Professional Documents
Culture Documents
الديان ،وصلى ال وسلم وبارك على عبده ورسوله سيد ولد آدم نب الرحة ونب
فإن ال تعال قدر أن يكون لذه القارة الصغية ذات البيئة القاسية ( أوربا ) أثر
كبي ف تار يخ الما عة البشر ية كل ها وأن تتول قيادة ر كب الغوا ية ف صراعه
البدي ميع ركيب اليان الذي قدر ال أن يكون معتصيمه بلد التيي والزيتون
وطور سيني والبلد المي . 1
1أما ف سابق الدهر فمعروف تاريخ هذا الصراع لسيما منذ بزوغ فجر السلم وأما مستقبله فالحاديث الصحيحة ف اللحم مع الروم
تشهد له وهي ف الصحيحي وسائر كتب الشراط والفت واللحم ،وف كل الالي :الروم هم العتدون على أتباع النبياء.
2اقرأ التاريخ العام للحضارات كما يصوره الفكر الغرب فهل تد ف تاريخ مصر الفرعونية ذكرا لوسى عليه السلم وقومه رغم الديث
الطويل ف التوراة عنهم ؟ ،واقرأ تاريخ الشوريي فهل تد ذكرا ليونس عليه السلم ؟ ،واقرأ تاريخ الفينيقيي والثيي فهل ترى ذكرا
للياس عليه السلم ؟ ،بل إن إبراهيم عليه السلم ل يكاد يذكر ،وأما بشأن نوح عليه السلم فنجد الديث عن الطوفان ول ند لنوح
ورسالته ودعوته من ذكر !!
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
2
ونفض الغبار عن الوثان القدية وشرك القرون الول ونُقّب عما طمره الدهر من
أساطي وأصنام وضللت وجهالت .
ذلك أنه ف ظل الضارة الاهلية الخية ( الرومانية ) اعتنقت أوربا نصرانية "
بولس " النسوبة زورا إل السيح عليه السلم حينما أعلن ذلك المباطور
قسطنطي سنة 325م وانتقلت عاصمة المباطورية من روما إل بيزنطة
(القسطنطينية ) ويشاء ال تعال أن يلي ذلك مرحلة مفجعة من تاريخ أوربا الغربية
وهي الرحلة المتدة من سنة 410م (أي تاريخ سقوط روما بأيدي البابرة) إل 1210م
( أي تاريخ ظهور أول ترجة لكتب أرسطو ف أوربا ) ثانية قرون كاملة من التيه
والضلل اصطلح الؤرخون الغربيون على تسميتها ( أو جزء منها ) عصور
الظلمات وأفاضوا ف الديث عن النطاط الكامل حينئذ ف الثقافة والعلم والفن
وكل جانب من جوانب الياة إل جانبا واحدا شذ عن ذلك وهو الدين حيث
توغلت النصرانية ف المالك الببرية الوثنية وكان ذلك العصر هو العصر الذهب
لنتشار النصرانية ف أوربا كلها وأسست كنائس وأنظمة رهبانية جديدة .
1
1مثل الكنائس والطرق الرهبانية الت أسسها ( بندكت ،كولومبس ،بونيفاس ،برنارد ،دوميونيك ،فرانسيس ) وكلها طرق مبتدعة
ما أنزل ال با من سلطان ول عرف مثلها السيح والواريون .
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
3
وهو ما كان له آثار بعيدة الدى ف علقة أوربا بالدين .أعن دينها أما السلم
1
فإنه لا كان الرومان عامة يعدون كل ما عداهم من الشعوب برابرة ولا كان
البابوات ورجال الكنيسة يعدون السلم وثنية فقد اتفق الوردان ف النظرة القاتة
إل العال السلمي وامتيزجت العنصرية القدية بالقد الدين الديد .مع أننا لو
انتقلنا إل واقع الياة السلمية حينئذ وعقدنا مقارنة بي الديني والضارتي
لوجدنا البون شاسعا والفرق بعيدا -:
–1ل يكن لدى أوربا مركز حضاري يكن أن يسمى "مدينة"بالفهوم
السائد عن الدن فيما بعد .وأكب ما كانت تعرفه هو ( بيزنطة وروما
) اللتان ل تكونا سوى قريتي متأخرتي إذا قورنتا بالدن العالية آنذاك
( بغداد ،دمشق ،القاهرة قرطبة …ال ) .
2
-2ل يؤلف ف أوربا خلل تلك القبة الطويلة كتاب علمي على
الطلق ف حي ند الواحد من علماء السلمي يكتب العشرات وربا
الئات من الصنفات ف فنون العرفة جيعها .
وإذا كانت أوربا تعد ظهور ترجة كتب أرسطو بداية الروج من عصر
الظلمات فإن الفضل عليها ف ذلك يرجع إل رجل ليس أوربيا ول نصرانيا
بل هو ابن رشد التوف سنة 1198م .
ومن هذا النطلق العنصري وبتلك الرواسب الاهلية انتقلت أوربا ببطء –
ف مرحلة مفعمة بالفاجئات والنكسارات الادة -من عصر الظلمات
1وعلى العكس تاما كان السلم أعظم نقلة ف تاريخ العرب وغيهم نقلتهم من الظلمات والنطاط إل النور والتقدم ف كل شيء
ولكن العلمانيي العرب يتعامون عن هذا ،دع الغربيي فما على عدو ملم .
2ل يزال التعصب والعنصرية يريان ف عروق الفكرين الغربيي حت أن بول كيندي عندما عدد الدن العالية ف العصور السابقة ذكر
بعض مدن الضارتي الغريقية والرومانية ول يذكر مدينة إسلمية واحدة (مستقبل القرن الادي والعشرين ص من الصل النليزي ).
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
4
1ظهر ف العال السلمي من يدعي دعوى أباطرة أوربا وبابواتا كالعبيديي التلقبي "الفاطميي" وأشباههم ولكنهم كانوا منبوذين من
عامة المة لن نور الكتاب والسنة جعل العامة من السلمي أرقى فكرا من كثي من فلسفة اوربا الذين يؤمنون بذه الساطي مثل ما
كان يعتقد هيجل ف طواغيت بروسيا !!
