Professional Documents
Culture Documents
الفقه الإسلامي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة
الفقه الإسلامي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
أعزائي المشاهدين سلم من ال عليكم وأهلً ومرحبًا بكم في حلقة جديدة من برنامج "الشريعة والحياة".
السلم دين يتميز بأنه يجمع -إضافة إلى ما فيه من روحانيات -كميات كبيرة تشكل الجزء العظم منه هي عبارة عما
يسمى بلغة اليوم (قوانين وتشريعات) .ومنذ أن كان السلم منذ عهد الصحابة الول والناس يختلفون في فهم النصوص
ذات العلقمة بالتشريمع ،بعضهمم أصمر على الخمذ بحرفيتهما وظاهمر نصمها ،وبعضهمم رأى أن ثممة خيوط ناظممة تجممع
المقاصد العامة للتشريع ،وإن تميزت المدرسة المالكية في تاريخ السلم بأنها الحرص على ما يُسمى بالمقاصد العامة
للتشريمع إل أن الممر لم يقتصمر عليهما ،ولعمل المام (الشاطمبي) فمي كتابمه (الموافقات) كان ممن أوائل ممن لمّح وصمرح
بوجود هذه المقاصد الناظمة لهداف التشريع السلمي.
لمناقشة هذا الموضوع :النص السلمي والتشريع السلمي بين المقصد العام وبين ظاهر النص وحرفيته ،يسعدني أن
أستضيف لهذه المسية (سماحة العلمة الشيخ أحمد الخليلي) مفتي سلطنة عمان .سماحة الشيخ أهلً وسهلً بك في قناة
الجزيرة.
لو ابتدأنمما بالمقدمممة المنطقيممة لهذا الموضوع وهممو تميممز السمملم عممن غيره مممما درج على تسممميته بالديممن باشتماله إلى
الجانمب الروحمي ،يتبادر إلى الذهمن كلممة ديمن اشتماله على التقنيمن والتشريمع أو باب الفقمه بمعناه الواسمع ..همل تؤيمد أن
السلم فيه هذين الجانبين أم أنه جانب روحي فقط؟
بسم ال الرحمن الرحيم ،الحمد ل رب العالمين ،والصلة والسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أمما بعمد فقبمل كمل شيمء أحيمي الخوة والخوات المؤمنيمن والمؤمنات بتحيمة السملم الخالدة ،فأقول لهمم وهمم يتابعون هذا
الحديث :السلم عليكم ورحمة ال وبركاته.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
وعليكم السلم.
هذا ول ريب أن السلم نظام إلهي جاء من أجل وصل هذا النسان بخالقه -سبحانه وتعالى -باعتبار هذا النسان خليفة
في هذه الرض ،وسيداً في هذا الكون ،سخر ال -سبحانه وتعالى -له منافع الرض ومنافع الكون بأسره ،وهو لم يُوهب
هذه الموهبمة العظيممة إل لنمه ينوء بمسمؤولية كمبرى ،هذه المسمؤولية تقتضمي أن تكون حياتمه حياة منظممة ،وأن تكون
حياتمه مبنيمة على أسمس ممن أواممر ال -سمبحانه وتعالى -الذي اسمتخلفه فمي هذه الرض ،فإن الرض التمي اُسمتخلف فيهما
النسان ما هي إل جزء من مملكة ال -تعالى -الواسعة ،هذا الجزء ل يهدأ ول يستقر ول يسعد إل إذا ما نفذ فيه أمر ال
سبحانه وتعالى .ومن المعلوم أنه ل يمكن لي حاكم من الحكام ،وهو يتولى مسؤولية تسيير َدفّة مجموعة من الناس إل
أن يضع لهم نظامًا ،ولئن كان المر كذلك بالنسبة إلى هؤلء الحكام ،فمن المعلوم أنه من الحرى بأن يكون ال -تبارك
وتعالى -لم يهممل عباده ،ولم يهمب النسمان هذه المَلكمة ملكمة العقمل وملكمة التدبيمر التمي تمكمن ممن خللهما أن يسميّر المور
في هذه الرض بمشيئة ال -تعالى -وتوفيقه إل من أجل أن النسان مأمور بأن تكون حياته حياة مضبوطة ،حياة مُقيدة،
ليست هي كحياة الحيوان العجم الذي يتصرف وفق شهوته ورغبته من غير أن تكون له ضوابط.
لو سممحت لي بالمقاطعمة فمي هذه الجزئيمة تحديدًا ،ثممة ديانمة قبلنما الديانمة اليهوديمة كان فيهما تشريمع ،الجانمب الخلقمي الذي
تعرضت إليه في الخير ..هل نحن متوازنون أم نقع في نفس المطب
[فاصل إعلني]
همل هناك توازن فيمما ترى بيمن الجانمب الخلقمي والجانمب التشريعمي؟ لنمه اليهوديمة سمبقت بالجانمب النظاممي هذا لكنهما لم
تنجح.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
على أي حال نحمن إذا جئنما إلى الشرائع المنزلة ممن عنمد ال -تبارك وتعالى -على الرسمل السمابقين نجمد أن هذه الشرائع
إنممما كانممت شرائع مرحليممة ،ولذلك لم تكممن كالسمملم كشريعممة السمملم المنزلة على نبينمما محمممد -عليممه أفضممل الصمملة
والسملم -فمي اسمتيعابها لمشكلت النسمانية وعمقهما فمي وضمع الحلول لجميمع هذه المشكلت حلولً فطريمة عميقمة ،لنهما
كانمت شرائع مرحليمة ،بخلف هذه الشريعمة الخاتممة الجامعمة ،فال سمبحانه وتعالى يخاطمب نمبيه -صملى ال عليمه وسملم-
بقوله { :ونزلنما عليمك الكتاب تبيانًا لكمل شيمء } ،ول يلزم أن يكون هذا التمبيان تبيانًا نصميّا ،فقمد يكون هذا التمبيان تبيانًا
نصميّا ،وقمد يكون ظاهرًا ،وقمد يكون هذا التمبيان عموميّام شاملً ،قمد يكون عائدًا إلى قاعدة ممن القواعمد ،وقمد يكون أيضًا
برعاية مقاصد الشارع ،فكل من ذلك فيه تبيان لما تحتاج إليه هذه النسانية.
اسممح لي أن أطلب منمك أن توسمع فمي هذه القضيمة قليلً ،جزء ممن أزممة الفكمر السملمي اليوم أننما نعانمي ممن بعمض
صلتنا ببعض العلماء أن هذه الحلول الفطرية { وتبيانًا لكل شيء } يُساء فهمها ويعطي النطباع للمسلم في الشارع أن
كممل الحلول جاهزة للمشكلة ..فقممط فسممر لي ممما المقصممود بالحلول الفطريممة؟ وممما المقصممود بقوله تعالى { :تبيانًما لكممل
شيء }؟
نعم ،كما قلت أولً :من ناحية التبيان لكل شيء قلت بأن البيان قد يكون نصيّا ،بعض الحكام جاءت نصية في الكتاب ل
تقبمل الجدل ،ول تحممل معنمى آخمر { :حُرّممت عليكمم أمهاتكمم وبناتكمم وأخواتكمم وعماتكمم وخالتكمم }..إلى آخمر اليمة
حرّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير
الكريمة ،هذه آية جاءت ناصة على مدلولتها ول تحتمل معاني أخرى كذلك { ُ
ومما أهمل بمه لغيمر ال }..هذا أممر جاء نصميّا ،قمد تكون هنالك آيات عاممة ،هذه اليات العاممة تحتممل التخصميص ،ولذلك
يقول جمهور من العلماء بأنه ما من عام إل وقد خصص ،ولكن هذا بطبيعة الحال إنما هو في آيات الحكام ،ول يمكن
أن نحمل مثل قول ال تبارك وتعالى { :لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُ ُفوًا أحد {.
أنها قد تخصص.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
ويحرم عليهما أن تصملي وتصموم { إن الصملة كانمت على المؤمنيمن كتابًا موقوتًا } ولكمن ممع ذلك كله -أيضًا كمما قلنما-
الحائض ل تدخممل فممي وجوب الصمملة عليهمما فممي أثناء حيضهمما ،وكذلك النفسمماء ،وال -تبارك وتعالى -فرض فرائض
متعددة دخلها التخصيص.
الحكام التمي جاءت فمي القرآن الكريمم كثيمر منهما خُصمّص ،حتمى إننما نجمد أن التخصميص قمد تكون آيمة خُصمصت ممن
مخصمصات متعددة :مخصمصات متصملة ومخصمصات منفصملة ،مخصمصات ممن خارج آيات الكتاب العزيمز ممن السمنة
النبوية وال تعالى يقول { :قل ل أجد فيما أُوحي إليّ محرمًا على طاعم يطعمه إل أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحم
خنزير فإنه رجس أو فسقًا أُهِلّ لغير ال به ، }..هذا التخصيص متصل ،ثم جاءت مخصصات منفصلة من ذلك :تحريم
ذوات الناب مممن السممباع والمخالب مممن الطيممر ،كممما جاء النهممي عممن أكممل الحُمممر الهليممة ،هذه مخصممصات منفصمملة..
مخصصات منفصلة -أيضًا -من نفس القرآن الكريم :تحريم الصيد على المحُرم ،وكذلك تحريم الخمر ،الخمر من جملة
المطعومات.
خليني أسألك في هذا الجانب ،أنت ذكرت أشياء لها علقة بالصلة ،أشياء لها علقة بالصوم ،ثمة تمييز قبل أن نخش
[ندخمل] فمي جوهمر الموضوع ..فمي العادة أنتمم مشايخنما علمتمونما أن الديمن نقسممه عمومًا إلى عبادات ،وهذه ل يمكمن
فهمهمما إل نصميّا ،وقبلهمما عقائد ثممم معاملت .كمقاربممة حجممم العتماد على المقاصممد العامممة ،حجممم العتماد على الروح
العامة للتشريع ،حجم العتماد على العقل ..أين يكون أكثر في آيات العقائد نصوص العقائد نسميها ،نصوص العبادات
أم نصوص المعاملت؟
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
طيب على أية حال إذا جئنا إلى نصوص العقائد نجد أن النصوص ما من نص إل والعقل يؤيده ،ولذلك نجد -وهذه من
مزايا القرآن الكريم -عندما يقرر قضية عقدية يتبعها بالدلة ،ال -تبارك وتعالى -يقول { :وإلهكم إله واحد ل إله إل هو
الرحممن الرحيمم } أتبمع بعمد ذلك أدلة عقليمة تؤكمد مما أثبتمه ممن أن الحمق -سمبحانه وتعالى -إله واحمد ،وذلك قوله -سمبحانه:
{ إن في خلق السماوات والرض واختلف الليل والنهار والفُلْك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل ال من
السمماء ممن ماء فأحيما بمه الرض بعمد موتهما وبمث فيهما ممن كمل دابمة وتصمريف الرياح والسمحاب المُسمخر بيمن السمماء
والرض ليات لقوم يعقلون }.
