Professional Documents
Culture Documents
ومناقبه وحقوقه()3
الباب الثالث-حقوقه صلى الله عليه وسلم
الحمد لله الذي أنزل علينا خير كتبه ،وأرسل إلينا خير رسله،
وجعلنا خير أمة أرسلت للناس { لقد من الله على المؤمنين إذ
بعث فيهم رسول ً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم
الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلل مبين } .فأرسله
بالهدي ودين الحق ليظهره على الدين كله وجعله شاهدا ومبشرا
ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ،وجعل طاعته من
طاعته واتباعه دليل محبته ،وأمر المة بتوقيره وإجلله ،وجعل
ذلك دليل اليمان والتقوى ،وجعل حقه آكد من حق النفس
والمال والولد فقال عز وجل { :النبي أولى بالمؤمنين من
أنفسهم } اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن
تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد بلغت محبته ومكانته عليه الصلة والسلم في قلوب أصحابه
الغاية القصوى من المحبة والمنزلة التي تجوز لبشر ،وقد شهد
بهذه الحقيقة المشركون أنفسهم.
فهذا أبو سفيان ،وقد كان مشركا يسأل زيد بن الدثنة وقد أتوا به
ليقتلوه :أنشدك الله يا زيد أتحب أن محمدا عندنا الن مكانك
نضرب عنقه وأنت في أهلك؟ قال :والله ما أحب أن محمدا الن
في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه ،وإني جالس في
أهلي!! فقال أبو سفيان للمل من حوله :ما رأيت من الناس أحدا
يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا!!
وفي غزوة أحد حين انكشف المسلمون وتعرض الرسول صلى
الله عليه وسلم لخطر شديد وقد أحاط به المشركون يريدون
قتله عليه الصلة والسلم حتى شجت جبهته الشريفة وأصيبت
رباعيته ودخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته في هذه
اللحظات العصيبة لم يكن أحد من أصحابه الكرام يفكر إل في
شيء واحد أل يصل إليه عليه الصلة والسلم أذى ،فأحاطوا به
بأجسادهم يصدون بها عنه الرماح وضربات السيوف.
فلما انتهت المعركة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( :من
ينظر لي ما فعل سعد بن الربيع أفي الحياء أم في الموات))
فقال رجل من النصار :أنا أنظر لك يا رسول الله ما فعل سعد
فنظر فوجده جريحا في القتلى وبه رمق فقال له :إن الرسول
صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر أفي الموات أنت أم في
الحياء؟ قال :أنا في الموات فأبلغ الرسول صلى الله عليه
وسلم عني السلم وقل له :إن سعد بن الربيع يقول لك :جزاك
الله عنا خير ما جزى نبينا عن أمته وأبلغ قومك عني السلم وقل
لهم :إن سعد بن الربيع يقول لكم :ل عذر لكم عند الله إن خلص
لنبيكم وفيكم عين تطرف ..والمثلة غير ذلك كثير.
ولكن بالرغم من كل هذه المحبة والجلل والمكانة العظيمة له
عليه الصلة والسلم في قلوب صحابته الكرام فإنهم لم ينزلوه
فوق منزلته صلى الله عليه وسلم ولم ينسبوا إليه شيئا من
خصائص اللوهية ..كما يفعل كثير من الناس اليوم ،قادهم إلى
ذلك الغلو الذي حذرهم منه عليه الصلة والسلم فقال(( :إياكم
والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو)) [رواه أحمد والترمذي
وابن ماجه] .وقال عليه الصلة والسلم في الحديث الذي أخرجه
الشيخان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه(( :ل تطروني كما
أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد الله ورسوله)).
والجواب أنها ليست شيئا من ذلك بل هذا يناقض أمره صلى الله
عليه وسلم وقد نهى عنه أشد النهي إذن ،ما هي حقوق الرسول
صلى الله عليه وسلم على أمته؟ يمكن أن نجمل هذه الحقوق
في أربعة أمور:
الول :تصديقه واليمان به واتباع سنته وطاعته.
الثاني :محبته صلى الله عليه وسلم ومحبة سنته ومحبة ما يحبه.
الثالث :توقيره وتعزيره.
الرابع :الصلة والسلم عليه.
ونعرض لهذه المور بشيء من التفصيل:
المر الول :وهو تصديقه عليه الصلة والسلم واليمان به واتباع
سنته وطاعته :
وهذا هو معنى شهادة أن محمدا رسول الله قال تعالى :ومن لم
يؤمن بالله ورسوله فإنا اعتدنا للكافرين سعيرا وقد أمر الله
عباده بطاعة نبيه فقال :يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله
ول تولوا عنه وأنتم تسمعون وروى البخاري ومسلم عن أبي
هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((كل أمتي يدخلون الجنة إل من أبى)) قالوا :يا رسول الله ومن
يأبى؟ قال(( :من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)).
وقد أمر الله عباده المؤمنين باتباعه صلى الله عليه وسلم
والقتداء بسنته ،وجعل ذلك شرط محبته عز وجل ودليلها فقال:
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم
والله غفور رحيم وقال :فآمنوا بالله ورسوله النبي المي الذي
يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ،ول يتحقق إيمان أحد
حتى يقبل حكمه ويسلم لقضائه ويرضى بأمره فل وربك ل
يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ل يجدوا في أنفسهم
حرجا ً مما قضيت ويسلموا تسليما ً .
وحذر من مخالفته والخروج عن أمره فقال :فليحذر الذين
يخالفون عن أمره أو تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم وقال:
ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل
المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ً .
للنبي الكريم صلّى الله عليه وسلّم حقوق على أمته وهي كثيرة,
منها:
أول :اليمان الصادق به صلى الله عليه وسلم ،وتصديقه فيما أتى ّ ّ
َ َ َ َ
ما
ه بِ َ سولِهِ وَالنُّورِ ال ّذِي أنَزلْنَا َوَالل ّ ُ منُوا بِالل ّهِ وََر ُ به :قال تعالى{ :فَآ ِ
منُوا ْ بِالل ّهِ خبِيٌر} [سورة التغابن] .وقال تعالى{ :فَآ ِ ن َ ملُو َ تَعْ َ
َ ّ َ َ َ ّ َ ّ ُ َ
ماتِهِ وَات ّب ِ َعُوه ُ لعَلك ُ ْ
م ن بِاللهِ وَكَل ِ َ م ُ ي الذِي يُؤْ ِ م ِّ
ي ال ِّ سولِهِ الن ّب ِ ِ ّ وََر ُ
َ
منُوا ن آ ََ ن} [سورة العراف] .وقال تعالى{ :يَا أيُّهَا ال ّذِي َ َ
تَهْتَدُو َ
م جعَل ل ّك ُ ْ متِهِ وَي َ ْ ح َ من َّر ْ ن ِ َ
م كِفْلي ْ ِ َ سولِهِ يُؤ ْتِك ُ ْ منُوا بَِر ُ ه وَآ ِ اتَّقُوا الل ّ َ
م} [سورة الحديد]. حي ٌ ه غَفُوٌر َّر ِ م وَالل ّ َُ ف َْر لَك ُ ْ ن بِهِ وَيَغْ ِ شو َ م ُ نُوًرا ت َ ْ
َ
سولِهِ فَإِنَّا أع َْتَدْنَا لِلْكَافِرِي َ
ن من بِالل ّهِ وََر ُ
َ َ
م يُؤْ ِ ْ من ل ّ وقال تعالى{ :وَ َ
َ ُ
ن تأ ْ مْر ُ م(( :أ ِ سل ّ َ ه ع َلَيْهِ وَ َ
َ الل ّ َُ
صل ّى ل َ سعِيًرا} [سورة الفتح] .وقَا َ َ
ّ ّ َ َ َ َ َ أُقَات ِ َ
تجئ ْ ُ ما ِ منُوا بِي وَب ِ َ ه وَيُؤ ْ ِ ه إ ِل الل ُ ن ل إِل َ شهَدُوا أ ْ حت ّى ي َ ْ س َ ل الن ّا َ
بِهِ)) رواه مسلم.
واليمان به صلّى الله عليه وسلّم هو :تصديق نبوته ,وأن الله
أرسله للجن والنس ,وتصديقه في جميع ما جاء به وقاله,
ومطابقة تصديق القلب بذلك شهادة اللسان ,بأنه رسول الله,
فإذا اجتمع التصديق به بالقلب والنطق بالشهادة باللسان ،ثم
م اليمان به صلّى الله عليه تطبيق ذلك العمل بما جاء به؛ ت َّ
وسلّم.
ثانيًا :وجوب طاعته صلّى الله عليه وسلّم ،والحذر من معصيته:
فإذا وجب اليمان به وتصديقه فيما جاء به وجبت طاعته؛ لن
َ َ َ َ
منُوا ْ أطِيعُوا ْ الل ّ َ
ه نآ َ ذلك مما أتى به ,قال تعالى{ :يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
َ َ
ن} [سورة النفال] .وقال م ُعو َ س َ م تَ ْ ه وَأنت ُ ْ ه وَل َ تَوَل ّوْا ع َن ْ ُ سول َ ُ وََر ُ
ه فَانتَهُوا}... م ع َن ْ ُ ما ن َ ََهاك ُ ْ خذ ُوه ُ وَ َ ل فَ ُ سو ُ م الَّر ُ ما آتَاك ُ ُ {و َتعالىَ :
َ
مرِهِ نأ ْ ن عَ ْ خالِفُو َ ن يُ َ حذ َرِ ال ّذِي َ [سورة الحشر] .وقال تعالى{ :فَلْي َ ْ
م} [سورة النور] .وقال َ أَن تصيبهم فتن ٌ َ
ب ألِي ٌ م عَذ َا ٌ صيبَهُ ْ ة أوْ ي ُ ِ
َ
ُ ِ َُ ْ ِ َْ
حتِهَا ن تَ ْ م َْ جرِي ِ ت تَ ْ جنَّا ٍ ه َ خل ْ ُ ه يُد ْ ِ سول َ ُ ه وََر ُ ن يُطِِع الل ّ َ م ْ {و َتعالىَ :
سول َ ُ
ه ه وََر ُ ص الل ّ َ ن يَعْ ِ م ْ م * وَ َ ك الْفَوُْز الْعَظِي ُ ن فِيهَا وَذَل ِ َ خالِدِي َ اْلَنْهَاُر َ
ن} [سورة مهِي ٌ ب ُ ه عَذ َا ٌ خالِدًا فِيهَا وَل َ ُ ه نَاًرا َ خل ْ ُ حدُودَه ُ يُد ْ ِ وَيَتَعَد َّ ُ
النساء].
َ َ َ َ ن أَبَي هَُريَْرة َ أ َّ
َ
ن
م ْ لَ (( : م قَا َ سل ّ َ َّ
ه ع َلَيْهِ وَ َ ُ صل ّى الل ّ َ ل الل ّهِ سو َ ن َر ُ
َ وع َ ْ
ه)) رواه َ صى الل َ صانِي فَقَد ْ ع َ َ ن عَ ْ م
َ ه َو َ ّ أَطَاع َنِي فَقَد ْ أطاع َ اللَ َ
َ َّ َ َ َ ه أ َ َّ
ل: م قَا َ سل ّ َ َ َّ
ه ع َلَيْهِ وَ َ ُ صل ّى الل َ ل الل ّهِ سو ن َر ُ البخاري ومسلم .وع َن ْ ُ
َ ل أ ُ َّ ((ك ُ ُّ
نم ْ سول اللهِ وَ َ ن أبَى)) قَالُوا :يَا َر ُ م ْ ة إِل َ جن َّ َ ن ال ْ َ خلُو َ متِي يَد ْ ُ
صانِي فَقَد ْ أَبَى)) ن عَ َ م ْ ة وَ َ جن َّ َ ل ال ْ َ خ َ ن أَطَاع َنِي د َ َ م ْ لَ (( : يَأْبَى؟ قَا َ
رواه البخاري.
ثالثًا :اتباعه صلّى الله عليه وسلّم ،واتخاذه قدوة في جميع
َّ
ن الل َ
ه حبُّو َ م تُ ِ ل إِن َ كُنت ُ ْ المور ،والقتداء بهديه :قال تعالى{ :قُ ْ
َ
م} حي ٌ ه غَفُوٌر َّر ِ م وَالل ّ َُ م ذ ُنُوبَك ُ ْ ه وَيَغْفِْر لَك ُ ْ م الل ّ ُ حبِبْك ُ ُ فَاتَّبِعُونِي ي ُ ْ
ن} م تَهْتَدُو َ [سورة آل عمران] .وقال تعالى{ :وَاتَّبِعُوه ُ لَعَل ّك ُ ْ
[سورة العراف] .فيجب السير على هديه والتزام سنته ،والحذر
سنَّتِي ن ُ ب عَ ْ ن َرِغ َ م ْ من مخالفته ,قال صلّى الله عليه وسلّمَ (( :
منِّي)) رواه البخاري ومسلم. س ِ فَلَي ْ َ
رابعًا :محبته صلّى الله عليه وسلّم أكثر من الهل والولد،
من آبَاؤ ُك ُ ْ ل إِن كَا َ والوالد ،والناس أجمعين :قال تعالى{ :قُ ْ
َ شيَرتُك ُ جك ُ َ خوَانُك ُ وَأَبْنَآؤ ُك ُ
موهَا ُ ل اقْتََرفْت ُ موَا ٌ ْ م وَأ ْ م وَع َ ِ ْ م وَأْزوَا ُ ْ م وَإ ِ ْ ْ
َ َ
ن الل ّهِ َ ب إِلَيْكُم ِّ
م ح َّ ضونَهَا أ َ ْ ن تَْر َ ُ ساك ِ م َ َ َ سادَهَا و ن كَ َ شوْ َ خ َ جاَرة ٌ ت َ ْ وَت ِ َ
َ َ َ ْ
ه لَ مرِهِ وَالل ّ ُ ه بِأ ْ ي الل ّ ُ حتَّى يَأت ِ َ صوا ْ َ سبِيلِهِ فَتََرب َّ ُ جهَاد ٍ فِي َ سولِهِ وَ ِ وََر ُ
َ
ل :قَا َ
ل س قَا َ ن أن َ ٍ [سورة التوبة] .وع َ ْ ن} قي َ س ِ م الْفَا ِ يَهْدِي الْقَوْ َ
َ َ َ َ َ َ
ب ح َّ نأ َ حتَّى أكُو َ م َ حدُك ُ ْ نأ َ م ُ م(( :ل يُؤْ ِ سل ّ َ ه ع َلَيْهِ وَ َ صل ّى الل ّ ُ ي َ النَّب ِ ُّ
َ َ َ
ن)) رواه البخاري ومسلم. معِي َ ج َ سأ ْ ن وَالِدِهِ وَوَلدِهِ وَالن ّا ِ م ْ إِلَيْهِ ِ
وقد ثبت في الحديث أن من ثواب محبته الجتماع معه في
الجنة:
َّ َ َ
م: سل َ ه ع َلَيْهِ وَ َ صل ّى الل ّ ُ وذلك عندما سأله رجل عن الساعة َ فقال َ
َ َ
صلةٍ وَل ت ل َ َها ك ََبِيَر َ ما أعْدَد ْ ُ ل الل ّهِ َ َ
سو َ ل :يَا َر ُ ت ل َ َها)) قَا َ َ ما أعْدَد ْ (( َ
ُ
نم ْ معَ َ ت َ ل(( :فَأن ْ َ ه .قَا َ سول َ ُ ه وََر ُ ب الل ّ َ ح ُّ صدَقَةٍ ،وَلَكِنِّي أ ِ صيَام ٍ وَل َ ِ
ت)) رواه البخاري ومسلم. َ
َ حبَب ْأ ْ
َ َ َ
ت ل َالل ّهِ َلن ْ َ سو ولما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :يَا َر ُ
َ
ه ع َلَيْهِ صل ّى الل ّ ُ ي َ ل النَّب ِ ُّ سي فَقَا َ ن نَفْ ِ م ْ يءٍ إِل ِ ش ْ ل َ ن ك ُ ِّ م ْ ي ِ ب إِل َ َّ ح ُّ أ َ
ك)) س َ ب إِلَي ْ َ ح َّ وسل َّم(( :ل والَّذي ن ْفسي بيده حتَى أَكُو َ
ن نَفْ ِ م ْ ك ِ نأ َ َ َِ ِ ِ َ ّ َ ِ َ ِ َ َ َ
سي فَقَا َ ب إِل ََّ ُ َ َ َ ّ َ َ
ل ن نَفْ ِ م ْ ي ِ ح ّ تأ َ ن وَ َاللهِ لن ْ َ ه ال َ ر':فَإِن ّ ُ َ م ُ ه َع ُ َ لل ُ فَقَا َ
مُر)) رواه البخاري. ن يَا ع ُ َ م(( :ال َ سل َ ّ َ ه ع َلَيْهِ وَ َ صل َّى الل َّ ُ ي َ النَّب ِ ُّ
حلوَةَ ن َ جد َ ب ِ ِه َّ ن فِيهِ وَ َ ن ك ُ َّ م ْ ث َ م(( :ثَل ٌ سل ّ َ ه ع َلَيْهِ وَ َ
َ ُ صل ّى الل ّ ل َ وقَا َ
َ َ
بح َّ ن يُ ِ ما ،وَأ ْ سوَاهُ َ ما ِ م َّ ب إِلَيْهِ ِ ح َّ هأ َ سول ُ ُ ه وََر ُ الل ّ ُ نن كَا َ م ْ ن؛ َ ما ِ الِي َ
َ َ َ َ َ
ن أنْقَذَهُ ن يَعُود َ فِي الْكُفْرِ بَعْد َ أ ْ ن يَكَْره َ أ ْ ه إِل لِل ّهِ ،وَأ ْ حب ُّ ُ مْرءَ ل ي ُ ِ ال ْ َ َ
ف فِي النَّارِ)) رواه البخاري ومسلم. َ
ن يُقْذ َ َ ما يَكَْره ُ أ ْ ه كَ َ من ْ ُ ه ِ الل ّ ُ
ولشك أن من وفَّقه الله تعالى لذلك ذاق طعم اليمان ووجد
حلوته ,فيستلذ الطاعة ويتحمل المشاقّ في رضى الله عز وجل،
ورسوله صلّى الله عليه وسلّم ,ول يسلك إل ما يوافق شريعة
محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ لنه رضي به رسولً ,وأحبه ،ومن
أحبه من قلبه صدقا ً أطاعه صلّى الله عليه وسلّم؛ ولهذا قال
القائل:
س بديعُ ه *** هذا لعمري في القيا ِ حب َّ ُ تعصي الله وأنت تُظْهر ُ
مطيعُ ب ُ ح ُّ ب لمن ي ُ ِ مح َّ ك صادقا ً لطعته *** إن ال ُ حب َّ َ لو كان ُ
ّ
وعلمات محبته صلى الله عليه وسلم تظهر في القتداء به صلى ّ ّ
الله عليه وسلّم ,واتباع سنته ,وامتثال أوامره ,واجتناب نواهيه,
والتأدب بآدابه ,في الشدة والرخاء ,وفي العسر واليسر ,ول شك
أن من أحب شيئا ً آثره ,وآثر موافقته ,وإل لم يكن صادقا ً في حبه
ويكون مدّعياً.
َّ َّ
صلى الل ُ
ه ول شك أن من علمات محبته :النصيحة له؛ لقوله
َ َّ َ
ل(( :لِلهِ وَلِكِتَابِهِ ن؟ قَا َ م ْ ة)) ،قُلْنَا :ل ِ َ ح ُ صي َ ن الن َّ ِ م(( :الدِّي ُ سل ّ َ ع َلَيْهِ وَ َ
م)) رواه مسلم .والنصيحة متِهِ ْ ن وَع َا َّ مي َ سل ِ ِ م ْ مةِ ال ْ ُ سولِهِ وَلَئ ِ َّ وَلَِر ُ
لرسوله صلّى الله عليه وسلّم :التصديق بنبوته ,وطاعته فيما أمر
مؤازرته ,ونصرته وحمايته حيا ً وميتاً, به ,واجتناب ما نهى عنه ,و ُ
وإحياء سنته والعمل بها وتعلمها ,وتعليمها والذب عنها ,ونشرها,
والتخلق بأخلقه الكريمة ,وآدابه الجميلة.
منُوا سا :احترامه ،وتوقيره ،ونصرته :كما قال تعالى{ :لِتُؤ ْ ِ خام ً
َ
سولِهِ وَتُعَّزُِروه ُ وَتُوَقُِّروهُ[ }...سورة الفتح] .وقال تعالى: بِالل ّهِ وََر ُ
َ َ َّ
ه إ ِ َّ
ن سولِهِ وَاتَّقُوا الل ّ َ ي الل ّهِ وََر ُ ِ َ د َ ي ن
َ ْ يَ ب موا ُ ّ د
ِ ق
َ ُ ت ل وا ُ من َ آ ن
َ ي ِ ذ {يَا أَيُّهَا ال
َ
جعَلُوا م} [سورة الحجرات] .وقال تعالى{ :ل ت َ ْ ميعٌ عَلِي ٌ س ِ ه َ الل ّ َ
ضا[ }...سورة النور]. ضكُم بَعْ ً م كَدُع َاءِ بَعْ ِ ل بَيْنَك ُ ْ سو ِ دُع َاءَ الَّر ُ
وحرمة النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد موته ,وتوقيره لزم كحال
حياته وذلك عند ذكر حديثه ,وسنته ,وسماع اسمه وسيرته ,وتعلم
سنته ,والدعوة إليها ,ونصرتها.
نسا:الصلة عليه صلّى الله عليه وسلّم :قال الله تعالى{ :إ ِ َّ ساد ً
ُ َ َ ُ َ
صل ّوا ع َلَيْهِ منُوا َ نآ َ ي يَا أي ُّ َها ال ّذِي َ ن ع َلَى النَّب ِ ِ ّ صل ّو َ ه يُ َ ملئِكَت َ ُ ه وَ َ الل ّ َ
َ َ َ
م:سل ّ َه ع َلَيْهِ وَ َ صل ّى الل ّ ُ الحزاب] .وقال َ َ َ
ما} [سورة ً سلِيموا ت َ ْ
َ ُ سل ِّ وَ َ
شًرا)) رواه مسلم. ه ع َلَيْهِ بِهَا ع َ ْ صل ّى الل ّ ُ صلة ً ََ ي َ صل ّى ع َل َ َّ ن َ م ْ (( َ
َ َ
جعَلُوا م قُبُوًرا وَل ت َ ْ جعَلُوا بُيُوتَك ُ ْ م(( :ل ت َ ْ سل ّ َ ه ع َلَيْهِ وَ َ صل ّى الل ّ ُ ل َ وقَا َ
ُ
م)) رواه ْ ث كُنْت ُ حي ْ ُ م تَبْلُغُنِي َ ْ صلتَك ُ َ ن ي فَإ ِ َّ صل ّوا ع َل َ َّ عيدًا وَ َ قَبْرِي ِ
ُ َّ َ َ َ
نم ْ خيل الذِي َ م(( :الْب َ ِ سل ّ َ ه ع َلَيْهِ وَ َ صل ّى الل ّ ُ ل َ أبوداود وأحمد .وقَا َ
ي)) رواه الترمذي وأحمد. ل ع َل َ َّ ص ِّم يُ َ عنْدَه ُ فَ َل َ ْ ت ِ ذ ُكِْر ُ
َ َ َ ّ َ ّ َ ّ
م يَذ ْكُُروا سا ل ْ جل ِ ً م ْ م َ س قَوْ ٌ جل َ ما َ مَ (( : سل َ ه ع َليْهِ وَ َ صلى الل ُ ل َ وقَا َ
َ ُ َّ
شا َءَ عَذَّبَهُ ْ
م ن َ م تَِرة ً فَإ ِ ْ
َ ْ ِ ن ع َلَيْه م إ ِ ّل كَا َ ْ ِ صل ّوا ع َلَى نَبِي ِّه َ م يُْ ه فِيهِ وَل َ َ الل
ه ع َلَيْهِ صل ّى الل ّ ُ ل َ م)) رواه الترمذي وأحمد .وقَا َ شاءَ غَفََر لَهُ ْ ن َ وَإ ِ ْ
ل ع َل َّ َ َ َ َ ّ
ي)) رواه ص ِّ م يُ َ عنْدَه ُ فَل ْ ت ِ ل ذ ُكِْر ُ ج ٍ ف َر ُ م أن ْ ُ مَ(( :رِغ َ سل َ وَ َ
الترمذي وأحمد.
من مواطن الصلة على النبي صلّى الله عليه وسلّم:
وللصلة على النبي صلّى الله عليه وسلّم مواطن كثيرة ذكر منها
المام ابن القيم رحمه لله في كتابه 'جلء الفهام في الصلة
والسلم على خير النام' واحدا ً وأربعين موطناً ،منها على سبيل
المثال:
الصلة عليه صلّى الله عليه وسلّم عند دخول المسجد ,وعند
الخروج منه ,وبعد إجابة المؤذن ,وعند القامة ,وعند الدعاء ,وفي
التشهد في الصلة ،وفي صلة الجنازة ،وفي الصباح والمساء،
وفي يوم الجمعة ,وعند اجتماع القوم قبل تفرقهم ,وفي
الخطب :كخطبتي صلة الجمعة ,وعند كتابة اسمه ,وفي أثناء
صلة العيدين بين التكبيرات ,وآخر دعاء القنوت ,وعلى الصفا
والمروة ,وعند الوقوف على قبره ,وعند الهم والشدائد وطلب
المغفرة ,وعقب الذنب إذا أراد أن يكفر عنه ,وغير ذلك من
المواطن التي ذكرها رحمه الله في كتابه.
ولو لم يرد في فضل الصلة على النبي صلّى الله عليه وسلّم إل
َ َ َ ُ َ
ن
م ْ مَ (( َ : سل ّ َ ه ع َلَيْهِ وَ َ صل ّى الل ّ ُ ل َالل ّهِ َ سو ل َر ُ
َ
هذا الحديث لكفى ،قَا َ
ه
ت ع َن ْ ُ حط ّ ْ ت وَ ُ صلَوَا ٍ شَر َ ه ع َلَيْهِ ع َ ْ صل ّى الل ّ ُ حدَة ً َ صَلة ً وَا ِ ي َ صلَّى ع َل َ َّ َ
ت)) رواه النسائي وأحمد. جا ٍ شُر دََر َ ه عَ ْ تل َُ ت وَُرفِعَ ْ خطِيئَا ٍ شُر َ عَ ْ
سابعًا :وجوب التحاكم إليه ،والرضي بحكمه صلّى الله عليه
َ َ
ه وَأَطِيعُوا منُوا أطِيعُوا الل ّ َ
َ
نآ َ
َ
وسلّم :قال الله تعالى{ :يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
يءٍ فَُردُّوه ُ إِلَى َ الَرسو َ ُ
ش ْ م فِي َ م فَإِن تَنَا ََزع ْت ُ ْ منْك ُ ْ مرِ ِ ل وَأولِي اْل ْ ّ ُ
َ
خيٌْر َ
خرِ ذَل ِك َ ْ
ن بِاللهِ وَاليَوْم ِ ال ِ ّ منُو َ م تُؤ ْ ِ ُ
ل إِن كنت ُ ْ سو ِ الل ّهِ وَالَّر ُ
حتَّى ن َ منُو َك َل يُؤ ْ ِ ن تَأ ْ ِويلً} [سورة النساء]{ .فََل وََرب ِّ َ س ُ ح َ وَأ ْ
َ
َ
م َّ
ما جا ِ حَر ً م َسهِ ْ جدُوا فِي أن ْ ُف ِ م َل ي َ ِ م ث ُ َّ جَر بَيْنَهُ ْ ما َ
ش َ ك فِي َ مو َ كّ ُ
ح ِ يُ َ
ما} [سورة النساء] .ويكون التحاكم إلى سلِي ً موا ت َ ْ سل ِّ ُت َوي ُ َ ضي ْ َ قَ َ
سنته وشريعته بعده صلّى الله عليه وسلّم.
ثامنًا :إنزاله مكانته صلّى الله عليه وسلّم بل غلو ول تقصير :فهو
عبد لله ورسوله ,وهو أفضل النبياء والمرسلين ,وهو سيد
الولين والخرين ,وهو صاحب المقام المحمود ،والحوض
المورود ,ولكنه مع ذلك بشر ل يملك لنفسه ول لغيره ضرا ً ول
عندِي م ِ ل لَك ُ ْ نفعا ً إل ما شاء الله كما قال تعالى{ :قُل ل َّ أَقُو ُ
َ كإ َ ب وَل أَقُو ُ َ َ
مان أتَّبِعُ إِل ّ َ مل َ ٌ ِ ْ م إِنِّي َ ل لَك ُ ْ م الْغَي ْ َ ن الل ّهِ وَل أع ْل َ ُ خَزآئ ِ ُ َ
مل ِ ُ َ َ حى إِل َ َّ
سي ك لِنَفْ ِ النعام] .وقال تعالى{ :قُل ل ّ أ ْ َ
ي[ }...سورة يُو َ
ْ َ َ َ ّ َ
ن
م َ ت ِ ستَكْثَْر ُ ب لَ ْ م الغَي ْ َ ت أع ْل ُ ه وَلوْ كُن ُ شاءَ الل ُ ما َ ضًّرا إِل ّ َ نَفْعًا وَل َ َ
َ َ
ن} منُو َ شيٌر ل ِّقَوْم ٍ يُؤ ْ ِ ن أنَا ْ إِل ّ نَذِيٌر وَب َ ِ سوءُ إ ِ ْ ي ال ُّ سن ِ َ م َّ ما َ خيْرِ وَ َ ال ْ َ
ضًّرا وََل َ
م َ ك لَك ُ ْ مل ِ ُ ل إِنِّي َل أ ْ [سورة العراف] .وقال تعالى{ :قُ ْ
َ
َ َ
ن دُونِهِ م ْ جد َ ِ نأ ِ حد ٌ وَل َ ْ ن الل ّهِ أ َ م َ جيَرنِي ِ ن يُ ِ ل إِنِّي ل َ ْ شدًا * قُ ْ َر َ
حدًا} [سورة الجن]. ملْت َ َ ُ
وقد مات صلّى الله عليه وسلّم كغيره من النبياء ،ولكن دينه با ٍ
ق
ن} [سورة الزمر] .وبهذا ميِّتُو َ م َ ت وَإِنَّهُ ْ مي ِّ ٌك َ إلى يوم القيام {إِن َّ َ
ل إ ِ َّ
ن يعلم أنه ل يستحق العبادة إل الله وحده ل شريك له {قُ ْ
َ
هك لَ ُ شري َ ن*ل َ ِ مي َ ب الْعَال َ ِ ماتِي لِل ّهِ َر ِّ م َ حيَايَ َو َ م ْ سكِي وَ َ صَلتِي وَن ُ ُ َ
ن} [سورة النعام] .وصلى الله ْ َ
ت وَأنَا أوَّ ُ َ ُ وَبِذَل ِ َ
مي َ سل ِ ِم ْ ل ال ُ مْر ُ كأ ِ
وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه.
من كتاب ':وداع الرسول لمته دروس ،وصايا ،وعبٌر ،وعظات '
للشيخ /سعيد بن علي بن وهف القحطاني
.3الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم (معناها ـ
صيغها ـ أوقاتها ـ فوائدها)
الموجز البديع في الصلة والسلم على الحبيب الشفيع
أحمد بن عبد العزيز الحمدان
وهو واجب على جميع المسلمين :ذكوًرا وإناثًا ،علماء وولة أمر
ما ،قول ً وفعلً ،كل بحسب قدرته واستطاعته ،أدناها بالقلب، وعوا ً
ثم باللسان ،ثم باليد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
(-من رأى منكم منكًرا فليغيره بيده ،فإن لم يستطع فبلسانه،
فإن لم يستطع فبقلبه ،وذلك أضعف اليمان).
وأي منكر أعظم من العدوان على مقام رسول الله ،صلى الله
عليه وسلم؟!
فهو فرض على الكفاية ،إذا قام به بعض المسلمين سقط عن
بالخرين ،مع وجوب إنكار القلب في كل حال ،سواء تعيّن الذ ّ
والنصرة أو لم يتعيّن على آحاد المؤمنين؛ لن النكار القلبي
علمة اليمان.
والدليل على وجوب نصرته ،قوله تعالى:
ُ َ ّ ُ
صُروه ُ وَاتَّبَعُوا الن ّوَر الذِيَ أنزِ َ
ْ َ
معَ ُ
ه ل َ منُوا ْ بِهِ وَعََّزُروه ُ وَن َ َ نآ َ { -فَال ّذِي َ
ن} .فعلّق الفلح بالنصرة؛ فمن لم ينصره حو َ مفْل ِ ُ م ال ْ ُك هُ ُ أُوْلَـئ ِ َ
فليس من المفلحين.
صُر}..؛ فنصرة َ
م الن ّ ْ َ
ن فَعَليْك ُ ُ صُروك ُ ْ
دّي ِ
م فِي ال ِ ستَن َ نا ْ { -وَإ ِ ِ
المؤمنين واجبة ،والنبي أوجب.
َ َ َ َ
م }. مك ُ ْ
ت أقْدَا َ م وَيُثَب ِّ ْ صْرك ُ ْ ه يَن ُ صُروا الل ّ َ منُوا إِن تَن ُ نآ َ { -يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
ونصرة النبي من نصرة الله تعالى.
ما)، ما أو مظلو ً -وقوله صلى الله عليه وسلم( :انصر أخاك ظال ً
فهذا في حق المؤمنين ،وفي حق النبي أعظم.
ووقت النصرة :وجود الظلم والعدوان على مقام النبي ،صلى
الله عليه وسلم ،في ذاته ،أو أخلقه ،أو دينه.
جد هذا النوع من الظلم والعدوان :وجب على المؤمنين فمتى و ِ
ب عنه ،صلى الله عليه وسلم. الذ ّ
ول يحل لهم أن يسكتوا أو يخضعوا ويرضوا!!..
ل على خلل في إيمانهم ،وضعف في ولئهم لله فإن فعلوا ذلك؛ د ّ
ورسوله ،صلى الله عليه وسلم؛ فل يرضى بالطعن في النبي ـ
صلى الله عليه وسلم ـ إل منافق أو كافر ،أما المؤمن فيغضب
ويتمعّر وجهه لدنى من ذلك ،لذى يلقاه عوام المسلمين؛ لما
بينه وبينهم من أخوة اليمان؛ فأي عدوان على رأس المؤمنين
وقائدهم ومقدمهم فهو عليه أشد وأنكى.
ما أخرجه أهل مكة من الحرم بل حاله كحال "خبيب بن عدي" ل ّ
ليقتلوه ،فقال له أبو سفيان:
" أنشدك الله يا خبيب! أتحب أن محمدًا الن عندنا مكانك يضرب
عنقه ،وأنك في أهلك"؟.
فقال خبيب" :والله ما أحب أن محمدًا الن في مكانه الذي هو
فيه تصيبه شوكة ،وإني جالس في أهلي".
فقال أبو سفيان" :ما رأيت من الناس أحدًا يحب أحدًا كحب
أصحاب محمد ٍ محمدًا".
شكر وتقدير:
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ،ول عدوان إل على
الظالمين ،وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ما كثيًرا. تسلي ً
وبعد ..فإن شكر النعمة أمر واجب لمعطيها ولمن كان سببًا لها
ن َ
ه وَهْنًا ع َلى وَهْ ٍم ُه أ ُ ُّملَت ْ ُ
ح َن بِوَالِدَيْهِ َ
سا َ صيْنَا الِن َلقوله تعالى{ :وَوَ َّ
َ
صيُر} [لقمان: م ِي ال ْ َ ك إِل َ َّ شكُْر لِي وَلِوَالِدَي ْ َنا ْنأ ْ مي ْ ِ
ه فِي عَا َصال ُ ُ
وَفِ َ
.]14
ي من نعم ومن هذا المنطلق ،أشكر الله تعالى على ما أسداه إل ّ
وفضل وبخاصة نعمة التوفيق والنتساب لجامعة أم القرى
العريقة لنهل من مواردها الصافية وبخاصة في مجال دراسة
علوم القرآن والحديث.
وبعد شكر الله تعالى أتوجه بالشكر لعباده الخيرين القائمين على
أمر كلية الدعوة وأصول الدين وعلى رأسهم سعادة عميد الكلية
وسعادة وكيله وسعادة رئيس قسم الكتاب والسنة.
ول يفوتني أن أوجه الشكر لسعادة الستاذ الدكتور أحمد أحمد
علوش على ما بذله معي في هذه الرسالة من نصح خالص
وتوجيه سديد وإرشاد مستمر ،وتشجيع صادق.
كما أني أشكر الخ الفاضل الذي سعى إلى طبع هذه الرسالة
والله أسأل أن يجزيه عني خير الجزاء.
وأخيًرا وليس آخًرا أشكر للقائمين على إدارة دار المجتمع بجدة
التي تولت طبع هذه الرسالة.
ما أشكر لكل من ساعدني ولو بالدعاء والماني الطيبة وختا ً
وجزى الله الجميع خيًرا والله الموفق.
المؤلف
المقدّمــة
التمهيــد
الرسول صلى الله عليه وسلم صاحب فضل كبير على أمته لنه
صلى الله عليه وسلم بواسطته وصل إلينا الوحي بشقيه القرآن
الكريم والسنة النبوية اللذين هما مصدرا الشريعة السلمية
وأساس الدين كله.
ووصول الوحي إلى الناس لم يتم بسهولة ويسر ،وإنّما تم بجهود
مل لمشقات متنوعة من صاحب الرسالة متواصلة وصبر كبير وتح ّ
صلى الله عليه وسلم.
مل عليه الصلة والسلم هذه كلها حتى تحقق منهج الله وقد تح ّ
مت النعمة. سبحانه وتعالى في الرض وكمل الدين وت ّ
َ يقول تعالى{ :الْيو َ
متِي م نِعْ َ ت ع َلَيْك ُ ْم ُم ْ م وَأت ْ َ م دِينَك ُ ْ ت لَك ُ ْمل ْ ُ م أك ْ َ َ ْ َ
م دِينًا} [المائدة.]3: سل َ م ال ِ ْ ت لَك ُ ْضي ُ وََر ِ
وبتمام النعمة قامت المة وتحقق وعد الله سبحانه وتعالى
للمؤمنين بالستخلف والتمكين في الرض.
ملُوا ال َّ َّ َ
تحا ِ صال ِ َ م وَع َ ِ منْك ُ َ ْ منُوا ِ نآ َ ه ال ّذِي َ قال تعالى{ :وَعَد َ الل ُ
نكّن َ َّ َ
م وَلي ُ َ
م ِ ن قَبْلِهِ ْ
م ْن ِ ف الذِي َ ّ خل ََ ست َ ْ ما ا ْ ض كَ َ ِ خلِفَنَّهُم فِي الَْر لَي َ ْ
ست َ ْ
خوفه َ َ
منًامأ ْ ن بَعْد ِ َ ْ ِ ِ ْ م ْم ِ م وَلَيُبَدِّلَنَّهُ ْ
ضى لَهُ ْ م ال ّذِي اْرت َ َ م دِينَهُ ْ لَهُ ْ
شيْئًا} [النور.]55: ن بِي َ شرِكُو َ يَعْبُدُونَنِي ل ي ُ ْ
وتقديًرا لهذه النعمة التي أنعم الله بها على المؤمنين عليهم أن
يشكروا الله ويعرفوا حق صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم.
ول يتم الشكر والعرفان إل ّ بالتأدب معه صلى الله عليه وسلم
حيًّا وميّتًا ،سًرا وجهًرا ،في المنشط والمكره.
وهناك من السباب الخرى ما يدفع إلى ضرورة التأدب مع
الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك ككرم محتذه ،ورفعة نسبه،
واتصافه بالخلق الكريمة وتمتعه بالصفات النبيلة طوال حياته
ضا ما اتصف به صلى الله عليه عليه الصلة والسلم .ومنها أي ً
وسلم من صفات ساعدت على نشر الدين ،وتبليغ المانة.
وفي هذا الباب سوف أتكلم عن السباب التي من أجلها كان
التأدّب معه صلى الله عليه وسلم وهي في مجملها ترجع إلى
أمرين:
أولهما :ما يرجع إلى ذاته صلى الله عليه وسلم من ناحية عراقة
الصل ،وكرم الخلق في تبليغ الله تعالى.
ثانيهما :ما يرجع إلى عمله صلى الله عليه وسلم وحرصه على
هداية الناس وإسعادهم بمنهج الله تعالى.
وقد عقدت لكل من المرين فصل ً مستقلً :ولذلك اشتمل الباب
على الفصلين التاليين:
الفصل الول :نسبه وصفاته صلى الله عليه وسلم.
الفصل الثاني :عمله صلى الله عليه وسلم في نشر الدعوة
وحرصه على هداية الناس .وسيأتي تفصيل ذلك فيما يلي بمشيئة
الله تعالى.
الفصل الول
نسبه صلى الله عليه وسلم ونشأته وصفاته
منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى أبا البشر آدم عليه السلم
وأهبطه هو وزوجه إلى الرض لم يترك الناس سدى يتصرفون
برؤية عقولهم واتجاهاتهم لن عقل البشر مهما كانت قدرته
قاصر عن إدراك الطريق المستقيم ومعرفة الحق بصورة تامة،
وإن أدرك بعض الجوانب بالفطرة التي فطر الله الناس عليها.
ولكي تستقيم الفطرة وتكمل نحو الفضل كانت تأتي هداية الله
سبحانه وتعالى للناس متتابعة على ألسنة الرسل عليهم السلم
فكلما انحرفت البشرية عن طريق الله القويم جاءها مبعوث من
الله سبحانه وتعالى لهدايتها ،ودعوتها.
مةٍ إِل َّ خل فِيهَا نَذِيٌر} [فاطر.]24:ن أ ُ َّ
م ْن ِ يقول الله تعالى{ :وَإ ِ ْ
فكل أمة جاءها رسول من بينها مبشًرا ونذيًرا وداعيًا إلى الله
جا مضيئًا ينير الطريق .ويهدي للتي هي أقوم .وبذلك بإذنه ،وسرا ً
تقوم الحجةعلى الناس.
َّ َ َ
س ع َلَى اللهِ ن لل ّ يَكُو َ َ
ن لِلن ّا ِ منذِرِي َ
ن وَ ُ شري َ سل ً ُ
مب َ ّ ِ ِ يقول تعالىُ{ :ر ُ
ل} [النساء.]165: ة بَعْد َ الُّر ُ
س ِ ح َّ
ج ٌ ُ
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الية( :أنّه تعالى أنزل
كتبه وأرسل رسله بالبشارة والنذارة ،وبين ما يحبه ويرضاه مما
يكرهه ويأباه لئل يبقى للمعتذر عذر)[.]29
ومما يؤيد هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم( :ليس أحد
أحب إليه المدح من الله عز وجل من أجل ذلك مدح نفسه،
وليس أحد أغير من الله من أجل ذلك حّرم الفواحش ،وليس أحد
أحب إيه العذر من الله من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل
الرسل)[.]30
وكانت الرسل قبل رسولنا صلى الله عليه وسلم يأتون أقوامهم
خاصة ليكون التبليغ مناسبًا للناس ،وليدينوا الله بشريعة
يستطيعون القيام بتكاليفها .وقد ختم الله سبحانه وتعالى الرسل
عليهم الصلة والسلم بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى
الناس كافة رحمة لهم.
شيًرا وَنَذِيًرا َ َ
ك إِل ّ كَافّ ً َ سلْنَا َ َ
س بَ ِ ة لِلن ّا ِ ما أْر َ يقول الله تعالى{ :وَ َ
ن} [سبأ.]28: مو َ َ
س ل يَعْل ُ ِ ن أَكْثََر النَّا وَلَك ِ َّ
ويقول الله تعالى{ :وما أ َرسلْنا َ َ
ن} [النبياء: مي َ ة لِلْعَال َ ِ م ً
ح َك إِل ّ َر ْ َ َ ْ َ َ
.]107
وبذلك بعث رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم للناس جميعًا
وختم الله به الرسل وقضى باستمرار رسالته إلى يوم القيامة.
وأصبح الرسول صلى الله عليه وسلم اللبنة الخيرة في البناء
العظيم الذي يمثل النبياء عليهم الصلة والسلم لبناته .كما أخبر
صلى الله عليه وسلم حيث يقول( :مثلي ومثل النبياء قبلي
كمثل رجل بنى بيتًا فأجمله إل موقع لبنة من زاوية من زواياه
فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون :هل وضعت هذه
اللبنة قال :فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين)[.]31
واختيار الرسول صلى الله عليه وسلم للرسالة كانت بمشيئة الله
تعالى الذي خلق الناس جميعًا ،وهو العليم بذواتهم وخصائص كل
ن لَهُ ْ
م ما كَا َ ختَاُر َ شاءُ وَي َ ْ
َ
ما ي َ َ خلُقُ َ ك يَ ْ منهم يقول الله تعالى{ :وََرب ُّ َ
خيرةُ} [القصص ]68:ويقول الله تعالى{ :الل ّ َ
لجعَ ُث يَ ْحي ْ ُ
م َ ه أع ْل َ ُ ُ ال ْ ِ َ َ
ه} [النعام.]124: سالَت َ ُ رِ َ
ن منصب الرسالة ليس يقول اللوسي في تفسير هذه الية( :إ ّ
مما ينال مما يزعمون من كثرة المال والولد وتعاضد السباب
وإنما ينال بفضائل نفسانية ونفس قدسية أفاضها الله تعالى
بمحض الكرم والجود على من كمل استمداده .ونص بعضهم
على أنه تابع للستعداد الذاتي وهو ل يستلزم اليجاب الذي يقول
به الفلسفة لنه سبحانه إن شاء أعطى وإن شاء أمسك ،وإن
استعد المحل)[ .]32ومن ثم اختار الله للدعوة السلمية التي
ختم الله بها كل الرسالت المكان الملئم واختار لحملها خير أمة
أخرجت للناس كما اختار رجلها المتميز وهو الرسول صلى الله
عليه وسلم بصفات جعلته خير من يتلقى الوحي ويبلغه للناس
ويتحمل في سبيل ذلك كل اضطهاد وعنت كما هي سنة الله مع
كل رسالته ورسله[.]33
وقبل اختيار الرسول للتبليغ صنعه الله ،وهيأه ،وكفل الله له
التنشئة السليمة حتى يكون أهل ً للرسالة والتبليغ ،ومن المعلوم
أن اصطفاء الله للرسل يتم على مرحلتين ،مرحلة تهيئة ،ومرحلة
تكليف وإبلغ .ولول أن النبوة اصطفاء وإحسان لقلنا أن الرسل
ن جمهور المسلمين أجمعوا على أن بصفاتهم يستحقونها كسبًا لك ّ
صا عند الرسالة ل تكتسب فل بد أن يخلق الله لها استعدادًا خا ً
صاحبها بحيث يجعله أهل ً لحملها وإبلغها .وبعد ذلك يصطفيه
للرسالة[.]34
وفي هذا الفصل سوف أتحدث فيه عن مرحلة تهيئة الرسول
صلى الله عليه وسلم لحمل الرسالة الخاتمة وإبلغها إلى الناس
كافة.
ولذا سيأتي مكونًا من ثلثة مباحث:
المبحث الول :عراقة أصله.
المبحث الثاني :نشأته وتربيته.
المبحث الثالث :اتصافه بصفات طيبة وأخلق فاضلة.
وذلك فيما يلي:
المبحث الول
عراقة أصله
المبحث الثاني
نشأته وتربيته
المبحث الثالث
سمو صفاته صلى الله عليه وسلم وأخلقه:
نشأ الرسول صلى الله عليه وسلم في بيئة وثنية يعبد أهلها
الصنام والوثان ،ويستعبد القوي منهم الضعيف حتى أصبح
الظلم شيئًا معروفًا كما تنبئ به أشعارهم المأثورة كقول زهير
بن أبي سلمى:
يهدم ومن ل يظلم ومن لم يذد عن حوضه بسلحه
الناس يظلم[]71
إضافة إلى ما كانوا عليه من فساد في العادات والسلوك مثل
وأد البنات خوفًا من العار والفقر ،وأكل أموال اليتامى بحجة أنهم
ضعفاء ل يستطيعون حمل السلح والدفاع عن القبيلة ،وأكل
الربا واستحلله راضين بذلك حتى اشتهر فيهم تعريف البيع به
ربَا} [البقرة.]275: ما الْبَيْعُ ِ
مث ْ ُ
ل ال ّ ِ كما حكى لنا القرآن الكريم{ :إِن َّ َ
وقد وصف جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه للنجاشي ملك
الحبشة أثناء الهجرة الثانية إلى الحبشة أحوال المجتمع المكي
آنذاك وصفًا دقيقًا فقال:
"أيها الملك ،كنّا أهل جاهلية ،نعبد الصنام ونأكل الميتة ،ونأتي
الفواحش ونقطع الرحام ونسبي الجوار ،ويأكل القوي منّا
الضعيف ،حتى بعث الله إلينا رسول ً منّا نعرف نسبه وأمانته
وعفافه ،فدعا إلى توحيد الله وأن ل نشرك به شيئًا ونخلع ما كنّا
نعبد من الصنام ،وأمرنا بصدق الحديث وأداء المانة ،وصلة
الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن
الفواحش وقول الزور وأكل أموال اليتيم.]72["...
ن رسول الله صلى هكذا كانت حالة المجتمع المكي آنذاك ولك ّ
الله عليه وسلم برعاية من الله لم يتأثر ببيئته مع اشتراكه في
بعض العمال مع قومه لنّها كانت أعمال ً ل تخدش نبله أو ل
تسيء إلى سمعته ،وأخلقه الطيبة.
نذكر في هذا الصدد ما روي من العمال التي اشترك فيها
الرسول صلى الله عليه وسلم مع قومه.
فلقد اشترك الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة في حلف
الفضول الذي وقع بين بطون من قريش لرد المظالم إلى أهلها.
يروي ابن هشام بسنده عن ابن إسحاق قال[" :]73تداعت قبائل
جدعان من قريش إلى حلف فاجتمعوا له في دار عبد الله بن ُ
لشرفه وسنه ...فتعاقدوا وتعاهدوا على أل يجدوا في مكة
من دخلها من سائر الناس إل ّ قاموا ما من أهلها وغيرهم م ّمظلو ً
مت قريش معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته فس ّ
ذلك الحلف حلف الفضول"[.]74
ويقول ابن كثير رحمه الله بعد إيراده ذلك الحلف" :وكان حلف
الفضول أكرم حلف سمع به وأشرفه في العرب وكان أول من
تكلم به ودعا إليه الزبير بن عبد المطلب"[.]75
وعلى هذا فكان اشتراكه صلى الله عليه وسلم في ذلك الحلف
ن رد ّ المظالم إلى أهلها أمر هام وقد جاء أمًرا ذا أهمية كبيرة ل ّ
به السلم فيما بعد ولهذا أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم
على ذلك الحلف بعد البعثة ،لما روي أنه صلى الله عليه وسلم
جدعان حلفًا ما أحب لي قال" :لقد شهدت في دار عبد الله بن ُ
به حمر النعم ولو دعيت إليه في السلم لجبت"[.]76
ومن العمال التي اشترك فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
فجار التي وقعت وعمره صلى الله مع قومه قبل البعثة ،حرب ال ِ
عليه وسلم عشرون سنة كما ذكر ابن إسحاق صاحب السيرة[
.]77
ن عروة وسبب ذلك الحرب [ ]78كما ذكر ابن هشام في سيرته أ ّ
الرحال بن عتبة من هوازن أجار لطيمة [ ]79للنعمان بن المنذر
فقال له البراض بن قيس أحد بني ضمرة :أتجيرها في كنانة؟
قال :نعم وعلى الخلق فخرج فيها عروة الرحال وخرج البراض
لطلب غفلته حتى إذا كان بتيمن ذي طلل بالعالية غفل عروة
فوثب عليه البراض فقتله في الشهر الحرام فلذلك سمي حرب
الفجار[.]80
وكانت دوره صلى الله عليه وسلم في تلك الحرب أن يرد على
أعمامه نبل عدوهم إذا رموهم بها؛ لنّه روي أنه صلى الله عليه
وسلم قال" :كنت أنبل على أعمامي"[.]81
وفي اشتراكه صلى الله عليه وسلم في تلك الحرب ما يبرره
ن القتال لم يكن جائًزا في الشهر الحرم زمن الجاهلية وهو أ ّ
خروها إلى شهر حتى أنّهم إذا أرادوا القتال في الشهر الحرم أ ّ
آخر لكي يستحلوا فيها القتال كما بينها الله سبحانه وتعالى في
ض ُّ سيءُ زِيَادَة ٌ فِي الْكُفْرِ ي ُ َ ما الن َّ ِ
ل بِهِ عليهم{ :إِن َّ َ ُ
القرآن معيبًا
َ
حَّر َ
م ما َ عدَّة َ َ
ما لِيُوَاطِئُوا ِ ه ع َا ً مون َ ُ
حّرِ ُ ما وَي ُ َ ه ع َا ً حل ّون َ ُن كَفَُروا ي ُ ِ ال ّ َذِي َ
ه} [التوبة.]37: الل ّ ُ
وعلى هذا فما دامت تلك الحرب دفاع ًا عن انتهاك حرمة الشهر
الحرم فل بأس في اشتراكه صلى الله عليه وسلم فيها.
َ ّ عدَّة َ ال ُّ وقد أقر الله ذلك في قوله تعالى{ :إ ِ َّ
عنْد َ اللهِ اثْنَا شهُورِ ِ ن ِ
َ
منْهَا أَْربَعَ ٌ
ة ض ِ َ
ت وَالْر َ موَا ِس َ خلَقَ ال َّ م َ ب الل ّهِ يَوْ َ شهًْرا فِي كِتَا ِ شَر َ عَ َ
َ
م} [التوبة.]36: سك ُ ْن أنْفُ َ موا فِيهِ َّ م فَل تَظْل ِ ُ ن الْقَي ِّ ُ ك الدِّي ُ م ذَل ِ َحُر ٌ ُ
ومن العمال التي اشترك فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
مع قومه قبل البعثة وضع الحجر السود في مكانه من الكعبة
حين بناء قريش لها بعد ما اختلفت بطونها في ذلك حيث كانت
كل قبيلة تريد أن تنفرد بمزية وضع الحجر السود في مكانه
وكادوا أن يقتتلوا لول مجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما يرضى كل الطراف المتنازعة على ذلك. وحكمه فيهم حك ً
عن عبد الله بن السائب قال :كنت فيمن بنى البيت وأخذت
شا اختلفوا في حجًرا فسويته ووضعته إلى جنب البيت ..وأن قري ً
الحجر حيث أرادوا أن يضعوه حتى كاد أن يكون بينهم قتال
بالسيوف فقال :اجعلوا بينكم أول رجل يدخل من الباب فدخل
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا :هذا المين وكانوا
يسمونه في الجاهلية المين ،فقالوا :يا محمد قد رضينا بك فدعا
بثوب فبسطه ووضع الحجر فيه ثم قال لهذا البطن ،ولهذا
البطن ،غير أنّه سمى بطونًا" :ليأخذ كل بطن منكم بناحية من
الثوب" ففعلوا ثم رفعوه وأخذه رسول الله صلى الله عليه
وسلم فوضعه بيده[.]82
واشتراكه صلى الله عليه وسلم في هذا العمل يظهر مدى
فطانته ورجاحة عقله حيث حل المشكلة بسهولة ويسر بعدما
كادت أن تؤدي إلى إسالة الدماء والحرب كما أنّه يدل على
مكانته صلى الله عليه وسلم عند قومه بحيث إنّهم رضوا بحكمه
دون تردد.
هذه هي أهم العمال التي وردت أن الرسول صلى الله عليه
وسلم قد اشترك فيها قبل البعثة مع قومه ،وكلها كما ذكرت
سابقًا من أعالي المور ومن مكارم الخلق التي من شأنها أن
ترفع مكانته وشأنه وبخاصة إذا علم أن بيئته قد عم فيها الفساد
وانتشرت فيها الرذائل التي عصمه الله سبحانه وتعالى منها
وأبعده عنها لينشأ خاليًا من الدنايا والشوائب.
يؤيد ذلك ما رواه أبو نعيم بسنده عن علي بن أبي طالب قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" :ما هممت
بقبيح مما كان أهل الجاهلية يهمون بها إل مرتين الدهر كلتاهما
يعصمني الله عز وجل منها ،قلت ليلة لفتى من قريش بأعلى
مكة في أغنام لهلنا نرعاها :أنظر غنمي حتى أسمر هذه الليلة
بمكة كما يسمر الفتيان قال :نعم ،فخرجت فجئت أدنى دار من
دور مكة فسمعت غناء وضرب دفوف وزمًرا فقلت ما هذا؟
قالوا :فلن تزوج فلنة المرجل من قريش ,فلهوت بذلك الغناء
س الشمس وبذلك الصوت حتى غلبتني عيني ،فما أيقظني إل م َّ
ثم رجعت إلى صاحبي فقال :ما فعلت؟ فأخبرته ثم قلت له ليلة
أخرى مثل ذلك ففعل فخرجت فسمعت مثل ذلك ،فقيل لي مثل
ما قيل لي ،فلهوت بما سمعت حتى غلبتني عيني فما أيقظني إل
س الشمس ثم رجعت إلى صاحبي فقال :ما فعلت؟ فقلت :ما م ّ
فعلت شيئًا ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :فوالله ما
هممت بعدهما بسوء مما يعمل أهل الجاهلية حتى أكرمني الله
بنبوته"[.]83
وهذا الحديث دليل واضح على بعده صلى الله عليه وسلم
ونزاهته عن أمور الجاهلية التي كانت سائدة آنذاك في المجتمع
المكي ومن حوله بعناية من الله سبحانه وتعالى وبجانب ذلك
كان صلى الله عليه وسلم متصفًا بصفات فاضلة وأخلق حميدة
أقر له بها المؤيدون والمعاندون على السواء.
وقد أوجزت لنا خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها صفاته
وأخلقه بقولها بعد فزعه إليها من شدة بدء الوحي" :كل أبشر
فوالله ل يخزيك الله أبدًا فوالله إنك تصل الرحم وتصدق الحديث
وتحمل الكل [ ]84وتكسب المعدوم [ ]85وتقري الضيف وتعين
على نوائب الحق.]86["..
وخديجة رضي الله عنها أقرب شخصية لرسول الله صلى الله
عليه وسلم تصفه بهذه الصفات بناء على تجربة دقيقة وممارسة
طويلة ابتداء من ائتمانها له أن يتاجر في مالها ثم اقترانها به
ومعاشرته فترة تبلغ خمس عشرة سنة.
وهذه شهادة من جانب أحد المؤمنين بدعوته صلى الله عليه
وسلم وهى شهادة حق وصدق أقر بها وبحقيقتها من لم يتبعوا
الرسول صلى الله عليه وسلم ويؤمنوا بدعوته.
من ذلك ما أخرجه الشيخان بسندهما عن ابن عباس رضي الله
شيرت َ َ َ َ
ن} [الشعراء: ك القَْربِي َ عنهما قـال" :لما نزلت{ :وَأنذِْر ع َ ِ َ
]214خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا
فهتف "يا صباحاه" ،فقالوا :من هذا؟ فاجتمعوا إليه ،فقال:
"أرأيتم إن أخبرتكم أن خيل ً تخرج من سفح هذا الجبل أكنتم
ك كذبًا ،قال" :فإني نذير لكم بين مصدقي؟ "قالوا :ما جربنا علي َ
يدي عذاب شديد" قال أبو لهب :تبًا لك ما جمعتنا إل لهذا ثم قام:
َ
ب} [المسد.]87[]1: ب َوت َ َّت يَدَا أبِي لَهَ ٍ
فنزلت{ :تَب َّ ْ
ففي قولهم :ما جربنا عليك كذبًا دليل واضح على اتصافه صلى
الله عليه وسلم بالصدق التام قبل الرسالة بشهادة أعدائه الذين
وقفوا في وجه نشر الدعوة السلمية.
وهذه الشهادة قد صدرت من مجموع المشركين ومثلها صدرت
من أفرادهم ،وقد قالها أبو سفيان رضي الله عنه وهو مشرك
عند هرقل ملك الروم الذي وجه إليه عدة أسئلة تتعلق بأحوال
الرسول صلى الله عليه وسلم من بينها قول هرقل" :فهل كنتم
تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ "قلت :ل ،ثم قال هرقل:
في آخر القصة لبي سفيان:
وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فزعمت
أن ل فعرفت أنّه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يذهب
ويكذب على الله"[.]88
ن الرسول تلك شهادة الخصوم والمؤمنين تنطق صريحة في أ ّ
صلى الله عليه وسلم لم يكذب أبدًا قبل البعثة ،بل كان صادقًا
ما.
دائ ً
والصدق أساس الفضائل الخلقية وعنوان النسانية الكريمة،
وقد انطبع رسول الله صلى الله عليه وسلم بفضل الله تعالى.
وكما اتصف صلى الله عليه وسلم بالصدق اتصف بكل مكارم
الخلق ومنها المانة.
وخير ما يدل على ذلك قصة وضع الحجر السود في مكانه من
الكعبة أثناء تجديد بنائها حينما اختلفت قريش في ذلك حيث
أتفقوا على تحكيم أول رجل يدخل من الباب فدخل رسول الله
صلى الله عليه وسلم وكانوا يسمونه في الجاهلية المين فقالوا:
"قد دخل المين ،فقالوا يا محمد رضينا بك"[.]89
وهذه شهادة صدرت من مجموع المشركين وإن لم يكن بينه
ن ذلك كان قبل البعثة إل وبينهم عداوة حين نطقوا بذلك القول ل ّ
أنّها تشهد على اتصافه صلى الله عليه وسلم بالمانة حتى
أصبحت لقبًا له.
وعلى هذا نجزم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان متصفًا
بصفات فاضلة وأخلق حميدة قبل البعثة اعترف بها أعداؤه وآمن
بها أصحابه مع شيوع الظلم والعدوان وسوء الخلق في المجتمع
المكي يومذاك .وذلك بفضل الله وعنايته ورعايته.
ما بعد البعثة فقد كان خلقه صلى الله عليه وسلم القرآن كما وأ ّ
ورد في حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها حيث قالت:
" ...فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن"[.]90
وهذه الخلق الكريمة كانت سببًا في تقريب قلوب أصحابه
رضوان الله عليهم له ولول اتصافه بها لما تمكن من تأثير دعوته
عليهم وخاصة في أيامها الولى في مكة.
وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى تأثير اتصافه صلى الله عليه
وسلم بالخلق الفاضلة على أصحابه رضوان الله عليهم بقوله
ظ الْقَل ْ ِ
ب ت فَظًّا غَلِي َ م وَلَوْ كُن ْ َ ت لَهُ ْ
َ
ن الل ّهِ لِن ْ َم ْة ِ م ٍح َ ما َر ْ تعالى{ :فَب ِ َ
م} [آل عمران.]159: ستَغْفِْر لَهُ ْ م وَا ْ ف ع َنْهُ ْ ك فَاع ْ ُ حول ِ َن َ ْ م ْ ضوا ِ لن ْ َف ُّ
ضا وكما أن الخلق الفاضلة لها تأثير كبير على الصحاب كذلك أي ً
ستَوِي لها تأثير كبير على العداء كما يدل عليه قوله تعالى{ :وَل ت َ ْ
ه
ك وَبَيْن َ ُن فَإِذ َا الَّذِي بَيْن َ َس َُ
ح َ يأ ْ
َ َ
ة ادْفَعْ بِال ّتِي ه ِ َ سيِّئ َ ُ ة وَل ال َّ سن َ ُ ح َ ال ْ َ
ي حميم * وما يلَقَّاهَا إل َّ ال ّذين صبروا وما يلَقَّاهَا إلَّ َ
ِ َ َ ُ ِ َ َ َُ ِ َ َ ُ ه وَل ِ ٌّ َ ِ ٌ عَدَاوَة ٌ كَأن َّ ُ
ظ عَظِيمٍ} [فصلت.]3435: ح ٍّ ذ ُو َ
وقد شهد الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالخلق
ق عَظِيمٍ} [القلم.]4: ك لَعَلى ُ ُ العظيم بقوله{ :وَإِن َّ َ
خل ٍ
ـــــــــــــــ
الهوامش:
إن نزول الوحي اللهى للناس يحتاج إلى رسول يتلقاه ويبلغه
للمدعوين ،ولذلك اختار الله رسله عليهم السلم قادرين على
تحمل المسؤولية مهيئين بفضل الله للقيام بواجب الدعوة خير
قيام.
ومن هنا كان إرسال الرسل مسقطًا لحجة الناس بأن الدعوة لم
تبلغهم.
س ع َلَى َ َ
ن لل ّ يَكُو َ َ
ن لِلن ّا ِ منذِرِي َ
ن وَ ُ
شري َ سل ً ُ
مب َ ّ ِ ِ يقول الله تعالىُ{ :ر ُ
َ
ل} [النساء.]165: ة بَعْد َ الُّر ُ
س ِ ج ٌ الل ّهِ ُ
ح َّ
وعمل الرسل مع الدعوة يحتاج إلى جهد كبير وصبر واضح،
ومثابرة شاقة بالضافة إلى تحمل أذى القوم وعنتهم وعدوانهم
القولي والفعلي على الرسول والذين معه.
وتلك سنة عامة مع كل الرسل وسائر الدعوات من لدن نوح
عليه السلم إلى خاتم النبياء صلى الله عليه وسلم.
ولقد تحدث القرآن الكريم عن الرسل السابقة عليهم الصـلة
والسلم وبين ما لقوا من أقوامهم من أذى وتعنت أو قتل أو
تشريد ،ولكن ل يتسع المقام لن أسرد كل قصصهم إل ّ أنّي أذكر
ما يدل على ذلك من الكتاب والسنة على وجه الجمال.
صبَُروا
َ َّ
ك فَن قَبْل ِ َم ْل ِ س ٌ فمن الكتاب قوله تعالى{ :وَلَقَد ْ كُذِّب َ ْ
ت ُر ُ
َ ُ
ه
ت الل ِ ما ِل لِكَل ِ َ
دّ َ
مب َ ِ
صُرنَا وَل ُم نَ ْ حتَّى أتَاهُ ْ
ذّبُوا وَأوذ ُوا َ ما ك ُ ِع َلَى َ
ن} [النعام.]34: سلِي َ
مْر َن نَبَإ ِ ال ْ ُم ْ جاءَ َ
ك ِ وَلَقَد ْ َ
يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله في تفسير هذه الية:
"ويستطرد من تطييب خاطر الرسول صلى الله عليه وسلم
وبيان السباب الحقيقية لموقف المكذبين منه ومن دعوته ،ومن
آيات الله الناطقة بصدقه وصدق ما جاء به ...يستطرد من هذا
إلى تذكيره بما وقع لخوانه الرسل قبله ،وقد جاءه من أخبارهم
في هذا القرآن ثم ما كان منهم من الصبر والمضي في الطريق
ن هذه سنة الدعوات التي ل تبديل حتى جاءهم نصر الله ليقرر أ ّ
ول يغير منها اقتراحات المقترحين كما أنها ل تستعجل مهما ينزل
بالدعاة من الذى والتكذيب والضيق"[.]1
وأما السنة فمنها ما جاء على لسان ورقة بن نوفل حينما ذهبت
خديجة أم المؤمنين رضى الله عنها بالرسول صلى الله عليه
وسلم إليه بعد فزع الرسول من رؤية الملك جبريل عليه السلم
في بداية الوحي كما رواه البخاري عن عائشة رضى الله عنها:
وفيه ..:فانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد
العزى ابن عم خديجة وكان امرأ تنصر في الجاهلية وكان يكتب
الكتاب العبراني فيكتب من النجيل بالعبرانية ما شاء الله أن
خا كبيًرا قد عمي فقالت له خديجة :يا ابن عم، يكتب وكان شي ً
اسمع من ابن أخيك؟ فقال ورقة :يا ابن أخي ماذا ترى؟! فأخبره
رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى ،فقال ورقة :هذا
الناموس[ ]2الذي نّزل الله على موسى يا ليتني فيها جذع ًا[]3
ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك ،فقال رسول الله صلى الله
ي هم" قال :نعم ،لم يأت رجل قط بمثل ما عليه وسلم" :أمخرج ّ
جئت به إل عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصًرا مؤزًرا ثم لم
ينشب[ ]4ورقة أن توفي وفتر الوحي"[.]5
وهذا الحديث نص صريح في الموضوع الذي نحن بصدده إذ أنّه
يعطينا صورة واضحة عن معاداة المم السابقة لرسلهم من غير
استثناء رسول واحد من الرسل عليهم السلم ابتداء من نبي الله
نوح عليه السلم وانتهاء بخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم كما
هي سنة الله تعالى في إرسال الرسل.
وما دامت سنة الله في كل دعوة من دعوات الرسل عليهم
الصلة والسلم أن تواجه البتلء والختبار فل بد لدعوة نبينا
ضا ذلك من قبلمحمد صلى الله عليه وسلم أن تواجه أي ً
المعاندين من المشركين وأهل الكتاب وغيرهم.
وفي هذا الفصل أتحدث عن ما لقاه الرسول صلى الله عليه
وسلم من قبل أعداء الدعوة السلمية وكيف قاومهم ومدى ما
تحمل من المتاعب في سبيل نشر الدعوة السلمية مع مراعاة
ظروف ذلك الزمان.
وقد قسمت هذا الفصل إلى ثلثة مباحث:
المبحث الول :تحمل مشاق نشر الدعوة.
المبحث الثاني :الصبر على الذى والعدوان من قبل الخصوم.
المبحث الثالث :إكمال الله تعالى الدين على يده صلى الله عليه
وسلم.
وذلك على النحو التالي:
المبحث الول
تحمل مشاق نشر الدعوة
المبحث الثالث
تكميل الدين وإتمام النعمة
لقد جعل الله سبحانه وتعالى نبينا صلى الله عليه وسلم خاتم
النبيين والمرسلين.
َ َ
سو َ
ل ن َر ُ م وَلَك ِ ْ
جالِك ُ ْن رِ َم ْ
حد ٍ ِ ح َّ
مد ٌ أبَا أ َ م َ ما كَا َ
ن ُ يقول تعالىَ { : َ
ن} [الحزاب.]40: م النَّبِيِّي َ الل ّهِ وَ َ
خات َ َ
ويقول صلى الله عليه وسلم" :إن مثلي ومثل النبياء من قبلي
كمثل رجل بنى بيتًا فأحسنه وأجمله إل موضع لبنة من زاوية
فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون :هل وضعت هذه
اللبنة قال :فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين"[.]45
وقال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه:
"أل ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إل أنه ليس
نبي بعدي"[.]46
فهذه النصوص من القرآن والسنة كلها تدل على أن الرسول
صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإن ادّعى المدعون النبوة
ما وحديثًا. قدي ً
يقول ابن كثير عند تفسيره الية السابقة" :فهذه الية نص في
أنّه ل نبي بعده وإذا كان ل نبي بعده فل رسول بالطريق الولى
ن كل رسول والحرى لن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة فإ ّ
نبي ول ينعكس ،وبذلك وردت الحاديث المتواترة عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم من حديث جماعة من الصحابة رضوان الله
عليهم"[.]47
وعلى هذا فإن رسالته ختمت بها الرسالت السابقة كلها ومن ثم
ل يقبل الله أن يدين أحد بسواها بعد نزولها لنسخها ما قبلها
سواء كان يدين برسالة سماوية سابقة كاليهودية والنصرانية أو ل
سلم ِ دِينًان يَبْتَِغ غَيَْر ال ِ ْم ْكعبدة الوثان والصنام .يقول تعالى{ :وَ َ
ه} [آل عمران.]85: من ْ ُ
ل ِ ن يُقْب َ َفَل َ ْ
ويقول صلى الله عليه وسلم مؤكدًا ذلك" :لو كان موسى حيًّا ما
وسعه إل ّ أن يتبعني"[.]48
وقوله صلى الله عليه وسلم" :والذي نفس محمد بيده ل يسمع
بي أحد من هذه المة يهودي ول نصراني ثم يموت ولم يؤمن
بالذي أرسلت به إل كان من أصحاب النار"[.]49
َ
ن
م ْم ِ ما آتَيْتُك ُ ْ َ
نل َ ميثَاقَ النَّبِيِّي َ خذ َ الل ّ ُ
ه ِ يؤيد هذا قوله تعالى{ :وَإِذ ْ أ َ َ
ن بِهِ م لَتُؤ ْ ِ
من ُ َّ معَك ُ ْ ما َصدِّقٌ ل ِ َم َ ل ُسو ٌ م َر ُجاءَك ُ ْ م َ حك ْ َ
مةٍ ث ُ َّ ب وَ ِ كِتَا ٍ
َ
صرِي قَالُوا أقَْرْرنَا قَا َ َ َ َ
ل م إِ ْ م ع َلَى ذَلِك ُ ْ خذ ْت ُ ْ م وَأ َ ل أأقَْرْرت ُ ْ ه قَا َ صُرن َّ ُ
وَلَتَن ْ ُ
من ال َّ َ
ن} [آل عمران.]81: شاهِدِي َ م ِ ْ معَك ُ ْ شهَدُوا وَأنَا َ فَا ْ
يقول ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الية التي نحن
بصددها" :ما بعث الله نبيًا من النبياء إل أخذ عليه الميثاق لئن
بعث الله محمدًا وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه وأمره أن يأخذ
الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به
ولينصرنه"[.]50
ويروى مثل هذا القول عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه[
.]51
وقد تميزت رسالته صلى الله عليه وسلم بأمور ثلثة تفوق بها
على الرسالت التي قبلها وتؤهلها لن تكون خاتمة:
أولً :العموم :بمعنى أن رسالة السلم ليست محددة بزمن من
الزمان ول بمكان من المكنة ول بأمة دون المم منذ نزولها إلى
أن يرث الله الرض ومن عليها.
َ
شيًرا وَنَذِيًرا وَلك ِ َّ
ن س بَ ِ َ
ة لِلن ّا ِ ك إِل َّ كَافّ ً
َ سلْنَا َ َ
ما أْر َ {و َ يقول تعالىَ :
ن} [سبأ.]28: مو َ س ل يَعْل َ ُ ِ أَكْثََر النَّا
ويقول تعالى أيضا{ :وما أ َرسلْنا َ َ
ن} [النبياء: مي َ ة لِلْعَال َ ِم ً ح َك إِل ّ َر ْ َ َ ْ َ َ ً
.]107
َ
س إِنِّي ل يَا أي ُّ َها النَّا ُ ضا آمًرا إعلن هذا المر{ :قُ ْ ويقول تعالى أي ً
ُ َ
ميعًا} [العراف ]158:وهذه النصوص كلها تدل ج ِ م َ ل الل ّهِ إِلَيْك ُ ْ سوَر ُ
على عمومية رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وهي من إحدى
خصائصه كما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم" :أعطيت
سا لم يعطهن أحد قبلي ...ثم ذكر من بينها وكان النبي صلى خم ً
الله عليه وسلم يبعث إلى قومه وبعثت إلى الناس كافة"[.]52
مة إلَّ ويؤيد خصوصية الرسالت السابقة قوله تعالى{ :وإن م ُ
ن أ َّ ٍ ِ َِ ْ ِ ْ
خل فِيهَا نَذِيٌر} [فاطر.]24:
ثانيًا :الحفظ :حيث تكفل الله بحفظها باقية كما نزلت إلى أن
يرث الله الرض ومن عليها دون تغيير شيء منها بالنقص منها أو
الزيادة عليها.
ن} [الحجر]9: حافِظو َ ُ َ
هل َ َ َ
ذّكَْر وَإِن ّا ل ُ ْ َ
ن ن َ ّزلنَا ال ِ
ح ُ َ
يقول تعالى{ :إِن ّا ن َ ْ
وهذا أمر مشاهد اليوم ل ينكره أحد بحيث لم يتغير منها شيء
بعد أربعة عشر قرنًا وستبقى كذلك إلى حين يشاء الله تعالى،
بخلف الكتب السابقة التي تعرضت للتحريف والتبديل من قبل
أصحابها كالتوراة والنجيل.
ثالثًا :الكمال والتمام :ولقد أكملها سبحانه وتعالى لرسوله صلى
الله عليه وسلم كما يدل عليه قوله تعالى{ :الْيو َ
مت لَك ُ ْمل ْ ُ
م أك ْ ََ ْ َ
َ
م دِينًا} [المائدة: سل َ ت لَك ُ ْ
م ال ِ ْ ضي ُ متِي وََر ِ م نِعْ َ ت ع َلَيْك ُ ْ
م ُ م ْ م وَأت ْ َدِينَك ُ ْ
.]3
وقد نزلت هذه الية في حجة الوداع في العام العاشر من
الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلة والتسليم كما ورد في
الحديث الصحيح.
روى البخاري بسنده عن طارق بن شهاب قال :قالت اليهود
لعمر :إنكم تقرأون آية لو نزلت فينا لتخذناها عيدًا فقال عمر:
"إني لعلم حيث أنزلت وأين أنزلت وأين رسول الله صلى الله
عليه وسلم حين أنزلت يوم عرفة ،وإنا والله بعرفة"[.]53
ن هذه الية نزلت بعد جهاد طويل دام ثلثة ومن هنا أقول إ ّ
وعشرين سنة وفي وقت أظهر الله دينه وفي حجة الوداع الذي
لم يحج فيه مشرك لما ورد في الصحيح.
روى البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال" :بعثني
أبو بكر رضي الله عنه في تلك الحجة في المؤذنين بعثهم يوم
النحر يؤذنون بمنى أن ل يحج بعد العام مشرك ول يطوف بالبيت
عريان"[.]54
وكان ذلك في العام التاسع من الهجرة .ولهذا لم يحج عام حجة
الوداع الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشرك.
ن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أبلغ ضا :إ ّ كما أني أقول أي ً
َ
المة ما كلف به دون كتمان شيء تنفيذ ًا لمر الله تعالى{ :يَا أيُّهَا
ك} [المائدة.]67: ن َرب ِّ َ
م ْك ِ ل إِلَي ْ َ ما أُنزِ َ ل بَل ِّغْ َ سو ُ الَّر ُ
وتقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في هذا الصدد" :من
ن محمدًا قد كتم شيئًا مما أنزل عليه ،فقد كذب ،والله حدثك أ ّ
ل إِلَي ْ َ ُ َ
ك} [المائدة.]56[]55[]67: ما أنزِ َ ل بَل ِّغْ َ سو ُ يقول{ :يَا أيُّهَا الَّر ُ
وقد شهد له بذلك جموع من أصحابه رضوان الله عليهم في حجة
الوداع حينما قال لهم أثناء خطبته بوادي عرنة في يوم عرفة.." :
أنتم مسؤولون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا" :نشهد أنك قد بلغت
وأديت ونصحت" فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء
وينكبها[ ]57إلى الناس" :اللهم أشهد اللهم أشهد ،ثلث مرات[" ..
.]58
ول يخفى أن مثل هذا المر يتطلب جهدًا وتحمل ً للمشقة كما أنّه
يتطلب الصبر على الذى والثبات أمام المغريات.
وقد تحمل صلى الله عليه وسلم مشقة كبيرة في سبيل نشر
الدعوة وإبلغها إلى الناس كما أنه تحمل أذى المشركين
والمنافقين واليهود ومن في حكمهم بالصبر تارة وبالجهاد معهم
تارة أخرى طيلة ربع قرن من الزمن تقريبًا.
وقد ذكر محمد رشيد رضا خلصة عمله صلى الله عليه وسلم
في مكة والمدينة حيث قال" :أقام صلى الله عليه وسلم في
مكة بعد بدء التبليغ عشر سنين ،يدعو إلى أصول اليمان وكليات
الدين ،من التوحيد الخالص ،والعمل الصالح ،وتزكية النفس
بتطهيرها من أدران الرذائل ،وتحليتها بأحاسن الخلق وعقائل
الفضائل ،واستعمال نعم الله تعالى من بدنية وعقلية ،وسماوية
وأرضية ،فيما تظهر به حكمه ونشاهد آياته في الخلق ،وتتسع بها
العلوم التي يعرف بها الحق وتكثر موارد الرزق ،صابًرا مع
السابقين من المؤمنين ،على الضطهاد والذى من المشركين،
على أنهم عرضوا عليه الملك والمال والدثر ،على أن يترك هذا
المر ،ولو كان لطلب الرياسة لثر على الضعف والفقر ،ثم دخل
السلم بالهجرة في عهد الحرية ،وتكونت له قوة العصبية ،وجاء
الوحي فيه مفصل ً لما أجمل في السور المكية من الحكام،
وبيان الحلل والحرام ،وفيه فرضت الزكاة والحج والصيام،
وكانت الصلة فرضت بمكة في أول السلم وبينت السنة النبوية
جميع فروع العبادات ،وكل ما يحتاج إليه من النصوص والقواعد
السياسية وأنواع المعاملت ،فبذلك كله أكمل الله الدين وأتم
نعمته على المؤمنين وقد تربى على ذلك اللوف من المهاجرين
والنصار".
وهذه المور التي ذكرها تمت كلها في فترة وجيزة للغاية ل
تتجاوز ربع قرن من الزمن بل أقل من ذلك .بحيث تقتضي هنا
العجاب والتقدير معًا لمن قام بها وحققها في واقع الحياة وهو
رسول الله صلى الله عليه وسلم بفضل من الله سبحانه وتعالى:
يقول أبو الحسن الندوي معربًا إعجابه بذلك" :لقد كان النقلب[
]59الذي أحدثه صلى الله عليه وسلم في نفوس المسلمين
وبواسطتهم في المجتمع النساني أغرب ما في تاريخ البشر،
وقد كان هذا النقلب غريبًا في كل شيء ،كان غريبًا في سرعته،
وكان غريبًا في عمقه ،وكان غريبًا في سمعته وشموله ،وكان
ضا ككثير من غريبًا في وضوحه وقربه إلى الفهم .فلم يكن غام ً
الحوادث الخارقة للعادة ولم يكن لغًزا من اللغاز "[.]60
وقد نتج عن عمله صلى الله عليه وسلم المور التالية:
1ـ القضاء على الوثنية وإحلل محلها اليمان بالله واليوم الخر.
2ـ القضاء على الرذائل الجاهلية وأقام مقامها الفضائل ومكارم
الخلق.
3ـ إقامة الدين الحق الذي يصل بالنسان إلى أقصى ما قدر له.
4ـ إحداث انقلب[ ]61وتغيير شامل للوضاع ونظام الحياة الذي
درج عليه أهل الجاهلية.
5ـ توحيد المة العربية تحت راية القرآن في فترة وجيزة[.]62
يقول سيد سابق بعد ذكره النقاط السابقة" :هذه هي العمال
التي تمثل نجاح الرسول صلى الله عليه وسلم في مهمته وهي
كما تبدو كلها أمور كبيرة وإقامتها بل إقامة واحد منها من
الخطورة بمكان وأنّه ل يمكن أن يتأتى النجاح لفرد في بعض
هذه العمال فضل ً عن توفر النجاح في كل ناحية من هذه
النواحي"[.]63
وعلى هذا فعلى المسلم أن يتأدب مع الرسول صلى الله عليه
وسلم تقديًرا لما قام به من أعمال جليلة في سبيل وصول
السلم إلى الناس في زمانه وإلى الذين من بعده حتى يرث الله
الرض ومن عليها ولما أثر عنه صلى الله عليه وسلم من صفات
حميدة من ناحية الخلقية والخلقية والتي بينتها في الفصل الول
من هذا الباب مع ما أنعم الله عليه من النبوة والرسالة التي ختم
الله بها الرسالت كلها.
ـــــــــــــ
الهوامش:
[ ]1في ظلل القرآن (.)2/1077
[ ]2الناموس :صاحب سر الملك ،وقيل صاحب سر الخير ،وأراد
صه بالوحي والغيب ن الله تعالى خ ّ
به جبريل عليه السلم ل ّ
اللذين ل طلع عليهما غيره .النهاية في غريب الحديث (.)5/119
[ ]3يا ليتني كنت جذع ًا :أي يا ليتني كنت شابًا عند ظهورها حتى
أبالغ في نصرتها وحمايتها .وأصل الجذع من أسنان الدواب وهو
ما كان شابًا فتيًا .النهاية في غريب الحديث (.)1/250
[ ]4لم ينشب :من نشب .يقال نشب في الشيء إذا وقع فيما ل
مخلص له منه ،ولم ينشب أن فعل كذا أي لم يلبث ،وحقيقته لم
يتملق بشيء غيره ول اشتعل بسواه .وهنا لم يلبث حتى مات.
النهاية في غريب الحديث (.)5/52
[ ]5صحيح البخاري ،كتاب بدء الوحي ،باب كيف كان بدء الوحي
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (.)1/7
ن السلم بدأ غريبًا[ ]6صحيح مسلم ،كتاب اليمان ،باب بيان أ ّ
وسيعود غريبًا (.)1/130
[ ]7انظر :زاد المعاد (.)1/86
[ ]8مستدرك الحاكم ( ،)3/617وقال الحاكم :صحيح على شرط
البخاري ومسلم ولم يخرجاه ،ووافقه الذهبي.
[ ]9بعد بدء نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم.
[ ]10زاد المعاد (.)1/86
[ ]11صحيح البخاري ،باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم (.)1/7
[ ]12صحيح البخاري ،باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم (.)1/7
[ ]13تفسير القرآن العظيم.)4/449( :
[ ]14الصلصة :صوت الحديد إذا حرك .انظر النهاية في غريب
الحديث (.)3/46
[ ]15صحيح البخاري ،كتاب الوحي ،باب كيف كان بدء الوحي إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم (.)1/6
[ ]16صحيح البخاري في كتاب التفسير ،باب تفسير سورة (تبت
يدا أبي لهب وتب) ( ،)3/222ومسلم في كتاب اليمان باب (وأنذر
عشيرتك القربين) ( )1/194واللفظ للبخاري.
[ ]17مستدرك الحاكم ( )2/612613وقال الحاكم :صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ،وقال الهيثمي في مجمع
الزوائد ( )6/35رواه أحمد ورجاله ثقات.
[ ]18يوم العقبة :هو اليوم الذي وقف صلى الله عليه وسلم على
العقبة التي بمنى داعيًا الناس إلى السلم.
[ ]19قرن الثعالب :قرن المنازل ميقات أهل نجد النهاية في
غريب الحديث (.)4/54
[ ]20الخشبين الجبلن المطيفان بمكة وهما أبو قيس والحمر
وهو جبل مشرف على قيقعان والخشب كل جبل غليظ
الحجارة .النهاية في غريب الحديث (.)2/32
[ ]21صحيح البخاري ،في كتاب بدء الخلق باب ذكر الملئكة (
،)2/214وصحيح مسلم في كتاب الجهاد والسير ،باب ما لقي النبي
صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين (،)3/1420
واللفظ لمسلم.
[ ]22صحيح البخاري في كتاب المغازي ،باب بعث أبي موسى
ومعاذ ًا إلى اليمن (.)3/7273
[ ]23صحيح البخاري في كتاب المغازي ،باب بعث أبي موسى
ومعاذ ًا إلى اليمن (.)3/7273
[ ]24لقب لكل من ملك الحبشة.
[ ]25صحيح مسلم في كتاب الجهاد والسير ،باب كتاب النبي
صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الكفار ودعوتهم إلى الله عز
وجل.
[ ]26الرسيون :هم الخدم والخول وقيل هم الكارون النهاية في
غريب الحديث (.)1/38
[ ]27صحيح البخاري ،باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ( .)1/9وصحيح مسلم في كتاب الجهاد
والسير ،باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه
إلى السلم ( )3/1396واللفظ لمسلم.
[ ]28صحيح البخاري في كتاب اليمان ،باب( :فإن تابوا وأقاموا
الصلة وآتوا الزكاة فخلو سبيلهم ( ،)1/13وصحيح مسلم في كتاب
اليمان باب المر بقتال الناس حق يقولوا ل إله إل الله محمد
رسول الله ( )1/53واللفظ لمسلم.
[ ]29صحيح البخاري ،كتاب المغازي ،باب حديث بنى النضير (
.)3/15
[ ]30في ظلل القرآن.)3/1677( :
[ ]31طلوة :رونقًا وحسنًا ،وقد تفتح الطاء .النهاية في غريب
الحديث (.)3/137
[ ]32مغدق :من غدق ،والغدق بفتح الدال المطر الكبير القطر،
يقول :أغدق المطر يغدق إغداقًا فهو مغدق .النهاية في غريب
الحديث (.)3/345
[ ]33مستدرك الحاكم ( )2/507وقال الحاكم :حديث صحيح السناد
على شرط البخاري ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
[ ]34تفسير فتح القدير (.)5/9192
[ ]35في ظلل القرآن الكريم.)6/3386( :
[ ]36كتاب المناقب باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم
وأصحابه من المشركين بمكة (.)2/321
[ ]37والصحيح أمية لن أبي قد قتله رسول الله صلى الله عليه
وسلم في أحد كما هو مشهور في كتب السيرة .انظر زاد المعاد
(.)3/199
[ ]38صحيح البخاري ،كتاب مناقب النصار ،باب ما لقي النبي
صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة (.)2/321
[ ]39السيرة النبوية.)2/4748( :
[ ]40المصدر السابق.)2/50( :
[ ]41انظر المصدر السابق.)2/47( :
[ ]42انظر تفسير القرآن العظيم لبن كثير ( )4/91ويروي البنوي
هذه القصة في تفسيره ( )6/107عن جابر رضي الله عنه وحسن
اللباني سندها في تعليقاته على فقه السيرة للغزالي .انظر
هامش (ص )113:من فقه السيرة.
[ ]43الخمسة أسماء للهة المشركين.
[ ]44أخرجه المام أحمد في مسنده ( ،)1/303وقال الهيثمي في
مجمع الزوائد ( )8/228رواه أحمد بإسنادين ورجال أحدهما رجال
الصحيح ،وقال الشيخ أحمد شاكر في شرح المسند ( )4/2763كل
السنادين صحيح.
[ ]45صحيح البخاري كتاب المناقب ،باب خاتم النبيين (.)2/370
[ ]46صحيح البخاري كتاب المغازي ،باب غزوة تبوك (.)3/86
[ ]47تفسير القرآن العظيم.)3/493( :
[ ]48رواه الدارمي ( )1/115116وحسنه اللباني في تعليقه على
مشكاة المصابيح (.)1/63
[ ]49صحيح مسلم ،كتاب اليمان ،باب وجوب اليمان برسالة نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته
(.)1/134
[ ]50انظر تفسير القرآن العظيم لبن كثير (.)1/378
[ ]51انظر تفسير القرآن العظيم لبن كثير (.)1/378
[ ]52صحيح البخاري ،كتاب التيمم (.)1/70
[ ]53صحيح البخاري ،كتاب التفسير ،باب( :اليوم أكملت لكم
دينكم) (.)3/123
[ ]54صحيح البخاري ،كتاب التفسير ،باب( :وأذان من الله
ورسوله إلى الناس يوم الحج) (.)3/134
[ ]55أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب التفسير ،باب( :يا أيها
الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) (.)3/125
[ ]56قال القاضي عياض :كذا الرواية فيه بالتاء المثناة فوق وهو
بعيد المعنى ،قيل صوابه ينكبها .ومعناه ويرددها إلى الناس مثيًرا
إليهم ،ومنه نكب كنانته إذا قلبها .شرح النووي على صحيح مسلم
( )8/184وانظر مقدمة هذا البحث.
[ ]57صحيح مسلم ،كتاب الحج ،باب :حجة النبي صلى الله عليه
وسلم (.)2/890
[ ]58ذكرى المولد النبوي (ص.)4142:
[ ]59النقلب مصطلح حديث يستعمل للخير والشر معًا وخاصة
للشر في هذا العصر لذلك من الفضل والولى وصف السلم
بالتغيير الكلي أو الصلح الجذري.
[ ]60ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين (ص.)8889:
[ ]61انظر هامش رقم ( )2في الصفحة السابقة.
[ ]62العقائد السلمية (ص )200201:مع التصرف.
[ ]63المصدر السابق (ص.)201:
.7كتاب "التأدب مع الرسول في ضوء الكتاب
والسنة" [الجزء الثالث]
الباب الثاني
أنواع الدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم
الفصل الول
الدب القلبي
المبحث الول
اليمان بنبوته صلى الله عليه وسلم
من الداب القلبية المتصلة برسول الله صلى الله عليه وسلم
اليمان بنبوته صلى الله عليه وسلم بل هو رأس الداب كلها لن
اليمان به صلى الله عليه وسلم ركن من أركان العقيدة وأساس
من أسس الدين وأما غيره من الداب فتابعة له بحيث إذا اختل
هذا الركن يختل معه الداب الخرى.
وعلى هذا ،فأول ما يطلب من النام تجاه رسول الله صلى الله
عليه وسلم اليمان به صلى الله عليه وسلم بعد اليمان بالله عز
َ َ َ
ن بِالل ّهِ
ن يَكْفُُرو َ ن ال ّذِي َوجل بل إنهما متلزمان لقوله تعالى{ :إ ِ ّ
ُ َ ورسلِه ويريدو َ
ن بِبَعْ ٍ
ض م ُن نُؤْ ِ سلِهِ َويَقُولو َ ن الل ّهِ وَُر ُ ن يُفَّرِقُوا بَي ْ َ نأ ْ َُ ُ ِ َُ ِ ُ َ
ُ
سبِيل ً *أوْلَئ ِ َ ن يَت َّ ِ َ
ك هُم ك َ ن ذَل ِ َ خذ ُوا بَي ْ َ نأ ْ ض وَيُرِيدُو َ وَنَكْفُُر بِبَعْ
ْ َّ َّ َ ٍ
ن َ ً
منُوا بِاللهِ نآ َ مهِينًا *وَالذِي َ ن عَذ َابًا ُ ح ّقا وَأع ْتَدْنَا لِلْكَافِرِي َ الْكَافُِرو َ
ُ ُ
م أوْلَئ ِ َ َ
م
جوَرهُ ْ مأ ُ ف يُؤ ْتِيهِ ْسو َك َ ْ منْهُ ْحد ٍ ِ نأ َ سلِهِ َوَل َ ْ
م يُفَّرِقُوا بَي ْ َ وَُر ُ
ما} [النساء.]150152: حي ً ه غَفُوًرا َر ِ ن الل ّ ُ
وَكَا َ
ولهمية اليمان به صلى الله عليه وسلم جعلت الكلم عنه في
صدارة الباب المتعلق بالداب مع رسول صلى الله عليه وسلم.
وسوف نتطرق في هذا المبحث إلى المسائل المتعلقة بهذا
الموضوع وهي على النحو التالي:
حا.1ـ تعريف اليمان لغة واصطل ً
2ـ حكم اليمان به صلى الله عليه وسلم.
3ـ أصناف الناس في اليمان به صلى الله عليه وسلم.
4ـ ثمرة اليمان به صلى الله عليه وسلم.
وسوف أبحثها بمشيئة الله وفق هذا الترتيب.
1ـ تعريف اليمان :يعد التعريف اللغوي مدخل ً للتعريف
الصطلحي ولذلك سأبدأ بتعريف اليمان لغة وبعده أعّرفه بما
قال علماء الصطلح .وذلك فيما يلي:
(أ) تعريف اليمان في اللغة :يقول الزهري[" :]7اليمان :مصدر
ن
آمن يؤمن إيمانًا ،واتفق أهل العلم من اللغويين وغيرهم على أ ّ
اليمان معناه التصديق"[.]8
ويقول ابن فارس[" :]9الهمزة والميم والنون أصلن متقاربان
أحدهما المانة التي هي ضد الخيانة ومعناها سكون القلب،
والخر التصديق ،والمعنيان كما قلنا متدانيان"[.]10
ويقول الفيروزأبادي [ ]11في مادة (آمن) " :آمن به إيمانًا صدقه
"[.]12
ويقول ابن منظور [ ]13في مادة (آمن) " :واليمان بمعنى
التصديق ،وضده التكذيب ،ويقال آمن به قوم وكذبه قوم"[.]14
أي :صدقه بعضهم دون بعض.
وهذه التعاريف التي نقلتها عن أهل اللغة تدور حول معنى واحد
وهو التصديق ومنه قوله تعالى حكاية عن قول إخوة يوسف عليه
السلم لبيهم يعقوب عليه السلم.
َ
ن} [يوسف ]17:أي بمصدق ن لَنَا وَلَوْ كُنَّا َ
صادِقِي َ مؤ ْ ِ
م ٍ ت بِ ُ
ما أن ْ َ{وَ َ
لنا.
يقول الزهري بعد ذكر الية السابقة " :لم يختلف أهل التفسير
ن معناه وما أنت بمصدق لنا "[.]15 أ ّ
ن اليمان في ولهذا نقول :اتفق أهل التفسير مع أهل اللغة على أ ّ
اللغة هو التصديق.
(ب) اليمان في الشرع :اليمان عند جهور أهل السنة هو
التصديق بالجنان والقرار باللسان والعمل بالركان ،أي عقد
وقول وعمل.
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى حكاية عن أقوال السلف في
تفسير اليمان " :فتارة يقولون :قول وعمل.
وتارة يقولون :قول وعمل ونية.
وتارة يقولون :قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح،
وكل هذا صحيح "[.]16
وكل هذه القوال المنقولة عن السلف والمتعلقة في تفسير
ما وكيفًا كما اليمان تؤول إلى معنى واحد وإن اختلفت ألفاظها ك ًّ
وضح ذلك شيخ السلم حيث قال " :إن من قال من السلف:
اليمان قول وعمل أراد قول القلب واللسان وعمل القلب
ن لفظ القول ل يفهم منه إلّ والجوارح ،ومن أراد العتقاد رأى أ ّ
القول الظاهر أو خاف ذلك فزاد العتقاد بالقلب ،ومن قال :قول
ما العمل وعمل ونية ،قال القول يتناول العتقاد وقول اللسان ،وأ ّ
فقد ل يفهم منه فزاد ذلك ،ومن زاد اتباع السنة فلن ذلك كله ل
يكون محبوبًا لله إل ّ باتباع السنة "[.]17
وإذا نظرنا إلى التعاريف الصطلحية التي ذكرناها لتفسير اليمان
نجد أنه ل يوجد تعريف خال عن عمل القلب أو ما يفيد معناه.
ولهذا السبب تكلمت عن اليمان بنبوة الرسول صلى الله عليه
وسلم في هذا الفصل الذي عقدته للدب القلبي وإن كان يشمل
ن النية عمود العمال العمال الظاهرة على قول أهل السنة إل أ ّ
الظاهرة وأساسها وبها الثواب والعقاب وإن لم يصاحبها عمل
أحيانًا ،والنية محلها القلب كما هو معلوم.
يقول ابن القيم رحمه الله " :اليمان له ظاهر وباطن ،وظاهره
قول اللسان وعمل الجوارح ،وباطنه تصديق القلب وانقياده
ومحبته ،فل ينفع ظاهر ل باطن له ،وإن حقن الدماء وعصم به
الموال والذرية ،ول يجزئ باطن ل ظاهر له ،إل ّ إذا تعذر بعجز
وإكراه أو ضعف وإكراه "[.]18
ما تعريف اليمان بنبوته هذا هو تعريف اليمان بصورة عامة ،وأ ّ
صلى الله عليه وسلم فهو القرار بنبوته صلى الله عليه وسلم
ظاهًرا وباطنًا والتسليم له بما جاء به صلى الله عليه وسلم جملة
وتفصيل ً عند العلم به.
يقول القاضى عياض " :واليمان به صلى الله عليه وسلم هو
تصديق بنبوته ورسالة الله تعالى له وتصديقه في جميع ما جاء به
وما قاله ،ومطابقة تصديق القلب بذلك بشهادة اللسان بأنّه
رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا اجتمع التصديق به بالقلب
والنطق بالشهادة بذلك باللسان ،تم اليمان به عليه الصلة
والسلم والتصديق له صلى الله عليه وسلم[.]19
ن اليمان به صلى الله عليه وسلم يستلزم ثلثة ومن هذا يتبيّن أ ّ
أمور هي:
ما بذلك دون شك. 1ـ اليمان به صلى الله عليه وسلم باطنًا جاز ً
2ـ شهادة اللسان بذلك إظهاًرا لما في قلبه ما لم يكن صاحبه
عاجًزا عن ذلك.
3ـ العمل بمقتضى ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم دون
اعتراض أو ترك.
يقول شيخ السلم ابن تيمية " :فل يكون الرجل مؤمنًا حتى يقر
نل بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وهو تحقيق شهادة أ ّ
ن محمدًا رسول الله ،فمن شهد أنّه رسول الله إله إل ّ الله وأ ّ
ن هذا حقيقةشهد أنّه صادق فيما يخبر به عن الله تعالى ،فإ ّ
الشهادة بالرسالة ..وبالجملة فهذا معلوم بالضطرار من دين
السلم ل يحتاج إلى دليل ،وهو القرار بما جاء به النبي صلى
الله عليه وسلم وهو نفس ما جاء به القرآن وجاءت به السنة "[
.]20
ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى " :واليمان هو حقيقة مركبة
ما
من معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عل ً
والتصديق به عقدًا ،والقرار به نطقًا ،والنقياد به محبة وْخضوع ًا،
والعمل به باطنًا وظاهًرا ،وتنفيذه والدعوة إليه بحسب المكان
"[.]21
هذا هو اليمان المعتد به عند الله سبحانه وتعالى في الدنيا
ما إذا فقد أمر من المور الثلثة التي ذكرناها فلكل والخرة ،وأ ّ
حكمه الخاص كما سوف نبينه عند كلمنا عن أصناف الناس في
اليمان به صلى الله عليه وسلم.
حكم اليمان به صلى الله عليه وسلم :اليمان به صلى الله عليه
وسلم واجب على كل مكلف بلغته الدعوة السلمية على وجهها
الصحيح ،والدلة على ذلك كثيرة في القرآن وفي السنة.
ما أدلة القرآن الكريم فإنّها تنقسم إلى قسمين :قسم يشهد له أ ّ
ولغيره من النبياء عليهم الصلة والسلم وقسم يشهد له صلى
الله عليه وسلم خاصة.
ما ما يشهد له ولغيره من النبياء عليهم الصلة والسلم فمنه أ ّ
لٌ ُ
ن كُ ّ منُو َ مؤ ْ ِ ن َربِّهِ وَال ْ ُ م ْ ل إِلَيْهِ ِ ما أنزِ َ ل بِ َ سو ُ ن الَّر ُ م َ تعالى{ :آ َ َ
قوله
َ ّ
سلِهِ} ن ُر ُ م ْ حد ٍ ِ نأ َ سلِهِ َل نُفَّرِقُ بَي ْ َ ملئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَُر ُ ن بِاللهِ وَ َ م َ آ َ
َّ
سلِهِ ن بِاللهِ وَُر ُ ن يَكْفُُرو َ ن ال ّذِي َ [البقرة ]285:وقوله تعالى{ :إ ِ َّ
َّ
ض وَنَكْفُُر سلِهِ َويَقُول ُ ويريدو َ
ٍ ْ عَ ب ِ ب ن
ُ م
ِ ْ ؤُ ن نَ و ُ ر ُ َ و ه
ِ ن اللن يُفَّرِقُوا بَي ْ َ نأ َُْ ِ ُ َ
ْ َ ُ َ َ
م الكَافُِرو َ
ن ك هُ ْ سبِيل ً * أوْلئ ِ َ ك َ ن ذَل ِ َ خذ ُوا بَي ْ َ ن يَت ّ ِ نأ ْ ض وَيُرِيدُو َ بِبَعْ ٍ
َ َ ً
مهِينًا} [النساء.]149150: ن عَذ َابًا ُ حقّا وَأع ْتَدْنَا لِلْكَافِرِي َ
ما ما يشهد له صلى الله عليه وسلم خاصة فكثيرة :منها قوله وأ ّ
َّ َ َ
ن بِاللهِ م ُ ي ال ّذِي يُؤ ْ ِ ي ال ُ ِّ
م ِّ سولِهِ النَّب ِ ِ ّ منُوا بِالل ّهِ وََر ُ تعالى{ :فَآ ِ
َ
َّ َ
ن} [العراف.]158:
َ
م تَهْتَدُو َ ماتِهِ وَاتَّبِعُوه ُ لَعَل ّك ُ ْ وَكَل ِ َ
َ
هسولِهِ وَالنُّورِ ال ّذِي أنَزلْنَا وَالل ُ منُوا بِالل ّهِ وََر ُ ومنها قوله تعالى{ :فَآ ِ
خبِيٌر} [التغابن.]8: ن َ ملُو َ ما تَعْ َ بِ َ
َ َ
سولِهِ فَإِنَّا أع ْتَدْنَا ن بِالل ّهِ وََر ُ م ْ م يُؤ ْ ِ ن لَ ْ م ْ {و َومنها قوله تعالىَ :
سعِيًرا} [الفتح.]13: ن َ لِلْكَافِرِي َ
ما أدلة السنة فإنها تنقسم إلى قسمين على نمط أدلة القرآن وأ ّ
الكريم ولذلك ترى في السنة ما يشهد لرسول الله ولغيره من
الرسل عليهم الصلة والسلم ،وما يشهد له صلى الله عليه
وسلم خاصة.
ما ما يشهد له ولغيره من الرسل عليهم الصلة والسلم جميعًا: أ ّ
فمنه إجابة النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلم بعد
ما سأله عن اليمان حيث قال" :اليمان أن تؤمن بالله وملئكته
وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث"[.]22
ما ما يشهد له صلى الله عليه وسلم فكثيرة منها ما أخرجه وأ ّ
ن رسول الله صلى الله الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما أ ّ
عليه وسلم قال " :أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ل إله
إل ّ الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة ،فإذا
فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إل ّ بحق السلم
وحسابهم على الله "[.]23
ومنها ما أخرجه المام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال :والذي نفس محمد
بيده ل يسمع بي أحد من هذه المة يهودي ول نصراني ثم يموت
ولم يؤمن بالذي أرسلت به إل ّ كان من أصحاب النار "[.]24
والنصوص السابقة تفيد وجوب اليمان به صلى الله عليه وسلم
من عدة وجوه:
الول :المر باليمان به صلى الله عليه وسلم كما يفيده قوله
َ َ َ
ن بِالل ّهِ م ُ ي ال ّذِي يُؤ ْ ِ م ِّ ي ال ُ ِّ سولِهِ النَّب ِ ِ ّ منُوا بِالل ّهِ وََر ُ تعالى{ :فَآ ِ
َ َ
ماتِهِ} [العراف.]158: وَكَل ِ َ
َ
سولِهِ وَالنُّورِ ال ّذِي أنَزلْنَا} منُوا بِالل ّهِ وََر ُ ضا{ :فَآ ِ وقوله تعالى أي ً
[التغابن.]8:
نَ الثاني :تسمية من لم يؤمن به كافًرا كما يفيد قوله تعالى{ :إ ِ ّ
َ الَّذين يكْفُرون باللَّه ورسلِه ويريدو َ
سلِهِ ن الل ّهِ وَُر ُ ن يُفَّرِقُوا بَي ْ َ نأ ْ ِ َ َ ُ َ ِ ِ َُ ُ ِ َُ ِ ُ َ
ن يَت َّ ِ َ
كن ذَل ِ َ خذ ُوا بَي ْ َ نأ ْ ض وَيُرِيدُو َ ض َونَكْفُُر بِبَعْ ٍ ن بِبَعْ ٍ م ُ ن نُؤْ ِ وَيَقُولُو َ
ح ًّقا} [النساء.]150151: ُ
ن َ م الْكَافُِرو َ ك هُ ْ سبِيل ً * أوْلَئ ِ َ َ
الثالث :الوعيد لمن لم يؤمن به صلى الله عليه وسلم بإدخال
العذاب.
َ
سولِهِ فَإِنَّا ن بِالل ّهِ وََر ُ م ْ م يُؤْ ِ ن لَ ْ م ْكما يدل عليه قوله تعالى{ :وَ َ
َ
سعِيًرا} [الفتح.]13: ن َ ري َ أع ْتَدْنَا لِلْكَافِ ِ
الرابع :المر بقتال من لم يؤمن به صلى الله عليه وسلم كما
يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم" :أمرت أن أقاتل الناس
ن محمدًا رسول الله ويقيموا ن ل إله إل ّ الله وأ ّ حتى يشهدوا أ ّ
الصلة ويؤتوا الزكاة ،فإذا فعلوا ذلك عصموا منّي دماءهم
وأموالهم إل ّ بحق السلم وحسابهم على الله"[.]25
ن اليمان به صلى الله عليه وسلم يستلزم اليمان الحاصل أ ّ
ن الكفر بأحد بالرسل السابقين جميعًا عليهم الصلة والسلم وأ ّ
َ َّ
ن
ن الذِي َ منهم كفر بهم ِ جميعًا كما يدل عليه قوله تعالى{ :إ ِ ّ
َ يكْفُرون باللَّه ورسلِه ويريدو َ
سلِهِ ن الل ّهِ وَُر ُ ن يُفَّرِقُوا بَي ْ َ نأ ْ َ ُ َ ِ ِ َُ ُ ِ َُ ِ ُ َ
ن يَت َّ ِ َ
ك ن ذَل ِ َ خذ ُوا بَي ْ َ نأ ْ ض وَيُرِيدُو َ ض َونَكْفُُر بِبَعْ ٍ ن بِبَعْ ٍ م ُ ن نُؤْ ِ وَيَقُولُو َ
ح ًّقا} [النساء.]150151: ُ
ن َ م الْكَافُِرو َ ك هُ ْ سبِيل ً * أوْلَئ ِ َ َ
وكل هذه المور التي استنبطت من الدلة السابقة في القرآن
وفي السنة تدل على وجوب اليمان به صلى الله عليه وسلم
لورود المر به والمر يقتضي الوجوب ما لم يعارض ول معارض
له هنا ،ولورود الوعيد على عدم اليمان به صلى الله عليه
ن الوعيد ل يتأتى إل ّ على ترك أمر واجب وسلم ،ومن المعلوم أ ّ
أو فعل محرم ،ووصف من لم يؤمن به صلى الله عليه وسلم
بالكفر ،ول يوصف بالكفر إل من ترك واجبًا متعمدًا ،ولورود المر
بقتال من لم يؤمن به صلى الله عليه وسلم ول يقاتل إل على
ترك واجب.
3ـ أصناف الناس في اليمان برسول الله صلى الله عليه وسلم:
الناس في اليمان برسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلثة
أصناف :الول :صنف آمن بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم
ظاهًرا وباطنًا وعمل بمقتضى ذلك.
الثاني :صنف آمن به صلى الله عليه وسلم ظاهًرا دون الباطن.
الثالث :من آمن به صلى الله عليه وسلم ولم يظهر ما يؤيد ذلك
أو يخالفه.
أما الصنف الول فهو المسلم الذي يقبل الله إيمانه ويجازيه عليه
ما الصنف الثاني فهو المنافق الذي ل يقبل في الدنيا والخرة ،وأ ّ
ما عند الناس فيقبل بناء على ما أظهره لنا إيمانه عند الله ،وأ ّ
كالنطق بالشهادتين إذ أنّه ل سبيل لحد إلى معرفة ما في قلبه
إل ّ الله ومن ثم يحقن دمه ويعصم ماله وذريته ويجري عليه ما
يجري على المسلمين في الظاهر بالنسبة للمور الدنيوية في
ما في الخرة فسوف يجد جزاءه العادل عند معاشه وعند موته ،أ ّ
الله تعالى.
ما الحالة المذمومة فالشهادة باللسان يقول القاضي عياض " :وأ ّ
دون تصديق القلب وهذا هو النفاق ،فلما لم تصدق ذلك
ضمائرهم لم ينفعهم أن يقولوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم
فخرجوا عن اسم اليمان ولم يكن لهم في الخرة حكمة إذ لم
يكن معهم إيمان ،وألحقوا بالكافرين في الدرك السفل من النار،
وبقي عليهم حكم السلم بإظهار شهادة اللسان في أحكام الدنيا
المتعلقة بالعمال وحكام المسلمين الذين أحكامهم على
الظواهر بما أظهروه من علمة السلم إذ لم يجعل الله للبشر
سبيل إلى السرائر ول أمروا بالبحث عنها بل نهى النبي صلى
الله عليه وسلم عن التحكم عليها وذم ذلك [ ]26وقال ..." :هل
شققت قلبه.]27[" ...
صل القاضي عياض رحمه الله في ما الصنف الثالث فقد ف ّ وأ ّ
شأنه حيث قال بعد ذكر الصنفين السابقين" :بقيت حالتان
أخريان بين هذين الصنفين :إحداهما :أن يصدق بقلبه ثم يخترم
قبل أن يتسع الوقت للشهادة بلسانه فاختلف فيه ،فشرط
بعضهم من تمام اليمان القول والشهادة ،ورآه بعضهم مؤمنًا
موجبًا للجنة لقوله صلى الله عليه وسلم ..." :يخرج من النار من
كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان" [ ]28فلم يذكر سوى ما في
القلب وهذا مؤمن بقلبه غير عاص ول مفرط بترك غيره .وهذا
هو الصحيح في هذا الوجه.
الثانية :أن يصدق بقلبه ويطول مهلة ،وعلم ما يلزمه من الشهادة
فلم ينطق بها جملة ول استشهد بها في عمره مرة ،فهذا اختلف
ضا ،فقيل :هو مؤمن لنّه مصدق ،والشهادة من جملة فيه أي ً
العمال فهو عاص بتركها غير مخل ،وقيل :ليس بمؤمن حتى
يقارن عقده شهادة اللسان ،إذ الشهادة إنشاء عقد والتزام إيمان
وهي مرتبطة مع العقد ول يتم التصديق مع المهلة إل بها وهذا هو
الصحيح)[.]29
4ـ ثمرة اليمان بنبوته صلى الله عليه وسلم :إذا أطلق اليمان
في لسان الشرع فإنّه يفيد اليمان بالله ورسوله وما يتبع ذلك
َّ َ
منُوا بِاللهِ نآ َ َ ن ال ّذِي منُو َ مؤْ ِ ما ال ْ ُ من شعب اليمان لقوله تعالى{ :إِن َّ َ
ستَأْذِنُوهُ} حتَّى ي َ ْ م يَذْهَبُوا َ مٍع ل َ ْ جا ِ مرٍ َ
َ
ه ع َلَى أ ْ معَ ُ سولِهِ وَإِذ َا كَانُوا َ وََر ُ
[النور .]62:قال المام الشافعي رحمه الله في تأويل هذه الية:
"جعل الله كمال اليمان الذي ما سواه تبع له اليمان بالله ثم
برسوله فلو آمن عبد بالله ولم يؤمن بَرسوله لم يقع عليه اسم
كمال اليمان أبدًا حتى يؤمن برسوله معه "[.]30
وثمرة اليمان كثيرة نذكر طرفًا منها:
1ـ الستخلف والتمكين في الرض والستقرار فيها كما يقول
ملُوا ال َّ َّ َ
ت حا ِ صال ِ َ م وَع َ ِ ْ منْك ُ منُوا ِ َ نآ َ ه ال ّذِي تعالى{ :وَعَد َ الل ُ
َ َ
مكِّن َ َّ
ن م وَلَي ُ َ ن قَبْلِهِ ْ م ْ ن ِ ف ال ّذِي َ خل َ َ ست َ ْ ما ا ْ ض كَ َ ِ خلِفَنَّهُم فِي الْر
َ
ست َ ْ لَي َ ْ
خوفه َ
منًامأ ْ ن بَعْد ِ َ ْ ِ ِ ْ م ْ م ِ دّلَنَّهُ ْ م وَلَيُب َ ِ ضى لَهُ ْ م ال ّذِي اْرت َ َ م دِينَهُ ْ لَهُ ْ
شيْئًا} [النور.]55: ن بِي َ شرِكُو َ يَعْبُدُونَنِي ل ي ُ ْ
َ
2ـ البشرى في الدنيا والخرة .كما يدل عليه قوله تعالى{ :أل إ ِ َّ
ن
َ َ
منُوا وَكَانُوا نآ َ ن * ال ّذِي َ حَزنُو َ م يَ ْ م وَل هُ ْ ف ع َلَيْهِ ْ خوْ ٌ أَوْلِيَاءَ الل ّهِ ل َ
لخَرةِ ل تَبْدِي َ حيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي ال ِ شَرى فِي ال ْ َ م الْب ُ ْ ن * لَهُ َ ْ يَتَّقُو َ
م} [يونس.]6264: و الْفَوُْز الْعَظِي ُ ك هُ َ ت الل ّهِ ذَل ِ َ ما ِ لِكَل ِ َ
والمراد بالبشرى في الدنيا الرؤيا الصالحة ،وأما في الخرة فهي
الجنة[.]31
3ـ الهداية إلى الصراط المستقيم ،كما يدل عليه قوله تعالى:
َ َ َ
قيمٍ} [الحج.]54: ست َ ِ
م ْ ط ُ صَرا ٍ منُوا إِلَى ِ نآ َ ه لَهَاد ِ ال ّذِي َ ن الل ّ َ {وَإ ِ ّ
نم ْ 4ـ الحياة الطيبة والجزاء الحسن .كما يفيد قوله تعالىَ { :
حيَاة ً طَيِّب َ ً َ ُ
ة ه َ حيِيَن َّ ُ ن فَلَن ُ ْ م ٌ مؤْ ِ ن ذ َكَرٍ أوْ أنثَى وَهُوَ ُ م ْ حا ِ صال ِ ً ل َ م َ عَ ِ
َ َ
ن} [النحل.]97: ملُو َ ما كَانُوا يَعْ َ ن َ س ِ ح َ م بِأ ْ جَرهُ ْ مأ ْ جزِيَنَّهُ ْ وَلَن َ ْ
5ـ النصر في الدنيا وفي الخرة .كما يدل عليه قوله تعالى{ :إِنَّا
م ال َ ْ َ
شهَادُ} م يَقُو ُ حيَاةِ الدُّنْيَا َويَوْ َ منُوا فِي ال ْ َ نآ َ سلَنَا وَال ّذِي َصُر ُر ُ لَنَن ُ
[غافر.]51:
ن} [الروم.]47: مؤْ ِ ْ َ ً ضا{ :وَكَا َ
منِي َ صُر ال ُ ح ّقا ع َليْنَا ن َ ْ ن َ وقوله تعالى أي ً
ن
م ْل ِ م ْ ن يَعْ َ م ْ6ـ قبول العمال .كما يدل عليه قوله تعالى{ :فَ َ
سعْيِهِ} [النبياء.]94: ن لِ َ ن فَل كُفَْرا َ م ٌ مؤْ ِ
ت وَهُوَ ُ حا ِصال ِ َ ال َّ
َ
ن
منِي َ مؤ ْ ِ ه ال ْ ُ7ـ دخول الجنة .كما يدل عليه قوله تعالى{ :وَعَد َ الل ّ ُ
ن
ساك ِ َم َ ن فِيهَا َو َ خالِدِي َ حتِهَا الَنْهَاُر َ ن تَ ْم ْ
جرِي ِ ت تَ ْ جنَّا ٍ
ت َ مؤ ْ ِ
منَا ِ وَال ْ ُ
ن} [التوبة.]72: ت عَد ْ ٍ جنَّا ِ
ة فِي َ طَيِّب َ ً
وهذه أهم الثمرات الحاصلة باليمان بنبوته صلى الله عليه وسلم
وما يتبع ذلك من شعب اليمان الخرى الواردة في قوله صلى
الله عليه وسلم" :اليمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة
فأفضلها قول ل إله إل الله وأدناها إماطة الذى عن الطريق["...
.]32
المبحث الثاني
محبته صلى الله عليه وسلم
من الداب القلبية محبته صلى الله عليه وسلم وهي من المور
الخفية التي ل يطلع عليها إل ّ الله سبحانه وتعالى ويمكن معرفتها
بالعلمات الظاهرة مثل التباع والطاعة .ولهذا قال تعالى في
َّ
ن الل َ
ه حبُّو َ ن كُنْت ُ ْ
م تُ ِ شأن من ادعى محبة الله اختباًرا لهم{ :قُ ْ
ل إِ ْ
َ
ه} [آل عمران.]31: م الل ّ ُ فَاتَّبِعُونِي ي ُ ْ
حبِبْك ُ ْ
ن محبة العبد لله تستلزم اتباعه باتباع ويفهم من هذه الية أ ّ
رسوله صلى الله عليه وسلم واتباع الرسول يستلزم محبة الله
للعبد.
ومحبته صلى الله عليه وسلم من موجبات اليمان بل من اليمان
نفسه كما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم" :ل يؤمن أحدًا
حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين"[.]33
وفي هذا الحديث جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أقسام
المحبة التي تكون بين الناس وهي ثلثة:
1ـ محبة إجلل وإعظام كمحبة الولد والده.
2ـ محبة إشفاق ورحمة كمحبة الوالد ولده.
3ـ محبة مشاكلة واستحسان كمحبة سائر الناس.
ومحبته صلى الله عليه وسلم فوق هذا كله كما يفيد أفعل
التفضيل في قوله " :أحب إليه ".
وفي هذا المبحث سوف نتحدث عن المسائل المتعلقة بهذا
الموضوع وهي على النحو التالي:
1ـ معنى المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
2ـ أنواعها.
3ـ علماتها.
4ـ ثمرتها.
5ـ صور من حب السلف للرسول صلى الله عليه وسلم.
وسوف أبحثها إن شاء الله تعالى وفق هذا الترتيب.
1ـ معنى المحبة :ذكر العلماء في أصل اشتقاق المحبة عدة
أقوال .وإني هنا أذكر أهم ما قيل فيها :يقول الفيروزأبادي:
"وهذه المادة تدور في اللغة على خمسة أشياء:
أحدها :الصفاء والبياض ومنه قيل :حبب السنان لبياضها
ونضارتها.
الثاني :العلو والظهور ومنه حبب الماء وحبابه وهو ما يعلو من
النفخات عند المطر وحبب الكأس منه.
الثالث :اللزوم والثبات ومنه حب البعير وأحب إذا برك ولم يقم.
الرابع :اللباب والخلوص ومنه حبة القلب للبه وداخله ،ومنه
الحبة الواحدة الحبوب إذ هي أصل الشيء ومادته وقوامه.
الخامس :المساك والحفظ ومنه حبب الماء للوعاء الذي يحفظ
فيه ويمسكه .وفيه معنى الثبوت.
ن هذه الخمسة من لوازم المحبة[.]34 ثم قال :ول ريب أ ّ
ما معناها اللغوي فيقول هذه أصل اشتقاق المحبة ،وأ ّ
الفيروزأبادي في مادة (الحب) " :الحب :الوداد كالحباب والحب
بكسرها والمحبة والحباب بالضم "[.]35
ويقول ابن منظور في مادة "حبب " ما يلي" :الحب نقيض
البغض ،والحب الوداد والمحبة وكذلك الحب بالكسر"[.]36
وهذا هو المعنى اللغوي للمحبة وهو يدور حول الود أو نقيض
الكراهية والبغض.
ن لفظها يدل عليها وتحديد ما علماء الصطلح فقد ذهبوا إلى أ ّ وأ ّ
معناها بألفاظ أخرى ل يحقق الغرض من أتضاحها.
ولهذا قال المام ابن القيم رحمه الله " :ل تحد المحبة بحد أوضح
منها ،فالحدود ل تزيدها إل ّ خفاء وجفاء ،فحدها وجودها ،ول
توصف المحبة بوصف أظهر من المحبة ،وإنما يتكلم الناس في
أسبابها وموجباتها ،وعلماتها وشواهدها وثمراتها وأحكامها،
فحدودهم ورسومهم دارت على هذه الستة "[.]37
وبذلك فمن الصعب أن نجد لها حدا َ جامعًا ،ومع ذلك فإنّي أحاول
أن أجليها بذكر آراء العلماء فيها.
يقول القاضي عياض مبينًا ذلك" :اختلف الناس في تفسير محبة
الله ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم وكثرت عباراتهم في ذلك
وليست ترجع بالحقيقة إلى اختلف مقال ولكنّها اختلف أحوال،
فقال سفيان[ :]38المحبة اتباع الرسول كأنه التفت إلى قوله
َ َ
ه} [آلم الل ّ ُ
حبِبْك ُ ْه فَاتَّبِعُونِي ي ُ ْ
ن الل ّ َ
حبُّو َ ن كُنْت ُ ْ
م تُ ِ تعالى{ :قُ ْ
ل إِ ْ
عمران ]31:وقال بعضهم :محبة الرسول اعتقاد نصرته والذب عن
سنته والنقياد لها وهيبة مخالفته ،وقال بعضهم :المحبة دوام
الذكر للمحبوب ،وقال آخر :إيثار المحبوب وقال بعضهم :المحبة
الشوق إلى المحبوب ،وقال بعضهم :المحبة مواطأة القلب لمراد
الرب بحب ما أحب وبكره ما كره ،وقال آخر :المحبة ميل القلب
إلى موافق له ،ثم قال :وأكثر العبارات المتقدمة إشارة إلى
ثمرات المحبة دون حقيقتها ،وحقيقة المحبة الميل إلى ما يوافق
النسان "[.]39
وكذلك الراغب الصفهاني حدّها بتعريف مماثل لقول الخير قائلً:
" المحبة ميل النفس إلى ما تراه أو تظنّه خيًرا ،وذلك ضربان
أحدهما :طبيعي وذلك في النسان والحيوان وقيل قد يكون بين
الجمادات كاللفة بين الحديد وحجر المغناطيس.
