You are on page 1of 9

www.facebook.

com/tanweerlibrary
‫هاشم صالح‬ ‫ابن عربي ‪ ..‬إيمان بال حدود‬

‫ابن عرب ‪ :‬إيمان بال حدود ‪...‬‬

‫هاشم صالح‬
‫حياته‪:‬‬

‫عرب وليس‬
‫ي‬ ‫اإلسالم بابن‬
‫ي‬ ‫حديث عن التنوير‬
‫ي‬ ‫قد يستغرب القاريء كيف أبدأ‬
‫ز‬
‫العقالنيي‪ .‬ومعه حق إىل حد ما‪،‬‬ ‫اب أو ابن رشد وبقية‬ ‫ز‬
‫بالمعتلة أو الكندي أو الفار ي‬
‫عرب إذا لم يفهم عىل حقيقته قد يؤدي بالمسلم إىل اإلنقطاع عن الوجود‬
‫ي‬ ‫ألن ابن‬
‫ز‬
‫الميتافتيقا والشطحات الصوفية‪ .‬ولكن إذا وضعناه‬ ‫الواقع‪ ،‬والدخول ز يف ضبابيات‬
‫ي‬
‫داخل منظور واسع "أي منظور التسامح وعلم األديان المقارنة" فإننا سوف نعجب‬
‫حتما وسوف نفهم تلك الصفحة ر‬‫ً‬
‫المشقة من تاريخنا بشكل أفضل‪.‬‬ ‫به‬
‫ً‬ ‫ينبع العلم ز‬
‫ز‬
‫اإلسالم وأتغذى منه روحانيا ولكن الغرق فيه قد‬
‫ي‬ ‫التصوف‬ ‫م‬‫أحت‬ ‫بأب‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫وه هموم ملحة تتطلب‬ ‫يؤدي إىل اإلنفصال عن هموم الحياة العربية وما أكتها‪ ،‬ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تحليال علميا عقالنيا ال صوفيا باطنيا‪ .‬ونحن بحاجة إىل المزيد من العقالنية‬
‫ومح الدين بن‬
‫ي‬ ‫العلمية والفلسفية‪ ،‬ال اإلغراق ز يف التصوف والغياب عن العالم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عرب لم يكن متصوفا كبتا فقط‪ ،‬وإنما كان أيضا عالما وفيلسوفا كبتا‪.‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫المشق‪ ،‬بل ومات ز يف دمشق حيث‬
‫الحقا زف ر‬ ‫ويعرف أنه ولد ز‬
‫ي‬ ‫قر‬ ‫است‬ ‫ثم‬ ‫األندلس‬ ‫ف‬‫ي‬
‫ز‬ ‫ً ز‬ ‫ّ‬
‫األمويي‪ .‬لقد‬ ‫ال يزال قته يزار هناك ويتتك الناس به‪ .‬وهو معظم جدا يف عاصمة‬
‫عشين‬‫ولد زف مرسية باألندلس عام ‪ 6611‬وترعرع زف إشبيلية حيث بق هناك فتة ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫‪1‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫هاشم صالح‬ ‫ابن عربي ‪ ..‬إيمان بال حدود‬

‫سنة‪ .‬وقد درس خالل هذه المدة الطويلة كل العلوم الكالسيكية لإلسالم من لغة‬
‫إسالم وأدب وتاري خ‪ ،‬الخ‪ ...‬ثم انطلق بعد ذلك لزيارة‬
‫ي‬ ‫وعروض ونحو ورصف وفقه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كتى المدن األندلسية والمغاربية بحثا عن العلم أو تكملة له‪ .‬وقد توقف مطوال ز يف‬
‫فاس عاصمة العلم والدين والحضارة ز يف ذلك الزمان‪ .‬ويبدو أنه كان "يعشقها‬
‫ً‬
‫ويعتتها ذات مقامات استثنائية" كما يقول عزيز حدادي‪ .‬وكان أماما للمسجد‬
‫األزهر ز يف عاصمة األدارسة طيلة خمس سنوات‪ .‬وجدير بالذكر أنه قد ورد ذكر‬
‫أربعي مرة)‪ ،‬أي جاءت ز يف المرتبة الثانية بعد مكة‬
‫ز‬ ‫مدينة فاس ز يف الفتوحات المكية (‬
‫حي لم يرد ذكر اسم قرطبة أو دمشق أ كت من‬ ‫المكرمة الث ذكرت (‪ 621‬مرة)‪ ،‬زف ز‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫مصباح‪.‬‬
‫ي‬ ‫(‪ 61‬مرة) كما يقول دمحم‬

