You are on page 1of 19

‫مختصر الدروس فً تزكٌة النفوس‬

‫مقدمة‬
‫الحمد هلل الذي أنار النفوس بطاعته‪ ،‬وعظمها فألسم بها لترلى فً منازل‬
‫جنته‪ ،‬ثم الصالة والسالم على من أرسله هللا معلما ومزكٌا للنفوس‪ ،‬ومبشرا‬
‫ونذٌرا‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن إصالح النفوس والسعً إلى تزكٌتها باإلٌمان والعمل الصالح وتنمٌتها‬
‫من أدران الشرن والمعاصً واالرتماء بها فً مدارج الكمال اإلٌمانً وسلم‬
‫السمو األخاللً والسلوكً من أهم ما ٌنبؽً أن ٌسعى إلى تحمٌمه المربون‪،‬‬
‫وٌنتبه إلى أهمٌته المصلحون‪ ،‬إذ المٌام بهذه المهمة عنوان الفالح ومفتاح‬
‫النصر والسبٌل نحو العزة والرٌادة والسؤدد‪.‬‬

‫ولد كنت منذ مدة لٌست بالٌسٌرة شؽفت بمراءة كتب الرلاق والسلون وٌسر‬
‫هللا لً بفضله ومنه تدرٌس هذه المادة للطالب والطالبات فً حلمات‬
‫المساجد والفصول الشرعٌة النسابٌة فتراكمت لدي عدد من الدروس كتبتها‬
‫بشكل مختصر فألح علً البعض فً طباعتها ونشرها لتعم الفابدة‪.‬‬

‫ولست أجزم بأن هذه الدروس المختصرة هً وافٌة بمتطلبات هذه المادة‬
‫ولكننً أحسبها لبنة فً بنٌانها وخطوة فً االتجاه نحو التأكٌد المتواصل‬
‫على أهمٌة طرق المواضٌع السلوكٌة والتربوٌة إذ النفوس البشرٌة ٌعتورها‬
‫دوما النمص والتمصٌر ومفطورة على الضعؾ والعجلة والتً تجنح بها إلى‬
‫سبٌل معوج إن لم تتمسن بكتاب ربها وهدي نبٌها ورسولها صلى هللا علٌه‬
‫وسلم‪ ،‬فالحٌاة فً حس المؤمن مٌدان ابتالء وتمحٌص واختبار وهو أحوج‬
‫ما ٌكون لربا من ربه ومواله وثباتا على طاعته ونٌل رضاه‪.‬‬
‫ولمد جعلت هذه الدروس بطرٌمة العنوانات التً تندرج تحتها الشروح‬
‫المصٌرة والملبٌة لؽرض التوضٌح دون اإلطناب والتوسع‪ ،‬لعلها أن تكون‬
‫مفتاحا لدارسها للتبحر فٌها واإلضافة إلٌها من الموالؾ والمصص المعبرة‬
‫التً تزخر بها كتب السٌر والتراجم‪ ،‬وتمتلا بها الحٌاة المعاصرة‪ ،‬إنها‬
‫دروس مختصرة تلبً حاجة المارئ الذي ال ٌحفل بكثرة الكالم وال ٌصبر‬
‫على مواصلة لراءة الكتب العظام وٌرؼب فً تناول المفٌد من الملٌل‬
‫لٌحصل على المرام‪.‬‬

‫وهللا أسأل أن ٌنفع بها‪ ،‬وأن ٌجعل العمل لوجهه خالصا‪ ،‬وأسأله االستمامة‬
‫والثبات على اإلسالم‪ ،‬وأن ٌحمك ما نصبو إلٌه من أهداؾ فً تربٌة النشء‬
‫على أسس إسالمٌة تعمك فً نفسه الخوؾ من هللا والسعً لتزكٌتها‪ ،‬ونسأله‬
‫سبحانه أن ال ٌزٌػ للوبنا بعد إذ هدانا وأن ٌهب لنا من لدنه رحمة إنه هو‬
‫الوهاب‪ ،‬ومن هللا أستمد العون والتوفٌك والسداد وأستلهمه الرشاد وهو‬
‫حسبً ونعم الوكٌل‪ ،‬وال حول وال لوة إال باهلل العلً العظٌم‪.‬‬
‫والحمد هلل رب العالمٌن‪ ،‬وصلى هللا وسلم على دمحم وآله وصحبه‪.‬‬
‫الدرس األول‬
‫تزكٌة النفس‬
‫أوالً؛ تعرٌفها‪:‬‬
‫•لؽة‪ :‬طهارة النفس ونماؤها وإظهار محاسنها‪.‬‬
‫•اصطالحا‪ :‬تطهٌرها عن الصفات المذمومة وتكمٌلها وتحلٌتها باألعمال‬
‫الصالحة وتزٌٌنها بجمال التعظم هلل ‪ -‬عز وجل‪.‬‬

‫ثانٌاً؛ لماذا تزكٌة النفس؟‬


‫‪1.‬التأكٌد المتكرر فً نصوص الكتاب والسنة على ذلن لال تعالى‪ ﴿ :‬لَ ْد‬
‫أَ ْفلَ َح َمن تَزَ َّكى ﴾ [األعلى‪ ،]41 :‬ولال سبحانه‪ ﴿ :‬لَ ْد أَ ْفلَ َح َمن زَ َّكاهَا ﴾‬
‫ع ِن ْال َه َوى * َفإِ َّن‬
‫س َ‬‫ام َر ِبّ ِه َونَ َهى النَّ ْف َ‬ ‫[الشمس‪َ ﴿ ،] 9 :‬وأَ َّما َم ْن خ َ‬
‫َاؾ َممَ َ‬
‫ً ْال َمأ ْ َوى ﴾ [النازعات‪ ،]14 - 14 :‬ولال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا‬ ‫ْال َجنَّةَ ِه َ‬
‫ط ْع ُم اإلٌمان ‪ -‬وذكر منها ‪-‬‬ ‫ط ِع َم َ‬ ‫علٌه وسلم ‪(( :-‬ثالث من فعل ُه َّن فمد َ‬
‫وزكى نفسه‪ ،‬فمال رجل‪ :‬وما تزكٌة النفس؟ فمال‪ :‬أن ٌعلم أن هللا ‪ -‬عز وجل‬
‫‪ -‬معه حٌث كان))[‪ ،]4‬وكان من دعابه ‪ -‬صلى هللا علٌه وسلم ‪(( :-‬اللهم‬
‫آت نفسً تمواها‪ ،‬وزكها أنت خٌر من زكاها‪ ،‬أنت ولٌها وموالها))[‪] .2‬‬