والثاني :اختياري وذلك يختص به النسان "[.]40
والذي يهمنا في هذا المقام المحبة الختيارية التي بين الناس
وهي ل تكون إل ّ لسباب مثل اللذة والنفع والفضل .وسيأتي
تفصيلها عند حديثي عن أنواع المحبة وأقسامها.
وأما المحبة التي أقرها الشرع فتكون في ثلثة :محبة الله ومحبة
رسوله صلى الله عليه وسلم ومحبة المؤمنين.
يقول أبو عبد الله المحاسبي" :والمحبة في ثلثة أشياء ل يسمى
محبًا لله عز وجل إل ّ بها:
1ـ محبة المؤمنين في الله عز وجل.
2ـ محبة الرسول صلى الله عليه وسلم لله عز وجل.
3ـ محبة الله عز وجل في إيثار الطاعة على المعصية "[.]41
وعلى هذا فمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم هي ميل القلب
المؤمن إليه مودة لسبب من السباب الموجبة على ذلك لله عز
وجل ثم النتفاع برسالته والفضل الذي أوثر عنه مثل مكارم
الخلق والتصاف بصفات حميدة.
سم العلماء المحبة إلى عدة أنواع :فمنهم من 2ـ أنواع المحبة :ق ّ
سمها إلى حسيّة سمها إلى طبيعية واختيارية ،ومنهم من ق ّ ق ّ
سمها حسب السباب الموجبة لها مثل ومعنوية ،ومنهم من ق ّ
سمها بحسب الرتب اللذة والنفع والفضل ،ومنهم من ق ّ
والدرجات.
سم الراغب الصفهاني المحبة إلى قسمين حيث قال: وقد ق ّ
أحدهما :طبيعي وذلك في النسان والحيوان ،وقيل :قد يكون بين
الجمادات كألفة بين الحديد وحجر المغناطيس.
الثاني :اختياري وذلك يختص به النسان فأما ما يكون بين
الحيوانين فألفة ،وهذا الثاني أربعة أضرب:
الول :للشهوة وأكثر ما يكون ذلك بين الحداث.
والثاني :للمنفعة ومن جهة ما يكون بين التجار وأرباب الصناعات
المهنية.
والثالث :ما يكون مركبًا من ضربين كمن يحب آخر للنفع وذلك
يحبه للشهوة.
والرابع للفضيلة كمحبة المتعلم للعالم .ثم قال :وهذه المحبة أي
الخيرة باقية على مرور الوقات وهي المستثناة بقوله تعالى:
َ {ال َ ِ َ
ن} [الزخرف،]67: متَّقِي َ ض عَدُوٌّ إِل ّ ال ْ ُم لِبَعْ ٍ ضهُ ْ مئِذ ٍ ب َ ْع ُ خل ّءُ يَوْ َ
ما الضروب الخر فقد تطول مدتها وتقصر بحسب دوام أسبابها وأ ّ
"[.]42
ضا في مكان آخر :وهي على ثلثة وقال الراغب الصفهاني أي ً
َّ
من الطعَا َ أوجه :محبة للذة كمحبة الرجل المرأة ومنه {وَيُطْعِ ُ
مو َ
سكِينًا} [النسان ]8:ومحبة النفع كمحبة شيء ينتفع م ْ حبِّهِ ِ ع َلَى ُ
َ ُ
ب} [الصف،]13: ح قَرِي ٌن الل ّهِ وَفَت ْ ٌ م َ صٌر ِ حبُّونَهَا ن َ ْ
خَرى ت ُ ِ به ومنه {وَأ ْ
ومحبة للفضل كمحبة أهل العلم بعضهم لبعض لجل العلم"[.]43
وهذه النواع التي نقلناها مبنية غالبًا على السباب الموجبة
للمحبة الختيارية سواء كانت حسية أو معنوية وخاصة التقسيم
الخير وهو الذي يتمشى مع هذا المقام الذي نحن بصدده.
وقد ذكر القاضي عياض رحمه الله تعالى هذه القسام الثلثة
المسببة للمحبة حيث قال" :وحقيقة المحبة الميل إلى ما يوافق
ما لستلذاذه بإدراكه كحب الصور النسان وتكون موافقته إ ّ
الجميلة والصوات الحسنة والطعمة والشربة اللذيذة وأشباهها
مما كل طبع سليم مائل إليها لموافقتها له ،أو لستلذاذه بإدراكه
بحاسة عقله وقلبه معاني باطنة شريفة كحب الصالحين والعلماء
وأهل المعروف المأثور عنهم السير الجميلة والفعال الحسنة
فإن طبع النسان مائل إلى الشغف بأمثال هؤلء حتى يبلغ
التعصب بقوم لقوم والتشيع من أمة في آخرين ما يؤدي إلى
الجلء عن الوطان وهتك الحرم واحترام النفوس أو يكون حبه
إيّاه لموافقته له من جهة إحسانه له وإنعامه عليه فقد جبلت
النفوس على حب من أحسن إليها "[.]44
ن هذه النواع المسببة للمحبة كلها مجتمعة في ثم ذكر بعد ذلك أ ّ
شخصيته صلى الله عليه وسلم على أتم وجه حيث قال" :فإذا
تقرر لك هذا نظرت هذه السباب كلها في حقه صلى الله عليه
وسلم فعلمت أنّه صلى الله عليه وسلم جامع لهذه المعاني
الثلثة الموجبة للمحبة .فقد تميّز بجمال الصورة والظاهر وكمال
الخلق والباطن ،كما تميّز بإحسانه وإنعامه على أمته .وقد ذكر
الله تعالى في أوصافه رأفته بهم ورحمته لهم وهدايته إياهم
وشفقته عليم واستنقاذهم من النار وأنّه بالمؤمنين رؤوف رحيم
ورحمة للعالمين ومبشًرا ونذيًرا وداعيًا إلى الله بإذنه ،ويتلوا
عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويهديهم إلى
ل قدًرا وأعظم خطًرا من صراط مستقيم ،فأي إحسان أج ّ
م منفعة وأكثر فائدة إحسانه إلى جميع المؤمنين ،وأي إفضال أع ّ
من إنعامه على كافة المسلمين ،إذ كان ذريعتهم إلى الهداية،
ومنقذهم من العماية وداعيهم إلى الفلح والكرامة ،ووسيلتهم
إلى ربّهم وشفيعهم والمتكلم عنهم والشاهد لهم والموجب لهم
البقاء الدائم والنعيم السرمدي فقد استبان لك أنّه صلى الله
عليه وسلم مستوجب للمحبة الحقيقية شرع ًا ...إلى أن قال :فإذا
كان النسان يحب من منحه في دنياه مرة أو مرتين معروفًا أو
أستنقذه من هلكة أو مضرة مدة التأذي بها قليل منقطع فمن
منحة ما ل يبيد من النعيم ووقاه ما ل يفنى من عذاب الجحيم
أولى بالحب ،وإذا كان يحب بالطبع ملك لحسن سيرته أو حاكم
لما يؤثر من قوام طريقته أو قاص بعيد الدار لما يشاد من علمه
أو كرم شيمته فمن جمع هذه الخصال كلها على غاية مراقب
الكمال أحق بالحب وأولى بالميل "[.]45
3ـ علمات محبته صلى الله عليه وسلم :المحبة من المور القلبية
التي ل يطلع عليها أحد إل ّ من يعلم خائنة العين وما تخفي
الصدور .ولذلك جعل الله لها دليل ً عمليًا وعلمات كثيرة.
ونذكر هنا طرفًا من علماتها :منها اليثار أي إيثار النبي صلى الله
َ
نعليه وسلم على النفس كما يدل عليه قوله تعالى{ :وَال ّذِي َ
ن
جدُو َ م وَل ي َ ِ جَر إِلَيْهِ ْ ن هَا َ م ْن َ حبُّو َ م يُ ِن قَبْلِهِ ْ م ْن ِ ما َ تَبَوَّءُوا الدَّاَر وَالِي َ
َ ةم َ ُ
م
ن بِهِ ْم وَلَوْ كَا َ سهِ ْ ن ع َلَى أنْفُ ِ ما أوتُوا وَيُؤ ْثُِرو َ ج ً ِ ّ حا َ م َ صدُورِه ِ ْ فِي ُ
ُ
ن} [الحشر.]9: حو َ مفْل ِ ُ م ال ْ ُ
ك هُ ْ سهِ فَأوْلَئ ِ َ ح نَفْ ِ ش َّ
ن يُوقَ ُ م ْ ة وَ َ
ص ٌ صا َخ َ َ
والية وإن كانت عامة في إيثار المهاجرين إل أنه صلى الله عليه
وسلم هو رئيس المهاجرين وقائدهم ،وهو المحبوب الول من
ما غيره فتبع له بحسب قربهم إليه صلى الله سا ،وأ ّ الخلق أسا ً
عليه وسلم ومتابعتهم إيّاه.
ومنها :بغض من أبغض الله ورسوله مهما كانت صلته ورتبته
َ
ن
م ْن َ خرِ يُوَادُّو َ ن بِالل ّهِ وَالْيَوْم ِ ال ِ منُو َ ما يُؤ ْ ِ جد ُ قَ ْ
و ً لقوله َتعالى{ :ل ت َ ِ
خوانهم أوَ َ َ َ
م أوْ إ ِ ْ َ َ ُ ْ ْ م أوْ أبْنَاءَهُ ْ ه وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُ ْ سول َ ُه وََر ُ حاد َّ الل ّ َ
َ
َ م أُوْلَئ ِ َ
ه} من ْ ُح ِ م بُِرو ٍ ن وَأيَّدَهُ ْ ما َ
م الِي َب فِي قُلُوبِهِ ْ ك كَت َ َ شيَرتَهُ ْ
عَ ِ
[المجادلة.]22:
يقول ابن كثير في تفسير هذه الية" :قيل في قوله تعالى{ :وَلَوْ
م} [المجادلة :]22:نزلت في أبي عبيدة عامر بن عبد كَانُوا آبَاءَهُ ْ
م} [المجادلة: َ َ
الله بن الجراح حين قتل أباه يوم بدر {أوْ أبْنَاءَهُ ْ
م} م يومئذ ابنه عبد الرحمن {أَوْ إ ِ ْ
خوَانَهُ ْ :]22في الصديق ه ّ
[المجادلة :]22:في مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير
م} [المجادلة :]22:في عمر قتل قريبًا له َ
شيَرتَهُ ْيومئذ{ ،أوْ ع َ ِ
ضا.]46[".. يومئذ أي ً
وهؤلء قاموا بقتل أقرب أقربائهم في معركة بدر لن حب الله
ورسوله صلى الله عليه وسلم يقتضي قتل من حاد الله ورسوله
وبغض من أبغض الله ورسوله.
ومنها :حب من أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي عكس
الصورة السابقة لقوله صلى الله عليه وسلم" :الله الله في
ضا بعدي فمن أحبم فبحبي أحبهم ومن أصحابي ل تتخذوهم غر ً
أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد
ن يأخذه"[.]47 آذى الله ومن آذى الله يوشك أ ْ
4ـ ثمرة محبته صلى الله عليه وسلم :وثمرة محبته صلى الله
ن
عليه وسلم كثيرة ولكن نذكر هنا أهمها وشواهدها :من ذلك :أ ّ
محبته صلى الله عليه وسلم تؤدي إلى مرافقته في الجنة.
ومما يدل على ذلك ما أخرجه المام مسلم رحمه الله عن أنس
بن مالك قال" :بينما أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم
خارجين من المسجد فلقينا رجل ً عند سدة [ ]48المسجد فقال :يا
رسول الله ،متى الساعة؟ قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم" :ما أعددت لها؟" قال :فكأن الرجل استكان ثم قال :ما
أعددت لها كبير صلة ول صيام ول صدقة ولكنّي أحب الله
ورسوله ،قال" :فأنت مع من أحببت"[.]49
ومن ثمرة محبته صلى الله عليه وسلم أنّها من الخصال الموجبة
ن فيه لحلوة اليمان لقوله صلى الله عليه وسلم" :ثلث من ك ّ
ما
وجد بهن حلوة اليمان ،من كان الله ورسوله أحب إليه م ّ
سواهما ،وأن يحب المرء ل يحبه إل ّ لله ،وأن يكره أن يعود في
الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار"[.]50
ومن ثمرة محبته صلى الله عليه وسلم مرافقة النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين لحديث عائشة رضي الله عنها
قالت" :جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :يا
ي من ولدي ي من نفسي وإنّك لحب إل ّ ب إل ّ
رسول الله :إنّك لح ّ
وإنّي لكون في البيت فأذكرك ،فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك،
وإذا ذكرت موتك عرفت إنّك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين،
نم ْالله تعالى[{ :]51وَ َ وإنّي إذا دخلت خشيت أن ل أراك فأنزل
َ ك مع الَّذي َ يطع الل َّه والَرسو َ ُ
ن النَّبِيِّي َ
ن م ْ ه ع َلَيْهِ ْ
م ِ م الل ّ ُ ل فَأوْلَئ ِ َ َ َ ِ َ
ن أنْعَ َ َ َ ّ ُ ُ ِ ْ
ك َرفِيقًا} [النساء: َ ُ
ن أوْلئ ِ َ شهَدَاءِ وَال َُّ ن وَال ّ
س َح ُ ن وَ َ
حي َ
صال ِ ِ قي َ
دّي ِ
ص ِ
وَال ِّ
.]69
ومن ثمرة محبته صلى الله عليه وسلم إتمام إيمان من اتصف
ب
بها لقوله صلى الله عليه وسلم" :ل يؤمن أحدكم حتى أكون أح ّ
إليه من والده وولده والناس أجمعين"[.]52
5ـ صور من حب السلف للرسول صلى الله عليه وسلم :هناك
صور متعددة من حب السلف للرسول صلى الله عليه وسلم
نذكر طرفًا منها في هذا المقام وخاصة ما روي في حب الصحابة
رضوان الله عليهم أجمعين للرسول صلى الله عليه وسلم :من
ما ذلك ما أخرجه الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنه قال :ل ّ
فرض عمر لسامة بن زيد ثلثة آلف وفرض لي ألفين
وخمسمائة فقلت له :يا أبت لم تفرض لسامة بن زيد ثلثة آلف
وتفرض لي ألفين وخمسمائة والله ما شهد أسامة مشهدًا غبت
عنه ول شهد أبوه مشهدًا غاب عنه أبي قال :صـدقت يا بني،
ب الناس إلى رسول الله صلى الله ولكنّي أشهد لبوه كان أح ّ
عليه وسلم من أبيك ولهو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم منك "[.]53
ومنها ما أخرجه البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
ن خياطًا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه، " أ َّ
قال أنس :فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته
يتتبع الدباء [ ]54من حوالي القصعة قال :فلم أزل أحب الدباء من
يومئذ "[.]55
ومنها ما روي أنّه لما أخرج أهل مكة زيد بن الدثنة من الحرم
ليقتلوه ،قال له أبو سفيان بن حرب :أنشدك بالله يا زيد :أتحب
أن محمدًا الن عندنا مكانك لضرب عنقه وإنّك في أهلك؟ فقال
ب أن محمدًا الن في مكانه الذي هو فيه تصيبه زيد :والله ما أح ّ
شوكة وإنّي جالس في أهلي ،فقال أبو سفيان :ما رأيت الناس
أحدًا يحب أحدًا كحب أصحاب محمد محمدًا "[.]56
ومنها ما أخرجه المام مسلم عن أنس بن مالك أن أعرابيًا قال
لرسول الله صلى الله عليه وسلم :متى الساعة؟ قال له رسول
الله صلى الله عليه وسلم" :ما أعددت لها؟" قال :حب الله
ورسوله ،قال" :أنت مع من أحببت"[.]57
ومنها ما روي أن امرأة من النصار قتل أبوها وأخوها وزوجها
فأخبروها بذلك فقالت :ما فعل الله برسول الله؟ قالوا :بحمد
الله كما تحبين.
قالت :أرونيه حتى أنظره ،فلما رأت قالت :كل مصيبة بعدك جلل
[.]59[" ]58
الفصل الثاني
الدب القولي
الخطاب توجيه الكلم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم على
وجه السؤال أو الجواب أو المحادثة ،وقد تكون نداء مباشًرا له
عليه الصلة والسلم أثناء حياته.
ولذلك تضمن هذا المبحث دراسة مسألتين:
الولى :غض الصوت وقت مخاطبته صلى الله عليه وسلم.
الثانية :استخدام النداء اللئق بمقامه صلى الله عليه وسلم.
وذلك فيما يلي:
1ـ غض الصوت وقت مخاطبته صلى الله عليه وسلم :من
ن الرسول صلى الله عليه وسلم هو المصدر الوحيد المعلوم أ ّ
الذي يتلقى عنه المسلمون تعاليم الله سبحانه وتعالى سواء كان
قرآنًا أو سنة أو حديثًا قدسيًا ،لذلك يجب عليهم أن يتأدبوا معه
صلى الله عليه وسلم أثناء كلمه معهم أو كلمهم معه ،وذلك
بخفض الصوت وترك الجهر العالي كما يكون بين النسان
َ َ َ
صوَاتَك ُ ْ
م منُوا ل تَْرفَعُوا أ ْ نآ َ وصديقه لقوله تعالى{ :يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
َ
نضأ ْ م لِبَعْ ٍ ضك ُ ْ جهْرِ بَعْ ِ ل كَ َ ه بِالْقَوْ ِ جهَُروا ل َ ُ ي وَل ت َ ْ ت النَّب ِ ِ ّ صوْ ِ فَوْقَ َ
َ تحب َ َ
ن} [الحجرات.]2: شعُُرو َ م ل تَ ْ م وَأنْت ُ ْ مالُك ُ ْ ط أع ْ َ َ ْ َ
يقول ابن كثير في تفسير هذه الية" :هذا أدب ثان أدّب الله
تعالى به المؤمنين أن ل يرفعوا أصواتهم بين يدي النبي صلى
الله عليه وسلم فوق صوته)[.]66
والدب هنا يحصل بمجانبة أمرين اثنين :أولهما :رفع الصوت
فوق صوته صلى الله عليه وسلم أخذ ًا من النهي الوارد في
َ
ي} [الحجرات.]2: ت النَّب ِ ِ ّصوْ ِم فَوْقَ َ صوَاتَك ُ ْ قوله{ :ل تَْرفَعُوا أ ْ
ثانيهما :الجهر بالقول له صلى الله عليه وسلم كالجهر بعضهم
جهَُروا ل َ ُ
ه ضا أخذ ًا من النهي الوارد في قوله تعالى{ :وَل ت َ ْ بع ً
ض} [الحجرات.]2: م لِبَعْ ٍ ضك ُ ْ جهْرِ بَعْ ِ ل كَ َ بِالْقَوْ ِ
وقد فّرق المفسرون بين النهيين الواردين في الية حيث قالوا:
إن الول يتعلق برفع الصوت فوق صوته صلى الله عليه وسلم
ما الثاني يتعلق بالجهر له صلى الله عليه أثناء كلمه معهم .وأ ّ
وسلم وقت صمته.
ن النهي الول يتعلق وقت خطابه معهم أو ومنهم من يقول :إ ّ
خطابهم معه أو صمته ،وأن الثاني يتعلق بندائه صلى الله عليه
وسلم باسمه المجرد أو بكنيته ،مثل :يا محمد ،يا أبا القاسم.
ن النهي وأكثر المفسرين ذهبوا إلى القول الول الذي مفاده أ ّ
ما الثاني الول يتعلق وقت خطابه صلى الله عليه وسلم معهم ،وأ ّ
ن النهي عن فيتعلق وقت خطابهم معه ،وصمته ،وهو الرجح ل ّ
النداء غير اللئق به صلى الله عليه وسلم ورد في آية أخرى بعد
َ َ
نم ْك ِ ن يُنَادُون َ َن ال ّذِي َ هذه الية بآية واحدة وهي قوله تعالى{ :إ ِ ّ
َ
ن} [الحجرات.]4: م ل يَعْقِلُو َت أكْثَُرهُ ْ
جَرا ِ وََراءِ ال ْ ُ
ح ُ
وقد أجمل النيسابوري رحمه الله ما ورد في التفريق بين هذين
ن بين النهيين فرقًا ثم اختلفوا النهيين قائلً" :والجمهور على أ ّ
فقيل :الول :فيما إذا نطق ونطقتم أو أنصت ونطقوا في أثناء
كلمه فنهوا أن يكون جهرهم باهر الجهر.
والثاني :فيما إذا سكت ونطقوا ونهوا عن جهر مقيد بما اعتادوه
فيما بينهم وهو الخالي عن مراعاة أبهة النبوة.
وقيل :النهي الول أعم مما إذا نطق ونطقوا أو أنصت ونطقوا
والمراد بالنهي الثاني أن ل يتمادى وقت الخطاب باسمه أو كنيته
كنداء بعضكم لبعض فل يقال :يا أحمد يا محمد يا أبا القاسم،
ولكن يا نبي الله يا رسول الله "[.]67
نستنتج من النهيين السابقين وجوب غض الصوت عند النبي صلى
الله عليه وسلم ولزوم الدب في مخاطبته سواء كان ذلك أثناء
ن رفع الصوت والجهر عنده يؤدي إلى سوء كلمه أو صمته ل ّ
الدب معه وقلة الحتشام منه ومجانبة توقيره ومعاملته معاملة
القران بعضهم لبعض ومن ثم يترتب إحباط عمل المؤمن والعياذ
بالله وهو ل يشعر.
يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله في تفسير هذه الية :والدب
الثاني هو أدبهم مع نبيهم في الحديث والخطاب وتوقيرهم له في
قلوبهم توقيًرا ينعكس على نبراتهم وأصواتهم ،ويميز شخص
رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم ،ويميز مجلسه فيهم،
والله يدعوهم إلى ذلك النداء الحبيب ويحذرهم من مخالفة ذلك
التحذير الرهيب[.]68
والتحذير الرهيب هو إحباط العمل الصالح بِدون شعور صاحبه
َ أخذ ًا من قوله تعالى{ :أ َن تحب َ َ
ن} شعُُرو َ م ل تَ ْم وَأنْت ُ ْ مالُك ُ ْ
ط أع ْ َ ْ َ ْ َ
ن عمل المؤمن يحبط بالذنوب والمعاصي [الحجرات ]2:بمعنى أ ّ
دون الشرك لن الية خطاب للمؤمنين بدليل ابتدائها بالنداء
الموجه للمؤمنين.
وعلى هذا استشكل المفسرون في توجيه هذه الية التي ظاهرها
يفيد بطلن العمل الصالح بالذنوب والمعاصي مع أن القاعدة هي
شَرك ْ َ
ت ن أَ ْأن العمال ل تبطل إل بالشرك بدليل قوله تعالى{ :لَئ ِ ْ
ك} [الزمر .]65:ومن ثم اختلفت آراؤهم :فمنهم: مل ُ َن عَ َحبَط َ َّ لَي َ ْ
من يقول إن الذنوب تحبط العمل الصالح ومن ثم يكفر صاحبها.
ومنهم من يقول :إن الحباط يقصد به نقص المنزلة دون إحباط
أصلها.
ومنهم من يقول :إن قلة الدب معه صلى الله عليه وسلم تحبط
العمل الصالح وإن كان ل يكفر صاحبها.
من قال بالقول الول شيخ السلم ابن تيمية قائلً" :ومن ذلك وم ّ
أنّه حرم التقدم بين يديه بالكلم حتى يأذن ،وحرم رفع الصوت
فوق صوته ،وأن يجهر له بالقول كما يجهر الرجل للرجل ،وأخبر
ن
أن ذلك سبب حبوط العمل ،فهذا يدل على أنه يقتضي الكفر ل ّ
العمل ل يحبط إل به"[.]69
من قال بالقول الثاني أبو سليمان الدمشقي :حيث ذهب إلى وم ّ
أن معنى الحباط هاهنا نقص المنزلة ل لسقاط العمل من أصله
من قال بالقول الثالث ابن جزي كما يسقط بالكفر" [ ]70وم ّ
الكلبي :وهذا الحباط ،لن قلة الدب معه صلى الله عليه وسلم
والتقصير في توقيره يحبط الحسنات ،وإن فعله مؤمن لعظيم ما
وقع فيه من ذلك"[.]71
ومع الختلف الموجود بين هذه الراء فإنها مجمعة على أن
الذنوب تؤثر في العمل الصالح وتنقصه غير أن شيخ السلم ابن
تيمية يرى أنّه يترتب على ذلك أمر آخر وهو الكفر أخذ ًا من
ظاهر الية.
وأحسن ما قيل في تأويل هذه الية ما ذكره ابن المنير رحمه
ن إيذاءه عليه الصلةالله حيث يقول " :والقاعدة المختارة أ ّ
ما
والسلم يبلغ مبلغ الكفر المحبط للعمل باتفاق ،فورد النهي ع ّ
هو مظنّة لذى النبي صلى الله عليه وسلم سواء وجد هذا المعنى
ما للمادة ،ثم لما كان هذا المنهي عنه أو ل حماية للذريعة وحس ً
ما إلى ما يبلغ ذلك المبلغ أولً ،ول دليل هو رفع الصوت منقس ً
عليه يميز أحد القسمين عن الخر لزم المكلف أن يكف عن ذلك
مطلقًا وخوف أن يقع فيما هو محبط للعمل وهو البالغ حد اليذاء
إذ ل دليل ظاهر يميزه ،وإن كان فل يتفق تمييزه في كثير من
الحيان ،وإلى التباس أحد القسمين بالخر وقعت الشارة بقوله
سبحانه[.]72
َ َ َ
ن} [الحجرات]2: م ل تَ ْ
شعُُرو َ مالُك ُ ْ
م وَأنْت ُ ْ ط أع ْ َ حب َ َن تَ ْ {أ ْ
ومن هذا الكلم الذي نقلناه عن ابن المنير يتبيّن لنا أن النهي في
الية يحتمل ما يؤدي إلى الكفر وهو ما يترتب عليه إيذاء النبي
صلى الله عليه وسلم أو الستخفاف به ويحتمل ما دون ذلك،
ن من فعل هذا يكفر ومن ثم يحبط فإن كان الول فل غبار أ ّ
عمله وعليه يتنزل كلم شيخ السلم ابن تيمية السابق ،وإن كان
ما كبيًرا قد يؤدي إلى ن صاحبه يأثم إث ً الثاني فأقل ما يقال فيه :أ ّ
منزلق خطير دون أن يترتب عليه كفر ،إل أن عمله ينقص أو
يحبط وعليه يتنزل قول أبي سليمان الدمشقي وابن جزي الكلبي
ت يُذْهِب ْ َ
ن سنَا ِ ح َ ن ال ْ َ لن الحسنات يذهبن السيئات لقوله تعالى{ :إ ِ َّ
ن الذنوب تحبط العمل ت} [هود ]114:وكذلك العكس أي أ ّ ال َّ
سيِّئَا ِ
أو تنقصه ولكن هنا بدون علم صاحبه أو حسه.
ه هَي ِّنًا سبُون َ ُح َ {وت َ ْ
وهذا على َغرار قوله تعالى في قضية الفكَ :
م} [النور.]15: عنْد َ الل ّهِ عَظِي ٌوَهُوَ ِ
وقوله صلى الله عليه وسلم" :إن العبد ليتكلم بالكلمة من
رضوان الله ل يلقي لها بال ً يرفعه إليه بها درجات ،وإن العبد
ليتكلم بالكلمة من سخط الله ل يلقي لها بال ً يهوي بها في
جهنم"[.]73
وقد التزم الصحابة رضوان الله عليهم بهـذا الدب مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم في عهده كما ورد في الثار.
منها قول أبي بكر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه
وسلم" :والذي أنزل عليك الكتاب يا رسول الله ل أكلمك أل
كأخي السرار حتى ألقى الله عز وجل"[.]74
ومنها ما أخرجه البخاري عن ابن الزبير رضي الله عنه قال" :
فما كان عمر يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه
الية حتى يستفهمه "[.]75
وهذان النموذجان من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما يمثلن
سائر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين الذين شاهدوا التنزيل
وتأدبّوا بآدابه ووقفوا عند حدوده ينفذون أوامره ويتركون نواهيه
دون إبطاء أو تأخير.
وفي هذا المقام يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله " :فهكذا
ارتعشت قلوبهم وارتجفت تحت وقع ذلك النداء الحبيب ،وذلك
التحذير الرهيب ،وهكذا تأدبوا في حضرة رسول الله صلى الله
عليه وسلم خشية أن تحبط أعمالهم وهم ل يشعرون ولو كانوا
ن هذا المترلق الخافي عليهم كان يشعرون لتداركوا أمرهم ولك ّ
أخوف عليهم فاخافوه واتقوه "[.]76
ولجل هذا المتثال السريع من قبل الصحابة رضوان الله عليهم
َ َ
ن
ضو َ ن يَغُ ُّ ن ال ّذِي َ َ
أجمعين مدحهم الله سبحانه وتعالى بقوله{ :إ ِ ّ
َّ ُ َ َ َ
م لِلتَّقْوَى َ
ه قُلُوبَهُ ْ ن الل ّ ُ ح َ مت َ َ
نا ْك ال ّذِي َ ل اللهِ أوْلئ ِسو ِ عنْد َ َر ُ
م ِ صوَاتَهُ ْ أ ْ
َ
م} [الحجرات.]3: جٌر عَظِي ٌ مغْفَِرة ٌ وَأ ْ م َ لَهُ ْ
ما بعد مماته هكذا كان المر في حياته صلى الله عليه وسلم وأ ّ
فكذلك يجب على المسلم أن يتأدب مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم بحيث ل يرفع صوته عند سماع أحاديثه صلى الله
عليه وسلم لن حرمته ميتًا كحرمته حيًا سواء بسواء وأن أحاديثه
تقوم مقامه.
يقول ابن العربي رحمه الله" :حرمة النبي صلى الله عليه وسلم
ميتًا كحرمته حيًا وكلمه المأثور بعد موته في الرفعة مثل كلمه
المسموع من لفظه ،فإذا قرئ كلمه وجب على كل حاضر أل
يرفع صوته عليه ،ول يعرض عنه كما كان يلزمه ذلك في مجلسه
عند تلفظه به ،وقد نبّه الله تعالى على دوام الحرمة المذكورة
معُوا ل َ ُ
ه على مرور الزمنة بقوله تعالى{ :وَإِذ َا قُرِئَ الْقُْرآ ُ
ن فَا ْ
ست َ ِ
صتُوا} [العراف ]204:وكلم النبي صلى الله عليه وسلم من َ
وَأن ِ
الوحي وله الحرمة مثل ما للقرآن إل ّ معاني مستثناة بيانها في
كتب الفقه .والله أعلم "[.]77
ضا في مسجده صلى ويراعى هذا الدب وهو عدم رفع الصوت أي ً
ن السائب بن يزيد الله عليه وسلم لما أخرجه البخاري بسنده ع ْ
ما في المسجد فحصبني رجل ،فنظرت فإذا هو قال :كنت قائ ً
عمر بن الخطاب فقال :اذهب فأتني بهذين فجئته بهما ،قال :من
أنتما؟ أو من أين أنتما؟ قال :من أهل الطائف قال :لو كنتما من
أهل البلد لوجعتكما ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله
صلى الله عليه وسلم[.]78
هذا في المسجد وكذلك الحال عند قبره صلى الله عليه وسلم
يقول الشيخ محمد المين الشنقيطي عند تفسيره هذه الية" :
ن حرمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته كحرمته ومعلوم أ ّ
ن ما جرت به العادة من اجتماع الناس في أيام حياته وبه تعلم أ ّ
قرب قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم في صخب
جا كله ل يجوز ول يليق ولغط وأصواتهم مرتفعة ارتفاع ًا مزع ً
وإقرارهم عليه من المنكر "[.]79
ن حرمة النبي صلى الله عليه وسلم ما سبق ذكره يتبين لنا أ ّ وم ّ
ميتًا كحرمته في حياته على الوجه الذي شرحناه آنفًا وأنه يجب
التأدب معه في الصوت بعد وفاته كما كان الحال وقت حياته
ن حكمها يستمر إلى أن يرث للية الكريمة التي نحن بصددها ل ّ
الله الرض ومن عليها ول ينقطع بموته صلى الله عليه وسلم.
ن هذا الدب المستفاد من الية يكون مع العلماء لنهم ورثة كما أ ّ
النبياء وكذلك مع البوين وغيرهما لمن له فضل على النسان
المسلم.
يقول الجصاص في هذا المقام " :وهذه اليات وإن كانت نازلة
في تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وإيجاب الفرق بينه وبين
المة فيه فإنه تأديب لنا فيمن يلزمنا تعظيمه من والد وعالم
وناسك وقائم بأمر الدين وذي سن وصلح ونحو ذلك إذ تعظيمه
بهذا الضرب من التعظيم في ترك رفع الصوت عليه وترك الجهر
عليه والتمييز بينه وبين غيره ممن ليس في مثل حاله "[.]80
ن هؤلء الشخاص يأخذون هذا الحكم وينبغي قلت :ل شك أ ّ
التأدب معهم وتوقيرهم بالشكل اللئق بهم مع مراعاة الفرق
ن مقامه أرفع من بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ل ّ
هؤلء جميعًا وهو صلى الله عليه وسلم المعنى بالية أصل ً وهؤلء
تبعًا وليس الفرع كالصل وإن اشتركا في أمور ،والله تعالى
ي أَولَى بال ْمؤْمنِين م َ
م} [الحزاب ]6:بل سهِ ْ
ن أن ْ ُف ِ
ِ ُ ِ َ ِ ْ يقول{ :النَّب ِ ُّ ْ
َ
ينبغي أن يحترم العبد النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من
سيده.
يقول الفخر الرازي في تفسير هذه الية" :إن هذا أفاد أنّه ل
ينبغي أن يتكلم المؤمن عند النبي صلى الله عليه وسلم كما
ضك ُ ْ
م يتكلم العبد عند سيده لن العبد داخل تحت قوله{ :ك َ َ
جهْرِ بَعْ ِ
ض} [الحجرات .]2:لنه للعموم فل ينبغي أن يجهر المؤمن لِبَعْ ٍ
للنبي صلى الله عليه وسلم كما يجهر العبد للسيد وإل لكان قد
جهر له كما يجهر بعضهم لبعض ..ويؤيد ما ذكرناه قوله تعالى:
{النَب ُ َ
ن} [الحزاب .]6:والسيد ليس أولى عند منِي َ ي أوْلَى بِال ْ ُ
مؤْ ِ ِّ ّ
عبده من نفسه حتى لو كان في مخمصة ووجد العبد ما لو لم
يأكله لمات ل يجب عليه بذله لسيده ويجب البذل للنبي صلى
الله عليه وسلم ...وأن الحكمة تقتضي ذلك كما أن العضو
ن عند خلل القلب مثل ً ل الرئيسي أولى بالرعاية من غيره ،ل ّ
يبقى لليدين والرجلين استقامة ،فلو حفظ النسان نفسه وترك
ضا بخلف العبد والسيد "[ النبي صلى الله عليه وسلم لهلك هو أي ً
.]81
2ـ النداء اللئق به صلى الله عليه وسلم :النداء لون من ألوان
الخطاب إل أنه يتميز عنه بتوجيهه إلى شخص المنادى مباشرة،
المر الذي يجعل له أثًرا عند من ينادي عليه.
وفي مجال التأدّب مع الرسول صلى الله عليه وسلم جاء التنبيه
في القرآن الكريم على ضرورة عدم مناداته بطريقة جافة
ومزعجة بل ل بد من مراعاة مقامه وقدره وبالخص عندما يكون
في بيته مع نسائه وأولده.
َ َ َ
ملْ ت أكْثَُرهُ جَرا ِ
ح ُن وََراءِ ال ْ ُ ْ م
ك ِ ن يُنَادُون َ َ
َ ن ال ّذِييقول تعالى{ :إ ِ ّ
َّ َ
ه
م وَالل ُخيًْرا لَهُ ْ
ن َ م لَكَا َ ج إِلَيْهِ ْ
خُر َحتَّى ت َ ْ صبَُروا َم َ ن * وَلَوْ أنَّهُ ْ يَعْقِلُو َ
م} [الحجرات.]45: غَفُوٌر َر ِ
حي ٌ
عن القرع بن حابس رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه
وسلم فقال :يا محمد أخرج إلينا ،فلم يجبه ،فقال :يا محمد إن
َ َ
ن يُنَادُون َ َ
ك ن ال ّذِي َن ذمي شين ،فقال :فأنزل الله{ :إ ِ ّ حمدي زين وإ ّ
ُ َ
ن} [الحجرات.]82[]4: قلو َ م ل يَعْ ِ ت أكْثَُرهُ ْ جَرا ِح ُ ن وََراءِ ال ْ ُم ْ ِ
ويقول ابن كثير" :وقد ذكر أنها نزلت في القرع بن حابس
التميمي رضي الله عنه فيما أورده غير واحد "[.]83
وقد ذكر المفّسرون عدّة أسباب لنزول هذه الية التي نحن
ن الذي يهمنا في هذا المقام هو ما يستفاد من الية بصددها ولك ّ
ن
سواء نزلت في القرع بن حابس رضي الله عنه أو في غيره ل ّ
العبرة بعموم اللفظ ل بخصوص السبب.
وقد تضمنت الية أمرين:
أولهما :عدم إزعاج الرسول صلى الله عليه وسلم في وقت
خلوته في بيته مع نسائه بالنداء غير اللئق به.
وثانيهما :الرشاد إلى ما ينبغي أن يفعل في هذه الحالة وهو
النتظار إلى أن يحين وقت خروجه.
يقول ابن كثير في تفسيره هذه الية " :ثم إنه تبارك وتعالى ذم
الذين ينادونه من وراء الحجرات وهي بيوت نسائه كما يصنع
َ
ن} [الحجرات .]4:ثم قلُو َم ل يَعْ ِ أجلف العراب فقال{ :أكْثَُرهُ ْ
حتَّى َ
صبَُروا َ م َ أرشد إلى الدب في ذلك فقال عز وجل{ :وَلَوْ أنَّهُ ْ
م} [الحجرات ]5:أي :لكان في ذلك خيًْرا لَهُ ْن َ م لَكَا َ ج إِلَيْهِ ْ
خُر َتَ ْ
الخيرة والمصلحة في الدنيا والخرة "[.]84
وهذا ل يعني أنه ل يجوز مناداته صلى الله عليه وسلم بتاتًا ،وإنما
المحظور مناداته في وقت خلوته مع نسائه في بيته كما في هذه
الحالة ،وكذلك مناداته بصوت مرتفع خال من الحترام والتقدير
بل ينبغي أن ينادي له بصوت منخفض وبصيغة معينة تتناسب مع
قدره وعظمته ووقاره مثل :يا رسول الله ،يا نبي الله ،ل مجرد
اسمه مثل :يا محمد ،ويا أحمد ،ويا أبا القاسم .كما يفعل بعضهم
لبعض.
ل بَيْنَك ُ ْ
م سو ِ جعَلُوا دُع َاءَ الَّر ُ وهذا ما أشار إليه قوله تعالى{ :ل ت َ ْ
ضا} [النور.]63: م بَعْ ًضك ُ ْ كَدُع َاءِ بَعْ ِ
وهذه الية تشير إلى أحد المعاني التية:
الول :أنه نهي عن التعرض لسخاطه صلى الله عليه وسلم لنه
إذا دعا على شخص فدعوته مستجابة.
الثاني :أنهم أمروا أن يقولوا :يا رسول الله ونهوا أن يقولوا :يا
محمد وما يساويها.
الثالث :أنه نهي لهم عن البطاء إذا أمرهم والتأخر إذا دعاهم[.]85
وقد ذكر أكثر المفسرين هذه التأويلت مع ترجيح واحد منها
والسكوت عن المعنيين الخرين إل أن ابن عطية [ ]86رد معنى
الول حيث قال " :ولفظ الية يدفع هذا المعنى "[.]87
وهناك من ذكر التأويلت الثلثة دون ترجيح إيذانًا بأن الية تحتمل
المعاني الثلثة.
سر ما ذهب إليه بترجيحات مقبولة ونذكر بعضها وقد أيّد كل مف ّ
هنا.
فمن الذين رجحوا التأويل الثاني الفخر الرازي بعد إيراده التأويل
حذَْر المذكور حيث قال" :والذي يدل على هذا عقب هذا[{ :]88فَلْي َ ْ
َ خالِفُون ع َ َ َ
ة} [النور ]63:وذهب إلى م فِتْن َ ٌصيبَهُ ْ ن تُ ِ مرِهِ أ ْ نأ ْ ْ َ ال ّذِي َ
ن يُ َ
ضا أبو حيان الندلسي حيث قال بعد إيراده هذا التأويل" : ذلك أي ً
وهذا موافق لمساق الية ونظمها "[.]89
ما من الذين رجحوا القول الثالث فمنهم المام ابن كثير رحمه وأ ّ
الله حيث قال " :وهذا قول وهو الظاهر من السياق كقوله
َ َ
عنَا} [البقرة ]104:إلى آخر منُوا ل تَقُولُوا َرا ِ نآ َ تعالى{ :يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
الية.
َ َ ّ ُ َ
تصو ِ م فَوْقَ َ ْ صوَاتَك ُ ْ منُوا ل تَْرفَعُوا أ ْ نآ َ وقوله تعالى{ :يَا أي ّهَا الذِي َ
ي} [الحجرات.]2:
َ النَّب ِ ِ ّ
َ
مل ت أكْثَُرهُ ْ جَرا ِ ح ُن وََراءِ ال ْ ُ م ْ ك ِ ن يُنَادُون َ َ ن ال ّذِي َ إلى قوله{ :إ ِ َّ
َ
م} [الحجرات ]4:إلى ج إِلَيْهِ ْ خُر َحتَّى ت َ ْ صبَُروا َ م َ ن * وَلَوْ أنَّهُ ْ يَعْقِلُو َ
آخر الية ،ثم قال :فهذا كله من باب الدب في مخاطبته صلى
الله عليه وسلم والكلم معه كما أمروا بتقديم الصدقة قبل
مناجاته "[.]90
يقول الستاذ أبو العلى المودودي بعد ذكره القوال الثلثة" :
حا حسب وهذه الوجوه الثلثة وإن كان كل واحد منها صحي ً
اللفاظ القرآنية ،ولكن الوجه الول [ ]91هو أقرب إلى نظم الية
َ
ن
ن عَ ْ خالِفُو َن يُ َ حذَْر ال ّذِي َ عندنا وهو الذي يؤيده قوله تعالى{ :فَلْي َ ْ
مرِهِ} [النور ]63:بعد هذه الية[.]92 َ
أ ْ
والذي ينبغي في هذا المقام عدم ترجيح أحد القوال على آخر ما
دامت ألفاظ الية تحتمل المعاني المذكورة كلها ول تعارض بينها
وخاصة إذا كان هناك مرجحات مباشرة وغير مباشرة لكل من
القولين اللذين أخذ بهما المفسرون.
وأحسن ما قيل في معنى هذه الية التي نحن بصددها قول ابن
ن المصدر هنا لم قيم الجوزية رحمه الله والذي يقول فيه " :إ ّ
يضف إضافته إلى فاعل ول مفعول وإنما أضيف إضافة السماء
المحضة ،ويكون المعنى ل تجعلوا الدعاء المتعلق بالرسول
ضا ،وعلى هذا فيعم المرين معًا المضاف إليه كدعاء بعضكم بع ً
ضا وعن ويكون النهي عن دعائهم له باسمه كما يدعو بعضهم بع ً
تأخير إجابته صلى الله عليه وسلم ،وعلى كل تقدير أمر الله
ما للمة سبحانه بأن يتميز عن غيره في خطابه ودعائه إياهم ،قيا ً
بما يجب عليهم من تعظيمه وإجلله "[.]93
وخلصة القول :إن الغرض الذي من أجله أوردنا هذه الية هو
بيان ما يجب على المسلم أن يتحلى به في ندائه صلى الله عليه
وسلم حيث يخفض صوته ويتخير ألفاظ التقدير والتعظيم لندائه
بيا رسول الله ،ويا نبي الله ،يا خير خلق الله .ويدع هذه النداءات
السوقية في لفظها وكيفيتها مثل :يا محمد ،ويا أحمد ،أو كنيته
مثل :يا أبا القاسم كما كانوا يفعلونه من قبل ،بل بندائه صلى
الله عليه وسلم نداء يتناسب مع مقامه ومكانته مثل :يا رسول
الله ويا نبي الله اقتداء بما في القرآن من نداء الله سبحانه
ن الله سبحانه وتعالى لم وتعالى له صلى الله عليه وسلم بحيث أ ّ
يناد رسوله في القرآن بمجرد اسمه ولو مرة واحدة وإنما ناداه
بصفة النبوة والرسالة وغيرهما من الصفات الثابتة له في
القرآن.
يقول شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله عند كلمه عن حقوق
الرسول الزائدة على مجرد التصديق [ ]94واليمان:
جعَلُوا ضه في المخاطبة بما يليق به فقال{ :ل ت َ ْ "ومن ذلك ح ّ
ضا} [النور ]63:فنهى أن م بَعْ ً م كَدُع َاءِ بَعْ ِ
ضك ُ ْ ل بَيْنَك ُ ْ سو ِ دُع َاءَ الَّر ُ
يقولوا يا محمد أو يا أحمد أو يا أبا القاسم ولكن يقولوا ،يا رسول
الله ،يا نبي الله ،وكيف ل يخاطبونه بذلك والله سبحانه وتعالى
أكرمه في مخاطبته إياه مما لم يكرم به أحدًا من النبياء فلم يناد
ن
ك إِ ْ ج َ ي قُ ْ َ
ل لْزوَا ِ باسمه في القرآن قط بل يقول{ :يَا أَيُّهَا النَّب ِ ُّ
حيَاة َ الدُّنْيَا} [الحزاب.]28: ن ال ْ َ ن تُرِد ْ َ كُنْت ُ َّ
ل إِلَي ْ َ ُ ل بَل ِّغْ َ
ك} [المائدة.]67: ما أنزِ َ َ سو ُ و{يَا أيُّهَا الَّر ُ
ل إِل َّ قَلِيلً} [المزمل.]12: م اللَّي ْ َ ل * قُ ْ م ُ مَّز ِّ
َ
و{يَا أيُّهَا ال ْ ُ
َ
مدَّث ُِّر} [المدثر.]1: و{يَا أيُّهَا ال ْ ُ
جن َّ َ مع أنه سبحانه قد قال{ :وقُلْنا يا آدم اسك ُ َ
ة} ك ال ْ َ ج َ ت وََزوْ ُ ن أن ْ َ َ َ َ َ ُ ْ ْ
[البقرة.]35:
َ
ك} [هود.]46: ن أهْل ِ َ م ْ س ِ ه لَي ْ َ ح إِن َّ ُ{يَا نُو ُ
ن هَذ َا} [هود.]76: َ
ض عَ ْ م أع ْرِ ْ {يَا إِبَْراهِي ُ
س} [العراف.]144: َ صطَفَيْت ُ َ َ
ك ع َلى الن ّ َا ِ سى إِنِّي ا ْ مو َ {يَا ُ
ض} [ص.]26: ة فِي الْر ِ خلِيفَ ً ك َ جعَلْنَا َ {يَا دَاوُود ُ إِنَّا َ
ك} [المائدة: ك وَع َلى وَالِدَت ِ َ متِي ع َلَي ْ َ م اذ ْكُْر نِعْ َ مْري َ َ ن َ سى اب ْ َ عي َ {يَا ِ
.]110
وعلى هذا دلت الية التي نحن بصددها الغرض الذي من أجله
أوردناها وهو الذي يهمنا هنا لحتمالها احتمال ً قويًا أو المتبادر إلى
الفهم كما ذكر ابن القيم رحمه الله ولوجود مرجحات غير
مجاورة ترجح هذا المعنى كما ذكر ابن كثير في تفسيره،
حا آخر متقدم ومجاور لهذه الية يرجح هذا المعنى وهو ومرج ً
َ َ َ َ
حت ّىم يَذْهَبُوا َ
مٍع ل ْ
جا ِ
مرٍ َ
ه ع َلى أ ْ قوله تعالى{ :وَإِذ َا كَانُوا َ
معَ ُ
ستَأْذِنُوهُ} [النور ]62:كما أفاد الشهيد سيد قطب في تفسيره يَ ْ
المسمى في ظلل القرآن إذ أن مناسبة الية لما بعدها ليست
أولى من مناسبتها لما قبلها إن وجدت وهنا وجدت.
يقول الشهيد سيد قطب" :ويلتفت إلى ضرورة توقير الرسول
صلى الله عليه وسلم عند الستئذان وفي كل الحوال فل يدعى
باسمه يا محمد أو كنيته يا أبا القاسم كما يدعو المسلمون
ضا إنما يدعى بتشريف الله له وتكريمه يا نبي الله ،يا بعضهم بع ً
رسول الله "[.]95
المبحث الثاني
الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم
شرع الله تعالى الصلة والسلم على النبي صلى الله عليه وسلم
ُ َ َ
ن ع َلَى النَّب ِ ِ ّ
ي يَا صل ّو َ
ه يُ َملئِكَت َ ُ ه وَ َ ن الل ّ َبقوله سبحانه وتعالى{ :إ ِ ّ
ُ َ َ
ما} [الحزاب.]56: سلِي ً موا ت َ ْ سل ِّ ُ صل ّوا ع َلَيْهِ وَ َ
منُوا َ
نآ َأيُّهَا ال ّذِي َ
وقد شمل موضوع الصلة والسلم على النبي صلى الله عليه
وسلم حيًزا واسعًا في فكر العلماء وحياة المسلمين مما جعلني
أعقد هذا المبحث للوصول إلى الحق فيه.
والمر هنا يحتاج إلى بيان عدد من النقاط المتصلة بالصلة على
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي:
1ـ مفهوم الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم لغة
حا.واصطل ً
2ـ حكم الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم.
3ـ صيغ الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم.
4ـ مواطن الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم.
5ـ ثواب الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وسوف تأتي هذه المسائل وفق الترتيب المذكور فما يلي:
حا :الصلة على رسول الله صلى الله تعريف الصلة لغة واصطل ً
عليه وسلم غير الصلة المفروضة التي هي القوال والفعال
المفتتحة بالتكبير والمختتمة بالتسليم ،ولذلك كان تعريفها
ضروريًا لتتضح حقيقتها المرادة من هذا المبحث.
وكما هو منهجي فإني أبدأ بالتعريف اللغوي وبعده يكون التعريف
الصطلحي.
تعريف الصلة لغة :يقول الجوهري " :الصلة :الدعاء "[.]96
ويقول الفيروزآبادي " :الصلة :الدعاء والرحمة الستغفار "[.]97
ويقول صاحب مصباح المنير[ " :]98الصلة في اللغة مشتركة بين
الدعاء والتعظيم والرحمة والبركة "[.]99
وإذا نظرنا إلى التعريفات السابقة للصلة في اللغة نرى أن لها
عدة معان ،فى الدعاء وبمعنى التعظيم وبمعنى الرحمة وبمعنى
البركة.
ما الصلة في الصطلح الشرعي :فل تخرج عن معاني اللغة وأ ّ
المذكورة إذا قيدت الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم
وبالتالي فمعناها باق على ما كان عليه في الستعمال اللغوي.
وعلى هذا فلم يذكر العلماء تعريفًا لها عند كلمهم عن هذا
ل كلمهم ينصب على التفريق بين صلة الله الموضوع وإنّما ج ّ
وصلة المخلوقين ،ولكن نحاول هنا أن نذكر تعريفًا للصلة على
النبي صلى الله عليه وسلم من خلل كلمهم .يقول
الفيروزآبادي " :والصلة حسن الثناء من الله عز وجل على
رسوله صلى الله عليه وسلم.]100[" ....
ضا ويقول الجرجاني بعد تعريفه الصلة المكتوبة " :والصلة أي ً
طلب التعظيم بجانب الرسول صلى الله عليه وسلم في الدنيا
والخرة "[.]101
والصلة في تعريف الفيروزآبادي السابق يتضمن جانبًا واحدًا وهو
إذا كانت الصلة من الله عز وجل وأما جانب المخلوقين فلم
صا. يتعرض له ولهذا كان هذا التعريف ناق ً
وأما تعريف الجرجاني السابق فمعناه طلب التعظيم للرسول
صلى الله عليه وسلم ولكن الطلب يمكن أن يكون طلب أمر
وطلب دعاء.
وإذا كان الطلب أمًرا فيستقيم في حق الله تعالى ،وأما إذا كان
دعاءً فيستقيم في حق المخلوقين دون الله عز وجل لن الدعاء
طلب العانة من الغير وهذا محال على الله سبحانه وتعالى.
ُ َ َ
ن ع َلَى النَّب ِ ِ ّ
ي يَا صل ّو َ ملئِكَت َ ُ
ه يُ َ ن الل ّ َ
ه وَ َ ويلحظ أن قوله تعالى{ :إ ِ ّ
ُ َ َ
ما} [الحزاب .]56:يدل سلِي ً موا ت َ ْ سل ِّ ُ
صل ّوا ع َلَيْهِ وَ َمنُوا َ
نآ َأيُّهَا ال ّذِي َ
على أن الله سبحانه وتعالى ،والملئكة يصلون على النبي صلى
الله عليه وسلم بحيث جمع الله صلته وصلة الملئكة في فعل
واحد وبصيغة الخبار وأمر المؤمنين بالصلة عليه صلى الله عليه
وسلم.
ولهذا فّرق العلماء بين معنى صلة الله على النبي صلى الله
عليه وسلم ومعنى صلة المخلوقين حتى يستقيم معنى الصلة
في حق الله عز وجل وحق ملئكته وحق المؤمنين.
ولزالة هذا الشكال ذكر العلماء أقوال ً عدة في بيان المعنى
المراد من الصلة على اختلف فاعلها.
يقول أبو العالية " :صلة الله عز وجل ثناؤه عليه وصلة الملئكة
عليه الدعاء "[.]102
ويقول الضحاك " :صلة الله رحمته وصلة الملئكة الدعاء "[
.]103
ضا " :صلة الله مغفرته وصلة الملئكة الدعاء ويقول الضحاك أي ً
"[.]104
وإذا نظرنا إلى القوال السابقة الواردة في معنى الصلة نرى أن
الصلة من الله على النبي صلى الله عليه وسلم هي الثناء
ما الصلة من الملئكة فله معنى واحد وهو والرحمة والمغفرة ،وأ ّ
الدعاء إل أن هذه القوال ل تسلم عن مقال ومآخذ إذ يترتب
عليها وجود معنيين على القل في فعل واحد وفي استعمال واحد
مع أنه أسند إلى الثنين معًا.
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله القولين الخيرين من القوال
السابقة في معنى الصلة من جانب الله تعالى وجانب الملئكة
وضعفهما وأسهب في ذلك حيث ذكر خمسة عشر وج ًها تدل
على ضعفهما .ومن أحسن ما ضعفهما به قوله" :إن الله سبحانه
شْروتعالى فّرق بين صلته على عباده ورحمته فقال{ :وَب َ ّ ِ
َ َ َ
ة قَالُوا إِنَّا لِل ّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ صيب َ ٌ
م ِم ُصابَتْهُ ْ
ن إِذ َا أ َ ن * ال ّذِي َ صابِرِي َ ال َّ
م
ك هُ ْ ة وَأُوْلَئ ِ َ م ٌح َ
م وََر ْ ن َربِّهِ ْ م ْت ِصلَوَا ٌ م َ ك ع َلَيْهِ ْ ن * أُوْلَئ ِ َ ج ُعو َ َرا ِ
ن} [البقرة .]155157:فعطف الرحمة على الصلة فاقتضى مهْتَدُو َ ال ْ ُ
تغايرهما .هذا أصل العطف ،وإن الله سبحانه فّرق بين صلته
َ َ
ملئِكَت َ ُ
ه ه وَ َ ن الل ّ َوصلة ملئكته وجمعهما في فعل واحد فقال{ :إ ِ ّ
ُ
ي[ }...الحزاب .]56:وهذه الصلة ل يجوز أن ن ع َلَى النَّب ِ ِ ّ صل ّو َ يُ َ
تكون هي الرحمة وإنّما هي ثناؤه سبحانه وثناء ملئكته عليه ،ول
ن
يقال الصلة لفظ مشترك ويجوز أن يستعمل في معنييه معًا ل ّ
في ذلك محاذير متعددة"[.]105
ن صلة الله وصلة الملئكة عليه صلى الله عليه ومن هنا نجزم بأ ّ
وسلم في الية التي نحن بصددها لها معنى واحد وهو الثناء عليه،
ما صلتنا نحن عليه صلى الله عليه وسلم فهي طلب المزيد وأ ّ
من الثناء من الله عز وجل طلب دعاء ل طلب أمر.
ن قولنا :اللهم صل على يقول الحليمي رحمه الله " :فيدل على أ َّ
محمد صلة منّا عليه إنّا ل نملك إيصال ما يعظم به أمره ويعلو به
قدره إليه وإنّما ذلك على الله تعالى فيصح أن صلتنا عليه الدعاء
له بذلك وابتغاؤه من الله عز وجل "[.]106
ن صلتنا هي طلب المزيد وقد أيد ابن القيم هذا الرأي القائل بأ ّ
من الثناء من الله عز وجل حيث قال" :الصلة المأمور بها فيها
هي الطلب من الله ما أخبر به عن صلته وصلة ملئكته ،وهي
ثناء عليه وإظهار لفضله وشرفه وإرادة تكريمه وتقريبه فهي
تتضمن الخبر والطلب وسمى هذا السؤال والدعاء منّا نحن صلة
عليه لوجهين:
أحدهما :أنّه يتضمن ثناء المصلي عليه والشارة بذكر شرفه
وفضله والرادة والمحبة كذلك من الله تعالى ،فقد تضمنت الخبر
والطلب.
الوجه الثاني :أن ذلك سمي منّا صلة لسؤالنا من الله أن يصلي
عليه فصلة الله عليه ثناؤه وإرادته لرفع ذكره وتقريبه ،وصلتنا
نحن عليه سؤالنا الله تعالى أن يفعل ذلك به وضد هذا في لعنة
أعدائه الشائنين لما جاء به فإنها تضاف إلى الله وتضاف إلى
َ َ َ
ن الْبَيِّنَا ِ
ت ْ ما أنَزلْنَا ِ
م َ ن
مو َ ُ ن يَكْت َُ ن ال ّذِي العبد كما قال تعالى{ :إ ِ ّ
َّ ُ
م الل ُ
ه ك يَلْعَنُهُ ْ
ب أوْلَئ ِ َ س فِي الْكِتَا ِ َ َ
ما بَيَّن ّاه ُ لِلن ّا ِ
ن بَعْد ِ َ وَالْهُدَى ِ
م ْ
َ
ن} [البقرة .]159:فلعنة الله لهم تتضمن مقته عنُو َ م الل ّ ِ وَيَلْعَنُهُ ْ
وإبعاده وبغضه لهم ولعنة العبد تتضمن سؤال الله تعالى أن يفعل
ذلك بمن هو أهل اللعنة"[.]107
وعلى هذا فمعنى صلة الله عز وجل وصلة الملئكة على النبي
ما في حق المؤمنين في طلب صلى الله عليه وسلم الثناء ،وأ ّ
ذلك الثناء من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم.
حكم الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم :ذكر السخاوي عن
شيخه [ ]108في حكم الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم
عشرة أقوال:
القول الول :إنها مستحبة.
الثاني :إنها واجبة في الجملة بغير حصر لكن أقل ما يحصل به
الجزاء مرة.
الثالث :أنّها تجب في العمر في صلة أو في غيرها وهي مثل
كلمة التوحيد.
الرابع :تجب في القعود مرة آخر الصلة بين قول التشهد وسلم
التحليل.
الخامس :تجب في التشهد فقط.
السادس :تجب في الصلة من غير تعيين المحل.
السابع :يجب الكثار منها من غير تقييد بعدد.
الثامن :تجب كلما ذكر صلى الله عليه وسلم.
التاسع :تجب في كل مجلس مرة ولو تكرر ذكره مراًرا.
العاشر :تجب في كل دعاء[.]109
هذه عشرة أقوال في حكم الصلة على النبي صلى الله عليه
وسلم ولكنّها في الحقيقة والواقع قولن :أولهما :أنّها مستحبة.
ثانيهما :أنّها واجبة ولكن الذين يقولون بوجوبها اختلفوا في عدد
المرات وفي المواطن التي تجب فيها حتى بلغت أقوالهم تسعة
ن أغلب هذه القوال متعلقة بالمواطن التي تجب أقوال إل أ ّ
الصلة فيها.
وأصح ما قيل في حكمها أنّها تجب في الجملة بدون تقييد بعدد أو
وقت مع مراعاة المواطن التي يتأكد وجوبها أو استحبابها.
يقول صاحب بهجة المحافل[" :]110وأما حكمها فهي واجبة
إجماع ًا للية الكريمة [ ]111لكنّه غير محدد بوقت ول عدد"[.]112
ن من العلماء من يقول وهذا الجماع الذي ادعاه فيه نظر ل ّ
باستحبابها مطلقًا إل ّ إذا حملنا الستحباب بما زاد على المرة
الواحدة.
يقول السخاوي" :وقد أول بعض العلماء هذا القول بما زاد على
المرة الواحدة وهو متعين والله أعلم "[.]113
صيغ الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم :للصلة على النبي
صلى الله عليه وسلم صيغ كثيرة ذكرها العلماء في كتبهم
يروونها عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد بعضها صحيحة
وبعضها حسنة وبعضها ضعيفة أو يلفقونها مما روي عن النبي
صلى الله عليه وسلم من صيغ الصلة أو يؤلفونها من عندهم.
ما غيرها ن الغرض يتم بها وأ ّ وهنا نكتفي بذكر الصيغ الصحيحة ل ّ
من الصيغ الضعيفة أو الملفقة فل يتم بها بل نص بعض العلماء
على عدم جوازها لعدم ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم
من ناحية السند أو بالكيفية الملفقة.
وعلى هذا فلبد للمسلم أن يلتزم بالصيغ المأثورة الصحيحة أو
الحسنة.
وقد ذكر الشيخ ناصر الدين اللباني سبع صيغ صحيحة للصلة
على النبي صلى الله عليه وسلم[.]114
ونذكر هذه الصيغ كما وردت في كتابه " صفة صلة النبي صلى
الله عليه وسلم وبنفس الترتيب.
الصيغة الولى :عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن
رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنّه كان يقول:
ل على محمد وعلى أهل بيته وعلى أزواجه وذريته كما "اللهم ص ّ
صليت على آل أبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى
آل بيته وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنّك
حميد مجيد"[.]115
الصيغة الثانية :عن كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه
ل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على وسلم" :اللهم ص ّ
آل إبراهيم إنك حميد مجيد ،اللهم بارك على محمد وعلى آل
محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد"[.]116
الصيغة الثالثة :عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال :قلت:
ل على يا رسول الله كيف الصلة عليك؟ قال :قل" :اللهم ص ّ
محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك
حميد مجيد ،وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على
إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد"[.]117
الصيغة الرابعة :عن أبي مسعود النصاري رضي الله عنه قال:
أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس عبادة فقال
بشير بن سعد :أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله ،فكيف
نصلي عليك؟ قال :فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى تمنينا أنّه لم يسأله ،ثم قال رسول الله صلى الله عليه
ل على محمد وعلى آل محمد كما صليت وسلم :قولوا" :اللهم ص ّ
على آل إبراهيم ،وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت
على آل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد"[.]118
الصيغة الخامسة :عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قلنا يا رسول الله هذا السلم عليك ،فكيف الصلة عليك؟ قال:
ل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على قولوا" :اللهم ص ّ
آل إبراهيم ،وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على
إبراهيم"[.]119
الصيغة السادسة :عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنّهم
قالوا :يا رسول الله كيف نصلّي عليك؟ فقال رسول الله صلى
ل على محمد وعلى أزواجه الله عليه وسلم قولوا" :اللهم ص ّ
وذريته كما صليت على آل إبراهيم ،وبارك على محمد وعلى
أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنّك حميد مجيد"[.]120
الصيغة السابعة :عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّهم سألوا
رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نصلي عليك؟ قال :قولوا:
ل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى "اللهم ص ّ
آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد
مجيد"[.]121
هذه هي صيغ الصلة التي علّمها رسول الله صلى الله عليه
وسلم أصحابه بعد ما سألوا عنها والتي وردت بأسانيد صحيحة
كما بينّا ،ولهذا ذهب بعض العلماء على التزامها دون تغيير أو
تلفيق لنّها أفضل الكيفيات في الصلة عليه صلى الله عليه
وسلم يقول السخاوي" :استدل بتعليمه صلى الله عليه وسلم
لصحابه كيفية الصلة عليه بعد سؤالهم عنها أنّها أفضل
الكيفيات؛ لنّه ل يختار لنفسه إل الشرف والفضل ،ويترتب على
ذلك لو حلف أن يصلي عليه أفضل الصلوات فطريق البر أن
يأتي بذلك "[.]122
ومع ورود هذه الصيغ الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم
فقد أجاز بعض العلماء الصلة عليه بلفظ جميل :يقول الفاكهي[
ن من " :]123ونقل ابن مندة عن جمع من الصحابة وغيرهم أ ّ
رزقه الله بيانًا شافيًا عن المعاني الصحيحة باللفاظ الفصيحة
فأبان عن الشرف النبوي كان كمن سلك السنن السنية "[.]124
وجاء في كتاب حسن التوسل" :والصلة بلفظ صلى الله عليه
وسلم أمر حسن متضمن للبلغة واليجاز الموفي بالمقصود على
أكمل وجه[ ]125ولذا تواطأ المؤلفون وغيرهم من العلماء
المتقدمين والمتأخرين على التزامها"[.]126
ما التلفيق بين صيغ الصلة فقد استحسنه بعض العلماء وكرهه وأ ّ
بعضهم.
ومن الذين استحسنوه المام النووي رحمه الله حيث يقول:
"وينبغي أن يجمع ما في الحاديث الصحيحة فيقول" :اللهم صل
على محمد عبدك ورسولك النبي المي وعلى آل محمد وأزواجه
وذريته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على
محمد وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم
وعلى آل إبراهيم في العالمين إنّك حميد مجيد"[.]127
ومع هذا فقد فاته شيء ،ولعلها توازي قدر ما زاده وتزيد عليه
كما ذكر السخاوي عن شيخه ابن حجر العسقلني مثل قوله:
عبدك ورسولك ومثل قوله في العالمين في الولى ومثل قوله" :
ل وبارك لنهما ثبتا معًا وغير ذلك "[.]128اللهم ص ّ
وأما الذين كرهوا التلفيق بين صيغ الصلة فمنهم ابن تيمية رحمه
الله حيث يقول" :ولبعض المتأخرين في بعض هذه الدعية
والذكار التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقولها ويعلمها
بألفاظ متنوعة ورويت بألفاظ متنوعة طريقة محدثة بأن جمع
تلك اللفاظ واستحب ورأى ذلك أفضل ما يقال فيها مثال
الحديث الذي في الصحيحين [ ]129عن أبي بكر الصديق رضي
الله عنه أنّه سأل رسول الله :عل ِّمني دعاء أدعو به في صلتي
ما كثيًرا " ...قد روي كثيًراقال " :اللهم إنّي ظلمت نفسي ظل ً
وروي كبيًرا فيقول هذا القائل يستحب أن يقول كثيًرا كبيًرا
ل على محمد وعلى آل محمد " وروي وكذلك إذا روي " :اللهم ص ّ
ل على محمد وعلى أزواجه وذريته " وأمثال ذلك. " اللهم ص ّ
وهذه طريقة محدثة لم يسبق إليها أحد من الئمة المعروفين
وطرد هذه الطريقة أن يذكر التشهد بجميع هذه اللفاظ المأثورة
وأن يقال الستفتاح بجميع اللفاظ المأثورة .وهذا مع أنّه مخالف
لعمل المسلمين لم يستحبه أحد من أئمتهم ،بل عملوا بخلفه
فهو بدعة في الشريعة ،فاسد في العقل ،ثم قال :إذ قال هذا
تارة على آل محمد وتارة على أزواجه وذريته كان حسنًا[" ...
.]130
وتبعه في ذلك تلميذه ابن قيم الجوزية رحمه الله حيث يقول" :
ن هذه الطريقة أي طريقة التلفيق بين جمع صيغ الصلة طريقة إ ّ
ن صاحبها إن محدثة لم يسبق إليها أحد من الئمة المعروفين وأ ّ
طردها لزمه أن يستحب للمصلي أن يستفتح بجميع الستفتاحات
وأن يستشهد بجميع التشهدات وأن يقول في ركوعه وسجوده
جميع الذكار الواردة فيه .وهذا باطل فإنه خلف عمل الناس ولم
يستحبه أحد من أهل العلم وهو بدعة وإن لم يطردها تناقض
وفرق بين متماثلين "[.]131
والرأي الخير هو الصح لن هذه الصيغ تثبت عن الرسول صلى
الله عليه وسلم بهذه الكيفية وأنه علّم أصحابه بهذه الكيفية ،بعد
ما سألوه عنها ولن التلفيق يترتب عنه صيغة مصطنعة مؤتلفة
لم يقل بها الرسول صلى الله عليه وسلم وعلينا التباع ل
البتداع.
هذا ما يتعلق بصيغ الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم قولً.
وأما الصلة عليه صلى الله عليه وسلم كتابة فقد اصطلح
المؤلفون على كتابة عبارة " صلى الله عليه وسلم " بعد ذكر
النبي صلى الله عليه وسلم.
ولذلك يكره أن يقتصر على الصلة دون السلم أو السلم دون
الصلة كما أنه يكره أن يرمز إليهما بحرفين أو نحو ذلك مثل
صعم أو "صلعم" أو "ص" أو "صلم" وما شابه ذلك.
يقول ابن كثير رحمه الله تعالى نقل ً عن ابن الصلح " :وليحافظ
على الثناء على الله عز وجل والصلة والسلم على رسول الله
صلى الله عليه وسلم وإن تكرر فل يسأم فإن فيه خيًرا كثيًرا.
بحيث يكتب الصلة والتسليم كاملة ل رمًزا ول يقتصر على قوله
"عليه السلم" يعني وليكتب "صلى الله عليه وسلم" واضحة
كاملة[.]132
ومستند الجمع بين الصلة والسلم على النبي صلى الله عليه
ُ َ َ
صل ّوا
منُوا َ
نآ َوسلم المر بهما معًا في قوله تعالى{ :يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
ما} [الحزاب .]56:ومعنى السلم فقيل السلم سلِي ً سل ِّ ُ
موا ت َ ْ ع َلَيْهِ وَ َ
الذي هو اسم من أسماء الله عليك وتأويله ل خلوت من الخيرات
والبركات وسلمت من المكاره والفات....
ويحتمل أن يكون بمعنى السلم أي ليكن قضاء الله عليك السلم
وهو السلمة كالمقام والمقامة ...أي يسلمك الله من الملم
والنقائص...
ويحتمل أن يكون بمعنى المسالمة له والنقياد[.]133
وأما حكم السلم عليه صلى الله عليه وسلم فتابع لحكم الصلة
عليه لمر الوارد بهما معًا في الية السابقة.
وأما صيغة السلم عليه فهي "السلم عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته الواردة في التشهد" كما هو الظاهر[.]134
وأما مواطنها المتفق عليها فهي في التشهد وعند زيارة قبره
صلى الله عليه وسلم بأبي وأمي.
وأما ثوابها فتشترك الصلة في كثير من ذلك.
مواطن الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم :ذكر العلماء
مواطن كثيرة للصلة على النبي صلى الله عليه وسلم فمنهم من
ذكر أربعين موطنًا كابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى في جلء
الفهام [ ،]135وكذلك السخاوي في القول البديع [ ]136نحو عدد
المواطن التي ذكرها ابن القيم .ومنهم من ذكر اثنين وثلثين
موطنًا كصاحب بهجة المحافل[.]137
ونذكر هنا أهم ما صح من هذه المواطن وخاصة المرفوع من
ذلك.
الموطن الول :في الصلوات عامة بعد التشهد لحديث فضالة بن
عبيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :سمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل ً يدعو في صلته لم يمجد
ل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله الله ولم يص ّ
صلى الله عليه وسلم" :عجل هذا ،ثم دعاه فقال له ولغيره" :إذا
صلّى أحدكم فليبدأ بتمجيد اللّه والثناء عليه ثم يصلّي على النبي
صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بعد بما شاء"[.]138
ن الصلة على النبي صلى وهذا الحديث يدل في منطوقه على أ ّ
الله عليه وسلم مطلوبة في الصلة.
الموطن الثاني :صلة الجنازة بعد التكبيرة الثانية :لحديث
الزهري قال :سمعت أبا أمامة بن سهل بن حنيف يحدث سعيد
بن المسيب قال" :إن السنة في صلة الجنازة أن يقرأ بفاتحة
الكتاب ،ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يخلص
الدعاء للميت متى يفرغ ول يقرأ إل مّرة واحدة ثم يسلم في
نفسه "[.]139
الموطن الثالث :عقب إجابة المؤذن :لحديث عبد الله بن عمرو
بن العاص رضي الله عنهما أنّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم
ن
ي فإ ّيقول " :إذا سمع المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلّوا عل ّ
ي صلة صلّى الله عليه بها عشًرا ثم سلوا لي من صلّى عل ّ
الوسيلة فإنَّها منزلة في الجنة ،ل تنبغي إل ّ لعبد من عباد الله،
وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له شفاعتي"[
.]140
وهذه الصلة ينبغي أن يقولها القائل سًّرا ل جهًرا خلفًا لما يفعله
الناس وخاصة المؤذنون من الجهر بالية[ ]141ثم الصلة على
النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول الشيخ ناصر الدين اللباني " :ومن العجيب أن ترى بعض
المتهاونين بهذه السنن أشد الناس تعصبًا وتمسكًا ببدعة جهر
المؤذن بالصلة عليه صلى الله عليه وسلم عقب الذان مع كونه
بدعة اتفاقًا ،فإن كانوا يفعلون ذلك حبًّا بالنبي صلى الله عليه
وسلم فهل اتبعوه في هذه السنة [ ]142وتركوا تلك البدعة "[.]143
الموطن السادس :كلما ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم :لقوله
ي.. صلى الله عليه وسلم " :البخيل من ذكرت عنده فلم يص ّ
ل عل ّ
"[ .]146ثواب الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم :ذكر
العلماء ثوابًا كثيًرا للصلة على النبي صلى الله عليه وسلم،
فمنهم من ذكر ما يقارب أربعين ثوابًا كابن القيم رحمه الله في
جلء الفهام [ ،]147والسخاوي في القول البديع[.]148
وهذا الثواب المذكور منه ما يستند إلى دليل صحيح ،ومنه ما
ضا منه يدخل في بعض الخر.ن بع ًيستند إلى أدلةٍ ضعيفة ،كما أ ّ
وأذكر هنا أهم ما ذكره العلماء:
أولها :كتابة عشر حسنات لمن صلّى عليه صلى الله عليه وسلم
صلة واحدة لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه
أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ..." :من صلّى
ي صلة صلّى الله عليه بها عشًرا "[.]149 عل ّ
ن رسول الله صلى الله عليه ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أ ّ
ي صلة واحدة صلّى الله عليه عشًرا وسلم قال " :من صلّى عل َّ
"[.]150
ثانيها :محو عشر سيئات عمن صلّى على النبي صلى الله عليه
وسلم لحديث عبد الرحمن بن عمرو قال" :من صلّى على النبي
صلى الله عليه وسلم كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر
سيئات.]151[" ...
ثالثها :رفع عشر درجات لمن صلى عليه صلى الله عليه وسلم
لحديث عبد الرحمن بن عمرو قال" :من صلّى على النبي صلى
الله عليه وسلم كتب الله له عشر حسنات ومحا عنه عشر
سيئات ورفع له عشر درجات"[.]152
رابعها :مغفرة الذنب كله لمن صلّى على النبي صلى الله عليه
وسلم لحديث أبي بن كعب رضي الله عنه قال :كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يخرج في ثلثي الليل فيقول" :جاءت
ي :يا رسول الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه " وقال أب ّ
الله إنّي أصلّي من الليل أفأجعل لك ثلث صلتي؟ [ ]153قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :الشطر قال :أفأجعل لك
شطر صلتي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :الثلثان
أكثر ،قال :أفأجعل لك صلتي كلها؟ قال :إذن يغفر لك ذنبك كله
"[.]154
خامسها :القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
القيامة لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال :قال النبي صلى
ي
الله عليه وسلم" :أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عل ّ
صلة"[.]155
سادسها :أن من صلّى عليه صلى الله عليه وسلم عند ذكره ينجو
ن رسول الله من أن يوصف بالبخل لحديث علي رضي الله عنه أ ّ
صلى الله عليه وسلم قال" :البخيل من ذكرت عنده فلم يص ّ
ل
ى"[.]156 عل ّ
سابعها :أنّه من صلى عليه ل يخطئ أبواب الجنة لحديث ابن
عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" :من
ي خطئ طريق الجنة"[.]157 ينسى الصلة عل َّ
وهذان الحديثان الخيران يدلن على الثواب بدليل المخالفة.
ثامنها :أنها سبب لشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرنها
بسؤال الوسيلة له.
لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع
النبي صلى الله عليه وسلم يقول" :إذا سمعتم المؤذن فقولوا
ي صلة صلى الله ي فإن من صلّى عل َّ مثل ما يقول ثم صلّوا عل َّ
عليه بها عشًرا ثم سلوا لي الوسيلة فإنها مترلة في الجنة ل
تنبغي إل ّ لعبد من عباد الله ،وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي
الوسيلة حلّت له شفاعتي"[.]158
ــــــــــــــــ
الهوامش:
[ ]1المضغة :القطعة من اللحم ،قدر ما يمضغ ،وجمعها مضغ،
وهنا تعني القلب ،لنه قطعة لحم من الجسد .انظر :النهاية في
غريب الحديث لبن الثير (.)4/339
[ ]2صحيح البخاري ،كتاب اليمان ،باب من استبرأ لدينه (.)1/1920
[ ]3صحيح البخاري ،باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم (.)1/6
[ ]4غرائب القرآن.)3/131132( ،
[ ]5صحيح مسلم ،كتاب القدر ،بات تصريف الله القلب كيف شاء
(.)4/2045
[ ]6صحيح مسلم ،كتاب القدر ،باب تصريف الله القلب كيف شاء
(.)4/2045
ْ
[ ]7هو أبو منصور محمد بن أحمد الزهري (292370هـ).
[ ]8تهذيب اللغة مادة أمن (.)15/513
[ ]9تقدمت ترجمته في (ص.)25:
[ ]10معجم مقاييس اللغة (.)1/133
[ ]11مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزأبادي المتوفى سنة (
817هـ) .انظر ترجمته في بغية الوعاة (.)2/273275
[ ]12القاموس المحيط (.)4/199
[ ]13تقدمت ترجمته في (ص.)25:
[ ]14لسان العرب (.)13/21
[ ]15تهذيب اللغة.)15/514( ،
[ ]16اليمان (.)146
[ ]17المصدر السابق.)146147( :
[ ]18الفوائد.)85( :
[ ]19الشفا بتعريف حقوق المصطفى :القاضي عياض (.)2/539
[ ]20القاعدة المراكشية.)2425( :
[ ]21الفوائد (.)107
[ ]22البخاري في كتاب اليمان في باب سؤال جبريل صلى الله
عليه وسلم عن اليمان والسلم والحسان وعلم الساعة (.)1/18
[ ]23البخاري في كتاب اليمان ،باب( :فأن أقاموا الصلة وآتوا
الزكاة فخلوا سبيلهم) ( .)1/13واللفظ له ،ومسلم في كتاب
اليمان ،باب المر بقتال الناس حتى يقولوا ل إله إل ّ الله محمد
رسول الله ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة.)1/53( .
[ ]24مسلم في كتاب اليمان ،باب وجوب اليمان برسالة نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته
(.)1348
[ ]25تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.
[ ]26الشفا بتعريف حقوق المصطفى (.)2/540
[ ]27جزء من حديث أسامة ،وتمامه :بعثنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم في سرية فصبحنا في الخرقات من جهينة فأدركت
رجل ً فقال :ل إله إل الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك
فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم" :أقال :ل إله إل ّ الله وقتلته؟" قال :قلت :يا رسول
الله ،إنما قالها خوفًا من السلح .قال" :أفل شققت عن قلبه
ي حتى تمنيت أنّي حتى تعلم أقالها أم ل؟" فما زال يكررها عل َّ
أسلمت يومئذ .انظر صحيح مسلم في كتاب اليمان ،باب تحريم
قتل الكافر بعد أن قال :ل إله إل ّ الله (.)1/56
[ ]28الحديث في صحيح البخاري ،في كتاب اليمان ،باب تفاضل
أهل اليمان ( )1/13بلفظ" :يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار
النار ،ثم يقول الله تعالى :أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة
من خردل من إيمان".
[ ]29الشفا بتعريف حقوق المصطفى (.)2/541
[ ]30موسوعة سماحة السلم لمحمد صادق عرجون (.)1/82
[ ]31انظر تفسير ابن كثير (.)2/422
[ ]32صحيح مسلم ،كتاب اليمان ،باب بيان عدد شعب اليمان
وأفضلها وأدناها (.)1/63
[ ]33أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب حب
الرسول صلى الله عليه وسلم من اليمان (.)1/12
[ ]34بصائر ذوي التمييز.)2/416417( :
[ ]35القاموس المحيط.)1/52( :
[ ]36لسان العرب.)1/289( :
[ ]37مدارج السالكين.)3/10( :
[ ]38يحتمل أنّه ابن عيينة أو الثوري كما ذكر الخفاجي في شرح
الشفا (.)3/371
[ ]39الشفا بتعريف حقوق المصطفى.)2/578579( :
[ ]40الذريعة إلى مكارم الشريعة.)190( :
[ ]41رسالة المسترشدين.)177179( :
[ ]42الذريعة إلى مكارم الشريعة.)190( :
[ ]43مفردات في غريب القرآن.)105( :
[ ]44الشفا.)2/579( :
[ ]45الشفا.)2/580581( :
[ ]46تفسير القرآن العظيم.)4/329( :
[ ]47أخرجه الترمذي في سننه ،أبواب المناقب ،باب فيمن سب
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ( )5/358وقال :حديث حسن
غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه.
[ ]48سدة المسجد :يعني الظلل التي حوله .النهاية في غريب
الحديث.)2/353( :
[ ]49صحيح مسلم في كتاب البر والصلة والداب ،باب المرء مع
من أحب (.)4/2033
[ ]50أخرجه البخاري في كتاب اليمان ،باب حلوة اليمان (،)1/12
ومسلم في كتاب اليمان ،باب بيان خصال من اتصف بهن وجد
حلوة اليمان ( )1/66واللفظ له.
[ ]51مجمع الزوائد ( )7/7وقال الهيثمي :رواه الطبراني في
الصغير والوسط ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عمران
الغامدي وهو ثقة.
[ ]52أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب حب
الرسول صلى الله عليه وسلم من اليمان (.)1/12
[ ]53مستدرك الحاكم ( ،)3/559وقال :صحيح السناد ولم يخرجاه
ووافقه الذهبي.
[ ]54الدباء :القرع واحدتها دباءة .النهاية في غريب الحديث (
.)2/96
[ ]55صحيح البخاري ،كتاب الطعمة ،باب من تتبع حوالي القصعة
مع صاحبه إذا لم يعرف منه كراهية (.)3/291
[ ]56انظر سيرة ابن هشام.)3/95( :
[ ]57صحيح مسلم ،كتاب البر والصلة والداب ،باب المرء مع من
أحب (.)4/2032
[ ]58جلل :هين يسير ،والجلل من الضداد ،يكون للحقير
والعظيم .النهاية في غريب الحديث (.)10/289
[ ]59انظر سيرة ابن هشام (.)3/43
[ ]60تفسير الفخر الرازي.)24/249( :
[ ]61تفسير الفخر الرازي.)22/46( :
[ ]62في ديوانه.)89( :
[ ]63صحيح البخاري ،كتاب الطب ،باب من البيان سحرا (.)4/21
[ ]64روضة العقلء ونزهة الفضلء.)219( :
[ ]65تفسير الفحر الرازي.)22/47( :
[ ]66تفسير القرآن العظيم.)4/205( :
[ ]67تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان للنيسابوري (.)26/57
[ ]68في ظلل القرآن.)6/3339( :
[ ]69الصارم المسلول على شاتم الرشول (ص.)423:
[ ]70زاد المسير (.)8/457
[ ]71التسهيل (.)4/104
[ ]72النصاف فيما تضمنه الكشاف من العتزال الذي بهامش
الكشاني (.)3/556
[ ]73صحيح البخاري ،كتاب الرقاق ،باب حفد اللسان (.)4/126
[ ]74الحاكم في مستدركه ( ،)2/462وقال :هذا حديث صحيح على
شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
[ ]75صحيح البخاري ،كتاب التفسير ،باب تفسير سورة الحجرات
(.)3/191
[ ]76في ظلل القرآن.)6/3339( :
[ ]77أحكام القرآن لبن العربي.)1703 4/1702( :
[ ]78صحيح البخاري ،كتاب الصلة ،باب رفع الصوت في المسجد
(.)1/93
[ ]79أضواء البيان.)7/617( :
[ ]80أحكام القرآن للجصاص (.)3/398
[ ]81تفسير الفخر الرازي.)28/113( :
[ ]82الدر المنثور بالتفسير بالمأثور للسيوطي ،)7/552( ،وقال
السيوطي :رواه أحمد والطبراني وغيرهما بسند صحيح.
[ ]83تفسير القرآن العظيم.)4/208( :
[ ]84تفسير القرآن العظيم.)4/208( :
[ ]85انظر زاد المسير (.)6/68
[ ]86هو عبد الحق بن غالب المعروف بابن عطية المتوفى سنة (
541هـ) انظر ترجمته في طبقات المفسرين للداودي (.)1/260261
[ ]87انظر البحر المحيط.)6/476( :
[ ]88تفسير الفخر الرازي (.)24/40
[ ]89البحر المحيط.)6/476( :
[ ]90تفسير القرآن العظيم.)3/306307( :
[ ]91الثاني عندنا.
[ ]92تفسير سورة النور (ص.)231:
[ ]93جلء الفهام( :ص.)235:
[ ]94الصارم المسلول (ص )422423:بتصرف.
[ ]95في ظلل القرآن.)4/2535( :
[ ]96الصحاح (.)6/2402
[ ]97القاموس المحيط (.)4/335
[ ]98وتأتي ترجمته في (ص.)261:
[ ]99مصباح المنير (.)1/371
[ ]100القاموس المحيط.)1/371( :
[ ]101كتاب التعريفات.)139( :
[ ]102انظر فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص:
)80للقاضي إسماعيل الجهضمي.
[ ]103انظر المصدر السابق.)8081( :
[ ]104انظر المصدر السابق.)8081( :
[ ]105جلء الفهام( :ص.)83:
[ ]106المنهاج في شعب اليمان.)2/134( :
[ ]107جلء الفهام( :ص.)86:
[ ]108يقصد به الحافظ ابن حجر العسقلني كما صرح به
السخاوي نفسه في آخر القول البديع (ص.)264:
[ ]109انظر القول البديع في الصلة على الحبيب الشفيع (ص)14:
وما بعدها.
[ ]110هو عماد الدين يحيى بن أبي بكر العامري.
ُ َ َ
ن ع َلَى النَّب ِ ِ ّ
ي يَا صل ّو َ
ه يُ َملئِكَت َ ُ ه وَ َ ن الل ّ َ[ ]111وهي قوله تعالى{ :إ ِ ّ
ُ َ َ
ما} [الحزاب.]56: سلِي ً موا ت َ ْ سل ِّ ُصل ّوا ع َلَيْهِ وَ َ
منُوا َ
نآ َأيُّهَا ال ّذِي َ
[ ]112بهجة المحافل وبغية الماثل (.)2/416
[ ]113القول البديع (ص.)14:
[ ]114صفة صلة النبي صلى الله عليه وسلم (ص )146:وما بعدها،
وانظر فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم بتحقيق
اللباني هامش (ص.)54:
[ ]115أخرجه الطحاوي في مشكل الثار ( ،)3/74وذكر السخاوي
هذه الرواية في القول البديع (ص ،)42:وصحيح اللباني هذه
الرواية بعد عزوه إلى المام أحمد والطحاوي في صفة صلة
النبي (ص.)147:
[ ]116صحيح البخاري ،كتاب التفسير ،باب قوله تعالى( :إن الله
وملئكته يصلون على النبي ،)3/178( ).وصحيح مسلم ،كتاب
الصلة ،باب الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد
(.)1/305
[ ]117أخرجه المام أحمد في مسنده ( ،)1/162والنسائي في سننه
( )1/190وقد ذكر ابن القيم هذه الرواية في جلء الفهام (ص)9:
والسخاوي في القول البديع (ص )34:بألفاظ متقاربة ،وصحح
اللباني هذه الرواية في صفة صلة النبي صلى الله عليه وسلم
(ص )147:بعد عزوها إلى المام أحمد والنسائي وغيرهما.
[ ]118أخرجه المام مسلم في صحيحه ،كتاب الصلة ،باب الصلة
على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد (.)1/305
[ ]119أخرجه المام البخاري في صحيحه ،كتاب التفسير ،باب
قوله تعالى( :إن الله وملئكته يصلون على النبي.)3/178( ).
[ ]120صحيح البخاري ،كتاب النبياء باب يزفون القسلن في
المشي ( ،)2/239وصحيح مسلم ،كتاب الصلة على النبي صلى
الله عليه وسلم بعد التشهد (.)1/306
[ ]121أخرجه الطحاوي في مشكل الثار ( ،)3/75وقد ذكر ابن
القيم في جلء الفهام (ص )13:هذه الصيغة وصححها ،وكذلك
السخاوي في القول البديع (ص )40:وصححها ،واللباني في صفة
الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص ،)148:وصححها بعد
عزوها إلى الطحاوي وغيره.
[ ]122القول البديع (ص.)47:
[ ]123حسن التوسل( :ص.)196:
[ ]124حسن التوسل في آداب زيارة أفضل الرسل (ص.)196:
[ ]125ففيه نظر ،لنها لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
بهذه الكيفية ،والكمل ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ل غير
ضا على قول وخاصة في المور الدينية .وهذا العتراض يرد أي ً
الفاكهي السابق المبني على نقل ابن مندة عن جمع من الصحابة
وغيرهم.
[ ]126هو عبد الله بن أحمد الفاكهي المتوفي سنة (972هـ) .انظر
ترجمته في العلم (.)4/193
[ ]127المجموع شرح المهذب (.)3/447
[ ]128انظر القول البديع (ص.)6162:
[ ]129الحديث في صحيح البخاري ،كتاب صفة الصلة ،باب الدعاء
قبل السلم ( ،)1/151وفي صحيح مسلم ،في كتاب الذكر والدعاء
والتوبة والستغفار ،باب استحباب خفض الصوت بالذكر (.)4/2078
[ ]130مجموع الفتاوى (.)1/161162
[ ]131جلء الفهام( :ص.)190:
[ ]132انظر الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث للحافظ ابن
كثير (ص.)135136:
[ ]133القول البديع.)6768( :
[ ]134انظر المصدر السابق.)66( :
[ ]135انظر (ص )193:وما بعدها.
[ ]136انظر (ص )170:وما بعدها.
[ ]137انظر بهجة المحافل.)2/416417( .
[ ]138رواه المام أحمد في مسنده ( ،)6/18وحسنه اللباني ،في
تعليقاته على كتاب فضل الصلة على النبي صلى الله عليه
وسلم انظر هامش (ص.)86:
[ ]139أخرجه الحاكم في مستدركه ( )1/360وقال :صحيح على
شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
[ ]140صحيح مسلم ،كتاب الصلة ،باب استحباب القول مثل قول
المؤذن لمن سمعه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم
ثم يسأل الله له الوسيلة (.)1/288
َ َ ُّ َ َ
ي يَا
ن ع َلى الن ّب ِ ِ ّ
صلو َ ه يُ َملئِكَت َ ُ ه وَ َن الل ّ َ[ ]141وهي قوله تعالى{ :إ ِ ّ
ُ َ َ
ما} [الحزاب.]56: سلِي ً موا ت َ ْ سل ِّ ُصل ّوا ع َلَيْهِ وَ َ
منُوا َ أيُّهَا ال ّذِي َ
نآ َ
[ ]142وهي أن يقولوا مثل ما يقول المؤذن ثم يصلّوا على النبي
صلى الله عليه وسلم سًرا.
[ ]143انظر فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم
للقاضي إسماعيل بن إسحاق الجهضمي هامش (ص.)50:
[ ]144الحاكم في مستدركه ( )1/278وصححه ووافقه الذهبي.
[ ]145رواه الحاكم في مستدركه (.)1/492
[ ]146أخرجه الحاكم في مستدركه ( )1/549وقال :صحيح السناد
ووافقه الذهبي.
[ ]147انظر (ص )262:وما بعدها.
[ ]148انظر (ص )151:وما بعدها.
[ ]149صحيح مسلم )1/288289( ،وقد تقدم في (ص.)209:
[ ]150رواه إسماعيل القاضي في فضل الصلة على النبي صلى
الله عليه وسلم (ص ،)26:وصحح اللباني إسناد هذا الحديث في
تعليقاته على الكتاب المذكور .انظر هامش (ص.)26:
[ ]151رواه إسماعيل القاضي في فضل الصلة على النبي صلى
الله عليه وسلم (ص .)38:وقال اللباني في تعليقاته على الكتاب
المذكور إسناده ضعيف ،لكن له شاهد مرفوع عن أنس ،أخرجه
النسائي وغيره بسند صحيح .انظر هامش (ص ،)28:قلت :رواية
ي صلة واحدة أنس التي أشار إليها هي بلفظ" :من صلى عل َّ
صلى الله عليه عشر صلوات ،وحطت عنه عشر خطيئات،
ورفعت له عشر درجات" .سنن النسائي في كتاب السهو ،باب
الفضل في الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم (.)3/50
[ ]152الحديث هو نفس الحديث الذي قبله.
[ ]153صلتي هنا تعني دعائي.
[ ]154أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلة على النبي صلى
الله عليه وسلم ( )2930وقال اللباني :حديث جيد .انظر فضل
الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم هامش (ص.)30:
[ ]155رواه الترمذي في سننه ،أبواب التطوع ،باب ما جاء في
فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم ( ،)2/302وقال :هذا
حديث حسن غريب.
[ ]156أخرجه الحاكم في مستدركه ( )1/549وقال :صحيح السناد
ووافقه الذهبي.
[ ]157رواه ابن ماجة في كتاب إقامة الصلة والسنة فيها ،باب
الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم ( ،)1/294وقال اللباني
والحديث يرتقي إلى درجة الحسن على أقل الدرجات .انظر
فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم هامش (.)45
[ ]158صحيح مسلم ( )1/288289وقد تقدم في (ص ،)209:وفي (ص:
ضا.
)211أي ً
.8كتاب "التأدب مع الرسول في ضوء الكتاب
والسنة" [الجزء الرابع]
لفصل الثالث
الدب العملي
في بداية هذا الباب قسمت الدب إلى ثلثة أنواع وذكرت في
الفصلين السابقين نوعين منها وهما الدب القلبي والدب
القولي ،وفي هذا الفصل سوف أتحدث عن النوع الثالث والخير
وهو الدب الفعلي والعملي ،ونقصد بالدب العملي الدب الذي
سا .وبذا يتكون هذا الفصل
يتعلق بالجوارح ،ويكون عمليًا محسو ً
من مبحثين:
المبحث الول :الطاعة والتباع.
المبحث الثاني :مجالسته صلى الله عليه وسلم.
المبحث الول
الطاعة والتباع
وردت طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم
مّرات كثيرة بصيغ مختلفة ،حيث جاءت أمًرا بطاعته ونهيًا عن
مخالفته ،وإخباًرا بأن طاعته صلى الله عليه وسلم يترتب عليها
ثوابًا عظيم في الدنيا والخرة.
ن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والصيغ التي تدل على أ ّ
واجبة على المة هي صيغتا المر بطاعته والنهي عن مخالفته أو
ما يجري مجراهما من تحذير عن مخالفته أو توعد بعقاب لمن
يخالف.
ما الصيغة الولى وهي المر بطاعة الرسول صلى الله عليه وأ ّ
وسلم فقد وردت في القرآن الكريم مقترنة بطاعة الله مع تكرير
الفعل "أطيعوا" مرة مع الله ،ومرة مع الرسول صلى الله عليه
وسلم.
َ َ ّ َ َ ّ ُ َ
سو َ
ل ه وَأطِيعُوا الَّر ُ منُوا أطِيعُوا الل َ نآ َ يقول تعالى{ :يَا أي ّهَا الذِي َ
َّ َ ُ
يءٍ فَُردُّوه ُ إِلَى اللهِ ش ْ م فِي َ ن تَنَاَزع ْت ُ ْ م فَإ ِ ْ منْك ُ ْ مرِ ِ وَأوْلِي ال ْ
ل} [النساء.]59: سو ِ وَالَّر ُ
ل َ َ
سألُون َ َ
ن النْفَا ِ ك عَ ْ ومرة بعدم تكرير الفعل مثل قوله تعالى{ :ي َ ْ
َ ُ َ
َ َ ل الَنْفَا
م وَأطِيعُوا ت بَيْنِك ُ ْحوا ذ َا َ صل ِ ُ
ه وَأ ْ ل فَاتَّقُوا الل ّ َ سو ِ ل لِل ّهِ وَالَّر ُ قُ ْ
َ
ن} [النفال.]1: منِي َ مؤْ ِم ُ ن كُنت ُ ْ ه إِ ْسول َ ُ ه وََر ُ الل ّ َ
ولكل من التعبيرين مدلول خاص كما ذكر المفسرون قائلين :إذا
كان الفعل أطيعوا متكرًرا يفيد على أن للرسول صلى الله عليه
َ َ
استقلل من الطاعة مثل قوله تعالى{ :يَا أي ُّ َها ال ّذِي َ
ن
َ
وسلم نوع
َ ُ َ منُوا أَطِيعُوا الل ّ
م فَإ ِ ْ
ن منْك ُ ْ
مرِ ِ ل وَأوْلِي ال ْ سو َ
َ
ه وَأطِيعُوا الَّر ُ َ آ َ
ل} [النساء.]59: سو ِ يءٍ فَُردُّوه ُ إِلَى الل ّهِ وَالَّر ُ ش ْ م فِي َ تَنَاَزع ْت ُ ْ
يقول اللوسي رحمه الله في تفسيره هذه الية" :وأعاد الفعل
وإن كانت طاعة الرسول مقترنة بطاعة الله تعالى اعتناء بشأنه
عليه الصلة والسلم وقطعًا لتوهم أنه ل يحب امتثال ما ليس في
القرآن وإيذانًا بأن له صلى الله عليه وسلم استقلل ً بالطاعة لم
يثبت لغيره من البشر ومن ثم لم يعد في قوله سبحانه{ :وَأُوْلِي
َ
م} [النساء ]59:إيذانًا بأنهم ل استقلل لهم فيها استقلل منْك ُ ْ مرِ ِ ال ْ
الرسول صلى الله عليه وسلم[.]1
وقد حذ ّر الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا المفهوم
الخاطئ وهو الكتفاء بما جاء في القرآن دون الرجوع إلى السنة
المبينة للقرآن الكريم بقوله صلى الله عليه وسلم.
"ل ألفين أحدًا متكئًا على أريكته يأتيه المر من أمري مما أمرت
به أو نهيت عنه ،فيقول :ل أدري ،ما وجدنا في كتاب الله
اتبعناه"[.]2
وفي رواية المقدام زيادة" :أل وإن ما حّرم رسول الله صلى الله
عليه وسلم مثل ما حرم الله"[.]3
ن َ
سألُون َ َ
ك عَ ْ ما إذا كانت الفعل غير متكرر مثل قوله تعالى{ :ي َ ْ
َ َ وأ ّ
َ ّ َ ّ َ الَنْفَا
ت بَيْنِك ُ ْ
م حوا ذ َا َ صل ِ ُ ه وَأ ْ ل فَات ّقُوا الل َ سو ِ ل لِلهِ وَالَّر ُ ل النْفَا ُ
َ
ل قُ ِْ
َ
ن} [النفال .]1:فيفيد أن منِي َ مؤ ْ ِ م ُ ن كُنت ُ ْ سول َ ُ
ه إِ ْ ه وََر ُوَأطِيعُوا الل ّ َ
طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي طاعة الله تعالى.
يقول اللوسي رحمه الله في تفسيره هذه الية" :وذكر الرسول
صلى الله عليه وسلم مع الله تعالى أول ً وآخًرا لتعظيم شأنه
وإظهار شرفه واليذان بأن طاعته عليه الصلة والسلم طاعة
ن الجمع بين الله تعالى ورسوله الله تعالى ،وقال غير واحد أ ّ
صلى الله عليه وسلم أول ً لن اختصاص الله تعالى بالمر
والرسول صلى الله عليه وسلم بالمتثال"[.]4
َّ ُ َ
منُوانآ َ ومما يدل َ على هذا المعنى َ قوله تعالى{ :يَا أي ّهَا الذِي َ
َ َ
ن} [النفال.]20: معُو َ س َ م تَ ْ ه وَأنْت ُ ْ ه وَل تَوَل ّوْا ع َن ْ ُ سول َ ُ ه وََر ُ أطِيعُوا الل ّ َ
حيث أفرد الضمير وأعيد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم دون
ن الضمير يرجع إلى الله عز وجل بعد المر بطاعتهما م ًعا ل ّ
أقرب المذكور كما هو معروف في علم النحو للشارة إلى أنه
صلى الله عليه وسلم هو الوسيلة بين الله وبين خلقه في تبليغ
ن طاعته صلى الله عليه وسلم طاعة مراد الله تعالى وبيانه ،وأ ّ
َّ َ
ه} ل فَقَد ْ أطَاع َ الل َ سو َ ن يُطِعْ الَّر ُ م ْ
لله على غرار قوله تعالىَ { :
[النساء.]80:
يقول اللوسي رحمه الله" :وأعيد الضمير إليه عليـه الصلة
ن المقصود طاعته صلى الله عليه وسلم وذكر طاعة والسلم ل ّ
الله توطئة لطاعته وهي مستلزمة لطاعة الله تعالى لنّه مبلغ
عنه فكان الراجع إليه كالراجع إلى الله تعالى"[.]5
ومن هذه النماذج التي ذكرناها سابقًا في موضوع طاعة الرسول
ن طاعته صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم يتبين لنا أ ّ
واجبة على كل مسلم في كل أمر من المور سواء كان ذلك
ن طاعته طاعة الله تعالى كما يدل المر ثبت بالقرآن أو بالسنة ل ّ
َّ َ
ه} [النساء]80: ل فَقَد ْ أطَاع َ الل َ سو َ ن يُطِعْ الَّر ُ م ْعليه قوله تعالىَ { :
ولنه صلى الله عليه وسلم ل يتكلم عن الهوى وإنما عن وحي
َ
ي
ح ٌ ن هُوَ إِل ّ وَ ْ ن الْهَوَى * إ ِ ْ ما يَنْطِقُ ع َ ْ من الله سبحانه وتعالى {وَ َ
حى} [النجم.]34: يُو َ
ويدخل في مفهوم طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم اتباعه
ن مدلول التباع والطاعة يكاد ْ يكون واحدًا حيث أنها من ل ّ
المترادفات وشأن المترادفات أن يكون معناها واحدًا مع وجود
فروق طفيفة مثل كلمتي قعد وجلس حيث أن الولى من
ن مدلولهما واحد. الضطجاع والثانية من القيام مع أ ّ
وهكذا شأن كل المترادفات ،وأما كلمتي التباع والطاعة ،فقد
ذكر أبو هلل العسكري عند كلمه عن الفرق بين العبادة
ن مدلول التباع والطاعة واحد فقال" :والطاعة الفعل والطاعة أ ّ
الواقع على حسب ما أراده المريد متى كان المريد أعلى رتبة
ممن يفعل ذلك وتكون للخالق والمخلوق والعبادة ل تكون إل
للخالق ،والطاعة في مجاز اللّغة تكون اتباع المدعو والداعي إلى
ما دعاه إليه وإن لم يقصد التبع كالنسان يكون مطيعًا للشيطان
وإن لم يقصد أن يطيعه ولكنّه اتبع دعاءه وإرادته "[.]6
وكلم أبي هلل العسكري يفيد أن التباع والطاعة يؤديان معنى
واحدًا تجوًزا كما أنّهما يكونان عن قصد وعن غير قصد ،وحديثي
هنا يدور حول التباع والطاعة التي يكون عن قصد وإرادة من
ن المنافق هو الذي يظهر اتباع الرسول صاحبها مع نيّة صالحة ل ّ
ويبطن مخالفته ،وعلى هذا نفى الله سبحانه وتعالى عنهم سمة
َ
ل وَأَطَعْنَا سو ِ منَّا بِالل ّهِ وَبِالَّر ُ نآ َ اليمان في قوله تعالى{ :وَيَقُولُو َ
ما أُوْلَئ ِ َ َ
ن} [النور: منِي َمؤ ْ ِك بِال ْ ُ ك وَ َ ن بَعْد ِ ذَل ِ َ م ْم ِ منْهُ ْ ول ّى فَرِيقٌ ِ م يَت َ َ ث ُ َّ
.]47
ومع أن التباع والطاعة معناهما واحد كما ذكرنا إل ّ أننا نذكر هنا
النصوص التي وردت بصيغة التباع أو ما يجري مجراها.
وقد وردت نصوص كثيرة من القرآن والسنة التي تأمرنا تارة
باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وتارة باتباع طريقة الله
التي هي طريقته وتارة باتباع القرآن.
من اليات التي تدل على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه
َ
محبِبْك ُ ْه فَاتَّبِعُونِي ي ُ ْ ن الل ّ َ حبُّو َ م تُ ِ ن كُنْت ُ ْ
ل إِ ْ وسلم قوله تعالى{ :قُ ْ
َّ
ه} [آل عمران.]31: ُ الل
َّ َ ُ َ
ه
ن بِالل ِ م ُ ي ال ّذِي يُؤ ْ ِ م ِّ ي ال ِّ ه النَّب ِ ِ ّ سول ِ ِ منُوا بِالل ّهِ وََر ُ وقوله تعالى{ :فَآ ِ
َ
ن} [العراف.]158: م تَهْتَدُو َ ماتِهِ وَاتَّبِعُوه ُ لَعَل ّك ُ ْ وَكَل ِ َ
ما ما يدل على وجوب اتباع طريقة الله التي هي طريقته فمنه وأ ّ
ما فَاتَّبِعُوه ُ وَل تَتَّبِعُوا َ
قوله تعالى{ :وَأ َّ
َ قي ً ست َ ِ م ْ صَراطِي ُ ن هَذ َا ِ
ن} م تَتَّقُو َ م بِهِ لَعَل ّك ُ ْ صاك ُ ْ م َو َّ سبِيلِهِ ذَلِك ُ ْ ن َ م عَ ْ ل فَتَفََّرقَ بِك ُ ْ سب ُ َ ال ُّ
[النعام.]153:
وقد ورد في السنة ما يبين معنى هذه الية وهي ما أخرجه
الحاكم في مستدركه عن عبد الله هو ابن مسعود[ ]7قـال :خـط
رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًا بيده ثم قال" :هذا سبيل
ما وخط عن يمينه وشماله خطوطًا ثم قال" :هذه الله مستقي ً
َ
السبل ليس منها سبيل إل عليه شيطان يدعوا إليه ثم قرأ{ :وَأ َّ
ن
ن
م عَ ْ ل فَتَفََّرقَ بِك ُ ْ سب ُ َ ما فَاتَّبِعُوهُ وَل تَتَّبِعُوا ال ُّ قي ً ست َ ِ م ْ صَراطِي ُ هَذ َا ِ
سبِيلِهِ} [النعام.]153: َ
ما ما يدل على وجوب اتباع القرآن فمنه قوله تعالى{ :وَهَذ َا وأ ّ
َ ّ َ َ َ ْ َ
ن} [النعام[]155: مو َ ح ُم تُْر َ ك فَات ّبِعُوه ُ وَات ّقُوا لعَلك ُ ْ مبَاَر ٌ ب أنَزلنَاه ُ ُ كِتَا ٌ
.]8
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الية " :فيه الدعوة إلى
اتباع القرآن يرغب سبحانه عباده في كتابه ويأمرهم بتدبره
والعمل به والدعوة إليه ووصفه بالبركة لمن اتبعه وعمل به في
الدنيا والخرة "[.]9
ومجموع هذه النصوص من القرآن والسنة التي أوردناها في
موضوع التباع كلما تفيد على وجوب اتباع الرسول صلى الله
عليه وسلم سواء كانت تتعلق باتباع سبيل الله أو اتباع القرآن
لن اتباع سبيل الله اتباع سبيله صلى الله عليه وسلم لنه هو
الداعي إلى ذلك.
َ َ َ
ن
م ْ صيَرةٍ أنَا وَ َ سبِيلِي أدْع ُو إِلَى الل ّهِ ع َلَى ب َ ِ ل هَذِهِ َ قال تعالى{ :قُ ْ
اتَّبَعَنِي} [يوسف.]108:
وكذلك فاتباع القرآن هو اتباعه صلى الله عليه وسلم لنّه هو
المبلغ عن الله سبحانه وتعالى.
ل إِلَي ْ َ ُ َ
ك} [المائدة: ن َرب ِّ َ م ْ ك ِ ما أنزِ َ ل بَل ِّغْ َ سو ُ قال تعالى{ :يَا أيُّهَا الَّر ُ
.]67
هذا ما يتعلق بموضوع وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه
ما الن فسوف نتحدث عن وسلم واتباعه الواردة بصيغة المر ،وأ ّ
وجوب النتهاء عن مخالفته صلى الله عليه وسلم وهي طريقة
أخرى لوجوب اتباعه لن المر بالشيء نهي عن ضده وكذلك
العكس.
حذَْر وقد ورد في هذا المعنى آيات كثيرة :منها قوله تعالى{ :فَلْي َ ْ
َ خالِفُون ع َن أ َمره أ َن تصيبهم فتن ٌ َ َ
م} ب ألِي ٌ م عَذ َا ٌ صيبَهُ ْ ة أوْ ي ُ ِ ْ ْ ِ ِ ْ ُ ِ َُ ْ ِ َْ َ ن يُ َال ّذِي َ
[النور.]63:
َّ
ضى الل َ ُ
ه منَةٍ إِذ َا قَ َ مؤ ْ ِ ن وَل ُ ٍ مؤ ْ ِ
م ن لِ ُ ما كَا َ {و َومنها قوله تعالىَ :
َ َ ورسول ُ َ
ص الل ّ َ
ه ن يَعْ ِ م ْ م وَ َ مرِه ِ ْ نأ ْ م ْ خيََرة ُ ِ م ال ْ ِ ن لَهُ ْ ن يَكُو َ مًرا أ ْ هأ ْ ََ ُ ُ
َ
مبِينًا} [الحزاب.]36: ضلل ً ُ ل َ ض ّ ه فَقَد ْ َ سول َ ُوََر ُ
ه
م ع َن ْ ُ ما ن َ َهاك ُ ْ خذ ُوه ُ وَ َ ل فَ ُ سو ُ م الَّر ُ ما آتَاك ُ ْ {و َومنها قوله تعالىَ :
فَانْتَهُوا} [الحشر.]7:
ومجموع هذه اليات التي أوردناها تدل على حرمة مخالفة
الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن هذا المعنى أي مخالفة أمره التقدم بين يديه صلى الله عليه
َ َ َ
ن يَدَيْ الل ّهِموا بَي ْ َمنُوا ل تُقَدِّ ُ
نآ َ تعالى{ :يَا أي ُّ َهَا ال ّذِي َ وسلم لقوله
َ
م} [الحجرات.]1: ميعٌ عَلِي ٌ س ِ ه َن الل ّ َ سولِهِ وَاتَّقُوا الل ّ َ
ه إ ِ َّ وََر ُ
وقد ذكر المفسرون عدة أسباب لنزول هذه الية التي تبين
المعاني المختلفة للتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه
وسلم أو الوجه التي يحصل بها التقدم بين يديه صلى الله عليه
وسلم.
ما كانوا يقولون :لو أنزل في كذا ن قو ً منها كما ذكر ابن العربي :أ ّ
وكذا فأنزل الله هذه الية.
ومنها نهوا أن يتكلموا بين يدي كلمه.
ومنها ل تفتاتوا على الله ورسوله في أمر حتى يقضي الله على
لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومنها أنها نزلت في قوم ذبحوا قبل أن يصلي النبي صلى الله
عليه وسلم فأمرهم أن يعيدوا الذبح.
ومنها ل تقدموا أعمال الطاعة على وقتها[.]10
قال القاضي" :هذه القوال كلها صحيحة تدخل تحت العموم
فالله أعلم بما كان السبب المثير للية ولعلها نزلت دون سبب"[
.]11
ضا" :هذه الية أصل في ترك التعرض لقوال النبي صلى وقال أي ً
الله عليه وسلم وإيجاب اتباعه والقتداء به "[.]12
نعم ،هذه الوجوه المذكورة في أسباب نزول الية محتملة وكلها
تفسر الية من زاوية معينة ،كما أنّها تحتمل وجوهًا أخرى لم
يذكرها ومجمل معناها هو وجوب النتهاء عن التقدم بين يدي الله
ورسوله في كل أمر من المور حتى يقضي الله على لسان
ما بعد مماته رسوله صلى الله عليه وسلم في حال حياته ،وأ ّ
فمعناها وجوب النتهاء عن التقدم بين يدي كتاب الله وسنة
رسوله صلى الله عليه وسلم في كل أمر من المور الدنيوية
والخروية.
يقول ابن القيم رحمه الله" :ومن الدب مع الرسول صلى الله
عليه وسلم أن ل يتقدم بين يديه بأمر ول نهي ،ول إذن ول تصرف
َ َ
منُوا ل نآ َ حتى يأمره وينهي َويأذن كما قال تعالى{ :يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
سولِهِ} [الحجرات.]1: ن يَدَيْ الل ّهِ وََر ُ موا بَي ْ َ
تُقَدِّ ُ
وهذا باق إلى يوم القيامة لم ينسخ ،فالتقدم بين يدي سنته بعد
وفاته كالتقدم بين يديه في حياته ول فرق بينهما عند كل ذي
عقل سليم "[.]13
ما يدخل في هذا المعنى أي التِقدم بين يدي رسوله صلى الله وم ّ
عليه وسلم تقديم القوانين الوضعية على الشريعة السلمية في
هذا العصر حتى لو لم يصّرح واضعو هذه القوانين أو الذين
استوردوها أنها أفضل من الشريعة السلمية أو ل ،لن مجرد
إقصاء الشريعة السلمية عن الحياة البشرية ووضع القوانين
الوضعية مكانها وإجبار الناس على التحاكم إليها والتوعد لمن
يخالفها بالعقاب الشديد وإن خالفت الشريعة السلمية مخالفة
صريحة كما هو مشاهد في واقعنا اليوم ،وكذلك إذا وافقت
الشريعة السلمية لختلف مصدر تلقيهما لن هذه مصدرها هو
الله سبحانه وتعالى وبواسطة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وتلك مصدرها الطاغوت وهوى النفس المارة بالسوء وإن زعم
أصحابها أنهم يؤمنون بالله ورسوله مئات المرات.
ن
منُو َك ل يُؤ ْ ِ وكيف يكون لهم إيمان بعد قوله تعالى{ :فَل وََرب ِّ َ
َ
م َّ
ما جا ِحَر ً
م َ سهِ ْجدُوا فِي أنفُ ِ م ل يَ ِ م ث ُ َّ
جَر بَيْنَهُ ْش َما َ ك فِي َمو َ حكِّ ُحتَّى ي ُ َ
َ
ما} [النساء.]65: سلِي ًموا ت َ ْ ّ ت َوي ُ َ
سل ِ ُ قَ َ
ضي ْ َ
ُ
ه فَأوْلَئ ِ َ َ َ
م
ك هُ ْ ل الل ّ ُ ما أنَز َ م بِ َحك ُ ْ ن لَ ْ
م يَ ْ م ْ وقوله تعالى{ :وَ َ
ن} [المائدة.]44: الْكَافُِرو َ
يقول الشنقيطي في تفسيره الية التي نحن بصددها" :وهذه
الية الكريمة فيها التصريح بالنهي عن التقدم بين يدي الله
ورسوله ويدخل دخول ً أوليًا تشريع ما لم يأذن به الله وتحريم ما
لم يحرمه وتحليل ما لم يحلله لنه ل حرام إل ّ ما حرمه الله ول
حلل إل ما حلله الله ول شرع إل ما شرعه الله "[.]14
ويقول المام ابن كثير رحمه الله عند تفسير قوله تعالى:
َ {أَفَحك ْم ال ْجاهلِيَة يبغُون وم َ
م
ما لِقَوْ ٍ حك ْ ًن الل ّهِ ُ م ْن ِ س ُ ح َ نأ ْ َ َ َ ْ َ ِ ّ ِ َْ ُ َ
ن} [المائدة.]50: يُوقِنُو َ
"ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على
كل خير الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الراء
والهـداف والصطلحات التي وضعها الرجال بل مستند من
شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضللت
والجهالت مما يصنعونها بآَرائهم وأهوائهم وكما يحكم به التتار
من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم "جنكيز خان" الذي
وضع لهم "الياسق" وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد
اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة
السلمية وغيرها ،وفيها كثير من الحكام أخذها من مجرد نظره
وهواه فصارت في بيئته شرع ًا متبعًا يقدمونها على الحكم بكتاب
الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك فهو كافر
يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فل يحكم في سواه
في قليل ول كثير"[.]15
ثواب التباع والطاعة :طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم
واتباعه يترتب عليها ثواب كثير في الدنيا والخرة.
وقد ورد في القرآن الكريم ما يدل على ذلك نذكر طرفًا منها.
من ذلك أن الله سبحانه وتعالى جعل طاعة الرسول صلى الله
َ َ
ه} ل فَقَد ْ أطَاع َ الل ّ َ سو َ ن يُطِعْ الَّر ُ م ْ عليه وسلم طاعة له { َ
[النساء.]80:
ه
ن تُطِيعُو ُ ً
كما أنه سبحانه وتعالى جعل طاعته شرطا للهداية{ :وَإ ِ ْ
تَهْتَدُوا} [النور.]54:
ضا شرطًا لدخول الجنة. وجعل طاعة الرسول أي ً
َ َ ْ َ
حتِهَا النْهَاُر} ن تَ ْ م ْ جرِي ِ ت تَ ْ جن ّا ٍ ه َ خل ُ ه يُد ْ ِ سول َ ُه وََر ُ ن يُطِعْ الل ّ َ م ْ{وَ َ
[النساء.]13:
كما أنها تؤدي إلى مرافقة النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين في الجنة.
َ َّ ُ
ل فَأوْلَئ ِ َ َ
م
ن أنْعَ َ معَ الذِي َ ك َ سو َ ه وَالَّر ُ ن يُطِعْ الل ّ َ م ْ {و َيقول تعالىَ : َ
ُ
ن س َح ُ ن وَ َ حي َ صال ِ ِشهَدَاءِ وَال َّ ن وَال ّ صدِّيقِي َ ن وَال ِّ ن النَّبِيِّي َ م ْم ِ ه ع َلَيْهِ ْ الل ّ ُ
ك َرفِيقًا} [النساء .]69:كما أنه يترتب عليها الفوز العظيم في أُوْلَئ ِ َ
الدارين.
َ
ما} ه فَقَد ْ فَاَز فَوًْزا عَظِي ً سول َ ُ ه وََر ُ ن يُطِعْ الل ّ َ م ْ {و َيقول تعالىَ :
[الحزاب.]71:
َّ َ
ش الل َ
ه خ َ ه وَي َ ْ سول َ ُ ه وََر ُ ن يُطِعْ الل ّ َ م ْ ضا{ :وَ َ ويقول الله تعالى أي ً
ن} [النور ]52:كما أنها تكون سببًا لرحمة م الْفَائُِزو َ ْ ك هُ قهِ فَأُوْلَئ ِ َ وَيَت َّ ِ
َّ ُ
ه أوْلَئ ِ َ َ
ه}م الل ُ مهُ ْ ح ُسيَْر َ ك َ سول َ ُ ه وََر ُ ن الل ّ َ الله لقوله تعالى{ :وَيُطِي ُعو َ
[التوبة.]71:
سلوك السلف في التباع :تعد الجماعة الولى التي تلقت الدين
وأخذته من رسول الله مباشرة خير من قام بما شرع لها من
طاعة واتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله
عليه وسلم" :خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين
يلونهم"[.]16
وإنّي هنا أحاول إبراز بعض الصور التطبيقية للطاعة والتباع
لتكون أمثلة توضح ما شرع للمسلمين في هذا الجانب الهام.
وسأجعل هذه المثلة مرتبة على النحو التالي:
أولً :سلوكهم في التباع وهم جماعة :أخرج البخاري في صحيحه
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :قال النبي صلى الله عليه
وسلم يوم الحزاب" :ل يصلين أحد العصر إل في بني قريظة"،
فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال :ل نصلي حتى نأتيها،
وقال بعضهم :بل نصلي ،لم يرد منّا ذلك ،فذكر ذلك للنبي صلى
الله عليه وسلم فلم يعنف واحدًا منهم "[.]17
وهذا الحديث يدل دللة واضحة على مدى إسراع الصحابة
رضوان الله عليهم في تنفيذ أمره صلى الله عليه وسلم باذلين
في ذلك أقصى الجهد.
ومنها ما أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله
ما من ذهب عنهما قال :اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خات ً
فاتخذ الناس خواتيم من ذهب فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
ما من ذهب فنبذه وقال :إنّي لن ألبسه أبدًا ،فنبذ "إني اتخذت خات ً
الناس خواتيمهم"[.]18
ضا يدل دللة واضحة على مدى إسراع الصحابة وهذا الحديث أي ً
رضوان الله عنهم في اتباع فعل الرسول صلى الله عليه وسلم
حتى ولو لم يأمرهم بفعل ذلك الفعل وبدون أن يسألوا العلة في
ن ذلك خاص به صلى الله عليه وسلم أو يعم المة ذلك أو أ ّ
جميعًا.
ومن ذلك ما أخرجه المام مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي
الله عنهما قال " :بينما الناس في صلة الصبح بقباء إذ جاءهم
ن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه آت فقال :إ ّ
الليلة وقد أمر أن يستقبل الكعبة
فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة "[
.]19
وفي هذا الحديث يدل دللة واضحة على مدى استجابة الصحابة
لوامر الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
أثناء الصلة دون تردد أو إبطاء وبدون استفسار أو تأخير.
ومن ذلك ما أخرجه المام البخاري في صحيحه عن عائشة رضي
ن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من الله عنها أ ّ
جوف الليل فصلى في المسجد وصلى رجال بصلته فأصبح
الناس فتحدثوا ،فاجتمع أكثر منهم فصلى فصلوا معه ،فأصبح
الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة ،فخرج رسول
ما كانت الليلة الله صلى الله عليه وسلم فصلى فصلوا بصلته ،فل ّ
ما
الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلة الصبح فل ّ
ما بعد فإنّه لم يخف قضى الفجر أقبل على الناس ثم قال" :أ ّ
ي مكانكم ولكنّي خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها"، عل ّ
فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمر على ذلك[.]20
ن الصحابة رضوان الله عنهم كانوا ضا يدل على أ ّ وهذا الحديث أي ً
يحرصون على القتداء بالمصطفى صلى الله عليه وسلم في كل
فعل من أفعاله إذا لم يكن هناك خصوصية حتى ولو لم يأمرهم
بذلك الفعل.
وهذه النصوص التي ذكرناها نموذج لستجابة الصحابة لرسول
الله صلى الله عليه وسلم والقتداء بفعله وتنفيذ أمره جماعة،
ولكن هناك نصوص أخرى كثيرة تدل على ذلك يصعب حصرها
في هذا المقام.
ضا سلوك السلف في اتباع الرسول صلى الله ثانيًا :ما يفيد أي ً
عليه وسلم فرادى :من ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه عن
عمر رضي الله عنه "أنه جاء إلى الحجر السود فقبله فقال :إنّي
أعلم أنك حجر ل تضر ول تنفع ولول أني رأيت النبي صلى الله
عليه وسلم يقبلك ما قبلتك"[.]21
ن أمير المؤمنين عمر بن وهذا الحديث يدل دللة واضحة أ ّ
ن تقبيلـه للحجر السود هو الخطاب رضي الله عنه صرح بـأ ّ
سي بالنبي صلى الله عليه وسلم مع إيمانه ويقينه أنّه ل مجرد التأ ّ
يضر ول ينفع لذاته.