2حسب أي منصف أن يرى كيف يعيش النصارى ف مصر والشام وغيها حت يومنا هذا مع أنم منذ الفتح السلمي ف القرن الول
حت الن ليسوا سوى أقلية ضئيلة ف ميط إسلمي كبي ويقارن ذلك بالبادة الستأصلة الت نيزلت بسلمي الندلس على يد أوربا
النصرانية ف العصر السمى عصر النهوض !!
3انظر مثلً كتاب " اكتشاف جزيرة العرب " وقد أقر الحقق التسمية ل بلسان الال فقط بل بلسان القال وهذا حال من تقمص عدوه
وذاب ف حضارته !!
4هذه الفوارق – وغيها كثي – مع أن السلمي كانوا عند قوم الصليبيي مقصرين ف العمل بأحكام السلم والتمسك بقيقته وف
اعتقادي أن أوربا لو رأت أخلق النبوة التمثلة ف اليل الول الذي شهدته مستعمرات المباطورية البيزنطية لسلمت نفسها ل كما
فعل أولئك ولمن كثي من الصليبيي ولو قطعهم البابا إربا إربا ولكنها حكمة ال ف عقوبة هؤلء وإضلل أولئك .
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
7
وإجالً :ولدت أوربا ولدة جديدة ووجد لديها لول مرة ف تاريها الشعور
بأنا أمة واحدة تواجه عدوا أبديا هو السلم ،وكانت طفولتها ف ذلك العصر
الذي سي عصر النهضة أو النبعاث الذي تعمّدت ألّ تعله يبدأ تارييا بعرفة
الدين الربان واكتشاف حضارته العظمى بل بلحظة البار العكسي إل الاهلية
الغريقية واكتشاف أرسطو .
إن ولدة أوربا ف ظل الروب الصليبية وشعورها بذاتا من خللا هو الذي
يفسر تلك التناقضات الصارخة الت يعيشها الفكر الغرب متمثلة ف هذه العادلت
الصعبة -:
1عندما سقطت الندلس ف يد فرديناند دايزبيل أصدر أمرا بدم كل المامات وسنت الكنيسة قانونا يعتب الغتسال عادة إسلمية وقرينة لحاكم التفتيش على أن
فاعله ل يتنصر على القيقة .وف ظل هذا الكم الكاثوليكي ازدهرت تارة البول البشري للتداوي به ,فقد كان الغرب مبهورا بالضارة الندلسية لدرجة أن أبوال
الناس ف الندلس هي أفضل أنواع الدواء !!
((كل هذا فصله أحد الستشرقي السبان العاصرين .ولعل ال يهئ لخراج مادة عن هذا الوضوع الصارخ الدللة))
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
8
المي العام للف الناتو الذي قال بكل وضوح إن العدو الذي يعمل اللف لواجهته بعد سقوط التاد السوفيت هو السلم . 2
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
9
أما حركة الصلح الدين فلم تولد مع " لوثر " و " كالفن " بل لا جذور
عميقة الصلة بالسلم ل يستطيع أي باحث أورب أن يغفلها مهما قلل من شأنا ،
ومنها (( حركة تطيم الصور والتماثيل )) الت اجتاحت المباطورية البيزنطية ف
أوائل القرن الثامن اليلدي – أي بعد قرن تقريبا من ظهور السلم ، -ومن آمن
بذلك وأصدر مرسوما عاما به المباطور " ليو الثالث " .
2
صحيح أن التوراة حرمت ذلك ولكن الكنيسة أحلته فيما حرفت من شريعة ال 1
ومن هنا فإن الفكر السلمي (السن خاصة) الذي رفض أرسطو رفضا مطلقا
ودعا – وفقا لصريح القرآن – إل نبذ تقليد السالفي ،والتأمل ف ملكوت
السماوات والرض والنظر ف آيات ال الفاقية والنفسية هو أصل تقدم النسانية
الال كلها ،وما فعله " جاليليو " بالنسبة لركة الجرام السماوية ما هو إل جزء
من الثر السن الذي شل العال وصرع النطق الصوري الغريقي ف الشرق قبل أن
تتخلص أوربا منه بعدة قرون .3
وعلى أية حال انطلقت أوربا ف نضتها بعيدا عن الدين وسوف نتتبع خط
سيها مقتصرين على الانب القصود بالذات وهو (( الدب والفن )) الذي
تنعكس على صفحات ميطه التماوج الوجه التعاورة لوربا ف مراحلها التاريية
التتالية .
1ف سفر اللّويي الصحاح التاسع عشر (( أنا الرب إلكم ،ل تلتفتوا إل الوثان وآلة مسبوكة ل تصنعوا لنفسكم )) ،وف
الصحاح السادس والعشرين (( ل تصنعوا لكم أوثانا ،ول تقيموا لكم تثالً منحوتا أو نصبا ،ول تعلوا ف أرضكم حجرا مصورا
لتسجدوا له )) ،ونوه ف سفر اللوك الول الصحاح الرابع عشر ومواضع كثية من أسفار النبياء .
2يرى أرسطو حسب النظر العقلي الجرد أن أثقل السمي يقع على الرض أولً ف حي أثبت جاليليو بالتجربة وصولما معا ،وبذلك
تبي أن عوامل غي الكثافة (( فراغ الوسط أو تلخله ))هي الؤثرة ف سرعة السقوط .
3رغم الثورة العنيفة ف الفكر الورب على منطق أرسطو ل يستطع أي فيلسوف أورب ول ( هيجل ) أو ( جون مل ) أن يكتب ف
نقض النطق مثلما كتب شيخ السلم ابن تيمية – رحه ال ، -وأن لم ذلك !
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
11
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
كان جود الداب جزءا من المود الطلق ف ظل الكنيسة حيث كان العلم
(وبالصح معرفة القراءة والكتابة ) منحصرا ف رجال الدين ،وأسوأ من ذلك أنه
كان بلغة ميتة " اللتينية " وهي لغة معقدة السلوب والقواعد ف حي كانت
أوربا تتكلم لجات كثية متباينة .
أما العايي الفنية للدب والبلغة والشعر والسرح فكلها مصفّدة بآراء أرسطو
ونظرياته ،وغاية العبقرية والبداع والتجديد أن يستنبط الديب أو الناقد من كلم
أرسطو شيئا أو يفرع عليه آخر ،أما الروج عليه فهو الحال .
