You are on page 1of 92

Historicity Scrap of Pharmacology Institution at

Muslims and Ibn Al-bitar Deeds Botany Genius

Submitted by

Abdul Nasser Kaadan, MD, PhD*


ph. Basel Gafeer**

‫نبذة تاريخية عن نشأة علم الصيدلة عند المسلمين ومآثر عبقري علم‬
‫النبات والصيدلة ابن البيطار‬

‫إعداد‬
*
‫الدكتور عبد الناصركعدان‬
**
‫الدكتور باسل غفير‬

Submitted by: Basel Gafeer

*
Chairman, History of Medicine Department, Institute for the History of
Arabic Science, Aleppo University, Aleppo-Syria
The President of ISHIM (www.ishim.net)
P.O. Box: 7581, Aleppo, Syria
e-mail: ankaadan@gmail.com
Phone 963 944 300030, Fax 963 21 2236526
**
Master stage student, Institute for the History of Arabic Science, Aleppo University

– ‫ دكتوراه ف تاريخ الطب العرب السلمي‬.‫ معهد التاث العلمي العرب – جامعة حلب‬- ‫* أستاذ ورئيس قسم تاريخ الطب‬
.‫طبيب اختصاصي ف جراحة العظام‬
، 963 944 300030 ‫هاتف‬
ankaadan@gmail.com :‫بريد إلكتون‬

.‫** طالب ماجستي ف معهد التاث العلمي العرب – جامعة حلب‬


1
2
‫الفهرس‬
‫الصفحة‬ ‫عنوانها‬ ‫الفقرة‬

‫‪5‬‬ ‫الوضع في العالم قبل النهضة السإلماية‬ ‫‪-1‬‬

‫‪6‬‬ ‫الدأوية في ال زأمانة المااضية‬ ‫‪-2‬‬

‫‪7‬‬ ‫نشأة علم الصيدألة عندأ الماسإلماين‬ ‫‪-3‬‬

‫‪8‬‬ ‫اهتماام السإلم بعلم الصيدألة‬ ‫‪-4‬‬

‫‪8‬‬ ‫اليات القرآنية‬ ‫‪ -4‬أ ‪-‬‬

‫‪9‬‬ ‫الحادأيث النبوية‬ ‫‪ -4‬ب ‪-‬‬

‫‪11‬‬ ‫بدأاية النهضة والتطوير‬ ‫‪-5‬‬

‫‪19‬‬ ‫إسإهام بعض العلمااء‬ ‫‪-6‬‬

‫‪19‬‬ ‫إسإهامااتهم‬ ‫‪ -6‬أ ‪-‬‬

‫‪19‬‬ ‫مانجزأاتهم‬ ‫‪ -6‬ب ‪-‬‬

‫‪25‬‬ ‫ال زأدأهار العلماي والتقدأم الطبي‬ ‫‪-7‬‬

‫‪28‬‬ ‫روادأ الصيدألة إواسإهامااتهم وأهم ماؤلفاتهم‬ ‫‪-8‬‬

‫‪29‬‬ ‫الطبري‬ ‫‪ -8‬أ ‪-‬‬

‫‪30‬‬ ‫الرازأي‬ ‫‪ -8‬ب ‪-‬‬

‫‪31‬‬ ‫ابن سإينا‬ ‫‪ -8‬جـ‪-‬‬

‫‪33‬‬ ‫الزأهراوي‬ ‫‪ -8‬د ‪-‬‬

‫‪3‬‬
‫‪35‬‬ ‫الغافقي‬ ‫‪ -8‬هـ‪-‬‬

‫‪35‬‬ ‫دأاودأ العطار‬ ‫‪ -8‬و ‪-‬‬

‫‪36‬‬ ‫ابن البيطار‬ ‫‪ -8‬ى ‪-‬‬

‫‪38‬‬ ‫ابن البيطار عالم الصيدألة وشيخ العشابين في الندألس‬ ‫‪-9‬‬

‫‪38‬‬ ‫مان هو ابن البيطار؟‬ ‫‪- 1 -9‬‬

‫‪40‬‬ ‫أخلقه وصفاته‬ ‫‪- 2 -9‬‬

‫‪40‬‬ ‫أقواله‬ ‫‪- 3 -9‬‬

‫‪40‬‬ ‫حياته العلماية‬ ‫‪- 4 -9‬‬

‫‪42‬‬ ‫أسإاتذته‬ ‫‪- 5 -9‬‬

‫‪42‬‬ ‫أبو العباس ابن الروماية النباتي‬ ‫‪-1 – 5 -9‬‬

‫‪43‬‬ ‫الحجاج الشبيلي‬ ‫‪- 2 – 5 -9‬‬

‫‪43‬‬ ‫عبدأ ال صالح الكتاماي‬ ‫‪-3 – 5 -9‬‬

‫‪43‬‬ ‫رحلته العلماية‬ ‫‪- 6 -9‬‬

‫‪47‬‬ ‫تلمايذه‬ ‫‪- 7 -9‬‬

‫‪48‬‬ ‫أحمادأ بن القاسإم ابن أبي أصيبعة‬ ‫‪-1 – 7 -9‬‬

‫‪50‬‬ ‫ابراهيم بن ماحمادأ السإويدأي الدأماشقي‬ ‫‪-2 – 7 -9‬‬

‫‪50‬‬ ‫دأاودأ بن عمار النطاكي‬ ‫‪-3 – 7 -9‬‬

‫‪52‬‬ ‫إبدأاع ابن البيطار العلماي‬ ‫‪- 8 -9‬‬

‫‪52‬‬ ‫مانهج ابن البيطار في دأراسإته للنباتات‬ ‫‪- 9 -9‬‬

‫‪55‬‬ ‫ماؤلفات ابن البيطار وتمايزأه العلماي‬ ‫‪- 10 -9‬‬


‫‪4‬‬
‫‪56‬‬ ‫كتاب الجاماع لمافردأات الدأوية والغأذية‬ ‫‪-1 – 10 -9‬‬

‫‪62‬‬ ‫أسإلوبه في البحث العلماي لهذا الكتاب‬ ‫‪ -1 – 10 -9‬أ ‪-‬‬

‫‪64‬‬ ‫القيماة العلماية لهذا الكتاب‬ ‫‪ -1 – 10 -9‬ب‪-‬‬

‫‪65‬‬ ‫كتاب الماغني في الدأوية المافردأة‬ ‫‪-2 – 10 -9‬‬

‫‪68‬‬ ‫كتاب البانة والعلم بماا في المانهاج مان الخلل والوهام‬ ‫‪-3 – 10 -9‬‬

‫‪69‬‬ ‫تفسإير كتاب دأيسإقوريدأوس‬ ‫‪-4 – 10 -9‬‬

‫‪69‬‬ ‫كتاب الفعال الغريبة والخواص العجيبة‬ ‫‪-5 – 10 -9‬‬

‫‪69‬‬ ‫رسإالة في تدأاوي السإماوم‬ ‫‪-6 – 10 -9‬‬

‫‪69‬‬ ‫مايزأان الطبيب‬ ‫‪-7 – 10 -9‬‬

‫‪69‬‬ ‫كتاب القرباذين‬ ‫‪-8 – 10 -9‬‬

‫‪69‬‬ ‫ماقالة في الليماون‬ ‫‪-9 – 10 -9‬‬

‫‪70‬‬ ‫علج السإرطان‬ ‫‪-10 – 10 -9‬‬

‫‪71‬‬ ‫تعريف عشبة الهندأباء‬ ‫‪-1 -10 – 10 -9‬‬

‫‪72‬‬ ‫الطرخون‬ ‫‪ -1 -10 – 10 -9‬أ‪-‬‬

‫الهندأباء البرية‬ ‫‪-1 -10 – 10 -9‬‬


‫‪73‬‬
‫ب‪-‬‬

‫‪74‬‬ ‫آراء بعض العلمااء بهذه العشبة‬ ‫‪-2 -10 – 10 -9‬‬

‫‪76‬‬ ‫خصائص نبات الهندأباء‬ ‫‪-3 -10 – 10 -9‬‬

‫‪80‬‬ ‫تصنيف الماراض والدأوية والعلجات‬ ‫‪- 11 -9‬‬

‫‪5‬‬
‫‪83‬‬ ‫آراء علمااء الغرب بابن البيطار‬ ‫‪- 12 -9‬‬

‫‪83‬‬ ‫وفاته‬ ‫‪- 13 -9‬‬

‫‪83‬‬ ‫أثر علمااء النبات الماسإلماين في الحضارة الغربية‬ ‫‪-10‬‬

‫‪85‬‬ ‫تعليق المانصفين مان الغربيين على انجازأ الماسإلماين في علم النبات‬ ‫‪-11‬‬

‫‪86‬‬ ‫خاتماة‬

‫‪88‬‬ ‫مالخص عربي‬

‫‪89‬‬ ‫مالخص انكليزأي‬

‫‪90‬‬ ‫الماراجع‬

‫‪6‬‬
‫مقدمة‬
‫الصــيدلة علــم يبحــث فــي العقــاقير وخصائصــها وتركيــب الدويــة ومــا يتعلــق بهــا‪،‬‬
‫ويتصــل اتصــالل وثيقلــا بعلمــي النبــات والحي ـوان؛ إذ إن معظــم الدويــة ذات أصــل نبــاتي أو‬
‫طــا وثيقلــا بعلــم الكيميــاء‪ ,‬لن الدويــة تحتــاج إلــى معالجــة ود اريــة‬
‫حي ـواني‪ ،‬كمــا يرتبــط ارتبا ل‬
‫بالمعادلت والقوانين الكيميائية‪.‬‬

‫والصــيدلية كلمــة عربيــة تعنــي بيــع العقــر والدويــة‪ ،‬والعقــار هــو النبــات الــذي يعقــر‬
‫البل في الصـحراء أي يسـممها‪ ،‬ومنهـا أطلـق لفـظ عقـار علـى النبـات السـام‪ ،‬وعممـه العـرب‬
‫علــى النباتــات ذات الفائــدة الطبيــة‪ ،‬و " أق اربــازين " لفظــة فارســية تعنــي فــن تركيــب الــدواء‪،‬‬
‫وكلمـ ــة ‪ pharmacy‬الفرنجيـ ــة الـ ــتي معناهـ ــا الصـ ــيدلية أصـ ــلها يونـ ــاني قـ ــديم ‪pharmakan‬‬
‫للدللة على عقار أو دواء أو سم‪.‬‬

‫الوضع في العالم قبل النهضة السإلماية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫من المحتمل أن تكون شــعوب مـا قبــل التاريـخ قـد اســتعملت الدويــة قبـل بــزوغ فجــر‬
‫أول حضــارة فــي العــالم؛ ومــن المحتمــل أن يكونـ ـوا قــد اكتشــفوا قــدرة بعــض النباتــات علــى‬
‫ضــا التهــام بعــض‬
‫تسكين آلمهم وشفائهم من بعض المراض‪ ،‬وربما يكونــون قـد لحظـوا أي ل‬
‫الحيوانات المريضة لبعض النباتات وشفائها‪ ،‬ومن ثم قاموا بتناول هذه النباتات نفسها عنــد‬
‫مرضهم‪.‬‬

‫الدأوية في ال زأمانة المااضية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫‪7‬‬
‫تتعـمد لوحــة الصلصــال الــتي يرجــع تاريخهــا إلــى عهــد الحضــارة الســومرية فــي الشــرق‬
‫الوسط ـ عام ‪ 2000‬ق‪.‬م ـ أول سجل مكتوب لستعمال الدوية‪ ،‬وبهذه اللوحة اثنتا عشرة‬
‫وصــفة طبيــة‪ .‬وكــذلك يحتــوي قرطــاس مصــري يرجــع تــاريخه لعــام ‪1550‬ق‪.‬م‪ .‬علــى أكــثر‬
‫من ســبعمائة دواء‪ .‬واسـتعمل قــدماء الصــينيين والرومـان الكـثير مــن الدويــة‪ ،‬ويتعـمد الرومــان‬
‫أول من قاموا بافتتاح صيدلية وكتابة أول وصفات طبية تحدد كمية كل مادة يحتوي عليها‬
‫الدواء‪.‬‬

‫لوحة الصلصال‬

‫‪8‬‬
‫ولكن على الرغم من استعمال القــدماء للعديــد مــن الدويــة‪ ،‬إل أن معظــم علجــاتهم‬
‫لــم تكــن ناجحــة‪ ،‬وقــد يرجــع الشــفاء الناتــج عــن تعــاطي بعــض هــذه العلجــات الطبيعيــة إلــى‬
‫بعض المراض التي يشفى منها تلقائليا بعد مضي عدة أيام مــن حــدوثها‪ ،‬ممــا يــدفع بعــض‬
‫النــاس للظــن بــأن الشــفاء قــد يرجــع لتلــك العلجــات‪ ,‬وعلــى الجــانب الخــر علينــا أن نعــترف‬
‫بــأن هنــاك عــدلدا مــن الدويــة النافعــة الــتي اكتشــفها القــدماء‪ ,‬فقــد اســتعمل قــدماء الغريــق‬
‫والرومان الفيون لتسكين اللم‪ ،‬واكتشف قــدماء المصـريين زيــت الخــروع لعلج المســاك‪،‬‬
‫كما اكتشف الصينيون أكل الكبد لعلج فقر الدم‪.‬‬

‫وكــان الطــب والصــيدلة فــي الجاهليــة بــدائيال محــدودال تنــاقله النــاس مشــافهة فــي غيــر‬
‫نظــام‪ ،‬وقــد قــال ابــن خلــدون‪ :‬للباديــة مــن أهــل العمـران طــب يبنــونه فــي غــالب المــر علــى‬
‫تجربة قاصرة على بعض الشخاص‪ ،‬متوارثال‪ ،‬ومن علماء الجاهلية والســلم معــال فــي علــم‬
‫الط ــب الح ــارث ب ــن كل ــدة وه ــو ثقف ــي م ــن أه ــل الط ــائف‪ ,‬ط ــبيب الع ــرب ف ــي عصـ ـره وأح ــد‬
‫الحكماء المشهورين‪ ,‬رحل إلى فارس وأخذ الطــب مــن أهــل جنـد بيســابور‪ ,‬ولــد فـي الجاهليــة‬
‫وعــاش فــي أيــام الرســول صــلى ال ـ عليــه وســلم وأيــام أبــي بكــر وعثمــان وعلــي وتــوفي أيــام‬
‫معاويــة‪ .‬كــان النــبي صــلى الـ عليــه وســلم يــأمر ممـنن بــه علــة أن يــأتيه فيتطبــب عنــده‪ ,‬وقــد‬
‫روي أن سعد بــن أبــي وقــاص مـرض بمكــة فـأمر النـبي صـلى الـ عليـه وسـلم أن تيـدعى لـه‬
‫الحارث ليطببه‪ ،‬فحضر وعالجه وبريء‪ ,‬له تصانيف في الطب منها‪) :‬كتــاب المحــاورة فــي‬
‫الطب بينه وبين كسرى( ومن الطباء في الجاهلية‪ :‬خزيم من بني تميم‪.‬‬

‫نشأة علم الصيدألة عندأ الماسإلماين‪:‬‬ ‫‪-3‬‬

‫بـدأ النـبي صـلى الـ عليـه وسـلم بنفسـه يضـع أسلسـا لهـذا العلـم تنظمـه‪ ،‬وتحـدد مهـام‬
‫من يقومون به‪ ،‬والمسئولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم فعن عمرو بن شعيب عــن أبيــه عــن‬
‫ب فهننو ضننامان‪.‬‬ ‫جده أن رسول ال صلى ال عليه وســلم قــال‪ :‬مان بتطببب ولم يعلم مانننه ططن ب‬
‫رواه أبو داود‪ ،‬وصححه الحاكم والذهبي‪.‬‬

‫والطب يشمل الصيدلة كما هو معلوم ولم ينفصل إل في مرحلة متأخرة‪..‬‬


‫وتؤك ــد المخطوط ــات العربي ــة القديم ــة أن عل ــم الص ــيدلة ه ــو عل ــم ق ــائم ب ــذاته‪ ،‬ولكن ــه ي ــأتي‬
‫باستمرار مكملل لمهنة الطب‪ ،‬وتدل البحاث على أن نشوء علم الصيدلة عند العرب يعود‬

‫‪9‬‬
‫إلى تاريخ سابق للقرن التاسع إذ تؤكد المصادر الببليوغرافية وجود تممركك بــي أدويــة فـي القــرن‬
‫الثــامن فــي مستشــفى جنــد بيســابور فــي )إيـ ـران(‪ ،‬ونميــز مــن بينهــم "ماســويه" والــد الطــبيب‬
‫"يوحنا بن ماسويه" )القرنين الثامن والتاسع(‪ .‬ويعود تاريـخ ظهـور أول العقـاقير العربيـة إلـى‬
‫بداية القرن التاسع‪ ،‬ومعروف أن علم الصيدلة والدوية كان مطبقال في المستشفيات وكذلك‬
‫فــي الصــيدليات ويســجل علــم الصــيدلة عنــد العــرب حــدثال مهمـ ـلا‪ ،‬وهــو انفصــال شــقي علــم‬
‫الطب )الطب والصيدلة(‪.‬‬

‫اهتماام السإلم بعلم الصيدألة‪:‬‬ ‫‪-4‬‬

‫اليات القرآنية والحاديث النبوية تحث على التداوي وتأمر به حيث أشارت‬

‫أ‪ -‬آيات من القرآن الكريم إلى التداوي وذكرت أنواعال من الدواء ومنها‪:‬‬ ‫‪-4‬‬

‫ماء السماء‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫قال ال تعالى‪:‬‬

‫] مومنززنلمنا بممن الزسممابء ممالء تممبامرلكا[ }ق‪{9 :‬‬

‫]مومجمعنلمنا بممن انلممابء تكزل مشنيءء محيي[ }النبياء‪{30:‬‬

‫ب[ }ص‪. {42:‬‬ ‫ض ببرنجلب م‬


‫ك مهمذا تمنغتممسلل مبابرلد مومش مار ل‬ ‫]انرتك ن‬
‫عسل النحل‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫ك بإملى الزننحبل أمبن اتزبخبذي بممن انلبجمبابل تبتيوتلــا‬ ‫قال تعالى‪ ] :‬موأمنومحى مرب م‬
‫موبم ـمن الزش ـمجبر موبمزمــا مينعبرتشــومن‪ .‬ثتـزم تكبلــي بم ـنن تك ـكل الثزمم ـ ماربت مفانس ـلتبكي‬
‫ف أمنلـمواتنهت بفيـبه بشـمفالء‬
‫ب تمنختملبـ ل‬ ‫تستبمل مركببك تذلتلل مينخترتج بمنن تب ت‬
‫طونبمها مشـ مار ل‬
‫ك ملمميةل بلقمنوءم ميتمفمزكترومن[ }النحل‪.{69 ،68 :‬‬ ‫س بإزن بفي مذبل م‬ ‫بللزنا ب‬

‫‪ .3‬زيت الزيتون‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫صـنبءغ لبنلمبكلبيـمن[ }المؤمنــون‪:‬‬
‫ت ببالـبدنهبن و ب‬
‫م‬ ‫قـال الـ تعــالى‪] :‬مومشـمجمرةل تمنخـترتج بمـنن طتـوبر مسـنيمنامء تمننبتـ ت‬
‫‪. {20‬‬

‫‪ .4‬التين والزيتون ملعا‪:‬‬

‫قال تعالى‪ ] :‬موالكتيبن موالززنيتتوبن[ }التين‪.{ 1:‬‬

‫‪ .5‬اللبن‪:‬‬

‫قــال تعــالى‪ ] :‬م إوبازن لمتكـ ـنم بفــي انلمننمعــابم لمبعنبـ ـمرةل تننسـ ـبقيتكنم بمزمــا بفــي تبطتــونببه بمـ ـنن مبنيـ ـبن فمـ ـنرءث مومدءم لممبلنــا‬
‫صا مسائبلغا بللزشابرببيمن[ }النحل‪.{66 :‬‬ ‫ب‬
‫مخال ل‬
‫‪ .6‬ثمرات النخيل والعناب‪:‬‬

‫قال تعالى‪ ] :‬موبمنن ثممم ماربت الزنبخيبل موانلمنعمنابب تمتزبختذومن بمننهت مسمك لار موبرنزلقا محمسلنا‬
‫ك ملمميةل لبقمنوءم مينعبقتلومن[ }النحل‪.{67 :‬‬ ‫إبزن بفي مذلب م‬

‫‪ -4‬ب‪ -‬ومن الحاديث التي تشير إلى التداوي‪:‬‬

‫ص ـبم نب ـبن تعمم ـمر نب ـبن قمتمــامدةم قمــامل مسـبمنع ت‬


‫ت مجــا بمر نب ـمن‬ ‫‪ ‬روى البخــاري بســنده ع ـنن عا ب‬
‫م م‬
‫صزلى اللزهت معلمنيـبه مومسـلزمم ميقـتـوتل‪ ":‬بإنن مكــامن‬ ‫ت الزن بزي م‬ ‫ضمي اللزهت معننهتمما مقامل مسبمنع ت‬ ‫عنببد اللزبه ر ب‬
‫م‬ ‫م‬
‫طبة بمنحمجـءم أمنو‬‫بفــي مشـنيءء بمـنن أمندبوميتبتكـنم أمنو ميتكــوتن بفــي مشـنيءء بمـنن أمندبوميتبتكـنم مخنيـلر فمبفــي مشـنر م‬
‫ب أمنن أمنكتمبوي"‪.‬‬ ‫ق الزدامء مومما أتبح ب‬‫مشنرمببة معمسءل أمنو لمنذمعءة بمناءر تتموابف ت‬
‫وثبـت فـي الصـحيحين مـن حـديث عبـد الـ بـن جعفـر قـال‪ :‬أريـت رسـول الـ‬ ‫‪‬‬
‫صــلى ال ـ عليــه وســلم يأكــل الرطــب بالقثــاء والرطــب حــار رطــب فــي الثانيــة‪ ،‬يقــوي‬
‫المعــدة البــاردة ويـوافقه‪ ،‬ويزيــد فــي البــاه‪ ،‬ولكنــه سـريع التعفــن‪ ،‬معطــش‪ ،‬معكــر للــدم‪،‬‬
‫مصدع مولد للسدد ووجـع المثانـة‪ ،‬ومضـر بالسـنان‪ ،‬والقثــاء بـارد رطــب فــي الثانيـة‬
‫مســكن للعطــش‪ ،‬منعــش للقــوي بشــمه لمــا فيــه مــن العطريــة مطفيــء لح ـ اررة المعــدة‬
‫الملتهبة‪ ،‬إواذا جفـف بــذره وتد ز‬
‫ق واســتحلب بالمـاء وشــرب سـكن العطــش‪ ،‬وأممدزر البـول‪،‬‬
‫ونفع من وجع المثانة‪ ،‬إواذا دق ونخل ودلك بـه الســنان جله‪ ،‬إواذا دق ورقـه وعمـل‬
‫منه ضماد مع الميفختج نفع من عضة الكلـب‪ ،‬وبالجملـة فهـذا حار وهـذا بـارد وفـي‬

‫‪11‬‬
‫كــل منهمــا صــلح الخــر إوا ازلــة لكــثر ضــرورة ومقاومــة كــل كيفيــة بضــدها ودفــع‬
‫ســورتها بــالخرى‪ ،‬وهــذا أصــل العلج كلــه‪ ،‬وهــو أصــل فــي حفــظ الصــحة بــل علــم‬
‫الطب كله يستفاد من هذا‪ ،‬وفي استعمال ذلك وأمثاله في الغذية والدويـة إصـلح‬
‫لهـا وتعــديل‪ ،‬ودفـع لمـا فيهــا مـن الكيفيـات المضـرة لمــا يقـابله‪ ،‬وفــي ذلـك عـون علــى‬
‫صحة البدن وقوته وخصبه‪ ،‬قالت عائشة رضي ال عنها‪ ":‬سمنوني بكل شــيء فلــم‬
‫أس ــمن؛ فس ــمنوني بالقث ــاء والرط ــب فس ــمنت"‪ ،‬وبالجمل ــة ف ــدفع ض ــرر الب ــارد بالح ــار‬
‫والحــار بالبــارد والرطــب باليــابس واليــابس بــالرطب وتعــديل أحــدهما بــالخر مــن أبلــغ‬
‫أنواع العلجات وحفظ الصحة‪ ،‬ونظيــر هــذا مــا تقــدم مــن أمـره بالســنا والســنوت وهــو‬
‫العســل الــذي فيــه شــيء مــن الســمن يصــلح بــه الســنا ويعــدله‪ ،‬فصــلوات الـ وســلمه‬
‫على من بعث بعمارة القلوب والبدان وبمصالح الدنيا والخرة‪....‬‬

‫عــن أســامة بــن شـريك قــال‪ :‬قــالت العـراب‪ :‬يــا رســول الـ أل نتــداوى؟ قــال‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫نعم يا عباد ال تداووا فإن ال لم يضع داء إل وضــع لــه شــفاء أو قــال دواء إل داء‬
‫واحد‪ .‬قالوا‪ :‬يا رسول ال وما هو؟ قال‪ :‬الهرم "‪.‬‬

‫عن أبي سلمة عن أبي هريرة‪ :‬أن أبا هند حجم النـبي صـلى الـ عليـه وسـلم‬ ‫‪‬‬
‫في اليافوخ؛ فقال النبي صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وانكحـوا‬
‫إليه "‪ ،‬وقال‪ " :‬إوان كان في شيء مما تداوون به خير فالحجامة"‪.‬‬

‫عـن خالــد الحـذاء قـال سـمعت أبـا عبــد الـ ميمونـا يحــدث عـن زيـد بـن أرقـم‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أمرهم أن يتداووا من ذات الجنب بالعود الهنــدي‬
‫والزيت‪.‬‬

‫عن عبد ال بن مسعود رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول الـ صــلى الـ عليــه‬ ‫‪‬‬
‫وس ــلم‪ :‬ت ــداووا بألب ــان البق ــر ف ــإني أرج ــو أن يجع ــل الـ ـ فيه ــا ش ــفاء فإنه ــا تأك ــل م ــن‬
‫الشجر‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫عن عقبة بن عامر‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ ) :‬عليكــم بهــذه‬ ‫‪‬‬
‫الشجرة المباركة زيت الزيتون فتداووا به فإنه مصحة من الباسور "‪.‬‬

‫عن زيد بن أرقم رضي ال عنه قال‪ :‬قال رســول الـ صــلى الـ عليــه وســلم‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫تداووا من ذات الجنب بالزيت والقسط البحري "‪.‬‬

‫‪ -5‬بدأاية النهضة والتطوير‪:‬‬

‫قــام العــرب بتطــوير الكــثير مــن الدويــة البســيطة والمركبــة فــي علــم المــداواة الــتي‬
‫اعتمــد الطــب اللتينــي بعضـال منهــا فيمــا بعــد‪ ،‬إضــافة إلــى التطــور الــذي شــهده تطــبيق علــم‬
‫الصيدلة‪ ،‬إذ أدخل العرب أنواعال صيدلية جديــدة تلبيــة لحاجـات المهنــة‪ ،‬وتعـمدت فتحـال جديــدال‬
‫في علم الصيدلة الذي اعتمــد فــي قســم كــبير منــه علــى الترجمــات العربيــة لبعــض العمــال‬
‫المتعلقــة بعلــوم الطــب عنــد الهنــود والغريــق والــتي أضــيف إليهــا مــا تــداوله بعــض الشــعوب‬
‫كـ ــالعرب والكـ ـراد والخـ ــوز‪ ،‬وبـ ــرزت هنـ ــا ملحظـ ــات وتجـ ــارب شخصـ ــية لطبـ ــاء وصـ ــيادلة‬
‫عرب‪.‬‬

‫ساعدت ترجمة العمال الطبية إلى العربيـة فــي تطـور علمـي الطـب والصـيدلة عنـد‬
‫العرب‪ ،‬إذ شهد عصر الخليفة هارون الرشيد )‪ (809 - 786‬نشاطال ملحوظال على صعيد‬
‫الترجمة‪ ،‬فقـد تمـت ترجمـة الموســوعات الطبيـة الهنديـة الـتي كشـفت عـن وجـود )علـم الحيـاة‬
‫المديدة(‪ ،‬كما قـاد حنيـن بـن إسـحاق )القـرن التاسـع( فريقـال مـن المـترجمين برعـوا فـي تعريـب‬
‫أعمال كبار الطباء الغريق أمثال ديوسكوريد )القرن الول( وغاليان )القرن الثاني(‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫وارتسـمت فـي منتصــف القـرن التاسـع تقريبـال الخطـط الـتي اتبعهـا الطبـاء والصــيادلة العــرب‬
‫في علم المداواة‪:‬‬

‫فمن الناحية التطبيقية‪ ،‬لجئوا إلى اسـتخدام الدويـة البسـيطة والمركبـة المسـتخدمة مـن بقمبـبل‬
‫الطباء الهنود‪ ،‬وكذلك الغريق‪ ،‬أو من قبل بعض الشعوب في العالم العربي‪.‬‬

‫أم ــا فيم ــا يتعل ــق بالناحي ــة النظري ــة‪ ،‬فق ــد طـ ـمور الطب ــاء والص ــيادلة الع ــرب طريق ــة غالي ــان‬
‫طلعـ ـوا عليهــا فــي كتــابه الــذي يحمــل‬
‫بالمعالجــة‪ ،‬وذلــك باســتخدام الدويــة البســيطة الــتي ا م‬
‫عنـوان "كتــاب الدويــة البســيطة" والــتي وجــدوها غيــر كافيــة‪ ،‬إذ أســقط معيــار نوعيــة الدويــة‬
‫المركبــة‪ ،‬ولســد هــذه الفجــوة وضــع الطــبيب الفيلســوف الكنــدي )القــرن التاســع( نظريــة فــي‬
‫مبحـث مقــادير الدويـة المركبــة‪ ،‬حيـث طبــق نظريــة الرياضــيات المتعلقـة بــالتطورات‪ ،‬ووفـق‬
‫هــذه النظريــة الــتي شــرحها الكنــدي فــي كتــابه "فــي مفــردات قــوى الدويــة المركبــة"‪ :‬إن أي‬
‫زيادة في درجة النوعية حتى الدرجة القريبة تتطلب أن تتضاعف قــوة هــذه النوعيــة‪ ,‬وبســبب‬
‫تنــاوله المشــكلة بطريقــة رياضــية‪ ،‬وهــي طريقــة غيــر عاديــة فــي عص ـره كــانت هــذه النظريــة‬
‫مثار جدل في العالمين العربي واللتيني‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ودرس الصيادلة العرب كتاب الطبيب الغريقــي "ديوســكوريد" الــذي يحمــل عنـوان‪" :‬المــادة‬
‫الطبيــة" والــذي وصــف فيــه الفاعليــة العلجيــة للعقــاقير النباتيــة والحيوانيــة والمعدنيــة وتترجــم‬
‫هذا الكتاب في مناسبات عــدة إلــى اللغــة العربيــة تحـت عنـوان كتــاب "العشــاب فـي الطــب"‬
‫وتمت ترجمته كذلك إلى السريانية والفارسية‪.‬‬

‫وكمرس الطباء والصيادلة العـرب معظــم أعمــالهم الطبيــة للدويــة البسـيطة‪ ،‬وبفضـل‬
‫المبــادرة الشخصــية لكــثر مــن ‪ 110‬مــن الكتمــاب مســلحين بالحاجــة الجتماعيــة الملحــة‬
‫والقيمة العلمية العالية‪ ،‬ظهرت وللمرة الولى فــي تاريــخ علــم الصــيدلة د ارســة للمـواد الطبيــة‬
‫المحلية ذات طابع جغرافي‪ ،‬حيث بقيت فمعالة على مدى خمسة قرون‪.‬‬

‫ل‪ ،‬ففي السابق قام كل من إسطفان بن‬


‫ولم تكن معرفة العقاقير الطبية أم الر سه ل‬
‫باسـيل )القــرن التاســع( ‪-‬الـذي كـان أول مــن ترجــم كتـاب "ديـو سـكوريد" إلــى اللغــة العربيــة‪-‬‬
‫وحنين بــن إســحاق ‪-‬الــذي أعــاد و ارجـع ترجمـة إســطفان‪ -‬بنقحـرة )أي نقـل حــروف لغـة إلـى‬
‫لغة أخرى( السماء الغريقية لبعض العقاقير إلى اللغة العربية‪ ،‬وذلــك لنهــم لــم يجــدوا لهــا‬
‫مرادفــات‪ ،‬وقــد شــرح ابــن البيطــار‪ ،‬إمــام النبــاتيين )القــرن الثــالث عشــر( كتــاب ديوســكوريد‬
‫"المادة الطبية" في كتابه "تفسير كتاب ديوسكوريد" مسلطال الضوء على الكثير مــن العقــاقير‬
‫والمركبــات والراء المهمــة الــتي وردت بيــن دفــتي الكتــاب‪ ،‬وفــي الــوقت نفســه أهمــل مــا رآه‬
‫عديم النفع أو هامشيال‪.‬‬

