You are on page 1of 19

‫يا بشري ‪ ...‬رمضان علي األبواب‪.

‬‬

‫عبدالوهاب عمارة‬
‫‪25‬من شعبان ‪1439‬هـ‬
‫‪2017-5-11‬م‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫تستعد أمةُ اإلسالم الستقبال نعمة عُظمى من ِنعَم رب العاملني سبحانه وتعاىل‪ ..‬نعمة مل يُختص بها فردٌ أو مجاعة أو دولة‪..‬‬
‫بل هي تتنزَّل سنويًّا على سائر األمة‪ ،‬أيامٌ معدودات ويُهلُّ هالل شهر رمضان املبارك‪ ،‬أسأل اهلل تعاىل أن يُبلِّغنا مجيعًا إياه‪،‬‬
‫وأن يرزقَنا فيه الصالة والصيام والقيام‪ ،‬وصاحل األعمال‪ ،‬فالسعيد حقًّا من أحسن استقباهلا‪ ..‬تلك هي نعمة شهر رمضان‪.‬‬
‫كيف وصف رسول اهلل‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬تلك النعمة الغالية؟‪ ..‬لقد روى اإلمام أمحد والنسائي َعنْ أَبِى ُهرَ ْيرَةَ قَالَ لَمَّا‬
‫حَ َضرَ رَمَضَانُ قَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم «قَدْ جَا َءكُمْ رَمَضَانُ َش ْهرٌ مُبَارَكٌ افْ َترَضَ ال َّلهُ عَلَيْكُمْ صِيَا َمهُ تُ ْفتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ‬
‫حرِمَ » صححه‬
‫حرِمَ خَ ْيرَهَا فَقَدْ ُ‬
‫جحِيمِ وَ ُتغَلُّ فِي ِه الشَّيَا ِطنيُ فِيهِ لَيْ َلةُ الْقَ ْدرِ خَ ْيرٌ ِمنْ أَلْفِ َش ْهرٍ َمنْ ُ‬
‫ا ْلج ََّنةِ وَ ُتغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ ا ْل َ‬
‫األلباني‪ .‬فاحملروم حقا من حرم اخلري يف رمضان‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي اهلل عنه أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم صعد املنرب فقال آمني آمني آمني قيل يا رسول اهلل إنك صعدت‬
‫املنرب فقلت آمني آمني آمني فقال « إن جربيل عليه السالم أتاني فقال من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده‬
‫اهلل قل آمني فقلت آمني ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يربهما فمات فدخل النار فأبعده اهلل قل آمني فقلت آمني ومن ذكرت‬
‫عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده اهلل قل آمني فقلت آمني » رواه ابن خزمية وابن حبان يف صحيحه والطرباني‬
‫رواه احلاكم وقال صحيح اإلسناد وصححه األلباني‬
‫َى َورَغِمَ أَنْفُ‬
‫ورواية الرتمذي َعنْ أَبِى ُهرَ ْيرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم « رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ُذكِ ْرتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَل َّ‬
‫َرجُلٍ َدخَلَ عَلَ ْيهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ َأنْ ُيغْ َفرَ َلهُ َورَغِمَ أَنْفُ َرجُلٍ أَ ْدرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِ َبرَ فَلَمْ يُ ْدخِالَهُ ا ْلج ََّنةَ » قَالَ عَبْدُ‬
‫جهِ‪.‬‬
‫الرحْ َمنِ وََأظُنُّهُ قَالَ أَوْ َأحَدُهُمَا ‪ .‬قَالَ وَفِى الْبَابِ َعنْ جَا ِبرٍ وَأَنَسٍ وَهَذَا حَدِيثٌ حَ َسنٌ َغرِيبٌ ِمنْ هَذَا الْ َو ْ‬
‫َّ‬
‫فاحذر دعاء من جربيل أمَّن عليه النيب صلي اهلل عليه وسلم‬
‫مثلُ الشهور االثين عشر‪ ،‬كمثلِ أوالد يعقوب‪ ،‬وكما أن يوسف أحَبُّ أوالد يعقوب إليه‪ ،‬كذلك رمضان أحب الشهور إىل اهلل‪،‬‬
‫وكما غفر هلم بدعوة واحدة منهم وهو يوسف‪ ...‬كذلك يغفر ذنوب أحد عشر شهراً بربكة رمضان‪ .‬اإلمام ابن اجلوزي‪.‬‬
‫قال حييى بن أبي كثري ممن لقيَ بعض الصحابة وأخذ عنهم احلديث‪ :‬كان من دعائهم‪ :‬اللهم سَلِّمين إىل رمضان‪ ،‬وسلِّم لي‬
‫رمضان‪ ،‬وتَسَلمهُ منِّي متقبلًا‪.‬‬
‫االستعداد لرمضان‪:‬‬
‫املعروف يف دنيانا أن التاجر اجملتهد هو من يضع يف ذهنه مواسم أرباح جتارته على مدار السنة‪ ،‬فيضع لكل موسم ما يناسبه‬
‫من خطة واستعداد‪ ،‬فكيف برمضان‪ ،‬ويف احلديث‪َ :‬عنْ أَبِى ُهرَ ْيرَةَ رضى اهلل عنه قال قَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم « قَالَ‬
‫جزِى ِبهِ‪ » ...‬البخاري ومسلم‪.‬‬
‫ال َّلهُ كُلُّ عَمَلِ ا ْبنِ آدَمَ َلهُ إِالَّ الصِّيَامَ ‪ ،‬فَإ َِّنهُ لِى ‪ ،‬وَأَنَا َأ ْ‬
‫فاملتتبع ألحوال الناجحني والفائزين يف مسارات احلياة الدنيا املختلفة جيدهم جيتهدون يف اإلعداد واالستعداد؛ فالطالب‬
‫املتفوق جتده يُعد للسنة الدراسية قبل بدايتها والفالح يعد أرضه قبل زراعتها والعدََّاء املاهر يعد للسباق قبل حينه واألمثلة‬
‫يف واقعنا على هذا كثرية متنوعة‪.‬‬
‫واألرض حتتاج إلي جتهيز قبل زراعتها من حرث وتقليب وحتميص للرتبة ورش للمبيدات وري وغريها‪ ،‬وإال ما أنبتت وال‬
‫أمثرت‪ ،‬وعلي قدر اإلعداد والتجهيز تكون الثمرة‪.‬‬
‫والرياضي لو مل يعمل عملية إمحاء وتسخني لعضالته ألصابته انتكاسة وشد يف عضالته ومن ثم خسارة وإحباط وكذلك القلب‬
‫حيتاج إلي تدريب وتسخني واستعداد قبل رمضان ومعرفة لقيمة ما حنن مقبلون عليه وما فداحة وعظم اخلسران والبوار ملن‬
‫أدرك هذا الشهر ومل يصبه من خريه‪.‬‬
‫واملشاهد أن ليس كل من يُعد ينجح يف اإلعداد وال كل من أّعَدََّ واستعد يصل للقمة فحتى اإلعداد خيتلف من شخصٍ آلخر‪ ،‬وكل‬
‫حبسب ما بذله من جهد وتعب جتد حصيلته تشري عليه‪ ،‬فما بالك مبن مل يستعد بل مل يفكر بذلك بتاتاً فأنَّى له الفوز؟!‬
‫ال بد أن تكون لنا وقفة؛ وال بد من االستعداد لدخول شهر العتق من النريان‪ ،‬شهر رمضان شهر القرآن‪ ،‬فانظر وتأمل يف‬
‫طاليب الفوز باملسابقات الدنيوية وما يبذلونـه ‪ ...‬فما بالك بطالب اآلخرة‪ ،‬وال يُقارن الثَرى بالثُريا ‪ ...‬ألستَ أوىل منهم؟!‬
‫أهل الشهو ات يعدون لرمضان من املفسدات شهورا طواال من جتهيز للمسلسالت والربامج والفوازير ليفسدوا علي املسلمني‬
‫الشهَوَاتِ َأنْ تَمِيلُوا مَيْلًا َعظِيمًا} [النساء ‪]27 :‬‬
‫صيامهم ورمضانهم {وَال َّلهُ يُرِيدُ َأنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَ ُيرِيدُ الَّذِينَ يَتَّ ِبعُونَ َّ‬
‫" افعلوا اخلري دهركم ‪ ،‬و تعرضوا لنفحات رمحة اهلل ‪ ،‬فإن هلل نفحات من رمحته يصيب بها من يشاء من عباده و سلوا اهلل أن‬
‫يسرت عوراتكم و أن يؤمن روعاتكم " ‪.‬رواه الطرباني وحسنه األلباني‬
‫إنه موسم التجارة مع اهلل‬
‫كان السلف رمحهم اهلل بعيد رمضان يدعون اهلل أن يتقبله منهم لستة أشهر ثم يف الستة أشهر الباقية يدعونه أن يُبلغهم‬
‫رمضان القادم فانظر ملدى استشعارهم ملكانة رمضان وأيامه الغالية‪.‬‬
‫قال اهلل سبحانه وتعاىل يف سورة آل عمران‪{ :‬وَسَارِعُوا إِلَى َمغْ ِفرَةٍ مَِّن رََّبَِّكُ ْم َوجَ َّنَةٍ َعرْ ُضهَا السََّمَاوَاتُ وَالْ َأ ْرضُ أُعِدََّتْ لِ ْلمُتََّ ِقنيَ}‬
‫[آل عمران‪ ]133 :‬وقال تعاىل‪{ :‬وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ املُتَنَافِسُونَ} [املطففني ‪.]26 :‬‬
‫رمضان فرصة العام‪:‬‬
‫أخي احلبيب‪ ،‬لك أن تَعلم وأن تتفكَّر يف أن النيب صلى اهلل عليه وسلم دائمًا ما كان يدعو ويأمر بقِصَر األمل؛ فقد كان صلى اهلل‬
‫عليه وسلم يوصي عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما بقوله‪َ :‬عنْ عَبْدِ ال َّلهِ ْبنِ عُ َمرَ رضى اهلل عنهما قَالَ َأخَذَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل‬
‫عليه وسلم بِمَنْكِبِى فَقَالَ « ُكنْ فِى الدُّنْيَا كَأَنَّكَ َغرِيبٌ‪ ،‬أَوْ عَا ِبرُ سَبِيلٍ [وَعُدَّ نَفْسَكَ فِى أَهْلِ الْقُبُورِ] » َوكَانَ ا ْبنُ عُ َمرَ يَقُولُ إِذَا‬
‫حتَ فَالَ‬
‫ِحتِكَ لِ َمرَضِكَ ‪ ،‬وَ ِمنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ [إِذَا أَصْ َب ْ‬
‫حتَ فَالَ تَنْ َت ِظرِ الْمَسَاءَ‪َ ،‬وخُذْ ِمنْ ص َّ‬
‫أَمْسَ ْيتَ فَالَ تَنْ َت ِظرِ الصَّبَاحَ ‪ ،‬وَإِذَا أَصْ َب ْ‬
‫ِحتِكَ قَبْلَ سَقَمِكَ وَ ِمنْ حَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ فَإِنَّكَ الَ تَ ْدرِى‬
‫َدثْ نَفْسَكَ بِالصَّبَاحِ َوخُذْ ِمنْ ص َّ‬
‫َدثْ نَفْسَكَ بِالْمَسَا ِء وَإِذَا أَمْسَ ْيتَ فَالَ ُتح ِّ‬
‫ُتح ِّ‬
‫يَا عَبْدَ ال َّلهِ مَا اسْمُكَ غَداً] رواه البخاري والرتمذي وقد نفَّذ ابن عمر هذه الوصية النبوية بقوله هذا‪.‬‬
‫َعنْ عَبْدِ ال َّلهِ ْبنِ مَ ْسعُودٍ قَالَ نَامَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم عَلَى حَ ِصريٍ فَقَا َم وَقَدْ أ ََّثرَ يف جَنْ ِبهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ ال َّلهِ لَوِ َّاتخَذْنَا‬
‫الترْمِذِيُّ وَقَالَ هَذَا‬
‫جرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَ َت َر َكهَا » رَوَاهُ ِّ‬
‫حتَ شَ َ‬
