You are on page 1of 35

‫بسم هللا الرحمان الرحيم أما بعد‬

‫بعد المجود الرائع لإلعالمي والصحفي الجزائري والعالمي السيد‬


‫حفيظ دراجي ارتأيننا ان نجمع بين أيديكم هذه الجملة من‬
‫المختارات من المقاالت التي صدرت من السيد حفيظ لسنة ‪4102‬‬
‫برؤية دقيقة تعبر عن حنكة هذا اإلعالمي الشهير عربيا وعالميا‬
‫علما أنه يعلق باللغة العربية والفرنسية سابقا تميز خالل نهائيات‬
‫كاس العالم التي جرت مؤخرا فعالياتها بالبرازيل والتي توج بها‬
‫منتخب الماكينات األلمانية لكرة القدم‬
‫عندما تتأزم مشاكلنا ‪..‬‬
‫زمان كنا نعاني من مشاكل ال يخلو منها أي بلد في العالم كنقص الموارد والبطالة والسكن وهجرة‬
‫األدمغة واإلرهاب ‪ ،‬ثم مشاكل سياسية وأمنية وأخالقية ظرفية مؤقتة ‪ ،‬وأخرى اقتصادية واجتماعية‬
‫بسيطة وعادية كنا نتجاوزها كل مرة ‪ ،‬ولكن مع مرور الوقت ورغم مواردنا المادية والطبيعية والبشرية‬
‫الهائلة تحولت مشاكلنا الى أزمات متعددة األوجه تالزمنا في يومياتنا وتبدأ من ندرة في الخبز والحليب‬
‫كل صباح إلى بطالة تقنية وأزمة في توزيع السكنات واختالالت سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية ‪،‬‬
‫وحتى أخالقية ونفسية صارت تهدد استقرار المجتمع وأركان التوازنات التي كنا نسعى للمحافظة‬
‫عليها !!‬

‫االنسداد السياسي والجمود السائد بعد االنتخابات الرئاسية االخيرة يبقى على رأس الهموم التي نتخبط‬
‫فيها في ظل االقصاء الذي تتعرض له األحزاب والجمعيات وكل الطبقة السياسية التي تدرك حجم االزمة‬
‫وتحاول القيام بمبادرات كان يمكن مرافقتها والتعامل معها من قبل السلطة لتجاوز االختالالت الموجودة‬
‫واشراك الطبقة السياسية والشخصيات الوطنية المحترمة في تحمل عبئ الهموم التي نتخبط فيها !!‬

‫التحديات األمنية كبيرة على الحدود مع ليبيا ومالي وتونس واألزمة األمنية في أوساط أهلنا في غرداية‬
‫تتفاقم كل يوم في سيناريو غريب لم نفهم مغزاه ‪ ،‬دون أن تقدر السلطات على استدراك الوضع المبهم‬
‫وكأنها عملية مقصودة تؤدي إلى مزيد من االقتتال بين أبناء المدينة الواحدة وقد تترك أثارا وخيمة على‬
‫األجيال الصاعدة التي تعيش وسط إحتقان غير مسبوق ‪..‬‬

‫الغياب المستمر للرئيس عن مسرح األحداث والحضور الالفت لالنتهازيين والمنتفعين تحول الى أزمة‬
‫سياسية كبيرة في الجزائر وأدى الى فراغ مؤسساتي رهيب فسح المجال أمام المغامرين وأصحاب المال‬
‫لكي يتصرفوا في شؤون الدولة كما يحلو لهم ‪ ،‬وأدى الى غياب صوت الجزائر عن الساحة الدولية‬
‫وانعدام الثقة في مؤسسات الدولة المختلفة ‪ ،‬واتساع رقعة النهب وتراجع في القيم واالخالق في الداخل‬
‫لدرجة ال يمكن التكهن بما ستكون عليه الجزائر غدا!!‬

‫الرداءة إنتشرت في كل مكان وفي كل مجاالت الحياة السياسية والثقافية واالعالمية بسبب الجهوية‬
‫المتزايدة واالقصاء الممارس ضد الكفاءات التي تحالفت ضدها قوى الشر فوجدنا أنفسنا أمام خطاب‬
‫سياسي متخلف وفراغ ثقافي رهيب وإعالم عمومي وخاص يمارس االبتزاز السياسي والمالي ويبتعد كل‬
‫يوم عن مهامه في غياب استراتيجية وطنية اعالمية وثقافية مناسبة لمقوماتنا وحاجياتنا الفكرية المتزايدة‬
‫‪..‬‬
‫األزمة الفكرية تكبر من يوم ألخر بسبب غياب مشروع المجتمع الذي يليق بنا وغياب إستراتيجية وطنية‬
‫لتصحيح االختالالت الموجودة ورؤية مستقبلية واضحة لجزائر القرن الواحد والعشرين التي تواجه‬
‫تحديات سياسية وأمنية واقتصادية وفكرية لم نقدر على حصرها ومعالجتها ألننا ال نملك االرادة وال‬
‫القدرة على ذلك في غياب ثقافة الدولة واعالم حر ونزيه وعدالة اجتماعية وتنمية اقتصادية حقيقية‬
‫شاملة !!‬

‫تغول سلطة المال التي صارت تقيل وزيرا للداخلية من حجم دحو ولد قابلية ألنه قال "ال" ‪ ،‬وتقيل‬
‫الرئيس المدير العام لسوناطراك ألنه قال "ال" أيضا ‪ ،‬وتقيل وتعين المسؤولين في المناصب العليا للدولة‬
‫لالستحواذ على ما تبقى من خيرات هذا الوطن أمام مرأى ومسمع الجميع هي أكبر وأخطر أزمات‬
‫الجزائر في بداية االلفية باإلضافة الى األزمة األخالقية المتفشية في كل القطاعات واألوساط وبين‬
‫النفوس المريضة بسبب صراع األجنحة على مزيد من النفوذ والمال في ظل انهيار القيم والمبادئ‬
‫وتراجع االهتمام بشؤون الوطن و الشعب !!‬

‫أزمة الجزائر تحولت الى أزمات ألننا لم نتخلص من أنانيتنا ولم نتحلى بالجرأة والشجاعة في معالجة‬
‫مشاكلنا البسيطة التي كبرت وتفاقمت مع تكرار االخطاء وانتشار الحقد والكراهية واالقصاء من طرف‬
‫أناس يعتقدون بأنهم هم الجزائر ودونهم سينهار الوطن ويموت الشعب جوعا وعطشا!!‬
‫وطن يأكل أبناءه!!‬
‫ألول مرة منذ ست سنوات قضيتها خارج الجزائر أتلقى هذا الكم الهائل من طلبات المساعدة على مغادرة‬
‫الجزائر وااللتحاق بقطر وغيرها من دول الخليج من طرف إطارات جزائرية رياضية وإعالمية ومن‬
‫مختلف االختصاصات‪ ،‬سواء من ذوي الشهادات العليا الذين لم يجدوا منصب عمل أو حتى أولئك الذين‬
‫يحتلون مواقع ومناصب هامة في مختلف المؤسسات واإلدارات!!‬

‫رياضيون ومدربون وإعالميون وأطباء ومهندسون وطيارون‪ ،‬ومتخرجون جدد من مختلف الجامعات‬
‫والمعاهد الجزائرية لم يعد باستطاعتهم تحمل الظروف الصعبة التي يعملون فيها‪ ،‬ومواجهة الظروف‬
‫المعيشية التي يكابدونها‪ ،‬ولم يعد بإمكانهم تحمل ما يسمعون ويشاهدون من اختالالت سياسية واقتصادية‬
‫واجتماعية وأخالقية انعكست على معنويات الجيل الصاعد الذي صار يسعى إلى الهروب من الواقع المر‬
‫بكل الطرق والوسائل بعدما نفذ صبره وبلغ درجة ال مثيل لها من اليأس والتذمر!!‬

‫صحيح أن الهجرة ظاهرة عالمية صحية وطبيعية‪ ،‬واألمر يبدو عاديا من زمان بالنسبة للكثير من الشباب‬
‫العربي الذي يبحث عن فضاءات أفضل لتحسين ظروفه المهنية والمادية أو ألسباب أخرى مختلفة‪ ،‬وقد‬
‫يكون األمر أيضا مفيدا لألجيال الصاعدة التي تبحث عن فرصتها لدخول الحياة المهنية من بوابة‬
‫استخالف المهاجرين ولكن تفاقم الظاهرة بشكل رهيب يحمل دالالت سياسية واجتماعية يجب التوقف‬
‫عندها‪ ،‬وينذر بهجرة جماعية للكفاءات الجزائرية التي أنفقت عليها الدولة أمواال طائلة من أجل تكوينها‪،‬‬
‫وينذر أيضا بإفراغ مؤسسات الدولة من إطارات كفئة كثيرة في مختلف المجاالت!!‬

‫األمر يثير عالمات استفهام كبيرة ال تختلف عن عالمات االستفهام التي يطرحها علينا كل مرة بعض‬
‫اإلخوان ممن يتساءلون عن سر نزعة الشباب الجزائري نحو الهجرة إلى أوروبا وأمريكا والخليج‬
‫العربي‪ ،‬في وقت تتمتع فيه الجزائر بقدرات مادية وطبيعية وبشرية ال تتوفر لدى الكثير من الدول‬
‫المتطورة‪ ،‬وفي وقت تشهد سوق العمل الجزائرية إقباال متزايدا لليد العاملة األجنبية المؤهلة وغير‬
‫المؤهلة في تناقض فظيع ال يمكن تفسيره!!‬

‫الظاهرة مثيرة لعالمات استفهام عديدة يطرحها المالحظون في الداخل والخارج ولكن السلطات‬
‫الجزائرية ال تعير لها اهتماما وكأن األمر مقصود ومدبر لتهجير الكفاءات وإبقاء الجزائر رهينة بين‬
‫أيدي الرديئين واالنتهازيين وأولئك الذين بلغوا سن التقاعد والزالوا يحتلون مواقع ومناصب هامة في‬
‫هياكل الدولة التي تعاني الجمود والتخلف بسبب غياب النفس الجديد والفكر المتجدد في مجتمع غالبيته‬
‫شباب‪..‬‬
‫صحيح أن الكفاءة والجدارة والعطاء ليس لها سن أو حدود‪ ،‬والجزائر يبنيها الجميع‪ ،‬وتصدير الكفاءات‬
‫قد يخدم اقتصاد الوطن وسمعته‪ ،‬ولكن للصبر على الرداءة والتراجع حدود‪ ،‬والجزائر بحاجة إلى نفس‬
‫جديد وبحاجة إلى كل أبنائها لالستثمار في قدراتنا وخيراتنا التي يراد لها أن تبقى حكرا على فئة من‬
‫أصحاب المال والنفوذ الذين وصل بهم األمر إلى التحكم في رقاب الناس وتعيين وإقالة الوزراء ومدراء‬
‫المؤسسات الكبرى ألنهم لم يتواطئوا معهم في عملية االستحواذ على ما تبقى من خيرات الوطن!!‬
‫بأمر من فخامة الرئيس!!‬
‫"بأمر من فخامة الرئيس تم تشكيل خلية أزمة" و "بأمر من الرئيس يتوجه وزير النقل إلى مالي مبعوثا‬
‫لفخام ته" و "فخامة الرئيس يسهر شخصيا على متابعة الملف "!! هي جمل كئيبة عادت إلى ألسنة‬
‫وزرائنا ومدراءنا بمناسبة تحطم الطائرة المستأجرة من شركة الخطوط الجوية الجزائرية فوق سماء‬
‫مالي‪ ،‬وهي جمل لم تكن تخلو منها تصريحات وزراءنا منذ أكثر من عقد من الزمن في سيناريو فريد‬
‫من نوعه ال يحدث سوى عندنا وكأن الرئيس فعال يتحدث إلى وزراءه ويوجههم ويأمرهم‪ ،‬أو كأن ال أحد‬
‫من المسؤولين في هذا الوطن يتحرك للقيام بمهامه دون أوامر وتوجيهات من الرئيس !!‬

‫كل الوزراء والمدراء والمسؤولين الكبار في عهد الرئيس بوتفليقة يتسابقون إلطالق الجملة السحرية‬
‫ويتفننون بها في اإلطراء على فخامته بمناسبة ودون مناسبة‪ ،‬ومن يخرج عن القاعدة يأتيه التنبيه‬
‫والتوبيخ من محيط الرئيس وقد يصبح من المغضوب عليهم أو يقال من منصبه‪ ،‬وال يمكن ألي تصريح‬
‫ال يتضمن الجملة السحرية التي تذكر صاحب الفخامة أن يبث على شاشة التلفزيون الرسمي حتى أصبح‬
‫األمر ممال وتافها لنا‪ ،‬وثقافة سياسية لدى كل المسؤولين ‪..‬‬
‫ال أعتقد بأن الرئيس بحاجة إلى هذا النوع من "الشيتة " وال أعتقد بأنه يطلب شخصيا من وزرائه أن‬
‫يذكروه في كل خرجاتهم ‪ ،‬وال أعتقد حتى بأن الرئيس يتواصل مع وزرائه ومدرائه وسفرائه إال نادرا‪،‬‬
‫وال أحد يجرؤ على التواصل معه مهما كانت الظروف ألنه كان دائما يعتبر نفسه فوق الجميع وصاحب‬
‫الفضل على كل المسؤولين وعلى كل الجزائريين‪ ،‬وال يمكنه أن يتواصل مع أي كان أو يناقشه أو يستمع‬
‫اليه !!‬