‫ابن جلجل‬

‫اهتموا بالدوية البسيطة‪ ،‬ابن‬ ‫ونذكر من بين الكمتاب الذين‬


‫جلجل )القرن العاشر( من خلل عمله المتميز بمضمونه وعنوانه‪) :‬هذه مقالــة ثامنــة نــذكر‬

‫‪15‬‬
‫صر "ديوسـكوريد" عــن ذكـره فــي كتـابه ممــا يسـتعمل فـي صــناعة الطــب وينتفــع بـه‬
‫فيها ما ق م‬
‫ومما ل تيستعمل ولكن ل نغفل ذكره(‪.‬‬

‫فــي هــذا العمــل طبــق ابــن جلجــل منهــاج "ديوســكوريد" و "غاليــان" فــي وصــف ‪62‬‬
‫عقـا الر لــم يــذكرها "ديوســكوريد"‪ ،‬غالبيتهـا مــن أصــل هنــدي‪ ،‬وتقتسـم إلــى ‪ 55‬مــن منشــأ نبـاتي‬
‫)إهليلــج وأخشــاب الصــندل(‪ ،‬و ‪ 5‬معدنيــة )اليــاقوت والمــاس(‪ ،‬وعقــارين مــن منشــأ حي ـواني‬
‫)العنــبر( ويعــد هــذا العــدد ‪ 62‬عقــا الر قليلل مقارنــة بالعــدد التقريــبي ‪ 400‬عقــار طــبي غيــر‬
‫معــروف لــدى الطبــاء الغريــق )ح ـوالي ‪ 200‬مــن منشــأ نبــاتي و ‪ 200‬أخــرى مــن منشــأ‬
‫حيـ ـواني ومعــدني(‪ ،‬نجــدها مجتمعــة فــي كتــاب "ابــن البيطــار" الــذي يحمــل عنـ ـوان "جــامع‬
‫لمفردات الدوية والغذية" من الطبيعي أن يتجاوز عــدد العقــاقير المســتخدمة فــي المعالجــة‬
‫عنــد العــرب الـ ـ ‪ 400‬عقــار‪ ،‬وأن تــدل البحــاث يوم ـال مــا علــى المشــاركة الحقيقيــة للطبــاء‬
‫والصيادلة العرب فيما يتعلق بالمادة الطبية‪.‬‬

‫لد ارســة هــذه الدويــة البســيطة‪ ،‬اعتمــد الطبــاء والصــيادلة العــرب مختلــف النـ ـواع‬
‫الصيدلية وتناولوا الموضوع مــن جـوانب متعــددة اســتخدم بعضــهم أمثــال "ابــن جلجــل" و"ابــن‬
‫البيطــار" كتــاب "ديوســكوريد" كمرجــع أساســي لمعرفتهــم‪ ،‬ولكنهــم حــذفوا منــه البــاب الخــامس‬
‫المتعلق بالخمور واهتموا بقائمة العقاقير بالتعليق عليها وتفسيرها إواعطاء مرادفاتها‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالتقديم اللفبائي )البسيط أو وفــق الجمــل( للعقــاقير‪ ،‬فكــانت الطريقــة‬
‫المثــل والكــثر تطبيقـال‪ :‬بالنســبة لي عقــار‪ ،‬يتــم إلحــاق الوصــف بمرادفــات فــي لغــات مثــل‬
‫السـ ـريانية والفارس ــية واللتيني ــة‪ ،‬وف ــي بع ــض الحي ــان إعط ــاء مرادف ــات باللهج ــات العربي ــة‬
‫المحلية‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫مـ ــن ناحيـ ــة أخـ ــرى اعتمـ ــد هـ ــذا المنهـ ــاج كـ ــل مـ ــن الطـ ــبيب الـ ـرازي )القرنيـ ــن التاسـ ــع‬
‫والعاشر( في كتابه ‪/‬الحاوي‪ /‬الذي يضم ‪ 829‬عقا الر والــبيروني فــي كتــابه )كتــاب الصــيدلة‬
‫في الطب( الذي يصف ‪ 850‬عقا الر لهداف تعليمية‪ ،‬استخدم بعض الكمتاب أساليب تقديم‬
‫خاصة بهم‪ ،‬في حين استخدم "حنين بن إسحاق" منهاج السؤال والجواب‪.‬‬

‫حنين بن اسحاق‬

‫وأرفــق "رشــيد الــدين بــن الصــوري" )القــرن الثــامن( وصــف النباتــات الطبيــة برســم للنبــات فــي‬
‫حالتيه الخضر واليابس‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ولكــن لســوء الحــظ لــم تتــم المحافظــة علــى هــذه الكتــب فــي حيــن أن ابــن الجـ ـمزار )القــرن‬
‫العاشر(‪ ،‬اعتمد تصنيف الدوية وفقال لدرجة فاعليتها‪.‬‬

‫ابن الجزار القيرواني‬

‫اعتمـد كـل مـن الطـبيب ابـن سـينا )القرنيـن العاشـر والحـادي عشـر( والعلئـي )القـرن الثـاني‬
‫عشــر( منهــاج تقــديم بجــداول شــاملة‪ ،‬واســتخدم العلئــي جــدول مــن ‪ 16‬عمــودال بإعطــاء كــل‬
‫عقار طبي التعليمات التالية‪:‬‬

‫السم‪.‬‬ ‫‪.1‬‬

‫الطبيعة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫النوع‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫‪18‬‬
‫الختيار‬ ‫‪.4‬‬

‫التركيب‪.‬‬ ‫‪.5‬‬

‫العلئي‬ ‫القوة‪.‬‬ ‫‪.6‬‬

‫تأثيره على أمراض الرأس‪.‬‬ ‫‪.7‬‬

‫تأثيره على أمراض الجهاز التنفسي‪.‬‬ ‫‪.8‬‬

‫تأثيره على أمراض جهاز الهضم‪.‬‬ ‫‪.9‬‬

‫‪ .10‬تأثيره على كامل الجسم‪.‬‬

‫‪ .11‬طريقة الستعمال‪.‬‬

‫‪ .12‬الكمية المستخدمة‪.‬‬

‫‪ .13‬تأثيراته الجانبية‪.‬‬

‫‪ .14‬ميزاته‪..‬‬

‫‪ .15‬الدواء البديل‪.‬‬

‫‪ .16‬رقمه‪.‬‬

‫يــبين لنــا هــذا المثــال أنــه قــد تمــت د ارســة تــأثير الدويــة البســيطة مــن قبــل بعــض‬
‫الطبــاء والصــيادلة العــرب وفــق معــايير معقــدة شــيئال فشــيئلا‪ ،‬فــي الحقيقــة لــم ينــوه غاليــان إل‬
‫لثلثة أنواع من الفاعلية لكل عقار‪:‬‬

‫‪ o‬الخاصـ ــيات البدائيـ ــة )الوليـ ــة( الفمعاليـ ـ ـة )بـ ــرودة أو سـ ــخونة( والسـ ــلبية )جفـ ــاف أو‬
‫رطوبة(‪.‬‬

‫‪ o‬والخاصيات الثانوية التي تتضمن الرائحة والطعم‪.‬‬

‫‪ o‬والخاصيات الثالثة والتي تتضمن تأثير الدواء على الجسم‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫ويحتل مؤملف ابن البيطار الذي يحمـل عنـوان )جـامع لمفـردات الدويـة والغذيـة( الـذي‬
‫أشـرنا إليــه مســبقال مكانــة مهمــة فــي تاريــخ الصــيدلة عنــد العــرب‪ ،‬ورد فــي هــذا الكتــاب بذنكـتر‬
‫حوالي ‪ 260‬مصد الر وحوالي ‪ 2400‬اسـم لعقــاقير طبيـة‪ ،‬ثلثهـا تقريبـال هـي مرادفــات بسـيطة‬
‫أمــا عــدد العقــاقير المــذكورة فيبلــغ حـوالي ‪ 1400‬عقــار طــبي‪ ،‬منهــا حـوالي ‪ 400‬عقــار لــم‬
‫تكن معروفة عند الطباء الغريق‪.‬‬

‫تــم فــي تلــك الفــترة تــأليف الكــثير مــن كتــب المرادفــات والمعــاجم وذلــك مــن أجــل تســهيل‬
‫المهمة الموكلة للطباء والصيادلة ولم ينس أكـثر هـؤلء التكتـزـاب أن يشـيروا فــي هـذه الكتــب‬
‫إلى تسميات العقاقير وفق اللهجات العربية المتنوعة‪ ،‬على سبيل المثــال أشــار الطـبيب أبــو‬
‫عمران موسى بن ميمون بن عبد ال ‪ /Maimonide/‬القــرن الثــاني عشــر فــي كتــابه "كتــاب‬
‫ش ــرح أس ــماء العق ــار" أن التم ــر هن ــدي ‪ tamarin‬ه ــو اس ــم ش ــجرة ال ـ ـ ‪ humar‬ومم ــا ترك ــه‬
‫الببليوغرافيــون القــدامى والجــدد‪ ،‬نعــرف أنــه قــد تــم تــأليف عــدد قليــل مــن العمــال فــي العــالم‬
‫العربــي بلغــة أخــرى غيــر العربيــة‪ :‬منهــا كتــاب مــن تــأليف إســحاق بــن مـ ـراد )القــرن ال اربــع‬
‫عشر( مكتوب باللغة التركية‪.‬‬

‫نشــطت فــي القــرن الحــادي عشــر فــي الشــرق كمــا فــي الغــرب حركــات ترجمــة العمــال‬
‫الطبية المكتوبة باللغة العربية إلى اللغات الفارسية والكتالونية وبشكل خاص إلى اللتينيــة‪،‬‬
‫وشملت كذلك الكتب الطبية في الدوية البســيطة‪ ،‬ومــن الجـدير بالـذكر وعلـى ســبيل المثـال‬
‫تمــت ترجمــة كتــب الدويــة البســيطة لـ ـ ابــن ســينا وابــن الوافــد )القــرن الحــادي عشــر( وابــن‬
‫المجزار إلى اللغة اللتينية‪ ،‬حيث كان لهــا الثــر الحاســم علــى علــم الصــيدلة عنــد الصــيادلة‬
‫اللتين‪.‬‬

‫‪ -6‬إسإهام بعض العلمااء‪:‬‬


‫أسهم العرب كثي لار في حقلي الطب والصيدلة؛‬

‫‪-6‬أ‪ -‬ومان أهم إسإهامااتهم‪:‬‬


‫إدخال طرق جديدة للتشخيص المباشر والتشخيص السريري‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وعلج أمراض القلب‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫‪20‬‬
‫واكتشاف طرق مستحدثة للعلج النفسي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وتطوير عمليتي التخدير والنعاش بإدخال مواد جديدة إلى هذا الحقل‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫واكتشاف طرق جديدة لتفتيت الحصى في المثانة للرجال‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫واستئصال حصى المثانة عند النساء عن طريق المهبل‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وفي جراحة القضيب الهوائية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كما اكتشفوا الدورة الدموية الصغرى )الدورة الرئوية(‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -6‬ب‪ -‬ومان مانجزأاتهم ‪:‬‬

‫‪‬أنهم أسسوا علم الطب التجريبي‪.‬‬

‫‪‬وقد حفظوا الـتراث الطــبي للمــم الــتي ســبقتهم مــن الضــياع وأهملـوا مـا يتنــافى فيـه مــع العلـم‬
‫والتجربة‪ ,‬وصححوا الخطاء الواردة فيه وأضافوا معارف جديدة‪.‬‬

‫‪‬وم ــن ذل ــك إقام ــة الم ــدارس الطبي ــة الملحق ــة بالبيمارس ــتانات‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك نظ ــام العاش ــة‬
‫لطلبه ــا عل ــى غـ ـرار الم ــدارس الداخلي ــة ف ــي وقتن ــا ال اره ــن‪ ،‬ويتلق ــى فيه ــا الطلب دروس ــهم‬
‫النظرية والتطبيقية‪ ،‬ويتقدمون في نهاية الدراسة إلى امتحـان كفايـة تينقبسـم بعـده مـن ينجحـون‬
‫يميــن المهنــة‪ ،‬ويتســلمون ب ـراءة ممارســتها تحــت رقابــة الدولــة‪ .‬ومــن هــذه المــدارس‪ :‬مدرســة‬
‫دمشق‪ ،‬ومدرسة بغداد‪ ،‬ومدرسة قرطبة‪.‬‬

‫‪‬كمــا أدخلـوا نظــام الفحــص اليــومي علــى المرضــى بالمستشــفيات‪ ،‬وتــدوين خلصــة الفحــص‬
‫على لوحة سرير المريض‪ ،‬وابتكار نظام الحنميات )الوجبات الخاصة( للمرضى‪.‬‬

‫‪‬ووضع القواعد في طب العيون‪.‬‬

‫‪‬وابتكــار أدوات جراحيــة مختلفــة كالمكاشــط‪ ،‬والكلليــب والحقــن المعدنيــة لســتخراج حصــاة‬
‫المثانة والمشارط‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪‬كما أجروا نظـام اختبــار كفايـة للطبــاء وهـم فــي الخدمـة‪ ،‬وكــان مبـدأ ذلـك فـي عهــد الخليفــة‬
‫المقتدر بإشراف الطبيب سنان بن ثابت بن قترة‪.‬‬

‫‪‬وهم أول من اعتمد طريقة التشخيص السريري على المرضى‪.‬‬

‫‪‬وكذلك العزل )الحجر( الصحي‪.‬‬

‫‪‬كمــا ابتكــروا طرقلــا أخــرى فــي التشــخيص تعرفـ ـوا بهــا علــى أعـ ـراض كــثير مــن المـ ـراض‪،‬‬
‫وتوصــلوا إلــى ســبل لمعالجتهــا‪ .‬مــن ذلــك؛ العقــم وأســبابه‪ ،‬والتخنــث وحــالته وعــالجوا بعــض‬
‫حــالته جراحليــا‪ .‬ومــن هــذه المـ ـراض داء الجمـ ـرة والفيلريــة والورام الخبيثــة الــتي عــالجوا‬
‫بعضها جراحيال وهـي فـي أطوارهـا الولـى‪ ،‬والجـذام وقـد عزلـوا المصـابين بـه فـي مستشـفيات‬
‫خاصة‪.‬‬

‫‪‬والبسل الذي اكتشفوا أعراضه في لون أظافر المرضى‪.‬‬

‫‪‬والشلل وأنواعه وعالجوه بأدوية مخالفة للدوية التي استخدمها من قبلهم‪.‬‬

‫‪‬وكذلك البواسير وقد درسوا أسبابه‪.‬‬

‫‪‬وأجــروا عمليــات جراحيــة مستعصــية فــي العيــن مثــل قــدح المــاء الزرق‪ ،‬كمــا ش ـقموا القصــبة‬
‫الهوائي ــة والمري ــء والمس ــتقيم للتوص ــل إل ــى التغذي ــة الص ــطناعية‪ .‬وربطـ ـوا الشـ ـرايين أثن ــاء‬
‫العمليات الجراحية وفي حالت النزف‪.‬‬

‫‪‬كما كانوا أول من استخدم فتيلة الجرح وأمعاء الحيوانات في العمليات الجراحية‪.‬‬

‫‪‬وأول من استخدم الرصاص البيض في المراهم‪.‬‬

‫‪‬والزئبق في تركيب المسهلت‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪‬وكـانوا أول مـن فـمرق بيـن الج ارحـة وغيرهـا مـن الحقـول الطبيـة‪ ،‬وجعلوهـا قائمـة علـى أسـاس‬
‫دراسة تشريح الجسام‪.‬‬

‫‪‬وفصلوا بين الصيدلة والطب‪ ,‬وأسسوا علم الصيدلة وفق أساليب علمية منظمة‪.‬‬

‫‪‬وقد برعوا في التمييز بين المراض ذات العراض المتشابهة كالحصبة والجــدري‪ ،‬ومــرض‬
‫النق ــرس والرثي ــة‪ ،‬واللته ــاب الرئ ــوي واللته ــاب البل ــوري‪ ،‬وحص ــى الكلي ــة وحص ــى المثان ــة‪،‬‬
‫والمغص المعوي والمغص الكلوي‪ ،‬والسدر والدوار‪ ،‬والشلل النصفي واللقوة )شلل الوجه(‪.‬‬

‫‪‬ومميزوا بين ما هو ناتج عن سبب موضعي ومـا ينتـج عـن سـبب مركـزي فـي الـدماغ‪ ،‬وألمفـوا‬
‫فــي هــذا المجــال بعــض التصــانيف منهــا كتــاب ابــن الج ـزار )الفــرق بيــن العلــل الــتي تشــتبه‬
‫أسبابها وتختلف أعراضها(‪.‬‬

‫‪‬واكتشفوا مرض النكلستوما و الدودة التي تسببه‪.‬‬

‫‪‬واكتشفوا الطفيليات المسببة للجرب‪.‬‬

‫‪‬والعلماء المسلمون أول من استفاد من الكيمياء في حقل الصيدلة‪.‬‬

‫‪‬ولما اعتمد علمهم التجربة والمشاهدة والقياس؛ فقد أجروا التجارب علــى الحيوانــات كــالقرود‬
‫قبل تجربتها على بني البشر‪.‬‬

‫‪‬وبمينوا علقة بعض المراض بالخمر‪ ،‬كما وصفوا داء الفيل وانتشاره في الجسم‪.‬‬

‫‪‬ولحظوا أن لكل مرحلة من العمر معمدلل معيلنا في النبض‪ ،‬وبمينـوا أثــر العوامــل النفســية فــي‬
‫اضطرابه‪.‬‬

‫‪‬واستخدموا النابيب القصديرية المجموفة لتغذية المصابين بعسر البلع‪.‬‬

‫‪‬والطبــاء المســلمون أول مــن اســتخدم الســفنجة المبنجــة )المخـكدرة( الــتي كــانت توضــع فــي‬
‫عصير من الحشيش والفيون والزؤان وست الحسن )الهيوسيامين(‪.‬‬

‫‪‬كما برعوا في تشريح العيون وجراحتها وعرفوا ما يطلق عليه اليوم التشريح المقارن‪.‬‬

‫‪‬وعرف ـوا كيفيــة خياطــة الجــروح بشــكل داخلــي ل يــترك أث ـ لار ظــاه لار مــن الخــارج والتــدريز فــي‬
‫جراحات البطن‪ ،‬وكيفية الخياطة بإبرتين وخيط واحد مثبت بهما‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪‬وهنــاك إســهامات أخــرى للعلمــاء المســلمين فــي حقلــي الطــب والصــيدلة يضــيق المجــال عــن‬
‫ذكره‪.‬‬

‫‪‬العرب أول من ابتكر الشراب الحلو المستخرج من نبات الكرنب مع السكر ول يزال الغــرب‬
‫يطلقون عليه كلمة )‪ ( syrup‬وهي مأخوذة من كلمة شراب العربية‪.‬‬

‫كما أنهم أول من غلف حبات الدوية المرة بغلف من السكر ليتمكن المريض من‬ ‫‪‬‬
‫استساغة الدواء‪.‬‬

‫‪‬وأما عادة تغليف حبات الدوية بالذهب والفضة في الــوقت الحاضــر‪ ،‬فهــي تقليــد يعــود إلــى‬
‫ابـن سـينا الـذي وصـف الـذهب والفضـة كأدويـة مفيـدة للقلـب وقـام بتغليـف الدويـة المعمولـة‬
‫على شكل حبوب‪.‬‬

‫‪‬وبرع العرب في تحضير وصنع وتركيب الضمادات والمساحيق والمراهم واللزوق وقد وفقـوا‬
‫إلى صنع مراهم تجف مع الوقت كشماعات الجروح الحديثة‪.‬‬

‫‪‬وضع العرب عصارة أفكارهم ونتائج تجاربهم في كتب خاصــة ســميت )بالقربــاذين( نشــرت‬
‫فيما بعد على أسس صالحة للستعمال تحت عنوان )وسائل شافية( وتناولها الجميع‪.‬‬

‫‪‬والحــق أن المســلمين هــم أول مــن أســس الصــيدلة فقــد أضــافوا تركيبــات جديــدة وابتكــارات‬
‫علمية لم تكن معروفة قبلهم كما إنهم أول من كتب وأملف في العقاقير‪.‬‬

‫‪‬ومــن أهــم مــآثر العــرب فــي علــم الصــيدلة إدخــالهم نظــام الحســبة ومراقبــة الدويــة‪ ،‬إذ أن‬
‫بعض الصيادلة لم يكونوا أمناء ومخلصين فـي أعمـالهم‪ ،‬وقسـم منهـم يـدعي أن لـديه جميـع‬
‫أصناف الدوية فأمر المأمون ) ‪ 218‬هجرية ‪1133 -‬ميلدية( بامتحان أمانــة الصــيادلة‬
‫)‪221‬هجريــة ‪1135 -‬م( أن يمنــح الصــيدلي الــذي تثبتــت أمــانته‬ ‫ثــم أمــر المعتصــم ســنة‬
‫شهادة تجيز له العمل‪.‬‬

‫انتقل نظام الحسـبة إلـى أوربـا ول تـزال كلمـة "محتسـب" تسـتعمل فـي اللغـة السـبانية بلفظهـا‬
‫العربي حتى الوقت الحاضر‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ومنذ فجر التاريخ لم تنقطع الصلة بين الطبيب والصيدلة حتى أن علماء الثـار تمكنـوا‬
‫مــن العثــور علــى عــدد كــبير مــن الوثــائق البابليــة والشــورية الخاصــة بــالطب والعلج وهــي‬
‫منقوشة على الطين بالكتابة المسمارية‪ ،‬وتشتمل على ثلثة أقسام من اليضاحات‪:‬‬

‫‪ ‬الول‪ :‬خاص بقوائم العشاب الطبية‪.‬‬

‫‪ ‬الثاني‪ :‬مجموعة من الوصفات العلجية المرتبة حسب العضو المصاب‪.‬‬

‫‪ ‬الثالث‪ :‬خاص بمناقشة تشخيص المراض‪.‬‬

‫لقــد اعتمــد الطــب الع ارقــي القــديم فــي الغــالب علــى المملكــة النباتيــة فــي عقــاقيره وأدويتــه‬
‫إلــى درجــة كــبيرة‪ ،‬وهنــاك مجموعــة كــبيرة مــن النباتــات اســتعملت أوراقهــا وجــذورها وخلصــة‬
‫بــذورها وأزهارهــا فــي مختلــف الم ـراض‪ ,‬وفــي ظــل الخلفــة العباســية وفــي عهــد المنصــور‬
‫والرشــيد والمــأمون والمتوكــل كــان تقــدم الصــيدلة فيهــا يعــود بســبب تقــدم علــم الكيميــاء نتيجــة‬
‫البحث والستقراء والتجارب وقد اشتهر في بدء هذه العهود جابر بن حيان والكندي‪.‬‬

‫ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن‬ ‫ج ــابر‬
‫الكندي‬ ‫حيــان‬

‫والرازي وغيرهم ممن اكتشفوا كثي ار من المستحضرات الكيماوية الــتي تبنيــت عليهــا الكيميــاء‬
‫الحديثــة وهــم أول مــن وصــف التقطيــر والترشــيح والتصــعيد والتبلــور واستحضــار مركبــات‬
‫وأحماض كثيرة‪.‬‬

‫الطــبيب الكــبير والصــيدلني ) الزهـراوي( تيمعـبد أمومل مــن صــنع أقـراص الــدواء‪ ،‬وكــان يصـببها‬
‫في قوالب من خشب البنوس‪ ،‬أو العاج وعليها ينقش اسمها الطبي‪.‬‬

‫أول مــن تنمبــه إلــى أهميــة تاريــخ صــناعة كــل دواء‪ ،‬والطريقــة المثلــى لحفظــه كــي ل‬
‫يتسـ ـمرب إلي ــه تل ــف أو فس ــاد‪ ،‬ه ــو الط ــبيب العرب ــي )داود النط ــاكي( ال ــذي أمك ــد ف ــي كت ــابه‬

‫‪25‬‬
‫)تذكرة أولي اللباب‪ ،‬والجامع للعجب العجاب( على ملحظــة تاريــخ صــنع الــدواء‪ ،‬وتحديــد‬
‫فترة صلحيته للعلج )الكسباير( كي ل ينقلب نفعه ‪-‬كما يقول‪ -‬إلى مضار‪.‬‬

‫داود النطاكي‬

‫ال زأدأهار العلماي والتقدأم الطبي‪:‬‬ ‫‪-7‬‬

‫وفـ ــي الحقيقـ ــة شـ ــهدت الفـ ــترة مـ ــا بيـ ــن القرنيـ ــن‬
‫السـ ــادس والسـ ــابع الهجرييـ ــن تطـ ــولار كـ ــبي لار فـ ــي مجـ ــال‬
‫الطب‪ ،‬خاصة لهتمـام الحكــام والمـراء بــالعلم الطــبي‬
‫إوانشـ ــاء دور الستشـ ــفاء )البيمارسـ ــتانات(‪ ،‬بـ ــل وصـ ــل‬
‫ضـ ــا فـ ــي تطـ ــور‬
‫المـ ــر إلـ ــى حـ ــد أن كـ ــان لهـ ــم دور أي ل‬
‫البحث الطبي في هذه المرحلة‪ ،‬فقد تعــددت الشــارات‬
‫إلـى صـدور الوامـر السـلطانية بالتـأليف الطـبي‪ ،‬مثـل مـا نجـده فـي مخطوطـة )بهجـة الفكـر‬
‫في علج أمراض العين لبن أبي عقيل حيث يـذكر أن السـلطان نجـم الـدين أيـوب قـد أمـره‬
‫بتأليف كتاب في أمراض العين‪ ،‬والسباب المحدثة لها والعلمات الدالة عليها‪ ،‬والعلجات‬
‫الشــافية منهــا‪ ،‬ويقــول فــي ذلــك‪) :‬امتثلــت إلــى ذلــك‪ ،‬ووضــعت الكتــاب مشــتملل علــى ذكــر‬
‫ضا سريلعا موسوعييا علــى طريقــة علمــاء‬
‫العين( ‪ ،‬ثم يشرع المؤلف في عرض الموضوع عر ل‬
‫العصر‪.‬‬

‫إوالـ ــى جـ ــانب اهتمـ ــام الحكـ ــام والم ـ ـراء بالتـ ــأليف‪ ،‬إل أن القرنيـ ــن السـ ــادس والسـ ــابع‬
‫الهجرييــن قــد مثل عصــر التطــبيق وظهــور الكتشــافات الطبيــة الجديــدة‪ ،‬مثــال ذلــك الــدورة‬
‫الدموية لبن النفيس‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫ضــا ظهــرت الصــلة الوثيقــة بيــن الصــيدلة والطــب حيــث كــان الطــبيب يعــد‬ ‫وفــي هــذه الفــترة أي ل‬
‫أدويت ــه بنفس ــه حس ــب معرفت ــه وتج ــاربه الخاص ــة‪ ،‬وال ــدليل عل ــى ذل ــك الت ــآليف الك ــثيرة ال ــتي‬
‫وضــعها الطبــاء فــي الصــيدلة‪ ،‬أي فــي الدويــة المفــردة والمركبــة سـواء كــانت مــن نبــات أو‬
‫حيوان أو معادن‪.‬‬

‫وقد عرفوا الدوية المفردة بالعقاقير الصيلة‪ ،‬أما الدوية المركبة فسموها )القراباذين(‬
‫ظــا فــي معرفــة خـ ـواص‬‫وبقــي هــذان الســمان متــداولين عــبر التاريــخ‪ .‬وتقــدموا تقــدلما ملحو ل‬
‫العقــاقير س ـواء كــانت مــن النباتــات أو المعــادن أو الحيوانــات‪ ،‬فهــم الــذين أرس ـوا قواعــد علــم‬
‫الصيدلة‪.‬‬

‫وهناك إجماع عند مؤرخي العلم أن علماء العرب والمسلمين هم الذين وضعوا قواعد‬
‫علم الصيدلة وفصلوها عن علم الطـب‪ ،‬لن الصـيدلة والطـب كانتـا مهنـة واحـدة‪ .‬وقـد حاول‬
‫علماء المسلمين أن يحصلوا على متخصصــين فـي مجـال الصــيدلة‪ ،‬فأنشــئوا المـدارس الــتي‬
‫تعلم الدارسين طريقة تحضير القراباذين وطريقة تسويقها‪ ،‬كما أنهم أول من عمل صــيدلية‬
‫عامــة‪ ،‬وصــيدلية خاصــة ملحقــة بالمستشــفى‪ ،‬يقــول الــدكتور عبــد الرحمــن مرحبــال‪) :‬وللعــرب‬
‫نصــيب كــبير فــي نشــأة الصــيدلة وتقــدمها‪ .‬فقــد بلغــت علــى أيــديهم مبللغــا عظيلمــا مــن الرقــي‪،‬‬
‫فــالعرب هــم المؤسســون الحقيقيــون لمهنــة الطــب الــتي رفعوهــا عــن مســتوى تجــارة العقــاقير‪.‬‬
‫وهــم الــذين أنشــئوا المــدارس لتحضــير الق اربــاذين وأمــاكن لبيعهــا وتص ـريفها وأخضــعوا هــذه‬
‫الصــناعة لرقابــة الدولــة لمنــع الغــش‪ ،‬فكــان الصــيادلة ل يزاولــون مهنتهــم إل بعــد الــترخيص‬
‫لهم‪ .‬وقد افتتحوا الصيدليات العامة في أواخر القرن الثامن للميلد في عهد المنصور‪ ،‬كما‬
‫ألحقوا بكل بيمارستان صيدلية خاصة به(‪.‬‬

‫ومنذ أيام المأمون في القرن التاسع كانت الصيدليات تحت إشراف الدولة صيانة لهــا‬
‫من تجار العقاقير‪ ،‬ويقول طوقان‪) :‬كان في كل مدينة مفتـش خـاص للصــيدليات وتحضـير‬
‫الدوية(‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫لقد حازت بحـوث المسـلمين فـي حقـل الصـيدلة موقـع الصـدارة‪ ،‬منـذ وقـت مبكـر‪ ،‬ول‬
‫أدل عل ــى ذل ــك م ــن أنن ــا نج ــد ك ــثي لار م ــن المؤلف ــات الص ــيدلية لك ــثير م ــن حكم ــاء الس ــلم‬
‫وعلمــائه‪ ،‬مثــل بعــض أجـ ـزاء القــانون لبــن ســينا الــذي خصصــه لد ارســة الدويــة والعقــاقير‬
‫الهامة والتي يعتمد عليها الطبيب في علجه‪ ،‬وكذلك البيروني معاصره والمتفوق عليــه فــي‬
‫هذا الجانب بكتابه )الصيدلة في الطـب( والـذي ألفــه مســجلل فيــه خمسـة أضــعاف مــا سـجله‬
‫)ديسقوريدوس( في دراساته للعقاقير‪ ،‬وكانت ميزته في هــذا الكتــاب معرفتــه التامــة بكــل مــن‬
‫اللغة السنسكريتية والفارسية والعربية واليونانية إضافة إلى لهجته الخوارزمية‪ ،‬ممــا مكنــه أن‬
‫يــورد فــي كتــابه أســماء العقــاقير بكــل هــذه اللغــات‪ ،‬محــاول التوحيــد بيــن مصــطلحات علــم‬
‫الصــيدلة عالميــال بقــدر المكــان‪ ،‬هــذا فضــل عــن وضــعه لمقدمــة الكتــاب والــتي تعـمد دســتو ارل‬
‫طبيــال ل غنــى للطــبيب مــن الطلع عليــه‪ ،‬خاصــة وأنــه يــورد فيــه الخلقيــات العلميــة الــتي‬
‫ينبغي أن يتصف بها الصيدلني‪ ،‬وكذلك السلوب العلمي الذي ينبغي أن يتبعــه فــي عملــه‬
‫الطـبي وتكــوينه للدويـة والعقـاقير‪ ،‬ويكتسـب الصـيدلي ـ عنـده ـ معرفـة بقـوى الدويـة وتـأثير‬
‫العقــاقير بطــول التجربــة واســتمرار الممارســة‪ ،‬وقــد تمكــن الــبيروني مــن جعــل الصــيدلة‪ ،‬إوان‬
‫مستقل كاستقلل المنطق عن الفلسفة‪ ،‬والعروض عن الشعر‪.‬‬ ‫ل‬ ‫تكن آلة الطب‪ ،‬ل‬
‫علما‬