‫ز‬
‫والثالثي‪ ،‬لقد ذهب إىل‬ ‫ثم غادر المغرب بعد عام ‪ 6226‬وكان قد تجاوز الخامسة‬
‫ز‬
‫واألندلسيي كانوا قد‬ ‫ر‬
‫المشق لإلطالع عىل أحواله وعلومه‪ .‬والواقع أن المغاربة‬
‫ز‬ ‫ز‬
‫الباطث فاضطر للسفر إىل مكان آخر لعله‬
‫ي‬ ‫الصوف‬
‫ي‬ ‫ابتدأوا يشتبهون به وبتوجهه‬
‫ً‬ ‫يجد زف ر‬
‫المشق تفهما أكت لمواقفه وتوجهاته الروحية والعلمية‪.‬‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫وقد زار مرص أوال ثم سوريا فالعراق فتكيا‪ ،‬حيث أغدق عليه األمراء عطاياهم‬
‫وهداياهم وشملوه بحمايتهم ونعمتهم‪ .‬ويبدو أن أمراء السالجقة أعجبوا به وبعلمه‬
‫بالغاىل والنفيس‪.‬‬
‫ي‬ ‫الغزير وفهمه العميق لإلسالم الحنيف فلم يبخلوا عليه‬
‫ً‬ ‫ز‬
‫وف عام ‪ 6221‬غادر منطقة األناضول وذهب إىل دمشق ي‬
‫لك يستقر فيها نهائيا‪.‬‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫وقد مات بعد خمسة ر‬
‫عش عاما من ذلك التاري خ‪ ،‬أي عام ‪ .6222‬وكان قد تجاوز‬
‫ً‬
‫تقريبا‪ .‬ز‬ ‫ز‬
‫عرب تتألف من عدة تيارات‪:‬‬
‫ي‬ ‫ابن‬ ‫عقيدة‬ ‫أن‬ ‫الواقع‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫والسبعي‬ ‫الخامسة‬
‫نهاب ودقيق‪ .‬ألنها‬
‫ي‬ ‫وبالتاىل يصعب تحديدها بشكل‬
‫ي‬ ‫دينية‪ ،‬وفلسفية‪ ،‬وصوفية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫هاشم صالح‬ ‫ابن عربي ‪ ..‬إيمان بال حدود‬

‫وه نظرية تقول أن الكون كله يصدر عن هللا كما‬


‫تعتمد عىل نظرية وحدة الوجود‪ ،‬ي‬
‫تصدر الجزئيات عن الكليات‪.‬‬

‫رؤيته عن اإلسالم‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عرب أن كل األديان السابقة عىل اإلسالم لم تكن إال مسارا طويال للوصول‬
‫ي‬ ‫يرى ابن‬
‫إليه‪ ،‬وإنه خاتمة المطاف وجوهر الجواهر‪.‬‬
‫ز‬
‫الكوب الذي يشتمل عىل جميع األديان‪ ،‬وأن‬ ‫ينتج عن ذلك أن اإلسالم هو الدين‬
‫ي‬
‫ز‬ ‫ً‬
‫والمرسلي‪.‬‬ ‫دمحما ملسو هيلع هللا ىلص هو خاتم األنبياء‬
‫أسس التسامح ز‬
‫اإلسالم‪ ،‬ألنه اعتت أن جميع‬
‫ي‬ ‫الدين‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫عرب‬
‫ي‬ ‫ولهذا السبب فإن ابن‬
‫وه أنه دين‬
‫الث جاء بها اإلسالم‪ .‬ي‬
‫ه الحقيقة ي‬
‫األديان تؤكد عىل حقيقة واحدة ي‬
‫وبالتاىل فلماذا نكرهها أو نحتقر أتباعها؟‪ ..‬لماذا ال‬
‫ي‬ ‫اإلله ومكارم األخالق‪.‬‬
‫ي‬ ‫التوحيد‬
‫ز‬ ‫ز‬ ‫ر‬
‫الطيبي حث ولو اختلفوا عنا يف الطقوس والشعائر‬ ‫البش‬ ‫يتسع قلبنا لكل‬
‫والعقائد؟‪ ..‬جوهر الدين واحد‪ ،‬ولكن االختالف ز يف أشكال تجلياته الخارجية‪.‬‬
‫ً‬
‫عرب اإليمان الجديد والعميق‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ابن‬ ‫أسس‬ ‫جدا‬ ‫بناء عىل هذا التصور الواسع‬
‫ز‬
‫الصالحي‪ .‬وضمن هذا‬ ‫إنه" ايمان بال حدود "يشمل كل مخلوقات هللا وعباده‬
‫الث تقول‪:‬‬
‫المنظور نفهم قصيدته الشهتة ي‬
‫لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحب إذا لم يكن ديب إىل دينه دان‬
‫ً‬
‫وقـد صـار قـلب قابـال كل صورة ف ـمـرع ًـى لـغــزالن وديـر لــره ـبـان‬

