Professional Documents
Culture Documents
تأليف:
محمد نووي بن عمر البنتاني الجاوي
خطبة الكتاب
الحمد ل الذي قّوى بدلئل دينه أركان الشريعة ،وصحح بأحكامه فروع الملة الحنيفية ،أحمده
سبحانه على ما علم ،وأشكره على ما أنعم ،وأشهد أن ل إله إل ال الملك الحق المبـين ،وأشهد أن
سيدنا محمدًا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين ،القائل» :من يرد ال به خيرًا يفقهه في
الدين« صلى ال عليه وعلى آله وأصحابه صلة تنشرح بها الصدور ،وتهون بها المور،
وتنكشف بها الستور ،وسلم تسليمًا كثيرًا ما دامت الدهور.
أما بعد :فيقول العبد الفقير الراجي من ربه الخبـير ،غفر الذنوب والتقصير :محمد نووي ابن
عمر ،التناري بلدًا ،الشعري اعتقادًا ،الشافعي مذهبًا ،هذا شرح على »قرة العين بمهمات الدين«
للشيخ العلمة :زين الدين ابن الشيخ عبد العزيز ابن العلمة زين الدين بن علي بن أحمد
المليباري الفناني ،قصدت به نفع إخواني القاصرين مثلي ،وسميته:
نهاية الزين
في إرشاد االمبتدئين
ولم يكن لي مما سطر في هذا الكتاب شيء ،بل جميعه مأخوذ من عبارات المؤلفين ،نفعنا ال بهم
آمين ،وغالب ما فيه من »نهاية المل« للشيخ العلمة محمد بن إبراهيم أبـي خضير الدمياطي
فإنها عين غديقة ،ومن »نهاية المحتاج ،وتحفة المحتاج«للكليلين محمد الرملي ،وأحمد بن
حجر؛ فإنهما عمدتان للمتأخرين من العلماء الشافعية ،ومن »فتح الجواد والنهاية :شرح أبـي
شجاع ،ومن الحواشي« ،فما كان فيه من صواب فمنسوب إلى هؤلء وما كان من خطأ فمن
ذهني الكليل ،فالمرجو ممن اطلع عليه أن يصلحه بلطف واحتياط ،وال أسأل ،وبنبـيه الكريم
أتوسل ،أن ينفع به كما نفع بأصوله ،وأن يحله محل القبول ،إنه أكرم مسؤول.
)بسم ال الرحمن الرحيم(
أقسام السم تسعة :أّولها :السم الواقع على الشيء بحسب ذاته كسائر العلم؛ نحو زيد فإنه ذات
الشيء وحقيقته .ثانيها :الواقع على الشيء بحسب جزء من أجزاء ذاته كالجوهر للجدار والجسم
له .ثالثها :الواقع على الشيء بحسب صفة حقيقية قائمة بذاته كالسود والبـيض والحار والبارد.
رابعها :الواقع على الشيء بحسب صفة إضافية فقط كالمعلوم والمفهوم ،والمذكور والمالك
والمملوك .خامسها :الواقع على الشيء بحسب صفة سلبـية :كأعمى وفقير وسليم عن الفات.
سادسها :الواقع على الشيء بحسب صفة حقيقية مع صفة إضافية :كعالم وقادر بناء على أن العلم
والقدرة صفة حقيقية لها إضافة للمعلومات والمقدورات .سابعها :الواقع على الشيء بحسب صفة
حقيقية مع صفة سلبـية :كقادر ل يعجز ،وعالم ل يجهل ،وكواجب الوجود .ثامنها :الواقع على
الشيء بحسب صفة إضافية على صفة سلبـية كلفظة أّول ،فإنه عبارة عن كونه سابقًا غيره ،وهو
صفة إضافية ،وأنه ل يسبقه غيره ،وهو صفة سلبـية ،وكالقيوم فإن معناه كونه قائمًا بنفسه :أي ل
يحتاج إلى غيره وهو سلب ،ومقّوما لغيره وهو إضافة .تاسعها :الواقع على الشيء بحسب
مجموع صفة حقيقية وإضافية وسلبـية كالله فإنه يدل على كونه موجودًا أزليًا واجب الوجود
لذاته ،وعلى الصفات السلبـية الدالة على التنزيه ،وعلى الصفات الضافية الدالة على اليجاد
والتكوين ،وال علم على الذات الواجب الوجود :أي الذي ل يمكن عدمه ل في الماضي ول في
الحال ول في الستقبال ،ولم يوجد نفسه ولم يوجده غيره.
رقم الصفحة3 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
قال البندنيجي :السم العظم هو ال عند أهل العلم ،والرحمن الرحيم صفتان مشبهتان من رحم
بتنزيله منزلة اللزم بأن يبقى على صفته غير متعلق بالمفعول ،فيقال :رحم ال :أي كثرت
رحمته ،أو بجعله لزمًا بأن يحّول من فعل بكسر العين إلى فعل بضمها ،وقّدم ال على الرحمن
الرحيم لنه اسم ذات وهما اسما صفة ،والذات مقّدمة على الصفة ،وقّدم الرحمن على الرحيم لنه
خاص ،إذ ل يقال لغير ال بخلف الرحيم ،والخاص مقّدم على العام ولنه أبلغ من الرحيم،
والبلغية توجد تارة باعتبار العدد ،ولهذا قيل :يا رحمن الدنيا لنه يعم المؤمن والكافر ،ورحيم
الخرة لنه يخص المؤمن ،وتارة باعتبار الصفة ،ولهذا قيل :يا رحمن الدنيا والخرة ،ورحيم
الدنيا لن النعم الخروية كلها جسام ،وأما النعم الدنيوية فجليلة وحقيرة.
)الحمد ل الذي هدانا لهذا( أي دلنا لهذا العمل )وما كنا لنهتدي لول أن هدانا ال( وهذه الجملة
مستأنفة أو حال لكنها في معنى التعليل ،وما نافية ،وكان فعل ناقص ،ونا اسمها ،وخبرها
محذوف متعلق للم الجحود الزائدة :أي ما كنا مرادًا هدايتنا ،وأن هدانا ال مبتدأ ،والخبر
محذوف وجوبًا ،وجواب لول محذوف دل عليه قوله ــــ وما كنا لنهتدي ــــ أي لول هداية ال
موجودة ما اهتدينا ،والحمد اللفظي لغة :الثناء بآلة النطق لجل الجميل الختياري حقيقة أو حكمًا
مع قصد التعظيم ظاهرًا وباطنًا ،سواء كان في مقابلة نعمة أم ل.
)والصلة والسلم( أي الدعاء ل بالرحمة المقرونة بتعظيم ،والدعاء ل بالتحية بالسلمة من
ن على وجه التكليف ،ولغيرهم الفات )على سيدنا محمد رسول ال( رسالة عاّمة للنس والج ّ
على وجه التشريف ،وشرعه باق إلى يوم القيامة ل ينسخه شرع آخر لعدم وجوده بعده ،ووقع
نسخ بعض شرعه ببعضه ،وهو أفضل المخلوقات جميعًا ،ويليه سيدنا إبراهيم ،ثم سيدنا موسى،
ثم سيدنا عيسى ،ثم سيدنا نوح ،وهؤلء أولو العزم ،ثم بقية الرسل ،ثم النبـياء غير الرسل ،ثم
الرؤساء الربعة من الملئكة ،وهم :جبريل ،ثم مكيائيل ثم إسرافيل ،ثم عزرائيل ،ثم عوام البشر،
والمراد بهم غير النبـياء من الولياء :كأبـي بكر ،وعمر وعثمان وعلي وأشباههم ،ثم عوام
الملئكة ،والمراد من عدا الرؤساء الربعة كحملة العرش وهم الن أربعة ،فإذا كان يوم القيامة
أيدهم ال تعالى بأربعة أخرى ،وكالكروبـيـين بفتح الكاف وتخفيف الراء ،وهم ملئكة حافون
بالعرش طائفون به )وعلى آله( وهم المؤمنون ولو عصاة واعتقاد أهل السنة أن أمة محمد خير
المم أجمعين )وصحبه( اسم جمع لصاحب بمعنى الصحابـي ،وهو من لقي النبـي بعد نبّوته في
حال حياته ولو أعمى كابن أم مكتوم أو غير مميز ،ومن ثم عّدوا محمد بن أبـي بكر رضي ال
عنهما صحابـيًا مع ولدته قبل وفاته بثلثة أشهر وأيام ،وعد بعض المحّدثين من رآه قبل النبّوة
ومات قبلها على دين الحنيفية :كزيد بن عمرو بن نفيل صحابـيًا )الفائزين برضا ال( تعالى،
وخير الصحابة رؤوسهم الربعة الذين تولوا الخلفة بعد النبـي ،وهم :أبو بكر وعمر وعثمان
وعلي رضي ال عنهم ،فأفضليتهم على ترتيب الخلفة ،فأبو بكر مكث في الخلفة سنتين وثلثة
أشهر وعشرة أيام ،وعمر مكث في الخلفة عشر سنين وستة أشهر وثمانية أيام ،وعثمان مكث
في الخلفة إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرًا وتسعة أيام ،وعلي مكث في الخلفة أربع سنين
وتسعة أشهر وسبعة أيام ،ثم بعد هؤلء الربعة بقية العشرة المبشرين بالجنة ،وهم :طلحة،
والزبـير ،وعبد الرحمن بن عوف ،وسعد ،وسعيد ،وأبو عبـيدة عامر بن الجراح ،ثم بعدهم أهل
ل كملوا بعمر بن الخطاب. دار الخيزران غير من ذكر ،وكلهم أربعون رج ً
رقم الصفحة3 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وقد كان وأصحابه مستخفين في دار الخيزران ،وفي ساعة إسلم عمر قال للنبـي :يا رسول ال
ل ،فخرجوا صفين ل يعبد ال بعد اليوم سرًا ،اخرج بنا إلى قريش إل نخاف ونحن أربعون رج ً
يقدم أحدهما عمر ،والخر حمزة عم رسول ال ،وكان حمزة قد أسلم قبله بثلثة أيام ،ثم بعدهم
أهل غزوة بدر ،وهو مكان بـين مكة والمدينة ،وهم ثلثمائة وثلثة عشر عدد أصحاب طالوت
ل :ستة من المهاجرين، غزوا مع ألف من كفار قريش ،ومات من الصحابة أربعة عشر رج ً
وثمانية من النصار ،ثم بعدهم في الفضيلة .أهل غزوة أحد ،وهو اسم جبل قريب من المدينة،
وهم سبعمائة غزوا مع ثلثة آلف من كفار مكة ،ومات من الصحابة سبعون ،ثم بعدهم في
الفضيلة أهل الحديبـية ،وهي بئر بقرب مكة على طريق جّدة ،وهم الذين بايعوه بـيعة الرضوان،
فهم ألف وأربعمائة ،وخرج بهم من المدينة عام ستة من الهجرة لزيارة البـيت الحرام والعتمار،
ولم يكن معهم سلح إل السيوف ،فنزلوا بأقصى الحديبـية فصّدهم المشركون عن دخول مكة،
ودعا الناس عند الشجرة للبـيعة على الموت أو على أن ل يفروا بل يصبرون على الحرب
فبايعوه على ذلك ،فمشت الوسائط في الصلح.
تنبـيه :يندرج في إثبات الرسالة لسيدنا محمد مباحث علم الفقه وهي الحكام الشرعية ،ومباحث
علم التوحيد وهي ثلثة :إلهيات ،ونبويات ،وسمعيات .فاللهيات هي :المسائل المبحوث فيها عما
يجب ل تعالى ،وما يستحيل عليه ،وما يجوز في حقه .والنبويات هي :المسائل المبحوث فيها عما
يجب للرسل وما يستحيل عليهم وما يجوز في حقهم .والسمعيات هي :المسائل التي ل تتلقى إل
عن السمع ول تعلم إل من الوحي ،وذلك كسؤال منكر ونكير لنا في القبر ،وعذاب القبر ونعيمه،
والبعث للحشر والشفاعة ،وكتب العمال ،والحساب ،والميزان والصراط ،والجنة والنار،
والسراء والمعراج.
رقم الصفحة3 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وبعد :أي بعد ما تقّدم من البسملة والحمدلة والصلة والسلم على من ذكر )فهذا( المؤلف
الحاضر في الذهن ل في الخارج )مختصر( أي قليل اللفظ )في الفقه( أي لتحصيل الفقه ،وهو
ن قوي بالحكام الشرعية العملية مكتسب من أدلتها التفصيلية ،بأن لغة :الفهم ،واصطلحًا :ظ ّ
يقال اقيموا من قوله تعالى} :أقيموا الصلة{ أمر والمر للوجوب ،فقوله :أقيموا للوجوب.
وموضوعه أفعال المكلفين من حيث عروض الحكام التكليفية والوضعية لها .ومأخذه من الكتاب
والسنة والجماع والقياس والستصحاب والستحسان والستقراء والقتران فإن هذه أدلة ،ثم
الستحسان دليل ينقدح في نفس المجتهد كما استحسن إمامنا الشافعي التحليف على المصحف فإنه
أبلغ في الزجر .وفائدته امتثال أوامر ال تعالى واجتناب مناهيه المحصلن للفوائد الدنيوية
والخروية ،وذلك كالبـيع والشراء وكالصلة .وفضله أنه من أشرف العلوم وهو من علوم الدين
ل المامالشرعية .ونسبته أنه فرع علم التوحيد ،واسمه :علم الفقه وعلم الفروع .والواضع له إجما ً
أبو حنيفة النعمان بمعنى أنه أّول مصنف فيه إل باب التفليس والحجر والسبق والرمي ،فأّول
مصنف فيه إمامنا الشافعي .وحكم الشارع في تعلمه الوجوب العيني فيما يتلبس به الشخص،
والكفائي في غير ذلك .ومسائله قضاياه التي يبحث فيه عنها :كزكاة التجارة واجبة ،والحلف بغير
ال مكروه وزيارة القبور مستحبة ،والكل ل بقصد شيء مباح )على مذهب المام( المجتهد
اجتهادًا مطلقًا أي على اختياره للحكام )الشافعي( نسبة إلى شافع بن السائب ،نسب هذا المام
إليه لنه صحابـي ابن صحابـي )رحمه ال تعالى( والمجتهد المطلق هو من يقدر على استنباط
الحكام من الدلة ،ومجتهد المذهب هو الذي يقدر على الستنباط من قواعد إمامه :كالمزني
والبويطي ،ومجتهد الفتوى من يقدر على الترجيح لبعض أقوال إمامه على بعض :كالنووي
والرافعي ل كالرملي وابن حجر لنهما مقلدان فقط ،ويجب على من لم يكن فيه أهلية الجتهاد
المطلق أن يقلد في الفروع واحدًا من الئمة الربعة المشهورين ،وهم :المام الشافعي والمام أبو
حنيفة ،والمام مالك ،والمام أحمد بن حنبل رضي ال عنهم ،والدليل على ذلك قوله تعالى:
}فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون{ ) ) (21النبـياء :الية (7فأوجب ال السؤال على من لم
يعلم ،ويلزم عليه الخذ بقول العالم وذلك تقليد له ،ول يجوز تقليد غير هؤلء الربعة من باقي
المجتهدين في الفروع ،مثل المام سفيان الثوري ،وسفيان بن عيـينة ،وعبد الرحمن بن عمر
الوزاعي ،ول يجوز أيضًا تقليد واحد من أكابر الصحابة لن مذاهبهم لم تضبط ولم تدّون ،وأما
من فيه أهلية الجتهاد المطلق فإنه يحرم عليه التقليد ،ويجب على من لم يكن فيه الهلية أن يقلد
في الصول :أي العقائد للمام أبـي الحسن الشعري أو المام أبـي منصور الماتريدي ،لكن
إيمان المقلد مختلف فيه بالنسبة إلى أحكام الخرة ،أما بالنظر إلى أحكام الدنيا فيكفيه القرار فقط،
والصح أن المقلد مؤمن عاص إن قدر على النظر ،وغير عاص إن لم يقدر ،ثم إن جزم بقول
الغير جزمًا قويًا بحيث لو رجع المقلد بالفتح لم يرجع هو كفاه في اليمان ،لكنه عاص بترك
النظر إن كان فيه أهلية النظر .وإن لم يجزم بقول الغير جزمًا قويًا بأن كان جازمًا ،لكن لو رجع
المقلد بالفتح لرجع هو لم يكفه في اليمان ،ويجب على من ذكر أن يقلد في علم التصّوف إمامًا
من أئمة التصّوف كالجنيد ،وهو المام سعيد بن محمد أبو القاسم الجنيد سيد الصوفية علمًا وعم ً
ل
رضي ال عنه .والحاصل أن المام الشافعي ونحوه هداة الّمة في الفروع ،والمام الشعري،
ونحوه هداة الّمة في الصول ،والجنيد ونحوه هداة الّمة في التصّوف ،فجزاهم ال خيرًا ،ونفعنا
بهم آمين.
)
رقم الصفحة3 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وسميته( أي هذا المختصر )بقرة العين بمهمات الدين ،راجيًا( أي مؤّمل )من الرحمن( أي كثير
الرحمة جّدا )أن ينتفع به( أي بهذا المختصر )الذكياء( أي سراع الفهم )وأن تقر( أي تفرح )به(
أي بسبب هذا المختصر )عيني غدًا( أي في الجنة )بالنظر إلى وجهه الكريم بكرة وعشيًا( ويجب
اعتقاد أنه تعالى يرى بالبصار في الخرة للمؤمنين بل تكيف للمرئي بكيفية من كيفيات الحوادث
من مقابلة وجهة وتحيز وغير ذلك ،ومحل الرؤية الجنة بل خلف ،فيراه تعالى أهلها في مثل يوم
الجمعة والعيد ،ويراه تعالى خواصهم كل يوم بكرة وعشيًا .قال أبو زيد البسطامي :إن ل خواص
من عباده لو حجبهم عن الجنة عن رؤيته تعالى ساعة لستغاثوا من الجنة ونعيمها كما يستغيث
أهل النار من النار وعذابها.
رقم الصفحة3 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب الصلة
حقيقتها شرعًا :أقوال غالبًا ،وأفعال ولو قلبـية مفتتحة بالتكبـير المقترن بالنية ،مختتمة بالتسليم
على وجه مخصوص ،وهي أربعة أنواع :فرض عين بالشرع ،وفرض عين بالنذر ،وفرض
كفاية ،وسنة.
فالفرض العيني بالشرع خمس صلوات في كل يوم وليلة .وهي :الظهر ،والعصر ،والمغرب،
والعشاء ،والصبح ل غير .ووجوبها معلوم من الدين بالضرورة ،فيكفر جاحدها .وفرضت ليلة
المعراج في السماء ،وهذه الصلوات تفرقت في النبـياء ،فالفجر لدم ،والظهر لبراهيم،
والعصر لسليمان ،والمغرب لعيسى :ركعتين عن نفسه ،وركعة عن أّمه ،والعشاء خصت به هذه
الّمة .وقيل :الظهر لداود ،والمغرب ليعقوب ،والعشاء ليونس ،وقيل :لموسى ،والصح أن
العشاء من خصوصيتنا كما نقله الشبراملسي عن ابن قاسم .والغرض بالنذر هو ما يوجبه
المكلف على نفسه بالنذر من النوافل ،ويسلك بالنذر مسلك واجب الشرع في العزائم :كوجوب
فعله دون الرخص كالقصر والجمع .وفرض الكفاية هو صلة الجنازة .والسنة هي النوافل التي
بـيانها )إنما تجب المكتوبة( أي الصلوات الخمس )على مسلم( ولو فيما مضى ،ذكر أو غيره ،فل
تجب على كافر أصلي وجوب مطالبة بها منا في الدنيا لعدم صحتها منه ،لكن تجب عليه وجوب
معاقبة عليها في الخرة لتمكنه من فعلها بالسلم ،ول قضاء عليه إذا أسلم ،فإذا أسلم أثيب على
ما فعله من القرب التي ل تحتاج إلى نية :كصدقة ،وصلة ،وعتق .وتجب على المرتّد فيقضيها إذا
أسلم حتى زمن الجنون في الرّدة تغليظًا عليه ولنه التزمها بالسلم فل تسقط عنه بالجحود كحق
الدمي بخلف زمن الحيض والنفاس فيها فل تقضي في ذلك )مكلف( أي بالغ عاقل سليم
الحواس بلغته الدعوة فل تجب على صبـي ول على مجنون لم يتعّد بسبب جنونه كمن وثب وثبة
لم يرد بها زوال عقله ،ول على سكران بغير مؤثم لعدم تكليفهم.
لقوله » :رفع القلم عن ثلث :عن النائم حتى يستيقظ ،وعن الصبـي حتى يكبر وعن المجنون
حتى يعقل أو يفيق« .رواه ابن ماجه والحاكم.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومن نشأ بشاهق جبل ولم تبلغه دعوة السلم غير مكلف بشيء ،وكذا من خلق أعمى أصم فإنه
غير مكلف بشيء إذ ل طريق له إلى العلم بذلك ولو كان ناطقًا ،لن النطق بمجرده ل يكون
طريقًا لمعرفة الحكام الشرعية ،بخلف من طرأ عليه ذلك بعد المعرفة فإنه مكلف ،ولو أسلم من
لم تبلغه الدعوة وجب عليه القضاء لنه منزل منزلة مسلم نشأ بعيدًا عن العلماء ،بخلف من خلق
أعمى أصم فإنه إن زال مانعه ل قضاء عليه لنه ليس فيه أهلية الخطاب )طاهر( من الحيض
والنفاس ،فل تجب على حائض ونفساء لعدم صحتها منهما ،فمن توفرت فيه هذه الشروط وجبت
عليه الصلة إجماعًا) .ويقتل( أي من ذكر بضرب عنقه بالسيف ل بغير ذلك )إن أخرجها( أي
الصلة ولو صلة واحدة فقط )عن وقت جمع( لها إن كان ،فل يقتل بترك الظهر كالعصر حتى
تغرب الشمس ،ول بترك المغرب كالعشاء حتى يطلع الفجر ،لن وقت الجمع وقت الصلة في
العذر فكان شبهة في القتل ،ويقتل بترك الصبح بعد طلوع الشمس .أما الجمعة فيقتل بها إذا ضاق
ل عنهاالوقت عن أقل ممكن من الخطبة والصلة وإن قال :أصليها ظهرًا لن الظهر ليس بد ً
ل( أو تهاونًا مع اعتقاده وجوبها )إن لم يتب( أي إن لم يفعل الصلة بعد مطالبة المام أو
)كس ً
نائبه بأدائها وتوعده بالقتل فل يفيد طلب غيره ،وتوعده ثبوت القتل لنه ليس من منصبه فيطالب
ندبًا المام أو نائبه في الحال بأدائها إذا ضاق وقتها عن فعلها بأن بقي من الوقت زمن يسع مقدار
ل ،فإن صليت تركناك الفريضة والطهارة ،ويتوعده بالقتل إن أخرجها عن الوقت فيقول له :ص ّ
وإن أخرجتها عن الوقت قتلناك .وعلم من ذلك أن الوقت وقتان :وقت أمر ،ووقت قتل ،فل يقتل
عند ضيق الوقت بحيث يتحقق فوتها .ثم القتل بعد خروج الوقت ليس لمطلق كونها قضاء إذ ل
قتل به ،وإنما هو للترك بل عذر مع الطلب منه في الوقت وامتناعه من الفعل بعده وإن لم يصرح
بقوله :ل أفعل كما في فتح الجواد .وحكمه بعد قتله حكم باقي المسلمين في وجوب الدفن والغسل
والتكفين والصلة عليه كغيره ممن قتل حّدا من المسلمين ،ولو زعم زاعم أن بـينه وبـين ال حالة
أسقطت عنه الصلة وأحلت له شرب الخمر كما زعمه بعض الصوفية ،فل شك في وجوب قتله،
وإن كان في خلوده في النار نظر ،وقتل مثله أفضل من قتل مائة كافر لن ضرره أكثر )ويبادر
ل لبراءة الذّمة ،فل
بفائت( من فرض صلة أو غيرها متى تذكره وجوبًا إن فات بغير عذر تعجي ً
يجوز لغير المعذور أن يصرف زمنًا في غير قضائه كالتطّوع ،وفرض الكفاية وفرض عين
موسع إل فيما يضطر إليه :كالنوم ،وتحصيل مؤنة من تلزمه مؤنته ،وكالصور المستثناة من
وجوبها الفورية ،وهي مسائل :منها :ما إذا خاف فوت أداء حاضرة بأن علم أنه لو اشتغل بقضاء
الفائتة لم يدرك من وقت الحاضرة ما يسع ركعة ،فيبدأ بالحاضرة وجوبًا وخرج بفوت أداء
الحاضرة فوت جماعتها ،فإذا خاف فوتها بدأ بالقضاء ،وظاهر هذا أنه يبدأ بالفائتة ولو بعذر،
وأنه ل فرق بـين أن يرجو جماعة غير هذه أو ل .ومنها :ما إذا لم يوجد إل ثوب واحد في رفقة
عراة أو ازدحموا على بئر أو مكان للصلة فل يقضي حتى تنتهي النوبة إليه .ومنها :فاقد
الطهورين إذا صلى لحرمة الوقت ثم وجد خارج الوقت ترابًا ل يسقط به الفرض ،كأن كان بمحل
يغلب فيه وجود الماء فل يقضي به إذ ل فائدة فيه .ومنها :ما إذا وجد غريقًا يجب إنقاذه فيحرم
اشتغاله بالقضاء ،ويبادر بفائت استحبابًا مسارعة لبراءة ذّمته إن فات بعذر فإن وجوب قضائه
على التراخي والعذر كنوم لم يتعّد به بأن كان قبل دخول الوقت أو فيه ووثق بـيقظته قبل خروجه
بحيث يدرك الصلة فيه ،فإن كان متعديًا به :كأن نام بعد دخوله ولم يثق بـيقظته فيه وجب
القضاء فورًا ،وحيث لم يكن متعديًا بالنوم واستيقظ من نومه وقد بقي من وقت الفريضة ما ل يسع
إل الوضوء أو بعضه فحكمه حكم ما فاته بعذر فل يجب قضاؤها فورًا .ومن العذار :نسيان لم
ينشأ عن تقصير فإن كان عن تقصير كاشتغال بلعب فليس عذرًا ،واشتغال بما يلزمه تقديمه على
الصلة كدفع صائل وُتقضي الجمعة ظهرًا .ويندب قضاء النوافل المؤقتة دون النفل المطلق وذي
السبب ولو كان عليه فوائت ل يعلم عددها قضى ما تحقق تركه ،فل يقضي المشكوك فيه على ما
قاله القفال ،والمعتمد ما قاله القاضي حسين أنه يقضي ما زاد على ما تحقق فعله فيقضي ما ذكر
)ويسن ترتيبه( أي الفائت في القضاء على ترتيب أوقات الفوائت وأيامها خروجًا من خلف من
أوجبه ،فيبدأ بالفائت أّول ولو بعذر ،ويؤخر عنه الفائت ثانيا ولو بل عذر ،فلو فاته ظهر هذا اليوم
ل بعذر وعصره بل عذر قدم في القضاء الظهر مراعاة للترتيب .وفهم من هذا المثال أنه لو مث ً
فاته عصر المس وظهر اليوم قدم في القضاء عصر المس على ظهر اليوم مراعاة للترتيب )و(
ن )تقديمه( أي الفائت )على حاضرة( على تفصيل في ذلك. يس ّ
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
حاصله أنه إن كان يعلم أنه بعد فراغه من الفائتة يدرك الحاضرة كلها في الوقت بدأ بالفائتة
وجوبًا إن فاتته بل عذر ،وندبًا إن فاتته بعذر ،وإن كان يعلم أنه بعد فراغه منها ل يدرك من
الحاضرة إل ركعة في الوقت بدأ بالفائتة ندبًا مطلقًا ،ولو كان الباقي من الوقت ما يسع الوضوء
ودون ركعة قدم الحاضرة على الفائتة لئل تصير صاحبة الوقت فائتة أيضًا ولو تذكر فائتة بعد
شروعه في حاضرة أتمها ضاق الوقت أو اتسع ،وسواء كانت الفائتة يجب قضاؤها فورًا أو ل،
ل مطلقًا حيث ولو شرع في فائتة معتقدًا سعة الوقت فبان ضيقه وجب قطعها ،والفضل قلبها نف ً
ل لن يأكل وحده فعل منها ركعة فأكثر ل أقل) .ويؤمر( صبـي ذكر وأنثى )مميز( بأن يصير أه ً
ويشرب ويستنجي كذلك )بها( أي الصلة ولو قضاء :أي يجب على كل من أبويه وإن عل ثم
الوصي أو القيم ،وكذا نحو الملتقط ومالك الرقيق والوديع والمستعير أن يأمر الطفل بالصلة
)لسبع( من السنين :أي بعد استكمالها ،فل يجب المر قبل اجتماع السبع والتميـيز ،ول يقتصر
الولي على مجرد المر ،بل مع التهديد على ترك الصلة كأن يتوعده بما يخّوفه إذا تركها
)ويضرب( أي المميز وجوبًا على من ذكر )عليها( أي على تركها ضربًا غير مبرح )لعشر( لنه
مظنة البلوغ فيجوز ضربه في أثناء العاشرة.
والصل في ذلك قوله » :مروا أولدكم بالصلة وهم أبناء سبع ،واضربوهم عليها وهم أبناء
عشر ،وفرقوا بـينهم في المضاجع« )كصوم أطاقه( بأن لم تحصل له به مشقة ل تحتمل عادة وإن
لم تبح التيمم .ويجب على من مر نهيه عن المحرمات وتعليمه الواجبات وسائر الشرائع كالسواك
وحضور الجماعات ثم إن بلغ رشيدًا انتفى ذلك عن الولياء أو سفيهًا فولية الب مستمرة فيكون
كالصبـي ،وأجرة تعليمه الواجبات في ماله ،فإن لم يكن فعلى الب ،ثم الم ،ويخرج من ماله
أجرة تعليم القرآن والداب :كزكاته ،ونفقة ممونه ،وبدل متلفه ،فمعنى وجوبها في ماله ثبوتها في
ذّمة الصبـي.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وأّول واجب( من المقاصد على كل مكلف من ذكر وأنثى معرفة كل عقيدة بالدليل الجمالي،
ويقوم مقام ذلك معرفته بالكشف .والمعرفة جزم بالعقائد مطابق للواقع ناشىء عن دليل ،فخرج
ن والشك والوهم في العقائد فإن صاحبها كافر .وأّول واجب من الوسائل النظر ،وهو أن
بها الظ ّ
يتأّمل بفكره في المصنوعات فيستدل بها على وجود الصانع وصفاته ،فينظر في أحوال ذاته وما
اشتملت عليه من :سمع ،وبصر ،وكلم ،وطول ،وعمق ،ورضا ،وغضب ،وبـياض ،وحمرة،
وسواد ،وعلم ،وجهل ،ولذة ،وألم ،وغير ذلك مما ل يحصى ،وكلها متغيرة من عدم إلى وجود
وبالعكس فتكون حادثة وهي قائمة بالذات لزمة لها ،وملزم الحادث حادث ،وذلك دليل الفتقار
إلى صانع حكيم ،واجب الوجود ،عام العلم ،تام القدرة والرادة ،فاعل بالختيار ،يفعل ما يشاء،
ثم يتأمل في العالم العلوي :وهو ما ارتفع من الفلكيات من سموات وكواكب وغيرها فإنه يجد
بعض ذلك ساكنًا وبعضه متحركًا وبعضه نورانيًا وبعضه ظلمانيًا ،وذلك دليل حدوثها وافتقارها
إلى صانع حكيم ،ثم يتأمل في العالم السفلي ،وهو ما نزل من الفلكيات :كالهواء والسحاب
والرض وما فيها من المعادن والبحار والنبات وغير ذلك فإنه يجد في ذلك صنعًا بديع الحكم من
ألوان مستحسنة في الحيوانات والنباتات وغيرهما واختلف بقاع وأصوات وألوان ومقادير
ولغات إلى ما ل يحصى من الصفات ول يحيط به إل خالق الرض والسموات ،وجميع ذلك
ل على وجود الصانع وعلمه وقدرته ملزم للعراض الحادثة وذلك يدل على حدوثه فيكون دا ً
وإرادته وحياته لن ذلك ل يصدر إل عمن اتصف بما ذكر .وقاللسمعاني :يجب )على الباء(
ثم على الوصي أو القيم )تعليمه( أي المميز )أن نبـينا( محمد بن عبد ال ) بعث بمكة( إلى كافة
الثقلين )ودفن بالمدينة( وأنه واجب الطاعة والمحبة انتهى.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
واعلم أن النبـي لما بلغ من العمر أربعين سنة نبأه ال تعالى في يوم الثنين في شهر ربـيع الّول،
وأرسله لكافة الناس بشيرًا ونذيرًا ،ولما بلغ من العمر إحدى وخمسين سنة ونصفًا أسرى بجسده
وروحه يقظة من مكة إلى بـيت المقدس ،ثم عرج منه إلى السموات السبع ،إلى سدرة المنتهى،
إلى مستوى سمع فيه صريف القلم ،إلى العرش ،إلى مكان الخطاب مع ربه .وفرض في ذلك
الوقت عليه وعلى أّمته خمس صلوات .ولما كمل له من العمر ثلث وخمسون سنة أمره ال
تعالى بالهجرة من مكة إلى المدينة ،فخرج من مكة يوم الخميس هلل ربـيع الّول واختفى بغار
ثور ،ثم خرج منه ليلة الثنين ،وقدم المدينة :أي قباء يوم الثنين الثاني عشر من ربـيع الّول.
ولما كمل له من العمر ثلث وستون سنة توفاه ال تعالى وكان ذلك يوم الثنين الثاني عشر من
ربـيع الّول فدفن في حجرة عائشة رضي ال عنها ،وكان حمله يوم الثنين في غرة رجب،
وولدته يوم الثنين أو ليلة الثنين الثاني عشر من ربـيع الّول فى مكة في سوق الليل من محل
مولده المشهور .وقال الصبان :الذي عليه الجماع أنه حمل به يوم الثنين ومثله ولدته ،وبعثته،
وخروجه من مكة :أي من غار ثور ،ووصوله المدينة :أي قباء ووفاته .ونقل بعض الفاضل عن
القليوبـي وعن جمع من المحققين أنه لم يولد من الفرج ،بل من محل فتح فوق الفرج وتحت السرة
والتأم في ساعته .ونقل عن القاضي عياض أن مثله في ذلك جميع النبـياء والمرسلين ،لكن قال
العلمة التلمساني :وكل من النبـياء غير نبـينا مولودون من فوق الفرج وتحت السرة ،وأما نبـينا
فمولود من الخاصرة اليسرى تحت الضلوع ثم التأم لوقته خصوصية له ،فتحصل لك من هذه أنه
لم يصح نقل بولدته من الفرج وكذا غيره من النبـياء ،ولهذا أفتى المالكية بقتل من قال :إن نبـينا
ولد من مجرى البول اهـ.
فصل في مسائل منثورة
)شروط الصلة خمسة :أحدها طهارة عن حدث وجنابة( ومقاصد الطهارة أربعة :الوضوء
والغسل ،والتيمم ،وإزالة النجاسة.
ووسائلها أربعة :المياه ،والتراب ،والدابغ ،وحجر الستنجاء ،ووسائل الوسائل شيئان :الجتهاد،
والواني .أما الجتهاد فإذا اشتبه طهور ماء أو تراب بمتنجس منهما اجتهد وجوبًا إن لم يقدر
على اليقين ،وجوازًا إن قدر على طهور بـيقين :كأن كان على شط نهر واستعمل ما ظنه طهورًا،
وإذا اشتبه ماء وماء ورد منقطع الرائحة توضأ بكل مرة ،وإذا اشتبه ماء وبول أراقهما أو
خلطهما ثم تيمم.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وللجتهاد شروط :التعدد في المشتبه ،وأصلية الطهارة فيه ،وكون العلمة لها فيه مجال :أي
مدخل كالواني والثياب ،بخلف اختلط المحرم بنسوة ،والعلم بالنجاسة أو ظنها بإخبار العدل،
والملمة من التعارض ،وبقاء المشتبهين إلى تمام الجتهاد ،فلو انصب أحدهما بتمامه أو تلف
امتنع الجتهاد ،ويتيمم ويصلي من غير إعادة ،وإن لم يرق ما بقي ،والحصر في المشتبه ،فلو
اشتبه إناء بول بأواني بلد فل اجتهاد بل يأخذ منها ما شاء .وأما سعة الوقت فلست بشرط ،بل
يجتهد وإن أّدى اجتهاده إلى خروج الوقت ،وكذا ل يشترط كون الناءين لواحد ،بل لو كانا لثنين
ليس لحدهما أن يتوضأ من إنائه إل بعد الجتهاد ،وشرط العمل بالجتهاد ظهور العلمة ،فإن لم
يظهر له شيء أراق الماءين ،أو خلط أحدهما أو بعضه بالخر ثم تيمم ،وعلم أن هذا شرط للعمل
ل لصل الجتهاد .وأما الواني فيحل استعمال كل إناء طاهر ولو نفيسًا كياقوت ونحوه إل آنية
الذهب أو الفضة فحرام استعمالها واتخاذها من غير استعمال على النساء والرجال.
ثم الطهارة قسمان :طهارة لجل حدث أصغر ،وطهارة لجل حدث أكبر )فالولى( أي الطهارة
لحدث أصغر وهو المقصد الّول )الوضوء( وهو مشتق من الوضاءة بالمد وهي النظافة ،وهو
في الشرع استعمال الماء في أعضاء مخصوصة مفتتحا بالنية ،وكان قد فرض مع الصلة في
ليلة المعراج كما رواه ابن ماجه ،وهو فرض على المحدث وسنة لتجديد إذا صلى بالّول صلة
ّما غير سنة الوضوء ،وتندب إدامة الوضوء )وشروطه( أي الوضوء )كالغسل( أي كشروطه
خمسة :أحدها )ماء مطلق( ولو مظنونًا ،وهو ما يصح أن يطلق عليه اسم الماء بل قيد فشمل
الماء المتغير كثيرًا بما ل يستغنى الماء عنه كطين وطحلب وهو شيء أخضر يعلو على وجه
الماء من طول المكث ،ول فرق بـين أن يكون في مقر الماء وممره أول .والمتغير بما في موضع
قراره ومروره فهو مطلق يصح التطهير به ولو كان التغير كثيرًا لعدم استغنائه عنه ،ومن الماء
المطلق ما إذا تغير الماء بما تساقط فيه من أوراق الشجار ولو ربـيعية أو تفتتت فيه لتعذر صون
الماء عنها ،ومنه ما إذا تغير ماء المغاطس بأوساخ أبدان المغتسلين ،وماء الفساقى بأوساخ أرجل
المتوضئين فإنه ل يضر ولو كثر التغير .ثم ذكر المصنف للماء المطلق قيودًا تستلزمه )غير
مستعمل في( ما ل بد منه أثم تاركه أم ل من )رفع حدث( كالغسلة الولى ،فشمل وضوء الصبـي
ولو غير مميز بأن وضأه وليه للطواف ،وإن لم ينو وشمل ما استعمل في غسل بدل مسح من
رأس أو خف أو في غسل كتابـية أو مجنونة عن حيض أو نفاس ليحل وطؤها ولو كان الحليل
كافرًا أو الوطء زنا ،والوطء غير حرام من جهة الطهارة عن حيض ل من جهة الزنا )و( إزالة
)نجس( ولو معفوا عنه )قليل( أي حالة كون المستعمل في حال قلته وهو دون القلتين ،بخلف ما
إذا كان قلتين فأكثر فإنه إذا رفع الحدث ل يحكم عليه بالستعمال ،وإذا أزال النجس ل يحكم
بتنجسه إل إذا تغير بالنجاسة ول يحكم باستعماله أيضًا ،ولو جمعت المياه المستعملة حتى صارت
ماء كثيرًا قلتين فأكثر عاد طهورًا.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والماء القليل الذي أزيلت به النجاسة طاهر غير مطهر بشروط :أن يكون الماء واردًا ،بخلف ما
لو كان الماء مورودًا كأن وضع الشيء في الماء القليل فإنه ينجس بمجرد ملقاة النجاسة ،وأن ل
يتغير طعمه أو لونه أو ريحه ،وأن ل يزيد وزنه عما كان قبل الغسل به بعد اعتبار ما يتشربه
المغسول من الماء وما يمجه من الوسخ وأن يطهر المحل .فإن فقد شرط من ذلك كان الماء
متنجسًا )و( غير )متغير( تغيرًا )كثيرًا( يمنع إطلق اسم الماء عليه بأن يحدث له بسبب ذلك اسم
آخر يزول به وصف الطلق )بخليط طاهر غني( أي الماء )عنه( أي الخليط سواء كان التغير
ل أو كثيرًا ،فلو وقع في الماء مائع طاهر يوافقه في صفاته
حسيًا أم تقديريًا ،وسواء كان الماء قلي ً
فرض وصف الخليط المفقود مخالفًا في أوسط الصفات :كلون عصير العنب أبـيض أو أسود،
وطعم الرمان ،وريح اللذن ،كذا قاله ابن أبـي عصرون ،واعتبر الروياني الشبه بالخليط ،فماء
الورد المنقطع الرائحة يفرض على القول الّول من اللذن فإنه أوسط في الرائحة وإن لم يشبه
صفة الواقع ،وعلى الثاني يعتبر بماء ورد له رائحة لنه أشبه بالمخالط فل يضر الماء تغيره
بطول المكث ول بالمجاور الطاهر ولو كان التغير كثيرًا .نعم إن تحلل منه شيء كما لو نقع التمر
في الماء فاكتسب الحلوة منه سلبه الطهورية ،كذا قاله الشبراملسي )أو( كان الماء غير متغير
بخليط طاهر ،بل كان تغيره )بنجس( فإنه ل يسمى ماء مطلقًا )ولو كان( أي الماء )كثيرًا( قلتين
ل أم كثيرًا ،وسواء
فأكثر ،فالماء إذا تغير بنجس صار متنجسًا بالجماع ،سواء كان التغير قلي ً
المخالط والمجاور ،ول فرق بـين التغير الحسي والتقديري ،فإن كان الخليط نجسًا في ماء كثير
اعتبر بأشد الصفات :كلون الحبر ،وطعم الخل ،وريح المسك لغلظه.
والحاصل أن المياه أربعة أقسام :أحدها :ماء طاهر في نفسه مطهر لغيره غير مكروه استعماله،
وهو الماء المطلق الغير المتشمس .وثانيها :ماء طاهر في نفسه مطهر لغيره مكروه استعماله،
وهو الماء المطلق المتشمس.
ولكراهة استعماله تسعة شروط :الّول :أن يكون ببلد حار كبلد الحجاز غير الطائف ،بخلف
البارد كبلد الشام غير حران .والمعتدل كبلد مصر والحاوه .فل يكره استعمال المتشمس فيها.
الثاني :أن تنقله الشمس من حالة إلى أخرى بحيث تنفصل منه زهومة تعلو الماء ،بخلف مجرد
انتقاله من البرودة إلى الحرارة حيث لم يصل إلى هذه الحالة .الثالث :أن يكون فيما ينطبع غير
الذهب والفضة :كالحديد والنحاس ونحوهما ،بخلف ما لو كان غير منطبع كالفخار ،أو في
منطبع من الذهب أو الفضة فل كراهة .الرابع :أن يستعمل في حال حرارته بخلف ما لو تركه
حتى زالت حرارته .الخامس :أن يكون استعماله في البدن ولو شربا ،ولو كان بدن أبرص أو
ميت أو حيوان غير آدمي حيث كان يدركه البرص كالخيل .السادس :أن يكون تشمسه في زمن
الحر كالصيف ،بخلف الزمن البارد أو المعتدل .السابع :أن يجد غيره .الثامن :أن يكون الوقت
متسعا ،فإن ضاق الوقت أو لم يجد غير المتشمس فل كراهة في استعماله بل يجب استعماله إل
إذا تحقق الضرر أو ظنه فيحرم استعماله بل يتيمم .التاسع :أن ل يتحقق الضرر أو يظنه وإل
حرم استعماله كما تقدم.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وثالثها :ماء طاهر في نفسه غير مطهر لغيره ،وهو قسمان :الماء المستعمل فيما ل بد منه من
رفع حدث أو إزالة نجس ولو معفّوا عنه وكان الماء دون القلتين ،والماء المتغير بشيء خالطه من
العيان الطاهرات المستغنى عنها تغيرًا كثيرًا يمنع إطلق اسم الماء عليه بأن يزول به وصف
الطلق :كأن يقال ماء نورة أو ماء سدر أو مرقة.
ورابعها :ماء متنجس ،وهو الماء الذي لقته نجاسة تدرك البصر ،وهو قسمان :قليل دون القلتين
بأكثر من رطلين سواء تغير أم ل ،ولكن يستثنى من النجاسة ميتة ل دم لها سائل أصالة :كزنبور،
وعقرب ،ووزغ ،وذباب ،وقمل ،وبرغوث إذا وقعت في الناء الذي فيه ماء قليل أو شيء من
المائعات كالزيت والعسل فإنها ل تنجسه بشرط أن ل يطرحها طارح ولو حيوانًا وهي ميتة
وتصل ميتة وإل نجسته .وكثير بأن كان قلتين فأكثر وقد تغير باتصال النجاسة ولو تغيرًا يسيرًا
أو كان تقديريًا ،ولو نقل من محل إلى آخر فوجد فيه طعم النجاسة أو رائحتها فإن وجد سبب
ل حكم بنجاسة ذلك ،وإل فل، يحال عليه التنجيس كأن كان محلها الّول مما يحصل فيه بول مث ً
ولو جمعت المياه المتنجسة حتى صارت ماء كثيرًا قلتين فأكثر ول تغير به عاد طهورًا ،ولو زال
تغير الماء الكثير بما زيد عليه أو نقص منه والباقي قلتان فأكثر عاد طهورًا ،والقلتان خمسمائة
رطل بالبغدادي تقريبًا.
ل في التيمم أو مع انضمامه للماء في إزالة النجاسة المغلظة وأما التراب فإنه يكون مطهرًا استقل ً
بشرط أنه لم يكن استعمل في فرض مطلقًا ولم يختلط بغيره في التيمم .وأما الدابغ فهو كل حريف
ينزع فضول الجلد وهو رطوبته ومائيته التي يفسده بقاؤها ويطيبه نزعها بحيث لو نقع في الماء
لم يعد إليه النتن والفساد ،وذلك كالعفص وقشور الرمان ،ول فرق في ذلك بـين الطاهر والنجس
كذرق الطيور ،ولو كان النجس من مغلظ ،لكن يحرم التضمخ به إذا وجد ما يقوم مقامه ،وكل
جلد نجس بالموت يطهر بالدباغ ظاهرًا وباطنًا دون ما عليه من الشعر فل يطهر بالدباغ إل جلد
الكلب أو الخنزير أو فرع أحدهما مع الخر أو مع حيوان طاهر ،فإن جلد ذلك كان نجسًا في حال
الحياة ،وجلد الحيوان المأكول المذكى ل يحتاج إلى الدباغ لنه طاهر بعد الموت بسبب تذكيته،
نعم لو أصابته نجاسة من دم أو نحوه طهر بالماء.
ل عن الماء ولو مع القدرة على الماء ،لكن له
وأما حجر الستنجاء فيجوز الستنجاء به وحده بد ً
شروط من حيث استعماله ،وشروط من حيث ذاته ،وشروط من حيث الخارج ،وشروط من حيث
المحل .أما شروطه من حيث استعماله فأمران :أحدهما :ثلث مسحات بحيث يعم بكل مسحة
المحل ولو بأطراف حجر .ثانيهما :إنقاء المحل بحيث ل يبقى إل قدر ل يزيله إل الماء ،أو صغار
ن اليتار إذا
الخزف فإن لم يحصل النقاء بالثلث وجبت الزيادة عليها حتى يحصل النقاء ،ويس ّ
لم يحصل النقاء بوتر ،وإذا حصل النقاء بدون الثلث وجب تتميمها.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وأما شروطه من حيث ذاته فهي :أن يكون جامدًا طاهرًا قالعًا غير محترم ول مبتل ،ومن
ن.
المحترم مطعوم الدميـين أو الج ّ
وأما شروطه من حيث الخارج فهي أن ل يجف الخارج النجس وأن ل ينتقل وأن ل ينقطع وأن ل
يطرأ عليه أجنبـي وأن ل يجاوز في الغائط صفحته ول في البول حشفته .وأما من حيث المحل
فله شرط واحد ،وهو أن يكون ذلك المحل فرجًا معتادًا .وحقيقة الستنجاء إزالة الخارج من الفرج
بماء أو حجر ،والصل في ذلك هو الماء ،والحجر رخصة وهو من خصائص هذه الّمة ،وإذا
أراد المستنجي القتصار على أحدهما فالماء أفضل ،والفضل الجمع بـينهما بتقديم الحجار.
والستنجاء تعتريه أحكام أربعة :يكون واجبًا من كل خارج نجس ملّوث ،ويكون مستحبًا من دود
وبعر بل لوث ،ويكون مكروهًا من الريح ،ويكون حرامًا بالمحترم .وأركانه أربعة :مستنج،
ومستنجى منه ،ومستنجى به ،ومستنجى فيه ،فالمستنجى الشخص ،والمستنجى منه الخارج،
والمستنجى به الماء أو الحجر ،والمستنجى فيه الفرج.
وشروطه :استفراغ مخرج ،وإزالة نجس ،ورفع شك ،وثبوت يقين ،والمراد باليقين ما يشمل غلبة
ن معه زوال النجاسة، ن ،فإن الواجب في الستنجاء بالماء استعمال قدر يغلب على الظ ّ الظ ّ
وعلمته ذهاب النعومة وحدوث الخشونة .وسننه أن يكون باليد اليسرى ،وأن يقدم القبل على
الدبر في الستنجاء بالماء وعكسه في الحجر ،وأن يدلك يده بنحو الرض بعده ثم يغسلها ،وأن
ينضح فرجه وإزاره بعده بالماء ،وأن يعتمد أصبعه الوسطى لنه أمكن ،وأن يقول بعد فراغه
وبعد خروجه من محل قضاء الحاجة :اللهم طهر قلبـي من النفاق ،وحصن فرجي من الفواحش.
ومن آداب قاضي الحاجة :أن يقدم يسراه في دخول محل قضاء الحاجة ويمناه في الخروج منه
ل ،وأن يعتمد يساره في الجلوس لقضاء الحاجة ،وأن يبعد عن الناس بحيث ولو بوضع إبريق مث ً
ل يسمع للخارج منه صوت ،ول يشم له ريح ،ول يبول في ماء راكد ،ول في مهب ريح ،ول في
طريق الناس ،ول في مواضع جلوسهم ،ول تحت الشجرة المثمرة ،ول في الثقب ،ول في مكان
صلب ،وأن ل يكون قائمًا ،وأن ل ينظر إلى فرجه ،ول إلى الخارج منه ،ول يعبث بـيده ،ول
ل ،ول يستقبل الشمس ول القمر ،ول صخرة بـيت المقدس ،ول يدخل الخلء يلتفت يمينًا ول شما ً
حافيًا ول مكشوف الرأس ،ول يتكلم ،ول يستنجي بالماء في محل قضاء الحاجة ،بل ينتقل منه إل
في المكان المعد لقضاء الحاجة فل ينتقل منه ،ويستبرىء من البول بحسب عادته فإن عادة
النسان تختلف.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وإذا صارت عادة الشخص أنه ل ينقطع بوله إل بالستبراء وجب ذلك في حقه ،ويقول كل من
دخل الخلء) :باسم ال اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث( ،وإذا خرج قاضي الحاجة يقول:
)غفرانك الحمد ل الذي أذهب عني الذى وعافاني( .ويجب الستتار عن عين من يحرم نظره
ويجب ترك استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة في غير المعد لذلك .ويكره أن يبول في
ل ،وفي الماء الراكد مطلقًا ،ومحل الكراهة إن كان الماء مباحًا أو مملوكًا له ،فإن
الماء الجاري لي ً
كان الماء مسبل أو مملوكا لغيره حرم البول فيه إل بإذن المالك ،وأن يبول في محل اغتساله فإنه
يقع في الوسواس ،ويحرم قضاء الحاجة على القبر وفي المسجد ولو في إناء.
تنبـيه :لو كان مستنجيا بالحجار حرم عليه الجماع قبل غسل الذكر وإن لم يجد الماء .نعم إن
خاف الزنا كان عذرا ،ولو كان فرج المرأة متنجسا أو كانت مستنجية بالحجار حرم عليها تمكين
الحليل قبل تطهيره ،ول تعّد بعدم التمكين ناشزة) .و( ثانيها )جرى ماء على عضو( مغسول فل
يكفي مسحه ول مسه بالماء من غير جريان ،ول يمنع من عّد هذا شرطا كونه معلومًا من مفهوم
الغسل لنه قد يراد بالغسل ما يعم النضح) .و( ثالثها )أن ل يكون عليه( أي العضو )مغير لماء(
تغيرًا مضّرا به كزعفران) .و( رابعها أن ل يكون على العضو )حائل( يمنع وصول الماء إلى
جميع أجزاء العضو الذي يجب تعميمه )كنورة( ودهن له حرم يمنع وصول الماء للبشرة ووسخ
تحت أظفار حيث لم يصر كالجزء وغبار على بدن ل عرق متجمد عليه ،وإن لم يصر كالجزء
ولم يتأذ بإزالته لكثرة تكرره وللمشقة في إزالته ،وإذا تراكم الوسخ على العضو وصار جزءًا من
البدن يتعسر فصله عنه بحيث يخشى من فصله محذور تيمم فل يمنع صحة الوضوء ،وينتقض
الوضوء بلمسه.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وبقي للوضوء شروط ،وهي :إسلم وتميـيز ،وهذان الشرطان في كل عبادة تفتقر لنية ،وعدم
المنافي كالحيض والنفاس في الوضوء لغير أغسال الحج ونحوه ،ودوام النية حكما بأن ل يأتي
بما ينافيها ،فإن قصد بغسل العضو تبردًا أو تنظفًا ،فإن كان مع الغفلة عن نية الوضوء ،كان
صارفًا للنية فيضر ،ومن ذلك ما إذا قصد إزالة ما على رجليه من الوسخ بحكها على بلط
المطهرة ففيه هذا التفصيل .وتقدم إزالة النجاسة بغسل غير غسل الحدث إذا لم تزل بغسلة واحدة
في الوضوء ،وعلم بكيفية الوضوء فل بد من التميـيز بـين فروضه وسننه على تفصيل في ذلك.
حاصله أنه متى ميز الفروض من السنن أو اعتقده كله فروضًا صح من العالم والعامى وهاتان
صورتان .وان اعتقده كله سننا أو علم أن فيه فروضًا وسننًا ولم يميز بـينها واعتقد بفرض معين
ل بطل من العالم والعامي وهاتان صورتان .وإن اعتقد أن فيه فروضًا وسننًا ولم يميز بـينها نف ً
ل كأن كان كلما سئل عن شيء منه هل هو فرض أو سنة؟ يقول :ل ولم يعتقد بفرض معين نف ً
أدري صح من العامي دون العالم ،وهذه صورة واحدة ،فالصور خمس :اثنتان تصحان من
العامي والعالم ،واثنتان تبطلن منهما وواحدة تصح من العامي وتبطل من العالم ،وهذا الشرط
مع هذا التفصيل عام في جميع العبادات كالصلة والصوم ونحو ذلك .لكن بعضهم استثنى الحج
قال :فل يشترط ذلك ،فهذه عشرة في وضوء السليم وصاحب الضرورة معا ،ويزاد في وضوء
ن دخوله صاحب الضرورة شرط آخر وهو خامس في كلم المصنف فقال) :ودخول وقت( أو ظ ّ
)لدائم حدث( كسلس بول ،وهو الذي يتقاطر بوله دائمًا ،ويشترط له أيضا تقدم الستنجاء على
الوضوء لنه يشترط لطهره تقدم إزالة النجاسة وتقدم التحفظ مثل الحشو والعصب والموالة بـين
الستنجاء والتحفظ والموالة بـينهما وبـين الوضوء .ويستثنى من ذلك ما إذا كان السلس بالريح
فل يشترط الموالة بـين ذلك والموالة بـين أفعاله ،وأما الموالة بـين الوضوء والصلة فشرط
لجواز فعل الصلة به ل شرط لصحته كما قاله الرشيدي .
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وفروضه( أي الوضوء ستة :أّولها) :نية( أداء )فرض وضوء( أو فرض الوضوء ،أو أداء
الوضوء ،أو رفع الحدث ،أو الطهارة عن الحدث ،أو نحو ذلك من النيات المعتبرة ،والنية لغة:
القصد .وشرعًا :قصد الشيء مقترنًا بفعله فإن تراخى عنه سمي عزمًا ،وحكمها الوجوب ومحلها
القلب .أما التلفظ بالمنوي فسنة ليساعد اللسان القلب ،والمقصود بها تميـيز العبادات عن العادات:
كالجلوس في المسجد يكون للعتكاف تارة وللستراحة أخرى ،أو تميـيز رتب العبادات كالصلة
ل أخرى ،والنية تميز هذا من هذا .وشرطها إسلم الناوي وتميـيزه وعلمه تكون فرضًا تارة ونف ً
ي وعدم إتيانه بما ينافيها :كرّدة ،أو قطع بأن يستصحبها حكمًا ،أما استصحابها ذكرًا إلى
بالمنو ّ
آخر الوضوء فهو سنة ،وأن ل تكون معلقة ،فلو قال :نويت الوضوء إن شاء ال ،فإن قصد
التعليق أو أطلق لم تصح أو قصد التبرك أو أن ذلك واقع بمشيئة ال تعالى صح ،ووقتها أّول
العبادات إل نية الصوم فل تجوز فيها مقارنة الفجر إذا كان فرضًا لوجوب تبـيـيت النية فيه،
وتجوز من أّول الليل ،وكيفيتها تختلف بحسب البواب .فكيفيتها في الوضوء قد علمتها ،وسيأتي
كيفيتها في كل باب بحسبه ،فهذه سبعة أمور تتعلق بالنية ،ويجب وجودها )عند( أول )غسل(
جزء من )وجه( وينبغي أن ينوي سنن الوضوء عند الشروع في غسل الكفين أّول الوضوء ليثاب
على السنن ،وهذا أسهل من التيان بنية من نيات الوضوء المعتبرة عند غسل الكفين لنها وإن
كانت كافية لكن يعسر معها تحصيل المضمضة والستنشاق ،إذ متى انغسل جزء من حمرة
الشفتين مع هذه النية فاته المضمضة والستنشاق.
ل )هو ما بـين منابت( شعر )رأسه( المعتاد )و( بـين تحت )و( ثانيها) :غسل وجهه ،و( حده طو ً
)منتهى لحيـيه( بفتح اللم )و( عرضًا )ما بـين( وتدي )أذنيه( ويجب تعميم الوجه بالماء طو ً
ل
وعرضًا ويجب غسل جزء من رأسه ومن تحت ذقنه ومن صفحة عنقه ومن كل ما كان متص ً
ل
بالوجه مما يحيط به ليتحقق تعميم الوجه بالماء من باب» :ما ل يتم الواجب إل به فهو واجب«
وإذا كان على الوجه حائل وجبت إزالته ومنه الرمص في العين والوسخ الذي يكون في باب
النف فل بد من إزالة ذلك ،وإذا كثفت لحية الرجل وعارضاه كفاه غسل ظاهر ذلك وهو الطبقة
العليا من الشعر ،وضابط الكثافة أن ل ترى البشرة من خلل الشعر عند التخاطب مع القرب،
ولو خفت اللحية والعارضان بأن ترى البشرة من الشعر عند التخاطب مع القرب وجب غسل
الظاهر والباطن وهو الطبقة السفلى وما في خلل الشعر ،وباقي شعور الوجه إن كثف وخرج
عن حد الوجه كفى غسل ظاهره وإل وجب غسل ظاهره وباطنه.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( ثالثها) :غسل يديه بـ( ـكل )مرفق( أي معه ،والمراد باليد هنا من رؤوس الصابع إلى رأس
العضد ،وإذا كان على اليدين شعر وجب غسل ظاهره وباطنه وإن كثف ،وتجب إزالة ما تحت
الظافر من الوسخ ،وكذا ما على اليدين من شمع ونحوه من كل ما يمنع وصول الماء إلى
ل حائ ً
ل العضو ،ومثل اليدين في ذلك الوجه والرجلن ،فلو رأى بعد تمام وضوئه على يديه مث ً
ل وقت الوضوء وجب عليه إزالته وغسل ما تحته وإعادة كقشرة سمك وعلم أن ذلك كان حاص ً
تطهير العضاء التي بعده لجل مراعاة الترتيب في الوضوء.
ل سواء كان من بشرة الرأس أو من شعرها الذي ل )و( رابعها) :مسح بعض رأسه( ولو قلي ً
يخرج عنها بالمد من جهة نزوله ولو بعض شعرة ،والمراد بالمسح مجرد وصول البلل إلى
الرأس وإن لم يمّر يده عليها.
)و( خامسها) :غسل رجليه بـ( ـكل )كعب( أي معه ،ويجب غسل باطن شقوق فيهما ،وإذا كان
في تلك الشقوق شمع أو نحوه وجبت إزالته إل إذا كان له غور في اللحم ،وإذا كان في عضو
يجب تعميمه شوكة ففيها تفصيل حاصله أنها إذا كانت بحيث لو قلعت لم يبق محلها مفتوحًا
ل فتحب إزالتها ما كشوكة القثاء فل تضر ،وإذا كانت بحيث لو قلعت بقي محلها مفتوحًا كانت حائ ً
لم يكن لها غور في اللحم فإن كان لها غور في اللحم فل تضر في الوضوء ،وأما في الصلة
فتضر إذا كانت متصلة بدم كثير وإل فل ،هذا كله ما لم يلتحم الجلد فوقها وإل صارت من حكم
الباطن فل تضر في وضوء ول صلة ،وتجب إزالة ما على الرجلين من قشف ونحوه.
وبالجملة :فل بّد من تخصيص الرجلين بمزيد الحتياط لن الرجل مظنة الوساخ خصوصًا
العقب فإنه محل تراكم الوساخ .وقد ورد في الحديث» :ويل للعقاب من النار« ولو أزال شعرًا،
أو قلم ظفرًا ،أو قطع عضوًا من أعضاء الوضوء ،أو كشط منه جزءًا بعد تطهير ذلك لم يجب
تطهير موضعها لن الوضوء يرفع الحدث عن الظاهر والباطن.
)و( سادسها) :ترتيب( بأن يبدأ بالوجه مقرونًا بالنية ،ثم غسل اليدين ،ثم مسح بعض الرأس ،ثم
غسل الرجلين .ولو شرع ثلثة نفر في غسل بقية أعضائه بعد غسل بعض الوجه لم يرتفع غير
حدث وجهه .ولو اغتسل محدث حدثًا أصغر فقط بنية رفع الحدث أو نحوه ،أو بنية رفع الجنابة،
أو فرض الغسل ،أو أدائه غالطًا ورتب ترتيبًا حقيقيًا أجزأه حيث وجدت النية عند غسل الوجه،
ومنه ما لو وقف تحت نحو ميزاب واستمر الماء يجري منه على أعضائه ،إذ الدفعة الولى مث ً
ل
يرتفع بها حدث الوجه فالماء الذي بعده يرفع حدث اليدين وهكذا .ولو انغمس محدث ولو في ماء
قليل بنية ما ذكر أجزأه عن الوضوء ،وإن لم يمكث زمنًا يمكن فيه الترتيب لحصوله تقديرًا في
س ،هذا إذا وجدت النية عند وصول الماء إلى الوجه .أما لولحظات لطيفة ل يظهر في الح ّ
ل ثم تمم النغماس ولم يستحضر النية عند وصول انغمس ونوى عند وصول الماء إلى صدره مث ً
الماء للوجه لم يصح وضوؤه لعدم النية وإن أمكن الترتيب بمكثه ،ولو أغفل لمعة من غير
أعضاء الوضوء أجزأه ذلك النغماس خلفًا للقاضي حسين .
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن( للمتوضىء تعّوذ ،و )تسمية( وحمد ال )أّوله( عند غسل الكفين مع نية سنن الوضوء بقلبه )وس ّ
ليجمع بـين عمل اللسان والجنان والركان في أّول وضوئه ،ثم يتلفظ بالنية فيقول عند ذلك :أعوذ
بال من الشيطان الرجيم ،بسم ال الرحمن الرحيم ،الحمد ل على السلم ونعمته :الحمد ل الذي
ب أن
ب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك ر ّ جعل الماء طهورًا والسلم نورًا ،ر ّ
يحضرون) .فغسل الكفين( وإذا شك في طهرهما كره مباشرتهما للماء القليل قبل غسلهما ثلثًا
خارجه )فسواك بـ( ـكل )خشن( فيحصل بخرقة .وأركانه خمسة :مستاك ،وهو الشخص ،ومستاك
ل ،ومستاك فيه وهو الفم ،ونية للسنية كأن ينوي به به ،وهو كل خشن ،ومستاك منه كالتغير مث ً
ل ،ومحله في الوضوء بعد غسل الكفين وقبل المضمضة ،ول يحتاج حينئذ لنية سنيته للصلة مث ً
لن نية الوضوء تشمله .والسواك مستحب في كل حال وفي كل وقت إل بعد الزوال للصائم ولو
ل .ويتأكد في أحوال :منها الوضوء ،وعند إرادة الصلة ،وعند الحتضار ،وفي السحر نف ً
وللصائم قبل الزوال ،وعند قراءة القرآن أو الحديث أو العلم الشرعي ،ولذكر ال تعالى ،وعند
تغير الفم ،وعند دخول المنزل وعند إرداة النوم .ومراتبه خمس مرتبة في الفضلية :الراك ثم
جريد النخل ،ثم الزيتون ،ثم ذو الريح الطيب من العواد ثم باقي العواد ،وكل واحد منها فيه
خمس مراتب مرتبة في الفضلية أيضًا .وهي اليابس المنّدى بالماء ،ثم المندى بماء الورد ثم
المندى بالريق ،ثم الرطب خلقة ،ثم اليابس الغير المندى .وكل واحد من الخمس الول بمراتبه
الخمس مقدم على ما بعده .واعتمد بعضهم أن اليابس الغير المندى مقدم على الرطب لنه أقوى
في إزالة التغير .ول تجري في الخرقة المراتب الخمس الثانية لن الرطوبة الخلقية ل تتصّور
فيها.
ل .وأن يمسكه باليدن أن يكون السواك في عرض السنان ظاهرًا وباطنًا وفي اللسان طو ً ويس ّ
اليمنى يجعل خنصره تحته ،والبنصر والوسطى والسبابة فوقه والبهام أسفل رأسه .ول يقبض
عليه بـيده لن ذلك يورث الباسور ،وأن يبدأ بـيمين فمه .وكيفية ذلك أن يبدأ بالجانب اليمن من
فمه فيستوعبه باستعمال السواك في السنان العليا والسفلى ظهرًا وبطنًا إلى الوسط ،ثم اليسر
ن أن يبلع ريقه وقت وضع السواك في الفم وقبل أن يحركه كذلك ،ثم اللسان ،ثم سقف الحلق .ويس ّ
ل داء سوى الموت ،ول يبلع ريقه بعده لما كثيرًا لما قيل إن ذلك أمان من الجذام والبرص ومن ك ّ
قيل إنه يورث الوسواس ،ويكره أن يزيد طوله على شبر معتدل لما قيل ان الشيطان يركب على
الزائد )فمضمضة( وأقلها جعل الماء في الفم من غير إدارة فيه ومج منه وأكملها أن يبلغ الماء
إلى أقصى الحنك ووجهي السنان واللسان وإمرار أصبع يده على ذلك وإدارة الماء في الفم
ومجه منه )فاستنشاق( وأقله وضع الماء في النف وإن لم يصل إلى الخيشوم .وأكمله أن يصعد
ن الستنثار ،وهو أن يخرج بعد الستنشاق ما في أنفه من ماء وأذى .فقد الماء إلى الخيشوم ،ويس ّ
ورد عنه أنه قال» :ما منكم من أحد يتمضمض ثم يستنشق فيستنثر إل خرت خطايا وجهه
وخياشيمه« .والفضل أن يكون إخراج ذلك بخنصر يده اليسرى )و( الفضل )جمعهما( بغرفة
واحدة بأن يتمضمض منها ثم يستنشق منها ثم يفعل منها كذلك ثانيًا وثالثًا أو بأن يتمضمض منها
ولء ثلثًا ،ثم يستنشق كذلك وهذه في الحقيقة فصل لنه لم ينتقل لتطهير الثاني إل بعد الفراغ من
ل باعتبار اتحاد الغرفة .والولى منهما أن يكون الجمع )بثلث غرف( الّول ،وتسميتها وص ً
يتمضمض من كل غرفة ثم يستنشق وهذه ثلث كيفيات للجمع وهي أفضل من الفصل.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وكيفياته ثلثة أيضًا :الولى :أن يكون بغرفتين يتمضمض بالولى ثلثًا ثم يستنشق بالخرى
كذلك .والثانية :أن يكون بست غرف بأن يأخذ غرفة يتمضمض منها ويطرحها ويأخذ أخرى
ت غرف أيضًا يتمضمض بثلث ثم يستنشق يستنشق منها ويطرحها وهكذا .والثالثة :أن يكون بس ّ
ن المبالغة فيهما للمفطر ،وهي في المضمضة :أن يبلغ الماء بثلث وهذه أضعفها وأنظفها ،وتس ّ
إلى أقصى الحنك ووجهي السنان واللثات مع إمرار الصبع اليسرى على ذلك ،وفي الستنشاق
أن يصعد الماء بالنفس إلى الخيشوم بحيث ل يصل دماغه مع إدخال أصبعه اليسرى ليزيل ما فيه
من أذى ثم يستنثر كالمتمخط.
)ومسح كل رأس( ويثاب ثواب الفرض على القدر المجزىء فقط ،وثواب النفل على ما عداه.
والسنة في كيفيته أن يضع يديه على مقدم رأسه ويلصق سبابته بالخرى ويضع إبهاميه على
صدغيه ثم يذهب بأصابعه غير البهامين إلى قفاه ثم يرّدها إلى المكان الذي ذهب منه إن كان له
شعر ينقلب ليصل البلل لجميعه وحينئذ يكون الذهاب والرّد مسحة واحدة لعدم تمام المسحة
بالذهاب فإن لم يكن له شعر ينقلب لقصره أو عدمه لم يرّد لعدم الفائدة فإن رّد لم تحسب مسحة
ل لختلط بلله ببلل يده المنفصل عنه حكمًا بالنسبة للثانية ،ولضعف ثانية لن الماء صار مستعم ً
البلل أثر فيه أدنى اختلط .فإن كان على رأسه نحو عمامة كخمار وقلنسوة ولم يرد رفع ذلك كمل
بالمسح عليه .وإن كان لبسها على حدث لكن بشروط :أن ل يكون على العمامة أو نحوها نجاسة
ولو معفّوا عنها كدم البراغيث وأن ل يكون عاصيًا باللبس لذاته كأن لبسها وهو محرم لغير عذر،
وأن يبدأ بمسح القدر الواجب من الرأس ،ولو كان فوق العمامة طيلسان كفى المسح عليه.
)و( بعد الرأس مسح )الذنين( ظاهرًا وباطنًا بماء جديد ،والفضل في كيفية مسحهما أن يدخل
ن غسل الذنين مسبحتيه في صماخيه ويديرهما في المعاطف ويمّر إبهاميه على ظاهر أذنيه ،ويس ّ
ن مسحهما مع الرأس ثلثًا مراعاة مع غسل الوجه ثلثًا مراعاة للقول بأنهما من الوجه ،ويس ّ
للقول بأنهما من الرأس وبالكيفية المتقدمة ثلثًا مراعاة للقول بأنهما عضوان مستقلن ل من
ن أن يمسحهما ثلثًا استظهارًا بأن يضع كفيه وهما الوجه ول من الرأس ،وهو المعتمد ،ويس ّ
ن فيهما اثنتا عشرة مرة) .ودلك أعضاء( وهو إمرار اليد مبلولتان على الذنين ،فجملة ما يس ّ
عليها عقب ملقاتها للماء أو معها فرارًا من خلف من أوجبه ،وينبغي الجتهاد في ذلك العقب ل
ل شعر ُيكتفي بغسل ظاهره وكيفيته أن يدخل سيما في الشتاء) .وتخليل لحية كثة( ونحوها من ك ّ
أصابعه من أسفل اللحية ليصل الماء إلى باطنها) ،و( تخليل )أصابع( اليدين والرجلين إن كان
ي كيفية كانت بأن يدخل الماء يصل بدون التخليل وإل وجب .فتخليل أصابع اليدين بالتشبـيك بأ ّ
أصابع إحدى يديه في أصابع الخرى سواء في ذلك وضع إحدى الراحتين على الخرى أو غير
ف اليسرى على ظهر اليمنى ويخلل أصابعه ثم يضع بطن ذلك لكن الفضل أن يضع بطن الك ّ
اليمنى على ظهر اليسرى ويفعل كذلك ،والفضل في تخليل أصابع الرجلين أن يكون بخنصر اليد
اليسرى مبتدئًا بخنصر الرجل اليمنى مختتمًا بخنصر الرجل اليسرى .فيكون بخنصر من خنصر
إلى خنصر.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وإطالة غّرة وتحجيل( فالغّرة في الوجه والتحجيل في اليدين والرجلين وهما اسمان للواجب
والمندوب .وغاية الطالة في الغرة أن يغسل صفحتي العنق مع مقدمات الرأس ،وفي التحجيل
استيعاب العضدين والساقين) .وتثليث كل( مما ذكر من القوال والفعال فل بد أن يقع تثليث
مغسول وممسوح على محل واحد فإيصال الماء لغيره محاولة تعميم ل تكرار ،ول يجزىء تثليث
عضو قبل إتمام واجب ول بعد تمام الوضوء ،ولو توضأ مرة مرة ثم أعاد كذلك لم تحصل فضيلة
التثليث كما قاله الشيخ أبو محمد وهو المعتمد ،وحكم هذه العادة الكراهة فل يقال إنه عبادة فاسدة
فتحرم ،وإنما لم يحرم مع أن الثاني والثالث بعد تمام الوضوء وقبل صلة لن الروياني
والفوراني قال بحصول التثليث به ،وذلك شبهة دافعة للتحريم) .وتيامن( إل في الكفين أّول
ن بداءة في الوجه بأعله وفي الوضوء والخّدين والذنين لغير أقطع ،ومن خلق بـيد واحدة ،ويس ّ
اليدين والرجلين بالصابع إن لم يكن الوضوء بالصب من الغير أو من نحو حنفية وإل بدأ في
اليدين بالمرفقين وفي الرجلين بالكعبـين ،ويبدأ في الرأس بمقدمه كما تقدم) .وولء( بـين أعضاء
الوضوء بحيث ل يجف العضو الّول قبل الشروع في الثاني مع اعتدال الريح وطبائع الشخص
نفسه والمكان والزمان ،فلو خرج واحد من ذلك عن العتدال قّدر اعتداله ،ويقدر الممسوح
ل هذا في وضوء السليم إذا كان الوقت واسعًا ،أما وضوء صاحب الضرورة فتجب فيه مغسو ً
الموالة ،وكذا على السليم عند ضيق الوقت) .وتعهد موق( وإذا كان عليه حائل كرمص وجب
إزالته.
ن أن يحّرك خاتمه إذا كان الماء يصل إلى ما تحته بدون التحريك وإل وجب تحريكه ويس ّ
ن أن ل يلطم وجهه بالماء ن جلوس بمحل ل يصيبه فيه رشاش الماء .ويس ّ )واستقبال( للقبلة .ويس ّ
ن لعذر بل يجب لنحو )وترك تكلم( في أثناء وضوئه بغير ذكر لنه شاغل عن العبادة .وقد يس ّ
إنذار من خيف عليه مؤذ لم يشعر به) .و( ترك )تنشيف( للتباع وهو أخذ الماء بخرقة .نعم يندب
في ميت ولعذر كأن هبت ريح بنجس أو آلمه نحو برد ،أما ترك النفض فهو كترك الستعانة
بصب الماء عليه من غير عذر ففعلهما خلف الولى ل مكروه كما اتفق عليه الكليلن :الرملي
ي عن معاصيك ن أذكار العضاء بأن يقول عند غسل الكفين :اللهّم احفظ يد ّ وابن حجر ،وتس ّ
كلها ،وعند المضمضة :اللهّم أعني على ذكرك وشكرك ،اللهّم اسقني من حوض نبـيك كأسًا ل
أظمأ بعدها أبدًا ،وعند الستنشاق :اللهّم أرحني رائحة الجنة اللهّم ل تحرمني رائحة نعيمك
وجناتك ،وعند غسل الوجه :اللهّم بـيض وجهي يوم تبـيضّ وجوه وتسوّد وجوه ،وعند غسل اليد
اليمنى :اللهّم أعطني كتابـي بـيميني وحاسبني حسابًا يسيرًا ،وعند غسل اليد اليسرى :اللهم ل
تعطني كتابـي بشمالي ول من وراء ظهري ،وعند مسح الرأس :اللهّم حّرم شعري وبشري على
ل إل ظلك ،وعند مسح الذنين :اللهّم اجعلني من الذين ل عرشك يوم ل ظ ّ النار وأظلني تحت ظ ّ
ي على الصراط يوم تزل يستمعون القول فيتبعون أحسنه ،وعند غسل الرجلين :اللهّم ثبت قدم ّ
القدام.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)والشهادتان عقبه( أي الوضوء بأن تنسبا للوضوء فإن أخرهما بحيث يطول فاصل عنه عرفًا
فات محلهما فيقول مستقبل القبلة ،رافعًا يديه إلى السماء كهيئة الداعي :أشهد أن ل إله إل ال
وحده ل شريك له ،وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ لقوله » :من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال:
أشهد أن ل إله إل ال إلى قوله :ورسوله ،فتحت له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء« .رواه مسلم
والترمذي والحاكم .وأبواب الجنة ثمانية :باب الصدقة ،وباب الصلة ،وباب الصوم ويقال له
الريان ،وباب الجهاد ،وباب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ،وباب الراحمين ،وباب من ل
حساب عليهم ،وباب التوبة ويقال له باب الرحمة ،وباب محمد وهو مفتوح منذ خلقه ال تعالى ل
يغلق إل إذا طلعت الشمس من مغربها فحينئذ يغلق ول يفتح إلى يوم القيامة .وهذه البواب
مقسومة على أعمال البّر إل باب التوبة فليس باب عمل :وإنما هو باب الرحمة العظمى ،وإنما
فتحت له البواب الثمانية تكرمة له وإل فهو إذا اتصف بنوع من هذه العمال دخل من بابه فلو
اتصف بنوعين فأكثر فيخير أو يدخل من الباب الذي هو لزم نوعه أكثر ويجب اليمان بذلك من
غير بحث :وزاد الترمذي والحاكم على رواية مسلم :اللهم اجعلني من التّوابـين واجعلني من
المتطهرين :وزاد الحاكم على روايتهما سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ل إله إل أنت أستغفرك
وأتوب إليك ،فقال عن رسول ال » :من قال عقب الوضوء :سبحانك اللهم وبحمدك إلى آخره
كتب في رق ثم طبع عليه بطابع فلم يتطرق إليه خلل إلى يوم القيامة« .وهذا كناية عن عدم إحباط
ثوابه وفيه بشرى بأن قائله يموت على اليمان ول يحصل له رّدة أبدًا :لن الرّدة إن اتصلت
بالموت أحبطت العمل من أصله ،وإن لم تتصل بالموت بأن عاد للسلم قبل الموت عادت له
ن أن يقولالعمال مجردة عن الثواب ،فيكون قائل هذا الدعاء مبشرًا بالسلمة من هذا كله .ويس ّ
ن أن يقرأ بعد ذلك مع رفع البصر كما في عقبه :وصلى ال على سيدنا محمد وآل محمد .ويس ّ
الشهادتين من غير رفع اليدين سورة إنا أنزلناه ،لخبر» :من قرأ في أثر وضوئه} :إنا أنزلناه في
ليلة القدر{ )) (97القدر :الية (1مرة واحدة كان من الصديقين ،ومن قرأها مرتين كتب في
ن بعدديوان الشهداء ،ومن قرأها ثلثًا حشره ال محشر النبـياء« .رواه الديلمي عن أنس .ويس ّ
قراءة السورة المذكورة أن يقول ثلثًا مستقبل القبلة بصدره رافعًا يديه وبصره :اللهم اغفر لي
ذنبـي ،ووسع في داري ،وبارك لي في رزقي ،ول تفتني بما زويت عني) .وشربه من فضل
وضوئه( بفتح الواو :أي مائه الذي توضأ به ،لما ورد في الخبر :أن فيه شفاء من كل داء.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومكروهات الوضوء :السراف في الماء :كأن يزيد على الثلث بنية الوضوء ،أو يأخذ في
الغرفة زيادة عما يكفي العضو ،ولو كان يغترف من البحر ،ومحل كون السراف مكروهًا إن
ل للوضوء كالفساقي أو مملوكًا للغير وأذن في كان الماء مباحًا أو مملوكًا له ،فإن كان مسب ً
الوضوء منه ولم يأذن في السراف حرم .ويجب القتصار في المسبل على ما أراد مسبله فيحرم
استعماله في غير ذلك كتزويد الدواة ونحوه ،وكالستنجاء من ماء الفساقي المعّدة للوضوء ،أو
ماء مغاطس المسجد إل إذا لم يكن في بـيوت الخلية ماء للعذر .ويحرم تقذير ذلك كالبول فيه،
ووضع العضو فيه متنجسًا وكذا البصق أو المتخاط أو نحو ذلك.
ومن مكروهات الوضوء :النقص عن الثلث والوضوء في الماء الراكد بل عذر ولو كثيرًا ما لم
يكن مستبحرًا) ،وليقتصر( أي المتوضىء )حتمًا( أي وجوبًا )على واجب لضيق وقت( عن
إدراك فرض الصلة كلها فيه فيجب ترك جميع السنن لذلك على ما قاله ابن حجر .ويجب
القتصار على مرة واحدة لذلك أيضًا :بحيث لو ثلث خرج وقت الفرض) .أو قلة ماء( بحيث كان
الماء ل يكفي إل فرض الوضوء أو كان المتوضىء يحتاج للفاضل للعطش بحيث لو أكمل
الوضوء لستغرق الماء وأدركه العطش) .و( ليقتصر )ندبًا( على الواجب )لدراك جماعة( لم
ن إتيانه وإن أّدى إلى
ن تركه لجل الجماعة بل يس ّ يرج غيرها ،نعم ما قيل بوجوبه كالدلك ل يس ّ
فوت الجماعة قياسًا على ندب رعاية ترتيب الفوائت وإن فاتت الجماعة إذ قد قيل بوجوب
ترتيبها) .ونواقضه( أي الوضوء :أي السباب التي ينتهي بها الطهر أربعة فقط ثابتة بالدلة.
ي( أي من قبل الحي الواضح أحدها) :خروج شيء( غير منيه الموجب للغسل )من أحد سبـيلي ح ّ
أو دبره .وخرج بالحي الميت فل نقض بالخارج من قبله أو دبره بعد وضوئه .وخرج بالواضح
المشكل :وهو من له آلتان :آلة تشبه آلة الرجال ،وآلة تشبه آلة النساء فل نقض إل بالخارج من
اللتين جميعًا أو من دبره ،ول فرق في الخارج بـين أن يكون عينًا أو ريحًا ،طاهرًا أو نجسًا،
ل أو كثيرًا ،طوعًا أو كرهًا ،سهوًا جافًا أو رطبًا ،معتادًا كالبول أو نادرًا كالدم ،انفصل أو ل ،قلي ً
أو عمدًا )ولو كان( أي الخارج )باسورًا( بأن خرج الباسور نفسه من داخل الدبر أو زاد خروجه
فإنه ناقض ،وكذا دم بواسير من باسور داخل الدبر ل خارجه.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وأما منيه الموجب للغسل :كأن أمنى بمجرد نظر أو احتلم ممكنًا مقعدته فل نقض به لنه أوجب
أعظم المرين وهو الغسل بخصوص كونه منيًا فل يوجب أدونهما وهو الوضوء بعموم كونه
خارجًا :كزنا المحصن لما أوجب أعظم الحدين ،وهو الرجم بخصوص كونه زنا محصن لم
يوجب أدونهما ،وهو الجلد والتغريب بعموم كونه زنا .ولو انسّد الفرج بأن صار ل يخرج منه
شيء وإن لم يلتحم وانفتح بدله ثقبة لخروج الخارج ،فإن كانت تحت السرة أعطيت حكم الفرج
في ثلثة أمور :النقض بالخروج منها .وجواز وطء الحليلة فيها .وعدم النقض بالنوم ممكنًا لها
ول يصير الواطىء جنبًا بالوطء فيها إل إذا أنزل .ولو عاد الصلي منفتحًا عادت له جميع
الحكام من الن :وتلغو أحكام الثقبة فإنها متى كان الفرج منفتحًا ل عبرة بها ول بد في الثقبة
التي تقوم مقام الفرج :أن تكون قريبة من السّرة عرفًا فإن كانت في رجله أو نحوها فل ينقض
الخارج منها .فإن لم تكن تحت السّرة بل كانت فوقها أو فيها ،أو في محاذيها فل نقض بالخروج
منها .هذا في النسداد العارض ،أما الخلقي فينقض معه الخارج من المنفتح مطلقًا :أي في أ ّ
ي
موضع كان من البدن .ويثبت له جميع أحكام الصلي من النظر باليلج فيه ،ووجوب الحّد به،
وحرمة النظر إليه ،ووجوب ستره من غير الحليل ،وفي الصلة .وتبطل بكشفه ولو في الجبهة،
ويصح السجود مع الحائل لوجوب ذلك شرعًا .والفرج حينئذ كعضو زائد من الخنثى ل يتعلق به
حكم من أحكام الفرج ،ولو قام مقام الفرج شيء من المنافذ الصلية :كالفم والنف والذن فل
نقض بالخارج منه على المعتمد) .و( ثانيها )زوال عقل( أي تميـيز بجنون ،أو سكر ،أو إغماء،
ولو خفيفًا ،أو شرب دواء ،أو غيبوبة حال ذكر ،أو نحو ذلك .ول فرق في ذلك بـين المتمكن
وغيره) .ل( ينتقض بزوال التميـيز )بنوم ممكن مقعده( من مقره لمن خروج شيء من دبره
ن الوضوء خروجًا من الخلف ول تمكين لمن نام على قفاه ملصقًا مقعده بمقره، حينئذ .لكن يس ّ
وكذا لو كان نحيفًا بحيث يكون بـين بعض أليـيه ومقّره تجاف .وإنما كان النوم على غير هيئة
الممكن مقعدته من مقره ناقضًا لنه مظنة لخروج شيء من دبره .ثم نّزلوا المظنة منزلة المئنة،
ثم جعلوا نفس النوم على هذه الهيئة ناقضًا وإن تيقن عدم خروج شيء من دبره كما لو أخبره
معصوم بأنه لم يخرج منه شيء أو كان المحل مسدودًا بما ل يمكن معه خروج شيء.
وعلم مما ذكر أن القبل ل يجب تمكينه وإن احتمل خروج ريح منه لن ذلك نادر ،بل قالوا ل
يضر ،وإن كان من عادته خروج الريح من قبله .نعم إن تيقن خروج شيء من قبله انتقض
وضوؤه.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ولو نام ممكنًا وزالت إحدى أليـيه أو سقط ذراعه على الرض فله أربع حالت :فإن كان ذلك قبل
انتباهه يقينًا انتقض وضوؤه أو بعده أو معه أو شك فل .ولو شك هل كان متمكنًا أم ل فل نقض.
ول ينقض النعاس لنه أخف من النوم لن سبب النوم ريح تأتي من قبل الدماغ فتغطي القلب فإن
لم تصل إلى القلب بل غطت العين فقط كان نعاسًا .ومن علمات النوم الرؤيا ،ومن علمات
النعاس سماع كلم الحاضرين مع عدم فهمه ،فلو رأى رؤيا علم أن ذلك نوم ولو شك هل نام أو
نعس وأن الذي خطر بباله رؤيا ،أو حديث نفس فل نقض.
ي( وهو قبله ولو محل الجب .أو ذكرًا أشل ،وحلقة دبره من نفسه أو )و( ثالثها) :مس فرج آدم ّ
غيره ولو مع التوافق في الذكورة أو النوثة ،والمراد بفرج المرأة الشفران من أّولهما إلى
آخرهما ومن ذلك ما يظهر عند جلوسها على قدميها .والظاهر أن من ذلك ما يظهر عند
السترخاء المطلوب في الستنجاء ،ومثل ذلك ما يقطع في الختان منها حال اتصاله ولو بارزًا،
والمراد بحلقة الدبر ملتقى منفذه ،فما عدا ذلك كله ل نقض فيه بالمس فل نقض بمس النثيـين ول
بمس العانة )ببطن كف( وهي راحة مع أصابع ولو من يد شلء من غير حائل سواء كان الدمي
ذكرًا أو أنثى ،بلغ حد الشهوة أم ل ،عمدًا أو سهوًا ،طوعًا أو كرهًا ولو بل قصد ول فعل ،متص ً
ل
ل وكان بحيث يطلق عليه اسم الفرج ،ولو نبت على باطن الكف شعر كثير ل كان الفرج أو منفص ً
س القبل إن كان كل من الماس والممسوس واضحًا فالمر ل بل ينقض المس به ،ثم عند م ّ يعّد حائ ً
ل والممسوس واضحًا .وأما عكس هذه وهي أن يكون الماس س مشك ًواضح ،وكذا إن كان الما ّ
ل .فإن مس اللتين جميعًا فالمر ظاهر ،وإن مس إحداهما فإن كان مثل واضحًا والممسوس مشك ً
س ذكورةما له مع فقد المحرمية والصغر انتقض الوضوء جزمًا ،لن الممسوس إن كان مثل الما ّ
أو أنوثة فقد حصل مس وإن لم يكن مثله فقد لمس ،وإن كان غير ما له أو مثله مع المحرمية أو
الصغر فل نقض لحتمال توافقهما في الذكورة أو النوثة في الولى ولوجود المحرمية أو
ل فل بّد من مس اللتين جميعًا لنهماالصغر في الثانية .وإن كان كل من الماس والممسوس مشك ً
س آلة النساء ،أو متخالفين فهو مس ولمس،
إن كانا ذكرين فقد مس آلة الذكور أو أنثيـين فقد م ّ
ولو تعدد القبل من الواضح فعلى التفصيل المتقدم في خروج الخارج .ولو نبتت له أصبع زائدة
فإن كانت على سمت الصلية نقض باطنها دون ظاهرها وإن كانت ببطن الكف ،فإن سامتت
فكذلك ،وإن لم تسامت نقض باطنها وظاهرها :كسلعة في بطن الكف ،وإن كانت بظهر الكف ل
ينقض ظاهرها ول باطنها .وكذا لو كانت بحرف الراحة ولم تكن على سمت الصلية وخرج
ببطن الكف رؤوس الصابع وما بـينها وحروفها وحروف الراحة فل نقض بذلك .وخرج بفرج
الدمي فرج البهيمة والطير فل نقض بمسه :نعم الجني كالدمي.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
تنبـيه :ضابط ما ينقض المس به :هو ما يستتر عند وضع إحدى الراحتين على الخرى مع
تحامل يسير .هذا بالنسبة لغير البهامين .أما بالنسبة لهما فهو ما يستتر عند وضع بطن أحدهما
على بطن الخر بحيث تكون رأس أحدهما عند أصل الخر مع تحامل يسير.
)و( رابعها :اللمس وهو )تلقي بشرتي ذكر وأنثى( ولو كان الذكر خصيًا ،أو عنينًا ،أو ممسوحًا،
أو كان أحدهما ميتًا لكن ل ينتقض وضوء الميت سواء كان التلقي عمدًا أو سهوًا بشهوة أو
ل .أصلي أو زائد من أعضاء الوضوء أو غيرها ،ولو كانت النثى دونها ،بعضو سليم أو أش ّ
عجوزًا شوهاء ل تشتهى ،ول ينقض لمس العضو المبان .ولو قطع عضو من شخص والتصق
بآخر وحلته الحياة فله حكم من اتصل به ل إن انفصل عنه ،فلو قطعت يد رجل والتصقت بامرأة
وحلتها الحياة انتقض وضوء الرجل بلمسها وعكسه ،ولو قطعت المرأة جزأين فل نقض بلمس
أحدهما إل إذا كان يطلق عليه اسم امرأة بمجرد النظر إليه )بكبر( أي مع كبرهما يقينًا بأن بلغ كل
منهما حّد الشهوة لرباب الطباع السليمة .وإن انتفت الشهوة لهرم أو مرض لنه ما من ساقطة إل
ولها لقطة )ل( ينتقض الوضوء بتلقي بشرتيهما )مع محرمية( .
والحاصل أن اللمس ناقض بشروط خمسة :أحدها :أن يكون بـين مختلفين ذكورة وأنوثة فل نقض
بـين ذكرين ول بـين أنثيـين ول بـين أحدهما وخنثى لحتمال أن يكون مثله .ثانيها :أن يكون
بالبشرة وهي ظاهر الجلد ومثلها اللحم ،كلحم السنان واللسان ،وباطن العين ،وداخل النف
ن والظفر والعظم .ثالثها :أن يكون بدون حائل والفم ،فل نقض بالشعر وإن نبت على الفرج والس ّ
فل نقض مع الحائل ولو رقيقًا .رابعها :أن يبلغ كل منهما حّدا ُيشتهي فيه ،فلو بلغه أحدهما ولم
يبلغه الخر فل نقض .وخامسها :عدم المحرمية فل نقض بلمس المحارم .ومن خصوصيات نبـينا
عدم نقض وضوئه بلمس غير المحارم.
واعلم أن اللمس يفارق المس في سبعة أمور :أحدهما :أن اللمس ل يختص بعضو ،بخلف المس
ف .ثانيها :أنه ل بّد في اللمس من اختلف الجنس بخلف المس .ثالثها :أن فإنه يختص ببطن ك ّ
الفرج المبان ينقض مسه على ما تقدم بخلف العضو المبان ل ينقض لمسه .رابعها :أن اللمس
ينقض وضوء اللمس والملموس ،بخلف المس فإنه عند اتحاد الجنس ل ينقض إل وضوء
الماس .خامسها :أن مس فرج المحرم ناقض ،بخلف لمسها .سادسها :اشتراط بلوغ حد الشهوة
في اللمس دون المس .سابعها :أن اللمس ل بّد فيه من التعدد بخلف المس فإنه يحصل بمس فرج
نفسه.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
تتمة :من القواعد المقررة التي ينبني عليها كثير من الحكام الشرعية »استصحاب الصل
وطرح الشك وإبقاء ما كان على ما كان« .وقد أجمع العلماء على أن الشخص لو شك هل طلق
زوجته أو ل فإن الصل عدم الطلق فيجوز له وطؤها ،وأنه لو شك في امرأة هل تزّوجها أم ل،
فإن الصل عدم التزّوج بها فل يجوز له وطؤها )و( من ذلك أنه )ل يرتفع يقين وضوء أو حدث
ن ضده( فمن تيقن الطهر ثم شك هل أحدث أم ل فالصل عدم الحدث ،ومن تيقن الحدث ثم بظ ّ
شك هل تطهر أم ل فالصل عدم الطهر.
ل من غسل الرجلين في الوضوء جاز له خاتمة :ومن كان لبسًا للخفين وأراد المسح عليهما بد ً
ذلك بشروط أربعة :الّول :أن يبتدىء لبسهما بعد كمال الطهارة .الثاني :أن يكونا ساترين لمحل
الفرض وهو القدم بكعبـيه من سائر الجوانب ،ول يشترط الستر من العلى ،والمراد بالستر
الحيلولة وإن لم يمنع الرؤية فيكفي الشفاف .الثالث :أن يكونا مما يمكن تتابع المشي فيهما لترّدد
مسافر لحاجته عند النزول والسير وغيرهما مما جرت به العادة ولو كان لبسه مقعدًا ،وهذه
الشروط الثلثة ل بّد من وجودها عند ابتداء اللبس .الرابع :أن يكونا طاهرين وهذا الشرط يكفي
وجوده قبل الحدث ولو بعد اللبس .ومدة المسح ثلثة أيام بلياليها للمسافر سفر قصر ،ويوم وليلة
لغيره ،وابتداؤها من وقت الحدث بعد لبس الخفين.
ثم إن كان الحدث باختياره كاللمس والمس والنوم :فابتداء المدة من ابتداء الحدث :وإن كان
الحدث بغير اختياره :كالجنون ،والغماء ،والبول ،والغائط ،والريح ،كان ابتداء المدة من آخره.
والعبرة في ذلك بالشأن ،فما شأنه أن يكون بالختيار ،فالمدة من ابتدائه وإن حصل قهرًا .وما
شأنه أن يكون بغير اختيار فالمدة من انتهائه ،وإن حصل بغير قهر ،فإن مسح في سفر القصر ثم
زال السفر ،أو مسح في غير سفر القصر ثم سافر سفر قصر لم يكمل مدة سفر القصر في
الحالين .ويكفي القليل في المسح في محل الفرض بظاهر أعلى الخف كمسح الرأس حتى لو
وضع أصبعه المبتلة على ظاهر أعلى الخف ،ولم يمّرها أجزأه ،وكذا لو قطر عليه قطرة ماء.
ن مسح أعله وأسفله خطوطًا بأن يضع يده اليسرى تحت العقب ،واليمنى على ظهر ويس ّ
الصابع ،ثم يمّر اليمنى إلى آخر ساقه واليسرى إلى أطراف الصابع من تحت مفرجًا بـين
أصابع يديه .فاستيعابه بالمسح خلف الولى ،ويكره تكراره وغسل الخف .ويبطل حكم المسح
على الخف بواحد من ثلثة أشياء .الّول :ظهور شيء مما ستر به من رجل أو لفافة أو غيرهما.
الثاني :انقضاء المدة المحدودة المتقدم ذكرها .الثالث :عروض ما يوجب الغسل من جنابة :أو
حيض ،أو نفاس ،أو ولدة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والثانية :أي الطهارة لجل حدث أكبر وهو المقصد الثاني من مقاصد الطهارة )الغسل( وحقيقته
شرعًا سيلن الماء على جميع البدن بنية ولو مندوبة كما في غسل الميت ،وهو نوعان :فرض،
وسنة ،فالفرض )موجبه( أي أسبابه ثلثة :أحدها :جنابة وهي إما )خروج منيه( من طريقه
المعتاد ،وإن لم يكن مستحكمًا أو من صلب الرجل وترائب المرأة .والمعتاد منسّد إن كان
ي بتدفقه أو لذة وقت خروجه أو ريح عجين أو طلع مستحكمًا :أي خارجًا ل لعلة ،ويعرف المن ّ
نخل إذا كان رطبًا أو ريح بـياض بـيض إذا كان المني جافًا ،فإن فقدت هذه الصفات فل غسل
ي ،فإن احتمل كون الخارج منيًا أو غيره كودي أو مذي تخير بـينهما لن الخارج حينئذ ليس بمن ّ
على المعتمد ،فإن اختار كونه منيًا اغتسل ،وإن اختار كونه غير مني توضأ ،وغسل ما أصابه
ن له اختيار الخر كان له الرجوع عن اختيار الول ولو بعد أن فعل منه ،ولو اختار أحدهما ثم ع ّ
مقتضاه ،ول يعيد ما فعله بالول ،ولو رأى في فراشه أو ثوبه ولو بظاهره منيًا ل يحتمل كونه
ن إعادة كل صلة احتمل من غيره لزمه الغسل وإعادة كل صلة ل يحتمل خلّوها عنه ،ويس ّ
س بنزول المني فأمسك ذكره فلم يخرج منه شيء فل غسل عليه) .و( إما خلّوها عنه ،ولو أح ّ
ل أو دبرًا ولو من ميت أو بهيمة )دخول حشفة( من ذكر أصلي أو قدرها منه من فاقدها )فرجًا( قب ً
ف خرقة على الذكر ل وغير منتشر وبحائل كل ّ مع إكراه أو نوم أو نسيان وبل إنزال ،ومن ذكر أش ّ
ولو غليظة فلو غيب بعض الحشفة لم يجب الغسل على المولج ول على الخر ،نعم يندب) .و(
ثانيها )حيض( والمعتبر فيه وفيما يأتي انقطاعه مع القيام إلى الصلة ونحوها .وأقل زمن الحيض
ل معهودًا في الحيض .والساعة مقدار يوم وليلة وهو أربع وعشرون ساعة فلكية متصلة اتصا ً
خمس عشرة درجة .والدرجة أربع دقائق .والدقيقة مقدار سورة الخلص مرة ،وقيل ثلث
مرات .وأكثره خمسة عشر يومًا بلياليها وإن لم يتصل) ،و( ثالثها )نفاس( لكونه دم حيض
مجتمعًا .وأقله زمن يسير ولو قدر ما يسع مجة بعد انفصال الولد .وأكثره ستون يومًا .وغالبه
أربعون يومًا اعتبارًا بالوجود في الجميع.
ومن موجب الغسل تحير المستحاضة .وولدة ولو لعلقة ومضغة لن الغسل يجب بخروج الماء
الذي يخلق منه الولد ،فبخروج الولد أولى .والمسنون كثير منه غسل الجمعة ،والستسقاء،
والكسوف للشمس ،والخسوف للقمر لمن أراد حضور صلتها في الربعة ،وغسل العيد ،وغسل
الكافر إذا أسلم ،والغسل من غسل الميت ،والغسل من الحجامة ،والغسل عند إرادة الخروج من
الحمام ،والولى أن يكون بماء معتدل بـين الحرارة والبرودة ،والغسل من نتف البط ،ومن إزالة
ن ،وللحرام بالحج أو العانة ،ومن حلق الرأس ،ومن الغماء ،ومثله الجنون ،ومن البلوغ بالس ّ
العمرة ،ولدخول الحرم ،ولدخول مكة ،وللوقوف بعرفة ،وللمبـيت بمزدلفة ،وللوقوف بالمشعر
الحرام غداة النحر إن لم يكن اغتسل للوقوف بعرفة .وإل كفى عنها ،ولرمي الجمار في كل يوم
من أيام التشريق الثلثة ،ولتغير البدن ،ولحضور كل مجمع من مجامع الخير ،وللعتكاف،
ولدخول المدينة المشرفة ،ولكل ليلة من رمضان ،وعند سيلن الوادي وآكد هذه الغسال غسل
ل مسنونًا نوى به السبب :كأن ينوي الغسل الجمعة ،ثم غسل غاسل الميت .ومن أراد غس ً
ل إل غسل الفاقة من الجنون أو الغماء فإنه ينوي رفع الجنابة ،ول المسنون للجمعة أو للعيد مث ً
فرق في ذلك بـين البالغ وغيره على المعتمد.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وفروضه( أي الغسل شيئان :أولهما )نية أداء فرض الغسل( أو أداء الغسل أو فرض الغسل ،أو
الغسل المفروض ،أو الواجب ،أو الطهارة للصلة ،أو الغسل لها ،أو نية رفع جنابة إن كان جنبًا،
أو رفع حدث الحيض إن كانت المرأة المغتسلة حائضًا .أما نية الغسل المسنون فقد تقدم )مقرونة
بأّوله( أي الغسل ،وأول فرض هنا هو أول مغسول من بدنه سواء أكان أعلى أم أسفل لعدم
الترتيب فيه ،فلو نوى بعد غسل جزء وجب إعادة غسله :وإذا اقترنت بأول مفروض فل يحصل
له شيء من السنن السابقة) .و( ثانيهما )تعميم( ظاهر )بدن حتى ما تحت قلفة( من القلف وحتى
باطن الشعر ولو كثيفًا ،ويجب له نقض الضفائر والعقائص إن لم يصل الماء إلى الباطن إل
بالنقض )بماء ويكفي ظن عمومه( ثم الغتسال عن الحدث الكبر إما بالنغماس ،أو بالصب ،أو
بالغتراف من الماء فإن كان بالنغماس فالمر ظاهر ،وإن كان بالصب فيبقي للمغتسل مراعاة
محل الستنجاء لنه ربما ل يصل إليه ماء الصب :فينبغي عليه الحدث الكبر فيحتاج إلى غسله
ل ففيه كلفة،ف على يده خرقة مث ً آخرًا .فإن مسه ببطن كفه من غير حائل انتقض وضوؤه ،وإن ل ّ
ب الماء على المحل والمخلص من ذلك أنه بعد فراغ الستنجاء ينوي رفع الحدث الكبر مع ص ّ
وهذه المسألة تسمى الدقيقة .لكن إذا أطلق النية فإن الحدث الكبر يرتفع عن محل الستنجاء وعن
باطن كف المغتسل لملقاة ذلك للماء حال النية :ويرتفع الحدث الصغر عن باطن الكف في
س حلقة الدبر فيحتاج
ضمن ارتفاع الحدث الكبر .ثم يعود الحدث الصغر على باطن الكف بم ّ
المغتسل إلى إفاضة الماء على بطن كفه بنية رفع الحدث الصغر عنه بعد رفع حدث وجهه،
وإنما قلنا بعد رفع حدث وجهه لوجوب الترتيب في الحدث الصغر ،إذا لم يكن ارتفاعه في
ضمن الكبر ،وحدث الكف في هذه الحالة ليس في ضمن الكبر فيراعى فيه الترتيب ،والمسلم
من هذه الورطة أن يقيد النية بأن يقول :نويت رفع الحدث الكبر عن محل الستنجاء بخصوصه،
ثم يأتي بنية أخرى لباقي بدنه وهذه تسمى دقيقة الدقيقة فمجموع المسألتين يسمى الدقيقة ودقيقة
الدقيقة .وإن كان يغتسل بالغتراف من الماء فإن كان يغترف من ماء كثير فالمر ظاهر ،وإن
كان يغترف من ماء قليل فإن وضع يده في الماء بنية رفع الحدث الكبر ارتفع حدث يده في الماء
ل ،فالمخلص أنه ينوي الغتراف من هذا الماء ليغسل به خارج الناء .ومحل نية وصار مستعم ً
الغتراف بعد نية رفع الحدث وقبل مماسة يده للماء لكن يكون مستحضرًا للنيتين عند مماسة يده
للماء لتحصل المقارنة ،ولو غرف من الماء القليل ل بقصد رفع الحدث ،ثم لما أخرج يده من
الناء غسلها بنية رفع الحدث بالماء الذي أخذه صار الحدث مرفوعًا عنها فل يضر غمسها في
الماء بعد ذلك ،ولو كان في يده إناء فارغ يغترف به من الماء القليل ويغسل بما فيه خارج الناء
من غير مماسة يده للماء فل يضر ،ومسألة الدقيقة ودقيقة الدقيقة تأتي في الغتسال بالغتراف
أيضًا ،ومسألة نية الغتراف تأتي في الوضوء أيضًا إذا كان يتوضأ بالغتراف من ماء قليل لكن
محلهما في الوضوء بعد غسل الوجه الغسلة الولى إن أراد القتصار عليها أو الغسلت الثلث
إن أراد استيفاءها أو أطلق نظرًا لطلبها شرعًا وقبل غسل اليدين.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن( للغسل مطلقًا )تسمية( أوله لكن من به حدث أكبر يقولها بقصد الذكر أو يطلق فإن قصد )وس ّ
القراءة وحدها أو مع الذكر أو قصد واحدًا ل بعينه حرم) .و( مضمضة واستنشاق أوله كالوضوء
ل قبل الغسل )فتعهد معاطف( وبعدهما )إزالة قذر( طاهرًا أو نجسًا )فـ( ـبعد إزالته )وضوء( كام ً
كالذنين وطبقات البطن والموق وتحت المقبل من النف وتحت الظفار إذا وصل الماء إلى ذلك
بدونه وإل وجب .وتخليل الشعر والصابع قبل إفاضة الماء لنه أبعد عن السراف) .ودلك(
ل للنظافة) .وتثليث( في واجبه وسننه.لجميع بدنه خروجًا من خلف من أوجبه وتحصي ً
)واستقبال( للقبلة وأن يكون في محل ل يناله فيه رشاش الماء) .وجاز تكشف له( أي الغسل )في
خلوة( قال ابن حجر في فتح الجواد :ويسن ستر عورته إن لم يكن ثم من يحرم نظره إليها وإل
وجب انتهى .وذكر بعضهم أنه يحرم كشف العورة بحضرة من يحرم عليه النظر ولو غض
بصره ول يكفي قوله لهم :غضوا أبصاركم .نعم إن ضاق الوقت وكانت الصلة ل بدل لها
ض البصر.ل جاز ولزم الحاضرين غ ّ واضطر إلى كشف عورته لقضاء الحاجة مث ً
والكمل في كيفية الغسل أن يسمي ال أّول ثم يتمضمض ويستنشق ثم يزيل ما على جسده من
ي ثم الوضوء ثم يتعهد معاطفه ثم يفيض الماء على رأسه ثلثًا مع التخليل والدلك في كل قذر كمن ّ
مرة ثم شقه اليمن مقدمًا ومؤخرًا كذلك ،ثم اليسر مقدمًا ومؤخرًا كذلك ،ولو أفاض الماء على
بدنه جميعه مرة مع التخليل والدلك ثم ثانية ثم ثالثة كذلك حصل له أصل الكمال ،ولو غسل رأسه
مرة مع التخليل والدلك ثم شقه اليمن مقدمًا ومؤخرًا كذلك ثم شقه اليسر مقدمًا ومؤخرًا كذلك ثم
ثانية ثم ثالثة حصل له أصل الكمال أيضًا ،ولو انغمس في الماء ثلثًا مع التخليل والدلك في كل
مرة حصل له أصل الكمال أيضًا .لكن ل بّد من رفع القدمين في كل مرة عن مقّرهما ليحصل
التثليث إلى باطنهما ،والكيفية الولى أفضل من هذا جميعه.
ولو اجتمع على الشخص أغسال من نوع واحد بأن كانت كلها واجبة أوكلها مسنونة كفاه نية
واحدة منها فيحصل الباقي وإن لم ينوه إل إذا كانا واجبـين جعليـين كالمنذورين أو جعليًا وشرعيًا
فل بّد من نية كل واحد منهما ،وإن اختلف النوع كفرض ونفل فإن نوى الجميع حصل ،وإن نوى
أحد النوعين حصل فقط دون غيره ،ومن كان عليه الحدث الكبر والحدث الصغر كفاه نية رفع
ن له أل يزيل شيئًا من بدنه ولو دمًاالحدث الكبر ويرتفع الصغر في ضمنه ،ومن لزمه غسل يس ّ
أو شعرًا أو ظفرًا حتى يغتسل لن كل جزء يعود له في الخرة فلو أزاله قبل الغسل عاد عليه
الحدث الكبر تبكيتًا للشخص.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ثم الحدث :إما أصغر وهو كل ما أوجب الوضوء ،وإما متوسط وهو الجنابة والولدة ،وإما أكبر
وهو الحيض والنفاس ويحرم بكل منها أشياء .فالذي يحرم بالحدث الصغر خمسة أشياء :أولها:
الصلة بأنواعها ،وكذا سجدة التلوة والشكر ،نعم يجوز صلة الفرض لفاقد الطهورين لحرمة
الوقت ويعيد إذا وجد أحدهما لكن إذا وجد التراب بعد الوقت ل يعيد به إل بمحل يسقط فيه
الفرض بالتيمم ،وأما إذا وجده في الوقت فيعيد به مطلقًا لكن إذا كان في محل يغلب فيه وجود
الماء تلزمه العادة ثالثًا إذا وجد الماء أو التراب بمحل يغلب فيه فقد الماء ،أو يستوي المران
وحينئذ يتصور له فعل الفرض أربع مرات بأن يصلي أّول لحرمة الوقت ثم بالتراب في الوقت
بمحل يغلب فيه وجود الماء ثم بالماء أو التراب في محل يغلب فيه الفقد أو يستوي المران ثم
يعيد تلك الصلة جماعة ،وظاهر هذا أن فاقد الطهورين له أن يصلي أول الوقت وهو كذلك إن
أيس من وجود أحدهما فيه .وثانيها :الطواف بأنواعه وإن لم يكن في ضمنه نسك .وثالثها :خطبة
الجمعة أي أركانها .ورابعها :مس المصحف ولو بحائل ثخين حيث عّد ماسًا له عرفًا ،والمراد
بالمصحف كل ما كتب فيه شيء من القرآن بقصد الدراسة كلوح أو عمود ،أو جدار كتب عليه
شيء من القرآن للدراسة فيحرم مسه مع الحدث حينئذ سواء في ذلك القدر المشغول بالنقوش
وغيره كالهامش ،وما بـين السطور ويحرم أيضًا مس جلده المتصل به وكذا المنفصل عنه ما لم
تنقطع نسبته عنه ،كأن جعل جلد كتاب وإل فل ،ولو كان فيه ما يدل على أنه كان جلد مصحف
كأن كان مكتوبًا عليه} :ل يمسه إل المطهرون{ )) (56الواقعة :الية (79وما دام لم تنقطع
نسبته عن المصحف ل يحل مسه مع الحدث ،وإن مرت عليه سنون.
ويحرم مس علقة اللوح إل القدر الذي جاوز العادة في الطول ،ويحرم مس كيس المصحف إذا
كان فيه المصحف وأعّد له وحده ولو زائدًا على حجمه ،فإن لم يكن فيه فل ،أوكان غير معّد له
وكان كبـيرًا عرفًا فل يحرم إل مس المحاذي له فقط ،وكذا لو كان معدًا له ولغيره ،ومن ذلك ما
لو جعل المصحف مع كتاب في جلد واحد ،فل يحرم إل مس المحاذي للمصحف دون غيره،
ومثل الكيس في هذا التفصيل الصندوق ،ومنه بـيت الربعة المعروف فيحرم مسه إن كان فيه
الجزاء أو بعضها ،وأما الكرسي فإن كان صغيرًا كالذي يكون في المكاتب وكان عليه المصحف
ي جزء منه فإن لم يكن عليه المصحف فل ،وإن كان كبـيرًا كالكرسي الذي يجلس حرم مس أ ّ
عليه فل يحرم ،ويستثنى من ذلك الصبـي المسلم المميز المحدث ،فإنه ل يمنع من مس مصحفه
أو لوحه ول من حمله مع الحدث ولو أكبر ،ولو كان حافظًا عن ظهر قلب وفرغت مدة حفظه،
وأفتى الحافظ ابن حجر بأن معلم الطفال الذين ل يستطيع أن يقيم بالوضوء أكثر من فريضة
يسامح له في مس ألواح الصبـيان مع الحدث لما في تكليفه الوضوء حينئذ من المشقة عليه لكن
س شيء منها ولو أعدت له لنها ل تعد ظرفًا له يتيمم .ولو كان المصحف في خزانة لم يحرم م ّ
عرفًا ،وخرج بالمصحف غيره ،وخرج بما كتب للدراسة ما كان لغير ذلك كالثياب والدراهم
والدنانير إذا كتب عليها شيء من القرآن فيحل مس ذلك وحمله مع الحدث ،وكذا التميمة كورقة
ل للتبرك فيجوز مسها وحملها مع الحدث ولو يكتب فيها شيء من القرآن وتعلق على الرأس مث ً
أكبر .والعبرة بقصد الكاتب لنفسه أو لغيره بغير أمر ول إجارة فإن كان يكتب للغير بأمر أو
إجارة فالعبرة بقصد المر أو المستأجر.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وخامسها :حمل المصحف لنه أبلغ من المس ،نعم يجب حمله مع الحدث لضرورة كخوف عليه
من غرق أو حرق أو نجاسة أو وقوعه في يد كافر ولم يتمكن من الطهارة ،فإن قدر على التيمم
وجب ،ولو تعارض إلقاؤه في قاذورة ووقوعه في يد كافر قدم الثاني لن أخذه غير محقق الهانة
للقاء المذكور .ولو خاف عليه الضياع ولم يتمكن من الطهر جاز حمله مع الحدث ولو بخلف ا ِ
ل ل يصلح حال تغّوطه ول يجب لعدم تحقق تلفه .ويحل حمله في متاع ولو كان ذلك المتاع قلي ً
للستتباع بشرط أن ل يعّد ماسًا له إن قصد المتاع وحده أو أطلق أو قصدهما معًا ،بخلف ما لو
قصد المصحف وحده أو قصد واحدًا ل بعينه ،ويحل حمله في تفسير سواء تميزت حروف القرآن
بلون أم ل إذا كان التفسير أكثر يقينًا ،بخلف ما لو كان القرآن أكثر أو تساويا أو شك في ذلك
فيحرم .ولو وضع يده على قرآن وتفسير فهو كالحمل في التفصيل بـين كون التفسير الذي تحت
يده أكثر أول فالعبرة بالموضع الذي وضع يده فيه ل بجملة التفسير .وأما الحمل فالعبرة فيه
بجملة التفسير ،والعبرة أيضًا بعدد حروف الرسم العثماني في القرآن ورسم الخط في التفسير ل
بعدد الكلمات ،ولو كان بهامش المصحف تفسير ففيه التفصيل المتقدم في الحمل ،أما ترجمة
المصحف المكتوبة تحت سطوره فل تعطي حكم التفسير بل تبقى للمصحف حرمة مسه وحمله
كما أفتى به السيد أحمد دحلن حتى قال بعضهم :إن كتابة ترجمة المصحف حرام مطلقًا سواء
كانت تحته أم ل فحينئذ ينبغي أن يكتب بعد المصحف تفسيره بالعربـية ثم يكتب ترجمة ذلك
التفسير.
والذي يحرم بالحدث المتوسط ثمانية أشياء :الخمسة المتقدمة على الوجه المتقدم فيها ،نعم قد
يجوز فعل صورة الصلة مع هذا الحدث كما قد يقع للشخص في بعض الحيان أنه ينام في مكان
فيه نساء أو أولد مرد ويحتلم ويخشى على نفسه من الوقوع في عرضه إذا اغتسل فهذا عذر
مبـيح للتيمم لنه أشق من الخوف على أخذ المال ،لكن قبل التيمم يغسل ما يمكنه غسله من بدنه
ويصلي ويعيد لن هذا مثل التيمم للبرد ،هذا إذا سهل له فعل ذلك وإل أتى بأفعال الصلة بغير
نية ول حرمة عليه .والسادس :قراءة شيء من القرآن ولو حرفًا حيث قصد أنه من القرآن كأن
قصد أن يتلفظ بالبسملة فأتى بالباء منها وسكت فيحرم من حيث إنه نوى المعصية وشرع فيها ل
من حيث أن الحرف الواحد يسمى قرآنًا.
وللحرمة شروط ستة :أن يكون بقصد القرآن وحده أو مع الذكر أو بقصد واحد ل بعينه ،بخلف
ما إذا قصد الذكر وحده أو أطلق فل حرمة ول فرق في ذلك بـين ما يوجد نظمه في غير القرآن
وما ل يوجد نظمه إل فيه .وأن يكون ما أتى به يسمى قرآنًا إل إذا نوى القراءة وشرع فيها فإنه
ل لتخرج قراءة الفاتحة في الصلة لفاقد يأثم بالحرف الواحد كما تقدم ،وأن تكون القراءة نف ً
الطهورين وآية خطبة الجمعة له وما لو نذر قراءة في وقت معين وأن يتلفظ بها ،فخرج ما إذا
أجرى القرآن على قلبه ،وإشارة الخرس المفهمة مثل التلفظ وأن يسمع نفسه حيث كان صحيح
السمع ول مانع من لغط ونحوه ،وإل فالمدار على كونه بحيث لو لم يكن مانع لسمع ،وأن يكون
مكلفًا.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
فائدة :عدد آيات القرآن العظيم ستة آلف وستمائة وست وستون آية ،ألف منها أمر ،وألف نهي،
وألف وعد ،وألف وعيد ،وألف قصص وأخبار ،وألف عبر وأمثال ،وخمسمائة لتبـيـين الحلل
والحرام ،ومائة لتبـيـين الناسخ والمنسوخ ،وستة وستون دعاء واستغفار وأذكار .والسابع المكث
في المسجد .والثامن التردد فيه ولو في هوائه وسرداب تحت أرضه أو في رحبته أو روشن
متصل به ،والمراد بالمسجد ما تحققت مسجديته أو ظنت بالستفاضة ولو مشاعًا وتصح التحية
في المشاع ل العتكاف على المعتمد ،ومحل الكتفاء بالستفاضة في المسجد إن لم يعلم أصله
فإن علم أصله كالمساجد المحدثة بحريم البحر أو بمنى أو بالقبور المسبلة للّدفن فيها لم يحرم
المكث فيه .نعم يجوز المكث في المسجد لضرورة كأن نام فيه فاحتلم وتعذر الخروج منه لخوف
عسس ونحوه لكن يلزمه التيمم إن وجد غير تراب المسجد ،أما إذا لم يجد إل ترابه فيحرم
ويصح ،والمراد بترابه الداخل في وقفتيه ،أما لو كانت أرضه مبلطة وجلب الريح فيها ترابًا أو
فوق حصره فل يحرم التيمم به ،وينبغي وجوب غسل ما يمكنه غسله من بدنه لن الميسور ل
يسقط بالمعسور ،ولو شك في التراب هل هو من المسجد أو جلبه الريح فالشبه الحل ،ومذهب
المام أحمد جواز المكث في المسجد للجنب بالوضوء لغير ضرورة فيجوز تقليده ،ويشترط في
الماكث والمتردد أن يكون مكلفًا غير النبـي ،أما غير المكلف فيجوز لوليه تمكينه من ذلك ،وأما
النبـي فيجوز له ذلك لكن لم يقع منه ،وخرج بالمكث والتردد العبور وهو الدخول من باب
والخروج من آخر من غير مكث ول ترّدد فل يحرم على الجنب ،فإن كان لحاجة كأن كان
المسجد أقرب طريقيه فل كراهة فيه ول خلف الولى ،وإن لم يكن لحاجة فهو خلف الولى،
وأما الحائض فإن خافت التلويث حرم عليها العبور ،وإن أمنته كان مكروهًا لغلظ حدثها ما لم
يكن لحاجة وإل فل كراهة ،وخرج بالمسجد المدارس والربط ومصلى العيد والموقوف غير
مسجد فل يحرم فيه ذلك ،نعم ان لّوثته الحائض حرم من حيث تنجس حق الغير.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والذي يحرم بالحدث الكبر ثلثة عشر شيئًا هذه الثمانية على الوجه المتقدم فيها .والتاسع :الوطء
ولو بحائل ثخين ولو بعد انقطاع الدم وقبل الغسل ،وهو كبـيرة من العامد العالم بالتحريم المختار
يكفر مستحله إذا كان قبل النقطاع وقبل بلوغ عشرة أيام وإل فل يكفر للخلف فيه حينئذ ،ومحل
الكفر بالستحلل أيضًا إن كان في بلد معلوم عندهم حرمة ذلك بالضرورة وإل فل كفر كبعض
البلد الذين يجهلون حرمة ذلك ،ومحل حرمته إذا لم يخف الزنا ،فإن خافه وتعين الوطء في
الحيض طريقًا لدفعه جاز لنه إذا تعارض على الشخص مفسدتان قدم أخفهما ولو تعارض عليه
الوطء في الحيض ،والستنماء بـيده فالذي يظهر أنه يقدم الستنماء فإن الوطء في الحيض متفق
على أنه كبـيرة ،بخلف الستنماء فإن بعض المذاهب يقول بجوازه عند هيجان الشهوة وهو عند
الشافعي صغيرة ،ويؤخذ من ذلك أنه لو تعارض عليه الزنا والستنماء بـيده قدم الستنماء لما
ذكر ،وكما يحرم الوطء في الحيض يحرم وطء حليلته في دبرها في الحيض وغيره ،ولو
تعارض عليه الزنا ووطء الحليلة في دبرها قدم الوطء في الدبر ،ولو تعارض عليه الوطء في
الدبر والستنماء بـيده قدم الستنماء .والعاشر :المباشرة فيما بـين سرة الحائض وركبتها ولو بل
شهوة لن ذلك قد يدعوه إلى الجماع ،وخرج بما بـين السرة والركبة باقي جسدها فل تحرم
مباشرته ،وكل ما منعناه من مباشرته نمنعها من أن تمسه به في شيء من بدنه فيجوز له أن
يلمس جميع بدنها إل ما بـين سرتها وركبتها ويجوز لها أن تلمس جميع بدنه بجميع بدنها إل ما
بـين سرتها وركبتها ويحرم عليه تمكينها من اللمس بذلك .والحادي عشر :الصوم بأنواعه ،ويجب
قضاء ما فاتها من رمضان زمن الحيض ،بخلف الصلة الفائتة زمنه ل يجب قضاؤها بل إذا
قضتها ل تنعقد ،والفرق بـين الصوم والصلة أن الصلة متكررة كل يوم فيشق قضاؤها بخلف
الصوم .والثاني عشر :طلق الحائض بشرط أن تكون موطوءة له تعتّد بالقراء بغير عوض منها
لتضررها حينئذ بطول المدة فإن زمن الحيض والنفاس لو طلقت فيه ل يحسب العدة ،فل تشرع
في العدة من حين الطلق بل بعد انقضاء الحيض أو النفاس ،والواجب كون الطلق في زمن
تشرع فيه في العدة بمجرد الطلق .والثالث عشر :الغسل أو التيمم إل في أغسال الحج أو التيمم
عنها ،وإذا انقطع الحيض والنفاس حل لها الغسل وحل طلقها وصومها ولو قبل الغسل ،وارتفع
ل إل بالغسل أو التيمم.
عنها سقوط الصلة ،وأما باقي محّرمات الحيض فل يح ّ
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
المقصد الثالث من مقاصد الطهارة :التيمم ،وحقيقته شرعًا إيصال التراب إلى الوجه واليدين على
وجه مخصوص بنية ،وسببه العجز عن استعمال الماء بسبب مرض أو فقد ،ثم اعلم أن العجز
عن استعمال الماء إما حسي كفقد الماء ،وضابطه تعذر استعماله ،وإما شرعي وهذا ل يتعذر
استعمال الماء ،لكن وجد للشخص عذر جّوز له الشارع بسببه العدول عن الماء إلى التيمم رحمة
من ال تعالى فإذا علمت ذلك فمتى كان العجز حسيًا تيمم وصلى ،فإن كانت الصلة بمحل يغلب
فيه وجود الماء وجبت العادة ،وإن كانت بمحل يندر فيه وجود الماء أو يستوي المران فل
إعادة ،فالعبرة بمكان الصلة ل بمكان التيمم كما أن العبرة بوقت فعل الصلة ل بجميع السنة،
ومتى كان العجز شرعيًا كالمرض ونحوه تيمم وصلى ول إعادة مطلقًا ،فشرط عدم العادة إخبار
الطبـيب العدل ولو عدل رواية بأن استعمال الماء يضره بسبب خوف حدوث مرض أو بطء برء
أو زيادة ألم أو شين فاحش في عضو ظاهر كنحول واستحشاف أو لحمة تزيد أو ثغرة تبقى
والعضو الظاهر الوجه واليدان ،ويكفي معرفة نفسه إذا كان عالمًا بالطب ،فإن لم يستند إلى شيء
من ذلك بل اعتمد على التجربة لزمته العادة ،وإذا تيقن الضرر لو استعمل الماء أو غلب على
ظنه ذلك حرم عليه استعمال الماء ووجب عليه التيمم ،وإن توهمه أو شك فيه جاز التيمم ول
يحرم استعمال الماء ،وقد يجتمع العذر الحسي والشرعي كما إذا حال بـينه وبـين الماء سبع أو
عّدو فإن ذلك فيه عجز حسي نظرًا للحيلولة بـينه وبـين الماء ،وعجز شرعي حيث إن الشارع
نهاه عن القدام على ما فيه ضرره ،وهذا ل إعادة فيه مطلقًا أيضًا على المعتمد نظرًا لجانب
الشرع.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل لغير الطهر به لنه ممنوع من ومن أفراد العجز الشرعي فقط ما إذا لم يجد إل ماء مسب ً
استعماله شرعًا ،فإذا علم أن مسبله عمم النتفاع به مطلقًا استعمله في الطهارة ول يجوز التيمم،
فإن شك في ذلك حكم العرف والقرائن ،ول يجوز نقل الماء المسبل للشرب من محله إلى محل
ل إل إذا علم أو قامت قرينة على أن مسبله يسمح بذلك ،ومثل آخر :كأن يأخذه للشرب في بـيته مث ً
ذلك ما إذا أباح له غيره طعامًا ليأكله ل يجوز أن يحمل منه شيئًا ول أن يطعم غيره إل إذا علم أن
مبـيح الطعام يسمح بذلك ،فإن شك حكم العرف والقرينة ،وإذا وجد الماء يباع بثمن مثله وهو
عاجز عنه أو يحتاجه للمؤنة أو وجده ل يباع إل بأكثر من ثمن مثله أو لم يجد ما يستقي به من
دلو أو حبل تيمم لجل ذلك كله ول إعادة ،ولو علم ذو النوبة من مزدحمين على بئر أو نحوه أن
النوبة ل تنتهي إليه إل بعد خروج الوقت ولم يجد ماء آخر صلى بالتيمم في الوقت ول إعادة
عليه ،ومثل الماء في هذا سترة الصلة ،ولو كان معه ماء لكن يحتاج إليه لعطش حيوان محترم
ولو لغيره أو يحتاج ثمنه لنفقة ذلك الحيوان أو كان الخبز الموجود ل يمكن أكله إل إذا بلّ بالماء
والماء الموجود معه ل يكفي لذلك وللطهارة ولم يقدر على غير هذا الماء وجب عليه التيمم صونًا
للروح أو غيرها عن التلف ،ويحرم عليه الوضوء به حينئذ ،ومن ذلك ما إذا كان في قافلة الحاج
وكانوا بموضع ل ماء فيه ،فمن كان معه ماء يحرم عليه الوضوء به بل يتيمم لن قافلة الحاج ل
تخلو عن عطشان وإن لم يعلم به ،وموضوع هذه المسائل أنه يخاف من استعمال الماء ضررًا،
ول بّد أن يعتمد في خوف ذلك قول الطبـيب العدل كما تقدم هذا إن وجد الطبـيب حاضرًا وإل
فليس من محاسن الشريعة منعه من الشرب حتى يوجد الطبـيب .ومن أفراد اجتماع المرين ما
إذا خاف راكب السفينة الغرق لو توضأ من البحر فيتيمم ويصلي ول إعادة مطلقًا ولو كان معه
ماء ل يحتاج إليه للعطش لكن ل يكفيه لطهارته وجب عليه استعماله في الطهارة ثم تمم طهارته
بالتيمم.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وفروض التيمم سبعة :الّول :النية المقرونة بنقل التراب وبأّول مسح جزء من الوجه :كأن ينوي
استباحة الصلة أو نحوها مما يفتقر إلى طهارة عن الحدث :كطواف وحمل مصحف وسجود
تلوة .ثم إن المراتب ثلثة :المرتبة الولى :فرض الصلة ،وفرض الطواف وخطبة الجمعة
والمنذور من الصلة أو الطواف .المرتبة الثانية :نفل الصلة وصلة الجنازة .المرتبة الثالثة:
س المصحف وحمله وسجود التلوة والشكر والمكث في المسجد والترّدد فيه والعتكاف وقراءة م ّ
شيء من القرآن بالنسبة لمن به حدث أكبر في الربعة الخيرة وتمكين الحليل بالنسبة للحيض
والنفاس ،فإن نوى استباحة واحد من المرتبة الولى :كأن قال نويت استباحة فرض الصلة أبـيح
ل عنه فله أن يفعل بهذا التيمم :إما فرض الصلة ،وإما له ما نواه أو غيره مما في مرتبته بد ً
فرض الطواف ،وإما المنذور منهما ،وإما خطبة الجمعة ،ويباح له بهذا التيمم جميع ما في
المرتبة الثانية والثالثة ،وليس له أن يجمع بـين اثنين من المرتبة الولى بتيمم واحد لن التيمم
الواحد ل يجمع بـين فرضين ،فإذا صلى به فرضًا ثم أراد أن يصلي فرضًا آخر وجب عليه أن
يعيد التيمم لجله .نعم لو نذر الوتر أو الضحى كفاه تيمم واحد ،وإن كان يصلي أكمل الوتر وهو
إحدى عشرة ركعة ،أو أكمل الضحى وهو ثمان ،وإن كان يسلم من كل ركعتين لن الجميع صلة
ل وإل وجب التيمم بعدده ،ولو نذر التراويح وجب واحدة ما لم ينذر السلم من كل ركعتين مث ً
عشر تيممات لوجوب السلم من كل ركعتين فلم تكن كصلة واحدة من هذه الحيثية ،وله أن يفعل
بالتيمم الواحد من المرتبة الثانية والثالثة ما شاء ،ولو نوى استباحة شيء مما في المرتبة الثانية
أبـيح له جميع ما فيها وجميع ما في المرتبة الثالثة ،ول يباح له بهذا التيمم شيء مما في المرتبة
الولى ،ولو نوى استباحة شيء مما في المرتبة الثالثة أبـيح له جميع ما فيها بهذا التيمم ول يباح
له به شيء مما في المرتبة الولى أو الثانية.
الركن الثاني :مسح الوجه حتى ظاهر ما استرسل من لحية ولو خفيفة ،والمقبل من أنفه على
شفتيه ،ول يجب إيصال التراب إلى باطن اللحية الحفيفة لعسر ذلك.
الركن الثالث :مسح اليدين مع المرفقين ،ويجب إيصال التراب إلى ما تحت الظفار .والكمل في
مسح اليدين أن يضع بطون أصابع اليسرى سوى البهام تحت أطراف أنامل اليمنى بحيث ل
تخرج أنامل اليمنى عن مسبحة اليسرى ول أنامل اليسرى عن مسبحة اليمنى ،ويمّرها على ظهر
كفه اليمنى ،فإذا بلغ الكوع وهو رأس الزند مما يلي البهام ضم أطراف أصابعه إلى حرف
الذراع فيمّرها عليه ثم يمسح بطن الذراع ببطن الكف رافعًا إبهامه ،فإذا بلغ الكوع أمّر بطن إبهام
اليسرى على ظهر إبهام اليمنى ثم يفعل باليسرى كذلك ثم يمسح إحدى الراحتين بالخرى ،وإذا
ن نزعه في الولى ليكون مسح الوجه بجميع اليدين ،ويجب نزعه في كان في أصبعه خاتم س ّ
الثانية ليصل التراب إلى محله ،ول يكفي تحريكه بخلفه في الطهر بالماء لن التراب ل يدخل
تحته بخلف الماء.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل عن الركن الرابع :الترتيب بـين الوجه واليدين بأن يبدأ بالوجه ثم اليدين ولو كان التيمم بد ً
الغسل.
الركن الخامس :نقل التراب ولو من الهواء أو من فوق ظهر كلب إذا كان الغبار طهورًا ،ول
رطوبة بأحد الجانبـين ،ول يشترط الترتيب في النقل ،فلو نقل ترابًا أّول بقصد اليدين :كأن نقله
بخرقة ولم يمسح به ،ثم نقل ثانيًا بقصد الوجه ومسح به وجهه .ثم مسح يده بتراب النقلة الولى
كفى.
الركن السادس :التراب الطهور الذي له غبار فل يصح التيمم بالتراب المتنجس ول بالمستعمل
ول بما ل غبار له ،وكذا إذا خالطه شيء يمنع من وصوله إلى العضو كرمل أو دقيق أو نحو ذلك
ودخل في التراب العفر والصفر والحمر والبـيض ،وخرج بالتراب النورة والزرنيخ وسحاقة
الخزف ونحو ذلك فل يكفي.
الركن السابع :قصد التراب للنقل منه .وشروط التيمم :تعدد النقل ،وكون التراب طهورًا ،وكونه
غير مخلوط بما يمنع وصول الغبار إلى العضو الممسوح ،والبحث على الماء ولو بمأذونه في
الوقت إل المريض ومتيقن الفقد ،والسلم إل في كتابـية تيممت من نحو حيض لتحل لحليلها،
ل عن أغسال الحج ،وعدم الحائل بـين التراب والتميـيز وعدم نحو حيض كنفاس إل في التيمم بد ً
والعضو الممسوح ،وتقدم إزالة النجاسة عن بدنه فل يصح التيمم مع وجودها كما قاله الرملي .
وقال ابن حجر بصحته ،ومن ثمرات الخلف أن القلف إذا مات وتعذر غسل ما تحت القلفة
وكان ما تحتها متنجسًا .قال الرملي :يدفن بل صلة عليه ول يـيمم عما تحت القلفة لنجاسته .وقال
ابن حجر :يـيمم عما تحت القلفة ويصلى عليه .والعلم بدخول الوقت ولو بالجتهاد ،وكون نقل
التراب في الوقت ،وإذا دخل وقت الصلة ولم يجد أحد الطهورين :الماء والتراب صلى الفرض
فاقد الطهورين لحرمة الوقت ثم أعادها عند وجود أحدهما ،لكن إذا كان يرجو وجود أحدهما في
الوقت ل يصلي حتى يـيأس أو يضيق الوقت ،وإن كان ل يرجو أحدهما في الوقت صلى ولو في
أّول الوقت ،وإذا شق استعمال الماء في عضو ولم يكن على موضع العلة جبـيرة وجب أمران:
غسل الصحيح ،والتيمم عن الجريح ،ول إعادة إن كان مستندًا في ذلك لقول الطبـيب العدل ،فإذا
كان على موضع العلة جبـيرة فإن أمكنه نزعها بل مشقة وتطهير ما تحتها وجب ذلك ،فإن لم
ل فل يجب نزعها إل ينزعها لم تصح طهارته ول صلته .نعم إن لم تأخذ من الصحيح شيئًا أص ً
إذا كانت في أعضاء التيمم ،فإن شق عليه نزعها وكانت أخذت من الصحيح شيئًا وجب ثلثة
ل عما أخذته من أمور :غسل الصحيح ،والتيمم عن الجريح ،والمسح على الجبـيرة بالماء بد ً
الصحيح فإن لم تأخذ من الصحيح شيئًا ،فل يجب إل أمران :غسل الصحيح ،والتيمم عن الجريح.
ول يجب المسح عليها بالماء لن مسحها بالماء يكون عوضًا عما أخذته من الصحيح ،وهي لم
تأخذ من الصحيح شيئًا ،ثم إن كانت الجبـيرة في أعضاء التيمم وجبت العادة مطلقًا ،وإن كانت
في غيرها ،فإن أخذت من الصحيح زيادة على قدر الستمساك فكذلك ،وإن أخذت من الصحيح
بقدر الستمساك فقط ،فإن كان وضعها على حدث فكذلك ،وإن كان وضعها على طهر كامل من
ل سواء كانالحدثين فل تجب العادة ،وكذا ل تجب العادة إذا لم تأخذ من الصحيح شيئًا أص ً
وضعها على حدث أو على طهر.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وثانيها أي ثاني شروط الصلة )طهارة بدن( ولو داخل فمه أو أنفه أو عينه أو أذنه) .وملبوس(
ومقبوض له وإن لم يتحرك بحركته) .ومكان( يصلى فيه )عن نجس( ل يعفى عنه فل تصح
ل بوجوده أو ببطلنها به ،ولو رأينا في ثوب من يريد صلته مع شيء من ذلك وإن كان جاه ً
الصلة نجاسة ل يعلم بها وجب علينا إعلمه بها لن المر بالمعروف ل يتوقف على العصيان.
ومحل ذلك حيث كانت تمنع صحة الصلة عنده وعلمنا بذلك وإل فل لجواز كونه صلى مع علمه
بذلك لعدم اعتقاده البطلن معه في مذهبه.
وحقيقة النجاسة شرعًا مستقذر يمنع من صحة الصلة حيث ل مرخص ،ومن أفراد ذلك كل مائع
ن حيث تحققنا منها روثًا وبولً ومن ي )كروث وبول ولو من( ج ّ خرج من أحد السبـيلين إل المن ّ
طير )مأكول( أو مما ل نفس له سائله ،أو سمك وجراد .نعم إن كان الخارج حبًا متصلبًا بحيث لو
زرع لنبت فهو متنجس يطهر بالغسل ،ولو بال شخص في الماء الكثير فتطاير من الماء شيء
فأصاب قاضي الحاجة أو غيره أو ظهرت رغوة على وجه الماء فإن تحقق أن ذلك من البول
فنجس وإل فطاهر هذا حاصل المعتمد ،ويعفى عما في جوف السمك الصغير الذي يبتلع بّرمته
ويجوز بلعه بما في جوفه ،ولو قلي بما في جوفه فل ينجس الزيت ،ولو صنع للنحل كوارة من
روث البقر عفى عنها فيجوز الكل من عسلها ،ولو حلبت البهيمة المأكولة فأصاب لبنها وقت
الحلب شيء من بعرها أو بولها عفى عنه ،وكذا لو كان ضرعها متنجسًا بنجاسة تمّرغت فيها أو
وضعت على ثديها لمنع ولدها من شربها عفى عنه ،ولو وضع الناء وفيه اللبن لتسخينه بنار
نجسة فتطاير شيء منها في اللبن عفى عنه ،ولو سقى البطيخ أو نحوه بالنجس حتى نما جاز
أكله ،ولو بنى المسجد بالجر المعجون بالزبل أو فرشت أرض المسجد به عفى عنه ،فتجوز
الصلة عليه والمشي عليه ولو مع رطوبة الرجل.
فائدة :إذا فسد البـيض بحيث ل يصلح للتخلق فهو نجس ،وكذا بـيض الميتة وما عدا ذلك طاهر
مأكول ولو من حيوان غير مأكول كالحدأة والغراب والعقاب والبومة والتمساح والسلحفاة
ونحوها إل بـيض الحيات .وليس لنا شيء من الحيوانات يؤكل فرعه ول يؤكل أصله إل لبن
الدمي وبـيض ما ل يؤكل لحمه ،وعسل النحل ،والزباد يؤخذ من سنور بّري غير مأكول ومع
ذلك ل يمنع أكل الزباد ،ويجوز أكل قشر البـيض ولو من حيوان غير مأكول ،وإذا لم تفسد
ل أكلها سواء كان ذلك بل سبب أو البـيضة لكن اختلط بـياضها بصفارها وأنتنت فهي طاهرة يح ّ
بسبب حضن دجاجة لها أو وضعها في مكان وإرسال الدخان عليها ليخرج الفرخ عنها كقطعة
ل أكلها على الصحيح ولو مع الدود الذي تولد منها ما لم تضر ،ولو لحم أنتنت ودادت فإنه يح ّ
كسرت بـيضة حيوان مأكول ووجد في جوفها فرخ لم يكمل خلقه أو كمل خلقه ،لكن قبل نفخ
الروح فيه جاز أكله ،بخلف ما إذا كان بعد نفخ الروح وزالت حياته بغير ذكاة شرعية فإنه يكون
ميتة ،وأما إذا كانت البـيضة من حيوان غير مأكول ووجد في جوفها حيوان كامل أو غير كامل
فإنه غير مأكول .ولو صلقت البـيضة بالماء المتنجس تنجس ظاهرها فقط دون بـياضها
وصفارها.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ومذي( وهو ماء أبـيض رقيق يخرج بل شهوة قوية عند ثوران الشهوة ،ولو ابتلى بالمذي وكان
غسل الذكر منه قبل الجماع يفتر شهوته عفى عنه بالنسبة للجماع فقط )وودي( وهو ماء أبـيض
ص بالبالغين،
كدر ثخين يخرج عقب البول عند يبس الطبـيعة أو عند حمل شيء ثقيل فل يخت ّ
ص بهم لن خروجه ناشىء عن الشهوة .ورطوبة الفرج وهي ماء أبـيض بخلف المذي فيخت ّ
مترّدد بـين المذي والعرق على ثلثة أقسام :طاهرة قطعًا ،وهي الناشئة مما يظهر من المرأة عند
قعودها لقضاء حاجتها لكن لو طرأت عليها نجاسة تنجست .وطاهرة على الصح :وهي ما يصل
إليها ذكر المجامع .ونجسة :وهي ما وراء ذلك )ودم( بتخفيف الميم وتشديدها :أي سائل فخرج
الكبد والطحال وإن سحقا وصارا كالدم ولو سال من سمك وكبد وطحال .وأما الدم الباقي على
اللحم وعظامه وعروقه من المذكاة فنجس معفّو عنه وذلك إذا لم يختلط بشيء كما لو ذبحت شاة
وقطع لحمها فبقي عليه أثر من الدم وإن تلّون المرق بلونه ،بخلف ما لو اختلط بغيره كالماء كما
يفعل في البقر الذي تذبح في المحل المعّد لذبحها من صب الماء عليها لزالة الدم عنها فإن الباقي
ب الماء عليه ل يعفى عنه وإن قلّ لختلطه بأجنبـي ،ولو شك في من الدم على اللحم بعد ص ّ
الختلط وعدمه لم يضر لن الصل الطهارة.
ي متغير لونه أو ريحه.)وقيح( لكونه دمًا يستحيل إلى نتن وفساد ،ومثله ماء قرح ونفط وحدر ّ
)وقيء معدة( ولو بل تغير ،والمراد بذلك الراجع بعد الوصول إلى ما جاوز مخرج الحرف
الباطن وهو الحاء المهملة ،نعم لو رجع منه حب صحيح صلبته باقية بحيث لو زرع نبت كان
متنجسًا ل نجسًا ،وكذا لو ابتلع بـيضًا بقشره فتقيأه كما هو ،فإن كان بحيث لو حضن لفرخ فهو
متنجس يطهر بالغسل وإل فنجس .أما الخارج من الصدر أو الحلق كالنخامة والنازل من الدماغ
وهو البلغم فطاهران ،بخلف البلغم الصاعد من المعدة فإنه نجس ،ولو ابتلى شخص بالقيء عفى
عنه منه في الثوب وغيره وإن كثر ،والماء السائل من فم النائم نجس إن كان من المعدة :كأن
ك في أنه منها أول فإنه طاهر .نعم لو ابتلى به
خرج منتنًا بصفرة ل إن كان من غيرها أو ش ّ
ل خلّوة منه ،ومن النجاسات سم شخص عفى عنه ،والمراد بالبتلء به أن يكثر وجوده بحيث يق ّ
الحية والعقرب وسائر الهواّم .وتبطل الصلة بلسعة الحية لن سمها يظهر على محل اللسعة ل
ج فيه السّم والباطن ل يجببلسعة العقرب على الوجه لن إبرتها تغوص في باطن اللحم وتم ّ
غسله.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل مع شعرها وصوفها ووبرها وريشها )وميتة غير بشر وسمك وجراد( ولو نحو ذباب :كدود خ ّ
وعظمها وظلفها وظفرها وحافرها وسائر أجزائها ،ومن ذلك ثوب الثعبان بخلف نسج العنكبوت
فإنه من اللعاب .والمراد بالميتة شرعًا ما زالت حياته ل بذكاة شرعية فدخل فيها مذكى غير
المأكول ومذكى المأكول تذكية غير شرعية كذبـيحة المجوس ،وما ذبح بالعظم ونحوه وذبـيحة
المحرم إذا كان ما ذكاه صيدًا وحشيًا .أما المذكاة شرعًا فطاهرة ولو جنينًا في بطنها وصيدًا لم
تدرك ذكاته وبعيرًا نّد فذكاة الجنين بذكاة أّمه ،والصيد الميت بالضغطة ،والبعير الناّد بعقره لن
الشارع جعل ذلك ذكاتها .أما الدمي ولو كافرًا فطاهر ،ومثله الملك والجنى فإن ميتتهما طاهرة،
وأما ميتة السمك والجراد فللجماع على طهارتهما ولو كان السمك طافيًا بأن ظهر بعد الموت
على ظهر الماء وهو ما يؤكل من حيوان البحر وإن لم يسم سمكًا ،ويعفى عن الدود الميت في
ل والفاكهة ،ويجوز أكله معه لعسر تميـيزه ما لم يلقه فيه بعد خروجه منه ،ويعفى عن الجبن والخ ّ
السكر البـيض المعمول بعظم الميتة ،لكن قال بعضهم :يجب غسل الفم بعد أكله ولو انكسر
عظمه فجبره بعظم نجس ولو من مغلظ ولم يجد عظمًا طاهرًا صالحًا للجبر غيره أو خاف من
نزعه ضررًا يبـيح التيمم أو أكره على الجبر بهذا العظم عفى عنه ،فإن لم توجد هذه الشروط
وجب نزعه ما لم يكن قد مات وإل فل ينزع لئل تنتهك حرمته ،ولو تعارض عليه المغلظ وغيره
قدم غير المغلظ .نعم إذا قال أهل الخبرة .إن المغلظ أسرع في الجبر جاز تقديمه.
ل )مائع( خمرًا كان ،وهي التي قوى تغيرها حتى )ومسكر( أي شأنه السكار وإن كان قلي ً
صارت مسكرة ،أو مثلثة ،وهي التي أغليت على النار حتى ذهب ثلثاها .والخمرة هي المتخذة من
ماء العنب ،ومثلها في ذلك النبـيذ على المعتمد وهو المتخذ من ماء التمر أو الزبـيب ،وخرج
ل طهرت بالمائع غيره :كالحشيشة والبنج والفيون فإنه وإن أسكر طاهر ،وإذا انقلبت الخمر خ ً
بشرط أن يكون تخللها بل مصاحبة عين.
وحاصل ذلك :أنه إذا وقعت عين قبل التخلل وكانت تلك العين نجسة لم تطهر الخمر بالتحلل
سواء نزعت تلك العين منها قبل التخلل أو صاحبتها إلى التخلل ،وسواء تخلل من تلك العين شيء
في الخمر أم ل ،لن العين النجسة بمجرد ملقاتها للخمر تنجسها نجاسة غير نجاستها الصلية
لن النجس يقبل التنجيس ،فإن تخللت زالت النجاسة الصلية وبقيت النجاسة الطارئة ،وكذلك إذا
وقعت فيها عين طاهرة لكن تحلل منها في الخمر شيء كماء البصل ،أو صاحبت الخمر حتى
تخللت فإنها ل تطهر ،بخلف ما إذا وقعت فيها عين طاهرة ولم يتخلل منها شيء ونزعت قبل
التخلل ولم تهبط الخمر بنزعها عما كانت عليه حال حصول العين فيها فإن الخمر تطهر بالتخلل
ل وعكسه ما لم يحصل فيها ارتفاع وهبوط وإل تنجس ما حينئذ ،ول يضّر نقلها من شمس إلى ظ ّ
ن ثم يعود عليها بالتنجيس بعد التخلل لتصاله بها ،نعم لو غمر ذلك المرتفع بخمر فوقها من الد ّ
ن طهر ،ولو حصل الرتفاع والهبوط بغليانها بنفسها فل يضّر ،ولو قبل جفافه ثم تخلل ما في الد ّ
كان في الخمر دود أو شيء من بذر العنب الذي تساقط فيها وقت العصير عفى عنه ،وحيث
طهرت الخمرة طهر دنها تبعًا لها ،ول يضّر مصاحبة الماء للعنب لنه من ضرورياته.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
تنبـيه :الحلوي التي تشبه الفلوس وهي التي في طعمها شيء يلدغ اللسان نجسة ل يعفى عنها
ل منهما ومنيهما )ويعفى( في لنها معمولة من الخمر )وكلب( ولو معلمًا )وخنزير( وفرع ك ّ
ق وبعوض )وّدمل( وفصد وحجم وقروح وبواسير الثوب والبدن )عن دم نحو برغوث( كقمل وب ّ
ونحو ذلك )وإن كثر( الدم في ذلك ،ولو تفاحش في الصورة الولى على المعتمد مالم يختلط
بأجنبـي مطلقًا ،هذا إذا كان الكثير )بغير فعله( فل يعفى عن ذلك إذا كان بفعله :كأن قتل برغوثًا
في ثوبه أو عصر الّدمل ،ول يضّر فعل الفاعل في الفصد والحجم لنه لحاجة ومحل العفو عما
ل فل عفو إل عن القليل فيه دم البراغيث إن كان ملبوسًا ولو للتجمل ،فإن كان مفروشًا أو محمو ً
بالنسبة للصلة وما ألحق بها كالطواف وسجدة التلوة والشكر ودخول المسجد .وإن كان يحرم
إدخال النجاسة فيه.
ومما عمت البلوى حصول دم البراغيث في خرقة يضعها بعض الناس تحت عمامته صيانة لها
عن الوسخ فيعفى عنه وإن كثر .ومثل ذلك ما لو تخلل الصئبان في خياطة الثوب وإن فرضت
حياته ثم موته لعموم البلوى به مع مشقة فتق الخياطة لخراجه ،ولو اختلط دم البرغوث أو القملة
بجلدة نفسه وقت قتله عفى عنه ،بخلف ما إذا اختلط بجلدة أخرى فل يعفى عنه ،وقال بعضهم
بالعفو عن القليل من ذلك .وأما نفس قشرة البرغوث أو القملة أو البقة أو نحوها فنجسة غير معفّو
عنها ،فلو صلى بشيء من ذلك وإن لم يعلم به فصلته باطلة ،وبعضهم قال بالعفو إن لم يعلم به
وكان ممن ابتلى بذلك .ونقل عن العلمة الجفني والعلمة العزيزي أن الشخص لو وجد بعد فراغ
ي عمامته أو في غرز خياطة ثوبه ل إعادة ،وإن علم أنه كان موجودًا صلته قشر قمل في ط ّ
حال الصلة لنه ليس مكلفًا بالتفتيش في كل صلة وقال إن ذلك هو المعتمد ،ول يضر في العفو
عن هذه الدماء انتشارها بسبب ماء الوضوء أو الغسل المطلوب أو العرق أو ما تساقط من الماء
حال شربه أو من الطعام حال أكله أو بصاق في ثوبه أو ما على آلة نحو الفصد من ريق ودهن
ل به الشعر لجل سهولة حلقه ،بخلف ق الحتراز عنه كالماء الذي يب ّ ل ما يش ّ
ونحوهما ،وكذا ك ّ
الماء الذي تغسل به الرأس بعد الحلق فل يعفى عنه) .وقليل دم غيره( من غير نحو كلب ولو من
نفسه بأن عاد إليه بعد انفصاله عنه) .وحيض ورعاف( لوقوع القليل في محل المسامحة ،إذ جنس
الدم مما يتطّرق له العفو ،والقليل ما تعافاه الناس :أي عّدوه عفوًا.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل عرفًا عفى عنه بشرط أن ل يختلط وحاصل مسألة الدم تفصيل :فإن كان من نفسه وكان قلي ً
س الحاجة إليه ،فإن كان كثيرًا عرفًا عفى عنه بشرط أن ل يكون بفعل فاعل ،وأن بأجنبـي لم تم ّ
ل يختلط بأجنبـي ،وأن ل يجاوز محله ،وهو ما يغلب إليه السيلن من البدن وما يقابله من الثوب،
وأن ل ينتقل من المحل الذي استقر فيه عند خروجه .وإن كان من غيره عفى عنه بشروط :أن
ل ،وأن ل يعصى بالتضمخ به كأن تضمخ به لغير غرض ،وأن ل يكون من مغلظ ،وأن يكون قلي ً
ل يختلط بأجنبـي ،وهذا التفصيل إذا كان الدم يدركه الطرف ،فإن كان ل يدركه الطرف المعتدل
عفى عنه مطلقًا ولو من مغلظ ولو اختلط بأجنبـي ،والصديد وهو ماء رقيق مختلط بالدم قبل أن
ل إلى نتن وفساد.يغلظ .والقيح كالدم فيما ذكر لكونه دمًا مستحي ً
واعلم أن الفسيخ :وهو ما ملح من سمك وطبق بعضه على بعض نجس نجاسة العين ل يطهر
بالغسل لختلط أجزائه بصديد أجنبـي وذلك في غير الطبقة العليا ،أما هي فطاهرة وهذا إذا طبق
في إناء ،بخلف ما إذا جعل في أرض محفورة فإنه طاهر لن الصديد يغور في الرض وكذا إذا
ذبح السمك حال حياته وجعل فسيخا فإنه طاهر لن التذكية تزيل الدم ،أما إذا أفرد السمك عن
غيره فطاهر ،هذا حكم الصديد .وأما حكم الروث فيعفى عنه في السمك الصغير دون الكبـير فل
يجوز أكله إذا لم ينزع ما في جوفه لمتزاج لحمه بفضلته التي في باطنه بواسطة الملح ويستثنى
ل فإن ظرف الروث إذا انكسر ل يصل ذلك البطروخ فطاهر لن بـينه وبـين الفضلت حائ ً
الروث إلى البطروخ ووصل إلى اللحم وامتزج به وال أعلم.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ثم المعفّوات ثلثة أقسام :قسم يعفى عنه في الثوب والماء وهو ما ل يدركه الطرف .وقسم يعفى
عنه في الثوب دون الماء وهو قليل الدم لسهولة صون الماء عنه بخلف الثوب ،ومن هذا القسم
أثر الستنجاء بالحجر فيعفى عنه في الثوب والبدن حتى لو سال منه عرق وأصاب الثوب في
المحل المحاذي للفرج عفى عنه دون الماء .وقسم يعفى عنه في الماء دون الثوب مثل الميتة التي
ل دم لها سائل حتى لو حملها في الصلة بطلت ،ومن هذا القسم منفذ الحيوان غير الدمي فإنه إذا
كان عليه نجاسة ووقع في الماء أو المائع ل ينجسه ،ولو حمل في الصلة بطلت ،ومثل المنفذ
رجل الطائر وفمه إذا غلب النجس في مثل ذلك.
والمقصد الرابع :من مقاصد الطهارة إزالة النجاسة ،وإزالتها واجبة إل في النجاسة المعفو عنها،
وهي على الفور إن عصى بها :كأن تضمخ بها لغير حاجة ،ومن ذلك التضمخ بدم الضحية وما
يفعله العوام من تزويق البواب به حرام ،وتجب إزالته فورًا ،فإن لم يعص بها فهي على التراخي
إل عند إرادة القيام إلى الصلة أو نحوها مما تشترط له إزالة النجاسة أو عند خوف النتشار،
ويندب أن يعجل بإزالتها فيما عدا ذلك سواء فيما ذكر المغلظة وغيرها على المعتمد ،وخرج بغير
حاجة ما إذا كان التضمخ بها لحاجة :كأن بال ولم يجد شيئًا ينشف به فله تنشيف ذكره بـيده حتى
يجد الماء ،وكذا نزح بـيوت الخلية ونحوها مما يحتاج إليه.
ي واللبن من الحيوان المأكول ومن واعلم أن الفضلت قسمان :منها :ما يستحيل إلى صلح كالمن ّ
الدمي فطاهر ولو على لون الدم .ومنها :ما يستحيل إلى فساد كالبول والغائط والدم فنجس،
ويستثنى من ذلك فضلت نبـينا محمد ،وكذا فضلت سائر النبـياء عليهم الصلة والسلم.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ثم النجاسة على ثلثة أقسام :مخففة .ومتوسطة .ومغلظة :فالمخففة بول الصبـي الذي لم يبلغ
ل أو أكل غير اللبن على الحولين ولم يأكل غير اللبن على جهة التغذي بأن لم يأكل غير اللبن أص ً
ش الماء عليه بأن يغمر بالماء بغير سيلن ل ،فهذا القسم يطهر مصابه بر ّ
وجه التداوي مث ً
بشرطين :زوال عين النجاسة قبل رشه بحيث ل يبقى فيه رطوبة تنفصل ،وأن ل يختلط البول
بغيره وإل تعين الغسل؛ والمغلظة :وهي نجاسة الكلب والخنزير وفرع أحدهما مع الخر أو مع
ن مصحوبة بالتراب الطهور الذي يعكر الماء ويعّم حيوان طاهر يغسل مصابها سبع مرات إحداه ّ
محل النجاسة ،والفضل أن يكون التراب مصاحبًا للغسلة الولى ،وتقّدم أن التراب يشمل العفر
والصفر كالطفل والحمر والبـيض ونحو ذلك ولو كان مختلطًا بدقيق أو نحوه ،بخلف ما تقدم
ل حسبت واحدة ،ولو أصاب بعض ما في التيمم ،ولو لم تزل عين النجاسة إل بست غسلت مث ً
غسله من الغسلت شيئًا وجب غسله بعدد ما بقي من الغسلت بعد هذه الغسلة التي أصابه ماؤها
فإن كانت الولى غسل ستًا ،وإن كانت الثانية غسل خمسًا وهكذا ،فإن كان ترب فيها أو فيما قبلها
ل ثم أصاب شيئًا فل يحتاج إلى تتريب المصاب وإل تربه ،ولو اجتمع ماء الغسلت في إناء مث ً
غسل ستًا مع التتريب إن لم يكن ترب في الّول ،فإن كان ترب في الّول لم يحتج إلى تتريب
المصاب ولو دخل نحو كلب حمامًا وانتشرت النجاسة في أرضه وحصره وفوطه واستمّرت
الناس على دخوله والغتسال فيه مدة طويلة ،فما تيقن إصابته بالنجاسة من ذلك فنجس وإل
فطاهر لنا ل ننجس بالشك ،وحيث مضت عليه هذه المدة واحتمل مرور الماء عليه سبع مرات
ل صار ل ينجس داخله لنا ل ننجس بالشك كما تقدم .وأما هو في ذاته ن بتراب ،ولو طف ًإحداه ّ
فهو متنجس حتى يتيقن طهره فهو كفم الهّرة إذا رأيناها وضعته في نجاسة ثم غابت غيبة يحتمل
فيها ورودها ماء كثيرًا فل يحكم بكون فمها ينجس ما أصابه حينئذ لما تقدم .وأما فمها في ذاته
فمتنجس حتى يتيقن طهره.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وأما النجاسة المتوسطة :فهي ما عدا ذلك ،فإن كانت حكمية :وهي التي ليس لها جرم ول طعم
ول لون ول ريح كقطرة بول جفت كفى جرى الماء على محلها مرة واحدة ولو بغير فعل أحد
ن تثليثها .وإن كانت عينية :وهي التي لها جرم أو طعم أو لون أو كأن جرى عليها المطر ويس ّ
ريح وجبت إزالة ذلك ،ولو توقف زواله على الستعانة بغير الماء كصابون وجبت ،والعبرة
بظنه بحيث يغلب على ظنه زوال ذلك ،ول يجب عليه اختبارها بالشّم والبصر ،ول يجب على
العمى ول على من به رمد أن يسأل بصيرًا هل زالت الوصاف أو ل ،إل ما عسر زواله من
لون كلون الدم أو ريح كريح الخمر فإنه يحكم بطهارته ،ول فرق في ذلك بـين النجاسة المغلظة
ونحوها ،ول فرق في ذلك بـين الرض والثوب والناء ،فيطهر المحل طهرًا حقيقيًا بحيث لو قدر
على إزالته بعد ذلك ل تجب .وضابط العسر قرصه ثلث مرات مع الستعانة المتقدمة ،فلو صبغ
شيء بصبغ متنجس ثم غسل المصبوغ حتى صفت الغسالة ولم يبق إل مجرد اللون حكم
بطهارته .أما الطعم وحده أو اللون والريح معًا في محل واحد من نجاسة واحدة فل بد من تعذر
زواله بحيث ل يزول إل بالقطع فإذا تعذر ذلك حكم على المحل بالعفو بحيث لو قدر على إزالته
ل اشترط وروده لئل يتنجس الثوب لو عكس ،ولو كان الثوب بعد ذلك وجبت ،ولو كان الماء قلي ً
فيه دم براغيث ووضعه في الناء الذي فيه ماء قليل ليغسله ،فإن كان غسله بقصد تنظيفه من
الوساخ الطاهرة ل ينجس الماء ،ول يضر بقاء دم البراغيث في الثوب ،وإن كان بقصد إزالة دم
البراغيث أو الوساخ النجسة تنجس الماء القليل بورود النجاسة عليه وعاد على باقي الثوب
بالتنجيس ،وصار دم البراغيث غير معفّو عنه.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وثالثها :ستر رجل( :أي ذكر ولو صبـيًا )وأمة( ولو مبعضة )ما بـين سرة وركبة وحرة غير
ن ولو كان المصلى خاليًا في
وجه وكفين( ظهرًا وبطنًا إلى الكوعين عن العيون من إنس وج ّ
ظلمة )بما ل يصف لونًا( للبشرة ولو طينًا أو حشيشًا أو ماء كدرًا أو نحو ذلك ،فشرط الساتر أن
يكون جرمًا يمنع إدراك لون البشرة ل حجمها ،فل يكفي في الستر لون نحو الحناء لنه ليس
جرمًا ،ول يكفي فيه الشفاف الذي ل يمنع إدراك لون البشرة كالزجاج )إن قدر( أي المصلي
)عليه( أي الستر فإن عجز عن جميع ما ذكر صلى عاريًا ويتم ركوعه وسجوده ول إعادة عليه،
ولو كانت السترة متنجسة وعجز عما يطهرها به وكان قطع موضع النجاسة ينقص قيمة السترة
أكثر من أجرة ثوب يصلي فيه لو اكتراه ولم يجد سترة طاهرة غيرها صلى عاريًا ول إعادة عليه
لعجزه عن السترة شرعًا .وكذا لو حبس في مكان نجس ولم يجد شيئًا يفرشه فيه للصلة إل
سترته فرشها وصلى عاريًا ول إعادة عليه لما ذكر ،والواجب ستر العورة من أعلى وجوانب ل
ل ل تصح فالمدار على من أسفل ،فلو كانت عورته بحيث ترى من طوق قميصه أو من كمه مث ً
رؤيتها بالقّوة وإن لم تر بالفعل ،وكذا لو كان ثوبه قصيرًا بحيث لم يستر جميع العورة ،ولو كان
ثوبه ينكشف عن بعض العورة عند الركوع أو السجود فل تبطل صلته الن بل حتى ينكشف
حتى لو ستر عند الركوع أو السجود ولم يظهر شيء من العورة استمرت صلته على الصحة
ول تضر رؤية العورة من أسفل :كأن صلى في علّو وتحته من يرى عورته من ذيله ولو لم يجد
ن للرجل أن يلبس للصلة أحسن ثيابه ،وأن يصلي في الرجل إل ثوب حرير لزمه الستر به .ويس ّ
ثوبـين ،لحديث» :إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبـيه فإن ال أحق أن يزين له« .ويكره أن يصلي في
ثوب فيه صورة ،وأن يصلي الرجل متلثمًا والمرأة متنقبة إل أن تكون في مكان وهناك أجانب ل
يحترزون من النظر إليها فل يجوز لها رفع النقاب إل إذا سترت وجهها بشيء آخر.
وحاصل القول فيما يتعلق بالعورة :أن الرجل له ثلث عورات :إحداها :ما بـين سرته وركبته،
وهي عورته في الصلة ولو في الخلوة ،وعند الذكور ،وعند النساء المحارم .ثانيتها :السوءتان:
أي القبل والدبر وهي عورته في الخلوة .ثالثتها :جميع بدنه وشعره حتى قلمة ظفره وهي عورته
عند النساء الجانب فيحرم على المرأة الجنبـية النظر إلى شيء من ذلك ،ولو علم الشخص أن
الجنبـية تنظر إلى شيء من ذلك وجب حجبه عنها .ولسنا نقول :إن وجه الرجل في حقها عورة
كوجه المرأة في حقه بل هو كوجه الصبـي المرد في حق الرجل فيحرم النظر عند خوف الفتنة
فقط فإن لم تكن فتنة فل ،إذ لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن
متنقبات ،ولو كان وجوه الرجال عورة في حق النساء لمروا بالتنقيب أو منعوا من الخروج إل
لضرورة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومن فيها رق لها ثلث عورات أيضًا :إحداها :ما بـين سرتها وركبتها ،وهي عورتها في الخلوة
وعند الرجال المحارم وعند النساء المؤمنات .ثانيتها :جميع بدنها إل ما يظهر عند المهنة :أي
خدمة بـيتها ،وهي عند النساء الكافرات .ثالثتها :جميع بدنها حتى قلمة ظفرها ،وهي عند الرجال
الجانب .نعم يجوز لمن أراد شراءها النظر إلى المواضع التي يحتاج إلى تقليبها ،ويجوز
للطبـيب النظر إلى المواضع التي يحتاج إلى مداواتها.
والحرة لها أربع عورات :إحداها :جميع بدنها إل وجهها وكفيها ظهرًا وبطنًا ،وهو عورتها في
الصلة فيجب عليها ستر ذلك في الصلة حتى الذراعين والشعر وباطن القدمين ،ثانيتها :ما بـين
سرتها وركبتها وهي عورتها في الخلوة وعند الرجال المحارم وعند النساء المؤمنات .ثالثتها:
جميع البدن إل ما يظهر عند المهنة وهي عورتها عند النساء الكافرات .رابعتها :جميع بدنها حتى
قلمة ظفرها وهي عورتها عند الرجال الجانب فيحرم على الرجل الجنبـي النظر إلى شيء من
ذلك ،ويجب على المرأة ستر ذلك عنه ،والمراهق في ذلك كالرجل فيلزم وليه منعه من النظر إلى
الجنبـية ويلزمها الحتجاب منه ،ومثل المرأة في ذلك المرد الجميل الوجه والخنثى كالنثى في
جميع ما ذكر.
)ورابعها :معرفة دخول وقت( ولو ظنًا بالجتهاد أو تقليدًا لمجتهد ،فلو هجم وصلى من غير
اجتهاد في دخول الوقت ل تنعقد صلته وإن صادفت الوقت لن العتبار في العبادات بما في
ن المكلف وبما في نفس المر معًا ،وفي العقود بما في نفس المر فقط .ول يخفى أن الوقت أهم ظّ
شروط الصلة لن بدخوله تجب الصلة وبخروجه تفوت فكان النسب تقديمه على جميع
الشروط ،لكن التباع خير من البتداع.
ولكل واحد من الفروض الخمسة وقت محدود شرعًا بحيث لو خرجت عنه كانت قضاء إل إذا
نوى التأخير في سفر القصر )وقت ظهر من زوال( أي من ميل الشمس عن وسط السماء إلى
ل كل شيء مثله غير ظل استواء( أي سوى ظل الشيء حالة جهة المغرب )إلى مصير ظ ّ
الستواء إن كان كما في أكثر البلد والزمنة ،وأّول وقت الظهر أيضًا حدوث الظل بعد الستواء
إن لم يكن للشيء ظل عنده كما في بعض الزمنة في بعض البلد كمكة والبتاوي ،وذلك في مكة
في ثامن برج الجوزاء وفي الثاني والعشرين من برج السرطان ،وفي البتاوي في السادس عشر
من برج الميزان في ميل ست درج وفي الرابع عشر من برج الحوت .ثم البروج اثنا عشر نظمها
بعضهم من بحر الكامل بقوله:
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)فعصر( من الزيادة على ظل المثل وإن قلت )إلى غروب( للشمس بجميع قرضها .ولها ثمانية
أوقات :وقت فضيلة بالضبط المتقدم .ووقت اختيار من أّول الوقت إلى أن يصير ظل الشيء مثليه
غير ظل الزوال .ووقت جواز بل كراهة من أّول الوقت إلى الصفرار فهذان الوقتان يشتركان
مع وقت الفضيلة في الدخول ثم إذا مضى ما يسع العمال المتقّدمة خرج وقت الفضيلة ،وإذا
ل الزوال خرج وقت الختيار .فإدا حصل الصفرار خرج وقت ل الشيء مثليه غير ظ ّ
صار ظ ّ
الجواز بل كراهة ،ويدخل وقت الجواز بكراهة إلى أن يبقى من الوقت ما يسع فرضها فقط ،فإذا
كان الباقي من الوقت ل يسع فروض الصلة دخل وقت الحرمة :أي الوقت الذي يحرم تأخير
الصلة إليه ل أن فعلها حينئذ حرام كما يعتقده بعض العواّم؛ إذ يجب على الشخص حينئذ فعلها
ل .ووقت قبل أن يخرج الوقت كله .ووقت عذر :وهو وقت الظهر لمن يجمع تقديمًا في السفر مث ً
ضرورة كما تقّدم لكن في هذه تجب الظهر مع العصر لن وقت العصر وقت للظهر في العذر
ففي الضرورة أولى ،ويشترط الخلّو من الموانع زمنًا يسعها كما تقدم .ووقت إدراك كالذي تقدم
أيضًا.
)فمغرب( من تمام غروب الشمس )إلى مغيب شفق( أي أحمر .ولها ثمانية أوقات :وقت فضيلة،
ل وخروجًا تدخل ووقت اختيار ،ووقت جواز بل كراهة ،هذه الثلثة متحدة في المغرب دخو ً
ي زمن العمال المتقدمة فيدخل وقت الجواز بكراهة إلى أن يبقى من بأّول الوقت وتخرج بمض ّ
الوقت ما ل يسع إل فروضها ،فإذا بقي ما ل يسع الفروض دخل وقت الحرمة .ووقت العذر وقت
العشاء لمن يجمعها معًا تأخيرًا في السفر .ووقت الضرورة ،ووقت الدراك كما تقدم.
)فعشاء( من مغيب الشفق الحمر )إلى فجر صادق( ولها اسمان :أحدهما :عتمة .وثانيهما :العشاء
الخرة .ولها ثمانية أوقات :وقت فضيلة أّول الوقت .ووقت اختيار إلى ثلث الليل .ووقت جواز
بل كراهة إلى الفجر الّول ويدخلن بأّول الوقت كوقت الفضيلة كما تقدم .ووقت جواز بكراهة،
وهو ما بـين الفجرين إلى أن يبقى من الوقت ما يسع فروضها فقط ،فإذا بقي من الوقت ما ل يسع
فروضها فهو وقت الحرمة .ووقت العذر :وقت المغرب لمن يجمعها معها تقديمًا في السفر أو
المطر .ووقت الضرورة ،ووقت الدراك كما تقدم.
)فصبح( من طلوع الفجر الثاني )إلى( ابتداء )طلوع شمس( ولها سبعة أوقات :وقت فضيلة أّول
الوقت .ووقت اختيار إلى الضاءة .ووقت جواز بل كراهة إلى الحمرار .ووقت جواز بكراهة
إلى أن يبقى من الوقت ما يسع فروضها فقط ،فإذا بقي من الوقت ما ل يسع فروضها دخل وقت
الحرمة .ووقت الضرورة ،ووقت الدراك كما تقدم ،فتبـين أن الصبح ليس لها وقت عذر لنها ل
تجمع ل تقديمًا ول تأخيرًا ،وأن الظهر ليس لها وقت جواز بكراهة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
تنبـيهان :الّول :قد ظهر مما تقدم أن وقت الفضيلة ،ووقت الختيار ،ووقت الجواز بل كراهة
تدخل سواء من أّول الوقت في جميع الوقات وتخرج مترتبة ،فوقت الفضيلة يخرج أّول لن
زمنه قصير ،ثم وقت الختيار ،ثم وقت الجواز بل كراهة إل في المغرب فإنها متحدة فيه دخو ً
ل
ل وخروجًا وخروجًا ،وإل في الظهر فإن وقت الختيار ووقت الجواز بل كراهة فيه متحدان دخو ً
على الراجح .وقيل :يخرج وقت الختيار إذا صار ظل الشيء مثل ربعه .ويستمر وقت الجواز
بل كراهة إلى أن يبقى من الوقت ما يسع الصلة فقط.
الثاني :حاصل القول في وقت الضرورة ووقت الدراك أن موانع وجوب الصلة تسعة :الصبا،
والجنون ،والغماء ،والسكر بل تعّد ،والكفر الصلي ،والحيض ،والنفاس ،وعدم بلوغ الدعوة،
س .والذي يمكن طرّوه منها خمسة :الجنون ،والحيض ،والنفاس ،والغماء، وعدم سلمة الحوا ّ
والسكر بل تعّد .فلو كان بالشخص مانع من هذه الموانع التسعة وزال وقد بقي من وقت الصلة
ما يسع تكبـيرة الحرام وجبت هذه الصلة والتي قبلها إن كانت تجمع معها وخل من الموانع
زمنًا يسعهما ويسع صاحبة الوقت الذي دخل ويسع طهر الثلثة ،مثال ذلك :زال الحيض وقد بقي
من وقت العصر ما يسع تكبـيرة الحرام وجبت العصر والظهر لنها تجمع معها تأخيرًا في
السفر والمغرب لنها صاحبة الوقت الذي دخل إن استمرت خالية من الموانع زمنًا يسع الفروض
الثلثة وطهرها ،فلو طرأ على المرأة مانع آخر كالجنون ولم تدرك إل زمنًا يسع المغرب فقط
وطهرها وجبت المغرب وحدها .وإن كان زمن الخلو يسع المغرب والعصر فقط وطهرهما وجبتا
دون الظهر ،هذا ما يتعلق بوقت الضرورة .وأما وقت الدراك فهو وقت طرّو المانع ،فلو طرأ
عليه مانع من الموانع التي يمكن طرّوها وقد أدرك من الوقت زمنًا يسع الصلة وجبت هذه
الصلة والتي قبلها إن كانت تجمع معها وخل زمنًا يسعهما .وأما طهرهما فإن كان ل يمكن
تقديمه على الوقت كالتيمم ووضوء صاحب الضرورة فإن شرط صحتهما دخول الوقت ،فل بد
أن يدرك زمنًا يسعه قبل طرّو المانع .وإن كان يصح تقديمه على الوقت كوضوء السليم الذي لم
يمنع من تقديمه مانع فل يشترط أن يدرك من الوقت زمنًا يسعه إذا كان يمكن تقديمه على الوقت.
ل وأدركت من وقت العصر جزءًا ثم طرأ عليها مثال ذلك :زال حيضها في أول وقت العصر مث ً
الجنون ،فإن كان زمن الخلّو من المانع يسع العصر والظهر وطهرهما وجبتا .وإن كان ل يسع
إل العصر فقط وطهرها وجبت العصر وحدها دون الظهر .والطهر في هذا المثال ل يمكن
تقديمه على الحيض لن الوقت مانع منه.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومن أدرك من الصلة ركعة في الوقت فقد أدركها أداء ،وإن كان يحرم تأخيرها إلى وقت ل يسع
فروضها كما تقدم ،ومتى كان الباقي من الوقت ل يسع الفروض وجب القتصار على الواجبات،
ول يجوز التيان بالسنن ،وينوي الداء إن كان الباقي من الوقت يسع ركعة ،وإذا كان الباقي من
الوقت يسع جميع الفروض ول يسع السنن فالفضل التيان بالسنن ولو لزم على ذلك إخراج
الصلة أو بعضها عن وقتها ،فإذا كان الباقي من الوقت يسع الفروض والسنن لكن طّول في
القراءة أو السكوت حتى خرج بعض الصلة أو كلها عن الوقت فل حرمة عليه لكنه خلف
الولى .وحينئذ إذا لم يدرك من الصلة ركعة في الوقت تصير قضاء ل إثم فيه وينوي الداء
وهذا هو المّد الجائز ،فتبـين أن الحوال ثلثة :حالة يجب فيها القتصار على الواجبات ويحرم
التيان بالسنن وهي ما إذا كان الباقي من الوقت ل يسع الفروض .وحالة الفضل فيها التيان
بالسنن .ولو خرج بعض الصلة عن وقتها :وهي ما إذا كان الباقي من الوقت يسع جميع
الفروض دون السنن ،وحالة يجوز فيها المد مع كونه خلف الولى وإن خرجت الصلة كلها عن
الوقت ،وهي ما إذا كان الباقي من الوقت يسع الفروض والسنن جميعًا.
وبدخول الوقت تجب الصلة وجوبًا موسعًا إلى أن يبقى من الوقت ما يسعها ،لكن إذا أراد تأخير
ح ،فإن أخرها عن أول وقتها مع فعلها عن أول الوقت لزم العزم على فعلها في الوقت على الص ّ
العزم على ذلك ومات في أثناء الوقت قبل فعلها لم يكن عاصيًا ،بخلف ما إذا لم يعزم العزم
المذكور فإنه إذا مات في أثناء الوقت قبل فعلها كان عاصيًا .والفضل أن يصليها في أول الوقت
ي العمال أفضل؟ فقال» :الصلة في أول وقتها« .نعم قد يكون تأخير الصلة عن لنه سئل أ ّ
أول وقتها أفضل في صور :منها البراد بالظهر ،وهو تأخيرها عن أول وقتها حتى يصير
للحيطان ظل يمشي فيه طالب الجماعة بشرط أن يكون في زمن الحّر بقطر حاّر كالحجاز لمص ّ
ل
جماعة أو في مسجد ولو فرادى بمصلى يأتونه بمشقة تذهب الخشوع أو كماله ،وكل كمال اقترن
به التأخير عن أول الوقت وخل عنه التقديم في أول الوقت كالسترة والجماعة والوضوء ونحو
ذلك فالتأخير له أفضل ،وقد يجب إخراج الصلة عن وقتها كما إذا خيف انفجار الميت أو فوت
الحج أو فوت إنقاذ السير أو الغريق لو شرع فيها .وتقدم أن الواجب في اليوم والليلة خمس
ن أول يوم من أيامهصلوات فقط لكن محله في أيامنا هذه ،أما في أيام الّدجال فيزيد على ذلك فإ ّ
كسنة ،وثاني يوم كشهر ،وثالث يوم كأسبوع ،وباقي اليام كأيامنا فاليوم الذي كسنة يقدر له قدره
فتجب الصلة في أوقاتها حتى العشاء والمغرب ولو في النهار ،لنه زمن خارق للعادة ،وتعلم
ل ،ويصام رمضان إذا جاء وقته ،ويحج البـيت إذا جاء وقته ،فتعمل في الوقات بالساعات مث ً
ذلك اليوم أعمال السنة بتمامها .ويقاس على ذلك اليومان بعده ،ومثل ذلك ليلة طلوع الشمس من
مغربها فإنها تطول بمقدار ثلث ليال فيقدر لها قدرها.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
فرع :وكره كراهة تحريم صلة في خمسة أوقات في غير حرم مكة ول تنعقد :عند استواء
الشمس حتى تزول إل يوم جمعة ،فل يحرم التنفل فيها حالة الستواء ولو لمن لم يحضرها .وبعد
صلة صبح أداء مغنية عن القضاء .وعند طلوع الشمس سواء صلى الصبح أم ل حتى ل ترتفع
فيهما كرمح في رأي العين ،وهو مقدار سبعة أذرع .وبعد صلة عصر أداء ،ولو مجموعة في
وقت ظهر .وعند اصفرار الشمس سواء صلى العصر أم ل حتى تغرب فيهما .ثم المحرم في هذه
الوقات صلة ل سبب لها كالنوافل المطلقة ،وصلة التسبـيح ،أولها سبب متأخر عن الصلة:
كإحرام واستخارة فل تنعقد واحدة منهما لضعف السبب المتأخر لحتمال وقوعه وعدمه .ولو
نوى صلة الستخارة وغيرها بطلت الصلة تغليبًا للمفسد ،وخرج بالمتأخر سبب مقارن للصلة
فل تحرم كصلة فريضة معادة في جماعة ،وسبب متقدم عليها فل تحرم كصلة العيد بناء على
دخول وقتها بطلوع الشمس ،واستسقاء ،وجنازة إن لم يقصد تأخير الصلة عليها إلى الوقت
المكروه من حيث كونه مكروهًا بخلفه لنحو زيادة المصلين أو رجاء صلة صالح وكفائتة لم
يقصد تأخيرها إليها ليقضيها فيها ،وسنة وضوء وطواف ودخول منزل وسجدة تلوة لم يقرأ آيتها
بقصد السجود فقط.