‫وعلــى الرغــم مــن اعتمــاد الصــيادلة العــرب فــي بدايــة أبحــاثهم ود ارســاتهم علــى كتــب‬
‫الســابقين‪ ،‬إل أنهــم تمكن ـوا مــن إضــافة مــادة طبيــة غزي ـرة س ـواء كــانت نباتيــة أم حيوانيــة أو‬
‫معدنية‪ ،‬بفضل اتساع رقعتهم الجغرافية ونمو كثير من النباتات الطبية فيها‪ ،‬بالضافة إلى‬
‫تفوقهم في علم الكيمياء‪ ،‬مما مكنهم من ابتكار أدوية لم تكن معروفة من قبــل‪ ،‬ركبوهــا مــن‬
‫تلك الصول وأضافوا إلى مــا عرفـوا مــن صــنوفها عــن الهنــود واليونــان‪ ،‬فكــانوا بهــذا ســباقين‬
‫إلى ابتداع القراباذين أو الفارماكولوجي ‪ Pharmacology‬على الصورة التي وصلت إلينا‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫ول أدل علــى تقــدم المســلمين فــي علــم‬
‫الص ـ ــيدلة مـ ـ ــن أنهـ ـ ــم كـ ـ ــانوا يتحقق ـ ــون مـ ـ ــن أي‬
‫الجـ ـزاء م ــن النب ــات يك ــون العق ــار أفي ــد وأق ــوم‬
‫وأفضـ ــل‪ ،‬وكـ ــذلك مواعيـ ــد جمـ ــع العقـ ــاقير مـ ــن‬
‫النبات وجنيها أو قطفهــا منهــا‪ ،‬وكيفيــة إدخالهــا‬
‫وتخزينهـ ــا‪ ،‬محتفظـ ــة بفوائـ ــدها وقوتهـ ــا دون أن‬
‫يتط ـ ــرق إليه ـ ــا الفس ـ ــاد‪ ،‬م ـ ــع معرف ـ ــة علم ـ ــات‬
‫فســادها‪ ،‬وكــذلك انتقــاء أجــود النبــات المســتخدم‬
‫في صنع العقــار‪ ،‬ولقــد أطنـب فـي هــذا المجـال‬
‫الكــثير مــن أطبــاء العــرب كــابن ســينا والطــبري‬
‫والمجوســي وداود النطــاكي وال ـرازي والــبيروني‬
‫وابن البيطار‪.‬‬

‫‪ -8‬ربوادأ الصيدألة إواسإهامااتهم وأهم ماؤلفاتهم‪:‬‬

‫طلبــق عليــه لقــب صــيدلني فــي العصــر العباســي أبــا قريــش عيســى‬
‫كــان أول مــن أت ن‬
‫المتطبب‪ ،‬فقد كان صيدلنليا في الحملة التي بعث بها المنصــور لمحاربــة ســنقار‪ .‬وقــد نــال‬
‫حظوة في بلد بني العباس‪ .‬ثم بتطــور مهنــة الصــيدلة ظهــر أول طــبيب غلبــت عليــه صــفة‬
‫الصيادلة وهو يوحنا بن ماسويه الخوزي الذي كان أحد معلمي حنين بن إسحاق‪.‬‬

‫ثــم ظهــر أول كتــاب صــيدلني بالعربيــة اســمه القربــاذين الكــبير فــي أواخــر القــرن التاســع‬
‫الميلدي ألفه سابور بن سهل الكوسج ) ‪255‬هـ ‪ 869 ،‬م(‪.‬‬

‫إن صناعة الصيدلة والطب قفزت قفزة نوعية ليـس فـي العـالم السـلمي فحسـب‪ ،‬إوانمـا فـي‬
‫كـ ــل العـ ــالم خلل القرنيـ ــن التاسـ ــع والعاشـ ــر الميلدييـ ــن؛ بظهـ ــور خمـ ــس موسـ ــوعات طبيـ ــة‬
‫صيدلنية كتبت بالعربية هي‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫العالم الذي كتبها‬ ‫اسإم الماوسإوعة‬

‫علي بن سإهل الطبري‬ ‫فردأوس الحكماة‬

‫الرازأي‬ ‫الحاوي‬

‫علي بن عباس الماجوسإي‬ ‫كامال الصناعة‬

‫ابن سإينا‬ ‫القانون في الطب‬

‫الزأهراوي‬ ‫التصريف لمان عجزأ عن التأليف‬

‫دأاودأ العطار‬ ‫الدأكان ودأسإتور العيان‬

‫ابن البيطار‬ ‫الجاماع لمافردأات الدأوية والغأذية‬

‫وقد أسهم هؤلء العلمـاء وغيرهـم بقسـط وافـر فـي تقـدم الصـناعة الطبيـة والصـيدلنية‪ .‬وفيمـا‬
‫يلي وقفة على إسهام بعضهم‪.‬‬

‫‪ -8‬أ‪ -‬إسإهام الطبري‪:‬‬

‫كــان أبــو الحســن علــي بــن ســهل الطــبري أســتالذا للـرازي الــذي أثنــى علــى إســهاماته‪،‬‬
‫وك ــان حق ــل الط ــب عل ــى عه ــد الط ــبري يجم ــع بي ــن الط ــب والص ــيدلة؛ ل ــذا نج ــد أن كت ــابه‬
‫"فــردوس الحكمــة" صــورة صــادقة لمــزج الطــب بالصــيدلة‪ .‬وهــذا الكتــاب أقــدم تممؤلمــف باللغــة‬
‫العربيــة جــامع لفنــون الطــب والصــيدلة‪ .‬وقــد مهمــد الطريــق لمــن جــاء بعــده واقتفــى أث ـره مــن‬
‫أمثــال الـرازي والمجوســي وابــن ســينا‪ ،‬واحتــوى علــى ســبعة أبـواب‪ ،‬تضـزمن البــاب الواحــد ‪30‬‬
‫مقالة مفصلة إلى ‪ 360‬فصلل‪ .‬أفرد الباب السادس للصيدلة‪ ،‬وبه ست مقالت عــن المــادة‬
‫الطبية والسموم؛ تحدث فيها عن الدوية المفردة والمركبة‪ ،‬والصموغ والشياء المتجليـة مـن‬
‫الرض‪ ،‬والصــداف والمعــادن والــدخان والرمــاد والزجــاج‪ ،‬وقــوى الرض والطيــن المختــوم‪،‬‬
‫وتحضــير الدويــة وحفظهــا‪ ،‬والســموم والترياقــات والقـراص والجوارشــنات والربــوب والشـربة‬
‫والدهان والمراهم‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫‪ -8‬ب‪ -‬إسإهام الرازأي‪:‬‬

‫تعـ ـبر م‬
‫ف الـ ـرازي طبيلبــا وكيميائليــا أكــثر مــن نســبته إلــى أي علــم آخــر‪ ،‬لكنــه نبــغ فــي‬
‫ضا‪ ،‬ساعده فــي ذلـك نبـوغه فــي الطـب والكيميـاء‪ .‬وهــو أول مـن نـادى باســتقلل‬ ‫الصيدلة أي ل‬
‫الصــيدلة عــن الطــب‪ ،‬وكــان يقــول لطبــاء عصـره‪ :‬إن علــم الصــيدلة هــو العلــم الوحيــد الــذي‬
‫ســيكون العامــل المشــترك بيــن الطــب والكيميــاء‪ ،‬ومــن هــذا المنطلــق كــان أول مــن أدخــل‬
‫المركبــات الكيميائيــة فــي الصــيدلة‪ .‬ومــع أن انفصــال الصــيدلة عــن الطــب حــدث بعــده بفــترة‬
‫كبيرة‪ ،‬إل أن الفضـل يعـود لـه أولل فـي الشـارة إلـى ذلـك‪ .‬وكتـابه "الحـاوي" أضـخم موسـوعة‬
‫فــي علــم المـراض والمــداواة كتبــت بالعربيــة حــتى عصـرنا الحاضــر‪ ،‬وقــد خصــص الجـزاء‬
‫الخي ـرة مــن هــذا الكتــاب للصــيدلة؛ وفيهــا تنــاول قــوى الدويــة المفــردة‪ ،‬وأحصــى فيهــا نحــو‬
‫‪ 900‬عقــار‪ .‬وكــان عنـوان الجــزء قبــل الخيــر فــي هــذه الموســوعة صــيدلة الطــب‪ ،‬وقـزدم لــه‬
‫بقــوله‪" :‬المعرفــة بالدويــة وتمييزهــا‪ ،‬جيــدها ورديهــا‪ ،‬خالصــها ومغشوشــها‪ ،‬إوان كــان ليــس‬
‫بلزم للطــبيب ضــرورة ـ كمــا يحســبه جهــال النــاس ـ فهــو أحــرى وأزيــن بــه‪ .‬ولــذلك أريــت أن‬
‫أجمــع هــذا الفــن‪ ،‬إوان لــم يكــن جــزلءا مــن الطــب ضــرورليا فــي كتــاب يخصــه"‪ .‬وتنــاول الـرازي‬
‫في باب صيدلة الطب الدوية المفردة والمركبة‪ ،‬وطرق تحضيره‪ ،‬وكشف غشه‪ ،‬كما تناول‬

‫‪31‬‬
‫الوزان والمكاييل‪ .‬وفي آخر أجزاء الكتاب تحدث عن قـوانين اسـتعمال الطعمــة والشـربة‪،‬‬
‫وأدوية الزينة‪.‬‬

‫وصـمنف الـرازي إلــى جــانب الحــاوي كتلبــا كــثيرة بلغــت نحــو ‪ 200‬كتــاب‪ ،‬إل أنــه فــي‬
‫المنصوري و الجامع تـدارك مـا فاته ذكـره فـي الطـب والصـيدلة‪ ،‬ووضـع السـس الصـحيحة‬
‫لعلم العقاقير وبين صفاتها وطرق تحضيرها‪ ،‬وكذلك علم الكيمياء الصيدلية‪ ،‬وهــو أول مــن‬
‫أدخــل الزئبــق فــي الم ارهــم‪ ،‬وابتكــر طريقــة لتحضــير الكحــول مــن الم ـواد النشــوية والســكرية‬
‫المتخمرة‪ ،‬واستخدمه في تطهير الجروح‪ .‬وهناك قول بــأن الفضــل فــي اكتشــاف دواء مضــاد‬
‫للجراثيم )مضاد حيـوي( يعــود للـرازي‪ ،‬فقـد أضــاف عفــن الخــبز والعشــب الفطـري فـي أدويتــه‬
‫التي تعالج الجروح المتعفنة‪ ،‬وحضر بعض الحماض مثل حمــض الكبريتيــك وسـمماه الـزاج‬
‫الخضر أو زيت الزاج‪.‬‬

‫كما كان أول من استخدم الفحم الحيواني في قصر اللوان؛ ول يزال هذا الفحم‬
‫مســتخدلما ل ازلــة الل ـوان والروائــح مــن الم ـواد العضــوية‪ .‬وهــو أول مــن ف ـمرق بيــن كربونــات‬
‫الصوديوم وكربونات البوتاسيوم على الرغم من التشابه الكبير في خصائصـهما‪ .‬وكـان أول‬
‫من قاس الوزن النوعي لعدد من السوائل مستخدلما مي ازلنا أطلق عليه الميزان الطبيعي‪.‬‬

‫‪ -8‬جن‪ -‬إسإهام ابن سإينا‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫تأتي أهمية ابن سينا في حقلي الطب والصيدلة من أنه العــالم الــذي حـمدد النظريــات‬
‫والتطبيقـ ــات فـ ــي عصـ ــر ازدهـ ــار الحضـ ــارة السـ ــلمية الـ ــتي تقابـ ــل العصـ ــور المظلمـ ــة فـ ــي‬
‫أوروبا‪ .‬إواذا كان علي بـن سـهل الطــبري طليعــة عهــد النهضــة العلميـة الســلمية‪ ،‬فـإن قمـة‬
‫هذه النهضة كانت في عهد الشيخ الرئيس ابن سينا؛ فقد تنــاول علـم الصـيدلة فــي موسـوعة‬
‫"القانون في الطب" ـ التي تتكون من خمسة كتب ـ في الكتابين الثاني والخامس‪.‬‬

‫يحتــوي الكتنناب الثنناني علــى الدويــة المفــردة وذكــر فيــه عــدلدا كــبي لار مــن النباتــات الطبيــة‬
‫العربية المنشأ وكذلك الهندية والفارسية والصينية واليونانية‪ .‬أما الكتـاب الخـامس فقـد تنـاول‬
‫فيه الدوية المرزكبة وطرق تحضيرها سوالء كانت ذات مصدر حيواني أو معدني أو نباتي‪،‬‬
‫ضــر مــا يربــو علــى ‪ 800‬دواءء تمرزكــب اســتخدمها المســلمون ثــم أهــل أوروبــا مــن بعــدهم‬ ‫وح ز‬
‫زملنا طويلل‪ ,‬والكتاب الثاني ينقسم إلى قسمين‪:‬‬

‫يتناول القسم الول أبحالثا في ماهية الدواء واختياره وصفاته ومفعوله وطـرق حفظـه‪ .‬وشـرح‬
‫فـي هــذا الكتـاب تـأثير بعــض العمـال الصــيدلنية فـي عمــل الدويــة المفـردة الــتي قــد تفسـد‬
‫مفعولها أو تقللــه إذا لـم تتـراع مواصـفات كـل دواء‪ .‬وذكــر مـن ذلـك الطبـخ العنيـف والمعتــدل‬
‫والخفيف‪ ،‬والسحق الشديد والمفرط‪ ،‬و الحـراق الـذي يكسـر الحـمدة‪ ،‬أو الــذي يكســب الحـمدة‪،‬‬
‫طف الحدة‪ ،‬أو الذي يزيـل القـوة غيـر المرغوبـة‪ ،‬وأضـاف إلـى هـذا الجـزء جـداول‬ ‫أو الذي يل ك‬
‫أطلق عليها اسم اللواح بمين فيها أثر كل دواء على كل عضو‪ ،‬وجعلهــا اثنــي عشــر لولحــا؛‬
‫وهــو تص ــنيف يمكــن أن نطل ــق علي ــه ف ــي لغــة صــيادلة العصــر التص ــنيف الفارمــاكولوجي‬
‫)تصنيف علم العقاقير(‪.‬‬

‫أما القسم الثاني من الكتاب الثاني فيحتوي على الدوية المفردة ذاتها‪ ،‬وقام بترتيبها ترتيلبا‬
‫ألفبائليا وتمعرض بالتفصيل لنحو ‪ 600‬عقـار وذكـر أمـام‬
‫كل عقار المعلومات الست التالية‪:‬‬

‫‪ - 1‬ماهيته‪.‬‬
‫‪ -2‬اختياره‪.‬‬
‫‪ -3‬طبعه‪.‬‬
‫‪ -4‬فعله‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -5‬بديله‪.‬‬
‫‪ -6‬تسكميته‪.‬‬
‫وقد يضيف إلى بعضها مصدره الجغرافي‪.‬‬

‫والكتاب الخاماس يتنــاول فيــه الدويــة المركبــة‪ ،‬ويقســمها تبلعــا لخواصــها إلــى‪ :‬حــارة وبــاردة‪،‬‬
‫ورطبة ويابسـة؛ وذلـك لن نظريتـه فـي العلج تمسـتمدة مـن أن تركيـب جميـع الكائنـات يقـوم‬
‫علــى أربعــة عناصــر‪ ,‬وأربــع كيفيــات متضــادة‪ .‬وأن بلــوغ الصــحة يتــأتى مــن تعــادل الخلط‬
‫الربعــة فــي جســم النســان؛ وهــي الــدم والبلغــم والمـرة الســوداء والصــفراء وأطلــق عليهــا اســم‬
‫المزاج‪.‬‬

‫وعلــى الرغــم مــن أن نظريــة القــوى والمزجــة والخلط الــتي ع ـمول عليهــا ابــن ســينا‬
‫ومــن ســبقه مــن أطبــاء فــي شــرح آليــة تــأثير الدويــة‪ ،‬تعــد غيــر مقبولــة علمليــا فــي الــوقت‬
‫ال ارهـ ــن‪ ،‬إل أنـ ــه ذكـ ــر وصـ ـلفا لعشـ ـرين فعلل دوائيـ ـال أكـ ــثر ممـ ــا ذكـ ـره المجوسـ ــي فـ ــي "كامـ ــل‬
‫الص ــناعة"‪ ،‬ولك ــل منه ــا أهميت ــه ف ــي عل ــم الط ــب الح ــديث‪ .‬كم ــا ي ــورد ف ــي مق ــالتي الكت ــاب‬
‫الخــامس عــدلدا مــن المركبــات الراتبــة فــي القرباذينــات‪ ،‬وعــدلدا مــن الدويــة المركبــة المجربــة‬
‫بالضافة إلى أصول علم تركيب الدوية‪ ،‬ول يفوته ذكـر الوزان والمكاييـل المســتخدمة فــي‬
‫العالم السلمي آنذاك بالضافة إلى ما عند الروم‪.‬‬

‫‪ -8‬دأ‪ -‬إسإهام الزأهراوي‪:‬‬

‫اشـ ــتهر أبـ ــو القاسـ ــم خل ـ ــف بـ ــن عبـ ــاس‬
‫الزه ـراوي بــأنه أبــو الج ارحــة فــي عصــر ازدهــار‬
‫العلــم الســلمي ‪,‬العصــور المظلمــة فــي أوروبــا‪.‬‬
‫وكــان خــبي لار بالدويــة المفــردة والمركبــة‪ .‬وأشــهر‬
‫مؤلفـ ــاته )التصـ ـريف لمـ ــن عجـ ــز عـ ــن التـ ــأليف(‬

‫‪34‬‬
‫ويعــد هــذا المؤلزــف دائـرة معــارف طبيــة أفــادت منــه أوروبــا علــى مــدى خمســة قــرون‪ ،‬واحتــل‬
‫المكانة التي كان يحتلها كتاب بولس اليجنطي في الجراحة‪ .‬وقد خــص الزهـراوي الصــيدلة‬
‫في هذا الكتاب بنصيب كبير‪ ،‬إذ أفرد لها سبعة وعشـرين بالبا مـن بيـن الثلثيـن مقالـة الـتي‬
‫ضمها الكتاب‪ .‬تناول الزهراوي في هذه البـواب الشـكال الصـيدلنية‪ ،‬ود ارسـات عـن أدويـة‬
‫تخص معالجة أمراض معينة؛ مثل أدوية القلب وأدوية السمنة والباءة وأمراض النساء‪.‬‬

‫وأفضل ما كتبه في الكتاب عن الصيدلة المقـالتين ‪ 28‬و ‪.29‬ـ وقـد ترجمـت الولـى‬
‫إلــى اللتينيــة وطبعــت فــي البندقيــة عــام ‪876‬هــ‪1471 ،‬م‪ .‬وكــانت أشــهر مقالــة صــيدلنية‪،‬‬
‫تن ــاول فيه ــا كيفي ــة تحض ــير العق ــاقير المعدني ــة والنباتي ــة والحيواني ــة وتنقيته ــا‪ ،‬وذك ــر أس ــماء‬
‫العقاقير بأربع لغـات إلـى جانب العربيـة هـي‪ :‬اليونانيـة والفارسـية والسـريانية والبربريـة‪ .‬وهـو‬
‫عمــل يمكــن أن يطلــق عليــه الن معجــم مصــطلحات الصــيدلة المتعــدد اللغــات‪ .‬كمــا أورد‬
‫أسماء الدوات والجهـزة الكيميائيـة والصـيدلنية‪ ،‬وبـدائل الدويـة المفـردة وذكـر مصـادرها ـ‬
‫إن وجــدت ــ وأعمــار الدويــة المركبــة والمفــردة؛ أي تاريــخ صــلحية الــدواء‪ .‬وكمــا فعــل مــن‬
‫سبقه أتى في النهاية على ذكر الوزان والمكاييل ورتبها ترتيلبا ألفبائليــا‪ .‬وكــان الزهـراوي أول‬
‫من استخدم الفحم في ترويق شراب العسل البسيط‪ ،‬وأول من اســتخدم قـوالب الكبــس لصــنع‬
‫القراص الدوائية‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -8‬هن‪ -‬إسإهام الغافقي‪:‬‬

‫نــال أبــو جعفــر أحمــد بــن محمــد الغــافقي )‪560‬هــ‪1165 ،‬م( شــهرة عظيمــة بعــد أن‬
‫صــنف كتــابه )الدويــة المفــردة(‪ ،‬وقــد جمــع فيــه نحـلوا مــن ‪ 1000‬دواء مــن الدويــة المفــردة‬
‫ووصــفها وصـلفا دقيقلــا وشــرح طــرق تحضــير بعضــها واســتخدامها‪ ،‬وأورد مــن بينهــا النباتــات‬
‫الســبانية والفريقيــة ووضــع مقابلتهــا العربيــة واللتينيــة والبربريــة‪ .‬كمــا استقصــى فــي هــذا‬
‫الكتــاب كــل مــا ذك ـره ديســقوريدس وجــالينوس‪ ،‬وكــان يــرى أن علــى الطــبيب أن يكــون مللمــا‬
‫تمالمــا بالــدواء الــذي يصــفه لمرضــاه‪ ،‬لكنــه ل ينبغــي أن يتــدخل فــي صــنع هــذا الــدواء‪ ،‬بــل‬
‫طللعـ ــا علـ ــى اسـ ــتعمال الدويـ ــة وطـ ــرق‬
‫يـ ــترك ذلـ ــك للصـ ــيدلني الـ ــذي ينبغـ ــي أن يكـ ــون م م‬
‫تحضيرها‪ .‬إوالى جانب الدوية المفردة له مصنف آخر اسمه كتاب العشــاب يحتــوي علــى‬
‫‪ 380‬صورة ملونة لنباتات وعقاقير رسمت رسلما دقيلقا‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -8‬و‪ -‬إسإهام دأاودأ العطار‪:‬‬

‫ختـم أبـو المنـى داود المعـروف بكـوهين العطـار )نحـو ‪658‬هــ‪،‬‬


‫‪1259‬م( قمـ ــة حقبـ ــة المجـ ــد الصـ ــيدلني فـ ــي الدولـ ــة السـ ــلمية‬
‫خلل الف ــترة ال ــتي تب ــدأ ب ــالقرن الث ــامن الميلدي وتنته ــي بنهاي ــة‬
‫الق ــرن الث ــالث عش ــر من ــه‪ ،‬واهت ــم بد ارس ــة العق ــاقير ف ــألف كت ــابه‬
‫المشــهور )منهــاج الــدمكان ودســتور العيــان فــي تركيــب الدويــة‬
‫النافعــة للبــدان(‪ ،‬وقــد جمــع هــذا الكتــاب كمــا يقــول فــي مقــدمته‪:‬‬
‫"…مختـ ــا لار مـ ــن عـ ــدة أقرباذينـ ــات… كالرشـ ــاد الملكـ ــي‪ ،‬والمناهـ ــج وأقربـ ــاذين ابـ ــن التلميـ ــذ‬
‫والدستور… ومما نقلته عن ثقات العشابين‪ ،‬ومما امتحنته وجربته بيدي"‪.‬‬

‫ذكـ ــر داود العطـ ــار نحـ ـ ـلوا مـ ــن ‪ 24‬شـ ــكلل صـ ــيدلنيال عـ ــرف فـ ــي عصـ ـ ـره‪ ،‬وطـ ــرق‬
‫تحضــيرها‪ ،‬بالضــافة إلــى د ارســة وافيــة مفصــلة لعمــار الدويــة‪ .‬وتنــاول الدويــة النباتيــة‬
‫المفردة وقوتها‪ .‬ووصف طرق فحص الدويــة المغشوشــة مــن الصــيلة وهــو مــا كــان يســمى‬
‫آنــذاك بامتحــان الدويــة‪ ،‬ومــن أهــم الدويــة الــتي ورد ذكرهــا فــي دســتور الــدكان‪ :‬الشـ ـربة‬
‫وطبخهـ ـ ــا‪ ،‬والمربيـ ـ ــات‪ ،‬والمعـ ـ ــاجين والجوارشـ ـ ــنات‪ ،‬والسـ ـ ــفوفات‪ ،‬والق ـ ـ ـراص‪ ،‬واللعوقـ ـ ــات‪،‬‬
‫والحبوب‪ ،‬والمراهم‪ ،‬والدهان‪ ،‬والدوية المسهلة والقابضة‪ ،‬والكحال‪.‬‬

‫تميز داود العطار عن غيره بالنزاهة التي عرفت لبن البيطار والرازي وغيرهمــا مــن‬
‫علماء العرب والمسلمين؛ فقد اعترف أنه جمع معظم مــادته مـن خـبرته وتجربتــه الشخصـية‬
‫‪37‬‬
‫بالض ــافة إل ــى أخ ــذه م ــن ع ــدة مص ــادر أخ ــرى كالرش ــاد لب ــن جمي ــع‪ ،‬وكام ــل الص ــناعة‬
‫للمجوســي و المنهــاج لبــن جزلــة البغــدادي‪ ،‬وأقربــاذين ابــن التلميــذ‪ ،‬والدســتور البيمارســتاني‬
‫للشيخ السديد‪.‬‬

‫‪ -8‬ى‪ -‬إسإهام ابن البيطار‪:‬‬

‫تيمعـ ـبد أبــو محمــد عبــد الـ ـ بــن أحمــد بــن البيطــار )‪646‬ه ــ‪،‬‬
‫‪1248‬م( أكــثر علمــاء النبــات المســلمين إنتالجــا وأدقهــم فــي‬
‫فحــص النباتــات فــي مختلــف البيئــات والبلــدان؛ فقــد تج ـمول‬
‫في كثير من أقطار العالم المعروف آنــذاك رغبــة فــي جمــع‬
‫الحش ــائش والنبات ــات‪ ،‬وعن ــي بد ارس ــة ك ــل نب ــات ف ــي زم ــانه‬
‫وبيئته‪ ،‬وقد أملف كتلبا كثيرة أهمهــا الجــامع لمفــردات الدويــة‬
‫والغذيـ ــة‪ ،‬وكـ ــان أوسـ ــع وأهـ ــم كتـ ــاب فـ ــي الصـ ــيدلة وعلـ ــم‬
‫النبــات طـ ـوال الحقبــة الممتــدة مــن ديســقوريدس إلــى القــرن‬
‫الســادس عشــر الميلدي‪ .‬وقــد ذكــر فــي هــذا الكتــاب نح ـلوا مــن ‪ 1500‬صــنف مــن الدويــة‬
‫الحيوانيــة والنباتيــة والمعدنيــة‪ ،‬مــن بينهــا ‪ 300‬صــنف جديــد اكتشــفها بنفســه‪ .‬ولعـمل أهــم مــا‬
‫يميــز هــذا الكتــاب منهجــه العلمــي‪ ,‬وكــان يــرى أن المتقــدمين وقعـ ـوا فــي أخطــاء "لعتمــاد‬
‫أكــثرهم علــى الصــحف والنقــل" أمــا هــو فكمــا يقــول عــن نفســه‪" :‬واعتمــادي علــى التجربــة‬
‫والمشــاهدة"‪ .‬عنــدما وصــل إلــى مصــر عينــه صــلح الــدين اليــوبي رئيلســا للعشــابين )علمــاء‬
‫النبــات وتحضــير الدويــة(‪ .‬ولمــا وصــل إلــى دمشــق عينــه الملــك الكامــل بــن العــادل رئيلســا‬
‫ضا‪ .‬ورمتب ابن البيطـار مفـردات كتـابه ترتيلبـا ألفبائليـا‪ ،‬وضـع لكـل مفـردة مقابلهـا‬
‫للعشابين أي ل‬
‫باللغات السائدة آنذاك‪ ،‬وتترجم هذا الكتاب إلى اللتينية والتركية واللمانية والفرنسية‪.‬‬

‫اتزســم العلمــاء المســلمون بســمة ممكيـزة أل وهــي موســوعيتهم‪ ،‬ففــي كــل فــروع المعرفــة‬
‫صـص واحـد‪ ،‬بـل كـان يتنـاول شـتى فـروع‬ ‫صـزنفوا‪ ،‬وقلزمـا اقتصـر إنتـاج العـالم منهـم علـى تخ ب‬
‫المعرفة في مؤلفاته‪ ،‬إوان كان بعضهم قد ذاع صيته في مجال تممعزين‪ ،‬بجانب مـا تيبجيـد مـن‬
‫المجالت الخرى‪ ،‬ومن أشهر هؤلء العلماء الذين نبغوا في علمي النبات والصيدلة العالم‬

‫‪38‬‬
‫العبقري الفبذ ابن البيطار‪ ،‬الذي تيمعـبد ارئـلدا مـن ترزواد هـذين البعنلممنيـن؛ لبممـا قـزدمه مـن إسـهامات‬
‫عظيمة غزيرت مجـرى البحـث فيهمـا؛ لـذلك قال عنـه ابـن أبـي أصـيبعة‪" :‬هـو الحكيـم الجـل‬
‫العـالم النبـاتي‪ ...‬أوحـد زمـانه‪ ،‬وعلمــة وقتـه فــي معرفـة النبــات وتحقيقــه واختيـاره‪ ،‬ومواضـع‬
‫نباته‪ ،‬ونعت أسمائه على اختلفها وتنبوعها" ‪.‬‬

‫ابن البيطار عالم الصيدألة وشيخ العشابين في الندألس‪:‬‬ ‫‪-9‬‬

‫منذ عصر المأمون في القـرن التاسـع الميلدي‪ ،‬أصـبحت الصـيدليات تحـت إشـراف‬
‫الدولة‪ ،‬والصـيادلة يتعرضـون لفحص مسـلكي‪ ،‬وكـان ابـن البيطـار عميـلدا لقسـم الصـيدلة فـي‬
‫القــاهرة )‪ 1197‬ـ ـ ‪1248‬م( حيــث كــان مــن أشــهر علمــاء الكيميــاء والصــيدلة‪ ..‬وتعــددت‬
‫التجارب فكثرت المواد التي ابتكرها العرب‪ ،‬ولكن ابن البيطــار هــو أعظـم عبـاقرة العــرب فـي‬
‫علم النبات‪.‬‬

‫مان هو ابن البيطار؟‬ ‫‪-1 -9‬‬

‫ه ــو ض ــياء ال ــدين أب ــو محم ــد عب ــد الـ ـ ب ــن أحم ــد الم ــالقي النب ــاتي المع ــروف ب ــابن‬
‫بالعشاب‪ ،‬عاش فيمــا بيـن عـامي ‪ 593‬و ‪ 646‬هجريــة‪ ،‬ولـد فــي )مالقـة(‬
‫ز‬ ‫البيطار‪ ،‬والملقب‬
‫المدينة السـاحلية الندلسـية‪ ،‬وتـوفي فـي دمشـق‪ ،‬بعـد أن طـوف بالفـاق‪ ،‬وكـان والـده بيطريـا‬
‫حاذقلــا‪ ,‬لــذلك لتقكـ م‬
‫ب بــابن البيطــار ‪ -‬وهــو لقــب مشــت ي‬
‫ق مــن كلمــة عربيــة تعنــي ابــن الــبيطري‪-‬‬
‫نسبة إلى عمل والده‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫موقع مدينة مالقة في اسبانيا‬

‫وفــي صــغره أحـ ـ ز‬


‫ب قضــاء وقتــه فــي الغابــة المجــاورة لقريتــه‪ ،‬فترزســخ فــي نفســه منــذ‬
‫الصـ ــغر حـ ـ ب‬
‫ب الطبيعـ ــة‪ ،‬وازداد تقـ ــديره لهـ ــا‪ ،‬فكـ ــانت مراقبـ ــة )ابـ ــن البيطـ ــار( للتنـ ـبوع النبـ ــاتي‬
‫والحيواني وراء تحكبه لعلم النباتات؛ فكانت الغابة بمثابــة أول مدرســة لــه فــي علــم النبــات‪ ،‬ثــم‬
‫تتلمــذ ابــن البيطــار بعــد ذلــك علــى يــد عــالم اشــبيلية أبــي العبــاس أحمــد بــن محمــد بــن فــرج‬
‫النباتي صاحب الشهرة العظيمة في علم النبات‪ ،‬إل أن ابن البيطار فاق أستاذه‪ ،‬بـل امتـاز‬
‫في أبحاثه العلمية والتجريبية والتطبيقية على باقي عزشابي زمانه ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫شاطئ مدينة مالقة مسقط رأس ابن البيطار‬