ضا في صحيحه عن مروان بن ومن ذلك ما أخرجه البخاري أي ً
الحكم قال" :شهدت عثمان وعليًا رضي الله عنهما وعثمان ينهى
ما رأى علي أهل بهما لبيك عن المتعة [ ]22وأن يجمع بينهما فل ّ
بعمرة وحجة قال :ما كنت لدع سنة النبي صلى الله عليه وسلم
لقول أحد"[.]23
ن الصحابة رضي الله عنهم يقدمون سنة النبي وهذا يدل على أ ّ
صلى الله عليه وسلم على أي قول صدر من غيره مهما كانت
رتبته كما فعل علي رضى الله عنه مع عثمان بن عفان رضي
ن عثمان بن الله عنه في هذا المر الذي اختلفت وجهة نظرهما ل ّ
عفان رضي الله عنه وإن كان أميًرا للمؤمنين آنذاك إل أن اتباع
سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق كل شيء.
ضا ما أخرجه المام مسلم في صحيحه عن وبرة ومن ذلك أي ً
سا عند ابن عمر فجاءه رجل فقال :أيصلح لي أن قال :كنت جال ً
أطوف بالبيت قبل أن آتي الموقف؟ فقال :نعم .فقال :فإن ابن
عباس يقول :ل تطف بالبيت حتى تأتي الموقف فقال ابن عمر:
فقد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت قبل أن
يأتي الموقف [ ،]24فبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق
أن نأخذ أم بقول ابن عباس أن كنت صادقًا[.]25
ضا حادثة أخرى اختلفت فيها وجهة نظر الصحابة رضي وهذه أي ً
الله عنهم ومضمونها يؤكد حرص صحابة رسول الله صلى الله
عليه وسلم على اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم إذا
ثبتت وترك قول أي أحد من الناس مهما كانت رتبته إذا كان ذلك
القول يخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا أنكر
ابن عمر رضي الله عنهما على السائل حينما ذكر فتوى ابن
عباس رضي الله عنه بعد إخباره ما ثبت عن النبي صلى الله
عليه وسلم في ذلك المقام ،ورحم الله المام مالك حينما قال:
"ما من قول أحد إل ويؤخذ قوله ويترك إل صاحب ذلك القبر
يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه القاعدة هي
الفيصل في هذا الموضوع.
وأما المراجعات التي وقعت بينه صلى الله عليه وسلم وبين
الصحابة رضوان الله عليهم في بعض المور أثناء حياته فل يعتبر
ن هذه حا في اتباعهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ل ّ قد ً
المراجعات كانت مجرد استفسار لبعض المور التي لم يتضح لهم
الغرض منها أو التبست عليهم أو لم يستسيغوها في أول المر
ظنًّا منهم أنّهم ل يقدرون على تحملها غيرة للرسول صلى الله
عليه وسلم وللسلم ل للستهزاء أو النتقاص من توقير الرسول
صلى الله عليه وسلم بخلف ما كان يفعله المنافقون لعنهم الله
تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاء به وبرسالته
والنتقاص من توقيره صلى الله عليه وسلم متسترين تحت ما
أظهروا من السلم.
سم شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله هذه المراجعات وقد ق ّ
للرسول صلى الله عليه وسلم ثلثة أقسام حيث قال:
"وبالجملة فالكلمات في هذا الباب ثلثة أقسام :أحدهما :ما هو
ن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله. كفر مثل قوله :إ َّ
الثاني :ما هو ذنب ومعصية يخاف على صاحبه أن يحبط عمله،
مثل رفع الصوت فوق صوته ،ومثل مراجعة من راجعه عام
الحديبية بعد ثباته على الصلح [ ،]26ومجادلة من جادله يوم بدر
بعد ما تبيّن له الحق [ ،]27وهذا كله يدخل في المخالفة عن
أمره.
الثالث :ما ليس من ذلك بل يحمد عليه صاحبه أو ل يحمد كقول
عمر :ما بالنا نقصر الصلة وقد آمنا []28؟ وكقول عائشة :ألم
م إِل َّ وَارِدُهَا} [مريم ،]71:وكمراجعة الحباب منْك ُ ْ يقل الله{ :وَإ ِ ْ
ن ِ
في منزل بدر[.]29
ما فيه سؤال عن إشكال ليتبين لهم ،أو عرض ونحو ذلك م ّ
لمصلحة قد يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم"[.]30
المقالة الولى :من هذه القسام لم تصدر عن الصحابة رضوان
الله عليهم وإنّما صدرت عن بعض المنافقين الذين كانوا مع
ن هذه المقالة هي عين ما حكاه الله الصحابة ظاهًرا ل باطنًا ل ّ
مُز َ
ك ن يَل ْ ِ
م ْمنْهُم َسبحانه وتعالى عنهم في كتابه كقوله تعالى{ :وَ ِ
صدقَات فَإ ُ
م م يُعْطَوْا ِ
منْهَا إِذ َا هُ ْ ن لَ ْ
ضوا وَإ ِ ْ ن أع ْطُوا ِ
منْهَا َر ُ فِي ال َّ َ ِ ِ ْ
ن} [التوبة.]58: خطُو َس َيَ ْ
وأما المقالة الثانية :فقد صدرت من بعض الصحابة رضوان الله
عليهم عن غفلة أو اجتهاد أو عن عجلة إل أنهم لم يصّروا على
خطأهم وإنما تنازلوا عن رأيهم الذي رأوه إلى أمر رسول الله
ن ما ذهب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم إيمانًا منهم ويقينا أ ّ
صلى الله عليه وسلم هو الصواب.
يقول شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله " :فهذه أمور صدرت عن
شهوة وعجلة ل عن شك في الدين"[.]31
ضا رضوان الله وأما المقالة الخيرة :فقد صدرت من الصحابة أي ً
عليهم ولكنّها ل تعتبر ذنبًا ول معصية أو مخالفة لمر رسول الله
صلى الله عليه وسلم وإنّما الستفسار عن دين الله عز وجل
ن مهمة الرسول صلى وطلب المزيد من التفقه إيمانًا منهم بأ ّ
ك الذِّكَْر َ
الله عليه وسلم هي التبيين لقوله تعالى{ :وَأنَزلْنَا إِلَي ْ َ
َ َ
ن} [النحل ]44:كما أنّها م وَلَعَل ّهُ ْ
م يَتَفَك ُّرو َ ل إِلَيْهِ ْ
ما نُّزِ َ س َ لِتُبَي ِّ َ َ
ن لِلن ّا ِ
صدرت منهم لجل الشارة لبعض المور إذا كان المقام يتطلب
َ
ت
م َ مرِ فَإِذ َا عََز ْ م فِي ال ْ شاوِْرهُ ْ المشورة لن الله تعالى يقول{ :وَ َ
َ
ل ع َلَى الل ّهِ} [آل عمران.]159: فَتَوَك َّ ْ
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى" :وكانت المراجعة المشهورة
ما لتكميل نظره صلى الله عليه وسلم في ذلك إن منهم ل تعدو إ ّ
كان من المور السياسية التي للجتهاد فيها مساغ ،أو ليتبين لهم
ما وإيمانًا ،وينفتح لهم طريق التفقه وجه ذلك إذا ذكر ،ويزدادوا عل ً
فيه"[.]32
المبحث الثاني
في مجالسته صلى الله عليه وسلم
ـــــــــــــــ
الهوامش:
[ ]1روح المعاني.)5/65( :
[ ]2أخرجه الحاكم في مستدركه ( )1/108وقال" :هو صحيح على
شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.
[ ]3أخرجه الحاكم في مستدركه ( )1/109وصححه.
[ ]4روح المعاني.)9/164( :
[ ]5روح المعاني.)9/188( :
[ ]6الفروق في اللغة (ص.)215:
[ ]7كما صرح ابن كثير عند تفسير هذه الية .انظر تفسيره (
.)2/190
[ ]8مستدرك الحاكم ( ،)2/139وقال :صحيح السناد ووافقه
الذهبي.
[ ]9ابن كثير.)2/192( :
[ ]10أحكام القرآن ( )4/1700مع التصرف.
[ ]11المصدر السابق (.)4/1701
[ ]12المصدر السابق (.)4/17011702
[ ]13مدارج السالكين.)2/389( :
[ ]14أضواء البيان (.)7/614
[ ]15تفسير القرآن العظيم.)2/67( :
[ ]16صحيح مسلم ،كتاب فضائل الصحابة ،باب فضل الصحابة ثم
الذين يلونهم ثم الذين يلونهم (.)4/1963
[ ]17صحيح البخاري ،كتاب المغازي ،باب مرجع النبي صلى الله
عليه وسلم من الحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته
إياهم (.)3/34
[ ]18صحيح البخاري ،كتاب العتصام بالكتاب والسنة ،باب
القتداء بأفعال النبي صلى الله عليه وسلم (.)4/260
[ ]19البخاري في كتاب التراويح ،باب فضل من قام رمضان (
.)1/343
[ ]20صحيح مسلم ،كتاب المساجد ومواضع الصلة ،باب تحويل
القبلة من القدس إلى الكعبة (.)1/375
[ ]21صحيح البخاري في كتاب الحج ،باب ما ذكر في الحجر
السود (.)1/278
[ ]22يعني التمتع في الحج وهو نوع من أنواع الحج الثلثة
المعروفة.
[ ]23صحيح البخاري في كتاب الحج في باب التمتع والقران
والفراد بالحج وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي (.)1/272273
[ ]24يعني عرفة.
[ ]25صحيح مسلم في كتاب الحج ،باب ما يلزم من أحرم بالحج
ثم قدم مكة ،من الطواف والسعي (.)2/905
[ ]26مثل قصة عمر مع النبي صلى الله عليه وسلم في صلح
الحديبية وفيها :جاء عمر فقال :ألسنا على الحق وهم على
باطل؟ أليس قتلنا في الجنة وقتلهم في النار؟ فقال( :بلى)
قال :ففيم نعطي الدنية في ديننا ،ونرجع ولما يحكم الله بيننا؟
فقال( :يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدًا)،
فرجع متغيظًا فلم يصبر حتى جاء أبا بكر فقال :يا أبا بكر ألسنا
على الحق وهم على الباطل؟ قال :يا ابن الخطاب ،إنه رسول
الله صلى الله عليه وسلم ولن يضيعه الله أبدًا " .انظر صحيح
البخاري ،كتاب التفسير ،باب( :إذ يبايعوك تحت الشجرة) (.)3/190
[ ]27يشير إلى قوله تعالى( :يجادلونك في الحق بعدما تبين.).
سورة النفال :آية (.)6
جا بقوله تعالى( :فليس عليكم جناح أن تقصروا من [ ]28احتجا ً
الصلة إن خفتم ).سورة النساء ،آية .101أجاب صلى الله عليه
وسلم عن ذلك( :صدقة تصدق الله بها عليكم) انظر صحيح
مسلم ،كتاب صلة المسافرين ،باب صلة المسافرين وقصرها (
.)1/478
[ ]29حيث أشار إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يغير المكان
الذي نزل فيه أول ً إلى مكان آخر أحسن بالنسبة للهمية الحربية
ووافقه على ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كما في كتب
السيرة .انظر السيرة النبوية لبن كثير (.)2/402
[ ]30الصارم المسلول( :ص.)119:
[ ]31الصارم المسلول( :ص.)197:
[ ]32الصارم المسلول( :ص.)191:
[ ]33تفسير القرطبي.)14/225( :
[ ]34صحيح البخاري ،كتاب التفسير :باب في قوله تعالى( :ل
تدخلوا بيوت النبي إل أن يؤذن لكم إلى طعام) (.)3/176177
[ ]35صحيح البخاري ،كتاب التفسير :باب في قوله تعالى( :ل
تدخلوا بيوت النبي إل أن يؤذن لكم إلى طعام) (.)3/176177
[ ]36تأملت في سورة الحزاب (ص )460461:مع التصرف.
[ ]37تفسير الكشاف.)3/272( :
[ ]38في ظلل القران.)4/2534( :
[ ]39أحكام القرآن.)3/1398( :
[ ]40تفسير ابن كثير.)3/306( :
[ ]41تفسير القرطبي.)12/321( :
[ ]42في ظلل القرآن.)6/3563( :
[ ]43صحيح البخاري ،كتاب التفسير ،تفسير سورة الجمعة (.)3/202
[ ]44تفسير القرطبي.)13/320( :
.9كتاب "التأدب مع الرسول في ضوء الكتاب
والسنة" [الجزء الخامس]
الباب الثالث
البدع الملحقة بالدب مع النبي صلى الله عليه وسلم
غالى بعض الناس في حبّهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم
وتعوّدوا القيام ببعض العمال التي لم يرد بها دليل شرعي ،كما
استغل بعض المنافقين حب المسلمين لرسولهم وأدخلوا عليهم
ما ل يجوز ول يصح اعتمادًا على دليل واه ،أو تأويل غير صحيح.
ومن هنا ظهرت بدع في مجال التأدب مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم يجب أن تعرف لتترك ويتخلص منها المؤمنون
الصادقون.
وقد اتبعت في دراسة هذا الموضوع عرض الراء الواردة في كل
مسألة مع ذكر أدلتها ومناقشتها جلء للحق وبيانًا للصواب.
سمتها إلى بدع ألحقت بمولده صلى الله عليه وسلم، وقد ق ّ
وأخرى ألحقت بزيارة مسجده صلى الله عليه وسلم ،وثالثة
بزيارة قبره الشريف صلى الله عليه وسلم ،وتناولت هذه البدع
حا.
بالدراسة بعد تعريف مفصل للبدعة لغة واصطل ً
ولذا جاء هذا الباب مشتمل ً على أربعة فصول هي:
حا.
الفصل الول :تعريف البدعة لغة واصطل ً
الفصل الثاني :البدع الملحقة بمولده صلى الله عليه وسلم.
الفصل الثالث :البدع الملحقة بمسجده صلى الله عليه وسلم.
الفصل الرابع :البدع الملحقة بزيارة قبره الشريف صلى الله
عليه وسلم.
وذلك فيما يلي بنفس الترتيب.
الفصل الول
حا
تعريف البدعة لغة واصطل ً
أولً :تعريف البدعة لغة:
يقول صاحب معجم مقاييس اللغة[" :]1الباء والدال والعين
أصلن أحدهما ابتداء الشيء وصنعه ل عن مثال ،والخر النقطاع
والكلل .فالول قولهم :أبدعت الشيء قول ً أو فعل ً إذا ابتدائه ل
عن مثال والله بديع السماوات والرض[ ]2والعرب تقول :ابتدع
ي إذا استنبطه وفلن بدع في هذا المر .قال الله فلن الرك ّ
ل} [الحقاف ]9:أي ما كنت س ِن الُّر ُ
م ْ ما كُن ْ ُ
ت بِدْع ًا ِ ل َ تعالى{ :قُ ْ
أول "[.]3
ويقول صاحب مصباح المنير[" :]4أبدعت الشيء وأبدعته:
استخرجته وأحدثته ومنه قيل للحالة المخالفة بدعة وهي اسم
من البتداع كالرفعة من الرتفاع ثم غلب استعمالها فيما هو
نقص في الدين أو زيادة ...وفلن بدع في المر أي هو أول من
فعله .فيكون اسم فاعل بمعنى مبتدع والبديع فعيل من هذا
فكأن معناه هو منفرد بذلك من بين نظائره ،وفيه معنى التعجب،
ل} [الحقاف]9: ن الُّر ُ
س ِ م ْ ما كُن ْ ُ
ت بِدْع ًا ِ ل َ ومنه قوله تعالى{ :قُ ْ
أي ما كنت أول من جاء بالوحي من عند الله تعالى وتشريع
الشرائع بل أرسل الله تعالى الرسل قبلي مبشرين ومنذرين فأنا
على هداهم.]5[..
ويقول ابن منظور " :بدع الشيء يبدعه بدع ًا ،وابتدعه :أنشأه
ما كُن ْ ُ
ت ل َوبدأه ويبدع الشيء الذي يكون أول ً وفي التنزيل{ :قُ ْ
ل} [الحقاف ]9:أي ما كنت أول من أرسل قد س ِن الُّر ُ
م ْ
بِدْع ًا ِ
أرسل قبلي رسل كثير..
وأبدعت الشيء :اخترعته ل على مثال والبديع من أسماء الله
تعالى لبداعه الشياء وإحداثه إيّاها وهو البديع الول قبل كل
ض} [البقرة]117 : َ شيء ومنه قوله تعالى{ :بَدِيعُ ال َّ
ت وَالْر ِ موَا ِس َ
أي خالقها ومبدعها فهو سبحانه المخترع لها ل عن مثال سابق "[
.]6
ونستنتج من هذه التعريفات اللغوية السابقة لكلمة البدعة
ومشتقاتها أمرين اثنين:
ن معناها يدور حول الختراع والحداث والبتداء والنشاء أ) أ ّ
وكلها معان متقاربة كما ترى.
ن البدعة اللغوية تشمل المحدث المذموم والحسن لن ب) أ ّ
المر المخترع قد يترتب عليه مصلحة فيكون حسنًا ،وقد يترتب
ما.
عليه مفسدة فيكون مذمو ً
ثانيًا :تعريف البدعة في اصطلح أهل الشرع:
اختلفت أنظار العلماء في تحديد معنى البدعة .فمنهم من حددها
بـ "ما أحدث في الدين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومنهم من أطلقها على ما أحدث بعد رسول الله صلى الله عليه
وسلم في الدين وفي غيره من العادات.
ويمثل الفريق الول ابن رجب الحنبلي[ ]7والشاطبي[ ]8والحافظ
ابن حجر العسقلني وغيرهم .بينما يمثل الفريق الخر العز بن
عبد السلم [ ]9والنووي وغيرهما.
وسوف أفصل تعريف كل فريق لنصل إلى التعريف المختار.
تعريف البدعة عند الفريق الول :يقول ابن رجب الحنبلي في
تعريف البدعة" :والمراد بالبدعة" :ما أحدث مما ل أصل له في
ما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه الشريعة يدل عليه ،أ ّ
فليس ببدعة شرع ًا وإن كان بدعة لغة"[.]10
وعّرف الشاطبي البدعة بتعريفين :الول :هو أن البدعة عبارة
عن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك
عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه[.]11
ن البدعة طريقة في الدين تضاهي الشرعية يقصد والثاني :هو أ ّ
بالسلوك عليها ما يقصد بالشرعية "[.]12
ويقول الحافظ ابن حجر في تعريف البدعة " :ما أحدث وليس له
أصل في الشرع يسمى في عرف الشرع بدعة .وما كان له أصل
يدل عليه الشرع فليس ببدعة "[.]13
يظهر لنا مما تقدم أن تعريفات هذا الفريق تقيد البدعة بأمور
ثلثة:
أ) الحداث في الدين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ب) أن يقصد بها التقرب إلى الله.
ج) أن ل يدل عليها دليل شرعي.
وعلى هذا تكون البدعة اللغوية أعم لشتمالها على ما أحدث في
الدين وفي غيره بينما البدعة الشرعية ل تشمل إل ما أحدث في
الدين على وجه التقرب إلى الله مع عدم وجود الدليل الشرعي.
ومن ثم فل تكون البدعة في نظر هذا الفريق إل مذمومة شرع ًا
بخلف البدعة اللغوية ول تدخل في العادات التي ليس لها شائبة
التعبد.
يقول الشاطبي " :ثبت في الصول الشرعية أنّه ل بد في كل
ن ما لم يعقل معناه على التفصيل من عادي من شائبة التعبد ،ل ّ
المأمور به أو المنهي عنه فهو المراد بالتعبدي ،وما عقل معناه
وعرفت مصلحته أو مفسدته فهو المراد بالعادي ،فالطهارات
والصلوات والصيام والحج كلها تعبدي ،والبيع والنكاح والشراء
والطلق والجارات والجنايات كلها عادي ،لن أحكامها معقولة
المعنى ول بد فيها من التعبد ،إذ هي مقيدة بأمور شرعية ل خيرة
للمكلف فيها..
وإذا كان كذلك فقد ظهر اشتراك القسمين في معنى التعبد ،فإن
جاء البتداع في المور العادية من ذلك الوجه صح دخوله في
العاديات كالعبادات وإل ّ فل[.]14
ويقول ابن حجر العسقلني" :فالبدعة في عرف الشرع مذمومة
بخلف اللغة ،فإن كل شيء أحدث على غير مثال يسمى بدعة
ما وكذا القول في المحدثة ،والمر سواء كان محمودًا أو مذمو ً
المحدث "[.]15
تعريف البدعة عند الفريق الثاني :يقول العز بن عبد السلم:
"البدعة :هي فعل ما لم يعهد في عهد الرسول صلى الله عليه
وسلم وهي منقسمة إلى بدعة واجبة ،وبدعة محرمة ،وبدعة
مندوبة ،وبدعة مكروهة ،وبدعة مباحة .والطريقة في معرفة ذلك
أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة ،فإن دخلت في قواعد
اليجاب فهي واجبة ،وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة،
وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة ،وإن دخلت في
قواعد المباحات فهي مباحة [ ]16ثم ضرب أمثلة لكل نوع منها
وهي على النحو التالي:
والبدعة الواجبة مثل الشتغال بالنحو ،والبدعة المحرمة مثل
الشتغال بمذهب القدرية والجبرية ،والبدعة المندوبة مثل جمع
الناس في صلة التراويح ،والبدعة المكروهة مثل زخرفة
المساجد ،والبدعة المباحة مثل المصافحة عقب الصبح والعصر[
.]17
ويقول النووي رحمه الله تعالى" :والبدعة بكسر الباء في الشرع
هي إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهي منقسمة إلى حسنة وقبيحة "[.]18
وهذا الفريق يقيّد تعريف البدعة بقيد واحد وهو إحداث ما لم يكن
في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ولهذا فإن البدعة
عندهم ليست مذمومة كلها ،بل منها ما هو واجب يلزم فعله،
ومنها ما هو حرام يلزم تركه ،وما هو وسط بين هذا وذاك .حيث
إنها تخضع للحكام الشرعية الخمسة من وجوب ،وحرام،
ومندوب ،ومكروه ،ومباح ،ومندوب.
ن البدعة عندهم تساوي البدعة اللغوية لنها تشمل وعلى هذا فإ ّ
الحدث المذموم والحسن بخلف الفريق الول الذي يرى
انحصارها في الحدث المذموم ومن ثم فإن النسبة بين الفريقين
عموم وخصوص مطلق.
أدلة الفريقين :يستدل كل الفريقين بأدلة تؤيد ما ذهب إليه ونذكر
هنا طرفًا من أدلة كل الفريقين مع بيان وجهة الستدلل لكل
منهما.
أولً :أدلة الفريق الول :هذا الفريق يستدل بالنصوص التي يفيد
منطوقها ذم البدعة على وجه العموم.
ن خير الحديث كتاب 1ـ من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم" :فإ ّ
الله وخير الهدي هدي محمد ،وشر المور محدثاتها وكل بدعة
ضللة "[.]19
ن قوله صلى الله عليه وسلم " :كل بدعة ضللة " عام يفيد أن أ ّ
البدعة مذمومة كلها بغير استثناء نوع منها ولم يرد ما يخصص
ذلك العموم ،ولذلك فليس هناك بدعة حسنة بل كلها مذمومة
شرع ًا.
2ـ ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم" :من أحدث في أمرنا
هذا ما ليس منه فهو رد"[ ]20أي :مردود.
ن الحداث في الدين أمر ووجه الستدلل بهذا الحديث هو :أ ّ
ن الحداث في مردود مهما كان ذلك الحداث صغيًرا أو كبيًرا ل ّ
الدين بدعة ،ومن ثم فل يوجد بدعة حسنة.
3ـ ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم" :أوصيكم بتقوى الله
والسمع والطاعة لولة المر وإن عبد حبشي فإنّه من يعش
منكم ير اختلفًا كثيًرا ،وإياكم ومحدثات المور فإنّها ضللة فمن
أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين
عضوا عليها بالنواجذ"[.]21
ن الرسول صلى الله عليه ووجه الستدلل بهذا الحديث هو أ ّ
وسلم قد حذر من المحدثات ووصفها بأنّها بدعة كما وصف
البدعة بأنّها ضللة على وجه العموم ،وهذا يقتضي أنّه ليس هناك
بدعة حسنة وأخرى قبيحة بل كلها قبيحة.
ثانيًا :أدلة الفريق الثاني :يستدل هذا الفريق بأدلة نوجزها فيما
يلي:
1ـ قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في صلة التراويح بعد ما
جمعهم على أبي بن كعب رضي الله عنه" :نعمت البدعة"[.]22
ووجه الستدلل بهذا القول هو أن عمر رضي الله عنه قد سمى
صلة التراويح بدعة مع إقراره بل بأمره ذلك.
م
وهذا يدل على أنه يقصد بها البدعة الحسنة ل القبيحة ومن ث ّ
فإن البدعة تنقسم إلى حسنة وقبيحة.
ن في السلم سنّة حسنة 2ـ قوله صلى الله عليه وسلم" :من س ّ
فيعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ول ينقص من
ن في السلم سنّة سيئة وعمل بها بعده أجورهم شيء ،ومن س ّ
كتب عليه مثل وزر من عمل بها ول ينقص من أوزارهم شيء"[
.]23
ووجه الستدلل بهذا الحديث هو أنه إذا أحدث أحد شيئًا حسنًا
يثاب عليه وأنّه غير مذموم وكذلك العكس وبالتالي هناك اختراع
حسن وأخرى غير حسن ومن ثم البدعة تنقسم إلى حسنة
وقبيحة.
3ـ قول ابن مسعود رضي الله عنه" :فما رأى المسلمون حسنًا
فهو عند الله حسن وما رأوا سيئًا فهو عند الله سيئ"[.]24
ووجه الستدلل بهذا الثر هو أنّه ما فعل المسلمون واستحسنوه
ما بشرط أن ل يخالف الكتاب أو السنة أو الجماع. ل يكون مذمو ً
وعلى هذا فل يعتبر البدعة كلها قبيحة بل منها ما هو حسن.
ن طريقة الفريق الول مبنية على ثلثة أمور: وخلصة القول :أ ّ
1ـ البدعة حقيقة فيما لم يفعل في الصدر الول ولم يكن له أصل
من أصول الشرع ومجاز في غير ذلك.
ن جميع ما ورد في ذم البدع من نحو قوله صلى الله عليه 2ـ أ ّ
وسلم" :كل بدعة ضللة" [ ]25باق على عمومه.
ن البدع ل تدخل إل ّ في العاديات التي ل بد فيها من 3ـ القول بأ ّ
التعبد.
ضا:
وأّما طريقة الفريق الثاني فهي مبنية على أمور ثلثة أي ً
ن البدعة حقيقة فيما لم يفعل في الصدر الول كان له أصل 1ـ أ ّ
من أصول الشرع أم ل.
ن جميع ما ورد في البدع من نحو قوله صلى الله عليه وسلم: 2ـ أ ّ
"إن كل بدعة ضللة" [ ]26عام مخصوص.
3ـ القول بأن جميع المخترعات من العاديات ولو لم يلحقها شائبة
تعبد تلحق بالبدع وتصير كالعبادات المخترعة)[.]27
مناقشة الدلة والترجيح :نبدأ بمناقشة أدلة الفريق الثاني ثم
نتبعها بأدلة الفريق الول :أولً :استدللهم بقول عمر رضي الله
عنه" :نعمت البدعة " ،ليس بدليل لهم لعدة أمور:
1ـ أن صلة التراويح جماعة ليست بدعة شرعية بل صلها رسول
الله صلى الله عليه وسلم في حياته جماعة عدة ليالي ثم بعد
ذلك تركها مخافة أن تفرض عليهم ثم ل يطيقوها .ومما يدل على
ذلك ما أخرجه المام البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنّها
قالت :إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من جوف الليل
فصلى في المسجد فصلى رجال بصلته فأصبح الناس يتحدثون
بذلك فاجتمع أكثر منهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الليلة الثانية فصلوا بصلته فلما كانت الليلة الرابعة عجز
المسجد عن أهله فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم فطفق رجال منهم يقولون :الصلة فلم يخرج إليهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم حتى خرج لصلة الصبح فلما قضى
الفجر أقبل على الناس فتشهد ،ثم قال" :أما بعد فإنّه لم يخف
ي مكانكم ولكنّي خشيت أن تفترض عليكم صلة الليل عل ّ
فتعجزوا عنها" [ ]28وفي رواية وذلك في رمضان.
وما دام الرسول صلى الله عليه وسلم ترك صلة التراويح
جماعة مخافة أن تفرض عليهم وقد زال ذلك الخوف بموته صلى
الله عليه وسلم فل مانع أن يرجع المر كله إلى ما كان عليه وهو
أن يصلى بها جماعة.
ن صلة التراويح جماعة تدخل في ضمن سنة الخلفاء 2ـ أ ّ
الراشدين ،وبالتالي فهي سنة سنّها أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب رضي الله عنه لقولـه صلى الله عليه وسلم " ...وإياكم
ومحدثات المور ،فإنها ضللة فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين.]29[" ...
3ـ إن عمر رضي الله عنه أمر ذلك بمرأى ومسمع من الصحابة
رضوان الله عليهم ولم ينقل من عارض ذلك.
وعلى هذا فل يكون قول عمر رضي الله عنه دليل ً لهذا الفريق
ولكن يبقى لماذا سمى عمر هذا الفعل بدعة؟ وقد أوّل العلماء
هذا القول بعدة تأويلت وأحسنها هو أن يقصد بها البدعة اللغوية
لشتمالها البدعة السيئة والبدعة الحسنة.
يقول ابن تيمية رحمه الله في هذا المقام" :ما سمي بدعة وثبت
ما أن يقال ليسحسنه بأدلة الشرع فأحد المرين فيه لزم إ ّ
ببدعة في الدين وإن كان يسمى بدعة في اللغة كما قال عمر:
نعمت البدعة ،وإما أن يقال هذا عام خصت منه هذه الصورة
لمعارض راجح كما يبقى عداها على مقتضى العموم كسائر
عمومات الكتاب والسنة"[.]30
ضا" :أكثر ما في هذا تسمية عمر تلك بدعة أي صلة ويقول أي ً
التراويح جماعة مع حسنها ،وهذه تسمية لغوية ل تسمية شرعية،
ن البدعة في اللغة تعم كل ما فعل ابتداء من غير مثال وذلك أ ّ
ما البدعة الشرعية فكل ما لم يدل عليه دليل شرعي"[ سابق ،وأ ّ
.]31
ثانيًا :استدللهم بقوله صلى الله عليه وسلم" :من سن في
السلم سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل
بها." ....
ليس بدليل لهم لن معناه هو من أحيا سنة من سنة الرسول
صلى الله عليه وسلم فله ثوابها وثواب من اتبعه بها كما يدل
عليه سبب حديث جرير بن عبد الله حيث قال" :جاء ناس من
العراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصرف[ ]32فرأى
سوء حالهم قد أصابتهم حاجة فحث الناس على الصدقة فأبطأوا
ن رجل ً من النصار جاء عنه حتى رؤي ذلك في وجهه قال :ثم إ ّ
بصرة من ورق ثم جاء آخر ثم تتابعوا حتى عرف السرور في
ن فيوجهه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" :من س ّ
السلم سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها
ن في السلم سنة سيئة ول ينقص من أجورهم شيء ،ومن س ّ
فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ول ينقص من
أوزارهم شيء"[.]33
وهذا يدل على أن الغرض من ذلك إحياء ما ثبت في السلم،
وهنا الصدقة وليس ابتداع شيء ل أصل له في الشريعة
السلمية.
وهناك حديث آخر يفسر هذا الحديث مثل قوله صلى الله عليه
وسلم" :من أحيا سنّة من سنن قد أميتت بعدي كان له من الجر
مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا ،ومن ابتدع
بدعة ضللة ل يرضاها الله ورسوله كان عليه آثام من عمل بها ل
ينقص ذلك من أوزار الناس شيئًا"[.]34
ما قول ابن مسعود رضي الله عنه" :فما رأى المسلمون ثالثًا :وأ ّ
حسنًا فهو عند الله حسن "[ ]35فهو أثر موقوف على ابن مسعود
وليس بحجة ،وأما على فرض حجته فليس المراد جنس
المسلمين الصادق بالمجتهد وغيره لقتضائه أن كل ما رآه آحاد
المسلمين حسنًا فهو حسن ،وكذلك العكس ،كما أنه يقتضي كون
العمل الواحد حسنًا عند البعض الخر ل يصح التقرب به إلى الله
حا عند البعض الخر ل يصح التقرب به إليه ،وهو باطل[ تعالى قبي ً
.]36
وعلى هذا يحمل معنى هذا الثر على ما اجتمعت عليه المة
لعصمتها من الجماع على ضلل ،والجماع حجة لستناده إلى
دليل شرعي ،وعلى هذا فل يوجد دليل واحد يدل إلى ما ذهبوا
ن المثلة التي ذكروها للبدعة الحسنة والقبيحة تدخل تحت إليه وأ ّ
ما يناسبها من القواعد الشرعية.
وأما أدلة الفريق الول :فهي مقبولة ومسلمة من ناحية ثبوتها
ومن ناحية الستدلل معًا ،وبالتالي فل تحتاج إلى مناقشة.
جح ما ذهب إليه الفريق الول وهو أن البدعة ل وعلى هذا نر ّ
تكون إل ّ مذمومة لعموم النصوص التي وردت في ذم البدعة
شرع ًا ولعدم وجود ما يخصص ذلك ،وبالتالي ليست مقسمة إلى
حسنة وقبيحة.
يقول المام الشاطبي رحمه الله مؤيدًا ذلك" :إنّه قد ثبت في
ن كل قاعدة كلية أو دليل شرعي كلي إذا الصول العلمية أ ّ
تكررت في مواضع كثيرة وأتى بها شواهد على معان أصولية أو
فروعية ،ولم يقترن بها تقييد ول تخصيص مع تكرارها ،وإعادة
تقررها فذلك دليل على بقائها على مقتضى لفظها من العموم
خرى * وأ َن لَيس لِلنسان إلَّ ُ َ َ
َ ْ ْ َ ِ َ ِ ِ كقوله تعالى{ :أل ّ تَزُِر وَازَِرة ٌ وِْزَر أ ْ َ
سعَى} [النجم ]3839:وما أشبه ذلك... ما ََ
فما نحن بصدده من هذا القبيل .إذ جاء في الحاديث المتعددة
ن كل والمتكررة في أوقات شتى وبحسب الحوال المختلفة أ ّ
ن كل محدثة بدعة وما كان نحو ذلك من العبارات بدعة ضللة وأ ّ
ن البدع مذمومة ولم يأت في آية ول حديث تقييد ول الدالة على أ ّ
تخصيص ول ما يفهم خلف ظاهر الكلية فيها ،فدل ذلك دللة
ما البدع
واضحة على أنّها على عمومها وإجمالها"[ ]37وأ ّ
المنقسمة إلى حسنة وقبيحة فهي البدعة اللغوية المتعلقة
بالختراعات وبأمور المعاش ووسائله ومقاصده [ ،]38فما كان
ضاًرا فنترك ،وما كان نافعًا فنفعل ونستعمل.
ضه لنا الشارع بقوله صلى الله وكل هذه أمور تدخل تحت ما فر ّ
عليه وسلم" :أنتم أعلم بأمور دنياكم.]39[" ...
هذا ما يتعلق بالبدعة الحقيقة وأما البدعة الضافية فهي كما ذكر
الشاطبي رحمه الله التي لها شائبتان :إحداهما لها من الدلة
متعلق فل تكون من تلك الجهة بدعة ،والخرى ليس لها متعلق إل
مثل ما للبدعة الحقيقية .فلما كان العمل الذي له شائبتان لم
يتخلص لحد الطرفين وضعنا له هذه التسمية "البدعة الضافية"
أي أنها بالنسبة إلى إحدى الجهتين سنة لنها مستندة إلى دليل،
وبالنسبة إلى الجهة الخرى بدعة لنها مستندة إلى شبهة ل إلى
دليل أو غير مستندة إلى دليل.
والفرق بينهما من جهة المعنى ،أن الدليل عليها من جهة الصل
قائم ،ومن جهة الكيفيات أو الحوال أو التفاصيل لم يقم عليها
مع أنها محتاجة إليه لن الغالب وقوعها في التعبديات ل في
العاديات المحضة[.]40
ومثال ذلك الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب الذان
جهًرا مع أن الشارع طلب منا ذلك سًرا بقوله صلى الله عليه
وسلم" :إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلّوا عل ّ
ي،
ي مرة صلى الله عليه بها عشًرا.]41["... فإن من صلّى عل ّ
والبدعة تدخل من جهة الكيفية ل من جهة أصل مشروعية ذلك،
ومن ثم تأخذ حكم البدعة الحقيقية بحسب قربها لها أو بعدها
منها.
يقول الشاطبي رحمه الله" :فقلما تختص أي البدعة الحقيقية
بحكم دون الضافية بل هما معًا يشتركان في أكثر الحكام إل أن
الضافية على ضربين :أحدهما :يقرب من الحقيقة حتى تكاد
البدعة تعد حقيقية.
والخر :يبعد منها حتى يكاد يعد سنة محضة[.]42
الفصل الثاني
البدع الملحقة بمولده صلى الله عليه وسلم
المبحث الول
تحديد وقت الحتفال بالمولد ونشأته
تحديد وقت الحتفال بالمولد مرتبط بتحديد الوقت الذي ولد فيه
ن ذلك الحتفال يقصد به المصطفى صلى الله عليه وسلم ل ّ
إحياء ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم كما قلنا آنفًا.
ن ذلك الحتفال يخضع للختلف الوارد في تحديد ومعنى ذلك أ ّ
وقت ولدته صلى الله عليه وسلم ولكن الذي ل جدال فيه أنّه
ولد في يوم الثنين للحديث الصحيح الذي ورد في هذا الشأن
ما ما عدا ذلك فمختلف فيه. وأ ّ
أخرج المام مسلم بسنده عن أبي قتادة النصاري رضي الله عنه
ن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم الثنين أ ّ
ي"[.]44
فقال" :فيه ولدت وفيه أنزل عل ّ
وقد ذكر ابن كثير رحمه الله الخلف الوارد في ذلك في كتابه
السيرة النبوية قائلً:
ن ذلك كان في شهر ربيع الول ،فقيل لليلتين خلتا منه ..وقيل "أ ّ
لثمان خلون فيه .وقيل لعشر خلون منه ..وقيل لثنتي عشر
خلت منه.]45["..
ولجل هذا الخلف كان الملك المظفر صاحب إربل [ ]46يحتفل
بالمولد الشريف مرة في ثامن شهر ربيع الول ومرة في الثاني
عشر منه [ ]47ولكن المشهور هو أنّه ولد في يوم الثاني عشر
من شهر ربيع الول وهو الراجح.
يقول ابن كثير بعد نقله هذا القول" :وهذا هو المشهور عند
الجمهور والله أعلم"[.]48
ما ما ذكر من أنّه ولد في رمضان أو في يوم الجمعة وفي وأ ّ
غيرهما فغير صحيح كما ذكر المام ابن كثير رحمه الله تعالى.
ضا بين
ما نشأة الحتفال بالمولد الشريف فمختلف فيه أي ً وأ ّ
ن الحتفال بدأ في القاهرة أيام الدولة العلماء ،فمنهم من يقول إ ّ
ن ذلك قد أحدثه الملك مظفر الفاطمية ،ومنهم من يقول إ ّ
صاحب إربل بإربل في آخر القرن السادس أو أوائل القرن
السابع.
القوال التي تؤيد القول الول :يقول المقريزي " :كان للخلفاء
الفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم وهي :موسم رأس
السنة ،وموسم أول العام ،ويوم عاشوراء ،ومولد النبي صلى الله
عليه وسلم ومولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومولد
الحسن ومولد الحسين رضي الله عنه ومولد فاطمة الزهراء
رضي الله عنها ومولد الخليفة الحاضر"[.]49
ويقول القلقشندي عند كلمه عن جلسات الخلفاء الفاطميين:
"الجلوس الثالث جلوسه في مولد النبي صلى الله عليه وسلم
في الثاني عشر من شهر ربيع الول وكان عادتهم فيه أن يعمل
في دار الفطرة عشرون قنطاًرا من السكر الفائق حلوى من
طرائف الصناف وتعبأ ثلثمائة صينية نحاس فإذا كان ليلة ذلك
المولد تفرق في أرباب الرسوم كقاضي القضاة وداعي الدعاة
وقراءة الحضرة.]50[" ...
ن الفاطميين كانوا ويفهم من كلم المقريزي وكلم القلقشندي أ ّ
يعملون الحتفال بالمولد النبوي وغير ذلك من الموالد وإن لم
يصرحا بأنّهم أول من أحدث ذلك ولكن صرح في ذلك حسن
السندوبي في كتابه تاريخ الحتفال بالمولد النبوي قائلً" :لقد
دلني البحث والتنقيب والتحري والستقصاء على أن الفاطميين
هم أول من ابتدع فكرة الحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف
وجعلوه من العياد العامة في كل أمة من المم السلمية كما
ابتدعوا غيره من الحتفالت الدورية التي عدّت من مواسمها،
وكذلك صرفوا الكثير من اهتمامهم إلى إحياء ما يكون معروفًا
من المواسم والعياد قبل السلم"[.]51
وممن ذهب إلى القول الثاني السيوطي حيث يقول" :أول من
أحدث فعل ذلك الحتفال بالمولد صاحب إربل الملك المظفر أبو
سعيد كوكبوري بن زين الدين بن علي بن بكتكين أحد ملوك
المجاد والكبراء الجواد وكان له آثار حسنة"[.]52
وتبعه في ذلك محمد رشيد رضا صاحب المنار حيث يقول" :إن
الحتفال بالمولد النبوي الشريف قد صار عادة عامة ،والمشهور
ن المحدث لها هو أبو سعيد كوكبوري بن أبي الحسن علي بن أ ّ
بكتكين التركماني الجنس الملقب بالملك العظيم مظفر الدين
صاحب إربل أحدثها في أوائل القرن السابع أو أواخر القرن
السادس فإن السلطان صلح الدين ولّه على إربل في ذي
الحجة سنة 580هـ "[.]53
وهذان القولن هما المشهوران في الموضوع الذي نحن بصدده
ولم أقف على أقوال أخر تتعلق بهذا الموضوع.
وقد ذهب بعض العلماء إلى التوفيق بين الرأيين :يقول الشيخ
علي محفوظ" :أول من أحدثها بالقاهرة الخلفاء الفاطميون في
القرن الرابع فابتدعوا ستة موالد :المولد النبوي ،ومولد المام
علي رضي الله عنه ومولد فاطمة الزهراء رضي الله عنها ومولد
الحسن والحسين رضي الله عنهما ومولد الخليفة الحاضر.
وبقيت الموالد على رسومها إلى أن أبطلها الفضل أمير الجيوش
ثم أعيدت في خلفة المر بأحكام الله في سنة أربع وعشرين
وخمسمائة بعدما كاد الناس ينسونها ،وأول من أحدث المولد
النبوي بمدينة إربل الملك المظفر أبو سعيد في القرن السابع،
وقد استمر العمل بالمولد إلى يومنا هذا وتوسع الناس فيها
وابتدعوا بكل ما تهواه أنفسهم وتوحيه شياطين النس والجن"[
.]54
ضا الدكتور عزت عطية حيث يقول" :وأول من وذهب إلى ذلك أي ً
أحدثه بالقاهرة المعز لدين الله الفاطمي سنة 362هـ ودام
الحتفال به إلى أن أبطله أمير الجيوش بدر الدين الجمالي سنة
ما ولي الخلفة المر بأحكام 488هـ في عهد المستعلي بالله ،ول ّ
الله ابن المستعلي أعاد الحتفال في سنة 495هـ وأول من أحدث
هذا الحتفال بإربل الملك المظفر أبو سعيد في القرن السادس
ن البتداء نسبي بحيث أن أو السابع[ .]55ويفهم من كلمهما أ ّ
الفاطميين هم أول من أحدث ذلك الحتفال بالنسبة لمدينة
القاهرة ،وأما بالنسبة لربل فصاحب إربل الملك المظفر هو أول
ن
من أحدث فيها ولكن أرجح القوال هو الول الذي يقول بأ ّ
الفاطميين هم الذين أحدثوا ذلك ولم يسبقهم أحد في ذلك بل
انتشرت من عندهم إلى البلد السلمية.
ن الدولة الفاطمية قد سقطت قبل وجود الملك والذي يؤيد ذلك أ ّ
المظفر صاحب إربل وبالتحديد سنة 567هـ [ ]56وكذلك صاحب
إربل نفسه لم يبتدع ذلك الحتفال بالمولد بل اقتدى بالشيخ عمر
المل[.]57
يقول أبو شامة" :وكان أول من فعل ذلك أي الحتفال بالمولد
الشيخ عمر بن محمد المل أحد الصالحين المشهورين وبه اقتدى
في ذلك صاحب إربل وغيره رحمهم الله تعالى[.]58
ن الحتفال بالمولد النبوي لم يكن معروفًا في وخلصة القول أ ّ
القرون الثلثة الولى التي شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
لهلها بالخيرية بقوله" :خير الناس قرني في ثم الذين يلونهم ثم
الذين يلونهم.]59["...
وإنّما بدأ ذلك في النصف الخير من القرن الرابع الهجري على
يد أحد ملوك الفاطميين وهو المعز لدين الله.
والغرض من ابتداع الحتفال بالمولد النبوي هو جذب قلوب
العامة إلى الدولة الفاطمية الجديدة في مصر كما جزم غير
واحد.
ما استقر له الحكم أي المعز لدين الله أخذ يقول السندوني " :ول ّ
يفكر في الوسائل الكفيلة باستمالة القلوب ،وامتلك النفوس،
واستثارة العواطف حتى تألف المة المصرية تصرفات هذه
ما
الحكومة الجديدة وترضى عن سياستها في إدارة البلد ،ول ّ
كانت الميول العامة لطبقات المة المصرية متجهة إلى حب آل
بيت الرسول مع العتدال في التشيع لهم ...رأى المعز لدين الله
ن أقرب السباب للوصول إلى أغراضه من هذا الميل العام أ ّ
اللتجاء إلى المور التي تمت بصلة إلى المظهر الديني ،فهداه
تفكيره إلى أن يقرر إقامة مواسم حافلة وأعياد شاملة في
مواعيد مقررة وكان من أولها وأجلّها وأفضلها الحتفال بذكرى
المولد النبوي الشريف"[.]60
وبجانب هذه المناسبات والعياد الدينية فقد كان الخلفاء
الفاطميون يشتركون في الحتفالت التي تقام للعياد الخرى
مثل عيد الميلد عند القباط في مصر وغيرها من العياد
والمواسم للغرض نفسه حتى ينالوا رضاء أهل الملل المختلفة
القاطنين في مصر.
يقول د .حسن إبراهيم حسن وصاحبه في كتابهما "المعز لدين
الله"" :وكان الفاطميون يتخذون هذه العياد وسيلة لجذب
الرعايا إليهم ،لذلك شارك المعز القبط في الحتفال بعيد الميلد
وغيرها"[.]61
ن إحداث الحتفال بالمولد النبوي من قبل ومن هنا نقول إ ّ
الخلفاء الفاطميين كان لغرض سياسي بحت دون النظر إلى
دوافع دينية أو اعتبارات أخرى بل الغرض الوحيد هو كسب
احترام رعايا المسلمين في مصر كما كانوا يعملون مع رعايا غير
المسلمين هناك بحيث يشتركون معهم في احتفالتهم التي
ليست لها صلة بالدين.
وهذه سمة عامة الخلفاء الفاطميين منذ أن نشأت دولتهم في
مصر عام 357هـ إلى أن سقطت في سنة 5670هـ وإن كان فيهم
من أبطل الحتفال بالمولد النبوي وغيره من الموالد فترة مثل
الفضل أمير الجيوش في سنة 488هـ ولكن أعيد الحتفال في
عهد المر بأحكام الله في سنة 495هـ وبعد ذلك استمر إلى يومنا
هذا .وقد أصبح ذلك اليوم في بعض البلد عيدًا رسميًا حيث
تعطل المصالح الحكومية والشركات والمؤسسات وتقفل
المدارس وتقام حفلت هائلة وتعمل إنارة الطرقات وتزيينها.
والغرب من ذلك كله أن بعض الحكومات التي تدور في فلك
المعسكر الشيوعي الملحد الذي ل يعترف بوجود الله تجعل ذلك
اليوم عيدًا رسميًا مثل العياد الوطنية في عصرنا الحاضر لكسب
ن الدينتأييد رعايا المسلمين فقط دون النظر إلى دوافع دينية ل ّ
عندهم أفيون الشعب بناء على مبدئهم القائل :الغاية تبرر
الوسيلة.
وعلى هذا فغرضهم يتفق مع غرض الدولة الفاطمية في مصر
التي أحدثت ذلك الحتفال وإن اختلفت الزمنة وبعدت المكنة.
المبحث الثاني
حكم الحتفال بالمولد النبوي
ونذكر هنا أقوال العلماء فيه :يقول البخاري( :عبد الله بن المحرر
عن قتادة ،متروك الحديث [ ،]80وهنا عن قتادة.
يقول النسائي( :عبد الله بن محرر يروي عن قتادة متروك
الحديث)[.]81
ويقول ابن أبي حاتم عن أبيه( :عبد الله بن محرر متروك)[.]82
ويقول ابن حبان( :كان من خيار عباد الله ،ممن يكذب ول يعلم
ويقلب السناد ول يفهم)[.]83
ويقول البيهقي عن عبد الرزاق [ ]84قال( :إنّما تركوا عبد الله بن
محرر لجل هذا الحديث[.]85
ن هذا الحديث ل يصح من هذه القوال التي أوردتها يتبين لنا أ ّ
سنده لوجود راوٍ متروك في سنده ومن ثم ل يمكن الستدلل به
في هذا المقام.
ما من ناحية المتن فل يمكن أن يستدل هذا من ناحية السند ،وأ ّ
ضا لما نحن بصدده وهو الحتفال بالمولد وإنّما غاية ما به أي ً
يستدل به عليه مشروعية العقيقة بعد البلوغ أن فرضنا صحته،
وهيهات أن يصح.
4ـ استدللهم بصيامه صلى الله عليه وسلم في كل يوم الثنين
معلل ً بأنّه اليوم الذي ولد فيه واليوم الذي أنزل عليه فمردود لن
صيامه صلى الله عليه وسلم لم يكن في اليوم الثاني عشر من
ربيع الول من كل عام وإنما كان في يوم الثنين من كل أسبوع
وفي كل شهر من شهور السنة .هذا من ناحية ،ومن ناحية أخرى
فعلينا أن نشكر الله بمثل ما شكره به صلى الله عليه وسلم وهو
الصيام مع مراعاة الوقت الذي شرع فيه ل أن نحتفل ونأكل
ونشرب.
ن ما ذهب إليه هذا الفريق وهو جواز من هذه المناقشة يتبيّن لنا أ ّ
الحتفال بالمولد النبوي واستحبابه غير صحيح ،لستدللهم بأدلة
بعضها واهٍ وبعضها غير مطابق لما استدل به عليه كما ذكرنا وإن
كانت ثابتة.
ما أدلة الفريق الثاني :فيدور استدللهم على ضرورة التباع لما وأ ّ
كان عليه السلف الصالح فهم خير من نقل دين الله إلينا كما
أخذوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنّه لم ينقل أحد
ما ما مع منهم جواز الحتفال بالمولد النبوي ول خطر في بالهم يو ً
حبّهم واحترامهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم بل نقل عنهم
ن السلف الصالح الختلف في وقت ولدته ،وهذا يدل على أ ّ
كانوا ل يرون تخصيص يوم ولدته بعبادة معينة أو إقامة احتفال.
ن الحتفال بالمولد يدخل في ضمن البدع المنهي وعلى هذا فإ ّ
عنها في كثير من الحاديث.
منها قوله صلى الله عليه وسلم :ومنها قوله صلى الله عليه
وسلم" :فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد
وشر المور محدثاتها وكل بدعة ضللة"[.]86
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم" :من أحدث في أمرنا هذا ما
ليس منه فهو رد"[.]87
ن رأي الفريق الثاني هو الراجح لنّه مبني على ومن هنا نقول إ ّ
التباع وترك البتداع.
ن ترك الحتفال بالمولد النبوي جفوة لرسول ول يفهم من هذا أ ّ
ن
الله صلى الله عليه وسلم وإهمال لحبه كما يقول الجهال ل ّ
التباع الدقيق هو الحب الحقيقي ويكون مستمًرا طول الحياة في
كل يوم وليلة ول يختص بيوم من السنة دون غيره من اليام كما
يفعله المحتفلون المبتدعون .وبالضافة إلى ذلك فإن البتداع
يعتبر زيادة في الدين خارجة عنه بعد أن أكمله الله تعالى بنزوله
على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
َ يقول الله تعالى{ :الْيو َ
مت ع َلَيْك ُ ْ م ُم ْ
م وَأت ْ َم دِينَك ُ ْت لَك ُ ْ
مل ْ ُ
م أك ْ َ َ ْ َ
م دِينًا} [المائدة ]3:وبالتالي يقف سل َ م ال ِ ْت لَك ُ ْ ضي ُ
متِي وََر ِ ن ِ ْع َ
المبتدع موقف المستدرك على الشارع سبحانه وتعالى وعلى
صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم المبلغ عن الله عز وجل.
وهذا سوء الدب بعينه مع الله ومع رسوله صلى الله عليه وسلم
ما
ن حسن النية ل يحلل حرا ً وإن لم يقصد بذلك وحسنت نيته ل ّ
ول يحرم حلل ً كما أنها ل يكون مبرًرا لزيادة في دين الله أو
ن المرجع في كل ما يتعلق بأمر الدين هو كتاب النقصان منه ل ّ
الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وعلى المسلم أن يراعي ذلك الجانب حتى ل يقع في منزلق ل
يحمد عقباه وأن ينظر ما يتقرب به إلى الله قبل أن يقدم عليه
فيعرف سنده من الكتاب والسنة عمل ً بقوله تعالى{ :يَا أَيُّهَا
َ َ َ َ َ
ن الل ّ َ
ه ه إِ ّ ه وَاتَّقُوا الل ّ َسول ِ ِ ن يَدَيْ الل ّهِ وََر ُ موا بَي ْ َدّ ُ
منُوا ل تُقَ ِ نآ َال ّذِي َ
م} [الحجرات.]1: ميعٌ عَلِي ٌ
س َِ
الفصل الثالث
البدع الملحقة بمسجده صلى الله عليه وسلم
المبحث الول
فضائل المسجد النبوي
المبحث الثاني
ما يفعله الجهال من البدع في مسجده صلى الله عليه وسلم
قبر النبي صلى الله عليه وسلم ملحق بمسجده الشريف وزيارة
القبر سنة مشروعة لمن كان في المدينة وضواحيها كزيارة سائر
القبور للتعاظ والعبرة والدعاء للميت وتذكر ما كان وما سيكون
بإذن الله تعالى.
وقد ألحق أهل البدع مخترعات ل أصل لها وهم يزورون قبر
النبي صلى الله عليه وسلم ظانين أن ذلك حب له عليه الصلة
والسلم وتعظيم وتوقير مثل التبرك والتمسح بقبره والدعاء
عنده معتقدين أن ذلك أولى من الدعاء في المساجد.
ونتحدث في هذا الفصل عن البدع الملحقة بزيارة قبر النبي
صلى الله عليه وسلم ،وسوف يأتي هذا الفصل مكونًا من
المباحث التالية:
المبحث الول :بيان معنى الزيارة وأنواعها وحدود مشروعيتها.
المبحث الثاني :حكم السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه
وسلم.
المبحث الول
الزيارة أنواعها وأغراضها
وهذا الغرض يعم المسلم والكافر كما يدل عليه منطوق ذلك
الحديث.
هذه هي الغراض المشروعة لزيارة الحياء بعضهم لبعض التي ل
يجوز غيرها مثل الطلب منهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات
والستعانة بهم وغيرها من المور الخرى التي ذكرناها سابقًا عند
كلمنا عن زيارة القبور وأغراضها إل ما كان في مقدور البشر
عقل ً وشرع ًا لن الحياء لهم نوع من السمع ونوع من الملك ونوع
من القدرة.
وبهذا تنطبق عليهم الشروط الثلثة التي تبيح سؤال المخلوق
بشرط أن يكون ذلك في حدود الشرع وفي مقدور البشر ل أن
يسند إليهم أو يسألهم ما ل يقدر عليه إل الله سبحانه وتعالى مثل
جلب المنفعة وسد المضرة بدون أخذ السباب فيترتب عليه
الشرك والعياذ بالله.
المبحث الثاني
حكم السفر إلى زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم
(أ)
آثار المدينة لعبد القدوس النصاري الطبعة الثالثة )1
(1393هـ 1973م) ،المكتبة السلفية بالمدينة المنورة.
آداب المجتمع في السلم لمحمد جمال الدين )2
رفعت الناشر :إدارة إحياء التراث السلمي بدولة قطر.
البداع في مضار البتداع للشيخ علي محفوظ دار )3
المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع ،بيروت ،لبنان.
أحكام القرآن للمام أبي بكر محمد بن عبيد الله )4
المعروف بابن العربي بتحقيق علي محمد البجاوي الطبعة
الولى 1376هـ 1957م .دار إحياء الكتب العربية.
أحكام القرآن للمام أبي بكر أحمد بن علي )5
الرازي الجصاص الناشر :دار الكتاب العربي ،بيروت ،لبنان.
إصلح المساجد من البدع والعوائد لمحمد جمال )6
الدين القاسمي خرج أحاديثه وعلق عليه محمد ناصر الدين
اللباني الطبعة الخامسة 1403هـ 1983م ،المكتب السلمي،
بيروت ،لبنان.
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن لمحمد )7
المين بن محمد المختار الشنقيطي الطبعة الثانية (1400هـ
1979م).
العتصام للمام أبي إسحاق إبراهيم بن موسى بن )8
محمد الشاطبي دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع 1403هـ
1982م .بيروت ،لبنان.
العلم لخير الدين بن محمود الزركلي الطبعة )9
الثالثة.
اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم )10
لشيخ السلم ابن تيمية .بتحقيق محمد حامد الفقي الطبعة
الثانية 1369هـ 1950م مطبعة السنة المحمدية.
اليات البينات في عدم سماع الموات عند الحنفية )11
السادات للعلمة نعمان بن محمود اللوسي بتحقيق وتعليق:
محمد ناصر الدين اللباني الطبعة الثالثة 1402هـ المكتب
السلمي.
اليمان لشيخ السلم ابن تيمية بتصحيح وتعليق د. )12
محمد خليل هراس دار الطباعة المحمدية مصر.
الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث للحافظ )13
ابن كثير مع شرح وتعليق أحمد محمد شاكر الطبعة الثالثة
مكتبة ومطبعة علي صبيح وأولده بالقاهرة.
(ب)
الباعث على إنكار البدع والحوادث لبي محمد عبد )14
الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المعروف بأبي شامة دار
الصفهاني وشركاه بجدة.
البحر الرائق شرح كنز الدقائق للعلمة زين الدين بن )15
نجيم الحنفي الطبعة الثانية ،دار المعرفة للطباعة والنشر
والتوزيع.
البداية والنهاية لبي الفداء إسماعيل بن كثير الطبعة )16
الثانية 1977م ،مكتبة المعارف ،بيروت ،لبنان.
البدعة تحديدها وموقف السلم منها للدكتور عزت )17
علي عيد عطية دار الكتب الحديثة 1391هـ 1971م القاهرة.
بشائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز لمحمد )18
بن محمد بن يعقوب الفيروزأبادي الناشر :المجلس العلى
للشئون السلمية لجنة إحياء التراث السلمي 1383هـ القاهرة.
بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة لجلل الدين )19
عبد الرحمن السيوطي بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم
الطبعة الولى 1384هـ 1964م مطبعة عيسى البابي الحلبي
وشركاه.
بهجة المحافل وبغية الماثل :للمام عماد الدين يحيى )20
بن أبي بكر العامري المكتبة العلمية بالمدينة المنورة.
(ت)
تاريخ الحتفال بالمولد النبوي لحسن السندوني )21
مطبعة الستقامة 1948م.
التاريخ الصغير لبي عبد الله محمد بن إسماعيل )22
البخاري .بتحقيق محمود إبراهيم زايد الطبعة الولى 1397هـ
1977م دار الوعي بحلب.
التاريخ الكبير لبي عبد الله محمد بن إسماعيل )23
البخاري دار الكتب العلمية بيروت لبنان.
تأملت في سورة الحزاب للدكتور حسن محمد )24
باجودة مطابع الصفا 1403هـ مكة المكرمة.
تحفة الحوذي شرح جامع الترمذي للحافظ أبي )25
العلى محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري ،بمراجعة
وتصحيح عبد الرحمن محمد عثمان الطبعة الثالثة 1399هـ 1979م
دار الفكر للنشر والتوزيع.
الترغيب والترهيب لزكي الدين عبد العظيم بن عبد )26
القوي المنذري .مكتبة الرشاد.
التسهيل في علوم التنزيل للمام أبي القاسم محمد )27
بن أحمد بن جزي الكلبي بتحقيق محمد عبد المنعم اليونسي،
وإبراهيم عطوة عوض دار الكتب الحديثة.
تعجيل المنفعة بزوائد رجال الئمة الربعة للحافظ )28
أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلني الناشر :دار
الكتب العربية بيروت ،لبنان.
التعريفات للعلمة علي بن محمد الشريف الجرجاني )29
مكتبة لبنان 1969م لبنان.
تفسير البحر المحيط لمحمد بن يوسف الشهير بأبي )30
حيان الندلسي .الطبعة الثانية 1403هـ 1983م دار الفكر للطباعة
والنشر والتوزيع.
تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المطبوع )31
بهامش تفسير الخازن .لبي محمد الحسين بن مسعود الفراء
البغوي الطبعة الثانية 1375هـ 1955م طبعة مصطفى البابي
الحلبي وأولده بمصر.
تفسير سورة النور لبي العلى المودودي تعريب )32
محمد عاصم الحداد ،دار الفكر.
التفسير السياسي للسيرة للدكتور محمد قلعت جي )33
دار السلم للطباعة والنشر والتوزيع 1399هـ 1979م ،بيروت/حلب.
تفسير القرآن العظيم المعروف بتفسير ابن كثير )34
لبي الفداء إسماعيل بن كثير دار المعرفة ،بيروت 1403هـ 1983م.
تفسير الكبير للمام الفخر الرازي الطبعة الثانية )35
الناشر :دار الكتب العلمية ،طهران.
تقريب التهذيب للحافظ أبي الفضل أحمد بن علي بن )36
حجر العسقلني بتحقيق وتعليق عبد الوهاب عبد اللطيف
الطبعة الثانية 1395هـ 1975م دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت
لبنان.
تهذيب السماء واللغات للمام أبي زكريا يحيى بن )37
شرف النووي .المطبعة المنيرة.
تهذيب الفروق المطبوع بهامش الفروق للشيخ محمد )38
علي بن الشيخ الحسين دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع.
تهذيب اللغة لبي منصور محمد بن أحمد الزهري )39
بتحقيق عبد السلم محمد هارون ومراجعة محمد علي النجار
دار القومية العربية للطباعة 1383هـ 1964م.
(ث)
الثقات للمام الحافظ محمد بن حبان البستي )40
الطبعة الولى 1393هـ 1973م طبعة دائرة المعارف العثمانية
بحيدر أباد الدكن الهند.
(ج)
جامع بيان العلم وفضله للمام أبي عمر يوسف بن )41
عبد البر النمري دار الفكر بيروت لبنان.
جامع البيان في أحكام القرآن المعروف بتفسير )42
الطبري .تحقيق محمود محمد شاكر ومراجعة أحمد محمد شاكر
مطبعة المعارف بمصر.
جامع العلوم والحكم لزين الدين أبي الفرج عبد )43
الرحمن بن رجب الحنبلي دار الفكر بيروت لبنان.
الجامع لحكام القرآن المعروف بتفسير القرطبي )44
لبي عبد الله محمد ابن أحمد النصاري القرطبي الطبعة الثانية.
جلء الفهام في الصلة والسلم على خير النام )45
للمام ابن قيم الجوزية بتحقيق الشيخ طه يوسف شاهين.
(ح)
الهاوي للفتاوي لجلل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر )46
السيوطي .دار الكتب العلمية بيروت 1402هـ 1982م.
حجة النبي صلى الله عليه وسلم لمحمد ناصر الدين )47
اللباني الطبعة السابعة 1405هـ 1985م المكتب السلمي.
حسن التوسل في زيارة أفضل الرسل لعبد الله بن )48
أحمد الفاكهي .وهو بهامش كتاب إتحاف الشراف للشبراوي
المطبعة الدبية 1319هـ القاهرة.
(خ)
خصائص التصور السلمي للشهيد سيد قطب دار )49
القرآن الكريم 1398هـ 1978م .بيروت دمشق.
(د)
دراسة في السيرة للدكتور عماد الدين خليل الطبعة )50
السادسة 1402هـ 1982م طبعة مؤسسة الرسالة دار النفائس
بيروت لبنان.
الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلل الدين عبد )51
الرحمن السيوطي الطبعة الولى 1403هـ 1983م دار الفكر
للطباعة والنشر والتوزيع بيروت لبنان.
الدعوة السلمية أصولها ووسائلها للدكتور أحمد )52
أحمد غلوش .طبعة دار الكتاب المصري ودار الكتاب اللبناني.
دلئل النبوة :للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله )53
الصبهاني .طبعة عالم الكتب.
الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب )54
بتحقيق د .محمد الحمدي أبو النور دار التراث للطباعة والنشر
القاهرة.
ديوان زهير بن أبي سلمى بتحقيق وشرح كرم )55
البستاني دار صادر للطباعة والنشر ،ودار بيروت للطباعة
والنشر بيروت 1379هـ 1960م.
الذريعة إلى مكارم الشريعة للشيخ أبي القاسم )56
الحسن بن محمد الراغب الصفهاني الطبعة الولى 1393هـ
1973م مكتبة الكليات الزهرية القاهرة.
ذكرى المولد النبوي خلصة السيرة النبوية وحقيقة )57
الدعوة السلمية لمحمد رشيد رضا الطبعة الولى 1335هـ
مطبعة المنار بمصر.
(ر)
رسالة المسترشدين لبي عبد الله الحارث بن راشد )58
المحاسبي .تحقيق عبد الفتاح أبو غدة الطبعة الثانية 1391هـ 1971
م مكتب المطبوعات السلمية بيروت لبنان.
روح المعاني في تفسير القرآن العظيم للعلمة أبي )59
الفضل محمود اللوسي دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان.
روضة العقلء ونزهة الفضلء للحافظ محمد بن حبان )60
البستي .بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ،ومحمد عبد
الرزاق حمزة ،ومحمد حامد الفقي دار الكتب العلمية 1397هـ
1977م بيروت.
روضة المحبين ونزهة المشتاقين لشمس الدين ابن )61
قيم الجوزية .مكتبة الجامعة القاهرة.
(ز)
زاد المسير في علم التفسير للمام أبي الفرج عبد )62
الرحمن بن الجوزي الطبعة الولى 1383هـ 1964م المكتب
السلمي للطباعة والنشر .بيروت لبنان.
زاد المعاد في هدي خير العباد للمام شمس الدين )63
أبي عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية بتحقيق شعيب
الرناؤوط وأخيه عبد القادر الطبعة الثانية 1401هـ 1981م مؤسسة
الرسالة ،بيروت.
زيارة القبور الشركية والشرعية للمام الحجة محيي )64
الدين محمد البركوي مؤسسة النور للطباعة والتجليد الرياض.
(س)
سلسلة الحاديث الضعيفة لمحمد ناصر الدين اللباني )65
الطبعة الرابعة 1398هـ المكتب السلمي بيروت دمشق.
سنن ابن ماجة للحافظ أبي عبد الله محمد بن يزيد )66
القزويني .بتحقيق وتعليق محمد فؤاد عبد الباقي دار إحياء
الكتب العربية 1377هـ 1953م.
سنن أبي داود للمام الحافظ أبي داود سليمان بن )67
الشعث السجستاني بمراجعة وتعليق محمد محيي الدين عبد
الحميد الناشر :دار إحياء السنة النبوية.
سنن الترمذي للمام أبي عيسى محمد بن عيسى بن )68
سورة الترمذي .تحقيق وتصحيح عبد الوهاب عبد اللطيف
الطبعة الثانية 1403هـ 1983م دار الفكر بيروت.
سنن الدارقطني للحافظ علي بن عمر الدارقطني. )69
وبذيله التعليق المغني على الدارقطني لبي الطيب محمد
شمس الحق أبادي شركة الطباعة الفنية المتحدة.
سنن الدارمي للمام أبي محمد عبد الله بن عبد )70
الرحمن الدارمي .دار الفكر 1398هـ 1978م القاهرة.
السنن الكبرى للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين بن )71
علي البيهقي .وبذيله الجوهر النقي لعلء الدين المعروف بابن
التركماني.
سنن النسائي للمام الحافظ أبي عبد الرحمن أحمد )72
بن شعيب النسائي مع شرح السيوطي وحاشية السندي الطبعة
الولى 1348هـ 1930م المطبعة المصرية بالزهر.
سيرة ابن هشام لبي محمد عبد الملك بن هشام )73
المعافري .بتحقيق طه عبد الرؤوف سعد مطبعة شركة الطباعة
الفنية المتحدة القاهرة.
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم للدكتور محمد )74
عزت دروزة الطبعة الثانية 1384هـ 1965م مطبعة عيسى الحلبي.
السيرة النبوية للمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير )75
بتحقيق مصطفى عبد الواحد الطبعة الثانية 1398هـ 1978م دار
الفكر بيروت لبنان.
(ش)
شرح أدب الكاتب لبي منصور موهوب بن أحمد )76
الجواليقي .مكتبة القدس 1350هـ القاهرة.
الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض بن )77
موسى بن عياض اليحصبي بتحقيق علي محمد البجاوي دار
الكتب العربي بيروت 1404هـ 1984م.
شفاء السقام للشيخ علي بن عبد الكافي تقي الدين )78
السبكي .مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد
الدكن الهند 1371هـ 1952م.
(ص)
الصارم المسلول على شاتم الرسول لشيخ السلم )79
ابن تيمية .بتحقيق وتعليق محمد محيي الدين عبد الحميد دار
الفكر.
صبح العشى في صناعة النشا لبي العباس أحمد )80
بن علي القلقشندي مطابع كوستاسوماس وشركاه.
الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية لسماعيل بن حماد )81
الجوهري بتحقيق أحمد عبد الغفور عطار الطبعة الثانية 1399هـ
1979م دار العلم للمليين بيروت.
صحيح البخاري للمام أبي عبد الله محمد بن )82
إسماعيل البخاري .ومعه حاشية السندي دار المعرفة للنشر
والتوزيع بيروت لبنان.
صحيح مسلم للمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج )83
القشيري النيسابوري بتصحيح وترقيم محمد فؤاد عبد الباقي
دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان.
صحيح مسلم بشرح النووي للمام أبي زكريا يحيى بن )84
شرف النووي دار الفكر للنشر والتوزيع 1401هـ 1981م.
صفة صلة النبي صلى الله عليه وسلم لمحمد ناصر )85
الدين اللباني الطبعة الحادية عشر 1403هـ 1981م المكتب
السلمي بيروت لبنان.
صيانة النسان عن وسوسة الشيخ دحلن للعلمة )86
محمد بشير السهسواني الطبعة الثانية 1378هـ المطبعة السلفية
ومكتبتها مصر.
(ض)
الضعفاء الصغير للمام أبي عبد الله محمد بن )87
إسماعيل البخاري .بتحقيق محمود بن إبراهيم زايد الطبعة
الولى 1396هـ دار الوعي بحلب.
الضعفاء والمتروكون للحافظ أبي الحسن علي بن )88
عمر الدارقطني .بتحقيق ودراسة موفق بن عبد الله بن عبد
القادر الطبعة الولى 1404هـ 1984م مكتبة المعارف الرياض.
الضعفاء والمتروكون للمام الحافظ أبي عبد الرحمن )89
بن أحمد بن شعيب النسائي بتحقيق محمود إبراهيم زايد دار
الوعي حلب.
(ط)
طبقات المفسرين للحافظ شمس الدين محمد بن )90
علي أحمد الداودي بتحقيق علي محمد عمر الطبعة الولى
1392هـ 1972م مطبعة الستقلل الكبرى.
ظهور دولة الفاطميين وسقوطهما في مصر للدكتور )91
عبد المنعم ماجد الطبعة الثانية 1976م دار المعارف بمصر.
(ع)
عرف التعريف بالمولد الشريف لشمس الدين محمد )92
بن محمد المعروف بابن الجزري مخطوط بمكتبة الحرم
الشريف ضمن مجاميع 6/473سيرة نبوية وصورة منه في مركز
البحث العلمي بجامعة أم القرى.
العقائد السلمية دار الكتب الحديثة 1387هـ 1987م )93
القاهرة.
العقيدة والخلق وأثرها في حياة الفرد والمجتمع )94
للدكتور محمد بيصار الطبعة الرابعة 1973م دار الكتاب اللبناني
بيروت.
عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير اختيار وتحقيق )95
أحمد محمد شاكر دار المعارف بمصر 1377هـ 1957م.
عين الدب والسياسة وزين الحسب والرياسة لبي )96
الحسن علي بن محمد بن عبد الرحمن بن هذيل الطبعة الثانية
1353هـ 1938م مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولده بمصر.
(غ)
غرائب القرآن ورغائب الفرقان لنظام الدين الحسن )97
بن محمد بن الحسين النيسابوري بتحقيق إبراهيم عطوة عوض
الطبعة الولى 1381هـ 1962م شركة مكتبة ومطبعة مصطفى
البابي الحلبي بمصر.
غريب الحديث لبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي )98
بتعليق الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي دار الكتب العلمية
بيروت لبنان.
(ف)
الفائق في غريب الحديث لجار الله محمود بن عمر )99
الزمخشري .بتحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل
إبراهيم الطبعة الثانية طبعة عيسى البابي الحلبي.
فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ أبي الفضل )100
أحمد بن علي بن حجر العسقلني بتحقيق وتصحيح الشيخ عبد
العزيز بن باز دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
الفتح الرباني لترتيب مسند المام أحمد لحمد عبد )101
الرحمن البنا الشهير بالساعاتي الطبعة الولى طبعة الخوان
المسلمون القاهرة.
فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم )102
التفسير لمحمد بن علي بن محمد الشوكاني الطبعة الثانية
1383هـ 1964م شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي.
الفروق في اللغة لبي هلل العسكري الطبعة الولى )103
1393هـ 1973م منشورات دار الفاق الجديدة بيروت لبنان.
فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم للمام )104
إسماعيل بن إسحاق القاضي بتحقيق محمد ناصر الدين اللباني
الطبعة الثالثة 1397هـ 1977م المكتب السلمي بيروت.
فقه السيرة للشيخ محمد الغزالي خرج أحاديثه )105
محمد ناصر الدين اللباني .طبع على نفقة أمير قطر.
الفوائد لشمس الدين ابن قيم الجوزية الطبعة الثانية )106
1393هـ 1973م ،دار الكتب العلمية بيروت لبنان.
في ظلل القرآن للشهيد سيد قطب الطبعة )107
الشرعية التاسعة 1400هـ 1980م دار الشروق بيروت.
في منزل الوحي لمحمد حسن هيكل الطبعة )108
الخامسة دار المعارف بمصر.
(ق)
قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لشيخ السلم ابن )109
تيمية .المطبعة السلفية ومكتبتها 1374هـ القاهرة.
القاعدة المراكشية لشيخ السلم ابن تيمية بتحقيق )110
د .ناصر بن سعيد الرشيد والستاذ رضا نعسان معطي الناشر:
دار طيبة للنشر والتوزيع الرياض.
القاموس المحيط لمجد الدين محمد بن يعقوب )111
الفيروزأبادي .المؤسسة العربية للطباعة والنشر بيروت لبنان.
قواعد الحكام في مصالح النام للمام أبي محمد )112
عز الدين عبد العزيز بن عبد السلم السلمي مكتبة الكليات
الزهرية 1388هـ 1968م القاهرة.
القول البديع في الصلة على الحبيب الشفيع )113
للحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي الطبعة الثانية 1383هـ
1963م مطبعة النصار بيروت.
(ك)
الكامل في ضعفاء الرجال للحافظ أبي أحمد عبد الله )114
بن عدي الجرجاني الطبعة الولى 1404هـ 1984م دار الفكر
للطباعة والنشر والتوزيع بيروت لبنان.
الكشاف في حقائق التنزيل وعيون القاويل لجار الله )115
محمود بن عمر الزمخشري .مع كتاب النصاف فيما تضمنه
الكشاف من العتزال .للمام ناصر الدين أحمد بن محمد بن
المنير السكندري دار الفكر بيروت لبنان.
(ل)
لحظ اللحاظ بذيل طبقات الحفاظ الحافظ تقي )116
الدين محمد بن فهد المكي مطبعة التوفيق 1347هـ .دمشق.
لسان العرب لبن منظور محمد بن مكرم النصاري )117
دار صادر ودار بيروت 1375هـ 1956م.
لسان الميزان الحافظ أبي الفضل أحمد بن علي بن )118
حجر العسقلني الطبعة الثانية 1390هـ 1971م منشورات مؤسسة
العلمي للمطبوعات.
(م)
ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين لبي الحسن )119
علي الندوي .الطبعة السادسة 1965م 1385هـ دار الكتاب العربي
بيروت.
المجروحون عن المحدثين والضعفاء والمتروكين )120
للمام محمد بن حبان البستي .بتحقيق محمود إبراهيم زايد
الطبعة الولى 1396هـ دار الوعى بحلب.
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد الحافظ نور الدين علي )121
بن أبي بكر الهيثمي الطبعة الثانية 1967م دار الكتب العربية
بيروت.
المجموع شرح المهذب للمام أبي زكريا يحيى بن )122
شرف النووي .مطبعة المام بالقلعة مصر.
مجموع فتاوي شيخ السلم ابن تيمية مكتبة )123
المعارف الرباط المغرب.
مجموعة الرسائل الكبرى لشيخ السلم ابن تيمية. )124
مكتبة ومطبعة محمد علي صبيح وأولده مصر.
المحلى لبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم )125
الظاهري .بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر منشورات المكتب
التجاري للطباعة والنشر والتوزيع بيروت لبنان.
مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين )126
للمام شمس الدين ابن قيم الجوزية بتحقيق محمد حامد الفقي
دار الكتاب العربي 1392هـ 1972م بيروت لبنان.
المدخل إلى تنمية العمال بتحسين النيات لبي عبد )127
الله محمد ابن محمد العبدري المعروف بابن الحاج مكتبة
مصطفى الحلبي 1380هـ مصر.
مرآة الزمان في تاريخ العيان ليوسف بن عزاوغلي )128
المعروف بسبط ابن الجوزي مطبعة دائرة المعارف العثمانية
بحيدر أباد الدكن الهند.
المستدرك على الصحيحين الحافظ أبي عبد الله )129
محمد بن عبد الله المعروف بالحاكم النيسابوري .مع ذيله تلخيص
المستدرك للذهبي دار الفكر بيروت 1398هـ 1978م.
المسند للمام أحمد بن حنبل وبهامشه منتخب من )130
كنز العمال في سنن القوال والفعال للمتقي الهندي.
مسند المام أحمد مع شرح الشيخ أحمد محمد شاكر )131
دار المعارف بمصر 1369هـ 1950م.
مشكاة المصابيح الشيخ ولي الله محمد بن الخطيب )132
العمري التبريزي بتحقيق محمد ناصر الدين اللباني الطبعة
الولى 1380هـ 1961م منشورات المكتب السلمي للطباعة
والنشر.
مشكل الثار للمام أبي جعفر أحمد بن محمد )133
الطحاوي دار صادر بيروت لبنان.
المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي )134
لحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي .بتصحيح مصطفى
السقا مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولده بمصر.
معجم متن اللغة الشيخ أحمد رضا دار مكتبة الحياة )135
1377هـ 1958م بيروت لبنان.
المعز لدين الله الدكتورين/حسن إبراهيم حسن ،وطه )136
أحمد شرف الطبعة الثانية 1963م مكتبة النهضة المصرية
القاهرة.
المغني في الضعفاء الحافظ شمس الدين محمد بن )137
أحمد بن عثمان الذهبي بتحقيق وتعليق د .نور الدين عتر
الطبعة الولى 1391هـ 1971م الناشر :دار المعارف بحلب.
مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات )138
العلوم لحمد بن مصطفى طاش كبرى زادة الطبعة الثانية
1400هـ 1980م مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدرأباد الدكن
الهند.
مفردات في غريب القرآن الشيخ أبي القاسم )139
الحسين بن محمد الراغب الصفهاني بتحقيق محمد سعيد
الكيلني الطبعة الخيرة 1381هـ 1961م شركة مكتبة ومطبعة
مصطفى البابي الحلبي وأولده بمصر.
المنهاج في شعب اليمان لبي عبد الله الحسين بن )140
الحسن الحليمي بتحقيق حلمي محمد فودة الطبعة الولى
1399هـ 1979م دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت.
المواعظ والعتبار بذكر الخطط والثار لتقي الدين )141
أحمد بن علي المقريزي مؤسسة الحلبي وشركاه للتوزيع
والنشر القاهرة.
مورد الصادي في مولد الهادي لشمس الدين محمد )142
بن أبي بكر الشهير بابن ناصر الدين الدمشقي مخطوط بمكتبة
الحرم الشريف ضمن مجاميع 1/273وصورة منه في مركز البحث
العلمي بجامعة أم القرى.
الموسوعة في سماحة السلم لمحمد صادق عرجون )143
الناشر :مؤسسة سجل العرب .القاهرة 1392هـ 1972م.
الموضوعات للمام أبي الفرج عبد الرحمن بن )144
الجوزي .بتحقيق وتقديم عبد الرحمن محمد عثمان الطبعة
الولى 1386هـ 1966م المكتبة السلفية بالمدينة المنورة.
الموطأ للمام مالك بن أنس بتصحيح وتعليق محمد )145
فؤاد عبد الباقي دار إحياء الكتب العربية 9370هـ 1951م.
ميزن العتدال للمام شمس الدين محمد بن أحمد )146
بن عثمان الذهبي بتحقيق علي محمد البجاوي الطبعة الولى
1382هـ 1963م دار إحياء الكتب العربية.
(ن) )147
نسيم الرياض في شرح الشفا للقاضي عياض العلمة )148
أحمد شهاب الدين الخفاجي وبهامشه شرح الشفا لعلي القاري
دار الفكر.
النهاية في غريب الحديث والثر للمام مجد الدين )149
أبي السعادات المبارك بن محمد بن الجزري المعروف بابن
الثير بتحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي دار
الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
(و)
وفيات العيان وأنباء أبناء الزمان لبي العباس أحمد )150
بن محمد ابن أبي بكر بن خلكان بتحقيق د .إحسان عباس دار
صادر بيروت لبنان.
ـــــــــــــــ
الهوامش:
[ ]1مصباح المنير (.)1/279
[ ]2نسيم الرياض في شرح الشفا (.)3/510511
[ ]3انظر تفسير فتح القدير للشوكاني (.)5/448
[ ]4تفسير القرآن العظيم (.)4/545
[ ]5انظر صحيح البخاري ،كتاب المرضى ،باب عيادة العراب (
.)4/4
[ ]6صحيح مسلم ،كتاب الجنائز ،باب استئذان النبي صلى الله
عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه (.)3/673
[ ]7صحيح مسلم ،كتاب الجنائز ،باب استئذان النبي صلى الله
عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه ( )2/671كالذي قبله.
[ ]8الغرقد :هو ضرب من شجر العضاه وشجر الشوك .والغرقدة
واحدة ومنه قيل لمقبرة أهل المدينة بقيع الغرقدة لنه كان فيه
غرقد وقطع .النهاية (.)3/362
[ ]9صحيح مسلم ،كتاب الجنائز ،باب ما يقول عند دخول القبور
والدعاء لهلها (.)2/669
[ ]10اقتضاء الصراط المستقيم.)427( :
[ ]11أخرجه البخاري في صحيحه ،في أبواب التطوع ،باب فضل
الصلة في مسجدي مكة والمدينة (.)1/206
[ ]12صيانة النسان عن وسوسة الشيخ دحلن.)204( :
[ ]13انظر اليات البينات في عدم سماع الموات.)94( :
[ ]14انظر اليات البينات في عدم سماع الموات ،)94( :تعليقة
رقم (.)3
[ ]15المصدر السابق( ،ص )93:تعليقة رقم (.)3
[ ]16انظر صيانة النسان عن وسوسة الشيخ دحلن (ص.)205:
[ ]17تفسير فتح القدير (.)1/170
[ ]18صحيح مسلم ،كتاب الضاحي والذبائح ،باب تحريم الذبح
لغير الله ولعن فاعله (.)3/1562
[ ]19شرح النووي على صحيح مسلم (.)13/141
[ ]20روح المعالي (.)11/98
[ ]21صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة ،فضائل أم أيمن( :
.)4/1907
[ ]22تربها :أي تقوم بإصلحها وتنهض إليه بسبب ذلك.
[ ]23صحيح مسلم ،كتاب البر والصلة ،باب فضل الحب في الله (
.)4/1988
[ ]24صحيح البخاري ،كتاب المرض ،باب عيادة المشرك (.)4/4
[ ]25شفاء السقام (ص.)8081:
[ ]26المرجع السابق (ص.)100:
[ ]27سنن الدارقطني (.)2/278
[ ]28الكامل لبن عدي (.)7/248
[ ]29صحيح البخاري ،أبواب التطوع ،باب فضل الصلة في
مسجدي مكة والمدينة ( .)1/206وصحيح مسلم ،كتاب الحج ،باب ل
تشد الرحال إل إلى ثلثة مساجد ( )2/1014واللفظ للبخاري.
[ ]30الصحيح لقيت أبا بصرة الغفاري.
[ ]31الموطأ.)1/109( :
[ ]32صحيح البخاري ،كتاب فضل الصلة ،باب من أتى مسجد
قباء كل سبت ( ،)1/206وصحيح مسلم ،كتاب الحج ،باب فضل
مسجد قباء وفضل الصلة فيه وزيارته (.)2/1016
[ ]33الحديث في سنن الترمذي ،أبواب الصلة ،باب ما جاء في
الصلة .في سيد قباء ( )1/204بلفظ" :الصلة في مسجد قباء
كعمرة".
[ ]34مجموع الرسائل الكبرى ( )2/59بتصرف.
[ ]35اقتضاء الصراط المستقيم (ص.)432:
[ ]36زيارة القبور الشركية والشرعية (ص.)22:
[ ]37والصحيح فلقيت أبا بصرة الغفاري.
[ ]38الموطأ.)1/109( :
[ ]39سلسلة الحاديث الضعيفة والموضوعة.)1/59( :
[ ]40يقصد اليتين ( )6061من سورة النساء.
[ ]41جامع البيان عن تأويل القرآن المعروف بتفسير الطبري (
.)8/517
[ ]42زاد المسير (.)2/223
[ ]43فتح القدير (.)1/483
[ ]44في ظلل القرآن (.)2/696
[ ]45وأما حكاية العتبي التي يوردها بعض المفسرين في تفسير
هذه الية فهي قصة ل يثبت بها حكم شرعي لنها مترددة بين أن
يكون مصدرها رؤيا منامية والرؤيا المنامية ل تصلح أن تكون دليلً
شرعيًا لستثناء رؤيا النبياء عليهم الصلة والسلم وبين أن يكون
مصدرها نداء مجهول سمع من قبر النبي صلى الله عليه وسلم
ضا .انظر نص القصة في وروى بسند مرسل ل تقوم به الحجة أي ً
تفسير ابن كثير ( )1/52وتفسير القرطبي (.)5/267
[ ]46اليات البينات في عدم سماع الموات (ص )79:هامش رقم
(.)2
[ ]47صيانة النسان عن وسوسة الشيخ دحلن (.)24
[ ]48المصدر السابق (ص.)31:
[ ]49سنن الدارقطني (.)2/278
[ ]50التاريخ الكبير (.)2/363
[ ]51التاريخ الكبير (.)2/363
[ ]52التاريخ الصغير (.)2/256
[ ]53المجروحين (.)1/255
[ ]54الجرح والتعديل لبن أبي حاتم (.)3/174
[ ]55الجرح والتعديل لبن أبي حاتم (.)7/179
[ ]56الضعفاء والمتروكين (ص.)9:
[ ]57المجروحون (.)2/231
[ ]58تقريب التهذيب (.)2/138
[ ]59الكامل لبن عدي (.)7/2480
[ ]60المجروحين (.)3/73
[ ]61الكامل لبن عدي (.)7/2480
[ ]62الكامل لبن عدي (.)7/2480
[ ]63الكامل لبن عدي (.)7/2480
[ ]64المغني في الضعفاء (.)2/629
[ ]65ميزان العتدال (.)4/26
[ ]66المغني في الضعفاء (.)2/629
[ ]67لسان الميزان (.)5/358
[ ]68تقريب التهذيب (.)2/205
[ ]69كتاب الموضوعات (.)2/217
[ ]70اقتضاء الصراط المستقيم (.)401 400
.11التصديق بالنبي صلى الله عليه وسلم من غير
تأويل
د .لطف الله بن مل عبد العظيم خوجه
أدلة التصديق:
اليمان بالنبي صلى الله عليه وسلم يتضمن أمرين:
-الول :تصديقه في رسالته ونبوته؛ أي كونه رسول نبيا.
-الثاني :تصديقه فيما أخبر به ،وأمر به؛ أي قبول خبره وأمره.
وهو فرض على كل :إنسان ،عاقل ،بالغ ،ذكر أو أنثى ،حر أو عبد،
ول يصح السلم إل به.
فالسلم ل بد فيه من خضوع وانقياد ،ول يكون ذلك إل
بالتصديق .فمن كذب النبي ولم يصدق به في خبره ،وفي أمره:
لم يخضع له ،ولم ينقد .ومن ثم ل يكون مسلما ،فمن أنواع
الكفر :كفر التكذيب ( وهو ضد التصديق) ،والعراض ( هو ضد
الخضوع والنقياد).
وأدلة هذا الوجوب :شرعية ،ومنطقية عقلية.
فالدلة الشرعية ،منها قوله تعالى:
الدليل الول{ :فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا}.
فهذا نص صريح في وجوب اليمان برسوليته صلى الله عليه
وسلم{ :ورسوله} .وبرسالته{ :والنور الذي أنزلنا} ،ل شيء
يصرفه عن الوجوب إلى الستحباب.
الدليل الثاني{ :ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين
سعيًرا}.
وهذا النص عكس السابق ،هناك أمر ،وهنا وعيد لمن لم يؤمن،
وفي كليهما قرن بين اليمان بالله ورسوله ،لكن هنا توعد من لم
يؤمن بهما بالكفر والسعير ،ومفهوم المخالفة :أن من آمن بهما
نجى من الكفر والسعير.
الدليل الثالث{ :فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق
إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين * والذي جاء بالصدق
وصدق به أولئك هم المتقون}.
ودللة الية :أن أظلم الظلم :الكذب على الله تعالى بنسبة الولد
إليه والصاحبة ،ونحو ذلك ،وكذا التكذيب بما جاء من عنده من
صدق؛ أي تكذيب الوحي الذي جاء به الرسول المين .فهؤلء
ظالمون ،كافرون ،مثواهم جهنم .وضدهم المتقون ،وهم النبي
صلى الله عليه وسلم الذي جاء بالصدق ،وهو القرآن ،والمؤمنون
المصدقون له فيما جاء به .فهذا نص صريح في كفر من كذب
برسالة النبي صلى الله عليه وسلم.
أصول التصديق.
من أهم هذه الصول:
اعتقاد هيمنة شريعته على سائر الشرائع ،كما قال تعالى:
{ -وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب
ومهيمنا عليه}.
{ -وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم
جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقرتم
وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم
من الشاهدين}.
تصديق مطلق:
هذا وإن من التصديق التصديق المطلق ،ولو لم تدرك الحكمة،
فإن من صدق أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقد
ائتمنه على الشريعة ،فهو مأمون ،ل يكذب ول يفتري ،والله
تعالى شهد له بهذا ،فإذا كان كذلك وجب تصديقه من غير تردد،
ولو لم تتبد له الحكمة ،هذا حال المؤمنين:
{ -إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم
بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون}.
{ -وما كان لمؤمن ول مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن
يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل
ضلل مبينا}.
{ -فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ل
يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}.
لما أسري برسول الله عاد فأخبر قومه فكذبوه وارتد كثير ممن
أسلم ،وذهب الناس إلى أبي بكر فقالوا له" :هل لك يا أبا بكر
في صاحبك يزعم أن قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه
ورجع إلى مكة".
فقال لهم أبو بكر " :والله لئن كان قاله لقد صدق ،فما يعجبكم
من ذلك! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر يأتيه من السماء إلى
الرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه ،فهذا أبعد مما تعجبون
منه".
فسمي يومئذ الصديق" ..تهذيب السيرة" ص
.12آداب زيارة المسجد النبوي
بقلم /أحمد بن عبد العزيز الحمدان
* مقدمة:
ن زيارة مسجد رسول الله -صلوات ربي اعلم -أخي الكريم -أ َّ
وسلمه عليه،
وعلى آله الطيبين الطاهرين ،وصحابته الغّرِ الميامين ،وزوجاته
أمهات المؤمنين –
سنة مستحبة بإجماع علماء السلم العلم ،فمسجد رسول الله
صلى الله عليه وسلم
َ
أحد ثلثة مساجد ل تُشد الّرِحال إل ّ إليها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" :ل تشد الرحال إل إلى
ثلثة مساجد :المسجد الحرام ،ومسجدي هذا ،والمسجد
القصى".
وزيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مستحبة طوال
العام ،وليست مخصوصة
ما كان اليسر والرفق لمن أتى الديار المقدسة بوقت ،ولكن ل َّ
ج أو عمرة أن يزوره، لح ٍ ّ
ويصعب عليه تخصيصه بزيارة فهؤلء يستحب لهم أل يفوتوا
الفرصة على أنفسهم ،بل
يبادروا إلى زيارة مسجد رسول الله عليه الصلة والسلم ،فإنَّه
أعظم لجرهم ،ويدركون
بالزيارة مال يدركه غيرهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" :صلة في مسجدي هذا
خير من ألف صلة فيما سواه إل المسجد الحرام".
فإذا وصلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فادخله
بأدب وسكينة ،وتجنب رفع
الصوت فيه ،مقدما ً رجلك اليمنى عند دخولك ،مصليا ً على رسول
الله صلى الله عليه وسلم.
ن الروضة لها وصل في الروضة الشريفة ما يسر الله لك ،فإ َّ
شرف وفضل،
قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم" :ما بين بيتي ومنبري
روضة من رياض الجنة".
ثم اذهب لزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وقبري
صاحبيه أبي بكر الصديق،
وعمر الفاروق رضي الله عنهما ،وقف أمام قبر رسول الله صلى
الله عليه وسلم الشريف،
ن التأدب مع رسول الله صلى الله عليه بأدب وخفض صوت ،فإ َّ
وسلم واجب حيا ً وميتاً؛ وقل((:السـلم عليك -يا رسـول الله-
ورحمة الله وبركاته ،السـلم عليك يا نبي الله،السـلم عليك يا
خير خلق الله ،السلم عليك يا سيد المرسلين ،وإمام المتقين،
وقائد الغّر المحجلين.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل
إبراهيم ،وبارك على محمد وعلى
آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
أشهد أنك رسول الله حقاً ،وأنك بلّغت الرسالة ،وأديت المانة،
ونصحت المة ،وجاهدت
في الله حق جهاده ،فجزاك الله عنَّا أفضل الجزاء ،وصلى عليك
صلة تمل أقطار الرض
َ
والسماء وسل ّم تسليما ً كثيراً)).
ثم خذ ذات اليمين قليل ً لتكون تجاه قبر أبي بكر الصديق رضي
الله عنه ،وسلم عليه،
وسل الله تعالى له الرضوان.
ثم خذ ذات اليمين قليل ً لتكون تجاه قبر عمر الفارق رضي الله
عنه وسلم عليه،
وسل الله تعالى له الرضوان.
واحذر ما يفعله بعض الجهلة من محاولة مسح الشبك الذي وضع
حماية للحجرة الشريفة،
أو استقبال القبر الشريف حال الدعاء ،أو الوقوف أمام القبر
ن هذا من كهيئة المصلي ،فإ َّ
المور التي لم يشرعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فهي بدع محدثة.
وتستحب زيارة البقيع ،وفيه قبور كثير من الصحابة والتابعين
والصالحين رضي الله عنهم،
وزيارة قبور شهداء أحد رضي الله عنهم.
َّ
ويستحب لمن زارهم أن يقف عند مقابرهم؛ ويقول -كما علمنا
رسول الهدى -صلى الله
عليه وسلم(( :السلم عليكم أهل الديار من المؤمنين
والمسلمين ،وإنّا -إن شاء الله -بكم
لحقون ،نسأل الله لنا ولكم العافية)).
ثم احرص ـ بارك الله فيك ـ على أن تتطهر في مقر إقامتك ،ثم
تذهب لزيارة مسجد قباء،
ث رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلة فيه ،فإنَّه مما ح ّ
على زيارته ،والصلة فيه،
حيث جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال":من تطهر في بيته
ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلة كان له كأجر عمرة" .وصلى
َ
مد وعلى آله وصحبه وسل ّم. الله على نبينا مح َّ
.13أروع قصص الحب
شائع محمد الغبيشي
الحديث عن العظماء يأخذ بمجامع القلوب و تشرأب إليه أعناق
أولي النهى تزدان بسيرهم المجالس و تعطر بأخبارهم الندية و
يتوق إلى معرفة سيرهم أصحاب الهمم و عشاق المعالي فما
بالكم إخوتي إذا كان الحديث عن إمام العظماء و أشرف
الشرفاء و سيد النبلء ما بالكم إذا كان الحديث عن البدر يسري
بضوئه متعة للسامرين و دليل ً للحائرين بل هو الشمس تهدي
نورها وجه الرض فيتلل ضياء و نورا ً
ولد الهدى فالكائنات ضياء *** وفم الزمان تبسم و ثناء
الروح و المل الملئك حوله *** للدين و الدنيا به بشراء
و الوحي يقطر سلسل ً من سلسل *** و اللوح و القلم البديع
رواء
يوم يتيه على الزمان صباحه *** و مساءه بمحمد وضاء
بك بشر الله السماء فزينت *** و تضوعت مسكا ً بك الغبراء
يا من له الخلق ما تهو العل *** منها و ما يتعشق الكبراء
زانتك في الخلق العظيم شمائل *** يغرى بهن و يولع الكرماء
حديثنا عن الشمس التي أشرقت فعمت بنورها الكون كله و
لكن البون بينها وبين شمسنا شاسع جدا ً فشمسنا تغرب و
شمسه صلى الله عليه و سلم تبقى منيرة إلى قيام الساعة قال
عياًشرا ً َونَذِيرا ً *وَدَا ِ َ تعالى ( :يَا أَيُّهَا النَّب ِ ُّ
شاهِدا ً وَ ُ
مب َ ّ ِ ك َ سلْنَا َ
ي إِنَّا أْر َ
َ
منِيرا ً )الحزاب 46 سَراجا ً ُّ إِلَى الل ّهِ بِإِذ ْنِهِ وَ ِ
م كَثِيراً ن لَك ُ ْ
سولُنَا يُبَي ِّ ُ م َر ُجاءك ُ ْ ب قَد ْ َ ل الْكِتَا ِ وقال تعالى( :يَا أَهْ َ
ن اللّهِ م َجاءكُم ِّ ب وَيَعْفُو ع َن كَثِيرٍ قَد ْ َ ن الْكِتَا ِ م َ ن ِخفُو َ م تُ ْما كُنت ُ ْ
م َّ
ِّ
ن ) المائدة 15 مبِي ٌب ُّ نُوٌر وَكِتَا ٌ
قال المام الطبري رحمه الله {[ :من الله نور } يعني بالنور
محمدا صلى الله عليه وسلم الذي أنار الله به الحق وأظهر به
السلم ومحق به الشرك فهو نور لمن استنار به ]...تفسير
الطبري ج 4صـ 501ـ
عن عرباض بن سارية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول :اني عبد الله وخاتم النبيين فذكر فيه إن أم رسول
الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نورا أضاءت منه
قصور الشام ) قال :شعيب الرنؤوط :حديث صحيح لغيره قال
جابر رضي الله عنه ( :رأيت رسول الله في ليلة أضحيان ـ أي
ليلة مضيئة ل غيم فيها ـ فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم و إلى القمر و عليه حلة حمراء فإذا هو أحسن عندي
من القمر ) رواه الترمذي
عن أنس بن مالك قال :لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول
الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء فلما كان
اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء ولما نفضنا عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم اليدي وإنا لفي دفنه حتى أنكرنا
قلوبنا) رواه الترمذي و قال اللباني :صحيح
حديثنا أيها الكرام عن السراج المنير الذي امتن الله به علينا
فأنار القلوب بعد ظلمتها و أحياها بعد مواتها و هداها بعد ضللتها
شقوتها فكان صلى الله عليه و سلم الصباح بعد و أسعدها بعد ِ
ليل طويل مظلم بهيم :
بزغ الصباح بنور وجهك بعدما *** غشت البرية ظلمة سوداء
فتفتقت بالنور أركان الدجى *** و سعى على الكون الفسيح
ضياء
و مضى السلم على البسيطة صافيا ً *** تروى به الفيحاء و
الجرداء
حتى صفت للكون أعظم شرعة *** فاضت بجود سخائها النحاء
يا سيد الثقلين يا نبع الهدى *** يا خير من سعدت به الرجاء
حديثنا عن الرحمة المهداة و النعمة المسداة كنا على شفا
َّ
ل اللهِ حب ْ
موا ب ِ َ ص ُ حفرة من النار فأنقذنا الله به قال تعالى (وَاع ْت َ ِ
ِ َ َ َّ َ َ
ف
م أعْدَاءً فأل َ م إِذ ْ كُنْت ُ ْ ت الل ّهِ ع َلَيْك ُ ْ م َ ميعا ً وَل تَفََّرقُوا وَاذ ْكُُروا نِعْ َ ج َِ
َ ُ ً َ ُ ُ
نم َ حفَْرةٍ ِ شفَا ُ م ع َلى َ
َ خوََانا وَكنْت ُ ْ متِهِ إ ِ ْ م بِنِعْ َحت ُ ْ
صب َ ْم فَأ ْ ن قُلوبِك ْ
َ بَي ْ َ
ن) (آل م تَهْتَدُو َ م آيَاتِهِ لَعَل ّك ُ ْ ه لَك ُ ْ ن الل ّ ُ ك يُبَي ِّ ُمنْهَا كَذَل ِ َ م ِالنَّارِ فَأنْقَذ َك ُ ْ
عمران)103:
محب ؟ و من حديثا عن أروع قصص الحب و لكن من ال ُ
المحبوب ؟ و ما نوع الحب ؟
محب فالشجر و الحجر و والجبل و السهل و الحيوان و أما ال ُ
الطير ,و الحديث عن حب البشر له فشيء آخر و حديث آخر ما
بالكم بحب أعين اكتحلت بالنظر إلى وجهه الكريم و آذان تلذذت
بسماح حديثه ما بالكم بحب من جالسه و عاشره صلى الله عليه
ب لم يُشهد مثله على وجه البسيطة. و سلم ل شك أنه ح ٌ
أما المحبوب فهو خير من مشى على الرض و خير من طلعت
عليه الشمس بل هو شمس الدنيا و ضياؤها بهجتها و سرورها
ريقه دواء و نفثه شفاء و عرقه أطيب الطيب أجمل البشر و
أبهى من الدرر يأسر القلوب و يجتذب الفئدة متعة النظر و
شفاء البصر إذا تكلم أساخت له لقلوب قبل السماع فل تسل
عما يحصل لها من السعادة و المتاع كم شفى قلبا ً ملتاعا ً و كم
هدى من أوشك على الهلك و الضياع .
قال ابن الجوزي رحمه الله في وصفه [ :من تحركت لعظمته
السواكن فحن إليه الجذع ،و كلمه الذئب ،و سبح في كفه
ل كنى عن شوقه بلسانه يا جملة الحصى ،و تزلزل له الجبل ك ٌ
الجمال ،يا كل الكمال ،أنت واسطة العقد و زينة الدهر تزيد
على النبياء زيادة الشمس على البدر ،و البحر على القطر و
السماء على الرض .أنت صدرهم و بدرهم و عليك يدور
أمرهم ،أنت قطب فلكهم ،و عين كتبهم و واسطة قلدتهم ،و
نقش فصهم و بيت قصدهم .
ليلة المعراج ظنت الملئكة أن اليات تختص بالسماء فإذا آية
الرض قد علت .
ليس العجب ارتفاع صعودهم لنهم ذوو أجنحة ،إنما العجب
لرتفاع جسم طبعه الهبوط بل جناح جسداني . ] ...
المحبوب هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم .
أما نوع الحب فيكفي أنه حب أنطق الحجر و حرك الشجر و
أبكى الجذع و أسكب دمع البعير فما بالك بإنسان له جنان يفيض
بالحب و الحنان ؟
فهيا أخي المبارك نتجول في بستان المحبة نختار من قصص
ملئ الحب أروعها و نقتطف باقة عطرة من ذلك البستان الذي ُ
بأجمل الزهار و أعبقها :
القصة الولى :الجذع يحن :
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال ( :كان المسجد
مسقوفا على جذوع من نخل فكان النبي صلى الله عليه وسلم
إذا خطب يقوم إلى جذع منها فلما صنع له المنبر وكان عليه
فسمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار حتى جاء النبي صلى
الله عليه وسلم فوضع يده عليها فسكنت ) رواه البخاري
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة فقالت امرأة
من النصار أو رجل يا رسول الله أل نجعل لك منبرا قال إن
شئتم فجعلوا له منبرا فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر
فصاحت النخلة صياح الصبي ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم
فضمها إليه تئن أنين الصبي الذي يسكن قال كانت تبكي على ما
كانت تسمع من الذكر عندها ) رواه البخاري
و زاد في سنن الدارمي بسند صحيح قال ( :أما و الذي نفس
محمد بيده لو لم التزمه لما زال هكذا إلى يوم القيامة حزنا ً على
رسول الله صلى الله عليه و سلم ) فأمر به فدفن .
كيف ترقى رقيك الولياء *** يا سماء ما طاولتها سماء
م الماءُ إنما مثلوا صفاتك للناس *** كما مث ّ َ
ل النجو َ
حن جذع إليك و هو جماد *** فعجيب أن يجمد الحياء
كان الحسن رحمه الله يقول :يا معشر المسلمين الخشبة تحن
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا ً إلى لقائه فأنتم أحق
أن تشتاقوا إليه .
عن عمرو بن سواد عن الشافعي رحمه الله :ما أعطى الله نبياً
ما أعطى محمدا ً فقلت :أعطى عيسى إحياء الموتى .قال:
أعطي محمدا ً حنين الجذع حتى سمع صوته فهذا أكبر من ذلك .
يحن الجذع من شوق إليك **** و يذرف دمعه حزنا ً عليك
و يجهش بالبكاء و بالنحيب **** لفقد حديثكم و كذا يديك
فمالي ل يحن إليك قلبي **** و حلمي أن أقبل مقلتيك
و أن ألقاك في يوم المعاد **** و ينعم ناظري من وجنتيك
فداك قرابتي و جميع مالي **** و أبذل مهجتي دوما ً فداك
تدوم سعادتي و نعيم روحي **** إذا بذلت حياتي في رضاك
حبيب القلب عذر ل تلمني **** فحبي ل يحق في سماك
ذنوبي أقعدتني عن علو **** و أطمح أن أُقرب من علك
لعل محبتي تسمو بروحي **** فتجبر ما تصدع من هواك
القصة الثانية :الحمامة تشتكي :
عبد الله بن مسعود عن أبيه رضي الله عنه قال ( :كنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ومررنا بشجرة فيها
فرخا حمرة فأخذناهما قال فجاءت الحمرة إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهي تصيح فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
من فجع هذه بفرخيها؟!! قال فقلنا نحن قال :فردوهما) رواه أبو
داود والحاكم و قال :هذا حديث صحيح السناد ولم يخرجاه
جاءت إليك حمامة مشتاقة *** تشكو إليك بقلب صب واجف
من أخبر الورقاء أن مقامكم *** حرم و أنك منزل للخائف
القصة الثالثة :الجمل يبكي :
عن عبد بن جعفر قال ( :أردفني رسول الله صلى الله عليه
وسلم خلفه ذات يوم فأسر إلي حديثا ل أحدث به أحدا من
الناس وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم
لحاجته هدفا أو حايش نخل فدخل حائطا لرجل من النصار فإذا
فيه ناضح له فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت
عيناه فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه
وسراته فسكن فقال من رب هذا الجمل؟! فجاء شاب من
النصار فقال أنا فقال :أل تتقى الله في هذه البهيمة التي ملكك
ي وزعم أنك تجيعه وتدئبه) رواه المام الله إياها فإنه شكاك إل ّ
أحمد قال شعيب الرنؤوط :إسناده صحيح على شرط مسلم.
عن يعلى بن مرة الثقفي رضي الله تعالى عنه قال :ثلثة أشياء
رأيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا نحن نسير معه إذ
مررنا ببعير يسنى عليه قال فلما رآه البعير جرجر فوضع جرانه
فوقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( :أين صاحب هذا
البعير؟!) فجاءه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( :بعنيه) قال :
بل نهبه لك وإنه لهل بيت مآلهم معيشة غيره قال ( :أما إذ
ذكرت هذا من أمره فإنه شكا كثرة العمل وقلة العلف فأحسنوا
إليه ) قال :ثم سرنا حتى نزلنا منزل فنام النبي صلى الله عليه
وسلم فجاءت شجرة تشق الرض حتى غشيته ثم رجعت إلى
مكانها فلما استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت له
فقال ( :هي شجرة استأذنت ربها في أن تسلم على رسول الله
فأذن لها ) قال ثم سرنا فمررنا بماء فأتته امرأة بابن لها به جنة
فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنخره ثم قال ( :اخرج إني
محمد رسول الله ) قال ثم سرنا فلما رجعنا من مسيرنا مررنا
بذلك الماء فأتته المرأة بجزر ولبن فأمرها أن ترد الجزر وأمر
أصحابه فشربوا اللبن فسألها عن الصبي فقالت والذي بعثك
بالحق ما رأينا منه ريبا بعدك ) .قال الهيثمي :رواه أحمد
بإسنادين والطبراني بنحوه وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال
الصحيح و صححه اللباني.
القصة الثالثة :الحجر و الشجر يسلم من فرط الحب :
عن جابر بن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( :
إني ل أعرف حجر بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني
لعرفه الن ) رواه مسلم و الترمذي و المام أحمد
وعن علي رضي الله تعالى عنه قال كنت مع النبي صلى الله
عليه وسلم بمكة فخرجنا في بعض نواحيها فما استقبله جبل ول
شجر إل وهو يقول السلم عليك يا رسول الله.
القصة الرابعة :الطعام و الحجر يسبح :
روى علقمة عن عبد الله قال إنكم تعدون اليات عذابا وإنا كنا
نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بركة لقد كنا
نأكل الطعام مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نسمع تسبيح
الطعام قال وأتي النبي صلى الله عليه وسلم بإناء فوضع يده فيه
فجعل الماء ينبع من بين أصابعه فقال النبي صلى الله عليه
وسلم حي على الوضوء المبارك والبركة من السماء حتى توضأنا
كلنا )رواه الترمذي و قال :هذا حديث حسن صحيح
عن أبي ذر رضي الله عنه قال ":إني لشاهد عند رسول الله في
حلقة وفي يده حصى فسبحن في يده وفينا أبو بكر وعمر
وعثمان وعلي فسمع تسبيحهن من في الحلقة " .أخرجه
الطبراني في الوسط مجمع البحرين ،والبزار وإسناد الطبراني
صحيح رجاله ثقات .
لئن سبحت صـم لجبال مجيبــه *** لداود أو لن الحديد المصفـح
م لنت بكفه *** و إن الحصا في كفـه صـــ َّ
فإن الصخور ال ُ
ليسب ِّـح
وإن كان موسى أنبع الماء من العصـا *** فمن كفه قد أصبح
الماء يطفـح
القصة الخامسة :الحجر والشجر يسجد :
عن ابن عباس قال :جاء رجل من بني عامر إلى النبي صلى الله
عليه وسلم كأنه يداوي ويعالج فقال :يا محمد إنك تقول أشياء
هل لك أن أداويك ؟ قال :فدعاه رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى الله ثم قال ( :هل لك أن أريك آية؟!) وعنده نخل
وشجر فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عذقا منها قأقبل
إليه وهو يسجد ويرفع رأسه ويسجد ويرفع رأسه حتى انتهى إليه
صلى الله عليه وسلم فقام بين يديه ثم قال له رسول الله صلى
الله عليه وسلم ( :ارجع إلى مكانك ) فقال العامري :والله ل
أكذبك بشيء تقوله أبدا ثم قال :يا آل عامر بن صعصعة والله ل
أكذبه بشيء) رواه ابن حبان و قال شعيب الرنؤوط :إسناده
صحيح
و في قصة رحلته صلى الله إلى الشام التي رواها الترمذي و
صححها اللباني قال الراهب ( :هذا سيد العالمين بعثه الله رحمة
للعالمين .فقال له أشياخ من قريش ما علمك ؟ فقال :إنكم
حيث أشرفتم منم العقبة لم يبق شجر و ل حجر إل خر ساجدا و
ل يسجدون إل لنبي و إني لعرفه بخاتم النبوة أسفل من
غضروف كتفه ...الحديث
سم
مت ّ ِل بالبشر ُ خلُق *** بالحق مشتم ٍخلق نبي زانه ُ أكرم ب َ َ
ف *** والبحر في كرم والدهر ف والبدر في شر ٍ كالزهر في تر ٍ
مم
في ه ِ َ ِ
ق بلجاءت لدعوته الشجار ساجدة *** تمشي إليه على سا ٍ
قدمِ
ومنسجم ب أزكى صلةٍ منك دائمة *** على النبي بمنه ًّ
ل يار ّ
ِ َ
ما رنّحت عذبات البان ريح صبا *** وأطربت نغمات الي من
أُمم
القصة السادسة :الجبل يهتز فرحا ً برسول الله صلى الله .
عن أنس رضي الله عنه قال صعد النبي صلى الله عليه و سلم
جبل أحد و معه أبو بكر و عمر و عثمان رضي الله عنهم فرجف
بهم الجبل ،فقال ( :اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان)
رواه البخاري
قال بعض الدعاة و إنما اهتز فرحا ً و طربا ً و شوقا ً للقاء رسول
صلى الله عليه و سلم و صحبه
ل تلوموا أُحدا ً لضطراب *** إذ عله فالوجد داءُ
ب *** ولكم أطرب المحب لقاءُ ُ
أحد ل يلم فهـو مح ٌ
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه :أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم طلع له أحد فقال ( :هذا جبل يحبنا ونحبه اللهم إن
إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لبتيها) رواه البخاري
السابعة :الشجر يطيع النبي ويسارع إلى إجابته ويستأذن في
السلم عليه:
وعن يعلى بن مرة عن أبيه قال :سافرت مع رسول الله صلى
الله عليه و سلم فرأيت منه شيئا ً عجبا ً ،نزلنا منزل ً ،فقال
انطلق إلى هاتين الشجرتين ،فقل إن رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول لكما أن تجتمعا ،فانطلقت فقلت لهما ذلك ،
فانتزعت كل واحدة منهما من أصلها فمرت كل واحدة إلى
صاحبتها فالتقيا جميعا ً ،فقضى رسول الله حاجته من ورائها ثم
قال :انطلق فقل لهما :لتعد كل واحدة إلى مكانها ،فأتيتهما
فقلت ذلك لهما ،فعادت كل واحدة إلى مكانها ،و أتته امرأة ،
فقالت إن ابني هذا به لمم ـ مس من الجن ـ منذ سبع سنين
يأخذه كل يوم مرتين ،فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(أدنيه) فأدنته منه فتفل في فيه ،وقال :اخرج عدو الله أنا رسول
الله ثم قال لها رسول الله إذا رجعنا فأعلمينا ما صنع ،فلما رجع
رسول الله استقبلته و معها كبشان و أقط و سمن ،فقال لي
رسول الله صلى الله عليه و سلم :خذ هذا الكبش واتخذ منه ما
أردت ،قالت والذي أكرمك ما رأينا شيئا ً منذ فارقتنا ،ثم أتاه بعير
،فقام بين يديه ،فرأى عيناه تدمعان ،فعث إلى أصحابه ،فقال
:ما لبعيركم هذا؟! البعير يشكوكم؟ فقالوا :كنا نعمل عليه ،
فلما كبر و ذهب عمله تواعدنا عليه لننحره غدا ً فقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم( :ل تنحروه ،و اجعلوه في البل يكون
معها ) صححه الحاكم و وافق الذهبي و صححه الرناؤط .
و عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال كنا مع النبي صلى الله
عليه و سلم في سفر فأقبل أعرابي فلما دنا قال له رسول الله
صلى الله عليه و سلم ( :أين تريد ) قال إلى أهلي قال (:هل
لك في خير ؟ ) قال :ما هو ؟ قال ( تشهد أن ل إله إل الله
وحده ل شريك له و أن محمدا ً عبده و رسوله ) قال :من شاهدٌ
على ما تقول ؟ قال ( هذه الشجرة ) فدعاها رسول الله صلى
الله عليه و سلم و هي بشاطئ الوادي فأقبلت تخد الرض خداً
حتى جاءت بين يديه فاستشهدها ثلثا ً فشهدت أنه كما قال ثم
رجعت إلى منبتها و رجع العرابي فقال إن يبايعوني آتك بهم و إل
رجعت إليك فكنت معك ) رواه الدارمي .
القصة الثامنة :السد يودع مولى رسول الله :
عن محمد بن المنكدر :أن سفينة مولى رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال :ركبت البحر فانكسرت سفينتي التي كنت فيها
لوحا من ألواحها فطرحني اللوح في أجمة فيها السد فأقبل إلي
يريدني فقلت :يا أبا الحارث أنا مولى رسول الله صلى الله عليه
و سلم فطأطأ رأسه و أقبل إلي فدفعني بمنكبه حتى أخرجني
من الجمة و وضعني على الطريق و همهم فظننت أنه يودعني
فكان ذلك آخر عهدي به ) رواه الحاكم و قال :هذا حديث صحيح
على شرط مسلم و لم يخرجاه
و وافقه الذهبي
فتأمل أخي إلى تعظيم هذا المخلوق وتوقيره و محبته لرسول
الله فما إن سمع أسم رسول الله حتى طأطأ رأسه و بدل من
أن يهم بموله دله على الطريق و ودعه .
نماذج من حب البشر :
القصة الولى :أبو بكر الصديق
عن عروة بن الزبير قال قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص
رضي الله تعالى عنهما أخبرني بأشد ما صنعه المشركون
برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال بينا رسول الله
صلى الله تعالى عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن
أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم
ولوى ثوبه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا فأقبل أبو بكر فأخذ
بمنكبه ودفع عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقال
أتقتلون رجل أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم )
رواه البخاري
القصة الثانية :الصديق يبكي فرحا ً :
قالت عائشة رضي الله عنها ( :فرأيت أبا بكر يبكي و ما كنت
أحسب أن أحدا ً يبكي من الفرح )
القصة الثالثة :خشيت أل أراك
روى الطبراني عن عائشة رضي الله عنها قالت :جاء رجل إلى
النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله إنك لحب إلي
من نفسي و إنك لحب إلي من ولدي و إني لكون في البيت
فأذكرك فما اصبر حتى أتي فأنظر إليك و إذا ذكرت موتي و
موتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين و أني إذا
دخلت الجنة خشيت أن ل أراك فلم يرد عليه النبي صلى الله
عليه و سلم شيئا ً حتى نزل جبريل عليه السلم بهذه الية :
َ ك مع الَّذي َ ( ومن يطع الل َّه والَرسو َ ُ
ن
م َم ِ ه ع َلَيْهِ ْم الل ّ ُ ن أنْعَ َل فَأولَئ ِ َ َ َ ِ َ َ َ ّ ُ َ َ ْ ُ ِِ
ك َرفِيقا)ً َ ُ ُ
ن أولئ ِ َ س َح ُن وَ َ
حي َ شهَدَاءِ وَال َّ
صال ِ ِ ن وَال ّ
صدِّيقِي َ
ن وَال ِّالنَّبِيِّي َ
(النساء )69:قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح إل عبد الله بن
عمران و هو ثقة .
القصة الرابعة :أسألك مرافقتك في الجنة :
عن ربية بن كعب رضي الله عنه ( :كنت أبيت مع رسول الله
صلى الله عليه و سلم فأتيته بوضوئه ,و حاجته ،فقال لي :
( سل ) فقلت :أسألك مرافقتك في الجنة .قال (:أو غير ذلك )
قلت :هو ذاك قال ( :فأعني على نفسك بكثرة السجود ) رواه
مسلم .
القصة الخامسة :كل مصيبة بعد جلل
روى ابن جرير الطبري في التاريخ عن سعد بن أبي وقاص رضي
الله عنه قال :مّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من
بني دينار ،وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم بأُحد ،فلما نُعوا لها قالت :فما فعل رسول الله
صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا :خيرا يا أم فلن .هو بحمد الله
كما تحبين قالت :أرنيه حتى أنظر إليه ،فأشير لها إليه حتى إذا
رأته قالت :كل مصيبة بعدك جلل .تريد صغيرة .
القصة السادسة :ل أرضى أن يشاك بشوكة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :بعث رسول الله صلى الله
عليه وسلم عشرة رهط سرية عينا وأمر عليهم عاصم بن ثابت
النصاري جد عاصم بن عمر بن الخطاب فانطلقوا حتى إذا كانوا
بالهدأة وهو بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو
لحيان فنفروا لهم قريبا من مائتي رجل كلهم رام فاقتصوا آثارهم
حتى وجدوا مأكلهم تمرا تزودوه من المدينة فقالوا هذا تمر يثرب
فاقتصوا آثارهم فلما رآهم عاصم وأصحابه لجؤا إلى فدفد وأحاط
بهم القوم فقالوا لهم :انزلوا وأعطونا بأيديكم ولكم العهد
والميثاق ول نقتل منكم أحدا قال عاصم بن ثابت أمير السرية أما
أنا فوالله ل أنزل اليوم في ذمة كافر اللهم أخبر عنا نبيك
فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما في سبعة فنزل إليهم ثلثة رهط
بالعهد والميثاق منهم خبيب النصاري وابن دثنة ورجل آخر فلما
استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فأوثقوهم فقال الرجل
الثالث هذا أول الغدر والله ل أصحبكم إن في هؤلء لسوة يريد
القتلى فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فأبى فقتلوه فانطلقوا
بخبيب وابن دثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعه بدر فابتاع خبيبا بنو
الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف وكان خبيب هو قتل
الحارث بن عامر يوم بدر فلبث خبيب عندهم أسيرا فأخبرني
عبيد الله بن عياض أن بنت الحارث أخبرته أنهم حين اجتمعوا
استعار منها موسى يستحد بها فأعارته فأخذ ابنا لي وأنا غافلة
حين أتاه قالت فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده
ففزعت فزعة عرفها خبيب في وجهي فقال تخشين أن أقتله ما
كنت لفعل ذلك والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب والله
لقد وجدته يوما يأكل من قطف عنب في يده وإنه لموثق في
الحديد وما بمكة من ثمر وكانت تقول إنه لرزق من الله رزقه
خبيبا فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب
ذروني أركع ركعتين فتركوه فركع ركعتين ثم قال لو ل أن تظنوا
أن ما بي جزع لطولتها اللهم أحصهم عددا
ولست أبالي حين أقتل مسلما *** على أي شق كان لله
مصرعي
وذلك في ذات الله وإن يشأ *** يبارك على أوصال شلو ممزع
فقتله بن الحارث فكان خبيب هو سن الركعتين لكل امرئ
مسلم قتل صبرا فاستجاب الله لعاصم بن ثابت يوم أصيب فأخبر
النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه خبرهم وما أصيبوا وبعث
ناس من كفار قريش إلى عاصم حين حدثوا أنه قتل ليؤتوا
بشيء منه يعرف وكان قد قتل رجل من عظمائهم يوم بدر فبعث
على عاصم مثل الظلة من الدبر فحمته من رسولهم فلم يقدروا
على أن يقطعوا من لحمه شيئا " .أخرجه البخاري و النسائي و
أبو داود
و في بعض الروايات :فقال له أبو سفيان (أيسرك أن محمدا
عندنا نضرب عنقه وإنك في أهلك؟ فقال :ل والله ما يسرني إني
في أهلي وأن محمدا في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه)
القصة السابعة :الصديق يتمنى سرعة اللحاق:
عن عائشة رضي اله عنها قالت :إن أبا بكر رضي الله عنه لما
حضرته الوفاة قال ( :أي يوم هذا ؟) قالوا يوم الثنين قال :
( فإن مت من ليلتي فل تنتظروا بي الغد فإن أحب اليام و
ي أقربها من رسول الله صلى الله عليه و سلم ) رواه الليالي إل ّ
أحمد و صححه أحمد شاكر .
