « :هذا خ ٌ
وج هك يوم القيا مة ،إن ال سألة ل ت صلح إل لثل ثة :لذي فق ٍر مُد قع ،أو
لذي غر ٍم مُقطع ،أو لذي دم موجع».
وللترمذي نوه عن حبشي بن جُنادة ،وفيه« :ومن سأل الناس ليُثري
به ماله كان خوشا ف وجهه يوم القيامة ،ورضفا يأكله ف جهنم فمن شاء
فليقلل ،ومن شاء فليكثر».
وعن ابن مسعود قال :قال رسول ال « :من نزلت فاقة به فأنزلا
بالناس ل تُ سد فاق ته ،و من نزلت به فا قة فأنزل ا بال فيو شك ال له برز قٍ
عاجل أو آجل».
وعن أب كبشة عمرو بن سعد الناري أنه سع رسول ال يقول:
«ثلثهة أقسهم عليههن وأحدثكهم حديثا فاحفظوه :مها نقهص مال عب ٍد مهن
صدقة ،ول ظُلِ مَ عبدٌ مظل مة صبَ علي ها إل زاده ال عزا ،ول ف تح عبدٌ
باب مسألة إل فتح ال عليه باب فق ٍر – أو كلمة نوها .»-
وعكن ثوبان قال :قال رسكول ال « :مهن يتكفهل ل أن ل يسهأل
الناس شيئا أتكفل له النة؟» فقلت :أنا فكان ل يسأل أحدا شيئا.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
و عن حك يم بن حزام قال :سألت ر سول ال فأعطا ن ،ث قال:
« يا حك يم ،إن هذا الال خضرة حلوة ف من أخذه ب سخاوة نف سٍ بورك له
نفسه ل يُبارك له فيهه ،وكان كالذي يأكهل ول
ٍ فيهه ،ومهن أخذه بإشراف
يشبع ،وال يد العليا خ ي من ال يد السفلى» ،قال حك يم :فقلت :يا ر سول
ال ،والذي بعثك بالق ل أرزأ أحدا بعدك شيئا حت أفارق الدنيا.
(موعظههة)
عباد ال ما أح سن أن يع يش الرء قانعا ب ا رز قه ال ف هذه الياة فل
ي د ب صره إل ما ف أيدي الناس ول تتطلع نف سه إل سلب حقوق الناس أو
ظلم هم والعتداء على ما و هب ال ل م من نع مٍ ج سام فإن القا نع يش عر
ويُحس بسكينة وطُمأنينة كما يشعر بأنه غن عن كل اللق ،قال الشاعر:
ِإذَا كُنْتَ فِي ال ّدنْيَا قَنُوعا
فَأَنْتَ وَمَالِكَ الدّنْيَا سَوَاءُ
وذلك أن له نفسكا راضيكة باك قسكم ال آمن ًة مُطمئنكة ل يتسكرب إليه ا
ك
الشع والطمع اللذان ها من أقبح القبائح وأسوأ الشمائل ول يزال صاحب
هذين أو أحدها إل وهو مذموم وبأقبح الصفات موسوم ل تعرض له القناعة
ولو كانت الدنيا باسرها له .قد مل حبها قلبه وغمر مبتها والتفان ف طلبها
قل به و صار ل ير ضى من ها بالي سي ول يق نع بالكث ي وقل ما ت د مُت صفا بذا
الوصف إل وهو متشتت الفكر قليل الراحة عنده من السد واللع وضعف
التوكل على ال الشيء الكثي الذي يُخشى عليه مع استدامته معه من سوء
الاتة.
أما القانع ذو النفس البية الراضية الُطمئنة التوكلة على ال فيُرجى لا
305
377 الناهل السان ف دروس رمضان
أن تنالا الية الكرية :يَا َأيُّتهَا الّنفْسُ الْمُ ْطمَئِّنةُ * ا ْرجِعِي ِإلَى َربّكِ رَاضَِيةً
َمرْضِّيةً ،الية.
قال « :من أصبح آمنا ف سربه مُعاف ف بدنه معه قوت يومه فكأنا
حيزت له الدنيا بذافيها».
وقال ابن مسعود « :ما من يوم إل يُنادي فيه ملك من تت العرش
ي يُطغيك». يا ابن آدم قليل يكفيك خيٌ من كث ٍ
وقال بعكض العلماء :أطيكب العيكش القناعكة وأنككد العيكش ال شع ومكن
ل ب ا ف يده مُتطلعا ل ا ف أيدي الناس
الخلق الذمي مة ال ت ت عل الن سان بي ً
الرص والفراط ف حب الدنيا وجعها ولو أدى ذلك إل إهدار الكرامة وإراقة
ماء الوجه فالذر عباد ال من الرص على الدنيا فإن حبها رأس كل خطيئة.
شعرا:
وَإِنّي امرؤٌ بِالطّبْعِ ألْغِيْ
وَأَزْجُرُ َن ْفسِي طَابِعا لَ تَطَبّعَا
س وَفَضْلُ
وَعِنْدِي غِنَى نَفْ ٍ
وَلَسْتُ كَمَنْ إِنْ ضَاقَ ذَرْعا
وَإِنْ مَدّ نَحْوَ الزّادِ قَوْ ٌم أَكُفّهَا
تَأَخّرت بَاعا إنْ دَنَا القَوْمُ
ي دَنِيْئَةً
وَمُذْ كَانَتْ ال ّدنْيَا لَدَ ّ
تَعَرّضْتُ لِلعْرَاضِ عَنْهَا تَرَفّعَا
وَذَاكَ لِعِلْمِيْ إِنّمَا الُ رَازِقٌ
فَ َمنْ غَيْرُهُ أَرْجُو وَأَخْشَى
الناهل السان ف دروس رمضان 378
فَلَ الضّعْف يُقْصِي الرّزقَ إِن كَانَ
وَل الْحَوْلُ يُدْنِيْهِ ِإذَا مَا تَجَزّعَا
فَل تَبْطِرَنْ إِنْ نِلْتَ مِنْ
وَكُنْ شَامِخا بِالنَفِ إِنْ ُكنْتَ
فَقَدْرُ الفَتَى مَا حَازَهُ وَأَفَادَهُ
مِن العِلْمِ لَ مَالُ حَوَاهُ وَجَمّعَا
فَكُنْ عَالِما فِي النّاسِ أَوْ مُتَعَلّمًا
وَإِنْ فَاتَكَ القِسْمَانِ أَصْغِ
وَل تَكُ لِلَقْسِامِ مَا اسْتَطَعْتَ
فتُدْرَأ عَنْ وُرْد النّجَاةِِ وَتُدْفَعَا
اللهم يا حي يا قيوم يا بديع السموات والرض نسألك أن توفقنا لا فيه
صلح ديننا ودنيانا وأحسن عاقبتنا وأكرم مثوانا واغفر لنا ولوالدينا ولميع
السلمي برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على مُحم ٍد وعلى آله وصحبه
أجعي.
307
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
عن عوف بن مالك الشجعي قال :كنا عند النب تسعة أو ثانية أو
سبعة ،فقال« :أل تُبايعون ر سول ال؟ وك نا حدي ثي ع هد ببيعةٍ ،فقل نا :قد
بايعناك يا ر سول ال! ث قال :أل تُبايعون ر سول ال؟ قال :فب سطنا أيدي نا
وقلنها :قهد بايعناك يها رسهول ال ،فعلم نُبايعهك؟ قال :أن تعبدوا ال ول
تشركوا به شيئا ،والصلوات المس ،وتطيعوا ال وأسر كلمة خفية ،ول
ت سألون الناس شيئا ،فل قد رأ يت ب عض أولئك الن فر ي سقط سوط أحد هم
فما يسأل أحدا يناوله إياه».
وعن زيد بن أسلم قال :شرب عمر بن الطاب لبنا فاعجبه ،فسأل
الذي سقاه :من أ ين هذا الل ب؟ فأ خبه أ نه ورد على ماء – قد ساه – فإذا
نعم من نعم الصدقة وهم يسقون ،فحلبوا من ألبانا فجعلته ف سقائي فهو
هذا فأدخل عمر يده ف فمه فاستقاء .أي أخرجه من جوفه.
وعن عمر بن الطاب قال :كان النب يُعطين العطاء ،فأقول اعطه
أفقر من ،فقال« :خذه فتموله وتصدق به ،فما جاءك من هذا الال وأنت
غي مشرف ول سائل ،فخذه ،ومال فل تتبعه نفسك» ،متفق عليه.
وعن ابن الساعدي قال :استعملن عمر على الصدقة ،فلما فرغت منها
وأديتها إليه أمر ل بعمالة .فقلت إنا عملت ل ،قال :خذ ما أعطيت فإن قد
عملت على ع هد ر سول ال فعمل ن ،فقلت :م ثل قولك .فقال ل ر سول
ال « :إذا أعطيت شيئا من غي أن تسأله فكل وتصدق» ،رواه أبو داود.
وعن أب سعيد :أن أناسا من النصار سألوا رسول ال فأعطاهم ،ث
سألوه فأعطا هم ح ت ن فد ما عنده ،فقال « :ما يكون عندي من خ ي فلن
الناهل السان ف دروس رمضان 378
أدخره عنكم ،ومن يستعفف يُعفه ال ،ومن يستغن يُغنه ال ،ومن يتصب
يُصبه ال ،وما أُعطي أحد عطاء خيا وأوسع من الصب» ،رواه المسة.
و عن أ ب هريرة عن ال نب قال« :ل يس الغ ن عن كثرة العرض
ولكن الغن غن النفس» ،رواه البخاري ومسلم وغيها.
وقد اشتمل الديثان الخيان على جُمل جامعة نافعة:
الول :قولكه « :ومن يستعفف يُعفه ال» ففيها الث على ماهدة
النفكس على انصكرافها عكن التعلق بالخلوقيك ،وذلك بالسكتعفاف عمكا فك
أيدي هم ،فل يُطلب من هم شيئا ل بل سان الال ول بل سان القال ،بل يكون
معتمدا على ال وحده.
وف الملة الثانية :وهي قوله « :ومن يستغن يُغنه ال» الث على
الستغناء بال والثقة به والعتماد عليه ف الدقيق والليل.
والثالثهة :قوله « :ومهن يتصهب يُصهبه ال» ففيهكا أيضا الثك على
مُجاهدة النفس على الصب الذي هو حبس النفس على ما تكره تقربا إل ال
لنه يتاج إل الصب على طاعة ال حت يؤديها وعن معصية ال حت يتركها
ل ،وإل الصب على أقدار ال الؤلة فل يتسخط.
وف الديث الخر ،وهو قوله « :ليس الغن عن كثرة العرض …»
إل بيان أن الغن ليس بسعة الثروة ووفرة الال وكثرة التاع ،ولكن الغن غن
الن فس ،ف من ا ستغن ب ا ف يده ع ما ف أيدي الناس ،ول تشرف عل يه نف سه
ول تتطلع إليه فهو الغن الدير بلقب الغن ،وإن كان ف الال مُِقلّ ،إذ رضاه
با قسم ال ،وعفته وزهده وقناعته جعلته ف درجةٍ من الغن دونا بطبقات
أ هل الثراء الذ ين حُرموا الزهادة والقنا عة والر ضا ب ا ك تب ال ل م ،الذ ين
309
377 الناهل السان ف دروس رمضان
تذهب أنفسهم حسرةً إذا فاتتهم صفقة أو ضاعت عليهم فرصة ،بل ما جاءه
رضي به وقنع بلف من كثر ماله وتشعبت أملكه وصار قلبه موزعا بي
ضيع ته وعمارا ته وذه به وفض ته وأورا قه و سائر أمواله ول يس له هم إل ج ع
الال فهو معشوقه يرص عليه أشد الرص ،ويتميز غيظا إذا فاته منه القليل
وبوده لو ضكم مكا فك أيدي الناس إل مكا فك يده فصكار ل يتلذذ بأككل ول
بشرب ول يرتاح لنادمة جليس لشتغال قلبه به فهذا هو الفقي حقا الحروم
صدقا وصدق من قال:
وَمَنْ يُنْفِقْ السّاعَاتِ فِي جَمْعِ
مَخَافَةَ فَقْرٍٍ فَالّذِي فَعَلَ
الل هم ي سر ل نا أ مر الرزق واع صمنا من الرص والت عب ف طل به و من
شغل القلب وتعلق الم به ،ومن الذل للخلق بسببه ومن التفكي والتدبي ف
تصيله ،ومن الشح والرص عليه بعد حصوله ،واغفر لنا ولوالدينا ولميع
ال سلمي الحياء من هم واليت ي ،برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على
مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
(موعظههة)
عباد ال أو صيكم ونف سي بتقوى ال العز يز العلم ال ي القيوم الذي ل
ينام وأو صيكم ف معامل ته ب ا ي به ويرضاه ف القدام والحجام والفزع إل يه
عنكد تفاقكم الشدائد واشتباه الحكام ،والعتماد عليكه فك الدقيكق والليكل،
والت سليم له ف الن قض والبرام ،والرغ بة في ما لد يه فبيديه ال ي و هو الكر ي
الواد ،ومقابلة قضائه بقيقة الرضى والستسلم ،أما خلقكم وأسبغ عليكم
نعمه ظاهر ًة وباطنة و هو جزيل النعام ،أما شرفكم وفضل كم بزيل العقول
الناهل السان ف دروس رمضان 378
والفهام ،أ ما أو ضح ل كم الطر يق الو صل إل دار ال سلم ،أ ما ب عث إلي كم
مُحمدا لتبليكغ الشرائع والحكام ،أمكا أنزل عليكه الذككر ليكبي للناس مكا
أودعه فيه من الحكام ،أما دعاكم إل التوكل عليه والعتصام ،أما حثكم
إل الع مل في ما يقرب إل دار ال سلم ،أ ما حذر كم عوا قب معا صيه ونا كم
عن الثام ،أما أنذركم هول يوم أطول اليام ،اليوم الذي يشيب فيه الولدان،
وتنفطر فيه السماء ،وتنكدر فيه النجوم ،وتظهر فيه أمورٌ عظام ،أما خوفكم
موارد المام ،أما ذكركم مصارع من قبلكم من النام ،أما أمدكم بالبصار
والساع وصحة الجسام ،أما وعدكم بقبول توبة التائبي رحة منه جرت به
القلم ،فو ال ل ق لذا الرب العظ يم أن يُطاع فل يُع صى على الدوام ،ف يا
أيهكا الشيوخ بادروا فمكا للزرع إذا أحصكد إل الصكرام ،ويكا معشكر الشباب
جدوا ف العمل فرب امريءٍ ما بلغ التمام ،واحذروا عقاب ربكم يوم يؤخذ
بالنواصكي والقدام ،يوم تُبدل الرض غيك الرض والسكموات وبرزوا ل
الوا حد القهار ،يوم ما أطول الوقوف ف يه وأثقله على كل مر مخ جبار يوم
الناق شة ف يه عن القت يل والنق ي والقطم ي و صغائر العمال والكبائر ،فتأهبوا
لذلك اليوم العظيم واستعدوا له أت استعداد.
شعرا:
لَكَ الْحَمْدُ وَالنّعْمَاءُ وَاللكُ
وَل شَيْء أَعْلَ مِنْكَ مَجْدا
مَلِيْكق عَلَى عَرْشِ السّماءِ
لِعِزّتِهِ تَعْنُوا الوُجُوْهُ وَتَسْجُدُ
فَسُبْحَانَ مَنْ لَ يَقْدُرُ الْخَلْقُ
311
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ق العَرْشِ فَرْدٌ
وَمَنْ هُوَ فَوْ َ
وَمَنْ لَمْ تُنَازِعْهُ الْخَلئِقُ
وَإِنْ لَمْ تُفَرّدْهُ العِبَادُ فَمُفْرَدُ
مَلِيْكُ السّمَواتِ الشّدَادِ
س بِشِيءٍ عَن قَضَاهُ تَأْوّدُ ولَيْ َ
هُوَ الُ باريُ الْخَلْقِ ،والْخضلْقُ
إِمَا ٌء َلهُ طَوْعا جَمِيْعا وَأَعْبُدُ
وَأَنّى يِكُونُ الْخَلقُ كَالْخَالقِ
يُمِيْتُ وَيُحْيِي دَائِبا لَيْسَ يَهْمَِدُ
تُسَبْحْهُ الطّيْرُ الْجَوَانِحُ فِي
وَإِذْ هِي فِي جَوّ السّمَاءِ تُصَعّدُ
وَمِنْ خَوْفِ َربّي سَبّحَ الرّعْدُ
وَسَبّحَهُ الشْجَارُ وَالوَحْشُ
وَسَبّحَهُ النّيْنَانْ وَالبَحْرُ زَاخِرا
وَمَا طَمّ مِنْ شِي ٍء َومَا هُوَ مُقْلَدُ
أََ َل َأيّهَا القَلبُ الْمُقِيْمُ عَلَى
ِإلَى أَيّ حِ ْينَ مِنَكَ َهذَا التّصَدّدُ
لقّ كَالعَمَى الْمُمِيْطِ عَن عَنْ ا َ
س يَرُدّ الَقَّ إِ ّل مُفَنّدُ
ولَيْ َ
وَحَالَتُ دُنْيا لَ تَدُوْمُ لهْلِهَا
فَبَيْنَ الفَتَى فِيْهَا مَهِيْبٌٌ
إِذْ انْقَلَبَتْ عَنْهُ وَزَالَ نَعِيْمُهَا
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وَأصْبَحَ مِنْ تُرَبِ القُبُورِ
وَفَارَقَ رُوْحا كَا َن بَيْنَ جِنَانِهِ
وَجَاوَرَ مَوْتَى مَا لَهُم مُتُرَدّدُ
فَأَيّ فَتَى قَبْلِيْ رَأَيْتَ مُخَلّدا
لَهُ فِي قَدِيِمِ ال ّدهْرِ مَا يَتَوَدّدُ
فَلَمْ تَسْلَمْ الدّنْيَا وَإنْ ظَنّ
بِصِحّتِهَا وَالدّهْرُ َقدْ يَتَجَرّدُ
أَلَسْتَ تَرَى فِيْمَا مَضَى لَكَ
فَمَه لَ تَكُنْ يَا قَلبُ أَعْمَى
فَكُنْ خَائِفا لِلمَوْتِ وَالبَعْثِ
وَل تَكُ مِمّنْ غَرّهْ اليَومُ أَو غَدُ
فَإنّكَ فِي دُنْيَا غَرُورِ ٍ لهْلِهَا
وَفِيْهَا عَدُوّ كَاشِحُ الصّدْرِ
اللهكم ارحكم غربتنكا فك القبور وآمنكا يوم البعكث والنشور واغفكر لنكا
ولوالدي نا وج يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ
وعلى آله وصحبه أجعي.
313
377 الناهل السان ف دروس رمضان
315
377 الناهل السان ف دروس رمضان
تنفق يينه ،متفق عليه.
و ف الترمذي عن مُعاذ بن جبل قال :كنت مع رسول ال ف سفر
فأصبحت يوما قريبا منه ونن نسي فقال :أل أدلك على أبواب الي؟ الصوم
ُجنّةك ،والصكدقة تُطفيكء الطيئة كمكا يُطفيكء الاء النار ،وصكلة الرجكل فك
ِعه
َنه الْمَضَاج ِ
ُمه ع ِ
جوف الليكل شعار الصكالي .ثك تل :تَتَجَافَى جُنُوُبه ْ
َيدْعُو نَ َرّبهُ ْم َخوْفًا وَطَ َمعًا َومِمّا رَ َزقْنَاهُ ْم يُ ْنفِقُو نَ وف بعض الثار باكروا
بالصدقة فإن البلء ل يتخطاها.