‫‪2.‬من مماصد مبعث النبً ‪ -‬صلى هللا علٌه وسلم ‪ -‬تزكٌة النفوس لتعبد‬
‫سوال ِ ّم ْن‬
‫ث فٌِ ِه ْم َر ُ‬ ‫علَى ْال ُم ِ‬
‫ؤمنٌِنَ ِإ ْذ بَ َع َ‬ ‫ربها حك عبادته‪ ﴿ :‬لَمَ ْد َم َّن ّ‬
‫للاُ َ‬
‫أَنفُ ِس ِه ْم ٌَتْلُو َ‬
‫علَ ٌْ ِه ْم آٌَاتِ ِه َوٌُزَ ِ ّكٌ ِه ْم ﴾ [آل عمران‪].461 :‬‬
‫‪3.‬اهتمام السلؾ الصالح بتزكٌة النفس وتنمٌتها وتطهٌرها حٌث "اعتنوا‬
‫بالجانب السلوكً واألخاللً علما وفمها‪ ،‬كما حمموه عمال وهدٌا‪ ،‬فأفردوا‬
‫كتبا مستملة فً الزهد والرلابك ونحوهما بل إن أبمة السلؾ ٌوردون‬
‫الصفات السلوكٌة واألخاللٌة ألهل السنة فً ثناٌا كتب العمٌدة "كما فعل‬
‫اإلسماعٌلً (ت ‪ 174‬هـ) فً "اعتماد أهل السنة" وأبو إسماعٌل الصابونً‬
‫(ت ‪ 119‬هـ) فً "عمٌدة السلؾ" وإسماعٌل بن دمحم األصفهانً (ت ‪515‬‬
‫هـ) وابن تٌمٌة فً "مجموع الفتاوى والواسطٌة"( ‪ - )728‬رحمهم هللا‪.‬‬

‫‪4.‬الثواب الجزٌل الذي أعده هللا لمن زكى نفسه بالطاعات وجنبها الفواحش‬
‫ت فَأ ُ ْولَبِ َن لَ ُه ُم‬
‫صا ِل َحا ِ‬
‫ع ِم َل ال َّ‬ ‫والمنكرات لال تعالى‪َ ﴿ :‬و َم ْن ٌَأْتِ ِه ُمؤْ ِمنا لَ ْد َ‬
‫ار خَا ِلدٌِنَ فٌِ َها َو َذ ِل َن‬ ‫ع ْدن تَ ْج ِري ِمن تَ ْحتِ َها ْاأل َ ْن َه ُ‬ ‫الد ََّر َجاتُ ْالعُلَى * َجنَّاتُ َ‬
‫َجزَ اء َمن ت َزَ َّكى ﴾ [طه‪].76 :‬‬
‫ٌا خادم الجسم كم تسعى لخدمته‬
‫أتعبت نفسن فٌما فٌه خسران‬
‫ألبل على النفس فاستكمل فضابلها‬
‫فأنت بالنفس ال بالجسم إنسان‬
‫ثالثا ً‪ :‬من الذي ٌزكً النفس؛ هللا أم اإلنسان؟‪:‬‬
‫ولد تواردت فً هذه المسألة عدد من اآلٌات الكرٌمة الدالة على معنٌٌن أن‬
‫هللا هو المزكً للنفس من باب التوفٌك والداللة والفاعل المباشر للتزكٌة هو‬
‫للاُ‬‫س ُه ْم بَ ِل َّ‬ ‫اإلنسان وفً هذا ٌمول هللا تعالى‪ ﴿ :‬أَلَ ْم تَ َر ِإلَى الَّذٌِنَ ٌُزَ ُّكونَ أَ ْنفُ َ‬
‫للاِ‬ ‫ض ُل َّ‬ ‫ظلَ ُمونَ فَتٌِال ﴾ [النساء‪ ،]19 :‬وٌمول‪َ ﴿ :‬ولَ ْوال فَ ْ‬ ‫ٌُزَ ِ ّكً َم ْن ٌَشَا ُء َوال ٌُ ْ‬
‫للاُ‬ ‫للا ٌُزَ ِ ّكً َم ْن ٌَشَا ُء َو َّ‬ ‫علَ ٌْ ُك ْم َو َر ْح َمتُهُ َما زَ َكى ِم ْن ُك ْم ِم ْن أَ َحد أَ َبدا َولَ ِك َّن َّ َ‬ ‫َ‬
‫ع ِلٌم ﴾ [النور‪ ،]24 :‬وٌمول سبحانه‪ ﴿ :‬لَ ْد أَ ْفلَ َح َم ْن زَ َّكاهَا * َولَ ْد خ َ‬
‫َاب‬ ‫س ِمٌع َ‬ ‫َ‬
‫ساهَا ﴾ [الشمس‪]44 - 9 :‬؛ ٌمول ابن المٌم ‪ -‬رحمه هللا ‪" :-‬فإن العبد إذا‬ ‫َم ْن َد َّ‬
‫زكى نفسه ودساها فإنما ٌزكٌها بعد تزكٌة هللا لها بتوفٌمه وإعانته‪ ،‬وإنما‬
‫ٌدسٌها بعد تدسٌة هللا لها بخذالنه والتخلٌة بٌنه وبٌن نفسه؛ فتضمنت اآلٌتان‬
‫الرد على المدرٌة والجبرٌة‪".‬‬

