Professional Documents
Culture Documents
بقلم
عبدالله بن علي الزهراني
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الولى
1425هـ – 2004م
ضعف 6
اليمان
مقدمة
إن الحمد لله ،نحمده ،ونستعينه ،ونستغفره،
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ،وسيئات أعمالنا ،من
يهده الله فل مضل له ،ومن يضلل فل هادي له،
وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له ،وأشهد
أن محمدا ً عبده ورسوله ،صلى الله عليه وعلى آله
وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،وسلم
تسليما ً كثيرا.
أما بعد :فإن قضية اليمان بالله تعالى تعتبر
أهم وأخطر قضية لدى المسلمين وغيرهم ،كيف ل
وعليها يتوقف المصير العظم للنسان في الدار
الخرة؟ فأما جنات النعيم لمن آمن بالله واستقام
على أمره ،وأما نار جنهم لمن عاند وكفر وأعطى
نفسه هواها ،أما في هذه الحياة الدنيا فإن لليمان
بالله آثار عظيمة في حياة الناس وسلوكهم
وعلقاتهم وتعاملهم ؛ فاليمان بالله هو أصل
الفضائل الجتماعية ،ومنبع الخلق النسانية،
ومنهل اللفة والتعاون بين الناس ،فبه تزكو
النفوس ،وتتهذب الخلق ،وتسمو الروح ،وتختفي
الشرور ،وباليمان بالله تسعد النفس ،وتطمئن
القلوب ،وتختفي الحيرة ،ويزول الهم.
ونحن الن – مع السف الشديد – نرى قضية
اليمان تتعرض للهمال ،وتنحسر عن دائرة
الهتمام ،وتخيم عليها سحب الغفلة ،وذلك بسبب
إقبال الناس الشديد على أمور الدنيا :من جمع
للموال والمتاع ،وبناء للدور والقصور ،وإقامة
للرئاسة والجاه ،وتكثير للتباع والنصار ،وكأنهم
ً
بذلك مخلدون في هذه الدنيا ل يرحلون عنها أبدا!!
7 ضعف
اليمان
وقد ترتب على هذه المور نتائج خطيرة :حيث
ضعف اليمان ،وقست القلوب ،وتلشت لذة
قدت حلوة الطاعة ،وقل التأثر بقراءة العبادة ،وفُ ِ
القرآن! فأصبحت الخواطر الدنيوية أكثر ما تتسلط
على النسان في صلته؛ فتفسد عليه تلك
الشراقات الروحية ،والنسائم اليمانية ،التي كانت
أعظم منحة يجدها المسلم في عبادته ،حيث يخلو
بربه ،ويفّرغ قلبه من الدنيا وهمومها ،ولذلك كان
الرسول الكريم – عليه السلم – يقول$ :أرحنا
بها
يا بلل #أي أرحنا بالصلة من مشاغل الدنيا
وهمومها ،يوم كانت النفوس سليمة ،والفطر
مستقيمة!!
أما اليوم فإن الطغيان المادي قد أسر
النفوس ،والمد العلمي الهائل والخالي من القيم
الروحية؛ قد أبعد الناس عن ينابيع الهدى ،وأغرقهم
في مستنقع الرذيلة ؛ فأصبحنا أمام مشكلة
خطيرة ،تحتاج إلى علج سريع.
ولذلك أحببت أن أساهم بهذا البحث المتواضع
في علج هذه الظاهرة ،وهو جهد المقل وبضاعة
المفلس ،فقد يشتغل بالتجارة من ل مال له ،وقد
يعالج المرضى من أنهكه المرض.
والبحث عبارة عن أربعة أبواب ،كل باب
يضم عدة فصول:
فالباب الول :توطئة وتمهيد ،كتبت فيه عن
التعريف بظاهرة ضعف اليمان وبينت مدى
خطورتها ،ويضم خمسة فصول.
ضعف 8
اليمان
والباب الثاني :أسباب ضعف اليمان ويضم
ثمانية فصول.
والباب الثالث :آثار ضعف اليمان ويضم سبعة
فصول.
والباب الرابع :علج ضعف اليمان ويضم
عشرة فصول.
وأخيرا ً أدعو الله – سبحانه وتعالى – أن يجعل
هذا العمل خالصا ً لوجهه الكريم ،وأن ينفع به من
كتبه ،ومن يقرأه .إنه سميع مجيب.
ليلة الخميس
22/4/1425هـ
جدة /
0504596976
9 ضعف
اليمان
ضعف 10
اليمان
الباب الول
توطئة وتمهيد:
25 البـــاب
الول
شبهات وشكوك
تعتبر الشبهات والشكوك من السباب الخطيرة
لضعف اليمان ،بل قد تؤدي إلى اجتثاثه من أصوله؛
إذا لم تعالج مبكرًا ،ويجب أن يبذل في سبيل هذا
العلج الغالي والرخيص ،فالمر خطير غاية
الخطورة ،وكل تأخير في هذه المسألة؛ سيكون له
عواقب وخيمة ،والنسان المصاب بهذه الوساوس
والشكوك يعتبر مريضا ً نفسيًا ،ولذلك ينصح بعض
العلماء بأن يذهب إلى طبيب للمراض النفسية
والعصبية.