فاللحمة ( وهي الت ينعى الوربيون على أدبنا العرب خلوّه منها ) ظلت خلل
القرون الوسطى والعصر الديث مكومة بتلك القواعد التيزمتة والتقاليد الثابتة
ومنه ضرورة الستهلل بالتضرع إل ربات الشعر مثل " كليوب " ،فالشاعر
الغريقي هو "ميوس" يتضرع إليها ف ملحمته وكذا تضرع صنوه "هزيود" وعلى
أثرها ند "دانت" السيحي يتضرع إل "أبولو" ( إله الشعر ) ف الكوميديا وكذلك
تضرع "ميلتون" إل "أورانيا" (ربة علم الفلك ) ف ملحمته "الفردوس الفقود" !!
تعال ال عما يشركون .
وف الشعر ند التقيد الطلق با ورثه القدماء ف الضمون والشكل ومن ذلك
اللتيزام بالقاطع وعدد البيات ف كل مقطع وعدد التفعيلت أيضا أما النقد
فكان ما قرره أرسطو هو العيار الدقيق ،وكانت الحاكمات الدبية تتخذ كلمه
دستورا .
وهكذا ل تكن الكلسيكية إل تعبيا واضحا عن اعتقاد أوربا الكمال الطلق
لعمالقة الفكر الغريق وعلى رأسهم أرسطو .
والهم أن أوربا النصرانية قدست اللتينية تقديسها للنص الدين نفسه ،وقدست
معايي أرسطو الفنية تقديسها لعلم الكلم الكنسي النقول عن الفكر الغريقي .
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
12
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
ومن هنا كانت الركة الدبية التحررة موصومة منذ البداية باللاد والزندقة ،
وكان لبد لدعاتا من التسلح بقدر كبي من الغامرة والرأة .
إنه ليس تررا من القيود الدبية ولكنه ترر من القبضة الكنسية الائرة .
وكانت الزحزحة الول حيث ظهر حدثان أدبيان كبيان -:
أولما " :الكوميديا اللية " للشاعر اليطال دانت 1321م أبرز رواد عصر
النهضة ( معه :بتراك ،دافينشي ،تشوسر ،مايكل أنلو ) ،وبذلك سجلت
أوربا كما يقول برتراند رسل :وثيقة التحرر الول !!
أما وثيقة التحرر الخرى - :وهي أعظم من الول – فكانت على يد الصلح
الكنسي "مارتن لوثر" ذلك التدين الثائر الذي هاله ما رأى من فظائع البابوية
فكتب وثيقة الحتجاج الشهورة سنة 1517م وجعلها خسة وتسعي بندا وعلقها
على مدخل كنيسة ويتنبج ،وليست هذه هي وثيقة التحرر الت نريد هنا ولكنها
انبثقت منها ،فقد ترجم لوثر النيل إل اللغة ( اللهجة ) اللانية الدارجة وكانت
أوربا قد عرفت الطبعة لول مرة على يد جوتنبج اللان فكانت طباعة النيل
مترجا بلغة غي اللتينية هي الوثيقة الدبية الم وإن شئت فقل هي (البيان الداثي
الول) إل أن أحدا من الناس حينئذ ل يطلق على هذا اسم الداثة " موديرنيزم " 1
1هذا الرأي الذي نقوله يبدو مالفا للسائد ف تاريخ الداثة عند كثيين لكن ل جرم أن البدايات الفكرية دائما موضع اختلف على
أن من تأمل مليا ظهرت له وجهة نظرنا .انظر مثلً "حكمة الغرب" :براند رسل ،ترجة فؤاد زكريا 1983 ،م الكويت ،ص – 17
. 42
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
13
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
(الكويكرز = جورج فوكس ) ( الويزلية = جون ويزل ) ومع أنا اتهت كلها
تقريبا لحاربة الكنيسة الكاثوليكية أو مالفتها فقد برزت ف القابل ماولت
لعادة الوحدة الدينية لوربا .
ولكن حدث ف الرحلة التالية من الدواهي ما أذهل الكنائس جيعها وأنساها
شيئا من اللفات فيما بينها وأن شئت فقل غمرها إل حي .
ونعن بذلك التحولت الكبى ف الياة الوربية الت يسمونا جيعا ثورات
وأهها -:
-1الثورة العلمية .
-2الثورة الفرنسية .
-3الثورة الصناعية .
ويهمنا الن الديث عن الول منها -:
لقد كان العلم ( وبالدقة العلم +موقف الكنيسة الحق من العلماء ) يثل
الثورة الكبى الت نسفت خرافات الكنيسة وأطاحت بعرشها وقوضت وجودها
الطاغي إل البد ( كما نسفت ف الوقت نفسه أرسطو ونظرياته ف العلم والفن
والياة ) .
وقد صدرت بيانات هذه الثورة تباعا -:
نظرية كوبرنيق عن الجرام السماوية 1540م .
تطوير النظرية على يد تيكو براهي 1575م .
نظرية جاليليو ف الركة وصنع الرقب 1597م .
قواني كبلر الثلثة 1620م .
نظرية الاذبية وقواني الركة لنيوتن 1687م .
أول نظرية كونية وضعها لبلس 1780م .
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
14
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
1ل يبق لدى الباحثي العاصرين شك ف أن سبينوزا – وهو يهودي أندلسي فر من الضطهاد الكاثوليكي بعد سقوط الدويلت السلمية بالندلس – قد بن
نظريته على الساس النهجي الذي وضعه ابن حزم ف "الفصل"
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
15
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
ومنذ عصر النهضة حت ظهور الثورة الفرنسية كانت " الكلسيكية " هي
السائدة على الدب الورب .
وقيمة الدب الكلسيكي تتمثل ف مضمونه الخلقي والتيزامه الدرسي
وحديثه الدائم عما ينبغي أن تكون عليه الياة .
