You are on page 1of 192

‫‪192 Page 1 of‬‬

‫شرح العقيدة الحطاوية‬

‫للستاذ العلمة‬
‫أبي الفداء سعيد فودة حفظه الله تعالى‬

‫الحمججد للججه رب العججالمين‪ ،‬قججال العلمججة حجججة‬


‫السلم أبو جعفر الوراق الطحاوي‪-‬بمصر‪ -‬رحمه‬
‫الله‪:‬‬
‫)]‪([3‬‬
‫هذا)]‪ ([1‬ذكر)]‪ ([2‬بيان‬
‫عقيدة‬ ‫)]‪([4‬‬

‫)]‪([5‬‬
‫أهل السنة والجماعة‬
‫على مذهب‬ ‫)]‪([6‬‬

‫فقهاء أهل الملة)]‪ ([7‬أبي حنيفة النعمان بن ثابت‬


‫الكججوفي‪ ،‬وأبججي يوسججف يعقججوب بججن إبراهيججم‬
‫النصججاري‪ ،‬وأبججي عبججد اللججه محمججد بججن الحسججن‬
‫الشججيباني رضججوان اللججه عليهججم أجمعيججن‪ ،‬ومججا‬
‫يعتقدون من أصول)]‪ ([8‬الدين‪،‬‬
‫العججالمين معتقججدين بتوفيججق‬ ‫)]‪([9‬‬
‫ب‬
‫ويدينون بججه ر ّ‬
‫الله‪:‬‬
‫إن الله)]‪ ([10‬واحد ل شريك )]‪ ([11‬له‪.‬‬
‫)]‪([12‬‬
‫ول شيء يعجزه‬
‫ول إله غيره‬
‫)]‪([13‬‬

‫قديم )]‪([14‬بل ابتداء‪.‬‬


‫دائم )]‪([15‬بل انتهاء‪.‬‬
‫‪192 Page 2 of‬‬

‫)]‪([16‬‬
‫ل يفنى ول يبيد‬
‫ول يكون)]‪ ([17‬إل ما يريد‪.‬‬
‫)]‪([18‬‬
‫ل تبلغه الوهام‬
‫)]‪([20‬‬
‫ول تدركه)]‪ ([19‬الفهام‬
‫)]‪([21‬‬
‫ول يشبه النام‬
‫ل ينام‬ ‫)]‪([22‬‬
‫حي ل يموت‪ ،‬قيوم‬
‫خالق بل حاجة)]‪،([23‬‬
‫رازق بل مؤنججة)]‪ ،([24‬مميججت بل مخافججة‪ ،‬بججاعث بل‬
‫)]‪([25‬‬
‫مشقة‬
‫)]‪([26‬‬
‫ما زال بصفاته قديما قبل خلقه‬
‫شججيئا لججم يكججن قبلهججم مججن‬ ‫لم يججزدد بكججونهم‬
‫)]‪([27‬‬

‫صفته‪.‬‬
‫)]‬
‫وكما كان بصفاته أزليا كذلك ل يزال عليها أبديا‬
‫‪([28‬‬

‫ليس بعد خلججق الخلججق اسججتفاد اسججم الخججالق‪ ،‬ول‬


‫)]‪([29‬‬
‫بإحداث البرية استفاد اسم الباري‬
‫له معنى الربوبية ول مربوب)]‪،([30‬‬
‫)]‪([31‬‬
‫ومعنى الخالق ول مخلوق‬
‫وكما أنه محيي الموتى بعد ما أحيا‪ ،‬اسججتحق هججذا‬
‫السم قبل إحيائهم‪ ،‬كذلك اسججتحق اسججم الخججالق‬
‫)]‪([32‬‬
‫قبل إنشائهم‬
‫ذلك بأنه على كل شيء قدير)]‪ ،([33‬وكل شيء إليججه‬
‫فقير‪ ،‬وكل أمر عليه يسير‪.‬‬
‫)]‪([34‬‬
‫ل يحتاج إلى شيء‬
‫)]‪([35‬‬
‫)ليس كمثله شيء وهو السميع البصير(‬
‫خلق الخلق بعلمه)]‪،([36‬‬
‫‪192 Page 3 of‬‬

‫وقدر لهم أقدارا‪ ،‬وضرب لهججم آجججال‪ ،‬ولججم يخججف‬


‫عليججه شججيء قبججل أن يخلقهججم‪ ،‬وعلججم مججا هججم‬
‫عاملون قبل أن يخلقهم‪.‬‬
‫أمرهم بطاعته‪ ،‬ونهاهم عن معصيته‪ ،‬وكل شيء‬
‫يجججري بتقججديره ومشججيئته‪ ،‬ومشججيئته تنفججذ‪ ،‬ل‬
‫مشيئة للعباد إل ما شاء لهم‪ ،‬فما شججاء كججان ومججا‬
‫لم يشأ لم يكن‪.‬‬
‫يهدي من يشاء‪ ،‬ويعصججم ويعججافي فضججل‪ ،‬ويضججل‬
‫من يشاء ويخذل ويبتلي عججدل‪ ،‬وكلهججم متقلبججون‬
‫في مشيئته‪ ،‬بين فضله وعدله‪.‬‬
‫وهججو متعججال عججن الضججداد)]‪ ([37‬والنججداد)]‪ ،([38‬ل رادّ‬
‫لقضائه ول معقب لحكمه ول غججالب لمججره‪ ،‬آمنججا‬
‫بذلك كله وأيقّنا أن كل من عنده‪.‬‬
‫وأن محمججدا عبججده المصججطفى ونججبيه المجتججبى‬
‫)]‪([39‬‬
‫ورسوله المرتضى‬
‫وأنه خاتم النبياء)]‪ ،([40‬وإمام التقياء‪.‬‬
‫وسيد المرسلين)]‪ ،([41‬وحبيب رب العالمين‪.‬‬
‫وكججل دعججوى النبججوة بعججده فغججي وهججوى)]‪([42‬وهججو‬
‫المبعوث إلى عامججة الجججن وكافججة الججورى‪ ،‬بججالحق‬
‫والهدى‪ ،‬وبالنور والضياء‪.‬‬
‫وإن القرآن كلم الله)]‪،([43‬‬
‫)]‪([44‬‬
‫منه بدا‬
‫بل كيفية)]‪ ([45‬قول)]‪،([46‬‬
‫وأنزله على رسوله وحيا‬
‫)]‪([47‬‬

‫وصدقه المؤمنججون علججى ذلججك حقججا‪ ،‬وأيقنججوا أنججه‬


‫كلم الله تعالى بالحقيقججة‪ ،‬ليججس بمخلججوق ككلم‬
‫)]‪([48‬‬
‫البرية‬
‫فمن سججمعه فزعججم أنججه كلم البشججر فقججد كفججر‪،‬‬
‫وقد ذمه الله وعججابه وأوعججده بسججقر‪ ،‬حيججث قججال‬
‫‪192 Page 4 of‬‬

‫تعالى )سأصليه سقر( فلما أوعد الله بسقر لمن‬


‫قال )إن هذا إل قججول البشججر( علمنججا وأيقنججا أنججه‬
‫)]‪([49‬‬
‫قول خالق البشر‪ ،‬ول يشبه قول البشر‬
‫ومن وصف الله بمعنججى مججن معججاني البشججر فقججد‬
‫)]‪([50‬‬
‫كفر‬
‫فمن أبصر هججذا اعتججبر‪ ،‬وعججن مثججل قججول الكفججار‬
‫)]‪([51‬‬
‫انزجر‪ ،‬وعلم أنه بصفاته ليس كالبشر‪.‬‬
‫)]‪([53‬‬
‫والرؤية)]‪ ([52‬حق لهل الجنة‬
‫)]‪([54‬‬
‫بغير إحاطة ول كيفية‬
‫كما نطق به كتاب ربنا)وجججوه يججومئذ ناضججرة]‪[22‬‬
‫إلى ربها ناظرة]‪([55]) ([23‬وتفسيره على ما أراده‬
‫الله تعجالى وعلمججه‪ ،‬وكجل مجا ججاء فججي ذلجك مججن‬
‫الحديث الصججحيح عججن الرسججول صججلى اللججه عليججه‬
‫وسججلم فهججو كمججا قججال‪ ،‬ومعنججاه علججى مججا أراد‪ ،‬ل‬
‫نججدخل فججي ذلججك متججأولين بآرائنججا ول متججوهمين‬
‫بأهوائنا‪ ،‬فإنه ما سلم في دينه إل مججن سجّلم للججه‬
‫عز وجل ولرسججوله صججلى اللججه عليججه وسججلم‪ ،‬ورد‬
‫)]‪([56‬‬
‫علم ما اشتبه عليه إلى عالمه‬
‫ول تثبت قدم السلم إل على ظهججر التسججليم‬
‫والستسلم‪ ،‬فمن رام علم ما حظججر عنججه علمججه‪،‬‬
‫ولججم يقنججع بالتسججليم فهمججه‪ ،‬حجبججه مرامججه عججن‬
‫خجججالص التوحيجججد‪ ،‬وصجججافي المعرفجججة‪ ،‬وصجججحيح‬
‫اليمان‪ ،‬فيتذبذب بين الكفر واليمان‪ ،‬والتصديق‬
‫والتكججذيب‪ ،‬والقججرار والنكججار‪ ،‬موسوسججا تائهججا‪،‬‬
‫شاكا ل مؤمنا مصدقا ول جاحدا مكذبا‪.‬‬
‫ول يصح اليمان بالرؤية لهل دار السلم لمن‬
‫اعتبرهججا منهججم بججوهم)]‪ ،([57‬أو تأولهججا بفهججم)]‪ ،([58‬إذ‬
‫كان تأويل الرؤية وتأويل كل معنججى يضججاف إلججى‬
‫الربوبية بججترك التأويججل ولججزوم التسججليم‪ ،‬وعليججه‬
‫دين المسلمين‪ ،‬ومن لم يتوق النفججي والتشججبيه‪،‬‬
‫ل ولجججم يصجججب التنزيجججه‪ ،‬فجججإن ربنججا جججل وعل‬ ‫ز ّ‬
‫‪192 Page 5 of‬‬

‫موصججوف بصججفات الوحدانيججة‪ ،‬منعججوت بنعججوت‬


‫)]‪([59‬‬
‫الفردانية‪ ،‬ليس في معناه أحد من البرية‬
‫)]‪([61‬‬
‫وتعالى)]‪ ([60‬الله عن الحدود والغايات‬
‫والركان والعضاء والدوات‬
‫)]‪([62‬‬

‫)]‪([64‬‬
‫ل تحويه الجهات)]‪ ([63‬الست‬
‫كسائر المبتدعات‬
‫)]‪([65‬‬

‫والمعراج حق)]‪ ،([66‬وقد ُأسري)]‪ ([67‬بالنبي صلى الله‬


‫)]‬
‫عليه وسلم بشخصه)]‪ ([68‬في اليقظة إلى السماء‬
‫‪ ،([69‬ثم إلى حيث شاء الله من العل‪ ،‬وأكرمججه اللججه‬
‫بما شاء‪ ،‬وأوحى إليه ما أوحى)ما كذب الفؤاد ما‬
‫رأى( فصجججلى اللجججه عليجججه وسجججلم فجججي الخجججرة‬
‫)]‪([70‬‬
‫والولى‬
‫والحوض الذي أكرمه الله تعالى به غياثا لمته‬
‫)]‪([71‬‬
‫حق‬
‫والشفاعة)]‪ ([72‬التي ادخرها لهم‬
‫حق)]‪ ،([73‬كما روي في الخبار)]‪.([74‬‬
‫والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته‬
‫حق)]‪.([75‬‬
‫وقد علم الله تعججالى فيمججا لججم يججزل عججدد مججن‬
‫يدخل الجنة‪ ،‬وعدد من يدخل النجار جملجة واحجدة‪،‬‬
‫فل يزاد في ذلك العدد ول ينقص منه‪.‬‬
‫وكذلك أفعالهم فيمجا علججم منهججم أن يفعلججوه‪،‬‬
‫وكل ميسر لما خلق له)]‪،([76‬‬
‫والعمججال بججالخواتيم)]‪ ،([77‬والسججعيد مججن سججعد‬
‫بقضاء الله‪ ،‬والشقي من شقي بقضاء الله)]‪.([78‬‬
‫وأصل القدر سججر اللججه تعجالى فجي خلقججه‪ ،‬لججم‬
‫يطلججع علججى ذلججك ملججك مقججرب ول نججبي مرسججل‪،‬‬
‫والتعمق والنظر في ذلك ذريعة للخججذلن‪ ،‬وسججلم‬
‫للحرمان ودرجة الطغيان‪ ،‬فالحذر كل الحججذر مججن‬
‫‪192 Page 6 of‬‬

‫ذلك نظرا وفكرا ووسوسة‪ ،‬فإن الله تعالى طوى‬


‫علم القدر عن أنججامه‪ ،‬ونهججاهم عججن مرامججه‪ ،‬كمججا‬
‫م‬‫هج ْ‬
‫و ُ‬ ‫عج ُ‬
‫ل َ‬ ‫مججا ي َ ْ‬
‫ف َ‬ ‫ع ّ‬ ‫س جأ َ ُ‬
‫ل َ‬ ‫قال تعالى في كتججابه ‪‬ل ي ُ ْ‬
‫سَألون‪ .‬فمن سأل لم فعل فقد ردّ حكم الكتجاب‬ ‫يُ ْ‬
‫ومن ردّ حكم الكتاب كان من الكافرين)]‪.([79‬‬
‫فهذا جملة ما يحتاج إليججه مججن هججو منججور قلبججه‬
‫من أولياء الله تعالى‪ ،‬وهي درجة الراسخين فججي‬
‫العلم‪ ،‬لن العلم علمان‪ ،‬علم في الخلق موجججود‪،‬‬
‫وعلم في الخلق مفقججود‪.‬فإنكججار العلججم الموجججود‬
‫كفججر‪ ،‬وادعججاء العلججم المفقججود كفججر‪ ،‬ول يثبججت‬
‫اليمججان إل بقبججول العلججم الموجججود وتججرك طلججب‬
‫العلم المفقود‪.‬‬
‫)]‬
‫ونؤمن باللوح والقلم وبجميع ما فيه قد رقم‬
‫‪ ،([80‬فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء لججم يكتبججه‬
‫الله تعالى فيه ليجعلججوه كائنججا لججم يقججدروا عليججه‪،‬‬
‫جف القلم بما هو كججائن إلججى يججوم القيامججة‪ ،‬ومججا‬
‫أخطأ العبد لم يكن ليصيبه‪ ،‬ومججا أصججابه لججم يكججن‬
‫ليخطئه‪.‬‬
‫وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق في كججل‬
‫كائن من خلقه‪ ،‬فقدر ذلك تقديرا محكمجا مبرمججا‪،‬‬
‫ليس فيه ناقض ول معقججب‪ ،‬ول مزيججل ول مغيججر‪.‬‬
‫ول نجججاقص ول زائد مجججن خلقجججه فجججي سجججماواته‬
‫وأرضه‪ ،‬وذلك من عقد اليمان وأصججول المعرفججة‬
‫والعتراف بتوحيد الله تعالى وبربوبيته‪ ،‬كما قال‬
‫تعالى في كتابه)وخلق كل شيء فقدره تقججديرا(‬
‫]الفرقان‪ ،[2:‬وقال تعالى)وكججان أمججر اللججه قججدرا‬
‫مقدورا(]الحزاب‪.[38:‬‬
‫فويل لمن صار لله تعالى في القججدر خصججيما‪،‬‬
‫وأحضججر للنظججر فيججه قلبججا سججقيما‪ ،‬لقججد التمججس‬
‫بوهمه في فحججص الغيججب سججرا كتيمججا‪ ،‬وعججاد بمججا‬
‫قال فيه أفاكا أثيما‪.‬‬
‫‪192 Page 7 of‬‬

‫)]‪([81‬‬
‫والعرش‬
‫والكرسي)]‪ ([82‬حق‪ ،‬وهججو مسججتغن عججن العججرش‬
‫وما دونه‪ ،‬محيط بكل شججيء وفججوقه‪ ،‬وقججد أعجججز‬
‫عن الحاطة خلقه‪.‬‬
‫ونقججول إن اللججه اتخججذ إبراهيججم خليل وكلججم‬
‫موسى تكليما)]‪ ،([83‬إيمانا وتصديقا وتسليما‪.‬‬
‫ونجججؤمن بجججالنبيين والكتجججب المنزلجججة علجججى‬
‫المرسلين‪ ،‬ونشهد أنهم كانوا على الحق المبين‪.‬‬
‫ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ما داموا‬
‫بما جاء به النبي عليه الصلة والسلم معججترفين‪،‬‬
‫وله بكل ما قال وأخبر مصدقين غير مكذبين)]‪.([84‬‬
‫ول نخوض في الله‪ ،‬ول نماري فججي ديججن اللججه‬
‫تعالى‪ ،‬ول نجادل في القرآن ونعلم أنه كلم رب‬
‫العججالمين‪ ،‬نججزل بججه الججروح الميججن فعلمججه سججيد‬
‫المرسججلين محمججدا صججلى اللججه عليججه وعلججى آلججه‬
‫وصججحبه أجمعيججن‪ ،‬وكلم اللججه تعججالى ل يسججاويه‬
‫شيء من كلم المخلوقين‪.‬‬
‫ول نقججول بخلججق القججرآن ول نخججالف جماعججة‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫)]‬
‫ول نقول ل يضر مع السلم ذنب لمن عملججه‬
‫‪.([85‬‬
‫ونرجججو للمحسججنين مججن المججؤمنين‪ ،‬ول نججأمن‬
‫عليهم ول نشهد لهم بالجنة ونسججتغفر لمسججيئهم‬
‫وسبيل الحق عليهم ول نقنطهم والمن والياس‬
‫ينقلن عججن الملججة‪ ،‬وسججبيل الحججق بينهمججا لهججل‬
‫القبلة)]‪.([86‬‬
‫ول يخرج العبد من اليمان إل بجحود ما أدخله‬
‫فيه)]‪.([87‬‬
‫واليمججان هججو القججرار باللسججان والتصججديق‬
‫بالجنان)]‪ ([88‬وأن جميع ما أنججزل اللججه فججي القججرآن‬
‫‪192 Page 8 of‬‬

‫وجميع ما صح عن النبي صلى اللججه عليججه وسججلم‬


‫من الشرع والبيان كله حق‪.‬‬
‫واليمججان واحججد وأهلجججه فجججي أصججله سججواء‪،‬‬
‫والتفاضل بينهم بالتقوى ومخالفة الهوى‪.‬‬
‫والمؤمنججون كلهججم أوليججاء الرحمججن‪ ،‬وأكرمهججم‬
‫وأطوعهم وأتبعهم للقرآن)]‪.([89‬‬
‫واليمججان هججو اليمججان بججالله وملئكتججه وكتبججه‬
‫ورسله واليوم الخر والبعث بعججد المججوت والقججدر‬
‫خيره وشره حلوه ومره من الله تعالى‪.‬‬
‫ونحن مؤمنون بذلك كله‪ ،‬ول نفججرق بيججن أحججد‬
‫من رسله‪ ،‬ونصدقهم كلهم على ما جاءوا به‪.‬‬
‫وأهل الكبائر مججن أمججة محمججد ‪ ‬فججي النججار ل‬
‫يخلدون إذا ماتوا وهججم موحججدون وإن لججم يكونججوا‬
‫تججائبين‪ ،‬بعججد أن لقججوا اللججه عججارفين مججؤمنين)]‪،([90‬‬
‫وهم في مشيئة الله وحكمججه إن شججاء غفججر لهججم‬
‫وعفا عنهم بفضله كما قال الله تعالى في كتابه‬
‫العزيزإن الله ل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون‬ ‫‪‬‬
‫ذلك لمن يشاء‪ ([ ([91‬وإن شاء عذبهم بقدر جنايتهم‬
‫بعججدله‪ ،‬ثججم يخرجهججم منهججا برحمتججه وشججفاعة‬
‫الشافعين من أهل طاعته‪ ،‬ثجم يبعثجه إلجى جنتجه‪،‬‬
‫وذلك بأن الله مولى أهل المعرفته ولججم يجعلهججم‬
‫في الدارين كأهل نكرته‪ ،‬الذين خابوا مججن هججديته‬
‫ولم ينالوا من وليته)]‪.([92‬‬
‫سججكنا بالسججلم‬ ‫م ّ‬
‫ي السلم وأهله َ‬ ‫اللهم يا ول ّ‬
‫حتى نلقاك به‪.‬‬
‫ونرى الصلة خلججف كججل بججر وفججاجر مججن أهججل‬
‫القبلة)]‪ ،([93‬ونصلي على من مات منهم‪ ،‬ول ننججزل‬
‫أحدا منهم جنة ول نججارا‪ ،‬ول نشججهد عليهججم بكفججر‬
‫ول شرك ول نفاق ما لجم يظهجر منهجم مجن ذلجك‬
‫شيء‪ ،‬ونذر سرائرهم إلى الله تعالى‪.‬‬
‫‪192 Page 9 of‬‬

‫ول نرى السيف على أحد من أمة محمد ‪ ‬إل‬


‫من وجب عليه السيف)]‪.([94‬‬
‫ول نرى الخروج على أئمتنا وولة أمورنججا وإن‬
‫جاروا)]‪ ([95‬ول ندعو على أحد منهججم‪ ،‬ول ننججزع يججدا‬
‫مججن طججاعتهم ونججرى طججاعتهم مججن طاعججة ‪‬‬
‫فريضة ما لم يأمروا بمعصية وندعو لهم بالصججلح‬
‫والنجاح والمعافاة)]‪.([96‬‬
‫ونتبجججع السجججنة والجماعجججة ونجتنجججب الشجججذوذ‬
‫والخلف والفرقججة‪ ،‬ونحججب أهججل العججدل والمانججة‬
‫ونبغض أهل الجور والخيانة‪.‬‬
‫ونقول الله أعلم فيما اشتبه علينا علمه)]‪.([97‬‬
‫ونججرى المسججح علججى الخفيججن فججي السججفر‬
‫والحضر‪ ،‬كما جاء في الثر)]‪.([98‬‬
‫والحج والجهاد فرضان ماضيان مع أولي المر‬
‫من أئمة المسلمين برهججم وفججاجرهم ل يبطلهمججا‬
‫شيء ول ينقضهما)]‪.([99‬‬
‫ونؤمن بالكرام الكاتبين وأن اللججه قججد جعلهججم‬
‫حافظين)]‪.([100‬‬
‫ونججؤمن بملججك المججوت الموكججل بقبججض أرواح‬
‫العالمين)]‪.([101‬‬
‫وبعذاب القبر لمن كان له أهل وبسؤال منكججر‬
‫ونكير للميت في قبره عن ربه ودينه ونبيه‪ ،‬على‬
‫مججا جججاءت بججه الخبججار عججن رسججول اللججه ‪ ‬وعججن‬
‫الصحابة رضي الله عنهم أجمعين)]‪.([102‬‬
‫والقبر روضة من ريججاض الجنججة أو حفججرة مججن‬
‫حفر النار)]‪.([103‬‬
‫ونؤمن بالبعث وبجزاء العمججال يججوم القيامججة‪،‬‬
‫والعججرض والحسججاب وقججراءة الكتججاب والثججواب‬
‫والعقاب والصراط)]‪.([104‬‬
‫‪192 Page 10 of‬‬

‫والميزان يوزن به أعمال المؤمنين من الخيججر‬


‫والشّر والطاعة والمعصية)]‪.([105‬‬
‫والجنة والنار مخلوقتان ل يفنيان ول يبيدان‪.‬‬
‫وإن الله خلق الجنججة والنججار وخلججق لهمججا أهل‪،‬‬
‫فمن شاء إلى الجنة أدخله فضل منججه ومججن شججاء‬
‫منهم إلى النار أدخله عدل منجه‪ .‬وكجل يعمجل لمجا‬
‫قججد فججرغ منججه وصججائر إلججى مججا خلججق لججه‪ .‬والخيججر‬
‫والشر مقدران على العباد‪.‬‬
‫والستطاعة التي يجججب بهججا الفعججل مججن نحججو‬
‫التوفيججق الججذي ل يجججوز أن يوصججف المخلججوق بججه‬
‫فهي مع الفعل‪ ،‬وأما الستطاعة من جهة الصحة‬
‫والوسججع والتمكججن وسججلمة اللت فهججي قبججل‬
‫الفعل وبها يتعلق الخطججاب وهججو كمججا قججال اللججه‬
‫تعالى)ل يكلف الله نفسا إل وسعها(‪.‬‬
‫وأفعال العباد خلق لله وكسب من العباد)]‪.([106‬‬
‫ولم يكلفهم اللججه تعججالى إل مججا يطيقججون ول‬
‫يطيقون إل ما كلفهم)]‪ ،([107‬وهو تفسججير )ل حججول‬
‫ول قوة إل بالله( نقججول ل حيلججة لحججد ول حركججة‬
‫ول تحول لحد عن معصية اللججه إل بمعونججة اللججه‪،‬‬
‫ول قججوة لحججد علججى إقامججة طاعججة اللججه والثبججات‬
‫عليها إل بتوفيق الله‪.‬‬
‫وكل شيء يجري بمشججيئة اللججه تعججالى وعلمججه‬
‫وقضائه وقدره‪ ،‬غلبت مشججيئته المشججيئات كلهججا‪،‬‬
‫وغلب قضاؤه الحيل كلهجا‪ ،‬يفعجل مجا يشجاء وهجو‬
‫ن)]‪،([108‬‬
‫حي ْج ٍ‬
‫غير ظالم أبدا)تقدس عججن كججل سججوء و َ‬
‫وتنزه عن كل عيب وشين()ل يسججأل عمججا يفعججل‬
‫وهم يسألون()]‪.([109‬‬
‫)]‬
‫وفي دعاء الحياء وصدقاتهم منفعة للموات‬
‫‪.([110‬‬
‫‪192 Page 11 of‬‬

‫واللججه تعججالى يسججتجيب الججدعوات‪ ،‬ويقضججي‬


‫الحاجات)]‪ ،([111‬ويملك كل شيء ول يملكججه شججيء‪،‬‬
‫ول غنججى عججن اللججه تعججالى طرفججة عيججن‪ ،‬ومججن‬
‫استغنى عن الله طرفة عين فقد كفر وصار مججن‬
‫ن)]‪.([112‬‬‫حي ْ ِ‬
‫أهل ال َ‬
‫والله يغضب ويرضى‪ ،‬ل كأحد من الورى‪.‬‬
‫ونحب أصججحاب رسججول اللججه صججلى اللججه علججي‬
‫وسلم‪ ،‬ول نفرط في حججب أحججد منهججم‪ ،‬ول نتججبرأ‬
‫من أحد منهم‪ ،‬ونبغض من يبغضهم‪ ،‬وبغير الخيججر‬
‫يذكرهم‪ ،‬وبغضهم كفر ونفاق وطغيان‪.‬‬
‫ونثبت الخلفة بعد رسول الله صلى الله عليججه‬
‫وسججلم أول لبججي بكججر الصججديق رضججي اللججه عنججه‬
‫تفضيل له وتقديما على جميع المة‪ ،‬ثم لعمر بججن‬
‫الخطاب رضي اللججه عنججه‪ ،‬ثججم لعثمججان بججن عفججان‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬ثم لعلي بن أبي طالب رضي الله‬
‫عنه‪ ،‬وهم الخلفاء الراشدون والئمة المهديون‪.‬‬
‫وأن العشرة الذين سماهم رسول اللججه صججلى‬
‫اللججه عليججه وسججلم وبشججرهم بالجنججة نشججهد لهججم‬
‫بالجنة على ما شهد لهم رسجول اللجه صجلى اللجه‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وقوله الحجق وهجم‪ :‬أبجو بكجر‪ ،‬وعمجر‬
‫وعثمان وعلججي وطلحججة والزبيججر وسججعد‪ ،‬وسججعيد‬
‫وعبد الرحمن بن عوف‪ ،‬وأبججو عبيججدة بججن الجججراح‬
‫وهو أمين هذه المة‪ ،‬رضي الله عنهم أجمعين‪.‬‬
‫ل فججي أصججحاب رسججول اللججه‬ ‫ن القو َ‬ ‫َ‬
‫س َ‬ ‫ح َ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬
‫و َ‬
‫صلى الله عليه وسلم وأزواجه الطاهرات من كل‬
‫دنس‪ ،‬وذريججاته المقدسججي مججن كججل رجججس‪ ،‬فقججد‬
‫برئ من النفاق‪.‬‬
‫وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من‬
‫التابعين أهل الخير والثر‪ ،‬وأهججل الفقججه والنظججر‬
‫ن إل بالجميل ومججن ذكرهججم بسججوء فهججو‬ ‫ل ي ُذْك َُرو َ‬
‫على غير السبيل‪.‬‬
‫‪192 Page 12 of‬‬

‫ول نفضججل أحججدا مججن الوليججاء علججى أحججد مججن‬


‫النبياء عليهم السلم‪ ،‬ونقول نججبي واحججد أفضججل‬
‫من جميع الولياء‪.‬‬
‫ونؤمن بما جاء من كراماتهم وصح عن الثقات‬
‫من رواياتهم‪.‬‬
‫)]‬
‫ونؤمن بأشراط الساعة مججن خججروج الججدجال‬
‫‪([113‬ونججزول عيسججى ابججن مريججم عليججه السججلم مججن‬
‫السججماء‪ ،‬ونججؤمن بطلججوع الشججمس مججن مغربهججا‬
‫وخروج دابة الرض من موضعها)]‪.([114‬‬
‫ول نصدق كاهنا ول عرافا)]‪ ،([115‬ول مججن يججدعي‬
‫شيئا يخالف الكتاب والسنة وإجماع المة‪.‬‬
‫فرقججة زيغججا‬‫ونججرى الجماعججة حقججا وصججوابا وال ُ‬
‫وعججذابا‪ ،‬وديججن اللججه فججي الرض والسججماء واحججد‪،‬‬
‫وهو دين السلم‪ ،‬قال الله تاعلى)إن الدين عنججد‬
‫الله السلم( وقال تعالى)ورضيت لكججم السججلم‬
‫دينا( وهججو بيججن الغلججو والتقصججير‪ ،‬وبيججن التشججبيه‬
‫والتعطيججل‪ ،‬وبيججن الجججبر والقججدر‪ ،‬وبيججن المججن‬
‫واليججأس‪ ،‬فهججذا ديننججا واعتقادنججا ظججاهرا وباطنججا‪،‬‬
‫ونحن برءاء إلجى اللججه مججن كجل مججن خجالف الججذي‬
‫ذكرناه وبيناه‪.‬‬
‫ونسججأل اللججه تعججالى أن يثيبنججا علججى اليمججان‪،‬‬
‫ويختم لنججا بججه‪ ،‬ويعصججمنا مججن الهججواء المختلفججة‪،‬‬
‫والراء المتفرقججججة‪ ،‬والمججججذاهب الرديججججة مثججججل‬
‫المشبهة والمعتزلة والجهمية والجبرية والقدرية‬
‫وغيرهججم مججن الججذين خججالفوا السججنة والجماعججة‪،‬‬
‫وحالفوا الضللة‪ ،‬ونحن منهججم بججرءاء وهججم عنججدنا‬
‫ضلل وأردياء‪ ،‬وبالله العصمة والتوفيق‪.‬‬
‫‪192 Page 13 of‬‬

‫يشير رحمه الله تعالى بقوله هذا إلى ما وقر‬ ‫)]‪([1‬‬


‫فللي قلبلله مللن اعتقللاد راسللخ‪ ،‬فكللل مللا سلليذكره علللى‬
‫القرطاس فهو حاضر في قلبه وعقله‪ ،‬فالشارة إنما تكون‬
‫إلى ذلك‪ .‬ولذلك قال بعض العلماء المحققيللن إن الشللارة‬
‫قد تكون إلى موجود في الخللارج‪ ،‬أو موجللود فللي الللذهن‪.‬‬
‫فالللذي أشللار إليلله المللام الطحللاوي موجللود فللي عقللله‬
‫ونفسه‪ .‬هذا ويجوز أن يكون المام الطحاوي قد كتب هذه‬
‫المقدمة بعلد كتلابته وتقريلره جمللة العقلائد المسلطورة‪،‬‬
‫فلذلك أشار إليها بقوله هذا‪ ،‬وهذا الحتمال وإن كان جائزا‬
‫عقل إل إنه ليس موافقا لما كان عليه المام الطحاوي من‬
‫عظيم المكانة‪ ،‬وكبير العلم‪ ،‬ومن كان كذلك فإنما يناسللبه‬
‫القول بأن العقائد حاضرة في نفسه كما قلناه قبل‪.‬‬
‫الللذكر قللد يكللون لسللانيا وقللد يكللون قلبيللا‬ ‫)]‪([2‬‬
‫ونفسيا‪ .‬والشارة قد تكون إلى ما هو موجود خارجللا وقللد‬
‫تكون إلى ما هو موجود في النفللس‪ .‬والللذكر إذا قصللد بلله‬
‫اللسللاني فالرجللح أن تكللون الشللارة خارجيللة‪ ،‬ويجللوز أن‬
‫تكون قلبية بتنزيل ما هو فللي القلللب فللي الخللارج‪ ،‬وعلللى‬
‫هذا فالشارة الخارجية إلى ما هو في النفس تكون مجللازا‬
‫باعتبار وجوده في الخارج‪ .‬وإن كانت الشارة إلللى مللا هللو‬
‫في النفس فالمراد بالذكر النفسي‪.‬‬
‫وعلى كل الحوال فالمستفاد من ذللك كلله وجلوب أن‬
‫يكون المللذكور مشللارا إليلله‪ ،‬والشللارة كمللا هللو معلللوم ل‬
‫كد ويقيني‪ ،‬فللالواجب أن تكللون‬ ‫تتعلق إل بما هو معلوم مو ّ‬
‫هذه العقائد معلومة ويقينية إذن‪.‬‬
‫قوله "بيان" يعني تفصيل‪ ،‬لن البيان ل يكون‬ ‫)]‪([3‬‬
‫مجمل‪ ،‬والمجمل هنا بمعنى الكلم الذي ل يعرف مللدلوله‪،‬‬
‫أو الكلم الذي ل يكفي لبناء العمل من نفي وإثبات عليلله‪،‬‬
‫فهو يحتاج إلى غيره لبيانه‪ .‬فما يذكره المام الطحاوي هنا‬
‫هو بيان بمعنى أنه يكفي المرء إذا اعتقده‪ ،‬فما نفللاه فهللو‬
‫منفي‪ ،‬وما أثبته فهو مثبت‪ .‬ول يجوز أن يقول قائل إن مللا‬
‫أطلق المام الطحاوي نفيه فربما يكون ثابتا من وجلله‪ ،‬أي‬
‫إن ما ينفيه الطحللاوي بللإطلق ل يجللوز نفيلله بللإطلق‪ ،‬بللل‬
‫يجب فيه التفصيل وبيان المعاني المحتملة فيه‪ ،‬فمللا كللان‬
‫‪192 Page 14 of‬‬

‫منه مقبول فقبل وما كان منهللا منفيللا فينفللى‪ .‬هللذا القللول‬
‫وهذه الطريقة ل يجوز أن تقال هنا‪ ،‬لن هذا ينللافي البيللان‬
‫أي التفصلليل الللذي يصللف الطحللاوي فيلله عقيللدته‪ .‬وهللذا‬
‫الكلم يشكل اعتراضا عليه من القائ به‪ ،‬ل شرحا لكتللابه‪.‬‬
‫فافهم‪.‬‬
‫العقيللدة هللي مللا يعتقللد لللذاته‪ ،‬والعقللد هللو‬ ‫)]‪([4‬‬
‫الربط‪ ،‬فالنفس تكون مربوطة بهذه العقائد ربطلا أكيلدا ل‬
‫انفكللاك للله ول انحلل‪ .‬وهللذا الربللط يكللون منظللورا إلللى‬
‫حصوله لذاته ل من حيث كونه شرطا للعمل فقط‪ .‬بل ولو‬
‫لم يكن العمل واجبا‪ ،‬فإن العقيدة مطلوبة‪ .‬فالعقيللدة هللي‬
‫الساس‪.‬‬
‫قال العلمة العضد في المواقف مللع الشللرح للشللريف‬
‫الجرجاني)‪)":(1/38‬والمراد بالعقللائد مللا يقصللد بلله نفللس‬
‫العتقاد دون العمل(فللإن الحكللام المللأخوذة مللن الشللرع‬
‫قسمان‪ ،‬أحدهما‪ :‬ما يقصد به نفللس العتقللاد كقولنللا الللله‬
‫تعللالى عللالم قللادر سللميع بصللير‪ ،‬وهللذه تسللمى اعتقاديللة‬
‫وأصلية وعقائد‪ ،‬وقد دّون علم الكلم لحفظها‪ .‬والثللاني مللا‬
‫يقصد به العمل كقولنا الوتر واجب والزكاة فريضللة وهللذه‬
‫تسمى عمليللة وفرعيللة وأحكامللا ظاهريللة‪ ،‬وقللد دون علللم‬
‫الفقه لها‪".‬اهل‬
‫ففي هللذه الفقللرة يوضللح السلليد الشللريف غايللة علللم‬
‫الكلم ومفهللوم العقللائد‪ .‬وقللد نللص علللى ذلللك غيللره مللن‬
‫المحققين‪.‬‬
‫وقد يفهم بعللض النللاس مللن ذلللك أن العقللائد ل ينبنللي‬
‫عليها العمل‪ ،‬وهذا الفهم باطل‪ ،‬بللل إن العمللل ل يصللح إل‬
‫عليها‪ ،‬ولكن المفهوم مما قلنللاه هللو أن العقللائد مقصللودة‬
‫رد المعتقللد أن يعمللل الواجبللات الشللرعية‪،‬‬ ‫لذاتها وإن لم ي ِ‬
‫فعللدم فعللله لللذلك ل يعفيلله مللن لللزوم اعتقللاد للعقللائد‬
‫اليمانيللة‪ .‬فهللذا هللو المقصللود مللن قللولهم أن العقللائد‬
‫مقصودة لذاتها‪.‬‬
‫أهل معناها أصحاب‪ .‬والسنة هي ما ورد عن‬ ‫)]‪([5‬‬
‫الرسللول عليلله الصلللة والسلللم مللن أقللوال وأفعللال‬
‫وتقريرات ويتضمن ذلك ما ورد عنه عليه الصلللة والسلللم‬
‫‪192 Page 15 of‬‬

‫من عقائد‪ ،‬أصلية وفرعية‪ .‬والجماعة هم أصحاب الرسللول‬


‫عليه السلم الذين ماتوا ولم يخالفوا ما عليه النللبي صلللى‬
‫الله عليه وسلم‪.‬‬
‫فالمقصللود بأهللل السللنة والجماعللة هللم الللذين نصللروا‬
‫السنة واتبعوا الجماعة‪ ،‬فيما مّر‪ .‬ولهذا سموا بأهل السللنة‬
‫والجماعة‪.‬‬
‫والذي عليه العلماء أن أهل السللنة ليسللوا مجسللمة ول‬
‫مشللبهة‪ ،‬ول يللدخل مجسللم ول مشللبه فللي أهللل السللنة‪.‬‬
‫ولذلك فإن كثيرا من الحنابلة ل يدخلون فللي أهللل السللنة‪،‬‬
‫وكذلك الكرامية فهم قطعا ليسوا من أهل السللنة‪ ،‬بللل إن‬
‫بعض فرق الحنابلة أولى بالخروج من أهل السنة من فرق‬
‫الكرامية‪ .‬واعلم أن الحنابلة أيضا افترقوا إلى فرق عديدة‬
‫في ذات الله تعالى‪ ،‬فمنهم المنزهون مثل المام أحمد بن‬
‫حنبل والمام ابن عقيل والمللام ابللن الجللوزي وكللثير مللن‬
‫المتأخرين‪ ،‬ومنهم مجسمة كأمثال القاضي أبي يعلى وابن‬
‫قدامة المقدسللي وابللن الزاغللوني وابللن تيميللة وابللن قيللم‬
‫الجوزية‪ ،‬ويمكللن أن ي ُللدَرج معهللم ابللن كللثير والللذهبي مللع‬
‫أنهما ليسا من الحنابلة في الفقه‪ ،‬وتجد كلمهم غير صريح‬
‫فللي التجسلليم ولكللن الخللبير يعللرف مرادهللم‪ ،‬وإنمللا لللم‬
‫يصللرحوا بللذلك لعللدم تمكنهللم فللي هللذا البللاب‪ ،‬وأيضللا‬
‫لختلطهم بكبار علماء السادة الشاعرة أهل السنة‪.‬‬
‫وأما المالكيللة فقليللل منهللم مجسللم‪ ،‬وكللذلك الحنللاف‬
‫ولكن يوجد في هؤلء معتزلة‪ ،‬وأما الشافعية فيوجد فيهللم‬
‫معتزلة ومجسمة‪ ،‬ولكن نسبتهم قليلة محصورة‪ ،‬وغللالبهم‬
‫من أهل السنة الشاعرة‪ ،‬ولله الحمد‪.‬‬
‫وقد يسألى بعض الناس فيقولون‪ :‬ومتى بللدأت طائفللة‬
‫أهل السنة في الظهللور‪ ،‬والتحقيللق فللي الجللواب أن أهللل‬
‫السنة موجودون منذ كان الرسول عليلله السلللم موجللودا‪،‬‬
‫بل إنهم موجودون منذ ظهور السلم‪ ،‬لنهم هللم القللائلون‬
‫بالعقللائد الصللحيحة‪ ،‬والفهللم التللام للللدين‪ .‬هللذا مللن حيللث‬
‫الحقيقة وأما التسمية فككل التسميات فإنها ظهللرت بهللذا‬
‫الوضح متأخرة‪ ،‬في زمان التابعين‪ .‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫‪192 Page 16 of‬‬

‫ب‬‫المذهب اسم مكان فللي الصللل مللن ذهَ ل َ‬ ‫)]‪([6‬‬


‫ب ذهابا ومذهبا‪ ،‬ثللم اسللتعير للطريقللة الطريقللة الللتي‬ ‫يذهَ ُ‬
‫تحتوي على الدلة والساليب في تقرير المفاهيم‪ .‬فالمام‬
‫أبو حنيفلة لله طريقلة خاصلة فلي تقريلر وتلدعيم العقلائد‬
‫والفقه وفي بيانها لعامة النللاس‪ .‬فالمللام الطحللاوي ينللص‬
‫هنا على أنه يسير في توضيح العقائد على الطريقللة الللتي‬
‫اتبعها المام أبو حنيفة وصاحباه اللذان سماهما‪.‬‬
‫واعلم أن المام أبا حنيفة له طريقة خاصة‪ ،‬ل يسللتلزم‬
‫أن له عقائد مختلفة كليا عن غيره من أئمللة أهللل السللنة‪،‬‬
‫بل يعني أنه ربما يخالفهم في بعض الساليب وربما بعللض‬
‫الحكام‪ ،‬كما سوف نوضحه في موضعه أثناء تعليقنا علللى‬
‫هذا المتن الجليل‪.‬‬
‫أمللا المسللائل الصللول فل يوجللد خلف فيهللا بيللن أبللي‬
‫حنيفة وبيللن غيللره مللن أئمللة السللنة‪ ،‬ولللله تعللالى الحمللد‪.‬‬
‫فتوجد طرق أخرى لتوضيح العقائد عنللد أهللل السللنة غيللر‬
‫طريقة المام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه‪ ،‬وذلك مثللل‬
‫طريقة المام أبي الحسن الشعري‪ ،‬والحارث المحاسبي‪،‬‬
‫وعبدالله بن أبي كلب‪ ،‬وغيرهم كثير‪ ،‬وهؤلء بحمد الله لم‬
‫يختلفوا في أصول‪ ،‬بل كان جل اختلفاتهم في بعض فروع‬
‫العقائد‪.‬‬
‫الملة هنا بمعنى الدين‪ .‬فهولء الفقهاء الذين‬ ‫)]‪([7‬‬
‫سماهم المام الطحاوي من أعظم فقهاء الدين‪ .‬ول يعنللي‬
‫ذلك أنه ل يوجد غيرهللم فقيلله‪ ،‬بللل هللؤلء هللم الللذين اتبللع‬
‫الطحاوي طريقتهم في ذلك‪.‬‬
‫الصول جمع أصل‪ ،‬وهو ما يبنى عليه غيره‪،‬‬ ‫)]‪([8‬‬
‫أو ما يتفرع عنلله غيللره‪ .‬وأصللول الللدين اعتللاد العلمللاء أن‬
‫يطلقوا هذا السم على العقائد‪ ،‬سواءا مللا كللان منهللا ثابتللا‬
‫على سللبيل القطللع أم علللى سللبيل الظللن‪ ،‬أقصللد مللا لللم‬
‫يحتمللل الخلف فيلله ومللا احتمللله‪ .‬وعلللى هللذا الصللطلح‬
‫مشى المللام أبللو جعفللر الطحللاوي‪ ،‬فللإنه يقصللد بمسللائل‬
‫الصول المسائل العقائدية‪ ،‬كما تراها أيها القارئ في هللذا‬
‫المتن‪ .‬وأنللت تعلللم أن مللن هللذه المسللائل مللا جللرى فيلله‬
‫الخلف بين أهل السنة‪ ،‬كما سنعلمك في محله‪.‬‬
‫‪192 Page 17 of‬‬

‫فالطحاوي يقصد بالصول الدينية ما كان منهللا مطلوبللا‬


‫العتقاد به لذاته‪ ،‬كما سردناه لك‪ ،‬وهللو مصللطلح العقللائد‪،‬‬
‫ولم يفرق بين ما كان منه يحتمل الخلف وما لم يحتمللله‪.‬‬
‫ولم يفرق كذلك بين ما كفر مخللالفه ومللا لللم يكفللر‪ ،‬فلللم‬
‫يجعل التكفير قيدا لمسائل الصللول‪ ،‬وعللدم التكفيللر قيللدا‬
‫لمسائل الفروع‪ ،‬بل اعتبر الفللروع هللي المسللائل العمليللة‬
‫مطلقا‪ ،‬والصول هي المسائل العقائدية‪.‬‬
‫فأصول الدين إذن عند المام الطحاوي ترادف العقللائد‬
‫والفروع ترادف العمليات‪.‬‬
‫ولكن يشكل على إدراجه مسألة المسح علللى الخفيللن‬
‫وغيرها في هذا المتن ول خلف في أن هذه المسائل مللن‬
‫مسللائل الفللروع‪ .‬فللالجواب‪:‬إنلله لحللظ فللي إدراجلله هللذه‬
‫المسللائل فللي هللذا المتللن جللانب وجللوب العتقللاد بجللواز‬
‫المسح‪ ،‬ل جواز العمللل بالمسللح‪ .‬ومعلللوم أن الول يكفللر‬
‫من يخالفه‪ ،‬باعتبار أن الللدليل القطعللي قللائم عليلله‪ ،‬وأمللا‬
‫الجانب الثاني فل يكفر من ل يعمل به‪ ،‬لكونه من الفللروع‬
‫مطلقا‪ .‬وبذلك يجاب على غيرها من المسائل‪.‬والله تعللالى‬
‫أعلم‪.‬‬
‫ويمكن أن يقال إن مصطلح الصول يدخل فيه كللل مللا‬
‫كان مقطوعا بلله‪ ،‬ل يحتمللل الخلف‪ ،‬أو أن الخلف فيلله ل‬
‫يلتفت إليه لبتنائه على مجرد شبهة‪ ،‬وأما الفروع فبخلفه‪.‬‬
‫وعلى هذا فإدخال الطحاوي مسللألة الخللف جللائز ومطللرد‬
‫مع هذا الصطلح‪ .‬فتأمل‪.‬‬
‫ويمكن أن تقول إن مصطلح الصللول إذا أطلللق يللدخل‬
‫فيه أصول العقائد‪ ،‬وأصللول الفقلله‪ ،‬أي المسللائل الصللول‬
‫من الفقه‪ .‬وعلى هذا فإذا قيل "أصول الدين" فباعتبللار أن‬
‫الدين شامل للعقائد والفقه‪ ،‬فإنه يدخل فيه الصليات مللن‬
‫العلمين‪.‬وبالتالي فيجوز إدراجهما في فن واحد‪.‬‬
‫الللرب‪ :‬معنللاه فلي اللغلة كملا نقلله المللام‬ ‫)]‪([9‬‬
‫الطبري في تفسيره )‪":(1/47‬وأما تأويللل قللوله رب فللإن‬
‫الللرب فللي كلم العللرب متصللرف علللى معللان‪ ،‬فالسلليد‬
‫المطاع فيهم يدعى ربا‪ ،‬ومن ذلك قول لبيد بن ربيعة‬
‫‪192 Page 18 of‬‬

‫ب كنللدة وابنلله ورب معللد بيللن خبللت‬


‫وأهلكللن يومللا ر ّ‬
‫وعرعر‬
‫يعني رب كندة سيد كندة‪ ،‬ومنه قول نابغة بني ذبيان‬
‫لللك مللن رب‬ ‫فللدى‬
‫تخب إلى النعمان حتى تنللاله‬
‫تليدي وطارفي‬
‫والرجل المصلح للشيء يدعى ربا‪ ،‬ومنه قول الفرزدق‬
‫بن غالب‬
‫كانوا كسالئة حمقاء إذ حقنللت سلللءها فللي أديللم غيللر‬
‫مربوب‬
‫يعني بذلك في أديللم غيللر مصللح‪ .‬ومللن ذللك قيلل‪ :‬إن‬
‫فلنللا يللرب صللنيعته عنللد فلن إذا كللان يحللاول إصلللحها‬
‫وإدامتها‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬والمالك للشيء يدعى ربه‪.‬‬
‫وقد يتصرف أيضا في وجوه غير ذلك غير أنها تعود إلى‬
‫بعض هذه الوجوه الثلثة‪".‬اهل‬
‫إذن‪ ،‬يتحصل من ذلك أن المعاني الثلثللة لكلمللة الللرب‬
‫في اللغة هي السيد المطللاع‪ ،‬والمصلللح للشلليء‪،‬والمالللك‬
‫للشلليء‪ .‬وهللي الثلثللة الللتي ذكرهللا المللام الطللبري فللي‬
‫تفسيره‪.‬‬
‫وبناء على نفس المعاني قال المام العلمللة البيضللاوي‬
‫في تفسيره مع حاشللية الشلليخ زادة)‪(1/32‬أيضللا‪ ":‬الللرب‬
‫في الصل مصدر بمعنى التربية‪ ،‬وهللي تبليللغ الشلليء إلللى‬
‫ف به للمبالغة‪ ،‬كالصوم والعللدل‪.‬‬ ‫ص َ‬
‫كماله شيئا فشيئا ثم وُ ِ‬
‫م فهللو‬‫م ين ُل ّ‬
‫ب‪ ،‬كقول ن ل ّ‬
‫وقيل هو نعت من َرّبه ي ََرّبله فهو ر ّ‬
‫م‪ .‬ثم سمي به المالك لنه يحفظ ما يملكه ويربيه‪".‬اهل‬ ‫نَ ّ‬
‫وقال الشيخ زاده في حاشيته)‪" :(1/32‬قللال الجللوهري‬
‫رب فلن ولده يرب ّلله ربللا ورببلله تربيبللا بمعنللى ربللاه تربيللة‬
‫المربوب والمربللي‪ .‬والمصللدر وإن كللان معنللى حقلله أن ل‬
‫يطلق على الذات إل أنلله أطلللق ههنللا علللى الللذات بقصللد‬
‫‪192 Page 19 of‬‬

‫المبالغة في اتصافه به‪ ،‬مثل رجللل صللوم ورجللل عللدل أي‬


‫صائم وعادل‪".‬اهل‬
‫ولللو تأملنللا فللي هللذه المعللاني الثلثللة المللذكورة أعله‬
‫لرأينللا أنهللا ترجللع إلللى أصللل واحللد‪ ،‬وهللو نسللبة التصللرف‬
‫المطلق الذي ل يقيده قيد إلى الله تعالى وحده في تللدبير‬
‫شؤون العالمين‪.‬وأنت تعلم أن هذا المعنى ل يجللوز نسللبته‬
‫إلى غير الله تعالى‪.‬‬
‫والمشركون لم يكونوا ينسبون إلى الللله تعللالى وحللده‬
‫هذا المعنى‪ ،‬بل كانوا يشركون معلله غيللره‪ .‬والللدليل علللى‬
‫ذلك ما قاله تعالى في سورة الزمر ]أل لله الدين الخالص‬
‫والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبللدهم إل ليقربونللا إلللى‬
‫الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفللون إن‬
‫الله ل يهدي من هو كاذب كفار )‪ ،[(3‬ففي هذه الية يللبين‬
‫الله تعالى أن المشركين قد عبدوا غيره‪ ،‬ونسبوا إلى غيللر‬
‫الللله فعل مللن الفعللال‪ ،‬وهللو التقريللب إلللى الللله‪ .‬فهللذان‬
‫أملللران اثنلللان ل يجلللوز نسلللبتهما إل إللللى اللللله تعلللالى‪.‬‬
‫والمشركون قد نسبوهما إلى غير الله تعالى‪.‬فكانوا بللذلك‬
‫من المشللركين‪ .‬فللإن حاصللل معنللى اليللة‪:‬إن المشللركين‬
‫يقرون أنهم عبدوا غير الله تعالى‪ ،‬ولكنهم يدعون أنهم مللا‬
‫فعلوا ذلك إل ليقربهم هؤلء إليه تعالى‪ .‬فانظر تعقيب الله‬
‫تعالى على قللولهم‪:‬فللإنه سللبحانه وتعللالى قللد كللذبهم فللي‬
‫دعواهم‪ ،‬وحكم عليهم بالكفر لفعلهم‪.‬‬
‫وقال العلمة الحلبي في سيرته)‪ (1/10‬أثناء كلمه عن‬
‫ي أنه‪":‬أول من أدخل الشرك في التلبية فإنه‬ ‫عمرو بن لح ّ‬
‫كان يلبى بتلبية إبراهيم الخليل عليه الصلة السلللم وهللي‬
‫لبيك اللهم لبيك لبيك ل شريك لك لبيك‪ ،‬فعنللد ذلللك تمثللل‬
‫له الشيطان في صورة شيخ يلللبي معلله فلمللا قللال عمللرو‬
‫لبيك ل شريك لك قال له ذلك الشلليخ إل شللريكا هللو لللك‪،‬‬
‫فأنكر ذلك عمرو‪ ،‬فقال له ذلك الشلليخ تملكلله ومللا ملللك‪،‬‬
‫وهذا ل بأس به‪ .‬فقللال ذلللك عمللرو‪ ،‬فتبعتلله العللرب علللى‬
‫ذلللك‪ .‬أي فيوحللدونه بالتلبيللة ثللم يللدخلون معلله أصللنامهم‬
‫‪192 Page 20 of‬‬

‫ويجعلون ملكها بيده ‪ .‬قال تعالى توبيخللا لهللم )ومللا يللؤمن‬


‫أكثرهم بالله إل وهم مشركون(‪".‬اهل‬
‫في سورة آل عمللران‪ ،‬قللال الللله تعللالى ]قللل يللا أهللل‬
‫الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أل نعبللد إل الللله‬
‫ول نشرك به شيئا ول يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله‬
‫فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون )‪[(64‬‬
‫قال أبو الليث السمرقندي في تفسيره المسمى ببحللر‬
‫العلللوم)‪]":(1/275‬ول يتخللذ بعضللنا بعضللا أربابللا مللن دون‬
‫الله[ لنهم عبدوا عيسى ربا من دون الله‪ ،‬ويقللال ل يطيللع‬
‫بعضللنا بعضللا فللي المعصللية كمللا قللال‪":‬اتخللذوا أحبللارهم‬
‫ورهبانهم أربابا من دون الله" أي أطاعوهم في المعصللية‪،‬‬
‫ويقال ل يتخذ بعضنا بعضللا أربابللا كمللا قللالت النصللارى إن‬
‫الله ثالث ثلثة‪".‬اهل‬
‫وفي سورة آل عمللران ]مللا كللان لبشللر أن يللؤتيه الللله‬
‫الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من‬
‫دون الله‪ ،‬ولكن كونوا ربللانيين بمللا كنتللم تعلمللون الكتللاب‬
‫وبمللا كنتللم تدرسللون)‪(79‬ول يللأمَركم أن تتخللذوا الملئكللة‬
‫والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون )‪[(80‬‬
‫قال السمرقندي)‪ (1/180‬ربللانيين أي متعبللدين‪،‬وأربابللا‬
‫يعني عيسى وعزيرا والملئكللة صلللوات الللله عليهللم‪ ،‬ولللو‬
‫أمركم بذلك لكفر‪ ،‬وتنزع النبوة منه‪.‬‬
‫وفي سللورة التوبللة ]قللاتلوا الللذين ل يؤمنللون بللالله ول‬
‫باليوم الخر ول يحرمون ما حرم الله ورسللوله ول يللدينون‬
‫دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزيللة عللن‬
‫يد وهم صاغرون )‪ (29‬وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت‬
‫النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بللأفواههم يضللاهئون‬
‫قول الللذين كفللروا مللن قبللل قلاتلهم اللله أنلى يؤفكلون )‬
‫‪(30‬اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح‬
‫ابن مريم ومللا أمللروا إل ليعبللدوا إلهللا واحللدا ل إللله إل هللو‬
‫سبحانه عما يشركون )‪[(31‬‬
‫‪192 Page 21 of‬‬

‫وروى المام الترمذي حدثنا الحسين بللن يزيللد الكللوفي‬


‫حدثنا عبد السلللم بللن حللرب عللن غطيللف بللن أعيللن عللن‬
‫مصعب بن سعد عن عدي بللن حللاتم قللال أتيللت النللبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال‬
‫يا عدي اطرح عنك هذا الللوثن وسللمعته يقللرأ فللي سللورة‬
‫براءة } اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا مللن دون الللله {‬
‫قال أما إنهم لم يكونوا يعبللدونهم ولكنهللم كللانوا إذا أحلللوا‬
‫لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه قال أبو‬
‫عيسللى هللذا حللديث غريللب ل نعرفلله إل مللن حللديث عبللد‬
‫السلم بن حرب وغطيللف بللن أعيللن ليللس بمعللروف فللي‬
‫الحديث‬
‫وروى الطللبراني حللدثنا علللي بللن عبللد العزيللز ثنللا أبللو‬
‫غسان مالك بن إسللماعيل وابللن الصللبهاني ح وحلدثنا أبلو‬
‫حصين القاضي ثنا يحيى الحماني قالوا ثنا عبد السلم بللن‬
‫حرب أنا غطيف بن أعين من أهل الجزيرة عن مصعب بن‬
‫سعد عن عدي بن حاتم قال أتيت النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال يا عللدي اطللرح‬
‫هذا الللوثن مللن عنقللك فطرحتلله فللانتهيت إليلله وهللو يقللرأ‬
‫سورة براءة فقرأ هذه اليلة } اتخللذوا أحبللارهم ورهبللانهم‬
‫أربابللا مللن دون الللله { حللتى فللرغ منهللا فقلللت انللا لسللنا‬
‫نعبللدهم فقللال أليللس يحرمللون مللا أحللل الللله فتحرمللونه‬
‫ويحلون مللا حللرم الللله فتسللتحلونه قلللت بلللى قللال فتلللك‬
‫عبادتهم‬
‫ورواه المام البيهقي فللي سللننه الكللبرى فقللال‪ :‬حللدثنا‬
‫علي بن عبد العزيز ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل وابللن‬
‫الصبهاني ح وحدثنا أبو حصين القاضي ثنا يحيللى الحمللاني‬
‫قالوا ثنا عبد السلم بن حرب أنا غطيف بن أعين من أهل‬
‫الجزيرة عن مصعب بن سعد عللن عللدي بللن حللاتم قللال‬
‫أتيت النبي صلى الله عليه وسلللم وفللي عنقللي صللليب‬
‫مللن ذهللب فقللال يللا عللدي اطللرح هللذا الللوثن مللن عنقللك‬
‫فطرحته فانتهيت إليه وهو يقللرأ سللورة بللراءة فقللرأ هللذه‬
‫الية } اتخلذوا أحبلارهم ورهبلانهم أربابلا ملن دون اللله {‬
‫‪192 Page 22 of‬‬

‫حتى فرغ منها فقلت انا لسنا نعبدهم فقال أليس يحرمون‬
‫ما أحل الله فتحرمونه ويحلون مللا حللرم الللله فتسللتحلونه‬
‫قلت بلى قال فتلك عبادتهم‪.‬‬
‫وروى المام البيهقي أيضا في سننه الكبرى قال‪ :‬حدثنا‬
‫علي بن عبد العزيز ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل وابللن‬
‫الصبهاني ح وحدثنا أبو حصين القاضي ثنا يحيللى الحمللاني‬
‫قالوا ثنا عبد السلم بن حرب أنا غطيف بن أعين من أهل‬
‫الجزيرة عن مصعب بن سعد عللن عللدي بللن حللاتم قللال‬
‫أتيت النبي صلى الله عليه وسلللم وفللي عنقللي صللليب‬
‫مللن ذهللب فقللال يللا عللدي اطللرح هللذا الللوثن مللن عنقللك‬
‫فطرحته فانتهيت إليه وهو يقللرأ سللورة بللراءة فقللرأ هللذه‬
‫الية } اتخلذوا أحبلارهم ورهبلانهم أربابلا ملن دون اللله {‬
‫حتى فرغ منها فقلت انا لسنا نعبدهم فقال أليس يحرمون‬
‫ما أحل الله فتحرمونه ويحلون مللا حللرم الللله فتسللتحلونه‬
‫قلت بلى قال فتلك عبادتهم‪.‬‬
‫فتوحيد الربوبية إذن أعم من أن يكون مجرد الدعاء‪ ،‬أو‬
‫مجرد أن يعتقد الواحد بأن الله خالق لهذا العالم‪ ،‬ولو مللن‬
‫دون العتقاد بأنه مدبره حقيقللة علللى الللدوام‪ ،‬أي إن مللن‬
‫اعتقد أن الله هو الذي خلق العالم‪ ،‬ثم اعتقد مللع ذلللك أن‬
‫غير الله تعالى له تصرف فللي تللدبير شللؤون الكللون‪ ،‬فللإن‬
‫هذا ليس محققا لتوحيد الربوبيلة عللى الطلق‪ .‬وإل لكلان‬
‫كثير من المشركين موحدين للربوبية‪ .‬وهذا باطل مطلقللا‪،‬‬
‫لما مضللى مللن الدلللة الدالللة علللى أن الربوبيللة أعللم مللن‬
‫مجرد ذلك التصور‪.‬‬
‫ويتحصل من هذا أيضا غلط ابن باز الهائل في تعليقللاته‬
‫عللللى العقيلللدة الطحاويلللة عنلللدما قلللال فلللي أقسلللام‬
‫التوحيد‪":‬القسللم الول‪ :‬توحيللد الربوبيللة وهللو توحيللد الللله‬
‫بأفعاله سبحانه‪ ،‬وهو اليمان بللأنه الخللالق الللرازق المللدبر‬
‫لمور خلقه المتصرف في شللئونهم فللي الللدنيا والخللرة ل‬
‫شللريك للله فللي ذلللك‪ ،‬كمللا قللال تعللالى)الللله خللالق كللل‬
‫شيء(‪،‬وقال سبحانه)إن ربكم الله الللذي خلللق السللموات‬
‫والرض فللي سللتة أيللام ثللم اسللتوى علللى العللرش يللدبر‬
‫‪192 Page 23 of‬‬

‫المر(الية‪ .‬وهذا النوع قد أقر به المشركون عبللاد الوثللان‬


‫وإن جحللد أكللثرهم البعللث الونشللور‪ ،‬ولللم يللدخلهم فللي‬
‫السلللم لشللركهم بللالله فللي العبادةوعبللادتهم الصللنام‬
‫والوثان معهلله سللبحانه‪ ،‬وعللدم إيمللانهم بالرسللول محمللد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪".‬اهل‬
‫فقوله بأن المشركين قد حققوا هذا النوع من التوحيد‪،‬‬
‫باطل ل شك فيلله كمللا رأينللا بالدلللة السللابقة‪ ،‬فهللم كللانوا‬
‫مشركين في توحيد الربوبية‪ ،‬ولللذلك كللانوا مشللركين فللي‬
‫توحيللد اللهيللة أي العبللادة علللى حللد تعللبيره‪ ،‬لن هللذين‬
‫النوعين راجعين إلى أمر واحد على ما هو التحقيق‪ ،‬وكمللا‬
‫سللترى‪ .‬فيسللتحيل أن يكللون واحللد موحللدا توحيللد ربوبيللة‬
‫ومشللركا فللي العبللادة‪ .‬ومللا هللذا إل وهمللا تللوهمه هللؤلء‬
‫الوهابيون ثم صدقوا به‪.‬‬
‫فائدة في معنى كلمة الله‪ ،‬وأنه ل فللرق بيللن اللوهيللة‬
‫والربوبية‪:‬‬
‫قال الله تعالى في سورة العراف‪]:‬وإذ أخذ ربللك مللن‬
‫بنللي آدم مللن ظهللورهم ذريتهللم وأشلهدهم عللى أنفسللهم‬
‫ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولللوا يللوم القيامللة إنللا‬
‫كنا عن هذا غافلين )‪[(172‬‬
‫وقال تعالى في سورة النعام‪ ]:‬وإذ قال إبراهيللم لبيلله‬
‫آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلل مللبين )‬
‫‪ (74‬وكللذلك نللري إبراهيللم ملكللوت السللماوات والرض‬
‫وليكون من الموقنين )‪ (75‬فلما جن عليه الليل رأى كوكبا‬
‫قال هذا ربي فلمللا أفللل قللال ل أحللب الفليللن )‪ (76‬فلمللا‬
‫رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني‬
‫ربي لكونن من القوم الضللالين )‪ (77‬فلمللا رأى الشللمس‬
‫بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قللال يللا قللوم إنللي‬
‫بريء مما تشركون )‪ (78‬إني وجهللت وجهللي للللذي فطللر‬
‫السللماوات والرض حنيفللا ومللا أنللا مللن المشللركين )‪(79‬‬
‫وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هداني ول أخللاف‬
‫ما تشركون به إل أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شلليء‬
‫علمللا أفل تتللذكرون )‪ (80‬وكيللف أخللاف مللا أشللركتم ول‬
‫‪192 Page 24 of‬‬

‫تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكللم سلللطانا‬


‫فأي الفريقين أحق بالمن إن كنتم تعلمون )‪[(81‬‬
‫وقللال تعللالى فللي سللورة النبيللاء يحكللي قصللة سلليدنا‬
‫إبراهيم مع قومه‪]:‬ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبللل وكنللا‬
‫به عالمين )‪ (51‬إذ قال لبيه وقومه ما هذه التماثيل الللتي‬
‫أنتم لها عاكفون )‪ (52‬قالوا وجدنا آباءنا لها عابللدين )‪(53‬‬
‫قال لقد كنتم أنتللم وآبللاؤكم فللي ضلللل مللبين )‪ (54‬قللالوا‬
‫أجئتنا بالحق أم أنت من اللعبين )‪ (55‬قال بل ربكللم رب‬
‫السللماوات والرض الللذي فطرهللن وأنللا علللى ذلكللم مللن‬
‫الشاهدين )‪[(56‬‬
‫وقال تعالى في سورة الشعراء‪ ]:‬فأتيللا فرعللون فقللول‬
‫إنا رسول رب العالمين )‪ (16‬أن أرسل معنا بني إسللرائيل‬
‫)‪ (17‬قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين‬
‫)‪ (18‬وفعلت َفعَلتك التي فعلت وأنت من الكللافرين )‪(19‬‬
‫قال فعلتها إذا وأنا من الضللالين )‪ (20‬ففللررت منكللم لمللا‬
‫خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين )‪(21‬‬
‫ت بنللي إسللرائيل )‪ (22‬قللال‬ ‫وتلك نعمة تمنها علي أن عّبد ّ‬
‫فرعللون ومللا رب العللالمين )‪ (23‬قللال رب السللماوات‬
‫والرض وما بينهما إن كنتم موقنين )‪ (24‬قال لمللن حللوله‬
‫أل تستمعون )‪ (25‬قللال ربكللم ورب آبللائكم الوليللن )‪(26‬‬
‫قال إن رسولكم الللذي أرسللل إليكللم لمجنللون )‪ (27‬قللال‬
‫رب المشرق والمغرب وما بينهملا إن كنتلم تعقلللون )‪(28‬‬
‫قال لئن اتخذت إلها غيري لجعلنك من المسجونين )‪[(29‬‬
‫ثم قال تعالى في آخر القصلة‪ ]:‬فلألقى موسللى عصللاه‬
‫فإذا هي تلقف ما يأفكون )‪ (45‬فألقي السحرة ساجدين )‬
‫‪ (46‬قالوا آمنا برب العالمين )‪ (47‬رب موسى وهللارون )‬
‫‪ (48‬قال آمنتللم للله قبللل أن آذن لكللم إنلله لكللبيركم الللذي‬
‫علمكم السحر فلسوف تعلمون لقطعن أيديكم وأرجلكللم‬
‫من خلف ولصلبنكم أجمعين )‪[(49‬‬
‫وقال تعالى في سورة القصص‪ ]:‬وقال فرعون يللا أيهللا‬
‫المل ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على‬
‫‪192 Page 25 of‬‬

‫الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسللى وإنللي‬


‫لظنه من الكاذبين )‪[(38‬‬
‫وقال تعللالى فللي سللورة النازعللات‪ ]:‬هللل أتللاك حللديث‬
‫موسى )‪ (15‬إذ ناداه ربلله بللالوادي المقللدس طللوى )‪(16‬‬
‫اذهب إلى فرعون إنه طغللى )‪ (17‬فقللل هللل لللك إلللى أن‬
‫تزكى )‪ (18‬وأهديك إلى ربللك فتخشللى )‪ (19‬فللأراه اليللة‬
‫الكبرى )‪ (20‬فكذب وعصللى )‪ (21‬ثللم أدبللر يسللعى )‪(22‬‬
‫فحشر فنادى )‪ (23‬فقللال أنللا ربكللم العلللى )‪ (24‬فأخللذه‬
‫الله نكال الخرة والولللى )‪ (25‬إن فللي ذلللك لعللبرة لمللن‬
‫يخشى )‪[(26‬‬
‫وقال تعالى في سورة النعام‪ ]:‬قل إننللي هللداني ربللي‬
‫إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا ومللا كللان‬
‫مللن المشللركين )‪ (161‬قللل إن صلللتي ونسللكي ومحيللاي‬
‫وممللاتي لللله رب العللالمين )‪ (162‬ل شللريك للله وبللذلك‬
‫أمرت وأنا أول المسلمين )‪ (163‬قل أغير الللله أبغللي ربللا‬
‫وهو رب كل شيء ول تكسب كل نفللس إل عليهللا ول تللزر‬
‫وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بمللا كنتللم‬
‫فيه تختلفون )‪[(164‬‬
‫وقال تعالى في سورة العراف‪ ]:‬وإذ أخذ ربك من بني‬
‫آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم علللى أنفسللهم ألسللت‬
‫بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنللا كنللا عللن‬
‫هذا غافلين )‪.[(172‬‬
‫قال العلمة القضللاعي ص ‪":89‬فللأول مللا خللاطب الللله‬
‫الرواح قال‪:‬ألست بربكم‪ ،‬واكتغى منهم بالقرار بوحدانيته‬
‫في الربوبية‪ ،‬وأول ما تسأل الموتى في قبورها من ربك‪،‬‬
‫واكتفى منهم بالقرار بأنه ربهم‪".‬اهل‬
‫وأيضا فإن حللديث سللؤال الملكيللن فللي القللبر مشللهور‬
‫فإنهما يقولن للميت‪:‬من ربك؟ ول يقولن من إلهك؟ فللإذا‬
‫أجابهما ‪:‬الله ربي‪ .‬اكتفيا منه في التوحيد بهذا الجواب ولم‬
‫يقول له هذا توحيد الربوبية وهو ل ينجيك‪.‬‬
‫‪192 Page 26 of‬‬

‫واعلم أن نفس اللوازم التي تترتب على صفة الربوبية‬


‫تترتب على صفة اللوهية أيضللا‪ ،‬وذلللك لنهمللا متلزمتللان‪،‬‬
‫قال الله تعالى في سورة المؤمنللون‪ ]:‬مللا اتخللذ الللله مللن‬
‫ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بمللا خلللق ولعل‬
‫بعضهم على بعض سبحان الله عما يصللفون )‪ [(91‬فرتللب‬
‫على تعدد اللهة العلو والختلف‪ ،‬والسللتقلل فللي التللدبير‬
‫والسلطان‪ .‬وكذلك قال الله تعالى في سورة النبياء‪ ]:‬لللو‬
‫كان فيهما آلهة إل الله لفسدتا فسبحان الللله رب العللرش‬
‫عمللا يصللفون )‪ ،[(22‬فرتللب الللله تعللالى وقللوع الختلف‬
‫وفساد الكون على مجرد وجود أكثر من إللله‪ ،‬وهللذا يعنللي‬
‫أن الله هو المدبر‪ ،‬وقد بينا فيما سبق أن الرب هو المدبر‬
‫أيضا‪ ،‬فإذن يتحصل أن من اعتقللد بوجللود آلهللة غيللر الللله‪،‬‬
‫فإنه يعتقد بوجود أرباب غير الله تعالى فيستحيل أن يكون‬
‫موحدا توحيد ربوبية كما يزعم بعض الجهلة‪.‬‬
‫هذه بعض الدلللة الللتي تللدل علللى عللدم النفكللاك بيللن‬
‫الربوبية واللوهية‪ ،‬واستحالة أن يؤمن واحد بللأن الللله هللو‬
‫الللرب وحللده ومللع ذلللك يعبللد غيللره‪ ،‬كمللا زعمللت طائفللة‬
‫الوهابية في هللذا الزمللان‪ ،‬وكملا مللر قسللم مللن كلم أحللد‬
‫زعمائهم وهو ابن باز مفللتي المملكللة العربيللة السللعودية‪،‬‬
‫وقال أيضا في تعليقاته على متن الطحاوية‪":‬القسم الثاني‬
‫توحيد العبادة‪ ،‬ويسمى توحيد اللوهية وهي العبللادة‪ ،‬وهللذا‬
‫القسم هو الذي أنكره المشركون فيمللا ذكللره الللله عنهللم‬
‫سللبحانه بقللوله )وعجبللوا أن جللاءهم منللذر منهللم وقللال‬
‫الكافرون هذا ساحر كذاب‪.‬أجعل اللهة إلها واحدا إن هللذا‬
‫لشسء عجاب( وأمثالها كثير‪ .‬وهذا القسم يتضمن إخلص‬
‫العبادة لله وحده‪ ،‬واليمان بأنه المستحق لهللا‪ ،‬وأن عبللادة‬
‫ما سواه باطلة‪ ،‬وهذا هو معنى ل إله إل الله‪ ،‬فللإن معناهللا‬
‫ل معبود حق إل الله كما قال الله عز وجل‪):‬ذلك بأن الللله‬
‫هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل(‪.‬اهل‬
‫كذا قال‪ ،‬والحقيقة أن ما ذكره من آيات هي تدل علللى‬
‫خلف ما يريد إثباته‪ ،‬فإن الله تعالى نسب إلى الكفار أنهم‬
‫يعتقدون بمجموعة من اللهة‪ ،‬ل بإله واحد‪ ،‬فهللم يجمعللون‬
‫‪192 Page 27 of‬‬

‫اللهة‪ ،‬ول يوحدونها‪ ،‬ول يتأتى منهم الجمع إل بعد إيمللانهم‬


‫بالتماثل‪ ،‬وكذلك فإنهم أطلقللوا علللى كللل واحللد مللن هللذه‬
‫المعبودات أنه إله‪ ،‬وهذا يعني أن له نفللس خصللائص الللله‬
‫الخر‪ ،‬وهذا هو عين الكفر والئرك في الربوبية‪ .‬وأما اليللة‬
‫الخرى التي استشهد بها فهي أيضا عليه ل للله‪ ،‬فللإن الللله‬
‫تعالى يحكم على ما يللدعوه هللؤلء المشللركون بللالبطلن‪،‬‬
‫والبطلن هنللا يعنللي أنلله غيللر موجللود‪ ،‬أو أن الحكللم الللذي‬
‫ينسللبونه إليلله باطللل‪ ،‬أي القللول بللأنه إللله‪ ،‬وهللذا النفللي‬
‫يستلزم أنهم كانوا يثبتون أنه إله‪ ،‬وقد مّر بيان معنى الله‪.‬‬
‫وليس المراد بطلن عبادتهم فقللط‪ ،‬بللل إن بطلنهللا سللببه‬
‫بطلن إلهية ما يدعونه‪.‬‬
‫وبهذا يتبين لك أيها القارئ أن جميع ما يستدل به هؤلء‬
‫معكللوس عليهللم وهللو حجللة عليهللم ل لهللم‪ ،‬وأن الدلللة‬
‫القاطعة قد قامت على بطلن تفريقهم بين المريللن‪ ،‬وأن‬
‫قولهم بأن المشركين كانوا موحدين توحيد ربوبية إنما هللو‬
‫قول باطل‪ ،‬ل أساس له في الدين‪.‬‬
‫فائدة أخرى في توحيد السماء والصفات‪:‬‬
‫أما النوع الثالث من أنواع التوحيد الذي يقول به طائفة‬
‫الوهابية فهو ما يسمى عندهم بتوحيد السللماء والصللفات‪،‬‬
‫وهو عندهم كما وضحه ابن باز أيضا‪":‬اليمان بكللل مللا ورد‬
‫في كتاب الله العزيز وفللي السللنة الصللحيحة عللن رسللول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم من أسماء الله وصفاته وإثباتهللا‬
‫لله سبحانه على الوجه الذي يليق به من غيللر تحريللف ول‬
‫تعطيل ومن غير تكييف ول تمثيل‪..‬الخ"‪.‬اهللل‪ .‬وحاصللل هللذا‬
‫النللوع مللن التوحيللد عنللدهم‪ ،‬هللو إثبللات بعللض الصللفات‬
‫والسماء الواردة إضافتها إلى الللله تعللالى بنفللس معانيهللا‬
‫اللغوية الحقيقية إلى الله تعللالى‪ ،‬وهللذا هللو عيللن التشللبيه‬
‫والتمثيل وإن كانوا يفرون منه في اللفظ‪ .‬فهم قائلون بلله‬
‫معنللى‪ ،‬وسللوف نللبرهن علللى صللحة قولنللا هللذا فللي أثنللاء‬
‫شللرحنا وتعليقنللا علللى كلم المللام الطحللاوي رحملله الللله‬
‫تعالى‪.‬‬
‫‪192 Page 28 of‬‬

