Professional Documents
Culture Documents
االنسداد السياسي والجمود السائد بعد االنتخابات الرئاسية االخيرة يبقى على رأس الهموم التي نتخبط
فيها في ظل االقصاء الذي تتعرض له األحزاب والجمعيات وكل الطبقة السياسية التي تدرك حجم االزمة
وتحاول القيام بمبادرات كان يمكن مرافقتها والتعامل معها من قبل السلطة لتجاوز االختالالت الموجودة
واشراك الطبقة السياسية والشخصيات الوطنية المحترمة في تحمل عبئ الهموم التي نتخبط فيها !!
التحديات األمنية كبيرة على الحدود مع ليبيا ومالي وتونس واألزمة األمنية في أوساط أهلنا في غرداية
تتفاقم كل يوم في سيناريو غريب لم نفهم مغزاه ،دون أن تقدر السلطات على استدراك الوضع المبهم
وكأنها عملية مقصودة تؤدي إلى مزيد من االقتتال بين أبناء المدينة الواحدة وقد تترك أثارا وخيمة على
األجيال الصاعدة التي تعيش وسط إحتقان غير مسبوق ..
الغياب المستمر للرئيس عن مسرح األحداث والحضور الالفت لالنتهازيين والمنتفعين تحول الى أزمة
سياسية كبيرة في الجزائر وأدى الى فراغ مؤسساتي رهيب فسح المجال أمام المغامرين وأصحاب المال
لكي يتصرفوا في شؤون الدولة كما يحلو لهم ،وأدى الى غياب صوت الجزائر عن الساحة الدولية
وانعدام الثقة في مؤسسات الدولة المختلفة ،واتساع رقعة النهب وتراجع في القيم واالخالق في الداخل
لدرجة ال يمكن التكهن بما ستكون عليه الجزائر غدا!!
الرداءة إنتشرت في كل مكان وفي كل مجاالت الحياة السياسية والثقافية واالعالمية بسبب الجهوية
المتزايدة واالقصاء الممارس ضد الكفاءات التي تحالفت ضدها قوى الشر فوجدنا أنفسنا أمام خطاب
سياسي متخلف وفراغ ثقافي رهيب وإعالم عمومي وخاص يمارس االبتزاز السياسي والمالي ويبتعد كل
يوم عن مهامه في غياب استراتيجية وطنية اعالمية وثقافية مناسبة لمقوماتنا وحاجياتنا الفكرية المتزايدة
..
األزمة الفكرية تكبر من يوم ألخر بسبب غياب مشروع المجتمع الذي يليق بنا وغياب إستراتيجية وطنية
لتصحيح االختالالت الموجودة ورؤية مستقبلية واضحة لجزائر القرن الواحد والعشرين التي تواجه
تحديات سياسية وأمنية واقتصادية وفكرية لم نقدر على حصرها ومعالجتها ألننا ال نملك االرادة وال
القدرة على ذلك في غياب ثقافة الدولة واعالم حر ونزيه وعدالة اجتماعية وتنمية اقتصادية حقيقية
شاملة !!
تغول سلطة المال التي صارت تقيل وزيرا للداخلية من حجم دحو ولد قابلية ألنه قال "ال" ،وتقيل
الرئيس المدير العام لسوناطراك ألنه قال "ال" أيضا ،وتقيل وتعين المسؤولين في المناصب العليا للدولة
لالستحواذ على ما تبقى من خيرات هذا الوطن أمام مرأى ومسمع الجميع هي أكبر وأخطر أزمات
الجزائر في بداية االلفية باإلضافة الى األزمة األخالقية المتفشية في كل القطاعات واألوساط وبين
النفوس المريضة بسبب صراع األجنحة على مزيد من النفوذ والمال في ظل انهيار القيم والمبادئ
وتراجع االهتمام بشؤون الوطن و الشعب !!
أزمة الجزائر تحولت الى أزمات ألننا لم نتخلص من أنانيتنا ولم نتحلى بالجرأة والشجاعة في معالجة
مشاكلنا البسيطة التي كبرت وتفاقمت مع تكرار االخطاء وانتشار الحقد والكراهية واالقصاء من طرف
أناس يعتقدون بأنهم هم الجزائر ودونهم سينهار الوطن ويموت الشعب جوعا وعطشا!!
وطن يأكل أبناءه!!
ألول مرة منذ ست سنوات قضيتها خارج الجزائر أتلقى هذا الكم الهائل من طلبات المساعدة على مغادرة
الجزائر وااللتحاق بقطر وغيرها من دول الخليج من طرف إطارات جزائرية رياضية وإعالمية ومن
مختلف االختصاصات ،سواء من ذوي الشهادات العليا الذين لم يجدوا منصب عمل أو حتى أولئك الذين
يحتلون مواقع ومناصب هامة في مختلف المؤسسات واإلدارات!!
رياضيون ومدربون وإعالميون وأطباء ومهندسون وطيارون ،ومتخرجون جدد من مختلف الجامعات
والمعاهد الجزائرية لم يعد باستطاعتهم تحمل الظروف الصعبة التي يعملون فيها ،ومواجهة الظروف
المعيشية التي يكابدونها ،ولم يعد بإمكانهم تحمل ما يسمعون ويشاهدون من اختالالت سياسية واقتصادية
واجتماعية وأخالقية انعكست على معنويات الجيل الصاعد الذي صار يسعى إلى الهروب من الواقع المر
بكل الطرق والوسائل بعدما نفذ صبره وبلغ درجة ال مثيل لها من اليأس والتذمر!!
صحيح أن الهجرة ظاهرة عالمية صحية وطبيعية ،واألمر يبدو عاديا من زمان بالنسبة للكثير من الشباب
العربي الذي يبحث عن فضاءات أفضل لتحسين ظروفه المهنية والمادية أو ألسباب أخرى مختلفة ،وقد
يكون األمر أيضا مفيدا لألجيال الصاعدة التي تبحث عن فرصتها لدخول الحياة المهنية من بوابة
استخالف المهاجرين ولكن تفاقم الظاهرة بشكل رهيب يحمل دالالت سياسية واجتماعية يجب التوقف
عندها ،وينذر بهجرة جماعية للكفاءات الجزائرية التي أنفقت عليها الدولة أمواال طائلة من أجل تكوينها،
وينذر أيضا بإفراغ مؤسسات الدولة من إطارات كفئة كثيرة في مختلف المجاالت!!
األمر يثير عالمات استفهام كبيرة ال تختلف عن عالمات االستفهام التي يطرحها علينا كل مرة بعض
اإلخوان ممن يتساءلون عن سر نزعة الشباب الجزائري نحو الهجرة إلى أوروبا وأمريكا والخليج
العربي ،في وقت تتمتع فيه الجزائر بقدرات مادية وطبيعية وبشرية ال تتوفر لدى الكثير من الدول
المتطورة ،وفي وقت تشهد سوق العمل الجزائرية إقباال متزايدا لليد العاملة األجنبية المؤهلة وغير
المؤهلة في تناقض فظيع ال يمكن تفسيره!!
الظاهرة مثيرة لعالمات استفهام عديدة يطرحها المالحظون في الداخل والخارج ولكن السلطات
الجزائرية ال تعير لها اهتماما وكأن األمر مقصود ومدبر لتهجير الكفاءات وإبقاء الجزائر رهينة بين
أيدي الرديئين واالنتهازيين وأولئك الذين بلغوا سن التقاعد والزالوا يحتلون مواقع ومناصب هامة في
هياكل الدولة التي تعاني الجمود والتخلف بسبب غياب النفس الجديد والفكر المتجدد في مجتمع غالبيته
شباب..
صحيح أن الكفاءة والجدارة والعطاء ليس لها سن أو حدود ،والجزائر يبنيها الجميع ،وتصدير الكفاءات
قد يخدم اقتصاد الوطن وسمعته ،ولكن للصبر على الرداءة والتراجع حدود ،والجزائر بحاجة إلى نفس
جديد وبحاجة إلى كل أبنائها لالستثمار في قدراتنا وخيراتنا التي يراد لها أن تبقى حكرا على فئة من
أصحاب المال والنفوذ الذين وصل بهم األمر إلى التحكم في رقاب الناس وتعيين وإقالة الوزراء ومدراء
المؤسسات الكبرى ألنهم لم يتواطئوا معهم في عملية االستحواذ على ما تبقى من خيرات الوطن!!
بأمر من فخامة الرئيس!!
"بأمر من فخامة الرئيس تم تشكيل خلية أزمة" و "بأمر من الرئيس يتوجه وزير النقل إلى مالي مبعوثا
لفخام ته" و "فخامة الرئيس يسهر شخصيا على متابعة الملف "!! هي جمل كئيبة عادت إلى ألسنة
وزرائنا ومدراءنا بمناسبة تحطم الطائرة المستأجرة من شركة الخطوط الجوية الجزائرية فوق سماء
مالي ،وهي جمل لم تكن تخلو منها تصريحات وزراءنا منذ أكثر من عقد من الزمن في سيناريو فريد
من نوعه ال يحدث سوى عندنا وكأن الرئيس فعال يتحدث إلى وزراءه ويوجههم ويأمرهم ،أو كأن ال أحد
من المسؤولين في هذا الوطن يتحرك للقيام بمهامه دون أوامر وتوجيهات من الرئيس !!
كل الوزراء والمدراء والمسؤولين الكبار في عهد الرئيس بوتفليقة يتسابقون إلطالق الجملة السحرية
ويتفننون بها في اإلطراء على فخامته بمناسبة ودون مناسبة ،ومن يخرج عن القاعدة يأتيه التنبيه
والتوبيخ من محيط الرئيس وقد يصبح من المغضوب عليهم أو يقال من منصبه ،وال يمكن ألي تصريح
ال يتضمن الجملة السحرية التي تذكر صاحب الفخامة أن يبث على شاشة التلفزيون الرسمي حتى أصبح
األمر ممال وتافها لنا ،وثقافة سياسية لدى كل المسؤولين ..
ال أعتقد بأن الرئيس بحاجة إلى هذا النوع من "الشيتة " وال أعتقد بأنه يطلب شخصيا من وزرائه أن
يذكروه في كل خرجاتهم ،وال أعتقد حتى بأن الرئيس يتواصل مع وزرائه ومدرائه وسفرائه إال نادرا،
وال أحد يجرؤ على التواصل معه مهما كانت الظروف ألنه كان دائما يعتبر نفسه فوق الجميع وصاحب
الفضل على كل المسؤولين وعلى كل الجزائريين ،وال يمكنه أن يتواصل مع أي كان أو يناقشه أو يستمع
اليه !!
"فخامته" ال يتواصل سوى مع شخصين أو ثالثة من المسؤولين على أقصى تقدير وهو الذي كان دائما
يقول عن وزرائه بأنهم ال يصلحون كي يكونوا مدراء مكاتب اعتقادا منه بأنهم ال يملكون الكفاءة وال
القدرة على تسيير قطاعاتهم ،وال يملكون الجرأة على التحرك دون أن يشيروا إلى أفضال الرئيس
وأوامره وتوجيهاته في وقت تمكنت الكثير من اإلطارات الجزائرية من تحقيق معجزات في قطاعاتها
وكانت صاحبة الفضل فيما تحقق ولكنها كانت مضطرة في تصريحاتها لكي تنسب تلك االنجازات إلى
"فخامة الرئيس !! "
لو كنت مكان الرئيس لقررت إقالة كل وزير أو مدير يصرح بأنه يقوم بمهامه بأمر أو تكليف من فخامة
الرئيس ألن في األمر إساءة للرئيس والوزير وللجمهورية وللشعب برمته ألنه يعطي االنطباع بأن ال
أحد بإمكانه التحرك للقيام بمهامه دون إذن أو أمر من الرئيس ،ويعطي االنطباع أيضا بأن كل شؤون
الدولة في يد الرئيس ومحيطه الضيق ،وال أحد يعرف كيف يتصرف إذا لم يتدخل الرئيس ليعطي
التوجيهات واألوامر!!
