Professional Documents
Culture Documents
بين شريعة موسى وانجيل المسيح
بين شريعة موسى وانجيل المسيح
بين شريعة موسى وانجيل المسيح
أتليف
ألڨا جيه ماكلني
Alva J. McClain
ترمجة
أشرف بشاي
طبعة ُأوىل
جميع ُحقوق الطبع محفوظة ،فال يجوز اقتباس ،أو إعادة
نرش ،أو طبع الكتاب أو أي ُجزء منه ،بدون ال ُحصول عىل
الناش .من يُخالِف ذلك يُع ّرض َ
نفسه إذن مكتوب من ِ
للمساءلة القضائ ّية
وس وإنجيل املسيح يشوبُها الكثري ما زالت العالقة بني رشيعة ُم َ
من التشويش يف أذهان ال ّدارسني بل واملسيحيني بشكل عام ،فبني
وس أَ ِو
كلامت الرب يسوع املسيح «الَ تَظُ ُّنوا أَ ِّن ِجئْ ُت ألَنْق َُض ال َّنا ُم َ
األَنْ ِب َيا َءَ .ما ِجئْ ُت ألَنْق َُض بَ ْل ألُكَ ِّم َل» (متّى ،)17 :5وتعاليم الرسول
يح بولس «ل َْس ُت أُبْ ِط ُل نِ ْع َم َة الل ِه .ألَنَّ ُه إِ ْن كَا َن بِال َّنا ُم ِ
وس ِب ٌّر ،فَالْ َم ِس ُ
إِذًا َماتَ ِبالَ َس َب ٍب!» (غالط ّية )21 :2؛ بني هذا وذاك تضيع الرؤية
الكتاب ّية الصحيحة بشأن رشيعة موىس واملوقف النهايئ منها.
كذلك فإن هناك الكثري من اللغط واالرتباك عىل املنابر
املسيحيّة .من املؤسف أن القسوس واملعلّمني ال يجدون يف
الكتابات العربية ما يشفي غليلهم ب ُخصوص هذا املوضوع ،ألن
املكتبة العربية فقرية يف الدراسات املسيحيّة بصفة عامة ،وال سيّام
الدراسات الكتاب ّية.
يُسعد الدار أن تُق ّدم للقارئ العريب هذا الكتاب الذي كتبه
مؤسس كلية النعمة Grace الدكتور القس ألڨا جيه ماكلني ِّ
Theological Seminaryوأ ّول رئيس لها ،وهي إحدى أكرب كل ّيات
الالهوت بالواليات املتحدة .يف هذا الكتاب الصغري ،يُعالج الكاتب
موضوع الرشيعة واإلنجيل بطريقة دراس ّية وتأمل ّية يف آنٍ واحد.
)(3
وهنا يجب التنويه أ َّن د .ماكلني ينتمي إىل مدرسة الهوت
التدبري ،Dispensation Theologyالذي يرى أ َّن التاريخ اإلنساين
ينقسم إىل سبعة تدبريات "أزمنة" ،للتعامل اإللهي مع جنسنا
البرشي ،وهو ما يختلف فيه امل ُرتجم مع الكاتب إذ أ َّن امل ُرتجم
ينتمي إىل مدرسة الالهوت العهدي ،Covenant Theologyوهو
الالهوت الذي تنتمي إليه الكنيسة اإلنجيليّة املشيخيّة.
سبب نعمة لكل قارئ حتى نصيل أن يكون هذا الكتاب َ
رب النعمة الذي « ِم ْن ِملْ ِئ ِه نَ ْح ُن َج ِمي ًعا أَ َخ ْذنَا، يتع ّرف أكرث عىل ّ
َونِ ْع َم ًة فَ ْو َق نِ ْع َمة» (يُوح ّنا .)١٦ :١
امل ُح ّرر العام يف اللغة العربيّة
القس أرشف بشاي
Sola Deo Gloria
)(4
املُحتوايت
)(8
الخاصة
ّ ولدي وجهة نظريومع أنني مقتن ٌع بكثري من األفكار ّ
يف هذا املوضوع ،إال أن املوقف الحايل قادين لدراسة هذا املوضوع
ب ُرمته من جديد ليك أراجع عالقة املسيحي بالرشيعة .أق ّدم يف
الصغري نتائج هذه ال ّدراسة مع رجايئ الحار ،لنفيسهذا الكتاب ّ
ولل ُقراء ،أن نجد طريق الحق كام هو ُمعلَن يف كلمة الله.
)(9
األول
الفصل ّ
شريعة) يف كتاابت العهد اجلديد
«النّاموس» (ال ّ
)(12
وجود ال ّناموس داعية البرش إىل العودة إليه ومه ِّددة ب ُعقوبات ضد
ُوسوي مل تكن من ينتهكونه .لذا فإن الفكرة األصلية للناموس امل َ
غائبة بامل ّرة يف مثل هذه االقتباسات.
ولهذا ال ّناموس وحدة عضوية ال تنفصم عراها ،وهذا األمر
صحيح بدون ذرة شك أو تساؤل :هناك ثالثة عنارص أو مكونات
تظهر يف هذا ال ّناموس :ال ّناموس األديب ،ال ّناموس االحتفايل
(الطقيس) ،ال ّناموس املدين .ومن الخطأ تقسيم ال ّناموس إىل ثالثة
نواميس كام اعتاد أن يفعل كثريون ،وكذلك من الخطأ تقسيم
نوعي :ال ّناموس األخالقي وال ّناموس االحتفايل.
ال ّناموس إىل ْ
يتضح هذا األمر جليًا من ال ّنصوص الواردة يف العهد الجديد:
يوضّ ح كاتب رسالة يعقُوب أنَ « :م ْن َح ِف َظ ك َُّل ال َّنا ُم ِ
وسَ ،وإِنَّ َا
اح َد ٍة ،فَ َق ْد َصا َر ُم ْج ِر ًما ِف الْك ُِّل» ( .)١٠ :٢وعن كلمة َع َ َث ِف َو ِ
«ك ُّل» الواردة يف هذا ال ّنص يكتب أوسرتيل أن الكلمة ال ُيونان ّية
( )pantonتعادل «كل تعاليم التّوراة» (((.ونفس ال ّنقطة يوضّ حها
ال ّرسول بُولُس يف غالط ّية ٣ :٥بالقول« :لكن أشهد أيضً ا لك ُّل إنسان
مختنت أنه ملتزم أن يعمل بك ُّل ال ّناموس» .ويُوضّ ح املسيح« :فَ َم ْن
اس ه َكذَا ،يُ ْد َعى الص ْغ َرى َو َعلَّ َم ال َّن َ نَق ََض إِ ْح َدى ِ
هذ ِه الْ َو َصايَا ُّ
لنتمسك بالوحدة ّ الس َم َوات» (متّى )١٩ :٥لذا ُوت َّأَ ْص َغ َر ِف َملَك ِ
)(13
الكاملة للناموس .إن «أصغر الوصايا» الّتي أشار إليها ربُّنا هي
ُوسوية الخمسة ،وال تقترص فقط عىل تلك املوجودة باألسفار امل َ
«الوصايا األخالق ّية» وال عىل تلك الوصايا القليلة املتضمنة يف
العظة عىل الجبل ،كام هو واضح يف العدديْن ١٨-١٧من متّى
الشح من الفصل الخامس حيث ال ميكن أن نخطئ يف فهم هذا ّ
ُوسوي.
فم املسيح .لقد تح ّدث املسيح ب ُوضوح هنا عن ال ّناموس امل َ
الشاح ،مع وجهة ال ّنظر هذه،
يتفق ماير؛ وهو واح ٌد من أقدر ّ ّ
فيكتب معلقًا عىل متّى « :١٧ :٥لذا ال يجب أن نفكِّر يف ال ّناموس
عىل أنه ال ّناموس األخالقي فقط؛ فهذا التّفكري خاطئ .والتّمييز
بني ال ّناموس الطّقيس ،وال ّناموس املدين ،وال ّناموس األخالقي هو
يشء حديث (((».ويوضِّ ح بيك« :هذا التّمييز بني ال ّناموس األخالقي
وال ّناموس االحتفايل ال معنى له عند ال ّرسول بُولُس (((».ونفس
وجهة ال ّنظر هذه واضحة لدى جودت« :وبوجه عام ،فالتّمييز
بني األجزاء الطّقس ّية واالحتفال ّية يف ال ّناموس هو يشء غريب عىل
(((
الضّ مري اليَ ُهودي الّذي يتناول ال ّناموس كرشيعة إلهية واحدة».
(6) H. A. W. Meyer, “Matthew,” Commentary in the New Testament” (New
York: Funk and Wagnalls, 1884), I, 120.
(7) A. S. Peake, “Colossians,” The Expositor’s Greek Testament, III,
527.
(8) Fredrick L. Codet, Commentary on St. Paul’s Epistle to the Romans,
rev. and ed. Talbot W. Chambers (2d.; New York: Funk and Wagnalls,
1892), p. 144.
)(14
لذا يُحاج جودت بأن ال ّرسول بُولُس ال بُ ّد أنه كان يتبنى وجهة
ال ّنظر هذه.
ويف مقالته القوية الّتي تتكلّم عن ناموس العهد الجديد ،يُشري
جيمس دين إىل حقيقة رائعة تختص بطريقة استخدام العهد
خاص باقتباس كاتب الجديد لهذا املصطلح؛ فباستثناء واحد وحيد ّ
السبعينيّةالتجمة ّ العربانيني للنص الوارد يف إرميا ٣٣ :٣١من ّ
(العربانيني ١٠ :٨؛ )١٦ :١٠فإن كلمة ال ّناموس الّتي ترد يف العهد
الجديد تأيت دامئًا يف صيغة املفرد (((.ويُعلّق آخر عىل هذه ال ّنقطة
بالقول« :إن ناموس الله ..وهو األسلوب املتبع يف األسفار امل ُق ّدسة،
فالكاتب الكالسييك كان ليقول (نواميس أثينا أو نواميس سولون)»،
فهذه تقري ًبا هي الطّريقة الوحيدة الثّابتة الّتي ت ُشري إىل وحدة
ال ّناموس اإللهي يف مقابل ال ّنواميس البرشيّة املج ّردة.
فربا أُدرجت كأحد أما الفقرة الواردة يف ُروميَة ّ ١٥ :٢
االحتامالت لالستخدام العام لكلمة «ناموس» الّتي ت ُشري إىل مجمل
ال ّناموس اإللهي .يُشري ال ّرسول بُولُس هنا إىل «عمل ال ّناموس مكتوبًا
يف قلوبهم» أي قلوب األمميني .فهل ميكن أن يكون ال ّناموس هنا
هو ال ّناموس األخالقي فقط؟ ال أعتقد ذلك ،فإن قلب ال ّناموس
االحتفايل هو الذّبيحة ،والحث عىل تقديم الذّبائح هو للجميع
دون استثناء ،وهو مطلوب من جميع األمم والشّ عوب.
(9) James Denny, “Law (in the New Testament), Dictionary of the Bible,
ed. James Hastings (New York: Charles Scribner’s Sons, 1911), III, 73.
)(15
هذا ال ّناموس األخالقي يتض ّمن -كجزء ال يتج ّزأ وكجزء مك ِّمل-
توقيع ال ُعقوبات امل ُناسبة ،ليك يفرض مطالبه .ال ميكن أن ينفصل
ال ّناموس اإللهي عن جزاءاته كام قد يفرتض البعض« .ألَ َّن َج ِمي َع
وس ُه ْم ت َ ْح َت لَ ْع َنة» (غالطيّة .)١٠ :٣ ال َِّذي َن ُه ْم ِم ْن أَ ْع َم ِل ال َّنا ُم ِ
وس يُ ْن ِش ُئ غَضَ ًبا» ( ُروم َية .)١٥ :٤كذلك يُشري ال ّرسول «ألَ َّن ال َّنا ُم َ
«خ ْد َمة امل َ ْوت ِ ..خ ْد َمة ال ّدي ُنونة»
بُولُس إىل ال ّناموس باعتباره ِ
(٢كورنثوس .)٩ ،٧ :٣كذلك يح ِّدده ال ّرسول باعتباره «نَا ُموس
ال َخطيّة وامل َ ْوت» ( ُروميَة .)٢ :٨وكام أشار األسقف مول« :إنه
(((1
ال ّناموس اإللهي ..الّذي بسببه ميوت الخاطي».
وال ميكن للناموس أن ينفصل عن ُعقوباته ،هذا هو ما ينادي
به كبار الالهوتيني وأعظمهم .يُح ِّدد جون اوسنت ال ّناموس باعتباره
تجسي ًدا لثالث أفكار أساس ّية :الوص ّية ،وااللتزام (بها) ،وال ُعقوبة
(ال ّناتجة عن كرسها) ((1(.أما دانيآل وبسرت فقد ذاع عنه قوله:
«إن ال ّناموس بغري ُعقوبة هو مج ّرد نصيحة ط ّيبة!» يف والية
تعليمي يتناول هذه ال ّنقطة
ّ انديانا بالواليات املتحدة هناك درس
غي
رشعون يف هذه الوالية قانونًا ضد من يُ ّ بالتّحديد؛ فقد اسنت امل ِّ
ساعات العمل خالل ال ّنهار لكنهم مل يربطوا هذا القانون بأي جزاء
(10) “Romans,” The Cambridge Bible (London: Cambridge Press,
1911).
(11) Law, in the New Testament,” International Standard Bible Encyclopedia,
III, 1844.
)(16
يف حالة كرسه .ما الّذي حدث؟ لقد أخرج املسؤولون لسانهم
للقانون وتركوا ساعات حوائطهم كام هي عىل التّوقيت املعتاد
وذهبوا إىل أعاملهم يف مواعيدهم العادية .ضبط ال ّناس هناك
ساعاتهم عىل التّوقيت القديم وضحكوا عىل القانون مستهينني به.
لقد ازدرى ال ّناس هناك بالقانون!
إن تجريد (حرف ًيا إخصاء) ناموس الله من جزاءاته اإللهية مع
االستمرار يف تسميته «ال ّناموس» هو أمر خادع ج ًدا ،ألن ذلك ميكن
أن يُس ِّبب تشويشً ا للعقل البرشي كام أنه ميكن أن يجعل مصري ك ُّل
ال ّنواميس -اإللهية منها والبرشية-إىل االزدراء أو الالمباالة .واألكرث
يتسبب يف إفراغ صليب املسيح من ذلك ،فإن مثل هذا اإلجراء ّ
من معناه األعمق ،فحينام يفقد ال ّناموس قداسته املطلقة تفقد
الخطية نقيصتها املرعبة ،وتفقد الجلجثة مجدها األخالقي.
تفس ذلك األمر ،فجزئ ًيا ويف نفس إن املوعظة عىل الجبل ِّ
خاصة إىل املعنى ال ّداخيل األصيل ُوسوي ،هناك إشارات ّ ال ّناموس امل َ
للناموس .يتضح ذلك جي ًدا من خالل كلامت ربِّنا الواردة يف متّى
.١٩-١٧ :٥ففي آية ١٩يُوضِّ ح ال ّرب أن« :فَ َم ْن نَق ََض إِ ْح َدى ِ
هذ ِه
ُوتاس ه َكذَا ،يُ ْد َعى أَ ْص َغ َر ِف َملَك ِالص ْغ َرى َو َعلَّ َم ال َّن َ
الْ َو َصايَا ُّ
الس َم َوات» إن هذه «الوصايا» املتض َّمنة يف ال ّناموس يُشار إليها يف َّ
وس الّتي يُؤكّد عدد ١٨أن «حرف واحد اآلية .١٧إنها ناموس ُم َ
أو نقطة واحدة» منه ال تزول ،وكام أشار ألفورد« :هذه الوصايا
)(17
(((1
الصغرى تُشري إىل أي حرف أو نقطة سابقة».
ّ
ففي هذه العظة الّتي ق َّدمها ربُّنا عىل الجبل ،ال ينقض سيدنا
خاصا به -كام يجاهرناموسا آخر ً
ُوسوي بل يضع مكانه ً ال ّناموس امل َ
السيد التّأكيد ،بأقوى
البعض بالقول .وعىل العكس من ذلك ،يعيد ّ
ُوسوي وعدم إمكانية انتهاكه. لُغة ممكنة ،عىل وحدة ال ّناموس امل َ
البعض أحيانًا أن املسيح قد أجرى تغيريات أساس ّية عىل ُ يجادل
ال ّناموس ،وعىل سبيل املثال ظهر ذلك يف مسألة الطّالق (متّى :٥
،)٣٢-٣١لكن ربَّنا باعتباره معطي ال ّناموس نقض فقط التّنازالت
الّتي حدثت سابقًا بسبب غالظة قلوب البرش (متّى )٨ :١٩؛ تلك
التّنازالت الّتي ال تتناغم مع املعنى العميق للناموس اإللهي األصيل.
إن ذلك ال ّناموس ،يف فكر املسيح ،ما زال كام هو بك ُّل حرف ونقطة
منه .إن كرس أية وصية من أصغر وصايا هذا ال ّناموس لهو أمر
مدان من املسيح شخصيًا ،بك ُّل وضوح وبال أدىن مواربة.
وأكرث من ذلك ،إننا إذا ما أمعنا ال ّنظر جي ًدا يف عظة الجبل
يتضح لنا أن العنارص الثّالثة املك ِّونة للناموس اإللهي موجودة
هناك؛ فبال جدال يظهر لنا هناك ال ّناموس األخالقي إذ أن الجزء
األكرب من هذه العظة يتمحور حول ُعنرص األخالق ّيات .لكن كثريين
ال ميكنهم بسهولة اكتشاف أجزاء ال ّناموس االحتفايل املقتبسة من
(12) Henry Alford, New Testament for English Readers (2d ed.; New York:
Lee, Shepard and Dillingham, 1872), I, 29, V. 29.
)(18
اآليتي يف متى ٢٤-٢٣ :٥تتح ّدثان لنا عن وس هناك .إن ْ ناموس ُم َ
«املذبح» وكذا عن «القربان» الّذي أحرضه العابد إىل املذبح .إنها
التجمة األمريك ّية القياس ّية لُغة التّقدمات الّتي تظهر لنا بوضوح يف ّ
American Standard Versionلذلك «فَ ِإ ْن قَ َّد ْم َت قُ ْربَان ََك
إِ َل الْ َم ْذبَح» (آية .)٢٣يرتجم ماير هذه اآلية كاآليت :إذا َ
كنت
بصدد تقديم ذبيحتك ((1(».ويوضِّ ح ألفورد أن« :اللغة هنا يَ ُهوديّة
(((1
باإلجامل وال ميكن أن تُفهم إال يف إطار الطّقوس ال َي ُهوديّة».
ومن الواضح أيضً ا أن العظة عىل الجبل تحتوي عىل إشارات
لبعض عنارص ال ّناموس املدين؛ ففي متّى ٢١ :٥يتح ّدث ال ّرب إىل
الجناة ألنهم معرضَّ ون لخطر «ال ُحكم» عليهم .إن ال ُحكم وال ّدينونة
هنا يُشريان إىل املحاكم املحليّة الواردة يف التّثنية ،١٨ :١٦وكلمة
«مستوجب» معناها الحريفُ « :عرضة بالقانون لـ ((1(»..ويف العدد
الّذي ييل ،يقول ربُّنا إن ُجناة آخرين يستوجبون «املجمع» ،وال
السنهدرين ال ُعليا .إن املحاكم شك أن هذا املجمع هو محكمة ّ
اليَ ُهوديّة املحليّة كانت متلك سلطان ال ُحكم باإلعدام لكن ال ُعقوبة
السنهدرين .لذا ،نحن نلتقي الخاصة بال ّرجم مل تكن تصدر إال عن ّ
ّ
هنا مع الترشيعات املدنيّة اليَ ُهوديّة كام هي ُمعلنة يف ال ّناموس
(13) Meyer, op. cit., I, 128, V. 23.
(14) Alford, op. cit., I, 31, V. 24.
(15) Charles John Ellicott, Commentary on the Whole Bible (Grand Rapids:
Zondervan reprint, 1954), VI, 25.
)(19
ُوسوي .نالحظ يف سفر العدد ١٦ :١١االحتامل مبصدر تكوين امل َ
السنهدرين الّذي يتألّف من سبعني عض ًوا .األكرث من ذلك نجد يف ّ
متّى ٣٥ :٥إشارة إىل أورشليم «مدينة امللك العظيم» إذ هي مركز
السلطة املدنية يف امللكية الثّيوقراطية.
ال يقترص األمر عىل هذه العنارص الثّالثة األساسيّة املمثلة يف
العظة عىل الجبل ،بل تظهر لنا أيضً ا يف عظة الجبل الجزاءاتُ
ُوسوي .فتحت عنوان ال ّناموس املرتبطة بعدم تطبيق ال ّناموس امل َ
لطتي املدنية وال ّدين ّية كيانًا واح ًدا ،إذ مل يكن
الس ُْوسوي كانت ّ امل َ
هناك فرق بني املجمع الديني وال ّدولة .لذلك فنحن نتوقع أن نجد
ُوسوي الواحد.
هناك ال ُعقوبات ال ّدنيويّة واألبديّة يف نفس ال ّنص امل َ
«السجن» وعن «تغريم لذلك ففي متّى ٢٦-٢٥ :٥نقرأ عن ّ
الجناة» وعن دفع «الحد األقىص للغرامة» .أما يف األعداد ،٢٢
٣٠ ،٢٩فنسمع ال ّرب يُحذِّر الجناة من ُعقوبة «نار جهنم» (راجع
التّثنية ٢٢ :٣٢عن أساس ال ُعقوبة املر ّوعة كالجزاء بسبب الغضب
ُوسوي).
