You are on page 1of 24

‫وزارة العليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة وهران ‪ 1‬أحمد بن بلة‬


‫كلية العلوم اإلنسانية والعلوم اإلسالمية‬
‫قسم التاريخ وعلم اآلثار‬
‫محاضرات مقياس‪ :‬االستعمار وحركات التحرر في إفريقيا وآسيا‬
‫‪-‬السداسي السادس ‪-2019/2020‬‬
‫أستاذ المقياس‪ :‬عبد القادر خليفي‬

‫‪-‬مؤتمر برلين ‪1884/1885‬‬


‫وتقسيم القارة اإلفريقية‪(.‬قدم يوم ‪)19/2/2020‬‬

‫<ا‬
‫<ابقت إليه<‬
‫<تي تس<‬‫يعتبر القرن التاسع عشر قرن التوسع االستعماري في القارة اإلفريقية‪ ،‬ال<‬
‫البلدان األوربية لكسب األراضي واستغالل مواردها لخدمة بلدانها التي كانت تشهد تطورا ملحوظا في‬
‫مختلف مجاالت الحياة‪ .‬ومن أجل التخفيف من الصراع بينها عقدت مؤتمر برلين الذي انتظمت بعده‬
‫الحركة االستعمارية في القارة اإلفريقية‪.‬‬

‫< مؤتمر برلين في الفترة الواقعة بين شهري نوفمبر ‪ 1884‬وفيفري ‪ ،1885‬بمدينة برلين‬ ‫انعقد‬
‫عاصمة ألمانيا بهدف تنظيم استعمار القارة اإلفريقية بين البلدان االس<<تعمارية األوربي<<ة‪ .‬وتتمث<<ل‬
‫أسباب انعقاد المؤتمر في أسباب غير مباشرة وأخرى مباشرة‪:‬‬

‫أوال‪ :‬األسباب غير المباشر تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪-‬الصراع العلني بين الدول األوربية حول القارة اإلفريقية‪.‬‬

‫‪-‬سعي األوربيين إلى بناء إمبراطوريات أوربية واسعة‪.‬‬

‫‪-‬الرغبة في تحقيق األمجاد القومية‪.‬‬

‫‪-‬تطبيق نظريات التمييز العنصري لسيادة الرجل األبيض‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬األسباب المباشرة‬


‫‪1‬‬
‫<اني‪،‬‬
‫<د الث<‬
‫يعود السبب المباشر لعقد مؤتمر برلين إلى األطماع البلجيكية بزعامة ملكها ليوبول<‬
‫<يوخ‬‫<وا في مجلس الش<‬ ‫الذي كانت له طموحات واسعة في التوسع واالستعمار منذ كان أميرا وعض<‬
‫البلجيكي(‪ ،)1860‬إال أنه لم يجد دعما من أي جهة بلجيكية‪ ،‬ألن البلجيكيين كانوا يرون أن م<<وارد‬

‫‪ 1‬حياته(‪)1909-1835‬‬

‫‪1‬‬
‫<ون‬‫بالدهم ال تكفي لسد نفقات الحمالت الموجهة لكل من إفريقيا وآسيا‪ ،‬وأنه ال يمكن لبلجيكا أن تك<‬
‫لها مكانة أكبر مما هي عليه‪ ،‬فاعتمد على نفسه في تحقيق حلمه‪ ،‬وواصل محاوالته بع<<د أن تقل<<د‬
‫مهام العرش سنة ‪.1865‬‬

‫<ذي‬‫<تانلي‪ ،‬ال<‬
‫ومن بين محاوالته قيامه باالتصال ببعض الرحالة األوربيين في إفريقيا‪ .‬أولهم س<‬
‫كان صحفيا ورجل أعمال‪ ،‬وكانت رحالته إلى القارة اإلفريقية عبارة عن مشروعات تجاري<<ة‪ .‬وق<<د‬
‫اهتم ليوبولد الثاني ملك بلجيكا بمشروعات ستانلي‪ .‬فكر أوال في بالد فرموزا ثم الفلبين ثم المغ<<رب‬
‫والكامرون والصين‪ ،‬وأخيرا اتجه نظره إلى الكونغو‪ .‬ففي سبتمبر من سنة ‪ 1876‬قام بجمع مؤتمر‬
‫في بروكسل للجغرافيين الدوليين‪.‬‬