‫وب ـيــت ألوث ــان وكـع ـبـة طـائـف وألــواح تــوراة وم ـصـحـف ق ــرآن‬
‫ّ‬
‫أديــن بــديــن الـحب أب تـوجـهـت ركــائــبـه فـال ـحـب ديـنـي وإيـمـانـي‬

‫‪3‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫هاشم صالح‬ ‫ابن عربي ‪ ..‬إيمان بال حدود‬

‫العرب‪ ،‬بل‬
‫ي‬ ‫عرب عىل قمة الشعر والفكر‬‫ي‬ ‫هذه األبيات الخالدة كافية لوضع ابن‬
‫ز‬
‫واإلنساب قاطبة‪ .‬إنه يستبق عىل الحداثة وما بعد الحداثة‪ ..‬إنه يؤسس علم األديان‬
‫ي‬
‫ً‬
‫المقارنة (دون أن يدري) تماما كما فعل المعري من قبل‪ ،‬و لكن لألسف لم يفهمه‬
‫الكوب الواسع الذي دشنه‪.‬‬‫ز‬ ‫الفقهاء عىل حقيقته‪ ،‬ولم يدركوا أبعاد هذا التفكت‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ولذلك انتقدوه بشدة‪ ،‬بل وكفروه‪ .‬وال يزالون يشتبهون به حث الساعة بسبب هذه‬
‫األبيات بالذات‪.‬‬

‫موقف السلفيي من ابن عرب‪:‬‬

‫السلفيي منه‪ .‬وهنا تكمن مشكلة الفالسفة والمفكرين األحرار ز يف‬


‫ز‬ ‫انظر إىل موقف‬
‫ً‬
‫اإلسالم‪ ،‬فالعامة ال تستطيع فهمهم والفقهاء الصغار أو الكبار يكرهونهم نظرا‬
‫وبالتاىل فإنهم يتعرضون‬
‫ي‬ ‫والعقىل الذي يتجاوز مداركهم‪.‬‬
‫ي‬ ‫العلم‬
‫ي‬ ‫التساع أفقهم‬
‫للمحاربة العنيفة باستمرار ‪.‬لقد هاجمه كبار الفقهاء من أمثال العز بن عبدالسالم‪،‬‬
‫البقاع‬
‫ي‬ ‫والذهث‪ .‬حث أن األمام برهان الدين‬
‫ي‬ ‫وشيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬وابن القيم‪،‬‬
‫ً‬
‫عرب"‪ .‬ووصل األمر باإلمام ابن الجزري‬
‫ي‬ ‫ابن‬ ‫كفر‬ ‫إىل‬ ‫الغث‬
‫ي‬ ‫تنبيه‬ ‫"‬ ‫‪:‬‬‫بعنوان‬ ‫كتابا‬ ‫ألف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إىل حد القول‪" :‬هو أنجس من اليهود والنصارى !"هنا يتجىل لنا الفرق واضحا جليا‬
‫عرب كان أكت من‬ ‫ز‬
‫بالمعث الحديث للكلمة‪ .‬ابن‬ ‫ز‬
‫بي اإليمان الضيق‪ ،‬واإليمان الواسع‬
‫ي‬
‫أن يفهموه ز يف عرصه‪ .‬وكذلك األمر ذاته عند التوحيدي وابن رشد وابن سينا‬
‫ً‬
‫والمعري الذي قطعوا رأسه مؤخرا!‬

‫عرب‪ .‬كيف يمكن أن يلتقيا؟ أو‬ ‫بي انغالق الفقهاء وانفتاح ابن‬‫الحظ مدى الفرق ز‬
‫ي‬
‫يعاب منها المثقفون العرب‬‫ز‬ ‫الث‬
‫ي‬ ‫وه نفس المشكلة ي‬ ‫كيف يمكن أن يفهموه؟ ي‬
‫ً‬
‫المعارصون‪ .‬فهم أيضا يتعرضون للتكفت من قبل كبار الفقهاء‪ :‬ماذا فعل الشيخ‬

