You are on page 1of 3

‫بني األكادمي واإلبستيم‪ ..

‬جلسة مع أستاذان مالك بن نيب‬


‫*جابر انصر بوحجام و**خالد بعمور الشيخ‬
‫* ابحث يف الفكر اإلسالمي‪ -‬معهد املناهج‪djaber-n@veecos.org :‬‬
‫**ابحث يف فلسفة العلوم‬
‫جلسنا نتحادث ونناقش موضوعا أهمنا من أمور عاملنا الذي نعيش فيه‪ ،‬كل منا حياول أن يقارب‬
‫املوضوع من زاوية نظره مستصحبا معه "سؤال الفعل" و"نية العمل"‪ ،‬فتذكران أن هناك معلما من معامل‬
‫منوذج الرشد حنن حباجة إىل زايرته‪ ،‬فهو هناك حياول أن حيلل وأن يفهم وأن يوجه للحركية والفعل‪ ،‬قصدان‬
‫أستاذان مالك بن نيب فوجدانه مطأطئ الرأس يكتب ويدون مث يرفع رأسه وكأنه ينظر إىل السماء أو أفق‬
‫بعيد‪.‬‬
‫قصدانه ألنه يعيش سياقنا اجلزائري اإلسالمي‪ ،‬قصدانه ألننا أحسسنا أنه لديه ما يقوله لنا كجيل‬
‫أتى بعده حياول أن يُفهمه حىت ال يغادران مرة أخرى‪ .‬توجهنا إليه زائرين أوال مث طالبني منه النصح اثنيا‪.‬‬
‫بدأ حديثه قائال‪ :‬سأقرأ لكم ما دونت اللحظة يف موضوع "توجيه األفكار" ‪ 1‬فما أحوج الكاتب‬
‫ألن يقرأ مع أخيه ما كتب قبل أن ينشر؛ عساه يستفيد من املالحظات؛ فديناميكية الفكرة تبدأ من القراءة‬
‫معا مث االلتزام معا‪ ،‬وإال فستكون الفكرة قاصرة والفعل أبرت‪.‬‬
‫دون إال أننا إبسقاطها على واقعنا و"بنية‬
‫كانت جلسة مفيدة حقا فرغم أنه قرأ لنا فقرة فقط مما م‬
‫العمل" وجدانها مليئة إبلزامات مجا عية قد ال نصل إليها كلها‪ ،‬لكننا حباجة إىل أن نبدأ حىت جنيب عن‬
‫بعض أسئلة عصران‪.‬‬
‫مما استوقفنا يف الفقرة قوله‪ " :‬التوجيه بصفة عامة قوة يف األساس وتوافق يف السري ووحدة يف‬
‫اهلدف "‪ ،‬أليست هذه هي خصائص النموذج املعريف الذي يوجه الفعل؟ أليس "التوافق يف السري" هو نقطة‬
‫ضعفنا يف إنشاء مجاعات علمية تسعى لتقدمي حلول فعالة يف واقعها تنأى هبا عن اخلطابة والكالم اجملرد‬
‫إىل الفعل املؤيد؟ أليس "التوافق يف السري" هو مشكلة نفسية ابألساس حنتاج إىل مرافقة لنغرسها كقيمة‬
‫أساسية لنحقق مبدأ العمل اجلماعي؟‬