وف حديث سعيد بن السيب عن عبد الرحن بن سرة بن جندب قال
خرج علي نا ر سول ال يوما وك نا ف صفةٍ بالدي نة فقام علي نا فقال« :إ ن
رأ يت البار حة عجبا رأ يت رجلً من أم ت أتاه ملك الوت ليق بض رو حه
فجاء بره بوالد يه فرد ملك الوت ع نه ،ورأ يت رجلً من أم ت قد بُ سط
ل من أمتعليه عذاب القب فجاءه وضوؤه فاستنقذه من ذلك ،ورأيت رج ً
قهد احتوشتهه الشياطيه فجاءه ذكهر ال عهز وجهل وطرد الشياطيه عنهه
ل مهن أمته قهد احتوشتهه ملئكهة العذاب فجاءتهه صهلته ورأيهت رج ً
فاستنقذته من أيديهم ورأيت رجلً من أمت يلتهب وف رواية يلهث عطشا
كلما دنا من حوض مُنع وطُرد فجاءه صيام رمضان فسقاه وأرواه ورأيت
رجلً من أم ت ورأيت ال نبيي جلو سا حِلقا حِلقا كلما دنا إل حلقة طرد
فجاءه غُسله من النابة فأخذ بيده فأقعده إل جنب ،ورأيت رجلً من أمت
بي يديه ظلمة ومن خلفه ظلمة وعن يينه ظلمة وعن يساره ظلمة ومن
فوقه ظلمة وهو متحي فيها فجاءه حجه وعمرته فاستخرجاه من الظلمة
وأدخله ف النور ورأ يت رجلً من أم ت يت قي بوج هه و هج النار وشرره
الناهل السان ف دروس رمضان 378
فجاء ته صدقته ف صارت سُترة بي نه وب ي النار وظللت على رأ سه ورا يت
رجلً من أم ت يُكلم الؤمن ي ول يُكلمو نه فجاء ته صلته لرح ه فقالت يا
معشر السلمي إنه كان وصو ًل لرحه فكلموه فكلمه الؤمنون وصافحوه
ل مهن أمته قهد احتوشتهه الشياطيه فجاءه أمره وصهافحهم ورأيهت رج ً
بالعروف ونيه عن النكر فاستنقذه من أيديهم وأدخله ف ملئكة الرح ة
ورأيت رجلً من أمت جاثيا على ركبتيه وبينه وبي ال عز وجل حجاب
فجاءه حُسن خلقه فأخذ بيده وأدخله على ال.
ورأيت رجلً من أمت قد ذهبت صحيفته من قبل شاله فجاءه خوفه
من ال عز و جل فأ خذ صحيفته فوضع ها ف يي نه ورأ يت رجلً من أم ت
خف ميزا نه فجاءه أفرا طه فثقلوا ميزا نه ورأ يت رجلً من أم ت قائما على
شفي جهنم فجاءه رجاؤه ف ال عز وجل فاستنقذه من ذلك ومضى.
ورأيت رجلً من أمت قد أهوى ف النار فجاءته دمعته الت بكى من
خشية ال عز وجل فاستنقذته من ذلك.
ورأيت رجلً من أمت قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة ف
ريحٍه عاصهف فجاءه حُسهن ظنهه بال عهز وجهل فسهكن رعدتهه ومضهى،
ل مهن أمته يزحهف على الصهراط ويبهو أحيانا ويتعلق أحيانا ورأيهت رج ً
فجاءته صلته فأقامته على قدميه وأنقذته ورأيت رجلً من أمت انتهى إل
أبواب النة فغل قت البواب دو نه فجاء ته شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا
رسول ال ففتحت له البواب وأدخلته النة» رواه الافظ أبو موسى الدين
قال ابن القيم رحه ال وكان شيخ السلم ابن تيمية قدس ال روحه يُعظم شأن
هذا الديث وبلغن عنه أنه كان يقول شواهد الصحة عليه انتهى.
317
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وبنا سبة سياقه ه نا قوله فجاء ته صدقته ف صارت سترا بي نه وب ي النار
وظللت على رأسه قال رحه ال :وف تثيل النب للصدقة بن قدم ليُضرب
عن قه فافتدى نف سه من هم باله كفا ية فإن ال صدقة تفدي الع بد من عذاب ال
تعال فإن ذنو به وخطاياه تقت ضي هل كه فتج يء ال صدقة تفد يه من العذاب
وتفكه منه ولذا قال النب ف الديث الصحيح لا خطب النساء يوم العيد:
« يا مع شر الن ساء ت صدقن ولو من حُلي كن فإ ن رأيت كن أك ثر أ هل النار»
وكأنه حضهن ورغبهن على ما يفدين به أنفسهن من النار.
اللهم قو إياننا بك وبلئكتك وبكتبك وبرسلك وباليوم الخر وبالقدر
خيه وشره واغ فر ل نا ولوالدي نا وج يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي
وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
وصدقة التطوع بطيب نفس أفضل منها بدونه ،لا ف حديث معاويه
الغاضري قال :قال رسول ال « :ثلث من فعلهن فقد ذاق طعم اليان:
مهن عبهد ال وحده ،وعلم أن ل إله إل ال وأعطهى زكاة ماله طيبةً باه
نفسه» رواه أبو داود.
وال صدقة ف ال صحة أف ضل من ها ف غي ها ،ل ا ورد عن أ ب هريرة
قال :جاء ر جل إل ال نب فقال :يا ر سول ال ،أي ال صدقة أع ظم أجرا؟
قال« :أن تصدق وأنت صحيح شحيح تشى الفقر وتأمل الغن ،ول تُهمل
حت إذا بلغت اللقوم قلت :لفلن كذا وقد كان لفلن» متفق عليه.
فالعا قل من يُ سابق ف ميدان اليات ب ا يقد مه من ال صلة والح سان
لخوانه الفقراء الذين أناخ الفقر عليهم وعضهم البؤس بنابه وأوجعهم بكلبه
الذ ين ل موارد ل م ل قل يل ول كث ي الذ ين لو رأيت هم لظننت هم من الغنياء
وأهكل الثروة والال وال أعلم ب ا يقاسكونه من الديون لاك تتك أيديهكم من
الصغار والكبار وما يُقاسون من أل الوع والفقر والشدة والعسر لكن ينعهم
الياء وعزة النفكس أن يدوا أيديهكم للسكؤال وأن يطلبوا الرزق إل مكن ال
الككبي التعال الرزاق وهؤلء هكم الذيكن ينبغكي العتناء بمك والبحكث عكن
أحوال م وذلك عن طر يق جيان م وأقربائ هم ح ت ت قع ال صدقة موقع ها و قد
ورد ف القرآن و صفهم قال تعال :يَحْ سَُب ُه ُم الْجَا ِهلُ أَغْنِيَا َء مِ نَ الّت َعفّ فِ
.
وأوصى بم النب ففي الديث الذي رواه البخاري أن رسول ال
هة واللقمتان
هكي الذي يطوف على الناس ترده اللقمه
هس السه
قال« :ليه
319
377 الناهل السان ف دروس رمضان
والتمرة والتمرتان ولكهن السهكي الذي ل يده غنه يُغنيهه ول يُفطهن له
فيُتصدق عليه ول يقوم فيسأل الناس».
ولاك كان ال صحابة رضوان ال علي هم أجع ي حري صي جدا على ما
يُقرب إل ال مكن أنواع الطاعات سكأل أحد هم ال نب أي ال صدقة أفضكل
فأجابه بقوله« :أن تصدق وأنت صحيح» أي السم مُعافا ف البدن تتمتع
بقواك العقلية وال سمية شحيح تأ مل الغ ن أي تط مع فيه لقدر تك عل يه عن
طر يق الكا سب والرباح وت شى الف قر وإن ا كا نت ال صدقة ف هذه الال
أف ضل ل ا ت ستدعيه من شدة مُجاهدة الن فس على إخراج الال مع قيام الا نع
وهو الشح فإخراجه حينئذٍ دليل واضح على قوة اليان وحُسن النية وصحة
الق صد وشدة الرغ بة في ما يُقرب إل ال "ول تُه مل ح ت إذا بل غت اللقوم"
أي بلغكت الروح مرى النفكس وذلك عنكد الغرغرة "قلت لفلن كذا ولفلن
كذا" وهذا كناية عن الوصي والوصى له فالديث يُرشدنا إل أنه ل ينبغي
ل نا أن نؤ خر ال صدقة إل و قت معاي نة الوت واليذان بالن صراف عن الدن يا
ومفارقة نعيمها وقد نبهنا ال جل وعل على هذا حيث يقولَ :وَأنْ ِفقُوا مِنْ
مَا رَ َزقْنَاكُ مْ مِ نْ قَ ْب ِل أَ نْ َي ْأتِ يَ أَ َحدَكُ ُم الْ َموْ تُ فََيقُولَ َربّ َلوْل َأخّ ْرتَنِي إِلَى
ي * َولَ نْ ُي َؤخّ َر اللّ ُه َنفْ سًا ِإذَا جَاءَ
حَق وَأَكُ نْ مِ نَ ال صّالِ ِ صدّ َ ب َفأَ َّأ َجلٍ َقرِي ٍ
ي بِمَا َتعْمَلُونَ . َأجَ ُلهَا وَال ّل ُه خَبِ ٌ
الل هم اخ تم بالعمال ال صالات أعمار نا وح قق بفضلك آمال نا و سهل
لبلوغ رضاك سبلنا وح سن ف ج يع الحوال أعمال نا يا مُن قذ الغر قى و يا
مُنجي اللكى ويا دائم الحسان أذقنا برد عفوك وأنلنا من كرمك وجودك ما
تقر به عيوننا من رؤيتك ف جنات النعيم واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي
الناهل السان ف دروس رمضان 378
برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
(فصههل)
روى البخاري مكن حديكث ابكن مسكعود قال :قال رسكول ال :
«أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله»؟ قالوا :يا رسول ال ،ما منا أحد إل
وماله أحب إليه .قال« :فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر».
وعكن أبك هريرة قال :قال رسكول ال « :يقول العبهد :مال مال،
وإنا ما له من مالِه ثلث :ما أكل فأفن ،أو لبس فأبلى ،أو أعطى فأقن،
وما سوى ذلك ذاهب وتاركه للناس» رواه مسلم.
– 2وأفضل الصدقة جهد من مقل:
وكان السلف يؤثرون على أنفسهم فيقدمون الحاويج على حاجة أنفسهم
ُونه عَلَى
ك قال تعال :وَُي ْؤثِر َ
ويبدءون بالناس قبلهكم فكحال احتياجهكم ،كم ا
صةٌ .َأْن ُفسِ ِهمْ وََلوْ كَانَ بِ ِه ْم خَصَا َ
وث بت ف ال صحيح عن ر سول ال أ نه قال« :أف ضل ال صدقة ج هد
ُونه
القهل» وهذا القام أعلى مكن حال الذيكن وصكفهم ال بقولهَ :ويُ ْطعِم َ
ال ّطعَا مَ عَلَى حُبّ ِه مِ سْكِينًا وقوله :وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبّ هِ فإن هؤلء
تصدقوا وهم يُحبون ما تصدقوا به وقد ل يكون لم حاجة إليه ول ضرورة
وهؤلء آثروا على أنفسهم مع خصاصتهم وحاجتهم إل ما أنفقوه ،ومن هذا
القام ت صدق ال صديق بم يع ماله فقال ر سول ال ما أبق يت لهلك؟
فقال :أبقيت لم ال ورسوله ،وهكذا الاء الذي عرض على عكرمة وأصحابه
يوم اليموك ف كل من هم يأ مر بدف عه إل صاحبه و هو جر يح مُث قل أحوج ما
يكون إل الاء فرد الخكر إل الثالث فمكا وصكل إل الثالث حتك ماتوا عكن
321
377 الناهل السان ف دروس رمضان
آخرهم ول يشربه أحد منهم رضي ال عنهم وأرضاهم.
– 3بيان عظم ثواب الصدقة ف شهر رمضان وف الرمي:
وال صدقة ف رمضان أف ضل من ها ف غيه لد يث ا بن عباس ر ضي ال
عنهمكا قال« :كان رسكول ال أجود الناس – وكان أجود مكا يكون فك
رمضان حيك يلقاه جبيكل يلقاه فك ككل ليلة مكن رمضان فيُدارسكه القرآن
فلرسول ال حي يلقاه جبيل أجود بالي من الريح الُرسلة».
ولن الصكدقة فك رمضان إعانكة على أداء فريضكة الصكوم ،وفك أوقات
سغََبةٍ *
الاجات أفضل منها ف غيها لقوله تعالَ :أوْ إِ ْطعَا ٌم فِي َيوْ ٍم ذِي مَ ْ
يَتِيمًا ذَا مَ ْق َرَبةٍ * َأ ْو ِمسْكِينًا ذَا مَ ْت َربَةٍ .
والصدقة ف كل زمان فاضل كالعشر ،أفضل منها ف غيها لديث ابن
عباس رضي ال عنهما« :ما من أيام العمل فيهن أحب إل ال من هذه اليام،
يعن أيام العشر ،قالوا يا رسول ال ول الهاد ف سبيل ال؟ قال :ول الهاد
ف سبيل ال ،إل رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء».
والصدقة ف الرمي أفضل منها ف غيها لتضاعف السنات بالمكنة
الفاضلة.
و عن أ ب هريرة عن ال نب قال « :صلة ف م سجدي هذا أف ضل
من ألف صلة في ما سواه إل ال سجد الرام» .وزاد ف روا ية« :فإن خ ي
النبياء وإن مسجدي خي الساجد».
وزاد« :صلة ف السجد الرام أفضل من مائة ألف صلة فيما سواه».
اللهكم ثبكت مبتكك فك قلوبنكا وقوهكا وألمنكا ذكرك وشكرك ويسكرنا
للي سرى وجنب نا الع سرى واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي برح تك يا
الناهل السان ف دروس رمضان 378
أرحم الراحي وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
(فصههل)
– 4الولوية ف الصدقة للقرباء والار وطلب العلم:
والصدقة على ذي الرحم أفضل منها على غيه ل سيما مع عداوة ،أما
الدليكل على أفضليتهكا فك القرابكة فلحديكث سكلمان التقدم« :الصهدقة على
السكي صدقة ،وعلى ذي الرحم ثنتان :صدقة وصلة».
ولقوله ل ب طل حة« :وإ ن أرى أن تعل ها ف القرب ي» فقال أ بو
طلحة :أفعل يا رسول ال فقسمها أبو طلحة ف أقاربه وبن عمه.
وأ ما الدل يل على التأ كد مع العداوة فل ما ورد عن أم كلثوم ر ضي ال
عن ها أن ال نب قال أف ضل ال صدقة على ذي الر حم الكا شح رواه ال طبان
ورجاله رجال الصحيح.
ل سكأل رسكول ال ،عكن
وعكن حكيكم بكن حزام قال :إن رج ً
الصدقات أيها أفضل؟ قال« :على ذي الرحم الكاشح».
ث الصدقة على الار أفضل لقوله تعال :وَالْجَا ِر ذِي الْ ُق ْربَى وَالْجَارِ
الْجُنُبِ .
و عن ا بن ع مر وعائ شة ر ضي ال عنه ما قال :قال ر سول ال « :ما
زال جبيل يوصين بالار حت ظننت أنه سيورثه».
وعن أب شريح الزاعي :أن النب قال« :ومن كان يؤمن بال واليوم
الخر فليحسن إل جاره».
ويُسكتحب أن يصك بالصكدقة مكن اشتدت حاجتكه لقوله تعال :أَوْ
323
377 الناهل السان ف دروس رمضان
سكِينًا ذَا مَ ْترََبةٍ ،وكونا على عال أفضل؛ لن ف إعطائه إعانة على العلم
مِ ْ
ون شر الد ين وذلك لتقو ية الشريعة ،وكون ا على صاحب دين أف ضل ،وكذا
على ذي عائلة أفضل من ليس كذلك.
وال ن بال صدقة كبية ،ويب طل الثواب به ،قال تعال :يَا َأيّهَا اّلذِي نَ
ص َدقَاِتكُ ْم بِالْ َم ّن وَالذَى .
َآمَنُوا ل تُبْطِلُوا َ
ومن أخرج شيئا يتصدق به ،أو وكل ف ذلك ،ث بدا له أن ل يتصدق
به استحب أن يضيه ،ول يب ،وقد صح عن عبد ال بن عمرو بن العاص
ر ضي ال عنه ما أ نه كان إذا أخرج طعاما ل سائل فلم يده عزله ح ت ي يء
آ خر .وقاله ال سن :ويت صدق بال يد ول يق صد ال بيث فيت صدق به لقوله
ث مِنْ هُ تُ ْن ِفقُو نَ وأف ضل ال صدقة ج هد ال قل ل ا
تعال :وَل تَيَمّمُوا الْخَبِي َ
ورد عن أب هريرة مرفوعا «قيل يا رسول ال :أي الصدقة أفضل؟ قال:
أفضل الصدقة جهد القل».
(موعظههة)
إخوان إنكم ف دار هي مل العب والفات ،وأنتم على سفر والطريق
كثية الخافات ،فتزودوا مكن دنياككم قبكل المات ،وتداركوا هفواتككم قبكل
الفوات ،وحاسبوا أنفسكم وراقبوا ال ف اللوات ،وتفكروا فيما أراكم من
اليات ،وبادروا بالعمال ال صالات ،وا ستكثروا ف أعمار كم الق صية من
ال سنات ،ق بل أن يُنادي ب كم مُناد الشتات ،ق بل أن يُفاجئ كم هادم اللذات،
ق بل أن يت صاعد من كم الن ي والزفرات ق بل أن تنق طع قلوب كم ع ند فراق كم
حسكرات ،قبكل أن يغشاككم مكن غكم الوت الغمرات ،قبكل أن تُزعجوا مكن
الق صور إل بطون الفلوات ،ق بل أن يُحال بين كم وب ي ما تشتهون من هذه
الناهل السان ف دروس رمضان 378
الياة قبل أن تتمنوا ُرجُوعكم إل الدنيا وهيهات.
شعرا:
أَيَا لَهيا فِي غَمْرَةِ الْجَهْلِ
صَريعا عَلَى فُرُشِ الرّدَى يَتَقَلّبُ
تَأَمّلْ هَدَاكَ الُ مَا ُثمّ وَانْتَبِهْ
فهَذَا شَرَابُ القَوْمِ حَقا يُرَكّبُ
وَتَركِيْبُهُ فِي هَذه الدّارِ إنْ تَفُتْ
س لَ ُه بَعْدَ الْمَنِيّةِ مَطْلَبُ
فَلَ ْي َ
فَيَا عَجَبا مِن مُعْرِضٍ عَنْ حَيَاتِهِ
وَعَنْ حَظّهِ العَالِي وَيِلْهُو
وَلَوْ عَلِمَ الْمَحْرُوْمُ أَيّ
أَضَاعَ لَمْسَي قَلْبُهُ يَتَلَهّبُ
فَإِنْ كَا َن لَ يَدْرِي فَتِلكَ
وَإِنْ كَا َن يَدْرِي فَالْمُصِيْبَةُ
بَلى َسوْفَ يَدْرِي حِ ْينَ يَنْكَشِفُ
وَيُصْبِحُ مَسْلُوبا يَنُوْحُ
وَتَعْجَبُ مِمّنْ بَاعَ شَيْئَا
يُسَاوِي بِلَ عِلْ ٍم وَأَمْرُكَ
لَنّكَ َقدْ بِعْتَ الْحَيَاةَ وَطِيْبَهَا
بِلَذّةِ حُلْمٍ عَنْ قَلِيْ ٍل سَيَذْهَبُ
فَهَلّ عَكَسْتَ الَمرَ إِنْ ُكنْتَ
325
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وََلكِنْ أَضَعْتَ الَحْزَم وَالْحُكْمُ
تَصُدّ وَتَنْأَى عَنْ حَبِيْبِكَ دَائِما
فَأَيْنَ عَن الحْبَابِ وَيْحَكَ
سَتَعْلَمُ يَوْمَ الْحَشْرِ أَيّ
ك الْمَوَازِيُن تُنْصَبُ
أَضَعْتَ إِذا تِل َ
الل هم ا سلك ب نا سبيل البرار ،واجعل نا من عبادك الُ صطفي الخيار،
وام نن علي نا بالع فو والع تق من النار ،واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع ال سلمي
الحياء منهم واليت ي برحتك يا أر حم الراحي و صلى ال على مم ٍد وعلى
آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
ف ذكر طرف من الفوائد الترتبة على أداء الزكاة
وبذل صدقة التطوع والضار الترتبة على منع الزكاة:
– 1امتثال أمر ال ورسوله.
– 2تقدي ما يُحبه ال على مبة الال.
– 3إن الصدقة برهان على إيان صاحبها كما ف الديث «والصدقة
برهان».
– 4شكر نعمة ال التفضل على الخرج با أعطاه من الال.
- 5السلمة من وبال الال ف الخرة.
– 6تنمية الخلق السنة والعمال الفاضلة الصالة.
– 7التطهي من دنس الذنوب والخلق الرذيلة قال ال تعالُ :خذْ
ص َدقَ ًة تُ َط ّهرُ ُه ْم وَُتزَكّي ِهمْ ِبهَا .
ِم ْن َأمْوَاِل ِهمْ َ
– 8إضعاف مادة السد والقد والبُغض أو قطعها كليا.
– 9تصي الال وحفظه لديث« :حصنوا أموالكم بالزكاة».
هم
كث «داوو مرضاكه
كن المراض لديك
كدقة دواء مك
-10إن الصك
بالصدقة».
-11التصاف بأوصاف الكرماء.
-12إنا سبب لدفع البلء.
-13التمرن على البذل والعطاء.
-14إن ا سبب لد فع ج يع ال سقام لد يث «باكروا بال صدقة فإن
327
377 الناهل السان ف دروس رمضان
البلء ل يتخطاها».
-15إنا سبب للب الودة لنا إحسان ،والنفوس مبولة على حب
من أحسن إليها.
