Professional Documents
Culture Documents
الدكتور وحيد انعاما غلما
الملخص
ومعطيات, تتمتعان بخصائص جيوستراتيجية مهمة,تركيا وروسيا قوتين أوروآسيويتين متجاورتين
الموقع الجغرافي الستراتيجي الذي:مشتركة مؤثرة على توجهات السياسة الخارجية لكلتا الدولتين منها
والرث التاريخي النابع من تجربتهم، والمصالح المشتركة،(أوراسيا-يربط قارات العالم القديمة)أفرو
. أدى ذلك الى خلق تنافس جيوبوليتيكي بين القوتين خللا العقود الماضية،السابقة كإمبراطوريات
والشرق،وعلى الرغم وجود عدد من الخلفات الرئيسية بين الدولتين في اقليم القوقاز والبحر السود
والنابعة من مصالح أو تحالفات أو مواقف الطرفين من القضايا،(2011 الوسط )الزمة السورية عام
إل أن العلقات الروسية التركية تحت قيادة بوتين وأردوغان قد شهدتا حقبة،التي تمس الطرف الخر
وبدأ البعد، وتطلعهم لداء دور أكبر في النظام العالمي الجديد،ذهبية من التطور بين أنقرة وموسكو
يلعب دو ار مهما في التأسيس لعلقات استراتيجية تقود- وتحديدا في مجالا الطاقة- القتصادي
.لتقارب سياسي بين الطرفين
Abstract
Turkey and Russia are closely related geostrategic powers with important
geostrategic characteristics and common data influencing the foreign policy
orientations of both countries: the strategic geographical location linking the
ancient world continents (Afro-Eurasia), the common interests, and the
historical legacy of their past experience as empires, Has created a geopolitical
rivalry between the two powers over the past decades.
Although there are a number of major differences between the two countries
in the Caucasus and Black Sea, and the Middle East (the Syrian crisis in 2011),
stemming from the interests or alliances or positions of the two sides of issues
affecting the other party, but the Russian-Turkish relations under the leadership
of Putin and Erdogan have witnessed an era Golden development of Ankara
and Moscow, and their aspiration to play a bigger role in the new world order.
The economic dimension - particularly in the energy field - is playing an
important role in establishing strategic relations leading to political
rapprochement between the two parties.
المقدمة
59 العدد
43
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
من يق أر تاريخ العلقات التركية الروسية ل يجد صورة إيجابية ،ول بصيص أملا على ان هذه العلقة
) – 1500الى لها مستقبلا مشرق ،حيث أتسمت العلقات التركية -الروسية طوالا الفترة
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
نهاية 1800م( ،بالتوتر والصراع القليمي والدولي على النفوذ في أغلب الحيان ،شهدت ) (17حرب ا
بين المبراطورية العثمانية والروسية ،انتصرت الخيرة في اغلبها خللا ) (300سنة.
وهناك الكثير من الحداث التاريخية التي ولدت انطباعات حادة ودائمة لدى الوعي الوطني لكل
الطرفين،منها:الدور المحوري الذي لعبته روسيا في تفكيك الدولة العثمانية في البلقان.والثاني،يتعلق
بالتصورات الروسية حولا علقة تركيا مع المواطنين من أصولا تركية داخلا المبراطورية الروسية.
وطموح الخيرة للسيطرة على المضايق التركية ،وانضمام تركيا الى حلف الناتو عام .1952ومن ثم
دخولا الدولتين في مرحلة عداء خللا فترة الحرب الباردة.
ادى انهيار التحاد السوفيتي عام ،1991الى إعادة التنافس بين روسيا وتركيا من جديد في العديد
من المناطق الستراتيجية ،مثلا البلقان والقوقاز واسيا الوسطى ،مع ذلك ،وفي بداية القرن الحادي
والعشرين شهدت العلقات بين الطرفين تقاربا تاريخياا ،لعب البعد القتصادي دو ار حيوياا ،في تخفيف حدة
التوترات فيما بينهم ،من خللا التعاون الثنائي في مجالا الطاقة وتكنولوجيا الفضاء والتبادلت التجارية.
ورغم التحولت الجيوسياسية للربيع العربي عام ،2011والتنافس الروسي التركي في الزمة السورية،
لعادة مكانتهم ونفوذهم في الشرق الوسط ،ظلا التعاون المشترك بين الدولتين حاض ارا ،وساهمت الى حد
كبير في تخفيف حدة التوتر السياسي ،حيث المصالح المشتركة لموسكو وأنقرة في المنطقة ،تتطلب
تفاهمات سياسية حولا العديد من الملفات القليمية.
لً:ا مشكلة البحث :ماهي الدوافع وراء التنافس التركي -الروسي في الشرق الوسط؟ .وما مدى
أو ل
تاثير التحولت الجيوبوليتيكية التي تعصف بالمنطقة على طبيعة العلقات بين موسكو وانقرة.
ثانيلاً:ا فرضية البحثً:ا تلعب المعطيات والتحولت الجيوبوليتيكية التي تعصف بالشرق الوسط
دو ار كبي ار في خلق بيئة تنافسية بين روسيا وتركيا ،في المناطق التي تلتقي بها المصالح الستراتيجية
للدولتين.
ثالثلاً:ا اهمية البحث :تتمثلا في معرفة مدى قوة او ضعف العلقة الجيوستراتيجية بين تركيا
وروسيا ،ومن ثم مدى افادة الطرفين من هذه العلقة في تحقيق أهدافها القتصادية والجيوبوليتيكية في
جوارها القليمي والدولي ،وعلى طبيعة العلقة بين الدولتين في الشرق الوسط.
العدد 59
المبحث الول
44
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
ان الوزن الجيوستراتيجي لمنطقة الشرق الوسط فرضت على صناع القرار في موسكو ان يضعوا
هذه المنطقة الحيوية في سلم اولوياتهم الستراتيجية ،ليس بسبب مساحتها أو حجم سكانها او وفرة خيراتها
فحسب ،بلا لن اي نظام عالمي ل يتشكلا بعيدا عنها ،لما تمثله من قلب للعالم ،اذ يعد مفتاح التوازنات
القتصادية والسياسية والستراتيجية في العالم ،لذلك ترى روسيا ان امكاناتها وثقلها السياسي تمكنها من
اداء دور كبير في النظام العالمي الجديد ،انطلق ا من جوارها القليمي في الشرق الوسط.
هكذا ،فخللا فترة حكم فلديمير بوتين ،استعادة روسيا جزءا كبي ار من مكانتها في الخريطة السياسية
العالمية ،من خللا تعزيز دورها في معالجة القضايا القليمية والدولية ،خصوصا في منطقة الشرق
الوسط .وقد دفع هذا الصعود الروسي الخبير في الستراتيجية الدولية " ديمتري ترينين" الى رؤية
المستقبلا الجيوبوليتيكي في ظلا تراجع النفوذ المريكي والتقدم الروسي (1).على الرغم من المصالح
الرئيسة لموسكو ل تزالا تقع في الغالب نحو الغرب ،وبعدها الجغرافي الواضح ،تبقى منطقة الشرق
الوسط جزءا هاما من الستراتيجية الروسية ،وذلك لعتبارات عدة:
.1الدافع الرئيس لسياسة موسكو في الشرق الوسط هو جيوسياسية ،ذلك لرساء مكانة روسيا
)(2
ودورها كقوة عظمى خارج مجالها الحيوي .ولعب دور القطب المنافس للوليات المتحدة.
.2حلا النزاعات القليمية والحرب على الرهاب والتطرف الديني ،تشكلا أغلب اهتمامات موسكو
في الشرق الوسط في اطار اللجنة الرباعية الدولية ،ويعد هذا مثالا جيدا للتعاون الروسي مع
)(3
القوى الدولية الفاعلة في الشرق الوسط)الوليات المتحدة والتحاد الوربي والصين(.
.3أكثر من ) (%50من تجارة روسيا الخارجية تمر عبر البحر المتوسط والسود ،لذا تعد أمن هذه
)(4
الحواض المائية من أهم الركائز الستراتيجية في سياستها الخارجية.
.4المنطقة ذات أهمية لروسيا باعتبارها واحدة من الموردين الرئيسيين لموارد الطاقة للسواق
العالمية)تتنافس روسيا مع السعودية في صدارة انتاج النفط ،في حين تتنافس ايران وقطر كمنتج
ل عن مكانة روسيا في سوق السلح.
رئيسي للغاز الطبيعي( .فض ا
.5يمثلا الشرق الوسط قلب العالم السلمي ،وأي صراعات في هذه المنطقة ،يؤثرسلبا بمشاعر
مسلمي العالم ،ومنها روسيا التي تضم داخلا حدودها حوالي) 20مليون( مسلم .وغالب ا ما ينظر
كلا تلك عواملا أعادت روسيا من جديد )(5
الى هذا التأثير على انه تهديد للمن القومي الروسي.
الى الشرق الوسط ،وبقوة.
العدد 59
45
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
يعد الشرق الوسط احدى اهم المحاور الجيوبوليتيكية كحسب المنظور التركي ،فموقع تركيا في
الجزء الشمالي الشرقي من الشرق الوسط ،يشكلا مجالا اقتصاديا مهما وتهديدا امنيا خطي ار في الوقت
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
نفسه ،هو مصدر تهديد أمني للستقرار الداخلي بسبب تداعيات القضية الكوردية وبروز الجماعات
الراديكالية ،والصراعات القليمية ،وهو مجالا اقتصادي حيوي لتركيا ،حيث تتركز فيه موارد الطاقة
بمعنى ان لدى صناع القرار السياسي )(6
واسواق التجارة ورؤوس الموالا ،وكذلك لجهة زعامة القليم،
التركي طموح جيوسياسي كبير يمتد خارج حدود تركيا.