‫يعتبر ابن البيطار أعظم عـالم نبــاتي ظهـر فـي القــرون الوســطى ومــن أكـثر العلمـاء‬
‫إنتاج ـلا‪ ،‬درس النباتــات وخواصــها فــي بلد واســعة‪ ،‬وكــان لبحــاثه الثــر الكــبير فــي الســير‬
‫بهذا العلم خطوات مهمة‪ ،‬فقد بدأ حياته العلميـة فـي النـدلس‪ ،‬ثـم انتقـل فـي أول شـبابه إلـى‬
‫المغ ــرب‪ ،‬فج ــاب م ارك ــش والج ازئ ــر وت ــونس باحثـ ـال ودارسـ ـال ومح ــاو الر الب ــاحثين بعل ــم النب ــات‬
‫والعاملين به‪ ،‬ثم تابع جـولته منتقلل إلـى آسـيا الصـغرى مـا الر بأنطاكيـة ومنهـا إلـى سـوريا ثـم‬
‫إلى مصر فالحجـاز وغـزة والقـدس وبيـروت تثـم انتقـل إلـى بلد الغريـق ووصـل إلـى أقصـى‬
‫بلد الــروم‪ ،‬وكــان فــي كــل محطــاته مثــال العــالم البــاحث فــي علــوم الدويــة والنباتــات‪ .‬فــي‬
‫مصــر اتصــل ابــن البيطــار بالملــك الكامــل واعتمــد عليــه الملــك اليــوبي فــي أمــور الدويــة‬
‫والنبــات وجعلــه رئيسـ ـال علــى ســائر العشــابين )أي نقيبـ ـال للصــيادلة(‪ ،‬وبعــد وفــاته انتقــل إلــى‬
‫خدمــة ابنــه الملــك الصــالح وكــان حظيـال عنــده متقــدمال فــي أيــامه‪ ،‬فــذاع صــيته واشــتهر شــهرة‬
‫عظيمة‪.‬‬

‫أخلقه وصفاته‪:‬‬ ‫‪-2 -9‬‬

‫كان ذكي الفؤاد يتميز بحافظة قوية قادرة على الستيعاب الدقيق واللمام الذكي‪ ،‬يحــدد‬
‫كــل مســألة علميــة فــي موضــعها‪ ،‬ويضــع الخطــوط علــى مــا قبلهــا ومــا بعــدها مــن مســائل‪،‬‬

‫‪41‬‬
‫وتنسب كل قول إلى صـاحبه‪ ،‬وتوضــح الفـروق بيـن القـوال المختلفـة فـي سـهولة‪ ،‬ثـم تحكـم‬
‫وتنقد وتختار الذي يتفق مع العقل والمنطق‪.‬‬

‫وكان إلى جانب عقليته الفذة وذكــائه الخــارق وعبقريتــه اللماحــة عــالي النفــس ‪ ،‬كريــم الخلــق‬
‫حسن العشرة‪ ،‬متواضعا لم يغره علمه ول حظـوته عنـد الملـوك‪ ،‬وتلـك صـفات قلمـا تتهيـأ إل‬
‫للقليل من العلماء ذوي المواهب الصيلة في العلوم‪.‬‬

‫يقول عنه تلميذه ابن أبي أصيبعة‪" :‬ورأيت أيضــال مــن حســن عشـرته وكمــال مروءتــه وطيــب‬
‫أعراقه وجودة أخلقه وكرم نفسه ما يفوق الوصف وتيتعجب منه"‪.‬‬

‫أقواله‪:‬‬ ‫‪-3 -9‬‬


‫كــان يقــول دائمــا‪" :‬إمن أعمــال القــدماء غيــر كافيــة و غامضــة مــن أجــل تقــديمها للطلب ‪ ،‬لــذلك يجــب أن‬
‫تصمحح و تكممل حتى يستفيدوا منها أكثر ما يمكن"‪.‬‬

‫حياته العلماية‪:‬‬ ‫‪-4 -9‬‬

‫كــانت عــائلته مــن أهــل الروايــة والعنايــة‪ ،‬وبيتــه الــذي نشــأ فيــه بيــت علــم وديــن‪ ،‬وكــان والــده‬
‫طبيبا بيطريا حاذقا‪ ،‬وقد تعلم المبادئ الولية في العلــوم فــي مالقــة‪ ،‬و ظهــرت مـواهبه الفطريــة‬
‫وقــوة ذكــائه وميــوله الطبيعيــة للبحــث والتنقيــب منــذ صــغره‪ ،‬فقــد كــان يقضــي وقتــه فــي الغابــة‬
‫المجاورة لقريته منذ صغره‪ ،‬وكان يراقب التنوع الحيواني والنباتي فيها‪ ،‬وتلك كــانت بمثابــة أول‬
‫مدرسة له في علم النبات‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫تمثال لبن البيطار في مدينة مالقة في اسبانيا‬

‫وقد امتدح ابن أبي أصيبعة أستاذه ابن البيطار وقال عنــه‪" :‬قـرأت عليـه تفسـيره لسـماء‬
‫أدوية كتاب ديسقوريدوس فكنت أجد من غ ازرة علمه ودرايته وفهمه شيلئا كــثي لار جـيدا‪ ،‬وكنــت‬
‫أحضــر عــدة مــن الكتــب المؤلفــة فــي الدويــة المفــردة مثــل كتــاب ديســقوريدوس وجــالينوس‬
‫والغافقي وأمثالها من الكتب الجليلة في هذا الفن‪ ،‬فكان يذكر أول ما قاله ديسقوريدوس فــي‬
‫كتـ ــابه بـ ــاللفظ اليونـ ــاني علـ ــى مـ ــا قـ ــد صـ ــححه فـ ــي بلد الـ ــروم‪ ،‬ثـ ــم يـ ــذكر جمـ ــل مـ ــا قـ ــاله‬
‫ضا ما قاله جالينوس فيه من نعته وم ازجــه‬ ‫ديسقوريدوس من نعته وصفته وأفعاله‪ ،‬ويذكر أي ل‬
‫ضا تجملل من أقـوال المتــأخرين ومــا اختلفـوا فيـه ومواضـع‬
‫وأفعاله وما يتعلق بذلك‪ ،‬ويذكر أي ل‬
‫الغلط والشتباه الذي وقـع لبعضـهم فــي نعتـه‪ ،‬فكنـت أ ارجــع تلـك الكتـب معـه‪ ،‬ول أجــده يقلـد‬
‫ضـا أنـه كـان مـا يـذكر دواء إل وعميـن فـي أي مقالـة هـو‬
‫شيتئا مما فيها‪ ،‬وأعجب مـن ذلـك أي ل‬
‫من كتاب ديسـقوريدوس وجـالينوس‪ ،‬وفـي أي عـدد هـو مـن تجملـة الوديـة المـذكورة فـي تلـك‬
‫المقالة"‪.‬‬

‫أسإاتذته‬ ‫‪-5 -9‬‬

‫‪43‬‬
‫تتلمذ ابن البيطار بعد ذلك على عــدة علمــاء نبـات‪ ،‬حيــث اطزلـع علـى كـل مــا تتنربجـمم مــن كتــب‬
‫اليونـانيين وعلــوم الوائــل مـن غيـر العـرب‪ ،‬وقــد سـاعده علـى ذلـك معرفتـه بعـدد مــن اللغــات‬
‫كالفارسـ ــية واليونانيـ ــة‪ ،‬حيـ ــث درس كتـ ــب ديسـ ــقوريدس ‪ Disokurides‬وج الينوس ‪Galenos‬‬
‫وأبقراط وابن سينا والدريســي وأبــي العبــاس النبــاتي د ارســة مستفيضــة حــتى أتقنهــا تمامــا وشــرح‬
‫النقاط الغامضة فيها وعلق على مآثرها‪.‬‬

‫أبو العباس ابن الروماية النباتي‪:‬‬ ‫‪-1 -5 -9‬‬

‫كــان أعمــق أســاتذته الثلثــة تــأثي ار فــي ابــن البيطــار‪ ،‬وكــان طبيبــا ونباتيــا وصــيدلنيا بارعــا فــي‬
‫اشبيلية‪ ،‬له شهرة عظيمة في علم النبـات‪ ،‬ألـف كتـاب )الرحلــة( الـذي بقـي المرجـع الفريــد لعــدة‬
‫قرون‪.‬‬

‫أبو العباس ابن الرومية‬

‫كان يصحب ابن البيطار إلى الريف لمعاينـة أنـواع النباتـات ود ارسـتها‪ ،‬وقـد ورث ابـن البيطـار‬
‫هــذه الســمعة الجيــدة عــن أســتاذه‪ ،‬بــل إنــه فــاق أســتاذه وامتــاز فــي أبحــاثه العلميــة والتجريبيــة‬
‫والتطبيقية حتى غطى اسمه على باقي عمشابي زمانه‪.‬‬

‫‪ -2 -5 -9‬كماا تتلماذ ابن البيطار على يدأ ابن الحجاج الشبيلي‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫أبــو عمــرو أحمــد بــن محمــد بــن حجــاج الاشــبيلي‪ ،‬عــالم فلحــة وبيطــري اشــتهر فــي‬
‫القرن الخـامس الهجـري ‪ /‬الحـادي عشـر الميلدي‪ .‬ولد باشبيلية لسرة يمتد نســبها إلـى بنـي‬
‫حجاج من سادة اشبيلية ومن الثائرين فيها‪.‬‬

‫عــاش ابــن حجــاج فــي اشــبيلية فــي قصــور المـراء‪ ،‬حيــث تلقــى تعليمــا راقيــا‪ ،‬فــدرس العلــوم‬
‫الدينيـة والعربيـة وتمـيز فيهـا فكـان الفقيـه والمحدث في زمنه‪ .‬كما كان شاع ار وناث ار شهد لــه‬
‫به نظراؤه‪ .‬كمـا كـان بحـكم مكانتـه في قومه أن وقف على لغات المم الخــرى فأجــاد منهــا‬
‫اليونانيــة والرومانيــة والنبطيــة‪ .‬ويظهــر إلمامــه بهــذه اللغــات فــي كتاباتــه المتعــددة والم ارجـع‬
‫التي يرجع إليها‪ ,‬أولـى ابـن حجـاج عنايـة شـديدة بالفلحـة‪ ،‬ولعـل ذلك نشأ معه منذ صــغره‬
‫فــي حــدائق وبس ــاتين قص ــور المـ ـراء‪ ,‬فأضــحى بــذلك مدرســة فريــدة فــي علــم الفلحــة نقــل‬
‫عنها ابن العوام وكثير من العلماء الذين جاءوا من بعــده‪ .‬تــرك ابــن حجــاج عــددا قليل مــن‬
‫المؤلفات كان أشهر كتبه المقنع في الفلحة الذي كان له أثر بالغ في الفلحة الندلسية‪.‬‬

‫وعبدأ ال بن صالح الكتاماي‪.‬‬ ‫‪-3 -5 -9‬‬

‫وهـ ــو صـ ــالح بـ ــن عبـ ــد ال ـ ـ بـ ــن حيـ ــدر الكتـ ــامي الزهـ ــري تـ ــوفي سـ ــنة ‪ 991‬إحـ ــدى وتسـ ــعين‬
‫وتسعمائة‪ .‬من تصانيفه بستان الفقراء ونزهة القراء رتبة على مائة وخمسة أبواب‪.‬‬

‫رحلته العلماية‪:‬‬ ‫‪-6 -9‬‬

‫كــانت نفــس ابــن البيطــار تواقــة للعلــم دائمــا‪ ،‬فبعــد أن تمكــن فــي النــدلس مــن علــم النبــات‪،‬‬
‫غــادر بلد النــدلس ‪ -‬بل رجعــة ‪ -‬فــي ســن العشـرين مــن عمـره فــي رحلــة علميــة طويلــة‪ ،‬مــر‬
‫فــي رحلتــه بــالمغرب القصــى فــالجزائر فتــونس ثــم طرابلــس وبرقــة‪ ،‬ثــم أخــذ طريــق البحــر نحــو‬
‫آسيا الصغرى‪ ،‬فزار اليونان ووصل به المطاف إلى أقصـى بلد الـروم‪ ،‬ثـم اتجـه إلـى المشـرق‬
‫السلمي فزار بلد فارس والعراق ثم بلد الشام ومصر‪.‬‬

‫ولم يكن مروره بتلك البلدان عاب الر‪ ،‬بل إنه كان يقيم بكل بلد مدة يبحث فيهــا عــن النباتــات‬
‫ويدرس كل نبات في منبته‪ ،‬ويدرس الرض التي تنبته‪ ،‬وكان يصــطحب رســامال معــه يرســم لــه‬
‫كل نبات بدقة‪ ،‬ثم يجتمع مع علماء تلك البلد فيأخذ عنهم ويتدارس معهم مسائل النبات‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫وقــد تهيــأت لــه مــن ذلــك كلــه معرفــة معمقــة بالنبــات الموجــود فــي البيئــة العربيــة وفــي آســيا‬
‫الصغرى‪ ،‬وصار أوحد زمانه وعلمة وقته في تحقيق النبات ومواضع منابته ونعت أسمائه على‬
‫اختلفها وتنوعها‪ ,‬وعن ذلك يقول ابن أبي أصيبعة‪" :‬شاهدت معه في ظاهر دمشق كثي لار من‬
‫النبات في مواضعه" ‪.‬‬

‫يخبرنا مثل أنه وجــد النبــات " الفلنــي" بالمكــان "الفلنــي"‪ ،‬و يقــدم لنــا كــذلك أســماء النبــات‬
‫بلغــة النــدلس وقتهــا و يســميها بالعجميــة ‪ ،‬و يقــول عنهــا أحيانــا أنهــا اللتينيــة ‪ ،‬و هــو يعنــي‬
‫اللس ــان الس ــباني‪ .‬ف ــي بداي ــة نش ــأته س ــافر أس ــتاذه أب ــو العب ــاس إل ــى الش ــرق س ــنة ‪ 1216‬أو‬
‫‪1217‬م ‪ .‬و بع ــده بس ــنوات ‪ ،‬أي ف ــي ع ــام ‪ 1219‬أو ‪ 1220‬م ‪ ،‬س ــلك اب ــن البيط ــار نف ــس‬
‫الطريق ‪.‬‬

‫حــل ابــن البيطــار بالماغرب و تنقــل فيــه مــدة طويلــة ‪ ،‬نظ ـ ار للعــدد الكــبير مــن الملحظــات‬
‫التي سجلها فيه ‪ ،‬و لم يكتف بذكر النباتات الـتي جمعهـا بـه ‪ ،‬بـل حـافظ لنـا علـى الكـثير مـن‬
‫السماء البربرية ] المازيغية [ التي أدبخلت و أدرجت بفضله في مدونـة العشــاب ‪ ،‬و دكونـت‬
‫بــالقواميس و المعــاجم العربيــة كمصــطلحات علميــة ‪.‬وتــبرز إقامــة ابــن البطــار بــالمغرب جليــة‬
‫عند وصفه لشجرة الركان‬

‫] ‪. [.Arganier = Argania orientalis Virey. = Sideroxylon spinosum L‬‬

‫توقــف ببجايــة بالجزأائر ‪ ،‬و توبجـمد بهــا ســنة ‪1220‬م ‪ ،‬و أكــد هــذا فــي كتــابه " التمغنــي "‬
‫أثناء حـديثه عــن نبــات " الظيـان " أو ياســمين الـبر ]‪. [Clématite‬ـ و كــانت بجايــة وقتهـا بلـدة‬
‫صغيرة ذات إشعاع و شهرة ‪ ،‬تكلم عنها ابــن البيطــار أثنــاء حــديثه عــن نبــات " الطـريلل " ]‬
‫‪[Ptychotis verticillata‬ـ ‪ ،‬و كـانت قبيلــة فـي النـواحي ‪ ،‬هـي بنــو وجهــان ‪ ،‬تتــاجر بـه كــدواء‬
‫خ ــاص ب ــالبرص ‪ .‬و توق ــف بقس ــطنطينة ‪ ،‬و بالموض ــع المس ــمى بالس ــومة ‪ ،‬ووج ــد لول مـ ـرة‬
‫نبات " العاقر قرحا" ] ‪.[.Pyrèthre = Anacyclus pyrethrum D.C‬‬

‫وفي تونس تعشب " الحرشف البري ]‪ . [Cynara acaulis = Tafrait‬و نجده بعد ذلك‬
‫بطرابلس‪ ،‬و فيها لحظ لول مرة نبات " الوشار " ] ‪، [Asclepias procera = l'Ouchchar‬‬
‫كما اننا نجده يجمع العشاب و يكتب عنه ببرقة‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫وعنــد هــذا الحــد نفقــد أثـره و نظــن انــه أبحــر فــي اتجــاه ش ـواطئ آســيا الصــغرى‪ .‬و مــن‬
‫جملــة الســباب الــتي تجعلنــا نتوقــع حــدوث هــذه المغــامرة أننــا نقـ أر لــه فــي كتــابه " التمغنــي" أنــه‬
‫تعشب عام ‪ 1224‬م بنواحي أضاليا ] ‪ ، [Adalia‬بمنطقة ] ‪ ، [Kala Hissarsily‬نوعا من‬
‫جنــس نبــات " الجعــدة " ] ‪[Teucrium‬ـ احتفــظ بــه حــتى وصــوله إلــى الســكندرية ‪ .‬وعنــد بحثنــا‬
‫فــي كتابــاته عــن ذكـ ـره للبلــدان الــتي زارهــا فــي هــذا التجــاه‪ ،‬ينتهــي بنــا المطــاف بأنطاكيننننا ]‬
‫‪ .[Antioche‬و لهذا يصعب علينا قبول تواجده بـ" أضاليا" نتيجة سفر دفع به من سورية نحو‬
‫آسيا الصغرى‪.‬‬

‫وكيفما كان الشأن ‪ ،‬فإن تعرفه على سواحل آسيا الصغرى شيء إيجابي ‪ ،‬و نعتقد‬
‫أن علينا أن نفهم من هذا ما حكـي عنـه بعضـهم مـن أنـه سافر إلـى بلد الـروم ‪ ،‬ومـن الخطـأ‬
‫أن يتظـ ــن هنـ ــا أنـ ــه بلـ ــد الغريـ ــق ‪ ،‬بـ ــل نـ ــرى أنـ ــه مـ ــن الـ ـواجب اعتبـ ــاره بلد " السـ ــلجوقيين" ]‬
‫‪. [Seljoucides‬‬

‫و لو كان ابن البيطار جاب بلد الغريق لذكر لنا منها أسماءها كعادته ‪ ،‬و قد سبق‬
‫و أشرنا إلى أننا ل نستطيع تتبع مراحل سفره إلى أبعد من أنطاكية ‪.‬‬

‫حل ابن البيطار بماصر فــي عهـد الملـك الكامــل ‪ ،‬الــذي اســتقبله و أدخلــه فـي حاشـيته‪،‬‬
‫و عينه مراقبا للعشابين ] العطارين [ بالقاهرة ‪ ،‬أو رئيس أطباء مصر حســب روايــة أخــرى‪ ،‬و‬
‫هي مرتبة نعرفها عند آخرين‪.‬‬

‫لحق ابن البيطار بالملك الكامل و كان موجــودا بدأماشق‪ ،‬حيــث تــوفي الملــك فيهــا ســنة‬
‫‪1237‬م وخلــف ولــدين همــا الملــك العــادل و الملــك الصــالح نجــم الــدين ‪ ،‬تــولى الول علــى‬
‫مصر ‪ ،‬و الثاني على سورية ‪.‬‬

‫و بعد عامين أزاح الملك الصـالح أخـاه و اسـتق بـالوليتين‪ ،‬فتبعـه ابــن البيطــار و رجــع‬
‫معه إلى مصر‪ .‬و في هذه المرحلة بدأ ابن البيطار يحرر مؤلفــاته الــتي تشــهد بقيــامه لجــولت‬
‫واســتطلعات ميدانيــة لد ارســة النباتــات فــي عهــد الملــك الكامــل ‪ .‬و كتــب " الجــامع لمفــردات‬
‫الدوية و الغذية" و " المغني " في عهد الملك الصالح ‪ ،‬و بإشارة منه ‪ ،‬و إليه تم إهداؤهما‬
‫‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫سـبق أن أشـرنا إلــى أخبــار تـدعي سـفر ابــن البيطــار إلــى اليونــان أو بلد الغريـق ‪ ،‬و‬
‫قـ ــد قيـ ــل بالمثـ ــل خطـ ـأل أنـ ــه س ــافر إلـ ــى بلدأ الهننندأ ‪ .‬وشـ ـمبه أبـ ــو الفـ ــداء هـ ــذه السـ ــفار بتنقلت‬
‫الفلســفة القــدامى و خاصــة منهــم " بلينــاس " ] ‪[Balinas‬ـ ‪ .‬ـ و ذهــب كــل مــن " دربلــوت" ]=‬
‫‪[D'Herbelot‬ـ ‪ ،‬و " كازيري" ]= ‪[Casiri‬ـ ‪ ،‬و " روسـي" ]= ‪[Rossi‬ـ الـخ ‪ ،‬أن " بلينــاس" هـذا‬
‫هو " ‪ ، " Pline l'Ancien = Plinius‬عالم الطبيعيات ‪.‬‬

‫ولدينا طريقة أخرى لتتبع تنقلت ابن البيطار ‪ ،‬و ذلك من خلل ذكره المعتاد لســماء‬
‫البلـدان الـتي يجـد بهـا نباتـات جديـدة أو غيـر معروفـة أو ذات اسـتعمالت خاصـة ‪ ،‬و نـدرجها‬
‫هنا للتذكير ‪:‬‬

‫فباســتثناء مصــر و نـواحي دمشــق اللــتين أقــام بهمــا طــويل ‪ ،‬نجــده يقطــف الـ ـ" مغــد ذو‬
‫الوراق القلبيـ ـ ـ ــة " ] =‪ [Solanum cordatum‬بالحجننننننازأ ‪ ،‬و " حشيشـ ـ ـ ــة العصـ ـ ـ ــافير ] =‬
‫‪ [Passerine‬ـ بغزأة ‪ ،‬و " أمــدريان = دمــوع أيــوب = شــجرة التســبيح " ] ‪[ = Coix lachryma‬‬
‫بالقدأس ‪ ،‬حيث تصنع منها السبحات ‪ ،‬و يتعرف على " حجر اليهــود " ] ‪[pierre judaique‬‬
‫ببيروت ‪ ،‬و " مــازريون ديســقوريدس " ] ‪ [Daphnoides de Dioscorides‬بلبنان ‪ ،‬و نبــات "‬
‫الغاس ــول " ] ‪[Hippophae‬ـ ـ بأنطاكيننة ‪ ،‬و " الكاكن ــج " ] =‪[Physalis alkekenge‬ـ ـ بإينندأس ]‬
‫هــي الن ‪ Urfa‬بتركيــا [ ‪ ،‬و تعشــب " البابونــج " ] ‪ [ Matricaire‬بالماوصل ‪ ،‬و " المـرار " ]‬
‫‪ [Centaurea calcitrapa‬بدأيار بكر‪ ،‬بتركيا ‪ .‬و هذه تقريبا أقصى حدود تجواله‪.‬‬

‫اتصـ ــل ابـ ــن البيطـ ــار خلل تنقلتـ ــه بهـ ــذه البلـ ــدان بعلمائهـ ــا الـ ــذين يسـ ــتطيعون تزويـ ــده‬
‫بمعلومات عن نباتاتها‪ .‬و هناك رجل نستغرب كثي ار عدم ذكره بين معارف ابن البيطار ‪ ،‬هــو‬
‫رشــيد الــدين ابــن الصــوري ‪ ،‬و هــو ذلكــم الهــاوي المهتــم بد ارســة النباتــات و الــذي كــان يرســمها‬
‫بإتقان ‪ ،‬و لم يكن مستبعدا حضوره لدمشق أثناء تواجد ابن البيطار بها ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫خط سير ابن البيطار‬

‫ثم استقر ابـن البيطـار فـي مصـر‪ ،‬وحظـي بمنزلـة رفيعـة عنـد سـلطانها اليـوبي الملـك الكامـل‪،‬‬
‫الذي ألحقه بخدمته وجعله رئيسا على سائر العمشــابين‪ ،‬وبعــد وفــاته حظــي عنــد الملــك الصــالح‬
‫نجم الدين أيوب بما كان يحظـى بـه عنـد والـده الملـك الكامـل مـن منزلـة‪ ،‬فكان ينتقـل معـه بيـن‬
‫القاهرة ودمشق‪.‬‬

‫ويوضــح عبــد الــرزاق نوفــل فــي كتــابه )المســلمون والعلــم الحــديث( مقــدرة ابــن البيطــار بقــوله‪:‬‬
‫"ضياء الدين هو أول عالم اهتم بد ارسـة الحشـائش الـتي تنبـت فـي الحقـل وتضـر بالمحاصـيل‪،‬‬
‫وكمون لذلك مجموعـات فـي النـواع المختلفـة والصـناف العديـدة الـتي تختص بكـل محصـول‪،‬‬
‫ومــازالت فك ـرة تكــوين مجموعــات الحشــائش هــي الســاس الــذي يلجــأ إليــه علمــاء النبــات فــي‬
‫أبحاثهم حتى الوقت الحاضر"‪.‬‬

‫تلمايذه‪:‬‬ ‫‪-7 -9‬‬

‫كان لبن البيطار في القاهرة ودمشق تلميذ أخذوا عنه الطب وعلم النبات منهم‪:‬‬

‫أحمادأ بن القاسإم ابن أبي أصيبعة‪:‬‬ ‫‪-6-1 -9‬‬

‫التقــى لول م ـرة بــابن البيطــار فــي دمشــق‪ ،‬وكــان يصــاحبه إلــى ظــاهر دمشــق للتعشــيب‪،‬‬
‫ويدرس معه عيون الكتب في الدوية المفردة‪ ،‬وهو صاحب كتاب )عيون النباء(‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫ابن أبي أصيبعة‬

‫يعتبر ابن ابي أصيبعة من بين أصدقاء ابن البيطار و تلمذته ‪ ،‬و لقد احتفظ لنا هذا‬
‫المؤرخ بسيرة ابن البيطار في كتابه " عيون النباء في طبقات الطباء"‪ ،‬و هذا نصها‪:‬‬

‫"هو الحكيم الجـل العـالم أبـو محمـد عبـد اللزـه بـن أحمـد المـالقي النــباتي ويعـرف بـابن البيطـار‬
‫أوحــد زمــانه وعلمــة وقتــه فــي معرفــة النبــات وتحقيقــه واختيــاره ومواضــع نبــاته ونعــت أســمائه‬
‫علــى اختلفهــا وتنوعهــا‪ .‬ســافر إلــى بلد الغارقــة وأقصــى بلد الــروم‪ ،‬ولقــي جماعــة يعــانون‬
‫هذا الفن‪ ،‬وأخذ عنهم معرفة نبات كثير وعاينه في مواضعه‪ ،‬واجتمع أيضال في المغرب وغيره‬
‫بكـ ــثير مـ ــن الفضـ ــلء فـ ــي علـ ــم النبـ ــات وعـ ــاين منـ ــابته وتحقـ ــق مـ ــاهيته وأتقـ ــن د اريـ ــة كتـ ــاب‬
‫ديسقوريدس إتقانا بلـغ فيـه إلـى أن ل يكـاد يوجـد مـن يجـاريه فيمـا هـو فيـه‪ ،‬وذلـك أننـي وجـدت‬
‫عنده من الذكاء والفطنة والد اريـة فـي النبــات وفــي نقـل مــا ذكـره ديسـقوريدس وجــالينوس فيــه مـا‬
‫يتعج ــب من ــه‪ .‬وأول اجتم ــاعي ب ــه ك ــان بدمش ــق ف ــي س ــنة )‪633‬ه ـ ـ( و أري ــت أيضـ ـال م ــن حس ــن‬
‫عش ـرته وكمــال مروءتــه وطيــب أع ارقــه وجــودة أخلقــه ودرايتــه وكــرم نفســه مــا يفــوق الوصــف‬
‫ويتعجب منه‪ .‬ولكن شاهدت معه في ظاهر دمشق كثي الر من النبات في مواضعه وقرأت عليه‬
‫أيضال تفسيره لسماء أدوية كتاب ديسقوريدس فكنت أجـد مــن غـ ازرة علمــه ودرايتــه وفهمــه شـيئال‬
‫ك ــثي الر ج ــدلا‪ ،‬وكن ــت أحض ــر ل ــدينا ع ــدة م ــن الكت ــب المؤلف ــة ف ــي الدوي ــة المف ــردة مث ــل كت ــاب‬
‫ديســقوريدس وجــالينوس والغــافقي وأمثالهــا مــن الكتــب الجليلــة فــي هــذا الفــن فكــان يــذكر أول مــا‬

‫‪50‬‬
‫قاله ديسقوريدس في كتابه باللفظ اليوناني على ما قد صــححه فــي بلد الــروم‪ ،‬ثــم يــذكر جمــل‬
‫مــا قــاله ديســقوريدس مــن نعتــه وصــفته وأفعــاله‪ ،‬ويــذكر أيضـال مــا قــاله جــالينوس فيــه مــن نعتــه‬
‫وم ازجــه وأفعــاله ومــا يتعلــق بــذلك‪ ،‬ويــذكر أيض ـال جملل مــن أق ـوال المتــأخرين ومــا اختلف ـوا فيــه‬
‫ومواضع الغلط والشتباه الذي وقع لبعضهم في نعتــه‪ .‬فكنــت أ ارجـع تلــك الكتــب معــه ول أجـده‬
‫يغادر شيئال مما فيها‪ .‬وأعجب من ذلـك أيضـال أنـه كـان مـا يـذكر دواء إل ويعيـن فـي أي مقالـة‬
‫هو من كتـاب ديسـقوريدس وجـالينوس‪ ،‬وفـي أي عـدد هـو مـن جملـة الدويـة المـذكورة فـي تلـك‬
‫المقالــة‪ .‬وكــان فــي خدمــة الملــك الكامــل محمــد بــن أبــي بكــر بــن أيــوب‪ ،‬وكــان يعتمــد عليــه فــي‬
‫الدوية المفردة والحشائش‪ ،‬وجعله فــي الــديار المصـرية رئيسـال علــى ســائر العشــابين وأصــحاب‬
‫البسطات‪ ،‬ولم يزل في خدمته إلى أن توفى الملك الكامل رحمه الزله بدمشق‪ ،‬وبعد ذلك تــوجه‬
‫إلى القاهرة فخدم الملك الصالح نجم الدين أيوب بــن الملــك الكامـل‪ ،‬وكـان حظيـال عنــده متقــدمال‬
‫فــي أيــامه‪ .‬وكــانت وفــاة ضــياء الــدين العشــاب رحمــه اللزــه بدمشــق فــي شــهر شــعبان ســنة ســت‬
‫وأربعين وستمائة فجأة‪ .‬ولضياء الدين ابن البيطار من الكتب كتــاب )البانــة والعلم بمــا فــي‬
‫المنهــاج مــن الخلــل والوهــام( ) شــرح أدويــة كتــاب ديســقوريدس( )كتــاب الجــامع فــي الدويــة‬
‫المفــردة( وقــد استقصــى فــي ذكــر الدويــة المفــردة وأســمائها وتحريرهــا وقواهــا ومنافعهــا وبيــن‬
‫الصحيح منها وما وقع الشتباه فيه‪ ،‬ولم يوجــد فــي الدويــة المفــردة كتــاب أجــل ول أجــود منــه‪،‬‬
‫وصنفه للملك الصالح نجم الدين أيوب بــن الملــك الكامـل )كتـاب المغنــي فـي الدويــة المفـردة(‬
‫وهو مرتب بحسب مداواة العضاء اللمة"‪.‬‬

‫إبراهيم بن ماحمادأ السإويدأي الدأماشقي‬ ‫‪-2 -6 -9‬‬

‫كان لبن البيطار أثر عميق في نفسه قد تجلى في كتابيه )المسمات في أسماء النبات( و‬
‫)التذكرة الهادية والذخيرة الكافية(‪.‬‬

‫دأاودأ بن عمار النطاكي‬ ‫‪-3 -6 -9‬‬

‫‪51‬‬
‫وهــو طــبيب ســوري كــان ض ـري ار غيــر أنــه مهــر فــي صــناعة الطــب‪ ،‬وكــان رئيســا لطبــاء‬
‫مصـر‪ ،‬وكـان كتـاب )تـذكرة أولـي اللبـاب( المشـهور بتـذكرة )داود( صـدى للثـر الـذي تركـه ابـن‬
‫البيطار فيه‪.‬‬