‫كلمة الله تدل على الواجب الوجود‪ ،‬المنفرد‬ ‫)]‪([10‬‬


‫بالكمال‪ ،‬المحتاج إليه كل ما عداه‪ ،‬المستغني عن كللل مللا‬
‫سواه‪ .‬وهي ل تطلق إل على الللله الواحللد‪ .‬وقولنللا الللله ل‬
‫شريك له تدل حقيقتها على نفي كل ما سوى الللله تعللالى‬
‫من اللهة المدعاة‪ ،‬والرباب المفتراة‪ .‬ول نحتاج بناء علللى‬
‫المعنى المذكور لكلمة الله إلى أي تقدير لكي يتم المعنى‬
‫المراد‪.‬‬
‫الواحللد إنمللا يكللون شللريكا لمللن يكللون للله‬ ‫)]‪([11‬‬
‫مضارعا‪ ،‬وأما من ل شبيه له‪ ،‬فيلزم أن ل يكون له شريك‬
‫قطعا‪ ،‬لن الشراكة تستلزم انقسام الملك وعللدم التمكللن‬
‫من التصرف فيه إل بإذن الخر‪ ،‬وهللذا باطللل ل يجللوز فللي‬
‫حق الله تعالى‪ ،‬لما ثبت من كونه هو الملك ل ملك سواه‪.‬‬
‫ولما ثبت من عدم إمكان وجللود مالللك غيللره‪ ،‬لن المالللك‬
‫يجب أن يكون مستقل فللي ملكلله‪ ،‬والمسللتقل فللي ملكلله‬
‫يجب كونه مستقل في وجوده‪ ،‬ول مستقل في الوجللود إل‬
‫الله عز شأنه‪ ،‬فكيف يكون له شريك؟‬
‫العجز في اللغللة كمللا ذكللره الللدكتور فضللل‬ ‫)]‪([12‬‬
‫عباس في كتابه المفيد إعجاز القرآن الكريللم ص ‪ 16‬تللدل‬
‫على مؤخر الشيء‪ ،‬وعلى التقصلير علن بللوغ الملراد‪.‬اهلل‬
‫فيصير معنى كلم المصنف أن الللله ل يمنعلله عللن تحقيللق‬
‫مللراده شلليء مطلقللا‪ .‬وتنبلله إلللى أن المللانع للواحللد عللن‬
‫تحقيق مراده ل بد أن يكون ممانعا له‪ ،‬أي ل بللد أن يكللون‬
‫للله إرادة مسللتقلة عللن إرادة الممنللوع‪ ،‬وكللذلك ل بللد أن‬
‫يكون للمانع قدرة مستقلة عن قدرة الممنوع‪ ،‬فبغير ذلك‪،‬‬
‫يستحيل أن يحصللل العجللاز‪ .‬ول يتحقللق هللذا الوصللف أي‬
‫قولنا"ول شيء يعجزه إل في الله تعالى‪.‬‬
‫من التوضيحات السابقة لمعنلى كلملة اللله‬ ‫)]‪([13‬‬
‫يصبح معنى هذه العبارة مفهوما وبينا‪ .‬فللالله تعللالى ل إللله‬
‫غيره بالفعل‪.‬‬
‫م‪ ،‬والمراد بالقدم في‬ ‫القديم مشتق من الِقد َ ِ‬ ‫)]‪([14‬‬
‫اصطلح علماء هذا الفن‪ ،‬هو عدم الولية‪ .‬وليس المراد به‬
‫هو الوجود منذ أزمان ل بداية لهللا‪ .‬وقللد ورد هللذا الوصللف‬
‫في حق الله تعالى وصفاته فقد قال المام أبو داود رحمه‬
‫‪192 Page 29 of‬‬

‫الله تعالى حدثنا إسلماعيل بلن بشلر بلن منصلور ثنلا عبلد‬
‫الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن حيللوة بللن‬
‫شريح قال لقيت عقبة بن مسللم فقللت لله بلغنلي أنلك‬
‫حدثت عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلللى‬
‫الله عليه وسلم أنلله كللان إذا دخللل المسللجد قللال أعللوذ‬
‫بللالله العظيللم وبللوجهه الكريللم وسلللطانه القللديم مللن‬
‫الشيطان الرجيم قال أقط قلت نعم قللال فللإذا قللال ذلللك‬
‫قال الشيطان حفظ مني سائر اليوم‪ .‬وهذا الحديث جميللع‬
‫رواته ثقات‪ .‬فهو ل ينزل عن مرتبة الحسن مطلقا‪ .‬وتأمللل‬
‫كيف وصف النبي صلى الله عليلله وسلللم السلللطان الللذي‬
‫هو صفة لله تعللالى بكللونه قللديما‪ .‬فيجللوز إذن أن يوصللف‬
‫الله تعالى بكونه قديما‪ ،‬لن وصف وصللفه وصللف للله جللل‬
‫شأنه‪.‬‬
‫وقد روى الحاكم حديثا فيه اسم القديم أيضا فقال فللي‬
‫مسللتدركه‪ :‬حللدثناه أبللو محمللد عبللد الرحمللن بللن حمللدان‬
‫الجلب بهمدان ثنا المير أبو الهيثم خالد بن أحمد الللذهلي‬
‫بهمدان ثنا أبو أسد عبد الله بن محمد البلخي ثنا خالد بللن‬
‫مخلد القطواني حدثناه محمد بن صالح بن هانئ وأبو بكللر‬
‫بن عبد الله قال ثنا الحسن بن سفيان ثنا أحمد بن سفيان‬
‫النسائي ثنا خالد بن مخلد ثنا عبللد العزيللز بللن حصللين بللن‬
‫الترجملان ثنلا أيلوب السلختياني وهشلام بلن حسلان علن‬
‫محمد بن سيرين عن أبي هريلرة علن النلبي صللى اللله‬
‫عليلله وسلللم قللال إن لللله تسللعة وتسللعين اسللما مللن‬
‫أحصاها دخل الجنة الله الرحمن الرحيم الله الرب الملللك‬
‫القدوس السلم المؤمن المهيمللن العزيللز الجبللار المتكللبر‬
‫الخللالق البللاريء المصللور الحليللم العليللم السللميع البصللير‬
‫الحي القيوم الواسع اللطيف الخبير الحنان المنللان البللديع‬
‫الودود الغفور الشكور المجيد المبديء المعيد النللور الول‬
‫الخر الظاهر الباطن الغفار الوهلاب القللادر الحللد الصللمد‬
‫الكافي الباقي الوكيل المجيد المغيللث الللدائم المتعللال ذو‬
‫الجلل والكللرام المللولى النصللير الحللق المللبين البللاعث‬
‫المجيب المحيي المميت الجميل الصللادق الحفيللظ الكللبير‬
‫القريب الرقيب الفتاح التواب القديم الوتر الفاطر الرزاق‬
‫‪192 Page 30 of‬‬

‫العلم العلي العظيم الغني المليك المقتدر الكرم الرؤوف‬


‫المدبر المالك القدير الهادي الشاكر الرفيع الشهيد الواحد‬
‫ذو الطول ذو المعللارج ذو الفضللل الخلق الكفيللل الجليللل‬
‫الكريم هذا حديث محفوظ من حديث أيللوب وهشللام عللن‬
‫محمللد بللن سلليرين عللن أبللي هريللرة مختصللرا دون ذكللر‬
‫السامي الزائدة فيها كلهللا فللي القللرآن وعبللد العزيللز بللن‬
‫الحصين بن الترجمان ثقللة وإن لللم يخرجللاه وإنمللا جعلتلله‬
‫شاهدا للحديث الول‪.‬اهل‬
‫وروى ابن ماجه أيضا قال‪ :‬حللدثنا هشللام بللن عمللار ثنللا‬
‫عبد الملك بن محمللد الصللنعاني ثنللا أبللو المنللذر زهيللر بللن‬
‫محمد التميمي ثنا موسى بن عقبللة حللدثني عبللد الرحمللن‬
‫العرج عن أبي هريرة أن رسللول الللله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم قال إن لله تسعة وتسعين اسما مللائة إل واحللدا‬
‫إنه وتللر يحللب الللوتر مللن حفظهللا دخللل الجنللة وهللي الللله‬
‫الواحد الصمد الول الخر الظاهر البللاطن الخللالق البللارئ‬
‫المصللور الملللك الحللق السلللم المللؤمن المهيمللن العزيللز‬
‫الجبار المتكللبر الرحمللن الرحيللم اللطيللف الخللبير السللميع‬
‫البصير العليم العظيم البار المتعال الجليل الجميللل الحللي‬
‫القيوم القادر القاهر العلي الحكيم القريب المجيب الغنللي‬
‫الوهللاب الللودود الشللكور الماجللد الواجللد الللوالي الراشللد‬
‫العفو الغفور الحليم الكريم التللواب الللرب المجيللد الللولي‬
‫الشهيد الملبين البرهلان الللرءوف الرحيللم المبلدي المعيلد‬
‫الباعث الوارث القوي الشديد الضار النافع الباقي الللواقي‬
‫الخافض الرافع القللابض الباسللط المعللز المللذل المقسللط‬
‫الللرزاق ذو القللوة المللتين القللائم الللدائم الحللافظ الوكيللل‬
‫الفاطر السامع المعطي المحيللي المميللت المللانع الجللامع‬
‫الهللادي الكللافي البللد العللالم الصللادق النللور المنيللر التللام‬
‫القديم الوتر الحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولللم يكللن‬
‫له كفوا أحد قال زهير فبلغنا من غير واحد من أهل العلللم‬
‫أن أولها يفتح بقول ل إله إل الللله وحللده ل شللريك للله للله‬
‫الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كللل شلليء قللدير ل‬
‫إله إل الله له السماء الحسنى‪.‬اهل‬
‫‪192 Page 31 of‬‬

‫ومن هذا تعرف فساد ما قاله ابن باز في تعليقاته على‬


‫عبارة الطحاوي هذه‪":‬هذا اللفظ لم يرد فللي أسللماء الللله‬
‫الحسنى كما نبه عليلله الشللارح رحملله الللله وغيللره‪ ،‬وإنمللا‬
‫ذكره كثير مللن علمللاء الكلم ليثبتللوا بلله وجللوده قبللل كللل‬
‫شيء‪ ،‬وأسماء الله توقيفية ل يجللوز إثبللات شلليء منهللا إل‬
‫بالنص من الكتللاب العزيللز أو السللنة الصللحيحة‪ ،‬ول يجللوز‬
‫إثبات شيء منها بالرأي كما نص على ذلللك أئمللة السلللف‬
‫الصللالح‪ .‬ولفللظ القللديم ل يللدل علللى المعنللى الللذي أراده‬
‫أصحاب الكلم لنه يقصد بلله فللي اللغللة العربيللة المتقللدم‬
‫علللى غيللره وإن كللان مسللبوقا بالعللدم كمللا فللي قللوله‬
‫سللبحانه)حللتى عللاد كللالعرجون القللديم( وإنمللا يللدل علللى‬
‫المعنى الحق بالزيادة التي ذكرها المؤلف وهي قوله قديم‬
‫بل ابتداء‪ ،‬ولكن ل ينبغي عده في أسماء الله الحسنى لعد‬
‫ثبوته من جهة النقل‪ ،‬ويغني عنه اسمه سبحانه الول كمللا‬
‫قللال عللز وجللل )هللو الول والخللر(اليللة‪ .‬والللله ولللي‬
‫التوفيق‪.‬اهل‬
‫وهذا الكلم كما ترى فيه مغالطات‪ :‬الولى‪:‬جزمه بعدم‬
‫ورود القللللللديم فللللللي النقللللللل‪ ،‬وهللللللو وارد كمللللللا‬
‫ذكرنللاه‪.‬الثانيللة‪:‬ادعللاؤه أن علمللاء الكلم هللم فقللط مللن‬
‫استعمل هذا اللفظ‪ ،‬وهو باطللل لن كللثيرا مللن المحللدثين‬
‫استعمله أيضا‪ ،‬بللل اسللتعمله أيضللا شلليخ المجسللمة علللى‬
‫الطلق ابلللن تيميلللة اللللذي يعتقلللدون فيللله العصلللمة أو‬
‫يكاد‪.‬الثالثة‪ :‬أنه قال إن اسم القديم يطلق على مللا سللبق‬
‫غيره وإن كان مسبوقا بالعدم‪ ،‬إل إنه ادعى أن هذا اللفللظ‬
‫ل يللدل علللى المعنللى الصللحيح فللي حللق الللله تعللالى إل‬
‫بالزيادة التي أشار إليها‪ ،‬مع أن أصل المعنللى الللذي ذكللره‬
‫كاف في الدللة على المراد‪ .‬على أنا ل نسلم أنلله ل يللدل‬
‫على إل بالزيادة‪ ،‬لنه صار مشهورا عند أصللحاب الفللن أي‬
‫علللم التوحيللد فللي الدللللة علللى عللدم الوليللة‪ ،‬ل مجللرد‬
‫السبق‪ ،‬كما ذكللر‪.‬الرابعللة‪ :‬ادعللاؤه أن مللن اسللتعمله فللإنه‬
‫جعله اسما من أسللماء الللله تعللالى الحسللنى‪ ،‬وهللذا زعللم‬
‫باطل‪ ،‬فقللد نصللوا علللى أنهللم ل يريللدون بللذلك أكللثر مللن‬
‫‪192 Page 32 of‬‬

‫الوصف وذلك كما بينه المام العلمللة الغزالللي فللي شللرح‬


‫أسماء الله الحسنى‪.‬‬
‫رد مللن هللذا كللله إل معارضللة المتكلميللن ولللو‬ ‫وهو لم ي ُ ِ‬
‫بالباطل‪ ،‬وإل فلم لم يعترض على الطحاوي في استعماله‬
‫اسم الدائم‪ ،‬مع أنه يرد عليه على مذهبه عين ما يرد على‬
‫اسم القديم؟! ولكن ليس هو إل التعصب!‬
‫فيتللبين لنللا أن نفيلله لهللذا السللتعمال فيلله مغالطللات‬
‫ن أبللي العللز‬
‫وأخطاء عديدة‪ ،‬وقد قلد ابن باز فللي ذلللك اب ل َ‬
‫الحنفي في شرحه وهذا تلقى هذه الغللاليط عللن شلليخهم‬
‫الكبر ابن تيمية‪ .‬فتنبه‪.‬‬
‫ولم يذكر السللقاف فللي شللرحه فللي هللذا الموضللع مللا‬
‫يشفي الغليل‪ ،‬بل اكتفى بإيراد كلم للمام الللبيهقي يللذكر‬
‫في أن المة أجمعت على جواز إطلق لفظ القللديم علللى‬
‫الله تعالى‪ .‬ولم يبين الصل الذي قللام عليلله هللذا الجمللاع‬
‫عندهم‪.‬‬
‫اسم الدائم ورد في بعض الروايللات وسللبق‬ ‫)]‪([15‬‬
‫ذكرها‪ ،‬وإن كان فيها كلم‪ ،‬ولكن قد ثبللت عنللد المحققيللن‬
‫أن استعمال لفظ في حق الله تعلالى ليللس أمللرا عقائديلا‬
‫خالصا‪ ،‬بل هو أمر عملي‪ ،‬يكفي فيه دليل يعتمد في مجال‬
‫الظن‪ ،‬خصوصا إذا عضده معناه‪ ،‬أي إذا لم يكن في معناه‬
‫إشارة إلى نقص‪ ،‬بللل كللان دال علللى الكمللال‪ ،‬فللإنه يجللوز‬
‫استعماله في حق الله تعالى‪ .‬واستعماله إن لم يكن علللى‬
‫سبيل التسمية فإنه يكون على سبيل الوصف‪ ،‬وعلللى هللذا‬
‫ينبغللي أن يكللون جللائزا‪ ،‬وهللو مللا اختللاره حجللة السلللم‬
‫الغزالي‪ ،‬وإن لم يرد هذا التفصلليل عللن المللام الشللعري‪،‬‬
‫فهذا ل يضر‪.‬‬
‫والمقصللود بالللدوام هنللا ليللس الللدوام بزمللان‪ ،‬بللل بل‬
‫زمان‪ ،‬لن الزمان هو التغير‪ ،‬والتغيللر مسللتحيل علللى اللله‬
‫م فليس المراد به القللدم الزمللاني بللل‬ ‫تعالى‪ ،‬وكذلك الِقد َ ُ‬
‫المراد به هو نفللي الوليللة‪ ،‬فهللو معنللى سلللبي أي يسلللب‬
‫وينفي عن الله تعالى ما ل يليق به‪ ،‬وأما القول بأن معنللى‬
‫القدم هو أن الله تعالى كان موجودا منللذ زمللان أزلللي فل‬
‫يقول به عاقل‪ ،‬وقد قال بهذا تصريحا ابن تيمية المجسللم‪،‬‬
‫‪192 Page 33 of‬‬

‫واتبعته طائفته من المجسمة الللذين ل عللون مللا يقولللون‪.‬‬


‫وأهل السنة على خلف ذلك الضلل‪ ،‬بل على خلفه أيضللا‬
‫سائر فرق السلم إل المجسمة‪.‬‬
‫ولهذا المعنى ترى المام أبا جعفر الطحلاوي قللد وضللح‬
‫الدوام بقوله بل انتهاء‪ ،‬لن الدوام الللذي يكللون بالزمللان ل‬
‫بد أن تنتهي فيه آنات زمانية متوالية‪ ،‬وأما دوام الله تعالى‬
‫فل انتهاء فيه‪ .‬وكذلك قللال فللي القللدم أنلله بل ابتللداء‪ ،‬لن‬
‫القدم الزماني ل بد أن تبتللدئ فيلله آنللات زمانيللة متواليللة‪،‬‬
‫وأما قدم الله تعالى فل ابتداء فيه مطلقا‪.‬‬
‫وهذا المعنى لم ينبه إليه أحد من شراح الطحاوية‪ ،‬بللل‬
‫اكتفوا بسللياق المعللاني المشللهورة علللى ألسللنة العلمللاء‪.‬‬
‫حتى مللن ادعللى أنلله سللوف يجللدد فللي هللذا العلللم أقصللد‬
‫السقاف فإنه لم يتبادر هذا المعنى إلى ذهنلله قللط‪ .‬ل فللي‬
‫دم؟! علما أنه عاب على المتأخرين أنهم‬ ‫الدوام ول في الِق َ‬
‫ل يعملللون عقللولهم فللي تأليفللاتهم العقائديللة بللل يكتفللون‬
‫بإيراد كلم مما قاله الشراح قبلهللم مقلللدين لهللم‪ ،‬والللذي‬
‫رأيته أن السقاف وقع في شر مما اعترضه على هؤلء‪.‬‬
‫إذا ثبت أن الله تعالى قللديم بللالمعنى الللذي‬ ‫)]‪([16‬‬
‫وضحناه‪ ،‬وأنه دائم كذلك‪ ،‬فإنه يلزم من ذلللك أنلله ل يفنللى‬
‫ول يبيد‪ ،‬فهذا الحكم لزم لزومللا ضللروريا علللى مللا سللبق‪.‬‬
‫وذلك لن القدم الزماني‪-‬على التسليم بوجللوده وهللو غيللر‬
‫موجود‪ -‬علمة المكان‪ ،‬وكذلك الدوام الزماني‪ ،‬والممكللن‬
‫ل بد أن يكون فيه إمكانيللة الفنللاء‪ ،‬فللالممكن ل يقللال فيلله‬
‫مطلقا أنه ل يبيد‪ ،‬بل إنه يفنى ويبيد‪ ،‬ولكنه إذا بقللي فإنمللا‬
‫يبقى بإبقاء غيره له‪.‬‬
‫يكون هنا بمعنى يوجللد‪ ،‬لنهللا "كللان" التامللة‬ ‫)]‪([17‬‬
‫الللتي معناهللا الوجللود والحصللول‪ ،‬فللإذا قلنللا "كللان زيللد"‪،‬‬
‫د"‪ ،‬فقوله ل يكللون إل مللا يريللد‪ ،‬معنللاه "ل‬ ‫جد َ زي ٌ‬
‫فمعناه "وُ ِ‬
‫يوجد إل ما يريد"‪ ،‬وهذا نص صريح في أن الرادة يجب أن‬
‫تتعلق تعلقا تنجيزيا بكل ما هللو موجللود‪ ،‬ول يكفللي إمكللان‬
‫التعلق‪ ،‬كما يزعمه المعتزلة‪ ،‬وكمللا ي ُْفهَللم مللن كلم بعللض‬
‫المجسمة‪ .‬وهذا المعنى الذي يقرره المللام الطحللاوي هللو‬
‫عين ما يقرره الشاعرة أهل السللنة مللن أنلله ل يمكللن أن‬
‫‪192 Page 34 of‬‬

‫يوجللد موجللود إل بللإرادة الللله تعللالى‪ ،‬فللإرادة الللله تعللالى‬


‫متعلقة بللالمور تعلقللا صلللوحيا قللديما وتنجيزيللا حادثللا‪ .‬ول‬
‫يجوز أن يقال إن معنى أن الله مريد لكل شيء أنه يسمح‬
‫به‪ ،‬أي أنه لو أراد عدم وجوده لما وجد‪ ،‬لنه يؤول إلللى أن‬
‫إرادته تعالى سلبية‪ ،‬بمعنى أن بعض ما لللم يللرده الللله قللد‬
‫يوجد بإرادة غيره‪ ،‬وهو قول المعتزلللة‪ ،‬وهللو قللول باطللل‪،‬‬
‫ومخالف لقول الطحللاوي كمللا تللراه‪ ،‬لن الطحللاوي حصللر‬
‫الكون في الرادة‪ .‬ومعنى هذا أن كل موجود مراد لله‪ ،‬فل‬
‫يوجد شيء بغيللر إرادة الللله تعللالى‪ ،‬كمللا يقللوله المعتزلللة‬
‫بوجود أمور بإرادة العبد ل بإرادة الله تعالى‪.‬‬
‫وهذه النكتة لم يتنبه إليها أحد من شللراح الطحللاوي‪ ،‬ل‬
‫المجسللمة ول أهللل السللنة مللن الشللاعرة ول مللن ادعللى‬
‫التجديد منهم؟!‬
‫وهذا المعنى الذي وضحناه هنللا هللو مللراد السلللف فللي‬
‫قولهم ما شاء الله كان وما شاء لم يكن‪ ،‬أو ما لم يشأ لم‬
‫يكن‪ .‬فإنه تعللالى إذا لللم يشللأ كللونه فللإنه يكللون قللد شللاء‬
‫عدمه‪.‬‬
‫صل من هذا التحقيللق وجللود الموافقللة التامللة بيللن‬ ‫فتح ّ‬
‫كلم الشاعرة وكلم السلف وكلم المام الطحاوي رحمه‬
‫الله تعالى‪ .‬والله الموفق‪.‬‬
‫تتميم‪ :‬الرادة الشرعية والرادة الكونية‬
‫الرادة فللي نفللس المللر هللي صللفة تخصللص الممكللن‬
‫ببعض ما يجوز عليه‪ ،‬فما جاز وجوده على أكثر من صورة‪،‬‬
‫فإن الله ربما يشاء إيجللاده علللى صللورة معينللة مللن هللذه‬
‫الصللور‪ ،‬وحينئذ فللالرادة هللي الللتي تخللص الممكللن بهللذه‬
‫الصورة دون تلك‪ ،‬ثم القدرة بعد ذلك توجده على الصورة‬
‫التي عينتها الرادة‪.‬‬
‫هذا هو الصل في الرادة‪ ،‬أن تكون تكوينية‪ ،‬وإذا كانت‬
‫الرادة تكوينية‪ ،‬فما تتعلق به ل يمكن إل أن يقع‪ ،‬ول يمكن‬
‫أن يتخلف بمعنى أن ل يقع‪.‬‬
‫فإذا كان المر كذلك‪ ،‬فهل يمكن أن يقال بعللد ذلللك أن‬
‫بعض ما تتعلق به الرادة قد ل يقع؟ إذا سلمنا بمللا مضللى‪،‬‬
‫فل يصللح أن يقللول ذلللك قللائل‪ ،‬ومللن يقللوله‪ ،‬فللإنه فللي‬
‫‪192 Page 35 of‬‬

‫الحاصل يقسم الرادة إلى نوعين‪ ،‬ومعنى ذلك أنلله يجعللل‬


‫الصفة صفتين‪ ،‬وهذا باطل‪ .‬ويلزم أن يجعللصللفة صللفتين‬
‫لنه إذا كانت الصفة واحدة فللإن تعلقهللا ل يكللون إل علللى‬
‫صورة واحدة‪ ،‬ولكن قوله إن بعض التعلقات تقللع وبعضللها‬
‫ل يقللع‪ ،‬يعنللي أن تعلقاتهللا ليسللت علللى صللورة واحللدة‪،‬‬
‫ق‪ ،‬أي اختلف‬ ‫ّ‬
‫واختلف التعلقات ل يكون إلباختلف المتعل ِ‬
‫الصفة نفسها‪ ،‬أي تعددها في ذاتهللا‪ ،‬ومعلللوم أن الصللفات‬
‫عند أهل السنة واحدة ل تتعدد في الذات‪ ،‬فكما أن الللذات‬
‫ل تتعللدد فكللذلك الصللفات ل تتعللدد‪ .‬إذن يكللون قللول هللذا‬
‫القائل باطل ول يستقيم مع قول أهل السنة‪.‬‬
‫ولكن إذا قال القائل إنني ل أعدد الصفة في ذاتها‪ ،‬بللل‬
‫أقللول أن لفللظ الرادة يطلللق علللى معنييللن‪ ،‬فيكللون فللي‬
‫الحقيقة صفتان ل صفة واحللدة‪ .‬أقللول‪ :‬هللذا الكلم ل يللرد‬
‫عليه شيء‪ ،‬ولكنه يستلزم إثبات صفة زائدة علللى الرادة‪،‬‬
‫ومعلوم أن إثبللات الصللفات ل يجللوز أن يقللوم علللى أمللور‬
‫محتملة‪ ،‬بل ل يقوم إل علللى أصللول ثابتللة‪ .‬وبالتللالي فإننللا‬
‫نسأل هذا القللائل‪ :‬هللل ثبللت لللديك علللى القطللع أن لفللظ‬
‫الرادة يصللدق علللى صللفتين اثنللتين ل علللى صللفة واحللدة‬
‫فقط‪ .‬فإن قال نعم فإننا نطالبه بالتيان بإيراد دليللل نقلللي‬
‫ثابت في نفسه وثابت في دللته على مللا يريللد‪ .‬ول نسلللم‬
‫له بما يريد إل بعد إثبات أن لفظ الرادة في مللورده الللذي‬
‫يحضره ل يمكن أن يدل على نفس معنللى الرادة الصلللي‬
‫وهو معنى التخصيص والتكوين الذي ل يحتمل التخلف‪ .‬أي‬
‫إنه إذا ثبت من النص أن المعنى المراد بلفظ الرادة يللدل‬
‫قطعا على صفة تتعلق بشيء ويمكن تخلفه ما تتعلق هللي‬
‫به‪ ،‬فإننا نسلم للله بمللا يقللول‪ ،‬وهللذا فللي نفللس الللوقت ل‬
‫يضيرنا لننا ل نمنع تعدد الصفات‪ ،‬بللل نقللول بهللا‪ ،‬ولكللن ل‬
‫نثبت صفة على الستقلل إل بدليل ثابت ل يتزعزع‪.‬‬
‫فالحاصل أنه مطالب بللأمور‪ ،‬الول‪ :‬أن ينللص علللى أن‬
‫الرادة في ذاتها ل تتكللثر متعلقاتهللا‪ ،‬بمعنللى أن مللا يريللده‬
‫الللله ل يمكللن أن يتخلللف‪ .‬الثللاني‪ :‬أن يكللون هللذا النللص‬
‫المدعى ل يمكن أن يللراد بلله نفللس المعنللى الصلللي مللن‬
‫الرادة‪ ،‬أي ل يحتمل حمله إل على معنى ثان‪ .‬الثللالث‪ :‬أن‬
‫‪192 Page 36 of‬‬

‫ل يترتب علللى إثبللاته لهللذه الصللفة الثانيللة المللدعاة أمللور‬


‫باطلة‪.‬‬
‫فإذا صح ذلك فيمكن أن يسلم بما يقول‪ ،‬وإل فإنه يرد‪.‬‬
‫هذه كانت مقدملة كليلة‪ ،‬وتمهيلدا لمناقشلة بعلض ملن‬
‫ادعى أن الرادة تنقسم إلى قسمين وتتنللوع إلللى نللوعين‪،‬‬
‫أحللدهما سللماه بللالرادة الكونيللة‪ ،‬والثللاني سللماه بللالرادة‬
‫الشرعية‪ .‬وسوف ننقل لكم نص كلمهللم ونباشللر بتحليللله‬
‫بعد ذلك‪ ،‬وبيان ما فيه من مفاسد‪.‬‬
‫قال ابن أبي العز التابع المطيع لبللن تيميللة وابللن قيللم‬
‫الجوزية في شرحه على الطحاوية ص ‪ ":116‬والمحققون‬
‫من أهل السنة يقولون الرادة في كتاب الله نوعللان‪،‬إرادة‬
‫قدرية كونية خلقية‪ ،‬وإرادة دينية أمريللة شللرعية‪ ،‬فللالرادة‬
‫الشرعية هي المتضللمنة للمحبللة والرضللى‪ ،‬والكونيللة هللي‬
‫المشيئة الشاملة لجميع الموجودات‪".‬اهل‬
‫هذا هو ما ادعاه‪ ،‬ولو نظرنا في كلمه لرأينللا أنلله ينللص‬
‫فيه على ما يلي‪ ،‬أول‪ :‬الرادة من حيث ملا هلي صلفة للله‬
‫لها نوعان ويدعي أن ذلك مذكور في القللرآن‪ .‬ثانيللا‪:‬النللوع‬
‫الول إرادة قدريلللة كونيلللة خلقيلللة‪ ،‬أي إرادة هلللي عينهلللا‬
‫القدري والكون والخلق‪ ،‬أو بها يتم ذلك‪ .‬والثاني إرادة هي‬
‫عينها المر والشرع والدين‪ ،‬أو بهللا يتلم ذللك‪ .‬ثالثللا‪:‬الرادة‬
‫الشرعية تتضمن المحبة والرضى‪.‬‬
‫وهذا الكلم فيه مفاسد عديدة‪.‬‬
‫أول‪:‬قوله إن الرادة نوعان‪ ،‬يلزم علللى ذلللك أن الرادة‬
‫مركبة من أمرين‪ ،‬أو إن هذين النوعين اللذان هما صللفتان‬
‫لله تعالى مركبان‪ ،‬وذلك لنهما أنواع تحت جنس وما كللان‬
‫كذلك فهو مركب قطعا‪.‬ومعلوم أن التركيب ل يجوز علللى‬
‫الله تعالى ول على صفاته‪ ،‬كما عليلله إجمللاع أهللل السللنة‪،‬‬
‫إذن هذا الكلم الذي تفوهم به ابن أبي العز مخللالف لكلم‬
‫أهل السنة‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬إذا كان قصده بالثانية أن الدين يتللم بهللا‪ ،‬فل وجلله‬
‫للتفريق بينها وبين الولى‪ ،‬فإن حاصل ذلك أن الدين الذي‬
‫هو الكلم المنللزل علللى النبيللاء والمشللتمل علللى الوامللر‬
‫والنواهي والتشريعات‪ ،‬مكون بالرادة‪ .‬فإذن المعنى راجللع‬
‫‪192 Page 37 of‬‬

‫إلى الذي سماه بللالنوع الول مللن الرادة وهللي التكوينيللة‪،‬‬


‫فل وجه للتفرقة بينهما‪ .‬وإذا كللان قصللده أن النللوع الثللاني‬
‫من الرادة هو عين الدين فهذا باطل بداهة‪ .‬فالللدين ليللس‬
‫هو صفة قائمة بالله بل هللو مللن لللوازم بعللض صللفاته‪ .‬ول‬
‫يوجد احتمال آخر‪ .‬إذن فكلمه باطل على كل التقادير‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬الذي يدل على أنه أراد التركيب‪ ،‬أي أنه يريللد بللأن‬
‫الرادة عبارة عن معنى مركب‪ ،‬أو على القل النوع الثاني‬
‫منهللا عبللارة عللن معنللى مركللب‪ ،‬هللو قللوله بللأن الرادة‬
‫الشللرعية تتضللمن المحبللة والرضللة‪ ،‬ومعلللوم أن التضللمن‬
‫معناه هو اشتمال الشيء على غيللره اشلتمال الكللل عللى‬
‫الجزء‪ ،‬وهذا هو عيللن الللتركيب‪ .‬وإذا أراد بالتضللمن معنللى‬
‫اللزوم‪ ،‬فهللو زيللادة علللى كللونه اسللتعمال غلطللا للكلمللات‬
‫خصوصا بعللد اسلتقرار المصلطلحات‪ ،‬فللإنه يسللتلزم أيضلا‬
‫التركيب للرادة‪ ،‬أو كون أحد نوعيها مركبا‪ ،‬لنلله قللال بللأن‬
‫المحبة لزمة عن المعنى النوع الثاني لهللا وليسللت لزمللة‬
‫على المعنى الول لها‪ ،‬وهذا يستلزم كون النوع الول غير‬
‫المعنللى الثللاني‪ ،‬وبمللا أنهمللا نوعللان عنللده‪ ،‬فبينهمللا أمللر‬
‫مشترك‪ ،‬ولختلف اللوازم بينهما‪ ،‬فيجللب وجللود أمللر زائد‬
‫في أحدهما‪-‬على القل‪ -‬على الثاني‪ ،‬وهللذا يسللتلزم كللونه‬
‫مركبا‪.‬‬
‫هذه هي بعض المفاسد التي تلزم قوله‪.‬‬
‫ولكن ل بد أن نوضح هنا‪ ،‬أن هذا الشارح تابع وفي لبن‬
‫تيمية وسائر على مللذهبه‪ ،‬ومعلللوم أن ابللن تيميللة مجسللم‬
‫قائل بتركيب ذات الله تعالى وبتركب صللفاته‪ .‬ولهللذا فللإن‬
‫كلم هذا الرجل موافللق لمللذهبه‪ .‬ولكنلله مخللالف لمللذهب‬
‫أهل السنة‪ ،‬وباطل في نفس المر‪.‬‬
‫إذا كان كلم هذا الرجل وأصحابه مخالف لهللل السللنة‬
‫ومخالف للحق‪ ،‬فما هو المر الذي دفعه للقول به؟! لكللي‬
‫نعرف ذلك ل بد أن نكمللل قراءتنللا لكلملله فللي شللرحه!؟‬
‫على الطحاوية‪ ،‬فقد قال ص ‪":116‬وأمللا الرادة الشللرعية‬
‫المرية‪ ،‬فكقوله تعالى)يريد الله بكم اليسر ول يريد بكللم‬
‫العسر(البقرة ‪ ،185‬وقوله تعالى)يريد ليبين لكم ويهللديكم‬
‫سللنن الللذين مللن قبلكللم ويتللوب عليكللم والللله عليللم‬
‫‪192 Page 38 of‬‬

‫حكيم(النساء ‪) ،26‬والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين‬


‫يتبعون الشهوات أن تميلوا ميل عظيما‪.‬يريد الله أن يخفف‬
‫خلللقَ النسللان ضللعيفا(النسللاء ‪ ،27،28‬وقللوله‬ ‫عنكللم و ُ‬
‫تعالى)ما يريد الللله ليجعللل عليكللم مللن حللرج ولكللن يريللد‬
‫ليطهركم وليتم نعمته عليكم(المائدة ‪،6‬وقوله تعللالى)إنمللا‬
‫يريللد الللله ليللذهب عنكللم الرجللس أهللل الللبيت ويطهركللم‬
‫تطهيرا(الحزاب ‪".33‬اهل كلمه الذي ذكر فيه اليات الللتي‬
‫فهم منها ! ما قال سابقا‪.‬‬
‫ونحن سوف نناقش استدلله باليات السابقة لنرى هل‬
‫فعل تدل على ما يريد هو من إثبات إرادتين أو نوعين مللن‬
‫الرادة؟!‬
‫وقبل أن نبين بعض وجوه الرد على مزاعمه ومن تبعه‪،‬‬
‫ل بللد أن نقللول بللأن كلمللة الرادة قللد وردت فللي القللرآن‬
‫الكريم أكثر من مئة وأربعين مرة‪ ،‬والمواضع الوحيدة التي‬
‫استنبط منها من قال بهذا الرأي الفرق بين هذين النوعين‬
‫المزعومين من الرادة هي هلذه اليلات السلابقة‪ ،‬ومعنلى‬
‫هذا أن أكثر آيات القرآن ل تللدل علللى مللا يريللدون‪ ،‬بللل ل‬
‫تدل إل على الرادة التي مللن شللأنها التخصلليص وهللي مللا‬
‫يمكن أن تدعى بالرادة التكوينية علللى معنللى أنهللا شللرط‬
‫التكوين‪ ،‬ل أنها هي الللتي يتللم بهللا التكللوين‪ ،‬كمللا وضللحناه‬
‫سابقا‪ .‬ومجرد هذا يكفي لمن يدعي التفريق ليعيللد النظللر‬
‫في مزاعمه بوجود نوعين من الرادة!‬
‫ونحن بالتالي لكي نبين فساد قوله‪ ،‬فإننا سللوف نشللير‬
‫إلى المعنى الصحيح لليات وأنها ل ينبغللي أن تحمللل علللى‬
‫ما ذكروه من الرادة التي تحمل معنى الرضى والتي فللي‬
‫نفس الوقت صفة مللن صللفات الللله تعللالى‪ ،‬وغيللر الرادة‬
‫المتفق على إثباتها‪.‬‬
‫إذا كللان كللذلك‪ ،‬فللاعلم أن اليللات الللتي أوردوهللا فللي‬
‫معرض التفريق بين النوعين ل يفهم منها ما ادعوه‬
‫أول‪:‬قوله تعلالى)يريلد اللله بكلم اليسلر‪ ،‬ول يريلد بكلم‬
‫العسر( المقصود من اليسللر والعسللر‪ ،‬أي التكللاليف الللتي‬
‫هي يسيرة‪ ،‬فالتكاليف‪-‬أي الوامر والنواهي‪ -‬التي كلفنا بها‬
‫الللله تعللالى فللي الشللريعة هللي يسللر‪ ،‬وليسللت بعسلليرة‪.‬‬
‫‪192 Page 39 of‬‬

‫فإنشللاء هللذه الوامللر اليسلليرة هللو مللا أرادة الللله تعللالى‪.‬‬


‫ومعلوم أن هلذا النشلان ملن نلوع التكلوين‪ ،‬أي تخصليص‬
‫الممكن ببعض ما يجوز عليلله‪ ،‬ول يللدل علللى وجللود صللفة‬
‫أخرى اسمها الرضى والمحبللة‪ ،‬خصوصللا أنله ل يوجللد فللي‬
‫الية إل التصريح بالرادة‪ ،‬والمعلوم مللن الرادة هللو النللوع‬
‫الول ل الثللاني‪ ،‬ومللا دام قللد جللاز أن تحمللل اليللة علللى‬
‫المعنى الول‪ ،‬فل موجب على افتراض وجللود معنللى آخللر‬
‫للرادة‪.‬‬
‫ولكن الذي بعث هللؤلء علللى ادعللاء وجللود معنللى آخللر‬
‫للرادة هو عدم فهمهم لمدلول الية‪ ،‬فإن الله تعالى قللال‬
‫يريد بكم اليسر‪ ،‬فالمراد هو اليسر‪ ،‬بالمعنى الذي ذكرنللاه‬
‫وهو ما يدل عليلله سللياق اليللات‪ ،‬وهللذا اليسللر أراده الللله‬
‫ملبسا لنا فالباء لدنى ملبسة‪ ،‬وهذا حاصل بجعله تشريعا‬
‫لنا ل لغيرنللا‪ .‬ومعلللوم أن كللل هللذه المعللاني داخلللة تحللت‬
‫التكوين والتخصيص‪ .‬فل داعي لفتراض وجود صللفة إرادة‬
‫ونوع إرادة آخر غيره‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬قوله تعالى)يريد الللله ليللبين لكللم ويهللديكم سللنن‬
‫الذين من قبلكم ويتوب عليكللم والللله عليللم حكيللم(‪ ،‬هللذه‬
‫الية تفسر نفسها‪ ،‬ولحظ السلوب الذي أورد الله تعللالى‬
‫اليللة بلله‪ ،‬فقللد قللال تعللالى)يريللد ليللبين لكللم( فللالمفعول‬
‫محذوف‪ ،‬وتقديره يريللد إنشللاء التشللريع أو التشللريع عينلله‬
‫ليبين لكم‪ ،‬فالتشريع للبيان‪ ،‬وهذا حاصللل بالفعللل بللالرادة‬
‫التكوينية‪ .‬ول يوجد مبرر لفلتراض نلوع إرادة آخلر‪ ،‬اسلمه‬
‫إرادة تشريعية‪ .‬فاللم في قوله ليبين للعاقبة‪.‬‬
‫ثالثللا‪:‬قللوله تعللالى)والللله يريللد أن يتللوب عليكللم ويريللد‬
‫الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميل عظيما(‪ ،‬الصل في‬
‫كلمللة تللاب فللي اللغللة‪ :‬رجللع‪ ،‬قللال الفروزآبللادي فللي‬
‫ة‪:‬رجللع عللن‬ ‫ة وت َت ْوِب َ ً‬
‫القاموس‪":‬تاب إلى الله توبا ومتابا وتاب ً‬
‫المعصية‪ .‬وهو تائب وتواب‪.‬وتاب الله عليه‪:‬وفقه للتوبة‪ ،‬أو‬
‫رجع به من التشديد إلللى التخفيللف‪ ،‬أو رجللع عليلله بفضللله‬
‫وقبوله‪ ،‬وهو تواب عل عباده‪".‬اهلل فلأنت تللرى أن المعنللى‬
‫اللغوي لتاب هللو رجللع‪ ،‬وتللاب علللى أي رجللع علللى‪ ،‬فللالله‬
‫يتوب على العباد بمعنى يرجع عليهللم بالفضللل والتخفيللف‪.‬‬
‫‪192 Page 40 of‬‬

‫والله في الية الكريمة يريد أن يتوب بمعنى يريد أن يرجع‬


‫بالفضل والتخفيف على عباده‪ ،‬وهذا المر حاصللل بالفعللل‬
‫ل يتخلف عن إرادته تعالى‪ ،‬فل يجوز أن يقال إن هذا المر‬
‫قللد ل يحصللل‪ ،‬لن فضللل الللله تعللالى قللد حصللل بالفعللل‬
‫بإنزاله الشريعة والحكام‪ ،‬فهذه هي أصل الفضل‪.‬‬
‫إذن فهذه الية أيضللا يفهللم معناهللا بنللاءا علللى المعنللى‬
‫الصلللي للرادة‪ .‬فل داعللي إذن لفللتراض نللوع آخللر مللن‬
‫الرادة‪.‬‬
‫وقد يقول قائل‪:‬إن المراد بتوبة الللله عليهللم هللو قبللوله‬
‫تللوبتهم وإنعللامه عليهللم‪ ،‬ومعلللوم أن هللذا ل يكللون لجميللع‬
‫الناس بل لبعضهم‪ .‬فالجواب‪ :‬أن التوبة الصللحيحة موجبللة‬
‫للقبول‪ .‬فمهما حصلت التوبة من واحللد وجللب قبللول هللذه‬
‫التوبة‪ .‬فل تخللف إذن‪ .‬وأيضلا فلإن المخلاطبين هلم ليلس‬
‫الناس مطلقا بللل هللم المتبعيللن للشللريعة بللدلل وقللابلتهم‬
‫بالذيت يتبعون الشهوات‪ ،‬فالمخاطبون في اليللة هللم غيللر‬
‫متبعين للشهوات‪ ،‬وهؤلء ل بد أن يتوب الله عليهم بمعنى‬
‫يتفضل عليهم‪ ،‬وهذا ل يتخلف‪.‬‬
‫فالحاصل إذن أن هذه اليللة أيضللا يمكللن فهمهللا بللدون‬
‫الحاجة إلى افللتراض نللوع جديللد للرادة‪ .‬وأيضللا فللإن هللذا‬
‫الفهم موافق لسياق اليات‪ ،‬وموافق لمعنى الرادة الوارد‬
‫في بقية آيات القرآن‪.‬فادعاء نللوع جديللد لهللا فيلله مخالفللة‬
‫للقرآن من وجوه عديدة كما ترى‪.‬‬
‫وكذلك قوله تعالى في آخر الية )يريللد الللله أن يخفللف‬
‫عنكم( فالتخفيف واقع بالفعل بإنزاله تعالى الشريعة‪ ،‬فلم‬
‫يتخلف ول يجوز تخلفه عن إرادة الله‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬قوله تعالى)ما يريد الله ليجعل عليكم من حللرج‪،‬‬
‫ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكللم(‪ ،‬معناهللا أن اللله‬
‫ما يريد إنزال هذه التشاريع ليشق عليكللم ويجعللل الحللرج‬
‫واقعللا عليكللم‪ ،‬بللل إن إرادتلله لهللذه التشللريعات إنمللا هللو‬
‫ليعقبها تطهيركم إن اتبعتموها‪.‬‬
‫فللالمراد بالفعللل هللو إنللزال التشللريع‪ ،‬ل التطهيللر‪ ،‬بللل‬
‫التطهير هو غايللة التشللريع‪ ،‬وحصللول الغايللة مللترتب علللى‬
‫التزام الناس بالحكام‪.‬‬
‫‪192 Page 41 of‬‬

‫إذن ل يوجد تخلف للمراد هنا أيضا ول يجوز حمل هللذه‬


‫الرادة على نوع إرادة يصح تخلفه مهما كان معناها‪.‬‬
‫خامسللا‪ :‬قللوله تعللالى إنمللا يريللد الللله ليللذهب عنكللم‬
‫الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا( هذه الية من جنس‬
‫الية السللابقة‪ ،‬ومللا قيللل فللي تلللك يقللال هنللا‪ .‬ولحللظ أن‬
‫مفعول الرادة ليللس هللو إذهللاب الرجللس‪ ،‬بللل هللو بللدليل‬
‫اليات السابقة‪،‬إنزال الحكام الخاصة بأهللل الللبيت‪ .‬فهللذه‬
‫الحكللام تعلقللت بهللا إرادة الللله تعللالى ليعقللب تمسللك آل‬
‫البيت لها تطهير الله تعالى لهم من الرجللس‪ .‬ولللم تتعلللق‬
‫الرادة مباشللرة بتحصلليل التطهيللر‪ ،‬فل يصللح مللا يثللوله‬
‫الشيعة هنا من عصللمة آل الللبيت إذن‪ ،‬ول يصللح أيضللا مللا‬
‫ادعاه أتباع ابن تيمية من كللون الرادة تكللون نللوعين‪ ،‬وأن‬
‫الرادة المقصودة هنللا هللي إرادة شللرعية تتضللمن الرضللا‪،‬‬
‫وأن ما تعلقت به الرادة قد يتخلف ول يحصللل‪ .‬فهللذا كللله‬
‫باطل ل أساس له كما ترى‪.‬‬
‫فأنت ترى إذن أن مللا تعلللق بلله هللذا المللدعي ل يقللوم‬
‫على أساس قوي‪ ،‬فل يجوز القول بمللا يقللول بلله‪ ،‬مللن أن‬
‫بعض متعلقات الرادة قد ل تحصللل‪ .‬أو أن الرادة نوعللان‪.‬‬
‫فهذا كله كلم ل دليل عليه‪.‬‬
‫فل يبقى بعد هذا العرض السريع لدلتهم إل رد قولهم‪.‬‬
‫ويبقى قول أهل السنة خالصا بينا واضللحا‪ ،‬وهللو أن مللا‬
‫تعلقت به الرادة فل بد أن يحصل‪ ،‬ويستحيل أن يقللع أمللر‬
‫ل تتعلللق بلله الرادة‪ ،‬وأنلله ل يوجللد أنللواع مللن الرادة‪ .‬بللل‬
‫الرادة عبارة عن صفة غير مركبللة‪ ،‬كمللا وضللحناه سللابقا‪.‬‬
‫ولو أردنا بيان فساد أقوالهم بتفصيل لفعلنا‪ ،‬ولكن المقللام‬
‫ل يتسع هنا ولعلنا نخصللص لللذلك مبحثللا خاصللا‪ ،‬نللبين فيلله‬
‫اللوازم الباطلة التي تلللزم عللن مثللل هللذا القللول غيللر مللا‬
‫ذكرناه‪.‬‬
‫وانظر إلى ما قللال عبللد المنعللم مصللطفى حليمللة)ابللو‬
‫بصللير( فللي مللا سللماه بللالرادة الشللرعية لتعللرف بشللاعة‬
‫قولهم‪ ،‬وذلللك فللي تلخيصلله لكلم ابللن أبللي العللز الحنفللي‬
‫ولكهم يستقون من مشرب واحد‪ ،‬فقللد قللال فللي حاشللية‬
‫ص ‪ 65‬تعليقللللا علللللى قللللوله "وإرادة دينيللللة أمريللللة‬
‫‪192 Page 42 of‬‬

‫شرعية" ‪":‬هذا النوع من الرادة قضت حكمللة الللله تعللالى‬


‫أن تتخلف أحيانللا ولكللن بللإذنه وعلملله وإرادتلله"اهللل‪ .‬فهللذا‬
‫القول بشع فكيف يقول بأن إرادة الله تعالى تتخلف أي ل‬
‫تحدث أحيانا‪ ،‬وذلك بإرادته نفسه‪ .‬وكيف يتوافق ذلللك مللع‬
‫قول أهل السنة قاطبة كما أشرنا لك سابقا"ما شللاء الللله‬
‫كان وما لم يشأ لم يكن" أي وما شاء عدم كونه لم يكللن‪.‬‬
‫فقولهم هذا ينص على إرادة الله ل يمكن أن تتخلف‪ ،‬وهذا‬
‫القائل هنا يدعي أن إرادته يمكن أن تتخلف؟! وهللذا يثبللت‬
‫لك أن كلمهم مخالف لكلم أهللل السللنة‪ ،‬ومخللالف لكلم‬
‫الطحاوي وإن تستروا خلللف وضللع شللروح علللى عقيللدته‪،‬‬
‫ولكنهم في الحقيقة مخالفون له في أصللول وفللي فللروع‪،‬‬
‫كما رأيت وكما سترى‪.‬‬
‫وهذه التحقيقات التي سردناها لللك هنللا‪ ،‬ل تجللدها فللي‬
‫كتاب‪ ،‬وملا ذللك إل بفضللل اللله تعلالى وتللوفيقه‪،‬فلاحرص‬
‫عليها‪.‬‬
‫البلللوغ كمللا قللال العلمللة الصللفهاني فللي‬ ‫)]‪([18‬‬
‫مفردات القرآن‪":‬النتهللاء إلللى أقصللى المقصللد والمنتهللى‬
‫مكانا كان أو زمانا أو أمرا من المور المقدرة‪ ،‬وربما يعللبر‬
‫بلله عللن المشللارفة عليلله وإن لللم ينتلله إليلله"اهل ل ‪ ،‬فقللول‬
‫ه تعلالى‪،‬‬ ‫العلمة المام الطحلاوي بلأن الوهلام ل تبللغ اللل َ‬
‫معناه إذن إنها ل تنتهي إليه‪ ،‬ول تشارف ذلك‪ .‬والللوهم هللو‬
‫الخيال‪ ،‬وهو كما عرفه العلملة الشلريف الجرجلاني‪" :‬هلو‬
‫قوة جسمانية للنسان محلها آخللر التجويللف الوسلط مللن‬
‫الللدماغ‪ ،‬مللن شللأنها إدراك المعللاني الجزئيللة المتعلقللة‬
‫بالمحسوسات كشجاعة زيد وسللخاوته‪ ،‬وهللذه القللوة هللي‬
‫التي تحكم بهللا الشلاة أن اللذئب مهلروب عنله وأن الوللد‬
‫معطوف عليه‪ ،‬وهذه القوة حاكمة على القوى الجسللمانية‬
‫كلهللا مسللتخدمة إياهللا اسللتخدام العقللل للقللوى العقليللة‬
‫بأسرها‪".‬اهل‬
‫وقال أيضا‪":‬الوهم هو إدراك المعنللى الجللزئي المتعلللق‬
‫بالمعنى المحسوس‪ .‬والوهمي المتخيل هي الصورة الللتي‬
‫تخترعها المتخيلة باستعمال الوهم إياها‪ ،‬كصورة الناب‪ ،‬أو‬
‫المخلللب فللي المنيللة المشللبهة بالسللبع‪ .‬والوهميللات هللي‬
‫‪192 Page 43 of‬‬

‫قضايا كاذبة يحكللم بهللا الللوهم فللي أمللور غيللر محسوسللة‬


‫كللالحكم بللأن مللا وراء العللالم فضللاء ل يتنللاهى‪ ،‬والقيللاس‬
‫المركب منها يسمة سفسطة‪".‬اهل‬
‫وقللال العلمللة الشللريف الجرجللاني أيضللا فللي تعريللف‬
‫الخيال‪":‬الخيال هو قوة تحفظ ما يدركه الحللس المشللترك‬
‫من صور المحسوسات بعد غيبوبة المادة بحيللث يشللاهدها‬
‫الحس المشللترك كلمللا التفللت إليهللا‪ ،‬فهللو خزانللة للحللس‬
‫المشترك‪ ،‬ومحله مؤخر البطن الول من الدماغ‪".‬اهل‬
‫فالخيال إذن هللو مسللاعد للللوهم‪ ،‬والللوهم هللو الحللاكم‬
‫بالستعانة بالحس‪ ،‬وكل منهما ل يمكن أن يتصرف إل فللي‬
‫المللور المحسوسللة‪ .‬وهللذا هللو عيللن المعنللى الللذي أراده‬
‫المام الطحاوي من نفيه لبلللوغ الللوهم لللله تعللالى‪ ،‬أي إن‬
‫الوهم ل يمكنه أن يحكم على الللله تعللالى‪ ،‬بنسللبته صللورة‬
‫معينة إليه ول غير معينة‪ ،‬فإن نفي إدراك الوهم للله تعللالى‬
‫مطلق‪ .‬وهللذا كلله مبنللي عللى أن الحلواس ل تلدرك اللله‬
‫تعالى‪ ،‬وهذه قاعدة من قواعد أهل السللنة الللتي يتميللزون‬
‫بها عن أهل البدعة مللن المجسللمة‪ ،‬ومللن وافقهللم‪ .‬فللالله‬
‫تعلالى غيلر محسلوس بشليء ملن الحلواس الظلاهرة ول‬
‫الباطنة‪ ،‬وأما الرؤية فسوف نوضللح لللك المللراد منهللا فللي‬
‫محله‪ ،‬ولكن هنا نكتفي بأن نقول إن الرؤية المتعلقة بالله‬
‫تعالى ليللس مللن قبيللل الحسللاس بللالله تعللالى عنللد أهللل‬
‫السنة‪ ،‬فهذا مللا يجللب أن تللؤمن بلله‪ ،‬ول يللتردد قلبللك فللي‬
‫الجزم بلله‪ .‬فنفينللا لكللون الحللواس متعلقللة بللالله تعللالى ل‬
‫يستلزم إذن نفي رؤيتنللا لللله تعللالى‪ ،‬لن الرؤيللة المتعلقللة‬
‫بالله تعالى عنللد أهللل الحللق ليسللت مللن قبيللل الحللواس‪.‬‬
‫فافهم‪.‬‬
‫واعلم أن المام الطحاوي لم ينللف تعلللق الللوهم بللالله‬
‫خطابللة أو مجللرد الللوعظ‪ ،‬كمللا يحلللو‬ ‫تعالى علللى سللبيل ال ِ‬
‫لبعض الجهلة أن يعتقد‪ .‬بل إنلله أشللار بنفللي تعلللق الللوهم‬
‫بالله تعالى‪ ،‬إلى قاعدة عظيملة للم أر مللن وضللح أهميتهلا‬
‫الكبيرة كما سنفعله هنللا‪ ،‬هللذا مللع أن علمللاء أهللل السللنة‬
‫أجمعين قللد نصللوا علللى أن الللوهم ل يتعلللق بللالله تعللالى‪.‬‬
‫ولكلن شلراح العقيلدة الطحاويلة ملع معرفتهلم وإدراكهلم‬
‫‪192 Page 44 of‬‬

‫لمدى الخلف الذي حصل حول هذا المتن في أنه هل هللو‬


‫ماش على قواعد أهل السنة أو على قواعد المجسمة‪ ،‬لم‬
‫يهتم أحد منهم بإبراز هللذا المللر كمللا ذكرنللاه‪ ،‬بللل اكتفللوا‬
‫بتقرير هذه القاعدة على ما هو المشهور عند أهللل السللنة‬
‫وشلللرحوا كلم الملللام الطحلللاوي هنلللا شلللرحا إجماليلللا‪،‬‬
‫والجمال ل يكفي كما تعلم في محل الشكال‪ .‬والحللق أن‬
‫عللدم إشللارتهم إلللى هللذه القاعللدة ل يعللود إل إلللى عللدم‬
‫معرفتهللم الحقيقيللة بقواعللد المجسللمة‪ ،‬فللأغلبهم اكتفللى‬
‫بالتشنيع على المجسمة بذكر بعللض المسللائل المشللهورة‬
‫اللتي خلالف فيهلا هلؤلء أهلل السلنة‪ ،‬وذللك ملن دون أن‬
‫يحاولوا تأصيل وبيان قواعللد هللؤلء‪ ،‬وتمييزهللا عللن قواعللد‬
‫أهل السنة‪ ،‬ومعلوم أن الواحد إذا بين أن الختلف حاصل‬
‫بين أهل السللنة وبيللن أتبللاع ابللن تيميللة المتسللترين باتبللاع‬
‫السلللف كللذبا منهللم‪ ،‬هللو اختلف واقللع فللي الصللول دون‬
‫الفروع‪ ،‬ثم بين أن المام الطحاوي قد وافللق أهللل السللنة‬
‫من الشاعرة وغيرهم في هذه الصول‪ ،‬فإن هذا يكون هو‬
‫السلللوب القللوي والناجللح فللي دحللر خططهللم وإفسللاد‬
‫أقوالهم وفضح عقلائدهم‪ .‬وهللذا ملا سلنبينه للك فللي هللذه‬
‫التعليقات‪.‬‬
‫ذكر طائفة من أقوال أهل السنة في نفي تعلق الللوهم‬
‫بالله تعالى‬
‫أول‪ :‬قال الشيخ عَدِيّ بللن مسللافر المتللوفى فللي سللنة‬
‫‪557‬هل‪ ،‬في أوائل عقيدته المسللماة "اعتقللاد أهللل السللنة‬
‫والجماعة"‬
‫حرام على العقول أن تمثله وعلللى الظنللون أن تحللده‪،‬‬
‫مق‪ ،‬وعلى النفوس أن تفكللر‪ ،‬وعلللى‬ ‫وعلى الضمائر أن تع ّ‬
‫الفكر أن يحيط‪ ،‬وعلى العقول أن تصور إل مللا وصللف بلله‬
‫ذاته في كتابه أو على لسان نبيه صلى الللله عليلله وسلللم‪،‬‬
‫فإن كل ما تمثل في الوهم فهو مقدره قطعا وخالقه‪".‬اهل‬
‫فكلمه صريح فلي أن اللوهم ل يتعللق بلالله تعلالى فل‬
‫يمكن للنسان أن يتوهم ويتصور خالقه‪.‬‬
‫وقال أيضا في نفس عقيللدته المشللار إليهللاص ‪":15‬ول‬
‫يتناهى في وجوده على معنى نفي الوليه‪ ،‬ل جسم مصور‬
‫‪192 Page 45 of‬‬

‫ول جوهر مقدر‪ ،‬معلوم الوجود بللالعقول والفهللام‪ ،‬لكللن ل‬


‫تتصوره الفكار‪ ،‬ول تمثله الوهام‪".‬اهل‬
‫ففللي هللذا الكلم أيضللا تأكيللد صللريح آخللر لنفللي تعلللق‬
‫الوهم بللالله تعللالى‪ ،‬مكللا مضللى بيللانه‪ .‬والشلليخ عللدي بللن‬
‫مسللافر مللن أكللابر المشللايخ الللذين شللهد لهللم القاصللي‬
‫والداني بالورع والتقللوى والعلللم الكللبير‪ ،‬وكللان مللن أكللابر‬
‫المربين‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬وقال تاج السلم أبو بكر محمد الكلباذي المتوفى‬
‫في سنة ‪380‬هل في كتاب التعرف لمذهب أهل التصللوف‪،‬‬
‫وهو من العلماء المعتمللدين لللدى جمللاهير المسلللمين لللم‬
‫يقدح أحد فللي إمللامته ورعللايته لمللور دينلله‪ ،‬وتحققلله فللي‬
‫العقائد‪ ،‬قال في ص ‪:35‬‬
‫"ل تنازعه الهمللم ول تخللالطه الفكللار‪ .‬ليللس لللذاته ول‬
‫لفعله تكليف‪ ،‬وأجمعوا على أنه ل تدركه العيون‪ ،‬ول تهجم‬
‫عليه الظنون‪ ،‬ول تتغير صفاته‪ ،‬ول تتبدل أسماؤه‪ ،‬لم يللزل‬
‫كذلك ول يزال كذلك‪".‬اهل‬
‫يقصللد بالرؤيللة بللالعيون أي أن يللرى فللي جهللة‪ ،‬فهللذا‬
‫ممنوع مستحيل لستحالة كونه تعالى في جهة‪ .‬وعبر عللن‬
‫ذلك بعض العلماء باستحالة أن تماقله الجفان أو العيللون‪،‬‬
‫ويريدون بها نفس المعنى من نفي حصول رؤيته في جهة‪،‬‬
‫ول يريدون بذلك نفي أصل الرؤية‪ .‬وقد ادعللى ابللن تيميللة‬
‫فوق ذلك أن الجماع وقع على رؤية الله تعالى فللي جهللة‪،‬‬
‫فانظر مدى بعد رأيه وفساد قريحته‪.‬‬
‫وتأمل كيف يصرح الكلباذي هنلا بلأن الظنلون ل تهجلم‬
‫عليه‪ ،‬ول تخالطه الفكار‪ .‬فهو نفس ما نريد إثباته‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬وقال المللام أبللو القاسللم القشلليري فللي مقدمللة‬
‫رسالته‪-‬ممزوج بشرح شيخ السلم زكريا النصللاري‪ -‬ص)‬
‫‪-:(1/26‬‬
‫")ول مكان يمسكه ول زمان يدركه( فهللو مسللتغن عللن‬
‫عرشه ومتنزه عللن المكللان والزمللان )ول فهللم يقللدره ول‬
‫وهم يصوره( فهو متنزه عن الجوهر والعرض‪)،‬تعللالى عللن‬
‫أن يقللال كيللف هللو أو أيللن( هللو منللزه عللن الجسللمية‬
‫والمكان‪(".‬اهل‬
‫‪192 Page 46 of‬‬

‫وعلق العلمة العروسي في حاشيته فقللال‪(":‬قللوله ول‬


‫فهم يقدره( أي لقصور العقول الكاملللة فضللل عللن غيرهللا‬
‫عن الحاطة به تعالى‪ ،‬ومثل ذلك)قللوله ول وهللم يصللوره(‬
‫وإيضاحه أن التصوير إنما يمكللن فللي حللق مللن للله صللورة‬
‫وكيفيه‪ ،‬والله تعالى منزه عن ذلك‪".‬اهل‬
‫رابعا‪:‬قال المام أبو القاسم القشيري في رسللالته مللع‬
‫شرح شيخ السلم زكرياء)‪)":(1/45‬أخبرنا الشيخ أبو عبللد‬
‫الرحمن السلمي رحمه الله قال‪:‬سمعت محمد بن محمللد‬
‫بللن غللالب قللال‪:‬سللمعت أبللا نصللر أحمللد بللن سللعيد‬
‫السَفنجاني( بفتح الفاء وبللالنون)يقللول قللال الحسللين بللن‬
‫منصلللور( الحلج مخاطبلللا خطلللاب العلللام)أللللزم الكلللل‬
‫الحلللدث(أي احكلللم بللللزوم حلللدوث جميلللع الخللللق)لن‬
‫القدم(ثللابت )للله( تعللالى خاصللة لمللا مللر)فالللذي بالجسللم‬
‫ظهوره( أي إدراكه)فالعرض يلزمه( لستحالة خلو الجسللم‬
‫والجوهر عن العرض )والذي بالداة(أي السباب)اجتمللاعه‬
‫فقواها يمسكه(أي لو فقدت تفرق‪ ،‬والباء فللي الموضللعين‬
‫صلة لما بعدها)والذي يؤلفه وقت يفرقه وقت( أي والللذي‬
‫يتللألف وقتللا يجللوز أن يفللترق وقتللا)والللذي يقيملله غيللره‬
‫فالضرورة( أي افتقاره إلى غيره(تمسه )والذي الللوهم(أي‬
‫الللذهن)يظفللر بلله(أي يتخيللله)فالتصللوير يرتقللي إليلله(…‬
‫الخ"اهل‪.‬‬
‫فتأمللل رحمللك الللله فللي العبللارة الخيللرة كيللف ينفللي‬
‫الحلج بلوغ الوهم والخيال لله تعالى عن ذلك نفيه صريحا‬
‫ل تردد فيه‪.‬‬
‫خامسا‪:‬قال الشليخ الملام أبلو القاسلم القشليري فلي‬
‫رسللللالته ممزوجللللة بشللللرح شلللليخ السلللللم زكريللللاء)‬
‫‪":(1/55‬وأخبرنا الشيخ أبو عبدالرحمن السلمي رحمه الله‬
‫قال سمعت عبد الواحد بللن بكللر يقللول سللمعت هلل بللن‬
‫أحمللد يقللول سللئل أبللو علللي الروذبللاري عللن التوحيللد‬
‫فقللال‪:‬التوحيللد اسللتقامة القلللب بإثبلات مفارقللة التعطيلل‬
‫د(بالرفع وفي نسخة فالتوحيد)فللي‬ ‫وإنكار التشبيه‪ .‬والتوحي ُ‬
‫كلمة( وهي )كل ما صوره الوهام والفكار فللالله سللبحانه‬
‫‪192 Page 47 of‬‬

‫بخلفلله لقللوله تعللالى]ليللس كمثللله شلليء وهللو السللميع‬


‫البصير(‪".‬اهل‬
‫وهذه الكلمللة الللتي ذكرهللا الشلليخ هنللا مشللهورة علللى‬
‫ألسنة العوام‪ ،‬ل يستطيع إنكارها إل جاهل أو مجسم‪ ،‬وقللد‬
‫أنكرها ابن تيمية في بعض كتبه كما سيجيء‪.‬‬
‫سادسللا‪:‬قللال أبللو القاسللم القشلليري فللي رسللالته )‬
‫‪(1/57‬ممزوجلللللا بشلللللرح شللللليخ السللللللم زكريلللللا‬
‫النصللاري‪:‬سللمعت محمللد بللن الحسللين السلللمي يقللول‬
‫سمعت أبا الحسين الفارسللي يقللول سللمعت إبراهيللم بللن‬
‫فاتك يقول سمعت الجنيد يقول‪:‬متى يتصل من ل شبيه له‬
‫ول نظير له بمن له شللبيه ونظيللر(حللتى يقللال فلن وصللل‬
‫إللللى اللللله‪ ،‬ويلللراد بللله الوصلللول بلللالحس والقلللرب‬
‫المعهودين)هيهات( أي بعللد ذلللك)هللذا ظللن عجيللب إل(أي‬
‫لكن التصال به إنما هللو )بمللا لطللف اللطيللف( أي بلطفلله‬
‫)مللن حيللث ل درك ول وهللم ول إحاطللة إل إشللارة اليقيللن‬
‫وتحقيق اليمان‪ ،‬أي بالشارة إلى ذلك يعني بكمال اليقين‬
‫ومعرفة الله تعالى ودوام الذكر وقلة الغفلة‪".‬اهل‬
‫فتأمل رحمك الله تعالى لطف هلذا الكلم الصللادر ملن‬
‫رئيس هذه الطائفة الجنيد الذي ل يمن أن يقدح قادح فللي‬
‫عظم مقامه في التوحيد واليمان‪ .‬وأهل السنة تبع له فللي‬
‫هذا الطريق‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬قال أبو القاسم القشيري فللي رسللالته )‪(1/57‬‬
‫ممزوجللللا بشللللرح العلمللللة شلللليخ السلللللم زكريللللا‬
‫النصاري‪":‬وأخبرنا محمد بن الحسين قال سمعت أبا بكللر‬
‫الرازي يقول سمعت أبللا علللي الروذبللاري يقللول ‪:‬كللل مللا‬
‫توهمه متوهم(أي تخيله )بالجهل أنه( تعالى )كذلك فالعقل‬
‫يللدل علللى أنلله بخلفلله( إذ المتللوهم الجاهللل إنمللا يتللوهم‬
‫الجسام‪".‬اهل‬
‫وهذا يعني أن الوهم هو الخيال كمللا وضللحناه فللي أول‬
‫هذه التعليقة‪ ،‬وأن ذلك كللله ل يتعلللق بللالله تعللالى‪ .‬وهللذه‬
‫عبارة حقيقة بأن تتخذ قاعدة‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬قال الستاذ أبللو القاسللم القشلليري فللي رسللالته‬
‫أيضا في عقيدته التي جمعها من أقوال القوم والللتي قللال‬
‫‪192 Page 48 of‬‬

‫فللي بللدايتها )‪":(1/63‬هللذه فصللول تشللتمل علللى بيللان‬


‫عقائدهم في مسائل التوحيد ذكرناها علللى وجلله الللترتيب‪،‬‬
‫قال شيوخ هللذه الطريقللة علللى مللا يللدل عليلله متفرقللات‬
‫كلمهم ومجموعاتهللا ومصللنفاتهما فللي التوحيللد‪ :‬إن الحللق‬
‫سبحانه وتعللالى موجللود قللديم واحللد حكيللم قللادر… حللتى‬
‫قال… ول يتصور في الوهام ول يتقللدر فللي العقللول( لن‬
‫ذلك من خللواص الجسللام يحصللل لهللا بواسللطة الكميللات‬
‫والكيفيات وإحاطة الحدود والنهايات‪".‬اهل‬
‫وهذا الكلم واضح ل يحتاج إلى شللرح خاصللة بعللد كلم‬
‫شيخ السلم زكريا النصاري رحمة الله عليه‪.‬‬
‫تاسللعا‪ :‬قللال المللام الللبيهقي فللي شللعب اليمللان )‬
‫‪ ":(1/112‬وقد ذكر الحليمي رحمه الله تعللالى فللي إثبللات‬
‫حدث العالم وما يدل على أن له صانعا ومدبرا‪ ،‬ل شبه للله‬
‫مللن خلقلله‪ ،‬فصللول حسللانا‪ ،‬ل يمكللن حللذف شلليء منهللا‪،‬‬
‫فتركتها على حالها‪ ،‬ونقلت ها هنا من كلم غيللره مللا ل بللد‬
‫منه في هذا الباب‪ ".‬ثم قال رحمه الله تعالى‬
‫"حقيقة المعرفة أن تعرفه موجودا قديما‪ .‬لللم يللزل ول‬
‫صلوُّر فللي الللوهم‪ ،‬ول‬‫يفنللى أحللدا صللمدا شلليئا واحللدا ل ي ُت َ َ‬
‫يتبعض‪ ،‬ول يتجزأ…الخ"‪.‬اهل‬
‫ثم قال في )‪:(1/138‬‬
‫"فللإن قللال قللائل‪ :‬ومللا الللدليل علللى أنلله ل يشللبه‬
‫المصنوعات ول يتصور في الوهم؟‬
‫قيل‪ :‬لنه لو أشللبهها لجللاز عليلله جميللع مللا يجللوز علللى‬
‫المصنوعات من سمات النقص وأمارات الحدث‪ ،‬والحاجللة‬
‫إلى محللدث غيلره‪ .‬وذللك يقتضللي نفيلله‪ ،‬فللوجب أنله كمللا‬
‫وصف نفسه (ليللس كمثللله شلليء وهللو السللميع البصللير(‬
‫ولنا نجد كل صنعة فيما بيننللا ل تشللبه صللانعها كالكتابللة ل‬
‫تشبه الكاتب والبناء ل يشبه الباني‪ ،‬فدل ما ظهللر لنللا مللن‬
‫ذلللك علللى مللا غللاي عنللا‪ .‬وعلمنللا أن صللنعة البللاري ل‬
‫تشبهه‪".‬اهل‬
‫وروى الحافظ البيهقي في كتابه شعب اليمللان أيضللا )‬
‫‪ (1/136‬قال‪":‬أخبرنا أبو عبللدالله الحللافظ‪ ،‬أنبللا علللي بللن‬
‫محمد المروزي‪ ،‬ثنا محمد بم إبراهيم الرازي‪ ،‬ثنا يحيى بن‬
‫‪192 Page 49 of‬‬

‫معاذ قللال‪":‬جملللة التوحيللد فللي كلمللة واحللدة‪ ،‬وهللي أن ل‬


‫تتصور في وهمك شيئا إلى واعتقدت أن الله عز وجل هللو‬
‫مالكه من جميع الجهات‪".‬اهل‬
‫ولو أردنا أن نتتبع كلماتهم في هذا المعنى لحتجنا إلللى‬
‫مجلدات ليراد ما قالوه في ذلللك‪ ،‬ولكللن مللا أوردنللاه فيلله‬
‫الكفاية للعاقل بتوفيق الله تعالى‪.‬‬
‫والحاصل من ذلك كله أن القاعدة الللتي اعتمللدها أهللل‬
‫السللنة هللي أن الللوهم ل يبلللغ الللله تعللالى‪ ،‬بمعنللى أننللا ل‬
‫نسللتطيع أن نتصللور الللله تعللالى بخيالنللا‪ ،‬بللأن نفللترض للله‬
‫صورة أو شكل معينا أو ليس معينا‪ ،‬وذلللك لن الللله تعللالى‬
‫ليس له شكل أصل ول صورة‪ ،‬فالشكل والصورة ل يثبتللان‬
‫إل للجسام والمركبات والله تعالى ليس كذلك‪.‬‬
‫قال الصفهاني فللي المفللردات‪":‬وأدرك بلللغ‬ ‫)]‪([19‬‬
‫صللبا‪ ،‬وذلللك حيللن‬ ‫ي‪:‬بلغ غاية ال ّ‬
‫أقصى الشيء‪ ،‬وأدرك الصب ّ‬
‫البلوغ‪".‬اهل‬
‫ك محركللة‬ ‫وقللال الفيروزآبللادي فللي القللاموس‪":‬الللد َّر ُ‬
‫اللحللاق… واسللتدرك الشلليء بالشلليء حللاول إدراكلله بلله‪.‬‬
‫وأدرك الشيء‪ :‬بلغ وقته وانتهى‪ ،‬وفني‪".‬اهل‬
‫فإدراك الشيء لغة معنللاه اللحللوق بلله والوصللول إليلله‬
‫والنتهاء إليه‪.‬‬
‫الفهام جمللع فهللم‪ .‬قللال الفيروزآبللادي فللي‬ ‫)]‪([20‬‬
‫القاموس‪":‬فهمه كفرح فْهما ويحرك وهي أفصللح‪ ،‬وَفهامللة‬
‫ويكسر وَفهامية‪ :‬علمه‪ ،‬وعرفه بالقلب‪".‬اهل‬
‫فالفهم هو العلم بالقلب إذن في أصل اللغة‪.‬‬
‫وحاصل قللول الطحللاوي رحملله الللله تعللالى "ل تللدركه‬
‫الفهام" أي ل تعلمه القلوب‪ ،‬والعلم ل يحيط بحقيقة الللله‬
‫تعالى ل ذاته ول صللفاته‪ ،‬وقللد سللبق أن أشللرنا إلللى ذلللك‬
‫المعنى عند كلمنللا علللى الللوهم‪ .‬فللالعقول ل تسللتطيع أن‬
‫تلحق به سبحانه‪ .‬وهذه العبللارة هللي فلي الحقيقلة قاعللدة‬
‫أخرى من قواعد أهل السنة‪ ،‬وعلى ذلك مشى المحققون‬
‫منهم‪ ،‬أي إن ذاته ل يمكن تعقلها والعلم بحقيقتها‪.‬‬
‫وفي ذلللك المعنللى روى المللام الللبيهقي فللي السللماء‬
‫والصفات فقال ص ‪":283‬أخبرنا أبو عبدالله الحافظ نا أبو‬
‫‪192 Page 50 of‬‬