‫"فخامته" ال يتواصل سوى مع شخصين أو ثالثة من المسؤولين على أقصى تقدير وهو الذي كان دائما‬
‫يقول عن وزرائه بأنهم ال يصلحون كي يكونوا مدراء مكاتب اعتقادا منه بأنهم ال يملكون الكفاءة وال‬
‫القدرة على تسيير قطاعاتهم‪ ،‬وال يملكون الجرأة على التحرك دون أن يشيروا إلى أفضال الرئيس‬
‫وأوامره وتوجيهاته في وقت تمكنت الكثير من اإلطارات الجزائرية من تحقيق معجزات في قطاعاتها‬
‫وكانت صاحبة الفضل فيما تحقق ولكنها كانت مضطرة في تصريحاتها لكي تنسب تلك االنجازات إلى‬
‫"فخامة الرئيس !! "‬

‫لو كنت مكان الرئيس لقررت إقالة كل وزير أو مدير يصرح بأنه يقوم بمهامه بأمر أو تكليف من فخامة‬
‫الرئيس ألن في األمر إساءة للرئيس والوزير وللجمهورية وللشعب برمته ألنه يعطي االنطباع بأن ال‬
‫أحد بإمكانه التحرك للقيام بمهامه دون إذن أو أمر من الرئيس‪ ،‬ويعطي االنطباع أيضا بأن كل شؤون‬
‫الدولة في يد الرئيس ومحيطه الضيق‪ ،‬وال أحد يعرف كيف يتصرف إذا لم يتدخل الرئيس ليعطي‬
‫التوجيهات واألوامر!!‬

‫قد يقول البعض بأن األمر عادي والظروف الصحية للرئيس هي التي تجعله يكتفي بتكليف وتوجيه‬
‫وزرائه‪ ،‬وتفرض عليهم التصريح بذلك في كل مناسبة‪ ،‬ولكن األمر ليس جديدا بل يحدث من زمن حتى‬
‫عندما كان الرئيس في أوج لياقته مما جعل األمر تقليدا وثقافة نتمنى أن يتخلص منها الرئيس المقبل ألنها‬
‫ال تليق بجزائر القرن الواحد والعشرين وتسيء إلى الجمهورية ومؤسساتها واطاراتها‬

‫تخلف جوي وبحري وبري!!‬


‫تحطم الطائرة المستأجرة من شركة الخطوط الجوية الجزائرية فوق سماء مالي يعيد إلى أذهاننا تساؤالت‬
‫نطرحها كل مرة بخصوص تسيير مؤسساتنا الكبرى‪ ،‬وعالمات استفهام أخرى تذكرنا بالوضع التعيس‬
‫الذي تعيشه شركة وطنية تابعة لبلد من حجم الجزائر كان يمكن أن تكون أحوالها أفضل بكثير مما هي‬
‫اآلن‪ .‬وكان يمكن ألسطولها أن يكون األكبر في العالم‪ ،‬وهي التي تؤجر الطائرات لغيرها‪ ،‬وتوفر‬
‫خدمات المالحة الجوية الراقية ألبنائها ولكل العالم بحكم موقعها الجزائر االستراتيجي وثرائها ووفرة‬
‫الموارد المالية والبشرية التي لم نستثمرها في قطاع حساس ومهم بحجم قطاع النقل!!‬

‫الحادثة تستوقفنا أيضا لنتوقف عند هشاشة وضعف األسطول الجزائري وتراجع نوعية الخدمات وارتفاع‬
‫أسعار النقل الجوي وكذا تدهور قطاع النقل البحري والبري الذي يعيش على الوعود الكاذبة للمسؤولين‬
‫على القطاع منذ االستقالل‪ ،‬في وقت كان بإمكاننا أن نجعل من الخطوط الجوية الجزائرية مفخرة للوطن‬
‫تساهم في رفاهية الشعب وتوفير كل الخدمات لمرافقة التنمية التي نطمح إليها في وطن يحسدنا على‬
‫خيراته القريب والبعيد‪ ،‬ولكننا نصر بتخلفنا على إبقائه بعيدا عن الركب العالمي!!‬

‫ال أريد العودة إلى تعاملنا مع الواقعة وال إلى تعاملنا مع أحداث أخرى سابقة مماثلة ألننا ال نزال هواة‬
‫في الممارسة السياسية واإلعالمية‪ ،‬ولم نتعلم من تجاربنا وتجارب اآلخرين‪ ،‬ولكن أكتفي في هذا المقام‬
‫بالوقوف عند استراتيجيتنا المتخلفة في مجال النقل الجوي والبحري وحتى البري وبواسطة السكة‬
‫الحديدية والتي لم ترق إلى مستوى شعبنا وحاجياته وال إلى مستوى سمعة الجزائر وقدراتنا المادية‬
‫والبشرية الفريدة من نوعها والتي تسمح لنا باقتناء طائرات وبواخر وقطارات حديثة ومتطورة‪ ،‬ومنافسة‬
‫أكبر شركات النقل العالمية في الداخل والخارج دون اللجوء إلى كراء طائرات أكل عليها الدهر وشرب‬
‫ولم تعد توفر الراحة واألمن الالزمين لمسافرينا‪..‬‬

‫الحديث عن الحالة المزرية لشركة الخطوط الجوية الجزائرية يذكرنا بالحالة المأساوية ألسطولنا البحري‬
‫ومؤسسات النقل البري والنقل بواسطة السكة الحديدية والتي لم ترتق كلها إلى مستوى قدراتنا وطموحاتنا‬
‫ألننا لم نعطِ األولوية واألهمية لهذا القطاع الحساس ولم نستثمر فيه رغم أهميته لنجد أنفسنا في مطلع‬
‫القر ن الحادي والعشرين نستأجر طائرات من شركات أجنبية لنقل زبائننا في ظروف مأساوية في وقت‬
‫نكدس المليارات في الخزينة العمومية وكأننا نحسد شعبنا ونستمتع بمعاناته في المطارات والموانئ‬
‫ومحطات النقل البري‪..‬‬

‫أما االعتقاد بأن بناء بضعة مطارات وتشييد آالف الكيلومترات من الطرقات وتدشين محطات الميترو‬
‫والترامواي والنقل البري هو أمر كاف لتلبية حاجيات شعبنا المتزايدة في مجال النقل فهو غير كاف‬
‫ويحتاج إلى إرادة سياسية ووعي بضرورة تحقيق المزيد والتوجه نحو تسيير احترافي وعصري لهياكلنا‬
‫ومؤسساتنا لتجاوز التخلف متعدد األشكال الذي نتخبط فيه‪.‬‬
‫كيف هي أحوالك يا جزائر؟‬

‫في كتابه الشهير تساءل المجاهد المرحوم محمد بوضياف ذات يوم قائال "الجزائر إلى أين “؟ وإلى حد‬
‫اآلن ال يزال ذلك السؤال مطروحا دون أن نعرف إلى أين نتوجه في ظل الركود والجمود الذي‬
‫يطبع الحياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية وحتى الفكرية واألخالقية التي نعيشها !! وبعد مرور‬
‫أكثر من ثالثة أشهر عن االنتخابات الرئاسية‪ ،‬وانقضاء مونديال البرازيل بما حمله من‬
‫متعة وفرحة عاد الجزائريون إلى يومياتهم وانشغاالتهم يتساءلون عن أحوال الجزائر بعيدا عن الكرة‬
‫والمنتخب الوطني وبعيدا عن خصوصيات شهر رمضان الكريم ‪..‬‬

‫بعض الجزائريين يتساءلون عن مصير منتخبهم بعد تألقه في المونديال وهل سيحافظ على توازنه بعد‬
‫ذهاب حليلوزيش‪ ،‬ولكن الكثير يدركون بأن الكرة ليست كل شيء في حياتنا وراحوا بعد المونديال‬
‫يسألون عن أحوال الجزائر ومصير المشاورات السياسية حول تعديل الدستور‪ ،‬ويتساءلون عن األوضاع‬
‫في غرداية وكيف سيكون الدخول االجتماعي المقبل‪ ،‬ويتساءلون مجددا عن الوضع الصحي لرئيسهم‬
‫وهل هو قادر على قيادة األمة وممارسة مهامهم كما ينبغي في ظل التحديات التي تنتظرنا!!‬

‫كرويا استفاق الجزائريون على اختفاء تلك االصوات الجاحدة والحاقدة التي كانت تنتقد المدرب‬
‫والمنتخب وتتوقع اخفاقا في المونديال‪ ،‬واستفاقوا على وقع الكذب والنفاق الذي مارسته بعض وسائل‬
‫االعالم للتقليل من شأن االنجاز واالساءة للمدرب الوطني السابق بمجرد أنه رفض االستمرار في تدريب‬
‫الخضر !!‬

‫بعد انتهاء المونديال اكتشف الجزائريون بأن المشاورات السياسية المتعلقة بتعديل الدستور قد انتهت كما‬
‫بدأت وقد تؤول إلى ما آلت عليه المشاورات السابقة التي قادها رئيس مجلس األمة عبد القادر بن صالح‬
‫رغم أن األمر يتعلق بمناقشة وثيقة هامة تقوم عليها الدولة التي نريدها ألبنائنا بعيدا عن كل الصراعات‬
‫والحساسيات المعلنة والخفية التي التزال قائمة بين عديد المؤسسات ‪..‬‬

‫وجدنا االوضاع في غرداية كما كانت عليه سابقا أو ربما أسوء مما كانت عليه بسبب االستخفاف‬
‫بخطورة الوضع وسطحية المعالجة الى أن وصل عدد القتلى إلى عشرة مواطنين جزائريين ال يعرفون‬
‫لماذا قتلوا‪ ،‬لكن األحياء يعرفون بأن التهجير والتدمير بلغ درجة ال مثيل لها أمام عجز كبير للسلطات‬
‫عن اطفاء نار الفتنة وصمت رهيب من األحزاب والشخصيات الوطنية وكأن األمر يحدث في بلد آخر‬
‫وزمن مغاير !!‬

‫بعد المونديال استفاق الجزائريون على مشاركة وفد جزائري من العسكر والمدنيين في االحتفاالت‬
‫المئوية الفرنسية لذكرى الرابع عشر جويلية رغم معارضة الكثير من الجزائريين والفرنسيين في حد‬
‫ذاتهم وفي وقت لم يعد لالحتفاالت بعيد استقالل الجزائر أي لون أو طعم‪ ،‬ولم يعد أبناؤنا يتذكرون‬
‫تضحيات آبائهم إال من خالل ما تعرضه نشرات األخبار الرسمية ليلة الخامس جويلية من صور ووقفات‬
‫ال تعكس حجم تلك التضحيات!!‬

‫استفاق الجزائريون بعد المونديال على حياة سياسية وثقافية تعيسة ذهب أصحابها في عطلة ‪ ،‬و تفاقم‬
‫األزمة الفكرية واألخالقية بسبب استمرار الرداءة على مستويات عدة واستمرار مالحقة النخبة وتفتيتها‬
‫حتى يعم الجهل والفساد يومياتنا ويبقى الحال على ما هو عليه تحت سيطرة عصابة تريد أن تقتل في‬
‫الجزائريين كل إرادة في التغيير وبناء دولة المؤسسات والكفاءات والقوانين ال دولة الوالءات التي ال‬
‫يعرف أصحابها كيف سيكون حالنا بعد أشهر وأسابيع من اآلن ألن مستقبل الوطن يتوقف عندهم دون‬
‫غيرهم ومن يريد معرفة الجواب عن أحوال الجزائر نقول له بأنها مبنية للمجهول وال ندري الى أين‬
‫تتجه!!‬
‫عار علينا‪ ..‬مقال الشروق ليوم ‪4102-7-01‬‬
‫ال تزال المشاركة المتميزة للجزائر في مونديال البرازيل تصنع الحدث في األوساط الجماهيرية‬
‫والرياضية واإلعالمية المحلية والدولية‪ ،‬ولكنني ألول مرة منذ مدة أجد نفسي غير قادر على الكتابة في‬
‫شؤون الكرة والمنتخب ليس بسبب الصيام أو اإلرهاق ولكن ألننا من جهة قلنا كل شيء في حينه‪ ،‬ولم‬
‫يعد لدي نا ما نقوله‪ ،‬ومن جهة ثانية ألن عقولنا وقلوبنا حزينة تتألم كل يوم آلالم أبنائنا في فلسطين‪ ،‬هؤالء‬
‫الذين يموتون ونتفرج عليهم وكأننا صم بكم عمي كما يحدث كل مرة أمام تحديات أخرى وقضايا‬
‫مصيرية تهم مجتمعاتنا‪.‬‬

‫لم أعد قادرا على الكتابة في شؤون الكرة مثل غيري ألن قلوبنا وعقولنا تتألم أيضا لمعاناة أهلنا في‬
‫غرداية‪ ،‬حيث رحل عشرة مواطنين منذ بداية األزمة التي دخلت وقتها اإلضافي ولم تقدر الحكومة وال‬
‫المجتمع المدني وال أعيان المدينة على حلها رغم بساطتها وبساطة سكانها الذين لم يقدروا على استيعاب‬
‫هذا اإلخفاق في حل مشكلة بسيطة تحولت إلى فتنة تكبر من يوم آلخر وتزيد من تعميق الجراح بين أبناء‬
‫الوطن الواحد‪.‬‬