‫لَكَ ِوطَاءً ‪َ .‬فقَالَ « مَا لي وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا يف الدُّنْيَا إِالَّ َكرَا ِكبٍ اسْ َتظَلَّ تَ ْ‬
‫حَدِيثٌ حَ َسنٌ َصحِيحٌ وأمحد وابن ماجة وصححه األلباني‪.‬‬
‫وروى البيهقي عن ابن عباس قال‪ :‬دَخلَ عمرُ بنُ اخلطَّابِ رضيَ ال َّلهُ عنهُ علَى النَّيبِّ صلَّى ال َّلهُ علي ِه وسلَّمَ وَهوَ علَى حَصريٍ قد‬
‫َّأثرَ يف جن ِب ِه فقالَ‪ :‬يا رَسولَ ال َّلهِ‪ ،‬لوِ اتَّخذتَ فِراشًا أَوثرَ مِن هذا فقالَ‪( :‬ما لي ولِلدُّنيا وما لِلدُّنيا وما لي‪ ،‬والَّذي نَفسي بيدِهِ‬
‫ما مَثَلي ومَثَلُ الدُّنيا إلَّا كَراكبٍ سارَ يف يَومٍ صائفٍ فاستَظلَّ حتتَ شَجرةٍ ساعةً من نَهارٍ ثمَّ راحَ وت َركَها) ورواه احلاكم يف‬
‫املستدرك وقال صحيح علي شرط البخاري صححه األلباني‬
‫ومع كل ذلك ما سأل النيبُّ صلى اهلل عليه وسلم البقاء يف الدنيا إال لبلوغ شهر رمضان! عن أنس بن مالك قال كان رسول اهلل‬
‫صلي اهلل عليه وسلم إذا دخل رجبٌ قال ‪ " :‬اللهم بارِكْ لنا يف رجبٍ وشعبانَ ‪ ،‬وبلِّغنا رمضانَ وكان إذا كانت ليلةُ اجلُمُعةِ قال‬
‫‪ :‬هذه ليلةٌ غَرَّاءُ‪ ،‬ويومٌ َأزْ َهرُ" ضعفه أهل العلم وضعفه األلباني‬
‫أي‪ :‬إن النيب صلى اهلل عليه وسلم ما دعا بطول العمر والبقاء يف الدنيا إال إلدراك شهر رمضان! ويف هذا إشارة إىل اخلريات‬
‫العظيمة اليت تكون يف هذا الشهر الكريم‪ ،‬واليت جعلَت النيبَّ صلى اهلل عليه وسلم – على غري عادته‪ -‬يؤثِر البقاء يف الدنيا‬
‫إلدراكها‪.‬‬
‫ضجة يف املدينة بسبب رؤيا !‬
‫حةَ ْبنِ عُبَيْدِ ال َّلهِ أَنَّ َرجُلَ ْينِ ِمنْ بَلِىٍّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم َوكَانَ إِسْالَ ُمهُمَا جَمِيعاً فَكَانَ َأحَدُهُمَا أَشَدَّ‬
‫َعنْ طَ ْل َ‬
‫حةُ فَرَأَ ْيتُ فِى الْمَنَامِ بَيْنَا أَنَا‬
‫خرُ َبعْدَهُ َس َنةً ثُمَّ تُوُفِّىَ ‪ .‬قَالَ طَ ْل َ‬
‫خرِ َف َغزَا الْ ُمجْ َتهِدُ مِ ْنهُمَا فَاسْتُ ْشهِدَ ثُمَّ مَ َكثَ اآل َ‬
‫اجْ ِتهَاداً ِمنَ اآل َ‬
‫جعَ إِلَىَّ‬
‫خرَجَ فَأَ ِذنَ لِلَّذِى اسْتُ ْشهِدَ ثُمَّ رَ َ‬
‫خرَ مِ ْنهُمَا ثُمَّ َ‬
‫خرَجَ خَارِجٌ ِمنَ ا ْلج ََّنةِ فَأَ ِذنَ لِلَّذِى تُوُفِّىَ اآل ِ‬
‫عِنْدَ بَابِ ا ْلج ََّنةِ إِذَا أَنَا ِبهِمَا َف َ‬
‫َدثُ ِبهِ النَّاسَ َف َعجِبُوا ِلذَلِكَ فَبَ َلغَ ذَلِكَ رَسُولَ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬
‫حةُ ُيح ِّ‬
‫جعْ فَإِنَّكَ لَمْ يَ ْأنِ لَكَ َبعْدُ ‪ .‬فَأَصْبَحَ طَ ْل َ‬
‫فَقَالَ ا ْر ِ‬
‫لرجُلَ ْينِ اجْ ِتهَاداً ثُمَّ اسْتُ ْشهِدَ وَدَخَلَ هَذَا‬
‫حدِيثَ فَقَالَ « ِمنْ أَىِّ ذَلِكَ َت ْعجَبُونَ » فَقَالُوا يَا رَسُولَ ال َّلهِ هَذَا كَانَ أَشَدَّ ا َّ‬
‫َوحَدَّثُوهُ ا ْل َ‬
‫خرُ ا ْلج ََّنةَ قَبْ َلهُ ‪ .‬فَقَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم « أَلَيْسَ قَدْ مَ َكثَ هَذَا َبعْدَهُ سَ َنةً » ‪ .‬قَالُوا بَلَى ‪ .‬قَالَ « وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ‬
‫اآل ِ‬
‫فَصَا َمهُ وَصَلَّى كَذَا َوكَذَا ِمنْ َسجْدَةٍ فِى السَّ َنةِ » ‪ .‬قَالُوا بَلَى قَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم « فَمَا بَيْ َنهُمَا أَ ْبعَدُ مِمَّا بَ ْينَ السَّمَاءِ‬
‫وَا َأل ْرضِ » ‪ .‬رواه أمحد وابن ماجة وصححه األلباني‬
‫ففي هذا احلديث توجيه إىل فضل االجتهاد يف شهر رمضان املبارك بالعبادة؛ حيث يعدل (االجتهاد) يف رمضان (اجلهادَ) يف‬
‫الرحْ َمنِ‬
‫سبيل اهلل‪ ،‬بل وقد يَزيد يف األجر والفضل كما بيَّن احلديث الشريف‪ ،‬مِصداقًا لقول النيب صلى اهلل عليه وسلم َعنْ عَبْدِ َّ‬
‫ْبنِ أَبِى بَ ْك َرةَ َعنْ أَبِيهِ أَنَّ َرجُالً قَالَ يَا رَسُولَ ال َّلهِ أَىُّ النَّاسِ خَ ْيرٌ قَالَ « َمنْ طَالَ عُ ُمرُهُ َوحَ ُسنَ عَمَ ُلهُ » ‪ .‬قَالَ فَأَىُّ النَّاسِ شَرٌّ قَالَ «‬
‫َمنْ طَالَ عُ ُمرُهُ وَسَاءَ عَمَ ُلهُ » قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَ َسنٌ َصحِيحٌ‪.‬‬
‫ماذا لو كنت من موتى شعبان؟؟‬
‫ماذا لو قيل لك أنت حمروم من بلوغ رمضان؟؟‬
‫ماذا لو قيل لك أنت من أهل رمضان شرط أن تقدم شيئا يؤهلك لبلوغ رمضان؟‬
‫فعلينا الدعاء بقلب صادق اللهم إني أنوي (فعل كذا وكذا) وأنت خري الشاهدين‬
‫هل كان صيام رمضان املاضي شفيعاً لك؟؟‬
‫ما هو أرجى عمل يف رمضان املاضي وترجوه عند اهلل؟؟‬
‫ما هو أخوف عمل فعلته يف السنة املاضية؟؟‬
‫مباذا استفتحت رمضان املاضي؟؟‬
‫مباذا ختمت شهر رمضان املاضي (آخر ساعة قبل صالة املغرب)؟؟‬
‫لو كُتب لك أن تعود لرمضان املاضي ما هو أول عمل تتمنى أن تفعله ؟؟‬
‫كم نسبة أثر رمضان املاضي عليك وعلى من حولك ؟؟‬
‫إلي متى استمر أثر رمضان املاضي عليك؟؟‬
‫رمَضانُ أقبلَ قُم بنا يا صاحِ *** هذا أوانُ تبتُّلٍ وصالحِ‬
‫واغنَمْ ثوابَ صيامه وقيامِه *** تَسعَدْ خبريٍ دائم وفَالحِ‬
‫فيا أخي احلبيب حنتاج لوقفة‪ ،‬وقفة للفوز برمضان بإذن الرمحن فال تدع أيامه متر عليك كأي أيام عادية؛ فهي أيام غاليات‬
‫إن ذهبت اآلن قد ال تعود أبدًا؛ فكم من أناس مل يُكتب هلم إدراك رمضان‪ ،‬وكم من أناس مل يُكتب هلم أن يدركوه هذا العام‪،‬‬
‫فلذلك ضع من اآلن خطةً وهدفا وأصلح النية وأعدها لالستعداد لرمضان‪ ،‬فإن كتب اهللُ عليك املنية قبيل رمضان مِتَّ على نية‬
‫صاحلة وعمل صاحل إن شاء اهلل‪.‬‬
‫فالبد من تنظيم اجلدول الرمضاني والتخطيط لفعل الطاعات ‪.‬‬
‫املسلم ليس من طباعه الفوضى فيجب أن تكون حياته منعمة بالتنظيم الفعَّال‪.‬‬
‫املسلم الذكي هو الذي يذهب إىل النهاية وبعد ذلك يذهب إىل البداية‪ ،‬أي أنه جيب أن يعرف هدفه وخطواته اليت توصله إىل‬
‫هذا اهلدف‪ ،‬فاملدخالت الصحيحة البد أن تعطيك خمرجات أصح‪.‬‬
‫لقد كان لرمضان منزلة عند رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم َعنْ ا ْبنِ عَبََّاسٍ قَالَ‪« :‬كَانَ رَسُولُ الَّلَهِ صَلََّى الَّلَهُ عَلَ ْيهِ وَسَلََّمَ َأجْوَدَ‬
‫حنيَ يَلْقَاهُ جِ ْبرِيلُ َوكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلَِّ لَيْ َلةٍ ِمنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِ ُسهُ الْ ُقرْآنَ فَ َلرَسُولُ الَّلَهِ صَلََّى‬
‫النََّاسِ‪َ ،‬وكَانَ َأجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ ِ‬
‫الَّلَهُ عَلَ ْي ِه وَسَلََّمَ َأجْوَدُ بِا ْلخَ ْيرِ ِمنْ الرَِّيحِ الْ ُمرْسَ َلةِ » رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫هذا ولنرى سوياً بعضًــا من خطط اإلعداد لرمضان يف أيام شعبان‪ ،‬ولكن قُبيل البدء نَمَِّ يف ذهنك حساسية الوقت وأهميته؛ فال‬
‫تدع دقيقة تفوتك يف شعبان إال وقد اكتسبتَ بها ما يفيدك يف دورة اإلعداد لرمضان وبإذن اهلل نسري على هذا الديدن طوال العام‬
‫فتصبح أيامُنا جلها كثرية احلسنات مجيلة النفحات إن شاء اهلل‪:‬‬
‫التوبة النصوح‪:‬‬
‫أرأيتَ إن كنتَ تتوقع زائرًا جليال لبيتك‪ ،‬ووجدتَ البيت متسخًا‪ .‬هل تزينه قبل أن تنظفه؟ أم تعْمد أوالً إىل تنظيفه قبل أي‬
‫شيء؟‬
‫حناسب أنفسنا على ما اقرتفناه من ذنوبٍ خالل األحد عشر شهرًا منذ رمضان املاضي‪..‬‬
‫فال تدخل رمضان اجلديد إال وقد تبت من ذنوب العام‪ ..‬نقَِّ قلبك ونظفه مما شابه من شهوات وشبهات‪...‬‬
‫تُب إىل اهلل مما نظرتْ له عينُك من احلرام‪ ،‬واستمعت له أذنُك‪ ،‬وامتدت له يدُك‪ ،‬وسارت إليه رجلك‪..‬‬
‫َعنْ ا ْبنَ عُ َم َر قَالَ قَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم « يَا أ َُّيهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى ال َّلهِ وَاسْ َتغْ ِفرُوهُ فَإِنِّى أَتُوبُ [إِلَى ال َّلهِ وَأَسْ َتغْ ِفرُهُ]‬
‫فِى الْيَوْمِ [كُلَّ يَوْمٍ] إِلَ ْيهِ مِا َئةَ مَرَّةٍ » مسلم وأمحد‬
‫تب واستغفر اهلل‪ ،‬واعلم أن التوبة ليست منزلة العصاة اجملرمني‪ ،‬بل هي منزلة األنبياء املصطفني‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬وَعَصَى آدَمُ‬
‫ر ََّبهُ َفغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ ر َُّبهُ فَتَابَ عَلَ ْيهِ وَهَدَى} [طه‪ .]122 - 121 :‬وكثري منا يعصي ربه وال يرى أثر ذنبه ومعصيته‬
‫ويتعجب من هذا! وما علم املسكني أن حرمانه من أثر الطاعة أعظم عقوبة يعاقب بها‪.‬‬
‫ويف األثر‪" :‬أذنب عبد سنوات فناجى ربه ليلة فقال‪ :‬رب كم أذنبت وال أرى لذنوبي أثراً ؟ فهتف به هاتف ‪:‬يا عبدي‪ :‬أمل‬
‫أحرمك لذيذ مناجاتي"‪ .‬فيا حسرة من أدرك رمضان ومل جيد يف طاعته لذة!‬