‫العباس هو الصم نا محمد بن إسحاق أنا عاصم بللن علللي‬


‫نا أبي عن عطاء السللائب عللن سللعيد بللن جللبير عللن ابللن‬
‫عباس قللال‪:‬تفكللروا فللي كللل شلليء ول تفكللروا فللي ذات‬
‫الله‪".‬اهل‬
‫وقال في شعب اليمان)‪":(1/136‬أخبرنا حمزة بن عبد‬
‫العزيز‪ ،‬أنبأ أبو الفضل عبدوس بللن الحسللين بللن منصللور‪،‬‬
‫حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي‪ ،‬حدثنا محمللد بللن‬
‫مي المؤدب‪ ،‬أنبأ علي بن ثللابت‪ ،‬عللن الللوازع بللن‬ ‫حاتم الز ّ‬
‫نافع‪ ،‬عن سالم عن ابن عمر قال‪:‬قال رسللول الللله صلللى‬
‫الله عليه وسلم‪:‬تفكللروا فللي آلء الللله‪-‬يعنللي عظ َ َ‬
‫مت َلله‪ -‬ول‬
‫تفكروا في الله"‪.‬اهل ثم قال البيهقي ‪:‬هذا إسناد فيه نظر‪.‬‬
‫والروايللات الدالللة علللى هللذا المعنللى كللثيرة‪ ،‬والثللار‬
‫الواردة عن السلف أجل من أن تحصر‪ ،‬وقد سللبق التيللان‬
‫ببعضها‪ .‬ول يخالف في هذا المعنى مخالف‪.‬‬
‫شللبة بالكسللر‬ ‫قللال صللاحب القللاموس‪":‬ال ّ‬ ‫)]‪([21‬‬
‫مثل"اهل‪ ،‬فالمعنى أن أحدا من النام ل‬ ‫والتحريك وكأمير‪:‬ال ِ‬
‫يشبهه‪ ،‬قال البابرتي في شللرحه علللى الهقيللدة الطحاويللة‬
‫ص ‪":42‬ول يشبهه النام‪ ،‬وهلو كلل ذي روح‪ .‬وقيلل جميلع‬
‫الخلئق‪ ،‬وقيل المراد بالنام البشر وهلو الشلبه‪ ،‬لنله أراد‬
‫به نفي قول المشبهة والمجسمة حيث وصفوا البارئ بللأنه‬
‫جسم على صورة البشر‪ ،‬وأيضللا أراد نفللي قللول النصللارى‬
‫حيث جعلوا له ولدا وصاحبة تعالى الله عن ذلك‪ .‬ول شللك‬
‫أن الولللد يشللابه الب‪ ،‬فعلللى هللذا أفللاد قللوله "ول يشلبهه‬
‫النام" غير ما أفاد قللوله فيمللا سللبق "ل شلليء مثللله" لن‬
‫الول عام وهذا خاص‪ ،‬فيكون مبالغة فللي تنزيلله الللله عللز‬
‫وجل عما ل يليق به‪".‬اهل‬
‫وهذا كلم مفيد‪.‬‬
‫وقد تواترت كلمات السلللف والحللاديث واليللات علللى‬
‫نفي الشبيه عن الله تعالى‬
‫‪ -‬ففي الجامع الصحيح سنن الترمذي قال‬
‫حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو سعد هو الصنعاني عن‬
‫أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عللن‬
‫أبي بن كعب أن المشركين قالوا لرسول الله صلى الللله‬
‫‪192 Page 51 of‬‬

‫انسب لنا ربك فأنزل الللله } قللل هللو الللله‬ ‫عليه وسلم‬
‫أحد الله الصمد { فالصمد الذي لللم يلللد ولللم يولللد لنلله‬
‫ليس شيء يولد إل سيموت ول شلليء يمللوت إل سلليورث‬
‫وإن الله عز وجل ل يمللوت ول يللورث } ولللم يكللن للله‬
‫كفوا أحد { قال لم يكن له شللبيه ول عللدل وليللس كمثللله‬
‫شيء‬
‫‪ -‬وفي مستدرك الحاكم‬
‫أخبرنا أبللو عبللد الللله محمللد بللن يعقللوب الحللافظ وأبللو‬
‫جعفر محمد بن علي قال حدثنا الحسين بن الفضللل حللدثنا‬
‫محمد بن سابق حدثنا أبللو جعفللر الللرازي عللن الربيللع بللن‬
‫أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب رضي الللله تعللالى‬
‫أن المشللركين قللالوا يللا محمللد انسللب لنللا ربللك‬ ‫عنلله‬
‫فأنزل الله عز وجل قل هو الله أحد الله الصللمد الللذي‬
‫لم يلد ولم يولد ولم يكن للله كفللوا أحللد لنلله ليللس شلليء‬
‫يولد إل سيموت وليس شيء يموت إل سلليورث وإن الللله‬
‫ل يموت ول يورث ولم يكن له كفوا أحد قال لللم يكللن للله‬
‫شللبيه ول عللدل وليللس كمثللله شلليء هللذا حللديث صللحيح‬
‫السناد ولم يخرجاه‬
‫‪-‬وروى هذا الحديث أيضا المام البيهقي في السللماء‬
‫جمللاع أبللواب ذكللر السللماء الللتي‬ ‫والصفات ص ‪ 32‬في ِ‬
‫تتبع نفي التشبيه عن الله تعالى‪.‬‬
‫‪ -‬ورواه أيضا في شعب اليمان)‪ (114-1/113‬فقال‬
‫حدثنا محمد بللن عبللد الللله الحللافظ‪ ،‬أنبللأ أبللو عبللد الللله‬
‫محمد بن يعقوب الحافظ‪ ،‬وأبو جعفر محمد بللن صللالح‪،‬‬
‫قال‪ :‬ثنا الحسين بن الفضل‪ ،‬ثنا محمد بن سابق‪ ،‬ثنا أبللو‬
‫جعفر الرازي‪ ،‬عن الربيع بن أنس عن أبي العاليللة عللن‬
‫سللب لنللا‬‫أبي بن كعب "أن المشركين قالوا يا محمللد ان ُ‬
‫ربك‪ ،‬فأنزل الله عز وجل)قل هو الله أحد الله الصمد(‪،‬‬
‫قال الصمد الذي لم يلد وللم يوللد‪ ،‬وللم يكلن لله كفلوا‬
‫أحد" لنه شيء يولد إل سيموت وليس شيء يمللوت إل‬
‫سيورث‪ ،‬وإن الله تبارك وتعالى ل يموت ول يورث‪ .‬ولم‬
‫يكن له كفوا أحللد لللم يكللن للله شللبيه ول عللدل‪ ،‬وليللس‬
‫كمثله شيء‪".‬اهل‬
‫‪192 Page 52 of‬‬

‫‪ -‬وروى البيهقي أيضا فللي شللعب اليمللان )‪(1/143‬‬


‫قال‪":‬أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسللحاق أنبللأ أبللو الحسللن‬
‫الطرائفي‪ ،‬ثنا عثمان بن سعيد الدارمي‪ ،‬ثنا عبد الله بن‬
‫صالح عن معاوية بن صالح‪ ،‬علن عللي بلن أبلي طلحلة‪،‬‬
‫عن ابللن عبللاس رضللي الللله عنلله فللي قللوله )تعلللم للله‬
‫سميا(مريم ‪ ،65‬هل تعلم له عز وجل مثل أو شبها‪".‬اهل‬
‫‪-‬فهذه نصوص صللريحة فللي نفللي التشللبيه عللن الللله‬
‫تعالى‪ ،‬فتعجب بعد ذلك لمن قال بللأن ذم المشللبهة لللم‬
‫يرد في كتاب ول سنة‪.‬‬
‫قال البابرتي في شرحه ص ‪":44‬القيوم هلو‬ ‫)]‪([22‬‬
‫القائم على كل نفس بما كسبت‪ ،‬وقيل هو الحافظ‪ ،‬وقيللل‬
‫القائم بتدبير أمر الخلق‪ ،‬وقيل القائم بذاته المقيم لغيللره‪.‬‬
‫وقللوله "ل ينللام" نفللي للنللوم والسللنة والسللهو والغفلللة‬
‫عنه"اهل‬
‫الخلق هو اليجاد بعللد العللدم‪ .‬والحاجللة هللي‬ ‫)]‪([23‬‬
‫توقف كمال الواحللد علللى غيللره‪ .‬فللالله تعللالى هللو الغنللي‬
‫الحميد‪ ،‬وتعالى الله عن أن يحتاج إلى غيره‪ .‬وخلقه تعالى‬
‫المخلوقات ليس حاجته لهم‪ ،‬بل ليعقللب خلقلله لهللم أمللره‬
‫ن‬
‫ونهيه على ما سللبق فللي علملله تعللالى)ومللا خلقللت الجل ّ‬
‫والنس إل ليعبدون( أي إل لمرهم بالعبادة‪ .‬والعبادة كمال‬
‫للعابد ل للمعبود‪.‬‬
‫قللال فللي القللاموس‪":‬ومللان القللوم احتمللل‬ ‫)]‪([24‬‬
‫َ‬
‫ت‬‫ؤونتهم أي ُقوَتهم‪ ،‬وقد ل يهمز‪ ،‬فالفعل مانه‪ .‬ومللا م لأن ْ ُ‬ ‫م ُ‬‫َ‬
‫ه لم أكللترث للله أو لللم أشللعر بلله أو مللا تهيللأت للله‪ ،‬ول‬ ‫ْ‬
‫مأن َ ُ‬
‫ت التعب فيه"‪.‬اهل‬ ‫ُ‬
‫دته وأهبته‪ ،‬وما طلبته ول أطل ُ‬ ‫أخذت عُ ّ‬
‫قوله باعث بل مشقة فيه إشارة إلى البعث‪،‬‬ ‫)]‪([25‬‬
‫والحياة الخرى‪ .‬ونفي المشقة عن الله تعالى فللي البعللث‬
‫كما هو في الخلق الول‪ ،‬لن المشقة توجد في من تنقص‬
‫قدرته وطللاقته إذا أوجللد غيللره‪ ،‬فيكللون غيللره ل يوجللد إل‬
‫بجزء يستنفذه الموجد‪ ،‬فأنت مثل عندما تحمل حمل‪ ،‬فإنك‬
‫لم تكن لتحمله إل عندما تستنفذ قدرا من الجهد الذي كان‬
‫مخبوءا فيك‪ ،‬ولذلك فإن المشقة والتعللب يحللل فيللك عنللد‬
‫العمل‪ .‬فيكون صدور الفعل منك مشروطا بفناء جزء منك‬
‫‪192 Page 53 of‬‬

‫في المفعول‪ ،‬وهذا كما ترى يسللتلزم إثبللات النقللص فيللك‬


‫ولللك‪ .‬والللله تعللالى يفعللل ل كفعلللك‪ ،‬ولللذلك فل تأخللذه‬
‫المشقة ول يلقللي التعللب فللي خلقلله بللالمرة‪.‬فللافهم هللذا‬
‫المعنى فإنه نفيس‪.‬‬
‫وكلم المام الطحاوي فيه إشارة إلللى ذلللك كللله‪ ،‬فهللو‬
‫يقول رحمه الله‪ ،‬إن الله فاعل بل مشللقة‪ ،‬أي مللع أن كللل‬
‫فاعل من المخلوقات فهو فاعل بالمشللقة والتعللب‪ ،‬إل أن‬
‫الله تعالى ل يشبه شيئا من ذلللك‪ ،‬ول يشللبهه شلليء‪ ،‬فهللو‬
‫فاعل بل مشقة‪.‬‬
‫أي إن الله تعالى قديم بلذاته وصلفاته‪ ،‬فللم‬ ‫)]‪([26‬‬
‫يتصف جل وعز بشلليء حللادث‪ ،‬ول بصللفة حادثللة‪ ،‬ومعنللى‬
‫الحللادث هللو الموجللود بعللد العللدم‪ .‬فللالله قللديم وصللفاته‬
‫قديمللة‪ ،‬واعلللم أن لفللظ القللديم ل يطلللق إل علللى المللر‬
‫الوجودي‪ ،‬فكأن المام الطحاوي أشار بكلمه هذا إلللى أن‬
‫صفاته تعالى وجوديللة خلفللا للمعتزلللة ومللن وافقهللم فللي‬
‫قولهم بأن صفاته تعالى ليست وجودية‪ ،‬وبالولى أن يكون‬
‫إشارة إلى الرد على قول الفلسفة الذين يبالغون في هذا‬
‫المللر فينفللون جميللع الصللفات الوجوديللة علللى الطلق‪،‬‬
‫ويخالفون حتى المعتزلة‪.‬‬
‫وانتبه إلى قللوله "مللا زال بصللفاته قللديما بصللفاته قبللل‬
‫خلقه"‪ ،‬فقوله قبل خلقلله‪ ،‬دليللل علللى أنلله يعتقللد أن الللله‬
‫تعالى كان ولم يكن شيء معه‪ ،‬وإشارة إلى الرد على من‬
‫خالف في ذلك كابن تيميللة الللذي ادعللى أن الللله لللم يللزم‬
‫ومعه بعض مخلوقاته‪ .‬فلم تتحقق قلط الحاللة اللتي يقلال‬
‫فيها إن الله قبل خلقه‪ ،‬فعبارة المام الطحللاوي هللذه إذن‬
‫ل تصح إل على قول أهل السنة والجماعة الشاعرة ومللن‬
‫وافقهم‪ .‬أما ابن تيمية فإنه ينفيها بل توقف‪ ،‬ويعتللبر القللول‬
‫بها بدعة في الدين ومخالفة لمللا تقتضلليه دلئل العقللول؟!‬
‫وكلمه هذا مبني على قوله بقدم العالم النوعي‪.‬‬
‫كونهم أي كون المخلوقات‪ ،‬والمقصود بذلك‬ ‫)]‪([27‬‬
‫وجودهم‪ ،‬ووجود المخلوقات هو صفة مللن صللفاتهم هللم ل‬
‫من صفات الخالق جل شأنه‪ .‬فإذا خلقهم جل وعز فللإنه ل‬
‫يستفيد من خلقه لهم أي صفة له‪ ،‬بل إن صفاته تبقى كما‬
‫‪192 Page 54 of‬‬

‫كانت قبل أن يخلقهللم‪ ،‬وذللك لن اللله للو اسللتفاد بخلقله‬


‫للمخلوقللات أي صللفة‪ ،‬لكللانت هللذه الصللفة إمللا نقصللا أو‬
‫كمال‪ ،‬ويستحيل أن تكلون نقصلا‪ ،‬فيبقلى أن تكلون كملال‪،‬‬
‫ولكن إذا كان ما استفاده الله بسبب خلقه لهم كمللال للله‪،‬‬
‫للزم عن ذلك أن كمللاله مسللتفاد مللن المخلوقللات‪ ،‬وهللذا‬
‫باطل‪ ،‬لنلله قللد سللبق بيللان أن الللله تعللالى ل يحتللاج إلللى‬
‫المخلوقات‪ ،‬بل هو جل شأنه غني عن غيره‪ ،‬والمخلوقللات‬
‫غير الله تعالى‪ ،‬فالله إذن غنللي عنهللم‪ ،‬ومعنللى أنله تعللالى‬
‫غني عن المخلوقات أي إنه ل يحتاج إليهم‪ ،‬ومعنى ذلك أن‬
‫كماله ل يتوقف على وجودهم‪ ،‬بل هو حاصللل علللى جميللع‬
‫كمالته الواجبة له تعالى بذاته ل بذوات غيره‪.‬‬
‫هذه هي عقيدة أهل السنة فللي الللله عللز وجللل‪ .‬وهللي‬
‫ثابتة لله تعالى من حيث هو غني عللن العللالمين‪ ،‬فل يصللح‬
‫مطلقا القول بأن الله تعالى لما كللان موجللودا قبللل خلقلله‬
‫لم يكن متصفا بصفة معينللة‪ ،‬ثللم لمللا أوجللد خلقلله اتصللف‬
‫بصفة جديدة‪ .‬فإن كل من يقلول بمثللل ذللك‪ ،‬فللإنه يلزملله‬
‫القول بافتقار الله تعالى إلى مخلوقاته‪ ،‬ومعلوم أن هللذا ل‬
‫يقول به عاقل‪ .‬وأما وجه لزوم الفتقار عند القللول بللذلك‪،‬‬
‫فإن وجود المخلوقات إذا لزم عنه اتصاف الله تعالى بأمر‬
‫لم يكن قبل وجودهم من صللفته‪ ،‬فللإن وجللود المخلوقللات‬
‫يصبح شرطا في اتصاف الله تعالى بهذا المر‪ ،‬وهذا المللر‬
‫ل بد أن يكون كمال كما سللبق بيللانه‪ ،‬فالحاصللل أن يكللون‬
‫المخلوقللات شللرطا فللي كمللال الللله تعللالى إذن‪ .‬والقللول‬
‫بشرطية المخلوقات للكمال اللذي يتصلف بله اللله تعلالى‬
‫معناه احتياج الله إلى مخلوقاته‪ ،‬والقول بذلك محال‪ ،‬وهو‬
‫كفر‪.‬‬
‫وقد يتعجب بعض الناس فيقولون‪ :‬وهللل يوجللد بالفعللل‬
‫من اشترط وجود المخلوق لتصاف الله تعالى بكمال للله؟‬
‫أي هل يوجد عاقل يقول بذلك؟!‬
‫ونقللول للله‪ :‬نعللم‪ .‬إن بعللض الفللرق الللتي تنتمللي إلللى‬
‫السلللم‪ ،‬قللد قللالت بللذلك‪ .‬بللل وجللادل بعللض أفرادهللا‬
‫والمنظرون لتعاليمها وحاولوا السللتدلل علللى ذلللك وأتللوا‬
‫بكللل مللا هللو معيللب لمحاولللة تقريللب ذلللك إلللى الللذهن‬
‫‪192 Page 55 of‬‬

‫البشري‪ ،‬ولكن أنى لهم أن يفلحوا في قلب الباطل حقل‪،‬‬


‫وفللي إثبللات أن الللله تعللالى محتللاج إلللى خلقلله‪ ،‬وأن هللذا‬
‫النقص كمال له‪ ،‬فهل يمكللن أن ينقلللب النقللص فللي حللق‬
‫الواحد كمال في حقه؟!‬
‫وقد يقول قائل‪:‬فمن هم هؤلء الللذين قللالوا بمثللل هللذا‬
‫القول الشنيع‪.‬‬
‫نقول‪ :‬بعض الناس ممن ينتمون إلللى الللدين السلللمي‬
‫يعتقدون أن الله تعالى له حجم معين ويطلقون على ذلللك‬
‫اسم القدر المعين‪ ،‬ويريدون بالقدر نفللس معنللى الحجللم‪.‬‬
‫وهؤلء الذين يقولون بذلك أثبتوا الحدود لله تعالى‪ ،‬وإثبات‬
‫الحدود لذاته جل شأنه عن هذا الهراء‪ ،‬لزم وضح لقللولهم‬
‫السابق‪ .‬ثم قالوا‪ ،‬بما أن الله تعالى له حجلم معيلن وقلدر‬
‫معين‪ ،‬فهو ل يستحيل عليه أن يتحرك من محل إلى آخللر‪،‬‬
‫ول يستحيل عليه أن يتصرف في ذاتلله بالحركللة والنتقللال‬
‫كمللا يتصللرف الواحللد مللن البشللر بللذاته كللذلك‪ .‬فجللواز‬
‫التصرف بهذا المعنى لزم واضح من لوازم مذهبهم القبيح‬
‫ذلك‪ .‬وما دام الله عند هؤلء متحركا بإرادته‪ ،‬فإنه يجوز أن‬
‫ينتقل من محل إلى آخر‪.‬‬
‫هذه كانت المقدمات التي اعتمد عليهللا هللؤلء لقللولهم‬
‫بجعل المخلوقات شرطا لكمالت الخالق‪ .‬فقد قللالوا‪ :‬لمللا‬
‫أراد الله أن يخلق العالم‪ ،‬وكان الله محدودا‪ ،‬والمحدود له‬
‫جهللات فللي نفسلله‪ ،‬فللله يميللن وشللمال وأعلللى وأسللفل‪،‬‬
‫وهكذا‪ ،‬اختار أن يخلق العالم تحته‪ ،‬فخلقه تحته‪ ،‬فصار هو‬
‫فوق العالم‪ ،‬وجهة الفوق أكمل مللن جهللة التحللت‪ ،‬ولللذلك‬
‫فإن الللله تعللالى اختللار جهللة التحللت للعللالم‪ ،‬واختللار جهللة‬
‫الفوق لذاته‪ ،‬فصار الله تعالى في جهللة الفللوق الللتي هللي‬
‫كمال له‪ ،‬وذلك بعد أن خلق العالم‪ .‬فكون الله تعالى فللي‬
‫جهة الفوق الذي هو كمال له‪ ،‬أمر لم يجللز حصللوله للله إل‬
‫بعد خلقه المخلوقات‪ .‬فوجود المخلوقات إذن شللرط فللي‬
‫حصول هذا الكمال‪ .‬فهذا هو قولهم بأن الله تعللالى يحتللاج‬
‫إلللى المخلوقللات فللي التصللاف بكمللالته‪ .‬والبعللض منهللم‬
‫صرح بهذا اللفظ‪ ،‬وهو ابن تيمية‪ ،‬وادعى أن ذلللك ل نقللص‬
‫فيه ؟! وللعاقل أن يتعجب من كلمه ما شاء‪.‬‬
‫‪192 Page 56 of‬‬

‫وأنت تللرى أن ذللك كلله يخلالف ملا نلص عليله المللام‬


‫الطحاوي في المتن أعله‪ ،‬لما قال‪":‬لم يزدد بكونهم شلليئا‬
‫لم يكن قبلهم من صللفته"‪ .‬أل تللرى أن هللذا يعللارض قللول‬
‫المجسمة بأن الله تعالى على العللرش جللالس‪ ،‬وأن كللونه‬
‫على العرش أكمللل مللن كللونه ل علللى العللرش‪ ،‬والعللرش‬
‫مخلوق‪ ،‬إذن فالحاصل علللى قللولهم أن كللون الللله تعللالى‬
‫علللى العللرش كمللال مشللروط بوجللود العللرش الللذي هللو‬
‫مخلوق‪ .‬وهذا غاية القبح‪.‬‬
‫وكذلك نفس قولهم فللي نللزول الللله تعللالى بللذاته إلللى‬
‫السماء الدنيا‪ ،‬فإنهم ل شك أنهم يقولون إن هذا كمال له‪،‬‬
‫وهذا الكمال لم يكن ليحصل لول أن المخلوقات موجودة‪،‬‬
‫إذ بل سماء يمكن النزول إليها‪ ،‬كيف يمكن النزول؟!‬
‫وكذلك يقولون في كونه خالقا‪ ،‬فإنهم يقولللون ل يكللون‬
‫الله خالقا بالفعل إل بعلد إيجلاده المخلوقلات‪ .‬وقبللل ذللك‬
‫فليس بخالق‪ ،‬ولكن كونه خالقا كمال له‪ ،‬فيلزم مللن ذلللك‬
‫على مذهبهم‪ ،‬وجللوب أن يخلللق الللله تعللالى المخلوقللات‪.‬‬
‫فاشللترطوا بللذلك لحصللول الكمللال لللله تعللالى وجللود‬
‫المخلوقات‪ ،‬ووقعوا في محظور آخر هنا وهو إيجللاب ذلللك‬
‫على الله تعالى‪ .‬وسوف يأتي مزيلد توضليح لهلذه النقطلة‬
‫قريبا‪.‬‬
‫ومذهب هؤلء لم يجرؤ الفلسفة على القول به‪ ،‬لقبحه‬
‫وسللخافته‪ .‬ولكنللك تللرى هللؤلء ينسللبون ذلللك أيضللا إلللى‬
‫الصلحابة والتلابعين بلل إللى أهلل السلنة‪ .‬وليلس ذللك إل‬
‫الكذب الصريح‪.‬‬
‫هذا القول تفريع على ما سبق‪ ،‬فالله تعللالى‬ ‫)]‪([28‬‬
‫كما كان موصوفا بصفاته منللذ الزل‪ ،‬فللإنه يبقللى موصللوفا‬
‫بهذه الصفات إلللى البللد‪ .‬ول يطللرأ عليلله تغيللر ول حللدوث‬
‫صللفة‪ .‬فل يتصللف الللله تعللالى بغيللر مللا كللان منللذ الزل‬
‫موصوفا به‪.‬‬
‫وهذا كما ترى نفي صريح من المام الطحاوي لحللدوث‬
‫صفة حادثة في الله تعالى‪ .‬وهللو خلف لمللا تفللوه بلله ابللن‬
‫تيمية ومن اتبعه من المجسمة‪ ،‬فلي قلولهم باتصلاف اللله‬
‫تعالى بالصفات الحادثة‪.‬‬
‫‪192 Page 57 of‬‬

‫ولو كان الله يجوز اتصافه بالحادث لكللان محتاجللا إلللى‬


‫الحادث‪ ،‬ولكان ناقصا منذ الزل حتى حيللن اتصللافه بللذلك‬
‫الحادث‪ ،‬ولكللان ذاتلله تقبللل التغيللرات والتحللولت‪ .‬ولكللان‬
‫مؤثرا في ذاته‪ .‬وقد صرح ابن تيمية بكل هذه القبللائح فللي‬
‫كتبه‪ .‬بل وصرح بأكثر منها‪.‬‬
‫فللاللزم علللى النسللان العاقللل أن يعللرف ممللن يأخللذ‬
‫عقيدته‪ ،‬ول يغتر بالسماء اللمعة‪ ،‬فكثير مللن المشللهورين‬
‫ل قيمة لما يكتبون في مللوازين العقللول‪ .‬كملا أن الشللهرة‬
‫بحللد ذاتهللا ليسللت دليل يحتللج بهللا علللى الحللق والباطللل‪.‬‬
‫فتأمل‪.‬‬
‫إن الله تعالى خالق‪ ،‬أي متصف بكونه خالقا‪.‬‬ ‫)]‪([29‬‬
‫وكونه خالقا هو حاصل منذ الزل‪ ،‬وفي الزل للم يكلن ثلم‬
‫مخلوق‪ ،‬إذن فالله تعالى خللالق وقبللل وجللود المخلوقللات‪.‬‬
‫والمخلوقات لم تكن لتوجد إل بخلقلله لهللا‪ .‬إذن هللو تعللالى‬
‫خالق وقبل أن يخلق الخلق‪ .‬وكونه خالقا‪ ،‬صفة كمللال للله‬
‫تعالى‪ ،‬ول يجوز أن يقال إنه ل يكللون خالقللا إل بعللد وجللود‬
‫المخلوقات‪ ،‬إل على معنلى أنله ل يكلون خالقلا بالفعلل إل‬
‫بعد وجود المخلوقات‪ ،‬فإن من يقول بذلك يشللترط لسللم‬
‫الفاعل حصول الفعل‪ ،‬ل مجرد القدرة على تحصيله‪ .‬فمن‬
‫أراد هذا المعنى فهو صحيح‪ .‬وهذا راجللع إلللى اللغللة‪ .‬ومللن‬
‫قال بذلك فإنه يقللول بللأن الخلللق بالفعللل ليللس كمللال للله‬
‫تعالى‪ ،‬لنه تعالى لم يزل كامل‪ ،‬تاما‪ ،‬وفي الزل لللم يكللن‬
‫الخلللق موجللودين‪ .‬بللل خلللق المخلوقللات كمللال لهللم ل‬
‫للخالق‪.‬فافهم‪.‬‬
‫وأمللا مللن قللال إن كللونه خالقللا ل يكللون إل بإيجللاد‬
‫المخلوقات بالفعل‪ ،‬وكللونه خالقللا كمللال للله تعللالى‪ ،‬فهللذا‬
‫القائل يريد أن يقول إن إيجاد المخلوقات واجب على الله‬
‫تعالى‪ ،‬لن كل ما كللان كمللال فهللو واجللب‪ ،‬ومللا دام كللونه‬
‫خالقا واجب لن كمللال‪ ،‬وكللونه خالقللا ل يحصللل إل بإيجللاد‬
‫المخلوقات‪ ،‬فإيجاد المخلوقات واجب‪ .‬فهذا هو من يجعللل‬
‫المخلوق شرطا لكمال الخالق‪ .‬وهذا حمللق وإلحللاد‪ .‬وهللذا‬
‫هو قول ابن تيمية الحراني‪ ،‬يصرح به ول يلوح‪ ،‬بل ويدعي‬
‫‪192 Page 58 of‬‬

‫أن هذا هو ما كانت عليه عقيدة السلللف؟! فقبحللا للله مللن‬


‫مغالط مكابر‪ ،‬وتعسا لمن يتخذ مثله قدوة‪.‬‬
‫وهذا القول من ابن تيميللة هللو أصللل قللوله بالتسلسللل‬
‫للحوادث في القدم‪ ،‬والقليل فقط من عرف حقيقة مراده‬
‫من هذا القول‪ ،‬وادعى بكللل جللرأة أن هللذا مللا كللان عليلله‬
‫السلف‪ .‬وصللريح كلم المللام الطحللاوي أن الحللوادث فللي‬
‫الزل منقطعة‪ ،‬فإن الله تعالى كان ولم يكللن شلليء معله‪،‬‬
‫وكان ول مخلوق‪ ،‬وهذه العقيدة هي التي اتفق عليها أهللل‬
‫السنة‪ .‬ولم يخالف فيها من هو معتللد بللأقواله‪ ،‬وبعللد ذلللك‬
‫كله ترى ابن تيميللة يصللرح بللأن هللذا القللول ل يليللق بللالله‬
‫تعالى وتنزه عما يقول‪ .‬ويدعي أن كون الحوادث مللع الللله‬
‫تعالى هو اللئق بجلله وكماله‪ ،‬وهذا كلم ساقط‪ ،‬ل يميللل‬
‫إليه إل من في قلبه زيغ‪ .‬وهذه هي إحللدى المسللائل الللتي‬
‫خالف فيها ابن تيميللة متللن المللام أبللي جعفللر الطحللاوي‪،‬‬
‫فاحفظها‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬حاول ابللن تيميللة أن يقللرب قللوله بللأن الحللوادث‬
‫متسلسلة في القدم‪ ،‬أي ل أول لها في القللدم‪ ،‬بللأن قللال‪:‬‬
‫ما دام قد جاز بقاء الحوادث في المستقبل إلى البد‪ ،‬وهو‬
‫بقاء الجنة والنار‪ ،‬عند القائل ببقاء النار‪ ،‬وهم أهل السللنة‪،‬‬
‫وأما ابن تيمية فإنه يقول بفنائها‪ ،‬يقول ما دام جللاز البقللاء‬
‫إلى البد‪ ،‬فيجوز التسلسل فللي القللدم‪ ،‬لنلله ل فللرق بيللن‬
‫البد والزل‪ ،‬فما جاز عليه أحدهما يجوز في الخر‪.‬‬
‫واعلم أن هذا الكلم عبارة عن مغالطة واضحة‪ ،‬ففرق‬
‫كبير بين القللدم‪ ،‬والبقللاء‪ ،‬فمللا فالقللدم ل يصللدق إل علللى‬
‫معنيين‪ ،‬الول عدم الولية‪ ،‬والثاني الللدوام أزمنللة ل نهايللة‬
‫لها في الماضي‪ ،‬فمعناه أنه مهمللا وجللد زملان فلإنه يوجلد‬
‫قبله زمان آخر ل إلى نهاية‪ ،‬وهذا يستلزم وجود سلسلة ل‬
‫نهاية لها من الحوادث الزمانيللة فللي القللدم‪ ،‬وأمللا المعنللى‬
‫الول فهو الثابت في حق الله تعالى كما أشرنا إليللك فللي‬
‫محله‪ ،‬وأما المعنى الثاني فهو غير جائز مطلقللا‪ ،‬لنلله غيللر‬
‫متصور‪ ،‬ويستلزم أزلية الزمللان‪ ،‬وهللو باطللل للللزوم كللونه‬
‫مخلوقا‪ ،‬وما كللان مخلوقللا يمتنللع أن يكللون أزليللا‪ .‬وكللذلك‬
‫البقاء في البد‪ ،‬فإنه صلادق علللى معنييلن الول هلو عللدم‬
‫‪192 Page 59 of‬‬

‫الخرية‪ ،‬والثاني البقاء أزمنة ل نهايللة لهللا فللي المسللتقبل‪،‬‬


‫فأمللا المعنللى الول فهللو الثللابت لللله تعللالى‪ ،‬فبقللاؤه فللي‬
‫المستقبل‪ ،‬ليس معناه دوامه أزمنة ل نهاية لها‪ ،‬بل معنللاه‬
‫إنما هو عدم وجللود آخللر لله تعللالى‪ ،‬وأمللا المعنللى الثللاني‪،‬‬
‫فمعناه أنه مهما وجد زمللان حاضللر‪ ،‬فيتصلور وجللود زمللان‬
‫لحق له‪ ،‬ولحظ أن هذا المعنى ل يلزم عنه وجود أزمنة ل‬
‫ل لزمللان‬ ‫نهاية لها بالفعل‪ ،‬بل يستلزم جواز وقوع زمان تا ٍ‬
‫حاضر‪ ،‬وهكللذا‪ ،‬وهللذا ل يسللتلزم وقللوع زمللان ل نهايللة لله‬
‫بالفعل كما ترى‪.‬‬
‫فأنت ترى من مجرد تحليل هاتين الحللالتين‪ ،‬أنلله يوجللد‬
‫فرق كبير بيللن التسلسللل فللي الماضللي‪ ،‬والتسلسللل فللي‬
‫المسللتقبل‪ ،‬فحيللث يسللتلزم الول وقللوع مللا ل نهايللة للله‬
‫بالفعل‪ ،‬فإن الثاني ل يستلزمه مطلقللا‪ .‬وبللذلك يتللبين لللك‬
‫مدى حمق من أجاز القياس بينهما‪ ،‬وقال إنله مللا دام جللاز‬
‫التسلسللل فللي المسللتقبل فيجللوز إذن فللي الماضللي‪ .‬فل‬
‫توجللد علللة مشللتركة بيللن المريللن كمللا تللرى حللتى يجللوز‬
‫القياس بينهما‪ .‬ول يشتركان فلي معنلى واحلد ملؤثر حلتى‬
‫يقال إنه إذا جاز أحدهما جاز الخر‪.‬‬
‫وأدى قول ابن تيمية بهللذا القللول‪-‬أي وقللوع التسلسللل‬
‫فللي الماضللي‪ -‬إلللى قبللائح عديللدة‪ ،‬وضللحناها فللي كتللاب‬
‫"الكاشف الصغير عن عقائد ابن تيمية"‪ .‬ولو كللان المجللال‬
‫مناسبا هنا لوسعنا لك في بيان مدى غلطلله ومللد خطللورة‬
‫هللذا القللول علللى عقللائد الللدين‪ .‬ولكللن مللا ذكرنللاه يكفللي‬
‫القارئ النبيه بتوفيق الله تعالى‪.‬‬
‫عبارة الطحاوي هللذه أصللل عظيللم قللال بلله‬ ‫)]‪([30‬‬
‫أهل السنة‪ ،‬والطريقة التي يورده بها هي طريقة الحنللاف‬
‫رضي الله تعالى عنهم‪ .‬فالربوبية لهللا معنللى‪ ،‬ومعناهللا هللو‬
‫القدرة على الخلق‪ ،‬والتدبير‪ ،‬وسائر خصائص الربوبية كما‬
‫وضحنا بعضها في أول تعليقاتنا هذه‪ .‬وهللذه المعللاني ثابتللة‬
‫لله تعالى قبل وجود أي مربوب مطلقللا‪ ،‬وتنبلله إلللى عمللق‬
‫ودقة عبارته هذه‪ ،‬فهو يصللرح فيهللا بللأن الللله تعللالى كللان‬
‫موجودا في حللال لللم يكللن معلله فيهللا أي مخلللوق‪ ،‬ول أي‬
‫مربللوب‪ ،‬وهللو معنللى قللوله "ول مربللوب"‪ ،‬فللالله تعللالى‬
‫‪192 Page 60 of‬‬

‫موجود قبل المخلوقات كلها‪ ،‬ومعنى الربوبيلة للم يكتسلبه‬


‫الله تعالى من وجود المخلوقات‪ ،‬ولم يطرأ عليه بعد خلقه‬
‫للمربللوبين‪ .‬فللإن هللذا ينللافي كمللاله وغنللاه المطلللق‪ ،‬كمللا‬
‫وضحناه لك فيما سبق‪.‬‬
‫وقوله هذا أيضا‪ ،‬له معنى قريب مللن معنللى‬ ‫)]‪([31‬‬
‫العبارة السللابقة‪ ،‬بللل هللو أخللص منهللا‪ ،‬فالخللالق هللو الللله‬
‫تعالى‪ ،‬ولم يتصف بكون خالقا‪ ،‬بعد أن أوجللد المخلوقللات‪،‬‬
‫بل هو تعالى خالق وقبل الخلللق‪ ،‬وذلللك لن صللفة الخلللق‬
‫صفة ثابتة له جللل شللأنه‪ ،‬قبللل وجللود المخلوقللات‪ ،‬فبهللذه‬
‫الصفة أوجد المخلوقات‪ ،‬ويستحيل أن يكللون قللد اكتسللبها‬
‫منهم‪ ،‬بل هم اكتسبوا وجودهم منه جل شأنه‪.‬‬
‫وتأمل أيضا في قوله‪ ،‬وللله معنللى الخللالق ول مخلللوق‪،‬‬
‫فللإن هللذا تصللريح قللوي بوجللود الللله تعللالى قبللل وجللود‬
‫المخلوقللات كلهللا‪ ،‬وهللو تصللريح بللأن سلسلللة المخلوقللات‬
‫منقطعة في الزل‪ ،‬خلفا لبن تيمية الذي يقللول بللأن الللله‬
‫تعالى لم يزل ومعه بعض مخلوقاته‪ ،‬فلم يكن موجودا أبدا‬
‫وحده‪ ،‬بل لم يزل ومعه بعض خلقه‪ .‬وهذا ينافي تمامللا مللا‬
‫يصرح به الطحاوي من عقيدة أهل السنة بأن الللله تعللالى‬
‫سللابق لجميللع المخلوقللات‪ ،‬فهللو موجللود قبلهللا جميعهللا‪،‬‬
‫فلجميع المخلوقات وسلسلة الخلق بداية ول شللك‪ ،‬وهللذه‬
‫عقيدة أهل السنة‪ ،‬وابن تيمية يخالفها ويللدعي بكللل جللرأة‬
‫أن كون الله تعالى خالقلا ل يمكللن أن يصللح إل بلأن يوجلد‬
‫بالفعل المخلوقات‪ ،‬ويدعي أن وجود المخلوقات كمال لله‬
‫تعالى‪ ،‬وهو في هذا يخالف كون الله تعالى غني بالذات‪ ،‬ل‬
‫بالغير‪ ،‬وكامل بالذات ل بالغير‪ ،‬ويخرج في هللذا أيضللا عللن‬
‫عقيدة أهل السنة أهل الحللق‪ ،‬ويخللرج أيضللا عللن مللا يللدل‬
‫عليه العقل‪.‬‬
‫ومعنى الخالق هو غير نفللس الخلللق‪ ،‬لن الخلللق فعللل‬
‫من أفعال الله تعالى‪ ،‬وأما معنى الخلق‪ ،‬فهو الصفة الللتي‬
‫يتصف بها الله تعالى وبها يخلق المخلوقللات جميعللا‪ ،‬وهللي‬
‫كون الله تعالى قادرا عالما مريدا‪ .‬فهذه الصفات ثابتة لله‬
‫تعللالى قبللل وجللود المخلوقللات‪ ،‬فهللو تعللالى خللالق وقبللل‬
‫الخلق‪ ،‬كما إنه تعالى رب وقبل وجود المربوبين‪.‬‬
‫‪192 Page 61 of‬‬

‫وهذا المعنى استفاده المام الطحاوي من عدة نصوص‬


‫في الكتاب والسنة‪ ،‬كما اسللتفاده أهللل السللنة جميعللا بللل‬
‫سائر الفرق السلمية المعتد بها‪ ،‬إل المجسمة‪.‬‬
‫‪-‬قال الله تعالى في سلورة آل عمللران‪ ]:‬إن فللي خلللق‬
‫السللماوات والرض واختلف الليللل والنهللار ليللات لولللي‬
‫اللباب )‪[(190‬‬
‫‪-‬وقال تعالى في سورة النعام‪ ]:‬ذلكم الللله ربكللم ل‬
‫إله إل هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شلليء‬
‫وكيل )‪[(102‬‬
‫‪-‬وقللال تعللالى فللي سللورة يللونس‪ ]:‬قللل هللل مللن‬
‫شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الللله يبللدأ الخلللق‬
‫ثم يعيده فأنى تؤفكون )‪[(34‬‬
‫‪-‬وقال تعالى في سورة النحل‪ ]:‬أفمن يخلق كمللن ل‬
‫يخلق أفل تذكرون )‪[(17‬‬
‫‪ -‬وقال تعالى في سورة العنكبوت‪ ]:‬أولم يروا كيلف‬
‫يبدئ الله الخلق ثللم يعيللده إن ذلللك علللى الللله يسللير )‬
‫‪[(19‬‬
‫‪ -‬وقال تعالى في سورة الجاثية‪ ]:‬وسخر لكم ما في‬
‫السماوات وما في الرض جميعا منه إن في ذلك ليللات‬
‫لقوم يتفكرون )‪[(13‬‬
‫وقد أبدع المام البيهقي في بيان هذا المعنى في كتابه‬
‫العتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد ص ‪ ،55‬فقال‪":‬وأخبرنا‬
‫محمد بن عبد الله الحافظ حدثني أبو بكر محمد بن أحمللد‬
‫بن بالويه أنا بشر بن موسى ثنا معاوية بللن عمللرو ثنللا أبللو‬
‫إسحاق الفزاري عن العمللش عللن جللامع بللن شللداد عللن‬
‫صفوان بن محرز عن عمران بن حصين قال‪:‬‬
‫أتيت رسول الله صلة الله عليه وسلم فجاءه نفللر مللن‬
‫أهل اليمن فقالوا يا رسول الله أتينللاك لنتفقلله فللي الللدين‬
‫ولنسألك عن أول هذا المر كيف كان؟‬
‫قال‪ :‬كان الله ولم يكن شيء غيره‪ ،‬وكان عرشه علللى‬
‫الماء‪ ،‬ثم كتب في الذكر كللل شلليء‪ ،‬ثللم خلللق السللموات‬
‫والرض"‪.‬‬
‫‪192 Page 62 of‬‬

‫قال الستاذ رحمه الله‪:‬قوله كان الله ولللم يكللن شلليء‬


‫غيللره‪ ،‬يللدل علللى أنلله لللم يكللن شلليء غيللره ل المللاء ول‬
‫العرش ول غيرهما‪ ،‬وكل ذلك أغيار‪ .‬وقللوله وكللان عرشلله‬
‫على الماء يعني به ثللم خلللق المللاء‪ ،‬وخلللق العللرش علللى‬
‫الماء‪.‬‬
‫وبيان ذلك في حديث أبي رزين العقلي عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم حين قال "ثم خلق العللرض علللى المللاء"‪.‬‬
‫أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو زكريا العنبي‪ ،‬ثنللا محمللد‬
‫بن عبد السلم‪ ،‬ثنا إسحاق بن إبراهيم أنا عبد الرزاق عللن‬
‫عمر بن حبيب المكي‪ ،‬عن حبيب بللن قيللس العللرج‪ ،‬عللن‬
‫طاوس‪ :‬قال‪:‬‬
‫جاء رجل إلى عبد الله بللن عبللاس فسللأله‪ ،‬فقللال‪ :‬مللم‬
‫خلللق الخلللق؟ قللال مللن المللاء والنللور الظلمللة والريللح‬
‫والتراب‪ .‬فقال الرجل فمم خلق هؤلء؟ فتل عبد الللله بللن‬
‫عبللاس )وسللخر لكللم مللا فللي السللموات ومللا فللي الرض‬
‫جميعا منه(‪.‬‬
‫قللال‪ :‬فأخبرنللا ابللن عبللاس أن المللاء والنللور والظلمللة‬
‫والريح والتراب مما في السللموات ومللا فللي الرض‪ ،‬وقللد‬
‫أخبر الله عز وجل أن مصللدر الجميللع منلله‪ ،‬أي مللن خلقلله‬
‫وإبداعه واختراعه فهو خالق كل شيء‪ ،‬خلق الماء أول‪ ،‬أو‬
‫الماء وما شاء من خلقه ل عن أصل ول علللى مثللال سللبق‬
‫ثم جعله أصل لما خلق بعده‪ ،‬فهو المبدع وهو الباري ل إله‬
‫غيره ول خالق سواه‪".‬اهل‬

‫هذا إكمال مللن الطحللاوي لتوضلليح القاعللدة‬ ‫)]‪([32‬‬


‫السابقة‪ ،‬وهي كون صفات الله ليست مستمدة من أفعاله‬
‫جل شأنه‪ ،‬فإن أفعاله حادثة وصفاته قديمللة‪ .‬ولللذلك فللإنه‬
‫يتصف بأنه محيي الموتى وقبل إيجاد المخلوقات بل وقبل‬
‫إماتتهم‪ ،‬وكذلك يسمى خالقا وقبللل أن يخلقهللم‪ .‬والسللبب‬
‫في تسميته بهذه السماء هو قيام الصفات التي بها يكللون‬
‫منشللأ الخلللق وهللي القللدرة والرادة والعلللم‪ ،‬وقيللام هللذه‬
‫الصفات بذاته جل شأنه أزلي‪ ،‬ول يعتملد عللى إيجلاد اللله‬
‫‪192 Page 63 of‬‬

‫تعالى لهذه المخلوقات‪ ،‬لن نفس إيجاده مشروط بوجللود‬


‫هذه الصفات له‪.‬‬
‫ومن هذا نستفيد معنى في غايللة الفللادة وهللو أن الللله‬
‫تعالى ل يستفيد اتصافه بالصفات ول تسميته بالسماء من‬
‫الفعال التي يقوم بها‪ ،‬بل من الصللفات الللتي يتصللف بهللا‪.‬‬
‫ولهذا فإن أسماءه وصفاته تعالى أزليللة‪ ،‬مللع كللون أفعللاله‬
‫حادثة‪ .‬فأفعاله ناشئة عن الصفات‪ ،‬وليست صللفاته ناشللئة‬
‫عن أفعاله‪.‬‬
‫وهذا الصل قد خالف فيه ابن تيميللة أيضللا‪ ،‬فللادعى أن‬
‫كللونه تعللالى خالقللا إنمللا يصللح بللأن يوجللد الللله تعللالى‬
‫المخلوقللات‪ ،‬وإيجللاده تعللالى للمخلوقللات هللو كمللال للله‪.‬‬
‫وادعى أيضا أنه تعالى يفعل الكلم في ذاته‪ ،‬فيصللبح بهللذا‬
‫الكلم الذي هو فعل له متكلما‪ ،‬فجعل الفعل قائمللا بللالله‪،‬‬
‫والفعل حادث‪ .‬فجعل الله تعالى موصوفا بصللفات حللادث‪،‬‬
‫وهذا معنى قوله أن الله يتصرف في نفسه‪ .‬كمللا يتصللرف‬
‫المخلوق بنفسه تماما‪.‬‬
‫وابن تيمية خرج في هذا الكلم عللن مللا يقللول بله أهللل‬
‫السنة‪ ،‬وأهل الحق‪ ،‬وهو خلف لما ينللص عليلله المللام أبللو‬
‫جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى‪ .‬وهلذا أصلل عظيلم ملن‬
‫أصول أهل السنة ينبغللي علللى القللارئ العتنللاء بتحصلليله‪.‬‬
‫والله الموفق‪.‬‬
‫قوله ذلك تعليل للحكم الذي وضحه سللابقا‪،‬‬ ‫)]‪([33‬‬
‫وهو كون الله تعالى خالقا وقبللل المخلوقللات‪ ،‬وربللا وقبللل‬
‫المربوبات‪ .‬فكلمة ذلك تللدل علللى العلللة الللتي مللن أجلهللا‬
‫حكم الطحاوي بذلك الحكم‪ ،‬والعلللة كمللا تراهللا هللي كللون‬
‫الله تعالى متصفا بأنه على كل شيء قدير‪ ،‬فالقدرة منشأ‬
‫كل تلك الصفات‪ ،‬وهي صللفة قديمللة قائمللة بللالله تعللالى‪.‬‬
‫ولجل اتصافه تعالى بالقدرة فهو الرب والخللالق والللرازق‬
‫المحيي والمميللت‪..‬الللخ‪ ،‬فكللل هللذه الصللفات راجعللة إلللى‬
‫القدرة كما ترى‪ ،‬فلو لم يكن تعالى قديرا لما صح اتصللافه‬
‫بأي من هذه الصفات‪.‬‬
‫وهذا الكلم يوافق ما عليه أهل السنة من إرجاع جميللع‬
‫هللذه الصللفات إلللى القللدرة تمامللا كمللا نللص عليلله المللام‬
‫‪192 Page 64 of‬‬

‫الطحاوي‪ ،‬ول يجعلون كل فعل من هذه الفعال ناشئا عن‬


‫صللفة خاصللة قائمللة بللالله تعللالى كمللا يللدعيه الجهلللة مللن‬
‫المجسمة‪ ،‬بل كل هلذه الفعلال ناشلئة علن صلفة واحلدة‬
‫وهي القدرة‪.‬‬
‫واليات التي تنص على أن الله علللى كللل شلليء قللدير‬
‫كثيرة منها‬
‫‪-‬قوله تعالى في سورة البقرة‪:‬‬
‫]يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيلله‬
‫وإذا أظلللم عليهللم قللاموا ولللو شللاء الللله لللذهب بسللمعهم‬
‫وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير )‪[(20‬‬
‫‪-‬وقوله تعالى في سورة البقرة‪:‬‬
‫]ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم مللن بعللد إيمللانكم‬
‫كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تللبين لهللم الحللق‬
‫فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بللأمره إن الللله علللى كللل‬
‫شيء قدير )‪[(109‬‬
‫‪-‬وقوله تعالى في سورة النحل‪:‬‬
‫]ولللله غيللب السللماوات والرض ومللا أمللر السللاعة إل‬
‫كلمح البصر أو هو أقرب إن الله علللى كللل شلليء قللدير )‬
‫‪[(77‬‬
‫‪-‬وقوله تعالى في سورة العنكبوت‪:‬‬
‫]قل سيروا في الرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله‬
‫ينشئ النشأة الخرة إن الله على كل شيء قدير )‪[(20‬‬
‫لحظ أيها القارئ النلبيه كيلف عقلب الملام‬ ‫)]‪([34‬‬
‫الطحاوي القواعد السابقة بهذه العبارة‪ ،‬الللتي تنللص علللى‬
‫أن الله تعالى ل يحتاج إلى شيء‪ ،‬وهللذا يعنللي بوضللوح أن‬
‫المللام الطحللاوي يريللد أن يقللول إن مللن يخللالف العقللائد‬
‫السابقة على ما تقدم شرحها‪ ،‬فإنه يلزملله أن الللله تعللالى‬
‫محتاج إلى غيره من المخلوقات‪ .‬وهذا كفللر بللالله ل شللك‬
‫ول ريب‪.‬‬
‫وأدلة كون الله تعالى غنيا كثيرة منها‬
‫قوله تعالى في سورة آل عمران‬
‫‪]-‬ومن كفر فإن الله غني عن العالمين )‪[(97‬‬
‫وقوله تعالى في سورة النساء‪:‬‬
‫‪192 Page 65 of‬‬

‫‪]-‬ولله ما في السللماوات ومللا فللي الرض ولقللد وصللينا‬


‫الذين أوتوا الكتاب مللن قبلكللم وإيللاكم أن اتقللوا الللله وإن‬
‫تكفروا فإن لله ما فللي السلماوات وملا فلي الرض وكللان‬
‫الله غنيا حميدا )‪[(131‬‬
‫وقوله تعالى في سورة النعام‬
‫‪]-‬وربك الغنللي ذو الرحمللة إن يشللأ يللذهبكم ويسللتخلف‬
‫من بعدكم ما يشاء كما أنشللأكم مللن ذريللة قللوم آخريللن )‬
‫‪[(133‬‬
‫وقوله تعالى في سورة يونس‬
‫‪]-‬قالوا اتخذ الللله ولللدا سللبحانه هللو الغنللي للله مللا فللي‬
‫السماوات ومللا فللي الرض إن عنللدكم مللن سلللطان بهللذا‬
‫أتقولون على الله ما ل تعلمون )‪[(68‬‬
‫واليات الدالة على هذا المعنى في القرآن كثيرة‪.‬‬
‫إذن فالمللام الطحللاوي متنبلله لنبنللاء هللذه القواعللد‬
‫المذكورة على قاعدة عظيمة هي استغناء الله تعالى عللن‬
‫كافة خلقه‪ ،‬ولكنك ترى أن ابن تيمية يصرح بكل جرأة بللل‬
‫بكل شناعة بأن الله تعالى إذا احتاج إلى مخلوقاته فهذا ل‬
‫ينافي كماله‪ ،‬لن مخلوقاته‪ ،‬محتاجللة إليلله‪ ،‬فهللو إن احتللاج‬
‫إليها فإنه يحتاج إلى من هو محتاج إليه‪ ،‬فكأنه ل يحتللاج إل‬
‫إلى نفسه‪ .‬وهذا كلم باطل بل ريب بينا بطلنه فللي كتللاب‬
‫"الكاشف الصللغير عللن عقللائد ابللن تيميللة"‪ .‬فللإن الللله إذا‬
‫احتللاج إلللى مخلوقللاته فللإنه يكللون فقيللرا إليهللم بل ريللب‪.‬‬
‫وافتقاره إلى غيره وهم المخلوقات ينافي كماله بالذات‪.‬‬
‫بعللد أن أشللار المللام الطحللاوي إلللى بعللض‬ ‫)]‪([35‬‬
‫القواعللد فللي العقللائد‪ ،‬كمللا سللبق بيللانه‪ ،‬ونبلله إلللى أدلتهللا‬
‫العقلية‪ ،‬الجمالية‪ ،‬ذكر هنا دليل نقليلا محكملا ل شلك فلي‬
‫دللته على ما سبق بيانه وتفصيله‪ ،‬وهللو قللوله تعللالى فللي‬
‫سورة الشورى ]فاطر السماوات والرض جعللل لكللم مللن‬
‫أنفسلكم أزواجلا وملن النعلام أزواجلا يلذرؤكم فيله ليلس‬
‫كمثله شيء وهو السميع البصللير )‪ ،[(11‬فهللذه اليللة مللن‬
‫أقوى اليات في تنزيه الله تعالى عن مشابهة المخلوقللات‬
‫من كل الوجوه‪ .‬وهي آية محكمة كما ترى‪ ،‬فلللو كللان الللله‬
‫تعالى مثل شلليء مللن مخلوقللاته لكللان محتاجللا إلللى مللن‬
‫‪192 Page 66 of‬‬

‫يوجده‪ ،‬ولكنه تعالى ليس كمثله شيء‪ ،‬فل يمكن أن يكون‬


‫محتاجا إلى غيره‪ .‬وهذا السلوب من السللتدلل هللو عيللن‬
‫ما تجده في كبار كتب الشاعرة من الدللللة علللى وجللوب‬
‫تنزه الله تعالى عن ما مضى ذكره مللن النقللائص بوجللوب‬
‫الكمال له‪ ،‬ويستدلون على ذلك بالعقل والنقل‪ .‬فلللو كللان‬
‫مثل غيره من وجه من الوجوه لكللان محتاجللا مثللل غيللره‪،‬‬
‫لن المثال تتساوى في الحكام‪ ،‬وقللد ثبللت بالعقللل حكللم‬
‫الحتياج لكل ما سواه تعالى‪ ،‬فلو قيل إن الله تعالى يشبه‬
‫غيره ولو من وجه من الوجوه‪ ،‬للزم علللى ذلللك قولنللا أنلله‬
‫تعالى مفتقر إلى غيره كافتقار ما يساويه إلى غيره‪ .‬ولكن‬
‫هذا باطل‪ ،‬إذن فالله تعالى ل يمكن أن يكون مماثل لغيره‬
‫ول بوجه من الوجوه‪ ،‬وهذا سللبق بيللانه فللي تفسللير قللوله‬
‫"ول يشبهه شيء"‪.‬‬
‫قال المام البيضاوي في تفسير هذه الية‪":‬ليس كمثله‬
‫شيء أي ليس مثله شيء يزاوجلله ويناسللبه‪ ،‬والمللراد مللن‬
‫مثله ذاته‪،‬كما في قولهم مثلللك ل يفعللل كللذا‪ ،‬علللى قصللد‬
‫المبالغة في نفيه عنلله فللإنه إذا نفللى عمللن يناسللبه ويسللد‬
‫مسده كان نفيه عنه أولى…ثم قال…ومن قال الكاف فيه‬
‫زائدة لعله عنى أنه يعطي معنى ليس مثله‪ ،‬غيللر أنلله آكللد‬
‫لما ذكرناه‪ .‬وقيل مثله صفته أي ليس كصفته صفة‪".‬اهل‬
‫وقال الراغب في المفردات في معنللى المثللل‪":‬عبللارة‬
‫عن المشابهة لغيره في معنى من المعاني أيّ معنى كان‪،‬‬
‫وهو أعم اللفاظ الموضوعة للمشابهة وذلك أن الند يقللال‬
‫فيما يشارك في الجوهر فقط‪ ،‬والشبه يقال فيمللا يشللارك‬
‫فللي الكيفيللة فقللط‪ ،‬والمسللاوي يقللال فيمللا يشللارك فللي‬
‫الكميللة فقللط‪ ،‬والشللكل يقللال فيمللا يشللاركه فللي القللدر‬
‫مْثل عام فللي جميللع ذلللك‪ ،‬ولهللذا لمللا‬
‫والمساحة فقط‪ ،‬وال ِ‬
‫أراد الله تعالى نفي التشللبيه مللن كللل وجلله خصلله بالللذكر‬
‫فقال‪]:‬ليس كمثله شيء[‪".‬اهل‬
‫وهذه الية كما نص عليه العلماء تنفي مطلق المشابهة‬
‫بيللن الللله تعللالى وبيللن مخلوقللاته‪ ،‬فكللل مللا يتصللف بلله‬
‫المخلوقات ل يمكن أن يتصف به الخالق‪ ،‬وكل ما هو مللن‬
‫صفاته عز وجل فل يمكللن أن يتللف بله المخلوقللات‪ .‬وهللي‬
‫‪192 Page 67 of‬‬

‫تنفي المشللابهة مللن جميللع الجهللات‪ ،‬ل مللن حيللث الللذات‬


‫فقط‪ .‬وهذا ما أراده البيضاوي والصفهاني مللن قللولهم أن‬
‫الكاف تفيد المبالغة في النفي‪.‬‬
‫الباء في قوله "بعلملله" لللصللاق‪ ،‬والمعيللة‪،‬‬ ‫)]‪([36‬‬
‫ومعنى ذلك أن الللله تعللالى خلللق الخلللق‪ ،‬وهللو عللالم بمللا‬
‫خلق‪ ،‬وذلك لنه ل يمكن أن يوجد فعل الخلق من واحد بل‬
‫كونه عالما بمخلوقاته‪ .‬فكونه خالقللا يسللتلزم كللونه عالمللا‬
‫ضمنا‪ .‬ولذلك قال الله تعالى في سللورة الملللك‪ ]:‬وأسللروا‬
‫قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور )‪ (13‬أل يعلللم‬
‫مللن خلللق وهللو اللطيللف الخللبير )‪ ،[(14‬ففللي هللذه اليللة‬
‫المباركة‪ ،‬ينص الله تعالى على أنلله يعلللم المخلوقللات‪ ،‬ول‬
‫تظن أنه يفهم من الية أنه تعالى ل يعلم إل ما يخلللق‪ ،‬بللل‬
‫إنها تدل على أنه بعللدما ثبلت أن اللله تعللالى هلو الخللالق‪،‬‬
‫فإنه يجب أن يثبت أيضللا أنلله عللالم بمللا خلللق‪ .‬ونقللول لللو‬
‫فرضنا أيضا أن الله تعالى ليس خالقا لبعللض الموجللودات‪،‬‬
‫فهو عالم بها بل شك‪ ،‬فالخلق ليس علللة علللى العلللم‪ ،‬بللل‬
‫إنه دليل عليه‪ ،‬ويتضمنه‪ ،‬فثبوت الخلللق دليللل علللى ثبللوت‬
‫العلم‪ ،‬وليللس عللة لوجللوده‪ ، .‬ففللي هللذه اليلة المباركللة‪،‬‬
‫ينص الله تعالى على أنه يعلم المخلوقات‪ ،‬ول تظللن أنلله ل‬
‫يعلم إل ما يخلق‪ ،‬بل إنها تدل على أنه بعدما ثبت أن الللله‬
‫تعالى هو الخالق‪ ،‬فإنه يجب أن يثبت أيضللا أنلله عللالم بمللا‬
‫خلق‪ .‬ونقول لو فرضللنا أيضللا أن الللله تعللالى ليللس خالقللا‬
‫لبعض الموجودات‪ ،‬فهو عالم بهللا بل شللك‪ ،‬فللالخلق ليللس‬
‫عللة عللى العللم‪ ،‬بللل إنله دليلل عليله‪ ،‬ويتضلمنه‪ ،‬فثبلوت‬
‫الخلق دليل على ثبوت العلم‪ ،‬وليس علة لوجوده‪.‬‬
‫وقللد يفهللم البعللض مللن قللول الطحللاوي "خلللق الخللق‬
‫بعلمه" أنه تعالى يخلق بعلمه‪ ،‬وهللذا محللض تللوهم‪ ،‬مبنللي‬
‫على أن الباء سببية‪ ،‬بل المللراد كملا نبهنللاك أن علللم اللله‬
‫تعالى مصاحب لخلقه‪ ،‬وإنما يخلق الله تعللالى المخلوقللات‬
‫بقدرته‪ ،‬ومن شرط كون القادر قادرا أن يكون عالمللا‪ ،‬لن‬
‫كل قادر مريد‪ ،‬وكل مريد عالم بما يريد‪.‬‬
‫قللال تعللالى فللي سللورة البقللرة‪]:‬قللال يللا آدم أنللبئهم‬
‫بأسمائهم فلما أنبأهم بأسللمائهم قللال ألللم أقللل لكللم إنللي‬
‫‪192 Page 68 of‬‬

‫أعلم غيب السماوات والرض وأعلم ملا تبلدون وملا كنتلم‬


‫تكتمون )‪[(33‬‬
‫وقال تعالى في سورة البقرة‪ ]:‬كتب عليكم القتال وهو‬
‫كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن‬
‫تحبوا شيئا وهللو شللر لكللم واللله يعلللم وأنتللم ل تعلمللون )‬
‫‪[(216‬‬
‫هذه الية تدل على أن الله تعللالى يعلللم الشللر والخيللر‬
‫قبل وقوعه‪ ،‬ويعلللم الخيللر مللن الشللر‪ ،‬ومعلللوم أن العلللم‬
‫بالشيء قبل وقوعه يستلزم أن يكون العلللم سللابقا علللى‬
‫المعلللوم‪ ،‬ل تاليللا للله ول مصللاحبا للله كمللا ادعللى بعللض‬
‫الحمقى‪.‬‬
‫وقال تعالى في سورة النساء‪ ]:‬إنمللا التوبللة علللى الللله‬
‫للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فللأولئك‬
‫يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما )‪[(17‬‬
‫قوله تعالى وكان اللله عليمللا حكيمللا‪ ،‬يللدل علللى أزليلة‬
‫علمه المتعلق بكللل المللور الجزئيللة والكليللة‪ ،‬فهللو تعللالى‬
‫يعلم التائب من غير التائب بعلمه الزلي‪.‬‬
‫وقال تعالى في سورة النسللاء‪ ]:‬ومللا تفعلللوا مللن خيللر‬
‫فإن الله كان به عليما )‪[(127‬‬
‫وهذه اليللة أيضللا تللدل علللى أسللبقية علللم الللله تعللالى‬
‫للمعلوم‪ .‬وهذا معنى كون علم الله تعالى أزليا‪ .‬ولحظ أنه‬
‫ل يجوز أن يقول قائل أنه ربما أراد الطحللاوي بللذلك كللون‬
‫علم الله قديما ولكن ليس أزليا‪ ،‬أي أنلله أراد مجللرد كللون‬
‫علملله تعللالى سللابقا للمعلللوم‪ ،‬وهللذا ل يسللتلزم الزليللة‪.‬‬
‫فالجواب‪ :‬أن المام الطحاوي ل يمكللن أن يكللون قللد أراد‬
‫هذا المعنى لنه نفى سابقا أن يكون الله تعالى قد اتصللف‬
‫بصفة غير قديمة أو حادثة‪ ،‬وهذا التفسير لقوله ل يصللح إل‬
‫على القول بأنه تعالى يجوز اتصافه بالحوادث‪ ،‬وهو منفللي‬
‫عند أهل السنة كما صللرح بلله الطحللاوي‪ .‬فلللزم أن يكللون‬
‫أراد أزلية علم الله تعالى‪.‬‬
‫وقال تعالى فللي سللورة التوبللة‪]:‬لللو كللان عرضللا قريبللا‬
‫وسللفرا قاصللدا لتبعللوك ولكللن بعللدت عليهللم الشللقة‬
‫‪192 Page 69 of‬‬

‫وسلليحلفون بللالله لللو اسللتطعنا لخرجنللا معكللم يهلكللون‬


‫أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون )‪[(42‬‬
‫هذه الية دليل على تعلق علم الللله الزلللي بالجزئيللات‬
‫فضللل عللن الكليللات‪ .‬لنلله ينللص هنللا أنلله يعلللم أن هللؤلء‬
‫كاذبون‪ ،‬أي إنهم لن يخرجوا معك‪ .‬وهذا أمر جزئي‪.‬‬
‫وقال تعالى في سورة هود‪ ]:‬وما من دابللة فللي الرض‬
‫إل على الله رزقها ويعلم مسللتقرها ومسللتودعها كللل فللي‬
‫كتاب مبين )‪[(6‬‬
‫وهذه اليللة دليللل صللريح علللى تعلللق علللم الللله تعللالى‬
‫الزلي بكل المور الكلية والجزية‪ ،‬فهو يعلم جل شأنه كل‬
‫ما يتعلق بالدواب بالتفصيلت منذ الزل‪.‬‬
‫وقال تعالى في سورة إبراهيم‪ ]:‬ألللم يللأتكم نبللأ الللذين‬
‫من قبلكللم قللوم نللوح وعللاد وثمللود والللذين مللن بعللدهم ل‬
‫يعلمهم إل الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيللديهم فللي‬
‫أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك ممللا‬
‫تدعوننا إليه مريب )‪[(9‬‬
‫تأمل كيف ينص الله تعالى على أنه يعلم من يجيء من‬
‫بعد تلك القوام المللذكورة‪ ،‬وهللذا يللدل علللى تعلللق علملله‬
‫تعالى الزلي بالمسللتقبلت مللن المللور والحللوادث‪ .‬وتنبلله‬
‫إلى أن قولنا بالمستقبلت فإنما تكون الحوادث من المور‬
‫المستقبلة بالنسبة للمخلوقات وأما بالنسبة لله فعلمه بهللا‬
‫علم أزلي حضوري‪ ،‬أي حاضر دفعة ل على التعاقب كعلللم‬
‫البشر‪.‬‬
‫وقال تعالى في سورة الحجر‪ ]:‬وما أهلكنا من قريللة إل‬
‫ولها كتاب معلوم )‪[(4‬‬
‫وقال تعالى في سورة الحجر‪ ]:‬وإن من شيء إل عندنا‬
‫خزائنه وما ننزله إل بقدر معلوم )‪[(21‬‬
‫هذا يدل على أن الله تعالى عالم بكل ما يخلقلله وقبللل‬
‫أن يخلقه‪.‬‬
‫وقال تعالى في سورة طه‪ ]:‬قال علمها عنللد ربللي فللي‬
‫كتاب ل يضل ربي ول ينسى )‪[(52‬‬
‫وقال تعللالى فللي سللورة لقمللان‪ ]:‬إن الللله عنللده علللم‬
‫الساعة وينزل الغيللث ويعلللم مللا فللي الرحللام ومللا تللدري‬
‫‪192 Page 70 of‬‬

‫نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن‬
‫الله عليم خبير )‪[(34‬‬
‫وهذه الية المشهورة تدل دللللة قاطعللة علللى أن الللله‬
‫تعالى يعلم المستقبلت من المور علمللا تفصلليليا ل يتغيللر‬
‫ول يتبدل‪ .‬وإن إحاطة علمه تعالى بالتفصيلت خاصية مللن‬
‫خواصه‪.‬‬
‫وقال تعالى في سورة فاطر‪ ]:‬والله خلقكم ملن تلراب‬
‫ثم من نطفة ثم جعلكللم أزواجللا ومللا تحمللل مللن أنللثى ول‬
‫تضع إل بعلمه وما يعمر من معمر ول ينقص من عمللره إل‬
‫في كتاب إن ذلك على الله يسير )‪[(11‬‬
‫وفي هذا دللللة علللى أن كللل مللا يتعلللق بآجللال النللاس‬
‫مكتوب في كتاب من قبل وجودهم‪.‬‬
‫د‪ ،‬بالكسلللر‪،‬‬ ‫ضللل ّ‬‫قلللال فلللي القلللاموس‪ ":‬ال ّ‬ ‫)]‪([37‬‬
‫مع لًا‪ ،‬ومنلله‪:‬‬ ‫ج ْ‬ ‫ن َ‬ ‫د‪ ،‬ويكللو ُ‬‫ضل ّ‬‫ف‪ِ ،‬‬ ‫مخللال ِ ُ‬‫ل‪ ،‬وال ُ‬ ‫مث ْل ُ‬
‫د‪ :‬ال ِ‬ ‫ضدي ُ‬ ‫وال ّ‬
‫ة‪ :‬غَل َب َلله‪ ،‬ول ل‬ ‫م ِ‬‫خصللو َ‬ ‫ده فللي ال ُ‬ ‫ض ّ‬‫دا{‪ .‬و َ‬ ‫ض ّ‬‫ن عليهم ِ‬ ‫}ويكونو َ‬
‫د‪ :‬غَ ِ‬ ‫ة‪ :‬م َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ض َ‬ ‫ض ّ‬
‫لها‪ .‬وأ َ‬ ‫ق‪ ،‬ول الِقْرب َ َ‬ ‫من ََعه ب ِرِفْ ٍ‬
‫صَرَفه‪ ،‬و َ‬ ‫عنه‪َ :‬‬
‫ده‪ :‬خللال ََفه‪ .‬وهمللا‬ ‫ة مللن عللاٍد‪ .‬وضللا ّ‬ ‫د‪ ،‬بالكسر‪ :‬قبيل ٌ‬ ‫ض ّ‬ ‫وبنو ِ‬
‫ن‪".‬أهل‬ ‫دا ِ‬ ‫متضا ّ‬‫ُ‬
‫النداد جمع ن ِلد ّ وهللو المثللل‪ ،‬كمللا قللال فللي‬ ‫)]‪([38‬‬
‫القللاموس‪ ،‬ودقللق الصللفهاني فللي هللذا المعنللى فللي‬
‫المفردات فقال‪":‬نديد الشيء مشاركة في جللوهره وذلللك‬
‫ضرب من المماثلة‪ ،‬فإن المثل يقال للله فللي أيّ مشللاركة‬
‫ده ونديللده‬ ‫كانت‪ ،‬فكل ند مثل وليس كل مثل ندا‪ ،‬ويقال ن ِ ّ‬
‫ونديدته‪ ،‬قال تعالى)فل تجعلوا لله أندادا(وقال تعالى)ومن‬
‫الناس من يتخذ من دون الله أندادا( وقال تعالى)وتجعلون‬
‫له أندادا(‪".‬اهل‬
‫قال المام العز بن عبللد السلللم فللي بدايللة‬ ‫)]‪([39‬‬
‫السول في تفضيل الرسول‪":‬قال الله تعالى لنبينللا محمللد‬
‫صلللوات الللله عليلله وسلللمه‪ ،‬متمننللا عليلله معرفللا لقللدره‬
‫لديه)وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكللن‬
‫تعلم‪ ،‬وكان فضل الله عليك عظيمللا(]النسللاء‪ ،[113:‬وقللد‬
‫فضل الله تعللالى بعلض الرسللل علللى بعللض فقللال‪) :‬تلللك‬
‫الرسلللل فضللللنا بعضلللهم عللللى بعلللض(]البقلللرة‪،[253:‬‬
‫‪192 Page 71 of‬‬

‫والتفضيل الول صريح في أصللل المفاضلللة‪ ،‬والثللاني فللي‬


‫تضعيف المفاضلة بدرجات‪ ،‬ونكرها تنكير التعظيللم بمعنللى‬
‫درجات أي درجلات‪".‬اهلل ثلم شلرع الملام العلز فلي ذكلر‬
‫وجوه التفضيل لسيدنا محمد على باقي الرسل والنبياء‪.‬‬
‫قال الله تعالى في سورة الحزاب )ما كللان‬ ‫)]‪([40‬‬
‫محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين(‬
‫]‪.[40‬‬
‫وروى البخاري في صحيحه عن مطعم عن أبيلله رضللي‬
‫الله تعالى عنه قللال قللال رسللول الللله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم لي خمسلة أسلماء أنللا محملد وأحملد وأنللا الملاحي‬
‫الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشللر النللاس‬
‫على قدمي وأنا العاقب‪.‬‬
‫وزاد الترمذي والطبراني في معجمه الكبير في روايتها‬
‫عنه‪ :‬وأنا العاقب الذي ليس بعللدي نللبي وفللي البللاب عللن‬
‫قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح‪ .‬وفللي روايللة ابللن‬
‫حبان عن محمد بن جبير بللن مطعللم عللن أبيلله أن رسللول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قللال إن لللي أسللماء أنللا محمللد‬
‫وأنا أحمد وأنللا المللاحي الللذي يمحللو الللله بللي الكفللر وأنللا‬
‫الحاشر الذي يحشر الناس على قدمه وأنللا العللاقب الللذي‬
‫ليس بعده نبي‪ .‬وقد سماه الله رؤوفا رحيما‪.‬‬
‫وفي المستدرك على الصحيحين عللن عللوف بللن مالللك‬
‫الشجعي قال انطلق النبي صلى الللله عليلله وسلللم وأنللا‬
‫معه حتى دخلنا كنيسة اليهود فقال يا معشر اليهود أرونللي‬
‫اثنللي عشللر رجل يشللهدون أن ل إللله إل الللله وأن محمللدا‬
‫رسول الله يحط الله عن كل يهللودي تحللت أديللم السللماء‬
‫الغضب الذي غضب عليهم قال فأسللكتوا مللا أجللابه منهللم‬
‫أحد ثم رد عليهم فلم يجبه منهم أحللد فقللال أبيتللم فللوالله‬
‫لنا الحاشر وأنللا العللاقب وأنللا النللبي المصللطفى آمنتللم أو‬
‫كذبتم ثم انصرف وأنا معه حتى كدنا أن نخللرج فللإذا رجللل‬
‫من خلفنا يقول كما أنت يللا محمللد فقللال ذلللك الرجللل أي‬
‫رجل تعلموني فيكم يا معشر اليهود قللالوا والللله مللا نعلللم‬
‫أنه كان فينا رجل أعلم بكتاب الله منك ول أفقلله منللك ول‬
‫من أبيك قبلك ول من جدك قبل أبيك قال فإني أشللهد للله‬
‫‪192 Page 72 of‬‬

‫بالله أنه نبي الله الذي تجدونه فللي التللوراة فقللالوا كللذبت‬
‫ثم ردوا عليه قوله وقالوا فيه شرا فقال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم كذبتم لللن يقبللل قللولكم أمللا آنفللا فتثنللون‬
‫عليه من الخير ما أثنيتم وأما إذا آمن فكذبتموه وقلتم فيه‬
‫ما قلتم فلن يقبل قولكم قال فخرجنا ونحن ثلثللة رسللول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وأنا وعبد الله بن سلم وأنزل‬
‫الله تعالى فيه قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتللم بلله‬
‫الية‪ .‬صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه إنمللا اتفقللا‬
‫على حديث حميد عن أنس أي رجللل عبللد الللله بللن سلللم‬
‫فيكم مختصرا‪.‬‬
‫رواه ابن ماجه في سننه عن أبي سعيد قال‬ ‫)]‪([41‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولد آدم ول‬
‫فخر وأنا أول من تنشق الرض عنه يللوم القيامللة ول فخللر‬
‫وأنا أول شافع وأول مشفع ول فخر ولواء الحمد بيدي يوم‬
‫القيامة ول فخر‪.‬‬
‫ورواه ابن حبان عن واثلة بن السقع قال قللال رسللول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم إن الله اصطفى كنانة مللن ولللد‬
‫إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى بني هاشم‬
‫من قريش واصطفاني من بني هاشللم فأنللا سلليد ولللد آدم‬
‫ول فخللر وأول مللن تنشللق عنلله الرض وأول شللافع وأول‬
‫مشفع‪.‬‬
‫ورواه أيضا عن عبد الله‪.‬‬
‫ورواه مسلم عن أبللي هريللرة بلفللظ قللال رسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولللد آدم يللوم القيامللة وأول‬
‫من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع‪.‬‬
‫ورواه المام أحمد في مسنده عن ابن أبللي خالللد قللال‬
‫نظرت عائشة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقللالت يللا‬
‫سيد العرب فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا‬
‫سيد ولد آدم ول فخر وأبوك سيد كهول العرب وعلي سيد‬
‫شباب العرب‪.‬‬
‫ورواه غيرهم‪.‬‬
‫رواه أحمد بن عمرو بن الضحاك في الحللاد‬ ‫)]‪([42‬‬
‫والمثاني عن ثوبان رضي الله تعالى عنه قال قال رسللول‬
‫‪192 Page 73 of‬‬