‫‪4‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫هاشم صالح‬ ‫ابن عربي ‪ ..‬إيمان بال حدود‬

‫اىل مع فرج فودة؟ أو الشيخ يوسف القرضاوي مع رجاء النقاش؟ أو‬


‫الكبت دمحم الغز ي‬
‫المثقفي االير ز‬
‫انيي‪ ،‬الخ‪..‬‬ ‫ز‬ ‫ز‬
‫الخميث مع‬
‫ي‬
‫عرب أو المعري ال تزال تتكرر حث اللحظة‪ .‬ي‬
‫وه تذكرنا بمحنتنا‬ ‫ي‬ ‫وبالتاىل فمحنة ابن‬
‫ي‬
‫شء ولم يتبدل عىل مدار‬ ‫ر‬
‫حث نكاد نرصخ‪" :‬ما أشبه الليلة بالبارحة!" لم يتغت ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫القرون‪ ،‬بل لقد أصبحنا أكت انغالقا وتزمتا من العصور السابقة‪ .‬فابن تيمية مثال‬
‫ز‬
‫عرب يف كتابه "فصوص الحكم"‪ ،‬إال إنه اعتف بأنه كان أقرب‬ ‫ي‬ ‫حث ولو كفر ابن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫المتصوفة إىل اإلسالم‪ ..‬يضاف إىل ذلك أن ابن تيمية كان عالما كبتا وال يهاجم‬
‫عم يتحدث عىل األقل‪.‬‬‫الفلسفة عن جهل كما يفعل مشايخنا اليوم‪ .‬كان يعرف ّ‬

‫ينبع العلم بأن الفلسفة العربية اإلسالمية لم تمت مع ابن رشد‪ ،‬وإنما استمرت ز يف‬
‫ي‬
‫ز‬

‫عرب يف المغرب والسهروردي ز يف‬


‫ر‬ ‫ز‬
‫المشق‪ .‬ولكن الحيوية‬ ‫ي‬ ‫الوجود من خالل ابن‬
‫ز‬
‫المالكيي عىل الفالسفة‪ :‬أي‬ ‫الفكرية ز يف األندلس ماتت بسبب انتصار الفقهاء‬
‫ز‬
‫والحرف األعم للعقيدة‪ ،‬ثم بسبب نسيان جوهر الدين‬ ‫ي‬ ‫انتصار الفهم المنغلق‬
‫كت عىل القوالب الخارجية القشية والطقوس الشكالنية الجافة‪ .‬ولهذا السبب‬ ‫والت ز‬

‫ماتت الفلسفة بعد أن ازدهرت لعدة قرون ز يف األندلس والمغرب الكبت‪ .‬ومعلوم أن‬
‫ابن عرب لم يكن يعتت تأدية الفرائض والطقوس أساسية‪ ،‬زف ز‬
‫حي أن الدين كله‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ز‬ ‫ً‬
‫روحاب‬
‫ي‬ ‫الحديث‬ ‫فالتدين‬ ‫‪.‬‬ ‫أيضا‬ ‫يخترص بها بالنسبة للفقهاء‪ .‬وهنا تكمن حداثته‬
‫ً‬ ‫ز‬
‫اض‪ ،‬عىل عكس التدين القديم الذي ال يزال سائدا حث‬ ‫خارح استعر ي‬
‫ي‬ ‫داخىل ال‬
‫ي‬
‫اآلن‪.‬‬
‫حديث ابن عرب عن لقائه مع ابن رشد‪:‬‬

‫عرب عن اللقاء الوحيد الذي جمعه بابن رشد الذي كان قد بلغ‬
‫هذا وقد تحدث ابن ي‬
‫ز‬ ‫أوج مجده زف نهاية عمره‪ ،‬زف ز‬
‫عرب كان ال يزال يف أول شبابه‪ .‬وقال بما‬
‫ي‬ ‫حي أن ابن‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪5‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫هاشم صالح‬ ‫ابن عربي ‪ ..‬إيمان بال حدود‬

‫رؤيث‬
‫ي‬ ‫بناء عىل رغبته ز يف‬ ‫معناه‪" :‬لقد زرت أبا الوليد ابن رشد زف بيته بقرطبة ً‬
‫ي‬
‫لث الروحية‪ .‬وقد‬ ‫ز‬ ‫ع‬ ‫حباب هللا به ز‬
‫ز‬ ‫واالستماع ّ‬
‫ي‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫ي‬ ‫إىل‪ .‬وكان قد سمع باإللهام الذي‬ ‫ي‬
‫عث‪ .‬ولهذا السبب فإن والدي الذي كان صديقه الحميم‬ ‫ز‬
‫أبدى دهشته مما سمعه ي‬
‫ز‬ ‫ز‬ ‫ز‬
‫اب ويعرف من أنا بالضبط‪.‬‬‫لك ير ي‬ ‫أرسلث إليه يف أحد األيام ي‬
‫ي‬