قد يقول البعض بأن األمر عادي والظروف الصحية للرئيس هي التي تجعله يكتفي بتكليف وتوجيه
وزرائه ،وتفرض عليهم التصريح بذلك في كل مناسبة ،ولكن األمر ليس جديدا بل يحدث من زمن حتى
عندما كان الرئيس في أوج لياقته مما جعل األمر تقليدا وثقافة نتمنى أن يتخلص منها الرئيس المقبل ألنها
ال تليق بجزائر القرن الواحد والعشرين وتسيء إلى الجمهورية ومؤسساتها واطاراتها
الحادثة تستوقفنا أيضا لنتوقف عند هشاشة وضعف األسطول الجزائري وتراجع نوعية الخدمات وارتفاع
أسعار النقل الجوي وكذا تدهور قطاع النقل البحري والبري الذي يعيش على الوعود الكاذبة للمسؤولين
على القطاع منذ االستقالل ،في وقت كان بإمكاننا أن نجعل من الخطوط الجوية الجزائرية مفخرة للوطن
تساهم في رفاهية الشعب وتوفير كل الخدمات لمرافقة التنمية التي نطمح إليها في وطن يحسدنا على
خيراته القريب والبعيد ،ولكننا نصر بتخلفنا على إبقائه بعيدا عن الركب العالمي!!
ال أريد العودة إلى تعاملنا مع الواقعة وال إلى تعاملنا مع أحداث أخرى سابقة مماثلة ألننا ال نزال هواة
في الممارسة السياسية واإلعالمية ،ولم نتعلم من تجاربنا وتجارب اآلخرين ،ولكن أكتفي في هذا المقام
بالوقوف عند استراتيجيتنا المتخلفة في مجال النقل الجوي والبحري وحتى البري وبواسطة السكة
الحديدية والتي لم ترق إلى مستوى شعبنا وحاجياته وال إلى مستوى سمعة الجزائر وقدراتنا المادية
والبشرية الفريدة من نوعها والتي تسمح لنا باقتناء طائرات وبواخر وقطارات حديثة ومتطورة ،ومنافسة
أكبر شركات النقل العالمية في الداخل والخارج دون اللجوء إلى كراء طائرات أكل عليها الدهر وشرب
ولم تعد توفر الراحة واألمن الالزمين لمسافرينا..
الحديث عن الحالة المزرية لشركة الخطوط الجوية الجزائرية يذكرنا بالحالة المأساوية ألسطولنا البحري
ومؤسسات النقل البري والنقل بواسطة السكة الحديدية والتي لم ترتق كلها إلى مستوى قدراتنا وطموحاتنا
ألننا لم نعطِ األولوية واألهمية لهذا القطاع الحساس ولم نستثمر فيه رغم أهميته لنجد أنفسنا في مطلع
القر ن الحادي والعشرين نستأجر طائرات من شركات أجنبية لنقل زبائننا في ظروف مأساوية في وقت
نكدس المليارات في الخزينة العمومية وكأننا نحسد شعبنا ونستمتع بمعاناته في المطارات والموانئ
ومحطات النقل البري..
أما االعتقاد بأن بناء بضعة مطارات وتشييد آالف الكيلومترات من الطرقات وتدشين محطات الميترو
والترامواي والنقل البري هو أمر كاف لتلبية حاجيات شعبنا المتزايدة في مجال النقل فهو غير كاف
ويحتاج إلى إرادة سياسية ووعي بضرورة تحقيق المزيد والتوجه نحو تسيير احترافي وعصري لهياكلنا
ومؤسساتنا لتجاوز التخلف متعدد األشكال الذي نتخبط فيه.
كيف هي أحوالك يا جزائر؟
في كتابه الشهير تساءل المجاهد المرحوم محمد بوضياف ذات يوم قائال "الجزائر إلى أين “؟ وإلى حد
اآلن ال يزال ذلك السؤال مطروحا دون أن نعرف إلى أين نتوجه في ظل الركود والجمود الذي
يطبع الحياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية وحتى الفكرية واألخالقية التي نعيشها !! وبعد مرور
أكثر من ثالثة أشهر عن االنتخابات الرئاسية ،وانقضاء مونديال البرازيل بما حمله من
متعة وفرحة عاد الجزائريون إلى يومياتهم وانشغاالتهم يتساءلون عن أحوال الجزائر بعيدا عن الكرة
والمنتخب الوطني وبعيدا عن خصوصيات شهر رمضان الكريم ..
بعض الجزائريين يتساءلون عن مصير منتخبهم بعد تألقه في المونديال وهل سيحافظ على توازنه بعد
ذهاب حليلوزيش ،ولكن الكثير يدركون بأن الكرة ليست كل شيء في حياتنا وراحوا بعد المونديال
يسألون عن أحوال الجزائر ومصير المشاورات السياسية حول تعديل الدستور ،ويتساءلون عن األوضاع
في غرداية وكيف سيكون الدخول االجتماعي المقبل ،ويتساءلون مجددا عن الوضع الصحي لرئيسهم
وهل هو قادر على قيادة األمة وممارسة مهامهم كما ينبغي في ظل التحديات التي تنتظرنا!!
كرويا استفاق الجزائريون على اختفاء تلك االصوات الجاحدة والحاقدة التي كانت تنتقد المدرب
والمنتخب وتتوقع اخفاقا في المونديال ،واستفاقوا على وقع الكذب والنفاق الذي مارسته بعض وسائل
االعالم للتقليل من شأن االنجاز واالساءة للمدرب الوطني السابق بمجرد أنه رفض االستمرار في تدريب
الخضر !!
بعد انتهاء المونديال اكتشف الجزائريون بأن المشاورات السياسية المتعلقة بتعديل الدستور قد انتهت كما
بدأت وقد تؤول إلى ما آلت عليه المشاورات السابقة التي قادها رئيس مجلس األمة عبد القادر بن صالح
رغم أن األمر يتعلق بمناقشة وثيقة هامة تقوم عليها الدولة التي نريدها ألبنائنا بعيدا عن كل الصراعات
والحساسيات المعلنة والخفية التي التزال قائمة بين عديد المؤسسات ..
وجدنا االوضاع في غرداية كما كانت عليه سابقا أو ربما أسوء مما كانت عليه بسبب االستخفاف
بخطورة الوضع وسطحية المعالجة الى أن وصل عدد القتلى إلى عشرة مواطنين جزائريين ال يعرفون
لماذا قتلوا ،لكن األحياء يعرفون بأن التهجير والتدمير بلغ درجة ال مثيل لها أمام عجز كبير للسلطات
عن اطفاء نار الفتنة وصمت رهيب من األحزاب والشخصيات الوطنية وكأن األمر يحدث في بلد آخر
وزمن مغاير !!
بعد المونديال استفاق الجزائريون على مشاركة وفد جزائري من العسكر والمدنيين في االحتفاالت
المئوية الفرنسية لذكرى الرابع عشر جويلية رغم معارضة الكثير من الجزائريين والفرنسيين في حد
ذاتهم وفي وقت لم يعد لالحتفاالت بعيد استقالل الجزائر أي لون أو طعم ،ولم يعد أبناؤنا يتذكرون
تضحيات آبائهم إال من خالل ما تعرضه نشرات األخبار الرسمية ليلة الخامس جويلية من صور ووقفات
ال تعكس حجم تلك التضحيات!!
استفاق الجزائريون بعد المونديال على حياة سياسية وثقافية تعيسة ذهب أصحابها في عطلة ،و تفاقم
األزمة الفكرية واألخالقية بسبب استمرار الرداءة على مستويات عدة واستمرار مالحقة النخبة وتفتيتها
حتى يعم الجهل والفساد يومياتنا ويبقى الحال على ما هو عليه تحت سيطرة عصابة تريد أن تقتل في
الجزائريين كل إرادة في التغيير وبناء دولة المؤسسات والكفاءات والقوانين ال دولة الوالءات التي ال
يعرف أصحابها كيف سيكون حالنا بعد أشهر وأسابيع من اآلن ألن مستقبل الوطن يتوقف عندهم دون
غيرهم ومن يريد معرفة الجواب عن أحوال الجزائر نقول له بأنها مبنية للمجهول وال ندري الى أين
تتجه!!
عار علينا ..مقال الشروق ليوم 4102-7-01
ال تزال المشاركة المتميزة للجزائر في مونديال البرازيل تصنع الحدث في األوساط الجماهيرية
والرياضية واإلعالمية المحلية والدولية ،ولكنني ألول مرة منذ مدة أجد نفسي غير قادر على الكتابة في
شؤون الكرة والمنتخب ليس بسبب الصيام أو اإلرهاق ولكن ألننا من جهة قلنا كل شيء في حينه ،ولم
يعد لدي نا ما نقوله ،ومن جهة ثانية ألن عقولنا وقلوبنا حزينة تتألم كل يوم آلالم أبنائنا في فلسطين ،هؤالء
الذين يموتون ونتفرج عليهم وكأننا صم بكم عمي كما يحدث كل مرة أمام تحديات أخرى وقضايا
مصيرية تهم مجتمعاتنا.
لم أعد قادرا على الكتابة في شؤون الكرة مثل غيري ألن قلوبنا وعقولنا تتألم أيضا لمعاناة أهلنا في
غرداية ،حيث رحل عشرة مواطنين منذ بداية األزمة التي دخلت وقتها اإلضافي ولم تقدر الحكومة وال
المجتمع المدني وال أعيان المدينة على حلها رغم بساطتها وبساطة سكانها الذين لم يقدروا على استيعاب
هذا اإلخفاق في حل مشكلة بسيطة تحولت إلى فتنة تكبر من يوم آلخر وتزيد من تعميق الجراح بين أبناء
الوطن الواحد.
لم أعد قادرا على الكتابة ألن قلوبنا وعقولنا تتألم أيضا من ازدهار الرداءة في السياسة والرياضة
واإلعالم حتى صرنا نخجل من االنتماء إلى وطن اختلطت فيه القيم والمفاهيم وال يعير أدنى اهتمام
للحرية والكرامة االنسانية والكفاءة المهنية ،ونخجل من موقف بلد األحرار والشهداء من القضية
الفلسطينية التي كنا معها في عهد بومدين ظالمة ومظلومة وصرنا ال نقدر على صياغة بيان تنديد
بالجرائم الوحشية التي يمارسها المحتل!!
أصبحنا نخجل أيضا من االنتماء ألسرة اإلعالم الرياضي التي تمارس الفعل اإلعالمي المخل بالحياء،
واالفتراء والتظليل في حق المدرب السابق للمنتخب الوطني الذي ال ذنب له سوى أنه نجح فيما أخفق
فيه اآلخرون وخرج من الباب الواسع رافضا تجديد عقده ،لكننا الزلنا نالحقه بالكذب واإلساءة ألننا لم
نقدر على التأثير عليه وعلى خياراته!!