وهذه الوساوس والشكوك موجودة لدى قلة
من الناس منذ عصر الرسول – صلى الله عليه
وسلم – وقد أتى إليه بعض الصحابة يشكون من
هذه الوساوس التي شوشت عليهم عقيدتهم ،فقد
أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة – رضي
الله عنه – قال$ :جاء ناس من أصحاب النبي عليه
السلم ،فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا
أن يتكلم به ،قال :وقد وجدتموه ،قالوا :نعم،
قال :ذلك صريح اليمان #وفي رواية أخرى$ :يا
رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لن يخر من
السماء إلى الرض أحب إليه من أن يتكلم به،
فقال ذلك صريح اليمان #وفي رواية $الحمد
لله الذي رد كيده إلى الوسوسة #أي كيد
الشيطان.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم
$صريح اليمان معناه استعظامكم الكلم به فإن
استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به،
فضل ً عن اعتقاده ،إنما يكون لمن استكمل اليمان
ضعف 26
اليمان
استكمال محققًا ،وانتفت عنه الريبة والشكوك..
وقيل معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن يئس
من إغوائه ،فينكد عليه بالوسوسة لعجزه عن
إغوائه ،وأما الكافر فإنه يأتيه من حيث شاء ،ول
يقتصر في حقه على الوسوسة بل يتلعب به كيف
أراد.(1)#
وقال شيخ السلم رحمه الله$ :أي حصول
الوسواس مع الكراهة العظيمة له ،ودفعه عن
القلب هو من صريح اليمان ،كالمجاهد الذي جاءه
العدو فدافعه حتى غلبه فهذا أعظم الجهاد،
والصريح الخالص كاللبن الصريح وإنما صار صريحا ً
لما كرهوا من تلك الوساوس الشيطانية ودفعوها،
فخلص اليمان فصار صريحا ً.(2)#
وقال – صلى الله عليه وسلم –$ :ل يزال
الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق الله
الخلق ،فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك
شيئا ً فليقل آمنت بالله #رواه مسلم في كتاب
اليمان.
وقال أيضا ً عليه السلم$ :يأتي الشيطان
أحدكم فيقول من
خلق كذا وكذا حتى يقول من خلق ربك فإذا
بلغ ذلك فليستعذ بالله
ولينته #متفق عليه.
قال ابن حجر في شرح هذا الحديث$ :فليستعذ
بالله ولينته عن السترسال معه في ذلك ،بل يلجأ
إلى الله في دفعه ،ويعلم أنه يريد إفساد دينه
وعقله بهذه الوسوسة ،فينبغي أن يجتهد في دفعها
()1الفوائد ص ).(214
33 البـــاب
الول
-2أن تشغل نفسك بالتفكير فيما يعنيك
ويتعلق بخاصة نفسك من أمور الدنيا أو
الخرة ،فإنك إن أطلقت لفكرك العنان في
كل ما يدور في الكون من أحداث وظواهر
وكوارث ،وأخذت تنكر وتحلل وتحرم
وتتساءل :
لماذا وقع هذا؟
ولماذا لم يقع هذا؟
إذا فعلت ذلك وقعت في المحظور ،وربما
اعترضت على أفعال الخالق – سبحانه وتعالى –
لنك تقيس كل شيء على عقل النسان القاصر
عن إدراك أسرار الكون ،وإدراك حكمة الله تعالى
في خلقه،
خذ مثل ً الحداث المؤلمة التي تمر بالمسلمين
هذه اليام ،وما يعانيه بعضهم من ظلم وقهر ليس
له مثيل في التاريخ ،فهنا قد يحصل من بعض
الناس أن يطلق العنان لخواطره وأفكاره حتى
تصل به إلى ما يشبه العتراض على الله – عز
وجل – عندما يقول:
أين الله عن هذا الظلم الفاحش الذي يقع
على عباده؟
إلى متى يبقى هؤلء الطغاة يفسدون في
الرض؟ ويعذبون المساكين ويقتلونهم.
وينسى هذا المتسائل قوله تعالى :
] سورة آل
عمران.[197-196:
وقوله تعالى:
ضعف 34
اليمان
]سورة إبراهيم.[42:
وينسى أن هؤلء المظلومين الصابرين لهم من
الجر والثواب والكرامة عند ربهم يوم القيامة ما
يتمنى جميع الناس أن يكونوا مثلهم؛ لما حباهم به
الله من عز وخير ونجاة من أهوال يوم القيامة
جزاء ما عانوا وما صبروا ،وينسى هؤلء
المعترضون أن هذه الدنيا قصيرة؛ فهي ل تساوي
شيئا ً إذا قيست بالزمن كله ،فالرسول – عليه
السلم – شبهها بساعة واحدة يقضيها المسافر في
ظل شجرة ثم يواصل سفره ،والله – سبحانه
وتعالى – قال :
] سورة الحج.[47:
فيوم واحد من أيام الله يساوي ألف سنة من
أيامنا.
إذن فالحياة التي يعيشها النسان تعتبر قصيرة
إذا قيست بالزمن كله ،ومادامت بهذا القصر فما
على النسان من بأس إذا قضاها في ظلم وتعاسة
بما؛ أنه سيكون بعدها في عز وانتصاف من الظالم.