‫وتذكر أن اهلل تعاىل يغار‪ ،‬وغريته أن تُنتهك حمارمه‪ .‬وإياك أن تُسوَِّف التوبة‪ ،‬وأن يغرَّك حلمُ اهلل وسرته؛ فإن اهلل تعاىل يُملي‬
‫للظامل حتى إذا أخذه مل يفلته‪.‬‬
‫النية والتخطيط للتغيري‪:‬‬
‫ال تبدأ أي عمل إال وقد أصلحتَ نيتك‪ ،‬فلن يُقبل عملك إال إن كان خالصا صوابًا موافقاً للشرع‪ ،‬فتعلم أحكام الصيام وعلمها أهل‬
‫بيتك ومعارفك من اآلن‪ .‬انوِ التغيري واستعن باهلل وال تعجز‪.‬‬
‫ضع من اآلن خطتك‪ ،‬واستصحب معها نيات عظيمة‪ ،‬سواء يف ختم القرآن أو الصدقة أو التهجد أو األذكار أو غريها من‬
‫األعمال الصاحلة‪َ ،‬عنِ ا ْبنِ عَبَّاسٍ ‪ -‬رضى اهلل عنهما ‪َ -‬عنِ النَّبِىِّ صلى اهلل عليه وسلم فِيمَا َيرْوِى َعنْ ر َِّبهِ عَزَّ َوجَلَّ قَالَ قَالَ « إِنَّ‬
‫ال َّلهَ كَ َتبَ ا ْلحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ‪ ،‬ثُمَّ بَ َّينَ ذَلِكَ فَ َمنْ هَمَّ بِحَسَ َنةٍ فَلَمْ َيعْمَ ْلهَا كَتَ َبهَا ال َّلهُ َلهُ عِنْدَهُ حَسَ َنةً كَامِ َلةً ‪ ،‬فَ ِإنْ هُوَ هَمَّ ِبهَا‬
‫َفعَمِ َلهَا كَتَ َبهَا ال َّلهُ َلهُ عِنْدَهُ عَ ْشرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَ ْبعِمِا َئةِ ضِعْفٍ إِلَى أَ ْضعَافٍ كَ ِثريَةٍ ‪ ،‬وَ َمنْ هَمَّ بِسَيِّ َئةٍ فَلَمْ َيعْمَ ْلهَا كَتَ َبهَا ال َّل ُه َلهُ‬
‫عِنْدَهُ حَسَ َنةً كَامِ َلةً ‪ ،‬فَ ِإنْ هُوَ هَمَّ ِبهَا َفعَمِ َلهَا كَتَ َبهَا ال َّلهُ َلهُ سَيِّ َئةً وَاحِدَةً » رواه البخاري ومسلم‬
‫واعلم أن النية الصادقة سبب توفيق اهلل للعبد‪ ،‬قال تعاىل { ِإنْ َيعْلَمِ ال َّلهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَ ْيرًا مِمَّا ُأخِذَ مِنْكُ ْم وَ َيغْ ِفرْ لَكُمْ‬
‫وَال َّلهُ غَفُورٌ َرحِيمٌ} [األنفال‪]70:‬‬
‫اكتب رؤيتك الرمضانية وأحتفظ بها يف مكان بارز‪:‬‬
‫إن كتابة الرؤية اخلاصة لرمضان من أهم اخلطوات لتحديد كيف سنكون يف هذا الشهر الكريم‪.‬‬
‫فقليل منا من تعمَّق يف املعنى التحليلي لكلمة رمضان‪.‬‬
‫قد يعين رمضان أشياء كثرية‪ ،‬فهناك من فكر بأن رمضان بأحرفه يدل علي‬
‫= رغبة يف التغيري‪.‬‬ ‫ر‬
‫= متعة عمل وعبادة‪.‬‬ ‫م‬
‫ض = ضوء يف حياتي‪.‬‬
‫= أرضي نفسي أكثر‪.‬‬ ‫ا‬
‫= نور يف قربي‪.‬‬ ‫ن‬
‫وآخر يري ‪ :‬رمضان‬
‫ر‪ :‬رمحة‬
‫م‪ :‬مغفرة‬
‫ض‪ :‬ضمان للجنة‬
‫ا ‪:‬أمان من النار‬
‫ن‪ :‬نور من العزيز الغفار فهو شهر القرآن والقرآن نور‪.‬‬
‫هل لديك شعار رمضاني؟‬
‫ضع شعاراً عبادياً حتفيزياً لك برمضان مثل (رمضاني األفضل) أو (سأعبدك يا رب كما مل أعبدك من قبل)‬
‫فكل مسلم جيب أن يكون لديه شعار يف العبادة‪.‬‬
‫فموسى عليه السالم كان شعاره {وَ َعجِ ْلتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِ َترْضَى} [طه ‪]84 :‬‬
‫فهذا الشعار يساعدنا على إبقاء الدوافع بداخلنا لزيادة إنتاج صومنا وذلك من خالل مخسة أعمال وهي كفالة أرملة أو يتيم‪،‬‬
‫مالزمة أوراد احلمد والشكر بعد كل طعام وشراب‪ ،‬تبنَّي شخص ومساعدته‪ ،‬إصالح بني متشاحنني‪ ،‬أو إفطار صائم‪.‬‬
‫الحظ أن مجيع هذه األعمال سهلة جدا ولكن‬
‫أمثن ثالث ساعات يف رمضان‬
‫الساعة األوىل ‪ :‬أول ساعة من النهار ‪ -‬بعد صالة الفجر ‪:‬‬
‫أخرج الرتمذي َعنْ أَنَسِ ْبنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم « َمنْ صَلَّى ا ْلغَدَاةَ فِى جَمَا َعةٍ ثُمَّ َقعَدَ يَ ْذ ُكرُ ال َّلهَ حَتَّى‬
‫َامةٍ » صحيح‬
‫َامةٍ ت َّ‬
‫َامةٍ ت َّ‬
‫َجةٍ وَعُ ْمرَةٍ » « ت َّ‬
‫جرِ ح َّ‬
‫َتطْ ُلعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى َر ْكعَتَيْنِ كَا َنتْ َلهُ كَ َأ ْ‬
‫الساعة الثانية ‪ :‬آخر ساعة من النهار ‪ -‬قبل الغروب ‪:‬‬
‫‪ -‬هذه الساعة الثمينة تفوت على املؤمن الصائم غالباً باالنشغال بإعداد اإلفطار والتهيؤ له وهذا ال ينبغي ملن حرص على‬
‫حتصيل األجر فهي حلظات مثينة ودقائق غالية ‪ ..‬هي من أفضل األوقات للدعاء وسؤال اهلل تعاىل و هي من أوقات االستجابة‪.‬‬
‫‪-‬وكان السلف الصاحل آلخر النهار أشد تعظيماً من أوله ألنه خامتة اليوم واملوفق من وفقه اهلل الغتنام هذه الساعة يف دعاء اهلل‪.‬‬
‫الساعة الثالثة ‪ :‬وقت السحر ‪:‬‬
‫‪ -‬السحر هو الوقت الذي يكون قبيل الفجر قال تعاىل‪{ :‬الصَّا ِبرِينَ وَالصَّا ِد ِقنيَ وَالْقَانِ ِتنيَ وَالْمُنْفِ ِقنيَ وَالْمُسْ َتغْ ِفرِينَ بِا ْلأَ ْسحَارِ}‬
‫[آل عمران ‪{ ]17 :‬وَبِالْأَ ْسحَارِ هُمْ يَسْ َتغْ ِفرُونَ} [الذاريات ‪]18 :‬‬
‫وهي ساعات تنزُّل الرمحن للسماء وندائه للعاملني من يسألين فأعطيه من يتوب فأتوب عليه ‪....‬‬
‫القاعدة األوىل ‪:‬‬
‫إذا فشلت يف التخطيط فقد خططت للفشل‪:‬‬
‫اجلس مع نفسك جلسة تبدأها فى االسرتخاء ومعيناته مثل الوضوء اخلافت والصالة ركعتني واملكان اهلادئ وورقة وقلم ‪ ،‬ثم‬
‫اكتب الذى تود حتقيقه خالل هذا الشهر الفضيل‪.‬‬
‫انتبه من كتابة‪ :‬ما تريد ال ما ال تريد‪ :‬ال تكتب ال أريد أن تفوتين صالة الفجر يف اجلماعة أو ال أريد أن أقلق أو التخلص من‬
‫املشاكل األسرية بل قل‪ :‬أريد احملافظة على صالة الفجر يف مجاعة‪ ،‬أريد الطمأنينة‪ ،‬أريد حتقيق حياة أسرية مستقرة وهكذا‬
‫‪...‬‬
‫انتبه أيضا فال تكثر علي نفسك‪ ،‬ال تزاحم نفسك بأهداف كثرية‪.‬‬
‫اجتهد يف الرتكيز على أهداف معينة‪.‬‬
‫هدفك متاح وسهل‪:‬‬
‫َعنْ عَبْدِ ال َّلهِ بن مسعود رضى اهلل عنه قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى اهلل عليه وسلم « ا ْلج ََّنةُ أَ ْق َربُ إِلَى َأحَ ِدكُمْ ِمنْ ِشرَاكِ َنعِْلهِ ‪ ،‬وَالنَّارُ مِثْلُ‬
‫ذَلِكَ » رواه البخاري‬
‫اخلري عادة‪:‬‬
‫يقولون الطبع يغلب التطبع وهذه قوة سلبية يبثها املتشائمون املثبطون املعوِّقون ويقولون ميوت الزمار وأصابعه تلعب وهل ولد‬
‫زمار أم أنه تعلم وتعود حتى صار له طبعا ؟! فلم ال نتطبع حيت يكون طبعا منر أنفسنا ونعودها علي الشيء حتى يكون لنا‬
‫عادة وطبعا وتعلمنا ذلك من رسول اهلل صلي اهلل عليه وسلم‬
‫جةٌ وَ َمنْ ُيرِدِ ال َّلهُ ِبهِ خَ ْيرًا يُفَ ِّق ْههُ‬
‫َعنْ ُمعَاوِ َيةَ ْبنِ أَبِى سُفْيَانَ َعنْ رَسُولِ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم أ ََّنهُ قَالَ « ا ْلخَ ْيرُ عَادَةٌ وَالشَّرُّ َلجَا َ‬
‫فِى الدِّينِ » ابن ماجة وحسنه األلباني‪.‬‬
‫َعنْ أَبِى َسعِيدٍ ا ْلخُ ْدرِىِّ رضى اهلل عنه أَنَّ نَاساً ِمنَ األَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ ال َّل ِه صلى اهلل عليه وسلم فَأَ ْعطَاهُمْ ‪ ،‬ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَ ْعطَاهُمْ ‪،‬‬
‫خرَهُ عَنْكُمْ ‪ ،‬وَ َمنْ يَسْ َتعْفِفْ ُيعِ َّفهُ ال َّلهُ ‪ ،‬وَ َمنْ يَسْ َت ْغنِ ُيغْ ِنهِ ال َّلهُ ‪ ،‬وَ َمنْ‬
‫حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ « مَا يَكُونُ عِنْدِى ِمنْ خَ ْيرٍ فَ َلنْ أَدَّ ِ‬
‫يَتَص ََّبرْ يُص َِّبرْهُ ال َّلهُ ‪ ،‬وَمَا أُعْطِىَ َأحَدٌ َعطَاءً خَيْراً وَأَوْ َسعَ ِمنَ الصَّ ْبرِ » البخاري ومسلم‬
‫الضعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَ ْيرٌ‬
‫َعنْ أَبِى ُهرَ ْيرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم « الْمُؤْ ِمنُ الْقَوِىُّ خَ ْيرٌ وََأحَبُّ إِلَى ال َّلهِ ِمنَ الْمُؤْ ِمنِ َّ‬
‫جزْ وَ ِإنْ أَصَابَكَ شَىْءٌ فَالَ تَقُلْ لَ ْو أَنِّى َفعَ ْلتُ كَانَ كَذَا َوكَذَا ‪ .‬وَلَ ِكنْ قُلْ قَ َدرُ ال َّلهِ َومَا شَاءَ‬
‫ح ِرصْ عَلَى مَا يَنْ َفعُكَ وَاسْتَ ِعنْ بِال َّلهِ وَالَ َت ْع َ‬
‫اْ‬
‫َفعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّ ْيطَانِ » رواه مسلم‬
‫ِالتحَلُّمِ‪َ ،‬منْ يَ َتحَرَّى ا ْلخَ ْي َر‬
‫ِالتعَلُّمِ‪ ،‬وَإِنَّمَا ا ْلحِلْمُ ب َّ‬
‫الد ْردَاءِ‪ ،‬قَالَ‪ :‬قَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صَلَّى ال َّلهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ « إِنَّمَا ا ْلعِلْمُ ب َّ‬
‫َعنْ أَبِي َّ‬
‫َهنَ‪ ،‬أَوِ اسْتَقْسَمَ‪ ،‬أَوْ رَدَّهُ‬
‫الد َرجَاتِ ا ْلعُال‪ ،‬وَال أَقُولُ لَكُمُ ا ْلج ََّنةَ‪َ :‬منْ تَك َّ‬
‫ُي ْع َطهُ‪ ،‬وَ َمنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُو َقهُ‪ ،‬ثَالثٌ َمنْ كُنَّ فِيهِ لَمْ يَسْ ُكنِ َّ‬
‫ِمنْ سَ َفرٍ َتط َُّيرٌ » الطربانى فى األوسط ‪ ،‬والدار قطين واخلطيب‪ ،‬وابن عساكر وحسنه األلباني‪.‬‬
‫من اآلن عود لسانك أن يكون حقاً رطباً بذكر اهلل فال تفرت عن الذكر واالستغفار والتسبيح والتهليل فما أيسرها من عبادة وما‬
‫أعظم وأكرب أجرها عند اهلل‪.‬‬