الكثير من أشباه اإلعالميين وبعض من الفالسفة صاروا ينادون ببقاء المدرب خاليلوزيتش بعدما كانوا
يصفونه بالفاشل ويطالبون برأسه في كل مناسبة ،وصاروا يتحدثون عن تألق فني وتكتيكي وبدني
للمنتخب بعدما كانوا يصفونه بالمتواضع الذي سيخرج في الدور األول ،لذلك لم أعد قادرا على الكتابة
في شؤون الكرة والمنتخب ،ولم أعد قادرا على استيعاب هذا النفاق السائد في كل األوساط حتى صار
عملة مشتركة يتداولها الجميع دون خجل أو تردد امتدادا للنفاق الحاصل في مختلف مجاالت الحياة
األخرى حفاظا على المواقع وطمعا في مكاسب أخرى على حساب القيم والمبادئ!!
عار علينا أن نصر على الخطأ واإلساءة لغيرنا ونستمر في الفرح بأداء ونتائج منتخب بالدنا في
المونديال ،ونواصل الحديث عن الكرة وسط كل هذه االختالالت التي نشهدها والمعاناة التي يعيشها
أبنائنا في غزة وغرداية وسوريا والعراق وتونس ومصر وليبيا ،وعار علينا أن نسكت عن الظلم وعن
انتشار الرداءة في كل المجاالت ونسكت عن التراجع عن مبادئنا ومواقفنا التي كافح ألجلها آباؤنا وكبرنا
عليها قبل أن نتخلى عنها ونتخلى عن كرامتنا خوفا أو طمعا.
كلما سقط شهيد او جريح بين أهلنا في غزة ينتابني الخجل من االنتماء الى وطن يتفرج حكامه على
شعب يموت أبنائه كل يوم ونكتفي نحن باالسف مثلما نأسف لخروج منتخب نشجعه في المونديال !!
أغلب حكامنا جبناء اليستحقون منا االحترام ولكن هللا أكبر منهم جميعا و وحده من ندعوه اللطف بابناء
شعبنا في فلسطين ،و وحده من ندعوه الصبر والثبات والنصر من عنده في ظل الصمت والجبن الذي
يخيم علينا ..لك هللا يا شعبنا العظيم في هذا الشهر المبارك العظيم
……………………………………………………………………………………
الزلنا هواة في السياسة واالتصال!!
في سعي آخر من محيط الرئيس الستغالل كرة القدم ونتائج المنتخب لكسب مزيد من ود وتعاطف
الجماهير الجزائرية التي طالبت ببقاء وحيد حليلوزيتش جاءت مطالبة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة
باستمرار الناخب الوطني في موقعه مدربا للخضر إثر استقباله للعناصر الوطنية العائدة من البرازيل،
وهو المطلب الذي تناقلته مختلف وسائل اإلعالم الوطنية الرسمية والخاصة ،ووصفته بأنه استجابة من
الرئيس لمطلب جماهير عريضة دون اعتبار لعواقب مثل هذا التصرف!!
جميل جدا أن تجمع الجماهير على تقدير الجهد الذي بذله المدرب حاليلوزيتش وتطالب ببقائه ،وجميل
جدا أن يبدي الرئيس اهتماما بالمنتخب وبمطالب الجماهير العريضة ،ولكن الجميل أن يتم ذلك في كل
وقت وفي كل المجاالت ،وأن نسمع عن تدخل الرئيس كل مرة لحماية اإلطارات والكفاءات الوطنية في
مختلف المواقع وليس فقط لدعم مدرب المنتخب الوطني دون أدنى اعتبار لرفض المعني التجديد منذ مدة
مع االتحادية التي عرضت عليه االستمرار لغاية مونيدال ،4102مفضال الدخول في مفاوضات مع
اتحادية جنوب افريقيا واالتحادية المغربية ونوادٍي أخرى روسية وتركية.
إطارات وكفاءات جزائرية كثيرة حققت نتائج رائعة في مختلف المجاالت ،وتألقت وأبدعت أكثر من
َ
تحظ بنفس الدعم حاليلوزيتش في مختلف العلوم والفنون وفي الثقافة واإلبداع والمال واألعمال ،ولكنها لم
والتقدير من السلطات ،بل حدث العكس ،عانت الويالت من اإلجحاف في حقها ومن التهميش والتنكر
إلنجازاتها في سيناريو بدا وكأنه مقصود لمحاربة النجاح وإغراق الجزائر في الردءاة والتخلف ،كم من
مسؤول ووزير ومدير وإطار من إطارات الدولة أبدعوا وتألقوا ونجحوا في مهامهم ولكننا حاربناهم ولم
نسمع بأن الرئيس تدخل إلنصافهم وحمايتهم وتشجيعهم في وقت يدعي الفاضلون من الساسة ورجال
المال واالنتهازيين كل يوم بأنهم يحظون بدعم الرئيس في مفارقة عجيبة ال تحدث سوى في الجزائر التي
انقلب فيها مفهوم الفشل والنجاح!!
أما عن تسريب الخبر لوسائل اإلعالم العمومية والخاصة التي تناقلته بشكل واسع فإنه يسيء للجزائر
ويعطي االنطباع بأن الساسة يتدخلون في اختيار مدرب المنتخب الوطني ،ويسيء إلى الرئيس في حد
ذاته خاصة بعد أن رفض حاليلوزيتش االستمرار بحجة تلقيه عروضا تساوي أربع أضعاف ما يتقاضاه
مع المنتخب الجزائري ،وبحجة تحامل بعض وسائل اإلعالم ضده على مدى ثالث سنوات!!
لقد كان بإمكان محيط الرئيس أن يضعه في الصورة وال يورطه ،ويخبره بأن عقد حاليلوزيتش انتهى
وأنه قرر الرحيل منذ مدة وذلك حقه ،كما هو من حق وواجب االتحادية البحث عن بديل في أقرب وقت
لالستمرار في بناء المنتخب الذي نحلم به ،وكان باإلمكان تجنب تسريب هذا المطلب للرأي العام وحفظ
ماء الوجه خاصة أن البوسني غير ملزم باالستجابة لمطلب الرئيس باعتباره شخصا أجنبيا لذلك راح
يوافق على تدريب الفريق التركي رغم استعداد محيط الرئيس لتلبية كل مطالبه المادية "حتى ال تسقط
كلمة الرئيس أمام الرأي العام!!! "
هذه الممارسات والهفوات جاءت لتأكد بأننا ما مازلنا هواة في الممارسة السياسية واإلعالمية وال نحفظ
الدروس ،والزلنا نعتقد بأننا نفهم في كل شيء ،وبأن الجماهير الجزائرية مغفلة ويمكننا أن نواصل
الكذب عليها وهي التي تبدو أكثر حنكة وحكمة منا وأكثر صبرا علينا وعلى إخفاقاتنا المتكررة في
التعاطي مع األحداث والمستجدات.
ماذا بعد هذه الهبة الوطنية والتجاوب الجماهيري والتعاطف العالمي مع المنتخب ومع الجزائر؟ هل
سنستثمر في األمر وننسج على منوال المنتخب من خالل التفكير في منح أبنائنا وسائل ترفيه أخرى
وفضاءات تسمح لهم بالتعبير عن انتمائهم وتدفعهم إلى التألق في كل المجاالت؟ أم أننا سنكتفي كالعادة
"المذمومة" باالستغالل السياسي لكل حدث ناجح بصانعيه .غير معقول أن يصل اإلستثمار الظرفي
وبنوايا مبيتة إلى درجة يتدخل فيها الرئيس شخصيا لإلبقاء على المدرب الوطني في محاولة لكسب ود
وتعاطف الجماهير التي طالبت ببقائه وفقا للنتائج واألداء.
كنا نتمنى أن نسمع عن تدخل الرئيس كل مرة لحماية اإلطارات والكفاءات الوطنية في مختلف المواقع،
وليس فقط لدعم مدرب المنتخب الوطني دون أدنى اعتبار اللتزام االتحادية مع مدرب آخر بعد ما رفض
خاليلوزيش التجديد منذ مدة ،وراح يتفاوض مع اتحاديتي المغرب وجنوب افريقيا ونوادي روسية وتركية
ليستقر به الحال في نادي ترابازون سبورت التركي الذي يمنحه أربع مرات ما يتقاضاه في الجزائر،
وكل هذا من حقه طبعا..
ماذا بعد ذهاب خاليلوزيش ومجيء يوهان غوركوف؟ هل سنحطم كل ما تم بناءه ونعيد من الصفر
مجددا ونبقى في نفس مستوى النقاش الحاصل اليوم وفي نفس المستوى الرديء لكرتنا ومسيرينا
ومدربينا وبعض صحافتنا؟ وهل سيبقى المنتخب كالشجرة التي تغطي الغابة ،وحائطا سندا للتغطية على
ضعف كرتنا ونقص مرافقناوغياب استراتيجية وطنية واضحة للنهوض بالحركة الرياضية الوطنية؟
ماذا بعد ما استمتع شعبنا بحلم جميل؟ هل سنستفيق على نفس جديد ومعنويات عالية وأحالم اخرى نسعى
إلى تجسيدها ،أم أننا سنقتل فيه آماله ونئد أحالمه في تحقيق ذاته وتفجير طاقاته ،ونعود به قسرا إلى الهم
والغم الذي الزمه ويالزمه كل مرة بفعل أطراف تعتقد بأن أبناءنا دونهم ال يمكنهم تقرير مصيرهم
وإثبات وجودهم وتحقيق أمجاد أخرى لهذا الوطن الذي يزخر بطاقات ال مثيل وال عد لها!!
ماذا بعد أن استعاد أبناؤنا ثقتهم في أنفسهم واستعادوا إحترام وتقدير العالم على جهدهم؟ هل سنستمر في
التشكيك في وطنيتهم وفي قدرتهم على رفع التحديات ونبقى نعيش على الماضي التعيس وقابعين في ظله
الذي لم نتخلص من تبعاته في كل المجاالت ،ونبقى تحت رحمة من يعتقدون بأننا ال شيء دون وجودهم؟
من المفروض عند أهل المنطق أنه عندما يتوفر بلد من حجم الجزائر على طاقات شبانية بهذا القدر من
المستوى العالي في الممارسة الكروية بالحب والحرارة واإلرادة التي لمسناها ،ويتوفر على جماهير
عاشقة تحب وطنها بهذا الشكل الفريد من نوعه فإن بالدنا من هذا المنطلق ال يمكن أن تكون سوى
بخير ،وال يمكن للغد سوى أن يكون أفضل من دون حقد وكراهية وحسد و من دون أفعال المتوهمين
بأننا من غيرهم لن نكون ،ومن دون الرداءة التي كرسوها عن قصد في بلد هو منجم للطاقات
والكفاءات.
ولكن مادمنا ال نفرق بين األسود واألبيض ونريد أن تبقى دائما تصرفاتنا رمادية ،ومادمنا ال نفرق بين
ما لنا وما علينا ،ومادمنا تحت سيطرة أشخاص يعتبرون أنفسهم أوصياء على جيل لم يجد فرصته إال في
الكرة إلثبات وجوده ،ومادمنا ال نقدر حاجة هذا الشعب لنفس جديد ،فإن السؤال الكبير سيستمر في
فرض نفسه علىألسنتنا :ماذا بعد؟
وافق المدرب البوسني وحيد حاليلوزيش على تدريب نادي ترابزن سبورت التركي الذي منحه ثالثة
أضعاف ما كان يتقاضاه في الجزائر ،وبذلك يكون حاليلوزيش قد اختار وجهته بعد انتهاء عقده مع
المنتخب الجزائري رغم العرض الذي تقدمت به الفاف للبوسني منذ مدة ،ورغم وتدخل الرئيس نزوال
عند رغبة ارادة جماهيرية كبيرة !!!!!!!!