‫رابعا ً‪ :‬كٌف نزكً نفوسنا؟‬


‫للوصول إلى تزكٌة النفس ٌنبؽً اعتماد الوسابل اآلتٌة‪:‬‬
‫اّلل َف َكأَنَّ َما خ ََّر ِمنَ‬
‫‪1.‬التوحٌد الخالص هلل تبارن وتعالى‪َ ﴿ :‬و َمن ٌُ ْش ِر ْن ِب َّ ِ‬
‫س ِحٌك ﴾ [الحج‪ ]14 :‬إذ‬ ‫الرٌ ُح فًِ َم َكان َ‬ ‫طفُهُ َّ‬
‫الطٌ ُْر أَ ْو تَ ْه ِوي ِب ِه ِ ّ‬ ‫س َماء فَتَ ْخ َ‬
‫ال َّ‬
‫تهوي به الشٌاطٌن وتعصؾ به وتصده عن طاعة ربه ومواله‪.‬‬
‫‪2.‬فعل الطاعات وترن المحرمات والصبر على ذلن كله‪ :‬ففً الطاعات‬
‫نور الملب وانشراح الصدر وهمة الجوارح وفً المحرم ظلمة الملب وضٌك‬
‫الصدر وكسل الجوارح وعجزها‪.‬‬
‫الملوب‬
‫َ‬ ‫الذنوب تمٌتُ‬
‫َ‬ ‫رأٌتُ‬
‫ُ‬
‫ٌورث الذ َّل إدمانها‬ ‫ولد‬
‫وترن الذنوب حٌاة ُ الملوب‬
‫َ‬
‫وخٌر لنفسن عصٌانها‬

‫‪3.‬طلب العلم الشرعً على ٌد أهله العارفٌن بعٌوب النفس وتزكٌتها وفك‬
‫أصعب من‬
‫ُ‬ ‫نهج األنبٌاء ٌمول ابن المٌم رحمه هللا تعالى‪" :‬وتزكٌةُ النفوس‬
‫عالج األبدان وأشدَّ‪ ،‬فمن ز َّكى نفسه بالرٌاض ِة والمجاهدة والخلوةِ التً لم‬
‫سه برأ ٌِه‪ ،‬فالرس ُل أطبا ُء‬
‫كالمرٌض الذي ٌعال ُج نف َ‬
‫ِ‬ ‫ٌجً َء بها الرسل‪ ،‬فهو‬
‫الملوب‪ ،‬فال سبٌل إلى تزكٌتها وصالحها إال من طرٌمهم والتسلٌم لهم‪".‬‬

‫ُ‬
‫مٌمون‬ ‫‪4.‬محاسبتها ومجاهدتها للتؽلب على الهوى والشٌطان والدنٌا؛ لال‬
‫ٌحاسب‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ٌكون الرج ُل من المتمٌن حتى‬ ‫بن مهران ‪ -‬رحمه هللا تعالى ‪( :-‬ال‬ ‫ُ‬
‫سه‪،‬‬ ‫سه أش َّد من محاسب ِة شرٌك ِه‪ ،‬حتى َ‬
‫ٌعلم من أٌن مطع ُمه‪ ،‬ومن أٌن ملب ُ‬ ‫نف َ‬
‫ومن أٌن مشربُه ِأم ْن حالل ذلن أم من حرام‪).‬‬

‫‪5.‬الصحبة النافعة التً تعٌن على تربٌة النفس وتزكٌتها والبعد عن كل ما‬
‫ٌضرها وٌهلكها لال علً ‪ -‬رضً هللا عنه‪-:‬‬
‫كم من جاهل أردى‬
‫حلٌما حٌن آخاه‬
‫ٌماس المرء بالمرء‬
‫إذا ما المرء ماشاه‬