‫للمدخنني نقول رمضان فرصة عظيمة لرتك هذه اآلفة اللعينة فاعتد من اآلن على نبذها وتركها وضع النية الصاحلة أنك‬
‫ترتكها هلل ثم لتحافظ على صحتك واسأل اهلل أن يعينك على ذلك‪.‬‬
‫ونستطيع بعون اهلل وبإرادة وقوة وعزمية أن نتغري ويكون رمضان شهر التغيري‪.‬‬
‫من أراد العمل وُفِّق ‪:‬‬
‫حتْ أَبْوَابُ‬
‫روى البخاري ومسلم َعنْ أَبِى ُهرَ ْيرَةَ رضى اهلل عنه أَنَّ رَسُولَ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم قَالَ « إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ ف ُِّت َ‬
‫جهَنَّمَ‬
‫الرحْ َمةِ وَغُلِّ َقتْ أَبْوَابُ َ‬
‫حتْ أَبْوَابُ َّ‬
‫ا ْلج ََّنةِ وَغُلِّ َقتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّ َدتِ الشَّيَا ِطنيُ » ويف رواية ملسلم « إِذَا كَانَ رَمَضَانُ ف ُِّت َ‬
‫وَسُلْسِ َلتِ الشَّيَا ِطنيُ »‬
‫َعنْ أَبِى ُهرَ ْيرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم « إِذَا كَانَ أ ََّولُ لَيْ َلةٍ ِمنْ َش ْهرِ رَمَضَانَ صُفِّ َدتِ الشَّيَا ِطنيُ وَ َمرَدَةُ ا ْلجِنِّ‬
‫حتْ أَبْوَابُ ا ْلج ََّنةِ فَلَمْ ُيغْلَقْ مِ ْنهَا بَابٌ وَيُنَادِى مُنَادٍ يَا بَاغِىَ ا ْلخَ ْيرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِىَ‬
‫وَغُلِّ َقتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِ ْنهَا بَابٌ وَفُتِّ َ‬
‫الشَّرِّ أَقْ ِصرْ وَلِ َّلهِ عُتَقَاءُ ِمنَ النَّارِ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْ َلةٍ » ‪ .‬رواه الرتمذي والنسائي وابن ماجة وأمحد وصححه األلباني واحلاكم بنحو‬
‫هذا اللفظ وقال احلاكم صحيح على شرطهما وابن خزمية يف صحيحه والبيهقي‬
‫الصيام وسالمة الصدر‪:‬‬
‫هل من نعيم أمجل من سالمة الصدر ؟‪ ..‬تقضي يومك وليلتك وأنت يف راحة بال‪ ،‬بينما غريك تغلي قلوبُهم حنقًا على غريهم‪.‬‬
‫احرص أن تكون خمموم القلب من اآلن‪ ،‬وادخل رمضان وقد فرَّغت قلبك لالنشغال به دون سواه‪َ .‬عنْ عَبْدِ ال َّلهِ بْنِ عَ ْمرٍو قَالَ‬
‫قِيلَ ِلرَسُولِ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم أَىُّ النَّاسِ أَفْضَلُ قَالَ « كُلُّ َمخْمُومِ الْقَ ْلبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ » ‪ .‬قَالُوا صَدُوقُ اللِّسَانِ َن ْعرِ ُفهُ فَمَا‬
‫َمخْمُومُ الْقَ ْلبِ قَالَ « هُوَ التَّقِىُّ النَّقِىُّ الَ إِثْمَ فِيهِ وَالَ َبغْىَ وَالَ غِلَّ وَالَ حَسَدَ » ابن ماجة وصححه األلباني‬
‫وزاد ابن عساكر‪ :‬قالوا‪ :‬فمن يليه يا رسول اهلل ؟ قال‪« :‬الذي يشنأ الدنيا وحيب اآلخرة » قالوا ‪ :‬ما نعرف هذا فينا إال رافع‬
‫موىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ .‬قالوا ‪ :‬فمن يليه ؟ قال ‪« :‬مؤمن يف خلق حسن»‬
‫الصيام والسخاء‪:‬‬
‫عوِّد نفسك على الصدقة واإلنفاق يف سبيل اهلل‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬من َمنْ ذَا الَّذِي يُ ْق ِرضُ ال َّلهَ َقرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِ َفهُ َلهُ أَ ْضعَافًا كَ ِثريَةً‬
‫جعُونَ} [البقرة‪]245:‬‬
‫وَال َّلهُ يَقْ ِبضُ وَيَبْ ُسطُ وَإِلَ ْيهِ تُ ْر َ‬
‫َعنْ أَبِي ُهرَ ْيرَةَ رَضِيَ ال َّلهُ عَ ْنهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى ال َّلهُ عَلَ ْيهِ وَسَلَّمَ َدخَلَ عَلَى بِلَالٍ وَعِنْدَهُ صُ ْبرَةٌ ِمنْ تَ ْمرٍ فَقَالَ‪« :‬مَا هَذَا يَا بِلَالُ؟» قَالَ‪:‬‬
‫جهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَا َمةِ أَنْفِقْ بِلَالُ وَلَا َتخْشَ من ذِي ا ْل َعرْش‬
‫خرْ ُتهُ ِلغَدٍ‪ .‬فَقَالَ‪« :‬أَمَا َتخْشَى َأنْ َترَى َلهُ غَدًا خبارا فِي نَار َ‬
‫شَيْءٌ َّاد َ‬
‫إقالال» أخرجه الطرباني والبزار وقال األلباني يف ختريج مشكاة املصابيح‪ :‬صحيح مبجموع طرقه وقال ابن حجر ‪ :‬حسن وله‬
‫شواهد‬
‫فتعوَّد على الصدقة من اآلن ولو جبنيه‪ ،‬فرب درهم سبق ألف درهم‪ ،‬واعلم أن أعظم النفقةِ نفقةٌ على جماهد يف سبيل اهلل أو أن‬
‫َه َز غَازِياً‬
‫جهَنِىِّ َعنْ رَسُولِ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم أ ََّنهُ قَالَ « َمنْ ج َّ‬
‫ختلف أسريًا أو جماهدا يف أهله وولده‪َ ،‬عنْ زَيْدِ ْبنِ خَالِدٍ ا ْل ُ‬
‫فِى سَبِيلِ ال َّلهِ فَقَدْ َغزَا وَ َمنَ خَلَ َفهُ فِى أَهِْلهِ ِبخَ ْيرٍ فَقَدْ َغزَا » البخاري ومسلم‬
‫حنيَ‬
‫َعنِ ا ْبنِ عَبَّاسٍ رضى اهلل عنهما قَالَ كَانَ النَّبِىُّ صلى اهلل عليه وسلم َأجْوَدَ النَّاسِ بِا ْلخَ ْيرِ ‪َ ،‬وكَانَ َأجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ ‪ِ ،‬‬
‫يَلْقَاهُ جِ ْبرِيلُ ‪َ ،‬وكَانَ جِبْرِيلُ ‪ -‬عَلَ ْيهِ السَّالَمُ ‪ -‬يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْ َلةٍ فِى رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ ‪َ ،‬ي ْع ِرضُ عَلَ ْيهِ النَّبِىُّ صلى اهلل عليه وسلم‬
‫الْ ُقرْآنَ [فَيُدَارِ ُسهُ الْ ُقرْآنَ ]‪ ،‬فَإِذَا لَقِ َيهُ جِ ْبرِيلُ ‪ -‬عَلَ ْيهِ السَّالَمُ ‪ -‬كَانَ َأجْوَدَ بِا ْلخَ ْيرِ ِمنَ الرِّيحِ الْ ُمرْسَ َلةِ‪ .‬رواه البخاري ومسلم‬
‫فرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أجودُ الناس‪ ،‬ويتضاعف هذا اجلود – حتى يضارع الريح يف مشوهلا وبركاتها‪ -‬حينما يلقاه‬
‫جربيل ليعارضه القرآن يف رمضان‪ ،‬ويف هذا درس عظيم‪ ،‬فاملسلم تهونُ عليه الدنيا حينما ُيحَصَّل ثواب اآلخرة‪.‬‬
‫كما أن السخاء والبذل باب من أبواب اخلري ألولئك الذين ال يقدرون على مشاركة املسلمني صيامهم ملرض وحنوه‪ ،‬فشرع هلم‬
‫إطعام املساكني فدية للصيام الذي عجزوا عنه‪ ،‬فلئن فاتهم مشاركة الفقراء واحملرومني يف أمل اجلوع‪ ،‬فلن يفوتهم املساهمة يف‬
‫خ ْيرٌ‬
‫إطعامهم ورفع جوعهم‪ ،‬قال تعاىل {وَعَلَى الَّذِينَ ُيطِيقُو َنهُ فِدْ َيةٌ َطعَامُ مِسْ ِكنيٍ فَمَن َتط ََّوعَ خَ ْيرًا َفهُوَ خَ ْيرٌ َلهُ وَأَن تَصُومُوا َ‬
‫لَكُمْ إِن كُنتُمْ َتعْلَمُونَ} [البقرة‪]184 :‬‬
‫جهَنِىِّ قَالَ قَا َل رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم « َمنْ َفطَّرَ صَائِماً كَانَ‬
‫ويستطيع الصائم أن يصوم أضعاف عمره َعنْ زَيْدِ ْبنِ خَالِدٍ ا ْل ُ‬
‫جرِ الصَّائِمِ شَيْئاً » رواه أمحد وابن ماجة والرتمذي وقال حَ َسنٌ َصحِيحٌ‪.‬‬
‫جرِهِ غَ ْيرَ أ ََّنهُ الَ يَنْ ُقصُ ِمنْ َأ ْ‬
‫َلهُ مِثْلُ َأ ْ‬
‫ويقول العز بن عبد السالم مرغبًا يف الثواب ومشجعا على بذل املال فمن فطر ستة وثالثني صائمًا يف كل سنة فكأمنا صام الدهر‬
‫ومن كثَّر بفطر الصائمني على هذه النية كتب اهلل له صوم دهور وعصور‪.‬‬
‫الصيام والقرآن‪:‬‬
‫لتزيد من اآلن وردك من كتاب اهلل‪ ،‬فأكثر الناس ال يتذكر القرآن إال يف رمضان‪ ،‬لذا ال جيد أحدهم للقرآن يف قلبه لذة وال‬
‫شوق‪ ،‬فتعاهد القرآن من اآلن يكن لك خري جليس يف رمضان‪.‬‬
‫إنه دورة تدريبية علي الرتك والتخلي والكسب والتحلي التخلي عن الرذائل واكتساب الفضائل‪.‬‬
‫الصحبة الصاحلة‪:‬‬
‫ج َههُ وَلَا َتعْدُ عَيْنَاكَ َع ْنهُمْ‬
‫وإياك وصحبة السوء‪ ،‬قال تعاىل‪{ :‬وَاصْ ِبرْ نَفْسَكَ َمعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ ر ََّبهُمْ بِا ْلغَدَاةِ وَا ْلعَشِيِّ ُيرِيدُونَ َو ْ‬
‫ُترِيدُ زِي َنةَ ا ْلحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا ُت ِطعْ َمنْ أَغْفَلْنَا قَلْ َبهُ َعنْ ِذ ْكرِنَا وَاتَّ َبعَ هَوَا ُه َوكَانَ أَ ْمرُهُ ُف ُرطًا} [الكهف‪]28 :‬‬
‫جريَانِ عِنْدَ‬
‫َعنْ عَبْدِ ال َّل ِه ْبنِ عَ ْمرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم « خَ ْيرُ األَ ْصحَابِ عِنْدَ ال َّلهِ خَ ْيرُهُمْ لِصَاحِ ِبهِ َوخَ ْيرُ ا ْل ِ‬
‫ال َّلهِ خَ ْيرُهُمْ ِلجَارِهِ » رواه الرتمذي وقال حَدِيثٌ حَ َسنٌ غَرِيبٌ‬
‫الرحْ َمنِ ْبنِ غَنْمٍ يَبْ ُلغُ ِبهِ النَّبِىَّ صلى اهلل عليه وسلم « خِيَارُ عِبَادِ ال َّلهِ الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ُذ ِكرَ ال َّلهُ وَ ِشرَارُ عِبَادِ ال َّلهِ الْمَشَّاءُونَ‬
‫َعنْ عَبْدِ َّ‬
‫بِالنَّمِي َمةِ الْمُفَرِّقُونَ بَ ْينَ ا َألح َِّبةِ الْبَاغُونَ الْ ُبرَآءَ ا ْلعَ َنتَ » ‪ .‬رواه البخاري يف األدب املفرد وأمحد وحسنه األلباني‬
‫َعنْ أَسْمَاءَ بِ ْنتِ َيزِيدَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى اهلل عليه وسلم قَالَ « أَالَ ُأخْ ِب ُركُمْ ِبخِيَا ِركُمْ » ‪ .‬قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ ال َّلهِ قَالَ « الَّذِينَ إِذَا رُؤُوا‬