فالنهايات الكلسيكية ( ف السرحية واللحمة سواء ) تأت دائما انتصارا للحق
والفضيلة ،إنه دعوة إل الكمة العملية لكنها ل تاطب الناس باسم الدين ضرورة
كما أنه كان ف جوانب منه ل يهدف إل أكثر من إعطاء أكب قدر من التعة
للقارئ ولو كانت متعة لغوية تقوم على أنواع الحسنات اللفظية وإثبات القدرة
على الذلقة ،وكان السرح من احتكار الطبقة الرستقراطية (اللوك والنبلء)
تفوح منه روائح العهر والفحش والباحية وغمزات دائمة للدين ورجاله
ونتيجة التغييات الطارئة وجريا على سنة التذبذب ف التاريخ الورب تول
الدب الورب من الكلسيكية إل نقيضها " الرومانسية " .
والرومانسية هي ارتداد صوف ولكن موضوعه ليس الرب كما ف رهبانية
النصارى بل " الطبيعة " وهي ل تدف إل التوجيه العقلي للناس عن طريق حكمة
القدماء بل إل الشباع العاطفي الذي يعل الذات مور العال .
إنا مزيج من اليأس الرهبان والروب من الواقع الذي كلما تقدمت العرفة
العقلية أظهرت أنه أكثر قتامة وكآبة .
وهكذا كان مورها الدائم هو البؤس ،البؤس الدين كما ف " الفردوس
الفقود" أو البؤس الخلقي كما ف " البؤساء " أو البؤس العاطفي والنفسي
2 1
فلئن كان الوربيون قبل اعتناق النصرانية يعبدون الجارة والشجار واليوان
والكواكب فإن الرومانسية الاربة من النصرانية قد جعت هذه الوثان جيعا ف
صنم واحد سته " الطبيعة " وجعلت مل التراتيل الكنسية تلك الشعار الوجدانية
الت تتعشق العبود الديد ،كما فعل رمزها الكبي روسو ف " راهب سافوي "
حقا وجد الفكر الورب ف الرومانسية راحة من الكد النطقي الذي أرهق
مفكري عصر النهضة وما بعدها نتيجة البحث العقيم ف الكليات والاهيات
والعلقة بي العقل والادة والتطلع اليائس إل معرفة كنه الشياء منطقيا ،
واستطلع اليتافيزيقيا أو ما وراء الطبيعة !!
كما وجدوا فيها مهربا من اللتزام بالعايي اللقية عامة ،واستطاعوا إحلل
العايي المالية الجردة ملها .
كما كانت الرومانسية ملذا لولئك النفر الذين أزعجتهم الروب القومية
والدينية الت ل تدأ قط ،حيث فتحت لم مال تعويض الذات القانطة الغتربة ف 1
صراع ليس لا له ما يبره عندها ،كما فعل " هنغواي " ف وداعا أيها السلح "
بعد حوال قرني .
ث كان القرن التاسع عشر هو قرن التغيات الكبى ف كل مالت الياة
الوربية -:
•الثورة الصناعية تعم أرجاء القارة حاملة الكوارث
الجتماعية مع التقدم الادي الكبي .
1الرب هي شأن الضارة الغربية الدائم ومن أبرز المثلة عليها حرب الائة عام وهي ف الواقع أكثر ( 1453 – 1337م ) بي
فرنسا وبريطانيه ،أما السباب فكانت من التفاهة بيث تثي الشئزاز مثل تتويج طفل رضيع ليكون ملكا أو زواج أحد اللوك بلكة دولة
أخرى فينبتج عنه الختلف على ولية العهد .ناهيك با إذا اعتنق أحد اللكي مذهبا يالف الخر !! وهكذا فإن الشعارات الوفاء الت
ل يل الغرب من تكرارها عن السلم والستقرار ما هي إل تعبي عن الشعور بالذنب من تاريخ طويل ل يعرف الدوء ول المن .
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
17
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
وقد وصلت سيول المم الت قذفها البكان إل أرجاء العمورة كافة نتيجة
جهود عظيمة قام با أناس متعددو التاهات لكنهم متفقو الدوافع – على ما يبدو
– ومن أبرزهم اليهود الثلثة " ماركس ،فرويد ،دوركاي " وتبعهم بالطبع
1
وهكذا كان الغرور الائل الذي أوحت به النظرية ،والثقة ف التقدم الطلق ف
كل الجالت الذي أسهمت فيه الكتشافات العلمية الذهلة حينئذٍ ،وكانت ناية
الطاف ظهور النظرية النسبية ف أوائل القرن العشرين( 1905م ).
ونتج عن ذلك تنكر ميف للماضي بكل مافيه وقطع متعمد للواصر الرابطة به
وثورة شاملة على الخلق والتقاليد ،ل يسبق لا نظي من قبل .
ف هذا الو الحموم تأرجح الدب واستقر ف اتاه مضاد هو " الواقعية " .
والواقعية تعن أوضح ما تعن السقوط :
1ورابعهم التفلسف العتوه " نيتشه " الذي استبطن عقيدة (( الشعب الختار )) فنادى بنظرية النسان العلى " سوبرمان " واستظهر
بالداروينية ليقول ابن الرب قد مات – تعال ال عما يقول الظالون علوا كبيا – وإنا كان اليت هو رب الكنيسة الذي ل وجود له إل
ف أذهان عبدة الصليب ،ول يقبل عقل نيتشه – إن كان بقي لديه عقل – أن يدعو نفسه وقومه إل دين السلم وهدي ممد صلى ال
=عليه وسلم بل دعا إل الجوسية وألف " هكذا تكلم زرادشت " وصدق ال تعال حي قال عنهم { يشترون الضللة
ويقولون هؤلء أهدى من الذين آمنوا سبيل ً }!!
2الوليات التعصبة ف النوب المريكي وهي ل تزال حت اليوم ترفض نظرية دارون وليس هذا هو الشكل ف ذاته ولكنها تقر أن ال خلق الكون كله حوال سنة
4000قبل اليلد – حسب تقاوي التوراة الختلفة !! وأشهر من دخل معهم ف صراع حول تدريس هذه النظرية الرئيس المريكي "كلينتون" حي كان حاكما
لحدى الوليات الذكورة ( انظر التفصيل ف كتاب :بل كلينتون ) ومع هذا فالعلمانيون العرب ل يدون مثالً للتعصب الفكري والمود العقلي إل بعض الطباء
أو العلماء الذين يعترضون على الروايات الت تفيض بالزندقة واللاد سبا وشتما ل فكرا وبثا !!