‫لم أعد قادرا على الكتابة ألن قلوبنا وعقولنا تتألم أيضا من ازدهار الرداءة في السياسة والرياضة‬
‫واإلعالم حتى صرنا نخجل من االنتماء إلى وطن اختلطت فيه القيم والمفاهيم وال يعير أدنى اهتمام‬
‫للحرية والكرامة االنسانية والكفاءة المهنية‪ ،‬ونخجل من موقف بلد األحرار والشهداء من القضية‬
‫الفلسطينية التي كنا معها في عهد بومدين ظالمة ومظلومة وصرنا ال نقدر على صياغة بيان تنديد‬
‫بالجرائم الوحشية التي يمارسها المحتل!!‬

‫أصبحنا نخجل أيضا من االنتماء ألسرة اإلعالم الرياضي التي تمارس الفعل اإلعالمي المخل بالحياء‪،‬‬
‫واالفتراء والتظليل في حق المدرب السابق للمنتخب الوطني الذي ال ذنب له سوى أنه نجح فيما أخفق‬
‫فيه اآلخرون وخرج من الباب الواسع رافضا تجديد عقده‪ ،‬لكننا الزلنا نالحقه بالكذب واإلساءة ألننا لم‬
‫نقدر على التأثير عليه وعلى خياراته!!‬

‫الكثير من أشباه اإلعالميين وبعض من الفالسفة صاروا ينادون ببقاء المدرب خاليلوزيتش بعدما كانوا‬
‫يصفونه بالفاشل ويطالبون برأسه في كل مناسبة‪ ،‬وصاروا يتحدثون عن تألق فني وتكتيكي وبدني‬
‫للمنتخب بعدما كانوا يصفونه بالمتواضع الذي سيخرج في الدور األول‪ ،‬لذلك لم أعد قادرا على الكتابة‬
‫في شؤون الكرة والمنتخب‪ ،‬ولم أعد قادرا على استيعاب هذا النفاق السائد في كل األوساط حتى صار‬
‫عملة مشتركة يتداولها الجميع دون خجل أو تردد امتدادا للنفاق الحاصل في مختلف مجاالت الحياة‬
‫األخرى حفاظا على المواقع وطمعا في مكاسب أخرى على حساب القيم والمبادئ!!‬

‫عار علينا أن نصر على الخطأ واإلساءة لغيرنا ونستمر في الفرح بأداء ونتائج منتخب بالدنا في‬
‫المونديال‪ ،‬ونواصل الحديث عن الكرة وسط كل هذه االختالالت التي نشهدها والمعاناة التي يعيشها‬
‫أبنائنا في غزة وغرداية وسوريا والعراق وتونس ومصر وليبيا‪ ،‬وعار علينا أن نسكت عن الظلم وعن‬
‫انتشار الرداءة في كل المجاالت ونسكت عن التراجع عن مبادئنا ومواقفنا التي كافح ألجلها آباؤنا وكبرنا‬
‫عليها قبل أن نتخلى عنها ونتخلى عن كرامتنا خوفا أو طمعا‪.‬‬

‫كلما سقط شهيد او جريح بين أهلنا في غزة ينتابني الخجل من االنتماء الى وطن يتفرج حكامه على‬
‫شعب يموت أبنائه كل يوم ونكتفي نحن باالسف مثلما نأسف لخروج منتخب نشجعه في المونديال !!‬
‫أغلب حكامنا جبناء اليستحقون منا االحترام ولكن هللا أكبر منهم جميعا و وحده من ندعوه اللطف بابناء‬
‫شعبنا في فلسطين ‪ ،‬و وحده من ندعوه الصبر والثبات والنصر من عنده في ظل الصمت والجبن الذي‬
‫يخيم علينا ‪ ..‬لك هللا يا شعبنا العظيم في هذا الشهر المبارك العظيم‬

‫……………………………………………………………………………………‬
‫الزلنا هواة في السياسة واالتصال!!‬
‫في سعي آخر من محيط الرئيس الستغالل كرة القدم ونتائج المنتخب لكسب مزيد من ود وتعاطف‬
‫الجماهير الجزائرية التي طالبت ببقاء وحيد حليلوزيتش جاءت مطالبة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة‬
‫باستمرار الناخب الوطني في موقعه مدربا للخضر إثر استقباله للعناصر الوطنية العائدة من البرازيل‪،‬‬
‫وهو المطلب الذي تناقلته مختلف وسائل اإلعالم الوطنية الرسمية والخاصة‪ ،‬ووصفته بأنه استجابة من‬
‫الرئيس لمطلب جماهير عريضة دون اعتبار لعواقب مثل هذا التصرف!!‬

‫جميل جدا أن تجمع الجماهير على تقدير الجهد الذي بذله المدرب حاليلوزيتش وتطالب ببقائه ‪ ،‬وجميل‬
‫جدا أن يبدي الرئيس اهتماما بالمنتخب وبمطالب الجماهير العريضة‪ ،‬ولكن الجميل أن يتم ذلك في كل‬
‫وقت وفي كل المجاالت‪ ،‬وأن نسمع عن تدخل الرئيس كل مرة لحماية اإلطارات والكفاءات الوطنية في‬
‫مختلف المواقع وليس فقط لدعم مدرب المنتخب الوطني دون أدنى اعتبار لرفض المعني التجديد منذ مدة‬
‫مع االتحادية التي عرضت عليه االستمرار لغاية مونيدال ‪ ،4102‬مفضال الدخول في مفاوضات مع‬
‫اتحادية جنوب افريقيا واالتحادية المغربية ونوادٍي أخرى روسية وتركية‪.‬‬

‫إطارات وكفاءات جزائرية كثيرة حققت نتائج رائعة في مختلف المجاالت‪ ،‬وتألقت وأبدعت أكثر من‬
‫َ‬
‫تحظ بنفس الدعم‬ ‫حاليلوزيتش في مختلف العلوم والفنون وفي الثقافة واإلبداع والمال واألعمال ‪،‬ولكنها لم‬
‫والتقدير من السلطات‪ ،‬بل حدث العكس‪ ،‬عانت الويالت من اإلجحاف في حقها ومن التهميش والتنكر‬
‫إلنجازاتها في سيناريو بدا وكأنه مقصود لمحاربة النجاح وإغراق الجزائر في الردءاة والتخلف‪ ،‬كم من‬
‫مسؤول ووزير ومدير وإطار من إطارات الدولة أبدعوا وتألقوا ونجحوا في مهامهم ولكننا حاربناهم ولم‬
‫نسمع بأن الرئيس تدخل إلنصافهم وحمايتهم وتشجيعهم في وقت يدعي الفاضلون من الساسة ورجال‬
‫المال واالنتهازيين كل يوم بأنهم يحظون بدعم الرئيس في مفارقة عجيبة ال تحدث سوى في الجزائر التي‬
‫انقلب فيها مفهوم الفشل والنجاح!!‬

‫أما عن تسريب الخبر لوسائل اإلعالم العمومية والخاصة التي تناقلته بشكل واسع فإنه يسيء للجزائر‬
‫ويعطي االنطباع بأن الساسة يتدخلون في اختيار مدرب المنتخب الوطني‪ ،‬ويسيء إلى الرئيس في حد‬
‫ذاته خاصة بعد أن رفض حاليلوزيتش االستمرار بحجة تلقيه عروضا تساوي أربع أضعاف ما يتقاضاه‬
‫مع المنتخب الجزائري‪ ،‬وبحجة تحامل بعض وسائل اإلعالم ضده على مدى ثالث سنوات!!‬
‫لقد كان بإمكان محيط الرئيس أن يضعه في الصورة وال يورطه‪ ،‬ويخبره بأن عقد حاليلوزيتش انتهى‬
‫وأنه قرر الرحيل منذ مدة وذلك حقه‪ ،‬كما هو من حق وواجب االتحادية البحث عن بديل في أقرب وقت‬
‫لالستمرار في بناء المنتخب الذي نحلم به‪ ،‬وكان باإلمكان تجنب تسريب هذا المطلب للرأي العام وحفظ‬
‫ماء الوجه خاصة أن البوسني غير ملزم باالستجابة لمطلب الرئيس باعتباره شخصا أجنبيا لذلك راح‬
‫يوافق على تدريب الفريق التركي رغم استعداد محيط الرئيس لتلبية كل مطالبه المادية "حتى ال تسقط‬
‫كلمة الرئيس أمام الرأي العام!!! "‬

‫هذه الممارسات والهفوات جاءت لتأكد بأننا ما مازلنا هواة في الممارسة السياسية واإلعالمية وال نحفظ‬
‫الدروس‪ ،‬والزلنا نعتقد بأننا نفهم في كل شيء‪ ،‬وبأن الجماهير الجزائرية مغفلة ويمكننا أن نواصل‬
‫الكذب عليها وهي التي تبدو أكثر حنكة وحكمة منا وأكثر صبرا علينا وعلى إخفاقاتنا المتكررة في‬
‫التعاطي مع األحداث والمستجدات‪.‬‬

‫ماذا بعد المونديال؟‬


‫بعد ما صنعنا الحدث في البرازيل وتجاوزنا هاجس الدور األول بالنتائج واألداء وربحنا احترام وتعاطف‬
‫الغريب قبل القريب‪ ،‬وبعد ما حطمنا عديد األرقام في تاريخ مشاركاتنا في المونديال وأعدنا البسمة إلى‬
‫نفوس أبنائنا وبناتنا‪ ..‬حان الوقت لطرح السؤال الكبير‪ :‬ماذا بعد؟ خاصة وأن الكرة ليست سوى مجرد‬
‫لعبة ندرك بأنها ال تصنع تطور البلد ولكن يصنعه الرجال بأخالقهم وفكرهم وجهدهم المتواصل‪..‬‬

‫ماذا بعد هذه الهبة الوطنية والتجاوب الجماهيري والتعاطف العالمي مع المنتخب ومع الجزائر؟ هل‬
‫سنستثمر في األمر وننسج على منوال المنتخب من خالل التفكير في منح أبنائنا وسائل ترفيه أخرى‬
‫وفضاءات تسمح لهم بالتعبير عن انتمائهم وتدفعهم إلى التألق في كل المجاالت؟ أم أننا سنكتفي كالعادة‬
‫"المذمومة" باالستغالل السياسي لكل حدث ناجح بصانعيه‪ .‬غير معقول أن يصل اإلستثمار الظرفي‬
‫وبنوايا مبيتة إلى درجة يتدخل فيها الرئيس شخصيا لإلبقاء على المدرب الوطني في محاولة لكسب ود‬
‫وتعاطف الجماهير التي طالبت ببقائه وفقا للنتائج واألداء‪.‬‬

‫كنا نتمنى أن نسمع عن تدخل الرئيس كل مرة لحماية اإلطارات والكفاءات الوطنية في مختلف المواقع‪،‬‬
‫وليس فقط لدعم مدرب المنتخب الوطني دون أدنى اعتبار اللتزام االتحادية مع مدرب آخر بعد ما رفض‬
‫خاليلوزيش التجديد منذ مدة‪ ،‬وراح يتفاوض مع اتحاديتي المغرب وجنوب افريقيا ونوادي روسية وتركية‬
‫ليستقر به الحال في نادي ترابازون سبورت التركي الذي يمنحه أربع مرات ما يتقاضاه في الجزائر‪،‬‬
‫وكل هذا من حقه طبعا‪..‬‬

‫ماذا بعد ذهاب خاليلوزيش ومجيء يوهان غوركوف؟ هل سنحطم كل ما تم بناءه ونعيد من الصفر‬
‫مجددا ونبقى في نفس مستوى النقاش الحاصل اليوم وفي نفس المستوى الرديء لكرتنا ومسيرينا‬
‫ومدربينا وبعض صحافتنا؟ وهل سيبقى المنتخب كالشجرة التي تغطي الغابة‪ ،‬وحائطا سندا للتغطية على‬
‫ضعف كرتنا ونقص مرافقناوغياب استراتيجية وطنية واضحة للنهوض بالحركة الرياضية الوطنية؟‬

‫ماذا بعد ما استمتع شعبنا بحلم جميل؟ هل سنستفيق على نفس جديد ومعنويات عالية وأحالم اخرى نسعى‬
‫إلى تجسيدها‪ ،‬أم أننا سنقتل فيه آماله ونئد أحالمه في تحقيق ذاته وتفجير طاقاته‪ ،‬ونعود به قسرا إلى الهم‬
‫والغم الذي الزمه ويالزمه كل مرة بفعل أطراف تعتقد بأن أبناءنا دونهم ال يمكنهم تقرير مصيرهم‬
‫وإثبات وجودهم وتحقيق أمجاد أخرى لهذا الوطن الذي يزخر بطاقات ال مثيل وال عد لها!!‬

‫ماذا بعد أن استعاد أبناؤنا ثقتهم في أنفسهم واستعادوا إحترام وتقدير العالم على جهدهم؟ هل سنستمر في‬
‫التشكيك في وطنيتهم وفي قدرتهم على رفع التحديات ونبقى نعيش على الماضي التعيس وقابعين في ظله‬
‫الذي لم نتخلص من تبعاته في كل المجاالت‪ ،‬ونبقى تحت رحمة من يعتقدون بأننا ال شيء دون وجودهم؟‬