يأتي هذا في وقت تناقلت وسائل االعالم الرسمية والخاصة خبر مطالبة الرئيس للمدرب البوسني
بمواصلة االشراف على المنتخب الجزائري ،وفي وقت تحاول بعض االطراف من محيط الرئيس سعيها
القناع الرجل بالبقاء مع المنتخب مهما كلف ذلك من ثمن مقابل الحفاظ على ماء وجه الرئيس أكثر من
الحفاظ على استقرار المنتخب..
هكذا يصبح حالنا عندما يختلط الحابل بالنابل وتتدخل السلطة في شؤون المنتخب دون معرفة كل
المعطيات ،ويصبح حاليلوزيش قضية وطنية قد تنعكس سلبا على كل شيئ ونحطم كل ما بنيناه!!!!!
حاليلوزيش مدرب فاشل
مقال الشروق ليوم األحد 4102-6-41
في الكرة كما في عديد المجاالت عندنا اختلطت علينا معايير الفشل والنجاح ،وأصبح المجتهد والمتفوق
والمتألق فاشال نتحالف ضده إلسقاطه ،ألن نجاحه يكشف عوراتنا وعيوبنا ،وتحول الفاشل إلى قدوة،
يتصدر صدر الصفحات األولى للجرائد وينظر في مختلف القنوات التلفزيونية ويتحين األخطاء والهفوات
ليظهر في صورة الخبير والعارف بشؤون الكرة وخباياها وخططها وفنياتها ،والذي ال تقدر األجيال
المتعاقبة على تحقيق االنتصارات واإلنجازات دونه..
أنا وغيري من الكثير من المتتبعين مصدومون من فترة طويلة من ثقافة الحقد والغيرة والحسد السائدة
في األوساط الرياضية ،ولكنني صدمت أكثر أثناء هذا المونديال من ذلك اإلجحاف في حق الالعبين
والطاقم الفني للمنتخب الجزائري ،ومن تلك التصريحات واألحكام التي أطلقت قبل بداية المونديال وبعد
المباراة األولى أمام بلجيكا عندما راح أصحابها يخرجون سيوفهم نقدا ويطلقون سهامهم شماتة ويترقبون
فشال يبررون به تحاملهم على المدرب من زمان!!
أحد "الخبراء" في بيع الكالم والوهم ،قال بعد مباراة بلجيكا بأن الخسارة يتحملها المدرب لوحده ،ولكن
بعد الفوز الكبير على كوريا راح يقول بأن الفوز تحقق بفضل إرادة الالعبين دون أن يشير إلى جرأة
المدرب في تغيير خمسة العبين مقارنة بالمباراة األولى واعتماد لعب هجومي أثمر تسجيل أربعة أهداف
لم يسجلها أي منتخب عربي أو افريقي في تاريخ كأس العالم!!!
فيلسوف آخر راح يتوعد المنتخب الجزائري قبل المواجهة أمام روسيا ويقول بأن مدربها كابيلو يعرف
الكرة الجزائرية جيدا ،وأن المباراة لن تكون سهلة ،وقد تكون باب الخروج واإلقصاء ،ولكن تبين بعد
ذلك بأن صاحب التصريح هو الذي ال يعرف الجزائر وال الجزائريين جيدا ،وال يعرف بأن كرة القرن
الواحد والعشرين تختلف عن كرة القرن العشرين وتلعب فوق ميادين الكرة وليس على صفحات الجرائد
والبرامج التلفزيونية!!
أما أكثر التحاليل والتعاليق الصادمة فهي التي جاءت على لسان أحد أكبر الفاشلين في مجال التدريب بعد
التأهل التاريخي عندما قال بأننا تأهلنا ،ألن الناخب الوطني اقتنع بوجهات نظر المحللين ومطالب
الجماهير في اختيار التشكيلة التي يلعب بها ،لذلك نجح في تحقيق حلم التأهل إلى الدور الثاني ،وكأنه
أراد أن يقول بأن الناخب الوطني استمع إلى وجهة نظره وخضع لضغوطات الجماهير مثلما كان يحدث
قديما ،لذلك فزنا على كوريا وتعادلنا مع روسيا!!
أما أخطر ما قرأته فهو تلك الدعوة التي وجهها مدرب سابق لالعبين يدعوهم إلى اعتماد اللعب الهجومي
والخروج عن طاعة الناخب الوطني إذا طلب منهم الحذر في اللعب ...لنتساءل هل كان سيقبل أن يتمرد
عليه العبوه ،أم هي البراعة في اإلحساس بالفشل!؟ ومدرب آخر قال بأنه لم يفرح بالتأهل ،ألنه تحقق
بفضل العبين ال ذنب لهم سوى أنهم مولودون في فرنسا ،وهو الذي كان يدافع عن ألوان نوا ٍد فرنسية
إبان فترة االحتالل الفرنسي للجزائر ،وقضى نصف حياته في أوربا!! وشتان بين الناقد والمنتقد ...
أما األغرب من كل هذا ،فهو أن ال أحد من الفالسفة والخبراء بعد التأهل التاريخي قد ذكر الناخب
الوطني بخير بعد ما كانوا يحملونه مسؤولية كل النقائص ،ويقولون عنه بأنه مدرب فاشل ،وكأن
الالعبين كانوا يختارون التشكيلة وطريقة اللعب لوحدهم ،والتأهل إلى الدور الثاني جاء من ضربة
حظ !!
حاليلوزيش سيرحل بعد أيام ،ألنه نجح في ما أخفق فيه اآلخرون ،وهي القاعدة التي أصبحت سائدة
منظر يعطينا الدروس فيعندنا بعد ما انقلبت المفاهيم وتحول الناجح إلى فاشل نالحقه ،والفاشل إلى ّ
الكرة وحب الوطن ،وهو نفس السيناريو الذي سيتكرر مع المدرب غوركوف ،ألنه أجنبي ال يحق له أن
يدرب المنتخب الجزائري الذي يريد البعض أن يرثه أو يخلد فيه البعض اآلخر وإال فسينتقدونه ويتمنون
له اإلخفاق ...
الكثير يريد أن يبقى المنتخب الجزائري في ظل إنجازاتهم السابقة ،فوحيد سيبقى وحيدا دون شك في
تكسير مبدأ المشاركة من أجل المشاركة ،وإلى أن يثبت العكس مستقبال ،وهذا ما نتمناه ،ويبقى النجاح
صفة مذمومة بحجة اإلختالف ،والناجح قوالب فشله جاهزة ،ألنه ليس منه
جعلنا من المنتخب "غوال" قد يأكل كل شيء
المتتبع لردود الفعل التي أعقبت تعثر المنتخب الجزائري أمام بلجيكا في خرجته األولى في المونديال
واألرواح التي سقطت حزنا على الهزيمة ،والنفوس التي بكت من شدة الحسرة وانهارت معنوياتها ،وكل
التحاليل والتعاليق الناقمة على الجزائر ومنتخبها وطاقمها والعبيها يدرك مدى خطورة تعاطي الكثير من
الجزائريين مع لعبة كرة القدم ومنتخب بالدهم الذي تحول في ظرف وجيز إلى ظاهرة اجتماعية بالغة
الخطورة تستوجب الوقوف عندها وإعادتها إلى حجمها الحقيقي ونطاقها الرياضي والترفيهي وإال كانت
العواقب وخيمة على ابنائنا ومجتمعنا..
عندما يموت المناصرون بسكتة قلبية من شدة الفرحة بالتأهل ،أو الحزن بسبب إقصاء المنتخب ،ويبكي
الصغار والكبار بمجرد خسارة المنتخب أمام أحد أحسن المنتخبات في العالم ،وقد تنهار المعنويات ويعم
اليأس والحزن النفوس بسبب خروجنا من الدور األول ،أو قد يصل بهم الفرح بالفوز والتأهل الى الدور
الثاني درجة جنون العظمة ..حينذاك يفرض الموضوع نفسه ويصبح التعلق بالمنتخب مشكلة عويصة
تستوقفنا كلنا لكي نعيد النظر في التعاطي مع نتائج المنتخب ونبحث عن بدائل أخرى فكرية وثقافية
وحضارية نجتهد ونتألق فيها ونعبر من خاللها عن تعلقنا بوطننا..
إسبانيا بطلة العالم خرجت في الدور األول وبنتائج هزيلة وغير متوقعه ،وإنجلترا معقل كرة القدم مسها
اإلقصاء ،وقبلهما غادرت الكاميرون واستراليا ،دون نسيان خسارة البرتغال برباعية أمام ألمانيا ،وقد
تخرج من المنافسة مثلما ستخرج نصف المنتخبات المشاركة في المونديال بعد أسبوع من اآلن ،لكن
رغم هذه الهزات الكروية التي زلزلت ثبات بعض المنتخبات لن تتوقف األرض عن الدوران وستستمر
الحياة بحالوتها ومرها ،لتبقى كرة القدم في مكانها الطبيعي مجرد لعبة نستمتع بها وما تفرزه مبارياتها
عوض إستغاللها للتغطية على إخفاقاتنا المتكررة في الكرة وفي مجاالت أخرى أهم من جلد منفوخ وأهم
من المنتخب ،لكن الغريب أن ال أحد يتألم لغير الكرة أو يبكي دونها أو يموت بسببها!!
اليوم سنواجه كوريا الجنوبية في المباراة الثانية وقد نفوز أو نخسر ،ولكن فوزنا ال يعني بأن المدرب
كفء ،وال المنتخب قوي ومنظومتنا الرياضية سليمة ،وال يعني بأن الجزائر بلغت درجة عالية من
الرقي والتقدم!! كما أن خسارتنا ال تعني بأن كل شيء رديء وسيء في المنتخب ،وخسارة المنتخب
أيضا ال تعني خسارة وإخفاق الجزائر كلها ،ألن االهتمام بالوطن كل ال يتجزأ ،فأرواح أبنائنا ونفوسهم
أغلى من أن تتألم وتتحسر بسبب خسارة في كأس العالم..
الحياة في الجزائر متوقفة هذا األيام والكل يترقب التعثر أو التأهل ليبيع الوهم في حال النجاح أو لتسويق
لليأس في حالة التعثر دون وعي بخطورة اإلفراط في استغالل الكرة ونتائج المنتخب الذي جعلنا منه
غوال قد يأتي على ما تبقى من أشياء جميلة في هذا الوطن تستحق أن نعتني بها ونستثمر فيها لبناء جيل
يحب وطنه دائما وليس ظرفيا وفي كل المجاالت وليس في مباريات المنتخب فقط ،وإذا لم يعد بمقدورنا
أن نترك أثرا جميال في القلوب والنفوس فال نتجنى على أتنفسنا وعلى أبنائنا وقبل ذلك على وطننا بزرع
األلم واليأس الذي من المؤكد أن يكون حصادهما فسادا بل دمارا..