‫الله صلللى الللله عليلله وسلللم إن الللله عللز وجللل زوى لللي‬
‫الرض فرأيت مشارقها ومغاربها وأن أمللتي سلليبلغ ملكهللا‬
‫ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الحمللر والبيللض وإنللي‬
‫سألت ربي عز وجل لمتي أن ل يهلكها بسنة عامة وأن ل‬
‫يسلط عليهم عدوا مللن سللوى أنفسللهم فيسللتبيح بيضللتهم‬
‫وإن ربي عز وجل قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فللإنه‬
‫ل يرد وإني أعطيتك لمتك أن ل أهلكهم بسنة عامة وإن ل‬
‫أسلط عليهم عدوا مللن سللوى أنفسللهم فيسللتبيح بيضللتهم‬
‫ولو اجتمع عليهللم مللن بيللن أقطارهللا حللتى يكللون بعضللهم‬
‫يهلك بعضا وبعضهم يسبي بعضا وإن أخوف ما أخاف على‬
‫أمتي الئمة المضلين ول تقوم الساعة حللتى تلحللق قبللائل‬
‫من أمتي المشركين وحتى تعبد الوثان وأنه سلليكون فللي‬
‫أمتي ثلثون كذابا كلهم يزعم أنلله نللبي وأنلله ل نللبي بعللدي‬
‫وأنلله ل تللزال طائفللة مللن أمللتي علللى الحللق ظللاهرين ل‬
‫يضرهم من خذلهم حللتى يللأتي أمللر الللله عللز وجللل وهللي‬
‫كذلك‪.‬‬
‫يطلق القرآن على ما في الصدور وعلى مللا‬ ‫)]‪([43‬‬
‫في اللوح المحفوظ وعلللى المسللموع بالصللوت والحللرف‪،‬‬
‫قال تعالى في سورة العنكبوت)بللل هللو آيللات بينللات فللي‬
‫صدور الذين أوتوا العلم(‪ ،49‬وقال في سورة الللبروج)بللل‬
‫هو قرآن مجيد في لوح محفوظ(‪ ،21،22‬وقال في سورة‬
‫الحقللاف)وإذ صللرفنا إليللك نفللرا مللن الجللن يسللتمعون‬
‫القرآن(‪.29‬‬
‫مقدمة في الكلم النفسي واللفظي‪:‬‬
‫يدعي كثير من الجهلللة أنلله ل يوجللد شلليء اسللمه كلم‬
‫نفسي ول حديث نفسي ول قللول نفسللي‪ ،‬بللل كللل القللول‬
‫لديهم لفظي بصوت وحرف‪ ،‬وما كان بل صللوت ول حللرف‬
‫فليس بكلم أصل‪ .‬وهذا الكلم باطل ل دليل عليه إل اتبللاع‬
‫الهوى والتعنت‪ .‬وسو ف نبين لللك فيمللا يلللي وجللود أصللل‬
‫للكلم النفسي وغيره في كلم العللرب والسللف باختصللار‬
‫كما يليق بهذا الكتاب‪:‬‬
‫قال الله تعالى في سورة المجادلة)ألم تللر إلللى الللذين‬
‫نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتنللاجون بللالثم‬
‫‪192 Page 74 of‬‬

‫والعللدوان ومعصللية الرسللول وإذا جللاءوك حيللوك بمللا لللم‬


‫يحيك به الله ويقولون فللي أنفسللهم لللول يعللذبنا الللله بمللا‬
‫نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير )‪.(8‬‬
‫وقال تعالى في سللورة يوسللف)قللالوا إن يسللرق فقللد‬
‫سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبللدها‬
‫لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون )‪(77‬‬
‫وقال تعالى في سورة العراف‪):‬اذكر ربك في نفسللك‬
‫تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغللدو والصللال ول‬
‫تكن من الغافلين )‪(205‬‬
‫وروى الطللبراني فللي الحللاديث الطللوال عللن سلللمة‬
‫العجلي في قصة سلمان الفارسي رضي الله تعللالى عنلله‬
‫حديثا طللويل وفيلله‪ :‬فأخللذني غللم وحللدثت نفسللي بللالفرار‬
‫فقلت أصبر أحللدين أو ثلثللة فلمللا كللان يللوم الحللد رجعنللا‬
‫إليهللم فللأفطروا واجتمعللوا فقللال لهللم انللي أريللد بيللت‬
‫المقدس…وفيه… فنظرت بين كتفيه فرأيت خللاتم النبللوة‬
‫مثللل بيضللة الحمامللة فأسللمت ثللم قلللت للله ذات يللوم يللا‬
‫رسللول الللله أي قللوم النصللاري قللال ل خيللر فيهللم وكنللت‬
‫أحبهم حبا شديدا لما رأيت ملن اجتهلادهم ثلم انلي سلألته‬
‫أيضا بعد أيام يا رسول الله أي قوم النصللارى قللال ل خيللر‬
‫فيهم ول فيمن يحبهم قلت فللي نفسللي فأنللا والللله أحبهللم‬
‫قال وذاك والله حين بعث السرايا وجللرد السلليف فسللرية‬
‫تدخل وسرية تخرج والسيف يقطللر قلللت يحللدث بللي الن‬
‫أني أحبهم فيبعث إلي فيضرب عنقي فقعللدت فللي الللبيت‬
‫فجاءني الرسول ذات يوم فقال يا سلمان أجب قلت مللن‬
‫قال رسول الله صللى اللله عليله وسللم قللت هلذا واللله‬
‫الذي كنت أحذر قلت نعم ان اذهللب حللتى ألحقللك قللال ل‬
‫والله حتى تجيء وأنا أحللدث نفسللي أن لللو ذهللب أن أفللر‬
‫فانطلق بي فانتهيت إليلله فلمللا رآنللي تبسللم وقللال لللي يللا‬
‫سلمان أبشر فقد فرج الله عنك ثم تل علي هللؤلء اليللات‬
‫الذي آتيناهم الكتاب مللن قبللله هللم بلله يؤمنللون وإذا تتلللى‬
‫عليهم آياتنا قالوا آمنا به انه الحق من ربنا أنا كنا من قبللله‬
‫مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صللبروا ويللدرؤون‬
‫بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقللون وإذا سللمعوا اللغلو‬
‫‪192 Page 75 of‬‬

‫أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلم عليكم‬


‫ل نبتغي الجاهلين قللت واللذي بعثلك بلالحق لقللد سلمعته‬
‫يقول لو أدركته وأمرني أن أوقع في النار لوقعتها انه نللبي‬
‫ل يقول ال حقا ول يأمر ال بالحق‪.‬‬
‫وروى البيهقي في سننه الكبرى علن عبلادة بلن الوليلد‬
‫بن عبادة بن الصللامت قللال أتينللا جللابر بللن عبللد الللله فللي‬
‫مسجده فذكر قصته قال فقال جللابر فللذهب رسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته فاتبعته بإداوة من ماء‬
‫فنظر رسول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم فلللم يللر شلليئا‬
‫يتستر به فإذا شجرتان بشاطيء الللوادي فللانطلق رسللول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم إلى أحللداهما فأخللذ غصللنا مللن‬
‫أغصانها فقال انقادي علي بإذن الله تعللالى فانقللادت معلله‬
‫كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده حللتى أتللى الشللجرة‬
‫الخرى فأخذ بغصن من أغصانها فقال انقللادي علللى بللإذن‬
‫الله تعالى فانقللادت معلله كللذلك حللتى إذا كللان بالمنصللف‬
‫فيما بينهما لم بينهما يعني جمع بينهمللا فقللال التئمللا علللى‬
‫بإذن الله تعالى فالتأمتا قال جابر فجلست أحللدث نفسللي‬
‫فحانت مني لفتة فللإذا أنللا برسللول الللله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم مقبل وإذا الشجرتان قد افترقتا فقامت كل واحللدة‬
‫منهما علللى سللاق وذكللر بللاقي الحللديث رواه مسلللم فللي‬
‫الصحيح عن هارون بن معروف‪.‬‬
‫وروى البيهقي أيضا في سننه الكبرى عن سللليمان بللن‬
‫زوج ابنللا للله‬ ‫يسار أن بن عمر رضي الله تعللالى عنهمللا‬
‫ابنة أخيه عبيد الله بن عمر وابنه صغير يومئذ ولللم يفللرض‬
‫لها صداقا فمكث الغلم ما مكللث ثللم مللات فخاصللم خللال‬
‫الجارية بن عمر إلى زيد بن ثابت فقال بن عمر لزيد إنللي‬
‫زوجت ابني وأنا أحدث نفسي أن أصنع به خيرا فمات قبل‬
‫ذلك ولم يفرض للجارية صداقا فقال زيد فلها الميراث إن‬
‫كان للغلم مال وعليها العدة ول صداق لها‪.‬‬
‫وفي مسند أبي يعلى عن إبراهيم بن محمد بللن سللعد‬
‫قال حللدثني والللدي محمللد عللن أبيلله سللعد قللال مللررت‬
‫بعثمان بن عفان في المسللجد فسلللمت عليلله فمل عينيلله‬
‫مني ثم لم يرد السلم علي فأتيت أمير المؤمنين عمر بن‬
‫‪192 Page 76 of‬‬

‫الخطاب فقلت يا أمير المللؤمنين هللل حللدث فللي السلللم‬


‫شيء قال وما ذاك قلت ل إل أني مررت بعثمان آنفا فللي‬
‫المسجد فسلمت عليه فمل عينيه منللي ثللم لللم يللرد علللي‬
‫السلم قللال فأرسللل عمللر الللى عثمللان فللدعاه فقللال مللا‬
‫يمنعك أن تكون رددت على أخيك السلم قللال عثمللان مللا‬
‫فعلت قال سعد قلت بلى قال حتى حلف وحلفت قال ثللم‬
‫إن عثمان ذكر فقال بلى فأسللتغفر الللله وأتللوب اليلله إنللك‬
‫مللررت بللي آنفللا وأنللا أحللدث نفسللي بكلمللة سللمعتها مللن‬
‫رسول الله صلى الله عليلله وسللم ل والللله مللا ذكرتهللا‬
‫قط إل تغشى بصري وقلبي غشاوة فقال سعد فأنا أنللبئك‬
‫بها إن رسول الله صلى الله عليه وسلللم ذكللر لنللا أول‬
‫دعوة ثم جاء أعرابي فشغله ثم قللام رسللول الللله صلللى‬
‫الله عليه وسلم فاتبعته فلمللا أشللفقت أن يسللبقني الللى‬
‫منزله فضربت بقدمي الرض فللالتفت إلللي رسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم فقللال مللن هللذا أبللو إسللحاق قللال‬
‫قلت نعم يا رسول الله قللال فملله قللال قلللت ول والللله إل‬
‫أنك ذكرت لنا أول دعوة ثم جاء هذا العرابللي فقللال نعللم‬
‫دعللوة ذي النللون ل إللله إل أنللت سللبحانك إنللي كنللت مللن‬
‫الظالمين فإنه لم يدع بهلا مسللم ربله فلي شليء قلط إل‬
‫استجاب له‪.‬‬
‫وفي مسند المام أحمد عن بن عباس قللال جللاء رجللل‬
‫إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسللول الللله‬
‫انى أحدث نفسي بالشيء لن أخر من السماء أحللب إلللى‬
‫من ان أتكلم به قال فقال النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫الله أكبر الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيللده إلللى‬
‫الوسوسة‪.‬‬
‫وروى المللام البخللاري عللن ابللن عبللاس فللي الحللديث‬
‫الطويل في قصة السقيفة‪ ،‬وفيها قول عمر ‪ :‬فلما سللكت‬
‫أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالللة أعجبتنللي أردت أن‬
‫أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد فلملا‬
‫أردت أن أتكلللم قللال أبللو بكللر علللى رسلللك فكرهللت أن‬
‫أغضبه فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر والللله مللا‬
‫‪192 Page 77 of‬‬

‫ترك من كلمة أعجبتنللي فللي تزويللري إل قلال فلي بلديهته‬


‫مثلها أو أفضل منها‪.‬‬
‫وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله‬
‫تعالى عنه قال قال النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫يقول الله تعالى أنا عنللد ظللن عبللدي بللي وأنللا معلله إذا‬
‫ذكرنللي فللإن ذكرنللي فللي نفسلله ذكرتلله فللي نفسللي وإن‬
‫ذكرني في مل ذكرته فللي مل خيللر منهللم وإن تقللرب إلللي‬
‫شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربللت إليلله‬
‫باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة‪.‬‬
‫قال العلمة الصفهاني في المفللردات‪":‬بللدا‬ ‫)]‪([44‬‬
‫دوا ً وَبللداءا أي ظهللر ظهللورا بينللا‪ ،‬قللال الللله‬‫الشلليء َبلل ْ‬
‫تعالى)وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون – وبدا لهم‬
‫سيئات ما كسبوا – فبدت لهما سوآتهما(‪.‬اهل‬
‫واعلللم أن معنللى بللدا غيللر معنللى بللدأ‪ ،‬فبللدأ كمللا قللال‬
‫الصفهاني بدأت بكذا وأبدأت وابتللدأت أي قللدمت‪ ،‬والبللدء‬
‫والبداء تقديم الشيء على غيره ضربا مللن التقللديم‪ ،‬قللال‬
‫تعالى)وبدأ خلق النسان من طين(‪ ،‬وقال تعالى)الله يبللدأ‬
‫الخلق – كما بدأكم تعودون(‪ ،‬ومبدأ الشيء هو الللذي منلله‬
‫يتركب أو منه يكون‪ ،‬فالحروف مبدأ الكلم والخشب مبللدأ‬
‫الباب والسرير‪..‬الخ‪".‬اهل‬
‫وكللثيرا مللا يلتبللس قللولهم منلله بللدا بقللولهم منلله بللدأ‪.‬‬
‫والفرق بينهما كللبير‪ ،‬فبللدا بل همللز تعنللي مطلللق الظهللور‬
‫لمر‪ ،‬وظهور أمر يستلزم أنلله كللان موجللودا‪ ،‬ولكنلله ظهللر‬
‫للغير بعد أن كان خافيا عليه‪ .‬وأما بدأ الشلليء‪ ،‬فمعنللاه بل‬
‫توقف وجوده بعد كونه غير موجود‪ .‬وهذا الكلم يدل دللللة‬
‫قاطعة على أن كلم الله تعلالى قللديم ل بدايللة لله‪ ،‬ولكللن‬
‫ظهوره هو المحدث‪ .‬وظهور الشلليء غيللر نفللس الشلليء‪.‬‬
‫فللافهم‪ ،‬فللإن هللذه الشللارة تحللل كللثيرا مللن إشللكالت‬
‫المجسمة‪.‬‬
‫قال العلمة الصفهاني‪ :‬كيف لفظ يسأل به‬ ‫)]‪([45‬‬
‫عما يصح أن يقال فيه شبيه وغير شبيه‪ ،‬كالبيض والسللود‬
‫والصحيح والسقيم‪ ،‬ولهلذا ل يصلح أن يقلال فلي اللله علز‬
‫وجل كيف‪".‬اهل‬
‫‪192 Page 78 of‬‬

‫والحاصل كما نص عليه الشريف الجرجاني وغيره مللن‬


‫العلمللاء فللالكيف هللو الهيئة القللارة للشلليء‪ ،‬والمقصللود‬
‫بالهيئة هي الصورة‪ ،‬والشللكل المعيللن‪ .‬وهللي هنللا الصللوت‬
‫والحرف‪ ،‬وأن يحتاج الله تعالى للفللم واللسللان واللهللوات‬
‫وغير ذلك من صفات الحوادث‪ .‬فكل ذلك منفي فللي حقلله‬
‫تعالى وهو من قبيل تشبيهه تعالى بالمخلوقات‪.‬‬
‫قال البابرتي في شللرحه علللى الطحاويللة‪":‬وأراد بنفللي‬
‫الكيفية عنلله إثبللات أزليتلله ردا علللى المعتزلللة والكراميللة‪،‬‬
‫ونفللي كللونه مللن جنللس الحللروف والصللوات ردا علللى‬
‫الحنابلة‪ ،‬وذلك لن كلم الله صفته القائمللة بللذاته‪ ،‬فيكللون‬
‫قديما كسائر صفاته‪ ،‬إذ لو كان حادثا فإمللا أن يحللدث فللي‬
‫ذاته كما زعمت الكرامية‪ ،‬فيصير ذاته محل للحوادث‪ ،‬وهو‬
‫ل يجوز‪ ،‬أو ل في محل وهو محال أيضا‪ ،‬لن الكلم عللرض‬
‫فل بد له من محل‪ ،‬أو حدث في محل آخر فيكون المتكلم‬
‫ذلك المحل ل خالقه‪.‬‬
‫وقول الحنابلة وهو أنه حروف غير مخلوقة قائمة بذاته‬
‫أيضا باطل لن الحروف تتوالى ويقع بعضها مسبوقا ببعض‬
‫وكل مسبوق حادث‪ ،‬ولن الحروف ل تصدر إل مللن اللت‬
‫وهي الحلق والشفة وغيرهما‪ ،‬فيلزم من التجسلليم تعللالى‬
‫الله عن ذلك‪".‬اهل‬
‫كلمة "قول" متعلقللة بقللوله بللدا‪ ،‬بمعنللى أن‬ ‫)]‪([46‬‬
‫الكلم لما بدا من الله تعالى بدا منه قول‪ ،‬ل معنللى فقللط‪،‬‬
‫وذلك خلفا لمن قال إن القرآن أوحى الله تعلالى بله إلللى‬
‫جبريل عليه السلم بالمعنى وهو عبر عنه باللفاظ المنزلة‬
‫على سيدنا محمد‪ .‬وهذا القول ل دليللل عليلله‪ .‬فللالحق إذن‬
‫أن القرآن بدا من الله تعالى كما أنزل على سلليدنا محمللد‬
‫لم يتصرف فيه أحد من الخلق‪.‬‬
‫قال الله تعالى في سورة الشورى‪‬وملا كلان‬ ‫)]‪([47‬‬
‫لبشر أن يكلمه الله إل وحيا أو من وراء حجاب‪ ،‬أو يرسللل‬
‫ي بإذنه ما يشاء‪ ،‬إنه على ما يشاء قللدير)‪(51‬‬ ‫رسول فيوح َ‬
‫(‪ ،‬وقد وردت أدلة تدل على أن الوحي بالقرآن كان مللن‬
‫اللوح المحفوظ كما فللي المعجللم الصللغير للطللبراني عللن‬
‫ابن عباس عندما قالت قريش للنبي ‪" ‬فقالوا هذا‪-‬أي ما‬
‫‪192 Page 79 of‬‬

‫وعدوه به من مال ونساء وغير ذلك‪ -‬لللك عنللدنا يللا محمللد‬


‫وكف عن شللتم آلهتنللا ول تللذكرها بشللر فللإن بغضللت فإنللا‬
‫نفرض عليك خصلة واحدة ولك فيها صلللح قللال ومللا هللي‬
‫قال تعبد إلهنا سنة اللت والعللزى ونعبللد إلهللك سللنة قللال‬
‫حتى أنظر ما يأتيني من ربي فجاء الوحي من عنججد اللججه‬
‫عز وجل من اللوح المحفوظ قل يا أيهللا الكللافرون ل‬
‫أعبد ما تعبدون السورة وأنزل الله تعالى}قل أفغيللر الللله‬
‫تأمروني أعبد أيهللا الجللاهلون{ بللل الللله فأعبللد وكللن مللن‬
‫الشاكرين‪.‬‬
‫وقال تعالى في سورة القدر)إنا أنزلناه في ليلة القدر(‬
‫والظاهر من هذا التعبير أنه أنزله جميعه فللي تلللك الليلللة‪،‬‬
‫خلفا لمن قال إنه بدأ تنزيله فيها‪ .‬وقد أشللار أبللو السللعود‬
‫إلى القللولين فللي تفسلليره فقللال فللي)‪":(9/182‬والمللراد‬
‫بإنزاله فيها إما إنزال كله إلى السماء الدنيا كمللا روي أنلله‬
‫أنزل جملة واحدة‪ ،‬في ليلللة القللدر‪ ،‬مللن اللللوح المحفللوظ‬
‫إلللى السللماء الللدنيا‪ ،‬وأمله جبريللل عليلله السلللم علللى‬
‫السفرة ثم كان ينزله على النبي صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫في ثلث وعشرين سنة‪ ،‬وإما ابتداء إنزاله فيهللا كمللا نقللل‬
‫عن الشعبي‪".‬اهل‪.‬‬
‫وقد رجح المام الطبري في تفسيره القول بأن إنزاللله‬
‫تم كامل في ليلة القدر‪ ،‬فقال‪ :‬يقول تعالى ذكره‪ :‬إنا أنزلنا‬
‫در‪،‬‬ ‫هذا القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة الَقل ْ‬
‫كم التي يقضي الله فيهللا قضللاء السللنة وهللو‬ ‫ح ْ‬
‫وهي ليلة ال ُ‬
‫در‬‫ملَر‪ ،‬فهللو ي َْق ل ُ‬
‫ي هللذا ال ْ‬ ‫مصدر من قولهم‪ :‬قَل َ‬
‫در الللله عل ل ّ‬
‫درا‪ .‬وبنحو الللذي قلنللا فللي ذلللك قللال أهللل التأويللل‪.‬اهللل‪،‬‬ ‫قَ ْ‬
‫ويرجح هذا القول الروايات التالية‪:‬‬
‫روى الحاكم في المستدرك عن سعيد بن جبير عن ابن‬
‫عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى }إنا أنزلنللاه‬
‫في ليلة القدر{ قال أنزل القرآن جملللة واحللدة فللي ليلللة‬
‫القدر إلى السماء الدنيا وكللان بموقللع النجللوم وكللان الللله‬
‫ينزله على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضه في أثر‬
‫بعض قال وقللالوا }لللول نللزل عليلله القللرآن جملللة واحللدة‬
‫‪192 Page 80 of‬‬

‫كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه تللرتيل{ هللذا حللديث صللحيح‬


‫على شرطهما ولم يخرجاه‪.‬‬
‫ورواه البيهقي أيضا في السنن الكبرى‪.‬‬
‫وروى عن المعتملر قللال قلال أبلي حلدثنا الحريللث بللن‬
‫مخشي أن عليا قتل صبيحة إحدى وعشللرين مللن رمضللان‬
‫قال فسمعت الحسن بن علللي يقللول وهللو يخطللب وذكللر‬
‫مناقب علي فقللال قتللل ليلللة أنللزل القللرآن وليلللة أسللري‬
‫بعيسى وليلة قبض موسى قال وصلللى عليلله الحسللن بللن‬
‫علللي عليهمللا السلللم هللذا حللديث صللحيح السللناد ولللم‬
‫يخرجاه‪.‬‬
‫وروى الطبراني في المعجم الكبير عن سعيد بن جللبير‬
‫عن بن عباس في قوله } إنا أنزلناه في ليلة القدر{ قللال‬
‫أنزل القرآن جملة واحدة حتى وضع فللي بيللت العللزة فللي‬
‫السماء الدنيا ونزله جبريل عليه السلم على محمد صلللى‬
‫الللله عليلله وسلللم بجللواب كلم فللي السللماء الللدنيا ونزللله‬
‫جبريل عليه السلم علللى محمللد صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫بجواب كلم العباد وأعمالهم‪.‬‬
‫وهذا يوافق ما ورد فللي القللرآن الكريللم كقللوله تعللالى‬
‫)وقرآنا فرقنللاه لتقللرأه علللى النللاس علللى مكللث ونزلنللاه‬
‫تنزيل(السراء ‪ ،106‬وقوله)وقللال الللذين كفللروا لللول نللزل‬
‫عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبللت بلله فللؤادك ورتلنللاه‬
‫ترتيل(الفرقان ‪ .32‬وأيضا قوله تعالىفي سورة الللدخان)إنللا‬
‫أنزلناه في ليلة مباركة(‪ ،3‬كللل هللذه الدلللة تللدل علللى أن‬
‫إنزاله كان دفعة واحدة من اللوح المحفللوظ إلللى السللماء‬
‫الدنيا‪.‬‬
‫ي‪ ،‬أنه قللال فللي‬ ‫وأما ما رواه المام الطبري عن الشعب ّ‬
‫ل القللرآن‬ ‫قول الله‪ :‬إّنا أْنزْلناهُ في ل َي َْلة ال َْقد ْرِ قال‪ :‬نللزل أوّ ُ‬
‫في ليلة القدر‪.‬اهل ل أي ابتللدأ إنزاللله فللي ليلللة القللدر‪ .‬فهللو‬
‫ضعيف‪ ،‬وقد روى عنه الطبري أيضللا القللول الخللر بسللند‬
‫ي‪ ،‬في قوله‪ :‬إّنا أْنزْلناهُ في ل َي ْل َةِ ال َْقد ْرِ قال‪:‬‬‫آخر عن الشعب ّ‬
‫بلغنا أن القرآن نزل جملة واحدة إلللى السللماء الللدنيا‪.‬اهل ل‬
‫فهذا نص من الشعبي فللي مللا بلغلله عللن المتقللدمين فللي‬
‫‪192 Page 81 of‬‬

‫القرآن‪ ،‬وأما الرواية الولى فهي من رأيه وقوله‪ ،‬وقد تبين‬


‫ضعفه بما تقدم‪.‬‬
‫وما ذكرناه يقويه الفللرق الواضللح بيللن "أنزلنللاه" وبيللن‬
‫"نزلنللاه"‪ ،‬فللالولى تللدل علللى وقللوع الفعللل مللرة واحللدة‬
‫ودفعة واحدة‪ ،‬وأما الثانيللة فإنهللا تللدل علللى وقللوعه علللى‬
‫دفعات‪.‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫هللذا الكلم يؤكللد أن المللراد بكلم المللام‬ ‫)]‪([48‬‬
‫الطحاوي هو نفي أن يكون اللفظ القرآن قللد فعللله واحللد‬
‫من المخلوقات‪ ،‬ولذا فهللو ينللص علللى نفللي ذلللك‪ .‬وليللس‬
‫المراد من كلمه هو أن الله تعالى قد تكلم بصوت وحرف‬
‫كما تتكلم المخلوقات‪ ،‬فإن ذلك منفللي بقللوله "بل كيللف"‪،‬‬
‫وهو نفي صريح للحرف والصوت وسائر الكيفيات‪.‬‬
‫هذه الفقرة كلها تؤكد لك ما بيناه من معاني‬ ‫)]‪([49‬‬
‫كلم المام أبي جعفر الطحاوي فيما سبق‪ ،‬فمراده رحملله‬
‫الله هلو نفلي أن يكلون القلرآن قلد ركلب حروفله وأوجلد‬
‫كلماته أحد من المخلوقات‪ ،‬وليس مللراده هللو القللول بللأن‬
‫الله تعالى قد تكلم به بحرف وصوت كما ادعى المجسمة‪.‬‬
‫هللذا نللص صللريح فللي تكفيللر المجسللمة‬ ‫)]‪([50‬‬
‫والمشبهة‪ ،‬والذين يشبهون الله تعالى بأحد من خلقه‪.‬وفيه‬
‫رد مباشر على مللن قلال مللن المجسللمة بللأن الللله تعللالى‬
‫يتكلم بالصوت والحرف‪ ،‬وبللأن كلملله عبللارة عللن حللوادث‬
‫متتالية يوجدها في ذاته‪ ،‬وهي عبارة عن أصوات وحروف‪،‬‬
‫يوجدها الله تعالى بقدرته فللي نفسلله‪ ،‬وكللل منهللا حللادث‪،‬‬
‫لحق لما قبله وسابق لما بعده‪ ،‬فهذا معنللى مللن المعللاني‬
‫الثابتة للبشر‪ ،‬فمن أثبتها لله تعالى فللإن المللام الطحللاوي‬
‫ينص على كفره‪ ،‬هذا هو المفهوم من عبارته‪.‬‬
‫فما بالك بعد ذلك بمن لم ينزجللر بهللذا‪ ،‬بللل‬ ‫)]‪([51‬‬
‫وصف الللله تعللالى بالمعللاني الثابتللة للخلللق‪ ،‬ونسللب إليلله‬
‫تعللالى مللا ل يجللوز نسللبته إل إلللى المخلوقللات‪ ،‬وذلللك‬
‫كالمشللبهة والمجسللمة الللذين نسللبوا إليلله تعللالى الحللرف‬
‫والصوت الحادثين في ذاته بقدرته وإرادته‪.‬‬
‫قللال العلمللة الصللفهاني فللي المفللردات‪:‬‬ ‫)]‪([52‬‬
‫الرؤية إدراك المرئي‪ ،‬وذلك أضرب بحسب قللوى النفللس‪.‬‬
‫‪192 Page 82 of‬‬

‫والول‪:‬بالحاسة وما يجري مجراها‪ ،‬نحو لترون الجحيم ثللم‬


‫لترونها عين اليقين( وقوله تعالى)ويوم القيامة ترى الللذين‬
‫كذبوا على الله( وقللوله)فسلليرى الللله عملكللم( فللإنه ممللا‬
‫ُأجرِيَ مجرى الرؤية الحاسللة‪ ،‬فللإن الحاسللة ل تصللح علللى‬
‫الله تعالى عن ذلك‪ ،‬وقوله)إنه يراكم هو وقبيله من حيللث‬
‫ل ترونهللم(‪ .‬والثللاني‪:‬بللالوهم والتخييللل نحللو أرى أن زيللدا‬
‫منطلق‪ ،‬ونحللو قللوله)ولللو تللرى إذ َيتللوفى الللذين كفللروا(‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬بالتفكر نحو)إني أرى ما ل ترون( والرابع‪ :‬بالعقل‬
‫وعلى ذلك قوله )ما كذب الفؤاد ما رأى( وعلى ذلك حمل‬
‫قوله) ولقد رآه نزلة أخرى(‪.‬اهل‬
‫أي رؤية الله تعللالى فهللي حللق بمعنللى أنهللا‬ ‫)]‪([53‬‬
‫واقعة لهل الجنة‪ ،‬ل لغيرهم من أهل الدنيا‪ .‬فل يللرى الللله‬
‫تعالى أحد فللي الحيللاة الللدنيا كمللا هللو ظللاهر كلم المللام‬
‫الطحاوي وكما هو المعتمد عند كثير من أهل السنة‪.‬‬
‫أما وقوعها لهللل الجنللة فقللد دل علللى ذلللك النصللوص‬
‫التالية‪:‬‬
‫منها مللا رواه المللام النسللائي فللي سللننه الكللبرى عللن‬
‫جرير قال خرج علينا رسلول للله صللى اللله عليله وسللم‬
‫ليلة البدر فنظر إلى القمللر فقللال إنكللم تللرون ربكللم كمللا‬
‫ترون هذا ل تضامون في رؤيته‪.‬‬
‫وقد رواه المام البخاري في صحيحه عن جرير قال كنا‬
‫عند النبي صلى الله عليلله وسلللم فنظللر إلللى القمللر ليلللة‬
‫يعني البدر فقال إنكم سترون ربكم كما ترون هللذا القمللر‬
‫ل تضللامون فللي رؤيتلله فللإن اسللتطعتم أن ل تغلبللوا علللى‬
‫صلة قبل طلوع الشمس وقبللل غروبهللا فللافعلوا ثللم قللرأ‬
‫} وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب‪.‬‬
‫ورواه عنه أيضا النسائي في سننه الكللبرى‪ .‬وفيلله عللن‬
‫أبي هريرة بلفظ قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا قللال هللل‬
‫ترون الشمس في يوم ل غيم فيه وترون القمر فللي ليلللة‬
‫ل غيم فيها قلنا نعم قال فللإنكم سللترون ربكللم‪ .‬وهللو فللي‬
‫المعجم الكبير للطبراني عن جرير‪ ،‬وفي سللنن أبللي داود‪،‬‬
‫وابن ماجه‪ ،‬والسنن الكللبرى للللبيهقي‪ ،‬وابللن حبللان‪ ،‬وفللي‬
‫صحيح مسلم‪.‬‬
‫‪192 Page 83 of‬‬

‫ورواه المام أحمد علن أبلي سلعيد الخلدري قلال قلال‬


‫رسول الله صلى الله عليه وسلم انكم سترون ربكللم عللز‬
‫وجل قالوا يا رسول الله نرى ربنا قال فقال هللل تضللارون‬
‫في رؤية الشمس نصف النهار قالوا ل قال فتضارون فللي‬
‫رؤية القمر ليلة البدر قالوا ل قللال فللإنكم ل تضللارون فللي‬
‫رؤيته إل كما تضارون في ذلللك قللال العمللش ل تضللارون‬
‫يقول ل تمارون‪.‬‬
‫ورواه البخلاري فلي صلحيحه علن جريلر بلن عبلد اللله‬
‫بلفظ‪ :‬قال النبي صلى الله عليه وسلم إنكم سترون ربكم‬
‫عيانا‪.‬‬
‫وهو في الترمذي عن أبي هريرة قال قال رسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم أتضامون في رؤية القمر ليلة البللدر‬
‫وتضامون في رؤية الشمس قللالوا ل قللال فللإنكم سللترون‬
‫ربكم كما ترون القمر ليلة البدر ل تضامون في رؤيته قال‬
‫أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب‪.‬‬
‫ومنها ما رواه المام أحمد عن عبادة بللن الصللامت أنلله‬
‫قال أن رسول الله صلى الله عليلله وسلللم قللال إنللي‬
‫قد حدثتكم عن الدجال حتى خشلليت أل تعقلللوا أن مسلليح‬
‫الدجال رجل قصير أفحج جعد أعور مطموس العين ليللس‬
‫بناتئة ول حجزاء فإن ألبس عليكم قال يزيد ربكم فاعلموا‬
‫أن ربكم تبارك وتعالى ليس بأعور وإنكم لللن تللرون ربكللم‬
‫تبللارك وتعللالى حللتى تموتللوا قللال يزيللد تللروا ربكللم حللتى‬
‫تموتوا‪.‬‬
‫فهللذه الروايللات كلهللا تللدل علللى أن الرؤيللة واقعللة‬
‫للمؤمنين في يوم القيامة‪ ،‬ل في الحياة الدنيا‪.‬‬
‫الباء في قوله بغير‪ ،‬متعلقة بقللوله والرؤيللة‪،‬‬ ‫)]‪([54‬‬
‫أي إن الرؤية تكللون بغيللر إحاطللة ول كيفيللة‪ ،‬فيجللب نفللي‬
‫الكيف عن الرؤية‪ ،‬وقد سبق بيللان معنلى الكيلف‪ ،‬ومضلى‬
‫ذكر أنه يجب نفي الكيف عللن الللله تعللالى وصللفاته‪ .‬وأمللا‬
‫الحاطة‪ ،‬فل يحيط بجلل قدر الله تعالى إل هو جل شأنه‪،‬‬
‫فل يجوز أن يتوهم واحد أن الرؤيللة المشللار إليهللا تكشللف‬
‫عن جميع صفات الله تعالى‪ ،‬وجليل ذاته‪ .‬ثللم إن الحاطللة‬
‫الفعلية ل تكون إل لمن له حدود‪ ،‬وأما الللله تعللالى فل حللد‬
‫‪192 Page 84 of‬‬

‫له ول طرف ول غاية‪ ،‬وقد سبق بيان ذلللك كللله‪ ،‬فل يجللوز‬
‫أصل نسبة الحدود والحاطة إليه جللل شللأنه‪ ،‬لنتفللاء ذلللك‬
‫عنه‪.‬‬
‫قللال العلمللة الغنيمللي فللي شللرحه علللى العقيللدة‬
‫الطحاوية‪":‬ونقول )الرؤية( إلى الللذات المقدسللة المنزهللة‬
‫عن الحاطة والجوانب)حق( أي ثابتللة )لهللل الجنللة( لكللن‬
‫)بغير إحاطة( بجوانب المرئي وحدوده‪ ،‬لتعاليه تعللالى عللن‬
‫التناهي بالجوانب والتصاف بالجوانب والحدود )ول كيفية(‬
‫من مقابلة وجهة وارتسام‪ ،‬واتصال شعاع وثبللوت مسللافة‬
‫بين الرائي والمرئي لن هذا كله في رؤية الجسللام والللله‬
‫تعالى ليس بجسلم فليسلت رؤيتله كرؤيلة الجسلام‪ ،‬فلإن‬
‫الرؤية تابعة للشيء على ما هو عليه‪ ،‬فمن كان في مكان‬
‫وجهة ل يرى إل فللي مكللان وجهللة كمللا هللو كللذلك‪ ،‬وي ُلَرى‬
‫بمقابلة واتصال شعاع وثبوت مسافة‪ ،‬ومللن لللم يكللن فللي‬
‫مكان ول جهة وليس بجسم‪ ،‬فرؤيته كذلك ليس في مكان‬
‫ول جهة ول بمقابلة واتصال شعاع وثبوت مسللافة‪ ،‬وإل لللم‬
‫تكن رؤية له‪ ،‬بل لغيره‪".‬اهل‬
‫وهذا الكلم جيد ومفيد‪ ،‬إل قوله "‪ ،‬فمن كان في مكان‬
‫…‪ .‬وي َُرى بمقابلة واتصال شعاع وثبوت مسافة"اهل‪ ،‬فللأول‬
‫هذا الكلم صحيح بل شك‪ ،‬وهو أن ما كان في مكللان فللإنه‬
‫يرى في مكان‪ ،‬وأما القسم الثاني‪ ،‬وهللو أن مللا كللان فللي‬
‫مكان فظاهر كلمه أنلله ل يللرى إل باتصللال شللعاع وثبللوت‬
‫مسافة ومقابلة‪ ،‬وهذا غير صللحيح‪ ،‬إن كللان هللو مللا أراده‪،‬‬
‫فإن ما كان في مكان فإنه يمكن أن ُيرى بل اتصال شللعاع‬
‫ول مقابلة ول جهة‪ ،‬ويمكن أن يكون معناه أنه كذلك عادة‪،‬‬
‫وبناءا على ذلك فل إشللكال‪ .‬فالرؤيللة فللي الحقيقللة صللفة‬
‫كاشفة‪ ،‬وهي قائمللة فللي الللرائي‪ ،‬وتكشللف عللن المللرئي‪،‬‬
‫وعليه فإن الرائي يمكن أن يكون ل في مكللان‪ ،‬ويللرى مللا‬
‫هو في مكللان‪ ،‬ول يشللترط فللي الرؤيللة عنلله أهللل السللنة‬
‫اتصال شعاع‪ ،‬وغير ذلك من الشروط العادية‪ ،‬كمللا أشللار‪،‬‬
‫وإلى ذلك نبه العلمة الطحاوي في قوله "بل كيفة"‪.‬‬
‫هذا واعلم أن ابن تيمية قد فسر قللول السلللف ومنهللم‬
‫الطحلللاوي"أن اللللله تعلللالى ي ُلللرى بل إحاطلللة" بلللالمعنى‬
‫‪192 Page 85 of‬‬

‫التالي‪":‬أي إن الله تعالى وإن كان له حدود‪ ،‬إل أن الللرائي‬


‫ل يحيط بحلدوده‪ ،‬كملا إذا نظلرت إللى السلماء فهلي وإن‬
‫كانت محدودة إل أنك ل تحيط بحدودها‪ ،‬فكذلك الله"‪ .‬هذا‬
‫هو حاصل ما يقوله هذا الرجل‪ ،‬وهو يبنللي ذلللك كللله علللى‬
‫مذهبه في التجسيم والقول بللأن الللله تعللالى محللدود مللن‬
‫جميع الجهات‪ ،‬وهو مذهب باطل مرذول‪ ،‬ل يقول به واحللد‬
‫من أهل السنة‪ ،‬ول ينفع ابن تيمية أن ينسبه إلللى السلللف‬
‫والعلماء المتقدمين‪ ،‬فإن مجرد نسبته إليهم‪ ،‬ل يعني أنهللم‬
‫قللد قللالوا بلله فعل ؟! بللل هللم قللد صللرحوا بنفللي الحللدود‬
‫والكيفية كما ترى كلم المام الطحاوي‪.‬‬
‫هذه اليات من سورة القيامة‪ ،‬فقللد اختلللف‬ ‫)]‪([55‬‬
‫فيهللا أهللل التأويللل كمللا قللال المللام الطللبري‪ ،‬روى عللن‬
‫عكرمة وإسماعيل بن أبي خالد‪ :‬أي تنظر إلى ربها نظللرا‪.‬‬
‫وروى بسنده عن الحسن قال‪:‬حسنة إلى َرّبها ناظ َِرةٌ قال‪:‬‬
‫حلقّ لهللا أن تنضللر وهلي تنظلر إلللى‬ ‫تنظللر إلللى الخلالق‪ ،‬و ُ‬
‫مئ ِذٍ‬
‫جللوهٌ ي َلوْ َ‬
‫الخالق‪ .‬وروى عن عطية العوفي‪ ،‬في قوله‪ :‬وُ ُ‬
‫ضَرةٌ إلى َرّبها ناظ َِرةٌ قال‪ :‬هم ينظرون إلى الله ل تحيط‬ ‫نا ِ‬
‫أبصارهم به من عظمته‪ ،‬وبصره محيط بهم‪ ،‬فللذلك قللوله‪:‬‬
‫صاَر‪.‬‬ ‫صاُر وَهُوَ ي ُد ْرِ ُ‬
‫ك الب ْ َ‬ ‫ل ت ُد ْرِك ُ ُ‬
‫ه الب ْ َ‬
‫وروى المام الطبري بسنده عن مجاهد‪ ،‬عن ابن عمر‪،‬‬
‫ملكله‬ ‫قال‪» :‬إن أدنى أهلل الجنلة منزللة لملن ينظلر إللى ُ‬
‫سُرِره وخدمه مسيرة ألف سللنة‪ ،‬يلرى أقصلاه كملا يللرى‬ ‫و ُ‬
‫أدناه‪ ،‬وإن أرفع أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى وجه الللله‬
‫ُبكرة وعشية«‪ .‬وروى عن أبللي الصللهباء الموصلللي‪ ،‬قللال‪:‬‬
‫ملك َ ُ‬
‫ه‬ ‫»إن أدنى أهل الجنة منزلة‪ ،‬من يرى سرره وخدمه و ُ‬
‫في مسيرة ألف سنة‪ ،‬فيللرى أقصللاه كمللا يللرى أدنللاه وإن‬
‫أفضلهم منزلة‪ ،‬من ينظر إلى وجه الله غدوة وعشية«‪.‬‬
‫وذكر المام الطللبري أن آخريللن قللد خللالقوا فللي ذلللك‬
‫فقال‪ :‬وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬أنها تنتظر الثواب من‬
‫ربها‪ .‬وروى ذلك بسنده عن منصور‪ ،‬عن مجاهد‪ ،‬قال‪ :‬كان‬
‫أناس يقولون في حديث‪» ،‬فيرون ربهم« فقلللت لمجاهللد‪:‬‬
‫إن ناسا يقولون إنه ي َُرى‪ ،‬قال‪َ :‬يرى ول يراه شيء‪.‬‬
‫‪192 Page 86 of‬‬

‫ثم قال المام الطبري‪" :‬وأولى القولين في ذلك عنللدنا‬


‫رمة‪ ،‬من أن‬ ‫بالصواب القول الذي ذكرناه عن الحسن وعك ِ‬
‫معنى ذلك تنظر إلى خالقها‪ ،‬وبذلك جاء الثر عللن رسللول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪".‬اهل ثم شرع في ذكر الروايات‬
‫الدالة على ذلك‪ ،‬من ذلك ما رواه بسنده ‪ ،‬عن ابن عمر‪،‬‬
‫ن‬‫مل ْ‬ ‫ة‪ ،‬ل َ َ‬ ‫من ْزِل َ ً‬
‫جن ّةِ َ‬
‫ل ال َ‬ ‫دنى أهْ ِ‬ ‫نأ ْ‬‫قال‪ :‬قال رسول الله ?‪» :‬إ ّ‬
‫مللن‬ ‫ة لَ َ‬ ‫من ْزِل َل ً‬ ‫ض لل َهُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ن أف َ‬ ‫سن َةٍ قال‪ :‬وإ ّ‬ ‫ي َ‬ ‫مل ْك ِهِ أل َْف ْ‬
‫ي َن ْظ ُُر ِفي ُ‬
‫جللوهٌ‬ ‫ن قللال‪ :‬ثللم تل‪ :‬وُ ُ‬ ‫مّرَتيل ِ‬‫وم َ‬ ‫جهِ الل ّلهِ ك ُل ّ‬
‫ل ي َل ْ‬ ‫ي َن ْظ ُُر في وَ ْ‬
‫ضَرةٌ إلى َرّبها ناظ َِرة ٌ قال‪ :‬بالبياض والصفاء‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫مئ ِذٍ َنا ِ‬
‫ي َوْ َ‬
‫ل يللوم فللي وجلله الللله علّز‬ ‫إلى َرّبها ناظ َِرةٌ قللال‪ :‬تنظللر كل ّ‬
‫ل«‪.‬‬‫وج ّ‬
‫وروى عنه أيضا عللن ابللن عمللر‪ ،‬قللال‪» :‬إن أدنللى أهللل‬
‫سُرِره وخللدمه مسلليرة‬ ‫ملكه و ُ‬ ‫الجنة منزلة لمن ينظر إلى ُ‬
‫ألف سنة‪ ،‬يرى أقصاه كما يرى أدناه‪ ،‬وإن أرفع أهل الجنة‬
‫منزلة لمن ينظر إلى وجه الله ُبكرة وعشللية«‪ .‬وروى هللذا‬
‫الحديث أيضا الترمذي عن ابن عر ثم قال‪ :‬ثم قرأ رسللول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم } وجوه يومئذ ناضرة إلى ربهللا‬
‫ناظرة { قال أبو عيسى وقد روي هللذا الحللديث عللن غيللر‬
‫وجه عن إسرائيل عن ثوير عن بن عمر مرفوع ورواه عبد‬
‫الملك بن أبجر عن ثوير عن بن عمر موقللوف وروى عبيللد‬
‫الله الشجعي عن سفيان عللن ثلوير علن مجاهلد علن بلن‬
‫عمر قوله ولم يرفعلله حللدثنا بللذلك أبللو كريللب محمللد بللن‬
‫العلء حدثنا عبيد الله الشجعي عن سفيان عن ثللوير عللن‬
‫مجاهد عن بن عمر نحوه ولم يرفعه‪.‬اهل والحديث ضللعيف‬
‫من جهة ثوير ابن أبي فاختة‪.‬‬
‫وروى الطبري عن أبي الصللهباء الموصلللي‪ ،‬قللال‪» :‬إن‬
‫ه فللي‬ ‫ملك َ ُ‬ ‫أدنى أهل الجنة منزلة‪ ،‬من يرى سرره وخدمه و ُ‬
‫مسلليرة ألللف سللنة‪ ،‬فيللرى أقصللاه كمللا يللرى أدنللاه وإن‬
‫أفضلهم منزلة‪ ،‬من ينظر إلى وجه الله غدوة وعشية«‪.‬‬
‫قال العلمة كمال الدين البياضي الحنفي في "إشارات‬
‫المرام مللن عبللارات المللام" ص ‪)" :201‬قللال فللي شللرح‬
‫الوصية والفقه الكللبر‪:‬ولقللاء الللله تعللالى( أي كللونه مرئيللا‬
‫)لهللل الجنللة( زيللادة فللي إكرامهللم فيهللا )حللق( أي ثللابت‬
‫‪192 Page 87 of‬‬

‫بالدلئل القطعيات من بينات اليات‪ ،‬ومشهورات الروايات‬


‫واقع )بل كيفية( أي ملبسا لعللدم الكيفيللات المعتللبرة فللي‬
‫رؤية الجسام والعراض لما سيأتي من البيان)ول تشللبيه(‬
‫له تعالى بشيء من المخلوقات )ول جهة( له ول تحيز في‬
‫شيء من الجهات‪ ،‬وفيه إشارات‪:‬‬
‫الولى‪ :‬أنه تعالى يرى بل تشبيه لعباده في الجنة بخلق‬
‫قللوة الدراك فللي الباصللرة مللن غيللر تحيللز ومقابلللة ول‬
‫مواجهة ول مسامتة‪.‬‬
‫الثانيلللة‪ :‬إمكلللان ذللللك وثبلللوته باليلللات والحلللاديث‬
‫المشهورة‪ ،‬وإليه أشار بالحق في مقللام السللتدلل‪ ،‬وهللي‬
‫كثيرة‪ .‬منها قوله تعالى حكاية عن موسى على نبينا وعليه‬
‫ب أرنللي أنظ ُلْر إليللك‪ ،‬قللال لللن ترانللي‬ ‫الصلة والسلللم‪":‬ر ّ‬
‫ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكللانه فسللوف ترانللي"‬
‫العراف ‪ ،143‬وقوله تعالى"وجوه يومئذ ناضرة إلى ربهللا‬
‫نللاظرة" القيامللة ‪ ،23-22‬وقللوله تعللالى"للللذين أحسللنوا‬
‫الحسنى وزيادة"سورة يونس ‪ .26‬روى أبللو بكللر الصللديق‬
‫رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلللم أنلله‬
‫قال‪ :‬الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله تعالى‪.‬‬
‫ومنها ما رواه عبدالله بم عمر رضي الله تعالى عنهمللا‪،‬‬
‫عنه عليه الصلة والسلم أنلله قللال‪":‬إن أكللرم أهللل الجنللة‬
‫على الله مللن ينظللر إلللى وجهلله غُللدوَةً وعَ ِ‬
‫شلّية‪ ،‬ثللم قللرأ‪:‬‬
‫وجللوه يللومئذ ناضللرة إلللى ربهللا نللاظرة" وغيللر ذلللك كمللا‬
‫سيأتي‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬الرد على فرق المبتدعللة كالمشللبهة والكراميللة‬
‫النافيللة للرؤيللة بل مكللان ول جهللة زالمعتزلللة والنجاريللة‬
‫والخوارج النافية لمطلق الرؤية‪ .‬ول نزاع لهم فللي إمكللان‬
‫النكشاف التام العلمي‪ ،‬ول لنا في امتناع ارتسام الصورة‬
‫أو اتصال الشعاع‪ ،‬أو حالة مستلزمة لذلك‪ .‬بل النللزاع فللي‬
‫أنا إذا نظرنا إلى البدر‪ ،‬فلنا حالللة إدراكيللة نسللميها الرؤيللة‬
‫مغايرة لما إذا أغمضنا العين وإن كان ذلك انكشللافا جليللا‪،‬‬
‫فهل يحصل للعباد بالنسبة إلى الله تعالى تلك الحالللة وإن‬
‫لم يكن هناك مقابلة‪ .‬كما في شرح المقاصد وغيره‪ .‬وإليه‬
‫‪192 Page 88 of‬‬

‫أشار بقوله )يراه المؤمنون وهم فللي الجنللة دون المللرئي‬


‫تعالى)بأعين رؤوسهم( ل ببصائرهم فقط لعدم النزاع فيه‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬أن المراد بنفي الكيفية والجهة خلو تلك الرؤية‬
‫عللن الشللرائط والكيفيللات المعتللبرة فللي رؤيللة الجسللام‬
‫والعراض مع سلمة الحاسة وكون المللرئي بحيللث يمكللن‬
‫رؤيته من المقابلة والعدم القللرب القريللب والبعللد البعيللد‪،‬‬
‫واللطافللة والحجللاب‪ ،‬ل بمعنللى خلللو المقابلللة أو الللرائي‬
‫والمرئي عن جميع الحالت والصفات على ما يفهم أربللاب‬
‫الجهالت‪ ،‬فيعبرضون بأن الرؤية فعل من أفعال العبللاد أو‬
‫كسب مللن أكسللابه‪ ،‬فبالضللرورة يكللون واقعللا بصللفة مللن‬
‫الصفات‪ ،‬وكذا المرئي بحاسة العين ل بد أن يكون له حال‬
‫أو كيفية من الكيفيات كما في شرح المقاصد‪ ،‬وإليه أشللار‬
‫بالكتفاء بقوله فيه) ول يكون بينه وبين خلقله مسلافة( ول‬
‫قرب ول بعد ول احجللاب ول مقابلللة‪ ،‬فللإن تلللك الشللروط‬
‫مبنية على الستقراء‪ ،‬ول يقاس أمللر الخللرة بللأمر الللدنيا‬
‫كما في التعديل‪.‬‬
‫فأشار بإضافة اللقاء إليه تعالى والبيللان بملا بعللده إللى‬
‫أن المراد من الرؤية أن يحصللل انكشللاف للعبللاد بالنسللبة‬
‫إلى ذاته المخصوصة سللبحانه‪ ،‬ويجللري مجللرى النكشللاف‬
‫الحاصل عند إبصار اللوان والضواء‪.‬‬
‫والنكشاف يجب أن يكون على وفق المكشللوف‪ ،‬فللإن‬
‫كان المكشوف مخصوصا بالجهة والحيز‪ ،‬وجللب أن يكللون‬
‫النكشاف كذلك‪ ،‬وإن كلان المكشللوف منزهلا عللن الجهلة‬
‫والحيز وجب أن يكون انكشافه منللزه عللن الحيللز والجهللة‬
‫كما في الربعين للرازي‪.‬‬
‫هذا واليللة الولللى تللدل علللى إمكللان رؤيتلله‪ .‬وذلللك أن‬
‫موسى على نبينا وعليه الصلة والسلم طلب الرؤية ولللم‬
‫يكن عابثا ول جاهل والله علقها على استقرار الجبللل وهللو‬
‫ممكن في نفسلله‪ .‬ومللا يقللال علللى الول أنلله إنمللا طلللب‬
‫العلم الضروري أو رؤيللة آيللة‪ ،‬ولللو سلللم فلقللومه ولزيللادة‬
‫الطمأنينللة بتعاضللد العقللل والسللمع‪ ،‬ولللم سلللم فالجهللل‬
‫بمسألة الرؤية ل يخل بالمعرفة‪ ،‬فقد رد ّ بأن "لللن ترانللي"‬
‫نفي للرؤية ل للعلم‪ ،‬أو رؤية الية‪ ،‬كيللف والعلللم حاصللل؟‬
‫‪192 Page 89 of‬‬

‫واليات كثيرة‪ ،‬والحاصل منهللا حينئذ إنمللا هللو علللى تقللدير‬


‫الندكاك دون الستقرار‪.‬‬
‫والرؤيللة المقرونللة بللالنظر الموصللول بللإلى نللص فللي‬
‫معناها‪.‬‬
‫والقوم إمللا مصللدقون لموسللى عليلله الصلللة والسلللم‬
‫فيكفيهم إخباره بامتناع الرؤيللة أو ل فل يفيللد حكللايته عللن‬
‫الله تعالى‪ ،‬ول يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم تأخير رد‬
‫الباطل كما في طلب جعللل الللله‪ ،‬ول طلللب الللدليل بهللذا‬
‫الطريق‪ ،‬ول الجهل في اللهيات بما يعرفه آحاد المعتزلة‪.‬‬
‫وعلى الثاني أن المعلللق عليلله اسللتقرار الجبللل عقيللب‬
‫النظر وهو حالة اندكاك يستحيل معها الستقرار‪ .‬ورد ّ بللأنه‬
‫ممكللن ضللرورة وإن لللم يقللع ليلللزم وقللوع الرؤيللة‪ ،‬وإنمللا‬
‫المستحيل اجتماعهما‪.‬‬
‫واليللات الخللر تللدل علللى وقللوع الرؤيللة‪ ،‬إذ النظللر‬
‫الموصول بإلى إما بمعنى الرؤيللة أو ملللزوم لهللا‪ ،‬أو مجللاز‬
‫متعين فيها‪ ،‬وكذا اللقاء بشهادة العقل والنقل والستعمال‬
‫والعرف‪.‬‬
‫وما يقال‪ :‬إن "النظر" قد يكون بمعنى النتظار و"إلى"‬
‫قد تكون اسما بمعنللى النعمللة‪ .‬والنظللر قللد يتصللف بمللا ل‬
‫يتصف به الرؤية كالشدة والزورار‪ ،‬ونحوهمللا‪ ،‬وقللد يوجللد‬
‫بلدونهما مثلل نظلرت إللى الهلل فللم أره‪ ،‬وتقلدير "إللى‬
‫ثواب ربها" احتمال ظاهر منقول‪ ،‬فقللد ُرد ّ بللأن النتظللار ل‬
‫يلئم سوق اليلة ول يليلق بلدار الثلواب‪ ،‬وكلون إللى ههنلا‬
‫حرفا ظاهر لم يعدل عنه السلف‪.‬‬
‫وجعل النظللر الموصللول بللإلى للنتظللار تعسللف‪ .‬وكللذا‬
‫العدول عن الحقيقة أو المجللاز المشللهور إلللى الحللذف بل‬
‫ة‪ ،‬كما في المقاصد‪.‬‬ ‫قرينة معّين ٍ‬
‫وأما الحللاديث المشللهورة الدالللة علللى وقللوع الرؤيللة‪،‬‬
‫فكثيرة أشهرها ما ذكره حيث )قللال فللي روايللة القاضللي(‬
‫ابن عبلد البلاقي )النصلاري و( ابلن عبلد اللله بلن خسلرو‬
‫) البلخي( والقاضي أبي زكريا موسى ) الحصكفي‪ :‬حدثني‬
‫إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بللن أبللي زكريللا البجلللي(‬
‫التابعي الجليل‪ ،‬روى عن العشرة المبشرة ) عن جرير بن‬
‫‪192 Page 90 of‬‬

‫عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أنلله قللال‪ :‬إنكللم‬
‫ن‬ ‫مو َ‬ ‫ضللا ّ‬
‫سترون ربكم كما ترون هذا القملر ليللة البلدر ل ت َ َ‬
‫ه" بفتح أوله وتشديد الميم وحذف إحدى التللاءين‪:‬‬ ‫في ُرؤْي َت ِ ِ‬
‫أي ل ينضمن بعضكم إلى بعض في وقت النظر لمللا ينللوبه‬
‫من المشقة بسبب الشكال والختفاء‪.‬‬
‫وفللي روايللة بضللم أوللله وتخفيللف الميللم مللن الضلليم –‬
‫ن‪ -‬أي ل يلحقكم في رؤيته ضيم ومشقة‪ ،‬ويعضللدها‬ ‫مو َ‬ ‫ُتضا ُ‬
‫رواية "ل تضارون" من المضللارة بمعنللى المضللايقة‪ :‬أي ل‬
‫تضايقون في الرؤية غيركم بحيث تلحقون الضرر بهم‪ ،‬بللل‬
‫يرى كل أحللد كمللا ينبغللي‪ ،‬ففيلله كشللف عللن وجلله تشللبيه‬
‫الرؤية‪ ،‬وأنها تقع على النكشاف التام‪ ،‬ودفع ليهام تشللبيه‬
‫المللرئي بللالمرئي فللي المقللام‪ ،‬وهللو حللديث مشللهور روى‬
‫القدر المشترك منلله شللبعة وعشللرون صللحابيا رواه أميللر‬
‫المؤمنين أبو بكر الصديق‪ ،‬وعلي وعبدالله بن عملر‪ ،‬وابللن‬
‫ي بن كعب‪ ،‬ومعاذ بن جبل‪ ،‬وزيللد‬ ‫ُ‬
‫مسعود‪ ،‬وابن عباس وأب ّ‬
‫بن ثابت‪ ،‬وجرير بن عبد الللله‪ ،‬وأبللو سللعيد الخللدري‪ ،‬وأبللو‬
‫هريرة‪ ،‬وأبو موسى الشعري‪ ،‬وأبو رزيللن لقيللط العقيلللي‪،‬‬
‫وجنادة بن أبي ُأمّية‪ ،‬وأنس بن مالك‪ ،‬وصهيب بللن سللنان‪،‬‬
‫وحذيفة بن اليمان‪ ،‬وعمار بن ياسر‪ ،‬وأبللو أمامللة البللاهلي‪،‬‬
‫وأبو بريدة وثوبان وعبد الله بن حارث الزبيدي‪ ،‬وعبادة بن‬
‫الصامت‪ ،‬وفضللالة بللن عبيللد‪ ،‬وبريللدة‪ ،‬وعمللارة بللن رويبللة‬
‫الثقفي‪ ،‬وعدي بن حاتم الطائي رضوان الله تعالى عليهللم‬
‫أجمعيللن‪ ،‬كمللا فللي شللروح البخللاري وروى منهللم ثمانيللة‬
‫وعشرون شيخا بأكثر من ستين طريقا‪.‬‬
‫ولمللا كللان الصللوب فللي هللذه المسللألة أن يتمسللك‬
‫بالدلئل السمعية لكونها أسللرع فللي إلللزام المبتدعللة‪ ،‬ثللم‬
‫معارضللة شللبههم بالدلللة العقليللة كمللا ذكللره أبللو منصللور‬
‫الماتريدي‪ ،‬واختاره محققللو الشللاعرة‪ ،‬أشللار المللام فللي‬
‫المقام إللى ملا يثبلت بله الملرام‪ ،‬ملن اللدلئل السلمعية‪،‬‬
‫وأشار إلى دفع شبه المبتدعة‪ ،‬معارضة بما ثبت مما حللاله‬
‫حللال الرؤيللة فللي القللرب والقبللال والمجللاورة‪ ،‬أو رد ّا ً‬
‫للمختلف إلى المختلف‪ ،‬فإنه الطريقة المسلللوكة للسلللف‬
‫‪192 Page 91 of‬‬

‫دفعا لما تمسك به المخالفون‪ .‬اهل ‪ ،‬وشرع بعللد ذلللك فللي‬


‫إيراد به الردود على المخالفين‪.‬‬
‫وقللال المللام السللمرقندي فللي الصلحائف‪ :‬اتفلق أهلل‬
‫السنة على جواز رؤيللة الللله تعللالى منزهللا عللن المسللامتة‬
‫والمحللاذاة والمكللان خلفللا لجميللع الفللرق‪ .‬والمشللبهة‬
‫والكرامية وإن جوزوا رؤية الله تعللالى لكنهللم إنمللا جللوزوا‬
‫لعتقاد كونه تعللالى فللي المكللان والجهللة وأمللا بتقللدير أن‬
‫يكون تعالى منزها عن المكان والجهة فيحيلون رؤيته‪.‬‬
‫وهذا البحث مما ليس للعقل استقلل في إثبللاته وغايلة‬
‫سعينا ليست إل بيان الجواز وهذا القدر كاف ههنللا‪ ،‬إذ هللو‬
‫مع قول الصللادق يفيللد الغللرض‪ ،‬ويبطللل قللول المنكريللن‪،‬‬
‫لنهم يحيلونها‪.‬‬
‫وبيانه‪ :‬أّنا قد بينا في بحث الدراكات أن إدراك الجزئي‬
‫قد يكون بأن يدرك مثاله ويستدل بذلك المثال عليلله وهللو‬
‫التخيل‪ ،‬والتوهم ‪ ،‬ويجوز فيها غيبوبللة المللدرك وقللد يكللون‬
‫بأن يدرك نفسلله بللدون توسللط المثللال‪ ،‬ويجللب أن يكللون‬
‫المدرك حاضرا ولذلك يسللمى مشللاهدة فالمشللاهدة هللي‬
‫إدراك نفس الموجود فمن حصل له هذا النوع من الدراك‬
‫سواء كان بالحاسة أو ل يتحقق له المشاهدة ضرورة‪.‬‬
‫وإذا عرفت ذلك فنقول‪:‬‬
‫قد بّيلّنا فلي الصللحيفة الخامسلة أن اللله تعللالى كامللل‬
‫العلم‪ ،‬تام الدراك ل يعزب عن عنه شلليء فيكللون مللدركا‬
‫للشللياء بأعيانهللا لمتنللاع التخيللل‪ ،‬والتللوهم عليلله‪ ،‬وهللويته‬
‫الموجودة ليست غائبة عنلله فيكللون مللدركا لنفللس هللويته‬
‫الموجوده بدون توسط المثال‪ ،‬وإذا أدركها بدون التوسللط‬
‫تكللون هللويته الموجللودة مشللاهدة للله فجللاز علللى هللويته‬
‫المجردة من الين والكيللف أن تكللون مشللاهدة‪ ،‬فعلللم أن‬
‫هويته الموجللودة قابلللة للرؤيللة‪ ،‬فلللم يبعللد أن يخلللق الللله‬
‫تعالى قوة هذا الدراك في الباصرة بعللد البعللث‪ ،‬فجللاز أن‬
‫يرى إذا تجلى مللن غيللر تشللبيه‪ ،‬ول تكييللف ول محللاذاة ول‬
‫مسامتة‪.‬اهل‬
‫وهذا الكلم على اختصاره كبير الفائدة ويكفي في هللذا‬
‫المقام‪.‬‬
‫‪192 Page 92 of‬‬

‫لما أثبت المام الطحللاوي أصللل الرؤيللة‪ ،‬بل‬ ‫)]‪([56‬‬


‫كيف ول تشبيه‪ ،‬صللرح بللأنه ل يجللوز لواحللد أن يتللوهم أنلله‬
‫يرى ربه كما يرى بقية الشياء‪ ،‬فل يجوز توهم الرؤية على‬
‫نم معين بأن يقال إنها تكون مع كون الله تعالى مقابل لنللا‬
‫ونحن مقابلين له‪ ،‬فإن هذا هو قول المشبهة‪ ،‬والمجسمة‪،‬‬
‫وقد قال به ابن تيمية وادعى الجماع على ذلك‪ ،‬بل ادعللى‬
‫أن هذا هو قول السلف والخلف مللن العلمللاء‪ .‬ومللا هللو إل‬
‫قول المبتدعة من المجسمة وغيرهم‪.‬‬
‫فالحاصل إذن أنه يجب علينلا اليملان بالرؤيلة ولكلن ل‬
‫يجوز لنا الخوض فيها وتشبيهها برؤية المور المخلوقة‪ .‬فل‬
‫يجوز الركون إلى أوهامنللا وأهوائنللا فللي مثللل ذلللك المللر‪.‬‬
‫والواجب في ذلك كله أنه يجللب التسللليم لللله تعللالى‪ .‬ورد‬
‫علم حقيقة ذلك إليه عز وجل‪.‬‬
‫والستسلللم لللله تعللالى لللم تطبقلله إل أهللل السللنة‬
‫والجماعة‪ .‬فإن المشبهة لما قالوا إننللا ل نللرى أحللدا إل إذا‬
‫كان في جهة وحيز‪ ،‬واعتقدوا أننا نللرى الللله تعللالى‪ ،‬قللالوا‬
‫بعد ذلك إنه تعالى يجب أن يكون في جهة وحيز‪ .‬فهللم لللم‬
‫يسلموا لله تعالى في هذا المللر‪ .‬وكللذلك المعتزلللة فللإنهم‬
‫قالوا‪ :‬إذا كانت رؤية كل واحد من المور الموجودة ل تتللم‬
‫إل بكونه في جهة وحيز‪ ،‬فل يمكن أن رى الللله تعللالى إذن‬
‫لنه ل يمكن وجوده في جهة وحيز‪ .‬فهؤلء قاسللوا الخللالق‬
‫على المخلوق فنفوا الرؤيللة‪ ،‬وأولئك قاسللوا الخللالق علللى‬
‫المخلوق فأثبتوا الجهة والحيز والمقابلة !‬
‫وأما أهل السللنة فللإنهم قللالوا‪ :‬لمللا كللان الللله تعللالى ل‬
‫يمكن كونه في جهة ول حيز‪ .‬وثبللت بالدلللة النقليللة وقللوع‬
‫الرؤية‪ ،‬فإننا نقول بأنها رؤية ل في جهة ول في حيز‪ ،‬فكما‬
‫يرى المتحيللز متحيللزا‪ ،‬فكللذلك يللرى اللمتحيللز ل متحيللزا‪.‬‬
‫فكل رؤية فهي مناسبة لما تكشف عنه‪ .‬وأما حقيقتها فقد‬
‫قالوا‪ :‬إننا يكفينا أن نعرف ثبوتها‪ ،‬وأما حقيقتها فإننا نللترك‬
‫ذلك إلى عالمه عز وجل‪ ،‬ولما لم نكلن نمللك اللت الللتي‬
‫تؤهلنا للخوض في مثل هذه المباحث‪ ،‬فإننا نفللوض العلللم‬
‫بحقيقة ذلك كله إلى الله تعالى‪ ،‬ونسلم له فيما أخبرنا‪.‬‬
‫‪192 Page 93 of‬‬

‫أي إن الذي يدعي أن الرؤية لله تعالى تكون‬ ‫)]‪([57‬‬


‫عن طريق حصول صورته فينللا بهيئة وكيفيللة معينللة‪ ،‬فللإن‬
‫هذه الرؤية ليست الرؤية التي يصح إثباتها لله تعالى‪ ،‬وهذا‬
‫هو قول المشبهة‪ ،‬فإنهم يتوهمون أن رؤية الله تعالى إنما‬
‫تكللون بتللوهم صللورة وحصللول هيئة فللي نفللس النسللان‪.‬‬
‫وكيف يكون المر كللذلك‪ ،‬والللله تعللالى منللزه عللن الكيللف‬
‫والصورة ؟!‬
‫وكما كان مذهب المشبهة باطل‪ ،‬فإن مذهب‬ ‫)]‪([58‬‬
‫من يحاول أن يعين حقيقللة الرؤيللة باطللل أيضللا‪ ،‬لن ذلللك‬
‫مما حجب عن عقل النسان‪ ،‬فل توجللد آلت ول مقللدمات‬
‫العلم بذلك عندنا‪ .‬وما كان كذلك فالصللل أن نتوقللف فيلله‬
‫ول نبللادره بأفهامنللا لن ذلللك يكللون مللرده إلللى الخطللأ‬
‫والضلل‪.‬‬
‫هذه الفقرة تمثل منهجا يتفرد به أهل السنة‬ ‫)]‪([59‬‬
‫والجماعة في التفللويض لللله والعللتراف أنلله ليللس كمثللله‬
‫شيء‪.‬‬
‫قلال فلي القلاموس‪ :‬التعلالي الرتفلاع‪.‬اهلل‪.‬‬ ‫)]‪([60‬‬
‫فقول المام الطحاوي تعالى الله أي ارتفع عللن أن يكللون‬
‫له حد وركن وعضو وجهة‪ ،‬فهذا علو في الرتبللة والمعنللى‪،‬‬
‫فحقيقة الله تعالى أجل من أن يكون لها ما ذكر‪ .‬لن هللذه‬
‫المور كلها صفات نقللص وتسللتلزم الحاجللة‪ .‬والللله تعللالى‬
‫ليس بحاجة لحد غيره‪ ،‬بل كل ما سواه فهم بحاجة له‪.‬‬
‫د‪ ،‬وحللد الشلليء هللو طرفلله‬ ‫الحدود جمللع حل ّ‬ ‫)]‪([61‬‬
‫ن‪،‬‬ ‫شلي ْئ َي ْ ِ‬
‫ن َ‬ ‫جُز بيل َ‬ ‫د‪ :‬الحللا ِ‬ ‫حل ّ‬
‫ونهايته‪ .‬قلال فللي القللاموس‪ :‬ال َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫سل َ‬ ‫ك‪ :‬بأ ُ‬ ‫من ْل َ‬‫ه‪ ،‬ول ِ‬ ‫حد ّت ُ ُ‬‫ل شيٍء‪ِ :‬‬ ‫من َْتهى الشيِء‪ ،‬ول من ك ُ ّ‬ ‫و ُ‬
‫ب‬ ‫ح لد َِد‪ ،‬وتللأدي ُ‬ ‫ع‪ ،‬كال َ‬ ‫من ْ ُ‬‫ع‪ ،‬وال َ‬ ‫ه‪ ،‬والد ّفْ ُ‬ ‫سوَْرت ُ ُ‬‫ب‪َ :‬‬ ‫شرا ِ‬ ‫ول من ال ّ‬
‫ن‬‫ري الْنسللا َ‬ ‫ب‪ ،‬ومللا ي َعْت َل ِ‬ ‫ه وغيَرهُ عن الذ ّن ْ ِ‬ ‫من َعُ ُ‬
‫ب بما ي َ ْ‬ ‫مذ ْن ِ ِ‬ ‫ال ُ‬
‫د‪ ،‬وتمييُز‬ ‫ح ّ‬ ‫ت عليه أ ِ‬ ‫حد َد ْ ُ‬ ‫ة‪ ،‬وقد َ‬ ‫حد ّ ِ‬ ‫ق‪ ،‬كال ِ‬ ‫ب والن َّز ِ‬ ‫من الغض ِ‬
‫دها‬ ‫حلل ّ‬ ‫محاد ُّتهللا‪َ :‬‬ ‫ه‪ ،‬و ُ‬ ‫حديد َةُ دارِ ِ‬ ‫ن الشيِء‪ ،‬وداِري َ‬ ‫الشيِء ع ِ‬
‫دها‪.‬اهل‬ ‫ح ّ‬ ‫ك َ‬
‫دا‬ ‫وقال الفيومي في المصباح المنير‪ :‬وحددت الللدار ح ل ّ‬
‫من باب قتل ‪:‬ميزتها عن مجاوراتها بذكر نهاياتها‪ ،‬وحللددته‬
‫دا جلدته والحد في اللغة الفصل والمنع‪.‬اهل‬ ‫ح ّ‬
‫‪192 Page 94 of‬‬

‫وأما قوله الغايات فهو جمللع غايللة‪ ،‬وغايللة الشلليء هللي‬


‫دى‪.‬اهل‬‫م َ‬
‫منتهاه قال في القاموس‪ :‬والغاية ال َ‬
‫وقال الفيللومي فللي المصللباح المنيللر‪ :‬والغايللة المللدى‪،‬‬
‫ت‬‫والجمع غايٌ وغايات‪ ،‬والغاية الراية والجمع غايات‪ ،‬وغي ّي ْ ُ‬
‫غايللة بّينُتهللا وغايتللك أن تفعللل كللذا أي نهايللة طاقتللك أو‬
‫فعلك‪.‬اهل‬
‫ت مما هو مذكور فللي كتللب اللغللة أن‬ ‫والحاصل كما رأي َ‬
‫حد ّ الشيء هو طرفة وغايته ونهايته التي تميزه عن غيره‪.‬‬
‫وهذا كما هو معلوم ل يستلزم أن كللل مللا هللو متميللز عللن‬
‫د‪ ،‬بل كل‬ ‫غيره فيجب أن يكون له طرف ونهاية وغاية‪ ،‬وح ّ‬
‫ما هو محدود فهو متميز عن غيره‪ ،‬ول يقال أن كل ما هللو‬
‫متميز عن غيره فهو محللدود‪ .‬فللافهم هللذا فللإن المجسللمة‬
‫عندما لم يتنبهوا له وقعوا في التشبيه‪.‬‬
‫وكذلك الغاية هي النهاية وقد أتى المام الطحاوي بهذه‬
‫الكلمة تفسيرا وتوضيحا لكلمة الحد‪ ،‬وقد رأينا أن معناهما‬
‫قريب ويؤولن إلى بعضهما البعض‪.‬‬
‫ولهذا فقد نبه إليه المام الطحاوي فنفللى الحللدود عللن‬
‫الله تعالى‪ ،‬ولكنه لم ينف التمللايز‪ ،‬فللإن تميللز الللله تعللالى‬
‫عن خلقه ل يكون بالحد ول بالنهاية‪ ،‬ول بالغاية‪.‬‬
‫ذلك كللان المعنللى المفهللوم باللغللة مللن الحللد والغايللة‪.‬‬
‫والله تعللالى منللزه عللن ذلللك كللله‪ ،‬لمللا يللترتب عليلله مللن‬
‫احتياج‪ .‬ولعدم وروده فللي الشللريعة‪ ،‬بللل لللورود مللا ينفيلله‬
‫وينافيه فيها‪ ،‬ولورود أقوال كثير من السلف في نفي الحد‬
‫والغاية عنه جل شأنه‪ .‬والذين أثبتوا له تعالى الحد والغايللة‬
‫هم المجسمة والمشبهة‪ .‬وأما أهل السللنة فقللد نفللوا عنلله‬
‫ذلك نفيا قاطعا‪.‬‬
‫لقد مّر سابقا أن الله تعللالى ل يشللبه شلليئا ول يشللبهه‬
‫شلليء‪ ،‬ومعلللوم أن كللل موجللود سللوى الللله تعللالى فهللو‬
‫محدود‪ ،‬فالسماء والرض محدودة ولهللا نهايللات ومقللادير‪.‬‬
‫فإذا كان الله تعالى للله حلد ّ فللإنه يكللون مثللل المخلوقللات‬
‫وكيف يكون ذلك صحيحا وهو ليس كمثله شيء‪.‬‬
‫وأيضا فإن الحد ّ صفة نقص‪ ،‬فإنه من المعلللوم أن غيللر‬
‫المحدود أقوى من المحدود‪ ،‬وتفصيل ذلك أن الحد ّ إمللا أن‬
‫‪192 Page 95 of‬‬