ثمم بعمد ذلك نجمد أيضًا بالنسمبة إلى نصموص العبادات ،نصموص العبادات همي أقرب إلى التسمليم ،نحمن ل نشمك أن كمل
عبادة من العبادات إنما شُرعت لحكمة علمها ال -سبحانه -إذ أعمال الحكيم ل تخلو أبدًا من الحكمة ،ولكن مع ذلك كله
هذه الحكممة قمد تتجلى ،بالنسمبة إلى العبادات فمي عمومهما همي متجليمة ،لن ال تعالى َبيّنم أن الغايمة ممن العبادات وممن
مشروعيتهما تقوى ال ،فهمو القائل { :يما أيهما الناس اعبدوا ربكمم الذي خلقكمم والذيمن ممن قبلكمم لعلكمم تتقون } { ،لعلكمم
تتقون } على تفسير (ابن جرير الطبري) وجماعة من المفسرين وهذا قول جماعة من علماء العربية بمعنى :لكي تتقوا
أي لعل هنا آتية بمعنى كي ،وهذا مما استشهد له بشيء من شواهد العربية ،فالشاعر يقول:
أي :لعلنا نكف بمعنى :لنكف ،بدليل قوله :ووثقتم لنا كل موثق .ثم إننا نجد إلى الصلة نفسها ال -تبارك وتعالى -يقول:
{ وأقمم الصملة إن الصملة تنهمى عمن الفحشاء والمنكمر } وفمي الزكاة يقول { :خمذ ممن أموالهمم صمدقة تطهرهمم وتزكيهمم
بها } ،نجد في الصيام { :يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } ،نجد في
الحمج ارتباط الحمج بالتقوى مذكورًا فمي أكثمر ممن آيمة ،ال تعالى يقول { :وأتموا الحمج والعمرة }..إلى أن ختمم هذه اليمة
بقوله { :واتقوا ال إن ال شديد العقاب } ،ثم قال بعد ذلك { :الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فل رفث ول
فسموق ول جدال فمي الحمج ومما تفعلوا ممن خيمر يعلممه ال وتزودوا فإن خيمر الزاد التقوى واتقونِم يما أولي اللباب} ،ثمم
قال { :واذكروا ال فمي أيام معدودات فممن تعجمل فمي يوميمن فل إثمم عليمه ومَنْم تأخّرم فل إثمم عليمه لممن اتقمى واتقوا ال
واعلموا أنكممم إليممه تحشرون } وقال فيممه { :ومممن ُيعَظممم شعائر ال فإنهمما مممن تقوى القلوب } وقال أيضًا { :لن ينال الَ
لحومُها ول دماؤها ولكن يناله التقوى منكم }.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
كمل ذلك يدل على أن هذه العبادات فمي عمومهما تؤدي إلى تقوى ال ،فالحكممة ممن مشروعيتهما تقوى ال ،ولكمن بالنسمبة
إلى جزئيات العبادات ،نحمن ل نسمتطيع أن ندخمل فمي هذه الجزئيات :لماذا كان فرض المغرب ثلث ركعات؟ لماذا كان
فرض الفجر ركعتين؟ لماذا كان فرض الظهر والعصر والعشاء أربع ركعات؟ لماذا صلة الظهر صار وقتها ممتدًا إلى
بداية وقت صلة العصر ،وهكذا صلة المغرب ،بينما بعد صلة الفجر ينقطع الوقت إلى صلة الظهر؟
هذه أمور نكلهمما إلى ال ،ل يمكممن للعقممل البشري أن يتدخممل فيهمما ،كذلك إذا جئنمما إلى الحدث ،الحدث يعنممي هممو يتعلق
بالنفمس البشريمة بحيمث تمنمع هذه النفمس ممن الصملة بسمببه ،ولكمن هذا الحدث مورده مكان مخصموص ،لماذا لم يقتصمر
على تنظيممف ذلك المورد فقممط؟ ثممم لماذا خصممصت له أعضاء يكون تنظيفهمما رفعًا لهذا الحدث؟ هذه أمور ل يمكممن أن
يتدخل فيها أحد.
لكمن فمي المحصملة النهائيمة -لو سممحت لي -إذن البنديمن الوّليمن :العبادات والعقائد ليسمت همي مجال بحثنما الرئيسمي لهذه
الليلة فيما يتعلق بالمقاصد والنصوص ،لنه كما تفضلتم نأخذها على وجه التسليم في الساس.
نعم ،كذلك أما إذا جئنا إلى الحكام الشرعية ،فإن الحكام تدور حول مصالح البشر ،سواء كانت هذه المصلحة مصلحة
الدين أو مصلحة النفس أو مصلحة العقل أو مصلحة النسل أو مصلحة المال ،وتتفاوت بقدر أثرها في هذه المصالح فقد
تكون هذه المصلحة ضرورية ،وقد تكون هذه المصلحة حاجية ،وقد تكون هذه المصلحة تحسينية.
اسمح لي قبل أن تواصل ،تحدثت عن الدين ،النفس ،العقل ،النسل أو العرض ،والمال .الربعة الخيرة لن تختلف عليها
كثيرًا لن كمل البشريمة مسملمين وغيمر مسملمين يقرون بهما ..مسمألة الديمن ،مما همي أهميمة أن يكون الديمن همو المصملحة
العامة الولى المطلوب الحفاظ عليها؟ كيف تُقنع غير المسلم بأهمية أن يكون له دين؟ ماذا سيستفيد؟
نعمم ،على أي حال أولً قبمل كمل شيمء هذا النسمان وهمو فمي هذه الرض وبطمبيعته مُسمْتخلف فمي هذه الرض ومسمؤول
عن عمارتها بأمر ال -سبحانه وتعالى -يحس هذا النسان بخواء فكري وفراغ روحي عندما يكون غير متدين ،ولذلك
كان الناس لهم مسالك متعددة في البحث عن الدين بفطرتهم ،إذ النسان بفطرته يبحث عن الدين ،لنه يشعر بأنه بحاجة
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
إلى التصال بقوة غيبية تسيطر على هذا الكون ،فهو يشعر بأنه بدون هذا التصال يعيش في خواء وفي فراغ ،فمن هنا
كان دائمًا يشعر بالحاجة إلى الرغبة في هذا التصال ،ولكن بما أن الدين ل يخضع لتجارب البشر ،ول يخضع لمقاييس
العقمل وحده ،إذ العقمل محدود كسمائر الطاقات التمي فمي النسمان ،وكمما أن البصمر ل يمكمن أن يخترق الحجمب فيبصمر مما
وراءهما ،كذلك العقمل ل يمكمن أن يخترق الحجمب المعنويمة فينفمذ إلى مما وراءهما ،والعقمل يتأثمر بمؤثرات كثيرة ،قمد يتأثمر
العقل بمؤثر اجتماعي ،وقد يتأثر بمؤثر نفسي ،ومن هنا تتفاوت..
نعم ،هذا مما يدخل في الجتماع ،لذلك تتفاوت المجتمعات في الستحسان والستقباح ،وقد يتفاوت الناس الذين يعيشون
في البيئة الواحدة في الستحسان والستقباح ،وإنما كانت الضرورة داعية إلى أن ينزل وحي من ال -تعالى -ليوجه هذا
العقل البشري إلى الفطرة ،إلى الطريق السليم ،إلى الحق المستقيم.
فإذن من هنا تأتي ضرورة البشر إلى الدين ،وإذا جئنا إلى مصالح البشر بدون دين نجدها ل تقوم أبدًا ،بغض النظر عن
مصملحة النسمان فمي الدار الخرة ،وعمن حاجتمه إلى الصملة بربمه سمبحانه ،هنما فمي هذه الحياة الدنيما ل يمكمن للوضاع
البشرية أن تستقر بدون دين ،لن الناس خلقهم ال تعالى كما هو معلوم اجتماعيين بفطرتهم ،مدنيين بطبعهم ،ومن هنا
كانمت المصمالح بينهمم مشتركمة ،واشتراكهمم فمي المصمالح يؤدي إلى التدافمع والتجاذب ،وهذا يعنمي أنمه لبمد ممن أن يكون
هنالك نظام ،هذا النظام يسمميطر على هذه النفوس البشريممة فيوجههمما وجهممة واحدة ليكون تجاذبهمما وتدافعهمما فممي حدود
الفضيلة والخلق..
[ موجز الخبار]
كنت قبل الفاصل تحدثنا عن أهمية الدين في الحياة ،ولهذا ُرتّب على أنه المقصد الول من مقاصد التشريع العامة ،لكن
ثممة ممن يقول :إن أوروبما والعالم الغربمي والكثيريمن ممن البشمر نجحوا وعاشوا بالعكمس ،تجمد ثممة مكانمة للنسمان فمي
المجتمعات غير المتدينة -إذا جاز التعبير -أكثر مما هو موجود في المجتمعات المتدينة.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
الجواب عمن هذا ممن وجهيمن :الوجمه الول أن ال -سمبحانه وتعالى -يبتلي ممن يشاء ممن عباده بمما شاء ،هؤلء الغربيون
-ل ريمب -أنهمم بنوا الحياة الماديمة بناءً باهرًا لنهمم أولوهما كمل اهتمامهمم ،ولكمن همل اسمتطاعوا أن يبنوا النسمان؟ همل
استطاعوا أن ُيكَوّنوا النسان؟
نحمن نجمد أن هذه البلد التمي تقدممت فمي مجال الحضارة الماديمة أخفقمت ممن حيمث بناء النسمان بالقيمم النسمانية ،ولذلك
أصبحت الجرائم هناك تقاس بالثواني ،وهي تتزايد باستمرار ،والقوة لم تستطع أن تؤمّن النسان هناك ،بينما عندما كان
الديمن سمائدًا ،والمسملمون آخذون بحجزتمه غيمر مفرطيمن فمي جزئيمة ممن جزئياتمه فضلً عمن التفريمط فمي كلياتمه ،فمي ذلك
الوقت كانت الدولة السلمية تمد نفوذها إلى جانب واسع من هذه الرض ،نستطيع أن نقول بأنها ورثت معظم الممالك
الرومانية والفارسية ،وساد العدل ،وساد الستقرار ،وسادت الطمأنينة في هذه الراضي كلها ،في وقت لم تكن توجد فيه
مخابرات ،ولم تكن توجد فيه وسائل الستكشاف الموجودة في وقتنا هذا ،ولم تكن توجد فيه قوة عسكرية ،ولم تكن توجد
فيه أسلحة رهيبة مخيفة للنسان ،ولكن مع ذلك كله حصلت الطمأنينة وحصل الستقرار ،واطمأن النسان -أي إنسان
كان -بغض النظر عن دينه ومعتقده ،حتى أن الذمي كان يُنازل الخليفة أمام القاضي ،وبما أن الخليفة تعوزه البينة يكون
الحكم لصالح الذمي ،هكذا كان.