إذن فالذي يعنينا من هذه المسألة هو أن ندعو
لخواننا المظلومين ،وأن ننصرهم ونساعدهم إذا
استطعنا ذلك ،أما أن نشغل فكرنا بأسئلة عقيمة
مثل التي ذكرناها سابقا ً فهذا ل يعنينا ،بل يجب أن
نطرد هذه الوساوس من أذهاننا لن التوسع فيها
يعود علينا بالضرر ،يقول ابن القيم رحمه الله:
$فانفع الدواء )في طرد الخواطر السيئة( أن
تشغل نفسك بالفكر فيما يعنيك ،فالفكر فيما
35 البـــاب
الول
ل يعني باب كل شر ،ومن فكر فيما ل يعنيه فاته ما
يعنيه ،واشتغل عن انفع الشياء له بما ل منفعة له
فيه ،فالفكر والخواطر والرادة والهمة هي أحق
شيء يجب عليك إصلحه من نفسك ،فإن هذه
خاصتك وحقيقتك التي تبتعد بها أو تقرب من إلهك
ومعبودك الذي ل سعادة لك إل في قربه ورضاه
عنك ،وكل الشقاء في بعدك عنه وسخطه عليك،
ومن كان في خواطره ومجالت فكره دنيئا ً خسيسا ً
لم يكن في سائر أمره إل كذلك ،وإياك أن تمكن
الشيطان من بيت أفكارك وإرادتك فإنه يفسدها
عليك فسادا ً يصعب تداركه ،ويلقي إليك أنواع
الوساوس والفكار المضرة ،ويحول بينك وبين
الفكر فيما ينفعك ،وأنت الذي أعنته على نفسك
بتمكينه من قلبك وخواطرك فملكها عليك ،فمثالك
معه مثال صاحب رحى يطحن الحبوب ،فأتاه
شخص معه حمل تراب وبعر وفحم وغثاء ليطحنه
في طاحونه ،فإن طرده ولم يمكنه من إلقاء ما
معه في الطاحون استمر على طحن ما ينفعه ،وأن
مكنه من إلقاء ذلك في الطاحون أفسد ما فيها من
الحب وخرج الطحين كله فاسدًا.
والذي يلقيه الشيطان في النفس ل يخرج عن
الفكر فيما كان ودخل في الوجود لو كان على
خلف ذلك ،أو فيما لم يكن لو كان كيف يكون؟ أو
فيما يلفت الفكر إلى أنواع الفواحش والحرام ،أو
في خيالت وهمية ل حقيقة لها ،أو في باطل ،أو
فيما ل سبيل إلى إدراكه من أنواع ما طوي عنه
علمه (1)#فمثل هذه الخواطر الرديئة هي التي
يلقيها الشيطان في قلب النسان ،عليه أن يحذر
الباب الثاني
أسباب ضعف اليمان
-1النشغال الكلي بأمور الدنيا.
-2الهوى والشهوات.
-3كثرة الوقوع في المعاصي.
-4البتعاد عن الجواء اليمانية.
-5الكسل.
-6الطلع على الفكار الضالة والعقائد المنحرفة.
-7طول المل.
-8مجالسة العابثين والبطالين.
ضعف 40
اليمان
41 البـــاب
الثاني
[19:]سورة ق
والجنة ونعيمها،والقبر وكرباته والصراط وزلته
.والنار وجحيمها فلعل النفس ترتدع وترعوي
ولبد أن نقول للنفس يكفيك من الكسل النوم
، والسكن في حفر الدود،في ظلمات القبور
ولتسلمي،فاجتهدي وجدي لتفوزي بجنات النعيم
. قبل أن تندمي يوم ل ينفع الندم،من العذاب الليم
– يقول الله – سبحانه وتعالى
73 البـــاب
الثاني
.[61-55:]سورة الزمر
:وقال تعالى
.[45-44:]سورة الشورى
طول المل
النسان بطبعه يحب الحياة ،ويعشق متعها
ولذائذها ،فل شك أن في الحياة من المتاع واللذائذ
ما يغري كثيرا ً من الناس ،ويحببه في هذه الحياة
فيتمنى أل يفارقها أبدًا ،ثم يبدأ بصرف كل اهتمامه
وعمله لجل تحصيل هذه المتع الفانية التي يراها
كل شيء بالنسبة له ،وينسى الموت وينسى الدار
الخرة ،وهذا هو طول المل ،فهو يتوقع أن يعيش
ل ،ولذلك تجده كثير الجتهاد في عمارة عمرا ً طوي ً
الدنيا ،كثير التخطيط لمور المستقبل ،يعمل لهذه
الدنيا عمل من يعتقد أنه يعيش فيها أبدًا ،عمل من
ألهاه المل عن كل شيء غير دنياه الفانية يقول
تعالى :
] سورة الحجر ،[3:قال ابن
كثير :ويلهيهم المل عن التوبة والنابة فسوف
يعلمون عاقبة أمرهم ،فهو تهديد شديد ووعيد
أكيد).(1
وقال علي رضي الله عنه$ :إن أخوف ما أخاف
عليكم اتباع الهوى وطول المل ،فأما إتباع الهوى
فيصد عن الحق ،وأما طول المل فينسى الخرة#
وجاء في الثر :أربعة من الشقاء :جمود العين،
وقسوة القلب ،وطول المل ،والحرص على الدنيا،
ويتولد من طول المل الكسل عن الطاعة
والتسويف بالتوبة والرغبة في الدنيا والنسيان
()1انظر تفسير ابن كثير ).(2/553
81 البـــاب
الثاني
للخرة والقسوة في القلب لن رقته وصفاءه إنما
تقع بتذكر الموت والقبر والثواب والعقاب وأهوال
القيامة.(1)#
ول شك أن طول المل يضعف عمل النسان
واستعداده للدار الخرة ،لنه مشغول القلب بإصلح
دنياه ،مغترا ً بما أنعم الله به عليه من الصحة
والنعمة قال تعالى :
] سورة
كث النسان وقتا ً طويل ً يرفل في نعمةم ْالحديد [16:ف ُ
ً
الصحة ونعمة المال قد يكون سببا لقسوة القلب
خاصة لمن يعيش في بيئة غير إيمانية ،وليس فيها
ما يذكر بالله
– سبحانه وتعالى – .