‫من المفروض عند أهل المنطق أنه عندما يتوفر بلد من حجم الجزائر على طاقات شبانية بهذا القدر من‬
‫المستوى العالي في الممارسة الكروية بالحب والحرارة واإلرادة التي لمسناها‪ ،‬ويتوفر على جماهير‬
‫عاشقة تحب وطنها بهذا الشكل الفريد من نوعه فإن بالدنا من هذا المنطلق ال يمكن أن تكون سوى‬
‫بخير‪ ،‬وال يمكن للغد سوى أن يكون أفضل من دون حقد وكراهية وحسد و من دون أفعال المتوهمين‬
‫بأننا من غيرهم لن نكون‪ ،‬ومن دون الرداءة التي كرسوها عن قصد في بلد هو منجم للطاقات‬
‫والكفاءات‪.‬‬

‫ولكن مادمنا ال نفرق بين األسود واألبيض ونريد أن تبقى دائما تصرفاتنا رمادية‪ ،‬ومادمنا ال نفرق بين‬
‫ما لنا وما علينا‪ ،‬ومادمنا تحت سيطرة أشخاص يعتبرون أنفسهم أوصياء على جيل لم يجد فرصته إال في‬
‫الكرة إلثبات وجوده‪ ،‬ومادمنا ال نقدر حاجة هذا الشعب لنفس جديد‪ ،‬فإن السؤال الكبير سيستمر في‬
‫فرض نفسه علىألسنتنا‪ :‬ماذا بعد؟‬

‫وافق المدرب البوسني وحيد حاليلوزيش على تدريب نادي ترابزن سبورت التركي الذي منحه ثالثة‬
‫أضعاف ما كان يتقاضاه في الجزائر ‪ ،‬وبذلك يكون حاليلوزيش قد اختار وجهته بعد انتهاء عقده مع‬
‫المنتخب الجزائري رغم العرض الذي تقدمت به الفاف للبوسني منذ مدة ‪ ،‬ورغم وتدخل الرئيس نزوال‬
‫عند رغبة ارادة جماهيرية كبيرة !!!!!!!!‬
‫يأتي هذا في وقت تناقلت وسائل االعالم الرسمية والخاصة خبر مطالبة الرئيس للمدرب البوسني‬
‫بمواصلة االشراف على المنتخب الجزائري‪ ،‬وفي وقت تحاول بعض االطراف من محيط الرئيس سعيها‬
‫القناع الرجل بالبقاء مع المنتخب مهما كلف ذلك من ثمن مقابل الحفاظ على ماء وجه الرئيس أكثر من‬
‫الحفاظ على استقرار المنتخب‪..‬‬
‫هكذا يصبح حالنا عندما يختلط الحابل بالنابل وتتدخل السلطة في شؤون المنتخب دون معرفة كل‬
‫المعطيات ‪ ،‬ويصبح حاليلوزيش قضية وطنية قد تنعكس سلبا على كل شيئ ونحطم كل ما بنيناه!!!!!‬
‫حاليلوزيش مدرب فاشل‬
‫مقال الشروق ليوم األحد ‪4102-6-41‬‬

‫في الكرة كما في عديد المجاالت عندنا اختلطت علينا معايير الفشل والنجاح‪ ،‬وأصبح المجتهد والمتفوق‬
‫والمتألق فاشال نتحالف ضده إلسقاطه‪ ،‬ألن نجاحه يكشف عوراتنا وعيوبنا‪ ،‬وتحول الفاشل إلى قدوة‪،‬‬
‫يتصدر صدر الصفحات األولى للجرائد وينظر في مختلف القنوات التلفزيونية ويتحين األخطاء والهفوات‬
‫ليظهر في صورة الخبير والعارف بشؤون الكرة وخباياها وخططها وفنياتها‪ ،‬والذي ال تقدر األجيال‬
‫المتعاقبة على تحقيق االنتصارات واإلنجازات دونه‪..‬‬

‫أنا وغيري من الكثير من المتتبعين مصدومون من فترة طويلة من ثقافة الحقد والغيرة والحسد السائدة‬
‫في األوساط الرياضية‪ ،‬ولكنني صدمت أكثر أثناء هذا المونديال من ذلك اإلجحاف في حق الالعبين‬
‫والطاقم الفني للمنتخب الجزائري‪ ،‬ومن تلك التصريحات واألحكام التي أطلقت قبل بداية المونديال وبعد‬
‫المباراة األولى أمام بلجيكا عندما راح أصحابها يخرجون سيوفهم نقدا ويطلقون سهامهم شماتة ويترقبون‬
‫فشال يبررون به تحاملهم على المدرب من زمان!!‬

‫أحد "الخبراء" في بيع الكالم والوهم‪ ،‬قال بعد مباراة بلجيكا بأن الخسارة يتحملها المدرب لوحده‪ ،‬ولكن‬
‫بعد الفوز الكبير على كوريا راح يقول بأن الفوز تحقق بفضل إرادة الالعبين دون أن يشير إلى جرأة‬
‫المدرب في تغيير خمسة العبين مقارنة بالمباراة األولى واعتماد لعب هجومي أثمر تسجيل أربعة أهداف‬
‫لم يسجلها أي منتخب عربي أو افريقي في تاريخ كأس العالم!!!‬

‫فيلسوف آخر راح يتوعد المنتخب الجزائري قبل المواجهة أمام روسيا ويقول بأن مدربها كابيلو يعرف‬
‫الكرة الجزائرية جيدا‪ ،‬وأن المباراة لن تكون سهلة‪ ،‬وقد تكون باب الخروج واإلقصاء‪ ،‬ولكن تبين بعد‬
‫ذلك بأن صاحب التصريح هو الذي ال يعرف الجزائر وال الجزائريين جيدا‪ ،‬وال يعرف بأن كرة القرن‬
‫الواحد والعشرين تختلف عن كرة القرن العشرين وتلعب فوق ميادين الكرة وليس على صفحات الجرائد‬
‫والبرامج التلفزيونية!!‬

‫أما أكثر التحاليل والتعاليق الصادمة فهي التي جاءت على لسان أحد أكبر الفاشلين في مجال التدريب بعد‬
‫التأهل التاريخي عندما قال بأننا تأهلنا‪ ،‬ألن الناخب الوطني اقتنع بوجهات نظر المحللين ومطالب‬
‫الجماهير في اختيار التشكيلة التي يلعب بها‪ ،‬لذلك نجح في تحقيق حلم التأهل إلى الدور الثاني‪ ،‬وكأنه‬
‫أراد أن يقول بأن الناخب الوطني استمع إلى وجهة نظره وخضع لضغوطات الجماهير مثلما كان يحدث‬
‫قديما‪ ،‬لذلك فزنا على كوريا وتعادلنا مع روسيا!!‬

‫أما أخطر ما قرأته فهو تلك الدعوة التي وجهها مدرب سابق لالعبين يدعوهم إلى اعتماد اللعب الهجومي‬
‫والخروج عن طاعة الناخب الوطني إذا طلب منهم الحذر في اللعب‪ ...‬لنتساءل هل كان سيقبل أن يتمرد‬
‫عليه العبوه‪ ،‬أم هي البراعة في اإلحساس بالفشل!؟ ومدرب آخر قال بأنه لم يفرح بالتأهل‪ ،‬ألنه تحقق‬
‫بفضل العبين ال ذنب لهم سوى أنهم مولودون في فرنسا‪ ،‬وهو الذي كان يدافع عن ألوان نوا ٍد فرنسية‬
‫إبان فترة االحتالل الفرنسي للجزائر‪ ،‬وقضى نصف حياته في أوربا!! وشتان بين الناقد والمنتقد ‪...‬‬
‫أما األغرب من كل هذا‪ ،‬فهو أن ال أحد من الفالسفة والخبراء بعد التأهل التاريخي قد ذكر الناخب‬
‫الوطني بخير بعد ما كانوا يحملونه مسؤولية كل النقائص‪ ،‬ويقولون عنه بأنه مدرب فاشل‪ ،‬وكأن‬
‫الالعبين كانوا يختارون التشكيلة وطريقة اللعب لوحدهم‪ ،‬والتأهل إلى الدور الثاني جاء من ضربة‬
‫حظ !!‬

‫حاليلوزيش سيرحل بعد أيام‪ ،‬ألنه نجح في ما أخفق فيه اآلخرون‪ ،‬وهي القاعدة التي أصبحت سائدة‬
‫منظر يعطينا الدروس في‬‫عندنا بعد ما انقلبت المفاهيم وتحول الناجح إلى فاشل نالحقه‪ ،‬والفاشل إلى ّ‬
‫الكرة وحب الوطن‪ ،‬وهو نفس السيناريو الذي سيتكرر مع المدرب غوركوف‪ ،‬ألنه أجنبي ال يحق له أن‬
‫يدرب المنتخب الجزائري الذي يريد البعض أن يرثه أو يخلد فيه البعض اآلخر وإال فسينتقدونه ويتمنون‬
‫له اإلخفاق ‪...‬‬

‫الكثير يريد أن يبقى المنتخب الجزائري في ظل إنجازاتهم السابقة‪ ،‬فوحيد سيبقى وحيدا دون شك في‬
‫تكسير مبدأ المشاركة من أجل المشاركة‪ ،‬وإلى أن يثبت العكس مستقبال‪ ،‬وهذا ما نتمناه‪ ،‬ويبقى النجاح‬
‫صفة مذمومة بحجة اإلختالف‪ ،‬والناجح قوالب فشله جاهزة‪ ،‬ألنه ليس منه‬
‫جعلنا من المنتخب "غوال" قد يأكل كل شيء‬
‫المتتبع لردود الفعل التي أعقبت تعثر المنتخب الجزائري أمام بلجيكا في خرجته األولى في المونديال‬
‫واألرواح التي سقطت حزنا على الهزيمة‪ ،‬والنفوس التي بكت من شدة الحسرة وانهارت معنوياتها‪ ،‬وكل‬
‫التحاليل والتعاليق الناقمة على الجزائر ومنتخبها وطاقمها والعبيها يدرك مدى خطورة تعاطي الكثير من‬
‫الجزائريين مع لعبة كرة القدم ومنتخب بالدهم الذي تحول في ظرف وجيز إلى ظاهرة اجتماعية بالغة‬
‫الخطورة تستوجب الوقوف عندها وإعادتها إلى حجمها الحقيقي ونطاقها الرياضي والترفيهي وإال كانت‬
‫العواقب وخيمة على ابنائنا ومجتمعنا‪..‬‬

‫عندما يموت المناصرون بسكتة قلبية من شدة الفرحة بالتأهل‪ ،‬أو الحزن بسبب إقصاء المنتخب‪ ،‬ويبكي‬
‫الصغار والكبار بمجرد خسارة المنتخب أمام أحد أحسن المنتخبات في العالم‪ ،‬وقد تنهار المعنويات ويعم‬
‫اليأس والحزن النفوس بسبب خروجنا من الدور األول‪ ،‬أو قد يصل بهم الفرح بالفوز والتأهل الى الدور‬
‫الثاني درجة جنون العظمة‪ ..‬حينذاك يفرض الموضوع نفسه ويصبح التعلق بالمنتخب مشكلة عويصة‬
‫تستوقفنا كلنا لكي نعيد النظر في التعاطي مع نتائج المنتخب ونبحث عن بدائل أخرى فكرية وثقافية‬
‫وحضارية نجتهد ونتألق فيها ونعبر من خاللها عن تعلقنا بوطننا‪..‬‬

‫إسبانيا بطلة العالم خرجت في الدور األول وبنتائج هزيلة وغير متوقعه‪ ،‬وإنجلترا معقل كرة القدم مسها‬
‫اإلقصاء‪ ،‬وقبلهما غادرت الكاميرون واستراليا‪ ،‬دون نسيان خسارة البرتغال برباعية أمام ألمانيا‪ ،‬وقد‬
‫تخرج من المنافسة مثلما ستخرج نصف المنتخبات المشاركة في المونديال بعد أسبوع من اآلن‪ ،‬لكن‬
‫رغم هذه الهزات الكروية التي زلزلت ثبات بعض المنتخبات لن تتوقف األرض عن الدوران وستستمر‬
‫الحياة بحالوتها ومرها‪ ،‬لتبقى كرة القدم في مكانها الطبيعي مجرد لعبة نستمتع بها وما تفرزه مبارياتها‬
‫عوض إستغاللها للتغطية على إخفاقاتنا المتكررة في الكرة وفي مجاالت أخرى أهم من جلد منفوخ وأهم‬
‫من المنتخب‪ ،‬لكن الغريب أن ال أحد يتألم لغير الكرة أو يبكي دونها أو يموت بسببها!!‬

‫اليوم سنواجه كوريا الجنوبية في المباراة الثانية وقد نفوز أو نخسر‪ ،‬ولكن فوزنا ال يعني بأن المدرب‬
‫كفء‪ ،‬وال المنتخب قوي ومنظومتنا الرياضية سليمة‪ ،‬وال يعني بأن الجزائر بلغت درجة عالية من‬
‫الرقي والتقدم!! كما أن خسارتنا ال تعني بأن كل شيء رديء وسيء في المنتخب‪ ،‬وخسارة المنتخب‬
‫أيضا ال تعني خسارة وإخفاق الجزائر كلها‪ ،‬ألن االهتمام بالوطن كل ال يتجزأ‪ ،‬فأرواح أبنائنا ونفوسهم‬
‫أغلى من أن تتألم وتتحسر بسبب خسارة في كأس العالم‪..‬‬