المر الثاني أن المسلمين في وقتنا هذا ما كان تخلفهم إل بسبب الغزو الفكري الذي أبعدهم عن التمسك بدينهم ،ولو أنهم
استمسكوا به تمام التمسك لما كانوا متخلفين ،فإن السلم يأمر بالخذ بأسباب القوة ،ال تبارك وتعالى يمتن علينا بقوله:
{ هو الذي خلق لكم ما في الرض جميعا ً} ،ويمتن علينا بقوله { :وسخر لكم ما في السماوات وما في الرض جميعًا
منمه } ،فإذن نحمن وقمد امتمن ال علينما بذلك علينما أن نتخمذ الوسمائل لمكان اسمتغلل هذه المنافمع التمي فمي هذه الرض
والتي هي من حول هذه الرض لجل مصلحة النسان في هذا العالم.
اسممح لي عنمد هذه النقطمة ،نحمن نتحدث عمن المقاصمد ،وذكرنما المام الشاطمبي وذكرنما المذهمب المالكمي ،لكمن ..هذا
المدخمل إلى فهمم الشريعمة ،همل هذا فهمم مُسمتحدث أم أنمه ثممة فمي حياة المصمطفى -صملى ال عليمه وسملم -وفمي حياة
الصممحابة مممن حوله ممما أشعرنمما ،ممما دلنمما على وجود مثممل هذا الفهممم المقاصممدي العام؟ هممل اختلف الصممحابة فممي فهممم
النصوص بين مقاصديين وظاهريين؟
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
نعم ،حصل الخلف بيمن الصمحابة -رضوان ال عليهم-والنبي -صلى ال عليه وسملم -أقمر هؤلء وهؤلء على مما رأوا،
ذلك لن النمبي -عليمه أفضمل الصملة والسملم -أراد أن تكون هذه الشريعمة شريعمة سممحة واسمعة ،ول ريمب أنمه لو لم
يختلف الصممحابة -رضوان ال عليهممم -لممما أمكممن لمممن بعدهممم أن يختلفوا ،وهذا يعنممي إغلق باب النظممر ،ويعنممي عدم
الجتهاد ،وقد أراد النبي -صلى ال عليه وسلم -أن تكون هذه الشريعة شريعة فيها الجتهاد ،فيها النظر في المور غير
القطعيمة ،فلذلك أقرهمم على مما فهموه ممن كلممه صملى ال عليمه وسملم ،فهمو عندمما قال للصمحابة رضمي ال تعالى عنهمم:
"ل تصملوا العصمر إل فمي بنمي قريظمة" ،منهمم ممن فهمم الحديمث على ظاهره ،وأنمه يمكمن أن يخصمص عموم وجوب
المحافظمة على وقمت الصملة بأمرالنمبي-صملى ال عليمه وسملم-إذ النمبي مُبلغ عمن ال -سمبحانه -وقمد أمرنما ال -تعالى-
بطاعته ،وجعل طاعتنا له من طاعته سبحانه ،فلذلك قالوا :نحن ل نصلي كيفما كان ولو فات وقت الصملة حتمى نصل
إلى بني قريظة.
هؤلء أخذوا بالظاهر ،طائفة أخرى نظرت إلى المقصد ،نظرت إلى أن الصلة كتاب موقوت ،لها أوقات محددة ،ورأوا
أن الحديمث ل يعنمي تأخيمر الصملة عمن وقتهما ،وإنمما يعنمي الحديمث الشريمف المسمارعة بحيمث إذا أمكنهمم أل يصملوا إل
هنالك ،بحيممث ل يفوت وقممت الصمملة إل وقممد بلغوا عنممد بنممي قريظممة ،فعليهممم أن يفعلوا ذلك ،فلذلك قالوا :نحممن نصمملي
الصلة لوقتها ،ونتعجل الذهاب امتثالً لمر الرسول -صلى ال عليه وسلم -فلما رجعوا إلى النبي -صلوات ال وسلمه
عليمه -أقمر الفريقيمن على اجتهادهمما ،أقمر هؤلء على نظرهمم ،وأقمر هؤلء على نظرهمم ،ولم يرد أن يقول بأن هؤلء
أصوب رأيًا حتى ل يغلق باب الجتهاد ليظل باب الجتهاد مفتوحًا من بعده ..وسامحني يعني في عهد الخلفاء الراشدين
جميعًا -رضمي ال تعالى عنهمم -نرى أنهمم كانوا يجتهدون فمي تطمبيق النمص ،ربمما كان النمص يُطبمق فمي عهمد الرسمول
-صلى ال عليه وسلم -وفي جزء من عهد الخلفة الراشدة على نحو معين ،ولكن يأتي من بعده عهد آخر فيرى الخليفة
ويرى المسلمون معه عدم تطبيق النص على ذلك النحو ،لن المور تغيرت والحوال تحولت ،فعمر -رضي ال تعالى
عنمه -عندمما منمع المؤلفمة قلوبهمم مما كانوا يُعطَونمه ممن قبمل ممن سمهم فمي الزكاة ،لم يكمن بذلك مُعطلً للنمص -حاشاه ممن
ذلك -وإنمما كان مُعملً للنمص كمما يقتضيمه الحال ،فعممر أدرك تمام الدراك أن الممر جاء ممن عنمد ال وطبقمه الرسمول
-صلى ال عليه وسلم -لحكمة ،وذلك لن هؤلء كانوا في ذلك الوقت يرهب جانبهم ،فالدولة السلمية في بداية نشأتها
ومممن داخلهمما أعداء ومممن خارجهمما أعداء ،فبداخلهمما المنافقون الذيممن كانوا يتربصممون الدوائر للمسمملمين ،وخارجهمما كان
الكفرة ممن الروم والفرس الذيمن كانوا -أيضًا -يتربصمون الدوائر بهذه الدولة ،أمما وقمد وصمل الممر بأن تُسملّ عروش
الظالميمن ممن الكاسمرة والقياصمرة ويُنزلوا ممن عليائهما صماغرين ،ويُخرَجوا ممن ممالكهمم صماغرين ،فإنمه -ول ريمب -لم
يبقَم هنالك جانمب يرهمب ممن قبمل أولئك الذيمن كانمت تتألف قلوبهمم بسمبب دخولهمم فمي السملم ممن جديمد ،فإذن همو أعممل
النص ،أعطاهم عندما كان المر يقتضي ذلك ،ومنعهم عندما كانت المصلحة تقتضي ذلك.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
[فاصل قصير]
مولنا ،أنت فتحت بابًا عظيمًا ،في المثلة الولى سماحتكم تفضلتم عمن اجتهدوا في نصوص قابلة للفهم بهذه الطريقة
أو تلك ،لكن مما ختمتمم بمه حديثكمم قبمل الفاصمل عن اجتهاد فمي معرض نص واضح قطعمي الثبوت قطعمي الدللة ،قضية
ل يصمدمنا بالتعارض ممع قاعدة
المؤلفمة قلوبهمم ،والقضيمة الشهمر قضيمة الحدود فمي عهمد (عممر بمن الخطاب) ،هذا أو ً
شرعيمة دارجمة على اللسمن "ل اجتهاد فممي معرض النمص" ،يصممدمنا فممي اضطرارنما للموافقممة على قبول بعممض ممن
يُسمون بالعلمانيين العرب على تاريخية النص السلمي بما فيه بعض القطعي في القرآن والسنة.
نعم ..نحن ل نشك أن القرآن شرع حق المؤلفة قلوبهم ،ول نشك بأن ما كانوا ُيعْطَوْنه كانوا يعطونه باستحقاق بأمر ال
تبارك وتعالى ،ولكمن لم يكمن هذا الحمق لهمم وحدهمم ومنعوا منمه ،هنالك أصمناف تُدفمع إليهما الزكاة ،هذه الصمناف تُدفمع
إليها الزكاة بسبب استحقاقهم :الفقراء والمساكين والغارمون وفي سبيل ال وابن السبيل وفي الرقاب ..هذه أصناف هي
مُسمتحقة للزكاة ،وقمد يكون نظرًا إلى الظرف تغطيمة هذا الجانمب جانمب هؤلء أهمم ،فل يعنمي أن آيمة الصمناف الثمانيمة
عُطلت ،وإنمما أُخمر إعطاء المؤلفمة قلوبهمم مما كانوا يعطونمه ممن قبمل بسمبب أنهمم كانوا يعطون لحكممة ،هذه الحكممة رأى
عممر -رضمي ال عنمه -أنهما انتفمت ،ول يعنمي ذلك تعطيلً للنمص ول إلغاءً له ،فعندمما تكون الحاجمة داعيمة إلى تأليمف
الناس لمصلحة السلم..
أنما لم أقمل إنمه لغمى ول عطمل ول دعما إلى إلغاء أو تعطيمل ،لكمن فتمح الباب أمام الجتهاد فمي معرض النمص القطعمي
الثبوت القطعي الدللة.
طبعًا ..طبعًا.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
تطمبيق النمص ،يعنمي النمص يُطبمق عندمما تكون الحاجمة داعيمة ،لن مشروعيمة هذا السمهم لجمل حاجمة المسملمين ،فعندمما
تكون الحاجمة داعيمة يُعطون ،أمما عندمما تكون الحاجمة غيمر داعيمة ،وهناك أصمناف همي أكثمر اسمتحقاقًا فإذن الولى أن
يُصرف هذا السهم في تلك الصناف.
لو سألتك السؤال التالي بعد هذا :يبدو أنك تتفق مع الخليفة الثاني عمر بن الخطاب..