-16إنا سبب للدعاء من القابض للدافع وتقدمت الدلة.
-17إن م نع الزكاة سبب ل نع الق طر لد يث «ول منعوا الزكاة إل
حبس عنهم القطر».
-19 ،18الفوز بالطلوب والنجاة مككن الرهوب قال ال تعال:
ق شُحّ َنفْ سِ ِه َفأُولَئِ كَ هُ مُ الْ ُمفْلِحُو نَ وقد فسر الفلح بأنه الفوز
َومَ نْ يُو َ
بالطلوب والنجاة من الرهوب وهذا من جوامع الكلم.
-20إناك تدفكع ميتكة السكوء كمكا فك الديكث «إن الصهدقة تُطفيهء
غضب الرب وتدفع ميتة السوء».
-21إن التصدق يكون ف ظل ال يوم القيامة كما ف الديث « سبعة
يُظلهم ال ف ظله» وذكر منهم رجل تصدق بصدقة فأخفاها حت ل تعلم
شاله ما تنفق يينه الديث وتقدم وف الديث الخر «وإنا يستظل الؤمن
يوم القيامة ف ظل صدقته».
-22الفوز بالثناء من ال لن ال مدح النفقي والتصدقي.
-25 ،24 ،23الفوز بال جر من ال وال من م ا يُخاف م نه ون في
سهرّا
ُمه بِاللّ ْيلِ وَالّنهَا ِر ِ
ُونه َأ ْموَاَله ْ
ِينه يُ ْنفِق َ
الزن عنهكم قال ال تعال :الّذ َ
ح َزنُونَ . وَعَلنِيَ ًة فَ َل ُهمْ َأ ْجرُ ُهمْ عِ ْندَ َرّب ِهمْ وَل َخوْفٌ عَلَ ْي ِه ْم وَل ُهمْ يَ ْ
-26إن أداء الزكاة سبب لنول القطر كما أن منعها سبب لبسه.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
-27إنا سبب لحبة ال لن التصدق مُحسن على الُتصدق عليه وال
يُحب الُحسني.
-28السلمة من كفر نعمة ال.
-29الروج من حقوق ال وحقوق الضعفاء.
-32 ،31 ،30أن ا سبب للرزق والن صر ك ما ف الد يث «وكثرة
الصدقة ف السر والعلنية تُرزقوا وتُنصروا وتُجبوا».
-33إنا تُطفيء عن أهل ها حر القبور ك ما ف الد يث «إن ال صدقة
لتُطفيء عن أهلها حر القبور».
-34إنا تزيد ف العمر كما ف الديث «إن صدقة السلم تزيد ف
العمر».
-35السلمة من اللعن الوارد ف مانع الزكاة لا روى الصبهان عن
علي قال :ل عن ر سول ال آ كل الر با وموكله وشاهده وكات به والواش ة
والستوشة ومانع الصدقة والحلل والُحلل له.
-36الفوز بالقرب من رح ة ال قال تعال :إِنّ َرحْ َم َة اللّ ِه َقرِي ٌ
ب
مِ َن الْمُحْ سِنِيَ .وقال :وَ َرحْمَتِي وَ سِعَتْ ُك ّل َشيْ ٍء فَ سَأَكْتُُبهَا لِ ّلذِي نَ
يَّتقُونَ َوُيؤْتُو َن الزّكَاةَ الية.
-37الوعد باللف للمنفق لديث «اللهم أعط منفقا خلفا».
-38الظفر بدعاء اللئكة للمنفق.
-39إن فك إخراج الزكاة حكل للزمات القتصكادية وسكوء الالة
الجتماعية فلو أن أهل الموال الزكوية تنسخوا منها ووضعوها ف مواضعها
329
377 الناهل السان ف دروس رمضان
لقا مت ال صال الدين ية والدنيو ية وزالت الضرورات واندف عت شرور الفقراء
وكان ذلك أع ظم حا جز و سد ي نع ع بث الف سدين ،و ف الد يث «واتقوا
الشح فإنه أهلك من كان قبلكم حلهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا
مارمهم».
-40إن ال يُعيك التصكدق على الطاعكة ويُهيكء له طريكق السكداد
والرشاد ويُذلل له سبل ال سعادة قال ال تعالَ :فأَمّ ا مَ نْ أَعْطَى وَاتّقَى *
سرَى . س ُر ُه لِلُْي ْ
حسْنَى * َفسَنَُي ّ
ق بِالْ ُ
صدّ َ
وَ َ
-41إن منكع الزكاة يُخبكث الال الطيكب لديكث «مهن كسهب طيبا
خب ثه م نع الزكاة ،و من ك سب خبيثا ل تُطي به الزكاة» رواه ال طبان ف
الكبي موقوفا بإسناد مُنقطع.
-42إن منع الزكاة سبب لتلف الال لديث « ما تلف مال ف بر ول
بر إل ببس الزكاة » رواه الطبان ف الوسط وهو حديث غريب.
-43إن م نع الزكاة سبب للبتلء بال سني ل ا ف الد يث قال :قال
رسول ال « :ما منع قوم الزكاة إل ابتلهم ال بالسني» رواه الطبان ف
الوسط ورُواته ثقات.
-44إن من ل يؤد حق ال ف ماله أنه أحد الثلثة الذين هم أول من
يد خل النار لديكث أ ب هريرة قال :قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم:
«عُرض عليّ أول ثل ثة يدخلون ال نة فالشه يد وعب ٌد ملوك أح سن عبادة
ف مُتعفف ذو عيال وأما أول ثلثة يدخلون النارربه ونصح لسيده وعفي ٌ
ي مُسهلط وذو ثروةٍ مهن مالٍ ل يُؤدي حهق ال فه ماله وفقيٌ فخور»فأم ٌ
رواه ابن خزية ف صحيحه وابن حِبان مفردا ف موضعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
-46 ،45إن الصدقة يُذهب ال با الكب والفخر لديث «إن صدقة
السلم تزيد ف العمر وتنع ميتة السوء ويذهب با الكب والفخر» رواه
الطبان.
-47السلمة من التطويق بالشجاع القرع كما ف الديث « :ما من
أحهد ل يؤدي زكاة ماله إل مثهل له يوم القيامهة شُجاعا أقرع يطوق بهه
عنقه».
-48ال سلمة من صفة النافق ي ل ا ف الد يث «ظهرت ل م ال صلة
فقبلوها ،وخفيت لم الزكاة فأكلوها أولئك هم النافقون» رواه البزار.
« -50 ،49إن البلء ل يتخ طى ال صدقة وإن ا ت سد سبعي بابا من
ال سوء» .رواه ال طبان ف ال كبي ،و عن أ نس بن مالك قال :قال ر سول ال
« :باكروا بالصدقة فإن البلء ل يتخطاها» رواه البيهقي مرفوعا وموقوفا
على أنس ولعله أشبه.
-51إن ال صدقة حجاب من النار ل ن احت سبها ل ا روى عن ميمو نة
بنت سعد أنا قالت :يا رسول ال أفتنا عن الصدقة فقال« :إنا حجاب من
النار لن احتسبها يبتغي با وجه ال عز وجل» رواه الطبان.
-52إن إخراج الصدقة يؤل سبعي شيطانا لا ورد عن بُريدة قال:
قال ر سول ال «ل يرج شيئا من ال صدقة ح ت ي فك عن ها ل يي سبعي
شيطانا» رواه أحد والبزار والطبان وابن خزية ف صحيحه.
-53إن ال يُسخر للمتصدق ما يكون سببا لنمو ماله كبكة ف ظماء
ن ر و سقي أرض ك ما روي عن أ ب هريرة قال :قال ر سول ال « :بي نا
رجل ف فلة من الرض فسمع صوتا ف سحابة :اسق حديقة فلن فتنحى
331
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ذلك السهحاب فأفرغ ماءه فه حرة فإذا شرجهة مهن تلك الشراج قهد
اسهتوعبت ذلك الاء كله فتتبهع الاء فإذا رجهل قائم فه حديقهة يول الاء
ب سحاته فقال له :يا ع بد ال ما ا سك قال :فلن لل سم الذي سع ف
السحابة فقال له :يا عبد ال ل سألتن عن اسي قال :سعت ف السحاب
الذي هذا ماؤه يقول :اسق حديقة فلن لسك فما تصنع فيها؟ قال:أما إذ
قلت هذا فإن أنظر إل ما يرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيال ثلثه
وأرد فيها ثلثه» رواه مسلم.
-54إن ال صدقة ل تن قص الال خلفا ل ا يظ نه ب عض الُهال لد يث
أ ب هريرة أن ر سول ال قال « :ما نق صت صدقة من مال» الد يث
رواه مسلم.
-55إن ال صدقة إذا كانت من كسبٍ طيب فإن ال يقبلها بيمينه ث
يربيها لصاحبها كما ورد ف حديث أب هريرة قال :قال رسول ال « :من
تصدق بعدل ترة من كسبٍ طيب ول يقبل ال إل الطيب فإن ال يقبلها
بيمينه ث يربيها لصاحبها كما يُرب أحدكم فلوه حت تكون مثل البل»
متفق عليه.
-56إن الصدقة سبب من أسباب العية الاصة لن التصدق مُحسن
حسِنُونَ .
وقد قال ال تعال :إِ ّن اللّ َه مَ َع اّلذِينَ اّت َقوْا وَاّلذِي َن ُهمْ مُ ْ
-57إن الصدقي يُضاعف ال لم ثواب أعمالم السنة بعشر أمثالا
ص ّدقِيَ
إل سبعمائة ضعف إل حيث شاء ال عز وجل قال تعال :إِنّ الْمُ ّ
ف َل ُهمْ وََل ُهمْ َأ ْجرٌ َكرِيٌ .
صدّقَاتِ َوَأقْرَضُوا ال ّل َه َقرْضًا َحسَنًا يُضَاعَ ُ
وَالْمُ ّ
« -58إن الصدقة لتطفيء غضب الرب وتدفع ميتة السوء» ،وقال
الناهل السان ف دروس رمضان 378
الترمذي حسن غريب.
-59إن بإخراج الزكاة كل سنة يرى الفقراء أن الغنياء ل م ف ضل
علي هم فيدافعون عن هم ما ا ستطاعوا أ ما كف ال يد عن هم وم نع معروف هم أن
ي صل إلي هم فإ نه يو غر صدورهم ويلؤ ها حقدا علي هم ويتهدون ف سلب
حياتم للوصول إل أموالم الخزونة فتكون الياة مُهددة والمن مفقودا.
-60إن منكع الصكدقات يزيكل النعكم ويرب الديار العامرة وتأمكل قصكة
أصحاب النة الذكورة ف سورة ن ،والقلم وما يسطرون ،قال تعال :فَتَنَا َدوْا
ُمه
ُمه صهَا ِرمِيَ * فَانْطَ َلقُوا َوه ْ ِنه ُكنْت ُْمه إ َْنه ا ْغدُوا عَلَى َح ْرثِك ْ ُصهبِحِيَ * أ ِ م ْ
ي إل قوله تعال :فَطَا فَ س ِك ٌ َيَتخَاَفتُو َن * َأ ْن ل َي ْد ُخَلّنهَا اْلَي ْو َم َعَلْي ُك ْم ِم ْ
صرِيِ .وتأمل قصة ك َوهُ مْ نَائِمُو نَ * َفأَ صْبَحَتْ كَال ّ ف مِ نْ َربّ َ عَلَ ْيهَا طَائِ ٌ
ثعلبة ف سورة التوبة قال تعالَ :ومِ ْنهُ ْم مَ نْ عَاهَ َد اللّ َه لَئِ نْ َآتَانَا مِ نْ فَضْلِ هِ
ص ّد َقنّ َولََنكُوَننّ مِ َن ال صّالِحِيَ * فَلَمّا َآتَاهُ ْم مِ نْ فَضْلِ ِه بَخِلُوا بِ ِه َوتَ َولّوْا لَنَ ّ
َوهُ مْ ُم ْعرِضُو نَ * َفأَ ْعقَبَهُ ْم نِفَاقًا فِي قُلُوِبهِ ْم ِإلَى َيوْ ِم يَ ْلقَ ْونَ هُ بِمَا َأخْلَفُوا اللّ هَ
مَا وَ َعدُو ُه َوبِمَا كَانُوا َيكْ ِذبُونَ .
(موعظههة)
عباد ال إن الؤمن بال حقا يبتعد عن العاصي كما يبتعد عن النار فإذا
زل مرة من الرات اضطر بت أع صابه وج عل قل به ي فق وأ صابه ندم عظ يم
ل وها جت عل يه أحزا نه وتذ كروكل ما تذ كر تلك الفوة اح ر وج هه خج ً
عصكيانه لسكيده وموله ول يزال موجكع القلب منكسكره حتك يُفارق الدنيكا
ويُوارى ف التراب.
هذا هو العروف عن الؤ من ،ول يعرف سواه ف أ هل اليان لن م
333
377 الناهل السان ف دروس رمضان
يدركون تاما أنم إن عصوا خالقهم ورازقهم أنم سيندمون ويُعاقبون إن ل
يتوبوا إل مول هم ،هذا ما كان عل يه ال سلف ال صال و من تبع هم ،وان ظر ما
عل يه أك ثر الناس اليوم ف هذا الع صر الظلم من الرأة على انتهاك مارم ال
تتمثل أمامك حالم بالة قو مٍ ل يؤمنون بثواب ول عقاب تراهم قد أضاعوا
ال صلة وأ صروا على م نع الزكاة إل النوادر من هم ترا هم يُطاردون الن ساء ف
السواق ويشربون الدخان علنا ويلقون اللحا كذلك ويغشون ف معاملتم
تراهم أمام اللهي والنكرات ليلً ونارا ،تراهم يوالون أعداء ال ويُعظمونم
تراهكم ل يكتفوا بالعاصكي فك بلدهكم بكل يذهبون إل البلد الخرى ،بلد
الفسق والفجور والرية وينفقون فيها الموال الطائلة ف ما يُغضب ال الذي
أغ ن وأق ن ول كن ليعلم هؤلء الف سقة أن ال ل يغ فل عن أعمال م ال سيئة
و سوف تش هد علي هم ب ا الرض وال سماوات ،ول تب كي علي هم ل هذه ول
هذه يوم يتجرعون كأس المات ،ويشهد با عليهم اللكان كاتب السنات،
وكا تب ال سيئات ،ويش هد ب ا علي هم الف ظة الذ ين يتعاقبون على حِفظ هم
تعاقب الراس ويشهد با عليهم جوارحهم الت باشرت فعل العاصي ويشهد
با خي شاهد وهو مولهم جل وعل الذي تستوي الشهادة عنده والغيوب،
ويش هد بذلك علي هم ك تب أعمال م ال ت كل ما فعلوا ب ا مكتوب ح ت إذا
رأوها يوم القيامة وبدا لم ما ل يكن لم ف حساب فزعوا وقالوا يا يولتنا ما
لذا الكتاب ل يُغادر صغية ول كبية إل أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا
ول يظلم ربك أحدا ،كل هؤلء يشهدون على العاصي بالعاصي فيُسجلون
عليهكم مكا قدمتكه أيديهكم وليكس لذلك نتيجكة إن ل يتوبوا إل غضكب الرب
عليهم ،وإلقاؤهم ف درا الجرمي الاني جهنم ،وإذا كان المر هكذا فلماذا
يفرح العُ صاة ،و من ورائ هم جه نم ال ت ل تُب قي ول تذر .ال ت تر مي بشررٍ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
كالقصر كأنه جالةٌ صفر.
شعرا:
وَكَيْفَ قَرّتْ لهْلِ العِلْمِ
أَوْ اسْتَلَذوا لَذِيْذَ النّومِ أَوْ
وَالَوْتُ يُنْذِرُهُمْ جَهْرا عَلَنِيَةً
لَوْ كَا َن لِلقَوْمِ أَسْمَاعُ لَقَدْ
وَالنّارُ ضَاحِيَةٌ لَ بُدّ مَوْرِدُهُمْ
س يَدْرُونَ مَنْ يَنْجُوْ وَمَنْ وَلَيْ َ
آخر:
وَكَيْفَ يَلَذّ العَيْشَ مَنْ كَانَ
بِأَنّ الْمَنَايَا بَغْتَةً سَتُعَاجِلُهْ
وَكَيْفَ يَلَذّ العَيْشَ مَنْ كَانَ
بِأَنّ إِلهَ الْخَلْقِ لَ بُدّ سَائِلُهْ
ن سأل ال تعال النجاة من ها وأن يوفق نا للعمال الؤهلة لدار اللد وأن
يُوفق ولتنا للقيام على هؤلء الجرمي ،وردعهم وإلزامهم سلوك طرق الق
إنه القادر على ذلك.
اللهم اجعل ف قلوبنا نورا نتدي به إليك وتولنا بسن رعايتك حت
نتو كل عل يك وارزق نا حلوة التذلل ب ي يد يك واغ فر ل نا ولوالدي نا ولم يع
ال سلمي برحتك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ وعلى آله و صحبه
أجعي.
335
377 الناهل السان ف دروس رمضان
موعظة ف التحذير عن النماك
ف الدنيا ولذاتا وشهواتا
عباد ال ،إن من ن ظر إل الدن يا بعيِ الب صية أي قن أن نعيم ها ابتلء،
وحياتا عناء وعيشها نكد ،وصفوها كدر وأهلها منها على وجلٍ إما بنعمةٍ
زائلةٍ ،أو بليةٍ نازلةٍ أو منيةٍ قاضيةٍ.
م سكي من اطمأن ور ضي بدارٍ حلل ا ح ساب ،وحرام ها عقاب ،إن
أخذه من حلل حوسب عليه ،وإن أخذه من حرام عُذب به ،من استغن ف
الدنيا فت ،ومن افتقر فيها حزن ،من أحبها أذلته ،ومن التفت إليها ونظرها
أعمته.
لَوْ ُكنْتَ رَائِدَ قَوْمٍ ظَاعِنِيْنَ ِإلَى
دُنْيَاكَ هَذِي لَمَا أُلْفِيْتَ كَذّابَا
لَقُلْتَ تِلكَ بَلءٌ نَبْتُهَا سَقَمٌ
وَمَاؤُهَا العَذْبُ سُ ٌم للفَتَى ذَابَا
وكم كشف للسامعي عن حقيقة الدنيا وبي لم قصر مدتا وانقضاء
لذتاك باك يُضرب مكن المثال السكية ،قال ال تعال :اعْ َلمُوا َأنّمَا الْحَيَاةُ
الدّنْيَا َلعِ بٌ َوَلهْ ٌو وَزِيَنةٌ َوَتفَا ُخرٌ بَيَْنكُ ْم َوتَكَاُث ٌر فِي المْوَالِ وَالوْلدِ كَمََثلِ
ص َفرّا ثُمّ َيكُو نُ حُطَامًا وَفِي ج فََترَا ُه مُ ْ
ب الْ ُكفّا َر نَبَاتُ هُ ثُمّ َيهِي ُث أَ ْعجَ َ
غَيْ ٍ
ضوَا ٌن َومَا الْحَيَاةُ ال ّدنْيَا إِل مَتَا عُ
ب َشدِيدٌ َو َم ْغفِ َر ٌة مِ نَ اللّ هِ وَ ِر ْ
ال ِخ َرةِ َعذَا ٌ
اْلغُرُورِ .
شرح ل نا العل يم الك يم ف هذه ال ية حال الدن يا ال ت افت ت الناس ب ا
الذ ين ق صر نظر هم وب ي أن ا من مقرات المور ال ت ل ير كن إلي ها العقلء
الناهل السان ف دروس رمضان 378
فضلً عن الفتتان با والنماك ف طلبها وقتل الوقت ف تصيلها بأنا لع بٌ
ل ثرة ف يه سوى الت عب ،ولوٌ تش غل صاحبها وتله يه ع ما ينف عه ف آخر ته،
وزينة ل تفيد الفتون با شرفا ذاتيا كاللبس الميلة والراكب البهية والنازل
الرفي عة الوا سعة ،وتفا خر بالنسكاب والعظام البال ية ومباهات بكثرة الموال
والولد وعظم الاه.
ث أشار جل شأنه إل أنا مع ذلك سريعة الزوال ،قريبة الضمحلل،
كمثل غيث راق الزراع نباته الناشئ به ،ث يهيج ويتحرك وينمو إل أقصى ما
قدره ال له فسرعان ما تراه مصفرا متغيا ذابلً بعدما رأيته أخضر ناضرا ،ث
ي صي من الي بس هشيما مُتك سرا ،فف يه ت شبيه ج يع ما ف الدن يا من ال سني
الكثية بدة نبات غيث واحدٍ يفن ويضمحل ويتلشى ف أقل من سنة.