‫شارك في المؤتمر سياسيون ومستكشفون إلى جانب الجغرافيين‪ ،‬بهدف تسهيل استكشاف القارة‬
‫وحماية أهلها من تجارة الرقيق‪ .‬حاول ليوبولد الثاني بهذه الطريقة تحقيق أهداف<<ه الشخص<<ية في‬
‫السيطرة ُمظهرا اهتمامه اإلنساني‪.‬‬

‫وقد حمل اسم "المؤتمر الجغرافي العالمي‪ ".‬ثم تألفت "الجمعية الدولية لكشف إفريقي<<ا وإدخ<<ال‬
‫الحضارة إليها‪ ".‬هذه الجمعية التي أرسلت عدة بعثات إلى شرق إفريقيا في بحيرة تنجانيقا تحدي<<دا‪،‬‬
‫حيث تم إنشاء محطة بلجيكية في كريما على بحيرة تنجانيقا‪ ،‬لكن سرعان ما صرفوا النظر عنها‪.‬‬

‫<اه‬
‫كان من أبرز الموظفين في الجمعية السير‪ ‬هنري مورتون ستانلي ‪-‬وهو إنكليزي األصل‪ -‬دع<‬
‫ليحضر أحد اجتماعات اللجنة في ‪ ،1878-11-25‬وعلى إثر ذلك تكونت "لجنة دراس<<ة الكونغ<<و‬
‫األعلى‪ ".‬ثم أصبحت تدعى جمعية الكونغو الدولية‪ ،‬وتكلف الملك بدفع رأسمالها البالغ ‪ 40‬ألف جنيه‬
‫من ماله الخاص‪ ،‬وأصبح رئيسها لمدة سنة‪ .‬وعمل على أن تعترف بها دول العالم‪ ،‬فكانت الوالي<<ات‬
‫المتحدة األمريكية أول من اعترف بالجمعية في نوفمبر ‪ 1882‬ثم تلتها دول أخرى(مثل بريطاني<<ا)‪،‬‬
‫باعتبارها دولة إفريقية مستقلة ذات سيادة باسم دولة الكونغو الح<<رة س<<نة ‪ 1885‬له<<ا علمه<<ا‬
‫الخاص‪ 2،‬ويقوم بإدارتها الملك ليوبولد‪.‬‬

‫<يين‪.‬‬
‫<اء المحل<‬‫<يوخ والرؤس<‬
‫< وعقد ‪ 500‬معاهدة مع الش<‬ ‫سافر ستانلي عدة مرات إلى الكونغو‬
‫وأرسل الملك حمالت عسكرية إلى أبعد مسافة ممكنة وفي كل االتجاهات‪( ،‬وتأسست مدينة ليوبول<<د‬
‫فيل عام ‪).1882‬‬

‫وقد تم إنشاء عدة محطات تجارية(‪ 22‬محطة على نهر الكونغو وفروعه) بعد عقد معاهدات مع‬
‫‪3‬‬
‫الزعماء الوطنيين بغرض استغالل خامات حوض الكونغو الغنية(المطاط)‪.‬‬

‫‪ 2‬قطعة قماش أزرق تتوسطه نجمة ذهبية‪.‬‬


‫&ة‬
‫&ا‪ .‬وارتكبت الحكوم&‬ ‫&ار تجارته&‬
‫& فيها حكومة الكونغو بدأت بلجيكا العمل على ضمها منذ سنة ‪ 1891‬باحتك&‬ ‫‪3‬نظرا للمشاكل التي كانت تتخبط‬
‫& األرباح من موارد البالد الغنية(المطاط)‪ ،‬ووقعت احتجاجات دولي&&ة‪.‬‬
‫& المتمثل في تحقيق‬‫البلجيكية أشد أنواع القسوة ضد السكان لتنفيذ برنامجها‬
‫& بلجيكية تديرها الحكومة(إحسان حقي‪ :‬إفريقيا الح&&رة بالد‬
‫& مستعمرة‬
‫& الحرة واعتبار الكونغو‬
‫وفي ‪ 1908‬وافق البرلمان على إنهاء دولة الكونغو‬
‫& لبنان‪ ،‬طبعة ‪ ،1962‬ص‪).65 :‬‬ ‫األمل والرخاء‪ ،‬المكتبة التجارية للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‬