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
19
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
علمية إنسانية لقد كان فصلً جديدا من مسرحية التاريخ الورب حيث اختفى
مشهد "بروميثوس" وظهر مشهد "سيزيف" .
2
1اليوتوبيا = مصطلح فلسفي يقابل "الدنية الفاضلة" عند التفلسفة السلميي ،وهي تعبي عن أحلم وخيالت الفلسفة الثاليي
القانطي من صلح البشرية والرافضي لدى ال وشريعته كما أن متفلسفة رجال الدين مثل "أوغسطي" حلموا بدنية تسد خيالتم .
2بروميثوس الرمز السطوري للنسان الذي سرق النار من اللة ! ( وهو ينطبق على أوربا ف مرحلة النشوة بالنتصار على الكنيسة
بواسطة العلم ) وسيزيف أسطورة إغريقية أخرى مضمونا أن الرباب حكمت على سيزيف بأن يمل صخرة إل قمة البل وكلما وصل
القمة تدحرجت ث عاد ليحملها إليها مرة أخرى فتتدحرج من جديد وهكذا دواليك ،وقد جعلها ألبي كامو رمزا لفلسفته العبثية !!
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
20
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
شعراء الداثة ،أما الشعر الفرنسي الر فقد ظهر قبل ذلك بكثي .
و ف الا نب ال خر ق فز العلم التجر يب قفزات هائلة كان من أعظم ها ما سي
اكتشاف الذرة سنة 1938م .
وتدور السنون ول يدرك أكثر الناس مغزى هذا الكتشاف حت انفجرت أعنف
حروب التاريخ وأشدها هولً ( الرب العالية الثانية ) هناك ذهلت أوربا بحافل
هتلر وهي تدك باريس وقذائفه وهي تغطي ساء لندن وكتائبه وهي تسحق
لينينجراد ولكن الذهول الكب كان ساعة النتصار حيث سقطت القنبلة الذرية
على هيوشيما ،وكان إعلن انتصار اللفاء يعن ف الوقت نفسه إعلن وقوف 2
1وقد ارتد إليوت إل الكاثوليكية وأصبح يكتب كأشد القساوسة تعصبا ولكن الداخلي ف جحر الضب من الداثيي العرب يتغافلون
عن هذا ،ونظيه ف ذلك الكاتب "جراهام جرين" الذي ارتد عن الشتراكية إل الكاثوليكية ،وهكذا ند العودة إل الدين الباطل غي
مستنكرة ف الغرب أما العودة إل دين ال فهي ف نظر التعلمني ظلمية ونكوص وتلف !!
2ألقت أمريكا ( الت ل تفتؤ تتهم السلمي بالرهاب وتتشدق بظر أسلحة الدمار الشامل ) تلك القنبلة الهنمية على الستشفى العام ف
الدينة فتبخر مثل نقطة ماء على صفيح ملتهب وتفحم ما حوله من الدينة حيث ل يكن أي قاعدة عسكرية ول يكن من بي مئات من
الضحايا عسكريون إل من كان موجودا اتفاقا أو ف إجازة !!
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
21
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
واتسعت دائرة البلء بواسطة وسائل التصال التقدمة والتدفق السيطر للمعلومات
ليصبح النسان ف جزر الند السحيقة وحوض المازون وأحراش أفريقية يعيش
مأساة الوجود الائر والستقبل العتم ويرى هذا الشبح الرهيب معلقا فوق رأسه .
أما داخل أوربا نفسها فقد أصبح الفرد العادي يمل الموم الكبى الت ما كان
يكابدها ف عصور خلت إل قلة من الفلسفة التشاؤميي أمثال "شبنجلر وأرويل"
ويعيش الزمة الانقة الت ذهبت بعقل نيتشه ودمرت نفسية شوبنهاور وألأت
تولستوي إل النفى .حت السرح الذي كان وسيلة الناس للهروب من الواقع
الكال إل ميادين من التعة واللهو و إشغال الوقت تول ( ومعه السينما ) إل
مسرح عبث ووجودية وفوضوية وعدمية … ال .
ل يعد أحد يتحدث عن " طرطوف " بل عن " دماء النازير " وأمثالا .
2
" اليباب " قصيدة إليوث الشهورة فيما بي الربي و " الطاعون " رواية كامو عن الرب الثانية . 1
طرطوف :ملهاة لوليي ،ودماء النازير مسرحية عبثية كان لا دوي كبي ف الستينيات وأمثالا الن كثي . 2
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
22
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
وتعسفه " أي تاما كما يعتبط العقل المعي عند " دوركاي "
ويتعسف فيفرض على الناس ماهو خارج عن ذواتم .ومن هنا
1انظر البنائية ،د .صلح فضل :ص . 39ومن هنا ينكر الداثيون الجاز ،وقد خدعوا بذلك بعض طلبة العلم إذ تسحوا بوافقة
شيخ السلم وابن القيم – رحهما ال ،وإنا شيخهم سوسيور !! وكلم شيخ السلم ف اللغة أجل من هذه النظريات وأعمق وهو
جدير بأن تفرد له رسائل علمية من التخصصي ف هذا اليدان .
2انظر ملة فصول م ، 5 :ع ، 4 :ص . 144
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
24
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
وغايرت الدرسة الشكلية التاهات النقدية الخرى الت تتم بالضمون حيث
صرفت الهتمام الكب إل الشكل جاعلة إياه وسيلة للوعي وتديد الرؤية ،
فوظيفة الفن عندها ليس إعطاء رؤية ول تصوير الواقع أو التعبي عن العال الطبيعي
الوضوعي وإنا هي " استخدام اللغة بطريقة جديدة بيث يثي لدينا وعيا باللغة من
حيث هي لغة ،ومن خلل هذا الوعي يتجدد الوعي بدللت اللغة ،هذا الوعي
الذي تطمسه العادة والرتابة على حد تعبي "جورج لوكاش"
3
وهكذا نصل إل الفكرة نفسها "موت الؤلف" كما نادى با "رولت بارت"
4
1البنائية ص . 64
2البنائية ص . 101
3انظر فصول م ، 5 :ع ، 4 :ص . 144
4واحتذاها عبد ال الغذامي ث تلميذه السريي صاحب " الكتابة خارج القواس " حيث دعا إل تفجي اللغة ومضى على اعتبار الشاعر
مفعولً به واللغة هي الفاعل !!
