You are on page 1of 18

‫موقع واحة اليمان‬

‫‪www.waleman.com‬‬

‫ملمح المدرسة الباضية‬


‫من خلل كتاب آثار المام الربيع بن حبيب‬

‫للشيخ الدكتور كهلن بن نبهان الخروصي‬

‫موقع واحة اليمان‬


‫‪www.waleman.com‬‬
‫‪info@waleman.com‬‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫أعوذ بال من الشيطان الرجيم‬


‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫المد ل الذي علم بالقلم‪ ،‬علم النسان ما ل يعلم‪ ،‬أحده تعال با هو له أه ٌل من المد وأثن عليه وأستغفره من‬
‫جيع الذنوب وأتوب إليه وأومن به وأتوكل عليه‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له له اللك وله المد‬
‫بيده الي وهو على كل شيءٍ قدير‪ ،‬وأشهد أن سيدنا ونبينا ممدا عبد ال ورسوله وصفوته من خلقه وخليله‬
‫القائل في ما رواه ع نه الرب يع بن حبيب من طر يق ا بن عبيدة عن جابر بن ز يد عن ا بن عباس أ نه عل يه ال صلة‬
‫والسلم قال‪ (( :‬خي أمت قومٌ يأتون من بعدي يؤمنون ب ويعملون بأمري ول يرون فأولئك لم الدرجات العلى‬
‫إل من تعمق ف الفتنة ))؛ اللهم صلي وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه ودعا بدعوته إل يوم‬
‫الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪،،،‬‬
‫فأحيي كم أي ها الخوة الكرام بتح ية ال سلم ف بدء هذا اللقاء ف هذه الم سية البار كة ف ظلل هذا ال سجد‬
‫الطاهر الشريف‪ ،‬فالسلم عليكم ورحة ال تعال وبركاته‪...‬‬
‫ث إنن أسأل ال تعال القدير أن يعل لقاءنا هذا لقاء خيٍ وبركة وأن يزينا جيعا جزاء الصالي‪ ،‬كما أسأله –‬
‫جلت قدرته – أن يلهمن الرشد ويلهمكم الصب ف هذه اللحظات الت سنقضّيها سويا‪ ،‬وعسى أن يعلن رب‬
‫عند حسن ظنكم وأن يغفر ل ما ل تعلمون‪.‬‬
‫موضوع هذه الم سية ( من مل مح الدر سة الباض ية من خلل كتاب آثار الرب يع بن حبيب ر ضي ال تعال‬
‫ع نه )؛ وق بل أن أد خل ف و صف هذا الكتاب و ف طرق باب لب موضوع هذه الم سية أود أن أقدّم ب ي يدي‬
‫هذا الوضوع مقدمةً أبي فيها الطوط العامة الت سوف نسي عليها الليلة ونن نتحدث عن هذا الوضوع؛ فبعد‬
‫القد مة سأتعرض لتعري فٍ إجالٍ عن هذا الكتاب الذي من خلله أقدم درا سة متواض عة أ ستشف في ها آراء كم‬
‫وتصحيحاتكم وتعليقاتكم بإذن ال تعال عن الدرسة الباضية‪ ،‬هذا التعريف سيكون تعريفا إجاليا عن الكتاب‬
‫وتأر يخ تدو ين هذا الكتاب والظروف ال ت أُلّف في ها وأما كن وجود الن سخ الخطو طة لذا الكتاب‪ ،‬وب عد ذلك‬
‫سيكون ف النقطة الثانية أيضا بيا ٌن موجزٌ عن أهية الكتاب ف التراث السلمي العام؛ ث ف النقطة الثالثة بعد‬
‫القدمة سيكون حديثنا عن عنوان هذه الحاضرة وهو ما يكن استشفافه من كتاب آثار الربيع بن حبيب من معال‬
‫وملمح للمدرسة الباضية‪.‬‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫أ ما عن النق طة الول فإ ن أر يد أن أب ي ل كم ب عض أ سباب اختياري لذا الوضوع‪ ،‬لاذا هذا الوضوع بالذات؟‬
‫هناك أ سبابٌ رئي سيةٌ ثل ثة جعلت ن أختار ح ي عرَض عليّ الخوة القائمون على هذه الم سيات البار كة وعلى‬
‫هذا ال هد الشكور – جزا هم ال خيا‪ -‬جعلت ن أختار هذا الوضوع بالذات‪ :‬الول أن هذا ال نص – أي نص‬
‫كتاب آثار الربيع بن حبيب – يُدرس دراسة علمية متواضعة لول مرة ولكنه بغي اللغة العربية‪ ،‬وطالا طالبن‬
‫ي من مشايي وأساتذت وإخوان طلبة العلم – جزاهم ال خيا – بنقله إل اللغة العربية ولكن قعدت ب المة‬
‫كث ٌ‬
‫ط بالعربية ألقيه بي يدي إخوا نٍ من أهل‬
‫عن تقيق مطلبهم فلم أجد بدا بعد ذلك من تقدي ولو ملخ صٍ بسي ٍ‬
‫الثقافة والعرفة والنباهة لستني بآرائهم بشيئة ال تعال بعد ذلك‪ .‬فهذا هو السبب الول‪ ،‬فالكتاب لنه يُدرس‬
‫لول مرة أو لنه ُدرِس دراسة علمية ً للمرة الول أحببت أن أطلعكم على ما فيه ولننظر بعد ذلك سويا فيما‬
‫يكن أن نرج به من نتائج من هذا الكتاب أو ما ماثله من تراثنا السلمي الغن الكبي‪.‬‬
‫أما السبب الثان فهو أن عرض هذا الوضوع يؤكد على حقيقةٍ هامةٍ جدا‪ ،‬يؤكد على حقيقة إسهام علماء عمان‬
‫ف التراث ال سلمي من وق تٍ مب كر‪ ،‬ليس على ال ستوى النظري أو التنظيي فقط وإن ا على م ستوى التدو ين‬
‫والكتابة؛ ول ريب أن أهل عمان كانت لم إسهاماتٌ كثي ٌة ف خدمة السلم والسلمي‪ ،‬وكانت مشاركاتم ف‬
‫الا نب الد ب ال سلمي مشهودا ل ا بالثراء والر صانة‪ ،‬وهذا الكتاب الذي ب ي أيدي نا ( كتاب آثار الرب يع بن‬
‫حبيب ) هو شاهدٌ يؤكد على هذه القيقة وهو أن أسلفنا وعلماءنا الوائل ف القرون السلمية الول وأنا هنا‬
‫أتدث عن بدايات القرن الثان الجري كانت لم مشاركا تٌ رائعةٌ أدت إل ثروة علميةٍ فقهي ٍة فكريةٍ ف التراث‬
‫السلمي الواسع‪.‬‬
‫وأ ما ال سبب الثالث الذي جعل ن أختار هذا الوضوع ف هو أن كثيا من الناس يت ساءلون عن الذ هب البا ضي‬
‫ويرغبون ف التعرّف عليه من أتباع الذاهب السلمية الختلفة سيّما والمة تر برحلةٍ تتاج فيه إل أن تتعرّف‬
‫على نف سها‪ ،‬فكا نت مبادرة أُل ب في ها رغب ًة ف هذا الا نب‪ ،‬فأُعرّف بذه الدر سة ال سلمية ال صيلة ك ما أن نا‬
‫نرحّب غاية الترحيب بالتعرّف على ما عند الخرين ف ج ّو من الوئام وف جو من النفتاح الذهن والفكري وف‬
‫غايا تٍ من الرغبة الصادقة ف توحيد كلمة هذه المة حي نعرف أصالة بعضنا البعض وحي نعرف ِقدَ مَ مذاهب‬
‫إ سلمية طال ا ُرمِ يت ب ا رُم يت به م ا ينفّ ر من ها ويبدي الطالع الار جي عن التعرف علي ها؛ فأ سأل ال سبحانه‬
‫وتعال أن تقق هذه البادرة ولو شيئا يسيا ما يلب هذا الانب‪ ،‬وكما قلت فإننا ف الوقت ذاته نرحب بالتعرف‬
‫على ما عند الخرين لكي يتحقق لنا " التعارف " الذي هو من صميم ما خلقنا ال سبحانه وتعال عليه ف هذه‬
‫الياة " وجعلكم شعوبا وقبائل لتعارفوا "‪.‬‬
‫هذه السباب متمعة جعلتن أختار هذا الوضوع‪.‬‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫أما عن النقطة الول بعد هذه القدمة الت بينت فيها السباب أو إن اعتبت القدمة نقطة أول فهذه نقطةٌ ثانية‪،‬‬
‫ف عن ك ثب ولو باخت صار على كتاب آثار الرب يع بن حبيب‪ .‬ما هو هذا الكتاب؟ ما الذي يتحدث‬
‫و هي تعر ٌ‬
‫عنه؟ أين يوجد؟‬
‫ي منا يعرف المام‬
‫أولً عنوان الكتاب؛ قد يستغرب البعض منا حي يسمع ( كتاب آثار الربيع بن حبيب )‪ .‬كث ٌ‬
‫الربيبع ببن حببيب مبن خلل مسبنده ( مسبند الربيبع ببن حببيب ) الذي يُعرف بعبد ترتيبب المام أبب يعقوب‬