‫الحياة في الجزائر متوقفة هذا األيام والكل يترقب التعثر أو التأهل ليبيع الوهم في حال النجاح أو لتسويق‬
‫لليأس في حالة التعثر دون وعي بخطورة اإلفراط في استغالل الكرة ونتائج المنتخب الذي جعلنا منه‬
‫غوال قد يأتي على ما تبقى من أشياء جميلة في هذا الوطن تستحق أن نعتني بها ونستثمر فيها لبناء جيل‬
‫يحب وطنه دائما وليس ظرفيا وفي كل المجاالت وليس في مباريات المنتخب فقط‪ ،‬وإذا لم يعد بمقدورنا‬
‫أن نترك أثرا جميال في القلوب والنفوس فال نتجنى على أتنفسنا وعلى أبنائنا وقبل ذلك على وطننا بزرع‬
‫األلم واليأس الذي من المؤكد أن يكون حصادهما فسادا بل دمارا‪..‬‬
‫مقال الموقع االلكتروني "كل شيء عن الجزائر "‬
‫‪Tsa du 9-6-2014‬‬

‫زلزال في جنيف وارتداداته في باريس!!‬

‫اجتياح الجماهير الجزائرية أرضية ملعب جنيف بمناسبة المباراة الودية التحضيرية للمنتخب الجزائري‬
‫أمام رومانيا أثارت ردود فعل كثيرة تستوقفنا وتثير فينا الكثير من التساؤالت وعالمات االستفهام خاصة‬
‫مع تكرار االحداث التي يصنعها عشاق المنتخب الجزائري في أوروبا كلما كان الموعد مع خرجة جديدة‬
‫للمنتخب الجزائري رغم االجراءات االمنية المشددة ودعوات المنظمين للجماهير الجزائرية بااللتزام‬
‫التام بقواعد النظام وخصوصيات المجتمعات األوروبية والقوانين التي تحكمها!!‬

‫بعض الجزائريين قد يتفهمون تصرفات الجماهير الجزائرية ويرجعونها الى شوقهم وتعلقهم بوطنهم‬
‫واعتزازهم بمنتخب بالدهم الذي تتكون غالبيته من العبين مغتربين مثلهم‪ ،‬ولكن الكثير من االوربيين‬
‫يستغربونها ألنهم ال يعرفون مسبباتها وتفسيراتها ‪ ،‬و ال يجدون لها تبريرا خاصة عندما تتجاوز الحدود‬
‫وتؤدي الى ايقاف المباراة وتعطيل الحياة واالخالل بالنظام العام مما يضع جاليتنا تحت المجهر ومنتخبنا‬
‫يمنع من اللعب على المالعب األوروبية مستقبال ‪ ،‬وحتى صورة الوطن الجزائر قد تهتز في أوساط‬
‫الرأي العام أكثر مما هي مهزوزة ألسباب تاريخية وسياسية ‪ ،‬ثقافية واجتماعية‪..‬‬

‫اجتياح أرضية الميدان كل مرة واحتالل الساحات العمومية بأعداد هائلة ال يمكن اعتبارها تصرفات‬
‫عادية وطبيعية من أبناء جاليتنا في المهجر النهم أدرى بأن العيون تترقبهم في مثل هذه المناسبات‬
‫الصطياد هفواتهم والصاق بهم تهم الفوضى والعنف واالخالل باألمن العام ‪ ،‬مشاهد إستثمرها اليمين‬
‫الفرنسي المتطرف وراح يدعو من خاللها السلطات الفرنسية الى حظر االحتفاالت على الجزائريين في‬
‫المدن ال فرنسية أثناء مباريات المونديال المقبل‪ ،‬مما اثار جدال من نوع أخر قد يؤدي الى عودة الحديث‬
‫عن عدم قدرة المهاجرين على االنسجام والتأقلم مع متطلبات الحياة العصرية داخل المجتمعات التي‬
‫تحتضنهم ‪ ،‬وعدم التزامهم باحترام القوانين واالعراف والنظام العام‪..‬‬

‫صحيح أن تصرفات الجماهير الجزائرية في ملعب زوريخ بمناسبة مباراة رومانيا كانت مؤسفة وغير‬
‫مقبولة ومن حق السلطات السويسرية اتخاذ كل االجراءات لضمان األمن العام وحماية االشخاص‬
‫والممتلكات ‪ ،‬ومن حق الفرنسيين أن يفعلوا نفس الشيء على أراضيهم ويفرضوا على الجميع احترام‬
‫القوانين وقد نتفهم اتخاذهم لقرار منع المنتخب الجزائري من اللعب على مالعبهم األوروبية ‪ ،‬ولكن‬
‫عندما يصل األمر الى االستغالل السياسي والمطالبة بفرض حضر التجول ومنع المناصرين الجزائريين‬
‫من االحتفال اثناء المونديال المقبل ففيه الكثير من المبالغة واالستفزاز في حق المهاجرين ما قد يؤدي‬
‫الى المزيد من التذمر في أوساط المهاجرين بسبب االستغالل السياسي المبالغ فيه لكل حركة مرصودة‪..‬‬

‫بين افراط المهاجرين في التعبير عن انتمائهم لوطنهم واعتزازهم بمنتخب بالدهم من خالل اجتياح‬
‫أرضية الميدان واالحتفال في الشوارع لساعات ‪ ،‬وبين مبالغة اليمين الفرنسي المتطرف في استغالل‬
‫حادثة ملعب جنيف إلذكاء المزيد من العداء تجاه المهاجرين والدعوة الى التعامل معهم بحزم ومنعهم من‬
‫التجمهر وحرمان المنتخب الجزائري من اللعب في فرنسا تتعمق الهوة وتزداد متاعب المهاجرين يين‬
‫مرارة الغربة وصعوبة التأقلم ‪ ،‬وبين كبت عواطفهم التي تكون حجة عليهم اذا أفصحوا وعبروا عنها في‬
‫مالعب الكرة‪.‬‬
‫الفرح بالمنتخب أصبح اآلن في أوروبا يدخل في خانة ممارسة الفوضى مع سبق االصرار والترصد‬
‫خاصة وان الشباب الجزائري لم يعد يكتم انتمائه ومشاعره ‪ ،‬وإذا أفصح عن تلك المشاعر يزلزل مواقع‬
‫تواجده كلها لكن ارتدادات تصرفاته تعم كل أوروبا لتصبح الطوارئ شيئا اعتياديا وتواجد المنتخب‬
‫الجزائري وأنصاره أمرا استثنائيا يثير الهلع والخوف ‪ ،‬ولكن األمر غير العادي أيضا أن يهلل أهل‬
‫الساسة للشباب في أوروبا عند االستحقاقات االنتخابية وبانتهائها تنتهي صالحيتهم ويكون التنكر لهم‬
‫واقعا حتى ولو تعلق األمر بتصرفات عنصرية يتعرضون لها باستمرار ‪..‬‬
‫كم نحن قساة على المنتخب!!‬
‫المتتبع لكل االنتقادات التي يتعرض لها الناخب الوطني والمنتخب الجزائري لكرة القدم قبل أيام عن‬
‫موعد المونديال ومنذ فترة ليست بالقصيرة يصاب بالصدمة من هول ما يسمع ويقرأ من تعاليق وتحاليل‬
‫وأحكام قاسية وجاحدة تتنكر للجهود المبذولة وتنسى بأننا تأهلنا إلى المونديال ونحن نحتل المركز األول‬
‫عربيا وافريقيا في تصنيف الفيفا‪ ،‬وقد صارت بحوزتنا خيارات كثيرة فنية وتكتيكية ال تملكها منتخبات‬
‫أخرى بجيل جديد من الالعبين الشبان ال يلقون التشجيع سوى من جماهير وفية وعاشقة ومتفهمة أكثر‬
‫من كل الفالسفة الذين لم تعد لديهم سوى وظيفة واحدة هي التركيز على النقائص لتكسير المنتخب‬
‫والسكوت بالمقابل عن كل المهازل التي تحدث في الرياضة الجزائرية عموما وفي مختلف المجاالت‪..‬‬

‫صحيح أن منتخبنا اليزال يبحث عن التشكيلة األساسية والطريقة المثلى للعب‪ ،‬وصحيح أن الكرة مثيرة‬
‫للجدل واالختالف واالنتقاد‪ ،‬وإبداء الرأي بشأنها ظاهرة صحية في كل مجتمع‪ ،‬خاصة عندما يتعلق‬
‫األمر بالمنتخب‪ ،‬لكن حبذا لو يتجاوز هذا الجدل والنقاش حدود لعبة كرة القدم ويشمل كل أنواع‬
‫الرياضات ومناحي الحياة األخرى‪ ،‬ليبدي المختصون والمحللون واإلعالميون آراءهم ويصرون عليها‬
‫في كل المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية التي تشهد تراجعا وتخلفا ال مثيل لهما‪.‬‬

‫الحياة السياسية تعاني كل أنواع النفاق والمكر والكذب‪ ،‬ولكن أغلب الناس يسكتهم الخوف من تضييع‬
‫المكاسب ويغريهم الطمع في المناصب فيلتزمون الصمت حيال وضع سياسي بلغ قمة الرداءة! واقتصادنا‬
‫يتراجع في الكثير من القطاعات وتتزايد معه صور النهب والرشوة وال أحد يتجرأ لينتقد ويندد ويفضح‬
‫المغامرين! أما يومياتنا فإنها تزداد تعقيدا بسبب تراجع القيم واألخالق والمبادئ‪ ،‬ولكن الكل يتفرج‬
‫ويتهرب من مسؤولياته السياسية واالجتماعية واألخالقية !!‬

‫أما عندما يتعلق األمر بمنتخب كرة القدم‪ ،‬فإن الناس جميعا يصبحون محللين وفنيين ومدربين يفهمون‬
‫في الخطط والخيارات وينتقدون اختيار قائمة ‪ 42‬العبا‪ ،‬ونوعية المنتخبات التي نواجهها وديا‪ ،‬وكذا‬
‫حجم التدريبات والتحضيرات التي يفرضها الناخب الوطني‪ ،‬وينتقدون أداء المدافعين والمهاجمين بكل‬
‫قسوة ودون أدنى احترام وأدب للمدرب ولظروف الالعبين الذين يستحقون كل التشجيع‪.‬‬

‫يحدث كل هذا في زمن تصدرت فيه الجزائر العرب وإفريقيا ألول مرة في التاريخ‪ ،‬ودخلت ضمن قائمة‬
‫العشرين األوائل في تصنيف الفيفا لشهر جوان بعد الفوز بثالث مباريات ودية متتالية أمام سلوفينيا‬
‫وأرمينيا ورومانيا‪ ،‬ويحدث كل هذا بعد ما أصبحنا نفوز بالثالثة وبالعبين يخطون خطواتهم األولى مع‬
‫الم نتخب‪ ،‬وبعد ما صار المنتخب يملك تشكيلة ثرية بخيارات فنية وتكتيكية متعددة ال تملكها منتخبات‬
‫أخرى عريقة‪.‬‬

‫يحدث هذا أيضا في وقت يتحسن فيه أداء المنتخب الجزائري من مباراة ألخرى‪ ،‬وتزداد معه طموحات‬
‫الجزائريين في مشاركة محترمة في المونديال المقبل‪ ،‬وطموحاتهم في رؤية منتخب بالدهم يتألق في‬
‫نهائيات كأس أمم افريقيا في المغرب سنة ‪ 4102‬ولسنوات أخرى بفضل جيل متميز بإمكانه االستمرار‬
‫في المستوى العالي لعشر سنوات أخرى مهما كان اسم المدرب الذي سيخلف البوسني الذي يبدو أنه‬
‫سيبقى عقدة تالزم الكثيرين بسبب خياراته الجريئة والشجاعة التي أنستنا كل المهازل التي كانت تحدث‬
‫سابقا‪.‬‬
‫البرازيليين ليست مجنونة بكرة القدم‬
‫لقد فكرت طويال أن البرازيليين كانوا مجنون عن كرة القدم‪ ،‬والناس الذين يتنفسون‪ ،‬وتناول الطعام‬
‫والشراب لكرة القدم‪ .‬بالنسبة لنا البرازيليين يحبون العبيهم‪ ،‬أنديتهم ومنتخبهم الوطني أكثر من أطفالهم‬
‫وأسرهم‪.‬‬

‫بعد االحتجاجات التي تعيش العديد من المدن البرازيلية لمدة عامين على التمرد ضد تنظيم كأس العالم‬
‫لكرة القدم على أرضه بسبب التكلفة العالية لمثل هذا الحدث‪ ،‬والتي تواجه أزمة اقتصادية متنامية‬
‫والتوترات االجتماعية التي ال تنتهي أبدا‪ ،‬تثبت أن البرازيليين يحبون بلدهم أكثر مما يحبون كرة القدم‪،‬‬
‫ويهتمون مستقبلهم أكثر من كأس العالم‪.‬‬

‫وعالوة على ذلك‪ ،‬فإن الزيادة في موجة من الغضب بضعة أيام من الحدث العالمي لكرة القدم مع‬
‫المظاهرات ضد الفلكية لتجديد االستادات وبناء بنية تحتية جديدة الستضافة كأس العالم اإلنفاق يدل على‬
‫أن غالبية يواجه السكان تحديات متعددة‪.‬‬