إشارة إل سرعة زوال ا وقرب فنائ ها ،وب عد ما ب ي جل وعل حقارة
الدنيا وسرعة زوالا تزهيدا فيها ،وتنفيا وتذيرا من النماك ف طلبها أشار
إل فخامة شأن الخرة وفظاعة ما فيها من اللم وعظم ما فيها من اللذات
ترهيبا من عذابا الليم ،وترغيبا ف تصيل النعيم القيم والعيش السليم ما ل
عيٌ رأت ول أذنٌ سعت ول خطر على قلب بشر.
والناس في ها ق سمان فُطناء قد وفق هم ال فعلموا أن ا ظلٌ زائل ونعي مٌ
حائل وأضغاث أحلم ،بل فهموا أن ا ن عم ف طي ها ن قم ،وعرفوا أن ا حياةٌ
فان ية ،وأن ا م عب وطر يق إل الياة الباق ية ،فرضوا من ها بالي سي ،وقنعوا من ها
بالقليل ،فاستراحت قلوبم من هها وأحزانا واستراحت أبدانم من نصبها،
وعنائ ها ،وسكلم ل م دين هم ،وكانوا ع ند ال هم الحموديكن ،فلم تشغل هم
دنياهم عن طاعة مولهم.
337
377 الناهل السان ف دروس رمضان
جعلوا النفكس الخيك ومكا وراءه نصكب أعينهكم ،وتدبروا ماذا يكون
مصيهم ،وفكروا كيف يرجون من الدنيا ،وإيانم سال لم وما الذي يبقى
معهم منها ف قبورهم ،وما الذي يتركونه لعدائهم ف الدنيا ،ومن ل يُغنيهم من
ال شيئا َي ْو َم ل َيْن َف ُع مَا ٌل وَل َبنُو َن َ ،ي ْو َم ل ُي ْغنِي َم ْولًى َع ْن َم ْولًى َشْيئًا
َ ،ي ْو َم َي ِف ّر اْل َم ْر ُء ِم ْن َأخِي ِه * َوُأ ّم ِه َوَأبِي ِه * َوصَا ِحَبِت ِه َوَبنِي ِه ويبقى عليهم
وبال ما جعوا وما عمروا ف غي طاعة ال.
أدركوا ككل هذا فتأهبوا للسكفر الطويكل وأعدوا الواب للحسكاب،
وقدموا الزاد للمعاد وخيك الزاد التقوى ،فطوبك لمك خافوا فآمنوا وأحسكنوا
ففازوا وأفلحوا.
شعرا:
إِنّ لِ عِبَادا فُطَنَا
طَلّقُوا الدّنْيَا وَخَافثوا الفِتَنَا
نَظَرُوا فِيْهَا فَلَمّا عَلِمُوا
أَنّهَا لَيْسِتْ لِحَيٍّ سَكَنَا
جَعَلُوهَا لُجةً وَاتّخَذُوا
صَالِحَ الَعْمَالِ فِيْهَا سُفُنَا
الل هم نور قلوب نا بنور اليان وأع نا على أنف سنا والشيطان وأي سه م نا
كما أيسته من رحتك يا رحن وآتنا ف الدنيا حسنة وف الخرة حسنة وقنا
عذاب النار واغ فر لنا ولوالدينا ولميع ال سلمي برحتك يا أر حم الراح ي
وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
والق سم الثا ن من الناس جهال ع مي الب صائر ل ينظروا ف أمر ها ول
يكشفوا سوء حال ا ومآل ا ،برزت ل م بزينت ها ففتنت هم ،فإلي ها أخلدوا ،وب ا
رضوا ،ولاك اطمأنوا ،حتك ألتهكم عكن ال تعال ،وشغلتهكم عكن ذككر ال،
وطاعتهَ ،نسُوا ال ّلهَ َفَأْنسَا ُهمْ َأْن ُفسَ ُهمْ أُولَِئكَ ُهمُ اْلفَا ِسقُونَ .
ُونه لِقَاءَن َا وَرَضُوا بِالْحَيَا ِة ال ّدنْي َا
ِينه ل َيرْج َ قال تعال :إِن ّ الّذ َ
وَاطْ َمَأنّوا ِبهَا وَاّلذِينَ هُمْ عَنْ َآيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ َم ْأوَاهُمُ النّا ُر بِمَا كَانُوا
َي ْكسِبُونَ .
نعكم إنمك نسكوا ال وأهلوا حقوقكه ومكا قدروه حكق قدره ،ول يُراعوا
لنماك هم ف الدن يا وتالك هم علي ها موا جب أوامره ونواه يه حق رعايت ها،
فأن ساهم أنف سهم أن ساهم م صالهم وأغفل هم عن منافع ها وفوائد ها ف صار
أمر هم فر طا فرجعوا ب سارة الدار ين ،وغُبنوا غبنا ل ي كن تدار كه ول ي ب
كسكره ،وسكيون يوم القيامكة مكن الهوال مكا يُنسكيهم أرواحهكم ،ويعلهكم
حيارى ذاهلي يوم تذهل كل مُرضعة عن ما أرضعت وتضع كل ذات حلٍ
حلها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب ال شديد.
ض من لك مع تق صيك و ف م ثل هذا يقول أ حد العلماء :اجتهادك في ما ُ
فيما طلب منك دليل انطماس بصيتك ،أقاموا الدنيا فهدمتهم ،واعتزوا با من
دون ال فأذلتهم ،أكثروا فيها من المال وأحبوا طول الجال ونسوا الوت وما
سرُوا
بعده من شدائد الدن يا والخرة قال تعالُ :ق ْل إِنّ اْلخَا ِسرِي َن اّلذِي َن َخ ِ
ي . سرَا ُن اْل ُمِب ُ
خْ
ك ُه َو اْل ُ
س ُه ْم َوَأ ْهلِي ِه ْم َي ْو َم اْل ِقيَا َم ِة أَل َذِل َ
َأْن ُف َ
وروى الترمذي مكن حديكث أنكس قال :قال رسكول ال « :مهن
339
377 الناهل السان ف دروس رمضان
كانت الخرة هه جعل ال غناه ف قلبه وجع عليه شله وأتت الدنيا وهي
راغمة ،ومن كانت الدنيا هه جعل فقره بي عينيه وفرق عليه شله ول يأته
من الدنيا إل ما ُقدّر له ،فل يُمسي إل فقيا ول يُصبح إل فقيا ،وما أقبل
ع بد على ال بقل به إل ج عل ال قلوب الؤمن ي تنقاد إل يه بالود والرح ة،
ي إليه أسرع» اهك.
وكان ال بكل خ ٍ
وقال ف عدة ال صابرين ،و قد أ خب أن ا لو ساوت ع ند ال جناح
بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء ،وأنا أهون على ال من السخلة اليتة
على أهلها.
وأن مثلها ف الخرة كمثل ما يعلق بإصبع من أدخل إصبعه ف البحر
وأنا ملعونة ملعون ما فيها إل ذكر ال وما وله ،وعال ومتعلم وأنا سجنُ
الؤمن وجنة الكافر.
وأُ مر الع بد أن يكون في ها كأ نه غر يب أو عابر سبيل وَيعُ ّد نف سه من
أهل القبور وإذا أصبح فل ينتظر الساء وإذا أمسى فل ينتظر الصباح.
ونُهي عن اتاذ ما يُرغب فيها ،ولعن عبد الدينار وعبد الدرهم ودعا
عليه بالتعس والنتكاس وعدم إقالة العثرة بالنتقاش.
وأ خب أن ا خضرة حلوة أي تأ خذ العيون بضرت ا والقلوب بلوت ا،
وأ مر باتقائ ها والذر من ها ك ما يُت قى الن ساء ويُحذر منهن وأ خب أن الرص
عليها ،وعلى الرياسة والشرف يُفسد الدين.
وأخب أنه ف الدنيا كراكب استظل تت شجرة ف يومٍ صائفٍ ،ث راح
وتركها ،وهذا ف القيقة حالُ سكان الدنيا كلهم ،ولكن هو شهد هذه
الال ،وعُمي عنها بنو الدنيا.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ومر بم وهم يُعالون ُخصّا لم قد وهى ،فقال ما أرى المر إل أعجل
من ذلك ،وأمر بستر على بابه فنع وقال إنه يُذكرن الدنيا ،وأعلم الناس أنه
ت يُقيم
ت يسكنه ،وثوبٍ يواري عورته وقو ٍ ليس لح ٍد منهم حق ف سوى بي ٍ
صلبه.
وأخكب أن اليكت يتبعكه أهله ،وماله ،وعمله فيجكع أهله وماله ويبقكى
عمله ،وكان يقول :الز هد ف الدن يا يُر يح القلب والبدن ،والرغ بة ف الدن يا
تُط يل الموم ،والزن ،وكان يقول من ج عل الموم كل ها ها واحدا ،كفاه
ال سائر هو مه ،و من تشع بت به الموم ف أحوال الدن يا ل يُبال ال ف أي
أوديتها هلك.
وأخب أن بذل العبد ما فضل عن حاجته خيٌ له ،وإمساكه شرٌ له وأنه
ل يُلم على الكفاف ،وأخب أن عباد ال ليسوا بالتنعمي فيها فإن أمامهم دار
النعيم فهم ل يرضون بنعيمهم ف الدنيا عوضا من ذلك النعيم.
و ف حد يث مناجاة مو سى« :ول تُعجبنك ما زين ته ول ما مُ تع به ول
تَمُدان إل ذلك أعينك ما ،فإن ا زهرة الدن يا ،وزي نة الترف ي وإ ن لو شئت أن
أُزينكما من الدنيا بزينةٍ يعلمُ فرعون حي ينظر إليها أن مقدرته تعجز عن مثل
ما أوتيت ما فعلت ،ول كن أر غب بك ما عن نعيم ها ذلك ،وأزو يه عنك ما،
وكذلك أفعكل بأوليائي ،وقديا مكا أخرت لمك فك ذلك فإنك لذودهكم عكن
نعيم ها ورخائ ها ك ما يذود الرا عي الشف يق غن مه عن مرا عي الل كة وإ ن
لجنبهم سلوتا ،وعيشها كما يذود الراعي الشفيق إبله عن مبارك الغرة.
و ما ذلك لوان م عليّ ،ول كن لي ستكملوا ن صيبهم من كرام ت سالا
موفرا ل تكلمه الدنيا ول يُطغه الوى.
341
377 الناهل السان ف دروس رمضان
واعلم أنه ل يتزين ل العباد بزينةٍ هي أبلغ من الزهد ف الدنيا فإنا زينة
التقيك عليهكم منهكا لباسٌك يُعرفون بكه مكن السككينة ،والشوع سكيماهم فك
وجوههم من أثر السجود.
أولئك أوليائي حقا فإذا لقيتهم فاخفض لم جناحك ،وذلل لم قلبك،
ف عليهم ول
ولسانك ،وقال الواريون :يا عيسى مَ ْن أولياء ال الذين ل خو ٌ
هم يزنون؟
قال الذ ين نظروا إل با طن الدن يا ،ح ي ن ظر الناس إل عاجل ها فأماتوا
منها ما يشون أن ييتهم ،وتركوا ما عملوا أن سيتركهم ،فصار استكثارهم
من ها ا ستقللً ،وذكر هم إيا ها فواتا ،وفرح هم ب ا أ صابوا من ها حزنا ،ف ما
عارضهم من نائلها رفضوه ،وما عارضهم من رفعتها بغي الق وضعوه.
خلقت الدنيا عندهم فليسوا يُجددونا ،وخربت بينهم فليسوا يعمرونا،
وماتت ف صدورهم ،فليسوا يُحيونا ،يهدمونا فيبنون با آخرتم ،ويبيعونا،
فيشترون با ما يبقى لم.
رفضو ها فكانوا ب ا هم الفرح ي ،ونظروا إل أهل ها صرعى قد حلت
بم الثلت ،فأحيوا ذكر الوت وأماتوا ذكر الياة.
يُحبون ل ،ويُحبون ذكره ،وي ستضيئون بنوره ،ويُضيئون به ،ل م خ ٌب
عجيكب وعندهكم البك العجيكب ،بمك قام الكتاب ،وبكه قاموا وبمك نطكق
الكتاب ،و به نطقوا ،وب م عُلم الكتاب ،و به عملوا لي سوا يرون نائلً مع ما
نالوا ،ول أمانا دون ما يرجون ،ول خوفا دون ما يذرون.
وقال :يا ب ن إ سرائيل ،اجعلوا بيوت كم كمنازل الضياف ف ما ل كم ف
العال من منلٍ إن أنتم إل عابري سبيل.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وقال يا مع شر الواري ي أيكم ي ستطيع أن يب ن فوق موج الب حر دارا،
قالوا :يكا روح ال مكن يقدر على ذلك ،قال :إياككم والدنيكا فل تتخذوهكا
قرارا.
وقال :حلوة الدنيا مرارة الخرة ،ومرارة الدنيا ،حلوة الخرة.
وقال :يا ب ن إ سرائيل تاونوا بالدن يا ،ت ن علي كم ،وأهينوا الدن يا تكرم
عليكم الخرة ،ول تكرموا الدنيا ،تن عليكم الخرة ،فإن الدنيا ليست بأهل
للكرامة ،وكل يوم تدعوا إل الفتنة والسارة».
قالوا :و قد توا تر عن ال سلف أن حب الدن يا رأس الطا يا ،وأ صلها،
وقيل :إن عيسى بن مري عليه السلم قال :رأس الطيئة حب الدنيا ،والنساء
حُبالة الشيطان ،والمر جِماع كل شر.
شعرا :قال المام الشافعي رحه ال:
خَبَتْ نَارُ َنفْسِِي بِاشتِعَالِ
وَأَظْلَمَ لِيْلِي ِإذْ أَضَاءَ شِهَابُهَا
أَيَا بُوْمَةً َقدْ عَشّشَتْ فَْوقَ
عَلَى الرّغْمِ مِنّي حِ ْينَ طَارِ
رَأَيْتِ خَرَابَ العُمْرِ مِنّي
وَمَأْوَاكِ مِنْ ُكلِّ الدّيَارِ
أَأَنْعَم عَيْشا بَعْدَ مَا حَلّ
س يُغْنِي
طَلَئِعُ شَيْبٍٍ لَيْ َ
ِإذَا اصْفَرّ لَوْنُ الْمُرءِ وابيَضّ
تَنَغّصَ مِنْ أَيَامِهِ مُسْتَطابُهَا
343
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وَعِزَةُُ عُمْرِ الْمَرْءِ قَبْلَ
س تَوَلّى شَبَابُهَا َوقَدْ فَنِيَتْ نَف ٌ
فَدَعْ عَ ْنكَ سَوآتِ الُمورِ فَإِنّهَا
س التّقِيِ ارْتَكابُهَا حَرَامٌ عَلَى نَفْ ِ
وَأدّ زَكَاةَ الْجَاهِ وَاعْلَمْ بِأَنّهَا
كَمِثْلِ زَكَاةِ الْمَالِ تَمّ نِصَابُهَا
وَأَحْسِنْ ِإلَى الَحْرارِ تَمْلِكْ
فَخَيْرُ تِجَارَاتِ الرّجَالِ
وَل تَمْشِيَن فِي مَنْكِبِ الرضِ
فَعَمّا قَلي ٍل يَحْتَوْيكَ تُرَابُهَا
وَمَنْ يَذُقْ ال ّدنْيَا َفِإنّي طَعمُتَهَا
وَسِيْقَ إِليْنَا عَذْبُهَا وَعَذَابُهَا
فَلم أَرَهَا إِِلّ غُرُورا وَبَاطِلً
كَمَا لَحَ فِي ظَهْرِ الفَلةِ
وَمَا هِي ِإلّ جِيْفَةٌ مُسْتَحِيْلَةٌ
ه ُه ّن اجْتِذابُهَا
عَلَ ْيهَا كِلَبٌ ّ
فإنْ تَجْتَنِبْهَا كُنْتَ سِلْما لهَلِهَا
وَإِنْ تَجْتَذِبْهَا نَازَعَتْكَ
ِإذَا انْسَدَ بابٌ عَ ْنكَ مِنْ دُونِ
فَدَعْهَا لخْرَى يَنْفَتِحْ لَكَ
فإنّ قُرَابَ البَطْنِ يَكْفِيْكَ
وَيَكْفِيكَ سَوآتِ المُورِ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
س أَوْطَنَتْ قَعْرَ فَطُوبَى لِنَفْ ٍ
مُغلَقَةَ ا َلبْوَابِ مُرْخَىً حِجَابُهَا
فَيَارَبّ هَبْ لِي تَوْبَةً قَبْلَ
أَُُبادِرُهَا مِنْ قَبْلِ إِغْلَقِ
فَمَا تَخْرَبُ ال ّدنْيَا بِمَوتِ
وََلكِنْ بِمَوتِ الَكْرَمِيْنَ
الل هم ثبت نا على قولك الثا بت ف الياة الدن يا و ف الخرة الل هم وأيد نا
بن صرك وارزق نا من فضلك ون نا من عذا بك يوم تب عث عبادك ،واغ فر ل نا
ولوالدي نا ولم يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ
وآله وسلم.
(فصههل)
و عن سفيان قال :كان عي سى بن مر ي يقول حب الدن يا أ صل كل
خطيئة والال فيه داء كثي ،قالوا وما داؤه قال :ل يسلم من الفخر واليلء،
قالوا فإن سلم ،قال يشغله إصلحه عن ذكر ال عز وجل.
كا يدعوا إل خطيئة
كة والشاهدة ،فإن حبهك قالوا وذلك معلوم بالتجربك
ظاهرة وباطنة ،ول سيما خطيئة يتوقف تصيلها عليها ،فيسكر عاشقها حبها
عن علمه بتلك الطيئة ،وقبحها وعن كراهتها واجتنابا.
وحب ها يو قع ف الشبهات ،ث ف الكروهات ،ث ف الحرمات ،وطال ا
أو قع ف الك فر ،بل ج يع ال مم الكذ بة ل نبيائهم إن ا حل هم على كفر هم
وهلكهم حب الدنيا ،فإن الرسل لا نوهم عن الشرك والعاصي الت كانوا
يكتسبون با الدنيا ،حلهم حبها على مالفتهم وتكذيبهم.
345
377 الناهل السان ف دروس رمضان
فكل خطيئة ف العال أصلها حب الدنيا ،ول تنس خطيئة البوين قديا،
فإن ا كان سببها حب اللود ف الدن يا ،ول ت نس ذ نب إبل يس و سببه حب
الرياسة ،الت مبتها ش ٌر من مبة الدنيا.
وب سببها ك فر فرعون وهامان وجنوده ا ،وأ بو جه ٍل وقو مه ،واليهود،
فحب الدنيا والرياسة هو الذي عمر النار بأهلها.
والزهد ف الدنيا والزهد ف الرياسة هو الذي عمر النة بأهلها.
وال سكر ب ب الدنيا أع ظم من ال سكر بشرب ال مر بكث ي ،و صاحب
هذا ال سكر ل يف يق م نه ،إل ف ظل مة الل حد ،ولو انك شف ع نه غطاؤه ف
الدنيا لعلم ما كان فيه من السكر ،وإنه أشد من سكر المر والدنيا تسحر
العقول أعظم سحر.
قال المام أحد :حدثنا سيار حدثنا جعفر قال :سعت مالك بن دينار
يقول :اتقوا السّحارة ،اتقوا السّحارة ،فإنا تسحر قلوب العلماء.