القصة الثامنة :ل يخلص إلى رسول صلى الله عليه وسلم
وفيكم عين تطرف
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال :بعثني رسول الله (( صلى
الله عليه وسلم)) يوم أحد أطلب سعد بن الربيع فقال لي إن
رأيته فأقرئه مني السلم وقل له يقول لك رسول الله (( صلى
الله عليه وسلم)) كيف تجدك ؟ قال فجعلت أطوف بين القتلى
فأتيته وهو بآخر رمق وبه سبعون ضربة ما بين طعنة برمح
وضربة بسيف ورمية بسهم فقلت يا سعد إن رسول الله ( صلى
الله عليه وسلم) يقرأ عليك السلم ويقول لك أخبرني كيف
يجدك ؟ فقال وعلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) السلم
قل له يا رسول الله أجد ريح الجنة .وقل لقومي النصار ل عذر
لكم عند الله أن يخلص إلى رسول ( صلى الله عليه وسلم)
وفيكم عين تطرف ،وفاضت روحه من وقته ) رواه البخاري،
،844ومسلم .3408
القصة التاسعة :غدا ً ألقى الحبة
عندما احتضر بلل رضي الله عنه قالت امرأته :واحزناه فقال:
(بل وا طرباه غدا نلقى الحبة محمدا وصحبه) فمزج مرارة
الموت بحلوة الشوق إليه صلى الله عليه و سلم
القصة العاشرة :أطيب الطيب
عن أنس رضي الله عنه :دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم
فقال عندها (أي من القيلولة) فعرق وجاءت أمي بقارورة،
فجعلت تسلت العرق فيها فاستيقظ فقال :يا أم سليم ما هذا
الذي تصنعين؟ قالت :هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب
الطيب " .رواه مسلم .
القصة الحادية عشرة :ابن الزبير يشرب الدم
كان النبي صلى الله عليه وسلم قد احتجم في طست فأعطاه
عبد الله بن الزبير ليريقه فشربه فقال له( :ل تمسك النار إل
تحلة القسم ،وويل لك من الناس ،وويل للناس منك) .وفي
رواية :أنه قال له( :يا عبد الله اذهب بهذا الدم فأهريقه حيث ل
يراك أحد) فلما بعُد عمد إلى ذلك الدم فشربه ،فلما رجع قال( :
ما صنعت بالدم؟ ) قال :إني شربته لزداد به علما ً وإيماناً،
وليكون شيء من جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم في
جسدي ،وجسدي أولى به من الرض فقال( :ابشر ل تمسك النار
أبداً ،وويل لك من الناس وويل للناس منك) رواه الحاكم و
الطبراني وقال الهيثمي :رجاله رجال الصحيح غير هنيد بن
القاسم
القصة الثانية عشرة :نحري دون نحرك
كان أبو طلحة النصاري رضي الله عنه يحمي رسول الله صلى
الله عليه و سلم في غزوة أحد و يرمي بين يديه ،و يقول ( بأبي
أنت و أمي يا رسول الله ل تشرف يصيبك سهم من سهام القوم
نحري دون نحرك ) رواه البخاري
و عن قيس بن أبي حازم قال ( :رأيت يد طلحة شلء ،وقى بها
النبي صلى الله عليه و سلم يوم أحد ) رواه البخاري.
القصة الثالثة عشرة :آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك
روى ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل
صفوف أصحابه يوم بدر وفي يده قدح يعدل به القوم فمر بسواد
بن غزية حليف بني علي ابن النجار وهو مستنتل من الصف
فطعن في بطنه بالقدح وقال استو يا سواد فقال يا رسول الله
أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدني فكشف رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه فقال استقد قال فاعتنقه
فقبل بطنه فقال ما حملك على هذا يا سواد؟! قال يا رسول الله
حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي
جلدك فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير ] رواه ابن
إسحاق و قال الهيثمي في المجمع رواه الطبراني ورجاله ثقات.
القصة الرابعة عشرة :وما كنت أطيق أن أمل عيني
عن عمرو بن العاص رضي الله عنه ...( :وما كان أحد أحب إلي
من رسول الله صلى الله عليه وسلم ول أجل في عيني منه وما
كنت أطيق أن أمل عيني منه إجلل له ولو سئلت أن أصفه ما
أطقت لني لم أكن أمل عيني منه )...رواه مسلم
القصة الخامسة عشرة :رضينا برسول الله قسما وحظا
عن أبي سعيد الخدري قال :لما أعطي رسول الله صلى الله
عليه وسلم ما أعطي من تلك العطايا في قريش وقبائل العرب
ولم يكن في النصار منها شيء وجد هذا الحي من النصار في
أنفسهم حتى كثرت فيهم القالة حتى قال قائلهم لقي رسول الله
صلى الله عليه وسلم قومه فدخل عليه سعد بن عبادة فقال يا
رسول الله إن هذا الحي قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت
في هذا الفيء الذي أصبت قسمت في قومك وأعطيت عطايا
عظاما في قبائل العرب ولم يكن في هذا الحي من النصار
شيء قال فأين أنت من ذلك يا سعد؟! قال يا رسول الله ما أنا
إل امرؤ من قومي وما أنا قال فاجمع لي قومك في هذه
الحظيرة قال :فخرج سعد فجمع الناس في تلك الحظيرة قال
فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا وجاء آخرون فردهم
فلما اجتمعوا أتاه سعد فقال قد اجتمع لك هذا الحي من النصار
قال فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى
عليه بالذي هو له أهل ثم قال يا معشر النصار ما قالة بلغتني
عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم ألم آتكم ضلل فهداكم الله
وعالة فأغناكم الله وأعداء فألف الله بين قلوبكم قالوا بل الله
ورسوله أمن وأفضل قال أل تجيبونني يا معشر النصار قالوا
وبماذا نجيبك يا رسول الله ولله ولرسوله المن والفضل قال أما
والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم وصدقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك
ومخذول فنصرناك وطريدا فآويناك وعائل فأغنيناك أوجدتم في
أنفسكم يا معشر النصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما
ليسلموا ووكلتكم إلى إسلمكم أفل ترضون يا معشر النصار ان
يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله
عليه وسلم في رحالكم فوالذي نفس محمد بيده لول الهجرة
لكنت امرأ من النصار ولو سلك الناس شعبا وسلكت النصار
شعبا لسلكت شعب النصار اللهم ارحم النصار وأبناء النصار
وأبناء أبناء النصار قال فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا
رضينا برسول الله قسما وحظا ثم انصرف رسول الله صلى الله
عليه وسلم وتفرقنا) رواه المام أحمد وقال شعيب الرنؤوط :
إسناده حسن
فتأمل أخي المبارك إلى فرح النصار بفوزهم برسول الله قسماً
تأمل إلى بكاء الفرح و هم يقولون بقلوبهم قبل ألسنتهم (رضينا
برسول الله قسما وحظا )
طفح السور علي حتى أنني *** من كثر ما قد سرني أبكاني
القصة السادسة عشرة :عشر إليهم يحن قلبي
عن عبدة بنت خالد بن معدان قالت [ :ما كان خالد يأوي إلى
فراش إل و هو يذكر من شوقه إلى رسول الله صلى الله عليه و
سلم و إلى أصحابه من المهاجرين و النصار يسميهم و يقول :
هم أصلي و فصلي و إليهم يحن قلبي طال شوقي إليهم فعجل
ربي قبضي إليك حتى يغلبه النوم ]
القصة السابعة عشرة :البكاء عند ذكر النبي صلى الله عليه و
سلم :
قال إسحاق التجيبي :كان أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم
بعده ل يذكرونه إل خشعوا و اقشعرت جلودهم و بكوا
وقال مالك ـ وقد سئل عن أيوب السختياني [ :ما حدثتكم عن
أحد إل و أيوب أفضل منه:
وقال :وحج حجتين فكنت أرمقه و ل أسمع منه غير أنه كان إذا
ذكر النبي صلى الله عليه و سلم بكى حتى أرحمه ] .
وقال مصعب بن عبد الله [ :كان مالك إذا ذكر النبي صلى الله
عليه و سلم يتغير لونه و ينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه
فقيل له يوما في ذلك فقال لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم علي ما
ترون و لقد كنت أرى محمد بن المنكدر وكان سيد القراء ل نكاد
نسأله عن حديث أبدا إل يبكي حتى نرحمه ] .الشفا ج 2صـ 32
القصة الثامنة عشرة :أعطني عينيك أقبلها
قال ثابت البناني لنس بن مالك رضي الله عنه :أعطني عينيك
التي رأيت بهما رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أقبلها .
حق له أن يُحب ُ
لماذا كل هذا الحب ؟ سؤال يطرح و يكرر فإنه حب لم يشهد
الكون علويه و سفليه مثله .
رجل كل شيء في الكون يحبه السماء بمن فيها و الرض بمن
عليها كل يحبه و يشتاق إليه فما أعظمه من رجل و ما أجله من
نبي و أعزه من رسول صلى الله عليه و سلم .
شعرى وفي وجهه كأن الثريا علـقت في جـبينه *** وفي جيده ال ّ ِ
القمُر
َّ
ل هلل البدو والحضُر عليه جلل المجد لو أن وجهه *** أضاء بلي ٍ
لقد نال صلى الله عليه و سلم كل هذا الحب و هو قليل في
حقه لنه جمع خصال و صفات لم ولن تجتمع في غيره من بني
البشر و لعلي ألمح في السطور القادمة إلى بعض ذلك مع
عجزي عن ذكر ع ُشرِ المعشار من عظيم ما حباه الله إياه من
جميل الصفات و كريم الخصال صلوات ربي و سلمه عليه .
أول ً :عظم بركته و خيره صلى الله عليه و سلم على جميع
المخلوقات :
فقد كان مولده صلى الله عليه و سلم بشارة خير و نور و بكرة
و ضياء للكون بأسره فقد رأت أمه حين وضعته نورا ً أضاءت منه
قصور الشام ,و جاء صلى الله عليه و سلم بالدين الذي إذا أقيم
واقعا ً في الحياة صبت السماء بركاتها و أخرجت الرض خيراتها
ماءِ س َن ال َّ
م َ
ت ِّ حنَا ع َلَيْهِم بََركَا ٍ منُوا ْ وَاتَّقَوا ْ لَفَت َ ْ
ل الْقَُرى آ َ ن أَهْ َ(وَلَوْ أ َ َّ
َ َ
ن ) العراف 96 سبُو َ ما كَانُوا ْ يَك ْ ِ خذ ْنَاهُم ب ِ َ ض وَلَـكِن كَذَّبُوا ْ فَأ َ
وَالْر ِ
فما أعظم بركاته عليه الصلة و السلم بركات ينعم بها الطير و
الحيوان و الدواب و النبات و النسان .فأقل ما تهبه هذه
المخلوقات لهذا النبي صلى الله عليه و سلم الحب الصادق فهل
جزاء الحسان إل الحسان .
ثانيا ً :عظيم رحمته صلى الله عليه و سلم بجميع المخلوقات :
ْ َ َ َ
ن ) النبياء 107و مي َة ل ِّلْعَال َ ِ
م ً
ح َك إ ِ ّل َر ْ سلنَا ما أْر َ يقول الله تعالى ( :وَ َ
ت فَظّا ً غَلِي َ
ظ و كُن َم وَل َ ْت لَهُ ْ ن اللّهِ لِن َ م َ مةٍ ِّ ح َ
ما َر ْقال تعالى {( :فَب ِ َ
ضوا ْ )آل عمران 159 الْقَل ْ ِ
ب لَن َف ُّ
يقول سيد رحمه الله [ فهي رحمة الله التي نالته ونالتهم ;
فجعلته صلى الله عليه و سلم رحيما بهم ,لينا معهم .ولو كان
فظا غليظ القلب ما تألفت حوله القلوب ,ول تجمعت حوله
المشاعر .فالناس في حاجة إلى كنف رحيم ,وإلى رعاية فائقة
,وإلى بشاشة سمحة ,وإلى ود يسعهم ,وحلم ل يضيق بجهلهم
وضعفهم ونقصهم . .في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ول يحتاج
منهم إلى عطاء ; ويحمل همومهم ول يعنيهم بهمه ; ويجدون
عنده دائما الهتمام والرعاية والعطف والسماحة والود والرضاء .
.وهكذا كان قلب رسول الله عليه صلى الله عليه وسلم وهكذا
كانت حياته مع الناس .ما غضب لنفسه قط .ول ضاق صدره
بضعفهم البشري .ول احتجز لنفسه شيئا من أعراض هذه الحياة
,بل أعطاهم كل ما ملكت يداه في سماحة ندية .ووسعهم
حلمه وبره وعطفه ووده الكريم .وما من واحد منهم عاشره أو
رآه إل امتل قلبه بحبه ; نتيجة لما أفاض عليه صلى الله عليه
وسلم من نفسه الكبيرة الرحيبة ] الظلل ج .1
و قد عمت رحمته و شمل إحسانه صلى الله عليه و سلم كل
شيء الطير و الحيوان والنمل و الشجر و النسان ألم يقل صلى
الله عليه و سلم ( :إن الله عز وجل كتب الحسان على كل
شيء .فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة .وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح .
وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ) رواه ابن ماجه و صححه
اللباني رحمه الله
ألم يقل صلى الله عليه و سلم ( في كل ذات كبد رطب أجر )
رواه مسلم ألم يوصي صلى الله عليه و سلم بالبهائم فقال :
( اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة )...رواه أبو داود
و رأى صلى الله عليه و سلم قرية من النمل قد حرقت قال :
( من حرق هذه ؟ ) فقلنا نحن قال ( :إنه ل ينبغي لحد أن يعذب
بالنار إل رب النار ) رواه أبو داود و أحمد .
ألم يقل صلى الله عليه و سلم ( :إن قامت على أحدكم القيامة
وفي يده فسلة فليغرسها) قال شعيب الرنؤوط :إسناده صحيح
ألم يقل ( :الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا أهل الرض
يرحمكم من في السماء ) رواه أبو داود و صححه اللباني.
فما أعظم رحمته صلى الله عليه و سلم فقد كان أرحم بنا من
الباء و المهات و صدق من قال:
ب *** هذان في الدنيا هم الرحماء و إذا رحمت فأنت أم أو أ ٌ
وإذا سخوت بلغت بالجود المدى *** و فعلت ما لم تفعل النواء
و صدق صلى الله عليه و سلم حين قال ( :إنما أنا رحمة
مهداة ) رواه الحاكم و صححه .
ثالثا ً :عظيم حرصه على هداية أمته :
لم َ
ما ع َنِت ُّ ْ
م م ع َزِيٌز ع َلَيْهِ َ سك ُ ْن أن ُف ِ سو ٌ ِّ ْ م َر ُ جاءك ُ ْ وقال تعالى ( :لَقَد ْ َ
م ) التوبة 128 حي ٌ ف َّر ِ ن َرؤ ُو ٌ منِي َ مؤ ْ ِ ص ع َلَيْكُم بِال ْ ُ حرِي ٌ َ
قال المام السعدي رحمه الله تعالى [:هذه المنة التي امتن الله
بها على عباده هي اكبر النعم بل اجلها وهي المتنان عليهم بهذا
الرسول الكريم الذي أنقذهم الله به من الضللة وعصمهم به من
التهلكة ] ا.هـ
وروى مسلم عن ابن عمرو :أن رسول الله تل هذه الية ( :رب
إنهن أضللن كثيرا ً من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني
فإنك غفور رحيم) و ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم
فإنك أنت العزيز الحكيم).
فرفع يديه وقال( :اللهم أمتي أمتي وبكى ،فقال الله يا جبريل:
اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله فأتاه جبريل فسأله ،فأخبره
بما قال :وهو أعلم ،فقال الله يا جبريل :اذهب إلى محمد فقال:
إنا سنرضيك في أمتك ول نسوءك).
وروى البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً( :لكل نبي دعوة
مستجابة ،فتعجل كل نبي دعوته ،وإني اختبأت دعوتي شفاعة
لمتي يوم القيامة ،فهي شاملة إن شاء الله من مات من أمتي ل
يشرك بالله شيئاً).
لقد وصل به المر صلى الله عليه و سلم إلى أن استولت عليه
الحسرة و كاد يقتل نفسه حرصا ً على أمته حتى عاتبه ربه فقال
َّ تعالى ( :فَلَعَل َّ َ
منُوا بِهَذ َام يُؤ ْ ِْ م إِن ل ْ ك ع َلَى آثَارِه ِ س َ خعٌ ن َّ ْف َ ك بَا ِ
َ َ سفا ً ) الكهف 6و قال عز وجل ( :لَعَل َّ َ
ك أ َ ّل خعٌ نَّفْ َ
س ك بَا ِ ثأ َ
َ
ال ْ َ
حدِي ِ
ن )الشعراء 3
َ منِي َ مؤْ ِيَكُونُوا ُ
شاءُ فََل من ي َ َ من ي َ َ ض ُّ ن الل ّ و قال سبحانه ( :فَإ ِ َّ
شاءُ وَيَهْدِي َ َ
َ َ
ل ه يُ َِ
ن ) فاطر 8 صنَعُو َ ما ي َ ْ م بِ َه عَلِي ٌ ن الل ّ َ ت إِ ّ سَرا ٍ ح َ م َ ك ع َلَيْهِ ْ س َ تَذْهَ ْ
ب ن َ ْف ُ
و تأمل في عظيم شفقته بأمته حين يضرب هذا المثل عن أبي
هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول ( إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فلما
أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار
يقعن فيها فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فأنا آخذ بحجزكم
عن النار وأنتم تقحمون فيها ) رواه البخاري
قال القاضي عياض رحمه الله [ :أما إحسانه و أنعامه على أمته
فكذلك قد مر منه في أوصاف الله تعالى له من رأفته بهم و
رحمته لهم و هدايته إياهم و شفقته عليهم و استنفاذهم به من
النار و أنه بالمؤمنين رؤوف رحيم و رحمة للعالمين و مبشرا و
نذيرا و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا منيرا و يتلوا عليهم آياته و
يزكيهم و يعلهم الكتاب و الحكمة و يهديهم إلى صراط مستقيم
فأي إحسان أجل قدرا و أعظم خطرا من إحسانه إلى جميع
المؤمنين ؟ و أي إفضال أعم منفعة و أكثر فائدة من إنعامه على
كافة المسلمين إذ كان ذريعتهم إلى الهداية و منقذهم من
العماية و داعيهم إلى الفلح و وسيلتهم إلى ربهم و شفيعهم و
المتكلم عنهم و الشاهد لهم و الموجب لهم البقاء الدائم و النعيم
السرمد
فقد استبان لك أنه صلى الله عليه و سلم مستوجب للمحبة
الحقيقية شرعا بما قدمناه من صحيح الثار و عادة و جبلة بما
ذكرناه آنفا لفاضته الحسان و عمومه الجمال فإذا كان النسان
يحب من منحه في دنياه مرة أو مرتين معروفأ أو استنقذه من
هلكة أو مضرة مدة التأذي بها قليل منقطع ـ فمن منحه ما ل يبيد
من النعيم و وقاه ما ل يفنى من عذاب الجحيم أولى بالحب
و إذا كان يحب بالطبع ملك لحسن سيرته أو حاكم لما يؤثر من
قوام طريقته أو قاص بعيد الدار لما يشاد من علمه أو كرم
شيمته ـ فمن جمع هذه الخصال على غاية مراتب الكمال أحق
بالحب و أولى بالميل ] الشفا ج 2صـ 24
ثالثا ً :عظم تضحيته و شدة الذى الذي لحقه في سبيل تبليغ
الدين :
عن عروة أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه
وسلم حدثته أنها قالت :للنبي صلى الله عليه وسلم هل أتى
عليك يوم أشد من يوم أحد ؟ قال ( لقد لقيت من قومك ما
لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على
ابن عبد ياليل بن عبد كلل فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت
وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إل وأنا بقرن الثعالب فرفعت
رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل
فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك
وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني
ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن
شئت أن أطبق عليهم الخشبين ؟ فقال النبي صلى الله عليه
وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلبهم من يعبد الله وحده ل
يشرك به شيئا ) رواه البخاري
و عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال بينما رسول الله صلى
الله عليه وسلم ساجد وحوله ناس إذ جاء عقبة بن أبي معيط
بسلى جزور فقذفه على ظهر رسول الله صلى :الله عليه
وسلم فلم يرفع رأسه فجاءت فاطمة فأخذته من ظهره ودعت
على من صنع ذلك وقال (:اللهم عليك المل من قريش :أبا
جهل بن هشام و عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و عقبة بن أبي
معيط و أمية بن خلف أو أبي بن خلف ـ شك شعبة ـ قال :فلقد
رأيتهم يوم بدر وألقوا في بئر غير أن أمية تقطعت أوصاله فلم
يلق في البئر ) رواه ابن حبان
رابعا ً :كمال نصحه للمة.
لقد كان صلى الله عليه وسلم صادق النصح لمته صلى الله عليه
و سلم أفنى عمره دعوة و نصحا ً و بيان و بلغا ً فنصح أعظم
َ
مدَّثُِّر *قُ ْ
م النصح و بلغ غاية البلغ من قال الله له ( :يَا أيُّهَا ال ْ ُ
فَأَنذِْر) يقول سيد معلقا ً على قوله تعالى (قُم) في سورة المزمل
[:إنها دعوة السماء ,وصوت الكبير المتعال . .قم ...قم . ..قم
للمر العظيم الذي ينتظرك ,والعبء الثقيل المهيأ لك ...قم
للجهد والنصب والكد والتعب .قم فقد مضى وقت النوم والراحة
. .قم فتهيأ لهذا المر واستعد . .
وإنها لكلمة عظيمة رهيبة تنتزعه صلى الله عليه وسلم من دفء
الفراش ,في البيت الهادئ والحضن الدافئ .لتدفع به في
الخضم ,بين الزعازع والنواء ,وبين الشد والجذب في ضمائر
الناس وفي واقع الحياة سواء .
إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحا ,ولكنه يعيش صغيرا
ويموت صغيرا .فأما الكبير الذي يحمل هذا العبء الكبير . .
فماله والنوم ? وماله والراحة ? وماله والفراش الدافئ ,
والعيش الهادئ ? والمتاع المريح ?!
ولقد عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حقيقة المر وقدره
,فقال لخديجة -رضي الله عنها -وهي تدعوه أن يطمئن وينام:
" مضى عهد النوم يا خديجة " ! أجل مضى عهد النوم وما عاد
منذ اليوم إل السهر والتعب والجهاد الطويل الشاق ! ] الظلل ج
6ص 3744
بل بلغ به المر أن يعجز عن الصلة قائما فعن عبد الله بن
شقيق قال قلت لعائشة ... ( :أكان يصلي جالسا قالت بعد ما
حطمه الناس ) رواه أحمد و قال شعيب الرنؤوط إسناده صحيح
.
فما أعظم المنة بمبعثه عليه الصلة و السلم و صدق الله ( :لَقَدْ
م يَتْلُو ث فيهم رسول ً م َ
سهِ ْ
ن أنفُ ِ ِّ ْ ن إِذ ْ بَعَ َ ِ ِ ْ َ ُ منِي َ ه ع َلَى ال ْ ُ
مؤ ِ ن الل ّ ُ م َّ َ
من قَب ْ ُ
ل ة وَإِن كَانُوا ْ ِ ب وَال ْ ِ
حك ْ َ
م َ م الْكِتَا َ م وَيُعَل ِّ ُ
مهُ ُ م آيَاتِهِ وَيَُز ِكّيهِ ْ ع َلَيْهِ ْ
ن الل ّ ُ
ه م َّن ) آل عمران ,164وقال تعالى ( :لَقَد ْ َ مبِي ٍل ُّضل ٍ لَفِي َ
ث فيهم رسول ً م َ
ه
م آيَات ِ ِم يَتْلُو ع َلَيْهِ ْ سهِ ْ ن أنفُ ِ ِّ ْ ن إِذ ْ بَعَ َ ِ ِ ْ َ ُ منِي َ مؤ ِ ع َلَى ال ْ ُ
لضل ٍ ل لَفِي َ من قَب ْ ُ ة وَإِن كَانُوا ْ ِ حك ْ َ
م َ ب وَال ْ ِ م الْكِتَا َ مهُ ُم وَيُعَل ِّ ُ وَيَُزكِّيهِ ْ
ن ) آل عمران 164 مبِي ٍ ُّ
خامسا ً :عظيم أخلقه
ق عَظِيم ٍ ) القلم . 4 ك لَعَلى ُ ُ قال تعالى ( :وَإِن َّ َ
خل ٍ
و عن أبي هريرة رضي الله عنه :أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال ( :بعثت لتمم مكارم الخلق) رواه الحاكم و قال
صحيح على شرط مسلم و وافقه الذهبي .
ك لَعَلى قال المام السعدي رحمه الله عند قوله تعالى { :وَإِن َّ َ
ق عَظِيم ٍ } أي :عاليًا به ،مستعليًا بخلقك الذي من الله عليك ُ ُ
خل ٍ
به ،وحاصل خلقه العظيم ،ما فسرته به أم المؤمنين[ ،عائشة
-رضي الله عنها ]-لمن سألها عنه ،فقالت" :كان خلقه القرآن"،
َ ْ
ن
ض عَ ِ ف وَأع ْرِ ْ مْر بِالْعُْر ِ خذ ِ َالْعَفْوَ وَأ ُ وذلك نحو قوله تعالى لهُ { :
م } [الية] { ،لَقَدْ ت لَهُ ْ ن الل ّهِ لِن ْ َ م َ مةٍ ِ ح َما َر ْ ن } { فَب ِ َ جاهِلِي َ ال ْ َ
ص ع َلَيْكُم لم َ
حرِي ُ ُ م َ ما ع َنِت ُّ ْ م ع َزِيٌز ع َلَيْهِ َ سك ُ ْ ن أنْفُ ِ سو ٌ ِ ْ م َر ُ جاءَك ُ ْ َ
م } وما أشبه ذلك من اليات الدالت على حي ٌف َّر ِ ن َرؤ ُو ٌ منِي َ مؤ ُ ِ بِال ْ
اتصافه صلى الله عليه وسلم بمكارم الخلق[ ،واليات] الحاثات
على الخلق العظيم فكان له منها أكملها وأجلها ،وهو في كل
خصلة منها ،في الذروة العليا ،فكان صلى الله عليه وسلم سهًل
لينا ،قريبًا من الناس ،مجيبًا لدعوة من دعاه ،قاضيًا لحاجة من
استقضاه ،جابًرا لقلب من سأله ،ل يحرمه ،ول يرده خائبًا ،وإذا
أراد أصحابه منه أمًرا وافقهم عليه ،وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه
محذور ،وإن عزم على أمر لم يستبد به دونهم ،بل يشاورهم
ويؤامرهم ،وكان يقبل من محسنهم ،ويعفو عن مسيئهم ،ولم
سا له إل أتم عشرة وأحسنها ،فكان ل يعبس في يكن يعاشر جلي ً
وجهه ،ول يغلظ عليه في مقاله ،ول يطوي عنه بشره ،ول يمسك
عليه فلتات لسانه ،ول يؤاخذه بما يصدر منه من جفوة ،بل
يحسن إلي عشيره غاية الحسان ،ويحتمله غاية الحتمال صلى
الله عليه وسلم ].
و قال ابن القيم رحمه الله [ :ومما يحمد عليه ما جبله الله عليه
من مكارم الخلق وكرائم الشيم فإن من نظر في أخلقه
وشيمه علم أنها خير أخلق الخلق وأكرم شمائل الخلق فإنه كان
أعلم الخلق وأعظمهم أمانة وأصدقهم حديثا وأحلمهم وأجودهم
وأسخاهم وأشدهم احتمال وأعظمهم عفوا ومغفرة وكان ل يزيده
شدة الجهل عليه إل حلما
كما روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمرو رضي الله
عنهما أنه قال في صفة رسول الله في التوراة ( :محمد عبدي
ورسولي سميته المتوكل ليس بفظ ول غليظ ول صخاب
بالسواق ول يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح ولن أقبضه
حتى أقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا ل إله إل الله وأفتح به أعينا
عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا)
وأرحم الخلق وأرأفهم بهم وأعظم الخلق نفعا لهم في دينهم
ودنياهم وأفصح خلق الله وأحسنهم تعبيرا عن المعاني الكثيرة
باللفاظ الوجيزة الدالة على المراد وأصبرهم في مواطن الصبر
وأصدقهم في مواطن اللقاء وأوفاهم بالعهد والذمة وأعظمهم
مكافأة على الجميل بأضعافه وأشدهم تواضعا و أعظمهم إيثارا
على نفسه وأشد الخلق ذبا عن أصحابه وحماية لهم ودفاعا عنهم
وأقوم الخلق بما يأمر به وأتركهم لما ينهى عنه وأوصل الخلق
لرحمه فهو أحق بقول القائل :
ن جلد]برد على الدنى ومرحمة ...وعلى العادي مار ٌ
سادسا ً :جمال خلقته عليه الصلة و السلم :
النفوس مجبولة على حب كل جميل و قد كان صلى الله عليه و
سلم أجمل الناس خلقا ً و لذا فقد أحبه الناس حبا ً عظيما ً فقد
جمع بين جمال الخلقة و الخلق عليه أفضل الصلة و السلم
فتأمل أخي المبارك في وصف أصحابه له عن أنس قال :كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ
إذا مشى تكفأ ول مسست ديباجة ول حريرة ألين من كف رسول
الله صلى الله عليه وسلم ول شممت مسكة ول عنبرة أطيب
من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) رواه مسلم و
معنى ( أزهر اللون ) هو البيض المستنير وهو أحسن اللوان
عن البراء قال :ما رأيت أحدا أحسن في حلة حمراء من رسول
الله صلى الله عليه وسلم وجمته تضرب منكبيه ) رواه النسائي
وصححه اللباني
عن كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن تبوك قال فلما سلمت
على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من
السرور وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار
وجهه حتى كأنه قطعة قمر وكنا نعرف ذلك منه ) رواه البخاري
عن أبي جحيفة قال :خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالهاجرة إلى البطحاء فتوضأ ثم صلى الظهر ركعتين والعصر
ركعتين وبين يديه عنزة .وزاد فيه عون عن أبيه عن أبي جحيفة
قال كان يمر من ورائها المرأة وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه
فيمسحون بهما وجوههم قال فأخذت بيده فوضعتها على وجهي
فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب رائحة من المسك ) رواه البخاري
عن البراء يقول :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن
الناس وجها وأحسنهم خلقا ليس بالطويل البائن ول بالقصير)
رواه البخاري
عن علي قال :لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالطويل ول بالقصير شئن الكفين والقدمين ضخم الرأس ضخم
الكراديس طويل المسربة إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما انحط من
صبب لم أر قبله ول بعده مثله ) رواه الترمذي و صححه اللباني
عن ابن عمر :ما رأيت أحدا أنجد ول أجود ول أشجع ول أضوأ
وأوضأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه الدارمي بسند
صحيح .
ً
فهو الذي تم معناه وصورته *** ثم اصطفاه حبيبا بارئُ النِّسمِ
أكرِم بخلق نبي زانه خلقٌ *** بالحسن مشتمل بالبشر متسم
كالزهر في ترف والبدر في شرف *** والبحر في كرم والدهر
مم
في ه ِ َ ِ
إن نبيا ً بهذه الصفة و هذه المثابة حق له أن يُحب و أن تتعلق به
القلوب و تحن إليه الفئدة و تحلم برؤيته و تجعل هدفها العظم
َ
خزِي الل ّ ُ
ه م َل ي ُ ْ الورود على حوضه وعبور الصراط بمعيته ( يوْ َ
َ ي والَّذين آمنوا معه نورهُم يسعى بي َ
ممانِهِ ْ م وَبِأي ْ َ ن أيْدِيهِ ْ َْ َ َ َ ُ ُ ُ ْ َ ْ َ النَّب ِ َّ َ ِ َ َ ُ
ك ع َلَى ك ُ ِّ م لَنَا نُوَرنَا وَاغْفِْر لَنَا إِن َّ َ َ
يءٍ قَدِيٌر ) ش ْ ل َ م ْ ن َربَّنَا أت ْ ِ يَقُولُو َ
التحريم 8
حكم محبة الرسول:
محبة النبي صلى الله عليه و سلم واجبة على كل مسلم و
َ
خوَانُك ُ ْ
م م وَإ ِ ْ م وَأبْنَآؤ ُك ُ ْ ن آبَاؤ ُك ُ ْ ل إِن كَا َ مسلمة قال تعالى (قُ ْ
َ َ
سادَهَا ن كَ َ شوْ َ خ َ جاَرة ٌ ت َ ْ موهَا وَت ِ َ ل اقْتََرفْت ُ ُ موَا ٌ م وَأ ْ شيَرتُك ُ ْ م وَع َ ِ جك ُ ْ وَأْزوَا ُ
َ
سبِيلِهِ ج َهاد ٍ فِي َ سولِهِ وَ ِ ن اللّهِ وََر ُ م َ ب إِلَيْكُم ِّ ح َّضونَهَا أ َ ن تَْر َ ْ ساك ِ ُم َ وَ َ
َ ْ
ن) سقِي َ م الْفَا ِ ه ل َ يَهْدِي الْقَوْ َ مرِهِ وَالل ّ ُ ه بِأ ْ ي الل ّ ُ حتَّى يَأت ِ َ صوا ْ َ فَتََرب َّ ُ
التوبة .24وفي حديث البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً(( :فوالذي
نفسي بيده ل يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده
والناس أجمعين)) .وروى البخاري عن عبد الله بن هشام :كنا مع
النبي وهو آخذ بيده عمر فقال عمر :يا رسول الله لنت أحب إلي
من كل شيء إل من نفسي فقال(( :ل والذي نفسي بيده حتى
أكون أحب إليك من نفسك ،قال عمر :فإنه الن ،لنت أحب إلي
من نفسي ،فقال :الن يا عمر)).
مظاهر محبته للرسول صلى الله عليه و سلم :
ما ك فِي َ مو َ حكِّ ُ ى يُ َ ن َ َ ك ل َ يُؤ ْ ِ -1طاعته :قال تعالى (فَل َ وََرب ِّ َ
حت ّ َ منُو َ
َ
مواْ سل ِّ ُ
ت وَي ُ َ ضي ْ َ ما قَ َ م َّ حَرجا ً ِّ م َ ْ سه جدُوا ْ فِي أنفُ ِ م ل َ يَ ِ م ث ُ َّ
جَر بَيْنَهُ ْ ش َ َ
َّ ِ
نن عَ ْ خالِفُو َ ن يُ َ حذ َرِ الذِي َ سلِيما ً ) النساء . 65و قال تعالى (:لْي َ ْ تَ ْ
م ) النور .63و قال ٌ ب أَلِي م عَذ َا ٌ ْ ُ صيبَه
ة أوْ ي ُ ِ
أ َمره أَن تصيبهم فتن ٌ َ
ُ ِ َُ ْ ِ َْ ْ ِ ِ
مراً تعالى (:وما كَان ل ِمؤ ْمن وَل مؤ ْمنة إذ َا قَضى الل َّه ورسول ُه أ َ
َ َ ُ ََ ُ ُ ْ َ ُ ِ ٍ ََ ُ ِ َ ٍ ِ َ َ
َ
ه فقَدْ َ َ
سول ُ ه وََر ُ ّ
ص الل َ ْ ن لَهُ ُ أن يَكُو َ
من يَعْ ِ م وَ َ مرِه ِ ْ نأ ْ م ْ خيََرة ُ ِ م ال ِ
مبِيناً) الحزاب 36 ضَلل ً ُّ ل َ ض َّ َ
-2القتداء و التأسي به و المتابعة له
ُ َ
من كَا َ
ن ة ل ِّ َ
سن َ ٌح َ سوَة ٌ َ ل الل ّهِ أ ْ سو ِ م فِي َر ُ
َ ن لَك ُ ْ قال تعالى (لَقَد ْ كَا َ
َ
ه كَثِيرا ً ) الحزاب 21 خَر وَذ َكََر الل ّ َ م اْل ِ ه وَالْيَوْ َ جو الل ّ َ يَْر ُ
قال المام ابن كثير رحمه الله [ :هذه الية الكريمة أصل كبير
في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله
وأحواله ]
قال ابن القيم رحمه الله [ :أعلم أن في رسول الله صلى الله
عليه وسلم أسوة حسنة حيا وميتا وفعل وقول وجميع أحواله
عبرة للناظرين تبصرة للمستبصرين إذ لم يكن أحد أكرم على
الله منه إذ كان خليل الله وحبيبه ونجيه وكان صفيه ورسوله
ونبيه ] .إعلم الموقعين ج 4ص 468
هّ
م الل ُ ُ
حبِبْك ُ َ
ه فَات ّب ِ ُعونِي ي ُ ْ ّ
ن الل َ حبُّو َ م تُ ِ ل إِن كُنت ُ ْ و قال تعالى ( :قُ ْ
م) آل عمران 31 حي ٌ ه غَفُوٌر َّر ِ م وَالل ّ ُ م ذ ُنُوبَك ُ ْ وَيَغْفِْر لَك ُ ْ
فيجب على المحب الصادق أن يبادر إلى متابعة حبيبه و التأسي
بسنته و الشعور بالفخر و العزة و العلو و الرفعة و أنت تتأسى
بخير البشر عليه الصلة و السلم
و مما زادني شرفا ً و فخرا ً *** و كدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي *** و أن سيرت أحمد لي نبياً
إن من أعظم ما تعاني منه أمة السلم اليوم تغيب هدي النبي
صلى الله عليه و سلم و سيرته و أخلقه و آدابه عن أجيالها
فعاش الجيل بعيدا ً عن هدي خير المرسلين فتاه في ظلمات
الشبهات و الشهوات و غرق في بحارها و هو في أمس الحاجة
إلى من يقتبس له جذوة من السراج النبوي تنير له طريق الحق
و تبدد ظلمات الباطل فيجد الدواء الناجع لكل ما يعانيه من
هموم و غموم و قلق و حيرة و تخبط و انحراف .
فهل نعيد عرض السيرة النبوية العطرة على أجيالنا ؟ و هل
نتمثلها واقعا ً حيا ً مشاهدا ً تراه الجيال ماثل ً أمامها فتدرك أنه
شقوتها ؟ المخرج من ِ
3ـ تعظيم النبي وتوقيره :
َ َ َ ُ َ َّ َ
ه
جدُون َ ُ ي الذِي ي َ ِ م ّ ي ال ِّ سول ْالن ّب ِ ّ ن الَّر ُ ن يَتَّبِعُو َ قال تعالى ( :ال ّذِي َ
م
ف َويَنْهَاهُ ْ معُْرو ِ مُرهُم بِال ْ َ ل يَأ ُ جي ِ م فِي التَّوَْراةِ َ وَالِن ْ ِ عندَهُ ْ مكْتُوبا ً ِ َ
م ال ْ َ ُ
م
ضعُ ع َنْهُ ْ ث َوي َ َ خبَآئ ِ َ م ع َلَيْهِ ُ َ
حّرِ ُ ت وَي ُ َ م الط ّيِّبَا ِ ل لََهُ ُ ح ّ منكَرِ وَي ُ ِ ن ال ْ ُ ِ عَ
منُوا ْ بِهِ وَعََّزُرو ُ
ه نآ َ م فَال ّذِي َ ت ع َلَيْهِ ْ ل ال ّتِي كَان َ ْ م وَالَغْل َ َ صَرهُ ْ إِ ْ
ن) حو َ مفْل ِ ُم ال ْ ُ ك هُ ُ ه أُوْلَـئ ِ َ معَ ُ ل َ صُروه ُ وَاتَّبَعُوا ْ النُّوَر الَّذِيَ أُنزِ َ وَن َ َ
العراف 157
َ َ َ
ت صوْ ِ م فَوْقَ َ صوَاتَك ُ ْ منُوا َل تَْرفَعُوا أ ْ نآ َ قال تعالى ( :يا أيُّهَا ال ّذِي َ
حب َ َ َ
ط ض أن ت َ ْ م لِبَعْ ٍ ضك ُ ْ جهْرِ بَعْ ِ ل كَ َ ه بِالْقَوْ ِ جهَُروا ل َ ُ ي وََل ت َ ْ النَّب ِ ِ ّ
ن) الحجرات 2 م َل ت َ ْ َ مالُك ُ أَعْ
شعُُرو َ ْ م وَأنت ُ ْ َ
َ َ
منُوا بِالل ّهِ شًرا وَنَذِيًرا * لِتُؤ ْ ِ مب َ ّ ِ شاهِدًا وَ ُ ك َ سلْنَا َ قال تعالى ( :إِنَّا أْر َ
صي ً َ
ل) الفتح 9 حوه ُ بُكَْرة ً وَأ ِ سولِهِ وَتُعَّزُِروه ُ وَتُوَقُِّروه ُ وَت ُ َ
سب ِّ ُ وََر ُ
قال السعدي رحمه الله { [:وَتُعَّزُِروه ُ وَتُوَقُِّروهُ} أي :تعزروا
الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقروه أي :تعظموه وتجلوه،
وتقوموا بحقوقه ،كما كانت له المنة العظيمة برقابكم ]
قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله :و التعزير [:اسم جامع
لنصره و تأييده و منعه من كل ما يؤذيه و التوقير :اسم جامع
لكل ما فيه سكينة و طمأنينة من الجلل و الكرام و أن يعامل
من التشريف و التكريم و التعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه
عن حد الوقار] الواسطة بين الله و خلقه صـ 208
قل القاضي عياض [:كان محمد بن المنكدر إذا ذكره صلى الله
عليه و سلم بكى حتى يرحمه الجالسون .وكان ابن مهدي إذا قرأ
حديث النبي أمر الحاضرين بالسكوت.
و لقد كان عبد الرحمن بن القاسم يذكر النبي صلى الله عليه و
سلم فينظر إلى لونه كأنه نزف منه الدم و قد جف لسانه في
فمه هيبة لرسول الله صلى الله عليه و سلم
و لقد كنت آتي عامر بن عبد الله بن الزبير فإذا ذكر عنده النبي
صلى الله عليه و سلم بكى حتى ل يبقى في عينيه دموع
و لقد رأيت الزهري ـ و كان من أهنأ الناس و أقربهم فإذا ذكر
عنده النبي صلى الله عليه و سلم فكأنه ما عرفك و ل عرفته
و لقد كنت آتي صفوان بن سليم و كان من المتعبدين المجتهدين
فإذا ذكر النبي صلى الله عليه و سلم بكى فل يزال يبكي حتى
يقوم الناس عنه و يتركوه
و لما كثر على مالك الناس قيل له :لو جعلت مستمليا
يسمعهم ؟ فقال :قال الله تعالى { :يا أيها الذين آمنوا ل ترفعوا
أصواتكم فوق صوت النبي } و حرمته حيا و ميتا سواء] الشفا ج
2صـ 32
4ـ الصلة و السلم عليه صلى الله عليه و سلم
َّ َ ُ َ َ
ني يَا أيُّهَا الذِي َ ن ع َلَى النَّب ِ ِ ّ صل ّو َ ه يُ َ ملئِكَت َ ُ ه وَ َ ن الل ّ َ قال تعالى ( :إ ِ ّ
ُ
سلِيماً) (الحزاب)56: موا ت َ ْ ُ سل ِّصل ّوا ع َلَيْهِ وَ َ منُوا َ آ َ
ُ َ َ
صل ّوا ع َلَي ْ ِ
ه منُوا َ نآ َ قال السعدي رحمه الله {[ :يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
ما } اقتداء باللّه وملئكته ،وجزاء له على بعض سلِي ً موا ت َ ْ سل ِّ ُ وَ َ
ما له صلى اللّه عليهحقوقه عليكم ،وتكميل ً ليمانكم ،وتعظي ً
ما ،وزيادة في حسناتكم ،وتكفيًرا من وسلم ،ومحبة وإكرا ً
سيئاتكم وأفضل هيئات الصلة عليه عليه الصلة والسلم ،ما علم
به أصحابه" :اللّهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت
على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ،وبارك على محمد وعلى آل
محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد" وهذا المر
بالصلة والسلم عليه مشروع في جميع الوقات ،وأوجبه كثير
من العلماء في الصلة ]
عن أبي هريرة :( :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من
صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا ) رواه مسلم
قال ابن عبد السلم [:ليست صلتنا على النبي صلى الله عليه
وسلم شفاعة له فإن مثلنا ل يشفع لمثله ولكن الله أمرنا
بمكافأة من أحسن إلينا فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء فأرشدنا
الله لما علم عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلة عليه ] الفتح
تأمل أخي المبارك عظم الثواب الذي يحصل عليه من صلى على
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ابن القيم رحمه الله :
[ فهذه الصلة منه تبارك وتعالى ومن ملئكته إنما هي سبب
الخراج لهم من الظلمات إلى النور فأي خير لم يحصل لهم وأي
شر لم يندفع عنهم ؟ فيا حسرة الغافلين عن ربهم ماذا حرموا
من خيره وفضله وبالله التوفيق] الوابل الصيب
5ـ كثرة تذكره وتمني رؤيته والشوق إلى لقائه وسؤال الله
اللحاق به على اليمان وأن يجمع بينه وبين حبيبه في مستقر
رحمته
وقد أخبر صلى الله عليه و سلم بأنه سيوجد في هذه المة من
يود ّ رؤيته بكل ما يملكون فأخرج مسلم في صحيحه عن أبي
هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( :من أشد
أمتي لي حبا ،ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله
ومله )
وروى أحمد عن أنس بن مالك قال :قال صلى الله عليه و سلم
(( :يقدم عليكم غدا ً أقوام هم أرق قلوبا ً للسلم منكم)) قال :
فقدم الشعريون فيهم أبو موسى الشعري ،فلما دنو من المدينة
جعلوا يرتجزون يقولون:
محمدا ً وحزبه غدا ً نلقى الحبة
فلما أن قدموا تصافحوا فكانوا هم أول من أحدث المصافحة.
تأمل أخي المبارك فيما سبق من شوق الصحابة الكرام و
السلف الصالح لرسول الله و تأمل قول هذا الصحابي ( :يا
رسول الله إنك لحب إلي من نفسي و إنك لحب إلي من ولدي
و إني لكون في البيت فأذكرك فما اصبر حتى آتي فأنظر إليك و
إذا ذكرت موتي و موتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع
النبيين و أني إذا دخلت الجنة خشيت أن ل أراك )...
لقد كان شوق السلف الصالح لنبيهم عليه الصلة و السلم
عظيما يحلمون بلقياه حتى لو كان السبيل إلى ذلك الموت حتى
قال بلل رضي الله عنه ( :بل وا طرباه غدا نلقى الحبة محمدا
وصحبه)
وعن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أن عبد الله بن أبي زكريا كان
يقول لو خيرت بين أن أعمر مائة سنة في طاعة الله أو أن
أقبض في يومي هذا أو في ساعتي هذه لخترت أن أقبض شوقا
إلى الله عز وجل وإلى رسوله وإلى الصالحين من عباده
عن جبير بن نفير عن أبيه قال جلسنا إلى المقداد بن السود
يوما فمر به رجل فقال :طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول
الله صلى الله عليه وسلم والله لوددنا أنا رأينا ما رأيت وشهدنا
ما شهدت .رواه المام أحمد وقال شعيب الرنؤوط :إسناده
صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح غير يعمر بن بشر وهو ثقة.
أخي المبارك ,سائل نفسك ما مقدار شوقي لرسول الله و تذكر
أن رسول الله يشتاق إليك قال صلى الله عليه و سلم ( :وددت
أن قد رأينا إخواننا) قالوا :ألسنا إخوانك ؟ قال ( :أنتم أصحابي،
وإخواني قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني) رواه
مسلم.
أخي هل يحملك الشوق إلى لقاء النبي صلى الله عليه وسلم
وهل تحدث نفسك برؤيته هل أقبلت على سنته واقتفيت آثاره
طمع في الظفر بالورود على حوضه وشوق لرؤيته هل تردد ما
قاله هذا المشتاق:
نسينا في ودادك كل غال *** فأنت اليوم أغلى ما لدينا
نلم على محبتكم ويكفي *** لنا شرف نلم وما علينا
ولما نلقكم لكن شوقا ً *** يذكرنا فكيف إذا التقينا
تسلى الناس بالدنيا وإنّا *** لعمر الله بعدك ما سلونا
6ـ محبة قرابته وآل بيته وأزواجه:
َ َ قال تعالى ( :النَب ُ َ
ه
ج ُم وَأْزوَا ُسهِ ْ
ن أن ُف ِم ْ
ن ِ
منِي َ ي أوْلَى بِال ْ ُ
مؤْ ِ ِّ ّ
م ) الحزاب 6 أ ُ َّ
م َهاتُهُ ْ
وروى مسلم عن زيد بن أرقم مرفوعاً(( :أل أيها الناس فإنما أنا
بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ،وأنا تارك فيكم ثقلين:
أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ،فخذوا بكتاب الله ،ثم قال:
وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي)).
قال شيخ السلم رحمه الله[ :ومن أصول أهل السنة والجماعة ـ
أنهم ـ ...يحبون أهل بيت رسول الله ويتولونهم ويحفظون فيهم
وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم ( ) 1غدير
خم ( :أذكركم الله في أهل بيتي وقال أيضا للعباس عمه وقد
اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم فقال ( :والذي
نفسي بيده ل يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي ) وقال ( :إن
الله اصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة
واصطفى من كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم
واصطفاني من بني هاشم ) ويتولون أزواج رسول الله صلى الله
عليه وسلم أمهات المؤمنين ويؤمنون بأنهن أزواجه في الخرة
خصوصا خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولده أول من آمن به
وعاضده على أمره وكان لها منه المنزلة العالية والصديقة بنت
الصديق رضي الله عنها التي قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام )
الواسطية.
7ـ محبة صحابته
َّ َ َ
صارِ وَالذِي َ
ن ن وَالن َ جري َ
ِ مهَا ِ ن ال ْ ُ
م َ ن ِ ن الوَّلُو َ سابِقُو َ قال تعالى( :وَال َّ
َ
تجنَّا ٍ ه وَأعَد َّ لَهُ ْ
م َ ضوا ْ ع َن ْ ُ م وََر ُ ه ع َنْهُ ْي الل ّ ُض َن َّر ِ سا ٍ اتَّبَعُوهُم بِإ ِ ْ
ح َ
َ حتَهَا الَن ْ َهاُر َ
م) التوبة ك الْفَوُْز الْعَظِي ُ ن فِيهَا أبَدا ً ذَل ِ َ خالِدِي َ جرِي ت َ ْتَ ْ
.100
قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله [ :ومن أصول أهل السنة
والجماعة سلمة قلوبهم وألسنتهم لصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم كما وصفهم الله به في قوله تعالى ( :والذين
جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولخواننا الذين سبقونا
باليمان ول تجعل في قلوبنا غل للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم
) وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ( :ل تسبوا
أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما
بلغ مد أحدهم ول نصيفه ) .ويقولون ما جاء به الكتاب والسنة
والجماع من فضائلهم ومراتبهم ويفضلون من أنفق من قبل
الفتح وهو صلح الحديبية وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل
ويقدمون المهاجرين على النصار ويؤمنون بأن الله قال لهل بدر
وكانوا ثلثمائة وبضعة عشر ( :اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)
الواسطية.
-8محبة سنته والداعين إليها و العمل بها :
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم ...( :عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين
الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات
المور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضللة ) رواه أبو داود و
صححه اللباني رحمه الله.
عن نافع عن بن عمر أنه كان في طريق مكة يقول برأس راحلته
يثنيها ويقول لعل خفا يقع على خف يعني خف راحلة النبي صلى
الله عليه وسلم.
عن عمر قال :من سره أن ينظر إلى هدي رسول الله صلى الله
عليه وسلم فلينظر إلى هدي عمرو بن السود .رواه أحمد بإسناد
جيد
قال المام أحمد [ :ما كتبت حديثا ً إل و قد عملت به حتى مر بي
أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طيبة ديناراً
فأعطيت الحجام دينارا ً حين احتجمت]
و قال رحمه الله [ :إن استطعت أل تحك شعرة إل بأثر ] وقال :
[إني لرى الرجل يحي شيئا ً من السنة فأفرح به] قال الزهري :
العتصام بالسنة نجاة.
ثمرات المحبة
/1الفوز بمحبة الله
قال تعالى ( :قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله
ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم )
قال ابن كثير رحمه الله [:هذه الية الكريمة حاكمة على كل من
ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب
في دعواه في نفس المر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين
النبوي في جميع أقواله وأفعاله وأحواله ] .
قال الحسن البصري وغيره من السلف :زعم قوم أنهم يحبون
الله فابتلهم الله بهذه الية فقال {قل إن كنتم تحبون الله
فاتبعوني يحببكم الله}
قال ابن القيم [ :لما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة
على صحة الدعوى فلو يعطى الناس بدعواهم لدعى الخلي
حرفة الشجي فتنوع المدعون في الشهود فقيل :ل تثبت هذه
الدعوى إل ببينة {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}
( آل عمران ) 31 :فتأخر الخلق كلهم وثبت أتباع الرسول في
أفعاله وأقواله وهديه وأخلقه]
/2حلوة اليمان و السعادة و الهناء :
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ثلث من كن فيه
وجد حلوة اليمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما
وأن يحب المرء ل يحبه إل لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما
يكره أن يقذف في النار) رواه البخاري
قال شيخ السلم [ :فالثواب على ما جاء به الرسول والنصرة
لمن نصره والسعادة لمن اتبعه وصلوات الله وملئكته على
المؤمنين به والمعلمين للناس دينه والحق يدور معه حيثما دار
وأعلم الخلق بالحق وأتبعهم له أعملهم بسنته وأتبعهم لها ]منهاج
السنة ج 233 5
يقول ابن القيم رحمه الله [ :ل سبيل إلى السعادة و الفلح في
الدنيا و الخرة إل على أيدي الرسل و ل سبيل إلى معرفة
الطيب من الخبيث على التفصيل إل من جهتهم و ل ينال رضى
الله البتة إل على أيديهم فالطيب من العمال و القوال و
الخلق ليس إل هديهم و ما جاؤوا به فالضرورة إليهم أعظم من
ضرورة البدن إلى روحه و العين إلى نورها و الروح إلى حياتها
فأي ضرورة وحاجة فرضت فضرورة العبد وحاجته إلى الرسل
فوقها بكثير وما ظنك بمن إذا غاب عنك هديه وما جاء به طرفة
عين فسد قلبك وصار كالحوت إذا فارق الماء ووضع في المقلة
فحال العبد عند مفارقة قلبه لما جاء به الرسل كهذه الحال بل
أعظم ولكن ل يحس بهذا إل قلب حي و ما لجرح بميت إيلم.
وإذا كانت سعادة العبد في الدارين معلقة بهدي النبي صلى الله
عليه وسلم فيجب على كل من نصح نفسه وأحب نجاتها
وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن
الجاهلين به ويدخل به في عداد أتباعه وشيعته وحزبه والناس
في هذا بين مستقل ومستكثر ومحروم والفضل بيد الله يؤتيه
من يشاء والله ذو الفضل العظيم ]0زاد المعاد ج 1ص 68
/3مغفرة الذنوب وذهاب الهموم
عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال :كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال ( :يا أيها
الناس اذكروا الله اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء
الموت بما فيه جاء الموت بما فيه) قال أبي قلت يا رسول الله:
إني أكثر الصلة عليك فكم أجعل لك من صلتي ؟ فقال ( :ما
شئت ) قال قلت الربع قال ( :ما شئت فإن زدت فهو خير لك)
قلت النصف قال ( :ما شئت فإن زدت فهو خير لك) قال قلت
فالثلثين قال ( :ما شئت فإن زدت فهو خير لك) قلت أجعل لك
صلتي كلها قال ( :إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك) رواه
الترمذي و حسنه اللباني
/4الرحمة و النور في الدنيا و الخرة :
َ َ َ
سولِهِ يُؤْت ِ َك ُ ْ
م منُوا بَِر ُه وَآ ِمنُوا اتَّقُوا الل ّ َ نَ آ َقال تعالى ( :يَا أي ُّ َها ال ّذِي َ
م وَالل ّ ُ
ه فْر لَك ُ ْ
ن بِهِ وَيَغْ ِ
شو َ م ُم نُورا ً ت َ ْ
جعَل ل ّك ُ ْ متِهِ وَي َ ْ من َّر ْ
ح َ ن ِ َ
كِفْلي ْ ِ
م )الحديد 28 غَفُوٌر َّر ِ
حي ٌ
/4مرافقة النبياء و المرسلين و الصديقن و الشهداء :
َ َ ل فَأُوْلَـئ ِ َ
م
ن أنْعَ َ معَ ال ّذِي َ ك َ سو َه وَالَّر ُمن يُطِِع الل ّ َ {و َ
قال تعالى َ :
ُ
ن
س َح ُ ن وَ َ حي َ شهَدَاء وَال َّ
صال ِ ِ ن وَال ّ
صدِّيقِي َ ن وَال ِّن النَّبِيِّي َ ه ع َلَيْهِم ِّ
م َ الل ّ ُ
رفِيقا ً }النساء 69 ك َ أُولَـئ ِ َ
/5الشفاعة يوم القيامة :
عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
( من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلة
القائمة آت محمد الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي
وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة )رواه البخاري .
/6صلة الله على العبد عشرا ً
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه
وسلم يقول ( :إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا
علي فإنه من صلى علي صلة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا
الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة ل تنبغي إل لعبد من عباد
الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له
الشفاعة) رواه مسلم
/7ورود الحوض
عن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال ( يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن
الحوض فأقول يا رب أصحابي ؟ فيقول إنك ل علم لك بما أحدثوا
بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى) رواه البخاري
عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( :بين
حوضي كما بين أيلة ومضر آنيته أكثر أو قال مثل عدد نجوم
السماء ماؤه أحلى من العسل وأشد بياضا من اللبن وأبرد من
الثلج وأطيب من المسك من شرب منه لم يظمأ بعده) قال
شعيب الرنؤوط :حديث صحيح
/8نضارة الوجه
قال صلى الله عليه وسلم (:نضر الله امرءا ً سمع مقالتي
فوعاها فأداها كما سمعها ،فرب مبلغ أوعى من سامع ) رواه
أحمد والترمذي
قال الخطابي :معناه الدعاء له بالنضارة و هي النعيم و البهجة
...و قال السيوطي رحمه الله :قال أبو عبد الله محمد بن أحمد
بن جابر ( :أي ألبسه الله نضرة وحسنا ً وخلوص لون وزينة
وجمالً ،أوصله لنضرة الجنة نعيما ً ونضارة ً قال تعالى( :وَلَقَّاهُ ْ
م
ضَرة َ النَّعِيمِ) (المطففين)24: م نَ ْجوهِهِ ْ ف فِي وُ ُ ضَرة) ( :تَعْرِ ُ نَ ْ
قال ابن القيم رحمه الله ( :فإن النضرة البهجة و الحسن الذي
يكساه الوجه من آثار اليمان و ابتهاج الباطن به و فرح القلب و
سروره و التلذاذه به فتظهر هذه البهجة و السرور و الفرحة
نضارة على الوجه و لهذا يجمع له سبحانه بين البهجة و السرور و
النضرة) مفتاح دار السعادة صـ 89ـ
قال المباركفوري رحمه الله :نضر الله أمرأ :المعنى خصه الله
بالبهجة و السرور لما رزق بعلمه و معرفته من القدر و المنزلة
بين الناس في الدنيا و نعّمه في الخرة حتى يرى عليه رونق
الرخاء و النعمة تحفة الحوذي صــ 2025ــــ
قال الشيخ ابن عثيمين :المراد بذلك أن النبي صلى الله عليه
وسلم دعا للنسان إذا سمع حديثا ً عن رسول الله فبلغه أن
يحسن الله وجهه يوم القيامة .شرح رياض ج 4صـ 517
و تمام ذلك أن يفوز بالنظر إلى وجه لله عز وجل فينال من
النضارة و النعيم ما ل عين رأت و ل أذن سمعت و ل خطر على
قلب بشر ,فطوبى لك أيها الداعية يوم أن تكون ممن قال الله
ضَرة َ النَّعِيمِ) (المطففين )24:و قال م نَ ْ
جوهِهِ ْ
ف فِي وُ ُ عنهم ( :تَعْرِ ُ
ضَرة ٌ * إِلَى َربِّهَا نَاظَِرةٌ) (القيامة)23: مئِذ ٍ نَا ِ
و َ
جوه ٌ ي َ ْ
سبحانه (وُ ُ
ضَرة ٌ } أي :حسنة مئِذ ٍ نَا ِ
جوه ٌ يَوْ َقال السعدي رحمه الله {[ :وُ ُ
بهية ،لها رونق ونور ،مما هم فيه من نعيم القلوب ،وبهجة
النفوس ،ولذة الرواح { ،إِلَى َرب ِّ َها نَاظَِرة ٌ } أي :تنظر إلى ربها
على حسب مراتبهم :منهم من ينظره كل يوم بكرة وعشيا،
ومنهم من ينظره كل جمعة مرة واحدة ،فيتمتعون بالنظر إلى
وجهه الكريم ،وجماله الباهر ،الذي ليس كمثله شيء ،فإذا رأوه
نسوا ما هم فيه من النعيم وحصل لهم من اللذة والسرور ما ل
يمكن التعبير عنه ،ونضرت وجوههم فازدادوا جمال إلى جمالهم،
فنسأل الله الكريم أن يجعلنا معهم ] تيسير الكريم الرحمن صـ
899ـ 900
أسأل الله الكريم الجواد البر الرحيم بمنه و كرمه و جوده و
إحسانه أن يرزقنا محبه رسوله صلى الله عليه و سلم و تباع
سنته و أن يحشرنا في زمرته و أن يجعل محبتنا له أعظم من
حبنا لنفسنا و أبائنا و أمهاتنا و زوجاتنا و ذرياتنا و أموالنا و أن
يعمر ظاهرنا و باطننا بمتابعة سنته و صلى الله و سلم على نبينا
محمد .
محبكم :شائع محمد الغبيشي
مشرف تربوي بإدارة التربية و التعليم بمحافظة القنفذة
shaei1416@hotmail.com
السابق هنا هو المسبوق!! .14
الكاتب :د.عبد المعطي الدالتي
التعصب للشخاص ذميم ،والتحّزب مرض يصيب العقل ،فيقّزم
النسان ،ويقتل فيه روح البداع والتجديد ..
وليس من شأن المسلم الحر أن يدور حول الشخاص ..
بل إن كعبته التي يطوف حولها هي المبادئ وصادق الفكار..
ل علماء السلم ويستغفر لهم ولكل المسلمين .. والمسلم يج ّ
ولكنه ل يُسلّم عقله لحد من العلماء أو الدعاة أو الصالحين..
ول يسلّمه إل للمعصوم عليه الصلة والسلم ..
ل إلى مراشده .. م هذا العق َ ليقود المعصو ُ
كل تقليد تقزيم وجمود ،إل تقليد السنة ففيه كل التجديد!
وأنا أعجب من مسلم ينتسب إلى أحد غير الرسول،
فيعرف نفسه مثل:
الشافعي مذهبا ً ،والشعري عقيدة ،والرفاعي طريقة ،
والعربي نسبًا ،و! ..
ويحك وماذا أبقيت لمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم؟!
وبأي وجه ستلقي الحبيب ،تطلب منه شفاعة وشربة ماء؟!
ويحك ل تزال تقول :أنا حنفي ..
ما"!ول أسمعك تقول " :حنيفا ً مسل ً
رحم الله علماء السلم ،ما أرادوا هذا ..
أرادوها مدارس علم وفهم ،ل مذاهب هوى وتعصب ..
فها هو المربي عبد القادر الجيلني يقول:
"ل أريد من الخلق سوى محمد"..
شرين ،تُرجى له وكما قال ابن حزم" :كل إنسان ،سوى المب َّ
الجنة ،ويُخشى عليه من النار"..
***
وفي عودة الرسول وأصحابه من غزوة الغابة التي لمع فيها
نجم العدّاء الول سلمة بن الكوع ..
أردف رسول الله عليه الصلة والسلم سلمة خلفه ،
ولما لحت معالم المدينة ،اقترب عدّاء أنصاري من سلمة ،
وتحداه قائل:
من يسابق ؟!
لم يرد سلمة ..
النصاري :من يسابق ؟
سلمة :أما تُكرم كريما ً ،ول تهاب شريفاً؟!
النصاري :ل ..إل رسو َ
ل الله!..
سلمة :يا رسول الله بأبي أنت وأمي خلني فلسابق الرجل!!
ن له الرسول .. فأذ ِ َ
جل سلمة ،وبعد هنيهة ،إذا به يضرب بين كتفي النصاري، تر ّ
قائل:
سبقتك والله ..
فضحك النصاري وقال :إن أظن!
قرأت القصة في المسند المبارك،
وعلى هامشها تركت هذه الكلمات:
"إن السابق هنا ،هو المسبوق!..
غفر الله لسلمة..
جلت عن ناقة رسول الله لمسابقة أحد لو كنت مكانه لما تر ّ
أبدا!"
قلت :الحديث صحيح وهذا نصه مع شرح غريبه :
مستخرج أبي عوانة ( -ج / 13ص )337
- 5486حدثنا أبو داود الحراني ،قثنا أبو حذيفة ،قثنا عكرمة بن
عمار ،عن إياس بن سلمة ،عن أبيه ،قال :قدمنا الحديبية مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فبايعناه في أصل شجرة ،
وبايعته في أول الناس ،فلما كان في وسط من الناس ،قال « :
بايعني يا سلمة » ،فقلت :يا نبي الله قد والله بايعتك في أول
الناس ،قال « :وأيضا » ،قال :فبايعته ،فرآني رسول الله
صلى الله عليه وسلم أعزل ليس معي جنة ( )1استجن بها
فأعطاني درقة ( ، )2أو قال :جحفة ،فلقيني عمي عامر ،وهو
أعزل ،فسألنيها فأعطيته إياها ،فلما كان في آخر الناس ،قال
لي رسول الله صلى الله عليه وسلم « :أل تبايعني يا سلمة ؟ »
،فقلت :يا نبي الله قد والله بايعتك في أول الناس وفي
وسطهم ،فقال « :وأيضا » ،فبايعته ،ثم قال « :يا سلمة أين
الجحفة أو الدرقة التي أعطيتك ؟ » ،فقلت :يا نبي الله سألنيها
عمي عامر وهو أعزل فأعطيته إياها وآثرته بها ،قال :فضحك
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال « :إنك كالذي قال
الول :اللهم أبغني حبيبا هو أحب إلي من نفسي » ،قال :ثم
إن المشركين من أهل مكة واسونا الصلح حتى مشى بعضهم
إلى بعض واصطلحنا ،قال :وكنت تبيعا لطلحة بن عبيد الله ،
وتركت أهلي ومالي مهاجرا إلى الله ورسوله ،وكنت آكل من
طعامه وأحسن فرسه وأسقيه وأخدمه ،فأتيت شجرة فكسحت
( )3شوكها واضطجعت فيها ،فأتاني أربعة من المشركين فجعلوا
يقعون ( )4في رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :فأبغضتهم
( ، )5قال :وعلقوا أسلحتهم ووضعوا ثيابهم في الشجرة
واضطجعوا في ظلها ،فأتيت شجرة أخرى فكسحت شوكها
فاضطجعت تحتها فما عدا أخذوا ينامون فإذا مناد من أسفل
الوادي :يا معشر المهاجرين قتل ابن زنيم ،قال :فخرجت أشتد
بسيفي ،حتى وقفت على رءوسهم وهم مضطجعون ،فقلت :
والذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم ل يرفع رجل منكم
رأسه إل ضربت الذي فيه عيناه ،فلما أخذت سلحهم ،فجعلته
ضغثا ( )6في يدي ،ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم ،وجاء عمي هو وأصحاب له بسبعين رجل منهم
مكرز رجل من العبلت من قريش يقود به عمي مجفف ( )7على
فرس فلما نظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ،قال :
« دعوهم يكون بدء الفجور ( )8وثناه ( )9منهم ،فخلهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال الله :وهو الذي كف أيديهم
عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم (، )10
قال :ثم رجعنا إلى المدينة ،وبيننا وبين بني لحيان ،أو بني
ذكوان ،رأس من المشركين جبل ،قال :فاستغفر رسول الله
صلى الله عليه وسلم لمن رقى في هذا الجبل ،قال :وما
استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لحد قط ( )11يخصه إل
استشهد ،قال :فرقيته ( )12تلك الليلة مرتين أو ثلثة ،قال :ثم
قدمنا المدينة فبعث نبي الله صلى الله عليه وسلم بظهره إلى
الغابة ينديه ،فخرجت أنا ورباح غلم رسول الله صلى الله عليه
وسلم ،وخرجت معي بفرس لطلحة بن عبيد الله أنديه فلما كان
عند الصبح إذا عبد الرحمن بن عيينة بن بدر الفزاري قد أغار
على سرح ( )13رسول الله صلى الله عليه وسلم فطرده ،
فذهب به ،وقتل راعيه ،فقلت :يا رباح خذ هذا الفرس فأبلغه
طلحة بن عبيد الله ،وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
المشركين قد أغاروا على سرحه ،فقعد رباح على الفرس
وقمت على أكمة ،ووجهت وجهي قبل المدينة ثم ناديت ثلث
دعوات :يا صباحاه ثم أتبعت القوم فجعلت أرشقهم بالنبل
وأرتجز ( )14أرميهم ،وأقول :أنا ابن الكوع واليوم يوم الرضع
وأعقر ( )15بهم حتى ألحق رجل منهم راكبا على رحله فأصك ()16
رجله بسهم حتى نفذ في كتفه ،فقلت :خذها وأنا ابن الكوع
واليوم يوم الرضع قال فما زلت أعقر بهم وأرتجز ،فإذا رجل
على فرس ،فجثمت إلى شجرة فنثرت نبلي ثم عقرت به ،ول
يقدم علي ،قال :فما زال ذلك شأني وشأنهم حتى ما تركت
شيئا من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم إل استنقذته ،
وجعلته وراء ظهري ،قال :وطرحوا أكثر من ثلثين بردة ()17
وثلثين رمحا كل ذلك يستخفون مني ،وأجعل عليه آراما حتى ل
يخفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ول على أصحابه
حتى إذا امتد الضحى الكبر ،قال :ودخلوا المضيق علوت الجبل
،وجعلت أرديهم ( )18بالحجارة إذا عيينة بن بدر قد جاء مددا
للمشركين فنزلوا يتضحون فأشرف على جبل فأقعد عليه ،فقال
عيينة :ما هذا الذي أرى ؟ ،قالوا :هذا لقينا منه البرح ()19
فوالله إن فارقنا بغلس ( )20حتى استنقذ كل شيء في أيدينا ،
فقال عيينة :لول أن هذا يرى وراءه طلبا ،لترككم ليقم إليه
معي منكم ،فقام أربعة فسندوا إلي في الجبل فلما أسمعتهم
الصوت ،قلت لهم :أتعرفوني ؟ ،قالوا :ومن أنت ؟ ،قلت :أنا
ابن الكوع والذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم ل
يطلبني رجل منكم فيدركني ول أطلبه فيفوتني ،فقال أحدهم :
إني أظن ،فوالله ما برحت مقعدي ذاك حتى رأيت فوارس
رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون ( )21الشجر فإذا أولهم
الخرم السدي وإذا على إثره ( )22أبو قتادة ،وإذا على إثر ()23
أبي قتادة المقداد بن السود الكندي ،وولوا ( )24مدبرين ،
فأعرض الخرم السدي فآخذ بعنان ( )25فرسه ،فقلت :يا أخرم
أنذرهم فإن القوم قليل خبيث ،ول آمنهم أن يقتطعوك حتى
يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ،فقال :يا
سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الخر وتعلم أن الجنة حق والنار
حق فل تحل بيني وبين الشهادة ،قال :والتقى هو وعبد الرحمن
،فاختلفا ضربتين فقتله ،وعقر عبد الرحمن فرسه ،وتحول عبد
الرحمن على فرس الخرم ،ويلحقه أبو قتادة فارس رسول الله
صلى الله عليه وسلم فاختلفا طعنتين ،فقتله أبو قتادة وعقر
بأبي قتادة فرسه ،وتحول أبو قتادة على فرس الخرم ،قال :
وخرج المشركون ل يلوون ( )26على شيء قال :فوالذي كرم
وجه محمد صلى الله عليه وسلم إني بطلب الخيل والركاب
والرجال الذين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ما أرى
غبارهم ،قال :فعرضوا الشعب ( )27فيه ماء يقال له ذو قرد
يريدون أن يشربوا منه وهم عطاش ،قال :فنظروا إلي أعدو (
)28وراءهم ،قال :فحلتهم ،فما ذاقوا منه قطرة وهم عطاش
حتى سندوا في ثنية ( ، )29يقال له نير ،قال :وألحق رجل من
آخرهم عند الثنية فأصطكه بسهم في نغص كتفه ،فقلت :خذها
وأنا ابن الكوع واليوم يوم الرضع قال :واثكل ( )30أمي أكوعيا
بكرة ( )31؟ ،فقلت :نعم ،أي عدو نفسه ،قال :فأدرك فرسين
على العقبة فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم حتى وجدته على الماء الذي حلتهم ( )32عنه ذو قرد ،وإذا
رسول الله صلى الله عليه وسلم في مائة من أصحابه قد نزلوا
الماء ،وأخذوا البل والبرد وكل شيء خلفت ورائي وإذا بلل قد
أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحر ( )33جزورا ( )34من
البل الذي عديت لهم ،وإذا هو يشوي لرسول الله صلى الله
عليه وسلم من سنامها وكبدها ،قال :وجاء عمي عامر بسطيحة
( )35فيها مذقة من لبن وسطيحة أخرى فيها ماء ،فتوضأت ثم
صليت وشربت ،فقلت :يا رسول الله خلني فلنتخب من القوم
مائة رجل فآخذ على المشركين بالعشرة فل يبقى منهم رجل ،
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نظرت إلى
نواجذه في ضوء النار ،فقال » :أكنت فاعل يا سلمة ؟ « ،قلت
:نعم والذي كرم وجهك ،فقال » :إنهم الن ليقرون بأرض
غطفان « ،قال :فما برحنا ( )36حتى جاء رجل من غطفان فقال
:نحر لهم فلن الغطفاني جزورا فلما كشط جلدها رأوا غبارا ،
فقالوا :هذا غبار القوم فما خافوها وولى القوم ،فلما أصبحنا
أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ( )37الفارس
والراجل ( )38جميعا ،قال :وقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم » :كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة «
،قال :ثم أردفني ( )39نبي الله صلى الله عليه وسلم راجعين
إلى المدينة على ناقته العضباء ( )40فلما كان بيننا وبين المدينة
ضحوة ،وفينا رجل من النصار ل يسبق عدوا ،قال :هل من
مسابق إلى المدينة ،أل من مسابق فأعادها مرارا وأنا ساكت ،
ثم قلت له :ما تكرم كريما ول تهاب شريفا ،فقال :ل إل أن
يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ،قلت :يا رسول الله
ذرني ( )41بأبي أنت وأمي لسابق الرجل ،قال » :إن شئت « ،
فقلت :اذهب إليك فخرج يشتد وأطفر عن الناقة ،ثم أعدو
فربطت عليه شرفا ( )42أو شرفين ،فسألته ما ربطت ؟ ،فقال
:استبقيت نفسي ثم إني عدوت عدوتي حتى ألحقه وأصك بين
كتفيه ،فقلت :سبقتك والله ،قال :فنظر إلي فضحك ،وقال :
إني أظن ،قال :حتى ورد المدينة فما لبثنا إل ثلث ليال ،حتى
خرجنا إلى خيبر ،فجعل عمي عامر يرتجز ( )43بالقوم ،وهو
يسوق بهم ،وهو يقول :والله لول الله ما اهتدينا ول تصدقنا ول
صلينا ونحن عن فضلك ما استغنينا فثبت القدام إن لقينا وأنزلن
سكينة علينا إن الذين كفروا بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم » :من هذا ؟ « ،فقلت :
عمي عامر يا نبي الله ،فقال » :غفر لك ربك « ،فقال عمر
وهو في أول القوم :يا نبي الله لوما متعتنا بعامر ،وما استغفر
لنسان قط يخصه إل استشهد ،فلما قدمنا خيبر خرج مرحب
يخطر بسيفه يقول :قد علمت خيبر أني مرحب شاك ()44
السلح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب فبرز عامر فقال :
قد علمت خيبر أني عامر شاك السلح بطل مغامر فاختلفا ()45
ضربتين فوقع سيف مرحب في ترس ( )46عامر وذهب عامر
يسفل ( )47له ،فرجع سيفه على نفسه ،فكانت فيه نفسه ،قال
:فما مررت على نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إل
وهم يقولون :بطل عمل عامر ،قتل نفسه ،فأتيت نبي الله
صلى الله عليه وسلم أبكي ،فقلت :أبطل عمل عامر ؟ ،فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم » :من قال ذلك ؟ « ،فقلت :
نفر من أصحابك ،فقال » :كذب من قال ذلك ؟ بل له أجره
مرتين « ،ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم » :لعطين
الراية رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله « ،فدنا لها
الناس ،قال :فأرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
علي بن أبي طالب فجئت به أقوده وهو أرمد فبزق ( )48رسول
الله صلى الله عليه وسلم في عينيه فبرأ ( ، )49وأعطاه الراية
فخرج مرحب يخطر بسيفه ،ويقول :قد علمت خيبر أني مرحب
شاك السلح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب ،فقال علي
بن أبي طالب :أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كريه
المنظره أوفيهم بالصاع ( )50كيل السندره ( )51ففلق رأس
مرحب بالسيف وكان الفتح على يديه
__________
( )1جنة :وقاية وحماية
( )2الدرقة :الترس إذا كان من جلد ليس فيه خشب ول عصب
( )3الكسح :الكنس
متَهه وَذ َم ْ
عبْت َ ُمتَه ووقَعْت فيه ،إذا ِ ( )4وَقَعْت بفُلن :إذا ل ُ ْ
( )5البغض :عكس الحب وهو الكُْره ُ والمقت
( )6الضغث :الحزمة
( )7مجفف :عليه مثل الدرع ليقيه أذى المعركة
( )8الفجور :اسم جامع لكل شر ،أي الميل إلى الفساد
والنطلق إلى المعاصي
( )9الثني :تكرار المر وإعادته مرتين
( )10سورة :الفتح آية رقم 24 :
( )11قط :بمعنى أبدا ،وفيما مضى من الزمان
( )12رقاه :ع َوَّذه
( )13السرح :الماشية
( )14الَّرجز :بحر من بحور الشعر معروف ونوع من أنواعه،
ل مصراع منه مفردا ،وتسمى قصائده أراجيز واحدها يكون ك ُّ
مى قائلُهس َّ ُ
شعرِ .وي ُ َ أرجوزةٌ ،فهو كهيئة السجع إل أنه في وزن ال ّ ِ
شعرِ شاعراًحورِ ال ّ ِ
ل بُ ُراجزاً ،كما يُسمى قائ ُ
( )15عقر به :قتل مركوبه وجعله يمشي على رجليه
( )16صك :ضرب ولطم
َ ( )17الب ْرد ُ والب ُردة :ال َّ
ة المخط ّطة ،وقيل كِساء أسود ُ
مَربَّع مل َ ُش ْ ْ ُ
فيه صوٌر
( )18أرديهم :أرميهم
( )19البرح :الشدة
( )20الغلس :ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح
( )21التخلل :التحرك والتنقل بين شيئين
( )22إثر الشيء وأثره :بعده وخلفه
( )23على إثر كذا :بعده
ّ
مدْبرا ،وتَولى عنه ،إذاً ( )24وَلّى الشيءُ وتَولّى :إذا ذَهَب هاربا و ُ
أعَْرض
( )25العِنان :هو اللجام الذي تقاد به الدابة
( )26يلوي :يميل ويعطف
( )27الشعب :الطريق في الجبل أو النفراج بين الجبلين
( )28أعدو :أجري مسرعا
َّ
جبل كالعَقَبة فيه ،وقيل هُو الطرِيق ( )29الثَّنِيَّة :الثنية في ال َ
سيل في رأسه م ِالعالي فيه ،وقيل أعلى ال َ
( )30وا ثكل :أسلوب ندبة يدل على الدعاء بالموت والفقد
( )31البكرة :من البكور وهو أول النهار
( )32حل :منع وطرد وصد
( )33النحر :الذبح
َ َّ
مؤنثة ،تقول ن اللفْظة ُجُزور :البَعِير ذكرا كان أو أنثى ،إل أ ّ ( )34ال َ
جَزائرجُزٌر و َ مع ُجُزوُر ،وَإن أردْت ذكَرا ،والج ْ ال َ
( )35السطيحة :إناء من جلود سطح بعضها على بعض يحفظ
الماء به
( )36برح المكان :زال عنه وغادره
( )37السهم :النصيب
( )38الراجل :السائر على قدميه
( )39أردفه :حمله خلفه
( )40العضباء :الناقة المشقوقة الذن ،واسم ناقة النبي
( )41ذرني :اتركني
( )42الشرف :المكان المرتفع
( )43الرجز :إنشاد الشعر وهو بحر من بحوره عند العروضيين
( )44شاكي السلح :تام السلح ،وهي من الشوكة بمعنى القوة
( )45اختلف :تبادل
( )46الترس :الدرع الذي يحمي المقاتل ويتقي به ضربات العدو
( )47سفل له :ضربه من أسفله
( )48بزق :بصق
( )49بََرأ َ أو بَرِئ :شفي من المرض
( )50الصاع :مكيال المدينة تقدر به الحبوب وسعته أربعة أمداد ،
والمد هو ما يمل الكفين
سنْدرة :مكْيال واسعٌ ( )51ال ّ
.15الموجز البديع في الصلة والسلم على الحبيب
الشفيع
بقلم /أحمد بن عبد العزيز الحمدان
َّ َ ُ
ي يَاأيُّهَا الذِي َ
ن ن ع َلَى النَّب ِ ِ ّ صل ّو َ ه يُ َ ملَئِكَت َ ُ ه وَ َ ن الل َ ه تَعَالَى( :إ ِ َّ
ُ ل الل ُ قَا َ
سلِيْماً). موا ْ ت َ ْ ُ سل ِّ صل ّوا ْ ع َلَيْهِ وَ َ َ منُوا ْ ءَا َ
صـل ّى ع َل َ َّ َ سو ُ وَقَا َ
حـدَةً ي وَا ِ ن َ م ْ ل اللهِ صلى الله عليه وسلمَ ((: ل َر ُ
ه ع َلَيْهِ ع َ ْ َ
شـًرا)). صل ّى الل ُ َ
بسم الله الرحمن الرحيم
َ َ
ل
سو ِ ن ع َلَى َر ُ مل َ ِ ن الك ْ َ ما ِ م الت َ َّ سل َ ُ صلَة ُ وَال َّ حدَه ،وَال َّ مد ُ للهِ وَ ْ ح ْ ال ْ َ
ما بَعْد: صحبِه .أ َ َّ اللهِ وَع َلَى آلِهِ وَ َ
َ
فم ع َلَى الع ْتَِرا ِ ن فَطََرهُ ْ عبَادِه :أ ْ ن نِعَم ِ اللهِ تَعَالَى ع َلَى ِ م ْ ن ِ فَإ ِ َّ
ضل. ل ال َف ْ َ بِالْفَ ْ
ل لهْ ِ ض ِ
منَّةِ – بَعْد َ اللهِ تَعَالَى –: ل وَال ْ ِ ِ ض
ه بِالفَ ْ ُ ن لَ ُ ن نَدِي ْ ْ م
َ م َ ن أَع ْظ َ وَإ ِ َّ
َ َّ خل ْ
جنَا خَر َ ق الذِي أ ْ
َ ِ سيِّد ُ ال َ و َ ل اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَهُ َ سو ُ َر ُ
سال َ َ
ة مى؛ بَل ّغَ رِ َ ن العَ َ م ْ صَرنَا بِهِ ِ ضلَلَةِ إِلَى الهُدَى ،وَب َ َّ ن ال َّ م ْ ه بِهِ ِ الل ُ
جَزاء، خيَْر ال ْ َ ه ع َنَّا َ جَزاه ُ الل ُ ج َهادِه ،فَ َ حقَّ ِ جاهَد َ في اللهِ َ َربِّه ،وَ َ
سلِيْماً َ َ َ وصلَّى ع َلَيْهِ صلَة ً ت َ ُ
م تَ ْ سل ّ َ ماء ،وَ َ س َ ض وَال َّ مل أقْطَاَر الْر َ ْ َ َ َ
كَثِيْراً.
َ ل الله تعالَى م َ
ه
ح ِّق ِ ضلِه ،وَأدَاءِ َ شكْرِ فَ ْ ل ُ سائ ِ ِ ن أع ْظَم ِ وَ َ ِ ْ ُ ََ جعَ َ وَقَد ْ َ
َ
ل ج ِّ نأ َ م ْ ما ِ م ع َلَيْه ،فَ ُه َ سل َ ُ صلَة ُ وَال َّ صلى الله عليه وسلم :ال َّ
َ َ َ
ض
ب الْر ِ ربَةِ إِلَى َر ِّ مقَ ّ ِ حات ،ال ْ ُ صال ِ َ ل ال َّ ما ِ ل العْ َ ض ِ القُُربَات ،وَأفْ َ
ماوَات. س َ ال َّ
نم ْ ن تَذ ْكَِرة ً لِي وَل ِ َ جزٍ يَكُو ُ مو َ ضِع ُ ه تَعَالَى في وَ ْ ت الل َ خْر ُ ست َ َ لِذ َا ا ْ
َ
صلَةِ ع َلَيْهِ صلى الله عليه معْنَى ال َّ َ خوَانِي؛ فِيْهِ ن إِ ْ ْ اط ّلَعَ ع َلَيْهِ ِ
م
ن
م ْ يءٌ ِ ش ْ شَرع ُ فِيْهَا ،وَ َ ة الَّتِي ت ُ َ من َ ُ ن وَالَْز ِ موَاط ِ ُ ضل ُ َها ،وَال ْ َ وسلم ،وَفَ ْ
فَوَائِدِهَا.
َ َ َ َ والل َ
م ع َلَى سل ّ َ ه وَ َ صل ّى الل ُ سن .وَ َ ح َ ل ال ْ َ ه بِالْقَبُو ِ ن يَتَقَبَّل َ ُ لأ ْ سأ ُ هأ ْ َ َ
حبِه. ص ْ ه وَ َ مد وَآل ِ ِ ح َّ م َ نَبِيِّنَا ُ
* معنى الصلة والسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ُ َ َ
ي يَآ أَيُّهَا ن ع َلَى النَّب ِ ِ ّ صل ّو َ ه يُ َ ملَئِكَت َ ُ ه وَ َ ن الل ّ َ ل ثَنَاؤ ُه(:إ ِ ّ ج َّ ه َ ل الل ُ قَا َ
ُ َ
ما). سلِي ً موا ْ ت َ ْ سل ِّ ُ صل ّوا ع َلَيْهِ وَ َ منُوا َ نآ َ ال ّذِي َ
َ
مد ٍ صلى الله عليه ح َّ م َ ه يُثْنِي ع َلَى نَبِيِّهِ ُ ن تَعَالَى – في اليَةِ -أن َّ ُ بَي َّ َ
ن ع َلَيْهِ صلى الله عليه ه يُثْنُو َ ُ ملَئِكَت ُ َ َ مقََّربِيْن ،و ُ ملَئِكَتِهِ ال ْ عنْد َ َ وسلم ِ
َ ُ َ َ
ل اللهِ سو ِ م ع َلَى َر ُ صل ّوا أنْت ُ ْ منُوا َ نآ َ ن لَه ،فَيَا أيُّهَا ال ّذِي َ وسلم وَيَدْعُو َ
َ َ َ ً ّ
ماك ،ل ِ َ حقُّ بِذَل ِ َ مأ َ سلِيْما ،لن ّك ُ ْ موا ت َ ْ سل ِ ُ صلى الله عليه وسلم وَ َ
خَرة. ف الدُّنْيَا وَال ِ شَر ِ ن َ م ْ سالَتِهِ ِ م بِبََركَةِ رِ َ نَالَك ُ ْ
َ
صل ِّي ع َلَيْه: ف نُ َ ل اللهِ صلى الله عليه وسلم كَي ْ َ سو ُ منَا َر ُ -وَقَد ْ ع َل ّ َ
ل الله ،قَ ْ
د سو َ ل :قُلْنَا :يَا َر ُ جَرة َ رضي الله عنه ،قَا َ ن عُ ْ ب بْ ِ ن كَعْ ِ فَعَ ْ
ل صلى الله عليه ك؟ قَا َ صل ِّي ع َلَي ْ َ ف نُ َ م ع َلَيْك ،فَكَي ْ َ ُ سل ِّ ف نُ َ منَا كَي ْ َ عَل ِ ْ
َ
ما مدَ ،ك َ َ ح َّ م َ ل ُ مدٍ وَع َلَى آ ِ ح َّ م َ ل ع َلَى ُ ص ِّ م َ وسلم ((:فَقُولُوا :الل ّهُ َّ
َ
جيد ،الل ّهُ َّ
م م ِ ميد ٌ َ ح ِ ك َ م إِن َّ َ ل إِبَْراهِي َ م وَع َلَى آ ِ ت ع َلَى إِبَْراهِي ْ َ صل ّي ْ َ َ
َ
م وَع َلى ت ع َلى إِبَْراهِي ْ َ َ ما بَاَرك َ ْ مد ،ك ََ َ ح ّ م َ ل ُ مدٍ وَع َلى آ ِ َ َ ح ّ م َ بَارِك ع َلى ُ َ ْ
جيد)). م ِ ميد ٌ َ ح ِ ك َ م إِن َّ َ ل إِبَْراهِي َ َ آ ِ
َ ه(( الل ّهُ َّ
م)) أيْ :يَا الله. قَول ُ ُ
ن اللهِ :ثَنَاؤُه ُ سبحانه وتعالى ع َلَى نَبِيِّهِ م ْ صلَة ُ ِ ل)) ال َّ ص ِّ ه(( َ -وَقَول ُ ُ
َ
ه لِذِكْرِه. مل الع ْلَى ،وََرفْعُ ُ صلى الله عليه وسلم في ال ْ َ
َ
ن يُعْلِي ل اللهِ ت َ َعالَى أ ْ سؤ َا ُ مُ : سل َ ُ م ال َّ ملَئِكَةِ ع َلَيْهِ ُ ن ال ْ َ م ْ صلَة ُ ِ -وَال َّ
ذِكَْر نَبِي ِّهِ صلى الله عليه وسلم وَيُثْنِي ع َلَيْه.
ه
ل الل ِ سو ِ صل ِّي ع َلَى َر ُ م َ ن ال ْ ُ م ْ صل ِّي :ثَنَاءٌ ِ م َ ن الْعَبْد ِ ال ْ ُ م ْ صلَة ُ ِ -وَال َّ
ن يُثْنِي ع َلَيْهِ صلى الله َ
ل اللهِ تَعَالَى أ ْ سؤ َا ُ صلى الله عليه وسلم ،وَ ُ
مل الَع ْلَى. عليه وسلم في ال ْ َ
صلَةُ صلَة َ :- معْنَى ال َّ مبَيِّنا ً َ ه تَعَالَىُ ، ه الل ُ م ُ ح َ ل أَبُو الْعَالِيَةِ – َر ِ قَا َ
صلَة ُ ال ْ عنْد َ ال ْ َ
ملَئِكَةِ الدُّع َاء. َ َ َ ملَئِكَة ،و َ الل ّهِ ثَنَاؤُهُ ع َلَيْهِ ِ
َ
جل، مب َ َّ معَظ ّم ٍ وَ ُ لُ : مث ْ ِ ل)) ِ مفَعَّ ٍ ي ع َلَى زِنَةِ(( ُ مبْن ِ ٌّ مدٍ)) َ ح َّ م َ ه(( ُ وَقَول ُ ُ
ضوع ٌ لِلْتَكْثِيْر. مو ُ وَهُوَ بِنَاءٌ َ
َ َ
د
م َ ح َ ن يُ ْ حقَّ أ ْ ست َ َ ه وَا ْ ن لَ ُ مدِي ْ َ حا ِ مد ُ ال ْ َ ح ْ مدٌ :هُوَ ال ّذِي كَثَُر َ ح َّ م َ لِذ َا فَ ُ
خَرى. ُ
مَّرة ً بَعْد َ أ ْ َ
ُ
نَ ،وبَنُو ه ع َنْهُ ّ ي الل ُ ض َ ن َر ِ منِي َ مؤ ْ ِ ت ال ْ ُ مهَا ُ م أ َّ مدٍ)) هُ ْ ح َّ ه(( وآل م َ
َ ِ ْ ُ َّ وَقَول ُ ُ
مطلِب. شم ٍ وَبَنُو ال ُ هَا ِ
وم مدٍ)) أتْبَاع ُ ُ َ َ ح َّ ن(( آ َ َ
ل العِلْم ِ أ َّ َ
ه إِلى ي َ ِ م َ ل ُ ن أهْ ِ م ْ معٌ ِ ج ْ ختَاَر َ وَا ْ
َ م َّ
ضجابٌِر رضي الله عنه وَالث ّورِيَُّ ،وبَعْ ُ ختَاَرهَ : نا ْ م ْ مة؛ وَ ِ قيَا َ ال ِ
ه ي ،وَالنَّوَويُّ ،وَالَْزهَرِيُّ – َر ِ مام ال َّ َ
م الل ُ مهُ ُ ح َ شافِعِ ِ ّ ب ال ِ َ ِ حا ِ ص َ أ ْ
تَعَالَى.
صلَةِ ع َلَي ْ ِ
ه مام ِ ال َّ ن تَ َ م ْ صلَة ُ ع َلَى آلِهِ صلى الله عليه وسلم ِ وَال َّ
ه صلى ما تَقَُّّر بِهِ ع َيْن ُ ُ م َّ ك ِ ن ذَل ِ َ صلى الله عليه وسلم وَتَوَابِعُهَا ،ل َ َّ
َ
ه ع َلَيْهِ وَع َلَى آلِهِ صل ّى الل ُ شَرفاًَ . ه بِهَا َ الله َعليه وسلمَ ،ويَزِيْدُه ُ الل ُ
سلِيْما ً كَثِيْراً. م تَ ْ سل ّ َ وَ َ
مدا ً صلى الله عليه ح َّ م َ سيِّدَنَا ُ ن َ م أ َ َّ معْلُو ٌ ل إِبَْراهِيْم)) َ ه(( آ ِ وَقَول ُ ُ
ل إِبَْراهِيْم. خيُْر آ ِ وسلم هُوَ َ
مد ٍ صلى ح َّ م َ ى ُ صل ِّي ع َل َ َ ن يُ ه عز وجل أ ْ
َ
ُ صل ِّي َرب َّ َ م
ُ ل ال ْ سأ َ ُ ما ي َ ْ فَعِنْد َ َ
َ َ َ
صل ّى ع َلَى إِبَْراهِي ْ َ
م ما َ صل ِّي ع َلَيْهِ ك َ َ ن ي َُ َ هأ ْ سأل ُ ُ م يَ ْ الله عليه وسلم ،ث ُ َّ
مد ٍ صلى الله عليه ح َّ م َ صل ّى ع َلَى ُ ن قَد ْ َ ل إِبَْراهِيْم ،يَكُو ُ
َ وَع َلى آ ِ
معَهُم، ل َ خ ٌ ه دَا ِ م لن َّ ُ
َ
ل إِبَْراهِي ْ َ معَ آ ِ صل ّى ع َلَيْهِ ثَانِيا ً َ م َ وسلم أَوَّلً ،ث ُ َّ
صلَة ُ ع َلَى آل إبراهي َ
صلَة َ ع َلَى ت ال َّ من َ ْ ض َّ ل لَنَّهَا ت َ َ ض َ م أف ْ َ ِ َِْ ِ ْ َ ن ال َّ فَتَكُو ُ
َ
نسلِي َ مْر َ سائُِر النْبِيَاءِ وَال ْ ُ ه َ معَ ُ ل اللهِ صلى الله عليه وسلم وَ َ سو ِ َر ُ
سلَم. م ال َّ م ع َلَيْهِ ُ ن ذُّرِيَةِ إِبَْراهِي ْ َ م ْ ِ
َ َ َ َ
ت ع َلى صلوَا ِ صيَِغ ال َّ ل ِ ض َ مي ّةِ أفْ َ صلَةِ الِبَْراهِي ْ ِ ن ال َّ سُّر كَو ِ وَهَذ َا ِ
صلَةَ ل ال َّ ض َ ت فَ َ من َ ْ ض َّ ل اللهِ صلى الله عليه وسلم ،لِكَون ِ َها ت َ َ سو ِ َر ُ
صلَةِ ع َلَى إِبَْراهِي ْ َ
م ل ال َّ ض َ مد ٍ صلى الله عليه وسلم ،وفَ ْ
ُ َ ُ ُّ
ح َّ م َ ع َلَى ُ
َ
ل اللهِ صلى الله سو ِ ن كلهَا لَِر ُ ن ،لِتَكو َ سلِي َ مْر َ ن النْبِيَاءِ وَال ْ ُ م ْ وَذُّرِيَتِهِ ِ
عليه وسلم.
َ َ
م وَآلِهِ، ه لِبَْراهِي ْ َ خيْرِ ال ّذِي أع ْطَاه ُ الل ُ ل ال ْ َ مث ْ ِ ب ِ ه(( وَبَارِك)) طَل َ ُ وَقَول ُ ُ
خيُْر م هَذ َا ال ْ َ َ ح َّ
ن يَدُو َ مد ٍ صلى الله عليه وسلم وَآلِه ،وَأ ْ م َ لِ ُ
ضاع َف. وَيَت َ َ
َ َ َ
ن
ضي أ ْ ما يَقْت َ ِ مدِ َ ح ْ ب ال ْ َ سبَا ِ ت وَأ ْ صفَا ِ ن ِ م ْ ه ِ و ال ّذِي ل َ ُ ميْد ُ هُ َ ح ِ وَال ْ َ
سه. مودا ً في ن َ ْف ِ ح ُ م ْ ن َ يَكُو َ
جد ُ إِلَيْهِ َ
ما م ْ مد ُ وَال ْ َ ح ْ جلَل ،وَال ْ َ مةِ وَال ْ َ م لِلْعَظ َ َ ستَلْزِ ُ م ْ
ُ و ال ْ ُ جيْد ُ هَ َ م ِ وَال ْ َ
َ
ل في ما ِ ة الْك َ َ ما طَلَبا ً لِزِيَاد َ ِ م ب ِ ِه َ خت َ َ ن يُ ْ بأ ْ س َ ل كُل ّه ،فَنَا َ ما ُ جعُ الْك َ َ يَْر ِ
عنْد َ اللهِ تَعَالى. جيْدِهِ ِ م ِ ي صلى الله عليه وسلم وَت َ ْ مد ِ النَّب ِ ِ ّ ح ْ َ
* أفضل صيغ الصلة على النبِي صلى الله عليه وسلم:
َ َ
منَاه ُ صلى الله عليه وسلم: ما ع َل ّ َ صيَِغ َ ل ال ِّ ض ُ -أفْ َ
ل الله ،قَ ْ
د سو َ ل :قُلْنَا :يَا َر ُ جَرة َ رضي الله عنه ،قَا َ ن عُ ْ ب بْ ِ ن كَعْ ِ فَعَ ْ
ل صلى الله عليه ك؟ قَا َ صل ِّي ع َلَي ْ َ ف نُ َ م ع َلَيْك ،فَكَي ْ َ سل ِّ ُ ف نُ َ منَا كَي ْ َ عَل ِ ْ
َ
ما مدَ ،ك َ َ ح َّ م َ ل ُ مدٍ وَع َلَى آ ِ ح َّ م َ ل ع َلَى ُ ص ِّ م َ وسلم ((:فَقُولُوا :الل ّهُ َّ
َ
جيد ،الل ّهُ َّ
م م ِ ميد ٌ َ ح ِ ك َ م إِن َّ َ ل إِبَْراهِي َ م وَع َلَى آ ِ ت ع َلَى إِبَْراهِي ْ َ صل ّي ْ َ َ
َ
م وَع َلى ت ع َلى إِبَْراهِي ْ َ َ ما بَاَرك َ ْ مد ،ك َ َ َ ح ّ م َ ل ُ مدٍ وَع َلى آ ِ َ َ ح ّ م َ بَارِك ع َلى ُ َ ْ
جيد)). م ِ ميد ٌ َ ح ِ ك َ م إِن َّ َ ل إِبَْراهِي َ آ ِ
َ َ
سو َ
ل م قَالُوا :يَا َر ُ عنه :أنَّهُ ْ عدِيُّ رضي الله سا ِ ميْد ٍ ال َّ ح َ ن أبِي ُ َ -وَع َ ْ
ُ َّ صل ِّي ع َلَيْك؟ فَقَا َ
سول اللهِ صلى الله عليه ل َر ُ ف نُ َ الل ّه ،كَي ْ َ
َ َ
ما جهِ وَذُّرِيَّتِه ،ك َ َ مدٍ وَأْزوَا ِ ح َّ م َ ل ع َلَى ُ ص ِّ م َ وسلم ((:قُولُوا :الل ّهُ َّ
َ
َ
ما جهِ وَذُّرِيَّتِه ،ك َ َ مد ٍ وَأْزوَا ِ ح َّ م َ ك ع َلَى ُ ل إِبَْراهِيمَ ،وبَارِ ْ ت ع َلَى آ ِ صل ّي ْ َ َ
جيد)). م ِ ميد ٌ َ ح ِ م إِن ّك َ َ َ ل إِبَْراهِي َ ت ع َلى آ َ ِ َ بَاَرك َ ْ
َ
م ع َلَى صل ّيْت ُ ْ ل :إِذ َا َ سعُود ٍ رضي الله عنه قَا َ م ْ ن َ ن ع َب ْ َد ِ اللهِ ب ْ ِ
ّ -وَع َ ْ
َ
م لَ صلَة َ ع َلَيْه ،فَإِنَّك ُ ْ سنُوا ال َّ ح ِ ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم فَأ ْ سو ِ َر ُ
ن لَعَ َّ
ل: منَا ،قَا َ ه:فَعَل ِّ ْ ل :فَقَالُوا ل َ ُ ض ع َلَيْه ،قَا َ ك يُعَْر ُ ل ذَل ِ َ
َ
تَدُْرو َ
سي ِّدِ ك ع َلَى َ ك وَبََركَات ِ َ مت َ َ ح َ ك وََر ْ صلَوَات ِ َ ل َ جعَ ْ ما ْ قُولُوا:الل ّهُ َّ
سولِك، ك وََر ُ مد ٍ ع َبْد ِ َ ح َّ م َ
َ خاتَم ِ النَّبِيِّين؛ ُ متَّقِين ،وَ َ مام ِ ال ْ ُ سلِين ،وَإ ِ َ مْر َ ال ْ ُ
ما مقَا ً ه َ م ابْعَث ْ ُ مة .الل ّهُ َّ ح ََ ل الَّر ْ سو ِ خيْر ،وََر ُ خيْر ،وَقَائِد ِ ال ْ َ مام ِ ال ْ َ إِ َ
مد ٍ وَع َلَى َ
ح َّ م َ ل ع َلَى ُ ص ِّ م َ خُرون .الل ّهُ َّ ن وَال ِ ه بِهِ الوَّلُو َ
َ مودًا يَغْبِط ُ ُ ح ُ م ْ َ
ميدٌ ح ِ َ
م إِن ّك َ َ ل إِبَْراهِي َ م وَع َلى آ ِ َ ت ع َلى إِبَْراهِي َ َ صلي ْ َ ّ ما َ مد ٍَ ك ََ َ ح ّ م َ ل ُ آ ِ
َ
ت ع َلى ما بَاَرك ْ َ مد ٍ ك َ َ ح َّ م َ ل ُ مدٍ وَع َلى آ ِ َ ح َّ م َ ك ع َلى ُ َ م بَارِ ْ جيد ،اللهُ َّ ّ م ِ َ
جيد. م ِ ميد ٌ َ ح ِ م إِن ّك َ َ َ ل إِبَْراهِي َ م وَع َلى آ ِ َ إِبَْراهِي َ
م تَقَب َّ ْ ما :الل ّهُ َّ َ
مدٍ ح َّ م َ ة ُ شفَاع َ َ ل َ ه ع َنْهُ َ ي الل ُ ض َ س َر ِ ٍ ن ع َبَّا ل اب ْ ُ -وَقَا َ
خَرةِ وَالُوْلَى َ
ه فِي ال ِ سؤ ْل َ ُ ه الْعُلْيَا ،وَأعْطِهِ ُ جت َ ُ الْكُبَْرى ،وَاْرفَعْ دََر َ
سلَم. صلَة ُ وَال َّ ما ال َّ سى ع َلَيْهِ َ مو َ م وَ ُ ت إِبَْراهِي ْ َ ما آتَي ْ َ كَ َ
* المواطن والزمان التي تشرع فيها الصلة على رسول الله
صلى الله عليه وسلم:
ل اللهِ صلى الله عليه سو ِ م ع َلَى َر ُ سل َ َ صلَة َ وَال َّ ه لَنَا ال َّ شَرع َ الل ُ َ
ل اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِك، سو ُ شَرع َ لَنَا َر ُ مطلَقاً ،وَ َ وسلم ُ
َ ْ َ َ
منْهَا: مان؛ فَ ِ ن وَالْز َ موَاط ِ ِ ض ال َ وَأك ّدَه ُ في بَعْ ِ
مطْلَقاً: م ع َلَيْهِ صلى الله عليه وسلم ُ سل َ ُ صلَة ُ وَال َّ -ال َّ
ي صلى الله عليه ل النَّب ِ ُّ ل :قَا َ ن أَبِي هَُريَْرة َ رضي الله عنه قَا َ عَ ْ
ُّ
صلوا عيدًا ،وَ َ جعَلُوا قَبْرِي ِ م قُبُوًرا ،وَل َ ت َ ْ جعَلُوا بُيُوتَك ُ ْ وسلم ((:ل َ ت َ ْ
ث كُنْتُم)). حي ْ ُ م تَبْلُغُنِي َ صلَتَك ُ ْ ن َ ي فَإ ِ َّ ع َل َ ّ
ل اللهِ صلى سو ُ ل َر ُ ل :قَا َ سرٍ رضي الله عنه ،قَا َ ن يَا ِ مار ب ْ ِ ن عَ َ وَع َ ْ
الله عليه وسلم:
َ َ
ق كُل ِّهَا ،فَهُوَ قَائ ِ ٌ
م ِ خلَئ ِ ماع َ ال ْ َ س َ ملَكا ً أع ْطَاهُ أ ْ ك َوتَعَالَى َ ن للهِ تَبَاَر َ ((إ ِ َّ
صل ِّيمتِي َي ُ َ ن أ ُ َّ م ْ حد ٌ ِ سأ َ
َ
مة ،فَلَي ْ َ قيَا َ ت إِلَى يَوم ِ ال ِ م ُّ ع َلَى قَبْرِي إِذ َا ِ
صل ّى َ َ ع َل َ َّ
مد! َ ح َّ م َ ل :يَا ُ سم ِ أبِيْه ،قَا َ مهِ وَا ْ س ِ ماهُ بِا ْ س َّ صلَة ً إِل ّ َ ي َ
ك َوتَعَالَى ب تَبَاَر َ صل ِّي الَّر ُّ ل :فَي ُ َ ن كَذ َا وَكَذ َا ،قَا َ ن فُل َ ٍ ن بْ ُ ك فُل َ ُ ع َلَي ْ َ
شراً)) صلى الله عليه وسلم. حدَةٍ ع َ ْ ل وَا ِ ل ،بِك ُ ِّ ج ِ ك الَّر ُ ع َلَى ذَل ِ َ
َ
ما ذ ُكَِر صلى الله عليه وسلم: -كُل ّ َ
ل اللهِ صلى الله عليه سو َ ن َر ُ ك رضي الله عنه :أ َ َّ مال ِ ٍ ن َ س بْ ِ ن أن َ ِ
عَ َ
ْ
ي)) صلى الله عليه ّ َ َل ع ل ّ ص ي
َ ْ ِْ ُ ِ ْ َ ُ ُ َ ِ ْ ل َ ف ه د عن ت ر ُك ذ ن م ل((: َ ا َ ق وسلم
وسلم.
ل :قَا َ ب رضي الله عنه قَا َ ن أبِي طَال ِ َ ميْرِ ال ْ وع َ َ
ل ٍ ي بْ ّ ن عَل ِ َ منِي مؤ ْ ِ ُ نأ ِ
ُ َّ ْ
ِ ِ َ ْ ُ َّ
ت َ ْ ِْ ُر ُك ذ ن م ي ِ ذ ال ل خي َ ِ ب ال وسلم((: عليه الله صلى سول الل ِ
ه َر ُ
ي)) صلى الله عليه وسلم. ل ع َل َ َّ ص ِّ م يُ َ عنْدَه ُ فَل َ ْ ِ
ل صلى الله عليه ل :قَا َ ن أبِي هَُريَْرة َ رضي الله عنه قَا َ َ
وَع َ ْ
جنَّة)) صلى الله خطِيءَ طَرِيْقَ ال ْ َ يَ ، صلَة َ ع َل َ ّ ي ال َّ س َ ن نَ ِ م ْ وسلمَ ((:
عليه وسلم.
ُ َ
ل الل ّهِ صلى الله عليه سو ل َر ُ ل :قَا َ ه رضي الله عنه قَا َ وَع َن ْ ُ
َ
ي)) صلى الله ل ع َل َ ّ ص ِّ م يُ َ عنْدَه ُ فَل َ ْ ت ِ ل ذ ُكِْر ُ ج ٍ ف َر ُ م أن ْ ُ وسلمَ ((:رِغ َ
عليه وسلم.
مهِ صلى الله عليه وسلم: س ِ عنْد َ كِتَابَةِ ا ْ ِ -
ه
م ُ س َ ف رضي الله عنهم إِذ َا كَتَبُوا ا ْ سل َ ُ ن ال َّ ساب ِ ِقه ،وَقَد ْ كَا َ وَهُوَ ك َ َ
م ع َلَيْهِ صلى سل َ َ صلَة َ وَال َّ م أَثْبَتُوا ال َّ صلى الله عليه وسلم في كُتُبِهِ ْ
ن لَهَا مُزو َ و كَثَُرت ،وَل َ يَْر ُ ت ،وَل َ ْ و تَكََّرَر ْ ة ،وَل َ ْ الله عليه وسلم كِتَاب َ ً
موز. بِالُّر ُ
ه تَعَالَى – ه الل ُ م ُ ح َ ن بَازٍ – َر ِ َ حةِ ال ّ وَل ِ َ
خ ع َبْد ِ العَزِيْزِ ب ْ ِ شي ْ ِ ما َ س َ خنَا َ شي ْ ِ
مثْل ((:ص)) و(( صلعم)) بَدَلً موز؛ ِ ن كِتَابَةِ الُّر ُ ة في النَّهِي ع َ ْ سال َ ً رِ َ
سلَم ِ ع َلَيْهِ صلى الله عليه وسلم ،وَقَد ْ نَفَعَ الل ُ
ه صلَةِ وَال َّ ن ال َّ م ْ ِ
فح ِ ص ُ ن ال ُّ م ْ موزِ ِ ختِفَاءِ الُّر ُ سبَبا ً في ا ْ ت َ حتَّى كَان َ ْ تَعَالَى بِهَا َ
خيْراً. ه َ جَزاه ُ الل ُ وَالكُتُب ،فَ َ
ت ال َّ َ قَا َ َ
ة -في ن ع ُيَيْن َ َ ن بْ َ س َ ح َ خ ال ْ َ شي ْ َ مونِيَ :رأي ْ ُ مي ْ ُ ن ال ْ َ ِ س
ح َ ل أبُو ال ْ َ
نب بِلَو ِ مكْتُو ٌ يءٌ َ ش ْ صابِِع يَدَيْهِ َ َ
ن ع َلَى أ َ موتِه ،وَكَأ َ َّ منَام ِ -بَعْد َ َ ال ْ َ
َ َ ُ َ
صابِعِ َ
ك ستَاذ! أَرى ع َلَى أ َ ت :يَا أ ْ ك ،وَقُل ْ ُ ن ذَل ِ َ ه عَ ْ سألْت ُ ُ الذَّهَب ،فَ َ
ي! هَذ َا لِكِتَابَتِي(( صلى الله ل :يَا بُن َ ّ ما هُو؟ قَا َ مكْتُوباًَ ، ملِيْحا ً َ شيْئا ً َ َ
ل اللهِ صلى الله عليه وسلم. سو ِ ث َر ُ حدِي ْ ِ عليه وسلم)) في َ
َ َ
سى: م َ م وَإِذ َا أ ْ سل ِ ُ م ْ ح ال ْ ُ صب َ َ -إِذ َا أ ْ
ل اللهِ صلى الله سو ُ ل َر ُ ل :قَا َ ن أَبِي الدَّْردَاءِ رضي الله عنه ،قَا َ عَ ْ
َ
سي م ِ ن يُ ْ حي ْ َ شراً ،وَ ِ ح عَ ْ صب ِ ُ ن يُ ْ حي ْ َ ي ِ صل ّى ع َل َ َّ ن َ م ْ عليه وسلمَ ((:
َ
شفَاع َتِي)). ه َ شراً؛ أدَْركَت ْ ُ َ
عَ ْ
جلِساً: م ْ م َ سل ِ ُ م ْ س ال ْ ُ جل َ َ ما َ -كُل ّ َ
ي صلى الله عليه وسلم ّ ِ ِ ن النَّب ْ ن أَبِي هَُريَْرة َ رضي الله عنه ،ع َ عَ ْ
ُ
ن ع َلَى صل ّو َ ه عز وجل وَي ُ َ ن الل َ مقْعَدًا ل َ يَذ ْكُُرو َ م َ ما قَعَد َ قَوْ ٌ لَ ((: قَا َ
َ
مةِ م الْقِيَا َ سَرة ً يَوْ َ ح ْ م َ ن ع َلَيْهِ ْ ي صلى الله عليه وسلم إِل ّ كَا َ النَّب ِ ِ ّ
ة لِلثَّوَاب)). جن َّ َ خلُوا ال ْ َ ن دَ َ وَإ ِ ْ
ما لَ ((: ي صلى الله عليه وسلم قَا َ ّ ِ ِ ن النَّب ه رضي الله عنه :ع َ ْ وَع َن ْ ُ
ُ َ
صل ّوا ع َلَى نَبِيِّهِ ْ
م م يُ َ ه فِيه ،وَل َ ْ م يَذ ْكُُروا الل ّ َ سا ل َ ْ جل ِ ً م ْ م َ س قَوْ ٌ جل َ َ َ
َ َ
نشاءَ عَذ ّبَهُم ،وَإ ِ ْ ن َ م تَِرة ،فَإ ِ ْ ن ع َلَيْهِ ْ صلى الله عليه وسلم ،إِل ّ كَا َ
مة. شاءَ غَفََر لَهُم)) تَِرة :نَدَا َ َ
ما
ي صلى الله عليه وسلمَ ((: ل النَّب ِ ُّ جابِرٍ رضي الله عنه :قَا َ ن َ وَع َ ْ
صلَةٍ ع َلَى ه عز وجل ،وَ َ ن غَيْرِ ذِكْرِ الل ِ م تَفََّرقُوا ع َ ْ م ،ث ُ َّ معَ قَو ٌ جت َ َ ا ْ
َ َ
جيْفَة)). ن ِ م ْ ن ِ ن أنْت َ ِ موا ع َ ْ ي صلى الله عليه وسلم إِل ّ قَا ُ النَّب ِ ِ ّ
معَة: ج ُ -في يَوم ِ ال ْ ُ
ل اللهِ صلى الله سو ُ ل :قَا َ ة رضي الله عنه قَا َ ُ وع َ َ
ل َر ُ م َ ما َ ن أبِي أ َ َ ْ
نَ ُ
صلَةِ في ك ِّ ن ال َّ َ ْ َ
معَة ،فَإ ِ ّ ج ُ ل يَوم ِ ُ م ْ ي ِ عليه وسلم ((:أكثُِروا ع َل َّ
ل يوم جمعة ،فَمن كَا َ ض ع َل َ َّ صلَة َ أ ُ َّ
ن أكْثََرهُ ْ
م َ َ ْ ي في ك ُ ِّ َ ِ ُ ُ َ متِي تُعَْر ُ َ
َ َ َ َ َ
منْزِلة)). منِّي َ م ِ ن أقَْربَهُ ْ صلة ً كا َ ي َ ع َل َّ
ماِع الذ َان: َ س -بَعْد َ َ
َ َ ْ َ َّ
معَس ِ ه َ ما :أن ّ ُ ه ع َنْهُ َ ي الل ُ ض َ ص َر ِ ن العَا ِ مرِو ب ْ ِ ن عَ ْ ن ع َبْد ِ اللهِ ب ْ ِ عَ ْ
ن؛ فَقُولُوا: مؤَذِّ َ ُ م ال ْ ْ معْت ُ س ِ ل ((:إِذ َا َ ي صلى الله عليه وسلم يَقُو ُ النَّب ِ َّ
َ َ صلَّى ع َل َ َّ ُ
صل ّى الل ّ ُ
ه صلَةًَ ، ي َ ن َ م ْ ه َ ي فَإِن َّ ُ صل ّوا ع َل َ َ ّ م َ ما يَقُول ،ث ُ َّ ل َ مث ْ َ ِ
جن ّة،َ ْ
ة فِي ال َ منْزِل ٌ َ سيلة ،فَإِن ّهَا َ َ َ ه لِي الوَ ِ ْ ّ
سلوا الل َ َ ُ م َ شًرا ،ث ُ َّ ع َليْهِ بِهَا ع َ ْ َ
َ َ َ َ َ َ
سأ َ
ل ن َ م ْ ن أنَا هُو ،فَ َ ن أكُو َ جو أ ْ عبَاد ِ الل ّه ،وَأْر ُ ن ِ م ْ ل َ تَنْبَغِي إِل ّ لِعَبْد ٍ ِ
ه ال َّ َ
شفَاع َة)). ت لَ ُ حل ّ ْ سيلَة؛ َ لِي الْوَ ِ
منْه: خُروِج ِ جد ِ وَال ْ ُ س ِ م ْ ل ال ْ َ خو ِ عنْد َ د ُ ُ ِ -
ل اللهِ صلى الله عليه سو ُ ميْد ٍ رضي الله عنه ،قَا َ َ
ل َر ُ ح َ ن أبِي ُ وَع َ ْ
َ
ي صلى الله م ع َلَى النَّب ِ ِ ّ سل ِّ ْ جد َ فَلْي ُ َ س ِ م ْ م َ ال ْ َ حدُك ُ ْ لأ َ خ َ وسلم ((:إِذ َا د َ َ
متِك ،فَإِذ َا َ َ ل :الل ّهُ َّ عليه وسلم ،ث ُ َّ
جخَر َ ح َ ب َر ْ ح لِي أبْوَا َ م افْت َ ْ م لِيَقُ ْ
ضلِك)). ن فَ ْ م ْ ك ِ سأل ُ َ َ
م إِنِّي أ ْ
َ ل :اللَّهُ َّ فَلْيَقُ ْ
َ
سلَم: ه َ شهُّد ٍ ال ّذِي يَعْقُب ُ ُ خرِ الت َّ َ -فِي آ ِ
حتَّى صلَة ً لِي ت َ َّ َ
ما أَرى أ َّ َ قَا َ َ
ت َ م ْ ن َ سعُود ٍ رضي الله عنهَ : م ْ ل أبُو َ
ُ
مد صلى الله عليه وسلم. ح َّ م َ ل ُ مد ٍ وَع َلَى آ ِ ح َّ م َ صل ِّي ع َلَى ُ أ َ
َ
ة
قَراءَ ٍ صلَة ٌ إِل ّ ب ِ ِ ن َ ل :ل َ تَكُو ُ ما قَا َ ه ع َن ْ ُه َ ي الل ُ ض َ مرٍو َر ِ ن عَ ْ ن اب ْ ِ وَع َ ْ
ي صلى الله عليه وسلم. صلَةٍ ع َلَى النَّب ِ ِ ّ شهُّدٍ وَ َ وَت َ َ
ل :يَا ل فَقَا َ ج ٌ ل :أقْب َ َ َ سعُود ٍ رضي الله عنه ،قَا َ َ
ل َر ُ م ْ ن أبِي َ َ وَع َ ْ
صل ِّي ع َلَي ْ َ ك فَقَد ْ عََرفْنَاه ،فَكَي ْ َ م ع َلَي ْ َ َ
ل الل ّه ،أ َّ
ك إِذ َا ف نُ َ سل َ ُ ما ال َّ سو َ َر ُ
ه ع َلَيْك؟ قَا َ َ َ َ
ل صلى الله عليه صل ّى الل ّ ُ صلَتِن ََا َ صل ّيْنَا فِي َ ن َ ح ُ نَ ْ
ي؛ فَقُولُوا)) وَذ َكََر ال َّ م ع َل َ َّ َ
ميَّة. صلَة َ الِبَْراهِي ْ ِ صل ّيْت ُ ْ م َ وسلم ((:إِذ َا أنْت ُ ْ
خطْبَة: ل ُ -في ك ُ ِّ
ك ]. ك ذِكَْر َ ه تَعَالَى [ وََرفَعْنَا ل َ َ ل الل ُ قَا َ
َ
ه ذِكَْره ،فَل َ يُذ ْكَُر إِل ّ ذ ُكَِر ماَ :رفَعَ الل ُ ه ع َنْهُ َ ي الل ُ ض َ س َر ِ ن ع َبَّا ٍ ل اب ْ ُ قَا َ
معَه. َ
ب– خط ِ َ ْ
ي صلى الله عليه وسلم في ال ُ َ
صلَة ُ ع َلى الن ّب ِ ِ ّ َ ت ال َّ وَكان َ ْ َ
معُْروفاً. َ
ش ُهورا ً َ م ْ مرا ً َ حابَةِ رضي الله عنهم -أ ْ ص َ ن ال َّ م ِ في َز َ
ن ل :كُنَّا بِال ْ َ ن أبِي بَكْرٍ ،قَا َ َ
معََنَا ع َبْد ُ اللهِ ب ْ ُ ف ،وَ َ خي ْ ِ ن ع َبْد ِ اللهِ ب ْ ِ وَع َ ْ
َ
ى ع َلَى النَّب ِ ِ ّ
ي
َ َّ
صل ّ َ َ ه وَأثْنَى ع َلَيْه ،و مد َ الل َ ح ِ ة رضي الله عنه ،فَ َ ع ُتْب َ َ
صلى بِنَا. مف َ م قَا َ ت ،ث ُ َّ صلى الله عليه وسلم ،وَدَع َا بِدَع َوَا ٍ
ت الوِتْر: -في قُنُو ِ
ُ َّ َّ
سول اللهِ منِي َر ُ َ ل :ع َل ما ،قَا َ َ ُ ه ع َنْه ُ ي الل َ ضي َر ِ ّ ٍ ن عَل ِ ِ ن بْ ِ سح َ ن ال ْ َ عَ ْ
َ
ل :الل ّهُ َّ ت فِي الْوِتْر ،قَا َ
م ل ((:قُ ْ
َّ
ما ِ صلى الله عليه وسلم هَؤ ُلَءِ الْكَل ِ َ
َ
نم ْ ما أع ْطَيْت ،وَتَوَلنِي فِي َ ك لِي فِي َ ن هَدَيْت ،وَبَارِ ْ م ْ اهْ َدِنِي فِي َ
ه لَ ضى ع َلَيْك ،وَإِن َّ ُ ضي وَل َ يُقْ َ ك ت َ ْق ِ ضيْت ،فَإِن َّ َ ما قَ َ شَّر َ تَوَل ّيْت ،وَقِنِي َ
َ َ يَذ ِ ُّ
ع َلَى النَّب ِ ِ ّ
ي صل ّى الل ّ ُ
ه ت َربَّنَا وَت َ َعالَيْت .وَ َ ن وَالَيْت ،تَبَاَرك ْ َ م ْ ل َ
مد)) صلى الله عليه وسلم. ح َّ م َ ُ
صلةَِ َ ْ ْ َ َ َ
س في َ مُر رضي الله عنه الن ّا ُ َ ن عُ َ منِي ْ َ مؤ ِ ميُْر ال ُ معَ أ ِ ج َ ما َ وَل ّ
َ
ن ع َلى الن ّب ِ ِ ّ
ي َ صلو َ ّ م يُ َ ن الكَفََرة َ في قُنُوتِهِم ،ث ُ َّ ْ التََّراوِيْح ،كَانُوا يَلعَنُو َ
ْ
ن م يُكَب ُِّرو َ ميْن ،ث ُ َّ سل ِ ِ م ْ ن لِل ْ ُ م يَدْع ُو َ صلى الله عليه وسلم ،ث ُ َّ
جدُون. س ُ وَي َ ْ
َ
صلَةِ نَافِلة: مَّر ذِكُْره ُ صلى الله عليه وسلم في َ -إِذ َا َ
صلَةِ ع َلَى مَّر بِال َّ ه تَعَالَى :-إِذ َا َ ه الل ُ م ُ ح َ صرِيُّ – َر ِ ن الب َ ْ س ُ ح َ ل ال ْ َ قَا َ
ل ع َلَيْهِ في التَّطَوع. ص ِّ ف ،وَلْي ُ َ ي صلى الله عليه وسلم فَلْيَقِ ْ النَّب ِ ِ ّ
َّ َ
صلى ل َ ن في نَفْ ٍ ن كَا َ ه تَعَالَى :-إ ِ ْ ه الل ُ م ُ ح َ مد ُ – َر ِ ح َ مأ ْ ما ُ ل ال ِ َ وَقَا َ
ع َلَيْهِ صلى الله عليه وسلم.