‫بدأت اإلثارة في البرازيل في أوائل عام ‪ 4102‬عندما استولى الناس على الشوارع لالحتجاج ضد‬
‫ارتفاع األسعار سائل النقل العام‪ .‬كثفت الحركة في وقت الحق للتنديد الحكومة االسراف في االنفاق‬
‫لتنظيم كأس العالم‪ ،‬بصرف النظر عن تحسين مستوى الخدمات للمواطنين أو لالستثمار في المشاريع‬
‫ذات الصلة التعليم واإلسكان والصحة‪ ،‬في حين أصبحت االحتياجات المختلفة للمواطنين األقل من قلقهم‪.‬‬

‫بدال من وقف نمت هذه الحركات الغضب للوصول إلى جميع شرائح المجتمع وفي جميع مدن البرازيل‪.‬‬

‫فمن نافلة القول أن هذا الواقع قد فاجأ العالم وقد نظرت دائما البرازيليين مثل كرة القدم مجنون‪ .‬كثير من‬
‫الناس في جميع أنحاء العالم يعتقدون‪ ،‬خطأ‪ ،‬أن كرة القدم يمكن أن ننسى اهتماماتها والمشاكل للشعب‬
‫البرازيلي‪ ،‬وأنه ال شيء يمكن أن يحول الترفيه التي تقدمها هذه الرياضة األسطوري‪.‬‬

‫األحداث التي ال تزال اليوم هي دليل على عكس ذلك‪ .‬في الواقع‪ ،‬العديد من البرازيليين نعتزم مواصلة‬
‫احتجاجهم في جميع أنحاء العالم وفي جميع المدن‪.‬‬

‫على الرغم من شغفهم لكرة القدم وعلى الرغم من أن معدل النمو التي تمر بها البالد على مدى السنوات‬
‫العشرين الماضية لتصبح واحدة من أكبر االقتصادات في أمريكا الجنوبية‪ ،‬ما زال الشعب البرازيلي‬
‫للمطالبة حياة كريمة و الحلم بمستقبل أفضل أن ذلك لن يحدث مع النصر في كأس العالم‪.‬‬
‫الشعب البرازيلي مقتنعون بأن هذا ال يمكن أن يتم دون التضحية والجهد والوعي السياسي الجماعي‪ ،‬في‬
‫الوقت عندما كان يستخدم العاطفة لكرة القدم لخداع الشعب ولت‪ .‬اآلن األمة يأتي قبل المنتخب الوطني‬
‫لكرة القدم قبل قبل كأس العالم‪.‬‬

‫وأظهرت دراسة حديثة أن نصف الشعب البرازيلي رفض تستضيف بالده نهائيات كأس العالم‪ ،‬مع كل‬
‫نفقات أن تنظيم مثل هذا الحدث ال يولد أي مصلحة في البالد‪ ،‬وفقا لهم‪.‬‬

‫ترحب النصف اآلخر مثل هذا الحدث في البالد‪ ،‬ولكن االسراف في االنفاق الحرجة والفساد وسوء‬
‫استخدام المال العام‪ .‬البرازيليين احتجاجا على سوء إدارة قطاع الصحة والتعليم ونحيي الشعب الذي‬
‫استيقظ أخيرا للمطالبة بالحقوق السياسية واالجتماعية بطريقة حضارية‪ ،‬على الرغم من اإلغراءات التي‬
‫تقدمها لكرة القدم شغفهم لهذه الرياضة األسطوري والحب لديهم لفريقهم الوطني‪.‬‬

‫" كأس من دون الناس‪ ،‬وأنا مرة أخرى في الشارع" هو شعار البرازيليين اليوم‪ .‬فإنهم يستخدمون ذلك‬
‫للمطالبة بحقوقهم وجعل انتصار الشارع بينما في الماضي‪ ،‬لعبت االنتصارات على أساس مراحل‪ ،‬من‬
‫خالل نجوم الوطنية وفريقهم‪.‬‬

‫وهذه الموجة من االحتجاجات لم تتوقف عند هذا الحد‪ ،‬بل أنه قد يؤدي إلى مقاطعة مباريات المنتخب‬
‫البرازيلي في العالم‪ ،‬وذلك إضافة إلى ضغط من الالعبين‪ .‬وهذا بال شك يؤثر على تنظيم هذه المسابقة‬
‫الدولية‪.‬‬

‫نرى البرازيليين تحقيق هذا المستوى من الالمباالة لكرة القدم لنهائيات كأس العالم وفريقه أن يثبتوا أنهم‬
‫قد وصلت إلى مستوى عال من الوعي والفهم لضرورة مواصلة االحتجاجات السلمية كوسيلة ضغط على‬
‫الطلب من أفضل الظروف المعيشية ومكافحة جميع أشكال التخلف والفساد‪ .‬وهذا يعني أيضا أن العالم‬
‫يتغير والناس أصبحوا أكثر وعيا‪ .‬وقد أدرك الناس أن الوقت قد حان لوضع حد لعبادة كرة القدم‬
‫واعادتها الى قيمتها العادلة‪ .‬كرة القدم هو الترفيه؛ انها لن تمنع الناس من النوم‪ ،‬واألكل والشرب‬
‫وصرف أكثر من ال قلقهم الرئيسي‪.‬‬
‫لن يفرق بيننا خاليلوزيتش‬
‫كغيره من المدربين السابقين والالحقين‪ ،‬سيرحل مدرب المنتخب الجزائري‪ ،‬وحيد خاليلوزيتش بعد‬
‫المونديال‪ ،‬ويرحل بعده خليفته الفرنسي‪ ،‬كريستيان ڤوركوف‪ ،‬ويأتي ويرحل غيرهما وتبقى الجزائر‬
‫ومنتخبها دائما‪ ،‬وتستمر الحياة بأفراحها وأحزانها وخيباتها‪ ،‬ويبقى الحكم للتاريخ ولألجيال على أداء كل‬
‫واحد‪ ،‬بغض النظر عن اختالفنا في تقييم أداء هذا أو ذاك‪ ،‬وبغض النظر عن النوايا الحسنة من السيئة‬
‫التي يتميز بها كل متابع للشأن الكروي في الجزائر‪ ،‬الذي يبقى مثيرا لالهتمام بحكم تعلق أبنائنا بالكرة‪،‬‬
‫واالهتمام المتزايد لمختلف وسائل اإلعالم بالمنتخب أكثر من كل اهتمام باالنشغاالت األخرى‪..‬‬

‫صحيح أن الرجل كان مثيرا للجدل وصنع الحدث على مدى ثالث سنوات في األوساط اإلعالمية‬
‫والفنية‪ ،‬وصحيح أنه أخطأ وأصاب مثلما توقعنا جميعا طيلة مشواره مع الخضر‪ ،‬وقد يخطئ ويصيب‬
‫في المونديال المقبل‪ ،‬ويختلف الناس بشأن تقييم خياراته‪ ،‬ولكن ال أحد بإمكانه أن يشكك في قدراته وقوة‬
‫شخصيته التي فرضها على الالعبين واإلعالميين وكل المحيطين‪ ،‬وجعلته يصمد أمام كل الهزات التي‬
‫اعترضته رفقة العبيه رغم إخفاقه في بداية مشواره مع الخضر في نهائيات كأس أمم إفريقيا سنة‬
‫‪.4102‬‬

‫ومهما اختلفنا في الحكم على المدرب وتقييم عمله‪ ،‬فإننا نتفق جميعا على أن الرجل كان متميزا ومختلفا‬
‫عن غيره من المدربين‪ ،‬ونتفق على أن الكرة الجزائرية ال تزال مريضة بالعبيها ومدربيها ومسيريها‬
‫وفي الكثير من جوانبها‪ ،‬ومريضة أيضا ببعض إعالمييها الذين ال تخلوا تحاليلهم وتقاريرهم من الذاتية‬
‫واألحكام القاسية‪ ،‬وحتى جهلهم بشؤون الكرة ومتطلبات اإلشراف على منتخب بحجم الجزائر‪ ،‬تعرض‬
‫للكثير من الضغوطات اإلعالمية والجماهيرية وحتى الرسمية التي ال تزال تعتبر الكرة وسيلة لإللهاء‬
‫وليس للترويح عن النفس وتسعى الستغالل النجاحات الكروية لتمرير مشاريعها وامتصاص الغضب‬
‫واليأس والتذمر الشعبي‪.‬‬

‫أزمة الكرة عندنا ليست في مدرب المنتخب الوطني سواء كان محليا أو أجنبيا ألنه يتغير كل مرة‪،‬‬
‫وليست في الالعب المحلي أو القادم من خلف البحار ألنهم ينتمون إلى الوطن نفسه ومن حقهم حمل‬
‫األلوان الوطنية‪ ،‬لكن األمر يكمن في أزمة أخالقية وفنية وفكرية يتخبط فيها بعض المسيرين والمحللين‬
‫واإلعالميين الذين لم يتخلصوا من أنانيتهم ولم يقدروا على التجاوب مع متطلبات الكرة الحديثة‬
‫وحاجياتها التي تقتضي التكيف مع أنماط التسيير والتدريب الحالية‪ ،‬وتسيطر على كتاباتهم وتعاليقهم لغة‬
‫حاقدة وجاحدة‪ ،‬تقتضي منهم التوجه نحو المزيد من المهنية في ممارسة الصحافة الرياضية في ظل تزايد‬
‫الصحف والقنوات واالهتمام الجماهيري‪..‬‬

‫من جهتها‪ ،‬جماهير الكرة التي تحركها المشاعر واألحاسيس‪ ،‬بدت أكثر تفهما وتجاوبا في تعاملها مع‬
‫المنتخب والمدرب وصارت أكثر وعيا ونضجا‪ ،‬ولم تفرقها االنتقادات التي تعرض لها مدرب المنتخب‬
‫الوطني‪ ،‬وكل محاوالت التشكيك في قدرته وعناصره على قيادة الجزائر إلى تسجيل هدف في نهائيات‬
‫كأس العالم لم نسجله منذ ‪ 42‬سنة‪ ،‬وتحقيق فوز لم نحققه في النهائيات منذ ‪ 24‬سنة‪ ،‬والتأهل إلى الدور‬
‫الثاني ألول مرة في التاريخ بعد أربع مشاركات في النهائيات!!‬

‫عوامل الفرقة واالختالف بيننا تزايدت في الفترة األخيرة‪ ،‬ولكن لم يكن خاليلوزيتش ولن يكون عامال‬
‫آخر من عوامل التفرقة بين الجزائريين‪ ،‬ألن الكرة مجرد لعبة‪ ،‬والجزائر ليست البرازيل وال األرجنتين‬
‫وال ألمانيا أو إسبانيا في كرة القدم‪ ،‬بل هي مجرد رقم من أرقام منتخبات ستشارك في المونديال لتأكيد‬
‫الحضور في محفل كبير وكله أمل في أن ال يخيب وال يكون رديئا‪.‬‬
‫بين السياسيين ورجال النظام والدولة‬
‫الجزائر اليوم‪ ،‬يمكنك االعتماد على التصنيفات المختلفة للسياسات‪ .‬هناك سياسيون ورجال النظام‬
‫والدولة‪ .‬جميع مختلفة بحيث كانت قد أنتجت فوضى في المعايير والمبادئ والقناعات‪ .‬وهكذا‪ ،‬تحول‬
‫المنزل السياسية في الممارسة تقريبا على التحرش الجنسي الذي اعتمد بدون أي خجل والبصر والسمع‬
‫من جميع الجزائريين‪ .‬أنها تستخدم الكذب واالفتراء والكراهية تصل إلى استبعاد أي خصم‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬يتم اآلن منهكا الجزائريين‪ .‬لقد فقدوا الثقة في السياسات‪ ،‬بما في ذلك تلك المخصصة ويقتنع‬
‫أفكارهم‪ .‬ال بد من القول أن هذه الممارسة القديمة والتي ال تزال تسود داخل النظام القائم هذا الوضع‪،‬‬
‫والكلمة السياسية هو مرادف مع انعدام الثقة التي تؤثر اليوم حتى الرجال من النزاهة وفيا لمبادئها ‪،‬‬
‫سواء في السلطة أو في المعارضة‪.‬‬

‫اليوم‪ ،‬الجزائر تخبط‪ .‬مع الرجل المفرطة والنساء العامالت في مختلف األحزاب السياسية والجمعيات‬
‫والمنظمات الرقم‪ .‬انها تخبط أيضا بسبب العدد الكبير من رجال النظام؛ هذه االنتهازيين وتلك المعروفة‬
‫لتفانيهم لقائد الوقت االغراء‪ ،‬مع أيديولوجية باسم "مات الملك‪ ،‬عاش الملك"‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬الدولة‪ ،‬ونحن قليلون‪ .‬هذا هو النظام والممارسات التي خلقت الرداءة التي نعاني اليوم‪ .‬الرداءة‬
‫التي أنشئت ويتغذى من المحرضين الذين يهيمنون على المشهد السياسي ومحاولة لسرقة القومية‪،‬‬
‫والوطنية‪ ،‬ومواقف‪ ،‬ومواقف واالمتيازات من خالل استبعاد آخرين‪.‬‬

‫وبالتالي فإنها تحاول أن يكون لها احتكار الحياة السياسية والسيطرة على مستقبل األجيال القادمة‪ ،‬وذلك‬
‫باستخدام األكاذيب والحيل والتالعب الرأي العام‪.‬‬