‫‪ - 1‬مشكلة الثقافة‪ ،‬ص‪.67 :‬‬


‫‪1‬‬
‫أال ميكن اعتبار قوله‪ " :‬فكم من طاقات وقوى مل تستخدم ألننا ال نعرف كيف نكتلها" هو‬
‫حديث عن "الكيفية" عن "‪ ، "HOW‬وأننا كما يقول هو نفسه يف موضع آخر أن الذي ينقصنا "ليس‬
‫منطق الفكرة ولكن منطق العمل "‪ ،‬أليست هي نقطة ضعف أخرى أننا نتوقف يف احلديث عن الفكرة‬
‫وما جيب علين ا وال نواصل إىل الكيفية وطريقة التنفيذ‪ ،‬أم أننا نعيش طبقية بني من يقرتح الفكرة ومن يقرتح‬
‫التنفيذ؟ ألسنا حباجة إىل تنشئة على حتويل الفكرة الصغرية إىل فعل ولو كان بسيطا عوض الدفع إىل‬
‫التفكري يف املشاريع الكربى دون وجود أدوات لتحقيقها؟‬
‫واحلديث عن الطاقات والقوى وتكتلها هو احلديث عن إدارة وتنظيم هذه الطاقات ولعلها هي‬
‫مربط الفرس‪ " ،‬فهناك ماليني السواعد العاملة والعقول املفكرة يف البالد اإلسالمية‪ ،‬صاحلة ألن‬
‫تستخدم يف كل وقت؛ واملهم هو أن ندير هذا اجلهاز اهلائل‪ ،"..‬فنحن واحلمد هلل يف جمتمع يؤمن أبهية‬
‫العمل اجل ماعي ويعرت أن الغرب توفق علينا ابلعمل ضمن اجلماعات العلمية ال ي ساهت يف تطور العلم‪،‬‬
‫ولكن نرى أن مشكلتنا األساس هي يف من يتوىل إدارة هذه العقول‪ ،‬فهو حباجة إىل أن تتوفر فيه جمموعة‬
‫من اخلصائص احلدية والثانوية ال ي تسهم يف حتقيق النتيجة‪ ،‬فهل من دراسات وأحباث تناولت املوضوع يف‬
‫سياقنا املتأزم؟ مث هل تؤهلنا مؤسساتنا يف كافة مستوايهتا ألن يوجد فينا من يتحمل هذه املسؤولية؟ ألن‬
‫هذه اإلدارة أو " هذا اجلهاز حني يتحرك حيدد جمرى التاريخ حنو اهلدف املنشود‪ "..‬فيحقق أكثر من‬
‫نتيجة سواء نفسية أو اجتماعية أو معرفية وفوق كل ذلك دينية‪.‬‬
‫" ويف هذا تكمن أساسا فكرة توجيه اإلنسان الذي حتركه دوافع دينية‪ :‬وبلغة االجتماع‪:‬‬
‫اإلنسان الذي يكتسب من فكرته الدينية معىن (اجلماعة) ومعىن (الكفاح)"‪ ،‬ولكن هل كل اجتماع‬
‫وعمل مجاعي ومجاع ة علمية حتركها الفكرة الدينية؟ هل ميكن التأكيد أن اجلماعات العلمية يف العامل الغريب‬
‫حتركها هذه الفكرة؟ أم أهنا من ابب "ي وجد ملحدون على أخالق‪ ،‬ولكن ال يوجد إحلاد أخالقي‪.‬‬
‫والسبب هو أن أخالقيات الالديين ترجع يف مصدرها إىل الدين‪ ..‬دين ظهر يف املاضي مث اختفى يف‬
‫عامل النسيان‪ ،‬ولكنه ترك بصماته قوية على األشياء احمليطة‪ ،‬تؤثر وتشع من خالل األسرة واألدب‬
‫الطرز املعمارية‪ ...‬إخل" –كما قال بيجوفيتش؟ أي أن الظاهر هو الالدين أو انفصال العلم‬
‫واألفالم و ُ‬
‫عن الدين يف نتائجه ولكن هناك متثل وأثر للدين يف الفكرة؟‬
‫كيف ميكن أن نفهم " وكم من طاقات وقوى ضاعت فلم حتقق هدفها حني زمحتها قوى أخرى‬
‫صادرة عن املصدر نفسه‪ ،‬متجهة إىل اهلدف نفسه" هل ابعتبار التنافسية بني النماذج املعرفية من‬

‫‪2‬‬
‫النموذج املهيمن إىل النموذج البديل؟ أم أن هناك معىن آخر؟ فاالفرتاض يوحي أن التنافس يكون بني‬
‫يف املصدر أو اختال يف اهلد ‪ ،‬فكيف ميكن جتاوز اإلشكال‪ ،‬إن كان هناك إشكال أصال؟‬ ‫اختال‬
‫أسئلة توالدت وحنن نستمع هلذه الف قرة ال ي تدعوان أن نكون أوفياء ملا خطه هذا املفكر يف متثل‬
‫الفكرة يف الواقع‪ .‬فه ناك مفارقة حتتاج إىل التحليل واحلل هي بني األكادمي واالبستيم بني املعرفة وإنتاجها‬
‫وبني تنظيم املعرفة وإدارهتا‪ ،‬وهي مفارقة تظهر جليا يف السياق احلضاري املتأزم‪.‬‬

‫نص الفقرة‪:‬‬

‫مشكلة الثقافة من الوجهة الرتبوية هي يف جوهرها مشكلة توجيه األفكار‪ ،‬ولذلك كان علينا أن‬
‫حندد املعىن العام لفكرة التوجيه‪ ،‬فهو بصفة عامة قوة يف األساس وتوافق يف السري ووحدة يف اهلد ؛ فكم‬
‫من طاقات وقوى مل تستخدم ألننا ال نعر كيف نكتلها‪ ،‬وكم من طاقات وقوى ضاعت فلم حتقق هدفها‬
‫نفسه‪.‬‬ ‫حني زمحتها قوى أخرى صادرة عن املصدر نفسه‪ ،‬متجهة إىل اهلد‬

‫فالتوجيه هو جتنب اإلسرا يف اجلهد ويف الوقت‪ ،‬فهناك ماليني السواعد العاملة والعقول املفكرة‬
‫يف البالد اإلسالمية‪ ،‬صاحلة ألن تستخدم يف كل وقت؛ واملهم هو أن ندير هذا اجلهاز اهلائل املكون من‬
‫ماليني السواعد والعقول‪ ،‬يف أحسن ظروفه الزمنية واإلنتاجية‪.‬‬

‫املنشود‪ ،‬ويف هذا تكمن أساسا فكرة‬ ‫وهذا اجلهاز حني يتحرك حيدد جمرى التاريخ حنو اهلد‬
‫توجيه اإلنسان الذي حتركه دوافع دينية‪ :‬وبلغة االجتماع‪ :‬اإلنسان الذي يكتسب من فكرته الدينية معىن‬
‫(اجلماعة) ومعىن (الكفاح)‪.‬‬

‫‪3‬‬

You might also like