خللا الفترة ) (2014-2002من حكم العدالة والتنمية في تركيا ،شهدت سياسته الخارجية تحولا
جذرياا ،بعيدا عن تركيزها الغربي التقليدي نحو زيادة مشاركتها وتحسين علقاتها مع جوارها الجغرافي في
الشرق الوسط .فقد جاءت حكومة اردوغان عام ،2002برؤية استراتيجية جديدة حولا مكانة تركيا
وموقعها ودورها في الساحتين القليمية والدولية .وفي هذا الصدد ،يرى أحمد أوغلو ،أن مفهوم "المشاكل
الصفرية" و" العمق الستراتيجي" في نظريته ،تتعيد تركيا من محيط العلقات الدولية الى المركز كفاعلا
رئيس يجلس على تقاطع اقاليم متعددة ،بعد أن خرجت تركيا من ظللا النعزالية قبلا الحرب العالمية
الثانية والتبعية للغرب خللا الحرب الباردة ،لذا يجب على تركيا ان تلعب دو ار أكبر في منطقتها،
خصوصا الشرق الوسط ،بوصفها لعب ا أقليمياا ،يتبنى سياسة خارجية جديدة ونشطة ،يهدف الى تعزيز
العلقات الثنائية والتعاون القليمي في جوارها الجغرافي.
الهدف الرئيس من هذه الرؤية هو تحقيق استراتيجية تركيا الكبرى ،Grand Strategyبالتحولا الى
قوة دولية مؤثرة بحلولا )2023الذكرى المئوية لستقللا تركيا( ،وفاعلا رئيس ومؤثر في خريطة الشرق
الوسط ،التي قد يتزعمها من جديد ،ذلك حسب توقع الباحث الستراتيجي المريكي "جورج فريدمان" في
كتابه "المئة عام المقبلا :توققع للقرن الواحد والعشرين".
)(7
على الرغم من النجاح المبدئي ،ال ان نهج السياسة الخارجية التركية والمتمثلا بتصفير النزاعات ،قد
في سوريا ،مع اندلع الثورات العربية عام .2011 أثبت فشله مع أرمينيا والعراق وايران ،خصوصا
عهد اردوغان وبوتين. .3التنافس الجيوبوليتيكي في
)(8
الباردة ،لم تعد تركيا وروسيا تشتركان في الحدود، للمرة الولى منذ قرون ،ومنذ نهاية الحرب
ومع ذلك ،وبما ان مناطق النفوذ التركي والروسي "في الخارج" يتداخلن في الشرق الوسط والقوقاز
وآسيا الوسطى ،قد تكون هناك درجة المنافسة الجيوسياسية حتمية.
هكذا ،تزامن استراتيجية الرئيس الروسي فلديمير بوتين منذ عام ،2000لستعادة روسيا قوتها
القتصادية ،ومكانتها "كقوة عالمية" على الساحة الدولية ،مع استراتيجية حزب العدالة والتنمية عام
العدد 59
46
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
حجم سكانها ،وأقتصاديا %45من انتاجه) .(9وأستاثرت روسيا بما نسبته %90من القوى الستراتيجية
واستطاعت المحافظة على نفوذها في مجالها الحيوي الجنوبي، النووية ،وعلى 12000رأس نووي.
)(10
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
وعلى مكانتها الستراتيجية ،وتأثيرها على أجزاء مهمة من الشرق الوسط واسيا الوسطى والقوقاز ،كما
احتفظت بمكانة جيوبوليتيكية مهمة في الخريطة العالمية ،كلا ذلك بفضلا ترسانتها النووية ،ومقعدها الدائم
وخللا المدة من ،2008 – 2000استطاع الرئيس الروسي بوتين ،من )(11
في مجلس المن الدولي.
فقد شكلا )(12
انتشالا البلد من آثار ما بعد المرحلة السوفيتية ،واستعادة مكانتها في الساحة الدولية،
وصولا بوتين الى الحكم بمثابة نقطة تحولا في السياسة الروسية تجاه منطقة الشرق الوسط ،وبالخص
في الفترة الثانية التي بدأت عام ،2004ونتيجة لهمية المنطقة بالنسبة لروسيا ،قام الرئيس بوتين بعدة
زيارات للمنطقة ،الولى في عام ،2005شملت مصر واسرائيلا والراضي الفلسطينية ،والثانية زيارة
المملكة السعودية في 11شباط عام ،2007كانت الولى من نوعها لزعيم روسي،كما زار بوتين حلفاء
وتأتي هذه الزيارات لمواصلة تعزيز مكانة روسيا في )(13
الوليات المتحدة في المنطقة ،الردن وقطر.
الشرق الوسط ،ومزاحمة النفوذ المريكي في المنطقة .وكذلك ،من رؤية بوتين لمنظومة العلقات الدولية
التي قامت بعد أنهيار الكتلة السوفيتية ،اذ رفض وبشدة سياسة "الحادية القطبية" والتفرد بالقرار الدولي
التي تتبناها الوليات المتحدة المريكية .فقد صرح الرئيس بوتين امام مؤتمر المن الدولي في ميونيخ
ل " ان ايجاد حلولا للمشكلت العالمية بصورة أحادية الجانب تسببت بمآس وكوارث
عام ،2007قائ ا
)(14
انسانية كثيرة".
أما تركيا ،فتشترك مع روسيا في طموحاتها الجيوبوليتيكية الى احياء مكانتها ودورها في الساحة
الدولية ،يليق بعمقها الجغرافي ،وارثها التاريخي ،فهي ترى انها تتمتع بوضعية جغرافية )مركزية( متميزة،
وفي هذا الصدد يقولا احمد داود أوغلو مهندس السياسة الخارجية التركية " ان موقع تركيا المركزي في
القارة الفرواسيوية ،ل تسمح لتركيا اتباع سياسة خارجية احادية الجانب ،بسبب وضعها الجيوسياسي على
مفترق طرق أقليمية مهمة ،التي ل تقبلا أن تضلا منحصرة في منطقة محددة ،بلا لديها المكانات على
النفوذ الى مناطق أخرى متعددة في آنن واحد" .بمعنى أن على تركيا تنويع سياساتها الخارجية وتعميق
العلقات مع جميع الدولا ،المر الذي سيقللا بدوره من تعرض أنقرة لهيمنة قوة دولة كبرى.
أول -محفزات التنافس القاليمي بين روسايا وتركيا
يتركز التنافس القليمي بين روسيا وتركيا على أبعاد عدة – جيوسياسية وجيواقتصادية -تعقد بالنسبة
الى إحداهما عواملا قوة وتعزيز نفوذ ومكانة ،بينما تعقد للخرى عواملا ضعف وتهديد للمصالح
الستراتيجية .حيث الفضاء الجيوسياسي لمنطقة الشرق الوسط الذي يشهد تحولت وتفاعلت ديناميكية،
العدد 59
47
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
أ -روسيا ترى ،ان تراجع تركيا عن منهج "تصفير المشكلت" مع الجوار في اعقاب الربيع العربي ،قد
يضر بمصالحها القتصادية ،من خللا دعم أنقرة لتغيير النظمة في المنطقة ،والتي تعتبرها موسكو
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
حليفة لها .وهذا سينعكس سلبا على المصالح الروسية ليس في الشرق الوسط فحسب ،وأنما في القوقاز
وآسيا الوسطى ايضاا.
ب -تثير علقات تركيا مع أطراف ثالثة في المنطقة ،مخاوف روسيا تجاه القضايا التي تمس
استراتيجيها ،ومثالا ذلك ،التعاون التركي القطري لدعم المعارضة السورية ،التي تتقاطع مع المواقف
الروسية تجاه الزمة السورية.
ج -بحكم دعمها للجماعات المعارضة ،وتبنيها اسقاط نظام بشار السد ،وقربها الجغرافي وعلقاتها
التاريخية مع سوريا ،فإن لتركيا دور كبير وفعالا في رسم مستقبلا سوريا ما بعد السد ،وهذا يعني تعرض
المصالح الجيوسياسية الروسية في الشرق الوسط للخطر.
د -على نقيض روسيا ،تتم قراءة دور تركيا بأثر أكثر دينامية من طرف النخب في الشرق الوسط
وشمالا افريقيا بخصوص "نموذجها السياسي في الديمقراطية والسلم" ،أي المزج بين التقاليد المحافظة
وأسلوب الحياة الغربية.
بمعنى آخر ،تركيا ومن خللا قوتها الناعمة تستطيع تهديد المصالح الستراتيجية لروسيا في
المنطقة ،في حالا لم تتمكن الخيرة من الحفاظ على مصالحها الثابتة في سوريا لما بعد السد.
وفي هذا السياق ،يرى "كريما مصلوح" في كتابه "التعاون والتنافس في المتوسط" ،أن روسيا تعاني من
مشكلة جيوسياسية في المتوسط ،وهي أنها ل تشكلا نموذجا يحتذى بها ،ول تتقاسم عناصر ثقافية أو
وهذا يؤثر سلب ا على سعي روسيا الحثيث )(16
مجالت جغرافية في الساحة المتوسطية ،على غرار تركيا".
للحضور بقوة في أسواق الطاقة وبيع السلح في المنطقة.
في المقابلا ،تمتلك روسيا عناصر قوة ،تستطيع من خللها التأثير على المصالح الستراتيجية
لتركيا ،واضعاف مكانتها وقوتها الصاعدة في المنطقة ،ومنها:
أ -تنظر تركيا الى روسيا كموررد مهم للغاز الطبيعي لها)تستورد ثلتي احتياجاتها من روسيا( ،وهذا يشكلا
)(17
ورقة ضغط تجاه السياسات التركية المتعلقة بمصالح ونفوذ روسيا في المنطقة.