صلَةِ الْعِيْد: ت الَّزوَائِد ِ في َ ن التَّكْبِيَْرا ِ -بَي ْ َ
ة رضي حذ َي ْ َف َ َ َ
سى وَ ُ مو َ سعُود ٍ وَأبِي ُ م ْ ن َ ة ع َلى اب ْ ِ ن عُقْب َ َ ج الوَلِيْد ُ ب ْ ُ خَر َ َ
ل ع َبد الله :تبدأُ،
َْ َ ف التَّكْبِيُْر في العِيْد؟ قَا َ ْ ُ ل :كَي ْ َ الله عنهم ،فَقَا َ
صل ِّي ع َلَى النَّب ِ ِ ّ
ي مد ُ َربَّك وَت ُ َ ح َ صلَة ،وَت َ ْ ح بِهَا ال َّ فَتُكَبُِّر تَكْبِيَْرة ً تَفْتَت ِ ُ
َ
صدَقَ أبُو ع َبْدِ م تَدْع ُو وَتُكَبِّر .فَقَالََ : مد ٍ صلى الله عليه وسلم ،ث ُ َّ ح َّ م َ ُ
من. ح َ الَّر ْ
َ
جنَاَزة: صل ّى ع َلَى َ -إِذ َا َ
ُ عَ َ
جنَاَزةِ: صلَةِ ال ْ َ ة فِي َ سن َّ َ ن ال ُّ ل :إ ِ َّ ة رضي الله عنه ،قَا َ م َ ما َ ن أبِي أ َ ْ
َ َ ّ ْ َ َ
ي صلى الله عليه وسلم، صلِي ع َلى الن ّب ِ ِ ّ ب ،وَي ُ َ ة الكِتَا ِ ح َ ن يَقَْرأ فَات ِ َ أ ْ
ميِّت. ص فِي الدُّع َاءِ لِل ْ َ خل ِ ُ م يُ ْ ث ُ َّ
ق الذِّكْر: -في ِ َ
حل ِ
ل اللهِ صلى الله سو ُ ل َر ُ ل :قَا َ ن أَبِي هَُريَْرة َ رضي الله عنه قَا َ عَ ْ
ذّكْرِ، ق ال ِ مُّروا ب ِ ِ َ ملَئِكَة ،إِذ َا َ ن ال ْ َ سيَّاَرة ً ِ عليه وسلم ((:إ ِ َّ
حل ِ َ
م ْ ن للهِ َ
منُوا ع َلَى دُعَائِهِم، م أ َّ ض :اقْعُدُوا! فَإِذ َا دَع َا القَوْ ُ م لِبَعْ ٍ ضهُ ْ ل بَعْ ُ قَا َ
ُ ُ
حتَّى م َ معَهُ ْ صل ّوا َ ي صلى الله عليه وسلم َ صل ّوا ع َلَى النَّب ِ ِ ّ فَإِذ َا َ
مغْفُوراً ن َ جعُو َ ض :طُوبَى ل ِ َهؤ ُلَءِ يَْر ِ م يَقُو ُ يَفَْرغُوا ،ث ُ َّ
م لِبَعْ ٍ ضهُ ْ ل ب َ ْع ُ
لَهُم)).
َ
ل الدُّع َاء في قِيَام ِ الل ّيْل: حا َ َ -
ل الله ،إِنِّي أكْثُِرُ ُ
سو َ ل :يَا َر ُ ب رضي الله عنه قَا َ ن كَعْ ٍ ي بْ ِ ن أب َ ِ ّ عَ ْ
ل لَ َ َ
شئْت)) ما ِ لَ ((: صلَتِي؟ فَقَا َ ن َ م ْ ك ِ جعَ ُ مأ ْ صلَة َ ع َلَيْك ،فَك َ ْ ال َّ
ت: خيٌْر لَك)) قُل ْ ُ ت فَهُوَ َ ن زِد ْ َ شئْت ،فَإ ِ ْ ما ِ لَ ((: ت :الُّربُع؟ قَا َ قُل ْ ُ
ت: خيٌْر لَك)) قُل ْ ُ و َ ت فَهُ َ ن زِد ْ َ شئْت ،فَإ ِ ْ ما ِ لَ ((: صف؟ قَا َ الن ِّ ْ
َ فَالثُّلُثَيْن؟ قَا َ
جعَ ُ
ل ت :أ ْ ك)) قُل ْ ُ خيٌْر ل َ َ ت فَهُوَ َ ن زِد ْ َ ت ،فَإ ِ ْ شئ ْ َ ما ِ لَ ((:
ك ذ َنْبُك)) .وَفي مك ،وَيُغْفَُر ل َ َ ل ((:إِذ ًا تُكْفَى هَ َّ صلَتِي كُل َّ َها؟ قَا َ ك َ لَ َ
كم َ ما أَهَ َّ
خَرتِك)). ك وَآ ِ مرِ دُنْيَا َ نأ ْ م َ ِ ْ ه َ ك الل ُ في ْ َ رِوَايَةٍ ((:إِذا ً يَك ْ ِ
َ َ َ َ
ن دُع َائِي م ِ ميعَ َز َ ج ِ ف َ صرِ ُ صلَتِي كُل ّهَا)) أيْ أ ْ ك َ ل لَ َ جعَ ُ ه(( أ ْ قَوْل ُ ُ
خَرة. م الدُّنْيَا وَال ِ مَرا َ مك)) تُعْطَى َ صلَة ً ع َلَيْك ((.تُكْفَى هَ َّ سي َ لِنَفْ ِ
َ ل الدُّع َاءِ وَآ ِ َ
خرِهِ وَفِي أثْنَائِه: -في أوَّ ِ
ي صلى الله معَ النَّب ِ ُّ س ِ لَ : ن ع ُبَيْد ٍ رضي الله عنه قَا َ ِ ة بْ ضال َ َ ن فَ َ عَ ْ
َ
ص ِّ
ل م يُ َ ه تَعَالَى ،وَل َ ْ جد ْ الل ّ َ م ِّ م يُ َ صلَتِه ،ل َ ْ جل ً يَدْع ُو فِي َ عليه وسلم َر ُ
ل صلى الله عليه وسلم((: ي صلى الله عليه وسلم ،فَقَا َ
َ ع َلَى النَّب ِ ِ ّ
ْ َ
ه
جيْد ِ َرب ِّ ِ م ِ م فَلْيَبْدَأ بِت َ ْ حدُك ُ ْ صل ّى أ َ ل ((:إِذ َا َ م دَع َاهُ ،فَقَا َ ل هَذ َا)) ث ُ َّ ج َ عَ ِ
ي صلى الله عليه وسلم، ل ع َلَى النَّب ِ ِ ّ ص ِّ م لْي ُ َ ل وَعََّز وَالثَّنَاءِ ع َلَيْه ،ث ُ َّ ج َّ َ
َّ
شاء)). ما َ
َ م لْيَدْع ُ بَعْد ُ ب ِ َ ث ُ َّ
ه
جد َ الل َ م َّ صل ِّي ،فَ َ جل ً ي ُ َ ل الل ّهِ صلى الله عليه وسلم َر ُ سو ُ
َ
معَ َر ُ س ِ وَ َ
لسو ُ ل َر ُ ي صلى الله عليه وسلم ،فَقَا َ صل ّى ع َلَى النَّب ِ ِ ّ مدَه ،وَ َ ح ِ وَ َ
َ
ل تُعْط)). س ْ جب ،وَ َ الل ّهِ صلى الله عليه وسلم ((:ادْع ُ ت ُ َ
ْ َ وع َ َ
ل :إ ِ َّ
ن ب رضي الله عنه قَا َ خط ّا ِ ن ال َ مَر ب ْ َ ن عُ َ منِي ْ َ مؤ ْ ِ ميْرِ ال ْ ُ نأ ِ َ ْ
َ َ
حت ّى يءٌ َ ش ْ ه َ من ْ ُ صعَد ُ ِ ض ل يَ ْ َ ماءِ وَالْر ِ س َ َ ن ال ّ ف بَي ْ َ موْقُو ٌ الدُّع َاءَ َ
ك صلى الله عليه وسلم. ي ع َلَى نَبِي ِّ َ صل ِّ َ تُ َ
َّ ْ َ َ ن الد ّاَران ِ ُّ َ َ َ وَقَا َ
هسألت الل َ ه تَعَالى :-إِذ َا َ ه الل ُ م ُ ح َ ي – َر ِ ما َ سلي ْ َ ل أبُو ُ
ْ
ما م اُدْع ُ ب ِ َ ي صلى الله عليه وسلم ،ث ُ َّ
َ صلَةِ ع َلَى النَّب ِ ِ ّ ة فَابْدَأ بِال َّ ج ً حا َ َ
مهِ يَقْب َ ُ
ل ه بِكََر ِ حان َ ُ سب ْ َ ه ُ ن الل ّ َ صلَةِ ع َلَيْه ،فَإ ِ َّ م بِال َّ خت ِ ْ م اِ ْ شئْت ،ث ُ َّ ِ
َ ْ َ
ما. ما بَيْنَهُ َ ن يَدَع َ َ نأ ْ م ْ م ِ صلَتَيْن ،وَهُوَ أكَر ُ ال َّ
عنْد َ زِيَاَرةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم: ِ -
ف سفَرٍ وَقَ َ ن َ م ْ م ِ ما إِذ َا قَد ِ َ ه ع َنْهُ َ ي الل ُ ض َ مَر َر ِ ن عُ َ ن ع َبْد ُ اللهِ ب ْ ُ كَا َ
َ
صل ّى ع َلَى ل اللهِ صلى الله عليه وسلم يَُزوُره ُ وَ َ سو ِ ع َلَى قَبْرِ َر ُ
س القَبْر. م ُّ ي صلى الله عليه وسلم ،وَل َ ي َ َ ّ ِ النَّب ِ
خ السلَم ابن تيمي َة – رحمه الله :-ث ُ َ ْ
ي م يَأتِي قَبَْر النَّب ِ ِ ّ ّ َ ِ َ ُ شي ْ ُ ِ ْ ِ ْ ِ َ ْ ِ ّ َ ل َ قَا َ
سه ،وَل َ يُقَبِّلَه، م َّ جدَاَر القَبْر ،وَل َ ي َ َ ل ِ ستَقْب ِ َ صلى الله عليه وسلم فَي َ ْ
سكُون، شوٍع وَ ُ خ ُ حيَاتِه ،ب ِ ُ ف لَوْ ظَهََر في َ ما ي َ ِق ُ عدا ً ك َ َ متَبَا ِ ف ُ وَيَقِ َ
جلَل َ َ ْ
م موْقِ ِفه ،ث ُ َّ ة َ ه َ ضرا ً بِقَلْب ِ ِ ح ِ ست َ ْ م ْ صرُ ، ض الب َ َ س الَّرأس ،غَا َّ كّ َ من َ ِ ُ
م سل َ ُ ة اللهِ وَبََركاتُه ،ال َّ َ م ُ ح َ ل اللهِ وََر ْ سو َ ك يَا َر ُ م ع َلي ْ َ َ سل َ ُ يَقُول :ال َّ
سيِّدَ ك يَا َ م ع َلَي ْ َ سل َ ُ خلْقِه ،ال َّ ن َ م ْ خيَْرتِهِ ِ ي اللهِ وَ ِ ك يَا نَب ِ َّ ع َلَي ْ َ
شهد أ َن ل َ إل َه إلَّ َ
ِ َ ِ جلِين ،أ ْ َ ُ ْ
َ
ح َّ م َ ن وَقَائِد َ الغُّرِ ال ْ ُ م النَّبِيي ّ َ خات َ َ ن وَ َ سلِي َ مْر َ ال ْ ُ
َ َ َ َ
ت سال َ ِ ت رِ َ ك قَد ْ بَل ّغْ َ شهَد ُ أن َّ َ ل الله ،أ ْ سو ُ مدا ً َر ُ ح َّ م َ ن ُ شهَد ُ أ َّ ه وَأ ْ الل ُ
عظَةِ ُ
مو ِ مةِ وَال ْ َ حك ْ َ ك بِال ْ ِ ل َرب ِّ َ سبِي ْ ِ ت إِلَى َ متِك ،وَدَع َوْ َ ت ل َّ صح َ َربِّك ،وَن َ َ
َ حتَّى أتَا َ َ
ما
ل َ ض َ ه أفْ َ ك الل ُ جَزا َ قين ،فَ َ ك الي َ ِ ه َ ت الل َ سنَة ،وَع َبَد َ ح َ ال ْ َ
َ ُ
ه ة وَاب َْعَث ْ ُ ضيْل َ َ ة وَالفَ ِ سيْل َ َ م آتِهِ الوَ ِ متِه .الل ّهُ َّ ن أ َّ سول ً ع َ ْ جَزى نَبِيَّا ً وََر ُ َ
خُرون .الل ّهُ َّ َ َ
م ن وَال ِ ه بِهِ الوَّلُو َ ه يَغْبِط ُ ُ مودا ً ال ّذِي وَع َدت َ ُ ح ُ م ْ مقَاما ً َ َ
َ
م وَع َلَى ت ع َلَى إِبَْراهِي ْ َ صل ّي ْ َ ما َ م َد ٍ ك َ َ ح َّ م َ ل ُ مد ٍ وَع َلَى آ ِ ح َّ م َ ل ع َلَى ُ ص ِّ َ
ل
مد ٍ وَع َلى آ ِ َ ح َّ م َ ك ع َلى ُ َ م بَارِ ْ جيْد ،اللهُ َّّ م ِ ميد ٌ َ ح ِ ك َ َ
ل إِبَْراهِيْم ،إِن ّ َ آ ِ
ميدٌ ح ِ ك َ ل إِبَْراهِيْم ،إِن َّ َ م وَع َلَى آ ِ ت ع َلَى إِبَْراهِي ْ َ ما بَاَرك ْ َ مد ٍ ك َ َ ح َّ م َ ُ
َ َ َ َ َ َ ّ
سن ّتِه ،وَأوْرِدنَا مَرتِه ،وَتَوَفّنَا ع َلى ُ شرنَا فِي ُز ْ م اح ُ جيْد ،اللهُ ّ م ِ َ
مأ بَعدَه ُ أبَداً.َ ُ شَربا ً َروِّيا ً ل َ نَظ َْ م ْ ْ َ
سهِ َ سقِنَا بِكأ ِ ضه ،وَا ْ حو َ َ
َ َ ْ
ك يَا م ع َلي ْ َ سل َ ُ ما ،فَيَقُول :ال َّ ه ع َنْهُ َ ي الل ُ ض َ مَر َر ِ م يَأتِي أبَا بَكْرٍ وَع ُ َ ث ُ َّ
َ
ما يَا م ع َلَيْك ُ َ سل َ ُ مَر الفَاُروق ،ال َّ ك يَا ع ُ َ م ع َلَي ْ َ سل َ ُ دّيق ،ال َّ ص ِ أبَا بَكْرٍ ال ِّ
ة اللهِ م ُ ح َ جيْعَيْهِ وََر ْ ض ِ ل اللهِ صلى الله عليه وسلم ،وَ َ سو ِ حبَي َر ُ صا ِ َ
مسل َ ٌ خيْراَ ، ً سلَم ِ َ ن ال ِ ْ ما وَع َ ْ صحبَةِ نَبِيِّك ُ َ ن ُ ه عَ ْ ما الل ُ جَزاك ُ َ وَبََركَاتُهَ ،
م عُقْبَى الدَّار. م فَنِعْ َ صبَْرت ُ ْ ما َ م بِ َ ع َلَيْك ُ ْ
-بَعْد َ التَّلْبِيَة:
ه
ه الل ُ م ُ ح َ مد ٍ – َر ِ ح َّ م َ ن ُ م بْ ُ س ُ ل القَا ِ ن تَوَابِِع الدُّع َاء ،قَا َ م ْ ة ِ ن التَّلْبِي َ َ ل َ َّ
صل ِّي ع َلَى َ
ن يُ َ ن تَلْبِيَتِهِ– أ ْ م ْ ل – إِذ َا فََرغ َ ِ ج ِ ب لِلَّْر ُ ح ُّ ست َ َ ن يُ ْ تَعَالَى :-كَا َ
ي صلى الله عليه وسلم.
َّ النَّب ِ ِ ّ
-في الطوَاف:
َ َ
ل: جَر؛ قَا َ ح َ م ال ْ َ ستَل ِ َ ن يَ ْ ما إِذ َا أَراد َ أ ْ ه ع َنْهُ َ ي الل ُ ض َ مَر َر ِ ن عُ َ ن اب ْ ُ كَا َ
كسنَّةِ نَبِي ِّ َ ك ،وَاتِّبَاعا ً ل ِ ُ ك ،وَوَفَاءً بِعَهْد ِ َ صدِيْقا ً بِكِتَاب ِ َ ك ،وَت َ ْ مانا ً ب ِ َ م إِي ْ َ اللَّهُ َّ
مد ٍ صلى الله عليه وسلم. ح َّ م َ ُ
مْروَة: ْ
صفَا وَال َ َ -ع َلى ال ّ َ
ُ قَا َ َ
مصفَا ،فَيَقُو َ مُر رضي الله عنه :يَبْدَأ بِال َّ ن عُ َ منِي ْ َ مؤ ْ ِ ميُْر ال ْ ُ لأ ِ
د
م ُ ح ْ ن َ ل تَكْبِيَْرتَي ْ ِ ن ك ُ ِّ سبْعَ تَكْبِيَْرات ،بَي ْ َ ت فَيُكَبِّر َ ل البَي ْ ِ ستَقْب ِ َ ع َلَي ْ َها ،وَي َ ْ
ي صلى الله عليه صلَة ٌ ع َلَى النَّب ِ ِ ّ اللهِ عز وجل َ وَثَنَاءٌ ع َلَيْه ،وَ َ
ل ذَلِك. مث ْ ُ مْروَةِ ِ سه ،وَع َلَى ال ْ َ ة لِنَفْ ِ سأل َ ٌ م ْ وسلمَ ،و َ
* فوائد الصلة والسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ل اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَائِدُ سو ِ سلَم ِ ع َلَى َر ُ صلَةِ وَال َّ لِل ْ َّ
َ َّ
ض أدِلتِهَا: ت بَعْ ُ مَّر ْ منْهَا ،وَقَد ْ َ ة؛ فَ ِ م ٌ عَظِي ْ َ
َ َ
سولِهِ صلى الله عليه وسلم. مرِ َر ُ مرِ اللهِ ت َ َعالَى وَأ ْ لأ ْ متِثَا ُ -ا ْ
صل ِّي: م َ ملَئِكَتِهِ ع َلَى ال ْ ُ م اللهِ وَ َ سل َ ُ صلَة ُ وَ َ َ -
ل اللهِ صلى الله سو ُ ل َر ُ سعْد ٍ رضي الله عنه :قَا َ ن َ ل بْ ِ سهْ ِ ن َ عَ ْ
َّ ل آنِفاً ،فَقَا َ َ
صلى ن َ م ْ مد! ِ ح َّ م َ ل :يَا ُ جبْرِي ْ ُ ه أتَانِي ِ عليه وسلم ((:إِن َّ ُ
سيِئَات، شَر َ ه عَ ْ حا ع َن ْ ُ م َ سنَات ،وَ َ ح َ
َ
شَر َ ه عَ ْ ه لَ ُ ب الل ُ مَّرة ً كَت َ َ ك َ ع َلَي ْ َ
مَّرات)). شَر َ ة عَ ْ ملَئِك َ ُ ت ع َلَيْهِ ال ْ صل ّ ْ جات ،وَ َ شَر دََر َ ه بِهَا ع َ ْ وََرفَعَ ل َ ُ
َ َ َّ َ وع َ َ
سول اللهِ صلى الله عليه ن َر ُ ة رضي الله عنه :أ َّ ح َ ن أبِي طَل ْ َ َ ْ
شَر ْ
جهه ،فقُلنَا :إِن ّا لنََرى الب ِ ْ َ َ ْ َ ْ
ت يَوْم ٍ وَالب ِ ْ
شُر يَُرى فِي وَ ْ ِ َ
جاءَ ذ َا َ وسلم َ
كن رب َّ َ مد ،إ َّ ح َ ل :يَا م َ ك ،فَقَا َ مل َ ٌ ه أتَانِي َ ل ((:إِن َّ ُ جهك ،فَقَا َ فِي وَ ْ َ ِ
ُ ُ َ ّ َ ِ َ َّ َّ َ ي ع َلَي ْ َ صل ِّ َ
تصلي ْ ُ مت ِك -إِل َ نأ ّ م ْ حد ٌ ِ - كأ َ
َ َ ن ل َ يُ َ كأ ْ ضي َ ما يُْر ِ ل :أ َ يَقُو ُ
ت ع َلَيْهِ ع َ ْ َ
شًرا)). م ُ سل ّ ْ ك إِل ّ َ م ع َلَي ْ َ سل ِّ ُ شًرا ،وَل َ ي ُ َ ع َلَيْهِ ع َ ْ
ل اللهِ صلى الله عليه سو َ ل َر ُ ل أَبُو هَُريَْرة َ رضي الله عنه :قَا َ وَقَا َ
ه ع َلَيْهِ ع َ ْ َ َ
شًرا)). صل ّى الل ُ حدَة ً َ ي وَا ِ صل ّى ع َل َ َّ ن َ م ْ وسلمَ ((:
ه
سول ِ ِ ن بَِر ُ ما َ ن بِه ،وَالِي ْ َ ما َ الِي ْ َ َ ه تَعَالَى ،و ة ذِكَْر الل ِ من َ ٌ ض ِّ مت َ َ ُ -أَن َّ َها
َ ة اليمان كُلَّه ،لِذ َا كَانت م َ
مال. ل الع ْ َ ض ِ ن أف ْ َ َ ْ ِ ْ من َ ٌ ِ ْ َ َ ض ِّ مت َ َ ي ُ سالَتِه ،فَهِ َ وَرِ َ
حيَاةِ قَلْبِه. َ
صل ِّي وَ َ م َ ب لِهِدَايَةِ ال ْ ُ سب َ ٌ -أنَّهَا َ
ل اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبْد. َ
سو ِ حبَّةِ َر ُ م َ ب لِزِيَادَةِ َ سب َ ٌ -أن َّ َها َ
َ
ل اللهِ صلى الله عليه وسلم. سو ِ حبَّةِ العَبْد ِ لَِر ُ م َ ب لِزِيَادَةِ َ سب َ ٌ -أن َّ َها َ
َ
مة. م القِيَا َ ن َربِّهِ يَو َ م ْ ب العَبْد ِ ِ ب قُر ِ سب َ ُ -أنَّهَا َ
َ
سولِهِ صلى الله عليه وسلم. ن َر ُ م ْ ب العَبْد ِ ِ ب قُر ِ سب َ ُ -أن َّ َها َ
حقِّهِ صلى الله عليه وسلم. ن َ م ْ يءٍ ِ ش ْ -أَن َّ َها أَدَاءٌ ل ِ َ
ل اللهِ صلى الله عليه وسلم ع َلَى سو َ ل إِيْثَارِ العَبْد ِ َر ُ -أَنَّهَا دَلِي ْ ُ
م ع َلَيْهِ صلى الله عليه وسلم ع َلَى سل َ َ صلَة َ وَال َّ م ال َّ ن قَد َّ َ حي ْ َ سهِ ِ ن َ ْف ِ
مه، مو َ ن ذُنُوبِه ،وَكِفَايَتِهِ هُ ُ ه تَعَالَى بِغُفَْرا ِ ه الل ُ جات ِه ،فَيُكَافِئ ُ ُ حا َ ب َ طَل َ ِ
مل. س العَ َ جن ْ ِ ن ِ م ْ جَزاءُ ِ وَال ْ َ
مغْفَِرةِ الذُّنُوب. َ
ب َ سب َ ُ -أن َّ َها َ
مه. ما أَهَ َّ ب كَفَايَةِ اللهِ ع َبْدَه ُ َ سب َ ُ -أن َّ َها َ
َ
َ
جابَةِ الدُّع َاء. ب إِ َ سب َ ُ -أنَّهَا َ
َ
شفَاع َتِهِ صلى الله عليه وسلم. ل َ ب نَي ْ ِ سب َ ُ -أن َّ َها َ
صل ِّي. َ
م َ -أن َّ َها َزكَاة ٌ وَطَهَاَرة ٌ لِل ْ ُ
َ
جالِس. م َ ب لِل ْ َ -أن َّ َها تَطْيِي ّ ٌ
َ
خل. ة الب ُ ْ صفَ َ ن العَبْد ِ ِ -أن َّ َها تَنْفِي ع َ ْ
َ
جفَاء. ة ال ْ َ صفَ َ ن العَبْد ِ ِ -أن َّ َها تَنْفِي ع َ ْ
ة ع َلَى َ َ
م ً سَرة ً َونَدَا َ ح ْ س َ جال ِ ُ م َ ن ال ْ َ ن ل َ تَكُو َ ب في أ ْ سب َ ٌ -أن َّ َها َ
مة. َ
م القِيَا َ حابِهَا يَو َ ص َ أ ْ
حبها من أ َن تكُون مجال ِس َ َ
جيْفَة. ن ِ م ْ ن ِ ه أنْت َ َ َ َ َ ُ ُ صا ِ َ َ ِ ْ ْ َ جي َ -أن َّ َها تُن ْ ِ
حبها م َ َ
ل عليه السلم جبْرِي ْ َ حقَّقَ ع َلَيْهِ دَع ْوَة ُ ِ ن تَت َ َ نأ ْ صا ِ ِ َ ِ ْ جاة ٌ ل ِ َ -أن َّ َها ن َ َ
ل. ن يُذ َ ّ َ ح َّ
مد ٍ صلى الله عليه وسلم في أ ْ م َ وَ ُ
َ َ
ل عليه السلم جبْرِي ْ َ حقَّقَ ع َلَيْهِ دَع ْوَة ُ ِ ن تَت َ َ نأ ْ م ْ حبِهَا ِ صا ِ جاة ٌ ل ِ َ -أن َّ َها ن َ َ
ن يُبْعِدَه ُ الله. َ ح َّ
مد ٍ صلى الله عليه وسلم في أ ْ م َ وَ ُ
جنَّة. َ َ
ئ طَرِيْقَ ال ْ َ خط ِ َ ن يُ ْ نأ ْ م ْ ه ِ جاة ٌ ل َ ُ -أن َّ َها ن َ َ
َ
ل اللهِ سو ِ سل ِّم ِ لَِر ُ م َ صل ِّي وَال ْ ُ م َ م ال ْ ُ س َ ملَئِكَةِ ا ْ ب لِتَبْلِيِْغ ال ْ َ سب َ ٌ -أن َّ َها َ
صلى الله عليه وسلم.
ة اللهِ ت َ َعالَى. َ
م َ ح َ صل ِّي َر ْ م َ ل ال ْ ُ ب لِنَي ْ ِ سب َ ٌ -أن َّ َها َ
م ع َلَى َ
سل َ َ صلَة َ وَال َّ ي صلى الله عليه وسلم ال َّ ب لَِردِّ النَّب ِ ِ ّ سب َ ٌ -أن َّ َها َ
م ع َلَيْه. سل ِّ ُ صل ِّي وَي ُ َ ن يُ َ م ْ َ
َ َ ْ ْ َ َ َ
مل الع ْلى. ن العَبْد ِ في ال َ ن عَ ْ س ِ ح َ شرِ الث ّنَاءِ ال َ ب لِن َ ْ سب َ ٌ -أن ّ َها َ
َ
حه. صال ِ ِ م َ مرِهَ ،و َ ملِه ،وَع ُ ُ صل ِّي ،وَع َ َ م َ ت ال ْ ُ ب لِلْبََركَةِ في ذ َا ِ سب َ ٌ -أن َّ َها َ
جوَازِ ع َلَيْه .قَا َ َ
ل صَراط وَال ْ َ ت قَدَم ِ العَبْد ِ ع َلَى ال ِّ ب لِتَثْبِي ْ ِ سب َ ٌ -أن َّ َها َ
ف
ح ُ متِي يَْز َ ن أ ُ َّ م ْ جل ً ِ ت َر ُ
َ
ل اللهِ صلى الله عليه وسلمَ ((:رأي ْ ُ سو ُ َر ُ
ه ع َل َ َّ َ َ َ
ي صلَت ُ ُ
ه َ جاءَت ْ ُحيَاناً ،فَ َ
حيَانا ً َويَتَعَل ّقُ أ ْ
حبُو أ ْط وَي َ ْ
صَرا ِ ع َلَى ال ِّ
ميْه ،وَأَنْقَذ َتْه)). ه ع َلَى قَد َ ِ ُ مت ْ
َ فَأَقَا
وصلَّى الله وسل َّم ع َلَى سيد ولَد آد َ
مد ٍ وَع َلَى آلِهِ ح َّ
م َ نُ ، معِي َج َمأ ْ َ ِّ ِ َ ِ َ َ ُ َ َ َ َ َ
مين. َ
حبِهِ وَالت ّابِعِين .آ ِ ص ْ وَ َ
.16دلئل محبـة الرسـول صلى الله عليه وسلم
دلئل محبـة الرسـول صلى الله عليه وسلم
بين السنة والبدعة
أحمد بن عبد الرحمن الصويان
إن محبة الرسول -صلى الله علـيـه وسلم -أصل عظيم من
أصول الدين ،فل إيمان لمن لم يكن الرسول -صلى الله عليه
وسلم -أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين.
* قال الله تعالى(( :قل إن كان آباؤكم وأبـنـاؤكـم وإخــوانكم
وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها
ومساكن ترضونها أحـب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله
فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله ل يهدي القوم الفاسقين))[
التوبة.]24:
قال القاضي عياض في شرح الية( :فكفى بهذا حضا ً وتـنـبـيـهــاً
ودللة وحجة على إلزام محبته ،ووجوب فرضها ،وعظم خطرها،
واستحقاقه لها -صلى الله عليه وسلم ،-إذ قّرع الله من كان ماله
وأهله وولده أحـب إليه من الله ورسـوله وتوعدهم بقوله تعالى:
((فتربصوا حتى يأتي الله بأمره)) ،ثم فسقهم بتمام الية،
وأعلمهم أنهم ممن ضل ولم يهده الله) (.)1
* وقال الله تعالى(( :النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم))[
الحزاب.]6 :
* وقال النبي -صلى الله عليه وسلم" :-ل يؤمن أحدكم حتى
أكــون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين".)2(.
* وقال أيضاً" :والذي نفسي بيده ل يؤمن أحدكم حتى أكون أحب
إلـيـه من والده وولده".)3( .
* وعــن عبد الله بن هشام قال :كنا مع النبي -صلى الله عليه
وسلم -وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب ،فقال له عمر :يا رسول
ي من كل شيء إل من نفسي ،فقال النبي الله لنت أحب إل ّ
-صلى الله عليه وسلم" :-ل والـــذي نفسي بيده حتى أكون أحب
ي
إليك من نفسك" ،فقال له عمر :فإنه الن والله لنت أحب إل ّ
من نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم" :الن يا عمر".)4(.
آثـار محـبته -صلى الله عليه وسلم:-
المحبة عمل قـلـبـي اعتقادي تظهر آثاره ودلئله في سلوك
النسان وأفعاله ومن علمات ذلك:
أولً /تعزير النبي -صلى الله عليه وسلم -وتوقيره:
قال الله تعالى(( :إنا أرسلناك شاهدا ْ ومبشرا ْ ونذيرا ْ لتؤمنوا بالله
ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلْ))[ الفتح.]9:
ذكر ابن تيمية أن التعزير( :اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من
كل ما يؤذيه) .والتوقير( :اسم جامع لكل ما فـيـه سكينة
وطمأنينة من الجلل والكرام ،وأن يعامل من التشريف
والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار).
(.)5
وتوقير النبي -صلى الله عليه وسلم -له دلئل عديدة ،منها:
- 1عدم رفع الصوت فوق صوته:
قال الله تعالى(( :يا أيها الذين آمنوا ل ترفعوا أصواتكم فوق
صوت النبي ول تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط
أعمالكم وأنتم ل تشعرون))[ الحجرات.]2 :
وعن السائب بن يزيد قــال :كـنــت قائما ً في المسجد فحصبني
رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب ،فقال :اذهب فأتني بهذين،
فجئته بهما ،قال :من أنتما أو من أين أنتما؟ قال :من أهل
الطائف ،قال :لو كنتما مــن أهــل البلد لوجعتكما ،ترفعان
أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.)6( .
- 2الصلة عليه:
قال الله تعالى(( :إن الله وملئكته يصلون على النبي يا أيها
الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماْ))[ الحزاب.]57 :
قال ابن عباس :يصلون :يُبّركون (.)7
وفـي الية أمر بالصلة عليه ،والمر يقتضي الوجوب ،لهذا قال
ت عنده فلم يصل النبي -صلى الله عليه وسلم" :-البخيل من ذكر ُ
ي" (.)8
عل ّ
ي " (.)9وقال" :رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عل ّ
ثانياً /الـذ ب عنه وعن سنته:
إن الـذب عــن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -ونصرته ،آية
عظيمة من آيات المحبة والجلل ،قال الله تعالى(( :للفقراء
المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضل ْ من
الله ورضوانا ْ وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون))[
الحشر.]8 :
ولقد سطر الصـحـابة رضي الله عنهم أروع المثلة وأصدق
العمال في الذب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم،-
وفـدائـه بالموال والولد والنفس ،في المنشط والمكره ،في
العسر واليسر ،وكتب السير عامرة بقصصهم وأخبارهم التي تدل
على غاية المحبة واليثار ،وما أجمل ما قاله أنس بن النضر يـوم
أحـد لما انكشف المسلمون( :اللهم إني أعتذر إليك مما صنع
هؤلء يعني أصحابه وأبرأ إليك مما صـنــع هؤلء يعني المشركين،
ثم تقدم فاستقبله سعد ،فقال :يا سعد بن معاذ ،الجنة ورب
النـضـر ،إني أجد ريحها من دون أحد ،قال سعد :فما استطعت يا
رسول الله ما صنع ،قال أنس بن مالك :فوجدنا به بضعا ً وثمانين
ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ،ووجدناه قد قتل،
وقد مثل به المشركون ،فما عرفه أحد إل أخته ببنانه) (.)10
ومــن الذب عن سنته -صلى الله عليه وسلم:-
حفظها وتنقيحها ،وحمايتها من انتحال الـمـبطلين وتحريف
الغالين وتأويل الجاهلين ،ورد شبهات الزنادقة والطاعنين في
سنته ،وبيان أكاذيبهم ودسائسهم ،وقد دعا رسول الله -صلى الله
عليه وسلم -بالنضارة لمن حمل هــذا اللــواء بقوله" :نضر الله
مبلّغ أوعى من امرءا ً سمع منا شيئا ً فبلغه كما سمعه ،فرب ُ
سامع " (.)11
والتهاون في الذب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -أو
الذب عن سنته وشريعته ،من الـخـــذلن الذي يدل على ضعف
اليمان ،أو زواله بالكلية ،فمن ادعى الحب ولم تظهر عليه آثار
الغيرة على حرمته وعرضه وسنته ،فهو كاذب في دعواه.
ثالثاً /تصديقه فيما أخبر:
من أصول اليمان وركائزه الرئيسة ،اليمان بعصمة النبي -صلى
الله عليه وسلم -وسلمته من الـكــذب أو البهتان ،وتصديقه في
كل ما أخبر من أمر الماضي أو الحاضر أو المستقبل ،قال الله
تعالـى(( :والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق
عن الهوى إن هو إل وحي يوحى))[ النجم.]14 :
والجفاء كل الجـفـــاء ،بـل الكـفـــر كل الكفر اتهامه وتكذيبه
فيما أخبر ،ولهذا ذم الله المشركين بقوله(( :وما كان هذا القرآن
أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل
الكتاب ل ريب فيه من رب العالـمـيــن ،أم يقـولون افتراه قل
فأتوا بسـورة مثله وادعوا من اسـتطعتم من دون الله إن كنتم
صـادقـيـــن بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله
كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة
الظالمين))[يونس.]39-37 :
ومن لطائف هذا الباب التي تدل على منزلة الشيخين الجليلة ،أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم -قال لصحابه" :بينما راع في
غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة فطلبها حتى استنقذها،
فالتفت إليه الذئب ،فقال له :من لها يوم السبع ليس لها راع
غيري؟ وبينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها ،فالتفتت إليه
فكلمته فقالت :إني لم أخلق لهذا ،ولكني خلقت للحرث ،فقال
الناس :سبحان الله! قال النبي -صلى الله عليه وسلم" :-فإني
أومن بذلك وأبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما".)12( .
رابعا ً اتباعه وطاعته والهتداء بهديه:
الصل في أفعال النبي -صلى الله عليه وسلم -وأقواله أنهــــا
للتباع والتأسي ،قال الله تعالى(( :لقد كان لكم في رسول الله
أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الخر وذكر الله كثيراْ))[
الحزاب.]21 :
قــال ابن كثير( :هذه الية أصل كبير في التأسي برسول الله
-صلى الله عليه وسلم -فـي أقـــواله وأفعاله وأحواله ،ولهذا أمر
الله تبارك وتعالى الناس بالتأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم-
يوم الحزاب في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره
الفرج من ربه عز وجل) (.)13
وجاء أمر الله سبحانه وتعالى في وجوب طاعة الرسول -صلى
الله عليه وسلم -في آيات كثيرة ،منها قوله تعالى(( :وما آتاكم
الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) [ الحشر.]7 :
وجعل الله عز وجل طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم -من
طاعته سبحانه ،فقال(( :من يطع الرسول فقد أطاع الله))[
النساء.]80 :
وأمر بالرد عند التنازع إلى الله والرسول ،فقال(( :يا أيها الذين
آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي المر منكم فإن
تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون
بالله واليوم الخر ذلك خير وأحسن تأويل)) [ النساء.]59 :
وتواتــرت الـنـصـوص النبوية في الحث على اتباعه وطاعته،
والهتداء بهديه والستنان بسنته ،وتعظيم أمـــــره ونهيه ،ومن
ذلك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم " :-فعليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشـديــن الـمهديين ،تمسكوا بها وعضوا عليها
بالنواجذ وإياكم ومحدثات المور ،فإن كل محدثة بدعة ،وكل
بدعة ضللة ".)14( .
وقال -صلى الله عليه وسلم" :-صلوا كما رأيتموني أصلي" (.)15
وقال" :لتأخذوا عني مناسككم" (.)16
فطاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم -هي الـمـثـال الحي
الصادق لمحبته عليه الصلة والسلم فكلما ازداد الحب ،زادت
الطاعات ،ولـهــذا قال الله عز وجل(( :قل إن كنتم تحبون الله
فاتبعوني يحببكم الله))[ ال عمران.]31 :
فالطاعة ثمرة المحبة ،وفي هذا يقول أحد الشعراء:
تعصى الله وأنت تزعم حبه *** ذاك لعمـري في القياس بديع
لو كان حـبك صادقا ً لطعته *** إن المحـب لمن أحـب مطيع
ج -رحمته صلى الله عليه وسلم ( لبكاء الصبي في الصلة ،حتى
أنه كان يخففها،فعن أنس رضي الله عنه قال ":ما صليت وراء
إمام قط أخف صلة ،ول أتم من النبي صلى الله عليه
وسلم،وإن كان ليسمع بكاء الصبي ،فيخفف عنه مخافة أن تُفتن
أمه"،ويؤكد الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك
بنفسه،فيقول":إني لدخل الصلة وأنا أريد أن أطيلها،فأسمع بكاء
الصبي فأتجاوز في صلتي مما أعلم من شدة وجد أمه من
بكاءه")( )21
هــ "-إصطحابه صلى الله عليه وسلم الطفال للصلة و
مسحه خدودهم ،رحمة وإعجابا ً وتشجيعا ً لهم،فعن جابر بن أبي
سمرة رضي الله عنه قال":صليت مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم صلة الولى -أي الظهر -ثم خرج إلى أهله وخرجت معه
فاستقبله ولدان فجعل يمسح خدَّي أحدهم واحدا ً واحداً،قال:
"وأما أنا فمسح خدي فوجدت ليده بردا ً أو ريحا ً كأنما أخرجها
صلى الله عليه وسلم من جونة عطار"!!( )22
ز-إعطاؤه صلى الله عليه وسلم الهدايا للطفال "،فقد روى
مسلم عن أبي هريرة قال ":كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاءوا
به رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فإذا أخذه قال ":اللهم بارك
لنا في ثمرنا وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا وبارك لنا
دّنا" ،ثم يدعو أصغر وليد يراه فيعطيه ذلك الثمر!!!م ِ
في ُ
و -صلته صلى الله عليه وسلم وهو يحملهم ،فقد ثبت في
الصحيحين عن "قتادة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يصلي وهو حامل أُمامة بنت زينب بنت رسول الله ،وهي
َ
لبي العاص بن الربيع،فإذا قام حملها،وإذا سجد وضعها،فلما سل ّم
حملها .
ز -إحترامه-صلى الله عليه وسلم -للطفال ،ودعوته لعدم
الكذب عليهم ،فقد كان( الصغار يحضرون مجالس العلم والذكر
معه،حتى كان أحد الغلمان ذات يوم يجلس عن يمين النبي صلى
الله عليه وسلم،وعلى يساره الشياخ،فلما أتى النبي بشراب
شرب منه ،ثم قال للغلم":أتأذن لي ان أعطي هؤلء؟ فقال
الغلم ":ل يا رسول الله ،ل أوثر بنصيبي منك أحداً،فأعطاه له
النبي صلى الله عليه وسلم)!! ( )23
وعن عبد الله بن عامر رضي الله عنه ،قال":دعتني أمي ورسول
الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا فقالت ها تعال
أعطك"،فقال لها صلى الله عليه وسلم ":ما أردت أن تعطيه؟"
قالت "أعطيه تمرا" ،فقال لها أما أنك لو لم تعطِه شيئا كُتبت
عليك كذبة"
ح -وصيته صلى الله عليه وسلم بالبنات-حيث كان العرب
يئدونهن في الجاهلية -قائلً ":من كان له ثلث بنات فصبر على
لوائهن ،وضرائهن،وسرائهن دخل الجنة" فقال رجل ":و ثنتان يا
رسول الله؟" قال ":و ثنتان"،فقال آخر ":وواحدة؟" قال:
"وواحدة")( )24
ز -حرصه صلى الله عليه وسلم على إرشادهم إلى الصواب
وتصحيح مفاهيمهم وأخطائهم بالحكمة،وبصورة عملية لستئصال
الخطأ من جذوره ؛ ومن ذلك على سبيل المثال ل الحصر:
أن أحد أصحابه -صلى الله عليه وسلم -وكان مولى من أهل
ُ
فارس قال " :شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة أحد
فضربت رجل ً من المشركين فقلت":خذها مني وأنا الغلم
ي النبي وقال":هل قلت خذها مني وأنا الغلم الفارسي،فالتفت إل َّ
النصاري؟"
وهذا عبد الله بن عمر حين لم يكن يقوم الليل،فقال أمامه
الرسول صلى الله عليه وسلم":نِعم الرجل عبد الله ،لوكان
يصلي من الليل! فكان عبد الله بعد ذلك ل ينام من الليل إل
قليل"
ح -تعليمه صلى الله عليه وسلم لهم حفظ السرار"،فعن عبد
الله بن جعفر رضي الله عنه قال":أردفني رسول الله صلى الله
ى حديثا ل أحدث به أحدا ً من عليه وسلم ذات يوم خلفه ،فأسر إل َّ
ّ
الناس" ()25
ط -رفقه بخادمه "أنس بن مالك" رضي الله عنه،حيث كان
يناديه ب"يا بُني" أو" يا أُنيس"-وهي صيغة تصغير للتدليل -يقول
أنس ":خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين،والله ما
قال لي أف ،ول لِم صنعت ؟ ول أل صنعت؟"( )26
ك( -عقده صلى الله عليه وسلم المسابقات بين الطفال
مي مواهبهم ويرفع ه َّ
متهم ،ويعّزِز طاقاتهم شط عقولهم ،وين ِّ لين ّ ِ
المخبوءة ،فقد تصارع "سمرة" ،و"رافع" رضي الله عنهما أمام
رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أرادا الشتراك في جهاد
العداء فردهما رسول الله لصغر سنهما،فزكى الصحابة "سمرة"
لنه يحسن الرمي ،فأجازه صلى الله عليه وسلم ،فقال "رافع"
أنه يصارعه -أي أنه أقوى منه -رغم أنه ل يحسن الرمي،فطلب
الرسول الكريم منه أن يصارعه ،فدخل معًا مباراة للمصارعة
فصرعه رافع ،فأجازهما رسول الله صلى الله عليه وسلم!!
ل -رحمته -صلى الله عليه وسلم -بالحيوان،ومن المثلة على
ذلك:
* قصته مع الغزالة ،فقد روي عن أنس بن مالك انه قال :مر
رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم قد اصطادوا ظبية
فشدوها على عمود فسطاط فقالت :يا رسول الله إني أُخذت
ولي خشفان(رضيعان) فاستأذن لي أرضعهما وأعود إليهم فقال:
"أين صاحب هذه؟" فقال القوم :نحن يا رسول الله" ،قال:
ُ
"خل ّوا عنها حتى تأتى خشفيها ترضعهما وترجع إليكم" ،فقالوا من
لنا بذلك؟ قال "أنا" فأطلقوها فذهبت فأرضعت ثم رجعت إليهم
فأوثقوها فمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتراها
منهم وأطلقها.
**وقصته مع (الجمل الذي رآه صلى الله عليه وسلم حين دخل
بستانا ً لرجل من النصار،فإذا فيه جمل فما إن رأى النبي صلى
ن وذرفت عيناه فأتاه الرسول الكريم الله عليه وسلم حتى ح َّ
فمسح ذفراه فسكت،،فقال الرسول صلى الله عليه وسلم":من
رب هذاالجمل؟"
فقال فتى من النصار ":أنا يا رسول الله ،فقال له ":أل تتقي
الله في هذه البهيمة التي أملكك الله إياها؟! فإنه شكا إلي انك
تجيعه وتدئبه"( )27
***وهذا جمل آخر( كانت تركبه السيدة عائشة رضي الله عنها
لتروِّضه،فجعلت تذهب به وتجيء ،فأتعبته ،فقال لها صلى الله
عليه وسلم ":عليك بالرفق يا عائشة")( ) 28
...وهكذا إلى آخر الحكايات المروية عنه صلى الله عليه وسلم
المتاحة بكتب السيرة المعروفة،مما يناسب هذه المرحلة
العمرية.
وعلى الرغم من كل ذلك ؛فقد كان دائما ً يدعو ربه قائلً ":اللهم
خلُقي"!!! خلقي فح ِّ
سن ُ ت َ كما ح َّ
سن َ
ب -الكرم المحمدي:
(كان الكرم المحمدي مضرب المثال،فقد كان صلى الله عليه
حلة كان وسلم ل يرد سائل ً وهو يجد ما يعطيه،فقد سأله رجل ُ
يلبسها،فدخل بيته فخلعها ،ثم خرج بها في يده وأعطاها
إياه،وسأله رجل فأعطاه غنما ً بين جبلين،فلم يكن الرجل مصدقاً
،فأسرع بها وهو ينظر خلفه خشية أن يرجع النبي الكريم في
قوله،ثم ذهب إلى قومه فقال لهم ":يا قوم أسلموا فإن محمداً
يعطي عطاء من ل يخشى الفقر!"...وحسبنا في الستدلل على
كرمه صلى الله عليه وسلم حديث بن عباس الذي رواه البخاري
":قال بن عباس حين سئل عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ":كان رسول الله أجود الناس وكان أجود ما يكون في في
شهر رمضان،حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن ،فكان صلى الله
مرسلة" .عليه وسل أجود من الريح ال ُ
وفيما يلي بعض المثلة العجيبة على جوده وكرمه:
*أعطى الرسول الكريم العباس رضي الله تعالى عنه من الذهب
ما لم يُطِق حمله.
حليا وذهبا ً لما جاءه بهدية
**وأعطى معوذ بن عفراء ملء كفيه ُ
من ُرطب وقِثَّاء.
***جاءه رجل فسأله ،فقال له ما عندي شيء ولكن إبتع
علي(أي اشتر ما تحتاجه على حسابي وأنا أسدده عنك إن شاء
الله) فإذا جاءنا شيء قضيناه"!!) ()32
ج -الحلم المحمدي:
(كان الحلم -وهو ضبط النفس حتى ل يظهر منها ما يكره قولً
أو فعل عند الغضب -فيه صلى الله عليه وسلم مضرب
المثال،ولعل ذلك يظهر فيما يلي من المثلة:
جت وجنتاه صلى الله عليه وسلم وكُسرت ش َّ *ل َّ
ما ُ
سنَّتان الماميتان بالفك) يوم أُحد رفع يديه إلى رباعيته(ال ِ
السماء،فظن الصحابة أنه سيدعو على الكفار،ولكنه قال ":اللهم
اغفر لقومي فإنهم ل يعلمون" !!!
**ولما جذبه أعرابي برداءه جذبة شديدة حتى أثرت في صفحة
عنقه صلى الله عليه وسلم ،وقال العرابي ":إحمل لي على
بعيري هذين من مال الله الذي عندك ،فإنك لتحمل لي من مالك
م عليه صلى الله عليه وسلم ولم يزد أن قال": ومال أبيك"،حل ُ َ
المال مال الله وأنا عبده ويقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي"
فقال العرابي":ل" ،فقال النبي ":لم؟" قال لنك ل تكافيء
السيئة بالسيئة"،فضحك صلى الله عليه وسلم،ثم أمر أن يحمل
له على بعير شعير ،وعلى آخر تمر!!!
***لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم ضرب خادما ً ول امرأة
قط ،بهذا أخبرت عائشة رضي الله عنه ،فقالت ":ما رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم منتصرا ً من مظلمة ظُلمها
حرمة من محارم الله ،وما ضرب بيده شيئا قط قط،ما لم تكن ُ
إل أن يُجاهد في سبيل الله،وما ضرب خادما ً قط ول امرأة.
ج -العفو المحمدي:
(كان العفو -وهو ترك المؤاخذة ،عند القدرة على الخذ من
المسيء -من أخلق النبي صلى الله عليه وسلم،وقد أمره به
خذ العفوَ المولى تبارك وتعالى حين تنزل جبريل بالية الكريمةُ ":
مر بالعُرف وأعرِض عن الجاهلين" فسأله صلى الله عليه ْ
وَأ ُ
وسلم عن معنى هذه الية،فقال له ":حتى أسال العليم
الحكيم"،ثم أتاه فقال ":يا محمد إن الله يأمرك ان تصل من
قطعك،و وتعطي من حرمك ،وتعفو عمن ظلمك"
وقد امتثل صلى الله عليه وسلم لمر ربه،فنراه:
خيِّر بين أمرين إل اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً -فإن كان (ما ُ
إثما ً كان ابعد الناس عنه،كما قالت السيدة عائشة رضي الله
عنها.
ويتجسد عفوه حين تصدى له "غورث بن الحارث" ليفتك به
صلى الله عليه وسلم والرسول مطّرح تحت شجرة وحده
قائلً(نائما ً في وقت القيلولة) ،وأصحابه قائلون أيضاً ،وذلك في
غزوة ،فلم ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إل و غورث
قائم على رأسه ،والسيف مسلطا ً في يده،وهو يقول ":ما يمنعك
مني؟" فقال صلى الله عليه وسلم":الله"!! فسقط السيف من
يد غورث ،فأخذه النبي الكريم وقال ":من يمنعك مني؟" قال
خذ" ،فتركه وعفا عنه،فعاد إلى قومه فقال": غورث ":كُن خير آ ِ
جئتكم من عند خير الناس!"
ولما دخل المسجد الحرام صبيحة الفتح ووجد رجالت قريش -
الذين طالما كذَّبوه ،و أهانوه ،وعذبوا أصحابه وشردوهم-
جالسين مطأطئي الرؤوس ينتظرون حكم رسول الله صلى الله
عليه وسلم الفاتح فيهم،فإذا به يقول لهم ":يا معشر قريش ما
تظنون أني فاعل بكم؟" قالوا ":أخ كريم ،وابن أخ كريم"،قال":
إذهبوا فأنتم الطلقاء!!!" فعفا عنهم بعد أن ارتكبوا من الجرائم
في حقه وحق أصحابه ما ل يُحصى عدده!!!
ولما تآمر عليه المنافقون ليقتلوه وهو في طريق عودته من
تبوك إلى المدينة ،وعلم بهم وقيل له فيهم،عفا عنهم وقال ":ل
يُتحدَّث أن محمدا ً يقتل أصحابه!!! )( )33
وحين كان الكفار ينادونه ب" مذمم" بدل ً من "محمد" ،وغضب
أصحابه صلى الله عليه وسلم...كان يقول لهم ":دعوهم فإنما
يشتمون" مذمماً" ،وأنا "محمد"!!! ( )34
د -الشجاعة المحمدية:
(كان صلى الله عليه وسلم شجاع القلب والعقل معاً،فشجاعة
القلب هي عدم الخوف مما يُخاف منه عادةً،والقدام على دفع
مضي فيما هو ما يُخاف منه بقوة وحزم،أما شجاعة العقل فهي ال ُ
الرأي وعدم النظر إلى عاقبة المر،متى ظهر أنه الحق...فكان
صلى الله عليه وسلم أشجع الناس على الطلق!
،ومن أدلة ذلك أن الله تعالى كلفه بأن يقاتل وحده في قوله":
َ
ف إل نفسك،وحّرِض ل اللهِ ل تُكَل ّ ُ
فقاتِل في سبي ِ
المؤمنين"(النساء،)84 -ومن بعض أدلة ومظاهر شجاعته صلى
الله عليه وسلم ما يلي:
شهادة الشجعان البطال له بذلك،فقد قال علي بن أبي طالب
،وكان فارسا مغوارا ً من أبطال الرجال وشجعانهم ":كنا إذا
حدُق(جمع حدقة وهي حمي البأس (اشتدت المعركة)واحمرت ال ُ
بياض العين) نتقي برسول الله صلى الله عليه وسلم أي نتقي
الضرب والطعان"!!!
ُ
وهذا موقفه البطولي الخارق للعادة يوم أحد حيث ذهل عن
أنفسهم الشجعان،ووقف محمد صلى الله عليه و سلم كالجبل
الشم حتى لذ به أصحابه والتفوا حوله وقاتلوا حتى انجلت
المعركة بعد قتال مرير وهزيمة نكراء حلت بالقوم من جراء
مخالفتهم لكلمه صلى الله عليه وسلم ،
حنين حين انهزم أصحابه وفر رجاله لصعوبة مواجهة العدو وفي ُ
من جراء الكمائن التي نصبها وأوقعهم فيها ،وهم ل يدرون ...بقي
وحده صلى الله عليه وسلم في الميدان يطاول ويصاول وهو
على بغلته يقول ":أنا النبي ل كذب ..أنا ابن عبد المطلب"
ى عباد الله ! إل َّ
ي عباد الله" حتى ومازال في المعركة يقول ":إل َّ
أفاء أصحابه إليه وعاودوا الكرة على العدو فهزموهم في ساعة .
هذه بعض دلئل شجاعته القلبية ،أما شواهد شجاعته
العقلية،فنكتفي فيها بشاهد واحد ،فإنه يكفي عن ألف شاهد
ويزيد،وهو موقفه من تعنُّت "سهيل بن عمرو" وهو يملي وثيقة
صلح الحديبية ،حين تنازل صلى الله عليه وسلم عن العبارة"
بسم الله" إلى" باسمك اللهم"،وعن عبارة"محمد رسول الله"
إلى " محمد بن عبد الله" ،وقد استشاط أصحابه صلى الله عليه
وسلم غيظا،وبلغ بهم الغضب حدا ً ل مزيد عليه ،وهو صابر ثابت
حتى انتهت وكانت بعد أيام فتحا ً مبينا؛ فضرب صلى الله عليه
وسلم بذلك أروع مثل في الشجاعة وبعد النظر وأصالة وإصابة
الرأي) ( )35
هـ -الصبر المحمدي :
(كان الصبر -وهو حبس النفس على طاعة الله تعالى حتى ل
تفارقها،وعن معصية الله تعالى حتى ل تقربها،وعلى قضاء الله
خلق محمد صلى الله تعالى حتى ل تجزع له ول تسخط عليه -هو ُ
عليه وسلم،فقد صبر وصابر طيلة عهد إبلغ رسالته الذي دام
ل عن دعوته وإبلغ ثلثا ً وعشرين سنة،فلم يجزع يوماً ،ولم يتخ َّ
رسالته حتى بلغ بها الفاق التي شاء الله تعالى أن
تبلغها،وباستعراض المواقف التالية تتجلى لنا حقيقة الصبر
المحمدي الذي هو فيه أسوة كل مؤمن ومؤمنة في معترك
الحياة:
صبره صلى الله عليه وسلم على أذى قريش طوال فترة
بقاءه بينهم بمكة ،فقد ضربوه وألقوا روث الجزور على ظهره ،
وسبوه واتهموه بالجنون مرة وبأنه ساحر مرة ،وبأنه كاهن مرة،
وبأنه شاعر مرة ،وعذبوا أصحابه وحاصروه معهم ثلث سنوات
مع بني هاشم في شعب أبي طالب ،وحكموا عليه بالعدام
َ
وبعثوا رجالهم لتنفيذ الحكم إل أن الله عز وجل سل ّمه وعصم
دمه.
و صبره صلى الله عليه وسلم عام الحزن حين ماتت خديجة
الزوجة الحنون التي صدقته حين كذبه الناس ،وآوته حين طرده
الناس ،وأعطته حين حرمه الناس ،وواسته حين اتهمه
الناس...وصبره حين مات العم الحاني الحامي المدافع عنه ،فلم
توهن هذه الرزايا من قدرته وقابل ذلك بصبر لم يعرف له في
تاريخ البطال مثيل و ل نظير.
ُ
وصبره في كافة حروبه في بدر وفي أحد وفي الخندق وفي
الفتح وفي حنين وفي الطائف حين حاربته البلدة كلها ،وفي تبوك
فلم يجبن ولم ينهزم ولم يفشل ولم يمل ،حتى خاض حروبا عدة
وقاد سرايا عديدة ،فقد عاش من غزوة إلى أخرى طيلة عشر
سنوات !!! فأي صبر أعظم من هذا الصبر؟!!
و صبره صلى الله عليه وسلم على الجوع الشديد،فقد مات
صلى الله عليه وسلم ولم يشبع من خبز الشعير مرتين في يوم
واحد قط!!!وهو الذي لو أراد أن يملك الدنيا لملكها ولكنه آثر
الخرة ونعيمها)( )36
الرحمة المحمدية
كان صلى الله عليه وسلم يرحم الناس( رحمة القوياء الباذلين
وليست رحمة الضعفاء البائسين،وكان يمارسها ممارسة مؤمن
بها ،متمضخ بعطرها ،مخلوق من عجينتها)( )37حتى أن ربه قال
عن رحمته صلى الله عليه وسلم لسائر الخلق"وما أرسلناك إل
ة للعالمين"،وقال عن رحمته للمؤمنين خاصة ":بالمؤمنين رحم ً
ف رحيم"رؤو ٌ
وحين أوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة فخرج إلى
الطائف،وقف أهلها في صفين يرمونه بالحجارة ،فدميت قدماه
الشريفتان ،وشكا إلى الله تعالى ضعف قوته وقلة حيلته وهوانه
على الناس ...فنزل جبريل عليه السلم ( ،وقال يا محمد ":لو
شئت أن أطبق عليهم الخشبين "جبلين بمكة" لفعلت" ،فقال
له رسول الرحمة والتسامح ":ل ،لعل الله يخرج من بين
ظهرانيهم من يعبد الله ل يشرك به شيئا" ،و قد صحت نظرة
الرحمة والحلم المحمدية ،ودخل الناس في هذه الماكن وغيرها
في دين الله أفواجا !!!
وكان صلى الله عليه وسلم رحيما ً حتى في مقاتلته لعداء
دينه،فقد كان يوصي جيشه المقاتل بأل يضرب إل من يضربه أو
يرفع عليه السلح ،وكان يقول" ل تقتلوا امرأة ول وليدا ً ول
شيخا ول تحرقوا نخيل ول زرعا ،كما كان يحرص على عدم
التمثيل بهم أو المبالغة في إهانتهم،فيقول":إجتنبوا الوجوه ول
تضربوها"!! )( )38
(وورد في البخاري مما رواه أنس رضي الله عنه أن غلما ً يهودياً
كان يخدم الرسول صلى الله عليه وسلم ،فلما مرض،عاده
الرسول الكريم فقعد على رأسه وقال له ":أسلِم " فنظر إلى
أبيه و هو عنده،فقال":أطع أبا القاسم" ،فأسلم الغلم ،فخرج
النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول ":الحمد لله الذي أنقذه
من النار"!!)( )39
وكان صلى الله عليه وسلم يوصي بالضعفاء رحمة بهم ،فنراه
مكَرم"؛يوصي باليتامى قائل ":خير البيوت بيت فيه يتيم ُ
وبالنساء قائلً:
خلقن من ضلع أعوج"؛وبما " إستوصوا بالنساء خيرا فإنهن ُ
ملكت اليمان(،فنجد آخر كلماته صلى الله عليه وسلم حين
حضرته الوفاة:
" الصلة ،وما ملكت أيمانكم،حتى جعل يغرغر بها صدره وما يكاد
يفيض بها لسانه!!!) ( )40
ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته( أنه كان يتلو قول الله
من تَبِعني ضلَلْن كثيرا ً من الناس فَ َ تعالى في إبراهيم ":رب إنَّهُ َّ
نأ ْ
من عصاني فإنك غفوٌر رحيم" فإنَّه ِ
منِّي و َ
،وقول عيسى ":إن تعذِّبهُم فإنَّهم عبادُك وإن تغفرلهم فإنك أن َ
ت
العزيُز الحكيم"
فرفع يديه قائلً ":اللهم أمتي أمتي" وبكى،فقال الله عز وجل-
وهو أعلم ":-يا جبريل إذهب إلى محمد فسله ":ما يبكيك؟"
فاتاه جبريل فسأله ،فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم ،فقال
الله تعالى ":يا جبريل إذهب إلى محمد فقل له ":إنا سنرضيك
في أمتك ولن نسوؤك")( )41
الوفاء المحمدي
(كان وفاؤه صلى الله عليه وسلم باهراً،فقد كان وفيا ً لربه،ووفياً
لحاضنته،ووفيا ً لزوجاته،ووفيا ً لصحابه ،ووفيا لسائر الكائنات.
فقد سألته السيدة عائشة يوما ً حين كان يقوم الليل حتى
تورمت قدماه لماذا يجهد نفسه بهذا الشكل وقد غفر الله تعالى
له ما تقدم من ذنبه وما تأخر،فكان رده صلى الله عليه وسلم":
أفل أكون عبدا ً شكورا"؟!!!!
ف عليه الصلة(وذات يوم زارته بالمدينة سيدة عجوز فخ َّ
والسلم للقائها في حفاوة بالغة ،وغبطة حافلة ،وأسرع فجاء
ببردته النفيسة وبسطها على الرض لتجلس عليها العجوز؛ وبعد
انصرافها سألته عائشة رضي الله عنها عن سر حفاوته بها
فقال ":إنها كانت تزورنا أيام خديجة"!!!
وبين غرفته بالمسجد ومكان المنبر حيث كان يؤم المسلمين
في الصلة بضع خطوات ..كان يقطعها كل يوم عند كل صلة
ولقد أحب هذه المتار من الرض لنها كانت ممشاه إلى الله،
وإلى قرة عينه الصلة ،ولقد أخذه الحب لها والوفاء حتى أكرمها
َ
وأجل ّها وقال ":ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة"!!!)(
)42
ومن أحلى الوقات لرواية هذه القصص لطفالنا عنه صلى الله
عليه وسلم ،وأكثرها تأثيرا ً في النفس هو وقت ما قبل النوم ،
حين تنطفىء النوار -أو تكون خافتة -ويكون الطفل مهيئاً
للستماع والتخيل ،ومن ثم التفكير فيما يسمع.
فإن لم يستطع الوالدان أن يصحبوا أطفالهم في هذه الروضة
المحمدية ليتنسموا عبق الرياحين و الزهار ،ويقتطفوا من
أطايب الثمار ،فيمكنهما أن يسمعا معهم -بالسيارة -وهم في
الطريق إلى النزهة السبوعية مثل ً أشرطة "الخلق " للستاذ
عمرو خالد التي تتكلم -بأسلوب واضح يفهمه الكبار والصغار-
خلق لدي الرسول عن شتى الخلق السلمية ،ومظاهر كل ُ
الكريم.
ولعله من المفيد الشارة إلى أن تعليم أخلق الرسول الكريم
جهون في لطفالنا قد يخلق لهم مشكلة وهي أنهم سيوا َ
المجتمع بمن يتصرفون بعكس هذه الخلق،فيرون أقرانهم
يكذبون ،ويغشون ،ويتكبرون ،ويتنابزون باللقاب ،ويغضبون لتفه
السباب ...بل والسوأ من ذلك أن هؤلء القران قد يتعاملون
معهم على أنهم ضعفاء أو أغبياء لتمسكهم بهذه الخلق!!! مما
يسبب لهم إحباطا واضطرابا ً وعدم ثقة فيما تعلموه من والديهم
...وقد يتسبب هذا-أحياناً -في أن يندم الوالدان على تربية
دّر الخلق ...لكن كاتبة أولدهم على الخلق في زمن ل يق ِ
مر،وذلك المدخل من السطور تحذِّر من هذا الحساس المد ِّ
مداخل الشيطان على المؤمن ،وتؤكد أن ما فعله الوالدان هو
الصحيح ،والدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ":
أقربكم مني مجلسا ً يوم القيامة أحاسنكم أخلقاً" فإذا كنا قد
َ
عل ّمناهم الخلق ابتغاء مرضاة الله تعالى ،فلبد من أن نوقن
في أنه سبحانه سيجعل لهم فرجا و مخرجا؛ وأن النصر في
النهاية سيكون -بإذن الله -حليفهم ،إن لم يكن في الدنيا ففي
الخرة.
مقدمة المؤلف
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهده الله فل مضل له ،ومن
يضلل فل هادي له ،وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له،
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،أرسله بالهدى ودين الحق
ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا.
أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا ،وداعيا إلى الله بإذنه
وسراجا منيرا ،فهدى به من الضللة ،وبصر به من العمى ،وأرشد
به من الغي ،وفتح به أعينا عميا ،وآذانا صما ،وقلوبا غلفا ،فبلغ
الرسالة وأدى المانة ،ونصح المة ،وجاهد في الله حق جهاده،
وعبد ربه حتى أتاه اليقين من ربه ،صلى عليه وعلى آله وسلم
تسليما.
أما بعد :فما من بناء إل وله أصل وأساس يقوم عليه ،وإن أساس
بناء دين السلم يقوم على أصلين هما:
أ -عبادة الله وحده ل شريك له.
-2اليمان برسوله صلى الله عليه وسلم
وهذا حقيقة قول "ل إله إل الله محمد رسول الله" فمن خرج
عن واحد منهما فل عمل له ول دين.
ومن أجل ذلك فإن من المتعين على كل مسلم أن يعرف ما يدل
عليه كل واحد من هذين الصلين وما يشتمل عليه من أمور
وأحكام ،معرفة تخرجه من حد الجهل على أقل الدرجات ،وأن
يلتزم بذلك اعتقادا وقول وعمل لينال بذلك الفوز والسعادة في
الحياة الدنيا وبعد الممات.
وهذه الرسالة موضوعها الصل الثاني من أصلي هذا الدين وقد
سميتها:
"حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في ضوء الكتاب
والسنة"
وقد دفعني إلى اختيار هذا الموضوع أهميته بالدرجة الولى فهو
كما أسلفت يُعنى بأحد أصلي الدين "شهادة أن محمدا رسول
الله"
فمن المهم والمفيد أن تبحث جوانب هذا الصل وتعرف وتعرض
وفق ما جاءت بذلك نصوص القرآن والسنة ووفق ما كان عليه
سلفنا الصالح رضوان الله عنهم أجمعين.
وبخاصة أننا نعيش في زمان قد حاد فيه كثير من الناس عن
جادة الصواب في هذا الصل واضطربوا اضطرابا شديدا.
فتجلية المر وتوضيح الصواب وبيان الحق في هذا الصل من
الواجبات المتعينة على طلبة العلم في هذا الزمان ،نظرا لعدم
توفر كتاب بعينه يكون شامل لجميع جوانب هذا الموضوع
وتطمئن له النفس من جهة سلمة ما احتواه يمكن إحالة عامة
الناس عليه.
فرأيت أن من الرأي القويم أن أكتب في هذا الموضوع لجمع
فيه ما تفرق وأرتب ما تشتت ،وأشرح ما يحتاج إلى شرح ،وذلك
وفق ما كان عليه منهج سلفنا الصالح من العتماد على نصوص
الكتاب والسنة ونقل كلم الصحابة والتابعين وأئمة هذا الدين
رضي الله عنهم أجمعين.
فأرجو أن أكون قد وفقت في عرض هذا الموضوع على الوجه
المطلوب ،كما وفقت في حسن الختيار أول.
عملي في هذا الكتاب:
ويتلخص عملي في النقاط التالية:
-1جمعت المادة العلمية المتعلقة بالموضوع من آيات قرآنية
وأحاديث نبوية وآثار مروية عن سلف المة ،ونقول وأقوال
للمتقدمين ،والمتأخرين مما له صلة بالموضوع.
-2قسمت ما جمعت على أبواب الرسالة وفصولها ومباحثها
ومطالبها ومسائلها ونقاطها ،فرتبت ما تشتت وجمعت ما تفرق
واختصرت وانتقيت مما توسع فيه حسب ما يقتضيه المقام
وتدعو إليه الحاجة.
-3جعلت اليات القرآنية بين قوسين هكذا { } وأشرت في
الحاشية إلى رقم تلك الية والسورة التي وردت فيها.
-4جعلت الحاديث النبوية بين فاصلتين مزدوجتين " " مع تخريج
كل حديث أوردته حسب ما يقتضيه المقام ،وفي حالة ورود
الحديث في الصحيحين أو أحدهما أكتفي بذلك عن عزوه إلى
غيرهما.
-5عزوت الثار المروية عن الصحابة والتابعين وأئمة هذا الدين
إلى مصادرها بحسب ما وقفت عليه منها.
-6شرحت بعض الكلمات الغريبة معتمدا في ذلك على كتب
غريب الحديث وشروحه والمعاجم اللغوية.
ل -وثقت النقول والقوال والراء من المصادر والمراجع التي
نقلتها منها وذلك بذكر الجزء والصفحة ،وما تصرفت فيه أشرت،
إلى ذلك بعبارة "بتصرف" في أغلب الحيان.
-8ترجمت للعلم الوارد ذكرهم في الرسالة عند أول موضع يرد
فيه ذكر العلم.
-9وضعت فهارس للمور التالية:
فهرس اليات القرآنية. -1
فهرس الحاديث المرفوعة والموقوفة. -2
فهرس للثار على ترتيب أصحابها. -3
فهرس للكلمات الغريبة والمواطن والفرق. -4
فهرس للعلم المترجم لهم. -5
فهرس للمصادر والمراجع. -6
فهرس لموضوعات الرسالة. -7
وبعد :فهذا جهد المقل وأستسمح القارئ الكريم عذرا إذا ما وجد
في عملي هذا تقصيرا ،فهذا جهد بشر ،والمرء يستحضر في هذا
المقام قول القائل" :إني رأيت أنه ل يكتب إنسان كتابا في يوم
إل قال في غده :لو غير هذا لكان أحسن ،ولو زيد كذا لكان
يستحسن ،ولو قدم هذا لكان أفضل ،ولو ترك هذا لكان أجمل،
وهذا من أعظم العبر ،وهو دليل على استيلء النقص على جملة
البشر"[ ]1وفي الختام :أتوجه بالشكر إلى الله تعالى الذي سهل
لي أمر إعداد هذه الرسالة بفضل منه وتوفيق ،وأسأله سبحانه
أن يجعل عملنا هذا خالصا لوجهه وأن ينفعنا بما علمنا إنه على
كل شيء قدير.
ومن ثم أشكر فضيلة الشيخ حماد بن محمد النصاري المشرف
على هذه الرسالة على بذله من جهد وعون وتوجيه في إعدادها
فجزاه الله خيرا ،وكذلك كل من بذل المساعدة لي في إنجازها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
تمهيد:
الحمد لله الذي أكمل لنا ديننا ،وأتم علينا نعمته ،ورضي لنا
السلم دينا ،وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له ،وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله ،أرسله بالدين القيم ،والملة الحنيفية،
وجعله على شريعة من المر ،أمر باتباعها ،وأمره بأن يقول {قُ ْ
ل
َ َ َ
ن اتَّبَعَنِي}[ ]2صلى م ِ صيَرةٍ أنَا وَ َ سبِيلِي أدْع ُو إِلَى الل ّهِ ع َلَى ب َ ِ هَذِهِ َ
الله عليه وعلى آله وسلم تسليما.
وبعد :فإن الله عز وجل لم يخلق الخلق عبثا قال تعالى
َ {أَفَحسبت َ
ن}[.]3 جعُو َ م إِلَيْنَا ل تُْر َ م ع َبَثا ً وَأنَّك ُ ْ خلَقْنَاك ُ ْ ما َ م أن َّ َ َ ِ ُْ ْ
بل خلقهم لغاية ذكرها في كتابه الكريم في أكثر من موضع فقال
خلَق ال ْموت وال ْحياة َ لِيبلُوك ُم أَيُك ُ َ َ
ملً}]4[. ن عَ َ س ُ ح َ مأ ْ َْ َ ْ ّ ْ تعالى{ :ال ّذِي َ َ َ ْ َ َ َ َ
َ َ َ خلَقَ ال َّ َ
ست ّةِ أي َّ ٍ
ام ض فِي ِ ت وَالْر َ ماوَا ِ س َ وقال تعالى{ :وَهُوَ ال ّذِي َ
شه ع َلَى ال ْماءِ لِيبلُوك ُم أَيُك ُ َ
ملً}]5[. ن عَ َ س ُ ح َ مأ ْ َْ َ ْ ّ ْ َ ن عَْر ُ ُ وَكَا َ
َ
ن}[]6 س إِل ّ لِيَعْبُدُو ِ ن وَالِن ْ َ ج َّت ال ْ ِ خلَقْ ُ ما َ وقال تعالى {وَ َ
فالحكمة من خلقه للخلق هي اختبارهم وابتلؤهم ليجزي
المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته .فهذه هي الحكمة من
خلقهم أول وبعثهم ثانيا .ولذلك لم يتركهم همل ،بل أرسل إليهم
رسله ،فكان من سنة الله تبارك وتعالى مواترة الرسل وتعميم
الخلق بهم ،بحيث يبعث في كل أمة رسول ليقيم هداه وحجته
َ َ ل أ ُ َّ
ن اع ْبُدُوا الل ّ َ
ه سول ً أ ِ مةٍ َر ُ كما قال تعالى{ :وَلَقَد ْ بَعَثْنَا فِي ك ُ ِّ
َ
شيراً َ
ق بَ ِ ح ِّ ك بِال ْ َ سلْنَا َ ت}[ ،]7وقال تعالى {إِنَّا أْر َ جتَنِبُوا الط ّاغُو َ وَا ْ
سلْنَا َ َ ُ
م أْر َ خل فِيهَا نَذِيٌر}[ ،]8وقال تعالى {ث ُ َّ مةٍ إِل ّ َ ن أ َّ م ْ ن ِ وَنَذِيرا ً وَإ ِ ْ
َ
ن لِئَل ّ يَكُو َ
ن منْذ ِ ِري َ ن وَ ُ شرِي َ َ مب َ ّ ِ سل ً ُ سلَنَا تَتَْرا}[ ،]9وقال تعالى {ُر ُ ُر ُ
َ
حكِيما}[]10 ه ع َزِيزا ً َ ن الل ّ ُ ل وَكَا َ س ِ ة بَعْد َ الُّر ُ ج ٌ ح َّس ع َلَى الل ّهِ ُ لِلن ّا ِ
َ
فالرسل هم الواسطة بين الله عز وجل ودون خلقه في تبليغ
أمره ونهيه وإرشاد العباد إلى ما فيه صلح معاشهم ومعادهم.
وإن الله تبارك وتعالى جعل محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم
النبيين ،وأرسله للناس أجمعين ،وأكمل له ولمته الدين ،وبعثه
على حين فترة من الرسل وظهور الكفر وانطماس السبل ،فأحيا
به ما درس من معالم اليمان ،وقمع به أهل الشرك والكفر من
عبدة الوثان والنيران والصلبان ،وأذل به كفار أهل الكتاب ،وأهل
الشرك والرتياب ،وأقام به منار دينه الذي ارتضاه ،وشاد به ذكر
من اجتباه من عباده واصطفاه.
فالله سبحانه وتعالى أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم للناس
ك إلَّ َ
سلْنَا َ ِ ما أْر َ {و َ
رحمة وأنعم به نعمة يا لها من نعمة :قال تعالى َ
ن}[]11 َ مي ة لِلْعَال َ ِ م ًح َ َر ْ
َ َ َ
ت الل ّهِ كُفْراً}[ ]12وهم م َ ن بَدَّلُوا نِعْ َ م تََر إِلَى ال ّذِي َ وقال تعالى {أل َ ْ
الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ،فإرساله أعظم
نعمة أنعم الله به على عباده.
فقد جمع الله لهذه المة بخاتم النبيين وإمام المتقين وسيد ولد
آدم أجمعين ما فرقه في غيرهم من الفضائل ،وزادهم من فضله
أنواع الفواضل ،بل أتاهم كفلين من رحمته ،كما قال تعالى {يَا
َ َ َ
ه
مت ِ ِ
ح َ
ن َر ْ م ْ ن ِ
ِ م كِفْلَي ْ
سولِهِ ي ُ َؤ ْتِك ُ ْ منُوا بَِر ُ ه وَآ ِمنُوا اتَّقُوا الل ّ َ نآ َ أيُّهَا ال ّذِي َ
حيم ،لِئَلَّ
ه غَفُوٌر َر َ ِ ٌ م وَالل ّ ُ ن بِهِ وَيَغْفِْر لَك ُ ْ شو َ م ُم نُورا ً ت َ ْ ل لَك ُ ْ جعَ ْ وَي َ ْ
َ
ل الل ّهِ وَأ َّ ن ع َلَى َ َ َ َ
ن ن فَ ْ
ض ِ م ْ يءٍ ِ ش ْ َ
ب أل ّ يَقْدُِرو َ ل الْكِت ََا ِ م أه ْ ُ يَعْل َ َ
ل الْعَظِيمِ}[.]13 ض ِه ذ ُو الْفَ ْ شاءُ وَالل ّ ُن يَ َ م ْ ه يُؤْتِيهِ َ ل بِيَد ِ الل ّ ِض َ الْفَ ْ
وقال صلى الله عليه وسلم" :إنما أجلكم -في أجل من خل من
المم -ما بين صلة العصر إلى مغرب الشمس ،وإنما مثلكم
ومثل اليهود والنصارى كرجل استعمل عمال فقال من يعمل لي
إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ ،فعملت اليهود إلى نصف
النهار على قيراط قيراط ،ثم قال :من يعمل لي من نصف النهار
إلى صلة العصر على قيراط قيراط؟ ،فعملت النصارى من
نصف النهار إلى صلة العصر على قيراط قيراط ،ثم قال :من
يعمل لي من صلة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين
قيراطين؟ ،أل فأنتم الذين يعملون من صلة العصر إلى مغرب
الشمس على قيراطين قيراطين ،أل لكم الجر مرتين ،فغضبت
اليهود والنصارى ،فقالوا :نحن أكثر عمل وأقل عطاء ،قال الله:
هل ظلمتكم من حقكم شيئا؟ قالوا :ل ،قال :فإنه فضلي أعطه
من شئت"[. ]14
"وقد خص الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم بخصائص
ميزه الله بها على جميع النبياء
والمرسلين ،وجعل له شرعة ومنهاجا -أفضل شرعة وأكمل
منهاج مبين -كما جعل أمته خير أمة أخرجت للناس ،فهم يوفون
سبعين أمة هم خيرها وأكرمها على الله[ ]15من جميع الجناس،
هداهم الله بكتابه ورسوله لما اختلفوا فيه من الحق قبلهم
وجعلهم وسطا عدل خيارا ،فهم وسط في توحيد الله وأسمائه
وصفاته ،وفي اليمان برسله وكتبه وشرائع دينه من المر والنهي
والحلل والحرام ،فأمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر ،وأحل
لهم الطيبات وحرم عليهم الخبائث ،فأخرجهم بذلك من الظلمات
إلى النور فحصل لهم ببركة رسالته ويمن سفارته خير الدنيا
والخرة.
فلقد هدى الله الناس ببركة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
وبما جاء به من البينات والهدى هداية جلت عن وصف الواصفين
وفاقت معرفة العارفين ،حتى حصل لمته المؤمنين به عموما،
ولولي العلم منهم خصوصا من العلم النافع ،والعمل الصالح،
والخلق العظيمة ،والسنن المستقيمة ،ما لو جمعت حكمة سائر
المم علما وعمل -الخالصة من كل شوب -إلى الحكمة التي بعث
بها لتفاوتا تفاوتا ً يمنع معرفة قدر النسبة بينهما فللّه الحمد والمنة
كما يحب ربنا ويرضى"[.]16
فهو المبعوث بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا
وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ،فكمل الله به الرسالة وهدى
به من الضللة وعلم به من الجهالة وفتح برسالته أعينا عميا،
وآذانا صما ،وقلوبا غلفا ،فأشرقت برسالته الرض بعد ظلماتها،
وتألفت به القلوب بعد شتاتها ،فأقام بها الملة العوجاء وأوضح بها
المحجة البيضاء ،فبين عن طريقه صلى الله عليه وسلم الكفر
من اليمان ،والربح من الخسران ،والهدى من الضلل ،وأهل
الجنة من أهل النار ،والمتقين من الفجار ،فهو المبعوث رحمة
للعالمين ،ومحجة للسالكين وحجة على الخلئق أجمعين .ولقد
نوه الله عز وجل في كتابه الكريم بهذه النعمة العظمى التي
امتن بها على هذه المة في آيات كثيرة منها:
َ َ
سولً م َر ُ ث فِيهِ ْ ن إِذ ْ بَعَ َ منِي َ مؤ ْ ِ ه ع َلَى ال ْ ُ ن الل ّ ُ م ّ قوله تعالى{ :لَقَد ْ َ
ب وَال ْ ِ م َ
ة
م َ حك ْ َ م الْكِتَا َ مهُ ُ م وَيُعَل ِّ ُ م آيَاتِهِ وَيَُزكِّيهِ ْ م يَتْلُو ع َلَيْهِ ْ سهِ ْ ن أنْفُ ِ ِ ْ
ن}[]17 مبِي ٍُ ل ُ ضل ٍ ل لَفِي َ ن قَب ْ ُ م ْ ن كَانُوا ِ وَإ ِ ْ
َ
م يَتْلُو ع َلَيْهِ ْ
م منْهُ ْسول ً ِ ن َر ُ ميِّي َ ث فِي اْل ِّ وقال تعالى{ :هُوَ ال ّذِي بَعَ َ
ل لَفِي ن قَب ْ ُ م ْ ن كَانُوا ِ ة وَإ ِ ْ م َ حك ْ َ ب وَال ْ ِ م الْكِتَا َ مهُ ُ م وَيُعَل ِّ ُ آيَاتِهِ وَيَُزكِّيهِ ْ
م،حكِي ُ م وَهُوَ الْعَزِيُز ال ْ َ ح َقُوا بِهِ ْ ما يَل ْ َ م ل َ َّ منْهُ ْ ن ِ خري َ نَ ،وَآ َ ِ مبِي ٍ ل ُ ضل ٍ َ
ل الْعَظِيمِ}[]18 ض ِ ه ذ ُو الْفَ ْ شاءُ وَالل ّ ُ ن يَ َ م ْ ه َ ل الل ّهِ يُؤ ْتِي ِ ض ُك فَ ْ ذَل ِ َ
َ
م آيَاتِنَا م يَتْلُو ع َلَيْك ُ ْ منْك ُ ْ سول ً ِ م َر ُ سلْنَا فِيك ُ ْ ما أْر َ وقال تعالى{ :ك َ َ
م تَكُونُوا ما ل َ ْ
م َ مك ُ ْ ة وَيُعَل ِّ ُ م َحك ْ َ ب وَال ْ ِ م الْكِتَا َ م وَيُعَل ِّ ُ
مك ُ ُ وَيَُزكِّيك ُ ْ
َ
ن}[]19 شكُُروا لِي وَل تَكْفُُرو ِ م وَا ْ ن ،فَاذ ْكُُرونِي أذ ْكُْرك ُ ْ مو َ تَعْل َ ُ
َ
مما ع َنِت ُّ ْ م ع َزِيٌز ع َلَيْهِ َ سك ُ ْ ن أنْفُ ِ م ْ ل ِ سو ٌ م َر ُ جاءَك ُ ْ وقال تعالى{ :لَقَد ْ َ
م}[]20 حي ٌ ف َر ِ ن َرؤ ُو ٌ منِي َ مؤ ْ ِ م بِال ْ ُ ص ع َلَيْك ُ ْ حرِي ٌ َ
وإنما كان إرساله صلى الله عليه وسلم إلى الناس أعظم منة
امتن بها على عباده لن في ذلك تخليص من وفقه الله وهداه
منهم من العذاب السرمدي ،وذلك بسبب اليمان بالله ورسوله
والبتعاد عن كل ما يوجب دخول النار والخلود فيها.
ولذلك فإن الناس أحوج ما يكونون إلى اليمان بالرسول صلى
الله عليه وسلم والخذ بما جاء به من الدين فهم أحوج إلى ذلك
من الطعام والشراب بل ومن نفس الهواء الذي يتنفسونه ،فإنهم
متى فقدوا ذلك فالنار جزاء من كذب بالرسول وتولى عن طاعته
َ صلهَا إِل َّ ال َ ْ َ َ
شقَى ال ّذِي م نَارا ً تَلَظ ّى ،ل ي َ ْ كما قال َتعالى{ :فَأنْذَْرتُك ُ ْ
ب وَتَوَل ّى}[ ]21أي كذب به وتولى عن طاعته ،فهم محتاجون كَذ َّ َ
إلى اليمان بالرسول وطاعته والخذ بما جاء به واللتزام بذلك
في كل مكان وزمان ليل ونهارا ،سفرا وحضرا سرا وعلنية.
ولما كانت منزلة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه بهذه
المرتبة وكانت حاجة الناس إليه بهذه الدرجة ،فقد أوجب الله
لنبيه صلى الله عليه وسلم على هذه المة جملة من الحقوق
والواجبات تنظم العلقة التي تربطهم به تنظيفا دقيقا ل لبس فيه
ول اشتباه.
وهذه الحقوق منها ما يتصل بجانب الرسالة التي بعث بها ،ومنها
ما يتعلق بخاصة شخص الرسول صلى الله عليه وسلم تفضيل
وتكريما من الله له.
وقد وردت في شأن تلك الحقوق نصوص كثيرة في كتاب الله
صلت وبيَّنت ضحت وف َّ عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم و َّ
جوانب تلك الحقوق.
وهذه الحقوق في جملتها هي الصل الثاني من أصلي الدين كما
يدل عليه قولنا "أشهد أن ل إله إل الله وأشهد أن محمدا رسول
الله".
ولذا فقد كان لزاما على كل من ينطق بهذه الشهادة ،ويدين الله
بهذا الدين أن يحيط بتلك الحقوق معرفة ،ويلتزم بها اعتقادا
وقول وعمل ،فذلك عقد من عقود اليمان الذي ل يحصل إيمان
العبد إل به.
ومما يؤسف له أن كثيرا من المسلمين اليوم هم على درجة
كبيرة من الجهل بهذه الحقوق فتراهم لذلك على طرفي نقيض
هذا المقام:
-فإما مقصر عن القيام بهذه الحقوق التي أوجبها الله على المة
فتراه ل يقيم لها وزنا ول يلقي لها بال.
-وإما غال مبتدع منكب على ما ابتدعه ،يظن أنه بما يفعله من
أمور مبتدعة في هذا المقام قد أحسن صنعا وأنه مؤد لما أوجبه
الله من حق لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وكل الطرفين
صاحب حال مذموم غير محمود .فلما كان عامة أصحاب هذين
الطرفين إنما أوقعهم فيما هم فيه ،جهلهم بمعرفة تلك الحقوق
على الوجه المطلوب شرعا.
ولما كانت هذه الحقوق هي من جملة هذا الدين الذي تعبدنا الله
به ،فكان ل بد فيها من توفر شرطي القبول:
أ -الخلص.
-2الصواب (التباع).
صالِحا ً وَل
مل ً َ جوا لِقَاءَ َربِّهِ فَلْيَعْ َ
م ْ
ل عَ َ ن كَا َ
ن يَْر ُ م ْ كما قال تعالى {فَ َ
حداً}[]22 ك بعِبادة رب َ
هأ َ شرِ ْ ِ َ َ ِ َ ِّ ِ
يُ ْ
فقد أحببت أن أوضح تلك الحقوق النبوية وفق ما جاءت بذلك
النصوص الشرعية ،وما كان عليه سلف هذه المة وأئمتها ،عسى
أن يكون في هذا البيان والتوضيح تعليم للجاهل ،وتذكير للغافل،
وتحذير وردع للمبتدع ،ومدارسة للعارف.
فأسأل الله عز وجل التوفيق والرشاد وأن يرزقنا التمسك بسنة
نبيه صلى الله عليه وسلم والسير على هديه والتأسي به ،وأن
يشرح لذلك صدورنا وينير قلوبنا إنه جواد كريم وعلى كل شيء
قدير.
الباب الول :وجوب اليمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وطاعته
واتباع سنته.
الفصل الول :وجوب اليمان بالنبي صلى الله عليه وسلم.
المبحث الول :تعريف اليمان وبيان معنى شهادة أن محمدا
رسول الله.
المطلب الول :تعريف اليمان عموما.
القسم الثاني :من نواقض اليمان بالنبي صلى الله عليه وسلم:
الطعن فيما أخبر به الرسول ل -مما هو معلوم من الدين
بالضرورة -إما بإنكاره أو انتقاصه.
فإذا اجتمعت الشروط التالية في المنكر وهي:
أ -أن يكون ذلك المر المنغص من المور التي أجمعت عليها
المة وأن يكون من المور المعلومة من الدين بالضرورة :أي أن
يكون علمه منتشرا كالصلوات الخمس وصوم شهر رمضان،
وعموم رسالته[.]158
ب -أن ل يكون المنكر حديث عهد بالسلم ل يعرف حدوده فهذا
إذا أنكر شيئا من المور المعلومة من الدين بالضرورة جهل به
فانه ل يكفر[.]159
منكِر مكرها على ذلك ،فإن المكره له حكم آخر ج -أن ل يكون ال ُ
كما قدمنا ذلك.
منكِر في هذه الحالة يحكم بكفره وانتقاض إيمانه .والمنتقص وال ُ
لمور الدين إذا كان غير مكره فإنه يكفر سواء كان جادا في ذلك
أم هازل.
والمثلة على هذا القسم كثيرة جدا نذكر منها على سبيل المثال
ما يختص بجانب اليمان برسالة النبي صلى الله عليه وسلم.
أول" :أن يعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل
من هديه وأن حكم غيره أحسن من حكمه كالذين يفضلون
القانون الوضعي على حكم الشرع ويصفون الشريعة السلمية
بالقصور والرجعية وعدم مسايرة التطور ،وهذا من أعظم
المناقضة لشهادة أن محمدا رسول الله.
ثانيا :من أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم
ولو عمل به فهو كافر"[.]160
ثالثا :اعتقاد النسان أنه يسعه الخروج عن شريعة النبي صلى
الله عليه وسلم.
ولهذا المر صورتان:
الولى :أن ل يرى وجوب تصديق الرسول صلى الله عليه •
وسلم ول وجوب طاعته فيما أمر به وإن اعتقد مع ذلك أن
الرسول صلى الله عليه وسلم عظيم القدر علما وعمل وأنه
يجوز تصديقه وطاعته ولكنه يقول إنه ل يضر اختلف الملل إذا
كان المعبود واحدا ويرى أنه تحصل النجاة والسعادة بمتابعة
الرسول وبغير متابعته وهذا هو قول الفلسفة والصابئة[ ]161وهذا
القول ل ريب في كفر صاحبه "فمن نواقض السلم أن يعتقد
النسان عدم كفر المشركين ويرى صحة مذهبهم ،أو يشك في
كفرهم"[.]162
وهذا القول هو الذي ينادي به في وقتنا الحاضر من يدعون إلى
وحدة الديان ويروج لهم في ذلك الماسونية[ ]163اليهودية[.]164
الثانية :من يرى طلب العلم بالله من غير خبره ،أو العمل •
لله من غير أمره ،وهؤلء وإن كانوا يعتقدون أنه يجب تصديق
الرسول أو تجب طاعته ،لكنهم في سلوكهم العلمي والعملي
غير سالكين هذا المسلك بل يسلكون مسلكا آخر إما من جهة
القياس والنظر ،وإما من جهة الذوق والوجدان ،وإما من جهة
التقليد ،وما جاء عن الرسول إما أن يعرضوا عنه وإما أن يردوه
إلى ما سلكوه.
وإضافة إلى هذه النواقض فإن اليمان بالنبي صلى الله عليه
وسلم ينتقض أيضا بالنواقض العامة الخرى للسلم وهي:
________________________________________
[ ]1هذه العبارة للعماد الصفهاني ،وقد أوردها طه عبد الرؤوف
في مقدمة تحقيقه لكتاب إعلم الموقعين (ص م).
[ ]2الية ( )108من سورة يوسف
[ ]3الية ( )115من سورة المؤمنون
[ ]4الية ( )2من سورة الملك
[ ]5الية ( )7من سورة هود
[ ]6الية ( )56من سورة الذاريات
[ ]7الية ( )36من سورة النحل.
[ ]8الية ( )24من سورة فاطر.
[ ]9الية ( )4من سورة المؤمنون
[ ]10الية ( )65من سورة النساء.
[ ]11الية ( )57من سورة النبياء.
[ ]12الية ( )28من سورة ابراهيم.
[ ]13اليات ( )29 -28من سورة الحديد
[ ]14أخرجه بهذا اللفظ البخاري في صحيحه :كتاب النبياء ،باب
ما ذكر عن بني إسرائيل .فتح الباري ( )496 -495 /6ح .3459
[ ]15انظر في هذا الموضوع وأدلته :المبحث الثالث من الفصل
الول من الباب الثالث.
[ ]16اقتضاء الصراط المستقيم (ص )3
[ ]17الية ( )164من سورة آل عمران.
[ ]18اليات ( )4-3-2من سورة الجمعة.
[]19اليتان ( )152-151من سورة البقرة.
[ ]20الية ( )128من سورة التوبة.
[ ]21اليات ( )16 -15 -14من سورة الليل.
[ ]22الية ( )10من سورة الكهف.
[ ]23هو :محمد بن أحمد بن الزهر الهروي أبو منصور أحد الئمة
في اللغة والدب ولد سنة 282هـ وتوفي سنة 370هـ وهو صاحب
كتاب تهذيب اللغة .انظر العلم للزركلي (.)5/311
[ ]24تهذيب اللغة (.)5/513
[ ]25الية ( )7من سورة يوسف.
[ ]26لسان العرب لبن منظور ،مادة آمن (.)13/23
[ ]27شرح العقيدة الصفهانية لشيخ السلم ابن تيمية (ص .)143
[ ]28الية ( )285من سورة البقرة.
[ ]29تفسير القرطبى (.)425 /3
[ ]30الية ( )6من سورة العنكبوت.
[ ]31القرار :متضمن لمعنيين هما :قول القلب الذي هو التصديق.
وعمل القلب الذي هو النقياد .مجموع الفتاوى (.)639 -638 /7
[ ]32الصارم المسلول لبن تيمية (ص .)519
[ ]33انظر شرح العقيدة الطحاوية (ص .)381 - 380
[ ]34الية ( )4من سورة البقرة.
[ ]35الصارم المسلول (ص )520 -519بتصرف.
[ ]36هذه التعريفات الثلثة أوردها شيخ السلم ابن تيمية في
كتابه اليمان .انظر (ص .)162
[ ]37مجمرع الفتاوى (.)7/642
[ ]38هو شيخ السلم تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد
السلم بن عبد الله بن الخضر بن محمد ابن تيمية النميرى،
الحّراني الدمشقي ،ولد سنة إحدى وستين وستمائة (661هـ)
بحران ،وتوفي سنة ثمان وعشرين وسبعمائة
( 728هـ) بدمشق ،اشتهر رحمه الله بالعلم والزهد والورع والعبادة
والجهاد والدفاع عن عقيدة السلف وقد ألف في سيرته
المؤلفات الكثيرة.
انظر" :كتاب الشهادة الزكية في ثناء الئمة على ابن تيمية"
تأليف مرعي بن يوسف الحنبلي.
[ ]39كتاب اليمان لشيخ السلم ابن تيمية (ص .)162
[ ]40كلم شيخ السلم نقلته بتصرف من كتابه اليمان (ص -162
.)163
[ ]41المرجئة هم الذين أرجئوا العمل عن مسمى اليمان وهم
خمس طوائف سيأتي ذكرهم.
[ ]42قال شيخ السلم ابن تيمية" :الناس لهم في مسمى الكلم
والقول عند الطلق أربعة أقوال:
ا -فالذي عليه السلف والفقهاء والجمهور أنه يتناول اللفظ
والمعنى جميعًا.
-2وقيل :بل مسماه اللفظ ،والمعنى ليس جزء مسماه بل هو
مدلول مسماه ،وهذا قول كثير من أهل الكلم من المعتزلة
وغيرهم وطائفة من المنتسبين إلى السنة ،وهو قول النحاة لن
صناعتهم متعلقة باللفاظ.
-3وقيل :مسماه هو المعنى وإطلق الكلم على اللفظ مجاز لنه
دال عليه وهذا قول ابن كلب ومن اتبعه.
-4وقيل :بل هو مشترك بين اللفظ والمعنى وهو قول بعض
المتأخرين من الكلبية ولهم قول ثالث يروى عن أبي الحسن أنه
مجاز في كلم الله حقيقة في كلم الدميين" كتاب اليمان (ص
.)162
[ ]43كتاب اليمان (ص .)163
[ ]44كتاب اليمان (ص .)163
[ ]45هو :سهل بن عبد الله بن يونس التستري أبو محمد ولد سنة
( 200هـ) وتوفي سنة ( 283هـ) ،عامة كلمه في تصفية العمال من
المعائب ،وأسند الحديث وأسند عنه.
شذرات الذهب ( ،)182 /3والعلم (.)3/143
[ ]46كتاب اليمان (ص .)163
[ ]47الذين خالفوا السلف في مسمى اليمان هم:
أ -المرجئة بطوائفهم الخمس:
ا -الجهمية :وقالوا اليمان هو معرفة القلب فقط :أى المعرفة
الفطرية التي هي المعرفة بربوبية الله.
-2الشاعرة :وقالوا اليمان هو التصديق فقط أي التصديق بما
جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من عند الله.
-3الماتريدية :وقولهم في اليمان مثل قول الشاعرة.
-4الكرامية :قالوا اليمان قول باللسان فقط.
-5مرجئة الحناف (أو مرجئة الفقهاء) قالوا :اليمان قول
باللسان وتصديق بالجنان .وهو قول الكلبية .وكل هذه الطوائف
الخمسة أخرجت العمل عن اليمان.
ب -الخوارج :قالوا اليمان قول واعتقاد وعمل ولكنهم يكفرون
من أخل بشيء من هذه الثلثة ويقولون بأنه كافر في الدنيا وفى
الخرة خالد في النار.
ج -المعتزلة :وقالوا بقول الخوارج إل أنهم يقولون إنه في الدنيا
في منزلة بين منزلتين بمعنى أنه ليس بمؤمن ول كافر ،واتفقوا
معهم في باقي المور.
انظر تفاصيل هذه القوال :في كتاب اليمان لبن تيمية ،والجزء
السابع من مجموع الفتاوى ،وشرح العقيدة الطحاوية (ص -373
)392وكتاب النبوات (ص .)199
[ ]48مجموع الفتاوى (.)642 /7
[ ]49أبو هريرة بن عامر واختلف في اسمه إلى عدة أقوال :منها
أنه عبد الرحمن ،وهو دوسي أسلم عام خيبر وشهدها ثم لزم
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبضه الله إليه ،وكان من
أحفظ الصحابة رضي الله عنهم ،توفي عام 57هـ .أسد الغابة (/2
.)167
[ ]50أخرجه البخارى في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب أمور الدين.
انظر :فتح الباري ( )1/51ح 9وأخرجه مسلم -واللفظ له -كتاب
اليمان ،باب شعب اليمان (.)46 /1
[ ]51عبد الله بن عباس بن عبد المطب الهاشمي -ابن عم رسول
الله صلى الله عليه وسلم -ولد قبل الهجرة بثلث سنوات في
الشعب أثناء الحصار ،وكان رضي الله عنه ترجمان القرآن وحبر
المة لعلمه وفهمه ،توفي سنة 84هـ.
الصابة (.)173 -167 /6
[ ]52هي قبيلة كبيرة كانوا يسكنون البحرين ينسبون إلى عبد
القيس بن أفْصى -بسكون الفاء بعدها مهملة بوزن أعمى -ابن
ي -بضم ثم سكون المهملة وكسر الميم بعدها تحتانية ثقيلة- م ّدُع ِ
جديلة -بالجيم وزن كبيرة -ابن أسد بن ربيعة بن نزار .انظر: ابن َ
فتح الباري (.)8/85
[ ]53أخرجه البخاري في صحيحه واللفظ له :كتاب اليمان ،باب
أداء الخمس من اليمان .انظر :فتح الباري ( )1/129ح ،53وأخرجه
مسلم في صحيحه :كتاب اليمان ،باب المر باليمان بالله
ورسوله وشرائع الدين والدعاء إليه (.)36 - 1/35
[ ]54الية ( )77من سورة البقرة وغيرها.
[ ]55الية ( )63من سورة يونس.
[ ]56أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه :كتاب اليمان ،باب
اليمان ما هو وبيان خصاله ( .)1/29والحديث أخرجه البخاري في
صحيحه :كتاب اليمان ،باب سؤال جبريل بلفظ" :اليمان أن
تؤمن بالله وملئكته ،ولقائه ،ورسله ،وتؤمن بالبعث" .انظر :فتح
الباري ( ،)114 /1ح .50
[ ]57الية ( )98من سورة البقرة.
[ ]58الية ( )7من سورة الحزاب.
[]59
[ ]60مجموع الفتاوى (.)648 - 7/647
[ ]61قال شارح الطحاوية" :اعلم أن عطف الشيء على الشيء
يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه مع الشتراك
في الحكم الذي ذكر لهما ،والمغايرة على مراتب:
ا -أعلها :أن يكونا متباينين ليس أحدهما هو الخر ،ول جزءا منه،
جعَ َ
ل ض وَ َ َ خلَقَ ال َّ
ت وَالْر َ ماوَا ِ س َ ول بينهما تلزم ،كقوله تعالىَ { :
ُ
ت وَالنُّوَر} الية ( )1من سورة النعام ،وقال تعالى: ما ِ الظ ّل ُ َ
ل} الية ( )3من سورة آل عمران ،وهذا جي َل التَّوَْراة َ وَالِن ْ ِ {وَأَنَْز َ
هو الغالب.
ح َّ
ق سوا ال ْ َ -2ويليه :أن يكون منهما تلزم ،كقوله تعالى{ :وَل تَلْب ِ ُ
َ
ن} الية ( )42من سورة مو َ م تَعْل َ َُحقَّ وَأنْت ُ ْ موا ال ْ َ ل َوتَكْت ُ ُ بِالْبَاط ِ ِ
َ َ
ل} الية ()92 سو َ ه وَأطِيعُوا الَّر ُ البقرة ،وقال تعالى{ :وَأطِيعُوا الل ّ َ
من سورة المائدة.
حافِظُوا ع َلَى -3الثالث :عطف بعض الشيء عليه كقوله تعالىَ { :
سطَى} الية ( )238من سورة البقرة ،وقال صلةِ الْوُ ْ ت وَال َّ صلَوَا ِ ال َّ
َ
ميكَال} ل وَ ِ جبْرِي َ سلِهِ وَ ِ ملئِكَتِهِ وَُر ُ ن عَدُوّا ً لِل ّهِ وَ َ ن كَا َ م ْ تعالىَ { :
َ
نن النَّبِيِّي َ
م َ خذ ْنَا ِ الية ( )238من سورة البقرة وقال تعالى{ :وَإِذ ْ أ َ
منْك} الية ( )7من سورة الحزاب ،وفى مثل هذا م وَ ِميثَاقَهُ ْ ِ
وجهان :أحدهما :أن يكون داخل في الول ،فيكون مذكورا مرتين.
والثاني :أن عطفه عليه يقتضي أنه ليس داخل فيه هنا وإن كان
داخل قيه منفردا كما قيل في لفظ "الفقراء والمساكين"
ونحوهما ،تتنوع دللته بالفراد والقنران.
-4الرابع :عطف الشيء على الشيء لختلف الصفتين ،كقوله
َ
ب} الية ( )3من سورة غافر. ل التَّوْ ِ ب وَقَاب ِ ِ تعالى{ :غَافِرِ الذ ّن ْ ِ
شرح العقيدة الطحاوية (ص .)388 -387
[ ]62كتاب اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم
(ص .)92
[ ]63مجموع الفتاوى (.)15/91
[ ]64مجموع الفتاوى (.)91 /15
[ ]65الية ( )3،4من سورة النجم.
[ ]66شرح العقيدة الطحاوية (ص .)66
[ ]67الية ( )7من سورة الحشر.
[ ]68يقول ابن تيمية في بيان معنى القرار" :إن اليمان هو
القرار ل مجرد التصديق ،والقرار ضمن قول القلب الذي هو
التصديق وعمل القلب الذي هو النقياد".
مجموع الفتاوى (.)639 ،638 /7
[ ]69مجموع الفتاوى (.)154 /5
[ ]70الصول الثلثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب (ص )9ضمن
مجموعة الرسائل المفيدة.
[ ]71زاد المعاد (.)34 /1
[ ]72مجموع الفتاوى (.)639 ،638 /8
[ ]73الية ( )15من سورة الحجرات.
[ ]74أخرجه البخارى في صحيحه ،كناب العتصام بالكتاب
والسنة ،باب القتداء بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم.
انظر :فتح الباري ( ،)13/250ومسلم في صحيحه :كتاب اليمان،
باب المر بقتال الناس حتى يقولوا ل إله إل الله محمد رسول
الله (.)38 /1
[ ]75الية ( )86من سورة الزخرف.
[ ]76الية ( )19من سورة محمد.
[ ]77أخرجه مسلم في صحيحه :كتاب اليمان ،باب من لقي الله
باليمان وهو غير شاك فيه دخل الجنة وحرم على النار .انظر (/1
.)41
[ ]78تيسير العزيز الحميد (ص .)58
[ ]79دليل المسلم في العتقاد للشيخ عبد الله خياط (ص .)45
[ ]80الية ( )15من سورة الحجرات.
[ ]81أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب من لقي الله
باليمان وهو غير شاك فيه دخل الجنة وحرم على النار (.)44 /1
[ ]82أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب من لقي الله
باليمان وهو غير شاك فيه دخل الجنة وحرم على النار (-41 /1
.)42
[ ]83معارج القبول للشيخ حافظ بن أحمد حكمي (.)382 /1
[ ]84الية ( )5من سورة البينة.
[ ]85الية ( )3من سورة الزمر.
[ ]86قتادة بن دعامة السدوسي أبو الخطاب البصري ،ولد سنة 61
هـ وتوفي سنة 118هـ ثقة ثبت ،مفسر حافظ ضرير أكمه .قال
عنه المام أحمد :قتادة أحفظ أهل البصرة.
انظر :تهذيب التهذيب ( )351 /8وتذكرة الحفاظ ()1/115
[ ]87تفسير ابن كثير (.)45 /4
[ ]88عتبان بن مالك بن عمرو بن العجلن النصاري الخزرجي
السالمي ،صحابي من البدريين آخى النبي صلى الله عليه وسلم
بينه وبين عمر ،مات في خلفة معاوية وقد كبر.
الصابة ( )445 /2رقم .5318
[ ]89أخرجه البخارى في صحيحه ،كتاب الصلة ،باب المساجد
في البيوت ،انظر :فتح الباري ( )519 /1ح ،425ومسلم في صحيحه
كتاب الصلة ،باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر (/2
.)126
[ ]90أخرجه البخارى في صحيحه ،كتاب الرقاق ،باب صفة الجنة
والنار ،انظر :فتح الباري ( )418 /11ح .6570
[ ]91معارج القبول (.)381 /1
[ ]92اليات ( )3 /1من سورة العنكبوت.
[ ]93تفسير ابن كثير (.)404 /3
[ ]94أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم النجاري الخزرجي
النصاري أبو حمزة ،صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وخادمه ،وأحد المكثرين من الرواية عنه ،وهو آخر من مات
بالبصرة من الصحابة توفي سنة 93هـ.
[ ]95معاذ بن جبل النصاري :أحد السبعين الذين شهدوا العقبة
من النصار ،وقد شهد بعد ذلك المشاهد كلها ،كان من أعلم
الصحابة بالحلل والحرام ،توفي سنة 17هـ في طاعون عمواس
بالشام .الصابة ( )407 ،406 /3رقم .8039
[ ]96أخرجه البخاري في صحيحها واللفظ له ،كتاب العلم باب من
خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن ل يفهموا .انظر فتح الباري
( )226 /1ح .128
وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان باب من لقي الله
باليمان وهو غير شاك فيه دخل الجنة وحرم على النار (.)1/43
[ ]97معارج القبول (.)383 /1
[ ]98الية ( )234من سورة التوبة.
[ ]99تفسير القرطبي ()8/95
[ ]100الية ( )165من سورة البقرة.
[ ]101الية ( )54من سورة المائدة.
[ ]102أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب اليمان باب من كره أن
يعود في الكفر كما يكره أن يلقى في النار من اليمان .انظر:
فتح الباري ( )72 /1ح .21وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب
اليمان باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلوة اليمان،
واللفظ له .انظر.)48 /1( :
[ ]103الية ( )22من سورة لقمان.
[ ]104تفسير ابن كثير (.)450 /3
[ ]105الية ( )36من سورة الحزاب.
[ ]106الية ( )65من سورة النساء.
[ ]107تفسير ابن كثير (.)490 /3
[ ]108الية ( )285من سورة البقرة.
[ ]109اليات ( )36 -35من سورة الصافات.
[ ]110واسم أبي موسى :عبد الله بن قيس بن سليم من بني
الشعر من قحطان ،صحابي أسلم بمكة ثم رجع إلى اليمن وقدم
مع الشعريين وكان حسن الصوت بالقرآن ،وكان من الشجعان
الولة الفاتحين ،توفى بالكوفة سنة 44هـ ،وقيل غير ذلك .الصابة
( )351 /2رقم .4899
[ ]111هي مستنقع الماء في الجبال والصخور .فتح الباري (/1
.)176
[ ]112هي الرض الصلبة التي ل ينضب منها الماء .فتح الباري (/1
.)176
[ ]113بكسر القاف جمع قاع وهو الرض المستوية اللمساء التي
ل تنبت .فتح الباري (.)177 /1
[ ]114أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب العلم :باب فضل من
َ
علِم وعل ّم واللفظ له.انظر فتح الباري ( )175 /1ح .79وأخرجه
مسلم في صحيحه ،كتاب الفضائل :باب بيان مثل ما بعث النبي
صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم .انظر.)63 /7( :
[ ]115انظر :كتاب الكواشف الجلية عن معاني الواسطية للشيخ
عبدالعزيز بن محمد السلمان من (ص 38إلى ص )40بتصرف.
[ ]116الية ( )86من سورة الزخرف.
[ ]117الية ( )19من سورة الزخرف.
[ ]118الية ( )17من سورة التوبة.
[ ]119الكواشف الجلية ( )40 -39بتصرف.
[ ]120الية ( )23من سورة السراء.
[ ]121الية ( )31من سورة التوبة.
[ ]122الية ( )18من سورة آل عمران.
[ ]123الكواشف الجلية (ص )40بتصرف.
[ ]124حذيفة بن اليمان العبسي ،شهد أحدا وكان من كبار
الصحابة وصاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ،توفى
عام 36هـ الصابة ( ،)317 ،316 /1ت رقم .1647
[ ]125أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الفتن :باب كيف المر
إذا لم تكن جماعة؟،
انظر :فتح الباري ( )35 /3ح .7084وأخرجه مسلم في صحيحه،
كتاب المارة :باب المر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن وتحذير
الدعاة إلى الكفر .انظر.)20 /6( :
[ ]126عمر بن الخطاب بن نفيل :ولد بعد الفيل بثلث عشرة
سنة ،كان إسلمه فتحا على المسلمين ،شهد المشاهد كلها،
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنه راض ،ولي
الخلفة بعد الصديق واستشهد سنة 23هـ ،قتله أبو لؤلؤة
المجوسي .الصابة ( )511 ،511 /2رقم .5738
[ ]127تيسير العزيز الحميد (ص .)90
[ ]128الهجر بالضم :القبيح من الكلم .لسان العرب (.)253 /5
[ ]129الشفا للقاضي عياض ( )932 /2بتحقيق علي محمد البجاوي.
[ ]130مالك بن أنس ،إمام دار الهجرة ،وأحد أئمة أهل السنة
المشهورين ،وإليه تنسب المالكية له مؤلفات عدة على رأسها
(الموطأ) الكتاب المشهور ،ولد بالمدينة ،وتوفى بها عام 179هـ.
الديباج المذهب ( )135 -82 /1والبداية ( .)174 /10
[ ]131أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل المام المشهور في
الفقه والحديث ونصرة السلم ،إمام أهل السنة والجماعة أعز
الله به السنة وقمع به البدعة وفضائله أكثر من أن تحصر توفي
سنة 241هـ تاريخ بغداد ( )412 /4وطبقات الحنابلة (.)1/4
[ ]132محمد بن إدريس الشافعي المام المشهور أحد الئمة
الربعة ،ولد بغزة بفلسطين ثم سافرت به أمه إلى مكة ،كان
ذكيا فطنا برع في الدب واللغة ثم أقبل على الحديث والفقه وله
مصنفات عدة من أشهرها :الم والرسالة ،توفي بمصر سنة 204
هـ .تاريخ بغداد ( )56 /2والتذكرة (.)367
[ ]133الصارم المسلول على شاتم الرسول لشيخ السلم ابن
تيمية (ص 4و )8بتصرف.
وقد تعرض شيخ السلم لهذه المسائل مفصلة في هـذا الكتاب
فمن أراد الستزادة فليرجع إليه.
[ ]134اليتان ( )66 ،65من سورة التوبة.
[ ]135عبد الله بن عمر بن الخطاب ،ولد بعد البعثة بثلث سنوات
وهاجر وهو ابن عشر سنين ،وقد كان من أشد الصحابة تتبعا
للسنة ومن أكثرهم عبادة مع زهد وورع توفي عام 84هـ.
الصابة ( )341 -338 /2ت رقم .4834
[ ]136هو محمد بن كعب بن سليم القرظي المدني ،كان أبوه من
سبي قريظة ،ثقة ،عالم ،ولد سنة أربعين على الصحيح ،ومات
سنة 120هـ وقيل غير ذلك .وقال عنه ابن حبان :كان من أفاضل
أهل المدينة علما وفقها .تهذيب التهذيب (.)422 ،420 /9
[ ]137زيد بن أسلم المدني الفقيه :كان عالما بالتفسير وكان له
حلقة بالمسجد النبوي توفي عام 136هـ تهذيب التهذيب (.)395 /3
[ ]138عوف بن مالك بن أبي عوف الشجعي الغطفاني ،صحابي
جليل ،شهد مؤتة ،وشهد الفتح وكانت معه راية قومه يومئذ
وشهد فتح الشام ،توفي سنة ثلث وسبعين بالشام.
تهذيب التهذيب ( ،)168 /8والبداية (.)346 /8
ما للبعير.
سعة بكسر فسكون :سير مضفور يجعل زما ً [ ]139الن ِّ ْ
لسان العرب (.)8/352
[ ]140تفسبر ابن كثير (.)367 /2
[ ]141الصارم المسلول (ص .)33 - 31
[ ]142الية ( )57من سورة الحزاب.
[ ]143الصارم المسلول (ص .)41
[ ]144الصارم المسلول (ص )41 -40بتصرف.
[ ]145جابر بن عبد الله النصارى :شهد العقبة الثانية وهو صغير
وشهد المشاهد كلها بعد أحد ،وكان من المكثرين الحفاظ.
للسنّة ،توفي سنة 74هـ وقيل غير ذلك.
الصابة ( )214 /1ت رقم .1026
[ ]146كعب بن الشرف الطائي ،من بني نبهان ،كانت أمه من
بني النضير فدان باليهودية وكان سيدا في أخواله اليهود .أدرك
السلم ولم يسلم ،وأكثر من هجو النبي صلى الله عليه وسلم
وأصحابه وتحريض القبائل عليهم وإيذائهم والتشبب بنسائهم.
خرج إلى مكة بعد وقعة بدر فندب قتلى قريش فيها ،وحض على
الخذ بثأرهم ،وعاد إلى المدينة ،فأمر النبي صلى الله عليه وسلم
بقتله ،فانطق إليه نفر من النصار ،فقتلوه في ظاهر حصنه.
تاريخ الطبري (.)2 /3
[ ]147محمد بن مسلمة النصاري ،من فضلء الصحابة شهد بدرا
وما بعدها إل غزوة تبوك فإنه تخلف بإذن النبي صلى الله عليه
وسلم له أن يقيم في المدينة ،مات بالمدينة سنة ثلث وأربعين
وقيل غير ذلك .الصابة ( )364 ،363 /3رقم (.)78 8
[ ]148أخرجه البخاري في صحيحه -واللفظ له -كتاب المغازي
باب قتل كعب بن الشرف .انظر :فتح الباري ( )336 /7ح ،4037
وأخرجه في مواضع أُخر .وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب
الجهاد :باب قتل كعب بن الشرف .انظر.)5/184( :
[ ]149إسحاق بن إبراهيم بن مخلد المعروف بابن راهوية
المروزي قال عنه الخطيب البغدادي :كان أحد أئمة المسلمين
وع َلَما من أعلم الدين اجتمع له الحديث والفقه والحفظ والصدق
والورع والزهد توفي سنة 238هـ .تاريخ بغداد (.)345 /6
[ ]150أبو سليمان حمد ويقال أحمد بن محمد بن إبراهيم
الخطابي البستي أحد المشاهير العيان ،والفقهاء المجتهدين
المكثرين ،له من المصنفات معالم السنن وشرح البخاري وغير
ذلك ،توفي بمدينة بست سنة 388هـ .البداية.)324 /11 ( :
[ ]151محمد بن عبد السلم (سحنون) بن سعيد بن حبيب
التنوخى ،أبو عبد الله فقيه مالكي ،مناظر كثير التصانيف ،توفي
سنة 256هـ .الوافي بالوفيات )3/86( :والعلم (.)205 ،6/204
[ ]152الصارم المسلول (ص .)4 -3
[ ]153الصارم المسلول (ص .)294 -293
[ ]154الية ( )106من سورة النحل.
[ ]155عمار بن ياسر حليف بني مخزوم من السابقين الولين هو
وأبوه وأمه ،هاجر إلى المدينة ،وشهد المشاهد كلها ،قتل بصفين
سنة 37هـ .الصابة ( )506 ،2/505رقم.5706 :
[ ]156بلل بن رباح الحبشي مؤذن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ،أحد السابقين إلى السلم الذين عذبوا بمكة ،وكان أمية
بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة :فيطرحه على ظهره في
بطحاء مكة ثم يأمر بالصخرة العظيمة على صدره ،ثم يقول ل
يزال على ذلك حتى يموت أو يكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم،
حدٌ ،فمَّر به أبو بكر فاشتراه منه َ َ
حد ٌ أ َ
فيقول وهو على ذلك أ َ
وأعتقه ،ومناقبه كثيرة ،شهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله
عليه وسلم ،مات بالشام سنة عشرين .الصابة ( )169 /1رقم .736
[ ]157تفسير ابن كثير ( )588 ،587 /2بتصرف.
[ ]158انظر صحيح مسلم بشرح النووي (.)205 /1
[ ]159انظر صحيح مسلم بشرح النووي (.)205 /1
[ ]160الجامع الفريد :رسالة نواقض السلم للشيخ محمد بن عبد
الوهاب (ص .)282
[ ]161مجموع الفتاوى (.)639 /7
[ ]162الجامع الفريد (ص .)282
[ ]163الماسونية :عبارة فرنسية معناها البناؤون الحرار،
والماسونية حركة يهودية سرية تعمل تحت ستار التآخي بين
الديان وهدفها الرئيسي السيطرة على العالم عن طريق
أصحاب الجاه والنفوذ في بقاع العالم ،وذلك بواسطة المحافل
التي تقيمها في بقاع كثيرة من العالم.
انظر" :كتاب الماسونية ذلك العالم المجهول" ،لصابر طعيمة.
[ ]164كتاب الولء والبراء (ص .)344
[ ]165الية ( )48من سورة النساء.
[ ]166الية ( )65من سورة الزمر.
[ ]167الية ( )88من سورة النعام.
[ ]168الية ( )72من سورة المائدة.
[ ]169الجامع الفريد (ص .)282
[]170الية ( )194من سورة العراف.
[ ]171اليتان ( )13 -12من سورة الحج.
[ ]172الية ( )18من سورة الجن.
[ ]173الجامع الفريد (ص .)282والمراد بالصرف :التفريق بين
الزوجين .والعطف :الجمع بينهما.
[ ]174الية ( )102من سورة البقرة.
[ ]175الجامع الفريد (ص .)383
[ ]176الية ( )51من سورة المائدة.
[ ]177كتاب الولء والبراء في السلم تأليف محمد بن سعيد
القحطاني (ص )83بتصرف بسيط.
[ ]178الجامع الفريد (ص .)284
[ ]179الية ( )22من سورة السجدة.
[ ]180الجامع الفريد (ص .)384
ج-دليل الجماع:
أجمعت المة على وجوب اليمان بالنبي صلى الله عليه وسلم،
كما أجمعت كذلك على أن كل من قامت عليه الحجة برسالة
محمدا صلى الله عليه وسلم من النس والجن فلم يؤمن به
استحق عقاب الله تعالى كما يستحقه أمثاله من الكافرين الذين
بعث إليهم الرسول وهذا أصل متفق عليه بين الصحابة والتابعين
لهم بإحسان وأئمة المسلمين وسائر طوائف المسلمين أهل
السنة والجماعة وغيرهم[ ،]35لن الرسول صلى الله عليه وسلم
هو الذي جاء بذلك وذكره الله في كتابه وبينه الرسول أيضا في
الحكمة المنزلة عليه من غير الكتاب ،فإن الله تعالى أنزل عليه
الكتاب والحكمة ،ولم يبتدع المسلمون شيئا من ذلك من تلقاء
أنفسهم[.]36
المبحث الرابع :وجوب اليمان بأنه صلى الله عليه وسلم خاتم
النبيين.