‫الوارجل ن له ب ب(الا مع ال صحيح م سند المام الرب يع بن حبيب ) في ظن بأن نا نتحدث عن الش يء نف سه‪ ،‬ل‪،‬‬
‫كتاب آثار الربيع بن حبيب هو غي مسند الربيع بن حبيب‪ .‬يوجد ف كتب متقدمي علمائنا أساءُ عديدة لذا‬
‫الكتاب الذي نتحدث عنه‪ ،‬فا بن خلفون الزا ت وهو من علماء الغرب ف القرن السادس الجري رجع إل هذا‬
‫الكتاب وكان ينقل منه نقولً صرية تطابق ما وجدته ف هذا الكتاب عند دراست وتقيقي له‪ ،‬يبدأ هذه النقول‬
‫بقوله ‪ ( :‬ومن كتاب أب صفرة عبد اللك بن صفرة عن الربيع عن ضمام عن جابر بن زيد ) ث يذكر مت الثر‬
‫الذي يريد أن يورده‪ ،‬يقول ‪ ( :‬من كتاب أب صفرة ) فيسميه بكتاب أب صفرة‪ ،‬وهذا أقدم ن صٍِ وجدته يرجع‬
‫إل هذا الكتاب الذي نتحدث عنه ف القرن السادس الجري‪ .‬ف القرن التاسع الجري كان أبو القاسم البّادي‬
‫ي صف هذا الكتاب أيضا ول كن با سمٍ آ خر فيقول ‪ ( :‬ح فظ أ ب صفرة )‪ ،‬صنّف كتابا من ك تب أ صحابنا ساه‬
‫( ح فظ أ ب صفرة )؛ ث قال ‪ ( :‬العروف عند نا بكتاب ضمام )‪ ،‬فلدي نا الن من خلل كلم البّادي عنوانان‪:‬‬
‫( ح فظ أ ب صفرة ) ث قال ( العروف عند نا بكتاب ضمام )؛ وتقدم أن ا بن خلفون ساه ( كتاب أ ب صفرة )‪.‬‬
‫فلدي نا الن ثل ثة أ ساء لذا الكتاب‪ .‬ث جاء الشما خي ف القرن التا سع الجري أيضا وقال‪ ( :‬آثار الرب يع بن‬
‫ب جام عٌ علّ مة‪ ،‬سّى الكتاب‬
‫حبيب ج عه أ بو صفرة)‪ ،‬وو صفه بأ نه مشهور؛ فإذن الشما خي ‪،‬و هو مؤر خٌ مع ت ٌ‬
‫( آثار الربيع ) ووصفه أنه جعه أبو صفرة‪ ( .‬جعه أبو صفرة ) هذه الكلمة قادتن إل البحث فإذا ب أجد الشيخ‬
‫الكندي ف ( بيان الشرع ) ف القرن السادس الجري تقريبا – الذي توف ف أواخر القرن السادس الجري –‬
‫ين قل من كتاب يبدأ اقتبا سه من هذا الكتاب بقوله‪ ( :‬من جا مع أ ب صفرة ) ث ين قل ما يقتب سه من جا مع أ ب‬
‫صفرة؛ هذا عنوان آخر ل نذكره إل الن‪ ،‬ذكرنا ( كتاب أب صفرة ) و( كتاب ضمام ) و( آثار الربيع )؛ هذا‬
‫الذي يذكره صاحب بيان الشرع يسميه ( جامع أب صفرة ) وليس ( كتاب أب صفرة )‪ .‬ولكن سأستبعد هذا‬
‫السم لن لا قارنت هذه القتباسات الوجودة ف ( بيان الشرع ) مع هذا الكتاب الذي سيته ( آثار الربيع بن‬
‫حبيب ) ل أجدها متطابقةً البتّة ل ف الضمون ول ف الطريقة ما يدل أنه كان ينقل من كتا بٍ آخر اسه ( جامع‬
‫أب صفرة ) وهذا تأكد ل من وصف الشيخ نور الدين السالي – رحه ال – لذا الكتاب ف ( اللمعة الرضية )‪،‬‬
‫لنه ذكر من ضمن ما ذكره من كتب وآثار أصحابنا ذكر ( كتاب ضمام ) وهو الذي ذكره أيضا البادي قال‪:‬‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫( معروف عندنا بكتاب ضمام )‪ ،‬فالشيخ السالي قال ‪ ( :‬كتاب ضمام وجامع أب صفرة )‪ ،‬لكنه عن ( جامع أب‬
‫صفرة ) قال بأنه ل يره‪ ،‬وُ صِف له ول يره‪ ،‬فكأن ( جامع أب صفرة ) هو غي ( كتاب ضمام ) وهو الذي قلت‬
‫بأن صباحب ( بيان الشرع ) كان ينقبل منبه وأنبه غيب الكتاب الذي نتحدث عنبه ولذلك سبوف أسبتبعد هذا‬
‫السم‪ .‬فيبقى عندنا الساء الثلثة الت ذكرها من تقدم من أصحابنا من مؤرخي وفقهاء وعلماء‪ ،‬وهو ( كتاب‬
‫أب صفرة )‪ ( ،‬كتاب ضمام )‪ ( ،‬آثار الربيع )‪.‬‬
‫النسخ الخطوطة لذا الكتاب تتفق ف أن اسه ( آثار الربيع بن حبيب )؛ ومع ما تقدم من كلم الشماخي فإن ل‬
‫أجد مناصا من تسمية الكتاب بب ( كتاب آثار الربيع بن حبيب ) لن الشماخي – كما قلت – قال بأنه ( آثار‬
‫الربيع ) وقال ( جعه أبو صفرة )‪ ،‬ث قال ‪ ( :‬وهو مشهور )‪ .‬جعه أبو صفرة فلذلك نُسب إل أب صفرة وقيل‬
‫( كتاب أب صفرة )‪.‬‬
‫ولاذا سي ( كتاب ضمام )؟ لن هذا الكتاب يعتمد ف سلسلة سنده على ضمام بن السائب تلميذ المام جابر‬
‫بن زيد الشهور وهو من أكب تلمذته حت فيما يبدو أنه أكب من المام أب عبيدة مسلم بن أب كرية‪.‬‬
‫أما لاذا ل يسمي هؤلء هذا الكتاب بب ( آثار الربيع بن حبيب ) فالظاهر فيما يبدو أنه نظرا لا للمام الربيع بن‬
‫حبيب من مؤلفات عديدة‪ ،‬فله ال سند وله ( فت يا الرب يع ) وله م سائل‪ ،‬فخُ شي من اختلط هذه ال ساء ببعض ها‬
‫ولذلك بعض الؤرخي نسبه إل ناقله أو جامعه أو راويه أو صاحب الدور الكب فيه إل أب صفرة أو إل ضمام‪.‬‬
‫وبعد ترتيب مسند المام الربيع ومعرفة أنه أصبح على طريقة الوامع فسمي بب ( الامع الصحيح مسند المام‬
‫الربيع بن حبيب ) ومعرفة الناس أن الامع يتلف عن السند‪ ،‬يتلف عن الثار‪ ،‬يتلف عن غيها من الصنفات‬
‫الديث ية‪ ،‬ل يب قى هناك إشكال ف اللتزام بال سم الذي ن صت عل يه الخطوطات جيعا والذي نص عل يه أيضا‬
‫الشماخي رحه ال تعال‪ .‬فاسم الكتاب إذن ( آثار الربيع بن حبيب )‪ ،‬وهو نفس الكتاب الذي يكن أن تدوه‬
‫باسم ( كتاب ضمام )‪ ،‬وأحيانا قليلةً جدا ( روايات ضمام )‪ ،‬وهو نفس الكتاب الذي يسمى أيضا بب ( كتاب‬
‫أبب صبفرة )‪ .‬هذا مبا توصبلت إليبه ولعلي أسبتفيد منكبم أكثبر فب هذا الانبب‪ .‬لكبن عموما عنبد مطالعتكبم‬
‫وقراءات كم عند ما تدون ( كتاب ضمام ) أو ( روايات ضمام ) أو ( كتاب أ ب صفرة ) ف هو هذا الكتاب الذي‬
‫هو ( آثارالربيع بن حبيب )‪.‬‬
‫نُسخ هذا الكتاب‪ ،‬أيضا باختصار شديد توصلت إل ثلث نسخ تكنت من الطلع على أصل واحد ٍة من هذه‬
‫الن سخ و هي الن سخة الحفو ظة ف دار الك تب ال صرية ت ت ر قم ب ‪ ،21582‬يو جد مفوظا ف دار الك تب‬
‫الصبرية ملد مبن ضمبن هذا الجلد كتاب آثار الربيبع ببن حببيب‪ ،‬مل ٌد ضخبم‪ ،‬وتوجبد عندي منبه نسبخة‬
‫باليكروفلم‪ ،‬وقبد – كمبا قلت – يسبر ال سببحانه وتعال ل أن أطلع على الخطوط فب دار الكتبب الصبرية‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫وقضّيت معه ساعاتٍ ول المد‪ .‬ويوجد الن صورة من هذا الخطوط ف مكتبة وزارة التراث‪ ،‬ف دار الكتب‬
‫ال صرية و ف ت صنيف وزارة التراث ت ت ا سم ( مدو نة أ ب غا ن الرا سان ) و سآت إل هذه الت سمية‪ ،‬ل نه ك ما‬
‫قلت الكتاب ملد يشتمل على عدد من الؤلفات والرسائل والصنفات ومن ضمنها كتاب آثار الربيع بن حبيب‪.‬‬
‫وهناك ن سختان ف شال أفريق يا ف الكت بة البارون ية‪ ،‬وهاتان الن سختان اعت مد عليه ما الدكتور عمرو النا مي ف‬
‫تقي قه لكتاب ا بن خلفون الزا ت الذي ذكر ته أولً‪ ،‬له كتاب ا سه ( أجو بة ا بن خلفون ) مطبوع موجود حق قه‬
‫الدكتور عمرو النامي واعتمد ف تقيقه حي ينقل ابن خلفون من آثار الربيع بن حبيب بصيغة ( ومن كتاب أب‬