‫خامسا ً‪ :‬ثمار تزكٌة النفس‪:‬‬


‫‪1.‬الفالح فً الدنٌا والنجاة فً اآلخرة؛ "فال ٌصلح ِل ُملن اآلخرة ونعٌمها وال‬
‫المرب من رب العالمٌن إال للب سلٌم صار طاهرا بطول التزكٌة والتطهٌر‬
‫س َّواهَا * فَأ َ ْل َه َم َها فُ ُج َ‬
‫ورهَا َوتَ ْم َواهَا * لَ ْد أَ ْفلَ َح َمن‬ ‫لال هللا تعالى‪َ ﴿ :‬ونَ ْفس َو َما َ‬
‫ساهَا ﴾ [الشمس‪].44 - 9 :‬‬ ‫زَ َّكاهَا * َولَ ْد خ َ‬
‫َاب َمن َد َّ‬
‫‪ 2.‬راحة البال وسكٌنة الملب وطمأنٌنته وانشراح الصدر وسعته‪ُ ﴿ :‬ه َو الَّذِي‬
‫ب ْال ُمؤْ ِمنٌِنَ ِلٌَ ْز َدادُوا إٌِ َمانا َّم َع إٌِ َمانِ ِه ْم ﴾ [الفتح‪﴿ ،]1 :‬‬ ‫أَنزَ َل ال َّ‬
‫س ِكٌنَةَ فًِ لُلُو ِ‬
‫ضلَّهُ ٌَ ْجعَ ْل‬
‫إل ْسالَ ِم َو َمن ٌُ ِر ْد أَن ٌُ ِ‬ ‫للاُ أَن ٌَ ْه ِد ٌَهُ ٌَ ْش َرحْ َ‬
‫ص ْد َرهُ ِل ِ‬ ‫فَ َمن ٌُ ِر ِد ّ‬
‫علَى‬ ‫س َ‬ ‫الر ْج َ‬ ‫س َماء َك َذ ِل َن ٌَ ْجعَ ُل ّ‬
‫للاُ ِ ّ‬ ‫ض ٌِّما َح َرجا َكأَنَّ َما ٌَ َّ‬
‫صعَّ ُد فًِ ال َّ‬ ‫ص ْد َرهُ َ‬ ‫َ‬
‫الَّذٌِنَ الَ ٌُؤْ ِمنُونَ ﴾ [األنعام‪].425 :‬‬
‫ت ِفً‬‫للاُ الَّذٌِنَ آ َمنُواْ ِب ْال َم ْو ِل الثَّا ِب ِ‬
‫‪3.‬الثبات على الدٌن والطاعة‪ٌُ ﴿ :‬ثَ ِبّتُ ّ‬
‫للاُ َما ٌَشَا ُء ﴾‬ ‫الظا ِل ِمٌنَ َو ٌَ ْفعَ ُل ّ‬ ‫َّ‬ ‫ض ُّل ّ‬
‫للاُ‬ ‫اآلخ َر ِة َوٌُ ِ‬
‫ِ‬ ‫ْال َح ٌَا ِة ال ُّد ْن ٌَا َوفًِ‬
‫[إبراهٌم‪ ،]27:‬فكلما لوٌت النفس وتهٌأت بالذكر واالستؽفار والتوبة واإلنابة‬
‫كلما كانت ألدر بإذن هللا على تجاوز العمبات والتؽلب على الصعوبات‬
‫فتثبت وال تتزحزح‬
‫مراجع‪:‬‬
‫‪1.‬مدارج السالكٌن البن المٌم الجوزٌة‬
‫‪2.‬معالم فً السلون وتزكٌة النفوس د‪.‬عبدالعزٌز آل عبداللطٌؾ‪.‬‬
‫‪3.‬التبٌان فً ألسام المرآن‪.‬‬
‫‪4.‬حلٌه األولٌاء‪.‬‬
‫]‪[1‬رواه الطبرانً وصححه األلبانً فً الصحٌحة برلم ‪.4416‬‬
‫]‪[2‬أخرجه ُم ْسلم ‪ 7445( 84/8‬و ‪).7446‬‬

‫رابط الموضوع ‪:‬‬


‫‪http://www.alukah.net/sharia/0/5436/#ixzz5ENlLgXcQ‬‬
‫الدرس الثانً‬
‫بٌن القلب والنفس‬
‫أوالً‪:‬النفس‬
‫لغة ‪:‬نفس الشًء تأتً بمعنى ذاته‪ ،‬وعٌنه‪ ،‬وحمٌمته‪ ،‬كما ٌمال‪ :‬رأٌت زٌدا‬
‫سه وعٌنَه‪ ،‬ولد ٌراد بلفظ النفس الدم الذي ٌكون فً الحٌوان‪ ،‬كمول‬
‫نف َ‬
‫الفمهاء‪" :‬ما له نفس سابلة‪ ،‬وما لٌس له نفس سابلة"‪ ،‬وتأتً أٌضا بمعنى‬
‫الروح‪.‬‬
‫اصطال ًحا ‪:‬جوهر مشرق للبدن‪ٌ ،‬نمطع ضو ُءه عند الموت من ظاهر البدن‬
‫وباطنه‪ ،‬وفً النوم ٌنمطع عن ظاهر البدن دون باطنه‪.‬‬

‫الفرق بٌن النفس والروح‪:‬‬


‫روي عن ابن عباس رضً هللا عنهما أنه لال‪" :‬لكل إنسان نفسان‪ :‬إحداهما‪:‬‬
‫نفس العمل الذي ٌكون به التمٌٌز‪ ،‬واألخرى‪ :‬نفس الروح الذي به الحٌاة"‪،‬‬
‫ولال بعض اللؽوٌٌن‪ :‬هما واحد‪ ،‬ولال آخرون‪ :‬هما متؽاٌران؛ إذ النفس‬
‫مناط العمل‪ ،‬والروح مناط الحٌاة‪ ،‬وسمٌت النفس نفسا؛ لتولد النفس منها‪،‬‬
‫واتصاله بها‪ ،‬كما س َّم ُوا الروح روحا؛ ألن الروح موجودة بها‪.‬‬

‫أنواع النفوس‪:‬‬
‫وهً ثالثة‪:‬‬
‫‪1 -‬النفس األمارة بالسوء‪:‬‬
‫ع هواها بفعل الذنوب والمعاصً؛ لال تعالى ‪َ ﴿:‬و َما‬ ‫هً التً ٌؽلب علٌها ا ِت ّبا ُ‬
‫وء إِ َّال َما َر ِح َم َر ِبًّ ِإ َّن َر ِبًّ َ‬
‫ؼفُور َر ِحٌم ﴾‬ ‫س ِ‬ ‫س َأل َ َّم َ‬
‫ارة ِبال ُّ‬ ‫أ ُ َب ِ ّر ُ‬
‫ئ نَ ْف ِسً ِإ َّن النَّ ْف َ‬
‫[ٌوسؾ‪ ،]51 :‬وفً الحدٌث عن ابن مسعود رضً هللا عنه أٌضا‪(( :‬إن‬
‫للملن لَ َّمة‪ ،‬وللشٌطان لمة‪ ،‬فلمةُ الملن‪ :‬إٌعاد بالخٌر‪ ،‬وتصدٌك بالحك‪ ،‬ولمةُ‬
‫الشٌطان‪ :‬إٌعاد بالشر‪ ،‬وتكذٌب بالحك‪))[1].‬‬

‫‪2 -‬النفس اللوامة‪:‬‬


‫ْ‬
‫تابت‬ ‫ت الشر‬ ‫وهً التً تُذنب وتتوب‪ ،‬فعندها خٌر وشر‪ ،‬لكن إذا فعلَ ِ‬
‫وأنابت‪ ،‬فتُس َّمى لوامة؛ ألنها تلوم صاح َبها على الذنوب‪ ،‬وألنها تتلوم ‪ -‬أي‪:‬‬
‫تتردد ‪ -‬بٌن الخٌر والشر؛ لال تعالى ‪َ ﴿:‬ال أ ُ ْل ِس ُم ِب ٌَ ْو ِم ْال ِم ٌَا َم ِة * َو َال أ ُ ْل ِس ُم‬
‫ِبالنَّ ْف ِس اللَّ َّوا َم ِة ﴾ [المٌامة‪].2 ،4 :‬‬