ب -الحضور القوي لروسيا في منطقة اسيا الوسطى والقوقاز -ترتبط "بالمجالا الروسي" اقتصادي ا وثقافي ا
واستراتيجياا -يؤهلها لممارسة ضغط ا جيوسياسيا على أنقرة ،وبالتالي الحد من طموحاتها السياسية في هذه
)(18
المنطقة الحيوية.
ج -تطابق المصالح والمواقف الروسية واليرانية حولا العديد من القضايا القليمية الساخنة ،يضعف
العدد 59
)(19
الدور القليمي لتركيا ،كما هو الحالا في الزمة السورية ،وكذلك في العراق.
د -روسيا تشكلا أكبر قوة تعترض تركيا في الساحة الممتدة من شمالا القوقاز وشمالا البحر السود الى
البلقان والشرق الوسط.
48
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
هكذا ،فأن التحولت الجيوسياسية التي شهدتها الجوار الجغرافي ،فضلا عن التطلعات التركية
والروسية في منطقة الشرق الوسط ،أعادت قضية التنافس بين الدولتين :النتفاضات العربية ،الحرب
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
الهلية في سوريا ،اسقاط الطائرة الحربية الروسية ،كلها معطيات تتنذر بمخاطر أستراتيجية.
النتفاضات العربية
التحولت الجيوسياسية التي شهدتها جغرافية الشرق الوسط عام ،2011والتي اشتهرت باسم "الربيع
العربي" ،لم تمس العالم العربي من الداخلا فحسب ،بلا مست ايضا السلوك السياسي للفاعلين الرئيسيين،
بما في ذلك روسيا وتركيا ،اذ عملت الخيرة على استيعاب هذا التحولا ومساندته وجعله بوابة نحو تعاون
جديد ،كما أحست أنقرة بأن تحولا ديمقراطيا في الشرق الوسط سيفقدها ميزة النموذج في الشرق الوسط
السلطوي.
هكذا ،أنتقدت موسكو طبيعة "الصحوة العربية" منذ بدايتها .وأعتبرت في البداية ،أن الثورات العربية
مؤامرة من الدولا الغربية ضد المصالح الروسية في المنطقة .بينما شكلا الربيع العربي أختبا ار أو تحدي ا
)(20
فمن )(21
كبي ار للسياسة الخارجية التركية ،القائمة على استراتيجية "صفر المشكلت" مع جوارها الجغرافي.
حيث المبدأ ،رحب صناع القرار السياسي التركي بالتحدي ضد النظمة الشمولية .مع ذلك ،ظهرت
مقايضات في الممارسة العملية ،بين الحاجة الى تحقيق الستقرار على المدى القصير ،حيث المصالح
القتصادية التي أقامتها تركيا مع هذه الدولا -خللا الفترة بين 2011 – 2010تراجع أجمالي صادرات
تركيا الى دولا الربيع العربي بنسبة -%13مقابلا الحاجة للدفاع عن هذه الديمقراطية وتغيير النظمة،
مما يهدد تلك المصالح القتصادية على المدى البعيد.
إذ سعت تركيا الى اداء دور قيادي في المنطقة ،لنها كانت على علقات وثيقة مع الغرب،
وبالتالي تحاولا استغللا امكانات الربيع العربي، )(22
وتربطها علقات اقتصادية وتجارية مع دولا المنطقة،
من خللا قوتها الناعمة ،وتعزيز العلقات مع الحكومات العربية الجديدة لضمان مصالحها القاتصادية في
المنطقة.
بينما سعى الروس الى استغللا امكانيات الربيع العربي لتعزيز دورها القليمي من خللا تقييد النفوذ
المريكي .مثالا ذلك ،يرجع معارضة الروس للوليات المتحدة فيما يخص الزمة السورية ،الى قلق
موسكو ازاء اسغللا واشنطن لديناميات العالم العربي في تغيير انظمة الدولا الصديقة لروسيا واضعاف
حلفائها الستراتيجيين مثلا سوريا وايران ،الذين يمكن ان يشكلوا تحديات أيديولوجية وجيوبوليتيكية في
لذا يمكن القولا ،أن الربيع العربي كشف طبيعة النقسامات التاريخية )(23
نهاية المطاف الى روسيا نفسها.
بين روسيا وتركيا -بخصوص توسيع مناطق نفوذهم في الجوار الجغرافي ،والتأثير في منطقة الشرق
الوسط -الذي ظهر مجدداا.
العدد 59
49
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
نفوذها بعد الربيع العربي ،ومدى خطورة انخراط كلا طرف في الشؤون القليمية على المصالح
الستراتيجية للطرف الخر.
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
من المنظور الروسي ،تعد الحرب على الرهاب من أهم محددات استراتيجية موسكو الخارجية في
الشرق الوسط ،فمع وصولا الرئيس بوتين الى الحكم ،سعى الكرملين الى تعميق الروابط مع العالم
مع ذلك، )(24
السلمي ،حيث حصلت عام ،2005على صفة مراقب في منظمة التعاون السلمي.
روسيا تتخوف من صعود السلم السياسي في العديد من الدولا العربية ،وتتخذ موقفا سلبيا من الحركات
السلمية المتطرفة في الشرق الوسط ،وذلك لعتبارات عدة:
-1تخوفها من صعود تيار السلم السياسي ووصوله الى الحكم في بعض الدولا العربية ،وانعكاس ذلك
القوقاز ).(25 على الداخلا الروسي الذي يعاني من صراع عرقي منذ التسعينات في شمالا
-2تعزيز الدور التركي في المنطقة من خللا "نموذجه" الذي يروج له في العالم السلمي) ،(26والذي قد
يتم محاكاته في الجوار الجغرافي لروسيا ،اي في آسيا الوسطى والقوقاز ،يشكلا تهديدا أمنيا واستراتيجيا
خطي ار للمجالا الحيوي الروسي.
-3كحسب مؤشر الرهاب العالمي ،GTIالذي يبين مدى تأثير ظاهرة الرهاب على دولا العالم ،أحتلت
روسيا المرتبة ) (11عالمياا ،والولى أوربياا ،وان أكثر من) (800متطرف روسي بين مقاتلي داعش)،(27
وهذا يشكلا تحدي ا أمني ا واستراتيجي ا خطي ار متنامي ا لروسيا.
أما تركيا ،فلها موقف مختلف تماما عن السلم السياسي ،فعلى عكس روسيا ،دافعت تركيا عن
عودة السلم كقوة شرعية في الربيع العربي ،ودعمت التحالف السني في المنطقة ،كما تختلف الرؤية
الروسية عن نظيرتها التركية حولا ايران والسلم الشيعي ،ففي الوقت الذي تحاولا فيها روسيا الحد من
نفوذ السلم المتطرف ،تسعى للتعاون مع الدولا السلمية المتنافسة الخرى ،مثلا ايران ) ،(28بينما تحاولا
تركيا تحديد النشاط السياسي اليراني بطابعه الشيعي بالقدر الذي ل يؤثر على استراتيجية أنقرة في
المنطقة العربية ،بمعنى سعي كل من تركيا وروسيا الى تشكيلا تحالفين متنافسين ،وضم أكبر عدد من
دولا المنطقة الى معسكرهما.
وفي هذا السياق ،تركيا تتشارك القلق مع روسيا في تنامي ظاهرة الرهاب العالمي ،مثلا تنظيم
القاعدة وداعش في الشرق الوسط ،والتي تشكلا تهديدا لمنها الداخلي ومصالحها الستراتيجية في
المنطقة ،ولكنها تتقاطع معها في القضية الشيشانية) ،(29التي تغذي التوتر بين الطرفين ،وكذلك في دعم
الجماعات المسلحة المعارضة في سوريا.
ونتيجة لتغييبها عن الزمة الليبية من قبلا التحالف بقيادة الناتو ،حاولت روسيا استثمار الصراع
العدد 59
السوري والعودة بقوة الى المنطقة وعدم السماح بتكرار السيناريو الليبي تحت أي ظرف من الظروف.معنى
ذلك ،تظلا روسيا واحدة من العقبات الرئيسة لطموحات تركيا للتأثير في الشرق الوسط ،ل سيما بعد أن
ألقى الروس وزنهم بشكلا مباشر وراء نظام بشار السد في سوريا.
50
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
جيوبوليتيكي مهم في الساحة القليمية والدولية ،وبالتالي تأثيرها في موازين القوى في المنطقة.
روسيا:
بحسب المنظور الستراتيجي الروسي ،يشكلا الموقع الجيوسياسي لسوريا موطئ القدم الكثر أهمية
في المنطقة بالنسبة للمصالح الروسية ،موقعها على البحر المتوسط يجعلها ذات أهمية كبرى لجهة
المصالح والمكانة الروسية في الشرق الوسط (30).ويتيح منفذا لسطولها البحري في البحر السود قاعدة
سيفاستوبولا الى المياه الدافئة في المتوسط .وسوريا أقرب حليف لموسكو خللا الحكم السوفيتي ،وقامت
)(31
الخيرة بدعم دمشق بالتدريبات والمساعدات العسكرية ،وصلت قيمتها الى 26مليار دولر.