مقال الموقع االلكتروني "كل شيء عن الجزائر "
Tsa du 9-6-2014
اجتياح الجماهير الجزائرية أرضية ملعب جنيف بمناسبة المباراة الودية التحضيرية للمنتخب الجزائري
أمام رومانيا أثارت ردود فعل كثيرة تستوقفنا وتثير فينا الكثير من التساؤالت وعالمات االستفهام خاصة
مع تكرار االحداث التي يصنعها عشاق المنتخب الجزائري في أوروبا كلما كان الموعد مع خرجة جديدة
للمنتخب الجزائري رغم االجراءات االمنية المشددة ودعوات المنظمين للجماهير الجزائرية بااللتزام
التام بقواعد النظام وخصوصيات المجتمعات األوروبية والقوانين التي تحكمها!!
بعض الجزائريين قد يتفهمون تصرفات الجماهير الجزائرية ويرجعونها الى شوقهم وتعلقهم بوطنهم
واعتزازهم بمنتخب بالدهم الذي تتكون غالبيته من العبين مغتربين مثلهم ،ولكن الكثير من االوربيين
يستغربونها ألنهم ال يعرفون مسبباتها وتفسيراتها ،و ال يجدون لها تبريرا خاصة عندما تتجاوز الحدود
وتؤدي الى ايقاف المباراة وتعطيل الحياة واالخالل بالنظام العام مما يضع جاليتنا تحت المجهر ومنتخبنا
يمنع من اللعب على المالعب األوروبية مستقبال ،وحتى صورة الوطن الجزائر قد تهتز في أوساط
الرأي العام أكثر مما هي مهزوزة ألسباب تاريخية وسياسية ،ثقافية واجتماعية..
اجتياح أرضية الميدان كل مرة واحتالل الساحات العمومية بأعداد هائلة ال يمكن اعتبارها تصرفات
عادية وطبيعية من أبناء جاليتنا في المهجر النهم أدرى بأن العيون تترقبهم في مثل هذه المناسبات
الصطياد هفواتهم والصاق بهم تهم الفوضى والعنف واالخالل باألمن العام ،مشاهد إستثمرها اليمين
الفرنسي المتطرف وراح يدعو من خاللها السلطات الفرنسية الى حظر االحتفاالت على الجزائريين في
المدن ال فرنسية أثناء مباريات المونديال المقبل ،مما اثار جدال من نوع أخر قد يؤدي الى عودة الحديث
عن عدم قدرة المهاجرين على االنسجام والتأقلم مع متطلبات الحياة العصرية داخل المجتمعات التي
تحتضنهم ،وعدم التزامهم باحترام القوانين واالعراف والنظام العام..
صحيح أن تصرفات الجماهير الجزائرية في ملعب زوريخ بمناسبة مباراة رومانيا كانت مؤسفة وغير
مقبولة ومن حق السلطات السويسرية اتخاذ كل االجراءات لضمان األمن العام وحماية االشخاص
والممتلكات ،ومن حق الفرنسيين أن يفعلوا نفس الشيء على أراضيهم ويفرضوا على الجميع احترام
القوانين وقد نتفهم اتخاذهم لقرار منع المنتخب الجزائري من اللعب على مالعبهم األوروبية ،ولكن
عندما يصل األمر الى االستغالل السياسي والمطالبة بفرض حضر التجول ومنع المناصرين الجزائريين
من االحتفال اثناء المونديال المقبل ففيه الكثير من المبالغة واالستفزاز في حق المهاجرين ما قد يؤدي
الى المزيد من التذمر في أوساط المهاجرين بسبب االستغالل السياسي المبالغ فيه لكل حركة مرصودة..
بين افراط المهاجرين في التعبير عن انتمائهم لوطنهم واعتزازهم بمنتخب بالدهم من خالل اجتياح
أرضية الميدان واالحتفال في الشوارع لساعات ،وبين مبالغة اليمين الفرنسي المتطرف في استغالل
حادثة ملعب جنيف إلذكاء المزيد من العداء تجاه المهاجرين والدعوة الى التعامل معهم بحزم ومنعهم من
التجمهر وحرمان المنتخب الجزائري من اللعب في فرنسا تتعمق الهوة وتزداد متاعب المهاجرين يين
مرارة الغربة وصعوبة التأقلم ،وبين كبت عواطفهم التي تكون حجة عليهم اذا أفصحوا وعبروا عنها في
مالعب الكرة.
الفرح بالمنتخب أصبح اآلن في أوروبا يدخل في خانة ممارسة الفوضى مع سبق االصرار والترصد
خاصة وان الشباب الجزائري لم يعد يكتم انتمائه ومشاعره ،وإذا أفصح عن تلك المشاعر يزلزل مواقع
تواجده كلها لكن ارتدادات تصرفاته تعم كل أوروبا لتصبح الطوارئ شيئا اعتياديا وتواجد المنتخب
الجزائري وأنصاره أمرا استثنائيا يثير الهلع والخوف ،ولكن األمر غير العادي أيضا أن يهلل أهل
الساسة للشباب في أوروبا عند االستحقاقات االنتخابية وبانتهائها تنتهي صالحيتهم ويكون التنكر لهم
واقعا حتى ولو تعلق األمر بتصرفات عنصرية يتعرضون لها باستمرار ..
كم نحن قساة على المنتخب!!
المتتبع لكل االنتقادات التي يتعرض لها الناخب الوطني والمنتخب الجزائري لكرة القدم قبل أيام عن
موعد المونديال ومنذ فترة ليست بالقصيرة يصاب بالصدمة من هول ما يسمع ويقرأ من تعاليق وتحاليل
وأحكام قاسية وجاحدة تتنكر للجهود المبذولة وتنسى بأننا تأهلنا إلى المونديال ونحن نحتل المركز األول
عربيا وافريقيا في تصنيف الفيفا ،وقد صارت بحوزتنا خيارات كثيرة فنية وتكتيكية ال تملكها منتخبات
أخرى بجيل جديد من الالعبين الشبان ال يلقون التشجيع سوى من جماهير وفية وعاشقة ومتفهمة أكثر
من كل الفالسفة الذين لم تعد لديهم سوى وظيفة واحدة هي التركيز على النقائص لتكسير المنتخب
والسكوت بالمقابل عن كل المهازل التي تحدث في الرياضة الجزائرية عموما وفي مختلف المجاالت..
صحيح أن منتخبنا اليزال يبحث عن التشكيلة األساسية والطريقة المثلى للعب ،وصحيح أن الكرة مثيرة
للجدل واالختالف واالنتقاد ،وإبداء الرأي بشأنها ظاهرة صحية في كل مجتمع ،خاصة عندما يتعلق
األمر بالمنتخب ،لكن حبذا لو يتجاوز هذا الجدل والنقاش حدود لعبة كرة القدم ويشمل كل أنواع
الرياضات ومناحي الحياة األخرى ،ليبدي المختصون والمحللون واإلعالميون آراءهم ويصرون عليها
في كل المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية التي تشهد تراجعا وتخلفا ال مثيل لهما.
الحياة السياسية تعاني كل أنواع النفاق والمكر والكذب ،ولكن أغلب الناس يسكتهم الخوف من تضييع
المكاسب ويغريهم الطمع في المناصب فيلتزمون الصمت حيال وضع سياسي بلغ قمة الرداءة! واقتصادنا
يتراجع في الكثير من القطاعات وتتزايد معه صور النهب والرشوة وال أحد يتجرأ لينتقد ويندد ويفضح
المغامرين! أما يومياتنا فإنها تزداد تعقيدا بسبب تراجع القيم واألخالق والمبادئ ،ولكن الكل يتفرج
ويتهرب من مسؤولياته السياسية واالجتماعية واألخالقية !!
أما عندما يتعلق األمر بمنتخب كرة القدم ،فإن الناس جميعا يصبحون محللين وفنيين ومدربين يفهمون
في الخطط والخيارات وينتقدون اختيار قائمة 42العبا ،ونوعية المنتخبات التي نواجهها وديا ،وكذا
حجم التدريبات والتحضيرات التي يفرضها الناخب الوطني ،وينتقدون أداء المدافعين والمهاجمين بكل
قسوة ودون أدنى احترام وأدب للمدرب ولظروف الالعبين الذين يستحقون كل التشجيع.
يحدث كل هذا في زمن تصدرت فيه الجزائر العرب وإفريقيا ألول مرة في التاريخ ،ودخلت ضمن قائمة
العشرين األوائل في تصنيف الفيفا لشهر جوان بعد الفوز بثالث مباريات ودية متتالية أمام سلوفينيا
وأرمينيا ورومانيا ،ويحدث كل هذا بعد ما أصبحنا نفوز بالثالثة وبالعبين يخطون خطواتهم األولى مع
الم نتخب ،وبعد ما صار المنتخب يملك تشكيلة ثرية بخيارات فنية وتكتيكية متعددة ال تملكها منتخبات
أخرى عريقة.
يحدث هذا أيضا في وقت يتحسن فيه أداء المنتخب الجزائري من مباراة ألخرى ،وتزداد معه طموحات
الجزائريين في مشاركة محترمة في المونديال المقبل ،وطموحاتهم في رؤية منتخب بالدهم يتألق في
نهائيات كأس أمم افريقيا في المغرب سنة 4102ولسنوات أخرى بفضل جيل متميز بإمكانه االستمرار
في المستوى العالي لعشر سنوات أخرى مهما كان اسم المدرب الذي سيخلف البوسني الذي يبدو أنه
سيبقى عقدة تالزم الكثيرين بسبب خياراته الجريئة والشجاعة التي أنستنا كل المهازل التي كانت تحدث
سابقا.
البرازيليين ليست مجنونة بكرة القدم
لقد فكرت طويال أن البرازيليين كانوا مجنون عن كرة القدم ،والناس الذين يتنفسون ،وتناول الطعام
والشراب لكرة القدم .بالنسبة لنا البرازيليين يحبون العبيهم ،أنديتهم ومنتخبهم الوطني أكثر من أطفالهم
وأسرهم.
بعد االحتجاجات التي تعيش العديد من المدن البرازيلية لمدة عامين على التمرد ضد تنظيم كأس العالم
لكرة القدم على أرضه بسبب التكلفة العالية لمثل هذا الحدث ،والتي تواجه أزمة اقتصادية متنامية
والتوترات االجتماعية التي ال تنتهي أبدا ،تثبت أن البرازيليين يحبون بلدهم أكثر مما يحبون كرة القدم،
ويهتمون مستقبلهم أكثر من كأس العالم.
وعالوة على ذلك ،فإن الزيادة في موجة من الغضب بضعة أيام من الحدث العالمي لكرة القدم مع
المظاهرات ضد الفلكية لتجديد االستادات وبناء بنية تحتية جديدة الستضافة كأس العالم اإلنفاق يدل على
أن غالبية يواجه السكان تحديات متعددة.
بدأت اإلثارة في البرازيل في أوائل عام 4102عندما استولى الناس على الشوارع لالحتجاج ضد
ارتفاع األسعار سائل النقل العام .كثفت الحركة في وقت الحق للتنديد الحكومة االسراف في االنفاق
لتنظيم كأس العالم ،بصرف النظر عن تحسين مستوى الخدمات للمواطنين أو لالستثمار في المشاريع
ذات الصلة التعليم واإلسكان والصحة ،في حين أصبحت االحتياجات المختلفة للمواطنين األقل من قلقهم.
بدال من وقف نمت هذه الحركات الغضب للوصول إلى جميع شرائح المجتمع وفي جميع مدن البرازيل.