هذا وقد ذكر المام أبو حامد الغزالي سببين
لطول المل أحدهما الجهل والثاني حب الدنيا $أما
حب الدنيا فهو أنه إذا أنس بها ،وبشهواتها ولذاتها
وعلئقها ثقل على قلبه مفارقتها ،فامتنع قلبه من
الفكر في الموت الذي هو سبب مفارقتها ،وكل من
كره شيئا ً دفعه عن نفسه ،النسان مشغوف
بالماني الباطلة ،فيمني نفسه أبدا ً بما يوافق مراده
وإنما يوافق مراده البقاء في الدنيا ،فل يزال
يتوهمه ويقدره في نفسه ،ويقدر توابع البقاء وما
يحتاج إليه من مال وأهل ودار وأصدقاء ودواب
وسائر أسباب الحياة ،فيصير قلبه عاكفا ً على هذا
الفكر ،موقوفا ً عليه ،فيلهو عن ذكر الموت ،فل
قدر قربه ،فإن خطر له في بعض الحوال أمر ي ّ
وف ووعد الموت ،والحاجة إلى الستعداد له ،س ّ
()1ظاهرة ضعف اليمان للشيخ محمد صالح المنجد ).(27
ضعف 82
اليمان
نفسه ،وقال :اليام بين يديك إلى أن تكبر ثم
تتوب ،وإذا كبر فيقول إلى أن تصير شيخًا ،فإذا
صار شيخا ً قال :إلى أن تفرغ من بناء هذه الدار،
وعمارة هذه الضيعة ،أو ترجع من هذه السفرة...
فل يزال يسوف ويؤخر ،ول يخوض في شغل إل
وتعلق بإتمام ذلك الشغل عشرة أشغال أخرى ،إلى
أن تخطفه المنية في وقت ل يحتسبه فتطول عند
ذلك حسرته!...
وأما الجهل وهو السبب الثاني لطول المل،
فهو أن النسان يعول على شبابه فيستبعد قرب
الموت مع الشباب وليس يتفكر المسكين أن
شر رجال مشايخ بلده لو عدوا لكانوا أقل من عُ ْ
البلد ،وإنما قلوا لن الموت في الشباب أكثر ،فإلى
أن يموت شيخ يموت ألف صبي وشاب ،وقد
يستبعد الموت لصحته ،وكم من إنسان مات فجأة
ل ،فالموت ليس له زمن من دون مرض أص ً
مخصوص ول عمر مخصوص ،بل على النسان أن
يكون مستعدا ً له في جميع الحوال والوقات،
وعليه أن يعتبر بمن يرى من الموات يرحلون عن
هذه الدار ،فهو ل شك في الثر وسريعا ً يلحق بهم،
ول شك أن الغفلة وطول المل تجعل النسان
يستبعد الموت حتى عندما يرى الموات أمامه ،فهو
در نزوله به،أبدا ً يظن أن الموت بعيدا ً عنه ،ول يق ّ
وقوعه فيه ،وهو أبدا ً يظن أنه يشّيع الجنائز ،ول
در أن تشيع جنازته ،لن هذا قد تكرر عليه وألفه، يق ّ
وهو مشاهد موت غيره ،فأما موت نفسه فلم
يألفه ،ولم يتصور أن يألفه ،فإنه لم يقع ،وإذا وقع
لم يقع دفعة أخرى بعد هذه؛ فهو الول والخر
83 البـــاب
الثاني
وسبيله أن يقيس نفسه بغيره ،ويعلم أن لبد أن
تحمل جنازته ،ويدفن في قبره.(1)#
والنسان المؤمن صاحب اليمان الصادق ل
شك أنه يحب لقاء الله ،ول يحرص على البقاء في
هذه الحياة التي ل تخلو من منغصات ومكدرات
مهما كان فيها من نعيم ،وهناك كثير من الصالحين
كان يتمنى أن يرحل من هذه الدنيا سريعًا ،ولذلك
فهو لم يتخذ شيئا ً من أسباب الدنيا لنه سلم من
طول المل ول بأس أن نورد بعض القصص التي
توضح هذه الحالة:
قال المام الغزالي رحمه الله :يروي أن
معروفا ً الكرخي رحمة الله تعالى – أقام الصلة
فقال لحد أخوانه تقدم فصلي بنا ،فقال :إن صليت
بكم هذه الصلة لم أصل بكم غيرها ،فقال
معروف :وأنت تحدث نفسك أنك تصلي صلة غير
هذه ،إنك طويل المل إذن ،نعوذ بالله من طول
المل ،فإنه يمنع من خير العمل ،أما أنا فوالله لو
علمت أني أعيش إلى أن يأتي وقت الصلة الثانية
ي ذلك).(2
لشق عل ّ
فانظر – رحمك الله – إلى أمر هذا الرجل
الصالح الذي أسقط الدنيا كليا ً من حسابه ،وأصبح
همه هما ً واحدا ً هو الستعداد لما بعد هذه الحياة
الدنيا القصيرة ولذلك نراه يلوم أخاه عندما قال:
إذا صليت هذه الصلة فلن أصلي بكم الصلة التي
بعدها ،ويعد ذلك من طول المل ،علما ً أن الوقت
بين الصلتين ربما ل يتجاوز ثلث ساعات! ل شك
أن هذا يعيش في وادي ،ونحن نعيش في وادي
()1انظر أحياء علوم الدين للغزالي ،ج 15ص).(118-117
()2انظر المصدر السابق.(116) .