تتفق مع رأي إمامنا وسيدنا (عمر بن الخطاب) رضي ال عنه ،لكن من غير عمر يملك هذه الحقية؟ قد يقول لك قائل:
إن هذا هو الخليفة الثاني ،هذا كان من المقربين جدّا من المصطفى صلى ال عليه وسلم ،هذا الذي وردت إشارات من
المصطفى باتباعه واتباع بعض الخلفاء الراشدين من بعده ،قد يجوز له ذلك ،لكن بعده كيف..؟
نحن ل نستطيع أن نقول بأن الباب يُفتح على مصمراعيه لجل اقتحام هذا المر ،هذا أمر ل يمكن أن يُقتحم هكذا ،على
أننما لو قلنما بفتمح هذا الباب ممن الذي يضممن الن أنمه ل يدعمي مدعٍم بأن مصملحة الممة الن فمي فتمح البارات لجمل جلب
السمواح ،ولجمل تنميمة اقتصماد البلد ،ولجمل التوفيمر ،وأن مصملحة الممة فمي المعاملة الربويمة ،وأن مصملحة الممة فمي
التسامح في الخلقيات ،من الذي يضمن لنا أنه ل يفتح هذا الباب؟
نعم في ذلك الوقت قبل كل شيء كان اليمان يمل النفوس ،ومخافة ال تعالى تسيطر على القلوب ،ولذلك كانوا والحمد
ل مُوفقيممن فممي اجتهادهممم ،أممما والحال هذه ل ريممب أن باب الجتهاد مفتوح ،لكممن ل يعنممي ..ممما هممي المصمملحة؟ أولً
المصملحة مما همي؟ نحمن علينما أن ندرك المصملحة المعتمبرة همي المصملحة التمي اعتبرهما الشارع ل المصملحة التمي ألغاهما
الشارع ،المصملحة التمي ألغاهما الشارع ل قيممة لهما ،ال تبارك وتعالى ألغمى اعتبار مما يمكمن أن يتصمور بأنمه مصملحة
بالنسمبة إلى الخممر ،بداية الممر لجمل التنمبيه لتنبيه الناس ،قال سبحانه وتعالى { :يسمألوك عن الخممر والميسمر قل فيهمما
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
إثمم كمبير ومنافمع للناس وإثمهمما أكمبر من نفعهمما } ولكمن بعدمما نزلت اليمة القاطعمة لدابر كمل شقاق وكمل تمسمك بمحاولة
تبرير شرب الخممر أو بيعها وشرائهما ،وهمي قوله سمبحانه وتعالى { :يما أيهما الذيمن آمنوا إنمما الخممر والميسمر والنصماب
والزلم رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون .إنما يريد الشيطان أن يُوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر
والميسمر ويصمدكم عمن ذكمر ال وعمن الصملة فهمل أنتمم منتهون } مما بقمي مجال لدعوى أن الخممر فيهما منفعمة ،وأن هذه
المنفعة يمكن أن تُنمى وتعود بالمصلحة .ربما يدعي المدعي أيضًا بأن ال -تبارك وتعالى -أمرنما أن ننظر في مصالح
اليتامى حيث قال { :ويسألونك عن اليتامى قبل إصلح لهم خير } ومال اليتم ربما ينمو بالتجار في الخمر ،بالمضاربة
في الربا ،بمثل هذه المور ،ل..ل..ل ،هذا باب يُغلق لن ال تبارك وتعالى ما اعتبر ،ما عدّ هذه مصلحة قط ،والنبي-
صلى ال عليه وسلم -ماعد هذه مصلحة.
فإذن ل يمكمن أن يُفتمح هذا الباب قمط ،نعمم نحمن نقول بأن المصمالح تُعتمبر إذا كانمت هذه المصمالح يعتبرهما الشارع ،أمما
المصالح التي ألغاها ،أو ما يُتصور بأنه مصالح وقد ألغاها الشارع فل يمكن اعتبارها ،على أننا قبل كل شيء ذكرنا أن
عقل النسان عقل محدود ،وبما أنه عقل محدود لبد من أن يستسلم لمر الشارع.
سنعود إلى المصلحة ،لكن اسمح لي عند هذه النقطة أن نعود إلى الخوة المشاهدين لنشركهم معنا في هذا الحوار ،معي
الخ نضال أبو نواس من السعودية ،تفضل أخ (نضال).
السلم عليكم ..تحية طيبة سيدي ماهر وتحية للسيد الخليلي ،أنا أحبه ومتابع له الصراحة.
ماهر:
نضال:
أولً أنما حأتكلم وحأقول هذا رأي خاص بمي أنما ،قمد أكون صمائبًا وقمد أكون مخطئا ،لسمت فقيهًا ول شيخًا ،لكمن مجتهمد،
يعني إنسان مسلم على القل ..العقل المقنن أو المسدد -إن جاز التعبير -هو الفعل الذي يبتغي به النسان إما جلب منفعة
أو دفع مضرة أو موافقة الشرع ،ال عز وجل يقول في سورة التوبة { :فإذا انسلخ الشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث
وجدتموهممم وخذوهممم واحصممروهم واقعدوا لهممم كممل مرصممد فإن تابوا وأقاموا الصمملة وآتوا الزكاة فخلوا سممبيلهم إن ال
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
غفور رحيمم } ،نجمد بعمض الفقهاء يحاول الهروب ممن هذه اليمة والسمتشهاد بآيات أخرى ،لنهما قمد تكون محرجمة لهمم
أمام مفاهيمم النسمانية كحريمة الرأي والتفكيمر المتحرر ،أو الخيار الدينمي الحمر ،فيمما نجمد فمي المقابمل أن بعمض الفقهاء
المناضلين يؤيدون فرض الجهاد لنهم يؤيدون الية السابقة وتفسيرها الذي ليس فيه حرج لهم ،فهم يريدون الحرب.
أل تشعر معي سيدي الشيخ وسيدي ماهر أن كل الفريقين يشوهان تفسير الية بإسقاط هموم وهيجانات كل فريق على
الية؟ كل حسب فهمه ،ثم أل ترى أن تفسير الية يجب أن يكون عبارة عن خليط من العقل المسدد أو المقنن في زمن
الرسمول ،والعقمل المسمدد فمي زماننما هذا ممع السمتظلل بعقليمة التشريمع النبوي ،فمي زماننا هذا مثلً سميدي ماهر وسيدي
الشيممخ ضعممف العرب كثيرًا ،وكثرت المعاهدات والتفاقيات والتداخممل بيممن الغرب والسمملم والهجرة والسممتعمار ،أل
يكون لهذه المور مسماعد لنما أو ممبرر فمي البعمد عمن حرفيمة النمص ،ومحاولة اسمتخراج نمص جديمد يسمتظل بنفمس الروح
ل كيمف نسمتطيع اللتزام بنفمس النصموص دون تغييمر فمي الفترة التمي كانمت إبان سميد البشمر،
التشريعيمة اللهيمة؟ يعنمي مث ً
ونحن نشهد تغييرًا مطردًا في البنى القتصادية والجتماعية والسياسية ،ولهذا أنا أجد من وجهة نظري المتواضعة جدّا
جدّا أن كثيرًا من الجماعات السلمية لم تصل إلى مآربها السلطوية بسبب هذا التجمد النصوصي ..الن سأقول نقطتين
وآخذ فيها رأي سيدي الشيخ أولً :ما أهمية البعد التاريخي وملصقته لفقه التشريع؟ ثانيًا :المجتهدين المعاصرين ..أل
ترى سيدي أنهم مُقيدون اعتمدوا على سوابق السلف ،قرؤوا وحفظوا فقط؟ ولهذا انحصرنا في الملء والكتابة والحفظ
فقط ..أشكرك على رحابة صدرك يا أستاذ ماهر ،شكرًا.
مشكور ،وأنت كنت مختصرًا ،معي الخ عبد ال ابن عامر من سلطنة عمان ،أخ عبد ال تفضل.
عبد ال بن عامر:
السلم عليكم.
وعليكم السلم.
عبد ال بن عامر:
أول شيء أشكركم -حقيقة -على هذا البرنامج ،ومسرور جدّا أن عندكم اليوم سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي حفظه
ال ،وحقيقة نحن ممن تربينا على روح هذه المدرسة ،وما أريد أن أقوله باختصار ..أستاذ ماهر أنت ذكرت في البداية
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
بأن قضيمة مقاصمد التشريمع تأسمست ممن حيمث التأصميل الفكري التنظيري ممع وجود المام (القرافمي) ،وقمد ذكمر سمماحة
المفتي بأنه اعتباراً من بعد ذلك ُوجِد ما يسمى بالتفريمق بين النصوص التعبدية المحضة والنصوص التي لها مقاصمد،
وكذلك (المام السالمي) الفقيه الباضي المشهور يقول في طلعة الشمس:
مما أريمد أن أقوله باختصمار بأن الحياة منمذ المام القرافمي مرورًا بالمام السمالمي رحممه ال إلى عصمرنا هذا تعرضمت
لمتغيرات ،وأنما أعلم بأن الفقهاء المعاصمرين يعقدون اجتماعات دائممة عمبر ملتقيات الفكمر السملمي والفقمه السملمي،
ونلحمظ أن هناك اهتمامًا واسمعًا بقضيمة الفروع الفقهيمة ومسمتجدات الحياة ،مما أريمد أن أقوله :همل هناك اهتمام بإعادة
التنظيمر لمسمألة مقاصمد الشريعمة ،يعنمي مما همو الممر الذي يمكمن أن يعمد أمرًا تعبديّام محضًا ل يمكمن للعقمل البشري أن
يدخمل فيمه ،ومما همي المور التمي يمكمن للنسمان أن يجادل فيهما ويحاور ،ثممة مسمائل كثيرة تعرض لهما الفقهاء السمابقون،
وقالوا بأنهمما مممن باب المور التعبديممة المحضممة .وهناك الن نفممس هذه القضايمما بسممبب مسممتجدات الحياة وتغيممر النظرة
وظروف العقل ،من الفقهاء من يقول بأنها يمكن أن ينظر إليها وفق مقاصد التشريع ،أذكر على سبيل المثال مثلً قضية
شدّد ومنهم من رخص باعتبار أن هذه من المور
ما يتعلق بالجراحة الطبية ،ثقب الذن مثلً ..الفقهاء القدامى منهم من َ
الضروريمة التمي تعتمبر ممن الضرورات بالنسمبة للمرأة ،قضيمة محرمات السمماع الغانمي والموسميقى ،كثيمر ممن الفقهاء
سمابقًا وقفوا حيالهما وقفمة التشدد ،ممن الفقهاء المعاصمرين ممن قال الن بأنهما مُباحمة نظرًا لنهما تتسماوى ممع مما يسممونه
بفلسفة الجماليات في السلم.
أريد باختصار :هل هناك اهتمام واسع بوضع قواعد جديدة تضاف إلى القواعد التي وُجدت في عصر المام القرافي؟ أم
أن الملتقيات التي تعتقد للفقه السلمي ستقتصر على مجرد مناقشة الفروع الفقهية ،بغض النظر عن وضع ..يعني لغة
جديدة..
سؤال جميل يا أخ (عبد ال) وإن شاء ال تسمع من الشيخ تعليق عليه ،طيب سيدي ..أعتقد سمعت السئلة طبعًا.
السؤال الول.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
ماهر:
سمنبدأ بهما بالترتيمب ،الخ نضال تعليقمه ..كان يريمد منمك تعليمق على اليمة ..ثممة ممن يفسمرها اليوم تفسميرًا ليبراليّام لن
السلم بحاجة أن يدافع عن نفسه ،وثمة من يقول :ل ..الجهاد فرض عين إلى قيام الساعة ،أي التفسيرين؟
على أي حال ،ل يملك أحمد أن يلغمي حكمم الجهاد ،ولكمن نحمن علينما أن نعرف بماذا نبدأ؟ ومما همي الخطوات التمي نتخمذ؟
ل للجهاد؟ نحن نجد أن النبي -صلى ال عليه وسلم -ربى هذه المة قبل
وما هي الوسائل التي ترتفع بنا إلى أن نكون أه ً
كل شيء على اليمان ،ورباها على اللفة والمودة ،ورباها على التضحية ،عندما ضحت هذه المة ،عندما حان موقف
الجهاد َهبّتم هذه الممة بسمبب تلك التربيمة ،هبمت لنصمرة ال ولنصمرة رسموله صملى ال عليمه وسملم ،على أن الجهاد إنمما
كان تأمينًما لسممير الدعوة ،حتممى تصممل هذه الدعوة إلى نفوس المسممتضعفين الذيممن يتطلعون إليهمما ،وقممد حاول أولئك
المتغطرسون المتكبرون أن يحولوا بينها وبين مسامعهم ،فلبد من تذليل العقبات لجل أن تصل هذه الدعوة.