فمن نافلة القول أن هذا الواقع قد فاجأ العالم وقد نظرت دائما البرازيليين مثل كرة القدم مجنون .كثير من
الناس في جميع أنحاء العالم يعتقدون ،خطأ ،أن كرة القدم يمكن أن ننسى اهتماماتها والمشاكل للشعب
البرازيلي ،وأنه ال شيء يمكن أن يحول الترفيه التي تقدمها هذه الرياضة األسطوري.
األحداث التي ال تزال اليوم هي دليل على عكس ذلك .في الواقع ،العديد من البرازيليين نعتزم مواصلة
احتجاجهم في جميع أنحاء العالم وفي جميع المدن.
على الرغم من شغفهم لكرة القدم وعلى الرغم من أن معدل النمو التي تمر بها البالد على مدى السنوات
العشرين الماضية لتصبح واحدة من أكبر االقتصادات في أمريكا الجنوبية ،ما زال الشعب البرازيلي
للمطالبة حياة كريمة و الحلم بمستقبل أفضل أن ذلك لن يحدث مع النصر في كأس العالم.
الشعب البرازيلي مقتنعون بأن هذا ال يمكن أن يتم دون التضحية والجهد والوعي السياسي الجماعي ،في
الوقت عندما كان يستخدم العاطفة لكرة القدم لخداع الشعب ولت .اآلن األمة يأتي قبل المنتخب الوطني
لكرة القدم قبل قبل كأس العالم.
وأظهرت دراسة حديثة أن نصف الشعب البرازيلي رفض تستضيف بالده نهائيات كأس العالم ،مع كل
نفقات أن تنظيم مثل هذا الحدث ال يولد أي مصلحة في البالد ،وفقا لهم.
ترحب النصف اآلخر مثل هذا الحدث في البالد ،ولكن االسراف في االنفاق الحرجة والفساد وسوء
استخدام المال العام .البرازيليين احتجاجا على سوء إدارة قطاع الصحة والتعليم ونحيي الشعب الذي
استيقظ أخيرا للمطالبة بالحقوق السياسية واالجتماعية بطريقة حضارية ،على الرغم من اإلغراءات التي
تقدمها لكرة القدم شغفهم لهذه الرياضة األسطوري والحب لديهم لفريقهم الوطني.
" كأس من دون الناس ،وأنا مرة أخرى في الشارع" هو شعار البرازيليين اليوم .فإنهم يستخدمون ذلك
للمطالبة بحقوقهم وجعل انتصار الشارع بينما في الماضي ،لعبت االنتصارات على أساس مراحل ،من
خالل نجوم الوطنية وفريقهم.
وهذه الموجة من االحتجاجات لم تتوقف عند هذا الحد ،بل أنه قد يؤدي إلى مقاطعة مباريات المنتخب
البرازيلي في العالم ،وذلك إضافة إلى ضغط من الالعبين .وهذا بال شك يؤثر على تنظيم هذه المسابقة
الدولية.
نرى البرازيليين تحقيق هذا المستوى من الالمباالة لكرة القدم لنهائيات كأس العالم وفريقه أن يثبتوا أنهم
قد وصلت إلى مستوى عال من الوعي والفهم لضرورة مواصلة االحتجاجات السلمية كوسيلة ضغط على
الطلب من أفضل الظروف المعيشية ومكافحة جميع أشكال التخلف والفساد .وهذا يعني أيضا أن العالم
يتغير والناس أصبحوا أكثر وعيا .وقد أدرك الناس أن الوقت قد حان لوضع حد لعبادة كرة القدم
واعادتها الى قيمتها العادلة .كرة القدم هو الترفيه؛ انها لن تمنع الناس من النوم ،واألكل والشرب
وصرف أكثر من ال قلقهم الرئيسي.
لن يفرق بيننا خاليلوزيتش
كغيره من المدربين السابقين والالحقين ،سيرحل مدرب المنتخب الجزائري ،وحيد خاليلوزيتش بعد
المونديال ،ويرحل بعده خليفته الفرنسي ،كريستيان ڤوركوف ،ويأتي ويرحل غيرهما وتبقى الجزائر
ومنتخبها دائما ،وتستمر الحياة بأفراحها وأحزانها وخيباتها ،ويبقى الحكم للتاريخ ولألجيال على أداء كل
واحد ،بغض النظر عن اختالفنا في تقييم أداء هذا أو ذاك ،وبغض النظر عن النوايا الحسنة من السيئة
التي يتميز بها كل متابع للشأن الكروي في الجزائر ،الذي يبقى مثيرا لالهتمام بحكم تعلق أبنائنا بالكرة،
واالهتمام المتزايد لمختلف وسائل اإلعالم بالمنتخب أكثر من كل اهتمام باالنشغاالت األخرى..
صحيح أن الرجل كان مثيرا للجدل وصنع الحدث على مدى ثالث سنوات في األوساط اإلعالمية
والفنية ،وصحيح أنه أخطأ وأصاب مثلما توقعنا جميعا طيلة مشواره مع الخضر ،وقد يخطئ ويصيب
في المونديال المقبل ،ويختلف الناس بشأن تقييم خياراته ،ولكن ال أحد بإمكانه أن يشكك في قدراته وقوة
شخصيته التي فرضها على الالعبين واإلعالميين وكل المحيطين ،وجعلته يصمد أمام كل الهزات التي
اعترضته رفقة العبيه رغم إخفاقه في بداية مشواره مع الخضر في نهائيات كأس أمم إفريقيا سنة
.4102
ومهما اختلفنا في الحكم على المدرب وتقييم عمله ،فإننا نتفق جميعا على أن الرجل كان متميزا ومختلفا
عن غيره من المدربين ،ونتفق على أن الكرة الجزائرية ال تزال مريضة بالعبيها ومدربيها ومسيريها
وفي الكثير من جوانبها ،ومريضة أيضا ببعض إعالمييها الذين ال تخلوا تحاليلهم وتقاريرهم من الذاتية
واألحكام القاسية ،وحتى جهلهم بشؤون الكرة ومتطلبات اإلشراف على منتخب بحجم الجزائر ،تعرض
للكثير من الضغوطات اإلعالمية والجماهيرية وحتى الرسمية التي ال تزال تعتبر الكرة وسيلة لإللهاء
وليس للترويح عن النفس وتسعى الستغالل النجاحات الكروية لتمرير مشاريعها وامتصاص الغضب
واليأس والتذمر الشعبي.
أزمة الكرة عندنا ليست في مدرب المنتخب الوطني سواء كان محليا أو أجنبيا ألنه يتغير كل مرة،
وليست في الالعب المحلي أو القادم من خلف البحار ألنهم ينتمون إلى الوطن نفسه ومن حقهم حمل
األلوان الوطنية ،لكن األمر يكمن في أزمة أخالقية وفنية وفكرية يتخبط فيها بعض المسيرين والمحللين
واإلعالميين الذين لم يتخلصوا من أنانيتهم ولم يقدروا على التجاوب مع متطلبات الكرة الحديثة
وحاجياتها التي تقتضي التكيف مع أنماط التسيير والتدريب الحالية ،وتسيطر على كتاباتهم وتعاليقهم لغة
حاقدة وجاحدة ،تقتضي منهم التوجه نحو المزيد من المهنية في ممارسة الصحافة الرياضية في ظل تزايد
الصحف والقنوات واالهتمام الجماهيري..
من جهتها ،جماهير الكرة التي تحركها المشاعر واألحاسيس ،بدت أكثر تفهما وتجاوبا في تعاملها مع
المنتخب والمدرب وصارت أكثر وعيا ونضجا ،ولم تفرقها االنتقادات التي تعرض لها مدرب المنتخب
الوطني ،وكل محاوالت التشكيك في قدرته وعناصره على قيادة الجزائر إلى تسجيل هدف في نهائيات
كأس العالم لم نسجله منذ 42سنة ،وتحقيق فوز لم نحققه في النهائيات منذ 24سنة ،والتأهل إلى الدور
الثاني ألول مرة في التاريخ بعد أربع مشاركات في النهائيات!!
عوامل الفرقة واالختالف بيننا تزايدت في الفترة األخيرة ،ولكن لم يكن خاليلوزيتش ولن يكون عامال
آخر من عوامل التفرقة بين الجزائريين ،ألن الكرة مجرد لعبة ،والجزائر ليست البرازيل وال األرجنتين
وال ألمانيا أو إسبانيا في كرة القدم ،بل هي مجرد رقم من أرقام منتخبات ستشارك في المونديال لتأكيد
الحضور في محفل كبير وكله أمل في أن ال يخيب وال يكون رديئا.
بين السياسيين ورجال النظام والدولة
الجزائر اليوم ،يمكنك االعتماد على التصنيفات المختلفة للسياسات .هناك سياسيون ورجال النظام
والدولة .جميع مختلفة بحيث كانت قد أنتجت فوضى في المعايير والمبادئ والقناعات .وهكذا ،تحول
المنزل السياسية في الممارسة تقريبا على التحرش الجنسي الذي اعتمد بدون أي خجل والبصر والسمع
من جميع الجزائريين .أنها تستخدم الكذب واالفتراء والكراهية تصل إلى استبعاد أي خصم.
لذلك ،يتم اآلن منهكا الجزائريين .لقد فقدوا الثقة في السياسات ،بما في ذلك تلك المخصصة ويقتنع
أفكارهم .ال بد من القول أن هذه الممارسة القديمة والتي ال تزال تسود داخل النظام القائم هذا الوضع،
والكلمة السياسية هو مرادف مع انعدام الثقة التي تؤثر اليوم حتى الرجال من النزاهة وفيا لمبادئها ،
سواء في السلطة أو في المعارضة.
اليوم ،الجزائر تخبط .مع الرجل المفرطة والنساء العامالت في مختلف األحزاب السياسية والجمعيات
والمنظمات الرقم .انها تخبط أيضا بسبب العدد الكبير من رجال النظام؛ هذه االنتهازيين وتلك المعروفة
لتفانيهم لقائد الوقت االغراء ،مع أيديولوجية باسم "مات الملك ،عاش الملك".
ومع ذلك ،الدولة ،ونحن قليلون .هذا هو النظام والممارسات التي خلقت الرداءة التي نعاني اليوم .الرداءة
التي أنشئت ويتغذى من المحرضين الذين يهيمنون على المشهد السياسي ومحاولة لسرقة القومية،
والوطنية ،ومواقف ،ومواقف واالمتيازات من خالل استبعاد آخرين.
وبالتالي فإنها تحاول أن يكون لها احتكار الحياة السياسية والسيطرة على مستقبل األجيال القادمة ،وذلك
باستخدام األكاذيب والحيل والتالعب الرأي العام.
العديد من السياسيين ورجال النظام هم حلفاء عمدا أو عن غير وعي ضد عدد قليل من رجال الدولة.
تماما كما كانوا مجتمعين معا ضد الشعب تحت ذريعة االستقرار واالستمرارية واألمان .أنها تعتمد على
اللصوص واللصوص والنهب والسلب والنهب وتعادل القيم النسيان.
لذلك ،فإنها أنجبت ال يميز بين الرجل والرجل يلقبه الطبقة السياسية ،أولئك الذين يتحدثون نيابة عن كل
فترة ،واسم كل رئيس كمبدأ الوحيد هو "الكرسي" واحد والتي تحتلها .وبالتالي ،فقد فقدت كل مصداقية
مع الناس الذين جعلتهم أكثر ثقة ،وأن المسؤولين في الدولة الثقة حتى لفترة أطول ،وحتى إلى بلده
ومؤسساته.