شعرا:
لَوْ ُكنْتُ فِي دِينِي مِن الَبْطَالِ
مَا كُنْتُ بِالوَانِي وَ َل البَطّالِ
وَلَبِسْتُ مِنْهُ لمةً فَضْفَاضَةً
مَسْرُودَةً مِن صَالِح الَعْمَالِ
لَكِِنّنِي عَطّلتُ أَقْوَاسَ التُّقَى
مِن نَبْلِها فَرَمَتْ بِغَيِ نِبَالِ
وَرَمَى العَدُوّ بِسِهْمِهِ
إِذْ لَمْ أُحَصّنْ جُنّةً لِنضَالِ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
فَأَنَا كَمَنْ يَلْقَى الكَتِيْبَةَ
ق مُتَعَرضا لِنِزالِ فِي مَأز ٍ
لَولَ رَجَاءُ العَفْوِ كُنْتُ كَناقِعٍ
بَرْحَ الغَلِيْلِ بِرَشْفِ لَمْع اللِ
شَابَ القَذَالُ فآنَ لِي أَنْ أَرعَوي
لَو كُنْتُ مُتّعِظا بِشَيْبِ قَذَال
وَلَوْ أَنّنِي مُسْتَبْصِرا ِإذْ حَلّ بِي
ت أن حُلولَهُ تَرْحَالِي لعَلِمْ َ
فَنَظَرتُ فِي زَادٍ لِدَارِ إِقَامَتِي
وَسَأَلت َربّي أَنْ يَحُلّ عِقَالِي
فَلَكَمْ هَمَمْتُ بِتَوبَةٍٍ فَمُنِعتُها
ل لَهَا ،وَبَدا لِي
إِذْ لَمْ أَكُنْ أَهْ ً
وَيعِزّ ذَاكَ عَلَيّ ِإلّ أَنّنِي
ب فِي قَبْضَ ِة الْمُتَعَالِي مُتَقَلّ ٌ
وَوَصَلْتُ دُنْيَا َسوْفَ تَقْطَعُ
بِأُفُولِ أَنْجُمِهَا وَخَسْفِ
شَغَلَتْ مَفت أَهْلِهَا بِفتُونِهَا
وَمِنْ الْمُحَال تَشَاغُ ٌل بِمُحَالِ
ل شَيْء أَخْسَر صَفْقَ ًة مِنْ عَالِمٍ
لَعِبَتْ ِب ِه ال ّدنْيَا مَعَ الْجُهّالِ
ق دِينَهُ أَيْدِيْ سَبَا فَغَدَا يُفرّ ُ
وَيُزِيلُهُ حِرْصا لِجَمْعِ الْمَالِ
347
377 الناهل السان ف دروس رمضان
لَ خَيْرَ فِي كَسْبِ الْحَرَامِ
يُرْجَى الْخَلَصُ لِكاسِبٍ لِحَللِ
مَا إنْ سَمِعْتُ بِعَائِلٍ تُكْوَى غَدا
بالنّارِ جَبْهَتُهُ عَلَى القْلَلِ
وَِإذَا أَرَدْتَ صَحِيْحَ مَنْ يُكْوَى
فَاقْرَأْ عَقِيْبَةَ سُورَة الَنْفَالِ
مَا يَثْقُلُ الْمِيزَانُ إِ ّل بِامِرئٍ
قَدْ خَفّ كَاهِلُهُ مِن الَثْقَالِ
فَخُذِ الكفافَ وَ َل تَكُنْ ذَا فَضْلَةٍ
ي سُؤالِ فَالْفَضْلُ تُسْأَلُ عَنْهُ أَ ّ
وَدَع الْمَطَارفَ وَالَمِط ّي لِهْلِهَا
وَاقْنَعْ بِأَطْمَارٍ وَلُبْسِ نِعَالِ
ت وَفَقْرُنَا وَغِنَاهُمُ فَهُمُ َوأَنْ َ
ل يَسْتَقِرّ وَ َل يَدُومُ بِحَالِ
وَطُفِ البِلدَ لِكَيْ تَرَى آثارَ
قَدْ كَا َن يَمْلِكُهَا مِنَ الَقْيالِ
عَصفَتْ بِهِمْ رِيْحُ الرّدَى
ذَرْوَ الرّياح الْهُوج حَقْفَ رِمالِ
وَتَزَلْزَلَتْ بِهِمُ الْمَنَابِرُ بَعْدَ
ثَبتَتْ وَكَانُوا فَوقَهَا كَجِبَالِ
وَاحْبِسْ قَلُوصَكَ سَاعَة ً
وَاحْذَرْ عَلَ ْيكَ ِبهَا مِنْ الَغْوَالِ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
فَلَكَمْ ِبهَا مِن أَرْقَمٍ صلٍ وَكَم
قَدْ كَا َن فِيْهَا مِنْ مَها وَغَزَالِ
وَلَكَمْ غَدَتْ مِنْهَا وَرَاحَتْ
لِلحَرْبِ يَقْدُمُهَا أَبُوْ الَشْبَالِ
فَتَقَطّعَتْ أَسْبَابُهُم وَتَمَزّقَتْ
وَلَقَبْلُ مَا كَانُوا كَنَظْمِ للَ
وَِإذَا أَتَيْتَ قُبورَهُمْ فَاسْأَلْهُمُ
عَمّا لَقُوا فِيْهَا مِن الَهْوالِ
فَسَيُخْبِرُونَكَ إِنْ فَهِمْتَ
بِعِبَارِةٍ كَالوَحْي لَ بِمَقَالِ
إِنّا ِبهَا رَهْن ِإلَى يَومِ الْجَزا
بِجَرَائِم الَقْوَالِ وَالَفْعَالِ
مَنْ ل يُراقِبُ رَبّهُ وَيَخَافُهُ
تَبّتْ يَدَاهُ َومَا َلهُ مِنْ وَالَ
الل هم ثبت نا على قولك الثا بت ف الياة الدن يا و ف الخرة ووفق نا ل ا
وفقكت له عبادك الصكالي مكن امتثال أوامرك واجتناب نواهيكك واغفكر لنكا
ولوالدي نا ولم يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ
وعلى آله وصحبه أجعي.
349
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
وأ قل ما ف حبها أنه يُلهي عن حب ال ،وذكره ،ومن ألاه ماله عن
ذكر ال فهو من الاسرين ،قالوا وإنا كان حب الدنيا رأس الطايا ومفسدا
للدين من وجوه ،أحدها أنه يقتضي تعظيمها وهي حقية عند ال.
و من أ كب الذنوب تعظ يم ما حقره ال ،وثاني ها أن ال لعن ها ،ومقت ها،
وأبغض ها إل ما كان له في ها ،و من أ حب ما لع نه ال ،ومق ته وابغ ضه ،ف قد
تعرض للفتنة ،ومقته وغضبه.
وثالثها أنه إذا أحبها صيها غايته ،وتوسل إليها بالعمال الت جعلها
ال وسائل إليه ،وإل الدار الخرة ،فعكس المر وقلب الكمة فانتكس قلبه،
وانعكس سيه إل وراء.
فهاهنكا أمران :أحدهاك جعكل الوسكيلة غايكة ،والثانك التوسكل بأعمال
الخرة إل الدنيكا ،وهذا ش ٌر معكوس مكن ككل وجكه ،وقلب منكوس غايكة
النتكاس.
وهذا هو الذي ينط بق عل يه حذو القذة بالقذة قوله تعال :مَ نْ كَا َن
ُيرِي ُد الْحَيَاةَ ال ّدنْيَا وَزِينََتهَا ُنوَفّ ِإلَ ْيهِ ْم أَعْمَاَلهُ مْ فِيهَا َوهُ مْ فِيهَا ل يُبْخَ سُونَ
ط مَا صََنعُوا فِيهَا َوبَا ِطلٌ
ك اّلذِي نَ لَيْ سَ لَهُ ْم فِي ال ِخ َرةِ إِل النّا ُر َوحَبِ َ * أُولَئِ َ
مَا كَانُوا َيعْمَلُونَ .
وقوله :مَ نْ كَا َن ُيرِيدُ اْلعَاجِ َلةَ عَجّلْنَا لَ هُ فِيهَا مَا َنشَا ُء لِمَ نْ نُرِيدُ ُثمّ
َانه ُيرِيدُ
َنه ك َ ّمه يَصهْلهَا َم ْذمُومًا َم ْدحُورًا .وقوله :م ْ َهه جَهَن َ َجعَلْنَا ل ُ
َحرْ ثَ الخِ َر ِة َن ِزدْ لَ هُ فِي َحرْثِ هِ َومَ نْ كَا َن ُيرِيدُ َحرْ ثَ ال ّدنْيَا ُن ْؤتِ ِه مِ ْنهَا َومَا
َل ُه فِي ال ِخ َرةِ ِم ْن نَصِيبٍ .
الناهل السان ف دروس رمضان 378
فهذه ثلث آيات يُشبه بعضها بعضا ،وتدل على معن واحد ،وهو أن
من أراد بعمله الدن يا وزينت ها دون ال والدار الخرة ،فح ظه ما أراد ،وهكو
نصيبه ،ليس له نصيبٌ غيه.
والحاد يث عن ر سول ال مُطاب قة لذلك مُف سرةٌ له ،كحد يث أ ب
هريرة ف الثل ثة الذ ين هم أول من تُ سعر ب م النار ،الغازي والت صدق،
والقارئ الذين أرادوا بذلك الدنيا والنصيب وهو ف صحيح مسلم.
وف سنن النسائي عن أب أُمامة قال جاء رجل إل النب ،فقال :يا
رسول ال :رجل غزا يلتمس الجر والذكر ،ما له؟ فقال رسول ال « :ل
ش يء له» ،فأعاد ها ثلث مرات ،يقول له ر سول ال « :ل ش يء له» ،ث
قال« :إن ال تعال ل يقبل إل ما كان خالصا وابتغي به وجهه».
فهذا قد بطل أجره وحبط عمله مع أنه قصد حصول الجر لا ضم إليه
قصد الذكر بي الناس فلم يُخلص عمله ل فبطل كله ،قال ورابعها أن مبتها
تعترض ب ي الع بد ،وب ي ف عل ما يعود عل يه نف عه ف الخرة ،لشتغاله ع نه
بحبوبه والناس ها هنا مراتب.
فمنهم من يشغله مبوبه عن اليان ،وشرائعه.
ومنهم من يشغله عن الواجبات الت تب عليه ل وللقه فل يقوم با
ظاهرا ول باطنا.
ومنهم من يشغله حبها عن كثيٍ من الواجبات.
ومنهم من يشغله عن واجب يُعارض تصيلها وإن قام بغيه.
ومنهم من يشغله عن القيام بالواجب ف الوقت الذي ينبغي على الوجه
الذي ينبغي فيُفرط ف وقته ،وف حقوقه.
351
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ومنهم من يشغله عن عبودية قلبه ف الواجب ،وتفريغه ل عند أدائه،
فيؤديه ظاهرا ل باطنا ،وأين هذا من عشاق الدنيا ومبيها هذا من أندرهم،
وأقل درجات حبها أن يُشغل عن سعادة العبد وهو تفريغ القلب لب ال،
ول سانه لذكره وج ع قل به على ل سانه وج ع ل سانه وقل به على ر به ،فعشق ها
ومبتها تضر بالخرة ،ول بد ،كما أن مبة الخرة تُضر بالدنيا.
وخامسها أن مبتها تعلها أكثر هم العبد.
وسكادسها أن مُحبهكا أشكد الناس عذابا باك ،وهكو مُعذب فك دوره
الثلث ،يُعذب ف الدنيا بتحصيلها ،وف السعي فيها ومنازعة أهلها وف دار
البزخ أي ف القب بفواتا ،والسرة عليها ،وكونه قد حيل بينه وبي مبوبه
على وج ٍه ل يرجو اجتماعه به أبدا ول يصل له هناك مبوب يُعوضه عنه.
فهذا أشد الناس عذابا ف قبه ،يعمل الم ،والغم ،والزن والسرة ،ف
روحه ما تعمل الديدان وهوام الرض ف جسمه.
و سابعها أن عاشق ها ومب ها الذي يؤثر ها على الخرة من أ سفه اللق
وأقلهكم عقلً ،إذ آثكر اليال على القيقكة ،والنام على اليقظكة والظكل الزائل
على النعيم الدائم والدار الفانية على الدار الباقية إن اللبيب بثلها ل يُخدع.
ث ع قد ف صلً وذ كر ف يه أمثلة تبي حقي قة الدن يا :الثال الول :للع بد
ثلثة أحوال ،حالة ل يكن فيها شيئا ،وهي ما قبل أن يو جد ،وحالة أخرى
وهي من ساعة موته ،إل ما ل ناية له ف البقاء السرمدي فلنفسه وجود بعد
خروجها من البدن ،إما ف النة وإما ف النار.
ث تُعاد إل بدنه ،فيُجازى بعمله ،ويسكن إحدى الدارين ف خلود دائم
ث بي هاتي الالتي وهي ما بعد وجوده وما قبل موته حالة متوسطة ،وهي
الناهل السان ف دروس رمضان 378
أيام حياته فلينظر إل مقدار زمانا ،وينسبه إل الالتي ،يعلم أنه أقل من طرفة
عي ف مقدار عمر الدنيا.
ومن رأى الدنيا بذه العي ل يركن إليها ،ول يُبال كيف تقضت أيامه
فيها ف ضُ ٍر وضي ٍق أو ف سع ٍة ورفاهية ولذا ل يضع النب لبنة على لبن ٍة ول
قصبةً على قصبةٍ ،وقال ما ل وللدنيا ،إنا مثلي ومثل الدنيا كراكب قال ف
ظل شجرة ،ث راح وتركها.
وإل هذا أشار ال سيح بقوله عل يه ال سلم" :الدن يا قنطرة فاعبو ها ول
تعمرو ها" ،وهذا م ثل صحيح فإن الياة م عب إل الخرة ،وال هد هو الر كن
الول ،على أول القنطرة ،واللحد هو الركن الثان على آخرها.
ومن الناس من قطع نصف القنطرة.
ومن هم من ق طع ثُلثي ها ،ومن هم من ل ي بق له إل خطوة واحدة ،و هو
غا فل عن ها وكيف ما كان فل بد من العبور ،ف من و قف يب ن على القنطرة،
ويزينهكا بأصكناف الزينكة ،وهكو يُسكتحث على العبور فهكو فك غايكة الهكل
وال مق .الثال الثا ن شهوات الدن يا ف القلب كشهوات الطع مة ف العدة،
و سوف ي د الع بد ع ند الوت لشهوات الدن يا ف قل به من الكرا هة والن ت
والقبكح مكا يده للطعمكة اللذيذة إذا انتهكت فك العدة ،غايتهكا ،وكمكا أن
الطعمة كلما كانت ألذ طعما وأكثر دسا وأكثر حلوة كان رجيعها أقذر،
فكذلك كل شهوة كانت ف النفس ألذ وأقوى فالتأذي با عند الوت أشد،
كما أن تفجع النسان بحبوبه إذا فقده يقوى بقدر مبة الحبوب.
شعرا قال بعضهم يُخاطب نفسه:
ِإلَى مَ أَرَى يَا قَلْبُ مِنْكَ
َوقَد حَلّ وَخْطُ الشّيْبِ بِالرّأْسِ
353
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وَأَخْبَرَ عَن قُرْبِ الرّحِيلِ
فَدُونَك طَاعَاتٍ وَخَلّ
وَعُضّ عَلَى مَا فَاتَ مِنْكَ أَنَامِلً
وَفَجّرْ مِنْ العَيْنِ الدّمُوعَ
فَكَمْ مَرّ ٍة وَافَقْتَ نَفْسا مَرِيْدَةً
ك الرّوَاسِيَاَفقَد حَمّلَت شَرا عَلَ ْي َ
وَكَمْ مَرّةٍ أَحْدَثتَ بِدْعا
وَغَادَرْتَ هَدْيا مُسْتَقِيما
وَكَمْ مَرّةٍ أَمْرَ الِلَه نَبَذْتَهُ
وَطَاوَعْتَ شَيْطَانا عَدُوا مُداجِيَا
وَكَمْ مَرّ ٍة َقدْ خُضتَ بَحْرَ غِوَايَةٍ
وَأَسْخَطْتَ رَبا بِاكْتِسَاب
وَكَمْ مَرّةٍ بِِ ّر الله غَمَصتَهُ
َوقَد صِرْتَ فِي كُفْرَانِهِ مُتمَادِيَا
وَلَ زِلْتَ بال ّدنْيَا حَرِيْصا وَمُولَعا
َوقَد كُنْتَ عَن يَومَ القِيَامَةِ سَاهِيَا
فَمَا لَكَ فِي بَيْتِ البِل ِإذْ نَزَلْتَهُ
عَن الَهْلِ وَالَحْبَابِ وَالْمَالِ
فَتُسْأَلَ عَن رَبٍّ وَدِيْن مُحَمّدٍ
فَإن قُلْتَ هَاهٍ فَادْرٍ أَنْ ُكنْتَ
َوَيأتِيْكَ من نارٍ سَمُو ّم أليْمَةّ
ص ُر فِيهَا عَقْربا وَأَفَاعِيَا
وَتُب ُ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وَيَا لَيْتَ شِعْريْ كَيْفَ حَالُكَ
ي الْمَطَاوِيَا صِراطٌ وَمِيزَا ٌن يُب ُ
فَ َمنْ نَاقشَ الرّحْمَن نُوْقِشَ بَتّةً
وأُلق ّي فِي نَارٍ وَإنْ كَا َن وَالِيَا
هُنَالِكَ لَ تَجْزِيْهِ نَفْسٌ عَن
ئ فِي غَمّهِ كَا َن جَاثِيَا فَكُلُ امرِ ٍ
الل هم ث بت قلوب نا على دي نك وألم نا ذكرك وشكرك واخ تم ل نا بات ة
السعادة واغفر لنا ولوالدينا وجيع السلمي برحتك يا أرحم الراحي وصلى
ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
355
377 الناهل السان ف دروس رمضان
(فصههل)
الثال الثالث لا ولهلها ف اشتغالم بنعيمها عن الخرة وما يُعقبهم من
السرات مثل أهل الدنيا ف غفلتهم م ثل قو ٍم ركبوا سفينة فانتهت بم إل
جزيرة فأمرهكم اللح بالروج لقضاء الاجكة وحذرهكم البطاء ،وخوفهكم
مرور السفينة.
فتفرقوا ف نوا حي الزيرة ،فق ضى بعض هم حاج ته وبادر إل ال سفينة
فصادف الكان خاليا ،فأخذ أوسع الماكن وألينها.
ووقف بعضهم ف الزيرة ،ينظر إل أزهارها وأنوارها العجيبة ويسمع
نغمات طيور ها ،ويُعج به ح سن أحجار ها ،ث حدث ته نف سه بفوات ال سفينة،
وسرعة مرورها ،وخطر ذهابا فلم يُصادف إل مكانا ضيقا فجلس فيه.
وأكب بعضهم على تلك الجارة الُستحسنة ،والزهار الفائقة فحمل
منهكا حله فلمكا جاء ل يدك فك السكفينة إل مكانا ضيقا ،وزاده حله ضيقا،
ف صار مموله ثقلً عل يه ،ووبالً ول يقدر على نبذه بل ل ي د من حله بُدا
ول يد له ف السفينة موضعا ،فحمله على عنقه وندم على أخذه ،فلم تنف عه
الندامة ،ث ذبلت الزهار ،وتغيت أراييحها وآذاه نتنها.
وتول بعضهم ف تلك الغياض ،ونسي السفينة ،وأبعد ف نزهته ،حت
إن اللح نادى بالناس ،عند دفع السفينة ،فلم يبلغه صوته ،لشتغاله بلهيه،
ف هو تارة يتناول من الث مر وتارة ي شم تلك الزهار وتارة يع جب من ح سن
الشجار.
وهكو على ذلك خائف مكن سكبع يرج عليكه ،غيك منفكك مكن شوك
يتش بث ف ثيا به ،ويد خل ف قدم يه أو غ صن يرح بد نه أو عو سج يُخرق
الناهل السان ف دروس رمضان 378
ثيابه ،ويهتك عورته ،أو صوتٍ هائل يُفزعه.
ثك مكن هؤلء مكن لقك بالسكفينة ،ول يبكق فيهكا موضكع ،فمات على
الساحل ،ومنهم من شغله لوه ،فافترسته السباع ونشته اليات ومنهم من
تاه فهام على وجهه حت هلك ،فهذا مثال أهل الدنيا ف اشتغالم بظوظهم
العاجلة ،ونسيانم موردهم وعاقبة أمرهم ،وما أقبح بالعاقل أن تغره أحجار،
ونبات يصي هشيما.
الثال الرابع لغترار الناس بالدنيا ،وضعف إيانم بالخرة أن رسول ال
قال ل صحابه«:إن ا مثلي ومثل كم وم ثل الدن يا كم ثل قو مٍ سلكوا مفازةً
غباء ،ح ت إذا ل يدروا ما سلكوا من ها أك ثر أم ما ب قي ،أنفدوا الزاد،
وحسهروا الظههر ،وبقوا بيه ظهرانه الفازة ،ل زاد ول حولة ،فأيقنوا
باللكة».
فبينما هم كذلك ،إذ خرج عليهم رجل ف حُل ٍة يقطر رأسه ،فقالوا إن
هذا قريب عهدٍ بريف ،وما جاءكم هذا إل من قريب ،فلما انتهى إليهم ،قال
يا هؤلء علم أنتم ،قالوا على ما ترى ،قال أرأيتم إن هديتكم على ماء رواء
ورياضٍ خضرٍ ما تعلون ل؟
قالوا ل نع صيك شيئا ،قال ُعهُود كم ،ومواثيق كم بال؟ ،قال :فأعطوه
عهودهم ،ومواثيقهم بال ل يعصونه شيئا ،قال :فأوردهم ماءً ورياضا خُضرا
قال :فمكث ما شاء ال.
ثك قال يكا هؤلء الرحيكل ،قالوا إل أيكن؟ ،قال إل ما ٍء ليكس كمائككم
ورياضٍ ليست كرياضكم ،قال فقال جُل القوم ،وهم أكثرهم وال ما وجدنا
هذا حت ظننا أن لن نده ،وما نصنع بعيشٍ هو خيٌ من هذا؟
357
377 الناهل السان ف دروس رمضان
قال وقالت طائفكة وهكم أقلهكم ،أل تُعطوا هذا الرجكل عهودككم،
ومواثيقككم بال ،ل تعصكونه شيئا ،وقكد صكدقكم فك أول حديثكه ،فوال
ليصكدُقنكم فك آخره ،فراح بنك اتبعكه ،وتلف بقيتهكم ،فبادرهكم عدوهكم،
فأصبحوا بي أسيٍ وقتيل».