‫يكون من قبيل المكان أو الزمللان‪ .‬ومعنللى الحللد المكللاني‬


‫هو إحاطللة المكللان بالللذات‪ ،‬ومعلللوم أن الللذات إذا كللانت‬
‫محاطة بالحد المكاني فلإن قلدرتها تكلون محللدودة بالحللد‬
‫المكاني الثابت لها‪ ،‬فالحد المكاني صفة نقص إذن‪.‬‬
‫وأما الزمللان فللإن الللذات إذا كللانت محللدودة بالزمللان‪،‬‬
‫فإنها تنعدم خارج هذا الحد الزماني‪ .‬فالحد الزمللاني مقيللد‬
‫لها ومحدد لوجودها‪ ،‬وواضح أن هذا نقص‪.‬‬
‫فالزمللان والمكللان إذن صللفات نقللص‪ ،‬والللله تعللالى ل‬
‫يمكن أن يتصف بصفات نقص‪ .‬إذن فهو جل شأنه ل يمكن‬
‫أن يتصف بالحدود‪.‬‬
‫ومعلوم أن الحد الذي قصده المام الطحللاوي هللو مللن‬
‫قبيل الحد المكاني‪ ،‬وقد تبين لللك أن المكللان أصللل نقللص‬
‫للذات المتمكنة‪ .‬فهو بنفيه للحد المكاني يكللون قللد قصللد‬
‫نفي أصل المكان عن الله تعالى‪.‬‬
‫وتأمل قوله "وتعالى الله عن الحدود" فهو ينفي مطلق‬
‫الحدود عن الله تعالى‪ ،‬ول ينفي حدا معينا‪ ،‬بل كل ما كان‬
‫من قبيل الحدود فإنه منفي عنه جل شأنه‪ .‬وهذا يعم الحد‬
‫المكاني والزماني‪ .‬ويعم الحللد المعنللوي أيضللا‪ ،‬بمعنللى أن‬
‫قللدرته تعللالى ليسللت محللدودة‪ ،‬بللل هللي متعلقللة بجميللع‬
‫الممكنلللات‪ ،‬وعلمللله تعلللالى متعللللق بجميلللع الواجبلللات‬
‫والمسللتحيلت والممكنللات‪ .‬وكللذلك فيمللا يتعلللق ببللاقي‬
‫الصفات العلية‪.‬‬
‫وقد يقال إن كلمه يشمل أيضلا الحلد بمعنلى أن يلذكر‬
‫لله تعالى حد ّ بمعنى التعريف‪ ،‬وهو ممتنع على الله تعالى‪،‬‬
‫لن الحد المنطقي يستلزم ثبوت الجنللس أو النللوع وعلللى‬
‫كل حال يستلزم الشتراك بينلله تعللالى وبيللن غيللره‪ ،‬وهللذا‬
‫ممنوع‪ .‬فل يعلم حقيقة ذاته أحد غيره‪ ،‬ول يوجد حد يمكن‬
‫للبشر أن يقولوه فيعرفون به حقيقته تعالى‪.‬‬
‫كل هذه المعاني يمكن أن تفهم من كلملله رضللي الللله‬
‫تعالى عنه‪ .‬وقد يكون في الخير فقط تكلف‪ .‬فتأمل‪.‬‬
‫وقد يقول قائل‪ :‬فما دام المر واضحا إلللى هللذا القللدر‪،‬‬
‫أي مللا دام نفللي الحللدود عنلله تعللالى واضللحا‪ ،‬فمللن الللذي‬
‫خالف فيه وأثبت الحد لله تعالى‪.‬‬
‫‪192 Page 96 of‬‬

‫قلنا‪ :‬ذكر المام البغدادي في كتاب التبصللرة البغداديللة‬


‫المسمى بأصول الدين الفرق التي أثبتت الحد لللله تعللالى‬
‫فقال في ص ‪":73‬المسألة الخامسللة مللن الصللل الثللالث‬
‫في نفي الحللد والنهايللة عللن الصللانع‪ ،‬وهللذه المسللألة مللع‬
‫فرق‪،‬منها الهشامية مللن غلة الروافللض الللذين زعمللوا أن‬
‫ن‬‫معبودهم سبعة أشللبار بشللبر نفسلله‪ ،‬ومنهللم مللن قللال إ ّ‬
‫الجبللل أعظللم منلله كمللا حكللي عللن هشللام بللن الحكللم‪،‬‬
‫والخلف الثاني مع الكرامّية الذين زعموا أن له حدا واحدا‬
‫من جهة السفل‪ ،‬ومنها يلقي العرش‪ ،‬والخلف الثالث مع‬
‫من زعم مللن مشللبهة الرافضللة أنلله علللى مقللدار مسللاحة‬
‫العرش ل يفضل من أحدهما عللن الخللر شلليء‪.‬اهل ل فهللذه‬
‫الفرق هي التي قللالت إن الللله تعللالى محللدود‪ ،‬واعلللم أن‬
‫القاضي أبا يعلى الحنبلي قال بأن الله تعللالى محللدود مللن‬
‫جهة العرش‪ ،‬فهو محدود عنده بحد واحللد فقللط‪ ،‬وأن ابللن‬
‫تيمية لم يرتض ذلك‪ ،‬بل قللال إن الللله تعللالى محللدود مللن‬
‫سائر الجهات الست‪ ،‬وادعى هذا كعادته أن هللذا هللو قللول‬
‫أهل السنة‪ .‬وقد قال ابللن تيميللة بللأن اللله تعلالى لله قللدر‬
‫معين ويريد بالقدر معنى الحجم‪ ،‬فله حيللز بمعنللى الحجللم‬
‫المعين وقد صرح بهذا في أكثر من موضع في كتبه‪.‬‬
‫وقد رأينا أن المام الطحاوي قللد نفللى الحللدود مطلقللا‬
‫عن الله تعللالى‪ ،‬فشللمل ذلللك الحللد الواحللد والحللدود وإن‬
‫تعددت‪ ،‬كما مضى بيانه‪.‬‬
‫وممن نفى الحد برواية مشللهورة عنلله المللام الحللافظ‬
‫أبللن حبللان‪ ،‬فقللام عليلله مجسللمة بلللدته‪ ،‬وأخرجللوه منهللا‪.‬‬
‫وممن روى ذلك موافقا لهللؤلء المجسللمة أبللو ذر الهللروي‬
‫صلللاحب كتلللاب ذم الكلم‪ ،‬فقلللد قلللال فلللي كتلللابه ص‬
‫‪":278‬وسألت يحيى بللن عمللار عللن أبللي حللاتم بللن حبللان‬
‫البستي قلت له‪ ،‬أرأيته‪ ،‬قال‪ :‬كيف لم أره‪ ،‬ونحن أخرجناه‬
‫من سجستان‪ ،‬كان له علم كبير ولللم يكللن للله كللثير ديللن‪،‬‬
‫قدم علينا فأنكر الحد لله فأخرجناه من سجستان‪" .‬‬
‫وروى أبو ذر الهروي أيضا قللال‪" :‬سللمعت عبللد الصللمد‬
‫بن صالح يقول‪ ،‬سمعت أبي يقول‪ :‬أنكروا على ابللن حبللان‬
‫جلَر‬‫قوله النبوة العلم والعمل‪ ،‬فحكموا عليلله بالزندقللة‪ ،‬وهُ ِ‬
‫‪192 Page 97 of‬‬

‫فكتب فيه إلى الخليفة‪ ،‬فكتب بقتله‪ .‬وسمعت غيره يقول‪:‬‬


‫لذلك خرج إلى سمرقند"‪.‬اهل‬
‫هذه هي منزلللة ابلن حبللان عنلد هلذا المجسلم الكللبير‪،‬‬
‫وابن حبان إمام كبير ل يخفض من منزلتلله أن يللروي عنلله‬
‫مجسم كالهروي أخبارا كهذه‪ ،‬وليت شعري‪ ،‬فإذا كان ابللن‬
‫حبان باعتراف هؤلء ينفي الحد‪ ،‬وهم كللانوا يثبتللونه‪ ،‬فمللن‬
‫الولى بالتشنيع والهجر‪ ،‬آلللذي ينللزه ربلله أم الللذي يشللبهه‬
‫بخلقه؟!‬
‫وقد أشار المام العلمة تللاج الللدين ابللن السللبكي إلللى‬
‫هذه الحادثة في كتابه المفيلد طبقلات الشلافعية الكلبرى)‬
‫‪ (2/13‬فقال‪":‬ومن ذللك قللول بعلض المجسللمة فللي أبللي‬
‫حّبان‪:‬لم يكن له كللبير ديللن‪ ،‬نحللن أخرجنللاه مللن‬ ‫حاتم ابن ِ‬
‫سجستان‪ ،‬لنه أنكر الحللد لللله‪ .‬فيللاليت شللعري مللن أحللق‬
‫بللالخراج؟ مللن يجعللل رّبلله محللدودا أو مللن ينزهلله عللن‬
‫الجسمية‪.‬؟"‬
‫وممللن أثبللت الحللد ّ أبللو سللعيد الللدارمي المجسللم‬
‫المشهور‪ ،‬فقد قال في كتابه في الرد على بشر المريسي‬
‫ص ‪":23‬وادعى المعارض أيضا أنه ليس لللله حللد ول غايللة‬
‫ول نهاية"‪ ،‬ثم قال‪":‬قال أبو سعيد‪ :‬واللله تعللالى لله حلد ل‬
‫يعلمه أحد غيره‪ ،‬ول يجوز لحد أن يتوهم لحللده غايللة فللي‬
‫نفسلله‪ ،‬ولكللن نللؤمن بالحللد‪ ،‬ونكللل علللم ذلللك إلللى الللله‪.‬‬
‫ولمكانه أيضا حد‪ ،‬وهو على عرشه فللوق سلمواته‪ ،‬فهللذان‬
‫حدان اثنان"‪ .‬ثم قال في صفحة ‪":24‬فمن ادعى أنه ليس‬
‫لله حد فقد رد ّ القرآن"‪.‬اهل‬
‫فتأمل في قول هذا الجاهل كيف يغالي في إثبات الحد‬
‫هتى يجعله ثابتا في القرآن‪ ،‬ويكفر من ينفيه؟! وقارن بينه‬
‫وبيللن قللول المللام أبللي جعفللر الطحللاوي بنفللي الحللدود‬
‫والنهايات والغايات‪.‬‬
‫ب‬ ‫قال في القاموس‪ :‬والّرك ْ ُ‬
‫ن‪ .‬بالضم‪ :‬الجلان ِ ُ‬ ‫)]‪([62‬‬
‫وى‪.‬اهل‬‫القْ َ‬
‫وقللال الفيللومي فللي المصللباح المنيللر‪ :‬وركللن الشلليء‬
‫جانبه‪ ،‬والجمع أركان مثل قفللل وأقفللال‪ ،‬فأركللان الشلليء‬
‫أجزاء ماهيته‪ ،‬والشروط ما توقف صحة الركان عليها‪ .‬اهل‬
‫‪192 Page 98 of‬‬

‫ضلو‪ ،‬و‬ ‫وأما معنى العضو فقلد قلال فلي القلاموس‪ :‬العُ ْ‬
‫جزِئ َ ُ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ة‪ :‬الت ّ ْ‬
‫ضي َ ُ‬
‫ه‪ .‬والت ّعْ ِ‬ ‫حم ٍ وافِرٍ ب ِعَظ ْ ِ‬
‫م ِ‬ ‫ل لَ ْ‬
‫بالضم والكسر‪ :‬ك ّ‬
‫و‪.‬اهل‬‫ض ِ‬
‫ق‪ ،‬كالعَ ْ‬
‫ري ُ‬
‫والت ّْف ِ‬
‫وقال الفيومي فللي المصللباح المنيللر‪ :‬والعضللة القطعلة‬
‫مللن الشلليء‪ ،‬والجللزء منلله‪ ،‬ولمهللا واو محذوفللة والصللل‬
‫عضللوة‪ ،‬والجمللع عضللون علللى غيللر قيللاس‪ ،‬مثللل سللنين‪،‬‬
‫والعضو كللل عظلم وافلر ملن الجسللد‪ ،‬قلاله فلي مختصلر‬
‫العين‪ .‬وضللم العيللن أشللهر مللن كسللرها‪ ،‬والجمللع أعضللاء‪.‬‬
‫ضيت الذبيحة بالتشديد‪ :‬جعلتها أعضاء‪.‬اهل‬ ‫وع ّ‬
‫ة ج‪:‬‬ ‫ة‪ :‬اللل ُ‬ ‫َ‬
‫وقال الفيروزآبللادي فللي بللاب الداوة‪ :‬والدا ُ‬
‫ت‪.‬اهل وكذا قال الفيومي في مصباحه‪.‬‬ ‫َ‬
‫دوا ٌ‬ ‫أ َ‬
‫فهذا ما يتعلق بالمعاني للغوية لهللذه اللفللاظ الثلثثللة‪،‬‬
‫وأنت ترى أن جميعها يللدور علللى معنللى واحللد هللو الجللزء‬
‫للذات والتبعيض عليها‪ .‬والمام الطحللاوي قللد نفللى جميللع‬
‫هذه اللفاظ من حيث ما تدل عليه من المعاني المذكورة‪،‬‬
‫إذن تعرف من هذا أن أهللل السللنة ينفللون أن يكللون الللله‬
‫تعللالى مركبللا مللن أعضللاء وأجللزاء‪ ،‬وآلت‪ ،‬كمللا يتللوهم‬
‫المجسمة‪.‬‬
‫والمجسمة علمتهم أنهم يثبتون اليد مثل لله تعالى‪ ،‬ول‬
‫ينفون كونها جارحة أو عضوا‪ ،‬ويتعللون بأن نفللي العضللاء‬
‫والدوات لم يرد ل في كتاب ول في سنة‪ ،‬يتسترون بللذلك‬
‫القول على فضللائحهم فللي اعتقللاد التجسلليم‪ .‬ونحللن نللرى‬
‫ههنا أن المام الطحاوي قد نفى مطلقا العضاء والركللان‬
‫والدوات‪ ،‬ولم يتوقف في ذلك‪ ،‬ولم يقل إن لله تعالى يللدا‬
‫هي عضو له أو هي ركن له أو جزء منه‪ ،‬ولم يقللل مطلقللا‬
‫أن لله تعالى أركانا تليق بذاته‪ ،‬كما يقول هللؤلء الحشللوية‬
‫المجسمة‪.‬‬
‫الجهللات جمللع جهللة‪ .‬قللال ابللن فللارس فللي‬ ‫)]‪([63‬‬
‫معجم المقاييس ‪:‬الواو والجيم والهاء أصل واحد يدل على‬
‫مقابلة لشلليء‪ ،‬والللوجه مسللتقبل كللل شلليء‪ ،‬يقللال وجلله‬
‫الرجل وغيره‪ ،‬وربما عبر عن الذات بالوجه‪..‬وواجهت فلنا‬
‫وجهلللة كلللل موضلللع‬ ‫جعللللت وجهلللي تلقلللاء وجهللله…‪.‬وال ِ‬
‫استقبلته‪.‬اهل‬
‫‪192 Page 99 of‬‬

‫ه‪ ،‬بالضللم‬ ‫ج ُ‬‫وقللال الفيروزآبللادي فللي القللاموس‪ :‬والللوُِ ْ‬


‫ة‪ ،‬بالكسللر‬ ‫جه َ ل ُ‬‫ة‪.‬اهلل وقللال‪ :‬وال ِ‬ ‫حي َل ُ‬‫ب‪ ،‬والنا ِ‬‫والكسللر‪ :‬الجللان ِ ُ‬
‫ت‪.‬اهل‬‫جها ٌ‬ ‫ة‪ ،‬بالكسر‪ ،‬ج‪ِ :‬‬ ‫جه َ ِ‬
‫جهِ والوِ ْ‬ ‫ة‪ ،‬كالوَ ْ‬ ‫حي ُ‬
‫والضم‪ :‬النا ِ‬
‫وقللال الفيللومي فللي المصللباح‪ :‬والللوجه مسللتقبل كللل‬
‫شيء‪ ،‬وربما عللبر بللالوجه عللن الللذات‪ ،‬ويقللال واجهتلله إذا‬
‫جهت الشيء جعلته علللى جهللة‬ ‫استقبلت وجهه بوجهك‪ ،‬وو ّ‬
‫وجهللة بكسللر‬ ‫جهته إلللى القبلللة فتللوجه إليهللا‪ ،‬وال ِ‬ ‫واحدة وو ّ‬
‫الواو قيل مثل الوجه وقيل كللل مكللان اسللتقبلته‪ ،‬وتحللذف‬
‫دة‪ ،‬وهو أحسن القوم وجها‪.‬اهل‬ ‫ع َ‬‫الواو فيقال جهة‪ ،‬مثل ِ‬
‫ت‪ ،‬صللفة للجهللات‪ ،‬وذلللك لن الجهللات‬ ‫السل ّ‬ ‫)]‪([64‬‬
‫والنواحي التي يتوجه إليها النسان في حركتلله هللي سللت‪،‬‬
‫تابعة لحركته‪ ،‬وهذه الجهات هللي المللام والخلللف والفللوق‬
‫والتحللت واليميللن والشللمال‪ .‬فالحاصللل مللن كلم المللام‬
‫الطحاوي رحمه الله تعالى أن الله ل يقال إنه في أي جهة‬
‫من الجهات الست‪.‬‬
‫يعنللي أن كللل شلليء مللن المبتللدعات أي‬ ‫)]‪([65‬‬
‫المخلوقات فهو في جهة وله جهة‪ ،‬وأمللا الللله تعللالى فلمللا‬
‫كان ليس كمثله شيء‪ ،‬فهو جل شأنه موجللود بل جهللة ول‬
‫ناحية‪.‬‬
‫وهذا الكلم يفهم منه أن الله تعللالى ل يجللوز أن يكللون‬
‫في جهة ول في جهات‪ ،‬فالمللام الطحللاوي يللرد علللى كللل‬
‫من القائلين بوحدة الوجود والقائلين بالتجسيم وكون الللله‬
‫تعالى على العرش قاعدا‪ .‬فإن الله تعالى لو كان في جهة‬
‫فإنه يكون على العرش مسللتقرا جالسللا قاعللدا كمللا شللاء‬
‫وبالكيفية التي أراد‪ ،‬على حد قلول المجسللمة‪ ،‬وبهلذا فهلو‬
‫يكون في جهة من الجهات‪ ،‬وهو بهذا يكون قد شابه بعض‬
‫مخلوقاته‪ .‬وأما لو كان في جميع الجهات‪ ،‬فإنه يكون حللاّل‬
‫في العالم ويؤدي إلللى القللول بوحللدة الوجللود‪ ،‬وهللو قللول‬
‫باطل‪ .‬والمام الطحاوي كما تللرى قللد رد ّ بكلملله السللابق‬
‫على كل هاتين الطائفتين‪ ،‬وذلك لنه قللد نفللى الكللون فللي‬
‫الجهات الست‪ ،‬وهذا شامل للكون في جهللة مللن الجهللات‬
‫الست‪ ،‬وللكون في سائر الجهات الست‪.‬‬
‫‪192 Page 100 of‬‬

‫ونحن إذ وصلنا إلى هللذا الحللد نحللب أن نللذكرك بقللول‬


‫المام الطحاوي المار آنفا‪ ":‬ومن وصف الله تعالى بمعنى‬
‫من معاني البشر فقد كفر"‪ ،‬فهذه العبلارة كلانت عاملة أو‬
‫مطلقة‪ ،‬وإنه الن قد وضح ما هي المعللاني الثابتللة للبشللر‬
‫والتي ل يجوز لحد أن يثبتها لله تعللالى‪ ،‬والللتي مللن أثبتهللا‬
‫لله تعالى فإنه كافر كما نص عليه المام الطحاوي‪ .‬وهللذه‬
‫المعاني هي الجهة والحد أو الحدود‪ ،‬والعضاء‪ .‬وتنبلله إلللى‬
‫قوله أن من أثبت لله تعالى هذه المعاني‪ ،‬فإنه كافر‪ ،‬فقللد‬
‫رتب الحكم بالتكفير على مجرد إثبات هذه المعللاني‪ ،‬ولللم‬
‫يرتب الحكم على إطلق هذا السم‪ ،‬ويفهللم مللن ذلللك أن‬
‫مللن أطلللق السللم وأراد هللذه المعللاني فهللو كللافر‪ .‬ومللن‬
‫أطلقه ولم يرد هذه المعاني فل يجزم بكفره‪ ،‬وأما من لللم‬
‫يطلقله ولكنله أراد هللذه المعللاني فلإنه كلافر بلالله تعللالى‬
‫العظيللم‪ .‬هللذا هللو المفهللوم مللن كلم المللام أبللي جعفللر‬
‫الطحاوي رحمه الله تعالى‪.‬‬
‫فالحالة الوحيدة التي تحتمل التفصيل عنللده‪ ،‬هللي مللن‬
‫أطلللق اللفللظ ولللم يكللن هنللاك دليللل علللى إرادتلله لهللذه‬
‫المعاني‪ ،‬فهذا ما الحكم فيه‪ ،‬هل يكفر أو ل‪ .‬الظاهر واللله‬
‫تعالى أعلم أنه إذا كان المتبادر مللن اللفللظ هللذه المعللاني‬
‫ولم توجللد قرينللة مللن المتكلللم لتصللرف اللفللظ عللن هللذا‬
‫الظاهر‪ ،‬فإنه كافر‪ ،‬وأما إذا لم يكن كللذلك‪ ،‬فللإنه ل يكفللر‪،‬‬
‫بل يبتدع ويفسق‪ ،‬لنه أطلق على الله تعالى لفظا موهمللا‬
‫للنقص وغير وارد في الشريعة المطهللرة ولللم يللدل علللى‬
‫إرادته نفي هذا النقص عن الله تعالى‪.‬‬
‫ج في‬ ‫قال صاحب الجوهري في الصحاح‪:‬عََر َ‬ ‫)]‪([66‬‬
‫عروجا‪ ،‬إذا ارتقى‪ .‬وقللال‪ :‬والمعللراج‬ ‫ج ُ‬ ‫الدرجة والسلم يعُر ُ‬
‫السلللم ومنلله ليلللة المعللراج والجمللع معللارج ومعاريللج‪،‬‬
‫والمعارج المصاعد‪.‬اهل‬
‫قال الفيللومي فللي المصللباح‪ :‬سللريت الليللل‬ ‫)]‪([67‬‬
‫سللراية إذا قطعتلله بالسللير‬ ‫سللريا والسللم ال ّ‬ ‫وسللريت بلله َ‬
‫وأسريت باللف لغة حجازيللة‪ ،‬ويسللتعملن متعللديين بالبللاء‬
‫إلى مفعول فيقال سريت بزيد وأسريت به‪.‬اهل‬
‫‪192 Page 101 of‬‬

‫ى‬
‫سللر ً‬‫م ْ‬ ‫سللرىً و َ‬‫س لَريت ُ‬‫وقال الجوهري في الصحاح‪ :‬و َ‬
‫ى‪ ،‬إذا سرت ليل‪ ،‬وباللف لغة أهللل الحجللاز‪،‬‬ ‫ت بمعن ً‬ ‫سَري ْ ُ‬
‫وأ ْ‬
‫وجللاء القللرآن بهمللا جميعللا‪ .‬ثللم قللال‪ :‬وإنمللا قللال تعللالى‬
‫سللرى ل يكللون‬ ‫)سبحان الذي أسرى بعبده ليل(وإن كان ال ّ‬
‫س نهللارا‪ ،‬والبارحللة‬ ‫ت أم ل ِ‬‫س لْر ُ‬
‫إل بالليل‪ ،‬للتأكيد‪ ،‬كقللولهم ِ‬
‫ليل‪ .‬اهل‬
‫قال الفيومي في المصباح‪ :‬والشخص سواد‬ ‫)]‪([68‬‬
‫النسان تراه من بعد‪،‬ثم استعمل في ذاته‪ ،‬قللال الخطللابي‬
‫ول يسمى شخصا إل جسم مؤلف له شخوص وارتفاع‪.‬اهل‬
‫قال الفيومي في المصباح‪:‬سما يسمو سموا‬ ‫)]‪([69‬‬
‫عل ومنه يقال سلمت همتله إللى المعلالي إذا طللب العلز‬
‫والشرف‪ .‬والسماء المظلة للرض‪ ،‬وقال السماء السللقف‬
‫وكل عال مظل سماء حتى يقال لظهر الفرس سماء‪.‬اهل‬
‫وقال الجوهري‪:‬والسمو الرتفاع والعلو‪ ،‬تقللول سلموت‬
‫ت‪-‬عللن ثعلللب‪.‬‬ ‫ت‪ ،‬وسلوت وسلي ُ‬ ‫وسميت مثل علوت وعلي ُ‬
‫وفلن ل يسامى‪ ،‬وقد عل من ساماه‪.‬اهل‬
‫والسراء كما مضى تفسيره‪ ،‬هو المسير في‬ ‫)]‪([70‬‬
‫الليل‪ ،‬وقد أسرى الله تعالى بسلليدنا محمللد عليلله الصلللة‬
‫والسلم من مكة إلى بيت المقدس ثم عرج به وصللعد بلله‬
‫من هناك إلى السموات العل وإلى حيث شاء‪ .‬هذا المر ل‬
‫ينبغي أن ينكره واحد ممن ينتسللب إلللى الللدين السلللمي‬
‫بحجة أو بللدون حجللة‪ ،‬فل يجللوز القللول بللأن هللذا النتقللال‬
‫يستحيل في ليلة واحللدة! بللل إن هللذا ممللا يجللوز عقل ول‬
‫يستحيل إل في العادة البشللرية‪ ،‬ففللي ذلللك الزمللان كللان‬
‫قطللع المسللافة مللن مكللة إلللى بيللت المقللدس فللي ليلللة‬
‫مستحيل عادة‪ ،‬وأما في أيامنا هذه فإننللا نقطللع أكللثر منهللا‬
‫في ساعة‪ ،‬فل وجه لستحالة ذلك من هذا الجانب إذن‪.‬‬
‫سللم‬‫وقد ثبت السراء في القرآن الكريم‪ ،‬قللال ‪ ‬ب ِ ْ‬
‫اللهِ الَرحمن الَرحيم سبحان الذي أسرى بعبده ليل مللن‬
‫المسجد الحرام إلى المسجد القصللى الللذي باركنللا حللوله‬
‫لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير‪((1‬‬
‫وقال العلمة أكمللل الللدين البللابرتي فللي شللرحه علللى‬
‫الطحاويللة ص ‪" :80‬قللال بعضللهم المعللراج ثللابت بالكتللاب‬
‫‪192 Page 102 of‬‬

‫أيضا وهو قوله تعالى‪‬ثم دنا فتدلى‪ ،‬فكان قللاب قوسللين أو‬
‫أدنى‪)‬النجم ‪ (8‬والصحيح أن هذا القللرب كللان مللع جبريللل‪،‬‬
‫ويدل عليه قوله تعالى‪‬وهو بالفق العلى‪)‬النجم ‪ ،(7‬وذلللك‬
‫أن رسول الله ‪ ‬سأل جبريل أن يريه نفسه على صورته‬
‫التي خلقه الله عليها‪ ،‬فواعده ذذلك بغللار حللراء فطلللع للله‬
‫جبريللل عليلله السلللم مللن المشللرق فسللد الفللق إلللى‬
‫المغرب‪ ،‬ثم دنا فتدلى‪ .‬هذا من بللاب القلللب أي ثللم تللدنى‬
‫جبريللل فللدنا مللن محمللد عليلله السلللم‪ ،‬وكللان منلله قللاب‬
‫قوسللين أي قللدر مسللافة قوسللين أو أدنللى‪ ،‬والمعنللى أنلله‬
‫بعدما رآه النبي عليه السلم على صورته هاله من عظمته‬
‫فرده الله إلى صورة آدمي حتى قرب منلله للللوحي وذلللك‬
‫قولهفأوحى إلى عبده ما أوحللى‪)‬النجللم ‪ (10‬أي عبللد الللله‬‫‪‬‬
‫وهو محمد عليه السلم مللا أوحللى الللله عللز وجللل بلسللان‬
‫جبريل‪".‬اهل ل ‪ ،‬وقللال الللبيهقي فللي السللماء والصللفات ص‬
‫‪":436‬قال أبو سللليمان الخطللابي رحملله الللله تعللالى فللي‬
‫تقدير قوله ‪‬ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى‪ ‬علللى‬
‫ما تأوله ابن مسعود وعائشة رضي الله عنهمللا مللن رؤيتلله‬
‫‪ ‬جبريل عليه السلم في صورته التي خلق عليها‪ ،‬والدنو‬
‫منه عند المقام الذي رفع إليه وأقيم فيله قللوله‪‬دنللا فتللدلى‬
‫المعنى به جبريل عليه السلم تدلى من مقامه الذي جعل‬
‫له في الفق العلى فاستوى أي وقف وقفة ثم دنا فتدلى‬
‫أي نزل حتى كان بينه وبين المصعد الذي رفع إليلله محمللد‬
‫‪ ‬قاب قوسين أو أدنى‪ ،‬فيما يراه الرائي ويقدره المقدر‪.‬‬
‫وروى المللام الللبيهقي رحملله الللله تعللالى فللي كتللاب‬
‫السماء والصفات ص ‪ 433‬في باب ما جاء في قول ‪‬‬
‫‪‬ثم دنا فتللدلى فكللان قللاب قوسللين أو أدنللى‪ ‬عللن عبللدالله‬
‫رضي الله عنه في هذه الية‪‬فكان قللاب قوسللين أو أدنللى‪،‬‬
‫قال رسول الله ‪" ‬رأيت جبريل عليه الصلة والسلم للله‬
‫ستمائة جناح" رواه البخاري في الصحيح عن أبي النعمللان‬
‫عن عبد الواحد بن زيللاد‪ .‬وروى بسللنده عللن ابللن مسللعود‬
‫رضللي اللله عنلله أن النللبي ‪ ‬رأيللى جبريللل عليلله الصلللة‬
‫والسلم له سللتمائة جنللاح"‪.‬وذكللر أنلله رواه المللام مسلللم‬
‫أيضا في صحيحه عن أبي الربيع‪.‬‬
‫‪192 Page 103 of‬‬

‫قال المام العلمة التفتازاني في شرح العقائد النسفية‬


‫ص ‪":194‬فالسلللراء ملللن المسلللجد الحلللرام إللللى بيلللت‬
‫المقدس قطعي ثبت بالكتاب‪ ،‬والمعللراج مللن الرض إلللى‬
‫السماء مشهور ومن السماء إلى الجنة أو العللرش أو غيللر‬
‫ذلللك آحللاد‪ .‬ثللم الصللحيح أنلله عليلله السلللم إنمللا رأى ربلله‬
‫بفللؤاده ل بعينلله‪".‬اهللل‪ .‬وخللالفه المل أحمللد الجنللدي فللي‬
‫حاشيته وقال‪ ":‬قد سبق أن مللذهب الشلليخ الشللعري أنلله‬
‫رآه بعينه وهو الصحيح لجزم ابن عباس وغيلره بله‪ ،‬ومثلله‬
‫ل يقلللال ملللن قبلللل اللللرأي‪ ،‬ولنللله ممكلللن دللللت عليللله‬
‫الظللواهر‪".‬اهل ل قلللت‪ :‬والصللح مللا قللاله السللعد‪ ،‬لحصللول‬
‫الختلف بين الصحابة في ذلك‪ ،‬ولو حصلت الرؤية بللالعين‬
‫لشتهرت بينهم حتى لم يحدث خلف‪ ،‬كعدمه فللي الرؤيللة‬
‫بالعين‪.‬والله أعلم‪.‬‬
‫وخللبر السللراء مشللهور فللي كتللب الحللديث‪ ،‬وسللوف‬
‫نكتفللي بللإيراد قسللم مللن روايللاته‪ ،‬فمنهللا مللا رواه المللام‬
‫البخاري عن أنس بن مالك عن مالك بللن صعصللعة رضللي‬
‫الله تعالى عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم‬
‫عن ليلة أسري به بينما أنللا فللي الحطيللم وربمللا قللال فللي‬
‫الحجللر مضللطجعا إذ أتللاني آت فقللد قللال وسللمعته يقللول‬
‫فشق ما بين هذه إلى هذه فقلت للجارود وهو إلللى جنللبي‬
‫ما يعني به قال من ثغرة نحره إلى شعرته وسمعته يقللول‬
‫من قصه إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من‬
‫ذهب مملوءة إيمانا فغسل قلللبي ثللم حشللي ثللم أعيللد ثللم‬
‫أتيللت بدابللة دون البغللل وفللوق الحمللار أبيللض فقللال للله‬
‫الجارود هو البراق يا أبا حمزة قال أنس نعم يضللع خطللوه‬
‫عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بللي جبريللل حللتى‬
‫أتى السماء الدنيا فاستفتح فقيللل من هججذا قللال جبريللل‬
‫قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم‬
‫قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتلح فلملا خلصلت فلإذا‬
‫فيها آدم فقال هذا أبللوك آدم فسلللم عليلله فسلللمت عليلله‬
‫فرد السلم ثم قال مرحبا بالبن الصالح والنبي الصالح ثم‬
‫صعد حتى أتى السماء الثانية فاستفتح قيل مللن هللذا قللال‬
‫جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسججل إليججه‬
‫‪192 Page 104 of‬‬

‫قال نعم قيللل مرحبللا بلله فنعللم المجيللء جللاء ففتللح فلمللا‬
‫خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة قللال هللذا يحيللى‬
‫وعيسى فسلم عليهما فسلمت فردا ثم قللال مرحبللا بللالخ‬
‫الصالح والنبي الصللالح ثللم صللعد بللي إلللى السللماء الثالثللة‬
‫فاستفتح قيل من هذا قللال جبريللل قيللل ومللن معللك قللال‬
‫محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيللل مرحبللا بلله فنعللم‬
‫المجيء جاء ففتح فلما خلصت إذا يوسف قال هذا يوسف‬
‫فسلم عليه فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالخ الصللالح‬
‫والنللبي الصللالح ثللم صللعد بللي حللتى أتللى السللماء الرابعللة‬
‫فاستفتح قيل من هذا قللال جبريللل قيللل ومللن معللك قللال‬
‫محمد قيل أو قد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا بلله فنعللم‬
‫المجيء جللاء ففتللح فلمللا خلصللت إلللى إدريللس قللال هللذا‬
‫إدريس فسلم عليه فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالخ‬
‫الصللالح والنللبي الصللالح ثللم صللعد بللي حللتى أتللى السللماء‬
‫الخامسة فاستفتح قيللل مللن هللذا قللال جبريللل قيللل ومللن‬
‫معك قال محمد صلى الله عليه وسلم قيل وقد أرسللل‬
‫إليلله قللال نعللم قيللل مرحبللا بلله فنعللم المجيللء جللاء فلمللا‬
‫خلصت فإذا هارون قال هذا هارون فسلللم عليلله فسلللمت‬
‫عليه فرد ثم قال مرحبا بللالخ الصللالح والنللبي الصللالح ثللم‬
‫صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح قيل من هذا‬
‫قال جبريل قيل من معك قال محمد قيل وقد أرسل إليلله‬
‫قال نعم قال مرحبا به فنعللم المجيللء جللاء فلمللا خلصللت‬
‫فإذا موسى قال هذا موسللى فسلللم عليلله فسلللمت عليلله‬
‫فللرد ثللم قللال مرحبللا بللالخ الصللالح والنللبي الصللالح فلمللا‬
‫تجاوزت بكى قيل له ما يبكيك قال أبكي لن غلما بعججث‬
‫بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها مججن‬
‫أمتي ثم صعد بي إلى السماء السللابعة فاسللتفتح جبريللل‬
‫قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معللك قللال محمللد قيللل‬
‫وقد بعث إليه قال نعم قال مرحبا بلله فنعللم المجيللء جللاء‬
‫فلما خلصت فإذا إبراهيم قال هذا أبوك فسلللم عليلله قللال‬
‫فسلمت عليه فرد السلم قال مرحبا بالبن الصالح والنبي‬
‫الصالح ثم رفعت لي سدرة المنتهى فإذا نبقهللا مثللل قلل‬
‫هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة قال هذه سللدرة المنتهللى‬
‫‪192 Page 105 of‬‬

‫وإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهججران ظججاهران‬


‫فقلت ما هذان يا جبريللل قللال أمللا الباطنللان فنهللران فللي‬
‫الجنة وأما الظاهران فالنيججل والفججرات ثللم رفللع لللي‬
‫البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف مللك ثللم أتيللت‬
‫بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبللن‬
‫فقال هللي الفطللرة أنللت عليهللا وأمتللك ثللم فرضللت علللي‬
‫الصلوات خمسين صلة كللل يللوم فرجعللت فمللررت علللى‬
‫موسى فقال بم أمرت قال أمرت بخمسين صلة كل يللوم‬
‫قال أمتك ل تستطيع خمسين صلة كل يججوم وإنللي‬
‫والله قد جربت الناس قبلك وعالجت بنللي إسللرائيل أشللد‬
‫المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لمتك فرجعللت‬
‫فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت‬
‫فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت‬
‫فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت‬
‫فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت فقال مثله فرجعت‬
‫فأمرت بخمس صلوات كل يوم فرجعت إلى موسى فقال‬
‫بما أمرت قلت أملرت بخملس صللوات كلل يللوم قلال إن‬
‫أمتك ل تستطيع خمس صلوات كل يللوم وإنللي قللد جربللت‬
‫الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشللد المعالجللة فللارجع‬
‫إلى ربك فاسأله التخفيللف لمتللك قللال سللألت ربللي حللتى‬
‫استحييت ولكللن أرضللى وأسلللم قللال فلمللا جللاوزت نللادى‬
‫مناد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي‪.‬‬
‫وله في رواية عن سليمان عن شريك بن عبد الللله أنلله‬
‫قال سمعت أنس بن مالك يقول ليلة أسري برسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم من مسللجد الكعبللة إنلله جللاءه ثلثللة‬
‫نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام فقال‬
‫أولهم أيهم هو فقال أوسللطهم هللو خيرهللم فقللال آخرهللم‬
‫خذوا خيرهم فكانت تلك الليلة فلم يرهلم حلتى أتللوه ليللة‬
‫أخرى فيمللا يللرى قلبلله وتنللام عينلله ول ينللام قلبلله وكللذلك‬
‫النبيللاء تنللام أعينهللم ول تنللام قلللوبهم فلللم يكلمللوه حللتى‬
‫احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم فتوله منهم جبريل فشق‬
‫جبريل ما بين نحره إلى لبته حتى فرغ من صللدره وجللوفه‬
‫فغسله مللن مللاء زمللزم بيللده حللتى أنقللى جللوفه ثللم أتللى‬
‫‪192 Page 106 of‬‬

‫بطست من ذهب فيه تور من ذهب محشوا إيمانا وحكمللة‬


‫فحشي به صدره ولغاديده يعني عروق حلقه ثم أطبقه ثم‬
‫عرج به إلى السماء الدنيا فضرب بابللا مللن أبوابهللا فنللاداه‬
‫أهل السماء من هذا فقال جبريللل قللالوا ومللن معللك قللال‬
‫معي محمد قال وقد بعث قال نعم قالوا فمرحبللا بلله وأهل‬
‫فيستبشر به أهل السماء ل يعلم أهل السماء بما يريد الله‬
‫به في الرض حتى يعلمهم فوجللد فللي السللماء الللدنيا آدم‬
‫فقال له جبريل هللذا أبللوك فسلللم عليلله فسلللم عليلله ورد‬
‫عليه آدم وقال مرحبا وأهل بابني نعم البللن أنلت فلإذا هللو‬
‫دان )أي يجريللان‪ -‬مللن‬ ‫في السماء الللدنيا بنهريججن ي َطّج ِ‬
‫ر َ‬
‫النهاية فللي غريللب الحللديث لبللن الثيللر( فقللال مللا هللذان‬
‫النهران يا جبريل قال هللذا النيللل والفللرات عنصللرهما ثللم‬
‫مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ‬
‫وزبرجد فضرب يده فإذا هو مسك أ َذ َْفر )أي طيب الريللح(‬
‫قال ما هذا يا جبريل قال هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك ثللم‬
‫عرج به إلى السلماء الثانيلة فقلالت الملئكلة لله مثلل ملا‬
‫قالت له الولى من هذا قال جبريل قالوا ومن معللك قللال‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم قالوا وقد بعث إليه قلال نعلم‬
‫قالوا مرحبا به وأهل ثم عرج به إلى السماء الثالثة وقللالوا‬
‫له مثل ما قالت الولى والثانية ثللم عللرج بلله إلللى الرابعللة‬
‫فقالوا له مثللل ذلللك ثللم عللرج بلله إلللى السللماء الخامسللة‬
‫فقالوا مثل ذلك ثم عرج به إلى السماء السادسللة فقللالوا‬
‫له مثل ذلك ثم عرج به إلللى السللماء السللابعة فقللالوا للله‬
‫مثل ذلك كل سماء فيها أنبياء قللد سللماهم فللوعيت منهللم‬
‫إدريس في الثانية وهارون في الرابعة وآخر في الخامسللة‬
‫لللم أحفللظ اسللمه وإبراهيللم فللي السادسللة وموسللى فللي‬
‫السابعة بتفضيل كلم الله فقال موسللى رب لللم أظللن أن‬
‫ترفع علي أحدا ثم عل به فوق ذلللك بمللا ل يعلملله إل الللله‬
‫حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى‬
‫حتى كللان منلله قللاب قوسللين أو أدنللى فللأوحى الللله فيمللا‬
‫أوحى إليه خمسين صلة على أمتك كل يوم وليلة ثم هبط‬
‫حتى بلغ موسى فاحتبسه موسى فقال يا محمد ماذا عهللد‬
‫إليك ربك قال عهد إلي خمسين صلة كل يوم وليلللة قللال‬
‫‪192 Page 107 of‬‬

‫إن أمتك ل تستطيع ذلك فارجع فليخفف عنك ربك وعنهللم‬


‫فالتفت النبي صلى الله عليه وسلللم إلللى جبريللل كللأنه‬
‫يستشيره في ذلك فأشللار إليلله جبريللل أن نعللم إن شللئت‬
‫فعل به إلى الجبار فقال وهو مكججانه يللا رب خفللف‬
‫عنا فإن أمتي ل تستطيع هذا فوضع عنه عشر صلوات ثللم‬
‫رجع إلى موسى فاحتبسه فلم يزل يردده موسى إلى ربه‬
‫حتى صارت إلى خمس صلوات ثللم احتبسلله موسللى عنللد‬
‫الخمس فقال يللا محمللد والللله لقللد راودت بنللي إسللرائيل‬
‫قومي على أدنى من هذا فضعفوا فتركوه فأمتللك أضللعف‬
‫أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصللارا وأسللماعا فللارجع فليخفللف‬
‫عنك ربك كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلللى‬
‫جبريللل ليشللير عليلله ول يكللره ذلللك جبريللل فرفعلله عنللد‬
‫الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلللوبهم‬
‫وأسماعهم وأبدانهم فخفف عنا فقال الجبار يا محمد قللال‬
‫لبيك وسعديك قال إنلله ل يبللدل القللول لللدي كمللا فرضللت‬
‫عليك في أم الكتاب قال فكل حسنة بعشللر أمثالهللا فهللي‬
‫خمسون فللي أم الكتللاب وهللي خمللس عليللك فرجللع إلللى‬
‫موسى فقال كيللف فعلللت فقللال خفللف عنللا أعطانللا بكللل‬
‫حسللنة عشللر أمثالهللا قللال موسللى قللد والللله راودت بنللي‬
‫إسللرائيل علللى أدنللى مللن ذلللك فللتركوه ارجللع إلللى ربللك‬
‫فليخفف عنك أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلللم‬
‫يا موسى قد والله استحييت مللن ربللي ممللا اختلفللت إليلله‬
‫قال فاهبط باسللم الللله قللال واسللتيقظ وهللو فللي مسللجد‬
‫الحرام‪.‬‬
‫ولنا ملحظات ومناقشات تدور حججول أحججاديث‬
‫السراء‪ ،‬نوجز بعضها فيما يلي‪:‬‬
‫أول‪ :‬اعترض البعض علللى قللولهم "وقللد أرسللل إليلله"‬
‫بأنه يدل على أنهم لم يكونوا يعلمون بأنه صار نبيللا‪ ،‬وهللذا‬
‫ل يجللوز فللي حللق الملئكللة‪ ،‬يريللد أن يقللول أن الحللديث‬
‫يضعف بذلك!؟‬
‫والجللواب‪ :‬قللال ابللن حجللر فللي الفتللح)‪":(7/209‬قللوله‬
‫)فاستفتح(‪ ،‬تقدم القول فيله فلي أول الصللة وأن قلولهم‬
‫"أرسل إليه" أي للعروج‪ ،‬وليللس المللراد أصللل البعللث لن‬
‫‪192 Page 108 of‬‬

‫ذلك كان قد اشتهر فللي الملكللوت العلللى‪ .‬وقيللل سللألوه‬


‫تعجبا من نعمة الله عليه بذلك أو استبشارا به‪ ،‬وقد علموا‬
‫أن بشرا ل يللترقى هللذا الللترقي إل بللإذن الللله تعللالى وأن‬
‫جبريل ل يصعد بمن لللم يرسللل إليلله‪ .‬وقيللل الحكمللة فللي‬
‫سؤال الملئكللة"وقللد بعللث إليلله" أن الللله أراد إطلع نللبيه‬
‫ث إليلله‬
‫على أنه معروف عند المل العلى‪ ،‬لنهم قالوا أوَب ُعِ َ‬
‫فدل على أنهم كانوا يعرفون أن ذلك سيقع له‪ ،‬وإل لكللانوا‬
‫يقولون ومن محمد‪ ،‬مثل‪".‬اهل‬
‫ثانيا‪ :‬قول سيدنا موسى عليه السلللم‪ ":‬غلما بعججث‬
‫بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها مججن‬
‫أمتي" ‪ ،‬كيف يصدر مثل هذا القللول مللن نللبي وهللو يللدل‬
‫على الحسد‪ .‬وكيف يطلق على سيدنا محمد عليه السلللم‬
‫اسم الغلم وهو أفضل الخلق أجمعين؟!‬
‫الجواب‪ :‬قال ابن حجر في الفتح)‪":(7/211‬وفي روايللة‬
‫ي‪ ،‬وفي حديث أبي‬ ‫ن أحدا ي ُْرفَعُ عل ّ‬‫شريك عن أنس لم أظ ّ‬
‫سعيد "قال موسى‪:‬يزعم بنو إسرائيل أني أكرم على الللله‬
‫وهذا أكرم على الله مني" زاد الموي في روايته"ولو كان‬
‫ي‪ ،‬ولكن معلله أمتلله وهللم أفضللل المللم‬ ‫هذا وحده هان عل ّ‬
‫عند الله" وفي رواية أبي عبيللدة بللن عبللدالله بللن مسللعود‬
‫عن أبيه أنه "مّر بموسلى عليله السللم وهلو يرفلع صلوته‬
‫فيقول‪:‬أكرمته وفضلته‪ ،‬فقال جبريللل‪:‬هللذا موسللى‪ .‬قلللت‪:‬‬
‫ومن يعاتب‪ .‬قال يعاتب ربه فيك‪ .‬قلت‪ :‬ويرفع صوته علللى‬
‫ربه‪ .‬قال‪:‬إن الله قد عللرف للله حللدته"‪ .‬وفللي حللديث ابللن‬
‫مسعود عند الحارث وأبللي يعلللى والللبزار"وسللمعت صللوتا‬
‫وتذمرا‪ ،‬فسألت جبريل فقال هذا موسى‪ ،‬قلت علللى مللن‬
‫تذمره‪ .‬قال‪ :‬على ربه‪ .‬قلت علللى ربلله؟! قللال إنلله يعللرف‬
‫ذلك منه"‪.‬‬
‫قال العلماء لم يكن بكاء موسى حسدا‪ ،‬معاذ الله‪ ،‬فإن‬
‫الحسد في ذلك لعالم منللزوع عللن آحلاد المللؤمنين فكيللف‬
‫بمن اصطفاه الله تعالى‪ ،‬بل كان أسفا على مللا فللاته مللن‬
‫الجر الذي يترتب عليه رفللع الدرجللة بسللبب مللا وقللع مللن‬
‫أمتلله مللن كللثرة المخالفللة المقتضللية لتنقيللص أجللورهم‬
‫المسللتلزم لتنقيللص أجللره‪ ،‬لن لكللل نللبي مثللل أجللر كللل‬
‫‪192 Page 109 of‬‬

‫مناتبعه‪ ،‬ولهذا كان من اتبعه من أمته في العللدد دون مللن‬


‫اتبع نبينا ‪ ‬مع طول مدتهم بالنسبة لهذه المة‪.‬‬
‫وأما قوله "غلم" فليس على سبيل النقللص‪ ،‬بللل علللى‬
‫سبيل التنويه بقدرة الله وعظيم كرمه إذ أعطى لمن كللان‬
‫في ذلك السن ما لم بعطه أحدا قبله ممن هو أسللن منلله‪.‬‬
‫ونقل عن العارف بالله تعالى ابن أبللي جمللرة قللوله‪ :‬وأمللا‬
‫قوله "هذا الغلم" فأشار إلى صغر سنه بالنسبة إليه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬قيل‪ :‬تخصيص موسى عليه السلللم بالسللتدراك‬
‫ومراجعللة النللبي ‪ ‬يللدل علللى أن هللذا الحللديث مللن‬
‫السرائيليات‪.‬‬
‫الجواب‪ :‬هذا باطل‪ ،‬فإن الحكمة في ذلك كما نقله ابن‬
‫حجللر عللن القرطللبي )‪ (7/212‬لعلهللا لكللون أمللة موسللى‬
‫كلفت من الصلوات بمللا للم تكللف بله غيرهللا مللن المللم‪،‬‬
‫فثقلت عليهم فأشفق موسى علللى أمللة محمللد مللن مثللل‬
‫ذلللك‪ .‬ويشللير إلللى ذلللك قللوله "إنللي قللد جربللت النللاس‬
‫قبلك"انتهلى‪ .‬وقلال غيلره لعلهلا ملن جهلة أنله ليلس فلي‬
‫النبياء من له أتباع أكثر من موسى ول من له كتللاب أكللبر‬
‫ول أجمع للحكام من هذه الجهة مضاهيا للنبي ‪ ‬فناسب‬
‫أن يتمنى أن يكون له مثل ما أنعللم عليلله مللن غيللر زواللله‬
‫عنه‪ .‬وناسلب أن يطلعلله علللى مللا وقللع لله وينصللحه فيمللا‬
‫يتعلق به‪" .‬اهل‬
‫وأما بكاؤه فلما أن الله تعالى جعل الرحمة في قلللوب‬
‫النبياء أكثر ما جعل في قلوب غيرهم‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬قال بعضهم إننللا ل نفهللم معنللى للنهللار الربعللة‬
‫ووصف اثنين منها بالباطنين واثنين بالظاهرين‪ .‬فذلك يدل‬
‫على أن الحديث ليس بصحيح أو فيه شك‪.‬‬
‫الجواب‪ :‬وأما النهار الربعة فلو افترضلنا أننلا ل نعلرف‬
‫معناهما فل يسللتلزم ذلللك بطلن الحللديث‪ .‬ولعللل المعنللى‬
‫أنهملللا باطنلللان أي يملللران ملللن تحلللت سلللطح الرض‪،‬‬
‫والظاهران خلفهما‪ .‬أو يكون الباطنان دللة على أن الجنة‬
‫فيها أفضل مما في الحيللاة الللدنيا لعللزة البللاطن‪ ،‬وكشللف‬
‫الظاهر‪ .‬وقد يجلاب أيضلا بلأن هلذين النهريلن أي الفلرات‬
‫والنيل من أنهار الجنة‪ ،‬وحكمهما ليللس نفللس حكللم أنهللار‬
‫‪192 Page 110 of‬‬

‫الدنيا‪ ،‬فللإن الفللرات والنيللل وإن كانللا ينبعللان مللن منطقللة‬


‫معينة من الرض في الللدنيا‪ ،‬فللإن الللواردين فللي الحللديث‬
‫ليسا هما عين ما نجدهما في الدنيا‪ ،‬بل سللميا بأسللمائهما‪.‬‬
‫فإن قيل فكيف يطلق علللى نهللر مللن أنهللار الخللرة اسللما‬
‫لنهللر فللي الللدنيا؟ والجللواب‪ :‬إن ذلللك غيللر مسللتنكر فللإن‬
‫الفاكهة في الخرة لها أسماء هي عين السماء الللتي فللي‬
‫الدنيا كللالعنب والللتين وحللتى الحنظللل وإن كللان مللرا فللي‬
‫الدنيا‪ ،‬فالتشابه إنما هو في السللماء فقللط‪ .‬وقللد ورد فللي‬
‫حديث البخاري عن أبي هريرة ‪ ":‬فإذا سألتم الله فاسألوه‬
‫الفللردوس فللإنه أوسللط الجنللة وأعلللى الجنللة أراه فللوقه‬
‫عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة قال محمد بن فليللح‬
‫عن أبيه وفوقه عرش الرحمن"‪.‬فهذا دليللل علللى أن منبللع‬
‫النهار في الخرة هو العرش‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬اعترض على ما ورد في بعض الروايللات مللن‬
‫ألفاظ التدلي والدنو والمكان‪.‬‬
‫والجواب‪ :‬قال المام الللبيهقي فللي السللماء والصللفات‬
‫ص ‪ 440‬بعلللدما أورد حلللديث السلللراء والمعلللراج‪":‬رواه‬
‫البخاري في الصحيح عللن عبللد العزيللز بللن عبللد الللله عللن‬
‫سليمان بن بلل‪ ،‬ورواه مسلم عن هارون بن سعيد اليلي‬
‫عن ابن وهب‪ ،‬ولم يسق متنه وأحال به عللى روايلة ثلابت‬
‫عن أنس رضي الله عنه‪ ،‬وليس في رواية ثابت عن أنللس‬
‫لفظ الدنو والتدلي ول لفظ المكان‪ .‬وروى حديث المعراج‬
‫ابن شهاب الزهري علن أنلس بللن ماللك رضللي اللله عنله‬
‫وقتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة‪ ،‬ليس في‬
‫حديث واحد منهما شيء من ذلك‪ .‬وقد ذكر شريك بن عبد‬
‫الله بن أبي نمر في روايته هذه مللا يسللتدل علللى أنلله لللم‬
‫يحفظ الحديث كما ينبغي له من نسيانه مللا حفظلله غيللره‪،‬‬
‫ومن مخالفته في مقامات النبياء الذين رآهم في السللماء‬
‫من هو أحفظ منه‪".‬اهل‬
‫وقد علم أن التدلي ل يجوز نسبته إلى الله تعالى‪ ،‬لنلله‬
‫من صفات المخلوقين كجبريل عليلله السلللم كمللا مضللى‪.‬‬
‫وأما ما قد يرد نحو دار الله فهو بمعنى الللدار الللتي دورهللا‬
‫لوليائه وهي الجنة‪ .‬وكما يقال بيت الله وحرم الله‪.‬‬
‫‪192 Page 111 of‬‬

‫وأما ما ورد من المكان فقال الخطابي كمللا نقللله عنلله‬


‫البيهقي في السماء والصفات ‪":442‬وفي الحديث لفظللة‬
‫أخرى تفرد بها شريك أيضا لم يللذكرها غيللره‪ ،‬وهللي قللوله‬
‫وهو مكانه‪ .‬والمكان ل يضاف إلى الللله سللبحانه‪ ،‬إنمللا هللو‬
‫مكان النبي ‪ ‬ومقامه الول الذي أقيم فيه‪.‬‬
‫]‪ ([71])[71][71‬روى الملللام البخلللاري‪ :‬علللن أبلللي‬
‫هريرة رضي الله تعالى عنلله عللن النللبي صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم قال ما بين بيتي ومنللبري روضللة مللن ريللاض الجنللة‬
‫ومنبري على حوضي‪.‬‬
‫وروى أيضا عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلته علللى الميللت‬
‫م وأنا شهيد عليكم‬ ‫ثم انصرف إلى المنبر فقال إني فََرط ُك ُ ْ‬
‫إني والله لنظر إلى حوضي الن وإني قد أعطيت خللزائن‬
‫مفاتيح الرض وإني والله ما أخاف بعدي أن تشركوا ولكن‬
‫أخاف أن تنافسوا فيها‪.‬‬
‫ط بالتحريللك الللذي يتقللدم‬ ‫قللال فللي الصللحاح‪ :‬والَفللَر ُ‬
‫ض‬
‫دلَء وي َلد ُُر لهللم الحيللا َ‬ ‫الواردةَ فيهيء لهللم الرسللان وال ل ّ‬
‫ل بمعنللى فاعللل‪ ،‬مثللل ت َب َلٍع بمعنللى‬ ‫ويستقي لهم‪ .‬وهللو فَعَل ٌ‬
‫ط‪".‬أهل‬ ‫ط وقوم فََر ٌ‬ ‫تابع‪.‬يقال رجل فََر ٌ‬
‫وروى البيهقي في سننه الكبرى عللن كعللب بللن عجللرة‬
‫قال قال رسول الله صلى الللله عليلله وسلللم إنلله سلليكون‬
‫أمراء فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم علللى ظلمهللم فليللس‬
‫مني ولست منه ول يرد علللى حوضللي ومللن لللم يصللدقهم‬
‫على كذبهم ولم يعنهم علللى ظلمهللم فهللو منللي وأنللا منلله‬
‫ويرد على حوضي‪.‬‬
‫قال المام السعد في شللرح النسللفية‪":‬والحللوض حللق‬
‫لقوله تعالى إنا أعطيناك الكوثر"اهل ل ‪ ،‬وعارضلله المحشللي‬
‫العلمة الخيالي فقال‪ :‬يشللير إلللى أن الكللوثر هللو الحللوض‬
‫والصللح أنلله غيللره فللإنه نهللر فللي الجنللة والحللوض فللي‬
‫الموقف‪.‬اهل وربما يؤيد ما قللاله الخيللالي حللديث الرسللول‬
‫عليه السلم الذي أخرجه الترمذي عن سمرة رضللي الللله‬
‫عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلللم "إن لكللل‬
‫نبي حوضا‪ ،‬وإنهم ليتباهون أيهم أكثر وارد‪ ،‬وإني لرجللو أن‬
‫‪192 Page 112 of‬‬

‫أكون أكثرهم واردة‪".‬اهل وربما يكللون القللرب أن الحللوض‬


‫في الموقف وهو مصب النهر الذي في الجنة‪ .‬والله أعلم‪.‬‬
‫قال السيوطي في البدور السللافرة فللي أمللور الخللرة‬
‫ص ‪" :239‬قال الدارقطني قال علماؤنا كل من ارتللد عللن‬
‫دين الله أو أحدث فيه ما ل يرضاه الله تعالى ولم يأذن به‬
‫فهو من المطرودين عن الحوض وأشدهم طردا من خالف‬
‫جماعة المسلمين‪ ،‬كلالخوارج والروافلض والمعتزللة عللى‬
‫اختلف فرقهللم فهللؤلء كلهللم مبللدلون‪ ،‬وكللذلك الظلمللة‬
‫المسرفون في الجود والظلم وطمس الحللق وإذلل أهللله‬
‫والمعلنون للكبلائر المسلتخفون بالمعاصلي وجماعلة أهلل‬
‫الزيغ والبدع‪ ،‬ثم الطرد قد يكون فللي حللال ويقربللون بعللد‬
‫المغفللرة إن كللان التبللديل فللي العمللال‪ ،‬ولللم يكللن فللي‬
‫العقائد‪ ،‬وقد يقال‪ :‬إن أهل الكبائر يللردون ويشللربون‪ ،‬وإذا‬
‫دخلوا النار بعد ذلك لم يعذبوا بالعطش‪.‬‬
‫وهذا على ما اختاره من قال إن الحوض قبل الصللراط‬
‫والللذي رجحلله القاضللي عيللاض إن الحللوض بجللانب الجنللة‬
‫ينصب فيه الماء من النهللر الللذي داخلهللا ‪ ،‬فلللو كللان قبللل‬
‫الصراط لخللالف النللار بينلله وبيللن المللاء الللذي يصللب مللن‬
‫الكوثر‪ ،‬قال ‪ :‬وأمللا مللا أورد عليلله مللن حللديث أن جماعللة‬
‫يدفعون عن الحوض بعد أن يردوه‪ ،‬ويذهب بهم إلللى النللار‬
‫فجللوابه أنهللم يقربللون مللن الحللوض بحيللث يرونلله ويللرون‬
‫فيدفعون في النار‪ ،‬قبل أن يخلصوا من بقية الصراط‪.‬اهل‪.‬‬
‫أصللل الشللفاعة فللي اللغللة كمللا قللال‬ ‫)]‪([72‬‬
‫ر‪ ،‬وهللو الللزوج‪ ،‬وقللال‬ ‫الجوهري من الشفع وهو خلف الوَت ْ ِ‬
‫واستشللفعته إلللى فلن أي سللألته أن يشللفع لللي إليلله‪،‬‬
‫وتشفعت إليه فلي فلن فشلّفعني فيله تشلفيعا‪.‬اهلل‪ .‬وأملا‬
‫الفيلللومي فقلللد زاد تلللدقيقا فلللي معناهلللا فقلللال فلللي‬
‫مصباحه‪":‬شفعت الشيء من باب نفع ضممته إلى الفللرد‪.‬‬
‫وشللفعت فللي المللر شللفعا وشللفعاعة طللالبت بوسلليلة أو‬
‫ذمللام‪ ،‬واسللم الفاعللل شللفيع والجمللع شللفعاءمثل كريللم‬
‫وكرماء وشافع أيضا‪".‬اهل‬
‫ومللن هنللا فإننللا يمكللن أن نرجللع المعنللى الشللرعي‬
‫للشفاعة إلى الصل اللغوي‪ ،‬ول يكون من باب النقل عللن‬
‫‪192 Page 113 of‬‬

‫المعنى‪ ،‬بل هو استعمال في أصل المورد‪ ،‬فللإن الشللفاعة‬


‫في العرف كما قال البيجوري ص ‪":186‬سؤال الخير مللن‬
‫الغيللر للغيللر‪ ،‬وشللفاعة المللولى عبللارة عللن عفللوه‪".‬اهل ل ‪.‬‬
‫وأصللل الشللفاعة ثابتللة فللي الشللرع وقللد نللص المللام‬
‫التفتازاني فللي شللرح العقللائد النسللفية ص ‪ 175‬أن أصللل‬
‫العفو والشفاعة ثابت بالدلة القطعية من الكتاب والسللنة‬
‫والجماع‪ .‬وقال المام السيوطي في البدور السافرة فللي‬
‫أمللور الخللرة ص ‪":343‬أخللرج الشلليخان عللن عمللر بللن‬
‫الخطللاب رضللي الللله تعللالى عنلله أنلله خطللب فقللال‪ :‬إنلله‬
‫سيكون في هللذه المللة قللوم يكللذبون بللالرجم وبالللدجال‪،‬‬
‫ويكذبون بطلللوع الشللمس مللن مغربهللا‪ ،‬ويكللذبون عللذاب‬
‫القبر‪ ،‬ويكذبون الشفاعة ويكذبون بقوم يخرجون من النار‬
‫بعدما امتحشوا"اهل‪.‬‬
‫وهي على أقسام كما قللال الشلليخ أحمللد الللدردير فللي‬
‫شرحه على خريدته ص ‪ 70‬علللى أنللواع‪ :‬الول‪ :‬شللفاعته‬
‫‪ ‬في فصل القضللاء لراحللة الخلللق مللن طللول الوقللوف‬
‫مشقته وهي مختصة به ‪ . ‬الثاني شللفاعته فللي إدخللال‬
‫قوم الجنللة بغيللر حسللاب قللال النللووي وهللي مختصللة بلله‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الشفاعة فيمن يستحق دخول النار أن ل يللدخلها‪،‬‬
‫قال عياض وليست مختصة به‪ ،‬وتردد النللووي أي لنلله لللم‬
‫يرد تصريح بذلك‪ .‬الرابع‪ :‬الشفاعة فللي إخللراج قللوم مللن‬
‫النار ويشاركه فيها النبيللاء والملئكللة وصللالحو المللؤمنين‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬الشفاعة فللي زيللادة الللدرجات‪ .‬وجللوز النللووي‬
‫اختصاصها به عليه الصلة والسلم‪ .‬السججادس‪ :‬الشللفاعة‬
‫في تخفيف العذاب عمن استحق الخلود في النار كما فللي‬
‫حق أبي طالب‪ ،‬ففي الصحيح أنا أول شللافع وأول مشللفع‬
‫وإنه ذكر عنده عمه أبو طالب فقال لعلله تنفعله شلفاعتي‬
‫فيجعل في ضحضاح من نار‪ .‬اهل قلت‪:‬وحديث شفاعته في‬
‫أبي طالب رواه المام البخللاري عللن أبللي سللعيد الخللدري‬
‫رضي الله عنه‪.‬‬
‫قلت ودليل النلوع الول ملن الشللفاعة ملا رواه الملام‬
‫البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال كنللا مللع‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم في دعللوة فرفللع إليلله الللذراع‬
‫‪192 Page 114 of‬‬

‫وكانت تعجبه فنهس منها نهسة وقال أنا سلليد القللوم يللوم‬
‫القيامة هل تدرون بللم يجمللع الللله الوليللن والخريللن فللي‬
‫صللعيد واحللد فيبصللرهم النللاظر ويسللمعهم الللداعي وتللدنو‬
‫منهم الشمس فيقول بعض الناس أل تللرون إلللى مللا أنتللم‬
‫فيه إلى ما بلغكللم أل تنظللرون إلللى مللن يشللفع لكللم إلللى‬
‫ربكم فيقول بعض الناس أبللوكم آدم فيللأتونه فيقولللون يللا‬
‫آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفللخ فيللك مللن روحلله‬
‫وأمر الملئكة فسجدوا لك وأسكنك الجنة أل تشفع لنا إلى‬
‫ربك أل ترى ما نحن فيه وما بلغنا فيقول ربي غضب غضبا‬
‫لم يغضب قبلللة مثللله ول يغضللب بعللده مثللله ونهللاني عللن‬
‫الشجرة فعصيته نفسي نفسي اذهبللوا إلللى غيللري اذهبللوا‬
‫إلى نوح فيأتون نوحا فيقولون يا نوح أنت أول الرسل إلى‬
‫أهل الرض وسماك الله عبدا شكورا أما ترى إلى ما نحن‬
‫فيه أل ترى إلى ما بلغنا أل تشفع لنا إلى ربك فيقول ربللي‬
‫غضب اليوم غضبا لم يغضب قبلللة مثللله ول يغضللب بعللده‬
‫مثله نفسللي نفسللي ائتللوا النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫فيأتوني فأسجد تحت العرش فيقال يا محمد ارفللع رأسللك‬
‫واشفع تشفع وسل تعطه قللال محمللد بللن عبيللد ل أحفللظ‬
‫سللائره‪ .‬قلللت‪ :‬وتكملللة الحللديث كمللا فللي روايللة أخللرى‬
‫للبخاري عن أبي هريرة‪" :‬فللأرفع رأسللي فللأقول أمللتي يللا‬
‫رب أمتي يا رب فيقال يلا محملد أدخلل مللن أمتللك مللن ل‬
‫حساب عليهم مللن البللاب اليمللن مللن أبللواب الجنللة وهللم‬
‫شركاء الناس فيما سوى ذلك من البواب ثم قللال والللذي‬
‫نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنللة كمللا‬
‫بين مكة وحمير أو كما بين مكة وبصرى"‪.‬‬
‫قال السيوطي في البللدور السللافرة ص ‪":347‬وأخللرج‬
‫الشيخان عللن جللابر بللن عبللدالله سللمعت رسللول الللله ‪‬‬
‫يقول إن الله تبارك وتعالى يخرج قوما من النار بالشفاعة‬
‫فيدخلهم الجنة‪".‬‬
‫وقال أيضا في ص ‪":346‬وأخرج أحمد والطبراني بسند‬
‫ل بأس به عن عبادة بن الصامت عن النللبي ‪ ‬قللال ‪":‬إن‬
‫الله تبارك وتعللالى قللال يللا محمللد إنللي لللم أبعللث نبيللا ول‬
‫رسول إل وقد سألني مسألة أعطيتها إياه‪ ،‬فسل يا محمللد‬
‫‪192 Page 115 of‬‬

‫تعط‪ .‬قلت مسألتي شفاعتي لمتي يوم القيامة‪ ،‬فقال أبللو‬


‫بكللر‪ :‬يللا رسللول الللله ومللا الشللفاعة‪ .‬قللال‪:‬أقللول يللا رب‬
‫شفاعتي التي اختبأت عنللدك‪ ،‬فيقللول الللرب تعللالى‪ :‬نعللم‪،‬‬
‫فيخرج ربي بقية أمتي من النار فيدخلهم الجنة‪".‬اهل‬
‫هذا إشارة إلى ما روي عللن النللبي صلللى‬ ‫)]‪([73‬‬
‫الله عليه وسلم في ذلك‪ ،‬ومنه ما رواه البخاري عللن أبللي‬
‫هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكل نللبي‬
‫دعوة مستجابة يدعو بها وأريد أن أختللبئ دعللوتي شللفاعة‬
‫لمتي في الخرة‪ .‬وعن أنس عللن النللبي صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم قال كل نبي سأل سؤل أو قال لكل نللبي دعللوة قللد‬
‫دعللا بهللا فاسللتجيب فجعلللت دعللوتي شللفاعة لمللتي يللوم‬
‫القيامة‪.‬‬
‫وفي سنن الترمذي عن أبي هريلرة قللال‪ :‬قللال رسلول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم لكل نبي دعوة مسللتجابة وإنللي‬
‫اختبأت دعوتي شفاعة لمتي وهي نائلة إن شاء الللله مللن‬
‫مات منهم ل يشرك بالله شيئا قال أبو عيسى هلذا حلديث‬
‫حسن صحيح‪ .‬ولفظه عند الحاكم في المستدرك عن أبللي‬
‫ذر رضي الله تعالى عنه قال طلبت رسول الله صلى الللله‬
‫عليه وسلم ليلة فوجدته قائمللا يصلللي فأطللال الصلللة ثللم‬
‫قال أوتيت الليلة خمسا لم يؤتها نللبي قبلللي أرسلللت إلللى‬
‫الحمر والسود قال مجاهد النس والجن ونصرت بالرعب‬
‫فيرعب العدو وهو على مسيرة شللهر وجعلللت لللي الرض‬
‫مسجدا وطهورا وأحلت لي الغنائم ولللم تحللل لحللد قبلللي‬
‫وقيل لي سل تعطه فاختبأتها شفاعة لمتي فهي نائلة من‬
‫لللم يشللرك بللالله شلليئا هللذا حللديث صللحيح علللى شللرط‬
‫الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة إنما أخرجا ألفاظا من‬
‫الحديث متفرقة‪.‬‬
‫وهللذا الحللديث عنللد الكللثير مللن الحفللاظ كللالبيهقي‬
‫والطبراني وابن ماجه وغيرهم‪.‬‬
‫أخبار الشفاعة كثيرة جللدا‪ ،‬منهللا مللا رواه‬ ‫)]‪([74‬‬
‫البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله تعللالى عنهمللا أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قال حين يسمع‬
‫النداء اللهم رب هذه الللدعوة التامللة والصلللة القائمللة آت‬
‫‪192 Page 116 of‬‬

‫محمللدا الوسلليلة والفضلليلة وابعثلله مقامللا محمللودا الللذي‬


‫وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة رواه حمللزة بللن عبللد‬
‫اللله علن أبيله علن النلبي صللى اللله عليله وسللم‪ .‬وهلذا‬
‫الحديث رواه البيهقي أيضا عن جابر‪.‬‬
‫وروى الحاكم عن جابر بن عبد الللله رضللي اللله تعللالى‬
‫عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلللم تل قللول الللله‬
‫عز وجل ول يشللفعون إل لمللن ارتضللى فقللال صلللى الللله‬
‫عليه وسلم إن شفاعتي لهل الكبائر من أمتي هذا حللديث‬
‫صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه‪.‬‬
‫وروى البيهقي في سننه الكبرى عن عبد الله بن عمرو‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الللله عليلله وسلللم إذا سللمعتم‬
‫المؤذن يؤذن فقولوا كما يقول وصلوا على فإنه ليس أحد‬
‫يصلى على صلة إل صلى الله عليه وسلللم عشللرا وسلللوا‬
‫الله لي الوسيلة فإن الوسيلة منزلة في الجنة ل ينبغي أن‬
‫تكون إل لعبد من عباد الله وأرجو أن أكونه ومن سألها لي‬
‫حلت لله شللفاعتي يللوم القياملة وأخبرنللا أبلو الحسللن بللن‬
‫إسحاق البزار أنا أبو محمد ثنللا أبللو يحيللى ثنللا المقللري ثنللا‬
‫حيوة أنا كعب بن علقمة أنه سمع عبد الرحمللن بللن جللبير‬
‫يقول أنه سمع عبد الله بن عمللر ويقللول أنلله سللمع النللبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم المللؤذن ثللم حللدثنا‬
‫المقري نحو حديثه عن سعيد بللن أبللي أيللوب وأخبرنللا أبللو‬
‫عبد الله الحافظ ثنا أبللو عبللد الللله محمللد بللن يعقللوب ثنللا‬
‫محمد بن إسماعيل أنا محمد بن سلللمة المللرادي ثنللا عبللد‬
‫الله بن وهب عن حيوة وسعيد بن أبي أيوب وغيرهما عللن‬
‫كعب بن علقمة فذكره بإسللناده ومعنللاه وقللال وأرجللو أن‬
‫أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له شفاعتي رواه‬
‫مسلم عن محمد بن سلمة المرادي‪.‬‬
‫وروى ابن حبان في صحيحه عن عوف بللن مالللك قللال‬
‫عرس بنا رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم ذات ليلللة‬
‫فافترش كل رجل منا ذراع راحلته قال فانتبهت في بعللض‬
‫الليل فإذا ناقة رسول الله صلللى الللله عليلله وسلللم ليللس‬
‫قدامها أحد فانطلقت أطلب رسلول للله صللى اللله عليله‬
‫وسلم فإذا معاذ بن جبل وعبد الله بن قيس قائمان فقلت‬
‫‪192 Page 117 of‬‬

‫أين رسول الله صلى الله عليه وسلم فقللال ل نللدري غيللر‬
‫أنا سمعنا صوتا بأعلى الوادي فإذا مثل هدير الرحللى قللال‬
‫فلبثنا يسيرا ثم أتانا رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫فقال إنه أتاني مللن ربللي آت فيخللبرني بللأن يللدخل نصللف‬
‫أمتي الجنة وبين الشفاعة وإني اخترت الشفاعة فقالوا يللا‬
‫رسول الله ننشللدك بللالله والصللحبة لمللا جعلتنللا مللن أهللل‬
‫شفاعتك قال فأنتم من أهل شفاعتي قال فلما ركبوا قال‬
‫فإني أشهد مللن حضللر أن شللفاعتي لمللن مللات ل يشللرك‬
‫بالله شيئا من أمتي‪.‬‬
‫وروى ابللن حبللان عللن أبللي هريللرة أنلله سللمعه يقللول‪:‬‬
‫سألت رسول الله صلى الله عليه وسلللم قلللت يللا رسللول‬
‫الله ماذا رد إليللك ربللك فللي الشللفاعة قللال والللذي نفللس‬
‫محمد بيده لقد ظننت أنك أول من يسألني عللن ذلللك مللن‬
‫أمتي لما رأيت من حرصك على العلم والذي نفس محمللد‬
‫بيده لما يهمني من انقصافهم على أبواب الجنة أهم عندي‬
‫من تمام شفاعتي لهم وشفاعتي لمللن شللهد أن ل إللله إل‬
‫الله مخلصا وأن محمللدا رسللول الللله يصللدق لسللانه قلبلله‬
‫وقلبه لسانه‪.‬‬
‫والحاديث في الشفاعة كثيرة جدا‪ .‬وسيأتي مزيد علللى‬
‫ذلك في الكلم على الصراط بتوفيق الله تعالى‪.‬‬
‫روى الحاكم في المستدرك عن أبللي بللن‬ ‫)]‪([75‬‬
‫كعب رضي الله تعالى عنه في قللوله عللز وجللل }وإذ أخللذ‬
‫ربك من بني آدم مللن ظهللورهم ذريللاتهم وأشللهدهم علللى‬
‫أنفسهم إلى{ قوله تعالى }أفتهلكنا بما فعللل المبطلللون{‬
‫قال جمعهم له يومئذ جميعا ما هو كائن إلللى يللوم القيامللة‬
‫فجعلهلم أرواحلا ثلم صلورهم واسلتنطقهم فتكلملوا وأخلذ‬
‫عليهللم العهللد والميثللاق وأشللهدهم علللى أنفسللهم ألسللت‬
‫بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة أنللا كنللا عللن‬
‫هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنللا ذريللة‬
‫من بعدهم أفتهلكنا بما فعللل المبطللون قلال فللإني أشلهد‬
‫عليكم السماوات السبع والرضللين السللبع وأشللهد عليكللم‬
‫آباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم أو تقولوا إنللا كنللا‬
‫عن هذا غافلين فل تشركوا بللي شلليئا فللإني أرسللل إليكللم‬
‫‪192 Page 118 of‬‬