تمهيد
من الخصائص التي خص الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم
ورسالته جعله خاتم النبيين وجعل رسالته خاتمة الرسالت،
فانفرد صلى الله عليه وسلم بهذا المر وبغيره عن إخوانه من
النبياء صلوات الله وسلمه عليهم أجمعين .فأصبح ختم النبوة
من خصائصة صلى الله عليه وسلم.
ولذا فإن من حقه صلى الله عليه وسلم على كل من يؤمن له،
أن يعتقد بهذا المر ،يؤمن به " لثبوته بنصوص القرآن والسنة
وإجماع المة ،بل هو من المور المعلومة من الدين بالضرورة
التي ل يعذر المسلم بجهلهـا ولمزيد من البيان لهذه الخاصية
والحق الواجب له صلى الله عليه وسلم ،سوف أتحدث في هذا
المبحث عن الجوانب التالية:
المبحث الخامس :وجوب اليمان بأن النبي صلى الله عليه وسلم
قد بلغ الرسالة وأكملها:
من تمام نعمة الله سبحانه وتعالى على هذه المة أن أكمل لهم
دينهم فل ينقصه أبدا ،ول يحتاج إلى زيادة أبدا ،واقترن هذا
الكمال برضاه سبحانه بأن يكون هذا الدين الكامل دينا نتعبده
َ به ،قال تعالى{ :الْيو َ
ت ع َلَيْك ُ ْ
م ن ِ ْع َ
متِي م ُ
م ْ
م وَأت ْ َ ت لَك ُ ْ
م دِينَك ُ ْ مل ْ ُ
م أك ْ َ َ ْ َ
ً
م دِينا}. سل َ ت لَك ُ ُ
م ال ِ ْ ضي ُ
وََر ِ
وهذه الية دليل على كمال الدين وحيا من الله ،وتبليغا من
رسوله صلى الله عليه وسلم ،ولقد نزلت هذه الية الكريمة
والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات في حجة الوداع،
وعاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزولها إحدى وثمانين
ليلة.
وهي شهادة من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم على
تبليغه لما أرسله به أتم تبليغ وأكمله وبذلك جعله الله خاتم
النبيين ،لن الخلق بعد هذا لن يحتاجوا إلى نبي غير نبيهم صلى
الله عليه وسلم ليكمل لهم دينهم ،كما أنهم ل يحتاجون إلى دين
آخر وذلك لكمال دينهم.
ووجه الدللة من الية على ذلك "أن الله أخبر في هذه الية بأنه
قد أكمل الدين ،وإنما كمل بما بلغه ،إذ الدين لم يعرف إل
بتبليغه ،فعلم من ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قد بلغ جميع
الدين الذي شرعه الله لعباده"[.]177
وما كان من النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الية
الكريمة إل أن استشهد الناس على ذلك في نفس المناسبة التي
نزلت فيها الية.
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم" :تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به،
كتاب الله ،وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟".
قالوا :نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت .فقال بأصبعه السبابة
يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس" :اللهم اشهد اللهم اشهد
ثلث مرات "...الحديث[.]178
فشهد له خير قرون هذه المة وهم صحابته رضوان الله عليهم
وكانوا في ذلك الموقف نحوا من أربعين ألفا[.]179
ولقد أمر الله تبارك وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم في
مواطن متعددة من كتابه العزيز بأن يبلغ أمور هذا الدين البلغ
ك ل إِلَي ْ َ ما أُنْزِ َ لَ بَل ِّغْ َ سو ُ َ
المبين الواضح فقال تعالى{ :يَا أيُّهَا الَّر ُ
ن الن َّ ه وَالل ّ سال َ َّ
س
ِ ا َ م
ِ َ
ك م
ُ ص
ِ ع
ْ َ ي ه
ُ ُ َ ت َ ِ ر ت
َ ْ غ ما بَل ل فَ َ ن لَ ْ
م تَفْعَ ْ ك وَإ ِ ْن َرب ِّ َ
َ م ْ ِ
َ
ما ع َلي ْ َ
ك َ
ن}[ ،]180وقال تعالىَ { :فَإِن ّ َ م الكافِرِي َ َ ْ ْ
ه ل يَهْدِي القَوْ َ ّ
ن الل َ َ إِ ّ
ل إ ِ ّل الْبَلغُ سو ِ ما ع َلَى الَّر ُ {و َ
ن}[ ،]181وقال تعالىَ : مبِي ُالْبَلغ ُ ال ْ ُ
َ
ك إ ِ ّل الْبَلغُ}[.]183 ن ع َلَي ْ َ ن}[ ،]182وقال تعالى{ :إ ِ ْ مبِي ُال ْ ُ
وهذا المر والحث من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم على
البلغ لشرع الله والدين الذي أوحاه إليه نابع من كون الرسول
صلى الله عليه وسلم هو الطريق الوحيد الذي يعرف بواسطة ما
شرعه من دين يدين العباد له به ،فليس ثمت طريق آخر إلى
معرفة شرع الله وأوامره ونواهيه إل طريقه بها فهو المبلغ عن
الله تعالى ،وهذه هي سنة الله في خلقه حيث جعل طريق
معرفته وعبادته عن طريق من أرسله من الرسل "فل سبيل إلى
السعادة والفلح في الدارين إل على أيدي الرسل ،كما أنه ل
سبيل إلى معرفة الطيب من الخبيث والحلل من الحرام إل من
جهتهم ،ول ينال رضى الله البتة إل على أيديهم ،فهم الميزان
الراجح الذي على أقوالهم وأعمالهم وأخلقهم توزن القوال
والخلق والعمال ،وبمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلل
فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه ،والعين إلى
نورها ،والروح إلى حياتها ،فأي ضرورة وحاجة فرضت ،فضرورة
العبد وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير"[ ]184وبهذا وبغيره نلمس
عظم الحاجة إلى تبليغ الرسل.
ومما ل شك فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم النبياء
بلغا فقد كان صلى الله عليه وسلم حريصا على هداية أمته ،وقد
لم َ
م ع َزِيٌز ع َلَيْهِ سك ُ ْ ن أنْفُ ِ سو ٌ ِ ْ م َر ُ جاءَك ُ ْ قال تعالى في حقه{ :لَقَد ْ َ
م}[ ]185وسيرته حي ٌ ف َر ِ ن َرؤ ُو ٌ منِي َ مؤ ْ ِ م بِال ْ ُ
ص ع َلَيْك ُ ْ حرِي ٌ م َ ما ع َنِت ُّ ْ َ
صلى الله عليه وسلم كلها دليل على مدى حرصه على إبلغ
رسالة ربه والتفاني في إبلغها دون أن تأخذه في الله لومة لئم.
وهو صلى الله عليه وسلم أحق الناس بالوصف الوارد في قوله
َ ً َّ َ َ
حدا إ ِل نأ َ شوْ َ خ َ ه وَل ي َ ْ خ َ ْ
شون َ ُ ت الل ّهِ وَي َ ْ سال ِ ن رِ َ ن يُبَل ِّغُو َتعالى{ :ال ّذِي ََ َ
سيباً}[" ]186فقد امتدح الله تبارك وتعالى في ح ِ ه وَكَفَى بِالل ّهِ َ الل ّ َ
هذه الية الذين يبلغون رسالته إلى خلقه ويؤدونها بأماناتها ول
يخافون أحدا سواه ،فل تمنعهم سطوة أحد إبلغ رسالت الله،
وسيد الناس في هذا المقام بل وفي كل مقام محمد رسول الله
صلى الله عليه وسلم فإنه قام بأداء الرسالة وإبلغها إلى أهل
المشارق والمغارب وإلى جميع أنواع بني آدم ،وأظهر الله كلمته
ودينه وشرعه على جميع الديان والشرائع"[.]187
ولقد أيد الله تبارك وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم
بكل ما يلزم لتبليغ وحي الله وشرعه ،فأعطاه العصمة في التبليغ
َ
حى}[،]188 ي يُو َ ح ٌ ن هُوَ إ ِ ّل وَ ْ ن ال ْ َهوَى ،إ ِ ْ ما يَنْطِقُ ع َ ِ {و َ
فقال تعالى َ
فهذه الية دليل واضح على عصمته صلى الله عليه وسلم في كل
أمر بلغه عن ربه تبارك وتعالى ،كما أنها شهادة وتزكية من الله
تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم على سلمة شرعه
الذي أوحاه إليه من كل ما ينقص منه.
وقال صلى الله عليه وسلم" :إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به
فإني لن أكذب على الله"[ ]189وبالضافة إلى عصمته في أمر
التبليغ فقد عصمه الله كذلك من الناس حتى يتم له أمر إبلغ هذا
ن
م ْ ك ِ ل إِلَي ْ َما أُنْزِ َ ل بَل ِّغْ َ سو ُ َ
الدين وإكماله قال تعالى{ :يَا أيُّهَا الَّر ُ
َ َ
ن النَّاس} م َ ك ِ م َ ص ُ
ه ي َ ْع ِ ه وَالل ّ ُ سالَت َ ُ ت رِ َ ما بَل ّغْ َ ل فَ َ م تَفْعَ ْن لَ ْ ك وَإ ِ ْ َرب ِّ َ
فاقترن تعهد الله بعصمة رسوله من قتل الناس وإيذائهم له مع
المر للنبي صلى الله عليه وسلم بتبليغ ما أنزل إليه ،وفى هذا
القتران دليل جلي على أن عصمة الله تعالى وحفظه ونصره
وتأييده على أعدائه قد صاحبت النبي صلى الله عليه وسلم حتى
تم له إبلغ هذا الدين ونشره بين الناس.
ومع عصمة الله لنبيه في التبليغ ،وعصمته من الناس ،فكذلك
عصم الله كتابه الذي أنزله إليه ليكون محفوظا من كل تحريف
ن}[ .]190 حافِظُو َه لَ َن نََّزلْنَا الذِّكَْر وَإِنَّا ل َ ُ أو تغيير قال تعالى{ :إِنَّا ن َ ْ
ح ُ
كما تعهد كذلك بحفظ هذا الدين وإبقاء طائفة في كل زمان من
الزمنة تنصر هذا الدين وتحفظه وتبلغه ،كما جاء عن النبي صلى
الله عليه وسلم ،وفي الحديث" :ل تزال طائفة من أمتي ظاهرين
على الحق ل يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله"[ .]191وفي
هذه المور ضمان لستمرار هذا الدين وإبلغه لكل أهل زمان،
لنه شامل لكل الناس في كل وقت إلى أن يرث الله الرض وما
عليها.
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم في مواطن متعددة بأنه قد أبلغ
أمور الرسالة وأوضحها لمته ،وهو صلى الله عليه وسلم الصادق
المصدوق ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم" :قد تركتكم
على مثل البيضاء ليلها كنهارها ل يزيغ عنها بعدي إل هالك"[]192
وهذا هو الحق فقد بلغ وحي ربه وصدع بأمره ،ونهض بأعباء
الرسالة كما أراد الله منه ،فأدى المانة ونصح لمته وجاهد في
الله حق جهاده ،وما ترك لمته من شيء يقربهم إلى الجنة إل
وقد دلهم عليه ورغبهم فيه ،ول من شيء يبعدهم عن النار إل
وقد حدثهم به وحذرهم منه ،وبين لهم كل ما فيه صلح دينهم
ل
سو ِما ع َلَى الَّر ُ {و َ
ودنياهم وآخرتهم فهذه هي مهمته ورسالته َ
َ
ن } ،وقد أتم عليه الصلة والسلم ما أوكل إليه إِل ّ الْبَلغ ُ ال ْ ُ
مبِي ُ
على أتم وجه وأكمله فأبان الطريق ودل على صراط الله
المستقيم وترك المة على مثل البيضاء ليلها كنهارها ل يزيغ عنها
إل هالك.
ولقد شهد الصحابة رضوان الله عليهم بهذا .فهم الذين كان النبي
صلى الله عليه وسلم بين ظهرانيهم ،وكانوا ملزمين له في كل
أحواله وحركاته فهم أعلم بما كان .وسأورد بعض ما ورد عنهم
في هذا الشأن.
فقد سئل سلمان الفارسي[ ]193رضي الله عنه فقيل له"أقد
أعلمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة؟
فقال" :أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول أو أن
نستنجي باليمين أو أن نستنجي بأقل من ثلثة أحجار ،أو أن
نستنجي برجيع[ ]194أو بعظم"[ .]195وعن أبي ذر رضي الله عنه
قال" :لقد تركنا محمدا صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر
جناحيه في السماء إل أذكرنا منه علما"[.]196
وعن عائشة[ ]197رضي الله عنها قالت" :من حدثك أن محمدا
كتم شيئا مما أنزل الله عليه فقد كذب ،والله يقول{ :يَا أَي ُّ َها
ك}"[ .]198وفى رواية "من ن َرب ِّ َ
م ْ ك ِ ما أُنْزِ َ
ل إِلَي ْ َ ل بَل ِّغْ َ سو ُ الَّر ُ
حدثك أن النبي صلى الله عليه وسلم كتم شيئا من الوحي فل
ك ما أُنْزِ َ
ل إِلَي ْ َ ل بَل ِّغْ َ
سو ُ َ
تصدقه ،إن الله تعالى يقول{ :يَا أيُّهَا الَّر ُ
َ
ه}"[]199 سالَت َ ُ
ت رِ َ ما بَل ّغْ َل فَ َ م تَفْعَ ْ ن لَ ْ ك وَإ ِ ْ ن َرب ِّ َم ْ ِ
وعن عائشة رضي الله عنها قالت" :لو كتم رسول الله صلى الله
خفِي فِي عليه وسلم شيئا مما أوحي إليه من كتاب الله لكتم {وَت ُ ْ
َ شى النَاس والل َّ َ َ
شاهُ}[ خ َ حقُّ أ ْ
ن تَ ْ هأ َّ َ َ ُ خ َ مبْدِيهِ وَت َ ْ ه ُ ما الل ّ ُ ك َ س َ ن َ ْف ِ
.]201["]200
فمن حقه صلى الله عليه وسلم على أمته أن يقروا له بفضله
وصدقه وأمانته في تبليغ رسالة ربه التي ائتمنه عليها ،وكلفه أن
يقوم بها فل يكون إيمان للمرء إذا لم يقر للرسول صلى الله
عليه وسلم بأنه قد بلغ الرسالة أعظم ما يكون التبليغ ،وقام
بأدائها أعظم ما يكون القيام واحتمل في سبيلها أشق ما يحتمله
البشر ،ومن أنكر شيئا من ذلك أو شك في صدقه فهو كافر
مارق عن السلم مكذب لله ولرسوله.
المطلب الثاني :الجوانب التي عصم فيها النبي صلى الله عليه
وسلم:
أ -العصمة في التبليغ ودعوى الرسالة:
وهذه العصمة هي التي عليها المناط ،فبها يحصل المقصود من
البعثة فتبليغ شرع الله إلى الخلق هي مهمة الرسل من أولهم
إلى آخرهم فهم الواسطة بين الله وبين خلقه الذين أرسلوا
إليهم ،فبطريقهم يهتدي البشر ويرشدون إلى دين الله إذ هم
المبلغون عن الله أمره ونهيه وشرعه.
ولذلك فقد أوجب الله العصمة لنبيائه ورسله في هذا الجانب
حتى تصل الرسالة إلى العباد كاملة تامة غير منقوصة ول
محرفة ،وبذلك تقوم الحجة على العباد.
ولقد دلت نصوص القرآن والسنة على عصمة نبينا محمد صلى
الله عليه وسلم في هذا الجانب ،وانعقد إجماع المة على ذلك.
فمن القرآن:
َ ْ
حى}، ي يُو َ ح ٌ ن هُوَ إِل ّ وَ ْ ن ال َهوَى ،إ ِ ْ ما يَنْطِقُ ع َ ِ ا -قوله تعالى{ :وَ َ
فالية نص في عصمة لسانه صلى الله عليه وسلم من كل هوى
وغرض فهو ل ينطق إل بما يوحى إليه من ربه ول يقول إل ما أمر
به فيبلغه إلى الناس كامل موفورا من غير زيادة ول نقصان.
وهذه الية شهادة وتزكية من الله لنبيه ورسوله محمد صلى الله
عليه وسلم في كل ما بلغه للناس من شرع الله.
َ َ
ه
من ْ ُ خذ ْنَا ِ ل ،ل َ ض القَاوِي ِ ل ع َلَيْنَا بَعْ َ -2وقوله تعالى{ :وَلَوْ تَقَوَّ َ
ن}[ ،]211فاليات نصت بالْيمين ،فَما منك ُم م َ
جزِي َ حا ِ ه َ حد ٍ ع َن ْ ُ نأ َ َ ِ ْ ْ ِ ْ ِ َ ِ ِ
على أن الله سبحانه وتعالى ل يؤيد من يكذب عليه بل لبد أن
يظهر كذبه وأن ينتقم منه.
ولو كان محمد صلى الله عليه وسلم من هذا الجنس كما يزعم
َ َ
ن افْتََرى ع َلَى الل ّهِ م يَقُولُو َ الكافرون فيما حكاه الله عنهم {أ ْ
كَذِباً}[ - ]212وحاشاه صلى الله عليه وسلم من ذلك -لنزل الله
به من العقوبة ما ذكره في هذه اليات ،وحيث إن الرسول صلى
الله عليه وسلم لم يقع له شيء من ذلك فلم يهلكه الله ولم
يعذبه ،فهو على هذا لم يتقول على الله ما لم يقله ولم يفتر شيئا
من عند نفسه ،وبهذا تثبت عصمته في كل ما بلغه عن ربه عز
وجل.
قال ابن كثير بعد أن فسر هذه اليات" :والمعنى في هذا بل هو
صادق راشد لن الله عز وجل مقر له ما يبلغه عنه ومؤيد له
بالمعجزات الباهرات والدللت القاطعات"[.]213
حيْنَا إِلَي ْ َ َ َ
ك ن ال ّذِي أوْ َ ِ ك عَ ن كَادُوا لَيَفْتِنُون َ َ -3وقوله تعالى{ :وَإ ِ ْ
َ
تك لَقَد ْ كِد ْ َ ن ثَبَّتْنَا َ خلِيلً ،وَلَوْل أ ْ ك َ خذ ُو َ لِتَفْتَرِيَ ع َلَيْنَا غَيَْره ُ وَإِذا ً لَت َّ َ
تما ِ م َ ف ال ْ َ ض ْع َ حيَاةِ وَ ِ ف ال ْ َ ضعْ َ ك ِ شيْئا ً قَلِيلً ،إِذا ً لَذَقْنَا َ م َن إِلَيْهِ ْتَْرك َ ُ
صيراً}[ .]214وهذه اليات دالة على عصمة ك ع َلَيْنَا ن َ ِ
جد ُ ل َ َ
م ل تَ ِ ث ُ َّ
الله وتثبيته لنبيه صلى الله عليه وسلم في تبليغ ما أوحى إليه،
ومعناها مقارب لمعنى اليات التي ذكرناها قبلها "فقد أخبر تعالى
عن تأييده لرسوله صلوات الله عليه وسلمه وتثبيته وعصمته
وسلمته من شر الشرار وكيد الفجار ،وأنه تعالى هو المتولي
أمره ونصره ،وأنه ل يكله إلى أحد من خلقه بل هو وليه وحافظه
وناصره ومؤيده ومظفره ومظهر دينه على من عاداه وخالفه في
مشارق الرض ومغاربها"[.]215
وأما الدلة من السنة على ذلك فمنها:
أ -حديث طلحة بن عبيدالله[ ]216وجاء فيه قوله صلى الله عليه
وسلم:
"ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به ،فإني لن أكذب على
الله"[ ]217والحديث نص على عصمته صلى الله عليه وسلم من
الكذب فيما يخبر به عن الله.
________________________________________
[ ]1الية ( )40من سورة الحزاب.
[ ]2انظر :لسان العرب مادة "نبأ" ( ،)163 -1/162ومعجم مقاييس
اللغة (.)385 ،384 /5
[ ]3شعب اليمان للبيهقي ،الباب الثاني من شعب اليمان (ص
)275رسالة ماجستير في الجامعة السلمية بتحقيق فالح بن
ثاني.
[ ]4المصدر السابق (ص ،)275وشرح العقيدة الطحاوية (ص .)167
[ ]5أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ محمد المين
الشنقيطي (.)735 /5
[ ]6كتاب النبوات لشيخ السلم ابن تيمية (ص .)255
[ ]7الية ( )52من سورة الحج.
[ ]8أضواء البيان (.)735 /5
[ ]9أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب النبياء :باب ما ذكر عن
بني إسرائيل .انظر :فتح الباري ( )495 /6ح .3455وأخرجه مسلم
في صحيحه ،كتاب المارة :باب المر بالوفاء ببيعة الخلفاء الول
فالول (.)17 /6
[ ]10النهاية في غريب الحديث (.)421 /2
[ ]11الية ( )34من سورة غافر.
[ ]12اليتان ( )164 -163من سورة النساء.
[ ]13المفردات في غريب القرآن تأليف أبي القاسم حسين محمد
المعروف بالراغب الصفهاني (ص )195مادة "رسل".
[ ]14المصدر السابق (ص )195ولسان العرب مادة "رسل" (/11
.)284
[ ]15المصدر السابق (ص )195ولسان العرب مادة "رسل" (/11
.)284
[ ]16شعب اليمان للبيهقي (ص )276 -275بتحقيق فلح بن ثاني،
وشرح العقيدة الطحاوية (ص .)167
[ ]17أضواء البيان (.)735 /5
[ ]18النبوات (ص .)256 -255
[ ]19اليتان ( )8-7من سورة الحديد.
[ ]20الية ( )8من سورة التغابن.
[ ]21الية ( )136من سورة النساء.
[ ]22الية ( )9من سورة الفتح.
[ ]23الية ( )158من سورة العراف.
[ ]24الية ( )15من سورة الحجرات.
[ ]25الية ( )132من سورة آل عمران.
[ ]26الية ( )24من سورة التوبة.
[ ]27الشفا للقاضي عياض ( )538 /2بتصرف.
[ ]28الية ( )13من سورة الفتح.
[ ]29الية ( )85من سورة آل عمران.
[ ]30أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان :باب
المر بقتال الناس حتى يقولوا ل إله إل الله محمد رسول الله (/1
.)39
[ ]31أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب اليمان :باب {فَإ ِ ْ
ن تَابُوا
َ ُ َ
م} ،انظر :فتح الباري (/1 سبِيلَهُ ْ
خل ّوا َ صلة َ وَآتَوُا الَّزكَاة َ ف َموا ال َّ
وَأقَا ُ
)75ح .25وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان :باب المر
بقتال الناس حتى يقولوا ل إله إل الله محمد رسول الله ,انظر (
.)39 /1
[ ]32أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان :باب وجوب
اليمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس
ونسخ الملل بملته (.)93 /1
[ ]33تقدم تخريجه (ص .)31
[ ]34أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان :باب
المر باليمان بالله ورسوله وشرائع الدين والدعاء إليه (،)35 /1
وأخرجه بنحوه البخاري في صحيحه ،كتاب التوحيد :باب ما جاء
في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك
وتعالى .انظر :فتح الباري ( )347 /1ح .7372
[ ]35إيضاح الدللة في عموم الرسالة لشيخ السلم ابن تيمية
مطبوعة ضمن مجموعة الرسائل المنيرية .انظر.)99 /2( :
[ ]36الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (.)126 /1
[ ]37الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لشيخ السلم ابن
تيمية (.)140 /1
[ ]38من تلك المؤلفات :دلئل النبوة لبي نعيم الصبهاني ،ودلئل
النبوة لقوام السنة الصبهاني ،ودلئل النبوة للبيهقي ،والخصائص
الكبرى للسيوطي.
[ ]39الية ( )9ش سورة الحجر.
[ ]40أخرجه البخارى في صحيحه ،كتاب العتصام بالكتاب
والسنة ،باب قول النبي صلى الله عليه وسلم" :بعثت بجوامع
الكلم" واللفظ له ،انظر فتح الباري ( )247 /3ح .7274وأخرجه
مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان :باب وجوب اليمان برسالة
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس ونسخ الملل
بملته .انظر (.)93 ،92 /1
[ ]41الية ( )31من سورة النفال.
[ ]42اليتان ( )34 -33من سورة الطور.
[ ]43الية ( )13من سورة هود.
[ ]44الية ( )23من سورة البقرة.
[ ]45الية ( )24من سورة البقرة.
[ ]46الية ( )8من سررة السراء.
[ ]47انظر مجلة البحوث السلمية ،العدد التاسع (ص )28 -27
مقال بعنوان بيان ما يسمى معجزة محمد الخالدة والمعجزة
القرآنية إعداد هيئة كبار العلماء.
[ ]48الية ( )89من سورة السراء.
[ ]49اليتان ( )2 ،1من سورة القمر.
[ ]50أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب المناقب :باب سؤال
المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية ،فأراهم
انشقاق القمر .انظر :فتح الباري ( )631 /6ح 3637
[ ]51عبد الله بن مسعود الهذلي ،أسلم قديما ،وهاجر الهجرتين،
وشهد بدرا والمشاهد بعدها ،وكان أول من جهر بالقرآن بمكة
وكان من فقهاء الصحابة ،توفي عام 32هـ بالمدينة.
الصابة )362 ،1/360( :رقم .4954
[ ]52أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب المناقب :باب سؤال
المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية ،فأراهم
انشقاق القمر .انظر :فتح الباري ( )631 /6ح .3636
[ ]53الزوراء :موضع بالمدينة عند سوقها في ذلك الوقت .وفاء
الوفاء (.)1229 /4
[ ]54أخرجه البخاري في صحيحه واللفظ له ،كتاب المناقب :باب
علمات النبوة في السلم .انظر :فتح الباري ( )6/580ح ،3572
وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الفضائل :باب في معجزات
النبي صلى الله عليه وسلم (.)49 /7
فائدة :قال ابن حجر في فتح الباري (" :)585 /6حديث نبع الماء
من أصابعه صلى الله عليه وسلم جاء من رواية أنس عند
الشيخين وأحمد وغيرهم من خمسة طرق .وعن جابر بن عبد
الله من أربعة طرق وعن ابن مسعود عند البخاري والترمذي،
وعن ابن عباس عند أحمد والطبراني من طريقين .وعن ابن أبي
ليلى والد عبد الرحمن عند الطبراني" .انتهى كلمه.
[ ]55الشفا (.)1/402
[ ]56أبو طلحة :اسمه زيد بن سهل بن السود النصاري النجاري
الخزرجي ،مشهور بكنيته ،شهد العقبة ثم شهد بدرا وما بعدها
من المشاهد ،توفي عام 31هـ وقيل 34هـ.
الصابة ( )549 /1ت رقم .2905
[ ]57أم سليم بنت ملحان بن خالد النصارية وهى أم أنس خادم
رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتهرت بكنيتها واختلف في
اسمها فقيل سهلة وقيل رميلة وقيل غير ذلك .أسلمت مع
السابقين من النصار ،ولها مواقف مشهودة تدل على فضلها
ومكانتها .الصابة ( )442 ،441 /4ت رقم .1321
[ ]58أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب المناقب :باب ،علمات
النبوة في السلم .انظر فتح الباري ( )586 /6ح .3578
المبحث الول :الدلة على وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم
المطلب الول :الدلة من القرآن على وجوب طاعته صلى الله
عليه وسلم
قال المام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى" :نظرت في
المصحف فوجدت طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في ثلثة
وثلثين موضعًا"[.]35
وقال الجري[" :]36فرض على الخلق طاعته صلى الله عليه
وسلم في نيف وثلثين موضعا من كتابه عز وجل"[.]37
وقال شيخ السلم ابن تيمية" :وقد أمر الله بطاعة رسوله صلى
الله عليه وسلم في أكثر من ثلثين موضعا من القرآن ،وقرن
طاعته بطاعته ،وقرن بين مخالفته ومخالفته ،كما قرن بين اسمه
واسمه ،فل يذكر الله إل ذكر معه"[.]38
قلت :إن اليات الواردة في المر بطاعة النبي صلى الله عليه
وسلم واتباعه والقتداء به جاءت في مواطن متعددة من القرآن
الكريم .واتصفت تلك اليات بتنوع أساليبها وتعدد صيغها مع
اتحادها جميعها في المر بالقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم
وطاعته في جميع ما جاء به من شرائع وأحكام من عند الله عز
وجل ،وسوف أعرض لهذه اليات بعد تقسيمها على حسب ما
اتحدت به في السياق على النحو التالي:
أ -اليات التي جاء فيها المر بطاعته صلى الله عليه وسلم ومن
َ َ
ه}[.]39 ل فَقَد ْ أطَاع َ الل ّ َ سو َ ن يُطِِع الَّر ُ م ْ تلك اليات قوله تعالىَ { :
وهذه الية ضمن سلسلة من اليات ربطت بين طاعة الله تبارك
وتعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ،فقد جعل الله
طاعته وطاعة رسوله شيئا واحدا ،وجعل المر بطاعة رسوله
مندرجا في المر بطاعته سبحانه ،وفي ذلك بيان للعباد بأن
طاعته سبحانه ل تتحقق إل بطاعة الرسول صلى الله عليه
وسلم.
ومن تلك اليات الواردة بهذه الصيغة:
َ َ َّ َّ َ -1قوله تعالى{ :قُ ْ َ
هل ن الل َ ن تَوَلوْا فإ ِ ّ ل فَإ ِ ْ سو َ ه وَالَّر ُ ل أطِيعُوا الل ّ َ
َ َ
ن}[.]40 ب الْكَافِرِي َ ح ُّ يُ ِ
َ
ن}[.]41 مو َ ح ُ م تُْر َ ل لَعَل ّك ُ ْ سو َ ه وَالَّر ُ
َ -2وقوله تعالى{ :وَأطِيعُوا الل ّ َ
نم ْ جرِي ِ ت تَ ْ جنَّا ٍ ه َ خل ْ ُ ه يُد ْ ِ سول َ ُ ه وََر ُ ن يُطِِع الل ّ َ م ْ {و َ -3وقوله تعالىَ .:
م}[.]42 ُ ك الْفَوُْز الْعَظِي ن فِيهَا وَذَل ِ َ َ خالِدِي حتِهَا الَن ْ َهاُر َ تَ ْ
َّ َ َ َ َ
ولوْا ه وَل ت َ َ سول َ ُ ه وََر ُ منُوا أطِيعُوا الل ّ َ نآ َ -4وقوله تعالى{ :يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
ن}[.]43 َ
م ُعو َ َ سم تَ ْ ْ ه وَأنْت ُ ع َن ْ ُ
َ َ
ه وَيَتَّقْهِ ش الل ّ َ خ َ ه وَي َ ْ سول َ ُ ه وََر ُ ن يُطِِع الل ّ َ م ْ {و َ ُ -5وقوله تعالىَ :
ن}[.]44 م الْفَائُِزو َ ك هُ ُ فَأولَئ ِ َ
َ
ه فَقَد ْ فَاَز فَوْزا ً عَظِيماً}[ سول َ ُ ه وََر ُ ن يُطِِع الل ّ َ م ْ {و َ -6وقوله تعالىَ :
.]45
َ
ن
م ْ جرِي ِ ت تَ ْ جنَّا ٍ ه َ خل ْ ُ ه يُد ْ ِ سول َ ُ ه وََر ُ ن يُطِِع الل ّ َ م ْ {و َ -7وقوله تعالىَ :
ه عَذ َابا ً ألِيماً}[ .]46 َ حتِها الَنْهار ومن يَتَو َّ
ل يُعَذِّب ْ ُ َ ُ َ َ ْ َ تَ ْ َ
وفي آيات أخر يأمر الله سبحانه بطاعته وطاعة رسوله صلى الله
عليه وسلم مع إعادة الفعل ،وفي ذلك إشارة إلى أن ما يأمر به
رسول الله صلى الله عليه وسلم تجب طاعته فيه وإن لم يكن
مأمورا به بعينه في كلم الله الذي هو القرآن ،فتجب طاعة
الرسول مفردة كما تجب مقرونة بأمره سبحانه ،ومن هذه
اليات:
َ َ َ
حذَُروا فَإ ِ ْ
ن ل وَا ْ سو َ ه وَأطِيعُوا الَّر ُ اَ -قوله تعالى{ :وَأطِيعُوا الل ّ َ
ن}[.]47 ُ مبِيُ سولِنَا الْبَلغ ُ ال ْ ما ع َلَى َر ُ َ موا أَن َّ م فَاع ْل َ ُ تَوَل ّيْت ُ ْ
َ َ َ َ َ
لسو َ ه وَأطِيعُوا الَّر ُ منُوا أطِيعُوا الل ّ َ نآ َ -2وقوله تعالى{ :يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
م}[.]48 ْ مالَك ُ َ وَل تُبْطِلُوا أَع ْ
َ َ َ -3وقوله تعالى{ :قُ ْ َ
ن تَوَل ّوْا ل فَإ ِ ْ سو َ ه وَأطِيعُوا الَّر ُ ل أطِيعُوا الل ّ َ
ما ن تُطِيعُوه ُ تَهْتَدُوا َو َ م وَإ ِ ْ ملْت ُ ْح ِّ ما ُ م َ ل وَع َلَيْك ُ ْ م َ ح ِّ
ما ُ ما ع َلَيْهِ َ فَإِن َّ َ
ن}[.]49 ُ مبِي ُ ل إِل َّ الْبَلغ ُ ال ْ سو ِ ع َلَى الَّر ُ
َ َ َ َ
ما م فَإِن َّ َ ن تَوَل ّيْت ُ ْ ل فَإ ِ ْ سو َ ه وَأطِيعُوا الَّر ُ -4وقوله تعالى{ :وَأطِيعُوا الل ّ َ
ن}[.]50 مبِي ُ سولِنَا الْبَلغ ُ ال ْ ُ ع َلَى َر ُ
َ َ َ َ َ
وَأطِيعُوا الَّر ُ
سو َ
ل منُوا أطِيعُوا الل ّ َ
ه نآ َ وقوله تعالى{ :يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
َ ُ
م}[.]51 منْك ُ ْمرِ ِوَأولِي ال ْ
ويقول ابن القيم[ ]52عند هذه الية" :أمر تعالى بطاعته وطاعة
رسوله وأعاد الفعل إعلما بأن طاعة الرسول تجب استقلل من
غير عرض ما أمر به على الكتاب ،بل إذا أمر وجبت طاعته
مطلقا سواء كان ما أمر به في الكتاب أو لم يكن فيه ،فإنه أوتي
الكتاب ومثله معه[ .]53ولم يأمر بطاعة أولي المر استقلل بل
حذف الفعل وجعل طاعتهم في ضمن طاعة الرسول ،إيذانا
بأنهم إنما يطاعون تبعا لطاعة الرسول فمن أمر منهم بطاعة
الرسول وجبت طاعته ،ومن أمر منهم بخلف ما جاء به الرسول
فل سمع له ول طاعة ،كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه
قال" :ل طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف"[]54
وقال" :إنما الطاعة في المعروف"[ ،]55وقال" :على المرء
المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إل أن يؤمر بمعصية
فإن أمر بمعصية فل سمع ول طاعة"[.]56
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن الذين أرادوا دخول النار لما
أمرهم أميرهم بدخولها" :إنهم لو دخلوها لما خرجوا منها" مع
أنهم إنما كانوا يدخلونها طاعة لميرهم ،وظنا أن ذلك واجب
عليهم ،ولكن لما قصروا في الجتهاد وبادروا إلى طاعة من أمر
بمعصية الله وحملوا عموم المر بالطاعة بما لم يرده المر صلى
الله عليه وسلم وما قد علم من دينه إرادة خلفه ،فقصروا في
الجتهاد وأقدموا على تعذيب أنفسهم وإهلكها من غير تثبيت
وتبين هل ذلك طاعة لله ورسوله أم ل؟ ،فما الظن بمن أطاع
غيره في صريح مخالفة ما بعث الله به رسوله"[.]57
َّ َ َ وأما قوله تعالى{ :قُ ْ َ
ن تَوَلوْا ل فَإ ِ ْ
سو َ ه وَأطِيعُوا الَّر ُ ل أطِيعُوا الل ّ َ
ما ن تُطِيعُوه ُ تَهْتَدُوا َو َ م وَإ ِ ْ ملْت ُ ْ ح ِّما ُ م َل وَع َلَيْك ُ ْ م َ ح ِّما ُ ما ع َلَيْهِ َ
فَإِن َّ َ
َ
ن}[ ]58فقد أخبر تعالى في هذه الية مبِي ُل إِل ّ الْبَلغ ُ ال ْ ُ سو ِ ع َلَى الَّر ُ
أن الهداية في طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ل في غيرها،
فإنه معلق بالشرط فينتفي بانتفائه ،وليس هذا من باب دللة
المفهوم ،كما يغلط فيه كثير من الناس ويظن أنه محتاج في
تقرير الدللة منه ل تقرير كون المفهوم حجة.
بل هذا من الحكام التي ترتبت على شروط وعلقت فل وجود لها
بدون شروطها ،إذ ما علق على الشرط فهو عدم عند عدمه ،وإل
لم يكن شرطا له وإذا ثبت هذا :فالية نص في انتفاء الهداية عند
َ
ل} الفعل م َ ح ِّما ُ ما ع َلَيْهِ َ ن تَوَل ّوْا فَإِن َّ َ عدم طاعته .وقوله{ :فَإ ِ ْ
للمخاطبين وأصله فإن تتولوا ،فحذفت إحدى التاءين تخفيفا،
والمعنى :أنه قد حمل أداء الرسالة وتبليغها ،وحملتم طاعته
والنقياد له والتسليم.
روي عن الزهري[ ]59أنه قال" :من الله البيان وعلى الرسول
البلغ وعلينا التسليم".
فإن تركتم أنتم ما حملتم من اليمان والطاعة فعليكم ل عليه.
فإنه لم يحمل إيمانكم وإنما حمل تبليغكم ،وإنما حمل أداء
الرسالة إليكم.
َ
ن} ليس مبِي ُ ل إِل ّ الْبَلغ ُ ال ْ ُ سو ِ ما ع َلَى الَّر ُ ن تُطِيعُوه ُ تَهْتَدُوا َو َ {وَإ ِ ْ
عليه هداهم وتوفيقهم"[]60
ب -اليات التي جاء فيها المر باتباعه والتأسي به والخذ بما
شرعه:
جاء المر من الله تبارك وتعالى باتباع رسوله صلى الله عليه
وسلم والتأسي به في مواطن متعددة من كتابه العزيز.
َّ َ
ه
م الل ُ حبِبْك ُ ُ ه فَاتَّبِعُونِي ي ُ ْ ن الل ّ َ حبُّو َ م تُ ِ ن َ كُنْت ُ ْ ل إِ ْ أ -قال تعالى{ :قُ ْ
َ
م}[.]61 حي ٌ ه غَفُوٌر َر ِ
َ م وَالل ّ ُ م ذ ُنُوبَك ُ ْ فْر لَك ُ ْ وَيَغْ ِ
ن
م ُ ي ال ّذِي يُؤْ ِ م ِّ ي ال ُ ِّ سولِهِ النَّب ِ ِ ّ منُوا بِالل ّهِ وََر ُ -2وقال تعالى{ :فَآ ِ
َ َ
ن}[.]62 م تَهْتَدُو َ ماتِهِ وَاتَّبِعُوه ُ لَعَل ّك ُ ْ بِالل ّهِ وَكَل ِ َ
ه
م ع َن ْ ُ ما نَهَاك ُ ْ خذ ُوه ُ وَ َ ل فَ ُ سو ُ م الَّر ُ ما آتَاك ُ ُ {و َ -3وقال تعالىَ :
فَانْتَهُوا}[.]63
ُ َّ
ن
م ْة لِ َ سن َ ٌح َ سوَة ٌ َ ل اللهِ أ ْ سو ِ م فِي َر ُ
َ ن لَك ُ ْ -4وقال تعالى{ :لَقَد ْ كَا َ
َ
ه كَثِيراً}[.]64 خَر وَذ َكََر الل ّ َ م ال ِ ه وَالْيَوْ َ جو الل ّ َ ن يَْر ُ كَا َ
وهذه اليات تضمنت توجيهات عظيمة يجب على المسلم تدبرها
ففي الية الولى جعل الله التباع سبيل إلى نيل حبه ووسيلة إلى
تحقيق رضاه وحصول غفرانه ،إذ باتباع الرسول صلى الله عليه
وسلم يحصل حب الله تعالى ورضاه ومثوبته ،فالخير كل الخير
في اتباعه والشر كل الشر في مخالفته والبتعاد عن سنته.
فالتباع هو دليل المحبة وبرهانها ،وبتحققه تكون المحبة التي هي
َ
ه} كما أن من م الل ّ ُ حبِبْك ُ ُ إحدى ثمراته كما قال تعالى{ :فَاتَّب ِ ُعونِي ي ُ ْ
ثمراته غفران الذنوب كما جاء في هذه الية نفسها{ :ويغفر لكم
ذنوبكم}.
وهذه المنزلة والمكانة لتباع الرسول صلى الله عليه وسلم نابعة
من كون هذا التباع إنما هو في الحقيقة اتباع لله ،إذ الرسول
إنما جاء بهذا الدين من عند الله عز وجل فهو شرع الله ودينه
الذي أوحاه لرسوله صلى الله عليه وسلم ليبلغه للعباد،
فالرسول إنما هو مبلغ عن الله ولم يأت بشيء من عند نفسه
ي} الية[ ،]65وقال حى إِل َ َّ م يُو َ مثْلُك ُ ْ شٌر ِ ما أَنَا ب َ َ ل إِن َّ َ قال تعالى{ :قُ ْ
ُ
ن َرب ِّهِ} الية[.]66 م ْ ل إِلَيْهِ ِ ما أنْزِ َ ل بِ َ سو ُ ن الَّر ُ م َ
تعالى{ :آ َ
َ
سولِهِ النَّب ِ ِ ّ
ي منُوا بِالل ّهِ وََر ُ
َ
وفى الية الخرى وهي قوله تعالى{ :فَآ ِ
َ َ
ن} جاء المر م تَهْتَدُو َ ماتِهِ وَاتَّبِعُوه ُ لَعَل ّك ُ ْ ن بِالل ّهِ وَكَل ِ َ م ُ ي ال ّذِي يُؤ ْ ِ م ِّال ُ ِّ
بالتباع عقب المر باليمان تأكيدا على وجوب اتباع النبي صلى
الله عليه وسلم وإل فإن التباع داخل في اليمان ولكن أفرد
بالذكر هنا تنبيها على أهميته وعظم منزلته.
ه
م ع َن ْ ُ ما نَهَاك ُ ْ خذ ُوه ُ وَ َ ل فَ ُ سو ُ م الَّر ُ ما آتَاك ُ ُ وأما قوله تعالى{ :وَ َ
فَانْتَهُوا} ،فهذه الية أوجبت التباع المطلق للنبي صلى الله عليه
وسلم ،فما أمر به من شيء فإن علينا فعله وما نهى عن شيء
فإن علينا تركه واجتنابه ،فهو ل يأمر إل بخير ول ينهى إل عن شر.
وفى هذا التباع والنقياد حياتنا وفلحنا كما قال تعالى{ :يَا أَيُّهَا
َ َ
موا م وَاع ْل َ ُ حيِيك ُ ْ ما ي ُ ْ م لِ َل إِذ َا دَع َاك ُ ْ سو ِ جيبُوا لِل ّهِ وَلِلَّر ُ ست َ ِمنُوا ا ْ ن َآ َ ال ّذِي َ
َ أ َ َّ
ن}[.]67 شُرو َ ح َ ه إِلَيْهِ ت ُ ْ
مْرءِ وَقَلْبِهِ وَأن َّ ُ ن ال ْ َ
ل بَي ْ َ حو ُه يَ ُن الل ّ َ
فهنا أمر من الله تعالى للمؤمنين جميعا بأن يستجيبوا للرسول
صلى الله عليه وسلم فيما أمرهم به ونهاهم عنه ،ففي ذلك
الحياة النافعة الطيبة وهذه الحياة إنما تحصل بالستجابة لما جاء
به الرسول أمرا ونهيا وأما من لم تحصل منه الستجابة فل حياة
له ،وإن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات،
"إذ الحياة الحقيقية الطيبة هي حياة من استجاب لله ولرسوله
ظاهرا وباطنا ،فهؤلء هم الحياء وإن ماتوا ،وغيرهم أموات وإن
كانوا أحياء البدان ،ولهذا كان أكمل الناس حياة أكملهم استجابة
لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم ،فإن كل ما دعا إليه ففيه
الحياة ،فمن فاته جزء منه فاته جزء من الحياة ،وفيه من الحياة
بحسب ما استجاب للرسول"[.]68
ولقد أعقب هذا المر بالستجابة تحذير من ترك الستجابة له أو
َ َ َ
ن حو ُ
ل بَي ْ َ ه يَ ُن الل ّ َ موا أ ّتثاقل وتباطؤ عنها فقال تعالى{ :وَاع ْل َ ُ
مْرءِ وَقَلْبِهِ} والمعنى " :أنكم إن تثاقلتم عن الستجابة وأبطأتم ال ْ َ
عنها فل تأمنوا أن الله يحول بينكم وبين قلوبكم فل يمكنكم بعد
ذلك من الستجابة عقوبة لكم بعد وضوح الحق واستبانته"[.]69
ة
سن َ ٌ وأما قوله تعالى{ :لَقَد كَان لَك ُم في رسول الل َّ ُ
ح َ سوَة ٌ َهأ ْ ِ َ ُ َ ِ ْ ِ َ ْ
ً ّ ْ َ
ه كثِيرا} فقد جعل الله َ َ
خَر وَذ َكَر الل َ م ال ِ جو الل ّ َ
ه وَاليَوْ َ ن كَا َ
ن يَْر ُ م ْ لِ َ
تبارك وتعالى من رسوله السوة والقدوة ليحتذي به الخلق في
أقواله وأفعاله وجميع ما جاء به صلى الله عليه وسلم .قال ابن
كثير" :هذه الية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله
صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله.]70["...
ج -اليات التي جاء فيها وجوب التسليم لحكمه والنقياد له:
م
جَر بَيْنَهُ ْ ش َ ما َ ك فِي َ مو َ كّ ُ
ح ِحتَّى ي ُ َ ن َ منُو َ ك ل َ يُؤ ْ ِ قال تعالى{ :فَل وََرب ِّ َ
سلِيماً}[.]71 َ
موا ت َ ْ سل ِّ ُ ت َوي ُ َ ضي ْ َ ما قَ َ م َّ حَرجا ً ِ م َ سهِ ْجدُوا فِي أن ْ ُف ِ م ل يَ ِ ث ُ َّ
وفي هذه الية أقسم سبحانه بأجل مقسم به -وهو نفسه عز
وجل -على أنه ل يثبت لهم إيمان ول يكونون من أهله ،حتى
يحكموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع موارد النزاع
وفي جميع أبواب الدين فإن لفظة "ما" من صيغ العموم .ولم
يقتصر المر على مجرد التحاكم بل ضم إليه انشراح صدورهم
بحكمه بحيث ل يجدون في أنفسهم حرجا -وهو الضيق والحصر
-من حكمه ،بل يقبلوا حكمه بالنشراح ،ويقابلوه بالتسليم ل أنهم
يأخذونه على إغماض ،ويشربونه على قذى ،فإن هذا مناف
لليمان ،بل لبد أن يكون أخذه بقبول ورضا وانشراح صدر.
ثم لم يقتصر سبحانه على ذلك حتى ضم إليه قوله تعالى:
سلِيماً} فذكر الفعل مؤكدا بمصدره القائم ذكره سل ِّ ُ
موا ت َ ْ {وَي ُ َ
مرتين ،وهو التسليم والخضوع له والنقياد لما حكم به طوعا
ورضا ،وتسليما ل قهرا ومصابرة كما يسلم المقهور لمن قهره
كرها ،بل تسليم عبد مطيع لموله وسيده الذي هو أحب شيء
إليه ،يعلم أن سعادته وفلحه في تسليمه إليه ويعلم بأنه أولى به
من نفسه ،وأبر به منها وأقدر على تخليصها ،كما قال تعالى:
م}[.]72 مهَاتُهُ ْ ه أ ُ َّ
ج ُ
َ
م وَأْزوَا ُ سهِ ْ
ي أَولَى بال ْمؤْمنِين م َ
ن أن ْ ُف ِ ِ ُ ِ َ ِ ْ {النَّب ِ ُّ ْ
فمتى علم العبد هذا من الرسول صلى الله عليه وسلم
واستسلم له ،وسلم إليه انقادت له كل علة في قلبه ورأى أن ل
سعادة له إل بهذا التسليم والنقياد.
وتأمل تأكيده سبحانه لهذا المعنى المذكور في الية بوجوه عديدة
من التأكيد:
أولها :تصديرها بتضمن المقسم عليه للنفي وهو قوله {لَ
ن} وهذا منهج معروف في كلم العرب ،إذا أقسموا على منُو َ يُؤ ْ ِ
شيء منفي صدروا جملة القسم بأداة نفي مثل هذه الية.
وثانيها :تأكيده بنفس المقسم.
وثالثها :إقسامه بنفسه ل بشيء من مخلوقاته ،وهو سبحانه
يقسم بنفسه تارة وبمخلوقاته تارة.
ورابعها :تأكيده بانتفاء الحرج وهو وجود التسليم.
وخامسها :تأكيد الفعل بالمصدر ،وما هذا التأكيد إل لشدة الحاجة
إلى هذا
المر العظيم ،وإنه مما يعتنى به ويقرر في نفوس العباد بما هو
من أبلغ أنواع التقرير[.]73
وقال ابن كثير عند تفسيره لهذه الية" :يقسم تعالى بنفسه
الكريمة المقدسة أنه ل يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى الله
عليه وسلم في جميع المور فما حكم به فهو الحق الذي يجب
م َ النقياد له باطنا وظاهرا ولهذا قال{ :ث ُ َّ
سهِ ْ جدُوا فِي أنْفُ ِ م ل يَ ِ
سلِيماً} أي إذا حكموك يطيعونك في موا ت َ ْ سل ِّ ُ ت وَي ُ َ ضي ْ َ ما قَ َم َّ حَرجا ً ِ َ
بواطنهم فل يجدون في أنفسهم حرجا مما حكمت به وينقادون
له في الظاهر والباطن فيسلمون لك تسليما كليا من غير ممانعة
ول مدافعة ول منازعة.]74["...
وهذه الية ينبغي لكل مسلم أن يعرض نفسه عليها.
وفى هذا يقول ابن القيم" :ومتى أراد العبد أن يعلم هذا[]75
فلينظر في حاله ويطالع قلبه عند ورود حكمه على خلف هواه
وغرضه ،أو على خلف ما قلد فيه أسلفه من المسائل الكبار
وما دونها {بل النسان ع َلَى ن ْفسه بصيرةٌ ،ول َ َ
معَاذِيَرهُ}[ و ألْقَى َ َ ْ َ ِ ِ َ ِ َ َ ِ ِْ َ ُ
.]76
فسبحان الله كم من حزازة في نفوس كثير من الناس من كثير
من النصوص بودهم أن لو لم ترد؟ وكم من حرارة في أكبادهم
منها؟ وكم من شجى في حلوقهم منها ومن موردها؟ ستبدو لهم
تلك السرائر بالذي يسوء ويخزي يوم تبلى السرائر"[.]77
َ
سولِهِ ن إِذ َا دُع ُوا إِلَى الل ّهِ وََر ُ منِي َ مؤْ ِ ل ال ْ ُ ن قَوْ َ ما كَا َ وقال تعالى{ :إِن َّ َ
حون}[.]78 مفْل ِ ُ ُ م ال ْ
ُ ك هُ معْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئ ِ َ س ِن يَقُولُوا َ
لِيحك ُم بينه َ
مأ ْ َ ْ َ ََُْ ْ
هُ َّ َ
سول ُ ه وََر ُضى َالل ُ منَةٍ إِذ َا قَ َ مؤْ ِ ن وَل ُ م ٍمؤْ ِ ن لِ ُ ما كا َ وقال تعالى{ :وَ َ
َ َ َ
سول َ ُ
ه ه وََر ُ ص الل ّ َ ن يَعْ ِ م ْ
م وَ َ مرِه ِ ْ نأ ْ م ْ خيََرة ُ ِ م ال ْ ِن لَهُ ُ ن يَكُو َ مرا ً أ ْأ ْ
مبِيناً}[ ،]79وكل اليتين توجبان التسليم الكامل ض َّ
ضلل ً ُ ل َ فَقَد ْ َ
والنقياد التام من أهل اليمان لما حكم به الله تعالى وحكم به
رسوله صلى الله عليه وسلم ،فليس في ذلك اختيار ،بل السمع
والطاعة والقبول والتسليم بما جاء عن الله ورسوله.
ومن الملحظ في كل اليتين أن الخطاب فيهما لهل اليمان
ن.}... منِي َ مؤ ْ ِ ل ال ْ ُ ن قَوْ َ ما كَا َ ففي الية الولى {إِن َّ َ
ة} ،وهذا التخصيص من َ ٍمؤ ْ ِ ن وَل ُ م ٍ مؤ ْ ِن لِ ُ ما كَا َ {و َ
وفي الثانية َ
للمؤمنين فيه من الدللة ما فيه فاسم اليمان يشعر بأن هذا
المطلوب منهم من موجبات السم الذي نسبوا إليه ولذلك فإنه
يجب على كل من يؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم أن
يضع هاتين اليتين وأمثالهما من اليات الموجبة للمتثال لمر الله
ورسوله صلى الله عليه وسلم نصب عينيه فيسمع ويطيع ،ويؤمن
بأنه ل اختيار له في ذلك ول رأي ،بل التسليم المطلق الذي ل
يصاحبه شك ول ارتياب.
فهذه حقيقة اليمان ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله التي
تعني طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه
وزجر وأل يعبد الله إل بما شرع.
ومثل هذه اليات هي الفاصل بين دعوى اليمان الحقيقية التي
هي للمؤمنين الصادقين ،وبين دعوى اليمان الزائفة الباطلة التي
هي سمة المنافقين الكاذبين المظهرين خلف ما يبطنون.
________________________________________
[ ]1اليتان ( )46 ،45من سورة الحزاب.
[ ]2الية ( )52من سورة الشورى.
[ ]3الية ( )43من سورة الزخرف.
[ ]4الية ( )80من سورة النساء.
[ ]5الية ( )64من سورة النساء.
[ ]6الية ( )6من سورة العراف.
[ ]7اليات ( )14 ،13من سورة النساء.
[ ]8اليات ( )29 ،28 ،27من سورة الفرقان.
[ ]9اليات ( )68 ،67 ،66من سورة الحزاب.
[ ]10الية ( )32من سورة آل عمران.
[ ]11الية ( )65من سورة النساء.
[ ]12الية ( )63من سورة النور.
[ ]13الية ( )69من سورة النساء.
[ ]14الية ( )64من سورة النساء.
[ ]15الية ( )52من سورة النور.
[ ]16الية ( )3من سورة نوح.
[ ]17الية ( )108من سورة الشعراء.
[ ]18انظر اليات ( )179 ،163 ،150 ،144 ،131 ،126من سورة الشعراء.
[ ]19الية ( )16 ،15 ،14من سورة الليل.
[ ]20الية ( )32 ،31من سورة القيامة.
[ ]21الية ( )16 ،15من سورة المزمل.
[ ]22الية ( )41من سورة النساء.
[ ]23الية ( )42من سورة النساء.
[ ]24الرد على الخنائي (ص .)183 -180
[ ]25الية ( )64من سورة النساء.
[ ]26مجموع الفتاوى ( )100 ،99 /19بتصرف.
[ ]27الية ( )165من سورة النساء.
[ ]28مجموع الفتاوى ( )96 /19بتصرف.
[ ]29الية ( )157من سورة العراف.
[ ]30الية ( )104من سورة آل عمران.
[ ]31الية ( 1إلى ه) من سورة البقرة.
[ ]32الية ( )14 ،13من سورة النساء.
[ ]33الية ( )107من سورة النبياء.
[ ]34الية ( )153من سورة النعام.
[ ]35الصارم المسلول لشيخ السلم ابن تيمية (ص .)56
[ ]36محمد بن الحسين بن عبد الله أبو بكر الجري ،فقيه
شافعي ،محدث ،توفي سنة 360هـ بمكة وله مصنفات كثيرة منها:
كتاب الشريعة .العلم (.)97 /6
[ ]37الشريعة (ص .)49
[ ]38مجموع الفتاوى (.)103 /19
[ ]39الية ( )80من سورة النساء.
[ ]40الية ( )32من سورة آل عمران.
[ ]41الية ( )132من سورة آل عمران.
[ ]42الية ( )13من سورة النساء.
[ ]43الية ( )20من سورة النفال.
[ ]44الية ( )52من سورة النور.
[ ]45الية ( )71من سورة الحزاب.
[ ]46الية ( )17من سورة الفتح.
[ ]47الية ( )92من سورة المائدة.
[ ]48الية ( )33من سورة محمد.
[ ]49الية ( )54من سورة النور.
[ ]50الية ( )12من سورة التغابن.
[ ]51الية ( )59من سورة النساء.
[ ]52محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي ثم الدمشقي المشهور
بابن القيم ،ولد سنة إحدى وتسعين وستمائة ،تفنن في علوم
السلم ،لزم شيخ السلم ابن تيمية ،وله مؤلفات كثيرة في
الدفاع عن العقيدة والسنة .توفي سنة إحدى وخمسين
وسبعمائة .طبقات المفسرين للداودي (.)97 ،93 /2
[ ]53كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم" :أل إني أوتيت
الكتاب ومثله معه "...الحديث .أخرجه أبو داود في سننه ،كناب
السنة ،باب في لزوم السنة ( )10 /5ح 4604
[ ]54أخرجه مسلم في صحيحه كتاب المارة ،باب وجوب طاعة
المراء في غير معصية وتحريمها في المعصية ()15 /6
[ ]55أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب أخبار الحاد :باب ما جاء
في إجازة خبر الواحد .انظر :فتح الباري ( )233 /13ح ،7257ومسلم
في صحيحه ،كتاب المارة :باب وجوب طاعة المراء في غير
معصية وتحريمها في المعصية .انظر (.)15 /6
[ ]56أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه ،كتاب المارة ،باب
وجوب طاعة المراء في غير معصية وتحريمها في المعصية (/6
.)12وأخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الحكام :باب السمع
والطاعة للمام ما لم تكن معصية .فتح الباري ( )122 ،121 /13ح
.7144
[ ]57إعلم الموقعين (.)49 ،48 /1
[ ]58الية ( )54من سورة النور.
[ ]59محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب
الزهري ،الفقيه الحافظ متفق على جللته وإتقانه ،مات سنة 125
هـ وقيل قبل ذلك .تذكرة الحفاظ (.)102 /1
[ ]60الرسالة التبوكية (ص .)38 ،37
[ ]61الية ( )31من سورة آل عمران.
[ ]62الية ( )158من سورة العراف.
[ ]63الية ( )7من سورة الحشر.
[ ]64الية ( )21من سورة الحزاب.
[ ]65الية ( )110من سورة الكهف ،والية ( )6من سورة فصلت.
[ ]66الية ( )85من سورة البقرة.
[ ]67الية ( )24من سورة النفال.
[ ]68الفوائد لبن القيم (ص )88بتصرف.
[ ]69المصدر السابق (ص .)95
[ ]70تفسير ابن كثير (.)474 /3
[ ]71الية ( )65من سورة النساء.
[ ]72الية ( )6من سورة الحزاب.
[ ]73الرسالة التبوكية لبن القيم (ص .)26 ،25
[ ]74تفسير ابن كثير (.)520 /1
[ ]75أي قبوله لحكم الرسول والتسليم له.
[ ]76الية ( )15 ،14من سورة القيامة.
[ ]77الرسالة التبوكية (ص .)25
[ ]78الية ( )51من سورة النور.
[ ]79الية ( )36من سورة الحزاب.
[ ]80أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب العتصام بالكتاب
والسنة :باب القتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
انظر :فتح الباري ( )249 /13ح .7285
[ ]81أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الحكام :باب قول الله
َ تعالى {أَطيعوا الل َّه وأَطيعوا الَرسو َ ُ
م} ،انظر: منْك ُ ْ
مرِ ِل وَأولِي ال ْ ّ ُ َ َ ِ ُ ِ ُ
فتح الباري ( )111 /13ح .7137وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب
المارة :باب وجوب طاعة المراء في غير معصية وتحريمها في
المعصية (.)13 /6
[ ]82سعد بن مالك بن سنان النصاري أبو سعيد الخدري ،شهد
الغزوات بعد أحد وكان من أفاضل الصحابة وحفظ حديثا كثيرا
توفي سنة 74هـ وقيل غير ذلك .الصابة (.)33 ،32 /2
شرادا :إذا نفر وذهب في شرودا ،و ِ [ ]83يقال :شرد البعير ،يشردُ ،
الرض .النهاية (.)457 /2
[ ]84أخرجه ابن حبان في صحيحه ( )153 /1وأورده الهيثمي في
مجمع الزوائد ( ،)80 /10وقال :رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح .وله شاهد من طريق أبي هريرة بنحوه أخرجه الحاكم
في مستدركه ( )247 /4وقال صحيح على شرطهما ووافقه
الذهبي .وله شاهد آخر من طريق أبي أمامة بنحوه .أخرجه
الحاكم في المستدرك ( )247 /4وقال صحيح على شرطهما
ووافقه الذهبي.
[ ]85محمد بن حبان بن أحمد التميمي ،أبو حاتم البستي ،المام
الحافظ الثبت الحجة ،كان من أوعية العلم ،ولد سنة 270هـ
وتوفي سنة 354هـ .ميزان العتدال (.)506 /3
[ ]86صحيح ابن حبان (.)153 /1
[ ]87الية ( )153من سورة النعام.
[ ]88أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان :باب بيان كون
النهي عن المنكر من اليمان (.)51 ،50 /1
[ ]89اليتان ( )104 ،103من سورة الكهف.
[ ]90أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الصلح :باب إذا اصطلحوا
على جور .فتح الباري ( )301 /5ح ،2697وأخرجه مسلم في
صحيحه ،كتاب القضية :باب نقض الحكام الباطلة (.)132 /5
[ ]91الية ( )110من سورة الكهف.
[ ]92تفسير ابن كثير (.)108 /3
[ ]93أي ساروا بالليل .النهاية (.)129 /2
[ ]94أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب العتصام :باب القتداء
بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم ،انظر :فتح الباري ()250 /13
ح ،7283وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الفضائل :باب شفقته
صلى الله عليه وسلم على أمته .انظر.)63 /7( :
[ ]95أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب العتصام بالكتاب
والسنة :باب القتداء بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم.
انظر :فتح الباري( )249 /13ح .7281
[ ]96بفتح التحتانية والزاي وضم العين المهملة :أي يدفعهن .فتح
الباري (.)318 /13
[ ]97أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الرقاق :باب النتهاء عن
المعاصي .انظر فتح الباري ( )316 /11خ ،6483وأخرجه مسلم في
صحيحه ،كتاب الفضائل :باب شفقته صلى الله عليه وسلم على
أمته.)64 /7( ...
[ ]98الية ( )49من سورة الحج.
[ ]99الية ( )1من سورة الفرتان.
[ ]100الية ( )28من سورة سبأ.
[ ]101الية ( )128من سورة التوبة.
[ ]102الية ( )27من سورة الفرقان.
[ ]103الية ( )66من سورة الحزاب.
[ ]104أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب النكاح :باب الترغيب في
النكاح .انظر :فتح الباري ( )104 /9ح 563واللفظ له .ومسلم في
صحيحه ،كتاب النكاح :باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه
إليه ...انظر.)128 /4( :
[ ]105أخرجه أحمد بن حنبل في المسند (.)226 /6
[ ]106العرباض بن سارية السلمي أبو نجيح ،صحابي مشهور من
أهل الصفة ،مات سنة خمس وسبعين للهجرة وقيل قبل ذلك.
الصابة (.)466 /2
[ ]107أخرجه المام أحمد في مسنده ( .)127 ،126 /4وأخرجه أبو
داود في سننه ،كتاب السنة :باب في لزوم السنة ( )15 ،13 /5ح
،4607وأخرجه الترمذي في سننه ،كتاب العلم :باب في الخذ
بالسنة واجتناب البدعة ( )44 /5ح 2676وقال :هذا حديث حسن
صحيح وابن ماجة في سننه ،في المقدمة :باب اتباع سنة الخلفاء
الراشدين ( .)16 /1وابن حبان في صحيحه ( )139 /1والحاكم في
المستدرك ( )96 /1وصححه ووافقه الذهبي ،والجري في الشريعة
( ،)47 ،46والدارمي في سننه ،باب اتباع السنة ( )45 ،44 /1وقال
اللباني :سنده صحيح ،وصححه جماعة منهم الضياء المقدسي
في اتباع السنن واجتناب البدع ،انظر :مشكاة المصابيح ( )58 /1ح
.165
[ ]108أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب العتصام :باب القتداء
بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم .انظر :فتح الباري ()251 /13
ح ،7288ومسلم في صحيحه ،كتاب الحج :باب فرض الحج مرة
في العمر (.)102 /4
[ ]109الية ( )286من سورة البقرة.
[ ]110تقدم تخريجه ص 45
[ ]111الية ( )17من سورة الرعد.
[ ]112أخرجه ابن ماجة في السنن ( ،)188 /2كتاب المناسك :باب
الخطبة يوم النحر .وأخرجه الحاكم في المستدرك ( ،)87 /1وقال:
"وفي الباب عن جماعة من الصحابة" ،وقد جمع طرق هذا
الحديث الشيخ عبد المحسن العباد في كتاب سماه "دراسة
حديث :نضر الله امرءا سمع مقالتي ...رواية ودراية" وذكر أن
الحديث صحيح وبلغ حد التواتر.
[ ]113الرسالة التبوكية (ص .)56 ،55
[ ]114الرسالة التبوكية لبن القيم (ص .)37
[ ]115مجموع الفتاوى (.)339 /11
[ ]116العناق هي النثى من أولد المعز ما لم يتم له سنة .النهاية
(.)311 /3
[ ]117أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الزكاة :باب وجوب
الزكاة ،انظر :فتح الباري ( )262 /3ح ،1399وأخرجه مسلم في
صحيحه ،كتاب اليمان :باب المر بقتال الناس حتى يقولوا ل إله
إل الله محمد رسول الله (.)28 /1
[ ]118أخرجه مالك في الموطأ ،كتاب الفرائض :باب ميراث الجدة
(ص )346رقم 1087،وأخرجه أبو داود في السنن ،كتاب الفرائض:
باب ما جاء في ميراث الجدة ( )317 ،316 /3ح ،2894وأخرجه
الترمذي في السنن ،كتاب الفرائض :باب ما جاء في ميراث
الجدة ( )420 ،419 /4ح ،2101 ،2100وأخرجه ابن ماجه في السنن،
أبواب الفرائض ،باب ميراث الجدة ( )120 /2ح .2756
[ ]119أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب فرض الخمس :باب
فرض الخمس فتح الباري ( )197 /6ح ،3093وأخرجه مسلم في
صحيحه ،كتاب الجهاد والسير :باب قول النبي صلى الله عليه
وسلم" :ل نورث وما تركنا صدقة" (.)155 /5
[ ]120محمد بن سيرين النصاري مولهم ،مولى أنس بن مالك،
تابعي جليل كان إمام وقته ،مات سنة 110هـ .تهذيب التهذيب (/9
.)217 ،214
[ ]121إعلم الموقعين (.)54 /1
[ ]122السنة لللكائي ( )84 /1ح ،100والبدع والنهي عنها لبن وضاح
(ص .)24
[ ]123عامر بن شراحيل الشعبي :أهله من حمير اليمن ،قال فيه
مكحول" :ما رأيت أحدا أعلم بسنة ماضية من الشعبي وقد تولى
القضاء في عهد عمر بن عبد العزيزعلى الكوفة ،توفي سنة 105
هـ وقيل قبل ذلك .تهذيب التهذيب (.)69 -65 /5
[ ]124شريح بن الحارث بن قيس الكندي ،القاضي ،،مخضرم،
ثقة ،استقضاه عمر .مات قبل الثمانين أوبعدها .تهذيب التهذيب (
.)328 ،326 /4
[ ]125أخرجه الدارمي في السنن ( ،)60 /1وأورده السيوطي في
مفتاح الجنة (ص )46وعزاه للبيهقي والدارمي.
[ ]126شقيق بن سلمة السدي أبو وائل الكوفي ،أدرك النبي
صلى الله عليه وسلم ولم يره .قال ابن معين" :ثقة ل يسأل عن
مثله" مات سنة 82هـ .تهذيب التهذيب (.)363 ،361 /4
[ ]127أخرجه في صحيحه ،كتاب العتصام بالكتاب والسنة :باب
القتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم .انظر :فتح
الباري ( )249 /13ح .1275
[ ]128قال ابن حجر" :قال ابن بطال :يحتمل أمرين :أحدهما :أن
الذين أثنوا عليه إما راغب في حسن رأيي فيه وتقريري له ،وإما
راهب من إظهار ما يضره من كراهته .أو المعنى راغب فيما
عندي وراهب مني .أو المراد الناس راغب في الخلفة وراهب
منها ،فإن وليت الراغب فيها خشيت أن ل يعان عليها ،وان وليت
الراهب منها خشيت أن ل يقوم بها.
وذكر القاضي عياض توجيها آخر :أنهما وصفان لعمر أي راغب
فيما عند الله ،وراهب من عقابه فل أعول على ثنائكم وذلك
يشغلني عن العناية بالستخلف عليكم فتح الباري (.)207 /3
[ ]129أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الحكام :باب الستخلف
واللفظ له .انظر :فتح الباري ( .)256 ،255 /13وأخرجه مسلم في
صحيحه ،كتاب المارة :باب الستخلف وتركه (.)5 ،6/4
[ ]130أخرجه في صحيحه ،كتاب المارة ،باب الستخلف وتركه (
)5 /6
[ ]131أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الحج :باب الرمل في
الحج والعمرة ،واللفظ له .انظر :فتح الباري ( )471 /3ح ،1605
وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الحج :باب استحباب تقبيل
الحجر السود في الطواف (.)67 /4
[ ]132عثمان بن عفان ،ولد بعد الفيل بست سنين ،أسلم على يد
الصديق ،وقد تزوج بنتي رسرل الله صلى الله عليه وسلم :رقية
وأم كلثوم ولذلك سمي ذا النورين ،وقد ولي الخلفة سنة 24هـ،
وقعت في عهده الفتنة فقتل رضي الله عنه سنة 35هـ .تهذيب
التهذيب (.)142 ،139 /7
[ ]133زينب بنت كعب بن عجرة صحابية تزوجها أبو سعيد
الخدري .الصابة (.)312 /4
[ ]134الفريعة بنت مالك بن سنان الخدرية ،صحابية جليلة وقصتها
مذكورة في الحديث الذي معنا .الصابة (.)375 /4
[ ]135أخرجه المام مالك في الموطأ ( )591 /2في الطلق ،باب
مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها وأخرجه أبو داود في السنن،
كتاب الطلق ،باب في المتوفى عنها تنتقل ( )724 ،723 /2ح ،2300
وأخرجه الترمذي في سننه ،كتاب الطلق :باب ما جاء أين تعتد
المتوفى عنها زوجها واللفظ له ،وقال :هذا حديث حسن صحيح (
)508 /3ح ،1204وأخرجه النسائي ،في السنن الصغرى :كتاب
الطلق باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل (/6
.)199
[ ]136أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الحج :باب التمتع
والقران والفراد بالحج ...انظر فتح الباري ( ،)421 /3وأخرجه
مسلم في صحيحه كتاب الحج ،باب جواز التمتع (.)46 /4
[ ]137أورده القاضي عياض في الشفا (.)556 /2
[ ]138أبي بن كعب النصاري ،كان من أصحاب العقبة الثانية
وشهد بدرا فما بعدها سيد القراء وهو أول من كتب للنبي صلى
الله عليه وسلم ،توفي سنة 22هـ .الصابة (.)32 -31 /1
[ ]139أخرجه ابن المبارك في الزهد ( )22 ،21 /2والللكائي في
شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ( ،)54 /1وأبو نعيم في
الحلية (.)253 -252 /1
[ ]140أخرجه الدارمي في سننه ،باب الفتيا وما فيه من الشدة (/1
)57وأخرجه ابن وضاح في البدع والنهي عنها ،باب تغيير البدع
(ص .)38وأورده الشاطبي في العتصام (.)81 /1
[ ]141أخرجه الدارمي في سننه ،باب من هاب الفتيا وكره التنطع
والتبدع (.)53 /1
[ ]142أخرجه الدارمي في سننه ،باب في كراهة أخذ الرأي (/1
،)69وأخرجه ابن وضاح في البدع والنهي عنها ،باب ما يكون من
بدعة (ص ،)10وأخرجه الللكائي في السنة ( )86 /1ح ،104وقال
الهيثمي في مجمع الزوائد ( :)181 /1رجاله رجال الصحيح.
[ ]143أخرجه الللكائى في السنة ( )86 /1ح .106
[ ]144أخرجه الحاكم في المستدرك ( )103 /1وقال على شرطهما
وأقره الذهبي ،والللكائى في السنة ( )55 /1ح ،14وابن وضاح في
البدع والنهي عنها (ص )11وابن عبد البر في جامعه (.)230 /2
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ( )188 /1رجاله ثقات.
[ ]145سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ،أحد فقهاء المدينة
السبعة ومن أفاضل التابعين ،مات سنة 106هـ .تهذيب التهذب (/3
.)438 ،437
[ ]146بلل بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ،ذكره مسلم في
الطبقة الولى من المدنيين وعده يحي القطان في فقهاء أهل
المدينة .تهذيب التهذيب (.)554 /1
[ ]147أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه ،كتاب الصلة :باب
خروج النساء إلى المساجد (.)32 /2
[ ]148أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب العتصام ،باب القتداء
انظر :فتح الباري ()350 /3
[ ]149فتح الباري ( )257 /13باختصار يسير.
[ ]150عمر بن عبد العزيز ،الخليفة الموي الصالح عده بعضهم
خامس الخلفاء ،ولي الخلفة عام 99هـ ،وتوفي عام 101هـ ،وله
أخبار في العدل والزهد كثيرة .تذكرة الحفاظ (.)118 /1
[ ]151الشريعة للجري (ص ،)48وكتاب البدع والنهي عنها لبن
وضاح (ص ،)30وكتاب العتصام للشاطبي ( ،)50 /1وجامع بيان
العلم وفضله (ص .)21
[ ]152الشريعة للجري (ص ،)48وجامع بيان العلم وفضله (،)32 /2
والعتصام للشاطبي (.)87 /1
[ ]153تابعي من أهل المدينة ،أول من دون الحديث وهو من كبار
الحفاظ الفقهاء ،لقي بعض الصحابة قال مالك" :بقي ابن شهاب
وما له في الدنيا نظير" ،توفي عام 124هـ.
التذكرة ( ،)108والبداية (.)345 /9
[ ]154أخرجه الدارمي في سننه ( )45 /1باب اتباع السنة.
[ ]155هو مجاهد بن جبر المكي تابعي إمام في التفسير ،مات في
السجود عام 104هـ وقيل 103هـ .التذكرة ( ،)92والتهذيب (.)42 /10
[ ]156أخرجه الطبري في تفسيره (.)505 /8
[ ]157أبو العالية ُرفيع -بضم الراء مصغرا -بن مهران الرياحي -
مولى امرأة من بني رياح ،قال أبو بكر ابن أبي داود" :ليس أحد
أعلم بالقرآن بعد الصحابة من أبي العالية" ،توفي عام 13هـ.
التذكرة ( ،)61والطبقات ( ،)112 /7واللباب (.)46 /2
[ ]158أخرجه ابن وضاح في البدع والنهي عنها (ص ،)32وأورده
الشاطبي في العتصام ()85 /1
[ ]159هو :أبو بكر أيوب بن أبي تميمة السختيانى -بفتح السين -
نسبة إلى عمل السختيان وبيعه -وهي الجلود الضأنية -قال ابن
سعد" :كان أيوب ثفة ثبتا في الحديث جامعا عدل ورعا كثير
العلم حجة" ،توفي سنة 131هـ .انظر :الطبقات ( ،)246 /7واللباب
()108 /2
[ ]160أورده السيوطي في مفناح الجنة (ص )35وعزاه للبيهقي.
[ ]161أبو حنيفة هو النعمان بن ثابت التيمي مولهم الكوفي ،أحد
الئمة الربعة وإليه ينتسب الحناف ولد سنة 80هـ ،وتوفي سنة
150هـ .البداية (.)107 /10
[ ]162المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي (ص )111بتحقيق محمد
ضياء الرحمن العظمي.
[ ]163المدخل إلى السنن (ص .)204
[ ]164العتصام للشاطبي (.)49 /1
[ ]165العتصام للشاطبي (.)85 /1
[ ]166المصدر السابق (.)105 /1
[ ]167المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي (ص .)201
[ ]168رسالة التقليد لبن القيم (ص .)83
[ ]169الشفا (.)558 /2
[ ]170المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي (ص )205رقم ،250
وأخرجه ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه (ص ،)67وأبو
نعيم في الحلية ( ،)106 /9والخطيب في الفقيه والمتفقه (،)150 /1
وأورده السيوطي في مفتاح الجنة في الحتجاج بالسنة (ص ،49
.)50
[ ]171أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه ( ،)150 /1والمدخل إلى
السنن (ص ،)205والحلية (.)107 /9
[ ]172مجموع الفتاوى (.)2 /4
[ ]173السنة لللكائي (.)156 /1
[ ]174إيقاظ همم أولي البصار (ص .)113
[ ]175من أراد الستزادة من أقوال السلف في هذا الشأن فعليه
بالكتب التالية:
أ -أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للحافظ الللكائي.
ب -المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي.
ج -المر بالتباع والنهي عن البتداع للسيوطي.
د -مفتاح الجنة في الحتجاج بالسنة للسيوطي
[ ]176الية ( )44من سورة النحل.
[ ]177الية ( )64من سورة النحل.
[ ]178أخرجه أبو داود في سننه ،كتاب السنة :باب في لزوم
السنة ( )10 /5ح 4604وأخرجه المام أحمد في المسند (.)243 /2
[ ]179إعلم الموقعين (.)55 ،49 /1
[ ]180الية ( )9من سورة الحجر.
[ ]181الية ( )2من سورة البقرة.
[ ]182تفدم تخريجه ص 120
[ ]183انظر :المبحث الول من هذا الفصل.
[ ]184إعلم الموقعين (.)308 ،307 /2
[ ]185الية ( )82من سورة النعام.
[ ]186الية ( )24من سورة النساء.
[ ]187أعلم الموقعين (.)315 ،314 /2
[ ]188عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ،صاحب التصانيف،
صدوق قليل الرواية ،توفي سنة 276هـ .لسان الميزان (-357 /3
.)359
[ ]189الزبير بن العوام :من أول من أسلم بمكة ،كان يسميه
رسول الله صلى الله عليه وسلم "حواريه" لمحبته له ،وهو أحد
العشرة المشهود لهم بالجنة ،قتل سنة 36هـ .الصابة (-526 /1
.)528
[ ]190أبو عبيدة عامر بن عبد الله الجراح ،أمين هذه المة ،وأحد
العشرة السابقين إلى السلم ،هاجر الهجرتين وشهد بدرا وما
بعدها ،توفي سنة 18هـ .الصابة (.)245 -243 /2
[ ]191سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ،أسلم قبل دخول رسول
الله صلى الله عليه وسلم دار الرقم ،شهد أحدا والمشاهد بعدها
وكان من فضلء الصحابة ،وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة
توفي بالمدينة سنة خمسين وقيل بعد ذلك .الصابة (.)44 /2
[ ]192كتاب تأويل مختلف الحديث ،لبن قتيبة الدينورى (ص .)30
[ ]193قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي ،تابعي ثقة ،ولد عام
الفتح ،وكان من فقهاء أهل المدينة وصالحيهم ،مات سنة 86هـ
وقيل غير ذلك .تهذيب التهذيب (.)347 ،346 /8
[ ]194هو أن تزلق الجنين قبل وقت الولدة .النهاية (.)356 /4
[ ]195المغيرة بن شعبة بن أبي عامر الثقفي ،صحابي جليل،
أسلم قبل عمرة الحديبية ،وشهدها وبيعة الرضوان ،وكان من
دهاة العرب .مات سنة خمسين عند الكثر .الصابة (.)434 ،433 /3
[ ]196أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب القسامة ،باب دية الجنين
(.)112 ،111 /5
[ ]197أخرجه المام مالك في الموطأ (.)964 /2
[ ]198أخرجه أحمد في مسنده ( ،)2 /1وأخرجه ابن ماجة في
سننه ،كتاب إقامة الصلة والسنة فيها :باب ما جاء في أن الصلة
كفارة ( )446 /1ح .1395
[ ]199عبد الله بن المبارك المروزي ،المام الحافظ ،شيخ
السلم ،كان ثقة ،مأمونا ،حجة ،كثير الحديث ،مات سنة 181هـ.
تهذيب التهذيب (.)389 -382 /5
[ ]200السنة ومكانتها في التشريع ال سلمي للدكتور مصطفى
السباعي (ص .)92
[ ]201يحي بن سعيد بن فروخ القطان ،من حفاظ الحديث ،ثقة
حجة من أقران مالك وشعبة ،مات سنة 198هـ .تهذيب التهذيب (
.)22 5 -216 /11
[ ]202السنة ومكانتها (ص .)93
[ ]203أعلم الموقعين (.)248 /2
[ ]204البدع والنهي عنها لبن وضاح (ص .)39
[ ]205جابر بن زيد الزدي أبو الشعثاء البصري ،تابعي ،ثقة ،كان
من أعلم الناس بكتاب الله ،مات سنة 93هـ وقيل بعدها .تهذيب
التهذيب (.)38 /2
[ ]206أخرجه الدارمي في السنن (.)59 /1
[ ]207إعلم الموتعين (.)195 /2
[ ]208أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه ،كتاب الجمعة :باب
تخفيف الصلة والخطبة ( .)11 /3وأخرجه البخاري موقوقا ،كتاب
العتصام بالكتاب والسنة :باب القتداء بسنن الرسول صلى الله
عليه وسلم انظر :فتح الباري ( )249 /13ح .7277
[ ]209أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه ،كتاب القضية :باب
نقض الحكام الباطلة ورد محدثات المور ( )132 /5وفي رواية:
"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وهذه الرواية
أخرجها البخاري في صحيحه ،كتاب الصلح :باب إذا اصطلحوا
على صلح جور فالصلح مردود .فتح الباري ( )301 /5ح .2697
[ ]210البداع في مضار البتداع للشيخ علي محفوظ (ص )99
بتصرف.
[ ]211أخرجه محمد بن وضاح في البدع والنهي عنها (ص .)10
[ ]212البدع والنهي عنها لبن وضاح (ص .)11
[ ]213البداع في مضار البتداع (ص .)96
[ ]214أخرجه الللكائي في السنة ( )55 /1ح .12
[ ]215أخرجه ابن وضاح في البدع والنهي عنها (ص .)25
[ ]216أخرجه ابن وضاح في البدع والنهي عنها (ص .)25
[ ]217المصدر السابق (ص .)25
[ ]218أخرجه الللكائي في السنة ( )92 /1ح .226
[ ]219الحسن بن يسار البصري ،ولد في عهد عمر ،كان جامعا،
عالما ،رفيعا ،ثقة ،مأمونا ،عابدا ،ناسكا كبير العلم فصيحا توفي
سنة 110هـ .الطبقات لبن سعد (.)156 /7
[ ]220البدع والنهي عنها لبن وضاح (ص .)27
[ ]221المصدر السابق (ص .)47
[ ]222البدع والنهي عنها لبن وضاح (ص .)27
[ ]223المصدر السابق (ص .)47
[ ]224مجموع الفتاوى (.)472 /11
[ ]225أبو قلبة :عبد الله بن زيد الجرمي أحد العلم قال أيوب
السختيانى" :كان والله من الفقهاء ذوي اللباب" ،توفي سنة 104
هـ وقيل غير ذلك .تهذيب التهذيب (.)226 ،224 /5
[ ]226البدع والنهي عنها (ص .)48
[ ]227إعلم الموقعين (.)197 /2
[ ]228اليتان ( )139 ،138من سورة العراف.
[ ]229الية ( )30من سورة التوبة.
[ ]230الية ( )31من سورة التوبة.
[ ]231اليتان ( )24 ،23من سورة الزخرف.
[ ]232إعلم الموقعين (.)191 /2
[ ]233أخرجه الدارمي في سننه ،المقدمة باب .23
[ ]234إعلم الموقعين (.)192 /2
[ ]235المصدر السابق (.)193 /2
[ ]236المصدر السابق
[ ]237إعلم الموقعين (.)195 /2
[ ]238الروح لبن القيم (.)769 ،768 /2
[ ]239أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب العنصام :باب ما يذكر
من ذم الرأي .فتح الباري ( )282 /13ح .7307
[ ]240إعلم الموقعين ( .)67 /1وقد تناول ابن القيم في هذا
الكتاب القول بالتفصيل عن أنواع الرأي فمن أراد التوسع
والستفادة فليرجع إليه.
[ ]241سموا بذلك لقولهم في القدر ،وهم يزعمون أن العبد هو
الذي يخلق فعله استقلل ،فأثبتوا خالقا مع الله .الملل والنحل (/1
،)54ومجموع الفتاوى ()256 /8
[ ]242العفارة :الخبث والشيطنة .النهاية (.)262 /3
[ ]243الية ( )10من سورة الملك.
[ ]244إعلم الموقعين (.)69 -67 /1
[ ]245المصدر السابق (.)54 /1
[ ]246إعلم الموقعين (.)55 /1
[ ]247المصدر السابق (.)55 /1
[ ]248أخرجه أبو داود في سننه ،كتاب الطهارة ،باب كيف المسح
( )115 ،114 /1ح 162وأورده ابن القيم في إعلم الموقعين (.)58 /1
[ ]249إعلم الموقعين (.)59 ،58 /1
[ ]250أخرجه الدارمي في السنن ،المقدمة ،باب تغير الزمان وما
يحدث فيه ( .)65 /1وأورده ابن القيم في إعلم الموقعين (.)57 /1
[ ]251إعلم الموقعين (.)73 /1
[ ]252المصدر السابق (.)74 /1
[ ]253المصدر السابق (.)74 /1
[ ]254الية ( )115من سورة المؤمنون.
[ ]255الية ( )36من سورة القيامة.
[ ]256كتاب تحذير أهل اليمان عن الحكم بغير ما أنزل الرحمن،
تأليف الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الخطيب الحسني السعردي
مطرع ضمن الرسائل المنبرية ( )141 ،140 /1بتصرف.
[ ]257الية ( )63من سورة النور.
[]258الية ( )14من سورة النساء.
[ ]259لية ( )36من سورة الحزاب.
[ ]260الية ( )23من سورة الجن.
[ ]261الية ( )115من سورة النساء.
[ ]262الية ( )13من سورة النفال.
[ ]263الية ( )63من سورة التوبة.
[ ]264الية ( )5من سورة المجادلة.
[ ]265الية ( )20من سورة المجادلة.
[ ]266تفسير ابن كثير (.)307 /3
[ ]267اليتان ( )61 ،60من سورة النساء.
[ ]268اليات ( )51 -58من سورة النور.
[ ]269الية ( )115من سورة النساء.
[ ]270الية ( )44من سورة القلم.
[ ]271الية ( )5من سورة الصف.
[ ]272الية ( )110من سورة النعام.
[ ]273تفسير ابن كثير (.)555 ،554 /1
[ ]274الية ( )44من سورة المائدة.
[ ]275الية ( )45من سورة المائدة.
[ ]276الية ( )47من سورة المائدة.
[ ]277الية ( )70من سورة النعام.
[ ]278الية ( )29 ،28من سورة إبراهيم.
[ ]279الية ( )21من سورة الشورى.
[ ]280الية ( )60من سورة النساء.
[ ]281تيسير العزيز الحميد (ص .)493
[ ]282الية ( )42من سورة النفال.
[ ]283اليات ( )29 ،28 ،27من سورة الفرقان.
[ ]284الية ( )153مى سورة النعام.
[ ]285طلق بن حبيب العنزي البصري ،تابعي ثقة كان أعبد أهل
زمانه قتله الحجاج مع سعيد بن جبير .تهذيب التهذيب (.)32 -31 /5
[ ]286الية ( )3من سورة النسان.
[ ]287اليتان ( )15 ،14من سورة القيامة.
[ ]288اليات ( )41 ،40 ،39من سورة النجم.
[ ]289سلمة بن عمرو بن الكوع ،صحابي جليل أول مشاهده
الحديبية ،وكان من الشجعان ويسبق الفرس عدوا ،مات بالمدينة
سنة أربع وسبعين على الصحيح .الصابة (.)65 /2
[ ]290أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الشربة باب آداب الطعام
والشراب وأحكامهما (.)109 /6
[ ]291أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب مناقب النصار :باب ما
لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة.
انظر فتح الباري ( .)165 /7وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب
المساجد ،باب سجود التلوة (.)88 /2
[ ]292فتح الباري (.)614 /8
[ ]293أخرجه المام أحمد في مسنده ( )92 /50 /2وقد جود إسناده
شيخ السلم ابن تيمية في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم (ص
،)39وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح (.)23 /10
[ ]294أخرجه ابن ماجة في السنن ،كتاب الفتن ،باب العقوبات (/2
)1333 ،1332ح 4019
[ ]295فرطهم :أي متقدمهم إليه .يقال فرط يفرط ،فهو فارط
وفرط إذا تقدم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء ،ويهيئ لهم الدلء
والرشية .النهاية (.)434 /3
[ ]296الغر :جمع الغر ،من الغرة بياض الوجه ،يريد بياض
وجوههم بنور الوضوء يوم القيامة .النهاية (.)354 /3
[ ]297الحجل في صفة الخيل هو الذي يرتفع البياض في قوائمه
إلى موضع القيد ،ويجاوز الرساغ ول يجاوز الركبتين .النهاية (/1
.)346
[ ]298دُهُم :أي سود .النهاية ( ،)146 ،145 /2بُهُم :جمع بهيم وهو
الذي ل يخالط لونه لون سواه .النهاية (.)167 /1
[ ]299أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الطهارةك باب استحباب
إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء (.)151 ،150 /1
[ ]300أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب العلم :باب هلك
المتنطعون (.)59 /8
[ ]301شرح النووي لمسلم (.)220 /16
[ ]302الية ( )20من سورة المجادلة.
[ ]303الية ( )124من سورة طه.
كما يجب عليهم أن يفرقوا بين الحقوق التي يختص بها الله وحده
ويبين الحقوق التي له ولرسله ،والحقوق التي يختص بها
ه
الرسول ،فقد ميز سبحانه بين ذلك في مثل قوله {وَتُعَّزُِرو ُ
َ
صيلً}[ ،]53فالتعزير والتوقير للرسول حوه ُ بُكَْرة ً وَأ ِ سب ِّ ُوَتُوَقُِّروه ُ وَت ُ َ
َ
سول َ ُ
ه ه وََر ُ ن يُطِِع الل ّ َ
م ْ
{و َ
وأصيل لله ،وكما قالَ : والتسبيح بكرة
َ
ْ َ ُ َ
ن} ،فالطاعة لله ولرسوله، م الفَائُِزو َك هُ ُه فَأولئ ِ َه وَيَت ّقْ ِ ش الل ّ َ
خ َ وَي َ ْ
ن اع ْبُدُوا َ
والخشية والتقوى لله وحده وكما يقول المرسلون{ :أ ِ َ
َ
ن}[.]54 ه وَاتَّقُوهُ وَأطِيعُو ِ الل ّ َ
فعلى هؤلء أن يعلموا أن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم
تنال بدعائه والستغاثة به ،فتلك أمور صرفها لغير الله يعد شركا
مع الله فالله وحده هو الذي يدعى ويستغاث به فهو رب
العالمين ،وخالق كل شيء ،وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه،
وهو القريب الذي يجيب الداع إذا دعاه وهو سميع الدعاء سبحانه
وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا .وسيأتي بإذن الله مزيد
تفصيل لما وقع فيه أصحاب هذا القسم من الغلو في حقه ،وذلك
في الباب الرابع الذي عقدته للكلم عن الغلو في حقه صلى الله
عليه وسلم.
أما أصحاب القسم الثاني فهم أهل التفريط الذين قصروا في
تحقيق هذا المقام فلم يراعوا حقه صلى الله عليه وسلم في
وجوب تقديم محبته على محبة النفس والهل والمال .كما لم
يراعوا ماله من حقوق أخرى كتعزيره وتوقيره وإجلله وطاعته
واتباع سنته والصلة والسلم عليه إلى غير ذلك من الحقوق
العظيمة الواجبة له .والسبب في ذلك يعود إلى إحدى المور
التالية أو إليها جميعا وهي:
أول :إعراض هؤلء عن سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وعن
اتباع شرعه بسبب ما هم عليه من المعاصي ،وإسرافهم في
تقديم شهوات أنفسهم وأهوائهم على ما جاء في الشرع من
الوامر والنواهي.
ثانيا :اعتقاد الكثير أن مجرد التصديق يكفي في تحقيق اليمان،
وأن هذا هو القدر الواجب عليهم ،ولذا تراهم يكتفون بالتصديق
بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ،دون تحقيق المتابعة له ،وهذا
هو حال أهل الرجاء الذين يؤخرون العمل عن مسمى اليمان
ويقولون إن اليمان هو التصديق بالقلب فقط ،أو تصديق القلب
وإقرار اللسان وما أكثرهم في زماننا هذا.
ثالثا :جهل الكثير منهم بأمور دينهم بما فيها الحقوق الواجبة له
صلى الله عليه وسلم ،والتي من ضمنها محبته صلى الله عليه
وسلم فكثير من الناس -ول حول ول قوة إل بالله -ليس لهم
من السلم إل اسمه وليس لهم من الدين إل رسمه.
فالواجب على هؤلء أن يعودوا إلى رشدهم وأن يقلعوا عن
غيهم ،وما هم عليه من المعاصي والذنوب التي هي سبب نقصان
إيمانهم وضعف محبتهم وبعدهم عما يقربهم إلى الله تعالى.
كما يجب عليهم أن يعلموا أن مجرد التصديق ل يسمى إيمانا بل
اليمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالركان يزيد بطاعة
الرحمن وينقص بطاعة الشيطان ،فليس لحد أن يخرج العمل
عن مسمى اليمان فلذلك يجب على كل من يؤمن بالله ورسوله
أن يطيع الله ورسوله ويتبع ما أنزل الله من الشرع على رسوله
صلى الله عليه وسلم ،فبذلك يحصل اليمان ،فإن التباع هو
ميزان اليمان فبحسب اتباع المرء يكون إيمانه ،فمتى ما قوي
اتباعه قوي إيمانه والعكس بالعكس.
كما يجب عليهم معرفة أمور دينهم وبخاصة الواجب منها والتي
من ضمنها معرفة ما للمصطفى صلى الله عليه وسلم من
الحقوق الواجبة فلقد ذم الله تبارك وتعالى أولئك النفر الذين لم
يعرفوا ما للنبي صلى الله عليه وسلم من حق في عدم رفع
الصوت عند مخاطبته أو مناداته ووصفهم الله بأنهم ل يعقلون
َ َ َ
مل ت أكْثَُرهُ ْ جَرا ِ ح ُن وََراءِ ال ْ ُ م ْ ك ِن يُنَادُون َ َن ال ّذِي َقال تعالى{ :إ ِ ّ
ن}[ ،]55وفي السورة نفسها أثنى على الذين عرفوا حق يَعْقِلُو َ
َ َ
ن
ضو َن يَغُ ُّ ن ال ّذِي َ المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال تعالى{ :إ ِ ّ
َ َّ ُ َ َ َ
م لِلتَّقْوَى َ
ه قُلُوبَهُ ْ ن الل ّ ُح َ مت َ َنا ْ ك ال ّذِي َ ل اللهِ أولئ ِ سو ِ عنْد َ َر ُ
م ِ صوَاتَهُ ْ أ ْ
م}[ ،]56والله سبحانه وتعالى يقول في جٌر عَظِي َ لَه
ٌ مغْفَِرة ٌ وَأ َْ مْ ُ
َ َ
ن}[ مو َ ن ل يَعْل َ ُ ن وَال ّذِي َ مو َ ن يَعْل َ ُ
ستَوِي ال ّذِي َ ل يَ ْ ل هَ ْ كتابه العزيز {قُ ْ
.]57وليعلم هؤلء أنه ل يتحقق لهم إيمان ول محبة إل باتباعهم
للمصطفى صلى الله عليه وسلم واقتدائهم بسنته والسير على
نهجه وهداه.
أما القسم الثالث :فهم الذين توسطوا بين الطرفين السابقين
أهل الفراط وأهل التفريط .فأصحاب هذا القسم هم السلف من
الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم الذين آمنوا بوجوب هذه
المحبة حكما وقاموا بمقتضاها اعتقادا وقول وعمل .فأحبوا النبي
صلى الله عليه وسلم فوق محبة النفس والولد والهل وجميع
الخلق امتثال لمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم
ي أوْلَى َ فجعلوه أولى بهم من أنفسهم تصديقا لقوله تعالى {النَّب ِ ُّ
م}[ ،]58وأيقنوا بوجوب أن يوقى بالنفس بال ْمؤ ْمنِين م َ
سهِ ْ ن أنْفُ ِ ِ ُ ِ َ ِ ْ
م َ ْ َ ما كَا َ
حوْلهُ ْ ن َ م ْ مدِينَةِ وَ َ ل ال َ ن َلهْ ِ لقوله تعالى { َ َ
والموال طاعة
َ َ َ
ن
م عَ ْ سهِ ْ ل الل ّهِ وَل يَْرغَبُوا بِأنْفُ ِ سو ِ ن َر ُ خل ّفُوا ع َ ْ ن يَت َ َ بأ ْ ن العَْرا ِ م َ ِ
سهِ}[ .]59وقاموا بمقتضى هذه المحبة اعتقادا وقول وعمل ن َ ْف ِ
بحسب ما أو جب الله لنبيه صلى الله عليه وسلم من حقوق
على القلب واللسان والجوارح من غير إفراط ول تفريط .فآمنوا
وصدقوا بنبوته ورسالته وما جاء به من ربه عز وجل .وقاموا-
بحسب استطاعتهم -بما يلزم من طاعته والنقياد لمره والتأسي
بفعله والقتداء بسنته إلى غير ذلك مما يعد من لوازم اليمان
برسالته.
ه فَانْتَهُوا}[ م ع َن ْ ُ ما نَهَاك ُ ْ خذ ُوه ُ وَ َ ل فَ ُ سو ُ م الَّر ُ ما آتَاك ُ ُ {و َ قال تعالىَ :
]60وامتثلوا لما أمر به سبحانه وتعالى من حقوق زائدة على
مجرد التصديق بنبوَّته وما يدخل في لوازم رسالته.
فمن ذلك امتثالهم لمره سبحانه بالصلة عليه والتسليم قال
َ َ ُ َ َ
منُوا نآ َ ي يَا أيُّهَا ال ّذِي َ ن ع َلَى النَّب ِ ِ ّ صل ّو َ ه يُ َ ملئِكَت َ ُ ه وَ َ ن الل ّ َ تعالى{ :إ ِ ّ
ُ
سلِيماً}[ .]61وما أمر به سبحانه من تعزيره موا ت َ ْ سل ِّ ُ صل ّوا ع َلَيْهِ وَ َ َ
حوهُ} .فتعزيره يكون بنصره سب ِّ ُ وتوقيره قال تعالى{ :وَتُوَقُِّروه ُ وَت ُ َ
وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه صلى الله عليه وسلم.
وتوقيره :يكون بإجلله وإكرامه وأن يعامل بالتشريف والتكريم
والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار[.]62
جعَلُوا دُع َاءَ ويدخل في ذلك مخاطبته بما يليق قال تعالى{:ل ت َ ْ
م بَعْضاً}[.]63 ضك ُ ْ م كَدُع َاءِ بَعْ ِ ل بَيْنَك ُ ْ سو ِ الَّر ُ
وحرمة التقدم بين يديه بالكلم حتى يأذن ،وحرمة رفع الصوت
فوق صوته وأن يجهر له بالكلم كما يجهر الرجل للرجل قال
َ َّ
سولِهِ وَاتَّقُوا ي الل ّهِ وََر ُ ِ َ د َ ي ن
َ ْ ي َ ب موا ُ ّ د
ِ ق
َ ُ ت ل وا ُ منَ آ ن َ ي ِ ذ تعالى{ :يَا أَيُّهَا ال
َ َ َ َ َ َ
مصوَاتَك ُ ْ منُوا ل تَْرفَعُوا أ ْ نآ َ م ،يَا أيُّهَا ال ّذِي َ ميعٌ عَلِي ٌ س ِ ه َ ن الل ّ َ ه إِ ّ الل ّ َ
َ
ن ضأ ْ م لِبَعْ ٍ ضك ُ ْ جهْرِ بَعْ ِ ل كَ َ
َ ه بِالْقَوْ ِ جهَُروا ل َ ُ ي وَل ت َ ْ ت النَّب ِ ِ ّ صوْ ِ فَوْقَ َ
َ َ ط أَع ْ
عنْدَ م ِ صوَاتَهُ ْ نأ ْ ضو َ ن يَغُ ُّ ن ال ّذِي َ ن ،إ ِ َّ
َ
شعُُرو َ م ل تَ ْ ْ َ
م وَأنْت ُ ْ مالُك ُ َ َ
حب َ َ تَ ْ
ُ
مغْفَِرةٌ م َ م لِلتَّقْوَى لَهُ ْ ه قُلُوبَهُ ْ ن الل ّ ُ ح َ مت َ َ نا ْ ك ال ّذِي َ ل الل ّهِ أولَئ ِ َ سو ِ َر ُ
م}[.]64 َ
جٌر عَظِي ٌ وَأ ْ
فقاموا بهذه المور امتثال وطاعة لمر الله تبارك وتعالى وأدوا ما
فرض عليهم من الحقوق الخرى التي يطول ذكرها والتي هي
مذكورة في ثنايا هذا البحث .وهم مع قيامهم بهذه المور لم
يتجاوزوا ما أمروا به فلم يغالوا ولم يبالغوا كما فعل أهل الفراط
الذين وصفوا النبي صلى الله عليه وسلم بأمور ل تنبغي لغير الله
كعلم الغيب ،وصرفوا له أمورا ل يجوز صرفها لغير الله كدعائه
والسجود له والستغاثة به والطواف بقبره.
بل هم مؤمنون بأن ما أكرم الله به نبيه صلى الله عليه وسلم
من النبوة والرسالة والرفعة وعظم القدر وشرف المنزلة ،كل
ذلك ل يوجب خروجه عن بشريته وعبوديته لله قال تعالى{ :قُ ْ
ل
سولً}[.]65 شرا ً َر ُ ت إَِّل ب َ َ ل كُن ْ ُ ن َربِّي هَ ْ حا َ سب ْ َ ُ
واعتقدوا أنه ليس من المحبة في شيء الغلو في حقه وقدره
ووصفه بأمور قد اختص الله بها وحده ،بل علموا أن في هذا
مخالفة ومضادة لتلك المحبة ومناقضة لما أمر به سبحانه وتعالى
سي مل ِ ُ َ نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقوله لمته{ :قُ ْ
ك لِنَفْ ِ للأ ْ
َ َ َ
ن
م َ ت ِ ستَكْثَْر ُ ب َل ْ م الْغَي ْ َ ت أع ْل َ ُ ه وَلَوْ َكُن ْ ُ شاءَ الل ّ ُ ما َ ضّرا ً إ ِ ّل َ نَفْعا ً وَل َ
سوءُ إ َ
ن}[.]66 منُو َ شيٌر لِقَوْم ٍ يُؤ ْ ِ ن أنَا إ ِ ّل نَذِيٌر وَب َ ِ ِ ْ ي ال ُّ سن ِ َ م َّ ما َ خيْرِ وَ َ ال ْ َ
سماوات وال َرض الْغَيب إلَّ
ْ َ ِ ن فِي ال َّ َ َ ِ َ ْ ِ م ْ م َ ل ل َ يَعْل َ ُ وقال تعالى{ :قُ ْ
َ
َ
ن}[.]67 ن يُبْعَثُو َ ن أيَّا َ شعُُرو َ ما ي َ ْ ه وَ َ الل ّ ُ
فكل غلو في حقه صلى الله عليه وسلم ليس من محبته في
شيء بل يعد مخالفة لما أمر به فيجب البتعاد عن ذلك والحذر
َ خالِفُون ع َ َ َ
ن
مرِهِ أ ْ نأ ْ ْ َ ن يُ َ حذ َرِ ال ّذِي َ من عقوبته قال تعالى{ :فَلْي َ ْ
م} كما يعد مشاقة للرسول َ تصيبهم فتن ٌ َ
ب ألِي ٌ م عَذ َا ٌ صيبَهُ ْ ة أوْ ي ُ ِ ُ ِ َُ ْ ِ َْ
ن
م ْ ل ِ سو َ ق الَّر ُ شاقِ ِ ن يُ َ م ْ صلى الله عليه وسلم .قال تعالى{ :وَ َ
َّ
ما تَوَلى ن نُوَل ِّهِ َ مؤ ْ ِ
منِي َ ل ال ْ ُ سبِي ِ ه الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيَْر َ ن لَ ُ ما تَبَي َّ َ بَعْد ِ َ
صيراً}[ ،]68ولذا فإنه يجب الحذر من حال م ِ ت َ ساءَ ْ م وَ َ جهَن َّ َ ه َ صل ِ ِوَن ُ ْ
الغلة الذين غلوا في حق النبي صلى الله عليه وسلم بما
ابتدعوه من المور التي لم يشرعها الله في كتابه أو على لسان
رسوله ،بل حذر الله ورسوله منها.
وقد يظن البعض بأن السير على منهج أهل التوسط فيه انتقاص
من قدر النبي صلى الله عليه وسلم وغمط لحقه ،والمر على
عكس ما يظنون فالذي يعتقده السلف الصالح رضوان الله
عليهم أجمعين أن الحق الواجب أن يثنى على النبي صلى الله
عليه وسلم بما هو أهل له من الخصائص الثابتة له التي خصه
الله بها والفضائل العظيمة التي شرفه بها والصفات الحقيقية
والخلقية التي كان عليها وذلك للتعرف وتعريف الناس بفضله
ومكانته وعظيم قدره عند الله وعند خلقه حتى يتأسى ويقتدى به
في أقواله وأفعاله فهو السوة والقدوة عليه أفضل الصلة
َ ُ
ةسن َ ٌ ح َ سوَة ٌ َ ل الل ّهِ أ ْ سو ِ م فِي َر ُ ْ ن لَك ُ والتسليم قال تعالى{ :لَقَد ْ كَا َ
َ َ
ه كَثِيراً}[.]69 خَر وَذ َكََر الل ّ َ م ال ِ ه وَالْيَوْ َ جو الل ّ َ ن يَْر ُ ن كَا َ م ْ لِ َ
فمن صميم المحبة له صلى الله عليه وسلم الشتغال بمعرفة
سيرته بقصد التأسي والقتداء بما كان عليه من كريم الخصال
ومحاسن الفعال والقوال .وكذا معرفة شمائله ودلئل نبوته
التي تعمق إيمان المسلم بصدق نبوته وتزيد في محبته وتعظيمه
صلى الله عليه وسلم .ولقد اهتم السلف بهذه الجوانب وأولوها
رعايتهم واهتمامهم فاعتنوا بتأليف المؤلفات التي أوضحت هذه
الجوانب وأبرزتها فقد ألفت لهذا الغرض كتب الشمائل التي
اعتنت بذكر صفاته وأحواله في عباداته وخلقه وهديه ومعاملته[
،]70كما ألفت كتب الدلئل التي اعتنت بدلئل وعلمات نبوته
صلى الله عليه وسلم[.]71
هذا بالضافة إلى ما كتب في الفضائل والخصائص التي كانت
للنبي صلى الله عليه وسلم .كما اعتنوا بأصل هذه الجوانب
جميعها أل وهو سيرته الشريفة صلى الله عليه وسلم فقد ألفت
لهذا الغرض المؤلفات التي اعتنت بحياته منذ ولدته إلى وفاته
وضمت في جوانب ذلك الحديث عن نشأته وبعثته وما حدث له
من المور قبل الهجرة وبعدها وما كان من أمر دعوته وغزواته
وسراياه وما يتعلق بهذه الجوانب وغيرها مما هو داخل في
سيرته[ .]72فقد دونت هذه الجوانب جميعها وخدمت بقصد أن
يتأسى الناس به صلى الله عليه وسلم وأن يتعرفوا على كمال
ذاته صلى الله عليه وسلم وما تميز به من صفات ،وتفرد به من
أخلق لتزيد تلك المعرفة من محبتهم له وتنميتها في قلوبهم
ولتبعث في نفوسهم تعظيمه وإجلله.
وبهذا يعلم أن أهل التوسط لم ينتقصوا من قدره صلى الله عليه
وسلم بل حفظوا وحافظوا على كل ما من شأنه أن يضمن
استمرارية محبة المة وتعظيمها له.
فهذه حال أهل التوسط وهذا هو منهجهم فمن أراد أن يسير على
النهج القويم ويسلك الصراط المستقيم فعليه بسبيل أهل اليمان
وطريقهم أل وهو الكتاب والسنة فذاك طريق الحق ،والحق أحق
أن يتبع.
وهذا منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن
سار على نهجهم إلى يوم الدين ،فقد كانت محبتهم للنبي صلى
الله عليه وسلم تحكمها قواعد الكتاب والسنة ،فما أمر به
الشارع ائتمروا به وما نهى عنه الشارع انتهوا عنه ،ولم يحكموا
في هذه المحبة عواطفهم وأهواءهم كما فعل أهل الفراط الذين
زلت بهم أقدامهم بسبب غلوهم في حقه ذاك الغلو الذي دفعهم
إليه تحكيم أهوائهم ،وهو غلو ما أنزل الله به من سلطان بل إن
نصوص الشرع تنص على تحريمه ،وإنه ليصدق وصف أهل
ض ُّ الفراط بقوله تعالى{ :وم َ
ن
م َن اتَّبَعَ هَوَاه ُ بِغَيْرِ هُدىً ِ م َّ
م ِ ل ِ نأ َ
ْ َ َ ْ َّ َ َ َ
ن}[.]73 مي َ م الظال ِ ِ ن الل ّ َ
ه ل يَهْدِي القَوْ َ الل ّهِ إ ِ ّ
فخلصة القول في هذا الجانب أن المفهوم الصحيح لمحبته صلى
الله عليه وسلم يتمثل في ذلك المفهوم الذي كان عليه سلف
المة وأئمتها من الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن سار على
نهجهم وسلك سبيلهم .ذلك المفهوم المستمد من آيات القرآن
ونصوص السنة والذي لم يخرج عنهما قيد أنملة.
وما ذكرته ههنا عن هذا المفهوم الصحيح على سبيل الجمال،
وتفصيل ذلك مستوفى بين دفتي هذا البحث فمنه ما سبق بيانه
ومنه ما سيأتي تفصيله ونسأل الله العانة على ذلك.
المبحث الثاني :الدلة على وجوب محبته صلى الله عليه وسلم.
المطلب الول :الدلة من القرآن على وجوب محبته صلى الله
عليه وسلم.
لما كانت محبة الله ورسوله من أعظم واجبات اليمان ،وأكبر
أصوله وأجل قواعده ،بل هي أصل كل عمل من أعمال اليمان
والدين كما أن التصديق أصل كل قول من أقوال اليمان[.]74
ولما كانت هذه المحبة من اليمان الواجب الذي ل يتم إيمان
العبد إل به .ولما كانت هذه المحبة هي إحدى الحقوق الواجبة
للنبي صلى الله عليه وسلم على أمته ،فقد جعل الله هذه المحبة
فوق محبة النسان لنفسه وأهله وماله والناس أجمعين .كما نص
على ذلك في كتابه الله العزيز:
َ
خوَانُك ُ ْ
م م وَإ ِ ْ م وَأبْنَاؤ ُك ُ ْ ن آبَاؤ ُك ُ ْ
ن كَا َ ل إِ ْ أول :قال تعالى{ :قُ ْ
َ َ
سادَهَا ن كَ َ شوْ َ خ َ جاَرة ٌ ت َ ْ موهَا وَت ِ َ ل اقْتََرفْت ُ َ ُ موَا ٌ م وَأ ْ شيَرتُك ُ ْ م وَع َ ِجك ُ ْوَأْزوَا ُ
َ
سبِيلِهِجهَاد ٍ فِي َ سولِهِ وَ ِ ن الل ّهِ وََر ُ م ََم ِ ب إِلَيْك ُ ْ ح َّ ضوْنَهَا أ َ ن تَْر َ ساك ِ ُم َ وَ َ
ْ ْ ّ َ َّ ْ َ َ
ن}[ قي َ س ِم الفَا ِ ه ل يَهْدِي القَوْ َ مرِهِ وَالل ُ ه بِأ ْ ي الل ُ حت ّى يَأت ِ َ صوا َ فَتََرب ّ ُ
.]75
فالية نصت على وجوب محبة الله ورسوله وأن تلك المحبة يجب
أن تكون مقدمة على كل محبوب ،ول خلف في ذلك بين المة[
.]76
قال القاضي عياض" :كفى بهذه الية حضا وتنبيها ودللة وحجة
على لزوم محبته ،ووجوب فرضها ،واستحقاقه لها صلى الله عليه
وسلم إذ قرع تعالى من كان ماله وأهله وولده أحب إليه من الله
مرِهِ} ورسوله ،وأوعدهم بقوله تعالى{ :فَترب َصوا حتَى يأْتي الل َّ َ
ه بِأ ُْ َ ّ َ ِ َ ََ ّ ُ
ثم فسقهم بتمام الية وأعلمهم أنهم ممن ضل ولم يهده الله"[
.]77
والمتأمل لهذه الية يجد أن المر فيها لم يقتصر على وجود أصل
المحبة لله ورسوله ،بل لبد مع ذلك أن يكون الله ورسوله أحب
إليه مما سواهما .وهذه المحبة لله تقتضي تحقيق العبودية له لن
العبادة هي الغاية التي خلق الله لها العباد من جهة أمره ومحبته
َ
ن}[ س إِل ّ لِيَعْبُدُو ِ ن وَالِن ْ َ ت ال ْ ِ
ج َّ خلَقْ ُ
ما َ {و َ
ورضاه كما قال تعالىَ :
]78وبها أرسل الرسل وأنزل الكتب ،وهي اسم يجمع كمال الحب
لله ونهايته وكمال الذل لله ونهايته فالحب الخالي عن الذل
والذل الخالي عن الحب ل يكون عبادة ،وإنما العبادة ما يجمع
كمال المرين ولهذا كانت العبادة ل تصلح إل لله ،وهي وإن كانت
منفعتها للعبد والله غني عنها فهي له من جهة محبته لها ورضاه
بها []79
وأما محبة الرسول فتقتضي تحقيق المتابعة له صلى الله عليه
وسلم وموافقته في حب المحبوبات وبغض المكروهات .ومحبته
صلى الله عليه وسلم متفرعة عن محبة الله تعالى وتابعة لها.
فمن أحب الله ورسوله محبة صادقة من قلبه أوجب له ذلك أن
يحب بقلبه ما يحبه الله ورسوله ،ويكره ما يكرهه الله ورسوله،
ويرضى ما يرضى الله ورسوله ،ويسخط ما يسخط الله ورسوله
وأن يعمل بجوارحه بمقتضى هذا الحب والبغض ،فإن عمل
بجوارحه شيئا يخالف ذلك ،بأن ارتكب بعض ما يكرهه الله
ورسوله أو ترك بعض ما يحبه الله ورسوله مع وجوبه والقدرة
عليه دل ذلك على نقص محبته الواجبة فعليه أن يتوب من ذلك
ويرجع إلى تكميل المحبة الواجبة.
فجميع المعاصي إنما تنشأ من تقديم هوى النفوس على محبة
الله ورسوله ،وقد وصف الله المشركين باتباع الهوى في مواضع
ك فَاع ْل َ َ
نما يَتَّبِعُو َ
م َ أن َّ َْ جيبُوا ل َ َ ست َ ِ
م يَ ْن لَ ْ
من كتابه فقال تعالى{ :فَإ ِ ْ
ن الل ّهِ}[،]80 ض ُّ أَهْواءَهُم وم َ
م َ ن اتَّبَعَ هَوَاه ُ بِغَيْرِ هُدىً ِ م َّ
م ِ ل ِ نأ َْ َ َ ْ َ
وكذلك البدع إنما تنشأ من تقديم الهوى على الشرع ،ولهذا
يسمى أهلها "أهل الهواء"[]81
والذنوب تنقص من محبة الله تعالى بقدر ذلك ،ولكن ل تزيل
المحبة لله ورسوله إذا كانت ثابتة في القلب ،ولم تكن الذنوب
عن نفاق كما في صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب رضي
الله عنه في حديث حمار[ ]82الذي كان يشرب الخمر ،وكان
النبي صلى الله عليه وسلم يقيم عليه الحد فلما كثر ذلك منه
لعنه رجل ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم" :ل تلعنه فإنه يحب
الله ورسوله"[ ]83وفيه دللة على أنا منهيون عن لعنة أحد بعينه،
وإن كان مذنبا ،إذا كان يحب الله ورسوله[.]84
ثانيا :ومن اليات التي يستدل بها على وجوب محبة النبي صلى
الله عليه وسلم قوله تعالى{ :النَب ُ َ
ن
م ْ ن ِ منِي َمؤ ْ ِي أوْلَى بِال ْ ُ ِّ ّ
م}[ ]85فالية دليل على أن من لم يكن الرسول أولى به َ
سهِ ْ
أنْفُ ِ
من نفسه فليس من المؤمنين ،وهذه الولوية تتضمن أمورا منها:
أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إلى العبد من نفسه ،لن
الولوية أصلها الحب ،ونفس العبد أحب إليه من غيره ،ومع هذا
يجب أن يكون الرسول أولى به منها ،فبذلك يحصل له اسم
اليمان.
ويلزم من هذه الولوية والمحبة كمال النقياد والطاعة والرضا
والتسليم وسائر لوازم المحبة من الرضا بحكمه والتسليم لمره،
وإيثاره على ما سواه.
ومنها :أن ل يكون للعبد حكم على نفسه أصل ،بل الحكم على
نفسه للرسول صلى الله عليه وسلم يحكم عليها أعظم من حكم
السيد على عبده أو الوالد على ولده ،فليس له في نفسه تصرف
قط إل ما تصرف فيه الرسول الذي هو أولى به منها.
ومن العجب أن يدعي حصول هذه الولوية والمحبة التامة من
كان سعيه واجتهاده ونصيبه في الشتغال بأقوال غيره وتقريرها
والغضب والمحبة لها والرضا بها والتحاكم إليها ،وعرض ما قاله
الرسول عليها ،فإن وافقها قبله ،وإن خالفها التمس وجوه الحيل
وبالغ في رده ليا وإعراضا[]86
ولذلك فإنه ينبغي على كل مسلم أن يعلم أن محبة النبي صلى
الله عليه وسلم ليست مجرد دعوى تتحقق بتلفظ اللسان فقط -
كما يظن كثير من الناس -بل لبد لهذه الدعوى من البرهان
الذي يثبت صدقها ،وبرهان المحبة تحقيق الولوية في شتى
صورها وأشكالها فبحسب ذلك التحقيق تتحدد درجة المحبة
وتتعين .وليعلم أنه ل يتم للعبد مقام اليمان حتى يكون الرسول
صلى الله عليه وسلم أجل إليه من نفسه فضل عن ابنه وأبيه.
فإذا كان هذا شأن محبة عبده ورسوله فكيف بمحبته سبحانه؟.
ثالثا :ومما يستدل به كذلك على وجوب محبة النبي صلى الله
َ منُوا أ َ َ َ
حبّا ً لِل ّهِ}[ .]87ووجه
شد ُّ ُ عليه وسلم قوله تعالى{ :وَال ّذِي َ
نآ َ
الستدلل بهذه الية :أن الية قد تضمنت وجوب محبة النبي
صلى الله عليه وسلم لنه مما يدخل في محبة الله محبة ما يحبه
الله ،والله يحب نبيه وخليله صلى الله عليه وسلم فمن أجل ذلك
وجبت علينا محبته .ومن المعلوم أن أصل حب أهل اليمان هو
حب الله ،ومن أحب الله أحب من يحبه الله ،وكل ما يحب سواه
فمحبته تكون تبعا لمحبة الله ،إذ ليس في الوجود ما يستحق أن
يحب لذاته من كل وجه إل الله تعالى.
فالرسول عليه الصلة والسلم إنما يحب لجل الله ويطاع لجل
الله ويتبع لجل الله ،وكذا النبياء والصالحون وسائر العمال
الصالحة تحب جميعا لنها مما يحب الله.
وبهذا يعلم تعين محبة النبي صلى الله عليه وسلم ووجوبها
ولزومها.
هذا وقد جاء ذكر محبة الرسول مقترنا بمحبة الله في قوله
َ َ
ه} وكذلك في قوله صلى ن الل ّهِ وََر ُ
سول ِ ِ م َ ب إِلَيْك ُ ْ
م ِ ح َّ
تعالى{ :أ َ
الله عليه وسلم" :ثلثة من كن فيه وجد بهن حلوة اليمان من
كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما "..
وفي مواطن أخرى متعددة من السنة كما سيأتي.
وهذا القتران يدلل على مدى الصلة الوثيقة يين محبة الله
ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ،وإن كانت محبة الرسول
داخلة ضمن محبة الله تعالى أصل ،لكن إفرادها بالذكر مع أنها
ضمن محبة الله فيه إشارة إلى عظم قدرها وإشعار بأهميتها
ومكانتها.
َ
ه فَاتَّبِعُونِي
ن الل ّ َ
حبُّو َ
م تُ ِن كُنْت ُ ْ
ل إِ ْرابعا :ومن الدلة قوله تعالى{ :قُ ْ
َ َ
م}[.]88 حي ٌه غَفُوٌر َر ِ م وَالل ّ ُ فْر لَك ُ ْ
م ذ ُنُوبَك ُ ْ م الل ّ ُ
ه وَيَغْ ِ حبِبْك ُ ُ
يُ ْ
ففي هذه الية إشارة ضمنية إلى وجوب محبة النبي صلى الله
عليه وسلم ،لن الله تبارك وتعالى قد جعل برهان محبته تعالى
ودليل صدقها هو اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ،وهذا التباع ل
يتحقق ول يكون إل بعد اليمان بالنبي صلى الله عليه وسلم،
واليمان به لبد فيه من تحقق شروطه التي منها محبة النبي
صلى الله عليه وسلم فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال" :فوالذي نفسي بيده ل يؤمن
أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده"[.]89
فمحبته صلى الله عليه وسلم شرط في اليمان الذي ل يتحقق
التباع إل بوجوده .ومن جهة أخرى فإن محبة الله مستلزمة
لمحبة ما يحبه من الواجبات ،واتباع رسوله هو من أعظم ما
أوجبه الله تعالى على عباده وأحبه .وهو سبحانه أعظم شيء
بغضا لمن لم يتبع رسوله .فمن كان صادقا في دعوى محبة الله
اتبع رسوله ل محالة ،وكان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.
فتأمل هذا التلزم بين محبة الله تعالى ومحبة نبيه صلى الله عليه
وسلم.
ومما يدل على وجوب تقديم محبته صلى الله عليه وسلم على
محبة النفس.
أول :ما جاء في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال
للنبي صلى الله عليه وسلم" :يا رسول الله ،لنت أحب إلي من
كل شيء إل من نفسي.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم" :ل والذي نفسي بيده ،حتى
أكون أحب إليك من نفسك" .فقال له عمر :فإنه الن والله لنت
أحب إلي من نفسي" .فقال النبي صلى الله عليه وسلم" :الن يا
عمر"[.]90
فالحديث نص على وجوب تقديم محبة الرسول صلى الله عليه
وسلم على محبة النفس.
وأما الدليل على وجوب تقديم محبته على محبة الوالد والولد
والناس أجمعين:
ثانيا :فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال" :فوالذي نفسي بيده ل يؤمن أحدكم حتى أكون
أحب إليه من والده وولده".