ضعف 84
اليمان
آخر!! إن بعضنا يخطط ويفكر في أشياء ربما ل
تتحقق إل بعد عشرين سنة أو ثلثين سنة ،ول
يشق عليه ذلك! ول يعده من طول المل! ل شك
أن قوة اليمان تفعل هذا وأكثر ،فهذا الرجل أتخذ
الدنيا دارا ً للعمل والنصب من أجل العداد للدار
الخرة ،ولم يتخذها دار للراحة والمتعة ،لعلمه أنها
قصيرة وإن لذائذها ل تخلو من التنغيص ،ومن ثم
تعلق قلبه وفكره بالدار الخرة ،لن سعادته
وراحته هناك ،فأصبح يشق عليه البقاء في هذه
الدنيا ،ويحزن عندما يعلم أن مكثه فيها سيطول،
لنه يريد الخلص من دار العمل والشقاء إلى دار
النعيم والراحة ،فهو مطمئن إلى عفو ربه ،مؤمن
بوعد الله ،مؤمن إيمانا ً ل تخالطه ريبة ول ينغصه
شك بما أنزل الله في كتابه أو على لسان رسوله
– عليه السلم – ولذلك يحب الصالحون الدار
الخرة ،ويتمنون النتقال إليها لنهم عمروا الخرة
بالعمال الصالحة وأطمئنت أنفسهم إلى عفو الله،
أما نحن فقد عمرنا الدنيا وخربنا الخرة فكرهنا
النتقال من العمران إلى الخراب.
وهذا موقف آخر ينقله لنا الغزالي:
$قال سحيم مولى بني تميم :جلست إلى عامر
بن عبدالله وهو يصلي ،فأوجز في صلته ثم أقبل
ي فقال :أرحني بحاجتك فإن أبادر. عل ّ
قلت :ما تبادر.
قال :ملك الموت رحمك الله.
قال :فقمت عنه فقام إلى صلته.(1)#
فانظر إلى هذا الرجل الصالح الذي طلب من
ويقول آخر:
ول أنطق العوراء ول أعرف الفحشاء
والقلب مغضب إل بوصفها
93 البـــاب
الثالث
الكآبة والقلق
النسان ضعيف بطبعه ،حائر بفطرته ،تغشاه
الهموم لمور داخلة في تكوينه ،ل فكاك له منها،
فخوفه من مصيره بعد انتهاء أجله من هذه الدنيا
أمر ل يغيب عن باله ،وقلقه من المقادير التي
يمكن أن تصيبه في حياته الدنيا أمر يزعجه كثيرًا،
وخوفه من الموت وسكراته ،ومفارقة دنياه وأهله
وأحبابه أيضا ً من المور المحزنة له دائمًا ،وخاصة
عندما يرى أو يسمع عن الراحلين عن هذه الدنيا
من أحبابه ومعارفه ،لكن هذه المور كلها ل تسبب
أي حزن أو قلق بالنسبة للمؤمن القوي اليمان،
فلديه الجابة التي تريح نفسه ،وتدخل الطمأنينة
على قلبه عن كل هذه التساؤلت السابقة.
يقول الدكتور يوسف القرضاوي:
$إن في أعماق كل نفس أصواتا ً خفية تناديه،
وأسئلة تلح عليه منتظره الجواب الذي يذهب به
القلق ،وتظمئن النفس.
ما العالم؟ ما النسان؟ من أين جاءا؟ من
صنعهما؟ من يدبرهما؟ ما هدفهما؟ كيف بدءا؟
كيف ينتهيان؟ ما الحياة؟ ما الموت؟ أي مستقبل
ينتظرنا بعد هذه الحياة؟...
هذه السئلة ألحت على النسان من يوم خلق،
وستظل تلح عليه إلى أن تطوى صفحة الحياة ،لم
تجد – ولن تجد – لها أجوبة شافية إل في الدين.
الدين وحده هو الذي يحل عقدة الوجود الكبرى
ضعف 94
اليمان
وهو المرجع الوحيد الذي يستطيع أن يجيبنا عن تلك
السئلة بما يرضي الفطرة ،ويشفي الصدور
والسلم – خاصة – خير دين أجاب عن هذه السئلة
إجابة شافية ،ترضى الفطرة النيرة ،والعقل
السليم ،بل إجابة تنبع من أعماقها ،بل أعلن القرآن
أن هذا الدين هو الفطرة الصيلة نفسها
] سورة الروم:
.[30
فلو تركت الفطرة النسانية ونفسها بل مؤثر
خارجي لنتهت إلى السلم نفسه ،وفي هذا جاء
الحديث الصحيح عن رسول السلم – عليه السلم
– $كل مولود يولد على الفطرة ،فأبواه
يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه #تقول
الفطرة والعقل :إن الناس لم يخلقوا من غير شيء
ولم يخلقوا أنفسهم ،ولم يخلقوا مما حولهم :ذرة
في الرض أو السماء ويقول القرآن:
] سورة الطور.[36:
السرقــــة
والسرقة أيضا ً إحدى آثار ضعف اليمان؛ إذ
كيف يقدم النسان على اغتصاب مال غيره ،وقد
سمع النهي المشدد في القرآن والسنة عن أخذ
أموال الناس ،قال الله تعالى :
]سورة المائدة ،[38:وقال الرسول – صلى الله عليه
وسلم – $ل يزني الزاني حين يزني وهو
مؤمن ،ول يشرب الخمر حين يشربها وهو
مؤمن ،ول يسرق السارق حين يسرق وهو
مؤمن ،ول ينهب نهبة ذات شرف يرفع
الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو
مؤمن #رواه البخاري ومسلم.
ضعف 108
اليمان
الرشـــوة
وهي إحدى الرذائل التي تحد من تطور أي
مجتمع تنتشر فيه ،لن النسان في هذه الحالة ل
يستطيع الحصول على أملكه وحقوقه الشخصية إل
بدفع الموال الطائلة لهؤلء السفلة الذين آتاهم
الله الجاه والحكم والمال ولكن جشعهم المقيت
يأبى عليهم إل استغلل تلك الوليات التي ولهم
الله في أكل أموال الناس بالباطل.