‫رسلللي يللذكرونكم عهللدي وميثللاقي وأنللزل عليكللم كتللبي‬


‫فقالوا نشهد إنك ربنللا وإلهنللا ل رب لنللا غيللرك ول إللله لنللا‬
‫غيرك ورفع لهم أبوهم آدم فنظر إليهم فرأى فيهللم الغنللي‬
‫والفقير وحسن الصورة وغيللر ذلللك فقللال رب لللو سللويت‬
‫بين عبادك فقال أني أحللب أن أشللكر ورأى فيهللم النبيللاء‬
‫مثل السرج وخصوا بميثللاق آخللر بالرسللالة والنبللوة فللذلك‬
‫قوله عز وجل }وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنللك ومللن‬
‫نوح{ الية وهللو قللوله تعللالى}فللأقم وجهللك للللدين حنيفللا‬
‫فطللرت الللله الللتي فطللر النللاس عليهللا ل تبللديل لخلللق‬
‫الله{وذلك قوله }هذا نذير من النذر الولى{ وقوله }ومللا‬
‫وجدنا لكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين{ وهو‬
‫قوله } ثللم بعثنللا مللن بعللده رسللل إلللى قللومهم فجللاءوهم‬
‫بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا مللن قبللل { كللان فللي‬
‫علمه بما أقروا به من يكذب به ومن يصدق به فكللان روح‬
‫عيسى من تلك الرواح التي أخذ عليها الميثللاق فللي زمللن‬
‫آدم فأرسل ذلك الروح إلى مريم حين }انتبذت من أهلهللا‬
‫مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا‬
‫فتمثل لها بشرا سويا{ إلى قوله }مقضلليا{ فحملتلله قللال‬
‫حملت الذي خاطبها وهو روح عيسى عليه السلم قال أبو‬
‫جعفر فحدثني الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بللن‬
‫كعب قال دخل من فيها هللذا حللديث صللحيح السللناد ولللم‬
‫يخرجاه‪.‬‬
‫ورواه أحمد في مسنده عن أبي بن كعب في قول الله‬
‫عز وجل}وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهللورهم ذريللاتهم‬
‫وأشللهدهم علللى أنفسللهم { اليللة قللال جمعهللم فجعلهللم‬
‫أرواحا ثم صللورهم فاسللتنطقهم فتكلمللوا ثللم أخللذ عليهللم‬
‫العهد والميثاق وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قللال‬
‫فللإني أشللهد عليكللم السللماوات السللبع والرضللين السللبع‬
‫وأشللهد عليكللم أبللاكم آدم عليلله السلللم أن تقولللوا يللوم‬
‫القيامة لم نعلم بهذا اعلموا أنه ل إله غيري ول رب غيللري‬
‫فل تشركوا بي شيئا انى سأرسل إليكم رسللي يلذكرونكم‬
‫عهدي وميثاقي وأنزل عليكم كتبي قالوا شلهدنا بأنلك ربنلا‬
‫وإلهنا ل رب لنا غيرك فأقروا بذلك ورفع عليهم آدم ينظللر‬
‫‪192 Page 119 of‬‬

‫إليهللم فللرأى الغنللى والفقيللر وحسللن الصللورة ودون ذلللك‬


‫فقال رب لول سويت بين عبادك قال انى أحببت ان شللكر‬
‫ورأى النبيللاء فيهللم مشللعل السللرج عليهللم النللور خصللوا‬
‫بميثاق آخر في الرسللالة والنبللوة وهللو قللوله تعللالى } وإذ‬
‫أخللذنا مللن النللبيين ميثللاقهم { إلللى قللوله } عيسللى بللن‬
‫مريم { كان في تلللك الرواح فأرسللله إلللى مريللم فحللدث‬
‫عن أبي انه دخل من فيها‪.‬‬
‫وروى الحللاكم فللي المسللتدرك عللن عبللد الرحمللن بللن‬
‫قتادة السلمي وكان من أصحاب النبي صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم قال سمعت رسول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫يقول خلق الله آدم ثلم خلللق الخللق مللن ظهلره ثللم قلال‬
‫هؤلء للجنة ول أبالي وهؤلء للنار ول أبالي قللال فقيللل يللا‬
‫رسول الله فعلى ماذا نعمل قال على موافقة القللدر هللذا‬
‫حديث صحيح قد اتفقا على الحتجللاج برواتلله عللن آخرهللم‬
‫إلى الصحابة وعبد الرحمن بن قتادة ملن بنلي سللمة ملن‬
‫الصحابة وقد احتجا جميعا بزهير بن عمرو عن رسول الله‬
‫صلللى الللله عليلله وسلللم وليللس للله راو غيللر أبللي عثمللان‬
‫النهدي وكذلك احتج البخاري بحديث أبي سعيد بن المعلى‬
‫وليس له راو غير حفص بن عاصم‪.‬‬
‫وفللي صللحيح ابللن حبللان عللن عبللد الرحمللن بللن قتللادة‬
‫السلمي وكان من أصحاب النبي صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خلللق‬
‫الله آدم ثم أخذ الخلق من ظهره فقللال هللؤلء فللي الجنللة‬
‫ول أبالي وهؤلء في النار ول أبللالي قللال قللائل يللا رسللول‬
‫الله فعلى ماذا نعمل قال على مواقللع القللدر‪ .‬ورواه أيضللا‬
‫المام أحمد في مسنده‪.‬‬
‫وروى الحاكم في مسنده أن عمر بن الخطللاب رضللي‬
‫الله تعالى عنه سئل عن هذه الية وإذ أخذ ربللك مللن بنللي‬
‫آدم من ظهورهم ذرياتهم فقال عمر بن الخطاب سللمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الللله خلللق آدم‬
‫ثم مسح ظهره بيمينه فاسللتخرج منلله ذريللة فقللال خلقللت‬
‫هؤلء للجنة وبعمل أهللل الجنللة يعملللون ثللم مسللح ظهللره‬
‫فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هللؤلء للنللار وبعمللل أهللل‬
‫‪192 Page 120 of‬‬

‫النار يعملون فقال رجل يا رسول الللله ففيللم العمللل قللال‬


‫إن الله إذا خلق العبللد للجنللة اسللتعمله بعمللل أهللل الجنللة‬
‫حتى يموت على عمل أهل الجنة فيدخل الجنللة وإذا خلللق‬
‫العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل‬
‫أهللل النللار فيلدخل النللار هلذا حللديث صللحيح عللى شللرط‬
‫الشيخين ولم يخرجاه‪.‬‬
‫وروى ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة أن رسللول‬
‫الله صلللى الللله عليلله وسلللم قللال كللل مولللود يولللد علللى‬
‫الفطرة فأبواه يهللودانه أو ينصللرانه أو يمجسللانه قللال أبللو‬
‫حاتم قوله صلى الله عليلله وسلللم كللل مولللود يولللد علللى‬
‫الفطرة أراد به على الفطرة التي فطللره الللله عليهللا جللل‬
‫وعل يوم أخرجهم مللن صلللب آدم لقللوله جللل وعل فطللرة‬
‫الله التي فطر الناس عليهللا ل تبللديل لخلللق الللله يقللول ل‬
‫تبديل لتلك الخلقة التي خلقهم لها إما لجنة وإما لنار حيث‬
‫أخرجهم من صلب آدم فقال هؤلء للجنة وهللؤلء للنللار أل‬
‫ترى أن غلم الخضر قال صلى الله عليه وسلم طبعه الله‬
‫يوم طبعه كافرا وهو بين أبوين مللؤمنين فللأعلم الللله ذلللك‬
‫عبده الخضر ولم يعلم ذلك كليمه موسى صلى الللله عليلله‬
‫وسلم على ما ذكرنا في غير موضع من كتبنا‪.‬قلللت‪ :‬وهللذا‬
‫الحديث رواه أيضا المام أحمد وأبو داود وغيرهمللا‪ ،‬ونصلله‬
‫كمللا فللي موطججأ المججام مالججك عللن مسلللم بللن يسللار‬
‫الجهني ان عمر بن الخطللاب سللئل عللن هللذه اليللة}وإذ‬
‫أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على‬
‫أنفسهم ألسلت بربكللم قلالوا بلللى شللهدنا أن تقولللوا يللوم‬
‫القيامة إنا كنا عن هذا غللافلين{فقللال عمللر بللن الخطللاب‬
‫سمعت رسول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم يسللأل عنهللا‬
‫فقال رسول الله صلللى الللله عليلله وسلللم إن الللله تبللارك‬
‫وتعالى خلق آدم ثللم مسللح ظهللره بيمينلله فاسللتخرج منلله‬
‫ذرية فقال خلقت هؤلء للجنة وبعمل أهللل الجنللة يعملللون‬
‫ثم مسح ظهره فاستخرج منلله ذريللة فقللال خلقللت هللؤلء‬
‫للنار وبعمل أهل النار يعملون فقال رجللل يللا رسللول الللله‬
‫ففيم العمل قال فقال رسول الله صلى الله عليلله وسلللم‬
‫إن الله إذا خلق العبللد للجنللة اسللتعمله بعمللل أهللل الجنللة‬
‫‪192 Page 121 of‬‬

‫حتى يموت على عمل من أعمال أهللل الجنللة فيللدخله بلله‬


‫الجنة وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النللار حللتى‬
‫يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله به النار‪.‬‬

‫هلللذا إشللارة إللللى الحلللديث اللللذي رواه‬ ‫)]‪([76‬‬


‫البخاري عن عمران قال قلت يا رسللول الللله فيمللا يعمللل‬
‫العاملون قال كل ميسر لما خلق له‪.‬‬
‫وفي الترمذي عن عمر بن الخطاب قال لما نزلت هذه‬
‫الية } فمنهم شقي وسللعيد { سللألت رسللول الللله صلللى‬
‫الله عليه وسلم فقلت يا نلبي اللله فعلللى ملا نعملل علللى‬
‫شيء قد فرغ منه أو على شلليء لللم يفللرغ منلله قللال بللل‬
‫على شيء قد فرغ منه وجرت به القلم يا عمر ولكن كل‬
‫ميسر لما خلق له وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه‬
‫ل نعرفه إل من حديث عبد الله بن عمر‪.‬‬
‫وفي السنن الكبرى للللبيهقي عللن عمللران بللن حصللين‬
‫قال قيل يا رسول الله أعلم أهل الجنة من النار قال نعللم‬
‫قال ففيم يعمل العاملون قال كل ميسر لما خلق له‪.‬‬
‫وفي المعجم الكبير للطبراني طلحة بللن عبللد الللله بللن‬
‫عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيلله قللال سللمعت أبللي قللال‬
‫سمعت أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه يقول قلت يا‬
‫رسول الله أنعمل علللى أمللر قللد فللرغ منلله أم علللى أمللر‬
‫مؤتنف قال بل على أمر قد فرغ منه قلت ففيم العمل يللا‬
‫رسول الله قال كل ميسر لما خلق له‪.‬‬
‫ولفظ المام مسلم في صحيحه عن عمران بن حصللين‬
‫قال قيل يا رسول الله أعلم أهل الجنة من أهل النار قللال‬
‫فقال نعم قال قيل ففيم يعمل العاملون قللال كللل ميسللر‬
‫لما خلق له‪.‬‬
‫قللال المللام ابللن حجللر فللي )‪ ":(11/493‬وفللي كتللاب‬
‫العتصلام قلوله قلال رجللل هلو عمللران بللن حصلين راوي‬
‫الخبر بينه عبد الللوارث بللن سللعيد عللن يزيللد الرشللك عللن‬
‫عمران بن حصين قال قلت يا رسول الله فذكره وسلليأتي‬
‫موصول في اواخر كتاب التوحيد وسلأل علن ذللك اخلرون‬
‫وسيأتي مزيد بسط فيه في شر حللديث علللي قريبللا قللوله‬
‫‪192 Page 122 of‬‬

‫أيعرف أهل الجنة من أهل النار في روايللة حمللاد بللن زيللد‬


‫عللن يزيللد عنللد مسلللم بلفللظ اعلللم بضللم العيللن والمللراد‬
‫بالسؤال معرفة الملئكة أو من اطلعه الله على ذلك وامللا‬
‫معرفة العامل أو من شللاهده فإنمللا يعللرف بالعمللل قللوله‬
‫فلم يعمل العاملون في رواية حمللاد ففيللم وهللو اسللتفهام‬
‫والمعنى إذا سبق القلم بذلك فل يحتاج العامل الى العمل‬
‫لنه سيصير الى ما قدر له قوله قال كل يعمللل لمللا خلللق‬
‫له أو لما ييسر له وفي رواي الكشميهني يسر بضللم أوللله‬
‫وكسر المهملة الثقيلة وفي رواية حماد المشار إليهللا قللال‬
‫كل ميسر لما خلللق للله وقللد جللاء هللذا الكلم الخيللر عللن‬
‫جماعة مللن الصللحابة بهللذا اللفللظ يزيللدون علللى العشللرة‬
‫سأشير إليها فللي آخللر البللاب الللذي بلللى الللذي يليلله منهللا‬
‫حديث أبي الدرداء عند أحمد بسند حسن بلفظ كل امللرئ‬
‫مهيللأ لمللا خلللق للله وفللي الحللديث إشللارة إلللى أن المللآل‬
‫محجوب عن المكلف فعليه أن يجتهد في عمل ما أمر بلله‬
‫فإن علمه أمارة إلى مللا يللؤول إليلله أمللره غالبللا وان كللان‬
‫بعضهم قد يختم للله بغيللر ذلللك كمللا ثبللت فللي حللديث بللن‬
‫مسعود وغيره لكن ل اطلع له على ذلللك فعليلله أن يبللذل‬
‫جهده ويجاهد نفسه في عمل الطاعة ل يللترك وكللول إلللى‬
‫مللا يللؤول إليلله أمللره فيلم علللى تللرك المللأمور ويسللتحق‬
‫العقوبة وقد ترجم بن حبان بحديث البللاب مللا يجللب علللى‬
‫المرء من التشمير في الطاعات وان جرى قبلها ملا يكلره‬
‫الله من المحظورات ولمسلم من طريق أبي السود عللن‬
‫عمران انه قال له أرأيللت مللا يعمللل النللاس اليللوم أشلليء‬
‫قضللى عليهللم ومضللى فيهللم مللن قللدر قللد سللبق أو فيمللا‬
‫يستقبلون مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم فقللال ل‬
‫بل شيء قضى عليهللم ومضللى فيهللم وتصللديق ذلللك فللي‬
‫كتاب الله عز وجللل ونفللس ومللا سللواها فألهمهللا فجورهللا‬
‫وتقواها وفيه قصة لبي السود الللدؤلي مللع عمللران وفيلله‬
‫قوله له أيكون ذللك ظلملا فقلال ل كلل شليء خللق اللله‬
‫وملك يده فل يسأل عمللا يفعللل قللال عيللاض أورد عمللران‬
‫على أبي السود شللبهة القدريللة مللن تحكمهللم علللى الللله‬
‫ودخولهم بآرائهم في حكمه فلما أجابه بما دل علللى ثبللاته‬
‫‪192 Page 123 of‬‬

‫في الدين قواه بذكر الية وهي حد لهل السنة وقوله كللل‬
‫شيء خلق الله وملكه يشير إلى أن المالك العلى الخالق‬
‫المر ل يعترض عليه إذا تصرف في ملكه بما يشللاء وانمللا‬
‫يعترض على المخلوق المأمور"‪.‬اهل‬
‫وقال أيضا في الفتح )‪" :(13/522‬قوله باب قول الله‬
‫تعللالى ولقللد يسللرنا القللرآن للللذكر فهللل مللن مللدكر قيللل‬
‫المراد بالذكر الذكار والتعاظ وقيل الحفظ وهللو مقتضللى‬
‫قول مجاهد قوله وقال النبي صلى الللله عليلله وسلللم كللل‬
‫ميسر لما خلق له فذكره موصول فللي البللاب مللن حللديث‬
‫علي قوله وقال مجاهد يسرنا القرآن بلسانك هوناه عليلك‬
‫في رواية غير أبي ذر هونا قراءته عليللك وهللو بفتللح الهللاء‬
‫والواو وتشديد النون من التهوين وقد وصله الفريابي عللن‬
‫ورقاء عن بن أبي نجيع عن مجاهد في قللوله تعللالى ولقللد‬
‫يسللرنا القللرآن للللذكر قللال هونللاه قللال بللن بطلال تيسللير‬
‫القللرآن تسللهيله علللى لسللان القللارىء حللتى يسللارع الللى‬
‫قراءته فربما سبق لسانه في القراءة فيجاوز الحرف الللى‬
‫ما بعده ويحذف الكلمة حرصا على ما بعللدها انتهللى وفللي‬
‫دخول هذا في المراد نظر كبير قللوله وقللال مطللر الللورق‬
‫ولقد يسرنا القرآن لللذكر فهلل ملن ملدكر قلال هلل ملن‬
‫طالب علم فيعان عليه وقع هذا التعليق عنللد أبللي ذر عللن‬
‫الكشللميهني وحللده وثبللت أيضللا للجرجللاني عللن الفربللري‬
‫ووصله الفرياني عن ضمرة بللن زمعللة عللن عبللد الللله بللن‬
‫شوذب عن مطر وأخرجه أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب‬
‫العلم من طريق ضمرة ثم ذكر حديث عمران بللن حصللين‬
‫قلت يا رسول الله فيما يعمل العاملون قال كل ميسر لما‬
‫خلق له وهو مختصر من حديث سبق في كتاب القدر فيلله‬
‫عن عمران قال قال رجل يا رسول الله أيعرف أهل الجنة‬
‫من أهل النار قال نعم قال فلم يعمد العاملون وقللد تقللدم‬
‫شرحه هناك ويزيد شلليخ عبللد الللوارث فيلله هللو المعللروف‬
‫بالرشك وتقلدم هنلاك ملن روايلة شلعبة قلال حلدثنا يزيلد‬
‫الرشك فذكره وحللديث علللي رضللي الللله عنلله وفيلله ومللا‬
‫منكم من أحد إل كتب مقعده من النار أومن الجنة وتقللدم‬
‫شرحه هناك أيضا وفيه وفي حديث عمران الذي قبله كللل‬
‫‪192 Page 124 of‬‬

‫ميسر قال الشلليخ أبللو محمللد بللن أبللي جمللرة فللي شللرح‬
‫حديث أبي سعيد المذكور في باب كلم الله مع أهل الجنة‬
‫فيلله نللداء الللله تعللالى لهللل الجنللة لقرينللة جللوابهم بلبيللك‬
‫وسعديك والمراجعة بقوله هل رضلليتم وقللولهم ومللا لنللا ل‬
‫نرضى وقوله أل أعطيكم أفضل وقولهم يا ربنا وأي شلليء‬
‫أفضل وقوله أحل عليكم رضواني فان ذلك كله يدل علللى‬
‫انه سبحانه وتعالى هللو الللذي كلمهللم وكلملله قللديم أزلللي‬
‫ميسر بلغة العللرب والنظللر فللي كيفيتلله ممنللوع ول نقللول‬
‫بللالحلول فللي المحللدث وهللي الحللروف ول انلله دل عليلله‬
‫وليس بموجود بل اليمللان بللأنه منللزل حللق ميسللر باللغللة‬
‫العربية صدق وبالله التوفيق قال الكرمللاني حاصللل الكلم‬
‫انهم قالوا إذا كان المر مقدرا فلنترك المشقة في العمل‬
‫الذي من أجلها سمي بللالتكليف وحاصللل الجللواب ان كللل‬
‫من خلق لشيء يسر لعمله فل مشقة مللع التيسللير وقللال‬
‫الخطابي أرادوا أن يتخذوا ما سبق حجة فللي تللرك العمللل‬
‫فأخبره إن هنا أمرين ل يبطل أحدهما الخر باطن وهو مللا‬
‫اقتضاه حكم الربوبيللة وظللاهر وهللو السللمة اللزمللة بحللق‬
‫العبوديللة وهللو امللارة للعاقبللة فللبين لهللم أن العمللل فللي‬
‫العاجل يظهر أثره في الجل وان الظاهر ل يترك للبللاطن‬
‫قلت وكأن مناسبة هذا الباب لما قبله من جهللة الشللتراك‬
‫في لفظ التيسير والله أعلم"‪.‬اهل‬
‫)]‪ ([77‬رواه المام البخاري في صحيحه عللن سللهل أن‬
‫رجل من أعظم المسلمين غناء عن المسلمين في غزوة‬
‫غزاها مع النبي صلى الله عليه وسللم فنظللر النللبي صللى‬
‫الله عليه وسلم فقال من أحب أن ينظر إلللى الرجللل مللن‬
‫أهل النار فلينظر إلى هذا فأتبعه رجل من القوم وهو على‬
‫تلك الحال من أشللد النللاس علللى المشللركين حللتى جللرح‬
‫فاستعجل الموت فجعل ذبابة سيفه بين ثلدييه حلتى خلرج‬
‫من بين كتفيه فأقبل الرجللل إلللى النللبي صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم مسرعا فقال أشهد أنك رسول الله فقللال وملا ذاك‬
‫قال قلت لفلن من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار‬
‫فلينظر إليه وكان من أعظمنا غناء عن المسلمين فعرفت‬
‫أنه ل يموت على ذلك فلما جللرح اسللتعجل المللوت فقتللل‬
‫‪192 Page 125 of‬‬

‫نفسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك إن العبد‬
‫ليعمل عمل أهل النار وإنه مللن أهللل الجنللة ويعمللل عمللل‬
‫أهل الجنة وإنه من أهل النار العمال بالخواتيم‪.‬‬
‫وهو عن سهل بن سعد أيضا في المعجم الكبير للطبراني‪.‬‬
‫ورواه الطبراني عنه أيضللا بلفللظ قللال‪ :‬قللال رسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم إن الرجل ليعمل فيمللا يللرى النللاس‬
‫بعمل أهل الجنة وإنه من أهل النار وإنه ليعمل فيمللا يللرى‬
‫الناس بعمل أهل النار وإنه من أهل الجنللة وإنمللا العمللال‬
‫بالخواتيم‪.‬‬
‫وفي صحيح ابن حبان عن عائشة أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال إنما العمال بالخواتيم‪.‬‬

‫روى البخللاري عللن أنللس بللن مالللك عللن‬ ‫)]‪([78‬‬


‫النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله عللز وجللل وكللل‬
‫بالرحم ملكا يقول يا رب نطفة يا رب علقة يا رب مضللغة‬
‫فإذا أراد أن يقضي خلقه قال أذكر أم أنثى شقي أم سعيد‬
‫فما الرزق والجل فيكتب في بطللن أملله‪ .‬وللله فللي روايللة‬
‫أخرى عنه عن النبي صلى الله عليلله وسلللم قللال إن الللله‬
‫وكل في الرحم ملكا فيقول يا رب نطفة يللا رب علقللة يللا‬
‫رب مضغة فللإذا أراد أن يخلقهللا قللال يللا رب أذكللر يللا رب‬
‫أنثى يا رب شقي أم سعيد فما الرزق فمللا الجللل فيكتللب‬
‫كذلك في بطن أمه‪.‬‬
‫وفي المعجم الصغير للطبراني عن عبد الللله بللن مسللعود‬
‫حدثنا رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم وهللو الصللادق‬
‫المصدوق إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما‬
‫ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يأتي‬
‫الملك فيكتب شقي أو سعيد ذكر أو أنثى لم يروه عن بللن‬
‫عون إل عبيد الله بن سفيان‪ .‬وزاد فللي روايللة أخللرى عنلله‬
‫ويكتب الملك ثللم يقللول أي رب شللقي أو سللعيد فيقضللي‬
‫الله عز وجل ويكتب الملك ثم يقول أي رب أجللله ورزقلله‬
‫وأثره فيقضي الله عز وجل ويكتب الملك‪.‬‬
‫وفي مسند المام أحمد ن جابر قال قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم إذا اسللتقرت النطفللة فللي الرحللم أربعيللن‬
‫‪192 Page 126 of‬‬

‫يوما أو أربعين ليلة بعث إليها ملكا فيقول يا رب مللا رزقلله‬


‫فيقال له فيقول يا رب ما أجللله فيقللال للله فيقللول يللا رب‬
‫ذكر أو أنثى فيعلم فيقول يللا رب شللقي أم سللعيد فيعلللم‪.‬‬
‫وفيه قريب من هذا اللفظ عن أنس أيضا‪.‬‬
‫وفي سنن أبي داود عبد الله بن مسعود قال حدثنا رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق إن خلق‬
‫أحدكم يجمع في بطن أملله أربعيللن يومللا ثللم يكللون علقللة‬
‫مثل ذلك ثم يكون مضغة مثللل ذلللك ثللم يبعللث إليلله ملللك‬
‫فيؤمر بأربع كلمات فيكتب رزقه وأجللله وعمللله ثللم يكتللب‬
‫شقي أو سلعيد ثلم ينفلخ فيله اللروح فلإن أحلدكم ليعملل‬
‫بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينلله وبينهللا إل ذراع أو قيللد‬
‫ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيللدخلها‬
‫وإن أحدكم ليعمل بعمللل أهللل النللار حللتى مللا يكللون بينلله‬
‫وبينها إل ذراع أو قيللد ذراع فيسللبق عليلله الكتللاب فيعمللل‬
‫بعمل أهل الجنة فيدخلها‪.‬‬
‫روى ابن أبي عاصم في الحللاد والمثللاني‬ ‫)]‪([79‬‬
‫عن قيس بن عباد قال صلى بنللا عمللار رضللي الللله تعللالى‬
‫عنه صلة كأنهم أنكروها فقالوا له في ذلك فقال ألللم أتللم‬
‫الركوع والسجود قالوا بلى قال أما أني قللد دعللوت بللدعاء‬
‫سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم بعلمك‬
‫الغيب وقدرتك على الخلق أحييني مللا كللانت الحيللاة خيللرا‬
‫لي وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لللي اللهللم إنللي أسللألك‬
‫كلمللة الخلص فللي الرضللا والغضللب والقصللد فللي الغنللى‬
‫والفقللر وخشلليتك فللي الغيللب والشللهادة وأسللألك الرضللا‬
‫بالقدر وأسلألك نعيملا ل ينفللذ وقللرة عيلن ل تنقطللع وللذة‬
‫العيش بعد الموت ولللذة النظللر إلللى وجهللك وشللوقا إلللى‬
‫لقائك وأعوذ بك من ضراء مضرة وفتنة مضلة اللهللم زينللا‬
‫بزينة اليمان واجعلنا هداة مهتدين‪.‬‬
‫وروى الترمذي في جامعه الصحيح عن علي قللال قللال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ل يؤمن عبد حتى يللؤمن‬
‫بأربع يشهد أن ل إله إل الله وأني محمد رسول الله بعثني‬
‫بالحق ويؤمن بالموت وبالبعث بعد المللوت ويللؤمن بالقللدر‬
‫حدثنا محمود بن غيلن حدثنا النضر بن شللميل عللن شللعبة‬
‫‪192 Page 127 of‬‬

‫نحوه إل أنه قال ربعي عن رجل عن علي قال أبو عيسللى‬


‫حديث أبي داود عن شعبة عندي أصللح مللن حللديث النضللر‬
‫روى غير واحللد عللن منصللور عللن ربعللي عللن علللي حللدثنا‬
‫الجارودي قال سمعت وكيعا يقول بلغنا أن ربعيا لم يكذب‬
‫في السلم كذبة‪.‬‬
‫وحدث الترمذي عن عبد الواحد بن سللليم قللال قللدمت‬
‫مكة فلقيت عطاء بن رباح فقلت له يا أبللا محمللد إن أهللل‬
‫البصرة يقولون في القدر قال يا بنللي أتقللرأ القللرآن قلللت‬
‫نعللم قللال فللاقرأ الزخللرف قللال فقللرأت } حللم والكتللاب‬
‫المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكللم تعقلللون وإنلله فللي أم‬
‫الكتاب لدينا لعلي حكيم {فقال أتدري ما أم الكتاب قلللت‬
‫الله ورسوله أعلم قال فإنه كتاب كتبه الله قبل أن يخلللق‬
‫السماوات وقبل أن يخلق الرض فيه إن فرعون من أهللل‬
‫النار وفيه } تبت يدا أبي لهللب وتللب{قللال عطللاء فلقيللت‬
‫الوليد بن عبادة بن الصامت صاحب رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم فسألته ما كان وصللية أبيللك عنللد المللوت قللال‬
‫دعاني أبي فقال لي يا بني اتق الله واعلم أنللك لللن تتقللي‬
‫الله حتى تؤمن بالله وتؤمن بالقدر كله خيللره وشللره فللإن‬
‫مت على غير هذا دخلللت النللار إنللي سللمعت رسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم يقللول إن أول مللا خلللق الللله القلللم‬
‫فقال اكتب فقال ما أكتب قال اكتب القدر ما كان وما هو‬
‫كائن إلى البد قال أبو عيسى وهذا حديث غريب مللن هللذا‬
‫الوجه‪.‬‬
‫وروى المام الترمذي عن أبللي هريللرة أن رسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم وقف علللى أنللاس جلللوس فقللال أل‬
‫أخبركم بخيركم من شركم قال فسللكتوا فقللال ذلللك ثلث‬
‫مرات فقال رجل بلى يللا رسللول الللله أخبرنللا بخيرنللا مللن‬
‫شرنا قال خيركم من يرجى خيللره ويللؤمن شللره وشللركم‬
‫من ل يرجى خيللره ول يللؤمن شللره قللال أبللو عيسللى هللذا‬
‫حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫وروى الترمذي أيضا عن يحيى بن يعمللر قللال أول مللن‬
‫تكلم في القدر معبد الجهني قال فخرجت أنللا وحميللد بللن‬
‫عبد الرحمن الحميري حتى أتينا المدينة فقلنا لو لقينا رجل‬
‫‪192 Page 128 of‬‬

‫من أصحاب النبي صلللى الللله عليلله وسلللم فسللألناه عمللا‬


‫أحدث هؤلء القوم قال فلقيناه يعنللي عبللد الللله بللن عمللر‬
‫وهو خارج من المسللجد قللال فللاكتنفته أنللا وصللاحبي قللال‬
‫فظننت أن صاحبي سلليكل الكلم إلللي فقلللت يللا أبللا عبللد‬
‫الرحملللن إن قوملللا يقلللرؤون القلللرآن ويتقفلللرون العللللم‬
‫ويزعمون أن ل قدر وأن المر أنف قال فللإذا لقيللت أولئك‬
‫فأخبرهم أني منهم برئ وأنهم مني برءاء والذي يحلف بلله‬
‫عبد الله لو أن أحدهم أنفق مثل أحد ذهبا ما قبل ذلك منه‬
‫حتى يؤمن بالقدر خيره وشره قال ثم أنشللأ يحللدث فقللال‬
‫قال عمر بن الخطاب كنا عند رسول الله صلى الله عليلله‬
‫وسلم فجاء رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ل‬
‫يرى عليه أثر السفر ول يعرفله منلا أحلد حلتى أتلى النلبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فألزق ركبته بركبته ثم قال يا محمد‬
‫مللا اليمللان قللال أن تللؤمن بللالله وملئكتلله وكتبلله ورسللله‬
‫واليوم الخر والقدر خيره وشللره قللال فمللا السلللم قللال‬
‫شهادة أن ل إله إل الله وأن محمدا عبللده ورسللوله وإقللام‬
‫الصلة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصللوم رمضللان قللال فمللا‬
‫الحسان قال أن تعبد الللله كأنللك تللراه فإنللك إن لللم تكللن‬
‫تراه فإنه يراك قال في كللل ذلللك يقللول للله صللدقت قللال‬
‫فتعجبنا منه يسأله ويصللدقه قللال فمللتى السللاعة قللال مللا‬
‫المسئول عنها بأعلم من السائل قال فما أمارتهللا قللال أن‬
‫تلد المللة ربتهللا وأن تللرى الحفللاة العللراة العالللة أصللحاب‬
‫الشاء يتطاولون في البنيان قال عمر فلقيني النللبي صلللى‬
‫الله عليه وسلم بعد ذلك بثلث فقال يا عمر هل تدري من‬
‫السائل ذاك جبريل أتاكم يعلمكم معالم دينكم حدثنا أحمد‬
‫بن محمد أخبرنا بن المبللارك أخبرنللا كهمللس بللن الحسللن‬
‫بهذا السناد نحوه حدثنا محمد بن المثنلى حلدثنا معلاذ بلن‬
‫معاذ عن كهمس بهذا السناد نحوه بمعناه وفي الباب عللن‬
‫طلحة بن عبيد الله وأنس بن مالك وأبي هريللرة قللال أبللو‬
‫عيسى هذا حديث حسن صحيح قد روي من غير وجه نحللو‬
‫هذا عن عمر وقد روي هذا الحديث عن بن عمر عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم والصحيح هو بن عمر عن عمر عللن‬
‫النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم‪ .‬قلللت‪ :‬روى هللذا الحللديث‬
‫‪192 Page 129 of‬‬

‫النسائي في الكبرى وفي المجتبى من السنن‪ .‬والطبراني‬


‫في المعجم الكبير‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا الحديث عند أبي داود أيضا‪ ،‬وابن ماجه‬
‫وروى الحاكم في المستدرك عن علي بللن أبللي طللالب‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ل يللؤمن العبللد حللتى‬
‫يؤمن بأربع حتى يشهد أن ل إله إل الله وأني رسللول الللله‬
‫بعثني بالحق ويؤمن بالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر هللذا‬
‫حديث صحيح على شرط الشيخين وقد قصر بروايته بعض‬
‫أصحاب الثوري وهذا عندنا مما ل يعبأ‪.‬‬
‫وروى الحاكم أيضا عن نافع قال كان لبن عمر صللديق‬
‫من أهل الشام يكاتبه فكتب إليلله عبللد الللله بللن عمللر أنلله‬
‫بلغني أنك تكلمت في شلليء مللن القللدر فإيللاك أن تكتللب‬
‫إلي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقللول‬
‫إنه سيكون في أمللتي أقللوام يكللذبون بالقللدر هللذا حللديث‬
‫صحيح على شرط مسلم فقد احتج بأبي صللخر حميللد بللن‬
‫زياد ولم يخرجاه‪.‬‬
‫وروى الطللبراني فللي المعجللم الوسللط عللن جللابر بللن‬
‫سمرة قال سلمعت رسللول اللله صللى اللله عليله وسللم‬
‫يقللول أخللوف مللا أخللاف علللى أمللتي الستسللقاء بللالنواء‬
‫وحيف السلطان وتكذيب بالقدر لم يرو هللذا الحللديث عللن‬
‫فطللر إل محمللد ول يللروى عللن جللابر بللن سللمرة إل بهللذا‬
‫السناد‪.‬‬
‫وله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عللن جللده قللال قللال‬
‫رسول الله صلى الللله عليلله وسلللم لللن يللؤمن عبللد حللتى‬
‫يؤمن بالقدر خيللره وشللره ويعلللم أن مللا أصللابه لللن يكللن‬
‫ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصلليبه لللم يللرو هللذا الحللديث‬
‫عن منصور بن زيد إل عبد الله بن جعفر‪.‬‬
‫وله في المعجم الكبير عن خباب بن الرت قال بعثنللي‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم مبعثللا فقلللت يللا رسللول‬
‫الله إنك تبعثني بعيدا وأنا أشفق عليللك قللال ومللا بلللغ مللن‬
‫شفقتك علللي قلللت أصللبح فل أظنللك تمسللي وأمسللي فل‬
‫أظنك تصبح قال يا خباب خمس إن فعلت بهن رأيتني وإن‬
‫لم تفعل بهن لم ترني فقلت يا رسول الله ومللا هللن قللال‬
‫‪192 Page 130 of‬‬

‫تعبد الله ل تشرك بلله شلليئا وإن قطعللت وحرقللت وتللؤمن‬


‫بالقدر قلت يا رسول الله وما اليمان بالقدر قال تعلللم أن‬
‫ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك‬
‫ول تشللرب الخمللر فللإن خطيئتهللا تقللرع الخطايللا كمللا أن‬
‫شجرتها تعلق الشجر وبر والديك وإن أمراك أن تخرج من‬
‫الدنيا وتعتصم بحبل الجماعة فإن يد الله على الجماعة يللا‬
‫خباب إنك إن رأيتني يوم القيامة لم تفارقني‪.‬‬
‫وله في المعجم الكبير عللن عطللاء بللن أبللي ربللاح عللن‬
‫عمرو بن شعيب قال كنت عند سعيد بن المسلليب جالسللا‬
‫فذكروا أن أقوامللا يقولللون قللدر الللله كللل شلليء مللا خل‬
‫العمال قال فوالله ما رأيللت سللعيد بللن المسلليب غضللب‬
‫غضبا أشد منه حتى هم بالقيام ثم سكن فقال تكلمللوا بلله‬
‫أما والله لقد سمعت فيهم حديثا كفاهم به شرا ويحهللم أو‬
‫يعلمون فقلت يرحمك الله يا أبا محمد وما هو قللال فنظلر‬
‫إلي وقد سكن بعض غضبه فقال حدثني رافع بن خديج أنه‬
‫سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقللول يكللون قللوم‬
‫من أمتي يكفللرون بللالله وبللالقرآن وهللم ل يشللعرون كمللا‬
‫كفرت اليهود والنصارى قال قلت جعلت فللداك يللا رسللول‬
‫الله وكيف ذاك قال يقرون ببعض القدر ويكفللرون ببعضلله‬
‫قال قلت ثم ما يقولون قال يقولون الخير من الله والشر‬
‫من إبليس فيقرون على ذلك كتاب الله ويكفرون بللالقرآن‬
‫بعد اليمان والمعرفة فما يلقى أمللتي منهللم مللن العللداوة‬
‫والبغضاء والجللدال أولئك زنادقللة هللذه المللة فللي زمللانهم‬
‫يكون ظلم السلطان فينالهم مللن ظلللم وحيللف وأثللرة ثللم‬
‫يبعللث الللله عللز وجللل طاعونللا فيفنللي عللامتهم ثللم يكللون‬
‫الخسف فما أقل ما ينجو منهم المؤمن يومئذ قليل فرحلله‬
‫شديد غمه ثم يكون المسخ فيمسخ الله عز وجللل عامللة‬
‫أولئك قردة وخنازير ثم يخرج الدجال على أثر ذلللك قريبللا‬
‫ثم بكى رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم حللتى بكينللا‬
‫لبكائه قلنا ما يبكيك قللال رحمللة لهللم الشللقياء لن فيهللم‬
‫المتعبد ومنهم المجتهد مع أنهم ليسوا بأول من سبق إلللى‬
‫هذا القول وضاق بحمله ذرعا إن عامة من هلللك مللن بنللي‬
‫إسرائيل بالتكذيب بالقدر قلت جعلت فداك يا رسول الللله‬
‫‪192 Page 131 of‬‬

‫فقل لي كيف اليمان بالقدر قال تؤمن بالله وحده وإنلله ل‬


‫يملك معه أحد ضرا ول نفعا وتؤمن بالجنة والنار وتعلم أن‬
‫الله عز وجل خالقهمللا قبللل خلللق الخلللق ثللم خلللق خلقلله‬
‫فجعلهم من شاء منهم للجنة ومن شللاء منهللم للنللار عللدل‬
‫ذلك منه وكل يعمل لما فرغ له وهو صائر إلى ما فرغ منه‬
‫قلت صدق الله ورسوله‪.‬‬
‫وله في المعجم الكبير عللن أبللي السللود الللدؤلي قللال‬
‫خاصمت القدرية فأحرجوني فللأتيت عمللران بللن الحصللين‬
‫الخزاعي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلللت‬
‫يا أبا نجيد خاصمت القدريلة فلأحرجوني فهللل مللن حلديث‬
‫تحدثني لعل الله ينفعني بلله قللال لعلللي لللو حللدثتك حللديثا‬
‫لبست عليه أذنيك كأنك لم تسمعه فقلت إنما جئت لللذلك‬
‫فقال لو أن الله عذب أهللل السللماء وأهللل الرض عللذبهم‬
‫وهو غير ظالم ولو أدخلهم في رحمته كانت رحمتلله أوسللع‬
‫لهم من ذنوبهم فإذا هو كما قال الله عز وجل يعذب من‬
‫يشاء ويغفر لمن يشاء فمن عذب فهللو الحللق ومللن رحللم‬
‫فهو الحق ولو كانت الجبال لحدكم ذهبللا أو ورقللا فأنفقهللا‬
‫في سبيل الله ثم لم يؤمن بالقدر خيللره وشللره لللم ينتفللع‬
‫بذلك فأتيت عبد الله بن مسعود فسللألته فقللال عبللد الللله‬
‫لبي بن كعب يللا أبللا المنللذر حللدثه فقللال أبللي يللا أبللا عبللد‬
‫الرحمن حدثه فحدث بن مسعود بمثل حديث عمللران بللن‬
‫حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلللى آللله وسلللم‬
‫تسليما كثيرا طيبا مباركا فيه‪.‬‬
‫وفي سنن ابن مللاجه عللن بللن الللديلمي قللال وقللع فللي‬
‫نفسي شيء من هذا القدر خشلليت أن يفسللد علللي دينللي‬
‫وأمري فأتيت أبي بن كعب فقلت أبا المنللذر إنلله قللد وقللع‬
‫فللي نفسللي شلليء مللن هللذا القللدر فخشلليت علللى دينللي‬
‫وأمري فحدثني من ذلك بشلليء لعللل الللله أن ينفعنللي بلله‬
‫فقال لو أن الله عذب أهل سماواته وأهللل أرضلله لعللذبهم‬
‫وهو غير ظالم لهم ولو رحمهللم لكللانت رحمتلله خيللرا لهللم‬
‫من أعمالهم ولو كان لك مثل جبل أحد ذهبا أو مثللل جبللل‬
‫أحد تنفقه في سبيل الله ما قبل منك حللتى تللؤمن بالقللدر‬
‫فتعلم أن ما أصابك لم يكللن ليخطئك وأن مللا أخطللأك لللم‬
‫‪192 Page 132 of‬‬

‫يكن ليصيبك وأنك إن مت على غيللر هللذا دخلللت النللار ول‬


‫عليك أن تأتي أخي عبد الله بن مسعود فتسأله فأتيت عبد‬
‫الله فسألته فذكر مثل ما قال أبي وقال لللي ول عليللك أن‬
‫تأتي حذيفة فأتيت حذيفة فسألته فقال مثل ما قللال وقللال‬
‫ائت زيد بن ثابت فاسأله فأتيت زيد بن ثابت فسألته فقال‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقللول لللو أن‬
‫الله عذب أهللل سللماواته وأهللل أرضلله لعللذبهم وهللو غيللر‬
‫ظللالم لهللم ولللو رحمهللم لكللانت رحمتلله خيللرا لهللم مللن‬
‫أعمالهم ولو كان لك مثل أحد ذهبا أو مثل جبل أحللد ذهبللا‬
‫تنفقه في سبيل الله ما قبله منك حتى تللؤمن بالقللدر كللله‬
‫فتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لللم يكللن‬
‫ليصيبك وأنك إن مت على غير هذا دخلت النار‪.‬‬
‫والحلاديث والثللار فلي هلذا البلاب كللثيرة وملا ذكرنلاه‬
‫يكفي بتوفيق الله تعالى‪.‬‬
‫روى البخاري عن أبي هريرة رضللي الللله‬ ‫)]‪([80‬‬
‫تعالى عنه قال قلت يا رسول الللله إنللي رجللل شللاب وأنللا‬
‫أخاف علللى نفسللي العنللت ول أجللد مللا أتللزوج بلله النسللاء‬
‫فسكت عني ثم قلت مثل ذلك فسكت عني ثم قلت مثللل‬
‫ذلك فسكت عني ثم قلت مثل ذلك فقال النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم يا أبا هريرة جف القلللم بمللا أنللت لق فللاختص‬
‫على ذلك أو ذر‪ .‬قلت‪ :‬وهللذا الحللديث فللي سللنن الللبيهقي‬
‫الكبرى وقال عنه حديث صحيح‪ .‬وفي المجتبى من السلنن‬
‫للنسائي وصححه‪.‬‬
‫وروى الترمذي في الجامع الصحيح عن عبد الواحد بللن‬
‫سليم قال قدمت مكة فلقيت عطاء بن رباح فقلت للله يللا‬
‫أبا محمد إن أهل البصرة يقولون فللي القللدر قللال يللا بنللي‬
‫أتقرأ القرآن قلت نعم قللال فللاقرأ الزخللرف قللال فقللرأت‬
‫} حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون‬
‫وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم {فقلال أتلدري ملا أم‬
‫الكتاب قلت الله ورسوله أعلم قال فإنه كتللاب كتبلله الللله‬
‫قبل أن يخلللق السللماوات وقبللل أن يخلللق الرض فيلله إن‬
‫فرعون من أهل النار وفيه }تبت يدا أبي لهب وتب {قللال‬
‫عطاء فلقيت الوليد بن عبادة بن الصامت صللاحب رسللول‬
‫‪192 Page 133 of‬‬

‫الله صلى الله عليه وسلم فسألته ما كان وصية أبيك عنللد‬
‫الموت قال دعاني أبي فقال لي يللا بنللي اتللق الللله واعلللم‬
‫أنك لن تتقي الله حتى تؤمن بالله وتؤمن بالقدر كله خيره‬
‫وشره فإن مت على غيللر هللذا دخلللت النللار إنللي سللمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسللم يقلول إن أول ملا خللق‬
‫الله القلم فقال اكتب فقال ما أكتب قال اكتللب القللدر مللا‬
‫كان وما هو كائن إلى البد قللال أبللو عيسللى وهللذا حللديث‬
‫غريب من هذا الوجه‪ .‬وفي لفظ آخججر ‪ :‬فلقيللت عطللاء‬
‫بن أبي رباح فقلت له يا أبا محمد إن أناسا عنللدنا يقولللون‬
‫في القدر فقال عطاء لقيت الوليد بن عبادة بللن الصللامت‬
‫قال حدثني أبي قال سمعت رسول الله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم يقول إن أول ما خلللق الللله القلللم فقللال للله اكتللب‬
‫فجرى بما هو كائن إلى البد وفي الحديث قصة قللال هللذا‬
‫حديث حسن‪.‬‬
‫وروى الترمذي عن عبد الله بن الللديلمي قللال سللمعت‬
‫عبد الله بن عمرو يقول سللمعت رسللول الللله صلللى الللله‬
‫عليه وسلم يقول إن الله عز وجل خلق خلقلله فللي ظلمللة‬
‫فألقى عليهم من نوره فمن أصابه من ذلللك النللور اهتللدى‬
‫ومن أخطأه ضل فلذلك أقول جف القلللم علللى علللم الللله‬
‫قللال أبللو عيسللى هللذا حللديث حسللن‪ .‬وهللذا الحللديث عنللد‬
‫الحاكم في المستدرك ولكن طويل وقال إن جميللع رواتلله‬
‫احتجوا بهم ول يعلم له علة‪.‬‬
‫قال السيوطي في الديباج على مسلللم)‪ :(6/13‬جفللت‬
‫بلله القلم أي الللتي كتبتلله فللي اللللوح المحفللوظ أي تمللت‬
‫كتابته وامتنعت في الزيادة والنقصان قال العلمللاء وكتللاب‬
‫الله ولوحه وقلمه والصحف المللذكورة فللي الحللاديث كللل‬
‫ذلك مما يجب اليمان به وأما كيفية ذلك وصللفتها فعلمهللا‬
‫إلللى الللله تعللالى وجللرت بلله المقللادير قللال أبللو المظفللر‬
‫السمعاني سبيل معرفة هذا البللاب التوقيللف مللن الكتللاب‬
‫والسنة دون محض القياس ومجرد العقول فمن عدل عن‬
‫التوقيف فيه ضل وتاه فللي بحللار الحيللرة ولللم يبلللغ شللفاء‬
‫النفس ولم يصل إلى ما يطمئن إليه القلب لن القدر سر‬
‫من أسرار اللله تعلالى ضللربت دونله السلتار اختلص اللله‬
‫‪192 Page 134 of‬‬

‫تعالى به وحجبه عن عقول الخلق ومعارفهم لما علمه من‬


‫الحكمة وأوجب لنا أن نقف حيث حد لنلا ول نتجللاوزه وقلد‬
‫طوى الله علم القدر عن العالم فلم يعلمه نبي مرسل ول‬
‫ملك مقرب وقيلل إن سلر القلدر ينكشلف لهلم إذا دخللوا‬
‫الجنة ول ينكشف قبل دخولها‪.‬اهل‬
‫وروى الحللاكم فللي مسللتدركه )‪ (2/405‬قللال حللدثنا‬
‫سفيان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابللن‬
‫عباس رضي الللله تعللالى عنهمللا وقربنللاه نجيللا قللال سللمع‬
‫صللريف القلللم حيللن كتللب فللي اللللوح هللذا حللديث صللحيح‬
‫السناد ولم يخرجاه‪.‬‬
‫وفيه عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال أول ما‬
‫خلق الله القلم خلقه ملن هجلا قبلل الللف واللم فتصلور‬
‫قلما من نور فقليل له أجر فللي اللللوح المحفللوظ قللال يللا‬
‫رب بماذا قال بما يكون إلى يوم القيامللة فلمللا خلللق الللله‬
‫الخلق وكل بالخلق حفظة يحفظون عليهم أعمللالهم فلمللا‬
‫قامت القيامة عرضللت عليهللم أعمللالهم وقيللل هللذا كتابنللا‬
‫ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون عرض‬
‫بالكتابين فكانا سواء قال بن عباس ألستم عربا هل تكون‬
‫النسللخة إل مللن كتللاب هللذا حللديث صللحيح السللناد ولللم‬
‫يخرجاه‪.‬‬
‫وفيه أيضا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهمللا قللال‬
‫إن أول شيء خلقه الله القلم فقلال لله اكتللب فقلال ومللا‬
‫أكتب فقال القدر فجرى من ذلك اليوم بما هللو كللائن إلللى‬
‫أن تقوم الساعة قال وكان عرشه على الماء فارتفع بخللار‬
‫الملاء ففتقلت منله السلماوات ثلم خللق النلون فبسلطت‬
‫الرض عليه والرض علللى ظهللر النللون فاضللطرب النللون‬
‫فمللادت الرض فللأثبتت بالجبللال فللإن الجبللال تفخللر علللى‬
‫الرض هللذا حللديث صللحيح علللى شللرط الشلليخين ولللم‬
‫يخرجاه‪.‬‬
‫وفيه أيضا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهمللا قللال‬
‫أهدي إلى النبي صلللى الللله عليلله وسلللم بغلللة أهللداها للله‬
‫كسرى فركبها بحبل من شعر ثم أردفني خلفه ثم سار بي‬
‫مليا ثم التفت فقال يا غلم قلت لبيك يا رسول الللله قللال‬
‫‪192 Page 135 of‬‬

‫احفظ الله يحفظك احفظ الللله تجللده أمامللك تعللرف إلللى‬


‫الله في الرخاء يعرفك في الشدة وإذا سألت فاسأل الللله‬
‫وإذا استعنت فاستعن بالله قد مضى القلللم بمللا هللو كللائن‬
‫فلو جهللد النللاس أن ينفعللوك بمللا لللم يقضلله الللله لللك لللم‬
‫يقدروا عليه ولو جهد الناس أن يضروك بما لم يكتبلله الللله‬
‫عليك لم يقدروا عليه فإن استطعت أن تعمل بالصللبر مللع‬
‫اليقين فافعل فإن لم تستطع فاصبر فإن في الصبر علللى‬
‫ما تكرهه خيرا كثيرا واعلم أن مع الصبر النصر واعلللم أن‬
‫مع الكرب الفرج واعلم أن مع العسللر اليسللر هللذا حللديث‬
‫كبير عال من حديث عبد الملك بن عمير عللن ابللن عبللاس‬
‫رضي الله تعالى عنهما إل أن الشيخين رضللي الللله تعللالى‬
‫عنهمللا لللم يخرجللا شللهاب بللن خللراش ول القللداح فللي‬
‫الصحيحين وقد روي الحديث بأسانيد عن بللن عبللاس غيللر‬
‫هذا‪.‬‬
‫وفي المعجم الكلبير للطلبراني علن سلراقة بلن ماللك‬
‫قال قلت يا رسول الله أنعمل على ما قد جللف بلله القلللم‬
‫وجرت به المقادير أو لمر مستقبل قال يا سللراقة اعمللل‬
‫لما جف به القلم وجرت به المقادير فإن كل ميسر‪.‬‬
‫ورد ذكللر العللرش فللي القللرآن فللي عللدة‬ ‫)]‪([81‬‬
‫مواضع‪ ،‬نوردها لك هنا‬
‫في سورة العراف)إن ربكم الله الذي خلق السماوات‬
‫والرض في سللتة أيللام ثللم اسللتوى علللى العللرش يغشللي‬
‫الليللل النهللار يطلبلله حثيثللا والشللمس والقمللر والنجللوم‬
‫مسللخرات بللأمره أل للله الخلللق والمللر تبللارك الللله رب‬
‫العالمين]‪([54‬‬
‫وفي التوبة)فإن تولوا فقللل حسللبي الللله ل إللله إل هللو‬
‫عليه توكلت وهو رب العرش العظيم]‪([129‬‬
‫وفي سورة يونس)إن ربكم الله الذي خلق السللماوات‬
‫والرض في ستة أيام ثم استوى على العلرش يلدبر المللر‬
‫ما من شفيع إل من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبللدوه أفل‬
‫تذكرون]‪([3‬‬
‫وفي سورة الرعد)الله الذي رفع السماوات بغير عمللد‬
‫ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل‬
‫‪192 Page 136 of‬‬

‫يجري لجل مسمى يدبر المر يفصل اليللات لعلكللم بلقللاء‬


‫ربكم توقنون]‪([2‬‬
‫وفي سورة السراء)قل لو كان معه آلهة كمللا يقولللون‬
‫إذا لبتغوا إلى ذي العرش سبيل]‪([42‬‬
‫سم اللهِ الَرحمللن الَرحيللم طلله ]‪[1‬‬ ‫وفي سورة طه)ب ِ ْ‬
‫ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى]‪ [2‬إل تذكرة لمللن يخشللى]‬
‫‪ [3‬تنزيل ممن خلق الرض والسماوات العلى]‪ [4‬الرحمللن‬
‫على العرش اسللتوى]‪ [5‬لله مللا فللي السللماوات ومللا فللي‬
‫الرض وما بينهما ومللا تحللت الللثرى]‪ [6‬وإن تجهللر بللالقول‬
‫فإنه يعلم السر وأخفى]‪([7‬‬
‫وفي سورة النبياء)لو كان فيهما آلهللة إل الللله لفسللدتا‬
‫فسبحان الله رب العرش عما يصفون]‪([22‬‬
‫وفي سورة المؤمنللون)قللل لمللن الرض ومللن فيهللا إن‬
‫كنتم تعلمون]‪ [84‬سيقولون لله قل أفل تذكرون]‪ [85‬قللل‬
‫مللن رب السللماوات السللبع ورب العللرش العظيللم]‪[86‬‬
‫سيقولون لله قل أفل تتقون]‪ [87‬قل من بيده ملكوت كل‬
‫شلليء وهللو يجيللر ول يجللار عليلله إن كنتللم تعلمللون]‪[88‬‬
‫سيقولون لله قل فأنى تسحرون]‪([89‬‬
‫وفي سورة المؤمنون أيضا)أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا‬
‫وأنكم إلينا ل ترجعون]‪ [115‬فتعللالى الللله الملللك الحللق ل‬
‫إله إل هو رب العرش الكريم]‪([116‬‬
‫وفي سورة الفرقان)وتوكل على الحي الللذي ل يمللوت‬
‫وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا]‪ [58‬الذي خلق‬
‫السماوات والرض وما بينهملا فلي سلتة أيلام ثلم اسلتوى‬
‫على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا]‪([59‬‬
‫وفي سورة النمل)إني وجللدت امللرأة تملكهللم وأوتيللت‬
‫ملن كلل شليء ولهلا علرش عظيلم]‪ [23‬وجلدتها وقومهلا‬
‫يسللجدون للشللمس مللن دون الللله وزيللن لهللم الشلليطان‬
‫أعمللالهم فصللدهم عللن السللبيل فهللم ل يهتللدون]‪ [24‬أل‬
‫يسجدوا لله اللذي يخلرج الخبلء فلي السلماوات والرض‬
‫ويعلم ما تخفون ومللا تعلنللون]‪ [25‬الللله ل إللله إل هللو رب‬
‫العرش العظيم]‪([26‬‬
‫‪192 Page 137 of‬‬

‫وفللي سللورة السللجدة)الللله الللذي خلللق السللماوات‬


‫والرض وما بينهما في ستة أيام ثم اسللتوى علللى العللرش‬
‫ما لكم من دونه من ولي ول شفيع أفل تتذكرون]‪([4‬‬
‫وفي سورة غافر)وكذلك حقت كلمة ربللك علللى الللذين‬
‫كفروا أنهم أصحاب النار]‪ [6‬الذين يحملللون العللرش ومللن‬
‫حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للللذين‬
‫آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا‬
‫واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم]‪([7‬‬
‫وفللي سللورة غللافر)رفيللع الللدرجات ذو العللرش يلقللي‬
‫اللروح ملن أملره عللى ملن يشلاء ملن عبلاده لينلذر يلوم‬
‫التلق]‪([15‬‬
‫وفي سورة الزخرف)قل إن كان للرحمن ولد فأنللا أول‬
‫العابدين]‪ [81‬سبحان رب السماوات والرض رب العللرش‬
‫عما يصفون]‪([82‬‬
‫سللبح‬ ‫سم اللهِ الَرحمن الَرحيللم‬ ‫وفي سورة الحديد)ب ِ ْ‬
‫لله ما في السماوات والرض وهو العزيللز الحكيللم]‪ [1‬للله‬
‫ملك السماوات والرض يحيي ويميت وهو على كل شلليء‬
‫قللدير]‪ [2‬هللو الول والخللر والظللاهر والبللاطن وهللو بكللل‬
‫شيء عليم]‪ [3‬هو الذي خلق السماوات والرض في ستة‬
‫أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلللج فللي الرض ومللا‬
‫يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم‬
‫أين ما كنتم والله بما تعملون بصير]‪ [4‬له ملك السماوات‬
‫والرض وإلى الله ترجع المور]‪([5‬‬
‫وفي سورة التكللوير)إنلله لقللول رسللول كريللم]‪ [19‬ذي‬
‫قوة عند ذي العرش مكين]‪([20‬‬
‫وفي سورة البروج)إن بطش ربك لشديد]‪ [12‬إنلله هللو‬
‫يبللدئ ويعيللد]‪ [13‬وهللو الغفللور الللودود]‪ [14‬ذو العللرش‬
‫المجيد]‪ [15‬فعال لما يريد]‪([16‬‬
‫والكرسي قد ورد ذكره فللي القللرآن فللي‬ ‫)]‪([82‬‬
‫مواضع‬
‫قوله تعالى في سورة البقرة)الللله ل إللله إل هللو الحللي‬
‫القيوم ل تأخذه سنة ول نوم له ما في السماوات وما فللي‬
‫الرض مللن ذا الللذي يشللفع عنللده إل بللإذنه يعلللم مللا بيللن‬
‫‪192 Page 138 of‬‬

‫أيديهم وما خلفهم ول يحيطللون بشلليء مللن علملله إل بمللا‬


‫شاء وسع كرسيه السللماوات والرض ول يللؤوده حفظهمللا‬
‫وهو العلي العظيم]‪([255‬‬
‫ورد إثبات أن إبراهيم عليه السلللم خليللل‬ ‫)]‪([83‬‬
‫الللله فللي القللرآن‪ ،‬فقللد قللال الللله تعللالى فللي سللورة‬
‫النساء)ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسللن‬
‫واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيللم خليل ]‪.([125‬‬
‫وورد أن الله كلم موسى تكليما في النساء أيضا فقال جل‬
‫من قائل)ورسل قد قصصناهم عليك مللن قبللل ورسللل لللم‬
‫نقصصهم عليلك وكللم اللله موسلى تكليملا]‪ ،([164‬وفلي‬
‫سورة العراف)ولما جاء موسى لميقاتنا وكلملله ربله قللال‬
‫رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبللل‬
‫فإن استقر مكانه فسلوف ترانلي فلملا تجللى ربله للجبلل‬
‫جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سللبحانك تبللت‬
‫إليك وأنا أول المؤمنين]‪.([143‬‬
‫ورد إثبات أن سيدنا إبراهيم عليه السلم هو خليل الللله‬
‫تعالى في عدة أحاديث منها ما رواه المللام البخللاري عللن‬
‫أنس في حديث الشفاعة أن النبي عليه السلم قال فيه‪":‬‬
‫ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمللن فيللأتون إبراهيللم"‪ ،‬وقللد‬
‫رواه المام مسلم في صحيحه عن معبد بللن هلل العنللزي‬
‫قال انطلقنا إلى أنس بن مالك وتشفعنا بثابت فانتهينا إليه‬
‫وهو يصلي الضحى فاستأذن لنا ثابت فدخلنا عليه وأجلس‬
‫ثابتا معه على سريره فقال له يا أبا حمزة إن إخوانك مللن‬
‫أهل البصللرة يسللألونك أن تحللدثهم حللديث الشللفاعة قللال‬
‫حللدثنا محمللد صلللى الللله عليلله وسلللم قللال إذا كللان يللوم‬
‫القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض فيأتون آدم فيقولللون‬
‫له اشفع لذريتك فيقول لست لها ولكن عليكم بججإبراهيم‬
‫عليه السلم فإنه خليل الله فيللأتون إبراهيللم فيقللول‬
‫لست لها ولكن عليكم بموسى عليه السلم فإنه كليم الله‬
‫فيؤتى موسى فيقول لست لها ولكن عليكم بعيسى عليلله‬
‫السلم فإنه روح الله وكلمته فيؤتى عيسى فيقللول لسللت‬
‫لها ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليلله وسلللم فللأوتى‬
‫فأقول أنا لها"‪.‬‬
‫‪192 Page 139 of‬‬

‫وفي رواية أخرى لمسلم عن أبي هريرة وأبو مالك عن‬


‫ربعي عن حذيفة قللال قللال رسللول الللله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم يجمع الله تبللارك وتعللالى النللاس فيقللوم المؤمنللون‬
‫حتى تزلف لهم الجنة فيأتون آدم فيقولون يا أبانا اسللتفتح‬
‫لنا الجنة فيقول وهل أخرجكم من الجنللة إل خطيئة أبيكللم‬
‫آدم لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله‬
‫قال فيقول إبراهيم لست بصاحب ذلك إنما كنت خليل من‬
‫وراء وراء اعمدوا إلى موسى صلى الله عليه وسلم الللذي‬
‫كلمه الله تكليما فيأتون موسى صلى الله عليلله وسلللم‬
‫فيقول لست بصاحب ذلك اذهبوا إلللى عيسللى كلمللة الللله‬
‫وروحلله فيقللول عيسللى صلللى الللله عليلله وسلللم لسللت‬
‫بصاحب ذلك فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلللم فيقللوم‬
‫فيؤذن له"‪.‬‬
‫روى المام البخاري عن أبا هريرة رضللي‬ ‫)]‪([84‬‬
‫الله تعالى عنه قال لما توفي رسول الله صلى الللله عليلله‬
‫وسلم وكان أبو بكر رضي الله تعالى عنه وكفللر مللن كفللر‬
‫من العرب فقال عمر رضي الله تعللالى عنلله كيللف تقاتللل‬
‫الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليلله وسلللم أمللرت‬
‫أن أقاتل الناس حتى يقولوا ل إله إل الله فمن قالهللا فقللد‬
‫عصم مني ماله ونفسه إل بحقه وحسابه على الللله فقللال‬
‫والله لقاتلن من فرق بين الصلة والزكاة فإن الزكاة حق‬
‫المال والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها قال عمر رضي‬
‫الله تعالى عنه فوالله ما هو إل أن قد شرح الله صدر أبي‬
‫بكر رضي الله تعالى عنه فعرفت أنه الحق‪.‬‬
‫روى إسحاق بن راهويه في مسللنده عللن‬ ‫)]‪([85‬‬
‫عائشة قالت ما كان رسول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫يبللوح بلله أن إيمللانه علللى إيمللان جبريللل وميكائيللل أخبرنللا‬
‫العلء بن عبد الجبار عن نافع بن عمر الجمحي وكللان ثقللة‬
‫عن بن أبي مليكة قللال يقولللون إيمللان فلن كإيمللان فلن‬
‫أترون إيمان فهدان مثل إيمللان جبريللل وكللان رجل متهمللا‬
‫بالشراب أخبرنا محمللد بللن أعيللن قللال قللال بللن المبللارك‬
‫وذكر له اليملان فقلال قلوم يقوللون إيماننلا مثلل جبريلل‬
‫‪192 Page 140 of‬‬

‫وميكائيل إما فيه زيللادة إمللا فيلله نقصللان هللو مثللله سللواء‬
‫وجبريل ريما صار مثل الوضع من خوف الله تعللالى وذكللر‬
‫أشللباه ذلللك قللال فقيللل للله إن قومللا يقولللون إن سللفيان‬
‫الثوري حين كان يقللول إن شللاء اللله كلان ذاك منلله شلك‬
‫فقال بن المبارك أترى سفيان كان يسبقني فللي وحدانيللة‬
‫الرب أو في محمد صلللى الللله عليلله وسلللم إنمللا كللان‬
‫استثناء في قبول إيمانه وما هلو عنلد اللله قلال بلن أعيلن‬
‫قال بن المبارك والستثناء ليس بشللك أل تللرى إلللى قللول‬
‫الله لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين وعلم أنهم‬
‫داخلون قال لو أن رجل قال هذا نهار إن شاء الله ما كللان‬
‫شكا قال وقال شيبان لبن المبارك يا أبا عبد الرحمللن مللا‬
‫تقول فيمن يزني ويشرب الخمر ونحو هذا أمؤمن هو قال‬
‫بن المبارك ل أخرجه من اليمللان فقللال علللى كللبر السللن‬
‫صرت مللرجئا فقللال للله بللن المبللارك يللا أبللا عبللد الللله إن‬
‫المرجئة ل تقبلني أنا أقول اليمان يزيللد المللرجئة ل تقللول‬
‫ذلك والمرجئة تقول حسللناتنا متقبلللة وأنللا ل أعلللم تقبلللت‬
‫مني حسنة وقال غير بن أعين قللال للله بللن المبللارك ومللا‬
‫أحوجللك إلللى أن تأخللذ سللبورجة فتجللالس العلمللاء قللال‬
‫إسحاق وأخبرني عدة أحمد بن زهير وعدة ممن شللهد بللن‬
‫المبارك بالري فقال له المستملي يا أبللا عبللد الرحمللن أن‬
‫ها هنا قوما يقولون اليمان ل يزيد فسكت عبد الللله حللتى‬
‫سأله ثلثا فأجابه فقال ل تعجبني هذه الكلمة منكم أن هللا‬
‫هنا قوما ينبغي أن يكون أمركم جمعللا قللال وقللال نللا عبللد‬
‫الله بن شوذب عن محمد بن جحادة عن سلمة بللن كهيللل‬
‫عن هزيل بن شرحبيل قال قال عمر بن الخطاب لللو وزن‬
‫إيمان أبي بكر الصديق بإيمللان أهللل الرض لرجحهللم بلللى‬
‫أن اليمان يزيد بلى أن اليمان يزيد ثلثا قال بلن المبلارك‬
‫لم أجد بدرا من القرار بزيادة اليمان إزاء كتاب الله قللال‬
‫إسحاق والمرجئة طائفة مللن الجهميللة قللال إسللحاق وقللد‬
‫مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن‬
‫أهل الجنة يللرون ربهلم وهللو مللن أعظللم نعلم أهللل الجنللة‬
‫وقوله وجوه يومئذ ناضللرة إلللى ربهللا نللاظرة يقللول يللومئذ‬
‫مشرقة إلى الله ناظرة إلى الجنة وإنمللا معنللى قللول مللن‬
‫‪192 Page 141 of‬‬

‫قال تنتظر الثواب ول يرون ربهم يوم القيامة قبللل دخللول‬


‫الجنة أل ترى إلللى مجاهللد حيللن فسللر اليللة فسللره علللى‬
‫معنى ما وصفنا قال إلى ربها ناظرة قال ينظرون الثللواب‬
‫تفسير الية يجيء علللى أوجلله وهللي نللواظر يللوم القيامللة‬
‫فتجيء الية مصدقة لمعنى الية الخرى وهي في الظاهر‬
‫عند من يجهل تأويلها فحالف للخر كما جهل من سأل بللن‬
‫عبللاس عللن قللوله فل أنسللاب بينهللم يللومئذ ول يتسللاءلون‬
‫وعن قوله فأقبل بعضهم على بعض يتسللاءلون وكللان فللي‬
‫الظاهر إحداهما مخالفة للخرى فأجابه بللن عبللاس بأنهمللا‬
‫مؤتلفتان فسر قوله فل أنساب بينهم يومئذ ول يتسللاءلون‬
‫قال هذه النفخة الولى إذا للم يبلق عللى وجله الرض للم‬
‫يكن بينهم يومئذ نسب وقال إذا أدخلوا الجنة أقبل بعضهم‬
‫على بعض يتساءلون فتبين أن معنى اليللتين معنللى واحللد‬
‫وكان في الظاهر خلفا حتى أن بن عباس قال للسائل مللا‬
‫أشبه عليك مللن نحللو ذلللك مللن القللرآن فهللو كمللا وصللفنا‬
‫فلللذلك قلنللا أن قللول الللله ل تللدركه البصللار وهللو يللدرك‬
‫البصار في الدنيا وتصديق ذلك ما قالت عائشة مللن زعللم‬
‫أن محمدا رأى ربه فقللد كللذب لن الللله ل تللدركه البصللار‬
‫وهو يدرك البصار فقد تحقق عند من عقل عن الله عللز‬
‫وجل أن عائشة فسرت هذه الية علللى الللدنيا وتفسللرها‬
‫المبتدعة على أنها في الدنيا والخرة فأسقطوا معنى هذه‬
‫الية وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها نللاظرة وبيللن مللا وصللفنا‬
‫في قول الله كل إنهم عن ربهم يللومئذ لمحجوبللون فللأزال‬
‫ذلك عن الكفار وثبتت اليللة لهللل الجنللة ولقللد قيللل لبللن‬
‫المبارك أن فلنا فسر اليتين ل تدركه البصار وهللو يللدرك‬
‫البصار وقوله وجوه يومئذ ناضرة إلللى ربهللا نللاظرة علللى‬
‫أنها مخالفة للخرى فلذلك أرى الوقف فللي الرؤيللة فقللال‬
‫بن المبارك جهل الشيخ معنى الية التي قال الله ل تدركه‬
‫البصار وهو يدرك البصللار ليسللت بمخالفللة وجللوه يللومئذ‬
‫ناضرة إلى ربها ناظرة لن هذه في الدنيا وتلك في الخرة‬
‫حتى إنه قال ل تفشوا هذا عن الشيخ تدعيه الجهمية ورآه‬
‫منه غلطا ولو لم يكن فيما وصفنا إل ما سأل موسللى ربلله‬
‫الرؤية في الدنيا لمللا كللان قللد علللم أن أهللل الجنللة يللرون‬
‫‪192 Page 142 of‬‬

‫ربهم فيسأل ربه أن يريه في الدنيا فبين الله له قال انظر‬


‫إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه‬
‫للجبل ساخ الجبل ولم يقو على نظللر الللرب قللال موسللى‬
‫سبحانك تبت إليك وأنا أول من آمللن بللك أن ل يللراك أحللد‬
‫في الدنيا قبل يوم القيامة‪.‬‬

‫قال الله تعالى في سورة يوسف)يللا بنللي‬ ‫)]‪([86‬‬


‫اذهبوا فتحسسوا مللن يوسللف وأخيلله ول تيأسللوا مللن روح‬
‫الله إنه ل ييأس من روح الله إل القوم الكافرون]‪.([87‬‬
‫روى المللام مسلللم فللي صللحيحه عللن‬ ‫)]‪([87‬‬
‫أسامة بن زيد وهذا حديث بن أبي شيبة قال بعثنللا رسللول‬
‫الله صلى الله عليه وسلللم فللي سللرية فصللبحنا الحرقللات‬
‫من جهينة فأدركت رجل فقال ل إله إل الله فطعنته فوقللع‬
‫في نفسي من ذلك فذكرته للنبي صلى الللله عليلله وسلللم‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقال ل إله إل الله‬
‫وقتلته قال قلت يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلللح‬
‫قال أفل شققت عن قلبه حتى تعلللم أقالهللا أم ل فمللا زال‬
‫يكررها علي حتى تمنيللت أنللي أسللمت يللومئذ قللال فقلال‬
‫سعد وأنا والله ل أقتل مسلما حتى يقتله ذو البطين يعنللي‬
‫أسامة قال قال رجل ألللم يقللل الللله } وقللاتلوهم حللتى ل‬
‫تكون فتنة ويكون الدين كله لله { فقللال سللعد قللد قاتلنللا‬
‫حتى ل تكون فتنة وأنت وأصحابك تريدون أن تقاتلوا حللتى‬
‫تكون فتنة‪.‬‬
‫وفي المستدرك للحاكم عن أسامة بن زيد رضللي الللله‬
‫تعالى عنهما قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلللم‬
‫في سرية في أناس من أصحابه فاسللتبقنا أنللا ورجللل مللن‬
‫النصار إلى العدو فحملت على رجل فلما دنوت منلله كللبر‬
‫فطعنته فقتلته ورأيت أنه إنما فعل ذلك ليحللرز دملله فلمللا‬
‫رجعنا سبقني إلى النبي صلى الللله عليلله وسلللم فقللال يللا‬
‫رسول الله ل فارس خير من فارسللكم إنللا اسللتلحقنا رجل‬
‫فسبقني إليه فكبر فلم يمنعلله ذلللك أن قتللله فقللال النللبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يللا أسللامة مللا صللنعت اليللوم فقلللت‬
‫حملت على رجل فكبر فرأيت أنلله إنمللا فعللل ليحللرز دملله‬
‫‪192 Page 143 of‬‬

‫فقتلته فقال كيللف بعللد الللله أكللبر فهل شللققت عللن قلبلله‬
‫فقلت ما قال فلللم يللزل يقللول لللي يللومئذ فل أقاتللل رجل‬
‫يقول الله أكبر مما نهاني عنه حتى ألقاه صللى اللله عليله‬
‫وسلم‪.‬‬

‫قال الله تعالى في سورة النحل)من كفر‬ ‫)]‪([88‬‬


‫بالله من بعد إيمانه إل مللن أكللره وقلبلله مطمئن باليمللان‬
‫ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهللم‬
‫عذاب عظيم]‪.([106‬‬
‫وروى المام البخاري في صحيحه عن أبي هريللرة قللال‬
‫كان النبي صلى الله عليه وسلم بللارزا يومللا للنللاس فأتللاه‬
‫جبريللل فقللال مللا اليمللان قللال أن تللؤمن بللالله وملئكتلله‬
‫وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث قال ما السلم قال السلم‬
‫أن تعبد الله ول تشللرك بلله وتقيللم الصلللة وتللؤدي الزكللاة‬
‫المفروضة وتصوم رمضان قال ما الحسللان قللال أن تعبلد‬
‫الله كأنك تراه فللإن لللم تكللن تللراه فللإنه يللراك قللال مللتى‬
‫السللاعة قللال مللا المسللؤول عنهللا بللأعلم مللن السللائل‬
‫وسأخبرك عن أشراطها إذا ولدت المللة ربهللا وإذا تطللاول‬
‫رعاة البل البهم في البنيان في خمس ل يعلمهللن إل الللله‬
‫ثم تل النبي صلى الللله عليلله وسلللم }إن الللله عنللده علللم‬
‫الساعة{ الية ثم أدبر فقال ردوه فلم يروا شيئا فقال هذا‬
‫جبريل جاء يعلم الناس دينهم قال أبو عبد الله جعللل ذلللك‬
‫كله من اليمان‪.‬‬
‫وأخللرج البخللاري عللن محمللد بللن جللبير عللن أبيلله قللال‬
‫سمعت النبي صلى الللله عليلله وسلللم يقللرأ فللي المغللرب‬
‫بالطور وذلك أول ما وقر اليمان في قلبي‪.‬‬
‫قال تعالى في سورة النفال)وما لهللم أل‬ ‫)]‪([89‬‬
‫يعذبهم الله وهم يصدون عن المسللجد الحللرام ومللا كللانوا‬
‫أولياءه إن أولياؤه إل المتقللون ولكللن أكللثرهم ل يعلمللون]‬
‫ه الللذي‬‫ي اللل ُ‬
‫‪.([34‬وقال تعالى في سورة العراف)إن ولي ّ َ‬
‫ب وهو يتولى الصالحين]‪([196‬‬ ‫نّز َ‬
‫ل الكتا َ‬
‫روى ابن حبان في صحيحه عللن جللابر أن‬ ‫)]‪([90‬‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال شفاعتي لهل الكبائر من‬
‫‪192 Page 144 of‬‬