وممع هذا كله نجمد أن ال -سمبحانه وتعالى -يأممر بالعدل حتمى فمي الجهاد ،ويأممر بالنصماف ،ال سمبحانه وتعالى يقول:
{ وقاتلوا في سيبل ال الذين يقاتلونكم ول تعتدوا إن ال ل يحب المعتدين { ،نعم المة السلمية استمسكت بهذا المر
الرباني وسارت في هذا الطريق الصحيح ،ووصلت إلى ما وصلت إليه.
نحن على أي حال ل نقول بنسخ الجهاد ،معاذ ال ،فإن الجهاد قائم ،أي قائمة مشروعيته مما دامت السماوات والرض،
ل يبطله جور جائر ول عدل عادل ،ولكن مع هذا كله نقول بأن المة عليها أن تجاهد قبل كل شيء نفسها لتمتآلف على
كلمة سواء ،لتكون أهلً للضطلع بهذه المانة ،نحن صدق علينا اليوم ما جاء في الحديث" :يوشك أن تتداعى عليكم
الممم كمما تتداعمى الكلة على قصمعتها ..أممن قلة؟ قال :ل ،إنكمم كثيمر ولكنكمم غثاء كغثاء السميل" ،فلجمل هذا نريمد أن
نخرج من هذه المرحلة مرحلة الغثائية لنكون..
همل تتفمق معمه أن أحمد أسمباب هذه الغثائيمة -طبعًا همو لم يذكمر التعمبير -قال سمبب تأخمر كثيمر ممن الحركات السملمية
وكثير من الدول السلمية وهذا الفهم النصي الظاهري الحرفي للنصوص؟
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
نحن ل نريد أن نتهم أحدًا بأنه كان سببًا للتأخير ،لكن مع ذلك ندعو الجميع إلى التعمق في فهم السلم ،إلى التعمق في
إدراك أبعاد السلم ،إلى التعمق في فهم الحكمة من مشروعية ما شُرع في السلم من أحكام ،وما أمر به من الخلق
علينا أن نتعمق لجل أن نكون..
طيب ..في هذا التعمق سؤاله التالي أنا أشكره عليه ،دور وقيمة البعد التاريخي والظرف التاريخي في فهمنا اليوم ،ثمة
ملصمقة فمي تعمبيره بيمن التشريمع كمما وقمع وبيمن حوادث تاريخيمة أخرى ،جزء ممن مشروع سمياسي ،جزء ممن تغيمر فمي
النظام سياسي ،جزء من حركة فتوحات ،في التعمق الذي تنادون به ..كيف؟
على أي حال ..نحن قلنا أكثر من مرة بأن الجمود غير محمود ،ونحن ندرك في عهد الخلفة الراشدة كيف الحالة أخذت
بعدًا آخر على غير ما كانت عليه في عهد الرسول -صلى ال عليه وسلم -بل وأيضًا على غير ما كانت عليه في صدر
الخلفممة الراشدة؟ دونممت الدواويممن ،ومصممرت المصممار ،وأنشممئ التاريممخ ،وإلى آخره .هذا كله مممما يدل على النفتاح،
انفتاح الرعيمل الول على مسمتجدات الحياة ،فلذلك واجهوا هذه المسمتجدات بالحلول المناسمبة ،ولذلك عندمما تدخمل الممة
منعطفًا تاريخيّا لبد من أن تكون هنالك اجتهادات تتواءم مع هذا الدخول.
نعم ،سؤاله :هل تعتقد أن البعد التاريخي أثر حتى في صياغة بعض التشاريع ،في حلقة من ثلثة أو أربعة أسابيع تحدثنا
عمن دور الصمراع السمياسي فمي صمياغة حتمى المدارس العقائديمة فمي السملم ،إذا تدخلت المسمائل العقائديمة اليمانيمة
الصرفة..
تدخل الصراعات في القضايا اليمانية هذا شيء غير مقبول ،ما فُرض علينا اليمان به علينا أن نؤمن به كما هو ،ما
جاءت النصموص مخالفمة له ل يمكمن أن نعتقده ،ولكمن ..نعمم ،المعطيات المعاصمرة لهما أثمر فمي العتبار فمي القضايما
الفرعية ،لجل النظر إلى المواءمة وحتى تكون الجتهادات ملبية لحاجات العصور المتطورة.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
نعمم ..طيمب ،أنما سمأعود للسمؤال الخيمر للخ نضال وأسمئلة الخ عبمد ال ،لكمن بعمد هذه المداخلة ممن الخ (حسمام بلل)
من ألمانيا ،أخ حسام تفضل.
حسام بلل:
السلم عليكم.
وعليكم السلم.
حسام بلل:
يما أسمتاذ ،إذا سممحت لي بمداخلتيمن :المداخلة الولى وهمي تتعلق بدور العقمل فمي السملم ،للعقمل فمي السملم دوران
أسماسيان ،الول فيمما يتعلق بالعقيدة ،وفمي هذا المجال لبمد للعقمل أن يعممل ويبحمث حتمى يصمل إلى إثبات صمحة العقيدة،
وأن يكون اليمان مبنيّام على العقمل ابتداءً ،أمما مما يتعلق بالنصموص الشرعيمة فإن دور العقمل يقتصمر فيهما على الفهمم
وإعمال النظمر ممن أجمل اسمتنباط الحكام الشرعيمة منهما .هذه المداخلة الولى ،المداخلة الثانيمة فيمما ذكره فضيلة المفتمي،
عندما تحدث عن قيام (عمر بن الخطاب) -رضي ال عنه -بمنع سهم المؤلفة قلوبهم ،وأسمح لنفسي هنا أن أذكر الشيخ
بمما تحدث عنمه الصموليون فمي باب مسمالك العلة ،وتحدثوا عمن العلة التمي تُسمتفاد ممن النمص دللة ،وهمي مما يسمميها
الصوليون بالتنبيه واليماء ،وهي على قسمين ،على أن الذي يعنينا هنا في البحث هو القسم الول منها وهو أن يكون
الحكم في النص مسلطًا على وصف مُفهِم بحيث يكون له مفهوم موافقة أو مفهوم مخالفة ،وهذا الحكم ينطبق على الية
التي يقول فيها ال سبحانه وتعالى { :إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم }.
فالمؤلفمة قلوبهمم همم أشخاص مسملمون تٌتألف قلوبهمم بإعطائهمم الزكاة ،فهذا ليمس اسممًا ،وإنمما همو وصمف مناسمب لحكمم
إعطاء الزكاة ،فكأن علة إعطائهممم الزكاة تأليممف قلوبهممم ،وهذا ينطبممق على باقممي الوصمماف :الفقراء والمسمماكين ،فعلة
إعطائهم الزكاة هي الفقر ،فإذا مازالت العلة إذا مازال هذا الواقع واقع الفقر مُنعوا من حكم الزكاة ،ولذلك كان هذا الفهم
فهمًا لهم..
لكمن هذا الفهمم غيمر الفهمم الدارج على كمل الحوال ،ممن حقمك أن تجتهمد ،ل أعتقمد أننما سمنحجر عليمك ،لكمن ليمس هذا همو
الدارج في فهم هذه الية ،لكن إن شاء ال ستسمع من الشيخ ،معي الخ (محمد الكبيسي) من قطر ،تفضل.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
محمد الكبيسي:
السلم عليكم.
وعليكم السلم.
محمد الكبيسي:
شكراً لسماحة العلمة الشيخ أحمد الخليلي وشكراً لك يا أخ ماهر ..حقيقة كثر الكلم حول اجتهاد سيدنا عمر في قضية
المؤلفة قلوبهم وكأنك أشرت -أخي ماهر -أن هذا اجتهاد في معرض النص مع أنه في الحقيقة أن الجتهاد هذا ليس في
معرض النمص لنمه النمص ل يُلزم المزكمي أو المعطمي للزكاة سمواء كان فردًا أو دولة ..ل يلزممه بأن يقسمم الزكاة على
الصمناف الثمانيمة ،فللمزكمي أن يقدم ممن يشاء ويؤخمر ممن يشاء بحسمب مما تقتضيمه المصملحة ،وهمو لم يلغِم النمص ولم
يوقف النص أصلً ،الحكم باقي والمؤلفة قلوبهم لهم سهم ،لكن للمزكي فردًا أودولة أن يختار من الثمانية ما يشاء.
المداخلة الثانيمة لو سممحت أخمي الكريمم أن عنوان الحلقمة :الفقمه السملمي بيمن ظواهمر النصموص ومقاصمد الشريعمة ،فمي
الحقيقة مقاصد الشريعة في الغالب هي نصوص أيضًا ،لكنها نصوص عامة ،فالجتهاد يدور في التوفيق بين النصوص
الخاصمة والنصموص العاممة -إن صمح التعمبير -والنمبي -عليمه الصملة والسملم -همو الذي أرشدنما إلى الخمذ بالنصموص
العامة والنتباه لها كقواعد كلية أو مقاصد عامة كما يسميها الصوليون اليوم ،فالنبي -عليه الصلة والسلم -كما ورد
فمي صمحيح البخاري أنمه كان يتحدث عمن الخيمل فيقول" :الخيمل لثلثمة :لرجمل مغنمم ،ولرجمل أجمر ،ولرجمل وزر" فقام
رجل وقال :يا رسول ال أرأيت الحمر أي الحمير -أجلكم ال -قال النبي عليه الصلة والسلم" :لم ينزل علي فيها شيء
إل تلك اليمة الفاذة الجامعمة { فممن يعممل مثقال ذرة خيرًا يره وممن يعممل مثقال ذرة شرّا يره } ،همو أرشمد الصمحابة
-رضي ال عنهم -إلى أن يعملوا هذا النص { فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ،ومن يعمل مثقال ذرة شرّا يره } على هذه
الجزئيات.