‫ُذ ِكرَ ال َّلهُ َتعَالَى » ‪ .‬ثُمَّ قَالَ « أَالَ ُأخْ ِب ُركُمْ بِ ِشرَا ِركُمُ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِي َمةِ الْمُفْسِدُونَ بَ ْينَ ا َألح َِّبةِ الْبَاغُونَ للْ ُبرَآءِ ا ْلعَ َنتَ » ‪ .‬رواه‬
‫أمحد‬
‫وهل هناك أفضل من صاحب يأخذ بيدك إىل اجلنة؟! لذا كان معاذ بن جبل يقول ألصحابه‪ :‬اجلسوا بنا نُؤ ِمنُ ساعةً‪ .‬ومثله من‬
‫يقول لك‪ :‬هيَّا بنا نستثمر رمضان!‬
‫احذر آكلي الوقت وسارقي العمر‪:‬‬
‫ومن اجللساء واألصحاب الفضائيات ومواقع التواصل االجتماعي‪.‬‬
‫كثريون لألسف يقضون الساعات الطوال يف استخدام اإلنرتنت‪ ،‬ويضيعون فرصا عظيمة يف شهر مثل رمضان‪ .‬فأين هم من اإلمام‬
‫مالك بن أنس الذي كان إذا دخل رمضان يفر من احلديث وجمالسة أهل العلم ويُقبل على تالوة القرآن من املصحف؟!‬
‫احذر اإلنرتنت والفيس بوك وتويرت‪ ،‬فهي أكَّالة للوقت‪ ،‬سرَّاقة للعمر‪ ،‬فما رأيت إدمانًا أشد عليك يف رمضان من اإلنرتنت‪،‬‬
‫فمن اآلن قلِّل ساعات جلوسك عليه‪ ،‬فاملؤمن حمافظ على وقته‪ ،‬منظم يف شئونه‪ ،‬واعلم أن قطار رمضان لن ينتظرك!‬
‫فابدأ من اآلن ‪-‬إن كنتَ من مدمين النت‪ -‬بتقليل ساعات جلوسك عليه‪ ،‬وابتعد عن السهر‪ ،‬ابتعد عن جلسات السمر وإضاعة‬
‫الوقت وقاطع التلفاز ومجيع املُلهيات هذا فيما كان حالالً وأمَّا احلرام فالواجب االبتعاد عنه كليًا والتوبة واإلنابة وعدم‬
‫الرجوع إليه‪.‬‬
‫ابدأ بتنظيم وقتك ومتابعته واجعل لك جدوالً تُقيَّم فيه متابعة أهدافك وعبادتك ليس ابتداعا ولكن لكي جتعل عباداتك نُصب‬
‫عينيك والفوز باجلنة بإذن اهلل اهلدف األمسى لديك‪.‬‬
‫مشوشات الصوم‪:‬‬

‫نوم‪ ،‬شغل‪ ،‬نوم‪ ،‬إفطار ‪ ،‬تليفزيون‪ ،‬سحور‪.‬‬


‫معرفتك للمشوشات اليت أثرت على صيامك يف رمضان املاضي سوف يساعدك على الوقاية من الوقوع فيها بإذن اهلل يف هذا العام‪.‬‬
‫اكتب قائمة بتلك املشوشات‪.‬‬
‫اكتب األشخاص الذين لو جالستهم جلبوا عليك تلك املشوشات‪.‬‬
‫فكر و استشر آخرين تثق بهم يف كيفية التغلب على تلك املشوشات‪.‬‬
‫استعن باهلل وثق به‪ ..‬ثق يف قدراتك‪ ....‬توكل على اهلل‪ ..‬االستعاذة ‪..‬النية الصادقة ‪ ..‬القيام بالتغيري للمشوش‪ ..‬املرونة يف‬
‫التعامل مع ذلك‪ ..‬عدم اليأس‪ ..‬الصحبة الصاحلة‪ ..‬احملافظة على األوراد‪ ...‬الدعاء‪ ..‬ال تنس هدفك من رمضان‪.‬‬
‫ارفع راية اجلهاد يف رمضان‪:‬‬
‫ال بد أن الطاعة يف بدايتها والعبادة يف أوهلا تكون ثقيلة على النفس حتى إذا اعتاد عليها تذوق حالوتها وروعتها فسارع هو‬
‫بنفسه إليها؛ وال شك أن خمالفة اهلوى والنفس أصعب وأشد؛ لذلك كانت هذه املخالفة جهاداً‪.‬‬
‫نعم إنه جهاد النفس‬
‫الد َرجَاتِ » ‪ .‬قَالُوا‬
‫خطَايَا وَ َيرْ َفعُ ِبهِ َّ‬
‫َعنْ أَبِى هُرَ ْيرَةَ أَنَّ رَسُولَ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم قَالَ « أَالَ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَ ْمحُو ال َّلهُ ِبهِ ا ْل َ‬
‫خطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْ ِتظَارُ الصَّالَةِ َبعْدَ الصَّالَةِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ » رواه‬
‫بَلَى يَا رَسُولَ ال َّلهِ ‪ .‬قَالَ « إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ َوكَ ْثرَةُ ا ْل ُ‬
‫مسلم‬
‫َعنِ ا ْبنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم « أَتَانِى اللَّيْ َلةَ رَبِّى تَبَارَكَ وَ َتعَالَى فِى َأحْ َسنِ صُورَةٍ ‪ -‬قَالَ َأحْسَ ُبهُ قَالَ فِى‬
‫الْمَنَامِ ‪ -‬فَقَالَ يَا ُمحَمَّدُ هَلْ تَ ْدرِى فِيمَ َيخْتَصِمُ الْمَألُ األَعْلَى قَالَ قُ ْلتُ الَ ‪ .‬قَالَ فَوَ َضعَ يَدَهُ بَ ْينَ كَتِفَىَّ حَتَّى َوجَ ْدتُ َبرْدَهَا بَ ْينَ‬
‫حرِى ‪َ -‬فعَلِ ْمتُ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَمَا فِى ا َأل ْرضِ قَالَ يَا ُمحَمَّدُ هَلْ تَ ْدرِى فِيمَ َيخْتَصِمُ ا ْلمَألُ األَعْلَى قُ ْلتُ َنعَمْ ‪.‬‬
‫ثَدْيَىَّ ‪ -‬أَوْ قَالَ فِى َن ْ‬
‫قَالَ فِى الْكَفَّارَاتِ ‪ .‬وَالْكَفَّارَاتُ الْمُ ْكثُ فِى الْمَسَاجِدِ َبعْدَ الصَّلَوَاتِ وَالْمَشْىُ عَلَى األَقْدَامِ إِلَى ا ْلجَمَاعَاتِ وَإِسْبَاغُ ا ْلوُضُوءِ فِى الْمَكَارِهِ‬
‫وَ َمنْ َفعَلَ ذَلِكَ عَاشَ ِبخَ ْيرٍ وَمَاتَ ِبخَ ْيرٍ َوكَانَ ِمنْ خَطِيئَ ِتهِ كَيَوْمَ وَلَدَ ْتهُ أ ُُّمهُ وَقَالَ يَا ُمحَمَّدُ إِذَا صَلَّ ْيتَ فَقُلِ ال َّلهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ ِفعْلَ‬
‫َالد َرجَاتُ إِفْشَاءُ السَّالَمِ‬
‫ا ْلخَ ْيرَاتِ وَ َترْكَ الْمُنْ َكرَاتِ َوحُبَّ الْمَسَا ِكنيِ وَإِذَا َأرَ ْدتَ ِبعِبَادِكَ فِتْ َنةً فَاقْبِضْنِى إِلَيْكَ غَ ْيرَ مَفْتُونٍ قَالَ و َّ‬
‫وَ ِإ ْطعَامُ ال َّطعَامِ وَالصَّالَةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ » الرتمذي وأمحد قال أمحد شاكر‪ :‬إسناده صحيح وصححه األلباني‪.‬‬
‫جهَاد العَدوَّ باحلرب وارْتباط اخليل وإعْدَادها فَشبَّه به ما ذكِر من األفعال الصَّاحلة والعِبادة‪.‬‬
‫الرَّباط يف األصل‪ :‬اإلقامة على ِ‬
‫قال القُتَيبِي‪ :‬أصْل املُرابطَة أن َيرْ ِبطُ ال َفرِيقان خيولَهم يف َثغْر كُلٌّ م ْنهُما مُعدٌّ لصاحبه‪ ،‬فسر القاموس املرابطة بقوله‪[ :‬أن يربط‬
‫كل من الفريقني خيوهلم يف ثغرة وكل معد لصاحبه] فسُّمِّي املُقام يف الثُّغور رِبَاطاً‪ .‬ومنه قوله [فذَلِكم الرِّبَاط] أي أنَّ املوَاظَبة‬
‫على الطَّهارة والصالة والعبادة‪ .‬كاجلهاد يف سبيل اللّه فيكون الرِّبَاط مَصْدرَ رَابَطت‪ :‬أي الزَمْت‪ .‬وقيل الرِّباط ها هنا اسْم لِمَا‬
‫ُيرْ َبطُ به الشيءُ‪ :‬أي يُشَدُّ يعْين أن هذه اخلِالل َترْبُط صاحبها عن املعَاصي وتكُفُّه عن ا َملحَارم‪.‬‬
‫‪ -‬ومنه احلديث [إنَّ رَبِيطَ بَين إسرائيل قال‪ :‬زَ ْينُ احلكيم الصَّمْت] أي زَاهِدَهم وحكِيمَهم الذي رَبطَ نَفْسه عن الدنيا‪ :‬أي‬
‫شَدَّها ومنعَها‪.‬‬
‫‪ -‬ومنه حديث عَدِيَّ [قال الشَّعيب‪ :‬وكان لنَا جاراً ورَبِيطاً بالنَّهرَين] عند مسلم‬
‫‪ -‬ومنه حديث ابن األكوع [ َفرَ َب ْطتُ عَلَ ْيهِ َشرَفاً أَوْ َشرَفَ ْينِ أَسْتَبْقِى نَفَسِى] عند مسلم‪ ،‬أي تأخَّرتُ عنه كأنه حبسَ نفسه‬
‫وشدَّها‪[ .‬النهاية يف غريب احلديث واألثر البن األثري بتصرف يسري]‬
‫( فَصْلٌ ) وَقَوْ ُلهُ صلى اهلل عليه وسلم فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ َيعْنِي أ ََّنهُ ِمنْ الرِّبَاطِ الْ ُم َر َّغبِ فِيهِ لِأ ََّنهُ قَدْ رَ َبطَ نَفْ َسهُ عَلَى هَذَا ا ْلعَمَ ِل َوحَبَسَ‬
‫الثغُورِ وَلِذَلِكَ قَالَ‬
‫نَفْ َسهُ عَلَ ْيهِ وَ َيحْتَمِلُ قَوْ ُلهُ صلى اهلل عليه وسلم فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ التَّفْضِيلَ ِلهَذَا الرِّبَاطِ عَلَى غَ ْيرِهِ ِمنْ الرِّبَاطِ فِي ُّ‬
‫حتَمِلُ‬
‫جهَادُ ُيرِيدُ أ ََّنهُ أَ ْفضَلُ وَ َي ْ‬
‫جهَادُ النَّفْسِ هُوَ ا ْل ِ‬
‫صلى اهلل عليه وسلم فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ ُيرِيدُ أ ََّنهُ أَفْضَلُ أَنْوَا ِعهِ وَلِذَلِكَ يَقُولُ الْقَائِلُ ِ‬
‫َررَ قَوْ ُلهُ فَذَلِكُمْ‬
‫الشريَازِيُّ إِنَّ ذَلِكَ ِمنْ أَلْفَاظِ ا ْلحَ ْصرِ وَإِنَّمَا تَك َّ‬
‫َسرُ وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِ ْسحَاقَ ِّ‬
‫َأنْ ُيرِيدَ أ ََّنهُ الرِّبَاطُ الْمُمْ ِكنُ الْمُتَي ِّ‬
‫َررَ ذَلِكَ عَلَى عَادَ ِتهِ صلى اهلل عليه وسلم فِي تَ ْكرَارِ كَلَا ِمهِ ثَلَاثًا إِلَّا أ ََّنهُ لَا‬
‫الت ْعظِيمِ لِشَأْ ِنهِ وَ َيحْتَمِلُ َأنْ يَكُونَ ك َّ‬
‫الرِّبَاطُ عَلَى َمعْنَى َّ‬
‫الت ْعظِيمِ وَالْإِ ْفهَامِ أَوْ غَ ْيرِهِمَا ‪.‬املنتقي شرح املوطأ‬
‫َيخْلُو فِي ذَلِكَ ِمنْ فَائِدَةِ َّ‬
‫وقال القاضي إن هذه األعمال هي املرابطة احلقيقية ألنها تسد طرق الشيطان على النفس وتقهر اهلوى ومتنعها من قبول‬
‫الوساوس فيغلب بها حزب اهلل جنود الشيطان وذلك هو اجلهاد األكرب [حتفة األحوذي بشرح جامع الرتمذي ‪-‬املباركفوري]‬
‫املكاره‪ :‬مجع املَ ْكرَه وهو ضد املَنْشَط‪ .‬يقال‪ :‬فالن يفعل كذا على املَكْرَه واملَنْشَط ؛ أي على كل حال‪ .‬واملراد أن يَتوضَّأَ مع الربد‬
‫الشديد والعِلَل اليت يتأذَّى معها مبسِّ املاء ومع إعوازه واحلاجة إىل طلبه واحتمال املشقة فيه أو ابتياعه بالثمن الغالي وما‬
‫أَشْبَه ذلك‪.‬‬
‫الثغْر‪ .‬شبه ذلك باجلهاد يف سبيل اهلل [الفائق يف غريب احلديث حممود بن عمر الزخمشري]‬