كما شهدت العلقات بين الدولتين دفعة جديدة خللا حكم بوتين والسد ،ففي عام ،2005قامت
موسكو بشطب معظم ديون سوريا) 9,8من أصلا 13,4مليار دولر( ،مقابلا السماح بأنشاء مرافئ بحرية
روسية دائمة في ميناء طرطوس واللذقية السوريتين .ومن بين الزعماء القلئلا في العالم ،دعم السد
التدخلا الروسي في جورجيا في آب /أغسطس ،2008وهذا ينبع من رؤية صناع القرار السوري على
انهم القرب من المصالح الروسية في المنطقة ،نظ ار للمصالح المتبادلة والتحالفات بين الطرفين خللا
ل" :ان سوريا وروسيا الن في موقع
عقود طويلة .وقد عبر عن ذلك الرئيس بشار السد عام ،2005قائ ا
الحلفاء السياسيين").(32
ووفقا لمعهد ستوكهولم لبحاث السلم ،فأن ) (%78من واردات سوريا من السلح جاءت من روسيا
يضاف الى ذلك ،وبحسب صحيفة "موسكو تايمز" الروسية ،سجلت )(33
خللا المدة بين .2010-2007
الشركات الروسية حضو ار كبي ار في قطاع الطاقة والبنية التحتية السورية،بلغت قيمة الستثمارات )(20
كلا هذه المعطيات الجيوسياسية والجيواقتصادية دفعت روسيا وبكلا ثقلها )(34
مليار دولر عام .2009
السياسي والعسكري الى الوقوف الى جانب نظام بشار السد ،الذي يعد آخر حليفها في المنطقة ،لن
سقوطه يعني لمكانة ونفوذ موسكو ،لذا استخدم الروس كلا أرواقهم السياسية في أورقة المم المتحدة لمنع
الطاحة بنظام السد ،للحفاظ على مصالحهم ومكانتهم الستراتيجية في سورية ،وحماية صفقات السلحة
معها ،وكذلك الحفاظ على قاعدتها البحرية في ميناء طرطوس على البحر المتوسط ،وحسب صحيفة
"روسيا اليوما" ،وقعت روسيا وسوريا في 18كانون الثاني ،2017على وثيقة تسمح للقوات الروسية
هذا يعني نفوذ جيوستراتيجي لروسيا في )(35
استخدام قاعدة "حميميما" الجوية في الذقية لمدة 49عاماا.
الساحة السورية ،حتى في حالا مرور الخيرة في مرحلة ضعف أو انقسام.
العدد 59
تــركـــيا
تكمن أهمية موقع سوريا الجيوستراتيجي لتركيا في انها تشكلا المحور الساس لرؤيتها الخارجية
الجديدة وعلى صعيدين،الول :يرتبط بسياسة تركيا ذات النزعة الشرق متوسطية وتوازناتها القليمية ،اذ
51
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
يعد المثلث التركي-السوري -المصري عاملا توازن جيوسياسي شرق المتوسط ،والثاني :بالسياسة التركية
في الشرق الوسط ضمن الستراتيجية المشرقية ،وكلهما يشكلن جزءا اساسيا من الستراتيجية التركية
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
)(36
الكبرى ،أو ما يعرف بالعمق الستراتيجي.
جغرافي ا ،تركيا وسوريا دولتان جارتان ،طولا الحدود بينهما ) (822كم ،وهو أطولا حدود سياسية
مشتركة للجوار الجغرافي التركي ،تحتلا فيها تركيا البوابة الشمالية لسوريا نحو أوربا ،بينما تشكلا البوابة
الجنوبية لتركيا نحو الشرق الوسط،وقد شكلا هذا الموقع الجيوستراتيجي للدولتين مجالا للتفاعلا الحضاري
والتنافس السياسي والعسكري ،ومنح للقوى الكبرى التي سيطرت عليه وزنا جيوبوليتيكيا خللا مراحلا
التاريخ المختلفة .بمعنى أدق ،ان العلقات التركية-السورية يستحضرها البعد الجيوبوليتيكي بمجاليه
المكاني)حدود ،اقتصاد ،وأمن( ،والديمغرافي )تداخلا وامتداد سكاني ،وأقليات( ،مما يجعلا هذا الموقع
)(37
مصدر "تهديد" أو "تواصلا" بين الدولتين.
أقتصاديا ،شهدت العلقات بين تركيا وسوريا قفزة نوعية بعد وصولا النخبة الجديدة الى الحكم في
)(38
تركيا ،وزيارة بشار السد الى أنقرة في عام ،2004التي أولا زيارة لرئيس سوري خللا ) (68عاما
ومن ثم زيارة الرئيس التركي أردوغان الى سوريا عام .2005تم خللها توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين
الدولتين ،وانشاء مجلس أقتصادي تركي -سوري لتعزيز العلقات القتصادية المتبادلة ،وفي عام ،2009
تم أنشاء "مجلس التعاون الستراتيجي" الذي عالج الكثير من القضايا المشتركة والستراتيجية التي تخص
)(39
الطرفين.
هكذا ،ارتفع حجم التبادلا التجاري بين تركيا وسوريا الى 2296مليون دولر عام ،2010بعد ان
والهم من كلا ذلك ،اتفاقية التجارة الحرة القليمية التي وقعت كان 581مليون دولر عام .2002
)(40
بين تركيا وسوريا والردن ولبنان في 31تموز ،2010التي أطلق عليها تسمية "مجلس الشراكة
القتصادية لدولا الجوار ،"CNETACوالتي تهدف الى حرية تنقلا الفراد والبضائع من خللا ما قسماه
رئيس الوزراء التركي " شاما غن )" "SHAMGENتيمنا باتفاقية التحاد الوربي شينغن للتنقلا الحر
للفراد والبضائع( (41).أي :ان موقع سوريا الستراتيجي يعد بمثابة نقطة مثالية لعبور البضائع التركية
الى العالم العربي ،وكخاصة دولا الخليج جنوباا ،ويتيح اقامة تفاعلت اقتصادية مع دولا الشرق الوسط،
واصبحت العلقات بينمها خللا الفترة بين) (2011-2000اكثر أزدها ار ونشاطاا ،مما كانت عليه من أي
وقت مضى.
اما على الصعيد المني ،يشكلا موقع سوريا أهمية كبيرة الى تركيا ،فيما يتعلق بعملية السلم في
الشرق الوسط ،وكذلك مخاوف أنقرة من النشاط المستمر لحزب العمالا الكوردستاني في شمالا سوريا،
العدد 59
وتنامي النزعة النفصالية الكوردية ،بعد أن اصبحت القضية الكوردية عنوان ا للعلقات العدائية بين
)(42
الدولتين ،وصلت عدة مرات الى حالة الصدام.
52
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
مع ذلك ،فهذه العلقات والمصالح المشتركة ،التي اقامتها تركيا مع سوريا ،وراهنت عليها انقرة
خللا العشر سنوات الماضية من خللا قوتها الناعمة ،قد انهارت مع انطلق الحرب الهلية في سوريا،
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
وخوفا من انتقالا عدوى الثورة السورية الى تركيا ،أعلنت الخيرة دعمها للمعارضة السورية ،وقامت بإيواء
الف اللجئين الفارين عبر الحدود .وأستضافت اجتماع "اصدقاء سوريا" ،الثاني في اسطنبولا في شهر
ل " :وصلنا الى نهاية صبرنا" (43).اذ فقدت الكثير من
أبريلا .وفي أغسطس ،2011حذر أردوغان ،قائ ا
مصالحها القتصادية والستراتيجية في الساحة السورية أثر اندلع الثورة ،والوقوف الى جانب المعارضة.
كما تراجع الدور التركي في سوريا مع تعققد المشهد السياسي وتدخلا الطراف القليمية والدولية على خط
ض الستراتيجية التركية فيالزمة ،مثلا روسيا وايران وقطر والسعودية ،وكذلك "داعش"؛ مما أجهض ض
المنطقة ،وأباضن ضعف سلوكه السياسي مع جوارها الجغرافي ،وبالتالي تراجع دورها ونفوذها القليمي.
لم تشهد دولا الربيع العربي حالة الصطفاف القليمي والدولي كما شهدتها الساحة السورية ،بسبب
اهمية موقعها الستراتيجي في التوازنات القليمية.وتمثلا المحور المعادي للنظام السوري )المحور التركي-
الخليجي(،بينما شكلا المحور المؤيد لبقاء النظام)المحور الروسي– اليراني( (44).اي هناك اختلف على
مستقبلا الخريطة السياسية لسوريا لما بعد نظام السد ،انطلقا من مصالحهم الجيوسياسية والستراتيجية.
هكذا ،اظهرت الحرب السورية حدة الصراع بين روسيا وتركيا من جهة وبين السعودية وايران من جهة
أخرى ،وبين تركيا والسعودية معا من جهة وروسيا وايران من جهة اخرى .كما اظهرت مدى تطابق
الموقف التركي والسعودي معا تجاه روسيا وايران .لذا قام كل المحورين بدعم حلفائهم المحليين على
الرض السورية ،من اجلا الحصولا على موطئ قدم والحد من نفوذ ودور الطرف الثاني ،اي ان الصراع
كان "بالوكالة" بين المحورين .اذ يشكلا صعود المحور الروسي -اليراني اضعاف لدور وجاذبية تركيا
التي تصاعدت في المنطقة خللا العقد الولا من القرن الحادي والعشرين .مقابلا تكريس النفوذ الروسي
في الجوار التركي وشرق المتوسط.
ومع ذلك ،قرر صناع القرار في روسيا وتركيا ان مفتاح مشروعهما يكمن في البوابة السورية،
وكلهما يدرك أنهما غير قادرين على تنفيذ مشروعهما ما دام هناك جماعات مسلحة تقاتلهم على الساحة
السورية .ولذلك ،فإن هامش التفاهم بين الطرفين اخذ بالتوسع ،في إطار مباحثات جنيف حولا مستقبلا
سوريا ،التي بدأت نهاية عام ،2015برعاية أممية وبدعم أمريكي -روسي ،اذ العملية وفرت الوسائلا
للنظر مباشرة في مستقبلا سوريا .خصوص ا،بعد وقف إطلق النار الذي كان تم التوصلا إليه في أنقرة بين
روسيا وفصائلا المعارضة السورية بوساطة تركية في 30كانون الولا ،2016وتقارب مواقف تركيا
)(45
وروسيا فيما يخص تصنيف الجماعات الرهابية في سوريا ،ومستقبلا بقاء السد في السلطة.