ثالثا :وعن أنس رضي الله عنه قال :قال النبي صلى الله عليه
وسلم" :ل يؤمن أحدكم
حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين"[.]91
"فالمراد من قوله صلى الله عليه وسلم" :ل يؤمن أحدكم" أي:
ل يحصل له اليمان الذي تبرأ به ذمته ،ويستحق به دخول الجنة
بل عذاب حتى يكون الرسول أحب إليه من أهله وولده والناس
أجمعين ،بل ل يحصل له ذلك حتى يكون الرسول أحب إليه من
نفسه أيضا ،كما تقدم في حديث عمر رضي الله عنه .فمن لم
يكن كذلك ،فهو من أصحاب الكبائر إذا لم يكن كافرا ،فإنه ل
يعهد في لسان الشرع نفي اسم مسمى أمر الله به ورسوله إل
إذا ترك بعض واجباته ،فأما إذا كان الفعل مستحبا في العبادة لم
ينفها لنتفاء المستحب ،ولو صح هذا لنفي عن جمهور المؤمنين
اسم اليمان والصلة والزكاة والحج وحب الله ورسوله ،لنه ما
من عمل إل وغيره أفضل منه ،وليس أحد يفعل أفعال البر مثل
ما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ،بل ول أبو بكر ول عمر ،فلو
كان من لم يأت بكمالها المستحب يجوز نفيها عنه ،لجاز أن ينفي
عن جمهور المسلمين من الولين والخرين ،وهذا ل يقوله عاقل.
وعلى هذا فمن قال :إن المنفي هو الكمال ،فإن أراد أنه نفي
الكمال الواجب الذي يذم تاركه ويتعرض للعقوبة فقد صدق ،وإن
أراد نفي الكمال المستحب فهذا لم يقع قط في كلم الله
ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وأكثر الناس يدعي أن الرسول أحب إليه مما ذكر ،فل بد حينئذ
من تصديق ذلك بالعمل والمتابعة له ،وإل فالمدعي كاذب.
فإن القرآن بين أن المحبة التي في القلب تستلزم العمل الظاهر
َ
محبِبْك ُ ُ ه فَاتَّبِعُونِي ي ُ ْ ن الل ّ َ حبُّو َ م تُ ِْ ن كُنْت ُل إِ ْبحبها كما قال تعالى{ :قُ ْ
َ
ل وَأطَعْنَا ث ُ َّ َ َ
م سو ِ منَّا بِالل ّهِ وَبِالَّر ُ نآ َ ه} ،وقال تعالى{ :وَيَقُولُو َ الل ّ َُ
ن} إلى قوله: مؤْ ِ
منِي َ ما أُولَئ ِ َ
ك َ بِال ْ ُ ك َو َ ن بَعْد ِ ذَل ِ َ
م ْ م ِ منْهُ ْول ّى فَرِيقٌ ِ يَت َ َ
م
م بَيْنَهُ ْ حك ُ َسولِهِ لِي َ ْن إِذ َا دُع ُوا إِلَى الل ّهِ وََر ُ منِي َ ل ال ْ ُ
مؤ ْ ِ ن قَوْ َ {إِن َّ َ
ما كَا َ
ن}[ ،]92فنفي حو َ مفْل ِ ُم ال ْ ُ ك هُ ُ معْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئ ِ َ ن يَقُولُوا َ
س ِ
َ
أ ْ
اليمان عمن تولى عن طاعة الرسول وأخبر أن المؤمنين إذا
دعوا إلى الله ورسوله سمعوا وأطاعوا.
فتبين أن هذا من لوازم اليمان والمحبة ،ولكن كل مسلم لبد أن
يكون محبا بقدر ما معه من السلم ،كما أن كل مؤمن لبد أن
يكون مسلما وكل مسلم لبد أن يكون مؤمنا ،وإن لم يكن مؤمنا
اليمان المطلق ،لن ذلك ل يحصل إل لخواص المؤمنين ،فإن
الستسلم لله ومحبته ل يتوقف على هذا اليمان الخاص.
وهذا الفرق يجده النسان من نفسه ويعرفه من غيره ،فعامة
الناس إذا أسلموا بعد كفر ،أو ولدوا في السلم ،والتزموا
شرائعه ،وكانوا من أهل الطاعة لله ورسوله ،وهم مسلمون
ومعهم مطلق اليمان ،لكن دخول حقيقة اليمان إلى قلوبهم
يحصل شيئا فشيئا إن أعطاهم الله ذلك ،وإل فكثير من الناس ل
يصلون إلى اليقين ،ول إلى الجهاد ولو شككوا لشكوا ولو أمروا
بالجهاد لما جاهدوا ،وليسوا كفارا ول منافقين ،بل ليس عندهم
من علم القلب ومعرفته ويقينه ما يدرأ الريب ،ول عندهم من
قوة الحق لله ورسوله ما يقدمونه على الهل والمال.
وهؤلء إن عوفوا من المحنة وماتوا دخلوا الجنة ،وإن ابتلوا بمن
يدخل عليهم شبهات توجب ريبهم فإن لم ينعم الله عليهم بما
يزيل الريب وإل صاروا مرتابين وانتقلوا إلى نوع من النفاق"[.]93
رابعا :وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال" :ثلث من كن فيه وجد حلوة اليمان :أن يكون
الله ورسوله أحب إليه مما سواهما .وأن يحب المرء ل يحبه إل
لله .وأن يكره أن ،يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما
يكره أن يقذف في النار".
وفي هذا الحديث أخبر صلى الله عليه وسلم أن هذه الثلث من
كن فيه وجد حلوة اليمان .والمتأمل في هذه المور الثلثة يرى
أنها تتبع كمال محبة العبد لله[ ]94لن محبة الله تكمل بأن يكون
الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ،ذلك لن محبة الله ورسوله
ل يكتفي فيها بأصل الحب ،بل لبد أن يكون الله ورسوله أحب
إليه مما سواهما.
وتفريعها :أن يحب المرء ل يحبه إل لله.
ودفع ضدها :بأن يكره ضد اليمان أعظم من كراهة اللقاء في
النار[ .]95والشاهد من الحديث معنا قوله" :أن يكون الله
ورسوله أحب إليه مما سواهما" .فمن المعلوم أن كل من آمن
بالنبي صلى الله عليه وسلم إيمانا صحيحا ل يخلو عن وجدان
شيء من تلك المحبة ،غير أن الناس يتفاوتون فمنهم من أخذ
من تلك المرتبة بالحظ الوفى وهم الذين جعلوا محبة الله
ورسوله مقدمة على ما سواهما .ومنهم من أخذ منها بالحظ
الدنى كمن كان مستغرقا في الشهوات محجوبا في الغفلت في
أكثر الوقات.
ومنهم من هو بين هذين المرين.
فالحظ الوفى هو بتحقيق هذه المرتبة من المحبة وهي أن يكون
الله ورسوله أحب إليه مما سواهما" .وذلك بأن يتوجه بكليته نحو
هذه الغاية فيحب ما أحب الله ورسوله ويكره ما كرهه الله
ورسوله ،فيمتثل للوامر ويجتنب النواهي ول يتلقى شيئا من
المأمورات والمنهيات إل من مشكاة النبي صلى الله عليه وسلم،
ول يسلك إل طريقته ،ويرضى بما شرعه حتى ل يجد في نفسه
حرجا مما قضاه ،ويتخلق بأخلقه ،فمن جاهد نفسه على ذلك
وجد حلوة اليمان.
وأما قوله" :وأن يحب المرء ل يحبه إل لله" ففيه دللة واضحة
على أن حب الشخاص الواجب فيه أن يكون تبعا لما جاء به
الرسول صلى الله عليه وسلم ،فيجب على المؤمن محبة الله
ومحبة من يحبه الله من الملئكة والرسل والنبياء والصديقين
والشهداء والصالحين عموما.
وفي الحديث "من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد
استكمل اليمان"[.]96
ومتى كان حب المرء وبغضه وعطاؤه ومنعه لهوى نفسه كان
ذلك نقصا في إيمانه الواجب فيجب عليه التوبة من ذلك والرجوع
إلى اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من تقديم
محبة الله ورسوله وما فيه رضا الله ورسوله على هوى النفس
ومراداتها كلها[.]97
خامسا :عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال" :جاء رجل إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :يا رسول الله متى
الساعة؟ ،قال" :وما أعددت للساعة؟" ،قال :حب الله ورسوله.
قال" :فإنك مع من أحببت".
قال أنس :فما فرحنا بعد السلم فرحا أشد من قول النبي صلى
الله عليه وسلم" :فإنك مع من أحببت" .قال أنس :فأنا أحب الله
ورسوله وأبا بكر وعمر فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل
بأعمالهم"[.]98
سادسا :عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال" :من أشد أمتي لي حبا ناس يكونون بعدي يود
أحدهم لو رآني بأهله وماله"[.]99
سابعا :وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال .قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم" :أحبوا الله لما يغدوكم به من نعمه،
وأحبوني بحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي"[.]100
ثامنا :وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال يوم خيبر" :لعطين هذه الراية رجل يحب الله
ورسوله يفتح الله على يديه".
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :ما أحببت المارة إل يومئذ.
قال :فتساورت لها[ ]101رجاء أن أدعى لها .قال :فدعا رسول
الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فأعطاه إياها" ...
الحديث[.]102
وعن سهل بن سعد[ ]103رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال يوم خيبر:
"لعطين الراية غدا رجل يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله
ويحبه الله ورسوله" .قال :فبات الناس يدوكون[ ]104ليلتهم :أيهم
يعطاها؟ ،فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه
وسلم كلهم يرجو أن يعطاها .فقال" :أين علي بن أبي طالب؟"
فقيل :هو يا رسول الله يشتكي عينيه .قال" :فأرسلوا إليه فأتي
به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له
فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع ،فأعطاه الراية "....الحديث[.]105
المطلب الثالث :من علمات محبته صلى الله عليه وسلم تمني
رؤيته والشوق إلى لقائه.
ومن علمات محبته صلى الله عليه وسلم محبة رؤيته والشوق
إلى لقائه وتمني ذلك ولو كان ذلك مقابل بذل المال والهل.
وهذه العلمة نص عليها قوله صلى الله عليه وسلم" :من أشد
أمتي لي حبا ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله
وماله"[ .]13فهو صلى الله عليه وسلم وصف أهل هذه العلمة
من أمته التي ستأتي من بعده بأنهم من أشد الناس محبة له
صلى الله عليه وسلم ،وهذه المنية قدرها حق قدرها أهل
اليمان الذين ترسخت في قلوبهم محبة النبي صلى الله عليه
وسلم حتى إنهم من شدة محبتهم له صلى الله عليه وسلم أن
جالت في خواطرهم وأحاسيسهم هذه المنية العظيمة حتى إن
الواحد منهم ل يبالي أن يدفع ثمنا لهذه المنية العزيزة على
نفسه ما عنده من الهل والمال ليرى النبي صلى الله عليه
وسلم ،ولسان حالهم ومقالهم يقول مع ذلك كله ما أعظم المنية
وما أرخص الثمن.
فهذه علمة من علمات محبته يتصف بها أهل اليمان الصادق
الراسخ الذين آمنوا بوجوب تقديم محبة رسول الله صلى الله
عليه وسلم على محبة الولد والوالد والناس أجمعين بل على كل
أمر من أمور الدنيا ومظاهرها فيا لها من نفوس سمت وسما بها
إيمانها لمثل هذا المطلب وهذه المنية العزيزة على قلب كل
مؤمن عرف قدر النبي صلى الله عليه وسلم وحقه وعظيم
منزلته.
فجدير بهذه النفوس أن تنال شهادة النبي صلى الله عليه وسلم
لها بأنها أشد القلوب محبة له
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم" :والذي نفس محمد في يده ليأتين على أحدكم يوم
ل يراني ،ثم لن يراني معهم أحب إليه من أهله وماله"[.]14
ولقد كانت هذه السمة وهي الشوق إلى لقاء النبي صلى الله
عليه وسلم ورؤيته موجودة في الصحابة رضوان الله عليهم
ويشهد لذلك ما جاء في حديث الشعريين أنهم عند قدومهم إلى
المدينة كانوا يرتجزون فيقولون:
غدا نلقى الحبة محمد وحزبه[]15
وروي أن بلل رضي الله عنه لما حضرته الوفاة ،نادت امرأته
واحزناه .فقال :واطرباه ،غدا ألقى الحبة محمد وحزبه[.]16
وقد روي مثل ذلك عن حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر رضي
الله عنهم أجمعين[.]17
الطلب السادس :من علمات محبته صلى الله عليه وسلم محبة
من أحبهم النبي صلى الله عليه وسلم
إن من علمات محبته صلى الله عليه وسلم والتي يجب على
المؤمن الخذ بها ،محبته لمن أحب النبي صلى الله عليه وسلم،
ومن هو بسببه من آل بيته وصحابته من المهاجرين والنصار
رضوان الله عليهم أجمعين فمن أحب شيئًا أحب من يحبه[.]66
فإن من محبة الله وطاعته :محبة رسوله وطاعته.
ومن محبة رسوله وطاعته :محبة من حب الرسول ،وطاعة من
أمر الرسول بطاعته[.]67
أ -قال البيهقي" :ودخل في جملة محبته صلى الله عليه وسلم
حب آله[.]68
وإن من أصول أهل السنة والجماعة أنهم يحبون أهل بيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية
رسول صلى الله عليه وسلم[.]69
فعن زيد بن أرقم[ ]70رضي الله عنه قال" :قام رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى "خما" بين مكة
والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ،ووعظ وذكر ،ثم قال" :أما بعد
أل أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب
وأنا تارك فيكم ثقلين:
أوليهما :كتاب الله فيه الهدى والنور ،فخذوا بكتاب الله
واستمسكوا به "فحث على كتاب الله ورغب فيه .ثم قال" :وأهل
بيتي ،أذكركم الله في أهل بيتي ،أذكركم الله في أهل بيتي،
أذكركم الله في أهل بيتي" .فقيل لزيد :ومن أهل بيته يا زيد؟
أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال :نساؤه من أهل بيته ،ولكن أهل
بيته من حرم الصدقة بعده .قيل :ومن هم؟ قال :آل علي ،وآل
عقيل ،وآل جعفر ،وآل عباس .قيل :كل هؤلء حرم الصدقة؟
قال :نعم[.]71
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله لما أنزل عليه
ُ َ َ ُ َ َ
صل ّوا
منُوا َ ي يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
نآ َ ن ع َلَى النَّب ِ ِ ّ
صل ّو َ ملئِكَت َ ُ
ه يُ َ ه وَ َ ن الل ّ َ
{إ ِ ّ
سلِيماً}[ .]72سأل الصحابة النبي صلى الله عليه موا ت َ ْسل ِّ ُع َلَيْهِ وَ َ
وسلم كيف يصلون عليه فقال" :قولوا :اللهم صل على محمد
وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل
إبراهيم إنك حميد مجيد "[ .]73فالصلة على النبي صلى الله عليه
وسلم حق له ولله دون سائر المة[.]74
وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه" :ارقبوا[ ]75محمدا صلى
الله عليه وسلم في أهل بيته"[.]76
وعنه أيضا أنه قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه" :والذي
نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن
أصل من قرابتي"[.]77
"فآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم من الحقوق ما
يجب رعايتها ،فإن الله جعل لهم حقا في الخمس والفيء وأمر
بالصلة عليهم مع الصلة على رسول الله صلى الله عليه
وسلم"[.]78
"فالصلة على آله هي من تمام الصلة عليه وتوابعها ،لن ذلك
مما تقر به عينه ،ويزيده الله به شرفا وعلوًا ،صلى الله عليه
ما"[.]79 وعلى آله وسلم تسلي ً
"وكذلك علينا احترامهم وإكرامهم والحسان إليهم فإنهم من
ذرية طاهرة من أشرف بيت وجد على وجه الرض فخًرا وحسبًا
ونسبًا.
ولسيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية
ي وأهل بيته وذريته كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه ،وعل ّ
رضي الله عنهم أجمعين"[.]80
قال شيخ السلم ابن تيمية[" ]81وآل محمد صلى الله عليه
وسلم هم الذين حرمت عليهم الصدقة[ ]82هكذا قال الشافعي
وأحمد بن حنبل وغيرهما من العلماء".
والحاديث في فضائلهم ومناقبهم كثيرة جدًا ،وهي مبسوطة في
الصحيحين والمسند والسنن وغيرها من كتب الحديث.
ب -وكذلك فإن من أصول أهل السنة أنهم يتولون أزواج رسول
الله صلى الله عليه وسلم .ويحفظون لهن فضلهن ،وحقوقهن.
فقد أبانهن الله من نساء العالمين في الفضيلة فقال تعالى{ :يَا
نساءَ النَبي ل َست َ َ
ساءِ}[ .]83وجعلهن أمهات ن الن ِّ َ م َ ن كَأ َ
حد ٍ ِ ّ ِ ِّ ْ ُ ّ ِ َ
َ ْ َ َ َ
المؤمنين فقال تعالى{ :الن ّب ِ ُّ
م
سهِ ْن أنْفُ ِ
م ْ
ن ِ مؤ ْ ِ
منِي َ ي أوْلى بِال ُ
م}[.]85[ ]84 ه أ ُ َّ
م َهاتُهُ ْ ج ُ
َ
وَأْزوَا ُ
وجعل حرمة الزوجية بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم باقية
َ َ َ ما بقين فقال تعالى{ :وما كَان لَك ُ َ
ل الل ّهِ وَل أ ْ
ن ن تُؤْذ ُوا َر ُ
سو مأ ْ ْ َ َ َ
ن بَعْدِهِ أَبَدا}[ ]86فعلينا من حفظ حقوقهن بعد ً م ْه ِ ج ُ
َ
حوا أْزوَا َ تَنْك ِ ُ
ذهابهن الصلة عليهن مع الصلة على النبي صلى الله عليه
وسلم.
فعن أبي حميد الساعدي[ ]87رضي الله عنه أنهم قالوا :يا رسول
الله كيف نصلى عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"قولوا :اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته ،كما صليت على
آل إبراهيم ،وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على
آل إبراهيم إنك حميد مجيد"[.]88
فالصلة على أزواجه تابعة لحترامهن[ .]89وكذلك الستغفار لهن،
وذكر مدائحهن ،وفضائلهن وحسن الثناء عليهن ،وما على الولد
في أمهاتهم اللتي ولدنهم وأكثر ،وذلك لمكانتهن من رسول الله
صلى الله عليه وسلم ،وزيادة فضلهن على غيرهن من نساء هذه
المة[.]90
وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم هن من دخل بهن من النساء
وهن إحدى عشرة:
-1خديجة بنت خويلد رضي الله عنها[.]91
-2عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وعن أبيها[.]92
-3سودة بنت زمعة رضي الله عنها[.]93
-4حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها وعن أبيها[.]94
-5أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما[.]95
-6أم سلمة رضي الله عنها[.]96
-7زينب بنت جحش رضي الله عنها[.]97
-8زينب بنت خزيمة الهللية رضي الله عنها[.]98
-9جويرية بنت الحارث رضي الله عند[.]99
صفية بنت حيي رضي الله عنها[.]100 -10
ميمونة بنت الحارث الهللية رضي الله عنها[.]101 -11
فهؤلء جملة من دخل لهن من النساء وهن إحدى عشرة.
ج -ومن محبته صلى الله عليه وسلم محبة أصحابه رضوان الله
عليهم أجمعين:
قال البيهقي" :ويدخل في جملة حب النبي صلى الله عليه وسلم
حب أصحابه؟ لن الله عز وجل أثنى عليهم ومدحهم فقال:
ل اللَّه والَّذين مع َ
م
ماءُ بَيْنَهُ ْ ح َ شدَّاءُ ع َلَى الْكُفَّارِ ُر َ هأ ِ ِ َ ِ َ َ َ ُ سو ُ مد ٌ َر ُ ح َّ م َ { ُ
َ َ
م فِي ماهُ ْ سي َ ضوَانا ً ِ ن الل ّهِ وَرِ ْ م َ ضل ً ِ ن فَ ْ جدا ً يَبْتَغُو َ س َّ م ُرك ّعا ً ُ تََراهُ ْ
ُ َ ُ جود ِ ذَل ِ َ ن أثَرِ ال ُّ َ
م فِي مثَلهُ ْ م فِي الت ّوَْراةِ وَ َ مثَلهُ ْ ك َ س ُ م ْ م ِ جوهِهِ ْ وُ ُ
َ َ
سوقِهِ ستَوَى ع َلَى ُ ظ فَا ْ ستَغْل َ َ شطْأهُ فَآَزَره ُ فَا ْ ج َ خَر َ ل كََزْرٍع أ ْ جي ِ اْلِن ْ ِ
َ َ
ملُوا منُوا وَع َ ِ نآ َ ه ال ّذِي َ م الْكُفَّاَر وَعَد َ الل ّ ُ ظ بِهِ ُ ب الُّزَّراع َ لِيَغِي َ ج ُ يُعْ ِ
جرا ً عَظِيماً}[.]102 َ ال َّ
مغْفَِرة ً وَأ ْ م َ منْهُ ْ ت ِ حا ِ صال ِ َ
َ
ت ح َ ك تَ ْ ن إِذ ْ يُبَايِعُون َ َ منِي َ مؤ ْ ِ ن ال ْ ُ ِ ه عَ ي الل ّ ُ َ وقال تعالى{ :لَقَد ْ َر ِ
ض
م فَتْحاً َ
م وَأثَابَهُ ْ ة ع َلَيْهِ ْ سكِين َ َ ل ال َّ م فَأَنَْز َ ما فِي قُلُوبِهِ ْ م َ جَرةِ فَعَل ِ َ ش َ ال َّ
قَرِيباً}[.]103
َ َ
صارِ وَال ّذِي َ
ن ن وَاْلن ْ َ جرِي َ م َها ِ ن ال ْ ُ م َ ن ِ ن اْلَوَّلُو َ سابِقُو َ وقال تعالى{ :وَال َّ
َّ
َّ
ه}[.]104 ضوا ع َن ْ ُ م وََر ُ ه ع َنْهُ ْ ي الل ُ ض َ ن َر ِ
ٍ َّ
سا ح َ م بِإ ِ ْ اتَّبَعُوهُ ْ
ل اللهِ سبِي ِ جاهَدُوا فِي َ جُروا وَ َ منُوا وَهَا َ نآ َ وقال تعالى{ :وَالذِي َ
ُ َ
مغْفَِرة ٌ وَرِْزقٌ م َ حقّا ً لَهُ ْ ن َ منُو َ مؤْ ِ م ال ْ ُ ك هُ ُ صُروا أولَئ ِ َ ن آوَوْا وَن َ َ وَال ّذِي َ
م}[.]105 كَرِي ٌ
فإذا أنزلوا هذه المنزلة استحقوا من جماعة المسلمين أن
يحبوهم ويتقربوا إلى الله عز وجل بمحبتهم لن الله تعالى إذا
رضي عن أحد أحبه وواجب على العبد أن يحب من يحب موله[
.]106
فمن واجب المة نحو أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
محبتهم والترضي عنهم والدعاء لهم كما أمرنا الله تعالى بقوله:
َ َ
خوَانِنَا ال ّذِي َ
ن ن َربَّنَا اغْفِْر لَنَا وَِل ِ ْ
َ
م يَقُولُو َ ْ ن بَعْدِه ِ ْ م
جاءُوا ِ ن َ َ {وَال ّذِي
ك منُوا َربَّنَا إِن َّ َ نآ َ ل فِي قُلُوبِنَا ِغّل ً لِل ّذِي َ جعَ ْ ن وَل ت َ ْ ما ِ سبَقُونَا بِاْلِي َ َ
م}[.]107 حي ٌ ف َر ِ َرؤ ُو ٌ
فهم قوم اختارهم الله وشرفهم بصحبة نبيه صلى الله عليه
وسلم وخصهم في الحياة الدنيا بالنظر إليه وسماع حديثه من
فمه الشريف و نصرته والذب عنه والجهاد معه في سبيل الله
ونشر دين السلم.
وبعد وفاته كانوا هم الواسطة بين الرسول صلى الله عليه وسلم
وبين المة ،فقد بلغوا عن رسول الله ما بعثه الله به من النور
والهدى على أكمل الوجوه وأتمها ونشروا هذا الدين في شتى
بقاع الرض :وجاهدوا في سبيل الله بأنفسهم وأموالهم ،وذبوا
عن هذا الدين بسنانهم ولسانهم فكان لهم بذلك الجر العظيم
والمنزلة العالية عند ربهم وعند نبيهم وعند المسلمين الموحدين
جميعًا.
وكيف ل يكونون كذلك وهم خير قرون هذه المة كشهادة النبي
صلى الله عليه وسلم.
فعن عمران بن حصين [ ]108رضي الله عنهما قال :قال النبي
صلى الله عليه وسلم "خيركم قرني ،ثم الذين يلونهم ،ثم الذين
يلونهم" قال عمران :ل أدري أذكر النبي صلى الله عليه وسلم
بعد قرنين أو ثلثة ...الحديث[ ]109وعن عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" :خير الناس
قرني ،ثم الذين يلونهم ،ثم الذين يلونهم "...الحديث[.]110
ومما يدل على عظم فضل الصحبة وجللة شأنها ما جاء في
الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم" :ل تسبوا أصحابي ،فوالذي نفسي
بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما أدرك مد أحدهم ول
نصيفه"[ ]111فهذا الحديث يدل على أن شأن الصحبة ل يعدله
شيء.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :قال رسول صلى الله
عليه وسلم" :آية اليمان حب النصار وآية النفاق بغضهم"[.]112
ولقد تواترت الحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يدل
على فضل الصحابة رضوان الله عليهم ووجوب تعظيمهم
وإكرامهم وكونهم خير قرون هذه المة بعد النبي صلى الله عليه
وسلم .ولقد عقد البخاري ومسلم في صحيحيهما وكذا أهل
السنن وغيرهم ،كل منهم كتابا لفضائل الصحابة أوردوا فيه الكثير
من الحاديث الواردة في فضل الصحابة رضوان الله عليهم.
وعن معتقد السلف نحو أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول أبو زرعة الرازي [" :]113إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق.
وذلك أن الرسول حق والقرآن حق ،وما جاء به حق ،وإنما أدى
إلينا ذلك كله الصحابة .وهؤلء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا
الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة"[.]114
وقال الخطب البغدادي[" :]115عدالة الصحابة ثابتة ومعلومة
بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم ،واختياره لهم في نص
القرآن ،فمن ذلك:
َ ُ ُ
س}[.]116 ت لِلن ّا ِ ج ْ خرِ َ مةٍ أ ْ خيَْر أ َّ م َ قوله تعالى{ :كُنْت ُ ْ
شهَدَاءَ ع َلَى سطا ً لِتَكُونُوا ُ ُ
ة وَ َ م ً م أ َّ جعَلْنَاك ُ ْ ك َ وقوله تعالى{ :وَكَذَل ِ َ
شهِيداً}[.]117 م َ ل ع َلَيْك ُ ْ سو ُ ن الَّر ُ س َويَكُو َ الن ّا ِ
َ
ما فالمراد به الخاص وقيل :هو وارد في وهذا اللفظ وإن كان عا ً
الصحابة دون غيرهم.
َ
ت
ح َ ك تَ ْ ن إِذ ْ يُبَايِعُون َ َ منِي َ مؤ ْ ِ ن ال ْ ُ ِ ه عَ ي الل ّ ُ َ وقوله تعالى{ :لَقَد ْ َر ِ
ض
م فَتْحاً َ
م وَأثَابَهُ ْ ة ع َلَيْهِ ْ سكِين َ َ ل ال َّ م فَأَنَْز َ ما فِي قُلُوبِهِ ْ م َ جَرةِ فَعَل ِ َ ش َال َّ
قَرِيباً}[.]118
َ ن اْلَوَّلُو َ
ن وَاْلن ْ َ ِ
صار جري َ مهَا ِ ِ ن ال ْ ُ م َ ن ِ
َّ
سابِقُو َ وقوله تعالى{ :وَال َّ
َ
ه}[.]119 ضوا ع َن ْ ُ م وََر ُ ه ع َنْهُ ْ ي الل ُ ض َ ن َر ِ سا ٍ ح َ م بِإ ِ ْ ن اتَّبَعُوهُ ْ وَال ّذِي َ
ت جنَّا ِ ن فِي َ مقََّربُو َ ك ال ْ ُ ن أُولَئ ِ َ سابِقُو َ ن ال َّ سابِقُو َ وقوله تعالى{ :وَال َّ
النَّعِيمِ}[.]120
ن اتَّبَعَ َ َ وقوله تعالى{ :يَا أَيُّهَا النَّب ِ ُّ
ن
م َ ك ِ م ِ ه َو َ ك الل ّ ُ سب ُ َ ح ْ ي َ
ن}[.]121 َ منِي مؤْ ِ ُ ال ْ
َ
م
ن َ دِيَارِه ِ ْ م ْ جوا ِ خرِ ُ ن أُ ْ ن ال ّذِي َ جري َ مهَا َ ِ ِ وقوله تعالى{ :لِلْفُقََراءِ ال ْ ُ
وأ َ
سول َ ُ
ه ه وََر ُ ن الل ّ َ صُرو َ ضوَانا ً وَيَن ْ ُ ه وَرِ ْ ن الل ّ ِ م َ ضل ً ِ
َ
ن فَ ْ م يَبْتَغُو َ ْ ِ موَالِه ْ َ
ْ َ ُ ّ م ال َّ أُولئ ِ َ َ
ن قَبْلِهِ ْ
م م ْ ن ِ ما َ ن تَبَوَّأوا الد ّاَر وَالِي َ ن وَالذِي َ صادِقُو َ ك هُ ُ
ما أُوتُوا م َّة ِ ج ً حا َ م َ صدُورِه ِ ْ ن فِي ُ جدُو َ م وَل ي َ ِ جَر إِلَيْهِ ْ ن هَا َ م ْ ن َ حبُّو َ يُ ِ
َ
ه
س ِح ن َ ْف ِ ش َّ ن يُوقَ ُ م ْة َو َ ص ٌ صا َ خ َ م َ ن بِهِ ْ م وَلَوْ كَا َ سهِ ْ ن ع َلَى أن ْ ُف ِ وَيُؤْثُِرو َ
ن}[.]122 حو َ مفْل ِ ُ م ال ْ ُ ك هُ ُ فَأُولَئ ِ َ
في آيات يكثر إيرادها ،ويطول تعدادها.
ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة مثل ذلك،،
وأطنب في تعظيمهم وأحسن الثناء عليهم ....
وجميع ذلك يقتضي طهارة الصحابة ،والقطع على تعديلهم
ونزاهتهم فل يحتاج أحد منهم مع تعديل الله تعالى لهم المطلع
على بواطنهم إلى تعديل أحد من الخلق له ...
على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما
ذكرناه لوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة ،والجهاد،
والنصرة ،وبذل المهج والموال وقتل الباء والولد ،والمناصحة
في الدين ،وقوة اليمان واليقين ،القطع على عدالتهم والعتقاد
لنزاهتهم ،وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين
يجيئون من بعدهم أبد البدين.
وهذا مذهب كافة العلماء ومن يعتد بقوله من الفقهاء[.]123
وقال ابن حجر" :اتفق أهل السنة على أن جميع الصحابة عدول
ولم يخالف في ذلك إل شذوذ من المبتدعة "[.]124
وقال صاحب العقيدة الطحاوية" :ونحب أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم ،ول نفرط في حب أحد منهم ،ول نتبرأ من
أحد منهم ،ونبغض من بغضهم ،وبغير الخير يذكرهم ،ول نذكرهم
إل بخير وحبهم دين وإحسان ،وبغضهم كفر وطغيان"[]125
وقال البيهقي" :وإذا ظهر أن حب الصحابة من اليمان فحبهم أن
يعتقد فضائلهم ويعترف لهم بها ويعرف لكل ذي حق منهم حقه،
ولكل ذي عنا في السلم عناه ولكل ذي منزلة عند الرسول
صلى الله عليه وسلم مزلته ،وينشر محاسنهم
ويدعو بالخير لهم ويقتدي بما جاء في أبواب الدين عنهم ول يتتبع
زلتهم وهفواتهم ول يتعمد تهجين أحد منهم ببث ما ل يحسن
عنه ،ويسكت عما ل يقع ضرورة إلى الخوض فيه فيما كان بينهم
وبالله التوفيق "[.]126
قال شيخ السلم ابن تيمية" :ومن أصول أهل السنة والجماعة
سلمة قلوبهم وألسنتهم لصحاب رسول الله صلى الله عليه
َ
ن
م ْجاءُوا ِ ن َ تعالى{ :وَال ّذِي َ َ
وسلم ،كما وصفهم الله به في قوله
ن وَل سبَقُونَا بِاْلِي َ
ما ِ ن َ خوَانِنَا ال ّذِي َ ن َربَّنَا اغْفِْر لَنَا وَل ِ ْ
َ
م يَقُولُو َ
بَعْدِه ِ ْ
م}[.]127 حي ٌف َر ِ ك َرؤ ُو ٌمنُوا َربَّنَا إِن َّ َ نآ َ ل فِي قُلُوبِنَا ِغّل ً لِل ّذِي َ جعَ ْتَ ْ
وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله" :ل تسبوا أصحابي
فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد
أحدهم ول نصيفه".
ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والجماع :من فضائلهم
ومراتبهم فيفضلون من أنفق من قبل الفتح -وهو صلح الحديبية-
وقاتل ،على من أنفق من بعده وقاتل ،ويقدمون المهاجرين على
النصار ،ويؤمنون بأن الله قال لهل بدر -وكانوا ثلثمائة وبضعة
عشر" :-اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"[ ]128وبأنه ل يدخل
النار أحد بايع تحت الشجرة[ ]129كما أخبر به صلى الله عليه
وسلم ،بل قد رضي الله عنهم ورضوا عنه ،وكانوا أكثر من ألف
وأربعمائة.
ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالجنة كالعشرة وغيرهم من الصحابة.
ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
رضي الله عنه وعن غيره من أن خير هذه المة بعد نبيها أبو بكر
ثم عمر ،ويثلثون بعثمان ،ويربعون بعلي رضي الله عنهم ،كما
دلت ،عليه الثار وكما أجمع الصحابة رضي الله عنهم على تقديم
عثمان في البيعه ...ويتبرءون من طريقة الروافض الذين
يبغضون الصحابة ويسبونهم"[.]130
وبعد :فهذه نماذج من أقوال السلف ومعتقدهم تجاه الصحابة
رضوان الله عليهم تبين مدى اعترافهم بفضلهم ومراتبهم
ومنازلهم التي وردت بها نصوص القرآن والسنة ،فهم أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم فبحبهم لرسول الله صلى الله
عليه وسلم وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ،نحبهم
ونحفظ لهم فضلهم ونحترم لهم تلك المنزلة التي أنزلوا اياها،
ونرجوا أن يحشرنا الله معهم وأن يجمعنا بهم في الجنة على
سرر متقابلين.
المطلب السابع :من علمات محبته صلى الله عليه وسلم بغض
من أبغض الله ورسوله
ومعاداة من عاداه ،ومجانبة من خالف سنته ،وابتدع في دينه
واستثقاله كل أمر يخالف شريعته[]131
َ
ن
م ْ ن َ خرِ يُوَادُّو َ ن بِالل ّهِ وَالْيَوْم ِ اْل ِ منُو َ جد ُ قَوْما ً يُؤ ْ ِ تعالى{ :ل ت َ ِ قال
خوانهم أوَ َ َ َ َ
م أوْ إ ِ ْ َ َ ُ ْ ْ م أوْ أبْنَاءَهُ ْ ه وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُ ْ سول َ ُ ه وََر ُ حاد َّ الل ّ َ َ
َ ْ ُ َ ُ
ُ َّ
من ْه
ح ِ م بُِرو ٍ ن وَأيَّدَهُ ْ ما َ م الِي َ ب فِي قُلوبِهِ ُ ك كَت َ َ م أولئ ِ َ شيَرتَهُ ْ عَ ِ
ه حتِهَا اْلنْهَاُر َ َ جنَّا ٍ خلُه
ي الل ُ ض َ ن فِيهَا َر ِ
َّ َ خالِدِي
َ
ن تَ ْ ْ م
جرِي ِ ت تَ ْ م َ ْ ُ وَيُد ْ ِ
م َ
ب الل ّهِ أل إ ِ َّ ه أولَئ ِ َ ُ
ب اللهِ هُ ُ حْز َ ن ِ حْز ُ ك ِ ضوا ع َن ْ ُ م وََر ُ ع َنْهُ ْ
ن}[]132 حو َ مفْل ِ ُ ال ْ ُ
قال شيخ السلم ابن تيمية" :على المؤمن أن يعادي في الله،
ويوالي في الله .فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه -وإن
ظلمه -فإن الظلم ل يقطع الموالة اليمانية.
َ
حوا بَيْن َ ُه َ
ما صل ِ ُنَ اقْتَتَلُوا فَأ ْ منِي َ مؤ ْ ِ ن ال ْ ُ م َ ن ِ ن طَائِفَتَا ِ قال تعالى { :وَإ ِ ْ
حتَّى تَفِيءَ إِلَى خَرى فَقَاتِلُوا ال ّتِي تَبْغِي َ ُ
ما ع َلَى اْل ْ فَإ ِ ْ
َ َّ حدَاهُ َ ت إِ ْ ن بَغَ َ ْ
َ َ َ
ن الل َ
ه سطُوا إ ِ ّ ل وَأقْ ِ ما بِالْعَد ْ ِ حوا بَيْن َ ُه َ صل ِ ُت فَأ ْ ن فَاءَ ْ مرِ الل ّهِ فَإ ِ ْ أ ْ
خوَةٌ }[]133 ن إِ ْ منُو َ مؤْ ِ ما ال ْ ُ ن إِن َّ َ سطِي َ م ْق ِ ب ال ْ ُ ح ُّ يُ ِ
فجعلهم إخوة مع وجود القتال والبغي ،وأمر بالصلح يينهم.
فالمؤمن تجب موالته وإن ظلمك واعتدى عليك.
والكافر تحب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك.
فإن الله سبحانه بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله
فيكون الحب والكرام والثواب لوليائه .ويكون البغي والهانة
والعقاب لعدائه .وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وفجور،
وطاعة ومعصية ،وسنة وبدعة .استحق الموالة والثواب بقدر ما
فيه من الخير .واستحق المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من
الشر .فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الكرام والخيانة،
فيجتمع له من هذا وهذا :كاللص الفقير تقطع يده لسرقته
ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته .هذا هو الصل الذي
اتفق عليه أهل السنة والجماعة[.]134
فالناس باعتبار الحب والبغض والولء والبراء ينقسمون إلى ثلثة
أصناف:
الصنف الول :من يحب جملة: •
وهو من آمن بالله ورسوله ،وقام بوظائف السلم ومبانيه
العظام علما وعمل واعتقادا ،وأخلص أعماله وأفعاله وأقواله لله،
وانقاد لوامره وانتهي عما نهي الله عنه ورسوله ،وأحب في الله،
ووالى في الله وأبغض في الله ،وعادى في الله وقدم قول
رسول الله ل على قول كل أحد كائنا من كان.
الصنف الثاني :من يحب من وجه ويبغض من وجه. •
وهو المسلم الذي خلط عمل صالحا وآخر سيئا.
فيحب ويوالي على قدر ما معه من الخير ،ول يبغض أكثر مما
يصلح وإذا أردت الدليل على ذلك :فهو في قصة ذلك الرجل من
الصحابة والذي كان يشرب الخمر ،فأتى به إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فلعنه رجل وقال :ما أكثر ما يؤتى به ،فقال
النبي صلى الله عليه وسلم "ل تلعنه فإنه يحب الله ورسوله "[
.]135
الصنف الثالث :من يبغض جملة. •
وهو من كفر بالله وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر ،ولم يؤمن
بالقدر خيره وشره وأنه كله بقضاء الله وقدره ،وأنكر البعث بعد
الموت ،أو أنكر أحد أركان السلم الخمسة ،أو أشرك الله في
عبادته أحدا من النبياء والولياء والصالحين ،وصرف لهم نوعا من
أنواع العبادة :كالحب والدعاء والخوف والرجاء والتعظيم والتوكل
والستعانة والستعاذة والستغاثة والذبح والنذر والنابة والذل
والخضوع والخشية و الرغبة والرهبة والتعلق.
أو ألحد في أسمائه وصفاته واتبع غير سبيل المؤمنين ،وانتحل ما
كان عليه أهل البدع والهواء المضلة ،وكذلك من قامت به
نواقض السلم العشرة أو أحدها"[.]136
فعلى هذا التقسيم تتضح صورة الحب والبغض ،والولء والبراء.
فيوالي ويحب المؤمن المستقيم على دينه ولء وحبا كاملين.
ويتبرء ويعادي الكفرة والملحدين والمشركين ،والمرتدين
ويعادون عداوة وبغضا كاملين.
وأما من خلط عمل صالحا وآخر سيئا فيوالي بحسب ما عنده من
اليمان ،ويعادى بحسب ما هو عليه من الشر.
المطلب الثامن :من علمات محبته صلى الله عليه وسلم الزهد
في الدنيا
إن من علمات محبة النبي فالزهد في الدنيا والصبر على
شدائدها ،وعدم الركون إلى زخرفها وملذاتها .وذلك افتداء بالنبي
صلى الله عليه وسلم واتباعا لما كان عليه .فلقد كان من صفاته
صلى الله عليه وسلم زهده في أمور الدنيا وحبه للكفاف من
العيش وإيثاره الخرة على الولى.
فهو القائل صلى الله عليه وسلم" :كن في الدنيا كأنك غريب أو
عابر سبيل"[.]137
وهو القائل" :مالي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب سار في
يوم صائف[ ]138فاستظل تحت شجرة ثم راح وتركها"[.]139
والزهد المقصود هنا هو الزهد الشرعي ل الزهد البدعي.
قال شيخ السلم ابن تيمية" :الزهد :هو عما ل ينفع .إما لنتفاء
نفعه .أو لكونه مرجوحا ،لنه مفوت لما هو أنفع منه ،أو محصل
لما يربو ضرره على نفعه .فالزهد من باب عدم الرغبة والرادة
في المزهود فيه .فالواجبات والمستحبات ل يصلح فيها الزهد.
وكذا المنافع الخالصة أو الراجحة فالزهد فيها حمق .أما
المحرمات والمكروهات فيصلح فيها الزهد وكذا المباحات "[.]140
" والفرق بين الزهد والورع :أن الزهد :ترك مال ينفع في الخرة.
وأما الورع :فهو ترك ما يخشى ضرره في الخرة"[]141
"والقلب المعلق بالشهوات ل يصلح له زهد ول ورع"[]142
والزهد أنواع:
-1زهد في الحرام وهو فرض عين.
-2زهد في الشبهات ،وهو بحسب مراتب الشبهة.
فإن قويت التحق بالواجب.
وإن ضعفت كان مستحبا.
-3زهد في الفضول :وهو الزهد فيما ل يغني من الكلم والنظر
والسؤال واللقاء وغيره.
-4زهد في الناس أي فيما عندهم.
-5زهد في النفس بحيث تهون عليه تفسه في الله ،وهذا
أصعب النواع وأشقها.
-6زهد جامع لذلك كله وهو الزهد فيما سوى الله وفي كل ما
شغلك عنه.
وأفضل الزهد :إخفاء الزهد ،وأصعبه الزهد في الحظوظ[.]143
والزهد الشرعي ينقسم باعتبار حكمه إلى قسمين:
القسم الول منه :ما هو فرض على كل مسلم وهو الزهد في
الحرام .القسم الثاني منه :ما هو مستحب وهو الزهد في
المكروه وفضول المباحات والتفنن في الشهوات المباحة ،وهو
على درجات في الستحباب بحسب المزهود فيه.
الزهد البدعي:
وهو الذي عليه حال كثير من المتصوفة الذين تركوا الكسب
والكتساب ولم يأخذوا بالسباب ،وانقطعوا انقطاعا تاما عن
الوسائل المشروعة لتحصيل الرزق .فأصبحوا بذلك عالة على
الناس يتكففونهم ويعيشون على صدقاتهم وزكاتهم وأوقافهم،
وصاروا عضوا أشل في مجتمعاتهم ،فأوقعوا أنفسهم في محاذير
كثيرة منها:
-1دخولهم في الرهبانية التي نهى الشارع الحكيم عنها.
-2مخالفتهم لوامر الله لعباده بالسعي في الرض وطلب
الرزق الحلل
-3وقوعهم في مسألة الناس مع قدرتهم على طلب الرزق
فاستحقوا بذلك الوعيد الشديد الوارد في هذا الشأن.
فالواجب على المسلم الحذر من مشابهة هؤلء في أحوالهم
فالزهد المشروع إنما هو قلة الرغبة في الموجود ل قلة الرغبة
في المفقود .وعلمة قلة الرغبة في الموجود إنفاقه في سبيل
الله .فخلصة القول :إنه من المعلوم أن كل دعوى لبد لها من
دليل عليها ،ليثبت صدقها ويؤكدها ويبرهن عليها.
ن}[]147صادِقِي َ ن كُنْت ُ ْ
م َ ل هَاتُوا بُْرهَانَك ُ ْ
م إِ ْ قال تعالى{ :قُ ْ
وكذا الحال في دعوى محبة الرسول صلى الله عليه وسلم لبد
لمدعي هذه المحبة من علمات وأدلة تؤكد دعواه وتبرهن صدق
ما قاله .وما تقدم من علمات وأدلة تعد أبرز وأهم العلمات التي
تدلل وتبرهن على صحة تلك الدعوى.
وعلى العموم فكل عمل يعمله المسلم مما حث الشارع على
فعله يعد ذلك دليل على محبة الرسول صلى الله عليه وسلم،
شريطة تحري الخلص في ذلك العمل وإرادة وجه الله تعالى به.
وعلى هذا الساس فإنه بقدر التزام المسلم بعلمات المحبة
وحرصه على تطبيقها تتحدد درجة محبته للنبي صلى الله عليه
وسلم ودرجة إيمانه كذلك.
فمحبته همسا هي جزء من أجزاء اليمان ،واليمان كما هو
معلوم يزداد بالطاعات وينقص بالمعاصي .فتزداد المحبة بمقدار
اللتزام بتلك العلمات .وتنقص بمقدار البعد عنها.
وقد وصف الله سبحانه نفسه في كتابه العزيز بأنه يحب عباده
منُوا أ َ َ َ
دُ
ش ّ نآ َ المؤمنين ،ويحبونه ،وأخبر أنهم أشد حبا لله {وَال ّذِي َ َ
حبّا ً لِل ّهِ}[ .]164ووصف نفسه بأنه الودود {وَهُوَ الْغَفُوُر الْوَدُودُ}[ ُ
]165والودود هو الحبيب ،والود خالص الحب ،فهو يود عباده
المؤمنين ويودونه[.]166
َ َ
مل لَهُ ُ
جعَ ُ
سي َ ْت َ حا ِ ملُوا ال َّ
صال ِ َ منُوا وَع َ ِ نآ َ ن ال ّذِي َ وقال تعالى{ :إ ِ ّ
ن وُدّاً}[ ]167قال بعض السلف في تفسيرها يحبهم ويحببهم م ُ
ح َ الَّر ْ
إلى عباده[.]168
فالفوز بمحبة الله فيه الخير كله فعن أنس بين مالك رضي الله
عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن
ربه عز وجل أنه قال" :من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة،
وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترقا عليه ،ول يزال عبدي
يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ،فإذا أحببته كنت سمعه الذي
يسمع به وبصره الذي يبصر به ،ويده التي يبطش بها ،ورجله
التي يمشي بها ،فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشى،
ولئن سألني لعطنه ولئن استعاذني لعيذنه ،وما ترددت عن
شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره
الموت وأكره مساءته ولبد له منه"[.]169
فتأمل كمال الموافقة في الكراهة كيف اقتضى كراهة الرب
تعالى لمساءة عبده بالموت لما كره العبد مساخط ربه ،وكمال
الموافقة كيف اقتضى موافقته في قضاء حوائجه وإجابة طلباته
وإعاذته مما استعاذ به ،كما قالت عائشة رضي الله عنها للنبي
صلى الله عليه وسلم" :ما أرى ربك إل يسارع في هواك"[.]170
وتأمل "الباء" في قوله "فبي يسمع وبي ،يبصر وبي يبطش وبي
يمشي" كيف تجدها مبينة لمعنى قوله "كنت سمعه الذي يسمع
به وبصره الذي يبصر به ...الخ " فإن سمع سمع بالله ،وإن أبصر
أبصر به ،وإن بطش بطش به ،وإن مشى مشى به ،وهذا تحقيق
َ َ َ َ
ن}[]171 سنُو َ
ح ِ م ْم ُ ن اتَّقَوْا وَال ّذِي َ
ن هُ ْ معَ ال ّذِي َ ه ََن الل ّ َ قوله تعالى{ :إ ِ ّ
ن}[ ]172وقوله تعالى: سنِي َ
ح ِم ْ ْ
معَ ال ُ َ
هل َ ّ
ن الل َ َ وقوله تعالى{ :وَإ ِ ّ
َ َ َ
ن}[]173 منِي َ مؤ ْ ِ معَ ال ْ ُ ن الل ّ َ
ه َ {وَأ ّ
وتأمل كذلك كيف جعل محبته لعبده متعلقة بأداء فرائضه،
والتقرب إليه بالنوافل بعدها ل غير ،وفي هذا تعزية لمدعي
محبته بدون ذلك أنه ليس من أهلها ،وإنما معه الماني الباطلة
والدعاوي الكاذبة[.]174
ومما يناله العبد كذلك من محبة الله له محبة من في السماء له
ووضع القبول له في أهل الرض.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم
قال" :إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلنا فأحبوه
فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في أهل الرض "[.]175
وفي لفظ لمسلم" :إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إني
أحب فلنا فأحبه " قال :فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء
فيقول إن الله يحب فلنا فأحبوه فيحبه أهل السماء .قال :ثم
يوضع له القبول في الرض " ...الحديث[.]176
وفي لفظ آخر لمسلم عن سهيل بن أبي صالح قال :كنا بعرفة
فمر عمر بن عبد العزيز وهو على الموسم فقام الناس ينظرون
إليه .فقلت لبي :يا أبت إني أرى الله يحب عمر بن عبد العزيز.
قال :وما ذاك؟
قلت :لما له من الحب في قلوب الناس.
فقال :إني سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يحدث عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر الحديث[]177
________________________________________
[ ]1الية ( )111من سورة البقرة.
[ ]2أخرجه الترمذي في سننه ،كتاب العلم :باب ما جاء في الخذ
بالسنة واجتناب البدع ( )46 /5ح 2678وقال حديث حسن غريب
من هذا الوجه.
[ ]3الية ( )24من سورة التوبة.
[ ]4جامع العلوم والحكم (ص .)365
[ ]5جامع العلوم والحكم (ص .)366
[ ]6جلء الفهام في الصلة والسلم على خير النام (ص .)248
[ ]7الية ( )56من سورة الحزاب.
[ ]8أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الصلة ،باب القول مثل
قول المؤذن لمن سمعه ،ثم يصلي على النبي صلى الله عليه
وسلم ثم يسأل له الوسيلة (.)4 /2
وأما الحق الذي يختص بالرسول صلى الله عليه وسلم فهو
َ
ه
سول ِ ِ منُوا بِالل ّ ِ
ه وََر ُ التعزير والتوقير كما في قوله تعالى{ :لِتُؤ ْ ِ
وَتُعَّزُِروه ُ َوتُوَقُِّروهُ} الية ( )9من سورة الفتح.
انظر :شرح النونية لبن عيسى (.)348 /2
[ ]160أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الرقاق ،باب التواضع.
فتح الباري ( )341 -340 /11ح .6502
[ ]161روضة المحبين (ص .)409
[ ]162الية ( )9من سورة آل عمران.
[ ]163روضة المحبين ص (.)266
[ ]164الية ( )165من صورة البقرة.
[ ]165الية ( )14من سورة البروج.
[ ]166روضة المحبين (.)409
[ ]167الية ( )96من سورة مريم.
[ ]168روضة المحبين ص (.)412
[ ]169تقدم تخريجه (ص )374
[ ]170أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب التفسير ،تفسير سورة
الحزاب باب ( .)7فتح الباري ( )525 -524 /8ح ،4788وأخرجه مسلم
في صحيحه ،كتاب الرضاع ،باب القسم بين الزوجات (.)174 /4
[ ]171الية ( )128من سورة النحل.
[ ]172الية ( )69من سورة العنكبوت.
[ ]173الية ( )19من سورة النفال.
[ ]174روضة المحبين (ص .)411
[ ]175أخرجه البخاري ،كتاب الدب ،باب المقة (المحبة) من الله
تعالى.
انظر :فتح الباري ( )461 /10ح 6040
[ ]176أخرجه مسلم كتاب البر والصلة والداب ،باب إذا أحب الله
عبدا حببه إلى عباده (.)41 ،40 /8
[ ]177أخرجه مسلم كتاب البر والصلة والداب ،باب إذا أحب الله
عبدا حببه إلى عباده (.)41 /8
[ ]178تقدم تخريجه (ص .)312
[ ]179أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الدب ،باب علمة الحب
في الله.
انظر /:فتح الباري ( )557 /10ح ،6169وأخرجه مسلم في صحيحه،
كتاب البر والصلة والدب ،باب المرء مع من أحب ( )43 /8واللفظ
له.
[ ]180رببعة بن كعب بن مالك السلمي ،صحابي ،كان من أهل
الصفة مات سنة ثلث وستين من الهجرة .الصابة ()498 /1
[ ]181أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الصلة ،باب فضل
السجود والحث عليه (.)52 /2
[ ]182الية ( )69من سورة النساء.
[]183الية ( )9من سورة آل عمران.
[ ]184أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الصلة ،باب الصلة على
النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد (.)17 /2
[ ]185جلء الفهام (ص .)79
[ ]186تقدم تخريجه (ص .)327
[ ]187روضة المحبين (ص .)265
[ ]188انظر (ص .)327
المبحث الثالث :تعظيم الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم في
حياته
من المعلوم المتقرر أن الصحابة رضوان الله عليهم هم أعرف
المة بالنبي صلى الله عليه وسلم ولذلك فقد كانوا بقدره
ومنزلته أعلم وأعرف من غيرهم.
وبناء على هذا العلم وهذه المعرفة ،فقد كان تعظيمهم وتوقيرهم
للنبي صلى الله عليه وسلم أشد وأكبر من غيرهم.
وقد أوردت كتب السنة والتفسير وغيرها صورا متعددة من ذلك
التعظيم والتوقير الذي كان يفعله الصحابة رضوان الله عليهم مع
النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن أبلغ ما قيل في وصف هذا التعظيم ما قاله عروة بن
مسعود [ ]208حين وجهته قريش إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم ،ورأى من تعظيم أصحابه له ما رأى ،وأنه ل يتوضأ إل
ابتدروا وضوءه ،وكادوا يقتتلون عليه ،ول يبصق بصاقا ،ول ينتخم
نخامة إل تلقوها بأكفهم فدلكوا بها وجوههم وأجسادهم ،ول
تسقط منه شعرة إل ابتدروها ،وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره وإذا
تكلم خفضوا أصواتهم عنده ،وما يحدون إليه النظر تعظيما له.
فلما رجع إلى قريش قال :أي قوم ،والله لقد وفدت على
الملوك ،ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ،والله إن رأيت
مليكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد صلى الله عليه
وسلم محمدا ،والله إن انتخم نخامة إل وقعت في كف رجل
منهم فدلك بها وجهه وجلده ،وإذا أمرهم ابتدروا أمره ،وإذا توضأ
كادوا يقتتلون على وضوئه ،وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده
وما يحدون إليه النظر تعظيما له]209[ "...
فهذه صورة لما كان عليه حال الصحابة وما كان من شأنهم في
تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره ومراعاة أموره
والتبرك بآثاره.
َ َ َ
صوَاتَك ُ ْ
م منُوا ل تَْرفَعُوا أ ْ نآ َ ولما نزل قوله تعالى{ :يَا أي ُّ َها ال ّذِي َ
َ
ن
ضأ ْ م لِبَعْ ٍ ضك ُ ْ ل كَ َ
جهْرِ بَعْ ِ ه بِالْقَوْ ِ جهَُروا ل َ ُي وَل ت َ ْ ت النَّب ِ ِ ّ صوْ ِ فَوْقَ َ
َ تحب َ َ
ن} [.]210 شعُُرو َ م ل تَ ْ م وَأنْت ُ ْ مالُك ُ ْ
ط أع ْ َ َ ْ َ
ما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسمع رسول الله صلى
الله عليه وسلم حتى يستفهمه [ ]211وقال البيهقي :إن هذه الية
"نزلت في ثابت بن قيس بن شماس النصاري كان إذا جالس
النبي صلى الله عليه وسلم يرفع صوته إذا تكلم ،فلما نزلت هذه
الية انطلق مهموما حزينا فمكث في بيته أياما مخافة أن يكون
قد حبط عمله.
وكان سعد بن عبادة [ ]212جاره ،فانطلق حتى أتى النبي صلى
الله عليه وسلم فأخبره بذلك فقال له النبي صلى الله عليه
ن بهذه الية ولست وسلم "اذهب فأخبر ثابت بن قيس أنك لم تُعْ َ
من أهل النار بل أنت من أهل الجنة فاخرج إلينا فتعاهدنا "ففرح
ثابت بذلك ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فلما أبصره النبي
صلى الله عليه وسلم قال" :مرحبا برجل يزعم أنه من أهل النار
بل غيرك من أهل النار وأنت من أهل الجنة .فكان بعد ذلك إذا
جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخفض صوته حتى ما يكاد
ضو َ َ َ
عنْدَم ِ صوَاتَهُ ْ
نأ ْن يَغُ ُّ َ ن َال ّذِي َ
أن يسمع الذي يليه فنزلت{ :إ ِ ّ
َّ ُ َ َ َ
فَرةٌمغْ ِم َ َ َ
م لِلت ّقْوَى لهُ ْ ُ
ه قُلوبَهُ ْ ّ
ن الل ُ ح َ
مت َ َ
نا ْ ك ال ّذِي َ ل اللهِ أولئ ِ سو ِ َر ُ
م} [ ]213فقتل يوم اليمامة" [.]214 َ
جٌر عَظِي ٌ وَأ ْ
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :لما نزلت {ل تَْرفَعُوا
َ
ي} قال أبو بكر رضي الله عنه ل أكلت ت النَّب ِ ّصوْ ِم فَوْقَ َ صوَاتَك ُ ْ أ ْ
إل كأخي السرار حتى ألقي الله عز وجل" [.]215
وعن أسامة بن شريك [ ]216رضي الله عنه قال" :أتيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطير
" الحديث [.]217
وعن البراء بن عازب [ )6( ]218رضي الله عنهما قال" :خرجنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا
الطير "...الحديث [.]219
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قام على المنبر فقال" :إنما أخشى عليكم من بعدي
ما يفتح عليكم من بركات الرض" ثم ذكر زهرة الدنيا فبدأ
إحداهما وثنى بالخرى ،فقام رجل فقال :يا رسول الله أو يأتي
الخير بالشر؟ فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم ،قلنا
يوحى إليه ،وسكت الناس كأن على رؤوسهم الطير " الحديث [
.]220
فالشاهد من الثار الثلثة المتقدمة قولهم "كأن على رؤوسهم
الطير" فهذه العبارة هي كناية عن التعظيم الذي كانوا يظهرونه
في مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم توقيرا وإجلل له
صلوات الله وسلمه عليه ،فلم يكن من عادة الصحابة رضوان
الله عليهم أن يتجادلوا في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم أو
يعلوا أصواتهم بنقاش أو حوار بل يعطون لهذا المجلس حقه من
التشريف والحترام وعن بريدة بن الحصيب [ ]221رضي الله عنه
قال" :كنا إذا قعدنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لم
نرفع رؤوسنا إليه إعظاما له" []222
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال" :وما كان أحد أحب
إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ول أجل في عيني منه
وما كنت أطيق أن أمل عيني منة إجلل له ،ولو سئلت أن أصفه
ما أطقت لني لم أكن أمل عيني منه" [.]223
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله ل كان يخرج على
أصحابه من المهاجرين والنصار وهم جلوس فيهم أبو بكر وعمر
فل يرفع إليه أحد منهم بصره إل أبو بكر وعمر فإنهما كانا
ينظران إليه وينظر إليهما ويبتسمان إليه ويبتسم إليهما" [.]224
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال :قام رسول الله
صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ،قال :فقمت وتوضأت
أصلي خلفه فأخذ بيده فجعلني حذاءه فخنست [ ]225فقمت خلفه
فأخذ بيدي فجعلني حذاءه فخنست فقمت خلفه ،فانصرف
رسول الله فقال " :مالي كلما جعلتك حذائي خنست؟".
قال :فقلت له :ل ينبغي لحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله.
قال :فدعا الله أن يزيدني فهما وعلما" [.]226
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال" :إن أبواب النبي صلى
الله عليه وسلم كانت تقرع بالظافير" [.]227
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال" :كان أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم ليقرعون بابه بالظافير" [.]228
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال" :كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يجلس معنا في المسجد يحدثنا فإذا قام ،قمنا حتى
نراه ،وقد دخل بعض بيوت أزواجه "...الحديث [.]229
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال" :لما كان يوم بدر
فذكر الحديث في السارى وذكر قول عمر في قتلهم فقال ابن
مسعود قلت :يارسول الله إل سهل بن بيضاء [ ]230فإني سمعته
يذكر السلم فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فما
رأيتني في يوم بدر أخوف أن تقع علي حجارة من السماء مني
في ذلك اليوم حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسل إل
سهل بن بيضاء" [.]231
وعن أبي رمثة [ ]232قال :قدمت المدينة ولم أكن رأيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم فخرج وعليه ثوبان أخضران فقلت
لبني هذا والله رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل ابني
يرتعد هيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم" [.]233
وعن أبي جري جابر بن سليم [ ]234قال" :رأيت رجل يصدر
الناس عن رأيه ل يقول شيئا إل صدروا عنه ،قلت :من هذا؟
قالوا :هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث [.]235
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال" :لقد رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم والحلق يحلقه وأطاف به أصحابه فما
يريدون أن تقع شعرة إل في يد رجل" [.]236
وعن أنسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
لما حلق رأسه كان أبو طلحة [ ]237أول من أخذ من شعره" [
.]238
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال" :كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذا صلى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها
الماء ،فما يؤتى إناء إل غمس يده فيها فربما جاؤوه في الغداة
الباردة فيغمس يده فيها" [.]239
ولما بعثت قريش أبا سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم ليشد في عقد صلح الحديبية ويزيد في المدة ،فلما قدم
المدينة دخل على ابنته أم حبيبة ،فلما ذهب ليجلس على فراش
رسول الله طوته ،فقال :يا بنية ما أدري أرغبت لي عن هذا
الفراش أم رغبت به عني؟
فقالت :هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وأنت
مشرك نجس فلم أحب أن تجلس على فراشة ]240[ "...فأكرمت
فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجل عليه رجل
مشرك.
ولما قدم أبو سفيان مكة بعد ذلك قالت له قريش ما وراءك هل
جئت بكتاب من محمد أو عهد؟ قال" :ل والله قد أبي علي وقد
تتبعت أصحابه فما رأيت قوما لملك عليهم أطوع منهم له[ "...
."]241
ولما قال رأس المنافقين عبد الله بن أبي سلول [ ]242لئن رجعنا
إلى المدينة ليخرجن العز منها الذل .قال رسول الله ل" :ادعوا
لي عبد الله بن أبي [ ]243فدعاه ،فقال :أل ترى ما يقول أبوك؟
قال :وما يقول بأبي أنت وأمي؟
قال :يقول لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن العز منها الذل.
فقال :فقد صدق والله يا رسول الله ،أنت والله العز وهو الذل
أما والله قد قدمت المدينة يا رسول الله ،وإن أهل يثرب
ليعلمون ما بها أحد أبر مني ،ولئن كان يرضي الله ورسوله أن
آتيهما برأسه لتينهما به.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" :ل" .فلما قدموا
المدينة ،قام عبد الله بن عبد الله ابن أبي على بابها بالسيف
لبيه ،ثم قال :أنت القائل لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن العز
منها الذل ،أما والله لتعرفن العزة لك أو لرسول الله ،والله ل
يأويك ظله ،ول تأويه أبدا إل بإذن من الله ورسوله.
فقال :يا للخزرج ابني يمنعني بيتي ،يا للخزرج ابني يمنعني بيتى
فقال :والله ل تأويه أبدا إل بإذن منه.
فاجتمع إليه رجال فكلموه ،فقال :والله ل يدخله إل يإذن من الله
ورسوله فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه .فقال:
"اذهبوا إليه ،فقولوا له خله ومسكنه ،فأتوه فقال :أما إذا جاء أمر
النبي صلى الله عليه وسلم فنعم" [.]244
وفي رواية عند الترمذي" :فقال له ابنه عبد الله بن عبد الله:
والله ل تنفلت حتى تقر أنك الذليل ورسول الله صلى الله عليه
وسلم العزيز ،ففعل" [.]245
وبعد .فهذا غيض من فيض مما ورد في تعظيم الصحابة رضوان
الله عليهم للنبي صلى الله عليه وسلم في حياته ،وفي الحقيقة
فإن كل مواقفهم تشهد لهم بتعظيمه واحترامه وتوقيره.
فلقد كانوا يعظمونه في ذاته فيتبركون بآثاره كفضل وضوئه،
والخذ من شعره ،ودلك أجسامهم بنخامته ،وغير ذلك مما أقرهم
النبي صلى الله عليه وسلم [ ،]246وهذا خاص في حقه صلى الله
عليه وسلم.
كما كانوا يعظمونه في سلوكهم وتصرفاتهم معه صلى الله عليه
وسلم فما كانوا ينادونه إل بـ" يا نبي الله ،يا رسول الله" كما
كانوا يسارعون في إجابته ويعاجلون في طاعته ،تحقيقا لقوله
م بَعْضاً} ضك ُ ْ م كَدُع َاءِ بَعْ ِ ل بَيْنَك ُ ْسو ِ جعَلُوا دُع َاءَ الَّر ُ تعالى {ل ت َ ْ
وكان صلى الله عليه وسلم عندهم معززا موقرا مهابا ولم يكونوا
يعاملونه بالسترسال والمباسطة كما يعامل الكفاء بعضهم
بعضا .وكانوا يخفضون أصواتهم عنده صلى الله عليه وسلم حتى
َ َ
ما يكاد أحدهم يسمع الذي يليه امتثال لقوله تعالى{ :يَا أي ُّ َها ال ّذِي َ
ن
َ
ه بِالْقَوْ ِ
ل جهَُروا ل َ ُ ي وَل ت َ ْ ت النَّب ِ ِ ّ صوْ ِ م فَوْقَ َ صوَاتَك ُ ْ منُوا ل تَْرفَعُوا أ ْ آ َ
ض }...الية. م لِبَعْ ٍ ضك ُ ْ جهْرِ بَعْ ِ كَ َ
فقد أدبهم الله مع نبيهم في الحدي والخطاب حتى يميز شخص
رسول الله بينهم ،ويميز مجلسه فيهم.
َ
نضو َ ن ي َ ُغ ُّن ال ّذِي َ َ وبذلك امتدحهم سبحانه وتعالى بقوله{ :إ ِ َّ
َّ ُ َ َ َ
م لِلتَّقْوَى َ
ه قُلُوبَهُ ْ ن الل ّ ُ ح َ مت َ َنا ْ ك ال ّذِي َ ل اللهِ أولئ ِ سو ِ عنْد َ َر ُ م ِ صوَاتَهُ ْأ ْ
َ
م}. جٌر عَظِي ٌ مغْفَِرة ٌ وَأ ْ م َ لَهُ ْ
كما أنهم لم يكونوا ليتقدموا يين يديه بالكلم حتى يأذن لهم وذلك
َ َ َ
ي الل ّهِ ن يَد َ ِ موا بَي ْ َ دّ ُمنُوا ل تُقَ ِ نآ َ تعالى{ :يَا أي ُّ َهَا ال ّذِي َ طاعة لقوله
َ
م} -حتى كان النبي -صلى ميعٌ عَلِي ٌ س ِه َ ن الل ّ َ ه إ ِ َّسولِهِ وَاتَّقُوا الل ّ َ وََر ُ
الله عليه وسلم يسألهم عن اليوم الذي هم فيه والمكان الذي
هم فيه ،وهم يعلمونه حق العلم ،فيتحرجون أن يجيبوا إل بقولهم
الله ورسوله أعلم خشية أن يكون قولهم تقدما بين يدي الله
ورسوله.
وإذا جلسوا بين يديه صلى الله عليه وسلم أعطوا هذا المجلس
الشريف حقه من التعظيم والجلل والتكريم حتى لكأنما على
رؤوسهم الطير وذلك لما هم عليه من السكينة والدب الشرعي
الذي أدبهم الله به ورسوله صلوات الله وسلمه عليه .وكانوا ل
يحدون إليه النظر تعظيما ومهابة له صلى الله عليه وسلم وإذا
أمرهم بأمر ابتدروا أمره فل يقول شيئا إل صدروا عنه وأطاعوه
فيه وبادروا إلى امتثاله وتنفيذه والعمل به.
وكيف ل يكون المر كذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم كان كل
شيء في حياتهم ،فقد كان معلمهم ومربيهم وقائدهم وقدوتهم،
ومصلحهم في الدنيا والشهيد عليهم في الخرة ،وكان يعنى بهم
أكثر من عنايتهم بأنفسهم ،يهتم بما يصلحهم أكثر من اهتمامهم
بمصالحهم ،ويرى أنه بما حمله الله من أمانة تكوينهم ورعاية
شؤونهم والسهر على مصالحهم ،أولى بهم من أنفسهم ،وهذا ما
أكده القرآن الكريم بقوله عز وجل{ :النَب ُ َ
ن
م ْ ن ِ منِي َ مؤْ ِ ي أوْلَى بِال ْ ُ ِّ ّ
م} الية. َ
سهِ ْ أنْفُ ِ
ولذلك فقد كان من البداهة بمكان أن يكون للنبي صلى الله عليه
وسلم هذه المنزلة في حياة الصحابة رضوان الله عليهم ،وأن
يكون هو المر الناهي ،والسيد المطاع الذي ل رد له أمر ول
ه
م ع َن ْ ُ ما نَهَاك ُ ْ خذ ُوه ُ َو َ ل فَ ُ سو ُ م الَّر ُ ما آتَاك ُ ُ يخالف له رأي {وَ َ
فَانْتَهُوا}.
ولقد توالت اليات الكريمة التي تعلم الصحابة رضوان الله عليهم
آداب السلوك معه ،وتبين مكانة النبي الكريم صلى الله عليه
وسلم الذي اختاره لحمل الرسالة ،وما ينبغي أن يعطى من
الجلل والتكريم.
وكلما حدث إخلل وتقصير في جانب توقيره وتعظيمه صلى الله
عليه وسلم فإن آيات القرآن تنزل مبينة لذلك الخلل والتقصير
الذي وقع ومنبهة على خطورته ومحذرة من عواقب التمادي فيه
م كَدُع َاءِ ل بَيْنَك ُ ْ سو ِ جعَلُوا دُع َاءَ الَّر ُ كما في قوله تعالى{ :ل ت َ ْ
َّ َ
ن
موا بَي ْ َ منُوا ل تُقَ َدِّ ُ نآ َ تعالى{ :ي ََا أي ُّ َها الذِي َ م بَعْضا ً الية وقوله ضك ُ ْبَعْ ِ
َ َ َ
م يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
ن ميعٌ عَلِي ٌ س ِ ه َ ن الل ّ َ سولِهِ وَاتَّقُوا الل ّ َ
ه إ ِ َّ ي الل ّهِ وََر ُ يَد َ ِ
َ
ي }...الية. ت النَّب ِ ّ صوْ ِ م فَوْقَ َ صوَ َاتَك ُ ْمنُوا ل تَْرفَعُوا أ ْ آ َ
َ
مل ت أكْثَُرهُ ْ جَرا ِ ح ُن وََراءِ ال ْ ُ م ْ ك ِن يُنَادُون َ َ ن ال ّذِي َ وقوله تعالى{ :إ ِ َّ
ن}. قلُو َ يَعْ ِ
وغير ذلك من اليات التي نزلت في هذا الشأن ،وإن شئت فاقرأ
أسباب نزول تلك اليات في كتب التفسير والحديث.
ومن ثم فإن المخاطبين بهذه اليات من الصحابة انتهوا إلى
العمل بها وذلك طاعة لمر الله وتعظيما لحق رسوله صلى الله
عليه وسلم الذي قررته تلك اليات وأرشدت إليه .وكما كان هذا
هو الحال في جانب الطاعة ،فكذلك الحال في جانب الحذر من
مخالفته ومعصيته.
فالصحابة الذين عرفوا واشتهر عنهم طاعته صلى الله عليه
وسلم هم الذين اشتهر عنهم بعدهم عن معصيته ومخالفته وذلك
لعلمهم بما في ذلك من المحادة والمحاربة له ولشرعه صلى
الله عليه وسلم وما يترتب على ذلك من العقوبة الشديدة قال
َ ه أُولَئ ِ َ َّ َ َ
ن} [،]247 ك فِي الذ َل ِّ َي َ َ ُ سول َ ه وََر ُ َ ن الل حادُّو َ ن يُ َ َ ن ال ّذِي تعالى{ :إ ِ ّ
ن لَ َ َ
ه نَاَر
ُ َّ
ه فَأ َّ سول َ ُه وََر ُ
َ حادِد ِ الل ّ َ ن يُ َ
م ْ ه َ موا أن َّ ُ م يَعْل َ ُ وقال تعالى{ :أل َ ْ
ه
ن الل َ حادُّو َ ن يُ َ ن ال ّذِي َ خالِدا ً فِيهَا} [ ،]248وقال تعالى{ :إ ِ َّ
َ
م ََ جهَن َّ َ
م} [ ]249ولقد كانت منزلة ن قَبْلِهِ ْ م ْ ن ِ ت الذِي َ ّ ُ
ما كب ِ َ َ
ه كبِتُوا ك َ ُ َ
سول ُ وََر ُ
النبي صلى الله عليه وسلم في قلوب أصحابه أغلى وأعز عليهم
من كل شيء حتى من نفوسهم وأهليهم وما سوى ذلك ،فقد
كانوا يفتدونه بأرواحهم ويبذلون في سبيل نصرته كل ما يملكون
ل من غالي ورخيص فقد حثهم الله على ذلك بقوله {ما كَا َ َ
ن َ لهْ ِ َ َ
ّ َ َ
ل اللهِ وَل سو ِ ن َر ُ خل ّفُوا ع َ ْ ن يَت َ َبأ ْ ن العَْرا ِ م َم ِ حوْلَهُ ْ ن َ م ْ مدِينَةِ وَ َ
َ
ال ْ َ
سهِ} []250 ن ن َ ْف ِ م عَ ْ سهِ ْيَْرغَبُوا بِأن ْ ُف ِ
كما أنهم يعادون من يحارب الله ورسوله مهما كانت صلتهم
وثيقة به حتى وإن كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم ،ومواقفهم
في ذلك كثيرة ومشتهرة
وقد تقدم ذكر موقف أم حبيبة رضي الله عنها مع أبيها أبو سفيان
وموقف عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول مع أبيه عبد الله
بن أبي.
وبالجملة فإن مجتمع الصحابة كان مجتمع المة المثالية التي
تمثلت حقيقة واقعة في فترة من فترات التاريخ ،ولقد كان
الصحابة قبل السلم يعيشون في مجتمع اشتهر بغلظته وقساوة
طبعه وبعده عن كثير من الداب والسلوكيات فمن الله عليهم
بالسلم وهداهم له ،واختارهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم،
فتوالت توجيهات القرآن الكريم والتربية النبوية الحكيمة عليهم،
فهذبت وشذبت ووجهت ودفعت حتى ظهر ذلك المجتمع الذي له
أدبه مع الله وأدبه مع رسوله صلى الله عليه وسلم ،وأدبه مع
نفسه ،وأدبه مع غيره أدبه ،في هواجس ضميره ،وفي حركات
جوارحه ،وفي الوقت ذاته له شرائعه المنظمة لوضاعه ،وله
نظمه التي تكفل صيانته ،وهي شرائع ونظم تقوم على ذلك
الدب ،وتنبثق منه ،وتتسق معه.
فما ظنك في مجتمع اختاره الله لصحبة نبيه وتوله بعنايته
ورعايته ،وتعاهدهم رسوله بتوجيهاته ونصائحه وإرشاداته حتى
سما وعل وبلغ تلك الدرجة الرفيعة عند الله سبحانه وتعالى وعند
رسوله صلى الله عليه وسلم
المبحث الرابع :تعظيم المة للنبي صلى الله عليه وسلم بعد
مماته .ويشتمل على تمهيد وأربعة مطالب:
تمهيد:
سبق وأن تقرر -بما تقدم من أدلة وبراهين -وجوب تعظيم النبي
صلى الله عليه وسلم وتعزيره وتوقيره.
وعلمنا كذلك ما كان من حال الصحابة رضوان الله عليهم تجاه
هذا الواجب الذي فرضه الله على المة في حق نبيه صلى الله
عليه وسلم ،وما كان منهم من تعظيم للنبي صلى الله عليه
وسلم في حياته ،حينما كان بين ظهرانيهم يعايشهم ويعايشونه.
والسؤال الذي يفرض نفسه في مثل هذا المقام هو :كيف يتحقق
لهذه المة تعظيم نبيها صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ،وما هي
المور التي يشرع فعلها والقيام بها لتحقيق ما أمر الله به في
هذا الجانب من جوانب اليمان والدين؟
وقبل أن أشرع في تفاصيل جواب هذا السؤال وإيضاح جوانبه
أود أن أذكر بأن هذا التعظيم والتوقير الواجب للنبي صلى الله
عليه وسلم هو من أمور الدين المشروعة بأدلة القرآن والسنة،
وبذلك فل يحق لكائن من كان أن يعظم النبي صلى الله عليه
وسلم بأمر من عنده لم يشرعه الله في كتابه أو على لسان
رسوله صلى الله عليه وسلم ،أو ليس له أول فيهما.
فالقاعدة الشرعية المبنية على قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" تقول إن أي أمر
محدث في هذا الدين مما لم يشرعه النبي صلى الله عليه وسلم
هو أمر مردود على فاعله كائنا من كان ،وهو بدعة ،وكل بدعة
ضللة .وهذه القاعدة الشرعية هي الميزان الذي يعرض عليه ما
يقوم به الناس من أقوال وأفعال في هذا الجانب -أي جانب
تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم -بل وفي كل جانب من
جوانب الدين.
وإذا كانت العبادة هي السم الجامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من
العمال والقوال الظاهرة والباطنة ،فمما ل شك فيه أن تعظيم
النبي صلى الله عليه وسلم من المور التي يحبها الله ،وقد
ارتضاها لعباده حين أمرهم بذلك.
فإذا كان تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم من المور التعبدية
التي تعبد الله بها عباده ،فالعبادات مبناها على الشرع والتباع ،ل
على الهوى والبتداع ،فالعبادة مبنية على أصلين هما:
الصل الول :إخلص العبادة للهه وحده ل شريك له ،قال تعالى:
َ َ ُ
حنَفَاءَ} [ .)1( ]251 ن ُ دّي َ ه ال ِن لَ ُصي َ خل ِ ِ
م ْ ه ُ مُروا إِل ّ لِيَعْبُدُوا الل ّ َ ما أ ِ {وَ َ
الصل الثاني :أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله
عليه وسلم ،فل نعبده بالهواء والبدع ،قال الله تعالى {ث ُ َّ
م
َ َ َ
نل مرِ فَات َّ َبِعْهَا وَل تَتَّبِعْ أهْوَاءَ ال ّذِي َ ن ال ْ م َشرِيعَةٍ ِ ك ع َلَى َ جعَلْنَا َ َ
َ
شيْئاً} [ ]252وقال تعالى {أ ْ
م ن الل ّهِ َ م َك ِ ن يُغْنُوا ع َن ْ َ م لَ ْ ن إِنَّهُ ْمو َ يَعْل َ ُ
َّ ْ
ه} []253 م يَأذ َ ْ
ن بِهِ الل ُ ما ل َ ْ
ن َ دّي ِ
ن ال ِ م َ م ِ شَرع ُوا لَهُ ْ شَركَاءُ َ م ُ لَهُ ْ
فليس لحد أن يعبد الله إل بما شرعه رسوله صلى الله عليه
وسلم من واجب أو مستحب ،وليس لنا أن نعبده بالمور
المبتدعة [.]254
وهذان الصلن هما حقيقة قولنا "أشهد أن ل إله إل الله ،وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله".
وعلى هذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم هو المبلغ عن الله
تعالى أمره ونهيه وتحليله ،وتحريمه ،بالحلل مما أحله ،والحرام
ما حرمه ،والدين ما شرعه ،فليس لحد كائنا من كان أن يشرع
في هذا الدين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد قدمت لكلمي بهذه العبارات نظرا لما أحدثه الناس في هذا
الجانب من بدع تحت دعوى تعظيم قدر النبي صلى الله عليه
وسلم ،مما ليس له أصل في الدين وما أنزل الله به من
سلطان.
ومن العجيب أن الشيطان أظهر لهم ذلك في صورة محبته صلى
الله عليه وسلم وتعظيمه ومتابعته ،وهذا شأن اللعين لبد وأن
يمزج الحق بالباطل ليروج على أشباه النعام أتباع كل ناعق،
الذين لم يستضيئوا بنور العلم ،ولم يلجئوا إلى ركن وثيق.
ولقد كان حري بهؤلء الذين ابتدعوا تلك البدع ،وكذلك الذين
أخذوا بها من بعدهم ،أن يلتزموا بما ورد به أمر الشارع من أمور
في جانب تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره ،ففيها
الغنية والنجاة ،وبالتمسك بها والسير عليها يحصل الجر العظيم
بإذن الله تعالى.
________________________________________
[ ]1الية ( )113من سورة النساء.
[ ]2الية ( )253من سورة البقرة.
[ ]3الية ( )81من سورة آل عمران.
[ ]4أخرجهما ابن جرير في تفسيره ( )332 /3وأوردهما ابن كثير
في تفسيره (.)378 /1
[ ]5تفسير ابن كثير (.)378 /1
[ ]6الية ( )146من سورة البقرة.
[ ]7الية ( )157من سورة العراف.
[ ]8أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب البيوع ،باب كراهية
السخب في السواق .انظر :فتح الباري ( )342 /4ح 2125
[ ]9تقدم تخريجه ص 74
[ ]10أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب قول النبي
صلى الله عليه وسلم" :أنا أول الناس يشفع في الجنة" 1/130
[ ]11أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب في قول
النبي صلى الله عليه وسلم" :أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا
أكثر النبياء تبعا" (.)130/
[ ]12أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الطب ،باب من اكتوى
أو كوى غيره فتح الباري ( )155 /10ح ،5705وأخرجه مسلم في
صحيحه ،كتاب اليمان ،باب الدليل على دخول طوائف من
المسلمين الجنة بغير حساب ول عذاب (.)138 /1
[ ]13أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب العلم ،باب من سن سنة
حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضللة .انظر ()8/62
[ ]14أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الرقاق ،باب الحشر.
فتح الباري ( )378 /11ح ،6528وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب
اليمان ،باب كون هذه المة نصف أهل الجنة ()139-1/138
[ ]15بداية السول في تفضيل الرسول (ص .)46 ،44
[ ]16أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب مناقب النصار ،باب
المعراج ،انظر :فنح الباري ( .)202 -201 /7وأخرجه مسلم في
صحيحه ،كتاب اليمان ،باب السراء برسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى السموات وفرض الصلوات )104 /11
[ ]17أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب المناقب ،باب صفة
النبي صلى الله عليه وسلم .انظر :فتح الباري ( )566 /6ح 3557
[ ]18أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الشهادات ،باب ل يشهد
على شهادة جور إذا أشهد .انظر :فتح الباري ( )259 /6ح ،2652
وأخرجه مسلم في صحيحه ،كثاب فضائل الصحابة ،باب فضل
الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم (.)184 /7
[ ]19أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب فضائل الصحابة باب فضل
الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ()186 /7
[ ]20اليات ( )3 ،2 ،1من سورة الفتح.
[ ]21أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب التفسير ،باب قول الله
شكُوراً} .انظر:ن ع َبْدا ً َ ح إِن َّ ُ
ه كَا َ ملْنَا َ
معَ نُو ٍ ح َ
ن َم ْ عز وجل{ :ذُّرِي َّ َ
ة َ
فتح الباري ( )395 /8ح ،4712وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب
اليمان ،باب أدنى أهل الجنة منزلة (.)128 ،127 /1
[ ]22أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب أدنى أهل
الجنة منزلة (.)134-1/133
[ ]23عبد العزيز بن عبد السلم السلمي الدمشقي الملقب
بسلطان العلماء فقيه شافعي بلغ رتبة الجتهاد وله مؤلفات
توفي سنة 660هـ .العلم (.)4/21
[ ]24بداية السول (ص .)36 -35
[ ]25الية ( )4من سورة الشرح.
[ ]26الية )721من سورة الحجر.
[ ]27بداية السرل (ص .)37
[ ]28اليات ( )70 ،65 ،64من سورة النفال ومواضع أخرى.
[ ]29الية ( )67 ،41من سورة المائدة
[ ]30الية ( )35من سورة البقرة.
[ ]31الية ( )110من سورة المائدة
[ ]32الية ( )30من سورة القصص
[ ]33الية ( )48من سورة هود.
[ ]34الية ( )26من سورة ص.
[ ]35الية ( )105من سورة الصافات
[ ]36الية ( )81من سورة هود.
[ ]37الية ( )7من سورة مريم.
[]38الية ( )12من سورة مريم.
[ )10( ]39غاية السول (ص .)38
[ ]40الية ( )63من سورة النور.
[ ]41سعيد بن جبير السدي ،بالولء ،الكوفي ،تابعي ،أخذ العلم
من ابن عباس وابن عمر ،ثقة ،ثبت ،فقيه ،إمام حجة ،قتل بين
يدي الحجاج سنة خمس وتسعين .تهذيب التهذيب ()14 -11 /4
[ ]42تفسير ابن كثير (.)306 /3
[ ]43الية ( )2من سورة الحجرات.
[ ]44هو ثابت بن قيس بن شماس النصاري الخزرجي ،،خطيب
النصار شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة ،شهد أحدا
وما بعدها ،قتل يوم اليمامة .الصابة (.)197 /1
[ ]45موسى بن أنس بن مالك النصاري ،قاضي البصرة ،.تابعي،
ثقة قليل الحديث.
[ ]46أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التفسير ،باب "ل ترفعوا
أصواتهم فوق صوت النبي" .انظر فتح الباري (4846 )590 /8
[ ]47هو عبد الله بن الزبير بن العوام ،ولد عام الهجرة ،وحنكه
النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له ،وكان أول مولود في
السلم بالمدينة وكان شهما فصيحا ،رقد بويع له بالخلفة بعد
موت-يزيد بن معاوية فبقى ثمان سنوات حتى قتل في أيام عبد
الملك سنة ثلث وسبعين للهجرة .الصابة (.)303 --301 /2
[ ]48أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب التفسبر ،باب "ل ترفعوا
أصواتكم فوق صوت النبي" .فتح الباري ( )590 /8ح 4845
[ ]49اليتان ( )13 ،12من سورة المجادلة.
[ ]50تقدم تخريجه ص 74
[ ]51تقدم تخريجه ص .80
[ ]52بداية السول في تفضيل الرسول (ص .)41
[ ]53المصدر السابق (ص )42 -41
[ ]54عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان النصاري ،تابعي ثقة،
كثير الحديث ،وكان له علم بالمغازي والسيرة ،توفي سنة
عشرين ومائة تهذيب التهذيب (.)34 -53 /5
[ ]55عمر بن قتادة بن النعمان النصاري ،روى عن أبيه وله
صحبة تهذيب التهذيب ()7/489
[ ]56قتادة بن النعمان بن زيد الوسي ثم الظفري النصاري،
صحابي جليل شهد بدرا وما بعدها ومات في خلفة عمر فصلى
عليه ونزل في قبره وعاش خمسا وستين سنة .الصابة -217 /31
.)218
[ ]57أخرجه أبو نعيم في دلئل النبرة (ص )418وأخرجه البيهقي
في دلئل النبرة أيضا ( .)252 -251 /3وأورده الهيثمي في مجمع
الزوائد ( )298 ،297 /8وعزاه لبى يعلى وقال في إسناده يحى بن
عبد الحميد الحماني وهو ضعيف وقال اللباني في حاشية كتاب
بداية السول (ص )42ولكنه عند أبي نعيم من طريقين آخرين
فهو يتقوى بهما" .والحديث أورده ابن كثير في البداية (.)34 ،33 /4
والسيوطي في الخصائص الكبرى ( )359 /1وعزاه لبن سعد
والبيهقي وأبي نعيم.
[ ]58انظر :دلئل النبوة لبي نعيم الصبهاني (ص )550 -512
ودلئل النبوة للبيهقي الجزء السادس ،والخصائص الكبرى
للسيوطي (.)314 -304 /2
[ ]59آداب الشافعي ومناقبه لبن أبي حاتم (ص .)83
[ ]60الخصائص الكبرى (.)304 /2
[ ]61أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الفضائل ،باب تفضبل نبينا
صلى الله عليه وسلم على جميع الخلئق (.)59 /7
[ ]62بداية السول في تفضيل الرسول (ص .)34
[ ]63أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب النبياء ،باب ،قول الله
َ
مهِ} انظر فتح الباري ()371 /6 سلْنَا نُوحا ً إِلَى قَوْ ِ
عز وجل {وَلَقَد ْ أْر َ
ح 3340واللفظ له .وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان،
باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (.)128 ،127 /1
[ ]64مجموع الفتاوى (.)145 /1
[ ]65أخرجه مسلم فى صحيحه كتاب اليمان ،باب في أول النبي
صلى الله عليه وسلم" :أنا أول الناس يشفع في الحنة وأنا أكثر
النبياء تبعا" (.)130 /1
[ ]66أخرجه الحاكم في مستدركه( )30 /وصححه وقال على
شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
[ ]67أخرجه أحمد في مسنده ( .)3/2وأخرجه الترمذى في سننه،
كتاب المناقب ،باب فضل النبي صلى الله عليه وسلم ( )587 /5ح
3615وقال :هذا حديث حسن صحيح .وأخرجه ابن ماجه في سننه،
كتاب الزهد ،باب في الشفاعة ( )1440 /2ح .4308
[ ]68غاية السول (ص .)35
[ ]69أخرجه البخاري في صحيحه ،واللفظ له ،كتاب الذان ،باب
فضل السجود ،انظر فتح الباري ( )293 ،292 /2ح ،806وأخرجه
مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب معرفة طريق الرؤية (/1
.)113
[ ]70أخرجهما مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب قول النبي
صلى الله عليه وسلم" :أنا أول الناس يشفع في الجنة" ()130 /1
[ ]71أخرجهما مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب قول النبي
صلى الله عليه وسلم" :أنا أول الناس يشفع في الجنة" ()130 /1
[ ]72الية ( )110من سورة آل عمران.
[ ]73الية ( )143من سورة البقرة.
[ ]74الية ( )78من سورة الحج.
[ ]75معاوية بن حيدة بن معاوية القشيري ،له وفادة وصحبة،
وقال البخاري "سمع النبي صلى الله عليه وسلم ،وتوفي
بخرسان .الصابة (.)412 /3
[ ]76أخرجه أحمد في المسند ( -3 /5( )448 ،447 ،446 /4ه)
والترمذي في سننه ،كتاب التفسير ،تفسير سورة آل عمران (/5
)226ح 3501وقال :هذا حديث حسن .وأخرجه ابن ماجة في
السنن كتاب الزهد ،باب صفة أمة محمد صلى الله عليه وسلم
انظر ( )1433 /2والحاكم قي المستدرك ( )4/84وصححه ووافقه
الذهبي .والدارمي في السنن ( )221 /2ح ،2763وحسنه اللباني في
المشكاة (.)6285
[ ]77المسند (.)3/61
[ ]78أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الجارة باب الجارة من
العصر إلى الليل .انظر :فتح الباري ( )448 ،4/447ح .2271
[ ]79اليتان ( )29 28من سورة الحديد.
[ ]80أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الجمعة ،باب فرض
الجمعة واللفظ له .انظر :فتح الباري ( )354 /2ح 876وأخرجه
مسلم في صحيحه ،كتاب الجمعة ،باب هداية هذه المة ليوم
الجمعة (.)6 /3
[ ]81أخرجه مسل!م في صحيحه ،كتاب الجمعة ،باب هداية هذه
المة ليوم الجمعة (.)7 /3
[ ]82أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب
معرفة طريق الرؤية .انظر ()1/113
[ ]83أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه ،كتاب الجمعة ،باب
هداية هذه المة ليوم الجمعة ()3/6
[ ]84أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب
أدنى أهل الجنة منزلة فيها (.)129 -127 /1
[ ]85أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الرقاق ،باب في
الحوض .فتح الباري ( )463 /11ح ،6576وأخرجه مسلم في صحيحه،
كتاب الطهارة ،باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء
(.)151 -150 /1
[ ]86الية ( )9من سورة الفتح.
[ ]87الية ( )157من سورة العراف.
[ ]88مقاييس اللغة (.)311 /4
[ ]89النهاية (.)228 /3
[ ]90تهذيب اللغة ( )130 -129 /2بتصرف.
[ ]91تفسير الطبري (.)85 /9
[ ]92تفسير الطبري (.)85 /9
[ ]93تفسير الطبري (.)75 /26
[ ]94تفسير الطبري (.)85 /9
[ ]95تفسير الطري ()75 /26
[ ]96الصارم المسلول (ص .)422
[ ]97معجم مقاييس اللغة ()132 /6
[ ]98تهذيب اللغة ()280 /9
[ ]99لسان العرب (.)291 /5
[ ]100تفسير الطبري (.)74 /26
[ ]101تفسير الطبري (.)74 /26
[ ]102تفسير الطبري (.)75 /26
[ ]103تفسير الطبري (.)75 /26
[ ]104الصارم المسلول (ص )422
[ ]105تفسير ابن كثير ()4/185
[ ]106لسان العرب ()411-12/410
[ ]107انظر المنهاج في شعب اليمان للحليمي ( )124 /2الشعبة
الخامسة عشرة .وكذلك الجامع في شعب اليمان للبيهقي (/1
)300الشعبة الخامسة عشرة.
[ ]108المنهاج في شعب اليمان للحليمي (.)124 /2
[ ]109المعنى المقصود هنا :أنه يجوز أن يبعث الله رسول ول
يوجب له هذا الحق بخلف اليمان والتباع فإنهما من لوازم
الرسالة.
[ ]110الية ( )9من سورة الفتح.
[ ]111الية ( )157من سورة العراف.
[ ]112المنهاج في شعب اليمان (" )125 /2بتصرف".
[ ]113الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الجرجانى،
فقيه شافعي ،قاضي ،كان رئيس أهل الحديث في ما وراء النهر،
توفي في بخارى سنة 403هـ وله كتاب المنهاج في شعب اليمان.
العلم (.)235 /2
[ ]114المنهاج في شعب اليمان ( )125 -124والجامع لشعب
اليمان (.)303 -302
[ ]115الية ( )63من سورة النور.
[ ]116تفسير الطبري (.)18/177
[ ]117تفسير الطبري (.)18/177
[ ]118تفسير الطبري (.)18/177
[ ]119الية ( )28من سورة الحزاب.
[ ]120الية ( )50من سورة الحزاب.
[ ]121الية ( )1من سورة الحزاب.
[ ]122الية ( )45من سورة الحزاب
[ ]123الية ( )1من سورة الطلق.
[ ]124الية ( )1من سورة التحريم.
[ ]125الية ( )67من سورة المائدة.
[ ]126اليتان ( )2 ،1من سورة المزمل
[ ]127اليتان ( )2 ،1من سورة المدثر
[ ]128الية ( )64من سورة النفال
[ ]129الية ( )35من سورة البقرة
[ ]130الية ( )33من سورة البقرة
[ ]131الية ( )46من سورة هود
[ ]132الية ( )76من سورة هود
[ ]133الية ( )144من سورة العراف
[ ]134الية ( )26من سورة ص.
[ ]135الية ( )110من سورة المائدة
[ ]136الصارم المسلول (ص )423 -422
[ ]137الية ( )63من سورة النور
[ ]138الية ( )35من سورة البقرة
[ ]139الية ( )48من سورة هود
[ ]140اليتان ( )12 ،11من سورة طه
[ ]141الية ( )55من سورة آل عمران
[ ]142الية ( )64من سورة النفال
[ ]143الية ( )41من سورة المائدة
[ ]144الية ( )67من سورة المائدة
[ ]145الية ( )1من سورة المزمل
[ ]146الية ( )1من سورة المدثر
[ ]147الية ( )40من سورة الحزاب
[ ]148الية ( )29من سورة الفتح
[ ]149الية ( )144من سورة آل عمران
[ ]150الية ( )2من سورة محمد
[ ]151درء تعارض العقل والنقل ()298 ،1/297
[ ]152اليات من ( 1إلى )5من سورة الحجرات
[ ]153أخرجه المام أحمد فى مسنده (.)242 ،236 ،230 /5وأبو داود
في سننه ،كتاب القضية ،باب اجتهاد الرأي في القضاء ( )18 /4ح
.3592والترمذي في سننه ،كتاب الحكام ،باب القاضي كيف
يقضي ( )3/616ح .1327وابن ماجة في سننه ،المقدمة ،باب اجتناب
الرأي والقياس بنحوه (.)21 /1
[ ]154تفسير ابن كثير (.)205 /4
[ ]155المنهاج في شعب اليمان ()127 /2
[ ]156أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب المغازي ،باب حجة
الوداع واللفظ له .انظر فتح الباري ( )108 /8ح 4406
[ ]157الية ( )2من سورة الحجرات
[ ]158عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة زهير بن عبد الله بن
جدعان التيمي المكي ،تابعي ثقة ،كان قاضيا لبن الزبير ومؤذنا
له .مات سنة (17هـ) وقيل (18هـ) تهذيب التهذيب ()307 -306 /5
[ ]159القرع بن حابس بن عقال بن محمد بن سفيان التميمي
المجاشعي الدارمي ،وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وشهد
فتح مكة وحنينا والطائف ،وهو من المؤلفة قلوبهم ،وقد حسن
إسلمه ،وكان شريفا في الجاهلية والسلم وشارك في
الفتوحات ،وقيل إنه قتل في اليرموك في عشرة من بنيه الصابة
()73 -72 /1
[ ]160نافع بن عمر بن عبد الله الجمحي الحافظ المكي ،كان من
أثبت الناس ،روى عن ابن أبي مليكة وغيره ،مات سنة تسع
وستين ومائة .تهذيب التهذيب ()401 /10
[ ]161هو :عبد الله بن الزبير رضي الله عنه وقد تقدم ترجمته
[ ]162أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب التفسير ،تفسير سورة
الحجرات.
انظر :فتح الباري ( )590 /8خ 4845
[ ]163أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الصلة ،باب رفع
الصوت في المسجد.
انظر :فتح الباري ( )560 /1خ .470
[ ]164أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الرقاق ،باب حفظ
اللسان.فتح الباري ( )308 /1 1ح 6478
[ ]165تفسير ابن كثير ()206 -205 /4
[ ]166الكشاف ()555 ،554 /3
[ ]167كتاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم منهج
ورسالة تأليف محمد الصادق إبراهيم عرجون ()333 /4
[ ]168تفسير ابن كثير ()208 /4
[ ]169في ظلل القرآن لسيد قطب ( )3340 /6بتصرف يسير
[ ]170المنهاج في شعب اليمان ()128 /2
[ ]171الية ( )120من سورة التوبة
[ ]172المنهاج في شعب اليمان ()126 /2
الية ( )53من سورة الحزاب []173
الية ( )56من سورة الحزاب []174
الية ( )53من سورة الحزاب []175
الية ( )53من سورة الحزاب []176
الية ( )56من سورة الحزاب []177
الصلت والبشر في الصلة على خير البشر (ص )20 -19 []178
اليتان ( )58-57من سورة الحزاب []179
الية ( )24من سورة التوبة[]180
الية ( )132من سورة آل عمران []181
الية ( )62من سورة التوبة[]182
الية ( )10من سورة الفتح[]183
الية ( )1من سورة النفال []184
الية ( )13من سورة النفال []185
الية ( )20من سورة المجادلة []186
الية ( )63من سورة التوبة[]187
الية ( )14من سورة النساء وآيات أخر []188
الصارم المسلول (ص )41 -40 []189
الصارم المسلول (ص )394-393 []190
الية ( )104من سورة البقرة[]191
الخفة والحماقة[]192
الشفا ()2/591
[]193
الية ( )53من سورة الحزاب []194
الصارم المسلول (ص )59 []195
الركي :جنس للركية ،وهي البئر ،وجمعها ركايا .النهاية ( []196
)2/261
[ ]197صحيح مسلم ،كتاب التوبة ،باب براءة حرم النبي صلى
الله عليه وسلم من الريبة ()119 /8
[ ]198الصارم المسلول (ص )60 -59
[ ]199المصدر السابق (ص )433
[ ]200الية ( )6من سورة الحزاب
[ ]201اليتان ( )63 ،62من سورة النور
[ ]202الية ( )62من سورة النور
[ ]203الكشاف ( )78 /3بتصرف يسير
[ ]204الية ( )157من سورة العراف
[ ]205شعب اليمان للبيهقي ،شعبة التعظيم ()303 ،302 /1
[ ]206اليتان ( )9 ،8من سورة الفتح
[ ]207بغية المرتاد (ص )504
[ ]208عروة بن مسعود الثقفي ،كان أحد الكابر في قومه،
وكانت له اليد البيضاء في تقرير صلح الحديبية ،اتبع أثر النبي
صلى الله عليه وسلم لما انصرف من الطائف فأسلم ،واستأذنه
أن يرجع إلى قومه ،فأذن له فرجع فدعاهم ،فرماه أحدهم بسهم
وهو يؤذن في السحر فقتله .الصابة ()471 -470 /2
[ ]209أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الشروط ،باب الشروط
في الجهاد ،والمصالحة مع أهل الحرب ،وكتابة الشروط .انظر:
فتح الباري ()331 ،329 /5
[ ]210الية ( )2من سورة الحجرات
[ ]211تقدم تخريجه (ص )432
[ ]212سعد بن عبادة النصاري ،شهد الخزرج ،شهد العقبة ،وكان
أحد النقباء ،وكان مشهورا بالجود وكان معه راية النصار ،توفي
سنة خمسة عشرة وقيل سنة ست عشرة من الهجرة بالشام.
الصابة ()28 -27 /2
[ ]213الية ( )3من سورة الحجرات
[ ]214شعب اليمان للبيهقي ()313 /1
[ ]215أخرجه الحاكم في المستدرك ( )462 /2وقال حديث صحيح
على شرط الشيخين ولم يخرجاه ،وقال الذهبي على شرط
مسلم ،وأخرجه البيهقي في شعب اليمان ،شعبة تعظيم النبي
صلى الله عليه وسلم ( .)317 /1وأخرجه كذلك في المدخل إلى
السنن الكبرى ،باب توقير العالم والعلم ص ( )379ح .653وأورده
السيوطي في الدر المنثور( )548 /7وعزاه لعبد بن حميد والحاكم
والبيهقي في الشعب
[ ]216أسامة بن شريك الثعلبي من بني ثعلبة ،له صحبة ،وروى
حديثه أصحاب السنن وأحمد وابن خزيمة ،وابن حبان والحاكم.
الصابة ()47 -46 /1
[ ]217أخرجه بهذا اللفظ أبو داود في سننه كتاب الطب ،باب في
الرجل يتداوى ( )193 -192 /4ح ،3855وأخرجه أحمد في المسند (/4
)278
[ ]218البراء بن عازب بن الحارث النصاري الوسي ،له ولبيه
محبة استصغره النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر وشهد أحدا
وما بعدها ترفي سنة اثنتين وسبعين .الصابة ()147 -146 /1
[ ]219أخرجه بهذا اللفظ المام أحمد في مسنده (.)287 /4
وأخرجه ابن ماجه في سننه ،كتاب الجنائز ،باب ما جاء في
الجلوس في المقابر ( )494 /1ح 1549
[ ]220أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الجهاد ،باب فضل
النفقة في سبيل الله.انظر فتح الباري ( )49 ،48 /6ح 2842
[ ]221بريدة بن الحصيب بن عبد الله السلمي ،قيل إنه أسلم
حين مر به النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرا ،وقيل :أسلم بعد
منصرف النبي صلى الله عليه وسلم من بدر ،وفي الصحيحين
عنه أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست عشرة
غزوة ،وأخباره كثيرة ومناقبه مشهورة ،مات سنة ثلث وستين.
الصابة ()150 /1
[ ]222أخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى ،باب توقير
العالم والعلم (ص )381ح 658
[ ]223أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب كون
السلم يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج ()78 /1
[ ]224أخرجه الترمذي في سننه ،كتاب المناقب ،باب في مناقب
أبي بكر وعمر رضي الله عنهما كليهما ( )612 /5ح ،3668وقال :هذا
حديث ل نعرفه إل من حديث الحكم بن عطية ،وقد تكلم بعضهم
في الحكم بن عطية
[ ]225خنست :أي انقبضت وتأخرت .النهاية ()83 /2
[ ]226أخرجه أحمد في المسند ( .)330 /1وأخرجه الحاكم في
المستدرك ( )534 /3وقال :حديث على شرط الشيخين ولم
يخرجاه ووافقه الذهبي .وأخرجه البيهقي في شعب اليمان ،باب
شعبة تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم ( )321 ،320 /1ح 129
[ ]227رواه البزار كما في كشف الستار ( .)421 /2والببهقي في
شعب اليمان ،باب شعبة تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم (/1
)338خ 134
[ ]228أخرب الحاكم في معرفة علوم الحديث النوع الخامس
(ص .)19وأخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (ص
.)381
وقال السخاوي في فتح المغيث ( )117 /1الحديث أخرجه الحاكم
في علومه وكذا في المالي كما عزاه إليهما البيهقي في المدخل
حيث أخرجه عن راو.
ورواه أبو نعيم في المستخرج على علوم الحديث له (أي الحاكم)
عن راو آخر كلهما عن أحمد ابن عمرو (كذا) الزيبقي عن زكريا
بن يحبس المنقري ،عن الصمعي ،عن كيسان مولى هشام ابن
حسان ،وفي رواية أبي نعيم عن هشام بن حسان.
وفي رواية الخرين عن محمد بن حسان زاد البيهقي "وهو أخو
هشام بن حسان وهر حسن الحديث" انتهي قول السخاوي
[ ]229أخرجه أبو داود في سننه ،كتاب الدب ،باب في الحلم
وأخلق النبي صلى الله عليه وسلم ( )134 ،133 /5ح ،4773وأخرجه
النسائي في سننه ،في القسامة ،باب القود ،من الجندة (،33 /8
.)34وأخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (ص )401ح
717
سهل بن بيضاء القرشي ،وبيضاء أمه واسمها دعد واسم []230
أبيه وهب بن ربيعة بن هلل القرشي ،كان ممن قام في نقض
الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم ،أسلم بمكة فكتم
إسلمه فأخرجته قريشا إلى بدر فأسر يومئذ فشهد له ابن
مسعود أنه رآه يصلى بمكة فأطلق ومات بالمدينة .الصابة (/2
)84
[ ]231أخرجه أحمد في مسنده ( .)383 /1وأخرجه الترمذي في
سننه ،كتاب التفسير ،تفسير سورة النفال ( )335 /4ح 5080وقال:
حديث حسن وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه .وأخرجه الطبراني
في الكبير ( )177 /10ح 10258بنحوه .وأخرجه الحاكم في
المستدرك ( )22 -21 /3وقال هذا حديث صحيح السناد ولم
يخرجاه ووافقه الذهبي .وأخرجه البيهقي في شعب اليمان (/1
)325ح 130
[ ]232أبو رمثة (بكسر أوله وسكون الميم ثم مثلثة) التيمي
اختلف في اسمه فقيل :رفاعة بن يثربي ،ويقال عكسه ،ويقال
عمارة بن يثربي ،وقيل غير ذلك ،له صحبة ،ومات
بأفريقية.الصابة )71 /4( :وتقريب التهذيب ()406
[ ]233أخرجه المام أحمد في المسند ( )228 -227 -226 /2بعدة
طرق عن لقيط بن إياد عن أبي رمثة به .وأخرجه أبو داود في
سننه ،كتاب اللباس ،باب في الخضرة ( )4/334ح ،4065وأخرجه
الترمذي في سننه ،كتاب الدب ،باب ما جاء عن الثوب الخضر (
)119 /5ح .2812وأخرجه النسائي في سننه ،كتاب الزينة ،باب
لبس الخضر من الثياب ( ،)204 /8وأخرجه البيهقي في شعب
اليمان ( )342 /1وفي دلئل النبوة ()237 /1
[ ]234أبو جري (بالتصغير) الهجيمي واسمه جابر بن سليم وقيل
سليم بن جابر ،وقال البخاري الول أصح ،له صحبة ،وهو من بني
أنمار بن الهجيم بن عمرو بن تميم .تهذيب التهذيب ()54 /12
[ ]235أخرجه أبو داود في سننه ،كتاب اللباس ،باب ما جاء في
إسبال الزار ( )344 /4ح 4084واللفظ له .وأخرجه الترمذي في
سننه ،كتاب الستئذان ،باب كراهية أن يقول عليك السلم مبتدئا
وقال حسن صحيح ( )72 ،71 /5ح 2721
[ ]236أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الفضائل ،باب قرب النبي
عليه السلم من الناس وتبركهم به ()79 /7
[ ]237اسمه زيد بن سهل وقد تقدم ترجمته
[ ]238أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الوضوء ،باب الماء
الذي يغسل به شعر النسان .انظر :فتح الباري ( )237 /3ح .171
[ ]239أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الفضائل ،باب قرب النبي
صلى الله عليه وسلم من الناس وتبركهم به (.)79 /7
[ ]240أورده ابن كثير في البداية ( )280 /4من طريق ابن اسحاق،
وابن حجر في الصابة (.)300 ،299 /4
[ ]241البداية لبن كثير (.)282 /4
[ ]242عبد الله بن أبي بن مالك بن الحارث بن عبيد الخزرجى،
أبو الحباب المشهور بابن سلول ،وسلول جدته لبيه رأس
المنافقين في السلم أظهر السلم بعد وقعة بدر ،تقية ،مات
بالمدينة سنة تسع من الهجرة ،طبقات ابن سعد (.)90 /3 /2
[ ]243عبد الله بن عبد الله بن أبي بن مالك ،وهو ابن عبد الله
بن أبي رأس المنافقين الذي تقدمت ترجمته .وكان اسم عبد الله
بن عبد الله "الحباب" فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد
الله وهو صحابي جليل ،شهد بدرا وما بعدها ،واستشهد باليمامة
في قتال الردة سنة اثنتي عشرة.الصابة (.)328 ،327 /2
[ ]244أخرجه الطبري في تفسيره ( )115 ،114 /28تفسير سورة
المنافقرن الية ()8
[ ]245سنن الترمذي ( )418 /5ح 3315كتاب تفسير القرآن ،باب
ومن سورة المنافقين .وأورده ابن كئير في تفسيره ()4/372
وعزاه للحميدي في مسنده وأورده ابن حجر في فتح الباري (/8
.)652
[ ]246قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب
رحمه الله تعالى في كتابه تيسير العزيز الحميد (ص :)154 ،153
ذكر بعض المتأخرين أن التبرك بآثار الصالحين مستحب كشرب
سؤرهم ،والتمسح بهم أو بثيابهم ،وحمل المولود إلى أحد منهم
ليحنكه بتمرة حتى يكون أول ما يدخل جوفه ريق الصالحين،
والتبرك بعرقهم ونحر ذلك ،وقد أكثر في ذلك أبو زكريا النوري
في
"شرح مسلم" في الحاديث التي فيها أن الصحابة فعلوا شيئا مع
النبي صلى الله عليه وسلم وظن أن بقية الصالحين في ذلك
كالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا خطأ صريح لوجوه منها:
-1عدم المقاربة فضل عن المساواة للنبي صلى الله عليه وسلم
في الفضل والبركة.
-2ومنها عدم تحقق الصلح ،فإنه ل يتحقق إل بصلح القلب ،وهذا
أمر ل يمكن الطلع عليه إل بنص ،كالصحابة الذين اثنى الله
عليهم ورسوله ،أو أئمة التابعين ،أو من شهر بصلح ودين كالئمة
الربعة ونحوهم من الذين تشهد لهم المة بالصلح وقد عدم
أولئك ،أما غيرهم فغاية المر أن نظن أنهم صالحون فنرجو لهم.
-3ومنها أنا لو ظننا صلح شخص فل نأمن أن يختم له بخاتمة
سوء ،والعمال بالخواتيم ،فل يكون أهل للتبرك بآثاره.
-4ومنها أن الصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك مع غيره ل في حياته
ول بعد موته ،ولو كان خيرا لسبقونا إليه ،فهل فعلوه مع أبي بكر
وعمر وعثمان وعلي ونحوهم من الذين شهد لهم النبي صلى
اللهعليه وسلم بالجنة ،وكذلك التابعون هل فعلوه مع سعيد بن
المسيب وعلي بن الحسين وأويس القرني والحسن البصري
ونحوهم ممن يقطع بصلحهم ،فدل أن ذلك مخصوص للنبي
صلى الله عليه وسلم.
-5ومنها أن فعل هذا مع غيره شيء ل يؤمن أن يفتنه وتعجبه
نفسه ،فيورثه العجب والكبر والرياء ،فيكون هذا كالمدح في
الوجه بل أعظم" انتهي.
[ ]247الية ( )20من سورة المجادلة.
[ ]248الية ( )63من سورة التوبة.
[ ]249الية ( )5من سورة المجادلة.
[ ]250الية ( )120من سورة التوبة.
[ ]251الية ( )5من سورة البينة.
[ ]252اليتان ( )19 -18من سورة الجاثية.
[ ]253الية ( )21من سورة الشورى.
[ ]254مجموع الفتاوى ( )1/80بتصرف.
[ ]255هذه العبارة جزء من حديث رواه مسلم في صحيحه ،كتاب
الجنة وصفة نعيمها وأهلها ،باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا
أهل الجنة وأهل النار ( )159 /8ولفظها في مسلم "وإن الله نظر
إلى أهل الرض فمقتهم عربهم وعجمهم إل بقايا من أهل
الكتاب "...الحديث.
[ ]256الية ( )51من سورة العنكبوت.
[ ]257أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب المارة ،باب المر بالوفاء
ببيعة الخلفاء الول فالول (.)6/18
[ ]258تقدم تخريجه ص .124
[ ]259الية ( )107من سورة النبياء.
[ ]260تقدم تخريجه ص .396
[ ]261جلء الفهام (ص )94 ،89بتصرف
[ ]262القول البديع في الصلة على الحبيب الشفيع للسخاوي
(ص )11بتصرف.
[ ]263الية ( )56من سورة الحزاب.
[ ]264المنهاج في شعب اليمان ( )134 /2بتصرف يسير.
[ ]265جلء الفهام (ص .)78
[ ]266جلء الفهام (ص .)79
[ ]267الية ( )63من سورة النور.
[ ]268جلء الفهام (ص )80بتصرف.
[ ]269أخرجه الترمذي في السنن ،كتاب الدعوات ،باب قول
رسول الله صلى الله عليه وسل "رغم أنف رجل" ( )5/550ح 3545
وأخرجه ابن حبان في صحيحه .انظر موارد الظمآن (.)2387
وأخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلة على النبي صلى الله
عليه وسلم (ص )10 -9 -8ح ،19 -18 -17 - 16 -15وقال اللباني في
تعليقه عليه" :حديث صحيح بشواهده".وأخرجه الحاكم في
المستدرك (.)549 /1
[ ]270تقدم تخريجه ص .328
[ ]271الية ( )7من سورة الحشر.
[ ]272الية ( )80من سورة النساء.
[ ]273الية ( )132من سورة آل عمران.
[ ]274الية ( )65من سورة النساء.
[ ]275الية ( )51من سورة النور.
[ ]276منزلة السنة في التشريع السلمي (ص )5 -4وعزاه لبن
القيم ولم أقف عليه في كتبه.
[ ]277كتاب الرد على الخنائي (ص .)25 ،24
[ ]278الية ( )31من سورة آل عمران
[ ]279الية ( )65من سورة النساء.
[ ]280الية ( )51من سورة النور.
[ ]281الية ( )36من سورة الحزاب.
[ ]282تقدم تخريجه ص 188
[ ]283تقدم تخريجه ص 190
[ ]284الية ( )7من سورة الحشر.
[ ]285تقدم تخريجه ص 195
[ ]286الرد على الخنائي (ص .)37
[ ]287الية ( )41من سورة النفال.
[ ]288الية ( )7من سورة الحشر.
[ ]289كعب بن عجرة بن أمية البلوي ويقال القضاعي ،حليف
لنصار ،صحابي مشهور ،مات بعد الخمسين وله نيف وسبعون
سنة .الصابة (.)282 ،281 /3
َ َّ
ه
ن الل َ [ ]290أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب التفسير ،باب {إ ِ ّ
ُ َ َ ُ
موا سل ِّ ُ
صل ّوا ع َلَيْهِ وَ َ
منُوا َ ي يَا أيُّهَا ال ّذِي َ
نآ َ ن ع َلَى النَّب ِ ِ ّ
صل ّو َ ملئِكَت َ ُ
ه يُ َ وَ َ
سلِيماً} انظر :فتح الباري ( .)532 /8وأخرجه مسلم في صحيحه، تَ ْ
كتاب الصلة ،باب الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد
التشهد .انظر.)16 /2( :
[ ]291تقدم تخريجه ص .345
[ ]292تفسير ابن كثير (.)113 /4
[ ]293هذا من تفضيل الجملة على الجملة وهو ل يقتضي تفضيل
كل فرد على كل فرد فالعرب في الجناس ،وقريش فيها ثم
هاشم في قريش ،مظنة أن يكون فيهم من الخير أعظم مما
يوجد في ،غيرهم ،ولهذا كان في بنى هاشم النبي صلى الله
عليهم وسلم الذي ل يماثله أحد في قريش فضل عن وجوده في
سائر العرب وغير العرب ،وكان في قريش الخلفاء الراشدون
وسائر العشرة وغيرهم ممن ل يوجد له نظير في العرب وغير
العرب ،وكان في العرب من السابقين الولين من ل يوجد له
نظير في سائر الجناس .فلبد أن يوجد في الصنف الفضل ما ل
يوجد مثله في المفضول .وقد يوجد في المفضول ما يكون
أفضل من كثير مما يوجد في الفاضل كما أن النبياء الذين ليسوا
من العرب أفضل من العرب الذين ليسوا بأنبياء ،والمؤمنون
المتقون من غير قريش أفضل من القرشيين الذين ليسوا مثلهم
في اليمان والتقوى ،وكذلك المؤمنون المتقون من قريش
وغيرهم أفضل ممن ليس مثلهم في اليمان والتقوى من بني
هاشم .فهذا هو الصل المعتبر في هذا الباب دون من ألغى
فضيلة النساب مطلقا ودون من ظن أن الله تعالى يفضل
النسان بنسبه على من هو مثله في اليمان والتقوى ،فضل عمن
هو أعظم إيمانا وتقوى ،فكل القولين خطأ وهما متقابلن ،بل
الفضيلة بالنسب فضيلة جملة وفضيلة لجل المظنة والسبب.
والفضيلة باليمان والتقوى فضيلة تعيين وتحقيق وغاية.
فالول :يفضل به لنه سبب وعلمة ،ولن الجملة أفضل من
جملة تساويها في العدد.
والثاني :يفضل به لنه الحقيقة والغاية ،ولن كل من كان أتقى
لله كان أكرم عند الله ،والثواب من الله يقع على هذا ،لن
الحقيقة قد وجدت ،فلم يعلق الحكم بالمظنة ،ولن الله تعالى
يعلم الشياء على ما هي عليه ،فل يستدل بالسباب والعلمات
َّ فالعتبار العام هو التقوى كما قال تعالى{ :إ َ َ
ه
عنْد َ الل ِ
م ِمك ُ ْ
ن أكَْر َِ ّ
َ
م} الية ( )13من سورة الحجرات .فكل من كان أتقى كان أتْقَاك ُ ْ
أفضل مطلقا ،وإذا تساوى اثنان في التقوى استويا في الفضل
سراء كانا أو أحدهما عربيين أو أعجميين ،أو قرشيين أو
هاشميين أو كان أحدهما من صنف والخر من صنف ،وإن قدر
أن أحدهما له من سبب الفضيلة ومظنتها ما ليس للخر ،فإذا
كان ذلك قد أتى بحقيقة الفضيلة كان أفضل ممن لم يأت
بحقيقتها ،وإن كان أقدر على التيان بها ،فالعالم خير من الجاهل،
وإن كان الجاهل أقدر على تحصيل العلم.
انظر :منهاج السنة ( )608 -604 -603 -602 /4بتصرف
[ ]294أخرب مسلم في صحيحه كتاب الفضائل ،باب فضل نسب
النبي صلى الله عليه وسلم (.)58 /7
[ ]295أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب النبياء ،باب قوله
َ
خلِيلً} فتح الباري ( )387 /6ح ،3353 م َ خذ َ الل ّ ُ
ه إِبَْراهِي َ تعالى{ :وَات َّ َ
وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب البر والصلة والداب باب
الرواح جنود مجندة ( )42 ،41 /8واللفظ له.
[ ]296منهاج السنة النبوية (.)599 /4
[ ]297تقدم تخريجه ص .345
[ ]298الية ( )6من سورة الحزاب.
[ ]299تفسير القرطبي (.)123 /14
[ ]300اليتان ( )29 ،28من سورة الحزاب.
[ ]301الية ( )32من سورة الحزاب.
[ ]302تفسير القرطبي ( )177 /14بتصرف.
[ ]303أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب فضائل أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم ،باب فضل عائشة رضي الله عنها .فتح
الباري ( )7/106ح ،377 0وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب فضائل
الصحابة ،باب في فضل عائشة رضي الله تعالى عنها (.)138 /7
[ ]304مجموع الفتاوى (.)154 /3
[ ]305ل يغمص :ل يعاب ول ينقص في أمر من أموره .النهاية (/3
.)386
[ ]306الشفا (.)612 ،611 /2
[ ]307الية ( )29من سورة الفتح.
[ ]308الية ( )100من سورة التوبة.
[ ]309الية ( )18من سورة الفتح.
[ ]310الية ( )159من سورة آل عمران.
[ ]311الية ( )159من سورة آل عمران.
[ ]312الية ( )10من سورة الحشر.
[ ]313تقدم تخريجه ص .353
[ ]314أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الشهادات باب ل يشهد
على شهادة جور إذا أشهد .انظر :فتح الباري ( )259 /5ح .2652
وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب فضائل الصحابة ،باب فضل
الصحابة ثم الذين يلونهم .انظر (.)158 /7
[ ]315أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب فضائل أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم ،باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم .انظر :فتح الباري ( )3 /7ح ،3650وأخرجه مسلم في
صحيحه ،كتاب فضائل الصحابة ،باب فضل الصحابة ثم الذين
يلونهم (.)185 /7
[ ]316تدريب الراوي ()214 /2
[ ]317الصابة (.)17 /1
[ ]318كتاب الكفاية (ص )97للخطب البغدادي.
[]319عقيدة أهل السنة والثر في الصحابة الكرام رضي الله
عنهم وأرضاهم (ص )25 -24تأليف الشيخ عبد المحسن العباد،
مقالة طبعت في مجلة الجامعة السلمية ،العدد الثاني ،السنة
الرابعة.