بقيت لو يتسع لي صدر سماحة العلمة حول جزئية صغيرة استغربت الحقيقة من استشهاده بها ،وهو أنه لما كان يتكلم
عن ما يشبه القاعدة عند الصوليين وقولهم :ما من عام إل وقد خُص ،قال :هذا ليس على إطلقه واستشهد بقوله تعالى:
{ قل هو ال أحد } وقال :هذه طبعًا ل تخص ،مع أن هذه الية ليست من ألفاظ العموم قطعًا ،فإذا كان للشيخ رأي آخر
فيا حبذا أن نتعلم منه وجزاكم ال خيرًا ،والسلم عليكم.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
سمتسمع منمه إن شاء ال ،مشكور يما سميدي ،طيمب لو عدنما للسمؤال الخيمر (للخ نضال) وهذا له علقمة بجزئيمة ممما قاله
الخ (محممد الكبيسمي) :أن الطابمع العام على من يسمون بالمجتهدين اليوم أنهمم حفظمة وليسموا مبدعين ،ليسوا مجتهدين،
وهنا اسمح لي أتفق جدّا مع الخ (نضال) وبالتالي أختلف جزئيّا مع الخ (الكبيسي) لما قال إنه في الخير أن المقاصد
العاممة مما همي إل نصموص ،نحمن ل ندعمو إلى ابتداع شيمء ،ل ندعمو إلى ابتداع شيمء ،همي المسمألة كلهما فمي النهايمة
محصورة في هذا النص الذي هو المصدر الساسي وربما الوحيد للتشريع في المحصلة النهائية ،لكن نحن نتحدث عن
عقليات دارجمة نسممعها ونراهما ،وهمي التمي تؤثمر فمي السملم اليوم ،همل تعتقمد أن الحفمظ والسمير على نهمج القدميمن همو
المسيطر اليوم على العقلية الجتهادية المسلمة؟
ل أسممتطيع أن أقول ذلك على الطلق ،ولكممن هناك مممن الناس مممن يحاول أن يجتهممد مممن دون أن يكون جامعًما للت
الجتهاد ،وهذه مشكلة ،عندممما يحاول إنسممان أن يجتهممد وهممو لم يجمممع آلت الجتهاد ،كيممف؟ والفقهاء بينوا مممن هممو
المجتهد ،وقبل كل شيء أن يكون ملمّا بقدر المستطاع لما يحتاج إليه من اللغة العربية ،وهي لغة القرآن ولغة الرسول
صلى ال عليه وسلم ،لن الخطأ في هذه اللغة يؤدي إلى الخطأ في فهم النصوص ،ويؤدي إلى النحراف في الجتهاد،
كذلك أن تكون عنده ملكة في أصول الفقه ،وأن يكون عنده في علم المقاصد ،وأن يكون عنده في تفسير القرآن الكريم،
وفي الحديث النبوي الشريف إلى آخره ،أل يجتهد في معرض النص ،في مقابل النص ..هذا أمر لبد منه ،أما أن أقول
بأن جميع الناس الن هم حرفيون..
لعمل الطابمع العام ..ال أعلم قمد يكون ذلك كذلك ،ولكمن ممع هذا نحمن ندعمو علماءنما الفاضمل إلى النظممر فممي القضايما
الجتهادية التي تحتاج إلى استفراغ الوسع من أجل النظر فيها عن إدراك وتعمق وفهم لمقاصد الشريعة الغراء.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
هذا يدخلنا في سؤال الخ (عبد ال) من عمان الذي بدأ بالحديث عن (المام القرافي) من سطّر أولً ،ل يعنينا كثيرًا في
هذا الموقع ،لكن -وليسمح لي أن أصيغ ما قال -يتهمكم علماء المسلمين اليوم أن الغالبية العظمى من مؤتمراتكم إنما هي
لمناقشة الفروع.
وحقيقةً في النتاج المعرفي السلمي لو أخذنا الخمسين سنة الماضية ،لو أخذنا سؤال بسيط :كم كتاب أُلّف في المقاصد
العاممة للتشريمع فمي هذه الخطوط الناظممة لهذا الفكمر السملمي؟ وكمم كتاب ألف فمي المسمح على الخفيمن وفمي التفاصميل
والفروع التي أُشبعت وقتلت بحثًا؟ سنجد أن ما ألف في هذا النظم الجامع العام في مقاصد التشريع السلمي ل يستحق
الذكر مقارنة مع ما ألف.
وأنا أقول كذلك ،وأرجو من مجامع الفقه السلمي أن تُعنى -أيضًا -بالنظر في القواعد والسس لجل ضبط الجتهاد،
ولجل ضبط المصلحة ،ولجل ضبط نظر الفقهاء في القضايا المستجدة ..البحث في مثل هذه القضايا يسهل النظر في
الفروع فيما بعد ،فأنا أشاركهم النظر بأن الدعوة مفتوحة للعلماء لن يجتمعوا بمشيئة ال تعالى في مجامعهم الفقهية من
أجل البحث في القواعد ،والعناية بالقواعد أهم من العناية بالفروع.
أنت جزئيّا أجبت عن سؤاله الثاني :هل ترى ثمة إمام قادر مثل القرافي ومثل الشاطبي على..
أنما ل أسمتطيع أن أبيّن منازل العلماء ،ممن هذا الذي همو فمي منزلة المام القرافمي؟ ممن هذا الذي همو فمي منزلة المام
الشاطبي؟ ل أستطيع ذلك.
على كمل حال المجاممع نعمم فيهما علماء متمكنون وبإمكانهمم -ممع اجتماعهمم -أن يقوموا بدور ل يقومون بمه فرادى ،فإن
النسان -كما يقال -قليل بنفسه كثير بالخرين.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
طيب اسمح لي مرة أخرى سنعود لسئلة الخ (حسام) ونسمع للخ (علي الشعري) من السعودية ،أخ علي الشعري من
السعودية تفضل .طيب الخ (عبد ال أحمد) من قطر.
عبد ال أحمد:
عليكم السلم.
عبد ال أحمد:
شكرًا لسمتضافتكم فضيلة الشيمخ ،لسمت أهلً لن أتدخمل فمي هذا الموضوع لنمي لسمت ممن أهمل العلم ،ولكمن فقمط أنما
ارتكبت خطأ أرجو ال -سبحانه وتعالى -أن يغفر لي أنني مرة اغتبت هذا الشيخ ،فأريده أن يسامحني ،فهذه فرصة.
سامحك ال.
بارك ال فيك يا سيدي ،معنا الخ (منذر عبد ال) من الدانمارك ،أخ منذر تفضل.
السلم عليكم.
عليكم السلم.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
حقيقة أود التعليق حول سؤالك -يا أخ ماهر -فيما يتعلق بالحاجة إلى الدين في الحياة والمقارنة بين واقع المسلمين اليوم
الذين هم أصحاب دين وبين الغربيين الذين فصلوا الدين عن الحياة ..أنا أقول :إن المسلمين لم يتخلفوا نتيجة ..لم يتخلفوا
عممن ركممب العالم نتيجممة لتمسممكهم بدينهممم ،وإنممما بدأ تخلف المسمملمين يوم تركوا هذا التمسممك وتسمماهلوا فيممه ،وسمممحوا
للحضارة الغربيمة الجنبيمة أن تدخمل ديارهمم وللمفاهيمم الغربيمة أن تحتمل أذهانهمم ،يوم أن تخلوا عمن القيادة الفكريمة فمي
السلم حين تقاعسوا عن دعوته ،وأساؤوا تطبيق أحكامه ،فلذلك أقول مبينًا بشكل مباشر حاجة المة إلى السلم ليس
كدين روحي ،إنما كعقيدة سياسية تُبنى جميع شؤون حياتهم عليها ،أقول :لنبين للناس أن السلم لو تمسك المسلمون به
تمسكًا صحيحًا وبنيت حياتهم عليه أنه ينهض بهم ويعزهم ،ويخرجهم من هذا البلء الرهيب الذي يعيشون فيه ،إننا لو
أخذنا موقف السلم من الحصار المفروض على العراق ،ماذا يقول السلم كدين كعقيدة عن الحصار المفروض على
العراق؟ ماذا يقول السلم..؟
طيب أخ منذر أنا مضطر لمقاطعتك ،نحن ندعو في هذا البرنامج وغيره من البرامج لرفع الحصار عن العراق ،لكن ل
عرَضًا في التقديم لهذا البرنامج ،نحن ندعو ونتمنى على العرب
المدخل -يا أخ منذر -هو في صلب موضوعنا هذا ذُكر َ
والمسلمين أن يساهموا -كل حسب استطاعته -لرفع هذا الحصار عن العراق ،لكن ليس هذا موضوعنا لهذا اليوم.
لو عدنما للخ (حسمام) وتفسيره للمؤلفة قلوبهم ،مسالك العلة ،وأن الموضوع كان ضمن النمص ،ليمس لشيمء خارج عليه
فعل عمر بن الخطاب ما فعل.
على أي حال نحمن كمما قلنما بأن النمص لم يعطمل بحال ممن الحوال ..الصمناف الثمانيمة أُعطيمت ،ولكمن كمما تفضمل أحمد
الخوة المداخلين..
الخ الكبيسي.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
يختار من المصارف.
يختار المصممارف ،ورأى أن هؤلء ليسمموا بحاجممة الن لن يُعطوا ،فلذلك قدم غيرهممم فهذا ل يقتضممي أبدًا بحال مممن
الحوال تعطيل النص.
طيب أنا لو سألتك عن سؤاله الخير ،أنا لم أفهمه تمامًا ،لكن يا ريتك توضح لي وجهة نظرك في (ما من عام إل وقد
خصّصَ) وتحديدًا في قوله تعالى ..يعني ما الذي كنت تقصده بذلك؟
ُ
نعم ،على كل حال هو أخذ الية الولى من السورة ،وأنا ما أشير إلى الية الولى ،وإنما أشير إلى ( لم يلد ) لن قوله
-سبحانه وتعالى ( -لم يلد ) عام ل يمكن أن يقبل التخصيص ،فل يمكن أن يٌقال بأن أحدًا هو مولود ل ،وكذلك ( لم يولد
) والفعل قال العلماء بأن حكمه حكم النكرة ،فهو في سياق الثبات للطلق ،وفي سياق النفي هو للعموم ،فعندما يقول
القائل :لم آتك يعني أنه لم يأت في أي وقت إل إذا قام دليل على تخصيص عموم كلمه بحيث يُحمل على أنه لم يأتِ في
وقممت معيممن ..فقوله سممبحانه { :لم يلد ولم يولد ولم يكممن له كفوًا أحممد } كممل منهمما عام ل يقبممل التخصمميص ،وكذلك قوله
سمبحانه { :ول يظلم ربمك أحدًا } همو عام ل يقبمل التخصميص ،وكذلك قوله سمبحانه { :بكمل شيمء محيمط } وقوله { :بكمل
شيء عليم }.