)وخامسها :استقبال القبلة( أي الكعبة ،والواجب في الستقبال إصابة عين القبلة يقينًا مع القرب
إما برؤيته لها أو مسها بـيده أو نحو ذلك مما يفيد اليقين ،أو ظنًا مع البعد فل يكفي إصابة الجهة
مع الخروج عن استقبال عينها ،فلو امتد صف بقرب الكعبة وخرج بعض المصلين عن محاذاة
عينها لم تصح صلته ،وأما في حالة البعد عنها فل يضّر طول الصف فإنهم ل يخرجون عن
محاذاتها ولو طال الصف لن صغير الحجم كلما زاد بعده زاد محاذاته كغرض الرماة،
والستقبال يكون بالصدر حقيقة في حق القائم والجالس ،وحكمًا في حق الراكع والساجد ويكون
بالوجه ومقدم البدن في حق المضطجع ،ويكون بالوجه والخمصين في حق المستلقي ،فل بّد من
ل بوجهه ،ومن وضع عقبـيه بالرض ليكون رفع رأسه عن الرض بنحو وسادة ليكون مستقب ً
ل بأخمصيه ،ويجتهد إن عجز عن العلم بالنفس وعن إخبار الثقة عن علم ،فإن عجز عن مستقب ً
ب المنزل حينئذ .ولو اجتهد الشخص في القبلة وصلى ثم تيقن الخطأ أعاد صلته، الجتهاد قلد ر ّ
وأما إذا لم يتيقن الخطأ بل تغير اجتهاده إلى جهة أخرى .فإن كان الجتهاد الثاني أرجح وجب
عليه العمل به سواء كان متلبسًا بالصلة أم ل ،ول يجب عليه إعادة ما صله بالول لن الجتهاد
ل ينقض باجتهاد آخر حتى لو صلى أربع ركعات لربع جهات بأربع اجتهادات صح .فإن كان
الجتهاد الثاني مساويًا للجتهاد الّول تخير بـينهما إن لم يكن في صلة فإن كان فيها تعين عليه
العمل بالجتهاد الول ،ول يجوز له العمل بالجتهاد الثاني لنه التزم بدخوله في الصلة جهة،
فل يتحول عنها إل إلى أرجح منها ،ومتى ثبت أن النبـي اطلع على محراب وأقره كان في مرتبة
العلم بالنفس فل تجوز مخالفته ول الجتهاد فيه ل جهة ول يمنة ول يسرة .وأما محاريب
المسلمين الموثوق بها فهي في مرتبة إخبار الثقة عن علم ول يجوز الجتهاد فيها جهة لستحالة
الخطأ في الجهة .ويجوز الجتهاد فيها يمنة أو يسرة .والمحراب اصطلحًا :مقام المام في
الصلة ،وأما المحراب المعتاد الن ،وهو التجويف الذي يكون في المكنة التي بنيت للصلة فيها
في جهة القبلة ،فلم يكن موجودًا في زمن النبـي ول في زمن أصحابه بل هو حادث بعدهم ولكن
ل بأس به ،والعمى ومن في ظلمة يعتمد المحراب بالمس أو نحوه كما يعتمده البصير الذي ليس
في ظلمة بالمشاهدة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومتى انفرد إنسان في ناحية وجب عليه تعلم أدلة القبلة على سبـيل فرض العين وإذا وجد غيره
معه كان التعلم فرض كفاية ،ول فرق في ذلك بـين السفر والحضر .وأدلتها كثيرة :منها :ما هو
ليلي كالقمر ،ومنها :ما هو نهاري كالشمس ،ومنها :ما هو أرضي كالجبال ،ومنها :ما هو هوائي
كالرياح ،ومنها :ما هو سماوي كالنجوم .ومن جملة النجوم القطب المعروف وهو بـين الفرقدين
وبنات نعش الصغرى ،لكن متى عرفه يقينًا وعرف كيفية الستقبال به في القطر الذي هو فيه
كان في مرتبة العلم بالنفس وإل كان من أدلة الجتهاد كباقي النجوم )إل في شدة خوف( في قتال
جائز فيصلي كيف أمكنه .نعم إن أمن في أثناء الصلة امتنع عليه ترك الستقبال حتى لو كان
راكبًا اشترط أن ل يستدبرها في حال نزوله فإن استدبرها حينئذ بطلت صلته باتفاق ،ومثل شدة
الخوف في ذلك دفع الصائل والفرار من سبع أو نار أو عدو أو سيل أو نحو ذلك مما يباح الفرار
منه ،لكن إن أمن في أثنائها وجب عليه الستقبال ول يعود إلى مكانه الول بل يتمها في المكان
الذي انتهى سيره إليه .ومثل ذلك من خطف متاعه أو شردت دابته وهو في الصلة فله السعي
خلف ذلك لتحصيله ،وكما يباح لهؤلء ترك الستقبال يغتفر لهم الفعال الكثيرة إذا اقتصروا على
قدر الحاجة.
)ونفل سفر مباح( ولو راتبة وعيدًا وفي معناه سجدتا التلوة والشكر المفعولتان خارج الصلة
ل عن القبلة ،ويحرم إنحرافه عنها إل إلى القبلة ،وذلكفيتوجه إلى جهة مقصده لصيرورتها بد ً
مشروط بأمور تسعة :أحدها :أن يكون ذلك فيما يسمى سفرًا ولو قصيرًا .ثانيها :أن يكون السفر
مباحًا .ثالثها :أن يقصد قطع المسافة المسمى قطعها سفرًا .رابعها :ترك الفعال الفاحشة :كركض
وعدو بل حاجة .خامسها :دوام السفر فلو صار مقيمًا في أثناء السفر لزمه الستقبال إن استمّر
فيها ،وإل فقطع النفل جائز .سادسها :دوام السير ،فلو انقطع سيره لم يجز له ترك الستقبال حتى
لو وقف لستراحة أو لنتظار رفقة لزمه الستقبال ما دام واقفًا ،فإن سار لجل سير القافلة أتمها
إلى جهة مقصده ،وإن سار مختارًا للسير بل ضرورة لم يجز أن يسير حتى تنتهي صلته إن
أراد الستمرار فيها .سابعها :عدم وطء النجاسة عمدًا مطلقًا ،وكذا نسيانًا في نجاسة رطبة غير
معفّو عنها ،ولو بالت دابته أو راثت أو وطئت نجاسة بنفسها أو أوطأها إياها لم يضّر لنه لم
ل فأكثر .تاسعها :أن يكون يلقها وذلك حيث لم يكن زمامها بـيده .ثامنها :أن يكون السفر مي ً
لغرض صحيح ،وقولهم يتوجه إلى جهة مقصده يفيد أنه ل يجب استقبال عين مقصده ،بل يكفي
التوجه إلى جهته ول ينحرف عن جهة مقصده إل إلى القبلة لنها الصل ،فلو انحرف إلى غيرها
عامدًا عالمًا بطلت صلته ولو قصر الزمن ،أما إذا كان خطأ أو نسيانًا أو لجماح الدابة فإن طال
ن أن يسجد للسهو لن عمد ذلك مبطل وهذا هو المعتمد) .وعلى الزمن بطلت وإل فل ،لكن يس ّ
ماش إتمام ركوع وسجود واستقبال فيهما وفي تحرم( .
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أنه يسقط وجوب الستقبال في صور :منها :غريق على لوح ل يمكنه الستقبال.
ومنها :مربوط إلى غير القبلة .ومنها :عاجز لم يجد من يوجهه .ومنها :خائف من نزوله عن
راحلته على نفس أو مال أو انقطاعًا عن رفقة ،ومنها :من كان في أرض مغصوبة وخاف خروج
الوقت لو أخر الصلة حتى يخرج منها فله أن يحرم بالصلة ويتوجه للخروج من تلك الرض
ويصلي باليماء .ومنها :من كان في حال شدة الخوف في قتال جائز فيصلى كيف أمكنه :ومنها:
النفل في السفر فيتوجه إلى جهة مقصده لكن على تفصيل في ذلك حاصله أنه إن كان ماشيًا وجب
عليه التوجه للقبلة في أربع :وهي تحرمه ،وركوعه ،وسجوده ،وجلوسه بـين السجدتين .ويجوز
أن يتوجه إلى مقصده في أربع :في قيامه ،واعتداله ،وتشهده ،وسلمه .وهذا معنى قولهم :يتوجه
في أربع ،ويمشي في أربع .وإن كان راكبًا ،فإن كان في سرج أو على مجّرد ظهر الدابة أو كان
على ظهرها ثوب أو نحوه ،فإن سهل عليه التوجه في جميع صلته وإتمام جميع أركانها أو
بعضها وهو الركوع والسجود لزمه ذلك ،وإن لم يسهل عليه ذلك لم يلزمه إل توجه في تحرمه إن
سهل ،فإن لم يسهل لم يلزم شيء .وإن كان راكبًا في مرقد أو هودج أو محفة أو شقدف أو نحوها
أو في سفينة وهو غير ملح فإن جميع من ذكر إن أمكنهم الستقبال في جميع صلتهم وإتمام
جميع الركان جاز لهم التنفل وإل وجب تركه .وأما ملح السفينة :وهو من له دخل في تسيـيرها
ل السفر لو اشتغل وإن لم يكن من المعدين لتسيـيرها كما لو عاون الركاب أهل العملبحيث يخت ّ
فيها في بعض أعمالهم فله التنفل إلى جهة مقصده كالراكب على السرج ونحوه مما تقدم ويلحق
بالملح مسير المرقد كما اعتمده الشبراملسي .
فصل في كيفية الصلة المتعلقة بواجب
وينقسم لداخل في ماهيتها ويسمى ركنًا ،ولخارج عنها ويسمى شرطًا ،وبمندوب وينقسم لما يجبر
بالسجود ويسمى بعضًا لتأكد شأنه بالجبر لشبهه بالبعض حقيقة ،ولما ل يجبر ويسمى هيئة وهو
ما عدا البعاض.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)أركان الصلة( أربعة عشر بجعل الطمأنينات الربع ركنًا واحدًا نظرًا لتحاد جنسها كما عدوا
السجودين ركنًا واحدًا لذلك :أحدها )نية( وأجمعت الّمة على اعتبار النية في الصلة ثم إن كانت
الصلة نافلة مطلقة وهي التي ل تتقيد بوقت ول سبب) .فيجب فيها( أي الصلة أمر واحد وهو
)قصد فعلها( لتتميز عن بقية الفعال ،ول يجب التعيـين ول نية النفلية ،وإن كانت نافلة مؤقتة أو
ذات سبب وجب فيها أمران :قصد فعلها )وتعيـينها( لتتميز عن سائر الصلوات خصوصًا التي
ل( ذا سبب ل يحصل المقصود منه يجب فيها التعيـين من ظهر وغيره )ولو( كانت الصلة )نف ً
بكل صلة فينوي في ذلك سببها :كصلة الكسوف ،والستسقاء ،وعيد الفطر أو الضحى .وسنة
ل :القبلية أو البعدية سواء كان صلى الفرض قبل القبلية أم ل .أما النفل الذي يحصلالظهر مث ً
المقصود منه بكل صلة فكالنفل المطلق وذلك كتحية المسجد ،وركعتي الوضوء ،والحرام
والستخارة ،والطواف ،وصلة الحاجة ،وسنة الزوال ،وصلة الغفلة بـين المغرب والعشاء،
ل وأراد مفارقته،
والصلة في بـيته وإذا أراد الخروج للسفر ،وصلة المسافر إذا نزل منز ً
وصلة التوبة ،وركعتي القتل ،وعند الزفاف ونحو ذلك من كل ما قصد به مجرد الشغل بالصلة
ول تجب في النوافل نية النفلية وإن كانت الصلة فرضًا ولو نذرًا أو قضاء أو كفاية وجب في
نيته ثلثة أمور :نية الفعل والتعيـين )ونية فرض فيه( أي ذلك الفرض لكن ل تجب نية الفرضية
ل .وقيل :ل فرق بـين البالغ وغيره لوجوب القيام في الفرض على في صلة الصبـي لنها تقع نف ً
غير البالغ ،ومثال اجتماع هذه المور الثلثة )كأصلي فرض الظهر( .
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أن مراتب الصلوات ثلثة :المرتبة الولى :الفرض بأقسامه فيعتبر فيه ثلثة أشياء:
القصد ،والتعيـين ،ونية الفرضية .المرتبة الثانية :النفل المؤقت أو ذو السبب فيعتبر فيه أمران:
القصد ،والتعيـين ول حاجة لنية النفلية .المرتبة الثالثة :النفل المطلق ويعتبر فيه أمر واحد :وهو
قصد فعله ول حاجة للتعيـين ول لنية النفلية ،ولو شرك في نية بـين فرض ونفل غير مقصود:
كسنة وضوء ،وتحية مسجد صح وحصل ما نواه ،بل يحصل ذلك وإن لم ينوه بل وإن نفاه) ،وس ّ
ن
إضافة( للصلة )إلى ال( تعالى حال النسبة ليتحقق معنى الخلص )وتعّرض لداء أو قضاء(
ويصح الداء بنية القضاء وعكسه إن جهل الوقت لغيم أو نحوه ولو تبـين خلف ما نواه وكذا لو
قصد بالداء أو القضاء المعنى اللغوي فإنهما في اللغة بمعنى واحد .يقال :قضيت الدين وأّديته.
ن تعرض أما إذا فعل ذلك عامدًا عالمًا ولم يقصد المعنى اللغوي فإنه ل يصح لتلعبه) .و( س ّ
)لستقبال( القبلة )وعدد ركعات( ولو غير العدد :كأن نوى الظهر ثلثًا أو خمسًا فل تنعقد صلة
ل يضر الغلط فيه .والعدد يجب سواء كان عامدًا أو غالطًا لن ما يجب التعرض له ولو إجما ً
ل بسبب التعيـين .إذ قوله الظهر يقتضي أن تكون أربعًا ول يجب التعرض التعرض له إجما ً
لليوم ،فلو عينه وأخطأ لم يضر سواء كانت الصلة أداء أو قضاء ،ولو مكث في مكان عشرين
سنة يتراءى له الفجر فيصلي ويعين اليوم ثم تبـين له خطؤه في ذلك وجب عليه قضاء صلة
واحدة لن صلة كل يوم تقع عما قبله ،ول عبرة بتعيـين اليوم فتبقى عليه صلة واحدة :وهي
صلة اليوم الخير لنها وقعت عن اليوم الذي قبله .أما قولهم :لو أحرم بفريضة قبل دخول وقتها
ل ،فمحله إن لم يكن عليه فائتة نظيرها وإل وقعت عنها هذا كله لو صلى ظانًا دخوله انعقدت نف ً
ظانًا دخول الوقت بالجتهاد وإل فل تنعقد صلته ولو صادفت الوقت .ومن عليه فوائت ل
ل ،بل يكفيه نية الظهر أو العصر .وتقدم في الوضوء أن النية محلها يشترط أن ينوي ظهر كذا مث ً
القلب) .و( لكن يندب )نطق بمنوي( قبـيل التكبـير ليساعد اللسان القلب ،ولنه أبعد عن
الوسواس ،ول يضر النطق بخلف ما في القلب :كأن قصد الصبح وسبق لسانه إلى الظهر) .و(
ثانيها )تكبـير تحرم مقرونًا به( أي التكبـير )النية ،ويتعين( في لفظ التكبـير على القادر بالنطق به
)ال أكبر ،ويجب إسماعه نفسه كسائر ركن قولي( .
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أن شروطه عشرون :إيقاعه في حال القيام في الفرض ،وباللغة العربـية للقادر عليها
ولفظ الجللة ولفظ أكبر وتقديم لفظ الجللة على أكبر ،وعدم مّد همزة الجللة ،ويجوز إسقاطها
إذا وصلها بما قبلها :كأن يقول إمامًا أو مأمومًا :ال أكبر ،لكن وصلها خلف الولى ،ول يجوز
إسقاط همزة أكبر ويغتفر للعاّمي إبدالها واوًا ،ويغتفر له أيضًا إبدال كاف أكبر همزة عند العجز،
وعدم مّد باء أكبر وعدم تشديدها وعدم زيادة واو ساكنة أو متحركة بـين الكلمتين وعدم واو قبل
الجللة وعدم سكتة طويلة بـين الكلمتين ،بخلف السكتة اليسيرة فإنها ل تضر .وضابط الطول
ي ،وأن يسمع نفسه جميع حروفه إذا كان صحيح السمع ول مانع، أن تزيد على سكتة التنفس والع ّ
ودخول الوقت في الفرض والنفل المؤقت أو ذي السبب وإيقاعها حال الستقبال حيث شرطناه،
وتأخيره عن تكبـيرة المام في حق المقتدي ،وأن ل تبدل همزة أكبر واوًا ول تبدل كافها همزة
فل يصح ذلك من العالم في الولى ول من العالم العامد القادر في الثانية ،وأن ل يزيد في مد
اللف التي بـين اللم والهاء إلى حد ل يراه أحد من القراء وهو عالم بالحال بأن ل يزيد على
أربع عشرة حركة ،فإن زاد عليها ضر ،وعدم الصارف فلو كان مسبوقًا فأحرم خلف إمام راكع
ولم ينو به التحرم وحده يقينًا مع وقوع جميعه في محل تجزىء فيه القراءة لم يصح.
وحاصل هذه المسألة :أن المسبوق إذا أدرك المام راكعًا فكبر وركع خلفه له سبعة أحوال يصح
التحرم في واحدة منها :وهي ما إذا قصد بالتكبـير التحرم وحده يقينًا وأوقع جميعه في محل
تجزىء فيه القراءة ،والستة الباقية ل تنعقد فيها الصلة :وهي ما إذا شرك بـين الحرام والنتقال
أو قصد النتقال فقط ،أو قصد أحدهما مبهمًا ،أو أطلق ،أو شك هل قصد التحرم وحده أم ل ،أو
قصد التحرم وحده يقينًا ،لكن لم يتم التكبـير إل بعد وصوله إلى محل ل تجزىء فيه القراءة .ومن
شروط التكبـير وهو تمام العشرين قرن النية به حقيقة أو عرفًا مع الستحضار الحقيقي أو
العرفي.
والحاصل :أن لهم مقارنة حقيقية ،ومقارنة عرفية ،واستحضارًا حقيقيًا ،واستحضارًا عرفيًا:
ل .والستحضار العرفي :أن فالستحضار الحقيقي :أن يستحضر جميع أركان الصلة تفصي ً
ل ،ويكفي في ذلك القصد والتعيـين ونية الفرضية كما قاله الحفني يستحضر أركان الصلة إجما ً
ل عن شيخ السلم .قال الشيخ منصور الطوخي :هذا مذهب الشافعي ،ومعلوم أن ل مسلس ًنق ً
اشتراط المور الثلثة في الستحضار العرفي إنما هو في الفرض ،أما النفل المؤقت أو ذو
السبب فيشترط فيه القصد والتعيـين فقط ،وأما النفل المطلق فيشترط فيه القصد فقط .والمقارنة
الحقيقية أن يقرن هذا المستحضر بجميع أجزاء التكبـير من أّوله إلى آخره ،والمقارنة العرفية أن
يقرن هذا المستحضر بجزء من أجزاء التكبـير .واختار بعض الفاضل الكتفاء بالستحضار
العرفي والمقارنة العرفية وهو اللئق بمحاسن الشريعة ،والوسوسة عند تكبـيرة الحرام من
تلعب الشيطان وهي تدل على خبل في العقل أو جهل في الدين.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وكان الستاذ أبو الحسن الشاذلي يعلم أصحابه لدفع الوسواس والخواطر الرديئة ويقول لهم :من
أحس بذلك فليضع يده اليمنى على صدره وليقل :سبحان الملك القدوس الخلق الفعال سبع مرات
ثم يقل} :إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد * وما ذلك على ال بعزيز{ )) (35فاطر :الية 16
ـــــ (17يقول ذلك المصلي قبل الحرام ،ولو كبر للحرام تكبـيرات ناويًا بكل منها الفتتاح دخل
في الصلة بالوتار ،وخرج بالشفاع هذا إن لم ينو بـينهما خروجًا أو افتتاحًا ولم يحصل منه
ترّدد في النية مع طول ،وإل فيخرج بالنية ويدخل بالتكبـير ،فإن لم ينو بغير الولى شيئًا لم يضر
لنه ذكر فل تبطل به صلته هذا كله مع العمد ،أما مع السهو :كأن نسي كونه أحرم أّول فكبر
قاصدًا الحرام فل بطلن .ولو شك في أنه أحرم أّول فأحرم قبل أن ينوي الخروج من الصلة لم
تنعقد هذه النية لنه شك في هذه النية أنها شفع أو وتر فل تنعقد الصلة مع الشك ،هذا إذا كان قبل
طول الفصل ،فإن طال بطلت صلته للترّدد ،أما إن علم عن قرب أنه أحرم قبل تبـين انعقاد
صلته وإل فل ،وهذا من الفروع النفيسة.
ن جزم رائه( أي التكبـير ول يضر ضم الراء خلفًا لجمع متأخرين تبعًا للجيلي )و( سنّ )وس ّ
للمصلي ولو امرأة )رفع كفيه( وإن اضطجع )بكشف( لهما )حذو منكبـيه مع تحرم( للصلة
بالجماع )و( عند هوي إلى )ركوع و( عند )رفع منه( أي الركوع )و( عند قيام )من تشهد أّول(
ن فيه الرفع، وكذا عند القيام من جلسة الستراحة على المعتمد بخلف القيام من السجود فل يس ّ
فإن ترك الرفع فيما أمر به أو فعله لم يؤمر به كره ،ويبتدىء التحرم من ابتداء الرفع وينهيه عند
غاية الرفع ،ورفع الركوع يكون قبل الهوي بحيث يهوي بعد تمام الرفع ،والرفع المطلوب عند
ل أرسلهما إرسا ً
ل رفعه من الركوع يبتدىء مع ابتداء رفع رأسه من الركوع ،فإذا استوى معتد ً
خفيفًا تحت صدره وفوق سرته وهكذا بعد كل رفع من ذلك إل في رفع الهوي للركوع وكذا في
الرفع للعتدال عند ابن حجر و الرملي ،والحكمة في هذا الرفع الشارة إلى رفع الحجاب بـين
العبد وربه .وقال الشافعي :وحكمته إعظام جلل ال تعالى ورجاء ثوابه ،وأكمله أن تحاذي
أطراف أصابعه أعلى أذنيه وإبهاماه شحمتي أذنيه وراحتاه منكبـيه مع تفريق الصابع تفريقًا
وسطًا وإمالتها للقبلة ويحصل أصل السنة بفعل بعض ذلك.
ثم للصابع ست حالت :إحداها :حالة الرفع في تحرم ،وركوع ،واعتدال ،وقيام من تشهد أّول أو
من جلسة استراحة فيندب تفريقها .ثانيتها :حالة قيام من غير تشهد أّول ومن غير جلسة استراحة
فل تفرق .ثالثتها :حالة ركوع فيندب تفريقها على الركبتين .رابعتها :حالة سجود فتضم وتوجه
للقبلة .خامستها :حالة جلوس بـين السجدتين فالصح أنه كالسجود .سادستها :حالة الجلوس للتشهد
فاليمين مقبوضة الصابع إل المسبحة واليسرى مبسوطة والصح فيها الضم) .ووضعهما( أي
الكفين )تحت صدره آخذًا بـيمينه يساره( أي قابضًا كوع يساره بكفه اليمنى ويجعلهما تحت
ل ،لخبر مسلم عن وائل» :أنه رفع يديه حين دخل صدره وفوق سرته مائلتين إلى جهة يساره قلي ً
في الصلة ثم وضع يده اليمنى على اليسرى« ) .و( ثالثها )قيام قادر في فرض( وخرج بالفرض
ل ل بّد فيهاالنفل فليس القيام ركنًا فيه لكنه فيه أفضل من القعود ،نعم الصلة المعادة وإن كانت نف ً
من القيام ،ومثل ذلك ما لو صلى الصبـي إحدى الخمس فل بّد فيها من القيام وإن كانت صلة
ل.
الصبـي تقع له نف ً
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( خرج بالقادر العاجز فيجوز )لعاجز شق عليه قيام( كأن حصل له بالقيام مشقة تذهب الخشوع
أو كماله )صلة قاعدًا( ومن ذلك ما لو خاف راكب السفينة غرقًا أو دوران الرأس لو صلى من
قيام ،وكذا لو كان به سلس بول ،ولو قام سال بوله ولو قعد لم يسل ،أو قال طبـيب ثقة لمن بعينه
ماء إن صليت مستلقيًا أمكنت مداواتك فله ترك القيام في الجميع ويفعل مقدوره ول إعادة عليه.
وشرط القيام نصب ظهر المصلي ولو كان مستندًا إلى شيء ولو تحامل عليه ،ولو كان بحيث لو
زال ما استند عليه لسقط هو بشرط استقراره على مكان وقوفه ،بخلف ما إذا كان يمكنه رفع
ل إلى قدميه فل يصح لنه ليس قائمًا بل معلق نفسه ،فلو وقف منحنيًا إلى قّدامه أو خلفه ،أو مائ ً
يساره أو يمينه بحيث ل يسمى قائمًا ل يصح قيامه ،والنحناء المضر أن يصير إلى أقل الركوع
أقرب منه إلى القيام ،فإن عجز عن ذلك وصار كراكع لكبر أو غيره وقف كذلك ،وزاد وجوبًا
انحناءه لركوعه إن قدر على الزيادة ليتميز الركنان ،ولو عجز عن الركوع والسجود وقدر على
القيام لزمه القيام ،ويجب أن يفعل مقدوره في النحناء لركوعه وسجوده فإن عجز فبرقبته
ورأسه ،فإن عجز أومأ إليهما بأجفانه ،ولو قدر على القيام لكن بمعين أو عكازة وجب ولو بأجرة
مثل للمعين ،لكن ل يجب المعين إل إذا كان يحتاج إليه في النهوض فقط ولو من كل ركعة،
بخلف ما إذا كان يحتاج إلى المعين في دوام قيامه فإنه ل يجب ،وأما العكازة فتجب مطلقًا،
والفرق بـينهما المشقة في الولى دون الثانية ،وحيث عجز عن القيام قعد كيف شاء ،والفتراش
ل وجهه ومقّدم بدنه للقبلة،
أفضل من غيره ،فإن عجز عن القعود اضطجع على جنبه جاع ً
والفضل اليمن ،فإن عجز عن الضطجاع استلقى على ظهره رافعًا رأسه بشيء ليتوجه بوجهه
ل أخمصيه للقبلة ،ويركع ويسجد بقدر إمكانه فلو قدر على إلى القبلة ،وكذا يرفع قدميه جاع ً
الركوع فقط كرره للسجود ،ولو قدر على زيادة على أكمل الركوع تعينت تلك الزيادة للسجود؛
لن الفرق بـينهما واجب على الممكن ،فإن عجز عن ذلك أومأ برأسه ،ويجعل السجود أخفض
من الركوع لما تقدم ،فإن عجز أومأ بأجفانه ،ول يجب في هذا جعل السجود أخفض من الركوع
لعدم ظهوره ،فإن عجز أجراهما على قلبه ،وكذا لو عجز عن الصلة كلها فإنه يجري أفعالها
وأقوالها على قلبه بأن يمثل نفسه قائمًا وقارئًا وراكعًا إلى آخره ول إعادة عليه ،ول تسقط عنه
الصلة ما دام عقله ثابتًا.
وعلم مما تقدم أن من قدر على اليماء ل يكفيه الجراء ول يجب عليه جمعه مع اليماء وهو
كذلك) .كمتنفل( فله صلة النفل قاعدًا ولو مع القدرة على القيام كما تقدم ،وهذا عام في جميع
ن فيه الجماعة كصلة العيدين وحتى رواتب الفرائض ،وكذا له صلة النوافل حتى النفل الذي تس ّ
النفل مضطجعًا ولو مع القدرة على القعود ،ويجب عليه الجلوس للركوع والسجود بـين
السجدتين .نعم مصلى النفل قاعدًا له نصف أجر القائم ،ومصليه مضطجعًا له نصف أجر القاعد
إذا كان مع القدرة ،أما مع العجز فل ينقص أجره ،ول يجوز الستلقاء إل إذا عجز عن جميع ما
تقدم ،فإن استلقى مع إمكان القيام أو القعود أو الضطجاع فل تصح صلته.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( رابعها) :قراءة فاتحة كل ركعة( في قيامها أو بدله )إل ركعة مسبوق( بها حقيقة :كأن وجد
المام راكعًا أو حكمًا كأن زحم عن السجود فتسقط الفاتحة أو بعضها عن القادر عليها في ركعة
مسبوق ،وهو من لم يدرك مع المام زمنًا يسع الفاتحة بالنسبة للوسط المعتدل ل بالنسبة لقراءته
ول لقراءة إمامه فإنه إذا جاء ووجد المام راكعًا أحرم وركع خلفه ،ويتحمل عنه إمامه الفاتحة
ل للتحمل :بأن ل يكون محدثًا ،ول في ركعة زائدة ،ول في الركوع الثاني كلها بشرط أن يكون أه ً
من صلة الكسوف .نعم إن اطمأن يقينًا قبل رفع المام عن أقل الركوع أدرك الركوع ،وإن لم
ك في ذلك فاتته الركعة فيتداركها بعد سلم إمامه ،وإذا جاء قبل ركوع المام وأحرم يطمئن أو ش ّ
خلفه ولم يشتغل بسنة كدعاء افتتاح قرأ ما أمكنه من الفاتحة ،وإذا ركع إمامه ركع معه ويتحمل
ل للتحمل كما مّر ،فإن لم يركع مع إمامه فاتته الركعة فيوافق عنه المام باقي الفاتحة إن كان أه ً
المام فيما هو فيه ول يجري على نظم صلة نفسه ،ول تبطل صلته إل إذا تخلف عن المام
بركنين فعليـين بل عذر هذا إن لم ينو المفارقة ،وإل صار منفردًا فيجري على نظم صلة نفسه،
ن أنه يدرك المام في الركوع وأن الشتغال بالسنة ل يؤخره عن فإن اشتغل بسنة فإن كان يظ ّ
ذلك فتبـين خلف ظنه وجب عليه أن يتخلف حتى يأتي من الفاتحة بقدر ما أتى به من السنة ،فإذا
ن معه يقينًا أدرك الركعة وإل فاتته ويتدراكها بعد فرغ من ذلك وأدرك المام في الركوع واطمأ ّ
سلم إمامه ،وإذا رفع المام من الركوع قبل أن يكمل المأموم ما عليه فاتته الركعة أيضًا فل
يجري على نظم صلة نفسه ،بل يوافق المام فيما هو فيه بعد تكميل ما عليه ما لم يسبق بركنين
ي للسجود قبل أن يكمل المأموم ما عليه وجب عليه نية المفارقة وإل فعليـين ،فلو أراد المام الهو ّ
ن أنه ل يدرك المام في الركوع لو اشتغل بالسنة ،ومع ذلك بطلت صلته ،وإن كان المسبوق يظ ّ
اشتغل بها كدعاء الفتتاح فإنه يجب عليه التخلف كما مّر ،لكن تجب عليه نية المفارقة قبل رفع
المام من الركوع ،وإل حرم عليه ول تبطل صلته إل إذا تخلف بركنين فعليـين بل نية مفارقة،
ن معه في ركوعه ،ولما أتّم الركعة وقام وجد إمامًا غيره ولو اقتدى بإمام راكع فركع واطمأ ّ
ن معه ،وهكذا إلى آخر صلته جاز ،وعلى راكعًا فنوى مفارقة هذا واقتدى بالخر وركع واطمأ ّ
هذا فيمكن سقوط الفاتحة عنه في جميع الركعات ،ولو اقتدى بإمام سريع القراءة على خلف
العادة ،والمأموم معتدلها ،وكان في قيام كل ركعة ل يدرك مع المام زمنًا يسع الفاتحة من الوسط
المعتدل فهو مسبوق في كل ركعة فيقرأ من الفاتحة ما أدركه ،وإذا ركع إمامه ركع معه وسقط
عنه باقي الفاتحة لتحمل المام له ،وعلى هذا فيمكن سقوط بعض الفاتحة عنه في كل ركعة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ب العالمين إلى آخرها ست آيات، وتجب الفاتحة )مع( قراءة )بسملة( فإنها آية ،والحمد ل ر ّ
فالجملة سبع آيات ،والبسملة آية من كل سورة إل براءة) .و( مع )تشديدات( أربع عشرة ،فلو
خفف تشديدة منها فإن غير المعنى وتعمد وعلم بطلت صلته كتخفيف إياك ،بل إن اعتقد معناه
ل أو كان التخفيف ل يغير كفر ،لن إيا بالقصر مخففًا اسم لضوء الشمس ،وإن كان ناسيًا أو جاه ً
المعنى لم تبطل صلته بل تبطل قراءته فيجب عليه أن يعيدها على الصواب قبل الركوع وإل
بطلت صلته ،ول بد من كونه قادرًا على الصواب ولو بالتعلم) .و( مع )رعاية( عدد )حروف(
وهي مائة وأحد وأربعون حرفًا على قراءة ملك بغير ألف ،لكن الفضل باللف لن الحرف
الواحد بعشر حسنات فل يجوز نقص حرف من ذلك العدد .وحروف الفاتحة مع تشديداتها مائة
وخمسة وخمسون حرفًا ،لن الحرف المشدد محسوب بحرفين) .و( تجب الفاتحة مع رعاية
)مخارجها( فلو أبدل حرفًا بغيره فإن كان يغير المعنى بأن ينقل الكلمة إلى معنى آخر أو يصير
ل ،وكان مع العمد والعلم الكلمة ل معنى لها :كإبدال حاء الحمد هاء أو إبدال ذال الذين زايًا أو دا ً
بالتحريم بطلت صلته ،وإن كان ل يغير المعنى كالعالمون بدل العالمين لم تبطل صلته ،بل
تبطل قراءته لتلك الكلمة ،فإن لم يعدها على الصواب قبل الركوع وركع عامدًا بطلت صلته،
وبعضهم قال :إن البدال مع العمد والعلم والقدرة على الصواب مبطل للصلة مطلقًا وإن لم يغير
المعنى كالعالمون لنها كلمة أجنبـية .وأما اللحن في الفاتحة ،والمراد به تغير شيء من حركاتها
أو سكناتها ل خصوص اللحن في اصطلح النحويـين :وهو تغيـير العراب والخطأ فيه ،فالمراد
هنا ما هو أعم من ذلك ،فإن غير المعنى كضم تاء أنعمت أو كسرها ،فإن تعمد وعلم بطلت
ل بالتحريم بطلت قراءته فيجب عليه إعادتها على صلته ،وإن كان ناسيًا أنه في الصلة أو جاه ً
الصواب قبل الركوع ،وإل بطلت صلته كما تقدم ،هذا كله إن كان قادرًا على الصواب ولو
بالتعلم كما تقدم ،فإن كان عاجزًا عن الصواب وعن تعلمه فصلته صحيحة في نفسه وتصح
إمامته لمثله ،وإن كان البدال ل يغير المعنى كضم هاء الحمد ل ،أو ضم صاد الصراط ،أو كسر
باء نعبد أو فتحها ،أو كسر نونها فل تبطل به الصلة مطلقًا ،لكن يحرم عليه ذلك مع العمد والعلم
من حيث كونه قرآنًا ،ولو نطق القادر على الصواب بالقاف كما تنطق به أجلف العرب صح مع
الكراهة ،وتجب الفاتحة مع رعاية ترتيبها بأن يأتي بها على نظمها المعروف لنه مرجع مناط
البلغة والعجاز ،فلو ترك الترتيب كأن بدأ بنصفها الثاني لم يعتد به مطلقًا ،ثم إذا أتى بنصفها
الّول بعد ذلك ولم يقصد به التكميل على ما أتى به بأن قصد الستئناف أو أطلق اعتد به بشرط
أن يكمل عليه باقي الفاتحة من غير فصل طويل ،أو كان بعذر ولو طال وإل لم يعتد به.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( مع رعاية )موالة( بأن يأتي بكلماتها على الولء )فيعيد( الفاتحة )بتخلل ذكر أجنبـي( غير
ل كحمد عاطس وإجابة مؤذن )ل بتأمين وسجود( لتلوة إمامه سجده متعلق بالصلة وإن كان قلي ً
مع إمامه )ودعا( أمن سؤال رحمة واستعاذة من عذاب ،ول بقول :بلى وأنا على ذلك من
ن فيها ذلك )و(
الشاهدين ول بقول :سبحان ربـي العظيم أو غير ذلك )لقراءة إمام( الية التي يس ّ
ل بـ)فتح عليه( أي المام عند توقفه وسكوته ،والفتح تلقين الية فل يرّد عليه ما دام يرّددها ،فإن
فتح عليه حينئذ انقطعت الموالة) .و( يعيد الفاتحة )بسكوت طال( مطلقًا بأن زاد على سكتة
الستراحة والعياء لشعاره بالعراض أو قصر إن قصد بالتقصير قطع القراءة لعراضه عنها
حقيقة لقتران الفعل بنية القطع )بل عذر( في مسألتي ذكر أجنبـي وسكوت طويل ،بخلف ذلك
ل لتذكرها فإنه ل يؤثر في مع النسيان فل يقطع الموالة بل يبني ،فلو نسي آية فسكت طوي ً
الموالة كما قاله القاضي وغيره ،ولو كرر آية منها للشك أو التفكر أول لسبب عمدًا فالصح أنه
يبني) .ول أثر لشك في حرف بعد تمامها( أي الفاتحة لن الظاهر حينئذ مضيها تاّمة ،ولن الشك
ن.
في حروفها يكثر لكثرتها ،فعفى عنه للمشقة فاكتفى فيها بغلبة الظ ّ
)واستأنف( وجوبًا إذا شك في بعضها )قبله( أي التمام كالشك في أصل القراءة فإنه يوجب
استئنافها ولو بعد تمام الفاتحة ،لن الصل عدم قراءتها ،والوجه إلحاق التشهد بها فيما ذكر ل
سائر الركان فإنه إذا شك فيها أو في صفتها وجب إعادتها مطلقًا فورًا ،ومن ذلك ما لو شك في
شيء من العضاء السبعة هل وضعه أول فيعيد السجود ،وإن كان الشك بعد الفراغ منه :هذا إن
كان إمامًا أو منفردًا ،ويعيد بعد سلم المام إن كان مأمومًا حيث امتنع عليه الرجوع إليه بأن
تلبس مع المام بما بعده ،فإن عجز المصلي عن جميع الفاتحة لعدم معلم أو مصحف أو نحو ذلك
وجب سبع آيات ولو متفرقة ل تنقص حروفها حروف الفاتحة سواء أفادت معنى منظومًا أم ل،
ول يلزمه إل التيان ببدل حروفها الموجودة في النطق دون الرسم ،والمشدد بحرفين من الفاتحة
والبدل ،ومن يحسن بعض الفاتحة يأتي بها وببدل الباقي ،ويجب الترتيب بـين الصل والبدل ،فلو
كان يحسن أّول الفاتحة أتى به أّول ثم يأتي ببدل الباقي ،وإن كان يحسن آخر الفاتحة أتى ببدل
الّول ثم يأتي بآخرها ،وإن كان يحسن وسطها أتى ببدل الّول ثم يأتي بالوسط الذي يحسنه ثم
يأتي ببدل الخر ،فإن عجز عن القرآن أتى بسبعة أنواع من الذكر أو الدعاء ل تنقص حروفها
عن حروف الفاتحة ،ويجب تعلق الدعاء بالخرة إن عرف ذلك ،وإل أتى بدعاء دنيوي فل يعدل
إلى الدنيوي إل إذا عجز عن الخروي ولو بغير العربـية ،فإن عجز عن ذلك كله لزمه وقفة قدر
الفاتحة في ظنه لن القيام ركن في نفسه.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن لبنائها علىن بعد تحرم( وقبل تعّوذ )افتتاح( وذلك في غير صلة الجنازة ،أما فيها فل يس ّ )وس ّ
التخفيف ،وله صيغ كثيرة :منها :وجهت وجهي للذي فطر السموات والرض حنيفًا مسلمًا وما أنا
من المشركين إن صلتي ونسكي ومحياي ومماتي ل رب العالمين ل شريك له وبذلك أمرت وأنا
من المسلمين .ومنها :الحمد ل حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه .ومنها :ال أكبر كبـيرًا والحمد ل
ل .ومنها :اللهم باعد بـيني وبـين خطاياي كما باعدت بـين المشرق كثيرًا وسبحان ال بكرة وأصي ً
والمغرب ،اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب البـيض من الدنس ،اللهم غسلني من خطاياي
بالماء والثلج والبرد .ومنها :اللهم أنت الملك ل إله إل أنت ،أنت ربـي وأنا عبدك ظلمت نفسي
واعترفت بذنبـي فاغفر لي ذنوبـي جميعًا فإنه ل يغفر الذنوب إل أنت واهدني لحسن الخلق،
ل يهدي لحسنها إل أنت ،واصرف عني سيئها ل يصرف عني سيئها إل أنت ،لبـيك وسعديك،
والخير كله في يديك والشر ليس إليك أنا بك وإليك ،تباركت ربنا وتعاليت ،أستغفرك وأتوب إليك.
ومنها :غير ذلك ،وبأيها افتتح حصلت السنة.
ن الجمع بـينها لمنفرد وإمام قوم محصورين راضين بالتطويل )ما لم يجلس مأموم وإن خاف ويس ّ
ن دعاء الفتتاح إل بشروط أربعة :أن يكون في غير صلة الجنازة ولو على فوت سورة( ول يس ّ
قبر أو غائب خلفًا لبن العماد ،وأن يحرم في وقت يسع الصلة ،وأن ل يخاف المأموم فوت
لل بعض الفاتحة لو اشتغل به ،وأن ل يدرك المام في غير القيام ،فإن أدركه في العتدال مث ً
يفتتح ،ويفوت دعاء الفتتاح بالشروع فيما بعده عمدًا أو سهوًا ،وخرج بذلك ما لو سبق لسانه فل
ن بعد دعاء الفتتاح وبعد تكبـير صلة العيد )تعّوذ( للقراءة )كل ركعة( وله يفوت) .فـ( ـيس ّ
ن التعّوذ في صلة الجنازة ،وفيما لو اقتدى بإمام جالس شروط دعاء الفتتاح المتقدمة آنفًا .نعم يس ّ
وجلس معه ،فيأتي به بعد قيامه لنه للقراءة ،بخلف دعاء الفتتاح في ذلك ول يأتي به إل بعد
ن السرار به في الصلة تمام النتصاب ،فلو أتى به نهوضه للقيام ل يحسب وكان مكروهًا ،ويس ّ
مطلقًا :أي سواء كانت سرية أو جهرية ،وكذا دعاء الفتتاح.
وأما التعّوذ للقراءة خارج الصلة فإنه تابع للقراءة سرًا وجهرًا ،ويفوت التعّوذ بالشروع فيما بعده
عمدًا أو سهوًا ل بسبق اللسان ،وأفضل صيغ التعّوذ على المعتمد :أعوذ بال من الشيطان الرجيم،
وقيل :أعوذ بال السميع العليم من الشيطان الرجيم ،ويحصل أصل السنة بالتيان ببعضه ،ولو
ن التعّوذ له .وظاهر هذا أنه
ن التعّوذ للبدل حتى لو كان بدلها نفس التعّوذ س ّ عجز عن الفاتحة س ّ
ن ابتداؤه بالبسملة ،ويمكن أن يوجه يتعّوذ للبدل ولو كان ذكرًا محضًا مع أن الذكر المحض ل يس ّ
ل عن القراءة أعطى حكمها) .و( سن )وقف على رأس كل آية منها( أي الفاتحة. بأنه لما كان بد ً
وقال ابن حجر في فتح الجواد :والولى أن يصل بـين البسملة والحمدلة .نعم الفضل الوقف على
رأس كل آية من بقية الفاتحة للتباع والولى أن ل يقف على أنعمت عليهم ،لنه ليس بوقف تام
ول منتهى آية عندنا.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
فرع :من سنن الهيئات الجهر في موضعه والسرار في موضعه ،فالجهر في الصبح ،والجمعة
ل ،أو
والعيدين ،وخسوف القمر ،والستسقاء ،والتراويح ،ووتر رمضان ،وركعتي الطواف لي ً
وقت الصبح ،وأولتي العشاءين ،والسرار في غير ذلك إل نوافل الليل المطلقة فيتوسط فيها بـين
ل أو نحو ذلك، الجهر والسرار بحيث يسّر تارة ويجهر أخرى ما لم يشّوش على نائم أو مص ّ
ل ويسر في والعبرة في قضاء الصلة بوقت القضاء على المعتمد فيجهر في قضاء الظهر لي ً
ل أوقضاء العشاء نهارًا ،ومثل الليل وقت الصبح لنه وقت جهر ،فلو قضى صلة الضحى لي ً
وقت صبح جهر .نعم صلة العيدين جهرية قضاء وأداء ،ووتر غير رمضان .ورواتب الفرائض
سرية أداء وقضاء وجهر المرأة دون جهر الرجل .نعم ل تجهر بحضرة الرجال الجانب ومثلها
ن )تأمين( أي قول آمين )عقبها( أي الفاتحة أو عقب بدلها إن تضمن دعاء ،ولو الخنثى) .و( س ّ
فصله عن الفاتحة بذكر آخر فاته .نعم يستثنى نحو :رب اغفر لي ،ومثل الذكر في ذلك السكوت
الطويل ،بخلف السكوت اليسير فإنه سنة بـين آمين والفاتحة أو بدلها.
فائدة :السكتات المطلوبة في الصلة ست :سكتة بـين تكبـيرة الحرام ودعاء الفتتاح وسكتة بـين
دعاء الفتتاح والتعّوذ ،وسكتة بـين التعّوذ والفاتحة أو بدلها ،وسكتة بـين الضالين وآمين .وسكتة
بـين آمين والسورة ،وسكتة بـين السورة والركوع .وكلها بقدر سبحان ال إل سكوت المام بـين
آمين والسورة فإنه بقدر قراءة المأموم الفاتحة ،والولى للمام أن يشتغل حينئذ بدعاء أو قراءة
سرًا فالقراءة أولى وحينئذ يكون تسمية ذلك سكوتًا بحسب الظاهر فقط .والتأمين تابع للفاتحة سرًا
ن للمأموم أن يؤّمن في الجهرية )مع إمامه إن سمع( قراءة المام وإل فل يؤّمن وجهرًا) .و( يس ّ
ن له التأمين وليس في فخرج ما لو كان خارج الصلة فسمع قراءة غيره من إمام ومنفرد فل يس ّ
ن مقارنة المام فيه إل هذا فإن لم تتفق له مقارنته أمن عقبه ،ولو تأخر المام عن الصلة ما تس ّ
الزمن المسنون فيه التأمين أّمن المأموم ،ولو قرأ المأموم مع المام وفرغا معًا كفاه تأمين واحد،
وإن فرغ المأموم قبل المام أمن لنفسه ثم يؤّمن للمتابعة ول ينتظره على المعتمد ،وإن فرغ
المام قبله أّمن معه للمتابعة ثم يؤّمن لنفسه عقب قراءته.
فائدة :الحوال التي يجهر فيها المأموم خلف المام خمسة :حالة تأمينه مع إمامه ،وحالة دعاء
المام في قنوت الصبح .وفي قنوت الوتر في النصف الخير من رمضان .وفي قنوت النازلة في
الصلوات الخمس ،وحالة فتحه على إمامه .وما عدا ذلك يسر فيه.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن قراءة شيء من القرآن وهو )آية( فأكثر ،والكمل ثلث ،والوجه حصول أصل السنة )و( س ّ
بما دون آية إن أفاد كما قال الرملي وابن حجر )بعدها( أي الفاتحة في صلة فرض أو نفل )و(
ن تطويل قراءةذلك )في الوليـين( ل في ثالثة الرباعية ورابعتها ،ول في ثالثة المغرب .ويس ّ
الولى على الثانية ،وأن يكون على ترتيب المصحف والسورة أفضل من بعض سورة إن كان
قدرها أو أقل ،فإن كان أكثر فهو أفضل منها على المعتمد ومحل أفضلية السورة على البعض في
غير المواضع التي ورد فيها البعض كالتروايح فإن السنة فيها الصلة بجميع القرآن فيجزئه على
الليالي بحيث يكون آخر الختمة منطبقًا على آخر ليلة في الشهر وكركعتي الفجر فإن السنة فيهما
قراءة آيتي البقرة وآل عمران ،ولو كّرر سورة في الركعتين حصل أصل سنة القراءة وتكفي
فواتح السور نحو :الم ،وص ،وق ،ون )لغير مأموم سمع( ول سورة للمأموم في الجهرية بل
يستمع قراءة إمامه ،فإن لم يسمعها لصمم أو بعد أو غيره قرأ سورة فأكثر إلى أن يركع المام إذ
سكوته ل معنى له .وأما السرية فيقرأ فيها السورة لعدم سماعه قراءة إمامه ما لم يكن مسبوقًا وإل
ن للصبح طوال المفصل وللظهر قريب سقطت عنه السورة تبعًا لسقوط الفاتحة أو بعضها .ويس ّ
منها وللعصر والعشاء أوساطه إن كان مقيمًا منفردًا أو إمام قوم محصورين راضين بالتطويل.
ن له شيء من أما المسافر فإنه يقرأ في صلته كلها بالكافرون والخلص .وأما المأموم فل يس ّ
ن له
ذلك .وأما إمام غير المحصورين ومثله إمام المحصورين غير الراضين بالتطويل فيس ّ
التخفيف .وللمغرب قصاره ،وابتداء المفصل الحجرات ،وطواله من الحجرات إلى عّم وأوساطه
من عّم إلى الضحى ،وقصاره من الضحى إلى الخر.
)وفي جمعة وعشائها الجمعة والمنافقون أو سبح وهل أتاك ،وصبحها( في الركعة الولى )الم
تنزيل( السجدة تلي سورة لقمان) ،و( في الثانية )هل أتى( وهذا عام في إمام المحصورين
وغيره ،ومثل ذلك :ق ،واقتربت في العيدين .والفضل أن يقرأ السورتين بكمالهما وله القتصار
على بعض منهما ولو آية السجدة ولو بقصد السجود وإن لم يضق الوقت على المعتمد .ولو قرأ
ن المحافظة على في الولى من صبح الجمعة هل أتى ،وفي الثانية الم تنزيل وسجد صح .وتس ّ
السجدة في صبح الجمعة ،ول نظر لكون العامة قد تعتقد وجوبها خلفًا لمن نظر في ذلك) .و( في
ن هاتان السورتان للمسافر في صبح الجمعة وصبح )مغربها الكافرون والخلص( كما تس ّ
غيرها ،لكن قال الونائي :والمعّوذتان للمسافر في صبحه أولى اهـ .وقال المصنف في إرشاد
ن قراءة للمعّوذتين في مغرب السبت اهـ .وقال محمد المصري في شرح أبـي شجاع: العباد :وس ّ
والسنة أن يبدأ السورة بالبسملة لنها آية منها ،وأن يقول قبل السورة إن كانت من الضحى إلى
ل يكبر هذاآخر القرآن :ل إله إل ال وال أكبر ،لما نقل عن الشافعي رضي ال عنه أنه سمع رج ً
التكبـير في الصلة ،فقال له :أحسنت وأصبت السنة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن للمصلي )تكبـير في كل خفض ورفع ل( في الرفع )من ركوع( فيقول فيه :سمع ال لمن )و( س ّ
حمده )ومده( أي التكبـير من الفعل الذي انتقل منه إلى الحصول في المنتقل إليه .ولو فصل
بـينهما بجلسة الستراحة وهذه يقال لها أذكار النتقالت ،ويسّر بها كل من المام والمأموم
والمنفرد كأذكار الركان) .و( لكن لو توقف العلم بانتقالت المام على جهره بأذكار النتقالت
ن )جهر به( أي بالمذكور )لمام وكره( أي الجهر بذلك )لغيره( أي المام ،فإن لم يبلغ صوت سّ
ن لبعضهم الجهر بذلك لسماع الباقي والمبلغ يجهر بما يجهر به المام، المام جميع المأمومين س ّ
ومنه :سمع ال لمن حمده لنه من أذكار النتقالت ويسّر بما يسّر به المام ،ومنه :ربنا لك الحمد
في العتدال لنه من أذكار الركان ومخالفة ذلك من جهل الئمة والمبلغين.
)و( خامسها) :ركوع( وأقله في حق القائم المعتدل الخلقة أن ينحني )بانحناء( خالص ل انخناس
فيه )بحيث تنال راحتاه ركبتيه( يقينًا إذا أراد وضعهما عليهما وهو سنة .والراحة :بطن الكف
صرنا أو قطع شيء غير الصابع فل يحصل بانخناس ول به مع انحناء ،ولو طالت يداه أو ق ُ
منهما لم يعتبر ذلك ،فإن عجز عن ذلك إل بمعين ولو باعتماد على شيء أو انحناء على شقه
لزمه.
ن( في حق القائم ليكون ركوعه أكمل )تسوية ظهر وعنق( بحيث يصيران كالصفيحة )وس ّ
الواحدة ونصب ساقيه وفخذيه )وأخذ ركبتيه( مفرقتين بقدر شبر )بكفيه( وتفرقة أصابعه تفريقًا
وسطًا لجهة القبلة لنها أشرف الجهات ،والعاجز ينحني قدر إمكانه ،فإن عجز عن النحناء أص ً
ل
أومأ برأسه ثم بطرفه .وأما الركوع في حق القاعد ،فأقله أن تحاذي جبهته أمام ركبتيه ،وأكمله أن
ن في الركوع )قول :سبحان تحاذي محل سجوده ،ومن عجز فعل مقدوره نظير ما تقدم) .و( س ّ
ن زيادة )وبحمده( ويحصل أصل السنة بمرة ،والكمل أن يقولها ربـي العظيم( للتباع وتس ّ
)ثلثًا( وتكره الزيادة عليها لمام قوم غير محصورين أو كانوا غير راضين بالتطويل فإن كان
منفردًا أو إمام قوم محصورين راضين بالتطويل ،فالكمل أن يقولها خمسًا ،وأكمل منها سبعًا،
ن لمن ذكر أن يزيد على وأكمل منها تسعًا ،وأكمل منها إحدى عشرة وهي نهاية المطلوب .ويس ّ
ذلك :اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبـي
وشعري وبشري وما استقلت به قدمي ل رب العالمين.
)و( سادسها )اعتدال( ولو لنافلة ،ويحصل )بعود لبدء( أي لما كان عليه قبل ركوعه قائماً كان أو
ن أن يقول في رفعه( إلى العتدال )سمع ال لمن حمده( أي تقبل ال منه حمده، قاعدًا) .ويس ّ
ويحصل أصل السنة بقوله :من حمد ال سمع له ،ول فرق في ذلك بـين المام والمأموم والمنفرد.
ن )بعد انتصاب( أن يرسل يديه ويقول) :ربنا لك الحمد( أي ربنا استجب لنا ولك الحمد )و( يس ّ
ن أن يزيد بعد ذلك حمدًا كبـيرًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه )ملء السموات
على هدايتك إيانا .ويس ّ
وملء الرض وملء ما شئت من شيء بعد( أي بعدهما :كالعرش والكرسي وغيرهما مما ل
يعلمه غيره تعالى ،ويجوز في ملء رفعه على الصفة ونصبه على الحال :أي مالئًا لو كان الحمد
جسمًا ،ويزيد منفرد وإمام قوم محصورين راضين بالتطويل :أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد
وكلنا لك عبد ل مانع لما أعطيت ول معطي لما منعت ول ينفع ذا الجد منك الجد ،ومن :بمعنى
عند .والجد بفتح الجيم :الغنى .لكن لو كان العتدال محل قنوت وأراد من ذكر أن يقنت فإنه يأتي
بالقنوت بعد قوله :وملء ما شئت من شيء بعد ول يأتي بباقي الذكر والمذكور.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن )قنوت بصبح( أي في اعتدال ركعته الثانية بعد إتيانه بالذكر الراتب خلفًا لبن الفركاح )و( س ّ
فإنه يقول ل يأتي بالذكر ،والصل في ذلك ما ثبت عنه أنه لم يزل يقنت في الصبح حتى فارق
الدنيا ) .و( في اعتدال الركعة الخيرة من )وتر نصف أخير من رمضان و( في اعتدال الركعة
الخيرة من )سائر مكتوبة( أي باقيها من الخمس )لنازلة( نزلت بالمسلمين ولو واحدًا تعدى نفعه:
كأسر العالم والشجاع ،وسواء فيها الخوف من نحو عدّو ولو مسلمين ،والقحط ،والجراد ،والوباء،
والطاعون ،وقنوت النازلة ليس من البعاض لنه سنة في الصلة ل سنة منها ،ويحصل القنوت
)بنحو( اللهم اغفر لي يا غفور وارحمني يا رحيم من كل ما يشتمل على دعاء وثناء .فالدعاء
حصل باغفر وارحم .والثناء حصل :بغفور ورحيم .ومثل ذلك آية تتضمن دعاء وثناء :كآخر
سورة البقرة بشرط أن يقصد بها القنوت .والفضل أن يأتي بالقنوت المشهور وهو) :اللهم اهدني
فيمن هديت الخ( أي القنوت وتتمته وعافني فيمن عافيت ،وتولني فيمن توليت ،وبارك لي فيما
أعطيت ،وقني شر ما قضيت ،فإنك تقضي ول يقضى عليك ،وإنه ل يذل من واليت ،ول يعز من
عاديت ،تباركت ربنا وتعاليت فلك الحمد على ما قضيت أستغفرك وأتوب إليك.
ن لمنفرد وإمام محصورين راضين بالتطويل أن يزيد على ذلك القنوت المروي عن سيدنا ويس ّ
عمر ،وهو :اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونستهديك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير
كله ،نشكرك ول نكفرك ،ونخلع ونترك من يفجرك ،اللهم إياك نعبد ،ولك نصلي ونسجد ،وإليك
ن عذابك الجد بكسر الجيم :أي الحق نسعى ونحفد :أي نسرع ،نرجو رحمتك ونخشى عذابك ،إ ّ
بالكفار ملحق ،بكسر الحاء :أي لحق بهم اللهم عذب الكفرة والمشركين أعداء الدين ،الذين
يصدون عن سبـيلك ،ويكذبون رسلك ،ويقاتلون أولياءك .اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات،
والمسلمين والمسلمات ،الحياء منهم والموات اللهم أصلح ذات بـينهم ،وألف بـين قلوبهم،
واجعل في قلوبهم اليمان والحكمة ،وثبتهم على ملة رسولك ،وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي
عاهدتهم عليه ،وانصرهم على عدّوك وعدّوهم إله الحق واجعلنا منهم .ثم يأتي بالصلة والسلم
على النبـي وآله وصحبه فيقول :وصلى ال على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم بصيغة
الماضي أو المر في الفعلين ،والولى أولى من البليغ الذي يراعي النكات فإن لفظه لفظ الخبر،
فكأن الصلة والسلم حصل من ال بالفعل وأخبر عنهما .ول يقال :إن ذلك يحصل به تطويل
العتدال وهو مبطل ،لنا نقول :محله في التطويل بغير الوارد على أن ذلك مقيد بغير العتدال
الخير من سائر الصلوات لنه ورد تطويله في الجملة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ولو عجز عن القنوت وقف وقفة يسيرة تسع قنوتًا ولو قصيرًا وتسع ما بعده من الصلة والسلم
ن سجود السهو على الوجه ،والوارد أن يجمع بـين على النبـي وآله وصحبه ،فإن لم تسع ذلك س ّ
القنوتين المذكورين ،لكن لو اقتصر على واحد منهما فل سجود.
)وجهر به( أي القنوت )إمام( استحبابًا في الجهرية والسرية كأن قضى صبحًا أو وترًا بعد طلوع
الشمس )وأمن مأموم( للدعاء جهرًا إذا جهر إمامه و)سمع( أي المأموم قنوت المام ،ومن الدعاء
الصلة على رسول ال وإنما طلب من المام الجهر بالقنوت في السرية مع أنها ليست محل
الجهر لن المقصود من القنوت الدعاء وتأمين القوم عليه ،فطلب الجهر ليسمعوا فيؤمنوا ول
ن أن يقول ثناء سرًا ،وهو من :فإنك تقضي إلى آخره أو يستمع له لنه يؤمن المأموم للثناء ،بل يس ّ
ثناء وذكر ل يليق به التأمين والمشاركة أولى.
ن له أن يأتي بضمير المتكلم ومعه غيره بأن يقول: )وكره لمام تخصيص نفسه بدعاء( وإنما يس ّ
ص المام نفسه بالقنوت بأن ل اللهم اهدنا إلى آخره ،لنه يقول عن نفسه وعن المأمومين فلو خ ّ
ن رفع ن للمأموم التأمين لنه الوارد ،ل القنوت كما قاله الشبراملسي .ويس ّ يأتي بلفظ الجمع ،س ّ
يديه في القنوت كسائر الدعية .والولى عدم مسح وجهه بهما) .و( سابعها )سجود مرتين( في
كل ركعة .وإنما شرع تكرار السجود دون غيره لنه أبلغ في التواضع .ولنه لما عرج به إلى
السماء فمن كان من الملئكة قائمًا سلموا عليه قيامًا ،ثم ركعوا شكرًا ل تعالى على رؤيته .ومن
كان منهم راكعًا رفعوا رؤوسهم من الركوع وسلموا عليه ،ثم سجدوا شكرًا ل تعالى على رؤيته.
ومن كان منهم ساجدًا رفعوا رؤوسهم من السجود وسلموا عليه ،ثم سجدوا ثانية شكرًا ل تعالى
على رؤيته ،فلذلك صار السجود مثنى مثنى فلم يرد ال أن يكون للملئكة حال إل وجعل لهذه
ل هو مثل حالهم ،ولن في تكرار السجود إشارة إلى أنه خلق من الرض وسيعود إليها. المة حا ً
وحقيقة السجود شرعًا وضع العضاء السبعة فوق ما يصلى عليه من أرض أو غيرها.
والعضاء السبعة :هي الجبهة ،والركبتان وباطن اليدين ،وبطون أصابع الرجلين .ويكفي وضع
بعض كل عضو من ذلك .وشروطه ستة :أن ل يقصد به غيره فقط .وهذا الشرط عام في جميع
الركان ،ويعبر عنه بعدم الصارف .وأن تستقر أعضاؤه السبعة كلها في آن واحد فلو وضع
بعضها ثم رفعه ووضع البعض الخر لم يكف .وأن يكون السجود )على غير محمول وإن
تحرك( أي ذلك الغير )بحركته( فل يصح السجود على طرف كمه الطويل إن تحرك بحركته
لنه محمول له ،بخلف ما إذا لم يتحرك بحركته فإنه كالمنفصل ،وبخلف ما لو سجد على نحو
سرير يتحرك بحركته فيصح لنه غير محمول له ،والمراد بالمحمول متصل به يتحرك بحركته،
وخرج بذلك ما هو في حكم المنفصل عنه عرفًا :كعود أو منديل بـيده فل يضر السجود عليه.
ويضر السجود على عمامته أو عرقيته أو نحوهما .ولو كان بمحل سجوده تراب أو ورقة أو نحو
ل فل يصح السجود الثاني حتى ينحيه .ولو صلى قاعدًا وسجد ذلك فالتصق بجبهته وصار حائ ً
على متصل به ل يتحرك بحركته إل إذا صلى قائمًا لم يجزه السجود عليه لنه كالجزء منه .كذا
قاله الرملي تبعًا لوالده خلفًا لبن حجر وشيخ السلم في فتاويه .كذا قاله الشبراملسي .
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وأن يكون السجود )مع تنكيس( وهو رفع أسافل البدن على أعاليه فلو انعكس أو تساويا لم يجزه
قطعًا في النعكاس .وعلى الصح في المساواة .نعم لو كان في سفينة ولم يتمكن من ارتفاع ذلك
لميلها أو غيره كزحمة صلى على حسب حاله ووجبت عليه العادة لندرته هذا إذا ضاق الوقت
أو لم يضق ولكن لم يرج التمكن من السجود على الوجه المجزىء قبل خروج الوقت فإن رجا
ب على وجهه ومد رجليه لم يجز جزمًا ذلك وجب التأخير إلى التمكن أو إلى ضيق الوقت ولو أك ّ
كما لو ارتفعت العالي .نعم لو كان به علة ل يمكنه السجود معها إل كذلك بأن يكون فيه مشقة
شديدة أجزأه ول إعادة عليه .وإن شفي بعد ذلك ،وأن يكون السجود )بوضع بعض جبهته بكشف(
للجبهة إن سهل الكشف بحيث ل يناله به مشقة ل تحتمل عادة فلو كان بجبهته جرح أو نحوه
وعليه عصابة وشق عليه نزعها صح السجود عليها ،ول تلزمه العادة )و( أن يكون السجود مع
)تحامل( على الجبهة بحيث لو كان تحتها قطن أو حشيش لنكبس وظهر أثره في اليد لو فرضت
تحته ول يشترط ذلك في بقية العضاء السبعة) .و( كما يجب السجود على بعض جبهته يجب
على بعض )ركبتيه و( بعض )بطن كفيه( من الراحة وبطون الصابع دون ما عداهما )و( بعض
بطن )أصابع قدميه( لقوله » :أمرت أن أسجد على سبعة أعظم :على الجبهة واليدين والركبتين
وأطراف القدمين« .
)وسن وضع أنف( مكشوفًا مع الجبهة .وأكمل السجود أن يكبر لهويه بل رفع يديه ويضع ركبتيه
وقدميه ثم كفيه ثم جبهته وأنفه معًا ،ويكره مخالفة الترتيب المذكور وعدم وضع النف لنه قال:
»أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة« وأشار بـيده إلى أنفه ومن الهيئات أن يفرق
ركبتيه قدر شبر ويضع كفيه مكشوفتين حذو منكبـيه ناشرًا أصابعه مضمومة للقبلة ،وأن يفرق
قدميه ويبرزهما من ذيله ،وأن يجافي الرجل في السجود وفي الركوع بأن يرفع بطنه عن فخذيه
ومرفقيه عن جنبـيه .وأما المرأة والخنثى فيضم كل منهما بعضه إلى بعض فيهما ،لن الضم
أستر لهما.
ن زيادة )وبحمده( ويحصل أصل السنة ن في السجود )قول :سبحان ربـي العلى( وتس ّ )و( س ّ
بمرة .والكمل أن يقولها )ثلثًا( والفضل لمنفرد وإمام قوم محصورين راضين بالتطويل أن
يقولها خمسًا فسبعًا فتسعًا فإحدى عشرة وهي غاية الكمال كما تقدم .ويزيد من ذكر :اللهم لك
سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته
تبارك ال أحسن الخالقين .ويزيد من ذكر أيضًا :سبوح قدوس رب الملئكة والروح .وينبغي
الكثار من الدعاء في السجود بعد ذلك لحديث» :أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد،
فأكثروا الدعاء« أي في سجودكم .ومن المأثور في السجود :اللهم اغفر لي ذنبـي كله دقه وجله
أوله وآخره وعلنيته وسره :اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك ،وأعوذ بك
منك ل أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك .ومعنى أعوذ بك منك :أستعين بك على دفع
غضبك .ويأتي المأموم بما يمكنه من غير تخلف بقدر ركن.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( ثامنها) :جلوس بـينهما( أي السجدتين ولو في نفل )ول يطوله( أي ذلك الجلوس )ول
ل( لنهما ركنان قصيران ليسا مقصودين لذاتهما ،بل للفصل .وهذا معنى الموالة التي اعتدا ً
جرى الخلف في كونها ركنًا أو شرطًا ،وتطويل العتدال يحصل بأن يطوله زيادة عن الذكر
المشروع فيه قدر الفاتحة .وهذا في غير اعتدال الركعة الخيرة من سائر الصلوات .أما هو فل
يضر تطويله لنه ورد تطويله في الجملة بالقنوت فيه في أوقات النازلة كما تقدم ،وتطويل
الجلوس بـين السجدتين يحصل بأن يطوله زيادة عن الذكر المشروع فيه بقدر الواجب في التشهد
الخير ،وسيأتي بـيانه قريبًا :وسيأتي بـيان الذكر المشروع فيه .وأما الذكر المشروع في العتدال
فقد تقدم.
ن فيه( أي الجلوس بـين السجدتين )و( في )تشهد أول( وفي باقي الجلسات غير الجلوس )وس ّ
الخير فإنه على تفصيل يأتي )افتراش( بأن يضع رجله اليسرى بحيث يلي ظهرها الرض
ويجلس على كعبها ،وينصب رجله اليمنى ،ويجعل أطراف أصابعه منها للقبلة )واضعًا كفيه(
على فخذيه )قريبًا من ركبتيه( بحيث تسامت رؤوسهما الركبة للتباع ناشرًا أصابعه مضمومة
ل :رب اغفر لي إلى آخره( تتمته :وارحمني واجبرني وارفعني للقبلة كما في السجود )قائ ً
وارزقني واهدني وعافني ،رب هب لي قلبًا تقيًا نقيًا من الشرك بريًا ل كافرًا ول شقيًا ،ولم أر
تخصيص هذا الدعاء بالمنفرد كذا في نهاية المل .وقال الرملي :وفي تحرير الجرجاني يقول:
رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت العز الكرم .ثم قال الشبراملسي :هذا زيادة على
ما تقدم ،ول فرق بـين تقديمه على قول رب هب لي قلبًا إلى آخره ،وبـين تأخيره عنه :أي وكل
منهما مؤخر عن قوله .واعف عني.
)و( من سنن الهيئات )جلسة استراحة( بقدر الجلوس بـين السجدتين للتباع .رواه البخاري
ن في محل التشهد الول عند تركه وفي غير العاشرة والترمذي )لقيام( بعد سجود لغير تلوة وتس ّ
ن للقاعد ،ويكره تطويلها على الجلوس بـين السجدتين ل بتشهد .ول تس ّلمن صلى عشر ركعات مث ً
ول تبطل به الصلة على المعتمد ويأتي بها المأموم ندبًا وإن تركها المام ،ول يعّد من فحش
ن أن يمد التكبـير من رفعه منالمخالفة لن الشأن أنها يسيرة وهي فاصلة بـين الركعتين .ويس ّ
السجود إلى قيامه ل أنه يكبر تكبـيرتين وذلك بشرط أن ل يزيد على سبع ألفات وإل بطلت
صلته إن علم وتعمد .ومن سنن الهيئات اعتماد على الرض ببطن كفيه وأصابعه مبسوطة على
الرض عند قيامه من جلوسه أو سجوده وهو كهيئة العاجز ولو كان قويًا.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( تاسعها) :طمأنينة في كل( من الركان الربعة التي هي الركوع والعتدال والسجودان
ي من الركوع والسجود. والجلوس بـينهما ولو في نفل وهي سكون العضاء بعد حركتها من هو ّ
ومن نهوض إلى العتدال والجلوس بحيث يستقر كل عضو محله بمقدار التلفط بسبحان ال.
)و( عاشرها) :تشهد أخير( وهو ما يعقبه سلم )وأقله التحيات ل إلى آخره( تتمته :سلم عليك
أيها النبـي ورحمة ال وبركاته سلم علينا وعلى عباد ال الصالحين .أشهد أن ل إله إل ال وأن
محمدًا رسول ال .فهذا القل هو المعدود من البعاض في التشهد الول .والمعدود من الركان
في الجلوس الذي يعقبه سلم .وتجب مراعاة حروفه فلو أبدل حرفًا منه بآخر لم يصح .ومثل ذلك
لحن يغير المعنى .وتجب مراعاة تشديداته فلو خفف مشددًا لم يصح .نعم في النبـي لغتان التشديد
والهمز .فيجوز كل منهما ولو أظهر النون المدغمة في أن ل إله إل ال أو التنوين المدغم في
محمدًا رسول ال لم يضر على المعتمد ،لنه لم يسقط حرفًا وإنما أظهر المدغم على أن البزي
خير بـين الدغام والظهار في النون والتنوين مع اللم والراء .وتجب موالته بأن ل يفصل بـين
كلماته بغيرها ولو من ذكر أو قرآن .نعم يغتفر وحده ل شريك له بعد إل ال لنها وردت في
رواية .ومثل ذلك الكلمات الواردة في أكمل التشهد التي بـيانه التي تذكر في خلل الواجب ول
يضر زيادة يا الندائية قبل أيها ول زيادة ميم في عليك ،ول يجب ترتيبه .نعم إن كان عدم الترتيب
يخل بالمعنى ضر وتبطل به الصلة مع العمد .والحاصل أنه يشترط في التشهد إسماع النفس
وعدم الصارف والموالة ومراعاة الحروف والكلمات والتشديدات كالفاتحة والترتيب إن حصل
بعدمه إخلل بالمعنى وأن يكون بالعربـية للقادر عليها ولو بالتعلم وقراءته قاعدًا إل لعذر .وأكمل
التشهد :التحيات المباركات الصلوات الطيبات ل السلم عليك أيها النبـي ورحمة ال وبركاته
السلم علينا وعلى عباد ال الصالحين .أشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له وأشهد أن محمدًا
رسول ال.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( الحادي عشر) :صلة على النبـي( )بعده( أي التشهد في الجلوس الذي يعقبه سلم .ول
تشترط الموالة بـينها وبـين التشهد بل لو فصل بـينهما بذكر أو دعاء جاز )وأقلها :اللهم صل
ن في الول لبنائه على التخفيف.
ن في( تشهد )أخير صلة على آله( ول تس ّ على محمد ،وس ّ
وسواء في ذلك المنفرد والمام ولو لمحصورين رضوا بالتطويل خلفًا للذرعي .وأقل الصلة
على النبـي وآله :اللهم صل على محمد وآله .والكمل أن يقول :اللهم صل على محمد وعلى آل
محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ،وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت
على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد .والفضل التيان بلفظ السيادة .وآل
محمد كل مؤمن كما هو أحسن في مقام الدعاء ،فقد ورد» :إذا دعوتم فعمموا« .وآل إبراهيم
إسماعيل وإسحاق وأولدهما بل واسطة ،أو ذريتهما المؤمنون مطلقًا) .و( من سنن الهيئات
)دعاء( عقب التشهد وما بعده من الصلة على النبـي وآله بما شاء من دعاء دنيوي وأخروي
والمأثور أفضل .ومنه :اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب النار ومن فتنة المحيا
والممات ومن فتنة المسيح الدجال ،هذا متأكد ،وأوجبه قوم .وينبغي أن يختم به دعاءه ،لقوله :
ن آخر ما تقول« ومنه :اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمعزم .ومنه :اللهم اغفر لي ما »واجعله ّ
قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني ،أنت المقدم وأنت
المؤخر ل إله إل أنت .ومنه :اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كبـيرًا كثيرًا ول يغفر الذنوب إل أنت
فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم .والفضل للمام أن ل يبلغ بالدعاء
قدر التشهد والصلة على النبـي :أي الفضل له كون الدعاء أقل من قدر ما يأتي به منهما فإن
أطالهما أطاله ،وإن خففهما خففه لنه تبع لهما .وأما غيره فيطيل ما شاء ما لم يخف وقوعه في
سهو قال الشافعي في الم :فإن لم يزد على ذلك كرهته :أي إذا اقتصر المصلي على التشهد
والصلة على النبـي ،ولم يأت بعدهما بشيء كان ذلك القتصار مكروهًا.
)و( الثاني عشر) :قعود لهما( أي التشهد والصلة على النبـي ،فالتشهد وقعوده إن عقبهما سلم
ن تورك فيه( أي في ذلك القعود ما لم يطلب منه سجود السهو، فهما ركنان ،وإل فسنتان) ،وس ّ
وما لم يرد التيان به ،أو ما لم يطلق .أما من طلب منه سجود السهو بأن فعل ما يقتضيه وأراد
ن له إرادة السجود افترش السجود أو أطلق فإنه يفترش ،فعلم أنه يتورك عند إرادة تركه فلو ع ّ
وإن أدى ذلك إلى انحناء يصل به إلى ركوع القاعد لتولده من مأمور به ،كذا قال الشبراملسي .
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أن جلسات الصلة سبع يفترش في ست منها ،وهي الجلوس بـين السجدتين ،وجلوس
الستراحة ،وجلوس المسبوق ،وجلوس التشهد الول ،وجلوس المصلي قاعدًا للقراءة ،وجلوس
التشهد الخير لمن أراد سجود السهو أو أطلق ،ومثلها الجلوس لسجود التلوة والشكر قبل
السجود ،ويتورك في واحدة وهي الجلوس للتشهد الخير إذا لم يطلب منه سجود السهو أو أراد
تركه ،ومثله الجلوس للسلم بعد سجدة التلوة أو الشكر .والضابط أن كل جلوس يعقبه حركة من
ن فيه التورك وهو كالفتراش لكن ن فيه الفتراش ،وكل جلوس يعقبه سلم يس ّ سجود أو قيام يس ّ
يخرج يسراه من جهة يمناه ويلصق أليـيه بالرض ،وعلم من كون الفتراش والتورك من سنن
الهيئات أنه لو قعد كيف شاء جاز لكنه خلف السنة.
)و( سن )وضع يديه( أي كفيه )في تشهديه( وما معهما )على طرف ركبتيه( بحيث تسامت
رؤوسهما الركبة مع ضم الصابع كلها حتى البهام فل يفرجها خلفًا للرافعي والماوردي ومع
نشرها في جهة القبلة فل يقبضها وهذه الهيئة في جميع الجلسات غير جلوس التشهد الول
والخير .فإن المصلي يطلب أن يكون فيهما )ناشرًا أصابع يسراه( فقط) .وقابضًا يمناه( بعد
ن )رفعها( مع وضعها منشورة الصابع على فخذه اليمنى) .إل المسبحة( فإنه يشير بها) .و( س ّ
ل في حالة الرافع )عند( قوله )إل ال( بأن يبتدىء بالرفع عند همزة إل ال. إمالتها لجهة القبلة قلي ً
ن )إدامته( أي الرفع إلى القيام من التشهد الول وإلى تمام التسليمتين في الخير كما مال )و( س ّ
إليه الشبراملسي ويقصد بذلك الرفع أن المعبود واحد فيجمع في توحيده بـين اعتقاده وقوله وفعله.
وعلم من عّد وضع الكفين على الفخذ من السنن في جميع جلسات الصلة أنه لو لم يضعهما على
الفخذين في الجلوس بـين السجدتين بل أدام وضعهما على الرض إلى السجود الثاني ل يضر
خلفًا لمن وهم في ذلك) .و( سن )نظر إليها( أي المسبحة ولو مستورة ويديم النظر إليها ما دامت
مرتفعة ،وإل ندب نظر محل السجود ،ولو قطعت سبابته ل ينظر إلى موضعها بل إلى موضع
سجوده.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( الثالث عشر) :تسليمة أولى ،وأقلها السلم عليكم( ويجزىء عليكم السلم مع الكراهة) .وسن
ثانية( وإن اقتصر إمامه على واحدة ،وقد يحرم الثانية مع صحة الصلة عند عروض مناف
ف ونية
للصلة عقب الولى كحدث وتحويل صدره عن القبلة وخروج وقت جمعة وتخرق خ ّ
ل للصلة وسقوط نجاسة غير معفو عنها عليه لنها وإن لمإقامة وانكشاف عورة انكشافًا مبط ً
ل من التسليمتين )برحمة ن أن يقرن ك ً
تكن جزءًا من الصلة هي من توابعها ومكملتها) .و( س ّ
ن زيادة وبركاته على المعتمد .وشروط التسليمة أحد عشر تعريفها بأل وكاف ال( ول تس ّ
الخطاب وميم الجمع وإسماع نفسه وتوالي كلمتيها وعدم قصد العلم وحده وأن تكون من قعود
وأن يكون مستقبل القبلة وأن يأتي بها بالعربـية إذا كان قادرًا عليها وأن ل يزيد فيها زيادة تغير
المعنى :كأن قال السلم وعليكم ،بخلف ما لو قال :السلم التام عليكم فإنه ل يضر ،وأن ل
ينقص منها ما يغير المعنى فلو اختل شرط منها كانت غير معتبرة ،بل إذا تحلل بغير الوارد
ل عن الناس ،وقد أقبل وخاطب وتعمد بطلت صلته .والحكمة في السلم أن المصلي كان مشغو ً
ن )التفات فيهما( أي التسليمتين يلتفت في الولى يمينًا حتى يرى خده اليمن لمن عليهم) .و( س ّ
وراءه ناويًا السلم على من عن يمينه من ملئكة ومؤمني إنس وجن ،ويلتفت في الثانية يسارًا
حتى يرى خده اليسر لمن وراءه ناويًا السلم على من عن يساره كذلك ،وينويه على من خلفه
وأمامه بأيهما شاء ،والولى أولى .وينوي المأموم البتداء على من لم يسلم عليه من إمام ومأموم
وغيرهما ،والرد على من سلم عليه .وأما المام فإذا تأخر تسليم المأمومين عن تسليمتيه فإنه
ن للمأموم أن ل يسلم إل بعد ينوي البتداء بكل من التسليمتين وإل نوى الرد على من سلم ،ويس ّ
فراغ المام من تسليمتيه ،ولو قارنه جاز كبقية الركان لكنها مكروهة مفّوتة لثواب الجماعة فيما
قارن فيه فقط.
تنبـيه :مقارنة المأموم للمام :إما حرام ومبطلة وهي المقارنة في التحرم ،وإما مكروهة وهي
المقارنة في السلم وفي الفعال ،وإما سنة وهي المقارنة في التأمين ،وإما واجبة وذلك في قراءة
الفاتحة حيث علم أنه ل يتمكن من قراءتها بعد قراءة المام ،وهي مباحة فيما عدا ذلك ،ولو سلم
الولى عن يساره ،والثانية عن يمينه أو جعلهما معًا عن يمينه أو عن يساره جاز مع الكراهة،
ولو أراد القتصار على واحدة أتى بها قبل وجهه ،فلو التفت فيها يمينًا أو يسارًا كان خلف
المطلوب وحيث نوى المصلي بالسلم البتداء ل يجب الرد على أحد ولو سمعوه وعلموا بنيته.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
فروع الموالة ،وهي عدم تطويل الركن القصير وعدم طول الفصل بعد سلمه ناسيًا وعدم طول
الفصل أو عدم مضي ركن بعد شكه في نية صلته ل ركن على المعتمد ،ونية الخروج من
الصلة سنة على المعتمد ،ول بد أن تكون مقارنة للسلم الول فإن تقدمت عليه بطلت بها
الصلة ،وإن تأخرت عنه فاتت السنية ،وتعيـين غير صلته للخروج عمدًا مبطل للصلة ،وس ّ
ن
ل للقبلة بوجهه ،ثم يلتفت كما تقدم ويتمه بتمام اللتفات .والذكر إذا نابه
أن يبتدىء السلم مستقب ً
شيء في الصلة سبح :أي قال سبحان ال ،وغيره من امرأة وخنثى إذا نابه شيء في الصلة
صفق ،والولى أن يكون بضرب بطن اليمنى على ظهر اليسار.
)و( الرابع عشر) :ترتيب( أركانها على الوجه المتقدم المشتمل على كون النية مقارنة لتكبـيرة
الحرام ،وهما مع القراءة في القيام وكون التشهد الخير والصلة على النبـي والتسليمة الولى
في القعود ،فالترتيب مراد فيما عدا ذلك .وأنت خبـير بأن محل عدم الترتيب في الثلثة الخيرة
إنما هو بالنسبة لها مع جلوسها ،وأما هي نفسها فالترتيب بـينها حاصل ،وكذا محل عدم الترتيب
في القراءة إنما هو بالنسبة للقيام .وأما بالنسبة للتكبـير المقرون بالنية ،فالترتيب حاصل ،وتقديم
النتصاب على ابتداء تكبـيرة الحرام ،واستحضار النية مع التكبـير شرط لها ل ركن .وخرج
بالركان السنن ،فالترتيب فيها كالفاتحة والسورة والتشهد والدعاء ليس بركن في الصلة ،وإنما
هو شرط للعتداد بسنيتها ،فإن ترك ترتيب الركان عمدًا كأن قدم ركنًا فعليًا كأن سجد قبل
ركوعه أو ركع قبل قراءته بطلت صلته لكونه متلعبًا ،ومثل ذلك ما إذا قدم ركنًا قوليًا يضر
نقله كسلمه قبل تشهده فإنه قدم ركنًا قوليًا غير سلم كتشهد على سجود ،أو قوليًا على قولي
كالصلة على النبـي على التشهد لم تبطل لكن ل يعتد بما قدمه ،بل عليه إعادته في محله.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ولو منها غير مأموم( أي ترك الترتيب سهوًا )بترك ركن( فما فعله بعد المتروك لغو لوقوعه في
غير محله ،فإن تذكر المتروك قبل بلوغ فعل مثله من ركعة أخرى فعله بعد تذكره فورًا وجوبًا،
فإن تأخر بطلت صلته وإن قل التأخر )أو شك( غير مأموم في ركن هل فعله أم ل ،كأن شك في
ل فإن مكث ركوعه :هل قرأ الفاتحة ،أو في سجوده :هل ركع أم ل؟ )أتى به( أي بذلك الركن حا ً
ل ليتذكر بطلت صلته ،بخلف ما لو شك في قيامه في قراءة الفاتحة فسكت ليتذكر ،فل قلي ً
تبطل ،ويستثنى من ذلك ما لو تذكر في سجوده أو شك أنه ترك الركوع فإنه يرجع إلى القيام
ي للسجود ،وفي ليركع منه ول يكفيه أن يقوم راكعًا لن النحناء غير معتّد به لنه قد صرف الهو ّ
هذه الصورة زيادة على المتروك .قال الشبراملسي :ومع وجوب الرجوع إلى القيام ل يجب عليه
الركوع فورًا ،ومثله ما لو قرأ الفاتحة ثم هوى ليسجد فتذكر ترك الركوع فعاد للقيام فل يجب
الركوع فورًا لنه بتذكره عاد لما كان فيه ،ولو شك غير مأموم بعد تمام ركوعه في الفاتحة .فعاد
للقيام ثم تذكر أنه قرأ فيحسب له انتصابه عن العتدال لنه لم يصرف الركن لجنبـي عنه فإن
القيام واحد ،وإنما ظن صفة أخرى لم توجد فلم ينظر لظنه ،بخلفه في مسألة الركوع فإنه بقصده
السجود لم يتضمن ذلك قصد الركوع ،لن النتقال إلى السجود ل يستلزمه ،وبذلك يعلم أنه لو
شك قائمًا في ركوعه فركع ،ثم بان أنه سها عن اعتداله لم يلزمه العود للقيام بل له الهوى من
ي الركوع بعض هوى السجود فلم يقصد أصليًا ،أما المأموم لو علم في ركوعه ركوعه لن هو ّ
أنه ترك الفاتحة أو شك لم يعد إليها ،بل يصلي ركعة بعد سلم المام ،وعلى هذا لو كان الشاك
إمامًا ،فعاد بعد ركوع المأمومين معه أو سجودهم فينتظرون في الركن الذي عاد منه المام حم ً
ل
له على أنه عاد ساهيًا ،لكن ينبغي إذا عاد والمأموم في الجلوس بـين السجدتين أن يسجد وينتظره
في السجود حذرًا من تطويل الركن القصير ،وذلك )إن كان( في حال التذكر أو الشك )قبل فعل
مثله( أي الركن المتروك أو المشكوك فيه) .وإل( بأن لم يتذكر أو بأن دام الشك حتى بلغ فعل مثله
)أجزأه( أي قام ذلك المثل مقام ذلك الركن .ولو كان المثل مندوبًا لوقوعه عن متروكه ولو كان
المثل لمحض المتابعة :كما لو أحرم منفردًا وصلى ركعة ونسي منها سجدة ثم قام فوجد مصليًا
في السجود أو العتدال فاقتدى به وسجد معه للمتابعة فيجزئه ذلك وتكمل به ركعته كما نقل عن
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
الشمس الشوبري واعتمده الشهاب الرشيدي )وتدارك( الباقي من صلته للغاء ما بـينهما نعم إن
لم يكن المثل من الصلة كسجود تلوة ،أو سجود سهو لم يجزه لعدم شمول نية الصلة لذلك
بخلف جلسة الستراحة فإنها جزء من الصلة ،ومحل إجزاء المثل إن عرف عين المتروك
ومحله وإل أخذ بالمتيقن ،فما تيقن فعله حسب له وما لم يتيقنه فلغو وأتى بالباقي :ويسجد للسهو
في جميع الحوال ومحل الخذ بالمتيقن والبناء على ما فعله ما لم يوجب الشك استئنافها ،فإن
أوجبه كشكه في النية أو تكبـيرة الحرام فل يأتي بالباقي لنه قد بطلت صلته إن طال زمن
الشك ،وهو بقدر سبحان ال :أو مضى ركن كما اعتمده الرملي وابن قاسم والشبراملسي ،خلفًا
لبن حجر فإنه قال بعدم اشتراط طول ومضى ركن ،ولو كان المتروك أو المشكوك فيه السلم
وتذكره قبل طول الفصل أتى به وكذا بعد طوله ،حيث لم يأت بما يبطل الصلة كفعل كثير ،وإن
تذكر ذلك الركن المتروك بعد السلم والزمان قريب ،ولم يطأ نجاسة ،ولم يتكلم كثيرًا ،ولم يفعل
ما يبطل عمده وسهوه كالفعل الكثير أتى به وجوبًا ،وبنى عليه بقية الصلة ،وإن تكلم قلي ً
ل
ن له سجود السهو في الجميع ،فإن طال واستدبر القبلة وخرج من المسجد بدون أفعال كثيرة ،ويس ّ
الزمان أو حصل منه ما ل يعذر فيه كوطء النجاسة استأنف الصلة ،والمرجع في طول الزمن
وقصره العرف.
ن دخول صلة بنشاط( لن ال ذم تارك ذلك بقوله تعالى} :وإذا قاموا إلى الصلة قاموا فرع) :س ّ
كسالى{ )) (4النساء :الية (142والكسل الفتور عن الشيء والتواني فيه :وهو ضد النشاط.
)وفراغ قلب( عن الشواغل الدنيوية ،لن ذلك أدعى لتحصيل الغرض ،فإذا كانت صلته كذلك
انفتح له فيها من المعارف ما يقصر عنه فهم كل عارف فيقرأ ،فراغ بالجر معطوفًا على نشاط
ن )فيها( أي في جميع صلته )خشوع( فهو من ذكر السبب بعد المسبب ،كما قاله عطية ) .و( س ّ
أما الخشوع في جزء من الصلة فواجب ليس بشرط ولو في تكبـيرة الحرام :كما أفاده بعضهم
وهو بالقلب بأن ل يحضر فيه غير ما هو فيه ،وإن تعلق بالخرة ،فلو اشتغل بذكر الجنة والنار
وغيرهما من الحوال الشريفة التي ل تعلق لها بذلك المقام ،كان من حديث النفس وهو مكروه.
ويكره أن يتفكر في صلته في أمر دنيوي :أو في مسألة فقهية ،كما قاله القاضي حسين :
وبالجوارح بأن ل يعبث بأحدها.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وتدبر قراءة( أي تأمل معانيها بطريق الجمال ،فل يبالغ في ذلك ،بل يتصّور المعاني إجمالً
ن ترتيل بحصول الخشوع والدب به ،وهو المقصود :وبه تنشرح الصدور ،وتستنير القلوب .وس ّ
القراءة :وهو التأني في إخراج الحروف حيث أحرم بالصلة في وقت يسعها كاملة وإل وجب
السراع ،لنه يقتصر على أخف ما يمكن ،فإفراط السراع مكروه ،وحرف الترتيل أفضل من
ل مع الترتيل أفضل من تمامها بدونه ،وهذا في غير ما طلب حرفي غيره :أي فنصف السورة مث ً
بخصوصه ،كقراءة الكهف يوم الجمعة ،فإن إتمامها مع السراع لتحصيله سنية قراءتها أفضل
ن للقارىء مصليًا أو غيره أن يسأل ال الرحمة إذا من قراءة بعضها مع التأني في القراءة ،ويس ّ
مر بآية رحمة ،ويستعيذ من العذاب إذا مر بآية عذاب ،ومحل استحباب ذلك إذا لم تكن آية
الرحمة والعذاب في شيء قرأه بدل الفاتحة ،وإل فل يأتي به لئل يقطع الموالة ،فإن مر بآية
تسبـيح سبح ،أو بآية مثل تفكر ،وإذا قرأ} :أليس ال بأحكم الحاكمين{ )) (95التين :الية ،(8س ّ
ن
ي حديث بعده يؤمنون{ ))(7 له أن يقول :بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ،وإذا قرأ} :فبأ ّ
العراف :الية ،(185يقول :آمنت بال ،وإذا قرأ} :فمن يأتيكم بماء معين{ )) (67الملك :الية
،(30يقول :ال رب العالمين ،ويقول ذلك المام والمأموم سرًا كأذكار الركان ،وهذا بخلف ما
لو مر المام بآية رحمة أو عذاب ،فإنه يجهر بالسؤال ،ويوافقه المأموم فيه ،ول يؤمن على
دعائه ،وإن أتى به بلفظ الجمع) .و( تدبر )ذكر( ول يثاب عليه إل أن عرف معناه ولو بوجه كما
أفاده الونائي .وقال الشبراملسي :ل بد أن يعرفه ولو بوجه ،ومن الوجه الكافي :أن يتصور أن
في التسبـيح والتحميد ونحوهما تعظيمًا ل وثناء عليه ،انتهى.
وقال الشنواني :فقد قال الكابر الخيار أن الشخص ل يثاب على الذكر إل إذا عرف معناه
ل :ما عدا القرآن والصلة والسلم على النبـي المختار )وإدامة نظر محل واستحضره ولو إجما ً
سجوده( في جميع صلته ولو بحضرة الكعبة :وإن كان أعمى أو في ظلمة بأن تكون حالته حالة
الناظر لمحل سجوده لنه أقرب للخشوع ،وكذا في صلة الجنازة فل ينظر للميت ،نعم يسن في
التشهد أن ل يجاوز بصره إشارته ما دامت مرتفعة وإل ندب نظر محل السجود ،ويسن أيضًا
لمن في صلة الخوف والعدو أمامه نظره إلى جهته لئل يبغتهم ،ولمن صلى على نحو بساط
مصور عم التصوير مكان سجوده أن ل ينظر إليه ،فإن لم يتيسر له ذلك إل بتغميض عينيه فعله
كما يسن التغميض لمن صلى لحائط مزوق ونحوه مما يشوش فكره ويجب التغميض إذا كان
العرايا صفوفًا ويجوز في قوله نظر الضافة وتركها.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( سن )ذكر ودعاء سرًا عقبها( أي الصلة ،لكن يجهر بهما من يريد تعليم الناس مأمومًا كان
أو غيره .وهذا ما يقال عقب الصلوات الخمس أو بعضها :يستغفر ال ثلثًا :ويقول اللهم أنت
السلم ومنك السلم تباركت يا ذا الجلل والكرام ،ل إله إل ال وحده ل شريك له ،له الملك وله
الحمد وهو على كل شيء قدير :اللهم ل مانع لما أعطيت ول ينفع ذا الجد منك الجد ،ل حول ول
قوة إل بال العلي العظيم ،ل إله إل ال ول نعبد إل إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الجميل
الحسن ،ل إله إل ال مخلصين له الدين وله كره الكافرون ،اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد
أنك الرب وحدك ل شريك لك اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد أن محمدًا عبدك ورسولك .اللهم
ربنا ورب كل شيء أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة ،اللهم ربنا ورب كل شيء اجعلني مخلصًا لك
وأهلي كل ساعة من الدنيا والخرة يا ذا الجلل والكرام اسمع واستجب ال الكبر ال الكبر ال
الكبر ،ال نور السموات والرض ال أكبر حسبـي ال ونعم الوكيل ال أكبر ال أكبر :اللهم أعني
على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
ومما ترجى بركته أن يقول عقب الفروض :أستغفر ال العظيم لي ولوالدي ولصحاب الحقوق
علي وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الحياء منهم والموات .وهذا ما يقال عقب
صلة الصبح فيقول :أستغفر ال العظيم الذي ل إله إل هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلثًا :ل إله إل
ال وحده ل شريك له ،له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات :ل إله إل ال
وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الحزاب وحده ل شيء قبله ول شيء بعده ،ل
إله إل ال ول نعبد إل إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن الجميل ،ل إله إل ال مخلصين
له الدين ولو كره الكافرون ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم ،اللهم أجرنا من النار سبع
مرات ،اللهم أجرنا وأجر والدينا من النار بجاه النبـي المختار ،وأدخلنا الجنة مع البرار بفضلك
وكرمك يا عزيز يا غفار .اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن ثلث مرات ،نعوذ
بكلمات ال التامات من شر ما خلق ثلثًا ،بسم ال الذي ل يضر مع اسمه شيء في الرض ول
في السماء وهو السميع العليم ثلثًا ،رضينا بال تعالى ربًا ،وبالسلم دينًا ،وبسيدنا محمد نبـيًا
ل ثلثًا .اللهم ل مانع لما أعطيت ،ول معطي لما منعت ،ول راّد لما قضيت ،ول ينفع ذا ورسو ً
الجد منك الجد ،ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم ،ثم يقرأ الفاتحة بتمامها،
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
}وإلهكم إله واحد ل إله إل هو الرحمن الرحيم{ )) (2البقرة :الية (163وآية الكرسي} ،آمن
الرسول{ )) (2البقرة :الية (285إلى آخر السورة ،ويكرّر }واعف عنا واغفر لنا وارحمنا{
)البقرة ) :(2الية (286ثلثًا} ،شهد ال أنه ل إله إل هو إلى قوله :السلم{ )) (3آل عمران:
الية 18ــــ ،(19و }قل اللهم مالك الملك إلى قوله :بغير حساب{ )) (3آل عمران :الية 26
ــــ ،(27اللهم }ارزقنا وأنت خير الرازقين{ )) (5المائدة :الية ،(114وأنت حسبنا ونعم
الوكيل ،ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم} ،لقد جاءكم رسول من أنفسكم{ ))(9التوبة :الية
ن تولوا{ )) (9التوبة :الية (129إلى آخرها سبعًا ،ثم (128إلى آخر السورة ،ويكرر} :فإ ّ
سورة الخلص ثلثًا ،ثم المعوذتين مرة مرة} ،وإن من شيء إل يسبح بحمده{ )) (17السراء:
الية (44سبحانه وتعالى سبحان ال ثلثًا وثلثين ،الحمد ل كذلك ،ال أكبر كذلك ،ل إله إل ال
وحده ل شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير} ،إن ال وملئكته يصلون على
النبـي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا{ )) (33الحزاب :الية (56اللهم صل وسلم
وبارك على سيدنا محمد وعلى آله عدد كمال ال وكما يليق بكماله عشر مرات ،ورضي ال عن
أصحاب رسول ال أجمعين آمين يا أل يا مقلب القلوب والبصار ثبت قلبـي على دينك يا ال يا
حي يا قيوم ل إله إل أنت يا ال يا ربنا يا واسع المغفرة يا أرحم الراحمين ثلثًا ،اللهم آمين،
وصل وسلم على جميع النبـياء والمرسلين وآلهم ،والحمد ل رب العالمين ،ل إله إل ال ثلثًا
سيدنا محمد رسول ال حقًا وصدقًا اللهم استجب دعانا واشف مرضانا ،وارحم موتانا وصل وسلم
على جميع النبـياء والمرسلين ،والحمد ل رب العالمين .ثم يدعو بما أحب.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ثم يقرأ المسبعات العشرة المنسوبة إلى الخضر عليه الصلة والسلم :وهي الفاتحة ،وقل أعوذ
برب الناس ،وقل أعوذ برب الفلق ،وقل هو ال أحد ،وقل يا أيها الكافرون ،وآية الكرسي،
وسبحان ال والحمد ل ول إله إل ال وال أكبر ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم ،اللهم صل
على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم
وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا
إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ،اللهم اغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربـياني صغيرًا،
ولجميع المؤمنين والمؤمنات ،والمسلمين والمسلمات الحياء منهم والموات ،اللهم افعل بـي وبهم
ل في الدين والدنيا والخرة ما أنت له أهل ،ول تفعل بنا يا مولنا ما نحن له أهل إنك ل وآج ً عاج ً
غفور حليم جواد كريم رؤوف رحيم ،كل واحدة تقرأ سبعًا على الترتيب المتقدم ذكره ،ثم يقول:
اللهم صل على سيدنا محمد عدد معلوماتك عشر مرات :يا جبار إحدى وعشرين مرة ،ثم يقول:
يا جبار اجبر حالي على وفق مرادك ،ول تجعلني جبارًا على عبادك ،إنك على كل شيء قدير
ثلثًا .وهذه المسبعات لقنها الخضر عليه السلم إلى سيدنا إبراهيم التيمي ،وأخبره أنه أخذها عن
النبـي ،ثم لما عمل بها رأى ذات يوم في منامه كأن الملئكة احتملته وأدخلته الجنة فرأى ما أعد
له فيها من النعيم ،فقال للملئكة :لمن هذا؟ فقالوا للذي يعمل مثل عملك ،ثم جاءه النبـي ومعه
سبعون نبـيًا وسبعون صفًا من الملئكة كل صف مثل ما بـين المشرق والمغرب فسلم عليه وأخذه
بـيده ،فقال يا رسول ال الخضر أخبرني أنه سمع منك هذا الحديث ،فقال :صدق الخضر صدق
الخضر وكل ما يحكيه فهو حق وهو عالم أهل الرض وهو رئيس البدال وهو من جنود ال
تعالى في الرض ،فقال يا رسول ال :من فعل مثل ذلك أو عمله ولم ير مثل الذي رأيت في
منامي ،هل يعطي شيئًا مما أعطيت؟ فقال :والذي بعثني بالحق نبـيًا إنه ليعطي العامل بذلك وإن
لم يرني ولم ير الخضر عليه السلم إنه ليغفر له جميع الكبائر التي عملها ،ويرفع ال تعالى عنه
غضبه ومقته ،ويأمر صاحب الشمال أن ل يكتب عليه خطيئة من السيئات إلى سنة ،والذي بعثني
بالحق نبـيًا ما يعمل بهذا إل من خلقه ال سعيدًا .ول يتركه إل من خلقه ال شقيًا ،ثم يذكر إلى أن
تطلع الشمس ،ثم يختم الفاتحة ويدعو بما أحب .ومما يفيد حفظ اليمان أن يقال عقب صلة
الصبح قبل التكلم مع أحد :اللهم أنت الهادي إلى طريق الزهد والرشاد ،وصلى ال على سيدنا
محمد وعلى آله وصحبه وسلم بعدد كل حرف جرى به القلم.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وندب( لمريد صلة ولو صلة جنازة )توجه( الى سترة ،ومراتبها أربع :أولها أن يصلي )لنحو
جدار( كعمود ونحوه مما له ثبات وظهور كظهور العمود )فـ( ـثانيتها أن يصلي إلى )عصا
مغروزة( ويشترط في هاتين أن يكون ارتفاعهما ثلثي ذراع فأكثر وبـين المصلي وبـينهما ثلثة
أذرع فأقل ،والنعش في مرتبة العصا حيث كان ارتفاعه كما تقدم )فـ( ـثالثتها) :بسط مصلى(
ل بأن يكون أوله من جهة رجله وآخره جهة كسجادة بفتح السين ،ورابعتها :خط أمامه خطًا طو ً
القبلة ،ويشترط في هاتين أن يكون بـين ما اعتمد عليه المصلي وبـين طرفهما الذي يلي القبلة
ثلثة أذرع فأقل ،سواء صلى من قيام أو قعود أو اضطجاع ول يكفي ما عدا الولى من المراتب
إل إذا لم يسهل ما قبلها ،ولذلك أتى المصنف بالفاء المفيدة للترتيب ،وحيث صلى إلى السترة
ن له ولغيره دفع المار بـينه وبـينها بالخف فالخف كما يدفع الصائل بغير فعل كثير المذكورة يس ّ
ل غير هذا متوال وإل بطلت الصلة ،ويحرم المرور بـين يديه حينئذ ،وإن لم يجد المار سبـي ً
لحديث» :لو يعلم المار بـين يدي المصلي ماذا عليه من الثم لكان أن يقف أربعين خريفًا خيرًا له
من أن يمر بـين يديه« لكن محل ذلك ما لم يقصر المصلي وإل كأن وقف بقارعة الطريق فل
حرمة بل ول كراهة ،وما لم يكن في الصف الذي أمام ذلك المصلي فرجة ل يمكن الوصول إلى
سدها إل بالمرور بـين يديه ولو صلى بل سترة أو تباعد عنها بأكثر من ثلثة أذرع أو لم تكن
بالصفة المذكورة فليس له دفع المار بـين يديه لتقصيره ،ول يحرم المرور بـين يديه حينئذ ،لكن
الولى تركه ،وإذا صلى إلى السترة ،فالسنة أن يجعلها مقابلة ليمينه أو شماله ول يجعلها تلقاء
وجهه ،وهل الفضل جعلها مقابلة لليمين أو الشمال ،قيل بكل .وينبغي أن يكون مثل الصلة في
ذلك سجدة التلوة والشكر ،والوجه عدم الكتفاء بالسترة بالدمي ونحوه وإن لم يستقبله ،فإن
استقبله كان مكروهًا وبعض الصفوف ل يكون سترة لبعضها ،كما قاله الرملي :وخالف في ذلك
ابن حجر فاكتفى بالصفوف.
ل بل حاجة سواء أكان)وكره فيها( أي في جزء من الصلة )التفات( بالوجه يمينًا أو شما ً
المصلي ذكرًا أم أنثى ،أما إذا كان لحاجة كحفظ متاع فل كراهة ،وهذا في غير المستلقي ،أما هو
فالتفاته بالوجه مبطل لوجوب الستقبال بوجهه كما تقدم ،وإشارة بنحو عين أو حاجب أو شفة ولو
من أخرس بل حاجة ،هذا ما لم تكن على وجه اللعب ،وإل كانت مبطلة )ونظر نحو سماء( كما
يكره رفع البصر إلى السماء يكره نظر ما يلهي عن الصلة كثوب له أعلم )وبصق( بالصاد
والزاي والسين )أماما( بفتح الهمزة :أي قبل وجهه )ويمينًا( ولو خارج الصلة بل عن يساره إن
كان في غير المسجد ،أما فيه فيبصق في ثوبه من الجهة اليسرى ،ولو كان فيه دم براغيث للعفو
عن ذلك كما تقدم ،فلو بصق في المسجد حرم لحديث الشيخين» :البصاق في المسجد خطيئة،
وكفارتها دفنها« بأن تكون أرضه ترابـية ،لكن إذا هيأ لها موضعًا وبصق فيه ثم رد عليها التراب
كان ذلك دافعًا للثم ابتداء ،وأما إذا ألقاها في المسجد قبل تهيئة محل لها ثم غطاها بالتراب كان
ذلك قاطعًا لدوام الثم ،ومثل ذلك ما لو كانت أرضه مبلطة ،أو بصق على شيء من فراشه ،ثم
دلكها حتى لم يبق لها أثر ،ومحل كراهة البصاق عن اليمين دون اليسار في غير المسجد النبوي،
أما فيه فينعكس الحكم في حق المستقبل لن القبر الشريف يكون حينئذ في جهة يساره ،ومحل
ل بخلف غيره. كراهة البصاق قبالة الوجه خارج الصلة إذا كان متقب ً
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وكشف رأس ومنكب( فلو سقط نحو ردائه أو طرف عمامته كره له تسويته إل لضرورة :منها
خوف الستهزاء به واضطباع ،وهو أن يجعل وسط ردائه تحت منكبه اليمن وطرفيه على
اليسر كفعل أهل الشطارة) .و( كره )صلة بمدافعة حدث( ويسمى من اتصف بذلك حاقبًا بالباء
إذا كان مدافعًا بالغائط .وحاقنًا بالنون إذا كان مدافعًا بالبول .وحاقمًا بالميم إذا كان مدافعًا بهما.
وحازقًا بالزاي إذا كان مدافعًا بالريح ،والعبرة في كراهة ذلك بوجوده عند التحرم ،ويلحق به ما
لو عرض له قبل التحرم فرده وعلم من عادته أنه يعود له في أثناء الصلة ،والسنة تفريغ نفسه
من ذلك لنه يخل بالخشوع ،وإن خاف فوت الجماعة حيث كان الوقت متسعًا فإن ضاق وجبت
الصلة مع ذلك إل إن خاف ضررًا ل يحتمل عادة ول يجوز له الخروج من الفرض بطرو ذلك
له فيه إل إن غلب على ظنه حصول ضرر بكتمه فله حينئذ الخروج منه ،وتأخيره عن الوقت،
وخرج بالفرض النفل فل يحرم الخروج منه ،وإن نذر إتمام كل نفل دخل فيه ،لن وجوب التمام
ل يلحقه بالفرض وينبغي كراهته عند طرّو ذلك عليه.
)و( صلة )بمقبرة( بتثليث الباء إذا لم تنبش أو نبشت وفرش عليها طاهر أو نبت عليها حشيش
غطاها وإنما كرهت الصلة فيها لمحاذاته للنجاسة سواء ما تحته أو أمامه أو بجانبه ومن ثم لم
تفترق الكراهة بـين المنبوشة بحائل وغيرها ول بـين المقبرة القديمة والجديدة :بأن دفن فيها أول
ميت بل لو دفن ميت بمسجد كان كذلك ،وتنتفي الكراهة عند انتفاء المحاذاة وإن كان فيها لبعد
الموتى عنه عرفًا ،ومن مكروهات الصلة :جعل يديه في كميه عند تكبـيرة الحرام ،وعند
الركوع ،وعند القيام من التشهد الول ،وعند الجلوس له أو للخير ،فالجملة خمسة :وهذا في حق
الذكر ،أما النثى والخنثى فل يكره ،والجهر في موضع السرار وعكسه بل حاجة ،أما لها فل
كراهة ،والجهر خلف المام بغير آمين ونحوه مما مر ،ووضع اليد في الخاصرة بل عذر،
وافتراش السبع في سجوده بأن يضع ذراعيه في الرض كما يفعل السبع لغير عذر ،فإن كان
لعذر فل كراهة ،وإيطان المكان الواحد :أي ملزمته ،لن السنة إذا أراد صلة أخرى أن ينتقل
من مكان الولى إلى مكان آخر ولو قريبًا من المكان الول ولو رجع في الصلة إلى مكان الولى
كفى ،والمبالغة في خفض الرأس في الركوع وإطالة التشهد الول ولو بما يندب بعد التشهد
الخير ،وصلة المنفرد ولو عن الصف والجماعة قائمة إذا كانت مطلوبة ،وإل فل ،وصلة في
السواق وفي الرحاب الخارجة عن المسجد وفي طريق ولو في بنيان.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
فصل في سجود السهو
وشرع لجبر الخلل الواقع في الصلة غير صلة الجنازة أو في سجدة التلوة والشكر ،ول مانع
من جبر الشيء بما هو أكثر منه ولرغام الشيطان ،لكن إن كان مقتضيه حصل سهوًا فالمقصود
بالذات جبر الخلل ويحصل إرغام الشيطان تبعًا وهو من خصوصيات هذه المة ،والمراد بـيان
أسبابه وحكمه ومحله وعدده وكيفيته ،فحكمه الندب ،ويجب لمتابعة المام وعدده كما قال )تس ّ
ن
سجدتان( وإن كثر السهو لنه يجبر جميع ما وقع قبله أو فيه أو بعده حتى لو فعله ثلثًا سهوًا جبر
الخلل الواقع فيه أو سجد ،ثم سها بكلم قليل أو نحوه ل يسجد ثانيًا لن ذلك مجبور بالسجود الذي
حصل ،وقد يتعدد السجود صورة كما لو سها إمام الجمعة وسجدوا للسهو فبان فوتها أتموها ظهرًا
وسجدوا ثانيًا آخر الصلة لتبـين أن السجود الول ليس في آخر الصلة ،ولو ظن سهوًا فسجد
فبان عدم السهو سجد للسهو لنه زاد سجدتين سهوًا ،ولو سجد في آخر صلة مقصورة فعرض
له التمام سجد ثانيًا بعد إتمام الصلة ،وكذا المسبوق يسجد مع إمامه للمتابعة ،ثم يسجد في آخر
صلته ،لكن أنت خبـير بأن السجود الجابر للخلل :هو الواقع آخرًا في الجميع ،فلهذا كان التعدد
صورة ل حكمًا ،ومحله بعد التشهد ،و )قبـيل سلم( ولو أتى به قبل الصلة على الل وما بعدها
ثم أتى بها وبالمأثور أجزأ وحصل السنة ،وامتنع عليه إعادته ثانيًا بعد ذلك .وكيفيته :كسجود
الصلة في واجباته .ومندوباته :كوضع الجبهة والطمأنينة والتحامل والتنكيس والتكبـير
والفتراش في الجلوس بـينهما والتورك بعدهما ،لكن إذا كان مقتضى السجود وقع سهوًا ،فالليق
بالحال أن يقول في سجوده :سبحان الذي ل ينام ول يسهو ،أو يقول :سبحان من ل ينام ول يغفل،
وإذا وقع عمدًا فالليق الستغفار ،قال الذرعي :وذكر الجلوس بـينهما كذكر الجلوس بـين
سجدتي الصلة ،ول بد لغير المأموم من نية سجود السهو بقلبه دون لسانه ،فلو تلفظ بها بطلت
صلته أو سجد بل نية بطلت أيضًا.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وأما أسبابه فخمسة :السبب الول )لترك بعض( من البعاض التية ،فإن تركها أو شيئًا منها
ن له سجود السهو في آخر صلته جبرًا لهذا الخلل )و( المسمى أبعاضًا )هو( عمدًا أو سهوًا س ّ
ثمانية ،الول) :تشهد أول( ولو في نفل ،فلو نوى أربعًا من النوافل راتبة كانت أو غيرها بقصد
أن يأتي بتشهدين فترك أولهما سهوًا أو عمدًا سجد للسهو على المعتمد فإن لم يقصد التيان بذلك
بأن قصد تركه أو أطلق وتركه فل سجود ،والمعدود من البعاض في التشهد الول هو اللفاظ
الواجبة في التشهد الخير ،وأما ما زاد على ذلك وهو المعدود من أكمل التشهد الخير فليس من
البعاض فل يسجد لتركه :وإن كان يسن التيان به في التشهد الول أيضًا) .و( الثاني )قعوده(
وإن استلزم تركه ترك التشهد لن السجود إذا شرع لترك التشهد شرع لترك جلوسه لنه مقصود
ن له حينئذ الجلوس بقدره) .و( الثالث )قنوت راتب( له وصورة تركه وحده أن ل يحسنه فإنه يس ّ
وهو قنوت الصبح والوتر في نصف رمضان الثاني دون قنوت النازلة لنه سنة عارضة في
الصلة يزول بزوالها فلم يتأكد شأنه بالجبر وترك بعض القنوت ولو كلمة ككله ما لم يقطعه
ويعدل إلى آية تتضمن ثناء ودعاء وإل فل سجود من جهة ترك القنوت بخلف ما إذا قطعه
واقتصر على ما أتى به فيسجد ،ولو اقتصر ابتداء على قنوت عمر فل سجود لتيانه بقنوت
ل منهما ورد كامل ،بخلف ما لو أتى ببعضه وبجميع القنوت المشهور وعكسه فيسجد لن ك ً
بخصوصه فكانا كقنوت واحد ،والقنوت الواحد يسجد لترك بعضه ولو كلمة بخلف ما تقدم من
ل فأسقط العدول إليها حكم القنوت الذي الية لنها لما لم تطلب بخصوصها كانت قنوتًا مستق ً
شرع فيه ،ولو عزم على التيان بالقنوتين :قنوت مشهور ،وقنوت عمر ،ثم ترك أحدهما فل
يسجد لن السنن ل تلزم إل بالشروع فيها كذا أفاده الشبراملسي ) .و( الرابع )قيامه( بأن لم يحسن
القنوت فإنه يسن له القيام بقدره زيادة على ذكر العتدال فإذا تركه سجد له ،ولو ترك القنوت تبعًا
لمامه الحنفي سجد ،وكذا لو أتى به خلفه لنه بترك المام له لحقه سهوه في اعتقاده ،ولو اقتدى
في الصبح بمصلي سنتها سجد إن لم يتمكن من القنوت خلفه فإن فعله فل ،كذا قال الرملي .ومثل
سنة الصبح كل صلة ل قنوت فيها) .و( الخامس والسادس) :صلة على النبـي( )بعدهما( أي
التشهد الول والقنوت )و( السابع والثامن) :صلة على آل بعد( تشهد )أخير وقنوت( والجلوس
للصلة على النبـي في التشهد الول وعلى الل في الخير كالقعود للتشهد الول والقيام للصلة
على النبـي وعلى الل في القنوت كالقيام له فتكون من البعاض وعلى ذلك فالبعاض اثنا عشر.
وصورة السجود لترك الصلة على الل في الخير أن يتيقن ترك إمامه لها بعد سلم إمامه وقبل
أن يسلم هو أو بعده إن سلم وقرب الفصل ،وسميت هذه السنن أبعاضًا لتأكد شأنها بالجبر تشبـيهًا
ل يجبر بالسجود فإنه بالبعض حقيقة حيث تأكد شأنه بحيث تبطل الصلة بتركه وليس المراد أن ك ً
لوترك ركنًا سهوًا يجب فعله .والسجود إنما هو للزيادة الحاصلة بتداركه إن وجدت.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( السبب الثاني) :لشك فيه( أي في ترك بعض ،فلو شك في ترك بعض معين كقنوت سجد ،لن
الصل عدم التيان به ،أو شك في بعض مبهم لم يدر هل هو قنوت أو تشهد أول فكذلك ،بخلف
ما لو شك هل أتى بكل البعاض أو ترك شيئًا منها فل يسجد ،وقد يقال أن الصل عدم التيان
بكل البعاض ،فكان مقتضى ذلك السجود ،لكن لما ضعف بالبهام لم ينظر لذلك ،وبخلف الشك
في ترك مندوب لم يدر هل هو بعض أو هيئة ل يسجد ،لن المتروك قد ل يقتضي السجود ،ولو
سها وشك هل سجد للسهو أم ل سجد ،لن الصل عدمه ،أو هل سجد واحدة أو اثنتين سجد
أخرى ،ولو ترك التشهد الول أو القنوت عمدًا ،وقارب القيام في الول أو بلغ الراكع في الثاني
ل بالتحريم لم تبطل لم يعد ،فإن عاد عامدًا عالمًا بالتحريم بطلت صلته ،فإن كان ناسيًا أو جاه ً
ن لمن عاد ناسيًا أو
ولو كان الجاهل بـين أظهر العلماء ،لن هذا مما يخفى على العوام .لكن يس ّ
ل سجود السهو) .ولو نسي بعضًا( أي ترك ذلك سهوًا )و( قد )تلبس بفرض( وهو الوصول جاه ً
إلى محل تجزىء فيه القراءة في التشهد الول ،وإلى السجود بوضع العضاء السبعة وإن لم
يتحامل ولم ينكس عند الخطيب ،أو مع ذلك عند بعضهم في القنوت لم يعد) .فإن عاد( عامدًا
ل( بتحريمه وإن كان مخالطًا لنا .ول إن عاد عالمًا بالتحريم )بطلت( صلته )ل( إن عاد )جاه ً
ناسيًا كونه في صلة ،أو ناسيًا حرمة عوده فل تبطل لعذره ،ورفع القلم عنه ،نعم يجب عليه عند
تذكره أو تعلمه العود إلى ذلك الفرض فورًا ،فإن لم يتلبس بالفرض على هذا الوجه ندب له العود
ولو بعد وضع الجبهة .نعم إن كان إمامًا وكان عوده يشوش على المأمومين فالولى له عدم
ل سجود السهو إن قارب القيام في العود) .لكن يسجد( أي أن المعتمد يندب لمن عاد ناسيًا أو جاه ً
التشهد الول أو بلغ حد الراكع في القنوت لن عمد ذلك مبطل ،هذا كله في المنفرد والمام )ول
مأمومًا( فإنه إن ترك التشهد الول أو القنوت عمدًا وتلبس بالفرض مع تخلف المام لهما خير
ن له
بـين العود والنتظار ،لنه قد تلبس بفرض ومتابعة المام فخير بـين الفرضين ،لكن يس ّ
العود) .بل( إن ترك ذلك سهوًا وجب )عليه عود( فإن لم يعد بطلت صلته إن لم ينو المفارقة.
والفرق بـين العامد والساهي أن العامد فّوت على نفسه الفضيلة بتعمده وقد تلبس بفرض فخير
بـين الفرضين ،والساهي فعله كل فعل فتعين عليه العود ليعظم أجره ولو ترك المام التشهد
الول فتخلف له المأموم بطلت صلته إن شرع في التشهد أو طال الفصل وقصد المخالفة ولم ينو
المفارقة .بخلف ما لو ترك إمامه القنوت فإن المأموم يندب له التخلف له إن علم أنه يدركه في
السجود الول ،ويجوز بل ندب إن علم أنه يدركه في الجلوس بـين السجدتين ،ويمتنع إن علم أنه
ل يدركه في ذلك ،لنه في مسألة القنوت يحدث في تخلفه وقوفًا لم يفعله المام .بل نهاية ما فيه
أنه أطال الوقوف زيادة على ما فعله المام.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وأما في مسألة التشهد :فإنه أحدث جلوس تشهد لم يفعله المام .ويؤخذ من هذا أن المأموم يمتنع
عليه التخلف للتشهد ولو كان المام جلس للستراحة فتدبر ،ولو ترك التشهد الول أو القنوت
عمدًا وقارب القيام في الول أو بلغ حد الراكع في الثاني ثم عاد المام لم يعد المأموم ،لن المام
إما ناس أو جاهل فل يوافقه في الخطأ وإما عامد فصلته باطلة ،بل يفارقه بالنية أو ينتظر في
ل ،فإن عاد المأموم عامدًا عالمًا بالتحريم
ل على أنه عاد ناسيًا أو جاه ًالقيام أو في السجود حم ً
ل فل ،وكذا لو قام المام وترك التشهد الول وقارب القيام ثم عاد بطلت صلته أو ناسيًا أو جاه ً
قبل قيام المأموم حرم على المأموم استمرار القعود ،بل يجب عليه القيام بمجرد انتصاب المام،
ل على أنه معذور في العود ،وله أن يفارقه بالنية. ثم له أن ينتظره في القيام حم ً
)و( السبب الثالث) :لنقل قولي غير مبطل( سواء كان ركنًا كالفاتحة أو غير ركن كالسورة وسواء
نقله عمدًا أو سهوًا ،لكن ل بد في الركن أن يكون أتى به في محله ثم أعاده ثانيًا في غير محله
كالفاتحة إذا أتى بها في محلها ،ثم أعادها في الركوع كما علم من التقيـيد بغير المبطل ،وأما إذا لم
يأت بالركن في محله كأن ركع قبل قراءة الفاتحة عامدًا عالمًا فإن صلته تبطل .ومحل كون نقل
السورة يقتضي سجود السهو إذا نقلها لغير القيام كالركوع ،أما إذا نقلها قبل الفاتحة فل سجود لن
القيام محلها في الجملة .والحاصل أن المطلوب القولي المنقول عن محله :إما أن يكون ركنًا أو
بعضًا أو هيئة ،فالركن يسجد لنقله مطلقًا ،ومثله البعض إن كان تشهدًا أول ،فإن كان قنوتًا فإن
نقله بنية القنوت سجد ،أو بقصد الذكر فل .والهيئة ل يسجد لنقلها إل السورة إذا قرئت في غير
القيام ،وإن لم يكن بنيتها.
)و( السبب الرابع) :لسهو ما يبطل عمده( فقط )لهو( أي ل سهو كتطويل الركن القصير وكلم
قليل .ولو شك في حصول ذلك منه ل يسجد لن الصل عدمه .ولو علم حصول سهو منه لكن
شك هل هو بترك بعض ارتكاب ما يبطل عمده دون سهوه سجد لتيقن مقتضى السجود .وخرج
بذلك ما ل يبطل عمده ول سهوه كاللتفات والخطوتين فل يسجد لسهوه ول لعمده لعدم وروده.
ويستثنى من ذلك نقل القولي المتقدم .وأما ما يبطل عمده وسهوه ككثير كلم وأكل وفعل فل يسجد
له أيضًا لنه ليس في صلة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( السبب الخامس) :لشك فيما صله واحتمل زيادة( وهو إيقاع الفعل مع التردد في زيادته ،فلو
شك في عدد ما أتى به من الركعات أهي ثلثة أو أربعة بنى على اليقين وهو القل وأتى وجوبًا
بما بقي وسجد للسهو للتردد في الزيادة ،وهذا بخلف مال يحتمل الزيادة كأن شك في ثالثة من
رباعية أهي ثالثة أو رابعة فتذكر فيها أنها ثالثة ل يسجد ،لن ما فعله منها مع التردد غير محتمل
للزيادة ،ومن شك في عدد الركعات ل يرجع في فعله إلى غيره سواء قولهم وفعلهم إل إذا بلغوا
عدد التواتر فيرجع لقولهم ،وكذا فعلهم على المعتمد ،وعند محمد الرملي يعمل بقولهم دون فعلهم،
لن القول يدل بوضعه بخلف الفعل ،ولو قام الخامسة في رباعية ناسيًا ثم تذكر قبل جلوسه عاد
إلى الجلوس فورًا ،فإن كان قد تشهد في الرابعة أجزأه ،وإن ظنه التشهد الول فإن لم يتذكر إل
ن له سجود السهو في الجميع) .و( بعد جلوسه وقبل تشهده أتى بالتشهد أو بعد تشهده أجزأه ،ويس ّ
يلحق المأموم سهو إمام له غير المحدث ونحوه وسهو إمام المام وسهو إمام إمام المام وهكذا،
ن لمأموم كأن اقتدى مسبوق بساه فلما قام المسبوق ليتم صلته اقتدى به آخر وهكذا ،فحينئذ س ّ
سجدتان )لسهو إمام( ولو كان سهو المام قبل اقتداء المأموم في الولى وقبل اقتداء إمامه في
الثانية لتطرق الخلل فيهما من صلة المام إلى صلة المأموم ولتحمل المام عنه السهو .وإن
ترك المام السجود أو فارقه أو بطلت صلة المام بعد وقوع السهو منه ،فإن سجد المام للسهو
ل على أنه ل يفعل السجود ل حم ً
في آخر صلته وجب على المأموم متابعته وإن لم يعلم منه خل ً
إل لمقتضيه ،فلو ترك المأموم المتابعة عمدًا بطلت صلته إن لم يكن نوى المفارقة قبل السجود
ي المام إن قصد المخالفة وإل فبهويه للسجدة الثانية ،فإن للمخالفة حال القدوة ،وتبطل بمجرد هو ّ
تخلف عنه سهوًا ثم تذكر قبل سلم نفسه سجد وجوبًا ولو بعد سلم المام ،فإن سلم عمدًا من غير
سجود بطلت صلته أو سهوًا فإن قصر الزمان تداركه وإن طال استأنف فلو سجد المام قبل أن
يتم المأموم تشهده فعند ابن حجر يسجد مع المام وجوبًا ثم بعد ذلك يكمل تشهده وجوبًا بناء ل
استئنافًا .وعند الرملي يجب عليه أن يتخلف لتمام التشهد ويتعين عليه السجود بعد إتمام تشهده،
ولو كان المام قد سلم فإن سلم المأموم عمدًا من غير سجود بطلت صلته ،وإن سجد عمدًا قبل
إتمام تشهده بطلت أيضًا ،هذا في الموافق.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وأما المسبوق فمتى سجد إمامه سجد معه وجوبًا ولو قبل تمام تشهده ،وإن كان محل تشهد له
باتفاق الشيخين لن المتابعة آكد من تشهده فإنه سنة ،فإذا تخلف المسبوق عمدًا عن السجود مع
المام بطلت صلته أو سهوًا لم تبطل ،ويسقط عنه وجوب السجود إن استمر سهوه حتى فرغ منه
المام لنه لمحض المتابعة وقد فاتت فإن زال سهوه في أثنائه وجب عليه التيان بما أدرك منه
وسقط عنه الباقي لما مر ،ولو لم يسجد المام عمدًا أو سهوًا في آخر صلته سجد المأموم ندبًا في
آخر صلة نفسه بعد سلم المام لجبر الخلل الحاصل في صلة نفسه ،نعم إن كان الخلل صدر
من المأموم وحده حال القدوة ولم يصدر من المام فل يسجد المأموم ،كما قال المصنف )ل( لغير
سهو المام فل يسجد المأموم )لسهوه( الواقع منه حال كونه )خلف إمام( متطهر عن الحدث
والنجس كأن سها عن التشهد الول فل يسجد لذلك لتحمل المام له لوقوعه حال اقتدائه به فلم
يؤمر به ،وإن لم يتذكره إل بعد سلم المام كما يحمل عنه الجهر والسورة وغيرهما كالقنوت،
فلو ظن المأموم سلم المام فسلم فتبـين خلفه سلم مع إمامه ول سجود لن سهوه يحمله المام،
ولو تذكر في تشهده ترك ركن غير نية وتكبـيرة الحرام وغير سجدة من الركعة الخيرة أتى بعد
سلم إمامه بركعة ول سجود لما مر ،وخرج بالتذكر ما لو شك في ذلك فإنه يأتي بعد سلم المام
بركعة ويسجد ،والفرق بـينهما أن ما فعله بعد سلم المام في صورة الشك متردد في زيادته بعد
فراغ القدوة بخلفه في صورة التذكر ،وخرج بحال القدوة سهوه قبلها كما لو أحرم منفردًا
وحصل منه مقتضى السجود ،ثم اقتدى بإمام فل يتحمله بل يسجد في آخر صلة نفسه بعد انقضاء
القدوة وقبل سلمه .وخرج أيضًا سهوه بعد القدوة كما لو سها بعد سلم إمامه سواء كان مسبوقًا
ل بنى على أو موافقًا لنتهاء القدوة ،فلو سلم المسبوق بعد سلم إمامه أو معه ناسيًا فتذكر حا ً
صلته وسجد للسهو لن سهوه بعد انقضاء القدوة أو اختللها بالشروع في السلم.
)ولو شك بعد سلم( ل يحصل بعده عود للصلة )في فرض( أي في ترك ركن )غير نية تحّرم
ولم يؤثر( وإن قصر الفصل لن الظاهر مضى الصلة على الصحة ،وإل لعسر على الناس
خصوصًا على ذوي الوسواس ،فخرج ما لو شك في السلم نفسه فيجب تداركه ما لم يأت بمبطل
ولو بعد طول الفصل ،إذ غاية المر أن ذلك سكوت طويل وتعمده غير مبطل فل يسجد لسهوه،
وخرج ما لو سلم ناسيًا أن عليه سجود السهو فعاد للصلة عن قرب ليتداركه ،وشك بعد عوده في
ترك ركن فهو كما لو شك قبل السلم أي فيجب تداركه أما لو شك في النية وتكبـيرة الحرام
فيؤثر على المعتمد ،ولو كان طرو الشك بعد طول الفصل من السلم ،ويجب الستئناف لنه شك
في أصل النعقاد ما لم يتذكر أنه أتى بهما ولو بعد طول الزمان ،وموضع المسألة أن الشك طرأ
بعد السلم ،أما لو شك في النية أو تكبـيرة الحرام في أثناء الصلة فإن تذكر عن قرب قبل
مضي أقل الطمأنينة ل يضر ،وإل ضر .وكذا لو شك في شرط من شروط الصلة في أثنائها.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أن الشروط ستة :كون القراءة مشروعة مقصودة من شخص واحد في غير صلة
الجنازة لجميع الية ،وأن ل تكون بدل عن الفاتحة ،وهذه الستة عامة للمصلي وغيره ،ويزيد
المصلي أن ل يقصد بقراءته السجود في غير صبح الجمعة :بالم تنزيل .وإن كان مأمومًا شرط
أن ل يسجد إل لسجود إمامه .وآيات السجود أربع عشرة :واحدة في العراف .وواحدة في الرعد.
وواحدة في النحل .وواحدة في السراء .وواحدة في مريم .وثنتان في الحج .وواحدة في الفرقان.
وواحدة في النمل .وواحدة في الم تنزيل السجدة .وواحدة في فصلت .وواحدة في النجم .وواحدة
في النشقاق .وواحدة في اقرأ باسم ربك .ففي العراف يسجد عند آخر السورة ،وأّول الية} :إن
الذين عند ربك{ )) (7العراف :الية .(206وفي الرعد عند قوله تعالى} :بالغدّو والصال{ ))
(13الرعد :الية ،(15وأّول الية} :ول يسجد من في السموات والرض{ )) (13الرعد :الية
.(15وفي النحل عند قوله تعالى} :ويفعلون ما يؤمرون{ )) (16النحل :الية ،(50وقيل:
}يستكبرون{ )) (16النحل :الية .(49وأول الية} :ول يسجد ما في السموات وما في الرض
من دابة{ )) (16النحل :الية .(49وفي السراء عند قوله تعالى} :ويزيدهم خشوعًا{ ))(17
السراء :الية ،(109وأول الية} :قل آمنوا به{ )) (17السراء :الية .(107وفي مريم عند
قوله تعالى} :خروا سجدًا وبكيا{ )) (19مريم :الية .(58وأول الية} :أولئك الذين أنعم ال
عليهم{ )) (19مريم :الية .(58وفي الحج الولى عند قوله تعالى} :يفعل ما يشاء{ ))(22
الحج :الية .(18وأول الية} :ألم تر أن ال يسجد له من في السموات ومن في الرض{ ))(22
الحج :الية .(18والثانية عند قوله تعالى} :لعلكم تفلحون{ )) (22الحج :الية .(77وأول الية:
}يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا{ )) (22الحج :الية .(77وفي الفرقان عند قوله تعالى:
}وزادهم نفورًا{ )) (25الفرقان :الية .(60وأول الية} :وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن{ ))(25
الفرقان :الية .(60وفي النمل عند قوله تعالى} :رب العرش العظيم{ )) (27النمل :الية .(26
وأول الية} :أل يسجدوا ل{ )) (27النمل :الية ،(25وفي الم تنزيل السجدة عند قوله تعالى:
}وهم ل يستكبرون{ )) (32السجدة :الية .(15وأول الية:
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
}إنما يؤمن{ )) (32السجدة الية .(15وفي فصلت عند قوله تعالى} :إن كنتم إياه تعبدون{ ))
(41فصلت :الية .(37وأول الية} :ومن آياته الليل والنهار{ )) (41فصلت :الية :(37وفي
النجم عند آخر السورة ،وأول الية }فل أقسم بالشفق{ ) (53النجم :الية .(59وفي النشقاق
عند قوله تعالى} :ل يسجدون{ )) (84النشقاق الية .(21وأول الية} :فل أقسم بالشفق{ ))
(84النشقاق :الية ،(16لكن قال الشبراملسي :والولى في النشقاق تأخير السجود إلى آخرها
ل بالقولين ،بل يمتنع لنه خروجًا من الخلف لنه ل يستحب السجود عند كل محل سجدة عم ً
حينئذ آت بسجدة لم تشرع .وفي اقرأ عند آخر السورة .وأول الية} :فليدع ناديه{ )) (96العلق:
الية .(17وليس في القرآن آية سجدة تلوة غير ما ذكر .ولو ذكر فيها السجود كما في قوله
تعالى في سورة الحجر} :وسبح بحمد ربك وكن من الساجدين{ )) (15الحجر :الية .(98ووقع
ن له السجود حيث اضطراب فيمن قرأ آية سجدة في غير الصلة بقصد أن يسجد ،والمعتمد أنه يس ّ
لم يقرأ في وقت الكراهة بقصد أن يسجد فيه وإل فل ،وأما في الصلة فإن كان في صبح يوم
الجمعة بالم تنزيل صح ذلك باتفاق الشيخين :الرملي وابن حجر ،وإن كان في غير صبح
الجمعة ،فإن قرأ آية سجدة بقصد السجود وسجد عامدًا عالمًا بطلت صلته باتفاقهما أيضًا .ولو
قرأ آية ل بقصد السجود فاتفق أنها آية سجدة جاز السجود عندهما ،وإن كان في صبح الجمعة
بغير الم تنزيل جاز عند ابن حجر لن صبح الجمعة محل السجود في الجملة ،وامتنع عند الرملي
لعدم الورود .ويسجد المأموم تبعًا لمامه وجوبًا ول يحتاج لنية لن سجوده للمتابعة بخلف المام
والمنفرد فيحتاج سجودهما لنية بالقلب دون اللسان لن التلفظ بها مبطل .فإن سجدا بل نية بطلت
صلتهما.
وأركان سجود التلوة لغير مصل :تحرم مقرون بالنية ،وسجدة ،وسلم بعد الجلوس ،وأما
المصلي فإن كان مأمومًا فعليه متابعة إمامه ،ول يطلب منه غيرها .وإن كان إمامًا أو منفردًا
وجب عليه نية السجود فقط بقلبه كما تقدم .ول يجوز له غيرها وشروطه شروط الصلة ،وأن ل
يطول فصل عرفًا بـين السجود والقراءة بأن ل يزيد على ركعتين بأخف ممكن من الوسط
المعتدل .فإن زاد فاتت ول تقضى ،فإن لم يتمكن من فعلها لشغل قال أربع مرات :سبحان ال
والحمد ل ول إله إل ال وال أكبر ول حول ول قّوة إل بال العلي العظيم ،وكذا سجدة الشكر،
وكذا تحية المسجد وهو كسجود الصلة في واجباته ومندوباته .قال الرملي :أفضل ما ورد فيه:
سجد وجهي للذي خلقه وصّوره وشق سمعه وبصره بحوله وقّوته تبارك ال أحسن الخالقين،
والدعاء فيه بمناسب الية حسن انتهى ،ويتكرر بتكرر الية .نعم إن لم يسجد حتى كرر الية كفاه
ن رفع اليدين عند التحرم بها كالصلة؛ وتفوت بالعراض وطول الفصل. سجدة واحدة .ويس ّ
ن سجود الشكر لهجوم نعمة له ،وإن كان له نظيرها أو لنحو ولده أو قريبه أو صديقه أو من ويس ّ
يعم النفع به كالعالم أو لعموم المسلمين ،والمراد بالهجوم أن تكون من حيث ل يحتسب في وقت لم
يتيقن وجودها فيه ،وإن كان متوقعًا لها بحيث ل تنسب لتسببه عادة كالولد والعافية ،ول عبرة
بتسببه بالوطء وتعاطي الدواء لعدم النتساب إلى ذلك عادة ،وخرج بالهجوم النعم المستمرة
كالعافية المستمرة ،والسلم والغنى عن الناس ،ونحو ذلك.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وكذلك ما حصل بتسببه عادة :كربح معتاد لتاجر فل يسجد لذلك ،أو هجوم اندفاع نقمة عنه أو
عمن تقدم سواء كان يتوقعها أم ل .أو رؤية مبتلى بفتح اللم في نحو عقله أو بدنه أو رؤية نحو
عاص متجاهر بمعصية ولو بارتكاب صغيرة من غير إصرار ،وإنما يسجد من رأى المبتلى
والعاصي إذا كان غير مصاب بمثل بلوته بأن كان سليمًا أو مصابًا بأخف منها ولو من نوعها،
ويتعدد السجود بتعدد رؤية المبتلى أو الفاسق .نعم لو تعددت السباب قبل السجود كفاه سجود
واحد للجميع ،ولو اختلفت السباب :كأن هجمت النعمة عند رؤية المبتلى والعاصي ،ويس ّ
ن
إظهار سجود الشكر إل للمبتلى لئل يتأذى .نعم إن كان غير معذور كمقطوع في سرقة أو مجلود
في زنا ولم يعلم توبته أظهره له وإل فيسره وإل للعاصي إن خاف ضرره ،وهي كسجدة التلوة
ن أن يقول فيه أيضًا :اللهم اكتب لي بها
خارج الصلة في كيفيتها وشروطها ومندوباتها ،ويس ّ
عندك أجرًا ،واجعلها لي عندك ذخرًا ،وضع عني بها وزرًا ،واقبلها مني كما قبلتها من عبدك
داود .والظاهر أن هذا الدعاء ل يقال إل في سجدة ص .ول يجوز فعل هذا السجود في الصلة.
ن أن يقول بعد السجود لرؤية المبتلى أو الفاسق سرًا :الحمد ل الذي عافاني مما ابتلك به
ويس ّ
ل .وقد ورد أنه إذا قال ذلك عافاه ال من ذلك البلء طول وفضلني على كثير من خلقه تفضي ً
عمره .وكان السلف الصالح يفرحون بالمصائب التي ل تضر في الدين نظرًا لثوابها ،فينبغي
للعبد أن يفرح بالمرض كما يفرح بالصحة ،ويشكر ال تعالى في أيام البلء ،وأيام الرخاء ،فما
قضى ال لعبده المؤمن أمرًا غير مخالف لوامر الشرع إل وكانت له الخيرة فيه .وسجدة الشكر
ل تدخل صلة بل تحرم فيها وتبطلها ،وتفوت بطول الفصل عرفًا بـينها وبـين سببها .ومنها سجدة
ص عند قوله تعالى} :وخر راكعًا وأناب{ )) (38ص :الية .(24وأول الية} :وظن داود{ ))
(38ص :الية ،(24فإن داود عليه الصلة والسلم سجدها شكرًا ل تعالى على قبول توبته من
خلف الولى الذي ارتكبه وهو إضماره أنه إن مات وزيره تزوج بزوجته .ونحن نسجد هذه
السجدة شكرًا ل تعالى على ذلك عند تلوة هذه الية ،ول يشترط أن ينوي بها سجود الشكر على
قبول توبة داود ،بل يكفي مطلق نية الشكر ،وكذا لو قال :نويت السجود لقبول توبة داود ،بخلف
ما لو نوى الشكر والتلوة معًا خارج الصلة فل يصح ،لن سجود التلوة إن لم يكن من
ل وغيره فيغلب المبطل. ل ،فإذا نواهما فقد نوى مبط ً
السجدات المشروعة كان باط ً
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ولو علم تحريم جنس الكلم في الصلة لكن جهل تحريم ما أتى به من ذلك ل تبطل إن قرب
عهده بالسلم أو كان بعيدًا عن العلماء وكان ما أتى به يسيرًا عرفًا ،واستنبط بعضهم من ذلك
صحة صلة المبلغ والفاتح على المام بقصد العلم فقط إذا كان يجهل امتناع ذلك ،قال :وينبغي
صحة صلته وإن لم يقرب عهده بالسلم ،ولو نشأ قريبًا من العلماء لمزيد خفاء ذلك على
العوام ،ويعذر في التنحنح للغلبة إن قل ولتعذر ركن قولي ،وإن كثر عرفًا فيتنحنح بقدر ما يسمع
نفسه ،ول يعذر في التنحنح للسنن :كجهر ،وقراءة سورة ،وقنوت ،وتكبـيرة انتقالت.
والحاصل أن التنحنح :إذا لم يظهر منه حرفان أو حرف مفهم ل يضر مطلقًا ،وإن ظهر منه
حرفان أو حرف مفهم إن كان لغير عذر ضر مطلقًا ،فإن كان للغلبة ولم يكن مرضًا ملزمًا ل
ل عرفًا .ولو ظهر منه حرفان ولو في كل مرة فإن صار ملزمًا بحيث ل يخلو يضر إن ق ّ
الشخص منه في الوقت زمنًا يسع الصلة ل يضر ولو كثر عرفًا ،وكذا إذا كان لتعذر الركن
القولي والبكاء والنين والتأوه ،ولو كان كل منها من خوف الخرة ،والضحك ،والنفخ بالفم أو
ل عرفًا ،ولو ظهر منه النف ،والسعال ،والعطاس ،والتثاؤب إن كان ذلك للغلبة ل يضر إن ق ّ
حرفان ولو في كل مرة ،فإن كثر عرفًا ضر ،وكذا لو كان بغير عذر وظهر منه حرفان أو حرف
مفهم ،وخرج بكلم المخلوق كلم ال تعالى ،ومثله الذكر فل بطلن به ،وكذا الدعاء ما لم
يخاطب به غير ال ورسوله ولم يكن محرمًا وإل بطلت صلته ،كأن قال لغيره :رحمك ال ،أو
دعا بإثم أو قطيعة رحم ،أو دعا على إنسان بما ل يجوز ،ولو تكلم بنظم القرآن كـ }يا يحيــى خذ
الكتاب{ )) (19مريم :الية (12مفهمًا به من استأذنه أن يأخذ شيئًا ل تبطل صلته إن قصد
التلوة فقط أو مع الفهام أو شك في ذلك فإن قصد الفهام فقط أو أطلق بطلت صلته ،وكذا يقال
في الفتح على المام ،وفي جهر المام أو المبلغ بتكبـيرات النتقالت لسماع المأمومين ،ويؤخذ
مما تقدم تخصيص ذلك بالعارف ،أما غيره ففيه ما تقدم ،وتبطل الصلة بما ل يعقل ،كأن قال :يا
ب عليك ،ولو قال إمامه:
أرض ربـي وربك ال .أعوذ بال من شرك وشر ما فيك وشر ما د ّ
}إياك نعبد وإياك نستعين{ )) (1الفاتحة :الية (5فقالها ،أو قال :استعنا بال ،أو استعنت بال
ففيه التفصيل المتقدم ،ولو قال لمامه :صدقت حين نطق بالثناء في القنوت بطلت صلته لنه
ن بطلن صلته فتكلم يسيرًا خطاب ،وإذا قال :أشهد ففيه التفصيل المتقدم ،ولو سلم ناسيًا فظ ّ
عامدًا لم تبطل ،ول تجب إجابة البوين في الصلة بل تحرم في الفرض .وأما النفل فالجابة فيه
أفضل إن شق عليهما عدمها ،وإل فالستمرار أفضل.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( الخامس) :بمفطر( للصوم ،فكل ما أبطل الصوم أبطل الصلة ،وسيأتي بـيانه في بابه إن شاء
ن
ال تعالى ،ومن ذلك ما لو كان في فمه باقي مطعوم أو مشروب فجرى به ريقه فابتلعه فإ ّ
صلته تبطل ،نعم لو كان بـين أسنانه طعام وعجز عن تميـيزه ومجه فجرى به ريقه فنزل إلى
حلقه بغير إرادته فإنه ل يضر كما في الصوم.
ل لشدة منافاته للصلة لنه يشعر وتبطل الصلة بأكل ،بضم الهمزة ولو بل حركة فم ولو قلي ً
ل تحريمه فيها وقرب عهده بالسلم ،أو نشأ بالعراض عنها .نعم لو كان ناسيًا للصلة ،أو جاه ً
بعيدًا عن العلماء ل تبطل صلته بالكل القليل ،بخلف الكثير فإنه مبطل مطلقًا ،بخلف الصوم
ول فرق بـين المكره وغيره لندرة الكراه.
ي عمدًا( لغير عذر ،فإن كان لعذر كمتابعة المام )و( السادس) :بزيادة ركن( أي تكرار ركن )فعل ّ
ي من العتدال وقبل السجود الول، ل يضر ،ول يضر جلوس قصير بقدر الطمأنينة بعد الهو ّ
لن الجلوس عهد في الصلة غير ركن كجلوس الستراحة ،بخلف ما إذا انحنى حتى خرج عن
حد القيام بأن صار أقرب إلى الركوع عامدًا عالمًا بالتحريم فتبطل صلته ،ومثله في السجود إذا
كان لغير مطلوب كما تقدم عن الشبراملسي .وخرج بالفعلي في الصورتين :القولي كالفاتحة
والتشهد ،وبالعمد فيهما السهو فل بطلن ،وإذا أدرك المسبوق المام في السجدة الولى من صلب
صلته فسجد معه ثم رفع المام رأسه فأحدث وانصرف ،فالصح أنه ل يأتي بالسجدة الثانية لنه
بحدث المام انفرد فهي زيادة محضة بغير متابعة فكانت مبطلة.
ل( لتلعبه ،وإنما صح القتداء بمن )و( السابع) :باعتقاد فرض( بعينه من فروض الصلة )نف ً
يرى سنية الطمأنينة لن المدار في القدوة على التيان بما يعتقده المأموم وإن لم يعتقد المام ما
يعتقده المأموم ،وإل لم يصح القتداء بمخالف .ومحل البطلن بظن ذلك إن كان في ركن فعل ّ
ي
وفعله مع ذلك ،أو في قولي أتى به مع ذلك وشرع فيما بعده .أما لو أعاد القولي في محله بنية
الفرض أو ل بنية شيء فل بطلن كذا في فتح الجواد.
والثامن :مما يفسد الصلة :الحدث بأقسامه الثلثة المتقدمة ولو بل قصد واختيار ،وأما فسادها
فيمن تعمد ذلك فبالجماع ،ولحديث مسلم» :ل يقبل ال صلة بغير طهور« .وأما فيمن سبقه
الحدث فلذلك الحديث.
والتاسع :الشك في النية أو في شيء من شروط الصلة :كالطهارة ،أو هل نوى ظهرًا أو عصرًا
ومضى على ذلك زمن يسع ركنًا ،أما لو زال الشك سريعًا :كأن خطر له خاطر وزال سريعًا فل.
وفرض المسألة أنه طرأ عليه الشك وهو في الصلة قبل السلم منها.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والعاشر :انكشاف العورة مع القدرة على سترها ،ولو كان في خلوة إل إن كشفها الريح فسترها
ل قبل مضي أقل الطمأنينة فل بطلن حينئذ إل إن كثر وتوالى بحيث يحتاج الستر إلى أفعال حا ً
كثيرة متوالية ،وإل بطلت.
والحادي عشر :النحراف عن القبلة ببعض ما وجب الستقبال به ولو بإكراه لندرة الكراه في
الصلة ،ومن ذلك ما يقع كثيرًا أن ينفذ شخص بـين مصليـين فيحرفهما أو أحدهما عن القبلة أو
ل فيحرفه فإن الصلة تبطل على المعتمد ،نعم لو انحرف عن القبلة ناسيًا أنه في يمر بجنب مص ّ
الصلة وعاد عن قرب ل يضر.
والثاني عشر :الرّدة ،أعاذنا ال والمسلمين منها.
والثالث عشر :ظهور بعض ما ستر بالخف من رجل أو لفافة أو انقضاء مدة المسح وهو في
الصلة في الحالين.
ل بغير والرابع عشر :اتصال نجاسة ببدنه ولو داخل أنفه أو عينه أو بملبوسه إل إن نحاها حا ً
حمل لها أو لما اتصلت به ،ومثال تنحيتها بغير حمل أن تكون يابسة فينفضها :كأن يميل كتفه
فيلقيها ،وله نفضها حينئذ ولو في المسجد وإن اتسع الوقت ،ثم تجب إزالتها بعد ذلك فورًا ،فإن
ل من غير حمل له ،لكن إن كان في المسجد ولزم على كانت رطبة فتنحيتها برمي ما أصابته حا ً
إلقائها فيه تنجيسه فإن اتسع الوقت راعاه فل يلقيها فيه ،بل يقطع الصلة ويلقيها خارجه وإل
راعى الصلة وألقى النجاسة ،وتجب إزالتها بعد الصلة فورًا .وخرج بالمسجد الرباط والمدرسة
وملك الغير والدمي المحترم وقبره وملك نفسه فإنه يراعي الصلة في جميع ذلك ،وإن لزم على
ذلك إفساد شيء ،ول يرد على الغاية المذكورة أن فيها إضاعة مال وهي حرام ،لن محل الحرمة
ما لم تكن لغرض شرعي ،وهو هنا تصحيح الصلة ،والذي يتعين مراعاة المصحف وجوف
الكعبة وإن ضاق الوقت ،ولو كانت النجاسة جافة لعظم حرمتها .ومثل تنحيتها فورًا ما لو غسل
ل فغمسها فورًا في ذلك الماء .قال
ما أصابته فورًا كما لو كان بجنب ماٍء كثير فأصاب يده بول مث ً
بعضهم :ولعل ضابط الفورية أن ل يريد على قدر الطمأنينة.
والخامس عشر :تقديم الركن الفعلي على محله عمدًا.
والسادس عشر :ترك ركن من أركان الصلة عمدًا ،بخلفه سهوًا ما لم يسلم ويطل الفصل وإل
استأنفها.
والسابع عشر :تطويل الركن القصير وهو العتدال والجلوس بـين السجدتين ،وتقدم تصوير
تطويل ذلك.
والثامن عشر :التقدم على المام بركنين فعليـين عامدًا عالمًا بل عذر ،أو التخلف عنه بهما كذلك.
ل لكنه في الفعلي حرام ،ولو ببعض ركن. أما التقدم على المام بأقل من ركنين فعليـين فليس مبط ً
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والتاسع عشر :القتداء بمن ل يقتدى به ولو مع الجهل بحاله .نعم إن بان إمامه محدثًا أو ذا نجاسة
خفية حيث كان المأموم غير عالم بذلك لم يضر .والنجاسة الخفية هي ما لو تأّملها المأموم لم
يرها ،وقيل :ما كانت مستترة بالثياب .فإن قلت :الكلم فيما يفسد الصلة :وهو الذي يطرأ بعد
انعقادها فيفسدها ،والقتداء بمن ل يقتدى به يمنع النعقاد فكيف عد من المفسدات .قلت :يصور
بما إذا أحرم بالصلة منفردًا ثم بعد انعقادها نوى القتداء بمن ل يقتدى به فتفسد هذه النية على ما
تقدم.
ل) .و( لكن )ندب والعشرون :صرف نية صلة إلى صلة أخرى سواء كانت فرضًا أو نف ً
ل( أي يصرف فرضه لمنفرد( أي لمن يصلي منفردًا )رأى جماعة( مشروعة )أن يقلب فرضه نف ً
إلى نفل مطلق ليدرك فضيلة الجماعة بشروط ستة :الّول :أن يتحقق إتمامها في الوقت لو
استأنفها ،وإل حرم القلب في هذه .الثاني :أن تكون الصلة المقلوبة ثلثية أو رباعية) .و( الثالث:
أن ل يشرع في الركعة الثالثة لنه طلب منه أن )يسلم من ركعتين( أو ركعة .الرابع :أن ل توجد
جماعة غيرها .الخامس :أن ل يكون المام مخالفًا في المذهب ول مبتدعًا ،وإل جاز القلب في
هذه الربعة ولم يندب .السادس :أن تكون الجماعة مطلوبة في تلك الصلة ،فلو كان يصلي فائتة
ل ليصليها في جماعة حاضرة أو فائتة ليست من نوعها ،فلو كانت الجماعة في لم يجز قلبها نف ً
فائتة من نوعها :كأن كانتا ظهرين أو عصرين جاز القلب ولم يندب ما لم يجب قضاء الفائتة
ن،ل ،فعلم أن القلب تارة يس ّ
فورًا ،وإل حرم القلب .ولو خشي في فائتة فوت حاضرة قلبها نف ً
وتارة يجب ،وتارة يحرم ،وتارة يجوز ول تعتريه الكراهة.
فصل في سنن الصلة المكتوبة قبل الدخول فيها
وهي شيئان :الذان والقامة .أما الذان فهو قول مخصوص مطلوب لفريضة الصلة .وكلماته
خمس عشرة كلمة ،وهي أن يقول :ال أكبر أربعًا ،أشهد أن ل إله إل ال مرتين ،أشهد أن محمدًا
ي على الصلة كذلك ،حي على الفلح كذلك ،ال أكبر كذلك ،ل إله إل ال رسول ال كذلك ،ح ّ
مرة.
وأما القامة :فهي ذكر مخصوص يكون سببًا للقيام إلى المكتوبة ،وكلماتها إحدى عشرة كلمة
وهي :ال أكبر ،تقال مرتين ،أشهد أن ل إله إل ال ،وأشهد أن محمدًا رسول ال ،حي على
الصلة ،حي على الفلح تقال كل واحدة مرة ،قد قامت الصلة تقال مرتين ،ال أكبر تقال مرتين،
ل إله إل ال تقال مرة ،فتبـين بذلك أن معظم الذان مثنى ،ومنه ما هو أربع :وهو التكبـير في
أوله كما تقدم وما هو واحد :وهو التوحيد آخره ،ومعظم القامة فرادى ،ومنه ما هو اثنان :وهو
التكبـير أولها وآخرها ،وقد قامت الصلة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن أذان وإقامة( لخبر الصحيحين» :إذا حضرت الصلة فليؤذن لكم« ولخبر إبـي داود: )س ّ
»وتقول إذا قمت إلى الصلة :ال أكبر ال أكبر إلى آخر القامة« )لذكر ولو منفردًا( بالصلة في
صحراء أو غيرها ،ويكفي في أذان المنفرد إسماع نفسه ،بخلف أذان العلم كما يأتي ،ولكن
سنية كل من الذان والقامة سنة كفاية للجماعة ،وسنة عين للمنفرد) .وإن سمع أذانًا( من غيره
حيث لم يكن مدعّوا به ،أما إذا كان مدعّوا به بأن سمعه من مكان وأراد الصلة فيه وصلى معهم
فل يندب له الذان .ثم الذان وإن كان سنة أفضل من الجماعة التي هي فرض عين في الجمعة
والمعادة والمجموعة بالمطر تقديمًا وفي المنذور جماعتها ،وفرض كفاية فيما عدا ذلك من
المكتوبة فهو من السنن التي فضلت الفرض كإنظار المعسر وإبرائه ،فإن النظار واجب
والبراء مندوب ،والبراء أفضل من النظار ،وكابتداء السلم ورّده فإن ابتداءه سنة ورّده فرض
كفاية ،والبتداء أفضل من الرّد.
وبقي من سنن الكفاية تشميت العاطس والتسمية على الطعام إذا كان المتناول منه أكثر من واحد،
وما يفعل بالميت إذا ندب إليه والضحية في حق أهل المنزل الواحد ،فجملتها سبعة :الذان،
والقامة ،وابتداء السلم ،وتشميت العاطس ،والتسمية على الطعام ،وما يفعل بالميت إذا ندب إليه
بالنسبة للجماعة في الجميع ،والضحية في حق أهل المنزل الواحد.
وعلم مما مّر في تعريف الذان والقامة أنهما ل يسنان إل )لمكتوبة( والذان حق للفريضة ل
ن )أن يؤذن للولى( فقط )من صلوات توالت( سواء كانت قضاء للوقت على المعتمد) .و( لكن س ّ
أو أداء كالمجموعتين بالسفر أو المطر .نعم إن اختلف الوقت :كأن أراد صلة الظهر في آخر
ن لها الذان لختلف الوقت) .ويقيم لكل( وقتها فأذن لها ثم دخل وقت العصر وأراد صلته س ّ
من الصلوات التي والها سواء كانت قضاء أو أداء كما تقّدم ول يصح الذان من امرأة وخنثى
ن )إقامة لنثى( لنفسها ولجماعة النساء ل للذكور وللرجال أو خناثى ولو محارم) .و( إنما تس ّ
للخناثى ،لكن لو أذنت لجماعة النساء بل رفع صوت لم يحرم ولم يكره وكذا لو أذنت لنفسها
وكان الذان ذكرًا ل تعالى ،فإن رفعت صوتها فوق ما تسمع صواحباتها حرم على الصحيح،
ومثلها في ذلك الخنثى ،فل يقيم إل لنفسه أو لجماعة النساء ،ل للذكور ول لجماعة الخناثى
لحتمال أنوثته وذكورتهم.
ن فيه الجماعة :كالعيدين والكسوفين ،والستسقاء ،والتراويح ،ووتر )و( أما النفل فإن كان مما تس ّ
رمضان وأريد فعله جماعة فهو )ينادي( لهذه و )لجماعة نفل( شرعت له ،وإن نذر فعله بنحو
)الصلة جامعة( مثل الصلة الصلة ،وهلموا إلى الصلة ،والصلة رحمكم ال ،والصلة فقط،
ل عن شيء ي على الصلة ،وذلك ذكر شرع لهذه الصلة استنهاضًا للحاضرين وليس بد ً وكذا ح ّ
كما قاله الشبراملسي ،ول يقال إل مرة واحدة على المعتمد ،ويفعل ذلك في كل ركعتين من
ن لكن أريد فعله فرادى فل ينادى له ن فيه الجماعة أو كانت تس ّ
التراويح .فإن كان النفل ل تس ّ
بشيء ،ومثله صلة الجنازة لن المشيعين حاضرون فل حاجة إلى النداء .نعم إن كانوا يزيدون
بالنداء طلب) .وشرط فيهما( أي في كل من الذان والقامة ثمانية :منها ثلثة في فاعلهما ،وهي
السلم فل يصحان من كافر لن في إتيانه بهما نوع استهزاء ،فلو فعل الكافر ذلك حكم بإسلمه
لنطقه بالشهادتين ما لم يكن عيسويًا :وهم طائفة من اليهود منسوبون إلى أبـي عيسى إسحاق بن
يعقوب الصفهاني اليهودي؛ كان في خلفة المنصور ،وكان يعتقد أن محمدًا بعث إلى العرب
خاصة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ول يشترط في صحة السلم عطف إحدى الشهادتين على الخرى لن الشهادتين في الذان ل
عطف بـينهما كذا قال الشبراملسي والتميـيز ولو صبـيًا .والذكورة ولو عبدًا إذا كان الذان لغير
ن .ومنها
ن القامة على المعتمد بأن تفعلها إحداه ّ
ن ،وتطلب منه ّن فل يصح منه ّ النساء .أما له ّ
خمسة في ذاتهما :وهي )ترتيب( للتباع ولن تركه يوهم اللعب ويخل بالعلم )وولء( لن
ترك ذلك يخل بالعلم فل يفصل بـين كلماتهما بسكوت أو كلم طويل .وخرج بالطويل اليسير
منهما ولو عمدًا) .وجهر لجماعة( ويحصل أصل السنة بمجرد الرفع فوق ما يسمع نفسه أو أحدًا
من المصلين ،وكمال السنة بالرفع طاقته بل مشقة )ووقت( أي دخوله لن القصد العلم ،ول
معنى له قبل الوقت مع ما فيه من التدليس )لغير أذان صبح( فإن الذان الّول للصبح يدخل
بنصف الليل ويحرم قبله ،وليس مثله أذان الجمعة الّول على الوجه إذ ل مدخل للقياس في ذلك،
وتختص القامة بتقيـيدها بالوقت فل تصح قبله ولو للصبح ،وباشتراط أن ل يطول فصل عرفًا
بـينها وبـين فعل الصلة كذا في فتح الجواد ،وعدم البناء على أذان غيره وإقامته لن البناء يخل
بالعلم ،وذلك كالحج أو العمرة فإن من مات أثناءهما ل يجوز للخر البناء على فعله.
ن( للذان وحده ستة )تثويب( في أذاني )صبح( بأن يقول بعد الحيعلتين :الصلة خير من )وس ّ
النوم مرتين :أي اليقظة للصلة خير من الراحة التي تحصل من النوم ،فتكون كلمات الذان سبع
ن للصبح وحدها أذانان ولو من واحد :أذان قبل الفجر وهو وقت السحر .والمختار في عشرة ويس ّ
السدس الخير ،وآخر بعده للتباع )وترجيع( بأن يأتي بالشهادتين كل واحدة مرتين بخفض
صوت قبل رفع الصوت بهما فيأتي بالربع ولء ،فلو لم يأت بهما سرًا أّول أتى بهما بعد الجهر
ل عن العباب ،فتكون جملة كلمات أذان الصبح بالترجيع والتثويب إحدى كذا قال الشبراملسي نق ً
وعشرين كلمة) .وجعل مسبحتيه( أي أنملتهما )بصماخيه( لنه أجمع للصوت ،ويعرف به الذان
لصمم أو بعد ولو تعذرت يد واحدة جعل الخرى أو سبابتهما جعل غيرهما من بقية أصابعه،
وترتيل بأن يفرد كل كلمة بصوت إل التكبـير أّوله وآخره ،فيجمع كل كلمتين بصوت لخفته مع
وقفة لطيفة على الولى .فإن لم يقف فالولى الضم ،وقيل الفتح ،ورفع الصوت قدر المكان لنه
أبلغ في العلم.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن رفع الصوت نعم إن أذن في مسجد أو نحوه وكان قد صليت فيه صاحبة الوقت قبل ذلك ل يس ّ
لئل يتوهم السامعون دخول وقت صلة أخرى أو أن التي فعلوها وقعت قبل الوقت ،وأن يكون
ن الصعود فوق السطح فيؤذن عليه ،وإن تعسر على موضع عال ،ولو لم يكن للمسجد منارة س ّ
ن لها شيء من ذلك كله .نعم
ذلك فينبغي أن يكون على باب المسجد .وخرج بالذان القامة فل يس ّ
ن )فيهما( أي الذان والقامة معًا سبعة )قيام( ن أن تكون على عال) .و( س ّ إن اتسع المسجد س ّ
فيكرهان للقاعد وللمضطجع أشّد وللراكب المقيم ،بخلف المسافر فل يكرهان له راكبًا جالسًا
ن حينئذ الدوران في )واستقبال( للقبلة إذا كانت البلد صغيرة عرفًا .أما إذا كانت كبـيرة عرفًا فيس ّ
ن الستقبال في الذان إذا كانت مئذنة المسجد في طرف الذان كما هو واقع الن ،وكذا ل يس ّ
القرية من جهة القبلة ،بل يستقبل القرية حينئذ وإن استدبر القبلة) .وتحويل وجهه( دون صدره
ورجليه )فيهما( أي الذان والقامة وإن قل الجمع )يمينًا( مرة )في( قوله )حي على الصلة(
ل( مرة أخرى )في( قوله )حي على الفلح( كذلك حتى يتمهما في اللتفاتين مرتين )وشما ً
واختصت الحيعلتان باللتفات لنهما خطاب الدمي كالسلم في الصلة ،وأما غيرهما فهو ذكر
ال تعالى ،وإنما يندب لن القصد منها العلم ،ول يلتفت في قوله :الصلة خير من النوم.
والطهارة من الحدثين والخبث ،وعدم التغني بهما فإنه يكره ما لم يتغير به المعنى وإل حرم.
وعدم التمطيط :أي التمديد فإنه يكره وقد يبطل ،بل يكفر المتعمد في بعض الكلمة كمّد باء أكبر
وهمزته ومّد همزة أشهد وألف ال ،وكذا يبطل عدم النطق بهاء الصلة ،وأن يكون كل من
ل في الرواية بالنسبة لصل السنة ،وفي الشهادة بالنسبة لكمالها المؤذن والمقيم حسن الصوت عد ً
لنه أمين على الوقت فإن أذن الفاسق كره ،إذ ل يؤمن من أن يؤذن في غير الوقت ،لكن يحصل
بأذانه أصل السنة وإن لم يقبل خبره.
ن )لسامعهما( أي المؤذن والمقيم )أن يقول ولو غير متوضىء( أو جنبًا أو حائضًا أو نفساء )و( س ّ
ن للمحدث ل للجنب والحائض ،وخلفًا لبنه وهو التاج السبكي حيث خلفًا للسبكي حيث قال :يس ّ
قال :تجيب الحائض لطول أمدها بخلف الجنب )مثل قولهما( والمجامع وقاضي الحاجة يجيبان
بعد فراغ شغلهما كغيرهما ما لم يطل الفصل عرفًا ،وإل لم تستحب لهما الجابة )إل في حيعلت
فيحوقل( أي يقول المجيب بدل كل منها :ل حول ول قوة إل بال ،يقولها أربع مرات ،وإنما يس ّ
ن
للمجيب ذلك لنه تفويض محض إلى ال تعالى ،والحيعلت دعاء إلى الصلة فل يليق بغير
المؤذن ،وإل في كلمتي القامة فيقول المجيب مرتين :أقامها ال وأدامها وجعلني من صالحي
أهلها )و( إل في التثويب فإن المجيب )يصّدق( بقوله :صدقت وبررت مرتين )إن ثوب( أي إن
أتى مؤذن الصبح بالتثويب ،ويشتغل بالجابة ولو كان يفّوت تكبـيرة الحرام مع المام أو الفاتحة
لنه قيل بوجوبها.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن )لكل( من مؤذن ومقيم وسامع ومستمع )أن يصلي على النبـي( )بعد فراغهما( أي فراغ )و( س ّ
كل من الذان والقامة إل إمام الجمعة في القامة كما قاله علي الونائي ،وتحصل السنة بأي لفظ
أتى به مما يفيد الصلة على النبـي ،وأفضل الصيغ على الراجح صلة التشهد ،فينبغي تقديمها
على غيرها كذا قال الشبراملسي ) .ثم( يقول عقب ذلك) :اللهم رب هذه الدعوة إلى آخره( وهو:
التاّمة والصلة القائمة ،آت سيدنا محمدًا الوسيلة والفضيلة ،وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته إنك
ل تخلف الميعاد ،وأوردنا حوضه ،واسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة مريئة ل نظمأ بعدها أبدًا
ن أن يقول المؤذن ومن سمعه بعد أذان المغرب :اللهم هذا إقبال إنك على كل شيء قدير .ويس ّ
ليلك ،وإدبار نهارك ،وأصوات دعاتك فاغفر لي .ويقول كل منهما بعد أذان الصبح :اللهم هذا
ن الدعاء بـين الذان والقامة وإن إقبال نهارك ،وإدبار ليلك ،وأصوات دعاتك فاغفر لي .ويس ّ
طال ما بـينهما ،ويحصل أصل السنة بمجرد الدعاء ،والولى شغل الزمان بتمامه بالدعاء إل
وقت فعل الراتبة ،فالدعاء في نحو سجودها كاف ،ول يطلب الدعاء بعد القامة وقبل التحّرم.
والمطلوب من المصلي المبادرة إلى التحرم لتحصل له الفضيلة التاّمة ،وآكد الدعاء سؤال العافية
ن لغير المقيم القيامفي الدنيا والخرة :كأن يقول :اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والخرة ،ويس ّ
بعد الفراغ من كلمات القامة كلها.
ومكروهات الذان والقامة :وقوعهما من المحدث ،والكراهة للجنب أشّد ،وفي القامة أغلظ،
والتغني بهما :أي النتقال من نغم إلى نغم آخر ،فالسنة أن يستمر على نغم واحد ،والتمطيط :أي
مّد الحروف ولو بنغم واحد ،ومحل كراهته ما لم يتغير المعنى به ،وإل حرم كمّد باء أكبر
وهمزته ،وهمزة أشهد ،وهمزة ال ،ومّد الهاء من أشهد وإبدالها حاء ،وإسقاط همزة التكلم منها،
وأن يقول في محمد محامد ،وأن يقول :حاي على الصلة أو حاي على الفلح ،وإسقاط شّدة ال،
وعدم النطق بهاء الصلة ونحو ذلك ،بل بعض ذلك مكفر فينبغي التحرز من ذلك ،والكلم لغير
مصلحة فيهما ،والقعود فيهما للقادر على القيام ،والضطجاع أشّد كراهة ،وأن يقال فيهما :حي
على خير العمل كما قد يقع ذلك بعد الحيعلتين لنه شعار الزيدية .وأما إذا أتى بذلك عوضًا عن
الحيعلتين فل يصح الذان ول القامة لن ترك كلمة منهما مبطل لهما ،ووقوعهما من فاسق أو
صبـي مميز ،ومثلهما العمى بالنسبة للذان إذا كان وحده .أما إذا كان معه بصير يعرف الوقت
فل كراهة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومبطلتهما :الرّدة والعياذ بال منها ،والجنون ،والسكر ،وقطعهما بسكوت أو كلم إن طال
الفصل بحيث ل يعّد الباقي مع الول أذانًا ول إقامة ،بخلف اليسير ،وترك كلمة منهما ،فإن عاد
عن قرب وأتى بها وأعاد ما بعدها صح ،وهذا في الكلمات التي ل بّد منها للصحة ،فل يضر ترك
الترجيع ول التثويب ،ول يعود إليه لو تركه.
فصل في صلة النفل
وهو لغة الزيادة ،واصطلحًا ما عدا الفرائض من الصلة وغيرها ،وهو ما طلبه الشارع طلبًا
غير جازم .ويعبر عنه بالسنة والمندوب والحسن والمرغب فيه ،والمستحب والتطوع والحسان،
والولى بفعله من تركه .وثواب الفرض يفضله بسبعين درجة ،وهو أربعة أنواع :مؤقت ،وذو
سبب متقدم ،وذو سبب متأخر ،ومطلق ،وهو الذي ل يتقيد بوقت ول سبب .وأفراد النوافل ل
ن فيه الجماعة،تنحصر ،أما المؤقت فهو قسمان :قسم تسن فيه الجماعة ،وسيأتي .وقسم ل تس ّ
فهي فيه خلف الولى ،وإن حصل ثوابها على المعتمد كما نقله الونائي عن ابن قاسم ،وهو ما
ن أربع ركعات قبل عصر( لقوله » :رحم ال امرءًا صلى قبل العصر أربعًا« ذكره بقوله) :يس ّ
فينبغي المحافظة عليها رجاء الدخول في دعوته ) .و( أربع قبل )ظهر( لعدم تركه لها كما رواه
البخاري) .و( أربع )بعده( لقوله » :من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه
ال على النار« والجمعة كالظهر فلها أربع قبلية وأربع بعدية ،إن كانت مغنية عن الظهر ،فإن
وجب الظهر بعدها ،فل بعدية لها .وللظهر بعدها أربع قبلية وأربع بعدية ،وحينئذ تقع القبلية التي
ل مطلقًا ،ول تغني عن قبلية الظهر.صلها قبل الجمعة نف ً
)وركعتان بعد مغرب( لخبر الصحيحين» :أنه صلى ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها
وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين بعد الجمعة« .ويندب في ركعتي المغرب
ن تطويلهما حتى ينصرف أهل المسجد ،فحينئذ ينبغي إذا أراد بعدها الكافرون والخلص ،ويس ّ
الكمل أن يقدم الكافرون لورودها بخصوصها ثم يضم إليها ما شاء ،ومثله يقال في الركعة الثانية
من أنه يقدم الخلص لذلك ،والولى فيما يضمه رعاية ترتيب المصحف فإن لم يتيسر له تطويل
برعاية ذلك ضم إلى ذلك ما شاء ،وإن خالف ترتيب المصحف) .و( ركعتان بعد )عشاء( للخبر
المار.
)و( ركعتان خفيفتان )قبلهما( أي المغرب والعشاء لقوله » :صلوا قبل صلة المغرب« قال في
المرة الثالثة» :لمن شاء« .وإنما قال ذلك كراهة أن يتخذه الناس طريقة لزمة ،ولقوله » :بـين
كل أذانين ــــ أي أذان وإقامة ــــ صلة« ويستحب فعل الرواتب القبلية بعد إجابة المؤذن فإن
تعارضت هي وفضيلة التحرم لسراع المام بالفرض عقب الذان أخرها إلى ما بعدها ،ويكون
ذلك عذرًا في التأخير ،ول يقدمها على الجابة لنها تفوت بالتأخير ،وللخلف في وجوبها كما
قاله الشبراملسي .
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( ركعتان قبل )صبح( لمواظبته عليهما ،ولقوله » :ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها« وله
في نيتها كيفيات :سنة الصبح ،سنة الفجر ،سنة البرد ،سنة الوسطى بناء على القول المرجوح أنها
الوسطى ،سنة الغداة ،وله أن يحذف لفظ السنة كأن يقول :أصلي الغداة ،أو أصلي ركعتي البرد،
ل يخرج به عن حّد السنة والتباع لنه يطلب أن يقرأ ويستحب تخفيفهما :بأن ل يطولهما تطوي ً
فيها الكافرون والخلص وآية البقرة وهي قوله تعالى} :قولوا آمنا بال{ إلى قوله} :مسلمون{
)) (2البقرة :الية ،(136وآية آل عمران ،وهي قوله تعالى} :قل يا أهل الكتاب{ ،إلى قوله
أيضًا} :مسلمون{ )) (3آل عمران :الية ،(64و }ألم نشرح{ )) (94الشرح :الية ،(1و }ألم
تر كيف{ )) (105الفيل :الية .(1وروى أبو داود أنه قرأ في الثانية} :ربنا آمنا بما أنزلت
واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين{ )) (3آل عمران :الية ،(53و }إنا أرسلناك بالحق بشيرًا
ن الجمع بـين ذلك ليتحقق ونذيرًا ول تسئل عن أصحاب الجحيم{ )) (2البقرة :الية ،(119فيس ّ
التيان بالوارد ،وهاتان في الفضلية بعد الوتر ،وهما أفضل من بقية الرواتب المؤكدة ،ويقول
بعدهما ،وقبل صلة الفرض :يا حي يا قيوم ل إله إل أنت أربعين مرة ،و }قل هو ال أحد{ ))
(112الخلص :الية ،(1إحدى عشرة مرة ،والمعوذتين مرة مرة ،وسبحان ال وبحمده سبحان
ال العظيم أستغفر ال مائة مرة.
وروى ابن عباس رضي ال عنهما :أنه ،لما صلى ركعتي الفجر ،قال قبل صلة الفرض» :اللهم
إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبـي ،وتجمع بها شملي ،وتلّم بها شعثي ،وترّد بها ألفتي،
وتصلح بها ديني ،وتحفظ بها غائبـي ،وترفع بها شاهدي ،وتزكي بها عملي ،وتبـيض بها وجهي،
وتلهمني بها رشدي ،وتعصمني بها من كل سوء .اللهم أعطني إيمانًا صادقًا ،ويقينًا ليس بعده
كفر ،ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والخرة .اللهم إني أسألك الفوز عند القضاء
ومنازل الشهداء وعيش السعداء والنصر على العداء ومرافقة النبـياء .اللهم إني أنزل حاجتي
وإن ضعف رأيـي وقّلت حيلتي وقصر أهلي وافتقرت إلى رحمتك ،فأسألك يا قاضي المور ويا
شافي الصدور كما تجير بـين البحور أن تجيرني من عذاب السعير ومن دعوة الثبور ومن فتنة
القبور .اللهم ما قصر عنه رأيـي وضعف عنه أملي ولم تبلغه نيتي وأمنيتي من خير وعدته أحدًا
من عبادك ،أو خير أنت معطيه أحدًا من خلقك ،فإني أرغب إليك فيه وأسألك يا رب العالمين.
اللهم اجعلنا هادين مهتدين غير ضالين ول مضلين حربًا لعدائك وسلمًا لوليائك ،نحب بحبك
من أطاعك من خلقك .اللهم هذا الدعاء وعليك الجابة .وهذا الجهد وعليك التكلن ،وإنا ل وإنا
إليه راجعون ،ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم ذي الحبل الشديد ،والمر الرشيد ،أسألك
المن يوم الوعيد ،والجنة يوم الخلود مع المقربـين الشهود والركع السجود الموفين بالعهود إنك
رحيم ودود وأنت تفعل ما تريد ،سبحان الذي لبس العز وقال به ،سبحان من تعطف بالمجد وتكرم
به ،سبحان الذي ل ينبغي التسبـيح إل له ،سبحان ذي الفضل والنعم ،سبحان ذي العزة والكرم،
سبحان الذي أحصى كل شيء بعلمه .اللهم اجعل لي نورًا في قلبـي ونورًا في قبري ونورًا في
سمعي ونورًا من بـين يدي ونورًا من خلفي ونورًا عن يميني ونورًا عن شمالي ونورًا من فوقي
ونورًا من تحتي .اللهم زدني نورًا وأعطني نورًا« .
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومما ثبت له فضل عظيم بـين سنة الصبح وفرضه :سبحان من تعزز بالعظمة ،سبحان من تردى
بالكبرياء ،سبحان من تفرد بالوحدانية ،سبحان من احتجب بالنور ،سبحان من قهر العباد بالموت،
سبحان من ل يفوته فوت ،سبحان الول المبدىء ،سبحان الخر المفني ،سبحان من تسمى قبل أن
يسمى ،سبحان من علم آدم السماء ،سبحان من كان عرشه على الماء ،سبحان من ل يعلم قدره
غيره ،ويقول :سبحان ال وبحمده سبحان ال العظيم ثلثًا ،سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسلم على المرسلين والحمد ل رب العالمين.
ويسن قبل القيام لصلة الفرض ضجعة لطيفة ويحصل أصل السنة بأي كيفية فعلت ،والولى أن
تكون على الجنب اليمن مع استقبال القبلة بمقدم البدن يتذكر بها ضجعة القبر ،فإن لم تتيسر له
تلك الحالة في محله انتقل إلى غيره مما يسهل فعلها فيه يقول فيها :اللهم رب جبريل وميكائيل
وإسرافيل وعزائيل ورب سيدنا محمد أجرني من النار ثلثًا .وجملة الرواتب وهي السنن التابعة
للفرائض ثنتان وعشرون ركعة ،والمؤكد من ذلك عشر ركعات وهي ركعتان قبل الصبح،
وركعتان قبل الظهر وركعتان بعده وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء .ومتى كانت
الصلة لها قبلية وبعدية فل بد في رواتبها من نية القبلية أو البعدية لجل التميـيز فلو أخر القبلية
بعد الفرض وصلها مع البعدية بإحرام واحد ينوي القبلية والبعدية معًا ،ولو أحرم بركعتين قبلية
ل شيئًا قبل الفرض، فقط انصرفتا للمؤكدتين وإن لم يقصدهما وكذا يقال في البعدية ،ولو لم يص ّ
وأحرم بعده بأربع ركعات قبلية وبعدية انصرفت للمؤكدة وإن لم يقصدها ،ويدخل وقت الرواتب
التي قبل الفرض بدخول وقت الفرض ،والرواتب التي بعد الفرض يدخل وقتها بفعل الفرض.
وشرط البعدية صحة الفرض يقينًا ،فمن ثم لو تعددت الجمعة زيادة على قدر الحاجة ل بعدية لها
إذا لم يتيقن سبقها لما عداها ،ويخرج وقت النوعين بخروج وقت الفرض ،ولو قبل فعل الفرض،
وحينئذ يلغز بالبعدية .فيقال لنا صلة خرج وقتها ولم يدخل.