‫صفرة ) كان يرجع الدكتور النامي إل نسختي رمز إليهما بب ( أ ) و( ب )‪ ،‬النسخة البارونية ( أ ) والنسخة‬
‫البارونية ( ب )؛ والنسخة البارونية كما تعرفون موجودة ف تونس‪ .‬لكن ل أستطع – مع ماولت – الوصول إل‬
‫أصول هذه الخطوطات وإنا حصلت على صورٍ من هذا الزء الذي هو ( آثار الربيع بن حبيب ) الأخوذ أيضا‬
‫من ملد أ صل ي ضم مؤلفات عديدة في ما يبدو ل تتلف عن الجلد الوجود ف دار الك تب ال صرية من ح يث‬
‫الضمون ل من ح يث ال ط وتأر يخ التدو ين وغ ي ذلك‪ ،‬هي ن سخ متل فة‪ ،‬توار يخ تدوين ها متل فة‪ ،‬نُ سّاخها‬
‫متلفون؛ فنسخةٌ واحدة أصبحت الن موجودة ف مركز الليج للدراسات العربية والسلمية ف مكتبة جامعة‬
‫إِك سِتر بنوب إنلترا‪ ،‬والنسخة الثانية موجودة ف مكتبة ساحة الشيخ أحد بن حد الليلي الفت العام للسلطنة‬
‫يفظه ال تعال‪.‬‬
‫سأقف وقفةً قصي ًة مع هذا الجلد‪ ،‬هدف من هذه الوقفة التعريف بحتويات هذا الجلد الذي يوجد من ضمنه‬
‫كتاب نا الذي نتدار سه ف هذه الم سية‪ ،‬ول عل ذلك يرك ف بعض نا ال مة – إن شاء ال تعال – لدرا سة وتق يق‬
‫شيءٍ من هذه الكتب والرسائل الوجودة ف هذا الجلد لنه ترا ثٌ غنٌ با ف هذه الكلمة من أبلغ العان‪ ،‬ترا ثٌ‬
‫غنٌ جدا ل صحابنا التقدم ي من لدن جابر بن ز يد إل يع ن تلم يذ تلميذه من علوم القرون ال سلمية الول‪،‬‬
‫القرن الجري الول والثانب والثالث‪ ،‬وهذا يعنب أناب ثروةٌ ضخمبة وثرو ٌة قيمةٌ جدا؛ فلعلي أسبتعرض بلمحةٍ‬
‫سريعة بعض ما يوجد ف هذه لن أيضا نفس تسمية ( مدونة أب غان ) ف القيقة غي دقيقة كما يتبي ل‪ ،‬لن‬
‫الكتاب – هذا الجلد – ل يشتمل فقط على مدونة أب غان الراسان‪ ،‬فأبو غان ينقل عن علماء معيني ساهم‬
‫بأسائهم وبطريقة الوار‪ -‬السؤال والواب – وأحيانا العتراض وبالقبول أو الرفض لكن هذا ل ينسحب على‬
‫كل الجزاء الوجودة ف هذا الجلد؛ فلعله سي ( مدونة أب غان ) توّزا أو أن الفهرس ل يطلع على كل ما فيه‪.‬‬
‫عموما م ا ف يه من مدو نة أ ب غا ن ( كتاب العمّال و من يلي علي هم )‪ ( ،‬كتاب المتنع ي عن المام )‪ ( ،‬كتاب‬
‫الكفالت‪ :‬أبواب السلم والبيوع )؛ يعن حت من عناوين هذه البواب والكتب تدركون قيمة ما ف هذا الكتاب‬
‫من مادة علمية‪ .‬هذه الت ذكرتا يكن أن تكون من مدونة أب غان‪ .‬ما هو ليس من مدونة أب غان ( كتاب‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫النكاح من قول جابر بن ز يد )‪ ،‬وأ نا أوا فق على ما تو صل إل يه الدكتور النا مي من أن هذا الكتاب‪ ،‬هذا الزء‬
‫وهو ف صفحات معدودة‪ ،‬يُحتمل أن يكون من بقايا الدونة ( مدونة المام جابر بن زيد )؛ ( كتاب النكاح )‬
‫من قول جابر بن زيد‪ .‬وفيه ( كتاب الشغار ) لبن عبد العزيز‪ ،‬وفيه سبعة أجزاء صغية كل جزء منها ف أبوابٍ‬
‫فقهية معينة أو ف با بٍ فقه يٍ واحد من أقوال قتادة بن دعامة السدوسي من الول إل ال سابع لكنها مفرقة ل‬
‫توجد ف مكان واحد‪ :‬يوجد الزء الول هنا والثان هنا والثالث هنا‪،‬وأحيانا نفس الزء الواحد يبدأ ف مكان‬
‫وينتهي ف مكان آخر يفصل بينه وبي شطريه رسالة أو كتا بٌ آخر أو جزءٌ آخر من كتاب‪ .‬فإذن سبعة أجزاء‬
‫من أقوال قتادة‪.‬‬
‫ثب ماب يكبن أيضا أن يكون مبن مدونبة أبب غانب فب هذا الجلد ( كتاب الشُفعبة وتقنيب أصبولا )‪ ( ،‬كتاب‬
‫الحكام )‪ ( ،‬كتاب الفرائض )‪ ( ،‬كتاب مبا يلزم مبن ضمان الب لبنتبه )‪ ( ،‬كتاب الوصبايا )‪ .‬ماب ليبس مبن‬
‫مدونة أب غان رسالة المام أب عبيدة ف الزكاة وسيت – ل أعرف لاذا ف هذا السياق – سيت ( رسالة الشيخ‬
‫أ ب عبيدة ف الزكاة )‪ ،‬وتعرفون بأن هذه الر سالة طُبِ عت م ستقلة وطب عت أيضا من ض من الدرا سة ال ت قام ب ا‬
‫الدكتور مبارك الراشدي عن المام أب عبيدة مسلم بن أب كرية التميمي‪.‬‬
‫ث هناك كتب يُحتاج أن يُتعرف عليها هي ليست بنفس طريقة الدونة – مدونة أب غان – كب( كتاب كفارات‬
‫اليان )‪ ( ،‬كتاب الودائع والعاريات )‪ ( ،‬كتاب القسبمة )‪ ( ،‬كتاب اليبض )؛ هذه أيضا تتاج إل تصبنيف‬
‫لنعرف ما هي‪ ،‬تتاج إل دراسة‪ ،‬فل يكن أن نطلق فقط ونقول هذا مدونة أب غان ‪،‬بالضافة إل ما يوجد ف‬
‫هذا الجلد من ( آثار الربيع بن حبيب ) وكتاب آخر اسه ( فُتيا الربيع بن حبيب )‪ ،‬وكم نتمن أن تنتشل هذه‬
‫الجزاء والر سائل أيدي الباحث ي لتخرج ها إل النور ففي ها عل مٌ كثيٌ وخيٌ ل يت صوره إل من فعلً غاص ودرس‬
‫هذه الك تب لن ا – يع ن – التراث ال سلمي الول نادر‪ ،‬ما و صلنا من القرون ال سلمية الول ل يس بالشيء‬
‫الكثي‪ ،‬ودراسته تفتح لنا آفاقا رحبةً للبحث والدراسة ولفهم ما هو كائن ف تلك العصور البكرة‪.‬‬
‫مؤلف الكتاب؛ لن أط يل لن الكتاب مؤل فه هو كا سم الكتاب الرب يع بن حبيب ( آثار الرب يع بن حبيب )‪،‬‬
‫فالكتاب يُنسب إل المام الربيع بن حبيب؛ أبو صفرة عبد اللك بن صفرة هو راوي هذا الكتاب عن الربيع بن‬
‫حبيب‪ ،‬فإ ما أن يكون المام الرب يع قد ج ع شفاها مادة هذا الكتاب وأمل ها على تلمذ ته أو أ نه دوّن ا تدوينا‬
‫كتابةً ونُقلت ع نه أو أ نه أمل ها ف دروس فنُقلت ع نه؛ يع ن إ ما أن يكون قد أمل ها بق صد التدو ين ع نه أو أن‬
‫يكون قد ألقاها ف دروس‪ ،‬الهم أن الامع لذا الكتاب هو المام الربيع بن حبيب‪ .‬فإن سأل سائل ‪ -‬لن لا‬
‫تطالعون الكتاب سوف تدون أن الثر الول ف الكتاب يبدأ بب ( حدثن أبو صفرة عبد اللك بن صفرة عن‬
‫اليثم عن الربيع ) ث تبدأ باقي الثار وهي تقريبا تصل إل عدد ‪ 324‬أثرا كلها تبدأ ( الربيع عن ضمام ) ف‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫الغالب ( الربيع عن ضمام ) أو عن را ٍو آخر؛ هذه الطريقة مألوفة‪ ،‬هذا ل يعن أن الكتاب ل يُنسب إل الربيع‬
‫لف‬
‫بن حبيب‪ ،‬هذا نده ف موطّأ المام مالك‪..‬نده ف مدو نة المام مالك ال ت روا ها ع نه سحنون‪..‬نده مث ً‬
‫ك تب الحناف‪..‬الك تب الول للحناف كالا مع ال صغي والا مع ال كبي‪..‬نده ف ك تب كثية جدا‪..‬ح ت ف‬
‫رسبالة المام الشافعبي هكذا أيضا تبدأ بنب روى هذا الكتاب عبن الؤلف ثب بعبد ذلك ( فلن قال ) أي‬
‫الؤلف‪..‬وهكذا‪ .‬هذا موجود ول إشكال فيه البتّة‪.‬‬
‫وتعرفون المام الرب يع بن حبيب الفراهيدي الزدي العما ن الذي هو من قر ية ( غضفان ) بول ية ( لوا ) الن‪،‬‬
‫أصله من هناك‪ ،‬من أسرة عمانية‪ ،‬وارتل إل البصرة ودرس فيها‪ ،‬نشأ وترب فيها‪ ،‬وهناك أُلّفت رسائل وكتب‬