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
26
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
ث حلقة " نيويورك " الت أسست بعد هجرة " جاكوبسون " إليها حيث
التقى بي "كلود ليفي شتراوس" وهناك نبت من علقتهما الفكرية الكثي من 3
عناصر البنيوية الديثة وأركانا ،ث ما لبث شتراوس أن أصبح زعيم البنيوية
الفرنسية كما سيأت .
ونبغ من هذه اللقة " نعوم جومسكي " أبرز مثلي البنيوية المريكية !!
وهنا لبد أن يستوقفنا دور " جاكوبسون " الكبي ف تأسيس وتطوير
البنيوية حت أن بعض الباحثي يلخص ((تاريخ نشأة البنائية وتشكلتا الختلفة
ف شخصيته ومغامراته العلمية ابتداءً من مطلع شبابه ف موسكو حت ترج
على يديه أجيال من الباحثي ف أوربا وأمريكا ،وأصبح الجة الول والرجع
الخي ف علم اللغة الديث)) . 4
ومع أنن ل أجد من خلل بثي الحدود ما يدل على دين "جاكوبسون"
لكن ما علمناه عن دوره وما نعلمه عن دور الؤسسات الريبة ف احتضان
الفكار الشاذة وتوجيهها وما هو واضح من صلته بالاركسية الت هي فكرة
1
يهودية يعلنا على القل نستريب ف انتمائه ،ونتساءل أليس من السذاجة أن
نغض الطرف عن كون رجال هذا الذهب يهودا ورموزه توراتية ونمل
الصادفة وحدها عبء ذلك ؟؟ !!
ونزيد :أليست النفسية اليهودية منذ حلول غضب ال عليها مسؤولة عن
كثي من الفاسد والشرور ف الفكر والواقع من غي اشتراط دافع للفساد عمدا
بالضرورة ،فليس من شرط الفاعي (هكذا كما ساهم السيح) لكي تكون
شريرة أن تضع بروتوكولت لليقاع بالمام !!
ب – الدرسة المريكية " نيويورك ":
"هي الت لقيت أكب قدر من الذيوع ف العال العرب" كما يقول الدكتور
صلح فضل . 2
ولعل الصح -أن يقال ف الشرق العرب -وهي الت ترب ف أحضانا
الكاتب النصران "كمال أبو ديب" الذي سار على خطاه الدكتور عبد ال
3
1كما ف تقديه لكتاب " الاركسية وفلسفة اللغة " تأليف ميخائيل باختي وترجة ممد البكري وين العيد .
2البنائية :ص . 140
3انظر مقدمة كتابه الضخم " الرؤى القنعة نو منهج بنيوي ف دراسة الشعر الاهلي " .
4انظر " الطيئة والتكفي " و " الكتابة خارج القواس " !
5انظر " عصر البنيوية من ليفي شتراوس إل فوكو " :آديت كريزويل ترجة جابر عصفور ،والذاهب الفلسفية العاصرة :ساح رافع،
فصل البنائية ،والبنائية :ص ، 266 – 210والبنيوية :جان بياجيه ،ترجة عارف وبشي ،والنقد البنيوي للحكاية :رولت بارت ،
ترجة آنطون أبو زيد .
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
28
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
الامع الشترك بي كل هذه الفلسفات هو الثورة على العايي العقلية والسية ،لكن كلً منها سلك سبيله الاص ( فرويد : 1
العقل الباطن والحلم ،كاميو وسارتر :الساطي ،شتراوس :السحرة والكهان ،برجسون :الدس ،فوكو :النون ) والمد
ل على نعمة السلم .
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
29
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
زعم الدكتور كمال أبو ديب أن البنيوية " ليست فلسفة لكنها طريقة ف
الرؤية ومنهج ف معاينة الوجود " وعلى هذا الساس اعتمد الداثيون ف
الدفاع عنها كالغذامي والسريي وتصريهما ف أكثر من مناسبة بانتهاج هذا
النهج يعلنا نبي حقيقة هذا الدعاء .
2
جاء ف " ملة فصول " ذات التاه الداثي العروف " يتفق السيد زكريا
إبراهيم مع السيد ياسي وغيه – ف النظر إل – البنيوية على أنا تنطوي على
موقف عقائدي أو تثل منظورا خاصا " ،هذا والدكتور زكريا إبراهيم
3
أما " الواقعيون " عندنا فهم نسخة من اليساريي النتمي ف أي مكان ولذا فل كلم لنا معهم . 2
البنيوية الديدة قد جاء مؤكدا للدعوى القائلة بأن ف تضاعيف هذا التاه
الفلسفي الديد إنكارا لقدرة البشر على صنع تاريهم الاص ،ورفضا لكل
نيزعة إنسانية ،ومن ث فقد راح البعض يؤكد أن النداء الاص الذي اتدت
1
عنده كلمة البنيوية هو إعلن موت النسان )) .
هذا مع أننا نسأل أبا ديب هذا :ماهي الفلسفة إن ل تكن طريقة ف الرؤية
ومنهج ف معاينة الوجود ؟!
ويقول " جان ماري بنو "ف كتابه " الثورة البنيوية " (( :إذا كان الوجوديون
قد تلصوا من " ال " فقد نح سوسي ف التخلص من النسان )) .
وقال (( :كان النسان خالق العن ومصدره الي ولكنه اختفى تاما ف
ظل العلم الديد الذي جعل العن حصيلة مموعة من العلقات اللغوية البنيوية
والسيميوليجية الت تفرز العلقات وتدد العان ،وف ظل هذا التصور أصبح
النسان إفرازا لغويا بدلً منه صانعا للغة )) .
إنا جبية من نوع غريب ل تعرف البشرية له نظيا من قبل !!