فإن الناس ال يؤمنون حتى عدد قليل من الرجال الصادقين الذين الخطأ الوحيد هو أن شغل مناصب في
المؤسسات .ومع كل ما لديهم نوايا حسنة ،وذهب ثقة الشعب ،ألن رجال النظام.
السلطة والسياسيين ورجال النظام هي وحدها المسؤولة عن فشل المحاوالت لتجديد النخب السياسية
والفكرية واالجتماعية بعد كل األزمات أن الجزائر لم تعرف .أنها هي المسؤولة ألنها أهان الدولة
واستبعاد الجيل القادم من الحياة العامة واألحزاب السياسية والجمعيات ومراكز المسؤولية ،نيابة عن
الشرعية الثورية والتاريخية.
أنهم يعتقدون أن جميع الذين ولدوا بعد منهم ال يستحق أن يكون تجديد الخاليا .ومع ذلك ،لديهم أي تردد
في شراء ضمير الجزائريين وزرع الخوف بين الناس من تجديد الدعوة لالستدامة .واالستمرارية في
مصيبة ،الظالمية والخوف مع جرعة كبيرة من الشك .وبالتالي ،يتم فقدان القيم ،وانهار االقتصاد ،انتقلت
سوء اإلدارة وانتشرت عمليات النهب والفساد واإلقليمية بذورهم الكراهية واإلقصاء واالنتقام.
وقد خلق النظام السياسي الجزائري الرجال الذين يحبون الجزائر في المقابلة الصرف .الرجال الذين
يتمسكون ظروفهم مهما كانت المواقف .في موازاة ذلك ،أنتج استقالة الشعب من الحياة السياسية
والمجتمع .استقالة مما أدى إلى مقاطعة االنتخابات من قبل أكثر من 01مليون شخص في االنتخابات
الرئاسية األخيرة.
لألسف ،يصبح من الواضح أن هذا النظام سوف تستمر في إنتاج السياسة الفقراء سيؤدي حتما إلى مزيد
من اليأس والتشاؤم .على الرغم من كل محاوالت اإلغواء وتنازالت للشعب والمعارضة بعد االنتخابات،
من خالل جميع التسهيالت المقدمة للمواطن الذي ينتمي حقا إلى ذلك اليمين والملوث جميع المقترحات
التي قدمت من قبل السلطة الشك.
هذه السلطة قد كسر كل أشكال الطموح في السنوات الخمس عشرة الماضية .ان اخترق المعارضة
ودمرت مؤسسات الدولة ،بتواطؤ من النظام ورجال السياسية .اليوم ،والناس لم يعد يميز بين أولئك الذين
يبنون والذين تدمر .اليوم ،وقادة يدركون جيدا أن نعلم أنهم يكذبون وأنها تؤثر على األمة.
نحن بحاجة لدستور على مقاس وطن..
Une constitution a la mesure de la nation
في ظل االنسداد وانعدام التواصل بين أطياف المجتمع وفقدان الثقة بين السلطة والمعارضة "إن وجدت"
وبين الطبقة السياسية – بمفهومها الجزائري -والمجتمع بكل فئاته ،وفي ضل غياب ثقافة الدولة وقلة
رجال الدولة وكثرة رجال السياسة والمتحزبين وما يسمى برجال الرئيس ،تتوجه السلطة اليوم نحو
البحث عن توافق ظرفي مصلحي متبادل بينها وبين المعارضة لتعديل الدستور قصد اضفاء المصداقية
على العهدة الرابعة بتوريط الطبقة السياسية وإشراكها في العملية الستقطابها كنوع جديد من التحايل
ينسينا ورشات أخرى نحن بحاجة الى فتحها للذهاب نحو جمهورية جزائرية فعلية ننعم فيها
بالديموقراطية والحرية والعدالة االجتماعية بعيدا عن الحقرة المهينة واالحتقار المقيت والتخلف وفساد
األخالق..
ورشة تعديل الدستور للمرة الرابعة في ظرف خمسين عاما بهذا الشكل المباشر والسريع ال يمكن أن
يكون الغاية منه التأسيس لنظام حكم جديد مناسب للتحوالت التي تشهدها الجزائر كما يشاع ،وال يمكن
لسرعة التعديل أن تلبي حاجة المجتمع الى التغيير والتجديد المنشود ،فالتعديل ال يمكن أن يشكل غاية
في حد ذاته بل يراد منه ذر الرماد في العيون وإلهاء الناس عن االختالالت الحاصلة وعن التحديات
الكبرى التي تنتظرنا!! إنه تحايل على الطبقة السياسية لكي تنسى النقاشات التي كانت تدور قبل
الرئاسيات وتتنازل نسيانا عن مطالب التغيير ومعالجة ملفات الفساد المتراكمة وإعادة فتحها ،وهو أيضا
تحايل على الشعب الذي لم يفوض أحدا لتمثيله في مشاورات إثراء مشروع التعديل ..
جزائر اليوم لم تعد بحاجة أصال الى تعديل الدستور بقدر حاجتها الى احترام الدستور وكل القوانين
وبحاجة الى أخلقة الحياة السياسية واالجتماعية ،جزائر اليوم تحتاج إلى مصالحة حقيقية لتجاوز األحقاد
واإلقصاء وتصفية الحسابات وتجاوز كل أشكال الممارسات الجهوية والمحسوبية التي تطغى على
التعيينات في مواقع المسؤولية ،جزائر اليوم والغد بحاجة الى تقديس الجهد وتقدير الكفاءة واحترام سيادة
القانون وليس تقديس األشخاص وتشجيع الرداءة وحماية كل ناهب وسارق وفاسد ..
الجزائر تحتاج إلى فتح نقاش حول مشروع المجتمع الذي يالئم أبنائنا و وطننا على مدى الخمسين سنة
المقبلة ،وبحاجة الى التخطيط على المدى المتوسط والبعيد ألن بناء مؤسسات مستقرة وقوية تكفل
ضمان استمرارية الدولة في كل الظروف وحتى بتغير األشخاص ..كما أننا بحاجة الى حلول حقيقية
وليست ترقيعية لمشاكل أبنائنا في الجنوب وغرداية ومنطقة القبائل دون حسابات سياسية ودون عقد
جهوية أو عرقية وبعد ذلك نتفرغ لبناء االنسان الجزائري الحديث بفكر متحضر مواكب لكل التحوالت
التي يشهدها العالم من حولنا ..
الجزائر بحاجة الى نفس جديد باشراك الجيل الصاعد في العمل السياسي وفي عملية التنمية من خالل
مرافقته وتحفيزه وتلقينه مسؤولية المساهمة بتحميله إياها في كل الورشات السياسية والثقافية واالجتماعية
والرياضية ألننا ندرك بأنه جيل متعلم و مثقف و واع ويحب وطنه إسوة بمن سبقوه ،وألننا ندرك أيضا
بأن بوتفليقة و رفقائه من جيل الثورة "طاب جنانهم" ولم يعد بمقدورهم االنسجام مع التحديات الجديدة
وحاجيات الجيل الصاعد وهي سنة هللا في خلقه ..
الجزائر بحاجة الى فتح ورشات تكنلوجية وصناعية وفالحية وثقافية وتربوية وسياحية ألننا بعد خمسين
عاما من االستقالل ال يزال مجتمعنا هشا ومترددا في الفصل في أمور الهوية واللغة والتاريخ واختيار
المنظومة التربوية المالئمة ألبنائنا والتي تتغير كل موسم دراسي دون نتائج ملموسة !!
أما المنظومة االقتصادية التي ترتكز على مداخيل المحروقات وتهمل الفالحة والسياحة فهي بحاجة الى
ورشات إلعادة النظر في كل االختالالت الحاصلة فيها والتي شجعت النهب والسرقة والرشوة والربح
السهل وجعلت منا مجتمعا ماديا بحتا ال يعير أدنى اهتمام للمبادئ والقيم في العالقات االنسانية ..
الجزائر في حاجة الى تسليط الضوء على ورشة النهب الممنهج والعمل على تجفيف منابعه التي نخرت
اقتصادنا من طرف عصابة ال تشبع تحالفت حتى مع الشر لتحمي بعضها البعض على حساب االقتصاد
الوطني وخيرات الوطن ،وتحالفت فيما بينها من أجل االساءة وإلحاق الضرر دون خجل بكل من تسول
له نفسه التنديد بتصرفاتها والوقوف ضدها..
كل هذه الورشات وغيرها ستبقى من أكبر التحديات التي تواجه الجزائر للوصول الى مجتمع متوازن
ودولة قوية تناقش الخيارات التوافقية وليس فقط الدستور التوافقي ،وجزائر تفتح ذراعيها لكل أبنائها
وليس لفئة أو جهة دون أخرى ،وجزائر ال يقصى فيها أبنائها بسبب أرائهم وخياراتهم مادامت مساحتها
تتسع لكل األراء واألفكار.
نحن بحاجة إلى ممارسات تكون دستورا معنويا يقف إلى جانب الضمير في كل تحرك من األفراد أو
باسم المؤسسات وليس الى دستور يتم افراغه من محتواه كل مرة من كثرة التعديالت ،ونحن بحاجة إلى
دستور بمقاس وطن من حجم الجزائر وليس بمقاس شخص مهما كان وزنه ..
الفصل بين وزارتي الشباب والرياضة كان مطلب الكثير من المختصين والمهتمين منذ زمن بالنظر
لخصوصيات القطاع وحاجة الشباب إلى عناية كبيرة واهتمام خاص بسبب تزايد حاجياتهم واهتماماتهم،
وبسبب حاجة قطاع الرياضة إلى نفس جديد وامكانيات أكبر لمرافقة أبنائنا الرياضيين في المدرسة
والجامعة ومختلف الجمعيات والنوادي والمنتخبات الوطنية ..ولكن هل جاء الفصل هذه المرةاستجابة
لهذه الحاجيات وفي اطار استراتيجية مدروسة؟ أم سيكون تجربة أخرى فاشلة على غرار تجارب سابقة
مع كتابة الدولة المكلفة بالشباب؟ وهل سيسود االنسجام بين الوزيرين والقطاعين ،خاصة وأن التيار ال
يمر منذ مدة بين وزير الشباب الجديد والوزير األول ،وقد ال يمر أيضا بين وزيرين من جيلين مختلفين؟
أم سينشغل الوزيران بالصراع على المقرات واإلطارات وتقاسم اإلمكانيات مما سيشغلهما عن
األولويات؟
أسئلة كثيرة تطرح في األوساط الشبابية والرياضية عن جدوى وأهمية الفصل بين الوزارتين؟ وأي من
القطاعين سيضعف أو يقوى؟ وما هي اإلمكانيات التي سيتحصل عليها كل قطاع؟ وما هي الغاية
المرجوة من هذا الفصل في الوقت الراهن؟ وهل سيستمر نفس الحال في الحكومات الالحقة ،أم سنعود
إلى الجمع بين الوزارتين في التعديل المقبل؟
نظريا يبدو أن الوزير األول يريد أن يعطي كل األهمية للقطاعين لكونه وزيرا سابقا للشباب والرياضة
ويعرف حاجياته وضرورة اعطاء األهمية واألولوية لفئة عريضة من المجتمع ،ولكن عالقته السيئة مع
وزير الشباب الجديد "القديم" قد تنعكس على االنسجام بين الوزيرين والقطاعين وداخل العمل الحكومي!!