‫مخطوطة من كتاب )عيون النباء في طبقات الطباء( لبن أبي أصيبعة‬

‫‪52‬‬
‫مخطوطة من كتاب )تذكرة أولو اللباب في الجامع للعجب العجاب( لداود النطاكي‬

‫وقبل الحديث عن مؤزلفات ابن البيطــار ال ارئــدة يجــب أن تننلبقـمي نظـرة شــاملة علــى تطـبور‬
‫ص ــة ف ــي القرنيـ ــن الس ــادس والس ــابع الهجرييـ ــن؛ لن لـ ــذلك‬ ‫عل ــم الطـ ـ ك‬
‫ب ومعلقت ــه بالصـ ــيدلة خا ز‬
‫التطـبور أثـره علــى إبــداعات ابــن البيطــار فالنســان صــناعة عصـره؛ حيــث شــهد هــذان القرنــان‬
‫بناء العديد من المستشفيات وظهور الكتشافات الطكبزية الجديـدة؛ مثـل اكتشـاف الـدورة الدمويـة‬
‫ب؛ حيــث كــان الطــبيب تيبعـبد‬
‫ضا الصلة الوثيقة بين الصيدلة والطـ ك‬ ‫لبن النفيس‪ ..‬كما ظهرت أي ل‬
‫صــص بعــض أجـزاء مــن كتــابه )القــانون(‬ ‫أدويتــه بنفســه كمــا نجــد ذلــك عنــد ابــن ســينا‪ ،‬الــذي خ ز‬
‫لدراسة الدويـة والعقـاقير المهزمـة‪ ،‬الـتي مينعتمبمـد عليهـا فـي علجـه‪ ،‬فـي هـذا الجـكو العلمـي ال ارئـع‬
‫ظهرت مؤزلفات ابـن البيطـار ال ارئـدة فـي علـم النبـات والصـيدلة؛ منهـا كتـابه‪) :‬الجـامع لمفـردات‬
‫الدويــة والغذي ــة( الــذي ألزفــه بعــد د ارس ــات عمليــة‪ ،‬قائم ــة عل ــى التجرب ــة والمش ــاهدة كأســاس‬
‫لدراسة النبات والعشـاب والدويـة‪ ،‬وقـد شـرح فـي مقكدمـة كتـابه المنهـمج الـذي ازتبعـه فـي أبحـاثه‬
‫ت بــه‪ ،‬ومـا كـان‬
‫ي بـالمخبر ل بــالخبر أخـذ ت‬ ‫قائلل‪ :‬ما صزح عنـدي بالمشـاهدة والنظــر‪ ،‬وثبــت لـد ز‬
‫مخاللفا في القوى والكيفية والمشاهدة الحكسزية والماهزية للصواب نبنذتتهت ولم أعمل به ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -8 -9‬إبدأاع ابن البيطار العلماي‪:‬‬

‫لــم تينبـ ـبدع ابــن البيطــار مــن ل شــيء‪ ،‬بــل اعتمــد علــى ممـ ـنن ســبقه مــن علمــاء النبــات‬
‫ب ومشاهداءت قام بها بنفسه‪ ،‬وهذا ما يؤككــده‬ ‫والصيدلة وق أر كتبهم‪ ،‬وفزند آراءهم بمنالء على تجابر م‬
‫ت عليـه تفسـيره لسـماء‬ ‫ابن أبي أصيبعة الذي عايش ابن البيطار في ترحاله؛ حيث قـال‪" :‬قـ أر ت‬
‫ت أجــد مــن غ ـ ازرة علمــه ودرايتــه وفهمــه شــيلئا كــثي لار ج ـددا‪ ،‬وكن ـ ت‬
‫ت‬ ‫أدويــة كتــاب ديســقوريدس فكن ـ ت‬
‫ضــر لــدينا عـزدة مــن الكتــب المؤلفــة فــي الدويــة المفــردة مثــل كتــاب ديســقوريدس وجــالينوس‬ ‫أتنح ب‬
‫والغــافقي‪ ،‬وأمثالهــا مــن الكتــب الجليلــة فــي هــذا الفـكن‪ . "...‬هكــذا نجــد ابــن البيطــار قــد نـزوع فــي‬
‫مصــادر بعنلبمــه؛ حيــث اطزلــع علــى كــل مــا تتنربج ـمم مــن كتــب اليونــانيين وعلــوم الوائــل مــن غيــر‬
‫العــرب‪ ،‬وقــد ســاعده علــى ذلــك معرفتــه بعــدد مــن اللغــات كالفارســية واليونانيــة‪ .‬ولــم يكتـ ب‬
‫ف ابــن‬
‫طلع على كل مـا كتبـه علمـاء المسـلمين فـي هـذا المجـال؛ فـدرس مـا كتبـه‬ ‫البيطار بذلك‪ ،‬بل وا ز‬
‫ابــن ســينا والدريســي وابــن العبــاس النبــاتي د ارســة مستفيضــة حــتى أتقنهــا تمالمــا‪ ،‬وشــرح النقــاط‬
‫الغامضــة فيهــا‪ ،‬ورغــم إفــادته مــن مؤلزفــات الســابقين‪ ،‬إلز أنهــا كــانت موضــع تصــحيحاته‪ ،‬ونقــده‬
‫في كثير من الحيان‪.‬‬

‫وهذا ما دعا راملنـدو فـي كتـابه‪) :‬إسـهام علمـاء العـرب فـي الحضـارة الوربيـة( إلـى القـول‬
‫بــأن‪" :‬إســهام ابــن البيطــار فــي مجــال علــم النبــات يفــوق إنتــاج الســابقين مــن ديســقوريدس إلــى‬
‫القــرن العاشــر الهجــري"‪ .‬كمــا يــذكر الــدومييلي فــي كتــابه‪) :‬العلــم عنــد العــرب وأث ـره فــي تطــور‬
‫العلم العالمي( أن ابن البيطار "كان مشهولار بأنه أعظم النباتيين والصيدليين في السـلم‪ ،‬مـع‬
‫العلم أن مؤزلفاته تعتمد على كتب السابقين له‪ ،‬فقد سزجلت في جملتها تقبدلما بعيد المدى"‪.‬‬

‫‪ -9 -9‬مانهج ابن البيطار في دأراسإته للنباتات‪:‬‬

‫هناك نوعان من الاستشهادات عن كل مفردة‪ ،‬تحديد أسمائها و أشخاصها أول ‪ ،‬ثم‬


‫ثانيا‪ .‬ويأتي في المقدمة ذكر أطباء الغريق‪ ،‬و على رأسهم‬
‫خصائها الطبية و استعمالتها ل‬
‫ديسقوريدس‪ ،‬ثم يليهم الشرقيون‪ .‬كما يتطرق إلى مرادفات اسم المادة‪ ,‬و بحثه الطويل حول‬
‫] ‪ [Lotus‬خير مثال لحسن نقد و تحقيق‪ .‬و ل يفوته بيان‬ ‫النبات المسمى بـ"اللوتس"‬

‫‪54‬‬
‫الخطاء عند سابقيه‪ ،‬إوابداء رأيه‪ ،‬كطعنه في تعريفهم للكهرمان ] ‪ [Succin‬و صمغ‬
‫الصفصاف ]‪ .[larmes dupeuplier‬كثيرة هي الفقرات الخاصة بابن البيطار‪.‬‬

‫و نشير هنا على سبيل المثال ل الحصر إلى " آطريلل" ] ‪، [Ptychotis verticillata‬‬
‫و "أمليلس" ‪ ،‬و " الصفيراء" ] ‪ ، [Rhamnus alternus‬و ] ‪ ، [L'Aakouthar‬و ] ‪Bunium‬‬
‫‪ ، [bulbocatanum‬و ]‪ ، [Oegle marmelos‬و شجرة " الركان " ] ‪ ... [L'Arganier‬الخ‪.‬‬
‫نحن نعلم كثرة الشراح و الدارسين الذين بذلوا الجهد الكبير حول "ديسقوريدس" اليوناني‪ ،‬و‬
‫ذلك منذ عصر النهضة و إلى أيامنا هذه ‪ .‬في حين أن ترجمة كتاب ابن البيطار كانت‬
‫كفيلة بأن توفر كل هذه الجهود المبذولة في أبحاث مضنية و عقيمة تتوخى إظهار اتفاق‬
‫ق بهم من انتقادات ترجع في أغلبيتها إلى‬
‫صم‬‫العرب و الغريق ‪ ،‬و تزيل عن العرب ما تأل ب‬
‫الترجمات اللتينية ‪.‬‬

‫تبعا للبلدان ‪ ،‬مثل ما هو‬


‫و يبين ابن البيطار كذلك اصطلح المفردات المختلفة ل‬
‫الشأن بالنسبة لـ" الريحان " و " الدردار" ‪ .‬كما يقدم ستين اسما بربريا ] أمازيغيا [ ‪ ،‬أدخلها‬
‫بنفسه ‪ ،‬أو سبقه إليها نباتيون أندلسيون ‪ ،‬عن طريق الغزوات أو المشاهدة المباشرة بالمغرب‬
‫‪ .‬و هناك لئحة غريبة للمفردات المرادفة المأخوذة من اللغة المسيحية بالندلس ‪ ،‬و يسميها‬
‫بالعجمية ‪ ،‬و المفروض أنها اللتينية ‪ ،‬ما تزال منها أسماء مستعملة مثل " السالمية " ] ‪La‬‬
‫‪ ، [sauge= Salbya‬و " الخمان" أو " البلسان" ] ‪ ، [Chebouka = le Sureau‬و " صريمة‬
‫الجدي " ] ‪ ، [le Chevrefeuille = Mather Chelba‬و " بيلسان صغير " ] ‪l'Hièlbe‬‬
‫‪. [=Yazgou‬‬

‫وتوجد اللغة الفارسية ممثلة بمائة مفردة‪ ,‬و نعلم أن العرب أخذوا معلوماتهم العلمية‬
‫الولى عن الفرس و استعملوا مصطلحات فارسية ‪ ،‬و كانت بلد فارس هي الطريق التي‬
‫يسلكها جل المواد القادمة من الشرق القصى إلى الجزيرة العربية التي كانت مخزنا عالميا‬
‫لها ‪ ،‬نسجت حوله شهرة من الغنى‪.‬‬

‫و ينهي ابن البيطار جل فقرات كتابه ليشير إلى التناقضات و الخطاء الواردة فيها‪.‬‬
‫ذكر ابن البيطار في جامعه حوالي ‪ 150‬كاتبا ] مؤلمـبـفا [ اعتمدهم كمراجع ‪ ،‬و هذه واحدة‬

‫‪55‬‬
‫من مزايا هذا الكتاب الذي احتفظ لنا بالعديد من المقتطفات من كتب ضاع جلها ‪ .‬و يبلغ‬
‫كمتاب الغريق نحو العشرين ‪ ،‬و أما الباقون فليسوا فقط علماء عرب ‪ ،‬بل و كذلك علماء‬
‫فارسيون ‪ ،‬و سريان ‪ ،‬و هنود ‪ ،‬و كلدانيون ‪ ،‬تمت ترجمة مؤلفاتهم ‪.‬‬

‫و إليكم فيما يلي العداد التقريبية لهذه الستشهادات أو المقتطفات‪:‬‬

‫عن المشارقة‪:‬‬

‫*‪ -‬ذكر الرازي ‪ 400‬مرة ‪.‬‬

‫*‪ -‬و ذكر ابن سينا ‪ 300‬مرة ‪.‬‬

‫*‪ -‬و الغافقي و الشريف الدريسي ‪ 200‬مرة ‪.‬‬

‫*‪ -‬و ابن باجة ‪ ،‬و إسحاق بن عمران ‪ ،‬و ابن ماسويه ‪ 160 ،‬مرة ‪.‬‬

‫*‪ -‬و ابن ماسة ‪ ،‬و أبو حنيفة الدينوري ‪ 130‬مرة‪.‬‬

‫*‪ -‬و مسيح بن حكم ‪ ،‬و أبو العباس النباتي ‪ 100 ،‬مرة ‪.‬‬

‫بالنسبة للغريق ‪ ،‬فقد سبقت الشارة إلن أن ابن البيطار قد ضمن كتابه الجامع هذا‬
‫مقالت ديسقوريدس و جالينوس بالتمام و المال ‪.‬‬

‫و أما عن الباقين منهم فنكتفي بالشارة إلى " أرسطو " و " روفوس " ] ‪ [Rufus‬و " بول‬
‫اليجيني = المولد" ] ‪، [ Paul d'Egine= l'accoucheur‬و قد ورد ذكر كل واحد منهم ‪30‬‬
‫مرة‪.‬‬

‫سبقت الشارة إلى اهتمام ابن البيطار بالمترادفــات و المتشــابه مــن الصــطلحات ‪ ،‬و‬
‫هــذه مــن أفضــال كتابــاته فــي تــذليل هــذه الصــعوبات و تصــحيح الخطــاء‪ .‬مــن الطــبيعي أن‬
‫المــترجمين الوائــل وجــدوا أســماء يونانيــة لــم يكــن للعــرب مــا يقابلهــا فــي لســانهم ‪ ،‬أو لــم تكــن‬
‫مترادفاتهــا معرفــة بعــد لــديهم ‪ ،‬و المقصــود هنــا هــي المصــطلحات أو المفــردات ‪ .‬لــذا تتبرمكـ ـ ن‬
‫ت‬
‫أسماء كثيرة على حالها في انتظار تحديدها و من هنا جاءت المغالطات و الخطاء ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫كما تجدر الشارة هنا إلى أن عمل هاما قد أتننبجمز بالندلس‪ ،‬هو مراجعة كتاب "‬
‫ديسقوريدس "‪ ،‬و قد استفاد ابن البيطار من هذه العمال و أضاف إليها ملحظاته ‪ .‬و‬
‫هكذا نجده يؤاخذ " إصطفن " أو " إتيان بن باسيل " ] ‪Stephan ou Etienne fils de‬‬
‫‪ [Basile‬في ترجمة " ] ‪ [Gingidium‬عند " ديسقوريدس " بالشهترج " ] ‪ ، [Fumeterre‬كما‬
‫يشير إلى الالتباس الواقع بين " ] ‪ " [Chamelea‬و" ] ‪. " [Chameleon‬‬

‫خلصة القول أن الجامع لمفردات الدوية و الغذية يمتاز بطابع التفوق و الظهور‬
‫على كل الكتابات العربية في ميدانه ‪ ،‬و يترك خلفه و عن بعيد الكتاب الثاني ] عن‬
‫المفردات [ لبن سينا ‪ ،‬و جامع " سرافيون " ] ‪ [Serapion‬حيث اكتفى ابن سينا بحوالي‬
‫‪ 800‬مفردة مأخوذة عن سابقيه ‪ ،‬و قام بترتيبها في جداوله ‪ .‬أما سرافيون ‪ ،‬و رغم إتيانه‬
‫بالجديد ‪ ،‬إل أنه يفتقد إلى النبوغ و النقد و الملحظة و التعليق ‪ .‬و باعتراف كل الكتاب‬
‫العرب ‪ ،‬يبقى الجامع للمفردات ‪ ،‬أكمل و أتقن و أغزر و أوفى كتاب في مادته ‪ ,‬و ليس‬
‫في وسعنا أن نقارن ابن البيطار بأمثال الغافقي و أبي العباس النباتي ‪ ،‬الذينـن ل نعرف‬
‫عنهما سوى بعض المقتطفات ‪ .‬ولن أعمالهما القيمة و الجديرة بكل تقدير ل تكتسي‬
‫الشمولية و سعة الطلع المميزة لعمال ابن البيطار‪.‬‬

‫‪ -10 -9‬ماؤلفات ابن البيطار وتمايزأه العلماي‪:‬‬

‫أدى ذلك المناخ العلمي والفكري الملئم وازدهار العلم الطبي الذي عاش ابـن البيطـار فـي‬
‫كنفــه إلــى نبــوغه العلمــي‪ ،‬المــر الــذي يبــدو فــي المؤلفــات العديــدة الــتي تركهــا‪ ،‬ومــن أهــم هــذه‬
‫المؤلفات‪:‬‬

‫كتاب ميزان الطب‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫كتاب شرح أدوية ديسقوريدس‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كتاب الفعال الغريبة والخواص العجيبة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كتاب المغني في الدوية المفردة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪57‬‬
‫كتاب الجامع في الدوية المفردة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وسنذكر أهم ما اعتني به في كل كتاب على حدة ‪.‬‬

‫كتاب )الجاماع لمافردأات الدأوية والغأذيننة( أو )مافننردأات ابننن البيطننار( أو‬ ‫‪-1 -10 -9‬‬
‫)الجاماع في الدأوية المافردأة(‪:‬‬

‫أل ــف اب ــن البيط ــار ه ــذا الكت ــاب ف ــي تأخري ــات حي ــاته بع ــد د ارس ــات عملي ــة قائم ــة عل ــى‬
‫التجربة والمشاهدة كأساس لدراسة النبات والعشاب والدوية‪ ،‬وهو من أهم كتب ابــن البيطــار‬
‫إطلقــا وأوســع كتبــه فــي موضــوع علــم النبــات‪ ،‬وأعمقــه‪ ،‬وهــو مــن أجـ ـمل مــا ألمــف العــرب فــي‬
‫موضـ ــوع الدويـ ــة المفـ ــردة وعلـ ــم النبـ ــات طـ ــول الحقبـ ــة الممتـ ــدة مـ ــن ديسـ ــقوريدوس إلـ ــى القـ ــرن‬
‫الســادس عشــر الميلدي‪ ،‬فقــد كــان هــذا الكتــاب )الجــامع فــي الدويــة المفــردة( دائ ـرة معــارف‬
‫حقيقيــة فــي هــذا الموضــوع‪ ،‬ضــمت بيــن دفتيهــا كامــل الخــبرات الغريقيــة والعربيــة‪ ،‬لــذا يجــب‬
‫القــول إن ابــن البيطــار أعظــم عــالم نبــاتي وصــيدلي فــي القــرون الوســطى‪ ،‬ولــو أخــذت المــور‬
‫على حقيقتها فهو أعظم عــالم نبــاتي وصــيدلي فــي جميــع العصــور علــى حــد تعــبير المستشــرق‬
‫)راملندو( في كتابه )السلم والعرب(‪.‬‬

‫مخطوطة من كتاب ) جامع الدوية والغذية( لبن البيطار‬

‫‪58‬‬
‫بــالرغم مــن أن مــادة الكتــاب كــانت فــي معظمهــا تجميعــا لمــا اطلــع عليــه ابــن البيطــار‪،‬‬
‫فإن شخصيته ظهرت في هذا الكتاب ظهو ار بار از تمثله مظاهر مظاهر كثيرة‪:‬‬

‫أول الماظهرين‪ :‬نقد المؤلف العلمي المنهجي الدقيق لخطاء العلماء العرب الذين نقــل عنهــم‪،‬‬
‫والمترجمين الذين نقلوا كتب الطب والصيدلة العجمية إلــى العربيــة‪ ،‬كــالرازي والدريســي وابــن‬
‫سينا‪.‬‬

‫والنقــد الــذي وجهــه ابــن البيطــار لهــؤلء العلمــاء ‪ -‬وهــم أعلم العلمــاء فــي الصــناعة الطبيــة –‬
‫مهــم جــدال لأنــه دامل علــى مــدى تمكنــه مــن معرفــة الدويــة المفــردة‪ ،‬وعلــى قــدرته علــى التمييــز‬
‫الصحيح بين أصناف الدوية وأنواعها‪ ،‬وخاصة الدوية النباتية‪.‬‬

‫وثاني الماظهرين‪ :‬إســهام ابــن البيطــار فــي المــادة النباتيــة العربيــة بإضــافته نباتــات جديــدة مــن‬
‫محــض اكتشــافه إلــى النباتــات الــتي عرفهــا العــرب مــن قبــل سـواء عــن طريــق الترجمــة أو عــن‬
‫طريق التجارب الخاصة‪.‬‬

‫يعتبر كتابه "الجامع لمفردات الدوية والغذية" والمعروف "بمفردات ابــن البيطــار" مــن‬
‫أنفس الكتب النباتية وأشهرها‪ ،‬ألفه بعد دراسات مضنية‪ ،‬وبعد أن جاب كل تلك البلد‪ ،‬حيث؛‬

‫‪ ‬أودع فيــه كــل تجــاربه ومشــاهدته خلل ســني أبحــاثه الطويلــة‪ ،‬معتمــدال المنهــج العلمــي فــي‬
‫البحــث والتنقيــب‪ ،‬وعلــى التجربــة والمشــاهدة كأســاس لد ارســة النبــات والعشــاب والدويــة‪،‬‬
‫فشـ ــرح فـ ــي مقدمـ ــة كتـ ــابه المنهـ ــج الـ ــذي اتبعـ ــه فـ ــي أبحـ ــاثه فيقـ ــول‪ …" :‬مـ ــا صـ ـزح عنـ ــدي‬
‫ت بــه‪ ،‬ومــا كــان مخالفـال فــي القــوى‬
‫بالمشــاهدة والنظــر‪ ،‬وثبــت لــدي بــالمخبر ل بــالخبر أخــذ ت‬
‫والكيفية والمشاهدة الحسية والماهية للصواب نبذته ولم أعمل به"‪.‬‬
‫‪ ‬ومــن م ازيــا كتــابه هــذا ترتيبــه حســب حــروف المعجــم لتقريــب مأخــذه وليســهل علــى الطبــاء‬
‫والطلبة الطلع عليه دون مشقة أو عناء‪.‬‬

‫‪ ‬كمــا ذكــر فيــه الدويــة الخاطئــة الــتي تســتعمل بــالتواتر‪ ،‬وفزنــد وهمهــا معتمــدال علــى تجــاربه‬
‫ومشاهداته‪ ،‬كما أنه ذكر فيه أسـماء الدويـة بسـائر اللغـات المتباينـة بالضـافة إلـى منـابت‬
‫الــدواء ومنــافعه وتجــاربه الشــهيرة‪ ،‬وكــان يقكيــد مــا كــان يجــب تقييــده منهــا بالضــبط والشــكل‬
‫‪59‬‬
‫والنقط تقييدال يضبط نطقها حتى ل يقع الخطأ أو التحريف عند الذين ينسخون أو ي ز‬
‫طلعون‬
‫عليه‪ ،‬وذلك لهمية الدواء وتأثير الخطأ على حياة الناس‪.‬‬

‫‪ ‬كما أنه دمون فيــه كـل الشــروح والملحظـات المتعلقــة بتخزيـن النباتـات وحفظهـا وتـأثير ذلــك‬
‫على المواد الفزعالة والمكونات الغذائية الموجودة فيها‪.‬‬

‫‪ ‬يصــف كتــاب الجــامع تلميــذه ابننن أبنني أصننيبعة فــي كتــابه "عيــون النبــاء فــي طبقــات‬
‫الطبــاء" فيقــول‪" :‬ل يوجــد أجـمل ول أجـمود منــه"‪ ،‬ويصــف شخصــية ابــن البيطــار فيقــول‪:‬‬
‫"رأيت من حسـن عشـرته وكمـال مروءتــه وكـرم نفســه مـا يفــوق الوصــف‪ ،‬وشــاهدت معــه‬
‫في ظـاهر دمشـق كـثي الر مـن النباتـات فـي مواضـعها‪ ،‬ووجـدت عنـده مـن الـذكاء والفطنـة‬
‫والدراية في النبات وفي الكتب المؤلفة في هذا العلــم مــا يــثير التعجــب لــذاكرته المتوقــدة‬
‫النــادرة‪ ،‬فكــان يــذكر كــل دواء فــي أي كتــاب ذكــر وفــي أي مقالــة مــن هــذا الكتــاب وفــي‬
‫أي عــدد هــو مــن جملــة الدويــة المــذكورة فــي تلــك المقالــة‪ ،‬إن ابــن البيطــار هــو أوحــد‬
‫لمة عصره في معرفـة النبــات وتحقيقــه واختيـاره ومواضـع نبتـه ونعـت أســمائه‬
‫زمانه وع م‬
‫على اختلفها وتنوعها"‪..‬‬

‫‪ ‬ويقول عنه ماكس ماايرهوف‪" :‬إنه أعظم كاتب عربي خملد في علم النبات"‪.‬‬

‫‪ ‬ويع ــترف المستش ــرق روسإننكا بأهمي ــة ه ــذا الكت ــاب وقيمت ــه وأثـ ـره الك ــبير ف ــي تق ــدم عل ــم‬
‫النبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ويقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــول‪:‬‬
‫"إن كتاب الجامع كان لـه أثـره البــالغ فــي أوروبـا‪ ،‬وكـان مــن أهــم العوامــل فــي تقـدم علــم‬
‫النبات عند الغربيين"‪.‬‬

‫‪ ‬والباحثة اللمانية زأيغريدأ هونكه تقــول فــي كتابهــا "شــمس العــرب تســطع علــى الغــرب"‪:‬‬
‫إن ابن البيطـار مـن أعظـم عبـاقرة العـرب فـي علـم النبـات فقـد حـوي كتـابه الجـامع كـل‬
‫ف بتمحيـص ودرس‬ ‫علوم عصره وكان تحفة رائعة تنم عن عقل علمي حــي‪ ،‬إذ لـم يكتـ ب‬
‫وتــدقيق ‪ 150‬مرجعــا بــل انطلــق يجــوب العــالم بحثـال عــن النباتــات الطبيــة في ارهــا بنفســه‬
‫ويجــري تجــاربه عليهــا إلــى أن وص ــل ب ــه المــر ليبتكــر ‪ 300‬دواء جديــد م ــن أص ــل‬

‫‪60‬‬
‫‪ 1400‬دواء الــتي تضــمنها كتــابه مــع ذكــر أســمائها وطــرق اســتعمالها ومــا قــد ينــوب‬
‫عنه ــا‪ ،‬ك ــل ه ــذه عب ــارة ع ــن شـ ـواهد تعمرفن ــا تمامـ ـال كي ــف ك ــان يعم ــل رأس ه ــذا الرج ــل‬
‫العبقري"‪.‬‬

‫تترجـ ــم كتـ ــابه إلـ ــى عـ ــدة لغـ ــات وكـ ــان يتـ ــدزرس فـ ــي معظـ ــم‬
‫الجامعات الوروبية حتى عهود متأخرة‪ ،‬وطبع بعدة لغات وبعــدة‬
‫طبعــات‪ ،‬وفــي اللغــة العربيــة طبــع عــام ‪ 1874‬فــي مصــر بأربعــة‬
‫أج ـ ـزاء ونش ـ ـرته دار صـ ــادر فـ ــي بيـ ــروت ‪ 1980‬فـ ــي مجلـ ــدين‪،‬‬
‫ويوجد العديد من المخطوطات لهــذا الكتــاب موزعــة فــي عــدد مــن‬
‫مكتبات العالم ومتاحفه‪.‬‬

‫ويقول فـي مقدمــة كتـابه عــن ســبب تسـميته لـه بالجـامع‪" :‬وسـميته‬
‫الجامع لكونه بين الدواء والغذاء‪ ،‬واحتوى على الغرض المقصود مع اليجاز والستقصاء"‪.‬‬

‫ومن يق أر هذين الكتـابين لبـن البيطـار وغيرهمـا يجـده يمتـاز بعقليـة علميـة أصـيلة تميـل‬
‫إلى التجربة وتؤمن بالمشاهدة والملحظة والستنباط‪ ،‬وتحري الدقة والمانة العلمية في النقل‪،‬‬
‫ومــن هنــا ل يكــون غريلبــا أن نجــد اهتمــام البــاحثين المحــدثين يــزداد بإنتــاجه العلمــي‪ ،‬واعتبــاره ـ‬
‫م ــن بي ــن العش ــابين والص ــيادلة الع ــرب والمس ــلمين ـ ـ أك ــثرهم إنتالج ــا وأدقه ــم د ارس ــة ف ــي فح ــص‬
‫النباتــات فــي مختلــف البيئــات‪ ،‬وفــي مختلــف البلد‪ ،‬وكــان لملحظــاته القميمــة أكــبر الثــر فــي‬
‫تقدم علم الصيدلة أو الفاومـاكولوجي‪ ،‬ولـذلك يقـول عنــه معاصــروه‪) :‬إنــه الحكيــم الجــل‪ ،‬العـالم‬
‫النباتي وعلمة وقته في معرفة النبات وتحقيقه واختباره(‪.‬‬

‫وقـد اسـتطاع أن يخـرج مـن د ارسـته للنبـات والعشـاب بمستحضـرات ومركبـات وعقـاقير‬
‫طبيــة تعــد ذخيـرة للصــيدلة العالميــة‪ .‬وقــد شــهد لــه تلميــذه النجيــب ابــن أبــي أصــيبعة وحكـي فــي‬
‫مؤلفه عن رحلته العلمية ‪.‬‬

‫ومـ ـ ــن الجـ ـ ــدير بالـ ـ ــذكر أن ابـ ـ ــن البيطـ ـ ــار قـ ـ ــد اسـ ـ ــتفاد مـ ـ ــن السـ ـ ــهامات الـ ـ ــتي قـ ـ ــدمها‬
‫دأيسإقوريدأس والــذي كــان لــه مؤلفــات هامــة مــن بينهــا كتــاب )الحشــائش( الــذي قـام ابــن‬

‫‪61‬‬
‫البيطار بترجمته ونقل منه الكثير في كتابه )الجـامع للدويـة المفـردة(‪ ،‬وعنـدما قـام ابـن‬
‫البيطــار بــترجمته لــم يكتــف فقــط بــترجمته ونقــل نصوصــه‪ ،‬ولكنــه امتــاز بعمــق المعرفــة‬
‫والدقة في تنـاوله‪ ،‬حيـث جمـع المصـادر الهامـة لمـادة البحـث ولـم يكتـف بمصـدر واحـد‬
‫فقــط‪ ،‬بــل رجــع إلــى عــدة مصــادر وعقــد بعــض المقارنــات بيــن ديســقوريدس وجــالينوس‬
‫وعلمــاء العــرب الســابقين‪ ،‬وقــد كــان حريصــا علــى نقــل أســماء النباتــات بدقــة‪ ،‬وأضــاف‬
‫العديــد مــن التعليقــات علــى هـوامش الكتــاب )الحشــائش( للزيــادة فــي اليضــاح وتوصــل‬
‫إلى نتائج جديدة‪.‬‬
‫ومــن تصـبفح مؤلفــات ابــن البيطــار نجــد أنــه قــد اســتفاد أي ل‬
‫ضــا مــن جالينوس حيــث تــأثر‬
‫بمؤلفــاته الكــثيرة‪ ،‬ومــن بينهــا كتــابه الــذي يتضــمن أن الطــبيب الفاضــل يجــب أن يكــون‬
‫فيلس ــوفا‪ ،‬وك ــذلك بكت ــابه )السطقس ــات( )العناص ــر( وكت ــابه )التشـ ـريح الك ــبير( وكت ــابه‬
‫)حيلــة الــبرء(‪ .‬وقــد كــان جــالينوس أول الطبــاء الــذين أجــروا اختبــارات للوقــوف علــى‬
‫طريقــة عمــل بعــض العضــاء مثــل التكلمــى‪ ،‬وصــلة الحبــل الشــوكي بحركــات الجســم‪،‬‬
‫والحساســية‪ ،‬وطريقــة عمــل التنفــس والنبــض فــأثبت علميــا أن الشـرايين تحتــوي علــى دم‬
‫وتنقله‪ ،‬على ما يذهب إليه الب جورج قنواتي‪.‬‬