ن فيه الجماعة )وتر( في غير رمضان ولو فاتت الرواتب ندب قضاؤها )و( من القسم الذي ل تس ّ
)وأقله ركعة( ول كراهة في القتصار عليها على المعتمد بل خلف الولى ،وأدنى الكمال ثلث،
وأكمل منه خمس ثم سبع ثم تسع )وأكثره إحدى عشرة( وهي غاية الكمال فل تصح الزيادة
عليها ،فلو أحرم بثلث عشرة دفعة وكان عامدًا عالمًا بطل الجمع .وإن كان ناسيًا أو جاه ً
ل
ل مطلقًا .وإن أحرم بركعتين بعد أن صلى الحدى عشرة لم تنعقد هذه الصلة إن كان وقعت نف ً
ل مطلقًا .ولمن زاد على ركعة الفصل بـين الركعات بالسلم بأن يحرم عامدًا عالمًا وإل وقعتا نف ً
بالوتر ركعتين ركعتين ،ثم يحرم بالخيرة وينوي بالخيرة الوتر ويتخير في غيرها بـين نية
صلة الليل ومقدمة الوتر وسنته وركعتين من الوتر لنهما بعضه .ول يصح أن ينوي بالركعتين
وترًا لنهما شفع ل وتر ،ويجوز في الخيرة أن يقول ركعة من الوتر لنها بعضه أيضًا .وله
الوصل بتشهد في الخيرة أو تشهدين في الخيرتين ،وليس له في الوصل غير ذلك إن أحرم به
دفعة واحدة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل ،وأراد تأخير ثلثة منها يحرم بها دفعة ،وأحرم بالثمانيةأما لو أراد أن يصلي إحدى عشرة مث ً
قبلها بإحرام واحد جاز له التشهد في كل شفع ،فقد زاد في الوصل على تشهدين لنه لم يحرم به
دفعة واحدة .والوصل بتشهد أفضل منه بتشهدين فرقًا بـينه وبـين المغرب ،وهذا جاز فيما لو
أحرم بزيادة على ثلث دفعة لما في التيان بتشهدين من مشابهته للمغرب في الجملة ،والفصل
أفضل من الوصل لزيادة العمال فيه ،ولو أحرم بالوتر وأطلق :أي لم يقيده بعدد يخير بـين ركعة
وثلث وخمس وهكذا عند الخطيب ،واعتمد الشمس الرملي القتصار على ثلث لنها أدنى
الكمال :فيحمل عليها عند الطلق في الحرام ،وكذا في النذر .ومتى صلى الركعة المفردة:
سواء كانت وحدها أو مع غيرها وبقي منه شيء لم يجز التيان به لفواته.
وإذا صلى الوتر ركعة فقط :قرأ فيها بعد الفاتحة سورة الخلص} :وقل أعوذ برب الفلق{ ))
(113الفلق :الية } (1وقل أعوذ برب الناس{ )) (114الناس :الية ،(1وإن صلة ثلثًا قرأ في
الولى سورة }سبح اسم ربك العلى{ )) (87العلى :الية ،(1وفي الثانية سورة الكافرون،
وفي الثالثة السور الثلث المتقدمة .وإن صلة زيادة على الثلث قرأ في الولى من كل الركعتين
سورة }إنا أنزلناه{ )) (97القدر :الية ،(1وفي الثانية سورة الكافرون :ما عدا الخيرتين وما
عدا ركعة الوتر .أما هذه :فيقرأ فيها ما تقدم.
ن أن يقول بعد الوتر :سبحان الملك القدوس ثلثًا .اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ويس ّ
وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك :أي أستجير بك من غضبك ل أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت
على نفسك ،ووقته من صلة العشاء ولو تقديمًا إلى طلوع الفجر الثاني فعلم أن صحته متوقفة
على فعل العشاء لكن ل يفعله إذا صار مقيمًا فعله وبعد فعل العشاء كأن وصلت سفينته دار إقامته
بعد فعل العشاء أو نوى القامة ،بل يؤخره حتى يدخل وقته الحقيقي لن كونه في وقت العشاء
ن جعله آخر صلة الليل فإن كان له تهجد أخر الوتر انتفى بالقامة كما أفاده الشبراملسي .ويس ّ
بعده ،هذا إن وثق بـيقظته آخر الليل وإل فالفضل تعجيله بعد فريضة وراتبها ،ولو أوتر أول
الليل ،ثم استيقظ آخره لتصح إعادة الوتر لحديث» :ل وتران في ليلة« .
)و( من هذا القسم )الضحى( ومن فوائدها أنها تجزىء عن الصدقة التي تصبح على مفاصل
ل كما أخرجه مسلم )وأقلها ركعتان( وأدنى الكمال أربع ،وأكملالنسان الثلثمائة وستين مفص ً
منه ست) .و( أفضلها و )أكثرها ثمان( على المعتمد ،ووقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال،
والختيار فعلها عند مضي ربع النهار ليكون في كل ربع منه صلة ،ففي الربع الول صبح،
وفي الثاني ضحى ،وفي الثالث ظهر ،وفي الرابع عصر .ويسن أن يحرم بها ركعتين ركعتين،
ويجوز أن يحرم بها دفعة واحدة :إما بتشهد في الخيرة فقط أو في كل شفع ،وينوي بها سنة
الضحى ،ويقرأ في الولى من الركعتين الولتين بعد الفاتحة سورة }والشمس وضحاها{ ))(91
الشمس :الية (1وسورة الكافرون ،وفي الثانية منها سورة الضحى وسورة الخلص ،ثم في
باقي الركعات يقتصر في الولى على الكافرون ،وفي الثانية على الخلص.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ولو أحرم بزيادة على الثمانية وكان الجميع بإحرام واحد لم ينعقد إن كان عامدًا عالمًا وإل وقعت
ل مطلقًا ،فإن أحرم بالزيادة وحدها بعد أن فرغ من الثمانية لم تنعقد الزيادة إن كان عامدًانف ً
ل مطلقًا .ففي دعاء الضحى روايتان :إحداهما عن ابن علوان ،وهي :اللهم عالمًا ،وإل وقعت نف ً
فك أقفال قلوبنا بمشيئتك وأحسن توفيقنا بدوام الصدق في إرادتك ،وانشر علينا في هذه الساعة
راية هدايتك ،وقلدنا بسيوف وليتك وتوجنا بتيجان معرفتك ،وأمطر علينا من سحائب رحمتك،
واسقنا من شراب محبتك ،وأثبتنا في ديوان خاصتك ،وأوقفنا في ميدان ملحظتك ،وص ّ
ف
سرائرنا ،ونور أبصارنا ،واجمعنا في حظائر قدسك وآنسنا بلطيف أنسك ،ول تقطعنا بغيرك عن
نفسك .اللهم ما كان منا من إقبال إلى غيرك ،وإعراض عنك تعمدًا أو خطأ أو نسيانًا فأزله عنا
إنك على كل شيء قدير .وثانيتهما عن سيدي محمد البكري رحمه ال وهي :إن الضحا ضحاؤك،
والبهاء بهاؤك ،والنور نورك ،والعظمة عظمتك ،أسألك بحق ضحائك وبهائك وعزتك وجللك
ل طيبًا يكون عصمة لي في ديني ودنياي وعونًا لي على آخرتي ،اللهم أن تسخر لي رزقًا حل ً
أحي روحي ببارقة تسري بي في أي صورة أحببتها بك وأرني بدائع حكمتك في صنعك حتى
ي حتى يحيا لي كل قلب ميت ،وتنقاد لي كل ل بما يجب له عل ّ
أحكم بصنعة كل مصنوع ،فأقابل ك ً
نفس أبـية .إن شأنك العدل والصلح ،وإليك تنقاد النفوس والرواح ،إنك على كل شيء قدير.
ومن ذلك صلة الشراق ،وهي ركعتان بعد شروق الشمس وارتفاعها ،ينوي بهما سنة الشراق
يقرأ في الولى بعد الفاتحة سورة }والضحى{ )) (93الضحى :الية ،(1وفي الثانية بعد الفاتحة
}ألم نشرح{ )) (94الشرح :الية (1وتفوت بعلق النهار ،ول تمتّد إلى الزوال ،ثم يقول :اللهم يا
نور النور ،بالطور وكتاب مسطور في رق منشور والبـيت المعمور ،أسألك أن ترزقني نورًا
أستهدي به إليك وأدل به عليك ،ويصحبني في حياتي وبعد النتقال من ظلم مشكاتي ،وأسألك
بالشمس وضحاها ،ونفس ما سواها ،أن تجعل شمس معرفتك مشرقة بـي ل يحجبها غيم الوهام،
ول يعتريها كسوف قمر الواحدية عند التمام ،بل أدم لها الشراق والظهور على ممر اليام
والدهور ،وصل اللهم على سيدنا محمد خاتم النبـياء والمرسلين والحمد ل رب العالمين ،اللهم
اغفر لنا ولوالدينا ولخواننا في ال أحياء وأمواتًا أجمعين.
ن فيه الجماعة صلة الزوال وهي ركعتان أو أربع بعد الزوال، ومن النفل المؤقت الذي ل تس ّ
وقيل هي سنة الظهر ينوي بها سنة الزوال ،ومنه صلة الوابـين وتسمى صلة الغفلة ،ووقتها
بعد صلة المغرب إلى مغيب الشفق الحمر ،ولو جمع العشاء مع المغرب تقديمًا أخرها عن فعل
العشاء لوجوب الموالة في جمع التقديم ،وأقلها ركعتان ،وأوسطها ست وأكثرها عشرون وتفوت
بخروج وقت المغرب ،ويندب قضاؤها .إذا فاتت ،وينوي بها سنة صلة الوابـين أو سنة صلة
الغفلة ،ول بأس لو نوى بالركعتين الولتين من الست صلة الوابـين وحفظ اليمان كأن يقول:
نويت أصلي من صلة الوابـين لحفظ اليمان ،وإذا فات شيء من هذا النوع ندب قضاؤه ،ثم
ي في حياتي وعند وفاتي وبعد مماتي.
يقول بعد السلم منها :اللهم سّددني باليمان ،واحفظه عل ّ
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن فيه
ن فيه الجماعة وسيأتي .وقسم ل تس ّ )و( أما النفل ذو السبب المتقدم فهو قسمان :قسم تس ّ
الجماعة فمنه )ركعتا تحية( للمسجد ولو كان مشاعًا :أي بعضه مسجد وبعضه غير مسجد على
ل البعض جعل مسجدًا ،بخلف العتكاف فإنه ل يصح في المشاع ول يشترط الشيوع ،وإن ق ّ
تحقق المسجد بل تكفي غلبة الظن فتطلب التحية لما هو على صورة المسجد كالزوايا في القرى
ما لم تقم القرينة على عدم المسجدية ،وليس من علماته المنارة ول المنبر .وخرج بالمسجد
المدارس والرباطات وما في الرض المحكرة وما في سواحل النهار وما في الرض الموقوفة
أو المسبلة ،وهي ركعتان قبل الجلوس لكل داخل متطهر مريد الجلوس فيه لم يشتغل بها عن
ن للخطيب إذا خرج للخطبة ،ول لمن دخل آخر الخطبة الجماعة ولم يخف فوت راتبة ،ول تس ّ
بحيث لو فعل التحية فاته أول الجمعة مع المام ،ولو أحرم بها زيادة على ركعتين صحت ،لكن
الفضل القتصار على ركعتين ،هذا إن أحرم بالجميع مرة واحدة ،فلو أحرم بركعتين بنية
التحية ،ثم بعد الفراغ منهما أحرم بركعتين غيرهما بنية التحية لم تنعقد الثانية ،وتحصل بفرض
ونفل آخر سواء نويت مع ذلك أو ل ،نعم إن نفاها فات فضلها ،وإن سقط الطلب .والحاصل أنه
إن نواها حصل الثواب اتفاقًا ،وإن نفاها فاته الثواب اتفاقًا ،وإن أطلق حصل الثواب على المعتمد،
وفي الجميع يسقط الطلب ،وتتكرر بتكرر الدخول ولو على قرب ،وتفوت بالجلوس عمدًا ولو
قصيرًا كالجلوس للشرب إن ألصق مقعدته بالرض ،أما إذا جلس للشرب على قدميه ،ولم يلصق
ل مع القصر فل تفوت به، مقعدته بالرض ،ولم يطل الفصل فل تفوت .أما الجلوس سهوًا أو جه ً
ل ،وضابط الطول أن يكون زائدًا على ما يسع ركعتين، وتفوت بطول الوقوف ولو سهوًا أو جه ً
بخلف ما إذا قصر الوقوف فل تفوت به ولو عمدًا.
والحاصل أنها تفوت بالجلوس الطويل وبالوقوف كذلك مطلقًا فيهما ،وبالجلوس القصير عمدًا،
ن له أن يقول: ول تفوت بسجود التلوة والشكر ،ول بصلة الجنازة ،ولو جلس وترك التحية ،يس ّ
سبحان ال والحمد ل ول إله إل ال ،وال أكبر ،ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم مرة .وقيل
أربع مرات ،فإن ذلك يقوم مقام التحية ،ومن دخل المسجد المكي بدأ بالطواف لنه تحية البـيت،
ثم بعد ذلك يصلي التحية ،فإذا أتى بركعتين سنة الطواف حصلت بهما سنة التحية :أي سقط
الطلب .وفي حصول الثواب ما تقدم ،فإن دخل غير مريد للطواف صلى التحية ابتداء ،ولو ابتدأ
مريد الطواف بالتحية صح ،لكنه ترك الفضل ،ومنه صلة سنة الوضوء عقب الفراغ منه ،وقبل
طول الفصل والعراض ،وتحصل بما تحصل به تحية المسجد فلو أتى بصلة غيرها عقب
الوضوء من فرض أو نفل ،ففيها ما تقدم في تحية المسجد من جهة حصول الثواب وسقوط
الطلب ،ومثل الوضوء الغسل والتيمم ،ولو توضأ خارج المسجد ،ثم دخل في الحال فهل له إفراد
كل من التحية وسنة الوضوء عن الخرى ،ول تفوت المؤخرة بالمقدمة مطلقًا ،أو بشرط قصر
ل منهما .فقال العلمة الشوبري : الفصل أو ل يطلب الفراد ،بل المطلوب ركعتان ينوي بهما ك ً
الخير أوجه لنه متى اشتغل بإحداهما سقط عنه طلب الخرى .ومنه صلة بعد الذان ،وهي
ركعتان ينوي بهما سنة الذان .ومنه ركعتان عقب الخروج من الحمام في المسجد أو في أي محل
ن هذه الصلة لكل من الزوج كان غير الحمام لكراهة الصلة فيه ،ومنه ركعتا الزفاف تس ّ
والزوجة ينوي بها سنة الزفاف ،وركعتان بعد الخروج من الكعبة يفعلهما في مواجهتها،
وركعتان عند حفظ القرآن العظيم ،وبعد نتف البط وقص الشارب وحلق العانة وحلق الرأس،
وعند حصوله في أرض لم يمر بها قط :أو في أرض لم يعبد ال فيها.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومنه صلة الحاجة فمن ضاق عليه المر ومسته حاجة في صلح دينه ودنياه ،وتعسر عليه ذلك،
فليصل هذه الصلة التية .روي عن وهيب بن الورد أنه قال :إن من الدعاء الذي ل يرّد :أن
يصلي العبد ثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وآية الكرسي وقل هو ال أحد،
فإذا فرغ قال :سبحان الذي لبس العز وقال به ،سبحان الذي تعطف بالمجد وتكرم به ،سبحان ذي
العز والكرم ،سبحان ذي الطول ،أسألك بمعاقد العز من عرشك ،ومنتهى الرحمة من كتابك،
ن بّر ول فاجر :أنوباسمك العظم وجدك العلى وكلماتك التامات العامات التي ل يجاوزه ّ
تصلي على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ،ثم يسأل حاجته التي ل معصية فيها ،فيجاب إن
شاء ال عز وجل .قال بلغنا أنه كان يقال :ل تعلموها لسفهائكم فيتعاونوا بها على معصية ال عز
وجل ،وتحصل بركعتين ينوي بهما قضاء حاجته وتندرجان في الفرض والنفل كتحية المسجد،
ويصلي بعدهما على النبـي ،ويقول» :ل إله إل ال الحليم الكريم ،ل إله إل ال العلي العظيم،
سبحان ال رب العرش العظيم ،والحمد ل رب العالمين .اللهم إني أسألك موجبات رحمتك
وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر ،والسلمة من كل إثم ،ل تدع لي ذنبًا إل غفرته ول همًا إل
فرجته ول حاجة هي لك رضاء إل قضيتها«.
ن لكل أحد أن يتضرع بالدعاء ونحوه عند الزلزل ونحوها كالصواعق والريح الشديد فائدة :يس ّ
ل لنه كان إذا عصفت والخسف وأن يصلي في بـيته منفردًا كما قاله ابن المقري لئل يكون غاف ً
الريح قال» :اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر
ما فيها وشر ما أرسلت به اللهم اجعلها رياحًا ولتجعلها ريحًا« .
ن فيه الجماعة فمنه صلة )استخارة( في كل أمر مباح وتكون )و( أما ذو السبب المتأخر فل تس ّ
في المندوب إذا تعارض عليه مندوبان أيهما يبدأ به أو يقتصر عليه ،ومثل ذلك الواجب المخير
كخصال كفارة اليمين أو الموسع كالحج في هذا العام ،وتكون في العظيم والحقير وتحرم في
الحرام والمكروه .وكيفية الستخارة أنه إذا عزم على أمر يتوضأ ويصلي ركعتين بنية استخارة
ويقرأ في الولى الفاتحة والكافرون ،وفي الثانية الفاتحة والخلص ،ثم بعد سلمه يدعو بهذا
الدعاء ،وهو :اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك ،وأسألك من فضلك العظيم ،فإنك
تقدر ول أقدر ،وتعلم ول أعلم ،وأنت علم الغيوب ،اللهم إن كنت تعلم أن هذا المر خير لي في
ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري وعاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ،ثم بارك لي فيه،
وإن كنت تعلم أن هذا المر شّر لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري وعاجله وآجله
فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ،ثم رضني به .ويسمي حاجته ،فليس
المراد أنه يأتي بلفظ قوله هذا المر ،بل يسمي حاجته كالبـيع والشراء والزواج فيسمي الزوجة ثم
يفعل ما ينشرح له صدره ،فإن لم يظهر له الحال في أول مرة كرر ما عدا الصلة فإن لم يظهر
له شيء توكل على ال ومضى لما هو عازم فيكون الخير فيه إن شاء ال تعالى.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومنه صلة التوبة ،وهي ركعتان قبل التوبة ينوي بهما سنة التوبة وتصحان بعدها ،والتوبة واجبة
على الفور ولو من صغيرة ،وتأخيرها ذنب تجب التوبة منه ،ول يعّد تأخير التوبة بإتيان
الركعتين لجلها لنهما من وسائلها ،وفائدة التوبة أنها حيث صحت كفرت الذنب ولو كبـيرة قطعًا
في الكفر وغيره ،وقيل قطعًا في الكفر وظنًا في غيره ،وهي من أفضل الطاعات .ومنه صلة
سنة الحرام قبـيله بحيث تنسب إليه عرفًا .ومنه ركعتان عند القتل ولو ظلمًا إن أمكن ،وعند
الخروج من المنزل أو معقله ،وعند الخروج من مسجد رسول ال للسفر ،وركعتان قبل عقد
النكاح.
ومنه صلة الستخارة المعروفة عند الصوفية ،وهي الستخارة المطلقة التي يعملها أهل ال كل
يوم وهي ركعتان غير الستخارة المشهورة يقصد بهما أن تكون حركاته وسكناته من هذا الوقت
إلى مثله من اليوم الخر خيرًا في حقه وحق غيره ،وأن تكون حركات غيره وسكناته في تلك
المدة خيرًا في حقه هو .قال بعض العارفين :وقد جرب ذلك فشوهد نفعه ،يقرأ في الركعة الولى
بعد الفاتحة قوله تعالى} :وربك يخلق ما يشاء ويختار{ إلى }يعلنون{ )) (28القصص :الية
،(68أو }قل يا أيها الكافرون{ )) (109الكافرون :الية ،(1وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة قوله
تعالى} :وما كان لمؤمن ول مؤمنة{ إلى }مبـينا{ )) (33الحزاب :الية ،(36أو }قل هو ال
أحد{ )) (112الخلص :الية .(1وله فعلها في أي وقت أراد من ليل أو نهار ما عدا أوقات
الكراهة المتقدم ذكرها لكن الولى أن يفعلها بعد صلة الشراق ،وقبل صلة الضحى ،ثم يدعو
بدعاء الستخارة ،وهو :اللهم إني أستخيرك بعلمك ،وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك
العظيم ،فإنك تقدر ول أقدر ،وتعلم ول أعلم وأنت علم الغيوب ،اللهم إن كنت تعلم أن جميع ما
أتحرك فيه أو أسكن في حقي وفي حق غيري وجميع ما يتحرك فيه غيري أو يسكن في حقي
وفي حق أهلي وولدي وما ملكت يميني من ساعتي هذه إلى مثلها من اليوم الخر خير لي في
ديني ومعاشي وعاقبة أمري وعاجله وآجله فاقدره لي ويسره لي يا أرحم الراحمين ،وإن كنت
تعلم أن جميع ما أتحرك فيه أو أسكن في حقي وفي حق غيري وجميع ما يتحرك فيه غيري أو
يسكن في حقي وحق أهلي وولدي وما ملكت يميني من ساعتي هذه إلى مثلها من اليوم الخر شر
لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وعاجله وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير
حيث كنت وتول بلطفك أمري دنيا وأخرى إنك على كل شيء قدير ،وصلى ال على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومنه صلة ركعتين ليلة الجمعة بعد المغرب لتسهيل الموت وما بعده من الهوال كما ذكره
السنوسي وغيره يقرأ في كل ركعة منهما بعد الفاتحة سورة الزلزلة خمس عشر مرة .ومنه
ركعتان بعد المغرب أيضًا لحفظ اليمان :يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة سورة القدر مرة ،وسورة
الخلص ستًا ،والمعوذتين مرة مرة ،ويقول في السجود» :اللهم إني أستودعك ديني وإيماني
ي في حياتي وعند مماتي وبعد وفاتي ،ويقول بعد السلم :سبحان ال وبحمده سبحان فاحفظهما عل ّ
ال العظيم«.
ومنه صلة ركعتين للنس في القبر ،روي عن النبـي أنه قال» :ل يأتي على الميت أشد من الليلة
الولى ،فارحموا بالصدقة من يموت فمن لم يجد فليصل ركعتين يقرأ فيهما :أي في كل ركعة
منهما فاتحة الكتاب مرة ،وآية الكرسي مرة ،و }ألهاكم التكاثر{ )) (102التكاثر :الية (1مرة،
و }قل هو ال أحد{ )) (112الخلص :الية (1عشر مرات ،ويقول بعد السلم» :اللهم إني
صليت هذه الصلة وتعلم ما أريد ،اللهم ابعث ثوابها إلى قبر فلن ابن فلن ،فيبعث ال من ساعته
إلى قبره ألف ملك مع كل ملك نور وهدية يؤنسونه إلى يوم ينفخ في الصور« اهـ .وفي الحديث:
أن فاعل ذلك له ثواب جسيم .منه أنه ل يخرج من الدنيا حتى يرى مكانه في الجنة ،قال بعضهم:
فطوبى لعبد واظب على هذه الصلة كل ليلة وأهدى ثوابها لكل ميت من المسلمين ،وبال التوفيق.
ومنه صلة الستعاذة ،وهي ركعتان بعد صلة الضحى ينوي بهما سنة الستعاذة يقصد بهما أن
ال يعيذه من شر يومه وليلته :يقرأ في الولى بعد الفاتحة سورة }قل أعوذ برب الفلق{ ))(113
الفلق :الية ،(1وفي الثانية بعد الفاتحة سورة }قل أعوذ برب الناس{ )) (114الناس :الية ،(1
ثم يدعو بدعاء الستعاذة ،وهو :بسم ال الرحمن الرحيم ،الحمد ل رب العالمين ،وصلى ال على
سيدنا محمد النبـي المي وعلى آله وصحبه وسلم ،اللهم إني أعوذ بك من خليل ماكر عيناه
ترياني وقلبه يرعاني إن رأى حسنة دفنها ،وإن رأى سيئة أذاعها ،اللهم إني أعوذ بك من يوم
السوء وأعوذ بك من ليلة السوء ،وأعوذ بك من ساعة السوء ،وأعوذ بك من صاحب السوء،
وأعوذ بك من جار السوء في دار المقام وصلى ال على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ومنه صلة السفر ،وهي ركعتان عند إرادة الخروج للسفر ينوي بهما سنة السفر ،روي عن
ن فيالنبـي أنه قال» :ما استخلف عبد عند أهله من خليفة أحب إلى ال من أربع ركعات يصليه ّ
ن بفاتحة الكتاب« ،و }قل هو ال أحد{ )) (112الخلص: بـيته إذا شد عليه ثياب سفره يقرأ فيه ّ
ن في أهلي ومالي فهي خليفته في أهله ن إليك فاخلفني به ّ
الية ،(1ثم يقول» :اللهم إني أتقرب به ّ
وماله وحرز حول داره حتى يرجع إلى أهله« .وإذا فات النفل المؤقت ندب قضاؤه كما تقدم.
وأما ذو السبب فل يقضي إذا فات.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
تنبـيه متى كانت النافلة غير مقصودة لذاتها كفى عنها صلة أخرى من فرض أو نفل ،وفي
حصول الثواب وسقوط الطلب ما تقّدم في تحية المسجد وسنة الوضوء.
ن فيه الجماعة )صلة العيدين( :الصغر والكبر، )و( القسم الثاني من النفل المؤقت :وهو ما تس ّ
وهي من خصائص هذه الّمة ،وصلة الضحى أفضل من صلة الفطر لثبوتها بنص القرآن،
ن الجماعة في صلة ل لربك وانحر{ )) (108الكوثر :الية ،(2ومحل س ّ وهو قوله تعالى} :فص ّ
ن له فرادى سواء كان بمنى أو غيرها ولو في طريقه إلى مكة، الضحى لغير الحاج ،أما هو فتس ّ
ن تأخيرها عن وصلة العيدين سنة مؤكدة ،ووقتها ما بـين طلوع الشمس يوم العيد وزوالها ،ويس ّ
طلوع الشمس حتى ترتفع كرمح في رأي العين ،لكن لو فعلها قبل الرتفاع وبعد الطلوع صحت
من غير كراهة على المعتمد وهي ركعتان كغيرها في الركان والشروط ،وأقلها أن يحرم
ل ،وأكملها أن يكبر في بالركعتين بنية صلة عيد الفطر أو الضحى ،ويصليهما كراتبة الظهر مث ً
الركعة الولى سبع تكبـيرات بعد تكبـيرة الحرام وبعد دعاء الفتتاح وقبل التعّوذ ،ويرفع يديه في
ن أن يفصل بـين كل اثنين منها بقدر آية معتدلة يهلل ويكبر كل تكبـيرة كما في التحرم .ويس ّ
ويمجد ،ويحسن في ذلك أن يقول :سبحان ال والحمد ل ول إله إل ال وال أكبر لنه لئق
بالحال.
ن أن يضع يمناه على يسراه تحت صدره بـين كل تكبـيرتين ،ولو شك في عدد التكبـيرات ويس ّ
أخذ بالقل ،وهي من الهيئات :كالتعّوذ ،ودعاء الفتتاح ،فل يسجد لترك شيء منها وإن كان
الترك مكروهًا ،ولو نسي التكبـيرات أو شيئا منها وشرع في القراءة لم يتداركها ولو لم يتم
الفاتحة ،بخلف ما لو نسيها وشرع في التعّوذ ثم تذكرها فإنه يعود إليها ول يفوت بها دعاء
الفتتاح ،ويفوت بالتعّوذ ويفوت الكل بالقراءة ولو ناسيًا ،ثم يتعّوذ بعد التكبـيرة الخيرة ،ويقرأ
الفاتحة كغيرها من الصلوات ،ويندب أن يقرأ بعد الفاتحة في الركعة الولى} :ق{ )) (50ق
الية ،(1 :وفي الثانية} :اقتربت الساعة{ )) (54القمر :الية ،(1أو ) (50ق} :سبح اسم ربك
العلى{ )) (87العلى :الية (1في الولى ،والغاشية في الثانية ،وهي صلة جهرية ،ثم إذا قام
للركعة الثانية يكبر خمسًا بالصفة المتقّدمة بعد تكبـيرة القيام وقبل التعّوذ.
ن الغسل للعيدين وإن لم يرد الحضور لنه يوم زينة ،ويدخل وقته بنصف الليل ،ولكن ويس ّ
ن البكور بعد الصبح لغير المام ،وأن يحضر الفضل فعله بعد الفجر ،ويخرج بالغروب ،ويس ّ
ل ،وحكمته اتساع المام وقت صلته ،وأن يعجل الحضور في الضحى ،ويؤخره في الفطر قلي ً
وقت الضحية ،والفضل في صدقة الفطر أن تكون قبل الصلة ،ويندب التطيب للذكر بأحسن ما
يجده عنده من الطيب ،والتزين بأحسن ثيابه ،وأفضلها البـيض إل أن يكون غيرها أحسن ،فهو
أفضل منها هنا ل في الجمعة ،والفرق أن المراد هنا إظهار النعم ،وثم التواضع ،وفعلها بالمسجد
أفضل لشرفه ،وأن يذهب للصلة في طريق طويل ماشيًا بسكينة ويرجع في آخر قصير
كالجمعة ،وأن يأكل قبلها في عيد الفطر والولى أن يكون تمرًا وترًا ،وأن يمسك عن الكل في
الضحى ،ول يكره لغير المام التنفل قبلها بعد ارتفاع الشمس ول بعدها إن لم يسمع الخطبة وإل
كره ،أما المام فيكره له التنفل قبلها وبعدها.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ويستحب إزالة الشعر والظفر والريح الكريهة ،ومن له ثوب واحد يغسله ندبًا لكل جمعة وعيد،
ويكبر ندبًا كل أحد من غروب الشمس من ليلتي عيد الفطر والضحى برفع الصوت في المنازل
والسواق وغيرهما ،واستثنى الرافعي من رفع الصوت المرأة إذا حضرت مع غير محارمها
ونحوهم ،ومثلها الخنثى ،ويستمر ذلك إلى أن يدخل المام في صلة العيد فإن صلى منفردًا
ل يستمر فالعبرة بإحرامه هو ،ولو تأخر إحرام من ذكر إلى الزوال ،ومن لم يرد الصلة أص ً
تكبـيره إلى الزوال ،وهذا يسمى التكبـير المرسل ،ويكبر في عيد الضحى خلف صلة الفرائض
والنوافل ولو فائتة ،وصلة جنازة من فجر يوم عرفة إلى الغروب من آخر أيام التشريق الثلثة،
وهذا بالنسبة لغير الحاج ،فجملة ما يكبر عقبه من المكتوبات المؤّداة في هذه اليام ثلثة
وعشرون ،ولو تعارض عليه التكبـير وأذكار الصلوات قدم عليها لنه شعار الوقت :وإن كان ل
يفوت بها .أما الحاج فيكبر عقب كل صلة من ظهر يوم النحر لنها أّول صلواته بعد انتهاء وقت
التلبـية إلى الغروب من آخر أيام التشريق ،فجملة ما يكبر عقبه من المكتوبات المؤّداة في هذه
اليام سبعة عشر ،وهذا يسمى التكبـير المقيد.
فعلم أن المرسل لكل من الفطر والضحى وأن المقيد للضحى فقط ،وأن صلة عيد الفطر ل
تكبـير عقبها .لنه ليس له مقيد بخلف صلة عيد الضحى ،ومرسل الفطر أفضل من مرسل
الضحى ،ومقيد الضحى أفضل من المرسلين ،والمحرم بالحج ل يكبر ليلة الضحى لن شعاره
التلبـية ،وكذا لو أحرم بالحج عند ابتداء أّول ليلة من شوال ل يكبر بل يلبي .وصيغة التكبـير
المحبوبة :ال أكبر ال أكبر ال أكبر ،ل إله إل ال وال أكبر ال أكبر ول الحمد ،ال أكبر كبـيرًا،
ل ،ل إله إل ال ،ول نعبد إل إياه ،مخلصين له الدين والحمد ل كثيرًا ،وسبحان ال بكرة وأصي ً
ولو كره الكافرون ،ل إله إل ال وحده ،صدق وعده ،ونصر عبده ،وهزم الحزاب وحده.
ويستحب بعد ذلك الصلة على النبـي ،لقوله تعالى} :ورفعنا لك ذكرك{ )) (94الشرح :الية (4
أي ل أذكر إل وتذكر معي ،والمعتاد في ذلك أن يقول :اللهم صل على سيدنا محمد ،وعلى آل
سيدنا محمد ،وعلى أصحاب سيدنا محمد ،وعلى أزواج سيدنا محمد ،وعلى ذرية سيدنا محمد،
وسلم تسليمًا كثيرًا.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن فيه الجماعة صلة )الكسوفين( أي )و( القسم الثاني :من النفل ذي السبب المتقدم :وهو ما تس ّ
صلة كسوف الشمس ،وصلة خسوف القمر .وهي سنة مؤكدة ،وأقلها ركعتان كراتبة الظهر
ل يحرم بهما بنية صلة الكسوف أو الخسوف ،وأوسطها ركعتان في كل ركعة قيامان مث ً
وركوعان فيحرم بهما بنية ما ذكر ،ثم بعد الفتتاح والتعوذ يقرأ الفاتحة ويركع ثم يعتدل ويقرأ
الفاتحة ثانيًا ،ويركع ثانيًا ثم يعتدل ثانيًا .ثم يسجد السجدتين ويأتي بالطمأنينة في محلها .فهذه
ركعة ،ثم يأتي بركعة أخرى كذلك ،وأكملها ركعتان يحرم بهما بنية ما ذكر في كل ركعة قيامان
يطيل القراءة فيهما ،فيقرأ في القيام الول بعد الفاتحة وسوابقها من افتتاح وتعوذ البقرة بكمالها إن
أحسنها وإل فقدرها ،ويقرأ في القيام الثاني مقدار مائتي آية منها ،وفي القيام الثالث مقدار مائتين
وخمسين منها ،وفي القيام الرابع مقدار مائة منها تقريبًا في الجميع ،ويقرأ في القيام الثاني آل
عمران أو قدرها ،وفي الثالث النساء أو قدرها ،وفي الرابع المائدة أو قدرها ،وفي كل ركعة
ركوعان يطيل التسبـيح فيهما ،فيسبح في الركوع الول قدر مائة آية من البقرة ،وفي الثاني قدر
ثمانين منها ،وفي الثالث قدر سبعين منها بتقديم السين على الموحدة ،وفي الرابع قدر خمسين
منها تقريبًا في الجميع ،والمعتمد أنه يطيل السجود الول من كل ركعة نحو الركوع الول منها،
والسجود الثاني نحو الركوع الثاني ،وأما العتدال الثاني من كل ركعة والجلوس بـين السجدتين
من كل ركعة فل يطيلهما ،ول بّد في النية من تعيـين كون هذه الصلة لكسوف الشمس أو
ن له بعد الحرام أن يزيد على ذلك لخسوف القمر ،وإن أحرم بها بقصد أن يفعلها كسنة الظهر فع ّ
ن له أن يفعلها كسنةلم يجز على المعتمد ،وإن أحرم بها بقصد أن يفعلها بقيامين وركوعين فع ّ
ن للنساء
ن فعلها في الجامع ويس ّ الظهر أيضًا ،وإن أحرم بها وأطلق تخير بـين القل وغيره .ويس ّ
غير ذوات الهيئات أن يصلينها مع المام في الجامع ،وذوات الهيئات يصلين في بـيوته ّ
ن
منفردات ،فإن اجتمعن مع المام فل بأس ،ويدخل وقتها بابتداء التغير يقينًا ،وتفوت صلة كسوف
الشمس بالنجلء التام يقينًا وبغروبها كاسفة ،وصلة خسوف القمر بالنجلء التام يقينًا ،وبطلوع
الشمس ل بطلوع الفجر ول بغروب القمر خاسفًا ،ولو حصل النجلء أو الغروب أو طلوع
الشمس في أثناء الصلة ل تبطل بل خلف.
ن السرار في صلة كسوف الشمس لنها نهارية ،والجهر في صلة خسوف القمر لنها ويس ّ
ن للمام أن يخطب )بخطبتين( للجماعة دون المنفرد )بعدهما( أي صلة ليل أو ملحقة بها .ويس ّ
بعد السلم من صلة العيدين والكسوفين ،وتكون خطبتا العيدين كخطبتي الجمعة في الركان
ن الجلوس قبلهماوالسنن ل في الشروط :كالقيام ،والستر ،والطهارة ،والجلوس بـينهما ،ويس ّ
للستراحة .نعم ل بّد في أداء السنة وصحة الخطبة من السماع بالفعل والسماع ولو بالقوة كما
تقّدم في الجمعة ،وكون الخطبة عربـية ،وكون الخطيب ذكرًا على المعتمد.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن أن يكبر في افتتاحن للخطيب أن يعلمهم في عيد فطر الفطرة وعيد أضحى الضحية ،ويس ّ ويس ّ
الخطبة الولى تسعًا بتقديم المثناة على السين ،وفي افتتاح الثانية سبعًا بتقديم السين على الموحدة
مع الموالة وإفراد كل تكبـيرة بنفس ،ويفوت هذا التكبـير بالشروع في أركان الخطبة كما يفوت
تكبـير الصلة بالشروع في القراءة ،ويخطب المام في الكسوفين ولو بعد النجلء :كخطبتي
العيد لكن ل يكبر فيهما .قال بعضهم :ويحسن أن يستغفر لنه لئق بالحال لن الكسوف مما
ن كما في خطبة العيد ،ول يخوف ال به عباده ،ول يشترط فيهما شروط خطبة الجمعة ،بل تس ّ
يكفي خطبة واحدة ،ويحث فيهما السامعين على فعل الخير من توبة وصدقة وعتق ونحوها.
فائدة الخطب المشروعة عشر :خطبة الجمعة ،والعيدين ،والكسوفين ،والستسقاء ،وأربع في
الحج ،وكلها بعد الصلة إل خطبة الجمعة وعرفة فقبلها ،وكل منها ثنتان إل الثلثة الباقية في
الحج ففرادى ،ولو اجتمع على الشخص فرض وصلة كسوف أو خسوف ،فإن كان وقت الفرض
واسعًا قّدم الكسوف أو الخسوف لنه يخاف فوتها ،وإن كان وقت الفرض ضيقًا قّدمه ثم الكسوف
أو الخسوف إن لم يفت ،ولو اجتمع عيد وجنازة أو كسوف وجنازة قّدمت الجنازة فيهما خوفًا من
تغير الميت لنه مظنة للتغير :هذا إذا حضرت وحضر الولي ،وإل أفرد المام جماعة ينتظرونها
واشتغل مع الباقين بغيرها ،والعيد مع الكسوف كالفرض معه لن العيد أفضل منه ،ولو اجتمع
فرض وجنازة ولم يخف تغير الميت ،فإن كان وقت الفرض واسعًا وجب تقديم الجنازة ،وإن كان
وقت الفرض ضيقًا وجب تقديم الفرض ،فلو خيف تغير الميت وجب تقديم الجنازة على الفرض
وإن خيف فوت وقته.
تتمة قد جعل ال الشمس قدر الرض اثنتي عشرة مرة ،وجعل سيرها في البروج من السنة إلى
السنة وهي تسير كل شهر في برج منها ،فبعد تمام السنة ترجع إلى البرج الذي ابتدأت منه السير،
وتكون في الشتاء في أسفل البروج ،وفي الصيف في أعلى البروج ،ول تجتمع مع القمر في
سلطانه لئل يبطل كل واحد منهما خاصية صاحبه إذ في الشمس خصائص ل توجد في القمر
وبالعكس ،لن ال تعالى جعل الشمس طباخة للثمار والفواكه ،ولولها ما نبت زرع ول خرجت
فاكهة ولها خصائص أخر ،وجعل ال القمر صباغًا لسائر أنواع الفواكه وفيه خصائص أخر .قال
المام السيوطي :الحكمة في كسوف الشمس وخسوف القمر أنه لما سبق في علمه سبحانه
وتعالى أن الكواكب تعبد من دون ال خصوصًا الشمس والقمر قضى عليهما بالخسوف والكسوف
وجعل ذلك دللة على أنهما مع إشراق نورهما وما يظهر من حسن آثارهما مأموران ،وفي
مصالح العباد مسيران ،فسبحان الحكيم .وقال ابن العماد :سبب كسوف الشمس وخسوف القمر
تخويف العباد بحبس ضوئهما ليرجعوا إلى الطاعة ،لن هذه النعمة إذا حبست لم ينبت زرع ولم
يجف ثمر ،ولم يحصل له نضج ،وقيل :سببه أن الملئكة تجرها وفي السماء بحر فإذا وقعت فيه
استتر ضوؤها.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن فيه الجماعة صلة )استسقاء( وهو شرعًا :طلب سقيا العباد )و( من ذي السبب المتقّدم الذي تس ّ
من ال تعالى عند حاجتهم إليها .والستسقاء ثلثة أنواع :أدناها أن يكون بالدعاء مطلقًا فرادى
ومجتمعين ،وأوسطها يكون بالدعاء خلف الصلوات فرضها ونفلها وفي خطبة الجمعة وخطبة
العيدين ونحو ذلك ،وأكملها يكون بالصلة على الوجه التي ،وإنما يفعل الستسقاء عند الحاجة
بسبب انقطاع الماء أو قلته بحيث ل يكفي ،أو ملوحته ،ولستزادة نفع ،وشمل ما ذكر ما لو انقطع
ن لغيرهم أن يستسقوا لهم ،ويسألوا الزيادة النافعة الماء عن طائفة من المسلمين واحتاجت إليه يس ّ
ن للمام أو نائبه أن يخرج بهم إلى الصحراء ل لنفسهم ،وإذا أراد صلة الستسقاء جماعة يس ّ
ن للمام أو نائبهعذر تأسيًا به ،ولن الناس يكثرون فل يسعهم المسجد غالبًا ،وقبل الخروج يس ّ
أن يأمرهم بأشياء :منها التوبة من جميع المعاصي القولية والفعلية ،منها :المبادرة إلى مصالحة
العداء المتشاحنين لمر دنيوي أو لحظ نفس ،وإذا كان الهجران ل تعالى بأن كان لمر ديني
فل .ومنها :المبادرة إلى صيام ثلثة أيام متتابعة قبل ميعاد يوم الخروج فهي به أربعة أيام .ومنها:
امتثال أمر المام في جميع ما ذكر ولو مسافرين ولو في النصف الثاني من شعبان ،لن هذا
الصوم لسبب ،وإنما وجب امتثال أمره في ذلك لنه إذا أمر بواجب تأكد وجوبه ،وإذا أمر
بمندوب وجب وإن أمر بمباح ،فإن كان فيه مصلحة عاّمة كترك شرب الدخان وجب ،بخلف ما
إذا أمر بمحرم أو مكروه أو مباح ل مصلحة فيه عاّمة ،ويجب تبـيـيت النية في هذا الصوم لنه
واجب .نعم ل تجب الصدقة بأمر المام بها إل على من تجب عليه زكاة الفطر ل مطلقًا ،ويكفي
في التصّدق أقل متمول إن لم يعين المام قدرًا وإل تعين إل إذا زاد ذلك القدر على ما يجب في
زكاة الفطر ،فل يجب إل إذا فضل ذلك القدر عن كفاية العمر الغالب ،وهذا التفصيل هو المعتمد،
ثم يخرج المام أو نائبه بالناس في اليوم الرابع من صيامهم إلى الصحراء وهم صيام غير
متطيبـين ول متزينين بل في ثياب بذلة ،وفي استكانة :أي خشوع وفي تضرع.
ن لهم التواضع في مشيهم وكلمهم وجلوسهم ل حفاة ول مكشوفي الرؤوس ،ويتنظفون ويس ّ
بالسواك والغسل وقطع الروائح الكريهة ،ويخرجون من طريق ويعودون من آخر ،ويخرج ندبًا
معهم الصبـيان ولو غير مميزين والشيوخ والعجائز ومن ل هيئة له من النساء لن دعاءهم أقرب
إلى الجابة ،إذ الكبـيرة أرق قلبًا ،والصغير ل ذنب عليه ،ولقوله » :هل ترزقون وتنصرون إل
بضعفائكم« .
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن إخراج البهائم لن الجدب قد أصابها أيضًا ،وتقف البهائم معزولة عن الناس ،ويفرق بـين ويس ّ
الّمهات والولد حتى يكثر الصياح والضجة والرقة ،فيكون ذلك أقرب إلى الجابة ،ثم بعد
خروح المام بالناس إلى الصحراء يصلي بهم ركعتين كصلة العيدين في كيفيتهما من التكبـير
بعد الفتتاح ،وقبل التعوذ سبعًا في الولى وخمسًا في الثانية مع رفع اليدين في كل تكبـيرة ،وهذه
الصلة جهرية سببها الحاجة ينوى بهما سنة صلة الستسقاء ،يقرأ في الولى بعد الفاتحة سورة:
}ق{ )) (05ق :الية ،(1وفي الثانية }اقتربت الساعة{ )) (54القمر :الية ،(1أو }سبح{ ))
(87العلى :الية (1و}الغاشية{ )) (88الغاشية :الية ،(1ول توقت بوقت عيد ول غيره ،بل
ي وقت كان من ليل أو نهار لنها ذات سبب فدارت مع سببها. تصلى في أ ّ
ثم يخطب المام بعدهما خطبتين ويبدل التكبـير بالستغفار أولهما فيقول :أستغفر ال العظيم الذي
ل إله إل هو الحي القيوم وأتوب إليه بدل كل تكبـيرة ،ويكثر في أثنائهما من قول :استغفروا ربكم
إنه كان غفارًا يرسل السماء عليكم مدرارًا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم
أنهارًا.
ومن دعاء الكرب ،وهو :ل إله إل ال العظيم الحليم ،ل إله إل ال رب العرش العظيم ،ل إله إل
ال رب السموات ورب الرض ورب العرش الكريم .ويتوجه القبلة من نحو ثلث الخطبة الثانية
ويحّول رداءه عند استقبال القبلة بأن يجعل يمين الرداء يساره وعكسه ويجعل أعله أسفله ،وهذا
يسمى تنكيسًا ،وليس التحويل والتنكيس خاصين بالمام بل مثله الذكور الحاضرون بخلف
النساء والخناثى ،وحكمة التحويل التفاؤل بتغير الحال من شّدة إلى رخاء فيغيرون بواطنهم
بالتوبة وظواهرهم بتحويل أرديتهم وتنكيسها ،ويترك الرداء محّول منكسًا حتى تنزع الثياب.
والرداء :هو ما يوضع على الكتفين والطيلسان :ما يوضع على الرأس ويغطي به بعض الوجه.
والزار :ما يوضع في الوسط .وكان طول إزاره أربعة أذرع ،وعرضه ذراع ،وطول عمامته
سبعة أذرع ،وعرضها ذراع .ويكثر الخطيب في الخطبتين من الدعاء سرًا وجهرًا ،ويرفع
الحاضرون أيديهم عند دعائه جاعلين ظهور أكفهم إلى السماء لن القصد رفع البلء ،بخلف من
يدعو قاصدًا تحصيل شيء فإنه يدعو وبطن كفه إلى السماء.
ومقتضى ما ذكر أنه في الستسقاء تجعل ظهور الكف إلى السماء ،ولو كانت صيغة الدعاء
بطلب تحصيل شيء ،نحو :اللهم اسقنا الغيث اعتبارًا بقصد المستسقين فإنهم قاصدون رفع البلء،
وهذا ما اختاره العلمة الخطيب .واختار بعضهم أن العبرة بالصيغة ،فإن كان فيها طلب رفع
شيء جعلت ظهور الكف إلى السماء ،وإن كان فيها طلب حصول شيء جعلت بطون الكف إلى
السماء ،وليس هذا خاصًا بالستسقاء ،بل يأتي في كل دعاء .ويكثر أيضًا في الخطبتين من
الستغفار والصلة على النبـي لن ذلك أرجى لحصول المقصود ،ويدعو في الخطبة الولى
بدعاء سيدنا رسول ال .وهو :اللهم سقيا رحمة ول سقيا عذاب ول محق ول بلء ول هدم ،اللهم
ل سحًا طبقًا دائمًا ،اللهم اسقنا الغيث ول تجعلنا من
اسقنا غيثًا هنيئًا مريئًا مريعًا غدقًا مجل ً
ن بالعباد والبلد من الجهد والجوع والضنك ما ل نشكو إل إليك ،اللهم أنبت لنا القانطين ،اللهم إ ّ
الزرع ،وأدّر لنا الضرع ،وأنزل علينا من بركات السماء ،وأنبت لنا من بركات الرض ،واكشف
عنا من البلء ما ل يكشفه غيرك ،اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا ،فأرسل السماء علينا
مدرارًا.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ولو نزل المطر وكثر وتضرروا بكثرته فالسنة أن يسألوا ال رفعه بأن يقولوا :اللهم على الكام
ن الغتسال في الوادي والظراب ومنابت الشجار وبطون الودية ،اللهم حوالينا ول علينا .ويس ّ
إذا سال ،والفضل أن يجمع بـين الغسل والوضوء ثم القتصار على الغسل ثم على الوضوء .قال
العلمة الخطيب :وهذا الغسل والوضوء ل يشترط فيهما نية لن الغرض إمساس الماء لهذه
ن البروز للمطر وهذا ل يحتاج لنية ،ومثله في شرح الرملي إل إن أراد بهما العضاء كما يس ّ
ن أن يقول عند سماع الرعد: الغسل والوضوء الشرعيـين فل بّد من النية كما هو ظاهر .ويس ّ
سبحان من يسبح الرعد بحمده والملئكة من خيفته ،وكذا عند رؤية البرق ،والمناسب عندها
أيضًا أن يقول :سبحان من يريكم البرق خوفًا وطمعًا ،ويقول عند ذلك :ل إله إل ال وحده ل
شريك له سبوح قّدوس ،ويندب أن ل يتبع بصره البرق لنه يضعفه ،ويندب أن يقول عند نزول
المطر :اللهم صيبًا نافعًا ،ويدعو بما شاء فإن الدعاء يستجاب عند نزول الغيث وإقامة الصلة
ورؤية الكعبة ،ويندب أن يقول عقب المطر :مطرنا بفضل ال ورحمته.
ن فيه الجماعة صلة )التراويح( وهي عشرون ركعة مجمع على )و( من النفل المؤقت الذي تس ّ
سنيتها ،ويجوز لهل المدينة الشريفة دون غيرهم فعلها ستًا وثلثين ركعة ،ومع ذلك الفضل لهم
القتصار على عشرين ،والمراد بأهل المدينة من كان بها وقت الداء ،وإن لم يكن متوطنًا ول
مقيمًا ،والعبرة في قضائها بمحل الداء ،فلو فاتته في المدينة قضاها ستًا وثلثين ولو في غيرها،
بخلف ما لو فاتته في غيرها فإنه يقضيها عشرين ولو في المدينة ،ول تصح بنية مطلقة بل ينوي
ركعتين من التراويح أو من قيام رمضان أو سنة التراويح ،ول يصح أن يصلي أربعًا منها بسلم
بل ل بّد أن يكون كل ركعتين منها بسلم لنها وردت كذلك ،وفعلها بالقرآن في جميع الشهر
أفضل من تكرار سورة الخلص ،ووقتها من صلة العشاء ولو تقديمًا إلى طلوع الفجر الصادق
فعلم أن صحتها متوقفة على فعل العشاء ،ومنه الوتر في رمضان ،ول بّد أن يكون بعد فعل
ن فيه الجماعةالعشاء سواء صلى التراويح أو ل ،وتقّدم الكلم على الوتر في القسم الذي ل تس ّ
من النفل المؤقت.
وأما النفل المطلق :فهو ما ل يتقيد بوقت ول سبب ،قال » :الصلة خير موضوع استكثر أو
ل« فإن نوى فوق ركعة ولم يعين قدرًا فله القتصار على ركعتين وله الزيادة عليهما ما شاء، أق ّ
وإذا عين قدرًا فله الزيادة عليه وله النقص عنه بالنية فيهما وإل بطل ،فلو قام لزيادة سهوًا ثم
تذكر قعد ،ثم إن أراد الزيادة قام لها بالنية ،ولو أراد النقص فل بّد من نية الخروج حينئذ عند
السلم على المعتمد ،وليس لنا صورة يجب فيها نية الخروج من الصلة على القول المعتمد إل
هذه ،ومتى زاد على الركعتين فله أن يتشهد آخرًا فقط أو آخر كل ركعتين أو كل ثلث أو كل
أربع وهكذا سواء الوتار والشفاع ،ول يشترط تساوي العداد بـين التشهدات فله أن يصلي
ركعتين ويتشهد ثم ثلثًا ويتشهد ثم أربعًا ويتشهد وهكذا ،والممتنع أن يوقع ركعة غير الخيرة
ن له أن يأتي بثانية فأتى بها
بـين تشهدين إذا قصد ذلك ابتداء ،أما لو نوى ركعة وتشهد ،ثم ع ّ
ن له أن يأتي برابعة وهكذا فل يمتنع ما لم ن له أن يأتي بثالثة فأتى بها وتشهد ،ثم ع ّ
وتشهد ،ثم ع ّ
يكن متلعبًا .والفضل السلم من كل ركعتين.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والنفل المطلق بالليل أفضل منه بالنهار .ومن النفل المطلق قيام الليل ،وإذا كان بعد نوم ولو في
وقت المغرب وبعد فعل العشاء تقديمًا يسمى تهجدًا ولو قسم الليل أنصافًا أو أثلثًا أو أرباعًا على
نية أن يقوم نصفًا أو ثلثًا أو ربعًا فقط ،فالفضل الخير من جميع ذلك ،ولو قسم الليل أسداسًا:
فالفضل السدس الرابع والخامس لينام في السدس السادس فيكون أنشط لصلة الصبح ،ولقوله :
»أحب الصلة إلى ال صلة داود ،كان ينام نصف الليل الول ويقوم ثلثه ،وينام سدسه« ويحصل
ن للمتهجد قيام الليل بالنفل ولو مؤقتًا ولو سنة العشاء أو الوتر ،وبالفرض ولو قضاء أو نذرًا .ويس ّ
القيلولة ،وهي النوم قبل الزوال ،وهي للمتهجد بمنزلة السحور للصائم ،ويكره ترك التهجد
لمعتاده بل عذر .وروي عن ثابت رضي ال عنه أنه قال :كان أبـي من القّوامين ل في سواد
الليل ،قال رأيت ذات ليلة في منامي امرأة ل تشبه نساء الدنيا ،فقلت لها :من أنت؟ فقالت :أنا
حوراء أمة ال ،فقلت لها :زوجيني نفسك ،قالت اخطبني من عند ربـي وأمهرني ،فقلت لها :وما
مهرك؟ فقالت :طول التهجد .وورد أن المتهجد يشفع في أهل بـيته .ويكره قيام بليل يضّر به .أما
إذا كان ل يضره فل يكره ولو في ليال كاملة ،فقد كان إذا دخل العشر الواخر من رمضان أحيا
الليل كله.
ويكره تخصيص ليلة الجمعة بقيام من بـين الليالي .أما إحياؤها بغير صلة فل يكره خصوصًا
بالصلة على النبـي فإن ذلك مطلوب فيها ،ويتأكد الدعاء والستغفار في جميع ساعات الليل،
وفي النصف الخير آكد وعند السحر أفضل .ومنه صلة التسابـيح .وهي أربع ركعات بتسليمة
ل لحديث» :صلة الليل مثنى مثنى« واحدة وهو الحسن نهارًا أو بتسليمتين وهو الحسن لي ً
وصفتها أن تحرم بها وتقرأ دعاء الفتتاح والفاتحة وشيئًا من القرآن إن أردت ،والولى في ذلك
أوائل سورة الحديد والحشر والصف والتغابن للمناسبة في ذلك ،فإن لم يكن فسورة الزلزلة
والعاديات وألهاكم والخلص ،ثم تقول بعد ذلك وقبل الركوع :سبحان ال والحمد ل ول إله إل
ال وال أكبر ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم خمس عشرة مرة ،وفي الركوع عشرًا ،وفي
العتدال عشرًا ،وفي السجود الول عشرًا ،وفي الجلوس بـين السجدتين عشرًا ،وفي السجود
الثاني عشرًا ،وفي جلسة الستراحة أو بعد التشهد عشرًا فتلك خمسة وسبعون في كل ركعة منها،
فأربعة في خمسة وسبعين بثلثمائة ،ويأتي قبل هذه التسبـيحات بالذكر الوارد في هذه الركان،
وهذه رواية ابن عباس ،وهي أرجح من رواية ابن مسعود ،وهي بعد التحرم وقبل القراءة خمس
عشرة مرة وبعد القراءة وقبل الركوع عشرًا وفي الركوع عشرًا وفي العتدال عشرًا وفي
السجود الول عشرًا وفي الجلوس بـين السجدتين عشرًا وفي السجود الثاني عشرًا ،ول شيء في
جلوس الستراحة ول بعد التشهد وفيما عدا الركعة الولى يقول الخمسة عشر بعد القيام وقبل
القراءة ،فإن استطعت أن تصليها في كل يوم فافعل فإن لم تستطع ففي كل شهر مرة فإن لم
ل دل ذلك على تكاسله
تستطع ففي كل سنة مرة فإن لم تستطع ففي عمرك مرة فإن لم يفعلها أص ً
في الدين.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ويدعو بعد التشهد الخير بهذا الدعاء :اللهم إني أسألك توفيق أهل الهدى وأعمال أهل اليقين
ومناصحة أهل التوبة وعزم أهل الصبر ووجل أهل الخشية وطلب أهل الرغبة وتعبد أهل الورع
وعرفان أهل العلم حتى أخافك ،اللهم إني أسألك مخافة تحجزني عن معاصيك حق أعمل بطاعتك
ل أستحق به رضاك وحتى أناصحك في التوبة وخوفًا منك حتى أخلص لك النصيحة وحتى عم ً
أتوكل عليك في المور كلها وحتى أكون حسن الظن بك ،سبحان خالق النور.
ومتى كان النفل مطلقًا أو ذا سبب متأخر يكره كراهة تحريم في خمسة أوقات ول ينعقد .والنهي
الذي يتعلق بالزمان ثلثة أوقات :عند طلوع الشمس حتى ترتفع ،وعند الستواء حتى تزول إل
يوم الجمعة ،وعند الغروب .والذي يتعلق بالفعل وقتان :بعد صلة الصبح أداء ،وبعد صلة
العصر كذلك ولو مجموعة مع الظهر تقديمًا ،وهذا كله في غير حرم مكة ،أما هو فل تكره
الصلة فيه في أي وقت كان سواء في المسجد وغيره .أما الفرض والنفل المؤقت أو ذو السبب
المتقدم فل يكره شيء منها في هذه الوقات .نعم إن تحّرى إيقاع شيء من ذلك في هذه الوقات
بأن قصد إيقاعه فيه من حيث إنه وقت كراهة حرم ول ينعقد ،ومثل ذلك سجدة التلوة والشكر.
ونص الغزالي على أن الصلة ذات السبب المتقدم إذا كان سببها ضعيفًا مثل ركعتي الوضوء ل
تجوز في أوقات الكراهة .ومعنى كون ركعتي الوضوء سببها ضعيف :أنه ضعيف من حيث
التسبب ،لن الصلة سبب للوضوء ل العكس ،وتحرم الصلة مطلقًا إل تحية المسجد من وقت
صعود المام لخطبة الجمعة ،ويكره ابتداء مطلق النفل كراهة تنزيه في وقت إقامة الصلة ،فإن
كان فيه أتمه إن لم يخش فوت الجماعة بسلم المام وإل قطعه ندبًا ودخل فيها لنها أولى منه.
فصل في الجماعة في الصلة
وهي من خصائص هذه المة ،فإن أول من صلى جماعة من البشر رسول ال وإنما كانوا
يصلون قبل ذلك فرادى ،ومعناها الشرعي ربط صلة المأموم بصلة المام ولفظها يصلح لكل
من المام والمأموم ويتعين لحدهما بالقرينة وهي أفضل من النفراد بسبع وعشرين درجة
والحكمة فيها أن الصلة ضيافة ومائدة بركة ،والكريم ل يضع مائدته إل لجماعة وأقلها في غير
الجمعة إمام ومأموم.
)صلة الجماعة في أداء مكتوبة( غير جمعة )سنة مؤكدة( عند الرافعي والماوردي ،والمعتمد
عند النووي وغيره أنها في غير الجمعة فرض كفاية لرجال أحرار مقيمين غير عراة في أداء
مكتوبة ،والواجب فعلها على وجه يظهر به الشعار فيكفي في القرية الصغيرة إقامتها بمحل واحد
يظهر به الشعار ،وأما القرية الكبـيرة والبلد فل بد فيهما من إقامة الجماعة بمواضع بحيث يظهر
به الشعار ،وضابط ذلك أن ل تشق الجماعة على طالبـيها ول يحتشم صغير ول كبـير من دخول
محلها ،فإن أقيمت على وجه ل يظهر به الشعار كأن أقيمت في محل واحد في بلد كبـير بحيث
يشق حضوره على البعيد أو أقيمت في البـيوت بحيث يستحيا من دخولها لم يسقط الفرض وكذا
إذا أقيمت خارج العمران بحيث تكون في مكان تقصر فيه الصلة ل يكفي في سقوط الفرض ،فلو
امتنعوا من إقامتها على هذا الوجه قاتلهم المام أو نائبه دون آحاد الناس ،وكذا لو تركها أهل
حارة من القرية الكبـيرة أو البلد ولو في بعض الوقات كما يقع في غالب القرى وفي أطراف
حارات البلدان ،ويسقط الفرض بفعل طائفة من أهل البلد إذا كانوا ذكورًا بالغين أحرارًا وظهر
بهم الشعار فل يكفي غير أهل البلد ول النساء ول الصبـيان ول الرقاء.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وجميع فروض الكفاية ل تسقط بالصبـيان :كصلة الجنازة والجهاد والمر بالمعروف والحرف،
ن الخناثى ،ول على من فيه رق لشتغالهم بخدمة السادة،
فل تجب الجماعة على النساء :ومثله ّ
ول على المسافرين ،لكن الجماعة في حقهم إذا كانوا في أرض فلة بخمسين درجة ،ول على
ن لهم ،ول في العراة ،بل هي والنفراد في حقهم سواء ،إل أن يكونوا عميًا أو في ظلمة فتس ّ
ن .أما مقضية خلف مؤداة أو بالعكس أو خلف مقضية مقضية خلف مقضية من نوعها ،بل تس ّ
ن ول تكره ،ول ن ول تكره ،بل خلف السنة ،ول في منذورة ،بل ل تس ّ ليست من نوعها فل تس ّ
ن فيها الجماعة فتستمر على خلف الولى فتكون مباحة :ما لم تكن المنذورة من النوافل التي تس ّ
سنيتها ،ولو نذر الجماعة فيها حينئذ وجبت.
أما الجمعة فالجماعة فيها فرض عين لنها شرط في صحتها ،وكذا المعادة والمجموعة تقديمًا
بالمطر .والجماعة في المسجد .وإن قلت لغير المرأة ،والخنثى أفضل منها في غير المسجد
كالبـيت وإن كثرت ،لن المسجد مشتمل على الشرف ،وشأنه ظهور الشعار وكثرة الجماعة .أما
المرأة أو الخنثى فجماعتهما في البـيت وإن قلت أفضل منها في المسجد وإن كثرت ،بل يكره
حضور المساجد لذوات الهيئات إذا خرجن بإذن الزوج ولم تكن فتنة وإل حرم ،وتحصل فضيلة
الجماعة بصلة الشخص في بـيته بزوجته أو ولد أو رقيق أو غير ذلك ،ويؤمر الصبـي بحضور
المساجد وجماعات الصلة ليعتادها ،وهذا في غير المرد الجميل ،أما هو فحكمه حكم المرأة.
)وهي( أي صلة الجماعة )بجمع كثير أفضل( منها في جميع قليل أي ما كثر جمعه من المساجد
أفضل مما قل جمعه منها ،وما كثر جمعه من البـيوت أفضل مما قل جمعه منها .وذهب المتولي
إلى أن النفراد في أحد المساجد الثلثة المسجد الحرام ومسجد رسول ال والمسجد القصى
أفضل من الجماعة خارجه) .إل لنحو بدعة إمامه( أي الكثير بمسجد قرب أو بعيد :أي البدعة
التي ل يكفر بها كمعتزلي ورافضي وقدري ،ومثله الفاسق والمتهم بالبدعة أو الفسق تهمة قوية
أو كان بالمام وصف آخر يقتضي كراهة القتداء به) .أو تعطل مسجد( قريب منه أو بعيد
)عنها( أي الجماعة لغيبته عنه لكونه إمامه أو يحضر الناس بحضوره فصلته فيه مع قلة
جماعته أفضل منها في غيره وإن كثر جمعه ،وإذا كان عليه المامة في مسجد فلم يحضر معه
أحد يصلي معه وجبت عليه الصلة فيه وحده لن عليه شيئين :الصلة في هذا المسجد والمامة
فيه ،فإذا فات أحدهما ل يسقط الخر.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وتدرك جماعة( أي فضيلتها في غير الجمعة )ما لم يسلم إمام( وإن لم يقعد معه بأن سلم عقب
تحرمه ،ويحرم عليه الجلوس لنه كان للمتابعة وقد فاتت بسلم المام فإن جلس عامدًا عالمًا
بطلت صلته ،أما الجمعة فل تحصل الجماعة فيها إل بركعة يدركها مع المام محسوبة له) .و(
تحصل فضيلة تكبـيرة )تحّرم بحضوره( تكبـيرة إحرام المام )واشتغال به( أي التحرم )عقب
تحرم إمامه( من غير تراخ فإدراك تحرم مع المام فضيلة أخرى غير فضيلة الجماعة لخبر
البزار» :لكل شيء صفوة وصفوة الصلة التكبـيرة الولى فحافظوا عليها« ويعذر في الوسوسة
الخفيفة وهي ما ل يطول بها زمان عرفًا فل تفوت فضيلة التحرم ،بخلف ما لو أبطأ لغير
وسوسة ولو لمصلحة الصلة كالطهارة أو لوسوسة ظاهرة ،وهي بحيث أّدت إلى فوات القيام أو
معظمه أو لم يحضر تحّرم المام) .و( تدرك )ركعة( لمسبوق أدرك المام راكعًا أو في آخر
محل قراءته بأمرين )بتكبـيرة الحرام( فيكبر المسبوق للحرام وجوبًا ،ثم للركوع ندبًا فإن
نواهما بتكبـيرة واحدة مقتصرًا عليها لم تنعقد صلته لتشريكه بـين فرض وسنة مقصودة فأشبه
نية الظهر وسنته.
)و( بإدراك )ركوع محسوب( للمام بأن يكون المام متطهرًا في غير ركعة زائدة سها بها )تاّم(
بأن يطمئن في ركوعه قبل ارتفاع إمامه عن أقل الركوع ،وهو بلوغ راحتيه ركبتيه )يقينًا(
ويحصل اليقين برؤية المام في البصير مع الضوء أو بوضع يده على ظهره في العمى ،ومن
في ظلمة أو سماعه تسبـيح المام في الركوع ،ول يكفي في ذلك الظن ول سماع صوت المبلغ،
بخلف ما لو لم يطمئن ،أو اطمأن بعد ارتفاع المام عن أقل الركوع أو شك هل اطمأن قبل ذلك
الرتفاع لن إدراك ما قبل الركوع بالركوع رخصة فل يصار إليها إل بـيقين فل يكتفي بغلبة
الظن خلفًا لزركشي ،ويسجد الشاك للسهو لنه شاك بعد سلم المام في عدد ركعاته فلم يتحمله
عنه ،وإذا وجد للمام هذه الشروط أدرك الركعة ولو قصر بتأخير تحرمه إلى ركوع المام من
غير عذر لقوله » :من أدرك ركعة من الصلة قبل أن يقيم المام صلبه فقد أدركها« .
)و( يجب على المسبوق أن يوافق إمامه في فعل كسجود أدركه معه وإن لم يحسب له وإل بطلت
صلته إن علم وتعمد ،ويؤخذ من عدم حسبان السجود أنه ل يجب عليه وضع العضاء السبعة
ول الطمأنينة في هذا السجود لنه لمحض المتابعة ،كما أفاده الشبراملسي ،ويأتي المسبوق
ي ولو واجبًا استحبابًا برفع اليدين عند قيام المام من التشهد الول ،وإن لم يكن أّول له .أما القول ّ
ن ،وحينئذ )يكبر( ندبًا )مسبوق انتقل معه( أي المام كالتشهد الخير ،فل تجب موافقته فيه بل تس ّ
ل ،لم يكبر ي وما بعده موافقة لمامه في تكبـيره ،أو ساجدًا مث ً ل كبر للهو ّ
لنتقاله ،فإذا أدركه معتد ً
للهوي إلى السجود لنه لم يتابعه فيه وليس السجود محسوبًا له .وخرج بهذا ما لو أدركه في سجدة
التلوة فيكبر لنه كإدراك المام في الركوع وهو محسوب له ،ويوافق المسبوق إمامه استحبابًا
في أذكار ما أدركه معه ،وإن لم يحسب له كالتحميد والدعاء حتى عقب التشهد والصلة على
النبـي ،لن الصلة ل سكوت فيها.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن له انتظار سلمه )و( يكبر المسبوق ندبًا أيضًا للقيام أو بدله إذا سلم المام )بعد سلميه( فيس ّ
الثاني لنه من لواحق الصلة ،ويجب انتظار السلم الّول ،فقيامه بل نية مفارقة قبل ميم عليكم
منه مبطل للصلة من عالم عامد ول يقال غايته أنه سبق بركن ،والسبق بركن ل يبطل لن صلة
ل لم يعتّد بجميع ما أتى به حتى يجلس ولو كان المام سلم المام قد تمت ،وإن كان ساهيًا أو جاه ً
حتى يقوم بعد سلم المام ،ومتى علم ولم يجلس بطلت صلته لعدم التيان بالجلوس الواجب
عليه ،هذا )إن كان( أي جلوسه مع المام )موضع جلوسه( لو كان منفردًا كأن أدركه في ثانية
المغرب أو ثالثة الرباعية لنه موضع تكبـير المنفرد وغيره بل خلف ،وإن لم يكن ذلك موضع
جلوسه لو انفرد كأن أدركه آخر ركعة فل يكبر بل يسكت ندبًا في انتقاله للقيام أو ما قام مقامه
لنه غير محل تكبـيره وليس فيه موافقة لمامه ،وحرم حينئذ مكثه بعد تسليمتي المام فتبطل
صلته به إن تعمده وعلم تحريمه وزاد على قدر جلسة الستراحة وإل فل ويسجد للسهو ،فإن
مكث في محل جلوسه لو كان منفردًا جاز وإن طال ،وما أدركه المسبوق مع المام مما يعتّد له به
فهو أّول صلته ،وما يأتي به بعد سلمه آخرها ،لقوله » :ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا«
وإتمام الشيء إنما يكون بعد أّوله فيعيد في الباقي القنوت والتشهد وسجود السهو.
)وشرط لقدوة( اثنا عشر .الّول) :نية اقتداء أو جماعة مع تحرم( فلو ترك هذه النية أو شك فيها،
وتابعه في فعل أو سلم بعد انتظار كثير عرفًا للمتابعة بطلت صلته لنه وقفها على صلة غيره
بل رابطة بـينهما فهو متلعب أو في حكمه ،ول فرق بـين العالم بالمنع والجاهل به .وخرج
ل )ونية إمامة( أو نحوها مع النتظار اليسير أو الكثير اتفاقًا :أي ل بقصد المتابعة فليس مبط ً
تحرم واجبة على المام اذا كانت الجماعة شرطًا في صحة صلته ،وذلك في الجمعة والمعادة
والمجموعة بالمطر .و)سنة لمام في غير( ما ذكر من )جمعة( وتاليـيها ،نعم لو كان إمام الجمعة
زائدًا على الربعين ولم يكن من أهل وجوبها كالرقيق ،وكان ناويًا غير الجمعة كالظهر ل تجب
ن.
عليه نية الجماعة ،بل تس ّ
)و( الثاني )عدم تقدم على إمام( في الموقف بأن يتأخر عنه أو يساويه فإن تقدم عليه في أثناء
الصلة بطلت أو عند التحرم لم تنعقد كالتقدم بتكبـيرة الحرام قياسًا للمكان على الزمان ،نعم
يستثنى من ذلك صلة شدة الخوف فإنه ل يضر فيها تقدم المأموم على المام للعذر ،ولو شك هل
هو متقدم أم ل كأن كان في ظلمة صحت صلته مطلقًا :أي سواء جاء من قدام المام أو من خلفه
والعتبار في التقدم وغيره للقائم )بعقب( وهو مؤخر القدم فلو تساويا في العقب وتقدمت أصابع
المأموم لم يضر إل إن كان اعتماده على أصابعه وللقاعد باللية ومنه الراكب فالعتبار فيه
باللية وللساجد برؤوس الصابع وللمصلوب بالكتف وللمقطوعة رجله بما اعتمد عليه
وللمضطجع بالجنب وللمستلقي بالرأس.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أن أحوال المأموم ستة :إما أن يكون قائمًا ،أو قاعدًا ،أو مضطجعًا ،أو مستلقيًا ،أو
ل ،أو مصلوبًا .وأحوال المام خمسة ،وهي ما عدا المصلوب لن معتمدًا على خشبتين مث ً
المصلوب تلزمه العادة ،وشرط المام أل تلزمه العادة ،وستة في خمسة بثلثين صورة.
والضابط فيها أن يقال ل يصح أن يتقدم المأموم بجميع ما اعتمد عليه على جزء مما اعتمد عليه
ل(ل )عن يمين المام متأخرًا( عنه )قلي ً المام )وندب وقوف ذكر( ولو صبـيًا اقتدى وحده بمص ّ
ل للدب بأن ل يزيد ما بـينهما على ثلثة أذرع ،فإن زاد كره وكان مفّوتا عرفًا للتباع واستعما ً
لفضيلة الجماعة.
قال الشبراملسي :ول يتوقف حصول السنة على زيادة القرب بحيث يحاذي بعض بدن المأموم
بعض بدن المام في الركوع أو السجود )فإن جاء( ذكر )آخر أحرم عن يساره ،ثم( تقدم المام،
أو )تأخرا( في القيام ومنه العتدال لنه قيام في الصورة ،فإن لم يكن بـيسار المام محل أحرم
خلفه ثم تأخر إليه من هو على اليمين ويصطفان وراءه ،وتأخرهما أفضل من تقدمه إن أمكن كل
من التقدم والتأخر وإل فعل الممكن) .و( ندب وقوف )رجلين( أو صبـيـين أو صبـي وبالغ )أو
ن أن يقف خلفه رجال لفضلهم فصبـيان إن رجال( حضروا ابتداء )خلفه( كامرأة فأكثر ،ويس ّ
استوعب الرجال الصف وإل كمل بهم أو ببعضهم فخناثى لحتمال ذكورتهم فنساء للتباع في
ن من غير تقدم، ن في وسطه ّذلك ،ول يكمل بالخناثى ول بالنساء صف غيرهم ،وأن تقف إمامته ّ
ن للرجال ن ،وكالمرأة عار أو عراة بصراء في ضوء) .و( س ّ ن غير امرأة قّدم عليه ّ
فلو أّمه ّ
وقوفهم )في صف أّول( لنه أفضل صفوف الرجال .أما الخناثى والنساء فأفضل صفوفهم آخرها
ن إناثًا فقط أو خناثى فقط أو البعض لبعده عن الرجال ،وإن لم يكن فيهم رجل غير المام سواء ك ّ
ن )ثم ما من هؤلء والبعض من هؤلء ،فالخير من الخناثى أفضلهم ،والخير من النساء أفضله ّ
يليه( أي الصف الّول في حق الرجال والصف الخير في حق غيرهم وهكذا ،وهذا في غير
صلة الجنازة .أما هي فتستوي صفوفها في الرتبة عند اتحاد الجنس لطلب تعدد الصفوف فيها،
وأفضل كل صف يمينه ثم يساره ،ومتى سبق واحد إلى الصف الّول لم يجز لغيره تأخيره إل في
مسائل :الولى :أن يكون ممن يتأذى به القوم لرائحة كريهة كصنان ونحوه ،الثانية :إذا حضر
العبد بإذن السيد إلى الصف الّول فللسيد تأخيره .الثالثة :إذا تقدم إلى الصف الّول من ليس من
أهله لكن لو حضر الصبـيان أّول ثم حضر الرجال لم يؤخروا من مكانهم ،بخلف من عداهم.
الرابعة :إذا تقدم خلف المام من ل يصلح للستخلف ،فينبغي أن يؤخر ويتقدم خلف المام من
يصلح للمامة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وكره( لمأموم )انفراد( عن صف من جنسه إن وجد سعة بل يدخل الصف حينئذ وله أن يخرق
الصف الذي يليه فما فوقه لجلها لجل تقصيرهم بتركها ،ول يتقيد خرق الصفوف في هذا
بصفين بل يتقيد به تخطي الرقاب التي في الجمعة ،فإن لم يجد سعة أحرم ثم بعد إحرامه إذا لم
ن لمجروره مساعدته لنه يجد من يصطف معه جر إليه شخصًا من الصف ليصطف معه .وس ّ
من باب المعاونة على البر ،ول يفوته ثواب الصف الذي كان فيه لنه لم يخرج منه إل لعذر
شرعي .وسنية الجر لها شروط خمسة :أن يكون المجرور حّرا ،وأن يجوز موافقته له ،وأن
ن الجر،يكون الصف المجرور منه أكثر من اثنين ،وأن يكون في القيام وبعد الحرام وإل فل يس ّ
ولو أمكنه أن يصطف مع المام حينئذ فله أن يخرق الصف لذلك ،ولو كان الصف الذي أمامه
اثنين فقط والمكان الذي هو فيه واسع فله أن يجرهما ليصطفا معه ،والنفراد عن الصف مع
إمكان الدخول فيه مفّوت لفضيلة الجماعة لن ارتكاب المكروه من حيث الجماعة يفوتها) .و(
حينئذ كره )شروع في صف قبل إتمام ما قبله( وفي فتاوى محمد الرملي أن الصفوف المقطعة
تحصل لهم فضيلة الجماعة دون فضيلة الصف ،والمعتمد الّول .نعم إن كان تأخرهم عن سد
الفرجة لعذر كوقت الحر بالمسجد الحرام لم يكره لعدم التقصير فل تفوتهم الفضيلة.
)و( الثالث )علم بانتقالت إمام( برؤيته أو رؤية صف أو بعضه أو سماع صوته أو صوت مبلغ
ثقة أو برابطة وهو شخص يقف أمام منفذ كالباب ليرى المام أو بعض المأمومين فيتبعه من
بجانبه أو خلفه ،وإن لم يعلم بانتقالت المام اكتفى بعلمه بانتقالت الرابطة فيكون الرابطة كالمام
لهم فيشترط أل يتقدموا عليه في الموقف ول في الحرام وأن يكون ممن تصح إمامته لهم وأل
يخالفوه في أفعاله وإن خالف المام حتى لو كان بطيء القراءة وتخلف بثلثة أركان طويلة وجب
عليهم التأخر معه ،وإذا بطلت صلته تابعوا المام الصلي إن علموا بانتقالته وإل وجب عليهم
نية المفارقة ومتى كان بـين المام والمأموم حائل فل بد من الرابطة بالوجه المتقدم ،وبما تقرر
علم أنه ل يصح اقتداء أعمى أصم إل بهداية ثقة له وأنه ل بد من كون الفعال في صلة المام
ظاهرة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( الرابع )اجتماعهما( أي المام والمأموم )بمكان( بأن ل تزيد المسافة بـينهما ول بـين كل
صفين أو شخصين ممن ائتم بالمام خلفه أو بجانبه على ثلثمائة ذراع بذراع الدمي تقريبًا
فيغتفر زيادة ثلثة أذرع فأقل وهذا الشرط عام فيمن وقف في علو وإمامه في سفل أو عكسه على
ما رجحه النووي خلفًا لمن قال بشرط المحاذاة لمن ذكر بحيث تكون رأس السفل المعتدل
القامة تلقي قدم العلى لو ذهب المقدم إلى الخلف ول يجب في الفضاء غير ذلك فإن كانا في
بناء أو بناءين أو كان أحدهما في فضاء والخر في بناء والجميع غير مسجد اشترط مع ما مر
آنفًا عدم حائل بـينهما يمنع الرؤية أو الستطراق العادي بحيث لو أراد الوصول للمام ل يمكنه
أو يستدبر القبلة ،ويقال لهذا إزورار وانعطاف فل يضر كونها عن يمينه أو يساره على فرض
وصوله للمام ،وعلم من تصوير منع المرور العادي بما ذكر أن اعتبار المرور العادي في كل
ل فالمدار على إمكان الوصول إلى المام من مكان بحسبه ولو كان الوصول إلى المام بانحناء مث ً
غير استدبار القبلة فلو حال بـينهما جدار ل باب فيه أو باب مسمر أو مغلق أو مردود أو شباك
منع صحة القتداء ،وليس من الحائل النهر ولو أحوج إلى سباحة ول الشارع وإن كثر طروقه،
فلو كان أحدهما بدكان والخر بأخرى في الصف المقابل له صح ،ولو وقف أحدهما بسطح
والخر بسطح آخر في صف ثان صح إن كان يمكن الوصول من أحد السطحين إلى الخر كأن
يجعل بـينهما نحو إسقالة.
)فإن كانا بمسجد( فالمدار على العلم بالنتقالت بطريق من الطرق المتقدمة وحينئذ )صح
القتداء( وإن بعدت المسافة بـينهما وزادت على ثلثمائة ذراع ول بّد من إمكان الوصول إلى
المام ولو بازورار وانعطاف ،نعم ل يضر الباب المغلق ول المردود من غير إغلق بالولى،
والباب المسمر يضر في البتداء دون الدوام ،ومثله ما لو كان بسطح أو دكة ل مرقى لها فيضر
ابتداء ل دوامًا لنه يغتفر في الدوام ما ل يغتفر في البتداء ،فلو حال بـينهما جدار ل باب فيه أو
شباك ضر لعدم إمكان الوصول ،ولو كان أحدهما بعلو كسطح المسجد أو منارته والخر بسفل
كسردابه أو بئر فيه ل يضر ،ولو حال بـينهما نهر أو طريق قديم بأن سبقا وجود المسجد بل أو
قارناه كان كما لو كان أحدهما في مسجد والخر في غيره وسيأتي حكمه ،بخلف ما لو كان
النهر طارئًا بعد المسجدية فل عبرة به ،والمساجد المتلصقة التي تفتح أبواب بعضها إلى بعض
كمسجد واحد.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ولو كان أحدهما فيه والخر خارجه( كأن كان المام في المسجد والمأموم خارجه اعتبرت
المسافة المتقدمة من آخر المسجد لن المسجد مبني للصلة فل يدخل في الحّد الفاصل ومن آخر
صف خارج عن المسجد إذا خرجت الصفوف عن المسجد ،وفي الحائل ما مر في غير المسجد
فلو كان المأموم في المسجد والمام خارجه اعتبرت المسافة من طرفه الذي يلي المام )شرط
ل )حذاء منفذ( عدم حائل( كما مر )أو( حال بـينهما حائل فيه باب نافذ شرط )وقوف واحد( مث ً
وهذا الواقف كالمام بالنسبة لمن خلفه ل يحرمون قبله ول يركعون قبل ركوعه ول يسلمون قبل
سلمه ول يتقدم المقتدى عليه وإن كان متأخرًا عن المام ،ومع ذلك لو سمع قنوت الرابطة ل
يؤمن عليه ،لن العبرة في ذلك بالمام الصلي ،كذا قال الشبراملسي .
ل وتركًا :كسجدة تلوة وتشهد أّول )و( الخامس )موافقة( للمام )في سنن تفحش مخالفة فيها( فع ً
على تفصيل فيه تقّدم ،بخلف ما ل تفحش المخالفة فيه كجلسة الستراحة ،فل تضر مخالفة
ل وتركًا .والسادس :تبعية المام في الفعال والقوال وهو تأخر ابتداء تحّرم المام في ذلك فع ً
المأموم عن انتهاء تحرم المام يقينًا ،فلو قارنه في حرف من التكبـير لم تنعقد صلته ،ومحل هذا
الشرط فيما لو كان المأموم مقتديًا من ابتداء صلته ،أما لو نوى القتداء في أثناء صلته فل
يشترط تأخر تحرمه عن تحرم المام الذي نوى القتداء به في الثناء بل يصح تقّدمه عليه ،وكذا
لو كبر المأموم عقب تكبـير المام ثم طرأ للمام شك في تكبـيره فكبر ثانيًا خفية ولم يعلم به
المأموم ل يضر على المعتمد وصلة المأموم حينئذ فرادى وعدم سبقه على إمامه بركنين فعليـين
ولو غير طويلين.
)وعدم تخلف عن إمام بركنين فعليـين( تاّمين وإن لم يكونا طويلين )بل عذر مع تعمد وعلم(
بالمنع كأن يهوي المام للسجود والمأموم في قيام القراءة فل يتحقق السبق والتخلف بركنين إل
إذا انفصل عن الثاني منهما ،فإن خالف في السبق أو التخلف بهما لغير عذر بطلت صلته لفحش
ل ،ومتى تذكر أو علم وجب عليه العود لموافقة المخالفة بل عذر ،بخلف سبقه بهما ناسيًا أو جاه ً
المام ،فإن لم يعد بطلت صلته ،فإن استمر سهوه أو جهله فل بطلن ،لكن ل يعتّد بتلك الركعة
فيأتي بعد سلم إمامه بركعة ،وبخلف سبقه بركن :كأن ركع قبله وابتدأ رفع العتدال وحينئذ
يتحقق سبقه بركن ،وأما إذا استمر في الركوع ولم يبتدىء رفع العتدال فل يقال :سبقه بركن بل
يقال :سبقه ببعض ركن ،وكل منهما ل تبطل به الصلة لنه يسير لكنه في الفعلي بل عذر حرام،
وهو كبـيرة إن كان بركن ،وصغيرة إن كان ببعضه ،وقيل :كبـيرة أيضًا.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وأما مجرد رفع الرأس من الركن كالركوع من غير وصول للركن الذي بعده فمكروه كراهة
ي من العتدال من غير ي منه إلى ركن آخر كالهو ّ تنزيه ،ومثل رفع الرأس من الركن الهو ّ
وصول للسجود ،وبخلف سبقه بركنين غير فعليـين :كقراءة وركوع ،أو تشهد وصلة على
النبـي ،ول تجب إعادة ذلك ،وبخلف تخلفه بفعلي مطلقًا أو بفعليـين بعذر ،وبخلف المقارنة في
غير التحرم لكنها في الفعال مكروهة مفّوتة لفضيلة الجماعة فيما قارن فيه ل في جميع الصلة.
وأما ثواب الصلة فل يفوت بذلك فقد صرحوا بأنه إذا صلى في أرض مغصوبة أن المحققين
على حصول الثواب فالمكروه أولى) .و( عدم تخلف عن المام )بأكثر من ثلثة أركان طويلة(
وهي المقصودة في نفسها فل يحسب منها القصير ،وهو العتدال والجلوس بـين السجدتين :بأن
ينتهي المام إلى الجلوس للتشهد أو القيام والمأموم في القيام )بعذر أوجبه( أي اقتضى وجوب
ذلك التخلف )كإسراع إمام قراءة( وحركة مع بطء المأموم في حركاته أو في قراءته الواجبة
لنحو عجز لسانه ،بخلف قراءة السورة فإنه ل يتأخر لها وإل بطلت صلته بتمام ركنين فعليـين
كالتخلف لوسوسة بأن كان يرّدد الكلمات من غير موجب )وانتظار مأموم سكتته( أي المام ،فإذا
سبق بثلثة طويلة كالركوع والسجدتين في التخلف لتمام الفاتحة )فليوافق( إمامه وجوبًا إن لم
ينو مفارقته )في( الركن )الرابع( وهو القيام أو الجلوس للتشهد في هذه الصورة ويترك ترتيب
نفسه )ثم يتدارك( بعد سلم المام ما بقي عليه.
والحاصل أنه قد يعرض للمأموم أعذار تجّوز له أن يتخلف عن إمامه بثلثة أركان طويلة ،وذلك
في أربع عشرة مسألة :الولى :أن يكون المأموم بطيء القراءة لعجز خلقي :كثقل لسانه أو
للترتيل ل للوسوسة والمام معتدلها وكان المأموم موافقًا بأن أحرم وأدرك مع المام زمنًا يسع
الفاتحة بالنسبة للوسط المعتدل ل بالنسبة لقراءته ول لقراءة إمامه فأتم المام فاتحته وركع قبل أن
يتم المأموم فيجب على المأموم حينئذ التخلف لتمام فاتحته لكونه موافقًا ويغتفر له التخلف بثلثة
أركان طويلة ،وهي الركوع والسجودان فل يحسب منها العتدال ول الجلوس بـين السجدتين
لنهما ركنان قصيران ،ثم إن أتم المأموم فاتحته قبل أن يتلبس المام بالركن الرابع وهو القيام أو
قبل أن يجلس للتشهد الّول أو الخير جرى على نظم صلة نفسه ،فيركع ويعتدل ويسجد
السجودين ،فإذا فرغ من ذلك وقام فوجد المام راكعًا في الثانية ركع معه وسقطت عنه الفاتحة
فإن اطمأن في الثانية يقينًا قبل رفع المام عن أقل الركوع أدرك الركعة الثانية وإل فاتته،
فيتدارك ركعة بعد سلم المام وإن وجد المام في القيام قبل أن يركع وقف معه فإن أدرك معه
قبل الركوع زمنًا يسع الفاتحة بالنسبة للوسط المعتدل فهو موافق فيجب عليه إتمام الفاتحة ويغتفر
له التخلف بثلثة أركان طويلة كما تقّدم.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وإن لم يدرك مع المام زمنًا يسع الفاتحة فهو مسبوق يقرأ ما أمكنه من الفاتحة ،ومتى ركع المام
وجب عليه الركوع معه ،وإن وجد المام فيما بعد الركوع وافقه فيما هو فيه وتدارك بعد سلم
المام ما فاته ،وإن لم يتم المأموم فاتحته حتى تلبس المام بالركن الرابع وهو القيام وافقه وبنى
على ما تقّدم من قراءته ول يجري على نظم صلة نفسه فإن جرى على ذلك عامدًا عالمًا بطلت
ل فل بطلن لكن ل يعتّد بما أتى به ،ثم إذا أراد المام الركوع في صلته ،وإن كان ناسيًا أو جاه ً
الثانية وكان المأموم أتّم فاتحته ركع معه وحسبت للمأموم ركعة ملفقة من قيام الولى وقراءتها
ومن ركوع الثانية واعتدالها وسجودها ،وإذا لم يكن المأموم أتّم فاتحته عند إرادة المام الركوع
في الثانية وجب عليه نية المفارقة ،فإن تخلف بل نية مفارقة عامدًا عالمًا بطلت صلته .هذا إن
كان تخلف المأموم في ركعة أولى أو ثالثة من الرباعية .فلو كان تخلفه في ركعة ثانية أو ثالثة من
الثلثية أو رابعة من الرباعية وجلس المام للتشهد الّول أو الخير والمأموم في قيام القراءة
وجب عليه قطع القيام والجلوس مع المام ،ثم إذا قام بعد التشهد وجب عليه استئناف القراءة ول
يبني على ما تقّدم ويجري فيه ما سبق حيث كانت القدوة باقية .أما الوسوسة فليست عذرًا ،فلو
ركع إمامه قبل أن يتم هو فاتحته بسبب الوسوسة وجب عليه التخلف لتمامها ول يضر ذلك في
ي للسجود قبل أن يتم فاتحته وجبت عليه صحة صلته ما لم يسبق بركنين .فمتى أراد إمامه الهو ّ
نية المفارقة ،فإن لم ينو المفارقة عامدًا عالمًا وهوى المام للسجود بطلت صلته.
الثانية :من شك قبل ركوعه وبعد ركوع إمامه هل قرأ الفاتحة أم ل فيجب عليه التخلف لقراءتها،
ويغتفر له ثلثة أركان طويلة ،ويأتي فيها وفيما يأتي من بقية المسائل جميع ما تقّدم ،ومثل الشك
العلم بالولى ،فإن كان ذلك بعد ركوعه وركوع إمامه لم يجز له العود إلى القيام بل يوافق إمامه
ويتدارك بعد سلم المام ما فاته.
الثالثة :من نسي أنه في الصلة ولم يقرأ حتى ركع إمامه فيتخلف كما تقّدم.
الرابعة :من ذهل عن الفاتحة حتى ركع إمامه ثم تذكر قبل أن يركع مع إمامه ،فإن تذكر بعد أن
ركع معه وافق إمامه كما تقّدم ويتدارك بعد سلم المام ما فاته.
ن إدراك الفاتحة الخامسة :لو عدل الموافق عن الفاتحة وأتى بسنة كدعاء افتتاح أو تعّوذ وكان يظ ّ
مع ذلك ،فإن تحقق فوت الفاتحة لو اشتغل بالسنة فل عذر في التخلف ،بل إن أتم الفاتحة وأدرك
المام في الركوع أدرك الركعة وإل فاتته الركعة ويوافق المام فيما هو فيه ول يجري على نظم
صلة نفسه ،فإن فاته المام بركنين فعليـين ولم ينو المفارقة بطلت صلته.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
السادسة :إذا انتظر المأموم سكوت المام بعد الفاتحة ليقرأ هو فيه فركع عقبها.
السابعة :إذا أسرع المام في التشهد الّول وقام وتخلف المأموم لتمامه ،وبعد أن أتمه قام ولم
يدرك مع المام زمنًا يسع الفاتحة.
الثامنة :إذا نام المأموم في التشهد الّول متمكنًا فلما أفاق قام ولم يدرك معه زمنًا يسع الفاتحة.
ن المأموم أنه جلس التاسعة :لو رفع المام رأسه من السجود الثاني في الركعة الثانية مكبرًا فظ ّ
للتشهد الّول فجلس هو فإذا المام قام وترك التشهد الّول.
العاشرة :لو سمع المأموم تكبـيرًا وهو في أثناء الفاتحة فظنه تكبـيرة المام للركوع فترك باقي
الفاتحة وركع ثم تبـين له أن المام باق في قيامه فإنه يجب عليه العود لتكميل الفاتحة.
الحادية عشرة :كان في السجود فنسي أنه مقتد بالمام واستمر نسيانه حتى ركع إمامه.
الثانية عشرة :من شك في الزمان الذي أدركه مع المام بعد الحرام هل يسع الفاتحة أم ل.
الثالثة عشرة :من نذر على نفسه قراءة سورة في الصلة عقب الفاتحة فركع المام قبل قراءتها
فله التخلف ليأتي بها.
الرابعة عشرة :من شك قبل ركوعه وبعد ركوع إمامه في حروف الفاتحة فإنه يأتي بما شك فيه،
وبعضهم يجعل التخلف للترتيل مسألة مستقلة فيعّد المسائل خمس عشرة ،وفي جميع هذه المسائل
يغتفر له التخلف بثلثة أركان طويلة ،هذا كله في المأموم الموافق.
)و( أما المسبوق وهو ضّد الموافق ،فإذا ركع المام قطع الفاتحة ليركع معه وسقط عنه بقيتها،
فإن قرأ الفاتحة ففاته الركوع مع المام بأن لم يطمئن قبل ارتفاع المام عن أقله لغت ركعته إذ لم
يدرك مع المام ركوعها فيوافقه فيما هو فيه بعد ،فلو ركع عامدًا عالمًا بالتحريم بطلت صلته،
وحينئذ كان تخلفه بعد قراءة ما أدركه من الفاتحة لتمامها بل عذر وكان تخلفه بل عذر بأن كان
عامدًا عالمًا فيكون مكروهًا بل تبطل صلته على وجه ضعيف ،وتبطل على المذهب إن سبقه
المام بتمام ركنين فعليـين ،هذا كله إن لم يشتغل المسبوق بسنة ،فأما )لو اشتغل مسبوق بسنة(
كالتعّوذ والفتتاح ،أو سكت أو استمع قراءة المام أو غيره )قرأ( وجوبًا من الفاتحة بعد ركوع
المام )قدرها( أي قدر حروف السنة في ظنه ،فيجب أن يعّد أو يحتاط ويصرف قدر الزمن الذي
سكته إلى قراءة ما يسعه من الفاتحة لتقصيره بعدوله عن فرض إلى غيره )وعذر( أي من تخلف
لسنة ،فمتى ركع قبل وفاء ما لزمه عامدًا عالمًا بطلت صلته وإل لم يعتّد بما فعله فيأتي بركعة
بعد سلم إمامه ،ومتى ركع إمامه وهو متخلف لما لزمه وقام من ركوعه فاتته الركعة ووجب
موافقة المام في هويه للسجود فل يركع وإل بطلت صلته إن علم وتعمد ،والمراد بكونه معذورًا
أنه ل كراهة ول بطلن بتخلفه قطعًا وأنه ملزم بالقراءة فيكون محل بطلن صلته بهويّ المام
للسجود إذا لم يفارقه في غير هذه الصورة لكن تفوته الركعة ،وليس معنى كونه متخلفًا بعذر أنه
يعطى حكم المعذور من كل وجه ،أما من تخلف لغير سنة كمن أتى بتسبـيح بعد تحرم فهو
مقصر ،فإذا فاته الركوع فاتته الركعة اتفاقًا.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وسبقه على إمام بركنين فعليـين( تاّمين متواليـين سواء كانا طويلين أم قصيرين :كأن ركع
واعتدل والمام لم يركع )مبطل( للصلة إذا كان عامدًا عالمًا بتحريمه للمخالفة الفاحشة ،بخلف
ل فإنه ل يضر إل أنه ل يعتّد له بهما ،فإن لم يعد للتيان بهما مع إمامه
ما إذا كان ساهيًا أو جاه ً
لسهوه أو جهله أتى بعد سلم المام بركعة وإل أعاد الصلة) .و( سبقه )بركن فعلي( تام عمدًا:
كأن ركع ورفع والمام قائم )حرام( وهو كبـيرة لقوله » :أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل رأس
المام أن يحّول ال رأسه رأس حمار« .ويؤخذ من هذا الحديث أن السبق ببعض ركن :كأن ركع
قبل المام ولحقه المام في الركوع كالسبق بركن فهو كبـيرة أيضًا في قول )ومقارنته( أي
المأموم للمام )في أفعال مكروهة كتخلف عنه( أي المام )إلى فراغ ركن(.
والحاصل أن المقارنة على خمسة أقسام :حرام مانعة من النعقاد وهي المقارنة في تكبـيرة
الحرام ،ومندوبة وهي المقارنة في التأمين ،ومكروهة مفّوتة لفضيلة الجماعة فيما قارن فيه مع
العمد وهي المقارنة في الفعال وفي السلم ،وواجبة إذا علم أنه إن لم يقرأ الفاتحة مع المام لم
يدركها ،ومباحة فيما عدا ذلك.
)و( السابع أن ل يقتدى بمن يعتقد بطلن صلته ،فإذا كان هذا شرطًا لصحة القدوة فحينئذ )ل
ن :كشافعي اقتدى يصح قدوة بمن اعتقد بطلن صلته( والمراد بالعتقاد ما يشمل غلبة الظ ّ
بحنفي مس فرجه ،وكمجتهدين اختلفا في إناءين من الماء طاهر ومتنجس وكل منهما توضأ بما
ظنه الطاهر فل يقتدي أحدهما بالخر لظنه بطلن صلته بمقتضى اجتهاده.
)و( الثامن أن ل يقتدى بمن يجوز كونه مأمومًا فحينئذ )ل( يصح قدوة )بمقتد( ول بمن شك في
كونه مقتديًا ،ولو اقتدى مسبوق بعد سلم إمامه بمسبوق آخر صح في غير الجمعة لكن ل ثواب
فيه لن فيه نية القدوة في أثناء الصلة ،ويؤخذ من ذلك أنه لو اقتدى به إنسان من أّول صلته
كان فيه الثواب ،أما في الجمعة فل يصح إذ ل يجوز إنشاء جمعة بعد أخرى.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( التاسع أن ل يكون المأموم قارئًا والمام أّميا سواء أمكنه التعلم أو ل فحينئذ )ل( يصح قدوة
)قارىء بأمي( وهو من يخل بحرف من الفاتحة كأرت بمثناة فوقية ،وهو من يدغم بإبدال في غير
محل الدغام ،بخلف الدغام بل إبدال كتشديد اللم أو الكاف من مالك .أو ألثغ بمثلثة وهو من
يبدل حرفًا بغيره كأن يأتي بالمثلثة بدل السين فيقول :المثتقيم ،أو بالهمزة بدل القاف في المستقيم،
أو بالزاي أو الدال المهملة بدل الذال المعجمة في الذين ،ومن الخلل بحرف تخفيف مشّدد من
الفاتحة ،ومثل البدال اللحن الذي يغير المعنى كضم تاء أنعمت أو كسرها ،ثم إن كان فاعل ذلك
ح أن يكون إمامًا لحد مطلقًا ،وإن كان عاجز عن التعلم قادرًا على التعلم فصلته باطلة فل يص ّ
فصلته في نفسه صحيحة كاقتداء مثله به ول بّد من المماثلة في الحرف المعجوز عنه وفي
ل يحسن ما ل يحسنه الخر ،ومن محله ،فلو اختلفا في ذلك ل يصح اقتداء أحدهما بالخر لن ك ً
ذلك يؤخذ أنه ل يصح اقتداء أخرس بأخرس أصليـين أو عارضين ،فإن كان أحدهما أصليًا
والخر عارضًا صح اقتداء الصلي بالعارض دون عكسه ،ولو كانت اللثغة يسيرة بأن لم تمنع
أصل مخرج الحروف بل كان غير صاف لم تؤثر لنه لم يحصل إبدال .ولو ترّدد المأموم في
حال المام ،فإن كان في سرية فل ضرر ،وإن كان في جهرية وأسّر المام تابعه المأموم ووجب
عليه البحث عن حاله بعد السلم ،فإن تبـين أنه غير قارىء أعاد ،وإن تبـين أنه قارىء ولو
بقوله :نسيت الجهر أو أسررت لكونه جائزًا ،وصدق المأموم لم يعد ،وإن لم يتبـين حاله كأن
تعذر عليه البحث ،أو بحث معه فلم يجبه قيل :تجب العادة وقيل :ل ،ولو طرأ للمام العجز في
أثناء صلته كخرسه لزم المأموم مفارقته ،فإن لم يعلم بحاله إل بعد السلم لزمته العادة لن ذلك
نادر ،فإن كان اللحن ل يغير المعنى :كضم هاء ل ،وكسر باء نعبد أو فتحها ،وضم صاد
الصراط ل يضر في صحة الصلة ول القدوة وإن كان المتعمد لذلك آثمًا.
والحاصل أن اللحن حرام على العامد العالم القادر مطلقًا ،ثم إن كان يغير المعنى فإن كان قادرًا
على الصواب أو أمكنه التعلم فسدت صلته والقدوة به مطلقًا ،وإل فصلته صحيحة وقدوة مثله
به صحيحة دون غير مثله ،هذا بالنسبة للفاتحة ومثلها بدلها.
أما تكبـيرة الحرام ،فإن كان يخل به مع القدرة وائتم به غيره ،فإن دخل في الصلة عالمًا بأن
إمامه يخل بالتكبـير لم تنعقد ،وإن لم يعلم إل بعد فراغ الصلة وجبت العادة ،وإن علم في الثناء
وجب الستئناف ول تنفعه نية المفارقة وأما مع العجز فل ضرر .وأما الخلل في التشهد ،فإن
دخل المأموم في الصلة معه عالمًا بذلك لم تنعقد صلته ،فإن لم يعلم إل بعد أن سلم ل إعادة،
وإن كان قبل سلمه سجد للسهو وسلم ول إعادة أيضًا ،وإن كان في أثناء التشهد انتظره لعله
ل على أنه يعيده على الصواب ،فإذا سلم ولم يعده سجد المأموم للسهو وسلم ،وإنما سجد للسهو حم ً
ن السجود لسهوه ،وحكم السلم كالتشهد وجميع ما تقرر إنما أخل بذلك سهوًا ،وما يبطل عمده يس ّ
هو في إبدال حرف بآخر أو لحن يغير المعنى ،أما ما ل يغير المعنى فل يضر في صحة الصلة
ول القدوة ،وبحث الذرعي صحة اقتداء من يحسن نحو التكبـير أو التشهد بالعربـية بمن ل
يحسنها بها ،ووجهه أن هذه ل مدخل لتحمل المام فيها فلم ينظر لعجزه عنها.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وأما السورة ،فإن كان اللحن ل يغير المعنى صحت صلته والقدوة به لكنه مع التعمد والعلم
ل صحت صلته والقدوة حرام ،وإن كان يغير المعنى فإن عجز عن التعلم أو كان ناسيًا أو جاه ً
به مطلقًا مع الكراهة ،ولو قيل :بحرمة قراءة غير الفاتحة على مثل هذا لم يكن بعيدًا لنه ل
ضرورة تدعو إلى ذلك ،فإن كان قادرًا على التعلم وكان عامدًا عالمًا ل تصح صلته ول القدوة
به للعالم بحاله ،ول يصح اقتداء من يحسن الفاتحة بمن ل يحسن إل بدلها.
والعاشر :أن ل يكون المام أنقص من المأموم بصفة ذاتية ،فل يجوز أن يقتدي ذكر بأنثى أو
خنثى ،ول خنثى بأنثى أو خنثى لحتمال أن يكون الخنثى المام أنثى والخنثى المأموم ذكرًا فهذه
أربع باطلة ،ويصح اقتداء أنثى بأنثى وبخنثى كما يصح اقتداء أنثى بذكر ،وخنثى بذكر ،وذكر
بذكر وهذه خمس صحيحة ،فالمجموع تسع صور :أربع باطلة ،وخمس صحيحة كما سمعت.
والحادي عشر :أن ل يقتدي بمن تلزمه العادة كالمتيمم للبرد أو لفقد الماء بمحل يغلب فيه وجود
الماء وفاقد الطهورين ولو كان المأموم مثله في ذلك ،لكن محل ذلك إن علم المأموم بحاله ولو
نسي بعد ذلك ،بخلف ما إذا لم يعلم بحاله إل بعد فراغ القدوة فإنه ل يضر لن غاية ما فيه أن
المام إما محدث أو بمنزلته وتبـين حدث المام بعد الصلة ل يوجب العادة.
والثاني عشر :توافق نظم صلة المام والمأموم في الفعال الظاهرة فل يصح القتداء مع
اختلفه كمكتوبة وكسوف أو جنازة لتعذر المتابعة حينئذ ،ويصح اقتداء مؤّد بقاض ومفترض
بمتنفل وفي طويلة بقصيرة كظهر بصبح وبالعكوس ،ول يضر اختلف نية المام والمأموم بمثل
ذلك والمقتدى في نحو ظهر بصبح أو مغرب كمسبوق فيتم صلته بعد سلم إمامه ،والفضل
متابعته في قنوت الصبح وفي تشهد آخر المغرب ،وله فراقه بالنية إذا اشتغل بهما ،والمقتدى في
صبح أو مغرب بنحو ظهر إذا أتم صلته له مفارقة المام بالنية ،والفضل انتظاره في الصبح
ليسلم معه بخلفه في المغرب ليس له انتظاره لنه يحدث جلوس تشهد لم يفعله المام ،وله أن
يقنت في الصبح إن أمكنه القنوت بأن كان يدرك المام قبل هويه للسجدة الثانية وإل تركه وجوبًا
إن لم ينو المفارقة ول سجود عليه لتحمل المام له ،ونية المفارقة في ذلك لعذر فل تفّوت فضيلة
الجماعة وتجوز صلة العشاء خلف من يصلي التراويح ،فإذا سلم المام من الركعتين قام المأموم
إلى باقي صلته وأتمها منفردًا ،ويصح القتداء في الفرض خلف صلة العيد أو الستسقاء ،وإذا
أتى المام بتكبـيرات العيد ندب للمأموم أن ل يتابعه فيها ،فإن تابعه فيها ل يضر.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وما عدا هذه الثني عشر مما يذكرونه في الشروط إما داخل فيما ذكر أو جار على مرجوح،
وكره القتداء في أثناء صلته ،ول تحصل له فضيلة الجماعة ويتبع المام فيما هو فيه ،فإن فرغ
إمامه أّول فهو كمسبوق أو فرغ هو أّول فانتظاره أفضل من مفارقته ليسلم معه ما لم يحدث
جلوسًا لم يفعله المام كأن نوى القتداء في رابعة الرباعية بإمام في أّولها فتتعين عليه نية
المفارقة حينئذ قبل رفع رأسه من السجدة الثانية ،بل لو نوى القتداء وهو في السجدة الثانية من
الركعة الخيرة بإمام في القيام لم يجز له رفع رأسه منها بل ينتظره فيها أو ينوي المفارقة ،وكذا
لو كان في التشهد الخير ونوى القتداء بإمام في القيام لم يجز متابعته بل ينتظره أو ينوي
المفارقة ول يضر النتظار في هذا الجلوس وإن كان لم يفعله المام لن هذا ليس إحداث جلوس
بل دوامه ويغتفر في الدوام ما ل يغتفر في البتداء ،ونية المفارقة بل عذر مكروهة مفّوتة لفضيلة
الجماعة ،فل يحرم عليه قطع القدوة بنية المفارقة.
وإن قلنا :إن الجماعة فرض كفاية لن فرض الكفاية ل يلزم بالشروع فيه إل في الجهاد وصلة
الجنازة والحج والعمرة ،ومحل جواز ذلك ما لم يترتب على ذلك تعطيل الجماعة :كأن لم يكن
هناك إل إمام ومأموم وإل حرم ،لن فرض الكفاية إذا انحصر تعين ،فإن كانت المفارقة لعذر
كمرض وتطويل إمام وتركه سنة مقصودة ،وهي ما جبر بسجود السهو أو قوي الخلف في
وجوبها أو وردت الدلة بعظيم فضلها فل كراهة ول تفويت ،ومما وردت الدلة بعظيم فضلها
التسبـيحات خصوصًا وقد نقل عن المام أحمد بطلن الصلة بتركها عمدًا ووجوب سجود السهو
بتركها نسيانًا ،بخلف تكبـير النتقالت وجلسة الستراحة ورفع اليدين من قيام التشهد الّول لنه
ل يفوت على المأموم بترك المام لها شيء لنه يمكنه التيان به وإن تركه إمامه ،وتنقطع القدوة
ل ،وإذابخروج إمامه من صلبة بحدث أو غيره :كموت أو وقوع نجاسة عليه ولم يزلها حا ً
ل فله أن يقتدي بغير هذا ،ولغيره أن يقتدي به ،وإذا
انقطعت القدوة بذلك صار المأموم مستق ً
حصل منه سهو بعد انقطاعها ولم يقتد بغيره ل يتحمله عنه أحد بخلف السهو الحاصل منه قبل
انقطاعها ،وقد تجب نية المفارقة مع انقطاع القدوة لوجود المتابعة الصورية ببقاء المام على
صورة المصلين ،أما لو ترك الصلة وانصرف أو جلس على غير هيئة المصلين أو مات فل
يحتاج لنية المفارقة .والجماعة في الجمعة ثم صبح الجمعة ثم صبح غيرها ثم العشاء ثم العصر
أفضل ثم الظهر والمغرب.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل( أي متصفًا بصفة المامة )فبان( بعد الصلة كون المام )خلفه( أي )ولو اقتدى ممن ظنه أه ً
على خلف ظنه )أعاد( صلته لتقصيره بترك البحث ،إذ أمارة المبطل من أنوثة أو كفر ظاهرة
ل تخفى والخنثى ينتشر أمره غالبًا ،والمراد بالظن ما قابل العلم فيدخل فيه من جهل إسلمه أو
قراءته ،فتصح القدوة به حيث لم يتبـين به نقص يوجب العادة ،وليس المراد أنه لو لم يظن
ذكورته ول إسلمه لم تصح القدوة به لنه قد يقال :جهل السلم يفيد الظن بالنظر للغالب على
من يصلي أنه مسلم.
والحاصل أنه لو بان إمامه كافرًا ولو مخفيًا كفره كزنديق أو خنثى أو مجنونًا أو أّميا قادرًا على
التعلم أو تاركًا للفاتحة أو البسملة في الجهرية أو تجب عليه العادة أو ساجدًا على كمه الذي
يتحرك بحركته أو تاركًا تكبـيرة الحرام ،أو قادرًا على القيام أو السترة وكان يصلي من قعود،
أو عاريًا وجبت العادة إن بان بعد الفراغ من الصلة ،فإن بان في أثنائها وجب استئنافها لكون
المام ليس من أهل المامة في ذاته )ل( إن بان إمامه )ذا حدث( ولو أكبر )أو خبث( أي ذا
نجاسة خفية وهي الحكمية التي ل يدرك لها طعم ول لون ول ريح ،ومثل ذلك كل ما يخفى على
المأموم عادة كعدم النية ،وكتيممه بمحل يغلب فيه وجود الماء وكونه تاركًا للفاتحة أو للبسملة في
السرية أو للتشهد مطلقًا ،ولو أحرم المأموم بإحرام المام ثم كبر المام ثانيًا بنية سرًا لكونه شك
في التكبـير الّول ل يضر في صحة صلة المأموم لن هذا مما يخفى ول أمارة عليه ،أما لو بان
إمامه ذا نجاسة ظاهرة وهي العينية فإنه تلزمه العادة ،ول فرق في ذلك بـين القريب والبعيد،
ول بـين القائم والقاعد ول بـين العمى والبصير ،ول بـين باطن الثوب وظاهره نظرًا للشأن.
)وصح اقتداء سليم بسلس( وطاهر بمستحاضة غير متحيرة ،وحافظ قرآن بحافظ القاتحة فقط،
وكامل اللباس بساتر عورته فقط ولو بالطين ،ومتوضىء بالجامع بـين التراب والماء ،ولبس
بمن عجز عن السترة ،ومتوضىء بماسح الخف أو الجبـيرة حيث ل تلزمه العادة وبالمتيمم الذي
ل تلزمه العادة ،ويصح اقتداء البالغ بالصبـي والحّر بمن فيه رق .نعم البالغ أولى من الصبـي
والحر أولى من الرقيق ،ويصح اقتداء القائم بالقاعد وبالمضطجع وإن كان موميًا حيث كان يأتي
بالركان ،فأما من يشير إليها بجفنه أو يجري أفعال الصلة على قلبه فل يصح القتداء به لعدم
العلم بانتقالته كما مر .نعم يصح اقتداء القائم بالمستلقي ولو موميًا حيث علم بانتقالت المام ولو
بطريق الكشف لن المدار على علمه بذلك وهو موجود فيه وهذا بالنسبة له ،وإنما اغتفر ذلك في
حقه لعلمه بحقيقة الحال ،ومحل كون الخوارق ل يعتّد بها قبل وقوعها ،أما بعد وقوعها فيعتّد بها
في حق من قامت به؛ كذا قال الشبراملسي .
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وكره( القتداء )بفاسق ومبتدع( ل يكفر ببدعته ،وبالتأتاء والفأفاء والوأواء ومن تغلب على
المامة ول يستحقها ،ومن ل يحترز عن النجاسة أو يمحق هيئات الصلة ،أو يتعاطى معيشة
مذمومة ،أو يعاشر أهل الفسق ونحوهم ،أو لحن بما ل يغير المعنى ،أو يكرهه أكثر القوم لمر
مذموم فيه كإكثار الضحك والحكايات المضحكة تصنعًا ل طبعًا فإن كرهه كلهم حرمت إمامته،
وإمامة ولد الزنا وولد الملعنة ومن ل يعرف له أب خلف الولى ،والعمى والبصير في
المامة سواء كعبد أفقه وحر غير أفقه.
ثم إذا اجتمع جماعة ممن فيه أهلية المامة يقّدم منهم الفقه في الصلة ،فالصح قراءة ،فالكثر
قرآنًا ،فالزهد ،فالورع ،فالمهاجر ،فالقدم هجرة ،فالسن في السلم ،فالشرف نسبًا ،فالحسن
ذكرًا ،فالنظف ثوبًا ،فبدنًا فصنعة :أي كسبًا ،فيقّدم الزارع والتاجر على غيرهما ،فالحسن
صوتًا ،فالحسن خلقًا ،بفتح الخاء بأن يكون سليم العضاء من الفة مستقيمًا ،فالحسن وجهًا :أي
الجمل صورة فهو غير الحسن خلقًا كما سمعت ،فالحسن زوجة ،فالبـيض ثوبًا فيقّدم على
لبس غير البـيض ،ويقدم البـيض وجهًا على غيره فإن استويا وتشاحا أقرع بـينهما .هذا كله إن
ب منزل ،وإل قّدم الوالي في محلّ وليته لم يكن هناك إمام راتب ول إمام أعظم ول نائبه ،ول ر ّ
ب المنزل ،والمام الراتب وإن اختصّ ذلك الغير بصفات مرجحة من فقه على غيره ولو على ر ّ
وغيره.
ويقّدم من الولة العلى فالعلى ،فيقّدم السلطان على غيره ،والباشا على القاضي ونحو ذلك،
وبعده المام الراتب وهو من وله الناظر تولية صحيحة أو كان بشرط الواقف ،فإن لم يحضر
ب أن يتقّدم غيره إل أن يخاف فتنةب أن يبعث إليه ليحضر ،فإن خيف فوات الوقت استح ّ استح ّ
ق ولو غير مالك على غيره ولو مالكًا ،فيقّدم المستأجر على فيصلوا فرادى ،ويقّدم الساكن بح ّ
المؤجر ويقّدم الموصى له بالمنفعة على مالك العين .نعم ل يقّدم المستعير على المعير ول غير
المكاتب على سيده الذي أذن له في السكنى بل يقّدم سيده عليه ،وليس هذا الذن إعارة لن
العارة تقتضي ملك النتفاع والرقيق ل يملك ولو بتمليك سيده ،أما المكاتب إذا كان ساكنًا بحقه
فل يقّدم عليه سيده بل المكاتب هو المقّدم لستقلله ،فإذا أذن لسيده في دخوله دارًا اشتراها مث ً
ل
فهو المقّدم ل سيده ،فإن كان سيده هو المعير له الدار فالسيد هو المقّدم ،ويؤخذ مما تقّدم بالولى
ل للمامة كامرأة قّدم عدم تقديمه على ِقّنه المبعض فيما ملكه ببعضه الحّر ،فإن لم يكن الساكن أه ً
من هو أهل.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن للمام التخفيف مع فعل البعاض والهيئات إل أن يرضي ويندب في الجماعة أشياء :منها أنه يس ّ
ن له نية الجماعة في غير الجمعة ،وتصح منه نية المامة وإن لم يكن المحصورون بتطويله ،ويس ّ
إمامًا في الحال لنه سيصير إمامًا ،وإذا لم يحضر عنده في هذه الحالة أحد لكن وثق بالجماعة
صحت منه نية المامة ،فلو فرغ من صلته ولم يأت أحد فصلته صحيحة ،ولو أتى بهذه النية
في أثناء صلته جاز وحاز الفضيلة من حين النية ول تنعطف نيته على ما قبلها ،وفهم مما تقّدم
أنه لو نوى المأموم الجماعة ولم ينوها المام حصلت الفضيلة للمأموم دون المام وثبت له أحكام
القدوة كتحمل سهوه وفاتحته ونحو ذلك.
ن للمام أن يقف قّدام المقام عند الكعبة بحيث يكون المقام بـينه وبـين الكعبة وأن يستدير
ويس ّ
المأمومون حولها ،ول يضّر كونهم أقرب إليها في غير جهة المام منه إليها في جهته كما لو وقفا
في الكعبة واختلفا جهة فإنه إذا اجتمعا فيها يجوز أن يكون وجهه إلى وجه المام أو جنبه ،وأن
يكون ظهره إلى ظهر المام أو جنبه ،ول يجوز أن يكون ظهره إلى وجه المام لنه حينئذ متقّدم
ي جهة شاء ،ولو عليه في جهته ،ولو وقف المام فيها والمأموم خارجها جاز وله التوجه إلى أ ّ
وقفا بالعكس جاز أيضًا لكن ل يتوجه المأموم إلى الجهة التي توجه إليها المام بحيث يكون ظهره
في وجه المام لتقّدمه عليه حينئذ في جهته ،ولو وقف المام في ركن من أركانها فجهته مجموع
جهتي جانبـيه مع الركنين المتصلين بهما فل يتقّدم عليه المأموم في ذلك.
وحاصل ما ذكر صور أربع لنهما إما أن يكونا داخل الكعبة أو خارجها أو أحدهما داخلها
ل صفين أو ن تسوية الصفوف وأن ل يزيد ما بـين ك ّ والخر خارجها ،وقد علمت أحكامها .ويس ّ
شخصين على ثلثة أذرع وإل فات ثواب الجماعة من تأخر بذلك.
ويكره فيها أمور منها أنه يكره للمام التطويل ولو ليلحق آخرون ولو كان من عادتهم الحضور،
س في ركوع غير ثان من صلة الكسوف أو في تشهد أخير بداخل محل الصلة يقتدي نعم لو أح ّ
ن له انتظاره ل تعالى إن لم يبالغ في النتظار ولم يميز بـين الداخلين وإل كره. به س ّ
ن للمام انتظار من يريد القتداء به بشروط تسعة :أن يكون ذلك وحاصل هذه المسألة أنه يس ّ
النتظار في ركوع غير ثان من صلة الكسوف أو في تشهد أخير ،وأن ل يخشى فوت الوقت،
وأن يكون الذي ينتظره داخل محل الصلة دون من هو خارجه ،وأن ينتظره ل تعالى ل لتوّدد
وإل كره ،وأن ل يبالغ في النتظار ولو بضّم انتظار مأموم إلى آخر وإل كره ،وأن ل يميز بـين
ن أنه يرى إدراك ن أن يقتدي به ذلك الداخل ،وأن يظ ّ الداخلين فينتظر بعضًا دون بعض ،وأن يظ ّ
ن أنه يأتي بالحرام على الوجه المطلوب من كونه في القيام والمام الركعة بالركوع ،وأن يظ ّ
ليس بقيد بل مثله المنفرد وإن كان ل يأتي فيه جميع الشروط .ويكره ارتفاع المأموم على إمامه
وعكسه حيث أمكن وقوفهما على مستو إل لحاجة كتعليم المام المأمومين صفة الصلة ،وكتبليغ
ن ارتفاعهما لذلك ،وحيث لم تكن حاجة ثبتت الكراهة وفاتت فضيلة المأموم تكبـيرة المام فيس ّ
ل على انخفاض وارتفاع وإل فل كراهة ،ولو تعارض الجماعة ما لم يكن وضع المكان مشتم ً
عليه إكمال الصف الّول لكن مع ارتفاع أو انخفاض والوقوف في الصف الثاني بدون ذلك وقف
في الصف الثاني وترك تكميل الّول لن كراهة الّول أشد فإنها تفّوت فضيلة الجماعة اتفاقًا،
بخلف تقطيع الصفوف ففيه خلف كما تقّدم.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ص كمشقة مطر ،ومثله تقاطر السقوف على تتمة :ورخص في ترك الجماعة بعذر عاّم أو خا ّ
الماّرين بعد فراغ المطر وشّدة ريح بليل أو وقت صبح ،ومثل الريح الشديدة الظلمة الشديدة
والريح الباردة وشّدة وحل ،وشّدة حّر ،وشّدة برد ،وشّدة جوع ،وشّدة عطش بحضرة طعام
مأكول أو مشروب ،وما قرب حضوره كالحاضر ،ومشقة مرض ومدافعة حدث ،وخوف على
معصوم من نفس أو عضو أو منفعة أو مال كخبز في تنور أو قدر على نار لو ذهب للجماعة
وتركه تلف ،وخوف من غريم له وبالخائف إعسار يعسر عليه إثباته ،وخوف من عقوبة يرجو
الخائف العفو بغيبته ،وخوف من تخلف عن رفقة وفقد لباس لئق ،وأكل ذي ريح كريهة تعسر
إزالتها ل بقصد إسقاط الجماعة وإل لم يكن عذرًا ،وحضور مريض بل متعهد سواه أو كان له
متعهد لكن كان المريض نحو قريب محتضر الروح ،أي و يأنس به.
ومن العذار زلزلة وغلبة نعاس ،وسمن مفرط ،وسعي في استرداد مال يرجو حصوله له أو
لغيره ،وعمى حيث كان العمى ل يجد قائدًا ولو بأجرة مثل قدر عليها ول أثر لحسانه المشي
بالعصا ،والشتغال بتجهيز ميت وحمله ودفنه ،ووجود من يؤذيه في طريقه بشتم أو نحوه ما لم
يمكن دفعه من غير مشقة ،والنسيان والكراه وتطويل المام فوق المشروع وتركه سنة مقصودة،
وكون المام ممن يكره القتداء به ،أو كان يخشى من الفتتان بجمال أمرد ،أو كان هو ممن
يخشى الفتتان به ،ومعنى كون هذه أعذارًا سقوط الطلب بسببها ل حصول فضيلة الجماعة،
ل لثواب الجماعة إذا صلى منفردًا وكان قصده الجماعة لول وجزم الروياني بأنه يكون محص ً
العذر ،وهذا هو المعتمد بشرط أن يكون ملزمًا لها قبل العذر ولم يتعاط السبب باختياره ولم
يتأت له إقامة الجماعة في بـيته لكن الفضيلة التي تحصل له دون فضيلة من فعلها.
تكميل :اعلم أن الصلوات الخمس بالنسبة للقصر والجمع ثلثة أقسام .قسم يجوز فيه المران
وهو الرباعيات الثلث .وقسم يجوز فيه الجمع دون القصر وهو المغرب .وقسم ل يجوز فيه هذا
ول هذا وهو الصبح .ويجوز للمسافر قصر الصلة بأن يصليها ركعتين بشروط اثنى عشر ،أن
تكون الصلة رباعية مكتوبة أصالة مؤداة أو فائتة سفر قصر كالظهر والعصر والعشاء ،وأن
يكون المسافر في سفر طويل وهو ستة عشر فرسخًا وهي مرحلتان ،وأن ل يكون عاصياً
ل معلومًا في أّول سفرهبالسفر ،وأن يكون سفره لغرض صحيح ديني أو دنيوي ،وأن يقصد مح ً
ولو بالجهة ،وأن ل يربط صلته بمن جهل سفره أو بمتّم ولو في نفس المر ولو في جزء من
صلته ولو في صبح ،وأن ينوي القصر مع التحرم كأن يقول مقصورة أو ركعتين أو صلة
السفر ،وأن يتحرز عن منافي نية القصر في دوام الصلة ودوام السفر في جميع الصلة يقينًا،
وأن يعلم بجواز القصر ،وأن يعلم الكيفية ،وأن يجاوز محل القامة ويصل إلى محل يعّد فيه
مسافرًا ،ويجوز للمسافر السفر المذكور أن يجمع بـين الظهر والعصر أو بـين المغرب والعشاء
في وقت أيهما شاء تقديمًا في وقت الولى منهما أو تأخيرًا في وقت الثانية منهما ،والجمعة
كالظهر في جمع التقديم فقط.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ويشترط لجمع التقديم ستة شروط :الّول :الترتيب بأن يبدأ بصاحبة الوقت لن الوقت لها فلو
عكس الترتيب صحت صاحبة الوقت فقط :الثاني :نية الجمع في الولى ولو مع التحلل منها.
الثالث :الولء بـين الصلتين بأن ل يتخلل بـين الصلتين زمن يسع ركعتين بأخف ممكن وحينئذ
ل يجوز أن يصلي الراتبة بـينهما .الرابع :دوام السفر إلى عقد الثانية وإن أقام في أثنائها ،ول
يشترط وجود السفر عند عقد الولى .الخامس :بقاء وقت الولى يقينًا إلى تمام الثانية فيبطل
ن صحة الولى الجمع والصلة إذا خرج الوقت في أثناء الثانية أو شك في خروجه .السادس :ظ ّ
لتخرج المتحيرة فليس لها جمع التقديم ،وكذا لو كانت الولى جمعة في مكان تعددت فيه لغير
حاجة وشك في السبق والمعية ،ومثل ذلك كل من تلزمه العادة كفاقد الطهورين والمتيمم للبرد
أو لفقد الماء بمحل يغلب فيه الوجود أو نحو ذلك.
ويشترط لجمع التأخير شرطان :الول :نية التأخير في وقت الولى ما بقي منه قدر يسعها تامة أو
ل أو نواه والباقي من الوقت قدر ل يسعها مقصورة إن أراد قصرها ،فإن لم ينو التأخير أص ً
عصى وكانت قضاء ما لم يوقع منها ركعة أو أكثر في وقتها وإل فأداء مع الحرمة .الثاني :دوام
السفر إلى تمام الصلتين فلو أقام قبل ذلك صارت التي نوى تأخيرها قضاء سواء رتب بـين
الصلتين أول لكن ل إثم فيه ،ولو كان انتهاء السفر في أثناء الظهر التي نوى تأخيرها فائتة
ل في وقت الولى حضر فل يجوز قصرها وترك الجمع أفضل ،وإذا أراد الجمع فإن كان ناز ً
ل فيهما أو سائرًا فيهما أو سائرًا في
سائرًا في وقت الثانية فالفضل جمع التقديم ،وإن كان ناز ً
ل في الثانية فالفضل جمع التأخير. الولى ناز ً
ويجوز للمقيم أن يجمع ما يجمع بالسفر ولو عصرًا مع الجمعة تقديمًا في وقت الولى بسبب
ل لكن كان يبل الثوب ،ومثل المطر ثلج وبرد ذائبان وشفان بفتح الشين المطر ولو كان المطر قلي ً
وتشديد الفاء وهو ريح باردة يصحبها مطر قليل ،ول بد أن يكون كل واحد منها يبل الثوب .ولهذا
الجمع شروط ثمانية :أن يوجد نحو المطر عند تحّرمه بهما وعند تحلله من الولى ليتصل بأّول
الثانية ويؤخذ من ذلك اعتبار امتداده بـينهما وهو المعتمد ،ول يضر انقطاعه في أثناء الولى أو
الثانية أو بعدهما ،والترتيب ،والولء ،ونية الجمع كما تقدم ،وأن تصلى الثانية جماعة وإن
انفردوا قبل تمام ركعتها الولى ولو قبل ركوعها ،وإن لم يحصل ثواب الجماعة كأن كانت
مكروهة ،ول بّد من نية الجماعة أو المامة وإل لم تنعقد صلته ول صلتهم إن علموا بذلك،
وأن يفعل ذلك بمصلى بعيد عرفًا بحيث يأتونه بمشقة في طريقهم إليه ،لكن يجوز للمام الراتب
أن يجمع بالمأمومين وإن لم يتأذ بالمطر ،وكذا من يلزم من عدم إمامته تعطيل الجماعة ،ولمن
اتفق له وجود المطر وهو بالمسجد أن يجمع وإل لحتاج إلى صلة العصر أو العشاء في جماعة
وفيه مشقة في رجوعه إلى بـيته ثم عوده أو في إقامته ،وإذا تخلف شرط من ذلك امتنع الجمع
المذكور.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
تنبـيه :قد علم مما مر أنه ل يجمع بغير سفر ونحو المطر كمرض وريح وظلمة وخوف ووحل
وهو المشهور لنه لم ينقل ،وحكى في المجموع عن جماعة من الشافعية جوازه بالمذكورات وهو
قوي جدًا في المرض والوحل ،وهذا هو اللئق بمحاسن الشريعة .وقد قال تعالى} :وما جعل
ن للمريض أن يراعي الرفق عليكم في الدين من حرج{ )الحج 22الية ،(78 :وعلى ذلك فيس ّ
بنفسه ،فمن يحم في وقت الثانية يقدمها بشرائط جمع التقديم بالسفر ،أو في وقت الولى يؤخرها
بالشرطين المتقدمين لجمع التأخير ويجعل دوام المرض هنا كدوام السفر هناك.
فائدة :يختص بالسفر الطويل أربع :الجمع على الظهر ،والقصر ،والفطر في رمضان ،والمسح
على الخف ثلثة أيام ،ويجوز في القصير ترك الجمعة والتنفل على الراحلة ويختصان بالسفر.
فصل في صلة الجمعة
يوم الجمعة أفضل أيام السبوع يعتق ال فيه ستمائة ألف عتيق من النار ،ومن مات فيه أعطي
ل خاص بالنبـياء أجر شهيد ووقى فتنة القبر وهي السؤال بأن يخفف عنه لن عدم السؤال أص ً
ونحوهم ممن استثنى ،وليلتها أفضل الليالي بعد ليلة القدر ،وليلة القدر أفضل من ليلة السراء
بالنسبة لنا ،أما بالنسبة لسيدنا محمد فليلة السراء أفضل إذ وقع له فيها رؤية الباري بعيني رأسه،
وليلة المولد الشريف أفضل من ليلة السراء وليلة القدر لنها أصلهما ،والمراد بليلة المولد وليلة
السراء الليلتان المعينتان ل نظيرتهما من كل سنة.
وفرضت صلة الجمعة بمكة ليلة السراء ولم تقم بها لقلة المسلمين أو لخفاء السلم إذ ذاك فإن
شعارها الظهار ،وأّول من أقامها بجهة المدينة قبل الهجرة أسعد بن زرارة بقرية على ميل من
المدينة واسمها نقيع الخضمان ،وهي أفضل الصلوات ،ومن خصائص هذه المة ،وليست ظهرًا
مقصورًا لنه ل يغنى عنها وإن كان وقتها وقته وتتدارك به بل صلة مستقلة ،ومعلوم أنها
ركعتان وتختص بشروط لوجوبها وشروط لصحتها وآداب كما قال )تجب جمعة( وجوب عين
)على( كل مسلم )مكلف( أي بالغ عاقل وألحق به في انعقاد السبب ل في التكليف متعّد بمزيل
عقله فيلزمه قضاؤها ظهرًا )ذكر حّر متوطن( ببلد الجمعة بأن ل يسافر عن وطنه صيفًا ول
شتاء إل لحاجة كتجارة )غير معذور( بمجّوز لترك الجماعة) .و( تجب الجمعة أيضًا )على مقيم(
بمحل إقامة الجمعة أو بمحل يسمع فيه نداءها وإن لم يستوطنه وكالمقيم بذلك المحل المسافر إليه
من محل الجمعة ،كذا قال ابن حجر في فتح الجواد) .ول تنعقد( الجمعة )به( أي بمقيم في ذلك
المحل على عزم العود إلى بلده بعد مدة ولو طويلة كالمتفقهة والتجار ومثله متوطن خارج بلد
الجمعة فل تنعقد به )ول بمن به رق( وإن قل )وصبًا(.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وحاصل ما في هذا الباب أن صلة الجمعة كغيرها من الخمس في الركان والشروط والداب
لكنها تزيد عليه بشروط للزومها وبشروط لصحتها وبآداب أخر .أما شروط لزومها المختصة بها
فأربعة :الحرية والذكورة وعدم العذر المجوز لترك الجماعة والقامة فل جمعة على رقيق ول
أنثى ول مسافر ول معذور بمجوز لترك الجماعة ،ومنه الشتغال بتجهيز الميت والسهال الذي
ل يضبط نفسه معه ويخشى منه تلويث المسجد والحبس عنه إذا لم يكن مقصرًا فيه فإذا رأى
القاضي المصلحة في منعه منعه وإل أطلقه لفعل الجمعة وتلزم الشيخ الهرم والزمن وهو من به
عاهة أبطلت حركته إن وجدا مركبًا ملكًا أو إجارة أو إعارة ولو آدميًا إذا لم يزر بهما ،ولم يشق
الركوب عليهما كمشقة المشي في الوحل ،وتلزم العمى إن وجد قائدًا ولو بأجرة مثل يجدها
زائدة على ما يأتي في الفطرة إن شاء ال تعالى أو متبرعًا أو ملكًا فإن لم يجده لم يلزمه
الحضور ،وإن أحسن المشي بالعصى على المعتمد لما فيه من التعرض للضرر ،نعم إن كان
قريبًا من الجامع ل يتضرر بذلك وجب عليه الحضور لعدم الضرر ومن صحت ظهره ممن ل
تلزمه جمعة صحت جمعته وتغني عن ظهره كالصبـي والعبد والمرأة والمسافر ،وله أن ينصرف
من المصلى قبل إحرامه بها ولو بعد دخول وقتها إل المريض ونحوه ممن ألحق به كالعمى ل
يجد قائدًا فل يجوز له النصراف بعد دخول الوقت إل إن زاد ضرره بانتظاره فعلها وإل فله
النصراف ما لم تكن قد أقيمت وإل فل ينصرف.
والحاصل أن نحو المريض له النصراف قبل دخول الوقت وهو الزوال مطلقًا ما لم يحصل له
مشقة ل تحتمل ،وأما بعد دخول الوقت وقبل الحرام فإن زاد ضرره بانتظاره فعلها ولم تقم جاز
له النصراف وإن لم يزد ضرره أو أقيمت فل.
ثم حاصل ما ذكره المصنف أن الناس في الجمعة ستة أقسام :قسم تلزمه وتنعقد به وهو كل مسلم
مكلف متوطن حّر ذكر ل عذر له يرخص في ترك الجماعة .وقسم ل تلزمه وتنعقد به وهو
المعذور بمسقط لوجوبها غير المسافر .ومن العذار ما لو حلف بالطلق أنه ل يصلي خلف زيد
فولى زيد المذكور إمامة الجمعة ولم يكن في المحل غيرها فتسقط عنه على المعتمد ،وقيل :هو
مكره شرعًا فيصلي ول حنث .وقسم تلزمه وتصح منه ول تنعقد به وهو المقيم غير المتوطن
والمتوطن بمحل يسمع منه النداء ولم يبلغ أهله أربعين فإنه يجب عليه السعي إلى بلد الجمعة ،ول
يحسب من عددها لنه ليس من المتوطنين ببلدها فإن بلغوا أربعين لزمهم إقامتها في محلهم وحرم
عليهم تعطيله وإن فعلوها في غيره .وقسم تلزمه ول تنعقد به ول تصح منه وهو المرتد .وقسم ل
تلزمه ول تنعقد به وتصح منه وهو من به رق ،والصبـي المميز والنثى والخنثى والمسافر
والمقيم بمحل ل يسمع منه النداء ولم يبلغ أهله أربعين أو كانوا أهل خيام .وقسم ل تلزمه ول
تنعقد به ول تصح منه وهو المجنون والمغمى عليه والسكران والصبـي غير المميز والكافر
الصلي.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( أما شروط صحة الجمعة فستة ،وهي ما )شرط( زائدًا على ما يشترط لغيرها.
الّول) :وقوعها جماعة( إجماعًا فل تصح فرادى إذ لم ينقل فعلها كذلك والجماعة شرط )في
الركعة الولى( فقط ،أما العدد فشرط في جميع الجمعة فيشترط أن يستمروا مع المام إلى
سجودها الثاني ،فلو نووا كلهم المفارقة بعد الركعة الولى وأتموا صلتهم فرادى صحت جمعتهم
وجمعة المام .ويشترط أن ل تبطل صلة واحد من الربعين قبل سلم نفسه وإل بطلت صلة
الكل وإن كان هو الخير وإن ذهب الّولون إلى مكانهم ،ويلغز بذلك ،ويقال رجل أحدث في
ي فترك البسملة المسجد فبطلت صلة من في البـيت ولو كان من جملة الربعين شخص مالك ّ
بطلت صلة الجميع ،بخلف ما إذا كان زائدًا على الربعين.
)و( الثاني :أن يكون عدد جماعة المجمعين أربعين منهم المام وإن كان بعضهم صلها في قرية
أخرى ول نظر لكونها تقع له نافلة فل تنعقد بأقل منهم ،وذلك بأن تقام )بأربعين( من أهل الجمعة
وهم الذكور الحرار المكلفون المستوطنون بمحلها ل يظعنون عنه شتاء ول صيفًا إل لحاجة .قال
بعضهم :ول بد من صحة إمامة كل واحد منهم بالباقين ،وقال بعضهم :المدار على صحة صلة
كل منهم في نفسه حيث كان إمامهم تصح إمامته لهم وهذا هو اللئق بمحاسن الشريعة ،ول بد من
ل من ابتداء الخطبة إلى انتهاء الصلة ،وتصح الجمعة خلف عبد وصبـي وجود هذا العدد كام ً
مميز ومسافر ومن بان محدثًا ولو حدثًا أكبر إن تّم العدد بغيرهم ولو كانوا ناوين ظهرًا ،بخلف
ما إذا لم يتّم العدد إل بهم لنهم ل يحسبون من عدد الجمعة ول تنعقد بأربعين فقط ،وفيهم أم ّ
ي
ي في ي ،ومحله إذا قصر الم ّ لرتباط صحة صلة بعضهم ببعض فصار كاقتداء القارىء بالم ّ
التعلم وإل فتصح الجمعة إن كان المام قارئًا ،وعلم من ذلك أن علة بطلن صلتهم تقصيرهم ل
ارتباط صلة بعضهم ببعض ،ومعلوم أن الميـين إذا لم يكونوا في درجة واحدة ل يصح اقتداء
بعضهم ببعض ،فل تصح جمعتهم لن الجماعة المشترطة هنا للصحة صيرت بـينهم ارتباطًا
ي.
كالرتباط بـين صلة المام والمأموم فصار كاقتداء قارىء بأم ّ
وعلم مما ذكر :أنه ل بّد لصحة الجمعة من اغناء صلتهم عن القضاء ،ولو كان بقرية أربعون
كاملون حرم عليهم أن يصلوها في المصر على المعتمد سمعوا النداء أم ل لتعطيلهم الجمعة في
محلهم ،وتسقط عنهم الجمعة بفعلها في المصر ،وإن قلنا بعدم الجواز إذ الساءة ل تنافي الصحة،
ويجب على الحاكم منعهم من ذلك ول يكون قصدهم البـيع والشراء في المصر عذرًا في تركهم
الجمعة في قريتهم إل إذا ترتب عليه فساد شيء من أموالهم أو احتاجوا إلى ما يصرفونه في نفقة
ذلك اليوم الضرورية ول يكلفون القتراض .ولو تقاربت قريتان في كل منهما دون أربعين بصفة
الكمال ولو اجتمعوا لبلغوا أربعين ،فإنها ل تنعقد بهم وإن سمعت كل واحدة نداء الخرى ،لن
الربعين غير متوطنين في موضع الجمعة ولو كان له زوجتان كل واحدة منهما في بلدة يقيم عند
ل انعقدت به الجمعة في البلدة التي إقامته فيها أكثر دون الخرى ،فإن استويا في
كل يومًا مث ً
القامة انعقدت بهم في البلدة التي ماله فيها أكثر دون الخرى ،فإن استويا في المال اعتبرت نيته
في المستقبل ،فإن لم تكن نية اعتبر الموضع الذي هو فيه.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( الثالث :أن تقام )بمحل معدود من البلد( أي في خطة أبنية أوطان المصلين للجمعة سواء
الرحاب المسقفة والساحات والمساجد فتجوز في الفضاء المعدود من خطة البلد بأن كان في محل
ل تقصر فيه الصلة ،بخلف غير المعدود منها ،ول فرق في المعدود منها بـين المتصل بالبنية
والمنفصل عنها ،ولو انهدمت البنية وأقام أهلها قاصدين عمارتها صحت منهم الجمعة وإن لم
يكونوا في مظال لنها وطنهم ،ول تنعقد في غير بناء إل في هذه الصورة فل تجوز إقامتها
خارج البنية حيث أقيمت في محل تقصر فيه الصلة ول جمعة على أهل الخيام .نعم إن كانت
خيامهم في خلل البنية وهم مقيمون لزمتهم الجمعة ولو كانوا متوطنين بمحل من البادية قريب
من بلد الجمعة بحيث يسمعون النداء من بلد الجمعة لزمتهم ووجب السعي إليها ،والمراد سماع
من يكون بطرف محلتهم الذي يلي بلد الجمعة :أي من أصغى منهم ولو واحدًا وهو معتدل السمع
ممن بطرف بلد الجمعة الذي يلي محلتهم ويفرض عدم المانع ،والمعتبر أن يكون المؤذن على
الرض ل على موضع عال ،إل أن تكون البلدة في أرض بـين أشجار فيعتبر فيها العلّو على ما
يساوي الشجار ،ولو كان بقرية مسجد ثم خرب ما حوله فصار منفردًا ولم يهجر بل استمّر
الناس يترددون إليه في الصلوات وغيرها صحت الجمعة فيه ولو بعد العمران ،عنه إذ بقاء
التردد اليه يصيره معدودًا من البلد ،أفتى به البلقيني وغيره .قال الذرعي :وأكثر أهل القرى
ل صيانة له عن نجاسة البهائم ،وعدم انعقاد الجمعة فيه بعد، يؤخرون المسجد عن جدار القرية قلي ً
والضابط أن المسجد الخارج عن البنية إن كان بحيث تقصر الصلة قبل مجاوزته ل تجوز إقامة
الجمعة فيه وإل جازت.
)و( الرابع :وقوع الصلة كلها في الوقت يقينًا لن الوقت شرط لفتتاحها فكان شرطًا لتمامها
ولنهما فرضا وقت واحد فلم يختلف وقتهما .أما بقية الصلوات فليس الوقت شرطًا لفتتاحها
بدليل القضاء خارجه فل بّد من وقوع الصلة كلها مع الخطبة )في وقت ظهر( فلو خرج الوقت
قبل التلبس بها أو كانوا فيها أو ضاق عنها وعن خطبتها ،أو شك في ذلك صليت ظهرًا في
الجميع ،ولو مّد الركعة الولى بأن أحرم بالجمعة في وقت يسعها لكنه طّول حتى تحقق أنه لم يبق
ما يسع الثانية انقلبت ظهرًا الن عند ابن حجر كالروياني ،أو انقلبت ظهرًا عند خروج الوقت
على ما اعتمده الرملي فيسّر بالقراءة من وقت النقلب ،ولو سلم المام التسليمة الولى وتسعة
وثلثون في الوقت وسلمها الباقون خارجه صحت جمعة المام ومن معه ،أما المسلمون خارجه
ل من أربعين.فل تصح جمعتهم ،وكذا لو كان المسلمون فيه أق ّ
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن أن تكون الخطبة فصيحة جزلة ل مبتدلة ول ركيكة قريبة للفهم ل غريبة وحشية إذ ل ينتفع ويس ّ
بها أكثر الناس متوسطة لن الطويل يمل والقصير يخل .قال الذرعي :وحسن أن يختلف ذلك
باختلف أحوال وأزمان وأسباب ،وقد يقتضي الحال السهاب كالحث على الجهاد إذا طرق العدّو
البلد وغير ذلك من النهي عن الخمر والفواحش والزنا والظلم إذا تتابع الناس فيها اهـ .وأن ل
ل عليهم إلى فراغها ،وأن يقبلوا عليه مستمعين له ،وأن يشغل يلتفت في شيء منها بل يستمّر مقب ً
يسراه بسيف أو عصا أو قوس أو رمح أي تارة على هذا وتارة على هذا ،وحكمته الشارة إلى أن
هذا الدين قام بالسلح ،ويشغل يمناه بحرف المنبر إن لم تكن فيها نجاسة ،وأن يقيم بعد فراغه من
الخطبة مؤذن ،وأن يبادر ليبلغ المحراب بعد فراغه من القامة ،وأن يقرأ في الركعة الولى بعد
الفاتحة سورة الجمعة ،وفي الثانية سورة المنافقين جهرًا أو سبح وهل أتاك.
ن لمريدها( أي لمن أراد حضور الجمعة )غسل( وإن )و( أما آداب الجمعة فكثيرة :منها :أنه )س ّ
لم تجب عليه ،بل وإن حرم عليه الحضور كامرأة بغير إذن حليلها على المعتمد ووقته )بعد فجر(
أي من طلوع الفجر الصادق إلى صعود الخطيب على المنبر أو إلى فراغ الصلة وتقريبه من
ذهابه إلى الجمعة أفضل لنه أفضى إلى المقصود من انتفاء الروائح الكريهة ،ولو تعارض
الغسل والتبكير فمراعاة الغسل أولى لنه مختلف في وجوبه ولتعدى أثره إلى الغير ول يبطله
ل عن غسل الجمعة. ل عنه بأن ينوي التيمم بد ً
حدث ول جنابة ،فإن عجز عن الماء تيمم بد ً
)و( منها )بكور( وهو المبادرة إلى الجامع ،والساعة الولى أفضل مما بعدها ،ثم الثانية وهكذا
إلى السادسة ،وابتداء ذلك من طلوع الفجر فمن جاء في الساعة الولى ناويًا التبكير ثم عرض له
عذر فخرج على نية العود ل تفوته فضيلة التبكير ،ويجب السعي على بعيد الدار إلى الجمعة قبل
الزوال بمقدار يتوقف فعلها عليه ،ويستحب التيان اليها ماشيًا لقوله » :من غسل يوم الجمعة
واغتسل وبكر وابتكر ومشى ،ولم يركب ودنا من المام ،واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل
سنة أجر صيامها وقيامها« والمعنى من غسل ثيابه ورأسه ،ثم اغتسل للجمعة ثم خرج من بـيته
باكرًا وأدرك أوان الخطبة ومشى من غير ركوب ولو في بعض الطريق كان له ذلك.
)و( منها )تزين بأحسن ثيابه( وأفضل ثيابه البـيض لخبر» :البسوا من ثيابكم البـياض فإنه خير
ن للمام أن يزيد في حسن الهيئة والعمة والرتداء للتباع ولنه ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم« ويس ّ
منظور إليه ،وبحث بعضهم تخصيص البـياض بغير زمان الشتاء والوحل؛ فإن لبس مصبوغًا
فيما صبغ غزله قبل النسج ،ل ما صبغ منسوجًا فإنه يكره .قال ابن حجر في تنبـيه الخيار ،وقد
أمرنا بلبس أجود ما نجد ،وأن نتطيب بأجود ما نجد ،وأن نلبس البـياض .نعم في يوم العيد يقدم
ن في يوم العيد تقديم الخضر على الحسن غير البـيض على البـيض غير الحسن ،فيس ّ
البـيض لكن ل خصوصية للخضر بل كل ذي لون كذلك فإن الخضرة أفضل اللوان بعد
البـيض اهـ.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن أن تكون الثياب جديدة إن تيسرت له وإل فما قرب من الجديدة أولى من غيره .ولو كان ويس ّ
يوم الجمعة يوم عيد فيرجح مراعاة العيد فيقدم العلى مطلقًا أي سواء وقت إقامة الجمعة أو بقية
ن الغسل وغيره فيه لكل أحد وإن لم يحضر كذا اليوم إذ الزينة فيه آكد منها في الجمعة ،ولهذا س ّ
نقله الشبراملسي عن ابن قاسم .
)و( منها) :تعمم( لقوله » :ركعتان بعمامة خير من سبعين ركعة بل عمامة« رواه الديلمي عن
جابر ،وفي الحديث أيضًا قال » :عليكم بالعمائم فإنها سيما الملئكة وتيجان العرب وأرخوها من
خلف ظهوركم إلى الجهة اليسرى مقدار أربعة أصابع« وفي تنبـيه الخيار :كان النبـي ل يفارق
الطيلسان ،وكان طول طيلسانه ستة أذرع وعرضه ثلثة أذرع اهـ .وهو شبه الردية يوضع على
الرأس والكتفين والظهر كما نقل عن السيوطي.
)و( منها) :تطيب( لحديث» :من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه ومس من طيب إن
كان عنده ثم أتى الجمعة ولم يتخط أعناق الناس ثم صلى ما كتب ال له صلته كالتحية ثم أنصت
إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلته كان كفارة لما بـينها وبـين الجمعة التي قبلها« قال
الشبراملسي :ولعل ما في هذا الحديث بـيان للكمل ،ومنها تنظيف الجسد من الروائح الكريهة
كالصنان فيزال بالماء أو غيره.
ومنها :أخذ الظفر إن طال والشعر كذلك فينتف إبطه ،ويقص شاربه ،ويحلق عانته .وأما حلق
الرأس فل يطلب إل في نسك ،وفي المولود في سابع ولدته ،وفي الكافر إذا أسلم .وأما في غير
ذلك فهو مباح .ومعظم هذه الداب ل يختص بالجمعة ،بل يسن لكل من أراد حضور مجمع لكن
ن لمن يسمع الخطبتين )إنصات( أي سكوت مع الصغاء ذلك في الجمعة أشّد استحبابًا) .و( س ّ
)لخطبة( ويكره الكلم من المستمعين حال الخطبة ،وقال الئمة الثلثة :بحرمته ،نعم إن دعت
ن كالتعليم لواجب والنهي عن محّرم ،ول يكره قبل الخطبة ول بعدها ول إليه حاجة وجب أو س ّ
ن تشميت العاطس، بـينهما ولو لغير حاجة ،ويجب رّد السلم وإن كره ابتداؤه في هذه الحالة ،ويس ّ
ي عند ذكره ،لكن المراد الرفع الذي ليس والرّد على المشمت ،ورفع الصوت بالصلة على النبـ ّ
ببليغ ،أما البليغ كما يفعله بعض العواّم فبدعة ،أما من لم يسمع الخطبة فيسكت أو يشتغل بالذكر
أو القراءة وذلك أولى من السكوت.
ن )قراءة( سورة )كهف( يوم الجمعة وليلتها ،ويستحب الكثار من ذلك ،وأقله ثلثة لما )و( س ّ
صح في الحديث أنه قال» :من قرأها يوم الجمعة أضاء له من النور ما بـين الجمعتين« أي وإن
لم يقرأها في الجمعة الخرى .وورد» :من قرأها ليلتها أضاء له من النور ما بـينه وبـين البـيت
العتيق« وقراءتها نهارًا آكد ،وأولها بعد الصبح مسارعة للخير ما أمكن .وحكمة ذلك أن ال ذكر
فيها أهوال يوم القيامة والجمعة تشبهها لما فيه من اجتماع الخلق ،لن القيامة تقوم يوم الجمعة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ي ( وأقله ثلثمائة بالليل ومثله بالنهار ،ومعلوم أن أفضل الصيغ الصيغة )وإكثار صلة على النبـ ّ
ل عن ابن الهمام أن أفضل الصيغ من البراهيمية .ثم نقل الشبراملسي عن فتاوى ابن حجر نق ً
ل أبدًا أفضل صلواتك على سيدنا عبدك ونبـيك الكيفيات الواردة في الصلة عليه :اللهّم ص ّ
ورسولك محمد وآله وسلم عليه تسليمًا كثيرًا ،وزده تشريفًا وتكريمًا ،وأنزله المنزل المقّرب
ي منعندك يوم القيامة )يومها وليلتها( لخبر» :إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا عل ّ
ي فيي« رواه أبو داود .ولخبر» :أكثروا من الصلة عل ّ الصلة فيه فإن صلتكم معروضة عل ّ
ي صلة صلى ال عليه بها عشرًا« )ودعاء( أي إكثار ليلة الجمعة ويوم الجمعة فمن صلى عل ّ
دعاء في يومها وليلتها ،أما في يومها فلرجاء أن يصادف ساعة الجابة .والصحيح فيها ما ورد
أنها ما بـين أن يجلس المام للخطبة إلى أن تنقضي الصلة ،وليس المراد أنها مستغرقة لهذا
الزمن بل المراد أنها لحظة لطيفة ل تخرج عن هذا الوقت ،وأما ليلتها فلقول الشافعي رضي ال
ن كثرة الصدقة وفعل عنه :بلغني أن الدعاء يستجاب في ليلة الجمعة وللقياس على يومها ،ويس ّ
الخير في يومها وليلتها.
ط( للرقاب :أي القريب منها وهو المناكب )ل لمن وجد فرجة قّدامه( وهذا كما نقل عن )وحرم تخ ّ
ص الشافعي ،والمعتمد عند الرملي وابن حجر :أن التخطي مكروه كراهة تنزيه .وقال ن ّ
ل عن ابن قاسم فإن قلت :ما وجه ترجيح الكراهة على الحرمة مع أن اليذاء الشبراملسي نق ً
ل يتخطى رقاب الناس .قلت :ليس حرام؟ وقد قال » :اجلس فقد آذيت« وهو يخطب وقد رأى رج ً
ل إيذاء حرامًا ،وللمتخطي هنا غرض فإن التقدم أفضل اهـ. كّ
ومن التخطي المكروه ما جرت به العادة من التخطي لتفرقة الجزاء أو تبخير المسجد أو سقي
ط فل كراهة الماء ،أو السؤال لمن يقرأ في المسجد أو نحو ذلك .أما مجّرد السؤال من غير تخ ّ
فيه ،بل هو سعي في خير وإعانة عليه ما لم يرغب الحاضرون الذين يتخطاهم في ذلك وإل فل
كراهة .ويؤخذ من التعبـير بالتخطي أنه يرفع رجله بحيث تحاذي أعلى منكب الجالس .أما ما يقع
ل ،بل من خرق من المرور بـين يدي الناس ليصل إلى نحو الصف الّول فليس من التخطي أص ً
الصفوف إذا لم يكن بـين الناس فرج يمشى فيها وإل فل خرق أيضًا ،ويستثنى من كراهة التخطي
صور :منها :المام إذا لم يبلغ المنبر أو المحراب إل بالتخطي فل يكره له لضطراره .ومنها :ما
إذا وجد في الصفوف التي بـين يديه فرجة ل يبلغها إل بتخطي رجل أو رجلين فل يكره له وإن
ن إذا وجد غيرها أن ل يتخطى ،فإن زاد في وجد غيرها لتقصير القوم بإخلء فرجة ،لكن يس ّ
ب ترك التخطي .ومنها :إذا التخطي عليهما ورجا أن يتقّدموا إلى الفرجة إذا أقيمت الصلة استح ّ
سبق من ل تنعقد بهم إلى الجامع فإنه يجب على الكاملين إذا حضروا التخطي لسماع الخطبة إذا
كانوا ل يسمعونها مع البعد .ومنها :الرجل المعظم في نفوس الناس لصلح أو ولية ،لن الناس
يتبركون به ويسّرون بتخطيه سواء ألف موضعًا أو ل ،فإن لم يكن معظمًا لم يتخطّ وإن كان له
ل مألوف ،ومن جلس في ممّر الناس ل يكره تخطيه. مح ّ
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أن التخطي يوجد فيه ستة أحكام :فيجب إن توقفت الصحة عليه وإل فيحرم مع التأذي،
ويكره مع عدم الفرجة أمامه ،ويندب في الفرجة القريبة إذا لم يجد موضعًا ،وفي البعيدة لمن ل
يرجو سّدها ولم يجد موضعًا ويكون خلف الولى في القريبة لمن وجد موضعًا وفي البعيدة لمن
رجا سّدها ووجد موضعًا ،ويباح في هذه لمن لم يجد له موضعًا ،ويحرم أن يقيم غيره ليجلس في
مكانه ،فإن قام الجالس باختياره وأجلسه فل حرمة ول كراهة في حقه ،وأما الذي قام من مكانه،
فإن انتقل إلى مكان أقرب إلى المام أو مثله لم يكره ،وإل كره إن لم يكن له عذر لن اليثار
بالقرب مكروه .وأما قوله تعالى} :ويؤثرون على أنفسهم{ )) (59الحشر :الية (9فالمراد
اليثار في حظوظ النفس .نعم إن آثر قارئًا أو عالمًا ليعلم المام أو يرّد عليه إذا غلط ،فالمتجه أنه
ل كراهة لكونه مصلحة عاّمة.
)و( حرم على من تلزمه الجمعة )نحو مبايعة( أي فيحرم عليه التشاغل عن الجمعة بأن يترك
السعي إليها بالبـيع أو غيره من سائر العقود والصنائع وغير ذلك )بعد( الشروع في )أذان خطبة(
أي في الذان بـين يدي الخطيب حال جلوسه على المنبر ،لقوله تعالى} :يا أيها الذين آمنوا إذا
نودي للصلة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر ال وذروا البـيع{ )) (62الجمعة :الية .(9فورد
ل مفّوتا ،وشمل ذلك ما لو قطع ص في البـيع وقيس عليه غيره مما شأنه أن يشغل في كون ك ّ الن ّ
ح بـيعه لن النهي لمعنى خارج عن العقد ،ويكره ذلك قبل الذان بعدم فواتها ،لكن إن باع ص ّ
المذكور ،بعد الزوال لدخول وقت الوجوب ،ولو تبايع اثنان أحدهما تلزمه فقط والخر ل تلزمه
أثما لرتكاب الّول النهي وإعانة الثاني له عليه .ويحرم على الحاضرين بالجامع إنشاء صلة
ل ولو كان قضاؤها فوريًا من وقت صعود الخطيب على المنبر ولو قبل سواء كانت فرضًا أو نف ً
الشروع في الخطبة إلى فراغها ،فلو فعلها لم تنعقد ولو في حال الدعاء للسلطان أو الترضي عن
الصحابة ولو كان أتى بجميع الركان على المعتمد.
وأما من دخل المسجد في هذا الوقت فيجوز له أن يصلي ركعتين خفيفتين تحية المسجد ثم يجلس،
فإن لم يكن صلى سنة الجمعة نواها ركعتين وحصل بهما تحية المسجد ،ول تجوز الزيادة على
ركعتين ،ول يجوز له غير تحية المسجد وسنة الجمعة من فرض ونفل ،ولو جلس قبل التحية
عمدًا أو طال الفصل فاتت فل تصح منه بعد ذلك ،ولو كان الجامع غير مسجد لم يجز أن يصلي
فيه في هذا الوقت شيئًا بالجماع ،وهذا مما غلب فيه الجهل على العواّم.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( حرم على من تلزمه الجمعة بأن كان من أهلها ،وإن لم تنعقد به كمقيم ل يجوز له القصر
)سفر( مفّوت لها )بعد فجرها( أي بعد طلوع فجر يومها ،فإن سافر كان عاصيًا بالسفر فتمتنع
عليه الرخص حتى يـيأس من إدراكها ،وخرج بالسفر النوم قبل الزوال فل يحرم وإن علم فوت
الجمعة به لنه ليس من شأن النوم الفوات ،أما السفر الذي ل يفوتها كأن غلب على ظنه أنه
يدركها في مقصده أو طريقه فل إثم عليه به ،ولو تبـين خلف ظنه ل يكون سفره حينئذ معصية،
ويكره له السفر ليلة الجمعة .وذكر في الحياء أن من سافر ليلة الجمعة دعا عليه ملكاه ،لكن قال
ابن حجر :هذا السند ضعيف جدًا.
فائدة :سبعة عشر من العمال يكفر كل واحد منها الذنوب المتقّدمة والمتأخرة ،وهي :الحج
المبرور ،والوضوء مع السباغ ،وقيام ليلة القدر ،وقيام شهر رمضان ،وصيامه؛ وصوم يوم
عرفة ،ومقارنة المام في التأمين ،وقراءة أواخر سورة الحشر من قوله تعالى} :هو ال الذي ل
إله إل هو{ )) (59الحشر :الية 22ــــ (24إلى آخر السورة ،وقود العمى أربعين خطوة ،وأن
يقول عند سماع المؤذن :أشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له ،وأن محمدًا عبده ورسوله،
ل ،والسعي في قضاء حاجة المسلم ،وصلة رضيت بال ربًا ،وبالسلم دينًا ،وبمحمد نبـيًا ورسو ً
الضحى ،وأن يقول عند لبس الثوب :الحمد ل الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ول
قّوة ،وأن يقول بعد الكل :الحمد ل الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ول
ل بحج أو بعمرة ،وقراءة الفاتحة ،وقل هو ال أحد،قّوة ،والمجيء من بـيت المقدس مه ً
والمعّوذتين كل واحدة سبعًا بعد صلة الجمعة ،ومصافحة المسلم غير الفاسق مع ذكر الصلة
على النبـي وآله.
فصل في الجنائز
يتعين على كل مكلف المبادرة بالتوبة لئل يفجأه الموت المفّوت لها والمريض آكد من غيره،
ويكره تمني الموت لغير خوف على دينه ،وإذا دعته نفسه إلى ذلك فليقل :اللهم أحيني ما كانت
الحياة خيرًا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي ،ويستحب لمن أيس من حياته أن يقول :اللهم
أعني على غمرات الموت وسكرات الموت .اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق العلى،
وأن يكثر من تلوة القرآن والذكار ،ويكره الجزع وسوء الخلق والمخاصمة والشتم والمنازعة
في غير المور الدينية ،ويستحضر أن هذا آخر أوقاته من الدنيا فيجتهد في ختمها بخير ويبادر
إلى أداء الحقوق ورّد الودائع والعواري ،واستحلل أهله ،وولده وغلمانه ،وجيرانه وأصدقائه،
ومن كان بـينه وبـينه معاملة أو له عليه تباعة من قبل أن يتعذر عليه ذلك ،ويكون شاكرًا ل
تعالى ،راضيًا حسن الظن بال أن يرحمه ويغفر له ،وأن ال غني عن عذابه وعن طاعته ،فيطلب
منه العفو والصفح ،ويطلب أن تقرأ عنده آيات الرجاء والحاديث فيه وآثار الصالحين فيه وآيات
الرحمة وأحاديثها ،ويوصي بأمور أولده ويحافظ على الصلوات ،ويجتنب النجاسات ويحذر من
التساهل في ذلك ،فإن من أقبح القبائح أن يكون آخر عهده من الدنيا التفريط في حقوق ال تعالى،
ول يقول قول من يثبط عن ذلك.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ويستحب له أن يوصي أهله بالصبر عليه في مرضه وفي مصيبتهم به ،ويجتهد في وصيتهم
ن الميت يعذب ببكاء أهله« فإياكم بترك البكاء عليه ،ويقول لهم :صح عن رسول ال أنه قال» :إ ّ
يا أحبابـي والسعي في أسباب عذابـي ،وأن يتعاهدوه بالدعاء له ،وورد أن المحتضر إذا بلغت
روحه التراقي تعرض عليه الفتن ،وذلك أن إبليس لعنه ال قد أنفذ أعوانه إلى هذا النسان خاصة
واستعملهم عليه ووكلهم به وأكد عليهم بالجتهاد في إغوائه ،فيأتون المرء وهو في تلك الغمرات
يمثلون له في صورة أحبابه الميتين الذين كانوا يحبونه في دار الدنيا كالب والّم والخ والخت
والصديق الحميم ،فيقولون له :أنت تموت يا فلن وقد سبقناك في هذا الشأن فمت يهوديًا ،فهو
الدين المقبول عند ال تعالى ،فإذا أبى جاءه آخرون وقالوا له :مت نصرانيًا فإنه دين المسيح وقد
نسخ فيه دين موسى ،ويذكرون له عقائد كل ملة ،فعند ذلك يزيغ ال من يريد زيغه ،فإذا أراد ال
بعبد هداية وتثبـيتًا جاءه جبريل فيطرد عنه الشياطين ويمسح الشحوب عن وجهه فيبتسم ،وكثيرًا
من يرى متبسمًا في هذا المقام فرحًا بالبشير الذي جاءه رحمة من ال تعالى ،فيقول له :يا فلن أما
تعرفني ،أنا جبريل وهؤلء أعداؤك من الشياطين مت على الملة الحنيفية والشريعة الجليلة ،فما
شيء أحب إلى النسان وأفرح منه بذلك الملك ،ثم يقبض روحه.
والمحبوب عند الموت من صورة المحتضر الهدوء والسكون ،ومن لسانه النطق بالشهادتين،
ن بال تعالى ،فالمطلوب منه في هذه الحالة قّوة الرجاء فيرجو من ومن قلبه أن يكون حسن الظ ّ
ل طيب القلب بما يرد عليه ال المغفرة والرحمة والتجاوز عما مضى ،ويكون راضيًا منقادًا ممتث ً
ن عاقبة ذلك خير عظيم ،لنه لو ضاق صدره بذلك يخشى من السكرات والنزعات مستحضرًا أ ّ
عليه من سوء الخاتمة والعياذ بال تعالى ،ويكون مستبشرًا بالقدوم على الكريم الذي ل يخيب من
قصده ،كما نقل مثل ذلك عن السلف الصالح ،فقد فتح عبد ال بن المبارك عينيه عند الوفاة
وضحك وقال :لمثل هذا فليعمل العاملون.
ومن علمات السعادة عند الموت عرق الجبـين ،وذرف العين ،وانتشار المنخر .روي عن سلمان
الفارسي رضي ال عنه ،قال :سمعت رسول ال يقول» :ارقبوا الميت عند موته ثلثًا .إن رشح
جبـينه ،وذرفت عيناه ،وانتشر منخراه فهو رحمة من ال قد نزلت به ،وإن غطّ غطيط البكر
ل به« اهـ .وقد تظهر العلمات المخنوق ،وأخمد لونه ،وأزبد شدقاه فهو عذاب من ال قد ح ّ
الثلث ،وقد تظهر واحدة ،أو ثنتان بحسب تفاوت الناس في العمال.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وأما علمة ذلك في حال الصحة فتوفيقه للعمل بالسنة على قدر الطاقة .وحيث احتضر يوجه
للقبلة بمقّدم بدنه على جنبه اليمن إن أمكن ،فإن تعسر فعلى جنبه اليسر ،فإن تعسر فعلى ظهره،
وحينئذ يجعل وجهه وأخمصاه للقبلة ،ويقرأ عنده سورة يس جهرًا ،وسورة الرعد سّرا ،ولو
تعارض عليه قراءتهما ،فينبغي أن يراعى حال المحتضر ،فإن كان عنده شعور وتذكر بأحوال
البعث قرأ سورة يس ،وإل قرأ سورة الرعد ،فهي تهّون طلوع الروح ،ويكثر المحتضر من قول:
ل إله إل ال ،ويقول لهم :إذا أهملت فنبهوني ،قال عليه الصلة والسلم» :من كان آخر كلمه ل
إله إل ال دخل الجنة« ،وقال» :لقنوا موتاكم :ل إله إل ال« فإن عجز عن القول لقنه من حضره
برفق مخافة أن يضجر فيرّدها ،وإذا قالها مرة ل يعيدها عليه إل إذا تكلم بكلم آخر ،ويكون الذي
يلقنها له غير متهم كوارث وعدّو وحاسد ،لئل يتهمه المحتضر في قولها :أي إن كان ثّم غيره،
وإل لقنه وإن اتهمه.
وقد ورد عن النبـي أنه قال» :أحضروا موتاكم ،ولقنوهم ل إله إل ال ،وبشروهم بالجنة ،فإن
الحليم من الرجال يتحير عند هذا المصرع ،وإن الشيطان أقرب ما يكون من ابن آدم عند ذلك
المصرع ،والذي نفسي بـيده لمعاينة ملك الموت أشّد من ألف ضربة بالسيف ،والذي نفسي بـيده
ل تخرج نفس عبد من الدنيا حتى يتألم كل عضو منه على حياله« ول يقول أحد من الحاضرين
إل خيرًا ،فإن الملئكة يؤّمنون على ما يقولون .وورد في الخبر» :أنه إذا دنت منية المؤمن نزل
عليه أربعة أملك :ملك يجذب النفس من قدمه اليمنى ،وملك يجذبها من قدمه اليسرى ،وملك
ل انسلل القذاة من السقاء وهم يجذبها من يده اليمنى ،وملك يجذبها من يده اليسرى ،والنفس تنس ّ
ل روحه كالسفود من الصوف المبتل« يجذبونها من أطراف البنان ورؤوس الصابع ،والكافر تنس ّ
.
فإذا مات المحتضر غمض ،ويقول الذي يغمضه :بسم ال وعلى ملة رسول ال ،اللهم اغفر له
وارحمه وارفع درجته في المهديـين ،واخلفه في عقبه الغابرين ،واغفر لنا وله يا رب العالمين،
وافسح له في قبره ،ونّور له فيه .ويشّد لحياه بشيء لئل ينفتح فمه ،وتلين مفاصله ،فيرّد ساعده
إلى عضده ،وساقه إلى فخذه ،وفخذه إلى بطنه ،ثم تمّد وتلين أصابعه ،كذلك لجل تسهيل غسله
وتكفينه ،فإن في البدن عقب مفارقة الروح حرارة ،فإذا لينت المفاصل حينئذ لنت ،وإل فل يمكن
تليـينها بعد ،وتنزع ثيابه التي مات فيها لنها تسرع إليه الفساد ،ثم يغطى بشيء خفيف يجعل
طرفاه تحت رأسه ورجليه لئل ينكشف ،ويوجه للقبلة مثل المحتضر ،ويتولى فعل ذلك من يكون
له به رفق ،ويعجل بقضاء دينه إن أمكن ،وإل سأل وارثه غرماءه أن يحللوه أو يحتالوا به على
ل لبراءة ذمته ،ويبادر أيضًا بتنفيذ وصيته وبتجهيزه بعد تيقن موته الوارث إكرامًا للميت وتعجي ً
بظهور شيء من علمات الموت كاسترخاء قدمه ،وميل أنفه ،وانخساف صدغه ،فإن شك في
موته وجب تأخيره إلى اليقين بتغير الرائحة أو غيره.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
واعلم أن المؤمن ينكشف له عقب الموت من إنعام ال ما تكون الدنيا بالضافة إليه كالسجن
والمضيق ،ويكون مثاله كالمحبوس في بـيت مظلم فتح له باب إلى بستان واسع الكناف فيه أنواع
الشجار والزهار والثمار والطيور فل يشتهي العود إلى السجن المظلم وقد ضرب له رسول ال
ل عن الدنيا وتركها لهلها فإن كان قد رضي فل ل ،فقال في رجل قد مات» :أصبح هذا مرتح ً مث ً
يسره أن يرجع إلى الدنيا كما ل يسر أحدكم أن يرجع إلى بطن أمه« وقال » :إن مثل المؤمن في
الدنيا كمثل الجنين في بطن أمه إذا خرج من بطنها بكى على مخرجه حتى إذا رأى الضوء لم
يحب أن يرجع إلى مكانه ،وكذلك المؤمن يجزع عند الموت فإذا أفضى إلى ربه لم يحب أن
يرجع إلى الدنيا كما ل يحب الجنين أن يرجع إلى بطن أمه« .هذا في المؤمن المعرض عن الدنيا
المقبل على الخرة ،وأما المتنعم بالدنيا المطمئن إليها المعرض عن الخرة فيكون حاله كحال من
تنعم في غيبة ملك من الملوك في داره وملكه وحريمه ،اعتمادًا على أن الملك يتساهل في أمره أو
على أن الملك ليس يدري ما يتعاطاه من قبـيح أفعاله فأخذه الملك بغتة وعرض عليه جريدة قد
دّونت فيها جميع فواحشه وجناياته ذرة ذرة وخطوة خطوة ،والملك قاهر متسلط غيور على
حريمه ومنتقم من الجناة على ملكه غير ملتفت إلى من يتشفع إليه في العصاة عليه ،فانظر إلى
هذا المأخوذ كيف يكون حاله قبل نزول عذاب الملك به من حلول الخوف والخجلة والحياء
والتحسر والندم؟ فهذا حال الميت الفاجر المغتر بالدنيا المطمئن إليها قبل نزول عذاب القبر به بل
عند موته ،نعوذ بال منه ،فهذه حال الميت عند الموت شاهدها أرباب البصائر بمشاهدة باطنة
أقوى من مشاهدة العين.
وعن عمرو بن دينار رضي ال عنه :ما من ميت يموت إل وهو يعلم ما يكون في أهله بعده
وإنهم ليغسلونه ويكفنونه ،وإنه لينظر إليهم اهـ .إذ الروح باقية على ما كان لها قبل مفارقة الجسد
من العلم والدراك والفرح والحزن واللذة واللم ونحو ذلك ،وإنما الذي تسبب عن الموت انقطاع
تصرف الروح في الجوارح فصار في جميع الجسد ظاهرًا وباطنًا زمانة عامة فتنعدم حواس
ل للنتن والبلى.
الجسم وحركاته ويصير أه ً
)صلة الميت فرض كفاية كغسله( وسائر تجهيزه :أي يجب في الميت المسلم غير شهيد المعركة
وغير السقط ولو قاتل نفسه خمسة أشياء :غسله وتكفينه والصلة عليه وحمله ودفنه على سبـيل
فرض الكفاية إن علم بموته جماعة ،فإن لم يعلم به إل واحد تعين عليه ومتى قام بذلك واحد سقط
الطلب عن الجميع ،فإن لم يعلم به أحد إل بعد ظهور رائحته فل حرمة على أحد لعدم العلم به،
نعم يحرم على نحو جاره ممن حقه السؤال عنه .أما الكافر فإن كان ذميًا وجب تكفينه ودفنه وفاء
بذمته وعلينا مؤن تجهيزه حيث لم يكن له تركة ول من تجب عليه نفقته ،وتحرم الصلة عليه ول
يجب غسله ،وإن كان حربـيًا أو مرتدًا فل يجب فيه شيء بل يجوز إغراء الكلب على جيفته،
نعم إن تضرر المسلمون برائحته وجبت مواراته دفعًا للضرر عنهم.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
الّول من الخمسة التي تجب في الميت المسلم غير الشهيد وغير السقط غسله فيكفي الغسل من
كافر وإن كان يحرم اطلعه على بدن المسلم كالمرأة الجنبـية ،ول يكفي الغرق ولذا قال) :ولو
غريقًا( لنا مأمورون بغسله فل يسقط الفرض عنا إل بفعلنا :أعني جنس المكلفين ولو صبـيًا غير
ن أو تغسيل الميت نفسه كرامة كما وقع من سيدي عبد ال المنوفي مميز ،أو مجنونًا أو من الج ّ
ومن سيدي أحمد البدوي نفعنا ال بهما ،ولو مات موتًا حقيقيًا ،ثم جهز ،ثم أحيـى حياة حقيقية ،ثم
مات وجب تجهيز آخر ،ول يكفي تغسيل الملئكة لنهم ليسوا من جنس المكلفين ،بخلف التكفين
والدفن ،لن القصد منهما المواراة والستر وقد حصل ،ومثلهما الحمل ،والمقصود من الغسل
التعبد بفعلنا له بدليل أنه لو مات عقب اغتساله بالماء يجب غسله ،وأنا لو عجزنا عن طهارته
بالماء وجب تيممه مع أنه ل نظافة فيه ،ولهذا ينبش للغسل ل للتكفين.
ل الغسل حاصل )بتعميم بدنه بالماء( مرة واحدة من غير حائل ،ول تجب فيه نية لن القصد وأق ّ
ن ،وأكمله أن يغسل في خلوة ل يدخلها إل الغاسل به النظافة ،وهي ل تتوقف على نية لكن تس ّ
ومن يعينه ،والولى في قميص لنه أستر له ،ويكون باليًا أو مهلهل النسج ،بحيث ل يمنع وصول
ي يحبس الماء ،على مرتفع كلوح لئل يصيبه الرشاش ،ومنه الدكة الماء إلى بدنه لن القو ّ
المعروفة بماء مالح بارد لنه يشّد البدن إل لحاجة إلى المسخن كوسخ وبرد ،لن الميت يتأذى
ل إلى ورائه ،ويضع يمينه بـين
ي ،وأن يجلسه الغاسل على المرتفع برفق مائ ًمما يتأذى منه الح ّ
كتفيه ،وإبهامه في نقرة قفاه لئل تميل رأسه ،ويسند ظهره بركبته اليمنى ،ويمّر يساره على بطنه
بتكرار ورفق ليخرج ما فيه من الفضلت ،ثم يضجعه على قفاه ويغسل بخرقة ملفوفة على يساره
ف خرقة أخرى على اليد بعد غسلها إن تلوثت ،وينظف أسنانه ومنخريه سوأتيه ،ثم يلقيها ويل ّ
بسبابة اليسرى ،ول تفتح أسنانه لئل يسبق الماء إلى جوفه فيسرع فساده ،نعم لو تنجس فمه بما ل
يعفى عنه وتوقف طهره على فتح أسنانه اتجه فتحها وإن علم سبق الماء إلى جوفه ول تكسر
أسنانه لو توقفت إزالة النجاسة على كسرها.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ثم يوضئه كالحي ثلثًا ثلثًا بمضمضة واستنشاق ويميل رأسه فيهما لئل يسبق الماء إلى جوفه
ومن ثم ل تندب فيهما مبالغة ويتبع بعود لين ما تحت أظفاره إن كان شيء ،ول بد من نية لهذا
الوضوء كأن يقول الذي يوضئه :نويت الوضوء المسنون لهذا الميت فل يصح بل نية مع أنه
مندوب ،والغسل ل يتوقف على نية مع أنه واجب ،ثم يغسل رأسه فلحيته بنحو سدر ويسرح
ن أن يكون في شعرهما إن تلبد بمشط واسع السنان ،ويجب دفن المنتتف من الشعر معه ويس ّ
كفنه ،ثم يغسل مقّدم شقه اليمن ثم اليسر من عنقه إلى قدمه ثم يحرفه إلى شقه اليسر فيغسل
شقه اليمن مما يلي قفاه ،ثم يحرفه إلى شقه اليمن فيغسل اليسر كذلك ويحرم كبه على وجهه
لما فيه من الزراء به مستعينًا في ذلك كله بنحو سدر ،ثم يزيله بماء من فوقه إلى قدمه ثم يعمه
كذلك بماء قراح فيه قليل كافور بحيث ل يغير الماء ،فهذه الغسلت الثلث تحسب واحدة وتس ّ
ن
ثانية وثالثة كذلك أعني الولى من كل منهما بسدر أو نحوه ،والثانية مزيلة له والثالثة ماء قراح
فيه قليل كافور ،ولو خرج بعد الغسل نجس وجبت إزالته عنه ،ويندب أن ل ينظر الغاسل من
غير عورته إل قدر الحاجة ،أما عورته وهي ما بـين السرة والركبة فل يجوز النظر إلى شيء
منها ،وأن يغطي وجه الميت من أّول وضعه على المغتسل إلى آخر الغسل وأن يكون الغاسل
ن ذكره ،وإن رأى ضّده كإظلم وجه، أمينًا ،فإن رأى خيرًا كاستنارة وجهه وطيب رائحته س ّ
وتغير رائحة وانقلب صورة حرم ذكره لنه غيبة لمن ل يتأتى الستحلل منه.