وف مقال فصول (( :وربا كان أكب دليل على أن البنيوية قد اكتسبت
طابع النظور الفكري أو الوقف العقائدي هو هجوم بعض البنيويي وعلى
رأسهم " ليفي شتراوس " على " سارتر " والوجوديي ،ودحض آراءهم ف
التقدم والبادئ التاريية ويتجلى هذا الطابع العقائدي أيضا ف ماولة بعضهم
وعلى رأسهم " التوسي " إعطاء تفسي جديد للماركسية بيث حولا من …
منهج عمل ثوري يرتكز على النسان إل نظرية رجعية تؤكد حتمية سيادة
نظام ل سلطان للنسان عليه … ال ))
كما أن الدكتور صلح فضل عقد مبحثا بعنوان (( ماولة عقد زواج بي
البنائية والاركسية )) .
1
وهذا ما ظهر جليا ف أطروحة السريي لدرجة الاجستي وكذلك رسالة الدكتوراه الت رفضها ملس الامعة ،وكلفه بصياغة 2
وهذا النص الصريح يذكرنا با حصل من انيار فكرة القومية العربية بعد
هزية 1967م ،والسؤال هو مالذي ينهار بتأثي الحداث السياسية ،أهي
الناهج الجردة أم الفلسفات الت قامت عليها تلك السياسات !!
فإن أصر القوم على تسميتها مناهج ل فلسفات فلن نادل ف مرد اللفاظ،
فالنهج الذي تقوم عليه أنظمة شولية تارة وتسقط تارة هو "عقيدة" والسلم .
ومن هنا كان السؤال الذي جعله الدكتور صلح فضل عنوانا لبحث خاص
1
(( هل البنائية تعبي عن فشل اليسار ؟ ))
ومع كل ماسبق من نشأة البنيوية وما تطور عنها ف سياق تاريي معرف
مغاير ومناقض لا تنتمي إليه هذه المة فل بأس أن نتنيزل ف الدل ونفرض
أن البنيوية ليست سوى منهج مرد ف الدراسات اللغوية والدبية ونسأل :
أليست البنيوية منهجا مطردا بقواني وتليلت شولية قاطعة ل تستثن
ل ول نصا ول لغة ً ؟ قائ ً
ث أليس (( الوقف اللسن يرد كل قاعدة من قدسيتها بل ل يرى قاعدة
إل فيما هو متداول ومارس من طرف الجموعات البشرية ،وف بعض
الحيان يرى تكسي القاعدة قاعدة )) .
2
وذروة نصوصها باتفاق كل ناطق با أو دارس لا هو " النص الوحى " أي
كلم ال ورسوله صلى ال عليه وسلم .
1
كيف يكن أن تطبق على القرآن الكري نظرية موت الؤلف واستقلل
النص وقيامه كونا مستقلً بذاته يفهمه كل قارئ كما يشاء حيث أنه ل مانع
لدى البنيوية من أن يكون له تفسيات بعدد القراء بل أكثر من ذلك .
فانظر إل ما يقوله الدكتور الغذامي -بعد أن أطال ف تقرير هذا المر
وجعله من أعظم ميزات النهج وأسى خصائصه : -
(( الكاتب صاغ النص حسب معجمه اللسن ،وكل كلمة من هذا
العجم تمل معها تاريا مديدا ومتنوعا وعى الكاتب بعضه وغاب عنه بعضه
الخر ،ولكن هذا الغائب إنا غاب عن ذهن الكاتب ول يغب عن الكلمة
الت تظل حبلى بكل تاريياتا ،والقارئ حينما يستقبل النص فإنه يتلقاه
حسب معجمه وقد يده هذا العجم بتواريخ للكلمات متلفة عن تلك الت
وعاها الكاتب حينما أبدع نصه ،ومن هنا تتنوع الدللة وتتضاعف ،
ويتمكن النص من اكتشاف قيم جديدة على يد القارئ ،وتتلف هذه القيم
وتتنوع من قارئ وآخر بل عند قارئ واحد ف أزمنة متفاوته ،وكل هذه
التنوعات هي دللت للنص حت وإن تناقضت مع بعضها البعض )) .
2
1زعم بعض الداثيي ف عكاظ عدد 7336ذو القعدة 1406هي أن جناح الذل ف قوله تعال { واخفض لهما
جناح الذل من الرحمة} -الذي استشهد به أبو تام قديا على جنوحه إل العراب – زعم الكاتب أنه نفس التركيب
الداثي "السفينة الصخر" مثلً!!
الطيئة والتكفي ص . 79 2
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
35
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
إن موقف طه حسي ومن وراءه أخف من هذا الوقف ولو من بعض
الوجوه ،ذلك أنه – وشيوخه الستشرقي – حي أرادوا هدم البيان القرآن
توصلً إل هدم السلم اتذوا ذريعة لذلك إنكار الشعر الاهلي ف ذات
نصوصه ،أما هذا النهج البنيوي فهو يتنكر للقواعد والصول والعايي النحوية
واللغوية بل للفطرة العربية من أساسها إنه يستبقي النصوص – أشباحا وهلما
– فقط !!
فالولون ساروا على منهج كفار قريش ف الزعم بأن النص القرآن ليس
منيزلً من عند ال والبنيويون حاكوا الباطنية ف تفسيه كما يشاؤون بل
ضابط من عقل أو نقل .
وإنه لو قدر للحداثة العربية أن تسي على الدرب نفسه الذي سلكته نظيتا
التركية لكان معن ذلك السخ الكامل ل للغة فحسب بل لوجه السلم كله. 1
مرت الداثة التركية الت انطلقت من " جيتو " سلنيك بثلث مراحل -: 1
-1مرحلة تديد متأثرة بالغرب وتثلها الجموعة الت أصدرت ملة " ثروة الفنون " سنة 1313هي 1895م .
-2مرحلة ما سي " اللغة الديثة " وهي دعوة للتخلي عن قواعد اللغة والصرف والنحو والعروض … وتثلها مموعة "
الفجر الت " وهي تشبه كثيا الداثة العربية ف مرحلتها الراهنة .
-3التاه الداثي التطرف الذي أوصل اللغة التركية إل مرحلة التلشي والندثار وتثله مموعة " الدب الشعب " الت
تطورت لتصبح سلطة قاهرة تقضي على الروف العربية والصالة التركية بكل معانيها ( .انظر :مقدمة الدب التركي
الديث :د .يي خشاب ) .