‫الرِّبَاط‪ :‬املرابطة وهي لزومُ َّ‬
‫فذلكم الرباط أصله احلبس على الشيء كأنه حبس نفسه على هذه الطاعة وحيتمل أنه أفضل الرباط كما قيل اجلهاد جهاد‬
‫النفس [الديباج على مسلم جالل الدين السيوطي]‬
‫( فذلكم الرباط ) املذكور يف قوله تعاىل يا {يَا أ َُّيهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْ ِبرُوا وَصَا ِبرُوا َورَا ِبطُوا وَاتَّقُوا ال َّلهَ َلعَلَّكُمْ تُفِْلحُونَ} [آل عمران‬
‫‪ ]200 :‬وحقيقته ربط النفس واجلسم على الطاعة‪[ .‬التيسري بشرح اجلامع الصغري لزين الدين عبد الرؤوف املناوي]‬
‫فإذا دعتك نفسك يوماً إىل نظرة‪...‬‬
‫فاشدد على راية اجلهاد اليت أعلنتها وقل هلا ‪ :‬ال‪.‬‬
‫إذا دعاك لسانك إىل غيبة أو منيمة فقل ‪ :‬ال‪.‬‬
‫إذا دعاك فمك إىل تناول حمرم فقل ‪ :‬ال‪.‬‬
‫إنه جلهاد ‪ ...‬ثم جهاد ‪ ...‬ثم جهاد‪.‬‬
‫رمضان مدرسة روحية ومعسكر رباني‪:‬‬
‫قبل دخول رمضان ال بد أن نعرف ما يطلبه منا ربنا يف رمضان وهو ركن اإلسالم الذي ينبين عليه الدين فعن عَبْدِ ال َّلهِ ْبنِ عُ َمرَ‬
‫‪َ -‬عنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم « بُنِىَ اإلِسْالَمُ عَلَى خَمْسٍ َشهَادَةِ َأنْ الَ إِ َلهَ إِالَّ ال َّلهُ وَأَنَّ ُمحَمَّداً عَبْدُهُ َورَسُو ُلهُ‬
‫الزكَاةِ وَحَجِّ الْبَ ْيتِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ » البخاري ومسلم فال بد له من أثر يف بناء الشخصية املسلمة‪.‬‬ ‫وَإِقَامِ الصَّالَةِ وَإِيتَاءِ َّ‬
‫التقوى هي اهلدف ‪:‬‬
‫فهو حمدد اهلدف {يَا أ َُّيهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُ ِتبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُ ِتبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ َلعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة‪]183:‬‬
‫وحمدد الزمن {أَيَّامًا َّمعْدُودَاتٍ }‬
‫ومعد الربنامج صيام قيام قرآن دعاء زكاة والنتيجة ختريج مجاعة مؤمنة أصفياء أتقياء أنقياء‬
‫حقيقة التقوى‪:‬‬
‫التقوى‪ :‬من التقى‪ ،‬واملصدر االتقاء‪ ،‬وهي مأخوذة من مادة (وقي)؛ فهي من الوقاية‪ ،‬وهي ما حيمي به اإلنسانُ نفسَه‪.‬‬
‫شرعًا‪ :‬هناك تعريفات للتقوى تدور حول خشية اهلل‪ ،‬وامتثال أوامره‪ ،‬واجتناب نواهيه‪.‬‬
‫ومِن التعريفات اهلامة ما ذكره اإلمام ابن القيم يف الرسالة التبوكية‪:‬‬
‫وأما التقوى فحقيقتُها العمل بطاعة اهلل إميانًا واحتسابًا‪ ،‬أمرًا ونهيًا‪ ،‬فيفعل ما أمر اهلل به إميانًا باألمر‪ ،‬وتصديقًا بوَعْده‪،‬‬
‫ويرتك ما نهى اهلل عنه إميانًا بالنهي‪ ،‬وخوفًا من وعيدِه‪.‬‬
‫كما قال طلق بن حبيب‪ :‬إذا وق َعتِ الفتنة فادفعوها بالتقوى‪ .‬قالوا‪ :‬وما التقوى؟ قال‪ :‬أن تعملَ بطاعة اهلل‪ ،‬على نور من اهلل‪،‬‬
‫ترجو ثواب اهلل‪ ،‬وأن ترتك معصية اهلل‪ ،‬على نور من اهلل‪ ،‬ختاف عقاب اهلل‪.‬‬
‫وهذا مِن أحسن ما قيل يف حد التقوى؛ فإن كل عمل ال بد له من مبدأ وغاية‪ ،‬فال يكون العمل طاعةً وقُربةً حتى يكون مصدره‬
‫عن اإلميان‪ ،‬فيكون الباعث عليه هو اإلميانَ احملض‪ ،‬ال العادة وال اهلوى‪ ،‬وال طلب احملمدة واجلاه وغري ذلك‪ ،‬بل ال بد أن‬
‫يكون مبدؤُه حمضَ اإلميان‪ ،‬وغايته ثواب اهلل تعاىل‪ ،‬وابتغاء مرضاته‪ ،‬وهو االحتسابُ‪.‬‬
‫وهلذا كثريًا ما يقرن بني هذين األصلني يف مثل قول النيب صلى اهلل عليه وسلم‪(( :‬مَن صام رمضان إميانًا واحتسابًا) و (مَن قام‬
‫ليلة القدر إميانًا واحتسابًا) ونظائره‪.‬‬
‫فقوله‪ :‬على نورٍ مِن اهلل إشارة إىل األصل األول‪ ،‬وهو اإلميان الذي هو مصدر العمل‪ ،‬والسبب الباعث عليه‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬ترجو ثواب اهلل إشارة إىل األصل الثاني‪ ،‬وهو االحتساب‪ ،‬وهو الغاية اليت ألجلها يوقَع العمل‪ ،‬وهلا يقصد به‪.‬‬
‫واملق صود أن رمضان أشبه ما يكون بـ (مصنع) أو (مدرسة) يتخرج منه اإلنسان وقد حتققت فيه التقوى‪.‬‬
‫فليس الغرض من رمضان هو اكتساب أكرب كم من احلسنات فقط‪ ،‬بل الغرض منه هو ذلك (املنتج) الذي سنحصل عليه يف‬
‫نهاية الشهر املبارك من مسلم تقي نقي صُنِع يف رمضان‪.‬‬
‫بنيةٍ‪ .‬وجوهر التقوى‪ :‬أن ترتك معصية اهلل‪،‬‬
‫فجوهر الصيام هو اإلمساك عن املفطرات‪ ،‬من طلوع الشمس إىل غروب الشمس‪َّ ،‬‬
‫وتعمَلَ بطاعة اهلل‪.‬‬
‫فنريد أن نفتش يف أنفسنا‪ ،‬ونبحث عن أَدْواء النفس‪ ،‬ونعاجلها بأدوية الشرع‪ ،‬وأن نغتنم هذا املصنع الرباني‪ ،‬مصنعَ رمضان‪،‬‬
‫ففيه جرعاتٌ مكثَّفة من أدوية النفس‪.‬‬
‫والتقوى ‪ -‬كوصف للمسلم ‪ -‬ال ميكنُ أن توجَد إال من خالل جمموعة من العبادات واألعمال واألخالقيات اليت تتحقَّق يف‬
‫اإلنسان فيكون تقيًّا‪.‬‬
‫التأثر هو اهلدف‪:‬‬
‫ال ينبغي حتويل الوسائل إلي غايات وبالتالي أداؤها علي أي حنو وبصورة شكلية‪ ،‬واقع الناس كثرة عدد املصلني يف املساجد‬
‫‪ ...‬واملتطوعني بالصيام والصدقات واملتنفلني باحلج والعمرة وال نرى األثر املتوقع هلذه العبادة ‪ ...‬يصلي ويكذب ‪ ...‬قارئ‬
‫َهرُواْ‬
‫متقن يسيء املعاملة‪{ ..‬الَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَ ْسجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى ِمنْ أ ََّولِ َيوْمٍ َأحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ ِرجَالٌ ُيحِبُّونَ أَن يَ َتط َّ‬
‫َّهرِينَ} (التوبة‪)108:‬‬
‫وَال ّلهُ ُيحِبُّ الْ ُمط ِّ‬
‫جريَانَهاَ‬
‫َعنْ أَبِى ُه َر ْيرَةَ قَالَ قَالَ َرجُلٌ يَا رَسُولَ ال َّلهِ إِنَّ فُالَ َنةَ تَ ْذ ُكرُ ِمنْ كَ ْثرَةِ صَالَ ِتهَا وَصِيَا ِمهَا وَصَدَقَ ِتهَا غَ ْيرَ أ ََّنهَا تُؤْذِى ِ‬
‫بِلِسَا ِنهَا قَالَ « هِىَ فِى النَّارِ » ‪ .‬قَالَ يَا رَسُولَ ال َّلهِ فَإِنَّ فُالَ َنةَ تَ ْذ ُكرُ ِمنْ قِ َّلةِ صِيَا ِمهَا وَصَدَقَ ِتهَا وَصَالَ ِتهَا وَأ ََّنهَا تَصَدَّقُ باِألَثْوَارِ ِمنَ‬
‫جريَا َنهَا بِلِسَا ِنهَا قَالَ « هِىَ فِى ا ْلج ََّنةِ » رواه أمحد والبزار وابن حبان واحلاكم وقال صحيح اإلسناد وصححه‬
‫األَ ِقطِ وَالَ تُ ْؤذِى ِ‬
‫األلباني‬
‫صم صيام مودع‪:‬‬
‫لو كشف لك من علم الغيب عن خفي أجلك‪ ،‬فأخربت أن ما تدركه من رمضان هذه السنة هو آخر رمضان لك يف احلياة‪ ..‬ثم‬
‫أنت ال تدري أتتمه أم تنقطع باملوت دونه‪ ،‬لو قيل لك ذلك‪ ..‬كم سيكون اخلري فيك؟!‬
‫وكم ستجهد يف استغالل أيامه ولياليه‪ ،‬وحتقيق اإلخالص والصدق فيه؟!‬
‫وكم هي أعمال الرب اليت سنقوم بها ؟!‬
‫إن الشعور بالوداع وتضايق الفرص يبعث يف النفس من االهتمام واجلد والتوجه شيئًا ال يبعثه التسويف وطول األمل‪..‬‬
‫جزْ‪ .‬قَالَ « إِذَا قُ ْمتَ فِى صَالَتِكَ فَصَلِّ‬
‫َعنْ أَبِى أَيُّوبَ قَالَ جَاءَ َرجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى اهلل عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ ال َّلهِ عَلِّمْنِى وَأَ ْو ِ‬
‫َدعٍ وَالَ تَكَلَّمْ بِكَالَمٍ تَعْتَ ِذرُ مِ ْنهُ وََأجْ ِمعِ الْيَأْسَ عَمَّا فِى أَيْدِى النَّاسِ » أمحد وابن ماجة وصححه األلباني‬
‫صَالَةَ مُو ِّ‬
‫ويف رواية عن سعدِ بنِ عمارةَ أخي سعدِ بنِ بكرٍ – وكانت له صُحبةٌ – أنَّ رجلًا قال له‪ِ :‬عظْين يف نفسي يرمحْك اهللُ‪ .‬قال‪:‬‬
‫«إذا أنت قُمتَ إىل الصالةِ فأَسبغِ الوضوءَ‪ ،‬فإنه ال صالةَ ملن ال وضوءَ له‪ ،‬وال إميانَ ملن ال صالةَ له‪ .‬ثم قال‪ :‬إذا أنتَ صلَّيتَ فصَلِّ‬
‫َدعٍ‪ ،‬واتركْ طلبَ كثريٍ من احلاجاتِ؛ فإنه فقرٌ حاضرٌ‪ ،‬وامجعِ اليأسَ مما يف أيدي الناسِ فإنه هو الغِنى‪ ،‬وانظرْ إىل ما‬
‫صالةَ مُو ِّ‬
‫تَعتذرُ منه من القولِ والفعلِ فاجْتنِ ْبهُ» قال األلباني إسناده حسن‬
‫تصور أنك تصلي صالة تنتظر بعدها املوت‪ ،‬كم ستخشع فيها وحيضر قلبك؟! وكم ستتمها وحتقق اإلخالص فيها؟!‬
‫ملاذا ال نستحضر روح الوداع يف عباداتنا كلها؟! ونستشعر أننا نصوم رمضان هذه السنة صوم مودع! وننظر إىل إقبال رمضان‬
‫هذه السنة على أنها إقبال ملوِّح بالوداع‪!..‬‬
‫كم كنت تعرف ممن صام يف سلف *** من بني أهل وجريان وإخـوان‬
‫أفناهم املوت واستبقاك بعدهــم *** حيًّا فما أقرب القاصي من الداني‬
‫ومعجب بثياب العيـد يقطــعها *** فأصبحت يف غدٍ أثواب أكفان‬

‫تدارَك ما استطعتَ مـن اخلطايـا *** بتوبةِ خملـصٍ واجعل مـدارَك‬


‫على طلبِ السالمـةِ من جحيـم *** فخَري ذوي اجلـرائمِ من تدارَك‬
‫فكم من مستقبل يومًا ال يكمله! ومؤمل لغدٍ ال يدركه! وقد روي يف احلديث " افعلوا اخلري دهركم‪ ،‬وتعرضوا لنفحات رمحة‬