وعنه » :من ستر على مسلم ستره ال في الدنيا« .وعنه أيضًا» :من غسل ميتًا وكتم عليه غفر
ال له أربعين سيئة« نعم إذا رأى من المبتدع أمارة خير يكتمها لئل يغري الناس على الوقوع في
مثل بدعته وضلله ،بل ل يبعد وجوب الكتمان عند ظن الغراء بها والوقوع فيها ،ولو كان
الميت مبتدعًا مظهر البدعة ورؤي به أمارة سوء ل يجب ستره بل يجوز التحدث به لينزجر
الناس عنها ،وكذا لو كان مستترًا ببدعته وظهر عليه أمارة سوء فيجوز التحدث بها عند المطلعين
عليها المائلين اليها لعلهم ينزجرون.
ومن تعذر غسله لفقد ماء أو نحوه كاحتراق ولو غسل لتهرى يمم ،وتندب النية في التيمم كالغسل،
ول تجب على المعتمد ،ويشترط في صحة التيمم أن ل يكون على بدنه نجاسة ،فإن كان على بدنه
نجاسة وتعذرت إزالتها كالقلف دفن بل صلة عليه على ما اعتمده الرملي ،والذي اعتمده ابن
حجر أنه يـيمم عما تحتها ،ويعفى عن هذه النجاسة ،ويغسل باقي بدنه ما عدا محل القلفة إن لم
يمكن فسخها ويصلى عليه.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ويجوز للرجل غسل حليلته من زوجة وأمة ولو كتابـية ،ويجوز للمرأة غسل زوجها ،ويجوز لكل
س للخر بدون شهوة ولو لما بـين السّرة والركبة ،ول بّد من اتحاد الجنس في منهما النظر والم ّ
الغاسل والميت إل في الحليل والمحرم ،فإذا لم يوجد إل أجنبـي في الميت المرأة أو أجنبـية في
س له ،إذ مسه حرام ولو بعد موته إن لمالميت الرجل يمم ،والمرد الجميل يغسله الرجال بل م ّ
ل وأمكن التعميم بالماء
تخش فتنة ،وإل يمم .نعم لو كان من ذكر في ثياب سابغة بحضرة نهر مث ً
س ول نظر وجب ،والصغير الذي لم يبلغ حّد الشهوة يغسله الرجال والنساء ،ومثله من غير م ّ
س،ض البصر والم ّ الخنثى الكبـير عند فقد المحرم ،ويكون في ثوب سابغ ويحتاط الغاسل في غ ّ
ويقتصر فيه على غسلة واحدة لن الضرورة تقّدر بقدرها ،ويجوز لهل الميت تقبـيله ما لم
يحملهم التقبـيل على جزع كما هو الغالب من حال النساء ،وإل حرم ،ويجوز ذلك أيضًا لغير
أهله ،لكن ل بد من اتحاد الجنس وانتفاء المرودة عند عدم المحرمية ،ول بأس بالعلم بموته بل
يستحب إذا قصد كثرة المصلين عليه ،بخلف نعي الجاهلية وهو النداء بموت الشخص وذكر
ن في مآثره ومفاخره .ومن أقبح المنكرات ما يفعله النساء الن في العلم بموته من دورانه ّ
ن ،ومن قدر على إزالة ذلك وجبت عليه. الزقة صارخات جازعات فيجب إنكار ذلك عليه ّ
الثاني في تكفينه بعد غسله أو تيممه احترامًا ،فل يجوز تقديم تكفينه على غسله ،ول بّد من
ق ال تعالى مختص )بساتر عورة( فقط، ل الكفن بالنسبة لح ّ
)تكفينه( بما يجوز له لبسه حيًا وأق ّ
ويختلف بذكورة الميت وأنوثته ،فالرجل ما يستر ما بـين السرة والركبة والمرأة حرة كانت أو أمة
ومثلها الخنثى ما يستر بدنها غير الوجه والكفين ،ووجوب سترهما في الحياة لخوف الفتنة ل
لكونها عورة ،وبالنسبة للغرماء ثوب يستر جميع البدن تكريمًا له إل رأس المحرم ووجه
المحرمة فللغريم منع ما زاد عليه ،وبالنسبة للورثة وحق الميت ثلثة فليس للوارث المنع منها،
هذا إذا كان تكفينه من تركته ،أما إذا كان تكفينه من الغير كالزوجة والرقيق ومن ل شيء له يكفن
منه فل يلزم من يجهزه من زوج وسيد وبـيت مال إل ثوب واحد ساتر لجميع البدن ،بل ل تجوز
الزيادة عليه من بـيت المال وكذا إذا كفن مما وقف للتكفين .وأكمله في حق الذكر ثلثة أثواب
بـيض كلها لفائف ليس فيها قميص ول عمامة ،والفضل القتصار عليها لخبر الشيخين عن
عائشة قالت» :كفن رسول ال في ثلثة أثواب يمانية بـيض ليس فيها قميص ول عمامة« وتجوز
الزيادة فيزاد قميص وعمامة تحت اللفائف إن لم يكن محرمًا لن عبد ال بن عمر كفن ابنًا له في
خمسة أثواب ثلث لفائف وقميص وعمامة ،وهما خلف الولى حيث كانت الزيادة برضا الورثة
المطلقين التصرف وإل حرمت ،وأكمله في حق المرأة ومثلها الخنثى خمسة :إزار فقميص فخمار
وهو ما يغطى به الرأس فلفافتان لزيادة الستر فيها ولنه كفن فيها ابنته أم كلثوم رضي ال عنها
ورواه أبو داود ،والزيادة على الخمسة للمرأة وغيرها مكروه ،بل قيل :حرام ،واختاره
الذرعي ،نعم يندب شّد سادس على صدر المرأة فوق الكفان ليجمعها عن انتشارها باضطراب
ثديها عند الحمل ،ويحل عنها في القبر كبقية الشدادات ،ويندب تبخير الكفن ثلثًا بعود إذا كان
ن المغسول لنه للصديد ،وأن يبسط أحسن اللفائف لغير محرم ولو محّدة للمر بذلك ،ويس ّ
وأوسعها أّول ليكون فوق الجميع عند لفها على الميت ثم الباقي فوقها .وأن يذّر على كل منها
وعلى الميت حنوط ،وهو الطيب من كافور وغيره إذا لم يكن محرمًا.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
أما المحرم فل يطيب ل في بدنه ول في كفنه ول في ماء غسله ،وأن يوضع الميت فوقها مستلقيًا
على ظهره ،وتجعل يداه على صدره ويمناه على يسراه أو يرسلن في جنبه ،وأن يجعل على
منافذه قطن عليه حنوط كعينيه وأذنيه ومنخريه وغيرها وكذا على جبهته وأن تشّد ألياه بخرقة ثم
تلف عليه اللفائف ،وتشّد اللفائف بشداد خوف النتشار عند الحمل إل أن يكون محرمًا ،ويح ّ
ل
ل بحل الشدائد عنه ولنه يكره أن يكون معه في القبر شيء، الشداد في القبر إل شداد اللية تفاؤ ً
وسواء في ذلك الكبـير والصغير ،وتكره المغالة في الكفن بأن يكون من الثياب المثمنة إن لم يكن
في الورثة محجور عليه أو غائب ولم يكن الميت مفلسًا ،وإل حرمت.
ونقل عن الشيخ سلطان وغيره :أنه يجوز تكفين المرأة ودفنها في ثيابها المثمنة أي ولو مما
يساوي ألوفًا من الذهب كالبشت المزركش بالذهب وفي صيغتها كذلك ،ول يحرم من جهة
إضاعة المال لن محل الحرمة إذا لم يكن لغرض وهو هنا إكرام الميت ،وأيضًا فيه تسكين
ل إذا رأت متاع بنتها بعد موتها يشتّد حزنها ،ويشترط أن ل يكون في للحزن لن المرأة مث ً
الورثة قاصر ،وأن تتفق الورثة على ذلك ،وأن ل يكون عليها دين مستغرق ،ويكره أن يكون في
الكفن ما يخالف لون البـياض ل فرق بـين الذكر والنثى.
ل اسم معظم، فائدة :تحرم كتابة شيء من القرآن على الكفن صيانة له عن صديد الموتى ،ومثله ك ّ
ل أو من أثر صالح ،بخلف اتخاذ القبر فإنه يستحب. ويكره اتخاذ الكفن إل من ح ّ
ن عن ذلك والثالث :حمله ،ول يحمل الجنازة ولو أنثى إل الرجال ،فيكره للنساء حملها لضعفه ّ
وحملها بـين العمودين بأن يضع مقّدمة النعش رجل على عاتقيه ورأسه بـينهما ،ويحمل
المؤخرتين رجلن أفضل من التربـيع بأن يتقّدم رجلن ويتأخر آخران ،وقيل :التربـيع أفضل بل
حكي وجوبه ،والفضل الجمع بـينهما بأن تحمل تارة بهيئة الحمل بـين العمودين ،وتارة بهيئة
التربـيع والحمل في حّد ذاته واجب ،وإنما الكلم في الكيفية التي هي أفضل من غيرها ،وليس في
الحمل دناءة ول سقوط مروءة ،بل هو بّر وإكرام ،وقد فعله بعض الصحابة والتابعين ،ويحرم
حملها على هيئة مزرية كحملها في قفة أو على هيئة يخشى منها سقوطها ،وينبغي لواضعها في
ن تشيـيعها ،ومكث إلى فراغ من الدفن بأن يوارى الميت ويهال النعش أن يقول :باسم ال ،ويس ّ
التراب جميعه عليه كذا قال ابن حجر ،فقد ورد في الحديث» :من شيع جنازة إلى المسجد فله
قيراط من الجر فإن وقف حتى تدفن فله قيراطان« والقيراط مثل جبل أحد ،ثم إن المشيع له
أحوال :إما راكب أو ماش ،وإما أمامها أو خلفها ،وإما قريب أو بعيد .والفضل المشي وبأمامها
وقربها بحيث لو التفت لرآها ،والماشي أمامها أو خلفها أفضل من الراكب مطلقًا ،والراكب
القريب أفضل من الراكب البعيد ،والمام أفضل من الخلف .ول يكره الركوب في رجوعه منها،
ب لمن رآها أن يقول عند رؤيتها :ال أكبر ثلثًا }هذا ما وعدنا ال ورسوله وصدق ال ويستح ّ
ورسوله وما زادهم إل إيمانًا وتسليمًا{ )) (33الحزاب :الية (22أو يقول :اللهّم ارفع درجته
في المهديـين ،واخلفه في عقبه الغابرين ،واغفر لنا وله إلى يوم الدين ،أو يقول :اللهّم إني أسألك
ق سيدنا محمد وآل سيدنا محمد أن ل تعّذب هذا الميت ثلثًا ،أو يقول :اللهّم اغفر له وارحمه بح ّ
واعف عنه وعافه ،ووسع مدخله ،واغسله بماء وثلج وبرد ،ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب
ل خيرًا من أهله ،وزوجًا خيرًا من زوجه، البـيض من الدنس ،وأبدله دارًا خيرًا من داره ،وأه ً
وقه فتنة القبر وعذاب النار ،وإذا جمع بـين ذلك كان أفضل.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ورؤي المام في المنام فقيل له :ما فعل ال بك؟ فقال :غفر لي بكلمة كنت أقولها عند رؤية
ي الذي ل يموت .ويس ّ
ن الجنازة ،وكان يقولها عثمان بن عفان رضي ال عنه ،وهي :سبحان الح ّ
السراع بها إن أمن تغير الميت ،وإل فيتأنى بها ،فإن خيف تغيرها بالتأني أيضًا زيد في
ب التفكر في ن لغير الذكر ما يستره كقبة .ويكره اللغط في الجنازة ،بل المستح ّ السراع ،ويس ّ
ي .قال
الموت وما بعده .قال القليوبـي :ويكره رفع الصوت بالقرآن والذكر والصلة على النبـ ّ
المدابغي :وهذا باعتبار ما كان في الصدر الّول .وأما الن فل بأس بذلك لنه شعار للميت
وتركه مزرأة ولو قيل بوجوبه لم يبعد اهـ .ويكره اتباعها بنار في مجمرة أو غيرها إل لحاجة
ل فل كراهة ،وفي كلم بعضهم :يندب البخور عند الميت كبخور لدفع نتن أو فتيلة لرؤية دفنه لي ً
من وقت موته إلى تمام دفنه.
)و( الرابع :دفنه في قبر بعد الصلة عليه فيحرم قبلها ،وإن أجزأت بعده لن في الدفن قبل
الصلة عليه إزراء بالميت ول بّد من )دفنه في حفرة تمنع( بعد ردمها )رائحة( أي ظهور رائحة
ل ل يدخله من يتأذى بذلك ،بل وإن كان ل رائحة له أصلً كأن ي وإن كان المح ّ منه فتؤذي الح ّ
ل ل تصله ف )وسبعًا( أي وتمنع نبش سبع لها فيأكل الميت فتنتهك حرمته ،وإن كان في مح ّ ج ّ
ل ،إذ حكمة الدفن صونه عن انتهاك جسمه وانتشار ريحه فل بّد من حفرة تمنع ذينك. السباع أص ً
أما لو وضع الميت على وجه الرض ثم جعل عليه ما يمنع عنه ذلك كبناء مثل ما يفعله بعض
أهل القرى فل يكفي حيث لم يتعّذر الحفر ،وربما يبنون فسقية على ظهر أخرى ويضعون فيها
الميت ،وقد علمت أنه ل يكفي في الدفن .وأكمل الدفن حفرة يكون عمقها قامة وبسطة من رجل
معتدلهما أي :قدر قامة رجل رفع يديه مبسوطتين فوق رأسه ،وذلك أربعة أذرع ونصف على
المعتمد ،ثم إن كانت الرض صلبة فالفضل أن يجعل له فيها لحد بأن يحفر في أسفل الجانب
القبلي منها قدر ما يسع الميت ويستره ،وإن كانت الرض رخوة فالفضل أن يجعل له فيها ش ّ
ق
خشية النهيار ،وهو أن يحفر في قعرها مثل النهر ويبني جانباه بلبن أو غيره غير ما مسته النار
ل ببرودة المضجع ،ول بأس بقليل من ماء ش القبر بماء بارد تفاؤ ً
ويجعل الميت بـينهما ،ويندب ر ّ
ب الرائحة الطيبة ،ويكره أن يجعل له فرش ومخّدة وصندوق لم يحتج إليه الورد لن الملئكة تح ّ
ل الكراهة ما لم يكن من مال محجور عليه وإل حرم. لن في ذلك إضاعة مال ،ومح ّ
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومن خصوصيات النبـياء جواز الفرش لهم في قبورهم بل كراهة لنهم أحياء في القبور ،أما إذا
احتيج إلى الصندوق لنداوة أو نحوها فل يكره ،ول تنفذ وصيته به إل حينئذ ،ويدخل من قبل
رأسه برفق ويقال عند إدخاله :اللهّم افتح أبواب السماء لروحه ،وأكرم منزله ،ووسع له في قبره،
لما في ذلك من الثمرة العظيمة .ويقول الذي يلحده :باسم ال ،وعلى ملة رسول ال ،اللهمّ أسلمه
ب قربه ،وخرج من سعة إليك الشخاص من والده وأهله وقرابته وإخوانه ،وفارق من كان يح ّ
الدنيا والحياة إلى ظلمة القبر وضيقه ،ونزل بك وأنت غير منزل به ،إن عاقبته فبذنب ،وإن
عفوت عنه فأنت أهل العفو ،أنت غني عن عذابه وهو فقير إلى رحمتك ،اللهّم اشكر حسنته
واغفر سيئته ،وأعذه من عذاب القبر واجمع له برحمتك المن من عذابك ،واكفه كل هول دون
الجنة ،اللهّم اجعله في الفائزين ،وارفعه في عليـين ،وعد عليه بفضل رحمتك يا أرحم الراحمين.
وإذا حثا عليه التراب يقول في الولى} :منها خلقناكم{ )) (20طه :الية .(55وفي الثانية:
}وفيها نعيدكم{ )) (20طه :الية .(55وفي الثالثة} :ومنها نخرجكم تارة أخرى{ )) (20طه:
الية (55ويوضع الميت في اللحد أو غيره على جنبه وجوبًا مستقبل القبلة بمقّدم بدنه وجوبًا ،فلو
وجه لغيرها نبش ووجه إن لم يتغير ،وإل فل ينبش ،والفضل أن يكون على اليمين ،ويكره على
اليسار ول ينبش لذلك ،ويندب أن يفضي بخّده إلى الرض ،وأن يسند وجهه ورجله إلى جدار
ب ول يستلقي ،ول يكره دفنه بالليل مطلقًا ول وقت القبر وظهره بنحو لبنة كحجر حتى ل ينك ّ
الكراهة إل إذا تحّراه فيكره كراهة تنزيه ،وتحرم إهالة التراب عليه فل بّد من سّد اللحد أو الش ّ
ق
بعد إضجاع الميت فيه ثم إهالة التراب ،فإذا سّوي عليه قبره دعا له شخص من الحاضرين يقول:
اللّهم عبدك رّد إليك فارأف به وارحمه ،اللهّم جاف الرض عن جنبـيه ،وافتح أبواب السماء
لروحه ،وتقبله منك بقبول حسن ،اللهّم إن كان محسنًا فضاعف له في إحسانه ،وإن كان مسيئًا
ن أن يقف جماعة بعد دفنه عند قبره ساعة يسألون له التثبـيت.فتجاوز عنه .ويس ّ
)و( إن كانت الرض مملوكة أو مباحة كالموات )كره بناء له( أي القبر )أو عليه( أو تجصيصه
أي تبـيـيضه بالنورة البـيضاء ،ول بأس بتطيـينه ،وتكره الكتابة عليه سواء كتب اسم صاحبه أو
غيره ،نعم إن كتب اسم صاحبه ونسبه بقصد أن يعرف فيزار فل كراهة بشرط القتصار على
قدر الحاجة ل سيما قبور الولياء والعلماء والصالحين فإنها ل تعرف إل بذلك عند تطاول
السنين ،ويكره أن يجعل على القبر مظلة كقبة لن عمر رضي ال عنه رأى قبة فنحاها وقال:
دعوه يظله عمله ،وإن كانت الرض مسبلة للدفن وهي التي جرت عادة أهل البلد بالدفن فيها
حرم البناء وهدم.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
واستثنى بعضهم قبور النبـياء والشهداء والصالحين ونحوهم ولو كان بقبة لحياء الزيارة
ل ذلك لم يرتضه العلمةوالتبرك بهم وأفتى به الحلبـي وقال أمر به الشيخ الزيادي مع وليته ،وك ّ
الشوبري وقال :الحق خلفه ،وقبة المام الشافعي رضي ال عنه ليست في الرض المسبلة ،بل
ق أو
هي في دار ابن عبد الحكيم ،ولو وجد بناء في أرض مسبلة ولم يعلم أصل وضعه هل هو بح ّ
ق ،نعم لو كان البناء في المسبلة لخوف نبش سارق أو سبع أو ل ترك لحتمال أنه وضع بح ّ
تخّرق سيل جاز ول يهدم.
)و( كره جلوس على القبر المحترم واتكاء عليه واستناد إليه و )وطء عليه إل لضرورة( أي
حاجة بأن حال القبر عمن يزوره ولو أجنبـيًا بأن ل يصل إليه إل بوطئه فل يكره ،وفهم بالولى
عدم الكراهة لضرورة الدفن .والحكمة في عدم الجلوس ونحوه توقير الميت واحترامه .وأما خبر
مسلم أنه قال» :لن يجلس أحدكم على جمرة فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر«
ففسر الجلوس عليه بالجلوس للبول والغائط ،وهو حرام بالجماع .أما غير المحترم كقبر مرتد
وحربـي فل كراهة في الجلوس ونحوه ،ول يحرم البول والتغّوط على قبورهما.
)و( ل يجوز نبش القبر بعد دفن الميت وقبل البلى عند أهل الخبرة بتلك الرض للنقل ولو لنحو
مكة أو غيره ،كالصلة عليه وتكفينه إل لواحد من خمسة :الّول :ما إذا دفن بل غسل ول تيمم
بشرطه وهو ممن يجب غسله فحينئذ )نبش( وجوبًا )لغسل( تداركًا للطهر الواجب ما لم يتغير ثم
يصلى عليه .الثاني :ما إذا دفن بأرض أو ثوب مغصوبـين وطالب بهما مالكهما فيجب نبشه وإن
تغير إذا وجد ما يكفن فيه غير الثوب المغصوب ،وإل فل يجوز .الثالث :ما إذا وقع في القبر مال
ل لغيره وطلبه مالكه ولمل كخاتم وطلبه مالكه فيجب النبش وإن تغير .الرابع :ما لو بلع ما ًوإن ق ّ
ق جوفه ويخرج منه ويرّد لصاحبه. يضمن مثله أو قيمته أحد من الورثة أو غيرهم ينبش ويش ّ
الخامس :إذا دفن لغير القبلة يجب نبشه ويوجه للقبلة ما لم يتغير ،أما بعد البلى فإن مضت مّدة قال
فيها أهل الخبرة بتلك الرض :إن الميت لم يبق له أثر فيجوز نبش القبر ودفن غيره فيه ،ومن
ذلك يعلم حرمة اتخاذ الفساقي المعروفة لوجهين :البناء في الرض المسبلة ،والتحجير على
البقعة.
)و( ينبش القبر أيضًا فيما لو دفنت امرأة حامل بجنين ترجى حياته بأن يكون له ستة أشهر فأكثر
ق في القبر أولى لنه أستر .نعم ل يجوز تأخيره إليه إل إن غلب على الظ ّ
ن ق جوفها ،والش ّفيش ّ
ق ،لكن )ل تدفن امرأة في بقول الخبراء بسلمة الجنين لو أخر إليه ،فإن لم ترج حياته حرم الش ّ
بطنها جنين حتى يتحقق موته( ولو تغيرت لئل يدفن الحمل حيًا ،وقول التنبـيه ترك عليه شيء
حتى يموت ضعيف بل غلط فاحش فليحذر ،ومع ذلك ل ضمان فيه مطلقًا بلغ ستة أشهر أو ل
لعدم تيقن حياته.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( أما السقط :وهو الولد النازل قبل تمام الشهر ،ففيه تفصيل حاصله أنه إن لم تظهر حياته ول
ن ستره بخرقة ودفنه ،وكذا غسلهأماراتها ول خلقه ل تجوز الصلة عليه ،ول يجب غسله ،ويس ّ
ن ستره بخرقة ودفنه ،وإذا وجب وجبا ،وإن لم تظهر حياته ن غسله س ّكما قال ابن حجر :إذا س ّ
ول أماراتها لكن ظهر خلقه وجب ما عدا الصلة فحينئذ )ووري( أي ستر بخرقة )سقط(
موصوف بما ذكر )ودفن( أي وغسل وجوبًا في هذه الثلثة ،وحرمت الصلة عليه) .فإن(
ظهرت حياته بصياح أو غيره أو ظهرت أمارتها كأن )اختلج( أي اضطرب أو تحّرك بعد
انفصاله فهو كالكبـير ولو دون أربعة أشهر إن فرض كما أفاده الشبراملسي ،وحينئذ كفن ودفن
وغسل وجوبًا قطعًا و )صلي عليه( وجوبًا على الظهر في مسألة عدم ظهور الحياة كالبكاء مع
ظهور أمارتها كالتحّرك لحتمال حياته بهذه القرينة الدالة عليها وللحتياط .وقد نظم بعضهم هذه
الحوال فقال:
والسقط كالكبـير في الوفاة
إن ظهرت أمارة الحياة
أو خفيت وخلقه قد ظهرا
فامنع صلة وسواها اعتبرا
أو اختفى أيضًا ففيه لم يجب
شيء وستر ثم دفن قد ندب
أما النازل بعد تمام الشهر :وهو ستة أشهر فكالكبـير مطلقًا ،وإن نزل ميتًا ولم يعلم له سبق حياة.
وقال الشبراملسي :وإن لم يظهر فيه تخطيط ول غيره حيث علم أنه آدمي إذ هو خارج من
تعريف السقط .وخرج بالسقط العلقة والمضغة لنهما ل يسميان ولدًا فيدفنان ندبًا من غير ستر.
والخامس :الصلة عليه ،ويجب تقديمها على الدفن وتأخيرها عن الغسل أو التيمم عند وجود
مسّوغه ،فلو دفن بل صلة أثم الدافنون والراضون بدفنه قبلها لوجوب تقديمها عليه إن لم يكن ثّم
عذر ويصلى على قبره لنه ل ينبش للصلة عليه.
)وأركانها( أي الصلة على الميت سبعة :الّول) :نية( كنية غيرها من الصلوات ،ول بّد فيها من
نية الفرضية وإن لم يقل كفاية ولو في صلة امرأة مع رجال ،ولو في صلة الصبـي وحده أو مع
الرجال فل بّد في صلته من نية الفرضية ،ول يجب في الميت الحاضر تعيـينه باسمه أو نحوه
ول معرفته ،بل يكفي تميـيزه نوع تميـيز ،كنويت الصلة على هذا الميت أو على من يصلي عليه
المام ،وكذا لو صلها آخر النهار وقال :نويت الصلة على من توفي من أقطار الرض ممن
تصح الصلة عليه ولو حضر موتى نوى الصلة عليهم وإن لم يعرف عددهم ،ولو أحرم بالصلة
على جنازة ثم حضرت أخرى وهو في الصلة تركت حتى يفرغ ،ثم يصلي على الثانية لنه لم
ينوها أّول ،ويجب على المأموم نية القتداء أو نحوها.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( الثاني) :قيام( للقادر عليه كغيرها من الفرائض ولو معادة وإلحاقها بالنفل في التيمم ل يلزم
منه ذلك هنا ،لن القيام هو المقّوم لصورتها ففي عدمه محو لصورتها بالكلية ،وشمل ذلك
ي والمرأة إذا صليا مع الرجال ،فإن عجز صلى على حسب حاله. الصبـ ّ
)و( الثالث) :أربع تكبـيرات( بتكبـيرة التحّرم ،ولو زاد عليها لم تبطل صلته سواء كان سهوًا أو
عمدًا ،لنه إنما زاد ذكرًا ما لم يعتقد البطلن أو يوال رفع يده عند الزيادة ثلث مّرات ،وإل
ن له متابعته في الزائد بل تكره ،ولو تابعه لم تبطل على ما بطلت ،ولو زاد إمامه عليها ل تس ّ
ل تكبـيرة تحت صدره ن رفع يديه في التكبـيرات الربع حذو منكبـيه ووضعهما بعد ك ّ تقّدم ،ويس ّ
كغيرها من الصلوات.
ي تكبـيرة منها ،والولى أفضل فله أن يجمع بـين الفاتحة والصلة على )و( الرابع) :فاتحة( بعد أ ّ
ي بعد التكبـيرة الثانية وبـينها وبـين الدعاء للميت بعد التكبـيرة الثالثة ،ول يشترط الترتيب النبـ ّ
ي أو دعاء للميت ،فيجوز إخلء بـينها وبـين الواجب بعد هذه التكبـيرة من صلة على النبـ ّ
التكبـيرة الولى من القراءة ول يجوز أن يقرأ بعض الفاتحة في ركن وبعضها في ركن آخر،
ن جهر المام أو ل ل يشرع فيه السورة ويس ّ ل كثالثة المغرب في أن ك ً ن إسرار الفاتحة ولو لي ًويس ّ
المبلغ بالتكبـير والسلم.
ل على محمد ،وتس ّ
ن ي( )بعد( تكبـيرة )ثانية( وأقلها :اللهّم ص ّ
)و( الخامس) :صلة على النبـ ّ
الصلة على الل والدعاء للمؤمنين والمؤمنات عقبها بنحو :اللهّم اغفر للمؤمنين والمؤمنات،
ب العالمين ،وأكمل الصلة ما والحمد ل قبلها بأي صيغة من صيغه .والمشهور منها :الحمد ل ر ّ
في التشهد الخير ،ول يشترط ترتيب بـين ذلك بل هو أولى.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( السادس) :دعاء لميت( بخصوصه فل يكفي الدعاء للمؤمنين والمؤمنات ،ويجزىء كلّ
مطلوب أخروي كانظر إليه )بعد ثالثة( وهو المقصود العظم من الصلة على الميت ،وأقله ما
ن أن يكثر من الدعاء له ،وأكمله :اللهّم هذا عبدك وابن عبديك خرجينطلق عليه اسم الدعاء ،ويس ّ
من روح الدنيا وسعتها ومحبوبه وأحبائه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لقيه ،كان يشهد أن ل إله
إل أنت وحدك ل شريك لك ،وأن سيدنا محمدًا عبدك ورسولك وأنت أعلم به ،اللهّم إنه نزل بك
ي عن عذابه ،وقد جئناك راغبـين إليك وأنت خير منزول به ،وأصبح فقيرًا إلى رحمتك وأنت غن ّ
شفعاء له ،اللهّم إن كان محسنًا فزد في إحسانه ،وإن كان مسيئًا فتجاوز عنه ،ولقه برحمتك
رضاك ،وقه فتنة القبر وعذابه ،وافسح له في قبره ،وجاف الرض عن جنبـيه ،ولقه برحمتك
المن من عذابك حتى تبعثه آمنًا إلى جنتك برحمتك يا أرحم الراحمين .وهذا في البالغ الذكر ،فإن
كان أنثى عبر بالمة وأنث ما يعود إليها من الضمائر ،فخرج قوله :وأنت خير منزول به فل
يؤنث ذلك الضمير لنه راجع إلى ال تعالى ،ولو ذكرها بقصد الشخص جاز ،وإن كان خنثى
عبر بالمملوك ونحوه ،وكذا إذا لم يعرف أن الميت ذكر أو أنثى ،ويجوز أن يأتي بالضمائر
مذكرة على إرادة الشخص أو الميت ومؤنثة على إرادة الجنازة ،ولو صلى على جمع معًا يأتي
فيه بما يناسبه ،فلو قال في ذلك :اللهّم هذا عبدك بتوحيد المضاف واسم الشارة صحت صلته إذ
ل اختلل في صيغة الدعاء ،أما اسم الشارة فلنه قد يشار بما للواحد إلى الجمع .وأما لفظ العبد
فلنه مفرد مضاف إلى معرفة فيعّم أفراد من أشير إليه ،ولو صلى على من مات في يومه أو
سنته في أقطار الرض ينبغي أن يقول في الدعاء لهم :اللهّم من كان منهم محسنًا فزد في إحسانه
ومن كان منهم مسيئًا فتجاوز عن سيئاته دون أن يقول محسنين ول مسيئين ،لن الظاهر في
الجميع أنهم ليسوا كلهم محسنين ول مسيئين.
وروى مسلم عن عوف بن مالك أنه قال :صلى النبـي على جنازة فسمعته يقول» :اللهّم اغفر له
وارحمه ،واعف عنه وعافه ،وأكرم نزله ،ووسع مدخله ،واغسله بماء وثلج وبرد ،ونقه من
ل خيرًا من أهله،الخطايا كما ينقى الثوب البـيض من الدنس ،وأبدله دارًا خيرًا من داره ،وأه ً
وزوجًا خيرًا من زوجه وقه فتنة القبر وعذاب النار« .قال عوف :فتمنيت أن أكون أنا ذلك
ح.
الميت ،ولو جمع بـين هذين الدعاءين فالفضل تقديم هذا الخير لن حديثه أص ّ
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وأما الصغير فيقول فيه :اللهّم اجعله فرطًا لبويه وسلفًا وذخرًا وعظة واعتبارًا وشفيعًا ،وثقل به
موازينهما ،وأفرغ الصبر على قلوبهما ول تفتنهما بعده ،ول تحرمهما أجره ،ويكفي الدعاء
بالرحمة كأن يقول :اللهّم ارحمه ،ويؤنث الضمائر إذا كان الصغير أنثى ،ويأتي في الخنثى
والمجهول حاله ما مّر .قال الزركشي :وهذا في البوين الحيـين المسلمين ،فإن لم يكونا كذلك
أتى بما يقتضيه الحال ،ولو علم كفرهما كتبعية الصغير للسابـي حرم الدعاء لهما بالمغفرة
والشفاعة ونحوهما ،وإذا ترّدد في بلوغ المراهق دعا له بالرحمة ،والفضل الجمع بـينهما.
ب أن يقدم على تلك الدعوات الثلث :اللهّم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا ،وصغيرنا ويستح ّ
وكبـيرنا ،وذكرنا وأنثانا ،اللهّم من أحيـيته منا فأحيه على السلم ،ومن توفيته منا فتوفه على
اليمان ،ولو اقتصر على هذا الدعاء لم يكف لنه يجب الدعاء للميت بخصوصه ،بخلف دعاء
ص بخصوصه على أن الطفل ،وهو :اللهّم اجعله فرطًا لبويه إلى آخره ،فإنه يكفي لثبوته بالن ّ
معناه :أي سابقًا مهيئًا لمصالحهما في الخرة ،فذلك دعاء للطفل بخصوصه لنه ل يكون كذلك إل
إذا كان له شرف عند ال يتقّدم بسببه كما أفاده الشبراملسي .
ن الصلة على )و( السابع) :سلم بعد رابعة( كسلم غيرها من الصلوات في كيفيته وتعّدده ،وتس ّ
ن التعّوذ قبل القراءة ل دعاء الفتتاح ،وأن الميت في المسجد جماعة بثلثة صفوف فأكثر ،ويس ّ
يقول بعد التكبـيرة الرابعة وقبل السلم :اللهّم ل تحرمنا أجره ول تفتنا بعده واغفر لنا وله ،وأن
يطّول بعد الرابعة بقدر ما قبلها من التكبـيرات الثلث وما فيها من القراءة والصلة على النبـ ّ
ي
وآله والدعاء .ونقل بعضهم أنه يقرأ فيها قوله تعالى }الذين يحملون العرش ومن حوله{ ــــ إلى
قوله }العظيم{ )) (40غافر :الية 7ــــ ،(9نعم لو خيف تغير الميت وانفجاره لو أتى بالسنن
ل خلفًا لمن قال :يقتصر على وجب القتصار على الركان ،وأن يلتفت في السلم يمينًا وشما ً
تسليمة يجعلها تلقاء وجهه وأن يجعل رأس الذكر عن يسار المام ويقف المام قريبًا من رأسه،
ومثله المنفرد ،ورأس النثى عن يمينه ويقف عند عجزها ،وتكره الصلة عليه قبل تكفينه لما فيها
من الزراء بالميت ولو تخلف المأموم عن إمامه بل عذر بتكبـيرة حتى شرع إمامه في أخرى
بطلت صلته إذ القتداء هنا إنما يظهر في التكبـيرات ،وهو تخلف فاحش يشبه التخلف بركعة.
ول شك أن التقّدم كالتخلف بل أولى ،فإن كان هناك عذر كبطء القراءة أو نسيانها فل تبطل إل
بتخلفه بتكبـيرتين ،أما لو نسي الصلة أو القتداء فل يضر تخلفه ما دام ناسيًا ولو بجميع
التكبـيرات ،ومن جاء بعد أن فعل المام بعض الركان يكبر ويقرأ الفاتحة وإن كان المام في
غيرها كالدعاء لن ما أدركه لمسبوق أّول صلته ،ولو كبر المام أخرى قبل قراءته كبر معه
وسقطت عنه الفاتحة أو بعضها لكونه مسبوقًا ،وإذا سلم المام تدارك لمسبوق حتمًا باقي
ن أن ل ترفع الجنازة حتى يتّم التكبـيرات بأذكارها وجوبًا في الواجب وندبًا في المندوب ،ويس ّ
المسبوق صلته ول يضر رفعها قبل إتمامه ،ويجوز لمن حضر بعد الصلة على الميت فعلها
جماعة وفرادى ،والولى التأخير إلى الدفن مسارعة إلى دفنه ،وينوي الفرض لوقوعها منه
فرضًا.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وشرط لها( أي لصحة الصلة على الميت شروط غيرها من الصلوات مما يتأتى فيها ،و)تقّدم
ل عليه ولو لم يوجد طهره( أي الميت ،فلو تعّذر كأن وقع في حفرة وتعّذر إخراجه وطهره لم يص ّ
ماء ول تراب صلي عليه ،فإن وجد كاف للميت أو المصلي عليه تعين الميت) .وأن ل يتقّدم( أي
المصلي )عليه( حالة كون الميت حاضرًا ولو في قبر ،ويشترط أيضًا أن ل يزيد ما بـينهما في
ل هذين الشرطين في غير المسجد على ثلثمائة ذراع تقريبًا ،وأن ل يكون بـينهما حائل ،ومح ّ
البتداء .أما في الدوام كأن رفعت الجنازة في أثناء الصلة وزاد ما بـينهما على ما ذكر أو حال
حائل فل يضر لنه يغتفر في الدوام ما ل يغتفر في البتداء ،نعم لو كان الميت في صندوق ل
ح بشروط ثلثة :أن تكون إلى جهة القبلة وقت يضر ،ولو أحرم على الجنازة وهي سائرة ص ّ
التحرم ،وأن ل يكون هناك حائل حال التحرم ،ول تشترط المحاذاة على المعتمد ،وأن ل تبعد عنه
بأكثر من ثلثمائة ذراع إلى تمام الصلة ،بخلف ما إذا أحرم عليها وهي قاّرة ثم رفعت قبل تمام
الصلة فإن ذلك ل يضّر كما تقّدم.
)وتصح( الصلة )على غائب عن بلد( لنه صلى على النجاشي رضي ال عنه بالمدينة يوم موته
ل من أجاز الصلة على الغائب بالحبشة .رواه الشيخان وذلك في رجب سنة تسع ،وقد أجمع ك ّ
بأن ذلك يسقط فرض الكفاية عن الحاضرين إل ما حكي عن ابن القطان ،ومحل السقوط بها
ن أنه قد غسل أو يمم، حيث علم بها الحاضرون ،ول تجوز الصلة على الغائب حتى يعلم أو يظ ّ
نعم إن علق النية على طهره بأن نوى الصلة إن كان قد طهر صحت الصلة عليه) .ل( تص ّ
ح
الصلة على الميت الذي )فيها( أي البلد التي كان المصلي حاضرًا فيها ولم يحضر في ذلك
الميت ،وإن كبرت البلد لتيسر الحضور غالبًا ،والمتجه أن المعتبر المشقة وعدمها فحيث شق
الحضور ولو في البلد لكبرها ونحوه صحت ،وحيث ل ولو خارج السور لم تصح كما نقله
الشبراملسي عنابن قاسم ،فلو كان الميت خارج السور قريبًا منه فهو كداخله ،والمراد بالقرب هنا
حّد الغوث ،وهو ما يجب طلب الماء منه في التيمم ل حّد القرب كما أفاده الشبراملسي ،ولو تعذر
على من في البلد الحضور لحبس أو مرض جاز ذلك ،ومثل ذلك ما إذا قتل إنسان ببلد وأخفى
قبره عن الناس ،ولو نوى المام ميتًا حاضرًا أو غائبًا ونوى المأموم آخر كذلك جاز لن اختلف
نيتهما ل يضر.
)و( تصح الصلة على حاضر )مدفون( في قبر ولو بعد البلى والندراس ،ويسقط الفرض
ي فل تجوز ،لخبر الصحيحين: بالصلة على القبر على الصحيح )غير نبـي( أما الصلة على نبـ ّ
»لعن ال اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبـيائهم مساجد« والصح تخصيص صحة الصلة على
الغائب والقبر بمن كان )من أهل( أداء )فرضها( أي الصلة )وقت موته( دون غيره ،فل تصح
من كافر وحائض يوم موته كمن بلغ أو أفاق بعد الموت وقبل الغسل) .وسقط الفرض( في الصلة
على الجنازة )بذكر( واحد كصبـي مميز ولو مع وجود الرجال لنه من جنسهم مع حصول
ل ولن الجماعة ل تشترط فيها فكذا العدد ،ول تكفي في إسقاط الفرض بصلته وإن كانت نف ً
فرضها امرأة وخنثى مع وجود الذكر.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( أما الشهيد فهو ثلثة أقسام ،لنه إما شهيد الخرة فقط فهو كغير الشهيد وذلك كالمبطون وهو
من قتله بطنه بالستسقاء :أي اجتماع ماء أصفر فيه أو بالسهال ،والغريق وإن عصي في الغرق
بنحو شرب خمر دون الغريق بسير سفينة في وقت هيجان الريح فإنه ليس بشهيد ،والمطعون ولو
في غير زمن الطاعون أو بغيره في زمنه أو بعده حيث كان صابرًا محتسبًا ،والميت عشقًا بشرط
ف عن المحارم حتى عن النظر بحيث لو اختلى بمحبوبه لم يتجاوز الشرع ،وبشرط الكتمان الك ّ
حتى عن معشوقه ،والميتة طلقًا ولو من زنا إذا لم تتسبب في إسقاط الولد .والمقتول ظلمًا ولو
ل ،والغريب وإن عصي بغربته ق القتل بقطع الرأس فقتل بالتوسط مث ً بحسب الهيئة كمن استح ّ
كآبق وناشزة ،والميت في طلب العلم ولو على فراشه ،والحريق ،والميت بهدم ،وكذا من مات
فجأة أو في دار الحرب قاله ابن الرفعة ،وكذا المحدود سواء زيد على الحّد المشروع أم ل،
وسواء سلم نفسه لستيفاء الحّد منه تائبًا أم ل ،قاله الشبراملسي .
ومعنى الشهادة لهم أنهم }أحياء عند ربهم يرزقون{ )) (3آل عمران :الية (169قاله الحصني،
والوجه في ذلك أن يقال :إن كان الموت معصية كأن تسببت المرأة في إلقاء الحمل فماتت أو
ركب شخص البحر وسير السفينة في وقت ل تسير فيه السفن فغرق لم تحصل له الشهادة
للعصيان بالسبب المستلزم للعصيان بالمسبب ،وإن لم يكن السبب معصية حصلت الشهادة وإن
قارنها معصية لنه ل تلزم بـينهما ،ومن ذلك ما لو صاد حية وهو ليس حاذقًا في صيدها ،أو
صنع نحو البهلوان ولم يكن حاذقًا في صنعته فمات فليس بشهيد ،بخلف الحاذق فيهما فإنه شهيد
ن أكثر شهداء أّمتي لصحاب الفرش« أي الذين يألفون النوم لعدم تسببه في هلك نفسه .قال » :إ ّ
على الفرش ول يهاجرون الفرش ويقصدون للغزو .وقال الحكيم :هؤلء قوم اطمأنت نفوسهم
إلى ربهم وشغلوا به عن الدنيا وتمنوا لقاءه ،فإذا حضرهم الموت جادوا بأنفسهم طوعًا ،وبذلوها
له إيثارًا لمحبته على محبتها ،فهم ومن قتل في معركة المشركين سواء ،فينالون منازل الشهداء
لن الشهداء بذلوا أنفسهم ساعة من نهار ،وهؤلء بذلوها طول العمر .وأما شهيد الدنيا فقط فهو
من قتل في قتال الكفار بسببه وقد غل في الغنيمة أو قتل مدبرًا على وجه غير مرضي شرعًا ،أو
قاتل رياء أو نحوه .وأما شهيد الدنيا والخرة معًا فهو من قتل كذلك لكن قاتل لتكون كلمة ال هي
العليا ،ومراد الفقهاء أحد هذين الخيرين ،وحكمهما أنه يجب الدفن.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
و )تحرم صلة على شهيد( أي شهيد المعركة )كغسله( لخبر البخاري عن جابر» :أن النبـي أمر
في قتلى أحد بدفنهم بدمائهم ولم يغسلهم ولم يصل عليهم ولو كان جنبًا وحائضًا ونفساء ،لن
حنظلة بن الراهب قتل يوم أحد وهو جنب ولم يغسله النبـي وقال :رأيت الملئكة تغسله« .وتزال
وجوبًا نجاسة غير دم مطلقًا :كبول خرج بسبب القتل ،ودم حصل بغير سبب الشهادة وإن زال
بسببه دمها .ول يزال النجس المعفّو عنه فتحرم إزالته إن أّدت إلى إزالة دم الشهادة وهو الخارج
من المقتول نفسه ،وهذا تحرم إزالته.
)وهو( أي شهيد المعركة الذي يحرم غسله والصلة عليه ضابطه أنه )من( كل شخص )مات(
ولو امرأة أو رقيقًا أو غير مكلف )في قتال( كافر واحد أو )كفار( ولو كان القاتل مسلمًا
لستعانتهم به ،بخلف ما لو استعان بغاة كفار علينا فالمقتول منا ل يكون شهيدًا إل من قتله كافر
أو من لم تبق فيه حياة مستقرة قبل انقضاء حرب الكفار الجائز )بسببه( أي القتال :كأن قتله كافر
أو أصابه سلح مسلم خطأ ،أو عاد عليه سلحه ،أو رمحته دابته ،أو سقط عنها ،أو ترّدى حال
القتال في بئر ،أو انكشف عنه الحرب وهو ميت ولم يعلم سبب موته وإن لم ير عليه أثر دم ،لن
الظاهر أن موته بسبب الحرب ،بخلف ما إذا انقضت الحرب وفيه حياة مستقرة ،ولو كان
إصابته فيها جراحة يقطع بموته بسببها ثم مات بها.
والحاصل أن المجروح إما أن تكون حركته حركة مذبوح فهو شهيد جزمًا ،وإما أن تكون فيه
حياة مستقرة ،ثم هذا إما أن يقطع بموته من الجراحة كأن قطعت أمعاؤه فهو غير شهيد في
الظهر سواء أطال الزمن أم قصر لحياته بعد انقضاء القتال فأشبه موته بسبب آخر ،وإما أن ل
يقطع بموته منها بل تتوقع حياته فغير شهيد جزمًا ،ومن ذلك يفهم قوله) :ل أسير قتل صبرًا( فإنه
إن قتل صبرًا بعد انقضاء الحرب فغير شهيد ،وإن قتل صبرًا في بطن المعركة قبل انقضائها
فشهيد ،وبخلف من مات قبل انقضاء الحرب ل بسببها كأن مات بمرض أو فجأة أو قتله مسلم
عمدًا ،وكذا لو مات في قتال البغاة أو في قتال الذميـين من غير مجّوز له فليس له حكم شهيد
المعركة كمن اغتاله مسلم مطلقًا أو كافر في غير قتال.
ن أن يكون تكفينه )في ثيابه( التي مات فيها إن اعتيد لبسها غالبًا وإن
)وكفن شهيد( وجوبًا ،ويس ّ
لم تكن بـيضًا وإن لم تكن ملطخة بالدم ،والملطخة به أولى ،فإن لم تكف وجب تتميمها) ،ل(
يجوز تكفينه في )حرير( اضطر إليه للقتال بل ينزع وجوبًا كمحيط لبسه محرم للحاجة .ويس ّ
ن
نزع آلة الحرب عنه كدرع وكذا ما ل يعتاد التكفين فيه كفروة وجبة محشّوة ،ولو اختلط من
يصلى عليه بغيره ولم يتميز كمسلم بكافر وغير شهيد بشهيد وسقط يصلى عليه بسقط ل يصلى
ل إذ ل يتم الواجب إل بذلك ،ويصلى على الجميع وهو أفضل أو على واحد عليه ،وجب تجهيز ك ّ
فواحد بقصد من يصلى عليه في الكيفيتين ويغتفر التردد في النية للضرورة ،ويقول في المثال
الّول وهو اختلط مسلم بكافر :اللهم اغفر للمسلم منهما في الكيفية الولى ،ويقول :اللهم اغفر له
إن كان مسلمًا في الكيفية الثانية ،ول يحتاج إلى ذلك في المثال الثاني والثالث لنتفاء المحذور
وهو الدعاء بالمغفرة للكافر.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ويندب تلقين( ميت )بالغ ولو شهيدًا( خلفًا للشهاب الرملي )بعد دفن( لحتياجه إلى التذكير في
هذا الوقت ،وأن يقعد الملقن عند رأس القبر .قال » :إذا مات أحدكم فسّويتم عليه التراب فليقم
أحدكم على رأس قبره ثم ليقل :يا فلن ابن فلنة فإنه يسمع ول يجيب ثم ليقل :يا فلن ابن فلنة
الثانية فإنه يستوي قاعدًا ثم ليقل :يا فلن ابن فلنة الثالثة فإنه يقول :أرشدنا يرحمك ال ولكن ل
تسمعون فيقول له :اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن ل إله إل ال وأن محمدًا رسول ال
وأنك رضيت بال ربًا وبالسلم دينًا وبمحمد نبـيًا وبالقرآن إمامًا فإن منكرًا ونكيرًا يتأخر كل
ل حجيجه واحد منهما فيقول :انطلق بنا ،ما يقعدنا عند هذا وقد لقن حجته ،ويكون ال عز وج ّ
دونهما ،فقال رجل :يا رسول ال فإن لم يعرف اسم أمه قال :فلينسبه إلى حّواء« .أما طفل ولو
ن أن يقرأ عنده شيء من ن تلقينهما لنهما ل يفتنان ،ويس ّ مراهقًا ومجنون لم يتقّدمه تكليف فل يس ّ
القرآن وإن ختم كان أفضل.
)و( يندب )زيارة قبور( أي قبور المسلمين )لرجل( أي ويتأكد ندب ذلك في حق القارب
ن أن يكون الزائر على طهارة ،وتكره خصوصًا البوين ولو كانوا ببلد آخر غير بلد الزائر ،ويس ّ
زيارتها للنساء والخناثى ،هذا في غير زيارة سيدنا رسول ال ،أما هي فل تكره بل تكون من
أعظم القربات للذكور والناث ،وينبغي أن تكون قبور سائر النبـياء والولياء كذلك كما قاله ابن
الرفعة والقمولي ،ومحل ذلك إذا أذن لها الزوج أو السيد أو الولي) .وسلم( ندبًا حالة كون الزائر
ل ما علمه رسول ال لعائشة رضي ال عنها ،وهو» :السلم على أهل ل وجه القبور قائ ً
مستقب ً
الدار من المؤمنين والمسلمين ويرحم ال المستقدمين والمستأخرين ،وإنا إن شاء ال بكم لحقون«
.أو ما علمه رسول ال لصحابه وهو» :السلم على أهل الدار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن
شاء ال بكم لحقون ،أسأل ال لنا ولكم العافية« .رواه مسلم ،زاد أبو داود بسند ضعيف» :اللهم
ل تحرمنا أجرهم ول تفتنا بعدهم« .ويقرأ ويدعو عقب قراءته ،والدعاء ينفع الميت وهو عقب
القراءة أقرب للجابة.
ويندب وضع الشيء الرطب على القبر كالجريد الخضر والريحان لنه يستغفر للميت ما دام
رطبًا ،ول يجوز للغير أخذه قبل يبسه ،وأما بعد اليبس فيجوز له أخذه لن واضعه أعرض عنه
ل كخوصة أو خوصتين حينئذ كما علم هذا في غير واضعه ،أما هو فإن كان الشيء الخضر قلي ً
فل يجوز له أخذه قبل يبسه لنه صار حقًا للميت ،أما إذا كان كثيرًا فإنه يجوز له الخذ منه
ل ،ويندب جمع القارب في موضع من المقبرة لنه أسهل على الزائر، ليضعه على قبر آخر مث ً
والفضل أن يكون بجوار أهل الخير والصلح ،ولو انهدم القبر على الميت فالوارث مخير بـين
ثلثة أمور :إصلحه ،وتركه ،ونقل الميت منه إلى غيره ،ومثل ذلك انهيار التراب عليه عقب
دفنه ،ومعلوم أن الكلم حيث لم يخش عليه نحو سبع أو ظهور رائحة ،وإل وجب إصلحه قطعًا.
وكذا لو أفضى انهدام القبر إلى ظهور شيء من الميت ،والدفن في المقبرة أفضل من غيره لينال
الميت دعاء الزائرين ،ويكره المبـيت بها لما فيه من الوحشة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ول يجوز جمع اثنين في قبر واحد بل يفرد كل واحد بقبر ،وقال الماوردي بالكراهة عند اتحاد
الجنس أو المحرمية أو الزوجية أو عدم بلوغ حّد الشهوة ،ويكره عند شيخ السلم وإن اختلف
الجنس واختلفت المحرمية لكن يجعل بـينهما ما يمنع التماس كتراب ونحوه ،والمعتمد الّول .نعم
يستثنى من حرمة الجمع ما لو أوصى كل من الميتين بذلك ،فيجوز لن الحق له ،ومن ذلك إدخال
ميت على آخر قبل ذهاب أثره ،ويحرم جمع عظام الموتى لدفن غيرهم ،وكذا وضعه فوقها ،نعم
إن دعت الضرورة إلى ذلك كأن كثرت الموتى وعسر إفراد كل ميت بقبر لضيق الرض فيجمع
بـين الثنين والثلثة والكثر في قبر بحسب الضرورة ،ويحرم نقل الميت قبل دفنه من محل موته
إلى محل أبعد من مقبرة محل موته ليدفن فيه إل أن يكون بقرب مكة أو المدينة أو بـيت المقدس
بحيث تكون المسافة ل يتغير فيها الميت ،فيجوز حينئذ نقله إليها بعد غسله وتكفينه والصلة عليه
في محل موته لتوجه الفرض .قال الزركشي :وينبغي أن يكون مثل ذلك ما لو كان بقرب مقابر
أهل الخير والصلح لن الشخص يقصد الجار الحسن.
فائدة :من مات في سفينة وتعذر دفنه في البّر يجب أن يوضع بعد غسله وتكفينه والصلة عليه
ل ويرمى في البحر وإن ثقل بحجر ليصل إلى القرار فهو أولى. بـين لوحين مث ً
تنبـيه :محل تجهيز الميت تركته ويراعى فيه حالة سعة وضيق وإن كان مقترًا على نفسه في
حياته إل زوجته وخادمها المملوك لها أو المكتري بالنفاق عليه فعلى زوجها الغني ولو كان غناه
بما يخصه من التركة ،والمراد به من يملك زيادة على التجهيز ما يكفي مؤنة يوم وليلة ،وإن
امتنع الزوج من تجهيزها أو كان غائبًا فجهزها الورثة أو غيرهم من مالها أو غيره رجعوا عليه
بذلك إن فعلوه بإذن حاكم يرى ذلك وإل فل ،نعم إن لم يوجد الحاكم كفى المجهز الشهاد على أنه
جهز من مال نفسه ليرجع ،وخرج بالزوج ابنه فل يلزم تجهيز زوجة أبـيه وإن لزمته نفقتها في
الحياة .ولو أوصت الزوجة بتجهيزها من مالها توقف على إجازة الورثة لنها وصية لوارث وهو
الزوج حيث أسقطت الواجب عليه ،والمفتى به عند الحنفية أن تجهيز الزوجة على الزوج مطلقًا:
أي سواء كان غنيًا أو ل ،وعند المالكية والحنابلة أن تجهيزها من مالها مطلقًا ،فإن لم يكن للميت
تركة فتجهيزه على من عليه نفقته حيًا في الجملة ليدخل المكاتب والولد الكبـير الذي كان قادرًا
على الكسب ،فإن لم يكن للميت من تلزمه نفقته فتجهيزه في بـيت المال ،فإن تعذر بـيت المال
فعلى مياسير المسلمين ،ومثل غيبة الزوج فيما تقدم غيبة من يجب عليه نفقة الميت في الحياة،
والمحكوم عليه فيما تقدم بأنه فرض كفاية هو الفعال .وأما العيان كثمن الماء والكفن وأجرة من
يغسله ويحمله ويلحده ونحو ذلك فمما ذكر.
ول بأس بالبكاء على الميت قبل موته وبعده ،والولى عدمه بحضرة المحتضر ،وهو قبل الموت
مباح ،وأما بعده ففيه تفصيل ،فإن كان لمحبة أو رقة كالبكاء على الطفل فل بأس به والصبر
أجمل ،وإن كان لما فقد من علمه وصلحه وبركته وشجاعته فيظهر استحبابه ،وإن كان لما فاته
من بره والقيام بمصالحه فيظهر كراهته لتضمنه عدم الثقة بال تعالى ،ول فرق في ذلك بـين ما
ل تحت الختيار ،وهذا كله ما لم يقترن به كان بمجرد دمع العين أو كان برفع صوت وكان داخ ً
ق الجيب ،ونشر الشعر ،وتسويد الوجه ،ووضع التراب على ما يدل على الجزع كالنوح وش ّ
الرأس ،ورفع الصوت بإفراط في البكاء وإل حرم ،ول يعذب الميت بشيء من ذلك ما لم يوص
به بأن أوصى بتركه أو سكت ،أما إذا أوصى بشيء من ذلك فإنه يعذب به.
ن أن يعزى كل من يحصل له عليه وجد حتى الزوجة والصديق ،وتندب البداءة بأضعفهم عن ويس ّ
حمل المصيبة ،ويقال في تعزية المسلم بالمسلم :أعظم ال أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك
وأخلف عليك ،ويقال في تعزية الكافر بالمسلم :غفر ال لميتك وأحسن عزاءك .وينبغي للمعزي
ن زيارة القبور وورد أن من زار قبر أبويه أو أحدهما
إجابة التعزية بنحو :جزاك ال خيرًا .ويس ّ
في كل جمعة مرة غفر له وكان بارًا لوالديه ،وفي رواية :من زار قبر والديه في جمعة أو أحدهما
فقرأ عنده} :يس والقرآن الحكيم{ )) (36يس :الية (1غفر ال له بعدد ذلك آية وحرفًا ،وفي
رواية :من زار قبر والديه أو أحدهما يوم الجمعة كان كحجة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ول يجوز جمع اثنين في قبر واحد بل يفرد كل واحد بقبر ،وقال الماوردي بالكراهة عند اتحاد
الجنس أو المحرمية أو الزوجية أو عدم بلوغ حّد الشهوة ،ويكره عند شيخ السلم وإن اختلف
الجنس واختلفت المحرمية لكن يجعل بـينهما ما يمنع التماس كتراب ونحوه ،والمعتمد الّول .نعم
يستثنى من حرمة الجمع ما لو أوصى كل من الميتين بذلك ،فيجوز لن الحق له ،ومن ذلك إدخال
ميت على آخر قبل ذهاب أثره ،ويحرم جمع عظام الموتى لدفن غيرهم ،وكذا وضعه فوقها ،نعم
إن دعت الضرورة إلى ذلك كأن كثرت الموتى وعسر إفراد كل ميت بقبر لضيق الرض فيجمع
بـين الثنين والثلثة والكثر في قبر بحسب الضرورة ،ويحرم نقل الميت قبل دفنه من محل موته
إلى محل أبعد من مقبرة محل موته ليدفن فيه إل أن يكون بقرب مكة أو المدينة أو بـيت المقدس
بحيث تكون المسافة ل يتغير فيها الميت ،فيجوز حينئذ نقله إليها بعد غسله وتكفينه والصلة عليه
في محل موته لتوجه الفرض .قال الزركشي :وينبغي أن يكون مثل ذلك ما لو كان بقرب مقابر
أهل الخير والصلح لن الشخص يقصد الجار الحسن.
فائدة :من مات في سفينة وتعذر دفنه في البّر يجب أن يوضع بعد غسله وتكفينه والصلة عليه
ل ويرمى في البحر وإن ثقل بحجر ليصل إلى القرار فهو أولى. بـين لوحين مث ً
تنبـيه :محل تجهيز الميت تركته ويراعى فيه حالة سعة وضيق وإن كان مقترًا على نفسه في
حياته إل زوجته وخادمها المملوك لها أو المكتري بالنفاق عليه فعلى زوجها الغني ولو كان غناه
بما يخصه من التركة ،والمراد به من يملك زيادة على التجهيز ما يكفي مؤنة يوم وليلة ،وإن
امتنع الزوج من تجهيزها أو كان غائبًا فجهزها الورثة أو غيرهم من مالها أو غيره رجعوا عليه
بذلك إن فعلوه بإذن حاكم يرى ذلك وإل فل ،نعم إن لم يوجد الحاكم كفى المجهز الشهاد على أنه
جهز من مال نفسه ليرجع ،وخرج بالزوج ابنه فل يلزم تجهيز زوجة أبـيه وإن لزمته نفقتها في
الحياة .ولو أوصت الزوجة بتجهيزها من مالها توقف على إجازة الورثة لنها وصية لوارث وهو
الزوج حيث أسقطت الواجب عليه ،والمفتى به عند الحنفية أن تجهيز الزوجة على الزوج مطلقًا:
أي سواء كان غنيًا أو ل ،وعند المالكية والحنابلة أن تجهيزها من مالها مطلقًا ،فإن لم يكن للميت
تركة فتجهيزه على من عليه نفقته حيًا في الجملة ليدخل المكاتب والولد الكبـير الذي كان قادرًا
على الكسب ،فإن لم يكن للميت من تلزمه نفقته فتجهيزه في بـيت المال ،فإن تعذر بـيت المال
فعلى مياسير المسلمين ،ومثل غيبة الزوج فيما تقدم غيبة من يجب عليه نفقة الميت في الحياة،
والمحكوم عليه فيما تقدم بأنه فرض كفاية هو الفعال .وأما العيان كثمن الماء والكفن وأجرة من
يغسله ويحمله ويلحده ونحو ذلك فمما ذكر.
ول بأس بالبكاء على الميت قبل موته وبعده ،والولى عدمه بحضرة المحتضر ،وهو قبل الموت
مباح ،وأما بعده ففيه تفصيل ،فإن كان لمحبة أو رقة كالبكاء على الطفل فل بأس به والصبر
أجمل ،وإن كان لما فقد من علمه وصلحه وبركته وشجاعته فيظهر استحبابه ،وإن كان لما فاته
من بره والقيام بمصالحه فيظهر كراهته لتضمنه عدم الثقة بال تعالى ،ول فرق في ذلك بـين ما
ل تحت الختيار ،وهذا كله ما لم يقترن به كان بمجرد دمع العين أو كان برفع صوت وكان داخ ً
ق الجيب ،ونشر الشعر ،وتسويد الوجه ،ووضع التراب على ما يدل على الجزع كالنوح وش ّ
الرأس ،ورفع الصوت بإفراط في البكاء وإل حرم ،ول يعذب الميت بشيء من ذلك ما لم يوص
به بأن أوصى بتركه أو سكت ،أما إذا أوصى بشيء من ذلك فإنه يعذب به.
ن أن يعزى كل من يحصل له عليه وجد حتى الزوجة والصديق ،وتندب البداءة بأضعفهم عن ويس ّ
حمل المصيبة ،ويقال في تعزية المسلم بالمسلم :أعظم ال أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك
وأخلف عليك ،ويقال في تعزية الكافر بالمسلم :غفر ال لميتك وأحسن عزاءك .وينبغي للمعزي
ن زيارة القبور وورد أن من زار قبر أبويه أو أحدهما
إجابة التعزية بنحو :جزاك ال خيرًا .ويس ّ
في كل جمعة مرة غفر له وكان بارًا لوالديه ،وفي رواية :من زار قبر والديه في جمعة أو أحدهما
فقرأ عنده} :يس والقرآن الحكيم{ )) (36يس :الية (1غفر ال له بعدد ذلك آية وحرفًا ،وفي
رواية :من زار قبر والديه أو أحدهما يوم الجمعة كان كحجة.
رقم الصفحة8 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل يجوز للرجل والخنثى استعمال الحرير بسائر أنواعه ،كالبريسم والديباج والسندس والقز
ل،
ل عرفًا كالكتابة عليه ولو لصداق امرأة ،حيث كان الكاتب رج ًونحو ذلك بما يعّد استعما ً
بخلف ما إذا كان الكاتب أنثى ولو للرجل فل حرمة ،وهذا إذا كان الحرير على أصله ولم يكن
مستهلكًا ،فإن استهلك كما في ورق الحرير فل حرمة ،وكجلوس تحته كناموسية وتدثر :أي تغ ّ
ط
به كلحاف وجهه حرير ،ومما يحرم جبة محشوة ظاهرها أو باطنها حرير ول يضر كون الحشو
وحده حريرًا ل فيها ول في اللحاف ،وقلنسوة حرير فإن خيط شيء فوق اللحاف أو الجبة أو
ل استعماله ،بخلف مجّرد وضع شيء على ما ذكر بدون خياطة القلنسوة بحيث ستر الحرير ح ّ
فل يكفي ،ومثل ذلك القاووق ،فإذا كانت بطانته وظهارته حريرًا فل بّد من خياطة غشاء يعمهما،
أما لو كان أحدهما حريرًا فقط فالعبرة به في الخياطة عليه ،ومن الستعمال الجلوس عليه أو
الستناد إليه بل حائل فيهما ولو رقيقًا وإن لم يخط ما لم يتخذ حصيرًا من حرير وإل فالوجه
الحرمة ،وإن بسط فوقها شيئًا لما فيه من السرف ،ومن الستعمال ستر الجدران به إل ستر
الكعبة ،ومثلها قبور سائر النبـياء على المعتمد ،بخلف قبور غيرهم ولو من أهل الصلح
والولية على المعتمد ،ويحرم إلباسه للدواب لنها ل تنقص عن ستر الجدران به ،وغطاء العمامة
وكيس الدراهم.
ويحرم التفّرج على الزينة المحرمة لكونها بنحو الحرير ،بخلف المرور لحاجة فل يحرم ،ولو
أكره الناس عليها جازت له للعذر ،وحرم التفّرج عليها لن ما هو حرام في نفسه يحرم التفرج
عليه وإن جاز فعله لعذر لنه رضا به ،وكذا ما أكثره حرير ،بخلف ما إذا كان أكثره من غير
الحرير أو تساويا فل حرمة ،والعبرة بالوزن ل بالظهور في الرؤية ،فالطالس المعروفة حلل.
وقيل :بحرمتها وفيه تضيـيق ،ومثل الحرير في الحرمة المزعفر :أي المصبوغ بالزعفران كله
أو بعضه بحيث يطلق عليه اسم الزعفران في العرف ،وأما المعصفر فإنه مكروه ،بخلف سائر
المصبوغات من أحمر وأصفر وأخضر وأسود ومخطط ،فإنها تحل من غير كراهة في شيء
منها على المعتمد ،ويحل من الحرير خيط المفتاح ،وخيط الميزان ،وخيط الكوز وغطاؤه ،وخيط
المنطقة ،وخيط القنديل ،وليقة الدواة ،وتكة اللباس ،وزر الطربوش ،وكيس المصحف وخيطه،
وزر نحو القميص ،وخيط الخياطة ،وخيط السبحة .واختلف في شراريبها :فقيل :حلل مطلقًا،
وقيل :حرام مطلقًا ،والمعتمد التفصيل ،فالشّرابة التي هي طرف الخيط عند المسماة بالمئذنة تحل
إذا كانت من أصل خيط السبحة ،وإل حرمت ،بخلف ما بـين الحبات من الشراريب فإنها تحرم
ولو من أصل الخيط ،ويحل المشي على الحرير ولو مع الترّدد ،ويجوز الدخول بـين ستر الكعبة
وجدارها لنحو الدعاء ،ويجوز اللتصاق بسترها من خارج في نحو الملتزم .ولمن له ولية
التأديب إلباس الحرير للصبـي والمجنون ل افتراشه ول اّدثاره.
رقم الصفحة150 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ويحل وضع الشرطة بشرط أن ل تزيد على وزن الثوب وأن ل تزيد الشرطة على أربعة
ل وعرضًا، أصابع في العرض وإن زادت في الطول ،وأن ل تزيد الرقع على أربعة أصابع طو ً
ويحل التطريف بالحرير بأن يجعل طرف ثوبه مسجفًا به قدر عادة أمثاله من غير نظر إلى زيادة
الوزن ،فإن زاد على عادة أمثاله وجب قطع الزائد وإن باعه لمن هو عادته ،بخلف ما لو اشتراه
ممن عادته ذلك وكان زائدًا على عادة أمثال المشتري فإنه يحل لنه يغتفر في الدوام ما ل يغتفر
في البتداء ،ويجوز استعمال الحرير لضرورة كحر وبرد مهلكين أو مضرين ،وكفجأة حرب،
ولحاجة كجرب ودفع قمل ،وستر عورة في الصلة وعن عيون الناس وفي الخلوة إذا لم يجد غير
الحرير في الجميع مما يقوم مقامه.
ي الذهب والفضة ،ل فرق في ذلك بـين اليسير والكثير .نعم يجوز ويحرم على الرجل والخنثى حل ّ
ل وصفة ،وكذا يجوز لهما اتخاذ لهما لبس خاتم الفضة حيث كان على عادة أمثالهما قدرًا ومح ً
ن منهما ولو تعّددت النملة حيث تعّددت الصابع بعددها ،ول يجوز اتخاذ النف والنملة والس ّ
أصبع بكمالها منهما ،وأما النملتان من أصبع واحد ،فإن كانتا من أعلى الصابع جاز اتخاذهما
لوجود العمل بواسطة النملة السفلى ،وإن كانتا من أسفله امتنع لعدم وجود العمل ،ويحل للرجل
حلية آلة الحرب بالفضة وإن لم يكن محاربًا ،لن المقصود إغاظة الكفار ،وهي حاصلة ولو لمن
بدارنا منهم ،وذلك بشرط أن تكون هذه اللة مما يصلح للحرب عادة كسيف ورمح وسكين
الحرب وترس .ومثل ذلك الحياصة والدرع والخف بشرط عدم السرف ،أما مع السرف فتحرم ل
مثل سكين المهنة والمقشط ونحوه فل يجوز فيه ذلك ،وخرج باللة أوعيتها كالقراب ونحوه فل
يجوز فيه ذلك ،ومثل ذلك ما ليس ملبوسًا له كسرج ولجام وركاب ،وخرج بالفضة الذهب فيحرم
ذلك منه مطلقًا ،وخرج بالرجل المرأة والخنثى فل يجوز لهما شيء من ذلك لما فيه من التشبه
ن فعله حرامبالرجال ،والتحلية تسمير قطع النقد على نفس اللة مع الحكام ،فخرج التمويه فإ ّ
مطلقًا لما فيه من إضاعة المال ،وتحرم تحلية الدواة والمرآة ونحوهما ،ومثل الذهب والفضة في
الحرمة المنسوج بهما كله أو بعضه والمطلى بأحدهما إذا حصل منه شيء بالعرض على النار،
ومن المطلى أطراف الشاشات التي فيها قصب فيحل ذلك إن لم يحصل منه شيء بالعرض على
النار وإل حرم .أما المرأة فيحل لها جميع ذلك لباسًا وفرشًا وغيرهما بالنسبة للحرير ،أما
المنسوج والممّوه بالذهب أو الفضة وكذا المطرز بهما وبأحدهما فيحل لبسه فقط على المعتمد،
ويحرم عليها فرشه والجلوس عليه وغيرهما من سائر وجوه الستعمالت ،لن علة الحل تزينها
الداعي إلى الميل إليها ووطئها المؤّدي إلى كثرة النسل المطلوب للشارع ،وذلك ل يوجد في غير
اللبس.
رقم الصفحة150 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أن سائر أنواع الذهب والفضة يجوز للنساء استعماله ومن ذلك القبقاب فيجوز لها
اتخاذه من ذهب أو فضة إل في صورتين :الولى :الواني إذ ل فرق في تحريمها بـين النساء
ن ،ومنها القماقم والمباخر وظروف الفناجيل فتحرم على الرجال والنساء .والثانية: وغيره ّ
المنسوج والممّوه والمطرز بهما على التفصيل المتقّدم ،ويجوز لمن له ولية التأديب إلباس حلي
ل من ذهب حيث ل سرف عادة، الذهب والفضة والممّوه بهما للصبـي ولو مراهقًا ،وله إلباسه نع ً
ومثل ذلك الحياصة ،وأما الخنجر والسكين المطليان بالذهب أو الفضة فيحرم إلباسهما له إن
حصل من الطلء شيء بالعرض على النار ،ول يجوز أن يفرش له الحرير ول الممّوه بالذهب
أو الفضة ،ومثله في جميع ذلك المجنون .ويحرم خرم النف ليجعل فيه حلقة من ذهب أو نحوه ل
فرق في ذلك بـين الذكر والنثى ،ول عبرة باعتبار ذلك لبعض الناس في نسائهم وأذن الصبـي
كذلك ول نظر لمزيته بذلك ،وأما النثى فيجوز خرم أذنها على المعتمد ،ويجوز تحلية المصحف
بالفضة للرجال والنساء وبالذهب للنساء خاصة .وخرج بالتحلية التمويه فهو حرام مطلقًا لما فيه
من إضاعة المال سواء حصل منه شيء بالعرض على النار أو ل ،وتجوز كتابته بهما ل تحلية
كتب علم أو حديث ول كتابتهما بهما.
ويحرم تحلية قبور سائر النبـياء والمرسلين والكعبة ومقام إبراهيم بالذهب أو الفضة ،ومثل ذلك
ما يفعلونه في المجمل المعروف فهو حرام ،ويحرم التفرج عليه ،ول يصح الوقف عليه ،وكذا
الذهب الذي على كسوة الكعبة والبرقع على المعتمد .وقال البلقيني :يجوز كسوة الكعبة بالحرير
المنسوج بالذهب لما فيه من التعظيم بكسوتها الفاخرة ،ويحل لبس شيء تنجس ل رطوبة فيه لن
نجاسته عارضة سهلة الزالة ،ول يحل لبس نجس العين كجلد الميتة لما يجب عليه من التنقية
باجتناب النجس لقامة العبادة إل لضرورة كحر ونحوه ،ويحل لباس الجلد النجس للدابة إذ ل تعبد
عليها ما لم يكن من مغلظ.
تتمة :ل يحرم استعمال النشاء في الثياب من المالك لها أو بإذنه واستعمال الدقاق في غسل اليدي
بقدر الحاجة ،والولى لمالك الثياب ترك دقها ،أما إذا كان ذلك للبـيع فهو من الغش المحرم فيجب
إعلم المشتري به ،والولى أيضًا ترك صقلها ،وينبغي طيّ الثياب وذكر اسم ال عليها لما ورد
ن بالليل وأنتم بالنهار
من قوله » :إذا طويتم ثيابكم فاذكروا اسم ال تعالى عليها لئل تلبسها الج ّ
فتبلى سريعًا« ويندب للعلماء والقضاة التزين بما صار شعارًا لهم ليعرفوا فيسئلوا وليطاعوا فيما
عنه زجروا .ويحرم على غيرهم التزيـي بزيهم لما فيه من التلبـيس كما يحرم على غير الصالح
التزيـي بزي الصلحاء ،وفي لبس العمامة الخضراء لمن ليس من أولد فاطمة خلف ،والشريف
هو الذي له نسب من جهة الب ،وأما الذي نسبه من جهة الم فقط فليس شريفًا .نعم له مزية على
ل لنه من ذريته ومن أقاربه. من لم يكن له نسبة أص ً
رقم الصفحة150 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب الزكاة
وهي :اسم لما يخرج عن مال أو بدن ،سمي بها ذلك لنه يطهر المخرج عنه عن تدنيسه بحق
المستحقين ،والمخرج عن الثم ويقيه من الفات ويمدحه عند ال تعالى حتى يشهد له بصحة
اليمان .وأصل وجوبها قبل الجماع آيات كقوله تعالى} :خذ من أموالهم صدقة تطهرهم
وتزكيهم بها{ )) (9التوبة الية (103 :وقوله تعالى} :وآتوا الزكاة{ )) (9التوبة الية(5 :
وأخبار كقوله » :الزكاة قنطرة السلم« رواه الطبراني عن أبـي الدرداء والبـيهقي عن ابن عمر:
أي الزكاة جسر السلم الذي يعبر منه إليه ،فإيتاؤها طريق في التمكن في الدين ،ووجوبها معلوم
ضرورة فيكفر جاحدها في المجمع عليها دون المختلف فيها كزكاة الركاز وزكاة التجارة وزكاة
مال الصبـي ومن جهلها عّرف بها فإن جحدها بعد ذلك كفر ،وفرضت في شّوال في السنة الثانية
من الهجرة بعد زكاة الفطر.
)تجب( أي الزكاة )على( كل )مسلم( ولو غير مكلف ،والمراد أنها تلزم في ماله ،فعلى الولي
إخراجها منه إن اعتقد الوجوب كشافعي وإل كحنفي فل ،أما الكافر الصلي فل يلزمه إخراجها
ولو بعد السلم لكنه يعاقب عليها زيادة على كفره ،والزكاة الواجبة بالسلم ل تسقط بالردة،
ووقف المر في مال المرتد لرّدته ،فإن مات مرتدًا بعد مضي حول من ردته بان أن ل مال له
من حينها فل زكاة ،وإن أسلم أخرج ما مضى ،وله الخراج في ردته وإن لم تصح نيته للضرورة
)حر( ولو كان حر البعض وقد ملك ببعضه الحر نصابًا لتمام ملكه على ما ملكه ببعضه الحر،
ن فل تلزمه لعدم ملكه ،وكذا المكاتب لضعف ملكه ول تلزم سيده لنه غير مالك ول بد من أما الق ّ
ل ،فل زكاة في مال بـيت المال وريع موقوف على أن يكون من وجبت عليه الزكاة معينًا منفص ً
نحو الفقراء والمساجد لعدم تعين المالك ،بخلف الموقوف على معين واحد أو جماعة ،ول زكاة
في مال وقف على جنين لنه ل ثقة لوجوده ول لحياته .ثم الزكاة نوعان :زكاة بدن وهي الفطرة.
وزكاة مال ،وهي واجبة في ثمانية أصناف من أجناس المال ،وهي الذهب والفضة والزروع
والنخل والعنب والبل والبقر والغنم ،ويجب صرف الزكاة لثمانية أصناف من طبقات الناس.
وأما عروض التجارة فهي ترجع للذهب والفضة لن زكاتها تتعلق بقيمتها ،وهي إنما تكون منهما
بخلف زكاة الباقي فإنها تتعلق بعينه.
رقم الصفحة153 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل ،وفضة( ولو غير مضروبة )بلغت ويجب )في ذهب( ولو غير مضروب )بلغ عشرين مثقا ً
ل من عشرين دينارًا شيء وفي عشرين نصف مائتي درهم ربع عشر( لقوله » :ليس في أق ّ
دينار« ،رواه أبو داود وغيره ،وقوله » :ليس فيما دون خمسة أواق من الورق صدقة« ،رواه
الشيخان ،وأواق كجوار وذلك بوزن مكة لقوله » :المكيال مكيال المدينة والوزن وزن مكة
والمثقال لم يتغير جاهلية ول إسلمًا« ،وهو اثنتان وسبعون حبة شعير معتدلة لم تقشر وقطع من
طرفيها ما دق وطال ،والمراد بالدراهم الدراهم السلمية التي كل عشرة منها سبعة مثاقيل وكل
عشرة مثاقيل أربعة عشر درهمًا وسبعان ،وكانت مختلفة في الجاهلية ثم ضربت على هذا الوزن
في زمن عمر بن عبد العزيز أو عبد الملك بن مروان ،أجمع عليه المسلمون ،ول يكمل نصاب
أحد النقدين بالخر لختلف الجنس ،ويكمل الجيد بالرديء من الجنس الواحد وعكسه وإن
اختلف النوع ،والمراد بالجودة النعومة ونحوها ،وبالرداءة الخشونة ونحوها ،ويؤخذ من كل نوع
بقسطه إن سهل بأن قلت النواع ،وإل أخذ من الوسط ،ول يجزىء رديء ومكسور عن جيد
وصحيح ،وله استرداده إن بـين عند الدفع أنه عن ذلك المال وإل فل ،وإذا جاز له السترداد فإن
بقي أخذه ،وإل أخرج التفاوت.
وكيفية معرفة التفاوت أن يقّوم المخرج بجنس آخر كأن يكون معه مائتا درهم جيدة فأخرج عنها
خمسة معيبة والجيدة تساوي بالذهب نصف دينار والمعيبة تساوي به خمسي دينار فيبقى عليه
درهم جيد ،وذلك لن نصف الدينار إذا قسم على الخمسة الجيدة خص كل نصف خمس منه
درهم ،والمعيبة تساوي خمسي دينار وقيمتهما أربعة دراهم من الجيدة فيبقى من نصف الدينار
نصف خمس يقابل بدرهم من الجيدة ،ويجزىء الجيد والصحيح عن ضّدهما بل هو أفضل )كمال
تجارة( فإنه يجب فيه ربع عشر قيمته آخر الحول من نقد رأس المال الذي اشترى العرض به ولو
في ذمته ،وإن كان بعض نصاب أو أبطله السلطان أو لم يكن هو الغالب لنه أصل ما بـيده
وأقرب إليه من نقد البلد ،أما أنه ربع العشر فكما في النقدين لنه يقوم بهما ،وأما أنه من القيمة
ض من جنس ما فلنها المنضبطة ،وألحق الربح بالصل لنه إن ضم إليه في الحول بأن لم ين ّ
يقّوم به كان كالنتاج مع المهات ،وإل بأن أفرد بحول فهو مال تجارة ،وإنما انقطع عن الصل
في الحول فقط لبقاء حكمه عليه في قدر المخرج ومحل الخراج ،وأما اعتباره بآخر الحول فلنه
وقت الوجوب فقطع النظر عما سواه لضطراب القيم ،ولو كان رأس المال عرضًا للقنية أو
نكاحًا أو خلعًا أو صلحًا عن دم عمد فيقّوم مال التجارة بغالب نقد البلد من الدراهم أو الدنانير فإن
بلغ نصابًا زكاه وإل فل.
رقم الصفحة153 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ولو حال الحول بموضع ل نقد فيه كبلد يتعامل فيها بفلوس أو نحوها اعتبر أقرب البلد إليه ،أو
بموضع فيه نقدان غالبان قّوم بما بلغ به نصابًا لتحقق تمام النصاب بأحد النقدين ،فإن بلغه بهما
تخير المالك فيقوم بأيهما شاء .والصل في وجوب زكاة التجارة قوله تعالى} :يا أيها الذين آمنوا
أنفقوا من طيبات ما كسبتم{ )) (2البقرة الية .(267 :قال مجاهد :نزلت هذه الية في زكاة
التجارة .وقوله » :في البل صدقتها وفي البقر صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البر صدقته« .
)وشرط( لوجوب زكاة الذهب والفضة )تمام نصاب كل الحول( لقوله » :ل زكاة في مال حتى
ل ثم أقرضه إنسانًا لميحول عليه الحول« رواه أبو داود وغيره .نعم لو ملك نصابًا ستة أشهر مث ً
ينقطع الحول ،كما نقله الرملي عن الرافعي :أي لنه لما كان باقيًا في ذمة الغير كأنه لم يخرج
عن ملكه ،وكذا ما نقله شيخ السلم عن البلقيني وهو عن أبـي حامد ،لكن قال الشرقاوي :
والمعتمد وجوب الستئناف في ذلك في حق كل من المقترض والمقرض .أما المقترض فلن
النصاب لم يدخل في ملكه إل بقبضه فيدخل فيه وإن لم يتصرف في ذلك المال .وأما المقرض
فلن المال خرج عن ملكه بالقراض فتجب عليه الزكاة إذا تّم الحول من القراض :بمعنى أنها
تستقر في ذمته ،ول يجب الخراج إل إذا رجع له النصاب.
)وينقطع( أي الحول )بتخلل زوال ملك( فإن زال ملكه في أثناء الحول عن النصاب أو بعضه
ببـيع أو غيره فعاد بشراء أو غيره استأنف الحول لنقطاعه بزوال ملكه فعوده ملك جديد فل بّد له
من حول ،ومن ذلك مبادلة أحد النقدين بالخر المسماة بالمصارفة كصرف ريالت فضة بذهب
كما يفعله الصيارفة فيستأنف الحول كلما بادل ،هذا في غير التجارة ،أما هي فل تضر المبادلة
فيها أثناء الحول ،وهي جائزة مع الكراهة إن وجدت الشروط الثلثة التي هي :الحلول والتقابض
والمماثلة عند اتحاد الجنس والثنان اللذان هما الحلول والتقابض عند اختلفه ولم يشتمل النقدان
أو أحدهما على غش ووجدت الصيغة ،وإل بأن لم توجد الشروط أو لم توجد صيغة كانت المبادلة
باطلة ،وكذا إن اشتمل على غش لنها حينئذ من قاعدة مّد :عجوة ودرهم) ،وكره( أي فعل زوال
ملك )لحيلة( أي بأن قصد به الفرار من الزكاة فقط ولم يكن ذلك لحاجة لنه فرار من عبادة ،فإن
ي مباح( كالحلي من أطلق أو كان لحاجة فقط أو لها وللفرار معًا فل كراهة) .ول زكاة في حل ّ
ذهب أو فضة للبس امرأة )ولو( اتخذه بل قصد أو قصد لعارة أو )لجارة( لها إل إن أسرفت
ل فل يحل لها ،وتجب زكاته ،ولو اشترى إناء ليتخذه كخلخال وزن مجموع فردتيه مائتا مثقال مث ً
ل كذلك أو
ل ،ولم يمكنه غيره فبقي حو ًحليًا مباحًا فحبس واضطر إلى استعماله في طهره مث ً
للشرب منه لمرض ،أخبر من الثقة أنه ل يزيله إل هو وأمسكه لجله أو اتخذ الناء ابتداء لذلك ل
تلزمه زكاته ،لنه معّد لستعمال مباح )إل( إذا كان المباح مصحوبًا )بنية كنز( فتجب زكاته
للصرف له بهذه النية عن الستعمال فصار مستغنى عنه كالدراهم ،أو كان المالك لم يعلمه بأن
ورث حليًا مباحًا ولم يعلمه إل بعد حول فتجب زكاته لنه لم ينو إمساكه لستعمال مباح .وخرج
بالحلي المباح المحّرم كالمرود والبرة وخلل السنان من ذهب أو فضة فإنها ملحقة بالناء
ن الخاتم من ذهب والدملج منه للرجل سواء كان المحرم لعينه كآنية أو بالقصد كقصد رجل وكس ّ
لبس حلي امرأة أو عكسه أو لغيرهما كتبر مغصوب صيغ حليًا ،والمكروه كضبة صغيرة للزينة
وما فيه أدنى سرف فتجب زكاتهما.
رقم الصفحة153 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( يجب )في قوت كبّر وأرز( بفتح الهمزة وضم الراء وتشديد الزاي وهي اللغة المشهورة.
واللغة الثانية :كذلك إل أن الهمزة مضمومة أيضًا .الثالثة :ضمهما وتخفيف الزاي على وزن
كتب .الرابعة :بضم الهمزة وسكون الراء كوزن قفل .الخامسة :حذف الهمزة وتشديد الزاي.
السادسة :رنز ،بنون بـين الراء والزاي .السابعة :فتح الهمزة مع تخفيف الزاي على وزن عضد.
)وتمر وعنب بلغ( أي القوت )خمسة أوسق منقى( من تبن وقشر ل يؤكل معه غالبًا وغيرهما
)عشر( لخبر» :ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة« .وخبر مسلم» :ليس في حب ول
تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق« ،وإنما تختص الزكاة بالقوت لن القتيات من الضروريات
التي ل حياة بدونها ،وخرج به ما يؤكل تداويًا أو تنعمًا أو تأّدما كالزيتون والزعفران وعسل
النحل وحب الفجل والبطيخ والرمان وغيرها .والوسق ستون صاعًا كما رواه ابن حبان وغيره
فمجموع الخمسة ثلثمائة صاع ،والصاع أربعة أمداد فيكون النصاب ألف مّد ومائتي مد ،وأما ما
يؤكل قشره معه غالبًا كالذرة فل يعتبر تقشيره عنه بل يدخل في الحساب وإن أزيل تنعمًا كما
يقشر البر ،وأما ما يدخر في قشره ول يؤكل معه كالرز فنصابه عشرة أوسق اعتبارًا بقشره
الذي اّدخاره فيه أصلح له وأبقى بالنصف فتصفيته من قشره ل تجب ،وقشره ل يدخل في
الحساب.
نعم لو حصلت الخمسة أوسق من دون العشرة اعتبرناه دونها ،وذلك )إن سقي( أي القوت )بل
مؤنة( كماء مطر أو نهر أو عين أو قناة أو ساقية حفرت من النهر ،وإن احتاجت لمؤنة لقوله :
»فيما سقت السماء العشر« ) .وإل( يكن كذلك بأن سقي بمؤنة كالدالية )فنصفه( أي العشر لخبر
الشيخين» :فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًا العشر« ،وفيما سقي بالنضح نصف العشر.
والعثرى بفتح العين والثاء المثلثة أو بسكون الثانية هو أن يحفر حفيرة يجري فيها الماء من السيل
إلى أصول الشجر ،وتسمى تلك الحفيرة عاثورًا لن الماّر عليها يتعثر بها .والنضح هو حمل
الماء من نهر أو بئر بحيوان لسقي الزرع ،ويسمى البعير الذكر ناضحًا والنثى ناضحة ،ويسمى
هذا الحيوان أيضًا سانية .وإن سقي بمؤنة ودونها على السوية وجب ثلثة أرباع العشر أو كان
ثلثا السقي بمطر وثلثه بدالية وجب خمسة أسداس العشر وفي عكسه ثلثاه ،ويكون التقسيط باعتبار
عيش الزرع أو الثمر باعتبار المّدة ل باعتبار السقيات ،فلو كانت المّدة من يوم الزرع إلى يوم
الدراك ثمانية أشهر واحتاج في ستة أشهر من الشتاء والربـيع إلى سقيتين فسقي بماء السماء،
وفي شهرين من الصيف إلى ثلث سقيات فسقي بالنضح وجب ثلثة أرباع العشر للسقيتين وربع
نصفه للثلث ،وإن جهل المقدار جعل نصفين فيجب ثلثة أرباع العشر أخذًا بالحوط .ولو علم
أن أحدهما أكثر وجهل عينه فالواجب ينقص عن العشر ويزيد على نصفه فيؤخذ ويوقف الباقي
إلى البـيان.
رقم الصفحة153 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والمعنى في التفرقة كثرة المؤنة وخفتها ول فرق في وجوب العشر أو نصفه بـين الرض
المستأجرة وذات الخراج وغيرهما ،وتكون الرض خراجية إذا فتحها المام عنوة ثم تعّوضها
من الغانمين ووقفها علينا وضرب عليها خراجًا ،أو فتحها صلحًا على أن تكون لنا ويسكنها
الكفار بخراج معلوم فهو أجرة ل يسقط بإسلمهم ،فإن سكنوها به ولم تشترط هي لنا كان جزية
ل عن فتاوى الرملي :ل تسقط الزكاة عن تسقط بإسلمهم .قال حسين المحلي في كشف اللثام نق ً
الرض الخراجية ول يحسب ما يأخذه السلطان من الخراج أو ظلمًا من الزكاة ول يقوم ذلك
مقامها لن الخذ ليس من مستحقيها.
)و( يجب )في كل خمس إبل( بالتنوين فيهما على أن الثاني بدل أو عطف بـيان كما قاله ابن حجر
ل له منزلةفي فتح الجواد )شاة( جذعة ضأن لها سنة ودخلت في الثانية أو أجذعت قبلها تنزي ً
البلوغ بالحتلم ،أو ثنية معز لها سنتان ودخلت في الثالثة ولو كان المخرج من الشاة ذكرًا وإبله
كلها إناث ،وإيحاب الغنم في البل على خلف القاعدة رفقًا بالفريقين لنه لو وجب بعير لضر
بأرباب الموال ،ولو وجب جزء لضر بالفريقين بالتشقيص ،ووجوب الشاة في كل خمس من
البل مستمر )إلى خمس وعشرين( منها ،فإذا بلغت ذلك العدد )فبنت مخاض( وهي واجبها إلى
ست وثلثين وهي ذات سنة كاملة ،سميت بذلك لن أّمها آن لها أن تصير من المخاض :أي
الحوامل ،فإن لم يكن في إبله بنت مخاض فابن لبون ولو خنثى أو مع قدرته على شراء بنت
مخاض أو كانت قيمته أقل منها.
)وفي ست وثلثين( إلى ست وأربعين )بنت لبون( وهي التي تم لها سنتان ،سميت بذلك لنها آن
لمها أن تلد ثانيًا فتكون ذات لبن فإن فقدها لم يجز عنها حق )وست وأربعين( إلى إحدى وستين
)حقة( وهي التي تم لها ثلث سنين ،وسميت بذلك لنها استحقت أن يطرقها الفحل وأن تركب
ويحمل عليها) .وإحدى وستين جذعة( بالذال المعجمة ،وهي التي تم لها أربع سنين ،سميت بذلك
لنها حينئذ أجذعت مقّدم أسنانها :أي أسقطته ،وهي آخر أسنان إبل الزكاة ،واعتبرت في الجميع
النوثة لما فيها من رفق الدر والنسل) .وست وسبعين( إلى إحدى وتسعين )بنتا لبون وإحدى
وتسعين( إلى مائة وإحدى وعشرين )حقتان ومائة وإحدى وعشرين ثلث بنات لبون( ولتغير
الواجب بهذه الواحدة ل بعضها كان لها قسط من الواجب فسقط بموتها بـين تمام الحول والتمكن
من الخراج جزء من مائة وأحد وعشرين جزءًا من بنات اللبون الثلث) .ثم( يستمر ذلك إلى
مائة وثلثين فيتغير الواجب بزيادة تسع ،ثم بكل عشر بعدها فحينئذ يجب بعد زيادة تسع على
المائة والحد والعشرين )في كل أربعين بنت لبون ،و( في كل )خمسين حقة( ففي مائة وثلثين
بنتا لبون وحقة ،وفي مائة وأربعين حقتان وبنت لبون ،وفي مائة وخمسين ثلث حقاق ،وفي مائة
وستين أربع بنات لبون.
رقم الصفحة153 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( يجب )في ثلثين بقرة( إلى أربعين )تبـيع( وهو ذو سنة كاملة ،سمي بذلك لنه يتبع أمه في
المسرح ،ويجزىء عنه تبـيعة بالولى لنها زادت خيرًا بالنوثة وإن كانت أقل منه قيمة
)وأربعين( بقرة إلى ستين )مسنة( وتسمى ثنية ،وهي ذات سنتين كاملتين ،سميت بذلك لتكامل
أسنانها ويجزىء عنها تبـيعان لجزائهما عن ستين كما قال )وستين تبـيعان ،ثم( يختلف الواجب
بكل عشر فيجب )في كل ثلثين تبـيع وأربعين مسنة( ،فحينئذ يجب في كل سبعين مسنة وتبـيع،
وفي ثمانين مسنتان وفي تسعين ثلثة أتبعة ،وفي مائة وعشرة مسنتان وتبـيع ،وفي مائة
وعشرين ثلث مسنات أو أربعة أتبعة.
)و( يجب )في أربعين غنمًا( إلى مائة وإحدى وعشرين )شاة( فمن الضائن جذعة ضأن ،وهي ما
لها سنة ،ومن الماعز ثنية معز ،وهي ما لها سنتان )ومائة وإحدى وعشرين( شاة إلى مائتين
وواحدة )شاتان ،ومائتين وواحدة( إلى ثلثمائة )ثلث( من الشياه )وأربعمائة أربع( منها )ثم في
كل مائة شاة( جذعة من الضأن ،وهي ما لها سنة وثنية من المعز وهي ما لها سنتان ،وما بـين
النصابـين يسمى وقصًا ،وهو عفو ل شيء فيه ،ولو تفرقت ماشية المالك في أماكن فهي كالتي
في مكان واحد حتى لو ملك أربعين شاة في بلدين لزمته الزكاة ،ولو ملك ثمانين في بلدين في كل
بلد أربعون ل يلزمه إل شاة واحدة وإن بعدت المسافة بـينهما.
)وتجب الفطرة على حّر بغروب ليلة فطر عمن تلزمه نفقته ولو رجعية إن فضل عن قوت
ممون( له )يوم عيد وليلته وعن دين( كما اعتمده ابن حجر تبعًا للماوردي ،كقول إمام الحرمين :
دين الدمي يمنع وجوب الفطرة بالتفاق )وما يخرجه فيها( أي الفطرة.
والحاصل أنه يشترط في المؤّدي ثلثة شروط :الّول :السلم فل تلزم الكافر فطرة نفسه بمعنى
أنه ل يطالب بها في الدنيا وإن كان يعاقب على تركها في الخرة ،وتلزم فطرة رقيقه وقريبه
المسلم لوجوب نفقتهما عليه ،هذا في الكافر الصلي .وأما المرتّد ففطرته موقوفة على عوده
للسلم ،وكذا الرقيق المرتّد .الثاني :الحرية فل فطرة على رقيق ل عن نفسه ول عن غيره
سواء كان مكاتبًا أو ل ،أما المكاتب فل تجب فطرته على أحد ل على سيده لستقلله ،ول عليه
لضعف ملكه ومن بعضه حّر وبعضه الخر رقيق يلزمه من الفطرة بقدر ما فيه من الحرية
وباقيها على مالك الباقي ،هذا حيث ل مهايأة بـينه وبـين مالك بعضه ،وإل اختصت الفطرة بمن
وقع زمن الوجوب في نوبته ومثله في ذلك الرقيق المشترك .الثالث :أن يملك ما يفضل عن مؤنة
من تلزمه مؤنتهم من نفسه وزوجته التي في طاعته بخلف الناشزة إذ ل تلزمه مؤنتها ،ومثل
الزوجة الرجعية والبائن الحامل لوجوب نفقتهما ،ولو زّوج أمته بعبده لزمه فطرتها ،ول بّد أيضًا
أن تكون الفطرة فاضلة عن مسكن وخادم لئقين به يحتاج إليهما ،والمراد بحاجته للخادم أن
يحتاجه لخدمته أو خدمة ممونه ،أما حاجته لعمله في أرضه أو ماشيته فل أثر لها.
رقم الصفحة153 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
نعم لو ثبتت الفطرة في ذّمة إنسان يباع فيها مسكنه وخادمه لنها حينئذ صارت من الديون ،وأن
تكون فاضلة عن دست ثوب يليق به وبممونه ،ول يشترط كونها فاضلة عن دينه ولو لدمي كما
رجحه النووي في المجموع واعتمده الذرعي وابن المقري ،لن الدين ل يمنع الزكاة ول يمنع
إيجاب نفقة الزوجة والقريب فل يمنع إيجاب الفطرة التابعة لها ،وإنما لم يمنع الدين وجوبها لن
ماله ل يتعين صرفه له ،وإنما بـيع المسكن والخادم فيه تقديمًا لبراءة ذّمته على النتفاع بهما لن
تحصيلهما بالكراء أسهل كذا قال الرملي ،ويعتبر وجود الفضل بما ذكر وقت الوجوب فوجوده
بعده ل يوجبها اتفاقًا ،وفارق الكفارة حيث تستقّر في ذّمته عند العجز عنها ،لن القاعدة أن الحق
المالي إذا وجب على الشخص بتسبب منه استقّر في ذّمته ،وإن كان معسرًا وقت وجوبه
كالكفارة ،وإن لم يتسبب في وجوبه فل شيء عليه إذا كان معسرًا وقت وجوبه وإن أيسر بعده
كالفطرة.
ويشترط في المؤّدى عنه أمران :الّول :السلم فل تخرج الفطرة عن كافر وفي المرتّد ما مّر.
الثاني :أن يدرك وقت وجوبها الذي هو آخر جزء من رمضان وأّول جزء من شوال ،فتخرج
عمن مات بعد الغروب وعمن ولد قبله ولو بلحظة دون من مات قبله ودون من ولد بعده ،ولو
كان هناك مهايأة في رقيق بـين اثنين بليلة ويوم بأن كان يخدم أحدهما ليلة والخر يومًا ،أو في
نفقة قريب بـين اثنين كذلك فهي عليهما ،لن كل واحد منهما وقع في نوبته جزء من وقت
الوجوب ،ولو قال لرقيقه :أنت حّر مع آخر جزء من رمضان فالفطرة على العتيق إن أيسر في
هذه اللحظة بإرث أو نحوه.
ل من لزمه نفقة شخص لزمه فطرته إن كان ذلك الشخص مسلمًا ،وذلك كالزوجة ضابط :ك ّ
والصول والفروع والرقاب ومثل الزوجة خادمها المملوك لها أو لهما أو المستأجر بالنفقة،
بخلف المستأجر بدراهم ،ولو صحبتها امرأة لتخدمها بالنفقة ل يلزم الزوج فطرتها لعدم
الجارة ،ويستثنى من هذا الضابط مسائل :منها :أنه ل يلزم العبد فطرة زوجته حرة كانت أو
غيرها وإن وجبت نفقتها في كسبه ونحوه لنه ل يملك وإن ملكه سيده .ومنها :أنه ل يلزم البن
فطرة زوجة أبـيه ومستولدته وإن وجبت نفقتهما على الولد لكون الب فقيرًا ،لن النفقة لزمة
للب مع إعساره فيتحملها الولد بخلف الفطرة .ومنها :عبد بـيت المال تجب نفقته على المام
دون فطرته .ومنها :ما لو آجر عبده وشرط نفقته على المستأجر فإن الفطرة على سيده .ومنها:
عبد المالك في المساقاة والقراض إذا شرط عمله مع العامل فنفقته على العامل وفطرته على
سيده .ومنها :ما لو حج بالنفقة ففطرته على نفسه .ومنها :عبد المسجد سواء كان ملكه أو موقوفًا
عليه فل تجب فطرتهما وإن وجبت نفقتهما .وصورة الملك أن يوهب له أو يوصى له به ،ول
يشترط القبول من الناظر فيهما ،وفائدة كونه ملكه أنه يباع في مصالحه ،بخلف الموقوف عليه.
ومنها :الموقوف على غير معين كرجل ومدرسة ورباط أو على جهة كالفقراء.
رقم الصفحة153 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومنها :الزوجة الغنية التي في طاعة الزوج المعسر تجب نفقتها دون فطرتها ،لن المخاطب
بفطرتها زوجها والحال أنه معسر فل يجب عليها إخراج فطرة نفسها لن المخاطب بها غيرها.
ن لها ذلك ،وخرج بما ذكر الناشزة فإن فطرتها على نفسها ،ولو كانت الزوجة أمة مسلمة نعم يس ّ
ل ونهارًا فإن كان حرًا موسرًا فعليه نفقتها وفطرتها ،وإن كان رقيقًا أو معسرًا فعليه
لزوجها لي ً
ل فقط ويستخدمها السيد نهارًا ،فنفقتها نفقتها وعلى سيدها فطرتها ،وإن كانت مسلمة له لي ً
وفطرتها على السيد سواء كان الزوج رقيقًا أو حرًا موسرًا أو معسرًا ،ومفهوم هذا الضابط أن
من لم تجب نفقته ل تجب فطرته ويستثنى من ذلك المكاتب كتابة فاسدة فإن نفقته ل تلزم السيد
ي ل تجب فطرتها على أحد لنها تراها وتلزمه فطرته ،ولو كانت الزوجة شافعية والزوج حنف ّ
على زوجها وهو يراها عليها ،وإذا كان بعكس ذلك وجبت على الزوج لكونه يراها على نفسه،
ولو استأجر شخصًا لخدمته أو لرعي دوابه أو لخدمة زرعه بشيء معين من الدراهم ل تجب
على المستأجر فطرته لكونه مؤجرًا بدراهم إجارة صحيحة أو فاسدة ،بخلف ما لو استخدمه
بالنفقة والكسوة فإنه تجب عليه فطرته ويجزىء أداء المتحمل عنه للفطرة بغير إذن المتحمل لنه
الصل وقد نوى كما قاله ابن حجر .
والحاصل أن اعتبار الفطرة شرعًا متوقف على أربعة أمور :النية .والقدر المخرج .والمؤّدي.
والمؤّدى عنه .أما النية فتكون من المؤّدي عن نفسه أو عمن تلزمه فطرته من زوجة وخادمها
ي من صغير ومجنون ورقيق وأصول وفروع إذا وجبت نفقتهم ونحو ذلك ،أو عن موليه الغن ّ
وسفيه ولو من مال نفسه لنه يستقل بتمليكه ،بخلف أصوله وفروعه الذين ل تجب نفقتهم،
وبخلف الجنبـي فإنه ل بّد من الذن له في الداء عنهم فلو أّدى عنهم بغير إذنهم ل يقع الموقع،
ومن كانت فطرته واجبة على غيره كالزوجة فأخرج عن نفسه من ماله بغير إذن من وجبت عليه
صح ول رجوع له بها على من وجبت عليه لنها تجب ابتداء على المؤّدى عنه ثم يتحملها عنه
المؤّدي ،وتكون النية عند العزل عن المال أو عند الدفع إلى المستحق أو بـينهما.
)و( القدر المخرج من زكاة الفطرة عن واحد )هي صاع( بصاع رسول ال )من غالب قوت بلده(
أي غالب قوت محل وقت الوجوب من جنس واحد عن شخص واحد ،فل يجوز تبعيضه من
جنسين وإن كان أحد الجنسين أعلى من الخر ،كما ل يجزى في كفارة اليمين أن يكسو خمسة
ويطعم خمسة .أما لو أخرج الصاع عن اثنين كأن ملك شخص نصفي عبدين أو مبعضين ببلدين
مختلفي القوت فإنه يجوز تبعيضه ،ولو كان قوتهم البر الذي فيه قليل من الشعير تسومح به ،فإن
كان قوتهم البّر المختلط بشعير كثير تخير إن تساوى الخليطان فيخرج صاعًا من البّر أو الشعير،
فإن كان أحدهما أكثر وجب منه .ويجزى العلى عن الدنى ل عكسه ،فإن لم يجد إل نصفًا من ذا
ونصفًا من ذا .فالوجه أنه يخرج النصف الواجب عليه ول يجزئه الخر لما مّر من أن الصاع ل
يبعض من جنسين ،والعلّو بزيادة القتيات ل بزيادة القيمة ،فأعلى القوات البّر فالسلت ،فالشعير،
فالذرة ،فالرز ،فالحمص ،فالماش ،فالعدس ،فالفول ،فالتمر ،فالزبـيب ،فالقط ،فاللبن ،فالجبن.
ورمز بعضهم لترتيبها فقال:
رقم الصفحة153 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أن للفطرة خمسة أوقات :وقت جواز ،وهو من ابتداء رمضان فإنه يجوز تعجيلها من
ابتدائه ،ول يجوز إخراجها قبله .ووقت وجوب ،وهو بإدراك جزء من رمضان وجزء من شّوال.
ووقت ندب ،وهو قبل صلة العيد .ووقت كراهة ،وهو ما بعد صلة العيد وقبل فراغ اليوم فإنه
يكره تأخيرها عنها ما لم يكن لعذر من انتظار قريب أو أحوج .ووقت حرمة ،وهو ما بعد يوم
العيد فإنه يحرم تأخيرها عنه وتكون قضاء يجب على الفور إن كان التأخير بل عذر وإل فعلى
التراخي.
فصل في أداء الزكاة
وهو دفعها لمستحقيها )يجب أداؤها فورًا( لن حاجة المستحقين إليها ناجزة ولنها حق لزمته
وقدر على أدائها )بتمكن( من الداء وذلك )بحضور مال( وإن عسر الوصول له لتساع البلد
ل أو ضياع مفتاح أو نحوه ،فإن لم يحضر المال لم يلزمه الداء من محل آخر وإن جّوزنا نقل مث ً
الزكاة) .و( بحضور )مستحقيها( لستحالة العطاء من غير قابض وإن لم يطلبوا .والفرق بـين
هذا وبـين دين الدمي حيث ل يجب دفعه إل بالطلب أن الدين لزم ذمة المدين باختياره ورضاه
فتوقف وجوب دفعه على طلبه ،بخلف ما هنا فإنه وجب له بحكم الشارع فلم يتوقف وجوب دفعه
على طلب) .وحلول دين مع قدرة( على استيفائه بأن كان على ملىء حاضر باذل أو جاحد عليه
بـينة ،أو يعلمه القاضي أو على غيره وقبضه ،وبحصول جفاف في الثمار ،وتنقية من نحو تبن
ب ،وتراب في معدن ،وبخلّو مالك من مهم ديني أو دنيوي كما في رّد الوديعة ،وبزوال في ح ّ
حجر فلس لن الحجر به مانع من التصرف ،وبعود مغصوب وضال فيخرج الزكاة حينئذ عن
الحوال الماضية ،فإن تلف قبل التمكن فل زكاة .وشرط لوجوب الداء عن التمكن بهذه المور
تقرر أجرة قبضت قبل مضي المّدة المعقود عليها ،فلو أجر دارًا أربع سنين بمائة دينار معينة أو
في الذمة وتسلمها لم يلزمه كل سنة أن يخرج إل زكاة ما استقر عليه ملكه لضعف الملك في غيره
بتعرضه للزوال بتلف العين المؤجرة ،بخلف الصداق فل يشترط تقرره بتشطير أو موت أو
وطء ولذا قال) :ولو أصدقها( أي المرأة )نصاب نقد زكته( لنها ملكته بالعقد ملكًا تامًا إذ ل يسقط
بموتها قبل وطء وإن لم تسلم المنافع للزوج ،وإنما يثبت تشطيره بتصرف مبتدأ من الزوج من
طلق ونحوه ،وبذلك فارق الجرة فإذا أصدقها نصاب سائمة معينة ومضى حول من الصداق
زكته وإن لم تقبضه ول وطئها ،وخرج بمعينة ما في الذمة لن السوم ل يثبت فيها ،بخلف
إصداق النقد فإنه يزكى إذا تم الحول من الصداق ،وإن كان في الذمة وقبل التمكن وبعده.
رقم الصفحة153 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وشرط له( أي أداء الزكاة شرطان :أحدهما) :نية( .قال ابن حجر في )فتح الجواد( :والنية في
الزكاة ركن ول يشترط النطق بها ول يكفي وحده اهـ) .كهذا زكاة( أو زكاة المال فتجزىء هذه
النية ولو بدون الفرضية إذ الزكاة ل تكون إل فرضًا) .أو صدقة مفروضة( أو واجبة ،وكذا هذا
فرض الصدقة ول يضر شموله لصدقة الفطر ،أل ترى أن نية الزكاة تشملها وذلك لدللة ما ذكر
على المقصود كما اتفق عليه الرملي وابن حجر ،بخلف صدقة مالي فل يكفي لشمولها النفل
وفرض مالي لشموله الكفارة والنذر ،وصدقة فقط لصدقها بصدقة التطّوع) .ل( يشترط
)مقارنتها( أي النية )للدفع بل يكفي( وجود النية قبل الداء إن وجدت )عند عزل أو( عند )إعطاء
وكيل( أو إمام .والفضل لهما أن ينويا عند التفريق على المستحقين أيضًا أو بعد أحدهما وقبل
التفريق لعسر اقتران النية بأداء كل مستحق) .أو( وجدت النية )بعد أحدهما( أي العزل والتوكيل.
ل إلى وكيله ليفرقه تطّوعا ثم نوى به الفرض ثم فرقه الوكيل وقع عن )وقبل التفرقة( فلو دفع ما ً
الفرض إن كان القابض مستحقًا ،أما تقديم النية على العزل أو إعطاء الوكيل فل يجزى كأداء
ي أو كافر ودفعها الزكاة بعد الحول من غير نية ،ولو نوى الزكاة مع الفراز فأخذها صبـ ّ
لمستحقها أو أخذها المستحق لنفسه ثم علم المالك بذلك أجزأ وبرئت ذمته منها لوجود النية من
ي أو الكافر
المخاطب بالزكاة مقارنة لفعله ،ويملكها المستحق لكن إذا لم يعلم المالك بإعطاء الصبـ ّ
لمستحقها وجب عليه إخراجها ،وتقع الولى تطّوعا ،ولو أفرز قدرها ونواها لم يتعين ذلك القدر
المفرز للزكاة إل بقبض المستحق له سواء أكانت زكاة مال أم بدن ،والفرق بـين ذلك والشاة
المعينة للتضحية أن المستحقين للزكاة شركاء للمال بقدرها فل تنقطع شركتهم إل بقبض معتبر.
)وجاز( كما قال الجرجاني ) :لكل( من أحد الشريكين )إخراج زكاة المشترك بغير إذن( شريكه
)الخر( ومن ذلك يؤخذ أن نية أحدهما تغني عن نية الخر ،وذلك إذا أخرج من المشترك )و(
جاز التوكيل في أداء الزكاة لنها حق مالي ،فجاز أن يوكل فيه كديون الدميـين ولذلك جاز
)توكيل كافر وصبـي( أي مميز )في إعطائها لمعين( أي يشترط لجواز توكيل دفع الزكاة إلى من
ذكر تعيـين المدفوع إليه ،ويشترط لبراءة ذمة الموكل العلم بوصولها للمستحق ،ومثل الصبـي
المميز السفيه والرقيق في ذلك) ،و( جاز لمالك النصاب )تعجيلها( أي الزكاة في المال الحولي
)قبل( تمام )حول( فيما انعقد حوله ووجد النصاب فيه لنه أرخص في التعجيل للعباس رواه أبو
داود والحاكم ،ولنه وجب بسببـين فجاز تقديمه على أحدهما كتقديم الكفارة على الحنث ،ومحل
جواز التعجيل في غير الولي ،أما هو فل يجوز له التعجيل عن موليه سواء الفطرة وغيرها .نعم
إن عجل من ماله جاز ول يرجع به على الصبـي وإن نوى الرجوع لنه إنما يرجع عليه فيما
يصرفه عنه عند الحتياج ،ول يصح تعجيل الزكاة على ملك النصاب في زكاة عينية كأن ملك
مائة درهم فعجل خمسة دراهم لتكون زكاة ،إذا تّم النصاب وحال الحول عليه واتفق ذلك فل
يجزئه إذ لم يوجد سبب وجوبها لعدم المال الزكوي ،فأشبه أداء الثمن قبل البـيع والدية قبل القتل
والكفارة قبل اليمين.
رقم الصفحة153 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وخرج بالزكاة العينية زكاة التجارة فيجوز التعجيل فيها بناء على ما مر من أن النصاب فيها
ل أو قيمته مائتان فعجل معتبر بآخر الحول ،فلو اشترى عرضًا قيمته مائة فعجل زكاة مائتين مث ً
زكاة أربعمائة وحال الحول وهو يساوي ذلك أجزأه ،وكأنهم اغتفروا له الترّدد في النية إذ الصل
ل لنه ل يدري ما حاله عند آخر الحول. عدم الزيادة لضرورة التعجيل وإل لم يجز تعجيل أص ً
)ل( يجوز تعجيل الزكاة )لعامين( ول لكثر منهما إذ زكاة غير الّول لم ينعقد حوله ،والتعجيل
قبل انعقاد الحول ممتنع ،فإن عجل لكثر من عام أجزأه عن الّول مطلقًا :أي ميز ما لكل عام أو
ل دون غيره سواء أكان قد ميز حصة كل عام أم ل ،وشرط وقوع المعجل زكاة بقاء المالك
بصفة الوجوب عند آخر الحول ،والقابض بصفة الستحقاق والمال إلى تمام الحول ،فإن مات
مالك أو قابض قبله أو ارتد قابض أو غاب ولم تجز نقل الزكاة ،أو استغنى بمحض غير المعجل
كمعجل آخر أخذه بعد الّول ،أو نقص نصاب ،أو زال عن ملكه وليس مال تجارة لم تجزئه
لخروجه عند الوجوب عن الهلية في الطرفين ،ول يضر غناه بالمعجل وحده أو مع غيره ،ول
عروض مانع فيه قبل الحول كردة وكذا لو لم يعلم استحقاقه أو حياته.
)وحرم تأخيرها( أي تأخير المالك أداء الزكاة بعد التمكن )وضمن( أي المالك )إن( أخر الداء
)وتلف( أي المال )بعد تمكن( وقد مّر لتقصيره ،ومن ثم لو أتلفه بعد الحول ولو قبل التمكن ضمنه
بأن يؤدي ما كان يؤديه قبل التلف فإن أتلفه أجنبـي تعلقت الزكاة بالقيمة ،ويجوز التأخير لطلب
الفضل لتفريقه أو لطلب المام حيث كان تفريقه أفضل ولنتظار قرابة وإن بعدت وجار أو
أحوج أو أصلح لنه تأخير لغرض ظاهر ،هذا إذا لم يكن هناك مضطر ،أما إذا كان ثم من
ل ضررًا يبـيح التيمم فيحرم التأخير مطلقًا ويضمن ما تلف في مدة يتضرر بالجوع أو العري مث ً
التأخير فيخرج قدر الزكاة لمستحقيه وإن لم يأثم كأن أخر ذلك لحصول المكان ،وإذا أخر
لغرض نفسه فيتقيد جواز التأخير بشرط سلمة العاقبة ،أما ما تلف قبل التمكن من غير تقصير
فل ضمان سواء كان تلفه بعد الحول أم قبله ،فإذا كان من نصاب ل وقص سقط قسطه وبقي قسط
الباقي فيتعلق الفرض بالنصاب فقط وذلك لنتفاء تقصيره ،فإن قصر كأن وضعه في غير حرز
مثله كان ضامنًا ،وخرج بالتلف قبل التمكن ما لو مات المالك قبل التمكن فل يسقط الضمان بل
يتعلق الواجب بتركته.
)و( ثانيهما) :إعطاؤها( أي الزكاة )لمستحقيها( فل تصرف الزكوات إل إلى الصناف الثمانية
المذكورين في قوله تعالى} :إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم
وفي الرقاب والغارمين وفي سبـيل ال وابن السبـيل{ )) (9التوبة :الية .(60وبـيان هذه
الصناف على ترتيب الية الكريمة أن نقول :الفقير هو من ل مال له ول كسب لئق به يقع كل
منهما أو مجموعهما موقعًا من كفايته مطعمًا وملبسًا ومسكنًا وغيرها ،مما ل بّد له منه على ما
يليق بحاله وحال ممونه كمن يحتاج إلى عشرة في كل يوم ول يملك أو ل يكتسب إل أقل من
ل يليق به ،فالكسب الحرام ل يمنع الفقر ،ولو كان في سعة خمسة ،والمراد باللئق أن يكون حل ً
منه فيحل له الخذ من الزكاة ،وعلم من ذلك أن أهل البـيوت الذين ل يعتادون الكسب بأيديهم لهم
أخذ الزكاة ،وهو المعتمد .والكسوب غير فقير وإن لم يكتسب بالفعل إن وجد من يستعمله وقدر
عليه ولق به وحل له تعاطيه.
رقم الصفحة153 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والمسكين هو من له مال أو كسب لئق به يقع موقعًا من كفايته إن قتر ،ول يكفيه لو توسط كمن
ل يكفيه إل عشرة ،ول يملك أو يكتسب إل خمسة فما فوقها إلى دون ما يكفيه ،ويمنع فقر
الشخص ومسكنته كفاية بنفقة واجبة إن تيسرت له ،أما إذا تعسرت كأن كان الزوج معسرًا بالنفقة
أو بتمامها فللزوجة أن تأخذ كفايتها من الزكاة ،ومن لم يكفها ما وجب لها على زوجها لكونها
أكولة تأخذ تمام كفايتها من الزكاة ولو من زوجها ،ولو كان له كسب لئق به لكنه كان مشتغ ً
ل
بالعلم الشرعي الذي يتأتى منه تحصيله والكسب يمنعه جاز له الخذ من الزكاة قال بعضهم.
وحينئذ تجب نفقته على والده .والعلم الشرعي الفقه والتفسير والحديث وآلتها ،ول يمنع فقره
مسكنه الذي يحتاجه ويليق به ول ثيابه ولو للتجمل ول كتب له يحتاجها وإن تعددت بتعدد الفنون،
فإن تعددت من فن واحد بـيع ما زاد إل لمدرس فتبقى له كلها ويبقى المبسوط لغيره ،ول مال
غائب بمرحلتين أو حاضر حيل بـينه وبـينه أو مؤجل فيعطى إلى أن يصل إلى ماله أو يتمكن منه
ل من المسكين .والعامل أو يحل الجل لنه الن فقير أو مسكين ،وعلم مما مر أن الفقير أسوأ حا ً
على الزكاة مثل الساعي الذي يجبـيها ،والكاتب الذي يكتب ما أعطاه أرباب الموال ،والقاسم
الذي يقسم الزكوات بـين المستحقين ،والحاشر الذي يجمع أرباب الموال أو المستحقين ،والحافظ
لها والحاسب للموال ،ل قاض ووال بل رزقهما في خمس الخمس المرصد للمصالح.
والمؤلفة قلوبهم أربعة أقسام :من أسلم ونيته ضعيفة في السلم أو أهله .ومن أسلم ونيته قوية
فيهما ولكن له شرف في قومه يتوقع بإعطائه إسلم غيره .ومن أسلم ونيته كذلك لكن هو كاف لنا
شّر من يليه من كفار أو مانعي زكاة ،وهذا تحته قسمان فيعطي كل من القسام الربعة ،لكن إنما
يعطى الخيران إذا كان إعطاؤهما أهون علينا من تجهيز جيش يبعث لذلك .والرقاب هم
المكاتبون كتابة صحيحة لغير المزكى فيعطون ما يعينهم على العتق إن لم يكن معهم ما يفي
بنجوم الكتابة ولو بغير إذن ساداتهم أو قبل حلول النجوم وإن كان كسوبًا ،أما مكاتب المزكى فل
يعطي من زكاته شيئًا لعود الفائدة عليه مع كونه ملكه.
والغارم ثلثة أقسام :الّول :من تداين لنفسه في مباح طاعة كان أو ل وإن صرفه في معصية أو
ن صدقه أو في غير مباح وصرفه في مباح ،هذا كله في غير مباح كخمر وصرفه فيه وتاب وظ ّ
قسم أّول من أقسام الغارم الثلثة فيعطى مع الحاجة بأن يحل الدين ول يقدر على وفائه ،بخلف
من تداين لمعصية وصرفه فيها ولم يتب ،ومن لم يحتج فل يعطى شيئًا .الثاني :من تداين لصلح
ذات البـين :أي الحال بـين القوم كأن وجد قتيل بـين قبـيلتين ولم يظهر قاتله وتنازعا في ذلك
فتحمل ديته تسكينًا للفتنة فيعطى ولو غنيًا ترغيبًا في هذه المكرمة .الثالث :من تداين لضمان
ل الدين وأعسر مع الصيل أو وحده وكان متبرعًا بالضمان بأن ضمن بل إذن، فيعطى إن ح ّ
بخلف ما لو ضمن بالذن وكان الصيل موسرًا فل يعطى الضامن لنه يرجع على الصيل بما
أّداه .وفي سبـيل ال المجاهد المتطّوع بالجهاد فيعطى ولو غنيًا إعانة له على الغزو.
رقم الصفحة153 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وابن السبـيل هو منشىء السفر من بلد مال الزكاة أو مجتاز به في سفره فيعطى إن احتاج ول
ن الدافع حاله من استحقاق الزكاة وعدمه عمل بمقتضى ذلك ،ومن معصية بسفره ،ومن علم أو ظ ّ
ن حاله فإن اّدعى ضعف إسلم أو فقرًا أو مسكنة أو كونه غازيًا أو ابن سبـيل صّدق لم يعلم أو يظ ّ
ل أو مكاتبًا أو غارمًا أو بقية المؤلفة
ل أو تلف مال عرف أنه له أو عام ًبل يمين ،وإن اّدعى عيا ً
كلف ببـينة ،وهي عدلن أو عدل وامرأتان يخبران بذلك ،وإن لم يكن بلفظ الشهادة ،وإن لم يتقّدم
دعوى عند حاكم ول استشهاد ،ويغني عن البـينة الستفاضة بـين الناس :أي الشاعة من قوم
يؤمن تواطؤهم على الكذب ،ويكفي أيضًا تصديق دائن للغارم وسيد للمكاتب ،ولو تخلف الغازي
وابن السبـيل عما أخذا لجله بأن مضى ثلثة أيام ولم يترصدا للخروج ولم ينتظرا رفقة استرد
منهما ما أخذاه ،وكذا لو فضل عن حاجة الغازي شيء له وقع ولم يكن قتر على نفسه أما ما ل
وقع له فل يسترد مطلقًا ،وكذا لو قتر على نفسه وفضل شيء بسبب ذلك فل يسترد ،بخلف ابن
السبـيل ،فإنه يسترد منه الفاضل مطلقًا ،ومثله المكاتب إذا عتق بغير ما أخذه والغارم إذا برىء
أو استغنى بغير ما أخذه.
وينبغي للخذ أن يدعو للمعطي لقوله » :من أسدى إليكم معروفًا فكافئوه فإن لم تقدروا على
ي إحسان فكافئوه بمثله فإن لم تجدوا فبالغوا في الدعاء له مكافأته فادعوا له« أي من أحسن إليكم أ ّ
جهدكم حتى تحصل المثلية ،والولى أن يقول في دعائه :طهر ال قلبك في قلوب البرار وزكى
عملك في عمل الخيار وصلى على روحك في أرواح الشهداء.
وإذا قسم المام وجب عليه أربعة أشياء :تعميم الصناف الثمانية إن وجدوا ،وتعميم آحاد كل
صنف إن وفى بهم المال وإل بأن كان قدرا لو وّزع عليهم لم يسّد مسّدا لم يجب التعميم بل يقّدم
الحوج فالحوج منهم ،والتسوية بـين الصناف مطلقًا غير العامل ،أما هو فيعطى أجرة مثله،
والتسوية بـين آحاد الصناف إن استوت الحاجات ،فإن لم يوجد جميع الصناف وجب تعميم من
وجد منهم ،وإن لم تتساو الحاجات دفع إليهم بحسبها فيعطى الفقير والمسكين كفاية بقية العمر
الغالب ،وهو اثنتان وستون سنة فيشتريان بما يعطيانه عقارًا يستغلنه ،وللمام أن يشتري لهما
ذلك ،هذا فيمن ل يحسن الكسب بحرفة ول تجارة ،أما من يحسن الكسب بحرفة فيعطى ما
يشترى به آلتها ،وأما من يحسن التجارة فيعطى ما يشترى به ما يحسن التجارة فيه مما يفي ربحه
بكفايته غالبًا ،ويعطى مكاتب وغارم لغير إصلح ذات البـين ما عجزا عنه من وفاء دينهما،
ويعطى ابن السبـيل ما يوصله مقصده أو ماله إن كان له في طريقه مال ،ويعطى الغازي حاجته
في غزوه ذهابًا وإيابًا وإقامة له ولعياله ويهيأ له مركوب إن لم يطق المشي أو طال سفره وما
يحمل زاده ومتاعه إن لم يعتد مثله حملهما كابن السبـيل ،ويعطى المؤلفة ما يراه ،ويعطى كل فرد
من أفراد العامل أجرة مثله ،ومن فيه صفتا استحقاق كفقير غارم يأخذ بإحداهما ،ومثل المام فيما
ذكر المالك إن انحصروا في البلد ووفى بهم المال فيجب عليه تعميم الصناف حيث وجدوا
والتسوية بـينهم ،وإن تفاوتت الحاجات وتعميم آحاد كل صنف لكن ل تجب التسوية بـين آحاد
الصنف إل إن قسم المام وتساوت الحاجات كما مر ،فإن لم ينحصروا أو لم يوف بهم المال لم
يجز القتصار على أقل من ثلثة من كل صنف ،ومعلوم أنه ل عامل حيث قسم المالك.
رقم الصفحة153 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
تنبـيه :ما تقرر من أنه ل بّد من تعميم الصناف هو معتمد المذهب ،لن معنى الحصر المذكور
في الية عند المام الشافعي رضي ال عنه :إنما تصرف لهؤلء ل لغيرهم ول لبعضهم فقط بل
يجب استيعابهم ،ول يخفى ما في هذا من الصعوبة سيما في زكاة الفطر ،والمعنى عند المام
مالك وأبـي حنيفة رضي ال عنهما إنما تصرف لهؤلء ل لغيرهم وهذا يصدق بعدم استيعابهم
فيجوز دفعها لصنف منهم ول يجب التعميم.
قال ابن عجيل اليمني :ثلث مسائل في الزكاة يفتى فيها على خلف المذهب :نقل الزكاة ،ودفع
زكاة واحد لواحد ،ودفعها إلى صنف واحد .قال :ولو كان الشافعي حيًا لفتى بذلك ،واختار جمع
جواز دفع زكاة الفطر إلى ثلثة فقراء أو مساكين ،وآخرون جوازه لواحد ،وأطال بعضهم في
النتصار له ،وفهم من ذلك أن مقتضى المذهب حرمة نقل الزكاة من محل وجوبها مع وجود
المستحقين به إلى محل آخر ،والمراد بالمستحقين من كانوا فيها في ذلك الوقت وإن لم يكونوا من
أهلها دون غيرهم ،ومحل الوجوب شامل للبلد والقرية والبحر والبر حتى لو حال الحول والمال
في البحر حرم نقله إلى البر ،والمراد بمحل الوجوب المحل الذي حال الحول والمال فيه بالنسبة
لزكاة المال ،أما زكاة الفطر فمحل الوجوب هو الذي غربت شمس آخر يوم من رمضان
والشخص فيه ،والمراد بالمحل الخر الذي يحرم نقل الزكاة إليه المحل الذي بالوصول اليه يجوز
القصر للمسافر ولو خارج السور ،فإن عدمت الصناف في محل وجوبها أو فضل عنهم شيء
وجب نقلها أو الفاضل إلى مثلهم بأقرب بلد إليه ،فإن عدم بعضهم أو فضل عنه شيء رّد نصيب
البعض أو الفاضل عنه على الباقين إن نقص نصيبهم عن كفايتهم ،فإن لم ينقص نقل ذلك إلى ذلك
الصنف بأقرب بلد إليه ،وهذا كله بالنسبة للمالك أما المام فله ولو بنائبه نقل الزكاة مطلقًا.
فائدة :لو كان له دين على آخر فقال المدين لصاحب الدين :ادفع لي من زكاتك حتى أقضيك دينك
ففعل أجزأ عن الزكاة ول يلزم المدين قضاء الدين مما أخذه بل له دفع غيره ،ولو قال صاحب
الدين للمدين .اقض ما عليك لرّده إليك من زكاتي ففعل ،صح القضاء ول يلزم رّده إليه ولو كان
له عليه دين فقال :جعلته عن زكاتي لم يجزئه على الصحيح حتى يقبضه ثم يرّده إليه وقيل:
يجزئه كما لو كان وديعة .وشرط آخذ الزكاة من هذه الصناف أن ل يكون فيه رق إل المكاتب
وأن ل يكون كافرًا ول من بني هاشم وبني المطلب ومواليهم.
رقم الصفحة153 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( حينئذ )لو أعطاها( أي الزكاة )لكافر أو من به رق( غير مكاتب )أو هاشمي أو مطلبـي أو
غني( بمال أو كسب يليق بحاله ومروءته )أو مكفي بنفقة قريب( أو زوج )لم يجزىء( أي ذلك
المعطى عن الزكاة ،نعم يجوز أن يكون الحمال والكيال والوزان والحافظ كافرًا وهاشميًا
ومطلبـيًا ورقيقًا لن ما يأخذونه أجرة في الحقيقة .أما الكافر فللجماع فيما عدا زكاة الفطر،
وترك المسلم الصلة ل يؤثر في إعطائه نعم إن بلغ كذلك أخذ له وليه .وأما الرقيق فلنه غني
بنفقة سيده ولنه لو ملك لم يملك ،وأما بنو هاشم وبنو المطلب فلحديث الحاكم عن علي» :أن
العباس سأل النبـي أن يستعمله على الصدقة فقال :ما كنت أستعملك على غسالة اليدي« .وروى
مسلم أنه قال» :إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس وإنها ل تحل لمحمد ول لل محمد« .
وروى الطبراني أنه قال» :ل أحل لكم أهل البـيت من الصدقات شيئًا ول غسالة اليدي إن لكم في
خمس الخمس ما يكفيكم أو يغنيكم« أي بل يغنيكم .وفي موالي بني هاشم وبني المطلب خلف،
قيل :يجوز الدفع إليهم لن منع ذوي القربى لشرفهم وهو مفقود فيهم ،والصح أنها ل تحل لهم
ي مكتسب« . أيضًا لخبر» :مولى القوم منهم« .وأما الغني فلقوله » :ل حق فيها لغني ول لقو ّ
ل يمكن الوصول إليه أعطيت الزوجة أو القريب ولو غاب الزوج أو المنفق ولم يترك منفقًا ول ما ً
ن للزوجة أن تعطي بالفقر والمسكنة ،وخرج بذلك المكفي بنفقة متبرع فله الخذ من الزكاة ،ويس ّ
زوجها من زكاتها إن كان من أهل استحقاق الزكاة وإن أنفقها عليها.
تنبـيه :مثل الزكاة الكفارة والنذر لنه يسلك به مسلك واجب الشرع هذا إذا كان النذر على جهة
عامة كهذا علي الفقراء ،أما إذا نذر لشخص معين ممن تحرم عليه الصدقة الواجبة فينعقد ،فإن
كان النذر بمعين كهذا الدينار ملكه بنفس النذر ول يتأثر بالرّد كإعراض الغانم بعد اختيار التملك
أو بشيء في الذمة ملكه بالقبض الصحيح ،والشرط عدم الرّد وينعقد النذر للغني والكافر على
التعيـين بخلف الكفارة فل يحل إعطاؤها لهما وليس كل حكم من الحكام منصوصًا عليه بل ما
دخل تحت إطلق الصحاب منزل منزلة تصريحهم كذا نقل عن )زاد الغريب شرح ألفاظ
التقريب( للشيخ جمال الدين محمد بن علي.
رقم الصفحة153 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل ونهارًا ل سيما أيام الجدب والضيق ليحوز بذلك ن صدقة تطوع كل يوم( أي كل وقت لي ً )ويس ّ
العافية في الجسم والمال والهل والخلف السريع في الدنيا والثواب الجزيل في الخرة ،ول تتقيد
الصدقة بمقدار بل تحصل )بما تيسر( ولو شيئًا يسيرًا ففي الصحيحين» :اتقوا النار ولو بشق
تمرة« ،بكسر الشين المعجمة .والمعنى اجعلوا بـينكم وبـين نار جهنم وقاية من الصدقة وأعمال
البر ولو كان التقاء المذكور بجانب التمرة أو نصفها فإنه قد يسّد الرمق سيما للطفل فل يحتقر
المصّدق ذلك ،وقال تعالى} :فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره{ )) (99الزلزلة :الية ،(7ودرهم
ن أن يتصّدق بما يحبه لقوله تعالى} :لن تنالوا
الصدقة أفضل من درهم القرض على المعتمد ،ويس ّ
ن بالصدقة ويبطل به ثوابها، البر حتى تنفقوا مما تحبون{ )) (3آل عمران :الية .(92ويحرم الم ّ
وتباح على الغني والكافر غير الحربـي ،وقد يعرض لها ما يحرمها كأن يعطيها لمن يعلم منه أنه
يصرفها في معصية) .وإعطاؤها( أي الصدقة المندوبة )سرًا وبرمضان ولقريب( ونحوه كزوجة
ن الكثار من الصدقة في رمضان ل وصديق )وجاٍر( أقرب فأقرب )أفضل( من غير ذلك ،ويس ّ
سيما في عشره الواخر ،وأمام الحاجات ،وعند كسوف ،ومرض وحج ،وجهاد وفي أزمنة
وأمكنة فاضلة كعشر ذي الحجة ،وأيام العيد ،والجمعة وعاشوراء ،وشهر رجب وشعبان ومكة
والمدينة وأن يخص بصدقته أهل الخير والمحتاجين) ،ل( يطلب شرعًا التصّدق )بما يحتاجه(
لنفقة ممونه من نفسه وغيره فإنه حرام إن لم يصبر على الضاقة ،وإل فل حرمة لقوله تعالى:
}ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة{ )) (59الحشر :الية (9أو بما يحتاجه لوفاء دين
ن له وفاء لو تصّدق بذلك.
ل يظ ّ
رقم الصفحة153 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب الصوم
حقيقته شرعًا :المساك عن جميع المفطرات على وجه مخصوص ،وصوم رمضان فرض
ل نشأ ببادية بعيدة عن العلماء
بالجماع معلوم من الدين بالضرورة فيكفر جاحده إل إذا كان جاه ً
أو كان قريب عهد بالسلم ،ومن ترك صومه لغير عذر من سفر ومرض غير جاحد لوجوبه
ي ولكن ل أصوم حبس ومنع من الطعام والشراب نهارًا لتحصل له كأن قال :الصوم واجب عل ّ
صورة الصوم ،وهو أحد أركان السلم الخمسة وهي :شهادة أن ل إله إل ال وأن محمدًا رسول
ل وهي فيال ،وإقام الصلة ،وإيتاء الزكاة ،وصوم رمضان ،وحج البـيت من استطاع إليه سبـي ً
الفضلية على هذا الترتيب.
)يجب صوم رمضان( بأحد أربعة أمور :الّول :إكمال شعبان ثلثين يومًا عند عدم ثبوت
رمضان ليلة الثلثين .الثاني :رؤية الهلل ليلة الثلثين فيجب الصوم على الرائي ولو غير عدل
وإن كان حديد البصر ،وإن قال المنجمون :إن الحساب القطعي دل على عدم إمكان الرؤية خلفًا
للقليوبـي ،ومن أخبره موثوق به بأنه رأى الهلل وجب عليه الصوم وإن لم يصّدقه لن خبر
الثقة مقبول شرعًا ،ول أثر لرؤيته في الماء ول في المرآة .وخرج بليلة الثلثين ما لو رؤي نهارًا
فل أثر لذلك ل في دخول الصوم ول في خروجه ،وفي معنى الرؤية العلم بالمارة الدالة على
ثبوت رمضان كسماع المدافع ورؤية القناديل المعلقة بالمنائر ،ولو طفئت بعد إيقادها لنحو شك
في الرؤية ثم أعيدت لثبوتها وجب تجديد النية على من علم بطفئها دون غيره ،ويجب على كل
من المنجم والحاسب أن يعمل بحسابه وكذا من صّدقهما.
الثالث :حكم الحاكم بثبوته بمقتضى شهادة عدل عنده بالرؤية فل بّد أن يقول :حكمت بثبوت هلل
رمضان أو ثبت عندي هلل رمضان ،وإل لم يجب الصوم ،وحيث صدر منه حكم وجب الصوم
على عموم من كان مطلعه موافقًا لمطلع محل الرؤية ،بأن يكون غروب الشمس والكواكب
وطلوعها في المحلين في وقت واحد ،فإن غرب شيء من ذلك أو طلع في أحد المحلين قبله في
الخر أو بعده لم يجب على من لم ير برؤية أهل المحل الخر ،لكن لو سافر من أحد المحلين إلى
الخر فوجد أهله صائمين أو مفطرين لزمه موافقتهم سواء في أّول الشهر أو آخره ،وهذا أمر
مرجعه إلى طول البلد وعرضها سواء قربت المسافة أو بعدت ،ول نظر إلى مسافة القصر
وعدمها ،وعلم أنه متى حصلت الرؤية في البلد الشرقي لزم رؤيته في البلد الغربـي دون عكسه
كما في مكة المشرفة ومصر المحروسة ،فيلزم من رؤيته في مكة رؤيته في مصر ل عكسه لن
الهلل يرى غاربًا ،وتكفي العدالة الظاهرة ،ولو رجع عن شهادته بعد شروعهم في الصوم أو بعد
حكم الحاكم ولو قبل شروعهم في الصوم لزمهم الصوم ،وكل شهر اشتمل على عبادة يثبت
بشهادة العدل الواحد بالنظر للعبادة ،وذلك كرجب وشعبان ،ورمضان وشّوال ،وذي الحجة،
ن دخوله بالجتهاد فيمن اشتبه عليه رمضان ويكفي في الشهادة أشهد أني رأيت الهلل .الرابع :ظ ّ
كأن كان أسيرًا أو محبوسًا.
رقم الصفحة168 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وللصوم شروط لوجوبه ،وشروط لصحته ،وأركان ،وسنن ،ومكروهات ،ومبطلت .أما شروط
وجوبه فثلثة :السلم والتكليف والقدرة على الصوم كما أشار إلى ذلك المصنف بقوله) :يجب
صوم رمضان على مكلف مطيق له( وشروط صحته أربعة :السلم والنقاء من الحيض والنفاس
ل )لكل يوم( والعقل والوقت القابل للصوم) .وفرضه( أي أركان الصوم اثنان :الّول) :نية( لي ً
ل وطلع الفجر وهو ناس لم يحسب له ذلك ومحلها القلب ،ويستحب التلفظ بها ولو نسي النية لي ً
ن في أّول الشهر أن ينوي صوم جميعه اليوم لكن يجب عليه المساك رعاية لحرمة الوقت .ويس ّ
ن ذلك عندنا لنه ربما نسي التبـيـيت وذلك يغني عن تجديدها في كل ليلة عند المام مالك ،فيس ّ
في بعض الليالي فيقلد المام مالكًا ،ويشترط أن يحضر في الذهن صفات الصوم مع ذاته ثم يضم
القصد إلى ذلك المعلوم ،فلو خطر بباله الكلمات مع جهله معناها لم يصح .ومن صفات الصوم
كون الشهر رمضان ،وإن لم يحضر في الذهن ذلك لم يحصل له اليوم الّول ول غيره.
)وشرط لفرضه( أي الصوم من رمضان ولو من صبـي أو غيره كقضاء أو كفارة أو استسقاء
أمر به المام أو نذر )تبـيـيت( للنية لكل ليلة ولو من أّول الليل ،ول يجب التبـيـيت في نفل الصوم
بل تصح نيته قبل الزوال بشرط أن ل يسبقها مناف للصوم.
)وتعيـين( في الفرض المنوي كرمضان أو نذر أو قضاء أو كفارة وفي نفل له سبب ،بخلف
النفل المؤقت كصوم الثنين وعرفة وعاشوراء وأيام البـيض وستة من شوال ،فل يشترط فيه
التعيـين لن الصوم في تلك اليام منصرف إليها بل لو نوى به غيرها حصلت أيضًا كتحية
المسجد ،لن المقصود وجود صوم فيها ،ويستثنى من وجوب التعيـين ما لو كان عليه قضاء
رمضانين أو صوم نذر أو كفارة من جهات مختلفة فنوى صوم غد عن قضاء رمضان أو صوم
نذر أو كفارة جاز ،وإن لم يعين عن قضاء أيهما في قضاء رمضانين ول نوعه في الباقي لنه
كله جنس واحد ،ولو نوى صوم غد وهو يعتقده الثنين فكان الثلثاء أو صوم رمضان هذه السنة
وهو يعتقدها سنة ثلث فكانت سنة أربع صح صومه ،ول عبرة بالظن البـين خطؤه ،بخلف ما
لو نوى صوم الثلثاء ليلة الثنين ولم يخطر بباله صوم غد أو صوم رمضان سنة ثلث وكانت
سنة أربع ولم يخطر بباله السنة الحاضرة فإنه ل يصح لنه لم يعين الوقت الذي نوى في ليلته،
ل وهو غيره فالوجه الصحة من الغالط ل العامد لتلعبه، ولو نوى صوم غد يوم الحد مث ً
وخرج بالتعيـين ما لو نوى الصوم عن فرضه أو عن فرض وقته فل يكفي لنه في الولى يحتمل
رمضان وغيره ،وفي الثانية يحتمل القضاء والداء .وأقل التعيـين هنا أن ينوي صوم غد عن
رمضان ،ول يشترط التعرض للغد بخصوصه لحصول التعيـين دونه كأن يقول :الخميس مث ً
ل
عن رمضان ،أو يقول :رمضان بدون ذكر يوم وإنما هو مثال للتبـيـيت بل يكفي نية دخوله في
صوم الشهر.
رقم الصفحة168 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وأكملها( أي النية وعبارة المنهاج كالمحرر كمال التعيـين) :نويت صوم غد عن أداء فرض
رمضان هذه السنة ل تعالى( إيمانًا واحتسابًا بإضافة رمضان إلى ما بعدها لتتميز عن أضدادها،
ويغني عن ذكر الداء أن يقول :عن هذا الرمضان واحتيج لذكره مع هذه السنة وإن اتحد
محترزهما إذ فرض غير هذه السنة ل يكون إل قضاء لن لفظ الداء يطلق ويراد به الفعل كذا
قاله الرملي .والثاني :المساك عن جميع المفطرات الربعة المذكورة في قوله) :ويفطر عامدًا
عالم مختار( فخرج بالعمد النسيان ،فلو أكل أو شرب ناسيًا للصوم ل يضره لقوله » :من نسي
وهو صائم فأكل أو شرب فليتّم صومه فإنما أطعمه ال وسقاه« وبالعلم بالتحريم الجهل به إذا كان
ل معذورًا فل يفطر ،وبالختيار الكراه ،فلو أكره حتى أكل أو شرب ل يبطل صومه جاه ً
ي أو غيره أنزل أو ل ل أو دبرًا من آدم ّ
)بجماع( أي إدخال حشفة أو قدرها من مقطوعها فرجًا قب ً
عامدًا مختارًا عالمًا بالتحريم ،فل يفطر بالوطء ناسيًا للصوم وإن تكرر ،ول بالكراه ما لم يكن
زنا لنه ل يباح بالكراه فيفطر به ،واعتمد العلمة العزيزي الطلق وقال :ل يفطر حيث أكره
ل بأن الوطء مبطل على الزنا لشبهة الكراه ،والحرمة من حيث نفس الوطء ،وكذا لو وطىء جاه ً
للصوم وكان معذورًا كما مر ،ولو أدخل شخص ذكره في دبر نفسه فإنه يفطر ويحّد ويفسد حجه
ويجب عليه الغسل والكفارة في الصوم كما نقل عن البلقيني .
ي ،وهو مبطل للصوم مطلقًا سواء كان بـيده أو بـيد حليلته أو )واستمناء( أي طلب خروج المن ّ
ي فتارة يكون غيرهما بحائل أو ل بشهوة أو ل ،أما إذا كان النزال من غير طلب خروج المن ّ
بمباشرة ما تشتهيه الطباع السليمة أو ل ،فإن كان ل تشتهيه الطباع السليمة كالمرد الجميل
والعضو المبان ،فل فطر بالنزال مطلقًا سواء كان بشهوة أو ل بحائل أو ل ،وإن كان تشتهيه
الطباع السليمة فتارة يكون من محارمه وتارة ل ،فإن كان من المحارم وكان بشهوة وبدون حائل
أفطر وإل فل ،وإن لم يكن من المحارم فإن كان بدون حائل أفطر سواء كان بشهوة أو ل أما وإن
كان بحائل ولو رقيقًا جّدا فل إفطار ولو بشهوة كما قال) .ل بضم بحائل( والمراد بالشهوة أن
ي وإل كان استمناء وهو مفطر مطلقًا كما مر، يقصد مجرد اللذة من غير أن يقصد خروج المن ّ
وخرج بالمباشرة النظر والفكر ،فلو نظر أو تفكر فأمنى فل فطر ما لم يكن من عادته النزال
ي وتهيئه للخروج بسبب النظر فاستدامه حتى أنزل أفطر س بانتقال المن ّ
بذلك وإل أفطر ،ولو أح ّ
قطعًا ،ول يضر نزوله في النوم ،ويحرم نحو اللمس كالقبلة إن حرك شهوته خوف النزال وإل
فتركه أولى.
رقم الصفحة168 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومن خصوصياته جواز القبلة في الصوم المفروض مع قّوة شهوته لنه كان أملك الناس لربه
)واستقاءة( أي طلب قيء عمدًا مختارًا عالمًا بالتحريم كما مر ،وإن تيقن أنه لم يرجع شيء إلى
جوفه كأن تقايأ منكسًا ،ومن القيء ما لو دخلت ذبابة جوفه فأخرجها ،وكالقيء التجشي فإن تعمده
وخرج شيء من معدته إلى حّد الظاهر أفطر ،ولو كان ناسيًا للصوم أو مكرهًا كما لو غلبه القيء
ل معذورًا فل فطر ،ويستثنى من القيء ما لو اقتلع نخامة من الباطن ورماها سواء قلعها أو جاه ً
من دماغه أو من باطنه لن الحاجة إلى ذلك تتكرر ،وإلى ذلك أشار بقوله) :ل بقلع نخامة( ولو
نزلت من دماغه أو خرجت من جوفه ووصلت إلى حد الظاهر وجب قلعها ومجها ،ويعفى عما
أصابته لو كانت نجسة فإن تركها مع القدرة على ذلك فرجعت إلى حّد الباطن أفطر لتقصيره،
ولو كان في فرض صلة ولم يقدر على مجها إل بظهور حرفين فأكثر لم تبطل صلته ،بل يتعين
ذلك مراعاة لمصلحتها كالتنحنح لتعذر القراءة الواجبة ،وحّد الظاهر هو مخرج الخاء المعجمة
عند الرافعي ،والحاء المهملة عند النووي ،وهو المعتمد ،فإن لم تصل إلى حّد الظاهر المذكور
ل عما ذكر أو حصلت في حّد الظاهر ولم يقدر على قلعها ومجها لم يضر. بأن كانت داخ ً
ولو أصبح وفي فمه خيط متصل بجوفه كأن أكل بالليل كنافة وبقي منها خيط بفمه تعارض عليه
حينئذ الصوم والصلة لبطلن الصوم بابتلعه لنه أكل أو نزعه لنه استقاء ولبطلن الصلة
ببقائه لتصاله بنجاسة الباطن ،فطريق خلصه أن ينزعه منه غيره وهو غافل ،فإن لم يكن غاف ً
ل
وتمكن من دفع النازع أفطر إذ النزع موافق لغرض النفس فهو حينئذ منسوب إليه .قال الزركشي
:وقد ل يطلع عليه عارف بهذا الطريق ويريد الخلص ،فطريقه أن يجبره الحاكم على نزعه ول
يفطر لنه كالمكره ،وحيث لم يتفق له شيء من ذلك وجب عليه نزعه أو ابتلعه محافظة على
الصلة لن حكمها أغلظ لقتل تاركها .وقال بعضهم :يتعين عليه بلعه في هذه الحالة ول يخرجه
لنه ينجس فمه.
)ودخول عين( من أعيان الدنيا وإن قلت :كسمسمة أو لم تؤكل كحصاة )جوفًا( أي يفطر صائم
بوصول عين من تلك إلى مطلق الجوف من منفذ مفتوح مع العمد والختيار والعلم بالتحريم،
ومن العين الحقنة ،ومنها الدخان المعروف ،بخلف دخان البخور لن شأنه القلة ،وأما أعيان
الجنة فل تفطر ،والمراد بمطلق الجوف كل ما يسمى جوفًا وإن لم يكن فيه قّوة إحالة الغذاء
والدواء كحلق وباطن أذن وإحليل ومثانة ،فلو أدخل عودًا في أذنه أو إحليله فوصل إلى الباطن
أفطر ،وينبغي الحتراز حالة الستنجاء لنه متى أدخل من أصبعه أدنى شيء في دبره أفطر،
وكذا لو فعل به غيره ذلك باختياره ما لم يتوقف خروج الخارج على إدخال أصبعه في دبره وإل
أدخله ول فطر.
رقم الصفحة168 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وضابط دخول المفطر أن يصل الداخل إلى ما ل يجب غسله في الستنجاء ،بخلف ما يجب
غسله فيه فل يفطر إذا أدخل أصبعه ليغسل الطيات التي فيه ،ومثل الصبع غائط خرج منه ولم
ينفصل ثم ضم دبره فدخل منه شيء إلى داخله فيفطر حيث تحقق دخول شيء منه بعد بروزه من
ل فل يضره، معدته ،وخرج بالعين الطعم والريح فل يضره ،وبالجوف ما لو طعن فخذه مث ً
ويعفى عن مقعدة المبسور حتى لو توقف دخولها على الستعانة بأصبعه عفي عنه ،ويؤخذ من
التقيـيد بالمنفذ المفتوح أن الواصل بتشرب المساّم ل يضر ،فل يضر الكتحال وإن وجد أثره في
الحلق ،كما ل يضر الغتسال بالماء وإن وجد أثر البرودة أو الحرارة بباطنه.
ق طاهر صرف( بكسر الصاد :أي خالص )من معدنه( أي محله وهو جميع الفم ،أي فل )ل بري ٍ
يضر وصول ريق من معدنه جوفه إذا كان طاهرًا ولم يختلط بغيره ،ولو أخرج ريقه من فمه
على لسانه أو جمعه على لسانه ثم أخرجه على طرفه ثم أعاده ل يفطر ،لن اللسان كيفما تقلب
معدود من داخل الفم ،بخلف ما إذا خرج عن معدنه كالخارج إلى حمرة الشفتين أو كان مختلطًا
بغيره كبقايا الطعام أو متنجسًا كأن دميت لثته فإنه يضر .نعم لو ابتلى بذلك بحيث يجري دائمًا أو
غالبًا سومح بما يشق الحتراز عنه ،ويكفي بصقه ،ويعفى عن أثره ،ول سبـيل إلى تكليفه غسله
جميع نهاره إذ الفرض أنه يجري أو يرشح دائمًا أو غالبًا ،وربما إذا غسله زاد رشحه قاله
الذرعي ،قالوا وهو فقه ظاهر ،ولو بقي بـين أسنانه شيء من أثر طعام وعجز عن تميـيزه
ومجه فسبق مع ريقه إلى جوفه بغير اختياره ل يضر ،ول يضر وصول الذباب أو غبار الطريق
أو غربلة الدقيق جوفه ،وإن تعمد فتح فمه لجل ذلك لن شأنه عسر التحرز عنه ،ول بّد من
تقيـيد الغبار بالطاهر ،فيضر النجس ،ول يضر بلع ريقه أثر المضمضة في الوضوء لعسر
التحرز عنه) .ول بسبق ماء جوف مغتسل عن جنابة بل انغماس(.
والحاصل :أن الصائم لو اغتسل من حيض أو نفاس أو جنابة فسبق الماء إلى جوفه ل يضر ،ول
نظر إلى إمكان إمالة رأسه بحيث ل يدخل شيء لعسره .نعم إن عرف من عادته ذلك حرم عليه
النغماس وأفطر قطعًا إن تمكن من الغسل على غير تلك الحالة ،ومثل ذلك الغسل المسنون،
بخلف غسل التبرد فل يعفى عنه ،وكذا لو تولد من غير مأمور به أو من مأمور به باختياره،
ولو سبق ماء المضمضة أو الستنشاق إلى جوفه فإن كان مع المبالغة أو كان من رابعة يقينًا
أفطر وإل فل.
رقم الصفحة168 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومن مبطلت الصوم :الحيض والنفاس ،ويجب عليهما القضاء بعد انقضاء الدم والولدة ولو
لعلقة ومضغة وإن لم تر المرأة دمًا ،وإغماء كل اليوم ،والجنون ولو في لحظة من النهار ،والرّدة
والعياذ بال تعالى ولو لحظة ،وجملة المبطلت عشرة.
)ويباح فطر( في صوم فرض )بمرض مضّر( فإن شق عليه الصوم فالفطر أفضل ،وإل فالصوم
أفضل لما فيه من تعجيل براءة الذمة ،والفطر له جائز إن خاف مشقة شديدة تبـيح التيمم كأن
خشي من الصوم بطء برء ،فإن تحققها أو غلبت على ظنه حرم الصوم ووجب الفطر ،ثم إن كان
المرض مطبقًا أو كان محمومًا وقت الفجر فله ترك النية من الليل ،وإن كان مطلقًا بأن كان يحم
وقتًا دون وقت ،فإن كان محمومًا وقت صحة النية جاز له تركها وإل فعليه أن ينوي ،فإن عاد
المرض واحتاج إلى الفطار أفطر ،فإن لم يخف المريض مشقة بالصوم تبـيح التيمم بأن كان
ن لم يجز الفطر إل أن يخاف الزيادة بالصوم .فللمريض مرضه يسيرًا كصداع ووجع أذن أو س ّ
ثلثة أحوال :إن توهم ضررًا يبـيح التيمم كره له الصوم وجاز له الفطر .وإن تحقق الضرر
المذكور أو غلب على ظنه أو انتهى به العذر إلى الهلك أو ذهاب منفعة عضو حرم الصوم
ووجب الفطر ،وإن كان المرض خفيفًا بحيث ل يتوهم فيه ضررًا يبـيح التيمم حرم الفطر ووجب
الصوم ما لم يخف الزيادة ،وكالمريض الحصادون والملحون والفعلة ونحوهم ،ومثله الحامل
والمرضع ولو كان الحمل من زنا أو شبهة ولو بغير آدمي حيث كان معصومًا أو كانت المرضع
مستأجرة أو متبرعة ولو لغير آدمي.
)وفي سفر قصر( مباح بأن فارق ما تشترط مجاوزته في صلة المسافر قبل الفجر يقينًا ،والفطر
فيه جائز وإن لم يشق عليه الصوم سواء كان من رمضان أم من غيره نذرًا ولو تعين أو كفارة أو
ب من قضاء ،بخلف السفر القصير وسفر المعصية ،وصوم المسافر بل ضرر يحصل له منه أح ّ
فطره لبراءة ذمته ،وفضيلة الوقت ،ومحله إن لم ينذر التمام ،وإل لم يجز له الفطر مع عدم
الضرر على الوجه ،أما إذا تضرر فالفطر أفضل) .ولخوف هلك( بالصوم على نفسه أو
عضوه أو منفعته من عطش ،أو جوع وإن كان صحيحًا مقيمًا ،وكذا لو خاف على غيره كأن
توقف إنقاذ نحو الغريق على فطره فيلزمه إنقاذه والفطر وإن وجد غيره لئل يؤّدي إلى التواكل،
والفطر فيما ذكر كله جائز بل واجب إن خيف نحو هلك الولد ولم توجد مرضعة أخرى ،ويلزم
كل مترخص بالفطر نية الترخص ليتميز الفطر المباح عن غيره.
)ويجب( على من أفطر )قضاء( صوم واجب من )رمضان( وغيره لقوله تعالى} :فمن كان منكم
مريضًا أو على سفر فعّدة من أيام أخر{ )) (2البقرة :الية (184والتقدير فأفطر فعليه عّدة،
ويجب إتمام قضاء واجب ولو موسعًا شرع فيه لقوله تعالى} :ول تبطلوا أعمالكم{ )) (47محمد:
الية (33ول يجب إتمام تطّوع غير حج وعمرة إل بالنذر ،ول إتمام فرض كفاية كتعلم علم
ي إل النسك وصلة الجنازة والجهاد فيجب إتمامها بالشروع فيها ،وقيل :يحرم شرعي غير عين ّ
ي ،وإنما لم يحرم قطع العلم لنه ليس خصلة واحدة. قطع فرض الكفاية مطلقًا كالعين ّ
رقم الصفحة168 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( يجب )إمساك فيه( أي في رمضان ل في غيره على متعمد الفطر وهو المراد بقوله) :إن
أفطر بغير عذر( وعلى من لم يبـيت النية فيه )أو بغلط( كمن تسحر ظانًا بقاء الليل أو أفطر ظانًا
الغروب فبان خلفه ،ومن ظهر له يوم الثلثين من شعبان أنه من رمضان ،ومن سبقه ماء
ي بلغ مفطرًا ومجنون أفاق ،وكافر المبالغة أو الرابعة في المضمضة والستنشاق ،بخلف صبـ ّ
أسلم ،ومسافر ومريض زال عذرهما بعد الفطر .والضابط في ذلك أن كل من جاز له الفطار مع
ن ،وكل من ل يجوز له مع ذلك يلزمه المساك، عمله بحقيقة اليوم ل يلزمه المساك بل يس ّ
ويجب القضاء على الجميع إل الكافر إذا أسلم في أثناء اليوم ،والصبـي إذا بلغ مفطرًا فل يجب
ب له القضاء. ن ،ولو بلغ الصبـي صائمًا لزمه المساك واستح ّ عليهما القضاء بل يس ّ
)و( يجب )على من أفسده( أي صوم يوم من رمضان أو منع انعقاده )بجماع( أي بتغيـيب جميع
ي أو ميت وإن لم ينزل الحشفة أو قدرها من مقطوعها في فرج ولو دبرًا من آدمي أو غيره من ح ّ
)كفارة( وتعزير )معه( أي القضاء أي من وطىء عامدًا عالمًا بالتحريم في نهار رمضان يقينًا،
ولو غرب بعض القرص ولم يتّم الغروب وهو مكلف صائم آثم بالوطء بسبب الصوم مع عدم
ل للصوم بقية اليوم وجب عليه وعلى الموطوء المكلف القضاء وعليه وحده الشبهة ومع كونه أه ً
الكفارة دون الموطوء.
وحاصل ما ذكر في هذا المقام من الشروط أحد عشر شرطًا :الّول :أنها على الواطىء .الثاني:
أن يكون الوطء مفسدًا ،فخرج الناسي والجاهل والمكره .الثالث :أن يكون ما أفسده صومًا ،فخرج
نحو الصلة .الرابع :أن يكون صوم نفسه فخرج المفطر إذا جامع زوجته الصائمة .الخامس :أن
يكون الفساد بالوطء ،فخرج الفساد بغيره .السادس :أن ينفرد الوطء بالفساد ،فخرج بالوطء
ن أو مات بعد الجماع وقبل وغيره معًا .السابع :أن يستمر على الهلية كل اليوم ،فخرج ما إذا ج ّ
فراغ اليوم فل كفارة .الثامن :أن يكون الصوم من أداء رمضان يقينًا ،فخرج القضاء والنذر ،ومن
وطىء في رمضان وكان صام بالجتهاد ولم يتيقن أنه منه أو صام يوم الشك حيث جاز فبان أنه
من رمضان .ويحصل اليقين بالرؤية أو الحساب أو خبر الموثوق به أو غير الموثوق به إذا اعتقد
ي والمسافر إذا وطىء حليلته مع نية الترخص. صدقه .التاسع :أن يأثم بالوطء ،فخرج الصبـ ّ
العاشر :أن يكون إثمه لجل الصوم ،فخرج الصائم المسافر الواطىء زنا ولم ينو ترخصاً
بالفطار لنه لم يأثم بالوطء للصوم بل للزنا أو لعدم نية الترخص .الحادي عشر :عدم الشبهة،
فخرج من ظن بقاء الليل أو شك فيه أو ظن دخوله فبان نهارًا فل كفارة ،وكذا من أكل ناسيًا فظ ّ
ن
أنه أفطر فوطىء عامدًا فيفطر ول كفارة عليه لن الكفارة كالحدود تدرأ بالشبهة ،ومن ذلك ما لو
أكره على الزنا ففعل فإنه يفطر لن الزنا ل يباح بالكراه ول كفارة عليه لشبهة الكراه ،ولو طلع
الفجر وهو مجامع فاستدام عالمًا بطلوعه وجبت عليه الكفارة لنه ل يقدّر أن صومه انعقد ثم
أفسد.
رقم الصفحة168 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والكفارة عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب المضرة بالعمل والكسب ،فإن لم يجدها فصيام
شهرين متتابعين :فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا أو فقيرًا لكل واحد مّد من غالب قوت البلد،
ولو شرع في الصوم ثم قدر على الرقبة ندب عتقها ،أو شرع في الطعام ثم قدر على الصوم
ندب له ،فلو عجز عن جميع الخصال المذكورة استقرت الكفارة المذكورة في ذمته لما مّر في
زكاة الفطر.
والكفارات أربع :هذه ،وكفارة الظهار ،وهو أن يقول الزوج لزوجته :أنت علي أو مني أو عندي
كظهر أمي أو نحو ذلك مما هو مبـين في محله ،فإذا قال ذلك ولم يتبعه بالطلق بأن يمسكها بعد
ظهاره زمنًا يسع التلفظ بالطلق صار عائدًا فتلزمه الكفارة ،وهي كما مر .وكفارة القتل ،وهي
كما مر إل أنها ل إطعام فيها ،وهذه الثلثة مرتبة ابتداء وانتهاء ،وكفارة اليمين وهي مخيرة
ابتداء إما أن يعتق رقبة أو يطعم عشرة مساكين لكل مسكين مّد ،أو يكسوهم ،مرتبة انتهاء :أي
فإذا عجز عما ذكر صام ثلثة أيام ولو متفرقة.
واعلم أن الفطار في رمضان أربعة أنواع :موجب للقضاء فقط ،وهو الحائض والنفساء والفطر
ن لهما المساك إل إذا انقطع الدم فيفيهما واجب ،ويحرم عليهما الصوم ول يصح منهما ،ول يس ّ
ن إمساك باقي ذلك اليوم .ومسافر سفرًا طويلً مباحًا .ومريض .ونحو الحصادين أثناء يوم فيس ّ
ومثله المنقذ للغريق وحامل ومرضع إذا أفطرتا للخوف على نفسهما ولو مع غيره ومغمى عليه
ل والمتعدي بفطره بغير جماع .وموجب للفدية فقط ،وهو شيخ كبـير ل يطيق وناسي النية لي ً
الصوم ومريض ل يرجى برؤه .وموجب للقضاء والفدية وهو الفطار للخوف على غيره وحده
كالفطار لنقاذ المشرف على الغرق ،وكإفطار الحامل والمرضع خوفًا على الولد ،وإن كان ولد
ي،
غير المرضع .وغير موجب لشيء منهما وهو للمجنون غير المتعدي والصبـي وللكافر الصل ّ
والقضاء في جميع ما ذكر على التراخي إل فيمن أثم بالفطر والمرتّد وترك التبـيـيت عمدًا فعلى
الفور ،والفدية فيما ذكر مّد من غالب قوت البلد لكل يوم من رمضان يصرف للفقير والمسكين
دون غيرهما من مستحق الزكاة.
ثم اعلم أنه تجب الفدية فقط بطريق واحدة ،وهي فوات الصوم وهو على نوعين :الّول :على
هرم لم يطق الصوم في زمن من الزمان ولو بعد رمضان ،وإل لزمه إيقاع الصوم فيما يطيقه
فيه ونحوه من كل عاجز عنه كذلك وهذا هو المشار إليه بقوله) :وعلى من أفطر لعذر ل يرجى
زواله مّد بل قضاء( ولم يجب قضاء وإن قدر عليه بعد لنه غير مخاطب بالصوم فالفدية في حقه
ل ،وبذلك فارق معضوبًا شفي بعد الحج لنه مخاطب به ،ولو عجز عنها لم واجبة ابتداء ل بد ً
تثبت في ذمته كالفطرة .والثاني على ميت مسلم لزمه صوم واجب وتمكن من قضائه فيجب في
تركته لكل يوم مّد وإن ترك الداء لعذر ،فإن انضم إليه تأخير فمدان أو أكثر بحسبه :مّد لفوات
أصل الصوم ،ومّد للتأخير ،ومن ثم لو أفطرت المرأة خوفًا على ولد وأخرت القضاء سنة لعذر
ل منها يجب عند النفراد فكذا وماتت قبل القضاء وجب في تركتها لكل يوم ثلثة أمداد ،لن ك ً
عند الجتماع.
رقم الصفحة168 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وتجب الفدية مع القضاء بطريقين :الطريق الّول :فضيلة الوقت فتجب الفدية على قسمين :الّول:
على حرة حامل ومرضع غير متحيزة من مالهما وإن كانتا مريضتين أو مسافرتين وإن كانت
المرضعة مستأجرة لن الفدية من تتمة إيصال المنافع اللزمة ،بخلف أجير تمتع فإنه يلزم الدم
مستأجرة لنه من تتمة النسك اللزم له وذلك إذا خافت كل منهما على ولد فقط ولو لغير
المرضع .والثاني :على منقذ محترم مشرف على هلك نفسه أو عضوه أو منفعته بنحو صائل
وتوقف النقاذ على الفطرة فأفطر وليس المنقذ متحيرة ول نحو مسافر قصد الترخص أو أطلق،
لن هذا الفطر فطر ارتفق به شخصان هنا وفيما مر كالجماع فإنه لما كان من شأنه ارتفاق
الواطىء والموطوء لزم به القضاء والكفارة العظمى ،والوجه وجوب الفطر في إنقاذ حيوان
محترم مع الفدية ،وجوازه في مال غير حيوان ول فدية لنه ارتفق به شخص واحد.
والطريق الثاني :تأخير القضاء فمن عليه شيء من رمضان فأخر قضاءه بغير عذر حتى دخل
رمضان حرم عليه ولزمه فدية التأخير لكل يوم مّد طعام ،وإلى ذلك أشار بقوله) :وعلى مؤخر
قضاء بل عذر( أي في التأخير بأن أمكنه القضاء في تلك السنة )مّد( وإنما جاز تأخير قضاء
الصلة إلى سنين لصحته كل الوقات وتأخير الصوم إلى رمضان آخر تأخير له إلى نظيره الذي
ل يقبله ول يصح فيه وكان كتأخيرة عن الوقت ،فإن أخر القضاء بعذر كأن استمر سفره أو
نسيانه أو جهله الذي يعذر به أو إكراهه أو إرضاع المرأة إلى عام قابل ،فل شيء عليه من الفدية
والحرمة ما بقي العذر وإن استمر سنين ،ولو كان إفطاره بغير عذر إذ ل يلزم من الثم الفدية،
وخرج بالعذر خلّوه عن العذر بقدر ما عليه فتلزمه الفدية ،ويتكرر المد بتكرر السنين فيجب )لكل
سنة( لن الحقوق المالية ل تتداخل بخلفه في نحو الهرم ل يتكرر لعدم التقصير ،ومن عجز عن
ذلك استقر في ذمته.
ن فل يلزمه فدية هنا ول فيما مر إذ ل قدرة له عليها فإن عتق لزمته ،فإن العبرة بوقت أما الق ّ
الداء ل بوقت الوجوب ،ولو لم يبق بـينه وبـين رمضان القابل ما يسع قضاء جميع الفائت لزمته
ل عما ل يسعه ،ومن مات وعليه صيام رمضان أو نذر أو كفارة قبل إمكان فعله ،بأن الفدية حا ً
استمر مرضه الذي ل يرجى برؤه أو سفره المباح إلى موته فل تدارك للفائت بالفدية ول بالقضاء
ول إثم عليه لعدم تقصيره ،فإن تعدى بالفطار ثم مات قبل التمكن وبعده أو أفطر بعذر ومات بعد
التمكن أطعم عنه وليه من تركته لكل يوم فاته مّد طعام من غالب قوت البلد ،فإن لم يكن له تركة
ن له ذلك لخبر» :من مات وعليه صيام صام عنه وليه« ي إطعام ول صوم ،بل يس ّلم يلزم الول ّ
ي مال ،ويجوز ويجوز لقريبه أن يصوم عنه ولو بغير إذنه وإن لم يكن عاصيًا ول وارثًا ول ول ّ
ن من أهل ذلك للجنبـي بإذن القريب ،وشرط كل من الذن والمأذون البلوغ ل الحرية لن الق ّ
فرض الصوم ويجزىء صوم ثلثين يومًا بالذن في يوم واحد ،أما أجنبـي لم يأذن له قريب ول
ص ول هو في معناه.ميت فيمتنع صومه لنه لم يرد به الن ّ
رقم الصفحة168 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن كما أفادهومن مات وعليه صلة أو اعتكاف لم يفعل ذلك عنه ول فدية لعدم ورودها لكن يس ّ
الشبراملسي ،نعم لو نذر أن يعتكف صائمًا جاز أن يعتكف عنه وليه صائمًا ،فإن لم يفعل بقي
ي عن الميت تبعًا للحج العتكاف في ذمة الميت ،ومثله ركعتا الطواف فيجوز أن يفعلهما الول ّ
عنه ،وفي كل من الصلة والعتكاف قول كالصوم ،ففي وجه عليه كثير من أصحاب الشافعي أن
ي يطعم عن كل صلة مّدا ،واختار جمع من محققي المتأخرين أن الصلة تفعل عن الميت الول ّ
أوصى بها أو ل حكاه العبادي عن الشافعي ،وحكى غيره عن إسحاق و عطاء بل نقل ابن برهان
عن القديم أنه يلزم الولي إن خلف الميت تركة أن يصلي عنه كالصوم .واختار ذلك ابن أبـي
عصرون وابن دقيق العيد والسبكي حتى قيل :إن السبكي صلى عن قريبه بعد موته ،بل قال
المحب الطبري في شرح التنبـيه :يصل للميت كل عبادة تفعل عنه واجبة أو مندوبة ،وقال ابن
ل عن شرح المختار :مذهب أهل السنة أن للنسان أن يجعل ثواب عمله وصلته للميت حجر نق ً
ويصله اهـ.
وعند السادة الحنفية أنه لو مات وعليه صلوات وأوصى بالكفارة عنها يعطى لكل صلة نصف
صاع من بّر كالفطرة وكذا حكم الوتر.
ل ويدفعه لفقير ل استقرض وارثه نصف صاع مث ً والصوم ويعطي من ثلث ماله ولو لم يترك ما ً
ثم يدفعه الفقير للوارث ثم وثم حتى يتّم ما عليه ،ويجوز عندهم أن يقّوم بالدراهم والدنانير
وتصرف للفقراء ،ولو فدى عن صلته في مرضه ل يصح.
ن تسحر( لقوله » :تسحروا فإن في السحور )و( سنن الصوم عشرة :الّول :مذكور بقوله) :س ّ
ل ولو جرعة ماء ،ويدخل وقته بنصف الليل ،والفضل بركة« ويحصل السحور على شيء وإن ق ّ
تأخير السحور ما لم يقع في شك ،لخبر الصحيحين» :ل تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا
السحور« .
ن ذلك ولو ماّرا )و( الثاني) :تعجيل الفطر( بعد تحقق الغروب وقبل الصلة للخبر السابق ،وس ّ
بالطريق ،ول تنخرم مروءته به كطلب الكل يوم عيد الفطر قبل الصلة ولو ماّرا بالطريق،
ن أن يكون الفطر والمعتمد عدم حصول سنة التعجيل بالجماع لما فيه من إضعاف القّوة) .و( س ّ
)بتمر فماء( لخبر صححه الترمذي وابن حبان» :إذا كان أحدكم صائمًا فليفطر على التمر ،فإن لم
يجد التمر فعلى الماء فإنه طهور« وترتيبه في الفضلية أن يكون على رطب فتمر فماء فحلو
فحلواء ،لما ورد أنه »كان يفطر قبل أن يصلي على رطبات ،فإن لم يكن فعلى تمرات ،فإن لم
يكن حسا حسوات من ماء« وقضية هذا الخبر أن السنة تثليث ما يفطر عليه من رطب وغيره،
ل بعد فقد التمر والماء ونحوهما مما ورد ويقّدم العسل على اللبن لنهم نظروا للحلو في هذا المح ّ
ل بالحلوة أو لنفع البصر.تفاؤ ً
رقم الصفحة168 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والثالث :الدعاء المأثور عقب فطره ،وهو :اللهّم لك صمت ،وعلى رزقك أفطرت ،وبك آمنت،
وعليك توكلت ،ذهب الظمأ ،وابتلت العروق ،وثبت الجر إن شاء ال تعالى ،يا واسع الفضل
اغفر لي ،الحمد ل الذي هداني فصمت ،ورزقني فأفطرت.
)و( الرابع) :غسل عن( الحدث الكبر من )جنابة( وحيض ونفاس )قبل فجر( ليؤّدي العبادة على
الطهارة وللخشية من وصول الماء إلى باطن الذن أو الدبر أو غيرهما .وينبغي أن يغسل هذه
المواضع قبل الفجر بنية رفع الجنابة إن لم يتهيأ له الغسل الكامل.
ل محّرم ككذب وغيبة لنه محبط للثواب. ف اللسان عما ل يعني سيما ك ّ والخامس :ك ّ
ف( النفس عن )شهوة( مباحة ل تبطل الصوم من توسع طعام وشراب وتلّذذ )و( السادس) :ك ّ
بنحو مسموع ومبصر وملموس ومشموم كشّم ريحان ونظر إليه ولمسه لن فيه ترفهًا ل يناسب
حكمة الصوم.
)و( السابع مذكور بقوله) :برمضان إكثار صدقة( وجود وزيادة توسعه على العيال وإحسان إلى
ن أن يفطرهم بأن يعشيهم ،فإن عجز عن عشائهم فطرهم ذوي الرحام والجيران ،ومن ثم س ّ
بشربة ماء أو بتمرة أو غيرهما ،لقوله » :من فطر صائمًا فله مثل أجره ول ينقص من أجر
الصائم شيء« )و( إكثار )تلوة( وأذكار وفعل الخيرات في كل مكان حتى الحمام والطريق ،فمن
التلوة المدارسة المعبر عنها بالدارة ،وهي :أن يقرأ على غيره ويقرأ غيره عليه ولو غير ما
ل ليلة من رمضان« . ي في ك ّ
قرأه الّول ،لخبر» :إن جبريل كان يلقى النبـ ّ
)و( الثامن :إكثار )اعتكاف( بأن يعتكف في جميع الشهر وهو في العشر الخر آكد ،ولذا قال:
)سيما( بالتشديد والتخفيف ،وهي دالة لولوية ما بعدها بالحكم مما قبلها ل مستثنى بها ،والفصح
جّر ما بعدها على الضافة وتقديم ل عليها ،بل قال بعض المحققين :إن حذفها لحن وما زائدة،
ويجوز رفع ما بعد ل سيما على أنه خبر مبتدأ محذوف وما حينئذ موصولة ،ويجوز نصبه على
أنه مفعول لفعل محذوف وهو صلة لما :أي ل شيء الذي أريد )عشر آخره( فهي أولى بذلك كله
من غيره للتباع ولنه »كان إذا دخل العشر الخير أحيا الليل وأيقظ أهله وشّد المئزر« ،وهذا
كناية عن القبال على العبادة بهمة ونشاط.
والتاسع :ختم القرآن في جميع رمضان .والعاشر :التتابع في قضاء رمضان.
ومكروهات الصوم ثلثة عشر :أن يستاك بعد الزوال ،وتأخير الفطر .وأن يحجم لغيره وأن
يحتجم منه ،ويفصد ،ويدخل الحمام ،والمخاصمة ،فإن شتمه أحد فليقل :إني صائم ،والكذب،
ق الخاتم الذي على فم العباد،
ق الختم الذي على فمي ،ومثله :بح ّ والفحش ،ويكره أن يقول :بح ّ
ووجه الكراهة أنه حلف بغير ال تعالى وصفاته ،والقبلة لغير من تحّرك شهوته ،ومضغ العلك،
ل كراهته في علك ل يتفتت .أما هو فيحرم مضغه إن تيقن وصول بعض جرمه إلى جوفه، ومح ّ
فإن وصل عمدًا أفطر ،بخلف ما إذا شك أو وصل طعمه أو ريحه فل يضّر لنه مجاور ،ومضغ
الطعام لئل يصل لحلقه .نعم إن احتاج إلى مضغ نحو خبز لطفل لم يكره ،وذوق الطعام أو غيره
خوف الوصول إلى حلقه أو خوف تعاطيه لغلبة شهوة .نعم لو ذاق الطعام لغرض إصلحه
لمتعاطيه لم يكره للحاجة وإن كان عنده مفطر غيره لنه قد ل يعرف إصلحه مثل الصائم كما
أفاده الشبراملسي .
رقم الصفحة168 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وذكر العلماء أن ليوم عاشوراء مزايا لم تكن لغيره .وذلك أنه :خلق فيه آدم داخل الجنة ،وتيب
ي ،وفلق البحر لموسى ،وأغرق في البحر فرعون، عليه فيه ،واستوت سفينة نوح على الجود ّ
ب ،وتيب على قوم يونس ،وولد إبراهيم عليه وأخرج يونس من بطن الحوت ،ويوسف من الج ّ
الصلة والسلم ونجا من النار فيه ،وولد عيسى عليه السلم ،ورفع إلى السماء فيه ،ورّد بصر
ي ال داود فيه اهـ.
يعقوب ،وكشف ضّر أيوب ،وغفر لنبـ ّ
)و( الثالث :صوم يوم )تاسوعاء( وهو تاسع المحّرم لنه قال» :لئن عشت إلى قابل لصوم ّ
ن
التاسع والعاشر« فقبض من عامه.
)و( الرابع :صوم )ستة من شّوال( لحديث» :من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان
كصيام الدهر« .ولقوله أيضًا» :صيام رمضان بعشرة أشهر ،وصيام ستة أيام بشهرين فذلك
صيام السنة« أي كصيامها فرضًا ،وتحصل السنة بصومها متفّرقة منفصلة عن يوم العيد لكن
ن قضاؤها. تتابعها واتصالها بـيوم العيد أفضل وتفوت بفوات شّوال ،ويس ّ
ل شهر :وهي الثالث عشر وتالياه وفي ذي )و( الخامس :صوم )أيام( الليالي )البـيض( من ك ّ
الحجة يصوم السادس عشر بدل الثالث عشر لنه من أيام التشريق وصيامها حرام.
)و( السادس والسابع :صوم يوم )الثنين والخميس( لنه كان يتحّرى صومهما وقال» :إنهما
ب أن يعرض عملي وأنا صائم« . يومان تعرض فيهما العمال فأح ّ
والثامن :صوم الثمانية أيام قبل يوم عرفة سواء في ذلك الحاج وغيره.
والتاسع :صوم الثمانية في المحرم قبل التاسع ول بأس بإفراده .والعاشر :صوم أيام الشهر
الحرم ،وهي أربعة :المحّرم ،ورجب ،وذو القعدة ،وذو الحجة .وأفضل الشهور :رمضان ،ثم
المحّرم ،ثم رجب ،ثم ذو الحجة ،ثم ذو القعدة ،ثم شعبان .وظاهر كلمهم أن باقي شهور السنة
على حّد سواء.
ل شهر :وهي الثامن والعشرون وتالياه. والحادي عشر :صوم أيام الليالي السود من ك ّ
والثاني عشر :صوم شعبان لحبه صيامه فمن صامه نال شفاعته يوم القيامة .والثالث عشر :صوم
يوم وفطر يوم .والرابع عشر :صوم يوم وفطر يومين .والخامس عشر :صوم يوم ل يجد فيه ما
يأكله ،ولو نذر شيئًا من صوم التطّوع وجب ،ويكره الصوم للمريض والحامل والمرضع
والمسافر والشيخ الكبـير إذا خافوا منه مشقة شديدة ،وقد يفضي ذلك إلى التحريم كما مّر ،ويكره
التطّوع بصوم يوم وعليه قضاء فرض وإفراد يوم الجمعة أو السبت أو الحد بالصوم ،وصوم
الدهر لمن خاف به ضررًا أو فوت حق ،ويحرم صوم العيدين وصوم أيام التشريق ،وهي الحادي
عشر من ذي الحجة وتالياه ،وصوم الحائض والنفساء وصوم يوم الشك بل سبب ،وهو يوم
الثلثين من شعبان إذا تحّدث الناس برؤية الهلل ولم يثبت بخلف ما إذا صامه عن قضاء أو
ن ،وصوم النصف الثاني من نذر أو كفارة أو وافق صومه عادة له فل يحرم بل يجب أو يس ّ
شعبان إل أن يصله بما قبله أو يصومه بسبب مما مّر.