‫‪2‬‬
‫الموقف األوربي من األحداث‬
‫أ‪-‬تفطنت فرنسا إلى األهداف الحقيقية للرابطة الدولية للكونغو‪ ،‬وهو الحصول على أقاليم شاسعة في‬
‫<اليم‬
‫<د إلى أق<‬
‫<ام ‪ ،1858‬وتمت<‬
‫القارة‪ .‬وكانت فرنسا تملك األراضي المحيطة بمصب الغابون منذ ع<‬
‫< وأقاليم األوبانجي‪ .‬وكان اإليطالي الذي تجنس فرنسيا –سافورينس<<ان دي ب<<رازا‪ -‬يعم<<ل‬‫الكونغو‬
‫الستكشاف هذه المناطق منذ ‪ 1875‬واستعمل الطرق السلمية بالتقرب من السكان‪ ،‬وأعلن خض<<وع‬
‫األراضي الواقعة على ضفتي النهر للحماية الفرنسية‪.‬‬

‫أما ستانلي فقد ترك الساحل وتوغل نحو الداخل‪ ،‬وقابله دي برازا سنة ‪ ،1880‬ووقع تن<<افس‬
‫بين الرجلين والدولتين(فرنسا وبلجيكا) في أوربا‪ ،‬ووقع اتفاق بين الطرفين‪.‬‬

‫<‬
‫<واحل‬‫<ة على س<‬ ‫<ا التاريخي<‬
‫<الم بحقوقه<‬‫الحدث حفيظة البرتغال التي قامت لتذكر الع<‬
‫ب‪-‬أثار هذا َ‬
‫الكونغو‪ ،‬ألنها أول من كشف مصب النهر في القرن الخامس عشر‪ .‬ودعمتها بريطانيا بغ<<رض م<<د‬
‫نفوذها بدل البرتغال العاجزة ماليا‪ .‬واتفقت الدولتان في ‪ 26‬فيفري ‪ 1884‬على أحقية البرتغال في‬
‫االستيالء على إقليم الكونغو وحرية المالحة الدولية في نهري الكونغو والنيجر‪.‬‬

‫ج‪-‬وأمام عقد هذه االتفاقية وخوف فرنسا على مصالحها‪ ،‬وقع تقارب بين فرنسا وألمانيا –رغم‬
‫عدائهما التقليدي‪ -‬واتفقتا يوم ‪ 17‬أوت ‪ 1884‬على المطالبة بعقد مؤتمر دولي إلفشال م<<ا وق<<ع‬
‫وو ْضع األمور في نصابها‪ ،‬ورفضت‬ ‫االتفاق عليه بين بريطانيا والبرتغال بخصوص منطقة الكونغو‪َ ،‬‬
‫فرنسا وألمانيا ادعاءات البرتغال‪ ،‬وبناء على هذا لم تصادق بريطانيا على االتفاقية‪ ،‬وتمت مراس<<لة‬
‫دول العالم آنذاك لحضور هذا المؤتمر‪.‬‬

‫انعقاد المؤتمر‬

‫وافقت الدول األوربية على االقتراح األلماني بعقد مؤتمر دولي لحل مسائل النزاع في إفريقي<<ا‪،‬‬
‫<كري‬‫والجلوس على مائدة المفاوضات من أجل تنظيم القارة بشكل ال ُيحدث التعارض والتصادم العس<‬
‫بينها‪.‬‬

‫وهكذا اجتمع المؤتمرون في برلين في الفترة من ‪ 15‬نوفمبر ‪ 1884‬إلى ‪ 26‬فيف<<ري ‪1885‬‬


‫بحضور أغلب الدول األوربية (ألمانيا‪ -‬النمسا‪ -‬بلجيكا‪ -‬الدنمرك‪ -‬السويد‪ -‬اس<<بانيا‪ -‬البرتغ<<ال‪-‬‬
‫إنكلترا‪ -‬فرنسا‪ -‬روسيا‪ -‬إيطاليا‪ -‬تركيا) باستثناء سويسرا ودول البلقان‪ ،‬كما حض<<رت الوالي<<ات‬
‫المتحدة األمريكية‪.‬‬

‫عقد المؤتمر عشر جلسات كاملة‪ ،‬وانتهى إلى إصدار قرارات في شكل ميثاق عام يتض<<من ‪28‬‬
‫<رارات‬
‫<ة‪ .‬وأهم الق<‬
‫<دة األمريكي<‬
‫<ات المتح<‬
‫مادة‪ ،‬وقعه مختلف ممثلي الدول المشاركة ما عدا الوالي<‬
‫المتوصل إليها هي‪:‬‬

‫‪- 1‬حرية التجارة في حوضي الكونغو والنيجر‪ ،‬أي التوسع في عملية حرية التجارة ككل في أواس<<ط‬
‫إفريقيا‪ ،‬رغم معارضة فرنسا والبرتغال اللتان سعتا إلى تضييق حدود التوسع قدر اإلمكان‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪- 2‬حرية المالحة في نهري الكونغو والنيجر‪ ،‬وهذا لجميع الدول وحتى في حالة الحرب(محايدة كانت‬
‫أم معادية)‪.‬‬

‫‪-3‬االحتالل الفعلي وشروطه‪:‬‬

‫أ‪-‬عدم إعالن دولة ما حمايتها على منطقة ما دون أن تعلم بذلك الدول األخرى الموقعة على االتفاق‪.‬‬

‫ب‪-‬عدم إعالن دولة ما حمايتها على منطقة ما من القارة دون أن تؤيد هذه الحماية ب<<احتالل فعلي‬
‫لها‪.‬‬

‫< الحرة‪ :‬وقد عهدت حكومتها للملك البلجيكي‪ ،‬وبذلك اختفت الرابطة اإلفريقية‪.‬‬
‫‪-4‬إنشاء دولة الكونغو‬

‫‪- 5‬مسائل أخرى‪ :‬تم التطرق إلى مواضيع أخرى في المؤتمر وفي الكواليس‪ ،‬منه<<ا إعالن تح<<ريم‬
‫تجارة الرقيق‪ ،‬بأن تسعى هذه الدول لتجنيد كل إمكانياتها لوضع حد لها ومعاقبة مرتكبيه<<ا؛ ألنه<<ا‬
‫<ة بين‬
‫<ات جانبي<‬ ‫<رى في مباحث<‬ ‫منافية لمبادئ القانون الدولي(فيينا ‪ ،)1815‬كما عولجت قضايا أخ<‬
‫أعضاء الوفود‪.‬‬

‫نتائج المؤتمر‬

‫كان مؤتمر برلين تتويجا لجهود القوى الكبرى لتنظيم السيطرة على القارة اإلفريقية‪ .‬وهو ثمرة‬
‫<د‬
‫< خالل وبع<‬
‫من ثمرات الدبلوماسية األوربية في صراعها على القارة‪ .‬وقد تمت معظم أعمال التقسيم‬
‫المؤتمر‪ ،‬الذي أسفر عن تغيير مالمح الخريطة السياسية لقارة إفريقيا‪.‬‬

‫وهكذا توزعت مناطق النفوذ في إفريقيا على الشكل التالي‪:‬‬

‫<طى‬
‫<ا الوس<‬
‫<ة وإفريقي<‬
‫‪- 1‬منطقة النفوذ الفرنسي‪ :‬وتشمل بلدان شمال غرب إفريقيا وإفريقيا الغربي<‬
‫االستوائية‪.‬‬

‫‪- 2‬منطقة النفوذ البريطاني‪ :‬وتشمل غامبيا وسيراليون وساحل الذهب ونيجيريا في غ<<رب إفريقي<<ا‬
‫باإلضافة إلى جنوبي إفريقيا وشرقها وشمالها الشرقي‪.‬‬

‫‪-3‬منطقة النفوذ البلجيكي‪ :‬وتشمل حوض نهر الكونغو بأكمله‪.‬‬

‫<ا‬
‫‪- 4‬منطقة النفوذ األلماني‪ :‬وتشمل الطوغو والكامرون وجنوب غربي إفريقيا في الغرب‪ ،‬وطانجانيق<‬
‫ورواندا وبورندي في شرقي القارة‪.‬‬

‫‪- 5‬منطقة النفوذ البرتغالي‪ :‬في غينيا البرتغالية(بيساو) وأنكوال وإفريقيا الشرقية (موزمبيق)‪.‬‬

‫‪- 6‬منطقة النفوذ األسباني‪ :‬الصحراء الغربية‪ -‬الريف وإيفني المغربيتين – غينيا االستوائية‪.‬‬

‫‪-7‬منطقة النفوذ اإليطالي‪ :‬وتشمل ليبيا‪ -‬أريتريا‪ -‬الصومال‪.‬‬

‫آثار المؤتمر‬

‫‪4‬‬
‫‪-‬هكذا قسم مؤتمر برلين القارة اإلفريقية إلى أشالء إلشباع أطماع الدول األوربية المس<<تعمِرة‬
‫التي عملت على استغالل القارة ماديا وبشريا طيلة عقود من السنين‪.‬‬