‫العديد من السياسيين ورجال النظام هم حلفاء عمدا أو عن غير وعي ضد عدد قليل من رجال الدولة‪.‬‬
‫تماما كما كانوا مجتمعين معا ضد الشعب تحت ذريعة االستقرار واالستمرارية واألمان‪ .‬أنها تعتمد على‬
‫اللصوص واللصوص والنهب والسلب والنهب وتعادل القيم النسيان‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬فإنها أنجبت ال يميز بين الرجل والرجل يلقبه الطبقة السياسية‪ ،‬أولئك الذين يتحدثون نيابة عن كل‬
‫فترة‪ ،‬واسم كل رئيس كمبدأ الوحيد هو "الكرسي" واحد والتي تحتلها‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فقد فقدت كل مصداقية‬
‫مع الناس الذين جعلتهم أكثر ثقة‪ ،‬وأن المسؤولين في الدولة الثقة حتى لفترة أطول‪ ،‬وحتى إلى بلده‬
‫ومؤسساته‪.‬‬
‫فإن الناس ال يؤمنون حتى عدد قليل من الرجال الصادقين الذين الخطأ الوحيد هو أن شغل مناصب في‬
‫المؤسسات‪ .‬ومع كل ما لديهم نوايا حسنة‪ ،‬وذهب ثقة الشعب‪ ،‬ألن رجال النظام‪.‬‬

‫السلطة والسياسيين ورجال النظام هي وحدها المسؤولة عن فشل المحاوالت لتجديد النخب السياسية‬
‫والفكرية واالجتماعية بعد كل األزمات أن الجزائر لم تعرف‪ .‬أنها هي المسؤولة ألنها أهان الدولة‬
‫واستبعاد الجيل القادم من الحياة العامة واألحزاب السياسية والجمعيات ومراكز المسؤولية‪ ،‬نيابة عن‬
‫الشرعية الثورية والتاريخية‪.‬‬

‫أنهم يعتقدون أن جميع الذين ولدوا بعد منهم ال يستحق أن يكون تجديد الخاليا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬لديهم أي تردد‬
‫في شراء ضمير الجزائريين وزرع الخوف بين الناس من تجديد الدعوة لالستدامة‪ .‬واالستمرارية في‬
‫مصيبة‪ ،‬الظالمية والخوف مع جرعة كبيرة من الشك‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يتم فقدان القيم‪ ،‬وانهار االقتصاد‪ ،‬انتقلت‬
‫سوء اإلدارة وانتشرت عمليات النهب والفساد واإلقليمية بذورهم الكراهية واإلقصاء واالنتقام‪.‬‬

‫وقد خلق النظام السياسي الجزائري الرجال الذين يحبون الجزائر في المقابلة الصرف‪ .‬الرجال الذين‬
‫يتمسكون ظروفهم مهما كانت المواقف‪ .‬في موازاة ذلك‪ ،‬أنتج استقالة الشعب من الحياة السياسية‬
‫والمجتمع‪ .‬استقالة مما أدى إلى مقاطعة االنتخابات من قبل أكثر من ‪ 01‬مليون شخص في االنتخابات‬
‫الرئاسية األخيرة‪.‬‬

‫لألسف‪ ،‬يصبح من الواضح أن هذا النظام سوف تستمر في إنتاج السياسة الفقراء سيؤدي حتما إلى مزيد‬
‫من اليأس والتشاؤم‪ .‬على الرغم من كل محاوالت اإلغواء وتنازالت للشعب والمعارضة بعد االنتخابات‪،‬‬
‫من خالل جميع التسهيالت المقدمة للمواطن الذي ينتمي حقا إلى ذلك اليمين والملوث جميع المقترحات‬
‫التي قدمت من قبل السلطة الشك‪.‬‬

‫هذه السلطة قد كسر كل أشكال الطموح في السنوات الخمس عشرة الماضية‪ .‬ان اخترق المعارضة‬
‫ودمرت مؤسسات الدولة‪ ،‬بتواطؤ من النظام ورجال السياسية‪ .‬اليوم‪ ،‬والناس لم يعد يميز بين أولئك الذين‬
‫يبنون والذين تدمر‪ .‬اليوم‪ ،‬وقادة يدركون جيدا أن نعلم أنهم يكذبون وأنها تؤثر على األمة‪.‬‬
‫نحن بحاجة لدستور على مقاس وطن‪..‬‬
‫‪Une constitution a la mesure de la nation‬‬

‫في ظل االنسداد وانعدام التواصل بين أطياف المجتمع وفقدان الثقة بين السلطة والمعارضة "إن وجدت"‬
‫وبين الطبقة السياسية – بمفهومها الجزائري ‪ -‬والمجتمع بكل فئاته ‪ ،‬وفي ضل غياب ثقافة الدولة وقلة‬
‫رجال الدولة وكثرة رجال السياسة والمتحزبين وما يسمى برجال الرئيس‪ ،‬تتوجه السلطة اليوم نحو‬
‫البحث عن توافق ظرفي مصلحي متبادل بينها وبين المعارضة لتعديل الدستور قصد اضفاء المصداقية‬
‫على العهدة الرابعة بتوريط الطبقة السياسية وإشراكها في العملية الستقطابها كنوع جديد من التحايل‬
‫ينسينا ورشات أخرى نحن بحاجة الى فتحها للذهاب نحو جمهورية جزائرية فعلية ننعم فيها‬
‫بالديموقراطية والحرية والعدالة االجتماعية بعيدا عن الحقرة المهينة واالحتقار المقيت والتخلف وفساد‬
‫األخالق‪..‬‬

‫ورشة تعديل الدستور للمرة الرابعة في ظرف خمسين عاما بهذا الشكل المباشر والسريع ال يمكن أن‬
‫يكون الغاية منه التأسيس لنظام حكم جديد مناسب للتحوالت التي تشهدها الجزائر كما يشاع ‪ ،‬وال يمكن‬
‫لسرعة التعديل أن تلبي حاجة المجتمع الى التغيير والتجديد المنشود ‪ ،‬فالتعديل ال يمكن أن يشكل غاية‬
‫في حد ذاته بل يراد منه ذر الرماد في العيون وإلهاء الناس عن االختالالت الحاصلة وعن التحديات‬
‫الكبرى التي تنتظرنا!! إنه تحايل على الطبقة السياسية لكي تنسى النقاشات التي كانت تدور قبل‬
‫الرئاسيات وتتنازل نسيانا عن مطالب التغيير ومعالجة ملفات الفساد المتراكمة وإعادة فتحها ‪ ،‬وهو أيضا‬
‫تحايل على الشعب الذي لم يفوض أحدا لتمثيله في مشاورات إثراء مشروع التعديل ‪..‬‬

‫جزائر اليوم لم تعد بحاجة أصال الى تعديل الدستور بقدر حاجتها الى احترام الدستور وكل القوانين‬
‫وبحاجة الى أخلقة الحياة السياسية واالجتماعية ‪ ،‬جزائر اليوم تحتاج إلى مصالحة حقيقية لتجاوز األحقاد‬
‫واإلقصاء وتصفية الحسابات وتجاوز كل أشكال الممارسات الجهوية والمحسوبية التي تطغى على‬
‫التعيينات في مواقع المسؤولية ‪ ،‬جزائر اليوم والغد بحاجة الى تقديس الجهد وتقدير الكفاءة واحترام سيادة‬
‫القانون وليس تقديس األشخاص وتشجيع الرداءة وحماية كل ناهب وسارق وفاسد ‪..‬‬

‫الجزائر تحتاج إلى فتح نقاش حول مشروع المجتمع الذي يالئم أبنائنا و وطننا على مدى الخمسين سنة‬
‫المقبلة ‪ ،‬وبحاجة الى التخطيط على المدى المتوسط والبعيد ألن بناء مؤسسات مستقرة وقوية تكفل‬
‫ضمان استمرارية الدولة في كل الظروف وحتى بتغير األشخاص ‪..‬كما أننا بحاجة الى حلول حقيقية‬
‫وليست ترقيعية لمشاكل أبنائنا في الجنوب وغرداية ومنطقة القبائل دون حسابات سياسية ودون عقد‬
‫جهوية أو عرقية وبعد ذلك نتفرغ لبناء االنسان الجزائري الحديث بفكر متحضر مواكب لكل التحوالت‬
‫التي يشهدها العالم من حولنا ‪..‬‬

‫الجزائر بحاجة الى نفس جديد باشراك الجيل الصاعد في العمل السياسي وفي عملية التنمية من خالل‬
‫مرافقته وتحفيزه وتلقينه مسؤولية المساهمة بتحميله إياها في كل الورشات السياسية والثقافية واالجتماعية‬
‫والرياضية ألننا ندرك بأنه جيل متعلم و مثقف و واع ويحب وطنه إسوة بمن سبقوه‪ ،‬وألننا ندرك أيضا‬
‫بأن بوتفليقة و رفقائه من جيل الثورة "طاب جنانهم" ولم يعد بمقدورهم االنسجام مع التحديات الجديدة‬
‫وحاجيات الجيل الصاعد وهي سنة هللا في خلقه ‪..‬‬
‫الجزائر بحاجة الى فتح ورشات تكنلوجية وصناعية وفالحية وثقافية وتربوية وسياحية ألننا بعد خمسين‬
‫عاما من االستقالل ال يزال مجتمعنا هشا ومترددا في الفصل في أمور الهوية واللغة والتاريخ واختيار‬
‫المنظومة التربوية المالئمة ألبنائنا والتي تتغير كل موسم دراسي دون نتائج ملموسة !!‬
‫أما المنظومة االقتصادية التي ترتكز على مداخيل المحروقات وتهمل الفالحة والسياحة فهي بحاجة الى‬
‫ورشات إلعادة النظر في كل االختالالت الحاصلة فيها والتي شجعت النهب والسرقة والرشوة والربح‬
‫السهل وجعلت منا مجتمعا ماديا بحتا ال يعير أدنى اهتمام للمبادئ والقيم في العالقات االنسانية ‪..‬‬

‫الجزائر في حاجة الى تسليط الضوء على ورشة النهب الممنهج والعمل على تجفيف منابعه التي نخرت‬
‫اقتصادنا من طرف عصابة ال تشبع تحالفت حتى مع الشر لتحمي بعضها البعض على حساب االقتصاد‬
‫الوطني وخيرات الوطن‪ ،‬وتحالفت فيما بينها من أجل االساءة وإلحاق الضرر دون خجل بكل من تسول‬
‫له نفسه التنديد بتصرفاتها والوقوف ضدها‪..‬‬

‫كل هذه الورشات وغيرها ستبقى من أكبر التحديات التي تواجه الجزائر للوصول الى مجتمع متوازن‬
‫ودولة قوية تناقش الخيارات التوافقية وليس فقط الدستور التوافقي‪ ،‬وجزائر تفتح ذراعيها لكل أبنائها‬
‫وليس لفئة أو جهة دون أخرى ‪ ،‬وجزائر ال يقصى فيها أبنائها بسبب أرائهم وخياراتهم مادامت مساحتها‬
‫تتسع لكل األراء واألفكار‪.‬‬

‫نحن بحاجة إلى ممارسات تكون دستورا معنويا يقف إلى جانب الضمير في كل تحرك من األفراد أو‬
‫باسم المؤسسات وليس الى دستور يتم افراغه من محتواه كل مرة من كثرة التعديالت ‪ ،‬ونحن بحاجة إلى‬
‫دستور بمقاس وطن من حجم الجزائر وليس بمقاس شخص مهما كان وزنه ‪..‬‬

‫وزارة للشباب وأخرى للرياضة!!‬

‫الفصل بين وزارتي الشباب والرياضة كان مطلب الكثير من المختصين والمهتمين منذ زمن بالنظر‬
‫لخصوصيات القطاع وحاجة الشباب إلى عناية كبيرة واهتمام خاص بسبب تزايد حاجياتهم واهتماماتهم‪،‬‬
‫وبسبب حاجة قطاع الرياضة إلى نفس جديد وامكانيات أكبر لمرافقة أبنائنا الرياضيين في المدرسة‬
‫والجامعة ومختلف الجمعيات والنوادي والمنتخبات الوطنية‪ ..‬ولكن هل جاء الفصل هذه المرةاستجابة‬
‫لهذه الحاجيات وفي اطار استراتيجية مدروسة؟ أم سيكون تجربة أخرى فاشلة على غرار تجارب سابقة‬
‫مع كتابة الدولة المكلفة بالشباب؟ وهل سيسود االنسجام بين الوزيرين والقطاعين‪ ،‬خاصة وأن التيار ال‬
‫يمر منذ مدة بين وزير الشباب الجديد والوزير األول‪ ،‬وقد ال يمر أيضا بين وزيرين من جيلين مختلفين؟‬
‫أم سينشغل الوزيران بالصراع على المقرات واإلطارات وتقاسم اإلمكانيات مما سيشغلهما عن‬
‫األولويات؟‬