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
36
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
وهو خطأ العتقاد ف التقدم الطلق واعتبار الزمن وحده معيارا للحكم على
الشياء .
ف حي أن نظرة عقلية عجلى تؤكد أن الداثة هي نفسها مفهوم نسب با
أن حاضرنا هو ماضي الغد !!
فكما رأينا – ف أوربا – كان لوثر أكب الداثيي ف عصره وهو الن
نوذج للبوتستانت الكلسيكي .
ودانت كان حداثيا كبيا ف زمانه وهو الن مثال الكلسيكية النسانية .
وكان ديكارت حداثي زمانه بالنسبة للفلسفة العقلية ،ث كان الرومانسيون
ف القرن الثامن عشر نوذج الداثة الثائرة على العقلنية الامدة !
وف أواخر القرن التاسع عشر كانت الرمزية ثورة حداثية على التاهات
جيعها .
ولا ظهرت مدارس " اللمعقول " التنوعة ( السوريالية ،العبثية ،العدمية ،
الوجودية ) كتب النقاد عنها باعتبارها أكب انقلب معرف حداثي ،وأسى
سارتر ملته "العصور الديثة" !!
وف الستينيات – كما أسلفنا – زعمت البنيوية أنا الثورة الداثية الت ل
يشهد التاريخ لا من نظي .
ولكن نقيضها " التفكيكية " سرعان ما ظهر ف أواخر العقد نفسه مدعيا
الدعوى نفسها !!
وف أمريكا كانت موجة ((اليبيز)) آخر صرعة ف نظر مفكري ذلك العقد
والن تلشت وارتد كثيون للصولية النيلية !!
وهذا كله غي حداثة ماركس الت حقرت كل ما قبلها ،وعندما جاء
"ليني" صاغها بشكل تقدمي " حداثي " أكثر عصرية ،ث جاء عصر ستالي
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
37
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
وتبن اتاد الكتاب السوفيت آراءه الكثر حداثة ،وبظهور إعادة البناء
"الغورباتشوفية" ل نستبعد أن يصف الشيوعيون نظريتهم الديدة بأنا
حداثية للغاية !! وهكذا
إنه العقل البشري الحدود الضعيف الذي يتخيل كل مرحلة من مراحله أنا
ناية التاريخ والدهر أعظم من ذلك وأطول لو كانوا يفقهون
ول نستطيع أن نرد الداثيي العرب عن فهم هذه القيقة لكنهم بذكائهم
اللماح ل ينسوا أن اطراد " الدلية " إل ناية التاريخ = ناية اللغة ،يكنه
حل الأزق بافتراض أن اختفاء عنصر النقيض ف الرحلة الخية من الصراع
البدي يؤدي إل ناية ل مدودة !!
ولذلك تعجل هؤلء الطى وطالبوا – من الن – بالوصول بالعرفة إل
تلشيها الطلق وباللغة إل تريدها الطلق !!
وبتعبي الداثيي (( إن الوصول بالعرفة السائدة والنمطية إل تلشيها الطلق
ينفي احتمال ظهور أي وضع معرف استاتيكي ( ثابت ) وسيظل النفجار
العرف الداثي هو السائد والوحيد إل ما ل ناية )) !!
وحسبك بذه النتيجو من باطل = ل تنكره بدائه العقول فحسب بل يرفضه
الواقع الي ف كل البلد ولسيما ف الدب العرب ،إنه ليس من سنة ال كما
أن المود الطلق ليس من سنته .
فالنشاط الدب العرب هو جزء من النشاط اليوي العام الذي يضع للمبدأ
الكلي الطلق ف التصور السلمي " الركة حول مور ثابت " فالتراث الدب
ف جلته يوي عناصر حركية مستمرة ( ديناميكية ) ولكنها تنطلق ف
حركتها من أصول ثابتة وتلتزم بعايي ثابتة .وهكذا يتجلى النهج الفريد
الامع بي الستقرار والرونة ،ل التصور الدل الدب العقيم .
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
38
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
إن من دللت البداع والعبقرية أن يأت الديب بتلك النماذج الفائقة الت
ل يستطيع سائر الناس التيان بثلها مع التزامه بنفس العايي أو الساليب الت
يعرفون !
يظهر هذا النهج الفذ ف الشعر العرب الذي توهم كثيون من الداخلي ف
جحر الضب أن معاييه تضيق عن البداع وتستلزم المود !!
كل .إن البداع تسابق ,وما من سباق إل وله مسارات وحواجز
ش ف الشارع .متسابقا ولنأخذ مثا ًل اللتزام
وضوابط وإل كان كل ما ٍ
بالبحور الشعرية العروفة ،أيّ ضيق أو جود فيها؟ إنا سعة ل نظي لا مطلقا
ف شعر أي أمة من المم مع اللتزام ف الوقت نفسه بعايي جالية ل نظي لا
كذلك .
فالعروض العرب يتألف من ستة عشر برا والبحر الواحد – غالبا – يكون
منه التام والجزوء والشطور ،وهذا ما يكن تصنيفه حسب العايي الوربية
بورا جديدة هذا غي ما يلحق التفعيلة نفسها من تغييات معروفة لهل الفن
ول يستفيد غيهم من ذكرها هنا .إنا سعة تسمح للموهبة أن تبدع كما
تشاء فيما تشاء مع ضبط ل يسمح بتسرب الطفيليات وولوج من ل يلك
الفتاح .
أما حسب الفهوم الداثي فالطفل الصغي الذي يلغو بكلمات وتتمات
هائمة ل رابط بينها ،والشعرور الذي يبط ف العروض والقواف ويلفق
التراكيب الشة ويضع كلمة سطرا .وجلة سطرا آخر وثلث جل سطرا ث
يرجع من جديد حت يسود مساحة كبية من الورق بغثيان ل معن له ..
والنائم الذي يلم ويهمهم بألفاظ ل نسق يمعها ..والشاش ...و …-
كل أولئك حداثيون تنطبق عليهم معايي القوم - %100وبعبارة أوضح مادام
لفضيلة مقدمة في تطور الفكر الغربي والحداثة
39
الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي