You are on page 1of 2

‫حرب الفأيون‬

‫الحرب القإتصادية المأريكية الحديثة على اليابان كانت ومأا زالت بسبب شركات صناعة السيارات المأريكية‪،‬‬
‫لن اليابان تضع قإوانين صارمأة على استيراد السيارات الجأنبية وفأي نفس الوقإت تصدر السيارات وبكميات‬
‫كبيرة إلى السواق المأريكية‪ ،‬بل وأنشأت مأصانع للسيارات فأي قإلب أمأريكا‪ ..‬والحرب القإتصادية بين أمأريكا‬
‫والصين كان سببها شركات الكمبيوتر وشركات العلما المأريكية لعظم السوق الصينية ولعدما وجأود قإوانين‬
‫حماية الملكية الفكرية فأي الصين‪ ،‬وهذا يشكل خسارة كبيرة لهذه الشركات‪ ،‬مأع إغراق البضائع الصينية‬
‫السوق المأريكية‪ ..‬والحرب العراقإية المأريكية أجأجتها شركات البترول للحفاظ على تدفأق البترول مأن‬
‫الخليج‪ ،‬وشركات السلحة لعرض السلحة المأريكية فأي مأهرجأان حي يتم فأيه تسويق هذه السلحة دوليا ً‪.‬‬
‫والحرب المأريكية فأي بنما كان بسبب إحتلل مأضيق بنما وضمان التحكم فأي حركة الملحة البحرية فأي ذلك‬
‫المضيق الحيوي‪ ..‬وحرب أمأريكا فأي فألسطين ورائه اللوبي الصهيوني فأي البيت البيض‪ ،‬وسر نجاح هذا‬
‫اللوبي يكمن فأي الخداع‪ ،‬والتضليل‪ ،‬والرشاوى‪ ،‬والعاطفة النصرانية المتهودة المهووسة لرجأال الدين‬
‫النصارى أصحاب النفوذ فأي البيت البيض‪ ..‬وحرب الصومأال )الغاثية( كانت بسبب التحكم فأي مأضيق باب‬
‫المندب الستراتيجي والموارد الطبيعية الِبكر فأيها‪ ..‬إن أكثر الحروب )إن لم تكن كلها( التي الوليات المتحدة‬
‫طرفأا ً فأيها كانت بسبب الشركات المأريكية العملقإة التي لها مأصالح إقإتصادية فأي كل بقعة مأن بقاع الرض‪،‬‬
‫فأهذه الشركات تحرك الساسة فأي البيت البيض‪ ،‬والبيت البيض بدوره يحرك الشعب المأريكي‪ .‬ويأتي دور‬
‫الدين النصراني فأي هذه الحروب كأداة لتطويع الشعوب النصرانية فأي حربها ضد السلما والمسلمين‪ ،‬وإذا‬
‫كنا نعلم بأن مأعظم الحكومأات والشعوب الغربية ابتعدت عن النصرانية كديانة‪ ،‬فأإن الحكومأات الغربية تدرك‬
‫إدراكا ً تامأا ً بأن العقيدة هي أقإوى سلح فأي الحروب‪ ،‬ولذلك فأي وقإت الزمأات يبدأ القساوسة بالظهور‬
‫ومأخاطبة الشعوب وتحريضها ضد أعداء الصليب‪] .‬على عكس حالنا فأي الدول السلمأية )وخاصة العربية(‬
‫ب فأي وقإت الزمأات بالتخلي عن السلما وبتربية الحماما والدجأاج‬‫التي يدعوا فأيها المسؤولون الشعو َ‬
‫والعصافأير!![‪ .‬إن الحقد الصليبي الممزوج بالجشع الغربي الذي فأاق حد التخمة ل يقتصر فأقط على‬
‫المسلمين‪ ،‬فأها هي بريطانيا فأي أوج قإوتها وسيطرتها حاولت تدمأير شعبا ً بأكمله فأي سبيل الحصول على‬
‫بعض المكاسب القإتصادية فأي حادثة تاريخية كانت ول زالت وصمة عار فأي تاريخ النسانية‪ ..‬وإليكم نبذة عن‬
‫هذه الحرب التي سميت فأيما بعد بـ "حرب الفأيون"‪:‬‬
‫لم تكن الصين تعرف الفأيون إل بعد أن تسلل التجار البرتغاليون والهولنديون ونزلوا فأي مأدينة كانتون ‪-‬فأي‬
‫جأنوبي الصين فأي القرن السابع عشر‪ -‬فأأخذت هذه السلعة تظهر فأي البلد بالتدرج‪ ،‬وفأي نطاق مأحدود جأدا‪،‬‬