‫عىل بكل ترحاب‬‫وما إن دخلت البيت حث نهض ابن رشد من مجلسه وأقبل ّ‬
‫ي‬
‫مع ويرى ما أملكه‬ ‫يتحدث‬ ‫لك‬ ‫جانبه‬ ‫إىل‬ ‫ز‬
‫أجلسث‬ ‫ثم‬ ‫‪.‬‬ ‫لث‬ ‫وكرمث بل ّ‬
‫وقب ز‬ ‫ز‬ ‫ز‬
‫وعززب‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫من علم‪ .‬ثم قال يىل‪ :‬نعم؟ (أي نحن متفقان)‪ ،‬فقلت له‪ :‬نعم‪ ...‬وعندئذ شعر‬
‫شء‪.‬‬ ‫اإلنشاح عىل وجهه‪ ،‬واعتقد زأب من تالمذته وأتفق معه زف كل ر‬
‫ر‬ ‫باالرتياح وبدا‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫فاغتم وبان الحزن عىل وجهه وتغت‪ .‬وبدا وكأنه يشك‬ ‫ولذلك استدركت قائال‪ :‬ال!‪..‬‬
‫ز‬
‫سألث‪ :‬ما هو الحل الذي‬ ‫وعندئذ‬ ‫‪.‬‬ ‫إليها‬ ‫توصل‬ ‫الث‬ ‫ز‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫الفلسفية‬ ‫والعقيدة‬ ‫ه‬‫تفكت‬ ‫ف‬‫ي‬
‫الرباب؟ وهل هو متوافق مع ما نتوصل‬ ‫ز‬ ‫توصلت إليه عن طريق ر‬
‫اإلشاق واإللهام‬
‫ي‬
‫هاب؟ فأجبته‪ :‬نعم‪ ،‬وال!‪ ..‬وذلك ألنه ز‬
‫بي‬ ‫ز‬
‫إليه نحن عن طريق الفلسفة أو الفكر الت ي‬
‫مشوطية المادة وتنفصل األعناق عن‬ ‫"النعم‪ ،‬والال" تنطلق الروح حرة خارج ر‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫أصفر وجه ابن رشد ورأيته يرتجف وهو يتمتم قائال‪ :‬ال حول‬ ‫أجسادها!‪ ..‬وعندئذ‪،‬‬
‫العىل العظيم‪ .‬والواقع أنه فهم مقصدي العميق وما أشت إليه‬
‫ي‬ ‫وال قوة إال باهلل‬
‫وعرف أنه يتجاوز فلسفته العقالنية المنطقية أو يفتق عنها بعد أن يهضمها‬
‫ز‬
‫بأربعي سنة كان أحد‬ ‫عرب الذي يصغر ابن رشد‬ ‫ويستوعبها ‪".‬هكذا نالحظ أن ابن‬
‫ي‬
‫تالمذته الذين استفادوا منه ز يف البداية ثم خرجوا عليه‪ .‬لقد استفاد من علمه‬
‫وعقالنيته التهانية وفلسفته‪ ،‬ولكنه تجاوزها بعد ذلك إىل ما هو أبعد وأعمق؛ أي‬
‫ز‬ ‫ز‬ ‫ر‬
‫الروحاب‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫الصوف‬
‫ي‬ ‫الفكر اإلش ي‬
‫اف‪،‬‬

‫‪6‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫هاشم صالح‬ ‫ابن عربي ‪ ..‬إيمان بال حدود‬