‫اهلل‪ ،‬فإن هلل نفحات من رمحته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا اهلل أن يسرت عوراتكم وأن يؤمن روعاتكم " رواه الطرباني‬
‫وحسنه األلباني‬
‫فتعال معي ‪-‬أيها احلبيب‪ -‬نستحضر أحاسيس الوداع‪ ،‬ولوعة الفراق‪ ،‬علَّنا نودع بها دعة أتلفت أيامنا‪ ،‬وكسالً أذهب‬
‫أعوامنا‪ ،‬وأماني أضاعت إمياننا‪ ..‬تعال معي خنصُّ هذا الشهر الكريم مبزيد عناية وكأنا نصومه صوم مودع‪ ،‬دعنا خنرجه من‬
‫إلف العادة املستحكمة‪ ،‬إىل روح العبادة املشرقة‪ ..‬واهلل يتوالنا وإياك بعونه ورعايته‪.‬‬
‫نصوم رمضان يف كل عام وهمُّ أكثرنا أن يربئ الذمة ويؤدي الفريضة‪ ..‬فليكن همنا هذا العام حتقيق معنى الصيام (إميانًا‬
‫واحتسابًا)؛ ليغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا‪ ..‬وكم هي كثرية!‬
‫َعنْ أَبِى ُهرَ ْيرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم « َمنْ صَامَ رَمَضَانَ إِميَاناً وَاحْتِسَاباً غُ ِفرَ َلهُ مَا تَقَدَّمَ ِمنْ ذَنْ ِبهِ وَ َمنْ قَامَ لَيْ َلةَ‬
‫الْقَ ْدرِ إِميَاناً وَاحْتِسَاباً غُ ِف َر َلهُ مَا تَقَدَّمَ ِمنْ ذَنْ ِبهِ » البخاري ومسلم‬
‫حنرص كل عام ع لى ختم القرآن يف شهر القرآن مرات عديدة‪ ..‬فلتكن إحدى ختمات هذا العام ختمة تدبر وتأمل بنية إقامة‬
‫حدوده قبل سرد حروفه‪.‬‬
‫نتنقل للقيام بني املساجد كل عام طلبًا للصوت األمجل‪ ،‬والوقت األخصر‪ ..‬فليكن سعينا هذا العام يف طلب الصالة األكمل‪.‬‬
‫َعنْ أَبِي ُهرَ ْيرَةَ ـ رضي اهلل عنه ـ َعنِ النَّبِيِّ صلى اهلل عليه وسلم قَالَ " َمنْ قَامَ رَمَضَانَ إِميَانًا وَاحْتِسَابًا غُ ِفرَ َلهُ مَا تَقَدَّمَ ِمنْ َذنْ ِبهِ‪"،‬‬
‫البخاري ومسلم‬
‫خنص رمضان مبزيد من التوسعة على النفس واألهل من أطايب الدنيا‪ ،‬فليتسع ذلك للتوسعة عليهم بأغذية األرواح واألنفس‪،‬‬
‫من خالل جلسات اإلميان اليت تشرق بها أركان البيت‪.‬‬
‫إذا أدخلنا السرور على أسرنا بهذا وذاك فلنوسع الدائرة هذا العام فندخل السرور على أسرٍ أخرى‪ ..‬أسرتها احلاجة‪،‬‬
‫وكبلتها األعباء‪.‬‬
‫نتصدق كل عام بقصد مساعدة احملتاجني‪ ،‬لنجعل قصدنا هذا العام بهذه املساعدة مساعدة أنفسنا بتخليصها من نار اخلطيئة‬
‫بصدقة تطفئ غضب الرب‪.‬‬
‫كيف تتناول الدواء؟!‬
‫فعندما يذهب شخص إىل الطبيب شاكيًا من علةٍ ما‪ ،‬فاملتوقع أن يستمع الطبيب إىل شكواه ثم يقوم بالكشف السريري عليه‪ ،‬ثم‬
‫يكتب له الدواء الذي يراه مناسبًا حلالته‪.‬‬
‫ولن يفوت الطبيب تذكري مريضه بطريقة أخذ الدواء؛ فهذا يؤخذ قبل األكل‪ ،‬وهذا بعده؛ وذاك قبل النوم‪ ،‬ثم ينصحه‬
‫باالنتظام يف أخذه‪ ،‬ويف النهاية يطلب منه مراجعته بعد أيام‪.‬‬
‫ومما ال خيتلف عليه اثنان أن أول سؤالٍ سيسأله الطبيب ملريضه عند املقابلة الثانية سيكون استفسارًا عن مدى حتسن حالته‬
‫ا لصحية‪ ،‬ثم بعد ذلك سيبدأ يف االستفسار عن مدى انتظام مريضه يف أخذ الدواء باجلرعات املتفق عليها‪.‬‬
‫بالتأكيد‪ -‬كما تعلم أخي القارئ‪ -‬أنه سيسأل أوالً عن مدى حتسن حالته؛ ألن هذا هو اهلدف األساسي من جميء املريض‬
‫إليه‪ ،‬وما الدواء إال وسيلة لتحقيق اهلدف‪.‬‬
‫العجيب أن هذا األمر البدهي الذي ال خيتلف عليه اثنان ال جنده حيظى مبثل هذا االتفاق يف أمر العبادات وأثرها يف حتسني‬
‫السلوك‪.‬‬
‫غاية اخللق‪:‬‬
‫عز وجل‪ ،‬وأسكننا األرض لنقوم مبهمة عظيمة‪ ،‬أال وهي ممارسة العبودية له سبحانه من استسالم تام له‪،‬‬
‫لقد خلقنا اهلل َّ‬
‫وطاعة ألوامره‪ ،‬ودوام سؤاله واالفتقار والتمسكن بني يديه‪ ،‬والتوكل عليه‪ ،‬واإلخالص له‪ ،‬مع حبه وإيثار حمابه ومراضيه‬
‫على كل شيء‪ ،‬هذه األمور تستلزم حياة القلب‪ ،‬وختلصه من سيطرة اهلوى وحب الدنيا‪.‬‬
‫ولقد أرشد اهلل عزَّ وجل عباده إىل الوسائل اليت تقوم بإحياء القلب؛ فالعبادات أدوية ناجعة حتقق للقلب عبوديته التامة هلل عز‬
‫وجل {يَا أ َُّيهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ ِمنْ قَبْلِكُمْ َلعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة‪.]21 :‬‬
‫فالصالة {تَ ْنهَى َعنْ الْ َفحْشَا ِء وَالْمُنْ َكرِ} [العنكبوت‪{ ، ]45 :‬وَ َيخِرُّونَ لِألَذْقَانِ يَبْكُونَ وَ َيزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [اإلسراء‪.]109 :‬‬
‫َهرُهُمْ وَتُ َزكِّيهِمْ ِبهَا} [التوبة‪.]103 :‬‬
‫والصدقة تطهر القلب من حب الدنيا {خُذْ ِمنْ أَمْوَاِلهِمْ صَدَ َقةً ُتط ِّ‬
‫والذكر يزيد القلب طمأنينةً وسكينةً {أَال بِ ِذ ْكرِ اهللِ َتطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد‪.]28 :‬‬
‫والصيام يدفع يف اجتاه حتقيق التقوى {كُ ِتبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُ ِتبَ عَلَى الَّذِينَ ِمنْ قَبْلِكُمْ َلعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة‪.]183 :‬‬
‫وميكننا أن نقول يف إمجال‪ :‬إن العبادات منظومة متكاملة لتحقيق اهلدف العظيم من وجودنا على األرض‪ ،‬أال وهو حتقيق‬
‫العبودية هلل‪ ،‬والقرب الدائم منه {وَا ْسجُدْ وَاقْ َت ِربْ} [العلق‪.]19 :‬‬
‫فما من عبادةٍ أرشدنا اهلل إليها إال وتعد مبثابة وسيلةً ومركبةً تنقلنا إىل األمام يف اجتاه القرب من اهلل حتى نصل إىل اهلدف‬
‫العظيم يف الدنيا "أن تعبد اهلل كأنك تراه"‪.‬‬
‫غياب الرؤية‪:‬‬
‫وعندما تغيب هذه الرؤية ويصبح اهلدف هو أداء العبادة بأي شكلٍ كانت‪ ،‬فإن مثرة العبادة ال تكاد تظهر للوجود‪ ،‬ومن َّ‬
‫ثم‬
‫يظل العبد يف مكانه؛ ال يتقدَّم يف مضمار سباق السائرين إىل اهلل‪ ،‬وال جيد حالوة اإلميان وال يشعر بتحسن ملحوظ يف سلوكه‪،‬‬
‫لتكون النتيجة أنك قد جتد أمامك إنسانًا له شخصيتان متناقضتان؛ فقد جتده شخصًا كثري الصالة والصيام واحلج واالعتمار‪،‬‬
‫ومع ذلك جتده ال يؤدي األمانة‪ ،‬وال يتحرى الصدق‪ ،‬ويسيء معاملة اآلخرين‪ ،‬وحيسدهم على كل خري يبلغهم‪ ،‬يصاب‬
‫باهللع والفزع إذا ما تعرَّضت أمواله وممتلكاته أو دنياه ملكروه‪.‬‬
‫هذه املظاهر السلبية وغريها تدل على أن صاحبها مل يَسْتَفِد من عباداته‪ ،‬ومل يتحسن إميانه بها‪ ،‬وبالتالي مل ينتج منها األثر‬
‫الصحيح الذي من شأنه أن حيييَ القلب ويوجِّه املشاعر حنو اهلل عز وجل‪ ،‬والسلوك حنو مراضيه‪.‬‬
‫وتأكيدًا هلذا التشخيص‪ ،‬لك أخي القارئ أن تتأمل احلديث َعنْ أَبِى ُهرَ ْيرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم « رُبَّ صَائِمٍ‬
‫الس َهرُ » ‪.‬ابن ماجة‪ .‬و َعنْ أَبِى ُهرَ ْيرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل‬
‫لَيْسَ َلهُ ِمنْ صِيَا ِمهِ إِالَّ ا ْلجُو ُع َورُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ َلهُ ِمنْ قِيَا ِمهِ إِالَّ َّ‬
‫ح ُّظهُ ِمنْ قِيَا ِمهِ السَّ َهرُ » أمحد‬
‫ح ُّظهُ ِمنْ صِيَا ِمهِ ا ْلجُوعُ وَا ْل َعطَشُ وَرُبَّ قَائِمٍ َ‬
‫عليه وسلم « رُبَّ صَائِمٍ َ‬
‫فاملقصد من العبادة ليس فقط أداؤها من الناحية الشكلية‪ ،‬بل املهم واألهم هو أداؤها بطريقة حتقق هدفها؛ فإراقة دماء اهلَدْي‬
‫يف احلج ليست مقصودة لذاتها‪ ،‬بل املقصود هو زيادة اإلميان والتقوى من خالل أداء هذه الشعرية {لَن يَنَالَ ال َّلهَ ُلحُو ُمهَا وَلَا‬
‫َشرِ الْ ُمحْسِنِنيَ} (احلـج‪)37:‬‬
‫َخرَهَا لَكُمْ لِتُك َِّبرُوا ال َّلهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَب ِّ‬
‫دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَا ُلهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ س َّ‬
‫ويف هذا املعنى يقول ابن عباس‪" :‬ركعتان مقتصدتان يف تفكُّر خري من قيام ليلة بال تفكر"‪.‬‬
‫فالسري إىل اهلل والقرب منه إمنا يكون بالقلوب‪ ،‬مع العلم بأن وسائل ذلك من عبادات خمتلفة ال ميكن جتاوزها أو االستهانة‬
‫بها‪ ،‬ولكن يف نفس الوقت ال ينبغي حتويلها من وسائل إىل غايات‪ ،‬وبالتالي أداؤها على أي حنو وبصورة شكلية‪.‬‬
‫اسأل واقعنا‪:‬‬
‫ولعل الواقع احلالي للمسلمني خري دليل على أن هناك حلقةً مفقودةً بني العبادات وأثرها؛ فعلى الرغم من كثرة عدد املصلني‬
‫يف املساجد‪ ،‬وعلى الرغم من كثرة املتطوعني بالصيام والصدقات‪ ،‬واملتنفلني باحلج والعمرات‪ ،‬إال أننا ال نرى األثر املتوقع هلذه‬
‫العبادات؛ فما أسهل أن جتد مصليًا يكذب من أجل حتقيق مصلحة أو دفع مضرة! وما أكثر أن جتد قارئًا للقرآن متقنًا لتالوته‬
‫يسيء معاملة أهله ويذيقهم الويالت تلو الويالت! وما أكثر وما أكثر‪.!...‬‬
‫وجود هذا االنفصال بني العبادات وأثرها مردُّه إىل تعاملٍ غري صحيح مع العبادات يفرغها من مضمونها احلقيقي‪ ،‬ويقصرها‬