‫‪-‬لم َي ْع ِن المؤتمر مطلقا بحقوق المواطنين األصليين لهذه البالد‪ ،‬فلم َي ُنص على احترام أمالكهم‬
‫<مت‬‫<ذين قس<‬ ‫<ا ال<‬
‫<ور ممثلي إفريقي<‬ ‫أو عاداتهم أو حسن معاملتهم‪ ،‬أي أن المؤتمر اجتمع دون حض<‬
‫بلدانهم بين تلك الدول‪ ،‬وتحولت القارة إلى وحدات قزمية صغيرة‪.‬‬

‫< الجائر‪ ،‬الذي‬


‫‪-‬تعتبر الوحدات السياسية المكونة اليوم بحدودها الحالية هي أثر من ذلك التقسيم‬
‫لم ُي راع المقومات الجغرافية أو البشرية التي تساعد على البقاء واالستمرار كوحدة سياسية؛ حيث لم‬
‫تنته آثار المؤتمر المسيئة باستقالل المستعمرات‪ ،‬بل ما تزال تالحق الدول اإلفريقية وذلك في صورة‬
‫النزاعات الحدودية البغيضة‪.‬‬

‫<دول‬‫<ا بين ال<‬


‫<باقا محموم<‬‫<تى ‪ 1902‬س<‬ ‫‪-‬قد شهدت القارة اإلفريقية في الفترة من ‪ 1885‬ح<‬
‫<يرية‬
‫<ات التبش<‬‫<ة والبعث<‬
‫<ركات التجاري<‬
‫األوربية الغربية الحتاللها وتقسيمها فيما بينها؛ فجاءت الش<‬
‫والحمالت العسكرية إلثبات ملكية بالدها لمناطق مختلفة‪.‬‬

‫< الحرة وجد ليوبولد صعوبات ميدانية‪ ،‬فاضطر إلى جمع مؤتمر دولي‬ ‫بعد تطبيق إنشاء دولة الكونغو‬
‫<ون‬
‫<اء الل<‬
‫<رارات إعط<‬
‫<ذ ق<‬
‫في بروكسل في ‪ 1889-11-18‬نتج عنه تحريم تجارة الرقيق‪ .‬واتخ<‬
‫اإلنساني لعملية الغزو األوربي للقارة اإلفريقية‪.‬‬

‫‪-‬كان ممثلو الدول األوربية يحصلون على توقيعات رؤساء القبائل على نماذج مطبوعة بالترغيب‬
‫<ة‬
‫حينا وبالترهيب في أحيان أخرى كثيرة‪ ،‬مع جهل غالبية الزعماء األفارقة للقراءة والكتابة وبخاص<‬
‫اللغات األجنبية‪ .‬وكانت توقيعاتهم تتمثل غالبا في إشارة ‪ +‬أو ×‪.‬‬

‫‪-‬لقد تغيرت خريطة القارة السياسية في أقل من عشرين سنة بعد مؤتمر برلين‪ .‬ففي سنة ‪ 1902‬لم‬
‫<ارة‪،‬‬‫<احة الق<‬
‫<اوي ‪ % 8‬من مس<‬ ‫<ا تس<‬‫<يطة منه<‬ ‫يبق خارج السيطرة االستعمارية سوى أجزاء بس<‬
‫<يطر على‬ ‫<ة تس<‬ ‫<بع دول أوربي<‬ ‫–وأصبحت س<‬ ‫تشمل(ليبيريا‪ -‬إثيوبيا‪ -‬المغرب األقصى‪ -‬ليبيا)‪.‬‬
‫القارة بعد أن اقتسمتها فيما بينها‪ :‬بريطانيا‪ -‬فرنسا‪ -‬البرتغال‪ -‬إيطاليا‪ -‬إسبانيا‪ -‬ألمانيا‪ -‬بلجيكا‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪-‬حركات التحرر الوطني في إفريقيا‬
‫تطلق حركات التحرر الوطنية على تلك الحركات الجماهيرية التي نظمته<<ا النخب<<ة من‬ ‫مقدمة‬
‫<ا‬
‫<د العلي<‬
‫المثقفين األفارقة المشبعين بأفكار التقدم والديمقراطية‪ ،‬وهم من خريجي المدارس والمعاه<‬
‫<اهير‬
‫<ة الجم<‬‫والجامعات الغربية‪ .‬نظمتها في أحزاب سياسية ومنظمات مهنية وشبابية بهدف توعي<‬
‫سياسيا وقوميا‪ ،‬وقادتها للحصول على الحكم الذاتي أو استعادة حرية بلدانها وسيادتها الوطنية‪.‬‬