رقم الصفحة168 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب العتكاف
حقيقته شرعًا :اللبث في المسجد من شخص مخصوص بنية ،وهو سنة في كل وقت لحديث» :من
اعتكف فواق ناقة فكأنما أعتق نسمة« ويجب بالنذر ،ويحرم على الزوجة والرقيق بغير إذن،
ويكره لذات الهيئة مع الذن ،فتعتريه الحكام ما عدا الباحة ،وهو في العشر الخير من رمضان
أفضل منه في غيره لطلب ليلة القدر ،فيحيـيها .ومراتب إحيائها ثلثة :عليا وهي إحياء ليلتها
بالصلة .ووسطى وهي إحياء معظمها بالذكر .ودنيا وهي أن يصلي العشاء في جماعة والصبح
في جماعة ،والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر ،وينال العامل فضلها وإن لم يطلع عليها
ن الجتهاد في العبادة في ليلتها ويومها ،ويس ّ
ن على المعتمد ،لكن حال من اطلع عليها أكمل ،ويس ّ
لمن رآها أن يكتمها ،وهي من خصوصيات هذه المة ،وباقية إلى يوم القيامة ،ومنحصرة في
العشر الخير من رمضان عند المام الشافعي .وتلزم ليلة منه بعينها على المعتمد ،فقيل :هي
ليلة الحادي والعشرين ،وقيل ليلة :الثالث والعشرين ،وقيل :ليلة السابع والعشرين ،ومقابل
المعتمد أنها تنتقل في ليالي العشر ،وأرجاها ليالي الوتار وأرجى الوتار ليلة الحادي والعشرين،
ونقل عن ابن عباس أنها ليلة السابع والعشرين .وبالجملة فهي من السرار التي يطلع ال عليها
من يشاء من عباده ،ويندب أن يكثر في ليلتها من قول :اللهم إنك عفّو تحب العفو فاعف عني.
ومن علماتها أنها متوسطة ل حاّرة ول باردة ،وتطلع الشمس في صبـيحتها بـيضاء ليس فيها
كثير شعاع ،وهي لحظة لطيفة على صورة البرق الخاطف ،لكن تصير الليلة كلها ذات فضل
لجلها ،وكذلك ترّدد الملئكة في جميع الليل صعودًا وهبوطًا بـين ال تعالى وبـين عباده لقضاء
حوائجهم ،ويتجلى ال تعالى فيها جميعها ،بخلف غيرها فإنه في الثلث الخير فقط ،فيندب إحياء
ليالي العشر كلها لجل مصادفة ليلة القدر ،وهي ليلة ينكشف فيها شيء من عجائب الملكوت،
والناس في هذا الكشف متفاوتون فمنهم من يكشف له عن ملكوت السموات والرض فيرى
الملئكة بـين راكع وساجد ،ومنهم من يرى طبقة من نور .وأفضل الليالي ليلة المولد الشريف
فالقدر فالسراء فعرفة فالجمعة فنصف شعبان فالعيد ،فهذه سبع ليال مرتبة في الفضلية ،وأفضل
اليام يوم عرفة فنصف شعبان فالجمعة والليل أفضل من النهار.
رقم الصفحة181 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وأركان العتكاف أربعة :نية ،ولبث ول بّد أن يزيد على قدر طمأنينة الصلة ،ومسجد،
ومعتكف .وشروطه :إسلم وعقل وخلّو من حدث أكبر ،فل يصح اعتكاف من اتصف بضّد شيء
من ذلك ،وتجب نية الفرضية في المنذور منه ،ويقع كله فرضًا على المعتمد وإن طال مكثه وإن
لم يقيده بمّدة .ومراتب العتكاف ثلثة :مطلق ومقيد بمّدة من غير تتابع ،ومقيد بمّدة وتتابع ،فإن
كان مطلقًا كفته نيته وإن طال مكثه ،لكن لو خرج من المسجد بل عزم عود وعاد جّدد النية إن
أراد العتكاف ويكون هذا اعتكافًا آخر لن الّول قد انقطع ،فإن خرج عازمًا على العود
للعتكاف سواء للمسجد الذي خرج منه أو لغيره كان هذا العزم قائمًا مقام النية ،فل يحتاج لتجديد
نية وإن كان مقيدًا بمّدة من غير تتابع ليومين وخرج لغير تبرز بل عزم عود وعاد جّدد النية وإن
لم يطل الزمن ،بخلف خروجه للتبرز فل يحتاج لتجديد نية وإن طال الزمن لنه ل بّد منه فهو
كالمستثنى عند النية ،أما إذا خرج عازمًا على العود وعاد فل يحتاج لتجديد نية على المعتمد
سواء في جميع ذلك المنذور وغيره ،وإن كان مقيدًا بمّدة وتتابع كعشرة أيام متوالية فل ينقطع
تتابعه بخروجه من المسجد لعذر كنسيان العتكاف وكحيض ونفاس ل تخلو عنه مّدة العتكاف
غالبًا أو عذر مرض يشق معه المقام في المسجد لحاجة فرش أو خادم أو ترّدد طبـيب أو يخاف
منه تلويث المسجد كإسهال وإدرار بول ،بخلف المرض الخفيف فينقطع التتابع بالخروج له،
ص أو حريق ول ينقطع التتابع بخروج مؤذن راتب إلى منارة وفي معنى المرض الخوف من ل ّ
منفصلة عن المسجد قريبة منه للذان لنها مبنية له معدودة من توابعه وقد اعتاد الراتب
صعودها وألف الناس صوته فيعذر فيه ،ويجعل زمن الذان كالمستثنى من العتكاف ،ومتى زال
عذره وجب عليه العود فورًا وبنى على ما مضى ،وما يطول زمنه عادة كمرض وحيض ونفاس
وعّدة ل باختيار يجب قضاء زمنه ،وما لم يطل زمنه عادة كأكل وغسل جنابة وأذان مؤذن راتب
وتبرز ل يجب قضاء زمنه لنه مستثنى إذ ل بّد منه ولنه معتكف فيه حكمًا ،فإن خرج لغير عذر
انقطع تتابعه فيجّدد النية ويستأنف ول يبني على ما مضى منه لبطلنه.
والذي يبطل العتكاف تسعة أشياء :الوطء ،والنزال عن مباشرة بشهوة ،والسكر المتعّدى به،
والرّدة؛ والحيض إذا كانت مّدة العتكاف تخلو عنه غالبًا ،والنفاس كذلك ،والخروج لغير عذر،
والخروج لستيفاء عقوبة ثبتت بإقراره ،وكذلك الخروج لستيفاء حق مماطل به ،والخروج لعّدة
ثبتت باختيارها .فمتى طرأ واحد من هذه على العتكاف المنذور المقيد بالمّدة والتتابع أبطله
وخرج منه ووجب الستئناف ،وإن أثيب على ما مضى في غير الرّدة إن كان مقيدًا بمّدة من غير
تتابع فمعنى بطلنه أن زمن ذلك ل يحسب من العتكاف ،فإذا زال ذلك جّدد النية وبنى على ما
مضى ،وإن كان مطلقًا فمعنى بطلنه أنه انقطع استمراره ودوامه ول بناء ول تجديد نية وما
مضى معتّد به وحصل به العتكاف.
رقم الصفحة181 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أن الطارىء على العتكاف المتتابع إما أن ينقطع تتابعه أو ل ،الذي ل يقطع تتابعه إما
أن يحسب من المّدة ول يقضى أو ل .فالذي يقطعه هذه التسعة ،والذي ل يقطعه ويقضى
كالمرض والجنون والحيض الذي تخلو عنه المّدة غالبًا والعّدة التي بغير اختيارها ،والذي ل
يقضى التبرز والكل وغسل الجنابة وأذان الراتب.
واعلم أن الوطء والمباشرة بشهوة حرام في المسجد مطلقًا ولو من غير معتكف وكذا خارجه في
العتكاف الواجب دون المستحب لجواز قطعه ول يبطل بالغيبة أو الشتم أو أكل الحرام .نعم
ن للمعتكف الصوم.ينقص ثوابه ،وس ّ
رقم الصفحة181 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
حقيقة الحج شرعًا :قصد الكعبة للنسك التي بـيانه مع فعل الركان التية .وقال ابن الرفعة :هو
نفس الفعال التية ،وحقيقة العمرة شرعًا :قصد البـيت للفعال التية ،أو نفس الفعال ،والنسك
ل الجاهل المعذور بأن قرب عهده آخر أركان السلم ومعلوم من الدين بالضرورة فيكفر جاحده إ ّ
بالسلم أو نشأ بعيدًا عن العلماء ،وهو يكفر الصغائر والكبائر حتى التبعات على المعتمد إن
مات في حجه أو بعده وقبل التمكن من أدائها ،لكن قال الشبراملسي :وتكفيره لما ذكر إنما هو
ل أو قتل نفسًا ظلمًا وعدوانًا غفرلثم القدام ل لسقوط حقوق الدميـين بمعنى أنه إذا غصب ما ً
ل فأمره إلى ال في الخرة ال له إثم القدام على ما ذكر ووجب عليه القود ورّد المغصوب وإ ّ
ومثله سائر حقوق الدميـين ،وهو مخالف لطلق غيره وهو المشهور ،وتكفير الحج للذنوب إنما
هو بالنسبة لمور الخرة حتى لو أراد شهادة بعده فل بّد من التوبة والستبراء ،وله فضائل ل
تحصى :منها ما روى ابن حبان عن ابن عمر أن النبـي قال» :إن الحاج حين يخرج لم يخط
ط عنه بها خطيئة ،فإذا وقفوا بعرفات باهى ال بهم ملئكته ل كتب ال له بها حسنة وح ّ خطوة إ ّ
يقول :انظروا إلى عبادي أتوني شعثًا غبرًا ،أشهدكم أني غفرت لهم ذنوبهم وإن كانت عدد قطر
السماء ورمل عالج ،وإذا رمى الجمار لم يدر أحد ما له حتى يوفاه يوم القيامة ،وإذا حلق شعره
فله بكل شعرة سقطت من رأسه نور يوم القيامة ،فإذا قضى آخر طوافه بالبـيت خرج من ذنوبه
كيوم ولدته أمه« .
)يجبان( أي الحج والعمرة )على مكلف حّر مستطيع مرة بتراخ( من حيث الداء فلمن وجبا عليه
ت من الهجرة ،ولم يحج إل سنة بنفسه أو نائبه تأخيرهما بعد سنة المكان لن الحج فرض سنة س ّ
عشر .ومكة قد فتحت سنة ثمان فعدم حجه سنة ثمان وتسع دللة على عدم وجوبه على الفور،
ومحل جواز التأخير إن عزم على فعلهما في المستقبل كما في الصلة :أي فالنسك فرض عين
ل وحج ،ووجوبه على التراخي ،لكن لو يإّعلى المستطيع ومن الشرائع القديمة ،بل ما من نبـ ّ
مات قبل أدائه تبـّين عصيانه من السنة الخيرة من سني المكان حتى لو شهد فيها شهادة ولم
يحكم بها حتى مات فل يحكم بها ،والمتجه أن المراد بالسنة الخيرة زمن إمكان الحج على عادة
أهل بلده ،ومثل موته فيما ذكر عضبه فيتبـين ،من آخر سني المكان وفيما بعده إلى أن يحج عنه،
ويجب عليه الستنابة فورًا ،ويستثنى من كونه على التراخي ما لو خشي العضب أو الموت أو
هلك ماله وكذا لو أفسد حجة السلم فيجب عليه قضاؤها فورًا أو تضيق بالنذر ،ومع كون الحج
ن تعجيله خروجًا من خلف من أوجب الفور على التراخي فل بّد من العزم على فعله ،ويس ّ
ل مرة واحدة في العمر وقد يجب كالمام مالك والمام أحمد .ول يجب النسك بأصل الشرع إ ّ
أكثر منها لعارض كنذر وقضاء عند إفساد التطّوع ،وإحياء الكعبة كل عام بالحج والعمرة فرض
ل أثموا جميعًا.
كفاية بشرط الستطاعة إن قام به البعض سقط الطلب عن الباقين ،وإ ّ
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
المقام الثالث :صحة المنذور ،وشرطها :السلم والتكليف فيصح من الرقيق ويكون في ذمته.
المقام الرابع :الوقوع عن فرض السلم ،وشرطه :الوقت والسلم والتكليف والحرية فيجزىء
ذلك من فقير ل من صغير ورقيق كما مّر ،ولو حج أو اعتمر بمال حرام عصى وسقط فرضه.
المقام الخامس :الوجوب ،وشروطه ما ذكر ما عدا الوقت مع الستطاعة ،وهي نوعان :أحدهما
ل بأمور سبعة :أحدها :وجود مؤنة السفر كالزاد وأوعيته وكلفة استطاعة بالنفس ،ول تتحقق إ ّ
ذهابه إلى مكة ورجوعه منها إلى وطنه وإن لم يكن له فيه أهل ول عشيرة .ثانيها :وجود الراحلة
الصالحة لمثله بشراء بثمن مثل أو استئجار بأجرة مثل لمن بـينه وبـين مكة مرحلتان فأكثر قدر
على المشي أو ل ،لكن يندب للقادر على المشي الحج خروجًا من خلف من أوجبه حينئذ .وأما
من بـينه وبـين مكة دون مرحلتين فإن كان قادرًا على المشي لزمه الحج ول يعتبر في حقه
الراحلة ول يلزمه الحبو والزحف ،وإن عجز عن المشي أو لحقه به ضرر ظاهر فكالبعيد عن
مكة فيشترط في حقه وجود الراحلة ،وإن لحقه بالراحلة مشقة شديدة اشترط في حقه وجود
المحمل ،وهذا في الرجل ،أما المرأة والخنثى فيشترط في حقهما وجود المحمل مطلقًا وإن لم
يتضررا بالراحلة لنه أستر لهما ،ويشترط وجود شريك يجلس في الشق الخر لتعذر ركوب شق
ل يعادله شيء ،ويشترط أن يليق به ذلك المعادل بأن ل يكون فاسقًا ول شديد العداوة وأن ل
ل عن دينه ولو يكون به نحو برص ،ويشترط كون ما ذكر من الزاد والمحمل والشريك فاض ً
ل ،وعن مؤنة من عليه مؤنتهم مدة ذهابه وإيابه ،وعن مسكنه اللئق به الذي لم يزد على مؤج ً
حاجته ،وعن عبد يليق به ويحتاج إليه لخدمته ،ويلزم صرف مال تجارته إلى الزاد والراحلة وما
يتعلق بهما ،ول يلزمه بـيع آلة محترف ول كتب فقيه ول بهائم زرع أو نحو ذلك.
ل ولو يسيرًا ،ويجب ثالثها :أمن الطريق ولو ظنًا في كل محل بحسب ما يليق به نفسًا وبضعًا وما ً
ركوب البحر إن تعين طريقًا وغلبت السلمة في ركوبه ،فان غلب الهلك أو استوى المران أو
جهل الحال حرم ركوبه .رابعها :وجود ماء وزاد وعلف دابة بمحال يعتاد حملها منها بثمن المثل،
وهو القدر اللئق بها زمانًا ومكانًا ،فإن لم يوجد ذلك أو وجد بزيادة على ثمن المثل لم يجب
النسك .خامسها :أن يخرج مع المرأة زوجها أو محرمها أو عبدها أو ممسوح أو نسوة ثقات بأن
ل بها ،ويشترط في جمعن صفات العدالة وإن كن إماء ولو بأجرة مثل فتلزمها إذا لم يخرج إ ّ
وجوب النسك عليها قدرتها عليها لنها من أهبة سفرها.
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
سادسها :الثبوت على المركوب ولو في محمل أو نحوه بل ضرر شديد ،فمن لم يثبت عليه أص ً
ل
أو ثبت بضرر شديد لمرض أو غيره ل يلزمه النسك بنفسه .سابعها :وجود الزمن الذي يسع
المعهود للنسك من بلده إلى مكة بأن يكون قد بقي من الوقت بعد الستطاعة ما يتمكن فيه من
السير المعتاد لداء النسك وهذا هو المعتمد ،فإن وجدت الستطاعة والباقي زمن ل يسع السير
المعتاد لم ينعقد الوجوب في حقه في هذا العام ،ويعتبر في الستطاعة امتدادها في حق كل إنسان
من وقت خروج أهل بلده منه للحج إلى عودهم فمتى أعسر في جزء من ذلك فل استطاعة ،ول
ي ،أما من مات بعد الستطاعة فإنه يحج من عبرة بـيساره قبل ذلك ول بعده وهذا في حق الح ّ
تركته وإن كان موته بعد حجتهم وقبل عودهم ،ول بّد من وجود رفقة يخرج معهم في الوقت الذي
جرت عادة أهل البلد بالخروج فيه ،وأن يسيروا السير المعتاد ،وهذا إن احتيج إلى الرفقة لدفع
الخوف ،فإن أمن الطريق بحيث ل يخاف الواحد فيها لزمه النسك ،ول حاجة للرفقة ،ول نظر
للوحشة لن النسك ل بدل له.
ثانيها :استطاعة بغيره فتجب النابة عن غير مرتد مات وعليه نسك ولو بنحو نذر من تركته كما
ن لوارثه أن يفعله عنه ،ولو فعله عنه أجنبـي ولو بل
تقضى منها ديونه ،فلو لم تكن له تركة س ّ
إذن من الوارث جاز كما يصح قضاء ديونه بل إذن ،فإن لم يكن عليه نسك بأن كان أدى حجة
ل لو أوصى بذلك وإل جازت مطلقًا ،قال شيخنا يوسف :إذا كانت السلم ل تجوز النابة عنه إ ّ
الجرة من المنيب ل من التركة جازت النابة بل وصية .أما المرتد فل تجوز النابة عنه لنه
ل قضى منه دينه ،وما فضل يكون فيئًا ،وتجب النابة عن ليس من أهل العبادة بل لو خلف ما ً
المعضوب الذي عليه النسك ،وهو بالضاد المعجمة :العاجز عن مباشرة النسك بنفسه إذا كان
بـينه وبـين مكة مرحلتان فأكثر ،أما لو كان دون مرحلتين أو كان بمكة فإنه يلزمه مباشرة النسك
بنفسه لقلة المشقة ،نعم إن أنهاه الضنى إلى حالة ل يحتمل الحركة بحال جازت النيابة عنه إما
بأجرة مثل فاضلة عما مّر غير مؤنة عياله سفرًا لنه مقيم عندهم ،وإما بوجود متطوع بالنسك
عنه.
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ويشترط في النائب مطلقًا أن يكون غير معضوب موثوقًا به أّدى فرضه ،ويجوز كون النائب في
نسك التطّوع صبـيًا مميزًا أو عبدًا لنهما من أهل التطوع بالنسك لنفسهما ،ويشترط في صحة
ل حتى لو ترك منه أدبًا سقط من عقد الستئجار للحج معرفة العاقدين أعمال الحج فرضًا ونف ً
الجرة ما يقابله والستئجار فيما مّر ضربان :أحدهما :إجارة عين كاستأجرتك عني أو عن ميتي
هذه السنة ،فإن عين غير السنة الولى لم يصح العقد ،وإن أطلق صح وحمل على السنة
الحاضرة ،ويشترط لصحة العقد قدرة الجير على الشروع في العمل واتساع المدة له ،والمك ّ
ي
ونحوه يستأجر في أشهر الحج .الثاني :إجارة ذمة كقوله :ألزمت ذمتك تحصيل حجة ،ويجوز
الستئجار في هذا الضرب على المستقبل ،فإن أطلق حمل على الحاضرة فتبطل إن ضاق الوقت،
ول يشترط قدرته على السفر لمكان الستنابة في إجارة الذمة ،ولو قال :ألزمت ذمتك لتحج عني
بنفسك بطلت الجارة على ما اعتمده الرملي خلفًا لما نقل عن البغوي :أن ذلك يصح وتكون
تلك الجارة إجارة عين ،ولو استأجر للقران فالدم على المستأجر فإن شرطه على الجير بطلت
الجارة ،ولو كان المستأجر للقران معسرًا فالصوم الذي هو بدل الدم على الجير ،لن الصوم
يقع بعضه في الحج وهو ل يتأتى من المستأجر لن الفرض أنه معضوب وأنه في غير مكة ،ولو
أفسد الجير الحج بالجماع لزمه قضاؤه عن نفسه ،فيقع القضاء له وعليه المضي في فاسده
والكفارة ،وتنفسخ به إجارة العين ويلزمه رّد ما أخذه من المستأجر ،ويبقى عليه الحج في ذمته إن
كانت الجارة إجارة ذمة فيلزمه فيها أن يأتي بعد القضاء عن نفسه بحج آخر للمستأجر في عام
آخر أو يستنيب من يحج عنه في ذلك العام أو غيره ،ولو استأجر المعضوب من يحج عنه فحج
ل للجير ،ولو حضر عنه ثم شفي لم يقع عنه ،فل يستحق الجير أجرة على المعتمد ويقع الحج نف ً
مكة أو عرفة في سنة حج الجير لم يقع حج الجير عنه لتعين مباشرته بنفسه ويلزمه للجير
الجرة ،والفرق بـين هذه وما قبلها أنه ل تقصير منه في حق الجير في الشفاء ،بخلف الحضور
فإنه بعد أن وّرط الجير مقصر به فلزمته أجرته.
)و( أما )أركانه( أي الحج فستة :الّول )إحرام( أي نية دخول في الحج فإن أحرم بحجتين انعقدت
واحدة ،والفضل أن يعين في نيته ،فلو أحرم وأطلق بأن قال :نويت الحرام أو نويت الحرام
بالنسك ،فإن كان في أشهر الحج صرفه إلى ما شاء من النسكين أو أحدهما إن كان وقت الصرف
صالحًا لهما ثم بعد التعيـين يأتي بما عينه فل يجزىء العمل قبله ،وإن كان في غير أشهر الحج
انعقد عمرة بمجّرد النية المطلقة ،فلو صابر الحرام ولم يشرع في شيء من العمال حتى دخلت
أشهر الحج فليس له صرفه إلى الحج لن وقت النية ل يقبل غير العمرة ،ويجوز أن يقول :نويت
الحرام كإحرام زيد ،فإن كان زيد غير محرم أو كان إحرامه فاسدًا انعقد إحرامه مطلقًا ،وإ ّ
ل
ن النطق بالنية فالتلبـية عقبها،
فكإحرامه ،فإن تعّذر معرفة إحرامه نوى قرانًا ثم أتى بعمله .ويس ّ
ي وسأل ال تعالى رضوانه والجنة واستعاذ به من وإذا فرغ من التلبـية صلى وسلم على النبـ ّ
النار.
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( الثاني) :وقوف بعرفة( ويجب فيه حضوره بجزء من أرضها أو على غصن شجرة فيها،
بخلف ما إذا ركب على طائر في هوائها أو ركب على سحاب فيه أو طار هو فيه فل يكفي لن
هواء عرفات ليس له حكمها ،ويكفي الحضور بأرضها وإن كان ماّرا في طلب آبق وإن لم يدر
أنها عرفات ،وعلم من ذلك أن صرف الوقوف إلى غيره ل يؤثر ،بخلف الطواف والسعي
ل للعبادة ل مغمى ورمي الجمار فإنها يضّر فيها الصارف .ويشترط في الواقف كونه محرمًا أه ً
عليه جميع وقت الوقوف ول يضّر النوم ،ووقته )بـين زوال( ليوم تاسع ذي الحجة )وفجر نحر(
ب أن يجمع في الوقوف بـين الليل والنهار. ي وقت من ذلك وقف أجزأه ،ويستح ّ ففي أ ّ
ن في الوقوف أن يكون على طهارة وإكثار الذكر والتهليل والدعاء والتلبـية ،وقراءة القرآن ويس ّ
وإكثار التضّرع والذلة واللحاح في الدعاء ،فيستقبل البـيت الحرام ويبسط كفيه ويقول :الحمد ل
ب العالمين ،ثم يلبـي ثلثًا ويقول :ال أكبر ول الحمد ثلثًا ،ثم يقول :اللهّم انقلني من ذ ّ
ل ر ّ
المعصية إلى عّز الطاعة ،واكفني بحللك عن حرامك ،وأغنني بفضلك عمن سواك ونّور قلبـي
وقبري ،واهدني وأعذني من الشّر كله ،واجمع لي الخير كله .اللهّم إني أسألك الهدى والتقى
والعفاف والغنى .اللهّم آتنا في الدنيا حسنة وفي الخرة حسنة وقنا عذاب النار .اللهّم إني ظلمت
ل أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك نفسي ظلمًا كثيرًا كبـيرًا وإنه ل يغفر الذنوب إ ّ
أنت الغفور الرحيم .اللهّم اغفر لي مغفرة تصلح بها شأني في الدارين ،وارحمني رحمة واسعة
ي توبة نصوحًا ل أنكثها أبدًا ،وألزمني سبـيل الستقامة ل أزيغ أسعد بها في الدارين ،وتب عل ّ
عنها أبدًا.
ي قال» :خير الدعاء دعاء يوم عرفة ،وخير ما وروى عمرو بن شعيب عن أبـيه عن جّده أن النبـ ّ
ل ال وحده ل شريك له ،له الملك وله الحمد وهو على ك ّ
ل قلت أنا والنبـيون من قبلي :ل إله إ ّ
ن الكثار من ذلك حتى قال بعضهم :إن استطاع أن يأتي بها مائة ألف مّرة شيء قدير« فيس ّ
فليفعل ،ومن فاته الوقوف بعرفة بأن طلع فجر يوم النحر ولم يحضر بجزء منها بعد زوال يوم
التاسع في لحظة من ليل أو نهار فاته الحج ،ويجب عليه التيان بما بقي من أركانه وهو الطواف
ل منهما التحلل من حجه المتبوع بالسعي إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم والحلق وينوي عند ك ّ
ل ،وهذا معنى قولهم :تحلل بعمل عمرة. وبفراغها يصير حل ً
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وأما المبـيت بمزدلفة ومنى ورمي الجمار فقد سقط عنه بفوات الحج ول يغنيه ذلك عن عمرة
السلم ،ويجب عليه القضاء فورًا من عام قابل لهذا الحج الذي فاته سواء كان فرضًا أو نف ً
ل
وسواء كان الفوات بعذر أو ل ،ول تشترط الستطاعة بل يجب عليه ولو ماشيًا إن أطاقه ولو كان
بـينه وبـين مكة مرحلتان فأكثر ،ولو استدام الحرام حتى حج به من قابل ل يجوز ،بخلف ما لو
وقف فإنه يجوز له مصابرة الحرام للطواف والسعي والحلق ولو سنين لنه ل آخر لوقتها مع
ل الوقوف ،وأما باقي الركان فل آخر تبعيتها للوقوف وليس للحج ركن يفوت بفوات وقته إ ّ
لوقتها كما مّر ،وإنما يجب القضاء في فوات لم ينشأ عن حصر ،فإن نشأ عنه بأن أحصر فسلك
ل ذلك إنطريقًا آخر ففاته الحج وتحلل بعمل عمرة فل قضاء عليه لنه بذل ما في وسعه ،ومح ّ
كان الطريق الذي سلكه أطول من الّول .أما لو سلك طريقًا آخر مساويًا للّول أو أقرب منه أو
صابر إحرامه غير متوقع زوال الحصار ففاته الوقوف فعليه القضاء ومحله أيضًا غير الفرض.
أما هو ففي ذمته إن استقّر عليه كحجة السلم بعد السنة الولى من سني المكان ،فإن لم يستقّر
كحجة السلم في السنة الولى من سني المكان اعتبرت استطاعة جديدة بعد زوال الحصر إن
ل فل.وجدت وجب وإ ّ
)و( الثالث) :طواف إفاضة( وهو الواقع بعد الوقوف .وأنواع الطواف من حيث هو سبعة :طواف
القدوم ،وطواف الفاضة ،وطواف الوداع ،وطواف التحلل ،وطواف العمرة ،والمنذور،
والمتطّوع به.
)و( الرابع) :سعي( بـين الصفا والمروة )سبعًا( لخبر الدارقطني» :أنه استقبل الناس في المسعى
ن السعي قد كتب عليكم« .وشروطه سبعة :الّول:أن تكون بعد وقال :يا أيها الناس اسعوا فإ ّ
طواف واجب كطواف الفاضة فيمتنع حينئذ أن يسعى بعد طواف نفل وفعله بعد طواف القدوم
ب له إعادته بعد طواف الفاضة بل يكره ،ويستثنى من ذلك ل لبراءة الذمة ،ول يستح ّ أفضل تعجي ً
ي بعد طواف القدوم ثم بلغ في أثناء الوقوف أو قبله فإنه يجب عليه إعادة السعي ما لو سعى الصبـ ّ
ي ،ول تشترط الموالة بـين الطواف والسعي .وظاهر كلم وعتق الرقيق في ذلك كبلوغ الصبـ ّ
ل بعد طواف قدوم أو ركن .وقال بعضهم :الشرط وقوعه بعد الجمهور أنه ل يجوز السعي إ ّ
طواف صحيح فرض أو نفل.
الرابع :قطع المسافة بـين الصفا والمروة بحيث يلصق عقبه بما ذهب منه وأصابع رجليه بما
ذهب إليه .الخامس :أن يكون ببطن الوادي فل يجزىء السعي مع الخروج عنه .السادس :فقد
الصارف فلو سعى في طلب غريم له لم يجز .السابع :أن ل يكون منكوسًا ول معترضًا ول طائرًا
في الهواء كما في الوقوف والطواف.
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ص أو نتف أو غيرها ،والحلق للذكر أفضل )و( الخامس) :إزالة شعر( من الرأس بحلق أو ق ّ
ن التيامن في إزالته واستقبال صاحب الشعر القبلة والتكبـير بعد الفراغ منه،
والتقصير لغيره .ويس ّ
ن لمن ل شعر برأسه إمرار الموسى عليه ،ويدخل وقت وأقله إزالة ثلث شعرات من رأسه ،ويس ّ
طواف الفاضة وإزالة الشعر بنصف ليلة النحر لمن وقف قبل ذلك ول آخر لوقتهما كما مّر ول
ترتيب بـينهما.
)و( السادس) :ترتيب( لمعظم الركان بأن يبدأ بالنية ثم الوقوف ثم الطواف والحلق ثم السعي إن
لم يكن سعى بعد طواف القدوم ،وتقّدم قريبًا أنه ل ترتيب بـين الطواف وإزالة الشعر )ول تجبر(
أي تلك الركان إذا ترك واحدًا منها )بدم( ول بغيره بل ل بّد من فعلها )وغير وقوف( بعرفة
)أركان لعمرة( لكن ل بّد من ترتيب جميع أركانها بأن يفعل الطواف بعد الحرام بها ثم السعي ثم
إزالة الشعر.
)وشرط الطواف( بأنواعه تسعة :الّول) :طهر( عن الحدث الصغر والكبر وعن النجس في
ثوبه وبدنه ومكانه ،ومن الحدث الحيض فيمتنع أن تطوف الحائض حتى تطهر ،فإن رحلت
القافلة قبل أن تطوف طواف الركن وخافت من التخلف فلها الرحيل معهم بل طواف ،فإذا وصلت
ل يتعذر عليها الرجوع منه إلى مكة جاز لها أن تتحلل بذبح فحلق أو تقصير مع نية التحلل إلى مح ّ
ل حينئذ من إحرامها ويبقى الطواف في ذمتها إلى أن تعود ،والقرب أن العود كالمحصر ،وتح ّ
على التراخي ،وإذا ماتت ولم تعد وجب الحجاج عنها بشرطه وتحتاج عند فعل الطواف إلى
إحرام للتيان بالطواف فقط دون ما فعلته قبله من أركان الحج كالوقوف ،وإنما احتاجت إلى
ق الحتراز عنه من نجاسة المطاف ما لم إحرام جديد لخروجها من الحج بالتحلل ويعفى عما يش ّ
تكن رطبة أو يتعمد المشي عليها.
)و( الثاني) :ستر( للعورة السابقة في الصلة مع القدرة وإن حرم اللبس لكون الساتر محيطًا
فيبني الطائف على ما مضى من طوافه إن فقد بعض شروطه في أثنائه :كأن أحدث أو تنجس
ل مع القدرة على الستر وإن تعمد بدنه أو ثوبه أو مطافه بغير معفّو عنه أو عري ولم يستر حا ً
ن له الستئنافذلك وطال الفصل إذ ل يشترط الموالة في الطواف بعد أن تطهر واستتر .نعم يس ّ
خروجًا من الخلف ،هذا في غير الغماء والجنون والسكر .أما من اتصف بذلك في أثناء
الطواف فيجب الستئناف للوضوء والطواف لزوال التكليف.
ل( بأن كان الطواف ليس في ضمن نسك كطواف النفل )و( الثالث) :نيته( أي الطواف )إن استق ّ
والمنذور من الحلل ،وكطواف الوداع فل بّد له من نية لوقوعه بعد التحلل ،بخلف طواف
الركن والقدوم للحاج فل يحتاج إلى نية لشمول نية النسك له.
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( الرابع) :بدؤه بالحجر السود محاذيًا له( أي الحجر أو لجزئه في مروره عليه ابتداء )ببدنه(
أي بجميع منكبه ،فلو تقّدم شيء من منكبه عنه لم يحسب ما طافه فإذا انتهى إليه ابتدأ منه ،ولو
أزيل الحجر والعياذ بال تعالى وجب محاذاة محله ،وصفة المحاذاة أن يستقبل البـيت ويقف
بجانب الحجر من جهة الركن اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ومنكبه اليمن عند
طرفه ثم ينوي الطواف ثم يمشي مستقبل الحجر ماّرا إلى جهة يمينه حتى يجاوزه ،فإذا جاوزه
انفتل وجعل يساره إلى البـيت ،ولو فعل هذا من الّول وترك استقبال الحجر جاز لكن فاتته
ل ما ذكرناه من مروره في البتداء الفضيلة وليس شيء من الطواف يجوز مع استقبال البـيت إ ّ
ب عند وذلك سنة في الطوفة الولى ل غير بل هو ممنوع في غيرها ،وهذا غير الستقبال المستح ّ
ن لمن أراد
ب قطعًا وسنة مستقلة :أي فيس ّ لقاء الحجر قبل أن يبدأ بالطواف فإن ذلك مستح ّ
الطواف أن يلمس الحجر السود بـيده بعد استقباله أّول طوافه ويقبله ثلثًا ويضع بعد ذلك جبهته
ثلثًا ثم يتأخر بحيث يكون طرف منكبه اليمن عند طرف الحجر ثم يمّر إلى أن يجاوزه فينفتل،
وحكى الذرعي وجهًا :أنه يجب استقباله بالوجه عند ابتداء الطواف وانتهائه ،قال :فالحتياط التاّم
فعل ذلك.
)و( الخامس) :جعل البـيت عن يساره( ماّرا تلقاء وجهه .والسادس :أن يكون الطائف خارجًا بك ّ
ل
بدنه وثوبه عن البـيت ،فلو أدخل جزءًا من ذلك في هواء الشاذروان أو هواء غيره من أجزاء
ح بعض طوفته، البـيت أو دخل من إحدى فتحتي الحجر المحوط بـين الركنين الشاميـين لم يص ّ
ومما يطلب التفطن له في حال تقبـيل الحجر السود أنه ينبغي أن يقّر قدميه في حال التقبـيل في
محلهما حتى يرفع قامته لجل أن يخرج عن محاذاة الشاذروان ثم يمشي ،وذلك لنه إذا انحنى
ح بعض طوفته، للتقبـيل يصير جزء من بدنه في هواء الشاذروان ،فلو مشى قبل رفع قامته لم يص ّ
ويقاس بمن يقبل الحجر السود فيما ذكر من يستلم الركن اليماني.
)و( السابع) :كونه( أي الطواف )سبعًا( يقينًا ولو في الوقات المنهي عن الصلة فيها وإن كان
ل لم يجزئه.راكبًا لغير عذر ،فلو ترك منها شيئًا وإن ق ّ
ل بسبب ل بحيث تصير حاشيته في الح ّ والثامن :كونه في المسجد وإن وسع ما لم يبلغ الح ّ
ل ،بل ل بّد أن يكون في أرض الحرم ح الطواف في الحاشية التي في الح ّ ل فل يص ّالتوسعة ،وإ ّ
ولو كان على سطح المسجد ولو مرتفعًا عن البـيت ،ولو حال بـينه وبـين البـيت حائل كزمزم
ح.
والسواري ونحوها ،فلو طاف خارج المسجد ولو بالحرم لم يص ّ
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والتاسع :عدم صرفه لغيره كطلب غريم فإن صرفه لنحو طلب الغريم انقطع.
ن( للطائف أمور عشرة :الّول) :أن يفتتح( أي الطائف )باستلم الحجر( السود بعد )وس ّ
استقباله :أي بلمسه بـيده وتقبـيله مع تخفيف القبلة بحيث ل يسمع لها صوت ووضع جبهته عليه
ن أن )يستلمه( أي الحجر )في كل طوفة( من الطوفات السبع وهو في ثلثًا في الجميع) .و( يس ّ
ب أن يكون الستلم باليمين ،فإن عجز عن الستلم بـيده استلم بنحو عصا ثم الوتار آكد ،ويستح ّ
ن للنساء استلم ول يقبل ما استلم به ،فإن عجز أشار بـيده أو بما فيها ثم قبل ما أشار به ،ول يس ّ
ل طوفةن أن يستلم )الركن اليماني( في ك ّل عند خلّو المطاف) ،و( س ّ تقبـيل ول قرب من البـيت إ ّ
ول يقبله لعدم نقله ويقبل يده بعد استلمه بها ول يستلم الركنين الشاميـين ول يقبلهما.
)و( الثاني :أن )يرمل ذكر( وهو أن يقارب الخطا بسرعة من غير عدو ول وثب ،وذلك )في(
ن ذلك في الطوفات )الثلث الول من( السبع ل في جميعها مستوعبًا بالرمل البـيت وإنما يس ّ
)طواف بعده سعي( مطلوب في حج أو عمرة.
والثالث :أن يضطبع ،وهو أن يجعل وسط ردائه تحت منكبه اليمن ويكشفه وطرفيه على عاتقه
ن للذكر في طواف فيه رمل. اليسر ،وإنما يس ّ
والرابع :أن يقرب من البـيت .قال الماوردي :والحتياط البعاد عن البـيت بقدر ذراع وقال
الكرماني :بقدر ثلث خطوات ليأمن الطواف على الشاذروان ،ومحل استحباب القرب من البـيت
ل فالبعد أولى .ومن ثم ندب له ترك الستقبال والتقبـيل حينئذ. ما لم يتأّذ أو يؤذ بالزحام ،وإ ّ
ل أن يشق عليه والخامس :أن يطوف حافيًا ،فلو طاف في نعل طاهر أساء لخلله بالتعظيم إ ّ
مباشرة الرض بباطن القدم لشّدة الحّر فل يكره.
والسادس :أن يأتي بالطواف بتؤدة وسكينة ووقار .والسابع :أن يوالي بـين الطوفات.
والثامن :أن يأتي بالدعوات المأثورة فيه .والتاسع :أن ينوي الطواف الذي في ضمن النسك وإ ّ
ل
وجبت كما مّر .والعاشر :أن يصلي ركعتين بعده ينوي بهما سنة الطواف ويدعو بعدهما بما أح ّ
ب
من أمر الخرة والدنيا ،ثم بعد ذلك يأتي الحجر فيقبله ويضع جبهته عليه.
)وواجباته( أي الحج خمسة :أّولها) :إحرام من ميقات( أي كون الحرام من الميقات المكاني.
واعلم أن قاصد النسك إما أن يكون مكيًا :وهو من بمكة سواء كان من أهلها أو غريبًا مقيمًا بها أو
عابر سبـيل ،وإما أن يكون آفاقيًا :وهو من بلده وراء المواقيت الخمسة التي نظمها بعض
الفضلء بقوله:
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
الحال الثالثة :أن يكون مسكنه بـين مكة والميقات فميقاته مسكنه ،فإن كان ساكنًا في قرية أو خيام
أو واد فميقاته ذلك ،ولو ترك منزله وقصد الميقات وراءه وأحرم منه جاز ول دم عليه كالمكي إذا
خرج إلى الميقات وأحرم منه ،فلو جاوز مسكنه إلى جهة مكة فكمجاوزة الميقات الشرعي ،ومثل
من ذكر الفاقي الذي جاوز الميقات غير مريد للنسك ثم أراده فميقاته محله ول يكلف العود إلى
الميقات.
)و( ثانيها) :مبـيت بمزدلفة( والواجب فيه لحظة من النصف الثاني من الليل ،فإن دفع منها قبل
ن أن يأخذ منها حصى رمي النصف الثاني لزمه العود ،فإن لم يعد حتى طلع الفجر لزمه دم .ويس ّ
يوم النحر وهو سبع حصيات .وأما حصى رمي أيام التشريق فيأخذه من بطن محسر أو من منى
ل منهما ،ويكره أخذ الحصى من المرمى لما قيل :إن المقبول يرفع فتحصل السنة بالخذ من ك ّ
والمردود يترك ،ولول ذلك لسّد ما بـين الجبلين.
)و( ثالثها :مبـيت )بمنى( ليالي أيام التشريق الثلثة ،والواجب فيه معظم الليل ،وهذا يتحقق بما
زاد على النصف ولو بلحظة ،ويحتمل أن المراد ما يسمى معظمًا في العرف فل يكفي ذلك،
ل وجوب مبـيت الليلة الثالثة إن لم ينفر النفر الّول ،وإل سقط عنه مبـيت الليلة الثالثة كما ومح ّ
سقط عنه رمي يومها.
ف الحدأة عن اللحمواعلم أنه قد اختصت منى بخمس فضائل :رفع ما يقبل من الحجار ،وك ّ
المنثور ،والذباب عن الحلو ،وقلة البعوض فيها ،واتساعها للحاج كاتساع الفرج للولد.
)و( رابعها) :طواف الوداع( وإنما يجب ذلك على مريد السفر من مكة إلى مسافة القصر مكيًا
ل يقيم به ،ويلزم الجير فعله ويحطّ عند تركه كان أو غيره وعلى مريد الخروج لمنزله أو لمح ّ
من الجرة ما يقابله لنه وجب بمجّرد إحرامه ،ولنه وإن لم يكن من المناسك هو من توابعها
ي أن المقصودة ،ومن ثم لم يندرج في غيره كذا قال ابن حجر ،وعلى هذا القول يجب على الول ّ
ل فل يجب .أما على القول بأنه من ي بالصغير عقب النسك وإ ّ يطوف بالولد الصغير إن خرج الول ّ
ي ذلك مطلقًا على ي أن يطوف بالصغير مطلقًا إذا أحرم به ،ول يلزم على الول ّ المناسك ،فيلزم الول ّ
ل ليس من واجبات الحج ،وعّد بعضهم من واجبات الحج بدل هذا اجتناب القول بأنه واجب مستق ّ
محرمات الحرام.
ل يوم من أيام التشريق )و( خامسها) :رمي( إلى جمرة العقبة يوم النحر وإلى الجمار الثلث ك ّ
فيدخل وقت رمي يوم النحر بانتصاف ليلة النحر .وأما رمي أيام التشريق فيدخل وقت رمي ك ّ
ل
يوم بزوال شمسه ويبقى وقت الختيار في الجميع إلى غروب يومه ،ووقت الجواز فيها إلى آخر
ل جمرة ،فلو أيام التشريق .وشرط رمي الجمار مطلقًا خمسة :الّول :أن يكون سبع مّرات لك ّ
رمى سبع حصيات مّرة واحدة أو حصاتين كذلك :إحداهما بـيمينه والخرى بـيساره لم يحسب إ ّ
ل
واحدة ،ولو رمى حصاة واحدة سبع مّرات كفى ،ول يكفي وضع الحصى في المرمى لنه ل
يسمى رميًا.
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وثانيتها :الغسال المسنونة في الحج وذلك )غسل لحرام( بحج وكذا بعمرة ولدخول الحرم
)ودخول مكة ووقوف( بعرفة بعد الزوال وللمبـيت بمزدلفة وللوقوف بالمشعر الحرام غداة النحر
إن لم يكن اغتسل للوقوف بعرفة ولرمي الجمار في كل يوم من أيام التشريق الثلثة.
)و( ثالثتها) :تطيب( في البدن )قبـيله( أي الحرام سواء كان المحرم ذكرًا أم غيره شابة أم
ي طيب كان ،والفضل المسك وأن يخلطه عجوزًا خلية أم ل ،ومحل ندبه بعد غسله ،ويحصل بأ ّ
بماء الورد ونحوه ،ول بأس باستدامة الطيب في البدن بعد الحرام لكن إذا لزم المرأة الحداد بعد
الحرام لزمها إزالته ،أما التطيب في الثوب فمباح ل مندوب على المعتمد لكن لو نزع ثوبه
المطيب ورائحة الطيب موجودة فيه ثم لبسه لزمه الفدية.
)و( رابعتها) :تلبـية( ،وهي أن يقول :لبـيك اللهم لبـيك ،لبـيك ل شريك لك لبـيك ،إن الحمد
ن وقفة لطيفة على لبـيك الثالثة .وعلى لبـيك بعد ل شريك والنعمة لك والملك ل شريك لك .ويس ّ
لك ،وعلى الملك قبل ل شريك لك ،وليحذر الملبـي في حال تلبـيته من أمور يفعلها بعض الغافلين
ل على ما هو بصدده بسكينة ووقار وليشعر نفسه أنه يجيب من الضحك واللعب وليكن مقب ً
البارىء تعالى ،فإن أقبل على ال تعالى بقلبه أقبل عليه ،وإن أعرض أعرض عنه ،ومن لم
ن للمحرم إكثار التلبـية في دوام إحرامه ويرفع الذكر صوتهيحسنها بالعربـية يأتي بها بلغته ،ويس ّ
بها وتتأكد عند تغاير الحوال كركوب ونزول وصعود وهبوط واختلط رفقة وافتراقهم وإقبال
ليل أو نهار.
)و( خامستها) :طواف قدوم( إذا دخل مكة قبل الوقوف أو بعده وقبل انتصاف ليلة النحر،
والحلل مثل الحاج في طلب طواف القدوم منه .أما إذا دخل الحاج مكة بعد الوقوف وبعد نصف
ن له
الليل فل يطوف طواف القدوم بل يطوف طواف الفاضة لدخول وقته كالمعتمر فإنه ل يس ّ
طواف القدوم لنه يشتغل بطواف العمرة.
)و( سادستها) :مبـيت بمنى ليلة( التاسع في حال الذهاب إلى )عرفة( لنه للستراحة ل للنسك.
)و( سابعتها) :وقوف( بالمشعر الحرام بعد صلة الصبح في وقت ظلم إلى السفار :أي
الضاءة ،وذلك بعد حصوله في مزدلفة لحظة من النصف الثاني من الليل وهو جبل صغير في
آخر المزدلفة اسمه قزح بضم القاف وفتح الزاي ،والولى أن يكون الوقوف فوق ذلك الجبل إن
سهل وإل فتحته ،وسمي مشعرًا لما فيه من الشعائر ،وهي معالم الدين ،وسمي حرامًا لنه ممنوع
من إزالة حرمته جاهلية وإسلمًا ،وهذا هو المراد بقوله )بجمع( وهو اسم للمزدلفة كما في
الصحاح والمصباح ،سميت بذلك لجتماع الناس فيها ،أو لن آدم اجتمع هناك بحواء.
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( ثامنتها) :أذكار( في الوقوف والمبـيت والطواف والسعي وفي الجمار وغير ذلك.
تاسعتها :الجمع بـين الليل والنهار في الوقوف بعرفة.
عاشرتها :شّدة السير في بطن وادي محسر ،وهو موضع فاصل بـين مزدلفة ومنى.
حادية عشرها :أن يحلق الذكر ويقصر غيره.
ثانية عشرها :أن يمكث بمنى حيث يبـيت بها الليلة الثالثة من ليالي التشريق بأن ل ينفر النفر
ن إذا نفر من منى أن يأتي المحصب فينزل به ويصلي فيه الظهر والعصر والمغرب الّول ،ويس ّ
والعشاء ويبـيت فيه للتباع وهو مكان متسع بـين مكة ومنى ،وحّده ما بـين الجبلين إلى المقبرة ثم
يأتي مكة بعد طلوع الفجر.
فصل في محظورات النسك
)يحرم بإحرام( أمور ،وهي على ثلثة أقسام :منها ما يحرم على رجل وأنثى :وهو كثير :منه
)وطء( وكذا مقدماته )و( هي )قبلة( ومباشرة ونظر ولمس ومعانقة بشهوة ولو مع عدم إنزال أو
مع حائل )و( منه )استمناء( بـيد )و( منه )نكاح( أي عقده بولية أو وكالة وقبوله ،وخرج بذلك
الرجعة فل تحرم )و( منه )تطيب( أي استعمال طيب بما يقصد به رائحته غالبًا ولو مع غيره إذا
لم يستهلك فيه كالمسك والعود والكافور والزعفران ،سواء كان ذلك في ملبوسه أو في بدنه،
وسواء كان ذلك بأكل أو استعاط أو احتقان ،وخرج بما يقصد به رائحته ما يقصد به الكل أو
التداوي وإن كان له ريح طيبة كالتفاح وسائر البازير الطيبة كالقرنفل والهيل الهندي فل يحرم.
)و( منه )دهن شعر( في رأس ووجه بزيت أو نحوه ولو غير مطيب ول فرق في الشعر بـين
ي جزء من بدنه بحلق أو الكثير والقليل ولو واحدة ومحلوقًا) .و( منه )إزالته( أي الشعر من أ ّ
ص أو نتف أو إحراق أو نحو ذلك) .و( منه )قلم( للظفار من اليد أو الرجل ،ومنه التعرض ق ّ
ي المأكول وبـين غيرهي الوحش ّي المأكول أو الذي كان متولدًا بـين البر ّ
ي الوحش ّللصيد البر ّ
ي أو بـين شاة وظبـي ،وذلك يشمل تنفيره وإزعاجه من ي وحمار أهل ّ
كالمتولد بـين حمار وحش ّ
مكانه والعانة عليه كدفع آلة صيد لصائده ودللة متعرضه عليه ،وكما يحرم التعرض له يحرم
التعرض لجزئه كيده وشعره وغيرهما.
)و( منها ما )يحرم( على الذكر فقط وهو )ستر رجل بعض رأس( ولو البـياض الذي وراء الذن
سواء ستر البعض الخر أو ل )بما يعّد ساترًا( عرفًا كالعمامة والطيلسان وكذا الطين والحناء
الثخينان ،بخلف الرقيقين ،وبخلف ما ل يعّد ساترًا عرفًا كاستظلل بمحمل وإن مسه
وكانغماسه في ماء كدر وكوضع يده على رأسه وإن قصد به الستر ،وأما وضع قفة أو نحوها
على رأسه فيجوز إن لم تعمه أو غالبه ولم يقصد بها الستر )ولبسه محيطًا( ستر بدنه أو عضوًا
منه سواء كان مخيطًا أو منسوجًا أو ملزقًا ،وسواء كان من قطن أو جلد أو غير ذلك وذلك
كقميص وقباء وإن لم يخرج يديه من كميه وخريطة لخضاب لحيته وقفاز ليديه .ومن المحيط
سرموجة لحاطتها بالرجل والبابوج لحاطته بالصابع ،ويجوز لبس النعل والقبقاب بشرط أن ل
يسترا جميع الصابع وإل حرما )بل عذر( ومن لم يجد نحو النعلين مما يجوز لبسه جاز له لبس
الخفين بشرط أن يقطعهما أسفل من الكعبـين وإن بقي منهما ما يحيط بالعقب والصابع وظهر
القدمين وأن يحتاج إليهما.
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( منها :ما يحرم على غير الذكر فقط وهو )ستر امرأة بعض وجه( إل لحاجة فيجوز مع
الفدية ،ويجب على الحرة أن تستوعب رأسها بالستر للصلة ولو لزم على ذلك ستر بعض الوجه
مراعاة للصلة فإذا أرادت المرأة ستر وجهها عن الناس أرخت عليه ما يستره من نحو ثوب
متجاف عنه بنحو خشبة بحيث ل يقع الساتر على بشرة الوجه ،ولها لبس المحيط في باقي بدنها
ل عقد النكاح فل فدية فيه ل القفاز ،وهو شيء يعمل لليد .وتجب في جميع هذه المحرمات الفدية إ ّ إّ
لنه ل ينعقد فوجوده كالعدم ،ول دم في النظر بشهوة والقبلة بحائل وإن أنزل ،بخلف ما سوى
ل إذاذلك من المقدمات فإن فيه الدم ،إن باشر عمدًا بشهوة ،وبخلف الستمناء فل تجب الفدية إ ّ
ل قتل الصيد والجماع المفسد فإنهما من الكبائر ،ول يفسد الحج بشيء من أنزل ،وكلها صغائر إ ّ
ل بالجماع وإن لم ينزل بشرط أن يكون المجامع مميزًا ولو صبـيًا أو رقيقًا ،وأن هذه المحرمات إ ّ
يكون عامدًا عالمًا مختارًا وأن يكون قبل التحلل الّول في الحج فإن له تحللين يحصل التحلل
الّول منهما بفعل اثنين من ثلثة ،وهي رمي جمرة العقبة ،وإزالة الشعر ،وطواف الفاضة
ل ما يتعلق المتبوع بالسعي إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم ،ويحل به سائر محرمات الحرام إ ّ
بالنساء من عقد النكاح والجماع ومقدماته ،وإذا فعل الثالث من الثلثة المذكورة حصل له التحلل
ل له باقي محرمات الحرام ،ويحرم على الحلل كالمحرم التعّرض للصيد البّر ّ
ي الثاني ،وح ّ
ي المأكول أو المتولد بـينه وبـين غيره في الحرم ،والتعّرض لشجر الحرم مطلقًا إذا كان الوحش ّ
رطبًا غير مؤذ وإل جاز قطعه ،ولزرع الحرم غير ما يستنبته الدميون ،وتجب فيه القيمة .نعم
يجوز أخذه لعلف البهائم وللتداوي.
والدماء الواجبة على الحاج والمعتمر أحد وعشرون دمًا مقسومة أربعة أقسام:
الّول :دم تخيـير وتقدير ،ومعنى التخيـير هو أن يجوز النتقال إلى الثاني مع القدرة على الّول
ويكون مخيرًا بـينهما ،ومعنى التقدير أنه ينتقل إلى شيء قدره الشارع بما ل يزيد ول ينقص
)وفدية ارتكاب( واحد من السباب الثمانية من )ما يحرم( هذا المذكور:
ي طريق كان من مميز لم يتحلل أزال من نفسه أو أزيل منه فالسبب الّول :إزالة الشعر بأ ّ
باختياره ثلث شعرات فصاعدًا من الرأس أو غيره أو بعض كل منهما في زمان واحد عرفًا في
مكان واحد ،فلو أزال ثلث شعرات في ثلثة أزمان فالفدية ل تكمل بل تجب عليه ثلثة أمداد
وكذا في تعدد المكان.
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والسبب الثاني :قلم الظفار ،ولو انكسر بعض الظفر وتأذى به جاز قطع المنكسر أو قلمه ول
فدية كشعر نبت داخل الجفن.
والسبب الثالث :اللبس من محرم مميز عامد عالم بالتحريم ،وللمحرم أن يدخل يده في قميص
منفصل ورجله في ساق الخف لفراده ،وتكرر الفدية بتكرر اللبس والستر مع اختلف الزمان
ل فل.
والمكان ،ولو لبس فوق ملبوسه فإن ستر الثاني زيادة على ما ستر الّول تكررت الفدية وإ ّ
والسبب الرابع :دهن شيء من شعر رأسه أو لحيته ولو محلوقين بدهن ما.
والسبب الخامس :استعمال الطيب على الوجه المألوف فيه كالتبخر بالعود ،بخلف أكله وحمله
ووضعه في النار من غير أن يعّد متطيبًا به على العادة ،ول شيء بشم نحو ماء الورد من غير
س إذ العادة فيه التصمخ ،ول شيء في زهر البادية ونبتها لنه ل يعّد طيبًا عرفًا ،ومن الطيب م ّ
الرياحين كالورد واستعمالها يكون بملقاتها للنف ،فل شيء بشمها من غير إلصاقها بالنف.
والسبب السادس :مقدمات الجماع ولو بـين التحللين لكن لو جامع بعد ذلك اندرجت فدية المباشرة
في دم الجماع الواقع بعدها سواء كان بدنة أو شاة أو بدل البدنة ،وسواء أطال الزمن بـين
المقدمات والجماع أم قصر.
ل ،وتتعّدد الفدية بتكرر الجماع،
ل كان أو منفص ً والسبب السابع :الوطء بعد الجماع المفسد متص ً
ولو كثرت المرات ،وإن كان على التوالي المعتاد مع اتحاد المكان وإن لم يسبق التكفير على
الصحيح.
والسبب الثامن :الوطء بـين التحللين ،وإذا تكرر الجماع بـين التحللين ،قال بعض المتأخرين:
الظاهر أن حكمه حكم تكرره بعد الفساد ،فهذه السباب الثمانية فديتها :إما )ذبح شاة( مجزئة في
الضحية )أو تصّدق بثلثة آصع لستة( من المساكين لكل مسكين نصف صاع )أو صوم ثلثة(
من اليام.
ل بعد العجز عن الّول.)و( الثاني دم ترتيب وتقدير .ومعنى التقدير أنه ل ينتقل إلى الثاني إ ّ
ولهذا أسباب ،فالخمسة :منها )دم ترك مأمور( من المور الخمسة :الّول مجاوزة الميقات،
ويجب الدم على من جاوز ميقاته مريدًا للنسك ثم أحرم بعمرة مطلقًا أو بحج في سنته ولم يعد قبل
ي أحرم
التلبس بنسك إلى ميقاته أو إلى ميقات مثل مسافته أو أبعد منه ل أقرب ،وعلى حرم ّ
ل قبل التلبس بنسك ،ول فرق في وجوب الدم بذلك بالعمرة من الحرم ولم يخرج إلى أدنى الح ّ
بـين العالم العامد وضده وإن افترقوا في الثم وعدمه.
والثاني :ترك المبـيت بمزدلفة ليلة النحر بعد الوقوف ،أما المعذور فله ترك المبـيت بها ول دم
عليه كمن اشتغل بالوقوف عن المبـيت.
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والثالث :ترك المبـيت بمنى معظم ليلة من ليالي التشريق .أما أصحاب العذار فلهم ترك المبـيت
ول دم عليهم كالرعاء إن خرجوا نهارًا وأهل السقاية مطلقًا ،وكمن ضاع له مال أو أبق له عبد أو
خاف على نفسه أو ماله أو كان به مرض يشق معه المبـيت أو كان له مريض يحتاج إلى تعهده.
وفي ترك الليلة الواحدة مّد والليلتين مّدان إن كان قادرًا ،فإن عجز عن مّد واحد صام أربعة أيام.
والرابع :ترك الرمي لثلث حصيات فأكثر من حصى الجمار ،ويتحقق ترك ما ذكر بغروب ثالث
ل وغيره. أيام التشريق إن لم ينفر النفر الّول وثانيه إن نفره ،وسواء المعذور بمرض أو حبس مث ً
أما الحصاة الواحدة ففيها مّد وفي الحصاتين مّدان بأن يترك ذلك من جمرة العقبة آخر أيام
التشريق ،هذا إن كان قادرًا فإن عجز عن المّد صام عن الحصاة الواحدة أربعة أيام ،وذلك لن
ثلث عشرة أيام ثلثة أيام وثلث يوم فيكمل المنكسر فتصير أربعة ،لكن يصوم ثلثة أعشارها
معجلة وهو يومان بتكميل المنكسر ،وسبعة أعشارها في بلده وهو ثلثة أيام بتكميل المنكسر،
وفي الحصاتين سبعة أيام بتكميل المنكسر يصوم ثلثة أعشارها معجلة وهو ثلثة أيام بتكميل
المنكسر وسبعة أعشارها في بلده وهو خمسة أيام بتكميل المنكسر.
والخامس :ترك طواف الوداع ،ويجب الدم على من خرج من مكة إلى وطنه أو إلى موضع يقيم
ل بوصول مقصده أو بلوغ مسافة القصر، فيه مطلقًا أو إلى مسافة القصر فل يتقرر عليه الدم إ ّ
ويشترط في وجوب الدم بترك طواف الوداع أن ل يكون معذورًا كالحائض والنفساء والخائف
من ظالم أو فوت رفقة أو من غريم له وهو معسر ،ول يدخل طواف الوداع تحت غيره حتى لو
أخر طواف الفاضة وفعله عند إرادة السفر لم يكف.
والسبب السادس :التمتع ،ويجب به الدم بأربعة شروط :أولها :أن يكون إحرامه بالعمرة في أشهر
الحج .ثانيها :أن يحج في عامه .ثالثها :أن ل يكون من حاضري المسجد الحرام حين إحرامه بها،
والمراد بحاضريه من هو مستوطن بالحرم أو على دون مرحلتين منه ،فل يكفي مجرد القامة
بدون استيطان .رابعها :أن ل يعود قبل الحرام بالحج أو بعده وقبل التلبس بنسك إلى الميقات
ل فل دم عليه.
الذي أحرم بالعمرة منه أو إلى مثل مسافته أو إلى ميقات أقرب منه ،وإ ّ
والسبب السابع :القران ،ويجب به الدم بشرطين :أن ل يكون من حاضري المسجد الحرام ،وأن
ل يعود إلى الميقات قبل الوقوف بعرفة.
والسبب الثامن :فوات الوقوف بعرفة ،بأن يطلع فجر يوم النحر قبل حضوره في جزء من
أرضها ،وإذا كان قارنًا تفوت العمرة تبعًا للحج ،ويجب عليه القضاء فورًا من عام قابل سواء فاته
ل بعد دخول وقت الحرام بالقضاء ،ويمتنع تقديمه عليه وإن بعذر أو بغيره ،ول يصح الذبح إ ّ
كان واجبه الصوم صار الثلثة في حجة القضاء ،والقارن إذا فاته الوقوف يلزمه ثلثة دماء :دم
للفوات ،ودم للقضاء ،وإن أفرد فيه بذبحان في عام القضاء ،ودم للقران يذبح في عام الفوات.
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والسبب التاسع :مخالفة المنذور كأن نذر المشي أو الركوب أو الفراد أو الحلق فخالف ذلك
ب من هذه السباب التسعة مرتب مقدر وهو )ذبح( فهو مخاطب به ابتداء فالواجب في كل سب ٍ
)فـ(ـإن عجز عنه حسًا أو شرعًا وجب عليه )صوم( عشرة أيام )ثلثة( في الحج أي بعد الحرام
به و )قبل( يوم )نحر ،وسبعة بوطنه( أي في بلده .والمراد به المحل الذي قصد التوطن فيه سواء
الموضع الذي خرج منه وغيره حتى لو استوطن مكة صام بها ،ويجب في هذا الصوم تعيـينه من
كونه تمتعًا أو قرانًا أو غيرهما وتبـيـيت النية فيه لنه واجب.
تنبـيه :ما تقرر من كونه يصوم ثلثة في الحج ظاهر في ترك الحرام بالحج من الميقات وفي
المتمتع والقارن وفي الفوات لنه يصومها بعد الحرام بالقضاء ،وفيما لو نذر الفراد أو المشي
أو الركوب في الحج فخالف ذلك ،أما إذا ترك المبـيت بمزدلفة أو منى أو الرمي فل يمكنه صوم
الثلثة في الحج لن وقت الحج قد فات ،وكذا إذا ترك الحرام بالعمرة من الميقات إذ ل حج،
وكذا إذا نذر الحلق في النسك فخالفه ،وكذا إذا ترك طواف الوداع لنه واجب مستقل فيجب
صومها بعد أيام التشريق في ترك المبـيت والرمي لن ذلك وقت إمكان الصوم بعد الوجوب،
وفي ترك الحرام بالعمرة من الميقات يصومها في العمرة إن شاء وإن شاء عقب التحلل منها،
وفيما لو نذر الحلق فخالفه يصومها بعد المخالفة ،وفي ترك طواف الوداع يصومها حيث وصل
إلى محل يتقرر عليه فيه الدم ،فإن فعل كذلك فأداء وإل فقضاء.
واعلم أن دم التمتع يتعلق بسببـين :أحدهما :الفراغ من العمرة .وثانيهما :الحرام بالحج من عامه
ي إن تعلق بسببـين فيجوز الذبح بعد وجود السبب الّول وقبل وجود السبب الثاني لن الحق المال ّ
ل بعد وجود السببـين جميعًا لنه ليس ماليًا، يجوز تقديمه على ثانيهما ،بخلف الصوم ل يجوز إ ّ
فلو فعل قبل وجود السبب الثاني ل يصح ،وكذا دم الفوات له سببان :أحدهما :فوات الحج.
وثانيهما :الحرام بالقضاء فيجوز الذبح قبل وجود السبب الثاني بشرط دخول وقت الحرام
ل سبب واحد وهو ل بعد الحرام به وباقي الدماء التسعة ليس له إ ّبالقضاء .ول يجوز الصوم إ ّ
الحرام بالنسك في ترك الميقات ،وخلف النذر في المشي والركوب والحلق المنذورة في النسك
وخلف الفراد المنذور في الحج وتمام الحرام بالحج والعمرة في القران وطلوع فجر يوم النحر
في المبـيت بمزدلفة ،وفراق مكة في ترك طواف الوداع ،وفراغ أيام منى في بقية الدماء التسعة
ل أخره حتى يجيء ل بعد تحقق السبب وكان الوقت يقبل الصوم ،وإ ّ فل يجوز ذبح ول صوم إ ّ
الوقت القابل له كترك المبـيت بمزدلفة يتحقق بطلوع فجر يوم النحر فيجب تأخير الصوم إلى
فراغ أيام التشريق لن الوقت غير قابل له ،بخلف الذبح فيجوز فيها ول آخر لوقته.
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والثالث :دم ترتيب وتعديل ،ومعناه التقويم والعدول إلى غيره باعتبار القيمة ،وهذا يجب في
سببـين :السبب الّول :الحصار .والمحصر هو محرم منعه عدّو أو حبس من سلطان أو نحوه
ظلمًا أو بدين ل يتمكن من أدائه وليس له بـينة تشهد بإعساره أو زوج أو سيد أو أصل في تطّوع
عن إتمام النسك من حج أو عمرة ولم يغلب على ظنه انكشاف المانع في مّدة يمكنه إدراك الحج
فيها إن كان حاجًا أو في ثلثة أيام إن كان معتمرًا ،فإذا أراد التحلل تحلل بالذبح ثم الحلق بنية
التحلل بهما إن كان حرًا واجدًا للدم ،وبالحلق فقط بنية التحلل إن لم يجد دمًا ول طعامًا لعساره
أو غيره ،والولى للمحصر المعتمر الصبر عن التحلل ،وكذا للحاج إن اتسع الوقت.
ومن العذار المجّوزة للتحلل المرض إن شرط التحلل بذلك عن ابتداء الحرام ،ول يلزمه الذبح
ل تحلل بالحلق فقط .ومن العذار إضلل الطريق ونفاد النفقة ،ويذبح المحصر ل إذا شرطه ،وإ ّإّ
حيث أحصر ولو في غير الحرم أو يرسل الشاة إلى الحرم لتذبح فيه ،ول يجوز له أن يرسلها إلى
ل غير الذي أحصر فيه ،وإذا أحصر في الحرم تعين عليه الذبح فيه ولو في موضع آخر من الح ّ
ل لتذبح فيه ،ثم إن كان نسكه بقعة منه غير التي أحصر فيها ،ول يجوز له إرسال الشاة إلى الح ّ
تطّوعا فل شيء عليه ،وإن كان فرضًا مستقرًا كحجة السلم فيما بعد السنة الولى من سني
المكان أو كان قضاء أو نذرًا بقي في ذمته على ما كان عليه من فور أو تراخ ،فإن كان غير
مستقّر كحجة السلم في السنة الولى من سني المكان اعتبرت الستطاعة بعد زوال الحصار.
ج أو عمرة) ،و( يجب الدم )على( ذكر مميز )مفسد السبب الثاني :الجماع المفسد للنسك من ح ٍ
نسك بوطء( بأن جامع ولو بحائل عامدًا عالمًا بالتحريم مختارًا قبل التحلل من العمرة المستقلة
وقبل التحلل الّول من المفرد والقارن ولم يسبق منه جماع مفسد ،فيجب في الحصار شاة ،وفي
الجماع المفسد )بدنة( فإن عجز عنها فبقرة ،فإن عجز عنها فسبع شياه ،فإن عجز عن الدم
الواجب في هذا القسم وهو الشاة في الحصار والبدنة في الجماع المفسد قّومه بالنقد الغالب بسعر
مكة حال الوجوب واشترى بقيمته طعامًا يجزىء في الفطرة وتصّدق به على فقراء الحرم
ومساكينه ،أو أخرج ذلك مما عنده ،فإن عجز عن ذلك صام حيث شاء عن كل مّد يومًا ويكمل
المنكسر ،فلو قدر على بعض ذلك أخرجه وصام عن الباقي ،فإن انكسر مّد صام عنه يومًا،
ي في نسكه لنه ل يخرج منه بالفساد) .و( يلزمه ويجب على من أفسد نسكه بالجماع المض ّ
ل .ويبطل الحج بالرّدة والعياذ بال تعالى، )قضاء( أي إعادة )فورًا( وإن كان نسكه الذي أفسده نف ً
ي فيه لنه يخرج منه بالبطلن ،ففرق بـين الفاسد والباطل في الحج ،بخلف باقي ول يجوز المض ّ
العبادات فل فرق فيه بـين الفاسد والباطل بل هما مترادفان.
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ي المأكول هو أو أحد أصوله والثالث :دم تخيـير وتعديل وله سببان :أحدهما :الصيد البّري الوحش ّ
ل أو مخطئًا أو مكرهًا.ولو عرض له التأنس بشرط أن يكون فاعل ذلك مميزًا ولو ناسيًا أو جاه ً
السبب الثاني :الشجار فيجب الدم على من قلع أو قطع شجرة حرمية رطبة غير مؤذية نبتت
ل وغرست في بنفسها وكذا ما أنبته الدميون على الصحيح ،فإن كانت الشجرة أخذت من الح ّ
الحرم أو عكسه فلها حكم أصلها فيهما ،وأما نبات الحرم فإن كان شأنه أن يستنبته الدميون
كالقمح والذرة جاز أخذه وإن نبت بنفسه ،وإن كان شأنه أن ينبت بنفسه ل يجوز أخذه ،وإن
استنبت فمن أخذه ضمنه بالقيمة إن لم يخلف ،فإن أخلف بل نقص فل ضمان ،وإن أخلف ناقصًا
ف ومات جاز قطعه وقلعه وإن لم فعليه أرش النقص .نعم الحشيش وهو اليابس من النبات إن ج ّ
يمت جاز قطعه لقلعه بشرط أن يأخذه لغير بـيع .أما أخذه للبـيع فل يجوز ،ويجوز إرسال البهائم
في حشيش الحرم لرعيه.
خاتمه :يستحب استحبابًا مؤكدًا زيارة رسول ال فإنها من أعظم القربات وأنجح المساعي ،ويقصد
ل في نفسه أنه يضع قدميه على مواضع أقدام رسول ال المسجد الشريف ماشيًا بسكينة ووقار ممث ً
،فإذا وصل إلى باب المسجد الشريف ،وينبغي أن يكون باب جبريل ـ قصد الروضة الشريفة،
وهي ما بـين المنبر والقبر المقّدس فيصلي تحية المسجد في موقف رسول ال ويجعل عمود
المنبر حذاء منكبه اليمن ويستقبل السارية التي إلى جانبها الصندوق وتكون الدائرة التي في
القبلة بـين عينيه فتلك موقف رسول ال ،فإذا فرغ من التحية شكر ال تعالى على ما أنعم به عليه
وسأله إتمام النعمة بقبول زيارته ،ثم يأتي القبر الشريف المقدس فيقف قبالة الوجه الشريف بأن
يستدبر القبلة ويستقبل جدار الحجرة الشريفة ويقف على مقدار ثلثة أذرع من الجدار ناظرًا إلى
الرض غاض الطرف في مقام الهيبة والتعظيم والجلل فارغ القلب من جميع العلئق
مستحضرًا في قلبه جللة موقفه ومنزلة من هو بحضرته فإنه يسمع ويعلم وقوفك بـين يديه،
وليقل بحضور قلب وخفض صوت وسكون جوارح :السلم عليك يا رسول ال ،السلم عليك يا
نبـي ال ،السلم عليك يا حبـيب ال ،السلم عليك يا صفوة ال ،السلم عليك يا سيد المرسلين
الطيبـين الطاهرين ،السلم عليك وعلى أزواجك الطاهرات أمهات المؤمنين ،السلم عليك وعلى
أصحابك أجمعين ،السلم عليك وعلى النبـياء والمرسلين وسائر عباد ال الصالحين ،السلم
ي ورحمة ال وبركاته. عليك أيها النبـ ّ
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
قال السبكي :والمروي عن السلف اليجاز في ذلك جدًا .فعن المام مالك رحمه ال أنه كان
يقول :السلم عليك أيها النبـي ورحمة ال وبركاته .ثم إن كان أحد أوصاه بالسلم فليقل :السلم
عليك يا رسول ال من فلن بن فلن أو نحو هذا ،ثم يتحّول إلى جهة يمينه قدر ذراع للسلم على
أبـي بكر رضي ال عنه لن رأسه عند منكب رسول ال فيقول :السلم عليك يا أبا بكر ،السلم
عليك يا خليفة رسول ال وصفيه وثانيه في الغار ،جزاك ال عن أمة رسول ال خيرًا ،ثم يتحّول
إلى جهة يمينه قدر ذراع للسلم على عمر رضي ال عنه لن رأسه عند منكب أبـي بكر رضي
ال عنه فيقول :السلم عليك يا أمير المؤمنين عمر الفاروق الذي أعز ال به السلم جزاك ال
عن أمة نبـيه خيرًا ،ثم يعود إلى موقفه الّول ويتوسل به في قضاء حوائجه ويستشفع به إلى ربه
سبحانه وتعالى ويدعو لنفسه ولوالديه وأولده ولمن أحب بما أحب ويختم دعاءه بآمين وبالصلة
على رسول ال .
ومما ينبغي أن يقول في دعائه :اللهم إنك قلت وقولك الحق} :ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك
فاستغفروا ال واستغفر لهم الرسول لوجدوا ال تّوابا رحيمًا{ ،اللهم إننا قد سمعنا قولك وأطعنا
أمرك .وقصدنا نبـيك هذا مستشفعين به إليك من ذنوبنا وما أثقل ظهورنا من أوزارنا تائبـين إليك
من زللنا معترفين بخطايانا وتقصيرنا ،اللهم فتب علينا وشفع نبـيك هذا فينا ،اللهم اغفر
ل للذين آمنوا ربناللمهاجرين والنصار ولخواننا الذين سبقونا باليمان ول تجعل في قلوبنا غ ّ
إنك رؤوف رحيم.
وينبغي للزائر مدة إقامته بالمدينة أن يستحضر جللتها وفضلها وأنها البلدة التي حرمها رسول
ال أي أنشأ تحريمها أي أظهر تحريمها ،وأنها التي اختارها ال تعالى لهجرة نبـيه واستيطانه
ودفنه ،وليستحضر تردده فيها ومشيه في بقاعها ،ومن ثم ينبغي له أن ل يركب فيها وأن يصلي
الصلوات كلها في مسجد رسول ال وأن يقصد السطوانات التي في زمنه فلكل واحدة منها فضل
إذ ل تخلو من صلته أو صلة أحد من أصحابه إليها ،والذي ورد له فضل خاص منها ثمانية:
الولى :السطوانة التي هي علم المصلى الشريف في محل كرسي الشمعة كان جذعه الذي
يخطب إليه أمامها ،ثم أسطوانة عائشة رضي ال عنها وتسمى أسطوانة القرعة صلى إليها
رسول ال المكتوبة بعد تحويل القبلة بضعة عشر يومًا ،وهي الثالثة من المنبر ومن القبر الشريف
متوسطة الروضة وكان أبو بكر وعمر وغيرهما رضي ال عنهم يصلون إليها والمهاجرون من
قريش يجتمعون عندها ،والدعاء عندها مستجاب ،ويليها من ناحية القبر أسطوانة التوبة التي
تربط أبو لبابة نفسه بها ،وكان إذا اعتكف يخرج له فراشه أو سريره إليها مما يلي القبلة فيستند
إليها ،وكان يصلي نوافله إليها .والرابعة :أسطوانة السرير وهي اللصقة بالشباك اليوم شرقي
أسطوانة التوبة كان سريره يوضع عندها مرة وعند أسطوانة التوبة مرة أخرى .الخامسة:
ي رضي ال عنه ،وهي التي تلي القبر الشريف ،وهي خلف أسطوانة التوبة من جهة أسطوانة عل ّ
الشمال ،وكان محل خروجه من بـيت عائشة ،وخلفها الشمال أسطوانة الوفود كان يجلس عندها
لوفود العرب .السابعة :أسطوانة مربعة :يقال لها مقام جبريل وهي في حائز الحجرة الشريفة
وبـينها وبـين أسطوانة الوفود السطوانة اللصقة بشباك الحجرة كانت باب فاطمة رضي ال
عنها ،وقد حرمت الناس من التبّرك بها وبأسطوانة السرير لغلق أبواب الشباك الدائرة على
الحجرة الشريفة .الثامنة :أسطوانة التهجد كان يصليه إليها ،ومحلها الن دعامة بها محراب
مرخم قرب باب جبريل ،ونوزع في أن ذلك محلها.
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل مطلقًا ،والولى ن له أن يودع المسجد الشريف بركعتين نف ً ثم إذا عزم على الرجوع إلى أهله يس ّ
أن يكون بمصله ثم بما قرب منه ثم يدعو بما أحب دينًا ودنيا ،ومن آكده البتهال إلى ال تعالى
في قبول زيارته ثم يأتي القبر المكرم ويعيد جميع ما مر عنده في ابتداء الزيارة ثم يقول :اللهم ل
تجعل هذا آخر العهد بـيني وبـين مسجده وحرمه ،ويسر لي العود إلى زيارته والعكوف في
ل وارزقني العفو والعافية في الدنيا والخرة ،ورّدنا إلى أهلنا سالمين غانمين ل سه ً
حضرته سبـي ً
ثم ينصرف ويمشي تلقاء وجهه على العادة ول يمشي القهقري.
فرع :في أحكام النذور:
)النذر( شرعًا :الوعد بخير خاصة ،قاله الروياني والماوردي .وقال غيرهما) :التزام مكلف(
قربة غير واجبة عينًا بأصل الشرع .وأركانه ثلثة :صيغة ،وناذر ،ومنذور .وشرط الصيغة لفظ
يشعر بالتزام ،وفي معناه كتابة مع نية ولو من ناطق وإشارة أخرس ،ول يلزم النذر بالنية وحدها
وإن تأكد في حقه ما نواه ،ومثل النذر غيره من سائر القرب فيتأكد بنيتها ،ويكفي في صراحة
الصيغة :نذرت لك كذا وإن لم يقل ل ،بخلف ما لو قال :نذرت لفلن كذا فل ينعقد لن السم
ل على النشاء بحسب العرف ،وظاهر أنه الظاهر ل يتبادر منه النشاء ،بخلف الخطاب فإنه يد ّ
لو نوى بذلك القرار ألزم به.
ح نذر سكران ل كافر وغير مكلف وشرط الناذر :إسلم واختيار ،ونفوذ تصّرف فيما ينذره ،فيص ّ
ومكره ومحجور صفة أو فلس في قربة مالية عينية .وشرط المنذور كونه )قربة لم تتعين( نف ً
ل
كانت أو فرض كفاية كصلة الضحى وصلة الجماعة ،وخرج بقوله قربة المحرم كصلة بحدث
أو شرب خمر ،والمكروه كصوم الدهر لمن خاف به ضررًا أو فوت حق ،والمباح كأكل طعام
ل معينًا
طيب .وخرج بقوله لم تتعين الواجب المتعين كصلة الظهر ،ولو نذر من اقترض ما ً
ل يوم ما دام شيء من دينه في ذمته ،فإن قصد أن نذره ذلك في مقابلة الربح الحاصل لمقرضه ك ّ
ص غير قربة بل يتوصل به إلى ربا النسيئة ،وإن جعل نذره ح لنه على هذا الوجه الخا ّ له فل يص ّ
في مقابلة حدوث نعمة ربح المقترض إن اتجر فيه ،أو اندفاع نقمة المطالبة إن احتاج لبقائه في
ن للمقترض رّد زيادة عما اقترضه ،فإذا التزمها ابتداء بنذر ح لنه يس ّ
ذمته لعسار أو إنفاق ص ّ
انعقد ولزمته فهو حينئذ مكافأة إحسان ل وصلة للربا إذ هو ل يكون إل في عقد كبـيع ،ومن ثم لو
ل الصحة حيث نذر لمن ينعقد نذره له ،بخلف ما شرط عليه النذر في عقد القرض كان ربا ،ومح ّ
لو نذر لحد بني هاشم والمطلب فل ينعقد لحرمة الصدقة الواجبة كالزكاة والنذر والكفارة عليهم،
وإن أطلق بأن لم يقصد شيئًا من ذلك صح النذر لن إعمال كلم المكلف حيث كان له محمل
صحيح خير من إهماله ،ولو اقتصر على قوله في نذره ما دام مبلغ القرض في ذمته ثم دفع
ي أو مبتدع جاز صرفه المقترض شيئًا منه بطل حكم النذر لنقطاع الديمومة ،ولو نذر شيئًا لذم ّ
ي ونذر له شيئًا ما دام دينه في ذمته انعقد نذره لكن ي ،وعلى هذا فلو اقترض من ذم ّ لمسلم أو سن ّ
يجوز دفعه لغيره من المسلمين ،وهذا بخلف ما لو اقترض الذمي من مسلم ونذر له شيئاً ما دام
ح نذره لن شرط الناذر السلم. الدين عليه فإنه ل يص ّ
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ثم النذر قسمان :أحدهما :نذر تبّرر سمي به لنه لطلب البّر أو التقّرب إلى ال تعالى ،وهو نوعان
ي كذا( أي صوملنه إما أن يلتزم ابتداء قربة )بلفظ منجز( أي من غير تعليق على شيء )كلّله عل ّ
ي كذا( بدون ذكر ل )أو نذرت كذا( ول بّد أو صدقة لفلن ،أو أن أعطيه كذا ولم يرد الهبة )أو عل ّ
للصحة من ذكر ل أو لك بالخطاب كما مّر )أو( أن يلتزم قربة بلفظ )معلق( في مقابلة حدوث
نعمة أو اندفاع بلية ،ويسمى هذا المعلق نذر المجازاة أيضًا )كإن شفاني ال أو سلمني( أو رزقني
ل( أي وجوبًا موسعًا )في ي كذا( أي إعتاق أو صوم أو صلة )فيلزم ما التزمه حا ً ولدًا )فعل ّ
ج له بإطلق قوله » :من نذر أن يطيع ال ص عليه الشافعي واحت ّ منجز( على الراجح كما ن ّ
ح المنجز ول يلزمه شيء لعدم المقابل ولن النذر عند العرب وعد فليطعه« .وقال ثعلب :ل يص ّ
بشرط) .و( يلزمه الوفاء بما التزم )عند وجود صفة في معلق( وحجة ذلك قوله تعالى} :وأوفوا
ي عتق لزمه ذلك بعهد ال إذا عاهدتم{ )) (16النحل :الية (91ولو قال عند نحو شفاء :ل عل ّ
ل لهذا منزلة المجازاة لوقوعه شكرًا في مقابلة نعمة الشفاء. جزمًا تنزي ً
وثانيهما :نذر لجاج بفتح اللم وهو التمادي في الخصومة ،ويسمى نذر اللجاج والغضب والغلق
ويمين اللجاج والغضب والغلق :وهو أن يمنع نفسه من شيء أو يحملها عليه بتعليق التزام قربة
ي صوم كأن يقول :إن كلمت فلنًا أو دخلت داره أو إن لم أسافر أو إن سافرت ونحو ذلك فلّله عل ّ
ج ونحو ذلك ،فالناذر في اللجاج مخير شهر أو صلة أو إعتاق رقبة أو أن أتصّدق من مالي أو أح ّ
عند وجود الصفة بـين أن يلتزم ما التزمه وبـين كفارة يمين فيخير فيها بـين عتق رقبة أو كسوة
عشرة مساكين أو إطعامهم ،فإن عجز عن هذه الثلثة صام ثلثة أيام ،ول فرق في وجوب
ل وبـين أن يكون ي عتق عبدي هذا مث ً التخيـير بـين أن يكون ما التزمه معينًا :كإن كلمتك فلّله عل ّ
ن مقصوده غيره ،وذلك لن نذر اللجاج يشبه النذر من حيث إنه التزم قربة واليمين من حيث إ ّ
مقصود اليمين فل سبـيل إلى الجمع بـين موجبـيهما ول إلى تعطيلهما فوجب التخيـير .أما إذا
ي أن ل آكل الخبز فيلزمه كفارة يمين بل خلف، التزم غير قربة كأن قال :إن كلمت زيدًا فلّله عل ّ
ي كفارة يمين أو كفارة نذر لزمته الكفارة عند وجود المعلق عليه تغليبًا ولو قال :إن كلمته فعل ّ
لحكم اليمين في الصورة الولى ،ولخبر مسلم» :كفارة النذر كفارة اليمين« في الثانية ،ومن نذر
اللجاج ما يعتاد على ألسنة الناس العتق يلزمني أو يلزمني عتق عبدي فلن ل أفعل أو لفعل ّ
ن
كذا ،فإن لم ينو تعليق اللتزام فلغو وإن نواه تخير ،ثم إن اختار العتق أو عتق المعين أجزأه
مطلقًا :أي سواء كان يجزىء في الكفارة أم ل ،أو اختار الكفارة وأراد عتقه عنها فاعتبر فيه
صفة الجزاء .واعلم أنه ل يشترط للمنذور له قبوله النذر في قسمي النذر ،بل الشرط عدم رّده،
ونذر اللجاج مكروه ،بخلف غيره.
رقم الصفحة183 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب البـيع
وهو شرعًا :عقد يقتضي انتقال الملك في المبـيع للمشتري وفي الثمن للبائع .وأركانه ثلثة :عاقد،
ل بعد إتيانه بالصيغة فقال: ومعقود عليه ،وصيغة ،وقّدم الصيغة على العاقد لنه ل يكون عاقدًا إ ّ
ل على التمليك دللة ظاهرة وله صيغ )كبعتك( ح( أي البـيع )بإيجاب( من البائع ،وهو ما د ّ
)يص ّ
ذا بكذا وهذا مبـيع منك وأنا بائعه لك بكذا أو هو لك بكذا أو عاوضتك أو شريتك بمعنى بعتك ذا
بكذا )وملكتك ذا بكذا( وأما قوله :أدخلت هذا في ملكك فكناية لحتماله إدخاله في ملكه الحسي،
ل علىوكذا قوله :ثامنتك فهو كناية على ما اعتمده ابن حجر )وقبول( من المشتري ،وهو ما د ّ
ق منه )وقبلت( وابتعت واخترت )هذا بكذا( سواء كان التملك دللة ظاهرة )كاشتريت( وما اشت ّ
ل أن الهازل ل أم ل .والفرق بـين الهزل والستهزاء أن في الهزل قصد اللفظ لمعناه إ ّ العاقد هاز ً
ح البـيع به ولذا ل يعتّد به في القرار، ليس راضيًا وليس في الستهزاء قصد اللفظ لمعناه فل يص ّ
ح البـيع الضمني بل صيغة في اللفظ ،وهو ما تضمنه التماس العتق وجوابه لن الصيغة ويص ّ
موجودة تقديرًا استغناء عنها باللتماس ،وذلك كأن يقول الملتمس بكسر الميم :أعتق عبدك عني
بألف ،فإذا قال الملتمس منه عتق العبد بفتح الميم أعتقته عتق من الطالب ولزمه العوض ،فكأنه
قال بعنيه وأعتقه عني ،فأجابه المطلوب ببعتك وأعتقته عنك.
ويشترط في الملتمس الختيار وعدم الحجر ،ول يشترط في الملتمس عتقه قدرته عليه ،ول ينعقد
البـيع بالمعاطاة :وهي أن يتفقا على ثمن ومثمن ولم يوجد من أحدهما لفظ صريح ول كناية،
واختار النووي كجمع من حيث الدليل وهو قوله » :إنما البـيع عن تراض« انعقاد البـيع بالمعاطاة
ل ما يعّده الناس بـيعًا بالمعاطاة سواء كان محقرًا أو غيره كالخبز واللحم ،بخلف نحو
في ك ّ
ب فعلى اشتراط الصيغة ل مطالبة في الخرة من حيث المال بسبب المعاطاة: الراضي والدوا ّ
ل رّد ما أخذهل من العاقدين بها للرضى وللخلف فيها .أما في الدنيا فيجب على ك ّ
أي بما يأخذه ك ّ
إن كان باقيًا وبدله إن تلف ،بخلف تعاطي البـيع الفاسد فيطالب به في الخرة إذا لم يوجد له
مكفر ،وشرط صحة اليجاب والقبول كونهما )بل فصل( طويل بـين اللفظين أو الشارتين أو
الكتابتين أو بـين لفظ أحد العاقدين وكتابة الخر أو إشارته أو بـين كتابة أحدهما وإشارة الخر.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( بل )تخلل لفظ أجنبـي( أي ل تعلق له بالعقد بأن لم يكن من مقتضاه ول من مصالحه ول من
ل نحو قد) .و( بل )تعليق( كأن مات أبـي فقد بعتك هذا مستحباته من المطلوب جوابه ولو كلمة إ ّ
ل في التعليق بالمشيئة من أحدهما :كأن يقول بعتك أو اشتريت منك إن شئت أو أردت أو إّ
ل إن نوى بقوله :شئت الشراء ،وذلك لن المشيئة من رضيت ،فيقول :اشتريت أو بعت ل شئت إ ّ
ضرورة العقد )و( بل )تأقيت( كبعتك هذا شهرًا أو حياتك أو ألف سنة ،ويشترط في القبول أن
يكون موافقًا لليجاب في المعنى وإن اختلف لفظهما حتى بالصريح والكناية ،فإن خالفه معنى
ح البـيع
كبعتك بألف فزاد أو نقص أو بألف حالة فأجل أو عكسه أو مؤجلة كشهرين فنقص لم يص ّ
للمخالفة ،وكأن قال البائع بألف ،فقال المشتري :قبلت نصفه بخمسمائة ونصفه بخمسمائة ونوى
ح ويشترط ذكر ح ،بخلف ما إذا نوى تفصيل ما أجمله البائع فيص ّ تعّدد العقد أو أطلق فإنه ل يص ّ
المبتدىء للعقد بائعًا كان أو مشتريًا الثمن فل تكفي نيته ل في الصريح ول في الكناية ،فالكناية
تكون في الصيغة وحدها ل في ذكر الثمن كما قاله الرملي خلفًا لبن حجر.
ح البـيع ممن جهل رشده )وشرط في عاقد( بائعًا أو غيره إبصار ،و )تكليف( وعدم الحجر فيص ّ
ورقه وحّريته لن الغالب عدم الحجر ،ومن حجر عليه بفلس إذا عقد في الذمة ،بخلف صبـ ّ
ي
ح بـيع
ولو مراهقًا ومجنون ومحجور عليه بسفه مطلقًا وفلس بالنسبة لبـيع عين ماله ،وإنما ص ّ
ح بـيع السكران المتعّدي مع كونه غير مكلف. العبد من نفسه ولو سفيهًا لن مقصوده العتق ،ويص ّ
ح نحو)و( شرط في المتملك عدم حرابة لتملك شيء من عّدة حرب كسيف ورمح وخيل ،فل يص ّ
ل إذا خشي ي في دارنا لنه في قبضتنا إ ّ ي لنه يستعين به على قتالنا بخلف ذم ّ شراء ذلك لحربـ ّ
إرساله إلى أهل الحرب.
وشرط فيه )إسلم لتملك( شيء من رقيق )مسلم( ولو بطريق تبعيته لغيره ولو بشرط العتق،
ح بـيع المة الحامل بمسلم عن شبهة ل تقتضي حرّية الولد بأن ظنها والمراد المنفصل فيص ّ
ل أن يحكم بعتق العبد المسلم زوجته المة ،ومثل المسلم في ذلك المرتّد لبقاء علقة السلم فيه إ ّ
على المتملك بدخوله في ملكه كما إذا قال لمالكه :أعتقه عني وإن لم يذكر عوضًا ،ولو اشترى
ح) .و( شرط في المتملك إسلم أيضًا لتملك شيء من )مصحف( وهو ما فيه الكافر ذلك لمسلم ص ّ
قرآن فل يصح تملك الكافر ولو مرتدًا لنفسه أو لمثله بنفسه أو بوكيله ولو مسلمًا ما فيه قرآن وإن
ل وإن كان في ضمن نحو علم .نعم يتسامح بتملك الكافر الدراهم والدنانير التي عليها شيء من قّ
القرآن ،ومثل المصحف الحديث ولو ضعيفًا ،وكتب العلم التي بها الحكايات المأثورة عن
الصالحين ،وخرج الجلد المنفصل عن المصحف فإنه وإن حرم مسه للمحدث يصح بـيعه للكافر.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( شرط )في معقود عليه( مبـيعًا كان أو ثمنًا ستة أمور :أحدها )ملك له( أي لمن يصدر منه
العقد )عليه( أي المعقود عليه ملكًا تامًا ،فخرج بـيع نحو المبـيع قبل قبضه بأن يصدر العقد من
عاقد ذي ولية على المعقود عليه بملك أو نيابة أو ولية كولية الب والوصي والقاضي لمال
الممتنع والظافر بغير جنس حقه والملتقط لما يخاف تلفه ،فكل من الظافر والملتقط وكيل عن
ي للمالك
المالك بإذن الشرع له في التصرف ،فخرج الفضولي وهو من ليس بوكيل ول ول ّ
فتصّرفه باطل وإن أجازه المالك ،وقيل :صحة بـيع الفضولي موقوفة على رضا المالك ،فإن
ل فل لن حديث عروة ظاهر في ذلك ،وهو أنه وكله في شراء شاة فاشترى له أجاز العقد نفذ وإ ّ
شاتين ثم باع واحدة منهما ،والمعتبر إجازة من يملك التصرف عند العقد فلو باع مال الطفل فبلغ
وأجاز لم ينفذ ،ومحل الخلف ما لم يحضر المالك فلو باع مال غيره بحضرته وهو ساكت لم
ل كان كالغائب ،ويصح عقد ذي الولية عند يصح قطعًا ،وذلك إذا تيسرت مراجعته بل مشقة وإ ّ
العقد كأن باع مال مورثه أو أبرأه أو أعتق رقيقه أو زّوج أمته ظانًا حياته فبان ميتًا أو باع مال
الغير ظانًا عدم إذنه له فبان آذنًا له فيصح ذلك لتبـين وليته عليه لن العبرة في العقود بما في
ن العاقد لعدم احتياجها لنية ،والوقف هنا وقف تبـين ل وقف صحة ،وإنما نفس المر ل بما في ظ ّ
لم يصح تزّوج الخنثى وإن بان واضحًا ول نكاح المشتبهة عليه بمحرمه ولو بانت أجنبـية لوجود
ل المعقود عليه ،وهو أولى بالحتياط من الشك في ولية العاقد. الشك في ح ّ
)و( ثانيها) :طهره( أي المعقود عليه شرعًا بالتحقيق أو بالمكان وإن غلبت النجاسة في مثله فل
يصح بـيع نجس العين كجلد ميتة وإن أمكن طهره بالندباغ وكلب ولو معلمًا ول بـيع أحد
مشتبهين قبل الحكم بطهارة أحدهما ول بـيع متنجس ل يطهره غسل كماء تنجس وإمكان طهر
قليله بالمكاثرة وكثيره بزوال التغير كإمكان طهر الخمر بالتخلل إذ طهره من باب الحالة ل من
باب التطهير ،بخلف ما يطهره غسل كثوب تنجس بما ل يستر شيئًا منه فيصح بـيعه ،ويصح
بـيع دار بنيت بالزبل لنه فيها تابع ل مقصود ،وأرض سمدت بنجس ،ورقيق عليه وشم ،ويصح
بـيع القز وفيه الدود ولو ميتًا لنه من مصلحته كالحيوان ببطانه النجاسة ،ويباع القز جزافًا
ووزنًا ،ويحل اقتناء السرجين وتربـية الزرع به مع الكراهة حيث صلح نباته بدونها ،أما لو
توقف صلحه عادة على التربـية به فل كراهة ،واقتناء الكلب لنحو حراسة وتربـية الجرو لذلك
وإن لم يكن من نسل معلم ،ويمتنع اقتناء الخنزير مطلقًا ،ويجوز الصدقة بالمتنجس والهبة
والوصية به.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( ثالثها) :رؤيته( أي المعقود عليه ،وتكفي معاينته وإن جهل المتعاقدان قدره أو جنسه أو
صفته ،ول يشترط الشم والذوق في المشموم والمذوق ،وتكفي رؤيته قبل العقد ولو لمن عمي
وقته فيما ل يظن أنه يتغير غالبًا إلى وقت العقد كأرض وحديد ونحاس وآنية اكتفاء بتلك الرؤية،
والغالب بقاؤه على ما شاهده عليه ،نعم يشترط أن يكون ذاكرًا حال العقد لوصافه التي رآها
ل لم يصح ول يصح بـيع ما لم يره أحد العاقدين ثمنًا أو كأعمى اشترى ما رآه قبل العمى ،وإ ّ
ل في ضوء إن ستر الضوء لونه كورق أبـيض، مثمنًا وإن كان حاضرًا في مجلس البـيع أو رآه لي ً
وفي قول وبه قال الئمة الثلثة :يصح بـيع ما لم ير المتعاقدان إن ذكر جنسه ويثبت الخيار لهما
عند الرؤية.
والرابع :العلم بالمعقود عليه عينًا في العين وقدرًا وصفة فيما في الذمة كما يعلم مما يأتي فيصح
ل ربعها مشاعًا ولو يجزىء آخر من مثله كبـيع حصته من دار بـيع جزء مشاع كبعتك الرض إ ّ
بحصة شريكه ،وفائدته عند استواء الحصتين سقوط الرجوع به في نحو هبة الوالد ومنع الرّد
بنحو عيب ،ول يصح بـيع اثنين عبديهما لثالث بثمن واحد من غير بـيان ما لكل منه ،وبـيع أحد
ل وإن استوت قيمتهما كما ل يصح البـيع بأحدهما للجهل بعين المبـيع أو الثوبـين أو العبدين مث ً
الثمن ،وقد تكون الشارة والضافة كافية عن التعيـين كداري ولم يكن له غيرها وكهذه الدار وإن
غلط في حدودها.
ل كالماء في شط النهر والعبد الزمن فيصح بـيعه لمنفعة والخامس :النفع بالمعقود عليه شرعًا حا ً
عتقه أو مآل كالجحش الصغير الذي ماتت أمه ،فل يصح بـيع حبتي الحنطة ونحوهما ولو في
زمن الغلء لنتفاء النفع بذلك لقلته ،ومن المنافع شرعًا حق الممّر بأرض أو على سقف وجاز
تملكه بالعوض على التأبـيد بلفظ البـيع مع أنه محض منفعة إذ ل تملك به عين للحاجة إليه على
التأبـيد ولذا جاز ذلك بلفظ الجارة أيضًا دون ذكر مدة.
والسادس :قدرة كل من العاقدين على تسليم ما بذله للخر حسًا وشرعًا من غير كثير مؤنة
ومشقة ،وذلك لن القصد وصول المشتري إلى المبـيع والبائع إلى الثمن ،فالشرط قدرة التسلم .إما
لقدرة الخذ أو الباذل وهذا في غير البـيع الضمني وفي غير من يحكم بعتقه على المشتري ،أما
بـيع ذلك فل تشترط فيه القدرة على ذلك فل يصح بـيع نصف معين من الناء ولو حقيرًا لبطلن
نفعه بكسره ،فخرج الشائع لنتفاء إضاعة المال عنه ،وكالناء نحوه مما تنقص قيمته أو قيمة
الباقي بكسره نقصًا يهتم بمثله.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( الربا حرام اتفاقًا ،وهو إما ربا فضل بأن يزيد أحد العوضين ،ومنه ربا القرض بأن يشترط
فيه ما فيه نفع للمقرض غير الرهن والكفالة والشهادة وإنما جعل ربا القرض من ربا الفضل مع
أنه ليس من هذا الباب لنه لما شرط نفعًا للمقرض كان بمنزلة أنه باع ما أقرضه بما يزيد عليه
من جنسه فهو منه حكمًا ،ومن شرط النفع ما لو أقرضه بمصر وأذن له في دفعه لوكيله بمكة
ل .وإما ربا يد بأن يفارق أحدهما مجلس العقد قبل التقابض ،وإما ربا نساء بأن يشرط أجل في مث ً
أحد العوضين وكلها مجمع على بطلنها ،والقصد هنا بـيان ما )شرط في بـيع( ربوي زيادة على
ما مّر ،ثم العوضان الربويان وغيرهما إن اتفقا جنسًا اشترط ثلثة شروط أو علة وهي الطعم أو
ل كبـيع طعام بنقد أو ثوب أو حيوان بحيوان ونحوه لم يشترط شيء من النقدية اشترط شرطان وإ ّ
تلك الثلثة .إذا علمت ذلك علمت أنه ل يصح بـيع )مطعوم ونقد بجنسه( أي المذكور من
ل إذا وجد فيه ثلثة شروط )حلول( للعوضين من الجانبـين فمتى اقترن بأحدهما المطعوم والنقد إ ّ
ل قبل تفرقهما لم يصح البـيع) ،وتقابض قبل تفرق( ول بد ل وح ّل زمنه كدرجتين مث ً تأجيل وإن ق ّ
من قبض حقيقي ولو بقبض وكيل قبل مفارقة الموكل المجلس ،فل تكفي حوالة وإبراء وضمان،
ويبطل العقد بالحوالة والبراء لتضمنهما الجازة وهي قبل التقابض مبطلة للعقد أما الضمان فل
ل بطل بالتفرق ولو يبطل العقد بمجرده بل إن حصل التقابض من العاقدين في المجلس فذاك وإ ّ
قبضا بعض العوضين صح في ذلك تفريقًا للصفقة) ،ومماثلة( بـين العوضين مع العلم بها حال
العقد.
واعلم أن ضابط الجنس هو بأن جمع الثمن والمثمن اسم خاص من أّول دخولهما في الربا
ل ،أما واشتركا فيه اشتراكًا معنويًا بأن يوضع اسم لحقيقة واحدة تحتها أفراد كثيرة كالقمح مث ً
الشتراك اللفظي فهو ما وضع فيه اللفظ لكل من المعاني بخصوصه فيتعدد الوضع فيه بتعدد
معانيه كالقرء فإنه وضع لكل من الطهر والحيض ،وخرج بالخاص العام كالحب ،وبقولنا :من
أّول دخولهما في الربا الدقة فإنها دخلت في الربا قبل طرّو اسم الدقيق لها فكانت أجناسًا
كأصولها ،وبقولنا واشتركا فيه اشتراكًا معنويًا البطيخ الهندي والصفر فإنهما جنسان كالجوز
الهندي والجوز المعروف إذ إطلق السم عليهما ليس لقدر مشترك بـينهما أي ليس موضوعًا
لحقيقة واحدة بل لحقيقتين مختلفتين.
ل إن وجد فيه شرطان )حلول( من الجانبـين )و( ل يصح بـيع مطعوم أو نقد )بغير جنسه( إ ّ
)وتقابض( والمراد به ما يعم القبض فيكفي الستقلل بقبض العوض المعين وإن كان للبائع حق
الحبس وإن لم يفد صحة التصرف ،وجاز التفاضل في هذا بـين العوضين) .و( شرط )في( صحة
سلم ستة أخرى اختص بها وهو بـيع شيء )موصوف( في ذمة ببدل يجب تعجيله بمجلس البـيع
بلفظ السلم أو السلف .الّول) :قبض رأس مال( وهو الثمن ويجوز الستبداد بقبض رأس المال إذا
كان معينًا إما إذا كان في الذمة فل ما لم يعين في المجلس فإن عين فيه جاز الستبداد بقبضه )قبل
تفرق( أو قبل لزوم عقد فلو قاما وتماشيا منازل حتى حصل القبض قبل التفرق لم يضر.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( الثاني) :كون مسلم فيه دينًا( فلو قال :أسلمت إليك هذا الثوب أو دينارًا في ذمتي في سكنى
هذه سنة لم يصح السلم أو قال في هذا العبد فليس بسلم قطعًا لختلل ركنه وهو الدينية ول ينعقد
بـيعًا حينئذ ،ومتى وضع يده عليه ضمنه الغصوب ول عبرة بإذنه له في قبضه لنه ليس إذنًا
شرعيًا بل هو لغ.
)و( الثالث :كونه )مقدورًا( على تسليمه من غير مشقة كبـيرة )في محله( بكسر الحاء أي في
ل،
ل وبالحلول إن كان مؤج ً وقت حلوله أي وقت وجوب التسليم ،وذلك بالعقد إن كان السلم حا ً
فإن أسلم في منقطع عند العقد أو الحلول كرطب في الشتاء لم يصح وكذا لو ظن حصوله عند
الوجوب لكن بمشقة عظيمة كقدر كثير من الباكورة فإنه ل يصح ،وذكر هذا الشرط مع علمه مما
مّر في البـيع لبـيان محل القدرة المشترطة وهو حالة وجوب التسليم المقارنة للعقد في الحال
والمتأخرة عنه إلى وقت الحلول في المؤجل ،بخلف بـيع المعين فإن المعتبر فيه اقتران القدرة
بالعقد.
ع في مذروع أو عّد في )و( الرابع :كونه )معلوم قدر( بكيل في مكيل أو وزن في موزون ،أو ذر ٍ
معدود ،ويجوز التقدير بوزن في جميع ذلك ،وبه أو كيل ،ل بهما معًا فل يصح ،ومحل جواز كيل
ل كفتات المسلم والعنبر تعين وزنه لن ليسيره المختلف الموزون إن عّد الكيل في مثله ضابطًا وإ ّ
بالكيل والوزن مالية كثيرة ،بخلف الللىء الصغار لقلة تفاوتها كالقمح والفول.
وخامسها :معرفة الوصاف المتعلقة بالمسلم فيه للعاقدين مع شاهدين عدلين التي ينضبط المسلم
فيه بها ،ويختلف الغرض بها اختلفًا ظاهرًا ،وليس الصل عدمها لن القيمة تختلف بسببها إذ ل
ل بذكر الوصاف التي يختلف بها الغرض ،بخلف ما يتسامح عادة بإهماله يخرج عن الجهل به إ ّ
كالسمن ومع ذلك لو شرطه وجب العمل به وما الصل عدمه ككتابة الرقيق وزيادة قّوته على
ل صح ،فلو أتى له بغير سارق وزان وجب قبوله العمل ،ولو شرط كون الرقيق سارقًا أو زانيًا مث ً
لنه خير مما شرطه.
وسادسها :بـيان محل تسليم مسلم فيه على تفصيل فيه حاصله أنه إن لم يصلح الموضع للتسليم
وجب البـيان مطلقًا ،وإن صلح وليس لحمله مؤنة لم يجب البـيان مطلقًا ،وإن صلح ولحمله مؤنة
ل ،وإذا لم يشترط البـيان تعين محل العقد للتسليم ،فإن عينا وجب البـيان في المؤجل دون الحا ّ
غيره تعين) ،وحرم ربا( في سائر أنواعه باتفاق العلماء قيل :مطلقًا ،وقيل :حيث لم يوجد حيلة
شرعية مخلصة من الربا ،وقال الرملي وابن حجر :والحيلة المخلصة من صور الربا بسائر
ي :اصرف أنواعه مكروهة خلفًا لمن خص الكراهة بالتخلص من ربا الفضل ،ولو قال لصيرف ّ
لي بنصف هذا الدرهم فضة وبالنصف الخر فلوسًا جاز لنه جعل نصفًا في مقابلة الفضة،
ونصفًا في مقابلة الفلوس ،بخلف ما لو قال :اصرف لي بهذا الدرهم نصف فضة ،ونصف
فلوس ،ل يجوز لنه إذا قسط عليهما ذلك احتمل التفاضل ،ويجوز بـيع الجوز بالجوز واللوز
ب كل بمثله وإنما امتنع بـيع ما نزع نواه من التمر ل وإن اختلفت القشور ،وبـيع ل ّ باللوز كي ً
لبطلن كماله وسرعة فساده ،بخلف لب الجوز واللوز ،ويجوز بـيع البـيض مع قشره ببـيض
ل.
كذلك وزنًا إن اتحد الجنس ،فإن اختلف جاز متفاض ً
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( حرم على من ملك آدمية وولدها )تفريق بـين أمة( وإن رضيت أو كانت كافرة أو مجنونة لها
شعور تتضرر معه بالتفريق أو آبقة ما لم يحصل اليأس من عودها .وفرع :ولو من زنا )لم يميز(
بأن يصير الولد بحيث يأكل وحده ويشرب وحده ويستنجي وحده ،ول يقدر هنا بسبع سنين ،ومن
غير المميز المجنون قبل إفاقته )بنحو بـيع( كهبة وقرض وقسمة ،ويجوز التفريق إن اختلف
المالك أو كان أحدهما حّرا كما يجوز بعتق ووصية إذ المعتق محسن والوصية ل تقتضي التفريق
بوضعها ،ويصح بـيع أحدهما لمن يحكم بعتقه عليه دون بـيعه بشرط عتقه كما يصح لمن أقر
بحّريته أو شهد بها وردت شهادته ،ويجوز التفريق بالوقف محافظة على تحصيل القربة كالعتق
كما اعتمده الرملي خلفًا لبن حجر )و( التفريق كبـيرة فإذا فرق بـينهما ببـيع أو غيره مما مّر
تفصيله )بطل( البـيع )فيهما( أي الم والولد على الظهر لنتفاء القدرة على التسليم شرعًا ،وبـيع
الولد قبل سقيه اللبأ باطل قطعًا.
ن أنه يتخذه
)و( حرم )بـيع نحو عنب( كرطب وتمر وزبـيب )ممن( من بمعنى اللم أي لمن )ظ ّ
مسكرًا( ومثل ذلك كل تصرف يفضي إلى معصية كبـيع أمرد لمن عرف بالفجور وأمة لمن
يتخذها لغناء محّرم وخشب لمن يتخذه آلة لهو ،ودابة لمن يكلفها فوق طاقتها ،وورق مشتمل على
نحو اسم ال تعالى لمن يتخذه كاغدًا للدراهم ونحو ذلك مما فيه امتهان ،وثوب حرير للبس رجل
بل نحو ضرورة ،وسلح لنحو باغ وقاطع طريق ،وديك للمهارشة ،وكبش للمناطحة والحرمة
ثابتة وإن كان المبـيع لنحو صبـي ولم يوجد من يرغب فيه بذلك غير المتخذ المذكور.
)و( حرم مع علم التحريم )احتكار قوت( كتمر وزبـيب وكل مجزىء في الفطرة بأن يمسك ما
اشتراه من القوت في وقت الغلء عرفًا ليبـيعه بأكثر عند اشتداد حاجة أهل محله أو غيرهم إليه
وإن لم يشتره بقصد ذلك لقوله » :ل يحتكر إل خاطىء« أي آثم .أما احتكار طعام غير قوت
واحتكار قوت لم يشتره كغلة ضيعته أو اشتراه وقت الرخص أو وقت الغلء لنفسه وعياله أو
ليبـيعه ل بأكثر أو ليبـيعه بأكثر وهو جاهل بالنهي فل يحرم ذلك الحتكار ،والولى بـيع ما فضل
عن كفاية ممونه سنة ،فإن خاف المحتكر جائحة في زرع السنة الثانية فله بل كراهة إمساك
ل أجبر على بـيع ما فوق كفاية سنة ،وهذا حيث كفايتها ،وذلك إن لم يشتد حاجة الناس لما عنده وإ ّ
ل لم يبق له شيء ،وكما يحرم الحتكار يحرم صّد جالب ما لم يتحقق إضطرار ناس معين وإ ّ
تكثر حاجة أهل البلد إليه عن تعجيل بـيع ولو كان نقدًا أو اختصاصًا بأن يقول إنسان ابتداء لمن
جلبه اتركه عندي أو عندك لبـيعه لك على التدريج بأغلى أو بنوع أرفع أو ليبـيعه فلن معي
سواء كان الجالب بدويًا وصاده حضريًا أم ل ،وإن كان الجالب قادمًا لوطنه على ما اعتمده ابن
حجر في فتح الجواد.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وقال في التحفة :إن بعض أهل البلد لو كان عنده متاع مخزون فأخرجه ليبـيعه بسعر يومه
ل عن فتعرض له من يفوضه له ليبـيعه تدريجًا بأغلى حرم أيضًا لكن اعتمد الشبراملسي نق ً
بعضهم عدم الحرمة لن النفوس لها تشّوف لما يقدم به ،بخلف الحاضر ،ويختص التحريم
بالصاّد .أما الجالب فقد دفع الثم عنه غرضه الربح لباحته لقوله تعالى} :ليس عليكم جناح أن
ل من ربكم{ )) (2البقرة :الية (198وإعانة الجالب على المعصية غير محققة تبتغوا فض ً
لنقضائها بانقضاء كلم الصاّد إذ يحرم عليه ذلك الصّد وإن لم يجبه الجالب ،والعلة في تحريم
الصّد التضيـيق على الناس ،فإن التمس الجالب من الحاضر بأن قال له ابتداءًا أترك هذا عندك
ل أو إ ّ
ل لتبـيعه بالتدريج أو انتفى عموم حاجة أهل البلد إلى ذلك المجلوب بأن لم يحتج إليه أص ً
نادرًا أو عمت وقصد الجالب بـيعه بالتدريج فسأله الحضري أن يفّوضه إليه أو قصد بـيعه بسعر
يومه فقال له :اتركه عندي لبـيعه كذلك لم يحرم لنه لم يضر بالناس ،ومثل البـيع في ذلك الحكم
ل فأرشده شخص إلى تأخير الجارة لوقت كذا حرم ل حا ًالجارة ،فلو أراد شخص أن يؤجر مح ً
ذلك لما فيه من إيذاء المستأجر ،وكما يحرم صّد الجالب يحرم اشتراء متاعه من غير طلب منه
ل قبل علمه بسعر المتاع وإن لم يقصد المشتري التلقي ،وإن لم يكن حال كونه خارجًا عن البلد مث ً
المجلوب مما تعّم الحاجة إليه ولم يكن الجالب غريبًا فيعصي بالشراء ويصح ،وللجالب الخيار
فورًا إذا عرف الغبن ولو قبل قدومه البلد ،والعلة في التحريم غبن الجالب سواء أخبر كاذبًا أم لم
يخبر ،وقيل خشية حبس المشتري لما يشتريه منه فيضيق على أهل البلد ول إثم للمشتري ول
خيار للجالب بتلقيه في البلد قبل الدخول للسوق لتقصيره حينئذ ،ولو اشترى منه قبل التمكن من
معرفة السعر حرم وثبت الخيار لعدم تقصيره فأشبه ما لو اشترى منه قبل دخوله البلد ول خيار
أيضًا فيما لو عرف الجالب سعر البلد المقصود ولو بخبر المشتري إن صّدقه فيه فاشترى منه به
أو بدونه ولو قبل قدومه البلد لنتفاء الغبن ،ول فيما إذا اشترى منه بطلبه ولو غبنه ،وفيما إذا لم
يعرف السعر ولكن اشترى به أو بأكثر ،ل خيار على ما اعتمده الرملي وابن حجر ،ول إثم إذ ل
تغرير.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( حرم مع علم التحريم أيضًا )سوم على سوم( بأن يزيد على آخر في ثمن ما يريد أو يخرج له
أرخص منه أو يرغب المالك في استرداد المبـيع ليشتريه بأغلى ،وإنما يحرم ذلك )بعد تقرر
ثمن( بأن يكون المتبايعان قد صرحا بالتوافق على شيء معين وإن كان أنقص من قيمته ،بخلف
ما لو انتفى ذلك الستقرار أو كان المبـيع يطاف به طلبًا للزيادة فتجوز الزيادة فيه إذا كانت بقصد
ل حرمت لنها من النجش ،بل يحرم على من لم يرد الشراء أخذ المتاع الذي يطاف به الشراء ،وإ ّ
لمجرد التفّرج عليه لن صاحبه إنما يأذن عادة في تقليبه لمريد الشراء ويدخل في ضمانه بمجرد
ذلك حتى لو تلف في يد غيره كان طريقًا في الضمان لنه غاصب بوضع يده عليه فليتنبه له فإنه
يقع كثيرًا ،أما لو زاد الثمن ل على نية الخذ بل لمجرد إضرار الغير فهو حرام لن ذلك نجش،
ولو زاد على نية الخذ ل لغرض بل لضرار غيره حرم ،ومع ذلك ل يحرم على المالك بـيع
الطالب بتلك الزيادة كذا قال الشبراملسي .وحرمة السوم بعد عقد وقبل لزومه بأن يكون المعقود
عليه في زمن خيار مجلس أو شرط أشّد من الحرمة قبل العقد وبعد التراضي بالثمن لن اليذاء
هنا أكثر ،وذلك بأن يبـيع على بـيع الغير بأن يرغب المشتري في الفسخ ليبـيعه خيرًا من ذلك
المبـيع بمثل ثمنه أو مثل ذلك بأقل أو يشتري على شرائه بأن يرغب البائع في الفسخ ليشتري
السلعة منه بأكثر ،ومن ذلك أن يبـيع بحضرة مشتر مثل المبـيع بأرخص ،وأن يطلب السلعة من
المشتري بأكثر والبائع حاضر قبل لزوم العقد فيحرم ذلك لدائه إلى الفسخ أو الندم.
)و( حرم )نجش( أي إثارة الرغبة في السلعة ،وهو أن يزيد في ثمن سلعة معروضة للبـيع ل
لرغبة في شرائها بل ليخدع غيره أو لينفع البائع ،ول فرق بـين بلوغ السلعة قيمتها أو ل وكونها
ليتيم أو غيره ،ول خيار للمشتري لتفريطه حيث لم يتأمل ولم يسأل ،وكذا ل خيار فيما لو أخبره
عارف بأن هذا عقيق أو فيروزج فاشتراه فبان خلفه .وصورة المسألة أن يقول :بعتك هذا
مقتصرًا عليه ،أما لو قال :بعتك هذا العقيق أو الفيروزج فبان خلفه لم يصح العقد لنه حيث
سمي جنسًا فبان خلفه فسد ،بخلف ما لو سمي نوعًا وتبـين من غيره فإن البـيع صحيح ويثبت
الخيار كما أفاده الشبراملسي ،ولو لم يواطىء البائع الناجش فل خيار جزمًا ،ومدح السلعة
ليرغب فيها بالكذب كالنجش.
فصل في الخيار
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وهو طلب خير المرين ،وهما هنا إمضاء البـيع وفسخه ،وهو إما خيار ترّو ،وله سببان :المجلس
ن في المقصود من التزام والشرط ،وإما خيار نقص وهو المتعلق بفوات مقصود مظنون نشأ الظ ّ
ل من ي ،وقد ذكر الخيارات الثلثة مرتبة فقال) :يثبت( لك ّ
ي ،أو قضاء عرف ّ شرطي ،أو تغرير فعل ّ
ل معاوضة محضة واقعة على عين ليس فيها المتعاوضين ما دام في المجلس )خيار مجلس في( ك ّ
تملك قهري ول جرت مجرى الرخص ويكون في أنواع )بـيع( وينقطع خيار المجلس بالتخاير
من العاقدين بأن يختارا لزوم العقد صريحًا كتخايرناه وأجزناه وأمضيناه وألزمناه وأبطلنا الخيار
وأفسدناه ،أو ضمنا بأن يتبايعا العوضين بعد قبضهما في المجلس فإن ذلك يتضمن الرضا بلزوم
الّول .ومن كنايات الخيار قوله :أحببت العقد أو كرهته) .و( تبعض الخيار في ذلك باختيار لزوم
العقد له أو لنحو الطفل ،فعلم من ذلك أنه )سقط خيار من اختار لزومه( أي البـيع من أحد العاقدين
وبقي خيار الخر ولو كان مشتريًا .نعم لو كان البـيع ممن يعتق على المشتري سقط خياره أيضًا
للحكم بعتق المبـيع بعد اختيار البائع اللزوم ،فإن قال للخر :اختر انقطع خيار القائل مطلقًا
لتضمنه الرضا باللزوم ،وكذا المقول له إن اختار انقطاع الخيار وفسخ أحدهما مقّدم على إجازة
الخر وإن تأخر عنها.
ل( من العاقدين )بفرقة)و( انقطع أيضًا خيار المجلس بمفارقة متولي الطرفين لمجلسه وخيار )ك ّ
بدن عرفًا( طوعًا وإن وقعت من أحدهما فقط ناسيًا أو جاهلً ل بموت وجنون وإغماء ونوم
وخرس طرأ في المجلس لهما أو لحدهما فل ينقطع خيار المجلس كخيار الشرط فينتقل الخيار
لوارث تأهل ولو عاّما كالمام عن بـيت المال ،فإن لم يتأهل الوارث نصب المام من يفعل له
الصلح ،ول يبطل خيار مكره بنحو فراقه وإن لم يسّد فمه بل بمفارقته المجلس الذي زال فيه
الكراه إذ ل تقصير منه بوجه لن السكوت عن الفسخ ل يقطع الخيار ،ويبقى خيار الخر إن منع
من اتباعه ويعتبر في التفّرق العرف كالمشي إلى ثلثة أذرع فل يحصل التفّرق بإرخاء ستر ول
بإقامة جدار بـينهما لن المجلس باق.
)وحلف نافي فرقة( إذا تنازع العاقدان في أصل التفّرق وإن طال الزمن )أو فسخ قبلها( أي الفرقة
بأن اتفقا على التفّرق وتنازعا في الفسخ قبله :أي صّدق منكر أحدهما بـيمينه لن الصل دوام
الجتماع وعدم الفسخ فالخيار باق له ،فإن اتفقا على عدم التفّرق واّدعى الخر الفسخ انفسخ العقد
إذ دعوى الفسخ فسخ )و( يثبت )لهما( أي العاقدين ولحدهما المبتدىء باليجاب أو القبول )شرط
ل منهما بالشرط أو يتلفظ المبتدىء به ويوافقه الخر من غير تلفظ به .أما لوخيار( بأن يتلفظ ك ّ
ص شرط الخيار شرط من تأخر قبوله أو إيجابه بطل العقد والشرط لنتفاء المطابقة .نعم إن اخت ّ
بمشتر بعضه كابنه أو أبـيه لم يجز لعتقه عليه لختصاص الملك به فيلزم من ثبوت الخيار عدم
ثبوته ،بخلف شرطه لهما أو للبائع إذ ل يعتق إل باللزوم ،وخيار المجلس والشرط متلزمان،
وقد يمتنع خيار الشرط ويثبت خيار المجلس لنه أولى لقصر زمنه ول عكس ،فحينئذ ل يجوز
شرط الخيار إن حرم تفّرق بل قبض كما في الربوي والسلم لنه أولى بالمنع من التأجيل الممتنع
فيهما.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والخيار المشروط للمشروط له من عاقد أو موكل أو أجنبـي بالغ ولو سفيهًا سواء أشرط العاقدان
الخيار لواحد أم أحدهما لواحد والخر لخر ،لن الحاجة قد تدعو إلى الجنبـي لكونه أعرف
ل صحيح ،ويكون شارط الخيار دون الشارط وموكله ،فقول العاقد :بعت على أن أشاور يومًا مث ً
ل ل إلى الموكل أو لنفسه ،فإن مات الجنبـي المشروط له انتقل الخيار للعاقد مالكًا كان أو وكي ً
مات الوكيل انتقل للموكل ل لوارث الوكيل ،ويشترط لصحة شرط الخيار بـيان المّدة فل بّد من
ل( منها ل فوقها اقتصارًا ل بطل العقد ،ويشترط أن تكون المّدة )ثلثة أيام( متوالية )فأق ّبـيانها وإ ّ
ص ،وذلك كما في حديث رواه البـيهقي» :إذا بايعت فقل ل خلبة ثم أنت بالخيار على مورد الن ّ
في كل سلعة ثلث ليال« والخلبة بكسر المعجمة وبالموحدة معناها :ل غبن ول خديعة ،وجاز
ل بالولى لكن بشرط كونه مقّدرا ،وتحسب المّدة المشروطة )من( حين العقد إن وقع الشرط الق ّ
ل بأن وقع بعده في المجلس فمن )الشرط( وإن مضى قبله ثلثة أيام فأكثر ،فإن شرط فيه ،وإ ّ
الخيار من التفّرق بطل العقد ،ولو شرط ثلثة أيام من طلوع الفجر لم تدخل الليلة الثالثة لليوم
ل عليهالثالث لن شرط الخيار لم يتناول تلك الليلة )ويحصل فسخ( للعقد في زمن الخيار بلفظ يد ّ
صريحًا أو كناية فصريحه حاصل )بنحو فسخت( البـيع كرفعته واسترجعت المبـيع ورددت الثمن
وكنايته نحو هذا البـيع ليس بحسن )وإجازة( له فيه بلفظ يدلّ عليها صريحًا أو كناية فصريحها
حاصل )بنحو أجزت( البـيع كأمضيته وألزمته وكنايتها ثناء على المبـيع بنحو هو حسن ،ثم في
ملك المبـيع والثمن مع ريعهما في زمن خيار المجلس والشرط تفصيل ،فإن كان الخيار للبائع أو
لجنبـي عنه فملك المبـيع مع ريعه له وملك الثمن مع توابعه للمشتري ،وإن كان الخيار للمشتري
أو لجنبـي عنه فله ملك المبـيع وللبائع ملك الثمن ،أما إن كان الخيار لهما أو لجنبـي عنهما
فالملك في المبـيع والثمن موقوف ،فإن تّم البـيع فملك المبـيع للمشتري وملك الثمن للبائع من حين
العقد ،وإن فسخ فللبائع ملك المبـيع ،وللمشتري ملك الثمن من حين العقد) .و( يثبت خيار
ن في المقصود من التزام شرطي النقيضة ،وهو كما مّر المتعلق بفوات مقصود مظنون نشأ الظ ّ
ي ،فالمتعلق بالتزام شرطي هو مخالفة الشرط إلى ما هو أدون كما أو قضاء عرفي أو تغرير فعل ّ
ل أو ذات لبن أو كثيرته ،وكون إذا شرط العاقد وصفًا مقصودًا ككون العبد كاتبًا وكون المة حام ً
الدابة كذلك فيصح العقد مع ذلك الشرط لنه شرط يتعلق بمصلحة العقد وهو العلم بصفات المبـيع
التي تختلف بها الغراض.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ويثبت )لمشتر( الخيار فورًا إذا لم يوجد الشرط الذي شرطه لفوات شرطه .والمتعلق بقضاء
ل ما ينقص العين أو عرفي هو وجود عيب قديم في المعقود عليه وقد جهله العاقد :أي وجود ك ّ
القيمة نقصًا يفوت به غرض صحيح ،وقد غلب في العرف العاّم عدمه في جنس المبـيع أو الثمن
فيثبت لعاقد )جاهل( بالعيب سواء كان بائعًا أو مشتريًا )خيار( في رّد المعقود عليه سواء كان
مبـيعًا أو ثمنًا )بـ(ـظهور )عيب( باق إلى الفسخ )قديم( أي سابق على العقد إجماعًا ،وكذا بعيب
حادث بعد العقد بآفة أو بفعل بائع أو أجنبـي وقبل قبض وكذا بعد القبض ،واستند إلى سبب سابق
على العقد أو القبض لن المبـيع حينئذ من ضمان البائع كما لو اشترى بكرًا مزّوجة وهو جاهل
فأزال الزوج بكارتها فله الرّد فإن كان عالمًا فل خيار له ول أرش لرضاه بسببه ،والوجه أنه إن
كان الخيار للبائع فقط تخير بما حدث في زمن الخيار ولو بعد القبض ول يثبت الخيار إن حدث
العيب قبل القبض لفعل مشتر :كأن قطع أصبع المبـيع فل يتخير بل يمنعه ذلك من الرّد بالعيب
القديم ،وإن زال ما أحدثه على الوجه لتقصيره ولن إتلفه قبض للمتلف فيستقّر عليه ضمانه
بجزء من الثمن بنسبة نقص القيمة بالقطع إلى تمامها لو كان سليمًا ،فلو قطع المشتري يد عبد
قيمته ثلثون فصارت بالقطع عشرين ثم مات قبل القبض استقر عليه ثلث الثمن كذا في فتح
الجواد.
ثم العيوب ستة أقسام :الول :عيب المبـيع ،ومثله عيب الغرة أي الرقيق الذي وجب في دية
الجنين فإنه يشترط أن يكون سليمًا من عيب المبـيع.
الثاني :عيب الضحية والهدى والعقيقة وهو ما نقص اللحم.
الثالث :عيب الجارة وهو ما أثر في المنفعة تأثيرًا يظهر به تفاوت في الجرة.
الرابع :عيب النكاح ،وما ينفر عن الوطء ويكسر الشهوة.
الخامس :عيب الصداق إذا طلق قبل الدخول وهو ما يفوت به غرض صحيح سواء غلب في
جنسه عدمه أم ل.
السادس :عيب الكفارة ،وهو ما أضر بالعمل إضرارًا بـينًا ،والعيب هنا )كاستحاضة( وتطاول
طهر فوق عادة غالبة وعدم حيض بعد عشرين سنة لن ذلك إنما يكون لعلة وحمل في جارية ل
ل إذا جاء الرقيق إلينا مسلمًا من بلد الهدنة لن هذابهيمة )وسرقة( ولو اختصاصًا )وإباق( إ ّ
إباق مطلوب أو إلى الحاكم لضرر من نحو سيده أو إلى من يتعلم منه الحكام الشرعية حيث لم
ل فل رّد ول أرش اتفاقًا.يغنه السيد عنه فل يثبت بذلك الخيار ،ومحل الرد بالباق إذا عاد وإ ّ
)وزنًا( في رقيق ذكرًا كان أو أنثى ولو مرة من صغير له نوع تميـيز وإن تاب وحسن حاله
ولواط العبد وتمكينه من نفسه وسحاقة المة) .وبول بفراش( مع اعتياده ذلك عرفًا وبلوغه سبع
سنين ،ومحل الرد بالبول إن وجد في يد المشتري أيضًا وإلّ فل لتبـين أن العيب زال ،وخرج
بالفراش غيره كما لو كان يسيل بوله وهو ماش فإنه يثبت به الخيار بالطريق الولى لنه يدل
على ضعف بالمثانة.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومن عيوب الرقيق كونه تمامًا أو شتامًا أو آكل الطين أو البنج أو الحشيش ،أو شاربًا للخمر أو
ل أو كذابًا أو قذافًا ولو لغير المحصنات ،أو مقامرًا أو أصّم ولو في إحدى أذنيه ،أو
تمتامًا مث ً
أقرع أو أبله أو أبـيض الشعر لدون أربعين سنة ،وليس من العيوب ما لو وجد أنف الرقيق مثقوبًا
أو أذنه لنه للزينة كما أفاده الشبراملسي )وجماح( بكسر الجيم وهو امتناعها على راكبها.
)وعض( وكون الدابة ترهب من كل ما تراه وكونها كثيرة الرفس وكونها درداء :أي ساقطة
ي وجود التدليس وهو حرام لقوله » :من السنان ل لكبر ،أو قليلة الكل )و( المتعلق بتغرير فعل ّ
غشنا فليس منا« فيثبت الخيار للمشتري )بتصرية( من نحو البائع وهو ربط أخلف البهيمة أو
ترك حلبه على خلف عادته وتحمير وجنة وتبـيـيض وجه إيهامًا لحسن أو سمن وتجعيد للشعر
إيهامًا لقوة البدن وهو ما فيه التواء وانقباض ،وتسويده إيهامًا أنه خلقة )ل( خيار بتلطيخ ثوب
الرقيق بشوب ليوهم أنه كاتب أو خباز وبتوريم ضرع شاة أو بتكبـير بطنها بالعلف كما ل خيار
)بغبن فاحش كظن( مشتر نحو )زجاجة جوهرة( لقربها من صفتها فاشتراها بقيمتها لتقصيره
بعمله بقضية وهمه من غير بحث ولنه لم يثبت الخيار لمن يغبن بل أرشده إلى اشتراطه.
ي( إجماعًا بأن يرد المشتري المبـيع المعين في العقد حال )والخيار( في الرد بالعيب )فور ّ
اطلعه على عيبه ولو قبل القبض لن الصل في البـيع اللزوم فيبطل بالتأخير من غير عذر،
ولنه خيار ثبت بالشرع لدفع الضرر عن المال فكان فوريًا كالشفعة فلو قبض شيئًا عما في الذمة
ل بالرضا بعيبه ولنه غير معقود بنحو بـيع أو سلم فوجده معيبًا لم يلزمه فور لنه ل يملكه إ ّ
عليه ،ول يجب فور في طلب الرش أيضًا لن أخذه ل يؤدي إلى فسخ العقد ول في حق جاهل
بأن له الرد وهو ممن يخفى عليه لعذره بقرب إسلمه أو نشئه بعيدًا عن العلماء ،وجاهل بأن الرد
على الفور إن كان عاميًا يخفى على مثله أو جاهل لحاله فيعذر في الرد ول بد من يمينه في جميع
الصور ،ويشترط أيضًا لجواز الرد ترك استعمال المبـيع مثمنًا أو ثمنًا بعد الطلع على العيب
ول يكون استعمال الوكيل والولي مسقطًا للرد ،ويعذر في ركوب جموح للرد يعسر سوقها
وقودها ،وإذا سقط رده بتقصير منه فل أرش له لتقصيره فهو المفوت له ولو حدث عنده عيب ل
بسبب وجد في يد البائع واطلع على عيب قديم والحال أنه ل خيار له أو كان الخيار للبائع سقط
ل به ككسر رائج رد بالعيب القديم ول أرش عليه، الرد القهري ،ولو حدث عيب ل يعرف القديم إ ّ
بخلف بـيض نحو دجاج مذر ونحو بطيخ مدود جميعه فإنه يوجب فساد البـيع لنه غير متقوم
فيرجع المشتري بجميع الثمن ويلزم البائع تنظيف المحل من قشوره لختصاصها به.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( قبض )منقول( غير غائب كسفينة صغيرة أو كبـيرة على البحر )بنقله( من محله إلى محل
آخر مع تفريغ السفينة المشحونة بالمتعة التي لغير المشتري ول يشترط في قبض الدابة تفريغ
ظهرها من أمتعة غير المشتري ،ويفرق بـينها وبـين السفينة بأنها تعّد ظرفًا لما فيها لغة وعرفًا
فأشبهت الدار بخلف الدابة ،أما غائب عن محل العقد غير منقول أو منقول بـيد مشتر أو أجنبـي،
ي زمن يمكن فيه الوصول للمبـيع والتفريغ ،وفي المنقول فيكفي في غير المنقول التخلية مع مض ّ
ي زمن يمكن فيه النقل ويكفي في حاضر بـيد مشتر أو أجنبـي ول أمتعة فيه لغير مشتر مض ّ
ي زمن يمكن التخلية في غير منقول والنقل في المنقول ول يحتاج في الكل إلى إذن البائع إ ّ
ل مض ّ
إن كان له حق الحبس وقبض خفيف يؤخذ باليد كثوب حاصل يتناول باليد وإن لم يتحول عن
مكانه وإن تركه بعد ذلك بدار البائع أو كان في محل يختص به وقبض جزء شائع حاصل بقبض
ل بإذنه بخلف التخلية ل تتوقف على إذن الجميع لكن إن كان له شريك لم يجز نقل المنقول إ ّ
الشريك ،والزائد على الجزء أمانة بـيد القابض إن أذن مالكه في قبضه ،ويضمن البائع في هذه
الصورة بالتعدي بتسليم المشاع ل بالتخلية ،ويشترط في صحة التصرف أيضًا رؤية القابض
للمقبوض ول يصح بـيع المثمن الذي في الذمة نحو المسلم فيه ول العتياض عنه قبل قبضه بغير
نوعه لعموم النهي عن بـيع ما لم يقبض ولعدم استقراره ،وجاز بـيع دين مستقر غير مثمن كثمن
بذمة وأجرة وصداق وعوض صلح بغير دين ممن هو عليه فقط إن عين عوضه في مجلس
الستبدال ليخرج عن بـيع الدين بالدين.
)وجاز استبدال عن ثمن( ثابت في الذمة وإن لم يقبض المبـيع حيث كان بعد لزوم العقد ل قبله
فإن استبدل موافقًا في جنس الربا كذهب عن ذهب اشترط الشروط المتقدمة فلو كان له على غيره
دراهم فعوضه عنها ما هو من جنسها اشترط الحلول والمماثلة وقبض ما جعله عوضًا عما في
ذمته في المجلس ،ومحل اشتراط المماثلة حيث لم يجر التعويض بلفظ الصلح أو موافقًا في علة
الربا كدراهم عن دنانير اشترط قبض البدل في المجلس حذرًا من الربا فل يكفي التعيـين عنه ول
يشترط التعيـين للبدل في عقد الستبدال بأن يقول هذا لن الصرف عما في الذمة جائز وإن
استبدل ما ل يوافق في علة الربا فل يشترط القبض في المجلس كما لو باع ثوبًا بدراهم في الذمة
لكن يشترط تعيـين الثوب في المجلس ،والراجح في استبدال الموافق عدم اشتراط التعيـين في
العقد) .و( جاز استبدال عن )دين( أي دين قرض بأن تصرف فيه فلزمه بدله وكذا عن نفس
القرض بأن كان باقيًا في يد المقترض كما قاله الرملي وعن بدل المتلف من قيمة المتقوم ومثل
المثلى حيث ل ربا فل تضر زيادة تبرع بها المؤدي بأن لم يجعلها في مقابلة شيء ويكفي هنا
العلم بالقدر ولو بإخبار المالك إذ القصد السقاط ل حقيقة المعاوضة فلو تبـين خلف الخبار
ل ويصح عكسه ،وشرط الستبدال لفظ تبـين بطلن الستبدال ول يصح استبدال مؤجل عن حا ّ
يدل عليه صريحًا أو كناية مع النية كأخذته عنه والثمن النقد إن قوبل بغيره فإن لم يوجد في أحد
الطرفين بأن كانا عرضين أو نقدين فالثمن ما اتصلت به الباء والمثمن مقابله.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
فصل في بـيع الرض والشجر والثمار
)يدخل في بـيع أرض( أو ساحة أو عرصة أو بقعة )ما فيها من بناء( ولو بئرًا لكن ل يدخل الماء
ل بشرطه وهو النص عليه) .وشجر( ثابت رطب ولو شجر موز ل الموجود فيها وقت البـيع إ ّ
ف ويلحق بالبـيع كل ناقل للملك كهبة ووقف ووصية وإصداق وعوض خلع وصلح مقلوع ول جا ّ
وأجرة ،ول يدخل ذلك في رهن وكل ما ل ينقل الملك كعارية وإجارة وإقرار ومثل الشجر ما
ل أقل من سنة كقطن يجّز مرة بعد أخرى أو تؤخذ ثمرته مرة بعد أخرى وإن لم يبق في الرض إ ّ
حجازي والقثاء والكرفس وإن لم يثمر) .و( يدخل )في( بـيع )بستان أرض وشجر( وعريشة وكل
ماله أصل ثابت من الزرع )وبناء( فيه يدخل وحيطان وجدار منهدم ،ل نحو غصن يابس وشجرة
وعروق يابسين )و( يدخل في بـيع )دار( عند الطلق )هذه( أي أرض مملوكة للبائع بجملتها
حتى تخومها إلى الرض السابعة ،وشجر رطب مغروس فيها ويابس قصد دوامه كجعله دعامة
ل وكل بناء من علو أو سفل ولو من نحو سعف) ،وأبواب منصوبة( أو مخلوعة وهي باقية بها مث ً
بمحلها ،أما لو نقلت من محلها فهي كالمقلوعة فل تدخل في البـيع ،وإجانات مثبتة وهي ما يغسل
ف وسلم مسمران لن الجميع معدود من أجزاء الدار لتصالها بها )ل( يدخل )في( بـيع فيه ،ور ّ
ن( ذكر أو غيره )ثوب( عليه حالة البـيع ولو ساتر عورته ،خلفًا للرافعي والماوردي ،ول )ق ّ
قرط في أذنه ،ول خاتم في يده ،ول نعل خلفًا للسبكي .
)و( يدخل )في( بـيع )شجر( رطب بل أرض عند الطلق أو مع نحو أرض صريحًا أو تبعًا
)عرق( ولو امتّد وجاوز العادة ما لم يخرج عن أرض البائع )وغصن رطب( ل يابس ،أما
ف فيتبعه غصنه اليابس وورق رطب ،ول فرق في دخول الورق بـين أن يكون من الشجر الجا ّ
فرصاد وسدر وحناء وتوت أبـيض ونيلة ،وأن يكون من غير ذلك كما قاله الرملي تبعًا لوالده،
واعتمده ابن حجر أن ورق الحناء وورق النيلة ونحوهما مما ل ثمر غيره ل يدخل في البـيع،
والفرصاد اسم للتوت الحمر خاصة اهـ) .ل( يدخل في بـيع الشجر )مغرسه( بكسر الراء أي
محل غرس الشجر ،وهو ما سامت الشجر من الرض وما يمتّد إليه عروقه فل يتبعه في بـيعه
ول في استثنائه من الرض المبـيعة لن اسم الشجر ل يتناوله فليس لمشتري الشجر بـيعه ول
غرس بدل ذلك الشجر لو قلع ،لكن مستحق منفعته بل عوض ،فيجب على مالكه أو مستحق
منفعته بإجارة أو وصية تمكينه منه ما بقي الشجر حيًا تبعًا له )و( ل )ثمر( وهو ما يقصد من
المبـيع ولو مشمومًا كطلع نخل وثمر نحو عنب وكمام ورد ،ونحو رمان وجوز إن )ظهر( ذلك
بتشقق وبروز وتفتح وتناثر بعد انعقاد ،وبانعقاد فل يدخل ذلك الثمر في بـيع الشجر بل هو للبائع،
فإن شرط فيما يظهر أنه لمشتر وفيما لم يظهر أنه للبائع عمل به )ويبقيان( أي الثمر الظاهر
والشجر عند الطلق فيستحق البائع تبقية الثمر إلى أّول أوان الجذاذ فيأخذه دفعة ل على التدريج
ل فيما اعتيد قطعه قبل النضج فإلى وقت عادته أو أصابه آفة ولم يبق في تركه فائدة ،ويستحق إّ
المشتري تبقية الشجر ما دام حيًا وإن بذل له أرش القلع تحكيمًا للعادة.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( يدخل )في( بـيع )دابة( عند الطلق نعلها المسمر وبرتها وهي الحلقة التي في أنفها
لتصالهما بها مع كون استعمالهما لمنفعة تعود على الدابة ما لم يكونا من ذهب وفضة لعدم
المسامحة حينئذ بهما ول يدخل في بـيعها عذارها ومقودها ولجامها وسرجها ،ول يصح بـيع
الجنين وحده للنهي عن بـيع الملقوحة ،وهي )حملها( أي الدابة ،ول يصح بـيع الحامل دون الحمل
لنه ل يجوز إفراده بالعقد لتعذر استثنائه لنه كعضو منها ،ولو قال :بعتك هذه الدابة وحملها أو
مع حملها بطل البـيع كما لو قال :بعتكها ،ولبن ضرعها لن ما ل يصح بـيعه وحده ل يصح بـيعه
مقصودًا مع غيره ،ولزم من ذكر الحمل توزيع الثمن عليهما وهو مجهول ،وإعطاؤه حكم
ل مطلقًا من غير تعرض لدخول وعدمه المعلوم ،إنما هو عند كونه تبعًا ل مقصودًا ،ولو باع حام ً
ل بطل البـيع.
دخل الحمل في البـيع إن كان مالكهما متحدًا إجماعًا وإ ّ
فصل في اختلف العاقدين ،وفي التحالف
)ولو اختلف متعاقدان( ولو وكيلين أو اختلف الوارث أو النائب لحدهما هو والخر أو نائبه أو
وارثه )في صفة عقد( في معاوضة محضة أو غيرها من بـيع صداق )و( الحال أنه )قد صح(
العقد باتفاقهما أو بـيمين البائع ،وقد بقي العقد إلى حال النزاع )كقدر عوض( بأن اّدعى أحدهما
ل في الثمن أكثر ،أو جنس ل في المبـيع أكثر أو مّدعي البائع مث ً
نحو قدر ،ومّدعي المشتري مث ً
كذهب وفضة ،أو صفة كصحاح ومكسرة ،أو عين كقوله :بعتك العبد ،فيقول الخر :بل المة
)ول بـينة( لواحد منهما بمّدعاه أو لكل بـينة ،لكن البـينتان قد تعارضتا بأن أطلقتا أو أطلقت
إحداهما وأّرخت الخرى أو أرختا بتاريخ واحد )حلف كل( منهما في الصورتين ،وإن كان زمن
الخيار باقيًا سواء أبقى العوضان وقبضا أم ل .نعم عند الختلف في القدر يشترط بقاء العوضين
يمينًا واحدة متلبسة بنفي لقول غيره ،وإثبات لقوله بأن يجمعهما مقدمًا للنفي كأن يقول :وال ما
ل مّدع ومّدعى عليه ،ويحلف بعت بمائة بل بألف ،أو يقول ما اشتريت بألف بل بمائة ،لن ك ً
ت إذا غلب على ظنه صدق مورثه ،وفي النفي على نفي العلم فيقول: الوارث في الثبات على الب ّ
وال ل أعلم أن مورثي باع بكذا ،ولقد باع بكذا ،وإذا تحالفا لم ينفسخ العقد بالتحالف ،بل يدعوهما
الحاكم للتفاق.
)فإن( رضي أحدهما بدفع ما طالبه صاحبه أجبر الخر عليه وليس له الرجوع عن رضاه كما لو
رضي بالعيب فإن لم يتفقا على شيء بل )أصرا( على النزاع )فلكل( منهما الفسخ لنه لستدراك
الظلمة كالفسخ بالعيب )أو الحاكم فسخه( أي العقد وإن لم يسأله قطعًا للنزاع ،ثم بعد الفسخ
وجب على المشتري رّد المبـيع بزوائده المتصلة دون المنفصلة إن قبضه المشتري وبقي بحاله
ولم يتعلق به حق لزم ،فإن تلف شرعًا كأن وقفه المشتري ،أو حسًا كأن مات أو تعلق به حق
لزم ككتابة صحيحة لزمه قيمته إن كان متقّوما ،ولو زادت على ثمنه ومثله إن كان مثليًا ولزمه
رّد قيمة الرقيق البق ،وهي قيمة وقت التلف الشرعي أو الحسي.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ولو( اختلفا في عقدين كأن )اّدعى( أحدهما )بـيعًا والخر رهنًا( أو هبة كأن قال أحدهما :بعتك
بألف ،وقال الخر :بل وهبتني أو رهنتني فل تحالف لعدم اتفاقهما على عقد واحد بل )حلف كل(
منهما )نفيًا( أي على نفي دعوى الخر كسائر الدعاوى ،ثم يرّد مّدعي البـيع ألفًا لنه مقّر بها،
ويسترّد العين بزوائدها المتصلة والمنفصلة ،وإن اتفقا على حدوثها في ملك الراّد لثبات كل
منهما بـيمينه نفي دعوى الخر فتساقطتا ،وبان بحلفهما أنه ل عقد على أن الهبة ل تقتضي ملكًا
ل مع قبض بإذن ولم يوجد ول أجرة لتفاقهما على الذن له في النتفاع )و( إذا اختلفا في صحة إّ
عقد بأن اّدعى أحدهما اشتماله على مفسد من انتفاء ركن أو شرط كأن اّدعى بائع أو مشتر عدم
الرؤية )حلف مّدعي صحة( فيصّدق غالبًا مسلمًا كان أو كافرًا ،لن الظاهر في العقود الصحة،
ومن غير الغالب بـيع ذراع من أرض يعلمان ذرعها فإذا اّدعى بائع أنه أراد ذراعًا مبهماً ليفسد
البـيع بأن قال البائع عند الختلف :أردت بقولي :ذراعًا أنه يفرز لك ذراع معين من العشرة تنفق
عليه واّدعى مشتر الشاعة ليصح البـيع صدق البائع بـيمينه لنه أعرف بإرادته ،ومن غير
الغالب تصديق مّدعي صلح النكار لنه الغالب ،ومشتري مغصوب بأن قال :كنت أظن القدرة
وأنا الن عاجز ،ومّدعي نحو بـيع وبه نحو صبا أمكن فيصدق لن الصل عدم تأهله للبـيع ،وإذا
اختلف العاقدان في مردود بعيب ،فإن كان المردود مقبوضًا عما في الذمة بنحو بـيع أو سلم ،كأن
قال بائع لمشتر :هذا ثمنك الذي أقبضتنيه عما في ذمتك ،وكأن قال مسلم لمسلم إليه :إن هذا
المسلم فيه الذي أقبضتنيه وأنكر مشتر ومسلم إليه ذلك حلف غريم اّدعى أن المردود بالعيب هو
ل لنهما لم يتفقا على قبض ما عقد عليه والصل بقاؤه في المقبوض وهو البائع والمسلم ولو وكي ً
الذمة ،وإن كان المردود معينًا كأن قال بائع لمشتر :هذا ثمنك المعين في العقد أو مشتر لبائع هذا
مبـيعك المعين في العقد وأنكر ذو عوض معين صدق هذا بـيمينه ،وهو مشتر في الصورة الولى
وبائع في الثانية لتفاقهما على قبض ما عقد وتنازعهما في سبب الفسخ وهو العيب والصل
عدمه وبقاء العقد ،ويصدق غاصب رّد عينًا وقال :هي المغصوبة وكذا وديع.
فصل في القرض والرهن
وهو جعل عين مال متمولة وثيقة بدين ليستوفي منها عند تعذر وفائه ،فخرج بعين مال
الختصاصات ،وبمتمولة نحو القمحة والقمحتين .والوثائق بالحقوق ثلثة :شهادة ،ورهن،
وضمان .فالّول لخوف الجحد ،والخران لخوف الفلس .والقرض بفتح القاف أشهر من كسرها
وهو اسم مصدر بمعنى المقرض اسم للمفعول أو بمعنى القراض مصدرًا.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)القراض( الذي هو شرعًا تمليك الشيء برّد بدله من المثل حقيقة في المثلى وصورة في المتقّوم
)سنة( متأكدة .قال » :من نفس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفس ال عنه كربة من كرب يوم
القيامة ،وال في عون العبد ما دام في عون أخيه« رواه مسلم ،ويجوز أن يقال :تلك الكربة التي
تنفس يوم القيامة عشر كرب من كرب الدنيا لن أمور الخرة ل يقاس عليها ،وأن يقال :نفس ال
عنه كربة من كرب يوم القيامة زيادة على ثواب عمله فذلك التنفيس كالمضاعفة ،وفي خبر
ضعيف» :إن درهم الصدقة بعشر والقرض بثمانية عشر« ،ووجه ذلك أن درهم القرض فيه
تنفيس كربة وانتظار إلى قضاء حاجته ورّده ففيه عبادتان ،فكان بمنزله درهمين وهما بعشرين
حسنة ،فالتضعيف ثمانية عشر وهو الباقي فقط لن المقرض يسترد ،ومن كون الصل استرداده
فالتضعيف باق ولو أبرأ منه كان له عشرون ثواب الصل والمضاعفة ،ومحل ندب القراض ما
ل كان واجبًا على المقرض ما لم يعلم أو يظن من أخذه أنه ينفقه في لم يكن المقترض مضطرًا وإ ّ
ل حرم عليهما مع صحة القرض كبـيع العنب لعاصر الخمر أو في مكروه وإل كره معصية وإ ّ
لهما ،ويحرم على غير مضطر القتراض إن لم يرج وفاءه من سبب قريب الحصول ما لم يعلم
المقرض بحاله فإن علم فل حرمة بل يكره إن لم يكن ثم حاجة ،ويجوز لمضطر مطلقًا ،ويحرم
القتراض على من أخفى غناه وأظهر فاقته عند القرض ما لم يعلم المقرض حاله ،ولو أخفى
الفاقة وأظهر الغنى حالة القرض حرم القتراض أيضًا لما فيه من التدليس ،ويملك القرض ولو
علم المقترض أنما يقرضه لنحو صلحه أو علمه وهو في الباطن ،بخلف ذلك حرم عليه
ي بسؤال من القتراض ،ويملك القرض ،وقد يكون القتراض مباحًا كما إذا دفع القرض إلى غن ّ
الدافع مع عدم احتياج الغني إليه فيكون مباحًا ل مستحبًا لنه لم يشتمل على تنفيس كربة ،وقد
يكون في ذلك غرض للدافع لحفظ ماله بإحرازه في ذمة المقترض.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وأركان القرض أربعة :عاقدان ومعقود عليه ،وصيغة في غير القرض الحكمي ،أما هو فل
ل كإنفاق على لقيط ،وإنما يقرض )بإيجاب كأقرضتك( كذا أو أسلفتك هذا يشترط فيه صيغة أص ً
وإن لم يقل في هاتين الصيغتين بمثله لن ذلك وضع صيغة القرض أو خذه بمثله أو ببدله أو
ملكتكه على أن ترد بدله أو أخذه ورد بدله أو اصرفه في حوائجك ورد بدله فإن اقتصر على
قوله :خذه أو اصرفه في حوائجك من غير ذكر ورّد بدله فكناية قرض إذا سبقه أقرضني وإ ّ
ل
فهو كناية هبة أو بـيع إن تقدم ذكر الثمن في لفظ المشتري ،ولو اقتصر على ملكتكه فإن نوى معه
ل فهبة )وقبول( متصل باليجاب موافق له في المعنى كاقترضت هذا البدل فكناية قرض وإ ّ
وتملكته بمثله وقبلت قرضه ،نعم القرض الحكمي كإطعام جائع وكسوة عار ل يحتاج لصيغة،
ومحل عدم اشتراط الصيغة في المضطر وصوله إلى حالة ل يقدر معها على صيغة وإلّ فيشترط
ل بأن كانل أن يكون المقترض غنيًا ،وإ ّ ول يكون إطعام الجائع وكسوة العاري ونحوهما قرضًا إ ّ
فقيرًا والمقرض غنيًا فهو صدقة ،ويصدق الخذ فيما إذا اّدعى الفقر وأنكره الدافع لن الصل
عدم لزوم ذمته شيئًا كما قال الشبراملسي ،والتماس المقرض كقوله :اقترض مني كإيجابه،
والمقترض كقوله :أقرض كقبوله ،ويشترط في المقرض أهلية التبرع بأن يكون غير محجور
عليه مختارًا فل يصح إقراض مكره إذا كان الكراه بغير حق فلو أكره بحق وذلك بأن يجب عليه
ل أمة ولو نحو رتقاء لنحو اضطرار صح ،ويجوز إقراض كل ما يسلم فيه من حيوان وغيره إ ّ
غير مشتهاة تحل لمقترض ولو ممسوحًا أو كان صغيرًا جدًا فل يجوز إقراضها وإن جاز المسلم
فيها وذلك لنه ربما تبقى المة عند الصغير إلى بلوغه حدًا يمكنه التمتع بها فيه.
)وملك مقترض( شيئًا مقرضًا )بقبض( بإذن مقرض وإن لم يتصرف فيه بما يزيل الملك فينفقه
ويعتق عليه إن كان الشيء المقرض بعضًا للمقترض ومع حصول الملك للمقترض جاز له رّد
ل إذا نقص فهو مخير بـين أن يرده مع الرش وأن يرد لما اقترضه بعينه ،وعلى المقرض قبوله إ ّ
بدله مثله سليمًا) .ولمقرض استرداد( في عين المقرض إن بقي في ملك المقترض أو زال عن
ملكه ثم عاد وإن كان مؤجرًا فيأخذه مسلوب المنفعة أو يأخذ مثله ،أو كان معلقًا عتقه بصفة أو
مدبرًا ويرجع المقرض مع زيادة متصلة ل منفصلة ،بخلف ما لو تعلق بالمقترض حق لزم
كرهن وكتابة وتعلق أرض جناية برقبته فل يرجع فيه حينئذ ،وإذا تلف مقرض ولو شرعًا وجب
على مقترض رد مثل ما اقترضه حقيقة في المثلى ولو في نقد بطل التعامل به وصورة في
المتقوم لنه اقترض بكرًا ورّد رباعيًا بفتح الراء وتخفيف الياء وهو ما دخل في السنة السابعة،
ي من البل )و( جاز من غير كراهة )نفع( يصل لمقرض من مقترض )بل شرط( في والبكر الفت ّ
ن ذلك للمقترض لقوله » :إن خياركم أحاسنكم قضاء« وأحاسن جمع أحسن ،وفي العقد بل يس ّ
رواية» :إن خياركم محاسنكم قضاء« ومحاسن بضم الميم معناه ذو المحاسن ،وقيل :جمع محسن
بفتح الميم نعم يمتنع على مقترض لنحو محجوره أو جهة وقف رّد الزائد ،والوجه أن القراض
ممن تعّود الزيادة بقصدها مكروه ،وأن المقرض يملك الزائد من غير لفظ لنه وقع تبعًا ،وأيضًا
فهو يشبه الهدية فيمتنع على الباذل رجوعه فيه لدخوله في ملك الخذ بمجرد الدفع.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والوجه أن المقترض إذا دفع أكثر مما عليه واّدعى أنه إنما دفع ذلك ظنًا منه أنه الذي عليه حلف
ورجع فيه ،ول يجوز قرض نقد أو غيره إن اقترن بشرط جر نفع مقرض كرّد زيادة أورد جيد
عن رديء لخبر فضالة بن عبـيد رضي ال عنه» :كل قرض جر منفعة فهو ربا« أي كل قرض
شرط فيه ما يجر إلى المقرض منفعة فهو ربا ،فإن فعل ذلك فسد العقد حيث وقع الشرط في
صلب العقد ،أما لو توافقا على ذلك ولم يقع شرط في العقد فل فساد ،ومن شرط المنفعة القرض
ل بأكثر من قيمته لجل القرض إن وقع ذلك شرطًا في صلب العقد إذ هو لمن يستأجر ملكه أي مث ً
ل كره عندنا ،وحرم عند كثير من العلماء ،وجاز في القرض شرط رهن حينئذ حرام إجماعًا وإ ّ
وشرط كفيل ول بد من تعيـينهما وشرط إقرار أو إشهاد عند حاكم لن هذه المور توثقات ل
منافع زائدة.
)و( أركان الرهن أربعة :الركن الّول :صيغة وإلى ذلك أشار المصنف بقوله :إنما )يصح رهن
بإيجاب وقبول( كرهنت وارتهنت ،أو استيجاب وإيجاب كارهن هذا ورهنت ،أو استقبال وقبول
كارتهن عبدي هذا بكذا وارتهنته ولو شرط الرهن في عقد كبـيع أو نكاح أو إجارة كبعتك على أن
ترهنني فقال :اشتريت ورهنت صح الرهن وإن لم يقل الّول بعده :ارتهنت أو قبلت.
الركن الثاني :العاقدان ،وشرطهما أن يكونا )من أهل تبرع( بأن يكون كل منهما مكلفًا مختارًا
غير محجور عليه فل يصح الرهن من أضداد هؤلء ثم إن صدر من أهل تبرع في ماله فذاك
وإل فالشرط وقوعه على وجه المصلحة وذلك كما إذا أقرض مال محجوره أو باعه مؤج ً
ل
ل بغبطة فيلزمه الرتهان بالثمن لضرورة كنهب وكما إذا باع ماله عقارًا كان أو غيره مؤج ً
وارتهان الولي فيما ذكر جائز إن كان قاضيًا وإل فواجب.
الركن الثالث :المرهون ،وله شرطان .الّول :كونه مما يحصل به توثق ويقدر على تسليمه ومن
ل في عين ولو جزءًا مشاعًا ،ويشترط إذن شريك في قبض ما ينقل فقط ثم ل يوجد صحة الرهن إ ّ
لتوقفه على النقل الممتنع من غير إذنه.
الشرط الثاني :أن يكون عينًا تقبل البـيع وقت حلول نعم يصح رهن أمة دون ولدها وعكسه وذلك
ليستوفي من ثمنها ،فل يصح رهن نحو أم ولد ومكاتب وموقوف وجان تعلق برقبته مال ،ومدبر
ل لن سيده قد يموت فجأة قبل التمكن من بـيعه ،ومعلق عتق بصفة لم يعلم حلول ولو رهن بحا ّ
الدين قبلها ،ول يشترط ملك الراهن للعين بل يصح الرهن )ولو( كانت العين )عارية( لنه يجوز
استعارة شيء ليرهنه بدينه بالجماع وإن كانت العارية ضمنًا كما لو قال لغيره :ارهن عبدك
على ديني ففعل فإنه كما لو قبضه ورهنه وذلك لن الرهن توثق وهو يحصل بما ل يملكه
ل منهما يحصل به التوثق مع كونه ليس ملكًا للشارط فإذا لزم الرهن فلكالشهاد والكفالة فإن ك ً
رجوع للمالك ،ولو أذن الراهن للمرتهن في بـيع المرهون واستيفاء الحق فإن باعه بحضرة
ل فل لنه يبـيعه لغرض نفسه فاتهم في غيبته بالستعجال ،فلو قدر الثمن انتفت الراهن صح وإ ّ
التهمة وصح البـيع مطلقًا كذا في كفاية الخيار ،وإنما تصح العارية للرهن من مالك عارف
بالمرتهن ككونه زيدًا وكونه واحدًا أو متعددًا ،وبجنس الدين كذهب أو فضة ،وبقدره كعشرة أو
مائة وبصفته كصحة وتكسر وحلول وتأجيل ،نعم لو قال المالك للمستعير :ارهن عبدي بما شئت
صح أن يرهنه بأكثر من قيمته كما نقله الرملي وابن حجر عن القمولي .
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
الركن الرابع :المرهون به ،وله أربعة شروط لصحة الرهن .الّول :كونه دينًا في نفس المر ولو
زكاة تعلقت بالذمة بأن تلف المال بعد التمكن من إخراج الزكاة فيجوز الرهن من المستحقين
المنحصرين ،أو من كل ثلثة من كل صنف أو من المام ،أو منفعة كالعمل في إجارة الذمة ل
إجارة العين فل يصح الرهن بسبب العين المضمونة كالمأخوذ بالبـيع الفاسد والمغصوبة
والمستعار وألحق بالعين المضمونة ما يجب رده فورًا كالمانة الشرعية.
ل فل يصح بغيره وإن جرى سبب وجوبه كنفقة زوجته في الغد. الثاني :كونه موجودًا حا ً
الثالث :كونه لزمًا في نفسه كثمن المبـيع بعد الخيار دون دين الكتابة فل يصح الرهن بجعل
الجعالة قبل الفراغ من العمل.
ي من درهم إلى عشرة كما الرابع :كونه معلومًا لهما لكن يجوز الرهن بقوله :رهنتك هذا بما عل ّ
جاز ضمان ذلك فيكون ضامنًا لتسعة كما قاله الرملي وابن حجر .
واعلم أن الشرط في الرهن لما يوافق مقتضاه كتقديم مرتهن بالمرهون عند تزاحم الغرماء مؤكد
للرهن ،والشرط فيه بما فيه مصلحة وهو ما ليس بلزم مستحبًا كان أو مباحًا كالشهاد بالعقد
ل إذا أضر العبد بأكل غير ما شرط ل كذا لغو إ ّ
لزم ،والشرط فيه بكون العبد المرهون ل يأكل إ ّ
بأن نقصت به الوثيقة فل يكون ذلك الشرط لغوًا لوجود الغرض ،والشرط بما يضر أحد العاقدين
مفسد للرهن .وإلى هذا أشار المصنف بقوله) :ل( يصح الرهن )بشرط ما يضر( المرتهن وينفع
ل بأكثر
الراهن )كأن ل يباع( أي المرهون )عند المحل( بكسر الحاء أي وقت الحلول أو ل يباع إ ّ
من ثمن المثل فيبطل الشرط والرهن لن هذا الشرط مناف لمقصود الرهن بالكلية.
)و( ل يصح الرهن بشرط ما يضر الراهن وينفع المرتهن كـ )شرط منفعته( أي المرهون
)لمرتهن( من غير تقيـيد بمدة فيبطل الشرط وكذا الرهن على القول الظهر لتغيـير قضية العقد،
ل والرهن مشروط في بـيع فهو جمع بـين بـيع وإجارة وهو جائز، أما لو قدرت المنفعة بسنة مث ً
وصورة ذلك أن يقول :بعتك هذا الثوب بدينار على أن ترهنني به دارك هذه ويكون سكناها لي
سنة فيقبل الخر فهذا العقد جمع بـين بـيع الثوب واستئجار الدار سنة بالثوب فمجموع الدينار
والمنفعة المعينة ثمن والثوب مبـيع وأجرة ،فلو عرض ما يوجب انفساخ الجارة انفسخ عقدها
فيما يقابل أجرة مثل الدار سنة من الثوب ،وخرج بكون الرهن مشروطًا في بـيع ما لو لم يكن
الرهن كذلك كقوله :رهنتك هذه الدار على كذا على أن يكون سكناها سنة بدينار فل يصح الرهن
لشتمال العقد على شرط ما ليس من مقتضيات الرهن ول من مصالحه فهو مقتض للفساد فهو
رهن بشرط مفسد كما لو باع داره لشخص بشرط أن يقرضه كذا وهو مبطل ،ولو شرط رهن ما
يحدث من زوائد المرهون كنتاج وثمرة فسد الرهن لعدمها مع الجهل بها ولو شرط كون
المرهون مبـيعًا للمرتهن عند حلول الدين فسد عقد الرهن لتأقيته ول يصح البـيع لتعليقه ولو لم
يؤقت الرهن بأن قال :رهنتك وإذا لم أقض عند الحلول فهو مبـيع منك كان الفاسد البـيع وحده
دون الرهن لنه لم يشرط فيه شيء.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ول يلزم( أي الرهن من جهة الراهن )إل( بإقباضه أو )بقبض( من المرتهن )بإذن( من الراهن
في قبضه وإن كان المرهون تحت يد المرتهن لن المرهون غير مستحق بالعقد وإنما يصح
القبض والقباض ممن يصح منه عقد الرهن )واليد( على المرهون بعد لزوم الرهن بالقباض أو
ل للنتفاع ثم يرّد له وقتالقبض )لمرتهن( غالبًا فإن اليد ركن أعظم في التوثق فل تزال إ ّ
الفراغ ،وخرج بالغالب رهن نحو مسلم أو مصحف من كافر ،ورهن سلح من حربـي فتوضع
ل فعند عدل ،ورهن أمة غير صغيرة عند من له تملكه ممن يتفق الراهن والمرتهن عليه ،وإ ّ
فتوضع عند من مّر ،ورهن صيد من محرم فيوضع عند حلل) .وهي( أي اليد )أمانة( أي يد
أمانة على المرهون .قال الحصني :المرهون أمانة في يد المرتهن لنه قبضه بإذن الراهن فكان
ل بالتعدي كسائر المانات وذلك كالنتفاع بالمرهون بأن كان دابة كالعين المستأجرة فل يضمنه إ ّ
فركبها أو حمل عليها أو كانت آنية فاستعملها فلو تلف المرهون بغير تعّد لم يضمنه ولم يسقط من
الدين شيء لنه وثيقة في دين فل يسقط الدين بتلفه كموت الضامن والشاهد والمرهون بعد زوال
الرهن بالبراءة من الدين أمانة في يد المرتهن لقوله » :الرهن من راهنه« أي من ضمان فل
ل بالتعدي كأن امتنع من رّده بعد سقوط الدين. يضمنه المرتهن إذا تلف إ ّ
)و( لو ادعى المرتهن تلف المرهون )صدق( بـيمينه )في تلف( حتى ل يضمن حيث ل تفريط
لنه أمين وهذا إذا لم يذكر سببًا لتلفه أو ذكر سببًا خفيًا )ل( يصدق في )رّد( على الراهن لن
قبضه لغرض نفسه كالمستأجر والمستعير ،بخلف الوديع والوكيل وسائر المناء ،ويخالف
دعواه التلف لنه ل يتعلق باختياره فل تمكن فيه البـينة غالبًا .وضابط من يقبل قوله في الرد أن
ل ليركبهل المرتهن والمكتري بأن اكترى حمارًا مث ً كل أمين ادعاه على من ائتمنه صدق بـيمينه إ ّ
ل فركبه ثم ادعى رده إلى من استأجره منه ،وليس من ذلك الدلل والصباغ إلى التنعيم مث ً
والخياط والطحان في دعوى الرد لنهم أجراء ل مستأجرون لما في أيديهم.
فائدة :قال السبكي :كل من جعلنا القول قوله في الرد كانت مؤنة الرد للعين على المالك )وله( أي
المرتهن أحد المرين :إما )طلب بـيعه( أي المرهون ،أو وفاء دينه من غيره )إن حل دين( ولم
يوف أو قرب الرهن إلى الفساد قبل الحلول ،هذا إن كان رهن فقط ،أما إذا كان بالدين رهن
ل ،وإذا بـيع المرهون ولم يتعلق وضامن طلب المرتهن وفاءه من أيهما شاء تقدم أحدهما أو ً
برقبته جناية قدم المرتهن ثمنه على سائر الغرماء فإن التقديم من فوائد الرهن لتعلق حقه به
وبالذمة ،أما حقهم فمرسل فيها فقط ،وللراهن أن يختار البـيع والتوفية من ثمن المرهون وإن قدر
على التوفية من غيره وإن طالت المدة حيث كان للراهن غرض صحيح في التأخير وإن وجب
حق المرتهن فورًا لرضا المرتهن باستيفاء الدين من المرهون لتعليقه الحق بعين المرهون،
وطريق ذلك الستيفاء بـيعه .قال بعضهم :وطريق المرتهن في طلب التوفية من غير المرهون أن
يفسخ الرهن لجوازه من جهته ،ويطالب الراهن بالتوفية.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ويجبر راهن( أي إذا طلب المرتهن بـيع المرهون فأبى الراهن منه ألزمه القاضي قضاء الدين
من محل آخر أو بـيعه ليوفي منه بما يراه من حبس أو غيره )فإن أصّر( على إبائه أو كان غائبًا
وليس له مال يوفي منه غير الرهن أو كان بـيعه أصلح )باعه( أي الرهن عليه )قاض( بعد ثبوت
الدين وملك الراهن الرهن وكونه بمحل وليته وقضى الدين من ثمنه دفعًا لضرر المرتهن ول
ل بإذن المرتهن فإن أبى من الذن ألزمه الحاكم بأن يأذن في بـيعه ليأخذ
يبـيعه الراهن أو وكيله إ ّ
حقه من ثمنه أو يبرئه من الدين دفعًا لضرر الراهن فإن أصّر على الباء سئل فإن لم يذكر عذرًا
سائغًا باعه الحاكم أو أذن للراهن في بـيعه ومنعه من التصرف في ثمنه ثم يعلم المرتهن ليأخذ
حقه منه أو يأذن للراهن في التصرف فيه كيف شاء ،فإن استمر أذن الحاكم للراهن في ذلك ،فإن
سأل الراهن الحاكم أن يقبض المرتهن حقه أمره بقبضه أو إبرائه فإن امتنع من ذلك قبضه الحاكم
ليبرأ منه الراهن وتركه في بـيت المال للمرتهن ،ولو عجز الراهن عن استئذان المرتهن والحاكم
جاز له بـيعه على الوجه كما أن للمرتهن البـيع عند العجز عن استئذان الراهن والحاكم.
)وعلى مالكه( أي الرهن من راهن وغيره )مؤنة( للرهن وهي التي تبقى بها عينه من نفقة رقيق
وكسوته وعلف دابة وأجرة سقي أشجار وجذاذ ثمار وتجفيفها وأجرة الحفظ والدلل عند البـيع
ورد الهارب وذلك لقوله » :الرهن من راهنه له غنمه وعليه غرمه« رواه ابن حبان والحاكم.
والغنم كثمرة وكسب عبد .والغرم كأجرة حجامة وفصد ول يجبر المالك على نحو أجرة الفصد
لنها ل تسمى مؤنًا عرفًا .نعم يجبر على ذلك لحق الرقيق من خالص ماله )وليس له( أي المالك
بعد لزوم الرهن عليه بالقبض تصرف يزيل الملك مع غير المرتهن بغير إذنه كبـيع وهبة وكتابة
للمرهون لفوات التوثق بكل ذلك فيحرم عليه ول ينفذ منه )رهن( لغير المرتهن لمزاحمته حق
الّول )ووطء( للمة المرهونة بكرًا أو ثيبًا حذرًا من الحبل فيمن يمكن حبلها وحسمًا للباب في
غيرها ولو صغيرة ،نعم لو خاف الزنا لو لم يطأها فله وطؤها ،وخرج بالوطء مقدماته إن أمن
ل حرمت على الوجه )وتزويج( للرقيق المرهون وكذا إجارة للمرهون إن جاوزت الوطء وإ ّ
ل يحل قبل انقضاء مدتها)ل( إذا كان التزويج ل أو مؤج ًمدتها زمن الحلول بأن كان الدين حا ً
والجارة )منه( أي المرتهن فل يمتنعان على الراهن لنتفاء نقص القيمة وينفذ العتاق من
ل المرين من قيمته حالة العتاق ومن الدين في الموسر بقيمة المرهون في الدين المؤجل وبأق ّ
الحال ويتبـين اليسار بما في الفطرة أما المعسر فل ينفذ ومثل العتاق الستيلد.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل :أن أسباب الحجر على الراهن إلى وفاء الدين أو البراء في التصرفات في المرهون
ثلثة :ما يزيل الملك كالبـيع ،وما يقلل الرغبة كالتزويج والوطء ،وما يؤدي إلى مزاحمة كالرهن
ونفذ كل من التصرفات الممتنعة على الرهن بإذن مرتهن لن المنع كان لحقه وقد زال بإذنه
ويبطل الرهن بالذن وإن رده الراهن كما أن الباحة ل ترتد بالرد بخلف الوكالة لنها عقد
ل مرة ما لم تحبل منها )ولو اختلفا( أيفترتفع بالرد ،والوجه أن الذن في الوطء ل يتناول إ ّ
الراهن والمرتهن )في( أصل )رهن( كأن قال :رهنتني كذا فأنكر )أو( في )قدره( أي الرهن
بمعنى المرهون كأن قال :رهنتني الرض بأشجارها فقال الراهن :بل الرض فقط أو في عينه
كهذا العبد فقال :بل الجارية حيث صدقها الراهن في هذه فل تعلق للمرتهن بها لنكاره ول بالعبد
لنكار المالك أو في قدر المرهون به كمائتين فقال :بل مائة أو في صفة المرهون به كرهنتني
باللف الحال فقال الراهن :بالمؤجل أو في جنسه كما لو قال :رهنته بالدنانير فقال :المرتهن بل
بالدراهم )صدق راهن( أو مالك العارية بـيمينه وإن كان المرهون بـيد المرتهن وإن لم يبـّين
الراهن جهة كونه في يده على الوجه لن الصل عدم ما يدعيه المرتهن وإطلق الراهن في
ل فمنكر الرهن ليس براهن وهذا حيث لم يقم بالراهن الصورة الولى باعتبار زعم المدعي وإ ّ
مانع من الحلف كصبا أو جنون أو سفه أما إذا قام به ذلك وقد رهن الولي فإنه الذي يحلف دونهم
لعدم زوال الحجر عنهم.
ل وأقام كل منهما بـينة بما ادعاه فإن اتحد
فرع :لو ادعى كل من اثنين على آخر أنه رهنه عبده مث ً
تاريخهما أو أطلقت البـينتان أو إحداهما تعارضتا ،وإن أرختا بتاريخين مختلفين عمل بسابقة
ل قدمت بـينته وإن تأخر تاريخها لعتضادها باليد أفاد ذلك التاريخ ما لم يكن في يد أحدهما وإ ّ
الشبراملسي .
فصل في الحجر
وهو المنع من التصرفات المالية ،وشرع إما لمصلحة النفس والغير كالمكاتب فيمتنع على السيد
بـيعه بل إذن منه لجل حق السيد وحق ال تعالى أو الغير فقط كالمفلس فيمنع تصرفه في عين
ماله مما يضر الغرماء كوقف وهبة وبـيع بخلف تصرفه في ذمته ،وكالراهن فيمنع تصرفه في
المرهون إلى وفاء جميع الدين أو البراء بما يزيل الملك كالبـيع أو يقلل الرغبة كالتزويج والوطء
ل العتاق واليلد إذا كان موسرًا ويغرم قيمته أو يؤدي إلى مزاحمة كالرهن ول تنفذ تصرفاته إ ّ
وتكون رهنًا مكان المعتق والمستولدة ،وكالمريض فيمتنع تصرفه فيما زاد على الثلث بل عوض
يساويه إذا تصرف مع غير الورثة وفي جزء من المال ولو دون الثلث إذا تصرف مع الوارث
ل أن يجيز باقي الورثة هذا في غير الوقف ،أما هو كأن وقف شيئًا يخرج منبل عوض يساويه إ ّ
الثلث على بعض الورثة فل يحتاج إلى إجازة بقيتهم بخلف الوصية فإن الملك للموصى له ،وأما
الوقف فالملك ل تعالى وكالعبد فيمنع تصرفه لجل حق السيد وهو خدمته وكالمرتد فيمنع تصرفه
لجل حق المسلمين ،أو لمصلحة النفس فقط وهو حجر الجنون والصبا والسفه وكل أعم مما بعده
وهو الموضوع له هذا الباب.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)حجر جنون( يثبت بمجرد الجنون فتسلب به الوليات واعتبار القوال كلها وأكثر الفعال فل
ل بخلف تملكه بنحو احتطاب وإتلفه فينفذ إيلده يعتد بشيء من تصرفات المجنون أص ً
والحرمة بإرضاعه والمهر والنسب بوطئه ويغرم ما أتلفه ويستمر ذلك الحجر )إلى إفاقة( فيرتفع
بمجردها من غير فك قاض بل خلف وإن خلفه حجر صبا أو سفه )و( حجر )صبًا( بكسر
الصاد يثبت بمجرد الولدة فتسلب به الوليات واعتبار القوال والفعال ،لكن يعتد ببعض
تصرفات الصبـي كالعبادة من مميز ونهيه عن المنكر وإيصاله الهدية وإذنه في دخول دار
وإبلغه طلب مولم إن لم يجرب عليه كذب ودفع زكاة إذا عين له المدفوع إليه وتملكه المباحات
ويستمر ذلك الحجر )إلى بلوغ( فيرتفع به من غير فك قاض حجر الصبا ويخلفه حجر السفه إن
لم يوجد الرشد وهو صلح الدين والمال جميعًا ويعتد بقبول المبذر النكاح بإذن من وليه ول
ل بإذنه ويصح تدبـيره لرقائه. يزوجه وليه إ ّ
والبلوغ يحصل إما )بخمس عشرة سنة( قمرية تحديدية أي باستكمالها وابتداؤها من انفصال
ي( لوقت إمكانه من ذكر أو أنثى في نوم أو يقظة بجماع أو غيره جميع أجزاء الولد )أو خروج من ّ
)أو حيض( لوقت إمكانه وهو استكمال تسع سنين قمرية تحديدية في المناء سواء في ذلك الذكر
والنثى تقريبـية في الحيض هذا عند الرملي خلفًا لبن حجر فإنه قال :وقت إمكان المناء في
الذكر والنثى تسع سنين قمرية تقريبًا كما في الحيض) .ونبت العانة الخشنة( التي تحتاج في
إزالتها إلى نحو حلق )في( حق ولد )كافر( أو مجهول إسلمه )أمارة على بلوغه بالسن أو
الحتلم( سواء كان ذكرًا أو أنثى وذلك إذا كانت العانة على فرج واضح أو فرجي مشكل معًا.
)وإذا بلغ الصبـي رشيدًا( بأن يحكم عليه بالرشد باعتبار ما يرى من أحواله انفك الحجر عنه
بنفس البلوغ أو بلغ غير رشد ثم رشد انفك بنفس الرشد لن هذا حجر ثبت من غير حاكم فارتفع
من غير فكه بخلف حجر السفه الطارىء فإنه يجب على القاضي الحجر على السفيه بتبذير
ن له الشهاد على الحجر لقوله » :خذوا على أيدي سفهائكم« و طارىء على من بلغ رشيدًا ،ويس ّ
)أعطي ماله( ولو كان الرشيد الذي يعطي ماله امرأة فيصح تصرفها حينئذ من غير إذن زوجها
خلفًا لمالك حيث ذهب إلى أنه ل يسلم للمرأة الرشيدة مالها حتى تتزوج وحينئذ ل ينفذ تبرعها
بما زاد على الثلث بغير إذنه ما لم تصر عجوزًا ثم بعد إفاقة المجنون وبلوغ الصبـي يرتفع حجر
الجنون والصبا ويخلفه حجر السفه إن لم يوجد رشد ،وحكم السفيه المحجور عليه حسًا أو شرعًا
ل إن عين له المدفوع له لكن ينبغي أن يكون أنه يصح منه إسلم وعبادة ما عدا صرف الزكاة إ ّ
بحضرة الولي أو نائبه وتصرف غير مالي كطلق وخلع ولو بدون مهر المثل ونفي نسب
واستلحاق وينفق على المستلحق من بـيت المال وكإقراره بموجب قود أو حّد.
رقم الصفحة203 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
الوكالة بفتح الواو وكسرها :وهي تفويض شخص أمره إلى آخر في عمل مخصوص على وجه
مخصوص في حال الحياة ،ويندب قبولها .والقراض :عقد يتضمن دفع المال المخصوص لخر
ليتجر فيه والربح بـينهما ،وابتداؤه يشبه الوكالة بالجعل ،وانتهاؤه يشبه الجعالة بناء على الص ّ
ح
أن العامل يملك حصته بالقسمة ل بالظهور .وأركان الوكالة أربعة :موكل ،ووكيل ،وموكل فيه،
وصيغة :لكن ل يشترط القبول لفظًا في وكالة بغير جعل ،بل الشرط اللفظ من أحد الجانبـين
ل فيما لو كان له عين مؤجرة أو معارة أو مغصوبة فوهبها لخر وأذن له في والفعل من الخر إ ّ
قبضها فوكل الموهوب له من هي بـيده من المستأجر أو المستعير أو الغاصب في قبضها له فل
بّد من قبول لفظًا ممن هي تحت يده لتزول يده عنها به ،ول يكتفي بالفعل وهو المساك لنه
استدامة لما سبق فل دللة فيه على الرضا بقبضه عن المؤجر أو المعير أو المالك في الصل .أما
الوكالة بجعل فل بّد فيها من القبول فورًا لفظًا ،ول فرق بـين كون التوكيل بصيغة المر أو غيره
كما أفاده الشبراملسي خلفًا لبن حجر :وذلك فيما إذا كان العمل الموكل فيه مضبوطًا لتكون
الوكالة حينئذ إجارة.