وهذا المر ل يمارسه إل من ضعف إيمانه
وانتفت مراقبته لخالقه ،فلم يعد يؤثر فيه قول
الرسول – صلى الله عليه وسلم صلى – $ :لعنة
الله على الراشي والمرتشي في الحكم#رواه
أحمد والترمذي.
إن هذا الكلم يهز المسلم هزا ً عنيفًا ،فالرسول
عليه السلم يلعن من يقترف هذا الفعل واللعن هو
الطرد والبعاد من رحمة الله؛ فكيف نجد المسلم
بعد هذا يتجرأ ويمارس هذه الرذيلة ،إل إذا كان
هناك خلل كبير في التربية اليمانية ،وهذا الخلل قد
تحدثنا عنه في موضوع السرقة ،وذكرنا الدور
الفاعل الذي يجب أن يقوم به الفرد والمجتمع
والمدرسة والسرة والمسجد والزملء.
والذي أود قوله هنا ،أنه يجب أن يتعاون الجميع
في تربية النشء تربية إيمانية لن ذلك في النهاية
يصب في مصلحة المجتمع كله ،لننا عندما نترك
أبناءنا بدون تربية صالحة ،ثم يحصل لديهم النحراف
ولو بعد حين ،من سرقات ورشاوى ،ومخدرات
وأذية للغير فل شك أن الضرر يتحمله المجتمع كله.
109 البـــاب
الثالث
ومادام المر كذلك فينبغي على الجميع أن
يهبوا لخدمة دينهم ووطنهم وأنفسهم ،وكل على
ثغرة فل يؤتى من قبله ،وينبغي أل يستهين أحد
بشيء من المشاركة في هذا المر حتى لو كانت
قليلة ،يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – :
$ل تحقرن من المعروف شيئا ً ولو أن تلقى
أخاك بوجه طلق #ذلك أن المر جد وليس
بالهزل ،فلو استمر التقاعس
والستخفاف ،وكل شخص يلقي
بالمسئولية على غيره؛ لحصل مال تحمد
عقباه ،خاصة مع النفتاح على العالم عبر
وسائل العلم المختلفة التي تنشر
العادات والتقاليد والفضائل والرذائل،
والخير والشر صباح مساء $أننا كثيرا ً ما
نقرأ في الصحف ،ونسمع من الناس ،كما
نشاهد نحن بأعيننا ما تعانيه المؤسسات
العامة من أجهزة تتوقف على جدتها
وأدوات تتخرب على متانتها ،ومصالح
تعطل مع حاجة الجمهور إليها ،وأعمال
يكفيها يوم ،تستغرق أياما ً ونتيجة لذلك نجد
أن مشروعات نافعة تفشل ،وجهود مخلصة
تبعثر ،وأموال ً طائلة تضيع ،وأن النتاج
العام بعد ذلك كله يتدهور أيما تدهور وما
ذلك إل لفقدان المانة والخلص وخراب
الضمائر عند أولئك الذين ل يرجون لله
وقارا ً
ول يحسبون للخرة حسابا ً.(1)#
المخــــدرات
تعتبر من أهم الرذائل التي سببها البعد عن الله
سبحانه تعالى – وعدم مراقبته ،وهي ظاهرة جديدة
على المجتمعات السلمية ،ولكنها فتاكة ومدمرة
أول للفرد الذي يعتبر لبنة في البناء الجتماعي،
وهي بالتالي مدمرة للمجتمع أخلقيا ً واقتصاديا ً
وأسريًا ،ول شك أن هناك جهود جبارة تبذل من
أجل السيطرة على هذه المشكلة من قبل الدولة،
ومن قبل كثير من الخيار الذين لديهم غيرة على
دينهم ووطنهم ومجتمعهم.
ولشك أن هذه الرذيلة ،بل وجميع الرذائل
الخرى ل يمكن الحد منها إل عن طرق الجانب
اليماني ،فهو المنطلق الول في علج هذه القبائح
التي تشوه وجه المجتمع ،وتخل باتزانه ،وأي علج
يتجاهل هذا الجانب فهو محكوم عليه بالفشل ،لن
الجانب اليماني وحده هو الذي يتغلغل في زوايا
وجوانب عديدة من أغوار النفس البشرية،
فالنسان ليس جسما ً فقط وليس عقل ً فحسب،
وليس عاطفة وكفى ،بل هو كل ذلك بالضافة إلى
الحب والكره والخوف والرجاء والطمع والتطلع...
إلى آخره.
هذه الجوانب المتعددة لو ذهبنا نعالج كل واحد
منهما على حده فسنعجز حتمًا ،ولكن إذا كرسنا
جهدنا كله في الجانب اليماني فذلك كفيل بمعالجة
جميع هذه الجوانب ،لننا نرد هذه النفس التائهة
إلى خالقها الذي هو أعرف بها وبما يصلحها ،وجدير
113 البـــاب
الثالث
بمن عرف ربه حق المعرفة وعظم شعائره حق
التعظيم وعرف ذاته الفانية وعرف دنياه الحقيرة
أن يرتدع عن جميع المعاصي والرذائل ،خوفا ً من
الله تعالى ،ورجاء لما عنده من الكرامة والنجاة في
يوم تشخص فيه البصار.