‫إلى أن دخل رجأال مأن بريطانيا الميدان‪ ،‬وأخذوا ينقلون الفأيون كسلعة تجارية مأن الهند إلى الصين فأي‬
‫مأقادير مأتزايدة عامأا بعد عاما‪ .‬ويلحظ أن الهند كانت أكثر الدول إنتاجأا للفأيون‪ ،‬وكان حكاما الهند سواء على‬
‫عهد شركة الهند الشرقإية البريطانية أو على عهد تبعيتها المباشرة للحكومأة البريطانية )وزارة الهند(‬
‫حريصين على التوسع فأي إنتاج الفأيون وعلى إيجاد أسواق ضخمة لستهلكه‪ ،‬ورأت بريطانيا أن الصين بلد‬
‫مأترامأية الطراف كثيفة السكان تعد خير سوق للتجار فأيه‪ ،‬وقإد اضطرت حكومأة بكين إلى إصدار أول‬
‫مأرسوما سنة )‪ (1739‬يمنع التجار فأي الفأيون واستهلكه‪ ،‬وتوالت المراسيم فأي هذا الصدد دون أن تعبأ بها‬
‫شركة الهند الشرقإية البريطانية التي اشتركت فأي هذه التجارة بعد أن كانت مأقصورة على أفأراد وجأماعات‬
‫مأن التجار وتظاهرت أنها ل تقر هذه التجارة‪ ،‬ولكنها مأا لبثت أن كشفت عن وجأهها القبيح‪ ،‬فأزادت مأن مأساحة‬
‫الراضي الهندية لزراعة الفأيون‪ ،‬ومأضت فأي تصدير مأعظم مأحصول الفأيون إلى الصين فأي سفن مأجهزة‬
‫بالمدافأع‪ ،‬حتى اذا إقإتربت مأن شواطئ الصين انطلقت مأنها زوارق سريعة تحمل صناديق الفأيون فأي حماية‬
‫رجأال مأسلحين‪ ،‬ولما اعترضت حكومأة بكين لدى بريطانيا على إصرارها فأي تصدير هذه السلعة شنت‬
‫بريطانيا حربا على الصين )‪ (1839‬مأن أجأل حرية التجار بالفأيون‪ ،‬واستطالت هذه الحرب التي تسمى‬
‫"حرب الفأيون الولى" إلى عاما )‪ ،(1849‬وكانت عبارة عن مأذابح ارتكبتها القوات البريطانية مأدجأجة بأحدث‬
‫السلحة وأفأتكها‪ ،‬وتساقإط الصينيون قإتلى‪ ،‬وانتهت هذه الحرب بهزيمة ساحقة للجيش الصيني الذي لم يكن‬
‫لديه أسلحة ذات خطر‪ ،‬وأبرمأت مأعاهدة ))نانكين(( وتقرر بمقتضاها أن تستولي بريطانيا على جأزيرة هونج‬
‫كونج‪ ،‬وهي ذات مأوقإع استراتيجي هاما‪ ،‬وأن تدفأع حكومأة الصين غرامأة حربية ضخمة لبريطانيا‪ ،‬وتعويضات‬
‫مأالية للتجار الذين أصيبوا فأي تجارة الفأيون بسبب العمليات الحربية‪ ...‬كما تضمنت المعاهدة نصا يقرر‬
‫تهريب الفأيون‪ ،‬وهو خروج عن القانون‪ ،‬وهو نفاق بريطاني تجاه الشعوب الشرقإية غير المسيحية‪ ،‬لنه على‬
‫الرغم مأن إدراج هذا النص فأي المعاهدة مأضت الحكومأة البريطانية تضغط على حكومأة الصين كي توافأق‬
‫السلطات الصينية أن استيراد الفأيون عمل تجاريا مأشروعا‪ ،‬وكتب فأي هذا الصدد اللورد بالمرستون إلى‬
‫المندوب البريطاني فأي الصين يطلب مأنه السعي بعقد اتفاقإية مأع الصين تسمح بدخول الفأيون إلى البلد‬
‫كسلعة تجارية‪ ،‬وأن تفرض حكومأة بكين رسومأا جأمركية عالية على الفأيون المستورد حتى تزداد حصيلة‬
‫الرسوما الجمركية‪ ،‬وبالتالي تتضاعف مأوارد الحكومأة‪ ،‬ولكن رفأض إمأبرطور الصين هذا القإتراح بشقيه قإائل‪:‬‬
‫"قإد أكون عاجأزا عن مأنع هذه السموما أن تدخل بلدي على كره مأني‪ ،‬لن بعض الناس تدفأعهم شهواتهم‬
‫وحبهم للمال الحراما إلى عصيان أمأري‪ ،‬ولكن ليس فأي العالم قإوة تستطيع أن تغريني على أن أستمد للدولة‬
‫إيرادا مأن تسمم شعبي ونشر الرذيلة"‪] .‬وانظروا إلى الفرق بين هذا البوذي‪ ،‬وبين مأن يدعي السلما ويحكم‬