‫ومــن أبــرز إنجــازات جــالينوس والــتي تــأثر بهــا ابــن البيطــار‪ ،‬اهتمــامه بــإجراء التجــارب‬
‫وتحضير الدوية فقد كان جالينوس يحضر الدوية بنفسه‪ ،‬وقد وصف ‪ 473‬وصفا طبيـا مــن‬
‫مختلــف المصــادر نباتــات وحيوانــات ومعــادن‪ .‬إواذا كــان ابــن البيطــار قــد اســتفاد مــن علمــاء‬
‫ضا قد تأثر بعلمائنا العرب الـذين قـد تـأثروا بـدورهم بـالعلم اليونـاني‪ ،‬ومـن أبـرز‬ ‫اليونان‪ ،‬فإنه أي ل‬
‫هؤلء العلماء‪ ،‬أبو حنيفة الدينوري‪ ،‬الذي كان من علماء اللغـة المعروفيـن‪ ،‬والـذي وضـع كتابـال‬
‫في النبات‪ ،‬ولم يصف مثله فـي اللغـة العربيـة‪ ،‬إذ يعـد أول كتـاب عربـي ألمـف فـي النبـات‪ ،‬إوان‬
‫كــان العــرب قبلــه قــد تكلمـوا فــي النبــات‪ ،‬بــدليل أنــه نقــل هــو نفســه مــن كــثير مــن العلمــاء الــذين‬
‫سـبقوه فـي هـذا الميـدان‪ ،‬إل أنهـم لـم يضـعوا كتابـا معروفـا متكـامل فـي ذلـك‪ .‬ويقـول أبـو حنيفـة‬
‫في كتابه‪) :‬جمعت فيه كل ما كانت العرب تعرفه في هذا العهد من نباتـات‪ ،‬وقـد انتهـى أثنـاء‬
‫الحديث عن كل نبات بذكر مــا وضـعه العـرب مــن شــعر ونـثر‪ ،‬جامعـا فيــه بيـن مـا قـاله ورواه‬
‫لغويو العرب في النباتات‪ ،‬وما كتب من هذه النباتات لدى المم الخرى(‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫وقد استفاد ابن البيطار من أبي حنيفة الــذي كــان نباتيـا لغويــا‪ ،‬بينمـا كــان ابـن البيطـار‬
‫عشــابا وطبيبــا نباتيــا‪ ،‬تحــدث عــن النبــات وأوصــافه‪ ،‬أصــله وســاقه وورقــه وزهـره وثمـره‪،‬‬
‫حتى ل يخلط بين نبات نافع وآخر ضار‪ ،‬ثم يقـف علـى ذلـك بـذكره مـا يسـتخلص منـه‬
‫مــن عقــار مفيــد فــي العلج‪ ،‬وكيــف يؤخــذ كــدواء ومــتى يؤخــذ‪ ،‬وكيــف يعــد وكيــف يتــم‬
‫تعاطيه ومقدار الجرعة‪.‬‬
‫كما استفاد ابن البيطار مــن العــالم الطــبيب والفيلســوف ابن سإينا الــذي استقصــى نســبة‬
‫كبيرة من النباتـات‪ ،‬والـتي كـانت معروفـة فـي عصـره‪ ،‬فأورد فـي كتـابه )القـانون( طائفـة‬
‫كــبيرة مــن النباتــات الشــجرية والعشــبية والزهريــة والعطريــة والطحلبيــة‪ ،‬وبيــن الجنــاس‬
‫المختلفــة مــن النباتــات والن ـواع المختلفــة مــن الواحــد وذكــر المتشــابه وغيــر المتشــابه‪،‬‬
‫وتعني بذكر مواطن النبات والتربة التي ينمو فيها إن كانت ملحة أو غير ملحة‪ .‬ولكــن‬
‫نجد تميز ابن البيطار عن ابن سينا في كثير من المواضع‪ ،‬فبينما نجد ابن ســينا يهتــم‬
‫بدراسة النبــات‪ ،‬ويتنــاوله تنـاول عايمــا مـن حيـث أوصــافه الدقيقـة‪ ،‬الـتي تميـزه عـن غيـره‪،‬‬
‫وذكــر منــابته ـ ـ نجــد ابــن البيطــار يركــز علــى الخصــائص الطبيــة وفوائــده فــي العلج‬
‫ومـ ــداواة المـ ـ ـراض‪ ،‬ويـ ــوجه اهتمـ ــامه إلـ ــى تفصـ ــيل الم ازيـ ــا الطبيـ ــة‪ ،‬ويقـ ــارن البـ ــاحث‬
‫الجنبلطــي بيــن مقــدرة ابــن ســينا وابــن البيطــار بقــوله‪) :‬وليــس معنــى ذلــك أن نتهــم ابــن‬
‫سينا بالقصور فـي أبحــاثه الخاصـة فـي علــم النبــات أو أنـه يفضـل الخصـائص الطبيــة‪،‬‬
‫بـل كــان يعطيهـا مــن الهميــة مثــل مـا يعطــي وصـلفا للنبـات‪ ،‬ومـن هنــا تتضـح دقــة ابـن‬
‫ســينا‪ ،‬إوان لــم يكــن صــيدلييا كمــا كــان ابــن البيطــار‪ ،‬فــابن ســينا كــان اهتمــامه فــي مجــال‬
‫التأليف الطبي المتسق الذي يتناول الطب والصيدلة ملعا‪ ،‬بينما كان ابن البيطــار يهمــه‬
‫مجال الصيدلة وحده(‪.‬‬

‫كم ــا ت ــأثر اب ــن البيط ــار بالغننافقي النب ــاتي المش ــهور ال ــذي يع ــد م ــن أعظ ــم الص ــيدليين‬
‫العرب أصالة‪ ،‬حيث أخذ منه أجزاء غير قليلة من كتابه في الدوية المفردة)‪.(19‬‬

‫كما ل يمكن إغفال تأثر ابن البيطــار بكــثير مــن العلمــاء العــرب والصــيادلة والعشــابين‪،‬‬
‫والــذين تظهــر أســماؤهم فــي مؤلفــاته مثــل الزأهراوي وابنن جزألننة وأبننو بكنر الننرازأي وابننن‬
‫سإماحون‪ ،‬وثابت بن قرة‪ ،‬ومااسإرجويه‪ ،‬وابننن العننوام‪ ،‬الــذين كتب ـوا ت ارثــا ضــخما‪ ،‬تمكــن‬

‫‪63‬‬
‫ابن البيطار من الستفادة منه وتوظيفه في تأسيس علم الصيدلة وتأصــيله عنــد العــرب‬
‫والمسلمين‪.‬‬

‫‪ -1 -10 -9‬أ‪ -‬أسإلوبه في البحث العلماي لهذا الكتاب‪:‬‬

‫كـان يســير علــى نمــط فــي البحـث يشـبه الطريقــة العلميــة الحديثـة أو المنهــج التجريـبي‪ ،‬فقـد‬
‫بدأ في مقدمته القصيرة يخطط لكتابه والغرض منه والبواعث التي دفعته إلى تأليفه‪ ،‬ونـراه فــي‬
‫عبــارات دقيقــة مــوجزة يحــدد لكتــابه أهــدافا ســتة فــي مقــدمته ولكنــه يصــدر أول هــذه الحــداث‬
‫بالتحمي ــدة ال ــتي أعت ــاد علم ــاء الس ــلف الص ــالح أن يب ــدؤوا مق ــدمات كتبه ــم به ــا‪ .‬وح ــرص اب ــن‬
‫البيطار على أن يسجل في مقدمة كتابه أن يقوم على أغراض جديدة‪ ،‬ويتميــز بمــا حـواه علــى‬
‫غيـره مــن المؤلفــات الســابقة فــي النباتــات والعشــاب الطبيــة‪ ،‬ويقــول إنــه تنــاول فيــه الكلم عــن‬
‫صــفات حديثــة لــم تــذكر مــن قبــل‪ ،‬وقــد بنــاه علــى ســتة أهــداف اتضــح لنــا مــن خللهــا منهجــه‬
‫العلمي‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫الهنننندأف الول‪ :‬اسـ ـ ــتيعاب القـ ـ ــول ف ـ ــي الدويـ ـ ــة المف ـ ــردة والغذيـ ـ ــة المس ـ ــتعملة علـ ـ ــى الـ ـ ــدوام‬
‫والستمرار‪ ،‬عند الحتياج إليها في ليل أو نهار‪ ،‬مضافا إلى ذلك ذكر ما ينتفع به الناس ‪.‬‬

‫الهدأف الثاني‪ :‬صــحة النقــل فيمــا ذكـره عــن المتقــدمين وحــرره عــن المتــأخرين‪ ،‬فمــا صــح عنــده‬
‫بالمشاهدة والنظر‪ ،‬وثبت لديه بالخبرة ل الخبر‪ ،‬ادخـره كنـ از سـريا‪ ،‬ومــا كــان مخالفــا فــي القــوى‬
‫والكيفيــة‪ ،‬والمشــاهدة الحســية فــي المنفعــة والماهميــة للصـ ـواب والتحقيــق‪ ،‬أو أن نــاقله أو قــائله‬
‫عدل فيه عن سواء الطريق نبذه ظهريا‪ ،‬وهجره مليا‪.‬‬

‫الهدأف الثالث‪ :‬ترك التكرار حسب المكان‪ ،‬إل فيما تمس الحاجة إليه لزيادة معنى أو تبيان‪.‬‬

‫الهدأف الرابع‪ :‬تقريب مأخذه بحسب ترتيبه على حروف المعجم مقفى ليسهل على الطالب مـا‬
‫طلب‪ ،‬في غير مشقة ول عناء ول تعب‪.‬‬

‫الهدأف الخاماس‪ :‬التنبيه على كل دواء وقع فيـه وهـم أو غلـط متقـدم أو متـأخر‪ ،‬لعتمـاد غيـره‬
‫على الصحف والنقل‪ ،‬واعتماده على التجربة والمشاهدة‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫الهدأف السإادأس‪ :‬في أسماء الدوية بسائر اللغات المتباينة في السمات‪ ،‬مع أني لم أذكر فيه‬
‫ترجمـة دواء إل وفيــه منفعـة مـذكورة أو تجربــة مشـهورة‪ ،‬وذكـرت كـثي ار ممـا يعــرف فــي المـاكن‬
‫الــتي تنبــت فيهــا الدويــة المســطورة‪ ،‬كاللفــاظ البربريــة واللتينيــة‪ ،‬وهــي أعجميــة النــدلس إذ‬
‫كانت مشهورة عندنا وجاء بها في معظم كتبنا‪ ،‬وقيدت ما يجب تقييده منها بالضــبط وبالشــكل‬
‫وبالنقط تقييدا‪ ،‬يؤمن معه التصحيف‪ ،‬ويسلم قارئه مــن التبــديل والتحريــف‪ ،‬إذ كــان أكـثر الـوهم‬
‫والغلــط الــداخل علــى النــاظرين فــي الصــحف إنمــا هــو مــن تصــحيفهم لمــا يقرؤونــه‪ ،‬أو ســهوال‬
‫لومراقين فيما يكتبونه‪.‬‬

‫صحيفة من الصول المخطوطة لبن البيطار‬

‫‪65‬‬
‫‪ -1 -10 -9‬ب‪ -‬القيماة العلماية لكتاب الجاماع‪:‬‬

‫جـاء فــي كتــاب )مــآثر العــرب علــى الحضــارة الوروبيــة(‪" :‬ويــدل هــذا المؤلـزـف – يقصــد‬
‫كتــاب الجــامع – علــى ســعة العلــم وقــوة الملحظــة‪ ،‬وهــو أعظــم كتــاب عربــي فــي علــم النبــات‪،‬‬
‫وظــل ابــن البيطــار المرجــع الصــلي فــي علــم النبــات حــتى القــرن الســادس عشــر‪ ،‬وجعــل منــه‬
‫أعظم نباتي وصيدلي في القرون الوسطى"‪.‬‬

‫ويقــول الــدكتور عبدأ الحليننم مانتصننر فــي كتــابه )تاريــخ العلــم ودور العلمــاء العــرب فــي‬
‫تقدمه(‪" :‬إل أن الذي ل مراء فيه أن مفردات ابن البيطار تغلب فيها المادة الطبية التي أجهــد‬
‫نفسه في جمعها وترتيبها وتبويبها‪ ،‬إوانــه ليحــوي كــثي ار مــن المعلومــات المفيــدة الــتي تحتــاج إلــى‬
‫متخصصين يعنون بتحقيقهــا وتعريـف النـاس بهـا‪ ،‬وقــد تميــز ابــن البيطــار فــي مفرداتـه بسـلمة‬
‫العرض وأمانة النقل"‪.‬‬

‫ويقــول صــاحب كتــاب )الفكــر الســلمي منــابعه وآثــاره( ‪ M.M.Shnrif‬فــي الترجمــة‬


‫العربية للدكتور أحمد شلبي‪" :‬وابن البيطار الدمشقي )‪1248‬م( مؤلف كتــاب الدويــة المفــردة‪،‬‬
‫وهي مجموعة من الوصفات الطبية التي أثبتت نجاحا عظيما في الشرق والغرب‪ ،‬وكانت مــن‬
‫أســس علــم العقــاقير‪ ،‬وقــد ترجمــت إلــى اللتينيــة بعنـوان‪ ،Simblicib :‬وطبعــت ثلثــا وعشـرين‬
‫مرة خلل القرن الخامس عشر وبعده‪ ،‬واستعمل هذا الكتـاب فـي تكــوين أول صــيدلية انجليزيـة‬
‫أعــدتها كليــة الطــب فــي عهــد جيمــس الول‪ ،‬وظلــت بعــض أجـزاء هــذا الكتــاب موضــع العنايــة‬
‫فترة طويلة‪ ،‬فقد أعيد نشرها في مدينة كريمونا سنة ‪1758‬م"‪.‬‬

‫ويلمخــص جابر الشكري فــي كتــابه )الكيميــاء عنــد العــرب( آراء علمــاء العصــر الحــديث‬
‫حــول الكتــاب بقــوله‪" :‬لقــد ذاع صــيت هــذا الكتــاب وعل شــأنه‪ ،‬ول ي ـزال المرجــع المفضــل فــي‬
‫دراسة علم العشاب والدوية المفردة"‪.‬‬

‫هــذه القـوال تلقــي لنــا أضـواء كاشــفة عــن قيمــة كتــاب الجــامع فــي ميــدان الصــيدلة فــي‬
‫العصــور الوســطى‪ ،‬إوالــى زمــن يمتــد إلــى القــرن الثــامن عشــر‪ ،‬بــدليل إعــادة طبعــه فــي مدينــة‬
‫كريمون ــا س ــنة ‪1758‬م‪ ،‬وه ــي تعط ــي لن ــا فكـ ـرة واض ــحة ع ــن المكان ــة العظيم ــة الل ــتي احتله ــا‬

‫‪66‬‬
‫الكتاب‪ ،‬إذ كان مرجعا هاما للطباء في كل عصر‪ ،‬فضل عـن أثـره العميـق فـي كــل مـا أتلــف‬
‫من كتب في ميدان الصيدلة في العصور التالية‪.‬‬

‫ترجــم هــذا الكتــاب إلــى عــدة لغــات‪ ،‬وكــان تيــدرس فــي معظــم الجامعــات الوروبيــة حــتى‬
‫عهود متأخرة‪ ،‬وطبع بعدة لغات وبعدة طبعات‪ ،‬وفـي اللغـة العربيـة طبـع عـام ‪1874‬م بمصـر‬
‫في أربعة أجزاء‪ ،‬ونشرته دار صادر في بيروت عام ‪1980‬م فـي مجلـدين‪ ،‬ويوجـد العديـد مـن‬
‫المخطوطات لهذا الكتاب موزعة في عدد من مكتبات العالم ومتاحفها‪.‬‬

‫و لقد بولغ في عدد الدوية المذكورة و الغذية الجديدة ‪ ،‬و تجدر الشارة هنا أن‬
‫المر يتعلق بالغذية و الدوية في نفس الوقت ‪ ،‬و هذا ما تينسى عادة ‪ .‬ذهب " هوتنجر "‬
‫] ‪ [Hottinger‬إلى القول بأن في الجامع أكثر من ‪ 2000‬مجهولة عند ديسقوريدس ‪ .‬و تبقى‬
‫هذه المبالغة تتكرر‪ .‬و سندلي هنا بحقيقة المر و بالرقام ‪ .‬من ضمن ‪ 2330‬مادة ‪ ،‬نجد‬
‫الثلث من السماء المترادفة ‪ .‬و من ‪ 1400‬الباقية يعتبر الربع منها جديدا ‪ .‬و إذا اعتبرنا‬
‫حوالي اللف من الدوية المأخوذة عن الغريق ‪ ،‬يبقى ما يقارب الثلثمائة دواء أو غذاء‬
‫جديد عند ابن البيطار ‪ .‬و هذا ما نستنتجه من جرد قائمة لمحتوى الكتاب ‪ .‬و إذا استثنينا‬
‫من هذه الرقام عدد الدوية و الغذية المنتمية إلى الحيوان و الجماد ‪ ،‬ل يبقى عندنا سوى‬
‫‪ 200‬نبات جديد ‪ .‬و هكذا نرى أننا أبعد ما نكون من الرقام الخيالية التي قـتكدممـت عن مواد‬
‫الكتاب في غياب السقاطات اللزمة ‪ ،‬و هذا تقدم ل يستهان به يحققه ابن البيطار في‬
‫ميدانه ‪.‬‬

‫‪ -2 -10 -9‬كتاب الماغني في الدأوية المافردأة‪:‬‬

‫ل‪ ،‬ويحتوي على بحث‬ ‫يلي كتاب الجامع من حيث الهمية‪ ،‬ويقسم إلى عشرين فص ل‬
‫الدويــة الــتي ل يســتطيع الطــبيب الســتغناء عنهــا‪ ،‬ورتزبــت فيــه الدويــة الــتي تعالــج كــل عضــو‬
‫مــن أعضــاء الجســد ترتيبـال مبســطال وبطريقــة مختصـرة ومفيــدة للطبــاء ولطلب الطــب‪ ،‬ويوجــد‬
‫منه العديد من النسخ المخطوطة‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫وقد ازتسم أسلوب ابن البيطار العلمي بالنزعــة النقديــة‪ ،‬مــع الــتزامه الكامــل بالموضــوعية‬
‫والن ازهــة العلميــة‪ ،‬ويتزضــح ذلــك مــن خلل مناقشــته لراء الســابقين عليــه مــن العلمــاء والطبــاء‬
‫ت أن ناقلهــا‬‫والعزشابين‪ ،‬فلقد نقدهم في عزدة أمور‪ ،‬وكان نقده مبزنالء؛ فهو يرفض الراء التي ميثنبتـ ت‬
‫ت أمــام مقاييســه العلميــة‬ ‫قــد انحــرف عــن سـواء الســبيل ومنهــج العلمــاء الســليم‪ ،‬أو لنهــا لــم تمثنتبـ ت‬
‫التي يعتمد عليها‪ ،‬وهو ل يكتفي برفضها‪ ،‬بل إنه يتجاوز الرفض إلى توجيه النقد الشديد إلــى‬
‫الناقل أو القائل؛ لنه افترى على الح ك‬
‫ق‪.‬‬

‫وأكــبر دليــل علــى نزعتــه النقديــة كتــابه‪) :‬البانــة والعلم بمــا فــي المنهــاج مــن الخلــل‬
‫والوهام(‪ ،‬الذي نقد فيه كتاب )منهاج البيان فيما يستعمله النسان(‪ ،‬وهــو الكتــاب الــذي جمــع‬
‫فيه ابن جزلــة )ت ‪493‬ه ـ( الدويــة والغذيـة والشـربة؛ حيـث نزبــه ابـن البيطـار علـى أخطـائه‪،‬‬
‫وما غلط فيه من أسماء الدوية؛ حيث يقول في تمقمـكدممبته‪" :‬أزمــا بعــد فــإنه مــا أشــار علـزي ‪ -‬ممـنن‬
‫ت بإرادة الخير لي نبزيتته‪ ،‬وندبني إلى مــا رجــوت‪ -‬أن أتعــرض لبعــض الكتــب الموضــوعة‬ ‫صن‬‫مخلت م‬
‫في الحشائش والدوية المفردة‪ ،‬فأسـتطلع بسـائط أدويتـه‪ ،‬وأتعقـب مـا جـرى فيهـا مـن التبـاس أو‬
‫غلـط‪ ،‬وأتنعلبـتم بمـا وقــع فيــه مـن الوهـام فـي الســماء والمنـافع‪ ،‬فوضــع ت‬
‫ت فــي ذلـك مقالـة تشــتمل‬
‫معناها على وفاء المقصود‪ ،‬معتبملدا على يقين صحيح‪ ،‬أو تجربة مشهودة‪ ،‬أو علم متحمقق" ‪.‬‬

‫وهــو معجــم فــي الدويــة المفــردة مثــل كتــاب الجــامع إل أنــه مرتــب بحســب أعضــاء الجســد‬
‫ترتيبا مبســطا‪ ،‬وقمسـمه إلـى عشـرين فصـل بحسـب العضــاء‪ ،‬وضــمن كــل فصـل الدويـة المفــردة‬
‫الصــالحة لمـراض العضــو التمتمحــدث عنــه والــتي ل يســتطيع الطــبيب الســتغناء عنهــا‪ ،‬وبطريقــة‬
‫مختصرة مفيـدة للطبـاء وطلب الطـب‪ .‬والطريقـة المتبعـة فـي تـأليفه وجمعـه هـي الطريقـة نفسـها‬
‫المتبعة في كتاب الجامع‪ .‬والكتاب – على أهميته – ل يـزال مخطوطــا‪ ،‬ومنــه نســخ كــثيرة موزعــة‬
‫في مكتبات العالم‪.‬‬

‫ويمكــن القــول بــأن " المغنــي " هــو " الجــامع " مقلوبــا أو منكوســال ‪ .‬الول ينطلــق مــن التاريــخ‬
‫الطــبيعي للنبــات ‪ ،‬و الثــاني مــن اســتعمالته فــي العلج ‪ .‬و تجــدر الشــارة هنــا أن كتــاب "‬
‫المغنــي " جــاء لحقــا لتــأليف الجــامع لمفــردات الدويــة و الغذيــة فاشــتمل علــى العديــد مــن‬
‫الوثائق الجديدة‬

‫‪68‬‬
‫يوجد المغني بالعديد من المكتبــات ‪ ،‬و خصوصــا ببـاريس ‪ :‬رقــم ‪ 1008‬بالقسـم القــديم‬
‫‪ ،‬و رقم ‪ 1029‬بالقسم العربي ‪ .‬فبعد ذكره للراحل الملك الكامل ‪ ،‬أهدى المؤلف كتابه للملــك‬
‫الصالح نجم الدين خلفه‪.‬‬

‫و ينقسم الكتاب إلى عشرين فصل ‪ ،‬نقدم منها الولى و الخيرة ‪:‬‬

‫}‪ -{1‬المفردات المستعملة لعلج الرأس ‪.‬‬

‫}‪ -{2‬المفردات المستعملة لعلج الذن ‪.‬‬

‫}‪ -{3‬المفردات المستعملة لعلج أمراض العيون ‪....‬‬

‫}‪ -{17‬المفردات المستعملة في التزيين ‪.‬‬

‫}‪ -{18‬المفردات المستعملة ضد الحمى و فساد الهواء ‪.‬‬

‫}‪ -{19‬المفردات المستعملة ضد السموم ‪.‬‬

‫}‪ -{20‬المفردات الكثر استعمال في الطب‪.‬‬

‫وليــس المغنــي ســوى مــذكرة لعلــم المــداواة ‪ ،‬تزخــر بــدورها بالحجــج و الاستشــهادات ‪ ،‬و‬
‫هكذا نجد الحديث هنا عن أبي القاسم خلف بن العباس الزهراوي ‪ ،‬المعروف ب ـ"‪"Aboulcasis‬‬
‫‪ ،‬أكثر مما هو عليه في الجامع ‪ .‬و يتوسع الكـاتب فـي المغنـي ليعطـي أحيانـا معلومـات عـن‬
‫الدويــة الــتي أثــارت انتبــاهه أكــثر‪ ،‬و نستشــهد هنــا بملحظتــه فــي مــرض الجــدري بقــوله ‪ ":‬و‬
‫متى ظهرت الحبوب في الطفل‪ ،‬يجب دلــك بــاطن القـدمين بالحنـاء ‪ ،‬و بهـذا نكـون علــى يقيــن‬
‫من أن الحبوب لن تظهر فـي العينيـن كمـا سـبق لـي ملحظـة ذلـك مـ ار ار و تكـ ار ار " ‪ .‬و يفتقـر‬
‫المغني إلى تفاصيل المراض افتقاره إلى المعلومات عن النباتات ‪ ،‬أل أننا وجدنا في المغني‬
‫أحداثا لم تتذكر بالجامع ساعدتنا في رسم معالم حياة ابن البيطار‪.‬‬

‫‪ -3 -10 -9‬كتاب البانة والعلم بماا في المانهاج مان الخلل والوهام‪:‬‬

‫‪69‬‬
‫وأكــبر دليــل علــى نزعتــه النقديــة كتــابه‪) :‬البانــة والعلم بمــا فــي المنهــاج مــن الخلــل‬
‫والوهام(‪ ،‬الذي نقد فيه كتاب )منهاج البيان فيما يستعمله النسان(‪ ،‬وهــو الكتــاب الــذي جمــع‬
‫فيه ابن جزلــة )ت ‪493‬ه ـ( الدويــة والغذيـة والشـربة؛ حيـث نزبــه ابـن البيطـار علـى أخطـائه‪،‬‬
‫وما غلط فيه من أسماء الدوية ‪ ،‬ورتبها ترتيبا أبجديا‪ ,‬حيث يقــول فـي تمقمـكدممبته‪" :‬أزمـا بعــد فـإنه‬
‫ت بــإرادة الخيــر لــي نبزيتتــه‪ ،‬ونــدبني إلــى مــا رجــوت‪ -‬أن أتعــرض‬ ‫صـ ـ ن‬
‫مــا أشــار علـ ـزي ‪-‬ممـ ـنن مخلت م‬
‫لبعض الكتب الموضوعة في الحشائش والدوية المفــردة‪ ،‬فأســتطلع بســائط أدويتــه‪ ،‬وأتعقــب مــا‬
‫ت‬‫جرى فيها من التباس أو غلط‪ ،‬وأتنعلبتم بما وقع فيه من الوهام في السماء والمنافع‪ ،‬فوضــع ت‬
‫فــي ذلــك مقالــة تشــتمل معناهــا علــى وفــاء المقصــود‪ ،‬معتبمـ ـلدا علــى يقيــن صــحيح‪ ،‬أو تجربــة‬
‫مشــهودة‪ ،‬أو علــم متحقمــق" ‪ .‬والكتــاب موجــود اليــوم فــي مخطوطــة فريــدة محفوظــة فــي مكتبــة‬
‫الحرم المكي الشريف‪.‬‬

‫مخطوطة من كتاب )منهاج البيان فيما يستعمله النسان( لبن جزلة‬

‫‪ -4 -10 -9‬تفسإير كتاب دأيسإقوريدأوس‪:‬‬

‫‪70‬‬
‫وه ــو عب ــارة ع ــن ق ــاموس بالمازيغي ــة والعربي ــة والسـ ـريانية واليوناني ــة‪ ،‬وش ــرح للدوي ــة النباتي ــة‬
‫والحيوانية‪.‬‬

‫‪ -5 -10 -9‬كتاب الفعال الغريبة والخواص العجيبة‪:‬‬

‫وقد ذكره تلميذه ابن أبي أصيبعة‪ ،‬ول نعرف عنه إلى الن شيئا‪.‬‬

‫‪ -6 -10 -9‬رسإالة في تدأاوي السإماوم‪:‬‬

‫نسخة من هذه الرسالة محفوظة بدار الكتب المصرية بالقاهرة‪.‬‬

‫‪ -7 -10 -9‬مايزأان الطبيب‪:‬‬

‫وهــو كتــاب فــي المــداواة والعلج أساســا‪ ،‬ألفــه ابــن البيطــار بطلــب مــن‬
‫المير شهاب الدين أحمـد بـن عيسـى‪ ،‬وقسـمه إلـى ثمـانين بابـا مرتبـة بحسـب أعضـاء الجسـد‪.‬‬
‫ومن الكتاب نسخة مخطوطة في جامعة أبسال ‪ Uppsala‬بالسويد‪.‬‬

‫‪ -8 -10 -9‬كتاب القرباذين‪:‬‬

‫ويحتوي على مجموعـة مــن الدويــة‪ ،‬ويشـمل علــى وصــف جميــع النباتـات والحجـار والمعـادن‬
‫والحيوانــات الــتي لهــا خ ـواص طبيــة‪ ،‬وقــد ثبــت أن ابــن البيطــار ألــف هــذا الكتــاب عنــدما كــان‬
‫مقيما في مصر‪.‬‬

‫‪ -9 -10 -9‬ماقالة في الليماون‪:‬‬

‫نســبها إليــه أنــدريا ألبــاغوس ‪ ،Andrea Alpagus‬وهــي ليســت كتابــا مســتقل لبــن البيطــار‪ ،‬بــل‬
‫هي مستخرجة من كتاب الجامع تتضمن مادة )ليمون(‪.‬‬

‫‪ -10 -10 -9‬علج السإرطان‪:‬‬

‫‪71‬‬
‫اكتشــف ابــن البيطــار أحــد أوائــل الدويــة العشــبية المعالجــة للســرطان‪ ،‬وهــي عشــبة "الهنــدباء"‬
‫‪ ،Dandelion‬وقد أثبتت هذه النبتة نجاحها في العلج لمتلكها خصائص مضــادة للســرطان‬
‫وعلج الورام الخبيثة‪.‬‬

‫عشبة الهندباء المعالجة للسرطان التي اكتشفها ابن البيطار‬

‫و نق ـ أر لبــن أبــي أصــيبعة أن كتــاب الجــامع " كتــاب أجــل "‪ .‬و رأى " دييــتز " ‪ ،‬لســوء‬
‫حظــه ‪ ،‬فــي عبــارة " كتــاب أجــل " ‪ ،‬اســم كتــاب أخــر ســماه " كتــاب الســباب" و أشــار حــاجي‬
‫خليفة تحت رقم ‪ 2779‬أن لبن البيطار تذكرة في التداوي‪.........‬و تينسمـب إليه كذلك كتاب‬
‫في الوزان و المكاييل ‪ ،‬يوجد بـ" لييد " ] ‪ [Leyd‬و " مدريد " ] ‪ . [Madrid‬و يؤكد " دييتز "‬
‫أن لبن البيطار مؤلفا بـ"مدريد " موضوعه الطب البيطري و ينســب ســجل المؤلفــات القديمــة ]‬
‫‪ [anciens fonds‬ـ ببــاريس تحــت رقــم ‪ 1027‬مؤلــف لبــن البيطــار عــن تحضــير الدويــة ‪ ،‬و‬
‫ليس الكتاب المقصود سوى " منهاج الدكان " لمؤلفه " كوهن العطار"‪.‬‬

‫كمــا يوجــد بــالقم ‪ 1056‬مــن الملحــق ‪ ،‬مجلــد يضــم عــدة مؤلفــات ‪ ،‬الول فيهــا يحمــل‬
‫عنـوان " تحفــة الريــب " تيقـمـزدم لنــا علــى أنــه لبــن البيطــار‪ ،‬و هــذا الكــتيب المكــون مــن ثمــانين‬

‫‪72‬‬
‫صــفحة يكــاد يكــون بمثابــة ملحــق للمغنــي ‪ ،‬لنــه أيضــا مــذكر فــي المــداواة ‪ ،‬أل أن المـراض‬
‫تعالج فيه بالدوية المركبة ‪.‬و ما يجعلنا نشك في نسبة الكتيب إلـى ابـن البيطـار ‪ ،‬هـو ضـيق‬
‫آفاقه أول ‪ ،‬ثم ثانيا وجود مقدمــة غريبـة فـي أولــه نقـ أر فيهـا أن ابـن البيطـار ألـف نحـو خمســين‬
‫كتابا ‪ ،‬و بأنه مات عن عمر يناهز ‪ 114‬أو ‪ 130‬سنة‪.‬‬

‫و نجـ ــد بفهـ ــارس مكتبـ ــات الشـ ــرق ‪ ،‬المقدمـ ــة مـ ــن طـ ــرف " فلوجـ ــل " ] ]‪[Fluegel‬ـ ـ فـ ــي‬
‫طبعتــه عــن حــاجي خليفــة ‪ ،‬أن لبــن البيطــار كتابــا بعنـوان " معالجــات ابــن البيطــار " ‪ ،‬ذكـره‬
‫مرتين‪.‬‬

‫‪ -1 -10 -10 -9‬تعريف عشبة الهندأباء‪:‬‬

‫الهن ــدباء نب ــات عش ــبي ح ــولي أو ثن ــائي الح ــول والقلي ــل منه ــا معمـ ـرة‪ ،‬فص ــيلة المركب ــات‬
‫اللسنية الزهر ‪ ،‬تنمو عفويال في الراضي الرملية والجافة‪ .‬كما تزرع ويعرف النوع المزروع بــالنوع‬
‫البسـتاني والنــوع الخــر بالهنـدباء الــبري‪ .‬ونبــات الهنــدباء نبــات غـض يــتراوح ارتفـاعه مـا بيــن ‪40‬‬
‫إلـ ــى ‪ 80‬سـ ــم‪ ،‬ولهـ ــا سـ ــاق أجـ ــوف قليـ ــل الوراق تكسـ ــو الوراق شـ ــعيرات خشـ ــنة‪ .‬أزهـ ــار النبـ ــات‬
‫مستديرة برتقالية إلى صفراء اللون وربما يوجــد بعــض النـواع بلــون أزرق‪ .‬تتفتــح الزهــار بطريقــة‬
‫عجيبــة حيــث تنفتــح صــباحال وتنقفــل بإحكــام مســاءال ‪ ،‬وجــذر الهنــدباء غليــظ مخروطــي يتعمــق فــي‬
‫التربــة وينبعــث منــه جــذامير جانبيــة عرضــية‪ ،‬كمــا تحــوي بعــض ســيقان الهنــدباء علــى عصــارة‬
‫لبنية‪ .‬وقد ظهر في التحاليـل العديـدة أن هـذا النبـات يحتـوي‪ :‬الكاليسـيوم‪ ،‬البوتاسـيوم‪ ،‬الفوسـفور‪،‬‬
‫الصوديوم‪ ،‬الحديد‪ ،‬النحاس‪ ،‬المنغنيز‪ ،‬مواد سكرية‪ ،‬فيتامينات )‪ ، (,pb,k,c,b‬حـوامض أمينيــة‪،‬‬
‫عناصر بروتينية ‪ ،‬مواد دسمة ‪ ،‬نشا‪ ،‬جوهر مر‪ ،‬أنولين‪.‬‬