‫حول المام الرب يع بن حبيب ل عل أنفع ها وأو سعها كتاب (المام الرب يع بن حبيب مكان ته وم سنده ) لفضيلة‬
‫شيخنا العلمة سعيد بن مبوك القنوب يفظه ال تعال؛ ولن أ ستطرد كثيا‪ ،‬ولكن أحب أن أنبه إل أمرين ما‬
‫أتاح لنا هذا الكتاب الذي نتحدث عنه التعرف عليهما‪:‬‬
‫المر الول أن المام الربيع بن حبيب فيما يبدو ل – وال أعلم – ُتوُف ودفن ف البصرة ول يتوف ول يدفن ف‬
‫ي من الناس من أن المام موسى بن أب جابر صلى على المام الربيع بن حبيب يوجد‬
‫عمان لن ما يستدل به كث ٌ‬
‫ف كتب الثر عندنا أنه صلى عليه صلة الغائب لا بلغه خب موته بالبصرة‪ ،‬هكذا ف النص الذي وجدته ف عددٍ‬
‫من ك تب ال ثر‪ ،‬سواءً كان ف ( بيان الشرع ) أو م ا وُ جد من سوبا إل المام أ ب سعيد الكد مي‪ .‬فإذن المام‬
‫الرب يع بن حبيب طبعا هذا أ نا ل أق طع به ل كن أقول هذا الذي وجد ته لن هناك قبا معروفا للمام الرب يع بن‬
‫حبيب ف ولية لوا‪ ،‬لعل هناك أدلة أخرى أقوى من هذا الدليل لكن الذي وجدته أن المام موسى بن أب جابر‬
‫صلى عليه صلة الغائب لا بلغه خب موته بالبصرة‪.‬‬
‫المر الثان أيضا يُذكر أن (حبيبا ) والد المام كان أيضا تلميذا درس عند المام جابر بن زيد‪ ،‬لكن يبدو أن‬
‫هناك لب سا‪ ،‬ف ب ( حبيب ) هذا الذي هو تلم يذ أو صنو أو كان مع المام جابر بن ز يد هو والد عمارة بن‬
‫حبيب‪ ،‬وعمارة بن حبيب هو أحد رواة هذا الكتاب قال ‪ ( :‬أخبن والدي أنه كان عند المام جابر بن زيد ف‬
‫يوم جع ٍة وهبو يسبرج حارا‪ ،‬فلمبا حضرت الصبلة – صبلة المعبة – قال هيبا بنبا إل الصبلة‪ .‬قلت‪ :‬أخلف‬
‫الجاج؟ قال‪ :‬نعم )‪ ،‬فبعض الباحثي ظن أن حبيبا الذكور ف هذه القصة هو والد المام الربيع‪ ،‬ولكن يبدو أنه‬
‫والد عمارة بن حبيب ول يو جد دل يل على أن عمارة هو أخ للمام الرب يع بن حبيب بل يبدو أ نه شخ صية‬
‫أخرى‪،‬فكتب الثر عند نا ل تتحدث أن للرب يع أخا اسه عمارة مع أن الحتمال قائم ل كن يتاج إل دليل‪ .‬طبعا‬
‫هذا ل يغ ي كثيا هل ال بيب هو والد المام الرب يع أو والد عمارة ل كن هذه من ض من العلومات ال ت أيضا‬
‫ف من هذا الكتاب؛ وهناك من مثل هذه العلومات الكثي أن لو ضُمت إل بعضها مع ما تتيحه لنا باقي‬
‫ش ّ‬
‫تُستَ َ‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫الجزاء الت توجد ف هذا الجلد أظن أن معلوماتنا التأريية والنسبية عن علمائنا الوائل يكن أن يُضاف إليها‬
‫قدرٌ ل بأس به بإذن ال تعال‪.‬‬
‫طبعا وفاة المام الربيع بن حبيب فيها أخذٌ وعطاء لكن الظاهر كما رجحه شيخنا القنوب حفظه ال أنه توف فيما‬
‫بي ‪ 175‬إل ‪ 180‬هجرية‪ .‬هذا عن الؤلف‪.‬‬
‫وأنا أرى أن الوقت يدركن كثيا لنن إل الن ل أصل إل لب الديث ولعل بعضكم يشعر بالسآمة لن هذه‬
‫ل باجة لن نتعرف على تراثنا لكل السباب الت ذكرتا وهناك‬
‫قد تكون قضايا تصصية لكن صدقون بأننا فع ً‬
‫منا فع وفوائد علم ية ل تُح صى من الوقوف م ثل هذه الوقفات مع تراث نا‪ .‬ن سأل ال سبحانه وتعال الخلص‬
‫والتوفيق والعانة ف كل أمورنا‪.‬‬
‫نقطة بسيطة عن تأريخ تدوين هذا الكتاب‪،‬قبل أن ننتقل عن موضوعاته وأهيته ورسم ملمح الدرسة الباضية‬
‫من خلل هذا الكتاب لعله من النا سب أن نذ كر م ت جُمِع أو ُدوّن هذا الكتاب ب يث نعرف شيئا من قيم ته‬
‫التأريية أيضا‪ ،‬هل هو من الصنفات الول‪..‬من الصنفات التوسطة‪..‬من الصنفات التأخرة؟ وجدت صعوبةً بالغةً‬
‫فب تديبد التأريبخ‪ ،‬فلجأت إل تليبل النبص مبن خلل ثلثبة ماور‪ :‬الؤلف‪ ،‬لغبة الكتاب‪ ،‬الحداث التأرييبة‬
‫والسياسية الذكورة ف الكتاب‪ .‬فأما الؤلف فطبعا هو المام الربيع بن حبيب وبديهيا أن يكون قد ألف أو جع‬
‫مادة الكتاب ف حياته‪ ..‬لكن ف بداية حياته؟ أم ف وسط حياته؟ أم ف ناية حياته؟ هذا سؤال‪ .‬ل يبدو أنه ف‬
‫آ خر حيا ته ل نه ل ذ كر لشيءٍ من أحداث الدولة العبا سية ف الكتاب‪ ،‬ول يبدو أيضا أ نه متقد مٌ كثيا ؛ وهذا‬
‫يعن أنه ف وسط حياة المام الربيع بن حبيب‪ ،‬ولكن هذا ل يُقطع به‪ ،‬لكن مع ما سيأت من ماور ثانية‪ ،‬من‬
‫الحور الثان والثالث‪ ،‬ف تديد تأريخ تدوين هذا الكتاب أو جع هذا الكتاب‪.‬‬
‫ل غة الكتاب‪ :‬لل سف الشد يد تراث نا ال سلمي شح يح بدرا سات عمي قة لل غة الفقهاء‪ ،‬يع ن درا سة تبي ما هي‬
‫ال صائص اللغو ية للمؤلفات الفقه ية على مر تأر يخ التشر يع ال سلمي‪ ،‬ولو عامةً‪ ،‬يع ن مؤلفات القرن الول‬
‫والثا ن الجري ك يف هي لغتها؟ ب عد ذلك ك يف هي لغت ها؟ ب عد أن تق سّمت ال مة إل مذا هب إ سلمية وظ هر‬
‫التدوين كيف أيضا أصبحت؟ بعد الفترات الت كثر فيها التأليف والمع كيف أصبحت وتطورت هذه اللغة‪-‬‬
‫لغة الكتابة ف القضايا الفقهية‪-‬؟‪ ،‬وبالناسبة هذا الكتاب تغلب عليه الصبغة الفقهية‪ ،‬يعن أغلب آثاره ف مواد‬
‫فقه ية ك ما هي با قي الجزاء الوجودة ف هذا الجلد‪ .‬فإذن كان تتب عي تليلي م ض لل غة هذا الكتاب‪ ،‬وف قط‬
‫اعتمادا على بعض النقول الت تصف كيف كان تأليف القرون الول؛ فمثلً ابن القيّم ف ( إعلم الوقعي ) نقل‬
‫ل فيما معناه أنه ل يوجد ف كتب آبائنا والتقدمي هذا حلل وهذا حرام وإنا كانوا يقولون (‬
‫عن المام مالك نق ً‬
‫ل ينبغي )‪ ( ،‬ل بأس )‪ ( ،‬نب له كذا )‪ ( ،‬نكره له كذا )؛ هذا المر هو الوجود ف كتابنا‪ ،‬كتاب ( آثار الربيع‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫ببن حببيب ) لغتبه هكذا ( ل بأس بكذا )‪ ( ،‬ل يرى المام جابر ببن زيبد بأسبا ف كذا )‪ ( ،‬ل ينبغبي له كذا )‪،‬‬
‫( كره له أن يفعل كذا )‪ .‬ل ند أيضا مصطلحات لصول الفقه‪ ،‬يعن مصطلحات تقنية ظهرت فيما بعد بعدما‬
‫ُصب‬
‫ظهبر علم أصبول الفقبه كعلم مدون‪ ،‬ل ندب مثلً ( الاص ) و( العام ) و( الطلق ) و( القيبد )‪ ،‬و(هذا خ ّ‬
‫بكذا)‪..‬ل‪ ،‬قليل‪ ،‬يعن نكاد ل ند شيئا من هذه الصطلحات‪ ،‬فإذن هي قبل أن يصل التأليف إل هذه الرحلة‪،‬‬
‫فإن كان العلماء يقولون بأن المام الشاف عي هو أول من دوّن ف أ صول الف قه فهذا يع ن أ نه ق بل هذه الرحلة‬
‫وقبل الوقت الذي وُجد هو فيه‪ ،‬بل هذا يعن أنه حت ف الرحلة الت يصفها المام مالك‪ ،‬ينتسب إل الرحلة‬
‫الزمنية الت يصفها المام مالك‪ ،‬أي قبل المام مالك‪ ،‬ونعرف أن المام مالك وضع كتاب الوطّأ وفيه بعض هذه‬
‫الصطلحات‪ .‬الصطلح التقن الوحيد الذي يوجد ف كتاب ( آثار الربيع بن حبيب ) هو كلمة ( ثقة )‪ ،‬وكلمة (‬