وهناك تجارب كثيرة أثبتت أن اليمان بالله له
فعل السحر في امتناع الناس عن فعل المعايب
والرذائل ،بينما القوة المادية ،والعقاب البدني ،مهما
كان شديدا ً لم يكن له من الردع إل النزر اليسير،
وسنأخذ مثال ً واحدا ً وأظنه يكفي لما فيه من وضوح
وقرب من موضوع المخدرات ،ذلك أن الخمر كان
العرب مولعين بها ولعا ً كبيرا ً في الجاهلية ،وعندما
نزل تحريمها من عند الله – سبحانه وتعالى – في
القرآن الكريم أذعنوا جميعا ً للتسليم ،وذهبوا من
فورهم يهرقون جرار الخمر حتى كانت أزقة المدينة
تسيل منها وذلك بكلمة واحدة هي قوله تعالى :
] . سورة المائدة[91-90:
ضعف 114
اليمان
كانت هاتان اليتان الكريمتان كافتين لن يدع
المسلمون شرابهم المفضل الذي يجدون فيه
أعظم لذة ،ويتباهون بشربه وطريقة إعداده في
نواديهم ،وأشعارهم ومجالس سمرهم ،ولم يقف
ذلك كله حاجزا ً بينهم وبين تنفيذ
أمر الله – سبحانه وتعالى – $إنه اليمان الذي
يشحذ العزائم،
ويسمو بالنفوس ،ويمدها بقوى المقاومة والجلد
الباسل فتخر أمامها أسوار العادات والتقاليد.(1)#
وفي الجانب المقابل نذكر المثال التالي وهو
تحريم الخمر في أمريكا حيث أنه استبان للشعب
المريكي الضرار الفادحة للخمر بعد دراسات
مكثفة ،وبحوث عديدة؛ لذا فقد اتخذت المجالس
التشريعية هناك قرارا بمنع شرب الخمر وتعاطيها
وبيعها وشرائها في جميع الراضي المريكية وقد
عدل الدستور المريكي لهذا القرار الخطير عام
1919م تحت عنوان )التعديل الثامن عشر( وفي
نفس السنة أيد هذا التعديل بأمر حظر أطلق عليه
التاريخ قانون )فولستر( وقد أعدت لتنفيذ هذا
التحريم داخل الراضي المريكية كافة وسائل
الدولة وإمكاناتها الضخمة:
-1جند السطول لمراقبة الشواطئ ،منعا ً
للتهريب.
-2جند الطيران لمراقبة الجو.
-3شغلت أجهزة الحكومة واستخدمت كل
وسائل الدعاية
()1اليمان والحياة د.يوسف القرضاوي ص ).(216
115 البـــاب
الثالث
والعلم لمحاربة الخمر وبيان مضارها،
وجندت كذلك المجلت والصحف والكتب
والنشرات والصور والسينما والحاديث
والمحاضرات وغيرها.
ويقدر ما أنفقته الدولة في الدعاية ضد الخمر
بما يزيد على )ستين مليون دولر( وبلغ قيمة الكتب
والنشرات )عشرة مليين دولر(.
هذا وقد بلغ ما تحملته الدولة في سبيل تنفيذ
هذا القانون في مدة 14عاما ً فقط مائتين
وخمسين مليون دولر ،وقد أعدم في هذه المدة
ثلثمائة نفس ،وسجن 532335نفس ،وبلغت
الغرامات ستة عشر مليون دولر ،وصودر من
الملك ما قيمته )أربعمائة وأربعة مليين دولر،
ولكن كل ذلك لم يزد المة المريكية إل غراما ً
بالخمر ،وعنادا ً في تعاطيها ،حتى اضطرت الحكومة
سنة 1933إلى إلغاء هذا القانون وإباحة الخمر
إباحة مطلقة.(1)#
أرأيتم كيف فشلت الساطيل ونجح اليمان؟
المسلمون تركوا الخمر طواعية عندما باشر
اليمان قلوبهم وعندما أيقنوا بأن الله سيعوضهم
خيرا ً في الجنة $من ترك شيئا ً لله عوضه الله
خيرا ً #والمريكيون لم يتركوها رغم القتناع
العقلي بضررها ورغم القوة الضاربة التي أعدت
لتنفيذ القانون بالقوة! ،فبماذا تفسرون هذا المر؟
إنه اليمان إذا خالطت بشاشته القلوب فعلينا
أن نلجأ لسلح اليمان في كل مشاكلنا وسنجد
()1نفس المصدر السابق ص ).(218
ضعف 116
اليمان
الحل بإذن الله.
وعلينا أن نركزأولعلى مبدأ)الوقاية قبل العلج(
وبذلك نوفر على أنفسنا جهدا ً كبيرًا.
117 البـــاب
الثالث
النانية وحب الذات
وهي داء وبيل يفتك بالشعوب فتكا ً ذريعا ً لن
النسان الناني يريد أن يكون الخير له وحده،
وأحيانا ً يتألم ويحزن عندما تهب رياح الخير إلى
غيره ،وهذا بالتالي يعني أن هذا النسان ل يحب
التعاون مع مجتمعه ،بل هو على استعداد للحاق
أكبر الضرر بالمجتمع إذا كان في ذلك مصلحة
شخصية له ،لن حبه الطاغي لنفسه قد أنساه
المصالح العليا لدينه وأمته ،وهذا الناني لو تأمل
قليل ً لوجد أن التعاضد مع إخوانه يصب أساسا ً في
مصلحته الشخصية؛ ولو بعد حين ،ولكن سعيه
الحثيث في سبيل ذاته وحسب أعماه عن أي شيء
آخر ،فهو ل يفكر إل في ذاته ،ول يعمل إل من أجل
شهواته ،لن $غريزة النانية وحب الذات غريزة
عاتية جبارة ل يكاد يخلو بشر من سلطانها عليه،
وقوة دفعها له ،وتوجيهها لسلوكه ،وإنك لترى
الناس تدفعهم النانية إلى التنافس على الدنيا
ومتاعها ،ويدفعهم التنافس إلى التنازع والختصام،
ويدفعهم ذلك إلى إدعاء ما ليس لهم ،وجحود ما
عليهم من حقوق ،وأكل أموال الناس بالباطل،
وعندما يطل شيطان الخصومة برأسه ل يكون إل
حب الغلبة بأي ثمن ،وأية وسيلة.