‫اإلسالم‬
‫ي‬ ‫والعرب‬
‫ي‬ ‫األندلس‬
‫ي‬ ‫عرب كان يمثل التيار اآلخر ز يف الفكر‬
‫ي‬
‫ز‬
‫المعث فإن ابن‬ ‫بهذا‬
‫زف مجمله‪ .‬كان يمثل التجربة الروحية والصوفية الكتى زف تاري خ اإلسالم‪ ،‬زف ز‬
‫حي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ز‬
‫العقالب المحض‪ .‬ولهذا السبب قال له أوال‪ :‬نعم‪ ،‬ثم‬ ‫ي‬ ‫أن ابن رشد كان يمثل التيار‬
‫قائال‪( :‬ال! بنعم) كان يقصد أنه متفق معه عىل أهمية العقل ز‬ ‫ً‬
‫ورصورة‬ ‫أردف‬
‫يكق للوصول إىل الحقيقة اإللهية‬ ‫ز‬
‫استخدامه‪ ،‬و(بال) كان يقصد أن العقل وحده ال ي‬
‫ً‬ ‫ز‬
‫ينبع أن نفتحه أيضا عىل الخيال الخالق واإللهام والتجربة الروحانية‬ ‫ي‬ ‫وإنما‬
‫بمعث آخر فهناك "عقل فوف" يتجاوز العقل ر‬
‫البشي ويعلو عليه‪ .‬وهذا ما‬ ‫ز‬ ‫العميقة‪.‬‬
‫ي‬
‫ز‬
‫العقالب األرسطوطاليس ‪.‬ويرى ابن‬ ‫لم يدركه ابن رشد أو الذي ال يتفق مع توجهه‬
‫ي‬
‫عرب أنه ال يمكن التوصل إىل العالم اآلخر الذي يقبع خلف العالم الظاهري‬
‫ي‬
‫الفوف‪ .‬وهذا ما أهمله ابن رشد بسبب‬
‫ي‬ ‫المحسوس إال عن طريق هذا العقل‬
‫استغراقه بفلسفة أرسطو الواقعية والمادية أكت من اللزوم كما ذكرنا‪.‬‬

‫عرب أن فلسفة ابن رشد ماتت أو وصلت إىل نهايتها بعد أن‬
‫ي‬ ‫لقد اعتقد ابن‬
‫اإلسالم بحاجة إىل‬
‫ي‬ ‫العرب‬
‫ي‬ ‫وبالتاىل فإن الفكر‬
‫ي‬ ‫استنفدت كل إمكانياتها وطاقاتها‪.‬‬
‫محث الدين‬
‫ي‬ ‫انطالقة جديدة‪ ،‬وهذه االنطالقة الرائعة سوف يكون رائدها وزعيمها‬
‫عرب‪.‬‬
‫بن ي‬

‫وعىل هذا النحو ظهرت كتبه األساسية‪ :‬كالفتوحات المكية‪ ،‬وفصوص الحكم‪،‬‬
‫اإلسالم‪ .‬ذلك أن ابن‬
‫ي‬ ‫العرب‬
‫ي‬ ‫وترجمان األشواق‪ ،‬وغتها من روائع األدب والفكر‬
‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عرب كان أديبا ضخما وليس فقط مفكرا عميقا أو روحانيا متصوفا فذا‪ .‬وهنا يتفوق‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ز‬ ‫ً‬
‫عرب كان وريثا‬
‫ي‬ ‫ابن‬ ‫فإن‬ ‫المعث‬ ‫بهذا‬ ‫‪.‬‬ ‫اإلطالق‬ ‫عىل‬ ‫ا‬
‫ر‬ ‫عىل ابن رشد الذي لم يكن شاع‬
‫ً‬
‫لألنبياء طبقا للكالم المأثور "العلماء ورثة األنبياء‪".‬‬

‫‪7‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ابن عربي ‪ ...‬إيمان بال حدود‬

‫إذاُلمُيكـ ـ ـنُُديبُإىلُدين ـ ـ ـهُدانُ‬ ‫نكرُصاحبُ‬


‫كنتُُقب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـلُُاليومُأُ ُ‬
‫ً‬
‫ف ـمـرع ًُ‬
‫ـىُلـغــزالنُُودي ـ ـ ُرُلــرهــبـ ــانُ‬ ‫وقـدُص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارُقـلبُقابـالُكلُُصورةُ‬

‫وألــواحُُتــوراةُُومــصـ ـ ـ ـحـفُُق ــرآنُُ‬ ‫ُ‬ ‫وب ـيــتُُألوث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانُُوكـع ـبـةُُطـائـفُُ‬


‫ّ‬
‫ركــائــبـُهُفـال ـحـبُُديـنـيُوإيـمـانـي‬ ‫أديــنُُبُــدُيـ ـ ـ ـنُُالـحبُُأنُُتـوجُـهـتُ‬

‫ُ‬

‫المصدرُ‪ُ:‬مؤمنون بال حدودُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُُإعدادُوتنسيقُ‪ُ:‬مكتبة التنوير‬

‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬

You might also like