[ ]320ذكر ذلك :البيهقي في الجامع لشعب اليمان (،)2/130
والقاضي عياض في الشفا ()2/619
[ ]321سفيان بن أبي زهير الزدي ،من أزد شنوءة (بفتح المعجمة
وبضم النون وبعد الواو همزة) من أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم .يعد في أهل المدينة .الصابة (.)52 /2
[ ]322يقال بسست الناقة وأبسستها إذا سقتها وزجرتها وقلت
لها بس بس بكسر الباء وفتحها .النهاية (.)127 /1
[ ]323أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب فضائل المدينة ،باب
من رغب عن المدينة "واللفظ له" .انظر :فتح الباري ( )90 /4ح
،1875وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الحج ،باب الترغيب في
المدينة عند فتح المصار (.)122 /4
[ ]324عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب النصاري المازني،
صحابي شهير اختلف في شهوده بدرا ،وشهد أحدا وغيرها،
وشارك مع وحشي في قتل مسيلمة ،يقال قتل يوم الحرة سنة
ثلث وستين .الصابة (.)305 /2
[ ]325أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب البيوع ،باب بركة صاع
النبي صلى الله عليه وسلم ومده .فتح الباري ( )346 /4ح ،2129
وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الحج ،باب فضل المدينة
"واللفظ له" (.)112 /4
[ ]326أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه ،كتاب الحج ،باب
فضل المدينة (.)113 /4
[ ]327أخرجه بهذا اللفظ،مسلم في صحيحه ،كتاب الحج ،باب
فضل المدينة (.)117 ،116 /4
[ ]328أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه ،كتاب الحج ،باب
فضل المدينة (.)116 /4
[ ]329أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب فضائل المدينة ،باب
اليمان يأرز إلى المدينة .انظر :فتح الباري ( )93 /4ح ، 1876
وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب بيان أن السلم
بدأ غريبا (.)91 -90 /1
[ ]330أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب فضائل المدينة ،باب
إثم من كاد أهل المدينة ،انظر :فتح الباري ( )94 /4ح ،1877
وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الحج ،باب من أراد أهل
المدينة بسوء أذابه الله (.)122 /4
[ ]331أخرجه البخاري ،كتاب فضل الصلة في مسجد مكة
والمدينة ،باب فضل الصلة في مسجد مكة والمدينة .انظر :فتح
الباري ( )3/63ح ،1190وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الحج،
باب فضل الصلة بمسجدي مكة والمدينة (.)124 /4
[ ]332أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب فضائل المدينة ،باب .12
انظر :فتح الباري ( )99 /4ح ،1888وأخرجه مسلم في صحيحه،
كتاب الحج ،باب ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة (/4
.)123
المطلب الثاني :كيفية الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم
ورد في كيفية الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم عدد من
الحاديث منها:
الموطن الحادي عشر :من مواطن الصلة عليه صلى الله عليه
وسلم عند ذكره
قال ابن القيم" :وقد اختلفت في وجوبها كلما ذكر اسمه صلى
الله عليه وسلم فقال أبو جعفر الطحاوي [ ]158وأبو عبيد الله
الحليمي :تجب الصلة عليه صلى الله عليه وسلم كلما ذكر
اسمه .وقال غيرهما إن ذلك مستحب ،وليس بفرض يأثم تاركه.
ثم اختلفوا :فقالت فرقة :تجب الصلة عليه في العمر مرة
واحدة ،لن المر مطلق ل يقتضي تكرارا ،والماهية تحصل بمرة،
وهذا محكي عن أبي حنيفة ومالك ،والثوري ،والوزاعي [.]159
قال القاضي عياض وابن عبد البر :وهو قول جمهور المة.
وقالت فرقة :بل تجب في كل صلة في تشهدها الخير كما
تقدم ،وهو قول الشافعي وأحمد في آخر الروايتين عنه،
وغيرهما.
وقالت فرقة :المر بالصلة عليه أمر استحباب ل أمر إيجاب،
وهذا قول ابن جرير وطائفة ،وادعى ابن جرير فيه الجماع ،وهذا
على أصله فإنه إذا رأي الكثرين على قول ،جعله إجماعا يجب
اتباعه.
واحتج الموجبون بحجج:
الحجة الولى :حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال:
"رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي ،ورغم أنف رجل
دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له ،ورغم أنف رجل
أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخله الجنة" [.]160
ورغم أنفه :دعاء عليه وذم له ،وتارك المستحب ل يذم ول يدعى
عليهز.
الحجة الثانية :حديث أبي هريرة رضي الله عنه ،عن النبي صلى
الله عليه وسلم ،أنه صعد المنبر فقال" :آمين ،آمين ،آمين ،فقيل
له يارسول الله ،ما كنت تصنع هذا؟ فقال" :قال لي جبريل رغم
أنف عبد دخل عليه رمضان ولم يغفر له ،فقلت :آمين ،ثم قال:
رغم أنفه عبد أدرك أبويه أو أحدهما الكبر لم يدخل الجنة ،فقلت:
آمين ثم قال :رغم أنف عبد ذكرت عنده فلم يصل عليك ،فقلت:
آمين" []161
الحجة الثالثة :حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال :قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم" :من ذكرت عنده فليصل
علي ،فإنه من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرا" [ .]162وهذا
إسناد صحيح والمر ظاهره الوجوب.
الحجة الرابعة :حديث الحسين بن علي [ ]163رضي الله عنهما
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال" :إن البخيل من ذكرت
عنده فلم يصل علي" [. ]164
وعن عوف بن مالك الشجعي أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قعد أو قعد أبو ذر -فذكر حديثا طويل -وفيه قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم "إن أبخل الناس من ذكرت عنده فلم
يصل علي" [.]165
قالوا :فإذا ثبت أنه بخيل فوجه الدللة به من وجهين:
أحدها :أن البخل اسم ذم ،وتارك المستحب ل يستحق اسم الذم
َ ب ك ُ َّ َ َ
خلُو َ
ن ن يَب ْ َ خورٍ ال ّذِي َ ل فَ ُ ختَا ٍ م ْل ُ ح ُّ ه ل يُ ِ ن الل ّ َ قال الله تعالى{ :إ ِ ّ
ْ
ل} [ ]166فقرن البخل بالختيال والفخر، خ ِ س بِالْب ُ ْ ن النَّا َ مُرو َ وَيَأ ُ
والمر بالبخل ،وذم على المجموع ،فدل على أن البخل صفة ذم،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم" :وأي داء أدوأ من البخل" [
.]167
الثاني :أن البخيل هو مانع ما وجب عليه ،فمن أدى الواجب عليه
كله لم يسم بخيل ،وإنما البخيل مانع ما يستحق عليه إعطاؤه
وبذله.
الحجة الخامسة :أن الله سبحانه وتعالى أمر بالصلة والتسليم
عليه ،والمر المطلق للتكرار ،ول يمكن أن يقال :التكرار هو كل
وقت ،فإن الوامر المكررة إنما تتكرر في أوقات خاصة ،أو عند
شروط وأسباب تقتضي تكرارها ،وليس وقت أولى من وقت،
فتكرار المأمور بتكرار ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أولى لما
تقدم من النصوص ،فهنا ثلث مقدمات:
الولى :أن الصلة مأمور بها أمرا مطلقا ،وهذه معلومة.
المقدمة الثانية :أن المر المطلق يقتضي التكرار ،وهذا مختلف
فيه فنفاه طائفة من الفقهاء والصوليين .وأثبته طائفة .وفرقت
طائفة يين المر المطلق والمعلق على شرط أو وقت ،فأثبتت
التكرار في المعلق دون المطلق .والقوال الثلثة في مذهب
أحمد والشافعي ،وغيرهما.
ورجحت هذه الطائفة التكرار بأن عامة أوامر الشرع على
َ
خلُوا
سولِهِ} [ ]168وقوله {اد ْ ُ منُوا بِالل ّهِ وََر ُ التكرار كقوله تعالى{ :آ ِ
َ َ َ
ل}سو َ ه وَأطِيعُوا الَّر ُ تعالى{ :أطِيعُوا الل ّ َ َّ
سلْمِ} [ ]169وقوله فِي ال ِّ
موا َ [ ]170وقوله تعالى{ :وَاتَّقُوا الل
تعالى {وَأقِي ُ َ
ه} [ ]171وقوله َ
َ
منُوا نآ َ صلة َ وَآتُوا الَّزكَاةَ} [ ]172وقوله َتعالى{ :يَا أي ُّ َها ال ّذِي َ ال َّ
ه} [ ]173وقوله تعالى: صابُِروا وََرابِطُوا وَاتَّقُوا الل ّ َ صبُِروا َو َ ا ْ
َّ
ن} [.]174 خافُو ِ {وَ َ
موا بِاللهِ} [،]176 ص ُ شونِي} [ ،]175وقوله{ :وَاع ْت َ ِ
َ خ َ ْ وقوله{ :وَا ْ
ميعاً} [.]177 ج ِ ل الل ّهِ َ حب ْ ِ
موا ب ِ َ ص ُوقوله{ :وَاع ْت َ ِ
وذلك في القرآن أكثر من أن يحصر ،وإذا كات أوامر الله
ورسوله على التكرار حيث وردت إل في النادر ،علم أن هذا
عرف خطاب الله ورسوله للمة ،والمر وإن لم يكن في لفظه
المجرد ما يؤذن بتكرار ول فور فل ريب أنه في عرف خطاب
الشارع للتكرار ،فل يحمل كلمه إل على عرفه والمألوف من
خطابه ،وإن لم يكن ذلك مفهوما من أصل الوضع في اللغة ،وهذا
كما قلنا :ان المر يقتضي الوجوب ،والنهي يقتضي الفساد ،فإن
هذا معلوم من خطاب الشارع وإن كان ل تعرض لصحة المنهي
ول لفساده في أصل موضوع اللغة ،وكذا خطاب الشارع لواحد
من المة يقتضي معرفة الخاص أن يكون اللفظ متناول له
ولمثاله ،وإن كان موضوع اللفظ لغة ل يقتضي ذلك ،فإن هذا
لغة صاحب الشرع وعرفه في مصادر كلمه وموارده ،وهذا
معلوم بالضطرار من دينه قبل أن يعلم صحة القياس واعتباره
وشروطه ،وهكذا الفرق يين اقتضاء اللفظ وعدم اقتضائه لغة،
ويين اقتضائه في عرف الشارع وعادة خطابه.
المقدمة الثالثة :أنه إذا تكرر المأمور به ،فإنه ل يتكرر إل بسبب
أو وقت ،وأولى السباب المقتضية لتكراره ذكر اسمه صلى الله
عليه وسلم ،لخباره برغم أوف من ذكر عنده فلم يصل عليه،
وللسجال عليه بالبخل وإعطائه اسمه.
قالوا :ومما يؤيد ذلك أن الله سبحانه أمر عباده المؤمنين بالصلة
عليه عقب إخباره لهم بأنه وملئكته يصلون عليه ،لم يكن مرة
وانقطعت .بل في صلة متكررة ،ولهذا ذكرها مبينا بها فضله
وشرفه وعلو منزلته عنده ،ثم أمر المؤمنين بها ،فتكرارها في
حقهم أحق وآكد لجل المر.
قالوا :ولن الله أكد السلم بالمصدر الذي هو التسليم ،وهذا
يقتضي المبالغة والزيادة في كميته ،وذلك بالتكرار.
قالوا :ولن لفظ الفعل المأمور به يدل على التكثير وهو "صلى
سروسلم" فإن "فعَّل" المشدد ،يدل على تكرار الفعل ،كقولك ك ّ
َ
الخبرز وقط ّع اللحم ،وعلّم الخير ،وشدّد في كذا ،ونحوه.
قالوا :ولن المر بالصلة عليه في مقابل إحسانه إلى المة،
وتعليمهم وإرشادهم وهدايتهم ،وما حصل لهم ببركته من سعادة
الدنيا والخرة ،ومعلوم أن مقابلة مثل هذا النفع العظيم ل يحصل
بالصلة عليه مرة واحدة في العمر ،بل لو صلى العبد عليه بعدد
أنفاسه لم يكن موفيا لحقه ول مؤديا لنعمته ،فجعل ضابط شكر
هذه النعمة بالصلة عليه عند ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم.
قالوا :ولهذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بتسميته
من لم يصل عليه عند ذكره بخيل ،لن من أحسن إلى العبد
الحسان العظيم ،وحصل له به هذا الخير الجسيم ،ثم يذكر عنده
ول يثني عليه ول يبالغ في حمده ومدحه وتمجيده ،ويبدي ذلك
ويعيده ،ويعتذر من التقصير في القياع بشكره وحقه ،عده الناس
بخيل لئيما كفورا فكيف بمن أدنى إحسانه إلى العبد يزيد على
أعظم إحسان المخلوقين بعضهم لبعض الذي بإحسانه حصل
للعبد خير الدنيا والخرة ،ونجا من شر الدنيا والخرة ،الذي ل
تتصور القلوب حقيقة نعمته وإحسانه ،فضل عن أن تقوم بشكره،
أليس هذا المنعم المحسن أحق بأن يعظم ويثنى عليه ،ويستفرغ
الوسع في حمده ومدحه إذا ذكر بين المل ،فل أقل من أن يصلى
عليه مرة إذا ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم.
قالوا :ولهذا دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم برغم أنفه ،وهو
أن يلصق أنفه بالرغام وهو التراب ،لنه لما ذكر عنده فلم يصل
عليه استحق أن يذله الله ويلصق أنفه بالتراب.
قالوا :ولن الله سبحانه نهى المة أن يجعلوا دعاء الرسول بينهم
كدعاء بعضهم بعضا ،فل يسمونه إذا خاطبوه باسمه ،كما يسمى
بعضهم بعضا بل يدعونه برسول الله ونبي الله ،وهذا من تمام
تعزيره وتوقيره وتعظيمه ،فهكذا ينبغي أن يخص باقتران اسمه
بالصلة عليه ،ليكون ذلك فرقا بينه وبين ذكر غيره ،كما كان
المر بدعائه بالرسول والنبي فرقا بينه ويين خطاب غيره ،فلو
كان عند ذكره ل تجب الصلة عليه كان ذكره كذكر غيره في
ذلك ،هذا على أحد التفسيرين في الية ،وأما على التفسير الخر
وهو أن المعنى ل تجعلوا دعاءه إياكم كدعاء بعضكم بعضا
فتؤخروا الجابة بالعتذار والعلل التي يؤخر بها بعضكم إجابة
بعض ولكن بادروا إليه إذا دعاكم بسرعة الجابة ومعاجلة الطاعة
حتى لم يجعل اشتغالهم بالصلة عذرا لهم في التخلف عن إجابته
والمبادرة إلى طاعته فإذا لم تكن الصلة التي فيها شغل عذرا
يستباح بها تأخير إجابته فكيف ما دونها من السباب والعذار؟
فعلى هذا يكون المصدر مضافا إلى الفاعل ،وعلى القول الول
يكون مضافا إلى المفعول.
وقد يقال -وهو أحسن من القولين -إن المصدر هنا لم يضف
إضافته إلى فاعل ول مفعول ،وإنما أضيف إضافة السماء
المحضة ،ويكون المعنى :ل تجعلوا الدعاء المتعلق بالرسول
المضاف إليه كدعاء بعضكم بعضا ،وعلى هذا فيعم المرين معا،
ويكون النهي عن دعائهم له باسمه كما يدعو بعضهم بعضا ،وعن
تأخير إجابته صلى الله عليه وسلم ،وعلى كل تقدير فكما أمر
الله سبحانه أن يميز في خطابه ودعائهم إياه قياما للمة بما
يجب عليه من تعظيمه وإجلله فتمييزه بالصلة عليه عند ذكر
اسمه من تمام هذا المقصود.
قالوا :وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم "أن من ذكر عنده
فلم يصل عليه خطىء طريق الجنة" [ ]178فلول أن الصلة عليه
واجبة عند ذكره لم يكن تاركها مخطئا لطريق الجنة .قالوا :وأيضا
فمن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أو ذكر عنده فلم يصل
عليه فقد جفاه ،ول يجوز لمسلم جفاؤه صلى الله عليه وسلم.
فالدليل على المقدمة الولى :ما روي عن قتادة ،قال :قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم" :من الجفاء أن أذكر عند
الرجل فل يصلي علي" []179
ولو تركنا وهذا المرسل وحده لم نحتج به ،ولكن له أصول
وشواهد قد تقدمت من تسمية تارك الصلة عليه عند ذكره بخيل
وشحيحا ،والدعاء عليه بالرغم ،وهذا من مرجبات جفائه.
والدليل على المقدمة الثانية :أن جفاءه مناف لكمال حبه،
وتقديم محبته على النفس والهل والمال ،وأنه أولى بالمؤمن
من نفسه فإن العبد ل يؤمن حتى يكون رسول الله صلى الله
عليه وسلم أحب إليه من نفسه ومن ولده ووالده والناس
أجمعين ،كما ثبت عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال :يا
رسول الله ،والله لنت أحب ألي من كل شيء إل من نفسي،
قال" :ل يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك" قال :فوالله
لنت الن أحب إلي من نفسي ،قال" :الن يا عمر" [ ]180وثبت
عنه في الصحيح أنه قال" :ل يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه
من ولده ووالده والناس أجمعين" [ ]181فذكر هذا الحديث أنواع
المحبة الثلثة فإن المحبة إما محبة إجلل وتعظيم ،كمحبة الوالد،
وإما محبة تحنن وود ولطف كمحبة الولد ،وإما محبة لجل
الحسان وصفات الكمال ،كمحبة الناس بعضهم بعضا ،ول يؤمن
العبد حتى يكون حب الرسول صلى الله عليه وسلم عنده أشد
من هذه المحاب كلها.
ومعلوم أن جفاءه صلى الله عليه وسلم ينافي ذلك
قالوا :فلما كانت محبته فرضا ،وكانت توابعها من الجلل
والتعظيم والتوقير والطاعة والتقديم على النفس ،وإيثاره بنفسه
بحيث يقي نفسه فرضا ،كانت الصلة عليه صلى الله عليه وسلم
إذا ذكر من لوازم هذه الحبية وتمامها.
قالوا :وإذا ثبت بهذه الوجوه وغيوها وجوب الصلة عليه صلى
الله عليه وسلم على من ذكر عنده ،فوجوبها على الذاكر نفسه
أولى ،ونظير هذا أن سامع السجدة إذا أمر بالسجود إما وجوبا أو
استحبابا ،فوجوبها على التالي أولى ،والله أعلم.
قال نفاة الوجوب :الدليل على قولنا من وجوه:
أحدها :أن من المعلوم الذي ل ريب فيه أن السلف الصالح الذين
هم القدوة لم يكن أحدهم كلما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم
يقرن الصلة عليه باسمه ،وهذا في خطابهم للنبي صلى الله
عليه وسلم أكثر من أن يذكر فإنهم كانوا يقولون يارسول الله،
مقتصرين على ذلك وربما كان يقول أحدهم "صلى الله عليك"
وهذا في الحاديث ظاهر كثير ،فلو كانت الصلة عليه واجبة عند
ذكره لنكر عليهم تركها.
الثاني :أن الصلة عليه لو كانت واجبة كلما ذكر لكان هذا من
أظهر الواجبات ،ولبينه النبي صلى الله عليه وسلم لمته بيانا
يقطع العذر وتقوم به الحجة.
الثالث :أنه ل يعرف عن أحد من الصحابة ول التابعين ول تابعيهم
هذا القول ،ول يعرف أحد منهم قال به ،وأكثر الفقهاء – بل قد
حكى الجماع -على أن الصلة عليه صلى الله عليه وسلم ليست
من فروض الصلة ،وقد نسب القول بوجوبها إلى الشذوذ
ومخالفة الجماع السابق ،فكيف تحب خارج الصلة.
الرابع :أنه لو وجبت الصلة عليه عند ذكره دائما ،لوجب على
المؤذن أن يقول :أشهد أن محمدا رسول الله ،وهذا ل يشرع له
في الذان على أن يجب عليه.
الخامس :أنه كان يجب على من سمع النداء وأجابه أن يصلي
عليه صلى الله عليه وسلم ،اقتصاره على قوله "أشهد أن ل إله
إل الله وأشهد أن محمدا رسول الله" فإن هذا مثل ما قال
المؤذن.
السادس :أن التشهد الول ينتهي عند قوله "وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله" اتفاقا ،واختلف هل يشرع أن يصلي على النبي
صلى الله عليه وسلم وعلى آله فيه ،على ثلثة أقوال:
أحدها :ل يشرع ذلك إل في الخير. •
والثاني :يشرع. •
والثالث :تشرع الصلة عليه خاصة دون آله ،ولم يقل أحد •
بوجوبها في الول عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
السابع :أن المسلم إذا دخل في السلم بتلفظه بالشهادتين لم
يحتج أن يقول أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه
وسلم.
الثامن :أن الخطب في الجمع والعياد وغيرهما ل يحتاج أن
يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في نفس الشهد ،ولو
كانت الصلة واجبة عليه عند ذكره لوجب عليه أن يقرنها
بالشهادة ،ول يقال تكفي الصلة عليه في الخطبة فإن تلك
الصلة ل تنعطف على ذكر اسمه عند الشهادة ،ول سيما مع
طول الفصل ،والموجبون يقولون :تجب الصلة عليه كلما ذكر
ومعلوم أن ذكره ثانيا غير ذكره أول.
التاسع :أنه لو وجبت الصلة عليه كلما ذكر لوجب على القارئ
كلما مر ذكر اسمه أن يصلي عليه ،ويقطع لذلك قراءته ليؤدي
هذا الواجب ،وسواء كان في الصلة أو خارجها ،فإن الصلة عليه
صلى الله عليه وسلم ل تبطل الصلة ،وهي واجب قد تعين فلزم
أداؤه ،ومعلوم أن ذلك لو كان واجبا لكان الصحابة والتابعون
أقوم به وأسرع إلى أدائه وترك إهماله.
العاشر :أنه لو وجبت الصلة عليه كلما ذكر لوجب الثناء على
الله عز وجل كلما ذكر اسمه ،فكان يجب على من ذكر اسم الله
أن يقرنه بقوله" :سبحانه وتعالى" أو "عز وجل" أو "تبارك
وتعالى" أو "جلت عظمته" أو "تعالى جده" ونحو ذلك ،بل كان
ذلك أولى وأحرى فإن تعظيم الرسول وإجلله ومحبته وطاعته
تابع لتعظيم مرسله سبحانه وإجلله ومحبته وطاعته ،فمحال أن
تثبت المحبة والطاعة والتعظيم والجلل للرسول صلى الله عليه
وسلم دون مرسله ،بل انما يثبت ذلك له تبعا لمحبة الله
وتعظيمه وإجلله ،ولهذا كانت طاعة الرسول طاعة لله ،فمن
َ َ
ن ال ّذِي َ
ن يطع الرسول فقد أطاع الله ،ومبايعته مبايعة لله {إ ِ ّ
َ َ
َ
م} [ ]182ومحبته ه يَد ُ الل ّهِ فَوْقَ أيْدِيهِ َْ ن الل ّ َ ك إِن َّ َ
ما يُبَايِعُو َ يُبَايِعُون َ َ
م ه فَاتَّبِعُونِي ي ُ ْ
حبِبْك ُ ُ ن الل ّ َحبُّو َ ن كُنْت ُ ْ
م تُ ِ محبة لله قال تعالى{ :قُ ْ
ل إِ ْ
َ
ه} [ ،]183وتعظيمه تعظيم للهه ،ونصرته نصرة لله ،فإنه الل ّ ُ
رسوله وعبده الداعي إليه وإلى طاعته ومحبته وإجلله ،وتعظيمه
وعبادته وحده ل شريك له ،فكيف يقال تجب الصلة عليه كلما
ذكر اسمه ،وهي ثناء وتعظيم كما تقدم ،ول يجب الثناء والتعظيم
للخالق سبحانه وتعالى كلما ذكر اسمه؟ هذا محال من القول.
الحادي عشرة :لو جلس إنسان ليس له هجيرى [ ]184إل قوله:
محمد رسول الله ،أو اللهم صل على محمد ،وبشر كثير
يسمعونه ،فإن قلتم تجب على كل أولئك السامعين أن يكون
هجيراهم الصلة عليه صلى الله عليه وسلم ،ولو طال المجلس
ما طال ،كان ذلك حرجا ومشقة وتركا لقراءة قارئهم ،ودراسة
دارسهم ،وكلم صاحب الحاجة منهم ،ومذاكرته في العلم،
وتعليمه القرآن وغيره ،وإن قلتم ل تحب عليهم الصلة عليه في
هذه الحال ،نقضتم مذهبكم ،وإن قلتم :تجب عليه مرة أو أكثر،
كان تحكما بل دليل مع أنه مبطل لقولكم.
الثاني عشر :أن الشهادة له بالرسالة أفرض وأوجب من الصلة
عليه بل ريب ،ومعلوم أنه ل يدخل في السلم إل بها ،فإذا كانت
ل تجب كلما ذكر اسمه ،فكيف تحب الصلة عليه كلما ذكر
اسمه ،وليصر من الواجبات بعد كلمة الخلص أفرض من
الشهادة له بالرسالة ،فمتى أقر له بوجوبها عند ذكر اسمه تذكر
العبد اليمان وموجبات هذه الشهادة فكان يجب على كل من
ذكر اسمه أن يقول محمد رسول الله ،ووجوب ذلك أظهر بكثير
من وجوب الصلة عليه كلما ذكر اسمه.
ولكل فرقة من هاتين الفرقتين أجوبة عن حجج الفرقة المنازعة
لها ،بعضها ضعيف جدا وبعضها محتمل ،وبعضها قوي ،ويظهر ذلك
لمن تأمل حجج الفريقين ،والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب" [
.]185
الموطن الثاني عشر :من مواطن الصلة عليه صلى الله عليه
وسلم يوم الجمعة
فعن أوس بن أوس [ ]186قال :قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم "من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم ،وفيه قبض،
وفيه النفخة وفيه الصعقة ،فاكثروا علي من الصلة فيه ،فإن
صلتكم معروضة علي".
قالوا :يا رسول الله كيف تعرض عليك صلتنا وقد أرمت؟ -يعني
وقد بليت -فقال" :إن الله عز وجل حرم على الرض أن تأكل
أجساد النبياء" []187
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم" :خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ،فيه خلق
آدم وفيه أهبط ،وفيه تيب عليه ،وفيه مات وفيه تقوم الساعة،
وما من دابة إل هي مصيخة [ ]188يوم الجمعة ،من حين تصبح
حتى تطلع الشمس ،شفقا من الساعة ،إل الجن والنس ،وفيها
ساعة ل يصادفها عبد مسلم وهو يصلي ،يسأل الله شيئا إل
أعطاه الله إياه" [.]189
قال ابن القيم" :فهذا الحديث الصحيح مؤيد لحديث أوس بن
أوس ،دال على مثل معناه" [.]190
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال" :قال رسول صلى الله
عليه وسلم" :أكثروا الصلة علي يوم الجمعة ،فإنه يوم مشهود
ي إل عرضت علي صلته تشهده الملئكة ،وإن أحدا ل يصلي عل ّ
حتى يفرغ منها" قال :قلت بعد الموت؟ قال" :إن الله حرم على
الرض أن تأكل أجساد النبياء" فنبي الله حي يرزق" [.]191
وعن أبي أمامة [ ]192قال :قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم" :أكثروا علي من الصلة في كل يوم جمعة ،فإن صلة
أمتى تعرض علي في كل يوم جمعة ،فمن كان أكثرهم صلة كان
أقربهم مني منزلة" [.]193
وعن أنس رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم" :أكثروا الصلة على يوم الجمعة ،فإنه أتاني جبريل آنفا
من ربه عز وجل فقال :ما على الرض من مسلم يصلي عليك
مرة واحدة إل صليت أنا وملئكتي عليه عشرا" [ .]194وعنه رضي
الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أكثروا
الصلة علي يوم الجمعة فإن صلتكم تعرض علي" [.]195
قال ابن القيم" :هذان وإن كانا ضعيفين فيصلحان للستشهاد" [
]196
وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم" :أكثروا
الصلة علي يوم الجمعة" [ ]197وكان الصحابة رضي الله عنهم
يستحبون إكثار الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم
الجمعة .وعن زيد بن وهب [ ]198قال :قال لي ابن مسعود رضي
الله عنه" :يا زيد بن وهب ل تدع -إذا كان يوم الجمعة -أن تصلي
على النبي صلى الله عليه وسلم ألف مرة تقول :اللهم صل على
محمد النبي المي" [.]199
وعن أبي مسعود النصاري رضي الله عنه ،عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال" :أكثروا علي من الصلة يوم الجمعة ،فإنه ليس
أحد يصلي علي يوم الجمعة إل عرضت علي صلته" [.]200
وفي مراسيل الحسن [ ]201عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"أكثروا الصلة علي يوم الجمعة فإنها تعرض علي" [.]202
وعن عمر بن عبد العزيز أنه كتب" :أن انشروا العلم يوم الجمعة
فإن غائلة العلم النسيان ،وأكثروا الصلة على النبي صلى الله
عليه وسلم يوم الجمعة" [.]203
وهناك مواطن أخرى غير ما ذكرنا ذكرها ابن القيم في كتابه جلء
الفهام []204
وكذلك السخاوي في كتابه القول البديع ،والفيروز أبادي في
الصلت والبشر ممن أراد الستزادة فليرجع إليها ،وحسبي أني
أشرت لشهرها.
المطلب الرابع :فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن القيم" :إن طلب الصلة من الله على رسوله صلى الله
عليه وسلم هو من أجل أدعية العبد وأنفعها له في دنياه وآخرته"
[ ]205يدلك على ذلك ما جاء في فضلها من الحاديث.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم" :من صلى على واحدة صلى عليه عشرا" رواه
مسلم [.]206
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع
النبي صلى الله عليه وسلم يقول " :إذا سمعتم المؤذن فقولوا
مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلة صلى الله
عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة ل
تنبغي إل لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي
الوسيلة حلت له الشفاعة" رواه مسلم [.]207
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال :قلت" :يارسول الله ،إني
أكثر الصلة عليك ،فكم أجعل لك من صلتي؟ قال" :ما شئت".
قلت :الربع؟ قال" :ما شئت ،وإن زدت فهو خير .قلت :النصف؟
قال" :ما شئت ،وإن زدت فهو خير" .قلت :الثلثين؟ قال" :ما
شئت وإن زدت فهو خير".قلت :أجعل لك صلتي كلها؟ قال" :إذا
تكفي همك ويغفر لك ذنبك" []208
وللحديث طريق آخر عن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي []209
قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" :أتاني آت من ربي
فقال :ما من عبد يصلي عليك صلة إل صلى الله عليه بها
عشرا" فقام إليه رجل فقال :يارسول الله أجعل نصف دعائي
لك؟ قال" :إن شئت" قال :أل أجعل ثلثي دعائي لك؟ قال" :إن
شئت" قال :أل أجعل دعائي كله؟ قال" :إذن يكفيك الله هم
الدنيا وهم الخرة" []210
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال" :من ذكرت عنده فليصل علي ومن صلى علي مرة
صلى الله عليه عشرا" [.]211
وفي رواية "من صلى علي صلة واحدة صلى الله عليه عشر
صلوات وحط عنه عشر خطيئات" [.]212
وفي رواية "من صلّى علي صلة واحدة صلى الله عليه عشر
صلوات وحط عنه عشر سيئات ،ورفعه بها عشر درجات" [.]213
وفي رواية " :خرج النبي صلى الله عليه وسلم يتبرز ،فلم يجد
أحدا يتبعه فهرع عمر فاتبعه بمطهرة -يعني إداوة -فوجده ساجدا
في شربة ،فتنحى عمر فجلس وراءه حتى رفع رأسه قال :فقال:
"أحسنت يا عمر حين وجدتني ساجدا فتنحيت عني إن جبريل
عليه السلم أتاني فقال :من صلى عليك واحدة صلى الله عليه
عشرا ،ورفعه عشر درجات" [.]214
وأخرج هذا الحديث عن عمر بن الخطاب قال" :خرج النبي صلى
الله عليه وسلم يتبرز ،فاتبعته بإداوة ،فوجدته قد فرغ ،ووجدته
ساجدا لله في شربة ،فتنحيت عنه فلما فرغ ،رفع رأسه فقال:
"أحسنت يا عمر حين تنحيت عني إن جبريل أتاني فقال :من
صلى عليك صلة صلى الله عليه عشرا ورفعه عشر درجات" [
.]215
وعن عبد الرحمن بن عوف [ ]216قال :أتيت النبي صلى الله عليه
وسلم وهو ساجد فأطال السجود قال" :أتاني جبريل قال :من
صلى عليك صليت عليه ،ومن سلم عليك سلمت عليه ،فسجدت
لله شكرا" [.]217
وفي رواية " كان ل يفارق فيء النبي صلى الله عليه وسلم
بالليل والنهار خمسة نفر من أصحابه أو أربعة لما ينوبه من
حوائجه قال :فجئت فوجدته قد خرج فتبعته ،فدخل حائطا من
حيطان السواف [ ]218فصلى فسجد سجدة أطال فيها ،فحزن
وبكيت فقلت :لرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبض
الله روحه ،قال :فرفع رأسه ،وتراءيت له ،فدعاني ،فقال :مالك؟
قلت :يا رسول الله سجدت سجدة أطلت فيها فحزنت ،وبكيت،
وقلت :لرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبض الله
روحه.
قال" :هذه سجدة سجدتها شكرا لربي فيما آتاني في أمتي ،من
صلى علي صلة كتب الله له عشر حسنات" [.]219
وفي رواية "إني سجدت هذه السجدة شكرا لله عز وجل في
أبلني في أمتي ،فإنه من صلى علي صلة صلى الله عليه بها
عشرا" [.]220
وعن أبي طلحة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج
عليهم يوما يعرفون البشر في وجهه فقالوا :إنا نعرف الن في
وجهك البشر يا رسول الله .قال :أجل أتاني الن آت من ربي
فأخبرني أنه لن يصلي علي أحد من أمتي إل ردها الله عليه عشر
أمثالها" [.]221
وفي رواية "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يوما
والبشر يرى في وجهه فقالوا :يا رسول الله إنا نرى في وجهك
بشرا لم نكن نراه ،قال :أجل إنه أتاني ملك فقال يا محمد إن
ربك يقول أما يرضيك أل يصلي عليك أحد من أمتك إل صليت
عليه عشرا ،ول سلم عليك إل سلمت عليه عشرا" [.]222
وفي رواية "أصبح رسول لله صلى الله عليه وسلم يوما طيب
النفس يرى في وجهه البشر .قالوا :يا رسول الله أصبحت اليوم
طيب النفس يرى في وجهك البشر .قال :أجل أتاني آت من ربي
عز وجل فقال :من صلى عليك من أمتك صلة كتب الله له بها
عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات ورد
عليه مثلها" [.]223
وعن أبي بردة بن نيار [ ]224قال :قال رسول لله صلى الله عليه
وسلم "من صلى علي من أمتي صلة مخلصا من قلبه ،صلى
الله عليه بها عشر صلوات ،ورفعه بها عشر دارجات ،كتب له بها
عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات" [.]225
وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال" :سمع رسول الله صلى
الله عليه وسلم رجل يدعو في صلته لم يمجد الله ،ولم يصل
على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله لجمحا :عجل
هذا"
ثم دعاه فقال له أو لغيره" :إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد الله
والثناء عليه ثم يصلي علي ،ثم يدعو بما شاء" [.]226
وفي رواية" :سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يدعو
في صلته لم يمجد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه
وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "عجلت أيها
المصلي" ثم علمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يصلي فمجد الله وحمده
وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم "ادع تجب وسل تعط" [.]227
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم "إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم
علي صلة" []228
فالمتأمل في هذه الحاديث يعرف عظم فضل الصلة على النبي
صلى الله عليه وسلم .وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في الباب
الرابع من كتابه القيم جلء الفهام عددا من الفوائد والثمرات
الحاصلة بالصلة عليه صلى الله عليه وسلم أنتقى منها ما يلي:
الفائدة الولى :امتثال أمر الله تعالى.
الثانية :موافقته سبحانه في الصلة عليه صلى الله عليه وسلم،
وإن اختلفت الصلتان ،فصلتنا عليه دعاء وسؤال ،وصلة الله
تعالى عليه ثناء وتشريف.
الثالثة :موافقة ملئكته فيها.
الرابعة :حصول عشر صلوات من الله على المصلي مرة.
الخامسة :أنه يرفع عشر درجات.
السادسة :أنه يكتب له عشر حسنات.
السابعة :أنه يمحي عنه عشر سيئات.
الثامنة :أنه يرجى إجابة دعائه إذا قدمها أمامه ،فهي تصاعد
الدعاء إلى عند رب العالمين.
التاسعة :أنها سبب لشفاعته صلى الله عليه وسلم إذا قرنها
بسؤال الوسيلة له.
العاشرة :أنها سبب لغفران الذنوب.
الحادية عشرة :أنها سبب لكفاية الله العبد ما أهمه.
الثانية عشرة :أنها سبب لقرب العبد منه صلى الله عليه وسلم
يوم القيامة.
الثالثة عشرة :أنها سبب لدوام محبته للرسول صلى الله عليه
وسلم وزيادتها وتضاعفها ،وذلك عقد من عقود اليمان الذي ل
يتم إل به ،لن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب ،واستحضاره في
قلبه ،واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه ،تضاعف حبه له
وتزايد شوقه إليه ،واستولى على جميع قلبه ،وإذا أعرض عن
ذكره وإحضار محاسنه بقلبه ،نقص حبه من قلبه ،ول شيء أقر
لعين المحب من رؤية محبوبه ،ول أقر لقلبه من ذكره وإحضار
محاسنه فإذا قوي هذا في قلبه جرى لسانه بمدحه والثناء عليه
وذكر محاسنه ،وتكون زيادة ذلك ونقصانه بحسب زيادة الحب
ونقصانه في قلبه ،والحس شاهد بذلك .فقلب المؤمن توحيد الله
وذكر رسوله مكتوبان فيه ل يتطرق إليهما محو ول إزالة ودوام
الذكر سبب لدوام المحبة ،فالذكر للقلب كالماء للزرع ،بل كالماء
للسمك ،ل حياة له إل به...
الرابعة عشرة :أن الصلة عليه صلى الله عليه وسلم سبب
لمحبته للعبد ،فإنها إذا كانت سببا لزيادة محبة المصلي عليه له،
فكذلك هي سبب لمحبته هو للمصلى عليه صلى الله عليه وسلم.
الخامسة عشرة :أنها سبب لهداية العبد وحياة قلبه ،فإنه كلما
أكثر الصلة عليه وذكره ،استولت محبته على قلبه ،حتى للقى
في قلبه معارضة لشيء من أوامره ولشك في شيء مما جاء
به ،بل يصير ما جاء به مكتوبا مسطورا في قلبه ل يزال يقرؤه
على تعاقب أحواله ،ويقتبس الهدى والفلح وأنواع العلوم منه،
وكلما ازداد في ذلك بصيرة وقوة ومعرفة ازدادت صلته عليه
صلى الله عليه وسلم.
ولهذا كانا صلة أهل العلم -العارفين بسنته وهديه المتبعين له
عليه ،خلف صلة العوام عليه الذين حظهم منها إزعاج أعضائهم
بها ورفع أصواتهم.
وأما أتباعه العارفون بسنته العالمون بما جاء به فصلتهم عليه
نوع آخر ،فكلما ازدادوا فيما جاء به معرفة ازدادوا له محبة
ومعرفة بحقيقة الصلة المطوبة له من الله.
وهكذا ذكر الله سبحانه ،كلما كان العبد به أعرف وله أطوع وإليه
أجل كان ذكره غير ذكر الغافلين واللهين ،وهذا أمر إنما يعلم
بالخبر ل بالحبر وفرق بين من يذكر صفات محبوبه الذي قد ملك
حبه جميع قلبه ويثني عليه بها ويمجده بها ،وبين من يذكرها إما
إمارة وإما لفظا ،ل يدري ما معناه ،ول يطابق فيه قلبه لسانه،
كما أنه فرق يين بكاء النائحة وبكاء الثكلى.
فذكره وذكر ما جاء به ،وحمد الله تعالى على إنعامه علينا ومنته
بإرساله هو حياة الوجود وروحه ،كما قيل:
روح المجالس ذكره وحديثه*** وهدى لكل ملدد حيران
وإذا أخل بذكره في مجلس*** فأولئك الموات في الحيان
السادسة عشرة :أنها سبب لعرض اسم المصلي عليه صلى الله
عليه وسلم وذكره عنده ،كما تقدم قوله صلى الله عليه وسلم
"إن صلتكم معروضة علي" وكفى بالعبد نبل أن يذكر اسمه بين
يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
السابعة عشرة :أن الصلة عليه ل أداء لقل القليل من حقه،
وشكر له على نعمته التي أنعم الله ل علينا ،مع أن الذي يستحقه
من ذلك ل يحصى علما ول قدرة ول إرادة ،ولكن الله سبحانه
لكرمه رضي من عباده باليسير من شكره وأداء حقه.
الثامنة عشرة :أنها متضمنة لذكر الله وشكره ،ومعرفة إنعامه
على عبده بإرساله ،فالمصلي عليه صلى الله عليه وسلم قد
تضمنت صلته عليه ذكر الله وذكر رسوله ،وسؤاله أن يجزيه
بصلته عليه ما هو أهله ،كما عرفنا ربنا أسماءه وصفاته ،وهدانا
إلى طريق مرضاته ،وعرفنا ما لنا بعد الوصول إليه والقدوم
عليه ،فهي متضمنة لكل اليمان ،بل هي متضمنة للقرار بوجود
الرب المدعو وعلمه وسمعه وقدرته وإرادته وصفاته وكلمه،
وإرسال رسوله وتصديقه في أخباره كلها ،وكمال محبته ،ول رضا
أن هذه هي أصول اليمان ،فالصلة عليه صلى الله عليه وسلم
متضمنة لعلم العبد ذلك ،وتصديقه به ،ومحبته له ،فكانت من
أفضل العمال.
التاسعة عشرة :أن الصلة عليه صلى الله عليه وسلم من العبد
هي دعاء ،ودعاء العبد وسؤاله من ربه نوعان:
أحدهما :سؤاله حوائجه ومهماته ،وما ينوبه في الليل والنهار فهذا
دعاء وسؤال ،وإيثار لمحبوب العبد ومطلوبه.
الثاني :سؤاله أن يثني على خليله وحبيبه ،ويزيد في تشريفه
وتكريمه.
وإيثار ذكره ،ورفعه ،ول ريب أن الله تعالى يحب ذلك ورسوله
يحبه ،فالمصلي عليه صلى الله عليه وسلم قد صرف سؤاله
ورغبته وطلبه إلى محاب الله ورسوله ،وآثر ذلك على طلبه
وحوائجه ومحابه هو ،بل كان هذا المطلوب من أحب المور إليه
وآثرها عنده ،فقد آثر ما يحبه الله ورسوله على ما يحبه هون
وقد آثر الله ومحابه على سواه ،والجزاء من جنس العمل ،فمن
آثر الله على غيره آثره الله على غيره.
واعتبر هذا بما تجد الناس يعتمدونه عند ملوكهم ورؤسائهم إذا
أرادوا التقرب والمنزلة عندهم ،فإنهم يسألون المطاع أن ينعم
على من يعلمونه أحب رعيته إليه ،وكلما سألوه أن يزيد في
حبائه وإكرامه وتشريفه ،علت منزلتهم عنده ،وازداد قربهم منه،
وحظوا به لديه ،لنهم يعلمون منه إرادة النعام والتشريف
والتكريم لمحبوبهم ،فأحبهم إليه أشدهم له سؤال ورغبة أن يتم
عليه إنعامه وإحسانه ،وهذا أمر مشاهد بالحس ،ول تكون منزلة
هؤلء ومنزلة من سأل المطاع حوائجه هو – وهو فارغ من سؤاله
تشريف محبوبه والنعام عليه – واحدة.
فكيف بأعظم محب وأله لكرم محبوب وأحقه بمحبه ربه له.؟
ولو لم يكن من قفوائد الصلة عليه إل هذا المطلوب وحده لكفى
المؤمن به شرفا [.]229
وكما وردت أحاديث تذم تارك الصلة عليه صلى الله عليه وسلم.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال :رسول الله صلى الله
عليه وسلم" :رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي ،ورغم
أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له ،ورغم
أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخله الجنة" [ ]230وعن
الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قال :قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم "البخيل من ذكرت عنده فلم
يصل علي" [.]231
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :قال رسول الله صلى الله
ي خطئ طريق الجنة" [.]232 عليه وسلم "من نسي الصلة عل ّ
________________________________________
[ ]1الية ( )56من سورة الحزاب.
[ ]2محمد بن عبد الرحمن بن محمد شمس الدين السخاوي.،
مؤرخ حجة وعالم بالحديث والتفسير والدب ،وصنف زهاء مئتي
كتاب ،توفي بالمدينة .العلم (.)194 /6
[ ]3انظر :القول البديع (ص .)259 -258
[ ]4الخليل بن أحمد الفراهيدي من أئمة اللغة والدب ،وواضع
علم العروض ،وهو أستاذ سيبويه النحوي ،ومن أشهر كتبه كتاب
العين ،ترفي سنة 170هـ بالبصرة .العلم (.)314 /2
[ ]5كتاب العين (.)153 /7
[ ]6الصلت والبشر (ص .)6
[ ]7كتاب العين (.)153 /7
[ ]8تهذيب اللغة (.)237 /12
[ ]9المنهاج (.)133 /2
[ ]10كتاب العين (.)154 /7
[ ]11معجم مقاييس اللغة (.)300 /3
[ ]12محمد بن يعقوب بن محمد بن الفيروز أبادي ،من أئمة
اللغة والدب وكان مرجع عصره في اللغة والحديث والتفسير،
توفي سنة 817هـ في زبيد باليمن وأشهر مؤلفاته القاموس
المحيط.
العلم (.)147 -146 /7
[ ]13الصلت والبشر (ص )6 -5
[ ]14تهذيب اللغة (.)238 /1 2
[ ]15الية ( )4من سورة الغاشية.
[ ]16الية ( )3من سورة المسد.
[ ]17الصلة والبشر (ص .)6
[ ]18أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب النكاح ،باب المر بإجابة
الداعي إلى دعوة (.)4/153
[ ]19اسمه ميمون بن قيس بن جندل من بني قيس بن ثعلبة
الوائلي من شعراء الطبقة الولى في الجاهلية وأحد أصحاب
المعلقات أدرك السلم ورحل إلى الرسول صلى الله عليه
وسلم ليؤمن به ،ولكن قريشا صرفته بمئة من البل .العلم (/7
.)341
[ ]20ديوان العشى (.)73
[ ]21المصدر السابق (.)29
[ ]22معجم مقاييس اللغة (.)300 /3
[ ]23تهذيب اللغة (.)237 /12
[.)136 /12( ]24
[ ]25الية ( )103من سورة التوبة.
[ ]26الية ( )84من سورة التوبة.
[ ]27الية ( )60من سورة غافر.
[ ]28الية ( )186من سورة البقرة.
[ ]29اللفاظ على أربعة أقسام:
ا -اللفاظ المترادفة :وهي ما اختلفت ألفاظها واتحدت معانيها
مثل :الليث ،السد ،الغضنفر ألفاظ مختلفة ولكنها جميعها دلت
على معنى واحد وهو الحيوان المعروف.
-2اللفاظ المشتركة :وهي ما اتحدت ألفاظها واحتلفت معانيها
مثل :العين :تطلق على العين الباصرة ،والعين الجارية،
والجاسوس.
-3اللفاظ المتباينة :ما اختلفت ألفاظها ومعانيها.مثل :السماء
والرض -الجدار والسقف.
-4اللفاظ المتواطئة :ما اتفقت ألفاظها ومعانيها.
فإذا كان المعنى متساويا في الجميع فهو التواطؤ المطلق
ومثاله" :الرجل" :لزيد وعمرو.
وإذا كان المعنى متفاضل فهو التواطؤ المشكك ومثاله "النور"،
للشمس والسراج .التحفة المهدية (.)209 /1
[ ]30الية ( )22من سورة سبأ.
[ ]31الية ( )20من سورة النحل.
[ ]32الية ( )77من سورة الفرقان.
[ ]33اليتان ( )56 ،55من سورة العراف.
[ ]34الية ( )90من سورة النبياء.
[ ]35جلء الفهام (ص .)74 -73
[ ]36الية ( )43من سورة الحزاب.
[ ]37أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الزكاة ،باب صلة المام
ودعائه لصاحب الصدقة .فتح الباري ( )361 /3ح ،1497وأخرجه
مسلم في صحيحه ،كتاب الزكاة ،باب الدعاء لمن أتى بصدقته (
.)121 /3
[ ]38جلء الفهام (ص .)74
[ ]39فتح الباري (.)156 /11
[ ]40إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد
الجهضمي الزدي فقيه على مذهب المام مالك ،جليل التصانيف،
من بيت علم وفضل توفر ،سنة 282هـ .العلم (.)310 /1
[ ]41الضحاك بن مزاحم الهللي أبو القاسم أو أبو محمد.
الخراساني ،مفسر ولم يثبت له سماع من أحد من الصحابة
ترفي سنة 105هـ .تهذيب التهذيب ()454 -453 /4
[ ]42كتاب فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص
)40
[ ]43محمد بن يزيد بن عبد الكبر الثمالي الزدي ،المعروف
بالمبرد إمام العربية ببغداد في زمانه ،وأحد أئمة الدب والخبار،
توفي ببغداد سنة 286هـ .العلم (.)144 /7
[ ]44فتح الباري ( )156 /11وجلء الفهام (ص .)75
[ ]45جلء الفهام (ص .)75
[ ]46كتاب فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص
)41
[ ]47مقاتل بن حيان النبطي (بفتح النون والموحدة) أبو بسطام
البلخي ،صدوق ،وكان ناسكا فاضل خرج له الجماعة إل البخاري،
مات بكابل قبيل الخمسين ومائة .تهذيب التهذيب (.)279 -277 /10
[ ]48ذكره ابن حجر في فتح الباري (.)156 -155 /11
[ ]49جلء الفهام (ص .)75
[ ]50المنهاج (.)134 /2
[ ]51رفيع (بالتصغير) بن مهران أبو العالية الرياحي مولهم،
البصري أدرك الجاهلية وأسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه
وسلم بسنتين ودخل على أبي بكر وصلى خلف عمر ،ثقة ،توفي
سنة تسعين وقيل بعد ذلك .تهذيب التهذيب (.)286 -284 /3
[ ]52ذكره تعليقا البخاري في صحيحه ،كتاب التفسير ،باب
ُ َ َ
ي }...الية. ن ع َلَى النَّب ِ ّ
صل ّو َ ملئِكَت َ ُ
ه يُ َ ن الل ّ َ
ه وَ َ تفسير قوله تعالى {إ ِ ّ
انظر :فتح الباري (.)532 /8
[ ]53الروح بن أنس البكري ويقال الحنفي البصري ثم الخرساني
روى عن أنس بن مالك وأبي العالية والحسن البصري وغيرهم،
مات في خلفة أبي جعفر المنصور.تهذيب التهذيب (.)239 -238 /3
[ ]54كتاب فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص
)40القول البديع (ص .)19وأورده ابن حجر في الفتح وعزاه لبن
أبي حاتم .فتح الباري (.)8/533
[ ]55العين (.)154 /7
[ ]56جلء الفهام (ص .)78
[ ]57بكر بن محمد بن العلء القشيري ،قاض من علماء المالكية
من أهل البصرة ،انتقل إلى مصر قبل سنة ( 330هـ) وتوفي بها
سنة 344هـ .العلم (.)69 /2
[ ]58فتح الباري ()156 /11
[ ]59اليات ( 155إلى )157من سورة البقرة.
[ ]60أخرجه أحمد في المسند (.)353 /4
[ ]61الية ( )156من سورة العراف.
[ ]62الية ( )56من سورة العراف.
[ ]63الية ( )43من سورة الحزاب.
[ ]64الية ( )117من سورة التوبة.
[ ]65أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الدب ،باب رحمة الولد.
فتح الباري ( )467 /10ح ،5998وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب
التوبة ،باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه (.)97 /8
[ ]66أخرجه الترمذي في السنن ،كتاب البر والصلة ،باب ما جاء
في رحمة المسلمين ( )324 -323 /4ح ،1924وقال الترمذي :حديث
حسن صحيح.
[ ]67جلء الفهام (ص )82 -75بتصرف.
[ ]68القول البديع (ص .)20
[ ]69الية ( )56من سورة الحزاب.
[ ]70المنهاج للحليمي (.)143 /2
[ ]71القول البديع (ص .)21
[ ]72جلء الفهام (ص .)175 -174
[ ]73تفسير ابن كثير (.)507 /3
[ ]74تفسير القرطبي ( )232 /14بتصرف
[ ]75تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان للشيخ عبد
الرحمن بن ناصر بن السعدي (.)121-6/120
[ ]76المنهاج للحليمي (.)131 /2
[ ]77تقدم تخريجه (ص .)480
[ ]78فتح الباري (.)155 /11
[ ]79تقدم تخريجه (ص .)348
[ ]80واسمه سعد بن مالك بن سنان النصاري الخزرجي أبو
سعيد الخدري ،مشهور بكنيته استصغر بأحد واستشهد أبوه بها،
وشهد هو ما بعدها ،كان من أفاضل الصحابة وحفظ حديثا كثيرا،
مات بعد الستين من الهجرة .الصابة (.)33 -32 /2
[ ]81أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الدعوات ،باب الصلة
على النبي صلى الله عليه وسلم انظر :فتح الباري ( )152 /11ح
6358
عقبة بن عمرو بن ثعلبة النصاري أبو مسعود البدري، []82
مشهور بكنيته شهد العقبة ،والمشاهد كلها ،مات بعد سنة أربعين
للهجرة .الصابة (.)484 -483 /2
[ ]83بشير بن سعد بن ثعلبة النصاري البدري شهد العقبة وشهد
بدرا والمشاهد بعدها ،استشهد بعين التمر مع خالد بن الوليد في
خلفة أبي بكر سنة اثنتي عشرة.الصابة ( )162 /1والستيعاب (/1
.)156 -155
[ ]84أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الصلة ،باب الصلة على
النبي صلى الله عليه وسلم بمد التشهد (.)2/17
[ ]85أخرجه المام أحمد في المسند ( .)262 /1وأخرجه النسائي
في السنن ،كتاب السهو ،باب كيف الصلة على النبي صلى الله
عليه وسلم ( )48 /3وإسناده حسن.
[ ]86أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب فضائل القرآن ،باب
أنزل القرآن على سبعة أحرف .فتح الباري ( )23 / 9ح ،4992
وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب صلة المسافرين ،باب بيان أن
القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه (.)202 /2
[ ]87أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب التهجد ،باب ما جاء في
التطوع مثنى مثنى ،فتح الباري ( )48 /3ح 1162وقد جاءت رواية
البخاري على الشك الذي ذكره ابن القيم.
[ ]88أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب صلة المسافرين ،باب
فضل سورة الكهف وآية الكرسي ( )199 /2وذكر مسلم أيضا هذا
الختلف فقال قال شعبة من آخر الكهف ،وقال "همام من أول
الكهف كما قال هشام
[ ]89النواس في سمعان بن خالد بن عمرو العامري الكلبي له
ولبيه صحبة وحديثه عند مسلم فى صحيحه الصابة (.)546 /3
[ ]90أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الفتن وأشراط الساعة،
باب ذكر الدجال وصفته وما معه ()197-8/196
[ ]91جلء الفهام ( )179 -177بتصرف.
[ ]92جلء الفهام ص (.)251
[ ]93جلء الفهام ص (.)251
[ ]94مجموع الفتاوى ( )408 /27والمغني ( )542 /1وجلء الفهام
ص()251
[ ]95مجموع الفتاوى ( )408 /27والمغني ( )542 /1وجلء الفهام
ص()251
[ ]96المغني (.)1/541
[ ]97محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ،أبو
جعفر الباقر ،من فقهاء أهل المدينة من التابعين ،توفي سنة أربع
عشرة ومائة .تهذيب التهذيب (.)352-9/350
[ ]98المغني ( )542 /1جلء الفهام ( )255 -253والقول البديع (-180
.)183
[ ]99انظر جلء الفهام (ص .)276 -251
[ ]100صرفت النظر عن إيراد أدلة كل فريق نظرا:
ا -كثرة الدلة والعتراضات الواردة في هذه المسألة.
-2كون المسألة تتعلق بالنواحي الفقهية فهذا مما يتعارض مع
منهجية البحث الذي يتناول النواحي العقدية.
[ ]101الم للشافعي (.)117 /1
[ ]102إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل ،أبو إبراهيم المزني،
صاحب المام الشافعي ،كان زاهدا عالما مجتهدا قوي الحجة،
توفي سنة 264هـ .العلم (.)329 /1
[ ]103أخرجه الدارقطنى فى السنن ،كتاب الصلة ،باب صفة
التشهد ووجوبه واختلف الروايات فيه ( )351 /1وإسناده ضعيف
جدا لن فيه خارجة بن مصعب :متروك ،وموسى بن عبيدة:
ضعيف.
[ ]104أخرجه الدارقطنى في السنن ،كتاب الصلة ،باب ذكر
وجوب الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد (/1
)355وإسناده ضعيف فيه عبد المهيمن بن عباس ل يحتج به.
[ ]105أخرجه أحمد في المسند ( )4/119والحاكم في المستدرك (
.)268 /1
[ ]106الرضف :الحجارة المحماة على النار ،واحدتها :رضفة.
النهاية ()231 /2
[ ]107أخرجه أحمد في المسند (.)460 ،436 ،428 ،410 ،1/386وأخرجه
أبو داود فى السنن ،كتاب الصلة ،باب تخفيف القعود (.)606 /1ح
995وأخرجه الترمذي في السنن ،أبواب الصلة ،باب ما جاء في
مقدار القعود في الركعتين الوليين ( )2/202ح .366وقال الترمذي:
"هذا حديث حسن إل أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه .والعمل
على هذا عند أهل العلم يختارون أن ل يطيل الرجل القعود في
الركعتين الوليين ول يزيد على الثشهد شيئا" انتهى كلمه.
[ ]108جلء الفهام (ص .)279 -277
[ ]109الحسن بن علي بن أب ي طالب ،سبط رسول الله صلى
الله عليه وسلم وريحانته في الدنيا ،وأحد سيدي شباب أهل
الجنة ،وكان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم بويع
بالخلفة بعد مقتل أبيه ثم تنازل عنها لمعاوية حقنا لدماء
المسلمين ،ومات سنة تسع وأربعين وقيل بعدها.الصابة (-327 /1
.)330
[ ]110الحديث إلى قوله "وتعاليت" ،أخرجه أبو داود في سننه،
كتاب الصلة ،باب القنوت في الوتر ( .)134-133 /2وأخرجه
الترمذي في السنن ،كتاب أبواب الصلة ،باب ما جاء في قنوت
الوتر ( )328 /1ح .464وأخرجه ابن ماجه في السنن ،أبواب إقامة
الصلة ،باب ما جاء في قنوت الوتر ( )213 /1ح ،1167وقال
الحافظ ابن حجر :الحديث-حسن صحيح .التلخيص (ص .)95 -94
[ ]111أخرجه النسائي في السنن ( )248 /3وقد انفرد النسائي
بهذه الزيادة "وصلى الله على النبي" ،وروايته ضعيفة ،قال
الحافظ ابن حجر هذه الزيادة في هذا السند غريبة ل تثبت وإن
سنده ل يخلو إما من راو مجهول ،أو انقطاع في السند.
[ ]112عروة بن الزبير بن العوام السدي أبو عبد الله المدني،
تابعي ثقة فقيه مشهور ،ولد في أوائل خلفة الفاروق ،وتوفي
سنة أربع وتسعين على الصحيح .تهذيب التهذيب (.)185 -180 /8
[ ]113عبد الرحمن بن عبد من غير إضافة القارئ بتشديد الياء
من ولد القارة ابن الديش ،ذكره العجلي في ثقات التابعين
واختلف قول الواقدي فيه قال تارة له صحبة ،وتارة تابعي ،مات
سنة ثمان وثمانين تقريب التهذيب (.)206
[ ]114عبد الله بن الرقم بن عبد يغوق بن وهب القرشي
الزهري ،صحابي أسلم يوم الفتح ،وكتب للنبي صلى الله عليه
وسلم ولبي بكر وعمر وكان على بيت المال أيام عمر ،وتوفي
في خلفة عثمان .الصابة (.)265 /2
[ ]115وإليك نسعى ونحفد أي نسرع في العمل والخدمة .النهاية
(.)406 /1
[ ]116أخرجه الشافعي في الم ( )240 -239 /1والبيهقي في السنن
( )39 /4ورجاله كلهم ثقات.
[ ]117عبد الله بن الحارث النصاري أبو الوليد البصري ،ثقة من
رجال الشيخين .تهذيب التهذيب (.)182 -181 /5
[ ]118معاذ بن الحارث النصاري النجاري أبو حليمة ويقال أبو
الحارث المدني القاري ،قال ابن عبد البر شهد الخندق ،ويقال لم
يدرك من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إل ست سنين،
وهو الذي أقامه عمر فيمن أقام في رمضان ليصلي التراويح،
يقال إنه قتل يوم الحرة .تهذيب التهذيب (.)189 -188 /10
[ ]119فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص )45
رقم ،107قال اللباني" :إسناده موقوف صحيح ،وأبو حليمة معاذ
هو أبن الحارث النصاري القاري قال ابن أبي حاتم)246 /1 /4( :
"وهو الذي أقامه عمر يصلي بهم في .شهر رمضان صلة
التراويح وعبد الله بن الحارث هو أبو الوليد البصري ثقة من
رجال الشيخين .،ورواه ابن نصر في "قيام الليل" (ص )136بلفظ
"كان يقوم في القنوت في رمضان يدعو ويصلي على النبي
صلى الله عليه وسلم ويستسقي الغيث".
[ ]120جلء الفهام (ص .)281 -279
[ ]121الم ( )240 -239 /1والبيهقي في السنن الكبرى (.)39 /4
[ ]122أبو أمامة بن سهل بن حنيف النصاري ،ولد في حياة النبي
علما وسمي باسم جده لمه أسعد بن زرارة وكني بكنيته ،وكان
من أكابر النصار وعلمائهم ،توفي سنة مائة للهجرة .تهذبب
التهذيب (.)264 -263 /1
[ ]123سعيد بن المسيب بن حزن الخزومي القرشي ،وسيد
التابعين وأحد فقهاء المدينة السبعة ،وكان زاهدا ورعا يعيش من
كسب يده توفي سنة 94هـ .تهذيب التهذيب (.)88 -84 /4
[ ]124فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص )39
رقم .94و قال اللباني في تعليقه على هذا الكتاب :اسناده
صحيح ،وأبو أمامة هذا صحابي صغير كما قال ابن القيم ،وقد
رواه عن جماعة من الصحابة ،فقال يونس عن ابن شهاب ،قال
أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف -وكان من كبراء النصار
وعلمائهم ،وأبناء الذين شهدوا بدرا مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم -أخبره رجال من أصحاب رسول الله في الصلة على
الجنازة أن يكبر المام ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم
الحديث نحوه وزاد :قال الزهري :حدثنا بذلك أبو أمامة وابن
المسيب يسمع فلم ينكر ذلك عليه .قال ابن شهاب :فذكرت
الذي أخبرني أبو أمامة من السنة في الصلة على الميت لمحمد
بن سويد فقال وأنا سمعت الضحاك بن قيمة يحدث عن حبيب
بن مسلمة في صلة صلها على الميت مثل الذي حدثنا أبو
امامة.
أخرجه الحاكم ( )360 /1وعنه البيهقي ( )40 ،39 /4وقال الحاكم:
صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ،وهو كما قال ،ورواه
النسائي ( )281 /1من طريق الليث عن ابن شهاب به مختصرا "
انتهي.
[.)486 /2( ]125
[ ]126يحى بن يحى بن أبي عيسى كثير بن وسلس الليثي
بالولء ،أبو محمد عالم الندلس في عصره بربري الصل ،سمع
الموطأ من مالك قال عنه المام مالك هذا عاقل أهل الندلس،
توفي بقرطبة سنة 234هـ .العلم (.)176 /8
[]127سعيد بن كيسان المقبري أبو سعد المدني ،ثقة جليل تغير
قبل موته بأربع سنين ،مات في حدود العشرين ومائة وقيل قبلها
وقيل بعدها .تهذيب التهذيب (.)40 -38 /4
[ ]128كيسان أبو سعيد المقبري مولى أم شريك ،تابعي ثقة كثير
الحديث توفي سنة مائة للهجرة .تهذيب التهذيب ()454 -453 /8
[ ]129الموطأ (ص )152 -151ح ،535وأخرجه إسماعيل القاضي
في كتابه فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص )39
ح .93وقال اللباني المحقق عند تعليقه عليه :إسناده موقوف
صحيح على شرط الشيخين .وأخرجه البيهقي في السق (.)40 /4
[ ]130جلء الفهام (ص .)284 -281
[ ]131اليات ( )4 -1من سورة الشرح.
[ ]132أخرجه أحمد في المسند ( .)343 ،302 /2وأخرجه أبو داود
في سننه ،كتاب الدب ،باب في الخطبة ( )173 /5ح 4841وأخرجه
الترمذي في سننه ،كتاب النكاح ،باب ما جاء في خطبة النكاح (/3
)414ح 1106وقال هذا حديث حسن صحيح غريب.
[ ]133تفسيرالطبري (.)235 /30
[ ]134أورده السيوطي في الدر المنثور وعزاه لعبد بن حميد (/6
)363
[ ]135أخرجه ابن جرير في تفسيره (.)235 /30
[ ]136عون بن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي الكوفي،
ثقة من الرابعة ،مات سنة ست عشرة ومائة .تهذبب التهذيب (
.)8/170
[ ]137واسمه وهب بن عبد الله السرائي (بضم المهملة) ويقال
اسم أبيه وهب أيضا ،أبو جحيفة مشهور بكنيته ،ويقال له وهب
الخير ،قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في أواخر عمره
وحفظ عنه ثم صحب عليا بعده ووله شرطة الكوفة .مات سنة
أربع رستين .الصابة (.)606 /3
[ ]138المسند (.)1/106
[ ]139جلء الفهام (ص .)286
[ ]140تقدم تخريجه ص 326
[ ]141فضالة بن عبيد بن نافذ بن قيس النصاري الوسي،
صحابي جليل أسلم قديما ولم يشهد بدرا ،وشهد أحدا فما بعدها
وشهد فتح مصر والشام قبلها ،مات في خلفة معاوية .الصابة (
.)251 /3
[ ]142أخرجه المام أحمد في المسند ( ،.)17 /6وأخرجه أبو داود
في سننه ،كتاب الصلة ،باب الدعاء ( )162 /2ح ،1 481وأخرجه
الترمذي في سننه كتاب الدعوات ،باب ادع تجب ( )517 /5ح ،3473
3475وقال :حديث حسن صحيح .وأخرجه النسائي في سننه (/3
)44باب التمجيد والصلة على النبي صلى الله عليه وسلم.
والحاكم في المستدرك ( )232 /1وصححه ووافقه الذهبي.
[ ]143أخرجه الترمذي في سننه ،باب ما جاء في فضل الصلة
على النبي صلى الله عليه وسلم ( .)356 /2وقال أحمد شاكر
بهامشه" :هذا موقوف بحكم المرفوع" وذكره اللباني في صحيح
سنن الترمذي ( .)151 ،150 /1وقال :حسن -الصحيحة .2035
[ ]144صحيح ابن خزيمة ( )452وابن حبان ( )321موارد.
[ ]145فاطمة بنت الحسين بن على بن أبي طالب الهاشمية
المدنية روت عن أبيها وأخيها زين العابدين وغيرهم ،وزوجها هو
ابن عمها الحسن بن الحسن بن على ،وتزوجها بعده عبد الله بن
عمرو بن عثمان .وذكرها ابن حبان في الثقات ،وقال :ماتت وقد
قاربت التسعين .تهذيب التهذيب (.)443 -442 /12
[ ]146فاطمة الزهراء بنت رسرل الله صلى الله عليه وسلم ،أم
الحسنين سيدة نساء هذه المة ،تزوجها علي بن أبي طالب
رضي الله عنهما في السنة الثانية للهجرة ،وماتت بعد النبي
صلى الله عليه وسلم بستة أشهر وقد جاوزت العشرين بقليل.
تقريب التهذيب (ص .)471
[ ]147أخرجه بهذا اللفظ :المام أحمد في المسند (.)272 /6
والترمذي في السنن أبواب الصلة باب ما جاء ما يقول عند
دخول المسجد ( )128 ،127 /2ح ،314وقال الترمذي" :وفي الباب
عن أبي حميد ،وأبي أسيد ،وأبي هريرة ،وقال" :حديث فاطمة
حديث حسن ،وليس إسناده بمتصل وفاطمة بنت الحسين لم
تدرك فاطمة الكبرى ،وإنما عاشت فاطمة بعد النبي صلى الله
عليه وسلم أشهرا" .وأخرجه بلفظ" :إذا دخل المسجد يقول
"بسم الله والسلم على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح
لي أبواب رحمتك وإذا خرج قال "بسم الله والسلم على رسول
الله ،اللهم اغفم لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك" .المام أحمد
في المسند ( .)283 /6وابن ماجه في السنن ،أبواب المساجد،
الدعاء عند دخول المسجد ( )139 /1ح 755وله شاهد من حديث
أبي حميد وأبي أسيد النصاري قال :قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي ا صلى
الله عليه وسلم ثم ليقل :اللهم افتح لي أبواب رحمتك ،فإذا خرج
فليقل :اللهم إني أسألك من فضلك .أخرجه أبو داود في سننه،
كتاب الصلة ،باب فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد (،317 /1
)318ح 465وهو عند مسلم في صحيحه كتاب صلة المسافرين
باب ما يقول إذا دخل المسجد ( )155 /2بلفظ إذا دخل المسجد
فليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل :اللهم افتح
لي أبواب فضلك وهو عند أحمد بهذا اللفظ ( .)425 /5وهو عند
النسائي بهذا اللفظ أيضا ،انظر السنن كتاب المساجد باب القول
عند دخول المسجد والخروج منه ( )53 /2وفي سنن ابن ماجه،
أبواب المساجد ،باب الدعاء عند دخول المسجد ( )139 /1ح ،756
قال رسول صلى الله عليه وسلم :إذا دخل أحدكم المسجد
فليسلم ثم ليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل
اللهم إني أسألك من فضلك .وله شاهد من حديث أبي هريرة
رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال :إذا دخل
أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل:
اللهم افتح لي أبواب رحمتك ،وإذا خرج فليسلم على النبي صلى
الله عليه وسلم وليقل اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم"
أخرجه ابن ماجة في سننه ،أبواب المساجد ،باب الدعاء عند
دخول المسجد ( )131 /1ح ،757وقال البوصيري في الزوائد:
إسناده صحيح ورجاله ثقات وأخرجه النسائي في عمل اليوم
والليلة ،باب ما يقول إذا دخل المسجد ح 90وفيه :فليقل :اللهم
باعدني من الشيطان بدل قوله :اللهم اعصمني من الشيطان
الرجيم .وأخرجه من طريق آخر عن أبي هريرة ولم يذكر فيه
السلم ح 92 ،91وتعرض النسائي هنا لختلف ألفاظ الحديث
فليراجع.
والحديث أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ( .)452وأخرجه الحاكم
في المستدرك ( )207 /1كتاب الصلة ولفظه عند الحاكم إذا دخل
أحدكم المسجد فليصل على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل:
اللهم أجرني من الشيطان الرجيم وقال الحاكم :حديث صحيح
على شرط الشيخين ولم يخرجاه ،ووافقه الذهبي .والحديث
صححه اللباني في صحيح الجامع (.)528
[ ]148الرد على الخنائي (ص .)147
[ ]149الشفا (.)637 /2
[ ]150نافع الفقيه مولى ابن عمر أبو عبد الله المدني ،ثقة ثبت
فقيه مشهور قال البخاري :أصح السانبد مالك عن نافع عن ابن
عمره مات سنة سبع عشرة ومائة أو بعد ذلك .تهذيب التهذيب (
.)414 -412 /10
[ ]151كتاب فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص
)37 -36ح .87وقال اللباني في تعليقه عليه" :إسناده موقوف
منقطع فإن نافعا لم يدرك عمر ،ولكن في إجلء الفهام نقل عن
المصنف أن ابن عمر فإن صح هذا فيكون قد سقط من نسختنا
لفظة (ابن) ويكون السند حينئذ متصل صحيحا ،وهذا مما
أستبعده ،والله أعلم ،انثهي كلمه.
[ ]152وهب بن الجدع الهمداني الخارفي الكرفي ،تابعي ثقة،
روي عن عمر وعلي وعنه هلل بن سياف والشعبي ،وكان قليل
الحديث .تهذيب التهذيب (.)158 /1
[ ]153أخرجه إسماعيل بن اسحاق القاضي في كتاب فضل
الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص )34ح 81وأورده ابن
القيم في جلء الفهام (ص )293 -292وعزاه لجعفر بن عون وأبي
ذر الهروي .وأورده السخاوي في القول البديع (ص )209وعزاه
للبيهقي وإسماعيل القاضي وأبي ذر الهروي وقال -أي السخاوي-
اسناده قوي
[" ]154ترة" :النقص ،وقيل التبعة .النهاية ()189 /1
[ ]155أخرجه المام أحمد في المسند ()484 ،481 ،453 ،446 /2
وأخرجه الترمذي في السنن ،كتاب الدعاء ،باب في القوم
يجلسون ل يذكرون الله ( )46 1 /5ح 338 0وقال حديث حسن
صحيح .وأخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص )159ح
449وأخرجه الحاكم في المستدرك ( )496 /1وقال هذا حديث
صحيح السناد ولم يخرجاه وصالح ليس بالساقط وتعقبه الذهبي
بقوله صالح ضعيف .وأخرجه ابن حبان في صحيحه .انظر موارد
الظمآن (.)2322
[ ]156أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (ص )314ح 410
وأخرجه إسماعيل بن إسحاق في فضل الصلة على النبي صلى
الله عليه وسلم (ص )22ح 55
وقال اللباني في تعليقه عليه :إسناده صحيح موقوف ولكنه في
حكم المرفرع.
[ ]157أخرجه النساثي في عمل اليوم والليلة (ص )314ح .411
[ ]158أحمد بن محمد بن سلمة الزدي الطحاوي ،أبو جعفر،
فقيه انتهت إليه رياسة الحنفية بمصر ،وهو أحد الثقات الثبات
الحفاظ ،توفي سنة 321ص .العلم (.)206 /1
[ ]159عبد الرحمن بن عمرو الوزاعي ،أهله من سبي السند
استقر بدمشق وهو من شيوخ السلم كان عابدا مجاهدا ،قال
عنه الحاكم :الوزاعي إمام عصره عموما وإمام أهل الشام
خصوصا ،توفي ببيروت عام 157ص .البداية والنهاية (-115 /10
.)120
[ ]160أخرجه الترمذي في سننه ،كتاب الدعوات ،باب قول النبي
صلى الله عليه وسلم :رغم أنف رجل" ( )550 /5ح 3545وقال:
"وهذا حديث حسن غريب من هذا الرجه .وأخرجه الحاكم في
المستدرك ( )549 /1وصححه ووافقه الذهبي .وأخرجه إسماعيل
بن اسحاق القاضي في كتابه فضل الصلة على النبي على (ص
)9ح 16وقال اللباني في تعليقه عليه إسناده صحيح ،رجاله رجال
الصحيح.
[ ]161أخرجه إسماعيل بن إسحاق القاضي في كتابه فضل
الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص )9ح 18وقال
اللباني في تعليقه عليه إسناده حسن .وأخرجه ابن حبان في
صحيحه .انظر موارد الظمآن ( )2387والحديث روي كذلك من
طرق أخرى عن كل من:
ا -كعب بن عجرة رضي الله عنه:
أخرجه إسماعيل بن إسحاق في كتابه فضل الصلة على النبي
صلى الله عليه وسلم (ص )15ح .19وأخرجه الحاكم في
المستدرك ( )154 ،153 /4وصححه ووافقه الذهبي.
-2أنس بن مالك رضي الله عنه:
قال السخاوي في القول البديع (ص )148أخرجه ابن أبي شيبة
والبزار في مسنديهما.
-3مالك بن الحويرث رضي الله عنه:
أخرجه ابن حبان في صحيحه ( )2386موارد ،وقال السخاوي (ص
)148أخرجه ابن حبان في صحيحه وثقاته معا ،والطبراني ورجاله
ثقات لكن فيهم عمران بن أبان الراسطي وهو وإن وثقه ابن
حبان وأخرج حديثه هذا في صحيحه فقد ضعفه غير واحد.
-4جابر بن عبد الله رضي الله عنه:
أخرجه البخاري في الدب المفرد (ص .)95وقال السخاري في
كتابه القول البديع (ص :)148رواه البخاري في الدب المفرد
والطبري في تهذيبه والدارقطي في الفراد وهو حديث حسن
ونحوه من وجه آخر عند الطبراني في الوسط وابن السني في
عمل اليوم والليلة ،وأشار إليه الترمذي في جامعه بقوله وفي
الباب عن جابر وقد أخرجه النسائي وساقه الضياء في المختارة
من طريق الطيالسي وقال هذا عندي على شرط مسلم .انتهي
وفي ذلك نظر والله أعلم -5 .جابر بن سمرة:
قال السخاوي :أخرجه الدارقطني في الفراد والبزار في
مسنده ،والطبراني في الكبير والدقيقي في أماليه .وللحديث
طرق أخرى ذكرها السخاوي في القول البديع (ص )151 -147ول
يتسع المجال هنا لذكرها .قال ابن القيم (ول ريب أن الحديث
بتلك الطرق المتعددة تفيد الصحة ،جلء الفهام (ص .)295
[ ]162أخرجه النسائبي في اليوم والليلة رقم ( )61وابن السني (
)383وإسناده صحيح .وأخرجه البخاري في الدب المفرد (.)643
[ ]163الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو عبد الله
المدني سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته من
الدنيا ،وأحد سيدي شباب أهل الجنة ،استشهد يوم عاشوراء سنة
إحدى وستين وله ست وخمسرن سنة .الصابة (.)334 -33 1 /1
[ ]164أخرجه المام أحمد في المسند ( .)201 /1والترمذي في
سننه ،كتاب الدعوات ،باب قول رسول الله صلى الله عليه
وسلم رغم أنف رجل ( )551 /5ح 3546وقال :حديث حسن صحيح
غريب والنسائي في اليوم والليلة ( .)55وابن حبان في صحيحه (
)2388مرارد .والحاكم في المستدرك ( )549 /1وصححه ووافقه
الذهبي .وأخرجه إسماعيل بن اسحاق القاضي في فضل الصلة
على النبي صلى الله عليه وسلم (ص )15ح .33
[ ]165أخرجه إسماعيل بن إسحاق القاضي (ص )16رقم 37وقال
اللباني في تعليقه عليه :حديث صحيح بشاهده المتقدم والتي
بعده ،ورجال إسناده ثقات لول الرجل الذي لم يسم .وقد رواه
ابن أبي عاصم في "كتاب الصلة" من طريتى أخرى عن علي بن
يزيد عن القاسم عن أبي ذر ،فأحد الطريقين يقوى الخر.
[ ]166اليتان ( )24 -23من سورة الحديد.
[ ]167أخرجه البخاري في الدب المفرد رقم ( )296عن جابر
رضي الذ عنه والمام أحمد في المسند (.)3/307
[ ]168الية ( )7من سورة الحديد.
[ ]169الية ( )208من سورة البقرة.
[ ]170الية ( )59من سورة النساء.
[ ]171الية ( )194من سورة البقرة.
[ ]172الية ( )43من سورة البقرة.
[ ]173الية ( )200من سورة آل عمران.
[ ]174الية ( )175من سورة آل عمران.
[ ]175الية ( )150من سورة البقرة.
[ ]176الية ( )78من سورة الحج.
[ ]177الية ( )103من سورة آل عمران.
[ ]178أخرجه ابن ماجة في السنن ،أبواب إقامة الصلة ،باب
الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم ( )164 /1ح 895وقال
اللباني حسن صحيح (صحيح ابن ماجة .)150 /1وأخرجه إسماعيل
بن إسحاق في فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم
(ص )18 -17ح .44 -43 -42 -41وقال اللباني في تعليقه عليه:
"إسناده مرسل صحيح ،والحديث له طرق وإن كانت ل تخلو من
ضعف فبعضها يقوي بعضا فالحديث وتقي بها إلى درجة الحسن
على أقل الدرجات" انتهي كلمه .وأخرجه البيهقي في شعب
اليمان ( )418 /1مرسل عن محمد بن الحنفية .وأخرجه الطبراني
في الكبير ( )138 /3رقم 2887موصول عن الحسين بن علي من
طريق بشر بن محمد الكندي وهو ضعيف .انظر :مجمع الزوئد (
.)164 /10وأخرجه البيهقي في الشعب ( )419 /1عن أبي هريرة.
[ ]179أورده ابن القيم وعزاه لسعيد بن العرابي " جلء الفهام
(ص )301وأورده السخاوي في القول البديع (ص )152وقال
أخرجه النميري من وجهين من طريق عبد الرزاق وهو في
جامعه ورواته ثقات.
[ ]180تقدم تخريجه ص 307
[ ]181تقدم تخريجه ص 308
[ ]182الية ( )10من سورة الفتح.
[ ]183الية ( )31من سورة آل عمران.
[ ]184هجيرى :الدأب والشأن.
[ ]185جلء الفهام (ص 294الى .)305
[ ]186أوس بن أوس الثقفي ،صحابي ،سكن الشام ومات بها.
الصابة ( )92 /1وتهذيب التهذيب (.)381 /1
[ ]187أخرجه المام أحمد في المسند ( )8 /4وأخرجه اسماعيل
القاضي في فضل الصلة على النبي (ص )11رقم .22وأخرجه أبو
داود في سننه ( )635 /1كتاب الصلة ،باب فضل يوم الجمعة وليلة
الجمعة ح .1047وأخرجه النسائي في السنن ( )91 /3كتاب
الجمعة ،باب ذكر فضل الجمعة .وأخرجه ابن ماجة في سننه (/1
)195أبواب إقامة الصلة ،باب فضل الجمعة ح 1071وفي أبواب ما
جاء في الجنائز باب ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم (/1
)300ح .1637وأخرجه الحاكم في المستدرك ( )60 /4وصححه
ووافقه الذهبي .ورواه ابن حبان في صحيحه .انظر الورارد (.)550
قال ابن القيم" :وقد أعله بعض الحفاظ بأن حسينا الجعفي حدث
به عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ،عن أبي الشعت الصنعاني،
عن أوس بن أوس ،قال ومن تأمل هذا السناد لم يشك في
صحته ،لثقة رواته وشهرتهم وقبول الئمة أحاديثهم وعلته :أن
حسينا الجعفي لم يسمع من عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ،وإنما
سمع من عبد الرحمن بن يزيد بن تميم ،وعبد الرحمن بن يزيد
ابن تميم ل يحتج به ،فلما حدث به حبن الجعفي غلط في اسم
الجد ،فقال ابن جابر ،وقد بين ذلك الحفاظ ونبهوا عليه.
فقال البخاري في التاريخ الكبير "( )1365 /5عبد الرحمن بن يزيد
بن تميم السلمي الشامى عن مكحول ،سمع منه الوليد بن
مسلم ،عنده مناكير ،ويقال :هو الذي روى عنه أبو أسامة
وحسين الجعفي ،وقال :هو يزيد بن جابر ،وغلطا في نسبه ونريد
بن تميم أصح ،وهو ضعيف الحديث .وقال الخطيب :روى
الكوفيون أحاديث عبد الرحمن بن يزيد بن تميم ،عن عبد
الرحمن بن يزيد بن جابر ووهموا في ذلك ،والحمل عليهم في
تلك الحاديث .وقال موسى بن هارون الحافظ :روى أبو أسامة
عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وكان ذلك وهنا منه ،وهو لم
يلق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ،وإنما لقي عبد الرحمن بن
يزيد بن تميم ،فظن أنه ابن جابر نفسه ،وابن تميم ضعيف .وقد
أشار غير واحد من الحفاظ إلى ما ذكره هؤلء الئمة .وجواب
هذا التعليل من وجوه:
أحدها :أن حسينا الجعفي قد صرح بسماعه له من عبد الرحمن
بن يزيد بن جابر .قال ابن حبان في صحيحه :حدثنا ابن خزيمة،
حدثنا أبو كريب ،حدثنا حسين بن علي حدثنا عبد الرحمن بن يزيد
بن جابر ،فصرح بالسماع منه.
وفولهم :إنه ظن أنه ابن جابر وإنما هو ابن تميم ،فغلط في اسم
جده بعيد ،فإنه لم يكن يشببه على حسين هذا بهذا ،مع نقده
وعلمه بهما وسماعه منهما.
فإن قيل :فقد قال عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب "العلل"
سمعت أبي يقول عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر ،ل أعلم أحدا
من أهل العراق يحدث عنه ،والذي عندي أن الذي يروي عنه أبو
أسامة وحسين الجعفي واحد ،وهو عبد الرحمن بن يزيد بن تميم
لن أبا أسامة روى عن عبد الرحمن بن يزيد ،عن القاسم عن
أبي أمامة خمسة أحاديث أو ستة أحاديث منكرة ،ل يحتمل أن
يحدث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بمثله ،ول أعلم أحدا من
أهل الشام روى عن ابن جابر من هذه الحاديث شيئا .وأما
حسين الجعفي فإنه يروي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن
أبي الشعث ،عن أوس بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم
في يوم الجمعة أنه قال" :أفضل اليام يوم الجمعة ،فيه الصعقة
وفيه النفخة ،وفيه كذا" وهو حديث منكر ل أعلم أحدا رواه غير
حسين الجعفي ،وأما عبد الرحمن بن-نريد بن تميم فهو ضعيف
الحديث ،وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر ثقة ،تم كلمه .قيل :وقد
تكلم في سماع حسين الجعفي ،وأبي أسامة من ابن جابر فأكثر
أهل الحديث أنكروا سماع أبي أسامة منه .قال شيخنا (أبو
الحجاج المزي) في التهذيب :قال ابن نمير -وذكر أبا أسامة-
فقال :الذي-يروي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر يرى أنه
ليس بابن جابر المعروف ،ذكر لي أنه رجل يسمى باسم ابن
جابر ،قال يعقوب :صدق ،هو عبد الرحمن ابن فلن بن تميم،
فدخل عليه أبو أسامة فكتب عنه هذه الحاديث فروى عنه ،وإنما
هو إنسان يسمى بابن جابر .قال يعقوب :وكأني رأيت ابن نمير
يتهم أبا أسامة أنه علم ذلك وعرف ولكن تغافل عن ذلك قال:
وقال لي ابن نمير أما ترى روايته ل تشبه سائر حديثه الصحاح
الذي روى عنه أهل الشام وأصحابه؟ وقال عبد الرحمن بن أبي
حاتم :سكت محمد بن عبد الرحمن ابن أخي حسين الجعفي عن
عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ،فقال قدم الكوفة عبد الرحمن بن
يزيد بن تميم وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر ثم قدم عبد الرحمن
بن يزيد بن جابر بعد ذلك بدهر والذي يحدث عنه أبو أسامة ليس
هو ابن جابر ،بل هو ابن تميم وقال ابن داود سمع أبو أسامة من
ابن المبارك عن ابن جابر وجميعا يحدثان عن مكحول ،وابن جابر
أيضا دمشقي ،فلما قدم هذا قال :أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد
الدمشقي ،وحدث عن مكحول ،فظن أبو أسامة أنه ابن يزيد ابن
جابر الذي روى عنه ابن المبارك وابن جابر ثقة مأمون يجمع
حديثه ،وابن تميم ضعيف.
وقال أبو داود :متروك الحديث ،حدث عنه أبو أسامة وغلط في
اسمه ،وقال :حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الشامي وكل
ما جاء عن أبي أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد ،فإنما هو ابن
تميم.
وأما رواية حسين الجعفي عن ابن جابر ،فقد ذكر شيخنا في
التهذيب وقال :روى عنه حسين بن علي الحعفي ،وأبو أسامة
حماد بن أسامة إن كان محفوظا فجزم برواية حسين عن ابن
جابر ،وشك في رواية حماد فهذا ما ظهر في جواب هذا التعليل.
ثم بعد أن كتبت ذلك رأيت الدارقطني قد ذكر ذلك نصا فقال في
كلمه على كتاب أبي حاتم في "الضعفاء" قوله :حسين الجعفي
روى عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ،وأبو أسامة -وي عن عبد
الرحمن بن يزيد بن تميم .فيغلط في اسم جده ،تم كلمه.
وللحديث علة أخرى :وهي أن عبد الرحمن بن يزيد لم يذكر
سماعه من أبي الشعث.
قال علي بن المديني :،حدثنا الحسين بن علي بن الجعفي ،حدثنا
عبد الرحمن بن يزيد بن جابر سمعته يذكر عن أبي الشعث
الصنعاني عن أوس بن أوس ...فذكره.
وقال إسماعيل بن إسحاق في كتابه (ص )11رقم 22حدثنا على
بن عبد الله ...فذكره .وليست هذه بعلة قادحة فإن للحديث
شواهد من حديث أبي هريرة وأبي الدرداء ،وأبي أمامة ،وأبي
مسعود النصاري ،وأنس بن مالك والحسن عن النبي صلى الله
عليه وسلم انتهى كلم ابن القيم جلء الفهام (ص .)71 -69
[ ]188مصيخة :أي مستمعة ،مصغية.
[ ]189أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الجمعة ،باب فضل يوم
الجمعة ( )6 /3وأخرجه الترمذي في سننه ،أبواب الجمعة ،باب ما
جاء في فضل يوم الجمعة ( )359 /2ح .488وأخرجه النسائي في
سننه ،كتاب الجمعة ،باب ذكر فضل يوم الجمعة ( .)89 /3وأخرجه
مالك في الموطأ (.)108 /1
[ ]190جلء الفهام (ص .)71
[ ]191أخرجه ابن ماجة في سننه ،أبواب ما جاء في الجنائز ،باب
ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم ( ،1638 )300 /1وقال في
الزوائد :هذا حديث صحيح ،إل أنه منقطع في موضعين لن عبادة
روايته عن أبي الدرداء مرسلة ،قاله العلء ،وزيد بن أيمن عن
عبادة مرسلة قاله البخاري .وقال السخاوي :أخرجه ابن ماجه
ورجاله ثقات لكنه منقطع .وأخرجه الطبراني في الكبير بلفظ:
"أكثروا الصلة يوم الجمعة فإنه يوم مشهود تشهده الملئكة
ليس من عبد يصلي علي إل بلغتني صلته حيث كان" قلنا وبعد
وفاتك قال" :وبعد وفاتي إن الله تعالى حرم على الرض أن تأكل
أجساد النبياء" .وقال العراقي إن إسناده ل يصح .القول البديع
(ص .)164
[ ]192صدي (بالتصغير) ابن عجلن بن الحارث الباهلي ،أبو أمامة
صحابي مشهور يكنيه ،سكن الشام ومات بها سنة ست وثمانين.
الصابة (.)176 -175 /2
[ ]193أخرجه البيهقي في السنن ( .)249 /3وقال السخاوي :رواه
البيهقي بسند حسن ل بأس به ،إل أن مكحول قيل إنه لم يسمع
من أبي أمامة في قول الجمهور .وقد رواه أبو منصور الديلمي
في مسند الفردوس له فأسقط منه ذكر مكحول وسنده ضعيف
القول البديع (ص .)164وقال ابن القيم :ولكن لهذا الحديث
علتان:
إحداهما :أن برد بن سنان قد تكلم فيه ،وقد وثقه يحى بن معين
وغيره.
العلة الثانية :أن مكحول قد قيل إنه لم يسمع من أبي أمامة والله
أعلم .جلء الفهام (ص .)73 -72
[ ]194قال السخاوي :رواه الطبراني بسند ل بأس به في
المتابعات ،القول البديع (ص .)162
[ ]195أخرجه ابن عدي في الكامل ( )144 /3وسنده ضعيف ،كما
ذكر السخاوي فيه ثلثة رواة ضعفاء هم :جبارة بن مغلس ،وأبو
إسحاق خازم ،ويزيد الرقاشي .القول البديع (ص .)162
[ ]196جلء الفهام (ص .)73
[ ]197الكامل لبن عدي (.)1039 /3
[ ]198زيد بن وهب الجهني أبو سليمان الكوفي ،رحل إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فقبض وهو في الطريق ،ثقة جليل ،كثير
الحديث ،توفي سنة ست وتسعين وقيل قبلها .تهذيب التهذيب (
.)3/427
[ ]199جلء الفهام (ص )74 ،73والقول البديع (ص .)159
[ ]200أورده السخاوي في القول البديع وقال :رواه الحاكم ،وقال
صحيح السناد والبيهقي في شعب اليمان وحياة النبياء في
قبورهم له ،وابن أبي عاصم في فضل الصلة له ،وفي سنده أبو
رافع وهو إسماعيل بن رافع وثقه البخاري وقال يعقوب بن
سفيان يصلح حديثه للشواهد والمتابعات لكن قد ضعفه النسائي
ويحي بن معين وقيل إنه منكر الحديث (ص .)164وأورده ابن
القيم في جلء الفهام (ص )310وقال :وفيه إسماعيل بن رافع
قال يعقوب بن سفيان :يصلح حديثه للشواهد والمتابعات.
[ ]201الحسن البصري وقد تقدم ترجمته ص 269
[ ]202أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلة على النبي
صلى الله عليه وسلم من وجهين انظر (ص )13ح ،28ح ،29قال
اللباني :حديث صحيح بشاهده عن أوس بن أوس.
[ ]203أورده ابن القيم في جلء الفهام (ص )311وعزاه لبن
وضاح ،والسخاوي في القول البديع (ص )200 -199وعزاه لبن
وضاح وابن بشكوال.
[ ]204من المواطن التي ذكرها ابن القيم غير ما تقدم ما يلي:
-1الصلة عليه صلى الله عليه وسلم عند استلم الحجر السود.
-2الصلة عليه صلى الله عليه وسلم عند قبره.
-3الصلة عليه صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى السوق أو إلى
دعوة أو غيرها.
-4الصلة عليه صلى الله عليه وسلم إذا قام الرجل من نوم
الليل.
-5الصلة عليه صلى الله عليه وسلم عقب ختم القرآن.
-6الصلة عليه صلى الله عليه وسلم عند القيام من المجلس.
-7الصلة عليه صلى الله عليه وسلم عند المرور على المساجد
ورؤيتها.
-8الصلة عليه صلى الله عليه وسلم عند الهم ،والشدائد وطلب
المغفرة.
-9الصلة عليه صلى الله عليه وسلم عند كتابة اسمه صلى الله
عليه وسلم
-10الصلة عليه في عند تبليغ العلم إلى الناس ،والتذكير
والقصص.
-11الصلة عليه صلى الله عليه وسلم في أول النهار وآخره.
-12الصلة عليه صلى الله عليه وسلم عقب الذنب إذا أراد أن
يكفر عنه.
-31الصلة عليه صلى الله عليه وسلم عند العطاس.
-14الصلة عليه صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من الوضوء.
--15الصلة عليه صلى الله عليه وسلم عند دخول المنزل.
-16الصلة عليه صلى الله عليه وسلم في كل موطن يجتمع فيه
لذكر الله سبحانه وتعالى.
-17الصلة عليه صلى الله عليه وسلم عقب الصلوات.
-18الصلة عليه صلى الله عليه وسلم عند النوم.
-19الصلة عليه صلى الله عليه وسلم في أثناء صلة العيد.
[ ]205بدائع الفوائد (.)190 /2
[ ]206تقدم تخريجه ص .381
[ ]207تقدم تخريجه ص .326
[ ]208تقدم تخريجه.
[ ]209يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي ،أبو يوسف المدني،
قاضي المدينة ،ثقة قليل الحديث و مات في ولية أبي جعفر.
تهذيب التهذيب (.)385 /11
[ ]210أخرجه اسماعيل القاضي في فضل الصلة على النبي
صلى الله عليه وسلم (ص )87ح رقم 13وقال :قال شيخ كان
بمكة يقال له منيع لسفيان :عمن أسنده؟ قال :ل أدري ،وقال
اللباني في تعليقه :هذا مرسل صحيح السناد ،ويشهد له الحديث
الذي بعده -يعني الحديث الذي تقدم ذكره.
[ ]211أخرجه النسائي في عمل أليوم والليلة (ص )165ح رقم 61
باب ثواب الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم وابن السني
في ،عمل أليوم والليلة (ص )136 ،135ح رقم 380
[ ]212أخرجه المام أحمد في المسند ( .)261 ،102 /3والبخاري في
الدب المفرد (ص )95 ،94باب الصلة على النبي صلى الله عليه
وسلم .والنسائي في عمل اليوم والليلة (ص )166ح 63باب ثواب
الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم .وأخرجه ابن حبان في
صحيحه .انظر موارد الظمآن (.)2395
[ ]213أخرجه النسائي في السنن ( )50 /3باب الفضل في الصلة
على النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك في عمل اليوم والليلة
(ص )166 ،165ح ،62ثواب الصلة على النبي صلى الله عليه
وسلم وأخرجه الحاكم في المستدرك ( )550 /1وقال :هذا حديث
صحيح السناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وكل من رواية "صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر
خطيئات".
ورواية "صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه بها عشر سيئات،
ورفعه بها عشر درجات" جاءت من طريق بريد بن أبي مريم
وقد جاء في بعفى الروايات عن بريد بن أبي مريم عن الحسن
عن أنس وفي بعضها عن بريد بن أبي مريم عن أنس ،وقد ذكر
ابن القيم أن هذه العلة ل تقدح فيه شيئا ،لن الحسن لشك في
سماعه من أنس ،وقد صح سماع بريد بن أبي مريم من أنس
أيضا هذا الحديث ،فرواه ابن حبان في صحيحه موارد 2390
والحاكم في المستدرك ( )550 /1من حديث يونس بن أبي
إسحاق ،عن بريد بن أبي مريم ،قال سمعت أنس بن مالك...
نذكره .ولعل بريدا سمعه من الحسن ثم سمعه من أنس ،فحدث
به على الوجهين ،فإنه قال :كنت أزامل الحسن بن محمد ،فقال
حدثنا أنس بن مالك قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
فذكره ،ثم إنه حدثه به أنس فرواه عنه كما تقدم" .جلء الفهام
(ص .)56
[ ]214أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلة على النبي
صلى الله عليه وسلم (ص )4ح .4وقال اللباني :إسناده ضعيف،
ولكن المرفوع من الحديث صحيح له شواهد كثيرة.
وأخرجه البخاري في الدب المفرد (ص )94باب الصلة على
النبي صلى الله عليه وسلم.
[ ]215أخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلة على النبي
صلى الله عليه وسلم (ص )5ح رقم .5وأخرجه البخاري في
الدب المفرد (ص )94عن أوس بن الحدثان عن النبي صلى الله
عليه وسلم وذكره .وهذا الحديث والذي قبله هما من طريق
سلمة بن وردان وقال اللباني في سلسلة الحاديث الصحيحه (/2
)503ح رقم 829وسلمة بن وردان ضعيف بغير تهمة ،فيصلح
للستشهاد به وللحديث شاهد آخر من حديث عبد الرحمن بن
عرف.
[ ]216عبد الرحمن بن عوف الزهري ،ولد بعد الفيل بعشر سنين
وأسلم قبل دخول دار الرقم ،وهاجر الهجرتين وشهد المشاهد
كلها ،وأحد العشرة المبشرين بالجنة ،وأحد رجال الشورى الستة،
توفي سنة 31ص وقيل سنة 32ص وهو الشهر .الصابة (-2/408
.)410
[ ]217أخرجه بهذا اللفظ إسماعيل القاضي في فضل الصلة
على النبي صلى الله عليه وسلم (ص )5ح 7وأخرجه المام أحمد
في المسند ،)1/191وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (( )287 /2رراه
أحمد ورجاله ثقات) .وأخرجه الحاكم في المستدرك ()222 /1
وقال هذا حديث على شرط الشيخين ولم يخرجاه ،ووافقه
الذهبي.
[ ]218السراف بالفتح آخره "فاء" موضع شامي البقيع .وفاء
الوفاء (.)1125 /4
[ ]219أخرجه بهذا اللفظ إسماعيل القاضي في فضل الصلة
على النبوي صلى الله عليه وسلم (ص )7 -6ح .10
[ ]220أورده ابن القيم في جلء الفهام (ص )64وعزاه لبن أبي
الدنيا والسخاوي في القول البديع (ص )112وعزاه لبن أبي
عاصم وابن أبي الدنيا.
[ ]221أخرجه اسماعيل القاضي فى فضل الصلة على النبى
صلى الله عليه وسلم ص 3ح رقم 1
[ ]222أخرجه المام أحمد في المسند ( .)30 /4وإسماعيل
القاضي ،في فضل الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم (ص
)4 -3ح ،2والنسائي في السنن ( 44 /3و )50كتاب الصلة ،باب
فضل التسليم على النبي صلى الله عليه وسلم ،وباب الفضل
في الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم .وكذلك أخرجه
النسائي في عمل اليوم والليلة ،باب ثواب الصلة على النبي
صلى الله عليه وسلم وقال الحافظ ابن حجر (رواته ثقات) فتح
الباري ( )11/167وأخرجه الحاكم في المستدرك ( )550 /1وابن حبان
في صحيحه ( )2391موارد.
[ ]223أخرجه بهذا اللفظ المام أحمد في المسند (.)29 /4
قال اللباني في سلسلة الحاديث الصحيحة ( )503 /2ح رقم 829
عن رواية أحمد هذه "وهذا إسناد ضعيف ،لسوء حفظ أبي
معشر ،وإسحاق بن كعب مجهول الحال فهر إسناد ل بأس به في
الشواهد والمتابعات" انتهي كلمه والحديث له شواهد متعددة
سبق ذكر بعضها.
[ ]224هانىء بن نيار بن عمرو البلوي أبو بردة بن نيار حليف
النصار ،خال البراء بن عازب مشهور بكنيته وقيل اسمه الحرث
وقيل مالك والول أشهر ،صحابي جليل شهد بدرا وما بعدها،
مات في أول خلفة معاوية .الصابة (.)4/19( – )565 /3
[ ]225أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (ص )167 ،166ح
رقم ،64باب ثواب الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم وقال
ابن حجر :رواته ثقات .فتح الباري ( .)167 /11وأورده ابن القيم في
جلء الفهام (ص )84 ،83وعزاه للطبراني في المعجم الكبير وابن
أبي عاصم في كتاب الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم.
[ ]226تقدم تخريجه (ص .)535
[ ]227سنن النسائي ( )44 /3باب التمجيد والصلة على النبي
صلى الله عليه وسلم قال اللباني في صحيح سنن النسائي،
صحيح الترمذي ()3724
[ ]228أخرجه الترمذي في سننه ( )354 /2باب ما جاء في فضل
الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم رقم 484وقال الترمذي
هذا حديث حسن غريب .وأخرجه ابن حبان في صحيحه .انظر
موارد الظمآن ( .)2389وأورده ابن القيم في جلء الفهام وعزاه
كذلك إلى البزار والبغوي جلء الفهام (ص .)53وقال ابن حجر
في الفتح ( )167 /11وله شاهد عند البيهقي عن أبي أمامة بلفظ
"صلة أمتي تعرض على في كل يوم جمعة فمن كان أكثرهم
علي صلة كان أقربهم مني منزلة" ول بأس بسنده انتهي كلمه.
[ ]229جلء الفهام (ص )344 ،335بتصرف.
[ ]230تقدم تخريجه ص 472
[ ]231تقدم تخريجه ص 328
[ ]232تقدم تخريجه ص 548
المبحث الثالث :حكم ما يفعل عند حجرته التي دفن فيها من
المور المبتدعة
ومن ذلك سؤاله الستغفار والشفاعة والتوسل والستغاثة
والسجود إلى حجرته والطواف بها والتمسح بالجدران المحيطة
بها وإلصاق البطن بها.
وجميع هذه المور وما شاكلها هي أمور مبتدعة أحدثها بعض
المتأخرين ولم يفعلها أحد من سلف المة وأئمتها ،بل هي منهي
عنها.
وقد سبق بيان حكم دعائه واستغاثته والستشفاع والتوسل به
وأما السجود للحجرة والطواف بها فهو محرم أو كفر.
قال شيخ السلم ابن تيمية" :وزاد بعض جهال العامة ما هو
محرم أو كفر بإجماع المسلمين كالسجود للحجرة والطواف بها
وأمثال ذلك" [.]56
"فل يجوز لحد أن يطوف بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم،
وليس في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم شيء يطاف به،
ول فيه ما يتمسح به ،ول ما يقبل.
بل ليس في الرض مكان يطاف به إل الكعبة ،ومن اعتقد أن
الطواف بغيرها مشروع فهو شر ممن يعتقد جواز الصلة إلى
غير الكعبة" [.]57
وقال أيضا" :وقد اتفق المسلمون على أنه ل يشرع الطواف إل
بالبيت المعمور ،فل يجوز الطواف بصخرة بيت المقدس ول
بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم ول غير ذلك .وكذلك اتفق
المسلمون على أنه ل يشرع الستسلم ول التقبيل إل للركنين
اليمانيين ،فالحجر السود يستلم ويقبل ،واليماني يستلم .وقد
قيل إنه يقبل وهو ضعيف .وأما غير ذلك فل يشرع استلمه ول
تقبيله ،كجوانب البيت ،والركنين الشاميين ،ومقام إبراهيم،
والصخرة والحجرة النبوية وسائر قبور النبياء والصالحين [.]58
فالطواف بغير الكعبة لم يشرعه الله بحال [ ]59ول يفعل في
مسجد النبي صلى الله عليه وسلم إل ما يفعل في سائر
المساجد [ .]60وكذا الحال بالنسبة للسجود للحجرة ،فلقد نهي
النبي صلى الله عليه وسلم عن السجود له في حياته.
فعن عبد الله بن أبي أوفى قال :قدم معاذ اليمن أو قال الشام
فرأى النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فرأى في نفسه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يعظم فلما قدم قال يا
رسول الله رأيت النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فرأيت في
نفسي أنك أحق أن تعظم .فقال" :لو كنت آمرا أحذا أن يسجد
لحد لمرت المرأة أن تسجد لزوجها " ...الحديث.
وفي رواية" :فقلت لي شيء تصنعون هذا؟ قالوا هذا كان تحية
النبياء قبلنا .فقلت :نحن أحق أن نصنع هذا بنبينا.
فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم" :إنهم كذبوا على أنبيائهم
كما حرفوا كتابهم إن الله عز وجل أبدلنا خيًرا من ذلك السلم
تحية أهل الجنة" [.]61
وعن قيس بن سعد [ ]62قال :أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون
لمرزبان لهم
فقلت :رسول الله أحق أن يسجد له ،قال :فأتيت النبي صلى
الله عليه وسلم فقلت :إني أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون
لمرزبان لهم ،فأنت يا رسول الله أحق أن نسجد لك.
قال" :أرأيت لو مررت بقبري أكنت نسجد له؟" قال :قلت :ل.
قال" :فل تفعلوا ،لو كنت آمًرا أحدًا أن يسجد لحد لمرت النساء
أن يسجدن لزواجهن ،لما جعل الله لهم عليهن من الحق" [.]63
فتأمل وجوب الصحابي عندما قال له النبي صلى الله عليه
وسلم" :أرأيت لو مررت بقبري أكنت تسجد له؟ فقال :ل
فالسجود حق لله تعالى ،وما كان حقا خالصا لله لم يكن لغيره
فيه نصيب" [.]64
ونبينا صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرك دقه وجله وحقيرة
وكبيره فالسجود حق للواحد المعبود خالق السموات والرض
سبحانه وتعالى.
وكذا الحال بالنسبة للتمسح بالجدران المحيطة بالحجرة وإلصاق
البطن بها فليس شيء من هذا من الدين الذي بعث الله به
محمدًا صلى الله عليه وسلم باتفاق المسلمين.
ومن اعتقد أن هذا من الدين وفعله وجب أن ينهى عنه ،ولم
يستحب هذا أحد من الئمة الربعة ،ول فعله أحد من الصحابة
والتابعين لهم بإحسان .والجر والثواب إنما يكون على العمال
الصالحة ،والعمال الصالحة هي ما أوجبه الشارع أو استحبه،
وهذه المور من جملة ما نهي عنه من أسباب الشرك ودواعيه
وأجزائه [ ]65وقد قال صلى الله عليه وسلم" :اللهم ل تجعل
قبري وثنا يعبد" [ ]66وقال صلى الله عليه وسلم" :ل تتخذوا
قبري عيدا" [.]67
فالتمسح بالقبر -أي قبر كان -وتقبيله وتمريغ الخد عليه منهي
عنه باتفاق المسلمين ،ولو كان ذلك من قبور النبياء؛ ولم يفعل
هذا أحد من سلف المة وأئمتها بل هذا شرك" [.]68
فإن كان هذا حكم من تمسح بالقبر فمن تمسح بالجدران
المحيطة من باب أولى.
الخاتمة
جريا على عادة الباحثين في ذكر النتائج التي توصلوا إليها في
نهاية أبحاثهم ونظرا لهمية ذلك في الرسائل العلمية فإني ألخص
أهم النتائج التي توصلت إليها في بحثي بما يلي:
-1هذه الحقوق المذكورة في ثنايا هذه الرسالة تشكل بمجموعها
أحد أصلي الدين ،وهي معني "شهادة أن محمدا رسول الله".
-2هذه الحقوق ل يدخل فيها ما هو حق خالص لله عز وجل من
أمور اللوهية أو الربوية.
فما كان حقا لله عز وجل فل يجوز صرفه لغير الله ل للنبي صلى
الله عليه وسلم ول لغيره ،وهذا ما أكدته نصوص القرآن والسنة.
-3أن أمور هذا الدين ل تقوم على التحلي والتمني والدعاوى
الزائفة وإنما تقوم على العتقاد الصحيح الذي يصدقه قول
اللسان وعمل الجوارج.
-4أن النصوص من آيات وأحاديث وآثار قد وضحت ما يجب على
هذه المة في هذا الجانب فقد أرشدت ودلت وبينت وفصلت
وهذا هو الشأن في جميع جوانب هذا الدين ،فقد أكمل الله عز
وجل لنا هذا الدين ،وقد بلغ رسوله صلى الله عليه وسلم ما
أوحي إليه من رب العالمين البلغ المبين.
فلسنا في حاجة بعد ذلك إلى من يزيد على هذه الحقوق أو
ينقص منها ،وإنما علينا أن نتبع ونقتدي ول نبتدع.
-5أن على المة أن تعرف ما أوصى الله عليها من حقوق تجاه
نبيها صلى الله عليه وسلم فذلك عقد من عقود اليمان ل يتم
إيمان العبد إل به.
وعلى المسلم بذل الوسع في تعلم هذه الحقوق وتعليمها
ونشرها بين الناس.
-6وجوب اليمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنه ل يتم اليمان
بالله بدون اليمان به ،كما ل تحصل نجاة ول سعادة بدون اليمان
به ،لنه هو الطريق إلى الله سبحانه وتعالى ولذلك كان أول
أركان السلم "شهادة أن ل إله إل الله وشهادة أن محمدا رسول
الله".
-7أن برهان اليمان بالنبي صلى الله عليه وسلم ومحبته
وتعظيمه يرتكز على محور التباع والتأسي ،ولذلك كان السلف
من الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن سار على نهجهم أشد الناس
حرصا على ذلك.
-8خص الله عز وجل نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بحقوق
مما يزيد على لوازم الرسالة تفضل من الله عز وجل وتكريما
فعلينا حفظ تلك الحقوق والقيام بها.
-9على المة أن تحفظ حرمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد
وفاته في خاصة نفسه وفي آله وأزواجه أمهات المؤمنين
وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين ،وفي كل ما له صلة بأمر
هذا الدين.
-10على المسلم أن يحذر أشد الحذر من مخالفة هدي النبي
صلى الله عليه وسلم لما في ذلك من الهلك والخسران في
الدنيا والخرة.
-11الغلو في حقه صلى الله عليه وسلم ل يزيد إل بعدا عن شرع
المصطفى صلى الله عليه وسلم ،ول يحقق لصاحبه محبة ول
ما.
تعظي ً
وفي الختام أسأل الله عز وجل أن يرزقنا حسن التأسي والقتداء
والثبات على الحق ،وأن يحشرنا في زمرة نبيه صلى الله عليه
وسلم إنه جواد كريم وعلى كل شيء قدير .وآخر دعوانا أن
الحمد لله رب العالمين.
المراجع
-1البداع في مضار البتداع :للشيخ الستاذ علي محفوظ (ت
1361هـ) ط دار المعرفة بيروت.
-2الحكام في أصول الحكام :للمدي ،سيف الدين على بن
محمد دار الفكر الطبعة الولى 1401هـ.
-3آداب الشافعي ومناقبه :للرازي أبي محمد عبد الرحمن بن
أبي حاتم (ت 327هـ) دار الكتب ا لعلمية ،بيروت.
-4الدب المفرد :للبخاري محمد بن إسماعيل (ت 256هـ) دار
الكتب العلمية بيروت.
-5إرشاد الطالب :للشيخ سليمان بن سحمان ،مطبعة المنار،
مصر الطبعة الولى 1345هـ.
-6الستيعاب في أسماء الصحاب :لبن عبد البر ،أبو عمر يرسف
بن عبد الله بن محمد (ت 463هـ) الناشر :دار الكتاب العربي.
-7أسد الغابة في معرفة الصحابة :لعز الدين على بن أحمد بن
الثير الجزري ط دار الشعب -القاهرة 1390هـ.
-8الصول الثلثة وأدلتها :لشيخ السلم محمد بن عبد الوهاب
(ت 1206هـ) مطبعة الكيلني.
-9الصابة في تمييز الصحابة :لبن حجر العسقلني (ت 852هـ)
دار الكتاب العربي ،بيروت
-10أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن :للشيخ محمد المين
بن محمد المختار الجنكى الشنقيطى (ت 1393هـ) ط عالم الكتب،
بيروت.
-11أطلس العلم :لعدد من الساتذة -الناشر مكتبة لبنان.
-12العتصام :للعلمة أبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي،
دار المعرفة للطباعة والنشر ،بيروت لبنان 1402هـ.
-13العلم :لخير الدين الزركلي دار العلم للمليين ،بيروت ،لبنان
الطبعة السادسة 1984م.
-14أعلم الموقعين :لمحمد بن أبي بكر المشهور بابن قيم
الجوزبة (ت 751هـ) مكتبة الكليات الزهرية 1388هـ.
-15إغاثة اللهفان لمحمد بن أبي بكر المشهور بابن قيم الجوزية
(ت 751هـ) دار المعرفة بيروت ،لبنان.
-16كتاب اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم:
لبن تيمية ،أبو العباسي تقي الدين أحمد بن عبد الحليم (ت 728
هـ) مطابع المجد التجارية.
________________________________________
[ ]1واسمه أحمد بن يحيى بن زيد الشيباني بالولء ،أبو العباس
المعروف بثعلب ،إمام الكوفيين في النحو واللغة ،كان راوية
للشعر ،ثقة حجة ،مات ببغداد سنة 291هـ.
العلم (.)1/267
[ ]2الية ( )255من سورة البقرة.
[ ]3لسان العرب ( )184 /8مادة شفع.
[ ]4قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص .)152 -151
[ ]5أخرجه المام أحمد في المسند (.)363 ،345 /2
[ ]6أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الجنائز ،باب من صلى عليه
مائة شفعوا فيه.)53 ،3/52( :
[ ]7الية ( )18من سورة يونس.
[ ]8الية ( )3من سورة الزمر.
[ ]9اليتان ( )44 ،43من سورة الزمر.
[ ]10الية ( )4من سورة السجدة.
[ ]11مجموع الفتاوى (.)118 /1
[ ]12الية ( )5من سورة آل عمران.
[ ]13الية ( )38من سورة إبراهيم.
[ ]14الية ( )22من سورة سبأ.
[ ]15الية ( )111من سورة السراء.
[ ]16الية ( )66من سورة يونس.
[ ]17الية ( )18من سورة يونس.
[ ]18الية ( )28من سورة الحقاف.
[ ]19الية ( )3من سورة الزمر.
[ ]20مجموع الفتاوى ( )129 -126 /1بتصرف.
[ ]21الية ( )255من سورة البقرة.
[ ]22الية ( )26من سورة النجم.
[ ]23الية ( )28من سورة النبياء.
[ ]24الية ( )109من سورة طه.
[ ]25الية ( )113من سورة التوبة.
[ ]26الية ( )6من سورة المنافقون.
[ ]27الية ( )80من سورة التوبة.
[ ]28الية ( )55من سورة العراف.
[ ]29الية ( )45من سورة هود.
[ ]30الية ( )46من سورة هود.
[ ]31الية ( )47من سورة هود.
[ ]32أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الذكر والدعاء والتوبة
والستغفار ،باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب (.)86 /8
[ ]33تقدم تخريجه ص 737
[ ]34تقدم تخريجه ص 737
[ ]35يزيد بن السود الجرشي أبو السود ،من سادة التابعين
أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ،وكان من العباد
الخشن وقصته مع معاوية تدل على فضله وصلحه ،توفي سنة 71
هـ.
الصابة ( )3/634وسبر أعلم النبلء (.)137 -136 /4
[ ]36أورده ابن حجر في الصابة ( )634 /3وقال" :أخرجه أبو
زرعة الدمشقي ويعقوب بن سفيان في تاريخيهما بسند صحيح"
وأورده الذهبي في سير أعلم النبلء ( )4/137وابن كثير في البداية
(.)324 /8
[ ]37تقدم تخريجه ص .445
[ ]38الرد على البكري (ص )88بتصرف.
[ ]39الرد على البكري (ص .)90
[ ]40الرد على البكري ( )91 ،90بتصرف.
[ ]41الرد على البكري (.)262 ،261
[ ]42أخرجه النسائي في سننه ،كتاب السهو ،باب الدعاء بعد
الذكر (.)52 /3
[ ]43الية ( )9من سورة النفال.
[ ]44الية ( )15من سورة القصص.
[ ]45الرد على البكري (ص .)82 -80
[ ]46تقدم تخريجه ص 588
[ ]47تقدم تخريجه ص 589
[ ]48تقدم تخريجه ص 737
[ ]49الرد على البكري (ص )233 -231بتصرف يسير.
[ ]50الية ( )72من سورة المائدة.
[ ]51الية ( )6من سورة الصف.
[ ]52الرد على البكري (ص .)103
[ ]53مجموع الفتاوى )159 /11بتصرف.
[ ]54الرد على البكري (ص .)352
[ ]55انظر:
أ -قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لشيخ السلم ابن تيمية.
ب -الرد على الخنائي لشيخ السلم ابن تيمية.
ج -الرد على البكري لشيخ السلم ابن تيمية.
د -صيانة النسان عن وسوسة الشيخ دحلن للشيخ محمد بشير
السهسواني.
هـ -الصواعق المرسلة الشهابية للشبح سليمان بن سحمان.
و -غاية الماني في الرد على النبهاني للشيخ محمود شكري
اللوسي.
[ ]56الرد على البكري (ص .)215
[ ]57مجموع الفتاوى (.)10 /27
[ ]58مجموع الفتاوى (.)521 /4
[ ]59مجموع الفتاوى (.)11 /27
[ ]60مجموع الفتاوى (.)150 /26
[ ]61تقدم تخريجه ص .686
[ ]62قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي النصاري ،صحابي جليل،
شهد المشاهد مع رسول صلى الله عليه وسلم وكان أحد
الفضلء الجلة من دهاة العرب ،مات في آخر خلفة معاوية
بالمدينة .الصابة (.)239 /3
[ ]63أخرجه أبو داود في سننه ،كتاب النكاح ،باب في حق الزوج
على المرأة ( )605 ،604 /2ح 2140
[ ]64مجموع الفتاوى (.)93 /27
[ ]65مجموع الفتاوى ( )101 ،158بتصرف.
[ ]66تقدم تخريجه ص .591
[ ]67تقدم تخريجه ص 580
[ ]68الجامع الفريد (ص .)444
[ ]69أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب اليمان والنذور ،باب ل
تحلفوا بآبائكم حديث ( )66646انظر فتح الباري ( .)530 /11وأخرجه
مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب النهي عن الحلف بغير
الله تعالى (.)80 /5
[ ]70أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب مناقب النصار ،باب أيام
الجاهلية.
انظر فتح الباري ( )1 48 /7ح 3836واللفظ له .أخرجه مسلم في
صحيحه ،كتاب اليمان باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى (/5
.)81
[ ]71أخرجه المام أحمد في المسند ( .)1 25 ،86 ،34 /2وأخرجه
الترمذي في سننه ،كتاب النذور واليمان ،باب ما جاء في كراهية
الحلف بغير الله وقال :حديث حسن ( )110 /4ح ،1535وأخرجه أبو
داود في السنن ،كتاب اليمان والنذور ،باب في كراهة الحلف
بالباء ( )57 0 /3ح 325 1وأخرجه ابن حبان كما في الموارد (ص
)286ح 1177
والحاكم في المستدرك ( )18 /1كتاب اليمان ( )4/279كتاب اليمان
والنذور وقال" :هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ،ووافق
الذهبي".
[ ]72هو :محمد بن الحسين بن محمد بن خلف الفراء،؟ أبو يعلى
عالم عصره في الصول والفروع وأنواع الفنون ،ومن كبار
الحنابلة ولد سنة 380هـ ،وتوفي سنة 458هـ.
العلم (.)100 - 6/99
[ ]73هو :على بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي ،عالم
العراق وشيخ الحنابلة ببغداد في وقته ،ولد سنة 431هـ وتوفي
سنة 513هـ .العلم (.)313 /4
[ ]74أخرجه عبد الرزاق في المصنف (.)469 /8
وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ( )177 /4وقال رواه الطبراني
في الكبير ورجاله رجال الصحيح وهو في الطبراني ( )2 9/05ح
8902
انظر قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص )86 -84 []75
ومجموع الفتاوى ( )27/349والرد على الخنائي (.)107 ،106
[ ]76اقتضاء الصراط المستقيم (ص .)295
[ ]77الية ( )3من سورة المائدة.
[ ]78تقدم تخريجه.
[ ]79تقدم تخريجه ص .247
[ ]80العبيديون ص م أبناء عبيد الله بن ميمون بن ديصان
المشهور بالقداح اليهودي قامت دولتهم في مصر ( 564 -362هـ)
وكانوا من أجرأ الناس على استحداث البدع والمنكر كتاب ول
سنة .انظر كتاب قصة نسب الفاطميين للدكتور عبد الحليم
عويس ،والبداية والنهاية لبن كثير (.)267 /12
[ ]81المواعظ والعتبار بذكر الخطط والثار (.)1/490
[ ]82الية ( )79من سورة البقرة.
[ ]83البداية لبن كثير (.)137 /13
[ ]84التبر المسبوك للسخاوي (ص .)14
[ ]85أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب العتصام بالكتاب
والسنة باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "لتتبعن سنن من
كان قبلكم" .انظر :فتح الباري ( )1/305 3ح ،732 0وأخرجه مسلم
في صحيحه ،كتاب العلم ،باب اتباع سنن اليهود والنصارى (.)8/57
[ ]86هو :محمد بن سعيد بن حماد البوصيري ،شاعر صوفي غال،
له عدد من القصائد في المدائح النبوية ،وقد عرف عنه قلة
علمه ،وسلطة لسانه ،وتكففه للناس وقد ذكر محقق ديوانه
عددا من الخصال التي تدل على حقيقة الرجل وقدره.
انظر :مقدمة ديوان البوصيري بتحقيق محمد سيد كيلني.
[ ]87هو :محمد بن سعيد بن حماد البوصيري ،شاعر صوفي غال،
له عدد من القصائد في المدائح النبوية ،وقد عرف عنه قلة
علمه ،وسلطة لسانه ،وتكففه للناس وقد ذكر محقق ديوانه
عددا من الخصال التي تدل على حقيقة الرجل وقدره.
انظر :مقدمة ديوان البوصيري بتحقيق محمد سيد كيلني.
[ ]88ديوان البوصيري (ص )248 -240وهذه البيات منتقاة من
قصيدته المعروفة بالبردة..
[ ]89تنبيه أولى البصار (ص .)249
[ ]90منهج القرآن في الدعوة إلى اليمان (ص .)163
[ ]91النصاف فيما قيل في المولد من الغلو والحجاف (ص .)31
[ ]92النصاف فيما قيل في المولد من الغلو والحجاف (ص .)28
[ ]93النصاف فيما قيل في المولد من الغلو والحجاف (ص .)28
[ ]94ل يقصد هؤلء بالحياة هنا الحياة البرزخية وهذا يتضح من
سياق العبارات التالية لهذه العبارة ،فهم يرون أن النبي صلى اله
عليه وسلم يخرج من قبره وله التصرف الملكوت العلوي
والسفلي.
[ ]95غاية الماني في الرد على النبهاني (.)52 /1
[ ]96الية ( )82من سورة النساء.
[ ]97ل يقصدون هنا الرؤيا المنامية وإنما يقصدون رؤية اليقظة
فهم يقولون :إن رؤيته أكثر ما تقع بالقلب ثم يترقى الحال إلى
أن يرى بالبصر على ما زعموا.
[ ]98غاية الماني (.)1/51
[ ]99التيجانية (ص .)127
[ ]100غاية الماني (.)1/52
[]101مجموع الفتاوى (.)407 /10
[ ]102صيد الخاطر (ص .)429
[ ]103أخرجه بهذا اللفظ البخاري في صحيحه ،كتاب الخصومات،
باب ما يذكر في الشخاص والخصومة بين المسلم واليهودي.
انظر :فتح الباري (.)5/70
[ ]104تقدم تخريجه (ص .)457
من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم :الصلة .35
والسلم عليه