شعرا:
ِإذَا عَاجَل الدّنْيَا أَلَمّ بِمَفْرَحٍ
فَ َمنْ خَلفهُ فَجْعٌ سَيْتلُوهُ آجِلُ
وَكَانَتْ حَياةُ الْحَي سَوقا ِإلَى
وَأيّامُهُ دُوْنَ الْمَمَاتِ مَرَاحَلُ
وَمَا لُبْث مَنْ يَغْدُو وَفِي ُكلِّ
لَهُ أَجَ ٌل فِي مُدّ ِة العُمْرِ قَاتِلُ
وَلِلمَرءِ يَو ٌم لَ مَحَالَةَ مَا لَهُ
غَ ٌد وَسْطَ عا ٍم مَا َلهُ الدّهْرَ قَابِلُ
كَفَانا اعْترافا بِالفَنَاءِ وَرُقْبَةً
س لِلخُلْدِ آمِلُ لِمَكْروهِهِ أَنْ لَيْ َ
الل هم ث بت مب تك ف قلوب نا وث بت إيان نا ونور ب صائرنا واهد نا سبل
السلم وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن وألمنا ذكرك وشكرك واعمر
أوقاتنا بتلوة كتابك وارزقنا التدبر له والعمل به ف الدقيق والليل واغفر لنا
ولوالدي نا وج يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على ممدٍ
وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
الثال الامس للدنيا وأهلها ،ما مثلها به كظل شجرة ،والرء مُسافر
فيها إل ال ،فاستظل ف ظل تلك الشجرة ف يومٍ صائف ،ث راح وتركها.
فتأمكل حسكن هذا الثال ،ومطابقتكه للواقكع سكواء ،فإناك فك خضرتاك
كشجرة ،وف سرعة انقضائها وقبضها شيئا فشيئا كالظل والعبد مسافر إل
ربه ،والسافر إذا رأى شجرة ف يو مٍ صائف ل يسن به أن يبن تتها دارا،
ول يتخذ ها قرارا ،بل ي ستظل ب ا بقدر الا جة ،وم ت زاد على ذلك انق طع
عن الرفاق.
الثال السادس تثيله لا بُدخل أصبعه ف اليم ،فالذي يرجع به أصبعه
من البحر هو مثل الدنيا بالنسبة إل الخرة.
الثال السابع ما مثلها به ف الديث التفق على صحته من حديث
أبك سكعيد الدري ،قال إن النكب جلس ذات يوم ،علىالنكب وجلسكنا
حوله ،فقال «إن ماه اخاف عليكهم مهن بعدي مها يُفتهح عليكهم مهن زهرة
الدن يا ،وزينت ها» فقال ر جل يا ر سول ال :أو يأ ت ال ي بال شر ،ف صمت
رسول ال .
ث قال« :ك يف قلت؟» قال :يا ر سول ال أو يأ ت ال ي بال شر ،فقال
ر سول ال « :إن ال ي ل يأ ت إل بال ي ،وإن م ا ين بت الرب يع ما يق تل
هرتاها،ه إذا امتلت خاصه هر ،أكلت حته حبطا أو يلم ،إل آكلة الضه
استقبلت الشمس فثلطت وبالت ،ث اجترت فعادت فأكلت».
فمن أخذ مالً بقه بورك له فيه ،ومن أخذ ما ًل بغي حق ،فمثله كمثل
الذي يأ كل ول يش بع ،فأ خب أن م ا ياف علي هم الدن يا ،و ساها زهرة،
359
377 الناهل السان ف دروس رمضان
فشبهها بالزهر ،ف طيب رائحته وحسن منظره ،وقلة بقائه.
فهذه الفقرة الي سية ،من جوا مع كلمِ هِ ،حوت على إياز ها بشارة
ال صحابة الكرام ب ا سيكون على أيدي هم ،من ف تح البلد ،وإخضاع العباد،
وجلب الموال الطائلة ،والغنائم الكثية ،وتذير هم من الغرور ،والركون إل
هذه الشياء الفانية ،والعراض الزائلة.
وضرب مثل ي حكيم ي أحده ا م ثل الفرط ف ج ع الدن يا ،وال خر
مثل القتصد فيها ،أما الول ،فمثله مثل الربيع وذلك قوله فإن ما ينبت الربيع
ما يقتل حبطا أو يلم ،بأن يُقارب اللك.
فهذا الطكر ماء ينله لغاثكة اللق وإرواء ككل ذي روح فرغكم فوائده
الكثية ومنافعه الغزيرة وما يتسبب عن ذلك من إنبات العشب والكل ،يأكل
منه اليوان فيُكثر فينتفخ بطنه ،فيهلك أو يُقارب اللك ،وكذلك الذي يُكثر
من جع الال ،ويكون عنده من الشع والشره ،والرص ،ما يتجاوز به الد،
ول سيما إذا جع الال من غي حله ،ومنع ذا الق حقه ،فإن ل يقتله قارب
أن يقتله.
ولذلك كث ي من أ هل الموال قتلت هم أموال م فإن م شرهوا ف جع ها،
واحتاج إليها غيهم ،فلم يصلوا إل ذلك إل بقتلهم ،أو ما يُقارب ذلك من
إذللم وقهرهم والضغط عليهم.
وأما الثال الثان :وهو مثال القتصد ف جع الدنيا ،الطالب للها ،فقد
مثكل له بقوله« :إل آكلة الضهر» ،فكأنكه قال أل انظروا آكلة الضراء،
واعتبوا بشأنا «أكلت حت إذا امتدت خاصرتاها» وعظم جنباها ،أقلعت
سكريعا «اسهتقبلت عيه الشمهس» تسكتمريء بذلك مكا أكلت وتتره
الناهل السان ف دروس رمضان 378
«فثلطت» ألقت ما ف بطنها من أذى سه ً
ل رقيقا.
وف قوله «استقبلت عي الشمس فثلطت وبالت» ثلث فوائد أحدها
أن ا ل ا أخذت حاجت ها من الر عى ترك ته ،وبر كت مُ ستقبل ًة ع ي الش مس،
ت ستمريء ،الفائدة الثان ية أن ا أعر ضت ع ما يضر ها من الشره ف الر عى،
وأقبلت على ما ينفعها ،من استقبال الشمس الت يصل لا برارتا إنضاج ما
أكلته وإخراجه.
الثال ثة :أن ا ا ستفرغت بالبول والثلط ما جع ته من الر عى ف بطن ها،
فاستراحت بإخراجه ولو بقي فيها لقتلها ،هكذا جامع الال مصلحته أن يفعل
به كما فعلت هذه الشاة فتنبه لذلك أيها الُغفّ ُل الموع النوع.
وَإِيّاكَ وال ّدنْيَا الدّنِيّةَ إِنّهَا
هِيَ السّحْرُ فِي تَخْيِيْلِه
مَتَاعُ غُرُوْ ٍر لَ يَدُوْمُ سُرورُها
وَأضْغاثُ حُلْمٍ خَادِعٍ بِهَبَائِهِ
فَ َمنْ أَكْرَمَتْ يَوما أَهَانَتْ َلهُ غَدا
وَمَنْ أَضْحَكَتْ َقدْ آذنَتْ
وَمَنْ تَسْقِهِ كِأْسا مِنْ الشّهْدِ
تُجَرّعُهُ كَأسَ الرّدَى فِي مَسَائِهِ
وَمَن تَكْسُ تَاجَ الُلكِ تَنْزَعُهُ
بأَيْدِي الْمَنَايَا أَوْ بِأَيدِي
َألَ إِنّهَا لِلمَرْءِ مِنْ أَكَبِ العِدَا
وَيَحْسَبُهَا الْمَغْرُوْرُ مِن
361
377 الناهل السان ف دروس رمضان
فَلَذّاتُها مَسْمُومَةٌ وَوُعودُهَا
ب فَمَا الظّامِي رَوَى مِن سَرَا ٌ
وَكَمْ فِي كِتَاب الِ مِنْ ذَكْرِ
وَكَمْ ذَمّهَا الَخْيَارُ مِن
فَدُونَكَ آياتِ الكِتَاب تَجِدْ بِهَا
مِن العِلْمِ مَا يَجْلُو الصّدَا
وَمَن يَكُ جَمْعُ الْمَالِ مَبْلَغَ
فَمَا قَلْبُهُ إِ ّل مَرِيْضا بِدَائِهِ
فَدَعْهَا َفإِنّ الزّهْدَ فِيْهَا مُحَتّمٌ
وَإِنْ لَمْ يَقُمْ جُلّ الوَرَى
وَمَنْ لَمْ يَذَرْهَا زَاهِدا فِي
سَتَزْهَدُ فِ ْي ِه النّاسُِ بَعْدَ فَنَائِهِ
فَتَتْرُكُهُ يَوْما صَرِيْعا بِقَبِرِه
رَهِيْنا أَسِيْرا آيِسَا مِن وَرَائِهِ
وَيَنْسَاهُ أَهْلُوْهُ الْمُفدّى لَدَيْهِمُ
وَتَكْسُوهُ ثَوبَ الرّخْصِ بَعْدَ
وَيَنْتَهِبُ الوُرّاثُ أَمْوَالَهُ الّتِي
عَلَى جِمْعِهَا قَاسَى عَظِيمَ شَقَائِهِ
وَتُسْكِنهُ بَعدَ الشّواهِقِ حُفْرةً
تَضِيقُ ِبهِ بَعْدَ اتّسَاعِ فَضَائِهِ
يُقِيمُ ِبهَا طولَ الزمانِ وَماَلَهُ
أَنيسٌ سوى دُوْدٍ سَعَى فِي
الناهل السان ف دروس رمضان 378
فَوَاها لَهَا من غُربةٍ ُثمّ كُربَةٍ
وَمِن تُربَةٍ تَحٍوِي الفَتَى لِبَلئِهِ
وَمِن بَعدِ ذَا يَو ُم الْحِسَابِ
فيُجزَى ِبهِ النْسَانُ أَوْف جَزَائِهِ
ولَ تنْسَ ذَكْرَ الَوتِ فَالَوتُ
وَ َل ُبدّ يَوما لِلفَتَى مِنْ لِقَائِهِ
قَضَى الُ مَوْلنَا عَلَى الْخَلْقِ
وَ َل ُبدّ فِيهم من نُفُوذِ قَضَائِهِ
فَخُذْ أُهبةً لِلْمَوتِ مِن عَمَلِ
لِتَغنَمَ وَقْتَ العُمْرِ قَبْلَ
وَإيّاكَ وَالمَالَ فَالعُمْرُ يَنْقَضِي
وَأَسْبَابُهُا مَمْدُوْدَ ٌة مِن وَرَائِهِ
وَحَافِظْ عَلَى دُينِ الْهُدى فَلَعَلّهُ
يَكونُ خِتَامَ العُمْرِ عِ ْن َد انْتِهَائِهِ
فَدَوْنَك مِنّي فاسْتَمعها نَصِيْحَةً
تُضَارِعُ لَونَ التّبْرِِ حَالَ
وَصَلّي عَلَى طُوْلِ الزّمَانِ مُسَلّما
سَلما يَفُوقُ الْمِسْكَ عَرْفُ
عَلَى خَاتَمِ الرُسِلِ الكِرَامِ مُحَمّدٍ
وَأَصحابِهِ وَاللِ أَهل كِِسَائِهِ
وَأتبَاعِهم فِي الدّينِ مَا اهْتَزّ بالرّبَا
رِياضٌ سَقَاهَا طَلّهَا بِنَدائِهِ
363
377 الناهل السان ف دروس رمضان
الل هم اج عل قلوب نا ملؤة ب بك وأل سنتنا رط بة بذكرك ونفو سنا مُطيعةً
لمرك وارزقنكا الزهكد فك الدنيكا والقبال على الخرة واغفكر لنكا ولوالدينكا
ولم يع ال سلمي برح تك يا أر حم الراح ي و صلى ال على مم ٍد وعلى آله
وسلم.
(موعظههة)
عباد ال إن لكلمة التوحيد فضائل عظيمة ل يكن استقصاؤها منها إنا
كل مة ال سلم وإن ا مفتاح دار ال سلم ف يا ذوي العقول ال صحاح و يا ذوي
الب صائر والفلح جددوا إيان كم ف ال ساء وال صباح بقول ل إله إل ال من
أعماق قلوبكم متأملي لعناها عاملي بقتضاها.
عباد ال ما قا مت ال سموات والرض ول صحت ال سنة والفرض ول
كيوف الهاد ،ولكد يوم العرض إل بل إله إل ال ول جُردت سك نا ك أحك
أُرسلت الرسل إل العباد ،إل ليعلموهم العمل بل إله إل ال.
تال إن ا كل مة ال ق ،ودعوة ال ق وأن ا براءة من الشرك وناة هذا ال مر
ك ِم ْن َرسُو ٍل إِل ولجلها خلق ال اللق ،كما قال تعالَ :ومَا َأ ْر َس ْلنَا ِم ْن َقْبِل َ
ح
نُوحِي ِإَلْي ِه َأّن ُه ل ِإَل َه إِل َأنَا فَا ْعُبدُو ِن ،وقال تعالُ :يَن ّز ُل اْلمَلِئ َك َة بِالرّو ِ
ِم ْن َأ ْم ِر ِه َعلَى َم ْن َيشَا ُء ِم ْن ِعبَا ِد ِه َأ ْن َأْن ِذرُوا َأّن ُه ل ِإَل َه إِل َأنَا فَاّتقُو ِن .
قال ابن عيينة رحه ال ما أنعم ال على عبدٍ من العباد نعمةً أفضل من
أن عرّفَ هُ ل إله إل ال ،وإن ل إله إل ال لهل النة كالاء البارد لهل الدنيا
ولجلها أعدت دار الثواب ،ودار العقاب ولجلها أمرت الرسل بالهاد.
فمن قالا عصم ماله ودمه ،ومن أباها فماله ودمه حلل ،وبا كلم ال
مو سى كفاحا و هي أح سن ال سنات ك ما ف ال سند عن شداد بن أوس،
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وعبادة بكن الصكامت رضكي ال عنهمكا أن النكب قال لصكحابه« :ارفعوا
أيديكم وقولوا ل إله إل ال» ،فرفعنا أيدينا ساعة فوضع ر سول ال يده
وقال« :ال مد ل الل هم بعثت ن بذه الكل مة ،وأمرت ن ب ا ووعدت ن ال نة
وإنك ل تُخلف اليعاد».
ث قال أبشروا ،فإن ال قد غفر لكم وهي أحسن السنات ،وهي تحو
الذنوب والطايا.
و ف سُنن ا بن ما جه عن أم هان ء عن ال نب قال« :ل إله إل ال ل
تترك ذنبا ول يسبقها عمل» ،ورؤي بعض السلف بعد موته ف النام ،فقال:
«ما أبقت ل إله إل ال شيئا وهي تُجدد ما درس من اليان ف القلب».
و ف ال سند أن ال نب قال ل صحابه« :جددوا إيان كم» قالوا :ك يف
نُجدد إياننا؟ قال« :قولوا ل إله إل ال ،وهي الت ل يعدلا شيء ف الوزن،
فلو وُ ِزنَتْ بالسموات والرض لرجحت بن».
كما ف السند عن عبد ال بن عمرو رضي ال عنهما عن النب « :أن
نوحا عليه السلم قال لبنه عند موته آمرك بل إله إل ال فإن السموات
السهبع والرضيه السهبع لو وضعهن فه كفهة ووضعهت ل إله ال بكفهة
لرج حت ب ن ولو أن ال سموات ال سبع والرض ي كن ف حل قة مُبه مة
فَصَمَ ْت ُه ّن ل إله إل ال».
وإنا ترجح بالسموات والرض كما ف حديث عبد ال بن عمرو رضي
ال عنهما أن موسى عليه السلم قال« :يا رب علمن شيئا أذكرك وأدعوك به،
قال :يا موسى قل ل إله إل ال .قال موسى :يا رب كل عبادك يقولون هذا
قال :يا موسى قل ل إله إل ال .قال :ل إله إل ال ،إنا أريد شيئا تصن به،
365
377 الناهل السان ف دروس رمضان
قال :يا موسى لو أن السموات السبع والرضي السبع وعامرهن غيي ف
كفة ول إله إل ال ف كفة مالت بن ل إله إل ال».
وكذلك ترجكح فك صكحائف الذنوب ،كمكا فك حديكث السكجلت،
والبطاقكة ،وفك حديكث عبكد ال بكن عمرو فيمكا أخرجكه أحدك والنسكائي
والترمذي عن النب .
و هي ال ت ترق الُجُب ،ح ت ت صل إل ال عز و جل ،وإن ا ل يس ل ا
دون ال حجاب ،لا تقدم ولا ف الترمذي عن عبد ال بن عمرو وعن النب
قال« :ل إله إل ال ليس لا دون ال حجاب».
وإنا تُفتح لا أبواب السماء كما ف حديث أب هريرة عن النب
أنه قال« :ما من عب ٍد قال ل إله إل ال مُخلصا إل فُتحت لا أبواب السماء
حت تُفضي إل العرش».
ويُروى عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما مرفوعا ما من ش يء إل بي نه
وبي ال حجاب ،إل قول ل إله إل ال كما أن شفتيك ل تجبها كذلك ل
يجبها شيء حت تنتهي إل ال عز وجل.
وورد عن ال نب « :من قال ل إله ال وحده ل شر يك له ،له اللك
وله ال مد و هو على كل شي ٍء قد ير مل صا ب ا قل به يُ صدق ب ا ل سانه إل
ف تق ال له ال سماء فتقا ح ت ين ظر إل قائل ها من أ هل الرض ،و حق لعبدٍ
نظر ال إليه أن يُعطيه سؤاله ،وهي الكلمة الت يُصدق ال قائلها».
كما ف حديث أب هريرة وأب سعيد رضي ال عنهما عن النب قال:
«إذا قال العبد ل إله إل ال وال أكب صدقه ربه .وقال :ل إله إل أنا ،وأنا
أكهب ،وإذا قال ل إله إل ال وحده ل شريهك له قال :ال ل إله إل أنها
الناهل السان ف دروس رمضان 378
وحدي ل شريهك ل ،وإذا قال ل إله إل ال وحده ل شريهك له ،له الُلك
وله المهد ،قال ال :ل إله إل أنها ل اللك ول المهد ،وإذا قال العبهد ل
إله إل ال ول حول ول قوة إل بال ،قال ال :ل إله إل أنها ول حول ول
قوة إل ب وكان يقول :من قالا ف مرضه ث مات ل تطعمه النار».
وهي أفضل ما قاله النبيون كما ورد ذلك ف دعاء عرفة وهي أفضل الذكر
كما ف حديث جابر الرفوع «أفضل الذكر ل إله إل ال وعن ابن عباس رضي
ل إل با».
ال عنهما أحب كلمة إل ال ل إله إل ال ،ل يقبل ال عم ً
وهكي أفضكل العمال ،وأكثرهكا تضعيفا وتعدل عتكق الرقاب وتكون
حرزا من الشيطان ،ك ما ف ال صحيحي عن أ ب هريرة عن ال نب قال:
« من قال ل إله إل ال وحده ل شر يك له ،له اللك وله ال مد و هو على
كل شي ٍء قد ير ف يو ٍم مائة مرة ،كا نت له عدل ع شر رقاب ،وك تب له
مائة حسهنة ،ومُحهي عنهه مائة سهيئة ول يأت أحدٌ بأفضهل ماه جاء بهه ،إل
واحد عمل أكثر من ذلك».
وورد أن من قال ا ع شر مرات كان ك من أع تق أرب عة أن فس من ولد
إساعيل ،وف الترمذي عن عمر مرفوعا من قالا إذا دخل السوق وزاد فيها
يُحيي ويُميت وهو حيّ ل يوت بيده الي وهو على كل شيءٍ قدير كتب
ال له ألف ألف ح سنة وم ى ع نه ألف سيئة ور فع له ألف ألف در جة و ف
رواية يُبن له بيتا ف النة.
ومن فضائلها أنا أمان من وحشة القب وهول الحشر كما ف السند
وغيه عن النب « :ليس على أهل ل إله إل ال وحشةٌ ف قبورهم ول ف
نشورهم ،وكأن بأهل ل إله إل ال ينفضون التراب عن رءوسهم ويقولون
367
377 الناهل السان ف دروس رمضان
المد ال الذي أذهب عنا الزن».
وف حدي ثٍ مُرسل « :من قال ل إله إل ال اللك الق البي كل يوم
مائة مرة كا نت أما نا من الف قر ،وأُن سا من وح شة ال قب ،وا ستُجلب به
الغن ،واستقرع به باب النة وهي شعار الؤمني إذا قاموا من قبورهم».