اإللهي كام يعلنه ال ّناموس امل َ
ُوسوي ،وطلّب ربُّنا م ّنا
لقد ُولد ربُّنا تحت هذا ال ّناموس امل َ
طاعة هذا ال ّناموس كأُوىل امل ُتطلّبات.
أ .لقد ُولد املسيح تحت ال ّناموس ،لذا نقرأ يف غالط ّية ٤:٤
«أَ ْر َس َل الل ُه ابْ َن ُه َم ْولُو ًدا ِمنِ ا ْم َرأَ ٍةَ ،م ْولُو ًدا ت َ ْح َت ال َّنا ُموس».
)(20
تأيت عبارة «تحت ال ّناموس» يف اللغة ال ُيونانية م ّرة أخرى
يف ١٨ :٥حني يقول الكتاب عن للمؤمنني «لستم تحت
ال ّناموس» .لقد ُخنت الطّفل يَ ُسوع و ُوهب لله رسم ًيا يف
الهيكل ال َي ُهودي مع تقديم ذبيحة ،زوج من اليامم أو فرخي
وس» (لُوقَا :٢ شيع ِة ُم َ حامم .لقد تم ك ُّل ذلك « َح َس َب َ ِ
.)٢٤-٢١أ ّما عدد ٣٩فيوضِّ ح أنهم «أكملوا ك َُّل َشء َح َس َب
وس ال َّر ِّب» كام ينبغي ،أو عىل ال ّنحو الواجب .وعند نَا ُم ِ
اإلشارة إىل خدمة يَ ُسوع األرضية للشعب اليَ ُهودي يؤكّد
يح قَ ْد َصا َر َخا ِد َم ال ِْختَانِ ،
ال ّرسول بُولُس أن «يَ ُسو َع الْ َم ِس َ
ِم ْن أَ ْجلِ ِص ْدقِ الل ِهَ ،حتَّى يُثَبِّ َت َم َوا ِعي َد اآلبَاء» ( ُروميَة :١٥
.)٨
الشيعة،
يأت لـ «ينقض» ّ وس .مل ِ ب .لقد أطاع ربُّنا رشيعة ُم َ
بل لـ «يك ِّملها» (متّى .)١٧ :٥ما الّذي تتض ّمنه هذه
الجملة «الكثيفة» (حرفيًا ال ُحبىل)؟ إن هذه الجملة
تتض ّمن الطّاعة؛ فعندما ذهب املسيح إىل نهر األردن حتى
يعتمد من يُوح ّنا املعمدان ،أوقف تذ ُّمر يُوح ّنا بالقول:
يق ِب َنا أَ ْن نُ َك ِّم َل ك ُّل ِب ّر»( .متّى
«اس َم ِح اآلنَ ،ألَنَّ ُه ه َكذَا يَلِ ُ
ْ
.)١٥ :٣إن «الرب» هنا هو األمر الّذي يتطلبه ال ّناموس
إذ أن معمودية يُوح ّنا كانت تتم «باملاء» وكانت الزمة
للنجسني (العدد .)١٩:١٩إن ُخضوع ربِّنا لهذه املعمودية
)(21
الطّقسية تكشف ،ال عن احتياجه الشّ خيص للتطهري بل
باألحرى ،عن اتحاده بالشّ عب الخاطئ .وكام ذكّر يُوح ّنا
«لقد صار هو مكاننا وبديلنا» .وعىل ك ُّل حال ،فإن ُخضوع
املسيح ملعمودية يُوح ّنا ليست مذهلة أكرث من مشاركته
الحدثي يجب أن يتح ّدث إليناْ يف الفصح ال َي ُهودي؛ فكال
عن اتحاده بشعبه وليس عن تلوث ّه بأي شائبة بالقطع.
أخ ًريا ،لقد جاز ربُّنا يف ساعة موته آم ًرا تالميذه أن «أع ّدوا
الفصح لنا» (لُوقَا ،)٨ :٢٢وكانت هذه امل ُامرسة ُمتوافقة
ُوسوية .لقد كانت الصارمة للرشيعة امل َمتا ًما مع املتطلبات ّ
ك ُّل تفصيالت هذا االحتفال واجبة التّنفيذ .فإذا كانت
الخطية هي «تع ّدي ال ّناموس» فإن نفس اآلية تذكّرنا أنه
«ال توجد فيه خط ّية» (١يُوح ّنا .)٥-٤ :٣ :١
ُوسوي.ج .لقد دعا ربُّنا املسيح شعبه إىل إطاعة ال ّناموس امل َ
هذا هو ال ّنص املستخدم عاد ًة يف إثبات هذا الطّرح :متّى
١٩-١٧ :٥حيث يأمرنا سيدنا بإطاعة هذا ال ّناموس وأوامره
«يف أقل تقدير» .هذا يتطلّب م ّنا أ ّو ًل أن نطيع خاضعني
للعنارص األخالقية كام توضِّ حها وصية ربِّنا للشاب الغني
«احفظ الوصايا» ُمش ًريا إىل وصايا اللوح الثّاين من ال ّناموس
(متّى .)١٩-١٧ :١٩
)(22
كذلك فإن ربَّنا يطلب م ّنا أن نطيع ال ّناموس االحتفايل ،وتتضح
السيد لألبرص الّذي نال الطّهارة «أر
وصايا هذا ال ّناموس من أمر ّ
نفسك للكاهن ..شهادة لهم» (متّى .)٤ :٨ويف متّى ٢٦يوجد
لدينا ،ليس فقط مثال لطاعة سيدنا للسلطات املدن ّية ،بل أيضً ا
السلطات (اآليات .)٥٢ ،٤٧تأيت ك ُّل هذه أمره لبطرس أال يُقاوم ُّ
امل ُامرسات والتّعاليم يف تناغم كامل مع تحذير صارم بأن رشيعة
وس تتطلّب االحرتام حتى يراها «حاكم الشّ عب» (ال ُخروج :٢٢ ُم َ
.)٢٨
)(23
الفصل الثّاين
شريعة احلياة األبديّة؟
هل تُعطي ال ّ
)(27
الفصل الثّالث
شريعة ال ُتلِّص اإلنسان
ال ّ
وس ال ّر ِّب كَا ِم ٌل يَ ُر ُّدال يوجد خلل وال نقص يف ال ّناموس «نَا ُم ُ
يم» (مزمور :١٩ ْس .شَ َهادَاتُ ال ّر ِّب َصا ِدقَ ٌة ت َُص ِّ ُي الْ َجا ِه َل َح ِك ً ال ّنف َ
.)٧ال يوجد أي تساؤل هنا حول ماهية ال ّناموس .إنها الرشيعة
وس» .حينام ُسمة «رشيعة ُم َ املعروفة جي ًدا يف العهد القديم وامل ّ
وس َصالِ ٌح ،إِ ْن نصل إىل العهد الجديد نقرأ « َول ِك َّن َنا نَ ْعلَ ُم أَ َّن ال ّنا ُم َ
وس ًّيا» (١تيموثاوس .)٨ :١وم ّرة ثانية« :إِذًا كَا َن أَ َح ٌد يَ ْستَ ْع ِملُ ُه نَا ُم ِ
وس ُمق ّدسَ ،والْ َو ِص َّي ُة ُمق ّدس ٌة َو َعا ِدلَ ٌة َو َصالِ َحةٌ» ( ُروم َية :٧ ال ّنا ُم ُ
.)١٢هنا نقابل حقيقة صادمة :إن االحرتام األكرب للناموس كُتب لنا
بواسطة ال ّرسول بُولُس؛ ال ّرجل الّذي أكّد لنا أن ال ّناموس ال يعطي
خالصا للخطاة .إن املشكلة إذا ً ليست يف ال ّناموس. حياة وال ً
إن املشكلة القاتلة تكمن يف اإلنسان ذاته .بعد أن يرشح
ال ّرسول أن ال ّناموس ُمق ّدس وصالح بل «وروحي» أيضً ا ،يكشف
ال ّرسول لنا عن رس عجز ال ّناموس عن أن يخلصنا ،فيقول« :فَ ِإنَّ َنا
وح ٌّيَ ،وأَ َّما أَنَا فَ َج َس ِد ٌّي َمبِي ٌع ت َ ْح َت الْ َخ ِطيَّة» وس ُر ِ نَ ْعلَ ُم أَ َّن ال ّنا ُم َ
الشيعة .فإذا بدت ( ُروم َية .)١٤ :٧إن الضّ عف يف اإلنسان ال ّ
الشيعة عاجزة عن تخليص البرش ،فإن سبب ذلك «إِ َّن الّذي َن ُه ْم ّ
)(29
َح َس َب الْ َج َس ِد فَب َِم لِلْ َج َس ِد يَ ْهتَ ُّمونََ ،ول ِك َّن الّذي َن َح َس َب ال ّرو ِح
فَب َِم لِل ُّروح» ( ُروميَة .)٥ :٨هذا هو سبب مجيء ابن الله إىل عاملنا
وس َعا ِج ًزا َع ْن ُهِ ،ف َما كَا َن ضَ ِعيفًا بِالْ َج َس ِد ،فَالل ُه «ألَنَّ ُه َما كَا َن ال ّنا ُم ُ
إِ ْذ أَ ْر َس َل ابْ َن ُه ِف ِشبْ ِه َج َس ِد الْ َخ ِطيَّ ِةَ ،وألَ ْجلِ الْ َخ ِطيَّ ِةَ ،دا َن الْ َخ ِطيَّ َة ِف
الْ َج َسد» ( ُروم َية .)٣ :٨إن كاتب العربانيني يرى أن «العهد» األول
الشيعة) كان ُمعط ًّل ،لكن الكاتب يتحفّظ من (أي العهد الوارد يف ّ
إمكانية سوء الفهم بالقول إن الخطأ كان من جانبهم «هم» أي
من جانب الشّ عب (العربانيني .)٨-٧ :٨يجب أن نفهم أن العجز
كله كان يف اإلنسان وليس يف رشيعة الله.
إن مطالب ال ّناموس ال ميكن أن تسرتيح بالتّوافق مع ضعف
البرش .هذه هي الفكرة الجوهرية الّتي يحملها بعض البرش.
بال ّنسبة للبعض ،ال ّنعمة هي سامح الله بتخفيض املطالب املطلقة
للرشيعة حتى الدرجة الّتي ميكن أن يتح ّملها اإلنسان الخاطئ.
إن مثل هذا املفهوم الخاطئ ال يعظم ال ّناموس وال ال ّنعمة ،فلو
كان هذا األمر ممك ًنا ملا كان للصليب أيّة رضورة .يحاج ال ّرسول
وس ِض ُّد َم َوا ِع ِيد الل ِه؟ َحاشَ ا! ألَنَّ ُه لَ ْو أُ ْع ِط َي قائل« :فَ َهلِ ال ّنا ُم ُ بُولُس ً
وس» (غالطيّة :٣ وس قَا ِد ٌر أَ ْن يُ ْحي َِي ،لَكَا َن بِالْ َح ِقي َق ِة ال ِ ُّْب بِال ّنا ُم ِ
نَا ُم ٌ
.)٢١يبدو هذا واض ًحا أيضً ا يف رسالة ُروم َية« :ألَ ْن لَ ْي َس ِع ْن َد الل ِه
وس يَ ْهلِ ُك. وس فَ ِب ُدونِ ال ّنا ُم ِ ُم َحابَاةٌ ،ألَ َّن ك ُّل َم ْن أَ ْخطَأَ ِب ُدونِ ال ّنا ُم ِ
وس يُ َدانُ» (( ُروم َية .)١٢-١١ :٢ وس فَبِال ّنا ُم ِ َوك ُُّل َم ْن أَ ْخطَأَ ِف ال ّنا ُم ِ
)(30
إن التّعبري «بال ناموس» يعني بال رشيعة مكتوبة كالّتي كانت لدى
اليَ ُهود.
لكن ال ّرسول يقول إنه حتى لو مل يكن لدى األمم رشيعة
ناموسا إله ًيا« :ألَنَّ ُه ً وس لكنهم ما زالوا ميتلكون مكتوبة كناموس ُم َ
وسَ ،متَى فَ َعلُوا بِالطّبِي َع ِة َما ُه َو األُ َم ُم الّذي َن لَيْ َس ِع ْن َد ُه ُم ال ّنا ُم ُ
وس ألَنْف ُِسه ِِم، وس ُه ْم نَا ُم ٌ وس ،فَه ُؤالَ ِء إِ ْذ لَ ْي َس لَ ُه ُم ال ّنا ُم ُ ِف ال ّنا ُم ِ
وس َم ْكتُوبًا ِف قُلُو ِب ِه ْم ،شَ ا ِه ًدا أَيْضً ا الّذي َن يُظْ ِه ُرو َن َع َم َل ال ّنا ُم ِ
يم بَ ْي َن َها ُمشْ تَ ِك َي ًة أَ ْو ُم ْحتَ َّجةً» ( ُروم َية :٢ ضَ ِم ُري ُه ْم َوأَفْكَا ُر ُه ْم ِف َ
.)١٥-١٤ويف يوم ال ّدينونة األخري سيُحاسب ك ُّل من اليَ ُهود واألمم
الشيعة املعطاة لك ُّل منهام؛ سواء أكانت ويُدانون بالتّامم بحسب ّ
الشيعة مد َّونة يف كتاب أم مكتوبة عىل قلوبهم .ليس لدى هذه ّ
الله محاباة .ال ينبغي أن تُنتهك ُحرمة ال ّناموس كتعبري عن طبيعة
الله القدوس غري القابلة للتغيري .ال ميكن لهذه الطّبيعة أن تتغري
ليك تناسب الضّ عف األخالقي لدى ال ُخطاة .يذّكرنا املرنِّم يف سفر
املزامري أن «الْ َع ْد ُل َوالْ َح ُّق قَا ِع َد ُة كُ ْر ِسيِّ َك .ال ّر ْح َم ُة َواألَ َمانَ ُة تَتَ َق َّد َمانِ
أَ َما َم َو ْجهِك» (.)١٤ :٨٩
إن عرش الله األبدي يتثبت فوق رشيعته الّتي ال ت ُكرس ،وهذه
الشيعة ُعب عن طبيعته اإللهيّة .ال ميكن العبث بهذه ّ الشيعة ت ِّ ّ
وال حتى بواسطة الله نفسه ،وبالتّأكيد ال ميكن أيضً ا بواسطة
الشيعة .يرى البعض أنه إذا كان خالص اإلنسان امل ُولع بكرس هذه ّ
)(31
البرش بهذه الطّريقة ،فال ميكن أن يَخلُص أحد بامل ّرة!
الضوري أن يجد الله طريقة لتخليص الخطاة لذا كان من ّ
بال أي تنازل عن يشء من رشيعته .هذا األمر يقودنا مبارشة إىل
السارة اآلتية من الله ،فبدون أي تهاون مع قلب اإلنجيل؛ األخبار ّ
متطلَّبات ال ّناموس تأن َّس اب ُن الله داف ًعا يف الجلجثة ك ُّل التزامات
البرش وديونهم نتيجة كرس ال ّناموس بالكامل .مل يكن هناك أي
نوع من تقليل هذه ال ّديون وال التّملُّص من أقل طلبات ال ّناموس
اإللهي ،بل دفعها املسيح بالكامل «أَيُّ َها ا ِإل ْخ َو ُة ِب َح َس ِب ا ِإلن َْسانِ
أَق ُُول :لَيْ َس أَ َح ٌد يُبْ ِط ُل َع ْه ًدا قَ ْد تَ َ َّك َن َولَ ْو ِم ْن إِن َْسانٍ ،أَ ْو يَزِي ُد
َعلَ ْيه» (غالط ّية َ « ،)١٥ :٣وال ّر ُّب َوضَ َع َعلَ ْي ِه إِث ْ َم َج ِمي ِع َنا» (إشعياء
٦ :٥٣ب).
وملوت املسيح فاعلية أكرب من ُمج ّرد تخليص الخطاة ،فبينام
خلّصنا املسيح مبوته كان يف الوقت ذاته يُعلن لنا بر الله حتى
اض ،لِيَكُو َن بَا ًّرا َويُ َ ِّب َر َم ْن
يكون الله « ِإلظْ َها ِر ِب ِّر ِه ِف ال َّز َمانِ الْ َح ِ ِ
ُه َو ِم َن ا ِإلميَانِ ِب َي ُسوع» ( ُروم َية .)٢٦ :٣أدعوك أن تقرأ جي ًدا
ُروميَة .٢٦-٢٣ :٣إن الله غري املحدود والحاكم املطلق للكون
ليس هو الشخص الّذي يتالعب برشيعته .لذا يستمر ال ّناموس
السائدة ،لكن الله يف املسيح شام ًخا بقداسته امل ُطلقة و ُمتطلّباته ّ
أويف هذه وتلك بدلً عنا .لذا ليتنا نفهم هذا األمر كام أعلنه الله
فبهذه الطّريقة فقط ُيكن أن نُت ِّمم ال ّناموس ( ُروميَة .)٣١ :٣
)(32
ولعل نبي الله إشعياء كان هو الشّ خص الّذي رأى ،بوضوح ّ
كامل ،ما كان الله مزم ًعا أن يفعل يف الجلجثة فقال« :ال ّر ُّب قَ ْد
س ِم ْن أَ ْجلِ ِب ِّر ِه .يُ َعظِّ ُم ّ ِ
الشي َع َة َويُ ْك ِر ُم َها» ( .)٢١ :٤٢وكبرش ذوي ُ َّ
فكر محدود ،لن نتمكّن أب ًدا من فهم املجد الكامل للصليب حتى
نرى هناك ،ليس فقط َم َح َّبة الله للخطاة ،بل أيضً ا بر الله وقداسته
يف حفظ مقاييس رشيعته بشكل مطلق يف الوقت نفسه الّذي فيه
الشيعة .هذا هو مجد خلّص الخطاة املذنبني الذين كرسوا هذه ّ
نعمة الله.
عم «عجز ال ّناموس عن فعله» .إن يف ُروميَة ٣ :٨يتكلم ال ّرسول ّ
الكلامت الثّالثة األخرية من هذا االقتباس تُق ِّدم كلمة يُونانية تعني
«بال قُ ّوة بامل ّرة .»Powerlessnessإن ناموس الله عاجز متا ًما عن
تخليص البرش ،وال ميكن أن يحفظنا من سطوة الخطية وسلطانها.
ناموس الله ال يُق ّدم لنا حاف ًزا كافيًا للطاعة وال يُعطي املعونة
الكافية لحفظ متطلباته .ناموس الله ال يوجد طريقًا للرتاجع عند
كرس اإلنسان له .ليت الله يفتح عيوننا ليك نفهم أن «معونتنا من
عند ال ّرب» (مزمور )٢ :١٢١؛ فرجاؤنا فيه وحده وال سواه.
)(33
الرابع
الفصل ّ
شريعة
قصد هللا من وراء إعطاء ال ّ
)(39
اإللهيي .وال يُوجد أي استئناف لهذا ال ُحكم القضايئ ليك ْ والعقاب
الصعب أن نجد خطاة يتوقف ك ُّل لسان ويستد ك ُّل فم .ليس من ّ
السهل االعرتاف بأن أولئك يعرتفون بخطاياهم ،لكن ليس من ّ
الخطاة يستحقون العقاب عىل أفعالهم ال ّردية .هذا هو املعنى
الحقيقي لكلمة «ذنب» ،وال ُيكن لله أن يصنع معنا أي معروف
قبل أن يعرف ك ُّل م ّنا أنه ُمذنب.
حارسا كاب ًحا لخطايا البرش حتى يأيت أُعطي ال ّناموس ليكون ً
الوقت حينام يجدوا الحريّة الحقيق ّية يف املسيح بواسطة اإلميان
وسُ ،م ْغلَقًا َعلَيْ َناوس َني تَ ْح َت ال ّنا ُم ِ « َول ِك ْن قَبْل ََم َجا َء ا ِإلميَا ُن كُ َّنا َم ْح ُر ِ
إِ َل ا ِإل َميانِ الْ َع ِت ِيد أَ ْن يُ ْعلَ َن .إِذًا قَ ْد كَا َن ال ّنا ُم ُ
وس ُم َؤ ِّدبَ َنا إِ َل الْ َم ِسي ِح،
ك نَتَ َ َّب َر بِا ِإلميَان» (غالطيّة .)٢٤-٢٣ :٣يف العدد ٢٣يحمل ك ُّل لِ َ ْ
الفعلي املعنى «يكبح» :كُنا «محروسني» « ..ويستد» كام لو ْ من
ك ّنا يف ِسجن أو تحت حراسة عسكريّة.
أما يف العدد ٢٤فتُخطئ ترجمة امللك جيمس KJVخطأ كب ًريا:
بالقطع مل يكتب ال ّرسول« :كان ال ّناموس (املرشف املدريس) حتى
يُحرضنا إىل املسيح» فالكلامت «حتى يُحرضنا» ليست موجودة
يف ال ّنص األصيل .ففكرة أن ال ّناموس يُراقبنا كاملرشف املدريس
مرش ًدا إيانا للمسيح ،هذه الفكرة كلها يجب أن تُبتذل كام يقول
اليتفوت ،فاملرشف املدريس paidagogosيف األزمنة القدمية كان
عب ًدا مهمته تدريب الطّفل وكبح جامحه حتى يبلغ .وعليه
)(40
فال ّناموس كان paidagogosحتى يأيت املسيح ف ُيمك ّننا من نوال
البنوة لله باإلميان به.