وهو نفس التحدي الذي سيواجهه الوزير األول في تجاوز المشاكل الشخصية بين وزير التجارة وخليفته
في وزارة الصناعة ،وبين وزير العدل ووزير الداخلية ،وبين بعض الوزراء الذين سيجدون أنفسهم
يتلقون األوامر والتوجيهات من أطراف أخرى تمثل دولة داخل دولة!!!
األمر يبدو صعبا ومعقدا وأكبر وأهم من أن يقتصر على الفصل بين بعض الوزارات أو إلصاقها
ببعضها البعض ،وأكبر من أن يقتصر على السعي إلى تحقيق االنسجام الالزم بين الوزراء فيما بينهم أو
بين الوزير األول وبعض وزرائه ،ولكنه مرتبط أكثر بغياب ثقافة الدولة عندنا وعدم وضوح
االستراتيجية والرؤية ونقص اإلمكانيات المادية المخصصة لبعض القطاعات مثل قطاع الشباب
والرياضة الذي ظل مرتبطا ببعضه البعض ويعاني منذ االستقالل من ضعف الميزانية ومن قلة اإلهتمام
في البرامج الحكومية المختلفة رغم أهميته ورغم استغالله ألغراض سياسية عندما كان يستدعي األمر
ذلك كل مرة !!
مشكلة قطاع الشباب والرياضة وكذا قطاعات أخرى لم تكن أبدا في أسماء الوزراء أو في الفصل بين
القطاعات أو إلصاقها ببعضها البعض ،بل كانت دائما في السياسات واإلمكانيات والصالحيات ،ألن
الوزير عندنا لم يعد ذلك الوزير الذي يفكر ويخطط ويقرر طبقا لبرنامج الحكومة! ولم يعد الوزير يسأل
عما هو المطلوب منه عندما يقترح عليه المنصب! ولم يعد إخضاع اختيار الوزير لمعايير ومقاييس
مهنية وعلمية بقدر ما يخضع لمعايير الوالء والجهوية والعالقات الشخصية
جيل استثماري...
أن تخرج جماهير الكرة لالحتفال بالتتويج باللقب كما فعل أنصار المولودية بعد فوزهم بالكأس فهو أمر
عادي وطبيعي يحدث في كل بلدان العالم ويتكرر عندنا من زمان ،ولكن أن تخرج الجماهير الجزائرية
قبل موعد نهائي كأس الجمهورية بأيام لتجوب الشوارع وتحتل الساحات العمومية ليل نهار وتحولها إلى
قاعات حفالت على الهواء يكون فيها الجميع مغنيا وراقصا فهو األمر الذي يستوقفنا ويثير الكثير من
التساؤالت وعالمات االستفهام حول ظاهرة فريدة من نوعها تحمل بخصائصها دالالت كثيرة تستدعي
من المختصين الوقوف عندها لدراستها وتحليلها!!
ال أحد يبخس حق أبنائنا في االحتفال وال أحد يشك في عشقهم لنواديهم وتعلقهم بكرة القدم في غياب
اهتمامات وأسباب أخرى للفرح ،لكن إفراطهم في االحتفال لساعات متأخرة من الليل قبل الموعد
الرياضي بأيام يدل على حاجتهم للتخلص من حالة الكبت التي يعيشونها وافتقادهم لمسببات الفرح
غطاها الغم المعيش والهم الرابض في األوساط األسرية والمهنية واالجتماعية في ظل والسعادة التي ّ
غياب تام للمرافق الرياضية والثقافية ونقص األنشطة الترفيهية المختلفة التي تنفس عن مكبوتات الحياة
وتمنح لهم متعة هم بحاجة إليها وتسمح لهم بالتواصل والتعبير وممارسة هواياتهم المختلفة للتخفيف من
كل األعباء اليومية التي يتخبطون فيها..
خروج أبنائنا وحتى بناتنا وعائالت بأكملها إلى الشارع بالشكل الذي يفعلون قبل الفوز أو الخسارة
يستوقف المختصين والسلطات للبحث في األسباب وفي سبل تنشيط الحياة العامة لشبابنا وإيجاد فضاءات
تسمح بتنظيم نشاطات ثقافية ورياضية وفنية بانتظام للترويح عن النفس والحفاظ على التوازن
السيكولوجي والنفسي ليصبح بموجبها الحدث الرياضي موعدا للمتعة والفرجة ،ويصبح بعدها التعامل
مع الفوز أو الخسارة في الكرة تعامال عاديا ال يخرج عن نطاق األخالق العامة واحترام الغير والحفاظ
على المرافق العمومية التي أصبحت مفرغا لحاالت الغضب لدى المناصرين ..لذا وجب علينا االستثمار
في أرضية الرياضة التي بقيت خصبة دون غيرها..
صحيح أن الظاهرة برزت أكثر في تصفيات مونديال 4111وعشية المواجهة الكروية مع مصر وكانت
لها أسبابها ودوافعها آنذاك ،ولكنها أخذت أبعادا أخرى بعد ذلك وأصبح الخروج إلى الشارع قبل
المباريات ظاهرة تتكرر كل مرة وفيها الكثير من اإلفراط الذي أدى إلى حدوث إصابات ووفيات في
صفوف األنصار ،لكنها كانت ومازالت متنفسا ألبنائنا في غياب فضاءات التعبير والهياكل التنظيمية
ونقص المرافق المختلفة والنشاطات الثقافية والرياضية التي تروي عطشهم وتسد حاجتهم للفرحة
والسعادة والترويح عن النفس..
مع تفشي الظاهرة وتكرارها كل مرة واتساع رقعتها وتداعياتها قبل وبعد كل موعد رياضي لم تقدر
السلطات على االستثمار فيها وتوجيهها واستخالص الدروس منها بتأطيرها وتوفير الفضاءات
والنشاطات المختلفة الكفيلة بامتصاص عنفوان أبنائنا وطاقاتهم وحاجياتهم المتزايدة للترفيه والترويح عن
النفس ليبقى أبناؤنا عرضة للخطر واالستغالل السياسي واالجتماعي ،وعرضة لالنكسار واليأس والغبن
وكل أنواع الحرمان الذي نلمسه على وجوههم حتى وهم في قمة النشوة والفرحة ،فالعجز عن االستثمار
في المسببات الناجحة على الرغم من جاهزيتها قد يقودنا إلى أسباب الفشل التي عرفناها في االستثمارات
القبلية وال بد أن تتجدد اإلرادة السياسية بتجدد المواعيد الرياضية ،خاصة وأن مونديال البرازيل على
األبواب!!
الرأي وتستمر الحياة ..
بعد ما قلنا كل شيء عن العهدة الخالدة التي اختارها من انتخب عليها سنضطر الحترام خياراهم ،وبعد
ما قلنا كل شيء ولم يعد لدينا ما نقوله في زمن االنبطاح والجبن والرداءة ،ورغم محنة سقوط جنودنا
األبرياء ضحايا للغدر واإلجرام في تيزي وزو ،ومحنة أبنائنا وأهالينا المؤسفة في منطقة القبائل
وغرداية ،وما قد يترتب عنها من تداعيات نحن في غنى عنها ،وفي انتظار أيام أخرى جميلة تعود فيها
البسمة موزعة بالتساوي على كل أبنائنا في كل ربوع الوطن ،وأيام يتوقف فيها المقامرون والمغامرون
عن استفزاز الشعب ..قررت في ظل هذه التداعيات العودة ولو مؤقتا لتحريك قلمي باتجاه شؤون
الرياضة والكرة خاصة عشية نهائي كأس الجمهورية وقبل بضعة أسابيع عن انطالقة مونديال البرازيل..
لقد اشتقت كثيرا للكتابة في شؤون الكرة ،لكن عندما تقتضي الضرورة لن أتردد في العودة للكتابة عن
أنواع أخرى من الرياضات التي أينعت وإشتهرت عندنا وانتشرت ونمت منذ فترة ،وأقصد بها رياضات
الشيتة والتطبيل بفروعها التخويف والتخوين واالنتقام والتي ستستمر فعالياتها دون شك في الصراع
الحاصل على المناصب والمكاسب واقتسام الغنائم بين قوم الرابعة ،الذين سيواصلون نهجهم من أجل
الغاء اآلخر واقصائه وبسط يد النفوذ على كل شيء دون رحمة أو شفقة ..
نهائي كأس الجمهورية الذي يجمع الفريقين العريقين ألول مرة في التاريخ سيغيب عنه رئيس الجمهورية
للمرة الثانية على التوالي مما سيفقده الكثير من هيبته ونكهته وخصوصياته بعد ما فقد الكثير من االهتمام
الجماهيري واالعالمي المعتاد بسبب انشغال أبنائنا وإعالمنا باالنتخابات الرئاسية وما يحدث من حراك
في منطقة القبائل ،وانشغالهم بهمومهم المختلفة والمتعددة ،ومع ذلك الكل يتمناه عرسا كرويا فنيا
وجماهيريا يقدم فيه أبناؤنا صورة جميلة تنسينا مهزلة نهائي السنة الماضية ،وتنسينا المستوى المتدني
للدوري الجزائري الذي لم نشعر حتى بتوقفه منذ أكثر من شهر.
نهائي هذا العام بين الشبيبة والمولودية كنا نحلم به من زمان لما يحمله من إثارة واعدة وفرجة كروية
فوق الميدان ومتعة جماهيرية تصنع في المدرجات بين غريمين تقليديين ،وسيكون هذه المرة فرصة
للمولودية الشعبية لمحو الصورة الرديئة التي عشناها في النسخة الماضية ،ويكون فرصة للشبيبة لتجديد
العهد مع األلقاب والتصالح مع أوفيائها من الجماهير العريضة المحبة للنادي التي نتمنى أن تساهم
بوعيها ونضجها في صناعة العرس بعيدا عن كل االعتبارات السياسية واألمنية واالجتماعية التي تعيشها
منطقة القبائل..
بغض النظر عن المتوج باللقب ،فإن نجاح عرس نهائي كأس الجمهورية على المستوى الفني والتنظيمي
والجماهيري سيفتح شهية الجزائريين على التطلع إلى مونديال البرازيل الذي سيكون بعد ذلك حديث
الشارع طيلة الصائفة بدءا من ترقب قائمة العناصر الوطنية التي سيختارها الناخب الوطني لتمثيل
الجزائر في المونديال ،إلى المباراتين الوديتين المقررتين في سويسرا ،ثم تنقل الجماهير إلى بالد
الصامبا لمعايشة الحدث العالمي عن قرب ..هي محطات سيتوقف عندها االعالم الرياضي بفنييه
ومحلليه الذين سيخوضون بدورهم في كل هذه األمور فيكتبون ويعلقون ويحللون خيارات المدرب
و ردود فعل الالعبين ويتكهنون بعد ذلك بما سيفعله الخضر في المونديال ،وهنا نتمنى أيضا أن تكون
المرافقة الفنية واالعالمية قريبة من الواقعية والموضوعية وبعيدة عن التشاؤم والتشكيك ،ألننا تعبنا
وهرمنا ويكفينا من االنقسام والمزيد من اآلالم واألوجاع وكل ما من شأنه أن يفرق بيننا حتى ولو تعلق
األمر بمستديرة ال تقف عند وجه واحد ،ألنها صادقة إذا منحتك انتصارا ،وعادلة حتى في الهزيمة التي
ال تتوقف عندها حياة الكرة وحياتنا أيضا التي ستستمر!!
المصدر منشورات حفيظ دراجي 4102