‫‪3 -‬النفس المطمئنة‪:‬‬


‫ت وترٌد ذلن‪ ،‬وتبؽض الشر والسٌبات‬ ‫الخٌر والحسنا ِ‬
‫َ‬ ‫وهً التً تحب‬
‫وتكره ذلن‪ ،‬ولد صار ذلن لها ُخلما‪ ،‬وعادة‪ ،‬و َملَكة؛ ﴿ ٌَا أٌََّت ُ َها النَّ ْف ُ‬
‫س‬
‫ضٌَّة ﴾ [الفجر‪].28 ،27 :‬‬ ‫ار ِج ِعً ِإلَى َربِّ ِن َر ِ‬
‫اضٌَة َم ْر ِ‬ ‫ْال ُم ْ‬
‫ط َمبِنَّةُ * ْ‬

‫ثانًٌا ‪ :‬القلب‬

‫لغة‪" :‬تحوٌل الشًء عن موضعه‪ٌ ،‬مال‪ :‬لَلَبه ٌَ ْم ِلبُه لَ ْلبا‪ ،‬وللَّبه؛ أي‪َّ :‬‬
‫حوله‬
‫ظهرا لبطن‪ ،‬وتملب الشًء ظهرا لبطن‪ ،‬لال الشاعر‪:‬‬
‫ارا‬ ‫ان أَ ْ‬
‫ط َو َ‬ ‫س ِ‬‫اإل ْن َ‬
‫ؾ ِب ِ‬
‫ص ِر ُ‬ ‫الرأْ ُ‬
‫ي ٌَ ْ‬ ‫ً المَ ْل ُ‬
‫ب إِالَّ ِم ْن تَمَلُّبِ ِه ♦♦♦ َو َّ‬ ‫س ِ ّم َ‬
‫َما ُ‬
‫ولال آخر‪:‬‬
‫ب ِم ْن لَ ْلب َوتَ ْح ِوٌ ِل‬
‫علَى المَ ْل ِ‬ ‫ً المَ ْل ُ‬
‫ب إِالَّ ِم ْن تَمَلُّبِ ِه ♦♦♦ فَ ْ‬
‫اح َذ ْر َ‬ ‫س ِ ّم َ‬
‫َما ُ‬
‫واصطال ًحا ‪:‬وعندما ٌطلك اللفظ‪ ،‬فإنه ٌتناوله صنفان من الناس‪ ،‬فكل صنؾ‬
‫ٌعرفُه بطرٌمته‪:‬‬
‫ِّ‬
‫الصنف األول ‪:‬األطباء‪ٌ:‬مولون‪ :‬إنه عضو عضلً أجوؾ‪ٌ ،‬مع فً منتصؾ‬
‫التجوٌؾ الصدري تمرٌبا‪ ،‬أو هو المضخة التً تضخ الدم من بداٌة تشكل‬
‫الجنٌن‪ ،‬وحتى وفاة اإلنسان‪ ،‬دون تولؾ من لٌل أو نهار (‪ 7244‬لتر‬
‫ٌومًٌّا‪).‬‬
‫الصنف الثانً ‪:‬العلماء والفمهاء والزهاد ‪:‬لالوا‪ :‬هو لطٌفة ربانٌة روحانٌة‪،‬‬
‫لها تعلُّك بالملب الذي َّ‬
‫عر ْفناه آنفا‪ ،‬وعموما هو من األسرار التً لم تفصح‬
‫عنه النصوص الشرعٌة‪.‬‬

‫أنواع القلب‪:‬‬
‫‪1 -‬القلب السلٌم‪:‬‬
‫وهو الذي أخلص عبودٌته هلل تعالى إرادة ومحبة‪ ،‬وتوكال وإنابة‪ ،‬وإخباتا‬
‫أحب فً هللا‪ ،‬وإن أبؽض أبؽض فً هللا‪ ،‬وإن‬ ‫َّ‬ ‫أحب‬
‫َّ‬ ‫وخشٌة ورجاء‪ْ ،‬‬
‫فإن‬
‫أعطى أعطى هلل‪ ،‬وإن منع منع هلل‪ ،‬وال ٌنماد وال ٌحتكم إال هلل ورسوله‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪.‬‬
‫‪2 -‬القلب المرٌض‪:‬‬
‫وهو الذي فٌه محبة هللا‪ ،‬واإلٌمان به‪ ،‬واإلخالص له‪ ،‬والتوكل علٌه‪ ،‬كما‬
‫فٌه محبة الشهوات وإٌثارها‪ ،‬والحرص على تحصٌلها‪ ،‬وفٌه الحسد‬
‫والعجب‪ ،‬وحب العلو والفساد فً األرض‪ ،‬فهو إما إلى السالمة ألرب‪ ،‬أو‬
‫إلى الهالن والموت ألرب‪.‬‬
‫‪3 -‬القلب المٌت‪:‬‬
‫هو ذلن الملب الذي ال حٌاة له؛ ه ُّمه الفوز بالشهوات وتحصٌلها‪ ،‬ولو كان‬
‫أحب لهواه‪ ،‬وإن أبؽض أبؽض لهواه‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫أحب‬
‫َّ‬ ‫فٌها سخط ربه وؼضبه‪ ،‬فإن‬
‫وإن أعطى أو منع فلهواه؛ فهو متعبد لؽٌر هللا حبًّا‪ ،‬وخوفا‪ ،‬ورجاء‪،‬‬
‫وسخطا‪ ،‬وتعظٌما‪ ،‬وذالًّ‪ ،‬مخالطةُ صاحب هذا الملب سمم‪ ،‬ومعاشرته سم‪،‬‬
‫ومجالسته هالن‪.‬‬