ومن فضائلها أنا تفتح لقائلها أبواب النة الثمانية ،يدخل من أيها شاء
وف الصحيحي عن عُبادة بن الصامت عن النب قال « :من شهد أن ل
إله إل ال وحده ل شر يك له ،وأن ممدا عبده ور سوله ،وأن عي سى ع بد
ح منه ،وأن النة حق ،والنار حق ال ورسوله ،وكلمته ألقاها إل مري ورو ٌ
وأن ال ساعة آت ية ل ر يب في ها ،وأن ال يب عث من ف القبور ،فت حت له
أبواب النة الثمانية يدخل من أيها شاء».
وف حديث عبد الرحن بن سرة عن النب ف قصة منامه الطويل،
وف يه قال« :رأ يت رجلً من أُم ت انت هى إل أبواب ال نة فأُغل قت دو نه،
فجاءته شهادة أن ل إله إل ال ففتحت له البواب وأدخلته النة».
ومن فضائلها أن أهلها وإن دخلوا النار بتقصيهم ف حقوقهم ،فإنم ل بد
أن يرجوا منها ،وف الصحيحي عن أنس عن النب « :يقول ال :وعزت
وجلل وكبيائي وعظمت لخرجن منها من قال ل إله إل ال» اهك.
الل هم علم نا ما ينفع نا وانفع نا ب ا علمت نا ول ت عل علم نا وبالً علي نا،
الل هم قوي معرفت نا بك وبأ سائك و صفاتك ونور ب صائرنا ومتع نا بأ ساعنا
وأبصارنا وقواتنا يا رب العالي واغفر لنا ولوالدينا ولميع السلمي برحتك
يا أرحم الراحي وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
قال الشيخ سليمان بن سحمان رحه ال:
رَسَائِلُ إِخْوَانِ الصّفَا وَالتّوَدُدِ
ب سَلِيْمٍ مُوَحّدِ ِإلَى ُكلِّ ذِي قَلْ ٍ
وَمِن بَعْدِ حَمْدَ الِ والشّكر
صَلة وَتَسْلِيْما عَلَى خَيْرِ
وَآَلٍ وَصَحْبٍ وَالسّلمُ عَلَ ْي َكمُ
بِعَدّ وَمِيْضِ البَرْقِ أَهْلَ
وَبَعْدُ َفقَدْ طَمّ البَلءُ وَعَمّنَا
مَن الْجَهْلِ بِالدّيْنِ القَوِيْمِ
س نَشْكُوْ كَشْفَهُ
بِمَا لَيْ َ
لِغَيْرِ الله الوَاحِدِ الْمُتَفَرّدِ
وَلَمْ يَبْقَ إِ ّل النَزْرُ فِي ُكلِّ بَلْدَةٍ
يُعَادِيْهُمُ من أَهْلِهَا ُكلُّ مُعْتَدِ
فَهُبّوا عِبَادَ الِ من نَومةِ ال ّردَى
ِإلَى الفِقْهِ فِي أَصْلِ الْهُدَى
َوقَد ع ّن أَنْ نُهدي ِإلَى ُكلِّ صَاحِبٍ
نَضْيدا مِن الصْلِ الَصِيْلِ
فَدُوْنَكَ مَا نُهْدِي فَهَلْ َأنْتَ
لِذَلكَ أَمْ َقدْ غِِي قَلْبُكَ بالدّدِ
تَرُوْقُ لَكَ الدّنْيَا وَلَذّاتُ أَهْلِهَا
كَانَ لَمْ تَصِرْ يَوْما ِإلَى قَبْرِِ
فَإنّ رَمت أَنْ تَنْجُوْ مِن النّار
وتُحْظَى بِجَنّاتٍ وَخُلْدٍ مُؤبّدِ
369
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وَ َروْحٍٍ وَرَيْحَانٍ وَأَرْفَهِ حِِبْرَ ٍة
وَحُوْ ٍر حِِسَانٍ كَاليَوَاقِيْتِ ُخرّدِ
فَحَقّقْ لِتَوْحِيْدِ العِبَادَةِ
بَأَنْوَاعِهَا لِ قَصدا وَجَرّدِ
وَأَفْرِدْهُ بِالتّعْظِيمِ وَالْخَوْفِ
وَبالُبِ والرّغب إليه وَجَرّدِ
ح الّذِي َأنْتَ نَاسِكٌ وَبِالنّذْرِ وَالذّبْ ِ
وَلَ تَسْتَغِثْ إِ ّل بِرَبّكَ تَهْتَدِ
وَلَ تَسْتَعِي إِ ّل ِبهِ وَبْحَولِهه
لَهُ خَاشِيا بَل خَاشِعا فِي التّعَبْدِ
وَلَ تَسْتَعِذ ِإلّ بِِ ِه لَ بِغَيْره
وَكُنْ لئِذا بال فِي ُكلِّ مَقْصَدِ
إِليه مُنِيْبا تَائِبا مُتَوَكّلً
عَلَيْهِ وَثِقْ بِالِ ذِيِ العَرْشِ
وَل تَدْعُ ِإلّ الَ لَ َشيْء غَيْرَه
ع لِغَيْر الِ غَا ٍو وَمُعْتَدِ
فَدَا ٍ
وَفِي صَرْفِهَا أَو بَعْضِهَا الشّرْكُ
فَجَانِبْهُ وَاحْذَرْ أَنْ تَجِيء
وَهَذَا الّذِي فِ ْيهِ الْخُصُومَة َقدْ
ح وَالنّبِيّ مُحمّدِ عَلَى عَهْدِ نُو ٍ
وَوَحِدهُ فِي أَفْعَالِه جَلّ ذِكْرُهُ
مُقِرا بَأنّ الَ أَكْمَلُ سَيّدِ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
هُو الْخَالِقُ الْمُحْيِي الْمُمِيْتُ
هُوَ الْمَالِكُ الرّزاق فَاسأَلْهُ
ِإلَى غَيْر ذَا من ُكلِِّ أَفْعَالِهِ الّتِي
أَقَرّ وَلَمْ يَجْحَد ِبهَا ُكلِّ مُلْحِدِ
وَوَحّدْهُ فِِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِه
وَلَ تَتَاوَلْهَا كَرَأي الْمُفّندِ
فَلَيْسَ كَمْثْلِ الِ شَي ٌء وَ َل لَهُ
سَ ِميٌ وَقُلْ لَ كُفْوَ لِ تَهَْتدِ
وَذَا كُلُُّه مَعْنَى شَهَادَة أَنّهُ
إِله الوَرَى حَقا بِغَيْر تَرَدّدِ
ن َفِإنّها
فَحَقّق لَهَا لَفْظا وَمَعْ ً
لَنْعمَ الرّجَا يَو َم الِلقَا لِلمُوحّد
هِيَ العُروَةُ الوُثْقَى فَكُنْ
بِهَا مُستَقِيما فِي الطّرِيْق
فَكُنْ وَاحِدا فِِي وَاحِ ٍد وَلِوَاحِدٍ
تَعَالَى وَ َل تُشْرِكْ ِبهِ أَوْ تُندّدِ
وَمَنْ لَمْ يُقَيّدْهَا بِكُلّ
كَمَا قَالَه الَعْلَمُ مِنْ ُكلِّ مُهْتَد
فَلَيْسَ َعلَى نَهْجِ الشّرِيْعَة سَالِكا
وََلكِن عَلَى آَرَاءِ ُكلِِّ ملدّد
فَأَوّلُهَا اْلعِلْمُ الْمُنَافِي لِضِدّهِ
من الْجَهْل إِنْ الْجَهْلَ لَيْسَ
371
377 الناهل السان ف دروس رمضان
فَلَو كَانَ ذَا عِلمٍ كَثِيْ ٍر وَجَاهش ٌل
بِمَدْلُولِهَا يَوما فَبِالْجَهْلِ مُرْتَدِ
وَمِن شِرطِهَا وَهُوَ القَبُولُ
هُوَ الرّدُ فَافْهَمْ ذَلِكَ القَيْدَ
كَحَالِ قُرَيْشٍ حِ ْينَ لَمْ يَقْبَلُوا
وَرَدّوْهُ لَمّا أَنْ عَتَوا فِي التّمَرّدِ
َوقَدْ عَلِمُوا مِنهَا الْمُرَادَ وَأَنّهَا
تَدُلُ عَلَى تَوْحِيدِه والتّفَرّد
فقَالُوا كَمَا َقدْ قالَه ال عَنْهمُ
بِسُوْرَة (ص~) فَاعْلَمَن ذَاكَ
فَصَارَت ِبهِ أَمْوَالُهُم وَدِمَاؤُهُم
حَلَلً وَأَغْنَاما لِ ُكلِّ مُوَحّدِ
وَثَالثها الخْلَصُ فَأعلَم وَضِدّهُ
هُوَ الشّركُ بِالَعْبُودِ مِن ُكلِّ
كَمَا أَمَرَ الَ الكَرِيْمُ نَبِيّهُ
جدِ بِسُوْرَةِ تَنْزِيل الكِتَاب الُمَ ّ
ط الْمَحَبّة فَلتَكُنْ وَرَابِعَهَا شَرْ ُ
مُحبا لِمَا دَلّتْ عَلَ ْيهِ من الْ ُهدِ
ع العِبَادِةِ كُلِّهَا
وَإخْلص أَنْوَا ِ
كذا النّفْي للشرِكِ الْمُفنَ ِد وَالددِ
وَمَن كَا َن ذَا حُبٍ لِمَوْلَهُ إِنّمَا
يَتِم بِحُبْ الدّين دِيْنِ مُحَمّدِ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
فَعَا ِد الّذِي عَادَى لِدِينِ مُحمّ ٍد
وَوَا ِل الّذِّي وَاله مِنْ ُكلِِّ مُهْتَدِ
وَاحْبَب رَسُول الِِ أَكْمَ َل مَنْ
ِإلَى الِ والتّقْوَى وَأك َم َل مُرشِدِ
أَحَبّ مِن الولدِ والنّفْسِ بَل
جَمِيْعِ الوَرَى وَالْمَالِ مِنْ ُكلِّ
وَطَارِفِهِ وَالوَالِدَيْنَ كِلَيْهِمَا
بآبَائِنَا وَالمّهَات فَنَفْتَدِ
وَاَحْبِبْ لِحِبّ الِ مَن كَانَ
وَأَبْغِض لِبُغضِ الِ أَهلَ التّمَردِ
ب وَالبُغض وَالول وَمَا الدّي ُن إِ ّل الْحُ ّ
كَذاك الْبَرَا مِن ُكلِّ غَا ٍو وَمُعْتَدِ
وَخَامِسُهَا فَالنقِيَادُ وَضِدّهُ
هو التّرك لِلمْأْمُوْرِ أَوْ فِعْلُ
فَتَنقَادُ حَقا بِالْحُقُوْق جَمِيْعِهَا
وَتَعْمَلُ بِالْمَفْرُوضِ حَتْما
وَتَتْرُكُ مَا َقدْ حَرّمَ الُ طَائِعاً
ب تَرْشُدِ وَمُستَسْلِما لِ بِالقَل ِ
فَ َمنْ لَمْ يَكُن لِ بِالقَلبِ مُسْلِما
وَلَمْ يَك طَوْعا بِالْجَوارِح يَنْقَد
فَلَيْسَ َعلَى نَهْجِ الشّرِيْعَة سَالِكا
وَإِنْ خَالَ رُشدا مَا أَتَى مِن تَعّبدِ
373
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وَسَادِسَهَا وَهُوَ اليَقِيُ وَضِدّهُ
هُوَ الشّكُ فِي الدّين القَوِيْمِ
وَمَنْ شَكّ فَلْيَبْكي عَلَى رَفْضِ
وَيَعْلَمَ أنْ َقدْ جَاءَ يَوما بِمَوْئِدِ
وَيَعْلَمْ أَنّ الشّكَ يَنْفِي يَقِيْنَهَا
فَلَ بُدّ فِيِهَا بِاليَقِيْنَ الْمؤَكّد
بِهَا قَلْبُهُ مُسْتَيْقنا جَاءَ ذِكْرُهُ
عَن السّيْدِِ الْمَعْصُو ِم أَكْمَلَ
وَل تَنْفَع الْمَرء الشّهَادَةُ
ِإذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِينا ذَا تَجَرّدِ
وَسَابِعُهَا الصّدْقُ الْمُنَافِي
مَن الكَذبِ الدّاعي ِإلَى ُك ّل مُفسدِ
وعَارِفُ مَعنَاهَا ِإذَا كَانَ قَابِلً
لَهَا عَامِلً بِالْمُقْتَضَى فَهْوَ
وَطَابَقَ فِيْهَا قَلْبَه لِلِسَانِهِ
وَعَنْ وَاجِبَات الدِيْنِ لَمْ
وَمَنْ لَمْ تَقُمْ هَذِهِ الشّرُوْطُ
بِقَائِلِها يَوما فلَيْسَ عَلَى الْهُدِي
ِإذَا صَحّ َهذَا وَاسْتَقَرّ فَاِنّمَا
حَقِيْقَتُهُ السْل ُم فَاعْلَمْهُ َت ْرشُدِ
وَإن لَ ُه – فاحْذَرْ هُدِيْتَ –
فَ َمنْ جَاءَ مِنْهَا نَاقضا فَلْيُجَدّدِ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
َفقَد نَقَضَ السْلمَ وَارْتَدّ
وَزَاغَ عَن السّمْحَاء فَلْيَتَشَهّدِ
فَ َمنْ ذَاكَ شِرْكُ فِي العِبَادَةِ
وَذَبْحٌ لِغَيْرِ الوَاحِد الْمُتَفَرّدِ
كَمَنْ كَا َن يَغْدُو لِلْقِبَابِ
وَلِلجِنِ فَعْلَ الْمُشرِكِ الْمُتَمَرّدِ
وَجَاعِلِ بَيْنَ الَ –بَغْيا– وَبَيْنَهُ
س بِمُهْتَدِوَسَائِطَ يَدْعُوهُم فلَيْ َ
وَيَطْلُبُ مِنْهُم بِالْخضُوع
ِإلَى الِ والزُلْفَى لَدَيْهِ وَيَجْتَدِ
وَثَالِثُهَا مَن لَمْ ُي َكفّ ْر لِكَافِرٍ
وَمَنْ كَا َن فِي تَكْفِيْرِه ذَا تَرَدّد
وَصَحّحَ عَمْدا مَذْهَبَ الكُفْرِ
وذَا كُلُّهُ كُفْرٌ بِإجْمَاعِ مَن هُدِي
وَرَابِعُهَا فَالعْتِقَادُ بِأنّمَا
سِوَى الْمُصْطَفَى الْهَادِي
لَحْسَن حُكْما فِي المُورِ
وَأَكْمَلُ من هَدْىِ النّبِيِّ مُحمّدِ
ب وَابن أَخْطَبَ كَحَالَةِ كَعْ ٍ
عَلَى هَدْيِهِم مِن ُكلّ غَاوٍ ومُعْتَدِ
ح مَنْ كَانَ وَخَامِسُهَا يَا صَا ِ
لِشَيْ ٍء أَتَى من هَدْي أَكْمَ ِل سَيّدِ
375
377 الناهل السان ف دروس رمضان
َفقَد صَارَ مُرتَدا وإنْ كَا َن عامِ ً
ل
ض َل ُه فَلْيُجَدّدِ
بِمَا هُوَ ذَا بُغْ ٍ
وَذَلِكَ بِالجْمَاعِ من ُكلِِّ مُهْتَدٍ
َوقَد جَاءَ نَصٌ ذِكْرُهُ فِي (مُحَ ّمدِ)
وَسَادِسُهَا من كَانَ بِالدِيْنِ هَازِئا
وَلَو بِعِقَابِ الوَاحِدِ الْمُتَفَرّدِ
وَحُس ُن ثَوَابِ الِ لِلعبد فَلَتَكُن
عَلَى حَذِ ٍر من ذَلك القِيْ ِل تَرْشُدِ
ص فِي (بَرَاءةَ) ذِِكْ ُرهُ
َوقَد جَاءَ ن ٌ
فَرَاجِعْهُ فِيْهَا عِ ْندَ ذَكْرِ التّهَدّدِ
وَسَابِعُهَا مَنْ كَا َن لِلَسحْرِ فَاعِلً
كَذَلك رَاضٍ فِعْلَهُ لَمْ يُفَنّدِ
ص مُصرّحٌ وَفِي سُوْرَة (الزّهرَاءِ) نَ ٌ
بِتَكْفِيهِ فاطْلُبْه مِن ذَاكَ تَهْتَدِ
ف والعَطفُ وَمِنه لَعَمْري الصّر ُ
أَخِيْ حُكْمَ َهذَا الْمُعْتَدِي
وَثَامِنُهَا وَهِيَ الْمُظَاهَرة الّتِي
يُعَا ُن ِبهَا الكفارُ من ُكلّ ِ مُلحِِدِ
عَلَى الْمُسْلِمِيَ الطّائعيِنَ لِرَبّهِم
عِياذا بِكَ اللّهثمّ مِن ُكلِّ مُفْسِدِ
وَمَن يَتَولّى كَافِرا فَهُو مِث ُلهُ
وَمَنْه بِل شَكٍ ِبهِ أَوْ تَرَدّد
الناهل السان ف دروس رمضان 378
كَمَا قَالَه الرّحْمن جَ ّل جَلُلهُ
وَجَاءَ عَن الْهَادِي النّبِيِّ مُحمّدِ
وَتَاسِعُهَا وَهُوَ اعْتِقَا ٌد مُضَ ّللٌ
وَصاحُبهُ ل شَكّ بالكُف ِر ُمرَْتدِ
س حَقا وَوَاجِبا كمُعتَقِدِ أَنْ لَيْ َ
ع الْمُصْطَفَى خَيْ ِر مُرْشِدِ عَلَيه اتّبا ُ
فَ َمنْ يَعْتَقد هَذَا الضّللً وَأَنّهُ
يَسَعْهُ خُرُوْجٌ عَن شَرِيْعَةِ أَحْمَدِ
كَمَا كَانَ هَذَا فِي شَرِيْعَةِ مَنْ خَلَ
ب مُوسَى حَيْثُ لَمْ كَصَاحِ ِ
ص فِيهُو الْخُض ُر الْمَقْصُو ُ
وَمُوسَى كَلِيمُِ الِِ فَافْهَمْ
وَهَذَا اعْتِقَادٌ لِلمَلحِدَ ِة الولَى
خ أَهْ ِل التّحَادِ الُفّندِ مَشَايِ ِ
كَنَحْوِ ابن سِيْنَا وَابن سبعيَ
يُسَمّى ابْنَ رُشْ ٍد وَالْحَفِي ِد الُلدّدِ
وَشَيْخٍ كَبِيْرِ فِي الضَللَة صَاحِبُ
هفُصُوصِ وَمَن ضَاهَا ُه ُم فِي
وَعَاشِرُهَا العْرَاضُ عَن دِيْنِ
س بِ ُمهَْتدِ
فَل يَتَعَل ْم ُه فَلَي َ
وَمَن لَمْ يَكُنْ يَوما مِن الدّ ْهرِ
بِه فَهُوَ فِي كُفْرَانِهِ ذُوْ تَعَمّدِ
377
377 الناهل السان ف دروس رمضان
وَلَ فَرْقَ فِي هَذِي النَواقِضِ
ت أَنْ تَنْجُوْ وَلِلْحَقّ ِإذَا ُرمْ َ
هُنَالِكَ بِيْنَ الْهَزْلِ وَالْجَدّ
وَل رَاهِب مِنْهُم لِخَوْفِ التّهَدُدِ
سِوُى الْمُكْرَهِ الْمَضْهُودِ أِنْ
هُنالِكَ بِالشّرْطِ الَطِيْدِ الْمُؤَكّدِ
وَحَاذِرْ ،هَدَاكَ الُُ ،مِنْ ُكلِِّ
سِوَاَها ،وَجَانِِ ْبهَا جَمِيْعا لِتَهْتَدِ
وَكُنْ بَاذِلً لِلْجِدّ وَالْجُهْد
ي مُو ّحدِ وَسَلْ رَبّكَ التّثْبِيْتَ أَ ّ
وَإِيّاهُ فَارْغَبْ فِي الْهِدَايَةِ
لَعَلّكَ أَنْ تَنْجُوْ مِن النّارِ فِي غَدِ
وَصَلِ إِلَهِي مَا تَأَلّقَ بَارِقٌ
وَمَا وَخَدَتْ قُودٌ بِمَوْ ٍر مُعّبدِ
تَؤُ ّم ِإلَى البّيْتِ العّتِيْقِ َومَا سَرَى
نَسِيْ ُم الصّبَا أَوْ شَاقَ صَوْتُ
وَمَا لَحَ نَجْ ٌم فِي دُجى اللّيْلِِ
وَمَا انْهَلّ صَوْبُُ فِي َعوَا ٍل َووُ ّهدِ
عَلَى السّيْدِِ الْمَعْصُو ِم أَفْضَلَ
وَأَكْرَ َم خَلْقِ الِ طُرا وَأَجْ َودِ
ب وَمَن كَا َن تَابِعا وَآلٍ وَأَصْحَا ٍ
صَلةً دَوَاما فِي الرّواحِ وَفِي الغَدِ
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
ف ذكر ناذج من صب النب على
الشدائد والذى ف الدعوة إل ال
و من تمله للشدائد والذى ف الدعوة إل ال ما ورد عن أ نس
قال :قال رسول ال « :لقد أوذيت ف ال وما يُؤذى أحد ،وأخفت ف ال
وما يُخاف أحد ،ولقد أتت عليّ ثلثون من بي يو مٍ وليلةٍ ،وما ل ولبللٍ
ما يأكله ذو كبد إل ما يُواري إبط بللٍ» خرجه أحد.