‫أسئلة كثيرة تطرح في األوساط الشبابية والرياضية عن جدوى وأهمية الفصل بين الوزارتين؟ وأي من‬
‫القطاعين سيضعف أو يقوى؟ وما هي اإلمكانيات التي سيتحصل عليها كل قطاع؟ وما هي الغاية‬
‫المرجوة من هذا الفصل في الوقت الراهن؟ وهل سيستمر نفس الحال في الحكومات الالحقة‪ ،‬أم سنعود‬
‫إلى الجمع بين الوزارتين في التعديل المقبل؟‬
‫نظريا يبدو أن الوزير األول يريد أن يعطي كل األهمية للقطاعين لكونه وزيرا سابقا للشباب والرياضة‬
‫ويعرف حاجياته وضرورة اعطاء األهمية واألولوية لفئة عريضة من المجتمع‪ ،‬ولكن عالقته السيئة مع‬
‫وزير الشباب الجديد "القديم" قد تنعكس على االنسجام بين الوزيرين والقطاعين وداخل العمل الحكومي!!‬
‫وهو نفس التحدي الذي سيواجهه الوزير األول في تجاوز المشاكل الشخصية بين وزير التجارة وخليفته‬
‫في وزارة الصناعة‪ ،‬وبين وزير العدل ووزير الداخلية‪ ،‬وبين بعض الوزراء الذين سيجدون أنفسهم‬
‫يتلقون األوامر والتوجيهات من أطراف أخرى تمثل دولة داخل دولة!!!‬

‫األمر يبدو صعبا ومعقدا وأكبر وأهم من أن يقتصر على الفصل بين بعض الوزارات أو إلصاقها‬
‫ببعضها البعض‪ ،‬وأكبر من أن يقتصر على السعي إلى تحقيق االنسجام الالزم بين الوزراء فيما بينهم أو‬
‫بين الوزير األول وبعض وزرائه‪ ،‬ولكنه مرتبط أكثر بغياب ثقافة الدولة عندنا وعدم وضوح‬
‫االستراتيجية والرؤية ونقص اإلمكانيات المادية المخصصة لبعض القطاعات مثل قطاع الشباب‬
‫والرياضة الذي ظل مرتبطا ببعضه البعض ويعاني منذ االستقالل من ضعف الميزانية ومن قلة اإلهتمام‬
‫في البرامج الحكومية المختلفة رغم أهميته ورغم استغالله ألغراض سياسية عندما كان يستدعي األمر‬
‫ذلك كل مرة !!‬

‫مشكلة قطاع الشباب والرياضة وكذا قطاعات أخرى لم تكن أبدا في أسماء الوزراء أو في الفصل بين‬
‫القطاعات أو إلصاقها ببعضها البعض‪ ،‬بل كانت دائما في السياسات واإلمكانيات والصالحيات‪ ،‬ألن‬
‫الوزير عندنا لم يعد ذلك الوزير الذي يفكر ويخطط ويقرر طبقا لبرنامج الحكومة! ولم يعد الوزير يسأل‬
‫عما هو المطلوب منه عندما يقترح عليه المنصب! ولم يعد إخضاع اختيار الوزير لمعايير ومقاييس‬
‫مهنية وعلمية بقدر ما يخضع لمعايير الوالء والجهوية والعالقات الشخصية‬
‫جيل استثماري‪...‬‬
‫أن تخرج جماهير الكرة لالحتفال بالتتويج باللقب كما فعل أنصار المولودية بعد فوزهم بالكأس فهو أمر‬
‫عادي وطبيعي يحدث في كل بلدان العالم ويتكرر عندنا من زمان‪ ،‬ولكن أن تخرج الجماهير الجزائرية‬
‫قبل موعد نهائي كأس الجمهورية بأيام لتجوب الشوارع وتحتل الساحات العمومية ليل نهار وتحولها إلى‬
‫قاعات حفالت على الهواء يكون فيها الجميع مغنيا وراقصا فهو األمر الذي يستوقفنا ويثير الكثير من‬
‫التساؤالت وعالمات االستفهام حول ظاهرة فريدة من نوعها تحمل بخصائصها دالالت كثيرة تستدعي‬
‫من المختصين الوقوف عندها لدراستها وتحليلها!!‬

‫ال أحد يبخس حق أبنائنا في االحتفال وال أحد يشك في عشقهم لنواديهم وتعلقهم بكرة القدم في غياب‬
‫اهتمامات وأسباب أخرى للفرح‪ ،‬لكن إفراطهم في االحتفال لساعات متأخرة من الليل قبل الموعد‬
‫الرياضي بأيام يدل على حاجتهم للتخلص من حالة الكبت التي يعيشونها وافتقادهم لمسببات الفرح‬
‫غطاها الغم المعيش والهم الرابض في األوساط األسرية والمهنية واالجتماعية في ظل‬ ‫والسعادة التي ّ‬
‫غياب تام للمرافق الرياضية والثقافية ونقص األنشطة الترفيهية المختلفة التي تنفس عن مكبوتات الحياة‬
‫وتمنح لهم متعة هم بحاجة إليها وتسمح لهم بالتواصل والتعبير وممارسة هواياتهم المختلفة للتخفيف من‬
‫كل األعباء اليومية التي يتخبطون فيها‪..‬‬

‫خروج أبنائنا وحتى بناتنا وعائالت بأكملها إلى الشارع بالشكل الذي يفعلون قبل الفوز أو الخسارة‬
‫يستوقف المختصين والسلطات للبحث في األسباب وفي سبل تنشيط الحياة العامة لشبابنا وإيجاد فضاءات‬
‫تسمح بتنظيم نشاطات ثقافية ورياضية وفنية بانتظام للترويح عن النفس والحفاظ على التوازن‬
‫السيكولوجي والنفسي ليصبح بموجبها الحدث الرياضي موعدا للمتعة والفرجة‪ ،‬ويصبح بعدها التعامل‬
‫مع الفوز أو الخسارة في الكرة تعامال عاديا ال يخرج عن نطاق األخالق العامة واحترام الغير والحفاظ‬
‫على المرافق العمومية التي أصبحت مفرغا لحاالت الغضب لدى المناصرين‪ ..‬لذا وجب علينا االستثمار‬
‫في أرضية الرياضة التي بقيت خصبة دون غيرها‪..‬‬

‫صحيح أن الظاهرة برزت أكثر في تصفيات مونديال ‪ 4111‬وعشية المواجهة الكروية مع مصر وكانت‬
‫لها أسبابها ودوافعها آنذاك‪ ،‬ولكنها أخذت أبعادا أخرى بعد ذلك وأصبح الخروج إلى الشارع قبل‬
‫المباريات ظاهرة تتكرر كل مرة وفيها الكثير من اإلفراط الذي أدى إلى حدوث إصابات ووفيات في‬
‫صفوف األنصار‪ ،‬لكنها كانت ومازالت متنفسا ألبنائنا في غياب فضاءات التعبير والهياكل التنظيمية‬
‫ونقص المرافق المختلفة والنشاطات الثقافية والرياضية التي تروي عطشهم وتسد حاجتهم للفرحة‬
‫والسعادة والترويح عن النفس‪..‬‬

‫مع تفشي الظاهرة وتكرارها كل مرة واتساع رقعتها وتداعياتها قبل وبعد كل موعد رياضي لم تقدر‬
‫السلطات على االستثمار فيها وتوجيهها واستخالص الدروس منها بتأطيرها وتوفير الفضاءات‬
‫والنشاطات المختلفة الكفيلة بامتصاص عنفوان أبنائنا وطاقاتهم وحاجياتهم المتزايدة للترفيه والترويح عن‬
‫النفس ليبقى أبناؤنا عرضة للخطر واالستغالل السياسي واالجتماعي‪ ،‬وعرضة لالنكسار واليأس والغبن‬
‫وكل أنواع الحرمان الذي نلمسه على وجوههم حتى وهم في قمة النشوة والفرحة‪ ،‬فالعجز عن االستثمار‬
‫في المسببات الناجحة على الرغم من جاهزيتها قد يقودنا إلى أسباب الفشل التي عرفناها في االستثمارات‬
‫القبلية وال بد أن تتجدد اإلرادة السياسية بتجدد المواعيد الرياضية‪ ،‬خاصة وأن مونديال البرازيل على‬
‫األبواب!!‬
‫الرأي وتستمر الحياة ‪..‬‬

‫بعد ما قلنا كل شيء عن العهدة الخالدة التي اختارها من انتخب عليها سنضطر الحترام خياراهم‪ ،‬وبعد‬
‫ما قلنا كل شيء ولم يعد لدينا ما نقوله في زمن االنبطاح والجبن والرداءة‪ ،‬ورغم محنة سقوط جنودنا‬
‫األبرياء ضحايا للغدر واإلجرام في تيزي وزو‪ ،‬ومحنة أبنائنا وأهالينا المؤسفة في منطقة القبائل‬
‫وغرداية‪ ،‬وما قد يترتب عنها من تداعيات نحن في غنى عنها‪ ،‬وفي انتظار أيام أخرى جميلة تعود فيها‬
‫البسمة موزعة بالتساوي على كل أبنائنا في كل ربوع الوطن‪ ،‬وأيام يتوقف فيها المقامرون والمغامرون‬
‫عن استفزاز الشعب‪ ..‬قررت في ظل هذه التداعيات العودة ولو مؤقتا لتحريك قلمي باتجاه شؤون‬
‫الرياضة والكرة خاصة عشية نهائي كأس الجمهورية وقبل بضعة أسابيع عن انطالقة مونديال البرازيل‪..‬‬

‫لقد اشتقت كثيرا للكتابة في شؤون الكرة‪ ،‬لكن عندما تقتضي الضرورة لن أتردد في العودة للكتابة عن‬
‫أنواع أخرى من الرياضات التي أينعت وإشتهرت عندنا وانتشرت ونمت منذ فترة‪ ،‬وأقصد بها رياضات‬
‫الشيتة والتطبيل بفروعها التخويف والتخوين واالنتقام والتي ستستمر فعالياتها دون شك في الصراع‬
‫الحاصل على المناصب والمكاسب واقتسام الغنائم بين قوم الرابعة‪ ،‬الذين سيواصلون نهجهم من أجل‬
‫الغاء اآلخر واقصائه وبسط يد النفوذ على كل شيء دون رحمة أو شفقة ‪..‬‬

‫نهائي كأس الجمهورية الذي يجمع الفريقين العريقين ألول مرة في التاريخ سيغيب عنه رئيس الجمهورية‬
‫للمرة الثانية على التوالي مما سيفقده الكثير من هيبته ونكهته وخصوصياته بعد ما فقد الكثير من االهتمام‬
‫الجماهيري واالعالمي المعتاد بسبب انشغال أبنائنا وإعالمنا باالنتخابات الرئاسية وما يحدث من حراك‬
‫في منطقة القبائل‪ ،‬وانشغالهم بهمومهم المختلفة والمتعددة‪ ،‬ومع ذلك الكل يتمناه عرسا كرويا فنيا‬
‫وجماهيريا يقدم فيه أبناؤنا صورة جميلة تنسينا مهزلة نهائي السنة الماضية‪ ،‬وتنسينا المستوى المتدني‬
‫للدوري الجزائري الذي لم نشعر حتى بتوقفه منذ أكثر من شهر‪.‬‬

‫نهائي هذا العام بين الشبيبة والمولودية كنا نحلم به من زمان لما يحمله من إثارة واعدة وفرجة كروية‬
‫فوق الميدان ومتعة جماهيرية تصنع في المدرجات بين غريمين تقليديين‪ ،‬وسيكون هذه المرة فرصة‬
‫للمولودية الشعبية لمحو الصورة الرديئة التي عشناها في النسخة الماضية‪ ،‬ويكون فرصة للشبيبة لتجديد‬
‫العهد مع األلقاب والتصالح مع أوفيائها من الجماهير العريضة المحبة للنادي التي نتمنى أن تساهم‬
‫بوعيها ونضجها في صناعة العرس بعيدا عن كل االعتبارات السياسية واألمنية واالجتماعية التي تعيشها‬
‫منطقة القبائل‪..‬‬

‫بغض النظر عن المتوج باللقب‪ ،‬فإن نجاح عرس نهائي كأس الجمهورية على المستوى الفني والتنظيمي‬
‫والجماهيري سيفتح شهية الجزائريين على التطلع إلى مونديال البرازيل الذي سيكون بعد ذلك حديث‬
‫الشارع طيلة الصائفة بدءا من ترقب قائمة العناصر الوطنية التي سيختارها الناخب الوطني لتمثيل‬
‫الجزائر في المونديال‪ ،‬إلى المباراتين الوديتين المقررتين في سويسرا‪ ،‬ثم تنقل الجماهير إلى بالد‬
‫الصامبا لمعايشة الحدث العالمي عن قرب‪ ..‬هي محطات سيتوقف عندها االعالم الرياضي بفنييه‬
‫ومحلليه الذين سيخوضون بدورهم في كل هذه األمور فيكتبون ويعلقون ويحللون خيارات المدرب‬
‫و ردود فعل الالعبين ويتكهنون بعد ذلك بما سيفعله الخضر في المونديال‪ ،‬وهنا نتمنى أيضا أن تكون‬
‫المرافقة الفنية واالعالمية قريبة من الواقعية والموضوعية وبعيدة عن التشاؤم والتشكيك‪ ،‬ألننا تعبنا‬
‫وهرمنا ويكفينا من االنقسام والمزيد من اآلالم واألوجاع وكل ما من شأنه أن يفرق بيننا حتى ولو تعلق‬
‫األمر بمستديرة ال تقف عند وجه واحد‪ ،‬ألنها صادقة إذا منحتك انتصارا‪ ،‬وعادلة حتى في الهزيمة التي‬
‫ال تتوقف عندها حياة الكرة وحياتنا أيضا التي ستستمر!!‬
‫المصدر منشورات حفيظ دراجي ‪4102‬‬

‫الناشر مدونة ابن فوغالة لإلعالميات‬


‫‪http://www.said1989fol2.blogspot.com‬‬

You might also like