‫مسٌرة القلب من السالمة إلى الموت‪:‬‬


‫مرحلة السالمة ‪:‬بتوحٌد هللا تبارن وتعالى وعدم اإلشران به‪ ،‬وطاعته فً‬
‫السر والعلن‪ ،‬والصبر على ذلن‪ ،‬واتِ ّباع هدي نبٌه ملسو هيلع هللا ىلص وعدم االبتداع فً دٌن‬
‫هللا‪ ،‬واالستسالم التام ألوامر هللا‪ ،‬واالستبشار بأحكامه‪ ،‬ومالزمة ذكر هللا‪.‬‬

‫مرحلة القسوة والمرض‪:‬‬


‫إذ تتلمَّفه الشهوات‪ ،‬وتنهكه الشبهات؛ فٌضعؾ أمامها‪ ،‬وٌتساهل فً تناول‬
‫المحرمات؛ تتبعا للرخص‪ ،‬وتهاونا بالسنن‪ ،‬فال خشوع وال تدبر‪ ،‬وٌنسى‬
‫العلم‪ ،‬وٌنهمن فً الذنوب‪.‬‬

‫مرحلة الموت‪:‬‬
‫فال حٌاة له بعٌدا عن ربه ومواله‪ ،‬ومجانبا لسبٌل المؤمنٌن المتمٌن‪ ،‬فال أمل‬
‫فً حٌاته إال بالتوبة النصوح‪ ،‬وتموى هللا‪ ،‬وكثرة الذِّكر واالستؽفار‪،‬‬
‫ومالزمة الطاعات واألعمال الصالحة بأنواعها‪ ،‬وعدم االنهمان فً ملذات‬
‫الدنٌا وشهواتها؛ بل االعتدال والتوسط فٌها‪ ،‬ومجاهدة مستمرة ال تفتر؛ حتى‬
‫تعود له الحٌاة‪ ،‬نسأل هللا السالمة والعافٌة‪.‬‬
‫المراجع‪:‬‬
‫‪1 -‬مجموع فتاوى شٌخ اإلسالم ابن تٌمٌة‪.291 - 292 /9 ،‬‬
‫‪2 -‬مدارج السالكٌن‪ ،‬البن المٌم‪ ،‬ج‪.4‬‬
‫‪3 -‬إحٌاء علوم الدٌن‪ ،‬للؽزالً‪.1 /1 ،‬‬
‫‪4 -‬تزكٌة النفوس‪ ،‬ألحمد فرٌد‪ 25 - 21 ،‬و‪.71 - 74‬‬
‫‪5 -‬لسان العرب‪ 269 /44 ،‬و‪.212 /6‬‬
‫‪6 -‬الصحاح فً اللؽة‪ ،‬للجوهري‪.981 /1 ،‬‬
‫‪7 -‬التولٌؾ فً مهمات التعارٌؾ‪ ،‬للمناوي‪.128 ،‬‬

‫]‪ [1‬أخرجه الترمذي (‪ ،)2988‬والنَّسابً فً "الكبرى"‪" ،‬تحفة األشراؾ"‪،‬‬


‫‪9554‬‬

‫رابط‬
‫الموضوع‬
‫‪: http://www.alukah.net/sharia/0/5610/#ixzz5ENnqfVcQ‬‬
‫مختصر الدروس فً تزكٌة النفوس‬
‫الدرس الثالث‬
‫الفصل األول‪ :‬أعمال الملوب‪:‬‬
‫اإلخالص‬
‫التعرٌف‪ :‬لغة‪ :‬من مادة (خ ل ص) التً تدل على تنمٌة الشًء‪ ،‬والخالص‪:‬‬
‫الصافً‪.‬‬
‫اصطال ًحا‪ :‬تعدَّدت ألوال العلماء المحممٌن فً ذلن‪ ،‬وفٌما ٌلً أهمها‪:‬‬
‫‪1-‬أن ٌكون سكون العبد وحركاته هلل ‪ -‬تعالى ‪ -‬خاصة‪.‬‬
‫اإلخالص‪،‬‬
‫َ‬ ‫‪2-‬اإلخالص ف ْمد رؤٌة اإلخالص‪ ،‬فإن َمن شاهد فً إخالصه‬
‫صه إلى إخالص‪.‬‬
‫فمد احتاج إخال ُ‬
‫‪3-‬تخلٌص الملب عن شاببة الشوب المكدر لصفابه الفطري؛ كموله – تعالى‬
‫‪ِ ﴿-:‬م ْن بَ ٌْ ِن فَ ْرث َو َدم لَبَنا خَا ِلصا ﴾ [النحل‪].66 :‬‬