العدد 59
هناك من يرى أن أهم البعاد الرئيسة للصراع السوري ،هو البعد الجيوبوليتيكي للطاقة ،حيث تقاطع
المصالح القتصادية للفاعلين القليميين والدوليين في سوريا ،ومثالا ذلك ،اتفاقية نقلا الغاز الطبيعي الذي
وقع في تموز ،2011بين ايران)كمنتج( ،والعراق)كدولة عبور( ،وسورية)كوجهة( ،يهدف الى نقلا غاز
53
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
"حقلا عسلوية" جنوب ايران الى سوريا عبر الراضي العراقية ،ومن ثم الى ميناء لبنان على البحر
المتوسط ،حيث يتم تصديرها الى اسواق التحاد الوربي) ،(46هذه التفاقية أثارت مخاوف تركيا وقطر في
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
ظلا وجود نظام بشار السد ،وبالتالي تجعلا من الصعب نقلا الغاز القطري الى السواق العالمية عبر
الراضي السورية ومرو ار بتركيا ،لذا تحاولا كل من قطر وتركيا تغيير جغرافية شبكة نقلا موارد الطاقة الى
السواق العالمية لصالحها من خللا دعم المعارضة السورية ،وخصوص ا الخوان المسلمين)نظام ما بعد
السد( ،والتي قد تجعلا مرور خط الغاز القطري الى تركيا أكثر سهولة ،وهذا يعني ضرب المصالح
وهذا ما أكده بشار السد خللا لقاء مع )(47
اليرانية والعراقية والسورية وعلى رأسهم الروسية في آن واحد.
ل :إن رد سوريا على قطر بـ"ل"
صحيفة "إيل جورنالي" اليطالية ،في 30كانون الولا ،2016قائ ا
لنشاء خط النابيب "كان أحد العواملا المهمة ،لكنه لم يعرض علينا بشكلا علني ،لكني أعتقد أنه كان
مخططا له" .وأضاف" :كان هناك خطان سيعبران سورية ،أحدهما من الشمالا إلى الجنوب يتعلق بقطر،
والثاني من الشرق إلى الغرب إلى البحر المتوسط يعبر العراق من إيران ،كنا نعتزم مد ذلك الخط من
الشرق إلى الغرب"(48).هذا يعني أن مشاريع مد أنابيب الغاز تؤثر على الصراع السوري ،وأن الفاعلين
الدوليين يضعون أنفسهم على رقعة الشطرنج الجيوسياسية استعدادا لفتتاح خط انابيب الغاز ،وكما كانت
حرب العراق 2003مرتبطة بالنفط في الخليج ،قد يشكلا حرب أنابيب الغاز مركز الصراع السوري.
وفي هذا السياق ،تحاولا انقرة التي تعتمد في احتياجاتها على %58من الغاز الروسي ،ايجاد بدائلا
للحد من هذه التبعية الروسية ،التي تستخدم الطاقة كأداة ضغط سياسي مع العديد من عملئها ،وتريد
موسكو ابقاء أنقرة مرتبطة بها من خللا الطاقة ومنع الموردين الخرين من مساعدتها على تنويع مصادر
لذا تحاولا الخيرة جعلا )(49
الغاز الطبيعي ،بمعنى ،استخدام الطاقة كنفوذ في علقتها الطاقوية مع تركيا.
ل للغاز الروسي ،من خللا مد انابيب الغاز القطري الى تركيا والسواق الوربية عبر
الغاز القطري بدي ا
الراضي السورية ،وهذا ما ل تسمح بها روسيا ،عن طريق الضغط على حليفتها في دمشق.
المبحث الثاني
دينامية التعاون القاتصادي بين روسيا وتركيا
على الرغم من التنافس واختلف الرؤى بين روسيا وتركيا حولا القضايا القليمية التي تعصف
بالمجالا الحيوي لكل الدولتين ،إل أن العلقات الثنائية أكتسبت زخم ا خاص ا في بداية القرن الحادي
والعشرين ،وتطورت بسرعة في المجالا القتصادي ،من خللا خلق آليات مؤسسية مثلا " مجلس التعاون
العدد 59
العالي المستوى" الذي تم تأسيسه عام ،2012اذ بدأ البعد القتصادي وتحديدا في مجالا الطاقة يلعب
دورا مهما في التأسيس لعلقات استراتيجية تقود لتقارب سياسي.
54
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
زيادة التفاعلت القتصادية بين روسيا وتركيا هو عاملا مهم في تخفيف حدة الخلفات السياسية بين
الطرفين .فالناتج المحلي الجمالي لكلا منهما ) 1,860ترليون دولر 798 ،مليار دولر( على التوالي،
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
كحسب بيانات صندوق النقد الدولي لعام .2014وهم اعضاء في مجموعة العشرين ،G-20ويرتبط
كلهما بالقتصاد العالمي من خللا عضويتهما في منظمة التجارة العالمية ،هذه الخصائص هي التي
تجعلا روسيا وتركيا الفاعلين القتصاديين البارزين في اوراسيا ،وبالتالي تدفعهم الى إعادة تعريف علقتهم
بما يخدم مصالحهم الثنائية.
محددات التعاون الروساي – التركي
ان المصالح القتصادية التي ترحب بالعتماد المتبادلا في وسعها كذلك أن تحولا دون وجود توترات
على هذا الساس ،تدرك تركيا وروسيا اهمية البعد )(50
جيوسياسية كامنة وجعلها منافسة غير عنيفة.
القتصادي الذي يزيد من قوة العلقات بينهم ،خاصة ،وانهما يعتمدان استراتيجية جديدة لستعادة الدور
إواحياء المكانة في الخريطة العالمية ،لذا يتطلب هذا الصعود -وبالخص القتصادي -الى ضرورة
تطوير التعاون الثنائي بينهما ،وعلى كافة الصعدة.
ويمكن الوقوف على اهم المرتكزات التي أدت الى زيادة التفاعلا القتصادي بين روسيا وتركيا،
وحسب رؤية كلا طرف:
-1روسايا
اقامت روسيا علقات متطورة مع العديد من الدولا الصديقة ذات القتصادات الصاعدة ،مثلا ألمانيا
وفرنسا والصين والهند ،إيمانا منها بأن النهوض القتصادي يجعلا منها قوة عالمية .وأمتلك تركيا
إمكانات إستراتيجية واعدة )حجم سوقها الكبير ،وموقعها الستراتيجي على مفترق طرق بين اوربا واسيا،
وكقوة اقتصادية 17عالمياا( ،جعلتها شريك تجاري مهم لروسيا .على هذا الساس تتطلع روسيا الى بناء
علقات اقتصادية قوية مع تركيا ،لتحقيق اهداف عدة ،منها:
أ -مواجهة العقوبات الغربية :ففي كانون الولا ،2014دخلا القتصاد الروسي في ازمة عميقة وخطيرة،
كان سببها :الهبوط الحاد في اسعار النفط ،والعقوبات المالية الغربية)نتيجة للزمة الوكرانية( ،والنتيجة
هي انكماش حاد في اقتصادها (51) ،وفي هذا الوقت العصيب ،جاءت زيارة بوتين الى تركيا في الولا من
كانون الولا ،2014 /لمواجهة هذه الزمة ،وظهرت تجليات ذلك ،من تصريح أدلى بها وزير المالية
ل :أننا نخسر 40مليار دولر سنويا بسبب العقوبات
الروسي "أنطوان سلوانون" ،قبلا الزيارة ،قائ ا
الجيوسياسية ،كما نخسر من 90الى 100مليار دولر أخرى بسبب هبوط اسعار النفط بحوالي ."%30
فضل عن هذا تراجع احتياطيات النقد الجنبي في روسيا نحو 100مليار دولر بنهاية تشرين الولا
2014لتصلا إلى ،428,6مقابلا 524,3مليار دولر خللا نفس الفترة ،بسبب تدخلا البنك المركزي
العدد 59
الروبلا(52) ،هذه المعطيات دفعت روسيا إلى تنحية خلفاتها السياسية بمليارات الدولرات لدعم
مع تركيا جانبا ،والتركيز على التعاون الثنائي ،الذي قد يعوض جزء من العقوبات عليها.
55
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
ب -استقطاب تركيا وتحييدها :ركزت روسيا عبر الغراءات القتصادية على استقطاب تركيا وتحييدها
عن السياسات الغربية المتعلقة بروسيا ،مثلا العقوبات او أي سياسة احتواء جديدة بوصف تركيا حليفا
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
تقليديا للغرب ،لذا ،سعى بوتين الى التأكيد على ذلك عبر إشادته باستقللية القرار التركي عن الغرب،
بخصوص التفاقيات الستراتيجية مع روسيا .فقد صرح " :نثمن اتخاذ تركيا الق اررات المتعلقة بعلقاتها
مع روسيا ،بما فيها التعاون القتصادي ،بشكلا مستقلا ،لقد رفض شركائنا التراك التفريط بمصالحهم في
سبيلا المطامع السياسية للخرين" .كما أشاد وزير الطاقة الروسي "نوفاك" على هذا الموقف التركي،
بالقولا" :لقد عملت تركيا في اتجاه مخالف لمواقف الدولا الغربية حولا روسيا ،ونحن نثمن ذلك (53) ،كما
ان العلقات بين تركيا والتحاد الوربي وصلت الى مرحلة حرجة ،بسبب اختلف المواقف من الحرب
على تنظيم داعش ،وعدم قبولا تركيا في التحاد الوربي ،وعاملا الهجرة الى اوربا ،وحقوق النسان في
)(54
ل عن الغرب ،والبحث عن أصدقاء جدد.