لذلك فال ّناموس ال يقود البرش إىل املسيح بل باألحرى يضع
الضورية حتى يجدوا ال ُحرية األخالقية الحقيقية أمامهم مكابحه ّ
باإلميان باملسيح .للحصول عىل مناقشة ممتازة لهذه الفكرة اقرأ
ما كتبه دين Dennyيف مقاله عن ال ّناموس يف قاموس Hasting’s
Dictionaryللكتاب امل ُق ّدس .هذا ال يعني أن ال ّناموس بال فائدة
بامل ّرة يف جذب البرش للمسيح ،فال ّناموس يكشف لإلنسان فسا َد
قلبه وموتَه ،وبذا يجعل الخاطئ واعيًا بحاجته ،لكن ليست هذه
هي الفكرة الّتي تعلّمها لنا غالط ّية .٢٤ :٣
عطي ال ّناموس ليكون شهادة نبويّة ومنوذ ًجا للخالص لقد أُ ّ
نتحصل عليها يف املسيح ( ُروميَة .)٢١ :٣فبعد أن ّ بال ّنعمة الّتي
يكشف ال ّناموس أن العامل كله خاطئ ومذنب أمام الله ،وأنه
بأعامل ال ّناموس ال يتربر ك ُّل ذي جسد يف نظر الله ،يبدأ ال ّرسول
يف إعطاء الخطوط العريضة للطريقة امل ُثىل لل ُحصول عىل الخالص.
يف ُروميَة ٣يكتب ال ّرسولَ « :وأَ َّما اآل َن فَ َق ْد ظَ َه َر ِب ُّر الل ِه ِب ُدونِ
وس َواألَنْ ِب َياء» (آية .)٢١ وسَ ،مشْ ُهو ًدا لَ ُه ِم َن ال ّنا ُم ِ
ال ّنا ُم ِ
األمر األول الّذي يجب أن نالحظه هنا هو أن بر الله الّذي
يُخلِّص الخطاة «خا ٍل من ال ّناموس» .يستخدم ال ّرسول حرف الجر
)(41
chorisالّذي ترجمته «بعيد عن »apart fromمبعناه املطلق.
يُستخدم هذا الفعل أيضً ا يف العربانيني ١٥ :٤حيثُ يُقال هناك
عن ربِّنا إنه ُج ِّرب يف ك ُّل يشء ،متا ًما كام نُج َّرب نحن أيضً ا ،ومع
ذلك فهو «بال خطيّة» .لذا فإن خالص املؤمن هو أمر بعيد متا ًما
عن ال ّناموس كام أن ابن الله بعيد متا ًما عن ك ُّل خطية .وكام أنه ال
ُسلطان للخطية عىل املسيح لذا ليس للناموس يشء يف الرب الّذي
أخذناه من املسيح باإلميان به.
الصور لكن عىل ال ّناحية األخرى ،إذا كان ال ّناموس عاج ًزا ،بك ُّل ّ
واألشكال ،عن املساهمة يف الخالص الّذي نلناه باملسيح ،مع ذلك
يعمل ال ّناموس كشاهد لهذا الرب « َوأَ َّما اآل َن فَ َق ْد ظَ َه َر ِب ُّر الل ِه
وس َواألَنْ ِبيَاء» ( ُروميَة .)٢١ :٣ وسَ ،مشْ ُهو ًدا لَ ُه ِم َن ال ّنا ُم ِ
ِب ُدونِ ال ّنا ُم ِ
كيف يحمل ال ّناموس هذه «الشّ هادة»؟ أ ّو ًل ،حمل ال ّناموس هذه
الشّ هادة نبويًا .إن ال ّنبوة الكربى العظيمة عن الفادي اآليت للخالص
موجودة يف ال ّناموسَ « :وأَضَ ُع َع َدا َو ًة بَ ْي َن ِك َوبَ ْ َي الْ َم ْرأَ ِةَ ،وبَ ْ َي
ن َْسلِ ِك َون َْسلِ َهاُ .ه َو يَ ْس َح ُق َرأْ َس ِكَ ،وأَن ِْت ت َْس َح ِق َني َع ِقبَ ُه» (التّكوين
.)١٥ :٣ثان ًيا يشهد ال ّناموس عن خالصنا العظيم باملسيح من
الشيعة خالل ال ّرموز .Typesإن ال ّنظام الذّبائحي كله الوارد يف ّ
ُوسوية يُشري إىل حمل الله الّذي يرفع خطية العامل .لذا يتح ّدث امل َ
ال ّناموس ،ب ُوضوح وبطريقة ال تقبل سوء الفهم ،عن الرب اإللهي
الّذي أنعمت به علينا نعمة الله نحن الّذين آمنا باملسيح ببساطة،
)(42
بينام يف الوقت نفسه ال ميكن للناموس أن يُساهم أقل ُمساهمة
الصياغة ،هذا الرب يف ال ُحصول عىل هذا الرب .لذلك ،فليك نُص ِّحح ّ
اإللهي بعيد عن ال ّناموس لكنه مشهود له بواسطة ال ّناموس
ْس ات الْ َع ِتي َد ِة الَ نَف ُ للناموس فقط «ألَ َّن ال ّنا ُم َ
وس ،إِ ْذ لَ ُه ِظ ُّل الْ َخ ْ َي ِ
ُصو َر ِة األَشْ َيا ِء ،الَ يَق ِْد ُر أَبَ ًدا ِب َنف ِْس ال ّذبَائِ ِح ك ُّل َس َن ٍة ،الّتي يُ َق ِّد ُمونَ َها
َع َل ال ّد َو ِام ،أَ ْن يُ َك ِّم َل الّذي َن يَتَ َق َّد ُمون» (العربانيني .)١ :١٠دعونا
ندرك أهمية هذا الظل وقيمته ،ودعونا نعي رضورة أال نضع ولو
حرفًا واح ًدا one iotaيف مستوى هذا ال ّناموس.
)(43
الفصل اخلامس
شريعة هللا املكتوبة الّيت أُعطيّت إلسرائيل
)(45
(((1
إلرسائيل وليس لك ُّل الجنس البرشي».
ُوسوية الخمسة هذا العهد اإللهي املنصوص عليه يف األسفار امل َ
ترشيعي ،لذا فالوصايا العرش قيل عنها: ّ يُوصف حقًا بأنه موضوع
ك آ ُخ َذ لَ ْو َح ِي الْ َح َجرِ ،لَ ْو َح ِي الْ َع ْه ِد «ح َني َص ِعدْتُ إِ َل الْ َج َبلِ لِ َ ْ ِ
الّذي قَطَ َع ُه ال ّر ُّب َم َع ُك ْم ،أَقَ ْم ُت ِف الْ َجبَلِ أَ ْربَ ِع َني نَ َها ًرا َوأَ ْربَ ِع َني
الشيعة ش ُب َما ًء» (التّثنية ،)٩:٩وهذه ّ لَ ْيلَ ًة الَ آك ُُل ُخ ْب ًزا َوالَ أَ ْ َ
يُشار إليها عادة بأسامء مختلفة مثل« :كتاب العهد» (ال ُخروج
« ،)٧ :٢٤كلامت العهد» (التّثنية .)١ :٢٩واألكرث من ذلك ،تسمى
ال ُعقوبات املنصوص عليها يف ال ّناموس اإللهي بـ «لعنات العهد»
(التّثنية .)٢١ :٢٩وأخ ًريا فال ّدم املسفوك طاعة لهذا العهد يُدعى
«دم العهد» (ال ُخروج ،)٨ :٢٤والتّابوت الّذي يقف كرمز للناموس
األخالقي واالحتفايل يُدعى «تابوت العهد» (العدد .)٣٣ :١٠
أما الربكات املنصوص عليها يف هذا العهد فقد كانت بركات
مرشوطة بطاعة إرسائيل لوصايا الله «فَاآل َن إِ ْن َس ِم ْعتُ ْم لِ َص ْو ِت،
وب .فَ ِإ َّن ِل اص ًة ِم ْن بَ ْ ِي َج ِميعِ الشّ ُع ِ َو َح ِفظْتُ ْم َع ْه ِدي تَكُونُو َن ِل َخ َّ
هذ ِه ِه َي ك ُّل األَ ْر ِضَ .وأَنْتُ ْم تَكُونُو َن ِل َم ْملَ َك َة كَ َه َن ٍة َوأُ َّم ًة ُمق ّدسةًِ .
سائِ َيل» (ال ُخروج َ « ،)٦-٥ :١٩وإِ ْن الْ َكلِ َمتُ الّتي ت ُ َكلِّ ُم ِب َها بَ ِني إِ ْ َ
َس ِم ْع َت َس ْم ًعا لِ َص ْو ِت ال ّر ِّب إِله َِك لِتَ ْحر َِص أَ ْن تَ ْع َم َل ِب َج ِميعِ َو َصايَا ُه
(17) John R. Sampey, “The Ten Commandments,” International Standard
Bible Encyclopedia, V, 2944B.
)(46
وص َيك ِب َها الْ َي ْو َم ،يَ ْج َعل َُك ال ّر ُّب إِل ُه َك ُم ْستَ ْعلِ ًيا َع َل َج ِميعِالّتي أَنَا أُ ِ
قَبَائِلِ األَ ْر ِضَ ،وتَأْ ِت َعلَيْ َك َج ِمي ُع ِ
هذ ِه ال َ َْبك ِ
َات َوتُ ْد ِرك َُك ،إِذَا َس ِم ْع َت
لِ َص ْو ِت ال ّر ِّب إِله َِك» (التّثنية ٢-١ :٢٨اقرأ إىل آية .)١٤من ناحية
أخرى ،إذا وجد إرسائيل أنهم يئنون تحت القصاص اإللهي ،فال بُ ّد
أن يُفهم أن هذا األمر قد جاء عليه بسبب أنهم «لَ ْم يَ ْح َفظُوا َع ْه َد
شي َع ِته» (مزمور .)١٠ :٧٨ السل َُوك ِف َ ِ الل ِهَ ،وأَبَ ْوا ّ
أُعطيت التّرشيعات إلرسائيل بسبب الخطية .ويف إجابته عن
سؤال« :ملاذا أُعطي ال ّناموس إذًا؟» كتب ال ّرسول بُولُس« :فَلِ َمذَا
ات ،إِ َل أَ ْن يَأْ ِ َت ال ّن ْس ُل الّذي قَ ْد وس؟ قَ ْد زِي َد ب َِسبَ ِب التّ َع ِّديَ ِ ال ّنا ُم ُ
يط» (غالط ّية .)١٩ :٣حينام أُطلق ُو ِع َد لَ ُهُ ،م َرتَّ ًبا بِ َالَئِ َك ٍة ِف يَ ِد َو ِس ٍ
إرسائيل وخرج من تحت عبودية املرصيني كانت نجاتهم و ُحريّتهم
الصادر عن إله ذي سلطان مطلق. حسب وعد ال ّنعمة اإللهي ّ
رصف إرسائيل أمام هذا الخالص غري املست َحق؟ إن التّقرير كيف ت َّ
األسيف امل َّدون يف سفر ال ُخروج يُخربنا عن رغبة الشّ عب امل ُخيفة
بدل من مواجهة مخاطر ال ّرحلة .لقد للرجوع إىل نري املرصيني ً
وس بسبب مرارة املاء يف «مارة» وأرادوا تذ ّمروا ب ُعنف ضد ُم َ
العودة إىل «أماكن املتعة» يف مرص .كانوا عىل استعداد أن يرجموا
الصحراء .حدثت ك ُّل تلك األمور أمام وس بسبب العطش يف ّ ُم َ
وجه الله القدير الّذي أجرى لهم املعجزات ليك يُنقذهم م ّرات
السبب الّذي قادهم إىل سفح سيناء، وم ّرات .كانت آثامهم هي ّ
)(47
السلوك باإلميان حسب مواعيد ال ّنعمة الّتي أعطاها إذ فشلوا يف ّ
الله القدير .وكتذكار قوي لهذا الفشل ،يُحذِّر كاتب ال ّرسالة إىل
يب أَ َح ٌد ِم ْن نِ ْع َم ِة الل ِه .لِئَالَّ
قائلُ « :مال َِح ِظ َني لِئَالَّ يَ ِخ َ العربانيني ً
يَطْلُ َع أَ ْص ُل َم َرا َر ٍة َويَ ْص َن َع انْ ِز َعا ًجا ،فَيَتَ َن َّج َس ِب ِه كَ ِث ُريون» (:١٢
العاملي ال ّروحي
ْ .)١٥ال يوجد ما يُضاهي هذا الفشل الكاريث يف
واألخالقي.
الشيعة إلرسائيل مل يفسخ العهد ومع ذلك ،فإعطاء عهد ّ
السابق الّذي كان عه ًدا غري مرشوط .ففي صيغته اإلبراهيمي ّ
األصليّة ،كان العهد مع إبراهيم موجو ًدا يف التّكوين .٣-١ :١٢
وكانت بركات هذا العهد غري مرشوطة بأية استحقاقات يُظهرها
إبراهيم .لقد وعد الله -ببساطة -بأنه سوف يُبارك إبراهيم ونسله.
رمبا يُجادل أحدهم بالقول إن هناك رشطًا واح ًدا موجو ًدا يف :١٢
َ « ١وق ََال ال ّر ُّب ألَبْ َرا َم« :ا ْذ َه ْب ِم ْن أَ ْر ِض َك َو ِم ْن َع ِش َريتِ َك َو ِم ْن بَيْ ِت
أَب َِيك إِ َل األَ ْر ِض الّتي أُر َِيك» لكن التزام إبراهيم بهذا األمر اإللهي
كان استجابة لإلميان مبواعيد الله امللكية «بِا ِإلميَانِ إِبْ َرا ِهي ُم ل ََّم ُد ِع َي
أَطَا َع أَ ْن يَ ْخ ُر َج إِ َل الْ َمكَانِ الّذي كَا َن َع ِتي ًدا أَ ْن يَأْ ُخ َذ ُه ِم َرياث ًا ،فَ َخ َر َج
َو ُه َو الَ يَ ْعلَ ُم إِ َل أَيْ َن يَأْ ِت» (العربانيني .)٨ :١١بنفس الطّريقة،
نحن نتجاوب اليوم مع دعوة الله حينام نرتك العامل وننضم تحت
لوائه املبارك «يف املسيح» .لقد قطع ال ّرب عهده مع إبراهيم قبل
وس عىل جبل سيناء ،ويُحاج ال ّرسول ٤٣٠سنة من إعطاء ناموس ُم َ
)(48
وس الّذي َصا َر بَ ْع َد أَ ْربَ ِع ِمئَ ٍة بُولُس أنَ « :وإِنَّ َا أَق ُُول هذَا :إِ َّن ال ّنا ُم َ
َو�ثَالَثِ َني َس َنةً ،الَ يَ ْن َس ُخ َع ْه ًدا قَ ْد َسبَ َق فَتَ َم َّك َن ِم َن الل ِه نَ ْح َو الْ َم ِسي ِح
ُوسوي َحتَّى يُ َبط َِّل الْ َم ْو ِعد» (غالط ّية .)١٧ :٣بل إن ال ّناموس امل َ
نفسه يشهد عىل تف ُّوق العهد الّذي سبقه .وعىل ال ّرغم من خطايا
إرسائيل ودينونة الله األكيدة فإن ال ّرب يقول« :أَ ْذكُ ُر ِميثَا ِقي َم َع
ُوبَ ،وأَ ْذكُ ُر أَيْضً ا ِميثَا ِقي َم َع إِ ْس َح َاقَ ،و ِميثَا ِقي َم َع إِبْ َرا ِهي َم، يَ ْعق َ
َوأَ ْذكُ ُر األَ ْر َض َ ..ول ِك ْن َم َع ذلِ َك أَيْضً ا َمتَى كَانُوا ِف أَ ْر ِض أَ ْع َدائِ ِه ْم،
َما أَبَيْتُ ُه ْم َوالَ كَ ِر ْهتُ ُه ْم َحتَّى أُبِي َد ُه ْم َوأَنْكُثَ ِميثَا ِقي َم َع ُه ْم ،ألَ ِّن أَنَا
ال ّر ُّب إِل ُه ُهم» (الالويّني .)٤٤ ،٤٢ :٢٦
ُوسوي املكتوب حتى وجد كان إرسائيل ،خاض ًعا لل ّناموس امل َ
الغفران والحريّة يف «العهد الجديد» بواسطة ال ّنعمة يف املسيح «أَ ْم
وس يَ ُسو ُد وس أَ َّن ال ّنا ُم َ
تَ ْج َهلُو َن أَيُّ َها ا ِإل ْخ َو ُة ألَ ِّن أُكَلِّ ُم الْ َعا ِر ِف َني بِال ّنا ُم ِ
َع َل ا ِإلن َْسانِ َما َدا َم َحيًّا؟» ( ُروميَة .)١ :٧إن الحريّة من ال ّناموس تأيت
فقط حينام يُصبح ال َي ُهودي ميتًا للناموس بجسد املسيح ( ُروم َية :٧
.)٤تؤكَّد نفس هذه الفكرة امل ُهمة يف غالطيّة « ٣ :٥ل ِك ْن أَشْ َه ُد أَيْضً ا
لِك ُِّل إِن َْسانٍ ُم ْختَ ِ ٍت أَنَّ ُه ُملْتَ ِز ٌم أَ ْن يَ ْع َم َل ِبك ُِّل ال ّنا ُموس» .إن اإلشارة
هنا ليست فقط إىل العملية الجسامنية بل إىل ال ُخضوع للطقس أو
للشعرية املصحوبة باإلميان الّذي يُخلّص أو يُعني عىل نوال الخالص
للنفس .إن شعائر ال ّناموس حزمة واحدة :فإما أن تُت َّمم م ًعا أو يُقاىس
اإلنسان من ُعقوبة الفشل لو أخطأ يف واحدة.
)(49
من الواضح أن ال ّرسول بُولُس ينظر إىل ال َي ُهود غري امل ُخلّصني يف
أيامه باعتبارهم يعيشون تحت ال ّناموس ،ألنه يقول يف ُروميَة :٣
وس فَ ُه َو يُ َكلِّ ُم ِب ِه الّذي َن ِف َ « :١٩ونَ ْح ُن نَ ْعلَ ُم أَ َّن ك ُّل َما يَقُولُ ُه ال ّنا ُم ُ
اص ِم َن ك يَ ْستَ َّد ك ُّل ف ٍَمَ ،ويَ ِص َري ك ُّل الْ َعال َِم تَ ْح َت ِق َص ٍ وس ،لِ َ ْال ّنا ُم ِ
الله» .إن األفعال ال ُيونانية املستخدمة هنا ت ُوضِّ ح حقيقة حارضة،
ليس فقط ُمج ّرد عالقة ُوجدت يو ًما ما لكن مل تعد لهذه العالقة
ق ّوتها بعد اآلن.
يف نفس اللحظة الّتي كان ال ّرسول يكتب فيها هذه الكلامت
كان ال ّناموس يتكلّم إىل أصحابه غري املخلّصني ،الّذين قال عنهم
إنهم «تحت ال ّناموس» .إذا مل يكن األمر كذلك ،ملا كان هناك
يوم دينونة لهم كام يُؤكِّد بُولُس أنه سيكون « َوك ُُّل َم ْن أَ ْخطَأَ ِف
وس يُ َدان» ( ُروم َية ١٢ :٢ب) .تظهر نفس الفكرة وس فَبِال ّنا ُم ِ ال ّنا ُم ِ
أيضً ا يف غالطيّة ٤حيث يتح ّدث ال ّرسول عن « َها َج َر َجبَ ُل ِسي َنا َء ِف
الْ َع َر ِب َّي ِةَ .ول ِك َّن ُه يُقَاب ُِل أُو ُرشَ لِي َم الْ َح ِ َ
اضةَ ،فَ ِإنَّ َها ُم ْستَ ْع َب َد ٌة َم َع بَ ِني َها»
خاصة يف ( .)٢٥ :٤هنا يف هذا ال ّنص تظهر سطوة ال ّناموس واضحة ّ
غالط ّية ١ :٥حيث يُحذِّر ال ّرسول املخلصني لئال يعودوا إىل ُعبودية
ال ّناموس ُمج َّد ًدا.
هذه ال ّنظرة ال تتعارض ُمطلقًا مع الحقيقة الّتي أدعوها
غي الله
تدبري «حقبة» ال ّناموس الّتي تنتهي بال ُجلجثة .لقد ّ
طريقة التّعامل مع اإلنسان دون أن يلغي نهائيًا امللمح األسايس
)(50
السابقة .إن الضّ مري مل يُل َغ بالتّامم حينام قامت الحكومات للحقبة ّ
البرشيّة ،ومل تُل َغ وعود الله حينام بدأت حقبة ال ّناموس .وعليه،
فإننا اليوم يف عرص ال ّنعمة ما يزال ال ّناموس ساريًا بال ّنسبة ألولئك
الّذين مل ينالوا ال ُحريّة يف املسيح .فمتى آمن أولئك ينطبق عليهم
القول «إِذًا يَا إِ ْخ َو ِت أَنْتُ ْم أَيْضً ا قَ ْد ُمتُّ ْم لِل َّنا ُم ِ
وس ِب َج َس ِد الْ َم ِسي ِح،
ك ت َِص ُريوا آل َخ َر ،لِل َِّذي قَ ْد أُ ِقي َم ِم َن األَ ْم َو ِ
ات لِ ُنثْ ِم َر ِلله» ( ُروميَة لِ َ ْ
.)٤ :٧وقبل أن يتبع هؤالء املسيح تظل سطوة ال ّناموس حقيقة
حارضة وقوية.