‫ثقة ) ف القيقة ظهرت ف عهد الر سول صلى ال عليه و سلم ف تزك ية الشهود مثلً‪ ،‬ف تزكية نقلة الخبار‪،‬‬
‫فهي ليست أيضا مصطلح تقن تصصي كما نفهمه اليوم‪ ،‬وإنا هي كلمة كانت مستعلمة؛ ف رواية للمام جابر‬
‫بن زيد ف قضية من مات ول يسمي الصداق لزوجته‪ ،‬ل يفرض لا صداقا ول يدخل با‪ ،‬ماذا لا وماذا عليها؟‪،‬‬
‫هل عليها العدة ولا الياث ولا الصداق – لا مثل صداق نسائها ‪ -‬؟ أم ل شيء؟ الهم أن المام جابر بن زيد‬
‫له رأي ف هذه القضية فنقل إليه ضمام أنه يُنسب إل ابن مسعود أنه يقول بأن لا مهر نسائها ولا الياث وعليها‬
‫العدة‪ .‬فقال المام جابر‪ ( :‬لو ند هذا عن ابن مسعو ٍد وعن ثقة لخذنا به)‪ ( .‬وعن ثقة )‪ .‬فيتحدث نوعا ما‬
‫عن قضية تحيص السند‪ ،‬تحيص وسيلة نقل الب إليه‪ ،‬ليس بالصورة الت ظهرت أيضا ف علم الديث لكن‬
‫بصورة فطرية تلقائية خاصةً وأن بيئة الكتاب هي البصرة ف العراق‪ ،‬وتعرفون أن العراق ف ذلك الوقت ظهرت‬
‫في ها طوائف وملل ون ل وف شا في ها أيضا ح ت الو ضع ف الد يث وهذا أم ٌر مشهور‪ ،‬فلذلك احتاج المام جابر‬
‫بن زيد إل مثل هذه الضوابط‪ ،‬هذا موضوع سنتحدث عنه‪ ،‬لكن الهم أن كلمة ( ثقة ) توجد ف هذا الكتاب‬
‫ح ت ل يُعترض عل يّ ويُقال ل ا قلت أ نه خال من ال صطلحات العلم ية التقن ية ال ت ظهرت في ما ب عد فيُقال هناك‬
‫كلمة ( ثقة )؛ كلمة ( ثقة ) بينت أنا استخدمت قبل ذلك ووُجدت ف مناسبات وحت ف هذا السياق الذي‬
‫استخدمها فيه المام جابر بن زيد كموطأ المام مالك‪،‬وهذا إذا اعتبنا أنا من أقدم الكتب الت وصلت إلينا‪.‬‬
‫هناك كتبٌ يذكرها من يكتب ف تأريخ التشريع السلمي كثية‪ ،‬لكن هذا من الكتب الت وصلت إلينا‪ ،‬وبعض‬
‫الباحثي يرى بأن المام مالك دوّن موطّأه ف منتصف القرن الثان الجري عند ‪ 150‬هجرية وبعضهم يرى بأنه‬
‫‪ 163‬هجريبة‪ .‬الاصبل أن هذا الكتاب ينتسبب إل فتر ٍة زمنيبة سبابقة على ذلك مبن خلل هذا السبتقراء‬
‫التحليلي‪.‬‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫وأمبا الحداث السبياسية والتأرييبة الذكورة فب الكتاب فليسبت هناك كمبا قلت أحداث مبن أحداث الدولة‬
‫العباسية‪ ،‬ل توجد أيضا قضايا عقدية ما ثار ف كتب الدل عندما ظهرت طوائف العتزلة وغيهم من الطوائف‪،‬‬
‫ل إل كتاب ( آثار العقيدة ) الذي هو من ضمن ما جعه المام‬
‫ل‪ ،‬ل توجد هذه الصطلحات‪ ،‬حت بالقارنة مث ً‬
‫أ بو يعقوب الوارجل ن إل م سند المام الرب يع بن حبيب ف الزيادات ل تو جد تلك ال صطلحات ف القدر‪ ..‬ف‬
‫ال ب‪ ..‬ف ال ساء وال صفات‪..‬ل تو جد ف هذا الكتاب م ثل هذه ال صطلحات‪ .‬ول تو جد ح ت إشارة أيضا إل‬
‫الدول الباض ية الت قامت سوا ًء كانت قامت ف عمان أو قامت ف الي من أو قامت ف الغرب العر ب‪ .‬فلذلك‬
‫أظن – وال أعلم – أن هذا الكتاب ينتسب إل ما قبل ‪ 132‬هجرية وال أعلم‪ .‬هذا يعن أنه من أقدم الؤلفات‬
‫الت وصلت إلينا ف التراث السلمي‪ ،‬وهذه ميزة من الزايا ولذلك قلت أن من أسباب حديثي هو بيان أسبقية‬
‫إسهام علماء عمان ف التراث السلمي تأليفا وجعا وتدوينا‪.‬‬
‫الن أنتقل إل النقطة الثالثة فيما أحسب‪ ،‬فقد اعتبنا القدمة نقطة‪ ،‬وبعد هذا التعريف الوجز ‪،‬ول أظن جيعكم‬
‫يوافق على أنه كان موجزا لكن هو ف القيقة مقارنة با وُجد ف الرسالة هو موجز‪ ،‬كما أنه أيضا ليس سهلً‬
‫تويل مادة مكتوبة علمية أكاديية إل مادة ملقاة لكن صدقون أحاول قدر استطاعت أن أجعلها مادة ماتعة شيقة‬
‫وإن كان هذا ل يبدو لكن أنا اعتدت منكم أن تصبوا علي وأن تعذرون جزاكم ال خيا‪.‬‬
‫الن أهية الكتاب‪ ،‬وسأدمج الن نقطة أهية الكتاب مع ملمح الدرسة الباضية من خلل دراسة كتاب آثار‬
‫الربيع بن حبيب‪ ،‬وسأحاول أيضا قدر استطاعت أن أجعلها ف نقاط‪ .‬قلت هذا الكتاب دليل على أسبقية إسهام‬
‫ت مبكرٍ ف‬
‫علماء الباض ية الوائل ف تأر يخ التشر يع ال سلمي و ف تدو ين العلوم والعارف ال سلمية ف وق ٍ‬
‫الن صف الول من القرن الثا ن الجري‪ ،‬وهذا ل شك أمرٌ ي سب ل م‪ ،‬ول غرا بة ف ذلك ف قد ي ستنكر الب عض‬
‫ويظن أن أبالغ لنكم كما تعرفون جيعا أن المام جابر بن زيد كان رائدا ف التدوين وذلك نُسب إليه بشهرةٍ‬
‫فائقةٍ أنه ألف كتابه ( الديوان )‪ ،‬وأعتذر لنن أظن أنن ف ذكر سابق قلت ( الدونة )‪ ،‬ل بل هو ( الديوان )‪،‬‬
‫ديوان المام جابر‪ .‬وليس فقط الباضية هم الذين نسبوا إليه ( الديوان )‪ ،‬فهناك حت من غي مؤرخي الباضية‬
‫من نسب إليه ( الديوان ) كبحاجّي خليفة ف ( كشف الظنون ) والغالب أنه استقاه من غي الصادر الباضية؛‬
‫وبعض هذه الجزاء الت أشرت إليها كما قلت يُحتمل أن تكون من ديوان المام جابر بن زيد‪ .‬كذلك له رسائل‬
‫( رسائل المام جابر بن زيد ) رسائل مكتوبة مدونة تقريبا ‪ 11‬رسالة كان يكتبها إل أصحابه وأتباعه ومريديه ف‬
‫قضايا فقهية يستفتونه فيها أو ف قضايا حركية سياسية وهذه الرسائل موجودة وللسف الشديد ل تُدرس بعد –‬
‫حسب علمي – دراسةً علمية‪ ،‬أظن أنا الن هناك من يشتغل با أو هناك بعض الباث الختصرة الت ُقدّمت‬
‫حول ا و هي موجودة صورة من ها ن سخة ف الكت بة ال سلمية ف م سقط‪ .‬فإذن ل غرا بة أن يكون تلميذه أيضا‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫يتجهون هذا التاه ف التدو ين و ف ج ع العلوم ومعارف طب قة ال صحابة رضوان ال تعال علي هم وطب قة التابع ي‬
‫وتابعيهم‪.‬‬
‫كذلك يُ سهم هذا الكتاب ف ر سم مل مح تكوّن وتشكّل الذا هب ال سلمية ب صورة عا مة والذ هب البا ضي‬
‫بصبورةٍ خاصبة‪ ،‬فالدراسبة التأنيبة له تببي لنبا مبن هبم الرجال الوائل‪..‬مبن هبم الفتون الذيبن كانوا فب ذلك‬
‫الوقت‪..‬ما هي نوع السئلة الت كانت تثور ف بيئاتم ومتمعاتم‪..‬كيف كانوا يستدلون‪.‬ف هذا الكتاب بعد أن‬
‫ي من الحيان يقول فيما يبدو الراوي أو الناقل للكتاب‪( :‬‬
‫ينتهي ذكر الثر الروي عن المام جابر بن زيد ف كث ٍ‬
‫وقال الكوفيون كذا )‪ ( ،‬قال الكوفيون كذا وكذا ) سبواء كان قولً موافقا لقول المام جابر ببن زيبد أو متلفا‬
‫عن قول المام جابر بن زيد‪ ،‬هذا يدل على ما أصبح يُعرف الن بب ( الفقه القارن ) وما كان يعرف أيضا ف‬
‫فترات مبن فترات تأريبخ التشريبع السبلمي ببب ( علم اللف )‪ ،‬ولذا دللت كثية جدا‪ .‬هذا الكتاب مبن‬
‫أهيته أيضا أنه يصحح بعض الفاهيم الاطئة عن الدرسة الباضية‪ ،‬مفاهيم اعتبها بعض الباحثي بقصد أو بدون‬
‫ل من ض من هذه الفاه يم ال ت ي صححها هذا الكتاب ل ا ثب تت أقدمي ته و سبقه‪ ،‬سبق هذا‬