ل عقد( كبـيع وغيره )وفسخ( بنحو عسر أو إقالة أو تحالف )عليه( أي الموكل ح وكالة في ك ّ
)تص ّ
فيه )ولية لموكل( وقت التوكيل فإن شرط الموكل فيه أن يملك الموكل التصّرف فيه حين التوكيل
أو يذكره تبعًا لذلك ،فلو وكل ببيع عبد سيملكه وطلق امرأة سينكحها بطل التوكيل لنتفاء وليته
ح التوكيل على ماعليه حينئذ ،ولو وكل الولي من يزّوج موليته إذا انقضت عّدتها أو طلقت لم يص ّ
صحح الشيخان في الروضة وأصلها ،ولو قالت المرأة لوليها وهي في نكاح أو عّدة أذنت لك في
ح الذن كما نقله الشيخان عن فتاوى البغوي ،والفرق بـين التوكيل والذن تزويجي إذا حللت ص ّ
ي بالولية الشرعية ،وتزويج الوكيل بالولية الجعلية فالولى أقوى وباب الذن أن تزويج الول ّ
ح التوكيل في قبض حق عين أو دين وإقباض له كذلك .نعم ل يص ّ
ح أوسع من باب الوكالة ،ويص ّ
توكيل إقباض العين الذي يقدر على رّدها بنفسه مضمونة أو أمانة لنتفاء إذن مالكها في ذلك،
ح في الدعوى بنحو مال أو عقوبة لغير ال ومن ثم ضمن به ما لم تصل بحالها لمالكها ،ويص ّ
ح الوكالة بجعل وغيره في تملك المباحات كإحياء تعالى ،وفي الجواب وإن كره الخصم ،وتص ّ
ل فل .أما في التقاط غير المعين فل
واحتطاب واصطياد فيملكه الموكل إن قصده الوكيل وإ ّ
ح.
تص ّ
رقم الصفحة227 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ح الوكالة في )إقرار( كوكلتك لتقّر عني لفلن بكذا فيقول :أقررت عنه بكذا أو جعلته )ل( تص ّ
مقّرا ،وذلك لنه إخبار عن حق فل يقبل التوكيل كالشهادة نعم التوكيل في القرار بمعين أو مبهم
إقرار بخلف التوكيل في مطلق القرار) .و( ل في )يمين( كلعان وإيلء وظهار :كأنت على
موكلي كظهر أّمه ،أو جعلت موكلي مظاهرًا منك ،لن اليمين كالعبادات لتعلق حكمها بتعظيمه
تعالى وما بعدها يشبهها ومثلها النذر وتعليق نحو الطلق والعتق والتدبـير ،فالتوكيل بسائر
ل بأن يقول :إذا جاء رأس الشهر فقدالتعاليق باطل سوى الوصية والولية على الجيش مث ً
أوصيت له بكذا لن الوصية تقبل الجعالة ،وبأن يقول :إذا جاء رأس الشهر ففلن أمير في القرية
الفلنية للحاجة إلى المارة ،ول يضّر تعليق التصّرف فقط كبعه لكن بعد شهر ،ول يضّر توقيت
الوكالة كوليتك شهرًا )و( ل في )عبادة( وإن لم تحتج لنية كالذان والقامة إذ القصد منها امتحان
عين المكلف ،ويستثنى من ذلك أشياء :الحج والعمرة وذبح أضحية وعقيقة وهدي وشاة وليمة
وتفريق زكاة ونذر وصدقة وكفارة وصوم الكفارات وركعتا الطواف إذا صلهما الجير تبعًا
ح الوكالة ح الوكالة قطعًا كما صّرح به الرافعي وإنما تص ّ للطواف .أما إذا وكل فيهما فقط فل تص ّ
ل على إذن الموكل في التصّرف من لفظ أو كتابة أو إشارة أخرس مفهمة )بإيجاب( وهو ما د ّ
ل أحد كانت صريحة سواء كان اليجاب بصيغة العقد )كوكلتك( في كذا أو للوكيل فإن فهمها ك ّ
أنبتك فيه أو أقمتك مقامي فيه أو فّوضته إليك )أو( بصيغة المر :كقوله )بع( أو طلق أو اعتق أو
ل باليجاب فالمر قائم مقام اليجاب وأبلغ منه ،ول يجب القبول لفظًا زّوج إذ ل يحصل الرضا إ ّ
بل الشرط عدم الرّد فقط ،نعم التوكل بجعل ل بّد فيه من قبول لفظًا ولو بصيغة المر ،وذلك إن
كان عمل الوكيل مضبوطًا لنها إجارة ،فإن لم يكن مضبوطًا وعمل فهو إجارة فاسدة فيستح ّ
ق
أجرة المثل لنه عمل طامعًا :أي حيث لم يكن عالمًا بالفساد ،وقد يشترط القبول لفظًا فيما إذا لم
ل به كما مّر.
تزل اليد عن العين المضمونة إ ّ
رقم الصفحة227 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
فائدة :لو قال :وكلتك في أمور زوجتي فل يستفيد طلق تلك المرأة حيث ل قرينة في توكيل
ل من ثمن المثل إن كان النقص مما يتسامح به،التطليق) .وباع وكيل بثمن مثل( فأكثر أو بأق ّ
ل(
ل ناحية بعرف أهلها المطرد عندهم ،ويختلف باختلف مقادير الموال )حا ً وذلك يعتبر في ك ّ
من نقد بلد البـيع المأذون فيها ل بلد التوكل )إذا أطلق الموكل( الوكالة بأن لم يقيد بثمن ول حلول
ول تأجيل ول نقد ،ومتى خالف شيئًا مما ذكر فسد تصّرفه وضمن قيمة المبـيع يوم تسليمه
ي لتعّديه بتسليمه لمن ل يستحقه ببـيع باطل ،ويطالب الوكيل المشتري للمشتري ولو في مثل ّ
بالمثل لن المضمون به ما تلف في يده فإن لم يطلق الموكل اتبع ما عينه ،فإذا قال للوكيل :بع هذا
بما شئت أو بما تيسر جاز له بـيعه بغير نقد البلد ل بنسيئة ول غبن ،لن ما للجنس ،أو قال :بعه
كيف شئت جاز بنسيئة فقط ل بغبن فاحش ول بغير نقد البلد ،لن كيف للحال فشمل الحا ّ
ل
والمؤجل ،أو بعه بكم شئت جاز بالغبن فقط ل بالنسيئة ول بغير نقد البلد لن كم للعدد القليل
والكثير لكن ينبغي أن ل يفرط في الغبن بحيث يعّد إضاعة وأن ل يكون ثم راغب بالزيادة ،أو
بعه بما عّز وهان جاز غير النسيئة ،لن ما للجنس فقرنها بصلتها المذكورة يشمل عرفًا القليل
والكثير من نقد البلد وغيره ،وإذا أمره الموكل أن يبـيع بنقد عينه فأبطل بعد التوكيل وقبل البـيع
وجدد نقد آخر جاز للوكيل البـيع بالجديد لن الظاهر من حال الموكل إرادة ما يروج في البلد
وقت البـيع من النقود ل سيما إذا تعّذرت مراجعة الموكل كما أفاده الشبراملسي .
)ول يبـيع( أي الوكيل )لنفسه( ولولده الصغير أو المجنون أو السفيه وإن أذن الموكل في ذلك
وقّدر الثمن ونهاه عن الزيادة لئل يلزم تولي الطرفين ،لن الب إنما يتولى الطرفين في معاملته
لنفسه مع موليه أو موليته وهنا ليس كذلك لن المعاملة لغيره) .و( إذا وكل في شراء موصوف أو
ص للوكيل على غير التوكيل بالشراء ل مطلقًا بأن لم ين ّ
معين ،وإن جهل الموكل عيبه توكي ً
فالوكيل )ليس( يحسن )له( أي الوكيل )شراء معيب( لن الطلق يقتضي السلمة ،وإنما جاز
لعامل القراض شراؤه لن القصد منه الربح ،ومن ذلك لو كان القصد هنا ذلك جاز له شراؤه،
ويجوز للوكيل الشراء نسيئة وبغير نقد البلد حيث رأى فيه مصلحة إذ ل ضرر فيه على الموكل.
)ووقع( أي الشراء )له( أي الوكيل )إن علم( العيب وكان شراء المعيب في الذمة ولم ينص
الموكل له على السليم سواء أساوى مع العيب ما اشتراه به أم زاد على ما اشتراه به لنه غير
مأذون فيه عرفًا أو علم العيب وكان الشراء في الذمة أو بالعين ولم يساو المعيب ما اشتراه به
لتقصير الوكيل إذ قد يتعذر الرد فيتضرر الموكل ،أما إن جهل الوكيل العيب وقع الشراء للموكل
في الصورتين لنتفاء المخالفة والتقصير والضرر لتمكن الموكل من رد المعيب ،نعم لو نص
للوكيل على السليم لم يقع للموكل لنه غير مأذون فيه ولعذر الوكيل بجهله مع اندفاع الضرر
بثبوت الخيار له.
رقم الصفحة227 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وخرج بالذمة الشراء بعين مال الموكل فإنه ليس للوكيل رّده لتعذر انقلب العقد له وإن وقع
الشراء للموكل أيضًا بهذه الشروط التي هي عدم النص على السليم ومساواته ما اشتراه وجهل
الوكيل العيب ،أما لو اشترى الوكيل بالعين وكان عالمًا بالعيب فإنه ل يقع الشراء لواحد منهما،
ويحرم لتعاطيه عقدًا فاسدًا كما نقله الشبراملسي عن الزيادي ،وإذا وقع الشراء في الذمة للموكل
في صورتي الجهل فلكل من الموكل والوكيل الرد بالعيب فيرد الموكل على البائع إن ذكره
الوكيل في العقد أو نواه وقد صدقه البائع وإل رده على الوكيل ،ولو رضي الموكل بالعيب امتنع
على الوكيل رّده بخلف عكسه ولو رّده قبل علمه برضا الموكل ثم تبـين أنه كان راضيًا به حين
الرد تبـين بطلن الرد.
)ول( يجوز للوكيل )توكيل بل إذن( من الموكل )فيما يتأتى( أي يسهل )منه( أي الوكيل لن
الموكل لم يرض بتصرف غيره ول ضرورة فل يجوز التوكيل في قبض دين وإرساله مع بعض
عياله ،وقول القاضي أبـي الحسن علي بن الحسين الجوري :يصح التوكيل إن وكل أحدًا من
عياله إذا كان أمينًا للعرف رأي ضعيف كذا قال الزيادي ،أما إذا لم يمكن ما وكل فيه من الوكيل
ل أو ل يليق به أو يشق عليه تعاطيه مشقة ل تحتمل في العادة فله التوكيللكونه ل يحسنه أص ً
عن موكله ،فلو وكل عن نفسه لم يصح التوكيل أو أطلق وقع عن الموكل فيما زاد على الممكن
دون غيره ،ولو أذن الموكل في التوكيل وقال للوكيل :وكل عن نفسك ففعل ،فالثاني وكيل الوكيل
وللموكل عزله وينعزل الثاني بعزل الّول إياه وانعزاله بنحو موته أو جنونه أو عزل الموكل
للّول لن الثاني نائب الّول ،وإن قال الموكل وكل عني سواء عين الوكيل أم ل ففعل فالثاني
وكيل الموكل وكذا إن أطلق بأن لم يقل :عنك ول عني وفي التقيـيد بقوله :عني ،والطلق ل
يعزل أحدهما الخر ول ينعزل بانعزاله لنتفاء كونه وكيلً عنه.
وحيث جوزنا للوكيل التوكيل عنه أو عن الموكل يشترط أن يوكل أمينًا كافيًا لذلك التصرف ولو
رقيقًا إل أن يعين الموكل غير المين فيتبع تعيـينه لذنه فيه ،نعم إن علم الوكيل فسقه دون
الموكل لم يجز أن يوكله ولم ينفذ توكيله كما ل يشتري ما عينه الموكل ولم يعلم عيبه والوكيل
يعلمه والمعتمد أنه ل يجوز توكيل غير المين ،وإن قال الموكل للوكيل :وكل من شئت بخلف
ما لو قالت المرأة لوليها :زوجني ممن شئت فإنه جاز له تزويجها من غير كفء لن المقصود
هنا حفظ المال وحسن التصرف فيه وغير المين ل يتأتى منه ذلك ،وثم مجرد وجود صفة كمال
هي الكفاءة وقد يتسامح بتركها بل قد يكون غير الكفء أصلح ،ولو وكل الوكيل أمينًا ففسق لم
يملك الوكيل عزله لن الموكل أذن له في التوكيل دون العزل ،ولو وكل الوكيل عن ولي لم يوكل
ل مطلقًا سواء عين الموكل له فاسقًا أو غيره) .وهو( أي الوكيل )أمين( وإن كان يجعل إل عد ً
لنيابته عن موكله في اليد والتصرف ولنه عقد إحسان والضمان منفر عنه ،وقول الوكيل في تلف
المال مقبول بـيمينه لنه أمين كالوديع ،وكذا قوله في الرد للمعوض أو العوض على موكله فإنه
مقبول حيث لم تبطل أمانته لنه أخذ العين لنفع الموكل ،أما لو ادعى الوكيل أنه أرسل العوض
للموكل مع وكيل عن نفسه في الدفع فل يقبل لن الموكل لم يأتمن الرسول ولم يأذن للوكيل في
الدفع إليه فطريقه في براءة ذمته مما بـيده أن يستأذن الموكل في الرسال له مع من تيسر
الرسال معه ولو غير معين.
رقم الصفحة227 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)فإن تعدى( أي الوكيل )ضمن( ضمان الغصوب كسائر المناء ،ومن التعدي أن يضيع منه المال
ول يعرف كيف ضاع أو وضعه في محل ثم نسيه أو نسي من عامله ول ينعزل الوكيل بالتعدي
بغير إتلف الموكل فيه لن الوكالة إذن في التصرف والمانة حكم يتفرع عليها ول يلزم من
ارتفاعها ارتفاع أصلها كالرهن بخلف الوديعة فإنها محض ائتمان فارتفعت بالتعدي) ،وينعزل(
أي الوكيل )بعزل أحدهما( أي الوكيل والموكل وصريحه عزل وفسخ وخروج وإبطال ورد
وإزالة ورفع ونحوها وإن لم يعلم المعزول ،وإنما توقف انعزال القاضي على العلم لتعلق
المصالح الكلية به وكذا المستعير لنه مأذون له في استيفاء المنفعة فل تضمن عليه قبل علمه
برجوع المعير لن المقصر هو المعير وينبغي الشهاد على العزل إذ ل يصدق الموكل بعد
ل ببـينة وينعزل أيضًا بسبب إنكار أحدهما الوكالة عامدًا بل تصرف الوكيل في قوله كنت عزلته إ ّ
عذر له في النكار من نحو خوف ظالم على أخذه المال الموكل فيه أو نسيان لنه حينئذ رد
للوكالة بخلف النكار لعذر.
)و( ينعزل الوكيل أيضًا بزوال أهلية واحد منهما )بموت أو جنون( وإن لم يعلم الخر به وإن
ل إذا لم يسقط به فرض الصلة لخفته ،نعم وكيل رمي الجمار ل قصرت مدة الجنون أو بإغماء إ ّ
ينعزل بإغماء الموكل لنه زيادة في عجزه المشترط لصحة النابة ،ومثل ذلك طرّو نحو الفسق
أو الرق أو التبذير فيما شرط فيه السلمة من ذلك )وزوال ملك موكل( عما وكل فيه حتى لو باعه
ل بإذن جديد وزوال منفعته التي يملكها عنه كتزويج الوكيل ثم عاد إليه بنحو عيب ل يبـيعه ثانيًا إ ّ
المة ل العبد فإذا زوجها سيدها انعزل الوكيل في بـيعها ،وكالجارة والرهن مع القبض لشعار
ذلك بالندم على التصرف وإن عزل الوكيل وهو غائب انعزل في الحال لنه لم يحتج للرضا فلم
يحتج للعلم كالطلق.
)و( ينبغي للموكل الشهاد إذ )ل يصدق( أي الموكل في قوله :كنت عزلت الوكيل )بعد تصرف(
ل من الوكيل ،أما في غير ذلك فإن وافقهل ببـينة( وإن وافقه بالنسبة للمشتري مث ً من الوكيل )إ ّ
ل ،فإذا اتفقا على وقت العزل وقال
على العزل ولكن ادعى أنه بعد التصرف ليستحق الجعل مث ً
الوكيل :تصرفت قبله وقال الموكل :بعده حلف الموكل أنه ل يعلم أنه تصرف قبله ،فيصدق لن
الصل عدمه إلى ما بعده أو اتفقا على وقت التصرف وقال الموكل :عزلتك قبله فقال الوكيل بل
بعده حلف الوكيل أنه ل يعلم عزله قبله فيصدق ،فإن تنازعا في السبق بل اتفاق في الوقت صدق
من سبق بالدعوى سواء جاءا معًا للقاضي أم ل لن مدعاه سابق لستقرار الحكم بقوله :فإن ادعيا
معًا صدق الموكل لن جانبه أقوى من أصل بقاء جواز التصرف الناشىء من الذن لن بقاءه
متنازع فيه.
رقم الصفحة227 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( القراض توكيل خاص لمتيازه بأركان وأحكام فأركانه خمسة :عاقدان وصيغة ورأس مال
وعمل وربح )يصح قراض( إذا وجدت شروطه مع أركانه ،فالركن الّول :العاقدان :ولهما
شروط فشرط المالك أهلية توكيل والعامل أهلية التوكل فل يصح القراض إذا كان أحدهما
محجورًا أو عبدًا أذن له في التجارة أو المالك مفلسًا أو العامل أعمى.
والركن الثاني :رأس المال وله شروط :فمنها كونه )في نقد خالص مضروب( دراهم أو دنانير
ل إن كان فل يصح في فلوس وحلي وتبرع وعروض كثمنها إن باعها ول يصح في مغشوش إ ّ
ل إن استهلك غشه بأن ل يتميز النحاس يروج رواج الخالص في كل مكان مع انتفاء الخالص وإ ّ
ل في رأي العين .ومنها :كونه في معلوم القدر والجنس والصفة فل يصح في نقد عن الفضة مث ً
مجهول أخذها ولو مرئيًا للجهل بالربح .ومنها :كونه قد عين في مجلس العقد وإن لم يعين في
صلبه فلو قارضه على ألف في ذمته وعينه في المجلس جاز وكذا لو أعطاه ألفين أو صرتين
وقال :قارضتك على أحدهما فإنه يصح إن عين أحدهما في المجلس وإن لم تفتح الصرة ويصح
على ما بـيد غيره وديعة أو غصبًا أو غيرهما.
الركن الثالث :العمل وله شروط منها :كونه في تجارة وهي تقليب المال بنحو البـيع والشراء
لغرض الربح ويدخل فيها توابعها كنشر وطي .ومنها :كون رأس المال والتجارة بـيد العامل
ليستقل بالتجارة وتوابعها من غير مزاحم له فيها .ومنها :أن ل يضيق العمل بتعليق أو تأقيت ومن
ل بعد شهر لمنافاته ثم بطل القراض بتعليقه وتعليق تصرفه كقوله :قارضتك الن ول تتصرف إ ّ
لغرض الربح بخلف الوكالة ،وبطل بتوقيت غير اشتراء كأن قارضه سنة وإن لم يمنعه
التصرف بعدها إذ قد ل يجد راغبًا فيها ،أما توقيت الشتراء بأن منعه الشراء بعدها دون البـيع
فيصح لحصول السترباح بالبـيع الذي له فعله بعدها.
الركن الرابع :كون القراض )بصيغة( إنما تحصل بإيجاب من جهة رب المال كقوله :قارضتك
وعاملتك وخذ هذه الدراهم واتجر فيها أو بع واشتر على أن الربح بـيننا فلو اقتصر على قوله :بع
ل بل جعل ،وبقبول فورًا من جهة العامل أو اشتر فسد القراض ول شيء للعامل لنه صار وكي ً
بأن يتصل باليجاب كالبـيع ويقوم مقام اللفظ الكتابة وإشارة الخرس المفهمة.
الركن الخامس :الربح وله شروط منها :اختصاصه بالمالك والعامل واشتراكهما فيه وتقدير
ل إن عقد )مع شرط ربح لهما( بأن ل يختص به نصيب كل منهما بجزئية ،ول يصح القراض إ ّ
ل بطل القراض أحدهما وأن ل يشترط منه شيء لغيرهما ممن ليس بعامل ول مملوك لحدهما وإ ّ
سواء اشترط المالك إعطاءه من نصيبه أو نصيب العامل ،وخرج بالشرط الوعد فلو قال :نصف
الربح لك ونصفه لي ونصيبـي نصفه لزوجتي صح لنه وعد هبة لتلك المرأة )و( مع شرط الربح
لهما )يشترط كونه( أي الربح )معلومًا بالجزئية( كنصف وثلث ل بنحو الوزن فإن قال :على أن
الربح بـيننا صح وكان مناصفة ،أو قال :لك ربع سدس العشر صح وإن لم يعلماه عند العقد
لسهولة معرفته وهو جزء من مائتين وأربعين جزءًا فالعشر أربعة وعشرون وسدسه أربعة وربع
السدس واحد ،وإذا فسد القراض لنحو فوات شرط وبقي الذن نفذ تصرف العامل نظرًا لبقاء
الذن كما في الوكالة الفاسدة والربح كله للمالك لنه نماء ملكه وعليه الخسران أيضًا.
رقم الصفحة227 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( عليه )لعامل في فاسد أجرة مثل( وإن لم يحصل ربح بل وإن حصل خسران لنه عمل طامعًا
في المسمى ولم يسلم له فرجع إلى الجرة وإن علم الفساد وظن أن ل أجرة ،أما إذا فسد الذن
لعدم أهلية العاقد فل ينفذ تصرفه ويضمن مال القراض ضمان الغصوب لوضع يده عليه بل إذن
من مالكه ،ولو قال المالك للعامل :بع في هذا واشتر أو قال :اتجر فيه ولم يذكر ربحًا فل شيء له
لن ما ذكره توكيل ل قراض ،وكذا لو قال :قارضتك وجميع الربح لي فل شيء له لنه عمل
مجانًا غير طامع في شيء )ول يمون( العامل نفسه بالنفقة وغيرها من مال القراض حضرًا
وسفرًا إذ المؤنة قد تستغرق الربح فيلزم انفراده به وقد تزيد عليه فيلزم أخذه من رأس المال وإن
جرت العادة بذلك ،فإذا أذن له المالك في ذلك فيكون من الربح ل من أصل مال القراض ،فإن لم
يوجد ربح حسب من رأس المال ولو شرط المؤنة سفرًا أو حضرًا في العقد فسد.
)وصدق( أي العامل بـيمينه )في تلف( لنه أمين وهذا شامل لما لو ادعى تلفه ثم اعترف ببقائه ثم
ادعى تلفه ولو ادعى المالك بعد تلف المال أنه قرض والعامل أنه قراض صدق المالك بـيمينه إذ
القاعدة أن من كان القول قوله في أصل الشيء فالقول قوله في صفته مع أن الصل عدم الئتمان
الدافع للضمان ،أما قبل التلف فيصدق المالك قطعًا لن العامل يدعى عليه الذن في التصرف
ل )وقدره( وحصته من الربح والصل عدمهما) .وعدم ربح( بأن يقول العامل :لم أربح شيئًا أص ً
بأن يقول :لم أربح إل كذا لن الصل معه )وخسر( ممكن وإن أخبر قبل بربح لنه أمين ولو أقر
بربح قدر ثم ادعى غلطًا في الحساب أو كذبًا لم يقبل لنه أقر بحق لغيره فلم يقبل رجوعه عنه
نعم له تحليف المالك وإن لم يذكر شبهة )ورد( لمال القراض ادعاه العامل ولو بعد إخباره بالربح
وأنكره المالك ويصدق العامل أيضًا في قدر رأس المال وجنسه وصفته سواء أكان في المال ربح
أم ل ،لن الصل عدم دفع الزائد على ما قاله العامل وفي نية شراء للقراض وإن كان خاسرًا
ولنفسه وإن كان رابحًا لنه أعرف بقصده ،وفي عدم نهي من المالك عن شراء كذا بأن توافقا
على الذن في شرائه كأن اشترى العامل سلعة فقال المالك :نهيتك عن شرائها فقال العامل :لم
تنهني فيصدق العامل وتكون للقراض لن الصل عدم النهي ،أما لو قال المالك :لم آذن لك في
شراء كذا فقال العامل :بل أذنت لي فالمصدق المالك.
تتمة :الشركة نوعان :أحدهما :في الشيء المملوك بدون عقد سواء كان الملك على جهة القهر أو
الختيار كإرث وشراء على جهة الشيوع ،ول فرق في المملوك بـين أن يكون أعيانًا أو منافع،
وقد تكون الشركة في مجرد الحقوق إما على العموم كالشوارع وإما على الخصوص كحق
التحجر .وثانيهما :أربعة أنواع :شركة أبدان بأن يجعل الشخصان كسبهما ببدنهما بـينهما مع تساو
في الكسب واتفاق حرفة أو ضدهما سواء شرطا أن عليهما ما يعرض من غرم أم ل وذلك
كخياطين أو حطابـين أو خياط ورّتاء وهذه باطلة عندنا مطلقًا وذلك في نحو الحتطاب إذا لم
يقصد كل منهما به نفسه وصاحبه فإن قصدهما كان بـينهما مطلقًا ،وصحيحة عند أبـي حنيفة
مطلقًا ،وصحيحة عندمالك إن اتحدت الحرفة .وشركة المفاوضة بأن يجعل كسبهما وربحهما
ببدن أو مال من غير خلط وغرمهما بنحو غصب أو إتلف بـينهما وهذه باطلة أيضًا ،وشركة
الوجوه بأن يتفق وجيهان على أن يشتريا في ذمتهما بمؤجل أو حال وربحه بـينهما ،أو وجيه
وخامل على أن يشتري الوجيه في ذمته ويبـيع الخامل أو على أن يعطي الخامل المال ويعمل فيه
الوجيه ليكون المال من هذا والعمل من هذا من غير تسليم المال والربح بـينهما وهذه باطلة أيضًا.
رقم الصفحة227 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والصورة الثالثة :قراض فاسد لستقلل المالك باليد ،وقد يحصل الفساد بغير ذلك ككون المال
غير نقد فل يتوقف الفساد حينئذ على عدم تسليم المال .وشركة العنان وهي صحيحة إذا وجدت
شروط خمسة :أحدها :أن تكون على ناض من الدراهم والدنانير بالجماع ،وتصح في المغشوش
الرائج في بلد التصرف على الصح ومثله سائر المثليات ،ول تصح في المتقّومات لتعذر الخلط
فيها لنها أعيان متميزة ،وحينئذ تتعذر الشركة لن بعضها قد يتلف فيذهب على صاحبه وحده
والحيلة في الشركة في غير المثليات من المتقّومات أن يبـيع كل واحد منهما بعض عرضه
ببعض عرض الخر ويتقابضا ثم يأذن كل منهما للخر في التصرف.
وثانيها :أن يتفقا في الجنس فل تصح الشركة في الدراهم والذهب.
وثالثها :الخلط بشرط أن ل يبقى معه تميـيز ،وأن يتقّدم الخلط على العقد والذن فلو اشتركا في
ثوبـين من غزل واحد والصانع واحد لم تصح الشركة لتميـيز أحدهما عن الخر ،وأما عدم
معرفة كل منهما ثوبه فيقال له :اشتباه ،أما لو كان المال مشاعًا كأن اشترياه معًا على الشيوع أو
ورثاه فإنه كاف لحصول المقصود وهو عدم التميـيز.
ورابعها :الذن منهما في التصرف وتصرف الشريك كتصرف الوكيل فل يبـيع بغير نقد البلد ول
يبـيع بالجل ول يبـيع ول يشتري بغبن فاحش.
وخامسها :أن يكون الربح على قدر المالين سواء تساويا في العمل أو تفاوتا.
فصل في الشفعة
وهي حق تملك قهري ثبت للشريك القديم على الحادث فيما ملك بعوض بما ملك به لدفع الضرر:
أي ضرر مؤنة القسمة واستحداث المرافق وغيرها أو ضرر سوء المشاركة.
)إنما تثبت الشفعة لشريك( مالك للرقبة )في بـيع أرض مع تابعها كبناء( وتوابعه الداخلة في
مطلق البـيع كأبواب منصوبة ورفوف مسمرة) .وشجر( رطب وأصل يجّز مرة بعد أخرى.
)وثمر غير مؤبر( عند البـيع إن شرط دخوله كما أفاده الشبراملسي خلفًا لبن حجر .
والحاصل أن أركان الشفعة ثلثة :آخذ وهو الشريك القديم ،وشرطه كونه شريكًا مالكًا ولو مكاتبًا
وغير عاقل كمسجد له شقص لم يوقف بأن وهب له أو اشتراه له الناظر من ريع الوقف فإذا باع
شريكه أخذ له الناظر بالشفعة فخرج بالشريك الجار وبالمالك الموقوف عليه ونحوه فل شفعة
لهم ،ومأخوذ وشرطه أن يكون أرضًا بتابعها ،ومأخوذ منه وشرطه تأخر سبب ملكه عن سبب
ملك الخذ فلو باع أحد شريكين نصيبه بشرط الخيار له فباع الخر نصيبه في زمن الخيار بـيع
ت ،فالشفعة للمشتري الّول إن لم يأخذ بائعه بالشفعة بأن يفسخ البـيع ويأخذ بها ويكون أخذه ب ّ
فسخًا .وأما الصيغة فإنما تجب في التملك فل يصح عّدها ركنًا ،وإنما هي شرط للملك.
رقم الصفحة227 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والصورة الثالثة :قراض فاسد لستقلل المالك باليد ،وقد يحصل الفساد بغير ذلك ككون المال
غير نقد فل يتوقف الفساد حينئذ على عدم تسليم المال .وشركة العنان وهي صحيحة إذا وجدت
شروط خمسة :أحدها :أن تكون على ناض من الدراهم والدنانير بالجماع ،وتصح في المغشوش
الرائج في بلد التصرف على الصح ومثله سائر المثليات ،ول تصح في المتقّومات لتعذر الخلط
فيها لنها أعيان متميزة ،وحينئذ تتعذر الشركة لن بعضها قد يتلف فيذهب على صاحبه وحده
والحيلة في الشركة في غير المثليات من المتقّومات أن يبـيع كل واحد منهما بعض عرضه
ببعض عرض الخر ويتقابضا ثم يأذن كل منهما للخر في التصرف.
وثانيها :أن يتفقا في الجنس فل تصح الشركة في الدراهم والذهب.
وثالثها :الخلط بشرط أن ل يبقى معه تميـيز ،وأن يتقّدم الخلط على العقد والذن فلو اشتركا في
ثوبـين من غزل واحد والصانع واحد لم تصح الشركة لتميـيز أحدهما عن الخر ،وأما عدم
معرفة كل منهما ثوبه فيقال له :اشتباه ،أما لو كان المال مشاعًا كأن اشترياه معًا على الشيوع أو
ورثاه فإنه كاف لحصول المقصود وهو عدم التميـيز.
ورابعها :الذن منهما في التصرف وتصرف الشريك كتصرف الوكيل فل يبـيع بغير نقد البلد ول
يبـيع بالجل ول يبـيع ول يشتري بغبن فاحش.
وخامسها :أن يكون الربح على قدر المالين سواء تساويا في العمل أو تفاوتا.
فصل في الشفعة
وهي حق تملك قهري ثبت للشريك القديم على الحادث فيما ملك بعوض بما ملك به لدفع الضرر:
أي ضرر مؤنة القسمة واستحداث المرافق وغيرها أو ضرر سوء المشاركة.
)إنما تثبت الشفعة لشريك( مالك للرقبة )في بـيع أرض مع تابعها كبناء( وتوابعه الداخلة في
مطلق البـيع كأبواب منصوبة ورفوف مسمرة) .وشجر( رطب وأصل يجّز مرة بعد أخرى.
)وثمر غير مؤبر( عند البـيع إن شرط دخوله كما أفاده الشبراملسي خلفًا لبن حجر .
والحاصل أن أركان الشفعة ثلثة :آخذ وهو الشريك القديم ،وشرطه كونه شريكًا مالكًا ولو مكاتبًا
وغير عاقل كمسجد له شقص لم يوقف بأن وهب له أو اشتراه له الناظر من ريع الوقف فإذا باع
شريكه أخذ له الناظر بالشفعة فخرج بالشريك الجار وبالمالك الموقوف عليه ونحوه فل شفعة
لهم ،ومأخوذ وشرطه أن يكون أرضًا بتابعها ،ومأخوذ منه وشرطه تأخر سبب ملكه عن سبب
ملك الخذ فلو باع أحد شريكين نصيبه بشرط الخيار له فباع الخر نصيبه في زمن الخيار بـيع
ت ،فالشفعة للمشتري الّول إن لم يأخذ بائعه بالشفعة بأن يفسخ البـيع ويأخذ بها ويكون أخذه
ب ّ
فسخًا .وأما الصيغة فإنما تجب في التملك فل يصح عّدها ركنًا ،وإنما هي شرط للملك.
رقم الصفحة227 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب في الجارة
بتثليث الهمزة والكسر أشهر ،وهي عقد على منفعة مقصودة معلومة قابلة للبذل والباحة بعوض
ح إجارة( إذا وجدت أركانها ،وهي أربعة :الّول :العاقدان وشرطهما كالمتبايعين في معلوم )تص ّ
الرشد ،وعدم الكراه بغير حق .نعم استئجار كافر لمسلم ولو إجارة عين صحيح لكن إجارة العين
مكروهة ،ومع ذلك يجبر على إيجاره لمسلم فيها لزالة اليد عنه ،فلو لم يفعل وخدم المسلم بنفسه
ح إيجار سفيه نفسه لما ل يقصد من عمله كالحج لنه يجوز له ق الجرة المسماة ،ويص ّ
استح ّ
التبّرع به :وذلك بأن يكون غنيًا بماله عن كسب يصرفه على نفقة نفسه ومن تلزمه مؤنته ،ويص ّ
ح
بـيع السيد للعبد نفسه ل إجارته إياها لفضاء بـيعه إلى عتقه فاغتفر فيه ما لم يغتفر في الجارة
ح.
لعدم أدائها إليه ،ولو وكل شخص عبدًا في شراء نفسه أو استئجارها لموكله ص ّ
الركن الثاني :الصيغة ،وشرط فيها جميع ما مّر في البـيع إل عدم التأقيت ،فحينئذ صحة عقد
إجارة ل تكون إل )بإيجاب( وهو إما صريح أو كناية ،فالصريح )كآجرتك( هذا أو أكريتك هذا أو
عّوضتك منفعة هذه الدار سنة بمنفعة هذه الدار سنة بمنفعة دارك أو ملكتك منافع هذا سنة )بكذا(
وسنة ظرف لمقّدر ،والتقدير انتفع به سنة إن جعل ظرفًا لمنافع أو متعينًا إن جعل ظرفًا لجر
وتختص إجارة الذمة بنحو ألزمت ذمتك كذا ،أو سلمت إليك هذه الدراهم في خياطة هذا ،أو في
ل الفلني ،وعّد ذلك إيجابًا مع أنه من المستأجر دابة صفتها كذا لحمل كذا ،أو في حملي إلى المح ّ
لنها سلم في المنافع واليجاب في السلم من جانب المسلم) .و( ل بّد مع اليجاب من )قبول(
متصل موافق له في المعنى )كاستأجرت( أو اكتريت أو استكريت أو قبلت ،والكناية جعلت لك
منفعة هذا سنة ،أو أعطيتكها بكذا ،أو اسكن داري شهرًا بكذا .ومنها الكتابة ول بّد في الكناية من
نية.
ح عقد الجارة إل )بأجر( مذكور في العقد )معلوم( جنسًا وقدرًا الركن الثالث :الجرة ،ول يص ّ
ل كفت معاينتها في إجارة العين والذمة ،ثم ذلك الجر له حكم وصفة إن كان الجر في الذمة وإ ّ
ثمن في إجارة عينية فلما للجر الذي في الذمة حكم الثمن الذي في الذمة من نحو جواز استبدال
عنه وحوالة به وعليه وإبراء منه ،وتعجيله وتأجيله ،ووجوب ضبطه ووصفه ،ولما للجر المعين
حكم الثمن المعين في شروطه كالرؤية وإن سبقت العقد وامتناع تأجيله ،وفي أنه يملك في الحال
وله حكم رأس مال سلم في إجارة ذمة وإن لم يعقد بلفظ سلم لنها سلم في المنافع.
رقم الصفحة235 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( يتعين لدفع الخيار ل لدفع الثم )على مكر تسليم مفتاح( ضبة )دار( إلى المكتري لتوقف
النتفاع عليه وهو أمانة بـيده ،فإذا تلف بتقصيره ضمنه بقيمته الن أو بعدمه فل وفيهما يلزم
المكري تجديده ،فإن أبى لم يجبر على التجديد ولم يأثم لكن يتخير المكتري )وعمارتها( الشاملة
ي مّدة لها أجرة
لنحو تطيـين سطح وإعادة رخام قلعه المؤجر أو غيره) .فإن بادر( أي قبل مض ّ
ل( يبادر إلى ذلك )فللمكتري( قهرًا على المؤجرلصلحها أو تسليم المفتاح فذاك واضح )وإ ّ
)خيار( إن نقصت المنفعة )وعلى مكتر تنظيف عرصتها( أي الدار )من كناسة( حصلت في دوام
المّدة :وهي ما يسقط من نحو قشر وطعام ورماد ،وبعد انقضاء المّدة يجبر المكتري على نقل
الكناسة لنها من فعله.
وأما التراب الحاصل بالريح فل يلزم واحدًا منهما نقله ،بخلف كناسة موجودة عند ابتداء الجارة
فإنه يجب تفريغ الدار منها على مكر ولو غير مالك :كأن كان مالك المنفعة فقط )وهو( أي
المكتري )أمين( على العين المكتراة )مّدة الجارة( إن قّدرت بزمن أو مّدة إمكان استيفاء المنفعة
ل عمل لعدم إمكان الستيفاء للمنفعة بدون وضع يده )وكذا بعدها( إن لم يستعمل إن قّدرت بمح ّ
تلك العين استصحابًا لما كان ،ولنه ل يلزمه غير التخلية فل يلزمه الرّد ول مؤنته )كأجير( فإنه
أمين فيما في يده لجل أن يعمل فيه كما إذا استأجر لقصارة ثوب ونحوه وتلف )فل ضمان إل
بتقصير( كما إذا استأجر للخبز فأسرف في اليقاد أو تركه حتى احترق أو ألصقه قبل وقته ،وكما
لو تعّدى المستأجر في ذات العين المستأجرة :كأن يكبح الدابة باللجام ،أو يضربها برجله ،أو يعدو
بها في غير محل العدو على خلف العادة في هذه المور فإنه يضمنها ،بخلف ما إذا فعل ذلك
على العادة بالنسبة لمثل تلك الدابة ،ويصدق أجير الدابة في نفي تعّديه ما لم يشهد خبـيران
بخلفه.
واعلم أن المرجع في العدوان إلى العرف .فلو ربط الدابة في الططبل فماتت لم يضمن .وأما إن
ل عن الصحاب أنه يضمن ،وقال غيره :إن انهدم في وقت انهدم عليها فماتت ،فأطلق الغزالي نق ً
عهد أن تكون الدابة فيه كالليل في الشتاء وكالمطر الشديد في النهار فل ضمان وإل ضمن ولو
ل إذا انهدم عليها إصطبل في وقت لو ربط دابة اكتراها لحمل أو ركوب ولم ينتفع بها لم يضمن إ ّ
انتفع بها لم يصبها الهدم :كذا في كفاية الخيار) .ول أجرة( لعمل كحلق رأس وخياطة ثوب )بل
شرط( بأن لم يذكر أحدهما أجرة بحضرة الخر ولم يذكر ما يفهمها وإن عرف ذلك العمل بها
لعدم التزامها مع صرف العامل منفعته ،هذا إذا كان حّرا مكلفًا مطلق التصّرف ،فلو كان عبدًا أو
ق الجرة إذ ليسوا من أهل التصّرف بمنافعهم المقابلة محجورًا عليه بسفه أو نحوه استح ّ
بالعواض ،وكذا لو دخل سفينة بل إذن فإنه تجب عليه الجرة وإن علم به المالك لنه بجلوسه
ل ،بخلف وضع المتاع على الدابة فإنه ل يصير غاصبًا لها به لنه فيها صار غاصبًا لذلك المح ّ
ل بّد فيها من النقل أو الركوب.
رقم الصفحة235 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
أما لو دخل السفينة بإذن فل تجب عليه أجرة لعدم اشتراطها مع انتفاء الغصب )و( متى قبض
ي مّدة(المكتري العين المؤجرة كالدابة والدار )تقّررت( أي الجرة )عليه( أي المكتري )بمض ّ
للجارة )وإن لم يستوف( المنفعة ولو لعذر منعه من الستيفاء كخوف أو مرض لتلف المنافع
تحت يده حقيقة أو حكمًا فاستقّر عليه بدلها ،ومتى خرج المستأجر بها مع الخوف صار ضامنًا لها
ل إذا ذكر ذلك حالة العقد ،أو كان الزمن زمن خوف وعلم به المؤجر ،وكذا تتقّرر الجرة إذا إّ
ي مّدة إمكان السير إليه لكونه متمكنًا من اكترى دابة لركوب إلى موضع معين وقبضها بمض ّ
ي مّدة العمل الذي ضبطت به المنفعة وتلك الستيفاء ،وهذه مقّدرة بعمل فتستقّر الجرة بمض ّ
مقّدرة بزمن ،وتستقّر في الجارة الفاسدة أجرة المثل سواء زادت على المسمى أم نقصت بما
يستقّر به المسمى في الصحيحة مما ذكر وإن لم ينتفع .نعم تخلية العقار والوضع بـين يديه
والعرض عليه ،وإن امتنع ل يكفي في الجارة الفاسدة ،بل ل بّد من القبض الحقيقي.
)وتنفسخ( أي الجارة )بتلف مستوفى منه معين( في عقدها شرعًا كمسلمة استؤجرت بنفسها
لخدمة مسجد فحاضت فيها أو حسًا كموت الدابة المعينة ولو بفعل المستأجر وانهدام الدار كلها
ولو بفعل المكتري )في( زمن )مستقبل( ل في الزمان الماضي بعد القبض الذي يقابل بأجرة فل
تنفسخ الجارة لستقراره بالقبض فيستقّر قسطه من المسمى بالنظر لجرة المثل بأن تقّوم منفعة
المّدة الماضية والباقية ،ويوزع المسمى على نسبة قيمتهما وقت العقد دون ما بعده ،فلو كانت مّدة
ل أجرة النصف الباقي وجب من المسمى ثلثًا ،أو الجارة سنة ومضى نصفها وأجرة مثله مث ً
بالعكس فثلثه ،ل على نسبة المّدتين لختلف الجرة ،إذ قد تزيد أجرة شهر على شهور ،فلو قسط
ل شهر منها بكذا اعتبر ما سماه الجرة على عدد الشهور كأن قال :أجرتك هذه الدار سنة ك ّ
ل بما وقع به العقد.
موزعًا ولم ينظر لجرة مثل المّدة الماضية ول المستقبلة عم ً
أما المعين في إجارة الذمة فيبدل وجوبًا لتلف أو عيب ،ويجوز البدال عند عدمهما لكن برضا
ص به ،وخرج بالمستوفى منه غيره فل تنفسخ الجارة بتلفه فيجوز المكتري لنه بالقبض اخت ّ
إبدال المستوفى بمثله أو بدونه فيركب مثله في الضرر اللحق بالعين أو دونه ويسكنه ويلبسه
لنه يجوز للمكتري استيفاء المنفعة بنفسه وبغيره المين لنها ملكه ،فلو شرط عليه استيفاءها
بنفسه فسد العقد ،ويجوز إبدال المستوفى به بمثله وإن أبى الجير لنه طريق للستيفاء ل معقود
عليه ،وذلك كما لو استأجر دابة معينة لركوب أو حمل متاع فيجوز إبدال الراكب والمتاع بل
ي معين خلف ،وكذا إذا التزم في ذمته خياطة ثوب معين أو حمل متاع معين أو إرضاع صبـ ّ
ل على التعويض فيجوز إبدال ذلك بمثله بل معاوضة على الصح .أما إن كان البدال بلفظ يد ّ
كقوله :عّوضتك كذا عن كذا فيجوز قطعًا ،ويجوز إبدال المستوفى فيه كطريق بمثلها مسافة وأمنًا
ل التسليم إذ ل بّد من بـيان موضعه.
وسهولة أو حزونة بشرط أن ل يختلف مح ّ
رقم الصفحة235 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
فرع :لو أعطى المالك للخياط ثوبًا ليخيطه بعد قطع الخياط إياه فخاطه قباء وقال :أمرتني بقطعه
قباء ،فقال المالك :بل أمرتك بقطعه قيمصًا صدق المالك بـيمينه لنه المصّدق في أصل الذ َ
ن
فكذا في صفته ،فيحلف أنه ما أذن في قطعه قباء ول أجرة عليه إذا حلف ،وعلى الخياط أرش
نقص الثوب :وهو ما بـين قيمته صحيحًا ومقطوعًا على معتمد ابن حجر ،أو بـين قيمته مقطوعًا
قميصًا ومقطوعًا قباء على معتمد الرملي ،وعلى هذا الوجه الثاني إن لم ينقص القباء فل شيء
عليه ،وللخياط نزع خيطه وعليه أرش نقص النزع إن حصل النقص في القميص نفسه كأن
ل بل خياطة ،ولو قال المالك :إن كان هذا يكفيني نقصت قيمته ينزع الخيط عن قيمته قماشًا مفص ً
قيمصًا فاقطعه فقطعه ولم يكفه ضمن أرش القطع :وهو ما بـين قيمته صحيحًا ومقطوعًا لن
الشرط لم يحصل بخلف ما لو قال :هل يكفيني؟ فقال نعم ،فقال :اقطع لن الذن مطلق )ولو
اختلفا في أجرة( أو منفعة )أو مّدة( أو قدر المنفعة أو قدر المستأجر )تحالفا وفسخت( أي الجارة
ووجب على المستأجر أجرة المثل لما استوفاه.
ح المخابرة وهي المعاملة على الرض ببعض ما يخرج منها ،والبذر من العامل فرع :ل تص ّ
لقوله » :من لم يذر المخابرة فليأذن بحرب من ال« .رواه أبو داود ،ولسهولة تحصيل منفعة
ح المزارعة وهي المعاملة عليها بذلك والبذر من المالك ،لما روي عن الرض بالجارة .ول تص ّ
ثابت بن الضحاك رضي ال عنه» :أن رسول ال نهى عن المزارعة وأمر بالمؤاجرة« .رواه
مسلم ،والمخابر في معنى مستأجر الرض فيلزم عليه أجرة الرض وإن عطلها بل زرع،
والمزارع في معنى الجير على عمل فل يلزمه شيء إذا عطل الرض ،لنه لم يستوف منفعتها
ح المراعاة :وهي أن يستأجر شخص راعيًا لغنمه سنة ول باشر إتلفها فل وجه للزوم .ول تص ّ
كاملة ،ويجعل له الجرة ثلث نتاجها ،وهذه الجارة فاسدة لن النتاج مجهول وثبت لفاسدة من
ق الجير أجرة المثل للمّدة التي رعى تلك الغنم أجرة المثل ما ثبت لمسمى في صحيحة فيستح ّ
فيها لنه لم يبذل منفعته مجانًا.
رقم الصفحة235 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب في العارية
وشرط التلف المضمن أن يحصل )ل باستعمال( مأذون فيه فإن حصل مع الستعمال بأن تلفت
العين المستعارة أو جزؤها باستعمال مأذون فيه كركوب معتاد أو حمل معتاد فعرجت أو
ل فيتقرحت ،أو لبس معتاد فانمحقت العين أو انسحقت فل ضمان لحدوث التلف بإذن المالك إ ّ
الحمل على أضحية أو هدي منذورين فيضمنان بقيمتيهما ،ولو استعار رقيقًا لتنظيف سطح مث ً
ل
فسقط من سلمه ومات ضمنه بخلف ما لو استأجره ،ول يشترط في ضمان المستعير كون العين
في يده بل وإن كانت في يد المالك لكن بعد قبض المستعير مع بقاء حكم العارية أو قبل القبض
بالفعل لكن استعملها المالك في شغل المستعير ،ولو حمل متاع غيره على دابته بسؤال الغير كان
ذلك الغير مستعيرًا لكل الدابة إن لم يكن عليها شيء لغير المستعير وإل فبقدر متاعه ،ولو اختلفا
ل صّدق المستعير بـيمينه لعسر إقامة البـينة عليهفي حصول التلف بالستعمال المأذون فيه أو ً
ولن الصل براءة ذمته وكون الصل في العارية الضمان هو بالنسبة لليد ل للذمة وتعلق
الضمان بالذمة أمر طارىء على الصل كذا في النهاية.
)وعليه( أي المستعير )مؤنة رد( للمعار إذا استعار من المالك ،وكذا إذا استعار من نحو مستأجر
ورد عليه لنه قبضه للغرض نفسه ،أما إذا رده المستعير على المالك فالمؤنة على المالك ولو
كان استحقاق المستأجر باقيًا كما لو رد عليه معيره المستأجر )ولكل( من المعير والمستعير
ل إذا أعار أرضًا لدفن ميت غير )رجوع( في العارية المطلقة والمؤقتة قبل فراغ المدة متى شاء إ ّ
حربـي ومرتد فيمتنع الرجوع أي استرداد المعير ورد المستعير إذا كان بعد إدلء الميت في هواء
القبر وإن لم يصل إلى أسلفه كما يمتنع الرجوع في الكفن المعار بمجرد وضعه على الميت وإن
لم يلف عليه وعلى المعير إذا رجع بعد الحفر مؤنة حفر ما رجع فيه لوارث الميت سواء حفر
ل إذا استعار ثوبًا للستر أو
بنفسه أو بالستئجار لمن حفر له أو بحفر متبرع بقصد المستعير ،وإ ّ
الفراش على نجس في صلة الفرض وشرع فيها فيمتنع على المعير السترداد كما يمتنع على
ل بعد فراغ الصلة ويلزمه القتصار على أقل مجزىء من واجباتها بعد المستعير الرد إ ّ
الرجوع ،بخلف ما لو استعاره لمطلق الصلة فالعارية لزمة من جهة المستعير فقط إن أحرم
بفرض فللمعير الرجوع ،وإذا رجع نزعه المستعير وبنى على صلته ول إعادة عليه ،فإن أحرم
ل إذا استعار سفينة ووضع فيها متاعًا في ماء غزير فيمتنع على بنفل كانت جائزة من جهتهما وإ ّ
المعير الرجوع حينئذ أي يمتنع عليه تفريغها حينئذ حتى تصل إلى محل تأمن فيه وإن كان له
ل إذا استعار مكانًا لسكنى معتدة فيمتنع على
الرجوع بالقول ويستحق الجرة من حينئذ وإ ّ
المستعير الرد ويجوز للمعير السترداد ،وإذا رجع المعير نقلت المعتدة لقرب المواضع إن لم
ل فل أجرة يرض بالجرة فلو رضي بها امتنع النقل ،ولو استعمل المستعار بعد الرجوع جاه ً
عليه بخلف ما لو استعمل العارية بعد جنون المعير أو إغمائه أو موته غير عالم بذلك فتلزمه
ل للباحة ،وإذا استعار للغراس والبناء لم
الجرة لبطلن الذن بذلك فإن المعير بعده ليس أه ً
يفعل ذلك إل مرة فإن قلعه لم يعده إل بإذن جديد ما لم يأذن له في التجديد مرة بعد أخرى.
رقم الصفحة239 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
فصل في الغصب
وهو الستيلء على حق الغير على طريق الظلم ويدخل في الحق الختصاصات والمنافع ككلب
الصيد وجلد الميتة وخمرمحترم وسرجين وحق التحجر وحق من قعد في سوق أو مسجد أو
شارع .والغصب من الكبائر .والصل في تحريمه آيات كقوله تعالى} :ل تأكلوا أموالكم بـينكم
بالباطل{ )) (2البقرة :الية (188وأخبار كقوله في خطبته في منى» :إن دماءكم وأموالكم
وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا« رواه الشيخان .وقوله :
»من ظلم قيد شبر من أرض طّوقه من سبع أرضين« رواه الشيخان) ،وعلى الغاصب رّد( فورًا
ل كحبة بر عند التمكن للمنقول بنفسه أو فعل أجنبـي وإن عظمت المؤنة في رده ولو لم يكن متمو ً
ل عنه وعليه خروج من وكلب محترم يقتنى ،وإن لم يطلبه المالك سواء كان ببلد الغصب أم منتق ً
العقار بنية عدم العود إليه وتمكين المالك منه) .و( عليه )ضمان متمّول( أي متقوم كثياب وحيوان
غير رقيق وغير صيد على المحرم أو في الحرم )تلف بأقصى قيمته من حين غصب إلى تلف(
لنه في حال زيادة القيمة غاصب مطالب بالرد فلما لم يرد في تلك الحالة ضمن الزيادة لتعديه
وتجب قيمته من نقد البلد الذي حصل فيه التلف إذا لم ينقل المغصوب فإن نقله فيعتبر نقد البلد
الذي تعتبر القيمة فيه وهو أكثر البلدين قيمة وذلك باعتبار النقد الغالب فإن غلب نقدان وتساويا
ل أو بعضًا بقيمته بالغة ما بلغت ،والتقويم يكون عين القاضي واحدًا ،أما الرقيق فتضمن نفسه ك ً
ل أو بعضًا أقصى القيم في المغصوب وقيمة يوم التلف في بعد الندمال دائمًا والقيمة المعتبرة ك ً
غيره ،وأما الصيد فيضمن بمثله )ويضمن مثلي بمثله( ما لم يتراضيا على قيمته لن المثل أقرب
إلى حقه ،فإن خرج المثلي عن القيمة كما لو أتلف ماء بمفازة ،ثم اجتمعا بمحل ل قيمة للماء فيه
ل لزمه قيمته بمحل التلف ،بخلف ما إذا بقيت له قيمة ولو تافهة فل يعدل عن المثل لنه أص ً
ل فالواجب القيمة بمحل التلف .ثم المثلي ما جاز السلم فيه الصل وهذا إذا لم يكن لنقله مؤنة وإ ّ
وأمكن ضبطه بالكيل أو الوزن وإن لم يعتد فيه بأن لم تجر عادة أهل الشرع بمثله فما حصره عّد
أو ذرع كحيوان وثياب متقوم وإن جاز السلم فيه ،والمعجونات والجواهر ونحوهما مما يمتنع
ل التمر مثلي كبّر اختلط السلم فيه متقوم ،وإن حصره وزن أو كيل ،والمعتمد عند الرملي أن خ ّ
بشعير فيجب إخراج القدر المحقق من كل منهما.
رقم الصفحة239 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)الهبة( المطلقة ثلثة أنواع :هبة ،وصدقة ،وهدية ،فإن أعطى محتاجًا شيئًا بل عوض ولو لم
يقصد ثواب الخرة أو غنيًا لجل ثواب آخرة فصدقة وهي أفضل الثلثة ،ثم الهدية لورود الثار
ض عليها ل سيما بالنسبة للمسافر ،وهي ما نقله المملك بل عوض إلى مكان الموهوب له
في الح ّ
للكرام والتوّدد فكل من الصدقة والهدية هبة ،ول عكس لنفراد الهبة في ذات الركان ،وهي
)تمليك( تطّوع في حياة فخرج بالتمليك العارية والضيافة والوقف وبالتطّوع غيره كالبـيع والزكاة
والنذر والكفارة ،والواجب من الضحية والهدي والعقيقة ،بخلف المندوب منها وقد أعطى لغني
فهو من الهدية لوجود التمليك فيه ،وإن امتنع التصرف فيه بنحو بـيع ،وخرج بقولنا في حياة
الوصية لن التمليك فيها إنما يتّم بالقبول وهو بعد الموت ،وإذا اجتمع النقل والقصد أو النقل
والحتياج :كان الموهوب صدقة وهدية )بل عوض( فخرج بذلك الهبة بشرط عوض معلوم،
كقوله :وهبتك هذا على أن تثيبني عليه كذا فيقبله ،فإنها بـيع حقيقة فيجري فيها أحكام البـيع من
الخيارين والشفعة وحصول الملك بالعقد ل بالقبض ،ومنع قبول بعض الموهوب ببعض العوض
أو كله لشتراط المطابقة في البـيع ،بخلف الهبة التي بل عوض فإنه ل يضر فيها قبول بعض
الموهوب ،وخرج بذلك الهبة أيضًا بشرط عوض مجهول فل تكون بـيعًا لجهالة العوض ،ول
تكون هبة لذكر العوض ،وقيل :تكون هبة.
وأركان الهبة أربعة :العاقدان ،ويشترط فيهما ما مّر في البائع والمشتري .نعم يعتبر في المملك
أهلية التبّرع ،وفي المتملك أهلية الملك ولو سفيهًا.
ل نحو حبة بّر فتصح هبتها ،وإن لم يصح والثالث الموهوب :وشرط فيه صحة جعله عوضًا إ ّ
بـيعها فنقل اليد عن الختصاص ل يسمى هبة ،وإل هبة موصوف في الذمة كأن يقول :وهبتك
كذا في ذمتي فل يصح ،لن الهبة إنما ترد على العيان ل على ما في الذمة ،بخلف البـيع فإنه
يرد عليهما.
ل )بإيجاب كوهبتك( هذا ،وملكتكه ،ومنحتكه، والرابع الصيغة :ول تصح الهبة غير الضمنية إ ّ
وأكرمتك بهذا وعظمتك ونحلتك وكذا أطعمتك ولو في غير طعام.
)وقبول( متصل باليجاب موافق له )كقبلت( ورضيت واتهبت لفظًا في حق الناطق ،وإشارة في
حق الخرس لنها تمليك في الحياة كالبـيع ،ولهذا انعقدت الهبة بالكناية مع النية كقوله :لك كذا
وكسوتك هذا ،وبالمعاطاة على القول بها ،ويشترط في الصيغة ما مّر في البـيع ،ومنه اعتبار
الفورية ول يضر الفصل إل بأجنبـي ،وعلم من اعتبار الصيغة أن الب أو الم لو جهزا بنتهما أو
ابنهما الصغير بجهاٍز ولم يصدر منهما صيغة تمليك ل يملكه ،ويكفي في الصيغة قول أحدهما
ل هذا جهاز بنتي فيكون ملكًا لها ،وإل فهو عارية ،ويصدق بـيمينه في عند نقله لدار الزوج مث ً
عدم تمليكها ذلك إن اّدعته ،وخرج بالهبة الصدقة والهدية فل يعتبر لهما صيغة ،بل يكفي فيهما
ت ولذا يصحان من العمى وعليه فيوكل في القبض والقباض ،وقد ل تشترط صيغة بعت وقبض ُ
كخلع الملوك لعتياد عدم اللفظ فيهما ول قبول كهبة النوبة للضرة ،ويشترط كون الصيغة )بل
تعليق( فل تصح الهبة بأنواعها مع شرط مفسد كتوقيت الواهب بعمر نفسه أو أجنبـي كأن قال:
جعلت هذا لك عمري أو عمر فلن للخروج من اللفظ المعتاد ،ولما فيه من تأقيت الملك فإن
الواهب أو الفلن قد يموت أّول ،بخلف العكس فيصح ،كأن يقول :أعمرتك هذا حياتك أو ما
ل تأقيت لنه تصريح بمقتضى الحال. عشت فإن النسان ل يملك إل مّدة حياته فكان ك ً
رقم الصفحة242 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومن جملة صيغ الهبة مسائل العمري والرقبـي ولو بغير لفظهما كقوله :أعمرتك هذه الدار أو هذا
ل ،فإذا مت فهي لورثتك ،فهذه الصيغة صيغة هبة طّول فيها العبارة فيعتبر فيها الحيوان مث ً
القبول ،وتلزم بالقبض وتكون لورثته ،وكقوله :أعمرتك هذه أو جعلتها لك عمرك أو وهبتك هذه
ي أو إلى ورثتي إن كنت مت ،فهذه الصيغة صيغة هبة إلغاء للشرط عمرك فإذا مت عادت إل ّ
ي ،وإن مت قبلك الفاسد ،وقوله :أرقبتك هذه أو جعلتها لك رقبـي :أي إن مت قبلي عادت إل ّ
استقّرت لك ،فتصح الهبة على الصح ويلغو الشرط الفاسد فيشترط قبولها والقبض ،وذلك لخبر
أبـي داود والنسائي» :ل تعمروا ول ترقبوا فمن أرقب شيئًا أو أعمره فهو لورثته« أي ل ترقبوا
ن سبـيله الميراث) .وتلزم( أي الهبة )بقبض( بإذن الواهبول تعمروا طمعًا في أن يعود إليكم فإ ّ
أو وكيله فيه بعد تمام الصيغة ،فلو قال :وهبتك هذا أو أذنت لك في قبضه فقال :قبلت لم يكف،
ولو اختلفا في الذن في القبض صدق الواهب ولو اتفقا عليه ،لكن قال الواهب :رجعت قبل أن
تقبض الموهوب ،وقال المتهب :بل بعده صدق المتهب ول تملك الهبة بجميع أنواعها إل بالقبض
الحقيقي ،ول يشترط فيه الفور ،وإن كان الموهوب بـيد المتهب ولو من أب لولده الصغير ،ول
يكفي التلف ول الوضع بـين يديه من غير إذن لن قبضه غير مستحق كالوديعة فاشترط تحقق
القبض.
نعم إن كان التلف بالكل أو العتق وأذن فيه الواهب كان قبضًا ،ويقدر انتقاله قبـيل الوضع في
الفم والتلفظ بالصيغة للعتق .وذلك لما روى الحاكم أنه » :أهدى إلى النجاشي ،ثم قال لم سلمة:
إني لرى النجاشي قد مات ول أرى الهدية التي أهديت إليه إل سترّد ،فإذا رّدت إلي فهي لك« ،
فكان كذلك .وفي رواية» :أنه أهدى إلى النجاشي مسكًا فمات النجاشي قبل أن تصل إليه ،ثم رّدت
إلى النبـي فقسمه النبـي بـين نسائه« ،ولن أبا بكر الصّديق رضي ال عنه :نحل عائشة رضي
ال عنها جداد عشرين وسقًا ،فلما مرض قال :وددت أنك حزتيه أو قبضتيه ،وإنما هو اليوم ملك
الوارث ،فلو توقف الملك على القبض لما قال :أنه ملك الوارث ،وقالعمر :ل تتم النحلة حتى
يحوزها المنحول .وروي مثل ذلك عن عثمان ،وابن عمر ،وابن عباس وأنس ،وعائشة رضي
ال عنهم :ول يعرف لهم مخالف كذا في كفاية الخيار.
)ولصل( من النسب وإن بعد أو كان أنثى )رجوع فيما وهب( عينًا أو تصّدق أو أهدى )لفرع(
ل امتنع
كذلك )إن بقي( أي الموهوب )في سلطنته( بأن يكون الموهوب خاليًا عن حق الغير وإ ّ
الرجوع كما إذا رهن وأقبض وغير ذلك ،وإن عاد الموهوب إلى الفرع لن الزائل العائد كالذي
لم يعد ،ولو وهب الوالد شيئًا لولده فوهبه الولد لولده لم يرجع الجّد لنتقال الملك في الولد ،بخلف
ما لو وهبه ابتداء لبن ابنه ،فإن له الرجوع والمنافع فهي في الهبة كغيرها لنها ل تملك إل
بالقبض ،أما لو وهب الصل فرعه دينًا عليه فل رجوع له فيه إذ ل يمكن عوده بعد سقوطه
ويحصل الرجوع )بنحو رجعت( فيما وهبت أو استرجعته ،أو رددته إلى ملكي ،أو نقضت الهبة،
أو أبطلتها أو فسختها ،وبكناية مع النية كأخذته وقبضته ل ببـيعه ووقته لكمال ملك الفرع فلم يقو
ل منجزًا فل يصح معلقًا.الفعل على إزالته ،ول يصح الرجوع إ ّ
رقم الصفحة242 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وهبة دين لمدين( أو تصّدق به عليه )إبراء( فل يحتاج إلى قبول نظرًا للمعنى .نعم ترك الدين
للمدين بلفظ الترك ونحوه كناية إبراء ،وذلك كأن يقول :تركته لك أو ل آخذه منك فل يكون عدم
طلبه له كناية في البراء لنتفاء ما يدل عليه ،وتصح هبة نجوم الكتابة للمكاتب كما يصح البراء
منها ،ولو وهب لفقير دينًا عليه بنية الزكاة لم يقع عنها ،كذا في كفاية الخيار) .و( هبة دين
مستقّر )لغيره( أي المدين باطلة في الصح لنه غير مقدور على تسليمه ،لن ما يقبض من
المدين عين ل دين ،ويؤيد ذلك صحة بـيع الموصوف دون هبته والدين مثله بل أولى ،ويفرق
بـين صحة بـيعه وعدم صحة هبته بأن بـيع ما في الذمة التزام لتحصيل المبـيع في مقابلة الثمن
الذي استحقه واللتزام فيها صحيح ،بخلف هبته فإنها ل تتضمن اللتزام ،إذ ل مقابل فيها فكانت
بالوعد أشبه فلم يصح ،وقيل :هي هبة )صحيحة( وعلى هذا القول ل تلزم إل بالقبض الحقيقي
بإذن الواهب ،أما دين مستقر كنجوم الكتابة فإنه ل تصح هبته لغير من هو عليه قطعًا.
فرع :لو بعث هدية في ظرف أو وهب شيئًا في ظرف من غير بعث فإن لم تجر العادة برّده
كزنبـيل فهو هدية أو هبة أيضًا تحكيمًا للعرف المطرد ككتابة الرسالة فإنه يملكه المكتوب إليه إن
لم تدل قرينة على عوده أو إخفائه بأن كتب له فيها رّد الجواب في ظهره ،أما إذا اعتيد رّد
الظرف أو اضطربت العادة فل يكون هدية ،بل أمانة في يد المهدى إليه كالوديعة ،ويحرم
ل بها، ل في أكل الهدية منه إن اقتضته العادة عم ً
استعماله لنه انتفاع بملك غيره بغير إذنه إ ّ
ل وهذا في مأكول ،أما غيره فيختلف رّد ظرفه ن رّد الوعاء حا ً
ويكون عارية حينئذ ،ويس ّ
باختلف عادة النواحي فيعمل في كل ناحية بعرفهم ،ويعمل في كل قوم عرفهم باختلف طبقاتهم.
رقم الصفحة242 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب في الوقف
وهو حبس شيء ينتظر النتفاع به مع بقاء عينه بمنع التصرف في عينه على مصرف مباح
وجهه ،والشيء يشمل الكلب المعلم لنه يصح وقفه على وجه ،والراجح أنه ل يصح وقفه :كذا
في كفاية الخيار ،وهو قربة مندوب إليها .قال ال تعالى} :وافعلوا الخير{ )) (22الحج :الية
(77وأّول من وقف سيدنا عمر بن الخطاب بإشارته ،ثم تتابع الصحابة رضوان ال عليهم على
ذلك حتى زادوا على الثمانين.
وأركانه أربعة :الّول :الواقف وشرطه صحة تبرعه ،فحينئذ إنما )صح وقف( ما يأتي من أهل
تبّرع في الحياة ككافر ولو لمسجد نظرًا لعتقادنا أو مصحف بأن كتبه أو ورثه من أبـيه ،وأعمى
إذ يصح وقف غير المرئي وإمام من بـيت المال على معين أو جهة فل يصح من صبـي ومجنون
وسفيه ومكاتب بغير إذن سيده ومفلس ،وإن زاد ماله على ديونه كأن طرأ له مال بعد الحجر أو
ي.
ارتفع سعر ماله الذي حجر عليه فيه ،وول ّ
ل في )عين( فل يصح وقف المنفعة وإن ملكها مؤبدًا الركن الثاني :الموقوف فل يرد الوقف إ ّ
بالوصية ،ومن ذلك الخلوات فل يصح وقفها ول وقف الملتزم في الذمة لن حقيقة الوقف إزالة
ملك عن عين ،نعم يجوز التزامه فيها بالنذر )مملوكة( ولو لغير الواقف كوقف المام نحو
أراضي بـيت المال على جهة ومعين بشرط ظهور المصلحة في ذلك إذ تصرفه فيه منوط بها فل
يصح وقف حر نفسه لن ذاته غير مملوكة له ،ول بد أن تكون العين مما يقبل النقل فل يصح
وقف مستولدة لعدم قبولها للنقل كالحر ول وقف مكاتب كتابة صحيحة )تفيد( أي تلك العين فائدة
كالفحل للضراب بخلف إجارته له فل تصح لنه يحتمل في القربة ما ل يحتمل في غيرها أو
ل كالجحش الصغير والمغصوب ولو من عاجز ل أو مآ ً
تفيد منفعة تصح إجارتها سواء كانت حا ً
عن انتزاعه )وهي( أي العين )باقية( لن الوقف شرع ليكون صدقة جارية فيصح وقف بناء
وغراس في أرض مستأجرة لنهما مملوكان ينتفع بهما مع بقاء عينهما وإن استحقا القلع بعد
انقضاء مدة الجارة ،ويصح وقف المدبر والمعلق عتقه بصفة وإن عتقا بالموت ووجود الصفة
وبطل الوقف بهما لنهما مما يدوم نفعه دوامًا نسبـيًا بخلف المطعوم والمشموم والثمان فل
يصح وقفها لن المطعوم إنما ينتفع بأكله ولسرعة فساد المشموم المحصود بخلف المزروع
فيصح وقفه للشم لبقاء مدته وإن لم يطل زمنه ولن الثمان إنما ينتفع بإخراجها.
رقم الصفحة245 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
الركن الثالث :الصيغة باللفظ كالعتق أو بإشارة أخرس مفهمة أو بكتابته أو كتابة الناطق مع نيته،
وصريحه يحصل )بوقفت( هذا على كذا )وسبلت كذا على كذا( فل بد من بـيان الموقوف عليه
فلو قال :وقفت هذا الكتاب ل تعالى لم يكف بل ل بد أن يقول على كذا بخلف الوصية كأوصيت
بثلث مالي ل تعالى فإنه يصح )وجعلت هذا( المحل أو مكان كذا )مسجدًا( فيصير بذلك مسجدًا
وإن لم يقل :ل ولم ينو لن المسجد ل يكون إل وقفًا ووقفته للعتكاف صريح في المسجدية
وللصلة صريح في مطلق الوقفية .وقوله :أذنت للصلة كناية في المسجدية فإن نواها صار
مسجدًا وإل صار وقفًا على الصلة وإن لم يكن مسجدًا كالمدرسة وذلك لن العتكاف ل يصح
ل في مسجد بخلف الصلة ،ومثل العتكاف صلة التحية فلو قال :أذنت في صلة التحية في إّ
ل في المسجد ،ولو بنى البقعة على هيئة المسجد ل يكون هذا المحل صار مسجدًا لنها ل تكون إ ّ
ل في موات فيصير مسجدًا بمجرد البناء مع النية لن اللفظ البناء كناية وإن أذن في الصلة فيه إ ّ
إنما احتيج إليه لخراج ما كان في ملكه عنه ،وهذا ل يدخل في ملك من أحياه مسجدًا فلم يحتج
للفظ وصار للبناء حكم المسجد تبعًا ويجري ذلك في بناء مدرسة أو رباط وحفر بئر وإحياء مقبرة
في الموات بقصد السبـيل.
ل سنة مث ً
ل )وشرط له( أي الوقف )تأبـيد( فلو قال :وقفت هذا على الفقراء أو على مسجد مث ً
فوقفه باطل لفساد الصيغة إذ وضعه على التأبـيد سواء في ذلك طويل المدة وقصيرها ،نعم إن
أشبه التأقيت التحرير كقوله :جعلت هذا مسجدًا سنة صح مؤبدًا ،وينبغي أن يقال :لو وقف على
فقراء ألف سنة أو نحوها مما يبعد بقاء الدنيا إليه صح نظرًا لمقصود اللفظ وهو التأبـيد دون
مدلوله وهو التأقيت فإن المقصود من الوقف قربة محضة بخلف البـيع والنكاح) .وتنجيز( فل
يصح تعليق الوقف فيما ل يضاهي التحرير كقوله :إذا جاء زيد فقد وقفت كذا على كذا لن الوقف
ل كالبـيع والهبة .نعم يصح تعليقهعقد يقتضي نقل الملك إلى ال تعالى أو للموقوف عليه حا ً
بالموت كقوله :إذا مت فداري وقف على كذا أو فقد وقفتها ،إذ المعنى فاعلموا أني قد وقفتها،
بخلف قوله :إذا مت وقفتها والفرق أن الّول :إنشاء تعليق ،والثاني :تعليق إنشاء وهو باطل لنه
وعد محض .قال السيد عمر البصري .
والحاصل أنه إذا علق الوقف بموت نفسه صح لنه وصية سواء قال :إذا مت فداري وقف أو فقد
وقفتها بخلف ما إذا علقه بموت غيره فل يصح لنه تعليق وليس بوصية حتى يغتفر فيها
التعليق ،لن ما ل يقبل التعليق من التمليك كالهبة إذا علق بالموت صح لنه وصية انتهى .أما ما
يضاهي التحرير كقوله :إذا جاء رمضان فقد وقفت هذا مسجدًا فإن الوقف يصح مؤبدًا كما لو
ذكر فيه شرطًا فاسدًا لنه حينئذ كالعتق.
رقم الصفحة245 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
الركن الرابع :الموقوف عليه ،وشرطه إن كان معينًا واحدًا أو متعددًا عدم المعصية ،وتعيـينه
)وإمكان تمليك( من الواقف في الحال ،لن حقيقة الوقف نقل ملك المنافع إلى الموقوف عليه .وإن
كان الملك ل تعالى ،وتمليك ما ل يملك باطل ،كتمليك المعدوم ،فل يصح الوقف على حمل ،لن
الوقف تسليط في الحال ،ول على نفسه لتعذر تمليك النسان ملكه لنفسه لنه حاصل ،ويمتنع
تحصيل الحاصل ،وله حيل وأحسنها :أن يؤجر العين مدة طويلة معلومة بأجرة منجمة ،ثم
يستأجرها لنفسه تلك المدة ،ول يصح الوقف على جميع الناس ،ول على بهيمة غير موقوفة ،أما
الموقوفة أو المرصدة في سبـيل ال فيصح الوقف على علفها ،وكذا على حمام مكة ،ول على
ل للملك .وإنما صح على الرقاء الموقوفين لخدمة نحو الكعبة لن القصد العبد نفسه ،لنه ليس أه ً
ثم الجهة ،والكلم هنا في الوقف على المعين ،ول يصح على أحد هذين ،ول على عمارة المسجد
إذا لم يبـينه ،ول على مرتد وحربـي ولو غير آلة حرب لنتفاء قصد القربة لنه ل بقاء لهما،
لنهما مقتولن بكفرهما.
ول يصح على ميت إل إذا كان الميت صحابـيًا أو وليًا فيصح الوقف إذا اطرد العرف بالوقف
عليه بقصد الصرف في مصالح ضريحه أو زّواره ،فإن إطراد العرف قرينة معينة لرادة الواقف
بالوقف عليه تلك الجهة ،ل تمليكه الممتنع كذا قاله عمر البصري ،ول يصح الوقف على مسجد
سيبنى أو على ولده ،ول ولد له أو على فقراء أولده ول فقير فيهم ،ول على القراءة على رأس
قبره أو قبر أبـيه الحي لنقطاع الّول.
ويصح الوقف على المعدوم تبعًا :كوقفته على ولدي ،ثم على ولد ولدي ،ول ولد ولد له ،وكوقفته
ح الوقف على جهة قربة والفقراء ل مسجد سيبنى في تلك المحلة .ويص ّ على مسجد كذا وك ّ
ص الفقراء بفقراء الزكاة،
والعلماء والمساجد والمدارس والكعبة والقناطر وتجهيز الموتى فيخت ّ
نعم المكتسب كفايته ول مال له يجوز أن يأخذ من ذلك الموقوف ،ويختص العلماء بأصحاب علوم
الشرع كالوصية ،ويختص بتجهيز الموتى من ل تركة له ول منفق ،ويصح على جهة ل تظهر
فيها القربة :كالغنياء ،والمعتمد عند الرملي أنه يشترط قبول فورًا من بطن أول موقوف عليه
ل فقبول وليه عقب اليجاب، ل للقبول وكان حاضرًا وإ ّ معين لن الوقف تمليك إن كان أه ً
ومتراخيًا وإن طال الزمن حيث كان الموقوف عليه غائبًا فلم يبلغه الخبر إل بعد الطول ،ول
يشترط قبول من بعد البطن الّول ،بل الشرط عدم الرد فإن ردوا بطل الوقف فيما يخصهم وانتقل
لمن بعدهم ،ويكون كمنقطع الوسط ،وإن رّد الّول بطل الوقف ،وخرج بالمعين الجهة العامة،
وجهة التحرير كالمسجد ،فل قبول فيه جزمًا.
رقم الصفحة245 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ول يشترط قبول ناظر المسجد ما وقف عليه ،بخلف ما وهب له .ومثل المسجد الرباط،
والمدرسة والمقبرة لمشابهتها للمسجد في كون الحق فيها ل تعالى كما أفاده الشبراملسي .
والمعتمد عند ابن حجر أنه )ل( يشترط )قبول ولو من معين( نظرًا إلى أن الوقف بالقرب أشبه
منه بالعقود ،بل الشرط عدم الرد .نعم لو وقف على ورثة الحائز شيئًا يخرج من الثلث لزم ،وإن
رده .لن القصد من الوقف دوام الثواب للواقف فلم يملك الوارث رده وبطل وقف منقطع البتداء،
كقوله :وقفت على من سيولد لي بخلف منقطع الوسط :كوقفت على زيد ،ثم رجل ،ثم الفقراء.
ومنقطع الخر :كوقفت على زيد ،ثم بكر ،ثم رجل فإنهما يصحان.
)ولو انقرض( أي الموقوف عليهم ،أو جهلت أرباب الوقف في )منقطع آخر( فالوقف باق ،لن
وضعه على الدوام كالعتق )فمصرفه( أي الوقف )القرب( أي أقرب الناس )إلى الواقف( حين
النقراض ،والمعتبر القرب رحمًا ل إرثًا ،فيقدم وجوبًا ابن بنت على ابن عم ،ويعتبر في أقارب
الواقف المذكورين الفقر ،ول يفضل الذكر على غيره ،فإن فقدوا ،أو كانوا كلهم أغنياء صرف
الريع لمصالح المسلمين ،أو إلى الفقراء أو المساكين ،ول يختص بفقراء بلد الواقف ،وكذا لو كان
الواقف المام فيصرف وقفه إذا انقطع الخر للمصالح ،ل لقاربه .ولو انقطع الّول في منقطع
الوسط فمصرفه من ذكر بعد الوسط إن لم يعرف أمد انقطاعه ،كرجل مبهم .فيصرف الوقف بعد
موت الّول لمن ذكر بعد الرجل ،بخلف ما لو عرف أمد انقطاعه :بأن كان المتوسط معينًا :كعبد
زيد نفسه أو دابته نفسها ،ثم الفقراء فإنه يكون كمنقطع الخر ،فينصرف بعد موت الّول لقرب
رحم الواقف ،فإن لم يوجد فإلى الهم من المصالح أو الفقراء.
ل ،أو سنة ،أو أن ل يؤجر )ولو شرط( أي الواقف لملكه )شيئًا( كأن شرط أن ل يؤجر الوقف أص ً
من ذي شوكة ،أو أن الموقوف عليه يسكن فيه بنفسه )اتبع( شرطه في غير حالة الضرورة،
كسائر شروطه التي لم تخالف الشرع ،وذلك لما فيه من وجود المصلحة .وخرج بغير حالة
ل على وجه مخالف لذلك ،فيجوز لن الظاهر أنه ل من ل يرغب فيه إ ّ الضرورة ما لو لم يوجد إ ّ
ل يريد تعطيل وقفه .ويؤخذ من ذلك أنه لو وجد من يأخذ بأجرة المثل ويستأجر على ما يوافق
شرط الواقف ومن يطلبه بزيادة على أجرة المثل في إجارة تخالف شرط الواقف عدم الجواز،
وأنه لو وجد من يأخذ بدون أجرة المثل ويوافق شرط الواقف في المدة ،ومن يأخذ بأجرة المثل،
ويخالف شرط الواقف ،عدم الجواز أيضًا رعاية لشرط الواقف فيهما ،والملك في الموقوف على
ك عن اختصاص الخلق كالعتق ،فل يكون للواقف جهة ،أو معين ينتقل إلى ال تعالى :أي ينف ّ
خلفًا للمام مالك ول للموقوف عليه خلفًا للمام أحمد .وإنما ثبت الوقف بشاهد ويمين دون
بقية حقوقه تعالى؛ لن المقصود ريعه وهو حق آدمي كما قال.
رقم الصفحة245 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ولموقوف عليه ريع( وهو فوائد الموقوف الحادثة بعد الوقف ،كأجرة ،وثمرة ،وولد ،ومهر
بوطء أو نكاح فإنها ملك للموقوف عليه يتصرف فيها تصرف الملك؛ لن ذلك هو المقصود من
الوقف ،وعليه زكاتها فيستوفي منافعه بنفسه وبغيره بإعارة أو إجارة إن كان الموقوف عليه
ل امتنع عليه نحو الجارة ،لنه ل يجوز أن يتعاطى ذلك إل الناظر أو نائبه ،وذلك ناظرًا ،وإ ّ
ل فهي موقوفة :كالحمل كسائر الملك والثمرة الموجودة حال الوقف للواقف إن كانت مؤبرة ،وإ ّ
المقارن لحالة الوقف ،وولد المة من شبهة حّر ،فعلى أبـيه قيمته ،ويملكها الموقوف عليه ،ول
ل زوج ،فإن وطئها الواقف أو الموقوف عليه حّدا ،بخلف الموصى له بمنفعتها، يطأ الموقوفة إ ّ
والمزّوج للموقوفة هو الحاكم بإذن الموقوف عليه ،ول يزّوجها له ،ول للواقف ،وولد المحبس في
سبـيل ال وقف كأصله من غير إنشاء وقف ،وهذا إن أطلق أو شرط ذلك للموقوف عليه،
فالموقوفة على ركوب إنسان فوائدها :من لبن ،وصوف ،وشعر ،ووبر للواقف ،ومؤنها عليه
ل الركوب ،فكأنها باقية على ملكه ،ول يملك الموقوف عليه أيضًا ،لنه لم يجعل منها للمستحق إ ّ
قيمة الموقوف إذا أتلفه واقف ،أو أجنبـي ،أو موقوف عليه بالتعّدي ،بل يشتري بها مثله سنًا
وجنسًا وغيرهما ليكون وقفًا مكانه مراعاة لغرض الواقف وبقية البطون ،والمشتري لذلك هو
الحاكم ،وإن كان للوقف ناظر خاص .ثم بعد شرائه ل بّد من إنشاء وقفه .أما ما اشتراه الناظر من
ل :كبناء بـيت للمسجد فالمنشىء لوقفه الناظر .أما ماله أو من ريع الوقف أو يعمره من ذلك مستق ً
إذا لم يتعد الموقوف بإتلف الموقوف عليه ،فل يكون ضامنًا :كما لو وقع منه كوز سبـيل على
حوض فانكسر من غير تقصير.
)ول يباع موقوف وإن خرب( كشجرة جفت ،أو قلعتها نحو ريح ودابة زمنت ،ومسجد انهدم،
وتعذرت إعادته إدامة للوقف في عينه ،ولنه يمكن النتفاع بأرض المسجد :كصلة ،واعتكاف،
وبجذع الشجرة بإجارة وغيرها ،وبلحم الدابة إن أكلت ،ولو ماتت ودبغ جلدها عاد وقفًا .فلو لم
ل باستهلكها بإحراق ونحوه ،صارت ملكًا للموقوف عليه ،لكنها ل يكن النتفاع بجذع الشجرة إ ّ
تباع ،ول توهب ،بل ينتفع بعينها.
والحاصل من هذه المسألة أنه حيث تعذر النتفاع بها من الجهة التي وقفت عليها صارت ملكًا
للموقوف عليه بمعنى أنه ينتفع بها ،كانتفاع الملك بغير البـيع والهبة وإن لم يتعذر النتفاع بها
من الجهة التي قصدت بالوقف ل ينتفع بها الموقوف عليه لنفسه بل ينتفع بها من الجهة المذكورة،
وإن لم يكن على الوجه الكمل ،وهذا بخلف حصر المسجد الموقوفة البالية وجذوعه المنكسرة
أو القريبة النكسار ،فإنه يجوز بـيعهما لئل يضيعا ،ويشتري بثمنهما مثلهما .أما الحصر
الموهوبة للمسجد ،أو المشتراة له من غير وقف لها فتباع جزمًا للحاجة ،وتصرف على مصالح
المسجد ،ول يتعين صرفها في شراء حصر بدلها ،ول يجوز استبدال الموقوف عندنا ،وإن خرب
ل آخر أحسن منه خلفًا للحنفية .وصورته عندهم :أن يكون المحل قد آل إلى السقوط فيبدل بمح ّ
بعد حكم حاكم يرى صحته ،وعمارة الوقف مقدمة على الموقوف عليه ،ويصرف ريع ما وقف
على المسجد وقفًا مطلقًا ،أو على عمارته في بناء ،وتجصيص محكم ،وسلم ،ومكانس ،ومساح
لنقل التراب ،وظلة تمنع إفساد خشب باب ،ونحوه بمطر ونحوه إن لم يضر بالمارة ،وأجرة قيم،
وكذا يصرف ذلك الريع للمؤذن ،والمام والحصر والدهن إذا كان الوقف وقفًا مطلقًا ،ولهل
الوقف المهايأة ،ل قسمته إن حصل بها تغيـير لما كان عليه الوقف ،ول تغيـير هيئته ،كجعل
ل فيجوز تغيـير الوقف بحسبها. البستان دارًا ،عكسه ما لم يشرط الواقف العمل بالمصلحة ،وإ ّ
رقم الصفحة245 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
قال السبكي :يجوز تغيـيره في غير صورة الشرط بثلثة شروط :أن يكون يسيرًا ل يغير مسماه،
وأن ل يزيل شيئًا من عينه ،بل ينقله من جانب إلى آخر .وأن يكون فيه مصلحة للوقف ،فلو أن
شخصًا أراد عمارة جامع خرب بآلة جديدة غير آلته ورأى المصلحة في جعل بابه من محل آخر
غير المحل الول لكونه بجوار من يمنع النتفاع به على الوجه المعتاد جاز له ذلك ،لن فيه
مصلحة :أي مصلحة للجامع والمسلمين ،ولو خربت البلد وكان فيها مسجد وعمر مسجد بمحل
ل فيه أحد.
آخر جاز نقل وقفه للمحل الخر حيث تعذر إجراؤه على المسجد الول ،بأن لم يص ّ
ويجوز هدم جدران المسجد لصابة القبلة ،كما يجوز توسيعه ،فإن المسجد الحرام قد وسع مرارًا.
ل الناظر الخاص أو العام ،أو لينتفع به الموقوف )ولو( كان الوقف للستغلل لم يتصرف فيه إ ّ
ل ليقضي له عليه وأطلق ،أو قال :كيف شاء فله استيفاء المنفعة بنفسه وبغيره ،بأن يركبه الدابة مث ً
عليها حاجة ،ثم إن )شرط واقف نظرًا له( أي الواقف نفسه )أو لغيره اتبع( كسائر شروطه،
وقبول من شرط له النظر ،كقبول الوكيل ل الموقوف عليه إل أن يشرط له شيء من مال الوقف
ل( أي وإن لم يشرطه لحد ،بأن لم يعلم شرطه لحد سواء علم شرطه أو جهل الحال )وإ ّ
)فلقاض( أي فالنظر لقاضي بلد الموقوف بالنسبة لحفظه ونحو إجارته ،ولقاضي بلد الموقوف
عليه بالنسبة لما عدا ذلك نظير مال اليتيم إذ نظره عام فهو أولى من غيره ولو واقفًا موقوفًا عليه،
وإن كان الموقوف عليه شخصًا معينًا ،وشرط الناظر وإن كان هو الواقف العدالة الباطنة ولو
امرأة ،سواء وله الواقف أو الحاكم ،والكفاية لما توله من نظر خاص أو عام ،وهي الهتداء إلى
التصرف المفوض إليه .ووظيفته عند الطلق حفظ الصول والغلت على وجه الحتياط،
والجارة بأجرة المثل ،والعمارة ،وكذا القتراض على الوقف عند الحاجة إن شرطه له الواقف
أو أذن له القاضي ،وتحصيل الغلة ،وقسمتها على مستحقيها ،ويلزمه رعاية زمن عينه الواقف،
ويستحق الناظر ما شرط من الجرة وإن زادت على أجرة مثله ما لم يكن هو الواقف ،فإن لم
يشرط له شيء فل أجرة له.
رقم الصفحة245 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب في القرار
وهو إخبار خاص عن حق سابق للغير على المخبر أو عنده ،فإن كان الخبار له على غيره
فدعوى ،أو لغيره على غيره فشهادة .أما الخبار العام عند أمر محسوس فهو الرواية ،أو عن أمر
ل ففتوى .وأركانه أربعة :مقر ،وصيغة ،ومقر له ،ومقّر به. شرعي ،فإن كان فيه إلزام فحكم ،وإ ّ
الول :المقر .وشرطه :تكليف ،واختيار وعدم الحجر ،فحينئذ )يؤاخذ بإقرار مكلف مختار( غير
محجور عليه ،ولو كافرًا أو فاسقًا وإن أقر بجناية وقعت منه قبل رشده ،وكذا سكران متعّد بسكره
ي ومجنون ومغمى عليه وسكران لم يتعّد ،ومكره أقّر بما أكره، وإن كان غير مكلف ل صبـ ّ
ل في ومفلس أقر بدين غير دين الجناية في حكم غرمائه إن أسند وجوبه بعد أول الحجر ،وسفيه إ ّ
نذر قربة بدنية أو في نفس التدبـير ،بأن قال :قلت لعبدي أنت حر بعد موتي ،وفي وصية ،وحّد،
ح إقرار
وقود ،وطلق ،وخلع ،وظهار ،وإيلء ،ورجعة ،ونفي نسب ،واستلحاق له ،وإنما ص ّ
السفيه بهذه المذكورات ،لنه يصح منه إنشاؤها ويقبل إقرارًا لرقيق بسبب عقوبة :كقود ،وزنا،
وشرب خمر وسرقة بالنسبة للقطع .وأما المال فيثبت في ذمته تالفًا كان أو باقيًا.
الركن الثاني :الصيغة )و( حينئذ )شرط فيه( أي القرار )لفظ( يشعر باللتزام ،وفي معناه الكتابة
ي(مع النية ،وإشارة الخرس ،ثم اللتزام إما بدين أو عين ،فللقرار بالدين صيغ )كـ(ـقوله )عل ّ
لزيد كذا ،أو في ذمتي كذا ،لنه المتبادر من هذين اللفظين عرفًا ،لكنهم قبلوا التفسير في قوله:
ي فقط .وللقرار بالعين صيغ كقوله :لديّ )أو ي بالوديعة ،فلو أراد بهما العين صدق في عل ّ عل ّ
ي للحاضر وعندي له وللغائب ،أو معي لزيد ألف ،فلو اّدعى وديعة وأنها عندي كذا( وقيل :لد ّ
تلفت أو أنه ردها بعد ذلك في زمن يمكن فيه الرد صدق بـيمينه وحمل على الوديعة عند الطلق
لنها أدنى المراتب ،وإن قبل تفسيره بالمغصوبة ونحوها ،وكذا بالدين لنه أغلظ ،وقوله :لزيد
ل فل كذا في قبلي بكسر ففتح صالح للعين والدين ،وقوله :لزيد كذا إقرار ،لكن محله في العين وإ ّ
ي ومعي عشرة فيرجع إليه في ل عليهما كقوله :عل ّي ،فإن أتى بلفظ يد ّبّد أن يضيف إليه نحو عل ّ
تفسير بعض ذلك بالعين وبعضه بالدين )و( كقوله) :نعم( وبلى وأجل وجير وإي بكسر الهمزة
وصدقت بفتح التاء )وأبرأتني( وأبرئني منه )وقضيته( بالضمير ،وكذلك بدونه وأقضى غدًا وأنا
ل ،أو هل مقر به ،ول أنكر ما تدعى به ،وذلك كله )لجواب( من قال له )أليس لي( عليك ألف مث ً
ل )أو( لجواب من قال له )لي عليك كذا( من غير استفهام ول فرق في ذلك بـين لي عليك مائة مثا ً
النحوي وغيره لخفائه على كثير من النحاة ،أو قال في جواب ذلك :أمهلني في ذلك أو حتى أقعد
ل.
أو أفتح الكيس أو أجد المفتاح أو الدراهم مث ً
رقم الصفحة250 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
الركن الثالث :المقّر له .ويشترط فيه تعيـينه بحيث يمكن مطالبته ،وأهلية استحقاق المقر به حساً
وشرعًا ،وعدم تكذيبه المقر في إقراره بأن صدقه أو سكت ،وإل بطل في حقه دون غيره فيص ّ
ح
ح بقوله:
ي كذا ،بخلف قوله لحد أهل هذا البلد ،ويص ّ ل :عل ّ
القرار بقوله لحد هؤلء الثلثة مث ً
ي ،أو عندي بإرث من نحو أبـيه أو ي بسبب هذه الدابة لمالكها كذا ،وبقوله لحمل هند كذا عل ّعل ّ
ي ألف فل وصية له ،بخلف قوله :لهذه الدابة علي كذا وقوله :لمن أعتقه عقب إعتاقه له :عل ّ
يصح لستحالته أو بعد ثبوته.
الركن الرابع :المقّر به )و( شرط )في مقّر به( أن يكون مما تجوز به المطالبة و )أن ل يكون(
ملكًا )لمقر( حقيقة :أي بأن ل يأتي في لفظ القرار بما يدل على أنه ملك للمقر ،فالعبرة في الباطن
بما في نفس المر ،فلو قال :هذه الدار لزيد ولم تكن لزيد لم يصح القرار ،ولو قال :داري التي
ملكتها لزيد وكانت له في نفس المر فهو إقرار صحيح ول يصح القرار بما ل يمكن إنشاؤه
كإقراره بعتق رقيق غيره ،لكن لو أقر بحرية عبد معين في يد غيره أو شهد بها ثم اشتراه لنفسه
أو ملكه بوجه آخر حكم بحريته بعد انقضاء مدة خيار البائع فترفع يد المشتري عنه .أما لو اشتراه
لموكله لم يحكم بحريته ،لن الملك يقع ابتداء للموكل.
)وصح إقرار من مريض( مرض الموت بمال أو غيره )ولو لوارث( حال الموت وإن كذبه بقية
الورثة أو بعضهم ،لن الظاهر أنه محق مع أنه انتهى إلى حالة يصدق فيها الكذوب ويتوب فيها
الفاجر ،ولو أقر في صحته بدين لشخص وفي مرضه بدين لشخص آخر لم يقدم الّول بل
يتساويان ،كما لو أقّر بهما في الصحة أو المرض ،وكذا لو أقّر بدين لشخص وأقر وارثه بعد
موته بدين لخر فل يقدم الّول .أما لو كان القراران بعين ،كأن قال المورث :هذا العبد لزيد،
وقال الوارث بعد موته هذا لخالد وجب عليه تسليم المقر به لزيد ويغرم لخالد قيمته) .و( صح
إقرار )بمجهول( لي شخص كان إجماعًا ابتداء كان أو جوابًا لدعوى لنه إخبار عن حق سابق
ل ،والمراد بالمجهول ما يعم المبهم كأحد العبدين .ويجب على المقر تفسيره، ل ومفص ًفيقع مجم ً
فإن فسره بما يقبل فذاك واضح ،وإل طولب بالبـيان وحبس عليه إن امتنع ،فلو قال :ما يدعيه زيد
في تركتي فهو حق صح القرار وعينه الوارث ،ولو قال له على شيء قبل تفسيره بكل ما يتمّول
ل كحبة حنطة ،وكذا بنجس يحل اقتناؤه: وإن قل ،وكذا بما ل يتمّول إذا كان من جنس ما يتخذ ما ً
ككلب معلم لحراسة أو صيد أو قابل للتعليم ،وميتة لمضطر ،وكل نجس يقتني ،كما يقبل تفسيره
بحق شفعة وحّد قذف ووديعة ،ولو قال له على حق قبل تفسيره بالعيادة ورّد السلم كما
قالهالبغوي خلفًا للقاضي حسين حيث قال ل يصح تفسيره بهما ،كذا في كفاية الخيار ،ولو أقر
بمال مطلق أو مال عظيم أو كبـير أو كثير أو نفيس قبل تفسيره بما قل من المال ،وإن لم يتمّول
كحبة بّر وقمع باذنجانة صالح للكل ،وإل فل يصح لنه ليس بمال ول من جنسه )و( صح إقرار
)نسب ألحقه بنفسه( من غير واسطة :كهذا أبـي وابني بشروط خمسة:
رقم الصفحة250 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
الّول :أن يكون اللحاق )بشرط إمكان( في اللحوق فل يثبت بالستلحاق إل نسب مجهول ممكن
ن يتصور كونه منه وإل لم يلحقه لن كونه ولد المقر بأن يكون غير ممسوح ،وأن يكون في س ّ
الحس يكذبه.
)و( الثاني :أن يكون مصاحبًا مع )تصديق مستلحق( بفتح الحاء وهو المقر به إن كان أهلً
ل حيًا ،فإن كذب المكلف المقر أو قال :ل أعلم أو سكت وأصّر لم للتصديق بأن كان بالغًا عاق ً
ل ببـينة أو يمين مردودة كبقية الحقوق ول يعرض على القائف. يثبت نسبه منه إ ّ
والثالث :أن ل يعلم نسب المستلحق لغير المقر ،فل يثبت بالستلحاق إل نسب مجهول ل معلوم
من فراش نكاح صحيح وإن صدقه المقر به ،لن النسب الثابت من شخص ل ينتقل لغيره ،ول
ح لغير ناف استلحاق منفي عن فراش نكاح صحيح ،فخرج ح استلحاق ولد الزنا ول يص ّ يص ّ
النكاح الفاسد ووطء الشبهة فلغير النافي استلحاق منفي فيهما.
ن الغير ل من لم يرق دون ق ّ والرابع :أن يكون المقر به المستلحق حّرا ل ولء عليه ،فل يستلحق إ ّ
أو عتيقه الصغير أو المجنون مطلقًا ودون المكلف إن كذبه أو سكت محافظة على حق الولء
للسيد ،بخلف المصدق لكن العبد المصدق باق على رقه .إذ ل تنافي بـين النسب والرق.
ل بإقرار مكلف مختار ولو كافرًا والخامس :الذكورة والتكليف والختيار للمقر ،فل يثبت النسب إ ّ
سفيهًا قنًا ،وكذا السكران ذكر ل امرأة خلية أو مزّوجة لمكان إثبات الولدة بالبـينة )ولو أقّر
ل )أو هبة وإقباض( بعد الهبة )فاّدعى فساده لم يقبل( أي بالنسبة لسقوط الحق وإن قال: ببـيع( مث ً
ظننت صحته لن السم عند الطلق يحمل على الصحيح .نعم يقبل مّدعي الفساد لتحليف المقّر
له كما لو أقّر بقبض نحو قرض أو ثمن مبـيع ،فإن نكل عن الحلف حلف المقّر أن ذلك كان فاسداً
وحكم بالفساد وثبت ما اّدعاه لن اليمين المردودة كالقرار ،وخرج بقوله :وإقباض ما لو اقتصر
ل إن كان المقّر به بـيد المقّر
على القرار بالهبة ،فإن القرار بالهبة والملك ليس إقرارًا بالقبض إ ّ
له ،ولو قال :وهبته له وقبضه بغير رضاي صّدق بـيمينه لن الصل عدم الرضا وقبل في
القرار استثناء متصل بالمستثنى منه إن قصده قبل فراغ القرار ولم يستغرق المستثنى المستثنى
منه وسمعه من بقربه ،ولو كان الستثناء من نفي فإنه من النفي إثبات ومن الثبات نفي ،فلو قال
ي عشرة إل تسعة إل ثمانية لزمه تسعة ،إذ المعنى إل تسعة ل تلزمني إل ثمانية تلزمني لزيد :عل ّ
فتضم الثمانية إلى الواحد الباقي من العشرة ،فإن قال :مع ذلك إل سبعة وهكذا إلى الواحد لزمه
خمسة .وطريق ذلك أن تجمع كل مثبت وكل منفي وتسقط هذا من ذاك فالباقي هو الواجب،
فمثبت هذه الصورة ثلثون ،ومنفيها خمسة وعشرون أسقطها منها تبق خمسة.
رقم الصفحة250 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ي عشرة وثلث ما لبكر ولبكر عشرة وثلث ما لزيد فهو إقرار مجهول لن فائدة :لو قال لزيد عل ّ
مجموع المقر به مجهول .فحساب هذه المسألة بطريق العدد :أن تضرب مقام الثلث في مثله وهو
ثلثة في ثلثة وتضرب بسطه في مثله وهو واحد في واحد وتطرح أقل الحاصلين من أكبرهما
فيكون الفضل بـينهما ثمانية وهو المام ثم تزيد على عشرة كل ثلث عشرة الخر فيجتمع ثلثة
ل اصطلحًا فيكون نسبة المام إلى المعدل كنسبة مسطح المقامين وهو عشر وثلث ولنسمه معد ً
تسعة إلى المطلوب فالمجهول الرابع فاضرب المعدل في مسطح المقامين واقسم الحاصل وهو
مائة وعشرون على المام يخرج خمسة عشر ،وذلك جملة ما لكل منهما .وحسابها بالجبر
والمقابلة أن تقول قدر المعطوف على عشرة كل منهما مجهول فتفرضه شيئًا فجملة المقر به كل
منهما عشرة وشيء فثلث ذلك وهو ثلثة وثلث وثلث شيء يعدل الشيء المفروض فاطرح
المشترك يبق ثلثة وثلث تعدل ثلثي شيء فاقسم مبسوط الثلثة والثلث وهو عشرة على مبسوط
الثلثين وهو اثنان يخرج خمسة وهو قدر المعطوف على العشرة فيكون لكل منهما خمسة عشر.
وحسابها بطريق الخطأين أن تفرض لزيد ما شئت فكأنه ثمانية عشر فيكون لبكر ثلثها على
عشرته فيكون جملة ماله ستة عشر ،ويجب أن يكون لزيد مثل ثلثها فيجتمع له خمسة عشر وثلث
وكنا فرضنا له ثمانية عشر فالخطأ باثنين وثلثين وهو بالنقصان فاحفظه ،ثم افرض له عددًا آخر
فكأنه أحد وعشرون ،فإذا حملت ثلثها على عشرة بكر ثم ثلث المجتمع وهو خمسة وثلثان على
عشرة زيد كان له خمسة عشر وثلثان وكنا فرضنا له أحدًا وعشرين فالخطأ بخمسة وثلث وهو
أيضًا بالنقصان فاضرب المفروض الّول في الخطأ الثاني والمفروض الثاني في الخطأ الّول
واقسم الفضل بـين الحاصلين وهو أربعون على الفضل بـين الخطأين وهو اثنان وثلثان يخرج
المطلوب.
رقم الصفحة250 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب في الوصية
وهي لغة :اليصال لن الموصي وصل خير عقباه :أي انتفاعه بالثواب الحاصل بالوصية بالمال،
بخير دنياه :أي نفعه في دنياه بالمال ولنه وصل القربة الواقعة بعد الموت بالقربات المنجزة في
حياته .وشرعًا :تبّرع بحق منسوب استحقاقه وأخذه لما بعد الموت ليس بتدبـير ول تعليق عتق
بصفة غير موت السيد يوجد مع الموت سواء كان نسبته لما بعد الموت حقيقة ،كقوله :أوصيت
لزيد بكذا بعد موتي أو تقديرًا ،كقوله :أوصيت له بكذا فإنه بمنزلة له بعد موتي كذا .والصل
فيهما الكتاب والسنة والجماع ،قال تعالى في أربعة مواضع من القرآن} :من بعد وصية يوصي
بها{ )) (4النساء :الية (11وقال » :المحروم من حرم الوصية من مات على وصية مات على
سبـيل وسنة وتقى وشهادة ،ومات مغفورًا له« .والوصية سنة مؤكدة فيما دون الثلث لغير
الوارث ،وتكره في الزائد وقت الوصية ل وقت الموت ،إذ ل نعلم حال المال وقت الموت،
ويتوقف تنفيذه على إجازة الورثة بعد الموت .أما للوارث فمباحة في الثلث أو غيره ويتوقف على
الجازة مطلقًا ،روى المام أحمد والدارقطني أن رسول ال ،قال» :إن الرجل ليعمل بعمل أهل
الجنة ،فإذا جار في وصيته فيختم له بسوء عمله فيدخل النار ،وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار
سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة« .
واعلم أن صدقة الشخص صحيحًا ثم حيًا أفضل من صدقته مريضًا وبعد الموت ،وينبغي أن ل
يغفل عن الوصية ساعة .قال العلمة الحفني :والذي لم يوص من أبخل البخلء لنه بخل بشيء
يكون بعد موته .وأركان الوصية أربعة :موص ،وموصى له ،وموصى به ،وصيغة ،وشرط في
الموصي تكليف وحرية واختيار ولو كان كافرًا حربـيًا أو غيره وإن استرق بعد الوصية حيث
عتق قبل موته أو محجور سفه كما يقع من الوصية من المرأة للغاسلة بخاتم أو نحوه أو فلس كما
قال )تصح وصية مكلف حّر( مختار ول بد من وجود هذه الوصاف عند الوصية وذلك لصحة
عبارتهم واحتياجهم للثواب الشامل للتخفيف من عذاب غير الكفر في حق الكافر والسكران
كالمكلف وإن لم يكن تميـيز ،فل تصح الوصية من صبـي ومجنون ومغمى عليه ورقيق ولو
مكاتبًا ومكره كسائر العقود لعدم ملك الرقيق أو ضعفه ،وشرط في الموصى له عدم المعصية
وعدم الكراهة في الوصية له بأن تكون الوصية )لجهة حل( سواء كان الموصى له جهة عامة أو
غيرها فل تصح الوصية لكافر بعبد مسلم ومرتّد ومصحف وكتب علم فيها آثار السلف لكونها
معصية إذا بقي الموصى له على الكفر إلى موت الموصي.
رقم الصفحة253 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل للملكثم إن كانت الوصية على غير جهة اشترط في الموصى له أيضًا كونه موجودًا معلومًا أه ً
فل تصح الوصية لحمل سيحدث وإن حدث قبل موت الموصي لنها تمليك وتمليك المعدوم ممتنع
ول تصح لحد هذين الرجلين لن الملك ل يتصور للمبهم ما دام على إبهامه ،ولذلك صح أن
يقول :أعطوا هذا لحد هذين لنه تفويض لغيره ،وهو إنما يعطى معينًا كما صح قوله لوكيله بعه
ل إن فسر الوصية لها ل للملك ول لدابة غير موقوفة لذلك إ ّ
لحدهما ول تصح لميت لنه ليس أه ً
بالصرف في علفها فتصح لن علفها على مالكها فهو المقصود بالوصية فيشترط قبوله ويتعين
الصرف إلى جهة الدابة رعاية لغرض الموصي ،ول يسلم علفها للمالك بل يصرفه الوصي الذي
أقامه الموصي فإن لم يكن فالقاضي ولو بنائبه ،وشمل قوله لجهة حل القربة كعمارة المساجد ولو
من كافر ،وعمارة نحو قبة على قبور النبـياء والعلماء والصالحين لما في ذلك من إحياء الزيارة
والتبّرك بها ،وذلك إذا كان الدفن في مواضع مملوكة لهم أو لمن دفنهم فيها لبناء القبور نفسها
للنهي عنه ول فعل ذلك في المقابر المسبلة فإن فيه تضيـيقًا على المسلمين ،والمباحة كفك أسارى
كفار منا وإن كان الموصي ذميًا وأعطاه غني وكافر ولو حربـيًا ومرتدًا إذا لم يمت على رّدته
وبناء رباط لنزول أهل الذمة أو سكناهم به ما لم يأت بما يدل على أنه للتعبد وحده ،أو مع نزول
المارة فل تصح الوصية حينئذ ،وكما لو أوصى بأن يدفن في بـيته فتصح لن الدفن فيه مباح ليس
بمكروه وتصح الوصية لقاتل بأن يوصي لشخص فيقتله هو أو سيده ولو عمدًا لنها تمليك بعقد
فأشبهت الهبة ل الرث .أما لو أوصى لمن يقتله أو يقتل غيره عدوانًا فل تصح لنها معصية.
)و( تصح )لحمل( حرًا كان أو رقيقًا من زوج أو شبهة أو زنا إن انفصل حيا حياة مستقرة وإل لم
يستحق شيئًا ووجد حال الوصية يقينًا أو ظنًا )و( تصح )لوارث( من ورثة متعددين )مع إجازة(
باقي )ورثته( المطلقين التصرف سواء أزاد على الثلث أم ل ،والعبرة بإرثهم وقت الموت
وبردهم وإجازتهم بعده والحيلة في أخذ الوارث من غير توقف على إجازة من بقية الورثة أن
يوصي لفلن بألف :أي وهو ثلث فأقل إن تبّرع لولد الموصي بخمسمائة أو بألفين ،فإذا قبل وأّدى
للبن ما شرط عليه أخذ الوصية ولم يشارك بقية الورثة البن فيما حصل له ،وشرط في
الموصى به كونه مباحًا يقبل النقل من شخص إلى آخر فتصح بحمل موجود إن انفصل حيًا أو
ميتًا مضمونًا بأن كان ولد أمة وجنى عليه ،بخلف ولد البهيمة إن انفصل ميتًا بجناية فإن الوصية
تبطل ،وما يغرمه الجاني حينئذ مما نقص من قيمة أمه يكون للوارث وبثمر وحمل ولو معدومين
وبمبهم فيرجع في تفسيره للوارث إن لم يبـينه الموصي وبمعجوز عن تسليمه وتسلمه وبنجس
يقتنى ككلب قابل للتعليم وزبل وخمر محترمة وميتة لطعام الجوارح ولو ميتة كلب أو خنزير،
وشرط في الصيغة لفظ إيجاب يشعر بالوصية ،وصريحه حاصل )بأعطوه كذا أو هو له بعد
موتي( في الثنين )وبأوصيت له( بكذا ولو لم يقل بعد موتي لوضعها شرعًا لذلك ،فإن اقتصر
على نحو وهبته له فهبة ناجزة ،أو اقتصر على نحو ادفعوا له كذا من مالي فتوكيل يرتفع بموته
فكل من هذين ل يكون كناية وصية أو اقتصر على قوله :جعلته له احتمل الهبة والوصية ،فإن
ل بطل ،أو اقتصر على قوله :ثلث مالي للفقراء لم يكن إقرارًا بل علمت نيته لحدهما صح وإ ّ
كناية وصية على الراجح ،ومعلوم أن الكناية تفتقر إلى نية.
رقم الصفحة253 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
أما قوله :هو له فقط فإقرار لنه من صرائحه ووجد نفاذًا في موضوعه فل يجعل كناية في غيره
وهو الوصية ،وكذا لو اقتصر على قوله هو صدقة أو وقف على كذا فينجز من حينئذ وإن وقع
جوابًا ممن قيل له :أوص لن وقوعه جوابًا ل يفيد في صرفه عن كونه صدقة أو وقفًا وكنايته
كتابة ولو من ناطق فتنعقد الوصية بها مع النية وقوله :هو له من مالي وعينت له هذا أو عبدي
هذا له ويكتفي هنا في النية باقترانها بجزء من اللفظ بخلف ما في البـيع فل بد من اقترانها بجميع
اللفظ وتلزم الوصية بموت لكن )مع قبول( موصى له )معين( محصور )بعد موت موص( ولو
بتراخ فل يصح القبول قبل الموت وذلك إن تأهل الموصى له للقبول وإل فيشترط القبول من وليه
أو سيده أو ناظر المسجد بخلف نحو الخيل المسبلة بالثغور ل تحتاج لقبول لنها تشبه الجهة
العامة ولو كان الموصى به إعتاقًا كأن قال :أعتقوا عني فلنًا بعد موتي فل حاجة إلى القبول،
بخلف ما إذا أوصى للرقيق برقبته فل بّد منه.
ول يشترط القبول في غير محصور وغير معين كالفقراء والعلوية بل تلزم الوصية بموت
الموصي لتعذر القبول منهم ولو رّدوا لم ترتّد برّدهم ،ويجوز القتصار على ثلثة منهم ،ول
تجب التسوية بـينهم ،بخلف المحصورين فيجب قبولهم واستيعابهم والتسوية بـينهم ،والوصية
بالثلث وقت الوصية خلف الولى ،وينبغي أن ل يوصي بزائد على الثلث سواء كان ورثته فقراء
أو أغنياء ،ولذلك )ل( تصح الوصية )في زائد على ثلث في مرض مخوف( أي يخاف منه الموت
ويموت فيه لن المريض محجور عليه في الزائد ،بخلف ما إذا شفي منه فإنه ينفذ لتبـين عدم
الحجر ،وذلك )إن رّده( أي الزائد )وارث( خاص مطلق التصرف لنه حقه ،فإن كان الوارث
عامًا بطلت الوصية في الزائد ابتداء من غير رّد لن الحق للمسلمين فل مجيز .أما إذا كان
الوارث الخاص غير مطلق التصرف فل يصح رّده ول إجازته بل توقف إلى كماله إن رجى وإل
ل فل ،وعلى كل من اليأس من برئه كجنون مستحكم أيس من برئه بطلت الوصية ظاهرًا وإ ّ
وعدمه فمتى برأ وأجاز بان نفوذها ،وإن أجاز الوارث الخاص المطلق التصرف فإجازته إمضاء
لتصرف الموصي بالزيادة على الثلث لصحته ،وحق الوارث إنما يثبت في ثاني الحال وهو بعد
الجازة ل وقت الموت فأشبه عفو الشفيع من حيث كونه بعد البـيع ل قبله ويعتبر المال ليعلم قدر
الثلث منه وقت الموت ل وقت الوصية وبالموت تلزم من جهة الموصي .فلو قتل فوجبت ديته
بنفس القتل بأن كان خطأ أو شبه عمد ضمت لماله حتى لو أوصى بثلثه أخذ الموصى له ثلث
الدية.
رقم الصفحة253 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
أما لو كان القتل عمدًا يوجب القصاص إذا عفي عنه على مال بعد موته فل يضم إلى التركة لنه
لم يكن مال الموصي وقت الموت ،ولو أوصى برقيق ول رقيق له ثم ملك عند الموت رقيقًا
تعلقت الوصية به ،ولو زاد ماله تعلقت الوصية بذلك الزائد )ويعتبر منه( أي الثلث الذي يوصي
به )عتق علق بالموت( في الصحة أو المرض ولو مع غيره كما لو قال :إن مت ودخلت الدار
فأنت حر .نعم لو قال صحيح لرقيقه أنت حر قبل مرض موتي بـيوم ثم مات من مرض بعد
التعليق بأكثر من يوم أو قبل موتي بشهر ثم مرض دونه ومات بعد أكثر من شهر عتق من رأس
ل وتأجيل ثمن مبـيع المال في الصورتين لن عتقه وقع في الصحة )ووقف( وعارية عين سنة مث ً
كذلك فيعتبر من الثلث أجرة العارية وثمن المبـيع ،وإن باعه بأضعاف ثمن مثله لن تفويت يدهم
كتفويت ملكهم )وهبة( منجزة في مرض الموت وعتق لغير مستولدته إذ هو لها فيه من رأس
المال وإبراء وهبة في صحة وإقباض في مرض حيث اتفق المتهب والوارث على أن القبض وقع
في المرض وإل حلف المتهب أن القبض وقع في الصحة فيكون العتبار من رأس المال.
واعلم أنه إذا ثبت المرض مخوفًا عندنا في زمن المرض ومات به حكم عند الموت بعدم نفوذ
التبرع الزائد على الثلث حينئذ ،فإن برأ نفذ وإن ثبت عندنا في زمن المرض أنه غير مخوف
ل فل ،ولو تصرف في مرض غير فمات فإن حمل على الفجأة حكمنا بعد الموت بنفوذه وإ ّ
مخوف ثم عقبه مرض مخوف ومات به فإن كان المرض الّول مما ل يتولد عنه الثاني عادة نفذ
التصرف فيه وإن كان مما يتولد عنه الثاني عادة لم ينفذ لن الموت منسوب إليه ولو بواسطة كما
قاله عمر البصري .ثم الوصية إن كان مطلوبة حين فعلها إذا عرض للموصى له ما يقتضي أنه
يصرفها في محرم وجب الرجوع أو في مكروه ندب الرجوع أو في طاعة كره الرجوع.
)وتبطل( أي الوصية )برجوع( عن الوصية وعن بعضها ،ويحصل الرجوع )بنحو نقضت(
الوصية كأبطلتها ورجعت فيها ورفعتها ورددتها وأزلتها وفسختها وكلها صرائح كهو حرام على
الموصى له) ،و( بقوله )هذا( أي الموصى به )لوارثي( أو ميراث عني ،وإن لم يقل بعد موتي
لنه ل يكون كذلك إل وقد أبطل الوصية فيه فصار كقوله رددتها )و بـ( ـنحو )بـيع رهن( ولو بل
قبول لظهور صرفه بذلك عن جهة الوصية) ،وعرض عليه( وتوكيل في البـيع وفي العرض
)وغرس( وبناء في أرض سواء أكان ذلك بفعله أم بفعل مأذونه ،بخلف زرعه فيها )وتنفع ميتًا
صدقة( لجله من وارث وغيره .ومنها وقف المصحف وغيره وحفر بئر وغرس شجر ،روى
ل أتى النبـي ،فقال :يا رسول ال إن أمي انفلتت نفسها مسلم عن عائشة رضي ال عنها» :أن رج ً
ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال نعم« اهـ.
رقم الصفحة253 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والتصدق عن الميت بوجه شرعي مطلوب ول يتقيد بكونه في سبعة أيام أو أكثر أو أقل وتقيـيده
ببعض اليام من العوائد فقط كما أفتى بذلك السيد أحمد دحلن ،وقد جرت عادة الناس بالتصدق
عن الميت في ثالث من موته وفي سابع وفي تمام العشرين وفي الربعين وفي المائة ،وبعد ذلك
ل في يوم الموت كما أفاده شيخنا يوسف السنبلويني .أما الطعام الذي يجتمع يفعل كل سنة حو ً
ل فيحرم،عليه الناس ليلة دفن الميت المسمى بالوحشة فهو مكروه ما لم يكن من مال اليتام وإ ّ
كذا في كشف اللثام) .ودعاء( قال النووي في الذكار :أجمع العلماء على أن الدعاء للموات
ل كالغريق المغوث« ينفعهم ويصلهم ثوابه اهـ .روي عن النبـي أنه قال» :ما الميت في قبره إ ّ
بفتح الواو المشددة أي الطالب لن يغاث »ينتظر دعوة تلحقه من ابنه أو أخيه أو صديق له فإذا
ب إليه من الدنيا وما فيها« وأن هدايا الحياء للموات الدعاء والستغفار.لحقته كانت أح ّ
وقالحسين المحلي في كشف اللثام :يحصل ثواب القراءة للميت بمجرد قصده بها وهو مذهب
الئمة الثلثة ،وكذا القراءة بحضرة الميت أو بنية القارىء ثواب قراءته له أو بدعائه له عقب
القراءة .ومنه :اللهم أوصل ثواب ما قرأناه إلى فلن ،ولو قال بعده :ثم إلى أموات المسلمين اهـ.
وقال محمد أبو خضير في نهاية المل :والذي استقر عليه الحال من خلف كبـير أن الميت ينفعه
ما يفعل له من الخيرات بعد موته ،لكن ل بد أن يقصد الفاعل ثواب ذلك للميت أو يدعو له عقب
الفعل بحصول الثواب له أو يكون عند قبره ويحصل لفاعل ذلك ثواب أيضًا ،ولو سقط ثواب
الفاعل لمسقط كأن غلب الباعث الدنيوي كأن كان بأجرة فينبغي أن ل يسقط مثله بالنسبة للميت.
وقال في موضع آخر :يجب اعتقاد أن الدعاء ينفع الحياء والموات إن دعا لهم غيرهم ويضرهم
إن دعا عليهم بحق .وروى الحاكم أنه قال» :ل يغني حذر من قدر ،والدعاء ينفع مما نزل ومما لم
ينزل وإن البلء لينزل ويتلقاه الدعاء فيتعالجان إلى يوم القيامة« .وأجمع على نفعه السلف
والخلف من أهل السنة.
واعلم أن للدعاء شروطًا وآدابًا ،فمن شروطه :أكل الحلل ،وأن يدعو وهو موقن بالجابة ،وأن
ل ،وأن ل يدعو بما فيه إثم أو قطيعة رحم أو إضاعة حقوق المسلمين ،وأن ل ل يكون قلبه غاف ً
يدعو بمحال ولو عادة .ومن آدابه أن يختار الوقات الفاضلة كأن يدعو في السحر وعند الذان
والقامة .ومنها تقديم الوضوء والصلة ،واستقبال القبلة ورفع اليدي جهة السماء وتقديم التوبة
والعتراف بالذنب والخلص ،وافتتاحه بالحمد والصلة على النبـي ،وختمه بهما وجعل
الصلة في وسطه أيضًا ،وقال ابن عطاء ال رحمه ال :للدعاء أركان ،وأجنحة ،وأسباب،
وأوقات ،فإن وافق أركان قوي ،وإن وافق أجنحته طار في السماء ،وإن وافق مواقيته فاز ،وإن
وافق أسبابه نجح .فأركانه :حضور القلب والرقة والستكانة والخضوع وتعلق القلب بال وقطعه
من السباب ،وأجنحته الصدق ،ومواقيته السحار ،وأسبابه الصلة على محمد ،ثم إن الجابة
تتنّوع فتارة يقع المطلوب بعينه على الفور ،وتارة يقع ولكن يتأخر لحكمة ،وتارة تقع الجابة
ل ،وتارة يّدخر بذلك ثوابًا في الخرة.ل أو مآ ً
بغير المطلوب حا ً
رقم الصفحة253 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب الفرائض
أي مسائل قسمة المواريث أي التركات .يبدأ وجوبًا من تركة الميت بحق متعلق بنفس التركة:
كالزكاة والنذر ،وكفارة وحج ،والمرهون ،والجاني المتعلق بذاته مال ،والمبـيع بثمن في الذمة إذا
مات المشتري مفلسًا ،ويقّدم دين ال على دين الدمي ،ثم بكلفة التجهيز للميت ولمن عليه مؤنته
بالمعروف بحسب اليسار والعسار غير زوجة وخادمها فكلفة تجهيزهما على الزوج الغني ،ثم
بالدين المرسل في الذمة لكونها حقًا واجبًا على الميت ،ثم بالوصية من ثلث الباقي بعد الدين ،ثم
بقسمة الباقي من التركة بـين الورثة وهم بالسباب الخاصة قسمان :ذكور وإناث ،فالذكور خمسة
عشر :البن وابنه والب والجّد ،والخ لبوين والخ للب ،والخ للم وابن الخ لبوين وابن
الخ للب ،والعم لبوين والعم للب وابن العم لبوين وابن العم للب ،والزوج وذو الولء.
والناث عشرة :البنت وبنت البن والّم والجدة للم ،والجّدة للب والخت للبوين ،والخت
للب والخت للم والزوجة وذات الولء ،فلو اجتمع الذكور فالوارث أب وابن وزوج ،أو اجتمع
الناث فالوارث بنت وبنت ابن وأم وأخت لبوين وزوجة ،أو اجتمع الممكن اجتماعه من
الصنفين فالوارث أبوان وابن وبنت وأحد زوجين ،فلو لم يستغرق الورثة منهما رّد ما فضل عن
الورثة على ذوي فروض غير زوجين بنسبة فروض من يرّد عليه.
وقال الشيخ عطاء ال :وأصول الرّد اثنان وثلثة وأربعة وخمسة ،لنه إن كان في المسألة
سدسان كجّدة وأخ لم فأصلها اثنان ،وإن كان فيها ثلث وسدس كأم وأخ منها فثلثة ،وإن كان فيها
نصف وسدس كبنت وأم فأربعة ،وإن كان فيها نصف وسدسان كبنت وبنت ابن وأم ،أو نصف
وثلث كأخت لغير أم وأخوين لم فخمسة اهـ.
)الفروض( أي النصباء المحصورة للورثة )في كتاب ال تعالى( ستة :الربع والثلث وضعف كل
ن كل من له شيء من النصباء يأخذه ونصفه وزيد على هذه الستة ثلث ما يبقى ،وليس المراد أ ّ
ن من أخذ بالجماع أو القياس :أحدها )ثلثان( وهو لربع )لثنين( أي لثنتين بنص القرآن لن فيه ّ
متساويتين فأكثر ممن يرث النصف )من بنت وبنت ابن وأخت لبوين و( أخت )لب( قال ال
ن ثلثا ما ترك{ )) (4النساء :الية (11وبنات ن نساء فوق اثنتين فله ّ
تعالى في البنات} :فإن ك ّ
البن كالبنت والبنتان وبنتا البن مقيستان على الختين وقال في الختين فأكثر} :فإن كانتا اثنتين
فلهما الثلثان مما ترك{ )) (4النساء :الية (176نزلت هذه الية في سبع أخوات لجابر بن عبد
ال حين مرض وسأل عن إرثهن منه فدلت هذه الية على أن المراد الختان فأكثر) .وعصب
ل( من الربع )أخ ساوى( له في الدرجة فالبن يعصب البنت وابن البن يصعب بنت البن كً
التي في درجته ،والخ الشقيق يعصب الخت الشقيقة والخ لب يعصب الخت لب ،ثم إن ابن
البن كما يعصب أخته وبنت عمه التي في درجته يعصب بنت ابن فوقه وهي عمته وبنت عّم
ل فل يعصبها كبنت وبنت ابن وابن أبـيه إن لم يكن سدس كبنتين وبنت ابن وابن ابن ابن ابن وإ ّ
ابن لن لها فرضًا استغنت به عن تعصيبه وهو السدس وله الثلث الباقي ،ولو كان في هذا المثال
بنت ابن ابن أيضًا قسم الثلث بـينها وبـين أخيها لن هذه ل شيء لها في السدس الذي هو تكملة
الثلثين فعصبها ،ومعنى تعصيب الخ أخته أن يكون للذكر في التركة مثل حظ النثيـين.
رقم الصفحة257 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
أما تعصيب المساوي للنثى فلقوله تعالى} :يوصيكم ال في أولدكم للذكر مثل حظ النثيـين{ ))
ظ النثيـين{ )) ل ونساء فللذكر مثل ح ّ (4النساء :الية ،(11وقوله تعالى} :وإن كانوا إخوة رجا ً
(4النساء :الية .(176وأما النازل عنها فبالولى لن التي فوقه أقرب من التي في درجته وقد
تعصب الشقيقة والخت للب بالجد لنه بمنزلة أخيها) ،و( عصب )الخريـين( أي الخت
ن الخت تأخذ ما تبقيه البنت الشقيقة والخت لب )الوليان( وهما البنت وبنت البن .والمعنى أ ّ
أو بنت البن فتأخذ الخت الشقيقة أو الخت لب أو الخوات المتساويات بالعصوبة ما فضل من
فرض البنت أو بنت البن وهو النصف إن كانت واحدة والثلثان .إن كانت متعددة والخت الشقيقة
متى صارت عصبة مع الغير صارت بمنزلة الخ الشقيق فتحجب الخوة للب وباقي العصبات،
وما ذكر من أن الخوات مع البنات عصبات هو مذهب الجمهور خلفًا لبن عباس القائل :بأن
البنات أو بنات البن يحجبن الخوات كما قاله البـيلي .
ن( أي للبنت وابن البن والخت الشقيقة والخت لب حيث )و( ثانيها) :نصف( وهو لخمسة )له ّ
ن من الذكور قال تعالى في البنت} :وإن كانت واحدة ن وعمن يعصبه ّ ن )منفردات( عن أخواته ّ كّ
فلها النصف{ )) (4النساء :الية (11وقال في الخت} :وله أخت فلها نصف ما ترك{ ))(4
النساء :الية (176والمراد أخت لغير أم.
)ولزوج ليس لزوجته فرع( وارث من الولد أو ولد البن سواء كان ذكرًا أو أنثى وسواء كان من
ن ولد{ )) (4النساء: الزوج أو من غيره لقوله تعالى} :ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن له ّ
الية (11وولد البن كالولد إجماعًا وقياسًا أو لفظ الولد يشمله بناء على إعمال اللفظ في حقيقته
ي رضي ال عنه :وفقدان الفرع الوارث بأن ل يكون فرع أو كان لكنه ومجازه كما عليه الشافع ّ
غير وارث لقيام مانع أو لكونه ولد بنت.
)و( ثالثها) :ربع( وهو لثنين )له( أي لزوج )معه( أي مع وجود فرع وارث للميت لقوله تعالى:
ن ولد فلكم الربع مما تركن{ )) (4النساء :الية ) (11ولها( أي لزوجة فأكثر )دونه( }فإن كان له ّ
ن الربع مما
أي مع فقدان فرع للزوج سواء كان من تلك الزوجة أو من غيرها لقوله تعالى} :وله ّ
تركتم إن لم يكن لكم ولد{ )) (4النساء :الية .(12
)و( رابعها) :ثمن( وهو )لها( أي لزوجة فأكثر )معه( أي فرع وارث للميت لقوله تعالى} :فإن
ن الثمن مما تركتم{ )النساء) (4الية (12والزوجان يتوارثان في عدة الطلق كان لكم ولد فله ّ
الرجعي وذلك داخل في كلم المصنف.
رقم الصفحة257 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( خامسها) :ثلث( وهو لثنين )لم ليس لميتها( فرع وارث )ول عدد من إخوة( ذكران أو
أنثيان أو خنثيان أو مختلفان من ذلك قال تعالى} :فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلمه الثلث فإن
كان له إخوة فلمه السدس{ )) (4النساء الية (11والمراد بهم اثنان فأكثر هذا إن لم يكن مع الم
أب أو أحد الزوجين وإل فلها ثلث الباقي ،فمسألة زوج وأبوين من ستة ومسألة زوجة وأبوين من
ل ليأخذ الب مثلي ما تأخذه هي على أربعة ،وإنما لم يفرض لها في هاتين المسألتين الثلث كام ً
الصل في اجتماع ذكر وأنثى في درجة ففرضها في الحقيقة في الولى السدس وفي الثانية الربع
لكن أبقى العلماء لفظة الثلث موافقة لقوله تعالى} :وورثه أبواه فلمه الثلث{ )) (4النساء :الية
(11ويعايا بالولى فيقال :أم ورثت السدس وليس لميتها فرع وارث ول ذو إخوة وبالثانية فيقال:
امرأة ورثت الربع بل عول ول رّد ول زوجية وهاتان تلقبان بالغراوين لن هذه المسألة غرت
الم أو لنهما كغرة الفرس في الشهرة ،وبالعمريتين لقضاء عمر رضي ال عنه فيهما بذلك،
وخالف في ذلك ابن عباس حيث يعطي للم ثلث جميع المال ووافقه ابن سيرين ووافقه الجمهور
في مسألة الزوج )ولولديها( أي ولدي أم فأكثر يستوي في ولد الم الذكر والنثى قال تعالى} :وله
أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث{ )) (4النساء:
الية (12والمراد أولد الم بدليل قراءة ابن مسعود وغيره :وله أخ أو أخت من أم ،والقراءة
الشاذة كالخبر على الصحيح المنصوص.
)و( سادسها )سدس( ولو لسبعة )لب وجد لميتهما فرع( وارث قال تعالى} :ولبويه لكل واحد
منهما السدس مما ترك إن كان له ولد{ )) (4النساء :الية (11والجد كالب ،والمراد جدّ لم يدل
ل فل يرث بخصوص القرابة لنه من ذوي الرحام )وأم لميتها ذلك( أي فرع وارث )أو بأنثى وإ ّ
عدد من إخوة( مطلقًا اثنان فأكثر وإن لم يرثا لحجبهما بالشخص دون الوصف كأخ لب مع شقيق
وكأخوين لم مع جّد قال تعالى} :فإن كان له إخوة فلمه السدس{ )) (4النساء :الية (11
والمراد بالخوة الجنس عند الجمهور خلفًا لبن عباس القائل :إن الم ل تحجب عن الثلث إلى
ل الجمع ثلثة ،ولو اجتمع مع الّمل بثلث من الخوة متمسكًا بظاهر هذه الية من أن أق ّ السدس إ ّ
فرع وعدد من الخوة فالظاهر كما قالبن الرفعة وغيره :إن الحاجب هو الفرع لنه أقوى.
رقم الصفحة257 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وجدة( فأكثر لم أو لب سواء كان معها ولد أم ل وسواء كان معها عدد من الخوة أم ل،
ل جّدة أدلت بمحض الناث كأم أم الم ،أو بمحض الذكور كأم أبـي الب، فالوارث من الجّدات ك ّ
أو بمحض الناث إلى الذكور كأم أم الب ،أما المدلية إلى الميت بذكور إلى إناث كأم أبـي الم
فهي الجّدة المحجوبة فل ترث عند الئمة الربعة ،وأما الجّدة الساقطة وهي كما لو مات الميت
عن أم الم وعن أم الب مع وجود الب ،فعند المام مالك وأبـي حنيفة السدس كله لم الم فقط
ول شيء لم الب لحجبها بالب وكذلك عند المام الشافعيّ على الراجح ،ومقابله عند السادة
ن التي من قبل الم لها نصف السدس والنصف الثاني يأخذه الب لنه حجب أمّ نفسه، الشافعية أ ّ
وعند المام أحمد ابن حنبل السدس بـين الجدتين بالسوية لن الب ل يحجب أّم نفسه عنده.
)وبنت ابن فأكثر مع بنت أو( بنت ابن مع )بنت ابن أعلى( لقضائه بالسدس في بنت البن الواحدة
مع بنت رواه البخاري عن ابن مسعود وقيس بها الكثر ،فلو كانت بنت البن مع بنتين فأكثر فل
ل إذا كان معها ابن ابن يعصبها) .وأخت فأكثر لب مع أخت لبوين( قياسًا على التي ترث إ ّ
ل إذا كان معها أخ لب يعصبها، قبلها ،فلو كان مع الخت لب أختان شقيقتان فأكثر فل ترث إ ّ
)وواحد من ولد أّم( ذكرًا كان أو غيره قال تعالى} :وإن كان رجل يورث كللة أو امرأة وله أخ
ل واحد منهما السدس{ )) (4النسا :الية .(12فإن فسر الكللة بالورثة إذا لم يكن أو أخت فلك ّ
فيهم أب فما عل ول ابن فما سفل فقوله تعالى} :كللة{ )) (4النساء :الية (12إما حال من
ضمير يورث فكان ناقصة ويورث خبر أو تامة فيورث صفة وإما خبر فيورث صفة ،والرابط
المستتر فيه ،وحينئذ فهو على تقدير مضاف أي ذا كللة ،وإذا فسر الكللة بالميت الذي لم يترك
ولدًا ول والدًا فكللة أيضًا حال أو خبر ولكن ل يحتاج إلى تقدير مضاف ،وإذا فسر بالقرابة غير
الولد والوالد فهي مفعول لجله كما في مغني اللبـيب.
ثم استطرد المصنف في ذكر فرض الم بعد فرض الزوجين فقال) :وثلث باق لم مع أحد
زوجين وأب( فلهذه المسألة صورتان تلقبان بالغراوين تشبـيهًا لهما بالكوكب الغر لشهرتهما
فيما بـين الفرضيـين ،وتلقبان أيضًا بالعمريتين لنهما رفعتا إلىعمر رضي ال عنه فجعل للم
ثلث ما يبقى بعد فرض الزوجين ،وتلقبان أيضًا بالغريبتين لغرابتهما في المسائل الفرضية
ولمخالفتهما للقواعد الفرضية .فالصورة الولى :زوج وأبوان أصلها من اثنين للزوج واحد يبقى
واحد على ثلثة مخرج الثلث ل ينقسم ول يوافق فيضرب اثنان في ثلثة فالحاصل ستة للزوج
ثلثة وللب اثنان وللم واحد ثلث ما يبقى .والصورة الثانية :زوجة وأبوان أصلها من أربعة
ومنها تصح للزوجة واحد وللم ثلث الباقي وللب الباقي ،وجعل له ضعفاها لن كل أنثى مع
ذكر عن جنسها له مثلها ،فعلم من ذلك المذكور أن الستة في الصورة الولى تصحيح والربعة
في الثانية تأصيل.
رقم الصفحة257 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحجب على نوعين :حجب حرمان وهو منع الرث بالكلية وحجب نقصان وهو منع أوفر
الحظين .وحجب الحرمان على قسمين حجب بالوصف كرقّ وقتل واختلف دين فيدخل على
جميع الورثة ،وحجب بالشخص فل يدخل على ستة البن والبنت والب والم والزوج والزوجة
ل بالشخص ويدخل على كل وارث سواء كان ويدخل على غيرهم ،وحجب النقصان ل يكون إ ّ
يرث بالفرض أو بالتعصيب وهو سبعة أقسام :الول :الحجب من فرض إلى فرض أقل منه
كالزوج والزوجة والم .والثاني :الحجب من تعصيب إلى فرض كحجب الب والجد من الكل
إلى السدس .والثالث :النتقال من فرض إلى تعصيب كالبنات وبنات البن والخوات الشقاء أو
ن .والرابع :النتقال من تعصيب إلى تعصيب مثل الخت الشقيقة ن ذكر يعصبه ّ
للب إذا كان معه ّ
أو للب مع البنت أو بنت البن فإنها انتقلت من التعصيب بالغير إلى التعصيب مع الغير.
والخامس :المزاحمة في الفرض كالزوجة إذا تعّددت والجّدة كذلك والبنات وبنات البن
والخوات الشقاء أو للب أو للم .والسادس :المزاحمة في التعصيب كالبنين وبني البن
والخوة الشقاء أو لب .والسابع :المزاحمة في العول كما في المسألة المنبرية وهي زوجة
وأبوان وبنتان وكل من حجب حرمانًا ،ل يحجب غيره حرمانًا وقد يحجب غيره نقصانًا كالخوة
للم مع الم والجد فإنهم يحجبون الم من الثلث إلى السدس حجب نقصان.
)ويحجب ولد ابن بابن( سواء كان أباه أو عمه )أو ابن ابن أقرب منه و( يحجب )جد( أبو الب
وإن عل )بأب( متوسط بـينه وبـين الميت سواء كان الجّد يرث بالتعصيب وحده كجد فقط أو
بالفرض وحده كجد مع ابن أو بالفرض والتعصيب معًا كجد مع بنت ،فإن الجّد إذا كان معه أب
في حالته الثلث ورث الب وحجب الجّد بالب )و( تحجب )جّدة لم بأم( لنها تدلى بها )و(
ن إرثها بالمومة والم أقرب منها )و( يحجب جّدة )لب بأب( لنها تدلي به )وأم( بالجماع ول ّ
)أخ لبوين( بثلثة )بأب وابن( وابنه وإن نزل إجماعًا ،لن جهة ابن البن مقّدمة على جهة الخ.
)و( يحجب أخ )لب( بخمسة )بهما( أي بأب وابن وبابنة وإن نزل) .وبأخ لبوين( لنه أقوى من
المدلي بأصل واحد وبأخت لبوين معها بنت أو بنت ابن) .و( يحجب أخ )لم( بستة )بأب( وجّد
وإن عل عند الجمهور خلفًا لبن عباس القائل :بأن الخ للم يرث مع وجود الجّد وهو شاذ.
)وفرع( وارث من ابن وابنه وبنت وبنت ابن) .و( يحجب )ابن أخ لبوين( بستة )بأب وجّد( أبـيه
وإن عل )وابن( وابنه وإن نزل )وأخ( لبوين أو لب لنه أقرب منه )و( يحجب ابن أخ )لب(
بسبعة )بهؤلء( الستة )وبابن أخ لبوين( لنه أقوى منه ويحجب ابن ابن أخ لبوين بابن أخ لب
لنه أقرب منه.
رقم الصفحة257 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
واعلم أن ابن الخ وإن نزل ل يعصب بنت الخ التي في درجته ول النثى التي فوقه من بنات
الخ إجماعًا لنهما من ذوي الرحام ،وكذلك ل يعصب ابن الخ من فوقه من الخوات لنه ّ
ن
ن ،بخلف ابن البن فإنه يعصب النثى التي في درجته والنثى التي فوقه مستغنيات بفرضه ّ
لنهما من ذوي السهام ،وهذا هو القريب المبارك وهو من لوله لسقطت النثى التي يعصبها
سواء كان أخاها مطلقًا أو ابن عمها أو أنزل منها .أما القريب المشؤوم فهو الذي لوله لورثت
ل مساويًا لها من أخ مطلقًا أو ابن عم لبنت ابن ،وذلك كما لو هلكت المرأة
النثى ول يكون ذلك إ ّ
عن زوجها وأمها وأبـيها وبنتها وبنت ابنها فهذه خمسة فالمسألة من اثني عشر للزوج الربع وللم
السدس وللب السدس وللبنت النصف ولبنت البن السدس ،فتعول المسألة لخمسة عشر فلو كان
مع بنت البن ابن ابن سقطت هي معه لستغراق الفروض التركة ،وتكون المسألة إذ ذاك عائلة
لثلثة عشر فقط فلوله لورثت فهذا الخ مشؤوم عليها.
ويحجب عم لبوين بأب وجد وابن وابنه ،وأخ لبوين ولب وابن أخ البوين ولب لنه أقرب
منه جهة .ويحجب عم لب بهؤلء الثمانية وعم لبوين لنه أقوى منه ،ويحجب ابن عم لبوين
بهؤلء التسعة وعم لب لنه أقرب منه .ويحجب ابن عم لب بهؤلء العشرة وابن عم لبوين
لنه أقوى منه .ويحجب ابن ابن عم لبوين بابن عم لب .وتحجب بنات ابن بابن أو بنتين إن لم
يعصبن بنحو أخ أو ابن عم ،فإن عصبن به أخذن معه الباقي بعد ثلثي البنتين بالتعصيب .وتحجب
الخوات لب بأختين لبوين ،فإن كان معهن أخ عصبهن وبأخت لبوين معها بنت أو بنت ابن.
ويحجب عصبة ممن حجب باستغراق ذوي فروض للتركة كزوج وأم وأخ منها وعم فالعم
محجوب بالستغراق .ويحجب من له ولء ذكرًا كان أو غيره بعصب نسب لنه أقوى منه.
)وما فضل( عن الفرض من التركة إن كان مع العصبة ذو فرض )أو الكل( أي كل التركة إن لم
يكن معه ذو فرض )لعصبة( وهو من ل مقدر له من الورثة ويسمى بذلك الواحد والجمع والمذكر
ل إذا انقلب من عصوبة إلى فرض كالخ الشقيق في المشركة والمؤنث ويسقط عند الستغراق إ ّ
والخت في الكدرية فل يحجبهما بالستغراق.
رقم الصفحة257 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
فصورة مسألة المشركة :زوج وأم وولدا أم وأخ لبوين فأكثر فإن الفروض فيها تستغرق التركة
للزوج النصف وللم السدس ولولدي الم الثلث فالقياس سقوط الخوة الشقاء لن القاعدة إذا
استغرقت الفروض التركة سقط العاصب وبه قال أبو حنيفة وأحمد ،وروي عن الشافعي عم ً
ل
بالقياس ،والمذهب المعتمد عنه ،وبه قال المام مالك :أن يجعل الشقاء أولد أم لشتراكهم في
الدلء بها وتلغى قرابة الب لئل يسقطوا ويقسم ثلث التركة الذي هو فرض ولدي الم عليهما
وعلى الشقاء على عدد رؤوسهم فيه الذكر والنثى من الفريقين لن أولد الم إذا كان بعضهم
ابن عم تلغى عصوبته ،ويرث بالفرض ،فالخ للبوين أولى ،فلو كان بدل الخ الشقيق أخ لب
سقط ،ولو كان بدل الم جدة لم يختلف الحكم ،ولو كان ولد الم واحدًا لم تكن المسألة مشركة لن
له حينئذ السدس فيبقى للشقيق واحد ،وكذا لو كان بدل الزوج زوجة فل تكون مشتركة لن
للزوجة الربع وللجّدة السدس وللخوة للم الثلث فيبقى للشقيق ثلثة ،ولو كان بدل الشقيق أخت لم
تكن مشتركة لن المسألة تعال لها بمثل النصف فتكون من ستة عالت لتسعة ،ولو تعّددت الخت
ن بمثل الثلثين فصارت عشرة وتسمى مسألة المشركة الشقيقة لم تكن مشتركة لنها تعال له ّ
بالحمارية والحجرية واليمية والمنبرية لما روي أن الخوة للبوين قالوا لعمر :هب أن أبانا كان
ل قربًا ،وروي أنهم قالوا :هب أن أبانا كان حجرًا ملقى في اليم ،ولن عمر حمارًا ما زادنا الب إ ّ
سئل عن هذه المسألة وهو على المنبر ،وبعضهم يلغز بهذه المسألة فيقول :امرأة حبلى رأت قومًا
ل فقالت لهم ل تعجلوا فإني حبلى فإن ولدت أنثى ورثت وإن ولدت ذكرًا فقط أو ذكورًا يقسمون ما ً
وإناثًا لم يرثوا .فالجواب أن القوم الذين يقسمون المال هم الزوج والم والخوة للم وهذه الحبلى
زوجة الب فإن ولدت إناثًا ورثن وإن ولدت ذكورًا فقط أو مع إناث لم يرثوا.
وصورة الكدرية :زوج وأم وجد وأخت لغير أم فالمسألة من ستة فللزوج نصف وللم ثلث
ويفضل سدس ،وكان القياس أن يفرض للجّد وتسقط الخت ،وبذلك قال أبو حنيفة وأحمد وهو
قول أبـي بكر وعلي رضي ال عنهم ،وعند الشافعي ومالك والجمهور يفرض للجّد السدس
الفاضل ويفرض للخت النصف لنها بطلت عصوبتها بالجّد ول حاجب يحجبها فتعول المسألة
بنصفها من ستة إلى تسعة ثم يعود الجّد والخت إلى المقاسمة فينقلبان من الفرض إلى التعصيب
ويقسمان نصيبهما أثلثًا للجّد الثلثان وللخت الثلث وسهامهما أربعة ل تنقسم أثلثًا فتضرب ثلثة
مخرج الثلث في تسعة مبلغ المسألة بعولها فتصح من سبعة وعشرين للزوج تسعة حاصلة من
ضرب ثلثة في مثلها ،وللم ستة حاصلة من ضرب اثنين في ثلثة وللخت أربعة وللجّد ثمانية،
ويعايا بهذه المسألة فيقال هلك هالك وخلف أربعة من الورثة فخص أحدهم ثلث المال والثاني ثلث
الباقي والثالث ثلث باقي الباقي والرابع الباقي ،وسميت هذه المسألة أكدرية لن عبد الملك بن
ل له معرفة بالفرائض يقال له أكدر فأخطأ في هذه المسألة كما قاله ابن حبـيب ،
مروان سأل رج ً
وقيل سميت بذلك لنها كدرت أصل زيد لنه ل يفرض في باب الجد والخوة للخت ول يعيل
وقد فرض لها هنا وأعال ،وقيل إن المرأة الميتة كانت من أكدر ،وقيل إن الزوج كان اسمه أكدر
أو لتكدر أقوال الصحابة أو لن زيد بن ثابت كدر على الخت ميراثها فإنه أعطاها النصف ثم
استرجعه منها واقتسما النصيبـين للذكر مثل حظ النثيـين ،أو لن المسؤول عنها كان يقال له
أكدر أو أبو أكدر.
رقم الصفحة257 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وتلقب هذه المسألة أيضًا بالغراء لظهورها وشهرتها كالكوكب الغر ،إذ ليس في مسائل الجد
والخوة مسألة يفرض فيها للخت سواها أو لن الخت قد غرها الجد فيها ،ولو كان بدل الخت
أخ سقط أو أختان فللم السدس ولهما السدس الباقي فاستوى للجد المقاسمة والسدس ولو كان بدل
الجد أب لكانت إحدى الغراوين وإن لم يكن في هذه المسألة زوج فهي المسماة بالخرقاء فللم
الثلث والباقي بـين الخت والجد يقتسمانه للجد ضعف ما للخت ،فأصل المسألة ثلثة وصحت
من تسعة )وهي( أي العصبة بنفسه لن العصبة إذا أطلق ل ينصرف إل لذلك )ابن فابنه( وإن
ل أنه ليس له مع البنت مثلها لنه ل يعصبها وليس له مع الكثر مثل سفل فابن البن كالبن إ ّ
ل أنه ل يحجب الخوة لبوين أو اثنتين بل له الباقي )فأب فأبوه( وإن عل فالجد أبو الب كالب إ ّ
لب بل يشاركونه.
ثم إذا لم يكن مع الجد والخوة ذو فرض فللجد ثلث حالت :إما أن يقاسم مع الخوة وإما أن
يأخذ ثلث المال وإما أن يستوي الثلث والمقاسمة ،فإذا كان معه إخوة دون مثليه فالمقاسمة أكثر
وذلك في خمس صور :أخ فقط ،أخت فقط أختان ثلثة إخوة أخ وأخت أو أكثر من مثليه فالثلث
خير له ول تنحصر صوره كأخوين وأخت أو كان معه مثله استوى المران وذلك في ثلث
صور :أخوان أربع أخوات أخ وأختان ويعبر الفرضيون فيها بالثلث لنه أسهل ،ووجه اعتبار
الثلث للجد أن له مع الم مثلي مالها غالبًا والخوة ل ينقصونها عن السدس فل ينقصونه عن
ضعفه ،ووجه المقاسمة أن الجد كالخ في إدلئه بالب وإنما أخذ الكثر لنه قد اجتمع فيه جهتا
الفرض والتعصيب فأخذ بأكثرهما ،واختلف في أخذ الجد ثلث جميع المال فقالبن الهائم يأخذ
بالفرض ،وقال الغزالي يأخذه بالتعصيب قال السبكي وهذا هو القرب.
وإذا كان مع الجد والخوة صاحب فرض فله أربع حالت إما أن يتعين له المقاسمة كبنت وجد
وأخ وأخت أو يتعين ثلث الباقي كزوج وأم وجد وأخوين وأخت ،وإما أن يتعين له سدس جميع
المال كبنتين وجد وأخوين ،وإما أن يستوي له المقاسمة بعد الفرض مع ثلث الباقي عن الفرض
ومع السدس كزوج وجد وأخوين .ولمعرفة الكثر من الثلثة ضابط :وهو إن كان الفرض نصفًا
أو أقل فالقسمة أغبط إن كان الخوة دون مثلي الجد وإن زادوا على مثليه فثلث الباقي أغبط وإن
كانوا مثليه استويا وقد تستوي الثلث ،فإن كان الفرض ثلثين فالقسمة أغبط إن كان معه أخت
ل فله السدس ،وإن كان الفرض بـين النصف والثلثين كنصف وثمن فالقسمة أغبط مع أخ أو وإ ّ
ل فيأخذ الجد السدس أخت أو أختين ،فإن زادوا فله السدس وهذا إذا بقي أكثر من السدس وإ ّ
وسقط الخوة .فمثال ما يبقى السدس :بنتان وأم وجد وإخوة .ومثال ما يبقى أقل منه :بنتان وزوج
وجد وإخوة .ومثال ما لم يبق شيء :بنتان وأم زوج وجّد وإخوة فتعّول المسألة الثانية بالسدس
والخيرة بتمامه ويعد أولد البوين على الجد أولد الب في الحساب ،أما أولد الم مع الجد
فمحرومون أبدًا بخلف ولد الب مع ولد البوين فإنه إن كان ولد البوين ذكرًا أو هو وأنثى أو
هي معها بنت سقط ولد الب وإن لم يكن كذلك فتأخذ الشقيقة الواحدة شيئًا منتهيًا إلى النصف
وتأخذ من فوقها إلى الثلثين إن وجد ما يكمل النصف أو الثلثين ويأخذ ولد الب ما فضل عن ذلك
إن كان.
رقم الصفحة257 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
فمثال ما تستكمل النصف :جّد وشقيقة وأخ لب فهذه المسألة من خمسة على عدد الرؤوس للجد
سهمان وللخت سهم ولخ سهمان يرد منهما على الخت تمام النصف وهو سهم ونصف يبقى
في يده نصف سهم فيضرب مخرجه في أصل المسألة تبلغ عشرة ومنها تصح وقس عليه كما قاله
ل عن الكفاية .ومثال ما نقص عن النصف :وهو ما إذا كان مع الخت صاحب فرض الزيادي نق ً
كزوج وجد وأخت شقيقة وأخ لب فللزوج النصف واحد يبقى واحد فالحظ للجد المقاسمة فله
س واحد فتضرب خمسة في اثنين بعشرة للزوج النصف خمسة وللجد اثنان وللخت ثلثة خم ٌ
وهي أقل من النصف كما قاله البجيرمي .ومثال ما نقص عن الثلثين جد وشقيقتان وأخت لب
فالمسألة من خمسة عدد الرؤوس للجد اثنان يبقى للشقيقتين ثلثة وهي دون النصف فيقتصران
عليها وهي ل تنقسم عليهما فتضرب اثنان في خمسة بعشرة للجد أربعة وللخت ستة وهي أقل
من الثلثين .ومثال ما لم يبق شيء عن النصف :جد وأخت لبوين وأخت لب للجد سهمان من
أربعة وللخت سهمان وهما قدر فرضها وترجع بالختصار إلى اثنين وتسقط الخت للب كما
قاله شيخ السلم زكريا النصاري في التحفة النسية.
ومثال ما لم يبق شيء عن الثلثين :جد وشقيقتان وأخ لب فالمسألة من ثلثة إن اعتبرنا الثلث أو
من ستة إن اعتبرنا المقاسمة للجد الثلث والباقي وهو الثلثان للشقيقتين وسقط الخ للب وهذا هو
مذهب الجمهور ،وعن علي وابن مسعود أن الخوة الشقاء ل يعدون الخوة للب على الجد في
القسمة فعلى هذا ل تنقيص لنهم محجوبون بهم كحجبهم عند فقده) .فأخ لبوين و( أخ )لب(
ل أنه يحجب ل أنه ليس له مع الخت لبوين مثلها لنه ل يعصبها وإ ّ فالخ للب كالخ لبوين إ ّ
في المشركة وفي اجتماع الخت الشقيقة مع البنت أو بنت البن وفي اجتماع الزوج مع الخت
الشقيقة فل شيء للخ للب فيما ذكر.
اعلم أن الخوة على ثلثة أصناف :بنو أعيان وبنو علت وبنو أخلط .فبنو العيان :هم الخوة
لبوين وسموا أعيانًا لنهم من عين واحدة وهو أب واحد وأم واحدة .وبنو العلت :هم الخوة
للب فقط لن كل واحدة من الم لم تعل ولد الخرى أي لم تسقه بلبنها .وبنو الخلط :هم الخوة
للم لنهم من أخلط الرجال ل من رجل واحد ،ويقال فيهم بنو الخياف بمعنى الخلط ،وهما
شيء واحد )فبنوهما( أي الخ لبوين والخ لب وإن بعدوا )فعّم لبوين فلب فبنوهما( أي العم
لبوين ولب ثم عم الب ثم بنوه ثم عم الجّد ثم بنوه )فمعتق( إذا فقد العصبة من النسب ذكرًا كان
أو أنثى ول تكون النثى عصبة بنفسها إل المعتقة )فذكور عصبته( أي المعتق من النسب ،لكن
يقّدم هنا أخو معتق لغير أم وابن أخيه كذلك على جّده فمعتق المعتق ،فعصبته من النسب
كالترتيب في عصبة المعتق فإن فقدوا فمعتق معتق المعتق ثم عصبته وهكذا ،ثم بـيت المال فلو
اشترت امرأة أباها وعتق عليها ثم اشترى هو عبدًا وأعتقه فمات الب عنها وعن ابن أو أخ أو
ل دونها لنه عصبة معتق من النسب بنفسه وهي عم ثم مات عتيق الب عنهما فميراثه للبن مث ً
معتقة معتق والّول أقوى ،وتسمى هذه مسألة القضاة لما قيل أنه أخطأ فيها أربعمائة قاض غير
المتفقهة حيث جعلوا الميراث للبنت لقربها.
رقم الصفحة257 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
واعلم أن جهات العصوبة عند الشافعية سبع :البنوة ،ثم البوة ،ثم الجدودة ،ثم الخوة ،ثم
العمومة ،ثم الولء ،ثم بـيت المال ،وعند الحنابلة جهاتها ست بإسقاط بـيت المال ،وعند الحنفية
جهاتها خمس بعّد البوة والجدودة شيئًا واحدًا )فلو اجتمع بنون وبنات أو إخوة وأخوات فالتركة
للذكر مثل حظ النثيـين( قال تعالى} :يوصيكم ال في أولدكم للذكر مثل حظ النثيـين{ ))(4
ل ونساء فللذكر مثل حظ النثيـين{ ))(4 النساء :الية (11وقال تعالى} :وإن كانوا إخوة رجا ً
النساء :الية (176وذلك أن الذكر ذو حاجتين حاجة لنفسه وحاجة لعياله ،وللنثى حاجة واحدة
وهي لنفسها ولن الذكر طلب في الجهاد في سبـيل ال وهو ذباب عنها وقّوام عليها.
وروي أن جعفرًا الصادق سئل عن سبب ذلك فقال :لن حواء أخذت حفنة من الحنطة وأكلتها
وأخذت حفنة أخرى وادخرتها ثم أخذت حفنة أخرى ورفعتها لدم فلما فضلت نفسها نقصت
ل أنها تحجب بالبن لنه أقرب وجرى ذلك في النساء إلى يوم القيامة اهـ .وبنت البن كالبنت إ ّ
ل أنها ل ترث الثلث ول ترث ثلث ما منها وهو عصبة وبالبنتين فأكثر كما مر ،والجدة كالم إ ّ
بقي بل فرضها دائمًا السدس أي ل يسمى ميراث الجدة بثلث الباقي وإن كان مثله في زوج
وولدي أم وجدة والخت لب كالخت الشقيقة إل أنها تحجب بالخ الشقيق لنه أقوى منها فإن
درجتهما واحدة وبالعدد من الخوات الشقاء .والناس في الرث على أربعة أقسام :قسم يرث
ويورث وهو من وجد فيه سبب من أسباب الرث وتوفرت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع.
فأسباب الرث أربعة :الّول :قرابة ناشئة عن الرحم خاصة أو عامة.
والثاني :نكاح وهو عقد الزوجية الصحيح.
والثالث :ولء وهو عصوبة سببها نعمة المعتق.
والرابع :جهة السلم إن انتظم بيت المال .وشروطه أربعة :الّول :تحقق موت المورث حقيقة أو
إلحاقه بالموتى حكمًا أو تقديرًا.
والثاني :تحقق حياة الوارث بعد موت المورث أو إلحاقه بالحياء حكمًا أو تقديرًا.
والثالث :معرفة إدلئه للميت بقرابة أو نكاح أو ولء.
ل :كالبوة أو البنوة وبالدرجة التي اجتمع الميت والرابع :العلم بالجهة المقتضية للرث تفصي ً
والوارث فيها .وموانعه أربعة :الرق والقتل واختلف الدين والدور الحكمي ،وقسم ل يرث ول
يورث :وهو الرقيق .وقسم يورث ول يرث كالمبعض .وقسم يرث ول يورث :وهم النبـياء
عليهم الصلة والسلم لقوله » :نحن معاشر النبـياء ل نورث ما تركناه صدقة« رواه الشيخان.
والحكمة في كونهم ل يورثون خوفًا من تمني الوارث موتهم فيؤدي إلى الكفر والعياذ بال تعالى.
رقم الصفحة257 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وأصل كل فريضة( أي مسألة )فيها نصفان وما بقي اثنان( مخرج النصف وهو من المناصفة
لتناصف القسمين واستوائهما وذلك كزوج وأخت لبوين أو لب وكزوج وأخ لغير أم) .أو ثلثان
ق منوثلث أو ثلثان وما بقي أو ثلث وما بقي ثلثة( مخرج الثلث والثلثين فجميع المخرج مشت ّ
اسم العدد إل النصف فإنه من المناصفة ،فمثال الولى أختان لغير أم وأختان لم ومثال الثانية
بنتان وأخ لغير أم ومثال الثالثة أّم وعّم) .أو ربع وما بقي( كزوجة وعم أو ربع ونصف وما بقي
كزوجة وأخت لغير أم وعم )أربعة( مخرج الربع )أو سدس وما بقي أو سدس وثلث( وما بقي
)أو( سدس )وثلثان( وما بقي )أو( سدس )ونصف( وما بقي أو نصف وثلث وما بقي )ستة(
مخرج السدس .فالولى :أم وابن أو أبوان وابن فأصل الستة تارة يكون من فرض واحد ،وتارة
يكون من أكثر .والثانية :أم وأخوان منها وعم .والثالثة :أم وبنتان وعم .والرابعة :أم وبنت وعم.
والخامسة :زوج وأم وعم )أو ثمن وما بقي أو( ثمن )ونصف وما بقي ثمانية( مخرج الثمن
كزوجة وابن وكزوجة وبنت وأخ لغير أم )أو ربع وسدس( وما بقي أو ربع وثلثان وما بقي )اثنا
عشر( مضروب وفق أحد المخرجين في الخر في مسألة زوجة وأخ لم وفي زوج وأم وابن
ومضروب أحدهما في الخر في مسألة زوجة وأم وعم وفي زوج وبنتين وعم) .أو ثمن وسدس(
وما بقي كزوجة وأم وابن أو ثمن وثلثان وما بقي كزوجة وبنتين ومعتق )أربعة وعشرون(
مضروب وفق أحدهما في الخر في المسألة الولى ومضرب أحدهما في الخر في المسألة
الثانية ،وأصل كل مسألة فيها سدس وثلث ما بقي وباق ثمانية عشر كأم وجّد وإخوة لغير أم،
وأصل كل مسألة فيها ربع وسدس وثلث ما بقي وباق ضعفها كزوجة وأم وجّد وإخوة لغير أم ثم
إن انقسم على كل وارث حظه من أصل مسألته فالمقصود قد تم وذلك كمسألة أم الرامل وهي
جدتان وثلث زوجات وثمان أخوات لغير أم وأربع أخوات لم ،ولقبت هذه المسألة بذلك لكثرة ما
ن أناث ويقال لها أم الفروج بالجيم لنوثة الجميع وتلقبفيها من الرامل وقيل لن الورثة كله ّ
أيضًا بالدينارية الصغرى وبالسبعة عشرية لنه يعايا بها.
رقم الصفحة257 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ويقال لنا :شخص خلف سبع عشرة امرأة من أصناف مختلفة وترك سبعة عشر دينارًا فخص كل
امرأة دينار وإن وقع الكسر على جنس فإن توافق بحظه ضرب وفقه في أصل المسألة بل عول
أو في عوله إن عالت ،مثال ذلك بل عول أم وأربعة أعمام هي من ثلثة للم واحد يبقى اثنان
يوافق عدد العمام بالنصف فيضرب نصفه اثنان في ثلثة فتصح المسألة من ستة ومثاله بالعول
زوج وأبوان وست بنات فالمسألة بعولها من خمسة عشر وتصح من خمسة وأربعين وإن تباين
الجنس بحظه ضرب عدد كل جنس في الصل أو فيه بعوله .مثال ذلك بل عول زوج وأخوان
لب هي من اثنين للزوج واحد يبقى واحد للخوين يباين عددهما فيضرب عددهما في اثنين
فتصح من أربعة .ومثاله بالعول زوج وخمس أخوات لب ،المسألة من ستة وتعول إلى سبعة
وتصح بضرب خمسة في سبعة من خمسة وثلثين وإن وقع الكسر على حيزين فأردد فريقًا وافق
حظه إلى وفقه وأثبته واترك فريقًا مباينًا حظه وأثبته وحصل جزء السهم وهو أقل عدد تصح
قسمته على المثبت واضربه في الصل أو في عوله وذلك :كأم وستة إخوة لم وثنتي عشرة أختًا
لب فالمسألة من ستة وتعول إلى سبعة للخوة سهمان يوافقان عددهم بالنصف فأثبت نصفه ثلثة
ن بالربع فأثبت ربعه ثلثة واضرب أحد الثلثتين وهو جزء السهم وللخوات أربعة يوافق عدده ّ
في سبعة تصح من أحد وعشرين وكجّدتين وثلثة إخوة للم وخمسة أعمام .المسألة من ستة
للجّدتين سهم وللخوة سهمان وللعمام ثلثة وبـين عدد كل حيز وحظه مباينة فأثبت اثنين وثلثة
وخمسة وحصل أقل عدد ينقسم على كل منها يكن ثلثين وهو جزء السهم فاضربه في الستة
فتصح من مائة وثمانين ،وتسمى هذه المسألة بالصماء وهي كل مسألة عمها التباين في النصباء
بعضها مع بعض والصناف بعضها مع بعض وكل صنف مع سهامه ولقبت هذه المسألة بذلك
لتحقق الشّدة فيها بواسطة عموم التباين وكجّدتين وأربعة إخوة لم وستة أعمام فالمسألة من ستة
وحظ الجّدتين يباين عددهما وحظ الخوة يوافق عددهم بالنصف وحظ العمام يوافق عددهم
بالثلث فأثبت اثنين عدد الجّدتين واثنين نصف عدد الخوة واثنين ثلث عدد العمام واضرب أحد
الثنتين وهو جزء السهم في ستة فتصح من اثني عشر ويقاس على هذا المذكور النكسار على
ثلثة فرق كعشر جّدات وخمسة عشر أخًا لم وخمسة وعشرين عمًا فجزء سهم المسألة مائة
وخمسون حاصلة من ضرب خمس الفريق الول في الثاني وخمس حاصل الضرب في الثالث
للتوافق بـين الرؤوس بالخمس ،وتصح من تسعمائة حاصلة من ضرب مائة وخمسين في ستة
فللجّدات العشر السدس واحد في مائة وخمسين لكل واحدة خمسة عشر وللخوة للم الخمسة
عشر الثلث اثنان في مائة وخمسين بثلثمائة لكل واحد عشرون وللعمام الخمسة والعشرين
الباقي وهو ثلثة في مائة وخمسين بأربعمائة وخمسين لكل واحد ثمانية عشر ،ويقاس على ذلك
النكسار على أربعة رؤوس كزوجتين وست جّدات وعشرة إخوة لم وسبعة أعمام وجزء سهم
المسألة مائتان وعشرة لتباين المحفوظات وصحت المسألة من ألفين وخمسمائة وعشرين حاصلة
من ضرب مائتين وعشرة في اثني عشر فللزوجتين الربع ثلثة من اثني عشر مضروبة في
مائتين وعشرين لكل واحدة منهما ثلثمائة وخمسة عشر وللجّدات الست السدس اثنان من اثني
ن سبعون وللخوة للم عشر مضروبـين في مائتين وعشرة بأربعمائة وعشرين لكل واحدة منه ّ
العشرة الثلث أربعة من اثني عشر مضروبة في مائتين وعشرة بثمانمائة وأربعين لكل واحد منهم
أربعة وثمانون وللعمام السبعة ما بقي ثلثة في مائتين وعشرة بستمائة وثلثين لكل واحد منهم
ل.
سبعون ،وإذا جمعت أنصباء الورثة جميعًا وجدته ما صحت منه المسألة كام ً
رقم الصفحة257 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أنا ننظر في سهام كل صنف وعدد رؤوسهم ،فحيث وجدنا الموافقة رددنا الرؤوس إلى
ل وتباينًا ،ول يعتبر بـين ل وتوافقًا وتداخ ً
جزء الوفق إل بقيناها بحالها .ثم في عدد الصناف تماث ً
ل نسبتان التوافق والتباين ،وإنما سقط التماثل لنه ل انكسار فيه والتداخل ل ّ
ن الصنف وحظه إ ّ
الداخل إن كان هو النصف في حظه فل انكسار أيضًا أو بالعكس فداخل في الموافقة ،ولن
ل منه وذلك ممتنع. الكتفاء بالكثر يؤّدي إلى تصحيح المسألة من عدد مع إمكان تصحيحها من أق ّ
واعلم أن الصول قسمان :تاّم وناقص ،فالتاّم هو الذي تساويه أجزاؤه الصحيحة أو تزيد عليه،
والناقص ما عداه فالستة أجزاؤها تساويها ،والثنا عشر والربعة والعشرون أجزاؤهما تزيد
عليهما بخلف المخارج الربعة الباقية .فإن أجزاء كل تنقص عنه ،فالتام هو الذي يعول،
والناقص هو الذي ل يعول) .وتعول( من أصول مسائل الفرائض ثلثة )ستة( فتنتهي بالعول على
التوالي )إلى عشرة( فعولها لسبعة كزوج وأختين لغير أّم فلثمانية كهم وأم فلتسعة كهم وأخت لم
فلعشرة كهم وأخ لم ،وتلقب هذه المسألة بأم الفروخ بالخاء العجمة لكثرة سهامها العائلة تشبـيهًا
بطائر أنثى لها أفراخ ،وبأّم الفروج بالجيم لكثرة الناث فيها ،وبالشريحية لنها وقعت للقاضي
شريح) .واثنا عشر( فتنتهي بالعول ثلث مّرات )إلى سبعة عشر وترًا( فقط فعوله لثلثة عشر
كزوجة وأم وأختين لغير أّم ولخمسة عشر كهم وأخ لّم ولسبعة عشر كهم وأخ لم )وأربعة
وعشرون( فينتهي بعوله بمثل ثمنه فقط )لسبعة وعشرين( وتلقب بالمسألة البخيلة لقلة عولها فإنها
تعول عولة واحدة وذلك كبنتين وأبوين وزوجة وتسمى هذه المسألة بالمنبرية لن عليًا سئل عنها
وهو على منبر الكوفة يخطب ،وكان أّول خطبته :الحمد ل الذي يحكم بالحق قطعًا ويجزي كل
نفس بما تسعى وإليه المآب والرجعى فسئل عنها حينئذ فأجاب على سبـيل الرتجال أي من غير
إمعان للمسائل :صار ثمن المرأة تسعًا ومضى في خطبته.
ح قسمها عليه ،فالمصحح الّول مغن فرع :إذا مات إنسان ثم مات وارث قبل قسمة التركة فإن ص ّ
عن المصحح الثاني :كأن ماتت امرأة عن زوج وأّم وعّم فمات الزوج عن ثلثة بنين فالمسألة
الولى من ستة والثانية من ثلثة ،وحظ ميتها من الولى ثلثة منقسمة على مسألته فتص ّ
ح
ظ ميتهاح قسمها عليه ضرب في الولى مسألة ثانية إن يباينها ح ّ المسألتان من ستة ،وإن لم يص ّ
ظ الزوج ح المسألتان مثال المباينة زوج وأّم وعّم مات الزوج عن خمسة بنين :فح ّأو وفقها ،فتص ّ
من الولى ثلثة تباين مسألته وهي خمسة ،فاضرب الثانية في الولى فتصحان من ثلثين ،فمن
له شيء من الولى ضرب في الثانية وهو خمسة ،ومن له شيء من الثانية ضرب في سهم مورثه
وهو ثلثة.
رقم الصفحة257 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ومثال الموافقة زوج وأّم وعّم مات الزوج عن ستة بنين فحظه من الولى يوافق مسألته وهي ستة
بالثلث ،فاضرب ثلثها في الولى فتصحان من اثني عشر ،فمن له شيء من الولى ضرب في
وفق الثانية وهو اثنان ،ومن له شيء من الثانية ضرب في وفق سهام مورثه وهو واحد ،فإن مات
ثالث أو أكثر فاجعل ما عدا المصحح الخير كأنه المصحح الّول ،واجعل مصحح الخيرة كأنه
الثاني فاعمل كما مّر ،ففي زوجة وثلثة بنين وثلث بنات منها ثم مات ابن عن الباقي ،ثم بنت
كذلك فالمسألة الولى من اثنين وسبعين ،للبن منها أربعة عشر توافق مسألته ،وهو اثنان
وأربعون بنصف سبع فتصح المسألتان من مائتين وستة عشر ،فمن له شيء من الولى ضرب
ل من في وفق الثانية ثلثة أو من الثانية ففي وفق سهام مورثه ،وحينئذ فللم أربعة وثلثون ،ولك ّ
ل بنت ستة وعشرون وترجعان بالختصار إلى مائة وثمانية البنين الحيـين اثنان وخمسون ،ولك ّ
ل بنت ثلثة عشر تباين مسألة ل ابن ستة وعشرون ،ولك ّ للتوافق بالنصف ،فللّم سبعة عشر ،ولك ّ
البنت الميتة وهي ستة وثلثون ،فتصح المسألت الثلث من ثلثة آلف وثمانمائة وثمانين ،فمن
له شيء من الوليـين ضرب في ستة وثلثين أو من الثالثة ففي ثلثة عشر ،فللّم ستمائة
ل من البنتين خمسمائة وثلثة وثلثون. ل من البنين ألف وستة وستون ،ولك ّ وتسعون ،ولك ّ
ل وارث من المسألة إليها وتأخذ من وكيفية قسمة التركات لها طرق :منها أن تنسب سهام ك ّ
التركة بتلك النسبة ،فالمأخوذ حصته ،فلو مات شخص عن زوجة وأّم وعّم وترك مائة دينار
فالمسألة من اثني عشر :للزوج ثلثة ،وللّم أربعة ،وللعّم خمسة ،فنسبة ثلثة الزوجة إلى المسألة
ربعها فخذ لها ربع المائة ،وهي خمسة وعشرون ،ونسبة أربعة الّم إلى المسألة ثلثها فلها ثلث
المائة ثلثة وثلثون وثلث ،ونسبة خمسة العّم ربع وسدس فله ربع المائة خمسة وعشرون،
وسدسها ستة عشر وثلثان ،وهذه الطريقة أسهل الطرق وأعمها ،لنها تأتي في المعدود
والموزون والمكيل.
فصل في الوديعة
أركان اليداع أربعة :وديعة ،وصيغة .ومودع ،ووديع )وشرط في المودع والوديع ما في موكل
ي شخصًا ووكيل( فل يودع محرم صيدًا ول كافر مسلمًا ول نحو مصحف ولو أودع نحو صبـ ّ
ل ضمن ما أخذه منه عند تلفه أو إتلفه قصر أم ل ضمان الغصوب .نعم إن أخذه منه لرغبة كام ً
ثواب الخرة خوفًا على تلفه في يده أو أتلفه مودعه لم يضمنه وفي عكس ذلك بأن أودع كامل
ي إنما يضمن بإتلف منه .أما لو أودعه ناقص مثله فإنه يضمن بمجّرد الستيلء التاّم، نحو صبـ ّ
وشرط في العين المودعة كونها محترمة ولو نجسًا ككلب ينفع أو حبة بّر وإن لم تضمن بالتلف
)و( شرط )في الصيغة لفظ من أحد الجانبـين وفعل من الخر( أو لفظ منهما معًا ،وهو إما صريح
)كأودعتك هذا أو استحفظتكه أو( كناية مع النية )كخذه والوديعة أصلها أمانة( وقد تضمن الوديعة
بعوارض عشرة نظمها الدميري بقوله:
رقم الصفحة257 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
عوارض التضمين عشر ودعها
وسفر ونقلها وجحدها
وترك إيصاء ودفع مهلك
ومنع رّدها وتضيـيع حكى
والنتفاع وكذا المخالفه
في حفظها إن لم يزد من خالفه
فصل في اللقطة
وهي )على أربعة أقسام( :أحدها )ما يبقى على الدوام فيعّرفه وجوبًا سنة( سواء أراد التملك أو
قصد بأخذه الحفظ ،ويتأكد التعريف )على أبواب المساجد( عند خروجهم من الجماعات )وفي
الموضع الذي وجدها فيه والسواق( ومجامع الناس في بلد اللتقاط وما قرب منه )فإن لم يجد
صاحبه( بعد أن عرفه بقصد التملك )جاز له أن يتملكه باللفظ( لختيار قصد التملك )كأن يقول:
تملكت هذا( ويصير ضامنًا له ،فإن جاء صاحبه وهو باق ولم يتعلق به حق لزم تعين رّده إليه.
)و( ثانيها )ما ل يبقى على الدوام( كالطعام الرطب )فالملتقط مخير فيه بـين أكله بعد تملكه في
الحال وغرم قيمته لمالكه أو بـيعه وحفظ ثمنه ،ثم يعرفه ليتملك ثمنه( سواء وجده في مفازة أو
عمران ،وعلى جواز الكل يجب التعريف في العمران دون المفازة لعدم فائدته فيها.
)و( ثالثها )ما يبقى بعلج( كالرطب الذي يجفف )فيفعل الملتقط ما فيه المصلحة من بـيعه كله
ل به أو تجفيفه وحفظه إن تبّرع به الواجد أو غيره(
وحفظ ثمنه بإذن الحاكم إن وجده وإل استق ّ
لنه مال الغير فروعي فيه المصلحة ،فإن لم يوجد من يتبّرع بتجفيفه بـيع بعضه لتجفيف الباقي.
)و( رابعها )ما يحتاج إلى نفقة عليه( كالحيوان )وهو( على قسمين :أحدهما )حيوان ل يمتنع
بنفسه من صغار السباع( إما لضعفه كالغنم ،أو لصغره كصغار البقر )فالواجد مخير إن كان في
البادية بـين أكله في الحال متملكًا له ،وغرم ثمنه لمالكه عند ظهوره( ول يجب التعريف بعد
ل إن
الكل عند المام )أو تركه من غير بـيع ،والتطّوع بالنفاق عليه ،أو بـيعه في الحال( استقل ً
لم يجد حاكمًا أو بإذن الحاكم إن وجده )وحفظ ثمنه على صاحبه( ويعّرفه سنة ثم يتملك الثمن لنه
إذا لم يفعل ذلك ذهبت قيمته في نفقته فيضّر بمالكه ،وخرج بالبادية غيرها من بلد وقرية وما
ظ قياسًا
قرب منهما فل يأكله لتيسر البـيع فيه وتخيـيره ،بـين ما ذكر ليس تشهيًا بل عليه فعل الح ّ
على ما ل يمكن تجفيفه.
ثانيهما :حيوان يمتنع بنفسه مما ذكر إما بقّوته كالبقر والخيل ،وإما بسرعته في العدو كالرنب،
وإما بطيرانه كالحمام ،فإن كان في البادية لم يجز له في زمن المن التقاطه للتملك ،وذلك لمكان
عيشه في البّر بل راع ،وإن وجده في الحضر فهو مخير بـين الشيئين المتقّدمين لنه ل يجوز
أكله إذا كان في الحاضرة ،وإذا تملك الملتقط اللقطة ولم يظهر لها صاحب فل شيء عليه بل هو
كسب من أكسابه ،فل مطالبة عليه في الخرة ،وكذا في النهاية شرح أبـي شجاع.
رقم الصفحة257 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب النكاح
هو عقد يتضمن إباحة وطء بلفظ النكاح والتزويج :أي ما اشتقّ منهما ل بغيره فليس لنا عقد
ص بحروف مخصوصة إل الكتابة والسلم والنكاح ،وهو حقيقة في العقد مجاز في الوطء يخت ّ
لصحة نفي النكاح عن الوطء.
ل بالعبادة )قادر(
ن( أي النكاح بمعنى التزّوج )لتائق( له بتوقانه للوطء ولو خصيًا أو مشتغ ً
)س ّ
على أهبة النكاح من مهر مثل وكسوة فصل التمكين ونفقة يومه وليلته ،وحيث ندب كره تركه،
ويجب بالنذر ل بخوف الزنا ،فإن لم يقدر على ذلك فالولى له تركه ويكسر شهوته بالصوم ندبًا،
فإن لم تنكسر بالصوم حرم كسرها بنحو كافور بل يتزّوج فإن أضعف الشهوة ولم يذهبها كره،
س شيء منهما ،وهي من الحّرة ل( من الرجل والمرأة )الخر غير عورة( بل م ّ ن )نظر ك ّ)و( س ّ
غير الوجه والكفين من رؤوس الصابع إلى الكوع ظهرًا وبطنًا لدللة الوجه على الجمال
ق ما عدا ما بـين سّرتها وركبتها وامرأة إذا رغبت في والكفين على خصب البدن ،وممن فيها ر ّ
نكاح رجل تنظر منه إلى غير عورته فإنه يعجبها منه ما يعجبه منها ،ووقت النظر بعد العزم
على نكاحها وقبل الخطبة ،لقوله للمغيرة وقد عزم على خطبة امرأة» :انظر إليها فإنه أحرى من
أن يؤدم بـينكما« .رواه الترمذي والحاكم :أي تدوم الموّدة ،ولقوله » :إذا ألقى ال في قلب
امرىء خطبة امرأة فل بأس أن ينظر إليها« .رواه أبو داود وغيره ،فإن لم يتيسر ذلك النظر
بعث امرأة تتأملها وتصفها له ،لنه عليه الصلة والسلم بعث أّم سليم إلى امرأة وقال» :انظري
إلى عرقوبها وشمي معاطفها« .