)(51
السادس
الفصل ّ
وسى واألمم
شريعة ُم َ
)(54
يضع حاج ًزا ال يُذلَّل بني ال َي ُهود واألمم عىل أساس ما ورد يف رسالة
التجمة الخاطئة لآلية الواردة يف ١٤ :٢يف أفسس .١٩-١١ :٢إن ّ ُ
طبعة امللك جيمس قد ساهمت بشكل واضح يف انتشار هذه (((1
)(56
قليل عن ال َي ُهود .عند هذه ال ّنقطة يجب عىللكن مبعنى يختلف ً
املرء أن يدرس جي ًدا ما ورد يف ُروميَة .١٥-١١ :٢هنا نجد أن اليَ ُهود
السواء ،ا ُعتربوا خطاة بعي ًدا عن املسيح .حاز ال َي ُهود
واألمم ،عىل ّ
ناموس الله الكامل املكتوب يف أسفارهم امل ُق ّدسة ،وبواسطة هذا
ال ّناموس س ُيدانون (آية ١٢ب) .مل يكن لألمم مثل هذا ال ّناموس
املكتوب لكنهم سيُدانون ويُعاقبون عىل خطاياهم أيضً ا (آية ١٢أ).
لإلجابة عىل االعرتاض القائل بأن ذلك األمر ال يبدو عادلً بال ّنسبة
لألمم يقول ال ّرسول بُولُس إنه عىل ال ّرغم من أن األمم مل يكن
الشيعة كُتبت عىل قلوبهم؛ رشيعة لديهم رشيعة مكتوبة ،إال أن ّ
داخلية تعكس ناموس الله املكتوب بطريقة غري كاملة .وبواسطة
الشيعة سوف يُحاسبون ويُدانون ،إذ انتهكوا ناموس الله هذه ّ
ال ّداخيل الّذي تشهد له ضامئرهم فيهم شهادة عليهم (اآليات -١٤
.)١٦لذا سيدانون عىل قدر ال ّنور الّذي وصل إليهم (كام يف مصدره
األسايس) .سيُدان الجميع وسيُعاقبون؛ يَ ُهو ًدا كانوا أم أمميني .إن
ال ّرجاء الوحيد لل ُخطاة ليس يف ال ّناموس بل يف نعمة الله بربِّنا
يَ ُسوع املسيح.
)(57
السابع
الفصل ّ
شريعة
املسيحي وال ّ
)(59
ج .قُ ّدمت يف الفرتة األخرية وجهة نظرة جادة أن املؤمن
املسيحي يعيش يف ظل «ناموس الله» ال تحت «ناموس
وس» يشمل وس» .طبقًا لهذا املخطط فإن «ناموس ُم َ ُم َ
ُوسوية الخمسة» بينام الشائع الواردة يف «األسفار امل َ
ك ُّل ّ
يُختزل ناموس الله يف «الوصايا العرش» .مثل هذا
(((1
)(60
يتك َّرر القول الكتايب« :تحت ال ّناموس» ١٢م ّرة يف ترجمة
امللك جيمس KJVويرد ١٤م ّرة يف الطّبعة القياسيّة األمريكية
.ASVويف األصل ال ُيوناين يرد حرف الجر «تحت ُ ( »enروم َية :٢
١٢القياسية األمريكيّة ،)١٩ :٣ ،وترد كلمة ١١ hupoم ّرة يف حالة
ال ّنصب ُ ( accusative caseروم َية ١٥ ،١٤ :٦؛ ١كورنثوس ٢٠ :٩
ASVغالطيّة .)١٨ :٥ ،٢١ ،٥-٤ :٤ ،٢٣ :٣يف الفقرة املتبقية تأيت
الكلمة «تحت ال ّناموس» يف ترجمة مشكوك فيها عن كلمة يُونانية
واحدة (١كورنثوس ،)٢١ :٩وسوف نناقش هذه الكلمة الحقًا.
وطبقًا ملا يقوله جرين ،فالحرف enالّذي يأيت يف املقطع
الشء أعاله تُشري إىل املناخ العام أو إىل جسم كروي يسكن فيه ّ
ربا يصف هذا األمر الشّ خص اليَ ُهودي يف عالقته وينشطّ ((2(.
الشيعة بل كان بالشيعة اإلله ّية؛ فال َي ُهودي مل يكن فقط تحت ّ ّ
فيها أيضً ا بكيانه وترصفاته .أما حرف الجر hupoالّذي يرد يف حالة
ال ّنصب يف مقاطع أخرى فيعني «خاضع ل ُق ّوة يشء أو شخص ما».
يُق ِّرر ثاير Thayerأن هذه الشّ واهد تعمل كأمثلة يف ال ّدراسة الّتي
قام بها ((2(.كذلك يُوجد إيضاح ممتاز يف متّى ٩ :٨حني قال قائ ُد
املئة« :أَ ِّن أَنَا أَيْضً ا إِن َْسا ٌن تَ ْح َت (ُ )hupoسلْطَانٍ ِ .ل ُج ْن ٌد ت َ ْح َت
(20) S. C. Green, Handbook to the Grammar of the Greek Testament (New
York: Fleming H. Revell, rev. 1912), p. 240.
(21) J. H. Thayer, Greek-English Lexicon of the New Testament (New York:
Harper & Bros., 1889), p. 642.
)(61
( )hupoيَ ِدي» .متا ًما كام كان قائد املئة ال ّروماين تحت سلطان
قادة جيشه ،طبقًا للقوانني والجزاءات القانونية ،هكذا كان جنوده
تحت أمرته.
شخصا ما «تحت ال ّناموس» فهذا ً باختصار ،حينام نقول إن
ُوسوي التّرشيعي
األمر يعني كتابيًا أنه تحت ناموس الله؛ ال ّنظام امل َ
الشيعة وهوكله غري القابل للتجزئة .هذا الشّ خص خاضع لوصايا ّ
ُعرضة ل ُعقوباتها وجزاءاتها.
أما اآلن فكلمة الله تُوضّ ح مبا فيه الكفاية أن املسيحي مل ي ُعد
«تحت ال ّناموس» ،ويرد هذا األمر أربع م ّرات عىل األقل .يُوضّ ح
العهد الجديد ببساطة هذا الحق الكبري« :ألَنَّ ُك ْم ل َْستُ ْم ت َ ْح َت
ال ّنا ُموس» ( ُروم َية « ،)١٤ :٦ألَنَّ َنا ل َْس َنا تَ ْح َت ال ّنا ُموس» ( ُروم َية
« ،)١٥ :٦فَل َْستُ ْم ت َ ْح َت ال ّنا ُموس» (غالطيّة « ،)١٨ :٥كَأَ ِّن ت َ ْح َت
ال ّنا ُموس» (١كورنثوس ( .)٢٠ :٩الحظ أن اآلية األخرية ال ترد هكذا
يف ترجمة امللك جيمس القياسيّة لكن ك ُّل امل ُح ِّررين عن اللغة
ال ُيونانية للعهد الجديد يُوافقون عىل أن هذه العبارة وردت هكذا
التجمة األمريكيّة القياسيّة ASV يف ال ّنص األصيل امل ُق ّدس ،أما ّ
فتتض ّمن اآلية الواردة يف كورنثوس األوىل ٢٠ :٩بدون قراءة بديلة
اثنتي من أو هامش تفسريي) .يجب أن نالحظ كذلك أن هناك ْ
اآليات الّتي ذكرناها أعاله يربط فيهام الكاتب بالوحي اإللهي
عظيمتي يف اإلميان املسيحي حينام يقول« :ل َْس َنا ت َ ْح َت ْ حقيقتي
ْ
)(62
ال ّنا ُموس»؛ ففي ُروم َية ١٤ :٦نرى الخالص املسيحي من سيطرة
الخطية مرتبطًا بالفكاك من سيطرة ال ّناموس ،ويف غالطيّة ١٨ :٥
نرى انعتاقنا من ال ّناموس كدليل عىل قيادتنا تحت سلطان ال ّروح
القدس .هذه التّأثريات العملية يف حياتنا ال ّروحية واألخالقية سوف
نناقشها الحقًا بأكرث تفصيل.
أ .لنالحظ أن املؤمن ليس تحت ال ّناموس بأي شكل من
األشكال باعتبار أن ال ّناموس ليس وسيلة للخالص أو حتى
جز ًءا منه .يف ُروم َية ٢٠ :٣نقرأِ « :بأَ ْع َم ِل ال ّنا ُم ِ
وس ك ُّل
ِذي َج َس ٍد الَ يَتَ َ َّب ُر أَ َما َمه» ويف هذا ال ّنص يبدو أن ال ّروح
يتوسع ،بشكل جارف ،يف إقصاء ك ُّل أعامل ال ّناموس القدس ّ
من تربير الخطاة أمام الله .ال يُوجد ُوضوح أكرث من ذلك.
الكلمة ال ُيونانية تُقرأ ببساطة «أعامل ال ّناموس» .م ّرة ثانية
يف ُروميَة ١٤ :٦يُوضِّ ح الكتاب امل ُق ّدس ،ليس فقط أن
ال ّناموس كرشيعة ليس له قُدرة بامل ّرة عىل امل ُساهمة يف
تقديس املؤمن ،بل وعىل العكس من ذلك أن التّحرر من
ُسلطان ال ّناموس هو أحد األمور الّتي ال غنى عنها يف هذا
العمل اإللهي امل ُهم داخل ال ّنفس .وأبعد من ذلك حني
يتعامل ال ّرسول بُولُس مع موضوع يقني الخالص املسيحي
يف ُروميَة ٨إذ يُؤكّد هناك أنه ليس للناموس أيّة قُدرة عىل
وس َعا ِج ًزا َع ْنه» ففي هذا حفظنا آمنني ،بل « َما كَا َن ال ّنا ُم ُ
)(63
الصدد أرسل الله ابنه ليك ينجزه ألجلنا وفينا ( ُروم َية :٨
ّ
،)٤-٣لذا نحن ندرك أن ال ّناموس ال يستطيع تربيرنا وال
تقديسنا وال حفظنا.
ب .إن ال ّناموس ال يستطيع أن يُق ِّدم املعونة الّتي ت ُخلِّص
اإلنسان من الخطية .يف كولويس ١٤ :٢ال ُيكن ألي ذي
«الصك املكتوب» .هنا يوضِّ ح عيني أن يفشل يف رؤية ّ ْ
ال ّرسول أن ال ّناموس اإللهي نفسه مل يكن فقط «ض ًدا» لنا،
بل كان «علينا» أيضً ا .ويُشري الكاتب نفسه إىل الوصايا
العرش «املكتوبة واملحفورة عىل الحجر» والّتي ت ُوصف
بأنها «خدمة املوت» (٢كورنثوس .)٧ :٣ونتعلّم من ُروم َية
١٥ :٤أن ال ّناموس «يَ ْع َمل ِلَ ْجلِ الغَضَ ِب» أما يف غالطيّة
وس ل ْي َس ِم َن ا ِإل َميان» ،وحينام كان يقف « ١٢ :٣ألن ال ّنا ُم َ
أحدهم يف الكنيسة الباكرة ليُحاج بأن املؤمنني يجب
عليهم أن يكونوا تحت جزء ولو قليل من ال ّناموس ،كان
بطرس نفسه ينتهره ُمذكِّ ًرا بأن ال ّناموس كان مبثابة «نِريٍ
َع َل ُع ُنقِ التّالَ ِم ِيذ لَ ْم يَ ْستَ ِط ْع آبَا ُؤنَا َوالَ نَ ْح ُن أَ ْن نَ ْح ِملَه»
(أعمل ال ّر ُسل .)١٠ :١٥ َ
وطبقًا للعهد الجديد ،املسيحي « ُح ّر من ال ّناموس» .هذه
هي األطروحة ال ّرئيس ّية يف ُروم َية .٧إن الفشل يف إدراك
هذا األمر ويف قُبوله يقود ،ال محالة ،إىل الهزمية ال ّروحيّة
)(64
واألخالق ّية الّتي ُصورت يف بقية هذا الفصل .إن هذا املؤمن
وس ِب َج َس ِد الْ َم ِسيح» ( ُروميَة :٧ مل يتعلّم بعد « ُمتُّ ْم لِل َّنا ُم ِ
،)٤وأننا «تَ َح َّر ْرنَا ِم َن ال ّنا ُموس» ( ُروم َية .)٦ :٧كل هذه
األفعال تأيت يف زمن املايض التّام Aorist Tenseلتُشري إىل
أحداث متّت يف املايض مل ّرة واحدة وإىل األبد .تل ّخص رسالة
ُروميَة أيضً ا هذه األطروحة يف جملة غري قابلة ألن ت ُدحض:
يح لِل ِ ِّْب لِك ُِّل َم ْن يُ ْؤ ِمن»
وس ِه َي :الْ َم ِس ُ «ألَ َّن غَايَ َة ال ّنا ُم ِ
( ُروميَة .)٤ :١٠إن الكلامت اليُونانية لهذه اآلية تضع
كلمة «غاية» يف صدر الجملة .لقد فعل الكاتب امللهم
ذلك بغرض التنبري عىل هذه الكلمة .إن غاية ال ّناموس لك ُّل
من يؤمن هي املسيح .يقول الله إن املسيح هو «الغاية».
ال مواربة هنا .فإما أن يكون ذلك هو الحق ،أو يُحرم ك ُّل
خاطئ من خالص املسيح.
ت .يجب أن يكون االستنتاج أن ال ّناموس نفسه كناموس،
بال ّنسبة للمسيحيني ،قد «أُبطل» .ال ميكن أن نقرأ كورنثوس
الثّانية ٣ب ُدون تح ُّيز ثم ال نرى أن الكاتب يُناقش بؤرة
ال ّناموس اإللهي بـ «أَلْ َوا ٍح َح َج ِريَّة» (آية .)٣وكمسيحيني
مؤمنني باملسيح يهتمون بهذا األمر نعلم أن سطوة ال ّناموس
قد زالت (آية )١١أو «أُبطلت» (آية .)١٣نفس األمر يزداد
أفسس ُ « ١٥ :٢م ْب ِطالً ِب َج َس ِد ِه نَا ُم َ
وس وضو ًحا عند دراسة ُ
)(65
الص َّك الّذي الْ َو َصايَا ِف فَ َرائِض» .وم ّرة ثانية نقرأ« :إِ ْذ َم َحا ّ
َعلَيْ َنا ِف الْ َف َرائِ ِض ،الّذي كَا َن ِض ًّدا لَ َناَ ،وقَ ْد َرفَ َع ُه ِم َن الْ َو َس ِط
يب ،صليب املسيح» (كولويس .)١٤ :٢ ِالصلِ ِ
ُم َس ِّم ًرا إِيَّا ُه ب ّ
ويف سبيل إنجاز ذلك فإن ربَّنا املبارك أشهر قُ ّوات الظلمة
ظاف ًرا بهم .ألن املشتيك األعظم عىل إخوتنا وكل جنوده
وجدوا أن أساس الشّ كاية هو ال ّناموس؛ فتحت ال ّناموس
استطاع املشتيك أن يُجادل ب َح ّق بأننا خطاة وال نستحق
األبديي .لكن شك ًرا لله؛ لقد انتهى ْ إال ال ّدينونة والهالك
ك ُّل ذلك بال ّنسبة للمؤمنني ،وكل جزاء أو ُعقوبة ق ّررتها
الشيعة قد ت ّم دفع أجرتها ،وكل مطالب ال ّناموس قد ّ
ا ُستوفيت ،ليس من قبلنا بل من ِقبل حمل الله.
(الحظ أنه كان هناك جدل حول هذه ال ّنصوص الّتي
اقتبسناها سابقًا يزعم أصحابه أنها آيات تُشري إىل ال ّناموس
الطّقيس (االحتفايل) فقط وليس إىل ال ّناموس األخالقي .هنا ينبغي
أن أُحيل القارئ العزيز إىل ما سبق وقلناه سابقًا بخصوص ال ّناموس
اإللهي باعتباره وحدة واحدة .كذلك ففي كولويس ١٤ :٢يقول
بيك Peakeإن «هذا التّمييز بني ال ّناموس األخالقي وال ّناموس
الطّقيس ليس له معنى يف فكر ال ّرسول بُولُس ،فال ّناموس وحدة
واحدة وقد ت َّم استيفاؤه كُلُّه بالكامل» ويف فقرة بعنوان «خذه
قائل« :إن تغيري زمن الفعل من جان ًبا بعي ًدا عن الطّريق» يُعلّق ً
)(66
البسيط aoristإىل التّام perfectهو تغيري ُمهم ج ًدا باعتباره ِسمة
مستمرة ألمر اإلبطال/اإللغاء» .هناك ،ال ُيكن للمؤمن املسيحي
أن يجد «نقطة رجوع» إىل ال ّناموس من جديد .وتحت عنوان
قائل« :حينام ُصلب املسيح، بالصليب» يُضيف بيك ً «مسم ًرا إياه ّ
َس َّمر الله ال ّناموس يف صليبه ،وال ّناموس -كالجسد-ت ّم فسخه مبوت
(((2
املسيح .مل ت ُعد الكفالة موجودة بال ّنسبة لنا»).
بأي معنى كان شعب الله «تحت ال ّناموس» يف العهد القديم؟
ويتعي
ّ السؤال س ُيطرح ال محالة ،وهو سؤال مرشوع
ال بُ ّد أن هذا ّ
علينا إجابته.
أ .لنالحظ أن الله اصطفى لنفسه شعبًا يف العهد القديم وأن
وس من سيناء إىل الجلجثة. شعبه عاش تحت ناموس ُم َ
هذا هو مستوى الحوار الّذي يُجريه ال ّرسول بُولُس يف
غالط ّية .٢٣-١٧ :٣وإذ يتح ّدث ال ّرسول بُولُس إىل شعب
الله القديم الّذي كان هو نفسه أحد أفراده ،يكتب ال ّرسول
بُولُسَ « :ول ِك ْن قَبْل ََم َجا َء ا ِإلميَا ُن كُ َّنا َم ْح ُر ِ
وس َني ت َ ْح َت
وسُ ،م ْغلَقًا َعلَ ْي َنا إِ َل ا ِإل َميانِ الْ َع ِت ِيد أَ ْن يُ ْعلَن» (آية
ال ّنا ُم ِ
.)٢٣
ب .خالل أزمنة العهد القديم كانت عبارة «تحت ال ّناموس»
(22) Peake, op. cit., p. 52728-.
)(67
تعني أمريْن فقط ال ثالث لهام« :تحت ال ّناموس» كطريق
للخالص« ،وتحت ال ّناموس» كطريقة للحياةُ .يكننا أن
نتيقن أن عبارة «تحت ال ّناموس» مل تكن تعني طريقة
للخالص يف تلك األيام .ال يُوجد يشء أكرث ُوضو ًحا ورصامة
يف كلمة الله من حقيقة استحالة حصول أي إنسان عىل
وسالخالص من خالل حفظ ال ّناموس «ألَنَّ ُه ِبأَ ْع َم ِل ال ّنا ُم ِ
وس َم ْع ِرفَ َة الْ َخ ِط َّية»ك ُّل ِذي َج َس ٍد الَ يَتَ َ َّب ُر أَ َما َم ُه .ألَ َّن بِال ّنا ُم ِ
( ُروميَة .)٢٠ :٣إن الفصل ال ّرابع كله من رسالة ُروميَة يحيك
لنا عن خالص أبويْنا إبراهيم وداود باإلميان ال باألعامل .مع
بديل
استبعاد أي إمكانية للخالص باألعامل ال يتبقى لنا إال ٌ
واحد لعبارة «تحت ال ّناموس» وهذا البديل هو ال ّناموس
كطريقة للحياة عند شعب الله يف القديم.
ت .لنستكمل اآلن استنتاجنا بشكل منطقي :إن تغيري التدبري
«النمط» اإللهي من ال ّناموس إىل ال ّنعمة ال يعني أن هؤالء
ال ُخطاة القُدامى قد ّتبروا بواسطة أعامل ال ّناموس بينام
اليوم يتربر املؤمن بواسطة ال ّنعمة .لقد رأينا سابقًا أن
اإلنسان ال ميكن أن يَخلُص إال بال ّنعمة يف ك ُّل العصور.
لكن هذا يعني أن شعب الله يف العهد القديم كان يعيش
«تحت ال ّناموس» كطريقة للحياة ،بينام اليوم ال يعيش
املؤمنون تحت ال ّناموس كطريقة للحياة .إن ذلك هو
)(68
املعنى ال ّدقيق لالهوت التّرشيع/القانون حتى يومنا الذي
يؤكّد أن ال ّناموس له قُ ّوته فوق املسيحيني املؤمنني.