‫تعرف الهندباء بأسماء أخرى مثل الطرخون‪ ،‬والشيكوريا‪ ،‬والهنــدب‪ ،‬والسـريس‪ ،‬واللعاعــة‪.‬‬
‫وفي الغرب‪ ،‬تعرف بالكرة المنفوخة‪ ،‬والدودة الكالة‪ ،‬والساعة المجنونة‪ ،‬وزهرة الربيــع اليرلنديــة‪،‬‬
‫وأسنان السد‪ ،‬والبوال‪ ،‬وتاج الراهب‪ .‬والكرة الصفراء وأنف الخنزير‪.‬‬

‫أما مـن الناحيـة العلميــة فتعـرف باسـم‪ Taraxacum afficinalis :‬من الفصــيلة المركبـة )‬
‫‪ (Compositae‬كما أن هناك أنواعال أخرى مثل الهندباء البرية والمعروفة عاميال باسم بوجنــج ينــج‬

‫‪73‬‬
‫وعلمي ـال باســم ‪ T.mongolicum‬وه ذا النــوع يســتخدم فــي الصــين بلــد المنشــأ لعلج أم ـراض الكبــد‬
‫ونــوع آخــر يعــرف باســم ‪ Cichorium intylric‬م ن الفصــيلة المركبــة وجميــع هــذه الن ـواع تنمــو‬
‫وتزرع بكثرة في أوروبــا وبــالخص فـي بريطانيــا وألمانيـا وفرنســا وفــي أمريكـا والهنـد وآســيا وافريقيـا‬
‫ويقدس الفرنسيون نبات الهندباء حيث يعملون من جذورها قهوة تنافس قهوة البن‪.‬‬

‫‪ -1 -10 -10 -9‬أ‪ -‬الطرخون ‪:‬‬

‫وهــو نــوع مــن أنـواع الهنــدباء المزروعــة والــذي يعــرف علميــا باســم ‪ Taraxacum officinale‬وهو‬
‫من النباتات الهامة في علج التهابات الكبد والجزء المستخدم من هذا النبات الوراق الــتي عــادة‬
‫م ــا تؤك ــل م ــع الس ــلطة وك ــذلك الج ــذور‪ .‬يحت ــوي الطرخ ــون عل ــى لكتون ــات التربين ــات الحادي ــة‬
‫النصـ ـ ــفية وتربينـ ـ ــات ثلثيـ ـ ــة وفيتامينـ ـ ــات أ‪ ،‬ب‪ ،‬ج‪ ،‬د وكومارتيـ ـ ــات وكاروتينوتيـ ـ ــدات ومعـ ـ ــادن‬
‫وبالخص معدن البوتاسيوم وكذلك الكالسيوم وحمض الفينوليك‪.‬‬

‫ومن أهم اسإتخدأامااته مزيل للسموم وبالخص سـموم الكبـد ومـدر للبـول‪ .‬ويعتـبر جـذر الطرخــون‬
‫حسب بحث نشر في مجلـة ألمانيــة ان لـه معفــول تنظيفيــا هامـا للكبـد وينبـه انتــاج الصـفراء‪ .‬يؤخــذ‬
‫ما مقدار خمس ملعق كبيرة من مفروم أو مسحوق الطرخون ويوضع في مقدار لتر ماء "أربعة‬
‫أكواب" ثم يوضع على النار ويغلى لمدة عشر دقائق ثم يصفى ويشرب منـه طـول النهـار بمعـدل‬

‫‪74‬‬
‫كــوب واحــد بعــد كــل وجبــة غذائيــة والكــوب ال اربــع يكــون عنــد النــوم ليل‪ .‬ويجــب تحضــير هــذه‬
‫الوصفة مرة كل ‪24‬ساعة أولل بأول‪.‬‬

‫‪ -1 -10 -10 -9‬ب‪ -‬الهندأباء البرية ‪:‬‬

‫الهنــدباء البريــة نبــات عشــبي‪ ..‬الجــزء المســتعمل منــه الجــذور والوراق والزهــار‪ ..‬يعــرف‬
‫علمي ـال باســم ‪ Chicorium intybus‬تحت وي الجــذور علــى ‪ %58‬انيــولين وسيســكوتربين لكتــونز‬
‫وكذلك فيتامينات ومعادن‪.‬تستعمل الهندباء البرية مقوية للكبــد وللجهــاز الهضــمي‪ ..‬ويشــبه تــأثير‬
‫جذور النبات تأثير جــذور الهنـدباء الطبيـة‪ ..‬تسـتخدم جـذور نبــات الهنـدباء البريـة بعـد تحميصــها‬
‫وسـ ــحقها كبـ ــديل للقهـ ــوة حيـ ــث يعمـ ــل منهـ ــا مشـ ــروب مماثـ ــل للقهـ ــوة‪ .‬يعتـ ــبر السـ ــيتامينوفين )‬
‫‪ (Acetaminophen‬في الجرعات العالية سـامال للكبـد‪ ،‬إواذا كـانت الجرعـة عاليـة جـدال فإنه قاتـل‪..‬‬
‫وفـي د ارســة أجريـت علـى الفئـران الــتي أعطيــت جرعــات تقتـل الفئـران ‪ %100‬مــن السـتامينوفين‬
‫والــتي أعطيــت خلصــة النبــات حيــث تــم انقــاذ ‪ %70‬مــن الفئـران وهــذا يــدل علــى كفــاءة الهنــدباء‬
‫البري ـ ـ ـ ـ ــة لنق ـ ـ ـ ـ ــاذ الكب ـ ـ ـ ـ ــد‪ ..‬يوج ـ ـ ـ ـ ــد خلص ـ ـ ـ ـ ــات ج ـ ـ ـ ـ ــاهزة تب ـ ـ ـ ـ ــاع ف ـ ـ ـ ـ ــي السـ ـ ـ ـ ـ ـواق المحلي ـ ـ ـ ـ ــة‪.‬‬
‫والطريقة أن يؤخذ ملء ملعقة من الهنـدباء البريـة وتوضـع فـي ملـء كـوب مـاء مغلـي وتـترك لمـدة‬
‫‪15‬دقيقــة لتنقــع ثــم تصــفى وتشــرب بمعــدل كــوب قبــل الفطــور وآخــر قبــل العشــاء يوميـ ـال ويجــب‬
‫تحضير المغلي أولل بأول يوميا‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫عرف قدماء المصريين الهندباء منذ أكثر مـن ‪ 5000‬سـنة‪ ،‬حيـث كـانوا يـأكلون أوراقهـا كخضـار‬
‫وظــل هــذا النبــات منــذ أيــام الفراعنــة وحــتى أوائــل القــرن الســابع عشــر‪ ،‬الميلدي يســتخدم كغــذاء‬
‫وعلج ممتـ ــاز ومعـ ــترف بـ ــه بيـ ــن الطبـ ــاء آنـ ــذاك لعلج الكبـ ــد‪ .‬ولن أول مـ ــن نصـ ــح باسـ ــتخدام‬
‫الهنــدباء كعلج هــم الطبــاء العــرب‪ ،‬وذلــك ابتــداء مــن القــرن الحــادي عشــر ثــم تلـي ذلــك نصــيحة‬
‫أطباء ويلز ببريطانيا في القرن الثالث عشر حيث نصحوا المواطنين باســتخدامه كأحــد العشـاب‬
‫الجيدة لعلج السرطان‪.‬‬

‫‪ -2- 10 -10 -9‬آراء بعض العلمااء بهذه العشبة‪:‬‬

‫يقول ابن القيم ‪:‬‬

‫ورد فيها ثلثة أحاديث ل تصـح عـن رسـول الـ ـ صـلى الـ عليـه وسـلم ـ ول يثبـت مثلهـا‪،‬‬
‫بـل هــي موضــوعة‪ ،‬أحــدها‪) :‬كلـوا الهنـدباء ول تنفضـوه فـإنه ليـس يـوم مــن اليــام إل وقطـرات مــن‬
‫الجنة تقطر عليه(‪ .‬الثاني‪) :‬من أكل الهندباء‪ ،‬ثم نام عليها لم يحــل فيــه ســم ول ســحر(‪ .‬الثــالث‪:‬‬
‫)ما من ورقة من ورق الهندباء إل وعليها قطرة من الجنة(‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ ‬فهي مسـتحيلة المـزاج‪ ،‬منقلبـة بـانقلب فصــول السـنة‪ ،‬فهـي فــي الشـتاء بــاردة رطبـة‪ ،‬وفـي‬
‫الصيف حارة يابسة‪ ،‬وفي الربيع والخريف معتدلة‪ ،‬وفـي غــالب أحوالهــا تميـل إلـى الـبرودة‬
‫واليبس‪ ،‬وهي قابضة مبردة جيدة للمعدة‪ ،‬إواذا طبخت وأكلت بخل‪ ،‬عقلت البطن وخاصــة‬
‫ضا‪ ،‬وتنفع من ضعفها‪.‬‬
‫البري منها‪ ،‬فهي أجود للمعدة‪ ،‬وأشد قب ل‬
‫‪ ‬إواذا تضمد بها‪ ،‬سلبت اللتهاب العارض في المعدة‪ ،‬وتنفع من النقرس‪ ،‬ومن أورام العين‬
‫الحــارة‪ ،‬إواذا تضــمد بورقهــا وأصــولها‪ ،‬نفعــت مــن لســع العقــرب‪ ،‬وهــي تقــوي المعــدة‪ ،‬وتفتــح‬
‫الس ــدد العارض ــة ف ــي الكب ــد‪ ،‬وتنف ــع م ــن أوجاعه ــا حاره ــا وبارده ــا‪ ،‬وتفت ــح س ــدد الطح ــال‬
‫والعروق والحشاء وتنقي مجاري الكلى‪.‬‬

‫‪ ‬وأنفعها للكبد أمرها‪ ،‬وماؤها المعتصر ينفع من اليرقان السددي‪ ،‬ول سيما إذا خلط به ماء‬
‫ال ارزيانج الرطب‪ ،‬إواذا دق ورقها‪ ،‬ووضع على الورام الحارة بردها وحللهــا‪ ،‬ويجلــو مــا فــي‬
‫المعدة‪ ،‬ويطفئ ح اررة الـدم والصـفراء‪ ،‬وأصـلح مـا أكلــت غيــر مغســولة ول منفوضـة‪ ،‬لنهـا‬
‫متى غسلت أو نفضت‪ ،‬فارقتها قوتها‪ ،‬وفيها مع ذلك قوة ترياقية تنفع من جميع السموم‪.‬‬

‫‪ ‬إواذا اكتحــل بمائهــا‪ ،‬نفــع مــن العشــا‪ ،‬ويــدخل ورقهــا فــي التريــاق‪ ،‬وينفــع مــن لــدغ العقــرب‪،‬‬
‫ويقاوم أكثر السموم‪ ،‬إواذا اعتصر ماؤها‪ ،‬وصب عليه الزيت‪ ،‬خلص من الدويــة القتالــة‪،‬‬
‫إواذا اعتصر أصلها‪ ،‬وشرب ماؤه‪ ،‬نفع من لســع الفــاعي‪ ،‬ولســع العقــرب‪ ،‬ولســع الزنبــور‪،‬‬
‫ولبن أصلها يجلو بياض العين‪ .‬أ‪ .‬هـ‪.‬‬

‫قال عنها ابن سينا‪:‬‬

‫الهنــدباء منــه بــري ومنــه بســتاني وهــو صــنفان عريــض الــورق ودقيقــه‪ ،‬وأنفعــه للكبــد أمـره‪،‬‬
‫والبسـتاني أبــرد وأرطــب‪ ،‬والــبري أقـل رطوبــة‪ .‬إنـه يفتـح السـدد فـي الحشـاء والعــروق‪ ،‬وفيــه قبـض‬
‫صــالح وليــس بشــديد ويضــمد بــه النقــرس‪ ،‬وينفــع مــن الرمــد الحــار‪ .‬وحليــب الهنــدباء الــبري يجلــو‬
‫بياض العين‪ ،‬ويضمد به مع دقيق الشـعير للخفقـان‪ ،‬ويقـوي القلـب‪ ،‬إواذا حـل خيـار تنـبر فـي مـائه‬
‫وتغرغر بـه نفـع مـن أورام الحلـق‪ .‬وهـو يسـكن الغـثي ويقــوي المعـدة‪ ،‬وهـو خيـر الدويـة لمعـدة بهـا‬
‫مزاج حار‪ .‬إواذا أكل مع الخل عقل البطن‪ ،‬وهو نافع لحمى الربع والحميات الباردة‪ .‬المراض‬

‫‪77‬‬
‫وقال ابن البيطار‪:‬‬

‫ك ــل أصــناف الهنــدباء إذا طبخ ــت وأكلــت عقلــت البطــن‪ ،‬ونفعــت م ــن ض ــعف المع ــدة والقل ــب‪،‬‬
‫والضماد بهـا ينفـع للخفقـان وأورام العيـن الحـارة‪ ،‬وهـي صـالحة للمعـدة والكبـد الملتهبـتين‪ ،‬وتسـكين‬
‫الغثيان وهيجان الصفراء‪ ،‬وتقوي المعدة والشربة منها ‪ 70‬درهملا‪.‬‬

‫وقال داود النطاكي‪:‬‬

‫الهندباء تذهب الحميات والعطش والخفقان واليرقان والشلل وضعف الكبد والكلى شربال مع الخل‬
‫والعسـ ــل‪ ،‬والصـ ـ ـواب دقهـ ــا وعصـ ــرها‪ ،‬والبريـ ــة مـ ــن الهنـ ــدباء تسـ ــمى اليعضـ ــيد‪ ،‬وزهرهـ ــا يسـ ــمى‬
‫خندريل«‪ .‬وقال ابن قيم الجوزية‪» :‬أصلح ما أكلت غير مغسولة ول منفوضة لنهــا مــتى غســلت‬
‫أو نفضت فارقتها قوتها‪ ،‬وفيها مع ذلك قوة ثرياقية تنفع من جميع السموم‪.‬‬

‫كما وصفوها قديمال للمصابين في الكبد لتنشيط إف ارزاته إوافـ ارزات الصــفراء‪ ،‬إواذا أضــيف الثــوم إلــى‬
‫الهندباء فإنها تصلح للمصابين بعسر الهضم‪ .‬وممـا يــذكر أن الهولنـديين كــانوا أول مـن فكـر فــي‬
‫استعمال جذور الهندباء اليابسة ومزجها بالبن‪ ،‬وصنع قهــوة الهنــدباء منهــا وجعلهــا مشــروبال مقويـال‬
‫للمعاء‪ .‬ومما يذكر أن الهندباء البرية أكثر فائدة من الناحية الغذائية من الهندباء البستانية‪.‬‬

‫‪ -3 -10 -10 -9‬خصائص نبات الهندأباء‪:‬‬

‫أنــه مرمــم‪ ،‬ضــد فقــر الــدم‪ ،‬فاتــح الشــهية ‪ ،‬مطهــر‪ ،‬مــدر‪ ،‬مســهل خفيــف‪ ،‬مفــرغ للصــفراء‪،‬‬
‫دافع للحمى‪ ،‬طارد للديدان‪ .‬ولذلك فإنه يوصف لعلج حالت ‪ :‬فقـر الـدم ‪ ،‬آفـات الكبـد ‪ ،‬أجهـزة‬
‫العظـم ‪ ،‬مسـالك البـول ‪ ،‬المسـاك ‪ ،‬النقـرس ‪ ،‬التهـاب المفاصـل ‪ ،‬والرمـال والحصـى ‪ ،‬فقـد شـهية‬
‫الطعام ‪ ،‬الوهن النفسي ‪ ،‬المراض الجلدية‪ ،‬والستقساء‪.‬‬

‫يشــير الطبــاء إلــى أن الهنــدباء منشــط عــام ومجــدد للعصــاب لحتوائهــا علــى مــا يعــادل‬
‫‪ %1‬من وزنها فوسفور ‪ ،‬وتستخدم لعلج الروماتيزم والمـراض الجلديــة‪ ،‬أمــا أثرهــا المســهل فهــو‬
‫ذو فاعليــة مزدوجــة بفضــل الخمــائر المتنوعــة الــتي تحتويهــا‪ .‬أمــا قــدرتها علــى طـراد الحمــى وهــي‬
‫القــدرة الــتي ذكرهــا )كــازن( فــي القــرن التاســع عشــر فقــد أكــدها )ديكــو(‪ .‬كمــا أكــد )بالــدن( أنهــا‬

‫‪78‬‬
‫مضــادة لمــرض الســكر‪ ،‬فمركباتهــا تســهل وظــائف الكبــد الخاصــة بــالغليكوجين وتخفــض معــدل‬
‫البيلة السكرية‪ .‬ومن جهة أخرى مستخرج نقع الهندباء في ماء مغلـي لتـوه يهـديء العطـش الثقيـل‬
‫على مرضى السكر وينظم لديهم إفراز البول غير المنتظم‪.‬‬

‫ويوجــد فــي جــذور الهنــدباء المـرة ‪ 48‬أنــولين والســكاروز والبنتــوزان‪ ،‬كمــا ويوجــد غيلكوزيــد‬
‫اللتــبين وهــي المــادة الــتي تعطــي الجــذور الطعــم المــر المفيــد كمــادة فاتحــة للشــهية‪ .‬ويفيــد عشــب‬
‫الهندباء في حالت تشمع وتضخم الكبد خارجيـا ويسـتخدم لعلج الكزمـا‪ .‬كمــا أن مغلــي العشــبة‬
‫يمكن استخدامه لعلج مسامير اللحم فضل عن استخدامات علجية ووقائيــة أخـرى كــثيرة‪ .‬قـالوا‬
‫عنها قديملا‪:‬‬

‫‪ -‬الجزء المستخدم ‪:‬‬

‫تسـ ــتخدم جميـ ــع أجـ ـزاء نبـ ــات الهنـ ــدباء سـ ـواء الجـ ـزاء الهوائيـ ــة )السـ ــيقان والوراق والزهـ ــار( أو‬
‫الجزاء المطمورة تحت سطح الرض‪ ،‬جذور وجذامير‪.‬‬

‫‪ -‬في الطب الحديث ‪:‬‬

‫يحتــوي النبــات علــى مـ ـواد مـ ـرة وتعــرف باللكتونــات السيســكوتربينية‪ ،‬وكــذلك تربينــات‪ ،‬ثلثيــة‪،‬‬
‫وسـيترولت‪ ،‬وفلفونيـدات وهلم‪ ،‬إواينــولين وقلــونين‪ ،‬ونياسـين وتاركساســيرين وفيتامينـات ودهــون‬
‫وصموغ وراتنجات وكولين ومواد دباغية وزيوت طيارة بالضافة إلى بعــض المعــادن الهامــة مثــل‬
‫الكالســيوم والبوتاســيوم والصــوديوم والحديــد والمغنيســيوم والمنجنيــز والنحــاس والفوســفور‪ ،‬وكــذلك‬
‫مواد سكرية وأحماض أمينية ونشا‪.‬‬

‫وقـ ــد قـ ــال عنهـ ــا العـ ــالم دانيـ ــال مـ ــوري مؤلـ ــف كتـ ــاب‪The scientific Validation of :‬‬
‫‪ Herbal Medicine and Herbal Tonic Therapies‬ان أوراق نبــات الهنــدباء‪ ،‬لهــا تــأثير مــدر‬
‫عظيــم وهــذا يعنــي اخـراج السـوائل ال ازئــدة مــن الجســم‪ ..‬وأمــا الجــذور فهــي علج نــاجع لليرقــان‪..‬‬
‫يحتــوي نبــات الهنــدباء علــى مركبــات كيميائيــة كــثيرة مــن أهمهــا‪ :‬سيســكوتربين لكتــون‪ ،‬تربينــات‬
‫ثلثيــة‪ ،‬فيتامينــات أ‪ ،‬ب‪ ،‬ج ‪ ،‬د‪ ،‬كومارينــات‪ ،‬كاروتينويــدز وكالســيوم وبوتاســيوم وتراكســاكوزايد‬
‫واحمــاض فينوليــة‪ .‬ولقــد نشــرت البحــاث اللمانيــة ان جــذور نبــات الهنــدباء لــه تــأثير مميــز علــى‬
‫‪79‬‬
‫الكبد وانه ينشط الم اررة لإفراز الصفراء ويعتبر من أفضل العشاب علــى الإطلق كطــارد لســموم‬
‫الكبــد ويعمــل أساسـال علــى الكبــد والمـ اررة لمســاعدتهما فــي إخـراج المخلفــات منهمــا‪ :‬كمــا انــه يقــوم‬
‫على تنظيف الكلى وإخراج سمومها‪ ..‬وتعتبر جذور وأوراق الهندباء مـن أفضـل الدويـة العشـبية‬
‫للمـ ـ اررة حيــث تعمــل علــى عــدم تكــون حصــاة المـ ـ اررة وربمــا تــذيب الحصـ ـوات المتكونــة‪ ..‬يمكــن‬
‫اســتعمال الهنــدباء أكلل فهــي تعتــبر غــذاء بالإضــافة إلــى كونهــا دواء وتوجــد منهــا مستحضـ ـرات‬
‫صيدلنية تباع في السواق المحلية‪.‬‬

‫وهناك دراسات علمية أجريت على أوراق الهندباء حيث نشر بحث قيم في مجلة النباتات‬
‫الطبية العالمية توصـي باسـتخدام أوراق الهنـدباء كأفضـل مـادة لدرار البـول‪ .‬أمـا بالنسـبة لجـذور‬
‫الهندباء فقد درسه اللمان وذكروا أن نتائج الدراسة أثبتت جدوى الجذور في علج أمراض الكبــد‬
‫وتنبيه الم اررة لدرار الصفراء‪ ،‬بالضافة إلى إثبات أن الجذور‪ ،‬تعتبر مــن أفضــل الملينــات‪ .‬كمــا‬
‫أثبتــت الد ارســات أن الجــذور تعتــبر علجـ ـال فعــالل للكلــى حيــث يخلصــها مــن المـ ـواد الســامة عــن‬
‫طري ــق الب ــول‪ .‬كم ــا أثبت ــت الد ارس ــة أن ــه يمك ــن اس ــتخدام ج ــذور وج ــذامير الهن ــدباء لتخفي ــف آلم‬
‫النقــرس‪ .‬وتعتــبر جــذور وجــذامير الهنــدباء أحــد العقــاقير المســجلة فــي دســتور الدويــة المريكــي‬
‫كعلج لمـ ـراض الكبــد‪ .‬كمــا اعتــبرت الســلطات اللمانيــة جميــع أجـ ـزاء الهنــدباء صــالحة لعلج‬
‫أمراض الكلى وأفضل المواد إد ار الر للبول‪ .‬كما أثبتت الدراسات الحديثة أن نبات الهندباء يخفــض‬
‫نســبة الســكر فــي الــدم‪ ،‬وذلــك فــي حيوانــات التجــارب‪ .‬ويمكــن أن يلعــب ذلــك دو الر كــبي الر فــي علج‬
‫ســكر الــدم لــدى النســان بعــد النتهــاء مــن د ارســته‪ .‬وقــد نجــح الصــينيون فــي أبحــاثهم فــي علج‬
‫أمراض الشعب الهوائية والجهاز التنفسي بواسطة استعمال جذور الهندباء‪.‬‬

‫للسإتعماالت الدأاخلية‪:‬‬

‫‪ -‬يســتعمل مغلــي الوراق لعلج ســوء الهضــم ولنقــص الشــهية‪ ،‬حيــث تؤخــذ ملعقــة إلــى ملعقــتين‬
‫صــغيرتين بعــد ســحقها أو تقطيعهــا‪ ،‬إواضــافتها إلــى كــوب مــاء مغلــي‪ ،‬ثــم يصــفى المــاء بعــد ‪15‬‬
‫دقيق ــة مـ ــن وضـ ــع أوراق الهنـ ــدباء فـ ــي الك ــوب ويش ــرب دافئـ ـلا‪ .‬ويمكـ ــن عم ــل منق ــوع مـ ــن الوراق‬
‫المســحوقة حيــث تضــاف ملعقــة صــغيرة مــن مســحوق الوراق إلــى كــوب مــاء بــارد ويــترك لمــدة‬
‫نصف ساعة ثم يصفى ويشرب‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫‪ -‬لعلج المســاك ينقــع حـوالي ثلث ملعــق مــن أزهــار النبــات فــي حـوالي لــتر مــن المــاء البــارد‬
‫ويشرب منها كأس قبل كل وجبة‬

‫‪ -‬تنقع حوالي ثلث ملعق من جذور أو جذامير الهندباء بعد سحقها مـع حـوالي لـتر مـن المـاء‬
‫وتترك لمدة حوالي ‪ 5‬دقائق‪ ،‬ثم تغلى بعد ذلك لمدة ‪ 15‬دقيقة‪ ،‬ويشرب منها كأس قبل كــل وجبــة‬
‫وذلك لعلج الكبد وكذلك الم اررة حيث تمنع تكبون حصى فـي المـ اررة وتفتتهـا إن وجـدت ويقـال إن‬
‫هذه الوصفة جيدة لتخفيض الوزن‪.‬‬

‫‪ -‬يستعمل مغلي الوراق والزهـار والجـذور معـال لمقـدار ثلث ملعـق فـي لـتر مـن المـاء بمقـدار‬
‫كوب صباحال وآخر مساء‪ ،‬وذلك لعلج حالت النيميا والضعف العام وفقد الشهية‪.‬‬

‫‪ -‬يمكن الستعانة بنبات الهندباء البرية لعلج حصر البول حيث أنها غنية بالبوتاسيوم‪ ،‬ويمكن‬
‫شـ ـربها مغلي ــة أو كبس ــولت محتوي ــة عل ــى مستخلص ــها‪ .‬ك ــذلك فيت ــامين ‪ B6‬مفي د ج ــدال ف ــي ه ــذه‬
‫الحالـة‪ .‬ويمكـن اضـافة نبتـة الهنـدباء البريـة أيضـال الـى السـلطة فطعمهـا ارئـع‪ ،‬بجانب فائـدتها فـي‬
‫معالجة ومقاومة مرض احتباس السوائل في الجسم‪.‬‬

‫‪ -‬وتوصف الهندباء غــذاء للمصــابين فـي الكبــد لتنشــيط اف ار ازتــه وافـ ارزات الصــفراء‪ ،‬إواذا اضـيف‬
‫الثوم إلى الهندباء فإنها تصلح للمصابين بعسر الهضم‪ .‬ومما يذكر ان الهولنديين كــانوا أول مــن‬
‫فكــر فــي اســتعمال جــذور الهنــدباء اليابســة ومزجهــا بــالبن‪ ،‬وصــنع قهــوة الهنــدباء منهــا وجعلهــا‬
‫مشروبال مقويال للمعاء‪ .‬ومما يذكر ان الهندباء البرية أكثر فائدة من الناحية الغذائية من الهندباء‬
‫البســتانية وجميــع أجـ ـزاء نبــات الهنــدباء سـ ـواء الجـ ـزاء الهوائيــة )الســيقان والوراق والزهــار( أو‬
‫الجزاء المغمورة تحت سطح الرض )جذور وجذامير(‪.‬‬

‫للسإتعماالت الخارجية‪:‬‬

‫‪ -‬يستعمل مغلي الجذور أو الجزامير على هيئة كمادات دافئة لعلج التهابات العين‪.‬‬

‫‪ -‬يستعمل منقوع الوراق والزهار الطازجة في علج آلم الطراف بواسطة التدليك‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫‪ -11 -9‬تصنيف الماراض والدأوية والعلجات‪:‬‬

‫ومــن مظــاهر التقــدم العلمــي الطــبي عنــد العــرب تصــنيفهم للمـراض وذلــك للتســهيل عليهــم‬
‫فــي علجهــا‪ ،‬فكــانوا يعرضــون للمـراض وأســبابها وأع ارضــها وعلماتهــا وطــرق علجهــا‪ ،‬وقــد‬
‫ظهرت لدى أطباء العرب في هذه المرحلة التي عاش فيها ابن البيطـار ظـاهرة لـم يلتفـت إليهـا‬
‫مــن قبــل دارســو تاريــخ العلــوم أل وهــي )الجــداول الطبيــة(‪ .‬وقــد ظهــرت هــذه الطريقــة المنهجيــة‬
‫عن ــد اب ــن التلمي ــذ )‪560‬ه ـ ـ( ف ــي مخط ــوطه )المغن ــي ف ــي الط ــب( حي ــث ن ــرى عرض ــا منهجي ــا‬
‫واضحا للمراض‪ ،‬فهو يعرض في أول الجدول للمرض‪ ،‬وفي منتصفه للســبب الــذي أدى إلــى‬
‫هــذا المــرض‪ ،‬وفــي الخيــر للع ـراض المصــاحبة لــه‪ ،‬وهــذا واضــح فــي كــثير مــن الم ـراض‪،‬‬
‫وخاص ــة المـ ـراض الحادث ــة ف ــي الجف ــون وم ــداواتها‪ ،‬والمـ ـراض العارض ــة ف ــي ملتحم ــة العي ــن‬
‫ومــداواتها‪ ،‬وفــي أمـراض ثقــب الحدقــة ومــداواتها‪ ،‬وفــي الشــبكية‪ ،‬والغشــاء المســتبطن للضــلع‬
‫والعضل المحركة للصدر وعلل الحجاب‪.‬‬

‫وق ــد ازداد الن ــزوع نح ــو تص ــنيف المـ ـراض ع ــن طري ــق الج ــداول ح ــتى إن كت ــاب اب ــن‬
‫البيطار )قانون الزمان في تقويم البدان( عبارة عن جداول طبية فقط‪ ،‬ويبدو ابن البيطــار فــي‬
‫هذا الكتاب في صورة )الطبيب( وليس )العشاب(‪ ،‬ذلك اللقب الذي اشتهر به‪.‬‬

‫ضـ ــا بوضـ ــع مصـ ــنفات للدويـ ــة‬


‫ومثلمـ ــا اهتـ ــم الطبـ ــاء بتصـ ــنيف المـ ـراض‪ ،‬اهتمـ ـوا أي ل‬
‫والعلجـات‪ ،‬وعقـدوا فصـول مسـتقلة فـي كتابـاتهم عـن تصـنيف الدويـة‪ ،‬فنـرى هـذا واضـحا فـي‬
‫كتاب )الدرة البهية( لبن البيطـار‪ ،‬حيـث يشـير إلـى الدويـة والغذيـة وأهميتهـا لبـدن النسـان‪،‬‬
‫ويوضــح اختلف الـدواء بـاختلف المرضـى والمـرض‪ ،‬فنـراه يقـول‪) :‬إذا كـان فـي كـل دواء مـن‬
‫الدوية قوى كثيرة مختلفة ل توافق المرض الواحد من جميع جهاته‪ ،‬فيجب معرفة أدوية كــثيرة‬
‫مختلفة المزاج‪ ،‬أو القوة نافعة من مـرض واحـد يختـار منهـا المعالـج الليـق بغرضـه‪ ،‬والصـلح‬
‫لقصـده بحسـب مـا يـراه مـن السـباب الخاصـة(‪ .‬ويتـابع ابـن البيطـار قـوله‪) :‬واعلـم أن الشـيء‬
‫الوارد على بدن النسان‪ ،‬إما أن يجعله البدن إلى ملزمته‪ ،‬وهذا هو الغــذاء المطلــق‪ ،‬إوامــا أن‬
‫يغير هو البدن ويقهره‪ ،‬وهذا هو الــدواء الفعـال‪ ،‬إوامــا أن يغيـره البـدن ثـم يعــود هـو فيغيــر البــدن‬
‫إلــى مـزاج كم ازجــه وهــذا هــو الــدواء المطلــق‪ ،‬إوامــا أن يغيــر البــدن ثــم يعــود البــدن فيغيـره آخــر‪،‬‬

‫‪82‬‬
‫وهذا هو الغذاء المداوي‪ ،‬ولما كان الـدواء القتــال أقـوى مــن البــدن غيـره وأفســده والـدواء المطلــق‬
‫والغذاء المداوي قوتهما مقاربة لقوة البدن(‪.‬‬

‫والفــرق بيــن الغــذاء والــدواء‪ ،‬أن الغــذاء يفعــل فيــه البــدن‪ ،‬والــدواء يفعــل هــو فــي البــدن‪،‬‬
‫ومــن هنــا نــرى أن الطبــاء المســلمين يعتمــدون فــي أول المــر علــى التغذيــة ثــم الدويــة ثانيــا‪.‬‬
‫ومــع أن التغذيــة لــم تكــن حــتى منتصــف القــرن الماضــي توصــف بأنهــا )علــم( إل أنهــا صــارت‬
‫اليوم تخصصا علميا دقيقا‪.‬‬