ي أو نائبه والزوج
ن )خطبة( بضّم الخاء )له( أي للنكاح عند إرادة التلفظ بالعقد سواء الول ّ )و( س ّ
أو نائبه ،وأجنبـي كأن يقول :الحمد ل ،نحمده ونستعينه ،ونستغفره ونعوذ بال من شرور أنفسنا
ل له ،ومن يضلل ال فل هادي له .وأشهد أن ل إله إل ال وسيئات أعمالنا ،من يهده ال فل مض ّ
ن محمدًا عبده ورسوله ،أرسله بالحقّ بشيرًا ونذيرًا بـين يدي الساعة ،من وحده ل شريك له ،وأ ّ
يطع ال ورسوله فقد رشد ،ومن يعصهما فإنه ل يضّر ال شيئًا ، ،وعلى آله وأصحابه}يا أيها
ن إل وأنتم مسلمون{ )) (3آل عمران :الية } (102يا ق تقاته ول تموت ّ
الذين آمنوا اتقوا ال ح ّ
أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ــــ إلى قوله ــــ رقيبا{ )) (4النساء :الية (1
ل سديدًا ــــ إلى قوله ــــ عظيمًا{ )) (33الحزاب :الية}يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وقولوا قو ً
.(70
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن المور كلها بـيد ال ،يقضي فيها ما يشاء ويحكم ما يريد ،ل مؤخر لما قّدم ،ول مقّدم أما بعد :فإ ّ
ن مما قضى ال تعالى لما أخر ،ول يجتمع اثنان ول يفترقان إل بقضاء وقدر وكتاب قد سبق ،وإ ّ
وقّدر :أنه قد خطب فلن بن فلن فلنة بنت فلن على صداق كذا .أقول قولي هذا ،وأستغفر ال
ي فقط قبل العقد :زّوجتك على ما أمر ال تعالى به :من ب قول الول ّلي ولكم أجمعين .ويستح ّ
ن الدعاء للزوج ممن حضر سواء إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ثم يذكر اليجاب ثانيًا ،ويس ّ
ي وغيره عقب العقد بقوله :بارك ال لك ،وبارك عليك ،وجمع بـينكما في خير وينبغي أن من الول ّ
لم يحضر العقد يندب له ذلك إذا لقي الزوج ،وإن طال الزمن ما لم تنتف نسبة القول إلى التهنئة
ل واحد منكما في صاحبه ،وجمع ل واحد من الزوجين :بارك ال لك ّ ب أن يقال لك ّ
عرفًا ،ويستح ّ
ل منا فيبـينكما في خير ،ويستحب للزوج الخذ بناصية زوجته أّول لقياها ،ويقول :بارك ال لك ّ
صاحبه ،ثم إذا أراد الجماع تغطيًا بثوب وقّدم قبله التنظيف والتطيب والتقبـيل ونحوه مما ينشط
ل منهما وإن أيس من الولد :بسم ال ،اللهّم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما ب قول ك ّ
له ،ويستح ّ
ن له أثرًا بـينًا في صلح رزقتنا ،وليتحّر استحضار ذلك القول بصدق في قلبه عند النزال فإ ّ
الولد وغيره ،ويكره أن يتكلم أحدهما في أثنائه بما ل يتعلق به ل بما يتوقف عليه مقصوده من
الجماع :كأن يطلب منها أن تكون على صفة يتمكن معها من تمام مراده في الوطء.
)ودينة( بحيث توجد فيها صفة العدالة ل العفة عن الزنا فقط) ،ونسيبة( أي معروفة الصل طيبة
لنسبتها إلى العلماء والصلحاء )وجميلة( بأن يوجد فيها وصف قائم بالذات مستحسن عند ذوي
الطباع السليمة) .و( قرابة )بعيدة( وهي أن ل تكون في أّول درجات الخؤولة والعمومة )وبكر(
بالغة وافرة العقل حسنة الخلق خفيفة المهر) .وولود( ويعرف في البكر بأقاربها )أولى( من
ل من بكر لم يتزّوج قط .نعم ل بالندب ،فيندب أن ل يزّوج بنته البكر إ ّل مما ذكر مستق ّغيرها ،وك ّ
ن ،ويكره نكاح الثيب أولى للعاجز عن الفتضاض ،ولمن عنده عيال يحتاج إلى كاملة تقوم عليه ّ
بنت الزنا والفاسق ولقيطة ومن ل يعرف أبوها ،ويكره نكاح ذات الجمال المفرط لنها ما سلمت
من فتنة أو تطلع فاجر إليها أو تقّوله عليها ،ويكره نكاح القرابة القريبة ،وهي من في أّول درجات
ل ،لن نحافة الولد الناشئة غالبًا عن الستحياء من القرابة القريبة معنى ظاهرالنساء اللتي تح ّ
ل للكراهة ،ولو تعارضت تلك الصفات فالولى تقديم ذات الدين مطلقًا :أي سواء كانت يصلح أص ً
جميلة أم ل ،ثم العقل وحسن الخلق ،ثم النسب ،ثم البكارة ،ثم الولدة ،ثم الجمال ،ثم ما المصلحة
ن أن يتزّوج في شّوال وفي صفر ،لن رسول ال تزّوج عائشة فيه أظهر بحسب اجتهاده .ويس ّ
رضي ال عنها في شّوال ،وزّوج ابنته فاطمة عليًا في شهر صفر على رأس اثني عشر شهرًا من
الهجرة ،وأن يعقد في المسجد ،وأن يكون العقد مع جمع وأّول النهار ويوم الجمعة.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ي ،وشاهدان( عّدهما ركنًا واحدًا لعدم اختصاص )أركانه( أي النكاح خمسة )زوجة ،وزوج ،وول ّ
ل منهما ما ل يعتبر في الخر أحدهما بشرط دون الخر ،بخلف الزوجين فإنه يعتبر في ك ّ
ل .قال عمر )وصيغة ،وشرط فيها( أي الصيغة )إيجاب :كزّوجتك أو أنكحتك( موليتي فلنة مث ً
البصري :حيث تقّرر أن أنكحك لغة ،فالظاهر أنه يصح العقد بها حتى من غير أهلها وإن كان
عارفًا بالصل قادرًا عليه انتهى .فل بّد من عائد على المنكوحة من نحو اسم أو ضمير أو إشارة،
ق من التزويج أو النكاح فيصح نحو :أنا مزّوجك إلى آخره ،لخبر ول يصح النكاح إل بلفظ مشت ّ
ن بكلمة ال« وكلمته ن بأمانة ال ،واستحللتم فروجه ّ مسلم» :اتقوا ال في النساء فإنكم أخذتموه ّ
تعالى ما ورد في كتابه من نحو قوله تعالى} :فانكحوا ما طاب لكم من النساء{ )) (4النساء :الية
.(3وقوله تعالى} :فلما قضى زيد منها وطرًا زّوجناكها{ )) (33الحزاب :الية (37فلم يصح
النكاح بنحو :لفظ إباحة ،وتمليك ،وهبة )وقبول متصل به( أي اليجاب )كتزّوجتها أو نكحتها أو
قبلت أو رضيت( أو أحببت أو أردت )نكاحها( بمعنى إنكاحها فهو مصدر مضاف لمفعوله ،أو
قبلت تزويجها ،أو قبلت النكاح أو التزويج بخلف قبلتها وقبلته بضمير يرجع إلى المنكوحة
وبضمير يرجع إلى النكاح فإنه ل يكفي ،وقبلت فقط من غير ذكر نكاحها أو تزويجها ،ول يضر
ح العقد. اختلف اليجاب والقبول في الصيغة فإذا قال زّوجتك فقال قبلت نكاحها أو العكس ص ّ
ح( أي عقد النكاح )بترجمة( للفظ تزويج إو إنكاح بسائر اللغات ،وإن أحسن قائلها العربـية )وص ّ
اعتبارًا بالمعنى وذلك بشرط أن يفهم معناها العاقدان والشاهدان ،وأن يعّدها أهل تلك اللغة
ل فل، ح وإ ّصريحة في لغتهم ،وقيل ل يصح اعتبارًا باللفظ الوارد وقيل إن عجز عن العربـية ص ّ
ح النكاح بتقّدم قبول على إيجاب لحصول المقصود ،وذلك كأن يقول الزوج :قبلت نكاح فلنة وص ّ
ي أنكحتكها ،ويقول الزوج زوجني فلنة مع قول الخر عقبه زوجتك ،ويقول الول ّ
ي فيقول الول ّ
ل على الرضا ،ويشترط تزّوج بنتي فلنة مع قول الزوج عقبه تزّوجتها لوجود الطلب الجازم الدا ّ
لصحة النكاح ذكر الزوجة من الجانبـين باسمها صريحًا أو بهاء الضمير واسم إشارة لها أو
قصدها ،ويلغى السم إذا عارضه القصد أو الوصف نحو زينب الكبـيرة وكان قصده الصغيرة.
)ل( يصح النكاح )مع تعليق( فلو بشر شخص بولد ذكر فقال إن كان أنثى فقد زوجتكها فقبل
وبانت أنثى لم يصح النكاح بخلف ما لو بشر بأنثى فقال إن صدق المخبر فقد زّوجتكها فإنه
ن لفظ إن للتعليق، ل فل يصح ل ّ يصح لن إن بمعنى إذ فليس بتعليق إذا تيقن صدق المخبر ،وإ ّ
ن صدق المخبر فقال إن صدق المخبر فقد ومثل ذلك ما لو أخبر شخص بموت زوجته وظ ّ
ح العقد إذا علم أنها موليته ل ّ
ن تزّوجت بنتك ،ولو قال :إن كانت فلنة موليتي فقد زوجتكها ص ّ
ح أيضًا إذا لم يرد التعليق ولو كانت المرأة ذلك ليس بتعليق حينئذ ،ولو قال :زّوجتك إن شئت ص ّ
ن إن في ح العقد ل ّي :زّوجتك بنتي إن كانت حية لم يص ّ غابت وتحّدث بموتها ولم يثبت فقال الول ّ
ن الشك منع من حملها على معنى إذ وأوجب استعمالها للتعليق هذا التركيب ليست بمعنى إذ ل ّ
)وتوقيت( سواء كان بمّدة معلومة كسنة أو مجهولة كمّدة عمره أو عمرها أو مّدة ل تبقى الدنيا
ن العبرة بصيغ العقود ل بمعانيها.إليها ل ّ
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وقد صرح الصحاب في البـيع بأنه إذا قال بعتك هذا حياتك لم يصح البـيع ،فالنكاح أولى ومحلّ
عدم صحة التأقيت إذا وقع في صلب العقد ،أما إذا توافقا عليه قبل وتركاه فيه فإنه ل يضر لكن
ينبغي كراهته كالمحلل وذلك للنهي عن نكاح المتعة وهو النكاح إلى أجل مسمى بذلك لن
الغرض من النكاح مجرد التمتع أي التنعم والتلذذ دون التوالد والتوارث .وكان التوقيت جائزًا في
صدر السلم رخصة للمضطر كأكل كل الميتة لكثرة الرجال وقلة النساء اللتي أسلمن ،ثم حرم
عام خيبر ،ثم جاز عام الفتح وقبل حجة الوداع ،ثم حرم أبدًا وكذا لحوم الحمر الهلية حرمت
مرتين وكذا القبلة والخمر والوضوء مما مسته النار ،وقد نظم الجلل السيوطي ذلك فقال:
وأربع تكرر النسخ لها
جاءت بها الخبار والثار
فقبلة ومتعة وخمرة
كذا الوضو مما تمس النار
ل والخر )و( شرط )في الزوجة خلو من نكاح( فلو أذنت المرأة لوليـين فأنكحها أحدهما رج ً
ل آخر فإن وقع نكاحهما معًا أو جهل السبق والمعية أو عرف سبق أحدهما ولم يتعين وأيس رج ً
من تعينه فالنكاحان باطلن بخلف ما إذا أذنت لحدهما فيتعين الصحة له ،فإذا زّوج الخر لم
يصح ،وإن عرف عين السابق ببـينة أو تصادق معتبر ولم ينس فهو الصحيح فإن نسي وجب
التوقف حتى يتبـين فل يجوز لواحد منهما وطؤها ،ول يجوز لثالث نكاحها قبل أن يطلقاها أو
يموتا أو يطلق أحدهما ويموت الخر ،وتنقضي عّدتها ممن دخل بها أو مات عنها) ،و( من
)عّدة( من غيره فل يصح نكاح المعتّدة من غيره لتعلق حق الغير بها بخلف المعتدة من الناكح
ن الماء له سواء كانت العّدة عن وفاة مطلقًا أو عن طلق بعد الدخول أو عن وطء شبهة كأن لّ
ظنها أمته ،ول يصح نكاح المشكوكة في انقضاء العّدة ونكاح المرتابة في وجود الحمل قبل
انقضاء عّدتها فلو نكحها رجل بعد انقضاء عّدتها والريبة التي وجدت في العّدة موجودة حالة
العقد ،ثم بان أنه ل حمل فالنكاح باطل بخلف ما لو نكحت بعد العّدة وليس هناك ريبة ،ثم طرأت
فالنكاح صحيح وكذا لو انقضت ول ريبة ،ثم طرأت ،ثم نكحت فإنه صحيح أيضًا فمتى وقعت
ن الصبر عن النكاح لتزول الريبة بعد العّدة فل يضر سواء وقعت قبل النكاح أو بعده لكن يس ّ
الريبة.
ل فل يصح نكاح المحرمة بنسك ولو بـين التحللين ولو نكح من ظنها )و( شرط في الزوجة ح ّ
محرمة فبان أن ل إحرام فالنكاح باطل للترّدد في الحل و )تعيـين( فل يصح نكاح إحدى امرأتين
للبهام ،ويكفي التعيـين بوصف أو رؤية أو نحوهما كقوله :زوجتك بنتي وليس له غيرها أو بنتي
التي في الدار ،وليس فيها غيرها أو هذه وإن سماها بغير اسمها في الكل وكقوله زوجتك هذا
ن البنتية صفة لزمة مميزة فاعتبرت ولغا السم. ل على الشارة ،ول ّ الغلم ،وأشار لبنته تعوي ً
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن العقد
فرع :سئل الزيادي عن رجل خطب امرأة وعقد ثم أتي له بامرأة غير المخطوبة فأجاب بأ ّ
باطل لنه لم يقع معها اهـ) .وعدم محرمية( فلو نكح من ظنها محرمًا ،ثم بان أن ل محرمية،
ن حياته فبان ميتًا حيث صح البـيع بالحتياطل يظ ّ
فالنكاح باطل وفارق ما لو باع مال أبـيه مث ً
للبضاع وبأن الشك في ذلك شك في الولية وهنا شك في المعقود عليه الذي هو الزوجة وهو
أشّد في الحتياط بخلف ما لو زوجت زوجة المفقود قبل ثبوت موته أو طلقه فبان ميتًا قبل
تزّوجها بمقدار العّدة حيث صح التزوج لخلوه عن الموانع في الواقع فإنها لم تخاطب بعّدة ظاهرة
ن العبرة في العقود بما في الظاهر ونفس المر حتى يستصحب بقاؤها فاعتبر ما في نفس المر ل ّ
معًا.وللمحرمية ثلثة أسباب وهي) :بنسب( وفي ضابطه عبارتان إحداهما يحرم على الرجل
أصوله وفصوله وفصول أّول أصوله وأّول فصل من كل أصل غير الفصل الّول فالصول
المهات والفصول البنات وفصول أّول الصول الخوات وبنات الخ وبنات الخت.
ن أول فصل من الصل الّول وأّول فصل من كل أصل غير الصل الّول العمات والخالت فإ ّ
هم الخوة والخوات وأولدهم فغير الصل هو الصل الثاني وما بعده ،وهم الجداد والجّدات
ن أولد العمات والخالت ،وهذه العبارة وإن علوا ،وخرج بأّول فصل ثاني فصل ل يحرمن وه ّ
لبـي إسحاق السفرايني :ثانيتهما لتلميذه أبـي منصور البغدادي ،وهي ليجازها اختارها
المصنف فقال) :فيحرم( بالنسب )نساء قرابة غير( من دخلت تحت )ولد عمومة و( ولد )خؤولة(
والمعتمد عند الرملي أنه يجوز للدمي نكاح الجنية وعكسه ،ويجوز وطؤها إن غلب على ظنه
ل ،وثبتت أحكام النكاح للنسي منهما فينتقض وضوؤه أنها زوجته ولو على صورة حمار مث ً
بمسها ويجب عليه الغسل بوطئها وغير ذلك.
)أو رضاع فيحرم به من يحرم بنسب( لقوله » :حرموا من الرضاعة ما يحرم من النسب«
فمرضعتك ومن أرضعتها أو ولدتها أو ولدت أبا من رضاع أو أرضعته أو أرضعت من ولدك
بواسطة أو بغيرها أّم رضاع ،والمرتضعة بلبنك ولبن فروعك نسبًا أو رضاعًا وبنتها كذلك وإن
سفلت بنت رضاع ،والمرتضعة بلبن أحد أبويك نسبًا أو رضاعًا أخت رضاع ،وكذا مولودة أحد
أبويك رضاعًا ،وبنت ولد المرضعة أو الفحل نسبًا أو رضاعًا وإن سفلت ،ومن أرضعتها أختك
أو ارتضعت بلبن أخيك وبنتها نسبًا أو رضاعًا وإن سفلت وبنت ولد أرضعته أمك أو ارتضع
بلبن أبـيك نسبًا أو رضاعًا وإن سفلت بنت أخي رضاع أو بنت أخت رضاع ،وأخت الفحل أو
أبـيه أو أبـي المرضعة بواسطة أو بغيرها نسبًا أو رضاعًا عمة رضاع ،وأخت المرضعة وأمها
أو أّم الفحل بواسطة أو بغيرها نسبًا أو رضاعًا خالة رضاع ول تحرم في الرضاع أربعة ،وقد
نظمها المدابغي فقال:
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وكل من وطىء في الحياة امرأة بملك اليمين حرم عليه أمهاتها وبناتها وحرمت هي على آبائه
تحريمًا مؤبدًا بالجماع وكذا الموطوءة الحية بشبهة كأن ظنها زوجته أو أمته ووطئها أو وطىء
المة المشتركة بـينه وبـين غيره أو أمة فرعه أو وطىء امرأة بنكاح على طريقة من يعتد بخلفه
كحنفي من غير تقليد له فيحرم عليه أمهاتها وبناتها وتحرم هي على آبائه وأبنائه لن الوطء بملك
اليمين نازل منزلة الوطء بعقد النكاح والوطء بشبهة إن كانت منه وحده توجب نسبًا وعدة ل
مهرًا إذ ل مهر لبغي أو كانت منها وحدها توجب المهر فقط دون النسب والعدة أو كانت منهما
توجب الجميع ول يثبت بالشبهة مطلقًا محرمية ،فل يحل لبـي الواطىء وابنه نظر ولمس ول
خلوة أما المرأة المزني بها فل يثبت بزناها حرمة المصاهرة فللزاني نكاح أم من زنى بها وبنتها،
ولبنه وأبـيه نكاحها هي وبنتها لن الزنا ل يثبت نسبًا ول عدة.
فرع :لو اختلطت محرم بنسب أو رضاع أو مصاهرة أو محرمة بسبب آخر كلعان أو توثن بنسوة
ن ولو قدر بسهولة على متيقنة الحل رخصة له من ال تعالى أو غير محصورات نكح إن أراد منه ّ
ن .نعم لو تيقن صفة بمحرمة كسواد نكح غير ذوات السواد مطلقًا بمحصورات لم ينكح واحدة منه ّ
أي انحصرن أو ل واجتنبت ذوات السواد إن انحصرن ثم ما عسر عّده بمجرد النظر غير
محصور وما سهل محصور وابتداء غير محصور خمسمائة والمائتان فأقل محصورات وما
بـينهما مشكوك فيلحق بالمحصورات ،ولو اختلطت زوجته بأجنبـيات امتنع وطء واحدة منه ّ
ن
مطلقًا أي محصورات أم ل ولو باجتهاد لن الوطء إنما يباح بالعقد دون الجتهاد ،ول يحل لمسلم
نكاح كافرة إل كتابـية خالصة ذمية كانت أو حربـية فيحل نكاحها مع الكراهة .والكتابـية يهودية
أو نصرانية متمسكة بالتوراة أو النجيل دون سائر الكتب ومحل الكراهة إن لم يخش العنت ولم
ل فلن له ذلك ،ومحل ذلك أيضًا أن يجد مسلمة صالحة للتمتع وإ ّ يرج إسلمها فإن رجى س ّ
كراهة بل هي أولى من مسلمة زانية ثم الكتابـية على نوعين :إسرائيلية نسبة إلى إسرائيل وهو
ل نكاح السرائيلية أن ل يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلم ،وغير إسرائيلية وشرط ح ّ
يعلم دخول أّول جّد يمكن انتسابها إليه ولو انتسابًا لغويًا في ذلك الدين بعد بعثة تنسخه كبعثة
موسى فإنها ناسخة لما قبلها وبعثة عيسى ناسخة لبعثة موسى وبعثة نبـينا ناسخة لهما سواء علم
دخوله فيه قبل بعثة تنسخه أم شك ،وسواء علم دخوله فيه بعد تحريفه أو بعد بعثة ل تنسخه كبعثة
ل نكاح غير السرائيلية أن يعلم دخول أّول جّد يمكن انتسابها إليه ولو من سيدنا يوشع ،وشرط ح ّ
جهة الم في ذلك الدين قبل بعثة تنسخه ولو بعد تبديله أن تجنبوا المبدل أما لو علم دخوله فيه بعد
نسخه أو شك في دخوله قبل النسخ وبعده أو علم دخوله قبله ولم يتجنبوا المبدل فل تحل لمسلم.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل واختيار وعلم بحل المرأة له فل يصح نكاح محرم ولو بوكيله ول )و( شرط )في الزوج( ح ّ
مكره بغير حق ،أما إذا كان الكراه بحق كأن أكره على نكاح المظلومة في القسم فيصح بأن
ظلمها هو فيتعين عليه نكاحها ليبـيت عندها ما فاتها ول نكاح من شك في حلها كالخنثى أو
المعتّدة ،و )تعيـين( فل يصح نكاح غير معين كقول الولي زوجت بنتي أحدكما وإن نواه وقبل
لنه يعتبر من الزوج القبول فل بد من تعيـينه ليقع الشهاد على قبوله الموافق لليجاب) ،عدم
محرمية( بنسب أو رضاع )للمخطوبة( كائنة )تحته( أي الزوج فيحرم ابتداء ودوامًا جمع امرأتين
بـينهما نسب أو رضاع لو فرضت إحداهما ذكرًا حرم تناكحهما كامرأة وأختها أو خالتها بواسطة
أو بغيرها ،فإن جمع بـين أختين بعقد واحد بطل الناكحان أو بعقدين مرتبًا وعرفت السابقة ولم
تنس بطل الثاني إن صح الّول لن الجمع حصل به ومن حرم جمعهما كأختين بنكاح حرم
جمعهما في الوطء بملك ويحل لحر أربع فقط ولغيره ثنتان فقط فإن زاد من ذكر في عقد واحد
بطل العقد في الجميع أو في عقدين فكما مّر وتحل أخت ونحوها وزائدة في عدة بائن لنها أجنبـية
ل في رجعية ومتخلفة عن السلم ومرتدة بعد وطء وقبل انقضاء العدة لنها في حكم الزوجة.
)و( شرط )في الشاهدين أهلية شهادة( وهي حرية كاملة فيهما وذكورة محققة وكونهما إنسيـين
وعدالة وسمع وبصر ونطق وعدم حجر سفه وانتفاء حرفه دنيئة تخل بمروءته وعدم اختلل
ضبط لغفلة أو نسيان ومعرفة لسان المتعاقدين ،فل يكفي إخبار ثقة بمعناه بعد تمام الصيغة،
)وعدم تعينهما( أو تعين أحدهما )للولية( فل يصح النكاح بحضرة من انتفى فيه شرط من ذلك
ل إن بانا ذكرين فيصح أو جنيـين إل إن علمت كأن عقد بحضرة عبدين أو امرأتين أو خنثيـين إ ّ
ل إن كان العاقد أخرس وله إشارة يفهمها عدالتهما الظاهرة أو فاسقين أو غير مكلفين أو أصمين إ ّ
ل أو أعميـين أو من كانا كل أحد فل يشترط في الشاهدين السمع لن المشهود عليه الن ليس قو ً
في ظلمة شديدة لعدم علمهما بالموجب والقابل ،فلو سمعا اليجاب والقبول من غير رؤية للموجب
والقابل ولكن جزمًا في أنفسهما بأن الموجب والقابل فلن وفلن لم يكف ذلك لذلك أو أخرسين أو
محجور عليهما بسفه أو عادمين لمروءة أو مغفلين ول بحضرة متعين للولية ،فلو وكل الب أو
ي عاقد فل يكون شاهدًا الخ المنفرد في النكاح وحضر مع شاهد آخر لم يصح النكاح لنه ول ّ
كالزوج ،ولو شهد وليان كأخوين من ثلثة إخوة والعاقد غيرهما من بقية الولياء صح النكاح إن
كانت المرأة أذنت له في تزويجها ،أما إن خصت الذن بالخوين الخرين وأذنت لهما في توكيل
ل يصير مزوجًا بل إذن وهو من شاء فوكل الثالث فل يصح لنه لصرف العقد عن كونه وكي ً
ل فل يص ّ
ح باطل ،ومحل الصحة أيضًا إن كان التزيج من كفء ،إذ ل يشترط حينئذ إذن الباقي وإ ّ
ن رضاها ن إشهاد على رضا المرأة البالغة ولو مجبرة ،وإنما لم يشترط ل ّ لشتراط إذنهم ،ويس ّ
ليس من نفس النكاح المعتبر فيه الشهاد ،وإنما هو شرط فيه ،ورضاها الكافي في العقد يحصل
بإذنها أو بإخبار من يصّدق قوله في القلب ولو فاسقًا أو صبـيًا أو بإخبار وليها مع تصديق الزوج
ي.ي حاكمًا كما أفتى به القاضي والبغو ّن الول ّ
أو عكسه .ولو كا ّ
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ح( النكاح ولو كان العاقد حاكمًا )بمستوري عدالة( وهما من ل يعرف لهما مفسق على ما )وص ّ
اعتمده جمع وهذا صادق بمن لم يعرف له فسق ول طاعة أو من عرف ظاهرهما بالعدالة بأن
ي لجريانه بـين أوساط الناس عرفت بالمخالطة ،ولم يزكيا عند الحاكم على ما اعتمده النوو ّ
ق ،والمعتمدوالعوام ،فلو كلفوا بمعرفة العدالة الباطنة ليحضر المتصف بها لطال المر عليهم وش ّ
الكتفاء بالعدالة الظاهرة مطلقًا حتى بالنسبة للحاكم كما قاله الزيادي وبطل الستر بتجريح عدل،
ي مّدة الستبراء ويلزم التفريق بـين الزوجين ولم يلحق الفاسق إذا تاب بالمستور فل بّد من مض ّ
ح النكاح بمستوري إسلم أو حرية أو بلوغ ن استتابة المستور عند العقد ،ول يص ّ
وهو سنة ،ويس ّ
ل إن بانكأن وجد لقيط ولم يعرف حاله إسلمًا ول رقًا ول بلوغًا فل ينعقد النكاح بشهادته إ ّ
ح ،ويعتد قول الشاهد إنه مسلم أو حر أو بالغ.الشاهدان مسلمين حرين بالغين فيص ّ
)وبان بطلنه( أي النكاح في حق الزوجين )بحجة( من بـينة أو علم حاكم )فيه( أي النكاح )أو
بإقرار الزوجين بما يمنع صحته( أي النكاح كفسق الشاهد ووقوع النكاح في الرّدة ،وإنما يتبـين
الفسق أو غيره بعلم الحاكم حيث ساغ له الحكم بعلمه بأن كان مجتهدًا فيلزمه التفريق بـين
الزوجين ،وإن لم يترافعا إليه ما لم يحكم حاكم يراه بصحته ،وذلك إذا تبـّين عند العقد أو قبل
ي زمن الستبراء في الشاهد بخلف ما إذا تبـّين قبل العقد وحال لحتمال حدوث ذلك المانع، مض ّ
ثم محل بطلن النكاح باتفاق الزوجين إنما هو فيما يتعلق بحقهما دون حق ال تعالى ،فلو طلقها
ثلثًا ثم توافقا وأقاما أو أقام الزوج بـينة بفساد النكاح لم يلتفت لذلك بالنسبة لسقوط التحليل لنه
حق ال تعالى فل يرتفع بذلك ،ول يؤثر في إبطال النكاح إقرار الشاهدين بما يمنع صحته فل
ل ثم ماتت وورثاها يقبل قولهما على الزوجين ،نعم له أثر في حقهما فلو حضرا عقد أختهما مث ً
سقط المهر قبل الوطء وفسد المسمى بعده فيجب مهر المثل إن لم يكن أكثر من المسمى ،ولو أقر
الزوج بما يمنع صحة النكاح فسخ مؤاخذة له بقوله ،وهذه الفرقة ل تنقص عدد الطلق وعليه
ل فنصفه ول يرثها وورثته لكن بعد حلفها وجوبًا إنه عقد بعدلين ،أما لو المهر إن دخل بها وإ ّ
ي أو شاهد فل يفرق بـينهما ،لكن لو مات لم ترثه ،وإن ماتت أو طلقها قبل أقرت الزوجة بخلل ول ّ
ن الشهاد على رضا المرأة ل المرين من المسمى ومهر المثل ،ويس ّ وطء فل مهر أو بعده فلها أق ّ
بالنكاح سواء كانت غير مجبرة أو مجبرة بالغة ورضاها الكافي في العقد يحصل بإذنها أو بإخبار
من يصّدق قوله في القلب ولو فاسقًا أو صبـيًا أو بإخبار وليها مع تصديق الزوج أو عكسه.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وحلفت( امرأة )مّدعية محرمية لم ترضه( أي الزوج أي فتصّدق تلك المرأة بـيمينها إن زّوجت
بغير إذنها بأن كانت مجبرة أو بإذن مطلق من غير تعيـين زوج ما لم تمكنه من نفسها بالوطء
مختارة ،ولها مهر مثل إن وطئها الرجل ولم تكن عالمة مختارة حينئذ وإل فزانية ،وإن لم يطأها
فل شيء لها لتبـين فساد النكاح) ،وحلف( أي رجل مدعي محرمية أو منكر لها )لراضية( بأن
زّوجت منه برضاها به بأن عينته في إذنها أو مكنته من نفسها ،فإن )اعتذرت( أي الراضية في
ي عدالة( المراد بهال فل) ،و( شرط )في الول ّ الذن أو التمكين بنسيان أو غلط سمعت للعذر وإ ّ
عدم الفسق حالة العقد )وحرية( كاملة )وتكليف( ورشد ،وهو صلح الدين والمال فل ولية
ل لن الشرط عدم الفسق ل لفاسق غير المام العظم ،ولو تاب الفاسق توبة صحيحة زّوج حا ً
ي في الحال أن العدالة ،وبـينهما واسطة ،ولذا زوج المستور الظاهر العدالة ،والمراد بتوبة الول ّ
ل ،وإن لم يوجد منه رّد ول قضاء يعزم عزمًا مصممًا على رّد المظالم وعلى قضاء الصلوات مث ً
ي كشهادة زور بالفعل بخلف الشاهد فل بّد أن يمضي بعد توبته سنة إذا كان فسقه بمحذور فعل ّ
وقذف إيذاء ،ول ولية لرقيق.
ل في نعم لو ملك المبعض أمة زوجها لنه يزّوج بالملك ل بالولية ،ويجوز كون الرقيق وكي ً
ي ومجنون فيزّوج البعد زمن الجنون فقط ،ول تنتظر إفاقته. القبول ل اليجاب ،ول ولية لصبـ ّ
ل جّدا كيوم في سنة انتظرت كالغماء ،ويشترط بعد إفاقته صفاؤه من آثار خبل يحمله نعم لو ق ّ
ل نظر بهرم أو غفلة ،وكثرة أسقام شغلته عن اختبار على حّدة في الخلق ،ول ولية على مخت ّ
الكفاء ،ول على محجور عليه بسفه لبلوغه غير رشيد مطلقًا أو بتبذيره في ماله بعد رشده
وحجر عليه.
)وينقل ضّد كل( من المذكورات )ولية لبعد( ل لحاكم ولو في باب الولء ،فلو أعتق أمة ومات
ي في التزويج)أب فأبوه( وإن عل عن ابن صغير وأب زوج الب ل الحاكم )وهو( أي الول ّ
)فيزّوجان بكرًا أو ثيبًا بل وطء( كمن زالت بكارتها بسقوط من علو ،أو خلقت بل بكارة كبـيرة
كانت أو صغيرة عاقلة أو مجنونة )بغير إذنها( بشروط لصحة ذلك التزويج ،ولجواز القدام
ل مهر مثلها بأن يكون في ملكه ذلك لذلك ،فأما الشرط للصحة فهو أن يزّوجها )لكفء( موسر بحا ّ
نقدًا كان أو غيره سواء دخل في ملكه بقرض إذ ذاك أو بغيره فالمدار على كونه في ملكه عند
العقد ،وأن يزّوجها مع عدم عداوة بـينها وبـينه ل ظاهرة ول خفية ،وعدم عداوة ظاهرة بـينها
ل بإذنها.
ل فل يزّوجها إ ّوبـين الب وهي بحيث ل تخفى على أهل محلتها ،وإ ّ
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ح ،وتخلل وعلم بما ذكر أنها لو أذنت له ثّم خرجت لغير محل وليته ،ثّم عادت ثّم زوجها ص ّ
الخروج منها أو منه غير مبطل للذن ،وولية القاضي تشمل بلد ناحيته وقراها وما بـينها من
البساتين والمزارع والبادية وغيرها ،فيزّوج القاضي )بكفء بالغة عدم وليها( بأن لم يوجد الول ّ
ي
ي القرب نسبًا أو ولء )مرحلتين( وليس له الخاص بنسب أو ولء بالمرة )أو غاب( أي الول ّ
ل قّدم على القاضي خلفًا البلقيني ،فإذا تبـّين كونه دون مسافة وكيل حاضر في التزويج وإ ّ
القصر حالة العقد ببـينة أو بحلفه لم يصح تزويج القاضي) .أو( غاب دون مرحلتين وقد )تعذر
ي القرب )لخوف( في الطريق أو مشقة ل تحتمل عادة وتصدق المرأة وصول إليه( أي الول ّ
بـيمينها في غيبة وليها وخلوها من الموانع ،ويستحب طلب بـينة منها بذلك .وإن لم تقم بـينة
ي القرب بأن انقطع خبره بحيث ل يعلم موته ول حياته ،ولم ينته فيحلفها وجوبًا )أو فقد( أي الول ّ
ي أي منع )مكلفة( ولو سفيهة )دعت إلى كفء(، إلى مّدة يحكم فيها بموته )أو عضل( أي الول ّ
وإن كان منعه لنقص المهر بخلف ما لو دعت إلى غير الكفء ،ول بد من ثبوت العضل عند
الحاكم ليزّوج ،ومن خطبة الكفء لها ومن تعيـينها له ولو بالنوع بأن خطبها أكفاء ودعت إلى
ل تزويج القاضي بالعضل إذا لم يتكرر فإن تكرر ثلثًا ولم تغلب طاعاته على أحدهم ،ومح ّ
معاصيه في ذلك اليوم عددًا صار كبـيرة يفسق بها العاضل فيزوج البعد وإل فالولية للقاضي،
وإن تكرر العضل ألف مرة ،والمراد بالثلث الثلث بالنسبة لعرض الحاكم ولو في نكاح واحد،
ي أو تعزز أو توارى أو ول يشترط أن تكون في ثلثة أنكحة ،ويزّوج القاضي أيضًا إذا أحرم الول ّ
ي في درجته كما لو كان لها حبس ،وقد منع وصول الناس إليه أو تزّوج بموليته ،ولم يكن لها ول ّ
ابن عم شقيق وابن عّم لب ،وأراد ابن العم الشقيق أن يتزّوجها فل يصح أن يزّوج نفسه من
نفسه ،ول يصح أن يزّوجها له ابن العم للب لحجبه به بخلف العكس ،أو جنت بالغة فقدت
المجبر.
ل ليعقد
)ثم محكم عدل( قال الشرقاوي :فإن فقد الحاكم جاز للزوجين أن يوليا أمرهما حرًا عد ً
لهما وإن لم يكن مجتهدًا ولو مع وجود مجتهد ،بخلف ما إذا وجد الحاكم ولو حاكم ضرورة فإنه
ل يجوز لهما أن يوليا أمرهما إل مجتهدًا ،ول فرق في ذلك بـين الحضر والسفر .نعم لو كان
القاضي يأخذ دراهم لها مقدار عظيم ل تحتمل عادة النسبة للزوجين جاز لهما تولية أمرهما حرًا
ل مع وجود القاضي ،فعلم أنه ل يجوز للمرأة أن توكل مطلقًا. عد ً
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن طلب بـينة منها بذلك وإل فيحلفها )ولقاض تزويج من قالت أنا خلية من نكاح وعّدة( ويس ّ
ل ذلك )ما لم يعرف( أي القاضي وجوبًا ،فإن ألحت في الطلب بل بـينة ول يمين أجيبت ،ومح ّ
)لها زوجًا معينًا )وإل شرط( في حصة تزويج الحاكم لها )إثبات لفراقه( سواء أحضر أم غاب،
وإن كان القياس قبول قولها في المعين أيضًا حتى عند القاضي لن العبرة في العقود بقول أربابها
ي الخاص فإذا قالت المرأة له :زوجني فإن زوجي طلقني أو مات فالنكاح يحتاط له أكثر ،أما الول ّ
وانقضت عّدتي زوجها مع تعيـين الزوج إذا صّدقها.
)ولمجبر( لموليته )توكيل في تزويج موليته بغير إذنها( كما له تزويجها بغير إذنها .نعم يندب
للوكيل استئذانها ويكفي سكوتها )و( يجب )على وكيل رعاية حظ( عند الطلق فل يزوج غير
كفء )ولغيره( أي المجبر كالب في الثيب توكيل )بعد إذن( منها )له( أي غير المجبر )فيه( أي
التزويج بأن قالت له :زّوجني وأطلقت فلم تأمره بتوكيل ول نهته عنه أو قالت له :وكل فإن نهته
ي للزوج :زوجتك بنت فلن ابن فلن ويرفع نسبه عن التوكيل فل يوكل فليقل وجوبًا وكيل الول ّ
ل إن جهل الزوج أو الشاهدان أو أحدهما وكالته إلى أن يتميز ،ثم ليقل موكلي أو وكالة عنه مث ً
ي لوكيل الزوج :زّوجت بنتي ل لم يحتج لذلك) .ولزوج توكيل في قبوله( للنكاح فليقل الول ّ عنه وإ ّ
ل.
فلن بن فلن كذلك ،وليقل وكيله :قبلت نكاحها له ،أو تزّوجتها له مث ً
فرع :يزّوج عتيقه امرأة حية( بعد فقد عصبة العتيقة من النسب )وليها( أي المرأة الحية لنه لما
انتفت ولية المرأة للنكاح طلبت أن يتبع الولية عليها الولية على عتيقها فيزّوجها أبو المعتقة ،ثم
جّدها على ترتيب الولياء )بإذن عتيقة( ويكفي سكوتها إن كانت بكرًا ،ول يعتبر إذن المعتقة
على الصح) .و( يزّوج )أمة( امرأة )بالغة وليها( أي السيدة البالغة )بإذنها( أي السيدة نطقًا ولو
ل إذا كانت مجنونة،بكرًا إذ ل تستحي ،فإن كانت صغيرة ثيبًا امتنع على أبـيها تزويج أمتها إ ّ
ل فل يزّوج) ،و( يزوج وليس للب إجبار أمة البكر البالغ ،فل بد من إذن منها إن كانت بالغة وإ ّ
)أمة صغيرة بكر وصغير أب( فجّد )لغبطة( في التزويج اكتسابًا للمهر والنفقة ،فل تزوج أمة
صغيرة عاقلة ثيب ،ول يزّوج السلطان أمة صغيرة ،وصغير مجنونة ،بل يزّوجها الب والجّد
ن لهما إجبار سيديهما ،فجاز لهما إجبارها تبعًا لسيديهما )ل عبدهما( أي أمة الصغيرة لّ
والصغير.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( يزوج )سيد( بالملك ل بالولية )أمته( التي يملك جميعها ولم يتعلق بها حق لزم على النكاح
)ولو( كانت المة بكرًا أو ثيبًا )صغيرة( أو كبـيرة ،ول يصح بدون رضاها إذا زّوجها من غير
من يكافئها في نحو العفة والسلمة من العيوب ،ودناءة الحرفة .نعم له إجبارها على رقيق ودنيء
ي نكاح ومال من أب وإن عل ،وسلطان أمة موليه من ذي النسب إذ ل نسب لها ،ويزّوج ول ّ
ي أنثى بإذن ذي السفه اكتسابًا للمهر والنفقة بخلف عبد موليه صغر وجنون وسفه ،ولو كان الول ّ
فل يزّوج لما فيه من انقطاع اكتسابه عنه.
)ول ينكح عبد( سواء كان قنًا أو مدبرًا أو مبعضًا أو مكاتبًا أو معلقًا عتقه بصفة )إل بإذن سيده(
الرشيد غير المحرم نطقًا ،ولو كان السيد كافرًا أو أنثى لقوله » :أيما مملوك تزّوج بغير إذن سيده
فهو عاهر« وإذا بطل النكاح لعدم الذن تعلق مهر المثل بذمته فقط إذا كان في غير نحو صغيرة،
ل بأن كانت صغيرة أو مجنونة أو كبـيرة لم تكن مختارة تعلق برقبته لوجوبه بغير وإ ّ
رضامستحقه ،وكذا إذا وطىء أمة غير مأذونة فيتعلق مهر المثل برقبته.
فصل في الكفاءة
وهي معتبرة في النكاح دفعًا للعار ل تعتبر لصحته على الطلق ،وإنما تعتبر حيث ل رضا من
المرأة وحدها في جب وعنة ومع وليها القرب فيما سواهما ،وسقطت بالسقاط .والصفات
المعتبرة في الكفاءة ليعتبر مثلها في الزوج خمس ،والعبرة في الصفات بحالة العقد .نعم الحرفة
ي زمن يقطع نسبتها عنه بحيث صار ل يعير بها .أحدها :حرية في الزوج الدنيئة ل بد من مض ّ
وفي الباء .وثانيها :عفة عن الفسق فيه وفي آبائه .وثالثها :نسب والعبرة فيه بالباء كالسلم.
ورابعها :حرفة فيه أو في أحد من آبائه وهي ما يتحرف به لطلب الرزق من الصنائع وغيرها.
وخامسها :سلمة للزوج من العيوب المثبتة للخيار فحينئذ )ل يكافىء حرة( ولو عتيقة ومبعضة
)ول عفيفة( وسنية ورشيدة )ونسيبة( من هاشمية ،ومطلبـية ،وقرشية ،وعربـية )وسليمة من
حرف دنيئة ،ومن عيب نكاح كجنون وجذام وبرص غير( ممن به أو بأبـيه القرب رق ،ومن
ي وعربـي ،ومن صاحب ي ومطلبـي وقرش ّ فاسق ومبتدع ومحجور عليه بسفه ومن غير هاشم ّ
حرف دنيئة وهي ما دلت ملبسته على انحطاط المروءة ،وسقوط النفس ،فما نصوا عليه ل يعتبر
ن المدار على
فيه عرف عام ،وما لم ينصوا عليه يعتبر فيه عرف بلد الزوجة ل بلد العقد ل ّ
عارها وعدمه فكناس ولو في المسجد الحرام إذا كان بأجرة وراع وحجام ودباغ ونحوهم من كل
ذي حرفة فيها مباشرة نجاسة ل يكافئون بنت خياط ،ثم الخياط ل يكافىء بنت تاجر أو بزاز،
ل فهو بمنزلة حرفة شريفة ،ومن به جنون ل ،وإ ّ
وهما ل يكافئان بنت قاض أو عالم إذا كان عام ً
ن النسانأو جذام أو برص ل يكافىء ولو من بها ذلك ،وإن اتحد النوع وكان ما بها أقبح ،ل ّ
يعاف من غيره ما ل يعافه من نفسه ،أو جب أو عنة ل يكافىء رتقاء أو قرناء.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
أما العيوب التي ل تثبت الخيار فل تؤثر كعمى ،وقطع أطراف ،وتشّوه صورة )ول يقابل
بعضها( أي خصال الكفاءة )ببعض( فل تزّوج حرة عجمية برقيق عربـي ،ول سليمة من العيوب
ن دناءة نسبه تنجبر بعفته الظاهرة ،وأن
دنيئة بمعيب نسيب ،ول حرة فاسقة بعبد عفيف ،وقيل :إ ّ
ل عن الرملي ،ويعتبر العلم في الزوج وفي المة العربـية يقابلها الحر العجمي .قال ابن قاسم نق ً
آبائه ،فالجاهل ابن العالم ل يكافىء العالمة بنت الجاهل ،لن بعض الخصال ل يقابل ببعض
ي( منفرد أو أقرب )ل قاض برضا كل( ويزّوجها بغير كفء بعض )ويزّوجها بغير كفء ول ّ
الولياء المستوين برضا الباقين ،أما القاضي فل يصح تزويجها لغير كفء قطعًا إذا كان لنحو
ي أو عضله ،أو إحرامه لبقاء حقه ووليته ،والصح على ما صححه البلقيني ،ولو غيبة الول ّ
طلبت المرأة من القاضي تزويجها لغير كفء ولم يجبها ،وليس ثم قاض يرى تزويجها من غير
الكفء فلها تحكيم عدل ليزّوجها منه للضرورة .قال ابن حجر :إن كان في البلد حاكم يرى
ل تحكمه ويزوجها تعين ،فإن فقد أو خافت تزويجها من غير الكفء تعين ،فإن فقد ووجدت عد ً
الزنا لزم القاضي الذي لم يرد تزويجها من غير الكفء إجابتها للضرورة.
فصل في نكاح من فيها رق
ل ينكح الرجل من يملكها أو بعضها ،ولو كانت المرأة مستولدة ومكاتبة ،ولو كان الرجل مبعضًا
فيحرم النكاح عليه لتعاطيه عقدًا فاسدًا فإن وطأها جائز له من غير عقد لتناقض أحكام الملك
والنكاح ،إذ الملك ل يقتضي نحو قسم وطلق والزوجية تقتضيهما ،ولو ملك زوجته أو بعضها
ملكًا تامًا بطل نكاحه لنه أضعف ،ول تنكح المرأة من تملكه أو بعضه ملكًا تامًا لتضاد أحكامهما
لنها تطالبه بالسفر للشرق لنه عبدها وهو يطالبها به للغرب لنها زوجته ،وعند تعذر الجمع
يسقط الضعف ،ويحل للمرأة نكاح عبد أبـيها أو ابنها لنه ل يلزمه إعفافها ،وليس كتزوج الب
أمة ابنه لشبهة العفاف ،ويحل للولد نكاح أمة أبـيه ،ول ينكح الحر كله حرة ولدها رقيق بأن
ل( بخمسةأوصى لرجل بحمل أمة دائمًا فأعتقها الوارث كما )حرم لحر نكاح أمة( للغير )إ ّ
شروط.
أحدها) :بعجز عمن تصلح لتمتع( من حرة أو أمة ولو كتابـية بأن لم يفضل عما معه أو مع فرعه
الذي يلزمه إعفافه ما يفي بمهر مثلها وقد طلبته أو لم ترض إل بزيادة عليه ،وإن قلت وقدر
عليها .نعم لو وجد حرة وأمة لم يرض سيدها إل بأكثر من مهر مثل تلك الحرة ولم ترض هذه
الحرة إل بما طلبه السيد لم تحل له المة ،والمراد بصلحيتها للستمتاع باعتبار العرف ل
باعتبار ميل طبعه.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( ثانيها) :بخوفه زنا( ولو خصيًا بأن تغلب شهوته تقواه لقوله تعالى} :ذلك لمن خشي العنت
منكم{ )) (4النساء :الية .(25
وثالثها :بعدم من تصلح للستمتاع تحته من حرة أو أمة ولو كتابـية ،ووجودها تحته أبلغ من
استطاعة مهرها المانع بنص الية ،وهذا الشرط ل يغنيه ما قبله لنا نجد كثيرًا من تحته صالحة
لذلك وهو يخاف الزنا.
ورابعها :أن ل تكون المة موقوفة عليه ول موصى له بمنفعتها أو بخدمتها أبدًا ول مملوكة
لمكاتبه أو ولده.
وخامسها :أن تكون المة مسلمة ،وهذا الشرط مختص بالمسلم عام للحر وغيره .أما نكاح الحر
ي الكتابـية فإنه يحل ،وصورة المجوسي أو الوثني المة المجوسية أو الوثنية فهو كنكاح الكتابـ ّ
المسألة إذا طلبوا من قاضينا ذلك ،وإل فنكاح الكفار محكوم بصحته) ،وحل لمسلم وطء الكتابـية(
بالملك ل الوثنية والمجوسية ،لما قيل إنه :كان يطأ صفية وريحانة قبل إسلمهما ،لكن المعتمد
ل بعد السلم.أنه لم يطأهما إ ّ
فصل في الصداق
وهو ما وجب بعقد في غير المفوضة أو وطء فيها ،وفي وطء الشبهة والنكاح الفاسد أو بتفويت
بضع قهرًا كما لو أرضعت الكبرى الصغرى فيجب للصغرى على الزوج نصف المسمى إن كان
صحيحًا وإل فنصف مهر المثل ،ويجب على الكبرى له نصف مهر مثلها وبرجوع شهود كما لو
شهدوا بطلق بائن أو رضاع محرم أو لعان ثم رجعوا عن ذلك فيلزمهم المهر كله للزوج ولو
قبل الوطء ،فقد وجب المهر في هذه للرجل على الرجل ،وفي التي قبلها للرجل على المرأة ،وقد
يجب للمرأة على المرأة كما لو تزوج المملوك لمرأة بصغيرة وأرضعتها أمه أو زوجته فانه
ينفسخ نكاحه وتغرم أمه أو زوجته المهر لسيدته لنها المستحقة له ،وقد يجب للمرأة على الرجل
وهو الصل فيه.
ن ذكر صداق في عقد( لنه :لم يخل نكاحًا منه ولنه أدفع للخصومة ،نعم لو زوج عبده بأمته )س ّ
ولو كتابـية لم يسن ذكره إذ ل فائدة فيه ،فالتسمية خلف الولى ،وقد يجب ذكره لعارض لكن ل
يبطل العقد بتركه ،وذلك بأن كانت المرأة غير جائزة التصرف أو مملوكة لغير جائز التصرف،
أو كانت جائزته وأذنت لوليها أن يزوجها ولم تفوض فزوجها هو أو وكيله أو كان الزوج غير
جائز التصرف وحصل التفاق في زواجه على أقل من مهر مثل الزوجة وهي بالغة رشيدة ،وفي
الصور السابقة على أكثر منه ،والزوج بالغ رشيد فتتعين التسمية في ذلك بما وقع التفاق عليه،
ول يجوز إخلؤه منه فلو لم يسم أثم وصح العقد بمهر المثل ،وقد يحرم كما لو زوج محجورًا
ن أن ل ينقص المهر عن عليه بمن لم ترض إل بأكثر من مهر مثلها فيقبل الولي ساكتًا ،ويس ّ
عشرة دراهم خالصة وترك المغالة فيه ،وأن ل يزيد على خمسمائة درهم فضة خالصة ،وأن
يكون من الفضة لقول سيدنا عمر :ل تغالوا بصداق النساء فإنها لو كانت أي هذه الخصلة مكرمة
في الدنيا أو تقوى عند ال كان أولى بها رسول ال .ويستحب أن ل يدخل بها حتى يدفع لها شيئًا
ل ،إذ ل مانع من ل كله أو بعضه أو مؤج ً من الصداق خروجًا من خلف من أوجبه سواء كان حا ً
التعجيل.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وما صح ثمنًا صح صداقًا( فتلغو تسمية غير متمول ،وما ل يقابل متمول وتسمية جوهرة في
الذمة لمتناع السلم فيها )ولها( أي المالكة لمرها التي لم يدخل بها )حبس نفسها( للفرض
ل فلها الحبس )لتقبض( مهرًا ملكته بالنكاح )غير مؤجل( أي معينًا والقبض إن كانت مفوضة وإ ّ
ل فل حبس ل كله أو بعضه لدفع ضرر فوت بعضها بالتسليم فخرج ما لو كان المهر مؤج ً أو حا ً
لها ،وإن حل الجل قبل تسليمها نفسها له لوجوب التسليم عليها قبل القبض لرضاها بالتأجيل فل
يرتفع بالحلول ،وما لو زوج أم ولده فعتقت بموته أو أعتقها لنه ملك للوارث أو المعتق ل لها،
وما لو زوج أمة ثم أعتقها وأوصى لها بمهرها لنها إنما ملكته بالوصية ل بالنكاح ويحبس المة
سيدها المالك للمهر أو وليه والمحجورة وليها ما لم تكن المصلحة في التسليم.
)ولو أنكح( بكرًا )صغيرة( أو مجنونة أو سفيهة بدون مهر المثل )أو( أنكح )رشيدة بكرًا بل إذن(
له منها في النقص عن مهر المثل )بدون مهر مثل( بما ل يتسامح به فسد المسمى وصح النكاح
بمهر المثل لن فساد الصداق ل يفسده) .أو( قالت رشيدة لوليها غير المجبر :زوجني و)عينت له
قدرًا( كألف )فنقص عنه( أو أطلقت له الذن بأن لم تتعرض فيه لمهر فنقص عن مهر مثل أو
زوجها بل مهر )صح( أي النكاح )بمهر مثل( ،ولو توافق الزوج والولي أو الزوجة الرشيدة على
ل أو كثر اتحدت شهود السر مهر سرًا وأعلنوا زيادة وجب ما عقد به أّول ،وإن تكرر عقد ق ّ
والعلن أم ل ،لن المهر إنما يجب بالعقد فلم ينظر لغيره فالعقود إذا تكررت اعتبر الّول وحملوا
نص الشافعي في موضع على أن المهر مهر السر إذا تقدم ،وفي موضع آخر على أنه مهر العلن
إن تقدم.
)وفي وطء نكاح فاسد( يجب )مهر مثل( لستيفائه منفعة البضع ويعتبر مهرها وقت الوطء لنه
وقت التلف ،ولو تكرر وطء بشبهة واحدة فمهر واحد )ويتقرر كله( أي المهر )بموت( لحدهما
في نكاح صحيح قبل وطء لبقاء آثار النكاح بعده من التوارث وغيره ،وقد ل يستقر بالموت فيما
لو قتلت أمة نفسها أو قتلها سيدها )أو وطء( بتغيـيب حشفة أو قدرها من فاقدها وإن لم تزل
البكارة سواء أوجب بنكاح أو فرض ،وإن حرم الوطء كوطء حائض أو دبر ل باستدخال مني
وإزالة بكارة بغير ذكر ،فإن طلقها بعد إزالة البكارة بغير آلة وجب لها الشطر دون أرش البكارة
فإن فسخ النكاح ولم يجب لها مهر وجب أرش البكارة )ويسقط( أي كل المهر )بفراق( منها في
الحياة )قبله( أي وطء في قبل أو دبر )كفسخها( بعيبه أو بإعساره أو بعتقها وكردتها أو إسلمها
أو إرضاعها له ،أو لزوجة أخرى له أو ملكها له أو ارتضاعها كأن دبت وارتضعت من أمه
ل ،أو بسبب فيها كفسخه بعيبها )ويتشطر( أي المهر )بطلق قبله( أي الوطء ولو خلعًا أو مث ً
رجعيًا بأن استدخلت ماءه المحترم ،أو بإسلمه وحده وردته وحده أو معها ولعانه وإرضاع أمه
لها وهي صغيرة أو إرضاع أمها له وهو صغير وملكه لها سواء طلقها بنفسه أو فوض الطلق
إليها ففعلت أو علق طلقها بدخولها الدار ونحوها.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وصدق نافي وطء( من الزوج بـيمينه لموافقته للصل فإن الصل عدم الوطء ،ويتشطر المهر
ل إذا نكحها بشرط البكارة ثم قال :وجدتها ثيبًا ولم أطأها فقالت :بل زالتلن ذلك فائدة تصديقه إ ّ
بوطئك فتصدق الزوجة بـيمينها لدفع الفسخ )وإذا اختلفا( أي الزوجان )في قدره( أي مهر مسمى
كأن قالت :نكحتني بألف فقال :بخمسمائة )أو( في )صفته( كأن قالت :بألف دينار فقال :بألف
درهم ،أو قالت :بألف صحيحة فقال :بألف مكسرة )ول بـينة( لواحد منهما أو لكل منهما بـينة
وتعارضتا )تحالفا( كما في البـيع ويبدأ هنا بالزوج لقوة جانبه ببقاء البضع له )ثم( بعد التحالف
)يفسخ( المهر )المسمى( بالبناء للمجهول أي يفسخه كلهما أو أحدهما أو الحاكم وينفذ الفسخ
ل ومن الكاذب بفسخ القاضي ،ول ينفسخ باطنًا أيضًا من المحق فقط لمصيره بالتحالف مجهو ً
المسمى بنفس التحالف كالبـيع.
)ويجب مهر المثل( وإن زاد على ما ادعته الزوجة لن التحالف يوجب رد البضع وهو متعذر
فوجبت قيمته وهي مهر المثل وهو ما يرغب به عادة في مثلها نسبًا وصفة ،وركنه العظم في
ن من نساء العصبة ،فتقدم أخت لبوين ،ثم إن فقدت أو جهل مهرها النسيبة نسب فيراعى أقربه ّ
أو كانت مفوضة ولم يفرض لها مهر مثل فأخت لب ثم بنات أخ وإن سفلن .ثم عمات لبناته ّ
ن
لبوين ،ثم لب ،ثم بنات عم ثم بنات أولد عم وإن سفلن كذلك ،فإن لم توجد نساء العصبة أو لم
ن وعفة ن فقرابات للم من جهة الب أو الم ،ويعتبر مع ذلك س ّ ينكحن أو جهل نسبهن أو مهره ّ
وعقل وجمال ويسار ،وفصاحة ،وبكارة وثيوبة وكل ما اختلف به غرض من علم وشرف ،وإنما
لم يعتبر نحو المال والجمال في الكفاءة لن مدارها على دفع العار ،ومدار المهر على ما تختلف
ن بفضل بشيء مما ذكر أو بنقص بشيء من ضده زيد عليه أو به الرغبات ،فإن اختصت عنه ّ
ي عفو عن مهر( نقص عنه لئق بالحال بحسب ما يراه قاض باجتهاده) .و( على الجديد )ليس لول ّ
كسائر ديونها وحقوقها ،وعلى القديم له ذلك بشروط أن يكون الولي أبًا أو جّدا ،وأن يكون قبل
الدخول ،وأن تكون بكرًا صغيرة عاقلة ،وأن يكون بعد الطلق ،وأن يكون الصداق دينًا في ذمة
الزوج لم يقبض.
فصل في القسم والنشوز وعشرة النساء
ل أون لي ً
ن إماء هذا إن مكث في الحضر عند بعضه ّ )يجب قسم( بفتح فسكون )لزوجات( وإن ك ّ
ن ،فلو تركه كان كبـيرة ،ولو قام نهارًا ،فيلزمه المكث مثل ذلك الزمن عند الباقيات تسوية بـينه ّ
ن عذر كمرض ،وحيض ،ورتق ،وقرن ،وإحرام ،وجنون يؤمن منها ،لن المقصود النس ل به ّ
ن النفقة )غير ناشزة( أي خارجة عن طاعته بأن تخرج بغير إذنه أو ل منه ّ
قكّ الوطء ،وكما تستح ّ
تمنعه من التمتع بها ،أو تغلق الباب في وجهه ولو مجنونة ،أو تّدعي الطلق كذبًا ،وغير معتّدة
عن وطء شبهة لحرمة الخلوة بها ،وغير صغيرة ل تطيق الوطء ،ومغصوبة ومحبوسة ولو
ظلمًا ،أو حبسها الزوج لحقه عليها ،وغير أمة لم يتّم تسليمها ،ومسافرة بإذنه وحدها لحاجتها كما
ن عند استكمال النوبة لم يأثم لن المبـيت حقه، ن .ولو أعرض عن الواحدة ابتداء أو عنه ّ ل نفقة له ّ
ب أن ل يعطل زوجته واحدة كانت أو أكثر من الجماع والمبـيت تحصينًا لها لئل ولكن يستح ّ
يؤّدي إلى فسادها أو إضرارها سيما إن كانت عنده سّرية جميلة آثرها عليها ،ويستحب أن ل
ل أربع ليال اعتبارًا بمن له أربع زوجات. يخلي الزوجة عن ليلة من ك ّ
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وله( أي للزوج الذي عماده الليل )دخول في ليل على( زوجة )أخرى( أي غير صاحبة النوبة
)لضرورة( كمرضها المخوف ولو ظنًا وإن طالت مدته ،وشّدة الطلق ،وخوف النهب والحريق،
ق ذات النوبة) .و( لمن ذكر دخول )في نهار لحاجة( ويحرم ذلك لحاجة لما فيه من إبطال ح ّ
كوضع متاع وأخذه ،وتسليم نفقة ،وتعريف خبر ،وله تمتع بغير وطء في دخوله في غير الصل،
أما بوطء فيحرم )بل إطالة( في المكث عرفًا على قدر الحاجة ،فالطالة حرام على ما اعتمده ابن
حجر ،لن الزائد على الحاجة كابتداء دخول لغيرها وهو جائز لكنه خلف الولى على ما
اعتمده الرملي لوقوعه تابعًا ،ويغتفر فيه ما ل يغتفر في غيره.
والحاصل أنه إذا دخل في الصل لضرورة وطال زمن الضرورة عرفًا أو أطاله فإنه يقضي
ل فل للمسامحة في القليل ،وإن دخل في التابع لحاجة ق الدمي ل يسقط بالعذر ،وإ ّ الجميع ،لن ح ّ
ل نوب القسموطال زمن الحاجة فل قضاء ،وإن طال المكث فوق الحاجة قضى الزائد فقط ،وأق ّ
ن،
ل برضاه ّ لمن ذكر ليلة ليلة ،ولمن عماده النهار كالحارس نهار نهار فل يجوز تبعيضهما إ ّ
ن )وأكثره ثلث( فتحرم الزيادة عليها بغير وذلك أفضل من الزيادة عليه للتباع ولقرب زمنه به ّ
ن وإن تفّرقن في البلد لما فيها من الضرار باليحاش ،فمن له زوجة بمكة وأخرى رضاه ّ
ن فإذا بات عند ن أكثر من ثلث عند عدم رضاه ّ ل امتنع عليه أن يبـيت عند إحداه ّبالطائف مث ً
ل بعد أن يرجع إلى الخرى ويبـيت عندها ثلثًا ،وكان ن ثلثًا امتنع عليه أن يبـيت عندها إ ّ
إحداه ّ
ن واجبة ،لكن لحّرة ل ،والتسوية بـينهما في قدر نوبه ّقبل إمكان الرجوع إليها يبـيت في مسجد مث ً
ضعفا أمة تجب نفقتها ولو مبعضة ،ومن عتقت قبل تمام نوبتها التحقت بالحرائر ،فلو لم تعلم
ل بعد أدوار وهو يقسم لها قسم الماء لم يقض لها ما مضى فإن علم الزوج بالعتق وجب بالعتق إ ّ
عليه القضاء من وقت علمه بذلك لتعّديه حينئذ.
)ولجديدة بكر( أي حقيقة أو حكمًا كثيب بغير وطء كمرض ووثبة أو مخلوقة كذلك ولو أمة
وكافرة حرة )سبع( من الليالي مع أيامها ولء بل قضاء للباقيات )و( لجديدة )ثيب( بوطء حلل
ن تخيـير الثيب بـين ثلث بل قضاء وسبع بقضاء ،وكيفية أو حرام )ثلث( ولء بلء قضاء ،ويس ّ
ن ويدور ،فالليلة التي تخصها يبـيتها عند واحدة من الباقيات بالقرعة أيضًا، القضاء أن يقرع بـينه ّ
وفي الدور الثاني يبـيت عند واحدة أخرى بالقرعة أيضًا ،وفي الدور الثالث تتعين الليلة للثالثة،
ل واحدة ليلة ،وهكذا يفعل في بقية الدوار إلى أن تتّم السبع لكل صكّ ل اثنتي عشرة ليلة يخ ّ ففي ك ّ
واحدة ،وتمامها من أربع وثمانين ليلة )وهجر( ندبًا )مضجعًا( أي وطأ أو فراشًا )وضربها( إن
شاء بشرط أن يعلم إفادة الضرب ولو بسوط أو عصا ،ول يجوز ضرب مدم أو مبرح ول على
وجه وإن لم يؤذ أو مهلك )بنشوز( أي بسبب تحققه.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أنه إن أظهر أمارة نشورها :كخشونة جواب بعدلين ،وتعبـيس بعد طلقة ،وإعراض
بعد إقبال حذرها ندبًا عقاب الدنيا بالضرب وسقوط المؤن والقسم ،وعقاب الخرة بعذاب النار،
وينبغي أن يذكر لها خبر الصحيحين» :إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملئكة حتى
ض عنها دخلت الجنة« .وذلك بل هجر تصبح« .وخبر الترمذي» :أيما امرأة باتت وزوجها را ٍ
ل لعذر شرعي ول ضرب فلعلها في الكلم ،فيحرم الهجر فيه فوق ثلثة أيام ولو لغير الزوجين إ ّ
تبدي عذرًا أو تتوب عما وقع منها بغير عذر .أما الهجر في الفراش فإذا لم يتحقق النشوز جاز
ل حرم ،وإن تحقق النشوز كمنع تمتع لنه حقه ،هذا إذا لم يفوت حقًا لها من قسم أو غيره وإ ّ
ق الواجب لي عليك ،واحذري العقوبة، وخروج بغير عذر وعظها كأن يقول لها :اتق ال في الح ّ
ويبـين لها أن النشوز يسقط النفقة والقسم كما مّر وهجرها ندبًا في الوطء أو الفراش وضربها،
ي فالولى له عدم العفو
ي الصبـ ّ
وإن لم يتكّرر النشوز إن أفاد الضرب ،والولى العفو ،بخلف ول ّ
لن ضربه للتأديب مصلحة له ،وضرب الزوج زوجته مصلحة لنفسه ،ولو اّدعى أن سبب
الضرب النشوز وأنكرت صدق بـيمينه حيث لم تعلم جراءته واستهتاره وحينئذ وإل لم يصدق إل
ل تصديق الرجل بـيمينه ببـينة ،فإن لم يقمها صدقت في أنه تعّدى بضربها فيعزره القاضي ،فمح ّ
بالنسبة لسقوط التعزير ،أما بالنسبة لسقوط شيء من حق المرأة فل ،وإن اّدعى كل من الزوجين
تعّدى الخر عليه واشتبه الحال على القاضي ،بعث القاضي وجوبًا حكمين برضاهما يبعثهما
لينظرا في أمرهما .ثم يفعلن المصلحة بـينهما من إصلح إن سهل ،وتفريق بطلقة فقط إن عسر
الصلح ،فإن اختلف رأى الحكمين بعث القاضي آخرين ليجتمعا على شيء ،ول يجوز لوكيل
في طلق أن يخالع ،ول لوكيل في خلع أن يطلق مجانًا.
فصل في الخلع
بضم الخاء مأخوذة من الخلع بفتحها :وهو النزع ،والدليل عليه قوله تعالى} :فل جناح عليهما
فيما افتدت به{ )) (2البقرة :الية .(229وقوله لثابت بن قيس» :اقبل الحديقة وطلقها تطليقة«
ن ثابتوسببه أن امرأة ثابت :حبـيبة بنت سهل النصارية جاءت للنبـي ،فقالت يا رسول ال :إ ّ
بن قيس ما أنقم عليه في خلق ول دين ولكن أكره الكفر في السلم :أي كفر النعمة :أي أن يكون
ي ،فقال :أترّدين عليه حديقته :أي بستانه الذي أصدقه لك؟ فقالت نعم ،فقال » :اقبل للزوج منة عل ّ
الحديقة وطلقها تطليقة« .
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ح طلقه )بعوض( مقصود كميتة وقود لها عليه راجع )لزوج( أي )الخلع :فرقة( من زوج يص ّ
لجهة زوج وحده ،أو مع الجنبـي ،فلو قال :إن أبرأتني وفلنًا فأنت طالق فأبرأتهما وقع الطلق
بائنًا ،وحصلت البراءة لكل منهما نظرًا لجهة الزوج )بلفظ طلق( أي بلفظ محصل لطلق
ل مع ذكر المال ،أو نيته سواء أضمر صريح أو كناية )أو( بلفظ )خلع( ول يكون صريحًا إ ّ
التماس قبولها فقبلت أم ل .ثم إن ذكر المال بانت به ،وإن نواه فإن توافقا في النية وقبلت وجب
المسمى أيضًا وإن اختلفا فيها وجب مهل المثل ،ومن الخلع لفظ المفاداة كقوله :افتدى مني أو
فاديتك )فلو جرى( أي الخلع مع الزوجة )بل عوض بنية التماس قبول فمهر مثل( .والحاصل أنه
إن وقع الخلع ولم يذكر المال ولم ينو كان كناية إن لم ينو به الطلق لم يقع شيء ،وإن نواه به فإن
ل فل وقوع.لم يضمر التماس قبولها وقع رجعيًا وإن أضمره ،فإن قبلت بانت بمهر المثل وإ ّ
والحاصل أن المعتمد أنه إن صرح بالعوض أو نواه وقبلت بانت ،وإن عرى عن ذلك ونوى
الطلق فإن أضمر التماس قبولها وقبلت وهي رشيدة بانت بمهر المثل ،وإن لم يضمر أو لم تكن
ل لم يقع عليه شيء كما لو لم ينو الطلق ،فعلم أنه عند رشيدة وقع رجعيًا إن قبلت في الثاني ،وإ ّ
ذكر المال أو نيته صريح ول بد فيه من القبول ،وعند عدم ذلك كناية ،وإن أضمر التماس قبولها
وقبلت ،وإن جرى مع أجنبـي مع السكوت وأضمر التماس قبوله وقع رجعيًا ول مال كما لو كان
معه والعوض فاسد ،أو ذكر العوض ونوى الطلق وقع بائنًا به ،أو نواه فمهر المثل أو نفاه فقال:
خالعتك بل عوض ونوى الطلق وقع رجعيًا.
)وإذا بدأ( أي الزوج )بـ(ـصيغة )معاوضة كـ(ـقوله) :طلقتك( أو خالعتك )بألف فمعاوضة( أي
فهو عقد معاوضة بشوب تعليق لخذه عوضًا في مقابلة البضع المستحق له ولتوقف وقوع
الطلق في ذلك على قبول المال )فله رجوع قبل قبولها( كما هو شأن المعاوضات )وشرط
قبولها( أي المختلعة الناطقة )فورًا( أي من غير انفصال بكلم أجنبـي طويل أو بسكوت كذلك
بلفظ :كقبلت ،أو اختلعت ،أو ضمنت ،أو بفعل كإعطائه اللف على المعتمد أو بإشارة خرساء
ي وقت )أعطيتني مفهمة )أو بدأ( أي الزوج )بـ(ـصيغة )تعليق( في إثبات )كـ(ـقوله) :متى( أو أ ّ
كذا فأنت طالق فتعليق( من جانبه فيه شوب معاوضة )فل رجوع له( قبل العطاء ،ول طلق
قبل تحقق الصفة ،ول يبطل بطرّو جنونه عقبه.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل( لفظًا لعدم اقتضاء الصيغة ذلك )ول إعطاء فورًا( لذلك .أما في النفي :كمتى لم )ول يشترط قبو ٌ
تعطني ألفًا فأنت طالق فللفور ،فإذا مضى زمن يمكن فيه العطاء ولم تعط طلقت ،وإن بدأت
ي كذا فأجابها الزوج
الزوجة بطلب طلق كطلقني بكذا أو إن أو إذا أو متى طلقتني فلك عل ّ
فمعاوضة من جانبها معه شوب جعالة فلها الرجوع قبل جوابه .ويشترط فور لجوابه في مجلس
التواجب نظرًا لجانب المعاوضة) .وشرط فور في إن أعطيتني( .والحاصل أن أدوات التعليق ل
يقتضين بالوضع فورًا في المعلق عليه في مثبت :كالدخول إن لم يكن عوض ول تعليق بمشيئتها،
أما مع العوض فيشترط الفور في بعضها كإن وإذا ولو ونحوها من كل أداة ل إشعار لها بالزمان
ي ونحوهما من كل أداة تشعر بالزمان وكذا مع نحو :إن ضمنت أو أعطيت بخلف نحو :متى وأ ّ
التعليق بمشيئتها خطابًا بأن وإذا ونحوهما كان شئت فأنت طالق ،بخلف ما لو قال إن شاءت
ل في إن ،فلو قال :إن لم تدخلي الدار فأنت طالق لم فلنة فل فور ،أما في منفي فيقتضين الفور إ ّ
ل باليأس من الدخول كأن مات أو ماتت قبله فيحكم بالوقوع قبـيل موته أو موتها بما يقع الطلق إ ّ
يسع الدخول ،وفائدة ذلك الرث والعّدة فإن كانت بائنًا لم يرثها ول ترثه فإذا مات هو ابتدأت
العّدة قبـيل موته بزمن ل يسع الدخول وتعتّد عّدة طلق ل وفاة ،ونظم بعضهم قاعدة الدوات من
بحر الخفيف بقوله:
أدوات التعليق في النفي للفو
ر سوى إن وفي الثبوت رأوها
للتراخي إل إذا إن مع الما
ل وشئت وكلما كّرروها
فلو قال :وتحته نسوة أربع كلما طلقت واحدة من نسائي فعبد من عبـيدي حّر ،وكلما طلقت ثنتين
فعبدان حّران ،وكلما طلقت ثلثًا فثلثة أحرار ،وكلما طلقت أربعًا فأربعة أحرار ،فطلق أربعًا
ل من الربع نك ً ن صفة الواحدة تكررت أربع مرات ل ّ معًا أو مرتبًا عتق خمسة عشر عبدًا ،ل ّ
ن ما عّد باعتبار ل يعّد ثانيًا بذلك العتبار،
ل مرتين ل ّ
واحدة في نفسها ،وصفة الثنتين لم تذكر إ ّ
فالثانية عّدة ثانية ،لنضمامها للولى ،فل تعّد الثالثة ثانية لنضمامها للثانية بخلف الرابعة فإنها
ن كلما ل يحتاجثانية بالنسبة للثالثة ولم تعد قبل ذلك كذلك ،وثلثة وأربعة لم تتكرر وبهذا اتضح أ ّ
ل في التعليقين الّولين لنهما المتكرران فقط فإن أتى بها في الّول فقط أو مع الخيرين إليها إ ّ
فثلثة عشر وفي الثاني وحده أو معهما فاثنا عشر.
فصل في الطلق
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وهو حل عقد النكاح بلفظ طلق ونحوه وتعتريه الحكام الخمسة فيكون واجبًا كطلق المولي
والحكمين في الشقاق ،ويكون حرامًا كالبدعي وهو طلق مدخول بها في حيض بل عوض منها،
أو في طهر جامعها فيه وكطلق من لم يستوف قسمها ،وكطلق المريض بقصد حرمان الزوجة
من الرث ،ويكون مندوبًا كطلق العاجز عن القيام بحقوق الزوجية ،أو من ل يميل إليها بالكلية
ل كان الطلق ويأمره أحد البوين لغير تعنت ،أو تكون غير عفيفة ما لم يخش فجور غيره بها وإ ّ
مباحًا لن في إبقائها صونًا لها ،وإن علم ذلك لو طلقها وانتفاءه عنها ما دامت في عصمته حرم
طلقها إن لم يتأذ ببقائها تأذيًا ل يحتمل عادة ،ومن المندوب طلق سيئة الخلق بحيث ل يصبر
على عشرتها بأن يحصل له منها مشقة ل تحتمل عادة ل مطلقًا ،لن سوء الخلق غالب في النساء
كما أشار إليه قوله » :المرأة الصالحة في النساء كالغراب العصم« وهو كناية عن ندرة وجودها
إذ العصم وهو أبـيض الجناحين أو الرجلين أو إحداهما كذلك ،ويكون مكروهًا كطلق مستقيمة
الحال لقوله » :أبغض الحلل إلى ال الطلق« وذلك لما فيه من قاطع النسل الذي هو المقصود
العظم من النكاح ولما فيه من إيذاء الزوجة وأهلها وأولدها إن كان لها أولد ،ومعنى البغض
الكراهة وعدم الرضا وذلك صادق بالمكروه ،ول ينافي ذلك وصفه بالحل لنه يراد به الجائز،
ويكون مباحًا كطلق من ل يشتهيها شهوة كاملة ول تسمح نفسه بمؤنتها من غير تمتع بها.
)يقع لغير بائن طلق( زوج )مكلف( بالتنجيز أو التعليق .أما وكيل الزوج أو الحاكم في المولى
ي ومجنون ومغمى عليه فل يصح منهما تعليق الطلق ول يصح تعليق ول تنجيز من نحو صبـ ّ
ونائم وإن عصى بالنوم) .و( طلق )متعّد بكسر( وهو كل من زال عقله بما أثم به من نحو
شراب أو دواء )ل( يقع طلق )مكروه بمحذور( بما يناسب حاله ويختلف المحذور باختلف
طبقات الناس وأحوالهم حتى إن الضرب اليسير بحضرة الملء إكراه في حق ذوي المروءات ،ل
في حق غيرهم ،وأن الستخفاف في حق الوجيه إكراه ،وأن الشتم في حق أهل المروءات إكراه.
والضابط أن كل ما يسهل فعله على المكره ـ بفتح الراء ـ ليس إكراهًا وعكسه إكراه ،وليس من
الكراه قول شخص :طلق زوجتك وإل قتلت نفسي ما لم يكن نحو فرع أو أصل ويقع طلق من
ذكر )بمشتق طلق وفراق وسراح( بفتح السين لشتهار هذه اللفاظ في معنى الطلق الذي هو
ل كقوله :يلزمني ل العصمة .أما المصادر فكنايات إن وقعت خبرًا كأنت طلق ،فإن وقعت فاع ً حّ
ي الطلق كانت من الصريح ل كأوقعت طلق فلنة أو مبتدأ كقوله :عل ّ الطلق أو مفعو ً
)وترجمته( أي ويقع الطلق بترجمة مشتق ما ذكر ولو ممن أحسن العربـية فترجمة الطلق
صريح على المذهب ،لشهرة استعمالها عند أهلها شهرة استعمال العربـية عند أهلها .والطريق
الثاني أنها كناية اقتصارًا في الصريح على العربـي ،أما ترجمة الفراق والسراح فكناية على
المعتمد.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( بقوله :طلقت بعد أن قيل له طلقها ،وبقول الزوجة طلقت أيضًا بعد قول زوجها :طلقي نفسك،
وبقوله) :أعطيت طلقك وأوقعت عليك الطلق( ول يفتقد وقوع الطلق بصريحه إلى نية إيقاعه،
أما نية قصد الطلق لمعناه :أي استعمال لفظ الطلق في حل العصمة فل بد منها إن كان هناك
صارف في كل من الصريح والكناية إل في المكره عليه ،فإنه يحتاج إلى قصد اليقاع ،وقصد
اللفظ لمعناه فصريحه كناية ،ولو قال :ما كدت أن أطلقك لم يكن إقرارًا بالطلق لن معناه ما
بقارت أن أطلقك ،وإذا لم يقارب طلقها كيف يكون مقرًا به ،وإنما يكون إقرارًا بالطلق على
ن نفي كاد إثبات أو رعاية العرف ،فإن أهله يفهمون من ذلك القول الثبات، قول من يقول :إ ّ
والصحيح أن كاد كسائر الفعال فنفيه ليس إثباتًا ول ينافي قوله تعالى} :وما كادوا يفعلون{ ))(2
البقرة :الية (71قوله تعالى} :فذبحوها{ )) (2البقرة :الية (71لختلف وقتيهما إذ المعنى
أنهم ما كادوا أن يفعلوا حتى انتهت مقالتهم وانقطعت تعللتهم ففعلوا كالمضطر الملجأ إلى
الفعل ،ولو قال :طلقك ال وقع الطلق لنه صريح ،بخلف ما لو قال :باعك ال فإنه كناية لن
الصيغ في نحو طلقك ال قوية لستقللها بالمقصود لعدم توقفها على شيء آخر ،بخلف صيغة
البـيع فإنها غير مستقلة بالمقصود لتوقفها على القبول .والقاعدة أن كل ما يستقل به الشخص إذا
أضافه إلى ال كان صريحًا ،وكل ما ل يستقل به إذا أضافه إلى ال كان كناية ،وقد نظم بعضهم
هذه القاعدة من الرجز بقوله:
ما فيه الستقلل بالنشاء
وكان مسندًا لذي اللء
فهو صريح ضّده كنايه
فكن لذا الضابط ذا درايه
ونعم صريح في الطلق في جواب من قال له :أطلقت زوجتك ،فإن أراد القائل طلب إنشاء
الطلق من المطلق فنعم بمنزلة قوله :هي طالق فتتوقف صراحته على نية السائل ،وبذلك يلغز
فيقال لنا :لفظ من شخص تتوقف صراحته على نية غيره ،ولو اختلفا في القصد فالعبرة بقصد
ن ،فلو قصد السائل بقوله :أطلقت زوجتك السائل على المعتمد ،هذا إن لم يوجد عند الزوج ظ ّ
ن ذلك ول عبرة ن الزوج وقبلت دعواه أنه ظ ّ
النشاء فظنه الزوج مستخبرًا أو بالعكس اعتبر ظ ّ
بقصد السائل حينئذ ،وإن أراد القائل الستخبار فنعم إقرار سابق ،فإن كان المسؤول كاذباً فهي
زوجته في الباطن ،ويفرق بـينهما ظاهرًا ،فإن قال :أردت طلقًا ماضيًا وبانت وجّددت نكاحها
صدق ظاهرًا إن عرف ذلك وإل فل ،وإن قال :أردت طلقًا ماضيًا وراجعت بعده صدق بـيمينه
لحتمال اللفظ له ،وإن جهل مراد القائل لعدم معرفته ذلك أو لموت أو سفر فيحمل على
الستخبار.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( يقع الطلق )بكناية( وهي ما احتمل الطلق وغيره )مع نية( ليقاع الطلق )مقترنة بأّولها(
والمعتمد أنه يكفي اقترانها بأي جزء من الول أو الخر أو الوسط ،وشرط وقوع الطلق
بصريح أو كناية رفع صوته بحيث يسمع نفسه لو كان صحيح السمع ول عارض ،ول يقع بغير
ي بحيث ل يسمع به نفسه ،ويعتمد بإشارة أخرس ،سواء كان خرسه عارضًا لفظ ول بصوت خف ّ
أو أصليًا وإن قدر على الكتابة في طلق وغيره إل في الصلة فل تبطل بها ول في أداء الشهادة
فل يصح بها ،أما تحملها فيصح من الخرس ول في حنث فل يحصل بها في الحلف على عدم
الكلم ،ونظم بعضهم هذه المستثنيات الثلثة بقوله:
إشارة الخرس مثل نطقه
فيما عدا ثلثة لصدقه
في الحنث والصلة والشهاده
تلك ثلثة بل زياده
ي حرام( أي محّرمة ممنوعة للفرقة ،ومثله ما لو زاد وكناية الطلق ألفاظ ل تنحصر )كأنت عل ّ
على ذلك ألفاظًا تؤكد بعده عنها :كأنت حرام ،كالخنزير أو كالميتة وغيرهما كما اشتهر من قول
ي لبن أمي ،ومن قولهم :إن أتيتك أتيت مثل أمي وأختي أو مثل العامة :أنت حرام كما حّرم عل ّ
الزاني ،فإن نوى بذلك طلقًا وقع ،وإل بأن نوى تحريم عينها أو نحوها كوطئها أو فرجها أو
ل ولو لم يطأها ،وإن رأسها ،أو أطلق بأن لم ينو شيئًا لم يقع شيء وعليه كفارة يمين :أي مثلها حا ً
قال ذلك أبدًا )و( أنت )خلية( أي خالية مني )وبائن( بدون تاء مربوطة وهي اللغة الفصحى،
ل لفظ للعتاق والقليل بائنة :أي مفارقة أو بعيدة لبعد مكانها عنه حال المخاطبة )وحّرة( فك ّ
ل لفظ للطلق صريح أو كناية فهو كناية إعتاق لدللة ك ّ
ل صريح أو كناية فهو كناية طلق ،وك ّ
منهما على إزالة ما يملكه.
ل من كناية الطلق والظهار يكون كناية في الخر لن ألفاظ كناية )و( أنت )كأمي ويا بنتي( فك ّ
ل منهما من الشعار بالبعد عن الطلق حيث احتملته احتملت الظهار أيضًا ،وكذا عكسه لما في ك ّ
ل ونوى طلقًا أو ل من الطلق والظهار ،ولو قال لزوجته :حرمتك مث ً المرأة .والبعد يكون بك ّ
ظهارًا وقع المنوي أو نواهما تخير وثبت ما اختاره منهما ،ول يثبتان جميعًا لن الطلق يرفع
ل فل تحريم عليه وعليه كفارة يمين) .وأعتقتك( فلو قال لزوجته ذلك أو النكاح والظهار يثبته ،وإ ّ
ل ملك لي عليك ونوى الطلق طلقت أو قال لعبده :طلقتك أو ابنتك ونوى العتق عتق) .وتركتك
ي الزوجة زوجنيها فذلك كناية في القرار بالطلق ،ثم وأزلتك وتزّوجي( ومثله قول الزوج لول ّ
إن كان كاذبًا آخذناه به ظاهرًا ولم نحرم باطنًا ،وهذا بخلف كناية الطلق فإنه إذا نواه حرمت به
ظاهرًا وباطنًا ،ولو قال لوليها زّوجها فإنه إقرار بالطلق وبانقضاء العّدة إن لم تكذبه ،وإ ّ
ل
لزمتها العّدة مؤاخذة لها بإقرارها.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)واعتدي( استبرئي رحمك :أي لني طلقتك سواء في ذلك المدخول بها وغيرها )وخذي طلقك(
وذوقي :أي مرارة الفراق )ول حاجة لي فيك( أي لني طلقتك .أنت وشأنك .أنت ولية نفسك،
وسلم عليك ،وكلي واشربـي ،وإنما كان هذا كناية لنه يحتمل كلي ألم الفراق واشربـي شرابه،
أو كلي واشربـي من كيسك لني طلقتك )وذهب طلقك أو سقط طلقك وطلقك واحد ل( يقع
الطلق بقوله) :طلقك عيب ول قلت كلمتك أو حكمك( وإن نوى بذلك الطلق لنها ليست من
الكنايات )وصّدق منكر نية بـيمينه( فلو اّدعت زوجته أنه نوى وأنكر صدق بـيمينه ،فإن نكل
حلفت وحكم بالطلق فربما اعتمدت على قرائن منه تجوز الحلف ،ولو قال لزوجته :إن كان
الطلق بـيدك طلقيني ،فقالت :أنت طالق فليس صريحًا ول كناية لن العصمة بـيده فل تملكها هي
بقوله ذلك ،ولو قال لزوجته :إن قبلت ضّرتك فأنت طالق فقبلها بعد موتها لم تطلق لنه ل شهوة
بعد الموت ،بخلف تعليقه بتقبـيل أمه فإنها تطلق بتقبـيله لها ميتة لنه للشفقة والكرام ،ولو قال
لزوجته :أنت طالق كلما حللت حرمت وقعت عليه طلقة ،فلو راجعها في العّدة وقعت عليه الطلقة
الثانية ،فلو راجعها وقعت عليه الثالثة وبانت سنة البـينونة الكبرى ،والمخلص له الصبر من غير
مراجعة إلى انقضاء العّدة ثم يعقد عليها.
)ولو قال طلقتك( أو أنت طالق أو نحو ذلك من سائر الصرائح والكنايات )والنوى عددًا( ثنتين أو
ثلثًا )وقع منوي( ولو في غير موطوءة ،لن اللفظ لما احتمله كان كناية فيه فوقع قطعًا ،وبذلك
ل على الرفع ل فارق ما لو نوى الستثناء فقط حيث يلغو لنه قصد رفع الطلق ثم من غير ما يد ّ
صريحًا ول كناية ،ولو نوى عددًا بصريح كأنت طالق واحدة بالنصب على الحالية من المبتدأ أو
ل للتوحيد
بالرفع على أنه خبر بعد خبر أو بالسكون أو بكناية كانت واحدة كذلك وقع المنوي حم ً
على التفّرد عن الزوج بالعدد المنوي ،ولو قال لزوجته :أنت طالق وأشار بأصبعين أو غيرهما
ل على عدد كعودين لم يقع عدد أكثر من واحدة إل بنية عند قوله :طالق ول تكفي الشارة مما د ّ
لن الطلق ل يتعّدد إل بلفظ أو نية ولم يوجد واحد منهما) .ويقع طلق الوكيل بـ(ـقوله )طلقت(
فلنة ونحوه )ولو( فّوض طلقها لجنبـي كأن )قال لخر أعطيت( أو جعلت بـيدك )طلق
زوجتي فتوكيل( فل يشترط القبول ،بل الشرط عدم الرّد فله الرجوع عن التفويض قبل الفراغ من
ل من التمليك والتوكيل يجوز لموجبه الرجوع قبل قبوله ،ويزيد التوكيل بجوازتطليقها ،لن ك ً
ذلك بعد القبول أيضًا.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ولو قال لها( أي الزوجة المكلفة ل غيرها )طلقي نفسك إن شئت فتمليك( للطلق )فيشترط(
لوقوع ذلك الطلق )تطليقها فورًا بطلقت( ول يكفي بقولها :قبلت لن تطليقها وقع جواب التمليك
فكان كقبوله وقبوله فوري ،فإن أخرت التطليق بقدر ما ينقطع به القبول عن اليجاب ثم طلقت لم
يقع .نعم لو قال طلقي نفسك فقالت :كيف يكون تطليقي لنفسي ثم قالت :طلقت وقع الطلق لنه
فصل يسير ،ول يضّر اليسير ولو أجنبـيًا كالخلع على ما اعتمده الكليلن ،ومحل اشتراط
الفورية ما لم يعلق بمتى شئت ،فإن علق بها لم يشترط فور وإن اقتضى التمليك اشتراطه على ما
اعتمده جمع خلفًا لبن حجر )وصدق مّدعي إكراه( على الطلق )أو إغماء( وقت التلفظ
ل فل( يصدق إ ّ
ل بالطلق )أو سبق لسان بـيمينه إن كان ثم قرينة( تدل على صدق دعواه )وإ ّ
بالبـينة :أي ل يصدق ظاهرًا في دعواه ما يمنع الطلق إل بقرينة كقوله لمن اسمها :طالق يا
طالق ،ولم يقصد طلقًا فل تطلق ،فإن قصد الطلق طلقت ،وإن قصد النداء والطلق وقع ،أما
باطنًا فينفعه مطلقًا :أي سواء كان هناك قرينة أم ل.
ل طلقتان ،فمن طلق زوجته ولم يستكمل ما يملكه ق وإن ق ّ فرع :لحّر طلقات ثلث ولمن فيه ر ّ
وراجعها أو جّدد نكاحها عادت له ببقية ماله ولو بعد زوج آخر سواء دخل بها أو لم يدخل كما لو
ل ما يملكه وتحللت عادت بما يملكه أيضًا ،فإن كان المر ل ،فإن استكمل ك ّ
لم تتزّوج بغيره أص ً
كذلك )حرم لحّر( أي لكامل الحرية )من طلقها ثلثًا( سواء كانت حّرة أم غيرها) ،ولعبد( أي من
ل )من طلقها ثنتين( سواء كانت أمة أو حّرة قبل الدخول أو بعده في نكاح أو أنكحة ق وإن ق ّ
فيه ر ّ
)حتى( يوجد شروط :الّول :أن تنقضي عّدة المدخول بها من المطلق.
ل )غيره( أي المطلق ولو عبدًا مكلفًا أو مجنونًا .قال عبد والثاني :أن )تنكح( نكاحًا صحيحًا رج ً
ي حّر يمكن وطؤه وفي تزويجه مصلحة ل رقيق اهـ. ال النبراوي :ومثل العبد والمجنون صبـ ّ
فل يحلل الوطء في النكاح الفاسد ول في ملك اليمين ول وطء الشبهة.
)و( الثالث :أن )يولج( أي ذلك الغير في قبلها خاصة )حشفة( منه وإن لم ينزل المني أو قدرها
في نفسها صغرت أو كبرت إذا كانت مقطوعة بخلف المفقودة خلقة فالعتبار قدر الحشفة على
حشفة غالب أمثال فاقدها ولو كان عليها حائل كأن لف عليها خرقة ويكفي تغيـيبها من غير إيلج
منه كأن نزلت المرأة عليه في يقظة أو نوم ويكفي اليلج فيها وهي نائمة.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أنه شرط في المرتجع اختيار وأهلية نكاح بنفسه ،فتصح رجعة سكران وعبد وسفيه
ومفلس ومحرم وإن لم يأذن ولي وسيد ل مرتد وصبـي ومجنون ومكره ،وشرط في المحل ستة
أمور .الّول :كون المطلقة لم يستوف عدد طلقها ولو كان الطلق بتطليق القاضي على المولي.
والثاني :كونها موطوءة ولو في الدبر ولو لم تزل بكارتها كأن كانت غوراء ،وكالوطء استدخال
المني المحترم ولو في الدبر.
والثالث :كونها مطلقة بل عوض منها أو من غيرها.
والرابع :كونها في أثناء العدة أو قبل الشروع فيها بأن طلقت حائضًا فله الرجعة في ذلك وإن لم
تشرع في العدة إل بمجيء الطهر ،أو طلقت في مدة حمل وطء الشبهة ،والمراد بكونها في العدة
ل ،كما لو شك هل راجع في العدة أم بعدها ،لن الصل بقاء العّدة وصحة الرجعة ما يشمل احتما ً
ولو قارنت الرجعة انقضاء العدة لم تصح.
والخامس :كونها قابلة للحل للمراجع ،فلو أسلمت الكافرة واستمر زوجها وراجعها في كفره لم
تصح الرجعة وإن أسلم بعد مراجعتها أو ارتدت المسلمة لم تصح مراجعتها في حال ردتها لن
مقصود الرجعة الحل والردة تنافيه ،وكذا لو ارتد الزوج أو ارتدا معًا ،بخلف ما لو أسلم هو فقط
وكانت تحل له أو أسلما معًا مطلقًا فإن النكاح يدوم فيها سواء كان قبل الدخول أو بعده ،وضابط
عدم صحة الرجعة انتقال أحد الزوجين إلى دين يمنع دوام النكاح.
والسادس :كونها معينة ،فلو طلق إحدى زوجتيه وأبهم ثم راجع بأن قال :راجعت المطلقة أو
طلقهما جميعًا ثم راجع إحداهما مبهمة لم تصح الرجعة ،ولو شك في الطلق كأن علقه على شيء
وشك في حصوله فراجع احتياطًا ثم اتضح الحال صحت الرجعة لن العبرة في العقود بما في
نفس المر بخلف العبادة فالعبرة فيها بما في نفس المر وظن المكلف.
وشرط في الصيغة لفظ يشعر بالمراد وتنجيز وعدم توقيت ،وتحصل الرجعة بالصريح والكناية،
ي ،فجملةفالصريح حاصل )براجعت زوجتي( أو رجعتك أو ارتجعتك أو أمسكتك أو رددتك إل ّ
ألفاظ الصريح خمسة وفي معناها سائر ما اشتق من مصادرها كأنت مراجعة وما كان بالعجمية
وإن أحسن العربـية ،والضافة إليه بنحو إلى أو إلى نكاحي في الرد واجبة في كونه صريحًا فإن
لم توجد كان كناية ،بخلف غيره فإنها سنة فيقول :راجعت زوجتي لعقد نكاحي وأمسكتها على
عصمتي ،أما الضافة إليها فل بد منها في جميعها إما للسم المظهر أو للضمير أو لسم الشارة
كراجعت هذه ،فإن اقتصر على راجعت كان لغوًا إل إذا وقع جوابًا لقول شخص له التماسًا،
أراجعت زوجتك؟ والكناية نحو أعدت حلك ،ورفعت تحريمك ،وتزوجتك ،ونكحتك ،واخترت
حلك ،أو اخترت رجعتك ،أو أنت زوجتي فل بد في ذلك من نية الرجعة وإل فل تصح وترجمة
الصريح صريح وترجمة الكناية كناية ،ول يشترط لصحة الرجعة الشهاد عليها لنها في حكم
استدامة النكاح ومن ثم لم يحتج لولي ول لرضاء المرأة بل يندب الشهاد ،قال الزركشي :ففي
الكناية يشهد على اللفظ ويبقى النزاع في النية ،لكن قال الشبراملسي :المصدق الزوج لن النية ل
ل منه فيقبل قوله فيها ولو بعد انقضاء العدة ول تشترط الشهادة على المرأة مع أنها عمادتعرف إ ّ
النكاح ،ويحرم الستمتاع بالرجعية ولو بمجرد النظر لن النكاح يبـيحه فيحرمه الطلق لنه
ضده ،فإن وطىء فل حّد ،وإن اعتقد حرمة الوطء للقول الضعيف في إباحته وحصول الرجعة به
ويعزر على الوطء ومقدماته حتى النظر معتقد تحريمه بخلف معتقد حله وفاعل جاهل بتحريمه
لقدامه على معصية عنده.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ولو تزوج( أي شخص حر أو رقيق )مفارقته بدون ثلث( للحر وبدون ثنتين للرقيق )ولو بعد
زوج آخر( قبل الصابة أو بعدها )عادت( له )ببقيته( أي بقية ماله من عدد الطلق ول يهدم
الزوج الثاني ما وقع من الطلق ،واحتج أصحاب الشافعي بما روي عن عمر رضي ال عنه أنه
سئل عمن طلق امرأته طلقتين وانقضت عدتها فتزوجت غيره وفارقها ثم تزوجها الّول فقال هي
ي وزيد ومعاذ وعبد ال بن عمرو بن العاص عنده بما بقي من الطلق ،وروي ذلك أيضًا عن عل ّ
رضي ال عنهم وبذلك قال عبـيدة السلماني وسعيد بن المسيب والحسن البصري وأيضًا أن الطلقة
والطلقتين ل يؤثران في التحريم المحوج إلى زوج آخر فالنكاح الثاني والدخول فيه ل يهدمان
الطلق كوطء السيد المة المطلقة وهذا عندنا خلفًا لبـي حنيفة في قوله :إن النكاح يهدم ما وقع
فتعود له بماله وهو الثلث في الحرة والثنتان في المة لن العبرة عنده بالزوجة ل بالزوج.
فصل في العدة
ل عند
وهي لغة :مأخوذة من العدد لشتمالها عليه غالبًا فمن غير الغالب ما لو كانت المرأة حام ً
ل بعد ذلك فحينئذ لم تشتمل العدة على العدد ،وشرعًا :مدةالطلق أو موت الزوج فوضعت حا ً
تتربص فيها المرأة لبراءة رحمها من الحمل فيمن تحبل وكان زوجها يولد له وكانت فرقة حياة أو
للتعبد في صغيرة أو آيسة ،وكان زوجها ل يولد له ،وكانت فرقة حياة أو لتحزنها في فرقة
الموت.
ي( بطلق أو فسخ بنحو عيب أو انفساخ بنحو لعان )وطىء( بذكر )تجب عدة لفرقة زوج ح ّ
متصل ولو في دبر ولو من نحو صبـي تهيأ للوطء ول بد من موطوءة كذلك ولو من خصي وإن
كان الذكر أشل ،وفي معنى الطلق ونحوه ما لو مسخ الزوج حيوانًا فتعتد عدة الطلق ،ومثل
الوطء استدخال المني المحترم وقت إنزاله وهو الذي خرج على وجه جائز كأن خرج بالحتلم
وإن دخل على وجه محرم كأن أدخلته زوجته على ظن أنه مني الغير ،أما قبل الوطء فل عدة
كزوجة مجبوب لم تستدخل منيه إذا علم ذلك ،أما إذا ساحقها ونزل منيه ولم يعلم هل دخل فرجها
أو ل فتجب به العدة ويلحق به الولد وتنقضي عدتها بالحمل الحاصل منه ،وكزوجة ممسوح سواء
استدخلت ماءه أو ل وإن ساحقها حتى نزل ماؤه في فرجها إذ ل يلحقه الولد.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وإن تيقن براءة رحم( كما في الصغيرة التي يمكن وطؤها واليسة وكما في المعلق طلقها على
يقين البراءة فإذا مضى لها بعد وضٍع الحمل ستة أشهر طلقت وعليها العدة تعّبدًا) ،و( تجب عدة
)لوطء شبهة( وهو كل ما لم يوجب حدًا على الواطىء وإن أوجبه على الموطوءة كوطء مجنون
أو مراهق أو مكره عاقلة بالغة ولو زنا منها ،فتلزمها العّدة لحترام الماء في المجنون حقيقة وفي
المراهق حكمًا لكونه مظنة النزال ولعدم وجوب الحد على المكره ،وما دامت المرأة في عدة
الشبهة ل يستمتع بها الزوج بوطء جزمًا وبغيره على المذهب لنها معتدة عن غيره حملً كان أو
غيره حتى تقضيها بوضع أو غيره لختلل النكاح بتعلق حق الغير بها ،ويؤخذ من هذا التعليل
حرمة نظره إليها ولو بل شهوة والخلوة بها وتكون العدة )بثلثة قروء( وإن اختلف وتطاول ما
ل من زنا فإنها تعتد بثلثة
بـينها وإن استجلبتها بدواء )على حرة تحيض( وكذا لو كانت حام ً
قروء إذ حمل الزنا ل حرمة له ،ولو جهل حال الحمل ولم يكن لحوقه بالزوج بأن ولد في وقت
أكثر من أربع سنين من وقت إمكان وطء الزوج لها كأن كان مسافرًا بمحل بعيد حمل أنه زنا،
وأما لو أمكن لحوقه به بأن ولدته في وقت دون ستة أشهر من نكاح الثاني ودون أربع سنين من
طلق الّول حكم بلحوقه للول ويبطل به نكاح الثاني ،والقرء :هو الطهر المحتوش بدمين ،فإن
طلقت طاهرًا وقد بقي من الطهر لحظة انقضت العدة بالطعن في حيضة ثالثة أو طلقت حائضًا
وإن لم يبق من زمن الحيض شيء فتنقضي عدتها بالطعن في حيضة رابعة إذ ما بقي من الحيض
ل يحسب قرءًا قطعًا ،ولو طلقت في النفاس فل بد من ثلثة أقراء بعده لن النفاس ل يحسب من
ل لم تنقض عدتها إل بالطعن في الحيضة الرابعة كمن طلقت العدة ،ولو طلقت من لم تحض أص ً
في الحيض) .و( تكون العدة )بثلثة أشهر( بالهلة )إن لم تحض( أي الحرة لصغرها أو لعلة أو
ل أو ولدت ولم تر دمًا قبل الحمل.
جبلة منعتها رؤية الدم أص ً
)أو يئست( من الحيض بعد أن رأته ،والمعتبر في اليأس يأس كل النساء في كل الزمنة باعتبار
ما يبلغنا خبره وهو اثنتان وستون سنة باعتبار الغالب ،فإن طلقت في أثناء شهر فبعده هللن
ويكمل الّول المنكسر ثلثين يومًا من الرابع وإن نقص ،فإن حاضت من لم تحض أو آيسة في
أثناء الشهر فتعتد بالقراء وجوبًا إجماعًا لنها الصل في العدة وقد قدرت عليها قبل الفراغ من
بدلها فتنتقل إليها كالمتيمم إذا وجد الماء في أثناء التيمم أو حاضت من لم تحض بعد تمام الشهر
لم تنتقل إلى القراء بخلف اليسة فإنها إن حاضت بعد تمام الشهر ولم تنكح زوجًا آخر فإنها
تعتد بالقراء لتبـين أنها ليست آيسة ،فإن نكحت آخر فل شيء عليها لنقضاء عدتها ظاهرًا مع
تعلق حق الزوج بها وللشروع في المقصود كما إذا قدر المتيمم على الماء بعد الشروع في
الصلة.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ومن انقطع حيضها( من حرة أو غيرها قبل الطلق أو بعده في العدة لعلة تعرف عند الطباء
كرضاع ونفاس ومرض ،وإن لم يرج برؤه تصبر اتفاقًا حتى تحيض فتعتد بالقراء أو حتى تيأس
فتعتد بالشهر وإن طالت المدة وطال ضررها بالنتظار ،ويمتد زمن الّرجعة إلى اليأس ومثلها
النفقة لنها تابعة للعدة وقد قلنا :ببقائها .وطريقه في الخلص من ذلك :أن يطلقها بقية الطلقات
الثلث ،أما من انقطع دمها )بل علة( تعرف عند الطباء ففيها خلف ،ففي القول الجديد المعتمد
أنها )لم تتزوج حتى تحيض أو تيأس( ببلوغها إلى سن اليأس ،وفي القديم تتربص تسعة أشهر إذ
هي مدة الحمل غالبًا ليعرف فراغ الرحم وبعدها تعتد بثلثة أشهر وهذا موافق لقول المام مالك :
تصبر سنة بـيضاء أي خالية عن الدم لن ضم الثلثة أشهر ،للتسعة سنة كاملة ،وفي قول من
القديم :تتربص أربع سنين لنها أكثر مدة الحمل فتتيقن براءة الرحم ثم إن لم يظهر حمل تعتد
بالشهر كما تعتد بالقراء المعلق طلقها بالولدة مع تيقن براءة رحمها ولهذه المرأة ولمن لم
ل استعجال الحيض بدواء. تحض أص ً
)و( تجب عدة )لوفاة زوج حتى على رجعية وغير موطوءة بأربعة أشهر وعشرة أيام( بلياليها
ل من غير زنا بأن كان من شبهة لن عدة الحمل مقدمة تقدمت أو بعد وضع الحمل إن كانت حام ً
تأخرت عن الموت بأن وطئت بشبهة في أثناء العدة وحملت فإنها تقدم عدة الشبهة وبعد وضع
ل أوالحمل تبنى على ما مضى من عدة الوفاة ،يعني أن عدة الحرة المعتدة عن وفاة إن كانت حائ ً
ل من غير الزوج أربعة أشهر وعشرة أيام بلياليها ،وإن كانت ذات أقراء وإن لم توطأ أو حام ً
كانت صغيرة أو زوجة ممسوح ذكره وأنثياه أو زوجة صبـي لم يبلغ تسع سنين ،بخلف ما إذا
بلغ أوان الحتلم فتعتد الحامل بالوضع ،ولو مات شخص عن مطلقة رجعية انتقلت إلى عدة وفاة
مع عدم حسبان ما مضى وسقطت بقية عدة الطلق وتسقط نفقتها ،أو مات عن مطلقة بائن
ل )مع
كمفسوخ نكاحها فل تنتقل إلى عدة الوفاة بل تكمل عدة الطلق ،ولها النفقة إن كانت حام ً
إحداد( أي يجب الحداد على معتدة وفاة ،ول فرق في وجوبه بـين المسلمة والذمية ولو كان
زوجها ذميًا ،ول بـين الحرة والمة ول بـين المّكلفة وغيرها ،والولي يمنع الصغيرة والمجنونة
مما تمتنع منه المكلفة.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ويستحب الحداد لبائن بخلع أو استيفاء عدد الطلق لئل تفضى زينتها لفسادها ،وفي قول قديم:
يجب عليها ،وأما المفسوخ نكاحها بعيب ونحوه ففيها طريقان :أحدهما على القول في البائن
بالطلق وقيل :ل يجب قطعًا ،وأما الرجعية فقد نص الشافعي على أن الحداد مستحب لها وذهب
بعض الصحاب إلى أن الولى أن تتزين بما يدعوه إلى رجعتها وذلك حيث رجت عوده بالتزين
ل ونهارًا ،وترك ولم يتوهم أنه لفرحها بطلقه .والحداد هو ترك لبس مصبوغ بما يقصد لزينة لي ً
ل بحب يتحلى به نهارًا كلؤلؤ ومصنوع من ذهب أو فضة أو غيرهما كنحاس إن كانت المرأة تح ّ
ممن تتحلى به ،وذلك كخلخال وسوار وخاتم وترك تطيب في بدن وثوب وطعام وكحل وترك
ل وتمسحه نهارًا، دهن شعر لرأسها وترك اكتحال بكل زينة إل لحاجة كرمد ،فتكتحل به لي ً
ويجوز للضرورة نهارًا وترك إسفيذاج :وهو ما يطلى به الوجه وترك دمام وهي حمرة يورد بها
الخّد وترك خضاب ما ظهر من البدن كالوجه واليدين والرجلين بنحو حناء وحل تجميل فراش
وأثاث وحل لها تنظف بغسل رأس وامتشاط بل ترجيل بدهن وقلم ظفر وإزالة نحو شعر عانة
وإزالة وسخ بسدر أو نحوه ،لنها ليست من الزينة الداعية إلى الجماع ،ولو تركت المحدة المكلفة
الحداد الواجب عليها كل المدة أو بعضها عصت إن علمت حرمة ذلك وانقضت العدة مع
العصيان وإن نشأت بـين العلماء ،ولو تركت التزين وكانت على صورة المحدة لم تأثم لعدم
قصده) .وتعتد غيرها( أي الحرة )بنصف( من الحرة فتعتد عن الوفاة بشهرين هلليـين وخمسة
أيام بلياليها ما لم يطأها ظانًا أنها زوجته الحرة ،وإل اعتدت بأربعة أشهر وعشرة أيام صحاح
وإن كانت عدة الوفاة ل تتوقف على الوطء .وبـيان ذلك أن يطأ زوجته المة ظانًا أنها زوجته
الحرة ويستمر ظنه إلى موته فتعتد للوفاة عدة حرة إذ الظن كما نقلها من القل إلى الكثر في
الحياة فكذا في الموت ،وتعتد ذوات الشهر عن الطلق وما في معناه من الفسخ والنفساخ بشهر
هللي ونصف شهر لمكان التنصيف في الشهر بخلف ذات القراء فتعتد عن ذلك بقرأين.
)و( إنما )كمل الطهر الثاني( لتعذر تنصيفه كالطلق إذ ل يظهر نصفه إل بظهور كله فل بد من
النتظار إلى أن يعود الدم فإن عتقت في عدة رجعة فكحرة فتكمل ثلثة أقراء ،لن الرجعية
كالزوجة في كثير من الحكام فكأنها عتقت قبل الطلق ،بخلف ما إذا عتقت في عدة بـينونة أو
وفاة لنها كالجنبـية فكأنها عتقت بعد انقضاء العدة )وتعتدان( أي الحرة ومن فيها رقّ عن فرقة
الحياة وفرقة الموت )بوضع( جميع )حمل( بشرط نسبة إلى ذي العدة حيًا كان أو ميتًا أو مضغة
ولو على غير صورة الدمي ولو مع وطء غير الدمي لتلك المرأة المعتّدة واحتمل كونه من
ل وهو موجود هنا.الزوج لن الشرط نسبته إلى ذي العّدة ولو احتما ً
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ي يصير دمًا غليظًا فإن لم يكن فيها صورة خفية فل تنقضي بها العّدة لنها ل أما العلقة ،وهي من ّ
ل وإل فتنقضي بها كما قاله ابن حجر في شرحه على المنهاج قبـيل كتاب الصلة) .و( تسمى حم ً
حلفت المرأة في انقضاء العّدة بغير أشهر من أقراء أو وضع وإن استعجلته بدواء .ويحرم
الستعجال إن نفخت فيه الروح وإل فيكره إذا أنكره الزوج ،ول يجوز لها النكاح ولها النفقة عم ً
ل
بإنكاره فيهما فـ )ـتصّدق( بـيمينها )في انقضاء عّدة( بغير أشهر )أمكن( وإن خالفت عادتها في
الحيض بأن كانت عادتها في كل شهرين حيضة فاّدعت أنها حاضت في شهر حيضة لن النساء
ل والمؤتمن على الشيء يصدق فيه بـيمينه ،وكذا تصّدق ن حيضًا وحم ًمؤتمنات على أرحامه ّ
ن اليأس ،ولها النفقة وخرج بانقضاء العّدة غيره كنسب المرأة في بقاء العّدة وإن وصلت إلى س ّ
ل ببـينة على الولدة بعد مض ّ
ي كأن تدعى أن هذا الحمل من وطء فلن لها بشبهة فل يقبل قولها :إ ّ
مّدة من إمكان الوطء يمكن فيها ذلك ،وخرج بغير الشهر انقضاؤها بالشهر فيصّدق الزوج
بـيمينه ،ولو انعكست الصورة فادعى النقضاء وقال طلقتك في رمضان فقالت :بل في شّوال
صدقت بـيمينها لنها غلظت على نفسها ،وهذا بالنسبة لتطويل العّدة خاصة ،وأما النفقة فإنها ل
تستحقها في المدة الزائدة على ما يقوله الزوج وله أن يتزّوج أختها وخرج بإمكان النقضاء ما إذا
لم يمكن كقرب الزمن من الطلق فيصدق بـيمينه ،أما في حق الصغيرة فكان ينبغي الزوج بل
يمين ،وأما في حق اليسة فيصّدق الرجل تقوية لجانبه لن المرأة ما دامت حية فحيضها ممكن.
)ول يقبل دعواها( أي المرأة )عدم انقضائها( أي العّدة )بعد تزوج( لرجل آخر )وتنقطع عّدة(
بالقراء والشهر )بمخالطة رجعية ول رجعة بعدها( أي العّدة الصلية ويلحقها الطلق إلى
انقضاء العدة احتياطًا وتغليظًا عليه لتقصيره ،ول يصح منها إيلء ول ظهار ول لعان ول نفقة
ول كسوة لها ،ويجب لها السكنى ول يحد بوطئها وله أن يتزّوج برابعة ،والمراد بالمخالطة أن
ل أو نهارًا والخلوة بها كذلك وغير يدوم على حالته التي كان معها قبل الطلق من النوم معها لي ً
ذلك.
والحاصل أنه إن عاشرها بغير وطء كخلوة أو بوطء فإن كانت رجعية لم تنقض عّدتها بالقراء ل
بالشهر بالنسبة للحوق الطلق وانقضت بالنسبة للرجعة فل رجعة بعد القراء أو الشهر
وللتوارث فل توارث بـينهما ،فإذا زالت المعاشرة بأن نوى أنه ل يعود إليها أتمت على ما مضى
من عّدتها قبل المعاشرة إن كان وإل فل معاشرة بأن استمرت المعاشرة من حين الطلق
فتستأنف العّدة من حين زوال المعاشرة ،وإن كانت بائنًا فل عبرة بالمعاشرة بغير وطء ول بوطء
بل شبهة ،أما إن عاشرها بوطء بشبهة فكالرجعية في أنها ل تتزّوج حتى تنقضي عدتها من
انقطاع المعاشرة ،وليست كالرجعية مطلقًا فل يلحقها الطلق ،وله أن يتزّوج نحو أختها ،أما عدة
الحمل فل أثر للمعاشرة فيها ولو مع الوطء فتنقضي بوضعه.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
فرع في الستبراء ،وهو التربص بالمرأة منها أو من سيدها مدة بسبب حدوث الملك أو زواله أو
بسبب تجدد حل الوطء لبراءة الرحم فيمن تحبل أو للتعبد في الصغيرة واليسة والمشتراة من
ي بعقد وليه :فالّول :كما في المسبـية والمشتراة والموروثة .والثاني :كما في المة امرأة أو صبـ ّ
التي أعتقها سيدها بعد وطئها وأراد تزويجها لغيره .والثالث :كما في المطلقة قبل الدخول
والمكاتبة إذا عجزت عن أداء النجوم ،والمرتدة إذا أسلمت.
)يجب استبراء لحل( في تمتع أو تزويج بسببـين .أحدهما) :بملك أمة( أي بحدوثه ولو معتدة من
غيره بشراء ،أو إرث ،أو وصية ،أو سبـي ،أو رّد بعيب ولو بل قبض في الجميع أو هبة بقبض.
ي أم من امرأة أم ممن )وإن تيقن براءة رحم( كصغيرة وآيسة وبكر ،وسواء أملكها من صبـ ّ
استبرأها بالنسبة لحل التمتع ،أما بالنسبة لروم التزويج فقد ل يجب الستبراء) .و( ثانيهما:
)بزوال فراش عن أمة موطوءة( غير مستولدة )أو مستولدة بعتقها( أو بموت السيد عنها كزوال
فراش الحرة الموطوءة ،أما عتيقة قبل وطء فل استبراء عليها قطعًا ،ولو استبرأ السيد أمة
موطوءة له غير مستولدة فأعتقها لم يجب إعادة الستبراء وتتزّوج في الحال.
)ول يصح تزويج موطوءته( مستولدة كانت أو ل )قبل استبراء( حذرًا من اشتباه الماءين ،أما
غير موطوءة فإن كانت غير موطوءة لحد فله تزويجها من كل أحد بل استبراء أو موطوءة
غيره فله تزويجها ممن الماء منه ،وكذا من غير صاحب ذلك الماء إذا كان الماء غير محترم أو
استبرأها من انتقلت منه إليه ،ويجوز نكاح موطوءته مستولدة كانت أو ل بل استبراء إن أعتقها
كما يجوز تزّوجه المعتدة منه) .وهو( أي الستبراء )لذات أقراء حيضة( واحدة بعد انتقال ملكها
إليه ،وإن لم يقبضها فل يكفي بقية الحيضة التي وجد السبب في أثنائها ،فإذا كان المة تحيض ثم
ن اليأس فتستبرىء بشهر انقطع حيضها صبرت حتى تحيض فتستبرىء بحيضة كاملة أو تبلغ س ّ
)ولذات أشهر( ممن لم تحض أو أيست )شهر( ما لم تحض فيه ،وإل حصل استبراؤها بالحيضة
لنها صارت من ذوات القراء.
)ولحامل ل تعتد بالوضع( كمزّوجة ومسبـية غير مزّوجة )وضعه( أي الحمل .قالعبد ال
النبراوي :ول يلزم توقف الستبراء على وضع حمل الزنا فإن الستبراء يحصل بالسبق من
ي الشهر إن كانت ل تحيض) .وتصّدق( أي المستبرأة بل يمين )في قولها الوضع والحيض ومض ّ
ل من جهتها لنها لو نكلت لم يقدر السيد على الحلف على عدم حضت( .لن الحيض ل يعلم إ ّ
ل له وطؤها على الوجه قياسًا على ما لو اّدعت التحليل
ن كذبها ح ّالحيض ،وإذا صدقناه وظ ّ
فكذبها.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وحرم( قبل تمام استبراء في مسبـية ومشتراة من حربـي وطء دون غيره كقبلة ولمس ونظر
بشهوة لن ابن عمر قبل أمة وقعت في سهمه قبل الستبراء لما نظر عنقها كابريق فضة أو
كسيف من فضة فلم يتمالك الصبر عن تقبـيلها والناس ينظرونه ولم ينكر أحد عليه .رواه
البـيهقي .ومحل امتناع الوطء ما لم يخف الزنا فإن خافه جاز له كما قاله الشبراملسي ،وحرم
)في غير مسبـية تمتع( بوطء كما في المسبـية وبغيره كنظر بشهوة )قبل استبراء( لدائه إلى
الوطء المحرم ،وإنما حل في المسبـية لن غايتها أن تكون مستولدة حربـي ،وذلك ل يمنع الملك
أي فل يحرم التمتع وإنما حرم الوطء صيانة لمائه عن اختلطه بماء الحربـي ل لحرمة ماء
الحربـي بمعنى أننا ل ندري هل هو من حربـي أو غيره فل ينافي أن الرحم إذا اشتّد فمه ل يقبل
ي آخر .نعم الخلوة بها جائزة ول يحال بـينه وبـينها لتفويض الشرع أما الستبراء إلى أمانته إ ّ
ل من ّ
إذا كان السيد مشهورًا بالزنا وعدم المسكة وهي جميلة فيحال بـينه وبـينها .ولو وطىء السيد قبل
الستبراء أو في أثناء الحيض لم يحتج لستبراء ثان وإن أثم به ،فإن حملت منه قبل الحيض بقي
تحريمها إلى وضعها ،أو حملت منه في أثنائه حلت بانقطاعه لتمامه ،هذا إن مضى قبل وطئه أقل
ل فل تحل له حتى تضع كما لو أحبلها قبل الحيض ومع ذلك المذكور الولد حر في الحيض وإ ّ
المسألتين.
فصل في النفقة والكسوة والسكان
)يجب لزوجة( ولو ذمية أو أمة أو مريضة أو رفيعة في النسب والقدر )مكنت( من نفسها
بالتمكين التام نفقة وكسوة وإسكان وذلك لما أباح ال للزوج أن يضر المرأة بثلث ضرائر
ويطلقها ثلثًا ،جعل لها ثلثة حقوق :النفقة ،والكسوة ،والسكان ،وهو يتحملها بالمشقة غالبًا
لضعف عقلها ،فكان له عليها ضعف مالها من الحقوق وهو الستة المتقدمة الثلث ضرائر
والطلقات الثلث ،والمراد بالزوجة هي الزوجة حقيقة وهي التي في العصمة أو حكمًا فتدخل
ل ،والبائن الحامل فيجب لهما ما يجب للزوجة ما عدا آلة التنظيف ،ولذا الرجعية وإن كانت حائ ً
قال) :ولو رجعية( وقد جمع بعضهم ما يجب للزوجة فقال:
حقوق إلى الزّوجات سبع ترتبت
على الزوج فاحفظ عّدها ببـيان
طعام وأدم كسوة ثم مسكن
وآلة تنظيف متاع لبنيان
من شأنها الخدام في بـيت أهلها
على زوجها فاحكم بخدمة إنسان
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والمراد بالبنيان البـيت ،ومعنى متاع لبنيان فرش البـيت الذي تجلس عليه ،أو تنام عليه ،أو
تتغطى به ،وهو شامل أيضًا للة الطبخ وللة الكل والشرب ،وخرج بالتمكين التام التمكين غير
التام ،كما إذا كانت صغيرة ل تطيق الوطء ،ولو تمتع بالمقدمات ،وما إذا كانت أمة مسلمة له
ل أو في نوع من التمتع دون آخر، ل أو بالعكس ،وما إذا مكنت في دار مخصوصة مث ً نهارًا ل لي ً
أو كانت معتّدة عن شبهة فل نفقة لها ،ولو وقع التمكين في أثناء اليوم أو الليلة وجب لها من النفقة
بقسطه من الباقي ،بخلف ما لو نشزت وعادت لم يجب لها شيء نفقة اليوم أو الليلة ،فإن كانت
قبضتها فله استردادها ،ونفقة الزوجة مقدرة على الزوج ولو صغيرًا بحسب حاله ،ودليل التفاوت
قوله تعالى} :لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه{ )) (65الطلق :الية (7أي ضيق
}فلينفق مما أتاه ال{ )) (65الطلق :الية (7وبـيان ذلك أنه يجب بفجر كل يوم )مّد طعام( من
غالب قوت مكانها ويجب تسليمه لها بقصد أداء ما لزمه من غير افتقار إلى لفظ )على معسر( في
فجر كل يوم )ولو مكتسبًا( أي ولو كان كسبه واسعًا جدًا )ورقيق( ولو مكاتبًا ومبعضًا ولو
موسرين ،وإنما ألحقا بالمعسر لضعف ملك المكاتب ونقص حال المبعض.
)ومدان على موسر( وهو من ل يصير بتكليفه مدين معسرًا )ومد ونصف على متوسط( وهو من
يرجع بذلك معسرًا وذلك )إن لم تواكله( فإن أكلت رشيدة برضاها أو غير رشيدة برضاها أو غير
رشيدة بإذن وليها مع الزوج أكل كالعادة بأن تتناول كفايتها عادة سقطت نفقتها لكتفاء الزوجات
بذلك في العصار وجريان الناس عليه فيها ،ومن جملتهم المجتهدون لن الجماع ل يكون إل
منهم ،أما إن كانت غير رشيدة فأكلت معه بغير إذن وليها لم تسقط نفقتها بذلك ويكون الزوج
متطوعًا فل رجوع له عليها بشيء من ذلك إن كان غير محجور عليه وإن قصد به جعله عوضًا
عن نفقتها ،وإل فلوليه الرجوع عليها ،وأما لو أكلت معه دون الكفاية طالبته بالتفاوت بـين ما
أكلته وكفايتها في أكلها المعتاد ،ويعرف ذلك بعادتها في الكل بقية اليام ،ومثل ذلك ما لو
أضافها شخص إكرامًا له وحده فتسقط نفقتها ،بخلف ما لو أضافها إكرامًا لهما فينبغي سقوط
النصف أو لها فل يسقط شيء من النفقة ويجب ما ذكر )بأدم( أي مع أدم غالب محل الزوجة،
ل فصل ما يعتاد الناس فيه حتى الفواكه ،فيجب من الدم ويختلف بالفصول الربعة ،فيجب في ك ّ
ب الشافعي التوسعة يوم الجمعة ،والوجه وجوب سراج لها أّول الليل في ما يليق بالقوت .واستح ّ
ل جرت العادة باستعماله فيه ،ولها إبداله بغيره )وملح وماء شرب ومؤنة( كأجرة طحن وخبز مح ّ
وطبخ ،وإن اعتادت فعل ذلك بنفسها ،وكذا مؤنة اللحم وما يطبخ به من الحطب الذي يوقد به وإن
أكلته نيئًا )وآلة( لكل وشرب وطبخ واغتسال كقدر وقصعة ومغرفة وكوز وجّرة ونحوها،
ويكفي كونها من خزف أو حجر أو خشب والزيادات على ذلك من رعونات النفس.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( يجب لها على الزوج لفصلي الشتاء والصيف كسوة على قدر الكفاية ،وتختلف بطول المرأة
ل ستة أشهر )قميص( وقصرها وهزالها وسمنها ،وباختلف البلد في الحّر والبرد فيجب في ك ّ
وهو ثوب مخيط يستر أعلى البدن وفي تعبـيره بقميص إشعار بوجوب الخياطة على الزوج
)وإزار وخمار( لرأسها أو مما يقوم مقامه ،ويجب الجمع بـين الخمار والمقنعة ،ولو اعتادوا
العري وجب ستر العورة لحق ال تعالى ،وتجب بقية الكسوة ل ستر ما بـين السّرة والركبة فقط،
بخلف الرقيق ،والفرق أن كسوة الزوجة تمليك ومعاوضة ،وإن لم تلبسها ولم تحتج إليها ،وكسوة
الرقيق إمتاع )ومكعب( بضّم ففتح أو بكسر فسكون ففتح :وهو ما يداس فيه ،ويلحق به القبقاب إل
إذا لم يعتادوه )مع لحاف لشتاء( أي في وقت البرد ولو في غير الشتاء.
)و( يجب )عليه( لها )آلة تنظيف( من الوساخ التي تؤذيها ،وذلك )كمشط( وخلل وسدر
)ودهن( ولو لجميع بدنها ،ويتبع في الدهن عرف بلدها ،فإن اّدهن أهله بزيت أو شيرج أو سمن
ل وجب ،ويرجع في مقداره إلى كفايتها كل أسبوع )ل( يجب لها عليه أو زيت مطيب بورد مث ً
)طيب( ول خضاب ول كحل ول ما تتزين به ،ومنه ما جرت به العادة من استعمال الورد ونحوه
في الصداغ ونحوها للنساء فل يجب على الزوج ،لكن إذا أحضره لها وجب عليها استعماله إذا
طلب تزيـينها به) .و( ل يجب لها عليه )دواء( ول أجرة طبـيب وحاجم ونحو ذلك ،ويجب لها
طعام أيام المرض ولها صرفه في الدواء ونحوه كإسفيذاج ،ويجب لها عليه ماء غسل بسببه
كوطئه وولدتها منه ،بخلف الحيض والحتلم لن الحاجة إلى الماء في الّول من قبل الزوج
بخلفها في الثاني ،ويقاس بذلك ماء الوضوء فيفرق بـين أن يكون بمسه وأن يكون بغيره وعليه
أجرة القابلة ،ويلحق بالحتلم استدخالها لذكر الزوج وهو نائم أو مغمى عليه ،وإن حبلت لعدم
فعله كغسل زناها ولو مكرهة وولدتها من وطء شبهة فماء هذه عليها دون الواطىء ،ويلحق بماء
الوضوء ماء غسل نجاسة )و( يجب )عليه( لها )مسكن يليق بها( عادة من دار أو حجرة أو
غيرهما كشعر أو خشب أو قصب ،وإن كانت من قوم ل يعتادون السكنى وذلك بحيث تأمن فيه
ل ما كان تمليكًا كالنفقة والكسوة والواني يراعى فيه
ل .والقاعدة :أن ك ّ
على نفسها ومالها وإن ق ّ
حال الزوج ،وما كان إمتاعًا كالمسكن والخادم يراعى فيه حال الزوجة .وقد نظم بعضهم ذلك
فقال:
ما كان إمتاعًا كمسكن وجب
لمرأة فراع حالها تثب
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أن المثبت للفسخ خمسة قيود :العسار ،وكونه بالنفقة ،وكونها نفقة الزوجة وماضية،
وكونها نفقة معسر ،لكن مثل النفقة الكسوة والمسكن فل فسخ بالعسار عن الواني والفرش ولو
لما ل بد منه للشرب والجلوس والنوم وإن لزم أن تنام على البلط والرخام المضر) .و( ل فسخ
بإعسار بمهر أو نحو نفقة )قبل ثبوت إعساره( أي الزوج )عند قاض( أو محكم بشرط أن يكون
مجتهدًا ولو مع وجود قاض أو مقلدًا وليس في البلد قاضي ضرورة فل بد من الرفع إليه ،ويثبت
إعسار الصغير بالبـينة كغيره وإعسار غيره بها إن عرف له مال وإل كفى اليمين على المعتمد.
)فـ( ـإذا ثبت العسار )يمهل( أي القاضي أو المحكم وجوبًا )ثلثة( من اليام بلياليها ولو في
المهر على المعتمد وإن لم يطلب الزوج المهال ليتحقق عجزه فإنه قد يعجز لعارض ثم يزول
ل بكسب أو وهي مدة قريبة يتوقع فيها القدرة بقرض أو غيره ،ولها خروج فيها لتحصيل نفقة مث ً
ل لنه وقت الراحة ،وليس لها منعه من التمتع في غير أوقات سؤال وعليها رجوع إلى مسكنها لي ً
التحصيل.
)ثم( بعد المهال )يفسخ هو( أي القاضي بنفسه أو نائبه صبـيحة الرابع ،فإن سلم نفقة الرابع فل
فسخ لتبـين زوال ما كان الفسخ لجله ،فإن أعسر بعد أن سلم نفقة اليوم الرابع بنفقة الخامس ثبت
ل ،فمتى أنفق ثلثة أيام متوالية وعجز استأنفت ،وإن أنفق دون الفسخ على المّدة فلها الفسخ حا ً
الثلثة بنت على ما قبله .والحاصل أنه إن تخلل بـين اليسار والعسار دون ثلثة ثبت وإل
استأنفت )أو هي( أي الزوجة )بإذنه( أي القاضي لها في الفسخ لنه مجتهد في ذلك العسار
كالعنة ،فل ينفذ منها قبل ذلك الذن ظاهرًا ول باطنًا ،وعّدتها تحسب من وقت الفسخ ،وليس لها
مع علمها بالعجز الفسخ قبل الرفع إلى القاضي أو المحكم ول بعده قبل الذن فيه .نعم إن عجزت
ل وفسخت نفذ الفسخ عن الرفع إلى القاضي أو المحكم كأن قال لها :ل أفسخ حتى تعطيني ما ً
ظاهرًا وباطنًا للضرورة ،وإن لم يكن في محلها قاض ول محكم استقلت بالفسخ فتقول :فسخت
نكاحي .وصورة المسألة أن الرفع للقاضي سبق إذ ل عبرة بمهلة بل قاض ،وكذا يقال فيما سبق.
قال بعضهم :والقياس لزوم الشهاد لها ،وسئل الرملي عن شخص غاب عن البلد فهل تفسخ عليه
زوجته في صبـيحة الرابع كالحاضر أو كان الحكم خاصًا بالحاضر؟ .فأجاب بأنه إن شهدت بـينة
شرعية بأنه معسر الن عن نفقة المعسرين ولو باستنادها إلى الستصحاب بشرطه أمهله الحاكم
ثلثة أيام ومكنها من الفسخ صبـيحة الرابع ،وحينئذ فالحكم شامل للحاضر والغائب.
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)مهمات( :سئل بعضهم عن رجل يملك عصابة عليها ذهب وفضة ولؤلؤ دفعها لزوجته على
السكوت من غير أن يذكر لها أنها وديعة أو هبه فهل تملكها بمجرد وضع اليد عليها أم كيف
الحال؟ .فأجاب بقوله :العصابة المذكورة أمانة شرعية بـيد الزوجة المذكورة ،وللزوج نزعها
ي وقت أراده لنها ملكه ولم يصدر منه صيغة شرعية تنقل ملكه عنها للزوجة منها قهرًا عليها أ ّ
فهي باقية على ملكه ،وما اشتهر على ألسنة العامة من أن كل شيء تتمتع فيه المرأة يصير ملكًا
لها كلم باطل ل أصل له ،ولو اختلف الزوجان أو وارثاهما أو أحدهما ووارث الخر في أمتعة
ل فلكل تحليف الخر إن لم يكن بـينة ول اختصاص بـيد، دار فإن صلحت لحدهما فقط فله ،وإ ّ
فإن حلفا جعلت بـينهما ،وإن نكل أحدهما حلف الخر وقضى له بها ،ولو اشترى حليًا وديباجًا
وزينها بذلك ل يصير ملكًا لها بذلك التزيـين ،ولو اختلفت هي والزوج في الهداء والعارية
صدق ،ومثله وارثه ،ولو جهز بنته بجهازه لم تملكه إل بإيجاب وقبول ،والقول قوله :إنه لم
يملكها ،ويؤخذ من ذلك أن ما يعطيه الزوج مصلحة أو صباحية كما اعتيد ببعض البلد ل يملك
إل بلفظ أو قصد إهداء ،وأما مصروف العرس فليس بواجب ،فإذا صرفته بإذنه ضاع عليه ،وأما
الدفع أي المهر فإن كان قبل الدخول استرّده :أي استرّد نصفه وإل فل لتقرره به فل يسترد
ل ،أو بالدخول ،والمصلحة :هي ما يناوله الزوج لزوجته من دراهم أو دنانير وقت لقائه معها لي ً
ل من لقائه ،والصباحية :هي ما يأكله الضيوف وقت الصباح في ليلة دخوله من ثياب بعد يوم مث ً
ل وغيرها من السراج وغيره. بها من طعام ،والمصروف :ما يصرف للريكة مث ً
رقم الصفحة273 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب الجناية
أي على البدان ،عبر بها دون الجراح لشمولها القتل بسّم ،أو مثقل ،أو سحر .والقتل ظلمًا أكبر
الكبائر بعد الكفر ومثبت لستحقاق العقوبة في الدنيا والخرة ،ول يتحتم دخول القاتل في النار
ول يخلد فيها وأمره إلى ال إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ،وتقبل توبته ،أما الخلود في الية
فمحمول على طول المدة أو محمول على من استحله وبالقود أو العفو ل تبقى مطالبة أخروية،
وما أفهمه بعض العبارات من بقائها محمول على حقه تعالى ،إذ ل يسقطه إل توبة صحيحة.
والجناية على البدن ثلثة عمد وشبهه وخطأ.
)ل قصاص إل في عمد( ظلم )وهو قصد فعل وشخص( أي إنسان مع ظن كونه إنسانًا )بما يقتل(
ض رأسه بحجر كبـير )وقصدهما( أي الفعل بالنسبة لذلك النسان كسيف أو مثقل ،كأن ر ّ
والنسان وإن ظن كونه غير إنسان )بغيره( أي غير ما يقتل )شبه عمد( سواء أقتل كثيرًا أم نادرًا
كضربة يمكن عادة إحالة الهلك عليها بخلفها بنحو قلم أو مع خفتها جدًا أو ثقلها مع كثرة الثياب
فموته موافقة قدر ،وكذا بما قتل غالبًا حيث لم يقصد عين المقتول ،ومن شبه العمد ضرب بسوط
أو عصا خفيفين بل توال ،ولم يكن الضرب بمقتل ،ولم يكن بدون المضروب نحيفًا ول ضعيفًا،
ولم يقترن بشدة حر أو برد وإل فعمد ،وكالتوالي ما لو فرق الضربات وبقي ألم كل إلى ما بعده،
)وعدم قصد( الفعل وعين النسان ،أو قصد )أحدهما( بأن لم يقصد الفعل ،كأن زلق فوقع على
غيره فمات .أو قصد الفعل وقصد عين إنسان فأصاب غيره من الدميـين )خطأ( فخرج
بالدميـين الجن فإنه ل يضمن لن الشارع لم يتكلم عليه في القود ،ولنه ل يعلم مكافأته،
والحيوانات فإنها تضمن من غير تفصيل ،والوقوع منسوب للواقع ،وفقد قصد الفعل يلزمه فقد
الشخص ،وعكسه محال وهو قصد الشخص دون الفعل.
واعلم أن الفعل غير المزهق ينقسم إلى ثلثة أيضًا :فلو غرز إبرة بمقتل كالدماغ والعين والحلق
والخاصرة فمات فعمد ،وكذا لو غرزها بغيره كاللية والفخذ إن تألم تألمًا شديدًا دام به حتى مات
ل فهو عمد لذلك ،وهذا إذا كان الغرز في بدن غير صغير ،أو شيخ هرم ،أو ضعيف الخلقة ،وإ ّ
مطلقًا قطعًا ،فإن لم يشتّد اللم أو اشتّد ثم زال ومات في الحال أو بعد زمن يسير فشبه عمد ،ولو
غرزها فيما ل يؤلم كجلدة عقب ولم يتألم به فمات فل شيء فيه بحال من قصاص أو دية لنه لم
يمت به ،والموت عقبه موافقة قدر ،ولو منعه طعامًا أو شرابًا وطلبًا له حتى مات فإن مضت مدة
من ابتداء منعه يموت مثله فيها غالبًا جوعًا أو عطشًا فعمد لظهور قصد الهلك به ،وإن لم
تمض المّدة المذكورة فإن لم يسبق منعه جوع عطش فشبه عمد ،وإن سبقه وعلمه المانع فعمد،
وإن لم يعلمه فنصف دية شبه العمد ،وخرج بالمنع ما لو أخذ طعامه أو شرابه بمفازة وحده فيها
فمات بذلك فهدر ،لنه لم يحدث فيه صنعًا كما قاله السنباطي ،ومثل المنع من الطعام التعرية عن
الثياب وقت البرد والدخن بالدخان.
رقم الصفحة310 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ولو وجد( في واحد حال كون الفعلين )من شخصين معًا( أي حال كونهما مقترنين في زمن
الجناية بأن تقارنا في الصابة )فعلن مزهقان( أي مخرجان للروح )مذففان( أي مسرعان للقتل
)كحّز( أي قطع للرقبة )وقّد( أي شق للبدن )أول( أي غير مذففين )كقطع عضوين( أو عضو من
واحد ،وأعضاء كثيرة من آخر فمات المقطوع منهما )فقاتلن( يجب عليهما القصاص ،فإن آل
ب جرح له نكاية فيالمر إلى الدية وزعت على عدد الرؤوس ل العضاء والجراحات إذ ر ّ
الباطن أكثر من جروح ،وإن كان أحدهما مذففًا دون الخر ،فالمذفف هو القاتل فل يقتل الخر،
وإن شككنا في تذفيف جرحه لن الصل عدمه والقود ل يجب بالشك مع سقوطه بالشبهة) ،أو(
وجد الفعلن من اثنين في واحد )مرتبًا فالّول( هو القاتل )إن أنهاه( أي أوصله )إلى حركة
مذبوح( بان لم يبق في المضروب إبصار واختيار ونقطه وحركته لنه صيره إلى حالة الموت،
ول فرق في فعل الّول بـين كونه عمدًا أو خطأ أو شبه عمد )ويعزر الثاني( لهتكه بحرمة ميت
وإن لم ينهه الّول إلى حركة مذبوح ،فإن ذفف الثاني كحز بعد جرح فهو القاتل وعلى الّول
ل وإن لم يذفف الثاني أيضًا ومات المجنى عليه بالجنايتين كأن أحافاه أو
ضمان جرحه قودًا ،أو ما ً
قطع الّول يده من الكوع والثاني من المرفق فهما قاتلن بطريق السراية فعليهما الضمان.
واعلم أن أركان القود في النفس ثلثة :قتيل ،وقاتل ،وقتل ،وأن أركانه في الطراف ثلثة أيضًا:
قاطع ،ومقطوع ،وقطع ،وأن أركانه في المعاني كذلك :مزيل ،ومزال ،وإزالة) .وشرط( لوجوب
القصاص في القتل كونه عمدًا ظلمًا فل قود في الخطأ وشبه العمد وغير الظلم بأن كان قصاصًا و
)في قتيل عصمة( بإيمان أو أمان :كعقد جزية ،أو عهد ،أو أمان مجرد ،أو ضرب رق لنه
ل للمسلمين ومالهم في أمان لعصمته حينئذ فيهدر صائل بالنسبة لكل أحد بضرب الرق يصير ما ً
إذا تعين قتله في دفع شره ومن عليه قصاص بالنسبة لقاتله لستيفائه حقه ،أما بالنسبة لغيره
كغيره في العصمة ،وحربـي ولو صبـيًا وامرأة وعبدًا ،ومرتد في حق معصوم فيقتل بمرتد مثله،
وزان محصن قتله مسلم ليس كذلك لستيفائه حد ال تعالى سواء أثبت زناه بإقراره أم ببـينة ،أما
لو قتله مثله أو مرتد أو ذمي فيقتل به.
)و( شرط في )قاتل( أمران )تكليف( ولو من سكران أو ذمي أو مرتد ،فل يقتل صبـي ومجنون
حال القتل وإن تقطع جنونه ،ولو قال :كنت وقت القتل صبـيًا وأمكن صباه فيه ،أو مجنونًا وعهد
جنونه قبله حلف فيصدق ،أو قال :أنا صبـي الن وأمكن فل قصاص ول يحلف على صباه
)ومكافأة( أي مساواة من المقتول لقاتله حال الجناية بأن ل يفضل قتيله حينئذ )بإسلم( أو أمان
)أو حرية( كاملة )أو أصالة( أو سيادة فل يقتل مسلم ولو زانيًا محصنًا بكافر ولو ذميًا خلفًا لبي
حنيفة ،وإن ارتد المسلم لعدم المكافأة حال الجناية إذ العبرة في العقوبات بحالها ،ويقتل ذو أمان
بمسلم وبذي أمان وإن اختلفا دينًا أو أسلم القاتل ولو قبل موت الجريح لتكافئهما حال الجناية،
ويقتل مرتد حربـي لذلك ،ول يقتل حر بغيره ولو مبعضًا لعدم المكافأة ،ول مبعض بمثله ،وإن
فاته حرية كأن كان نصف المقتول حرًا وربع القاتل حرًا ،ويقتل رقيق برقيق وإن عتق القاتل ولو
قبل موت الجريح ل مكاتب برقيقه الذي ليس أصله ،ول قود بـين رقيق مسلم وحر كافر ،ويقتل
فرع بأصله ل أصل بفرعه ،ول أصل لجل فرعه كأن قتل رقيقه ،أو زوجته ،أو عتيقه ،أو أمه،
أو زوجة نفسه وله منها ولد لنه إذا لم يقتل بجنايته على فرعه ،فلن ل يقتل بجنايته على من له
في قتله حق أولى.
رقم الصفحة310 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ويقتل جمع بواحد( لن عمر رضي ال عنه قتل سبعة أو خمسة من أهل صنعاء برجل واسمه
أصيل ،وسببه :قتله زوجة أبـيه فقتلوه غيلة:أي على غفلة في موقع خال ،وقال :لو تمال عليه أهل
ي رضي ال عنه ثلثة بواحد ،وقتل المغيرة سبعة بواحد ،وقال صنعاء لقتلتهم جميعًا به ،وقتل عل ّ
ابن عباس :إذا قتل جماعة واحدًا قتلوا به ولو كانوا مائة .وحاصل ذلك أنهم إذا ألقوه من شاهق
جبل ،أو في ماء ،أو نار قتلوا مطلقًا :أي سواء تواطئوا أو ل ،وأما إذا قتلوه بجراحات أو
ضربات فيفصل ،فإن كان فعل كل يقتل لو انفردوا قتلوا مطلقًا أيضًا ،وإن كان فعل كل ل يقتل لو
ل فل يقتلون وتجب الدية ،وكل ذلك إذا انفرد لكن له دخل في القتل فيفصل ،فإن تواطئوا قتلوا وإ ّ
ل فصاحب ذلك الفعل ل دخل له ل في كان فعل كل له دخل في القتل فإن كان خفيفًا ل يؤثر أص ً
قصاص ول دية ،وأما إذا كان فعل بعض يقتل لو انفرد وفعل بعض ل يقتل لو انفرد لكن له دخل
في القتل في الجملة ،فصاحب الّول يقتل مطلقًا وصاحب الثاني يقتل إن تواطئوا وإل فل يقتل بل
ي العفو عن بعضهم بحصته من الدية وقتل البعض الخر وعن تجب حصته من الدية ،وللول ّ
جميعهم على أخذ الدية ،ثم إن كان القتل بجراحات وزعت الدية باعتبار عدد الرؤوس لن تأثير
الجراحات ل ينضبط وقد يزيد ضرر الجرح الواحد على جراحات كثيرة فتوزع الدية على
عددهم ،فعلى الواحد من العشرة عشرها وسواء كانت جراحات بعضهم أفحش أو جراحات
بعضهم أكثر أم ل ،ولو كانت جراحات بعضهم ضعيفة ل تؤثر في الزهوق كالخدشة الخفيفة فل
اعتبار بها ،وإن كان بالضرب فعلى عدد الضربات لنها تلقي الظاهر ،ول يعظم فيها التفاوت
بخلف الجراحات وذلك حيث اتفقوا على عدد الضربات ،فإن اتفقوا على أصل الضرب واختلفوا
في عددها أخذ من كل المتيقن ووقف المر فيما بقي إلى الصلح ،ولو ضربوه بسياط فقتلوه
وضرب كل منهم ل يقتل لو انفرد ومجموعها يقتل غالبًا قتلوا إن تواطئوا على ضربه وإل بأن
وقع الضرب اتفاقًا فدية العمد تجب عليهم باعتبار عدد الضربات ،وإنما لم يعتبر التواطؤ في
الجراحات ونحوها لن ذلك يقصد به الهلك بخلف الضرب بنحو سوط ،أما إذا كان ضرب
كل منهم يتقل فيقتلون مطلقًا ،وإذا آل المر إلى الدية وزعت على الضربات )موجب العمد( في
نفس أو طرف وهو بفتح الجيم أي مسبب العمد )قود( بفتح الواو أي قصاص سمي قودًا لنهم
يقودون الجاني وغيره بحبل أو نحوه.
رقم الصفحة310 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)والدية( في النفس وأرش غيرها )بدل( عن المجنى عليه عند سقوط القصاص بموت الجاني ،أو
إرث بعض القصاص أو بعفو عنه على الدية ،فلو عفا المستحق عن القصاص مجانًا كأن يقول:
عفوت عنك بل دية أو مطلقًا بأن لم يتعرض للدية بالثبات ول بالنفي فل شيء لن القتل ل
يوجبها والعفو إسقاط ثابت وهو القود ل إثبات معدوم وهو الدية ،والعفو سنة مؤكدة وبغير مال
أفضل )وهي( أي الدية الواجبة ابتداء كما في قتل الوالد ولده على نوعين ،أما الدية الواجبة بد ً
ل
عن القود ل تكون إل مغلظة :الّول :مغلظة من وجه واحد كما في شبه العمد ،وهو كون الدية
ن.
مثلثة أو من ثلثة أوجه كما في العمد ،وهي كونها على الجاني وحالة ومن جهة الس ّ
والثاني :مخففة من وجهين كما في شبه العمد وهما وجوبها على العاقلة ووجوبها مؤجلة في ثلث
سنين أو من ثلثة أوجه كما في الخطأ ،وهي كونها مخمسة وعلى العاقلة وكونها مؤجلة في ثلث
سنين فدية حّر مسلم ذكر معصوم غير جنين إذا صدر القتل من حّر )مائة بعير( إجماعًا سواء
أوجبت بالعفو ،أو ابتداء كقتل اليهودي والنصراني ،أما إذا صدر قتل ذلك من رقيق فالواجب أقل
المرين من قيمة القاتل والدية هذا إذا كان الرقيق غير رقيق المقتول )مثلثة في عمد وشبهه( وكذا
في خطأ في مواضعه التية ،ويزيد تغليظ دية العمد بكونها على الجاني )ثلثون حقة وثلثون
ل بقول خبـيرين عدلين وإن لم تبلغ خمس سنين جذعة وأربعون خلفة( بكسر اللم أي حام ً
)ومخمسة في خطأ من بنات مخاض و( بنات )لبون وبني لبون وحقاق( أي إناث )وجذاع( أي
إناث ،فالحقاق تشمل الذكور والناث ،لكن المراد هنا الناث والجذاع كذلك كما نقل عن المختار،
فالجذع بفتحتين يجمع على جذعان وجذاع ،والجذعة وهي النثى تجمع على جذعات وجذاع
أيضًا ،لكن المراد هنا الناث لن إجزاء الذكور منهما لم يقل به أحد من أصحاب الشافعي )إل(
إن وقع الخطأ )في مكة( أي حرمها وإن خرج المجروح فيه منه ومات سراية خارجة بخلف
عكسه ،فلو رمى من بعضه في الحل وبعضه في الحرم أو رمى من الحل إنسانًا فيه فمر السهم
في هواء الحرم غلظ ول يختص التغليظ بالقتل ،فإن الجراح في الحرم مغلظة وإن لم يمت معها
أو مات معها خارجه بغير السراية بأن مات خارجه فورًا )أو( في )أشهر حرم( ذي القعدة وذي
الحجة والمحرم ورجب لعظم حرمتها ،ول يلتحق بها شهر رمضان وإن كان سيد الشهور لن
المتبع في ذلك التوقيف.
)أو محرم رحم( بالضافة كأم وأخت فخرج نحو بنت عم و أم زوجة لن المحرمية ليست ناشئة
من الرحم أي القرابة بل ناشئة من كونها أم زوجته )فمثلثة( فأسباب تغليظ الدية خمسة :كون
القتل عمدًا ،أو شبه عمد ،أو في الحرم ،أو في الشهر الحرم ،أو في محرم رحم ،وأسباب تنقيص
الدية أربعة :النوثة ،والرق ،وقتل الجنين ،والكفر ،فالول يرّدها إلى الشطر ،والثاني إلى القيمة،
والثالث إلى الغرة ،والرابع إلى الثلث أو أقل.
رقم الصفحة310 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ودية عمد على جان معجلة( لنها قياس بدل المتلفات) .و( دية )غيره( من شبه عمد وخطأ )على
عاقلة مؤجلة بثلث سنين( في آخر كل سنة ثلث من الدية فدية الخطأ وإن تثلثت لحد السباب
المذكورة فهي مخففة من وجهين ودية شبه العمد وإن خففت من هذين فهي مغلظة من وجه واحد
فهذا لخذه شبهًا من العمد والخطأ ملحق بكل منهما من وجه ويجوز في معجلة ومؤجلة الرفع
ل ،وعاقلة جان عصبته المجمع على إرثهم وقت الجناية من النسب أو الولء خبرًا والنصب حا ً
إذا كانوا ذكورًا مكلفين ،فعلى الغني منهم نصف دينار والمتوسط ربع دينار كل سنة من الثلث
بمعنى مقدار النصف والربع ل عينهما لن البل هي الواجبة وما يؤخذ يصرف إليها .وضابط
الغني هنا أن يكون مالكًا زيادة على كفاية العمر الغالب عشرين دينارًا ،والمتوسط أن يكون مالكًا
زيادة على ذلك فوق ربع دينار ودون عشرين دينارًا ،وإذا لم يملك كفاية العمر الغالب يكون فقيرًا
والفقير ل يجب عليه التحمل ،فإن فقد العاقل أو لم يف بالواجب عقل بـيت المال عن المسلم الكل
أو ما بقي فيؤخذ من سهم المصالح منه فإن فقد بـيت المال أو منع متوليه ذلك ظلمًا أو كان ثم
مصرف أهم فعلى الجاني ،ول يحمل أصله ول فرعه لنه الصل في اليجاب بخلفهما ،وشرط
تحمل العاقلة أن تكون صالحة لولية النكاح.
)ولو عدمت إبل( حسًا بأن لم توجد في موضع يجب تحصيلها منه أو شرعًا بأن وجدت فيه بأكثر
من ثمن المثل أو بعدت وعظمت المؤنة والمشقة )فقيمتها( تلزم وقت وجوب تسليمها وهو وقت
طلبها ل وقت الجناية بالغة ما بلغت لنها بدل متلف فيرجع إلى القيمة عند إعوازها ،وتقّوم بنقد
بلد العدم الغالب لنه أقرب من غيره وأضبط ،فإن كان فيه نقدان فأكثر ل غالب فيهما تخير
الجاني بـينهما هذا إن لم يمهله المستحق ،فإن أمهله بأن قال له المستحق :أنا أصبر حتى توجد
البل لزمه امتثاله لنها الصل ،ولو أخذت القيمة فوجدت البل لم ترّد لتشترى البل لنفصال
المر بالخذ )والقود( يثبت )للورثة( العصبة وذوي الفروض بحسب إرثهم المال سواء أكان
الرث بنسب أو بسبب كالزوجين والمعتق وينتظر وجوبًا غائبهم إلى أن يحضر أو يأذن وكمال
صبـيهم ببلوغه ،ومجنونهم بإفاقته ،ويجب على الحاكم حبس الجاني على نفس أو غيرها إلى
ي ول حضور غائب ضبطًا للحق مع حضور المستحق أو كماله من غير توقف على طلب ول ّ
عذر مستحقه ول يخلى بكفيل لنه قد يهرب فيفوت الحق وهذا في غير قاطع الطريق ،أما هو
ل واحد من الورثة أو من غيرهم بتراض منهم أو بقرعة فيقتله المام مطلقًا ول يستوفي القود إ ّ
بـينهم إذا لم يتراضوا بل قال كل :أنا أستوفيه مع إذن من الباقين في الستيفاء بعدها ،فمن خرجت
قرعته توله بإذن الباقين وليس لهم أن يجتمعوا على استيفائه لن فيه تعذيبًا للمقتص منه ولهم
ذلك إذا كان القود بنحو إغراق.
رقم الصفحة310 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب في الردة
أعاذنا ال تعالى منها ،وهي أفحش أنواع الكفر وأغلظها حكمًا ،لن من أحكام الرّدة بطلن
التصرف في أمواله بخلف الكافر الصلي ،ول يقر بالجزية ،ول يصح تأمينه ،ول مهادنته ،بل
متى لم يتب حال قتل وهي محبطة للعمل كأنه لم يعمل شيئا إن اتصلت بالموت وإل حبط ثوابه
دونه فل تلزم إعادته.
)الردة( لغة الرجوع عن الشيء إلى غيره وقد انطلق مجازًا لغويًا على المتناع من أداء الحق
كما نعي الزكاة في زمن أبـي بكر الصديق رضي ال عنه فإنهم لم يرتدوا حقيقة وإنما منعوا
ل ،وشرعًا )قطع مكلف( مختار ل صبـي ومجنون ومكره )إسلمًا( الزكاة بتأويل وإن كان باط ً
ل لن استدامة أي دوامه )بكفر عزمًا( بأن نوى أن يكفر في الحال أو أن يكفر في غد فيكفر حا ً
ل باعتقاد( أي مع اعتقاد لذلك العزمل أو فع ً
ل )أو قو ً
السلم شرط فإذا عزم على الكفر كفر حا ً
أو القول أو الفعل كأن قال لشخص :يا كافر معتقدًا أن المخاطب متصف بذلك حقيقة) ،أو( مع
)عناد( أي معاندة شخص ومخاصمة له وقد عرف بباطنه أنه الحق وامتنع أن يقّر به )أو( مع
)استهزاء( أي تحقير واستخفاف ،فخرج به من يريد إبعاد نفسه أو الطلق بقوله :ل أفعل كذا
ل ،وخرج عن ذلك من سبق لسانه إلى قول مكفر وذلك )كنفي صانع( وإن جاءني النبـي مث ً
كالدهريـين الزاعمين أن العالم لم يزل موجودًا كذلك بل صانع أو اعتقاد حدوث الصانع أو قدم
العالم) .و( نفي )نبـي( مجمع عليه في نبوته أو نفي رسول كذلك أو تكذيبه ،أو تنقيصه بأي
منقص كأن صغر اسمه مريدًا تحقيره أو تجويز نبوة أحد بعد وجود نبـينا محمد ،وتمني النبوة
بعد وجود نبـينا محمد عليه الصلة والسلم كتمني كفر مسلم بقصد الرضا به ل التشديد عليه
ل ،ويؤخذ من هذا جواز الدعاء على الظالم بسوء الخاتمة كما نقله الشبراملسي عن لكونه ظلمه مث ً
ابن قاسم .
)وجحد مجمع عليه( معلوم من الدين بالضرورة وهو ما يشترك في معرفته الخاص والعام:
كالصلة المكتوبة أو الراتبة ،وكنحو النصف للزوج إرثًا ،وحلل البـيع والنكاح وحرمة الزنا
والخمر ،أما ما ل يعرفه إل الخواص كاستحقاق بنت البن السدس مع بنت الصلب وكحرمة نكاح
المعتد للغير فل كفر بجحده لنه ليس فيه تكذيب وإن علمه ثم أنكره كما اعتمده الشبراملسي .
)وسجود لمخلوق( إل لضرورة كأن كان في بلد الكفار وأمروه به وخاف على نفسه ،وخرج
بالسجود الركوع فل كفر به وإن كان حرامًا ما لم يقصد به التعظيم للمخلوق كتعظيم ال وإل كان
كفرًا أيضًا ،أما ما جرت به العادة من خفض الرأس والنحناء إلى حد ل يصل به إلى أقل الركوع
فل كفر به ول حرمة أيضًا لكن ينبغي كراهته كما قاله الشبراملسي )وتردد في كفر( هل يكفر أو
ل؟ وإنما كان مكفرًا لن استدامة اليمان واجبة والتردد ينافيها وفي إلحاق التردد في فعل مكفر
بالتردد في اللقاء تردد في الكفر تأمل.
رقم الصفحة314 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل )مرتد( بأن يؤمر بالشهادتين فيأتي بهما مع ترتيبهما وموالتهما وإن كان )ويستتاب( وجوبًا حا ً
مقرًا بأحدهما وإن كان كفره بما ل ينافي القرار بهما أو بأحدهما كإنكار مجمع عليه إل أنه ل بد
ل دين يخالف دين السلم، في هذا مع التيان بالشهادتين من العتراف بما أنكره أو التبّري من ك ّ
وفي قول يمهل بسبب الستتابة ثلثة أيام :بمعنى أن كل يوم تعرض التوبة عليه ،فأّول يوم من
الثلث يخوف بالضرب الخفيف ،وثاني يوم بالثقيل ،والثالث بالقتل) .ثم( إن تاب بالنطق
بالشهادتين بشروطه ترك ولو كان منافقًا أو تكرر ذلك منه ،لكن يعزر إن تكرر وإل )قتل( والقتل
هنا بضرب العنق دون غيره بخلف القتل قصاصًا فيقتل القاتل بمثل فعله للمناسبة ،ول يتولى
القتل سوى المام أو نائبه فإن افتات عليه أحد عزر )بل إمهال( إل إن كان المرتّد سكران ،فيس ّ
ن
ل فتهمل حتى تضع حملها لما يلزم عليه من التأخير إلى الصحو وإل إذا كانت المرتّدة حام ً
إتلفه ،وذلك لقوله » :من بدل دينه فاقتلوه« .
رقم الصفحة314 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب الحدود
أي حد الزنا بقسيمه ،وحد القذف ،وحد شرب الخمر ،وحد السرقة .وأشار المصنف إلى الّول
ل وإن كان الخر غير مكلف ل كان أو مفعو ًبقوله) :يجلد( وجوبًا )إمام( أو نائبه )حرًا مكلفًا( فاع ً
)زنى( بإيلج حشفة ذكر أصلي متصل أو قدرها عند فقدها في فرج واضح محرم في نفس المر
لعين اليلج خال عن الشبهة مشتهى طبعًا بأن كان فرج حي آدمي أو جني وإن لم يكن على
صوره الدمي )مائة( من الجلدات ولء ،فلو فرقها نظر ،فإن لم يزل اللم لم يضر ،وإل فإن كان
ل وإن كان دون ذلك ضر فيستأنف لن الخمسين حد الرقيق. خمسين فيبني على ما جلده أو ً
)ويغرب( أي الزاني )عامًا( إلى مسافة قصر فأكثر )إن كان( أي الزاني )بكرًا( سواء كان واطئًا
أو موطوءًا وهو من لم يطأ أو يوطأ في نكاح صحيح.
والحاصل أن شروط التغريب ستة :أن يكون من المام ،أو نائبه ،وأن يكون عامًا ،وأن يكون إلى
مسافة القصر فما فوق ،وأن يكون إلى بلد معين ،وأن يكون الطريق والمقصد آمنًا ،وأن ل يكون
بالبلد طاعون لحرمة دخوله ،ويزاد في حق المرأة والمرد الجميل أن يخرجا مع نحو محرم،
ويصدق بـيمينه في مضي عام عليه حيث ل بـينة ،ويحلف ندبًا إن اتهم لبناء حقه تعالى على
المسامحة )ل( إن زنى )مع ظن حل( كأن جهل تحريم ذلك لقرب عهده بالسلم أو بعده عن
العلماء وكأن وطىء امرأة أجنبـية يظنها زوجته ،أو وطىء أحد الشريكين المة المشتركة بـينهما
فل حد بذلك لشبهة الفاعل والمحل ،وليس من شبهة المحل بـيت المال فيحد بوطء أمة بـيت المال
وإن كانت من سهم المصالح الذي له حق فيه وإن خاف الزنا إذ ل يستحق فيه التزويج بحال
بخلف أمة ولده فل يحد بوطئها لنه يستحق التزويج ،ولو قالت امرأة :بلغني وفاة زوجي
فاعتدت وتزوجت فل حّد عليها وإن لم تقم قرينة على ذلك) .أو( مع )تحليل عالم( يعتد بخلفه
جّد بها وإن لم يقصد تقليده ول يعاقب عليها فيلشبهة إباحته وهي المسماة بشبهة المذهب فإنه ل ُي َ
ي بأن تزوج نفسها مع الشهود كمذهب أبـي حنفية ،ونكاح بل شهود وقت الخرة كنكاح بل ول ّ
العقد ووقت الدخول على المرأة كمذهب مالك فالواجب عنده وجود الشهود والشهرة عند إرادة
الدخول حيث لم توجد وقت العقد ،وكنكاح مع التأقيت وهو نكاح المتعة ولو لغير مضطر كمذهب
ابن عباس بخلف النكاح بل ولي ول شهود معًا أو مع انتفاء أحدهما ،لكن حكم بإبطاله أو
بالتفرقة بـين الزوجين من يعتقد البطلن ووقع الوطء بعد علم الواطىء به فيحد إذ ل شبهة حينئذ.
رقم الصفحة316 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أن شروط وجوب حد الزنا بالجلد أو بالرجم اثنا عشر :أحدها :أن يكون المولج مكلفًا
ولو كان المولج فيه غير مكلف فيحد المكلف وكذا عكسه فيحد المولج فيه .وثانيها :واضح
الذكورة فخرج الخنثى المشكل الذي له آلتان للرجال والنساء إذا أولج آلة الذكورة فل حّد عليه
لحتمال أنوثته ولحتمال كون هذا عرقًا زائدًا ،أما إذا لم يكن له إل آلة واحدة فيجب الحد سواء
كان مولجًا أو مولجًا فيه .ثالثها :أولج جميع حشفته فخرج ما لو أولج بعض الحشفة فل حد.
رابعها :أصالة الذكر فخرج ما لو خلق له ذكران مشتبهان فأولج أحدهما فل حد للشك في كونه
أصليًا .خامسها :اتصال الذكر فخرج الذكر المبان فل حد فيه .سادسها :إيلج الحشفة في قبل
واضح النوثة فخرج ما لو أولج في فرج خنثى مشكل فل حد لحتمال ذكورته وكون هذا المحل
زائدًا .سابعها :أن ل يكون اليلج محرمًا لذاته فخرج المحرم لمر خارج كوطء زوجته أو أمته
في نحو حيض وصوم ودبر وقبل مضي مدة الستبراء ،ومن المحرم لذات اليلج زوجته
خامسة فيحد بوطئها لنها لما زادت عن العدد الشرعي كانت كأجنبـية فجعلت محرمة لعينها لعدم
ما يزيل التحريم القائم بها ابتداء ومثلها مطلقة منه ثلثًا ،وملعنة ،ومعتدة ،مرتدة ،وذات زوج،
ومحرم ولو بمصاهرة ،ومحرمة لتوثن فيحد بوطئها وإن كان قد تزوجها لنه ل عبرة بالعقد
الفاسد ،أما مجوسية تزوجها فل يحد بوطئها للختلف في حل وطئها .ثامنها :أن يكون اليلج
محرمًا في نفس المر فخرج ما لو وطىء زوجته في قبلها ظانًا أنها أجنبـية فل حد عليه لنتفاء
حرمة الفرج في نفس المر وإن أثم أثم الزنا باعتبار ظنه فيفسق به وتسقط شهادته وتسلب
ل لها بأجنبـية.
الوليات عنه ،فيحرم عليه وطء زوجته إذا ظنها أجنبـية كما يحرم وطؤها ممث ً
تاسعها :الخلو عن الشبهة المسقطة للحّد فخرج وطء أمته المزوجة والمعتدة وأمته المحّرمِة بنسب
أو رضاع أو مصاهرة فل حد لشبهة الملك والوطء بإكراه وبجهة أباحها عالم يعتد بخلفه فل حد
لشبهة الكراه والخلف .عاشرها :أن يكون الفرج مشتهى طبعًا فخرج وطء الميتة والبهيمة فل
حد فيه لن فرجهما غير مشتهى طبعًا لكنه يعزر بذلك ولو في أّول مرة.
حادي عشرها :أن يكون الواطىء ملتزمًا للحكام ولو حكمًا كالمرتد فخرج وطء حربـي ولو
معاهدًا.
وثاني عشرها :أن يكون عالمًا بالتحريم فل حد على جاهل به حيث قرب عهده بالسلم أو نشأ
بعيدًا عن العلماء.
رقم الصفحة316 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل كان أو امرأة حتى يموت إجماعًا ،نعم ل رجم على )ويرجم( أي المام أو نائبه )محصنًا( رج ً
الموطوء في دبره ،بل حده كحد البكر وإن أحصن ،ولو زنى قبل إحصانه ولم يحد ثم زنى بعده
جلد ثم رجم ويسقط التعزير ،والرجم يكون بمدر وحجارة معتدلة والختيار أن يكون ما يرمى به
ملء الكف ،ويجب أن يتوقى الوجه وشرط إحصان حّد الزنا الوطء في نكاح صحيح مع الشروط.
واعلم أن الحصان له في اللغة معان :منها المنع ،كما في قوله تعالى} :لتحصنكم من بأسكم{ ))
ن فإن أتين
(21النبـياء :الية ،(80ومنها :البلوغ والعقل كما في قوله تعالى} :فإذا أحص ّ
ن نصف ما على بفاحشة{ )) (4النساء :الية ،(25ومنها :الحرية كقوله تعالى} :فعليه ّ
المحصنات من العذاب{ )) (4النساء :الية ،(25ومنها :العفة عن الزنا كما في قوله تعالى:
}والذين يرمون المحصنات{ )) (24النور :الية ،(4ومنها :التزويج كقوله تعالى:
}والمحصنات من النساء{ )) (4النساء :الية ،(24ومنها :الوطء في النكاح كما في قوله تعالى:
}محصنين غير مسافحين{ )) (4النساء :الية ،(24والمراد هنا الوطء في نكاح صحيح ولو مع
حيض وعدة شبهة ،أو في نهار رمضان لن حقه بعد أن استوفى تلك اللذة الكاملة اجتناب الزنا
بخلف من لم يستوفها ،أو استوفاها في دبر أو ملك أو وطء شبهة أو نكاح فاسد ولن الوطء في
النكاح يقوي طريق حل الزوجة وهو العقد بسبب دفع البـينونة بردة أو طلقة فل تحصل البـينونة
إل بثلث طلقات أو بانقضاء العدة إذا كان الطلق دونها ول بالردة إل إذا لم يجمع الزوجين
إسلم في العدة بخلف الطلق أو الردة قبل الوطء فإنه محصل للبـينونة ،فعلم من هذا أن الوطء
مزية تقتضي توقف الحصان عليه فل يكتفي فيه بمجرد العقد.
)وأخر رجم( لزوال جنون طرأ بعد القرار و )لوضع حمل وفطام( حتى يوجد للولد كافل بعد
فطمه فلو أقيم على الحامل حد حرم واعتد به ول شيء في الحمل لنه لم تتحقق حياته وهو إنما
يضمن بالغرة إذا انفصل في حياة أمه ،وأما ولدها إذا مات لعدم من يرضعه فيبنغي ضمانه لنه
بقتل أمه أتلف ما هو غذاء له كما قاله الشبراملسي ول يؤخر الرجم لحر وبرد مفرطين ولو ثبت
بإقرار ول لمرض ولو رجي برء ،بخلف الجلد فإنه يؤخر لذلك وللحمل إل إذا كان ببلد ل ينفك
حرها أو بردها فل يؤخر ول ينقل إلى البلد المعتدلة لما فيه من تأخير الحد ولحوق المشقة ،وإل
إذا لم يرج برء مرض أو جرح لكن ل يجلد بسوط ول بنعال إذا كان ألمها فوق ألم العرجون بل
بأطراف ثياب وبعرجون عليه مائة غصن فيضرب به الحر مرة فإن كان عليه خسمون غصنًا
ضرب به مرتين لتكميل المائة وعلى هذا القياس فيه وفي الرقيق.
رقم الصفحة316 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ويثبت( أي الزنا )بإقرار( أي حقيقي مفصل ومنه أن يقول في وقت كذا في مكان كذا ولو قيل:
ل حاجة إلى تعيـين ذلك منه بل يكفي في صحة إقراره أن يقول :أدخلت حشفتي في فرج فلنة
على وجه الزنا لم يبعد لنه ل يقر إل عن تحقيق ويكفي في القرار أن يكون مرة ول يشترط
تكرر أربعًا خلفًا لبي حنيفة ،ومثل القرار إشارة أخرس إن فهمها كل أحد وخرج بالقرار
الحقيقي الحكمي كاليمين المردودة بعد نكول الخصم فل يثبت به زنا ،لكن يسقط بها حد القاذف.
)وبـينة( فصلت بذكر المزنى بها وكيفية الدخال ومكانه وزمانه ،كأن تقول :أشهد أنه أدخل
حشفته أو قدرها في فرج فلنة بمحل كذا وقت كذا على سبـيل الزنا ،ويجب التفصيل ولو من
عالم موافق في المذهب ،وسيأتي في فصل الشهادات أنها أربع رجال) .ولو أقّر( بالزنا )ثم رجع(
عن القرار ،قبل الشروع في الحد أو بعده بنحو قوله :رجعت أو كذبت ،أو ما زنيت أي فإقراري
به كذب أو فاخذت فظننته زنا وإن شهد حاله بكذبه )سقط( أي الحد وإن قال بعد رجوعه :كذبت
في رجوعي وعلى قاتله بعد رجوعه الدية ل القود لختلف العلماء في سقوط الحد بالرجوع ول
يقبل رجوعه لسقاط مهر من قال :زنيت بها مكرهة لنه حق آدمي ،بخلف ما لو قال ما أقررت
بالزنا فل يكون رجوعًا فل يسقط به الحد لنه مجرد تكذيب للبـينة الشاهدة بالقرار.
أما الحد الثابت بالبـينة فل يسقط بالرجوع كما ل يسقط هو ول الثابت بالقرار بالتوبة ولو شهدوا
على إقراره بالزنا فإن قال :ما أقررت فل يقبل لن فيه تكذيبًا للشهود ،بخلف ما لو أكذب نفسه
فإنه يقبل ويكون رجوعًا سواء أكان كل ذلك بعد الحكم أو قبله ،ولو أقر وقامت عليه بـينة بالزنا
ثم رجع عمل بالبـينة ل بالقرار سواء تقدمت عليه أم تأخرت لن البـينة في حقوق ال تعالى
أقوى من القرار عكس حقوق الدميـين وكالزنا في قبول الرجوع عما أقر به كل حد ل تعالى
كشرب خمر وسرقة بالنسبة للقطع ،أما المال فيؤخد منه ،وفهم من ذلك أن الزنا إذا ثبت بالبـينة ل
يتطرق إليه رجوع لكنه يتطرق اليه السقوط بغير الرجوع كدعوى زوجته لمن زنى بها وكانت
متزوجة بغيره ،أو ملك أمة وظن كونها حليلته فيصدق في ذلك ودعوى الكراه.
فروع :مثل الزنا اللواط :وهو الوطء في الدبر ،فيفصل فيه بـين المحصن وغيره ،لكن المفعول به
يجلد ويغّرب إن كان محصنًا ذكرًا كان أو أنثى ،وهذا إن كان مكلفًا مختارًا وإل فل شيء ،وفي
وطء الحليلة في دبرها التعزير إن عاد له بعد نهي الحاكم له عنه ،وفي إتيان البهيمة في قبلها أو
دبرها التعزير فقط سواء كانت من المأكولت أو ل ،وقيل إنه يقتل مطلقًا :أي سواء كان محصنًا
أو ل ،وفي كيفية قتله أقوال أربعة :قيل :بالسيف ،وقيل :بالرجم ،وقيل :بهدم جدار عليه ،وقيل
بالقائه من شاهق جبل ،ومثل البهيمة الميتة ففيها التعزير فقط.
رقم الصفحة316 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والصلج :وهو دلك الذكر حرام ،فإذا استمنى شخص بـيده عزر لنها مباشرة محّرمة بغير إيلج
ويفضي إلى قطع النسل فحرم كمباشرة الجنبـية فيما دون الفرج ،وقد جاء في الحديث» :ملعون
من نكح يده« .وتساحق النساء حرام ويعزرن بذلك لنه فعل محرم ،قاله القاضي أبو الطيب وإثم
ذلك كإثم الزنا ،لقوله » :إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيان« ولو استمنى الرجل بـيد امرأته أو
ل استمتاعه ،وفي فتاوى القاضي :لو غمزت المرأة ذكر زوجها أو سيدها أمته جاز لنها مح ّ
بـيدها كره ،وإن كان بإذنه إذا أمنى لنه يشبه العزل والعزل مكروه وال أعلم.
ثم شرع في القسم الثاني :وهو حّد القذف ،وهو شرعًا :الرمي بالزنا في مقام التوبـيخ ل في مقام
الشهادة ،وهو لرجل أو امرأة من أكبر الكبائر بعد القتل والزنا) .وحّد قاذف( ملتزم للحكام عالم
بالتحريم مختار غير مأذون في قذفه غير أصل )محصنًا( وهو هنا مسلم بالغ عاقل حّر عفيف
عن زنا ووطء محرم مملوكة له وعن وطء زوجته في دبرها )ثمانين( جلدة إن كان القاذف حّرا،
وأربعين إن كان رقيقًا حالة القذف وعزر مميز وأصل .والقذف يكون صريحًا وكناية ،فالصريح
كقوله زنيت ،وزنيت بفتح التاء وكسرها ،ويا زاني ويا زانية ،ول يضّر التغيـير بالتذكير للمؤنث
وعكسه ،وزنيت في الجبل بالياء ،ويا لئط ،ويا قحبة ،والكناية كقوله :زنأت في الجبل أو السلم أو
نحوه بالهمز ،ويا فاجر ،ويا فاسق ،ويا خبـيث ،ويا فاجرة ،ويا فاسقة ،ويا خبـيثة ،وأنت تحبـين
الخلوة أو الظلمة ،وأنت ل ترّدين يد لمس ،وهذا كناية عن سرعة الجابة ،ويا لوطي ،ويا
مخنث ،ويا عاهر ،ويا علق ،فإن أنكر شخص في الكناية إرادة قذف بها صدق بـيمينه لنه أعرف
ب والذّم،
بمراده فيحلف أنه ما أراد قذفه ثم عليه التعزير لليذاء ،وهذا إذا كان ذلك على وجه الس ّ
أما إذا كان على وجه المزح أو الهزل أو اللعب فل تعزير.
ب شخص آخر فللخر أن يسبه بقدر ما سبه في العدد ل في اللفظ إذا كان فيه قذف خاتمة :إذا س ّ
ب الب أو الّم وإنما يسبه بما ليس كذبًا ول قذفًا نحو يا أحمق يا ظالم إذ ل يكاد أحدأو كذب أو س ّ
ك عن ذلك لن الحمق هو من وضع الشيء في غير موضعه وكذلك الظالم. ينف ّ
رقم الصفحة316 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ثم شرع في القسم الثالث :وهو حّد شرب الخمر فقال) :ويجلد( أي المام أو نائبه )مكلفًا( ملتزمًا
للحكام مختارًا )عالمًا( بالتحريم )شرب( من غير ضرورة )خمرًا( ولو درديًا وإن لم يسكر
ل لما
)أربعين( جلدة إن كان حّرا ،وعشرين إن كان غيره بدون رفع الضارب يده فوق رأسه مث ً
فيه من زيادة اليلم بأحد أمرين :إما )بإقراره( أي الشارب )أو بشهادة رجلين( أنه شرب خمرًا
ل منهما حجة شرعية ،فل يحّد باليمين المردودة لنها أو شرب مما شرب منه غيره فسكر لن ك ً
وإن كانت منزلة القرار إل أن استمراره على النكار بمنزلة رجوعه وهو مقبول .وصورتها أن
ب اليمين ممن يرمي غيره بشرب الخمر فيّدعي عليه بأنه رماه بذلك ويريد تعزيره فيطلب السا ّ
نسب إليه شربها فيمتنع ويرّدها عليه فيسقط عنه التعزير ،ول يجب الحّد على الراّد لليمين
المردودة ،ول يحّد بشهادة رجل وامرأتين لن البـينة ناقصة ول بريح خمر ول بسكر ول قيء
لحتمال أن يكون شرب غالطًا أو مكرهًا ،أو احتقن ،أو استعط بها ،والحّد يدرأ بالشبهة ،ول
يستوفي القاضي الحّد بعلمه فل يقضي بعلمه في حدود ال تعالى .نعم سيد العبد يستوفيه بعلمه
ل من المقّر والشاهد إنهلصلح ملكه ،ول يشترط في القرار والشهادة تفصيل كأن يقول ك ّ
شربها وهو عالم بها مختار لن الصل عدم الكراه ،والغالب من حال الشارب علمه بما يشربه
ي السليم بسوط ،أو ويحّد الذكر قائمًا والنثى جالسة ،وذلك على سبـيل الندب ،ويكون جلد القو ّ
أيد ،أو نعال ،أو أطراف ثياب بعد قتله أو شّده وجوبًا حتى يؤلم ،أما نضو الخلقة فيجلد بنحو
ي والمجنون فل حّد عليهما ،لكن يعزران إذا عرجون ،ول يجوز بسوط ،فخرج بالمكلف الصبـ ّ
كان لهما نوع تميـيز ،وبالملتزم للحكام الحربـي والمؤمن والمعاهد والذمي لعدم التزامهم،
وبالمختار المصبوب في حلقه قهرًا ،والمكره على شربه فل حّد ول حرمة ،وخرج بالعالم
بالتحريم من جهل الحرمة وكان معذورًا فل حّد ،ول يلزمه قضاء الصلوات الفائتة مّدة السكر،
ولو قال السكران بعد الصحاء كنت مكرهًا ،أو لم أعلم أن الذي شربته مسكر صدق بـيمينه ،ولو
قرب إسلمه فقال :جهلت تحريمها لم يحّد لنه قد يخفى عليه ذلك والحّد يدرأ بالشبهات ،ول فرق
في ذلك بـين من نشأ في بلد السلم أم ل ،وخرج بالشرب الحقنة بالخمر بأن أدخلها في دبره،
والسعوط بأن أدخلها في أنفه فل حّد بذلك ،ويحرم لنه تلطخ بالنجاسة بل ضرورة ،وخرج
بالخمر ما حرم من الجامدات غير الخمر المنعقدة فل حّد فيها ،وإن أذيبت حرمت وأسكرت،
وذلك ككثير البنج ،والزعفران والعنبر ،والحوزة ،والفيون ،والحشيش الذي يأكله الراذل ،فأكل
الكثير منها حرام دون القليل ،والمراد بالكثير من ذلك :ما يغيب العقل بالنظر لغالب الناس ،وإن
ص بلقمة ولم يجد غيرلم يؤثر في المتناول له لعتياد تناوله ،وخرج بغير ضرورة ما لو غ ّ
الخمر فأساغها بالخمر فل حّد عليه لوجوب شربها عليه حيث خشي الهلك من تلك اللقمة إن لم
تنزل جوفه ولم يتمكن من إخراجها ولومات بشرب الخمر حينئذ مات شهيدًا لوجوب تناوله لها
ل حرم إساغة اللقمة بالخمر ووجب حّده ،ول يحّد حينئذ ،أما لو وجد غيرها ولو بول الكلب مث ً
بشرب السكر فيما استهلك فيه ولم يبق له طعم ول لون ول ريح ،وإل حّد وحرم ول بأكل خبز
عجن دقيقه به ول بأكل لحم طبخ به ،بخلف مرق اللحم المطبوخ به إذا شربه أو غمس فيه أو
ثرد به فإنه يحّد لبقاء عينه ،ويحرم تناول الخمر الصرفة لدواء إن وجد غيرها أو لعطش وإن لم
ل حرمة شربها للعطش ما يجد غيرها ،ول يحّد لذلك وإن وجد غيرها لشبهة قصد التداوي ،ومح ّ
لم تتعين لدفع الهلك وإل جاز بل وجب ،ويلحق بالهلك نخو تلف عضو أو منفعة ،ويجوز سقيها
للصغير إذا شّم رائحتها وخيف عليه إذا لم يسق منها مرض تحصل معه مشقة وإن لم يخف منه
الهلك ،وكذا لو تعّذر عليه افتضاض البكر إل بإطعامها ما يغيب عقلها من بنج أو غيره فيجوز
ل جواز وطئها ما لم يحصل لها به ذلك لنه وسيلة إلى تمكن الزوج من الوصول إلى حقه ،ومح ّ
أذى ل يحتمل معه في إزالة البكارة ،ويجوز التداوي بصرف النجس غير صرف الخمر.