يا له من أمر عديم املعنى بالتّامم! فإذا كانت تأكيدات
أولئك املعلِّمني حقيق ّية لكان التّمييز بني الحياة «تحت ال ّناموس»
والحياة «خارج ال ّناموس» قد أُبطل ،ولقد استهلك ال ّرسول بُولُس
العظيمتي ُروم َية وغالط ّية ليك
ْ وقته بال طائل يف كتابة رسالت ْيه
يقول شيئًا بال معنى ،وال يزيد يف ذلك عن الكتابات األخرى الّتي
توضّ ح األهمية القصوى لهذا التّمييز.
)(69
الفصل الثّامن
خطورة استعباد املسيحي للشريعة
هناك ثالثة طُرق محتملة عىل األقل ميكن أن يشكِّل ك ُّل منها
الغرض من وراء وضع املسيحيني تحت ال ّناموس:
أ .ال ّنظام الّذي يضع املسيحيني تحت طائلة ال ّناموس ب ُجملته،
بك ُّل عنارص هذا ال ّناموس و ُعقوباته .هذا هو التّه ّود الكامل
(ال َي ُهوديّة كلها).
ب .ال ّنظام الّذي يتطلّب من املسيحيني ال ُخضوع للناموس
األخالقي و ُعقوباته .هذا هو التّرشيع األخالقي.
ت .ال ّنظام الّذي يتطلّب وضع املسيحيني تحت ال ّناموس
األخالقي ُمج ّر ًدا من ال ُعقوبات امل ُناسبة .ميكن أن نُس ّمي
هذا ال ّنظام بـ «التّرشيع الضّ عيف املتس ّول» (قارن غالطيّة
.)٩ :٤
هذا ال ّنظام األخري هو ما يستحق أقىص درجات االنتقاد.
رصا
أ .هذا ال ّنظام يقتيض إيجاد مفردات غري كتاب ّية تأخذ ُعن ً
واح ًدا من ال ّناموس ثم تجريد هذا ال ُعنرص الوحيد أيضً ا
)(71
من ُعقوبته ،ثم يُس ّمون هذا ال ُعنرص بـ «ناموس الله»!
ُعب عن وحدة واحدة تشمل ك ُّلكتابيًا ،كلمة «ال ّناموس» ت ِّ
العنارص بجميع أدبياتها و ُعقوباتها.
ب .بينام ي ّدعي هذا ال ّنظام بأنه يُكرم ناموس الله فإنه ،يف
الحقيقة ،يجلب العار عىل ال ّناموس ،ال سيّام وأنه يُقلِّل
من قداسة ناموس الله (القدوس) حتى يجعل منه ُمج ّرد
نصيحة طيّبة ال أكرث .وهذه ال ّنصيحة ميكن أن تُقارن مع
توصيات منظمة األمم املتحدة!
ت .هذا االتجاه يقود إىل الكارثة إذ يستحرض االرتباك
والتّشويش ويُضاعفهام .تتش ّوه نظرتنا إىل الخطية،
والخالص ،وعمل املسيح ،بل حتى إمياننا بالله.
ث .األسوأ من الكل ،فهذا التّجريد لل ُعنرص األخالقي وفصله
عن ال ُعنرص الطّقيس يف ناموس العهد القديم وفرضه عىل
املسيحيني كقانون للحياة لهام تأثرياتهام ال ّروحية واألخالقية
البالغة ال ُخطورة ،ألن ال ُعنرص الطّقيس هو الخلف ّية امل ُناسبة
متا ًما للنعمة الّتي تقود إىل األخالق املسيح ّية ،وقرينة
ال ّنعمة هذه مت ّدنا بالحافز األخالقي العظيم الّذي يضمن
لنا القدرة عىل الوفاء باملتطلبات األخالقية للناموس .لذا
فإن هذا ال ّنوع من األخالق ّية القانونية (التّرشيعية) يحمل
)(72
يف ذاته معاول هزميته وانهياره.
تدين كلمة الله ،بثبات وقُ ّوة ،ك ُّل املحاوالت الّتي تهدف لوضع
املؤمن املسيحي «تحت ال ّناموس» .لقد أعطى ال ّروح القدس
الكنيسة ،من خالل ال ّرسول بُولُس ،رسال َة غالط ّية ألجل هذا الغرض
بذاته :التّعامل مع هذه الهرطقة .ليت القارئ يعود إىل هذه
ال ّرسالة مرا ًرا وتكرا ًرا ليالحظ بدقّة هذا األمر .إن مؤمني غالط ّية
مل يرفضوا إنجيل نعمة الله راجعني للرشيعة ،إنهم فقط وقعوا يف
الخطأ القائل بأن الحياة املسيح ّية ،لكونها بدأت باإلميان البسيط
وس ،أو عىل األقل يف املسيح ،لذا فال بُ ّد أن تستمر تحت رشيعة ُم َ
تحت جزء منها .يتضح هذا األمر من سخط ال ّرسول الواضح يف
غالطيّة ٣-٢ :٣حيث يقول« :أُرِي ُد أَ ْن أَت َ َعلَّ َم ِم ْن ُك ْم هذَا فَ َقطْ:
وح أَ ْم ِب َخ َ ِب ا ِإل َميانِ ؟ أَه َكذَا أَنْتُ ْم أَ ْغ ِب َيا ُء! أَ ِبأَ ْع َم ِل ال ّنا ُم ِ
وس أَ َخ ْذتُ ُم ال ّر َ
أَبَ ْع َد َما ابْتَ َدأْتُ ْم بِال ّرو ِح تُ َك َّملُو َن اآل َن بِالْ َج َس ِد؟» .ليس غريبًا إذًا أن
يفتتح ال ّرسول بُولُس هذا الفصل بالقول« :أَيُّ َها الْ َغال َِط ُّيو َن األَ ْغ ِب َيا ُء،
َم ْن َرقَاكُ ْم َحتَّى الَ ت ُ ْذ ِع ُنوا لِلْ َح ِّق؟» (.)١ :٣
ويستطرد ال ّرسول بُولُس يف هذا األطروحة ُمد ِّم ًرا هذا ال ّنوع
من التّرشيع خالل بقية الفصل الثّالث والفصل ال ّرابع ،كاشفًا أن
فداء الله يف املسيح قد أعتقنا من سطوة ال ّناموس .ويسأل ال ّرسول
ساخ ًراَ « :وأَ َّما اآل َن إِ ْذ َع َرفْتُ ُم الل َه ،بَ ْل بِالْ َحر ِِّي ُع ِرفْتُ ْم ِم َن الل ِه،
فَ َكيْ َف تَ ْر ِج ُعو َن أَيْضً ا إِ َل األَ ْركَانِ الضّ ِعي َف ِة الْ َف ِق َري ِة الّتي تُرِي ُدو َن أَ ْن
)(73
اف َعلَ ْي ُك ْم أَ ْن أَكُو َن قَ ْد
ت ُْستَ ْع َب ُدوا لَ َها ِم ْن َج ِد ٍيد؟» .ثم يضيف« :أَ َخ ُ
تَ ِعبْ ُت ِفي ُك ْم َعبَثًا!» .لقد «كُ ْنتُ ْم ت َْس َع ْو َن َح َس ًنا .فَ َم ْن َص َّدكُ ْم َحتَّى
الَ تُطَا ِو ُعوا لِلْ َح ِّق؟» .وكاملعلم الّذي فضح هذه البدعة أمام شعبه،
يكتب ال ّرسول بُولُس بوحي ال ّروح القدسَ « :ول ِك َّن ِني أَثِ ُق ِب ُك ْم ِف
ال ّر ِّب أَنَّ ُك ْم الَ تَ ْفتَ ِك ُرو َن شَ ْيئًا آ َخ َرَ .ول ِك َّن الّذي يُ ْز ِع ُج ُك ْم َس َي ْح ِم ُل
ال ّديْ ُنونَ َة أَ َّي َم ْن كَانَ» (.)١٠ :٥
لذا فإن هذه البدعة مل تكن مجرد حالة الهوتية طارئة كام اعتاد
البعض اليوم أن يقول .لقد صار هذا األمر واض ًحا ج ًدا منذ افتتاحية
الشيعة إىل رسالة غالطيّة .فأن يطلب البعض إضافة القليل من ّ
بشون إنجيل نعمة الله فهذا يعني أن هؤالء امل ُعلِّمني التّهوديني يُ ِّ
بـ «إنجيل آخر» ( )٦ :١لذا يبادر ال ّرسول بُولُس ق ّرا َءه بالقول إن
ذلك «ليس بإنجيل آخر» من األصل ،ألن كلمة «إنجيل» تتضمن
استبعاد ك ُّل أعامل ال ّناموس .لذا فإنه يبدو للبعض غريبًا أن يضيف
الشء املضاف ق ّي ًم أو أحدهم شيئًا ما إىل اإلنجيل (مهام كان هذا ّ
الخاصة بنعمة اللهّ السارة البسيطة غاليًا) ،فاإلنجيل هو األخبار ّ
لنا يف املسيح .وهذه اإلضافة -مهام كانت -ت ُد ِّمر اإلنجيل باعتباره
إنجيل بعد! فلو كانت هناك رضورة إلضافة «اإلنجيل» ،فال يصبح ً
أدىن يشء إىل اإلنجيل بغرض وضع أية ُربط أو قيود عىل املؤمنني
الشء إضاف ًة إىل هذا اإلميان ،ولصار باملسيح لصار ال ُخضوع لهذا ّ
هم للخالص .إن «املسيحي» الّذي يقبل الخضوع الشء ُم ً
هذا ّ
)(74
الشء يُصبح تلقائ ًيا « ُملْتَ ِز ٌم أَ ْن يَ ْع َم َل ِبك ُِّل ال ّنا ُموس» .وملثل لهذا ّ
هذا الشّ خص يُق ِّدم ال ّرسول بُولُس تحذيره« :إِنِ ا ْختَتَ ْنتُ ْم الَ يَ ْن َف ُع ُك ُم
الْ َم ِس ُ
يح شَ ْيئًا!».
وهكذا تصبح املشكلة أكرث وضو ًحا :فإما أن تقبل خالص املسيح
لك بال ّنعمة من خالل اإلميان الّذي ال يحتاج إىل أية إضافات ،أو أن
املسيح لن يقبل أن يُخلِّصك بامل ّرة .والحقيقة العارية الّتي يعلنها
الكتاب امل ُق ّدس أن الله؛ الك ُّل القُدرةُ ،يكنه أن يُخلِّص الخطاة
فقط بطريقة واحدة ال ثانٍ لها :ال ّنعمة ،ال ّنعمة وحدها .فبسبب
كينونة الله وبسبب طبيعتنا كبرش ال يوجد أمامنا طريقة ثانية
الشء املضاف للخالص .امل ُفارقة الّتي ميكن أن نراها هنا هي أن ّ
إىل غري املحدود يَنتُج عنه إنقاص من هذا اليشء غري املحدود
ليصبح محدو ًدا .هذه هي رياضيات/حسابات ال ّنعمة .إذا أضاف
اإلنسان الخاطئ شيئًا ما يفقد هذا اإلنسان ك ُّل يشء ،وإذا مل يُضف
شيئًا يفوز بك ُّل يشء.
حينام نفهم ذلك األمر ُيكننا أن نتق ّبل ،بتعاطف ،اإلنذار الّذي
شنَاكُ ْم نَ ْح ُن أَ ْو َمال ٌَك ِم َن
و َّجهه ال ّرسول للغالطينيَ « :ول ِك ْن إِ ْن بَ َّ ْ
يم!» (.)٨ :١ شنَاكُ ْم ،فَلْ َي ُك ْن «أَنَاثِ َ الس َم ِء ِبغ ْ ِ
َي َما بَ َّ ْ ّ
)(75
الفصل التّاسع
مقياس احلياة لدى املسيحي
)(77
الصحيح الختبار إرادة الله .إن الفصول ١١-١من رسالة ُروم َية ّ
خصصة لرشح «مراحم» ال ّنعمة اإللهية ،بعد ذلك يُعالج ال ّرسول ُم َّ
موضوع إرادة الله للمؤمن ويضع هذه اإلرادة أمامنا باعتبارها
مركز هذه املراحم .وليك يُش ِّجعنا ال ّرسول عىل إدراك مشيئة الله،
يكتب« :فَأَطْل ُُب إِلَ ْي ُك ْم ِ ..ب َرأْفَ ِة الله» ( .)١ :١٢هذا هو ما نقصده
بالتّعبري« :إرادة الله يف قرينة نعمته أو يف ضوء مراحمه».
أما الفقرة الثّانية فقد وردت يف يُوح ّنا ٣٩ :٥حيث يكشف ربُّنا
هناك عن ذاته باعتباره محور ك ُّل اإلعالن اإللهي املكتوب .بال ّنسبة
للمستمعني اليَ ُهود يف زمن املسيح ،كان ال ّرجال املزهوون بأنفسهم
باعتبارهم دارسني غ ّيورين عىل كلمة الله املكتوبة قد سمعوه
يقول« :فَتِّشُ وا الْ ُكتُ َب ألَنَّ ُك ْم تَظُ ُّنو َن أَ َّن لَ ُك ْم ِفي َها َحيَا ًة أَبَ ِديَّة».
ثم ذكّرهم املسيح بأن نفس هذه األسفار « ِه َي الّتي ت َشْ َه ُد ِل».
فإذا مل يدرك اليَ ُهود املسيح يف أسفارهم فإن ك ُّل أبحاثهم الغيورة
يف الكتب امل ُق ّدسة تصبح كال يشء ،ألن هبة الحياة األبدية ت ُعطى
فقط بال ّنعمة اإللهية ،ونعمة الله تأتينا فقط من خالل ابنه ربِّنا
يَ ُسوع املسيح .لذا فإن إرادة الله يف قرينة نعمته ال توجد إال يف
املسيح وحده «أَ َّما ال ّن ْع َم ُة َوالْ َح ُّق فَ ِبيَ ُسوع الْ َم ِسي ِح َصا َرا» (يُوح ّنا
.)١٧ :١
تأيت الفقرة الثّالثة يف رسالة تيموثاوس الثانية ١٧-١٦ :٣حيث
يُؤكّد ال ّروح القدس من خالل ال ّرسول بُولُس أن« :ك ُُّل الْ ِكتَ ِ
اب ُه َو
)(78
ُمو ًحى ِب ِه ِم َن الل ِهَ ،ونَا ِفع» .الكتاب نافع لك ُّل يشء يف حياة أوالد
الصالحة.
الله ،وهو يحرضهم إىل الكامل وال ّنمو يف ك ُّل األعامل ّ
لننتبه اآلن إىل هذه الحقائق امل ُهمة املوجودة يف املقاطع
الثّالثة أعاله:
والستني قادرة عىل أن
الستة ّ إن كلمة الله املكتوبة بأسفارها ّ
ُصينا «حكامء» إذ تحكّمنا للخالص الّذي نناله باإلميان باملسيح.
ت ّ
ال شك أن القراءة الجا ّدة الفاحصة لألسفار امل ُق ّدسة ،تحت قيادة
ال ّروح القدسُ ،يكنها أن تُحرض اإلنسان غري امل ُخلَّص إىل معرفة
الخالص بال ّرب يَ ُسوع املسيح .والحقيقة أن املرء يستطيع أن ينال
الحياة األبدية يف املسيح باإلميان البسيط يف شخصه املعبود ،لكن
هذا الشّ خص يظل غري حكيم يف أمور كثرية ترتبط بهذا الخالص
السبب أعطانا الله كلمته املكتوبة بأسفارها العظيم .ألجل هذا ّ
جميعها ليك «يُحكّمنا» حسب عظمة خالصنا يف املسيح.
إن كلمة الله كلها ،بجميع أجزائها« ،نافعة» لجميع املؤمنني.
السمة الكاسحة لقول ال ّرسول« :ك ُُّل ال ِكتَ ِ
اب يتعي علينا أن نالحظ ّ
ّ
..نَا ِف ٌع» .وتُرتجم هذه العبارة« :كُل األسفار ..نافعة» (.)ASV
لذا ،ليتنا نكون واعني وحذرين من خطأ االعتقاد بأن جز ًءا ما
من الكتاب امل ُق ّدس ميكن استبعاده جان ًبا أو إهامل دراسته يف
حياة املؤمن« .ك ُُّل ال ِكتَاب» ،بك ُّل أجزائه ،مهام كان صغر أي جزء،
)(79
ستجده ناف ًعا لك ُّل مؤمن اخترب الخالص .ال ُيكننا االستغناء عن أي
الصدد ،منجزء من كلمة الله وإال فالخسارة ستكون كبرية .يف هذا ّ
الضوري أن نُؤكّد ،وبُدون أيّة مساومة ،أن «ك ُّل ال ِكتَاب» تشمل ّ
وس ،وليس ذلك فقط بل تشمل ك ُّل العنارص بالضورة ناموس ُم َ ّ
الّتي يتض ّمنها ال ّناموس؛ ال ّناموس األخالقي ،وال ّناموس الطّقيس،
وال ّناموس املدين .كام يشمل كذلك ك ُّل ال ُعقوبات والجزاءات الّتي
جاءت يف ال ّناموس .نعم نحن املخلَّصني لسنا تحت طائلة ال ّناموس،
لكن ال ّناموس جز ٌء من الكلمة املكتوبة لذا فهو «نافع» للمؤمنني.
والسؤال :بأي طريقة «كل الكتاب» نافع؟ اإلجابة: ّ
.١لِلتَّ ْعلِ ِيم.
.٢للتَّ ْوبِي ِخ.
.٣لِلتَّ ْقو ِ
ِيم.
.٤للتَّأْ ِد ِ
يب الّذي ِف ال ِ ِّْب.
يف كورنثوس األوىل ١٤ -١ :١٠نقرأ عن درس للتأديب يف كيفية
وس (بالتّحديد الوصايا الواردة استخدام ال ّرسول بُولُس لناموس ُم َ
يف األسفار الخمسة) بطُرق مختلفة لصالح املؤمنني يف جيله .نحن
لسنا تحت ال ّناموس ،لكن ألن هذا ال ّناموس هو كلمة الله املوحى
بها فهي تزخر بالتّعاليم القيّمة وال ّدروس ال ّنافعة لحياتنا.
هذه الكلمة امل ُق ّدسة املكتوبة بجملتها تعمل كـ «مرآة»
)(80
للمؤمن .يف هذه املرآة الكاملة ُيكننا أن ترى أنفسنا .يف الحديث
عن كلمة الله وارتباطها باملؤمن يصف يعقُوب اإلنسان الّذي
«يُشْ ِب ُه َر ُجالً ن َِاظ ًرا َو ْج َه ِخلْ َق ِت ِه ِف ِم ْرآ ٍة ،فَ ِإنَّ ُه نَظَ َر ذَاتَ ُه َو َم َض،
َس َما ُهو» ( .)٢٤-٢٣ :١إنه يُقارن بني هذا اإلنسان مع َولِلْ َوق ِْت ن ِ َ
آخر مل «ينظر» إىل وجهه يف املرآة فحسب بل فعل شيئًا باإلضافة
جلي ليس إىل ذلك ( .)٢٥ :١بداية فإن االختالف بني هذيْن ال ّر ْ
فقط فيام عمل ك ُّل منهام ،بل باألحرى يف نظرة ك ُّل منهام إىل
عب عن مرآة الكلمة وتقييمه لها .إن الفعل اليُوناين يف آية ٢٤يُ ّ
ُمج ّرد «نظرة عابرة» بينام الفعل الوارد يف آية ٢٥يتض ّمن «نظرة
فاحصة» .إن ال ّنظرة الفاحصة والتّأمل واالستمراريّة هي الّتي تنتج
«الشّ خص العامل» والربكة التي يحصل عليها هذا الشخص.
لكن هذه ال ّنظرة ألنفسنا يف مرآة الكلمة يجب أال تنفصل عن
نظرتنا لنفس املرآة الّتي تكشف لنا صورة ربِّنا .إن ال ّنظر إىل أنفسنا
يتعي علينا أن بكاف بل ميكن أن يجلب لنا اليأس الكاملّ . ليس ٍ
قائلَ « :ونَ ْح ُن
نرى ال ّرب يف ك ُّل نعمته ومجده .كتب ال ّرسول بُولُس ً
وف ،ك ََم َج ِمي ًعا ن َِاظرِي َن (بعيون مفتوحة) َم ْج َد ال ّر ِّب ِب َو ْج ٍه َمكْشُ ٍ
الصو َر ِة َعيْ ِن َهاِ ،م ْن َم ْج ٍد إِ َل َم ْج ٍد ،ك ََم ِم َن
يف ِم ْرآ ٍة ،نَتَغ َّ َُي إِ َل تِل َْك ّ
ال ّر ِّب ال ّروح» (٢كورنثوس .)١٨ :٣إن رؤية نفوسنا يف مرآة الكلمة
هي أمر جدير ج ًدا باالهتامم ،لكن رؤية ال ّرب يف هذه املرآة هي
الّتي تجلب التّغيري ال ّروحي واألخالقي الّذي يحتاجه ك ُّل م ّنا بش ّدة.
)(81
ومن الالفت للنظر أن ال ّرسول بُولُس ،يف كتابته عن أهمية مرآة
الكلمة هذه ،كان يتكلّم عن أسفار العهد القديم باألساس ،ال سيّام
ُوسوية الخمسة (راجع اآليات .)١٥-١٤ األسفار امل َ
السمة املم ِّيزة للحق اإللهي كام كُتب عنه يف هذا يقودنا إىل ّ
كورنثوس الثانية ص .٣ففي اآليات الـ ١٣األوىل يُوضِّ ح ال ّرسول
وس بال ّنسبة للمسيحي قد «زال» بل بشكل قاطع أن ناموس ُم َ
بالحقيقة «أُلغي» (آيات ،)١٣ ،١١ومع ذلك فإن نفس هذا
ال ّناموس يبقى ُجز ًءا من مرآة كلمة الله الّتي نرى فيها مجد ال ّرب.