‫أمتي‪ .‬ورواه الحاكم في المستدرك عن جابر بن عبد الللله‬


‫رضي الله تعالى عنهمللا أن رسللول الللله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلللم تل قللول الللله عللز وجللل )ول يشللفعون إل لمللن‬
‫ارتضى( فقال صلى الللله عليلله وسلللم إن شللفاعتي لهللل‬
‫الكبائر من أمتي هذا حديث صحيح علللى شللرط الشلليخين‬
‫ولم يخرجاه‪.‬‬
‫وهو في سنن أبللي داود وفللي الترمللذي عللن أنللس بللن‬
‫مالك‪ .‬ورواه غيرهم‪.‬‬
‫وفي مسند أبي يعلى عن يزيد الرقاشي عن أنس قللال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم شللفاعتي لهللل الكبللائر‬
‫من أمتي قال فقال تصللديق هللذا فللي القللرآن قللال فقللرأ‬
‫علينا إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفللر عنكللم سلليئاتكم‬
‫وندخلكم مدخل كريما فهؤلء الذين يجتنبون الكبائر وهؤلء‬
‫الذين واقعوا الكبائر بقيت لهم شللفاعة محمللد صلللى الللله‬
‫عليه وسلم قال فقال يزيد لنس صدقت‪.‬‬
‫روى البخاري في صحيحه عن عبللادة بللن‬ ‫)]‪([91‬‬
‫الصامت رضي الله تعالى عنه قللال كنللا عنللد النللبي صلللى‬
‫الله عليلله وسلللم فللي مجلللس فقللال بللايعوني علللى أن ل‬
‫تشركوا بالله شيئا ول تسللرقوا ول تزنللوا وقللرأ هللذه اليللة‬
‫كلها فمن وفي منكم فللأجره علللى الللله ومللن أصللاب مللن‬
‫ذلك شيئا فعوقب به فهللو كفللارته ومللن أصللاب مللن ذلللك‬
‫شيئا فستره الله عليه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه‪.‬‬
‫وفي سنن أبي داود عن عطاء بن يسار عللن عبللد الللله‬
‫بن الصنابحي قال زعم أبو محمللد أن الللوتر واجللب فقللال‬
‫عبادة بلن الصلامت كلذب أبلو محملد أشلهد أنلي سلمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليلله وسلللم يقللول خمللس صلللوات‬
‫افترضللهن الللله تعللالى مللن أحسللن وضللوءهن وصلللهن‬
‫لوقتهن وأتم ركوعهن وخشوعهن كان للله علللى الللله عهللد‬
‫أن يغفر له ومن لم يفعل فليس له على الله عهد إن شاء‬
‫غفر له وإن شللاء عللذبه‪ .‬ورواه أيضللا المللام الللبيهقي فللي‬
‫سننه الكبرى‪ ،‬وفي مسند المام أحمد‬
‫روى المام البخاري في صحيحه عن أبللي‬ ‫)]‪([92‬‬
‫سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عن النللبي صلللى الللله‬
‫‪192 Page 145 of‬‬

‫عليه وسلم قال يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم‬
‫يقول الله تعالى أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة مللن‬
‫خردل من إيمان فيخرجون منها قللد اسللودوا فيلقللون فللي‬
‫نهر الحيا أو الحياة شك مالك فينبتون كما تنبت الحبة فللي‬
‫جانب السيل ألم تر أنها تخرج صفراء ملتويللة قللال وهيللب‬
‫حدثنا عمرو الحياة وقال خردل من خير‪.‬‬
‫وروى البخاري في الصحيح عللن عبللد الللله رضللي الللله‬
‫تعالى عنه قال النبي صلى الله عليه إني لعلللم آخللر أهللل‬
‫النار خروجا منها وآخر أهل الجنة دخللول رجللل يخللرج مللن‬
‫النار حبوا فيقول الله اذهب فادخللل الجنللة فيأتيهللا فيخيللل‬
‫إليه أنها ملى فيرجع فيقللول يللا رب وجللدتها ملى فيقللول‬
‫اذهب فادخل الجنة فيأتيهللا فيخيللل إليلله انهللا ملى فيرجللع‬
‫فيقول يا رب وجدتها ملى فيقول اذهب فادخل الجنة فإن‬
‫لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها أو إن لك مثل عشرة أمثللال‬
‫الدنيا فيقول أتسخر مني أو تضحك مني وأنت الملك فلقد‬
‫رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حللتى بللدت‬
‫نواجذه وكان يقال ذلك أدنى أهل الجنة منزلة‪.‬‬
‫وفي حديث الشفاعة الطويل اللذي رواه البخللاري عللن‬
‫أنس بن مالك‪ ،‬بعد أن يحمد النبي عليلله الصلللة والسلللم‬
‫ربه بمحامد ويخرج أناسا من النار‪ ،‬يقول صللى اللله عليله‬
‫وسلم‪ ":‬فأقول يللا رب مللا بقللي فللي النللار إل مللن حبسلله‬
‫القرآن ووجب عليلله الخلللود قللال النللبي صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم يخرج من النار من قال ل إله إل الله وكان في قلبه‬
‫من الخير ما يزن شعيرة ثم يخرج من النار من قال ل إله‬
‫إل الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة ثم يخرج مللن‬
‫النار من قال ل إله إل الللله وكللان فللي قلبلله مللا يللزن مللن‬
‫الخير ذرة"‪.‬‬
‫ذكلللره الخطيلللب فلللي تاريلللخ بغلللداد )‬ ‫)]‪([93‬‬
‫‪ ":(6/402‬عن بن عمر ان رسللول الللله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم قال صلوا خلف من قال ل اله ال الله وصلللوا علللى‬
‫من قال ل اله ال الله"‪.‬‬
‫قللال الزيلعللي فللي نصللب الرايللة)‪ ":(2/26‬قللال عليلله‬
‫السلم صلوا خلف كل بر وفاجر قلت أخرجلله الللدارقطني‬
‫‪192 Page 146 of‬‬

‫في سننه عن معاوية بن صالح عن العلء بن الحللارث عللن‬


‫مكحول عن أبي هريللرة أن رسللول اللله صللى اللله عليلله‬
‫وسلم قال صلوا خلف كل بر وفاجر وصلللوا علللى كللل بللر‬
‫وفاجر وجاهدوا مع كل بر وفللاجر انتهللى قللال الللدارقطني‬
‫مكحول لم يسمع من أبي هريرة ومن دونلله ثقللات انتهللى‬
‫ومللن طريللق الللدارقطني رواه بللن الجللوزي فللي العلللل‬
‫المتناهية وأعله بمعاوية بن صالح مع ما فيه ملن النقطلاع‬
‫وتعقبه بن عبد الهادي وقال إنه من رجال الصللحيح انتهللى‬
‫والحديث رواه أبو داود في سننه في كتاب الجهاد وضللعفه‬
‫بأن مكحول لم يسمع من أبي هريرة ولفظلله قللال الجهللاد‬
‫واجب عليكم مع كل أمير برا كان أو فاجرا والصلة واجبة‬
‫عليكم خلف كل مسلم برا كان أو فاجرا وإن عمل الكبائر‬
‫والصلة واجبة على كل مسلم برا كان أو فاجرا وإن عمل‬
‫الكبللائر انتهللى ومللن طريللق أبللي داود رواه الللبيهقي فللي‬
‫المعرفللة وقللال إسللناده صللحيح إل أن فيلله انقطاعللا بيللن‬
‫مكحول وأبي هريرة وله طريق آخر عنللد الللدارقطني عللن‬
‫عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة عن هشام بن عروة‬
‫عن أبي صالح السمان عن أبللي هريللرة مرفوعللا سلليليكم‬
‫مللن بعللدي ول الللبر بللبره والفللاجر بفجللوره فاسللمعوا للله‬
‫وأطيعوا فيمللا وافللق الحللق وصلللوا وراءهللم فللإن أحسللنوا‬
‫فلكم ولهم وإن اساءوا فلكم وعليهلم انتهلى وملن طريلق‬
‫الدارقطني رواه بن الجوزي في العلل وأعله بعبد الله هذا‬
‫قال أبو حاتم متروك الحديث وقال بن حبان ل يحللل كتللب‬
‫حديثه قال بن الجوزي وسئل أحمد عن حديث صلوا خلف‬
‫كل بر وفاجر فقال ما سمعنا به انتهى"‬
‫وقال ابن حجر في تلخيللص الحللبير)‪ (2/35‬علن حلديث‬
‫"صلوا خلف كل بر وفاجر"‪ ":‬قال العقيلي ليللس فللي هللذا‬
‫المتن إسناد يثبت ونقل بن الجللوزي عللن أحمللد أنلله سللئل‬
‫عنه فقال ما سمعنا بهذا وقال الدارقطني ليس فيها شيء‬
‫يثبت وللبيهقي في هذا البللاب أحللاديث كلهللا ضللعيفة غايللة‬
‫الضعف وأصح ما فيه حديث مكحول عن أبي هريرة علللى‬
‫إرساله وقال أبو أحمد الحاكم هذا حديث منكر"‬
‫‪192 Page 147 of‬‬

‫)]‪ ([94‬السيف هنا كناية عن القتل‪ ،‬وقد ورد النهي عللن‬


‫قتل المسلم إل بحق السلم‪ .‬وهذا المعنى مشهور‪ .‬ومللن‬
‫ذلك قوله عليه الصلة والسلم‪" ،‬أمللرت أن أقاتللل النللاس‬
‫حتى يقولوا ل إله إل الله‪ ،‬فإذا قالوها عصموا مني دماءهم‬
‫وأموالهم إل بحقها"‪.‬‬
‫روى المللام مسلللم فللي صللحيحه عللن‬ ‫)]‪([95‬‬
‫علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قللال سللأل سلللمة بللن‬
‫يزيد الجعفي رسول الله صلى الله عليلله وسلللم فقللال يللا‬
‫نللبي الللله أرأيللت إن قللامت علينللا أمللراء يسللألونا حقهللم‬
‫ويمنعونا حقنا فما تأمرنا فأعرض عنلله ثللم سللأله فللأعرض‬
‫عنه ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه الشللعث بللن‬
‫قيللس وقللال اسللمعوا وأطيعللوا فإنمللا عليهللم مللا حملللوا‬
‫وعليكللم مللا حملتللم‪.‬وهللو فللي الترمللذي‪ ،‬وسللنن الللبيهقي‬
‫الكبرى‪،‬وفي المعجم الكبير‬
‫وفي مسللند المللام أحمللد عللن ابللن مسللعود أن النللبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال كيف بللك يللا عبللد الللله إذا كللان‬
‫عليكم أمراء يضيعون السنة ويؤخرون الصلة عن ميقاتهللا‬
‫قال كيف تأمرني يا رسول الله قللال تسللألني بللن أم عبللد‬
‫كيف تفعل ل طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل‪.‬‬
‫وفي مسند المام أحمد أيضا‪ :‬حللدثنا عبللد الللله حللدثني‬
‫أبي ثنا يزيد يعنى بن هارون أنا هشام عن محمد قال جللاء‬
‫رجل إلى عمران بن حصللين ونحللن عنللده فقللال اسللتعمل‬
‫الحكم بن عمرو الغفللاري علللى خراسللان فتمنللاه عمللران‬
‫حتى قال له رجل من القوم أل ندعوه لك فقللال للله ل ثللم‬
‫قام عمران فلقيه بين الناس فقال عمران إنللك قللد وليللت‬
‫أمرا من أمر المسلمين عظيما ثم أمره ونهاه ووعظه ثللم‬
‫قال هل تذكر يوم قال رسول الله صلى الله عليلله وسلللم‬
‫ل طاعللة لمخلللوق فللي معصللية الللله تبللارك وتعللالى قللال‬
‫الحكم نعم قال عمران الله أكبر‪.‬‬
‫قللال الللله تعللالى)وأطيعللوا الللله وأطيعللوا‬ ‫)]‪([96‬‬
‫الرسول وأولي المر منكم(‬
‫قال العلمة البرتي‪":‬إنما ذكر هذا لئل يقع‬ ‫)]‪([97‬‬
‫في الشك فيما ذكرنا من العقائد عندما يشتبه عليه شيء‪،‬‬
‫‪192 Page 148 of‬‬

‫أو يعللتريه سللؤال ول يمكللن دفعلله‪ ،‬فحينئذ يجللب عليلله أن‬


‫يفوض أمر ذلك وعلمه إلى الللله فللإنه هللو العللالم بحقللائق‬
‫الشياء‪ ،‬ل يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماء ول في‬
‫الرض‪ ،‬ول يمكللن للبشللر معرفللة كنلله دقللائق الشللياء‬
‫وحقائقها إل بتعليم وإلهام من الله‪ ،‬فإن الملئكة مع صفاء‬
‫جواهرهم اعترفوا بللالعجز عللن العلللم مللن ذواتهللم‪ ،‬حيللث‬
‫قالوا)ل علم لنا إل ما علمتنا( فكيف البشللر مللع شللواغلهم‬
‫عن التوجه إلى جناب القدس‪ ،‬وقد قال تعالى)ومللا أوتيتللم‬
‫من العلم إل قليل(‪".‬اهل‬
‫قال البابرتي في شللرحه‪":‬إنمللا ذكللر هللذا‬ ‫)]‪([98‬‬
‫ردا على أهللل الرفللض فللإنهم أنكللروا جللواز المسللح علللى‬
‫الخفين‪ ،‬وهذا وإن كان من أحكام الفقه لكنه لما اشتهرت‬
‫فيه الثار ألحقه بالعقائد دفعللا لنكللار المنكريللن‪ ،‬قللال أبللو‬
‫الحسللن الكرخللي‪:‬إنللي لخشللى الكفللر علللى مللن ل يللرى‬
‫المسح على الخفين‪".‬اهل‬
‫وبعد هذا التوضيح فإن العجب يزداد من جرأة السقاف‬
‫ومسارعته إلى القول عنللد تعليقلله علللى هللذه الفقللرة ص‬
‫‪":646‬ل معنى ليراد هذه المسألة في كتب العقائد‪ ،‬وإنما‬
‫مكانها في باب المسح على الخفين في كتاب الطهاة مللن‬
‫كتب الفقه‪ ،‬وفي مسائل الفقه المجمع عليها ما هللو أولللى‬
‫أن يورده هنا لو قَب ِْلنا طرح أمثال هذه المسألة هنللا‪ ،‬مثللل‬
‫قولنا ونرى أن صلللة الصللبح ركعللتين وأن فللي كللل ركعللة‬
‫ركوع واحد وسجود واحد وسجدتين …إلخ‪ ،‬فتنبه"‪.‬اهل‬
‫أقول‪ :‬قللد تنبهنللا‪ ،‬ورأينللا أنللك لللم تتنبلله‪ ،‬والعجللب مللن‬
‫إطلق مثل هذا العتراض هنا بهذه الجرأة‪ ،‬مع أن كل مللن‬
‫تكلللم علللى عقيللدة الطحللاوي فللإنه ذكللر وجلله إيللراد هللذه‬
‫المسألة هنا‪ ،‬بل إن صاحب العقائد النسفية قللد ذكللر هللذه‬
‫المسألة هنا‪ ،‬بل وذكر غيرها من المسائل الفقهيللة لنفللس‬
‫السبب الذي وضحناه نحن ولم تتنبه إليه أنللت‪ .‬فهللل كللان‬
‫النسفي والتفتازاني شللارح النسللفية ل يعرفللون أن موقللع‬
‫هذه المسائل إنما هو في الفقه؟؟!‬
‫وما أحسن ما ذكره المام السعد التفتازاني في شرحه‬
‫على العقللائد النسللفية فلي مسلألة التكللوين ص ‪ 134‬مللن‬
‫‪192 Page 149 of‬‬

‫الطبعة العثمانية‪":‬ولكنه ينبغي للعاقل أن يتأمل في أمثال‬


‫هذه المباحث ل ينسب إلى الراسخين من علمللاء الصللول‬
‫ما يكون استحالته بديهية ظاهرة على من له أدنللى تمييللز‪،‬‬
‫بل يطلب لكلمهم محمل صحيحا يصلح محل لنزاع العلماء‬
‫واختلف العقلء‪".‬اهل فهذا الكلم على اختصاره قاعدة في‬
‫هللذا البللاب‪ ،‬لللم يتنبلله إليلله الشلليخ السللقاف فللي أكللثر‬
‫الكتللاب‪.‬والللله تعللالى هللو الموفللق إلللى الصللواب‪ ،‬وإليلله‬
‫المرجع والمآب‪.‬‬
‫قال البابرتي فللي شللرحه‪":‬إنمللا قللال مللع‬ ‫)]‪([99‬‬
‫أولي المر‪ ،‬لن الحج والجهللاد متعلقللان بالسللفر واجتمللاع‬
‫العساكر والقوافللل‪ ،‬ول بللد فيلله مللن ضللابط يضللبط أمللور‬
‫الناس عند اختلفهم ويقاوم العدو ويحسم مللادة السللراق‪،‬‬
‫فلللو لللم يكللن فيهللم أميللر يقللع الخلللل فللي أكللثر المللور‪،‬‬
‫فيحتاجون إلللى مللن يرجعللون إليلله فللي المللور ويطيعللونه‬
‫ويكللون نافللذ المللر فيهللم‪ ،‬وهللو السلللطان أو نللوابه مللن‬
‫المللراء‪ ،‬سللواءا كللان بللرا أو فللاجرا‪ ،‬لن العصللمة ليسللت‬
‫بشرط في المير‪ ،‬فإذا كان فيه نفع عام وانتظام مصلللحة‬
‫الرعية يصلح للمامة وإن كان فاجرا‪ ،‬فإن فجللوره ل يضللر‬
‫إل نفسه‪".‬اهل‬
‫ول يفهم من كلم المصنف أن المام شرط فللي الحللج‬
‫والجهاد‪ ،‬بل غاية ما يريللده هنللا أن المللام إن كللان فللاجرا‬
‫فإن ذلك ل يقدح فللي جللواز الحللج معلله أو مللع مللن ينيبلله‪.‬‬
‫وكذلك الجهاد‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن جرير بلن عبلد اللله قللال رأيلت‬
‫رسول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم يلللوي ناصللية فللرس‬
‫بإصبعه وهو يقول الخيل معقود بنواصلليها الخيللر إلللى يللوم‬
‫القيامة الجر والغنيمة‪ .‬وهو في السنن الكبرى للبيهقي‪.‬‬
‫وفي سنن البيهقي الكبرى عن أنللس بللن مالللك رضللي‬
‫الله تعللالى عنلله قللال قللال رسللول الللله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم ثلث من أصل اليمان الكف عمللن قللال ل إللله إل‬
‫الله ل يكفره بذنب ول يخرجه من السلم بعمللل والجهللاد‬
‫ماض منذ بعثني الله عللز وجللل إلللى أن يقاتللل آخللر أمللتي‬
‫الدجال ل يبطله جور جائر ول عدل عججادل واليمللان‬
‫‪192 Page 150 of‬‬

‫بالقدار وحديث مكحول عن أبي هريلرة علن النلبي صللى‬


‫الله عليه وسلم الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برا كللان‬
‫أو فاجرا قد مضى في باب المامة وكتاب الجنائز‪.‬‬
‫واعلم أنه لم يشترط أحد من الفقهاء المعتبرين لجواز‬
‫الحج أن يكون المير موجودا‪.‬‬
‫وبعد ذلك فإن لك أن تتعجللب ممللا قللاله السللقاف فللي‬
‫تعليقه علللى هللذه الفقللرة ص ‪":647‬اعلللم أنلله ليللس مللن‬
‫شرط مضي الحج والجهاد أن يكونللا مللع أولللي المللر مللن‬
‫المسلمين سواء برهم وفاجرهم‪".‬اهل ثم قال إصللرارا منلله‬
‫علللى الغلللط فللي حللق هللؤلء‪ ":‬ومسلللمو الللدول الغيللر‬
‫السلللمية كمسلللمي فرنسللا والنرويللج وأمريكللا وأشللباهها‬
‫تحت راية أي أمير سيحجون‪ ،‬برا كان أو فاجرا‪ ،‬وبأي دليل‬
‫يتم التعيين؟؟!!‬
‫لذا نرى أن هذا الذي قاله المصنف رحملله الللله تعللالى‬
‫غير صواب فضل عن أن ما ذكره ليس مناسبا فللي أبللواب‬
‫العقللائد‪ .‬والظللاهر أن الزمللن الللذي كللانوا يعيشللون فيلله‬
‫اضطرهم لقول ذلك تقليدا لمن كان قبلهم ممن أثر فيهللم‬
‫الفكر الموي ثللم فكللر الجبللابرة العباسلليين الللذين نهجللوا‬
‫مك َْرهُ له أحكام ولله فللي‬ ‫نفسه النهج في هذه القضية‪ ،‬وال ُ‬
‫خلقه شئون!!"اهل‬
‫انتهى كلمه ويا ليته مللا قللاله‪ ،‬ومللا أعظللم الشللأن فللي‬
‫شأنه‪ ،‬وما فللي كلملله مللن مفاسللد وتهجمللات وتحللاملت‪،‬‬
‫وانسلللياق وراء علللاطفته ل يخفلللى عللللى عاقلللل‪.‬واللللله‬
‫المستعان‪.‬‬
‫قال تعللالى)مللا يلفللظ مللن قللول إل لللديه‬ ‫)]‪([100‬‬
‫رقيب عتيد(‬
‫قال تعالى في سورة السجدة)وقالوا أئذا‬ ‫)]‪([101‬‬
‫ضللنا في الرض أئنا لفي خلق جديد بللل هللم بلقللاء ربهللم‬
‫كافرون]‪ [10‬قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكللم ثللم‬
‫إلى ربكم ترجعون]‪.([11‬‬
‫روى المللام البخللاري فللي صللحيحه عللن‬ ‫)]‪([102‬‬
‫عروة بن الزبير عللن عائشللة زوج النللبي صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الللله عليلله وسلللم كللان‬
‫‪192 Page 151 of‬‬

‫يدعو في الصلللة اللهللم إنللي أعللوذ بللك مللن عللذاب القللبر‬


‫وأعوذ بك من فتنة المسيح الللدجال وأعللوذ بللك مللن فتنللة‬
‫المحيللا وفتنللة الممللات اللهللم إنللي أعللوذ بللك مللن المللأثم‬
‫والمغرم فقال له قائل مللا أكللثر مللا تسللتعيذ مللن المغللرم‬
‫فقال إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فللأخلف وعللن‬
‫الزهري قال أخبرني عللروة أن عائشللة رضللي الللله تعللالى‬
‫عنها قالت سللمعت رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫يستعيذ في صلته من فتنة الدجال‪.‬‬
‫وفي صحيح البخاري أيضا عن عائشة زوج النلبي صللى‬
‫الله عليه وسلم أن يهودية جاءت تسألها فقالت لها أعاذك‬
‫الله من عذاب القبر فسألت عائشة رضي الله تعالى عنها‬
‫رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم أيعللذب النللاس فللي‬
‫قبورهم فقال رسول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم عللائذا‬
‫بالله من ذلك ثم ركب رسول الله صلى الله عليلله وسلللم‬
‫ذات غللداة مركبللا فخسللفت الشللمس فرجللع ضللحى فمللر‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ظهراني الحجللر ثللم‬
‫قام يصلللي وقللام النللاس وراءه ‪..‬وفللي آخللره … ثللم رفللع‬
‫فسجد وانصرف فقال ما شاء الله أن يقول ثم أمرهللم أن‬
‫يتعوذوا من عذاب القبر‪.‬‬
‫وقال البخاري في صحيحه)‪ ":(1/461‬باب ما جللاء فللي‬
‫عللذاب القللبر وقللوله تعللالى ) إذ الظللالمون فللي غمللرات‬
‫الموت والملئكة باسطوا أيللديهم أخرجللوا أنفسللكم اليللوم‬
‫تجزون عذاب الهون ( هللو الهللوان والهللون الرفللق وقللوله‬
‫جل ذكره )سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم (‬
‫وقللوله تعللالى )وحللاق بللآل فرعللون سللوء العللذاب النللار‬
‫يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلللوا آل‬
‫فرعون أشد العذاب("اهل‬
‫وفي صلحيح البخلاري علن عائشلة قلالت دخللت عللي‬
‫عجوزان من عجز يهود المدينة فقالتا لللي إن أهللل القبللور‬
‫يعللذبون فللي قبللورهم فكللذبتهما ولللم أنعللم أن أصللدقهما‬
‫فخرجتا ودخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فقلت للله‬
‫يا رسول الله إن عجوزين وذكرت للله فقللال صللدقتا إنهللم‬
‫‪192 Page 152 of‬‬

‫يعذبون عذابا تسمعه البهائم كلها فما رأيته بعد فللي صلللة‬
‫إل تعوذ من عذاب القبر‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن طاوس قال سمعت أبللا هريللرة‬
‫يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلللم عللوذوا بللالله‬
‫من عذاب الله عوذوا بالله من عللذاب القللبر عللوذوا بللالله‬
‫من فتنللة المسلليح الللدجال عللوذوا بللالله مللن فتنللة المحيللا‬
‫والممات‪.‬‬
‫وفي رواية عن أبي هريرة عن النللبي صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم أنه كان يتعوذ من عذاب القبر وعذاب جهنللم وفتنللة‬
‫الدجال‪.‬رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫واعلم أن الدلة على ثبوت عذاب القبر كثيرة‪ ،‬والمراد‬
‫بعذاب القبر أعم من أن يكون عذابا فقللط فللي القللبر بللل‬
‫الحياة البرزخية وهي الحياة المتوسطة بين الدنيا والخرة‪،‬‬
‫وكما أنه يوجد عذاب في القبر فإنه كذلك يوجد نعيم فيلله‪.‬‬
‫كما سيأتي بيانه لحقا‪ .‬قال البقاعي في كتاب سللر الللروح‬
‫ص ‪":245‬واعلم أن عذاب القبر هللو عللذاب الللبرزخ فكللل‬
‫ميت أراد تعذيبه ناله مللا أراده منلله‪ ،‬قُب ِلَر أو لللم ي ُْقب َلْر‪ ،‬لللو‬
‫صلب أو غرق في البحر ولو أكلته الللدواب‪ ،‬أو حللرق حللتى‬
‫صار رمادا‪ ،‬وذري في الريح فسبحان ذي القدرة الشللاملة‬
‫والعظمة الباهرة الكاملة‪.‬اهل‬
‫قلللال الملللام أبلللو المعيلللن النسلللفي فلللي التبصلللرة)‬
‫‪":(2/763‬أثبت جمهور المة عذاب القبر للكافرين ولبعض‬
‫م فللي القللبر وسللؤال منكللر‬ ‫العصاة من المللؤمنين‪ ،‬والنعللا َ‬
‫ونكير لورود الدلئل السمعية في ذلللك"‪ ،‬ثللم قللال بعللد أن‬
‫ذكر بعللض الدلللة مللن القللرآن والسللنة"وأنكللرت الجهميللة‬
‫وبعض المعتزلة ذلك"‪.‬اهل‬
‫فالذي أنكر عللذاب القللبر ونعيملله هللم الجهميللة وبعللض‬
‫المعتزلة‪ ،‬ولم ينكر جميع المعتزلة عذاب القبر‪ ،‬ويؤيد هللذا‬
‫النقللل مللا قللاله القاضللي عبللد الجبللار فللي شللرح الصللول‬
‫الخمسة ص ‪":730‬فصل في عذاب القبر‪ ،‬وجملة ذلك أنه‬
‫ل خلف فيه بيللن المللة‪ ،‬إل شلليء يحكللى عللن ضللرار بللن‬
‫عمرو وكان مللن أصللحاب المعتزلللة ثللم التحللق بللالمجبرة‪،‬‬
‫ولهذا ترى ابن الراوندي يشللنع علينللا ويقللول إن المعتزلللة‬
‫‪192 Page 153 of‬‬

‫ينكرون عذاب القبر ول يقرون به"اهل‪ ،‬فالذي ينكللر عللذاب‬


‫القبر من المعتزلة إذن هو ضرار‪ ،‬وتأمل حكاية عدم وجود‬
‫خلف في عذاب القبر من القاضللي عبللد الجبللار‪ ،‬فل تغللتر‬
‫بعد ذلك بمن زعم أن المعتزلة أي جميعهم ينكللرون ذلللك‪،‬‬
‫بل ل يجوز نسبة ذلك إليهم أصل‪ ،‬إل مللع الشللارة إلللى أن‬
‫جمهورهم أثبته‪.‬ونقل ابن المرتضللى فللي كتللاب القلئد ص‬
‫‪ 128‬إنكار عذاب القبر عن بشللر المريسللي وضللرار وابللن‬
‫كامل‪ .‬وأثبت للكثر إثباته‪ .‬وهذا موافق لقول أبللي المعيللن‬
‫النسفي‪.‬‬
‫وردت هذه اللفظلة ضلمن حلديث طويلل‬ ‫)]‪([103‬‬
‫في كتاب الترمذي ولكن قد قللال عنلله‪ ":‬قللال أبللو عيسللى‬
‫هللذا حللديث حسللن غريللب ل نعرفلله إل مللن هللذا الللوجه"‪.‬‬
‫وعلى كل الحوال فإنه لم يللرد العللذاب إل علللى أصللحاب‬
‫الكفر‪ ،‬أو الكبائر‪ ،‬فيفهم من هذا أن غيرهم في نعيم‪.‬‬
‫سوف نفصل الكلم على مسألة الصراط‬ ‫)]‪([104‬‬
‫خلفا لغيرها من المسائل لما حدث من تشكيك فيهللا فللي‬
‫هذا الزمان مما سنشير إليه فيما يلي بتوفيق الله تعالى‪.‬‬
‫وأول ما نبدأ به هو بيان موقللف الفللرق السلللمية مللن‬
‫الصراط وذلك أخذا من كتبهم‬
‫مذهب أهل السنة في الصراط‪:‬‬
‫فأما أهل السنة فقد أثبتوا أصل الصراط واختلفلوا فلي‬
‫كيفيته‪ ،‬فإثبات أصللله كمللا هللو مللذكور فللي كلم المصللنف‬
‫أعله‪ ،‬ومشهور في كتب أهل السنة‪.‬قال العلمة البيجوري‬
‫فللي حاشلليته علللى الجللوهرة ص ‪ 180‬بعللد أن ذكللر أن‬
‫الصراط لغة الطريق الواضح‪" :‬وشرعا جسر ممدود علللى‬
‫متن جهنللم يللرده الولللون والخللرون حللتى الكفللار‪ ،‬خلفللا‬
‫للحليمي حيث ذهب إلى أنهم ل يمللرون عليلله‪ ،‬ولعللله أراد‬
‫الطائفة التي ترمللى فللي جهنللم مللن الموقللف بل صللراط‪،‬‬
‫وشمل ما ذكر النبيين والصديقين‪ ،‬ومن يدخل الجنللة بغيللر‬
‫حساب وكلهللم سللاكتون إل النبيللاء فيقولللون اللهللم سلللم‬
‫سلم‪ ،‬كما في الصحيح‪ .‬وفي بعض الروايللات أنلله أدق مللن‬
‫الشعرة وأحد من السيف‪ ،‬هو المشللهور‪ ،‬ونللازع فللي ذلللك‬
‫العز بللن عبللد السلللم والشلليخ القرافللي وغيرهمللا كالبللدر‬
‫‪192 Page 154 of‬‬

‫والزركشي‪ ،‬قالوا‪:‬وعلى فللرض صللحة ذلللك فهللو محمللول‬


‫على غير ظاهره بأن يؤول بأنه كناية عللن شللدة المشللقة‪،‬‬
‫وحينئذ فل ينافي ما ورد مللن الحللاديث الدالللة علللى قيللام‬
‫الملئكللة علللى جنللبيه وكللون الكلليللب فيلله‪ ،‬زاد القرافللي‬
‫والصحيح أنه عريض وفيه طريقللان يمنللى ويسللرى‪ ،‬فأهللل‬
‫السعادة يسلك بهللم ذات اليميللن‪ ،‬وأهللل الشللقاوة يسلللك‬
‫بهم ذات الشمال‪ ،‬وفيه طاقات كل طاقة منهللا تنفللذ إلللى‬
‫طبقة من طبقات جهنللم‪ ،‬وقللال بعضللهم إنلله يللدق ويتسللع‬
‫بحسب ضيق النور وانتشاره‪ ،‬فعرض صراط كل أحد بقدر‬
‫انتشار نوره‪ ،‬فإن نور كل إنسان ل يتعللداه إلللى غيللره‪ ،‬فل‬
‫يمشي أحد في نور أحد‪ ،‬ومن هنا كان دقيقا في حق قللوم‬
‫وعريضا في حق آخرين" ثم قللال‪":‬واتفقللت عليلله الكلمللة‬
‫في الجملة‪ ،‬أي بقطع النظر عن إبقائه علللى ظللاهره كمللا‬
‫هو مذهب أهل السنة‪ ،‬وصرفه عنه كمللا هللو مللذهب كللثير‬
‫من المعتزلة‪ ،‬فإنهم ذهبوا إلى أن المراد بلله طللرق الجنللة‬
‫وطريق النار‪ .‬وقيل المراد به الدلة الواضحة‪".‬اهل‬
‫وهذا الكلم على طوله يبين حاصل القوال في مسألة‬
‫الصراط‪.‬‬
‫مذهب المعتزلة‪:‬‬
‫وأما بيللان حاصللل مللذهب المعتزلللة فل يقللوم بلله حللق‬
‫القيام إل أحد أئمتهم المشللهود لهللم‪ ،‬ول أحللد أولللى بللذلك‬
‫مللن القاضللي عبللد الجبللار‪ ،‬فقللد قللال فللي شللرح الصللول‬
‫الخمسللة ص ‪ ":737‬ومللن جملللة مللا يجللب القللرار بلله‬
‫واعتقاده‪ ،‬الصراط‪ ،‬وهللو طريللق بيللن الجنللة والنللار يتسللع‬
‫على أهل الجنة ويضيق على أهللل النللار إذا رامللوا المللرور‬
‫عليه‪ ،‬وقد دل عليه القرآن‪ ،‬قال الله تعالى)إهدنا الصللراط‬
‫المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم(‪ ،‬فلسللنا نقللول فيلله‬
‫ما يقوله الحشوية من أن ذلك أدق من الشللعر وأحللد مللن‬
‫السيف‪ ،‬وأن المكلفين يكلفون اجتيازه والمرور بلله‪ ،‬فمللن‬
‫اجتازه فهو من أهل الجنة‪ ،‬ومن لم يمكنلله ذلللك فهللو مللن‬
‫أهل النار‪ ،‬فإن تلك الدار ليست بللدار تكليللف‪ ،‬حللتى يصللح‬
‫إيلم المؤمن وتكليفه المرور على ما هذا سبيله في الدقة‬
‫‪192 Page 155 of‬‬

‫والحدة‪ ،‬وأيضا فقد ذكرنللا أن الصللراط هللو الطريللق‪ ،‬ومللا‬


‫وصفوه ليس من الطريق بسبيل‪ ،‬ففسد كلمهم فيه‪.‬‬
‫وقللد حكللى فللي الكتللاب عللن كللثير مللن مشللايخنا أن‬
‫الصراط إنما هو الدلة الدالة على هذه الطاعات التي من‬
‫تمسك بها نجا وأفضى بها إلى الجنة ‪ ،‬والدلة الدالللة علللى‬
‫المعاصي التي من ركبها هللك‪ ،‬واسللتحق مللن الللله تعللالى‬
‫النار‪ .‬وذلك مما ل وجه له‪ ،‬لن فيه حمل لكلم الله تعللالى‬
‫على ما ليس يقتضيه ظللاهره‪ ،‬وقللد كررنللا القللول فللي أن‬
‫كلم الله تعالى مهما أمكن حمله على حقيقتلله فللذلك هللو‬
‫الواجب دون أن يصرف عنه إلى المجاز‪.‬‬
‫وعلى أنا ل نعرف من الصحاب من ذكر ذلللك إل شلليئا‬
‫يحكى عن عباد‪ ،‬أن الصراط إنمللا هللو الدلللة الدالللة علللى‬
‫وجوب هذه الواجبات والتمسك بها‪ ،‬وقبح هللذه المقبحللات‬
‫والجتناب منها‪ ،‬والفائدة في أن جعل الله تعللالى إلللى دار‬
‫الجنة طريقا حال ما ذكرنلا‪ ،‬هلو لكللي يتعجللل بله للملؤمن‬
‫مسرة وللكافر غما‪ ،‬وليضمنه اللطف علللى مللا سللبق فللي‬
‫نظائره‪.‬‬
‫وأحوال القيامة وكيفية العادة‪ ،‬أكبر من أن يحتمله هذا‬
‫الموضللع فنقتصللر منهللا علللى هللذا المقللدار‪ ،‬ونسللأل الللله‬
‫السلمة عن عذابه والفوز بثوابه إن سائله ل يخيللب‪ ،‬وهللو‬
‫قريب مجيب‪ .‬اهل‬
‫فهذا هو قول المعتزلة من الصللراط كمللا يوضللحه أحللد‬
‫أكبر علمائهم‪ ،‬وتراه يستنكر علللى مللن أول الصللراط بللأنه‬
‫الدلة‪ .‬فتحصل من هللذا أن جمهللور المعتزلللة علللى إثبللات‬
‫الصراط‪ ،‬ل على نفيه كما يظنه بعض القاصرين‪.‬‬
‫مذهب الباضية‪:‬‬
‫وقد حكى مذهب الباضية السللالمي كمللا فللي مشللارق‬
‫أنوار العقول)‪ (2/129‬فقال بعللد أن ذكللر قللول الشللاعرة‬
‫في إثبات الصراط وأنه جسر‪":‬وهذا كللله ممكللن‪ ،‬وليسللت‬
‫المسألة من باب الدين‪ ،‬فقد ذهب إلى مثل ما ذهبللوا إليله‬
‫بعض أصحابنا‪ ،‬منهم الشيخ هود بن محكم القاسم البرادي‬
‫والشيخ إسماعيل في القناطر وقطب الئمة في الهيميللان‬
‫وجامع الشمل ومعول اسللتدلل القللائلين بالجسللرية قللوله‬
‫‪192 Page 156 of‬‬

‫تعلللالى)فاسلللتبقوا الصلللراط فلللأنى يبصلللرون(‪ ،‬وقلللوله‬


‫تعللالى)فاهللدوهم إلللى صللراط الحجيللم‪ ،‬وقفللوهم إنهللم‬
‫مسئولون(…ثم قال… والللذي يظهللر لللي إبقللاء الحللاديث‬
‫على أصلها من غيللر تعللرض لردهللا علللى راويهللا وتفللويض‬
‫أمره إلى الله‪ ،‬فمن صدقها من غير قطع بكفر من خللالفه‬
‫فيهللا فقللد أحسللن ظنلله بللالراوي ول بللأس عليلله إن شللاء‬
‫الله‪".‬اهل‪ ،‬والحاصل والله أعلم أن الجمهللور مللن الباضللية‬
‫علللى نفللي الصللراط بالعتمللاد علللى كلم السللالمي‪ ،‬وأن‬
‫بعض أئمتهم قالوا به‪ ،‬والمسألة عنللد الجميللع ليسللت مللن‬
‫الصول القطعية‪ ،‬على كل الحوال‪.‬‬
‫طططط طططططط طط طططططط‪:‬‬
‫قال الشيخ الطوسي المتللوفى فللي سللنة ‪460‬هل ل فللي‬
‫كتابه القتصاد في العتقاد ص ‪":222‬وأما الصللراط فقللال‬
‫قوم إنه طريق أهل الجنة والنار‪ ،‬وأنلله يتسللع لهللل الجنللة‬
‫ويتسهل لهم سلوكه ويضيق على أهل النار ويشللق عليهللم‬
‫سلوكه‪ ،‬وقال آخرون المللراد بلله الحجللج والدلللة المفرقللة‬
‫بيللن أهللل الجنللة والنللار المميللزة بينهللم"اهل ل ولللم يوضللح‬
‫بالتحديد قول الشيعة المختار ولكن ظاهر كلمه هو وجللود‬
‫خلف بينهم‪.‬‬
‫ولكن قد نص العلمة جعفللر السللبحاني علللى مللذهبهم‬
‫فيه في كتابه المسللمى باللهيللات )‪ ،(2/766‬وذلللك بعللدما‬
‫ذكرا بعض الكلم عن مفهوم الصراط مطلقا‪":‬وفللي ضللوء‬
‫هللذا يتللبين أن لللله سللبحانه فللي هللذه النشللأة الدنيويللة‬
‫صللراطين‪ ،‬أحللدهما تكللويني فللي سلللوكه كمللال الموجللود‬
‫وبقللاؤه‪ ،‬والخللر تشللريعي يختللص بالنسللان فيلله فللوزه‬
‫وسعادته‪ .‬نعم ويسللتظهر مللن الللذكر الحكيللم ويللدل عليلله‬
‫صريح الروايات وجود صللراط آخللر فللي النشللأة الخرويللة‬
‫يسلكه كل مؤمن وكافر"الخ‪ .‬وهذا تصريح منه بللأن الحللق‬
‫وجود الصراط‪.‬‬
‫وقال العلمة الطوسي في تجريد العتقاد ص ‪ 338‬مع‬
‫شرح الحلي‪":‬وسللائر السللمعيات مللن الميللزان والصللراط‬
‫والحسللاب وتطللاير الكتللب مكنللة دل السللمع علللى ثبوتهللا‬
‫‪192 Page 157 of‬‬

‫فيجب التصديق بها"اهل وأيده جلل الدين الحلي على ذلك‬


‫في شرحه مع زيادة بيان الخلف في صورته كما سبق‪.‬‬
‫وبعد فقد ذكرنا لك طائفة من أقوال الفللرق السلللمية‬
‫فللي الصللراط‪ ،‬وبللان لللك أن المللذهب الحللق عنللد غللالب‬
‫الطوائف والقول المعتبر هللو إثبللات الصللراط‪ ،‬ولللو أخللذنا‬
‫نسبة من خالف في ذلك إلى مللن أثبتلله‪ ،‬لللم يتجللاوز ذلللك‬
‫نسبة ضئيلة بالمائة‪ ،‬ل يلتفت إليها‪.‬‬
‫ولكن المتفق عليه عند جميللع الفللرق هللو جللواز وجللود‬
‫الصراط ومن خالف ولم يقللل أحللد باسللتحالة ذلللك‪ ،‬ومللن‬
‫خالف فيه الصراط فإنما محل خلفه كان في وقللوع ذلللك‬
‫الجائز‪ .‬وحتى من خالف فإنه لم يجزم بالمخالفة بل صرح‬
‫بأن كلمه عبارة عن ترجيح منه‪.‬‬
‫فالحاصل أن المعتمد عند جماهير الفرق السلمية إنما‬
‫هو إثبات الصراط مع الختلف فللي صللورته‪ ،‬والللله تعللالى‬
‫أعلم‪.‬‬
‫الشروع في ذكر الدلة الدالة على الصراط‪:‬‬
‫أما اليات القرآنية‪:‬‬
‫أول‪ :‬قللوله تعللالى فللي سللورة الفاتحللة)اهللدنا الصللراط‬
‫المستقيم )‪ (6‬صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضللوب‬
‫عليهللم ول الضللالين )‪ ،((7‬قللد اسللتدل بهللا علللى الصللراط‬
‫القاضي عبد الجبار كما سبق ذكره‪.‬‬
‫ثانيللا‪:‬وفللي سللورة المؤمنللون)وإن الللذين ل يؤمنللون‬
‫بالخرة عن الصراط لناكبون )‪((74‬‬
‫ثالثا‪:‬وفي سورة يس)ولو نشاء لطمسللنا علللى أعينهللم‬
‫صرون )‪((66‬‬ ‫فاست َب َُقوا الصراط فأنى ي ُب ْ ِ‬
‫رابعا‪:‬وفي سورة الصافات)من دون الله فاهدوهم إلللى‬
‫صراط الجحيم )‪((23‬‬
‫خامسا‪:‬وفللي سللورة مريللم)وإن منكللم إل واردهللا كللان‬
‫على ربك حتما مقضيا )‪((71‬‬
‫قللال العلمللة أبللو السللعود فللي تفسلليره ‪":(5/276‬أي‬
‫واصلها وحاضر دونها يمر بها المؤمنون وهي خامدة وتنهار‬
‫بغيرهم‪ ،‬وعن جابر أنه صلى الللله عليلله وسلللم سللئل عنلله‬
‫فقال إذا دخل أهل الجنة الجنة قال بعضللهم لبعللض أليللس‬
‫‪192 Page 158 of‬‬

‫قد وعدنا ربنا أن نرد النار‪ ،‬فيقال لهم قد وردتموهللا وهللي‬


‫خامدة‪ ،‬وأما قوله تعالى أؤلئك عنها مبعللدون‪ ،‬فللالمراد بلله‬
‫البعاد عللن عللذابها‪ .‬وقيللل ورودهللا الجللواز علللى الصللراط‬
‫الممدود عليها"اهل‬
‫قال الواحدي في الوسلليط )‪":(3/192‬قللال ابللن زيللد ‪:‬‬
‫ورود المسلمين النار‪:‬العبور على الجسر‪ ،‬وورود الكافرين‬
‫أن يدخلوها"‪.‬اهل‬
‫وأما الحاديث النبوية‪:‬‬
‫أول‪ :‬ما رواه المام البخللاري عللن عللن أبللي هريللرة أن‬
‫الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فقللال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تضارون فللي القمللر‬
‫ليلة البدر قالوا ل يا رسللول اللله قللال فهللل تضللارون فللي‬
‫الشمس ليس دونها سحاب قللالوا ل يللا رسللول الللله قللال‬
‫فإنكم ترونه كذلك يجمع الله النللاس يللوم القيامللة فيقللول‬
‫من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبللع مللن كللان يعبللد الشللمس‬
‫الشمس ويتبع من كان يعبد القمر القمللر ويتبللع مللن كللان‬
‫يعبد الطواغيت الطواغيت وتبقى هذه المة فيها شللافعوها‬
‫أو منافقوها شللك إبراهيللم فيللأتيهم الللله فيقللول أنللا ربكللم‬
‫فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاءنا ربنللا عرفنللاه‬
‫فيأتيهم الله فللي صللورته الللتي يعرفللون فيقللول أنللا ربكللم‬
‫فيقولون أنت ربنا فيتبعونه ويضرب الصللراط بيللن ظهللري‬
‫جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيزها ول يتكلم يللومئذ إل‬
‫الرسل ودعوى الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وفي جهنللم‬
‫كلليب مثل شوك السعدان هل رأيتم السعدان قالوا نعللم‬
‫يا رسول الله قال فإنها مثللل شللوك السللعدان غيللر أنلله ل‬
‫يعلللم مللا قللدر عظمهللا إل الللله تخطللف النللاس بأعمللالهم‬
‫فمنهم المؤمن يبقللى بعمللله أو الموبللق بعمللله أو الموثللق‬
‫بعمله ومنهم المخردل أو المجازى أو نحوه ثم يتجلى حتى‬
‫إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمتلله‬
‫من أراد من أهل النار أمر الملئكللة أن يخرجللوا مللن النللار‬
‫من كلان ل يشلرك بللالله شليئا ممللن أراد اللله أن يرحمله‬
‫ممن يشللهد أن ل إللله إل الللله فيعرفللونهم فللي النللار بللأثر‬
‫السجود تأكل النار بن آدم إل أثر السجود حللرم الللله علللى‬
‫‪192 Page 159 of‬‬

‫النار أن تأكل أثر السجود فيخرجون من النار قد امتحشوا‬


‫فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون تحته كما تنبت الحبة في‬
‫حميل السيل ثم يفرغ الله من القضللاء بيللن العبللاد ويبقللى‬
‫رجل مقبل بوجهه على النار هو آخر أهل النار دخول الجنة‬
‫فيقول أي رب اصرف وجهي عللن النللار فللإنه قللد قشللبني‬
‫ريحها وأحرقني ذكاؤها فيدعو الله بما شللاء أن يللدعوه ثللم‬
‫يقول الله هل عسيت إن أعطيللت ذلللك أن تسللألني غيللره‬
‫فيقول ل وعزتك ل أسللألك غيللره ويعطللي ربله مللن عهللود‬
‫ومواثيق ما شاء فيصرف الله وجهه عللن النللار فللإذا أقبللل‬
‫على الجنة ورآها سكت ما شاء الله ان يسللكت ثللم يقللول‬
‫أي رب قدمني إلى باب الجنة فيقول الللله للله ألسللت قللد‬
‫أعطيت عهودك ومواثيقك أن ل تسألني غير الذي أعطيت‬
‫أبدا ويلك يا بن آدم ما أغدرك فيقللول أي رب ويللدعو الللله‬
‫حتى يقول هل عسلليت إن أعطيللت ذلللك أن تسللأل غيللره‬
‫فيقول ل وعزتك ل أسألك غيره ويعطي ما شاء من عهللود‬
‫ومواثيق فيقدمه إلى باب الجنة فإذا قلام إللى بلاب الجنلة‬
‫انفهقللت للله الجنللة فللرأى مللا فيهللا مللن الحللبرة والسللرور‬
‫فيسكت ما شاء الله أن يسكت ثم يقللول أي رب أدخلنللي‬
‫الجنة فيقول الله ألست قد أعطيت عهودك ومواثيقللك أن‬
‫ل تسأل غير ما أعطيت فيقول ويلك يا بن آدم مللا أغللدرك‬
‫فيقول أي رب ل أكونن أشقى خلقك فل يزال يللدعو حللتى‬
‫يضحك الله منه فإذا ضحك منه قال لله ادخلل الجنللة فلإذا‬
‫دخلها قال الله له تمنلله فسللأل ربلله وتمنللى حللتى إن الللله‬
‫ليذكره يقول كذا وكذا حتى انقطعت به الماني قللال الللله‬
‫ذلك لك ومثله معه قال عطاء بن يزيد وأبو سعيد الخللدري‬
‫مع أبي هريرة ل يرد عليه من حديثه شلليئا حللتى إذا حللدث‬
‫أبو هريرة أن الله تبارك وتعالى قال ذلك لللك ومثللله معلله‬
‫قال أبو سعيد الخدري وعشرة أمثللاله معلله يللا أبللا هريللرة‬
‫قال أبو هريرة ما حفظت إل قوله ذلك لك ومثله معه قال‬
‫أبو سعيد الخدري أشهد أني حفظت من رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم قللوله ذلللك لللك وعشللرة أمثللاله قللال أبللو‬
‫هريرة فذلك الرجل آخر أهل الجنة دخول الجنة‪.‬‬
‫‪192 Page 160 of‬‬

‫ورواه الحلاكم بلفلظ فيله بعلض الختلف‪ ،‬ل ملن جهلة‬


‫الصللراط‪ .‬ورواه النسللائي فللي السللنن الكللبرى‪ .‬وفللي‬
‫الترمذي عن أبي هريرة‪.‬والمام أحمد في مسنده‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬وفي صحيح مسلم عن أبي عاصم يعني محمد بن‬
‫أبي أيوب قال حدثني يزيد الفقير قال كنت قللد شللغفني‬
‫رأي من رأي الخوارج فخرجنا في عصللابة ذوي عللدد نريللد‬
‫أن نحج ثم نخرج على النللاس قللال فمررنللا علللى المدينللة‬
‫فإذا جابر بن عبد الله يحدث القوم جالس إلى سارية عللن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسللم قلال فللإذا هللو قلد ذكللر‬
‫الجهنميين قال فقلت للله يللا صللاحب رسللول الللله مللا هللذا‬
‫الللذي تحللدثون واللله يقلول } إنلك ملن تلدخل النللار فقللد‬
‫أخزيته { و } كلما أرادوا أن يخرجوا منهللا أعيللدوا فيهللا {‬
‫فما هذا الذي تقولون قال فقللال أتقلرأ القلرآن قللت نعلم‬
‫قال فهل سمعت بمقام محمللد عليلله السلللم يعنللي الللذي‬
‫يبعثه الله فيه قلت نعم قال فإنه مقللام محملد صللى اللله‬
‫عليه وسلم المحمود الذي يخرج الله به من يخرج قال ثللم‬
‫نعت وضع الصللراط ومللر النللاس عليلله قللال وأخللاف أن ل‬
‫أكون أحفظ ذاك قال غير أنه قد زعللم أن قومللا يخرجللون‬
‫من النار بعد أن يكونوا فيهللا قللال يعنللي فيخرجللون كللأنهم‬
‫عيللدان السماسللم قللال فيللدخلون نهللرا مللن أنهللار الجنللة‬
‫فيغتسلون فيه فيخرجون كللأنهم القراطيللس فرجعنللا قلنللا‬
‫ويحكم أترون الشيخ يكذب على رسول الللله صلللى الللله‬
‫عليه وسلم فرجعنا فل والله ما خرج منا غير رجل واحللد‬
‫أو كما قال أبو نعيم‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة وأبو مالللك عللن‬
‫ربعي عن حذيفة قللال قللال رسللول الللله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم يجمع الله تبللارك وتعللالى النللاس فيقللوم المؤمنللون‬
‫حتى تزلف لهم الجنة فيأتون آدم فيقولون يا أبانا اسللتفتح‬
‫لنا الجنة فيقول وهل أخرجكم من الجنللة إل خطيئة أبيكللم‬
‫آدم لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله‬
‫قال فيقول إبراهيم لست بصاحب ذلك إنما كنت خليل من‬
‫وراء وراء اعمدوا إلى موسى صلى الله عليه وسلم الللذي‬
‫كلمه الله تكليما فيللأتون موسللى صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫‪192 Page 161 of‬‬

‫فيقول لست بصاحب ذلك اذهبوا إلللى عيسللى كلمللة الللله‬


‫وروحلله فيقللول عيسللى صلللى الللله عليلله وسلللم لسللت‬
‫بصاحب ذلك فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلللم فيقللوم‬
‫فيؤذن له وترسل المانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط‬
‫يمينا وشمال فيمر أولكم كالبرق قال قلت بأبي أنت وأمي‬
‫أي شيء كمر البرق قال ألم تللروا إلللى الللبرق كيللف يمللر‬
‫ويرجع في طرفة عين ثم كمر الريح ثم كمر الطيللر وشللد‬
‫الرجال تجري بهللم أعمللالهم ونللبيكم قللائم علللى الصللراط‬
‫يقول رب سلم سلم حتى تعجز أعمال العباد حللتى يجيللء‬
‫الرجللل فل يسللتطيع السللير إل زحفللا قللال وفللي حللافتي‬
‫الصللراط كلليللب معلقللة مللأمورة بأخللذ مللن أمللرت بلله‬
‫فمخدوش ناج ومكدوس في النار والذي نفس أبي هريللرة‬
‫بيده إن قعر جهنم لسبعون خريفا‪.‬‬
‫وهو في المستدرك عن حذيفة وأبي هريرة بسللند قللال‬
‫فيه الحاكم ‪ :‬هذا حديث صحيح على شرط الشلليخين ولللم‬
‫يخرجاه‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬وفي صحيح مسلم أيضا عن عائشة قالت سألت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله عز وجل} يوم‬
‫تبدل الرض غير الرض والسللموات {فللأين يكللون النللاس‬
‫يومئذ يا رسول الله فقال على الصراط‪.‬‬
‫ورواه الترمذي وقال‪ :‬هذا حللديث حسللن صللحيح وروي‬
‫من غير هذا الوجه عن عائشة‪ .‬وابن ماجه عنها أيضا‪.‬‬
‫ورواه الترمذي بلفللظ آخللر عللن عائشللة أنهللا قللالت يللا‬
‫رسلللول اللللله } والرض جميعلللا قبضلللته يلللوم القياملللة‬
‫والسموات مطويات بيمينه { فأين المؤمنون يومئذ قللال‬
‫على الصراط يا عائشة هذا حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫وهو في صحيح ابن حبان عن عائشة عللن النللبي صلللى‬
‫الله عليه وسلم أنها سألته عن قللوله } يللوم تبللدل الرض‬
‫غير الرض والسموات وبرزوا لللله الواحللد القهللار { فللأين‬
‫يكون النللاس يللومئذ فقللال علللى الصللراط قللالت قلللت يللا‬
‫رسول الله بللن جللدعان كللان فللي الجاهليللة يصللل الرحللم‬
‫ويطعم المسكين فهللل ذاك نللافعه قللال ل ينفعله للم يقلل‬
‫يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين‪.‬‬
‫‪192 Page 162 of‬‬

‫ورواه أيضللا الحللاكم فللي المسللتدرك‪.‬والللدارمي فللي‬


‫سننه‪.‬ورواه المام احمد في مسنده‪.‬‬
‫وفي مسند المام أحمد رواية عللن عائشللة بلفللظ آخللر‬
‫عن القاسم بن الفضل قال قال الحسن قللالت عائشللة يللا‬
‫رسول الله } يوم تبللدل الرض غيللر الرض والسللموات {‬
‫أين الناس قال ان هللذا لشلليء مللا سللألني عنلله أحللد مللن‬
‫أمتي قبلك الناس على الصراط‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬وفي صحيح ابن حبان عن أبي سللعيد الخللدري‬
‫عن النبي صلى الله عليلله وسلللم قللال ليمللر النللاس علللى‬
‫جسللر جهنللم وعليلله حسللك وكلليللب وخطللاطيف تخطللف‬
‫الناس يمينا وشمال وبجنبللتيه ملئكللة يقولللون اللهللم سلللم‬
‫سلم فمن الناس من يمر مثل الريح ومنهم من يمللر مثللل‬
‫الفرس المجرى ومنهم من يسعى سعيا ومنهم من يمشى‬
‫مشيا ومنهم من يحبو حبوا ومنهم مللن يزحللف زحفللا فأمللا‬
‫أهل النار الذين هم أهلها فل يموتون ول يحيون واما أناس‬
‫فيؤخللذون بللذنوب وخطايللا فيحرقللون فيكونللون فحمللا ثللم‬
‫يؤذن في الشفاعة فيؤخذون ضللبارات ضللبارات فيقللذفون‬
‫على نهر مللن انهللار الجنللة فينبتللون كمللا تنبللت الحبللة فللي‬
‫حميل السيل قال رسول الله صلى الللله عليلله وسلللم امللا‬
‫رأيتم الصبغاء شجرة تنبت في الفضاء فيكون من آخر من‬
‫اخرج من النللار رجللل علللى شللفتها فيقللول يللا رب صللرف‬
‫وجهي عنها فيقول عهللدك وذمتللك ل تسللألني غيرهللا قللال‬
‫وعلى الصراط ثلث شلجرات فيقلول يلا رب حلولنى اللى‬
‫هذه الشللجرة آكللل مللن ثمرهللا وأكللون فللي ظلهللا فيقللول‬
‫عهدك وذمتك ل تسألني شيئا غيرها قللال ثللم يللرى أخللرى‬
‫أحسن منها فيقول يا رب حولنى إلى هذه آكل ملن ثمرهلا‬
‫وأكون فللي ظلهللا قللال فيقللول عهللدك وذمتللك ل تسللألني‬
‫غيرها ثم يرى أخرى أحسن منها فيقول يا رب حولنى الى‬
‫هذه آكل من ثمارها وأكون في ظلها قللال ثلم يللرى سلواد‬
‫الناس ويسمع كلمهم فيقول يا رب أدخلنى الجنة قال أبللو‬
‫نضرة اختلف أبو سعيد ورجل من أصحاب النبي صلى الله‬
‫عليه وسلللم فقللال أحللدهما فيللدخله الجنللة فيعطللى الللدنيا‬
‫ومثلها وقال الخر فيللدخل الجنللة فيعطللى الللدنيا وعشللرة‬
‫‪192 Page 163 of‬‬

‫امثالها قال أبو حاتم رضي الله تعالى عنه هكذا حللدثنا أبللو‬
‫يعلى وعلى الصراط ثلث شجرات وانما هللو علللى جللانب‬
‫الصراط ثلث شجرات‪.‬‬
‫ورواه الحاكم في المستدرك‪.‬‬
‫سادسا‪:‬وفي صحيح ابن حبان عن أنس بللن مالللك عللن‬
‫عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫قال إن آخر من يدخل الجنة رجل يمشى علللى الصللراط‬
‫فهو يكبو مرة وتسفعه النار أخرى حتى إذا جاوزها التفللت‬
‫إليها فيقول تبارك الذي نجانى منهللا فللوالله لقللد أعطللاني‬
‫شيئا ما أعطاه أحدا من العالمين قال ثم ترفع للله شللجرة‬
‫فيقول يا رب ادننى منها لعلي استظل بظلها وأشرب مللن‬
‫مائها قال فيقول الله يا بن آدم لعلي ان أعطيتكه سللألتنى‬
‫غيرها فيقول ل يا رب ويعاهده ان ل يفعل وهللو يعلللم انلله‬
‫فاعله لما يرى مما ل صبر له عليه فيللدنيه منهللا فيسللتظل‬
‫بظلها ويشرب من مائها ثللم ترفللع للله شللجرة أخللرى هللي‬
‫أحسن من الولى فيقول يا رب ادننى منها لستظل بظلها‬
‫وأشرب من مائها فيقول ألم تعاهدنى ان ل تسألني غيرها‬
‫فيقللول بلللى يللا رب ولكللن ادننللى منهللا لسللتظل بظلهللا‬
‫وأشرب من مائها فيعاهده ان ل يسأله غيرها فيللدنيه منهللا‬
‫ويعلم انه سيسأله غيرها لما يرى ما ل صبر له عليلله قللال‬
‫فترفع له شجرة أخرى عنللد بللاب الجنللة هللي أحسللن مللن‬
‫الوليين فيقول يا رب ادننى منها لستظل بظلهللا واشللرب‬
‫من مائها فيقول ألم تعاهدنى ان ل تسألني غيرهللا فيقللول‬
‫بلى يا رب ولكن ادننى منهللا فللإذا انللا منهللا سللمع اصللوات‬
‫أهل الجنة فيقول يللا رب ادخلنللى الجنللة فيقللول الللله جللل‬
‫وعل أيرضلليك يللا بللن آدم ان أعطيللك الللدنيا ومثلهللا معهللا‬
‫فيقللول أتسللتهزىء بللي وأنللت رب العللالمين فيقللول مللا‬
‫استهزىء بك ولكننى على مللا أشللاء قللادر قللال فكللان بللن‬
‫مسعود إذا ذكللر قللوله أتسللتهزىء بللي ضللحك ثللم قللال أل‬
‫تسألونى مما اضحك فقيل مما تضحك فقللال كلان رسللول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر ذلك ضحك‪.‬‬
‫ورواه المللام أحمللد فللي المسللند عللن عبللد الللله بللن‬
‫مسعود‪.‬‬
‫‪192 Page 164 of‬‬

‫سابعا‪ :‬وفي صحيح ابن حبان عن أبي هريرة قللال قللال‬


‫رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم يللؤتى بللالموت يللوم‬
‫القيامة فيوقف علللى الصللراط المسللتقيم فيقللال يللا أهللل‬
‫الجنة فينطلقون خللائفين وجليللن ان يخرجللوا مللن مكللانهم‬
‫الذي هم فيلله ثللم يقللال يللا أهللل النللار فينطلقللون فرحيللن‬
‫مستبشرين ان يخرجوا من مكانهم الللذي هللم فيلله فيقللال‬
‫هل تعرفون هذا فيقولون نعم ربنا هللذا المللوت فيللأمر بلله‬
‫فيذبح على الصراط ثللم يقللال للفريقيللن كلهمللا خلللود ول‬
‫موت فيه ابدا‪ .‬وهذا الحديث رواه الحاكم في المسللتدرك‪،‬‬
‫وابن ماجه في سننه‪ .‬ورواه المام أحمد في مسنده‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬روى الحاكم في المسللتدرك عليلله وسلللم شللعار‬
‫المسلمين على الصراط يوم القيامة اللهم سلم سلم هللذا‬
‫حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬وفي المستدرك علللى الصللحيحين للحللاكم عللن‬
‫أبي الحوص عن عبد الله رضي الله تعالى عنه وإن منكم‬
‫إل واردها قال الصراط على جهنم مثل حد السلليف فتمللر‬
‫الطائفللة الولللى كللالبرق والثانيللة كالريللح والثالثللة كللأجود‬
‫الخيل والرابعة كأجود البل والبهائم ثم يمللرون والملئكللة‬
‫تقللول رب سلللم سلللم هللذا حللديث صللحيح علللى شللرط‬
‫الشيخين ولم يخرجاه‪.‬‬
‫عاشرا‪ :‬روى الحاكم في المستدرك عن سالم بن أبللي‬
‫الجعد عن عبد الللله رضللي الللله تعللالى عنلله والفجللر قللال‬
‫قسم إن ربك لبالمرصاد مرور الصراط ثلثة جسور جسللر‬
‫عليه المانة وجسر عليلله الرحللم وجسللر عليلله الللرب عللز‬
‫وجل هذا حديث صحيح السناد ولم يخرجاه‪.‬‬
‫الحادي عشر‪ :‬في الحاكم أيضا عن أبي سعيد الخللدري‬
‫رضي الله تعالى عنه عللن النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫قال ليحبس أهل الجنللة بعللدما يجللاوزون الصللراط علللى‬
‫قنطرة فيؤخذ لبعضهم من بعض مظالمهم التي تظالموهللا‬
‫فللي الللدنيا حللتى إذا هللذبوا ونقللوا أذن فللي دخللول الجنللة‬
‫فلحدهم أعرف بمنزله في الخلرة منلله بمنزللله كلان فلي‬
‫الدنيا قال قتادة قال أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود مللا‬
‫‪192 Page 165 of‬‬

‫يشللبه إل أهللل جمعللة انصللرفوا مللن جمعتهللم هللذا حللديث‬


‫صحيح السناد ولم يخرجاه‪.‬‬
‫الثاني عشر‪ :‬عن الحسن عن عائشة رضي الله تعللالى‬
‫عنها قالت ذكرت النار فبكيت فقال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم ما لك يا عائشة قالت ذكرت النار فبكيت فهل‬
‫تذكرون أهليكم يوم القيامة فقال رسول الللله صلللى الللله‬
‫عليه وسلم أما في ثلث مواطن فل يذكر أحللد أحلدا حللتى‬
‫يعلم أيخف ميزانه أم يثقل وعند الكتب حللتى يقللال هللاؤم‬
‫أقرءوا كتابيه حتى يعلم أين يقع كتللابه أفللي يمينلله أم فللي‬
‫شللماله أو مللن وراء ظهللره وعنللد الصللراط إذا وضللع بيللن‬
‫ظهري جهنم حافتاه كلليب كثيرة وحسك كثير يحبس الله‬
‫بها من شاء من خلقه حللتى يعلللم أينجللو أم ل هللذا حللديث‬
‫صحيح إسناده على شرط الشيخين لول إرسللال فيلله بيللن‬
‫الحسن وعائشة على أنه قد صللحت الروايللات أن الحسللن‬
‫كان يدخل وهو صبي منزل عائشة رضي الله تعالى عنها‬
‫وأم سلمة‪.‬‬
‫الثالث عشللر‪ :‬رواه الحللاكم فللي المسللتدرك عللن أبللي‬
‫عثمان عن سلمان عن النبي صلى الله عليلله وسلللم قللال‬
‫يوضللع الميللزان يللوم القيامللة فلللو وزن فيلله السللماوات‬
‫والرض لوسللعت فتقللول الملئكللة يللا رب لمللن يللزن هللذا‬
‫فيقول الله تعالى لمن شئت من خلقي فتقول الملئكة‬
‫سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ويوضع الصراط مثللل حللد‬
‫الموسى فتقول الملئكة من تجيللز علللى هللذا فيقللول مللن‬
‫شئت من خلقي فيقول سبحانك ملا عبلدناك حللق عبادتللك‬
‫هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه‪.‬‬
‫الرابع عشر‪ :‬رواه المام الترمذي في الجللامع الصللحيح‬
‫عن النضر بن أنس بن مالك عللن أبيلله قللال سللألت النللبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي يوم القيامللة فقللال أنللا‬
‫فاعل قال قلت يا رسول الله فللأين أطلبللك قللال اطلبنللى‬
‫أول ما تطلبني على الصللراط قللال قلللت فللإن لللم ألقللاك‬
‫على الصراط قال فللاطلبنى عنللد الميللزان قلللت فللإن لللم‬
‫ألقللك عنللد الميللزان قللال فللاطلبني عنللد الحللوض فللإني ل‬
‫أخطىء هذه الثلث المواطن قال أبو عيسللى هللذا حللديث‬
‫‪192 Page 166 of‬‬

‫حسن غريب ل نعرفه ال من هذا الوجه‪.‬ورواه المام أحمد‬


‫في مسنده‪.‬‬
‫الخامس عشر‪ :‬مللا رواه المللام أحمللد عللن أنللس قللال‬
‫حدثني نبي الله صلى الله عليلله وسلللم إنللي لقللائم أنتظللر‬
‫أمتي تعبر عن الصراط إذ جاءني عيسى فقال هذه النبياء‬
‫قللد جاءتللك يللا محمللد يشللتكون أو قللال يجتمعللون إليللك‬
‫ويدعون الله عز وجل أن يفرق جمع المللم إلللى حيللث‬
‫يشاء الله لغم ما هم فيه والخلق ملجمون في العرق وأما‬
‫المؤمن فهو عليه كالزكمة وأمللا الكللافر فيتغشللاه المللوت‬
‫قال قال عيسى انتظر حتى أرجللع إليللك قلال فللذهب نللبي‬
‫الله صلى الله عليه وسلم حتى قام تحت العرش فلقى ما‬
‫لم يلق ملك مصللطفى ول نللبي مرسللل فللأوحي الللله عللز‬
‫وجل إلى جبريل اذهب إلى محمللد فقللل للله ارفللع رأسللك‬
‫سل تعط واشفع تشفع قال فشفعت في أمللتي أن اخللرج‬
‫من كل تسعة وتسعين إنسانا واحدا قال فمللا زلللت أتللردد‬
‫علللى ربللي عللز وجللل فل أقللوم مقامللا ال شللفعت حللتى‬
‫أعطاني الله عز وجل من ذلك ان قال يا محمد أدخل مللن‬
‫أمتك من خلق الله عز وجل مللن شللهد انلله ل إللله إل الللله‬
‫يوما واحدا مخلصا ومات على ذلك‪.‬‬
‫السادس عشر‪ :‬وفي مشند المام أحمد عن عقبللة بللن‬
‫صهبان قال سمعت أبا بكلرة عللن النللبي صللى اللله عليله‬
‫وسلللم قللال يحمللل النللاس علللى الصللراط يللوم القيامللة‬
‫فتقادع بهم جنبة الصراط تقللادع الفللراش فللي النللار قللال‬
‫فينجى الله تبارك وتعالى برحمته من يشاء قال ثللم يللؤذن‬
‫للملئكلللة والنلللبيين والشلللهداء أن يشلللفعوا فيشلللفعون‬
‫ويخرجون ويشفعون ويخرجون ويشفعون ويخرجللون وزاد‬
‫عفان مرة فقال أيضا ويشفعون ويخرجلون مللن كلان فلي‬
‫قلبه ما يزن ذرة من إيمان‪.‬‬
‫الثللامن عشللر‪ :‬روى المللام مسلللم عللن أبللو أسللماء‬
‫الرحبي أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلللم‬
‫حدثه قال كنت قائما عند رسللول الللله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم فجاء حبر من أحبار اليهللود فقللال السلللم عليللك يللا‬
‫محمد فللدفعته دفعللة كللاد يصللرع منهللا فقللال لللم تللدفعني‬
‫‪192 Page 167 of‬‬

‫فقلت أل تقول يا رسول الله فقللال اليهللودي إنمللا نللدعوه‬


‫باسمه الذي سماه به أهله فقللال رسللول الللله صلللى الللله‬
‫عليه وسلم إن اسمى محمد الذي سماني به أهلللي فقللال‬
‫اليهودي جئت أسألك فقال له رسول الله صلى الله عليلله‬
‫وسلم أينفعك شيء إن حللدثتك قللال أسللمع بللأذني فنكللت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلللم بعللود معلله فقللال سللل‬
‫فقال اليهللودي أيللن يكللون النللاس}يللوم تبللدل الرض غيللر‬
‫الرض والسماوات{ فقللال رسللول الللله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم هم في الظلمة دون الجسر قللال فمللن أول النللاس‬
‫إجازة قال فقللراء المهللاجرين قللال اليهللودي فمللا تحفتهللم‬
‫حين يدخلون الجنة قال زيادة كبد النون قال فمللا غللذاؤهم‬
‫على أثرها قال ينحر لهم ثور الجنللة الللذي كللان يأكللل مللن‬
‫أطرافها قال فما شرابهم عليه قال من عين فيهللا تسللمى‬
‫سلسللبيل قللال صللدقت قللال وجئت أسللألك عللن شلليء ل‬
‫يعلمه أحد من أهل الرض إل نللبي أو رجللل أو رجلن قللال‬
‫ينفعك إن حدثتك قال أسمع بأذني قللال جئت أسللألك عللن‬
‫الولد قال ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر فإذا اجتمعللا‬
‫فعل مني الرجل مني المرأة أذكرا بإذن الله وإذا عل منللي‬
‫المرأة مني الرجل آنثا بإذن الله قال اليهودي لقد صللدقت‬
‫وإنك لنبي ثم انصرف فذهب فقال رسول الله صلللى الللله‬
‫عليه وسلم لقد سألني هذا عن الذي سللألني عنلله ومللالي‬
‫علم بشيء منه حتى أتاني الله به‪.‬‬
‫وهللذا الحللديث فللي صللحيح ابللن خزيمللة أيضللا‪ ،‬وابللن‬
‫حبان‪،‬والسنن الكبرى للنسائي‪،‬وفي سنن البيهقي الكللبرى‬
‫وع زيادات‪ ،‬وفي المعجم الكبير للطبراني‪،‬وكذلك المعجللم‬
‫الوسط‪،‬‬
‫وقال ابن حجر فللي فتللح البللاري)‪ ":(11/377‬وأمللا مللا‬
‫أخرجه مسلم عن عائشة أنهللا سللألت النللبي صلللى الللله‬
‫عليه وسلم عن هذه اليلة يلوم تبلدل الرض غيلر الرض‬
‫أين يكللون النللاس حينئذ قللال علللى الصللراط وفللي روايللة‬
‫الترمذي على جسر جهنم ولحمد مللن طريللق بللن عبللاس‬
‫عن عائشة على متن جهنم واخرج مسلم أيضا من حللديث‬
‫ثوبان مرفوعا يكونون في الظلمة دون الجسر فقللد جمللع‬
‫‪192 Page 168 of‬‬

‫بينها البيهقي بأن المراد بالجسر الصراط كما سيأتي بيللانه‬


‫في ترجمة مستقلة وأن فللي قللوله علللى الصللراط مجللازا‬
‫لكونهم يجاوزونه لن في حديث ثوبان زيادة يتعين المصير‬
‫إليها لثبوتها"اهل‬
‫التاسع عشللر‪ :‬روى ابللن حبللان فللي صللحيحه عللن أبللي‬
‫سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قللال ليمللر‬
‫الناس على جسر جهنم وعليه حسك وكلليب وخطللاطيف‬
‫تخطف الناس يمينا وشمال وبجنبتيه ملئكة يقولون اللهللم‬
‫سلم سلم فمن الناس من يمر مثل الريح ومنهم من يمللر‬
‫مثل الفرس المجرى ومنهم من يسعى سللعيا ومنهللم مللن‬
‫يمشى مشلليا ومنهللم مللن يحبللو حبللوا ومنهللم مللن يزحللف‬
‫زحفا…الخ‪.‬‬
‫ورواه المام أحمد‪ ،‬وأبو يعلى في مسنده‪.‬‬
‫وفي المستدرك للحاكم عن مجاهد قللال قللال لللي بللن‬
‫عباس أتدري ما سعة جهنم قلت ل قللال أجللل والللله مللا‬
‫تللدري أن بيللن شللحمة أذن أحللدهم وبيللن عللاتقه مسلليرة‬
‫سبعين خريفا أودية القيح والدم قلت له أنهللار قللال ل بللل‬
‫أودية ثم قال أتدري ما سعة جهنم قلت ل قال أجل والللله‬
‫ما تدري حدثتني عائشة رضي الله تعالى عنها أنهللا سللألت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عللز وجللل‬
‫} والرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويللات‬
‫بيمينه { قلت فأين الناس يومئذ يا رسول الللله قللال علللى‬
‫جسر جهنم هذا حديث صحيح السللناد ولللم يخرجللاه بهللذه‬
‫السياقة‪.‬‬
‫وهو في السنن الكبرى للنسائي‪،‬والترمذي‪ .‬وأحمد‪.‬‬
‫وفللي سللنن أبللي داود عللن سللهل بللن معللاذ بللن أنللس‬
‫الجهني عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مللن‬
‫حمى مؤمنا من منللافق أراه قللال بعللث الللله ملكللا يحمللي‬
‫لحمه يوم القيامة من نار جهنم ومن رمى مسلللما بشلليء‬
‫يريد شينه به حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج ممللا‬
‫قال‪.‬‬
‫ورواه المام أحمللد فللي مسللنده‪،‬وفللي المعجللم الكللبير‬
‫للطبراني‬
‫‪192 Page 169 of‬‬