‫ق صد م سلما ب ا؛ مث ً‬
‫ي من مؤلفات الذاهب والدارس السلمية الخرى‪ ،‬مثلً القول بأن الفقه الباضي ما هو إل فقه‬
‫الكتاب على كث ٍ‬
‫ح الب تة‪ .‬ن عم هناك مرو نة ف الف قه ال سلمي ف‬
‫مأخوذ من الدارس ال سلمية الخرى‪ .‬هذا الكلم غ ي صحي ٍ‬
‫الدرسة الباضية وليس هناك احتكار وإنا باب الجتهاد مفتوح منذ ذلك الوقت وإل أن يرث ال الرض ومن‬
‫علي ها ل كن تيزت الدر سة الباض ية ل على ال ستوى ال سياسي والعقدي ف قط‪ ،‬فهذا أ مر حدث – يع ن التم يز‬
‫ال سياسي والعقدي – ظ هر أيام الف ت بعد ما ح صل من ف ت و من حروب ب ي صحابة ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫وسلم رضوان ال تعال عليهم‪ ،‬ظهرت هناك توجهات عقدية واتاهات سياسية‪ ،‬لكن أنا أتدث عن تيز فقهي‬
‫وفكري‪ ،‬و سأثبت ذلك من خلل ب عض الثار ال ت بي نت معال الف قه البا ضي ف الكتاب مع أ نه ُألّف ف وق تٍ‬
‫مبكرٍ كما قلت‪ .‬فليس صحيحا أن الفقه الباضي مأخوذ وأنه مرد ج عٌ لشتات من هنا وهناك من باقي الذاهب‬
‫السلمية‪ ،‬هذا الكلم غي صحيح كما يثبت هذا الكتاب‪.‬‬
‫كذلك نفس التسلسل الزمن لتكون فقه الذاهب وتأريخ تدوين الفقه ف السلم هو قضية جدل خاصة عند‬
‫الستشرقي‪ ،‬فمنهم من يقول بأنه منتصف القرن الثان الجري ومنهم من يقول بداية القرن الثالث الجري‪ ،‬لكن‬
‫هذا الكلم غي دقيق البتة وللسف بعض السلمي تأثر بذه النظريات ول يحّص جيدا‪ .‬التدوين ظهر ف وق تٍ‬
‫مبكرٍ جدا وعلى وجه الصوص تدوين الفقه‪ ،‬وهذا دليل يثبت هذا‪ ،‬أن هناك فقها‪..‬هناك تكوين فقهي سار عليه‬
‫واستمر حت أتباع هذه الدرسة ظلوا يأخذون ويتمسكون بتلك الراء الفقهية منذ ذلك الوقت إل هذه اللحظة‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫وكأنا علما تٌ ميز ٌة لذه الدرسة‪ .‬أيضا يسهم هذا الكتاب ف دراسة تأريخ تدوين الديث الشريف وف تأريخ‬
‫تدوين الفقه السلمي‪.‬‬
‫نقطة أخرى تضاف إل هذا الكتاب أنه يرد على مزاعم بعض كتّاب القالت من السلمي – للسف الشديد –‬
‫الذين ل نعرف ما الذي قادهم إل قول وتدوين ما دونوه عن فقه الذهب الباضي كالشهرستان وابن حزم مثلً‬
‫نسبوا إليهم أمورا عجيبة غريبة‪ .‬هذا الختصر البسيط من آثار هذه الدرسة يثبت أن ما ذهب إليه هؤلء بعيد‬
‫عن الن صاف ب عد الشرق عن الغرب؛ ل يس شيٌْ م ا ن سبوه إل هذه الدر سة موجودا ح ت ف هذه الخت صرات‬
‫الفقهية ل ف علوم أوائلهم ول ف علوم وآثار من جاء بعدهم‪.‬‬
‫ومن أهية هذا الكتاب وما يتصل به من قضية اللمح العامة‪ ،‬وأنا قلت بأنن دمت هاتي النقطتي قضية أهية‬
‫الكتاب وأحاول من خلل بيان أه ية هذا الكتاب أن أرسم اللمح العامة للمدر سة الباضية من خلل حدي ثي‬
‫عن أهية الكتاب‪ ،‬أنه يبي مرحلة ما يكن أن أسيه مرحلة النضج الفقهي والفكري الت وصلت إليها الدرسة‬
‫الباضية ليس ‪ -‬كما قلت‪ -‬ف الانب السياسي والعقدي فقط‪ ،‬وإنا هو نض جٌ ف التكوين الفقهي والفكري‬
‫ت مبكرٍ تيز عن غيه أيا كان‬
‫ل ف وق ٍ‬
‫والفقهي ال صلي – أي التأ صيلي – والفر عي‪ ،‬وهذا يعن مذهبا متكام ً‬
‫هذا الغي سوا ًء قلنا بأنه ف ذلك الوقت ل شك أنه ل تظهر الذاهب السلمية بالصورة الت نعرفها الن فقد‬
‫ظهرت ووُجِد ل ا التباع ب عد وجود الئ مة الربعة وأيضا بعد وجود أئ مة باقي الذاهب من غ ي مذاهب أ هل‬
‫السنة؛ لكن ف ذلك الوقت كانت توجد هناك ما يُعرف ب ( أهل الكوفة )‪ ( ،‬أهل العراق ) و( أهل الجاز )‪،‬‬
‫وهذا وُجِد ف وق تٍ مبكر‪ ،‬وصحيح أنه يصعب أن نرسم خطوطا فاصلة بي خصائص مدرسة أهل العراق وبي‬
‫خصائص مدرسة أهل الجاز لكن بصورة إجالية وإل ح ٍد ما فإن مدرسة أهل الجاز كانت أكثر إصرارا على‬
‫ل ف جانب‬
‫التقيد بالرواية‪ ،‬ولذلك عُرفوا فيما بعد بب ( أهل الديث )‪ ،‬ومدرسة أهل العراق كانت أكثر تساه ً‬
‫الروا ية وأك ثر اعتمادا على الن ظر والرأي ولذلك عر فت في ما ب عد بدر سة ( أ هل الرأي )‪ .‬الدر سة الباض ية‬
‫أخذت بحاسن الدرستي‪ ،‬وهذا الكلم ل نقوله مدحا أو تعصبا وإنا إثباتا من خلل هذا الكتاب‪ .‬كيف ذلك؟!‬
‫هذه آثار‪..‬آثار مروية عن المام جابر بن زيد وهي ليست آثارا مرفوعةً إل النب صلى ال عليه وسلم ومع ذلك‬
‫وُجِدت عنايةٌ فائقة بأسانيد هذه الثار‪ .‬فإذن هناك عناية بالسند مع أنا كما قلت آثار مروية عن المام جابر بن‬
‫ز يد ولي ست أحاديث مرفو عة إل ال نب صلى ال عليه و سلم؛ هذه العنا ية بالسند وبتمحيص الروايات هي من‬
‫مزايا مدرسة أهل الديث ( أو أهل الجاز ) لن أهل الجاز ما كانوا يقبلون كثيا من غيهم نظرا لفشو اللل‬
‫والنحل الت ظهرت ف العراق عندما توسع السلم وانتشر وكان هناك بقايا من اللل السابقة‪ ،‬ظهرت اتاهات‬
‫فكرية معينة‪ ،‬فكان أهل الجاز أكثر صرامة ف قبول الروايات‪.‬‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫العراق كانت أيضا حاضرة ومدينة ووجدت فيها الكثي من القضايا الديدة الت ما كانت توجد ف الجاز ف‬
‫مكبة والدينبة‪..‬ظهرت فيهبا قضايبا جديدة فب العاملت‪..‬فب أحكام العبيبد‪ ..‬فب أحكام السبرى‪..‬فب أحكام‬
‫السواق‪..‬ف أحكام الروب‪..‬ف الجتمع وما يفرضه الجتمع حت ف العمران‪..‬ظهرت قضايا جديدة ما كانت‬
‫موجودة بنفس القدر وبنفس الصورة ف متمع الجاز؛ لكن نن نعرف أن المام جابر بن زيد كان كثي الترداد‬
‫على مكة والدينة وكذلك كان تلميذه‪ ،‬فأطلعه هذا‪ ،‬ونن نعلم أن المام جابر بن زيد رحه ال أخذ عن كثي‬
‫من الصحابة ويكفي أنه أخذ عن سبعي بدريا‪ ،‬يقول‪ ( :‬التقيت بسبعي بدريا فحويت ما عندهم إل البحر)يقصد‬
‫بالبحر ابن عباس لن ابن عباس ليس بدريا ومع ذلك فالمام جابر بن زيد أخذ عنه الكثي من العلوم وأخذ عن‬
‫ال سيدة عائ شة ر ضي ال تعال عن ها وأ خذ عن أمهات الؤمن ي‪ ،‬والت قى بعدد كبي من كبار صحابة ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فلذلك كان أيضا – كما قلت – يأخذ بزايا ما كان موجودا عند أهل الجاز وعند علماء‬
‫الجاز أو ع ند علماء أ هل الد يث‪ ،‬ولذلك وُجدت عنا ية بال سند ووجدت عنا ية بالتدو ين والتوث يق‪ .‬ف ن فس‬
‫الو قت ما كانوا منغلق ي وإن ا كانوا من الجت مع‪ ،‬وكان المام جابر بن ز يد ير جع إل يه الناس جيعا من كل‬
‫الذا هب‪ ،‬فكان يُ سأَل من أتبا عه و من غ ي أتبا عه م ن يوافقو نه الرأي وم ن يتلفون م عه‪..‬كان م صدر م صداقية‬