‫فقط على الناحية الشكلية‪ ،‬ولعل من أسباب ذلك‪:‬‬
‫* تسليط الضوء على أحاديث فضائل األعمال واجتزاؤها من سياقها العام‪ ،‬وعدم النظر املتكامل لبقية األمور اليت من شأنها‬
‫حتسني أداء تلك األعمال‪.‬‬
‫* كذلك سهولة القيام بالطاعات من الناحية الشكلية فقط؛ فاالجتهاد يف حتقيق التجاوب القليب مع البدني حيتاج إىل جهد ال‬
‫يريد الكثريون بذله‪ ،‬وبالتالي يستسهلون ذلك التعامل اخلاطئ‪.‬‬
‫* ومنها أيضًا‪ :‬الشعور بالرضا عن النفس وحتقيق الذات بإجناز (كَمَّ) معترب من العبادات‪ ،‬فكلما أجنز شيئًا شعر بالرضا عن‬
‫نفسه‪ ،‬وهذا الشعور يدفعه دفعًا إىل االستمرار يف هذا الطريق‪.‬‬
‫وغري ذلك من األسباب اليت أفرزت هذا الوضع الشاذ الذي نعيشه‪.‬‬
‫حتى نفوز برمضان‪:‬‬
‫إذا أسقطنا هذا املفهوم على رمضان فإن تعاملنا معه سيختلف عن ذي قبل‪ ،‬وألن هذا الشهر ميثل فرصة ذهبية إلحياء القلب‬
‫وعمارته باإلميان وانطالقه يف رحلة السري إىل اهلل؛ ملا اجتمع فيه من وسائل لذلك مثل الصيام والصالة والقيام وتالوة القرآن‬
‫والصدقة واالعتكاف والذكر واالعتمار و‪...‬‬
‫هذه الوسائل إذا ما أُحسِن التعامل معها فإن أثرها سيكون عظيمًا يف إحياء القلب وتنويره وتأهيله لالنطالق يف أعظم رحلة‪:‬‬
‫"رحلة السري إىل اهلل"‪.‬‬
‫أما إن مت التعامل معها بصورة شكلية حمضة فسيبقى احلال على ما هو عليه؛ ستبقى األخالق هي األخالق‪ ،‬والنفوس هي‬
‫النفوس‪ ،‬واالهتمامات هي االهتمامات‪ ...‬والواقع هو الواقع‪.‬‬
‫عن أَبِى ُهرَ ْيرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم « َأظَلَّكُمْ َش ْه ِركُمْ هَذَا بِ َمحْلُوفِ رَسُولِ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم مَا مَرَّ‬
‫بِالْمُسْلِ ِمنيَ َش ْهرٌ َقطُّ خَ ْيرٌ َلهُمْ مِ ْنهُ وَمَا مَرَّ بِالْمُنَافِ ِقنيَ َش ْهرٌ َقطُّ أَشَرُّ َلهُمْ مِنْهُ بِ َمحْلُوفِ رَسُولِ ال َّلهِ صلى اهلل عليه وسلم إِنَّ ال َّلهَ‬
‫جرَهُ وَنَوَافِ َلهُ وَيَكْ ُتبُ إِ ْصرَهُ وَشقَاءَهُ ِمنْ قَبْلِ َأنْ يُ ْدخِ َلهُ وَذَاكَ ألَنَّ الْمُؤْ ِمنَ ُيعِدُّ فِيهِ الْقُوَّةَ ِمنَ النَّفَ َقةِ لِ ْلعِبَادَةِ وَ ُيعِدُّ فِيهِ‬
‫لَيَكْ ُتبُ َأ ْ‬
‫جرُ »‬
‫الْمُنَافِقُ ابْ ِتغَاءَ غَفَ َالتِ الْمُؤْمِ ِننيَ وَعَ ْورَا ِتهِمْ َفهُوَ غُنْمٌ لِلْمُؤْ ِمنِ َيغْتَنِ ُمهُ الْفَا ِ‬
‫ويف رواية [وذَلِكَ أنَّ املُؤْ ِمنَ يُعدُّ فِيهِ بالنَّفَقَة لِلْقُوَّةِ يف ا ْلعِبادَةِ وَ ُيعِدُّ فِيهِ املُنا ِفقُ اغْتِيابَ املُؤْمِ ِننيَ واتِّباعَ عَ ْورَا ِتهِمْ َفهُوَ غُنْمٌ لِ ْلمُؤْمنِ‬
‫جرِ] رواه أمحد والبيهقى وابن خزمية يف صحيحه واحلديث ضعيف‪.‬‬
‫ونِقْ َمةٌ على الفا ِ‬
‫يقول اإلمام ابن القيم‪( :‬ملا كان املقصود من الصيام حبسَ النفس عن الشهوات‪ ،‬وفطامها عن املألوفات‪ ،‬وتعديل قوتها‬
‫الشهوانية؛ لتستعدَّ لطلبِ ما فيه غاية سعادتها ونعيمها‪ ،‬وقبول ما تزكو به مما فيه حياتها األبدية‪ ،‬ويكسِر اجلوع والظمأ‬
‫من حدتها وسَوْرتها‪ ،‬ويذكِّرها حبال األكباد اجلائعة من املساكني‪ ،‬وتُضيَّق جماري الشيطان من العبد بتضييق جماري الطعام‬
‫والشراب‪ ،‬وتُحبَس قوى األعضاء عن اسرتساهلا حلكم الطبيعة فيما يضرها يف معاشها ومعادها‪ ،‬ويسكن كل عضوٍ منها وكل‬
‫قوةٍ عن مجاحه وتلجم بلجامه‪ ،‬فهو جلام املتقني‪ ،‬وجنة احملاربني‪ ،‬ورياضة األبرار واملقربني‪ ،‬وهو لرب العاملني من بني‬
‫سائر األعمال ‪ -‬فإن الصائم ال يفعل شيئًا‪ ،‬وإمنا يرتك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده‪ ،‬فهو ترك حمبوبات النفس‬
‫وتلذُّذاتها إيثارًا حملبة اهلل ومرضاته‪ ،‬وهو سر بني العبد وربه‪ ،‬ال يطَّلِع عليه سواه‪ ،‬والعباد قد يطلعون منه على ترك‬
‫املفطرات الظاهرة‪ ،‬وأما كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده‪ ،‬فهو أمرٌ ال يطلع عليه بشرٌ‪ ،‬وذلك حقيقة الصوم‬
‫‪ ...‬وملا كان َفطْمُ النفوس عن مألوفاتها وشهواتها من أشق األمور وأصعبها‪ ،‬تأخَّر فرضه إىل وسط اإلسالم بعد اهلجرة‪ ،‬ملا‬
‫توطنت النفوس على التوحيد والصالة‪ ،‬وألِ َفتْ أوامر القرآن‪ ،‬فنقلت إليه بالتدريج) زاد املعاد يف هدي خري العباد‬
‫ألن حتيي يف سبيل اهلل خري‪:‬‬
‫وألن تعيش يف سبيل اهلل جماهدا لنفسك صائما قائما مصليا ذاكرا مسبِّحا متصدقا نافعا مصلحا خري َعنْ أَبِى بَ ْكرَةَ أَنَّ َرجُالً قَالَ‬
‫يَا رَسُولَ ال َّلهِ أَىُّ النَّاسِ خَ ْيرٌ قَالَ « َمنْ طَالَ عُ ُمرُهُ َوحَ ُسنَ عَمَ ُلهُ » ‪ .‬قَالَ فَأَىُّ النَّاسِ شَرٌّ قَالَ « َمنْ طَالَ عُ ُمرُهُ وَسَاءَ عَمَ ُلهُ » رواه‬
‫أمحد والرتمذي وقَالَ حَدِيثٌ حَ َسنٌ َصحِيحٌ‬
‫فما خلق اهلل الناس ليموتوا وإمنا ليعبدوا {وَمَا خَلَ ْقتُ ا ْلجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِ َيعْبُدُونِ} [الذاريات ‪- ]56 :‬هذا مع االحتفاظ‬
‫للجهاد يف سبيل اهلل بقدره ومنزلته فهو ذروة سنام اإلسالم ‪ -‬فإذ مل يستطع املسلم أن يؤدي رسالته اليت من أجلها خلق وأن‬
‫يكون عبدا صاحلا مصلحا ويعبِّد األرض هلل فعندها يقدم نفسه شهيدا َعنْ ُمعَاذِ ْبنِ جَبَلٍ قَالَ كُ ْنتُ َمعَ النَّبِىِّ صلى اهلل عليه وسلم‬
‫َنةَ وَيُبَاعِدُنِى‬
‫حتُ يَوْماً َقرِيباً مِ ْنهُ وَنَحْنُ نَ ِسريُ فَقُ ْلتُ يَا رَسُولَ ال َّلهِ َأخْ ِبرْنِى ِبعَمَلٍ يُ ْدخِلُنِى ا ْلج َّ‬
‫فِى سَ َفرٍ [ ِمنْ َغزْوَةِ تَبُوكَ] فَأَصْ َب ْ‬
‫َسرَهُ ال َّلهُ عَلَيْ ِه َتعْبُدُ ال َّلهَ وَالَ تُ ْشرِكُ ِبهِ شَيْئاً وَتُقِيمُ الصَّالَةَ‬
‫ِمنَ النَّارِ ‪ .‬قَالَ « [بَخٍ] لَقَدْ سَأَلْتَنِى َعنْ َعظِيمٍ وَإ َِّنهُ لَيَ ِسريٌ عَلَى َمنْ ي َّ‬
‫الزكَاةَ الْمَ ْفرُو َضةَ وَتَلْقَى ال َّلهَ عَزَّ َوجَلَّ الَ تُشْرِكُ ِبهِ‬
‫الزكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَ َتحُجُّ الْبَ ْيتَ [تُقِيمُ الصَّالَةَ الْمَكْتُو َبةَ وَتُؤَدِّى َّ‬
‫وَتُؤْتِى َّ‬
‫الرجُلِ ِمنْ‬
‫خطِي َئةَ كَمَا ُيطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَالَةُ َّ‬
‫شَيْئاً] » ‪ .‬ثُمَّ قَالَ « أَالَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ ا ْلخَ ْيرِ الصَّوْمُ ج َُّنةٌ وَالصَّدَ َقةُ ُتطْفِئُ ا ْل َ‬
‫جعِ يَدْعُونَ ر ََّبهُمْ‬
‫خطَايَا ]» ‪ .‬قَالَ ثُمَّ تَالَ {تَ َتجَافَى جُنُو ُبهُمْ َعنِ ا ْلمَضَا ِ‬
‫جَوْفِ اللَّيْلِ [وَالصَّدَ َقةُ وَقِيَامُ ا ْلعَبْدِ فِى جَوْفِ اللَّيْلِ يُكَفِّرُ ا ْل َ‬
‫جزَاءً بِمَا كَانُوا َيعْمَلُونَ} [السجدة ‪]17-16 :‬‬
‫خَوْفًا َوطَ َمعًا وَمِمَّا َرزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ*فَلَا َتعْلَمُ نَفْسٌ مَا ُأخْفِيَ َلهُمْ ِمنْ قُرَّةِ أَعْ ُينٍ َ‬
‫ثُمَّ قَالَ « أَالَ ُأخْ ِبرُكَ ِبرَأْسِ األَ ْمرِ كُ ِّلهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَا ِمهِ » ‪ .‬قُ ْلتُ بَلَى يَا رَسُولَ ال َّلهِ ‪ .‬قَالَ « رَأْسُ األَ ْمرِ اإلِسْالَمُ [فَ َمنْ أَسْلَمَ‬
‫جهَادُ [فِى سَبِيلِ ال َّلهِ] » ‪ .‬ثُمَّ قَالَ « أَالَ ُأخْ ِبرُكَ بِمَالَكِ ذَلِكَ كُ ِّلهِ » ‪ .‬قُ ْلتُ بَلَى يَا نَبِىَّ ال َّلهِ ‪-‬‬
‫سَلِمَ] وَعَمُودُهُ الصَّالَةُ وَ ِذرْوَةُ سَنَا ِمهِ ا ْل ِ‬
‫قَالَ ‪ -‬فَ َأخَ َذ بِلِسَا ِنهِ قَالَ « كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا » ‪ .‬فَقُ ْلتُ يَا نَبِىَّ ال َّلهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ ِبهِ فَقَالَ « ثَكِلَتْ َك أُمُّكَ يَا ُمعَاذُ وَهَلْ‬
‫خرِهِمْ ‪ -‬إِالَّ حَصَائِدُ أَلْسِ َن ِتهِمْ » رواه أمحد والرتمذي وقَالَ حَدِيثٌ حَ َسنٌ‬
‫س فِى النَّارِ عَلَى وُجُو ِههِمْ ‪ -‬أَوْ عَلَى مَنَا ِ‬
‫يَكُبُّ النَّا َ‬
‫َصحِيحٌ‬
‫وربك من جيازي فرب شهيد خري من حي ورب حي خري من شهيد وما علي العبد إال أن يكون عبدا هلل علي أي حال وضعه‬
‫اهلل فيها حيا وميتا {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَ َمحْيَايَ وَمَمَاتِي لِ َّلهِ رَبِّ ا ْلعَالَ ِمنيَ* لَا َشرِيكَ َلهُ وَبِذَلِكَ أُ ِم ْرتُ وَأَنَا أ ََّولُ الْمُسْلِ ِمنيَ}‬
‫[األنعام ‪]163-162 :‬‬
‫وها هي الفرصة أتتنا من جديد لنحوز الرضا واجلنان ففي هذا توجيه إىل فضل االجتهاد يف شهر رمضان املبارك بالعبادة‬
‫والتعرض لنفحات اهلل‪ .‬وسالم علي املرسلني واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

‫مجعه وكتبه‪ :‬عبدالوهاب عمارة‬


‫إمام وخطيب ومدرس‬

You might also like