تركيا ،قد يدفع بأنقرة الى تبني سياسة خارجية أكثر استقل ا
وهذا ما أكده اردوغان في كانون الثاني ،2013حينما قالا " :اذا لم تنلا تركيا عضوية التحاد الوربي
بحلولا ،2023ستسحب طلبها من التحاد ،وانها على استعداد لستبدالا الحضيرة الوربية بمنظمة
شنغهاي للتعاون" (55)،كما ان الخلفات الحالية بين المنظومة الطلسية وروسيا من جهة وبين تركيا
والمنظومة من جهة ،أعطى أنقرة حاف از أكبر لمواصلة التعاون مع روسيا في العديد من القضايا الهامة.
وحولا دور روسيا في ابعاد تركيا عن الغرب ،يقولا الخبير في شؤون الشرق الوسط "مارك
بييريني") باحث زائر في كارنيغي اوروبا(" :ان روسيا قد تذهب الى تحرك طويلا المدى لتغيير اللعبة،
أي انه من المتوقع زيادة )(56
وتغري تركيا بعيدا عن الغرب كجزء من اعادة تشكيلا جيوسياسية واسعة"،
التبعية في السياسة الخارجية التركية لصالح روسيا إذا أستمرت أنقرة بالبتعاد عن السياسة الغربية.
مع ذلك ،فإن الدوافع الجيوبوليتيكية لروسيا ل تقلا اهمية عن اهدافها القتصادية ،من خللا ربط
المصالح التركية في مجالت استراتيجية كالفضاء والطاقة الحفورية والنووية ،والشركات ورجالا العمالا
والسياحة بروابط وثيقة لجهة اعتماد تركيا اقتصاديا واستراتيجيا على روسيا .لذا يمكن القولا ان النهج
الروسي لحتواء سياسة الغرب تجاهها قد يبدأ من البوابة التركية.
ج -التأثير في سياسات تركيا القليمية :إلتقاء المصالح المشتركة بين الطرفين ،قد يؤثر في السياسة
الخارجية تجاه قضايا الشرق الوسط ذات العلقة بنفوذ ومكانة روسيا .فمثلما تؤثر الروابط الغربية في
سياسة تركيا الشرق اوسطية ،بوصفها الذراع الجنوبي للناتو وحليف امريكا في المنطقة.فإن الستراتيجية
التي ترسمه روسيا مع تركيا في مجالا الطاقة والتعاون الستراتيجي قد تؤثر في السلوك السياسي لتركيا.
-2تركيا
العدد 59
تركيا شريك تجاري لروسيا ،وتسعى انقرة من خللا هذه الشراكة الى تحقيق اهداف استراتيجية أقاليميا ا
ودولياا ً،ومنها:
56
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
أ -اعادة توازن القوى القليمية :تعقولا تركيا على الشراكة مع روسيا لحداث تحولا استراتيجي لموازين
القوى لصالحها ،بعد اختللا هذا التوازن غير التقليدي لصالح اسرائيلا وايران في مجالا الطاقة النووية
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
وتقنيات الفضاء،إذ تعد روسيا واحدة من الدولا الرائدة في هذا المجالا ،وبإمكانها بناء مشاريع استراتيجية
وقد وصلت العلقات في هذا المجالا الى مراحلا متقدمة )(57
لتركيا في مجالا التكنولوجيا النووية والفضاء،
من خللا اتفاقية عام ،2010الذي ينص على بناء محطة " آك كويو" للطاقة النووية وتشغيلها في
محافظة مرسين على ساحلا البحر المتوسط وبكلفة 20مليار دولر.أما في مجالا الفضاء،فقد تم إطلق
أولا قمر صناعي تركي 4A Türksatللتصالت على متن صاروخ روسي في شباط ،2014وكان من
المقرر أطلق القمر الثاني 4B Türksatعام ،2015وصرح بوتين قبيلا زيارته الى تركيا عام "،2014
)(58
التعاون بين بلدينا في غزو الفضاء يعتبر أحد المسارات المهمة الواعدة".
ب -مركز إقليمي للطاقة :تعد الطاقة واحدة من أهم المحركات الرئيسة للتعاون بين روسيا وتركيا ،حيث
القرب الجغرافي ،وفقر تركيا لموارد الطاقة الى جانب وفرة الطاقة الروسية ،عواملا أضفت على الطاقة
مزيدا من الهمية في العلقات الثنائية على مدار) (30عاما الماضية.
تمتلك روسيا ثاني أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم ،وعلى الرغم من أنها تأتي بالمرتبة
التاسعة من حيث احتياطيات النفط ،إل أنها الرائدة عالميا في النتاج )الى جانب السعودية( .وبالتالي فإن
تجارة الطاقة التركية الروسية تعتمد الغاز الطبيعي والنفط.
في هذا السياق ،يشكلا موقع تركيا الجغرافي غاية في الهمية في قضايا أمن الطاقة ،إذ يعد مم ار
استراتيجيا لعبور موارد الطاقة بين الدولا المنتجة والمستهلكة لهذا السلعة الحيوية .ويمر من خللا
الراضي التركية شبكة واسعة من انابيب نقلا الغاز الطبيعي والنفط الى السواق العالمية .وتطمح تركيا
من خللا موقعها الستراتيجي وسياستها الطاقوية الى ان تكون "مركز إقليمي للطاقة" Regional
) Energy hub(59خصوصاا ،بعد ما انتهجت تركيا سياسة جديد ،تدعى "دبلوماسية النابيب" تقوم على
)(60
استغللا موقعها في التفاوض القليمي والدولي وتعزيز مكانتها والستجابة لحاجياتها من الطاقة.
استطاعت تركيا تطوير علقاتها الطاقوية مع روسيا ،بلا في ذروة التوتر بين الدولتين عقب اسقاط
الطائرة الروسية في تشرين الثاني ،2015وتداعيات الزمة السورية لم تتوقف شركة غازبروم الروسية
عن ضخ الغاز الى شركة بوتاش التركية .كما ترتبط الدولتان بشبكة من خطوط أنابيب نقلا الغاز
الطبيعي منها" ،التيار الزرق" و"التيار الجنوبي "South Streamوالثالث "التيار التركي Turkish
"Streamالذي تم التوقيع على اتفاقيته في 10تشرين الولا /اكتوبر ،2016لنقلا الغاز الطبيعي من
ومن خللا هذا المشروع الحيوي سوف روسيا الى تركيا تحت البحر السود ،وبطاقة 63مليار م ،
(61) 3
العدد 59
تتخلى روسيا من إمدادات الغاز الى اوربا عبر أوكرانيا بعد عام ،2018ويصبح التيار التركي هو الخط
الوحيد الى السواق الوربية .خريطة ) (1وبالتالي سوف تعزز طموح تركيا لتصبح مرك از تجاري ا للمنطقة
بأسرها.
57
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
ج -قوة اقتصادية عالمية :من أهم الهداف الستراتيجية التي صاغتها حكومة اردوغان في أفق عام
،2023هو جعلا تركيا في مصاف أكبر عشر اقتصادات في العالم) ويشملا ذلك ،زيادة دخلا الفرد الى
وكحسب النظرة التركية ،تعد روسيا إحدى خياراته )(62
25000دولر( ،وصادراتها الى 500مليار دولر.
لتحقيق هذه الرؤية ،نتيجة لحجم اقتصادها والمشروعات الواعدة بين الطرفين ،ومن المؤملا ارتفاع
حجم التبادلا التجاري بين الدولتين من 33مليار دولر عام 2013الى 100مليار عام .2023وفي
)
قطاع السياحة ،زار تركيا ما يقارب 3,3مليين سائح روسي ،من أصلا 4,4مليين سائح عام .2014
(63
هكذا ،تيمقثلا ارتفاع العائد القتصادي المتوقع لنقرة من الشراكة مع موسكو أحد دوافع انفتاحها على
الجار الروسي .وتظلا روسيا رقما صعبا في معادلة أمن الطاقة لتركيا .كما إقن العقوبات القتصادية،
العدد 59
التي فرضتها روسيا على تركيا بعد حادثة اسقاط الطائرة الروسية ،أثرت سلبا في بعض قطاعات
القتصاد التركي ،منها السياحة والبناء والصادرات الغذائية .وبلغت خسائر تركيا ،من جقراء هذه العقوبات،
نحو 10مليارات دولر ،إلى جانب تراجع عدد السياح الروس إلى المنتجعات التركية إلى أكثر من 80
58
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
في المائة .بمعنى ،ان البعد القتصادي يمثلا عاملا حيويا في علقات موسكو وأنقرة .وهذا قد يساهم في
تخفيف حدة الخلفات السياسية بينهم في مناطق جغرافية معينة.
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
المبحث الثالث
الرؤية الساتراتيجية للعلقاات التركية الروساية
ل شك ان العلقات التركية الروسية تمر باوقات صعبة .نتيجة لما شهدتها جوارهما الجغرافي في
الشرق الوسط من تحولت جيوبوليتيكية ،وبالتالي تضارب مصالحهم الستراتيجية .مع ذلك ،فان هاتين
الدولتين القويتين تشتركان في علقة طيلة قرون شهدت الكثير من الصعود والهبوط.
لذا فان روسيا وتركيا تدركان جيدا ان المصالح الستراتيجية المشتركة هي التي تتحكم في طبيعة
العلقة بين موسكو وأنقرة ،فل يمكن ان نطلق على هذه العلقة بالستراتيجية ,ول يمكن المبالغة في شدة
التنافس بينمها ،خاصة بعد ما شهدته منطقة الشرق الوسط من احداث جيوبوليتيكية متسارعة .فلكلا من
روسيا وتركيا مصالح جيوسياسية وجيواقتصادية في منطقة الشرق الوسط تحاولا الحفاظ عليها من خللا
تخفيف حدة التوترات في المنطقة ،عن طريق التفاهمات السياسية.