‫أقوال فً اإلخالص‪:‬‬
‫للا ُم ْخ ِلصا َلهُ ال ّدٌِنَ ﴾ [الزمر‪،]44 :‬‬ ‫لال تعالى ‪ ﴿:‬لُ ْل إِنًِّ أ ُ ِم ْرتُ أَ ْن أَ ْعبُ َد َّ َ‬
‫للا أَ ْعبُ ُد ُم ْخ ِلصا لَهُ دٌِ ِنً ﴾ [الزمر‪ ،]41 :‬ولال ‪-‬‬ ‫ولال ‪ -‬سبحانه ‪ ﴿ -:‬لُ ِل َّ َ‬
‫صٌنَ لَهُ ال ّدٌِنَ َولَ ْو َك ِرهَ ْال َكافِ ُرونَ ﴾ [ؼافر‪].41 :‬‬ ‫للا ُم ْخ ِل ِ‬
‫عوا َّ َ‬‫تعالى ‪ ﴿ -:‬فَا ْد ُ‬
‫ولال رسول هللا ‪ -‬ملسو هيلع هللا ىلص ‪(( :-‬إنما األعمال بالنٌات‪ ،‬وإنما لكل امرئ ما نوى‪،‬‬
‫فمن كانت هجرته إلى هللا ورسوله‪ ،‬فهجرته إلى هللا ورسوله‪ ،‬ومن كانت‬
‫هجرته إلى دنٌا ٌصٌبها‪ ،‬أو إلى امرأة ٌنكحها‪ ،‬فهجرته إلى ما هاجر‬
‫إلٌه ‪))[1].‬‬
‫ْ‬
‫ظهرت ٌنابٌع الحكمة من‬ ‫ولال مكحول‪" :‬ما أخلص عبد لط أربعٌن ٌوما إال‬
‫للبه ولسانه‪".‬‬
‫ت َو ْال َح ٌَاةَ‬
‫ولال الفضٌل بن عٌاض فً لوله ‪ -‬تعالى ‪ ﴿ -:‬الَّذِي َخلَكَ ْال َم ْو َ‬
‫ع َمال ﴾ [الملن‪" :]2 :‬العمل الحسن هو أخلصه‬ ‫ِل ٌَ ْبلُ َو ُك ْم أٌَُّ ُك ْم أَ ْح َ‬
‫س ُن َ‬
‫وأصوبه"‪ ،‬لالوا‪ٌ :‬ا أبا علً‪ ،‬ما أخلصه وأصوبه؟ لال‪" :‬إن العمل إذا كان‬
‫خالصا ولم ٌكن صوابا‪ ،‬لم ٌُمبَل‪ ،‬وإذا كان صوابا ولم ٌكن خالصا‪ ،‬لم ٌمبل‪،‬‬
‫حتى ٌكون خالصا صوابا‪ ،‬والخالص‪ :‬ما كان هلل‪ ،‬والصواب‪ :‬ما كان على‬
‫السنة‪".‬‬
‫ولال الجنٌد‪" :‬اإلخالص سر بٌن هللا وبٌن العبد‪ ،‬ال ٌعلمه ملن فٌكتبه‪ ،‬وال‬
‫شٌطان فٌفسده‪ ،‬وال هوى فٌمٌله‪".‬‬
‫ولال ابن المٌم‪" :‬العمل بؽٌر إخالص وال التداء‪ ،‬كالمسافر ٌمأل جرابه رمال‬
‫ٌنمله وال ٌنفعه‪".‬‬

‫حقٌقة اإلخالص‪ :‬التبرؤ من كل ما دون هللا ‪ -‬تعالى ‪ -‬فٌَُنظر إلٌه من‬


‫زاوٌتٌن‪:‬‬
‫األولى ‪:‬من جانب العمل‪ ،‬بحٌث ٌكون نمًٌّا من الشرن والرٌاء والسمعة‪،‬‬
‫التمرب إلى هللا ‪ -‬تعالى ‪-‬‬
‫ُّ‬ ‫والؽش واالحتٌال والكذب‪ ،‬ونحوها‪ ،‬وكان باعثه‬
‫ولم ٌلتفت إلى حظوظ الدنٌا‪ ،‬ولم ٌنؽمس فً شهواته؛ ولذلن كان اإلخالص‬
‫س ِلم له من عمره لحظة خالصة لوجه هللا‪،‬‬ ‫صعبا وعزٌزا‪ ،‬حتى لٌل‪َ " :‬من َ‬
‫نجا‪ ،‬والخالص هو الذي ال باعث له إال طلب المرب من هللا تعالى‪".‬‬
‫لال شٌخ اإلسالم ابن تٌمٌة‪" :‬إخالص ال ّدٌِن هلل هو الدٌن الذي ال ٌمبل هللا‬
‫سواه‪ ،‬وهو الذي بعث به األولٌن واآلخرٌن من الرسل‪ ،‬وأنزل به جمٌع‬
‫الكتب‪ ،‬واتَّفك علٌه أبمة أهل اإلٌمان‪ ،‬وهذا هو خالصة الدعوة النبوٌة‪ ،‬وهو‬
‫لطب المرآن الذي تدور علٌه رحاه‪".‬‬

‫الثانٌة ‪:‬من جانب معناه وشروطه‪ ،‬باعتباره مولفا ٌلتزم به اإلنسان فً‬
‫حٌاته‪ ،‬فٌنمسم اإلخالص هنا إلى‪:‬‬
‫‪1-‬إخالص األلوال ‪. 2-‬إخالص األفعال ‪. 3-‬إخالص العبادات ‪. 4-‬إخالص‬
‫الخواطر‪.‬‬

‫مستلزمات موقف اإلخالص‪:‬‬


‫‪1-‬االستمرار ‪:‬بحٌث ال ٌتبعثر‪ ،‬أو ٌتفكن‪ ،‬أو ٌتولَّؾ‪ ،‬فال زمان ٌربطه‪ ،‬وال‬
‫مولؾ ٌثنٌه وٌثبطه عن مسٌره‪.‬‬
‫‪2-‬التكامل ‪:‬بٌن النٌِّة والفعل؛ إذ هو بمجموعه مخلصا فً أهداؾ وجوده فً‬
‫الحٌاة‪ ،‬وٌتدرج فً مدارج الكمال‪.‬‬
‫‪3-‬العلم ‪:‬جهل اإلنسان بحمٌمة وجوده ال ٌمكن أن ٌبنً إخالصا فً الملب‪،‬‬
‫فال بد من العلم؛ لٌموى الوعً واإلدران‪.‬‬
‫‪4-‬التدرج ‪:‬لد ٌتعثر المخلص‪ ،‬ولكنه ٌنهض‪ ،‬وهكذا مرارا وتكرارا‪ ،‬وكل‬
‫ذلن فً تدرج نحو بلوغ الدرجة الكاملة فً اإلخالص‪.‬‬
‫‪5-‬األمانة ‪:‬من خالل رعاٌة حك هللا ‪ -‬تعالى ‪ -‬وأداء الفرابض والواجبات‪،‬‬
‫وتأدٌة الحموق‪ ،‬والبعد عن الخٌانة وحظوظ النفس التً تفسد اإلخالص‪.‬‬