‫بلد المسلمين!![‪ .‬أصرت الحكومأة البريطانية على مأوقإفها‪ ،‬وأعدت مأستعمرة هونج كونج ليواء التجار‬
‫والمهربين‪ ،‬وحصنا قإويا‪ ،‬وأعدت فأيها مأستودعات لتخزين صناديق الفأيون‪ ،‬ريثما تنقلها زوارق التهريب‪ ،‬وهي‬
‫زوارق مأسلحة تمنحها السلطات البريطانية فأي هونج كونج ترخيصا رسميا لمزاولة التهريب فأي حماية العلم‬
‫البريطاني‪ .‬وافأتعلت بريطانيا حادثا لشعال حرب ثانية ابتغاء إكراه حكومأة الصين على إباحة تجارة الفأيون‬
‫وهذه هي حرب الفأيون الثانية سنة )‪ ،(1857- 1856‬وأغارت القوات البريطانية على بلد الصين‪ ،‬وأمأطرت‬
‫سكانها بالقنابل‪ ،‬ودمأرت المدن والقرى‪ ،‬ولم يكن فأي مأقدور الجيش الصيني أن يقاوما القوات البريطانية‪،‬‬
‫وأسفرت هذه الحرب عن هزيمة الصين‪ ،‬وكان مأن أهم نتائجها اتساع مأستعمرة هونج كونج‪ ،‬بحيث لم تعد‬
‫مأقصورة على الجزيرة المواجأهة للساحل‪ ،‬بل على قإسم كبير مأن القإليم الساحلي المجاور‪ ،‬وبذلك أصبحت‬
‫المستعمرة البريطانية مأتصلة اتصال مأباشرا ببلد الصين‪ ،‬ل تحول بينهما مأياه البحر الضيق كما كانت الحال‬
‫مأن قإبل‪ ،‬واضطرت حكومأة بكين فأي عاما )‪ (1858‬إلى إصدار أمأر يبيح استيراد الفأيون ويفرض ضريبة على‬
‫المستورد مأنه‪ .‬ويعلق على إشعال بريطانيا حربي الفأيون كاتب إنجليزي بقوله "ليس فأي التاريخ التجاري‬
‫النجليزي صفحة تلصق ببلدنا عارا أشنع مأما ألحقته بنا وبتجارنا وساستنا قإصة التجار فأي الفأيون مأع الصين‬
‫إذا سردناها ببساطة تامأة مأن غير تهويل"‪] .‬نقول‪ :‬بل هناك صفحات وصفحات فأي أكثر بلد المسلمين‪.[..‬‬
‫شنت بريطانيا أكثر مأن حرب واحدة على الشعب الصيني العزل وذلك مأن أجأل الفوائد التي يجنيها‬
‫المتجرون فأي هذه السموما‪ ،‬وقإد استولت بريطانيا عنوة على أرض صينية اغتصبتها اغتصابا لكي تجعل مأنها‬
‫مأرفأأ يعتصم به المهربون الذين لم يلبثوا أن اتسعت تجارتهم‪ ،‬وتزايد نشاطهم رغم أنف السلطات الصينية‪،‬‬
‫سب أي رجأل انجليزي أن يطالع هذه القصة لكي يدرك السبب فأي أن الجأانب يحكمون على هذه البلد‬ ‫وح ْ‬
‫بأنها مأع ادعائها التمسك بالمبادئ السامأية ل تسمح للعتبارات النسانية أن تحول بينها وبين مأطامأعها‪ .‬ومأا‬
‫أشبه الليلة بالبارحة‪ ،‬فأها هي أمأريكا )وريثة بريطانيا( اليوما تشن حربا ً شعواء بأحدث مأا توصل إليه العقل‬
‫البشري مأن إختراعات تدمأيرية على شعب فأقير أعزل‪ ..‬وليس هناك فأرق بين هذه الحرب وحرب الفأيون‬
‫سوى اختلف البضاعة‪ ..‬إن هذا الجشع الغربي المطعم بالحقد الصليبي هو حقيقة الحضارة الغربية التي‬
‫تبشر بها القوى العالمية‪ ..‬يجب أن يعي المسلمون هذه الحقائق وهم يتعلقون بعتبات البيت البيض أو الحمر‬
‫أو غيرها مأن بيوتات الحكومأات الغربية طمعا ً فأي رقإة قإلوب هؤلء الحاقإدين على النسانية‪ ،‬الذين ل يألون‬
‫جأهدا ً فأي إبادة الشعوب والبشر فأي سبيل الحصول على حفنة مأن الدولرات يشبعون بها نهمهم الذي تخطى‬
‫حد التخمة‪..‬‬

‫كتبه‪:‬‬
‫حسين بن مأحمود‬

You might also like