إذ تعد منطقة الشرق الوسط أقلا المناطق استق ار ار في العالم ،وتجتمع فيها المصالح الجيوسياسية،
وتلعب روسيا دو ار محوريا في التفاعلت القليمية في المنطقة ،وتمتلك قواعد عسكرية في سوريا وهي
القاعدة العسكرية الوحيدة خارج مجالها الجغرافي بعد تفكك التحاد السوفيتي عام .1991وهذه الحقيقة
تسمح لروسيا بالضغط على تركيا .وتهدف التحركات الروسية في سوريا الى تعزيز القاعدة البحرية في
طرطوس للحفاظ على نفوذ الروسي في شرق المتوسط والشرق الوسط .ومن خللا هذا الممر
الجيوستراتيجي ستتاح للروس إمكانية الوصولا الى البحر المتوسط ،وممر للطاقة ربما يكون بديلا للخليج
العربي ،ومن شأن التحالف الروسي اليراني فتح طريق جديد لنقلا موارد الطاقة ،ذلك مع وصولا ايران
الى البحر المتوسط عبر العراق وسوريا ولبنان .وهذا ينعكس سلبا على موقع تركيا كممر استراتيجي لنقلا
الطاقة الى السواق الغربية.
اما من المنظور التركي ،فأن الساحة السورية أكثر أهمية مما هو عليه بالنسبة لروسيا.حيث ان تركيا
في حالة من التنافس الجيوسياسي مع ايران)حليفة روسيا( ،وكما تدعم طهران نظام بشار السد ،تدعم
أنقرة المعارضة السورية التي تقع خارج حدودها مباشرة .واذا نظرنا الى التركيبة العرقية على جانبي
الحدود التركية السورية ،فإن هناك روابط ثقافية واجتماعية بين الشعبين في تركيا وسوريا .لذا فان هزيمة
تركيا وانتصار روسيا في المنطقة سيساعد نظام السد على تقويض المعارضة .وسيكون ذلك ضربة قوية
للطموح التركي بأن تصبح قوة إقليمية ذات نفوذ في جوارها .ول سيما ،وان موقع سوريا يشكلا بوابة
استراتيجية لتركيا جنوب ا نحو بلدان الشرق الوسط.
العدد 59
في هذا السياق ،فإن رؤية تركيا الستراتيجية المتمثلة في السعي الى مجالا نفوذ عثماني جديد على
أساس ان تصبح رائدة في اضفاء الطابع الديمقراطي على دولا الربيع العربي ،أو الطاحة بالرئيس بشار
59
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
السد ،أدت الى سوء تقدير استراتيجي .ألهم من ذلك أن هذه الرؤية تتناقض مع نظرية "النزعة
الوراسية" التي أسسها المفكر الستراتيجي الروسي "السكندر دوغين" ،التي تهدف الى اقامة علقات
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
وتحالفات مع الدولا القليمية المناهضة للسياسات الغربية ،ومثالا ذلك التحالف الستراتيجي مع ايران .لذا
فإن دعم تركيا للجماعات المعارضة ضد نظام بشار السد تتعارض مع مصلحة روسيا في المنطقة ،لن
الخيرة تدعم المحور الممتد من ايران والعراق مرو ار بسوريا ،على أملا حمايتها من الدعم المقابلا لشمالا
القوقاز المسلمة .هذا يعني اختلف المصالح والولويات فيما يخص الصراع السوري .كذلك الحالا في
القضية الكوردية التي تعد نقطة ضعف التراك ،لجهة العلقة مع الروس ،فبسط أكراد سوريا سيطرتهم
على شمالا سوريا )ذات الغلبية الكوردية( من خللا "وحدات حماية الشعب " ،YPGالتي تأسست عام
،2011وأقامة الخيرة علقات جيدة مع الروس والمريكان في محاربة داعش ،واستخدم الروس الملف
الكوردي كورقة ضغط ضد تركيا في الساحة السورية .كلها عواملا قد تصعد من وتيرة الخلف بين روسيا
ل.
وتركيا في المنطقة مستقب ا
اقتصادياا ،اكتسبت العلقات التركية الروسية زخما كبي ار في العقدين الخيرين .وتعد روسيا اليوم
الشريك التجاري الولا لتركيا واكبر مورد للغاز الطبيعي ،وتمثلا المشاريع الصناعية في روسيا حوالي ربع
المشاريع التي يقوم بها مقاولو البناء التركي في جميع أنحاء العالم .كما ازداد الستثمار الروسي في
تركيا ،وخاصة في قطاعات الطاقة والسياحة والتصالت ،زيادة كبيرة في السنوات الخيرة.
وفي هذا السياق ،تعد الطاقة محركا هاما في توطيد العلقات بين موسكو وأنقرة ،لسيما بعد اتفاق
الطرفين حولا بناء خط "التيار التركي" لنقلا الغاز الطبيعي من روسيا الى اسواق اوربا الغربية دون
المرور بأوكرانيا .وهذا المشروع يضمن احتياجات تركيا المتزايدة الطاقة،ويضفي بعدا جيواستراتيجي ا
وجيواقتصاديا على موقع تركيا الجغرافي،خاصة مع تنامي احتمالت تحولها الى مركز اقليمي للطاقة.
أن تدعيم العلقات بين روسيا وتركيا يعني زيادة " التوجه شرقاا" في السياسة الخارجية التركية،
وانعكاس ذلك على علقات تركيا مع الغرب ،وهذا ما يخشاه العديد من الساسة في الغرب .وما يعزز ذلك
التعاون الروسي التركي في قضايا الطاقة التي تعد بمثابة رسالة من تركيا الى حلفائها الغربيين بأن لديها
خيارات أخرى على الساحة الدولية ،وما يدعم هذا التقارب هي النزعة السياسية لدى اردوغان وبوتين
تجاه الغرب بقيادة الوليات المتحدة ،وشعور صناع القرار في تركيا وروسيا بالنزعاج من السياسات
الغربية تجاه موسكو وأنقرة ،كلا هذه المعطيات تساهم بشكلا كبير في تقريب المسافات بين الدولتين على
المدى القريب.
مع ذلك ،يبدو ان هذا التقارب الروسي التركي يمثلا زواجا اقتصاديا أكثر مواءمة من تحالف سياسي
العدد 59
قوي ،لذا ،فمن المرجح ان يستمر التقارب بين تركيا وروسيا في المجالا القتصادي ،ول سيما في مجالا
الطاقة ،ولكن من غير المرجع ان يتطور الى أبعد من ذلك بكثير على الصعيد السياسي ،بسبب اختلف
مصالح الطرفين في العديد من القضايا الهامة التي تمس طموحاتهم الستراتيجية في الشرق الوسط ،ل
60
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
سيما في الزمة السورية ،كما تبين من خللا البحث بشكلا صارخ .وهذا يجعلا من الصعب بناء علقات
وثيقة على المدى البعيد.
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
الساتنتاجات
توصلت الدراسة الى جملة من الستنتاجات ،وهي:
-1نتيجة لموقعها الجغرافي الفاصلا بين البحر السود والبحر المتوسط ،واهميتها الستراتيجية للدولا ذات
الصلة بهذا الموقع ،شكلت المضايق التركية نقطة نزاع بين روسيا تركيا.
-2التقارب بين روسيا ما بعد التحاد السوفيتي وتركيا كان سريعاا ،تمثلا في التبادلت التجارية وفي
صناعة البناء في روسيا ،كما وفرت اتفاقية ،1997لتوريد الغاز عن طريق خط أنابيب بلوستريم حاف از
قوي ا للطرفين.
-3دفعت الحداث الجيوسياسية المتسارعة في العالم ،كلا من روسيا وتركيا الى رسم خريطة علقاتها
في منطقة الشرق الوسط ،حيث الحتمية الجغرافية التي تفرض على موسكو وأنقرة بالهتمام بهذه المنطقة
الحيوية.
-4ذروة الصداقة والتعاون وصلت بين الطرفين ،وعلى المستوى القتصادي والسياسي ،هو بعد تولي
فلديمير بوتين ورجب طيب أردوغان ،بداية العقد الولا من القرن الحالي.
-5ورغم أن كل البلدين لهما استراتيجيات متباينة في بعض المواضيع المتصلة بجغرافية الطاقة ،فإن
العلقات الثنائية تقوم على الثقة والحترام .اذ تعد روسيا المورد الرئيسي للطاقة في تركيا ،ومن المتوقع
أن تحافظ على وضعها على المدى الطويلا .ومن ناحية أخرى ،فإن تركيا ل تعرقلا المصالح الروسية في
منطقة البحر السود.
-6تركيا سابع أكبر شريك تجاري لروسيا وهي أولا مقصد للسياح الروس وثاني أكبر سوق للصادرات
بعد المانيا بالنسبة لشركة غازبروم العملقة الروسية وروسيا هى ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا.
-7تزامنت استراتيجية بوتين عام ،2000حولا رؤية روسيا كقوة عالمية صاعدة،مع رؤية حكومة
اردوغان عام ،2002حولا مكانة تركيا ودورها في الساحة القليمية والدولية .وكانت سوريا احدى ساحات
هذه الستراتيجية.