وعنكد البيهقكي أن أبكا طالب قال له « :يها ابهن أخهي إن قومهك قهد
جاءون وقالوا كذا وكذا فابق عليّ وعلى نفسك ،ول تُحمل ن من المر
ما ل أطيق أنا ول أنت ،فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك ،فظن
رسول ال أن قد بدا لعمه فيه ،وأنه خاذله ،ومُسلمُه ،وضعف عن القيام
معه.
فقال ر سول ال :يا عم لو و ضع الش مس ف يي ن والق مر ف
يساري ،ما تركت هذا المر حت يُظهره ال ،أو أهلك ف طلبه ،ث استعب
رسول ال فبكى ،فلما ول قال له حي رأى ما بلغ المر برسول ال :
يا ا بن أ خي ،فأق بل عل يه فقال :ا مض لمرك واف عل ما أحب بت فوال ل
أسلمك لشي ٍء أبدا».
وأخرج البيه قي عن ع بد ال بن جع فر ،قال ل ا مات أبو طالب عرض
لرسول ال سفيه من سفهاء قريش فألقى عليه ترابا ،فرجع إل بيته فأتته
امرأة من بنا ته ت سح عن وج هه التراب وتب كي ،فج عل يقول« :أي بُن ية ل
تبك ي فإن ال ما نع أباك ،ويقول ما ب ي ذلك ما نالت قر يش شيئا أكر هه
379
377 الناهل السان ف دروس رمضان
حت مات أبو طالب ث شرعوا».
وأخرج أبكو نعيكم فك الليكة عكن أبك هريرة قال :لاك مات أبكو طالب
تهموا بالنكب ،فقال« :يها عهم مها أسهرع مها وجدت فقدك» ،وأخرج
الطبان عن الارث بن الارث قلت لب :ما هذه الماعة؟ قال :هؤلء قوم
اجتمعوا على صابء ل م فنل نا فإذا ر سول ال يد عو الناس إل توح يد ال
عكز وجكل واليان بكه وهكم يردون عليكه ويؤذونكه حتك إذا انتصكف النهار،
ل فتناوله
وانصكدع الناس عنكه أقبلت امرأة قكد بدا نرهكا تمكل قدحا ومندي ً
من ها فشرب ،وتو ضأ ،ث ر فع رأ سه فقال « :يا بُن ية خري عل يك نرك ول
تاف ي على أب يك» قلنا من هذه قالوا :هذه زي نب بن ته رضي ال عنها ،قال
اليثمي رجاله ثقات.
واخرج البخاري عن عروة بن الزبي عن عبد ال بن عمرو قال قلت
له ما أكثر ما رأيت قريشا أصابت من رسول ال فيما كانت تظهر من
عداوته قال« :حضرتُهم وقد اجتمع أشرافهم ف الجر».
فقالوا :ما رأينا مثل ما صبنا عليه من هذا الرجل قط ،سفه أحلمنا،
وشتم آبائنا ،وعاب ديننا ،وفرق جاعاتنا ،وسب آلتنا ،لقد صبنا منه على
أمرٍ عظيم ،أو كما قالوا.
قال فبين ما هم ف ذلك إذ طلع علي هم ر سول ال فأق بل ي شي ح ت
استقبل الركن ث مر بم طائفا بالبيت ،فلما مر بم غمزوه - :أي أشاروا إليه
– ببعض ما يقول قال :فعرفت ذلك ف وجهه.
ث مضى فلما مر بم الثانية بثلها فعرفت ذلك ف وجهه ث مضى فلما
مر ب م الثال ثة فغمزوه بثل ها فقال« :أت سمعون يا مع شر قر يش ،أ ما والذي
الناهل السان ف دروس رمضان 378
نفس مُحمدٍ بيده لقد جئتكم بالذبح» فأخذت القوم كلمته ،حت ما منهم
ر جل إل كأن على رأ سه طائر وا قع ح ت إن أشد هم ف يه وضاءة ق بل ذلك
ليفؤه بأحسن ما يد من القول حت ليقول انصرف يا أبا القاسم ،انصرف
راشدا فوال ما كنت جهولً.
فانصرف رسول ال حت إذا كان الغد اجتمعوا ف الجر وأنا معهم
فقال بعضهم لبعض ذكرت ما بلغ منكم وما بلغكم عنه حت إذا باداكم با
تكرهون تركتموه ،فبينما هم ف ذلك إذ طلع عليهم رسول ال فوثبوا عليه
وثبكة رجلٍ واح ٍد فأطافوا بكه يقولون أنكت الذي تقول كذا وكذا لاك كان
يبلغهم من عيب آلتهم ودينهم.
قال فيقول رسكول ال « :نعهم أنها الذي أقول ذلك» ،قال :فلقكد
ل منهم أخذ بجمع ردائه ،وقام أبو بكر دونه يقول وهو يبكي: رأيت رج ً
ل أن يقول ر ب ال ،ث ان صرفوا ع نه فإن ذلك ل شد ما رأ يت
أتقتلون رج ً
قريشا بلغت منه قط.
وأخرج أ بو يعلى عن أ نس بن مالك قال ل قد ضربوا ر سول ال
مرة حت غُشي عليه ،فقام أبو بكر فجعل يُنادي ويلكم أتقتلون رجلً أن
يقول رب ال ،فقالوا :من هذا؟ فقالوا :أبو بكر الجنون.
وفك الديكث الذي أخرجكه أبكو يعلى عكن أسكاء بنكت أبك بككر أن
الشركي لوا بأب بكر عن رسول ال وأقبلوا عليه قالت :فرجع إلينا أبو
ب كر فج عل ل ي س شيئا من غدائره – أي جدائله إل جاء م عه ،و هو يقول
تباركت يا ذا اللل والكرام.
وأخرج البزار ف مُ سنده عن م مد بن عق يل عن علي أ نه خطب هم
381
377 الناهل السان ف دروس رمضان
فقال :يا أيها الناس من أشجع الناس ،فقالوا أنت يا أمي الؤمني ،فقال :أما
أنا ما بارزن أحد إل انتصفت منه ،ولكن هو أبو بكر إنا جعلنا لرسول
ال عريشا فقلنكا مكن يكون مكع رسكول ال لئل يهوي إليكه أحكد مكن
الشركيك فوال مكا دنكا منكا أحدٌ إل أبكو بككر شاهرا بالسكيف على رأس
رسول ال ل يهوِي إليه أحدٌ إل أهوى إليه فهذا أشجع الناس.
قال :ول قد رأ يت ر سول ال وأخذ ته قر يش فهذا يُحاده وهذا يُتلتله
ويقولون أ نت جعلت الل ة إلا واحدا فوال ما د نا م نا أ حد إل أ بو ب كر
يضرب هذا ويُجا هد هذا ويُتل تل هذا ،وهو يقول ويل كم أتقتلون رجلً يقول
رب ال.
ث رفع علي بُردة كانت عليه فبكى حت أخضل ليته ،ث قال أنشدكم
ال أمؤمن آل فرعون خي أم هو ،فسكت القوم ،فقال علي ،فوال لساعة
من أ ب ب كر خيٌ من ملء الرض من مؤ من آل فرعون ،ذاك ر جل يك تم
إيانه ،وهذا رجل أعلن إيانه الديث.
اللهكم ي سر ل نا سبيل العمال الصكالات وهيكئ لنكا من أمرنكا رشدا
واج عل معون تك العظ مى ل نا سندا واحشر نا إذا توفيت نا مع عبادك ال صالي
ف عليهم ول هم يزنون ،واغفر لنا ولوالدينا وجيع السلمي الذين ل خو ٌ
برحتك يا أرحم الراحي وصلى ال على مم ٍد وعلى آله وصحبه أجعي.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
(فصههل)
أخرج البخاري عكن عروة قال :سكألت ابكن أبك العاص فقلت:
أخبن بأشد شيء صنعه الشركون برسول ال ،قال :بينما النب يُصلي
ف حجر الكعبة إذ أقبل عليه عُقبة ابن أب مُعيط فوضع ثوبه على عُنقه فخنقه
خنقا شديدا.
فأقبل أبو بكر حت أخذ بنكبه ،ودفعه عن النب ،وقال:
َأَتقْتُلُونَ َرجُل أَ ْن َيقُولَ َرّبيَ ال ّلهُ َو َقدْ جَاءَ ُك ْم بِالْبَيّنَاتِ ِمنْ َرّبكُمْ الية.
وعند ابن أب شيبة عن عُروة بن العاص قال :ما رأيت قريشا أرادوا
ق تل ال نب إل يوما ائتمروا به و هم جلوس ف ظل الكع بة ور سول ال
يُصلي عند القام ،فقام إليه عُقبة بن أب مُعيط فجعل رداءه ف عنقه ث جذبه
حت وجب لركبتيه ساقطا ،وتصايح الناس فظنوا أنه مقتول.
من ورائه وهو فأقبل أبو بكر يشتد حت أخذ بضبعي رسول ال
يقولَ :أَتقْتُلُونَ َرجُل أَ ْن َيقُولَ َرّبيَ ال ّلهُ الديث.
وأخرج البزار والطبان عن عبد ال بن مسعود قال بينما رسول ال
ف السجد وأبو جهل وشيبة وعُتبة أبناء ربيعة وعُقبة بن أب مُعيط وأمية
بن خلف ورجلن آخران كانوا سبعة ،وهم ف الجر ورسول ال يُصلي
فلما سجد أطال السجود.
فقال أ بو ج هل :أي كم يأ ت جزور ب ن فلن فيأتي نا بفرث ها فنكفئه على
ممد ،فانطلق أشقاهم عُقبة بن أب مُعيط فأتى به فألقاه على كتفيه وهو
ساجد قال ابن مسعود :وأنا قائم ل أستطيع أن أتكلم ،ليس عندي منع ٌة تنعن،
إذ سعت فاطمة بنت رسول ال فأقبلت حت ألقت ذلك عن عاتقه.
383
377 الناهل السان ف دروس رمضان
ث ا ستقبلت قريشا ت سبهم فلم يرجعوا إلي ها شيئا ،ور فع ر سول ال
رأسه كما كان يرفع عند تام السجود ،فلما قضى رسول ال صلته ،قال:
«اللهم عليك بقريش ثلثا ،عليك بعُتبة ،وعُقبة ،وأب جهل وشيبة».
ث خرج من ال سجد فلق يه أ بو البختري ب سوط يتخ صر به ،فل ما رأى
النب أنكر وجهه فقال :ما لك ،فقال النب « :خل عن» قال :علم ال ل
أخلي عنك ،أو ت بن ما شأ نك ،فلقد أصابك شيءٌ ،فلما علم ال نب أنه
غي ح ٍل عنه أخبه.
فقال إن أبكا جهكل أمكر فطرح على الفرث ،فقال أبكو البختكر هلم إل
السجد فأتى النب وأبو البختر فدخل السجد.
ث أقبل أبو البختري إل أب جهل فقال :يا أبا الكم أنت الذي أمرت
بحمد فطُرح عليه الفرث ،قال :نعم ،قال :فرفع السوط فضر به رأسه قال:
فثار الرجال بعضهم إل بعض ،قال :وصاح أبو جهل :ويكم هي له إنا أراد
ممد أن يُلقي بيننا العداوة ،وينجو هو وأصحابه الديث.
وأخرج الطبان عن يعقوب بن عُتبة بن الغية بن الخنس بن شريق
حليف بن زهرة مُرسلً ،أن أبا جهل اعترض لرسول ال بالصفا فآذاه.
وكان حزة صاحب قنص ،وصيد ،وكان يومئذٍ ف قنصه ،فلما رجع
قالت له امرأ ته وكا نت قد رأت ما صنع أ بو ج هل بر سول ال ،يا أ با
عمارة لو رأيت ما صنع تعن أبا جهل بابن أخيك ،فغضب حزة ومضى
كما هو قبل أن يدخل بيته.
وهو مُعلق قوسه ف عنقه حت دخل السجد فوجد أبا جهل ف ملس
من مالس قر يش فلم يُكل مه ح ت عل رأ سه بقو سه ،فش جه فقام رجال من
الناهل السان ف دروس رمضان 378
قريش إل حزة يسكونه عنه ،فقال حزة دين دين مُحمد أشهد أنه رسول
ال ،فوال ل أنثن عن ذلك ،فامنعون من ذلك إن كنتم صادقي.
فلما أسلم حزة ،عز به رسول ال والسلمون ،وثبت لم بعض
أمرهكم ،وهابكت قريكش وعلموا أن حزة سكيمنعه ،قال اليثمكي ورجاله
ثقات.
وأخرج أ بو نع يم ف دلئل النبوة عن عروة بن الزب ي ر ضي ال عنه ما
قال ومات أبكو طالب وازداد مكن البلء على رسكول ال بشدة ،فعمكد إل
ثقيف يرجو أن يؤووه وينصروه ،فوجد ثلثة نفر منهم ،سادة ثقيف ،وهم
أخوة ع بد يال يل بن عمرو ،و حبيب ا بن ع مر ،وم سعود بن عمرو ،فعرض
عليهم نفسه ،وشكا إليهم البلء ،وما انتهك قومه منه.
فقال أحد هم :أ نا أ سرق ثياب الكع بة إن كان ال بع ثك بشيءٍ قط،
وقال آ خر :وال ل أكل مك ب عد مل سك هذا كل مة واحدة أبدا لن ك نت
ر سولً ل نت أع ظم شرفا وحقا من أن أكل مك ،وقال ال خر :أع جز ال أن
يُرسل غيك.
وأفشوا ذلك ف ثق يف الذي قال ل م واجتمعوا ي ستهزؤون بر سول ال
،وقعدوا له صكفي على طريقكه ،فأخذوا بأيديهكم الجارة فجعكل ل يرفكع
رجله ول يضعهكا إل رضخوهكا بالجارة وهكم فك ذلك يسكتهزؤون
ويسخرون.
فل ما خلص من صفيهم وقدماه ت سيلن بالدماء ،ع مد إل حائط من
كرومهم فأتى حبلة من الكرم فجلس ف أصلها مكروبا موجعا تسيل قدماه
الدماء فإذا ف الكرم عُت بة بن ربي عة وشي بة بن ربي عة فل ما أب صرها كره أن
385
377 الناهل السان ف دروس رمضان
يأتيهما لا علم من عداوتما ل ولرسوله وبه الذي به فأرسل إليه غلمهما
عداسا بعنب وهو نصران من أهل نينوى ،فلما أتاه وضع العنب بي يديه.
فقال رسول ال « :بسم ال» فعجب عداس ،فقال له رسول ال :
«من أي أرضٍ أنت يا عداس؟» قال :أنا من أهل نينوى.
فقال النب « :من أهل مدينة الرجل الصال يونس بن مت» ،فقال له
عداس :وما يدريك من يونس بن مت ،فأخبه رسول ال من شأن يونس
ما عرف.
وال أعلم وصلى ال على مُحمدٍ وآله وسلم.
الناهل السان ف دروس رمضان 378
الفهرس
صفحة الوضوع
3 خطبة الكتاب
5 الفصل الول ف شهر رمضان
13 الفصل الول ف التوبة من العاصي
18 الفصل الثان
22 الفصل الثالث
26 الفصل الرابع
30 الفصل الامس
34 الفصل السادس
37 موعظة
40 الفصل السابع
47 موعظة خطبة عمر بن عبد العزيز
49 الفصل الثامن
49 الث على صيانة الوقت وصرفه فيما فيه النفع
53 فصل – حكم صوم رمضان
59 فصل – حكم صوم التطوع بنية من النهار
61 فصل – فيمن يُباح له الفطر ومن يب عليه
387
377 الناهل السان ف دروس رمضان
62 موعظة
64 فصل – ذكر أشياء تُحرم على الصائم ويفطر با
67 موعظة
70 فصل – بعض فوائد الصيام
74 فصل – ذكر أشياء تفى على بعض الناس
79 فصل – ف بيان أنواع الكذب
81 فصل – ف التحذير من الغيبة
86 فصل – وأسباب الغيبة أحد عشر
89 فصل – النظر إل الرأة الجنبية
93 فصل – عن شيخ السلم رحه ال
95 موعظة
98 فصل – فيما يُستحب أن يقوله أو يفعله
105 فصل – ف أحكام القضاء
106 فائدة
107 فصل – ماسن الصيام
109 موعظة
111 فصل – ف صلة التراويح
115 فصل -صفة أو كيفية صلة التراويح
117 فائدة – قال ابن القيم رحه ال
الناهل السان ف دروس رمضان 378
119 فصل – ما يُستحب ف صلة التراويح
123 فصل – ف صلة الوتر
127 فصل – ما يُستحب أن يُقرأ ف الركعة الول
131 كتاب الفضائل
134 موعظة
137 ليلة القدر فضائلها وعلمتها
142 فصل – ف ذكر بعض الدعية الواردة
150 موعظة
152 فصل – ف زكاة الفطر
159 فصل – عن عزم رحيل شهر رمضان
163 فصل – ف تلوة القرآن الكري
167 فصل – عن سجود سجدة القرآن
169 فصل – ما ورد ف فضل القرآن وتفهمه
171 موعظة
172 فصل – ما ورد ف عظم فضل بعض السور
فصل – ينبغي الشوع والشية والبكاء عند تلوة كتاب ال
175
تعال
180 فصل – ما ورد ف تعاهد القرآن الكري
187 فصل
389
377 الناهل السان ف دروس رمضان
192 فصل – لا أعرض الناس عن تكيم الكتاب
194 فصل – ف رده على مكمي القواني
200 فصل – ف فضائل ذكر ال
203 فصل – الذاكرون ل كثيا والذاكرات
209 فصل – من فوائد الذكر أيضا ما ذكره ابن القيم رحه ال
212 فصل
221 فصل – ف فضائل الستغفار
230 فصل– ف أحكام العتكاف ف السجد
235 فصل – ف بناء الساجد وآدابا
238 فصل -يسن أن يصان السجد
240 فصل – ينبغي تنيب الساجد البيع والشراء
242 فصل – حرمة البالغة ف زخرفة الساجد
244 فصل – ف اليام الت يُسن أو يُكره صيامها
فصل – ف بيان اليام الت يكره أو يرم صيامها – النهي عن
248
التشبه بالغي
253 فصل – ف الث على تقوى ال عز وجل
255 وصف الؤمن التقي – المام علي رضي ال عنه
265 – 31كتاب الزكاة
270 فصل – وأما زكاة الارج
الناهل السان ف دروس رمضان 378
272 موعظة
273 – 33فصل ف بيان مصارف الزكاة
276 موعظة
280 – 34فصل فيما ورد من الوعيد الشديد على ترك الزكاة
283 فصل – وعن جابر
287 موعظة
291 موعظة – قال ابن القيم رحه ال
298 فصل – ف بعض آداب الزكاة
301 موعظة
301 التحذير من أخذ الصدقة لن ل تل له
305 موعظة
308 فصل – عن عون بن مالك الشجعي
310 موعظة
314 فصل – ف صدقة التطوع
321 فصل – روى البخاري «أيكم ماله وارثه أحب إليه من ماله»
322 – 3بيان عظم ثواب الصدقة ف شهر رمضان وف الرمي
323 – 4فصل – الولوية ف الصدقة للقرباء والار وطلب اْلعِلْم
324 موعظة
327 فصل – ف ذكر طرف من الفوائد الترتبة على أداء الزكاة
391
377 الناهل السان ف دروس رمضان
333 موعظة
336 موعظة ف التحذير عن النماك ف الدنيا ولذاتا وشهواتا
339 فصل – القسم الثان من الناس جهال عمي البصائر
345 فصل – عن عيسى ابن مري وحديثه حب الدنيا أصل كل خطيئة
350 فصل
356 فصل – الثال الثالث
359 فصل – الثال الامس
364 موعظة
369 شعر للشيخ سليمان بن سحمان رحه ال
379 ناذج من سية النب على الشدائد
387 الفهرس