‫مراتب الوصول إلى اإلخالص‪:‬‬


‫األولى ‪:‬طرح العمل وعدم رؤٌته‪ ،‬فضال عن طرح طلب العوض عنه‪.‬‬
‫الثانٌة ‪:‬الخجل من العمل‪ ،‬مع بذل الوسع والؽاٌة فٌه إلتمانه واإلتٌان به‬
‫حسب مراد الشرع‪.‬‬
‫وتكرم ومنَّة من هللا‬
‫ُّ‬ ‫الثالثة ‪:‬رؤٌة التوفٌك فً العمل ال ُم ْخلَص‪ ،‬على أنه جود‬
‫‪ -‬تعالى‪.‬‬
‫الرابعة ‪:‬اإلخالص بالخالص منه‪ ،‬وجعله خالصا لوجه هللا ‪ -‬تعالى‪.‬‬

‫اآلفات المكدرة لإلخالص‪:‬‬


‫سن صالتن؛‬‫المصلًّ فٌمول له‪" :‬ح ِ ّ‬
‫ِ‬ ‫‪1-‬الرٌاء الظاهر ‪:‬فٌأتً الشٌطان إلى‬
‫حتى ٌنظر إلٌن هذا الحاضر بعٌن الولار والصالح‪ ،‬وال ٌزدرٌن أو‬
‫ٌؽتابن"‪ ،‬فتخشع جوارحه‪ ،‬وتسكن أطرافه‪ ،‬وتحسن صالته‪.‬‬
‫‪2-‬دلٌك الرٌاء ‪:‬وهنا ٌأتٌه الشٌطان فٌمول له‪ :‬أنت متبوع‪ ،‬وممتدى بن‪،‬‬
‫سى بن ؼٌرن‪ ،‬فٌكون لن ثواب‬ ‫ومنظور إلٌن‪ ،‬وما تفعله ٌؤثر عنن‪ ،‬وٌتأ َّ‬
‫أعمالهم إن أحسنت‪ ،‬وعلٌن الوزر إن أسأت‪ ،‬فأحسن عملن بٌن ٌدٌه‪ ،‬فعساه‬
‫ٌمتدي بن فً الخشوع وتحسٌن العبادة‪.‬‬

‫‪3-‬أدق الرٌاء ‪:‬مع تنبهه لما سبك‪ ،‬وعلمه أن اإلخالص فً أن تكون صالته‬
‫فً الخلوة مثل صالته فً المأل‪ ،‬وٌستحًٌ من نفسه ومن ربه أن ٌتخشع‬
‫لمشاهدة خلمه تخشعا زابدا على عادته‪ ،‬فٌُمبِل على نفسه فً الخلوة‪ ،‬وٌحاول‬
‫تحسٌن صالته على الوجه الذي ٌرتضٌه فً المأل‪ ،‬وٌصلً فً المأل أٌضا‬
‫كذلن‪ ،‬فكأن نفس هذا لٌست تسمح بإساءة الصالة بٌن أظهر الناس‪ ،‬ثم‬
‫ٌستحًٌ من نفسه أن ٌكون فً صورة المرابٌن‪ ،‬وٌظن أن ذلن ٌزول بأن‬
‫تستوي صالته فً الخال والمأل‪ ،‬وهٌهات!‬
‫والعالج‪ :‬أن ٌعلم أن اإلخالص أن تكون مشاهدة البهابم لصالته ومشاهدة‬
‫الخلك على وتٌرة واحدة‪ ،‬وذلن بأالَّ ٌنشؽل أو ٌلتفت إلى الخلك‪ ،‬كما ال‬
‫ٌلتفت إلى الجمادات‪ ،‬فً الخال والمأل جمٌعا‪.‬‬
‫منافع اإلخالص‪:‬‬
‫‪1-‬األساس فً لبول األعمال واأللوال والدعوات‪.‬‬
‫‪2-‬رفعة المنزلة والدرجات فً الدنٌا واآلخرة‪.‬‬
‫‪ٌ3-‬حمك للعبد الطمأنٌنة واألمن والهداٌة‪ ،‬ولوة العزٌمة فً مواجهة‬
‫الشدابد‪ ،‬والنجاة من الفتن‪.‬‬
‫‪4-‬طرد الهموم والوساوس‪ ،‬وجلب االنشراح للصدر‪ ،‬والسعادة الملبٌة‪.‬‬
‫‪ٌ5-‬موي العاللات االجتماعٌة‪ ،‬وٌجلب النصر لألمة‪.‬‬
‫وؼٌرها من المنافع‪.‬‬
‫مراجع‪:‬‬
‫‪1-‬التحفة العرالٌة‪ ،‬البن تٌمٌة (‪).58‬‬
‫‪2-‬مدارج السالكٌن‪ ،‬البن المٌم‪ ،‬م ‪.2‬‬
‫‪3-‬إحٌاء علوم الدٌن‪ ،‬لإلمام الؽزالً‪ ،‬م ‪.1‬‬
‫‪4-‬مجلة البٌان‪ ،‬العدد‪ ،484‬ص‪.24‬‬
‫‪5-‬سلسلة أعمال الملوب‪ ،‬للمنجد‪.‬‬
‫‪6-‬لسان العرب‪ ،‬البن منظور‪.26/7 ،‬‬
‫‪7-‬التعرٌفات‪ ،‬للجرجانً‪.41 ،‬‬
‫]‪ [1‬البخاري ‪ ،)4( 2/4‬ومسلم ‪).1962( 18/6‬‬

‫رابط‬
‫الموضوع‬
‫‪: http://www.alukah.net/sharia/0/5774/#ixzz5ENoiEiKe‬‬

You might also like