-8التقاء المصالح الستراتيجية بين الدولتين بسبب طبيعة الجغرافية والتأريخ لكلهما ،فضلا عن النزعة
السياسية الطموحة لدى بوتين – أردوغان والرؤية المشتركة في كثير من الجوانب تجاه "الهيمنة الغربية"،
وشعور كل من الزعيمان بالنزعاج من السياسات الغربية تجاه بلديهما ،عواملا ساهمت في تقريب
المسافات بين موسكو وأنقرة.
العدد 59
-9تقع الطاقة في قلب السياسات الشرق اوسطية لروسيا ،وتواجه الخيرة ضغطا جيوسياسيا من الغرب
بقيادة امريكا من اجلا تغيير مسار نقلا الغاز والبترولا من دولا القوقاز واسيا الوسطى الى السواق
61
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
الوربية بعيدا عن التاثرات الروسية ،وهنا بإمكان روسيا الستعانة بجغرافية تركيا من اجلا تفادي هذه
المخططات المعادية.
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
-10الطاقة هي المحرك للعلقات الثنائية بين روسيا وتركيا ،حالياا ،روسيا توفر ) (%60-55من
إحتياجات تركيا من الغاز الطبيعي .وهي واحدة من أكبر ثلثة موردين للنفط الى تركيا.
-11لقد بلورت ثورات الربيع العربي طبيعة الصراع التاريخي بين تركيا وروسيا ،ووضعت موسكو وأنقرة
وجها لوجه في الزمة السورية ،وعلى الرغم من تعاونها الناجح في مجالا الطاقة والقتصاد ،فقد تنافست
موسكو وانقرة من اجلا التاثير في الشرق الوسط.
-12على الرغم من الختلفات السياسية بين تركيا وروسيا حولا قضايا الشرق الوسط ،ومنها على
الساحة السورية ،مع ذلك ،لديهم القدرة على ضبط العلقات الثنائية ،عندما تشتد الخلفات بينهم ،ومثالا
ذلك ،حادث اسقاط الطائرة الروسية في 24تشرين الثاني ،2015من قبلا الجيش السوري ،الذي اعادة
التوتر بين تركيا وروسيا ،وتجددت العلقات عندما قدم اردوغان اعتذاره الى بوتين في يونيو . 2016
الهوامش
1- Dmitri Trenin, Russia’s Strategic Choices, Policy Brief, Carnegie Endowment
for International Peace. Moscow Branch, May 2007, pp. 2-7.
2 - Dmitri Trenin ,Russia in the Middle East: Moscow’s Objectives, Priorities, and
Policy Drivers, Carnegie Moscow Center, 5 April, 2016, p. 2.
3 - Vitaly Naumkin et al., Russia and the Greater Middle East, Russian
International Affairs Council, No. 9, Moscow, 2013, p. 16.
-4ناصر زيدان ، ،دور روسيا في الشرق الوسط وشمالا افريقيا من بطرس الكبر حتى فلديمير
بوتين ،ط ،1دار العربية للعلوم ناشرون ،2013 ،ص .271
5 - Vitaly Naumkin, The Middle East: The New Great Game, Russia Direct
Monthly Memo, No. 2, September 2013, pp. 2-3.
- 6عقيلا سعيد محفوظ ،السياسة الخارجية التركية :الستم اررية – التغيير ،المركز العربي للبحاث
العدد 59
62
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
- 8جراهام فولر ،الجمهورية التركية :تركيا كدولة محورية في العالم السلمي ،ط ،1مركز المارات
للدراسات والبحوث الستراتيجية ،ابو ظبي ،2009 ،ص .179
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
- 9امين شبلي ،روسيا بعد عشرين عااما من النهيار السوفييتي ،جريدة الشروق 5 ،يناير .2012
?http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx
cdate=05012012&id=c88d1ac4-9ddf-4235-bf7d-42866e641375
-10ناصر زيدان ،مصدر سابق ،ص .163
- 11ديمتري ترينين ،من إسطنبولا الى كابولا :هلا ثمة ارضية مشتركة بين تركيا وروسيا؟ ،رؤية
تركية ،صيف .2013شبكة النترنت
http://rouyaturkiyyah.com
- 12هيلين كارير دانكوس ،انهيار التحاد السوفيتي وسعي روسيا الى مكانة ،جريدة الحياة ٢١ ،
أكتوبر /تشرين الولا http://www.alhayat.com .2015
13 - Ariel Cohen ,Putin’s Middle East Visit: Russia is Back ,Heritage
Foundation:Web Memo, No. 1382, Washington, 5 March 2007, pp.1-2.
-14طه عبد الواحد ،روسيا القوة العالمية وقيادة بوتين ،جريدة الشرق الوسط ،العدد ) (13911في 29
ديسمبر /كانون الولا .2016
15- Gökhan Bacik, Turkey and Russia in the Arab Spring: Straining Old Rifts
Further?, The German Marshal of united states, 16 August, 2012, p. 2.
-16كريم مصلوح ،التعاون والتنافس في المتوسط ،الدار العربية للعلوم ناشرون ،لبنان ،2013 ،ص
.274
17 - Ibid., p. 3.
-18عقيلا سعيد محفوظ ،مصدر سابق ،ص .278-272
19- Gökhan Bacik, Op. Cit., p. 3.
-20آنا بورشيفكايا ،روسيا في الشرق الوسط:الدوافع والثار والمالا ،مركز ادراك للدراسات
والستشارات22 ،مارس ،2016ص .19
- 21ضياء أونيش ،تركيا والربيع العربي :بين العتبارات الخلقية والمصالح الذاتية ،مجلة رؤية تركيا،
العدد ) ،(3خريف .2012
22 - Ҫiğdem Ustün, Op. Cit., p. 10.
23 - Kayhan Barzegar, The Arab Spring and the Balance of Power in the Middle
East, Power & Policy, Belfer Center for Science and International Affairs, 30
October, 2012.
العدد 59
- 24ارسلن غوربانوف ،المسلمون الروس وسياسة روسيا الخارجية ،مركز الجزيرة للدراسات 21 ،
أكتوبر ،2012ص .9-2
-25جراهام فولر ،مصدر سابق ،ص .181-180
63
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
في تركيا بين تحديات الحاضر ورهانات، شروط التعاون المثمر: تركيا والعرب، مصطفى اللباد-26
.218-217 ص،2010 ، بيروت، الدار العربية للعلوم ناشرون،الخارج
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
27- Global Terrorism Index 2014, The Institute for Economics and Peace (IEP),
New York, 2014.
http://visionofhumanity.org/app/uploads/2017/04/Global-Terrorism-Index-
Report-2014.
28- Gökhan Bacik, Op. Cit., p. 4.
29- Ian Traynor, Chechnya fuels Russian-Turkish tension, The Guardian , 26
April 2001.
https://www.theguardian.com/world/2001/apr/26/chechnya.worlddispatch
http://powerandpolicy.com/the-arab-spring-and-the-balance-of-power-in-the-
middle-east-power-policy/#.Vb3T-fPtmko
.2013 يناير/ كانون الثاني24 ، معهد واشنطن، مصالح روسيا الكثيرة في سوريا، آنا بورشفسكايا- 30
31 - James Brooke, Russia Helped Build Syria’s Chemical Weapons, Moscow
Times, September 11, 2013. https://themoscowtimes.com/articles/russia-
helped-build-syrias-chemical-weapons-27562
مركز دراسات الوحدة، الواقع الراهن واحتمالت المستقبلا: سوريا وتركيا، عقيلا سعيد محفوض- 32
.149-148 ص،2009 ، بيروت،العربية
.36-35 ص، مصدر سابق، الدوافع والثار والمالا: روسيا في الشرق الوسط، آنا بورشيفكايا- 33
34 - Howard Amos, Billions of Dollars of Russian Business Suffers Along With
Syria, Moscow Times, 1 September, 2011.
https://themoscowtimes.com/articles/billions-of-dollars-of-russian-business-
suffers-along-with-syria-9298
.20/1/2017 في، RT روسيا اليوم،عاما للقوات الروسية في حميميم
ا49 دمشق تمدد- 35
https://arabic.rt.com/news
ترجمة محمد جابر، موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية: العمق الستراتيجي، احمد داود اوغلو- 36
.440-432 ص،2011 ، لبنان، الدار العربية للعلوم ناشرون،2 ط،ثلجي وطارق عبد الجليلا
.133 ص، المصدر نفسه-37
38 - Damla Aras, Turkish-Syrian Relations Go Downhill The Syrian Uprising,
Middle East Quarterly, Spring 2012, pp. 41-50.
المركز العربي، البعاد الجيوستراتيجية للسياستين اليرانية والتركية حيالا سوريا، علي حسين باكير-39
.25-24 ً ص،2013 ً، مارس، قطر،للبحاث ودراسة السياسات
59 العدد
64
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
- 41سمير العطية ،العرب وتركيا :من شاحنات التبادلا التجاري الى قطار الصعود القتصادي والتنمية
الجتماعية ،في :سمير العطية وآخرون ،العرب وتركيا :تحديات الحاضر ورهانات المستقبلا ،المركز
AL-Mostansiriyah journal for arab and international studies
65
مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
/http://www.noonpost.org/content
- 59وحيد انعام الكاكائي ،المصدر سابق ،ص .123-118
- 60كريم مصلوح ،المصدر سابق ،ص .209
- 61أمينة مصطفى دلة ،الجيوبوليتيكية التركية :الحتمية الجغرافية وسؤالا الهوية ،المعهد المصري
للدراسات ،دراسات استراتيجية ،2016 ،ص .29-28
62 - Murat Ucer, Turkey’s Economy: Now for the Hard Part, foreign policy, 12
August, 2014. http://foreignpolicy.com/2014/08/12/turkeys-economy-now-
for-the-hard-part/
- 63ما أبرز مجالت التعاون بين روسيا وتركيا؟ ,روسيا اليوم ،في .3/6/2016
العدد 59
66