طيمب اسممح لي أن تفصمل شويمه [بعمض الشيمء] فمي الكلم الذي أعتقمد أننما سمنتفق فيمه ممع الخ (محممد الكبيسمي) عندمما
قال :إنه ليست المسألة نصوص وقواعد عامة ،لنه إنما هذه القواعد هي من النصوص ،يعني قد يفهم الموضوع خطأ
بأنه مبتدعة هذ ،لننا ذكرنا عقل ودين ونسل ،هل هي توافقية بحتة أم هي مبنية -أصلً -على نصوص؟
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
على أي حال المحافظة على هذه القواعد أو على هذه السس إنما من نصوص ثابتة ،ال -تبارك وتعالى -في المحافظة
على النفمس يقول { :ول تقتلوا أنفسمكم إن ال كان بكمم رحيمًا } ،وفمي المحافظمة كذلك على النسمل نهمى عمن الزنما ،فمي
المحافظمة على العرض نهمى عمن قذف المحصمنات وشدد فيمه ،إلى آخره ،هذا كله إنمما همو يرجمع إلى النصموص ،ولكمن
هذا ل يمنمع أن تكون هنالك مقاصمد ،هذه المقاصمد ل يمكمن أن تُفهمم إل ممن خلل النظمر ،لبمد ممن رجوع إلى نصموص،
ولكن تحتاج إلى شيء من الجتهاد.
على سبيل المثال أنا أضرب مثلً :ال -سبحانه وتعالى -أوجب الزكاة في الموال ،وفرضها على الغنياء للفقراء ،وبيّن
أن هذه الزكاة همي طُهرة لنفوس هؤلء الغنياء { خمذ ممن أموالهمم صمدقة تطهرهمم وتزكيهمم بهما } همي تجممع مما بيمن
أمريمن :مما بيمن تطهيمر النفوس ممن الشمح والثرة والسمتئثار بشهوة المال ،وفمي نفمس الوقمت تزكمي الخلق الفاضلة فمي
نفمس النسمان ،هذه الزكاة وجبمت فمي الموال ممن غيمر أن يأتمي نمص قرآنمي يمبين مما همي هذه الموال ،جاءت أحاديمث
رسول ال -صلى ال عليه وسلم -إذ بيّن النبي -صلى ال عليه وسلم -فروض الزكاة في أنواع من المال ،أنواع أخرى
لم تذكر هذه النواع الخرى ،بعض العلماء قال بحمل ما لم يُذكر على ما ذُكر ،واعتبر أن كل مال يزكى لجل عموم
قول ال تعالى { :وفمي أموالهمم حمق معلوم } ولن الزكاة إنمما فُرضمت لتطهيمر النفوس ممن الشمح ،وتخليصمها ممن حمب
المال ،وحمب المال -أي مال كان -همو محبوب إلى النفوس .ومنهمم ممن اقتصمر على مما جاءت بمه أحاديمث رسمول ال
-صملى ال عليمه وسملم -ممن حيمث أخذهما الرسمول -صملى ال عليمه وسملم -تؤخمذ ،وتوضمع فمي مواضعهما ،تُعطمى فقراء
المسلمين.
الن حصمل أخمذ ور ّد بيمن العلماء عندمما حدثمت هذه الوراق النقديمة ،همل تُحممل على الذهمب والفضمة أو ل تحممل على
الذهب والفضة؟ حصل الخذ والرد ،نحن عندما ننظر -أولً -إلى ما تشح به النفس ،أي شيء تشح به النفس؟ ثم ننظر
-أيضًا -إلى الصمناف التمي بيمن النمبي -صملى ال عليمه وسملم -الزكاة فيهما ،نجمد أن هذه الصمناف ممما تدعمو إليمه حاجمة
الناس ،حاجمة الناس تكون ملحمة إلى هذه الصمناف ،سمواء كانمت حاجمة الناس ملحمة إليهما لقوامهما فمي حياتهمم أو لجمل
قضاء مآربهمم بها ،فنجمد الحبوب التي أُخذت منها الزكاة هي مُدخرة مُقتاتة يحتاج إليها الناس ،وتتطلع إليها نفس الفقير
لحاجته إليها ،نجد -أيضًا -النعام مما تحتاج إليه نفوس البشر ،فلذلك وجبت فيها الزكاة ،أما هذه..
[موجز الخبار]
سماحتكم كنا قبل الفاصل قطعناكم :عندما ظهرت الوراق النقدية احتار الناس علم يقيسونها؟
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
نعمم ،على أي حال ..الزكاة فُرضمت لتطهيمر النفوس ولتربيتهما على الخلق ،وممن المعلوم أن النفوس التمي جُبلت على
حب المال حبّا جمّا تحب الن هذه الوراق النقدية كما كانت تحب من قبل الذهب والفضة ،فالوراق النقدية تقضى بها
المآرب ،ويُبلغ بهما إلى المقاصمد ،وهمي صمارت وسميلة الناس فمي وقتنما هذا ،تقضمى بهما الديون ،وتلبمى بهما الحاجات،
وتُسمتَحل بهما الفروج ،وتفدى بهما القتلى ،فإذا كانمت هذه وظيفمة هذه الوراق النقديمة فكيمف يُقال بأنهما تختلف عمن الذهمب
والفضة ول تزكى مثل زكاة الذهب والفضة؟!
والن لو عطلنا نحن الزكاة في الوراق النقدية ،لتعطلت الزكاة عند معظم الناس إذ معظم الناس الن ل يملكون الذهب
والفضممة ،وإنممما يملكون هذه الوراق النقديممة ،فأرصممدة الناس أصممبحت منهمما ،فلماذا تعطممل الزكاة؟ إذن هذا دليممل على
وجوب الزكاة فيها ودليل أيضًا على أنها من حيث أحكام الربا كالذهب والفضة ،وعلى هذا نعتبر..
سؤال بالفاكس من الخ (عبد السلم محمد الرواحي) من سلطنة عمان :هل كان هناك اجتهاد في زمن الرسول -صلى
ال عليمه وسملم -وفمي وجوده ممع أصمحابه؟ وهمل اجتهمد الرسمول -صملى ال عليمه وسملم -بنفسمه أم أن جميمع الحكام
الشرعية نزلت عليه من عند ال -سبحانه وتعالى -من غير زيادة؟
نعم ،نحن ذكرنا أول المر أن الصحابة -رضي ال عنهم -اجتهدوا في فهم معنى قوله صلى ال عليه وسلم" :ل تصلوا
العصمر إل فمي بنمي قريظمة" ،وأقمر النمبي -عليمه أفضمل الصملة والسملم -هؤلء وهؤلء على مما توصمل إليمه فهمهمم ،ولم
يُعنف هؤلء ول هؤلء..
هل اجتهد هو قبل أن يأتيه الوحي؟ بمعنى أنه بعد أن أصبح نبيّا ورسولً؟
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
بعد أن أصبح نبيّا؟ نعم ..حتى في قضية أسرى بدر ،ولذلك نزل عِتاب من ال -تبارك وتعالى -لن ال -تبارك وتعالى-
مما أراد ذلك مما أراد تشريمع ذلك الحكمم فمي ذلك الوقمت الذي ..ولكمن بمما أن فعمل النمبي -صملى ال عليمه وسملم -كان مبنيّام
على أساس شرعي أُقر على ما هو عليه.
طيب ..الخ (سالم عبد ال) ومعذرة على هذا النتظار ،يا أخ سالم تفضل.
وعليكم السلم.
ال سمبحانه وتعالى يقول فمي محكمم كتابمه { :قمل إنمما أنذركمم بالوحمي } وهناك عدة آيات فمي القرآن الكريمم تحظرالنذار
بالوحممي ،والذيممن قالوا بمقاصممد الشريعممة قالوا وهذا القول يخالف هذه اليممة القطعيممة الثبوت القطعيممة الدللة ،حتممى أن
الشافعي -رضي ال عنه -قال :من استحسن فقد شرع ،ومن استصلح فقد شرع ،وقام أيضًا علماء العصر الحاضر قاموا
بافتراءات على الشيخ الشاطبي في موضوع مقاصد الشريعة ،ونعلم أن الذين قالوا بمقاصد الشريعة اليوم أجازوا دخول
البرلمانات التممي تحكممم بالكفممر ،وأجازوا إعطاء الثقممة لحكومممة تحكممم بالكفممر ،وأباحوا الربمما ،وقالوا بجواز الحوار بيممن
الديان ،والسلم مع اليهود ،وأن السلم دين سلم ،والحوار الديني القومي ،وعدم قتل المرتد ،وعدم قطع يد السارق،
وعدم العممل للخلفمة ،وكمل أدلتهمم اسمتدلوا بهما بموضوع مقاصمد الشريعمة ،فهذا الرأي ل شمك أنمه يخالف القطعمي ممن
القرآن الكريم..
إذا هم علماء وأخذوا بالمقاصمد ،وأنمت اختلفت معهمم ..ل شمك أنهمم اختلفوا معك فمي الرأي ،هذه سنتفق معمك ،أما أنه ل
شك أنه يختلف مع القطعي.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
هم أرادوا أن يوفقوا بين الحضارة الغربية والسلم ،وهذا وضعية علماء العصر الهابط منذ أواخر القرن الثامن عشر
والقرن الحالي..
على كل اسمح لي أن أصنف هذا الحكم على النوايا لنه إحنا في الخير ،ستسمع إن شاء ال من الشيخ تعليقًا على هذا،
معي الخ (أحمد هويس) من سوريا أخ أحمد تفضل.
أحمد هويس:
السلم عليكما.
وعليكم السلم.
أحمد هويس:
أحييكمم ممن سموريا ظِئر السملم والعروبمة ،واسممحوا لي أن أُدلي بدلئي فمي هذا الموضوع ..مباشرةً النمص السملمي
مُقدس وهمو مطلق على معيمن بذاتمه ،همو النمص القرآنمي أو الصمحيح ممن أحاديمث رسمول ال -صملى ال عليمه وسملم-
وإجماع الصمحابة الراشديمن الهاديمن المهدييمن ،النمص إمما ممن القرآن المحكمم ،وإمما ممن المتشابمه ،وفمي مورد النمص ل
اجتهاد؛ انطلقًا ممن اليمة القرآنيمة { همو الذي أنزل عليمك الكتاب منمه آيات محكمات همن أم الكتاب وأخمر متشابهات }
يعنمي 6236آيمة فمي القرآن مجموع آي القرآن الكريمم 365 ،آيمة على التقريمب همي المحكمم فمي القرآن ،وفيمه الوضوح
والبانمة فمي الحدود والمقاصمد والحلل والحرام والفتاوى والميراث ..إلى آخره 365وباقمي القرآن الكريمم همو المتشابمه
بمما فيمه ممن أمثلة وقصمص ،وفيمه الغموض والمجاز العقلي واللغوي بأنواعمه ،وفيمه قضايما علم البيان والبديمع ،وأسمرار
البلغة القرآنية ،وعلمي التأصيلي والترسيسي والسمة {قل فلله الحجة البالغة فلو شاء }..إلى آخره.