فـ «كناموس» أُلغي مل ن ُعد نحن -كمؤمنني -تحت طائلته .مع
ذلك يبقى ال ّناموس ُجز ًءا ال يتج ّزأ من األسفار اإللهية كام يبقى
«ناف ًعا» لنا ،كونه يحمل شهادة عن ربِّنا ومخلِّصنا .لذا فإن إقصاء
أو استبعاد أي جزء من كلمة الله املكتوبة ،سوا ًء أكان هذا الجزء
ضمن ال ّناموس األخالقي أو ال ّناموس الطّقيس أو أي يشء آخر ،هو
الصورة اإللهية ال ّرسمية الّتي مبثابة «طمر» أو «دفن» ل ُجزء من ّ
ترسمها الكلمة للرب يَ ُسوع املسيح ،ويف ال ّنهاية هو منع للعمل
الكامل للروح القدس يف مه ّمة التّقديس .نحن نرى أهمية ذلك يف
خدمة ال ّروح لنا بعد قيامة ربِّنا «ث ُ َّم ابْتَ َدأَ ِم ْن ُم َ
وس َو ِم ْن َج ِميعِ
األَنْ ِب َيا ِء يُف ِّ ُ
َس لَ ُه َم األُ ُمو َر الْ ُم ْختَ َّص َة ِب ِه ِف َج ِميعِ الْ ُكتُب» (لُوقَا :٢٤
.)٢٧قارن كذلك لُوقَا .٤٤ :٢٤
هذه الكلمة اإللهية املكتوبة ،بكاملها ،تُشري إىل ال ّنموذج
)(82
الكامل الّذي لنا يف املسيح ،وكلام تف ّرسنا يف مجده يف مرآة الكلمة
نرى:
أ .الحالة الّتي ينبغي أن نكون عليها هنا واآلن .ينبغي أن
نتذكّر «أَنَّ ُه ك ََم َسل ََك ذ ََاك ه َكذَا يَ ْسل ُُك ُه َو أَيْضً ا» (١يُوح ّنا
.)٦ :٢يجب أال ننىس «ألَنَّ ُك ْم لِهذَا ُد ِعيتُ ْم .فَ ِإ َّن الْ َم ِس َ
يح
ك تَتَّ ِب ُعوا ُخطُ َواتِه» أَيْضً ا تَأَلَّ َم ألَ ْجلِ َنا ،تَا ِركًا لَ َنا ِمثَاالً لِ َ ْ
(١بطرس .)٢١ :٢فإذا كنا نتوقّع امتالك «هذَا الْ ِف ْك ُر الّذي
ِف الْ َم ِسي ِح يَ ُسوع» (فيلبي ،)٥ :٢يجب أن نجد هذا الفكر
فيام ُسجل عن هويّة املسيح وعمله .ولتحقيق ذلك ،يجب
أن ندرس ،ليس فقط البشائر األربع ،وال حتى أسفار العهد
الجديد كله فقط ،بل علينا بدراسة ك ُّل كلمة الله املكتوبة
من التّكوين إىل ال ّرؤيا.
واألكرث من ذلك ،كلام اكتشفنا املسيح يف الكلمة املكتوبة
بجملتها فإننا نتعلّم:
ب .الحالة الّتي سنكون عليها يف مجيئه ثانية .سنفهم أن هذه
الحالة األبدية ستكون عىل عكس ك ُّل املظاهر الحالية
والظروف املعاكسة «إِذَا أُظْ ِه َر نَكُو ُن ِمثْلَه» (١يُوح ّنا .)٢ :٣
وبهذا ال ّرجاء املبارك يف قُلوبنا نكون -كرجال ونساء -أكرث
نقا ًء هنا واآلن ،حتى يف الفرتة الّتي تسبق مجيئه (١يُوح ّنا
)(83
.)٤ :٣لذا فإننا سوف نواجه «آالَ َم ال َّز َمانِ الْ َح ِاض» ليس
َاس بِالْ َم ْج ِد الْ َع ِت ِيد أَ ْن يُ ْستَ ْعلَ َن ِفي َنا»
فقط ألنها «الَ تُق ُ
( ُروم َية )١٨ :٨بل أيضً ا ألنه إذا كان الله قد ع ّيننا لنكون
« ُمشَ ا ِب ِه َني ُصو َر َة ابْ ِنه» ( ُروميَة ،)٢٩ :٨فقد أعد لنا أيضً ا
الوسائل الّتي من خاللها يت ّمم هذا التّغيري فينا هنا واآلن.
إنها كلمة الله املوحى بها واملكتوبة ،بجملتها ،والّتي تحمل
لنا الشّ هادة عن ابن الله.
هذه الكلمة اإللهية املكتوبة ،بجملتها ،أُعطيت لنا ليك نُركِّز
اهتاممنا عىل املسيح؛ من هو ،ماذا فعل ألجلنا ،مباذا علَّم .بال ّنسبة
للمؤمن الحقيقي ،يجب أن يكون املسيح هو مركز ك ُّل يشء
والجامع لك ُّل يشء «أنت ،أيها املسيح ،هو ك ُّل ما أريد ،ال أريد أي
يشء آخر».
أ .إن كلمة الله املكتوبة ت ُص ّوب تركيزنا ليكون عىل املسيح
نفسه وليس سواه .هناك أشخاص ُعظامء آخرين يف
وس وإيليا فلعلهام األكرث عظمة الكتاب امل ُق ّدس .فكّر يف ُم َ
بني رجاالت العهد القديم ،لكنهام يتالشيان بالتّامم من
املشهد يف نور مجد االبن األبدي .فإذا كنا نقرأ إرادة الله
بشكل صحيح ،وإذا كُنا ُمنقادين بال ّروح القدس سوف
ال نرى «أَ َح ًدا إِالَّ يَ ُسوع َو ْح َده» (متّى .)٨ :١٧ليت ك ُّل
الو ّعاظ وامل ُعلِّمني يُصغون إىل هذا التّحذير الواحد؛ فإذا
)(84
وس أو إيليا أو غريهام ،ليتهم يحذرون من كانوا يبشِّ ون ُمب َ
الحديث عن هذه «األنوار األقل» ألن هذه األنوار سوف
رب هؤالء األنبياء وربِّنا. تح ِّول عيونهم عن ّ
ب .إن الكلمة املكتوبة تص ِّوب انتباهنا (وجهة نظرنا) يف
َم َحبَّة املسيح .فحتى العامل الهالك ُيكنه إدراك قيمة
امل َ َح َّبة ،وقادة هذا العامل يتح ّدثون كث ًريا عن امل َ َح َّبة ،لكن
معظم هذا الحديث يعترب نفسه واق ًعا يف َم َحبَّة االختزال
واالختصار .أحيانًا تصبح امل َ َح َّبة الّتي يُظهرها العامل ُمج ّرد
وثنية لفظية .أما يف الكتاب املق ّدس فنحن نقابل شيئًا
مختلفًا متا ًما .هنا يخربنا الكتاب أن «ا َلل َه َم َح َّبة» (١يُوح ّنا
،)٨ :٤لكننا غري مرتوكني للمضاربة أو للتخمني يف كنه
هذه امل َ َح َّبة وطبيعتها اإللهية الّتي ال ت ُرى وال ت ُوصف.
إن نفس الكلمة اإللهية الّتي تقول لنا إن «ا َلل َه َم َحبَّة»
متاسكًا من ال ّناحية تستطرد ليك تو ّجه ُعيوننا إىل يشء أكرث ُ
التّاريخية «بِهذَا أُظْ ِه َرتْ َم َحبَّة الل ِه ِفي َنا :أَ َّن الل َه قَ ْد أَ ْر َس َل
ك نَ ْح َيا بِه» (١يُوح ّنا .)٩ :٤هل ابْ َن ُه الْ َو ِحي َد إِ َل الْ َعال َِم لِ َ ْ
نصارع فكريًا من أجل فهم الطّبيعة الحقيقيّة مل َ َحبَّة الله؟
«ف هذَا ِه َي الْ َم َح َّبة :لَ ْي َس أَنَّ َنا نَ ْح ُن أَ ْح َب ْب َنا الل َه، حس ًناِ ،
بَ ْل أَنَّ ُه ُه َو أَ َحبَّ َناَ ،وأَ ْر َس َل ابْ َن ُه كَفَّا َر ًة لِ َخطَايَانَا» (١يُوح ّنا :٤
تجسدت يف ابنه ،تصبح .)١٠وحينام ندرك َم َح َّبة الله الّتي ّ
)(85
آذاننا أكرث حساسية وانتبا ًها إىل التّحريض الّذي يتبع اآلية
السابقة« :أَيُّ َها األَ ِحبَّا ُء ،إِ ْن كَا َن الل ُه قَ ْد أَ َحبَّ َنا ه َكذَا ،يَ ْنبَ ِغي
ّ
لَ َنا أَيْضً ا أَ ْن يُ ِح َّب بَ ْعضُ َنا بَ ْعضً ا» (١يُوح ّنا .)١١ :٤
ت .إن كلمة الله املكتوبة تُو ّجه عيوننا نحو عمل املسيح ألجلنا.
متى كان لنا العيون الّتي ت ُبرص ال يهم املوضع الّذي نفتح
حتم مع دم الكفارة .إن يُوح ّنا فيه الكتاب ألننا سنتقابل ً
املعمدان؛ آخر األنبياء العظامء يف العهد القديم ،يُل ِّخص
املتجسد
ّ لنا الشّ هادة الّتي رآها بعين ْيه بخصوص االبن
« ُه َوذَا َح َم ُل الل ِه الّذي يَ ْرفَ ُع َخ ِطيَّ َة الْ َعال َِم!» (يُوح ّنا :١
،)٢٩وهذه الكلامت الّتي نطقت بها شفتا املعمدان ت ُخص
موت «الحمل» الّذي ال ُيكن أن يرفع ع ّنا خطايانا إال مبوته
ألجلنا.
الصفحة الّتي لذلك ،فعرب الكلمة املكتوبة ،ومهام كانت ّ
نقرأ فيها نلتقي بيَ ُسوع «الّذي ُو ِض َع قَلِيالً َعنِ الْ َمالَئِ َك ِة،
يَ ُسوع ،نَ َرا ُه ُم َكلَّالً بِالْ َم ْج ِد َوالْ َك َرا َم ِةِ ،م ْن أَ ْجلِ أَل َِم الْ َم ْو ِت،
احد» (العربانيني ُوق ِب ِن ْع َم ِة الل ِه الْ َم ْوتَ ألَ ْجلِ ك ُّل َو ِ ك يَذ َلِ َ ْ
،)٩ :٢فندرك يف الجلجثة «أَ َّن ذ ََاك َوضَ َع نَف َْس ُه ألَ ْجلِ َنا»،
وأننا قد ُدعينا لرنى أننا «نَ ْح ُن يَ ْنبَ ِغي لَ َنا أَ ْن نَضَ َع نُف َ
ُوس َنا
ألَ ْجلِ ا ِإل ْخ َوة» (١يُوح ّنا .)١٦ :٣
)(86
ث .وكلمة الله املكتوبة تفتح ُعيوننا أيضً ا عىل كالم املسيح
اي َويَ ْح َفظُ َها فَ ُه َو ووصاياه .قال ربُّنا «الّذي ِع ْن َد ُه َو َصايَ َ
الّذي يُ ِح ُّب ِنيَ ،والّذي يُ ِح ُّب ِني يُ ِح ُّب ُه أَ ِبَ ،وأَنَا أُ ِح ُّب ُهَ ،وأُظْ ِه ُر لَ ُه
ذ َِات» (يُوح ّنا ،)٢١ :١٤ويف م ّرة أخرى قال« :إِ ْن أَ َحبَّ ِني أَ َح ٌد
يَ ْح َف ْظ كَالَ ِمي» (آية .)٢٣م ّرة ثانية هنا يتم التّنبري عىل
الكلمة امل ُق ّدسة ب ُجملتها حتى نتمكّن من فهم رسالة ربِّنا
بكاملها .علينا أن نستوعب أن صوت ربِّنا غري املحدود يأيت
إىل اإلنسان دامئًا من خالل االبن؛ الكلمة األزيل.
لذا فمن الخطأ أن نرفض العهد القديم أو أي جزء من أجزائه
كام يفعل البعض ،أو أن نضع جان ًبا رسائل العهد الجديد إذ يفضِّ ل
البعض البشائر األربع عليها ،أو كام ينظر البعض إىل األجزاء
ال ّنبوية يف الكتاب امل ُق ّدس كام لو كانت هذه األجزاء قليلة الشّ أن
أو األهمية يف حياة املؤمن .فإذا كُنا حكامء ،فكلام قرأنا كلمة الله
السابق الوجود ،يتح ّدث إلينا
املكتوبة فسوف نسمع صوت االبنّ ،
املتجسد
ِّ من خالل العهد القديم ،كام سنسمع صوت ابن الله
يُخاطبنا يف البشائر األربع الّتي تُس ِّجل لنا أحداث حياته يف الجسد.
السامء يف
سنسمع كذلك صوت ابن الله امل ُم َّجد يتح ّدث إلينا من ّ
بقية كتب العهد الجديد.
ولنتيقّن أن هناك تق ُّد ًما يف إعالن الله من خالل االبن؛ ففي
حركة التّاريخ تحل بعض األشياء محل أشياء أخرى .هناك أشياء
)(87
تُلغى .بعض األشياء تتمتّع بأهمية أكرث من البعض اآلخر .يجب
أن نقرأ كتاب الله ،ال بطريقة ميكانيكيّة ،بل تحت إرشاد روحه
القدوس.
وقد نتساءل أحيانًا« :ما أهمية أن (نحفظ) كلامت ربِّنا يَ ُسوع
املسيح ووصاياه؟» ُيكننا أن نُجيب بالقول إن حفظ وصاياه ال
ُيكن أن يعني وضع أنفسنا تحت أي نظام ترشيعي من أي نوع.
بشكل إيجايب ،لدينا بعض ال ّنصوص الّتي تُلقي الضّ وء عىل املشكلة.
ال ّنص األول ورد يف امللوك األول ٨ :١٤حيث يتحدث ال ّرب عن
قائل إنه « َعبْ ِدي َدا ُو َد الّذي َح ِف َظ َو َصايَ َ
اي َوالّذي َسا َر داود امللك ً
َو َر ِائ ِبك ُِّل قَلْ ِب ِه لِ َي ْف َع َل َما ُه َو ُم ْستَ ِقي ٌم فَ َق ْط ِف َع ْي َن َّي» .هذا هو
تقرير الله ال ّنهايئ عن حياة داود كلها ،رغم أن داود فشل يف حفظ
وصايا الله ،بشكل مرعب غري ذي م ّرة.
هناك فقرة أخرى موجودة يف العهد الجديد يف يُوح ّنا .٦ :١٧
هنا نقف عىل أرضية منطية لنستمع إىل امل ُناجاة بني الثّالوث اإللهي:
االبن يق ِّدم تقريره إىل اآلب ُمصل ًياُ ،مظه ًرا اهتاممه الكامل بال ّرجال
تجسده عىل األرض .يتض ّمن تقريره الّذين تبعوه خالل رحلة ُّ
مذهل« :ل َق ْد َح ِفظُوا كَالَ َم َك» .وبالعودة إىل ً امل ُق َّدم إىل اآلب شيئًا
أولئك ال ّرجال الضّ عفاء نرى طموحاتهم األنانية ،وفشلهم املتك ِّرر
يف استقبال الحق ،وشجارهم خالل العشاء األخري ،وإنكار بطرس
الّذي كان عىل وشك الحدوث ،وشكوك توما ،ومع ذلك فإن ال ّرب
)(88
قائل:
الّذي اخترب قلوبهم جمي ًعا ملح ب ُح ّبه تذبذبَهم وضعفَهم ً
«لقد حفظوا كالمي».
بالقطع مل يكن هذا التّقييم مبنيًا عىل رغبة «إحداث التّوازن
القانوين» بني األشياء الكثرية الّتي حدثت واألشياء الّتي مل تُت َّمم ،بل
أحب التّالمي ُذ ال ّر َّب
عىل حالة القلب وعىل اتجاه الحياة كلها .لقد ّ
الصحيح.
ومث َّنوا كالمه ،ولهذا فقد كانوا عىل ال ّدرب ّ
إن إرادة الله امل ُعلنة يف كلمته املكتوبة يجب أن تُقرأ يف قرينة
السابق ،لكننا هنا
اإلميان بنعمة الله .لقد تكلّمنا عن هذا األمر يف ّ
سنناقش املوضوع بأكرث تفصيل .ال يشء أكرث أهمية من هذا األمر؛
فبُدون أن «ندرك مشيئة الله يف قرينة ال ّنعمة» سنكون دامئًا يف
خطر العودة إىل ال ّنظام التّرشيعي القديم أو خطر بناء أنظمة
جديدة .فإذا متركزت حياتنا عىل مشيئة الله يف الوقت الّذي أهملنا
فيه «قرينة ال ّنعمة» ،فمن املمكن أن ينتصب ال ّنظام التّرشيعي
رسالتي ُروميَة وغالطيّة!
ّ حتى ولو درسنا
اآلن ،لننظر باعتبار إىل كلمة الله الّتي ق ّدمت إرادة الله
يف قرينة نعمته .يف ُروم َية ١٢:١٢يُلتمس منا أن ندرك مشيئة
ِ
برحامت) الله» .ويف الله ،لكن الحث يأيت إلينا «برأفة (حرف ًيا
كورنثوس األوىل ١١-٧ :٨نتعلّم كيف ينبغي أن نعامل مع «اإلخوة
الضّ عفاء» ،وال ّدليل الكبري املستخدم هنا هو أن هذا األخ الضّ عيف
)(89
يح ألجلِه» .ويف رسالة فيلبي ٥-٢:٢يُش ِّجعنا الكاتب
«قد َماتَ الْ َم ِس ُ
عىل العيش مبَ َحبَّة وتسامح ،وأن نهتم بصالح اآلخرين أكرث من
االهتامم مبا لنا.
كيف ُيكن بُلوغ هذه الوصية الشّ امخة؟ يُو ّجه ال ّرسول قرا َءه
اللتي وجدوهام يف املسيح (فيلبي ،)١ :٢ إىل امل َ َحبَّة وال ّرحمة ْ
توسلَه إليهم بأن يضع أمام ُعيونهم التّنازل ال ّرحيم
ويختتم ال ّرسول ُّ
البن الله الّذي ارتىض اإلخالء ليكون يف صورة البرش ،ثم تنازل أكرث
الصليب (فيلبي .)٨-٥ :٢ليقبل املوت؛ بل موت ّ
اثنتي
ويف فيلبي ٣-١ :٤يكتب ال ّرسول بُولُس ليك يصالح ْ
اللتي كانتا -عىل ما يبدو -يف خالف بينهام. من أخوات الكنيسة ْ
اح ًدا» ،لكن هذا االتحاد ليس ٍ
بكاف قال لهام« :أَ ْن ت َ ْفتَ ِك َرا ِف ْك ًرا َو ِ
اح ًدا ِف ال ّر ِّب» .وختم ال ّرسول بُولُسبل يجب أن «ي ْفتَ ِك َرا ِف ْك ًرا َو ِ
«ف ِس ْف ِر الْ َح َياة» .يا
حديثه إليهام بتذكريهام أن اسميهام مكتوب ِ
له من تشجيع مبارك! امرأتان كُتب اسامهام -بنعمة الله -يف سفر
رحيمتي إحداهام نحو األخرى ْ الحياة ،لكنهام فشلتا يف أن تكونا
مع أنهام كانتا ضمن أعضاء كنيسة واحدة! حرفيًا ،هناك املئات
من األمثلة األخرى الّتي تُؤيّد هذه الفكرة ميكن أن يجدها القارئ
املجتهد عند دراسة العهد الجديد.
ومع تق ُّدم الوحي سنجد ،بالطّبع ،تناقضات قويّة ُمؤكَّدة بني
)(90
عرص ال ّناموس وعرصنا هذا .ففي سفر التّثنية ٥ :٦يأيت االلتزام
األكرب يف ش ّدة العمى الّتي ال يرافقها أي لون للنعمة «فَتُ ِح ُّب
ال ّر َّب إِل َه َك ِم ْن ك ُّل قَلْب َِك َو ِم ْن ك ُّل نَف ِْس َك َو ِم ْن ك ُّل قُ َّوتِ َك» ،وعىل
ال ّنقيض من ذلك نقرأ يف لغة ال ّنعمة «نَ ْح ُن ن ُِحبُّ ُه ألَنَّ ُه ُه َو أَ َحبَّ َنا
أَ َّوالً» (١يُوح ّنا .)١٩ :٤إن الفقرة الواردة يف التّثنية تُحرضنا إىل
«العرش األبيض العظيم» أما كلامت رسالة يُوح ّنا األوىل فتمسك
القلم لتضع «قوس قزح حول هذا العرش» .فإذا كُ ّنا ُحكامء فإننا
الفقرتي م ًعا.