‫وفي المعجم الكبير عن أبي وائل شقيق بن سلللمة ان‬


‫عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه اسللتعمل بشللر بللن‬
‫عاصم على صدقات هوازن فتخلف بشر فلقيه عمر فقللال‬
‫ما خلفك أما لنا عليك سمع وطاعة قال بلى ولكن سمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ولي شيئا مللن‬
‫أمر المسلمين أتى به يوم القيامة حتى يوقف على جسللر‬
‫جهنم فإن كان محسنا تجللاوز وإن كللان مسلليئا انخللرق بلله‬
‫الجسر فهوى فيه سبعين خريفللا قللال فخللرج عمللر رضللي‬
‫الله تعالى عنه كئيبا حزينا فلقيه أبللو ذر فقللال مللالي أراك‬
‫كئيبللا حزينللا قللال مللا يمنعنللي أن أكللون كئيبللا حزينللا وقللد‬
‫سمعت بشر بن عاصم يقللول سللمعت رسللول الللله صلللى‬
‫الله عليه وسلم يقول من ولي شلليئا مللن أمللر المسلللمين‬
‫أتى به يوم القيامة حتى يوقف على جسر جهنم فإن كللان‬
‫محسنا تجاوز وإن كان مسيئا انخرق به الجسر فهوى فيلله‬
‫سبعين خريفا قال أبو ذر وما سمعته من رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم قال ل قال أشهد أني سمعت رسول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول من ولي أحدا من النللاس أتللى‬
‫به يوم القيامة حللتى يوقللف علللى جسللر جهنللم فللإن كللان‬
‫محسنا تجاوز وإن كان مسيئا انخرق به الجسر فهوى فيلله‬
‫سبعين خريفا وهللي سللوداء مظلمللة فللأي الحللديثين أوجللع‬
‫لقلبك قال كلهما قد أوجللع قلللبي فمللن يأخللذها بمللا فيهللا‬
‫وقال أبو ذر من سلت الله أنفه وألصق خللده بللالرض أمللا‬
‫إنا ل نعلم إل خيرا وعسى إن وليتها من ل يعدل فيها أن ل‬
‫تنجو من إثمها‪.‬‬
‫ورواه أيضا عن قيللس بللن عاصللم عللن أبيلله‪ .‬وهللو فللي‬
‫الحاد والمثاني للضحاك‪.‬‬
‫العشرون‪ :‬قال الكتاني في نظم المتناثر مللن الحللديث‬
‫المتللواتر ص ‪ ":243‬أحللاديث الصللراط والميللزان وإنطللاق‬
‫الجوارح وتطاير الصحف وأهوال الموقف‪ ،‬وأحللوال الجنللة‬
‫والنار‪ ،‬نقل البرزلي عن شرح الرشاد أنها متواترة‪ ،‬ونقللله‬
‫عنه أبو علي بن رحال فللي شللرحه لمختصللر خليللل‪ ،‬وفللي‬
‫الشللهاب علللى الشللفا فللي الكلم علللى حللديث الشللفاعة‬
‫الكبرى على قوله فيلله‪ ،‬وتللأتي المانللة والرحللم‪ ،‬فتقومللان‬
‫‪192 Page 170 of‬‬

‫على جنبي الصراط ما نصه‪ :‬وفي هذا ونحوه مما بلللغ حللد‬
‫التواتر المعنوي رد على المعتزلة المنكرين للصراط‪ ،‬كمللا‬
‫بين في الكتب الكلمية ‪.‬اهل وانظر الدر المنثور لدى قللوله‬
‫)والوزن يومئذ الحق( فقد ذكر فيه هناك كثيرا من أحاديث‬
‫الميزان‪".‬اهل‬
‫فهذا نقل للتواتر المعنوي لحاديث الصراط‪ .‬وحللق لهللا‬
‫أن تكون كذلك‪ ،‬والمنصف يقر بذلك خاصة بعدما قررنا له‬
‫ما مضى من الحاديث والروايللات الللواردة فللي الصللراط‪،‬‬
‫وأقوال فرق السلم المعتبرة‪ .‬والله الموفق‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬والحاديث في الصللراط أكللثر مللن ذلللك‪ ،‬فكللان‬
‫الصللل أن تبقللى علللى ظاهرهللا‪ ،‬لمللا كللان ممكنللا غيللر‬
‫مستحيل عقل‪ .‬وإن كان بعض الحللاديث ضللعيفا‪ ،‬فإنهللا إذا‬
‫كانت بتلك الكثرة فإن المعنى المشترك بينها‪ ،‬وهللو وجللود‬
‫لجسر يسللمى الصللراط‪ ،‬وذلللك بغللض النظللر عللن حقيقللة‬
‫شكله وصورته‪ ،‬يتقوى بل ريب‪ ،‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫ونحن ما كنللا لنطيللل فللي هللذه المسللألة الفرعيللة فللي‬
‫العتقاد‪ ،‬لول أن تجرأ البعض على نفي ذلك معتمللدا علللى‬
‫أدلة وشبه واهية ل تصلح للعتماد عليها في هللذا المجللال‪،‬‬
‫فقدمنا ما مضى‪ ،‬توضيحا لصللل المسللألة‪ ،‬وتمهيللدا لبيللان‬
‫ضعف كلمه‪.‬‬
‫الشروع في نقد كلم السقاف‪:‬‬
‫لقد تكلم الشلليخ السللقاف علللى مسللألة الصللراط فللي‬
‫شرح العقيدة الطحاوية‪ ،‬ونحن سنبين خلصة ما ذكره هنللا‬
‫ونشير إلى مواضع الضعف في كلمه‪.‬‬
‫أول‪ :‬قال السقاف في ص ‪":539‬قضية الصراط بمعنى‬
‫أنه جسر ممدود على متن جهنللم أدق مللن الشللعرة وأحللد‬
‫من السيف يمر عليه الناس واحدا واحدا فمنهم مللن يقللع‬
‫عنه فيسقط في النار‪ ،‬ومنهم من ينجو وعليه كلليب مثللل‬
‫شوك السعدان تخطف النلاس فيقعلون فلي النلار‪ ،‬قضلية‬
‫مرجوحة"اهل‬
‫الجواب‪ :‬أطلق السقاف على هذه القضايا بمجموعهللا‪،‬‬
‫أنها مرجوحة‪ ،‬أي ضعيفة‪ ،‬أي أن غيرها نفيهللا أقللوى منهللا‪،‬‬
‫فللإن قصللد بالرجحللان الرجحللان عنللده‪ ،‬فللذلك ل يسللتلزم‬
‫‪192 Page 171 of‬‬

‫الرجحان في نفس المللر‪ ،‬وإن قصللد الرجحللان عنللد أئمللة‬


‫السلم من مختلف الفرق‪ ،‬فقد بينللا أن هللذا غلللط بللل إن‬
‫جماهير المسلمين يثبتللون الصلراط‪ ،‬وإن قصلد بالرجحللان‬
‫أن الحاديث الواردة فيها ضعيفة‪ ،‬فقللد بينللا أن كللثيرا منلله‬
‫صللحيح‪ ،‬نعللم منهللا ضللعيف‪ ،‬ولكللن هكللذا شللأن غللالب‬
‫المنقولت‪ ،‬منها ضعيق ومنها صحيح‪ ،‬ولو أجزنا لنفسنا أن‬
‫نرد الصحيح لجل الضعيف‪ ،‬لم يثبت شيء مللن الحللاديث‪.‬‬
‫وإن قصد أن بعض هذه القضللايا ضللعيف‪ ،‬فقللد يسلللم للله‪،‬‬
‫ولكن كلمه ل يفيد مجللرد ذلللك‪ ،‬بللل يفيللد القللول بضللعف‬
‫جميع هذه القضايا‪ ،‬وهذا باطل‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬قوله في ص ‪"539‬كون الصراط أدق من الشعرة‬
‫وأحد من السيف‪ ،‬لم يأت في القرآن الكريم أن الصللراط‬
‫أدق من الشعرة…"الخ‪.‬‬
‫الجللواب‪:‬الصللحيح أن هللذه الفكللرة‪ ،‬قللد اختلللف حولهللا‬
‫العلماء‪ ،‬وصرح الكثير منهللم أنهللا ربمللا ل تثبللت‪ ،‬وبعضللهم‬
‫صرح بنفيها‪ ،‬وبعضهم قال ل مللانع منهللا‪ .‬فللالخلف حاصللل‬
‫حولها‪ .‬وهذا أمر ثابت قبل وجللود السللقاف وبعللد وجللوده‪.‬‬
‫أما قوله أنها لم ترد في القرآن‪ ،‬فقد بناه على وجوب ذكر‬
‫كل عقيدة نصا بالقرآن‪ ،‬وهذا ل يسلم له‪ ،‬كما سنشير إليه‬
‫لحقا‪ ،‬وقد خالف هو هذا الصل الللذي قللرره كمللا سللنبينه‬
‫أيضا‪.‬‬
‫ولكن الذي يمكن أن يقال هنا‪ ،‬أنلله حللتى لللو فللرض أن‬
‫هللذا المللر منللازع فيهللا‪ ،‬فهللل يجللوز لنللا أن ننفللي فكللرة‬
‫الصراط من الصل‪ ،‬إنه من البين بنفسه أن هذه الطريقة‬
‫مللن التفكيللر باطلللة‪ ،‬فللالختلف فللي وصللف الشلليء‪ ،‬ل‬
‫يسللتلزم انتفللاء أصللله‪ .‬ولللو سلللك النللاس هللذا المسلللك‪،‬‬
‫لستلزم نفي كثير من الصول الدينية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬قوله في ص ‪" 230‬إن الصراط فللي لغللة العللرب‬
‫هو الطريق الواسع السهل…الخ"‪.‬‬
‫أقول‪ :‬إن العلماء كما بينا قد اختلفللوا فللي أن الصللراط‬
‫هل هو واسع أو ضيق‪ ،‬أو إنه يتسع ويضيق بحسب أعمللال‬
‫النسان الصالحة‪ ،‬ومجللرد كلون معنلى الصلراط لغلة كمللا‬
‫ذكر‪ ،‬ل يستلزم نفي أصل الصراط شرعا‪.‬‬
‫‪192 Page 172 of‬‬

‫رابعا‪:‬قوله في ص ‪":544‬أن الصراط بمعنى أنلله جسللر‬


‫منصوب على متن جهنم أو فوقها أو بيللن حافتيهللا لللم يللرد‬
‫في القرآن الكريم‪ ،‬الذي هو الصل في معرفة العقائد"اهل‬
‫أقول‪ :‬قد بينا أن الصراط ليس من أصول العقللائد‪ ،‬بللل‬
‫هو أمر جزئي‪ ،‬وكونه لم يرد صراحة في القرآن‪ ،‬قد يسلم‬
‫لمن ينازع في دللة اليات التي ذكرناها فيه‪ ،‬ولكن القللول‬
‫بعدم وروده علللى الطلق‪ ،‬أي إطلق القللول بعللدم وروده‬
‫أمللر آخللر‪ ،‬فللإن هللذا معللارض بدللللة القللرآن عليلله ولللو‬
‫بالشارة‪ ،‬خصوصللا إذا ورد مللن الحللاديث مللا يفسللر تلللك‬
‫اليات بالصراط وبأنه جسر على جهنم‪ ،‬كما أوردنا سللابقا‪،‬‬
‫فالية المحتملة إذا ورد حديث صحيح في تفسلليرها تصللبح‬
‫دليل علللى ذلللك ول ريللب‪ .‬فللإطلق قللوله بعللد ورود ذلللك‬
‫باطل‪.‬‬
‫ثم إن السقاف نفسه لم يستطع أن يثبت الحوض بآيللة‬
‫صريحة من القرآن بل اعتمد على الحاديث الللواردة فيلله‪،‬‬
‫وادعاؤه أن الكوثر هو عين الحوض باطل‪ ،‬كما أشرنا إليلله‬
‫في محله‪ ،‬بل الكوثر هو نهر في الجنة يصب في الحوض‪،‬‬
‫فثبللوت الحللوض بالحللديث‪ ،‬وثبللوت الكللوثر بللالقرآن‪ ،‬فلللم‬
‫يعارض هنا إثبات الصراط بالحديث مع إشارة القرآن عليه‬
‫باليات السابقة؟؟‬
‫فإن ادعى أن الحاديث الواردة فللي الحللوض متللواترة‪،‬‬
‫فقد نقلنا سابقا أن الحاديث الواردة في الصراط متواترة‬
‫بللالمعنى‪ ،‬والتللواتر المعنللوي حجللة كمللا ل يخفللى‪ ،‬كتللواتر‬
‫عللذاب القللبر بللالمعنى‪ ،‬وهللل ورد ذكللر عللذاب القللبر فللي‬
‫القرآن صراحة أم إن ما ورد فيه هو دللت وإشارات إليه‪،‬‬
‫وإن كانت أقوى من دللتها على الصراط‪ ،‬فالحاصل أنه ل‬
‫يوجد نص عليه‪ ،‬كما يريده السقاف‪ .‬بل عذاب القللبر وارد‬
‫بالحديث أصالة‪ ،‬وهو يثبت معاني القرآن‪.‬‬
‫ومحاولللة السللقاف إرجللاع فكللرة الصللراط إلللى أصللل‬
‫يهودي محاولة فاشلللة‪ ،‬لورودهللا عللن النللبي عليلله السلللم‬
‫بأحاديث صحيحة‪ ،‬وبطرق مختلفة‪ ،‬كما مضى بيانه‪ .‬وكللون‬
‫هذه الفكرة قد وردت عند اليهللود ل يسللتلزم أنهللا باطلللة‪،‬‬
‫فافهم‪.‬‬
‫‪192 Page 173 of‬‬

‫خامسا‪ :‬قوله فللي ص ‪":551‬إن الحللاديث الللتي وردت‬


‫في الصللراط هللي أحللاديث آحللاد‪ ،‬ل تفيللد إل الظللن‪ ،‬وهللي‬
‫معارضللة بقطعللي الللدللت كمللا سللترى إن شللاء الللله‬
‫تعالى"اهل‬
‫أقول‪ :‬لو تنزلنا عن القول بللأن الحللاديث الللواردة فيلله‬
‫متواترة بللالمعنى‪ ،‬وسلللمنا أنهللا آحللاد‪ ،‬فإننللا ل نسلللم أنهللا‬
‫غريبة أو قليلة أو ليست مشللهورة‪ ،‬ومعلللوم أن الحللاديث‬
‫إن كانت آحادا مشهورة‪ ،‬فإنها تفيد العلم النظري كما نص‬
‫عليه أهل السنة‪ .‬ومعلوم أيضا أنها ليس كللل حللديث آحللاد‬
‫فإنه ل يفيد إل الظن‪ ،‬بل بعض أحاديث الحاد تفيد القطللع‬
‫بللالقرائن الللواردة‪ .‬ول ريللب أن الحللاديث الللواردة فللي‬
‫الصراط أكثر ملن أن تطبللق عليهللا هللذه القاعلدة)أي إنهلا‬
‫آحللاد وبالتللالي فل تفيللد إل الظللن( بمثللل هللذا السلللوب‬
‫الظاهري الجلف‪.‬‬
‫وأملا قلوله إنهلا معارضلة بقطعلي اللدللت‪ ،‬فهلو غيلر‬
‫صحيح كما سترى لحقا‪.‬‬
‫وأما ادعاؤه بعد ذلك في ص ‪ "551‬وعمللدة اسللتدللهم‬
‫علللى الجسللر ذي الكلليللب هللو حللديث أبللي هريللرة وأبللي‬
‫سعيد‪..‬الخ"اهل ‪ ،‬كلم باطل ل قيمة له‪ ،‬وذلللك بعللدما رأينللا‬
‫الحاديث الكثيرة التي زردت في الصللراط‪ .‬أقللول‪ :‬وحللتى‬
‫لو كان عمدة اسللتدللهم علللى هللذا الحللديث‪ ،‬وفيلله بعلض‬
‫المور المردودة‪ ،‬كما قال‪ ،‬فإن هذا ل يستلزم رد ّ الحللديث‬
‫بالمرة‪ ،‬كما أشرنا إليه في كلمنا على السراء والمعراج‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬قوله في ص ‪":555‬تنص فكللرة الجسللر الللذي‬
‫فوق جهنم على أن الناس يمرون عليلله ويكونللون قريللبين‬
‫من النار بل يمرون ما بيللن حافتيهللا فيجللوزون عليهللا مللن‬
‫فوقها‪ ،‬وهللذه الفكللرة تعللارض مللا هللو مقللرر فللي القللرآن‬
‫الكريللم مللن أن المللؤمنين ل يقربللون مللن نللار جهنللم ول‬
‫يسمعون صوتها"اهل‬
‫أقول‪ :‬هذا الكلم ضعيف‪ ،‬فإن كون المؤمنين يمرون ن‬
‫فوق جهنم على الجسر‪ ،‬بسللرعات ختلفللة حللتى إن منهللم‬
‫كالبرق‪ ،‬وتتفاوت مراتب سرعاتهم‪ ،‬يفيد أنهم ليللس كلهللم‬
‫يتأذون من النار عند مرورهم‪ ،‬فإنه ل يخفللى علللى عاقللل‪،‬‬
‫‪192 Page 174 of‬‬

‫أنه كلما ازدادت سرعة الواحد فإنه ربما ل يحس بللأي أثللر‬
‫من آثار النار عليه‪ .‬ول يعتبر هذا تعذيبا له‪ ،‬بللل إنعامللا مللن‬
‫الله تعالى أن مّر عليها بهذه السرعة‪.‬‬
‫وأما إن أراد أنه يفهم من القرآن أن سائر المللؤمنين ل‬
‫يقتربون من النار ول يسمعون حسيسها‪ ،‬فللإن هللذا باطللل‬
‫مخالف لما ورد أن مللن المللؤمنين مللن يعللذب بالنللار‪ ،‬وأن‬
‫عذابهم متفاوت‪ ،‬قد يطول وقد يقصر‪.‬‬
‫والحاصل أن قللوله تعللالى )إن الللذين سللبقت لهللم منللا‬
‫الحسللنى أولئك عنهللا مبعللدون‪ ،‬ل يسللمعون حسيسللها(‬
‫مخصوص ببعض المؤمنين‪ ،‬ول يسلم أن المراد منلله عللدم‬
‫سماع حسيسها بلالمرة‪ ،‬لملا ورد فلي بعلض الحللاديث أن‬
‫المؤمنين يرون النار‪ ،‬ويعرفون ما فيهللا مللن العللذاب‪ ،‬ولللو‬
‫كان مجرد سماع حسيسها عذابا حتى يكون معارضا للية‪،‬‬
‫لما سمع النبيللاء حسيسللها بللالمرة‪ ،‬لمللا أنهللم ل يعللذبون‪،‬‬
‫ولكللن الللذي يللدرك معللاني الكلم وطريقللة القللرآن فللي‬
‫التعبير‪ ،‬يفهم أن المراد أنهم ل يسمعون حسيسللها سللماع‬
‫تعذيب‪.‬‬
‫سللابعا‪:‬قللوله فللي ص ‪":555‬فكللرة الصللراط بمعنللى‬
‫الجسر الممدود على متن جهنم بين حافتيها فيها من الهلع‬
‫والخوف والفللزع مللا ل يسللتطيع أحللد أن ينفيلله حللتى عللن‬
‫النبياء الذين يقولون كما جاء في ذلك الحديث‪:‬اللهم سلم‬
‫سلم"اهل‬
‫أقول‪:‬أما أن فكرة الصراط فيها هلع وخللوف‪ ،‬فمسلللم‪،‬‬
‫ولكن الثابت أيضا أن الخوف منه يتفللاوت بقللدر العمللال‪،‬‬
‫وأن المرور عليه إنما يكون بحسب العملال اللتي يقلدمها‬
‫النسان في الحياة الدنيا‪ ،‬ل بحسب المهللارة فللي الركللض‬
‫كما يتوهم السقاف‪ ،‬ومن يوجه هللذا العللتراض‪ ،‬فللإن هللذا‬
‫العتراض إنمللا يللدل علللى سللذاجة قللائله‪ ،‬وعللدم معرفتلله‬
‫بأحوال أمور الخرة‪.‬وأنها ل تقاس بأمور الدنيا‪.‬‬
‫وأما أن النبياء يقولون سلم سلم‪ ،‬فمسلللم‪ ،‬ولكللن مللا‬
‫أدراك أنهم يقولون ذلك لنفسهم أي لنهللم يخللافون علللى‬
‫أنفسهم السقوط في النار؟! هذا ل يخطر على بال عاقل‪،‬‬
‫‪192 Page 175 of‬‬

‫بل يقولون ذلك خوفا على أمتهم‪ ،‬فإنهم يطلبون السلللمة‬


‫لمتهم‪ ،‬وأتباعهم‪.‬‬
‫ثم إن وقوع الحوف في حالللة ووقللت وعيللن ل يخللالف‬
‫عدم وقوعه في أكثر وغالب الوقات‪ .‬فافهم‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬وأما قوله بأن فكرة الصراط تفيد التساوي فللي‬
‫الخوف بين المؤمنين والكافرين كمللا نصللل عليلله فللي ص‬
‫‪ ،556‬فهللذا قريللب مللن التحريللف للحللاديث الللواردة فللي‬
‫ذلك‪ ،‬وهي تفيد التفريق بيللن مللرور النللاس عليلله‪ ،‬فمجللرد‬
‫تفاوتهم في ذلك يفيد تفاوتهم فللي الخللوف‪ ،‬ومجللرد علللم‬
‫المؤمن بللأنه مللؤمن خاصللة أن ذلللك يكللون بعللد الحسللاب‬
‫وعرض العمال‪ ،‬يفيللد عللدم تسللاويهم مللع الكللافرين فللي‬
‫الخوف‪ .‬وبعد فإن خوف كل واحد من الصراط إنما يكللون‬
‫بقدر أعمللاله الباطلللة والمخالفللة لوامللر الللله تعللالى فللي‬
‫الحياة الدنيا‪ ،‬كما هللو المقللرر فللي أحللوال الخللرة‪ ،‬وحيللاة‬
‫البرزخ‪.‬‬
‫ثامنللا‪:‬قللوله ص ‪":556‬تنللص فكللرة الصللراط علللى أن‬
‫الناس يمرون على الصراط الذي هللو جسللر جهنللم واحللدا‬
‫واحدا وليسوا جماعات‪ ،‬وهذا أيضللا مخللالف لمللا جللاء فللي‬
‫ب بالنلاس ملن أرض الحسلاب‬ ‫القرآن الكريم من أنه ي ُلذ ْهَ ُ‬
‫والمحشر إلى الجنة والنار أفواجا أفواجا وزمرا زمرا‪ ،‬قال‬
‫الله تعالى)ووفيللت كللل نفللس مللا عملللت وهللو أعلللم بمللا‬
‫يفعلون‪ ،‬وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا"اهل‬
‫أقول‪ :‬ليست كل الحاديث تفيد ذلك‪ ،‬بل في بعضها مللا‬
‫يفيد أنهم يمرون على الصراط جماعللات‪ .‬ثللم إن مللا أفللاد‬
‫منها ذلك‪ ،‬ل يعارض اليات التي أشار إليهللا‪ ،‬فللإن المعنللى‬
‫ربما يكون أنهم بعللد أن يسللقطوا عللن الصللراط يسللاقون‬
‫بالصورة التي ذكرت‪.‬‬
‫ثم إن اليات ل تدل على أنهللم يسللاقون مباشللرة إلللى‬
‫جهنم من أرض المحشللر والحسللاب‪ ،‬بللل إنمللا تفيللد أنهللم‬
‫يسللاقون إليهللا بعللد ذلللك‪ ،‬ومطلللق البعديللة يقبللل توسللط‬
‫الصراط خاصة أنه ل يقال عنه أنلله موقللف وأرض بللل هللو‬
‫حالة انتقالية عارضة ل دائمة‪ ،‬فالسوق من أرض الحساب‬
‫‪192 Page 176 of‬‬

‫والمحشللر إلللى جهنللم إذا كللان عللن طريللق الصللراط فل‬


‫تعارض بل هو مطرد مع اليات‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬قوله في ص ‪":556‬تنص فكللرة الصللراط الللذي‬
‫هللو جسللر علللى متللن جهنللم أن كيفيللة دخللول النللار تتللم‬
‫بالسقوط من هذا الجسر المنصوب على حافتيهللا والهللوي‬
‫في النار‪ ،‬وهذا مخالف لما هو مقللرر فللي القللرآن الكريللم‬
‫من أن دخول النار يتم بمجيء الكفار والعصاة إلى أبوابهللا‬
‫مثللل مجيللء المللؤمنين إلللى أبللواب الجنللة والللدخول فيهللا‬
‫بعدئذ‪ ،‬قال الله تعالى)وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمللرا‬
‫حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها"اهل‬
‫أقللول‪ :‬هللذا غيللر معللارض للحللاديث‪ ،‬والمعارضللة لللو‬
‫تحققللت غيللر قطعيللة‪ .‬إذ ربمللا يكللون السللوق إلللى جهنللم‬
‫الوارد في اليان بعد سقوطهم عن الصراط‪.‬‬
‫وأيضللا فللإنه ل يوجللد دليللل علللى أن مجيللء الكفللار‬
‫والعصاة إلى أبواب جهنم هو مثللل مجيللء المللؤمنين إلللى‬
‫أبللواب الجنللة‪ ،‬بللل الللوارد هللو مطلللق المجيللء‪ ،‬وهللذا ل‬
‫يستلزم المماثلة‪ ،‬بل الصل هنا هو عدم التماثللل‪ ،‬لختلف‬
‫أحوال الفريقين‪ ،‬كما ل يخفى‪ ،‬فللإن كللان كللون المللؤمنين‬
‫مكرمين‪ ،‬وهذا يسللتلزم أن يللأتوا الجنللة مشلليا مثل أو فللي‬
‫حالة معينة‪ ،‬فإن هذا يستلزم أن الكافرين يأتون النار فللي‬
‫حالة تخالف حالة المؤمنين‪ ،‬وكللل مللن هللذا يسللمى مجيئا‪،‬‬
‫كما ل يخفى على عاقل‪.‬‬
‫عاشرا‪:‬قوله في ص ‪"557‬تفيد فكرة الصراط الذي هو‬
‫جسر بأن الماّر عليه ل يعرف مصيره…‪.‬إلى قوله… وهللذا‬
‫أيضا مضاد ومخالف لمللا تقللرر فللي القللرآن الكريللم وفللي‬
‫الحاديث الصللحيحة الخللرى مللن أن المللؤمن وغيللره مللن‬
‫ساعة موته يعرف مصيره"‪.‬اهل‬
‫أقول‪ :‬كلمه هذا مّر بيان بعض ما فيه سابقا‪ ،‬فهو فيلله‬
‫تكرار‪ ،‬ولكن نزيد هنا فنقول‪ :‬المللؤمن العاصللي‪ ،‬ول يخلللو‬
‫مؤمن من معصية ولو من الصغائر لعدم عصمة جميعهللم‪،‬‬
‫هل يجزم أيضا بأن الله تعالى سوف يغفر له ذلللك؟؟ مللن‬
‫الجلي أنه ل يقول بهذا قللائل‪ ،‬ول أظللن أن السللقاف يقللوا‬
‫بللذلك أيضللا‪ ،‬فللإذا تقللرر هللذا‪ ،‬فلللم ل يكللون الخللوف عنللد‬
‫‪192 Page 177 of‬‬

‫المرور على الصراط إنما هو نتيجة لعللدم معرفللة حصللول‬


‫المغفرة‪ ،‬بل إن هذا هو ظللاهر الحللاديث الكللثيرة الللواردة‬
‫في الصللراط‪ ،‬وإذا كللان كللذلك فمللا قللال السللقاف باطللل‬
‫جملة وتفصل‪.‬‬
‫هذا هو حاصل ما قال السقاف‪ ،‬قد بينلا بطلنله وأنله ل‬
‫يقوى على نفي الصللراط ملن الصللل‪ ،‬وأن ملا فهمله مللن‬
‫القرآن وتوهم أن فهمه قطعي‪ ،‬قد بينا أنه ل قوى أما نقللد‬
‫سريع من نحو ما قمنا به هنا‪ ،‬فكيف لو كان المجال كافيللا‬
‫للتفصيل!؟‬
‫هلللذا وقلللد أعرضلللنا علللن ذكلللر كلللثير ملللن الخطلللاء‬
‫والمغالطات التي وقع فيها السقاف أثناء مناقشته لفكللرة‬
‫الصراط كما يقول‪ .‬وهللذه المغالطلات أنللواع منهللا تجاهلل‬
‫أحاديث كثيرة واردة‪ ،‬ومنهللا قطعلله لقللوال بعللض العلمللاء‬
‫في الصراط‪ ،‬ومعلاني اليلات‪ ،‬ومنهلا علدم ذكلره لحقيقلة‬
‫أقوال الفرق السلمية في هللذه المسللألة‪ ،‬ومنهللا أسلللوبه‬
‫الذي ل يليق اتباعه فلي مثلل هلذه المبلاحث‪ ،‬وغيلر ذللك‪.‬‬
‫ورجونا أن يكون في هذه المناقشللة السللريعة المختصللرة‬
‫لما قاله في الصراط‪ ،‬كفاية عن الرد عليه تفصيل فللي مللا‬
‫ألمحنا إليه‪.‬والله الموفق‪.‬‬
‫ورد القللرآن بللالميزان فقلللد قللال الللله‬ ‫)]‪([105‬‬
‫تعالى)فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية‪ ،‬وأمللا‬
‫من خفت موازينه فأمه هاويللة(‪ .‬وقللال تعللالى فللي سللورة‬
‫النبياء)ونضللع المللوازين القسللط ليللوم القيامللة فل تظلللم‬
‫نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بهللا وكفللى‬
‫بنا حاسبين]‪.([47‬‬
‫روى المام البخاري عن أبللي هريللرة عللن النللبي صلللى‬
‫الله عليه وسلم قال كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان‬
‫في الميزان حبيبتللان إلللى الرحمللن سللبحان الللله العظيللم‬
‫سبحان الله وبحمده‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن أبي مالللك الشللعري قللال قللال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم الطهللور شللطر اليمللان‬
‫والحمد لله تمل الميزان وسبحان الله والحمد لله تملن أو‬
‫تمل مللا بيللن السللماوات والرض والصلللة نللور والصللدقة‬
‫‪192 Page 178 of‬‬

‫برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل النللاس‬


‫يغدو فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها‪.‬‬
‫وفي صحيح ابن حبان عللن أبللي سلللمى راعللي رسللول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ولقيتلله بالكوفللة فللي مسللجدها‬
‫قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بخ‬
‫بخ وأشار بيده بخمس ما أثقلهن في الميزان سبحان الللله‬
‫والحمد لله ول إله إل الله والله أكبر والولد الصالح يتللوفى‬
‫للمرء المسلم فيحتسبه‪.‬‬
‫ورواه أيضا الحاكم في المستدرك‪.‬‬
‫وفي مستدرك الحاكم عن سلمان عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قال يوضع الميزان يوم القيامللة فللو وزن فيله‬
‫السماوات والرض لوسعت فتقللول الملئكللة يللا رب لمللن‬
‫يزن هذا فيقلول اللله تعلالىلمن شلئت ملن خلقلي فتقلول‬
‫الملئكة سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ويوضللع الصللراط‬
‫مثل حللد الموسللى فتقللول الملئكللة مللن تجيللز علللى هللذا‬
‫فيقول من شئت من خلقللي فيقللول سللبحانك مللا عبللدناك‬
‫حق عبادتك هللذا حللديث صللحيح علللى شللرط مسلللم ولللم‬
‫يخرجاه‪.‬‬
‫وفي صحيح ابن حبان عن عبد الله بن عمرو قللال قللال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم خصلتان ل يحصيهما عبد‬
‫إل دخل الجنة وهما يسير ومن يعمل بهما قليل يسبح الللله‬
‫أحدكم في دبر كللل صلللة عشللرا ويحمللده عشللرا ويكللبره‬
‫عشرا فتلك خمسللون ومئة باللسللان وألللف وخمللس مللائة‬
‫فللي الميللزان وإذا أوى إلللى فراشلله يسللبح ثلثللا وثلثيللن‬
‫ويحمد ثلثا وثلثين ويكبر أربعا وثلثين فتلك مائة باللسللان‬
‫وألف في الميزان قال رسول الله صلى الله عليلله وسلللم‬
‫فأيكم يعمل في يوم وليلة ألفين وخمس مللائة سلليئة قللال‬
‫عبد الله بن عمللرو ورأيللت رسللول الللله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم يعقدهن بيللده قللال فقيللل يللا رسللول الللله وكيللف ل‬
‫يحصيها قال يأتي أحدكم الشيطان وهو في صلللته فيقللول‬
‫اذكر كذا اذكر كذا ويأتيه عند منامه فينومه قال حمللاد بللن‬
‫زيد كان أيوب حدثنا عن عطاء بلن السلائب بهلذا الحلديث‬
‫‪192 Page 179 of‬‬

‫فلما قدم عطاء البصلرة قلال لنلا أيلوب قلد قلدم صلاحب‬
‫حديث التسبيح فاذهبوا فاسمعوه منه‪.‬‬
‫وفيه أيضا عن أم الدرداء علن أبلى اللدرداء علن النلبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال ان اثقللل مللا وضللع فللي ميللزان‬
‫المؤمن يوم القيامة خلق حسن وان الله يبغللض الفللاحش‬
‫البذئ‪.‬‬
‫ورواه أبو داود في سننه‪.‬‬
‫وروى الترمذي في سننه النضر بن أنس بن ماللك علن‬
‫أبيه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يشللفع لللي‬
‫يوم القيامة فقال أنا فاعل قال قلت يا رسللول الللله فللأين‬
‫أطلبك قال اطلبنللى أول مللا تطلبنللي علللى الصللراط قللال‬
‫قلللت فللإن لللم ألقللاك علللى الصللراط قللال فللاطلبنى عنللد‬
‫الميزان قلت فإن لم ألقك عند الميزان قال فاطلبني عند‬
‫الحوض فللإني ل أخطىللء هللذه الثلث المللواطن قللال أبللو‬
‫عيسللى هللذا حللديث حسللن غريللب ل نعرفلله ال مللن هللذا‬
‫الوجه‪.‬‬
‫فالحاصل أن أصل الميزان ثابت‪ ،‬وأمللا صللفته وصللورته‬
‫فل تثبت بطريق قطعي‪ ،‬فل ينبغللي الجللزم بصللورة معينللة‬
‫له‪.‬‬
‫)]‪ ([106‬والدلة النقلية على كون الله تعالى خالقللا لكللل‬
‫شيء كثيرة‪ ،‬منها قوله تعالى في سللورة الرعللد)قللل مللن‬
‫رب السماوات والرض قل الللله قللل أفاتخللذتم مللن دونلله‬
‫أولياء ل يملكون لنفسهم نفعللا ول ضللرا قللل هللل يسللتوي‬
‫العمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلللوا‬
‫لله شركاء خلقوا كخلقه فتشللابه الخلللق عليهللم قللل الللله‬
‫خالق كل شيء وهو الواحد القهار]‪ ،([16‬وقوله تعالى في‬
‫سورة الزمر)الله خالق كللل شلليء وهللو علللى كللل شلليء‬
‫وكيل]‪ ([62‬وفي سورة فاطر)يا أيها النللاس اذكللروا نعمللة‬
‫الله عليكم هل من خالق غيللر الللله يرزقكللم مللن السللماء‬
‫والرض ل إللله إل هللو فللأنى تؤفكللون]‪،([3‬وفللي سللورة‬
‫غافر)ذلكم الله ربكم خالق كل شلليء ل إللله إل هللو فللأنى‬
‫تؤفكون]‪([62‬وفي سورة النحل)أفمن يخلق كمن ل يخلق‬
‫أفل تذكرون]‪،([17‬وفي النحللل أيضللا)والللذين يللدعون مللن‬
‫‪192 Page 180 of‬‬

‫دون الله ل يخلقون شيئا وهم يخلقللون]‪ ،([20‬فللأنت تللرى‬


‫أيها القارئ كيف أثبت الله تعالى لنفسه الخلق في آيللات‪،‬‬
‫ونفاه عن غيللره فللي آيللات أخللرى‪ ،‬فثبللت مللن هللذا حصللر‬
‫الخلق في الله تعالى‪ .‬وبعد ذلللك ل يجللوز أن يللدعي واحللد‬
‫لنفسه القدرة على الخلق مطلقا‪.‬‬
‫وهل حصر الخلق في الله تعالى يلزم منه أن العباد كلهللم‬
‫مجبورون على أفعالهم؟ قلنا‪ :‬هذا سللؤال ناتللج عللن سللوء‬
‫فهم‪ ،‬وضلليق فكللر‪ ،‬فللالخلط بيللن مفهللوم الجللبر والخلللق‪،‬‬
‫واشتراط الختيار بالخلق‪ ،‬هللو السللبب فللي ذلللك‪ .‬وتحريللر‬
‫هذا المحل‪ ،‬أن نقللول‪ ،‬إن الخلللق هللو اليجللاد بعللد العللدم‪،‬‬
‫والمخلوق هو الموجود بعللد العللدم‪ .‬والختيللار هللو حصللول‬
‫إرادة الفعل فيك‪ ،‬ول يشترط في الختيللار أن تخلللق أنللت‬
‫الفعل‪ ،‬بل لو اوجده لك غيرك وأنللت اخللترته فقللط‪ ،‬لصللح‬
‫أن يقال إنك الذي اخترت هذا الفعل‪ ،‬وصللح نسللبة الفعللل‬
‫إليك عللى طريلق الكسلب‪ ،‬ملع أنلك للم توجلده‪ .‬فكونلك‬
‫مختللارا ل يشللترط للله أن تكللون خالقللا‪ ،‬بللل العكللس هللو‬
‫الصحيح‪ ،‬أي إذا سلمنا أنك خالق‪ ،‬فيجب أن تكون مختارا‪،‬‬
‫لن شرط الخلق هو الختيار‪ ،‬ول يقللال إن شللرط الختيللار‬
‫هو الخلق‪.‬فافهم هذا‪.‬‬
‫فالنسان مختار وليس خالقللا‪ ،‬فهللو مختللار لفعللاله وليللس‬
‫خالقا لها‪ .‬ول يترتب على ذلك كونه مجبورا‪ ،‬لن الجبر هللو‬
‫حصول الفعل على خلف الرادة‪ ،‬وهنا لللم يحصللل الفعللل‬
‫إل على وفاق الرادة‪ ،‬فكيللف يقللال إن النللاس مجبللورون‪.‬‬
‫ولكن غاية ما وقللع هللو أن النسللان ليللس هللو الللذي خلللق‬
‫الفعل‪ ،‬بل الله هو الللذي خلقلله‪ ،‬وأمللا النسللان فهللو الللذي‬
‫اكتسبه‪ .‬فالفعل منسوب إلللى النسللان كسللبا‪ ،‬وإلللى الللله‬
‫تعالى خلقا‪.‬قاللله تعالى فللي سللورة القللرة)تلللك أمللة قللد‬
‫خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ول تسألون عما كللانوا‬
‫يعملللون]‪ ،([134‬وفللي البقللرة أيضللا)يللا أيهللا الللذين آمنللوا‬
‫أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم مللن الرض‬
‫ول تيممللوا الخللبيث منلله تنفقللون ولسللتم بأخللذيه إل أن‬
‫تغمضوا فيله واعلمللوا أن اللله غنللي حميللد]‪ ،([267‬لحللظ‬
‫كيف نسللب الللله تعللالى الكسللب إلللى النسللان فللي اليللة‬
‫‪192 Page 181 of‬‬

‫ت كيف نسب الخلق إلى ذاته الجليلة فللي‬ ‫الولى‪ ،‬وقد رأي َ‬
‫اليات السابقة‪ ،‬وتأمل كيف قللال )أنفقللوا مللن طيبللات مللا‬
‫كسبتم ومما أخرجنا لكم مللن الرض( فللالله تعللالى نسللب‬
‫الخراج من الرض إلللى ذاتلله‪ ،‬ونسللب للنسللان الكسللب‪.‬‬
‫فدل ذلك على أن النسان ل يخلق‪.‬وقال تعالى في سورة‬
‫البقرة)ل يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكللن يؤاخللذكم‬
‫بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم]‪،([225‬وأيضللا)واتقللوا‬
‫يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفللس مللا كسللبت‬
‫وهللم ل يظلمللون]‪،([281‬وأيضللا )ل يكلللف الللله نفسللا إل‬
‫وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا ل تؤاخللذنا إن‬
‫نسينا أو أخطأنا ربنا ول تحمل علينا إصرا كما حملته علللى‬
‫الذين من قبلنا ربنا ول تحملنا ما ل طاقة لنا به واعف عنللا‬
‫واغفللر لنللا وارحمنللا أنللت مولنللا فانصللرنا علللى القللوم‬
‫الكافرين]‪ ،([286‬فقد نسب الله تعالى إلى الخلق أنهم ل‬
‫يطيقون إل الكسب‪ ،‬وقللد نفللى عنهللم الخلللق فللي اليللات‬
‫السابقة‪ ،‬فدل ذلك على أنهم ل يطيقون الخلق‪ ،‬وقال في‬
‫آخرها)ول تحملنا ما ل طاقة لنا به( وقد عرفلت أن الخللق‬
‫ل يطيقون الخلق‪ ،‬وما نسب إلى طاقتهم إنما هو الكسب‪.‬‬
‫وقد أعلمنا الللله تعللالى فللي سللورة إبراهيللم أن الجللزاء ل‬
‫يكون إل على الكسللب فقللال)ليجللزي الللله كللل نفللس مللا‬
‫كسبت إن الله سريع الحساب]‪ ،([51‬فللدل ذلللك علللى أن‬
‫الخلق ليس شرطا في التكليف‪ ،‬بل الكسللب هللو الشللرط‬
‫فيه‪ .‬وما ذكرناه هنا فيه كفاية لمن يريد الهداية‪.‬‬
‫وقد لجأ العلماء من أهل السنة إلى مفهوم الكسلب الللذي‬
‫هو غيللر مفهللوم الخلللق‪ ،‬لمللا رأوه مللن آيللات عديللدة فللي‬
‫القللرآن الكريللم‪ ،‬تنسللب إلللى الللله تعللالى الخلللق‪ ،‬وتنفللي‬
‫الخلق عن غيللر الللله تعللالى‪ ،‬وآيللات تنسللب الكسللب إلللى‬
‫العبد‪ ،‬فعلموا أن العبد فاعل على سبيل الكسب‪ ،‬وأن الله‬
‫تعالى فاعل ل على سبيل الكسب بل على سللبيل الخلللق‪.‬‬
‫وعلموا أن الكسب ليس خلقا‪ ،‬وعلمللوا أن الكسللب كللاف‬
‫في ترتب الثواب والعقاب‪ ،‬بل كللاف فللي ترتللب التكللاليف‬
‫على النسان‪.‬‬
‫‪192 Page 182 of‬‬

‫وحاصل معنى الكسللب هللو أن الللله تعللالى لمللا علللم منللذ‬


‫الزل ما سوف يفعله النسان من أفعال‪ ،‬وذلك كللله علللى‬
‫حسب إرادته‪ ،‬وفي الوقات المعينة بعد وجوده‪ ،‬فللإنه جل ّ‬
‫ل‬
‫شللأنه يخلللق للعبللد الفعللل الللذي علللم أنلله سللوف يريللده‪،‬‬
‫فالفعل يكون بإيجاد الله تعالى‪ ،‬وكسب من العبد‪ ،‬فيكللون‬
‫فيه شبه الوصف للعبد‪ ،‬وأما الله تعالى فل يتصللف مطلقللا‬
‫بفعل من أفعاله‪ .‬بل أفعاله تأتي نتيجة صفاته‪ .‬ولهللذا فللإن‬
‫الله إذا علم أن العبد سوف يختار الكفللر فللإنه يخلقلله للله‪،‬‬
‫ويودعه فيلله فللي الللوقت الللذي علللم أنلله يختللاره‪ ،‬فيصللبح‬
‫الكفر صللفة مللن صللفات العبللد ل صللفة مللن صللفات الللله‬
‫تعالى‪ ،‬فالله تعالى هو موجد الكفر‪ ،‬ولكن علللى وفللاق مللا‬
‫أراده العبللد‪ .‬وكللذلك إذا علللم الللله تعللالى أن العبللد يختللار‬
‫اليمان‪ ،‬فإنه يخلقه له‪ ،‬فيصير العبللد مؤمنللا‪ ،‬والللله تعللالى‬
‫خالق اليمللان‪ ،‬فالللذي ينسللب إليلله اليمللان والكفللر علللى‬
‫سبيل الكسب إنما هو العبد‪ ،‬وأما الله تعالى فينسللب إليلله‬
‫ذلك على سبيل الخلق واليجللاد‪ .‬وكللذلك إذا أراد النسللان‬
‫الشّر‪ ،‬أو الخير‪.‬‬
‫ول يلزم من ذلك أن يكون الله تعالى شللريرا لن الشللرير‬
‫هو من يتصف بالشر‪ ،‬ل مللن يوجللده‪ ،‬والنسللان هللو الللذي‬
‫يتصف بالشر‪ ،‬لكتسابه له‪ ،‬وأما الله تعالى فهو خالقه‪ ،‬فل‬
‫يكتسب شيئا من أفعاله‪ ،‬لسللتحالة اتصللافه تعللالى بصللفة‬
‫حادثة‪ .‬هذا كله على القول بأن الشر حقيقة موجود‪ ،‬وأمللا‬
‫على القول بأن الشر ل يوجد في نفس المر بل إنمللا هللو‬
‫صفة اعتبارية منسوبة للعبد‪ ،‬فل إشكال هنا مطلقا‪.‬‬
‫ويعبر أهل السنة عن الكسب بأن الله تعالى يخلق الفعللل‬
‫في العبد عند إرادة العبد التيان بالفعل‪ ،‬ويخلق للله كللذلك‬
‫القلدرة المصلاحبة لفعلله‪ ،‬فقلدرة العبلد وفعلله متلزملان‬
‫وليللس الفعللل موجللودا بإيجللاد قللدرته‪ ،‬بللل قللدرته وفعللله‬
‫موجودان بإيجاد قدرة الله تعالى‪ ،‬وذلك كللله علللى حسللب‬
‫تعلق علم الله الزلي‪.‬‬
‫هذه العبارة من كلم المام الطحاوي لها‬ ‫)]‪([107‬‬
‫موقع خطير ومعنى جليل‪ ،‬لم أَر من تصدى للكشللف عنلله‬
‫إل أقل القليل‪ .‬وقد تقدم بعض المجسللمة إلللى العللتراض‬
‫‪192 Page 183 of‬‬

‫عليها من أصلها‪ ،‬وأبطلوا معناها الذي فهموه ‪ ،‬ولم يكلفوا‬


‫أنفسهم بالنظر لعل المصنف قد قصد أمرا آخر‪ .‬وها نحللن‬
‫نقصد إلى ذكر مواقفهم المختلفللة مللن هللذه العبللارة‪ ،‬ثللم‬
‫نأتيك بالكلم المحقق فيها والله الموفق‪.‬‬
‫أما الشيخ حسن السقاف‪ ،‬فلم يتعللرض لهللذه العبللارة‪،‬‬
‫شأنه دائما في المور التي تحتاج إلى فهم ودقة نظر‪ ،‬بللل‬
‫مّر عليها كأنها لم تكن‪ .‬ووجه العجب من تصرف السقاف‬
‫أنه هو المتصدي والمدعي للجتهاد في هذا الباب‪.‬‬
‫وأما ابن باز‪ ،‬فقد قال بكل جرأة في التعليق على هذه‬
‫العبارة‪ :‬هذا غير صحيح بل المكلفللون يطيقللون أكللثر ممللا‬
‫كلفهم بلله سللبحانه ولكنلله عللز وجللل لطللف بعبللاده ويسللر‬
‫عليهللم ولللم يجعللل عليهللم فللي دينهللم حرجللا فضللل منلله‬
‫وإحسانا‪ ،‬والله ولي التوفيق‪".‬اهل‬
‫فهذه عبارته وسوف يأتي كلمنا عليها‪ ،‬ونقد ما فيها‪.‬‬
‫وأما الشيخ عبدالله الهرري فللي كتللابه إظهللار العقيللدة‬
‫السللنية بشللرح العقيللدة الطحاويللة‪ ،‬فقللد قللال فللي ص‬
‫‪":205‬الجملة الولى معناها ظاهر)يقصد قوله ولم يكلفهم‬
‫الله تعالى إل ما ي ُط ِي ُْقون(‪ ،‬أي ليس للعباد أن يلزمللوهم إل‬
‫ما كلفهم الله به‪ ،‬فيطيقون في الجملة الولى بضللم اليللاء‬
‫وكسر الطاء‪ ،‬وأما الثانية فيتعين قراءتها بضلم اليلاء وفتلح‬
‫الطاء وتشديد الياء التي بعدها)أي ول ي ُط َّيقللون(‪ ،‬ول يصللح‬
‫معنللى هللذه الجملللة الثانيللة إل علللى هللذا الللوجه لظهللور‬
‫فسللاده‪ ،‬لن المعنللى علللى ذلللك ينحللل إلللى أن العبللاد ل‬
‫يستطيعون أن يفعلوا سوى ما كلفهم الله بله‪ ،‬والواقلع أن‬
‫العباد قادرون على أن يخالفوا مللا كلفهللم بلله وذلللك حللال‬
‫أكثر البشر‪ ،‬وهذا التحقيق مما فتح الله به‪ ،‬ولم نَر شللارحا‬
‫عرج عليه ولله الحمد‪".‬اهل‬
‫ن‪ ،‬ومحاولللة طيبللة لتفسللير‬ ‫س ٍ‬‫ح ْ‬‫فكلم الهرري فيه نوع ُ‬
‫هذه العبارة‪ .‬وأما نحن فإن لنللا كلمللا قللد ذكرنللاه فللي مللا‬
‫كتبناه على اعتراضات ابن باز على العقيدة الطحاوية‪ ،‬في‬
‫سنة ‪1991‬للميلد‪ .‬وها نحن نذكره هنا لفللائدته‪ ،‬مللع رجللاء‬
‫أن نكون فيه من المصيبين‪.‬‬
‫‪192 Page 184 of‬‬

‫والحق أن المعنى الللذي اقللترحه الشلليخ الهللرري جيللد‪،‬‬


‫ولكنه متكلف‪ ،‬وعلى كل الحوال‪ ،‬فإنه قد بذل جهدا بعدما‬
‫لحظ الشكال الذي يمكن أن ينشأ عللن عبللارة الطحللاوي‬
‫هذه‪ ،‬فاقترح هذا الحل‪.‬‬
‫ولكن قد ظهر لي بعد الفكر أن عبللارة الطحللاوي هللذه‬
‫إذا كانت مبنية على أن معنى التكليلف هلو المشلقة‪ ،‬فلإن‬
‫ظاهر الفكر قد ينتج عنه أن النسان يطيق أكثر مما كلفلله‬
‫به الللله تعللالى‪ ،‬وذلللك لنلله ل شللك أن النسللان يمكللن أن‬
‫يصلي زيادة عن الصلوات الخمسة‪ ،‬ويزكي زيللادة علن ملا‬
‫فرضه الشرع‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فيكون الله بناءا علللى هللذا المعنللى‬
‫قد لطف بالعباد ولم يكلفهم جميع ما يطيقون‪ .‬ولكللن هللذا‬
‫المعنى ظلاهري عنلدي‪ .‬ول يناسلب تتمللة كلم الطحللاوي‪،‬‬
‫فإنه قد جعل هذه العبارة تفسيرا لقولنللا ل حللول ول قللوة‬
‫إل بالله‪ .‬وإذا كانت هي كذلك فل يجللوز أن يللراد بللالتكليف‬
‫المشقة فقط‪ ،‬بل ما هو شامل لها ولغيرها‪ ،‬فيدخل تحللت‬
‫التكليف جميع الحكام الشرعية الخمسة‪ ،‬فالتوفيق يكللون‬
‫في الواجب والمندوب والمباح وليس فقط في الواجبات‪.‬‬
‫واعتمادا على هذه المقدمة نقول‪:‬‬
‫م أنواع الحكام الشرعية الخمسللة‬ ‫التكليف إذا أطلق ع ّ‬
‫وهي الوجوب والحرمة والندب والكراهللة والباحللة‪ ،‬وهللذه‬
‫ص لوَّر مللن مراتللب الطلللب‬‫تشتمل على كل ما يمكن أن ي ُت َ َ‬
‫فلي الشلرائع‪ .‬وملن المعللوم أن الشلرائع أنزللت لحكملة‬
‫وعاقبة حميلدة‪ ،‬لمصللحة الخللق أجمعيللن‪ ،‬وذللك لتوصللل‬
‫النسان وغيره إلى كمال وجوده‪،‬فإذا وقللف المكلللف عنللد‬
‫حدود الشرع‪ ،‬ووقف في كل نوع من أنواع الحكام حسب‬
‫مرتبته فأذ بالواجب على أنه واجللب وبالمنللدوب علللى أنلله‬
‫مندوب وبالمباح على أنه مباح إلى آخره‪ ،‬فللإنه يصللل إلللى‬
‫كمال وجوده على حسب طاقته ووسعه‪ ،‬وبالتدريج‪.‬‬
‫فأوامر الله تعالى ومطلوبللاته مللن عبيللده تعلقللت بكللل‬
‫شيء مما يتصور أن يتلبس النسان به‪ ،‬أو يكون له مدخل‬
‫في حياته في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫وبما أن أوامر الله تعالى عامة التعلللق‪ ،‬والللله تعللالى ل‬
‫يأمر إل بمللا يرضللى‪ ،‬وإذا أمللر أمللر بلله علللى الللوجه الللذي‬
‫‪192 Page 185 of‬‬

‫يرضاه‪ ،‬ول ينهى إل عما ل يحب‪ ،‬وإذا نهى نهى على الوجه‬
‫الذي أحب‪ .‬ول نتصور أمرا خارجا عن أوامر الللله ونللواهيه‬
‫له مدخل في الرسالة والشرائع‪.‬‬
‫فيتحصل مما مضى أن الشره الذي أنزله الله تعللالى ل‬
‫يتصللور فيلله نقللص ول قصللور‪ ،‬وهللذا معلللوم مللن الللدين‬
‫بالضرورة‪.‬‬
‫والله ل يأمر العباد إل بما يطيقللون‪ ،‬ومللا يللأمرهم بلله ل‬
‫يكون شرا‪ ،‬فيتحصل لنا مللن هللاتين الكلمللتين أن الش لّر ل‬
‫يطيقه العبللاد‪ ،‬ومللا يظهللر لنللا مللن النسللان حيللن يشللرب‬
‫الخمللر أنلله يطيقلله‪ ،‬فهللذه إاطقللة ظاهريللة ومؤقتللة غيللر‬
‫معتللبرة‪ ،‬وذو العقللل السللليم ل يلتفللت إليهللا‪ ،‬لن حاصللل‬
‫شرب الخمللر هللو هلك الجسللد‪ ،‬والنسللان ل يطيللق هلك‬
‫نفسله‪ ،‬والشلرور إنملا هللي نقصللان فللي وجلود الموجلود‪،‬‬
‫والموجود ل يطيق عللدم بعضلله‪ ،‬لن الطاقللة فعللل يتعلللق‬
‫بموجود‪ ،‬والمعدوم ليس بشيء فل تتعلق به إطاقللة‪ ،‬لهللذا‬
‫قرر المحققون من علماء الصول أنه ل تكليللف إل بفعللل‪،‬‬
‫فالفعل وجودي مطلقا‪.‬‬
‫ومما مضى يتبين ذو التحقيق أن كلم من اعترض على‬
‫الطحاوي في هذه العبارة باطل‪ ،‬جملة وتفصيل‪.‬‬
‫ومللن الوجللوه الللتي يمكللن أن يتللبين بهللا بطلن كلم‬
‫المعترضين‪ :‬أنهم يقولون بللأن الخلللق يطيقللون أكللثر ممللا‬
‫كلفهم‪ ،‬ولكنه لم يكلفهللم بلله‪ ،‬إذن يوجللد شلليء يمكللن أن‬
‫يتعلق به حكم شرعي ولكن الشرع ل يطاله ول يتعلق به‪،‬‬
‫وهذا تصريح بنقصان الشريعة‪.‬‬
‫وأيضا هذا الذي للم يكلفهلم بله الشلرع‪ ،‬إملا أن يكلون‬
‫خيرا أو شرا‪ ،‬فإن كان شرا‪ ،‬فيلزم أن يرضى الللله بالشللر‬
‫على قولهم‪ ،‬وهو باطللل‪ ،‬وإن كللان خيللرا‪ ،‬وهللم يطيقللونه‪،‬‬
‫فعدم تكليفهم به بل عدم دللته لهم عليلله منللاف للحكمللة‬
‫ولكون الشريعة كاملة‪ ،‬وهذا قدح في الحضرة العلية‪ ،‬وهو‬
‫كفر‪.‬‬
‫وأما قولهم ولكنه عّز وجل لطف…الخ‪ ،‬فللأقول‪ :‬لطللف‬
‫الله إنما يمكن في عدم تكليف العباد ما ل يطيقون‪ ،‬ل في‬
‫عدم تكليفهم بما يوصلهم إلى كمالهم‪ ،‬فالتكليف تشريف‪،‬‬
‫‪192 Page 186 of‬‬

‫وعدم التكليف بما يللدخل تحللت الطاقللة يضللاد التشللريف‪،‬‬


‫فأين يذهب اللطف؟!‬
‫ن هللو الهلك والمحنللة‪ .‬وفللي بعللض‬ ‫حي ْل ُ‬
‫ال َ‬ ‫)]‪([108‬‬
‫ن( والشللين هللو النقللص‬ ‫النسخ )تقدس عن كل سوء و َ‬
‫ش لي ْ ٍ‬
‫والعيب‪ .‬وفي بعضها )تقدس عن كل سوء(‪.‬‬
‫لما كان الظلم هو إعطاء الشيء غير مللا‬ ‫)]‪([109‬‬
‫يستحق‪ ،‬وكان كل ما سوى الله تعالى ل حلق لله ثلابت إل‬
‫بتثبيت الله تعالى له‪ ،‬فللإن الظلللم منفللي عللن الللله تعللالى‬
‫مطلقا‪.‬‬
‫وأما ما يعده الله تعلالى لعبلاده‪ ،‬فلإنه ل يخلفله‪ ،‬ولكلن‬
‫هذا ل يكون حقا لهم ثابتا إل بتثللبيت الللله تعللالى للله‪.‬والللله‬
‫تعالى ل يخلف وعده‪.‬‬
‫قللال الشلليخ الغنيمللي فللي شللرحه علللى‬ ‫)]‪([110‬‬
‫العقيدة الطحاوية بعد أن ذكر أن دعاء الحياء فيلله منفعللة‬
‫للموات‪":‬وقد توارث السلف له‪ ،‬فلو لم يكن للموات نفع‬
‫فيه‪ ،‬لما كان له معنى‪ ،‬وقال عليه الصلة والسلم‪":‬ما من‬
‫ميث يصلي عليه أمة من المسلللمين يبلغللون مللائة‪ ،‬كلهللم‬
‫يشفعون له إل شفعوا فيه"‪ ،‬وعن سعد بن عبادة أنه قللال‬
‫يا رسول الله إن أم سعد ماتت‪ ،‬فأي صللدقة أفضللل‪ ،‬قللال‬
‫الماء‪ .‬فحفر بئرا وقال هللذه لم سللعد‪ .‬والحللاديث والثللار‬
‫في هذا الباب أكثر من أن تحصر‪".‬اهل‬
‫وهذا الكلم قللد نقللله الغنيمللي عللن السللعد فللي شللرح‬
‫العقائد النسفية كما نبه‪ ،‬وتكملة كلمه هناك‪":‬وقللال عليلله‬
‫الصلة والسلم الدعاء يرد البلء‪ ،‬والصدقة تطفللئ غضللب‬
‫الرب‪ ،‬وقال عليه السلم إن العالم والمتعلم إذا مرا علللى‬
‫قرية فإن الله تعالى يرفع العذاب عن مقبرة تلللك القريللة‬
‫أربعين يوما‪".‬اهل‬
‫ذكر العلمة الطحاوي هذا هنا‪ ،‬لئل يتللوهم‬ ‫)]‪([111‬‬
‫متوهم أن الدعاء يلؤثر بنفسله‪ ،‬بلل اللله تعللالى هلو الللذي‬
‫يستجيب للدعاء‪ ،‬فالثر إنما هو صادر من الله تعالى‪ ،‬وهللو‬
‫الذي يقضي الحاجات‪ .‬وهذا المعنى واضح‪.‬‬
‫ن هو الهلك‪ .‬كما مضى‪.‬‬ ‫حي ْ ِ‬
‫معنى ال َ‬ ‫)]‪([112‬‬
‫‪192 Page 187 of‬‬

‫لما ثبت أن الله تعللالى هللو الموجللود الللواجب الوجللود‪،‬‬


‫وثبت أن كل ما سواه فإنما هو ممكللن الوجللود‪ ،‬فقللد لللزم‬
‫أن كل ما سوى الله تعالى فهو محتاج إلى الله تعللالى‪ ،‬ول‬
‫يمكللن أن يسللتغني كللل مللا سللواه عنلله طرفللة عيللن‪ ،‬وإل‬
‫لصبح من أهل الهلك‪ ،‬وهذا مطابق لما قرره أئمللة الكلم‬
‫من أن الممكن محتاج إلى الله تعالى حللال اليجللاد‪ ،‬وبعللد‬
‫ذلك‪ ،‬أي إنه محتاج إلى الله تعالى لستمرار وجوده أيضا‪.‬‬
‫روى المللام البخللاري فللي صللحيحه عللن‬ ‫)]‪([113‬‬
‫فاطمة عن أسماء قالت أتيت عائشة وهللي تصلللي فقلللت‬
‫ما شأن النللاس فأشللارت إلللى السللماء فللإذا النللاس قيللام‬
‫فقالت سللبحان الللله قلللت آيللة فأشللارت برأسللها أي نعللم‬
‫فقمت حتى تجلنللي الغشللي فجعلللت أصللب علللى رأسللي‬
‫الماء فحمد الله عز وجللل النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫وأثنى عليه ثم قال ما من شيء لم أكن أريته إل رأيته في‬
‫مقامي حتى الجنة والنللار فللأوحي إلللي أنكللم تفتنللون فللي‬
‫قبوركم مثل أو قريب ل أدري أي ذلللك قللالت أسللماء مللن‬
‫فتنة المسلليح الللدجال يقللال مللا علمللك بهللذا الرجللل فأمللا‬
‫المؤمن أو الموقن ل أدري بأيهما قالت أسماء فيقللول هللو‬
‫محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا واتبعنللا هللو‬
‫محمد ثلثا فيقال نم صالحا قد علمنللا إن كنللت لموقنللا بلله‬
‫وأملا المنلافق أو المرتلاب ل أدري أي ذللك قلالت أسلماء‬
‫فيقول ل أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته‪.‬‬
‫وفي البخاري أيضا عن مجاهد قال كنا عنللد بللن عبللاس‬
‫رضي الله تعالى عنهما فذكروا الللدجال أنلله قللال مكتللوب‬
‫بين عينيه كافر فقال بن عباس لم أسمعه ولكنه قللال أمللا‬
‫موسى كأني أنظر إليه إذ انحدر في الوادي يلبي‪.‬‬
‫وفيه عن أبي بكرة رضللي الللله تعللالى عنلله عللن النللبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال ل يدخل المدينة رعب المسلليح‬
‫الدجال لها يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان‪.‬‬
‫وفيه أيضا أنس بن مالللك رضللي الللله تعللالى عنلله عللن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس من بلللد إل سلليطؤه‬
‫الدجال إل مكة والمدينة ليس له من نقابها نقللب إل عليلله‬
‫‪192 Page 188 of‬‬

‫الملئكة صافين يحرسونها ثم ترجللف المدينللة بأهلهللا ثلث‬


‫رجفات فيخرج الله كل كافر ومنافق‪.‬‬
‫وفي البخاري عبيد الله بللن عبللد الللله بللن عتبللة أن أبللا‬
‫سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال حدثنا رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم حديثا طويل عن الدجال فكللان فيمللا‬
‫حدثنا به أن قال يأتي الدجال وهللو محللرم عليلله أن يللدخل‬
‫نقاب المدينة ينزل بعض السباخ التي بالمدينة فيخرج إليه‬
‫يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس فيقول أشللهد‬
‫أنك الدجال الذي حدثنا عنك رسول الله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم حديثه فيقول الدجال أرأيت إن قتلت هذا ثم أحييتلله‬
‫هل تشكون في المر فيقولون ل فيقتله ثم يحييلله فيقللول‬
‫حين يحييله واللله ملا كنلت قلط أشلد بصليرة منلي اليلوم‬
‫فيقول الدجال أقتله فل أسلط عليه‪.‬‬
‫وقد روي في الدجال أحاديث غير هذه‪.‬‬
‫روى المام مسلم في صللحيحه عللن عبللد‬ ‫)]‪([114‬‬
‫الله بن عمرو قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم حديثا لم أنسه بعد سمعت رسللول الللله صلللى الللله‬
‫عليه وسلم يقول إن أول اليللات خروجللا طلللوع الشللمس‬
‫من مغربها وخروج الدابللة علللى النللاس ضللحى وأيهمللا مللا‬
‫كانت قبل صاحبتها فالخرى على إثرها قريبا‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم قال بادروا بالعمال ستا طلللوع الشللمس‬
‫من مغربها أو الدخان أو الدجال أو الدابة أو خاصة أحللدكم‬
‫أو أمر العامة‪.‬‬
‫وروى الحاكم في المستدرك عن قيللس بللن سللعد عللن‬
‫أبي الطفيل قال كنللا جلوسللا عنللد حذيفللة فللذكرت الدابللة‬
‫فقال حذيفة رضي الله تعالى عنه إنها تخرج ثلث خرجات‬
‫في بعض البوادي ثم تكمن ثم تخرج في بعض القرى حتى‬
‫يذعروا وحتى تهريق فيهللا المللراء الللدماء ثللم تكمللن قللال‬
‫فبينما الناس عند أعظم المساجد وأفضلها وأشرفها حللتى‬
‫قلنا المسجد الحرام وما سماه إذ ارتفعللت الرض ويهللرب‬
‫الناس ويبقى عامة من المسلمين يقولللون إنلله لللن ينجينللا‬
‫من أمر الله شلليء فتخللرج فتجلللو وجللوههم حللتى تجعلهللا‬
‫‪192 Page 189 of‬‬

‫كالكواكب الدرية وتتبع النللاس جيللران فلي الربلاع شلركاء‬


‫في الموال وأصحاب في السلم هذا حديث صللحيح علللى‬
‫شرط الشيخين ولم يخرجاه‪.‬‬
‫وفي المستدرك عن أبي هريرة رضي الله تعللالى عنلله‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم قلال تخللرج الدابلة ومعهلا‬
‫عصى موسى وخاتم سليمان فتجلو وجه المؤمن بالعصللى‬
‫وتخطم أنف الكافر بالخاتم حتى أن أهل الخوان يجتمعون‬
‫فيقولون لهذا يا مؤمن ويقولون لهذا يا كافر‪.‬‬
‫وفي المستدرك عن أبي الزعراء قال كنا عند عبد اللله‬
‫بن مسعود رضي الله تعالى عنه فذكر عنده الدجال فقلال‬
‫عبد الله بن مسعود تفللترقون أيهللا النللاس لخروجلله علللى‬
‫ثلث فرق فرقة تتبعه وفرقة تلحللق بللأرض آبائهللا بمنللابت‬
‫الشيح وفرقة تأخذ شط الفللرات يقللاتلهم ويقللاتلونه حللتى‬
‫يجتمع المؤمنون بقرى الشام فيبعثون إليهم طليعللة فيهللم‬
‫فارس على فرس أشللقر وأبلللق قللال فيقتتلللون فل يرجللع‬
‫منهم بشر قال سلمة فحدثني أبللو صللادق عللن ربيعللة بللن‬
‫ناجذ أن عبد الله بن مسعود قللال فللرس أشللقر قللال عبللد‬
‫الله ويزعم أهل الكتاب أن المسيح ينزل إليه قال سللمعته‬
‫يذكر عن أهللل الكتللاب حللديثا غيللر هللذا ثللم يخللرج يللأجوج‬
‫ومأجوج فيمرحون في الرض فيفسدون فيها ثم قللرأ عبللد‬
‫الله وهم من كل حدب ينسلون قال ثم يبعث الللله عليهللم‬
‫دابللة مثللل هللذا النغللف فتلللج فللي أسللماعهم ومنللاخرهم‬
‫فيموتون منها فتنتن الرض منهم فيجأر إلى الللله فيرسللل‬
‫مللاء يطهللر الرض منهللم قللال ثللم يبعللث الللله ريحللا فيهللا‬
‫زمهرير باردة فلم تللدع علللى وجلله الرض مؤمنللا إل كفتلله‬
‫تلك الريح قال ثللم تقللوم السللاعة علللى شللرار النللاس ثللم‬
‫يقللوم الملللك بالصللور بيللن السللماء والرض فينفللخ فيلله‬
‫والصللور قللرن فل يبقللى خلللق فللي السللماوات والرض إل‬
‫مات إل من شاء ربك ثم يكون بين النفختين ما شللاء الللله‬
‫أن يكللون فليللس مللن بنللي آدم خلللق إل منلله شلليء قللال‬
‫فيرسل الله ماء من تحت العللرش كمنللي الرجللال فتنبللت‬
‫لحمانهم وجثمانهم من ذلللك المللاء كمللا ينبللت الرض مللن‬
‫الثرى ثم قللرأ عبللد اللله واللله الللذي أرسللل الريللاح فتللثير‬
‫‪192 Page 190 of‬‬

‫سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا بلله الرض بعللد موتهللا‬
‫كذلك النشللور قللال ثللم يقللوم ملللك بالصللور بيللن السللماء‬
‫والرض فينفخ فيه فينطلق كللل نفللس إلللى جسللدها حللتى‬
‫يدخل فيه ثم يقومون فيحيون حياة رجل واحد قياما لللرب‬
‫العالمين قال ثم يتمثللل الللله تعللالى إلللى الخلللق فيلقللاهم‬
‫فليس أحد يعبد من دون الله شيئا إل وهو مرفوع له يتبعه‬
‫قال فيلقى اليهود فيقول من تعبدون قللال فيقولللون نعبللد‬
‫عزيرا قال هل يسركم الماء فيقولون نعم إذ يريهم جهنللم‬
‫كهيئة السراب قال ثم قرأ عبد الله وعرضللنا جهنللم يللومئذ‬
‫للكافرين عرضا قال ثم يلقى النصارى فيقول من تعبللدون‬
‫فيقولللون المسلليح قللال فيقللول هللل يسللركم المللاء قللال‬
‫فيقولون نعم قال فيريهم جهنم كهيئة السللراب ثللم كللذلك‬
‫لمن كان يعبد من دون الله شلليئا قللال ثللم قللرأ عبللد الللله‬
‫وقفوهم إنهم مسؤولون قال ثم يتمثل الللله تعللالى للخلللق‬
‫حتى يمر على المسلمين قال فيقول من تعبدون فيقولون‬
‫نعبللد الللله ول نشللرك بلله شلليئا فينتهرهللم مرتيللن أو ثلثللا‬
‫فيقول من تعبدون فيقولون نعبد الله ول نشللرك بلله شلليئا‬
‫قال فيقولون هل تعرفون ربكم قال فيقولون سللبحانه إذا‬
‫اعترف لنا عرفناه قالف فعند ذلك يكشللف عللن سللاق فل‬
‫يبقى مؤمن إل خر لله ساجدا ويبقى المنللافقون ظهللورهم‬
‫طبقا واحدا كأنما فيها السفافيد قال فيقولون ربنللا فيقللول‬
‫قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون قللال ثللم يلأمر‬
‫بالصراط فيضرب على جهنم فيمر النلاس كقلدر أعملالهم‬
‫زمرا كلمح البرق ثم كمر الريح ثم كمر الطير ثللم كأسللرع‬
‫البهائم ثم كذلك حتى يمر الرجل سعيا ثم مشيا ثللم يكللون‬
‫آخرهم رجل يتلبط علللى بطنلله قللال فيقللول أي رب لمللاذا‬
‫أبطأت بي فيقول لم أبطأ بك إنما أبطأ بك عملك قال ثللم‬
‫يللأذن الللله تعللالى فللي الشللفاعة فيكللون أول شللافع روح‬
‫القدس جبريل صلى الله عليه وسلم ثم إبراهيم خليللل‬
‫الله ثم موسى ثم عيسى عليهما الصلة والسلم قللال ثللم‬
‫يقوم نبيكم رابعا ل يشفع أحد بعده فيمللا يشللفع فيلله وهللو‬
‫المقام المحمود الذي ذكره الله تبللارك وتعللالى عسللى أن‬
‫يبعثك ربك مقاما محمودا قال فليللس مللن نفللس إل وهللي‬
‫‪192 Page 191 of‬‬

‫تنظر إلى بيت في الجنة أو بيت فللي النللار قللال وهللو يللوم‬
‫الحسرة قال فيرى أهل النلار اللبيت اللذي فلي الجنلة ثلم‬
‫يقال لو عملتللم قللال فتأخللذهم الحسللرة قللال ويللرى أهللل‬
‫الجنة البيت في النار فيقال لول أن مللن الللله عليكللم قللال‬
‫ثلللم يشلللفع الملئكلللة والنلللبيون والشلللهداء والصلللالحون‬
‫والمؤمنون فيشفعهم الللله قللال ثللم يقللول الللله أنللا أرحللم‬
‫الراحمين فيخرج من النار أكثر مما أخرج من جميع الخلق‬
‫برحمته قال ثم يقول أنا أرحم الراحمين قال ثم قللرأ عبللد‬
‫الله ما سلككم في سقر قالوا لم نللك مللن المصلللين ولللم‬
‫نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنللا نكللذب‬
‫بيوم الدين قال فعقد عبد الله بيده أربعا ثم قال هل ترون‬
‫في هؤلء من خير ما ينزل فيها أحد فيه خير فإذا أراد الله‬
‫عز وجل أن ل يخرج منها أحد غير وجوههم وألللوانهم قللال‬
‫فيجئ الرجل فينظر ول يعرف أحدا فيناديه الرجل فيقللول‬
‫يا فلن أنا فلن فيقول مللا أعرفللك فعنللد ذلللك يقللول ربنللا‬
‫أخرجنللا منهللا فللإن عللدنا فإنللا ظللالمون فيقللول عنللد ذلللك‬
‫اخسئوا فيها ول تكلمون فإذا قال ذلك أطبقللت عليهللم فل‬
‫يخرج منهم بشر هذا حديث صحيح علللى شللرط الشلليخين‬
‫ولم يخرجاه‪.‬‬
‫وفي المستدرك أيضا عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير‬
‫قال جلس إلى مروان ثلثة نفر بالمدينة فسللمعوه يحللدث‬
‫عن اليات أولها خروج الدجال فقام النفر من عند مللروان‬
‫فجلسوا إلى عبد الله بن عمرو فحللدثوه بمللا قللال مللروان‬
‫فقال عبد الله لم يقل مللروان شلليئا سللمعت رسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول إن أول اليللات خروجللا طلللوع‬
‫الشمس من مغربهللا أو الدابللة أيهمللا كللانت أول فللالخرى‬
‫على أثرها قريبا ثم نشأ يحدث قال وذلك أن الشللمس إذا‬
‫غربت أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت فللي الرجللوع‬
‫فلم يرد عليها شيء قال ثم تعود تستأذن في الرجوع فلم‬
‫يرد عليهللا شلليء قللال يللا رب مللا أبعللد المشللرق مللن لللي‬
‫بالنللاس حللتى إذا كللان الليللل أتللت فاسللتأذنت فقللال لهللا‬
‫اطلعي من مكانك قال وكان عبد الللله يقللرأ الكتللب فقللرأ‬
‫وذلك يوم ل ينفع إيمانها نفسا لم تكلن آمنلت ملن قبلل أو‬
‫‪192 Page 192 of‬‬

‫كسبت في إيمانهللا خيلرا هلذا حلديث صللحيح علللى شللرط‬


‫الشيخين ولم يخرجاه‪.‬‬
‫روى الحللاكم فللي المسللتدرك عللن أبللي‬ ‫)]‪([115‬‬
‫هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أتى‬
‫عرافا أو كاهنا فصدقه فيما يقول فقد كفر بما أنللزل علللى‬
‫محمللد صلللى الللله عليلله وسلللم هللذا حللديث صللحيح علللى‬
‫شرطهما جميعا من حديث بن سيرين ولم يخرجاه وحللدث‬
‫البخللاري عللن إسللحاق عللن روح عللن عللوف عللن خلس‬
‫ومحمد عن أبي هريرة قصة موسى أنه آدر‪.‬‬
‫وهو في سنن البيهقي الكللبرى بلفللظ عللن أبللي هريللرة‬
‫رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليلله‬
‫وسلم من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر‬
‫بما أنزل على محمد‪.‬‬
‫ورواه المللام أحمللد بهللذا اللفللظ عنلله وعللن الحسللن‪،‬‬
‫وإسحاق بن راهويه‪.‬‬
‫وفي مسند أبي يعلى عبد الله أنه قال مللن أتللى عرافللا‬
‫أو ساحرا أو كاهنا فسأله فصدقه بما يقول فقللد كفللر بمللا‬
‫أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وهذا عن عبد الله بن مسلعود فلي الوسلط للطلبراني‬
‫وغيره‪.‬‬
‫وهذا المعنى كثير في السنة‪.‬‬

You might also like