‫وتتمعمد التغذية من البحوث الطبية الواسعة في العصر الحديث‪ ,‬ولكن الطبــاء المســلمين‬
‫وعلى رأسهم البيروني وابن البيطار كانوا ـ منذ وقت مبكر ـ ينظرون هذا النظر الصائب‪ ،‬فإننا‬
‫نجد البيروني مثل يوضح فـي كتــابه )الصـيدلة فــي الطـب( أسـلوبا طبيــا راقليـا‪ ،‬كــان متبعـا عنــد‬
‫الطباء المسلمين في معالجاتهم وهو )ميلهم في العلجات إلى الغذية الدوائية أكثر منه إلى‬
‫الدوية المسمممية‪ ،‬إل عند الضطرار‪ ،‬وأوصوا بالقتصار في العلج علـى الغذيـة والتنــوق فـي‬
‫تركيبها وترتيبها‪ ،‬فإن لـم يقنـع ذلـك دون الدويـة‪ ،‬فالميـل إلـى بسـائطها المفـردة ثـم مـن المركبـة‬
‫إلى ما هو أقل أخلطا(‪.‬‬

‫فابن البيطار والبيروني‪ ،‬يؤكد كل منهما على أهمية التداوي بالغذية الطبيعية والنباتات‬
‫الطبيــة بــدل مــن اســتخدام العقــاقير الكيميائيــة الــتي لهــا جـوانب ضــارة وآثــار جانبيــة ـ ويبــدو أن‬
‫لــديهم تجــاربهم الخاصــة وممارســاتهم الــتي كشــفت لهــم صــحة هــذا ـ ـ فــإذا كــان لبــد مــن تنــاول‬
‫عقاقير‪ ،‬فيفضل بسائطها المفردة على المركبة إذ الكثار من العناصر التي تدخل في تركيب‬
‫الدواء قد تكـون لهــا عـواقب وخيمــة علــى صــحة المريـض‪ ،‬ويؤيــد الطــب الحــديث هــذا السـلوب‬
‫العلم ــي فـ ــي النظ ــر إل ــى ال ــدواء‪ ،‬وقـ ــد أخـ ــذ يتج ــه إليـ ــه الن بع ــد أن اكتش ــف الث ــار الخطيـ ـرة‬
‫لمركبات العقاقير‪ ،‬التي تصلح من جانب وتضر من جـوانب أخــرى‪ .‬ومــن هنــا ل يكــون غريبــا‬
‫أن نجد )ابن النفيس( مثل يقول في أحد كتبه‪) :‬إنا ل نؤثر على الــدواء المفــرد دواء مركبــا إذا‬
‫تـ ــم الغـ ــرض بـ ــالمفرد‪ ،‬لكنـ ــا قـ ــد نضـ ــطر إلـ ــى الـ ــتركيب تـ ــارة لتقويـ ــة قـ ــوة الـ ــدواء وتـ ــارة أخـ ــرى‬
‫لضعافها(‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫ضــا‬
‫ومن هنا نلحظ تعدد المستويات العلجية بحسب قوة الدواء وقوة البــدن‪ ،‬والملحــظ أي ل‬
‫أنهم كانوا يلجؤون لعطاء أقل الدويــة تــأثي ار فــي الجســم عمومــا أمل فــي علج المــرض بأقــل‬
‫قــدر مــن التــدخل فــي تركيبــه الفســيولوجي ‪ .Physiology‬وكمــا أشـرنا مــن قبــل أن الطبــاء فــي‬
‫هذه المرحلة قد عقدوا فصول مستقلة في كتاباتهم الطبيــة عــن تصــنيف الدويـة والغذيــة فنـرى‬
‫هذه الخاصية الكبرى كما هي واضحة عند ابن البيطار في كتابه )الــدرة البهيــة( واضــحة لــدى‬
‫)ابن النفيس( في موسوعته الكبرى )الشامل( الذي خصص بهــا ثمانيــة وعشـرين كتابــا للدويــة‬
‫ضــا عنــد طــبيب آخــر وهــو )داود بــن أبــي البيــان(‬
‫والغذيــة المفــردة‪ ،‬ونجــد هــذه الخاصــية أي ل‬
‫السـرائيلي ) ‪634‬هــ( فــي كتــابه )الدســتور البيمارســتاني(‪ .‬الــذي وضــعه فــي اثنــي عشــر بابــا‪،‬‬
‫وهــو كتــاب يشــتمل علــى الدويــة المركبــة المســتعملة فــي أكــثر الم ـراض المقتصــر عليهــا فــي‬
‫ضــا مــا ظهــر فــي كتــاب )ابــن عقيــل( بهجــة الفكــر )حيــث ذكــر أن للــدواء‬
‫البيمارســتان‪ ،‬وهــذا أي ل‬
‫الواحد شكلين‪ ،‬شكل إذا كان المريض طفل‪ ،‬وشكل آخر إذا كان المريض بالغال‪.‬‬

‫‪ -12 -9‬آراء علمااء الغرب بابن البيطار‪:‬‬

‫لقد شهد العديد من علماء الغرب بعبقرية ابن البيطــار العلميــة؛ حيــث تقــول المستشــرقة‬
‫اللمانية زيجريد هونكه‪" :‬إن ابن البيطار من أعظـم عبـاقرة العـرب فـي علـم النبـات؛ فقـد حـوى‬
‫كتـابه‪) :‬الجـامع( كـل علـوم عصـره‪ ،‬وكـان تحفـة رائعـة تنـبم عـن عقـل علمـي حـيي؛ إذ لـم يكتـ ب‬
‫ف‬
‫بتمحيص ومدنرس وتدقيق ‪ 150‬مرجلعا من سالفيه ‪-‬الذين اعتمد عليهم في بحوثه‪ -‬بل انطلــق‬
‫يجوب العالم بحلثا عن النباتات الطبية؛ فيراها بنفسه ويتيزقن منها‪ ،‬وتينجـبري تجـابربه عليهـا‪ ،‬إلـى‬
‫أن وصل به المر ليبتكـر ‪ 300‬دواءء جديـءد مـن أصـل ‪ 1400‬دواء الـتي تضـزمنها كتـابه‪ ،‬مـع‬
‫ذكر أسمائها‪ ،‬وطرق استعمالها‪ ،‬ومـا قـد ينـوب عنهـا؛ كـل هـذا عبـارة عـن شـواهد تتمعكرفتنـا تمالمـا‬
‫كيف كان يعمل رأس هذا الرجل العبقري" ‪.‬‬

‫كما يصفه المستشرق ماكس مايرهوف فيقول‪" :‬إنه أعظم كاتب عربي تخكلد فــي علــم النبــات" ‪،‬‬
‫ويعترف جورج سارتون بقيمة كتابه )الجامع في الدوية المفردة( قائلل‪" :‬إنــه خيــر مــا أتلـكـف فــي‬

‫‪84‬‬
‫هــذا الموضــوع فــي القــرون الوســطى‪ ،‬بــل إنــه لضــخم نتــاج مــن نــوعه منــذ ديســقوريدس حــتى‬
‫منتصف القرن السادس عشر" ‪.‬‬

‫‪ -13 -9‬وفاته‪:‬‬

‫توفي ابن البيطار رحمه ال مسموما بدمشق سنة ‪ 646‬هجريــة )‪1248‬م( وهــو يحضــر أحــد‬
‫العلجات‪ ،‬ولكن ما زالت آثاره باقيـة حـتى الن‪ ،‬شـاهدة علـى عبقريتـه العلميـة النـادرة‪ .‬لقـد أسـهم‬
‫ابــن البيطــار فــي تطــور الحضــارة البشـ ـرية مــن خلل علــوم النبــات والصــيدلة والطــب اســهامال‬
‫عظيمـال بإكتشــافاته العلميــة الهامــة‪ ،‬ومؤلفــاته الــتي تركهــا خيــر برهــان علــى تفــوقه ونبــوغه‪ ،‬ممــا‬
‫جعله يرقـى إلـى مصـاف كبـار علمـاء العـرب والمسـلمين الـذين أغنـوا المكتبـة العربيـة والعالميـة‬
‫ببحوثهم ودراساتهم القميمة‪.‬‬

‫‪ -9‬أثر علماء النبات المسلمين في الحضارة الغربية‪:‬‬

‫إن إنجــازات المســلمين فــي علــم النبــات وتأثيرهــا فــي الحضــارة الغربيــة وصــلت إلــى حــد‬
‫اعـ ــتراف الغربييـ ــن أنفسـ ــهم أنـ ــه مـ ــا كـ ــان بوسـ ــعهم أن يتقـ ــدموا فـ ــي علـ ــم النبـ ــات لـ ــول إنجـ ــازات‬
‫المسلمين‪ ،‬ويكفي في هذا السـياق قـول المستشـرق روسـكا عـن أهميـة كتـاب )الجـامع لمفـردات‬
‫الدوية والغذية( لبـن البيطـار‪،‬وقيمتــه وأثـره الكـبير فــي تقـدم علــم النبــات إذ يقــول‪" :‬إن كتـاب‬
‫الجــامع كــان لــه أثـ ـره البــالغ فــي أوروبــا‪ ،‬وكــان مــن أهــم العوامــل فــي تقــدم علــم النبــات عنــد‬
‫الغربيين"‪.‬‬

‫ذلـك الكتـاب الـذي اهتـم بـه دارســو النبــات اهتمامــا بالغـا حــتى القـرن السـادس عشـر الميلدي‪،‬‬
‫وكــان تي ــدزرس ف ــي معظــم الجامعــات الوروبي ــة ح ــتى عهــود مت ــأخرة‪ ،‬وقــد جــرت ترجمت ــه إلــى‬
‫اللتينيـ ــة‪ ،‬وطبـ ــع بمدينـ ــة قرمونـ ــة عـ ــام ‪1758‬م‪ ،‬كمـ ــا ترجمـ ــه إلـ ــى اللمانيـ ــة المستشـ ــرق فـ ــون‬
‫زونتهايمر ‪ ،Sontheimer‬ونشره في شتوتجارت بألمانيا عام ‪ ،1840‬كما ترجمه إلى الفرنسية‬
‫المستشرق لوسيان لوكلرك ‪.Leclerc‬‬

‫‪85‬‬
‫ويقــول الــدكتور بســام عليــق‪ :‬إن الوصــفات الطبيــة الــتي دزونهــا ابــن البيطــار فــي كتبــه أثبتــت‬
‫نجاحال عظيمال في الشرق والغــرب‪ ،‬واعتمــدت كأســاس لعلــم العقــاقير‪ ،‬وكتــابه )الجــامع( كــان قــد‬
‫استعمل في تكوين أول صيدلية إنجليزية أعدتها كلية الطب في عهد جيمس الول‪.‬‬

‫وليــس هــذا مقتصـ ار علــى ابــن البيطــار فحســب‪ ،‬فــإن إنتــاج ابــن الروميــة فــي علــم النبــات جعــل‬
‫»م ــاير ه ــوف« ين ــدهش من ــه ويعج ــب ب ــه‪ ،‬وين ــوه عن ــه بك ــل صـ ـراحة أن ــه م ــن الن ــادر ب ــل م ــن‬
‫الص ــعب ج ــدا عل ــى أي متخص ــص بعل ــم النب ــات أن ينت ــج مث ــل كت ــابه "الرحل ــة النباتي ــة" لب ــن‬
‫الروميـ ــة‪ ،‬الـ ــذي كـ ــان يشـ ــتمل علـ ــى معلومـ ــات كـ ــثيرة‪ ،‬إواحاطـ ــة واسـ ــعة لمعرفـ ــة أسـ ــماء النبـ ــات‬
‫وفوائدها الطبية والغذائية‪ ،‬واعتبره من فطاحل علماء العصر الوسيط‪.‬‬

‫إوالى جانب هذا فقد نقل المسلمون إلى أوروبا أنوالعا مختلفة من النباتات‪ ،‬خاصـة إلـى صـقلية‬
‫والنــدلس‪ ،‬فــأدخلوا فيهــا لول م ـرة ز ارعــة الزعف ـران والعنــب والرز والمشــمش والبطيــخ‪ ،‬والــورد‬
‫ب الفــول والبصــل‪ ،‬ومــن الصــين تجلــب التــوت والفجــل‪ ،‬ومــن الهنــد‬ ‫ب‬
‫والياســمين‪ ،‬ومــن مصــر تجلـ م‬
‫الخيــار والتوابــل‪ ،‬وظلــت حــدائق الرصــافة والزه ـراء وال ازه ـرة وطليطلــة واشــبيلية باقيــة مــدة مــن‬
‫الزمــن تشــهد بعلــو همــة المســلمين وبراعتهــم فــي المجــال الز ارعــي‪ ،‬ونبــوغهم فــي تنظيــم وســائل‬
‫الري والصرف وتوزيع المياه‪.‬‬

‫‪ -11‬تعليق المانصفين مان الغربيين على إنجازأ الماسإلماين في علم النبات‪:‬‬

‫وعلى الرغم من الهجمـة الوحشـية الـتي يشـنها كــثير ممــن ل يــروق لهــم تقــدم المسـلمين فــي‬
‫أي مجــال‪ ،‬إل أن عــددال مــن المنصــفين فــي الغــرب ل ازل ـوا يــذكرون الحقــائق ويؤكــدون علــى‬
‫أستاذية العرب والمسلمين فــي كـل المجــالت بمـا فيهــا مجـال علـم النبـات‪ ،‬وكـان تعليقهــم علــى‬
‫النحو التالي‪:‬‬

‫يقــول )فيليــب حتزــى( فــي كتــابه )تاريــخ العــرب(‪" :‬تقــدمت الز ارعــة كــثي ارل )عنــد المســلمين( كمــا‬
‫تقـدمت وسـائل الـري كـذلك‪ ،‬وتعتـبر رسـالة "كتـاب الفلحــة" لبــي زكريــا يحــي بـن محمـد العـزوام‬
‫مــن أهــم المؤلفــات فــي هــذا الموضــوع فــي العصــور الوســطى‪ ،‬شــرح فيهــا مئــات الن ـواع مــن‬

‫‪86‬‬
‫النباتات‪ ،‬وطرق زراعتها‪ ،‬ويحتوي على دراسات جديدة في التطعيـم‪ ،‬وخصـال التربـة‪ ،‬والسـماد‬
‫ووصف الرض‪ ،‬وطرق علجها‪."..‬‬

‫وهــذا مــاكس مــايرهوف يصــف ابــن البيطــار فيقــول‪" :‬إنــه أعظــم كــاتب عربــي تخلكــد فــي علــم‬
‫النبات"‪ .‬ويصـف جـورج سـارتون كتـاب )الجــامع فـي الدويــة المفـردة( قـائلل‪ :‬إنــه خيــر مـا ألــف‬
‫في هذا الموضوع في القرون الوسطى‪ ،‬بل إنه لضخم نتـاج مـن نـوعه منـذ ديسـقوريدس حـتى‬
‫منتصــف القــرن الســادس عشــر‪ .‬وتــدلي أيضــا الباحثــة اللمانيــة زيجفريــد هــونكه بــدلوها فتقــول‪:‬‬
‫إن ابــن البيطــار مــن أعظــم عبــاقرة العــرب فــي علــم النبــات‪ ،‬فقــد حــوى كتــابه الجــامع كــل علــوم‬
‫ف بتمحيــص ومدنرس وتــدقيق‬ ‫عص ـره‪ ،‬وكــان تحفــة رائعــة تنــم عــن عقــل علمــي حــي‪ ،‬إذ لــم يكت ـ ب‬
‫‪ 150‬مرجعــا مــن ســالفيه الــذين اعتمــد عليهــم فــي بحــوثه‪ ،‬بــل انطلــق يجــوب العــالم بحثـال عــن‬
‫النباتــات الطبيــة في ارهــا بنفســه ويــتيقن منهــا‪ ،‬ويجــري تجــاربه عليهــا إلــى أن وصــل بــه المــر‬
‫ليبتكر ‪ 300‬دواءء جديءد من أصل ‪ 1400‬دواء الــتي تضــمنها كتــابه مـع ذكــر أســمائه‪ ،‬وطـرق‬
‫استعماله‪ ،‬وما قد ينـوب عنهـا‪ ،‬كـل هـذه عبـارة عـن شـواهد تعمرفنـا تمامـال كيـف كـان يعمـل رأس‬
‫هذا الرجل العبقري‪.‬‬

‫ونختــم برينالــدي الــذي يقــول‪ " :‬إن العــرب أعط ـوا مــن النبــات م ـواد كــثير ة للطــب والصــيدلة‪،‬‬
‫وانتقلت إلى الوربيين من الشرق أعشاب ونباتات طبية وعطور كثيرة كالزعفران والكافور‪."..‬‬

‫خاتمة‬
‫إن علـم النبـات قـد ازدهـر كـثي الر عنـد العـرب منـذ القـرن ال اربـع للهجـرة‪ ،‬ومـا ازلـت بعـض‬
‫السماء تشعب في تاريخ الدب الطبي‪ ،‬منهم‪ :‬ابن جلجل‪ ،‬والشريف الدريسي‪ ،‬وابــن الصــوري‪،‬‬
‫وأبــو العبــاس النبــاتي وغيرهــم‪ ،‬فكــانوا روادال بحــق‪ ،‬برع ـوا فــي معرفــة الدويــة النباتيــة والحيوانيــة‬
‫والمعدنيــة‪ ،‬وافتتح ـوا الصــيدليات العامــة فــي زمــن المنصــور‪ ،‬كمــا ألحق ـوا الصــيدليات الخاصــة‬
‫بالبيمارســتانات )المستشــفيات(‪ ،‬وكــان للصــيدلية رئيــس يســمى "شــيخ صــيدلنيي البيمارســتان"‬
‫وجعلوا على الصيادلة رئيسال سمي )رئيس العشابين أي نقيب الصيادلة( ووضــعوا كتبـال خاصــة‬
‫بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتركيب الدويـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة أطلق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوا عليهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا اسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم القربـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاذين‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫نجــد وصــفال معكب ـ الر كتبــه أبــو العبــاس القلقشــندي )المتــوفى ســنة ‪ 812‬هجريــة( عــن الصــيدلية‬
‫الملحق ــة بالبيمارس ــتان‪ ،‬فيق ــول‪ :‬ك ــان فيه ــا م ــن أنـ ـواع الشـ ـربة والمع ــاجين النفيس ــة‪ ،‬والمربي ــات‬
‫الفـاخرة‪ ،‬وأصــناف الدويــة‪ ،‬والعطـور الفائقـة الــتي ل توجــد إل فيهــا‪ ،‬وفيهـا مـن اللت النفيســة‬
‫والنيــة الصــينية مــن الزبــادي والــبراني‪ ،‬مــا ل يقــدر عليــه ســوى الملــوك‪ ،‬ويقــف الصــيدلي ببــاب‬
‫الصيدلية لبسال ثيابه البيضاء يصرف الدواء ومن ورائه الرفوف الممتلئة بالدوية والقوارير‪.‬‬

‫يتــبين لنــا مــن خلل هــذا العجالــة السـ ـريعة ومــن خلل المؤلفــات الــتي تركهــا العلمــاء‬
‫العــرب المجهــودات المضــنية الــتي بــذلوها فــي تنظيــم فــن الصــيدلة‪ ،‬إذ أن هــذا العلــم يــدين لهــم‬
‫بالشـ ــيء الكـ ــثير إن لـ ــم يكـ ــن مـ ــن اخـ ــتراعهم‪ ،‬ومـ ــا سـ ــاعدهم علـ ــى ذلـ ــك كـ ــون علمـ ــائهم كـ ــانوا‬
‫كيميائيين وأطباء في الوقت ذاته‪ ،‬وفمن الصيدلة علم له علقـة وثيقـة بعلممـي النبـات والكيميـاء‪،‬‬
‫لــذلك نجــد أن الوصــفات الطبيــة الــتي دزونهــا ابــن البيطــار فــي كتبــه أثبتــت نجاح ـال عظيم ـال فــي‬
‫الشــرق والغــرب‪ ،‬وأعتمــدت كأســاس لعلــم العقــاقير‪ ،‬وكتــابه الجــامع كــان قــد اســتعمل فــي تكــوين‬
‫أول صيدلية إنكليزية أعدتها كلية الطب في عهد جيمس الول‪.‬‬

‫بعــد د ارســتنا لحيــاة ابــن البيطــار‪ ،‬ل يسـ ـتعنا إل أنــا تنعجــب بتلــك الشخصــية العظيمــة ذات الفــق‬
‫الواسع‪ ،‬وتلك الرادة الصلبة التي جعلت منه عالما مسلما أهلل لن تيحتذى بــه مــن قبــل البــاحثين‬
‫وطلب العل ــم‪ ..‬لق ــد أس ــهم اب ــن البيط ــار ف ــي تط ــور الحض ــارة البشـ ـرية م ــن خلل عل ــوم النب ــات‬
‫والصــيدلة والطــب اســهاما عظيمــا بإكتشــافاته العلميــة الهامــة‪ ،‬ومؤلفــاته الــتي تركهــا خيــر برهــان‬
‫علــى تفــوقه ونبــوغه‪ ،‬ممــا جعلــه يرقــى إلــى مصــاف كبــار علمــاء العــرب والمســلمين الــذين أغن ـوا‬
‫المكتبة العربية والعالمية ببحوثهم ودراساتهم القيمة‪.‬‬

‫بالرغم من أن بعض علماء الغرب يحاولون النيل من علماء المسلمين‪ ،‬إوانكار أيــاديهم البيضــاء‬
‫فــي تأســيس العلــوم‪ ،‬إل أننــا نــرى كتــب ابــن البيطــار شــاهدة علــى عبقريتــه‪ ..‬وبصــمته العميقــة فــي‬
‫صفحات التاريخ ل يمكن لحد طمسها‪..‬‬

‫إنــه ينبغــي علينــا ‪ -‬ول ســيما نحــن الصــيادلة والكيميــائيين ‪ -‬أن نعيــد د ارســة كتــب هــذا العــالم‬
‫الجليل‪ ،‬وخاصة أنه يوجد العديد من الكتشافات التي اكتشفها لم يستفد أحــد منهــا حــتى الن فــي‬
‫وقتنا الحاضر‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫ابن البيطار ‪ ..‬عالم ماسإلم جدأير بالتقدأير والحترام ‪ ..‬إنه با ق‬
‫ق في قلوبنا ماهماا مارت اليام ‪..‬‬

‫‪-------------------------‬‬

‫‪------------‬‬

‫‪-----‬‬

‫‪--‬‬

‫مالخص ‪:‬‬

‫تيمعـبد أبـو محمـد عبـد الـ بـن أحمـد بـن البيطـار )‪646‬هــ‪1248 ،‬م( أكـثر علمـاء النبـات‬
‫المسلمين إنتالجا وأدقهم في فحص النباتات في مختلــف البيئــات والبلــدان؛ فقــد تجـمول فـي كــثير‬
‫من أقطار العالم المعروف آنذاك رغبة في جمع الحشائش والنباتات‪ ،‬وعنــي بد ارســة كــل نبــات‬
‫فــي زمــانه وبيئتــه‪ ،‬وقــد أدى ذلــك المنــاخ العلمــي والفكــري الملئــم وازدهــار العلــم الطــبي الــذي‬
‫عاش ابن البيطار في كنفه ـ إلـى نبـوغه العلمــي‪ .‬تتلمـذ ابـن البيطـار بعـد ذلــك علــى عــدة علمــاء‬
‫طلع على كل ما تتنربجمم مـن كتـب اليونـانيين وعلــوم الوائــل مـن غيـر العـرب‪ ،‬وقــد‬ ‫نبات‪ ،‬حيث ا ز‬
‫ساعده على ذلك معرفتـه بعـدد مــن اللغــات كالفارســية واليونانيــة‪ ،‬حيــث درس كتــب ديســقوريدس‬
‫‪ Disokurides‬وج الينوس ‪ Galenos‬وأبق راط وابــن ســينا والدريســي وأبــي العبــاس النبــاتي د ارســة‬
‫مستفيضة حتى أتقنها تماما وشرح النقاط الغامضة فيها وعلق على مآثرها‪.‬‬

‫فــي هــذا الجـ ـكو العلمــي ال ارئــع ظهــرت مؤلزفــات ابــن البيطــار ال ارئــدة فــي علــم النبــات‬
‫والصــيدلة؛ منهــا كتــابه‪) :‬الجاماع لمافردأات الدأوية والغأذيننة( الــذي ألزفــه بعــد د ارســات عمليــة‪،‬‬
‫قائمة على التجربة والمشـاهدة كأساس لد ارسـة النبـات والعشـاب والدويـة‪ .‬يلـي كتـاب الجـامع‬
‫ل‪ ،‬ويحتــوي علــى‬
‫من حيث الهمية كتاب الماغني في الدأوية المافردأة‪ ،‬ويقسم إلى عشـرين فصـ ل‬

‫‪89‬‬
‫ ورتزبــت فيــه الدويــة الــتي تعالــج كــل‬،‫بحــث الدويــة الــتي ل يســتطيع الطــبيب الســتغناء عنهــا‬
،‫عضــو مــن أعضــاء الجســد ترتيبـال مبســطال وبطريقــة مختصـرة ومفيــدة للطبــاء ولطلب الطــب‬
‫ اكتشــف ابــن البيطــار أحــد أوائــل الدويــة العشــبية‬.‫ويوجــد منــه العديــد مــن النســخ المخطوطــة‬
‫ وقــد أثبتــت هــذه النبتــة نجاحهــا فــي‬،Dandelion "‫ وهــي عشــبة "الهنــدباء‬،‫المعالجــة للســرطان‬
.‫العلج لمتلكها خصائص مضادة للسرطان وعلج الورام الخبيثة‬

‫ إوانكـار أيـاديهم‬،‫بالرغم من أن بعض علماء الغـرب يحـاولون النيـل مـن علمـاء المسـلمين‬
‫ وبصــمته‬..‫ إل أننــا نــرى كتــب ابــن البيطــار شــاهدة علــى عبقريتــه‬،‫البيضــاء فــي تأســيس العلــوم‬
..‫العميقة في صفحات التاريخ ل يمكن لحد طمسها‬

Abstract:
Abu Muhammad Abdullah Ibn Ahmad Ibn al-Bitar Dhiya al-Din al-
Malaqi was one of the greatest scientists of Muslim Spain and was the greatest
botanist and pharmacist of the Middle Ages. He was born in the Spanish city of
Malaqa (Malaga) towards the end of the twelfth century. He learned botany
from Abu al-Abbas al-Nabati, a learned botanist, with whom he started
collecting plants in and around Spain. In 1219 he left Spain on a plant-collecting
expedition and travelled along the northern coast of Africa as far as Asia Minor.
The exact modes of his travel (whether by land or sea) are not known, but the
major stations he visited include Bouaghia, Constantine, tunis, Tripoli, Barqa
and Adalia. After 1224, he entered the service of al-kamil, the Egyptian
Governor, and was appointed chief herbalist. In 1227, al-kamil extended his
domination to Damascus, and Ibn al-Bitar accompanied him there which
provided him an opportunity to collect plants form stations located there. He
died in Damascus in 1248.

Ibn Bitar is major contribution, kitab al-Adwiya al-Mufrada, is one of


the greatest botanical compilations dealing with up to the sixteenth century and
is a systematic work that embodies earlier works, with due criticism, and adds a
great part of original contribution. The encyclopaedia comprises some 1, 400
different items, largely medicinal plants and vegetables, of which about 200
plants were not known earlier. The book refers to the work of some 150 authors
mostly Arab, and it also quotes about 20 early Greek scientists. It was translated
into Latin and published in 1758.

90
‫‪His second monumental treatise kitab al-Mughni fi al-Adwiya al-‬‬
‫‪Mufrada is an encyclopaedia of medicine. The drugs are listed in accordance‬‬
‫‪with their therapeutical value. Thus, its 20 different chapters deal with the plants‬‬
‫‪bearing significance to diseases of head, ear, eye, etc. on surgical issues, he‬‬
‫‪frequently quoted the famous Muslim surgeon, Abdul Qasim Zahrawi. Besides‬‬
‫‪Arabic, Bitar, had given the Greek and Latin names of the plants, thus‬‬
‫‪facilitating transfer of knowledge.‬‬

‫‪In cancer therapy, Ibn al-Bitar discovered the earliest known herbal‬‬
‫‪treatment for cancer: “Hindiba”, a herbal drug which he identified as having‬‬
‫‪“anticancer” properties and which could also treat other tumors and neoplastic‬‬
‫‪disorders.‬‬

‫‪Ibn Bitar is contributions are characterized by observation, analysis and‬‬


‫‪classification and have exerted a profound influence on was translated/‬‬
‫‪published late in the western languages as mentioned above, yet many scientists‬‬
‫‪had earlier studied various parts of the book and made several references to it.‬‬

‫الماراجع العلماية‪:‬‬
‫الماوسإوعة العربية العالماية‬ ‫‪-1‬‬
‫} البخاري ‪ -‬كتاب الطب ‪ -‬باب التدأاوي بالعسإل ‪ -‬حدأيث رقم ‪{5251 -‬‬ ‫‪-2‬‬
‫سإنن أبي دأاودأ ] جزأء ‪ - 2‬صفحة ‪ [ 396‬قال الشيخ اللباني‪ :‬صحيح‬ ‫‪-3‬‬
‫سإنن أبي دأاودأ ] جزأء ‪ - 1‬صفحة ‪ [ 639‬قال اللباني‪ :‬حسإن‬ ‫‪-4‬‬
‫ماسإندأ أحمادأ جن ‪ - 4‬ص ‪369‬‬ ‫‪-5‬‬
‫الماعجم الكبير جزأء ‪ - 10‬صفحة ‪14‬‬ ‫‪-6‬‬
‫الماعجم الكبير ] جزأء ‪ - 17‬صفحة ‪[ 281‬‬ ‫‪-7‬‬
‫سإنن البيهقي الكبرى ] جزأء ‪ - 9‬صفحة ‪[ 346‬‬ ‫‪-8‬‬
‫ماقالة‪ :‬ابن البيطار الندألسإي عالم الصيدألة وشيخ العشابين في الندألس‪ ،‬الماؤلف‪ :‬دأ‪.‬بركات ماحمادأ مارادأ‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫كتنناب‪ :‬ابننن البيطننار الندألسإنني أعظننم صننيدألي فنني السإننلم‪ ،‬تننأليف‪ :‬علنني الجمابلطنني وأبننو الفتننوح التواطنسإنني‪،‬‬
‫‪-10‬‬
‫الناشر‪ :‬ماكتبة النجلو الماصرية‪.‬‬
‫كتاب‪ :‬في الدأوينة المافنردأة تفسإ ير كتناب دأيسإنقوريدأوس‪ ،‬تنأليف‪ :‬أبني ماحماندأ عبندأ الن بنن أحماندأ ب ن ماحماندأ ابنن‬
‫‪-11‬‬
‫البيطار الماالقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬إبراهيم بن مارادأ‪ ،‬الناشر‪ :‬دأار الغرب السإلماي‪.‬‬
‫كتنناب‪ :‬إسإننهاماات علمانناء العننرب والماسإننلماين فنني الصننيدألة‪ ،‬الماؤلننف‪ :‬النندأكتور علنني عبنندأ النن النندأفاع‪ ،‬الناشننر‪:‬‬
‫‪-12‬‬
‫ماؤسإسإة الرسإالة‪.‬‬
‫كتاب‪ :‬الدأرة البهية في مانافع البدأان النسإانية‪ ،‬الماؤلف‪ :‬ابن البيطار الماالقي الندألسإي‪ ،‬تقدأيم‪ :‬ماحمانندأ عبنندأ النن‬
‫‪-13‬‬
‫الغزأالي‪ ،‬الناشر‪ :‬دأار الفاق العربية‪.‬‬
‫ماقالة‪ :‬ابن البيطار ‪ ..‬عبقرية علماية نادأرة‪ ،‬الماوقع‪ :‬قصة السإلم‪.‬‬ ‫‪-14‬‬
‫تطور الفكر العلماي عندأ الماسإلماين دأ ‪ /‬ماحمادأ الصادأق عفيفي‪.‬‬ ‫‪-15‬‬

‫‪91‬‬
‫أثر العلمااء الماسإلماين في الحضارة الوربية ‪ /‬أحمادأ علي المالل‬ ‫‪-16‬‬
‫ماوقع ماجلة العالم السإلماي‬ ‫‪-17‬‬
‫ماوقع السإلم‬ ‫‪-18‬‬
‫ماوقع عرين‬ ‫‪-19‬‬
‫ماوقع ماصر الخالدأة‪.‬‬ ‫‪-20‬‬
‫ماوقع‪ :‬يوتيوب‬ ‫‪-21‬‬
‫ماوقع‪ :‬ويكيبيدأيا الماوسإوعة الحرة‬ ‫‪-22‬‬
‫ماوقع صيدأ الفوائدأ‬ ‫‪-23‬‬
‫ماوقع ماجلة الفاتح‬ ‫‪-24‬‬
‫ماوقع جريدأة الرياض‬ ‫‪-25‬‬
‫ماوقع ماجلة العالم السإلماي‬ ‫‪-26‬‬
‫ماوقع إسإلم نت‬ ‫‪-27‬‬

‫‪92‬‬

You might also like