رقم الصفحة316 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أن شرب الخمر تارة يقتضي الحرمة والحّد ،وذلك إذا شربه عبثًا مع العمد والعلم
والختيار ،وتارة يقتضي الحرمة دون الحّد إذا شربه لعطش أو تداو ولم ينته به المر للهلك،
وكذا لو شربها الكافر فإنه يحرم عليه ول يحّد لنه مكلف بفروع الشريعة ،لكن الذمي ل يلتزم
ض بلقمة أو انتهى به العطش بالذمة إل ما يتعلق بالذميـين ،وتارة ل يقتضي حرمة ول حّدا إذا غ ّ
ل من مغلظ ،وإذا سكر بما شربه لتداو أو للهلك ولم يجد غيره فيهما وإن كان ذلك الغير بو ً
عطش أو إساغة قضى ما فاته من الصلوات لنه تعمد الشرب لمصلحة نفسه ،بخلف الجاهل
المعذور :وهو من جهل بالتحريم لقرب عهده ونحوه ،أو جهل كون المشروب خمرًا فإنه ل يحّد،
ول يلزمه قضاء الصلوات مّدة السكر.
ثم شرع في القسم الرابع :وهو حّد السرقة فقال) :ويقطع( أي المام بعد طلب المالك المال وثبوت
السرقة بشروطها )كوع يمين بالغ سرق( نصابًا يقينًا بأن أخرج )ربع دينار( ذهبًا خالصًا
مضروبًا )أو( فضة أو غيرها يساوي )قيمته من حرز( وقت الخراج منه وإن لم يأخذ ذلك كما
ب ما فيه شيئًا فشيئًا ،فلو نقصت قيمة المخرج بعد ذلك لم يسقط القطع فل لو قطع الجيب فانص ّ
قطع بسرقة ما ليس محرزًا.
ل عن العمارة ،فل يشترط دوام الملحظة بل ل إن كان حصينًا منفص ً وحاصل الحرز أن المح ّ
الشرط كون الملحظ يقظانًا قويًا سواء كان الباب مفتوحًا أو مغلوفًا أو نائمًا مع إغلق الباب،
ل في العمارة فل يشترط قّوة الملحظ ول تيقظه ،بل الشرط كون الباب مغلوقًا مع وإن كان المح ّ
وجود هذا الملحظ أو قفله مع يقظته زمن أمن نهارًا ،وأما إن كان الباب مفتوحًا فإن كان
ل محرزًا وإل فل ،فعلم من ذلك أن الحراز قد تكفي فيه الحصانة الملحظ متيقظًا كان المح ّ
وحدها ،وقد تكفي فيه الملحظة وحدها وقد تجتمعان وقد يمثل لنفراد الحصانة بالراقد على
المتاع وبالمقابر المتصلة بالعمارة فإنها حرز للكفن.
والحاصل أن أركان السرقة الموجبة ثلثة سرقة ،فالسرقة الثانية مطلق الخذ خفية ،والولى
الخذ خفية من حرز وسارق ومسروق ،فالسرقة أخذ مال خفية من حرز مثله فل يقطع مختلس
ومنتهب وحاجد لنحو وديعة ،وشرط في السارق كونه ملتزمًا للحكام عالمًا بالتحريم ،مختارًا
بغير إذن في دخول دار وأصالة ،وشرط في المسروق أربعة شروط :الّول :كونه ربع دينار
خالصًا أو متقّوما مع وزنه إن كان ذهبًا ،فإن لم يعرف قيمته بالدنانير قّوم بالدارهم ثم هي
ل السرقة دنانير انتقل لقرب محلّ إليها فيه ذلك ،وتعتبر قيمة ما يساوي بالدنانير ،فإن لم يكن بمح ّ
ربع دينار حالة السرقة.
رقم الصفحة316 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والثاني :كونه ملكًا لغير السارق فل قطع بسرقة ماله من يد غيره ولو مرهونًا أو ُمَكَتري أو ملكه
قبل إخراجه من الحرز بإرث أو غيره أو بعده ،وقبل الرفع إلى الحاكم ،أما بعده فل يفيد ولو قبل
الثبوت ،لن القطع إنما يتوقف على الدعوى وقد وجدت ،ولو اّدعى السارق ملك المسروق أو
بعضه لم يقطع لحتمال صدقه فصار شبهة مسقطة للقطع ،وكذا لو اّدعى أنه أخذه من الحرز
بإذنه ،أو أن الحرز مفتوح ،أو أن المسروق دون النصاب وإن ثبت كذبه وهذه من الحيل
المحرمة ،بخلف دعوى الزوجية في الزنا فمن الحيل المباحة ،والفرق أن دعوى الملك هنا
بتربت عليها الستيلء على مال الغير ،ودعوى الزوجية يترّتب عليها إسقاط الحّد.
ل مشتركًا بـينه وبـين غيره والثالث :كونه ل شبهة له فيه سواء في ذلك شبهة الملك كمن سرق ما ً
ل خفية من حرز مثله يظن أنه ملكه أو ملك أصله أو فرعه ،أو شبهة أو شبهة الفاعل كمن أخذ ما ً
المحل كسرقة البن مال أحد الصول ،أو سرقة أحد الصول مال فرعه ،وإن سفل فل يقطع لما
بـينهما من التحاد وإن اختلف دينهما ،ولن مال كل منهما مرصد لحاجة الخر كما في الحديث:
»أنت ومالك لبـيك« بخلف سائر القارب ،وسواء كان السارق من الصل أو الفرع حّرا أم
رقيقًا ،ولو سرق طعامًا زمن قحط وهو ل يقدر على ثمنه فل يقطع لشبهة وجوب حفظ نفسه
عليه.
ي متيقظ أو حصانة موضعه والرابع :كونه محرزًا ،ويتحقق الحراز بملحظة للمسروق من قو ّ
)ل( يقطع إن سرق )مغصوبًا( وإن أخذه بغير نية الرّد على المالك لن مالكه لم يرض بإحرازه
بحرز الغاصب فكأنه غير محرز) .أو فيه( أي أو سرق من حرز مغصوب ولو غير مالكه لنه
ليس حرز للغاصب ،لقوله » :ليس لعرق ظالم حق« وفسر العرق بأن يجيء الرجل إلى أرض قد
ل أو اختصاصًا أحياها غيره فيغرس فيها أو يحدث شيئًا ليستوجب الرض ،وكذا لو سرق ما ً
وأحرزه بحرزه فسرق المالك منه مال السارق فل قطع عليه لن له دخول الحرز وهتكه لخذ
ماله أو اختصاصه ،فلم يكن حرزًا بالنسبة إليه ،ولم يفترق الحال بـين المتميز عن ماله والمخلوط
به) .ويقطع بمال وقف( أي بسرقة مال موقوف على غيره ممن ليس نحو أصله ول فرعه ول
مشاركًا له في صفة من صفاته المعتبرة في الوقف إذ ل شبهة له فيه حينئذ ،ومن ثم لم يقطع
بسرقة موقوف على جهة عامة كبكرة بئر مسبلة للشرب ،وإن كان السارق ذميًا لن له فيها حقًا.
)و( يقطع غير البّواب والمجاورين في المسجد ما يتعلق بتحصين )مسجد( وعمارته وأبهته كبابه
وجذعه :وهو السهم الذي يقف عليه وساريته وسقوفه وشبابـيكه وقناديله التي للزينة والرخام
المثبت للجدران ،لن ذلك إنما يقصد بوضعه صيانة المسجد لنتفاع الناس )ل( بما يتعلق
بانتفاعنا من )حصره( أي المسجد والقناديل التي تسرج فيه ،وإن لم تكن في حالة الخذ تسرج،
والبلط والرخام الذي في أرضه ،والمنبر ،ودكة المؤذن ،وكرسي الواعظ فل يقطع بها ،وإن
كان السارق لها غير خطيب ول مؤذن ول واعظ.
رقم الصفحة316 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل ما كان لتحصين المسجد وحفظه كعواميده وأبوابه ،وما كان للزينة كحصر والحاصل أن ك ّ
الزينة التي تفرش في العياد ونحوها يقطع بسرقته ،وما كان للنتفاع به كالمنبر ل قطع بسرقته،
ويقطع بأبواب الخلية لنها تتخذ للستر بها عن أعين الناس حيث كان السارق مسلمًا له فيها حق
ق له في ذلك بأن اختصت بطائفة ليس منهم).ول( يقطع )بمال بخلف الذمي والمسلم الذي ل ح ّ
ق( لها بوصف فقر أو غيره فل يقطع للشبهة ،وإن أخذ صدقة( أي زكاة أفرزت )وهو مستح ّ
ي أخذزيادة على ما يستحقه وإن لم يوجد فيها ما يجّوز الخذ بالظفر وإن لم يكن له فيها حق كغن ّ
صدقة واجبة ،وليس غارمًا لصلح الفساد بين القوم ،ول غازيًا قطع لنتفاء الشبهة ،ومثل الغن ّ
ي
من حرمت عليه لشرفه) .و( ل يقطع بسرقة مال )مصالح( وإن كان غنيًا لن له فيه حقًا ،لن
ي والفقير من المسلمين ذلك قد يصرف في عمارة المساجد والرباطات والقناطر ،فينتفع بها الغن ّ
لن ذلك مخصوص بهم ،بخلف الذمي فيقطع بسرقة ما في بـيت المال ول نظر إلى إنفاق المام
عليه عند الحاجة لنه إنما ينفق عليه للضرورة وبشرط الضمان بأن يقول له المام :أنفق عليك
وأرجع إذا قدرت كما ينفق الغنياء على المضطر بشرط الرجوع عليه إذا قدر وهذا إذا كان
ل ،وإل فل رجوع ،وانتفاع الذمي بالقناطر والرباطات بالتبعية من حيث غنيًا ،لكن ماله غائب مث ً
إنه قاطن بدار السلم ل لختصاصه بحق فيها فل نظر إلى ذلك النتفاع في دفع الحّد) .و( ل
بسرقة مال )بعض( من أصل أو فرع )وسيد( وأصل سيد أو فرعه فل قطع لشبهة استحقاق نفقته
عليهم في بعض الحوال ،وكذا لو سرق السيد ما ملكه عبده ببعضه الحر فل قطع للشبهة ،وذلك
أن ما ملكه ببعضه الحر يصير ملكًا لجملة العبد ،وللسيد فيها حق وهو جزؤه الرقيق.
)والظهر قطع أحد الزوجين بالخر( أي بسرقة ماله المحرز عنه ،فخرج به ما إذا لم يكن
ل ففتحه وأخذ متاعها ،بخلف ما إذا لم يكن له فيه محرزًا :كأن كان له متاع في صندوقها مث ً
شيء وفتحه فيقطع ،فإن أخذه من المكان بدون فتح فل قطع لنه غير محرز عليه حينئذ ،ومن
المحرز عليه الخلخال الذي في رجلها ،والسوار الذي في يدها ،والطوق الذي في عنقها ،فإذا
ل قطع ،لن رجلها ويدها وعنقها حرز لذلك ،وشبهة استحقاقها سرق ذلك منها حال نومها مث ً
النفقة والكسوة في ماله ل أثر لها لنها مقّدرة محدودة ،وفرض المسألة أنه ليس لها عنده شيء
منهما ،فإن فرض أن لها شيئًا من ذلك حال السرقة وأخذته بقصد الستيفاء لم تقطع :كدائن سرق
ل أو المماطل وأخذه مال مدينه بقصد ذلك أي فإن الدائن إذا سرق مال غريمه الجاحد للدين الحا ّ
بقصد الستيفاء لم يقطع لنه حينئذ مأذون له في أخذه شرعًا وغير جنس حقه كجنس حقه ول
يقطع بزائد على قدر حقه معه وإن بلغ الزائد نصابًا ،بخلف ما إذا سرق مال غريمه الجاحد
للّدين المؤجل فيقطع ،وكذا مال غريمه غير المماطل.
رقم الصفحة316 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)فإن( كانت يده اليمنى مفقودة بعد السرقة فل قطع أو قبلها انتقل للرجل اليسرى كما لو )عاد( أي
سرق ثانيًا بعد قطع يمناه واندمالها )فرجله اليسرى( هي التي تقطع ،بخلف ما إذا سرق مرارًا
ولم تقطع يده اليمنى فإنه ل تقطع إل هي لتحاد السبب مع كون القطع حقًا ل تعالى كحّد الزنا
وشرب الخمر) .فـ( إن سرق ثالثًا قطعت )يده اليسرى ،فـ( إن سرق رابعًا قطعت )رجله اليمنى(
والمراد القطع من الكوع في اليد ومن الكعب في الرجل ،والحكمة في قطع اليدين والرجلين أنها
آلت السرقة بالخذ والمشي ،وقّدمت اليد لقّوة بطشها ،وقّدمت اليمنى لن الغالب كون السرقة بها
لنها أقوى ،فكان البداءة بها أردع ،وإنما لم يقطع ذكر الزاني لنه ليس له مثله ،وبالقطع يفوت
النسل المطلوب بقاؤه ،ولم يقطع لسان القاذف إبقاء للعبادات وغيرها) .ثم( إن سرق بعد قطع
الربع )عزر( وحبس حتى يموت على ما نقله الشبراملسي عن العباب ،ونقل الحصني عن
بعضهم أنه حبس حتى يتوب ،وعن بعض آخر حبس حتى تظهر توبته ،ويجب على السارق مع
الحّد المذكور رّد المسروق إلى صاحبه إن بقى وإل فبدله من مثل أو قيمة لن الحّد حقه تعالى
والغرم حق الدمي فل يسقط أحدهما الخر ،وتجب أيضًا أجرته مّدة وضع يد السارق عليه.
)وتثبت( أي السرقة وقطعها )برجلين( كسائر العقوبات غير الزنا ،فلو شهد رجل وامرأتان أو
رجل وحلف المالك يمينًا فل قطع وثبت المال إن كانت الشهادة بعد دعوى المالك أو وكيله ،وإل
لم يثبت المال أيضًا لنها حينئذ شهادة حسبة والمال ل يثبت بها )وإقرار( من السارق فيقطع
مؤاخذة له بقوله ،ول يشترط تكرر القرار وثبوت القطع بالقرار بشرطين :الّول :أن يكون بعد
الدعوى عليه فلو أقّر قبلها لم يثبت القطع في الحال بل يوقف على حضور المالك وطلبه للمال أما
المال فيثبت .والثاني :أن يفصل القرار ولو كان فقيهًا موافقًا كما في الشهادة فيبـين السرقة
ل أو فرعًا أو سيدًا وقدر المسروق ،ويبـين الحرز بتعيـين والمسروق منه خوفًا من أن يكون أص ً
أو وصف) .و( تثبت السرقة )بـيمين رّد( من المّدعى عليه على المّدعي لنها كالقرار وذلك كأن
يدعي على شخص سرقة نصاب فينكل ذلك الشخص عن اليمين فترّد على المّدعي فيحلف فيثبت
القطع والمعتمد عند أكثر العلماء ل قطع كما ل يثبت بها حّد الزنا لن القطع حق ال تعالى وهو
ل يثبت بها ولنها وإن كان كالقرار إل أن استمراره على النكار بمنزلة رجوعه عن القرار
ورجوعه عنه مقبول بالنسبة للقطع ،وأما المال فيثبت بل خلف .والحاصل أن اليمين المردودة ل
يثبت بها القطع ويثبت بها المال) .وقبل رجوع مقر( عن إقراره بالسرقة بالنسبة إلى القطع ولو
في أثنائه لنه حق ال تعالى ،أما المال فل يقبل رجوعه فيه لنه حق آدمي ،ولو أقر بالسرقة ثم
رجع ثم كذب رجوعه فل يقطع كما قاله الدميري ولو أقّر بها ثم أقيمت عليه البـينة ثم رجع سقط
عنه القطع لن الثبوت كان بالقرار.
رقم الصفحة316 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ومن أقّر بعقوبة ل( أي بمقتضيها كالزنا والسرقة وشرب الخمر )فلقاض تعريض( له )برجوع(
عما أقر به وبإنكاره أيضًا إذا لم يكن بـينة ما لم يخش أن ذلك يحمله على إنكار المال أيضًا كأن
يقول له في الزنا :لعلك اخذت أو لمست أو باشرت .وفي السرقة :لعلك أخذت من غير حرز .وفي
الشرب :لعلك لم تعلم أن ما شربته مسكر فل يصرح بذلك كأن يقول له :ارجع عن القرار أو
اجحده فيأثم به لنه أمر بالكذب :أي يباح للقاضي تعريض إذا كان بعد القرار ويندب له ذلك إذا
كان قبله ،وكذا له أن يعرض للشهود ليمتنعوا من الشهادة أو يراجعوا عنها ومثل القاضي غيره
بل أولى من القاضي بالجواز لمتناع التلقين على الحاكم دون غيره فل يمتنع إذا لم يحمل على
إنكار المال ،ول يجوز التعريض إذا ثبت ذلك بالبـينة ول يحل التعريض بالرجوع عن حق
ل على محرم إذ هو كمتعاطي العقد الفاسد. الدمي وإن كان رجوعه ل يقبل لن في ذلك حم ً
فصل في التعزير
وهو لغة :التأديب ،وشرعًا :تأديب على ذنب ل حّد فيه ول كفارة غالبًا ومن غير الغالب قد يشرع
التعزير حيث ل معصية كفعل غير مكلف ما يعزر به المكلف أو يحّد ،وكمن يكتسب باللهو
المباح فللولي تعزير الخذ والمعطي للمصلحة وقد ينتفي التعزير مع انتفاء الحد والكفارة كقطع
شخص أطراف نفسه وكما في صغيرة ل حّد فيها ،وأول زلة ولو كبـيرة صدرتا ممن لم يعرف
بالشر لقوله » :أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إل الحدود« .وفسر هذا الحديث بذلك المذكور،
وكمن رأى زانيًا محصنًا بأهله فقتله لعذره إذ القتل جائز باطنًا إذا عجز عن إثبات زناه عند
الحاكم ،لكن يقتص به ظاهرًا بخلف من قدر عليه فل يجوز القتل لمكان رفعه للحاكم ،وكقذفه
لمن لعنها ،وتكليفه رقيقه أو دابته ما ل يطيق ،وضرب حليلته تعّديا ووطئها في دبرها قبل نهي
الحاكم له في الجميع ،وقد يجتمع التعزير مع الكفارة كما في الظهار ،واليمين الغموس إذا اعترف
بحلفه كذبًا ،وإفساد يوم من رمضان بجماع حليلته ،وقد يجتمع التعزير مع الحّد كتعليق يد السارق
في عنقه ساعة زيادة في نكاله وقد يجتمع الكل كمن زنى بأمه في الكعبة صائمًا رمضان معتكفًا
محرمًا فيلزمه الحّد والعتق والبدنة والتعزير لقطع رحمه وانتهاك حرمة الكعبة.
)ويعزر( أي المام أو نائبه )لمعصية( ل أو للدمي )ل حّد( أي ل عقوبة )لها ول كفارة غالبًا(
ي كرم ال وجهه فيمن ب ليس بقذف كما أفتى بالتعزير عل ّ
كمباشرة أجنبـية في غير الفرج ،وس ّ
قال لخر :يا فاسق ،يا خبـيث ،وتزوير كمحاكاة خط الغير ،وشهادة زور ،وضرب بغير حق
بخلف الزنا ليجابه الحد ،وبخلف التمتع بطيب ونحوه في الحرام ليجابه الكفارة ويكون
التعزير )بضرب( غير مبرح )أو حبس( أو توبـيخ باللسان أو تغريب دون سنة في الحر ودون
نصفها في غيره أو كشف رأس أو تسويد وجه أو حلق رأس لمن يكرهه ،أو إركابه الحمار مث ً
ل
منكوسًا والدوران به كذلك بـين الناس أو تهديده بأنواع العقوبات ،أو صلبه ثلثة أيام فأقل فيجتهد
المام في جنس التعزير وقدره لحتلفه باختلف مراتب الناس والمعاصي ،وله العفو فيما يتعلق
بحق ال تعالى إن رأى المصلحة) .وعزر أب( وإن عل )ومأذونه( كالمعلم )صغيرًا( ومجنونًا
وسفيهًا للتعلم وسوء الدب ،وأدب السيد رقيقه ولو لحق ال تعالى )و( عزر )زوج( امرأته
)لحقه( كالنشوز ،ل لحقه تعالى ،ويصدق في ذلك بالنسبة لعدم تعزيره ل لسقوط نفقتها ،ولو عفا
مستحق الحّد فل يجوز للمام التعزير ول الحد أو مستحق التعزير فله التعزير لتعلقه بنظره وإن
كان ل يستوفيه إل بعد طلب مستحقه ول يجوز تركه إن كان لدمي عند طلبه.
رقم الصفحة316 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
فصل في الصيال
وهو الهجوم والقهر وفي حكم الختن) .يجوز( للمصول عليه )دفع صائل على معصوم بل يجب(
عليه دفعه )عن بضع( ولو لبهيمة )ونفس قصدها كافر( ولو معصومًا إذ غير المعصوم ل حرمة
له ،والمعصوم بطلت حرمته بصياله ولن الستسلم للكافر ذل في الدين وكذا إذا قصدها بهيمة
لنها تذبح لستبقاء الدمي فل وجه للستسلم لها ومثل الكافر الزاني المحصن لقوله » :من قتل
دون دينه ـ أي لجل الدفع عن دينه ـ فهو شهيد« أي بأن حمله الصائل على الرّدة أو الزنا ،ومن
قتل دون دمه أي في المنع عن الوصول إلى دمه فهو شهيد ،ومن قتل دون أهله فهو شهيد ،ومن
قتل دون ماله أي قّدام ماله فهو شهيد .والحاصل أنه إذا صال شخص ولو غير عاقل كمجنون
ل على شيء معصوم له أو لغيره نفسًا أو وبهيمة أو غير مسلم أو غير معصوم ولو آدمية حام ً
ل أو اختصاصًا كذلك فله دفعه جوازًا في المال ل وإن ق ّ
عضوًا أو منفعة أو بضعًا أو ما ً
والختصاص ووجوبًا في غيرهما فإن وقع صيال على الجميع في زمن واحد ولم يمكن إل دفع
واحد فواحد قدم وجوبًا النفس أي وما يسرى إليها كالجرح فالبضع فالمال الخطير فالحقير إل أن
يكون لذي الخطير غيره ،أو وقع على صبـي يلط به وامرأة يزني بها قدم الدفع عنها وجوبًا لن
حّد الزنا مجمع عليه ولما يخشى من إختلط النساب ،ولذلك كان الزنا أشّد حرمة من اللواط،
لكن قال ابن حجر :إن كانت المرأة في مظنة الحمل قدم الدفع عنها لن خشية إختلط النساب
أغلظ في نظر الشارع من غيرها وإل قدم الدفع عن اللواط.
وشرط وجوب الدفع عن البضع وعن نفس الغير أن ل يخاف الدافع على نفسه ،أما الدافع عن
بضع نفسه فيجب دفعه وإن خاف القتل فيحرم على المرأة أن تستسلم لمن صال عليها ليزني بها
ل ،وإن خافت على نفسها إذ ل سبـيل لباحة نحو البضع ول يجب الدفع إذا قصد نفسه مسلم مث ً
ن لقوله » :كن خير ابني آدم« .أي وهو معصوم الدم ولو مجنونًا بل يجوز الستسلم له بل يس ّ
هابـيل الذي قتله قابـيل وخيرهما المقتول لكونه استسلم للقاتل ولم يدفع عن نفسه ،ومحل جواز
ل متوحدًا فيالستسلم ما لم يقدر على الهرب وإل وجب وحرم الوقوف وما لم يكن ملكًا عاد ً
ملكه ،أو عالمًا متوحدًا في زمانه ،أو شجاعًا ،أو كريمًا ،وكان في بقائه مصلحة عامة ،وإل فل
يجوز له الستسلم بل يجب حينئذ الدفع عن نفسه كما يجب الدفع عن العضو والمنفعة.
رقم الصفحة316 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن المصول عليه )إن أمكن( )وليدفع( أي الصائل المعصوم )بالخف( فالخف باعتبار غلبة ظ ّ
فيدفعه بالهرب منه فبالزجر كتوبـيخ وتذكير بوعيد ال وأليم عذابه أو استغاثة فهو مخير بـينهما
إن لم ينشأ من الستغاثة إلحاق ضرر أقوى من الزجر كإمساك حاكم جائر للصائل ،وإل وجب
الترتيب بـينهما فيزجر ثم يستغيث فالضرب باليد فبالسوط فبالعصا فبالقطع فبالقتل لن دفع
الصائل جوز للضرورة ول ضرورة في الثقل مع إمكان تحصيل المقصود بالخف ،وفائدة هذا
الترتيب أنه متى خالف وعدل إلى رتبة مع إمكان الكتفاء بما دونها ضمن ،ولو بالقصاص إذا
وجدت شروطه بأن دفعه بما يقتل غالبًا وحصلت الحرمة فقط إذا دفعه بغيره ولو لم يجد المصول
عليه إل سيفًا جاز له الدفع به وإن كان يندفع بعصا إذ ل تقصير منه في عدم استصحابها ولذلك
من أحسن الدفع بطرف السيف بدون جرح يضمن به بخلف من ل يحسن ،ولو التحم القتال
بـينهما وخرج المر عن الضبط سقط مراعاة الترتيب سيما لو كان الصائلون جماعة ،إذ رعاية
الترتيب حينئذ تؤّدي إلى إهلكه ،ولو اختلفا في الترتيب أو في عدم إمكان التخلص بدون ما دفع
به صدق الدافع لعسر إقامة البـينة على ذلك بخلف ما لو تنازعا في أصل الصيال فل يصّدق إل
بقرينة ظاهرة كتجريد سيف أو نحوه أو ببـينة ،أما المهدر كزان محصن وتارك صلة بشرطه
وحربـي ومرتد ،فل تجب مراعاة هذا الترتيب فيه بل له العدول إلى قتله لعدم حرمته ما لم يكن
مثله.
)ووجب( قطع سرة المولود بعيد ولدته بعد نحو ربطها لتوقف إمساك الطعام عليه ،ووجب أيضًا
)ختان( لذكر وأنثى إن لم يولدا مختونين )ببلوغ( وعقل لنتفاء التكليف قبلهما فيجب ذلك فورًا
ن السلمة منه ،فلو غلب بعدهما ما لم يخف من الختان في ذلك الزمن وإل أخر إلى أن يغلب الظ ّ
على ظنه احتماله للختان وأن السلمة هي الغالبة فختنه فمات لم يضمنه ويندب تعجيله في سابع
يوم ولدته ويكره قبل السابع فإن أخر عنه ففي الربعين وإل ففي السنة السابعة لنها وقت أمره
ي إن توقفت صحة الصلة عليه ول يحسب من السبعة بالصلة ،وبعدها ينبغي وجوبه على الول ّ
يوم ولدته لنه كلما أخر قوى عليه فكان إيلمه أخف ،وبذلك التعليل فارق العقيقة حيث يحسب
ن إظهار ختان الذكور وإخفاء الناث فيها يوم الولدة من السبعة لنها بّر فندب السراع إليه ،ويس ّ
ن.
عن الرجال دون النساء ول يلزم من ندب وليمة الختان إظهاره فيه ّ
ثم كيفية الختان في الذكر بقطع جميع ما يغطى حشفته حتى تنكشف كلها ،وإذا نبتت الغرلة بعد
ذلك ل تجب إزالتها لحصول الغرض بما فعل أّول ،وعلم من ذلك أن غرلته لو تقلصت حتى
انكشف جميع الحشفة فإن أمكن قطع شيءْ مما يجب قطعه في الختان منها دون غيرها وجب ،ول
نظر لذلك التقلص لنه قد يزول فيستر الحشفة وإل سقط الوجوب كما لو ولد مجنونًا ،وفي النثى
بقطع جزء يطلق عليه اسم الختان من اللحمة الموجودة بأعلى الفرج فوق ثقبة البول تشبه عرف
الديك وتسمى البظر ،فإذا قطعت بقي أصلها كالنواة وتقليل المقطوع أفضل لقوله للخاتنة» :أشمي
ول تنهكي فإنه أحظى للمرأة وأحب للبعل« .أي لزيادته في لذة الجماع ،وفي رواية أسرى للوجه
أي أكثر لمائه ودمه.
رقم الصفحة316 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وحرم تثقيب أذن( قال الزيادي :والوجه أن ثقب أذن الصغيرة لتعليق الحلق حرام لنه لم تدع
إليه حاجة وغرض الزينة ل يجوز بمثل هذا التعذيب ،هذا ما قاله الغزالي في الحياء وأفتى بذلك
الشيخ الرملي ،ورجح في موضع آخر الجواز وهو المعتمد كذا في تحفة الحبـيب ،أما خرم أذن
الصبـي فحرم قطعًا كما يحرم خرم النف ليجعل فيه حلقة من ذهب أو نحوه ،ول فرق في ذلك
بـين الذكر والنثى ،ول عبّرة باعتياد ذلك لبعض الناس في نسائهم.
رقم الصفحة316 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب الجهاد
أي القتال في سبـيل ال) .هو فرض كفاية كل عام( إذا كان الكفار ببلدهم وأقله مرة في كل سنة
فإذا زاد فهو أفضل ما لم تدع حاجة إلى أكثر من مرة وإل وجب ويسقط طلب الجهاد بأحد
أمرين :إما بدخول المام أو نائبه دارهم بالجيش لقتالهم ،وإما بتشحين الثغور أي أطراف بلدنا
بمكافئين لهم لو قصدونا مع إحكام الحصون والخنادق وتقليد ذلك للمراء المؤتمنين المشهورين
بالشجاعة والنصح للمسلمين وحكم فرض الكفاية أنه إذا فعله من فيهم كفاية وإن لم يكونوا من
أهل فرضه كصبـيان وإناث ومجانين سقط الحرج عنه إن كان من أهله وعن الباقين رخصة
وتخفيفًا عليهم ،نعم القائم بفرض العين أفضل من القائم بفرض الكفاية كما قاله الرملي وفروض
ل كثبوت الصانع الكفاية كثيرة )كقيام بحجج دينية( أي براهين علمية مثبتة لعقائد التوحيد تفصي ً
وما يجب له وما يمتنع عليه وغير ذلك كثبوت حدوث العالم المستدل عليه بقولك :العالم متغير،
وكل متغير حادث ،أما على سبـيل الجمال ففرض عين وخرج بذلك الحجج العلمية ،كأقيموا
ل على وجوبها ،فالقيام بذلك سنة ول يكون إل من المجتهد المطلق. الصلة دلي ً
)و( طلب )علوم شرعية( كتفسير وحديث وفروع فقهية زائدًا على ما ل بد منه في العبادات
والمعاملت إلى أن يبلغ درجة الفتاء فإذا بلغها كان ما بعد ذلك سنة إلى بلوغ درجة الجتهاد
المطلق ،أما ما ل بد منه في العبادات والمعاملت ففرض عين على كل مكلف ،ومثل العلوم
الشرعية ما تتعلق به من علوم العربـية وأصول الفقه وعلم الحساب المضطر إليه في المواريث
والقرارات والوصايا وغير ذلك فيجب الحاطة بذلك كله لشدة الحاجة إلى ذلك) .ودفع ضرر(
آدمي )معصوم( أي محترم بإطعام المضطر ما يحتاجه المالك في ثاني الحال ،وكسوة العاري إذا
لم يندفع ضررهما بنحو وصية ونذر ووقف وزكاة وبـيت مال من سهم المصالح وهذا على من
ملك زائدًا على كفاية سنة له ولممونه وعلى وفاء ديونه وما يحتاج إليه الفقيه من الكتب
والمحترف من اللت ،قال الشبراملسي :وينبغي أنه ل يشترط في الغني أن يكون عنده مال
يكفيه لنفسه ولممونه جميع السنة بل يكفي في وجوب المواساة أن يكون له نحو وظائف يتحصل
منها ما يكفيه عادة جميع السنة ويتحصل عنده زيادة على ذلك ما يمكن المواساة به.
رقم الصفحة328 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وأمر بمعروف( أي واجب ونهي عن محرم باليد فاللسان فالقلب سواء الفاسق وغيره وفي
الحديث» :إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم ال بعذابه« والمراد
بالنهي عنه بالقلب هو أن يتوجه بهمته إلى ال تعالى في إزالته سواء صدر ذلك التوجه عمن
جرت عادة ال تعالى بأن ل يخيب توجهه أم من غيره فظاهر أنه يكتفي بتوجه البعض ول
يشترط توجه الجميع ،بخلف الكراهة بالقلب فإنها فرض عين لن انتفاءها في فرد ينافي اليمان
والعياذ بال تعالى ،ومحل ذلك المر والنهي في واجب أو حرام مجمع عليه أو في اعتقاد الفاعل
بالنسبة لغير الزوج إذ له شافعيًا منع زوجته الحنفية من شرب النبـيذ مطلقًا أي مسكرًا كان أو
غيره وبالنسبة لغير القاضي إذ العبرة باعتقاده ولغير مقلد من ل يجوز تقليده لكونه مما ينقض فيه
قضاء القاضي فاعتقاده الحل ل يمنع من النكار عليه ،ويجب النكار على معتقد التحريم وإن
اعتقد المنكر إباحته لنه يعتقد حرمته بالنسبة لفاعله باعتبار عقيدته ويمتنع على عامي يجهل حكم
ما رآه إنكار حتى يخبره عالم بأنه مجمع عليه أو محرم في اعتقاد فاعله وعلى عالم أن ينكر
مختلفًا فيه حتى يعلم من فاعله اعتقاد تحريمه له حالة ارتكابه لحتمال أنه حينئذ قلد القائل بحله أو
جهل حرمته لكنه يرشده بأن يبـين له الحكم ويطلب اجتنابه منه بلطف.
أما من ارتكب ما يرى إباحته بتقليد صحيح فل يحل النكار عليه لكن لو طلب للخروج منه
الخلف برفق فحسن ،هذا كله في غير المحتسب أي من ولي الحسبة وهي النكار والعتراض
على فعل ما يخالف الشرع ،أما هو فينكر وجوبًا على من أخل بشيء من الشعائر الظاهرة ولو
سنة كصلة العيد والذان ويلزمه أمر الناس بهما دون بقية السنن التي ليست من الشعائر الظاهرة
ولكن لو احتيج في إنكار ذلك لقتال لم يفعله إل على أنه فرض كفاية ويجب عليه النهي عن
المكروه بخلف غيره فيندب وليس لحد التجسس واقتحام الدور بالظنون للبحث عما فيها .نعم إن
غلب على ظنه وقوع معصية ولو بقرينة ظاهرة كإخبار ثقة جاز له ،بل وجب عليه التجسس إن
فات تداركها كالقتل والزنا وإل فل ولما لم ينزجر إل بالرفع للسلطان وجب وشرط وجوب المر
والنهي على مكلف أن يأمن على نفسه وعضوه وماله وإن قل كدرهم وعرضه وعلى غيره بأن لم
يخف مفسدة عليه أكثر من مفسدة المنكر الواقع ويحرم مع الخوف على الغير مع خوف المفسدة
ن مع الخوف على النفس. المذكورة ويس ّ
رقم الصفحة328 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وتحمل شهادة( على أهل له وهو العدل وحضر له المشهود عليه أو دعاه قاض أو معذور جمعة
ولم يعذر المطلوب) .وأدائها( على من تحملها إن كان أكثر من نصاب وهو اثنان وإل فهو فرض
عين) .ورّد سلم( مسنون من مميز غير متحلل به من صلة وإن كرهت صيغته كعليكم السلم
ولو مع رسول أو في كتابة ويجب الرد فورًا )عن جمع( بأن كان المسلم عليهم جماعة من
مسلمين بالغين عاقلين فيكفي رّد واحد منهم ويسقط الطلب عن الباقي ويختص الثواب بمن رّد،
فلو ردوا كلهم ولو مرتبًا أثيبوا ول يسقط الطلب برد الصبـي وإن كان الذي سلم صبـيًا أيضًا،
ويشترط في كفاية الرد إسماع المسلم واتصاله بالسلم كاتصال القبول باليجاب في نحو البـيع
والشراء وصيغته التي يجب فيها الرد :السلم عليكم ،أو سلم عليكم بتنوين سلم ،ويكره عليكم
السلم ،وعليكم سلم وإن وجب الرد فيهما ،ول يكفي سلم عليكم بترك التنوين وأل ،وكذا لو
قال :وعليكم السلم بالواو أو اقترن بالصيغة ما هو من تحية الجاهلية ،كأن قال :السلم عليكم
صبحكم بالخير ،أو صبحكم بالخير السلم عليكم فل يجب الرد في ذلك ،ولو قال :السلم عليكم
ورحمة ال وبركاته وجب الرد ولكن الولى التقليل عن ذلك ليبقى للراّد شيء يزيد به على
المبتدىء بالسلم كما هو الكمل له ،والقارىء كغيره في استحباب ابتداء السلم عليه ووجوب
الرّد باللفظ على المعتمد.
ويجب الجمع بـين اللفظ والشارة في الرّد على الصم ،وتجزىء الشارة من الخرس ابتداء
وردًا ،والشارة من الناطق بل لفظ خلف الولى ول يجب لها رّد والجمع بـينهما وبـين اللفظ
ل منهما الرّد أو مرتبًا كفى الثاني سلمه فيأفضل ،وإذا سلم كل منهما على الخر معًا لزم ك ً
الرّد إن قصد به.
ويندب أن يسلم الراكب على الماشي ،والماشي على الواقف والقاعد والمضطجع ،والعظيم على
الحقير ،والكثير على القليل ،فلو عكس لم يكره ،ويسلم الوارد مطلقًا على من ورد عليه ،ومن
دخل داره سلم ندبًا على أهله أو موضعًا خاليًا فليقل ندبًا :السلم علينا وعلى عباد ال الصالحين،
ويسمي ال قبل دخوله ويدعو ولو تكرر ذلك منه ،ولو سلم جماعة متفرقون على واحد فقال
وعليكم السلم وقصد الرّد على جميعهم أجزأه وسقط عنه فرض الجميع ،وكذا لو أطلق على
الصحيح ،ولو سلم عليه من وراء حائط أو ستر وجب الرّد ،وكذا لو سلم عليه مع رسول وبلغه
الرّد إن حصل صيغة شرعية من المرسل أو الرسول أو منهما ،كأن قال المرسل :السلم على
فلن ،فقال له الرسول فلن يسلم عليك أو قال المرسل :سلم لي على فلن ،فقال الرسول :السلم
عليك من فلن ،أو قال المرسل السلم على فلن ،فقال الرسول السلم عليك من فلن وجب الرّد
في الجميع ،فإن لم تحصل صيغة شرعية ل من هذا ول من هذا كأن قال سلم لي على فلن ،فقال
الرسول :فلن يسلم عليك ل يجب الرّد ويجب على الرسول في جميع ذلك تبليغ السلم ولو بعد
مّدة طويلة كأن نسي ثم تذكر وهذا مما يقع التهاون فيه.
رقم الصفحة328 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
نعم يصح عزل نفسه بحضرة المرسل ل في غيبته فيقول :عزلت نفسي ولو كان المسلم عليه
واحدًا كان الرد فرض عين عليه ،ويحرم السلم من الشابة الجنبـية ابتداء وردًا ،وكذا الخنثى مع
مثله ،ويكرهان من الرجال عليهما بخلف جمع النساء ولو شواب والعجوز فل يكرهان عليهما
ول يحرمان منهما ،وبخلف ما إذا كان هناك محرمية أو زوجية أو سيدية فل يكره ،ولو سلم
الذمي وجب الرد عليه بنحو وعليكم فقط ،ويحرم أن يبتدىء السلم عليه كالفاسق ،وكذا تحتيه
بغير السلم كصبحك ال بالخير ،وكذا خطابه بكل ما يفيد تعظيمه ولو كلمة إل لعذر ،فلو سلم
على شخص وهو يجهل حاله فتبـين أنه ذمي استرجع سلمه قيل :وجوبًا وقيل :ندبًا فيقول:
ل ،ول يجب رّد سلم على الكل إن كان الطعام في فيه ،أما قبل وضعه فيه استرجع سلمي مث ً
فيجب عليه الرّد.
)وابتداؤه( أي السلم على مسلم ليس بفاسق ول مبتدع ول نحو قاضي حاجة ول آكل في فمه
اللقمة عند إقباله أو انصرافه )سنة( عينًا للواحد وكفاية للجماعة كالتسمية للكل و)كتشميت
عاطس( مسلم )حمد ال( ولم يكن العاطس بفعله بأن يقول للبالغ يرحمك ال أو يرحمك ربك،
وللصغير أصلحك ال أو بارك ال فيك ،أو أنشأك ال إنشاء صالحًا ،ويكره قبل الحمد فل يعتد به
ويأتي به ثانيًا بعد الحمد فإن شك هل حمد العاطس أو ل ،قال :يرحم ال من حمده أو يرحمك ال
ن تذكيره الحمد للحديث المشهور» :من سبق العاطس إن حمدته وتحصل بها سنة التشميت ويس ّ
بالحمد أمن من الشوص واللوص والعلوص« فالشوص :وجع الضرس ،واللوص :وجع الذن،
والعلوص :وجع البطن ونظمها بعضم فقال:
من يبتدي عاطسًا بالحمد يأمن من
شوص ولوص وعلوص كذا وردا
ويكرر التشميت إلى ثلث ثم يدعو له بعدها بالشفاء كأن يقول :عافاك ال أو شفاك ال ،ويس ّ
ن
للعاطس وضع شيء على وجهه وخفض صوته ما أمكنه وإجابة مشمته كأن يقول :غفر ال لكم
أو يهديكم ال ولو زاد على ذلك ويصلح بالكم كان حسنًا ولم يجب لنه ل إخافة بتركه ،ويس ّ
ن
للعاطس إن لم يشمت أن يقول :يرحمني ال والمصلي يحمد سرًا ،ونحو قاضي الحاجة يحمد في
نفسه بل لفظ.
وبقي من فروض الكفاية إحياء الكعبة كل سنة بالزيارة بحج وعمرة ول يغني أحدهما عن الخر
ول الصلة والعتكاف والطواف عن أحدهما لنهما القصد العظم من بناء البـيت وفيهما إحياء
تلك المشاعر ول بد في القائمين بذلك من عدد يحصل بهم الشعار عرفًا وإن كانوا من أهل مكة
كما قالهالرملي وابن حجر ،ثم قال الزيادي :ول يشترط في القيام بإحياء الكعبة عدد مخصوص
من المكلفين اهـ.
رقم الصفحة328 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحرف والصنائع مما يتم به المعاش :كالتجارة والحجامة لتوقف قيام الدين على قيام الدنيا
وقيامها على تينك ،وفي الحديث» :اختلف أمتي رحمة« فسره الحليمي باختلف همهم في
الحرف والصنائع اهـ.
وحفظ القرآن عن ظهر قلب فيجب أن يكون في كل مسافة عدوى جماعة يحفظونه كذلك كما
يجب فيها قاض ،وفي كل مسافة قصر مفت ،فإن اختلفت المذاهب في تلك المسافة وجب تعدده
بعددها وإل فل ،ومثل ذلك تعليمه والشتغال بحفظه أفضل من الشتغال بالعلم الزائد على فرض
العين ونسيانه أو شيء منه كبـيرة ولو بعذر كمرض واشتغال بعيني .وضابطه أن يحتاج في
استرجاعه إلى الحالة التي كان يقرؤه عليها إلى عمل جديد على المعتمد ،وقيل :ضابطه أن ينقص
عن الحالة التي كان يقرؤه عليها.
وإنما يجب الجهاد )على مكلف ذكر حر مستطيع له سلح( فل جهاد على صبـي ومجنون لعدم
ن الحج والعمرة« ولنها مجبولة على الضعف ،ومثلها تكليفهما ول على امرأة لقوله » :جهادك ّ
الخنثى ول على عبد ولو مبعضًا أو كاتبًا لنقصه وإن أمره سيده ،ول على غير مستطيع كأعمى
وفاقد أكثر النامل ومن به عرج بـين وإن قدر على الركوب أو رمد أو مرض يمنعه الركون أو
القتال بأن يحصل له مشقة ل تحتمل عادة وإن لم تبح التيمم وكمعذور بما يمنع وجوب الحج إل
خوف طريق من كفار أو لصوص مسلمين ،فل يمنع وجوب الجهاد لن مبناه على ركوب
المخاوف ول على عادم أهبة قتال كسلح ومؤنة ذهابًا وإيابًا وإقامة ومركوب في سفر قصر
فاضل ذلك عن مؤنة من تلزمه نفقته.
ل وإن قل كفلس ولو لذمي وإن كان به رهن وثيق أو )وحرم( على مدين موسر عليه دين حا ّ
ضامن )سفر( للجهاد وغيره وإن قصر كميل ونحوه تقديمًا لفرض العين وهو رعاية حق الغير
على غيره ولو كان رب الدين مسافرًا معه أو في البلد الذي قصدها من عليه الدين لنه قد يرجع
قبل وصوله إليها أو يموت أحدهما )بل إذن غريم( وبل ظن رضاه وبل استنابة بمن يقضيه من
مال حاضر وإل فل تحريم لوصول الدائن إلى حقه في الحال بخلف مال غائب لنه قد ل يصل
ول بد من علم الدائن بالوكيل ومن ثبوت الوكالة ومثل المال الحاضر دين ثابت لمريد السفر على
ل عن غيره ملىء ،لكن ل يكفي الذن لمن عليه الدين في الدفع للدائن لن الشخص ل يكون وكي ً
في إزالة ملكه وطريقه في ذلك أن يحيل رب الدين بماله على المدين) .و( بل إذن )أصل( مسلم
وإن عل من سائر الجهات ولو مع وجود القرب وإن كان رقيقًا لن بر الصل فرض عين
ويحرم بل إذنه مع الخوف وإن قصر مطلقًا وسفر طويل ولو مع المن إل لعذر كالسفر لبـيع أو
شراء لما ل يتيسر بـيعه أو شراؤه في بلده أو يتيسر لكن يتوقع زيادة في ثمنه من البلد الذي يسافر
اليه )ل( سفر )لتعلم فرض( ولو كفاية كصنعة وطلب درجة الفتوى فل يحرم عليه وإن لم يأذن
أصله.
رقم الصفحة328 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أنه ل يعتبر إذن الصل في السفر لطلب علم شرعي أو آلة له ولو كان فرض كفاية أو
أمكن في البلد ،ورجا بخروجه زيادة فراغ أو إرشاد شيخ أو نحو ذلك ،وله طلب العلم غير
المتعين بعد شروعه فيه وإن ظهر انتفاعه ،بخلف صلة الميت فإذا شرع فيها ل يجوز قطعها،
ول يعتبر الذن في السفر لتجارة وغيرها حيث ل خطر فيه بخلف ما فيه خطر عظيم :كركوب
بحر أو بادية مخطرة ،وإن غلب المن فيحتاج إلى إذن الصل ،واستشكل ذلك بأن الجهاد فرض
كفاية مع حرمة السفر له إل بإذن .وأجيب بأن فيه من الخطار ما ليس في غيره إذ هو مبني على
المخاوف.
)وإن دخلوا( أي الكفار )بلدة لنا( أو صار بـينهم وبـينها دون مسافة القصر كان خطبًا عظيمًا
ي شيء أطاقوه ،ويكون الجهاد حينئذ قد )تعين على أهلها( ثم فيلزم أهلها الدفع لهم بالممكن من أ ّ
في ذلك تفصيل فإن أمكن تأهب للقتال بأن لم يهجموا بغتة وجب الممكن في دفعهم على كل منهم
حتى على من ل يلزمه الجهاد من فقير وولد ومدين وعبد وامرأة فيها قّوة بل إذن ممن مر،
ويغتفر ذلك لمثل هذا الخطر العظيم الذي ل سبـيل لهماله ،وإن لم يمكن تأهب لهجومهم بغتة
فمن قصده عدّو دفع عن نفسه بالممكن وجوبًا إن علم أنه إن أخذ قتل ،وإن كان ممكن لجهاد
عليه لمتناع الستسلم لكافر ،وإن جّوز السر والقتل فله أن يدفع وأن يستسلم إن ظن أنه إن
امتنع منه قتل لن ترك الستسلم حينئذ تعجيل للقتل ،ويلزم المرأة الدفع إن علمت وقوع فاحشة
ل فيجوز لها ل بما أمكنها وإن أفضى إلى قتلها إذ ل يباح بخوف القتل أما لو لم تعلمه حا ً بها حا ً
الستسلم ،ثم إن أريد منها الفاحشة وجب عليها المتناع والدفع وإن أدى إلى قتلها.
)و( كأهلها )من( هو )دون مسافة قصر منها( وإن لم يكن من أهل الجهاد فيجب عليه المجيء
ن فوق تلك إليهم وإن كان فيهم كفاية على الصح مساعدة لهم لنه في حكمهم ،وكذا يلزم على َم ْ
المسافة الموافقة لهل ذلك المحل في الدفع بقدر الكفاية إن لم يكف أهله ومن يليهم دفعًا عنهم
وانقاذًا لهم وذلك حيث وجدوا زادًا وسلحًا ومركوبًا ،وإن أطاقوا المشي.
)وحرم( على من كان من أهل فرض الجهاد )انصراف عن صف( بعد ملقاة العدو وإن غلب
على ظنه قتله لو ثبت ،أما إن قطع به فل يحرم النصراف )إذا لم يزيدوا( أي الكفار )على مثلينا(
ل عن محله ليكمن في موضع ويهجم أو لرفع منه أو أصون منه عن نحو ريح أو شمس إل متنق ً
أو عطش أو ذاهبًا إلى فئة وإن قلت وبعدت من المسلمين ليستنصر بها على العدّو وحكمة
مصابرة الضعف أن المسلم يقاتل على إحدى الحسنيـين :الشهادة أو الفوز بالغنيمة مع الجر
والكافر يقاتل على الفوز بالدنيا فقط فإن زادوا على المثلين جاز النصراف مطلقًا أي سواء كان
المسلم في صف القتال أم ل .نعم يحرم النصراف إن قاومناهم وإن زداوا على مثلينا بواحد أو
اثنين أو ثلثة ل بأكثر منها على المعتمد ويجوز انصراف مائة ضعفاء منا عن مائة وتسعة
ل من الكفار.
وتسعين أبطا ً
رقم الصفحة328 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ويرق ذراري كفار( وعبـيدهم ولو مسلمين بأن أسلموا وهم في أيدي الكفار )بأسر( أي يصيرون
بمجرد السر أرقاء لنا ويكونون كسائر أموال الغنيمة الخمس لهله والباقي للغانمين ،والمراد
برق العبـيد استمراره ل تجدده ودخل في الذراري زوجة المسلم التي في دار الحربـي وزوجة
الذمي الحربـية وهي التي لم تدخل تحت قدرتنا حين عقد الذمة له والعتيق الصغير أو المجنون
الذمي فيرقبون بالسر كما في زوجة من أسلم.
)ولمام( أو أمير الجيش بأن لم يكن المام غازيًا بأن أرسل جيشًا وأمر عليهم أميرًا )خيار في(
أسير )كامل( ببلوغ وعقل وذكورة وحرية بفعل الحظ وجوبًا للسلم والمسلمين باجتهاده ل
ن( بتخليةبتشهيه )بـين( أربع خصال من )قتل( بضرب العنق ل بتحريق وتغريق وتمثيل )وم ّ
سبـيله بل مقابلة )وفداء( بأسرى منا رجال أو نساء أو خناثى أو من الذميـين ولو واحدًا في مقابلة
جمع أو بمال من أموالهم أو من أموالنا التي في أيديهم) .واسترقاق( فتخمس رقابهم أيضاً ففي
ن والقتل حظ السلم ،فإن خفي عليه الحظ حالً حبسهم السترقاق والفداء حظ المسلمين وفي الم ّ
وجوبًا حتى يظهر له الصواب بأمارات تعين له ما فيه المصلحة ولو بالسؤال من الغير فيفعله.
)وإسلم كافر( كامل أو بذل الجزية )بعد أسر( وقبل اختيار المام فيه منًا ول رقًا ول فداء
)يعصم دمه( من القتل ل ماله وزوجته ،وبقي الخيار في باقي الخصال السابقة أو بعد اختيار
ن مع إرادته القامة في دار الكفر إذا كان المام خصلة غير القتل تعينت ،ومحل جواز الفداء والم ّ
له ثم عشيرة يأمن معها على نفسه ودينه وإل فل يجوز للمام فداؤه لحرمة القامة بدار الحرب
على من ليس له ما ذكر) .و( إسلم مكلف أو بذل الجزية )قبله( أي قبل أسر ووضع أيدينا عليه
ل( بدارنا ودراهم من الغنم وفرعًا حرًا صغيرًا )يعصم دمًا( من القتل وضرب الرق )وما ً
ومجنونًا من السبـي ويحكم بإسلمه تبعًا له وخرج ضّده فل يعصمه إسلم أبـيه من السبـي ل
ل منه فل يعصمها إسلم الرجل عن السترقاق لستقللها ،فإن سبـيت انقطع زوجة ولو حام ً
ل ولو بعد الوطء لزوال ملكها عن نفسها فملك الزوج عنها أولى ،ولحرمة نكاح المة نكاحه حا ً
الكافرة على المسلم ابتداءًا ودوامًا.
)وإذا أرق( أي كافر )وعليه دين( لغير حربـي )لم يسقط( إذ لم يوجد ما يقتضي إسقاطه من أداء
أو إبراء فيقضي من ماله إن غنم بعد إرقاقه ،وقد زال ملكه عنه بالرق كالموت تقديمًا للدين على
الغنيمة كالوصية كما يقضي دين المرتد وإن حكم بزوال ملكه بالردة ،أما إذا لم يكن له مال فيبقى
في ذمته إلى عتقه فيطالب به ،وأما إذا غنم قبل إرقاقه أو معه فل يقضي منه لن الغانمين ملكوه
إن قلنا بملك الغنيمة بالحيازة أو تعلق حقهم بعينه فكان أقوى بناء على القول أن الغنيمة إنما تملك
بالقسمة وهو الراجح.
رقم الصفحة328 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وهو فصل الخصومة بـين خصمين فأكثر بحكم ال تعالى ،والدليل عليه قوله تعالى} :وأن احكم
بـينهم بما أنزل ال{ )) (5المائدة :الية (49وقوله » :إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر ،وإن
أصاب فله أجران« وهذا في حاكم عالم مجتهد أهل للحكم إن أصاب فله أجران باجتهاده
ل له أنوإصابته ،وإن أخطأ فله أجر باجتهاده في طلب الحق .أما من ليس بأهل للحكم فل يح ّ
يحكم وإن حكم فل أجر له ،بل هو آثم فل ينفذ حكمه سواء أوافق الحق أم ل ،هذا إذا كان عدم
أهليته بسبب عدم معرفة الحكام فصارت أحكامه كلها مردودة لن إصابته اتفاقية ليست صادرة
عن دليل شرعي ،أما إذا كان عدم الهلية بسبب آخر وكان فيه طرف من معرفة الحكام فينفذ
ض في الجنة فأما الذي فيحكمه إذا وافق الحق ،وقال » :القضاة ثلثة :قاضيان في النار وقا ٍ
الجنة فرجل عرف الحق وقضى به ،واللذان في النار رجل عرف الحق فجار في الحكم ،ورجل
ن من قضى على جهل فهو في النار ولم يفصل بـين قضى للناس على جهل« فأطلق الحديث بأ ّ
مصادفته للحق وعدمها ،والذي يستفيده القاضي بالولية إظهار حكم الشرع وإمضاؤه فيما يرفع
ن فيه الفتيا؛
إليه بخلف المفتي فإنه مظهر ل ممض ،ومن ثم كان القيام بحقه أفضل من الفتاء ل ّ
وزيادة تنفيذ الحكم وهو أيضًا أفضل من الجهاد) .هو( أي تولي القضاء )فرض كفاية( بل هو
أعلى فروض الكفايات.
والحاصل أن تولي القضاء تطرأ عليه الحكام غير الباحة ،فيجب إذا تعين عليه في وطنه وما
حواليه إلى مسافة العدوى دون ما زاد ،ويجب قبوله وطلبه ولو ببذل مال زائد على ما يكفيه يومه
وليلته وإن حرم أخذه منه فالعطاء جائز والخذ حرام ،ويندب إن لم يتعين وكان أفضل من غيره
ل ولم يمتنع الفضل ويحرم بعزل صالح للقضاء ن له حينئٍذ طلبه وقبوله ويكره إن كان مفضو ً فيس ّ
ح توليته والمعزول به ل ،وتبطل عدالة الطالب ببذل مال لعزل ذلك القاضي فل تص ّ ولو مفضو ً
ن العزل بالرشوة حرام وتولية المرتشى للراشي حرام .قال : على قضائه حيث ل ضرورة ل ّ
ن غيره أفضل منه فقد خان ال ورسوله ل على المسلمين وهو يعلم أ ّ»من استعمل عام ً
ل من تولى أمرًا من أمور المسلمين وإن لم والمؤمنين« .رواه البـيهقي والحاكم ،ودخل في ذلك ك ّ
يكن ذلك شرعيًا كنصب مشايخ السواق والبلدان ونحوهما ،أما تولية المام العظم لحد
الصالحين للقضاء ففرض عين عليه لنه مشتغل بما هو أهم من القضاء فوجب من يقوم به فإن
امتنع الصالحون له أثموا وأجبر المام أحدهم ،وكذا يجب تولية صالح على قاضي القليم فيما
ن الحضار من فوقها مشق، عجز عنه ،ول يجوز إخلء مسافة العدوى عن قاض أو خليفة له ل ّ
ل له الدفع إذا أفضى
وإيقاع القضاء بـين المتخاصمين فرض عين على المام أو نائبه ،ول يح ّ
لتعطيل أو طول نزاع.
رقم الصفحة334 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن نائبه
ح أنه ينعزل )نائبه( أي القاضي بانعزاله بموت أو غيره لنه فرعه ،والراجح أ ّ )و( الص ّ
ل ينعزل إل إذا بلغه العزل وإن لم يبلغ الصل فينعزل حينئذ النائب ل الصل ،وكذا لو بلغ
العزل الصل دون النائب فإنه ينعزل الصل دون النائب) .ل( من استخلفه القاضي بقول المام
العظم استخلف عني فل ينعزل بذلك لنه ليس نائبه بل خليفة )عن إمام( والقاضي وكيل في
ن الغرض التولية بخلف ما لو قال له :استخلف عن نفسك أو أطلق له الستخلف فينعزل بذلك ل ّ
من الستخلف المعاونة له ،وقد زالت وليته فبطلت المعاونة والمذهب ل ينعزل القاضي إل
)بخبره( أي ببلوغ خبر العزل إليه لعظم الضرر بنقض الحكام وفساد التصرفات لو انعزل فله
ي لها
الحكم قبل بلوغه ونائبه مثله ،ولو تصرف بعد العزل وقبل بلوغ الخبر بتزويج من ل ول ّ
ل لم يلزم الزوج باطنًا ول ظاهرًا انعزالها ،ويجوز للمام عزل قاض لم يتعين بخلل ظهر منه مث ً
ن أنه ضعيف أو زالت هيبته في القلوب وبأفضل ل يقتضي انعزاله ،ككثرة الشكاوى منه أو ظ ّ
منه ،وإن لم يظهر منه خلل رعاية للصلح للمسلمين وبمصلحة كتسكين فتنة سواء كان هناك
مثله أو دونه ،وإن لم يكن شيء من ذلك حرم عزله ولكنه ينفذ مع إثم السلطان ،والقاضي الثاني
ن له عزل نّوابه بل سبب بناء على انعزالهم بموته ،أما إذا ل لطاعة السلطان بخلف القاضي فإ ّ بذ ً
تعين بأن لم يكن ثم من يصلح للقضاء غيره فإنه ليس له عزله ،ولو عزله لم ينعزل هذا في المر
العام ،أما الوظائف الخاصة كإمامة وأذان وتصّوف وتدريس وطلب ونظر ونحوها فل تنعزل
ل ذلكأربابها بالعزل من غير سبب ثم العبرة في السبب الذي يقتضي العزل بعقيدة الحاكم ،ومح ّ
ن للناظر العزل بل جنحة ،ولو حيث لم يكن في شرط الواقف ما يقتضي خلف ذلك بأن كان فيه أ ّ
كان للقاضي نظر وقف بشرط الواقف فأقام شخصًا عليه انعزل بانعزاله لنه في الحقيقة نائبه.
)و( ينعزل القاضي ومثله نائبه بأحد أمور )عزل نفسه( فله ذلك كالوكيل وإن لم يعلم موليه إل إذا
تعين للقضاء بأن لم يكن ثم من يصلح غيره فل ينفذ عزله حينئذ ،وللمستخلف عزل خليفته ولو
ن نحو موته لم ينعزل على المعتمد ،نعم إن ي آخر ولم يتعرض للّول ول ظ ّ بل موجب ولو لول ّ
ن مثل ذلك المحل ليس فيه إل قاض واحد تعين النعزال )وجنون( وإغماء ولو اطردت العادة بأ ّ
ل بالضبط ،وعمى وصمم ومرض ل يرجى زواله وقد عجز معه عن لحظة وغفلة ونسيان يح ّ
الحكم.
)وفسق( وزيادة فسق من لم يعلم موليه بفسقه الصلي أو الزائد حال توليته ،ولو زالت هذه
ن كل من له الولية إذا انعزل لم تعد وليته إل الحوال لم تعد وليته إل بتولية جديدة .والقاعدة أ ّ
بتوليته ثانيًا إل أربعة :الب والجّد والناظر بشرط الواقف ومن له الحضانة ،ونقل عن بعضهم أن
العمى إذا عاد بصيرًا عادت وليته) .ل( ينعزل )قاض( غير قاضي ضرورة ول قاضي
ضرورة إذا لم يوجد مجتهد صالح ول من وليته عامة كناظر بـيت المال والجيش والحسبة
والوقاف )بموت إمام( أعظم ول بانعزاله لعظم الضرر بتعطيل الحوادث ،ومن ثم لو وله للحكم
ن المام إنما يولى القضاء نيابة عن المسلمين بخلف
بـينه وبـين خصمه انعزل بفراغه منه ول ّ
ي والمرأة والعبد والعمى
تولية القاضي لنوابه فإنه عن نفسه ،ودخل في قاضي ضرورة الصبـ ّ
فل ينعزل واحد منهم بموت السلطان إن لم يوجد ثم مجتهد صالح ،أما مع وجوده فإن رجى توليته
انعزل وإل فل إذ ل فائدة في انعزاله.
رقم الصفحة334 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل وليته )حكمت بكذا( إل ل وليته( ولو على أهل مح ّ ل( للقضاء )في غير مح ّ)ول يقبل قول متو ّ
ببـينة لنه ل يملك الحكم حينئذ فل يقبل إقراره به سواء قالها على وجه القرار أو النشاء فقوله:
في غير متعلق بقول ،وقوله حكمت مقول القول ،والمراد بمحل وليته نفس بلد قضائه المحّوط
بالسور والبناء المتصل بها )كـ(ـما ل يقبل ذلك القول من )معزول( وإن كان انعزاله بالعمى،
ومن محكم بعد مفارقة مجلس حكمه لنهما حينئذ لم يقدرا على إنشاء الحكم ،أما لو أضاف
المعزول القول لما قبل العزل كقوله :كنت حكمت بكذا فإنه يقبل.
)وليسّو( أي القاضي وجوبًا )بـين الخصمين( وإن وكلء في سبعة أشياء .الّول :في المجلس بأن
يجلسهما بـين يديه أو أحدهما عن يمينه والخر عن يساره والجلوس بـين يديه أولى ،وكون
الجلوس على الركب أولى ،ول يرتفع الموكل على الوكيل والخصم لكن يجب رفع مسلم على
كافر في مجلس .والثاني :في استماع كلمهما لئل ينكسر قلب أحدهما .والثالث :في نظر لهما.
والرابع :في دخولهما عليه فل يأذن لحدهما دون الخر .والخامس :في القيام لهما فل يخص
أحدهما بقيام إن علم أنه في خصومة فإن لم يعلم إل بعد قيامه له ،فإما أن يعتذر لخصمه من ترك
القيام له كأن يقول :إني ما علمت أنه جاء في خصومة أو يقول :قصدت القيام لكما ،وإما أن يقوم
له كقيامه للّول وهو أولى ،فلو كان أحدهما يستحق القيام دون الخر ترك القيام محافظة على
التسوية .والسادس :في جواب سلم منهما إن سلما معًا فإن سلم عليه أحدهما انتظر الخر حتى
يسلم فيجيبهما معًا ،وإذا علم عدم السلم من الخر بالمرة وجب على القاضي أن يقول له سلم
لجيبكما .والسابع :في طلقة وجه وسائر أنواع الكرام فل يخص أحدهما بشيء منها وإن
اختلف بفضيلة أو قرابة.
)وحرم قبوله( أي القاضي )هدية من ل عادة له( بتلك الهدية )قبل ولية( للقضاء أو له عادة بها
وزاد عليها قدرًا أو صفة )إن كان( أي قبول الهدية )في محله( أي محل وليته) .و( حرم قبوله
أيضًا ولو في غير محلها هدية )من له خصومة( عنده وإن اعتادها قبل وليته لنها في الخيرة
توجب الميل إليه ،وفي غيرها سببها الولية ،وحيث حرمت الهدية لم يملكها )وإل( بأن كان
القبول في غير محل وليته أو لم يزد المهدي على عادته ول خصومة فيهما )جاز( أي قبول
هديته.
رقم الصفحة334 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن وقوعها عن قرب امتنع والحاصل أنه إن كان للمهدي خصومة في الحال أو غلب على الظ ّ
قبول الهدية مطلقًا سواء كان المهدي من أهل عمله أم ل ،وسواء أكان له عادة بالهدية أم ل،
ل وليته أم ل ،وإن لم يكن له خصومة ول عادة بالهدية امتنع قبولها أيضًا وسواء أهدى له في مح ّ
سواء أكان من أهل عمله أم ل ،وإن كان له عادة بها وزاد عليها قدرًا أو جنسًا أو صفة بعد
ل وليته في هاتين الصورتين ،فالمعتمد إن تميزت الزيادة جنسًا المنصب :أي وكان ذلك في مح ّ
أو قدرًا حرمت الزيادة وحدها ،وإل حرم الجميع وإن كان له بها عادة ولم يزد إل جنسًا ول قدرًا
ول صفة جاز قبولها ،ول فرق في هذا التفصيل بـين الجانب وأبعاض القاضي على المعتمد،
والولى لمن جاز له قبول الهدية أن يثيب عليها إذا قبلها أو يرّدها لمالكها أو يضعها في بـيت
المال ،وأولى من ذلك سّد باب القبول مطلقًا حسمًا للباب والضيافة والصدقة فرضًا أو نف ً
ل
كالهدية ،ويجوز لمن حضر ضيافة القاضي الكل منها إذا قامت قرينة على رضا المالك بأكل
الحاضرين من ضيافته ،وإل فل يجوز لنه إنما أحضرها للقاضي ،ويأتي مثل هذا التفصيل في
سائر العمال ،ومن ذلك ما جرت العادة به من إحضار طعام لشاّد البلد أو نحوه من الملتزم أو
الكاتب ،والعارية إن كانت مما يقابل بأجرة كسكنى دار ،وركوب دابة فحكمها كالهدية وإل فل،
وقبول الرشوة حرام :وهي ما يبذل للقاضي ليحكم بغير الحق ،أو ليمتنع من الحكم بالحق
وإعطاؤها كذلك لنه إعانة على معصية ،أما لو رشي ليحكم بالحق جاز الدفع وإن كان يحرم
على القاضي الخذ على الحكم مطلقًا :أي سواء أعطي من بـيت المال أم ل ،ويجوز للقاضي أخذ
الجرة على الحكم لنه شغله عن القيام بحقه.
ن المهدى إليه أن المهدي تتمة :يندب قبول الهدية لغير الحاكم حيث ل شبهة قوية فيها ،وحيث يظ ّ
أهداه حياء أو في مقابل ،وإل لم يجز القبول مطلقًا في الّول ،وكذا في الثاني إن لم يثبه بقدر ما
في ظنه بالقرائن ،وينبغي للمهدى إليه التصّرف في الهدية عقب وصولها بما أهديت لجله
ل القبول ،وأنها وقعت الموقع ووصلت وقت الحاجة إليها وإشارة إلى إظهارًا لكون الهدية في مح ّ
تواصل المحبة بـينه وبـين المهدى إليه حتى أن ما أهداه إليه له مزية على غيره مما هو عنده وإن
كان أعلى وأغلى ،ول يشترط في ذلك صيغة بل يكفي البعث والخذ.
رقم الصفحة334 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( إذا حكم قاض باجتهاد أو تقليد ثم بان حكمه بمن ل تقبل شهادته كعبدين بان أن ل حكم،
فحينئذ )نقض( أي القاضي وغيره من الحكام وجوبًا )حكمًا( تيقن الخطأ فيه :أي أظهر بطلنه
بنحو قوله :نقضته أو أبطلته أو فسخته كما إذا بان الحكم )بخلف نص( من كتاب أو سنة أو ن ّ
ص
مقلده )أو إجماع( ومثل مخالفة الجماع ما خالف شرط الواقف ،أو خالف المذاهب الربعة ،أو
خالف القواعد الكلية ،أو خالف القياس الجلي :وهو ما يعّم الولى والمساوي )أو( بان الحكم
)بمرجوح( لما نقل القرافي وابن الصلح الجماع على أنه ل يجوز الحكم بخلف الراجح في
المذاهب ،والمراد بعدم الجواز عدم العتداد بذلك الحكم فيجب نقضه ،لكن قال ابن الصلح ومن
ل ولو مرجوحًا في مذهبه بدليل جيد ،وليس له تبعه :وينفذ حكم من له أهلية الترجيح إذا رجح قو ً
أن يحكم بشاّذ أو غريب في مذهبه إل أن ترجح عنده ،ومما ينقض فيه الحكم لمخالفته ما مّر ما لو
حكم قاض بصحة نكاح زوجة المفقود بعد أربع سنين ومّدة العّدة ،أو بنفي خيار المجلس ،ونفي
بـيع العرايا ،ومنع القصاص في المثقل ،وصحة بـيع أّم الولد ،وصحة نكاح الشغار ،ونكاح
المتعة ،وحرمة الرضاع بعد حولين ،وقتل مسلم بذمي ،وتوريث بـين مسلم وكافر ،أو باستحسان
فاسد استنادًا لعادة الناس من غير دليل ،أو على خلف الدليل.
)ول يقضي( أي ل يجوز للقاضي القضاء )بخلف علمه( أي ظنه المؤكد وإن قامت به بـينة،
ق من وإل لكان قاطعًا ببطلن حكمه والحكم بالباطل محرم ،وذلك كما إذا شهد رجلن عنده بر ّ
يعلم حريته ،أو بنكاح من يعلم بـينونتها ،أو بملك من يعلم عدم ملكه ،ول يجوز له القضاء في هذه
الصورة بعلمه لمعارضة البـينة له مع عدالتها ظاهرًا ،بل يتوقف عن الحكم حتى يظهر فسق
البـينة فيحكم بعلمه أو نحو ذلك كرفع الدعوى إلى حاكم آخر غيره ،وكأن علم أن المدعي أبرأ
ي فل يقضى المدعى عليه مما ادعاه وأقام به بـينة ،أو أن المدعى عليه قتله وقامت بـينة بأنه ح ّ
بالبـينة فيما ذكر كما قاله المحلي .
)ويقضي( أي القاضي ولو قاضي ضرورة )بعلمه( إن شاء كأن رأى المدعى عليه اقترض من
المدعي ما ادعى به أو سمعه بقربه وأنكر هو ذلك فيقضي به عليه مصّرحا بأنه يعلم ذلك كأن
يقول :علمت أن له عليك ما اّدعاه وقضيت ،أو حكمت عليك بعلمي ،فإن ترك أحد اللفظين لم ينفذ
حكمه ،ويقضي بعلمه في الجرح والتعديل والتقويم قطعًا ،وكذا على من أقّر بمجلسه :أي واستمّر
على إقراره لكنه قضاء بالقرار دون العلم ،فإن أنكر كان قضاء بالعلم ،ويقضي بعلمه في
القصاص ،وحّد القذف كالمال لنها حدود الدميـين ،بخلف حدود ال تعالى :كحّد زنا ومحاربة،
أو سرقة ،أو شرب ،وكذا تعازيره فل يقضي بعلمه لندب الستر في أسبابها ولسقوطها بالشبهة،
نعم من ظهر له منه في مجلس حكمه ما يوجب تعزيرًا عزره وإن كان قضاء بالعلم ،وقد يحكم
بعلمه في حدود ال تعالى كما إذا علم من مكلف أنه أسلم ثم أظهر الرّدة فيقضى عليه بموجب
ذلك ،وكما إذا اعترف في مجلس الحكم بموجب حّد ولم يرجع عنه فيقضى فيه بعلمه وإن كان
إقراره سّرا ،وكما إذا ظهر بموجب الحّد منه في مجلس الحكم على رؤوس الشهاد :كرّدة،
ل منهم ولووشرب خمر) .ول( يقضي القاضي مطلقًا لنفسه و)لبعض( من أصله وفرعه ورقيق ك ّ
ل منهم إذا وقع له خصومة إمام أو
ل في المشترك للتهمة في ذلك ،ويقضي لك ّ مكاتبًا ،وشريك ك ّ
ل أو نائب عن القاضي دفعًا للتهمة.
قاض آخر مستق ّ
رقم الصفحة334 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ولو رأى( أي القاضي أو الشاهد )ورقة فيها حكمه( أو شهادته على شخص بشيء ،أو شهد على
القاضي شاهدان أنك حكمت بكذا ،أو أخبرا الشاهد أنك شهدت بهذا )لم يعمل به( أي القاضي بذلك
ل منهما العمل بذلك في إمضاء حكم ول أداء الحكم ولم يشهد بتلك الشهادة الشاهد :أي ل يجوز لك ّ
شهادة )حتى يتذكر( أي المذكور الواقعة بتفصيلها ،ول يكفي تذكره أن هذا خطه فقط لمكان
التزوير ومشابهة الخط ،والمطلوب علم الحاكم والشاهد ولم يوجد) .وله( أي الشخص )حلف على
استحقاق( للحق له على غيره أو أدائه لغيره )اعتمادًا على خط( نفسه وإن لم يتذكر ،وعلى إخبار
عدل ،وعلى خط مكاتبه الذي مات مكاتبًا أن له على فلن كذا ،أو أنه أّدى ما عليه وعلى خط
ل منهم بحيث انتفى عنه احتمال تزويره مأذونه ووكيله وشريكه و)مورثه إن وثق( بخط ك ّ
و)بأمانته( بأن علم منه عدم التساهل في شيء من حقوق الناس اعتضادًا بالقرينة ،وضابط ذلك
ي كذا سمحت نفسه بدفعه ولم يحلف على نفيه وفارقت هذه اليمين أنه لو وجد مثله بأن لزيد عل ّ
القضاء والشهادة بأن خطرهما عاّم بخلفهما لتعلقهما بنفسه.
)والقضاء على غائب( عن البلد أو المجلس لتوار أو تعزز )جائز( في كل شيء غير عقوبة ل
ق ،بأن قال :هو جاحد له ،أو أطلق تعالى )إن كان لمّدع حجة ولم يقل هو( أي الغائب )مقّر( بالح ّ
لنه قد يعلم جحوده في غيبته ،ويحتاج إلى إثبات الحق فتجعل غيبته كسكوته ،ثم تلك الحجة إما
علم القاضي ،وإما بـينة ولو شاهدًا ويمينًا فيما يقضى فيه بهما ،ول بّد من يمين ثانية للستظهار
ي والمجنون والميت، ونفي المسقطات بعد اليمين المكملة للحجة ،هذا في الغائب ،وكذا في الصبـ ّ
أما لو قال :هو مقّر وإنما أقيم البـينة استظهارًا مخافة أن ينكر لم تسمع بـينته ولغت دعواه ،وكذا
لو قال :هو مقّر لكنه ممتنع فل تسمع عند الرملي خلفًا لبن حجر ،إذ ل فائدة في البـينة مع
القرار ،ويستثنى ما إذا كان للغائب عين حاضرة في عمل الحاكم الذي وقعت عنده الدعوى ،وإن
لم تكن ببلده وأراد إقامة البـينة على دينه ليوفيه فتسمع البـينة وإن قال :هو مقّر ،ويستحبّ للقاضي
نصب مسخر ينكر عن الغائب ومن ألحق به لتكون الحجة على إنكار منكر ،وينبغي له أن يوري
في إنكاره على الغائب ومن في معناه.
رقم الصفحة334 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ووجب تحليفه( أي المّدعي يمين الستظهار فيما إذا لم يكن للغائب وكيل حاضر سواء أكانت
الدعوى بدين أم عين أم بصحة عقد أم إبراء :كأن أحال الغائب على مدين له حاضر فاّدعى
إبراءه لحتمال دعوى أنه مكره عليه )بعد( إقامة )بـينة( وتعديلها )أن الحق( في الصورة الولى
ثبت )في ذمته( إلى الن احتياطًا للغائب لنه لو كان حاضرًا لربما اّدعى أداء أو إبراء ،ول بّد أن
ق قد يكون عليه ،ول يلزمه أداؤه لتأجيل أو نحوه،ي لن الح ّ
يقول مع ذلك وأنه يلزمه تسليمه إل ّ
وهذا ل يتأتى في الدعوى بعين بل يحلف فيها على ما يليق بها :كأن يقول :والعين باقية تحت يده
ي ،وكذا نحو البراء ،ول بّد أن يتعّرض مع الثبوت ولزوم التسليم إلى أنه ل يعلم يلزمه تسليمها إل ّ
أن في شهوده قادحًا في الشهادة مطلقًا ،أو بالنسبة للغائب كفسق ،وعداوة ،وتهمة ،لن المّدعى
عليه لو كان حاضرًا وطلب تحليف المّدعي على ذلك أجيب ،ول يبطل الحق بتأخير هذا اليمين
عن اليوم الذي وقعت فيه الدعوى ،ول ترتّد بالرّد بأن يرّدها على الغائب ويوقف المر إلى
حضوره أو يطلب النهاء إلى حاكم بلده ليحلفه ،وذلك لن هذه اليمين ليست مكملة للحجة وإنما
هي شرط للحكم ،ولو ثبت الحق وحلف ثم نقل إلى حاكم آخر ليحكم به لم تجب إعادتها ،أما إذا
كان للغائب وكيل حاضر فإنه يتوقف التحليف على طلبه حيث وقعت الدعوى على الوكيل ،فإن
وقعت على الموكل لم يتوقف على ذلك.
ي ولم يطلب فإنه يحلف ي( أو مجنون ل وليّ له أو له ول ّ )كما لو اّدعى( أي شخص )على صبـ ّ
احيتاطًا لمن ذكر ول تتوقف اليمين على طلبه) .وميت( ليس له وارث خاص حاضر فإن المّدعي
يحلف لما مّر ،أما من له وارث كذلك كامل فل بد في تحليف خصمه بعد إقامة البـينة من طلبه
لن الحق في هذه يتعلق بالتركة التي هي للوارث فتركه لطلب اليمين إسقاط لحقه بخلف الولي
فإنه إنما يتصرف عن الصبـي بالمصلحة ،ولو ادعى قيم لموليه شيئًا وأقام به بـينة على قيم
شخص آخر وجب انتظار كمال المدعى له ليحلف ثم يحكم له) .وإذا( حكم الحاكم على الغائب أو
الميت بمال وقد )ثبت مال( عليهما بالحكم )وله مال( حاضر في محل عمله أو دين ثابت على
حاضر في ذلك )قضاه منه( بعد طلب المدعي لن الحاكم يقوم مقامهما ول يطالبه بكفيل لن
الصل بقاء المال ،ول يعطيه بمجرد الثبوت لنه ليس بحكم ،ولو باع قاض مال غائب في دينه
فقدم وأبطل الدين بإثبات نحو فسق الشاهد به بطل البـيع.
رقم الصفحة334 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وإل( بأن لم يكن له مال في محل وليته أو لم يحكم )فإن سأل المدعي إنهاء الحال( في ذلك )إلى
قاضي بلد الغائب( أو إلى كل من يصل إليه الكتاب من القضاة )أجابه( وجوبًا ،وإن كان المكتوب
إليه قاضي ضرورة مسارعة لبراءة ذمة غريمه ولوصوله إلى حقه )فينهي إليه( أي ذلك القاضي
)سماع بـينة( ثبت بها الحق ،ثم إن عدلها لم يحتج المكتوب إليه إلى تعديلها وإل احتاج إليه )ليحكم
بها( أي البـينة )ثم يستوفي الحق أو( ينهي إليه )حكمًا( إن حكم )ليستوفي( المال لدعاء الحاجة
إلى ذلك ويكتب في إنهاء الحكم قامت عندي حجة على فلن لفلن بكذا وحكمت له به فاستوف
حقه ،وقد ينهي علم نفسه) .والنهاء أن يشهد( أي القاضي الكاتب )عدلين بذلك( أي بما جرى
عنده من ثبوت أو حكم يؤديانه عند القاضي الخر ،ويعتبر فيه رجلن فل يكفي غيرهما ولو في
مال أو هلل رمضان ،والمراد بها شاهدان غير شاهدي الحق أما هما فل يذهبان إلى القاضي
ن مع الشهاد أن يذكر في الكتاب ما يميز المكتوب إليه وإنما اللذان يذهبان شاهدا الحكم ،ويس ّ
ن ختمه بعد قراءته على الشاهدين بحضرته وختم الكتاب من الخصمين الغائب وذا الحق ،ويس ّ
حيث هو سنة متبعة ،والمراد بختمه جعل نحو شمع عليه بعد طيه ليصونه ويختم عليه بخاتمه
ويقول :أشهدكما أني كتبت إلى فلن بما سمعتماه ويضعان خطهما فيه ول يكفي أن يقول أشهدكما
أن هذا خطي وأن ما فيه حكمي ويدفع للشاهدين نسخة أخرى بل ختم ليطالعاها ويتذكرا عند
الحاجة ،ويشهدان عند القاضي الخر على القاضي الكاتب بما جرى عنده من ثبوت أو حكم إن
أنكر الخصم المحضر أن المال المذكور فيه عليه ،ولو خالفاه أو انمحى أو ضاع فالعبرة بقولهما.
تنبـيه صورة الكتاب :حضر فلن وادعى على فلن الغائب المقيم ببلد كذا بدين وحكمت له بحجة
أوجبت الحكم وسألني أن أكتب إليك بذلك فأجبته وأشهدت بالحكم شاهدين أو شهد عندي بالحق
شاهدان ويسمى في إنهاء سماع الحجة من غير حكم شاهدي الحق إن لم يعدلهما وإل فله ترك
تسميتهما أما إنهاء الحكم فل حاجة لذكر البـينة التي أوجبت الحكم لنه ل مساغ لشهادة بـينة
الحكم به قبل تعديلها كما ل مساغ للحكم قبل تعديل بـينة الحق.
والحاصل أن إنهاء الحكم أو ثبوت الحق من غير حكم ل بد فيه من التعديل بخلف إنهاء سماع
البـينة من غير حكم فتارة يكون معه تعديل وتارة ل فاحتاج المر حينئذ إلى ذكر الشاهدين.
رقم الصفحة334 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
باب الدعوى والبـينات
الدعوى جمعها دعاوى وألفها للتأنيث لنها بوزن فعلى ،وهي لغة الطلب ،ومنه قوله تعالى:
}ولهم ما يدعون{ )) (36يس :الية (57أي يطلبون ،وشرعًا إخبار عن ثبوت حق للمخبر على
غيره عند حاكم أو محكم أو سيد أو ذي شوكة ،والبـينة الشهود :سموا بها لن بهم يتبـين الحق.
)المدعي من خالف قوله الظاهر( وهو براءة الذمة في دعوى المال) .والمدعى عليه من وافقه(
ولذلك جعلت البـينة على المدعي لنها أقوى من اليمين التي جعلت على المنكر لينجبر ضعف
خلى ولم جانب المدعي بقوة حجته وضعف حجة المنكر بقوة جانبه ،وقيل :المدعي من لو سكت ُ
يطالب بشيء ،والمدعى عليه من ل يخّلى ول يكفيه السكوت ،فإذا طالب زيد عمرًا بحق فأنكر
فزيد يخالف قوله الظاهر من براءة عمرو ولو سكت ترك وعمرو يوافق قوله الظاهر ولو سكت
لم يترك فهو مدعى عليه وزيد مدع على القولين ول يختلف موجبهما غالبًا.
والذي يتعلق بالخصومة خمسة أشياء ،اثنان منها في جانب المدعي وهما الدعوى والبـينة،
والثلثة الباقية في جانب المدعى عليه وهي اليمين والنكول وجواب الدعوى وهو القرار أو
النكار ،وشرط كل منهما كونه معينًا معصومًا مكلفًا أو سكران ولو محجورًا عليه بسفه فيقول:
وولي يستحق تسلمه ،وتشترط الدعوى عند حاكم أو من في معناه في غير مال سواء كان في
عقوبة لدمي كقصاص وحّد قذف أو في غير عقوبة كالنكاح والطلق والرجعة والبـيع وغيرها
من سائر العقود والفسوخ .ول يجوز للمستحق الستقلل بذلك لعظم خطره.
أما المال ففيه تفصيل وهو إن استحق شخص عينًا عند آخر بملك أو إجارة أو وقف أو وصية
بمنفعة أو وصاية اشترط الدعوى بها عند حاكم إن خاف بأخذها فتنة أي مفسدة تفضي إلى محرم
ل به :أي بدون رفع إلى القاضي لمشقة الرفع كأخذ ماله لو اطلع عليه وإل فله أخذها مستق ً
ل على غير ممتنع من الداء طالبه به فل يأخذ شيئًا له بغير للقاضي والمؤنة أو استحق دينًا حا ً
مطالبة ولو أخذه لم يملكه ما لم يوجد شرط التقاص ولزمه رّده ويضمنه إن تلف عنده ضمان
ل على منكر أو على من ل يقبل إقراره أو على ممتنع مقرًا كان أو المغصوب أو استحق دينًا حا ً
منكرًا وعجز عن أخذه بحيث ل بـينة له عليه أو له بـينة وامتنعوا أو طلبوا منه ما ل يلزمه أو
كان حاكم محلته جائرًا ل يحكم إل برشوة وإن قلت وقدر على أخذ ماله ممن ذكر جاز له أخذ
جنس حقه من ذلك المال ظفرًا أي استيفاء لحقه به لعجزه عن حقه إل بذلك ،فإن كان مثليًا أو
متقومًا أخذ مماثله من جنسه ل من غيره ،فإن لم يوجد جنس حقه أخذ نقدًا ول يجوز العدول إلى
غيره إل إن فقد فيأخذ غيره هذا إذا كان الغريم مصدقًا أنه ملكه فلو كان منكرًا كونه له لم يجز له
أخذه قطعًا وإن كان متصرفًا فيه تصرف الملك لجواز أنه مغصوب وتعدى بالتصرف فيه أو أنه
وكيل عن غيره ،ولو كان الدين على محجور فلس أو على ميت لم يأخذ إل قدر حصته
بالمضاربة إن علمها وإل احتاط فيأخذ ما تيقن أن المأخوذ ل يزيد على ما يخصه ،ثم مثل الدين
المنفعة المتعلقة بالذمة فلمستحقها أن يأخذ من مال من هي في ذمته قدر قيمته إن كان ممتنعًا.
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( حيث كان المر كما ذكر جاز )له( أي الشخص المستحق )بل فتنة( عليه أو على غيره وإن
لم يكن له به ارتباط )أخذ ماله( أي حقه أو جنس حقه ظفرًا إذا عجز عن حقه أو غير جنس حقه
ل بذلك الخذ لما في الرفع إلى الحاكم من
ولو أمة إن تعذر جنس حقه كما مر )من مماطل( استقل ً
المشقة والمؤنة هذا كله في حق الدمي ،أما الزكاة لو امتنع المالك من أدائها وظفر المستحقون
بجنسها من ماله فليس لهم الخذ وإن انحصروا لتوقف إجزائها على النية ثم لمن جاز له الخذ
فعل ما ل يصل للمال إل به ككسر باب ونقب جدار وقطع ثوب لغريمه فل يضمن ذلك إن كان
ملكًا للغريم ولم يتعلق به حق لزم كرهن وإجارة ،ويجوز الستعانة بذلك لعاجز عن نحو الكسر
بالكلية كما قاله ابن حجر هذا في غير صبـي ومجنون وغائب ،أما هؤلء فليس له الخذ من
مالهم إن ترتب عليه كسر أو نقب لعذرهم خصوصًا الغائب وإن لم يترتب على الخذ ما ذكر أخذ
من مالهم كغيرهم على المعتمد ولو لم يجد ما يأخذه بعد الكسر والنقب ضمن لخطئه في فعله
وعدم العلم بحقيقة الحال ل ينافي الضمان.
ل أهل قريته على عمل للملتزم المستولي على القرية فرع :يقع كثيرًا في القرى إكراه الشاد مث ً
فالضمان على الشاد لن الملتزم لم يكرهه على إكراههم ،فإن فرض من الملتزم إكراه للشاد فكل
من الشاد والملتزم طريق في الضمان وقراره على الملتزم.
فائدة :لو كان لكل من اثنين في الخر دين وجحد أحدهما فللخر أن يجحد قدر دينه ليقع التقاص
ل عن حقه وإن لم يكونا من النقود ،واختلف الجنس )ثم إن كان( أي المأخوذ )جنس حقه ملكه( بد ً
إن كان بصفته أو بصفة أدون فيملكه حينئذ بمجرد الخذ بنية الظفر من غير صيغة تملك إذ ل
يجوز له نية غيره كأن أخذه ليكون رهنًا بحقه فل يجوز الخذ وإن كان المأخوذ غير جنس حقه
ل بالخذ ،ولما في الرفع من تضيـيع الزمان ،ومح ّ
ل ل كما يستق ّ
أو هو لكنه بصفة أرفع باعه مستق ً
الستقلل بالبـيع إن لم يتيسر علم القاضي به لعدم علمه ،ول بـينة أو مع أحدهما لكنه يحتاج
لمؤنة ومشقة وإل فل يبـيع إل بإذن الحاكم ،وإذا باعه فليبعه بنقد البلد وإن كان غير جنس حقه ثم
يشتري به الجنس ثم يتملك الجنس بصيغة تملك كأن يقول :تملكت هذا عوضًا عن حقي فإن تلف
قبل تملكه ولو بعد البـيع ضمنه ،ولو أخر بـيعه لتقصير فنقصت قيمته ضمن النقص ،ول يأخذ
فوق حقه إن أمكن القتصار على قدر حقه ،وإن لم يمكن بأن لم يظفر إل بمتاع تزيد قيمته على
حقه أخذه ،ول يضمن الزيادة لعذره وباع منه بقدر حقه إن أمكن تجزية وإل باع الكل وأخذ من
ثمنه قدر حقه ورد الباقي بهبة أو نحوها بحيث ل يعلم أنه من تلك الجهة ،وكذا لو أخذ غير جنس
حقه وباعه وفضل من ثمنه شيء فيرّده على خصمه بوجه من الوجوه.
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وشرط للدعوى( أي لصحتها )بنقد( خالص أو مغشوش )أو دين( مثلي أو متقّوم )فكر جنس
ونوع وقدر( وصفة تؤثر في القيمة كمائة درهم فضة أفرنجية صحاح أو مكسرة ،أما إذا لم تؤثر
الصفة فل يجب ذكرها إل في دين السلم )و( للدعوى )بعين( حاضرة بالبلد إحضارها بمجلس
الحكم مثلية أو متقّومة تنضبط بالصفات كحبوب وحيوان وصفها بذكر )صفة( للسلم وجوبًا في
المتقّوم دون المثلى ،ول يجب ذكر قيمة فإن لم تنضبط بالصفات كجوهرة أو ياقوتة وجب ذكر
القيمة مع جنس ونوع ولون اختلف ،وإن تلفت العين وهي متقّومة وجب ذكر القيمة مع الجنس
دون الصفات بخلف المثلية فل يجب ذكر القيمة ويكفي الضبط بالصفات) .و( للدعوى )بعقار(
ذكر )جهة وحدود( أربعة إذا لم يعلم إل بها) .و( للدعوى )بنكاح( في السلم وصفه بذكر صحة
ي وشاهدين عدول( وذكر رضا المرأة إن شرط لكونها غير مجبرة ،وذكر إذن وليه إن كان و)ول ّ
ن النكاح فيه حق ال تعالى سفيهًا وإذن سيده إن كان عبدًا ،فل يكفي في دعوى النكاح الطلق ل ّ
وحق الدمي فاحتيط له) .و( للدعوى )بعقد مالي( كبـيع ولو ســـــلما وهبة ولو لمة ذكر
)صحته( ول يحتاج إلى تفصيل كما في النكاح لنه دونه في الحتياط )وتلغو( أي الدعوى
)بتناقض كشهادة خالفت( دعوى كما لو اّدعى ملكًا بسبب فذكر الشاهد ملكًا بسبب آخر فل تسمع
ج في شهر تلك الدعوى ول يطلب من المّدعى عليه جوابها .ول تسمع دعوى محال شرعًا كح ّ
ح الدعوى بذلك لنه قرب من رجب أو حسًا وعادة كمثل جبل أحد ذهبًا أو فضة ،وإنما لم تص ّ
المحال العقلي لبعد وقوعه ،وتسمع دعوى محال عادة كدعوى على جليل أنه استؤجر لشيل
الزبل.
ح الدعوى به ،كما لو ن المحال العادي قسمان :ما ل يمكن وقوعه في العادة فل تص ّ فالحاصل أ ّ
ن الجليل يؤجر ح فيمكن أ ّ
اّدعى قدرًا من أرز ونحوه وكان الشخص ل يملكه عادة وما يمكن فتص ّ
نفسه لشيل الزبل تخلصًا من يمين وقعت عليه كأن حلف أنه ل بد أن يفعل ذلك ترويضًا لنفسه
ل) .ومن( أي والمّدعى عليه الذي )قامت عليه بـينة( وحدها بثبوت حق )ليس له تحليف مث ً
المّدعي( على استحقاقه مدعاه لنه كطعن في الشهود ،ويستثنى ما لو اّدعى الذي قامت عليه
البـينة مسقطًا للمّدعي كأداء له أو إبراء منه أو شرائه منه فيحلف مّدعي نحو الداء مقيم البـينة
على نفي الداء وما بعده لحتماله ،هذا إذا اّدعى حدوث شيء من ذلك قبل قيام البـينة والحكم،
بخلف ما لو اّدعى ذلك بعد الحكم فل يحلفه لثبوت الحق على خصمه بالحكم ،ويستثنى أيضًا ما
لو قامت بـينة بإعسار المدين فللدائن تحليفه لجواز أن يكون له مال باطن ،وما لو شهدت له بـينة
بعين فقال الشهود ل نعلمه باع ول وهب فلخصمه تحليفه أنها ما خرجت عن ملكه بوجه ،وخرج
بالبـينة وحدها الشاهد واليمين ،والبـينة مع يمين الستظهار وذلك بل حلف المّدعي قبل ذلك ،إما
مع شاهده أو مع يمين الستظهار فل يحلف بعد هذه الدعوى على نفي ما اّدعاه الخصم لنه قد
تعرض في يمينه لستحقاقه الحق ،ول تسمع دعوى إبراء من الدعوى لنه باطل) .وأمهل( أي
القاضي وجوبًا من قامت عليه البـينة بكفيل أو بالترسيم عليه إن خيف هربه إذا طلب .المهال
)ثلثة( من اليام )لـ(ـأجل التيان بـ)ـدافع( من نحو أداء أو إبراء وذلك بعد تفسيره الدافع ومكن
من سفر ليحضره إن لم تزد المّدة على الثلث فإنها مّدة قريبة ل يعظم الضرر فيها ،ولو أحضر
بعد المهال في ذلك شهود الدافع أو شاهدًا واحدًا أمهل ثلثة أخرى للتعليل أو التكميل ،ولو عين
جهة ولم يأت ببـينة ثم اّدعى أخرى عند انقضاء مّدة المهلة واستمهل لها لم يمهل أو أثناءها أمهل
بقيتها فقط.
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ولو اّدعى رق بالغ( مجهول نسب ولو سكران )فقال أنا حّر أصالة( وهو رشيد ولم يسبق إقراره
بالملك )حلف( فيصّدق وإن تداولته اليدي بالبـيع وغيره لموافقته الصل وهو الحرية ،ومن ثم
ن مع الولى زيادة علم بنقلها عن الصل ،أما لو قال: قّدمت بـينة الرق على بـينة الحرية ل ّ
أعتقتني أو أعتقني الذي باعني منك فل يصّدق بغير بـينة ،وإذا ثبتت حريته الصلية بقوله .رجع
ي( أو مشتريه على بائعه بالثمن وإن أقر له بالملك لبنائه على ظاهر اليد) .أو( اّدعى رق )صبـ ّ
ن الصل عدم نحوه )ليس في يده لم يصّدق إل بحجة( عن شهود أو علم قاض أو يمين مردوة ل ّ
الملك ،نعم لو كان بـيد غيره وصّدقه الغير كفى تصديقه مع تحليف المّدعي كما لو كان بـيده
ن اليد
وجهل لقطه فيحلف ويحكم له برق لنه الظاهر من حاله ،ول يضر إنكاره بعد بلوغه ل ّ
حجة وإنما حلف لخطر شأن الحرية ،فإن علم لقطه لم يصّدق إل بحجة لن اللقيط محكوم بحريته
ظاهرًا بخلف غيره.
تنبـيه :من شروط الدعوى أن ل ينافيها دعوى أخرى وأن ل يكذب أصله ،فلو ثبت إقرار رجل
بأنه عباسي فاّدعى ولده أنه حسني لم تسمع دعواه ول بـينته ،والشروط الثلثة المعلومة مما سبق
وهي ،العلم واللزام وعدم المناقضة معتبرة في كل دعوى ،ويزيد عليها في الدعوى على من ل
يحلف ول يقبل إقراره ولي بـينة أريد أن أقيمها ،فلو طلق امرأة ثم نكحت آخر فاّدعى أنه نكحها
في عّدته لم تسمع دعواه حتى يقول :ولي بـينة أريد أن أقيمها على أني طلقتها يوم كذا فلم تنقض
عّدتي ،وفي الدعوى لعين بنحو بـيع أو هبة على من هي بـيده واشتريتها أو اتهبتها من فلن
وكان يملكها أو وسلميها لن الظاهر أنه إنما يتصرف فيما يملكه ،وفي الدعوى على الوارث بدين
ومات المدين وخلف تركة تفي بالدين أو بكذا منه وهي بـيد هذا وهو يعلم الدين أي أو لي به بـينة.
فصل في جواب الدعوى من المّدعى عليه وما يتعلق بالجواب
)إذا أقّر المّدعى عليه( حقيقة أو حكمًا )ثبت الحق( بالقرار من غير حكم لوضوح دللته بخلف
البـينة ،ومن ثم لو كانت صورة القرار مختلفًا فيها احتيج للحكم )وإن سكت عن الجواب أمره
القاضي( جوازًا )به( أي الجواب وإن لم يسأله المّدعي لن المقصود فصل الخصومة وبذلك
تنفصل) .فإن سكت( أي أصّر المّدعى عليه على سكوته عن جواب الدعوى الصحيحة وهو
عارف أو جاهل فنبه ولم يتنبه )فكمنكر( فيقول القاضي للمّدعي احلف بعد عرض اليمين عليه
فحينئذ يحلف المّدعي ،ول يمكن الساكت من الحلف لو أراده إل برضى المّدعي ،ويندب له
ن سكوته لنحو دهشة أو غباوة وجب إعلمه بالحال تكرير أجبه ثلثًا ،نعم إن غلب على ظنه أ ّ
بأن يقول له :إذا أطلت السكوت حكمت بنكولك وقضيت عليك.
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)فإن سكت( أي أصّر على السكوت )فناكل( فيرّد القاضي اليمين على المّدعي ،فلو حلف قبل
رّدها من القاضي لغت ما لم يحكم بنكول الخصم وإل فل تتوقف على رّد القاضي فيحلف المّدعي
إن اختار ذلك ويستحق المّدعي به بفراغ اليمين من غير توقف على حكم لنها كالقرار ،وهو ل
يتوقف على حكم ل بنكول خصمه ،ويبـين القاضي وجوبًا وقيل :ندبًا حكم النكول للجاهل به بأن
يقول له :إن نكلت عن اليمين حلف المّدعي وأخذ منك الحق وللخصم بعد نكوله العود إلى الحلف
ل أو تنزي ً
ل ما لم يحكم بنكوله حقيقة بأن حكم القاضي بنكوله كقوله :حكمت بنكوله أو جعلته ناك ً
كقول القاضي للمّدعي :احلف فإنه نازل منزلة الحكم بنكول المّدعى عليه وإل فليس له العود إليه
إل برضا المّدعي ،وإذا نكل ثانيًا لم يحلف المّدعي لنه أسقط حقه برضاه بحلف خصمه.
ل )لم يكف( في الجواب )ل تلزمني( أي تلك العشرة )حتى يقول )فإن اّدعى( عليه )عشرة( مث ً
ن مّدعي العشرة مّدع لكل جزء منها فاشترط ول بعضها ،وكذا يحلف( إن توجهت اليمين عليه ل ّ
مطابقة النكار واليمين دعواه وإنما يطابقانها إن نفى كل جزء منها ،فإن حلف على نفي العشرة
ل بل تجديد دعوى فقط فناكل عما دون العشرة فيحلف المّدعي على استحقاقه بجزء وإن ق ّ
ويأخذه ،نعم لو كان المدعي به مسندًا إلى عقد كأن اّدعت نكاحًا بخمسين كفاه نفى العقد بها
والحلف عليه ،فإن نكل لم تحلف هي على البعض لنه يناقض ما اّدعته أّول وهو النكاح
ل( فأنكر وطلب منه اليمين فقال :ل بالخمسين فيجب مهر المثل) .أو( اّدعى عليه شخص )ما ً
أحلف وأعطى المال لم يلزمه قبوله من غير إقرار من المدعى عليه بل يجوز ،وللمدعي تحليف
المدعى عليه لنه ل يأمن أن يدعي عليه بما دفعه بعد ،وكذا لو نكل عن اليمين وأراد المدعي أن
يحلف يمين الرّد فقال خصمه :أنا أبذل المال بل يمين فيلزمه الحاكم بأن يقّر وإل حلف المدعي أو
ي شيئًا( أو
ل )مضافًا لسبب كأقرضتك( كذا )كفاه( في الجواب )ل تستحق( أنت )عل ّ اّدعى عليه ما ً
ن المدعي ل يلزمني تسليم شيء إليك ،ول يشترط التعرض لنفي السبب ،فإن تعرض لنفيه جاز ل ّ
قد يكون صادقًا ويعرض ما يسقط المدعي به من نحو :أداء ،أو إبراء ،أو إعسار ،ولو اعترف به
واّدعى مسقطًا طولب بالبـينة ،وقد يعجز عنها فدعت الحاجة إلى قبول الجواب .نعم لو اّدعى
عليه وديعة لم يكفه في الجواب :ل يلزمني التسليم إذ ل يلزمه التسليم وإنما يلزمه التخلية،
ي شيئًا ،أو ينكر اليداع .أو يقول :هلكت الوديعة أو رددتها فالجواب الصحيح ل تستحق عل ّ
وحلف على حسب جوابه هذا ليطابق الحلف الجواب ،فإن أجاب بنفي السبب المذكور بأن قال :ما
أقرضتني ،أو ما بعت لي ،أو ما غصبت حلف عليه ،أو بالطلق فكذلك ليطابق اليمين النكار.
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
واعلم أن النكول يحصل بأمور :منها :أن يقول بعد عرض اليمين عليه أنا ناكل ،أو يقول له
القاضي :احلف ،فيقول :ل أحلف أو ل فقط .ومنها :أن يقول له :قل بال ،فيقول بالرحمن ،وهذا
فيمن ظهر فيه الجهل بأن يصّر عليه بعد تعريفه بوجوب امتثال أمر الحاكم .ومنها :المتناع من
تغليظ اليمين .ومنها :السكوت ل لدهشة وغباوة بعد قول القاضي له :احلف كما قال المصنف
)ولو أصّر المّدعى عليه على سكوت عن جواب( للّدعوى الصحيحة بعد عرض اليمين عليه ل
ل ،أو نكلتك بتشديد الكافنحو دهشة )فناكل( إن حكم القاضي بنكوله بأن يقول له :جعلتك ناك ً
ل من غير حكم أو ما في معناه من طلب تحليف المّدعي لن ما لمتناعه .ول يصير هنا ناك ً
صدر عن الساكت ليس صريح نكول.
ن للقاضي عرض اليمين عليه ثلثًا والعرض من القاضي على الساكت آكد ،ولو ظهر منه ويس ّ
جهل حكم النكول وجب عليه تعريفه بأن يقول له :إن نكولك يوجب حلف المّدعي وأنه ل تسمع
بـينتك بعده بأداء أو نحوه ،فإن حكم عليه ولم يعرفه نفذ وأثم بعدم تعليمه لنه المقصر بعدم تعلمه
حكم النكول وقول القاضي للمّدعي بعد امتناع المّدعى عليه من الحلف أو بعد سكوته احلف
وإقباله عليه ليحلفه وإن لم يقل له :احلف نازلن منزلة قوله :حكمت بنكوله فليس للمّدعى عليه أن
يحلف إل إن رضي المّدعي.
ل من اثنين )شيئًا في يد ثالث( أي غير هذين الثنين لم ينسبه إلى أحدهما قبل )وإذا ادعيا( أي ك ّ
ل منهما )بـينة( بذلك الشيء )سقطتا( أي البـينتان إذا تساوتا تاريخًا البـينة ول بعدها )وأقاما( أي ك ّ
وعددًا لتعارضهما ول مرجح فأشبهتا الدليلين إذا تعارضا بل ترجيح ،وحينئذ فيحلف لكلّ منهما
يمينًا ،فإن أقّر ذو اليد لحدهما قبل البـينة أو بعدها رجحت بـينته ولو زاد بعض حاضري مجلس
ل إل إن احتفت القرائن الظاهرة على أن البقية ضابطون له من أّوله إلى آخره، قبل صفة مث ً
فقالوا :لم نسمعها مع الصغاء إلى جميع ما وقع وكان مثلهم ل ينسب للغفلة في ذلك ،فحينئذ يقع
ل من اثنين شيئًا )بـيدهما(التعارض لن النفي المحصور يعارض الثبات الجزئي) .أو( اّدعى ك ّ
ل منهما )فهو( أي أو ل بـيد أحد كعقار أو متاع ملقى في طريق وليس المّدعيان عنده وثم بـينة لك ّ
الشيء المّدعى به )لهما( أي بالبـينة القائمة ل باليد السابقة على إقامة البـينتين ،وإل لتحالفا إذ
ليس أحدهما أولى به من الخر ،والفرق بـين البـينة القائمة واليد السابقة هو الحاجة إلى الحلف
في الثاني ل في الّول) .أو بـيد أحدهما( تصّرفا أو إمساكًا ويسمى الداخل )قدمت( من غير يمين
)بـينته( وإن تأخر تاريخها أو كانت شاهدًا ويمينًا ،وبـينة الخارج شاهدين أو لم تبـين سبب الملك
من شراء أو غيره.
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ولو أزيلت يده ببـينة وأسندت بـينته الملك إلى ما قبل إزالة يده ترجيحًا لبـينته بـيده الحكمية
والحسية ما لم يكن مع بـينة الخارج زيادة علم ،كما لو قال الخارج :هو ملكي اشتريته منك أو
اكتريته مني فقال الداخل هو ملكي وأقاما بـينتين بما قاله رجح الخارج لزيادة علم بـينته بما ذكر
ومحله إذا لم يسند انتقال الملك عن شخص واحد ،وإل قّدمت بـينة الخارج إن كانت أسبق تاريخًا،
ل ترجيح بـينة الداخل )إن أقامها بعد بـينة الخارج( ولو قبل تعديلها بخلف ما لو أقامها قبلها ومح ّ
لنها إنما تسمع بعدها لن الصل في جانبه اليمين لنه مّدعى عليه ،فل يعدل عنها ما دامت
ق وبـينة بالحرية قّدمت بـينة كافية ،وهي كافية ما دام الخارج لم يقم بـينة ،ولو قامت بـينة بالر ّ
ق لن معها زيادة علم لنها ناقلة وبـينة الحرية مستصحبة ،ولو اّدعيا لقيطًا بـيد أحدهما وأقام الر ّ
ل بـينة استويا لنه ل يدخل تحت اليد. كّ
)وترجح بتاريخ سابق( كأن شهدت بـينة لواحد بملك من سنة إلى الن ،وبـينة أخرى لخر بملك
بأكثر من سنة إلى الن والعين بـيدهما أو بـيد غيرهما أو ل بـيد أحد وإنما رجحت بـينة ذي أكثر
المّدتين وهي السبق تاريخًا لعدم المعارضة في الزائد على الخرى بل تعارض في السنة
المتأخرة ،وإذا تعارضا فيها تساقطا بالنسبة لها فيستصحب الملك السابق ،ولصاحب التاريخ
السابق أجرة وزيادة حادثة من يوم ملكه بسبب الشهادة وهو الوقت الذي أرخت به البـينة ل من
وقت الحكم فقط لنهما ثمرة ملكه .نعم لو كانت العين بـيد الزوج أو البائع قبل القبض لم يلزمه
أجرة ،أما لو كانت العين بـيد أحدهما رجحت بـينته وإن كانت شاهدًا ويمينًا أو تأخر تاريخها ،لن
البـينتين متساويتان في إثبات الملك في الحال فيتساقطان فيه وتبقى اليد في مقابلة الملك السابق
وهي أقوى من الشهادة على الملك السابق بدليل أنها ل تزال بها.
)و( يرجح)بشاهدين( وبشاهد وامرأتين وبأربع نسوة فيما يثبت بشهادتين )على شاهد مع يمين(
للخر في غير بـينة الداخل بل ترجح مطلقًا على من ذكر ،ويمكن تصوير ذلك بما لو حصل
ل )ل التنازع بـينهما في عيب تحت الثياب في أمة يؤّدي إلى المال أو في حّرة لتبعيض المهر مث ً
بزيادة شهود( صفة أو عددًا لحدهما ما لم يبلغوا عدد التواتر ،وإل فيرجح لفادة العلم الضروري
حينئذ ،وكذا ل ترجح بـينة وقف على بـينة ملك ول بـينة انضّم إليها حكم بالملك على بـينة بل
حكم ،ول برجلين على رجل وامرأتين ،ول على أربع نسوة لكمال الحجة في الطرفين) .ول(
بـينة )مؤرخة على( بـينة )مطلقة( لن المؤرخة وإن اقتضت الملك قبل الحال فالمطلقة ل تنفيه،
ولن مجّرد التاريخ ليس بمرجح لحتمال أن المطلقة لو فسرت فسرت بما هو أكثر من الولى.
نعم لو شهدت إحداهما بدين والخرى بإبراء من قدره رجحت بـينة البراء لنه إنما يكون بعد
الوجوب .والصل عدم تعّدد الدين ،بخلف ما لو أثبت على زيد إقرارًا بدين فأثبت زيد إقرار
المّدعي بعدم استحقاقه عليه شيئًا فإن إقرار المّدعي ل يؤثر في القرار لحتمال حدوث الدين
بعد ،ولن الثبوت ل يرتفع بالنفي المحتمل.
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل من اثنين )شيئًا بـيد ثالث( فإن أقّر به لحدهما سلم له وللخر تحليفه إذ لو أقرّ )ولو اّدعيا( أي ك ّ
ل منهما يمينًا وترك في يده) .و( إن به له أيضًا غرم له بدله ،وإن أنكر ما اّدعياه ول بـينة حلف لك ّ
ل من اثنين على ثالث بـيده شيء أنكرهما ثم )أقام كل( منهما )بـينة أنه اشتراه( منه وهو اّدعى ك ّ
يملكه وسلمه ثمنه )فإن اختلف تاريخهما حكم للسبق( منهما تاريخًا لن معها زيادة علم ،ولن
الثاني اشتراه من الثالث بعد زوال ملكه عنه ول نظر لحتمال عوده إليه لنه خلف الظاهر
)وإل( بأن اتحد تاريخهما أو أطلقتا التاريخ أو إحداهما )سقطتا( لستحالة أعمالهما وصار كأن ل
ل منهما يمينًا أنه ما باعه ول تعارض في الثمنين فيلزمانه :أي يرجع ك ّ
ل بـينة ،فيحلف الثالث لك ّ
ل لمورثهم( الذي مات )وأقاموا شاهدًا( بذلك عوا ما ً
منهما عليه بالثمن لثبوته بالبـينة) .ولو اد ّ
المال )وحلف بعضهم( أي المّدعين على أن المّدعى به لمورثهم )أخذ( أي ذلك البعض )نصيبه
ول يشارك فيه( أي نصيب البعض على من لم يحلف.
فصل في بـيان قدر النصاب في الشهود المختلف باختلف المشهود به وفي بـيان شروطهم
)الشهادة( بحسب ما تقبل فيه وهو المشهود به سبعة أنواع ،لنه إما حق ال تعالى وإما حق
الدمي ،فحق ال على ثلثة أقسام.
الّول :ما يقصد به العبادة فيكفي )لرمضان( أي لرؤية هلل رمضان بالنسبة للصوم وما ألحق به
ولشّوال بالنسبة للحرام بالحج ولذي الحجة بالنسبة للوقوف )رجل( واحد.
)و( الثاني :ما ل يقبل فيه أقل من أربعة رجال فيشترط )لزنا( ولواط وإتيان بهيمة وميتة )أربعة(
ل بد أن يقولوا :رأيناه أدخل حشفته في فرج فلنة على وجه الزنا ول بد من ذكر المرأة المزنى
بها ،وأما مكان الزنا وزمانه فل يشترط ذكرهما حيث لم يذكرهما أحد وإل وجب سؤال باقيهم
لحتمال وقوع تناقض يسقط شهادتهم.
ل للمرتد أو لقاطع الطريق إن والثالث :ما يقبل فيه رجلن وهو أسباب الحدود سواء أكان الحد قت ً
قتل مكافئًا له أم قطعًا في سرقة أو في قطع الطريق أم جلدًا لشارب خمر ول تقبل في حقوق ال
ل )و( حق الدمي على أربعة أقسام. تعالى النساء أص ً
الّول :ما يشترط )لمال( عينًا كان كوديعة أو دينًا أو منفعة كسكنى دار )و( لحق مالي أو عقد
مالي أو فسخه من )ما قصد به مال( ما عدا الشركة والقراض والكفالة ،أما هي فل بّد من رجلين
إل أن يريد في الولين إثبات حصته من الربح وذلك )كبـيع( ومنه الحوالة لنها بـيع دين بدين
وإقالة وضمان وإبراء وقرض ووقف وصلح ورد بعيب وشفعة ومسابقة وغصب ووصية بمال
وإقرار ومهر في نكاح أو وطء شبهة وخلع وقتل خطأ وقتل صبـي ومجنون وقتل حر عبدًا
ل،ومسلم ذميًا وقتل والد ولدًا وسرقة ل قطع فيها) .ورهن( وخيار وأجل وكذا جناية توجب ما ً
فيكفي في ذلك كله أحد ثلثة أمور :إما )رجلن أو رجل وامرأتان أو رجل ويمين( من المدعي
بعد أداء شهادة شاهده وبعد تعديله ويذكر وجوبًا في حلفه صدق شاهده لن اليمين والشهادة
حجتان مختلفتا الجنس في غير هذه الصورة فاعتبر ارتباط إحداهما بالخرى ليصيرا كالجنس
الواحد ،ثم هل القضاء بالشاهد واليمين معًا أو بالشاهد فقط واليمين مؤكدة أو بالعكس؟ أقوال
أصحها أّولها وتظهر فائدة الخلف فيما لو رجع الشاهد فعلى الّول يغرم النصف وعلى الثاني
يغرم الكل وعلى الثالث ل شيء.
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل:
)و( الثاني :ما شرط )لغير ذلك( أي المذكور من الزنا والمالي وهو ما ل يقصد منه المال أص ً
كقصاص وقذف وكمقدمات الزنا كقبلة ومعانقة ،وكالقرار بالزنا ،وكوطء الشبهة إذا قصد
بالدعوى به إثبات النسب ،أما إذا قصد بالدعوى به المال وشهد به حسبة فيثبت بما يثبت به المال
)ولما يظهر للرجال غالبًا( والمراد بالغلبة كثرة اطلع الرجال عليه وإن كان اطلع النساء عليه
أغلب فليس المراد الغلبة بالنسبة إليهن وذلك )كنكاح وطلق( ورجعة )وعتق( وإقرار بنحو زنا
وموت ووكالة وإيصاء وشركة أي عقدها ،وقراض وكفالة وشهادة على شهادة ووديعة .وصورته
أن يدعي مالكها غصب ذي اليد لها وذو اليد يدعي أنها وديعة فل بد من شاهدين لن المقصود
بالذات إثبات ولية الحفظ له وعدم الضمان يترتب على ذلك ،ثم حق الدمي في النكاح التمتع
والنفقة والكسوة ،وفي الطلق والرجعة العدة ،وفي القرار بنحو زنا خوف اشتباه النساب وفي
الموت العدة وفيما بعده الولية ،ثم صورة العدة هي أن يكون الزوج غائبًا وشهد شاهدان بموته
لجل أن تعتد زوجته عدة الوفاة ،والمراد بقوله :كنكاح أي لجل إثبات العصمة ،فإن ادعته المرأة
لثبات المهر أو شطره أو للرث فيثبت بشاهد ويمين ،والمراد بالطلق سواء كان بعوض أو
بغيره هو إن ادعته الزوجة ،فإن ادعاه الزوج بعوض ثبت بشاهد ويمين وزيد على ذلك السلم
والردة والبلوغ والعفو عن القصاص فل يقبل في ذلك كله إل )رجلن(.
)و( الثالث :ما شرط )لما يظهر للنساء( غالبًا )كولدة وحيض( وبكارة وثيوبة وحمل ورضاع
من الثدي وعيب امرأة تحت ثوبها ،وصياح ولد عند الولدة ليعطى حكم الكبـير في الصلة
وغيرها ،والمراد بقوله كولدة :أي من حيث ثبوت النسب ففيها حق آدمي وذلك بأن أتت بولد
فادعى الزوج أنه مستعار فأقامت بـينة على أنها ولدته ،والمراد بالحيض كأن علق طلقها على
حيضها ثم ادعته فأنكر فأقامت حجة على ذلك ،وبالبكارة كأن تزوج امرأة بشرط البكارة ثم ادعى
أنه وجدها ثيبًا فأقام كل منهما حجة .والمراد بكون الرضاع فيه حق آدمي أن يصور بما إذا شهد
ل .والمراد بعيب امرأة هوشخصان على شخص بأنه ارتضع على أم زوجته ليكون النكاح باط ً
أن ادعى أنها رتقاء أو قرناء وأقام بذلك بـينة ليفسخ النكاح أو لترد هي في البـيع فيكفي في ذلك
كله أحد ثلثة أشياء إما )أربع( من النساء )أو رجلن أو رجل وامرأتان(.
ن على القرار به فإنه مما يسمعه تنبـيه :ما قبل فيه شهادة النسوة على فعله ل تقبل شهادته ّ
الرجال غالبًا كسائر القارير.
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والرابع :ما يقبل فيه شاهدان ويمين في صور سبعة .الولى :دعوى المشتري جواز رد المبـيع
بعيب قديم .والثانية :الدعوى الكائنة في صور العنة .وصورتها إذا ثبتت العنة بالقرار فضرب
القاضي له سنة ثم بعد السنة ادعى الوطء فيها وأنكرته وهي بكر فل بد أن تقيم البـينة ببكارتها
وتحلف على عدم الوطء لحتمال عود البكارة .والثالثة :دعوى الجراحة في عضو باطن ادعى
الجارح أنه غير سليم قبل الجناية .وصورته أن يختلفا في أصل الجناية أي هل جنى أو ل ،فل بد
من بـينة على وجودها فإذا ثبت ثم اختلفا في سلمة العضو المجنى عليه وعدمها أي هل هو سليم
فتجب فيه الدية أو أشل فتجب فيه الحكومة وكان ذلك العضو من العضاء الباطنة كالذكر
والنثيـين فيحلف المجنى عليه أنه كان سليمًا بعد قيام البـينة بذلك ،أما لو ثبتت الجناية من أّول
المر ثم اختلفا في السلمة وعدمها ،فإن كان الختلف في عضو ظاهر صدق الجاني بـيمينه أو
باطن صدق المجنى عليه كذلك .والرابعة :دعوى إعسار نفسه إذا عهد له مال فإن لم يعهد ذلك
صدق بـيمينه .وصورة ذلك أن يكون عليه دين ويطالب به فيّدعي تلف ماله بسبب ظاهر لم
يعرف ،فل بّد من بـينة على وجود ذلك السبب ثم يحلف على تلف المال به والوديعة ومال
القراض والشركة وغيرها كالعسار إذا اّدعى تلفها بسبب ظاهر لم يعرف .والخامس :الدعوى
على الغائب فوق مسافة العدوى بأن اّدعى أن له عليه دراهم وأراد أخذها من ماله .والسادس:
الدعوى على الميت والصبـي والمجنون والمفقود والمتعزز والمتواري .والسابع :فيما إذا قال:
لزوجته أنت طالق أمس ،ثم قال :أردت أنها طالق من غيري بأن كانت متزّوجة قبل ذلك فيقيم في
هذه الصور السبعة البـينة بما اّدعاه ويحلف معها طلبًا للحتياط لحتمال تزوير البـينة .والمراد
بالمحلوف عليه في الصورة الولى قدم العيب ،وفي الثانية عدم الوطء ،وفي الثالثة عدم السلمة،
وفي الخيرة إرادة طلق غيره .صورتها :أن امرأة كانت متزّوجة وطلقت وانقضت عّدتها ثم
تزّوجها رجل آخر وقال لها :أنت طالق أمس ثم قال :أردت من غيري ،فإذا أقام بـينة بتطليق
الغير إياها وأنها كانت متزّوجة حلف على إرادته طلق غيره إياها والمحلوف عليه هنا غير ما
اّدعاه ول يضر ذلك) .وشرط في شاهد( عند أداء الشهادة عشرة في غير هلل رمضان ونحوه
مما الغرض منه تحقيق الفرض إذ ليس فيه مشهود عليه ول له ،ونظمها بعضهم من بحر الطويل
فقال:
بلوغ وعقل ثم السلم نطقه
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( الثامن :أن يكون له )عدالة( فل تقبل شهادة فاسق ولو نصبه المام للشهادة لقوله تعالى} :إن
جاءكم فاسق بنبأ فتبـينوا{ )) (49الحجرات :الية (6ولو كان الفاسق يعلم الفسق من نفسه
ل له أن يشهد ،وينبغي أن ل يتقّدم على أهل الفضل
وصدق في شهادة فالمعتمد عند الرملي أنه يح ّ
ل عن الرملي ،ولو كان الشاهد يعلم فسق نفسه والناس يعتقدون عدالته جاز كما قاله ابن قاسم نق ً
له أن يشهد ،والعدل يتحقق بخصلتين )باجتناب كبـيرة( كتقديم الصلة أو تأخيرها عن وقتها بل
عذر ومنع الزكاة وترك المر بالمعروف والنهي عن المنكر بشرط أن يكون مجمعًا عليه أو
منكرًا عند الفاعل وإن لم يكن منكرًا عند الناهي وأن يأمن الضرر على نفسه وماله ونحوهما،
ل للنهي أو ل منوأن ل يخاف الوقوع في مفسدة أعظم من المنهي عنه سواء كان الناهي ممتث ً
ل أو بعضًا إن كان حفظه بعد البلوغ ،وأمن مكرهالولة أو ل أفاد النهي أو ل ،ونسيان القرآن ك ً
تعالى بأن يسترسل في المعاصي ويجزم بالعفو اعتمادًا على سعة فضل ال ،ويفعل الطاعات
ويترك المعاصي ،ويجزم بالنجاة وأكل الربا وأكل مال اليتيم والفطار في رمضان من غير
عذر ،وعقوق الوالدين ولو كافرين والزنا واللواط والقذف والقتل ،وشهادة الزور وضرب
المحترم بغير حق ،والنميمة وهي نقل الكلم على وجه الفساد سواء قصد الفساد أم ل ،وأما
الغيبة فإن كانت في أهل العلم وحملة القرآن فهي كبـيرة وإل فصغيرة) .و( اجتناب )إصرار على
صغيرة( والصرار هو الكثار من نوع أو أنواع من الصغائر مع أن طاعته ل تغلب معاصيه.
فالمداومة على النوع الواحد من الصغائر كبـيرة وضبط الغلبة بالعدد من جانبـي الطاعة
ن ذلك أمر أخروي أي فتقابل والمعصية من غير نظر لكثرة ثواب في الولى وعقاب في الثانية ل ّ
حسنة بسيئة بعشر سيئات .والمراد الغلبة باعتبار العمر بأن تحسب الحسنات التي فعلها في عمره
والسيئات أيضًا وينظر الغالب ،وليس المراد الغلبة باعتبار يوم بـيوم .فمن الصغائر النظر
المحرم وهجر المسلم فوق ثلثة أيام ،والنياحة وشق الجيب والتبختر في المشي ،وإدخال صبـيان
أو مجانين في المسجد يغلب تنجيسهم له ،واستعمال نجاسة في بدن أو ثوب لغير حاجة.
)و( التاسع) :عدم تهمة( في الشهادة لقوله تعالى} :ذلكم أقسط عند ال وأقوم للشهادة وأدنى أل
ترتابوا{ )) (2البقرة :الية (282فاسم الشارة راجع لن تكتبوه .قوله} :أقسط عند ال{ ))(2
ل .قوله} :وأقوم للشهادة{ )) (2البقرة :الية (282أي البقرة :الية (282أي أكثر قسطًا أي عد ً
وأثبت لها وأعون على إقامتها .قوله} :وأدنى أل ترتابوا{ )) (2البقرة :الية (282أي وأقرب
في أن ل تشكوا في جنس الدين وقدره وأجله ،وفي الشهود أي أقرب من عدم الريبة فمتى كانت
هناك ريبة امتنعت الشهادة والريبة حاصلة بالمتهم ،فل تقبل شهادة محصل لنفسه نفعًا بأن يظهر
ن فيها جّر نفع له فشهادته بمال لخ ميت له ابن حال الشهادة مقبولة وإن مات البن حال الشهادة أ ّ
بعدها ،ولو كان لشخص على آخر دين جاحد له فله أن يحيل به شخصًا ويّدعي المحتال على
ن هذه شهادة جّرت المحال عليه بالدين ويقيم المحيل شاهدًا له عليه فإنه تقبل شهادته له ول يقال :إ ّ
ن الدين انتقل للمحتال كما ل تقبل شهادة دافع عن نفسه ضررًا كشهادة عاقلة ح ،ل ّ
نفعًا فل تص ّ
بفسق شهود قتل يحملون بدله ،وهو الدية من خطأ أو شبه عمد ،وشهادة غرماء مفلس حجر عليه
بفسق شهود دين آخر ظهر عليه لنهم يدفعون بها ضرر المزاحمة.
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن العداوة من أقوى الريب )و( ترّد الشهادة )من عدّو على عدّوه( في عداوة دنيوية ظاهرة ل ّ
بخلف شهادة له فتقبل إذ ل تهمة ،ومن ذلك أن يشهد رجلن على ميت بحق فيقيم الوارث بـينة
بأنهما عدّوان للوارث فل يقبلن عليه لنه الخصم في الحقيقة لنتقال التركة لملكه وعدّو
الشخص من يحزن بفرحه ويفرح بحزنه) .و( ترّد الشهادة )من مبادر( بشهادته قبل أن تطلب منه
قبل الدعوى أو بعدها لقوله » :خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يأتي قوم
ن ذلك في مقام الذّم لهم ،والمراد بقوله ،قرني: يشهدون ول يستشهدون« رواه الشيخان أي فإ ّ
أصحابه وبالذين يلونهم التابعون وبالذين يلونهم الثاني من يأخذون عن التابعين ،وإنما ترّد
الشهادة من المبادر لنه متهم ولو في مال يتيم أو زكاة أو كفارة أو وقف أو غائب أو غير ذلك،
بل ينصب القاضي من يّدعي ثم يطلب البـينة ول تحتاج إلى حضور خصم.
ل إذا لم يقصر في التعلم بأن أسلم ول يشترط في الشاهد معرفته بفروض الصلة والوضوء مث ً
قريبًا أو كان في شاهق جبل ،ول يضر توقفه في الشهادة المعادة بأن لم يرض بإعادتها خوفًا من
رّده كما رّد أّول ،ولذلك لو أعاد الشهادة في المجلس جازمًا بها بعد طلبها منه قبلت )إل( في
شهادة حسبة وهي ما نوى به وجه ال فتقبل قبل الستشهاد ولو بل دعوى لقوله » :أل أخبركم
بخير الشهود الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها« وإنما تقبل في حق ال تعالى كصلة وزكاة
وكفارة وصوم وحج عن ميت بأن يشهد بتركها وحق لمسجد ويتيم ومجنون أو في حّد له تعالى
بأن يشهد بموجبه ،والفضل فيه الستر كحّد الزنا والسرقة وقطع الطريق أو )في حق مؤكد ل(
وهو ما ل يتوقف وقوعه على رضا الدمي بل يقع قهرًا عنه بمقتضى الشهادة )كطلق وعتق(
ونسب وعفو عن قود ،وبقاء عّدة وانقضائها وخلع ،لكن بالنسبة للفراق ل للمال بأن يشهد بالخلع
ليمنع من مخالفة ما ينشأ منه ،وصورة الشهادة لذلك أن يقول :الشهود للقاضي حيث ل دعوى
نشهد على فلن بكذا وهو ينكر فأحضره لنشهد عليه فإن ابتدؤوا فقالوا :فلن زنى فهم قذفة ،وإنما
ل فلو شهد اثنان أن فلنًا أعتق عبده أو أنه أخو فلنة من تسمع شهادة الحسبة عند الحاجة إليها حا ً
الرضاع لم يكف حتى يقول وهو يريد أن يسترقه أو هو يريد أن ينكحها ول عبرة بقولهما :نشهد
لئل ينكحها وإن كانا مريدين سفرًا وخشيا أن ينكحها في غيبتهما ،أما حق الدمي كقود وحّد قذف
وبـيع وإقرار فل تقبل فيه شهادة الحسبة كما ل تسمع في محض حدود ال تعالى ،وحينئذ تسمع
في السرقة قبل رّد مالها.
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
تنبـيه :قد تسمع الشهادة بل دعوى صحيحة في مسائل أخر كتصرف حاكم في مال تحت وليته
واحتاج لمعرفة نحو قيمته أو ملكه أو يده فله سماع البـينة بذلك من غير دعوى اكتفاء بطلبه كما
ن وصيه خانه ومال غائب في تعديل الشاهد أو جرحه ،وكذا في نحو مال محجور شهد اثنان أ ّ
ي في عمله بعد الثبوت عنده منشهدا بفواته إن لم يقبضه الحاكم ،ونظير ذلك قضاؤه لنحو صبـ ّ
غير طلب أحد لحكمه.
)وتقبل( أي الشهادة )من فاسق( أو خارم مروءة )بعد توبة( بشرط عدم وصوله لحالة الغرغرة
لن من وصل إلى تلك الحالة أيس من الحياة فتوبته إنما هي لعلمه باستحالة عوده إلى مثل ما فعل
وعدم طلوع الشمس من مغربها) .وهي( أي التوبة )ندم( على المعصية من حيث المعصية ل
لخوف عقوبة لو علم بحاله أو فوات مال أو نحو ذلك )بـ(شرط )إقلع( عنها في الحال إن كان
متلبسًا بها أو عازمًا على معاودتها )وعزم أن ل يعود( إليها ما عاش إن تصّور منه وإل
كمجبوب بعد زناه لم يشترط فيه العزم على عدم العود له بالتفاق.
ل كانت أو عرضًا نحو قود وحّد قذف ،فإن ي وجه قدر عليه ما ً)وخروج عن ظلمة آدمي( بأ ّ
أفلس وجب عليه الكسب ،فإن عجز عن رّد الظلمة إلى المالك ووارثه دفعه لحاكم ثقة ،فإن تعذر
صرفه فيما شاء من مصالح المسلمين عند انقطاع خبره بنية القرض وغرم بدله إذا وجده ،وإنما
احتيج لنية القرض لئل يضيع على مالكه إذا ظهر لكونه نائبًا عنه في الصرف ،فإن أعسر عزم
على الداء عند قدرته ،فإن مات قبله فل مطالبة عليه في الخرة إن لم يعص بالتزامه والمرجّو
من فضل ال تعالى أن يعوض المستحق ،وإذا بلغت الغيبة المغتاب اشترط استحلله ،فإن تعذر
لموته أو تعسر لغيبته الطويلة استغفر له كأن يقول :اللهّم اغفر لفلن ،ول أثر لتحليل وارث ول
مع جهل المغتاب بما حلل منه ،أما إذا لم تبلغه كفى فيها الندم والستغفار له ،أما لو اغتاب
ي أمدًا ينتظر ،وبفرض موته يمكن صغيرًا مميزًا وبلغته الغيبة فل يكفي الستغفار له لن للصبـ ّ
استحلل وارث الميت من المغتاب بعد بلوغه ويكفي الندم والقلع عن الحّد.
ومن لزمه حّد وخفي أمره ندب الستر على نفسه فإن ظهر أتى للمام ليقيمه عليه لفوات الستر،
ل للمعصية بل ل بّد معه من التوبة إذ هو مسقط لحق الدمي فقط ،وأما ول يكون استيفاؤه مزي ً
حق ال تعالى فيتوقف على التوبة ،فإذا لم يتب عوقب على عدم التوبة وعلى القدام على الفعل
ح التوبة من ذنب وإن أصّر على غيره ومن ذنب تاب منه ثم عاد إليه ولو المنهي عنه ،وتص ّ
تكرر منه ذلك مرارًا ،ومن مات وله دين لم يستوفه وارثه كان المطالب به في الخرة هو دون
ح ،وبشرط قول في صحة توبة من معصية قولية من حيث حق الدمي لتقبل الوارث على الص ّ
شهادته كأن يقول القاذف :قذفي باطل وأنا نادم عليه ول أعود إليه ،أو ما كنت صادقًا في قذفي
وقد تبت منه أو نحو ذلك ،ويقول شاهد الزور :شهادتي باطلة وأنا نادم عليها.
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)و( بشرط )استبراء سنة( تقريبًا بعد توبة في صحة توبة من معصية فعلية كالعداوة كما رجحه
ن التوبة من أعمال ابن الرفعة خلفًا للبلقيني وكخرم مروءة ،ومن شهادة زور وقذف إيذاء ل ّ
القلوب ،ووهمتهم بإظهارها لترويج شهادته وعود وليته ،وإنما قّدرت مدة الستبراء بسنة ل ّ
ن
للفصول الربعة تأثيرًا بـينًا في تهيـيج النفوس لما تشتهيه ،فإذا مضت السنة على السلمة أشعر
ل الستبراء في الفاسق اذا ظهر فسقه ،فلو كان يسّره وأقّر به ليقام عليه ذلك بحسن السريرة ،ومح ّ
الحّد قبلت شهادته عقب توبته كما قاله شيخ السلم.
تنبـيه :اشتراط القول في القولية والستبراء في الفعلية إنما هو لقبول الشهادات وعود الوليات أما
لسقاط الثم فل يشترط ذلك.
)وشرط لشهادة بفعل كزنا( وغصب ورضاع وولدة وإتلف )إبصار( للفعل مع فاعله لوصول
اليقين به ،فل يكفي في ذلك السماع من الغير فيقبل في ذلك أصم لبصاره ،ويجوز تعمد النظر
لفرجي الزانيـين لتحمل الشهادة لنهما هتكا حرمة أنفسهما) .و( شرط لشهادة )بقول كعقد( وفسخ
وإقرار )هو( أي إبصار للقائل )وسمع( للقول حال صدوره منه ولو من وراء نحو زجاج ،فل
يكفي سماعه من وراء حجاب وإن علم صوته لن ما أمكن إدراكه بإحدى الحواس ل يجوز أن
ل يبـيت وحده وعلم أن الصوت ن لجواز تشابه الصوات ،نعم لو كان المقّر مث ً يعمل فيه بغلبة ظ ّ
ممن في البـيت جاز له اعتماد صوته ،وإن لم يره سواء كان عدم الرؤية لظلمة أو وجود حائل
بـينهما ،وكذا لو علم اثنين ببـيت ل ثالث لهما وسمعهما يتعاقدان وعلم الموجب منهما من القابل
لعلمه بمالك المبـيع أو نحو ذلك فله الشهادة بما سمعه منهما ،ول تقبل الشهادة بقيمة عين إل ممن
رآها وعرف جميع أوصافها وإن طال الزمن حيث كانت مما ل يغلب تغيره في تلك المّدة وتسمع
ل بأنها تغيرت صفاتها عن وقت رؤية الشاهد. دعوى من غصبها مث ً
ن الصوات تتشابه فإن عرفها بعينها ح تحمل شهادة على منتقبة اعتمادًا على صوتها ل ّ
ول يص ّ
أو باسم ونسب أو أمسكها حتى شهد عليها جاز التحمل عليها منتقبة للداء ،ول يجوز كشف
ن زوجته فلنة بنت فلن الوجه حينئذ إذ ل حاجة إليه وذلك كأن طلقها زوجها والشهود يعرفون أ ّ
ل بحضور الشاهدين فإذا اّدعى الزوج نكاحها بعدمطلقة من زوجها ،أو زّوج شخص بنته مث ً
وأنكرت شهدا عليها بأنها بنته ويشهد عند الداء بما يعلم من اسم ونسب فإن لم يعرف ذلك كشف
وجهها وضبط حليتها وكذا يكشفه عند الداء ،وجّوز بعضهم اعتماد قول ولدها الصغير وهي
بـين نسوة :هذه أمي فيجوز حينئذ التحمل على المنتقبة بصفة من طول وقصر.
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وله( أي الشخص )بل معارض شهادة على نسب( لذكر وأنثى من أب أو أم )وعتق ونكاح(
وولء وأصل وقف وموت ورضاع )بتسامع( أي استفاضة )من جمع يؤمن كذبهم( أي توافقهم
ي بصدقهم ،ول يشترط فيهم حرية ول ذكورة ول عدالة ن القو ّ
على الكذب لكثرتهم ويحصل الظ ّ
لكن يشترط تكليفهم ،ول يكفي أن يقول :سمعت الناس يقولون كذا على سبـيل الترّدد ،بل ل بّد من
ل لنه قد يعلم خلف ما سمعه من الناس أن يقول :على سبـيل البت بأن يقول :أشهد أنه ابنه مث ً
ن مّدتها تطول فيعسر وإنما اكتفى بالتسامع في المذكورات وإن تيسرت مشاهدة أسباب بعضها ل ّ
إقامة البـينة على ابتدائها فتمس الحاجة إلى إثباتها بالتسامع .وصورة الستفاضة بالملك أن
يستفيض أنه ملك فلن من غير إسناد لسبب ،فإن استفاض سببه كالبـيع لم يثبت بالتسامع إل
الرث لنه ينشأ عن النسب والموت وكل منهما يثبت بالتسامع وخرج بأصل الوقف شروطه
ل ول تبعًا ،وخرج بقوله :بل معارض ما لو عارض التسامع ما هو وتفاصيله فل يثبتان به استقل ً
أقوى منه كإنكار المنسوب إليه النسب أو طعن من لم تقم قرينة على كذبه في النتساب فيمتنع
ن حينئذ.
الشهادة بالتسامع لختلل الظ ّ
)و( له شهادة )على ملك به( أي بالتسامع ممن ذكر )أو بـيد وتصرف ملك( من سكنى أو هدم
وبناء أو بـيع أو فسخ أو إجارة أو رهن وعلى حق كحق إجراء الماء على سطحه أو أرضه إذا
ن امتداد اليدي
رأى الشاهد ذلك المذكور بذلك )مّدة طويلة( عرفًا حيث ل يعرف له منازع ل ّ
والتصرف مع طول الزمان من غير منازع يغلب على الظن الملك أو الستحقاق فل تكفي
الشهادة بمجرد اليد لنه قد يكون عن إجارة أو إعارة ،ول بمجرد التصرف لنه قد يكون من
وكيل أو غاصب ول بهما معًا في مدة قصيرة ،فإن انضّم إلى اليد والتصرف الستفاضة ونسبة
الناس الملك إليه جازت الشهادة قطعًا وإن قصرت المدة ،ول يكفي قول الشاهد :رأينا ذلك سنين،
ويستثنى من ذلك الرقيق ،فل تجوز الشهادة فيه بمجرد اليد والتصرف في المدة الطويلة إل إن
انضم لذلك السماع من ذي اليد والناس أنه له ،فل يكفي السماع من ذي اليد من غير سماع من
الناس ول عكسه للحتياط في الحرية وكثرة استخدام الحرار.
ن هذا ولد فلن أو أنه عتيقه أو أنه موله أو وقفه أو أنها تنبـيه :صورة الشهادة بالتسامع :أشهد أ ّ
ن فلنًا أعتق فلنًا أو أنه وقف كذا ،أو أنه
ن فلنة ولدت فلنًا أو أ ّ زوجته أو أنه ملكه ،ل أشهد أ ّ
تزّوج هذه أو أنه اشترى هذا لما مّر من أنه يشترط في الشهادة بالفعل البصار ،وبالقول:
البصار والسمع ،ومما يثبت بالتسامع أيضًا ولية القضاء ،والجرح ،والتعديل ،والرشد
واستحقاق الزكاة ،ومثل التسامع الستصحاب لما سبق من نحو إرث وشراء وإن احتمل زواله
للحاجة الداعية إلى ذلك ،ول يصرح في شهادته بالستصحاب ،فإن صّرح به وظهر في ذكره
ترّدد لم يقبل وذلك كأن يقول أشهد بالستصحاب بكذا فل يقبل ،كما ل يقبل قوله :أشهد
بالستفاضة بكذا ،بخلف ما إذا ذكرهما لتقوية كلم أو حكاية حال بأن جزم بالشهادة بعلمه ثم
قال :مستندي الفاضة أو الستصحاب فتسمع شهادته.
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)وتقبل شهادة على شهادة( مقبول شهادته )في غير عقوبة ل( تعالى وغير إحصان من حقوق
الدمي وحقوق ال تعالى كزكاة وحّد الحاكم لشخص على نحو زناه ،وهلل نحو رمضان للحاجة
إلى ذلك ،ومن عقوبة لدمي كقود وحّد قذف فيقبل ذلك ،بخلف موجب عقوبة ل تعالى كزنا
وشرب وسرقة ،وكذا إحصان من ثبت زناه وما يتوقف عليه الحصان كالنكاح الصحيح.
وصورته بأن اّدعوا على شخص بالزنا وأثبتوا زناه ببـينة ثم اّدعى أنه غير محصن حتى ل يرجم
وهناك شهود علموا بأنه محصن وأرادوا أن يحملوا الشهادة لغيرهم فيمتنع عليهم التحمل ،وخرج
ح تحمل ح تحمل شهادة مردودها كفاسق ورقيق وعدّو ،وكذا ل يص ّ بمقبول الشهادة غيره فل يص ّ
ن شهادة الفرع تثبت شهادة الصل ل ما شهد به النساء وإن كانت الشهادة في ولدة أو رضاع ،ل ّ
ح تحمل فرع واحد عن أصل واحد فيما يثبت بشاهد ويمين ،وإن أراد الصل ،ومن ثم لم يص ّ
المّدعي الحلف مع الفرع ،وإنما تقبل الشهادة على الشهادة لعدم شرط وجوب أداء الشهادة وذلك
)بتعسر أداء أصل( ولوجوب الداء شروط ثلثة.
ل ،فإن دعى لما فوقها لم يجب الحضور أحدها :أن يدعي المتحمل في مسافة العدوى فأق ّ
للضرورة مع إمكان الشهادة على الشهادة ،بخلف ما لو دعى من تلك المسافة فيجب لعدم قبولها
حينئذ.
ل ،فإن دعى ذو فسق مجمع عليه ظاهر لم يجب عليه الداء لنه وثانيها :أن يكون المتحمل عد ً
عبث بل يحرم عليه لنه يحمل الحاكم على حكم باطل ،بخلف ما لو خفى فسقه فيجوز الداء إذا
لم ينحصر خلص الحق فيه لن في قبوله خلفًا بل يجب إذا انحصر خلص الحق فيه وكان في
الداء إنقاذ نفس أو عضو أو بضع.
وثالثها :أن ل يكون معذورًا بمرض ونحوه من كل عذر مرخص في ترك الجماعة ،نعم إن
المخدرة تعذر دون غيرها ،فإن كان معذورًا بذلك أشهد على شهادته أو بعث القاضي من يسمعها
دفعًا للمشقة عنه ،وإذا اجتمعت الشروط الثلثة وكان في صلة أو طعام فله التأخير إلى أن يفرغ
ويلزمه الداء عند نحو أمير وقاض فاسق لم تصح توليته إن توقف خلص الحق عليه )و( تحمل
الشهادة على الشهادة المعتّد به إنما يحصل بأحد ثلثة أمور.
أحدها) :باسترعائه( أي الصل أي التماسه من الفرع رعاية شهادته وضبطها ليؤّديها عنه ،لن
الشهادة على الشهادة نيابة فاعتبر فيها إذن المنوب عنه أو ما يقوم مقامه .نعم لو سمعه يسترعي
غيره جاز له الشهادة على شهادته وإن لم يسترعه هو بخصوصه )فيقول أنا شاهد بكذا( فل يكفي
أنا عالم أو خبـير أو أعرف أو أعلم )وأشهدك( أو أشهدتك أو اشهد )على شهادتي( به أو إذا
استشهدت على شهادتي فقد أذنت لك أن تشهد ونحو ذلك.
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وثانيها :بسماعه الصل يشهد عند حاكم أو محكم أن لفلن على فلن كذا فله أن يشهد على
شهادته وإن لم يسترعه لنه إنما يشهد عند الحاكم بعد تحقق الوجوب فأغناه ذلك عن إذن الصل
له فيه.
وثالثها :بسماعه الصل يبـين سبب الشهادة كأن يسمعه يقول :أشهد أن لفلن على فلن ألفًا قرضًا
فلسًا مله الشهادة على شهادته وإن لم يسترعه ولم يشهد عند حاكم لن إسناده للسبب يمنع احتمال
التساهل فلم يحتج لذنه أيضًا) .و( ل بد من )تبـيـين فرع( عند الداء )جهة تحمل( كأن يقول:
أشهد أن فلنًا شهد بكذا وأشهدني على شهادته ثم يقول :وأنا شاهد على شهادته بذلك هذا إن
استرعاه الصل وإل قال :إن فلنًا شهد عند حاكم بكذا أو قال :إن فلنًا أسند المشهود به إلى سببه
ليتحقق القاضي صحة شهادته إذ أكثر الشهود ل يحسنها هنا ،فإن لم يبـين جهة تحمله ووثق
القاضي بعلمه وموافقته له في تلك المسألة فل بأس إذ ل محذور فل يجب حينئذ البـيان فيكفي أن
يقول :أشهد على شهادة فلن بكذا لحصول الغرض ،نعم يندب للقاضي استفصاله) .و( ل بد من
ل لتعرف عدالته بأن يذكر اسمه أو لقبه أو كنيته )تسميته( أي الفرع )إياه( أي الصل وإن كان عد ً
ل ،ولو حدث بحيث ل يخفى ذلك الصل على الحاكم لنه قد يعرف جرحه لو بـين اسمه مث ً
بالصل عداوة بـينه وبـين المشهود عليه أو فسق بردة أو غيرها منع الفرع من الشهادة لن ك ً
ل
يورث ريبة فيما مضى إلى التحمل ،فلو زالت هذه المور اشترط تحمل جديد بعد مضي مدة
الستبراء التي هي سنة ليتحقق زوالها ،أما حدوث ذلك بعد الحكم فغير مؤثر إل إذا كان قبل
استيفاء عقوبة ،ولو تحمل الفرع الشهادة ناقصًا بأن كان فاسقًا وعبدًا وصبـيًا ثم أداها وهو كامل
قبلت شهادته كالصل إذا تحمل ناقصًا ثم أدى بعد كماله) .ويكفي فرعان لصلين( أي تكفي
شهادة رجلين على كل من الشاهدين فل يشترط لكل من الصلين فرعان كما إذا شهدا على إقرار
كل من رجلين فل تكفي شهادة واحد على هذا وواحد على الخر ول واحد على واحد في هلل
رمضان ،وشرط قبول شهادة الفرع موت أصل أو عذره بعذر جمعة كمرض وعمى وجنون
وخوف من غريم ،واستثنى الغماء حضرا فينظر لقرب زواله أو غيبته فوق مسافة عدوى فل
تقبل في غير ذلك لنها إنما قبلت للضرورة ول ضرورة حينئذ وأن يسميه فرع وإن كان الصل
ل لتعرف عدالته ،فإن لم يسمه لم يكف لنه ينسد باب الجرح على الخصم. عد ً
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن تغليظ يمين مّدع غير مريض وزن وحائض ،ومن حلف بالطلق أنه ل يحلف يميناً تتمة :يس ّ
مغلظة إذا حلف مع شاهد أو رّدت اليمين عليه ،ويمين مّدعى عليه وإن لم يطلب الخصم تغليظها
فيما ليس بمال ول يقصد به مال كنكاح ولعان وطلق وفي خلع إن بلغ عوضه نصابًا مطلقًا ،وإل
فعلى الحالف منهما إن كان المّدعي الزوجة ،فإن كان المّدعي الزوج فل تغليظ عليها ،وفي مال
ل ذهبًا أو مائتي درهم فضة أو ما قيمته ذلك فخرج النصاب يبلغ نصاب زكاة نقد عشرين مثقا ً
ل ول مائتي درهم. الذي لم يبلغ نصاب النقد ول قيمته كخمسة من البل ل تساوي عشرين مثقا ً
والتغليظ يكون بالزمان والمكان وبزيادة أسماء وصفات كأن يقول :وال الذي ل إله إل هو عالم
الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم السر والعلنية ،ومن التغليظ أن يحلفه القاضي على
المصحف فيضع المصحف في حجره ويفتحه ،ويقول له :ضع يدك على سورة براءة ويقرأ عليه:
ل{ )) (3آل عمران :الية (77الية ،فإن هذا ن الذين يشترون بعهد ال وأيمانهم ثمنًا قلي ً
}إ ّ
مرعب .قال بعضهم :ويندب تحليفه قائمًا ،وإن كان الحالف يهوديًا حلفه القاضي بال الذي أنزل
التوراة على موسى ونجاه من الغرق ،أو نصرانيًا حلفه بال الذي أنزل النجيل على عيسى ،أو
مجوسيًا أو وثينًا حلفه بال الذي خلقه وصّوره.
ول يجوز لقاض أو محكم أو نحوه أن يحلف أحدًا بطلق أو عتق أو نذر ،فلو حلف بما ذكر
انعقدت اليمين حيث ل إكراه منه فخرج الخصم فله التحليف بذلك .قال الشافعي رضي ال تعالى
عنه :ومتى بلغ المام أن قاضيًا يستحلف الناس بطلق أو عتق أو نذر عزله وجوبًا عن الحكم
لنه جاهل إن كان شافعيًا فإن كان حنفيًا أو مالكيًا لم يعزله لنه يرى ذلك ،ول يحلف قاض على
ل بل يمهله تركه ظلمًا في حكمه ول شاهد على أنه لم يكذب في شهادته ول مّدع صبا ولو احتما ً
حتى يبلغ إل كافرًا مسبـيًا أنبت العانة ،وقال :تعجلت إنبات العانة فيحلف لسقوط القتل بناء على
أن النبات علمة البلوغ وهو الراجح ،وقيل :إنه بلوغ حقيقة وعليه فل يقبل قوله ،واليمين من
ل ل الحق فتسمع بـينة المّدعي بعد حلف الخصم ،ولو اّدعى رق غير الخصم تقطع الخصومة حا ً
صبـي ومجنون مجهول نسب فقال :أنا حر أصالة صدق بـيمينه لن الصل الحّرية وعلى
المّدعي البـينة ،ولو اّدعى رق صبـي أو مجنون وليسا بـيده لم يصّدق إل بحجة أو بـيده وجهل
لقطهما حلف وحكم له برقهما لنه الظاهر من حالهما وإنكارهما بعد كمالهما لغو ،فل بد لهما من
حجة ول تسمع دعوى بدين مؤجل وإن كان به بـينة إذ ل يتعلق بها إلزام في الحال ،فلو كان
ل صحت الدعوى به لستحقاق المطالبة ببعضه. ل وبعضه مؤج ًبعضه حا ً
رقم الصفحة341 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ل( بمملوك له )تبعها( في العتق وإن استثناه لنه كالجزء منها فعتقه بالتبعية ل )ولو أعتق حام ً
ن السراية في الجزاء كالربع ل في الشخاص ،ولقوة العتق لم يبطل بالستثناء بالسراية ل ّ
ل مملوكًا له دون الحامل عتق فقط إن نفخت فيه الروح وإل لغا بخلفه في البـيع ،ولو أعتق حم ً
ن الصل ل يتبع الفرع ،أما لو كان ل يملك حملها بأن كان لغيره ح ،ول تتبعه أمه ل ّعلى الص ّ
ل فل يعتق أحدهما بعتق الخر )أو( أعتق رقيقًا )مشتركًا( بـينه وبـين غيره سواء كان بوصية مث ً
ل )أو( أعتق )نصيبه( منه كقوله :نصفك حّر وهو يملك نصفه شريكه مسلمًا أم ل كثر نصيبه أم ق ّ
)عتق نصيبه( لنه مالك التصرف فيه )وسرى( منه )بالعتاق( أي بمجرد تلفظه به من موسر
بقيمة حصة شريكه وقت العتاق )لما أيسر به( من نصيب الشريك أو بعضه من غير توقف على
أداء القيمة ما لم يثبت له اليلد بأن استولدها مالك الباقي معسرًا وإل فل سراية على المعتق
الذي هو غير المستولد ،ول يمنع السراية دين ولو مستغرقًا كما سرى بالعلوق من الموسر إلى ما
أيسر به من نصيب الشريك أو بعضه ولو مدينًا ،ويباع كل ما فضل عن قوته وقوت من تلزمه
نفقته في يومه وليلته ودست ثوب يلبسه وسكنى يوم ويصرف إلى ذلك وللشريك مطالبة المعتق
أو المولد بدفع القيمة وإجباره عليها ،فلو مات أخذت من تركته فإن لم يطالبه طالبه القاضي ،وإذا
اختلفا في قدر قيمته ،فإن كان العبد حاضرًا وقرب العهد روجع أهل التقويم أو مات أو غاب أو
طال العهد صدق المعتق لنه غارم ،وعليه بمجرد السراية قيمة ما أيسر به لشريكه وقت العتاق
أو العلوق لنه وقت التلف ولو كان يساره بمال غائب لنه ل يشترط للعتق دفع القيمة بالفعل
وعليه لشريكه في المستولدة حصته من مهر مع أرش بكارة إن كانت بكرًا إن تأخر النزال عن
ن الموجب له تغيـيب الحشفة في ملك تغيـيب الحشفة كما هو الغالب ،وإل فل يلزمه حصة مهر ل ّ
ل ،فيكون العلوق في ملك ن أمه صارت أم ولد حا ً
غيره وهو منتف ل قيمة حصته من الولد ل ّ
المولد فل تجب القيمة ول يسري تدبـير لنه كتعليق عتق بصفة.
)ولو ملك( أي كامل الحرية ولو غير مكلف )بعضه( أي أحد أصوله وإن عل ولو من جهة الم
ل أو منفيًا بلعان بعد الستلحاق )عتق عليه( أي عتقأو أحد فروعه وإن سفل من النسب ولو حم ً
جميعه إن ملك جميعه أو ملك بعضه وباختياره ،وكان موسرًا بقيمة البعض الخر وإل عتق عليه
ما ملكه إما فقط إن لم يكن موسرًا بشيء من البعض الخر ،أو مع ما أيسر به من البعض الخر:
أي سواء ملكه ملكًا اختياريًا كالشراء والهبة أو ملكًا قهريًا كالرث كأن ورث أمه من أخيه لبـيه
أو ورث أباه أو أمه من عمه ،ولو ملك زوجته الحامل منه عتق حملها ،فلو اطلع على عيب امتنع
الرّد ووجب له الرش.
رقم الصفحة359 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)ومن قال لعبده( بقول صريح كقوله) :أنت حّر بعد موتي( أو أعتقتك بعد موتي ،أو حّررتك بعد
ن حروف التدبـير ل تحتاج إلى ذلك موتي ،أو دبرتك ،أو أنت مدبر ،وإن لم يقل :بعد موتي ل ّ
بخلف غيرها أو بكناية كقوله :خليت سبـيلك بعد موتي أو حبستك بعد موتي ،أي منعت عنك
التصرفات ببـيع وغيره وهو ناو للعتق )فهو مدبر ( وحكمه أنه )يعتق( عليه )بعد وفاته( أي السيد
محسوبًا من ثلث ماله إن خرج كله من الثلث وإل عتق منه بقدر ما يخرج منه إن لم تجز الورثة
بعد الدين وبعد التبرعات المنجزة ،وإن وقع التدبـير في الصحة فلو استغرق الدين التركة لم يعتق
منه شيء أو نصفها وهي هو فقط بـيع نصفه في الدين وعتق ثلث الباقي منه وهو سدسه وإن لم
يكن دين ول مال غيره عتق ثلثه.
والحيلة في عتق الجميع بعد الموت وإن لم يكن له مال سواه أن يقول :هذا الرقيق حّر قبل مرض
ل أو أكثر ،وإن مت فجأة فقبل موتي بـيوم ،فإذا مرض أو مات بعد التعليقين موتي بـيوم أو أق ّ
بأكثر من يوم عتق في الحال ول سبـيل لحد عليه ،أما لو لم يزد على قوله :بـيوم ذلك التنجيز
ي يوم من التعليق ،واستمر المرض أكثر من يوم ثم مات فل يعتق لعدم فنزل به المرض قبل مض ّ
تقدم يوم قبل المرض ،ويصح التدبـير مقيدًا بشرط كقوله :إن مت في ذا الشهر أو ذا المرض
فأنت حّر ،فإن مات فيه عتق وإل فل ،ومعلقًا بصفة كقوله :إن دخلت الدار فأنت حّر بعد موتي،
فإن وجدت الصفة قبل الموت ثم مات عتق وإل فل ول يصير مدبرًا حتى يدخل ،ولو مات السيد
فقبل الدخول فل تدبـير )وبطل( أي التدبـير بإزالة ملكه عنه )بنحو بـيع( للمدبر فل يعود التدبـير
ح للنافذ التصرف أن يتصرف في المدبر بأنواع التصرفات المزيلة للملك وإن ملكه ثانيًا ،ويص ّ
كالوقف إل رهنه ،فل يصح ولو على حال لحتمال موت سيده فجأة فيفوت الرهن بعتقه ،فإن باع
ن اليلد أقوى من التدبـير بدليل أنه ل بعض المدبر فالباقي مدبر ،وبطل أيضًا بإيلد لمدبرته ل ّ
يعتبر من الثلث ول يمنع منه الدين بخلف التدبـير فلذلك يرفعه القوى )ل برجوع لفظًا( كفسخته
ن الرّدة
أو نقضته كسائر التعليقات ول بردة المدبر أو سيده صيانة لحق المدبر عن الضياع ل ّ
تؤثر في العقود المستقبلة دون الماضية فيعتق بموت السيد من الثلث وإن كان ماله فيئًا ل إرثًا ل ّ
ن
ح تدبـيرل وطء المدبرة لبقاء ملكه ،ويص ّ الشرط تمام الثلثين لمستحقيهما وإن لم يكونوا ورثة ويح ّ
ح تعليق كل من المدبر والمكاتب بصفة ويعتق بالسبق من الوصفين فيقول للمدبر: المكاتب ويص ّ
إذا جاء رمضان فأنت حّر وللمكاتب مثل ذلك ،فإذا مات السيد في الولى قبل رمضان عتق
بالتدبـير ،وإذا أّدى النجوم في الثانية قبل رمضان عتق بالكتابة.
رقم الصفحة359 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
)الكتابة( وهي عقد عتق بلفظ مشتمل على حروف الكتابة ككاتبتك أو أنت مكاتب على كذا حال
كون العتق بعوض مؤجل بوقتين فأكثر )سنة( إذا كانت )بطلب عبد أمين( والمراد بالمين هنا
ي على الكسب ل لنحو ترك صلة )مكتسب( أي قو ّ من ل يضيع المال في معصية وإن لم يكن عد ً
الذي يفي بمؤنته ونجومه وهذان شرطان للستحباب فإن فقد أحدهما كانت الكتابة مباحة إذًا ،أما
الطلب فليس شرطًا للسنية بل لو لم يطلبها العبد بقيت على استحبابها ،وإنما الطلب شرط لكونها
سنة متأكدة.
)وشرط في صحتها( أي الكتابة )لفظ يشعر بها( حال كون اللفظ )إيجابًا ككاتبتك( أو أنت مكاتب
ل )مع( انضمام ذلك إلى قوله: )على كذا( كألف )منجمًا( أي مؤّدى إلى مرتين فأكثر في سنة مث ً
)إذا أديته( أي ذلك المقدار أو إذا برئت منه ،أو إذا فرغت ذمتك منه )فأنت حّر( وإنما احتيج لما
ن لفظ الكتابة يصلح للمخارجة فاحتيج لتميـيزها بما ذكر ،ويشمل لفظ البراءة حصول ذلك ذكر ل ّ
بأداء النجوم والبراءة الملفوظ بها ،وفراغ الذمة شامل للستيفاء والبراءة باللفظ حال كون ذلك
القول ملفوظًا أو منويًا عند جزء من الصيغة في الكتابة الصحيحة ،أما الفاسدة فل بّد فيها من
ن المغلب فيها التعليق وهو ل يحصل بالنية ثم إطلق القول على النية التصريح بالقول المذكور ل ّ
ل( فورًا )كقبلت( ذلك.
ل نفسيًا )وقبو ً
نظرًا لتسميتها قو ً
)و( شرط في الكتابة )عوض( من دين ولو منفعة ،فلو كان العوض منفعة في الذمة كبناء دارين
في ذمته وجعل لكل واحدة منهما وقتًا معلومًا جاز وإن تأخرت عن العقد كقوله :كاتبتك على بناء
دارين في ذمتك في شهر كذا وفي شهر كذا ،وذكر المدة لبـيان أّول العمل في كل وقت ل جميع
وقت العمل ،أما لو كان العوض منفعة عين فإنه ل يجوز أي ل يصح عقد الكتابة كقوله :كاتبتك
على أن تخدمني الشهر القابل والذي بعده لن العين أي عين المكاتب أو عينًا من أعيان ماله بأن
كان مبعضًا وملك بعضه الحر أعيانًا ل تقبل التأجيل بأن أخرت عن وقت العقد كقوله :كاتبتك
ل آخر ح بخلف ما إذا اتصلت بالعقد وضم إليها ما ً على أن تخدمني شهرًا بعد هذا الشهر فل يص ّ
ل فيصح وإن كان العوض منفعة عين المكاتب فقط حالة نحو :كاتبتك على أن تخيط لي ثوبًا مؤج ً
بنفسك شهرًا ،فل بّد معها من ضميمة إما بمال كقوله :وتعطيني دينارًا بعد انقضاء الشهر ،أو
بمنفعة أخرى كأن يقول :وتبني داري في وقت كذا أي وقت الشروع في البناء والضميمة شرط
في الكتابة ليتأتى النجمان.
رقم الصفحة359 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
والحاصل أن الشرط أن يتأخر إعطاء الدينار عن الخدمة ،فلو قدم زمن إعطاء الدينار على زمن
ح لما علم من شرط اتصال المنفعة المتعلقة بالعين بالعقد ،وخرج بمنفعة عين الخدمة لم يص ّ
المكاتب منفعة غيرها :كأن كاتب العبد على منفعة دابتين معينتين لزيد يدفعهما له في شهرين فل
ح الكتابة عليها.
ح ،وإن أمكن أن يشتريهما من زيد ويدفعهما للسيد وخرجت المؤجلة فل تص ّ يص ّ
والحاصل أنه يشترط في منفعة العين الحلول والضميمة ،بخلف منفعة الذمة فل يشترط فيها
شيء منهما ،بل الشرط تعّددها باعتبار زمانها ،وشرط في العوض )مؤجل( أي مؤقت إلى وقت
ح الكتابة بالحال ولو في مبعض ،وإن كان قد يملك ببعضه الحّر ما معلوم ليحصله ويؤّديه فل تص ّ
يؤّديه لن الكتابة عقد خالف القياس في وضعه لن فيها بـيع ماله بماله فاعتبر فيه سنن السلف
)منجم بنجمين( أي مضروب بوقتين )فأكثر( بأن يؤجل بعضه إلى وقت معلوم وبعضه إلى آخر
كذلك سواء تساوى البعضان أم تفاوتا ،كقوله :كاتبتك على مائة تؤّدي نصفها في وقت كذا
ل من نجمين، ح الكتابة بأق ّ
ل الجل وقتان ولو قصيرين فل تص ّونصفها الخر في وقت كذا ،وأق ّ
ل منهما لفعل الصحابة لنهم كانوا يتبادرون إلى القربات والطاعات ما أمكن، ولو جازت على أق ّ
ل ما يحصل به الضّم ولن الكتابة مأخوذة من الكتب بمعنى ضّم النجوم بعضها إلى بعض ،وأق ّ
نجمان .والمراد بالنجم هنا الوقت المضروب ،ويطلق على المال المؤّدى فيه من تسمية الحال
باسم المحل )مع بـيان قدره( أي العوض )وصفته( بما مّر في السلم ،نعم إن كان بمحل العقد نقد
ل عوض يؤّدى غالب لم يشترط بـيانه كالبـيع وبـيان عدد الوقات استوت أو اختلفت ،وقسط ك ّ
ل وقت لن الكتابة عقد معاوضة فاشترط فيه معرفة العوض وابتداء الوقات من عند مجيء ك ّ
العقد.
ط متمول منه( أي عوض المكاتب أو دفعه )ولزم سيدًا( أو وارثًا في كتابة صحيحة قبل عتق )ح ّ
له من جنس العوض ،وإن كان من غير عين العوض إن رضي به المكاتب ،بخلف ما إذا كان
ط أولى من الدفع لن القصد بالحط العانة على العتق وهي محققة فيه من جنسه فيجب قبوله والح ّ
موهومة في الدفع ،إذ قد يصرف المدفوع في جهة أخرى وكونه في النجم الخير أولى من غيره،
وكونه ربع النجوم أولى من غيره :أي مما هو دونه ،ولو تعّدد السيد واتحد المكاتب وجب قسط
ل منهم ،ويقدم ذلك على مؤنة تجهيز السيد لو مات ط لك ّ
ل منهم أو تعّدد الرقيق وجب الح ّ
على ك ّ
ط ،وذلك بأن لم يبق من مال الكتابة إل مقدار ما يجب في اليتاء ،أماوقت وجوب الداء أو الح ّ
لو مات السيد قبل ذلك الوقت وجب تجهيزه مقّدما على ما يجب في اليتاء وإن أخر ذلك عن
العتق أثم وكان قضاء ووقت وجوبه من العقد ويتضيق إذا بقي من النجم الخير قدر ما يفي به.
رقم الصفحة359 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ظ مكاتبه ل لحظه )و( الكتابة الصحيحة لزمة من جهة السيد ولذلك )ل يفسخها( لنها عقدت لح ّ
ق عليه ،أما الكتابة الفاسدة فهي جائزة من جهته على فكان في الكتابة كالراهن لن دوامها ح ّ
ح )إل إن عجز مكاتب عن أداء( عند مجيء الجل لنجم أو بعضه غير الواجب في اليتاء، الص ّ
أما هو فليس له الفسخ بالعجز عنه )أو امتنع عنه( عند ذلك مع القدرة عليه )أو غاب( بغير إذن
السيد عند ذلك وإن حضر ماله أو كانت غيبة المكاتب دون مسافة قصر وفوق مسافة العدوى فله
فسخها بنفسه وبحاكم متى شاء لتعّذر العوض عليه ،وليس لحاكم أداء من مال المكاتب الغائب
عنه بل يمكن السيد من الفسخ لنه ربما عجز نفسه أو امتنع من الداء لو حضر )و( الكتابة
جائزة من جهة المكاتب كالرهن بالنسبة للمرتهن فحينئذ )له فسخ( متى شاء وإن كان معه وفاء
وله تعجيز نفسه ولو مع القدرة على الكسب وتحصيل العوض ،فإذا عجز نفسه فللسيد الصبر
والفسخ بنفسه أو بالحاكم فل تنفسخ الكتابة بمجّرد التعجيز.
)وحرم عليه( أي السيد )تمتع بمكاتبة( ولو بالنظر لغير ما بـين سّرتها وركبتها لنها كالجنبـية
لختلل ملكه فيها ،ويجب لها بوطئه مهر وإن طاوعته لشبهة الملك الدافعة للزنا ،ول يتكّرر
ل نجم قبله وقعبتكّرر الوطء إل إذا وطىء بعد أداء المهر ،ولو عجزت قبل أخذه سقط أو ح ّ
التقاص بشرطه ول حّد عليهما لنها ملكه ،لكن يعزر من علم التحريم منهما والولد منه حّر لنها
علقت به في ملكه ،ول يجب عليه قيمته لمه لنعقاده حّرا وصارت بالولد مستولدة مكاتبة ،فإن
عجزت عتقت بموت السيد) .وله( أي المكاتب )شراء إماء لتجارة( توسيعًا له في طرق الكتساب
)ل تزّوج إل بإذن سيد( لما فيه من المؤن.
)ول تسر( أي وطء أمته وإن لم ينزل وإن أذن له سيده لضعف ملكه وليس له الستمتاع بما دون
الوطء أيضًا لنه ربما جّره إلى الوطء ،وإنما حرم وطؤها مع كونها ملكه خوفًا من هلكها
بالطلق ،فإن وطئها فل حّد عليه لشبهة الملك ول مهر لنه لو ثبت لكان له ،والنسان ل يجب له
على نفسه شيء والولد من وطئه نسيب لحق به ليس من زنا لشبهة الملك) .إذا أحبل حّر( كله أو
ل أو
بعضه ولو كافرًا أصليًا أو مجنونًا أو مكرهًا أو سفيهًا ل مفلسًا )أمته( أي المملوكة له ك ً
بعضًا ولو بل وطء كاستدخال منيه المحترم حال خروجه أو بوطء محرم لعارض بسبب حيض،
أو إحرام ،أو فرض صوم أو اعتكاف ،أو لكونه قبل استبرائها ،أو لكونه ظاهر منها ثم ملكها قبل
التكفير ،أو لكونها محرمًا له بنسب أو رضاع أو لكونها مزّوجة أو معتّدة أو مجوسية أو وثنية أو
مرتّدة أو مكاتبة ،أو لكونها مسلمة وهو كافر )فولدت حيًا( أو ميتًا )أو مضغة مصّورة( بصورة
آدمي ظاهرة أو خفية أخبر بها القوابل أربع نسوة منهن أو رجلن خبـيران أو رجل وامرأتان
صارت أّم ولد و)عتقت( من رأس ماله )بموته( ولو بقتلها له بقصد الستعجال ويكون عتقها من
حين الموت ،وإن تأخر الوضع عنه فيكون كسبها لها من حينه ،ومثل الموت مسخ السيد حجرًا أو
نصفه العلى ،ومثله أيضًا ما إذا صار إلى حركة مذبوح بأن لم يبق معه نطق ول إبصار ول
حركة اختيارية ،وسبب عتقها بموته انعقاد الولد حرًا وهو جزء منها فيسري العتق منه إليها وإنما
توقف على موت السيد مع أن الموجب له الولدة لن لها حقًا بالولدة وللسيد حقًا بالملك ،وفي
تعجيل عتقها بالولدة إبطال لحقه من الكسب والتمتع ،ففي تعليقه بموت السيد حفظ للحقين فكان
أولى.
رقم الصفحة359 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ثم المراد بأمته ما يشمل أمته تقديرًا كأن وطىء الصل أمة فرعه التي لم يستولدها الفرع ولو
مزّوجة ،فإنه يقّدر دخولها في ملك الصل قبـيل العلوق فسقط ماؤه في ملكه صيانة لحرمته،
ومثلها أمة مكاتبه أو مكاتبة ولده ،وللمة شرطان :الّول :أن تكون مملوكة للسيد حال علوقها
منه .الثاني :أن ل يتعلق بها حق لزم غير الكتابة حال العلوق والسيد معسر ولم يزل عنها بل
ل أو تعلق بها وهو غير لزم أو بـيعت فيه ولم يملكها السيد بعد ،وذلك بأن ل يتعلق بها حق أص ً
لزم وهو كتابة أو غير كتابة لكنه زائل عند العلوق أو مستمّر والسيد موسر أو معسر ،وقد زال
بعد ذلك عنها بنحو أداء أو إبراء أو لم يزل وبـيعت فيه لكنه ملكها السيد بعد ذلك ،ففي هذه
الصور كلها يثبت اليلد ،أما إذا تعلق بها ذلك فل يثبت الستيلد ،والحق اللزم مثل الرهن بعد
القبض وأرش الجناية ،أما الوطء في الدبر فل يثبت به استيلد ول نسب لنه محرم لعينه ،وكذا
ي المحترم في الدبر ،بخلف ما لو تلذذ بحلقة الدبر فأمنى فإن منيه يكون محترمًا كذا إدخال المن ّ
قال الشرقاوي .
ومن وطىء المة بشبهة ثم ملكها فل تكون أمة ولد على المعتمد )كولدها( الحاصل من غير
السيد )بنكاح( حال كون الولد رقيقًا بأن كان الشخص متزّوجا بها مع علمه برقها ،بخلف ما لو
غّر بحريتها فإن الولد يكون حّرا) ،أو( ولدها الحادث من )زنا بعد وضعها( ولدًا للسيد أي بعد
ن الولد يتبع
ن ذلك الولد يعتق بموت السيد وإن ماتت أمه في حياة السيد ل ّ صيرورتها أم ولد فإ ّ
أمه في الرق والحرية ،وكذا في سبب أحكام الحرية اللزم وهو الستيلد بخلف الولد الحاصل
ن أن أمة الغير زوجته الحرة أو أمته فل يكون بمنزلة الم لنعقاده بشبهة من الواطىء ،وقد ظ ّ
ن أولدها الحادثين ن أنها زوجته المة فكأمه في الرق إل إذا نكحها زوجة بشرط أ ّ حّرا ،فإن ظ ّ
منه أحرار فالولد حّر وإل فهو رقيق ملك لسيدها ،وبخلف الولد الحادث بنكاح أو زنا قبل
صيرورتها أم ولد فإنه رقيق لحدوثه قبل ثبوت حق الحرية) .وله( أي للسيد )وطء أم ولد( ما لم
يقم به مانع ككونها محرمة أو مسلمة وهو كافر أو موطوءة ابنه أو مكاتبته أو كونه مبعضًا وإن
أذن له مالك بعضه ،وله التصرف فيها بالستخدام والجارة والعارة ما لم تكن مكاتبة وإل امتنع
الستخدام وغيره مما ذكر معه وتزويجها جبرًا ،وله أرش جناية عليها وقيمتها إذا قتلت لبقاء
ملكه عليها وعلى منافعها كالمدبرة )ل تمليكها( لغيرها ببـيع أو هبة ول رهنها ،أما الهبة فلنها
نقل ملك إلى الغير ،وأما الرهن فلنه تسليط على ذلك فأشبه البـيع وأيضًا إنما امتنع بـيعها وهبتها
ح الوصية بها ول وقفها ول تدبـيرها وتجوز كتابتها. لستحقاقها العتق فل تقبل النقل ول تص ّ
رقم الصفحة359 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
ن حكم أم الولد حكم القنة إل فيما ينتقل به الملك أو يؤّدي إلى انتقاله ،ومحل عدم
والحاصل أ ّ
صحة ذلك إذا لم يرتفع اليلد ،فإن ارتفع بأن كانت كافرة وليست لمسلم وسبـيت وصارت قنة
ح جميع ذلك ،ويستثنى من ذلك مسائل يجوز بـيعها :الولى :المرهونة رهنًا وضعيًا بأن رهن صّ
المالك في حياته أو شرعيًا بأن يموت المالك وعليه دين فالتركة مرهونة به رهنًا شرعيًا وذلك
حيث كان المستولد معسرًا حال اليلد .الثانية :الجانية وسيدها معسر حال اليلد .الثالثة:
ح ،وكبـيعها في ذلك مستولدة المفلس .الرابعة :بـيعها من نفسها بناء على أنه عقد عتاقة وهو الص ّ
هبتها ،بخلف الوصية بها لحتياجها إلى القبول وهو إنما يكون بعد الموت والعتق يقع عقبه.
الخامسة :إذا سبى السيد المستولدة واسترق فيصح بـيعها ول تعتق بموته .السادسة :إذا كانت
ن أم الولد التي يجوز بـيعها لعلقة رهن وضعي أو حربـية وقهرها حربـي آخر ملكها ،وظاهر أ ّ
شرعي أو جناية أو نحوها تمتنع هبتها )كولدها التابع لها( في العتق بموت السيد فل يصح تمليكه
لغيره ول رهنه وعتقه من رأس المال وإن حبلت به من سيدها في مرض موته أو أوصى بعتقه
وأمه من الثلث كإنفاقه المال في الشهوات من المآكل والمشارب فل يؤثر فيه ذلك ،بخلف ما لو
أوصى بحجة السلم من الثلث ،ول فرق في ذلك الحكم بـين أن تكون الم موجودة أم ل ،فلو
ماتت قبل موت السيد بقي حكم الستيلد في حق الولد .وهذا أحد المواضع التي يزول فيها حكم
المتبوع ويبقى حكم التابع كما في نتاج الماشية في الزكاة ،والولد الحادث بـين أبوين مختلفي
الحكم على أربعة أقسام.
ل الذبـيحة والمناكحة والزكاة والتضحية به الّول :ما يعتبر بالبوين جميعًا كما في الكل وح ّ
وجزاء الصيد واستحقاقهم سهم الغنيمة.
والثاني :ما يعتبر بالب خاصة ،وذلك في سبعة أشياء :النسب وتوابعه والحرية إذا كان من أمته
أو من أمة غّر بحريتها أو ظنها زوجته الحرة أو أمته أو من أمة فرعه والكفاءة والولء فإنه
يكون على الولد لموالي الب وقدر الجزية ومهر المثل وسهم ذوي القربى.
حّراوالثالث :ما يعتبر بالم خاصة وهو شيئان ،الحرية إذا كان أبوه رقيقًا ،والرق إذا كان أبوه ُ
وأمه رقيقة إل في صور :ولد أمته ومن غّر بحريتها ومن ظنها زوجته الحرة أو أمته وولد أمة
فرعه ،وحمل حربـية من مسلم.
والرابع :ما يعتبر بأحدهما غير معين وهو ضربان:
أحدهما :ما يعتبر بأشرفهما وهو منقسم إلى قسمين :أحدهما ما يتبع فيه من له كتاب كما في
السلم والجزية.
رقم الصفحة359 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين
وثانيهما :ما يتبع فيه أغلظهما كما في ضمان الصيد والدية والغرة.
والضرب الثاني :ما يعتبر بأخسهما وذلك في النجاسة والمناكحة والذبـيحة والطعمة والضحية
والعقيقة واستحقاق سهم الغنيمة وولد المدبرة والمعلق عتقها بصفة ل يتبعها في العتق إل إن
ل عند العقد أو وجود الصفة وولد المكاتبة الحادث بعد الكتابة يتبعها رقًا وعتقًا بالكتابة
كانت حام ً
ول شيء عليه للسيد ،وولد الضحية والهدي الواجبـين بالتعيـين له أكل جميعه ،وجرى جماعة
على أنه أضحية وهدى فليس له أكل شيء منه بل يجب التصدق بجميعه ،وولد المبـيعة الذي لم
ينفصل يتبعها ويقابله جزء من الثمن ،وولد المرهونة والجانية والمؤجرة والمعارة والموصي بها
أو بمنفعتها وقد حملت به في الصورتين بـين الوصية وموت الموصي سواء أولدته قبل الموت أم
بعده وولد الموقوفة وولد مال القراض والموصي بخدمتها والموهوبة إذا ولدت قبل القبض ل
ل به عند الوصية فإنه وصية أو حملت به بعد يتبعها ،أما إذا كانت الموصي بها أو بمنفعتها حام ً
موت الموصي أو ولدته الموهوبة بعد القبض وقد حملت به قبل الهبة فإنه يتبعها لحصول الملك
ل به عند الهبة فهو هبة ولو رجع الصل في الموهوبة فيها القابل حينئذ ،فإن كانت الموهوبة حام ً
ل ينفذ رجوعه في الولد الذي حملت به بعد الهبة وولدته بعد القبض وولد المغصوبة والمعارة
والمقبوضة ببـيع فاسد أو بسوم والمبـيعة قبل القبض يتبعها في الضمان لن وضع اليد عليه تابع
لوضع اليد عليها ،ومحل الضمان في ولد المعارة إذا كان موجودًا عند العارية أو حادثًا وتمكن
من رده فلم يرده ،وولد المرتد إن انعقد في الردة و)أبواه مرتدان فمرتد وإن انعقد قبلها أو فيها
وأحد أصوله مسلم فمسلم ،ولو نجز عتق أم الولد أو المدبرة لم يتبعها ولدها بخلف المكاتبة( ولو
كان ولد أم الولد أنثى لم يجز للسيد وطؤها لنه إنما شبهه بها في العتق بموت سيده ،ولو بـيعت أم
الولد في رهن وضعي أو شرعي أو في جناية ثم ملكها المستولد في أولدها تصير أم ولد على
الصحيح ،وأما أولدها الذين وجدوا منها بعد البـيع وقبل عودها إلى ملكه فأرقاء ل يعطون
حكمها لنهم ولدوا قبل الحكم باستيلدها ،أما الحادثون بعد إيلدها وقبل بـيعها فل يجوز له
ل ل تعلق له بهم فيعتقون
بـيعهم ،وإن بـيعت أمهم للضرورة لن حق المرتهن والمجني عليه مث ً
بموته دون أمهم بخلف الحادثين بعد البـيع لحدوثهم في ملك غيره.
رقم الصفحة359 : رقم الجزء1 : اسم الكتاب :نهاية الزين شرح قرة العين