‫وكان مصبدر ثقبة للجميبع‪..‬فكان يُسبأل‪ .‬وهذا بطبيعبة الال يعله يتعرف على مشكلت الجتمبع ويوجِد لاب‬
‫حلولً إسلميةً ولذلك ل ند فقها نظريا بتا صرفا كما هو عند أهل الرأي الذين كانوا امتدادا لدرسة العراق (‬
‫خاصة الكوفة والبصرة )‪..‬ل ند القضايا الفتراضية والرأيتية كما يقال‪ ،‬لكننا ند مشكلتٍ كثية من الواقع‪،‬‬
‫وند أيضا سعةً ف الجتهاد ‪..‬ف التصور وف الخذ بالرأي وف القياس‪..‬ما ل يوجد كثيا ف مدرسة أهل الجاز‬
‫ويوجد أكثر ف مدرسة أهل الرأي أو أهل العراق‪..‬لذلك قلت بأن الدرسة الباضية – وقد يكون هذا يتاج إل‬
‫درسةٍ أطول لكن بسب ما يتسع له الوقت الن – أخذت من مزايا الدرستي‪ ،‬وف هذا كما قلت الثر الذي‬
‫ذكرته سابقا‪ ،‬ف قضية ابن مسعود لا نُقل إل المام جابر أنه قال‪ ( :‬لو ند هذا عن ابن مسعود وعن ثقةٍ لخذنا‬
‫به )‪..‬التوسط أيضا‪..‬فهناك قضايا كثية كان المام جابر بن زيد يراعيها وينظر فيها ف الصلحة وينظر فيها ف‬
‫الحوال‪ ،‬فوضعوا فقها فب التعامبل مبع الواقبع‪..‬كان هناك حكام وولة بنب أميبة واتذب الناس منهبم مواقبف‬
‫متباينة‪..‬فكان هناك فقهٌ ارتآه المام جابر بن زيد ورضيه أصحابه فساروا عليه‪..‬كيف يتصلون‪..‬فقه التصال فيما‬
‫بينهم وبي جاعتهم‪..‬كيف يترسون أيضا من فت الواقع؟‪..‬كيف يرصون على التربية؟‪..‬هناك أمثلة كثية‪..‬فقد‬
‫بُعث إل المام جابر بن زيد كتاب فسلمه إليه صاحبه فقال‪ :‬مت وصلت؟ قال‪ :‬منذ أيام‪.‬قال‪ :‬منذ أيام والكتاب‬
‫ف يدك ل تسلمه إلّ أو إل صاحبه؟!! ما أديت المانة‪.‬‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫هذا مثال بسيط‪..‬طبعا كيفية التصال فيما بينهم‪..‬كيفية نشر الدعوة السلمية ف ذلك الوقت وكسب التلميذ‬
‫والتباع‪..‬كل هذا وُجِد ف وق تٍ مبكرٍ‪..‬توجد ملمح ل أقول كثية لكنها ملمح كافية لرسم صورة عن هذه‬
‫القضايا كلها‪.‬‬
‫ل الدر سة الباض ية و سطا ب ي مدر سة أ هل العراق ومدر سة أ هل الجاز‪ ،‬وإن كان طبعا ل يس‬
‫فإذن كا نت فع ً‬
‫بصورة تقنية وعلمية كما ظهرت فيما بعد لنه أسبق‪ ،‬فالمام جابر بن زيد لا توف كان المام مالك ابن ثلث‬
‫سنوات وكان المام أبو حنيفة ابن اثنت عشر سنة‪ ،‬فإذن ل يكننا أن نقول بأن ذلك المر كان مقصودا حيث‬
‫رأى أتباع وتلميبذ المام جابر ببن زيبد مدرسبة أهبل الجاز ومدرسبة أهبل العراق وقالوا نأخبذ بنهبج وسبطٍ‬
‫بينه ما‪..‬ل‪..‬أ نا أقول ب صورة فطر ية تلقائ ية أعملوا في ها عقول م وفطر هم ال سليمة لكون م من العرب القحاح‬
‫ولكون المام جابر بن ز يد أدرك عددا كبيا من ال صحابة فعا صر وت صور ز من الو حي‪..‬تولدت عند هم مل كة‬
‫فطرية ف هذا الانب‪.‬‬
‫كذلك يُحسبب للكتاب بذور مبا أصببح يعرف فيمبا بعبد بالفقبه القارن‪ ،‬فهناك أقوال لهبل الكوفبة تُذكبر فب‬
‫الكتاب‪..‬راوي الكتاب كان يذكر قولً ل هل الكو فة أحيانا م ا يتوافق وكثيا م ا يالف الثر الروي عن المام‬
‫جابر بن زيد نفسه‪ ،‬وهذه ول شك مرونة وتسامح تُحسب لصال الدرسة الباضية ف ذلك الوقت‪.‬‬
‫أيضا ما يُحسب للكتاب أنه يبي دور المام ضمام بن السائب الذي طالا ُوصِف ول يُرى‪..‬الشماخي رحه ال لا‬
‫ذكر ضمام بن السائب قال بأنه أخذ من جابر بن زيد أكثر ما أخذه عنه أبو عبيدة‪ ،‬بينما لو نطالع مسند المام‬
‫الربيع بن حبيب ند أن أغلب الروايات هي من طريق أب عبيدة‪ ،‬فإذن أين هو دور ضمام بن السائب هذا الذي‬
‫أخذ من جابر بن زيد أكثر ما أخذ أبو عبيدة؟!! بل إن الشماخي ساه ( راوية جابر )‪..‬هذا الكتاب يُثبت هذا‬
‫الكلم‪..‬كتاب آثار الرب يع بن حبيب يث بت هذا الكلم الذي طال ا رأيناه دون أن ن د آثاره‪..‬هذا الكتاب يث بت‬
‫ويبي دور المام ضمام بن السائب ف نقل آراء المام جابر بن زيد ويؤكد ذلك‪..‬فضمام بن السائب استخلفه‬
‫المام جابر بن زيد مرة ف موسم الج‪..‬فوصفه الربيع يقول‪ ( :‬كان أكثر قوله‪ :‬سعت جابر بن زيد‪..‬وسئل جابر‬
‫بن زيد فقال‪ )..‬يعن كان فعلً راويةً لقوال جابر بن زيد‪..‬هذا الكتاب يبي هذا المر‪.‬‬
‫هناك ملمح فقهية وُجدت للفقه الباضي منذ ذلك الوقت ول يزال الباضية عليها إل يومنا هذا ما يتلفون فيه‬
‫عن غيهم من أتباع الذاهب السلمية الخرى‪ ،‬وطبعا لكلٍ أدلته ومستنده ولكن نظرا لقدم هذا الكتاب فهذا‬
‫ما يعطينا صورة لرسم معال هذه الدرسة وكيف أنا تشكلت ف وق تٍ مبك ٍر جدا بالتدوين الفقهي الذي نعرفه‬
‫ل ف صلة السفر السافة الت‬
‫اليوم‪ .‬مثلً الكتفاء بقراءة سورة الفاتة ف صلت الظهر والعصر ف الفرائض‪..‬مث ً‬
‫يُقصر منها وأن القصر ف السفر ل تده مدة مكث معينة وإنا طالا هو مسافر فإنه يقصر الصلة ما ل يصلي‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫خلف مق يم‪..‬تف صيلت صلة ال سفر هي م ا ا ستقر م نذ ذلك الو قت‪..‬مثلً عدم جواز ال سح على القدم ي ف‬
‫الوضوء‪..‬عدم جواز ال سح على الف ي‪..‬عدم مشروع ية القنوت ف ال صلة‪..‬ب عض الحكام التعل قة بالطهارات‬
‫كنجا سة الشرك ي ال سية والعنو ية ونا سة رطوبات م عند ما تل مس بدن م سلم أو ثو به‪..‬ب عض أحكام ما يتعلق‬
‫بتحرير العبيد والماء وأحكامها مثلً أن الُكاتب عندنا " فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيا " الكاتبة نوع من أنواع‬
‫ترير الرقيق‪ ،‬فالُكاتَب عندنا حرٌ منذ العقد‪..‬بينما أغلب الذاهب السلمية الخرى ترى بأنه عب ٌد ما دام عليه‬
‫ولو درهمٌ واحد‪..‬فالُكاتَب ح ٌر منذ العقد‪ ،‬طبعا هناك أدلة لذه القضية لكن الهم أن هذا الرأي الفقهي وُجِد منذ‬
‫ذلك الوقت واستمر عليه الذهب الباضي وكأنه علمةٌ لفقهه‪..‬طبعا ل يرج هذا القضية عن كونا مسألة فقهية‬
‫لكن هي ميزة للفقه الباضي‪ .‬هذه القضايا ‪..‬ما يتعلق بالصلة ‪..‬ما يتعلق حت أيضا بصوم الُنُب وأن الطهارة‬
‫ط للصوم فل يصح للصائم أن يتعمد أن يصبح على جنابة هو أيضا ما يوجد ف هذا الكتاب الذي أُلّف ف‬
‫شر ٌ‬
‫النصبف الول مبن القرن الثانب الجري وظبل فقهنبا بمبد ال هكذا‪ .‬طبعا هذا ل يعنب تقليدا لنبه فب القاببل‬
‫وُجِدت آراء للمام جابر بن زيد ف هذا الكتاب ول يأخذ با تلميذه من بعده‪..‬اعتُبِرت مرجوحا عليها وأخذوا‬
‫بقول غيه‪..‬مثلً من العروف رأي المام جابر ف نكاح الصبيان حيث ل يكن يرى جواز نكاح الصبيان‪ ،‬ويرى‬
‫ص به – عليه الصلة والسلم ‪ . -‬هذا ل يوافقه عليه‬
‫أن زواج النب صلى ال عليه وسلم من السيدة عائشة خا ٌ‬