ولكن عنصر اليمان إذا دخل المعركة أطفأ
لهب الخصومة ،فصارت نارها بردا ً وسلمًا ،وحطم
طغيان النانية فاستحالت تسامحا ً وإيثارًا ،وحلق
ضعف 118
اليمان
بالمؤمن من المتاع الدنى إلى المثل العلى. #
)(1
الباب الرابع
علج ضعف اليمان
ًا.
-1كفى بالموت واعظ
-2الحفاظ على الفرائض ،والكثار من النوافل.
-3التفكر في مخلوقات ال.
-4استشعار عظمة ال تعالى.
-5اعتزال كل لغو وباطل.
-6الطلع على سير الصالحين.
-7زيارة المقابر.
-8قراءة القرآن قراءة فهم وتدبر.
-9أل بذكر ال تطمئن القلوب.
-10طلب العلم ،وحضور مجالس الذكر.
ضعف 110
اليمان
125 البـــاب
الرابـع
163 البـــاب
الرابـع
ضعف 164
اليمان
197 البـــاب
الرابـع
ضعف 198
اليمان
زيــــارة المقـــابر
الخاتمـــة
وفي نهاية المطاف أرجو أن يكون قد أتضح
في ذهن القارئ الكريم؛ أن ضعف اليمان قد
فشى بين الناس وانتشر:
فقد قست القلوب...
واستهان الناس بالمحرمات...
وثقلت عليهم العبادة...
وسنختصر أسباب ذلك في أمرين:
ل :انغماس الناس في أمور الدنيا ،وانشغالهم أو ً
الكلي بجمع حطامها الزائل بفعل الطغيان المادي
الهائل الذي خيم بظلله الكثيفة على الناس.
ثانيًا :الفكار الضالة ،والعقائد المنحرفة التي
تدفقت على المسلمين من خلل التفجر المعرفي،
والثورة الهائلة في تكنولوجيا التصالت ووسائل
العلم ،وكل هذه قد نبتت في بيئات قد انحسرت
عنها المبادئ الدينية ،وماتت فيها القيم الروحية ،ثم
انتقلت إلينا ،فكان تأثيرها في بلدنا ضارا ً بالقضية
اليمانية ،ومدمرا ً للقيم الخلقية ،وقد ظهرت نتيجة
لذلك أمراض اجتماعية ،ورذائل عصرية ،لم تعهدها
المجتمعات السلمية من قبل ،وقد ذكرنا بعضها
في الباب الثالث ،فل داعي لذكرها هنا.
ويجب علينا أل نقف مكتوفي اليدي أمام أعداء
اليمان من مثيري فتن الشهوات والشبهات ،بل
علينا أن نشمر عن ساعد الجد وننفض غبار
الكسل ،لنقف بالمرصاد لكل أعداء العقيدة
219 الخاتمة
والمصادر
وخصوم اليمان ،ول شك أن هذه المة منصورة
بنصر الله لها ،ودينها محفو ٌ
ظ بحفظه تعالى :
ذلك لم ] سورة الحجر ،[9:ولول
تقم لها قائمة خاصة في القرون المتأخرة ،مع قوة
أعدائها الهائلة ،وضعفها الواضح يقول الشيخ
عبدالرحمن الميداني$ :لول أن السلم حق بذاته،
مؤيد بتأييد الله محفوظ بحفظه ،لم تبق منه بقية
تصارع قوى الشر في الرض ،التي ما تركت سبيل ً
من المكر إل سلكته ،ول سببا ً لطفاء نوره إل
أخذت به ،
.
] سورة النفال#[30:
)(1
مصادر البحث
الفهـــــــرس
رقم
الصفحة
الموضوع
المقدمة .......................................
5 ......................................
الباب
الول ...........................................
9 ......................
توطئة
وتمهيد .........................................
11 ......................
شبهات
وشكوك .......................................
23 ...................
ضعف 246
اليمان
رقم
الصفحة
الموضوع
كيف نطرد الوساوس
الشيطانية .....................................
29 ..
الباب
الثاني ..........................................
35 ......................
أسباب ضعف
اليمان .........................................
37 ...........
الهوى
والشهوات ....................................
43 .....................
الكسل ........................................
61 ...............................
طول
المل ...........................................
71 ......................
مجالسة العابثين
والبطالين .....................................
77 ...........
الباب
الثالث .........................................
79 ......................
آثار ضعف
اليمان .........................................
81 ...............
ضعف 248
اليمان
رقم
الصفحة
الموضوع
الكآبة
والقلق .........................................
83 .....................
الزنى ..........................................
89 ...............................
السرقة ........................................
93 ...............................
الرشوة ........................................
97 ..............................
المخدرات .....................................
101 ..............................
النانية وحب
الذات ..........................................
105 ...........
كثرة المراض
النفسية .......................................
107 ............
109 الباب
219 الفهـــــر
رقم
س
الصفحة
الموضوع
الرابع ..........................................
......................
علج ضعف
اليمان .........................................
111 ............
كفى بالموت
واعظا َ .........................................
117 ...............
التفكر في مخلوقات
الله .............................................
135 ......
اعتزال كل لغو
وباطل .........................................
149 ..........
ضعف 250
اليمان
رقم
الصفحة
الموضوع
الطلع على سير
الصالحين .....................................
161 .......
زيارة
المقابر ........................................
175 .........................
الخاتمة ........................................
209 ................................
مصادر
البحث .........................................
213 ...................
219 الفهـــــر
رقم
س
الصفحة
الموضوع
الفهرس .......................................
217 ..............................