ْ سنقرأ كلتا
إليك منوذج آخر :تكلّم ربُّنا يَ ُسوع املسيح عن التزام ال ّرجل
تجاه قريبهُ ،معط ًيا لنا الوصية الثّانية « َوالثّانِ َي ُة ِمثْلُ َها :ت ُِح ُّب قَرِي َب َك
كَ َنف ِْس َك» (متّى .)٣٩ :٢٢هذا هو ال ّناموس؛ ناموس الله الّذي ال
نغيه .لكن لنقرتب إىل الجلجثة ولنصغِ إىل نجرؤ وال نستطيع أن ّ
ال ّرب نفسه ُمتحدث ًا من خالل يُوح ّنا «أَيُّ َها األَ ِحبَّا ُء ،إِ ْن كَا َن الل ُه قَ ْد
أَ َح َّب َنا ه َكذَا ،يَ ْن َب ِغي لَ َنا أَيْضً ا أَ ْن يُ ِح َّب بَ ْعضُ َنا بَ ْعضً ا» (١يُوح ّنا :٤
مثال
.)١١إنها نفس الوصية لكنها تأيت هنا يف قرينة ال ّنعمة .خذ ً
آخر وهذه امل ّرة من العظة عىل الجبل «فَك ُُّل َما تُرِي ُدو َن أَ ْن يَ ْف َع َل
وس اس ِب ُك ُم افْ َعلُوا ه َكذَا أَنْتُ ْم أَيْضً ا ِب ِه ْم ،ألَ َّن هذَا ُه َو ال ّنا ُم ُ
ال ّن ُ
َواألَنْ ِب َياء» (متّى .)١٢ :٧إن ال ّناموس صالح لكن هناك ما هو أعىل
« َح ِاس ِب َني بَ ْعضُ ُك ُم الْبَ ْع َض أَفْضَ َل ِم ْن أَنْف ُِسهِم» (فيلبي .)٣ :٢
إن ال ّناموس يُعطينا التّوازن الحكيم للعدالة لكن ال ّنعمة
)(91
الشاهقة بطلباتها تتخطّى الحدود .ال ّنعمة تعمل ألنها موضوعة
يف إطارها «قرينة ال ّنعمة»؛ فابن الله املبارك ُوضع جانبًا بعي ًدا
مذل
عن مجده األزيل ،متخل ًيا عن سمعته ،آخذًا صورة عبدًّ ،
نفسه حتى املوت ألجلنا نحن الّذين ال نستحق منه شيئًا (فيلبي
.)٨-٣ :٢هذه هي أطروحة ال ّنعمة املسؤولة عن هؤالء الّذين
خلصوا وعرفوا ال ّرب .بال ّنسبة للنعمة ،ال توجد أية إجابة بعي ًدا عن
الخضوع البرشي ،وعن «تواضع الفكر».
ورغم أن هناك فروقات عهدية أصيلة ميكن أن نالحظها ،لكن
ال ينبغي أن نفرتض أن «قرينة ال ّنعمة» غائبة متا ًما من األجزاء
األوىل للكتاب امل ُق ّدس .يتحدث ال ّرسول بُولُس عن عهد ال ّناموس
مالحظًا « َوأَ َّما ال ّنا ُم ُ
وس فَ َد َخ َل لِ َ ْ
ك تَك ُ َْث الْ َخ ِطيَّةَُ .ول ِك ْن َحيْثُ ك ُ ََث ِت ِ
السؤال الْ َخ ِط َّي ُة ا ْز َدا َد ِت ال ّن ْع َم ُة ِج ًّدا» ( ُروم َية .)٢٠ :٥فإذا ثار ّ
«كم كان مقدار ال ّنعمة يف زمن ال ّناموس؟» كانت اإلجابة« :فقط
الخاص بالذّبائح» .إنه موجود حتى ّ اقرأ سجل ال ّناموس الطّقيس
مثل ،انظر إىل ميكننا أن نجد «قرينة ال ّنعمة» يف خضم ال ّناموسً .
الشيعة .جاءت ويكن اعتبارها مركز ّ الوصايا العرش الّتي أُعطيت ُ
هذه الوصايا يف الفصل العرشين من سفر ال ُخروج .من املحزن أن
السابع ُمعظم العظات الّتي تُق َّدم يف هذا الفصل تنتهي مع العدد ّ
عرش ،وغالبًا ما تكون ال ّنتيجة لذلك هي نفس ما حدث عرب تاريخ
إرسائيل « َول ََّم َرأَى الشّ ْع ُب ا ْرتَ َع ُدوا َو َوقَفُوا ِم ْن بَ ِعيد» (آية .)١٨
)(92
هذه هي نتيجة الوعظ بال ّناموس بعي ًدا عن قرينة ال ّنعمة.
أما يف آية ٢٤فرنى إله سيناء يتكلّم م ّرة ثانية « َم ْذبَ ًحا ِم ْن
اب ت َْص َن ُع ِل َوتَ ْذبَ ُح َعلَيْ ِه ُم ْح َرقَاتِ َك ِ ...ف ك ُّل األَ َماكِنِ الّتي
تُ َر ٍ
الس ِمي ِذكْ ًرا ِآت إِلَ ْي َك َوأُبَا ِرك َُك» .كان ينبغي أن يُصنع ِفي َها أَ ْص َن ُع ْ
املذبح من تراب األرض وهو املادة الّتي تتوافر لك ُّل إنسان! أما
إزميل
إذًا كان املذبح من حجارة فال يجب أن يعلو هذه الحجارة ٌ
لتشكيله ،ألن من يصنع ذلك يُل ّوث املذبح ويُن ّجسه .األكرث من
هذا ،ال يجب أن يكون املذبح فوق األرض بعدة درجات ُسلَّم.
بالتّأكيد كانت هذه التّعليامت مبثابة لُغة ال ّنعمة اإللهية! وكم
يصبح وعاظ كثريون مثريين للشفقة حينام يُعلِّمون أن املؤمن ما
زال تحت طائلة «ال ّناموس األخالقي» وأن هذا املؤمن قد تح َّرر
من ال ّناموس الطّقيس .عظ بالوصايا العرش بعي ًدا عن قرينة ال ّنعمة
تكون قد فقدت ال ُعنرص األوحد الّذي ُيكّنك من اإلدراك الكامل
ملثالية ال ّناموس األخالقي.
الحق أن املؤمن ليس تحت طائلة ال ّناموس بأي معنى من
املعاين ،ال ال ّناموس الطّقيس وال ال ّناموس األخالقي ،لكن من ال ّناحية
األخرى ك ُّل من ال ّناموس الطّقيس وال ّناموس األخالقي يستمران
جزئي من كلمة الله املكتوبة من البداية حتى ال ّنهاية .ألجل هذا ْ
فال ّناموس «نافع» لك ُّل أوالد الله يف ك ُّل العصور.
)(93
يف هذا ،أود أن أُش ِّجع ك ُّل مؤمن يسعد برؤية ال ّرب يَ ُسوع
املسيح عرب ك ُّل صفحات الكتاب امل ُق ّدس :ال ترتعب من أولئك
امل ُعلِّمني الخائفني الّذين يرصخون ضد ما يدعونه «طغيان ال ّرمزية
املفرطة .»too much typologyال شك أن هناك أشياء ميكن أن
نجد فيها رموزًا صحيحة ،وهناك أشياء ال يصح ترميزها .لكن مهام
كان األمر ،فإن امتيازك وواجبك األعىل كمسيحي أن تكتشف ك ُّل
الخاص بال ّرب يَ ُسوع املسيح يف الكلمة امل ُق ّدسة -حيثام كان- ّ الحق
تتمسك بهذا الحق .إن كرس بعض قواعد التّفسري الكالسيكية وأن ّ
أفضل كث ًريا من فُقدان رؤية وجهه املبارك.
الخاص
ّ الصدد :لنتأكَّد أن الحق هناك تحذير واحد يف هذا ّ
حق صحيح بربِّنا يَ ُسوع والّذي نكتشفه يف الكتاب امل ُق ّدس هو ٌ
بحسب اإلعالن التّاريخي عن االبن كام ت ّم تدوينه يف أسفار العهد
الجديد .مع هذا الحارس ال يكون هناك نهاية ملا ُيكن أن نجده
تجسد .وحينامفيام ُد ّون بالوحي عن ابن الله غري املحدود الّذي ّ
نجد ابن الله عرب أسفار الكتاب امل ُق ّدس سنلتقي يقي ًنا مع إرادة
الله الكاملة الّتي تأيت يف القرينة ال ّرائعة لنعمته ،إذ أن نعمة الله
«تَ ْلِ ُك بِال ِ ِّْب ،لِلْ َحيَا ِة األَبَ ِديَّ ِةِ ،بيَ ُسوع الْ َم ِسي ِح َربِّ َنا» ( ُروميَة .)٢١ :٥
إن قرينة ال ّنعمة هي البيئة الوحيدة الّتي تُدرك فيها مشيئة
الله بشكل كامل يف الحياة املسيح ّية .يف قرينة ال ّنعمة هذه ينمو
املؤمنون (٢بطرس ،)١٨ :٣ويثبتون (١بطرس ،)١٢ :٥ويُبنون
)(94
(أعمل ال ّر ُسل ،)٣٢ :٢٠ويتقوون (٢تيموثاوس ،)١ :٢ويُك َّملون َ
(١بطرس ،)١٠ :٥ويتح َّررون من سلطان الخطية ( ُروميَة ،)١٤ :٦
يجدون حريّة كاملة من التّرشيعات املق ّيدة (غالط ّية ،)٤-١ :٥
يجدون داف ًعا كافيًا لعمل مشيئة الله (٢كورنثوس ،)٩ :٨يختربون
ال ُق ّوة الّتي تُ كنهم يف الحياة املسيح ّية (٢كورنثوس ،)٩ :١٢
السقوط (العربانيني ،)١٦ :٤يجدون اليقني يختربون الشّ فاء بعد ّ
(أعمل ال ّر ُسل .)٣٢ :٢٠ كنتيجة نهائية للحياة املسيح ّية َ
لننتبه أن نتبع مشورة ال ّرسول بُولُس الّتي أعطاها للمؤمنني
الصاعات الشّ ديدة مع صانعي املشكالت الّذين كانوا يجتازون يف ّ
من التّهوديّني «كَانَا يُ َكل َِّمنِ ِه ْم َويُ ْق ِن َعانِ ِه ْم أَ ْن يَثْ ُبتُوا ِف نِ ْع َم ِة الله»
(أعمل ال ّر ُسل .)٤٣ :١٣لنحذر من أولئك الّذين يُق ِّدمون لنا مشورة َ
مخالفة لتلك الّتي أعطاها ال ّرسول .يكتب ال ّرسول بسخط عميق
ضد أولئك امل ُعلِّمني الّذين يدفعون شعبهم بعي ًدا عن نعمة الله،
قليل ج ًدا (غالط ّية .)١٢-٩ :٤ حتى ولو بدا هذا االبتعاد ً
)(95
الفصل العاشر
أسئلة ،واعرتاضات ،ومشكالت
)(97
باعتباره ُجز ًءا من كلمة الله املوحى بها ،لذا فال ّناموس
«نافع» لك ُّل املؤمنني املسيحيني ،وال ّروح القدس يستخدم
هذا ال ّناموس إلرشاد املؤمن «للتعليم والتّوبيخ للتقويم
والتّأديب» (٢تيموثاوس .)١٦ :٣ال يُوجد ُجزء من كلمة
الله -مبا يف ذلك ال ّناموس الطّقيس-قابل ألن نهمله يف
تعليمنا للكتاب ويف مناداتنا باإلنجيل .فإن فعلنا ذلك
نخرس الكثري ُروح ًيا.
ثالثًا ،نحن نقبل رشيعة الله باعتبار أَ َّن «ال ّنا ُم َ
وس َصالِ ٌح،
وسيًّا» (١تيموثاوس .)٨ :١ملعرفة إِ ْن كَا َن أَ َح ٌد يَ ْستَ ْع ِملُ ُه نَا ُم ِ
معنى الكلمة «ناموس ًيا» ( )nomimosالحظ تيموثاوس
الثّانية ٥ :٢الّتي تحمل معنى واضح للفكرة «حسب
الشيعة» ال الشيعة «حسب ّ ال ّناموس» .لذا فاستخدام ّ
الشيعة تُستخدم كرشيعة ،بدون اجتزاء بُ ّد أن يعني أن ّ
ألي من عنارصها و ُعقوباتها. ٍّ
هذا االستخدام املالئم للناموس ُموضَّ ح يف تيموثاوس الثّانية
ص ١؛ فاالستخدام القانوين للرشيعة يعني استخدامها كرشيعة
وس لَ ْم يُوضَ ْع لِلْ َبا ِّر» (آية ،)٩وألن املؤمن « ُم َّربر» يف عالقته «ال ّنا ُم َ
بال ّناموس كناموس (ألن ال ّناموس من خالل عمل املسيح قد
صار ُمت َّم ًم للناموس بالكامل وقد أُريض بالتّامم يف ك ُّل مطاليبه
وجزاءاته منا) ،لذا فإن وضع املسيحيني تحت طائلة ال ّناموس هو
)(98
أحد االستخدامات الخاطئة للناموس .أن نط ّبق ال ّناموس كناموس
معناه إنكار الفعالية األبدية لعمل املسيح .من جانب آخر يُحاج
ال ّرسول بأن ال ّناموس كناموس قد صنع «لِألَثَ َ ِة َوالْ ُمتَ َم ِّر ِدي َن ،لِلْ ُف َّجا ِر
َوالْ ُخطَاة» (١تيموثاوس .)٩ :١لقد حرص ال ّرسول عىل اإلشارة إىل
الشور الّتي تجعل البرش تحت هذه القامئة الطّويلة من أنواع ّ
الشيعة اإللهية ،وال ّناموس هو العامل الخارجي الّذي يكبح طائلة ّ
يح،الص ِح َ ش ٌء آ َخ ُر يُقَا ِو ُم التّ ْعلِي َم ّ الشور « َوإِ ْن كَا َن َ ْك ُّل هذه ّ
َح َس َب إِنْجِيلِ َم ْج ِد الل ِه الْ ُمبَا َرك» (١تيموثاوس .)١١-٩ :١
يف نفس هذا الجزء ،حرص ال ّرسول بُولُس عىل أن يضع منوذ ًجا
بسيطًا لحياة املؤمن هوَ « :وأَ َّما غَايَ ُة الْ َو ِص َّي ِة فَه َِي الْ َم َح َّبة ِم ْن قَل ٍْب
طَا ِهرٍَ ،وضَ ِمريٍ َصالِ ٍحَ ،وإِميَانٍ ِبالَ ِريَاء» (١تيموثاوس .)٥ :١
لكن حتى يف زمن ال ّرسول بُولُس كان هناك بعض ال ّناس ممن
مل تك ِفهم هذه القاعدة البسيطة .لقد كانوا غري مقتنعني بـ «األُ ُمو ُر
الّتي إِ ْذ زَا َغ قَ ْو ٌم َع ْن َها ،انْ َح َرفُوا إِ َل كَال ٍَم بَ ِاطل .يُرِي ُدو َن أَ ْن يَكُونُوا
وسَ ،و ُه ْم الَ يَ ْف َه ُمو َن َما يَقُولُونََ ،والَ َما يُ َق ِّر ُرونَه» ُم َعلِّ ِمي ال ّنا ُم ِ
(١تيموثاوس .)٧-٦
للتلخيص أقول ،إن عالقة املسيحي بال ّناموس كناموس قد
أُمتمت وأُكملت يف املسيح« .قد أُكمل» ،لكن ال ّناموس يستمر
فاعل َوح ًّيا ككابح خارجي يقف يف وجه األمثة والخطاة .من
ً
)(99
زاوية أخرى فإن ال ّناموس باعتباره وحي الله امل ُق ّدس يتطلّب من
املؤمن االلتزام به لكونه «ناف ًعا» بك ُّل أجزائه .فقط ال ّنفس الّتي
نالت خالصها بال ّنعمة والّتي استوعبت بوضوح ما متّمه الله فوق
الجلجثة ُيكنها أن تبتهج بناموس الله ،فهذا الشّ خص الفريد الّذي
حتمل عنا هذا ال ّرعب األبدي
الصليب ألجلنا ُم ً ُعلق يو ًما عىل ّ
الشيعة اإللهية ميكنها أن تبتهج بيقني بأن واملوت الّذي طلبته منا ّ
الشيعة قد استوفيت حتى آخر فلس بواسطة حمل ك ُّل ُمتطلبات ّ
الله املذبوح ألجلنا.
)2قلنا أيضً ا سابقًا إنه نظ ًرا ألن كثريين ممن يعرتفون
باإلميان املسيحي ال يعيشون كام يليق بهذا اإلميان ،لذا
الشيعة تُستخدم لعالج هذا األمر .هنا يجب علينا فإن ّ
االعرتاف باملشكلة حتى حينام نش ُجب هذا املوقف .يُواجه
ك ُّل ال ّرعاة األمناء هذا املوقف إىل ال ّدرجة الّتي تكرس
قلوبهم .لكننا أيضً ا نعلم أن عالج هذا املوقف امل ُخجل يف
«الكنيسة املعرتفة»( ((2ال يتم بال ّنكوص عن ال ّنعمة والعودة
ُوسوية .إن طريق ال ّناموس ت ّم استجالؤه الشيعة امل َإىل ّ
تاريخ ًيا بالفعل باعتباره طريقًا عاج ًزا بالتّامم عن جعل
وس لَ ْم يُ َك ِّم ْل شَ يْئًا» (العربانيني
اإلنسان صال ًحا إذ «ال ّنا ُم ُ
لعل الكاتب يستخدم تعبري «الكنيسة املعرتفة» لإلشارة إىل جامعة املؤمنني
(ّ ((2
كامل (املرتجم).
التي ال تعيش الحق الكتايب ً
)(100
السبب الّذي ألجله ظهرت نعمة الله .)١٩ :٧هذا هو ّ
وس َعا ِج ًزا َع ْنه» ( ُروميَة .)٣ :٨ يف املسيح ألنه« :كَا َن ال ّنا ُم ُ
الشيعة بل مزيد من إن عالج الخطية ليس مزي ًدا من ّ
ال ّنعمة « َحيْثُ ك ُ ََث ِت الْ َخ ِطيَّ ُة ا ْز َدا َد ِت ال ّن ْع َم ُة ِج ًّدا» ( ُروميَة
.)٢٠ :٥
كنت تنادي بإنجيل نعمة الله للخالص ،رمبا يتم )3إذا َ
تحذيرك بأن البعض قد يستخدم تعليم ال ّنعمة كترصيح
الرتكاب الخطية .نعرتف م ّرة ثانية أن هذا التّحذير يستند
إىل الواقع بالفعل؛ فحتى يف الكنيسة األوىل كان هناك من
تح ّول بالفعل عن «نعم ِة الله إىل ال ّدعارة» (يهوذا .)٤
لكن يف مثل هذه الحالة فإن املشكلة األساسيّة مل تكن
كرس ال ّناموس األخالقي (ألنه من هذه ال ّزاوية فالجميع
السواء -قد أخطأوا بكرس هذا ال ّناموس) ،بل -عىل ّ
السيد الوحيد وال ّرب؛ يَ ُسوع
باألحرى ألنهم كانوا «يُنكرون ّ
املسيح» (يهوذا .)ASV ٤لقد كانوا «أمثة فُ ّجار» بحسب
وصف يهوذا لهم .مل يكونوا مخلَّصني من األساس «كُ ِت ُبوا
ُم ْن ُذ الْق َِد ِيم لِ ِ
هذ ِه ال ّديْ ُنونَة» .امل ُحزن يف هذا املوضوع أن
هذا األمر ال ُيكن أن يثنينا عن رسالتنا ولن يرجعنا من
التاجع إال يف الشيعة .لن يفيد هذا ّ ال ّنعمة ارتدا ًدا إىل ّ
تفاقم الكارثة .بالتّأكيد يجب علينا أن نحذر أولئك ال ُخطاة
)(101
الش من مصريهم ال ّنهايئ ،وأن نُش ِّجعهم عىل امل ُوغلني يف ّ
ال ُهروب من الغضب اآليت الجئني إىل املسيح ،لكننا كو ّعاظ
الشيعة ال ُيكنها أن تج ّدد اإلنسان ال يجب أن ننىس أن ّ
وال أن تجعله صال ًحا .نعمة الله يف املسيح هي الوحيدة
الّتي ميكنها أن تتكفل بهذا األمر.
)4األكرث من ذلك أنك إذا ناديت بإنجيل نعمة الله فلرمبا
اتُهمت بأنك تتبع «الالناموسيّة» .لكن هذا االتهام ليس
بجديد يف تاريخ الكنيسة؛ فال ّرسول بُولُس نفسه ا ُتهم
بنفس هذا االتهام يف ُروميَة .٨ :٣لذا ال ينبغي علينا أن
نستغرب هذا االتهام اليوم .والحقيقة أن عدم توجيه هذا
عاجل معناه أنك غالبًا ال تُنادي بإنجيل
آجل أم ً االتهام لك ً
قلت سابقًا إن العقيدة ال ّنعمة كام تجب املناداة .وكام ُ
الخاصة بال ّنعمة ُيكن أن ت ُرسم ككاريكاتري يف ّ الصحيحة
ّ
صيغة ضد ال ّناموسيةُ .يكنك كواعظ أن تتيقن أن أح ًدا لن
كنت ُمستع ًدا للمساومة بشأن يتهمك بهذا االتهام طاملا َ
رسالة ال ّنعمة وط ّعمتها بالقليل من ال ّناموس ،لكن االتهام
باطل حينام يها َجم الواعظ الّذي يُنادي بالخالص يكون ً
الصليب أرىض ربُّنا يَ ُسوع
بال ّنعمة؛ فبواسطة موته عىل ّ
املسيح ،بالتّامم ،ك ُّل متطلبات ال ّناموس امل ُق ّدسة والعادلة.