‫تلميذه‪ ،‬ول يكن رأيا يثل الذهب الباضي‪ ،‬فإذن هو ليس تقليدا أعمى للمام جابر بن زيد‪ .‬كذلك بعض آراء‬
‫المام جابر بن زيد فيما يتعلق بالتمتع ف الج‪ ،‬فالمام جابر بن زيد ‪ -‬كما ف هذا الكتاب – ل يرى اشتراط‬
‫أن تكون العمرة والج ف أشهر الج ول ف نفس السفرة حت‪ ،‬وهذا ل يقبله منه تلميذه بعد ذلك واشترطوا‬
‫أن تكون ف نفس السفرة وأن تقع العمرة ف أشهر الج‪ .‬وهناك أمثلة أخرى فيما يتعلق أيضا بتحرير العبيد وف‬
‫قضية من مات عنها زوجها ول يفرض لا صداقا ول يدخل با‪..‬اللف موجود ول يأخذ جيع تلميذ المام جابر‬
‫بن زيد وأصحابه برأيه ف هذه القضية‪.‬‬
‫لكن هذه الترجيحات وهذه القوال الفقهية على ماذا تعتمد؟ هل هي مرد هوى كان المام جابر بن زيد يقول‬
‫به ث بعد ذلك أتباعه وتلميذه يأخذون به جزافا؟ ل‪..‬ف القيقة – وهذه قضية أيضا مهمة ولعلي أختم با – أنه‬
‫كان هناك تأصيلٌ لذه الترجيحات الفقهية‪..‬كيف تأصيل؟ كان العتماد الول على القرآن العظيم‪ ،‬وكان المام‬
‫جابر بن زيد من كبار الفسرين لنه تلميذ حب المة ابن عباس‪ ،‬فكان المام جابر بن زيد يبدو منه الصرار منه‬
‫فعلً على الرجوع إل القرآن العظيم‪..‬مثلً من ضمن الثار الوجودة( أن هند – وهي من عائلة الهلب بن أب‬
‫صفرة – كا نت ل ا جار ية وخطب ها ر جل فا ستفتت المام جابر بن ز يد‪ ،‬فقال‪ :‬ل تزوج يه‪ .‬ث جاء الرة الثان ية‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫وقال‪ :‬ل تزوج يه‪ .‬ث الثال ثة‪ ،‬فقالت له‪ :‬إن الر جل قال إن ل تزوجي ن إيا ها لركبّ الرام‪ .‬فقال المام جابر بن‬
‫زيد ‪ :‬الن " ذلك لن خشي العنت منكم ")‪ .‬هذا ملحظ ل يلحظه الكثي من الناس‪.‬‬
‫كذلك ف م سألة ال سح على الف ي أو ال سح ف الوضوء يقول‪ :‬ك يف ن سح وال تعال يأمر نا ف كتا به بن فس‬
‫الوضوء أو بن فس الغ سل؛ فكان هناك تق يد‪ ..‬ال صدر الول للف قه والتشر يع عنده كان كتاب ال عز و جل ول‬
‫يناظر بذلك؛ ولذلك فالمام جابر بن زيد روى قول النب صلى ال عليه وسلم‪ (( :‬إنكم ستختلفون من بعدي‬
‫فما جاءكم عن فاعرضوه على كتاب ال فما وافقه فعنّي وما خالفه فليس عنّي ))؛ ولشرح هذا الديث وبيان‬
‫طرقه موض ٌع آخر‪.‬‬
‫ص عن النب صلى ال عليه وسلم كان‬
‫كذلك العتماد على سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪..‬عندما يأتيه ن ٌ‬
‫ل يناظر فيه‪..‬لا سُئل عن نبيذ ال ر ودار جدل حول نبيذ الر‪..‬ما هو نبيذ الر وهل هو منه يٌ عنه؟هل هو‬
‫حرام؟ فجابر بن زيد لا أكثر عليه السائل قال‪ ( :‬نى عنه رسول ال صلى ال عليه وسلم وما نى عنه صلى ال‬
‫عليه وسلم فهو حرام )‪ ،‬يعن انقطع باب الدال لن الصدر هو حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وكذلك‪ ،‬المام جابر بن زيد معروفٌ عنه أنه من كبار الجتهدين وكان يُعمِل رأيه ويقيس‪ ،‬سأله سائل – ف هذا‬
‫الكتاب – إن من عه والده من الج فماذا يفعل؟ ف سأله المام جابر بن ز يد‪ :‬كم صلة عليك – يع ن كم عدد‬
‫ال صلوات الفرو ضة عل يك ‪ -‬؟ قال‪ :‬خ س‪ .‬قال‪ :‬أرأ يت إن ناك عن إحدا ها ك يف ت صنع؟ قال‪ :‬أخال فه‪ .‬قال‪:‬‬
‫فكذلك الج‪.‬‬
‫ف هو يق يس له لتفهي مه ه نا‪..‬ن د أ سئلة كثية كان المام جابر بن ز يد يت هد في ها رأ يه ويرا عي في ها أحوال‬
‫الناس‪..‬يرا عي في ها الضرورات‪..‬يرا عي في ها القا صد‪..‬فمثلً ال صلة ف ال سفينة إن ل يتأ تى ال صلة قائما كان‬
‫يصلي قاعدا‪..‬وُنقِل عنه هو كذلك الصلة حي تكون الرض أصابا مطرٌ ورداغ‪ -‬يعن أصبحت طينة ول يكن‬
‫السجود عليها – فصلى المام جابر دون أن يسجد‪..‬يعن صلى ركوعا وإياءً‪..‬سئل ف هذا الكتاب ف أكثر من‬
‫مناسبة عن البية‪ ،‬عمن أصابه ف رأسه قرحٌ فطله بالدواء فقال‪ :‬يسح عليه‪ ..‬ول يكلفه عنتا ومشقة‪..‬كل هذه‬
‫القضايا تبي مرونة المام جابر بن ز يد أيضا ف فهم – عندما ل يو جد نص وعندما توجد ضرورة – ف إبداء‬
‫آرائه‪.‬‬
‫وأما فيما يتعلق بالانب السياسي فتلخيصا للثار الوجودة ف الكتاب يكن أن أقول بأن الدرسة الباضية من‬
‫خلل هذا الكتاب تبي أن ا سلكت مع مالفي ها و مع النظ مة القائ مة م سلكا سلميا م سالا مت ساما ل ير ضى‬
‫بالتكفي الذي تعان منه أمتنا اليوم ويقت التكفي ونبذ الخر وتشريك السلمي‪..‬ل يقبل الفكر الباضي منذ‬
‫بدينب طبعا‪..‬وكانوا‬
‫ٍ‬ ‫نشأتبه هذا المبر البتّة ول يسباوم على ذلك‪ ..‬ول يتجرأون على إخراج أحدٍ مبن اللة إل‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬


‫موقع واحة اليمان‬
‫‪www.waleman.com‬‬

‫يالطون الناس‪..‬يتعاملون مع هم‪..‬كان المام جابر بن ز يد ي سأله كل أ صناف الناس‪ ،‬وح ت هذا الكتاب الذي‬
‫نتحدث عنه ف رواته من هم ‪ -‬فيما تبي فيما بعد‪ -‬من غي أتباع الذهب الباضي‪ ،‬هناك مثلً اليثم بن عبد‬
‫الغفار ‪..‬وهناك عدد ل بأس به من زُكّي ف كتب الرجال ف غي كتب الباضية تزكية بالغة ول يُعتب إباضيا وإنا‬
‫هو من غ ي أتباع الذ هب البا ضي ول كن مع ذلك ل تو جد غضا ضة ف العلماء الوائل ورواة هذا الكتاب ف‬
‫الخذ عنهم والنقل عنهم كما ف عمر بن فرّوخ أيضا وقد روى عنه نفس الرواية الوجودة ف كتابنا آثار الربيع‬
‫بن حبيب روى عنه ابن شيبة ف مصنّفه‪..‬عمر بن فرّوخ عن أب نوح صال الدهّان‪..‬نفس الرواية الوجودة ف‬
‫هذا الكتاب ف قضية أنم كانوا صائمي فرأى الناس اللل ضح ًى ف آخر يو ٍم من رمضان فذهبوا ليسألوا المام‬
‫جابر بن زيد وكانوا معتكفي‪..‬الهم نفس الرواية هذه موجودة ف مصنّف أب شيبة بنفس السند‪..‬عمر بن فرّوخ‬
‫وهو غي إباضي عن أب نوح صال الدهّان وهو إباضي‪..‬الذي نقلها عن عمر بن فروخ ف كتاب آثار الربيع بن‬
‫حببيب هبم نقلة الباضيبة‪..‬فإذن كان هناك تعام ٌل وتعاطبي ول غضاضبة فب ذلك وهذا مبن مزايبا هذه الدرسبة‬
‫الفكرية الباضية الصيلة كما تبيّن‪.‬‬
‫ع سى أن أكون قد ر ست ب عض مل مح هذه الدر سة وعرّف تُ بذا التراث الغ ن‪ ،‬ون سأل ال سبحانه وتعال أن‬
‫يوفقنا إل ما فيه الي وأن يعلنا من يعملون على نصرة دينه وأن يعز بنا السلم والسلمي وأن ينفعنا با علمنا‬
‫وأن يعلمنا ما ينفعنا‪ ،‬إنه تعال على كل شي ٍء قدير‪ ،‬إنه نعم الول ونعم النصي‪ .‬هذا وصلى اللهم وسلم على نبينا‬
‫ممد وعلى آله وصحبه أجيعن‪.‬‬
‫وكم أنا شاكرٌ لكم ومدين لتفضلكم بالصب واللوس طيلة هذه الدقائق الت قضّيناها وجزاكم ال خيا والسلم‬
‫عليكم ورحة ال‪.‬‬

‫مكتبة الكتب‬ ‫موقع واحة اليمان‬

You might also like