فالتشريمع السملمي ينصمب على المعاملت وتنظيمم القوانيمن بالعدل لحقاق الحمق والعدالة ،القوانيمن العاممة والخاصمة
لكافمة المصمالح المرسملة ،ولتوضيمح مقاصمد الشريعمة وأخلق الناس ،إنمما الديمن المعاملة ،إنمما الديمن المعاملة ،كمما علمنما
رسمول ال ،فالمعاملت والعقائد والعبادات كلهما لتنظيمم حيوات الناس ،بمما يجسمد الغايمة ممن السمتخلف ،وأخمذ ميثاق
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
النبيين لسيدنا (محمد) في الية 81من سورة آل عمران أيضًا .أخي ماهر ،أخي الدكتور مولنا الشيخ ،القانون أعمى
فممي يممد العميان ،والقانون ظالم فممي أيدي الجهلة والظالميممن ،والقانون الوجودي إن كان عنممد علماء أكفاء بصممير ،يمثممل
مقاصمد الشريعمة فمي حيوات المسملمين وغيمر المسملمين ،أي القانون بصمير فمي أيدي العلماء أهمل البصميرة ،والحكممة فمي
التشريع ومقاصده الحياتية التي ترتقي بإنسانية النسان ،فالتشريع العادل هو التشريع العالم المستنبط لحكام ال ،وماذا
يريد ال.
أخ أحمممد ..أرجوك أن تختممم لي بسممؤال ،نحممن شارفنمما على نهايممة البرنامممج أرجوك أن تختممم لي بسممؤال إذا كان عندك
سؤال.
أحمد هويس:
على رأسمي ،التشريمع العادل يحتاج إلى مشرعيمن أكفاء ،ورثمة أنمبياء أي باختصمار التشريمع فمي كمل زمان ومكان يحتاج
إلى مشرعيمن مجدديمن يوضحون القوانيمن والقواعمد التشريعيمة والمواكبمة لروح العصمر ومسمتجدات الحياة ،أخمي السمتاذ
ماهمر ،أخمي المام ..إن حوار الديان المقارن يعنمي حوار الحضارات المنفتحمة ،حوار النسمان المتحضمر المؤممن الذي
يصنع الحضارة والمحبة..
أخ أحممد ،هذا ليمس سمؤالً ،أنما طلبمت منمك سمؤال فأنما مضطمر لمقاطعتمك لنمه عندي مجموعمة ممن الفاكسمات ،وأعتقمد أن
التعليق الخير استمر في المداخلة ،مشكور -على كل -على هذه المداخلة ،كنا نتمنى أن تنتهي بسؤال ،الخ (حسن علي
السقاف) من الردن يسأل بالفاكس :ما معنى قول بعض محققي العلماء :إن الدليل العقلي وخاصة في العقائد مقدم على
الدليل النقلي؟ وهل لهذه العلقة علقة بظاهر النص؟
الجواب ..على أي حال نحممن ل نؤمممن بأن العقممل السممليم يختلف مممع النممص الصممريح ،وإنممما العقممل جعله ال -سممبحانه
وتعالى -وسميلة ممن وسمائل الفهمم والدراك ،وهمو أعظمم وسميلة ،ولذلك نعمى ال -سمبحانه وتعالى -على الذيمن ل يعقلون،
وعلى الذيمن ل يعملون ،وعلى الذيمن ل يفقهون ،فنصموص القرآن ل تتصمادم أبدًا ممع العقمل ،وإنمما العقمل همو وسميلة ممن
وسائل فهم مقاصد هذه النصوص ،عندما تكون متعلقة بالعقائد والفكار.
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
أسألك سؤاله الثاني من هذا الكلم :هل يوجد هناك نصوص قرآنية صريحة تؤكد دور العقل وقيمته في إدراك الحقائق
الشرعية في تقديم نص على آخر أو تقديم آية على حديث يتعارض متنه مع ظاهر الية؟
أمما نصموص قرآنيمة صمريحة تدل على تقديمم نمص على نمص؟ ل ..ولكمن على أي حال النمص القوى مُقدم ،ولئن كانمت
الروايمة عندمما تتعارض ممع روايمة أقوى منهما سمندًا تُرد الروايمة الضعمف بجانمب الروايمة التمي همي أقوى ،فمما بالكمم إذا
كانمت الروايمة ل تتفمق ممع القرآن الكريمم؟ على أن الصمحابة رضوان ال تعالى عليهمم كانوا قمد ردوا جانبًا ممن الروايات
التمي رواهما صمحابة أيضًا وهمم موثوق بهمم ،ومعلوم صمدقهم ومعلوممة ثقتهمم ،ولكنهمم ردوهما عندمما يشتمون ممن هذه
الرواية ما -ربما -يفهمون منه مخالفة لما جاء في القرآن الكريم.
فأمير المؤمنين عمر -رضي ال تعالى عنه -رد حديث فاطمة بنت قيس ،وقال :ل نترك كتاب ال لقول امرأة إلى آخره،
وكذلك السميدة أم المؤمنيمن عائشمة -رضمي ال عنهما -عندمما أُخمبرت عمن روايمة عممر ،روايمة ابنمه -رضمي ال عنهمما -أن
النمبي-صملى ال عليمه وسملم -قال" :إن الميمت ليعذب ببكاء أهله عليمه" ردت هذه الروايمة ممع قولهما :يغفمر ال لبمي عبمد
الرحممن ،أمما إنمه لم يكمن ليكذب على رسمول ال صملى ال عليمه وسملم ،ولكمن حملتمه على أنمه ربمما التبمس عليمه الفهمم،
وردت ذلك بقول ال تبارك وتعالى { :ول تزر وازرة وزر أخرى }.
فإذن عندما يكون هنالك نص قرآني ،ل يمكن أن تقبل الرواية ،وتكون هي في مستوى الروايات الصحيحة ،ومما عرّف
به علماء الحديث الرواية الصحيحة بأنها (ما نقله الثقة عن الثقة من غير شذوذ وعلة ،وعلى أل يكون مخالفًا للقرآن).
خصّص بأدلة.
التخصيص ..نعم ل شك ،المخصصات وردت ،العمومات ُت َ
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
سؤال من الخ (أسامة عبد اللطيف أبو قورة) بشكله الظاهر ليس في صلب الموضوع ،ولكن نظرًا لنه جاء أكثر من
فاكممس بهذا التجاه ،نحممن ذكرنمما فممي المقاصممد العامممة تشريممع الديممن والنفممس والعقممل والعرض والمال ،لم نذكممر أرض
المسلمين ،ووطن السلم ،يريد أن يسأل :أين تقع أرض السلم في هذا؟ وخصوصًا تخصيصه مكانة القدس الشريف
والمسجد القصى؟ وهذا السؤال شبيه بالخ أيضًا محمد عبد ال من فلسطين :للرض ..لدار السلم هل ثمة مكانة في
هذه المقاصد وللقصى مكانة خاصة في هذه..؟
نعم ..للقصى مكانة خاصة ،والقصى أمانة المسلمين بأيديهم ،وال تبارك وتعالى سائلهم عنها ،نحن نجد في كتاب ال
تعالى ما يدل على هذه المكانمة ،أولً :لماذا اختار ال سمبحانه المسمجد القصمى لن يكون مسمرى سميدنا رسول ال صملى
ال عليمه وسملم؟ وجممع بينمه وبيمن المسمجد الحرام فمي آيمة واحدة عندمما ذكمر قصمة السمراء وتشريمف ال نمبيه -صملى ال
عليه وسلم -بهذه الرحلة الميمونة المباركة من المسجد الحرام إلى المسجد القصى؟ ثم إننا نجد أن ال -سبحانه وتعالى-
وجمه المسملمين إلى المسمجد القصمى ،ذلك لن هذه الممة وريثمة الممم السمابقة فمي مقدسماتها ،وهمي وريثمة هدي النبوات
السمابقة ،فالمحافظمة على هدي النبوات أممر واجمب على هذه الممة ،ولذلك كانمت المحافظمة على المسمجد القصمى أمرًا
واجبًا عليهمما ،ونحممن ندعممو جميممع المسمملمين لن تتضافممر جهودهممم على تخليممص المسممجد القصممى ورده إلى حظيرة
السلم.
طيمب ..مشكور جدّا على هذه الجابمة ،لو انتقلنما إلى المقاصمد هذه التمي تحدثنما عنهما اليوم همي المقاصمد التمي نمص عليهما
الشارع ،أو التمي فُهممت منمه دللة أو إشارة [..كلممة غيمر مفهوممة] ثممة مقاصمد مسمكوت عنهما ،مما يسمميه شيخنما الدكتور
(القرضاوي) بمنطقة العفو ..هل ثمة مقاصد شرعية فيما سُكت عنه؟
دل حديث الرسول -صلى ال عليه وسلم -على أن الحلل ما أحل ال ،والحرام ما حرم ال ،وما سكت عنه فهو عفو ،ما
سكت عنه فهو عفو .هذا وقد نص العلماء على أن المقصد المعتبر هو ما وافق الشريعة السلمية ،فالمقصد المعتبر ما
لم يتصادم مع نص من كتاب ال ول حديث عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ،أما ما كان متصادمًا -كما ذكرنا -فل
يعتمممبر مقصمممدًا ،ولذلك أريمممد أن أطمئن الخ الذي وجمممه إلينممما سمممؤالً أو تحدث بحرارة وبغيرة وبشدة عمممن الوضاع
المعاصمرة ،وقال بأن الناس الذيمن يعتمبرون المقاصمد همم الذيمن أباحوا مما أباحوه ،أريمد أن أطمئنمه بأن العلماء المحققيمن
32
حـو ار ف ي ب رن امج ال شري عة
الفقه السلمي بين ظواهر النصوص ومقاصد الشريعة و الح ياة
الذين يخشون ال تعالى ويتقونه ل يحومون حول الحمى فضلً عن أن يقعوا فيه ،أخذًا بحديث رسول ال صلى ال عليه
وسلم" :الحلل بيّن والحرام بيّن ،وبينهما أمور مشتبهات ل يعرفهن كثير من الناس ،فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه
وعرضه ،ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ،كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيها".
فالذيمن يخشون ال ويتقونمه لم يكونوا بحال ممن الحوال ليمبيحوا لنفسمهم بأن يحللوا مما حرم ال سمبحانه ،فالحرام يبقمى
حرامًا مما داممت السمماوات والرض إل نسمخًا لشريعمة الرسمول -صملى ال عليمه وسملم -وقمد جاءت ممن عنمد ال مهيمنمة
على مما قبلهما ،ول إباحمة لشيمء ممن المفاسمد ،ول تسمويغ لشيمء ممن المنكرات ،هكذا نسمأل ال تعالى أن يلهمنما الرشمد
جميعًا.
سماحة الشيخ (أحمد الخليلي) جزاك ال خيرًا ،وشكرًا لك على هذه المساهمة.
أعزائي المشاهدين ..باسمكم أشكر سماحة الشيخ (أحمد الخليلي) مفتي سلطنة عمان ،وصاحب الباع الطويل والمشهود
له في باب الفقه السلمي ،والمشارك أيضًا في أكثر من منتدى حول التقارب بين المذاهب السلمية.
إذن نشكركمم أعزائي المشاهديمن على حسمن اسمتماعكم ،ونعتذر لممن لم نسمتطع أخمذ هواتفهمم ،والسملم عليكمم ورحممة ال
وبركاته.
32