إن أتباع مذهب الالناموسية هم القانونيون الّذين إما يأخذون
)(102
ب ُعنرص واحد فقط من ال ّناموس أو أنهم يقتطعون ال ّناموس من
ُعقوباته ،أو قد يُخفِّفون من مطاليبه إىل املدى الّذي يرغبون فيه
(لكونهم ضد ال ّناموس ،الكلمة ال ُيونانية تعني ضد .)Anti
)5ويف رفضك لوضع املسيحي املؤمن تحت طائلة ال ّناموس
الصالحة .يف قد يقولون لك أنك تتدىن مبستوى الحياة ّ
الحقيقة نحن ال ننزل مبستوى الحياة األخالقية املطلوب
من املسيحي «تحب قريبك كنفسك» بل نسمو به .كان
مستوى ال ّناموس هو «تحب قريبك كنفسك» لكن قاعدة
ال ّنعمة الّتي وضعها ربُّنا يَ ُسوع املسيح هي« :أحبّوا بعضكم
بعضً ا كام أحببتكم أنا» (يُوح ّنا .)١٢ :١٥إن الفارق بني
املستويي النهايئ .مل ميت ال ّناموس ألجلنا بل املسيح وضع
ْ
حياته تحت ال ّناموس ألجلنا وعوضً ا عنا .واملسيح بذاته
الصالح من الحياة يف ضوء هو من وضع لنا هذا املستوى ّ
إنجيل ال ّنعمة .ليت ك ُّل من لديه شُ كوك يف هذا املوضوع
يقرأ ُمج َّد ًدا ما ورد يف فيلبي ١١-٥ :٢قراءة متأنية جادة يف
الصالة .هنا نلتقي مع يشء ال ميكن تخيله ،ليس فقط روح ّ
الصالح ،بل أيضً ا قُ ّوته امل ُحف ّزة
بسبب ُسم ّوه األبدي يف ّ
الالنهائية الّتي ترفع الخاطئ يف اتجاه تحقيق الكامل.
)6وقد يقول قائل :أال يأمرنا الكتاب امل ُق ّدس بأن نت ِّمم
«ناموس املسيح»؟ إن األساس الوحيد لهذه الفكرة موجود
)(103
يف ترجمة امللك جيمس لآلية الواردة يف غالط ّية .٢ :٦من
شبه املؤكد أن الفعل اليُوناين هنا يأيت يف صيغة املستقبل
ال ّداليل Future Indictiveال األمر .imperativeوكل
امل ُغرمني بأمر ال ّنصوص الكتابية سوف يجدون هذه
املعلومة بالتّفصيل يف تفسري اليكوت Ellicottلهذه اآلية.
يقبل ماير Meyerقراءة املستقبل بك ُّل قُ ّوة .تحت تأثري
االتجاهات القانونية املبكرة ُيكننا أن نأخذ يف الحسبان
التّغيري من املستقبل إىل األمر .لذا ففي غالطيّة ٢ :٦هناك
حقيقة واضحة وبسيطة؛ يف حمل أحدنا أعباء اآلخر ُيكننا
بهذا أن نت ِّمم ناموس املسيح.
ومن املهم أن نسأل :ما هو «ناموس املسيح»؟ يجب أن نالحظ
السؤال عادت إىل الشوحات تقري ًبا الّتي تعاملت مع هذا ّ أن ك ُّل ّ
كلامت ربُّنا « َو ِصيَّ ًة َج ِدي َد ًة أَنَا أُ ْع ِطي ُك ْم :أَ ْن ت ُِحبُّوا بَ ْعضُ ُك ْم بَ ْعضً ا.
ك ََم أَ ْح َب ْبتُ ُك ْم أَنَا ت ُِح ُّبو َن أَنْتُ ْم أَيْضً ا بَ ْعضُ ُك ْم بَ ْعضً ا» (يُوح ّنا ،)٣٤ :١٣
«هذ ِه ِه َي َو ِصيَّ ِتي أَ ْن ت ُِحبُّوا بَ ْعضُ ُك ْم بَ ْعضً ا ك ََم أَ ْحبَبْتُكُم» كذلك ِ
الشء أيضً ا (يُوح ّنا .)١٢ :١٥وال شك أن يُوح ّنا يُشري إىل نفس ّ
هذ ِه ِه َي َو ِصيَّتُ ُه :أَ ْن نُ ْؤ ِم َن ب ِْاس ِم ابْ ِن ِه يَ ُسوع حينام يكتبَ « :و ِ
الْ َم ِسي ِحَ ،ون ُِح َّب بَ ْعضُ َنا بَ ْعضً ا ك ََم أَ ْعطَانَا َو ِص َّية» (١يُوح ّنا .)٢٣ :٣
مل تكن امل َ َح َّبة املتبادلة أم ًرا جدي ًدا إذ أن هذه الوصية هي
ُوسوية ،لكن ما كان جدي ًدا الوصية العظمى الثّانية للرشيعة امل َ
)(104
بالفعل هو ذلك االلتزام بأن تكون امل َ َح َّبة املتبادلة عىل غرار َم َح َّبة
املسيح لنا .هذا هو إذًا «ناموس املسيح» .إنها ليست الوصايا
العرش ،وال حتى العظة عىل الجبل لكنه قانون امل َ َح َّبة طبقًا
يتعي علينا أن نُحب أحدنا اآلخر للمقياس اإللهي الجديد .حرفيًا ّ
كام أح ّبنا املسيح.
ينبغي أن نالحظ أيضً ا أن العهد الجديد يعترب قانون امل َ َح َّبة
تتميم لك ُّل الوصايا اإللهية األخرى الّتي تتط ّرق إىل العالقات ً هذا
بني البرش .يُش ِّجعنا الكتاب امل ُق ّدس أن« :الَ تَكُونُوا َم ْديُونِ َني ألَ َح ٍد
ِش ٍء إِ َّال ِبأَ ْن يُ ِح َّب بَ ْعضُ ُك ْم بَ ْعضً ا ،ألَ َّن َم ْن أَ َح َّب غ ْ ََي ُه فَ َق ْد أَكْ َم َل بَْ
ِيب ،فَالْ َم َح َّبة ِه َي تَ ْك ِم ُيل شا لِلْ َقر ِ وس .اَلْ َم َح َّبة الَ ت َْص َن ُع َ ًّ ال ّنا ُم َ
قائل:ال ّنا ُموس» ( ُروميَة .)١٠ ،٨ :١٣وم ّرة ثانية يُح ّرضنا ال ّرسول ً
«فَ ِإنَّ ُك ْم إِنَّ َا ُد ِعيتُ ْم لِلْ ُح ِّريَّ ِة أَيُّ َها ا ِإل ْخ َوةُ .غ ْ ََي أَنَّ ُه َال ت َُص ِّ ُيوا الْ ُح ِّريَّ َة
وس فُ ْر َص ًة لِلْ َج َس ِد ،بَ ْل بِالْ َم َحبَّة ا ْخ ِد ُموا بَ ْعضُ ُك ْم بَ ْعضً ا .ألَ َّن ك ُّل ال ّنا ُم ِ
اح َد ٍة يُ ْك َم ُل« :ت ُِح ُّب قَرِي َب َك كَ َنف ِْس َك» (غالط ّية -١٣ :٥ ِف كَلِ َم ٍة َو ِ
السابق ،ألن هذا .)١٤من القرينة يبدو جليًا أنه ال ُرجوع للترشيع ّ
«سلوك بِال ّروح» (غالط ّية ،)١٦ :٥فإذا ال ّنوع من الحياة هو مبثابة ُ
«انْ َق ْدتُ ْم بِال ّرو ِح فَل َْستُ ْم ت َ ْح َت ال ّنا ُموس» (غالطيّة .)١٨ :٥
الصالحة ما هو أكرث وضو ًحا من كلامت ال يُوجد عن الحياة ّ
ال ّرسول بُولُس الواردة يف رسالته األوىل إىل تيموثاوس .إن الحياة
املسيحيّة يجب أن تكون «حياة امل َ َحبَّة» ،وهذه امل َ َحبَّة تنمو من
)(105
الصادق» .إنها ليست شيئًا يأيت تلقائ ًيا. مصدر ال نهايئ هو «اإلميان ّ
قائل إن هذه امل َ َحبَّة هي
واألكرث من ذلك ،فال ّرسول بُولُس يكتب ً
«غاية الوصية» ومنتهاها .إنه يق ّيم ك ُّل يشء يف ضوء ال ّناموس
األخالقي للمسيح ،وأبعد من امل َ َحبَّة ال يُوجد يشء آخر.
وأختم ال ّنقاش حول هذه ال ّنقطة بإثارة االنتباه إىل يشء مهم
ج ًدا وصادم :بينام جاءت الوصية إلينا َمب َح َّبة أحدنا اآلخر ألن
هذه امل َ َحبَّة هي تتميم ال ّناموس ،فال مكان هنا لتكميل ال ّناموس!
الصيغة املسيح ّية امل ُناسبة املوجودة يف ُروم َية ١٤ :٨بحسب إن ّ
ترجمة الـ ASVهي:
ش َء ِم َن ال ّديْ ُنونَ ِة اآل َن َع َل الّذي َن ُه ْم
أ .لقد تأكد لنا أنه «الَ َ ْ
ِف الْ َم ِسي ِح يَ ُسوع».
ب .إن سبب هذا اإلعفاء من ال ّدينونة أننا قد تح ّررنا من
ال ّناموس الّذي يظهر بش ّدة يف خطية اإلنسان ويجلب له
املوت األبدي.
ت .إن ما مل يستطع ال ّناموس فعله أنجزه الله يف املسيح ألجلنا
يف الجلجثة ،عندما صار املسيح ذبيحة خطية ألجلنا.
ث .ال ّنتيجة األخالقية للطريقة اإللهية املخلِّصة لإلنسان هي
أن بر ال ّناموس قد «أُكمل فينا» .إن الفعل املبني للمجهول
هنا «أُكمل» مقصود؛ فام ت َّم ليس إنجازنا نحن بل ت َّم
)(106
(((2
ألجلنا وفينا.
)7لعل أكرث االعرتاضات شيو ًعا عىل عقيدة الخالص بال ّنعمة
-ال ال ّناموس -أن مثل هذا ال ّنوع من الوعظ قد يتح ّول
إىل خطر أخالقي .رمبا يُجادل البعض ،وقد حدث يف زمن
ال ّرسول بُولُس ،أنه ألن نعمة الله أعظم من ك ُّل خطايانا
فلامذا ال نستمر يف الخطية حتى تتعاظم ال ّنعمة؟ أال يوجد
ك تَأْ ِ َت
آت لِ َ ْ خطر أن يقول اإلنسان يف نفسه« :لِ َن ْف َعلِ ّ
السيِّ ِ
الْ َخ ْ َياتُ »؟
وللرد عىل هذا االعرتاض نقول :أولً ،إن عقيدة الخالص
بال ّنعمة بدون ال ّناموس من املمكن أن تكون عقيدة خطرية
بال ّنسبة لبعض ال ّناس .ألجل هذا فالحق الكتايب كله خطري
ألولئك الّذين يُقاومون الحق أو يرفضونه أو يُسيئون
استخدامه .إن نفس هذا اإلنجيل يتض ّمن الخالص للحياة
ملن يؤمن وكذلك املوت ملن يرفض (٢كورنثوس -١٥ :٣
.)١٦من الحامقة األكيدة أن يقرتح أحدهم أن نتوقّف
يتعيعن تعليم الحق اإللهي ألن بعضهم قد انحرف .كان ّ
عىل ال ّرسول بُولُس أن يتعامل مع أمثال أولئك ال ّناس يف
رشا « َديْ ُنونَتُ ُه ْم َعا ِدلَةٌ»
رصا و ُمبا ً
أيامه ،وكان إنذاره لهم ُمخت ً
( ُروم َية .)٨ :٣إنه تضييع للوقت والجهد أن تجادل مع
(24) Denny, “Romans,” The Expositor’s Greek Testament, II, 646, V. 4.
)(107
ال ّناس الّذين وقعوا أرسى للضالل بسبب ولعهم بالفجور.
لكن من ناحية أخرى ،بال ّنسبة للمسيحي الحقيقي فمبدأ
الخالص بال ّنعمة -ال ال ّناموس -ليس أم ًرا خط ًرا بامل ّرة ،بل بالعكس:
ك ُّل ما عدا ذلك هو الخطر ،لسبب بسيط هو أن نعمة الله يف املسيح
هي وحدها الّتي ُيكنها أن تكرس قُ ّوة الخطية وهي القادرة عىل
تغيري حياتنا لتكون عىل صورة االبن .إن العودة إىل طُرق ال ّناموس
ميكنها فقط أن تقرتن بالكارثة األخالقية ،إذ أن «قُ َّو ُة الْ َخ ِطيَّ ِة ِه َي
وس» (١كورنثوس .)٥٦ :١٥ليس معنى هذا أن ناموس الله ال ّنا ُم ُ
رشير ألن ال ّناموس ُمق ّدس وصالح ،بل معناه أننا نحن البرش ُخطاة
بشكل بشع حتى إن املح َّرمات امل ُق ّدسة للناموس اإللهي ميكن
وس َعائِشً ا فقط أن تستثري أسوأ ما فينا« :أَ َّما أَنَا فَ ُك ْن ُت ِب ُدونِ ال ّنا ُم ِ
قَ ْبالًَ .ول ِك ْن ل ََّم َجا َء ِت الْ َو ِص َّي ُة َعاشَ ِت الْ َخ ِط َّيةُ ،فَ ُم ُّت أَنَا ،فَ ُو ِج َد ِت
الْ َو ِصيَّ ُة الّتي لِلْ َحيَا ِة ِه َي نَف ُْس َها ِل لِلْ َم ْوت» ( ُروميَة .)١٠-٩ :٧ليس
ال ّناموس ،بل ال ّنعمة وحدها هي ما تستطيع أن متنحنا ال ّنرصة
وس األخالقية «فَ ِإ َّن الْ َخ ِطيَّ َة لَ ْن ت َُسو َدكُ ْم ،ألَنَّ ُك ْم ل َْستُ ْم ت َ ْح َت ال ّنا ُم ِ
بَ ْل تَ ْح َت ال ّن ْع َمة» ( ُروم َية .)١٤ :٦
من الخطأ متا ًما أن نجادل -كام يفعل البعض -أن عقيدة
«الخالص بال ّنعمة وحدها» ميكن أن تقود املسيحيني إىل االستمرار
يف الخطية .إن ال ّنعمة ال تُعلِّم شعب الله الخطية بل باألحرى
تُعلِّمهم االمتناع عن الخطية «ألَنَّ ُه قَ ْد ظَ َه َرتْ نِ ْع َم ُة الل ِه الْ ُم َخل َِّصةُ،
)(108
اسُ ،م َعلِّ َم ًة إِيَّانَا أَ ْن نُ ْن ِك َر الْ ُف ُجو َر َوالشّ َه َو ِ
ات الْ َعالَ ِم َّيةَ، لِ َج ِميعِ ال ّن ِ
يش بِالتّ َعقُّلِ َوال ِ ِّْب َوالتّ ْق َوى ِف الْ َعال َِم الْ َح ِ ِ
اضُ ،م ْنتَ ِظرِي َن ال ّر َجا َء َونَ ِع َ
الْ ُم َبا َر َك َوظُ ُهو َر َم ْج ِد الل ِه الْ َع ِظ ِيم َو ُم َخل ِِّص َنا يَ ُسوع الْ َم ِسيح»
(تيطس .)١٣-١١ :٢
)8أال تقول اآليات الواردة يف كورنثوس األوىل ٢١-٢٠ :٩إن
املسيحيني يعيشون تحت طائلة ال ّناموس؟ إن أولئك امل ّيالني
للترشيعات والقوانني يستندون ب ُق ّوة عىل هذه الفقرة
لدعم وجهة نظرهم .تُقرأ هذه اآليات يف ترجمة امللك
ودي ألَ ْربَ َح الْيَ ُهود.َصتُ لِلْيَ ُهود كَيَ ُه ٍّ جيمس كالتّايل« :ف ِ ْ
وس ليك أَ ْربَ َح الّذي َن وس كَأَ ِّن تَ ْح َت ال ّنا ُم َِولِل َِّذي َن تَ ْح َت ال ّنا ُم ِ
وس (م َع وس كَأَ ِّن ِبالَ نَا ُم ٍ وسَ .ولِل َِّذي َن ِبالَ نَا ُم ٍتَ ْح َت ال ّنا ُم ِ
وس لِلْ َم ِسي ِح) ألَ ْربَ َحوس ِلل ِه ،بَ ْل ت َ ْح َت نَا ُم ٍأَ ِّن ل َْس ُت ِبالَ نَا ُم ٍ
أولئك الّذي َن ِبالَ نَا ُموس».
هذا ال ّنص هو الوحيد يف ترجمة امللك جيمس الّذي يبدو فيه
-ظاهريًا -أن املسيحي «تحت ال ّناموس» .ومع أنني أعرتف أن هذه
اآليات صعبة يف اللُغة اليُونانية فإنني أشعر أن املرتجمني استطاعوا
الصورة للقارئ اإلنجليزي وإيضاح أن املسيحي خاضع توصيل ّ
«لناموس املسيح» .إن «تحت ال ّناموس» الواردة يف آية ٢١هي
الصياغة العادية
كلمة يُونانية «ناموس »ennomosمختلفة ألن ّ
هي «تحت ال ّناموس .»upo nomosالحظ آية ٢٠حيث ترد
)(109
هذه الكلمة ثالث م ّرات وتق ّدم ك ُّل م ّرة بصورة صحيحة «تحت
وس ال ّناموس» .ما الّذي قصده ال ّرسول حينام كتب «ل َْس ُت ِبالَ نَا ُم ٍ
وس لِلْ َم ِسيح» (آية )٢١؟ من امل ُهم أن نُالحظ ِلل ِه ،بَ ْل تَ ْح َت نَا ُم ٍ
وس» مق ِّد ًما هنا ليس فقط «تَ ْح َت ال ّنا ُموس» بل أيضً ا « ِبالَ نَا ُم ٍ
كلمة يُونانية واحدة فقط «تَ ْح َت ال ّنا ُموس »ennomosبينام « ِبالَ
نَا ُموس .»anomos
لقد اتفق ُمح ِّررو ال ّنص اليُوناين عىل أن كلمتّي «الله»،
«واملسيح» تأتيان يف صيغة الجر genitiveال صيغة ال ّنصب
.dative caseلذا فمن املمكن ترجمة هذا ال ّنص حرفيًا «ليس
كأين خارج ناموس الله بل يف ناموس املسيح» .إن األمر ليس «أين
نحن؟» بل األمر هو ما نحن فيه من عالقة مع املسيح.
ومهام كان معنى هذه الفقرة فال ُيكن بحال أن تعني أن
ال ّرسول بُولُس كان يُؤكِّد أنه «تحت ال ّناموس .»upo nomosلذا،
فكام أرشنا سابقًا ،فالرسول يُوضِّ ح يف آية ٢٠أنه «ليس تحت
التجمة األمريكية القياس ّية .ASVفمع أنال ّناموس» .اقرأ ذلك يف ّ
الجملة ال تظهر جي ًدا يف ترجمة امللك جيمس إال أن جميع ُمح ِّرري
ال ّنص ال ُيوناين يتفقون عىل أن ال ّدليل الكتايب ساحق يف دعمه ،لذا
التجامت اإلنجليزية الالحقة) قد ض ّمنوا هذهفإن املراجعني (يف ّ
اآلية بدون هامش إيضاحي وبال أدىن تردد .
(((2
عصومة ِ
ال َكلمة املَ ُ
كُتب هذا الكتاب بواسطة ٢٤عامل
من علامء الالهوت املعارص الذين يؤمنون
بص ّحة الكتاب املق َّدس وسداده وتنزيهه
وعصمته .كتب ك ُّل من هؤالء العلامء
خاصة به .يُجيب
فصل واح ًدا من زاوية ًّ
هؤالء الكُتاب عىل مئات األسئلة التي
تتعلق مبوضوع الوحي املسيحي واملوضوعات األخرى املرتبطة به.
)(111
وسى وإ ِجنيل املَ ِسيح
بَني َشريعة ُم َ
ُي ِّيز كاتب هذا الكتاب بني أجزاء
الرشيعة املوسويّة :الناموس الطقيس،
والناموس األديب ،والناموس املدين .كام
يتناول رشح موقف اإلميان املسيحي
من رشيعة موىس مبفرداتها املختلفة
طبقًا ملا ذُكر عن هذه الرشيعة يف
تعاليم املسيح و ُرسله يف العهد الجديد.
ِ
ال َْع ْهد ا ْلَديد يَتكلَّم -البشائر األربع وسفر أعمال ّ
الر ُسل
ِ
ال َْع ْهد ا ْلَديد يَتكلَّم ّ -
الر َسائل البُولُسيّة
ِ ِ ِ ِ
الرؤاي ال َْع ْهد ا ْلَديد يَتكلَّم ّ -
الر َسائل اجلَامعة وسفر ُ