‫وقد شهدت مختلف المستعمرات اإلفريقية تحوالت في فترة ما بين الحربين العالميتين في شتى‬
‫<ذا‬
‫<ارة‪ .‬في ه<‬‫<ني في الق<‬ ‫مجاالت الحياة‪ .‬هيأت هذه الظروف المالئمة لنشوء حركات التحرير الوط<‬
‫الوقت أخذ االنتماء إلى األرض والوطن يحل تدريجيا محل االنتماء إلى العشيرة أو القبيلة‪.‬‬

‫أهم ظروف نشأتها هي‪:‬‬

‫‪-1‬إقامة وحدات اقتصادية رأسمالية متباينة‪ :‬أدت إلى ظهور فئة ثرية في المجتمع وب<<روز طبق<<ة‬
‫اجتماعية جديدة‪.‬‬

‫أ‪-‬فظهرت نواة لطبقة بورجوازية ريفية إفريقية‪.‬‬

‫ب‪-‬وأخرى لطبقة بورجوازية َحضرية تضم كبار أصحاب المتاجر ووسائل النق<<ل وكب<<ار أص<<حاب‬
‫الملكيات العقارية وحملة الشهادات من محامين وأطباء ومعلمين وممرضين وم<<وظفين أفارق<<ة في‬
‫القطاع العام والخاص‪.‬‬

‫<ناعية‬
‫<ات الص<‬
‫ج‪-‬وظهرت نواة ثالثة لطبقة عمالية تتكون من العمال المأجورين في مختلف القطاع<‬
‫والتجارية‪.‬‬

‫ونتيجة لالضطهاد الذي لقيته هذه الفئات نشأ بينها وعي لهذا االس<<تغالل بأش<<كاله المختلف<<ة‬
‫< فيما بينها للدفاع عن حقوقها لوحدة مصالحها‪ ،‬وتعزز التضامن عبر النضال المشترك ض<<د‬ ‫واتفقت‬
‫قوى االستغالل والقمع‪.‬‬

‫‪-2‬انتشار التعليم في المدارس والمعاهد األوربية والدينية أدى هذا التعليم في المستعمرات إلى نشوء‬
‫فئة النخبة من خريجي هذه المؤسسات من أبناء المستعمرات‪ ،‬وهم الذين عاش<وا في عواص<م دول‬
‫<ذاهب‬
‫<وا على الم<‬
‫مستعمريهم‪ ،‬وتعرفوا على الحضارة األوربية الغربية ومناقبها ومثالبها‪ ،‬كما تعرف<‬
‫السياسية وال َعقدية والفلسفية المختلفة ووسائل الحضارة الغربية‪.‬‬

‫<ل‬
‫<ومي والعط<‬‫وقد قابل هذا التقدم ميز عنصري تجاه هذه الفئة في العمل واألجر والسكن الحك<‬
‫السنوية؛ مما أدى إلى وعيها لحدود النظام االستعماري وتناقضاته‪ ،‬وعدم تطابق الشعارات والوعود‬
‫البراقة مع أفعالها وممارساتها التعسفية‪ .‬استاءت هذه الفئة من النظام االستعماري‪ ،‬فق<<امت تعم<<ل‬
‫لتعبئة الجماهير اإلفريقية وتوعيتها وتنظيم حركاتها التحررية‪.‬‬

‫عوامل نشأتها‪:‬‬

‫تنقسم هذا العوامل إلى قسمين‪ :‬عوامل داخلية وأخرى خارجية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫< الداخلية‪:‬‬
‫العوامل‬

‫‪- 1‬االستياء العام‪ :‬أدى استغالل مختلف الفئات اإلفريقية من قبل السياس<<ة اإلداري<<ة االس<<تعمارية‬
‫المحلية وتعاونها مع الشركات التجارية األوربية إلى إثارة استياء هذه الفئات داخل كل مستعمرة‪.‬‬

‫<ار‬
‫<اء على التج<‬
‫‪- 2‬تهميش البرجوازية التجارية الصغيرة‪ :‬تعاونت اإلدارة والشركات األوربية للقض<‬
‫األفارقة وتهميشهم‪(.‬عدم إدماجهم في النظام التجاري الجديد‪ -‬سياسة ضريبية انتقائية‪ -‬الصرامة في‬
‫<ا‬
‫<هيالت في دفعه<‬‫جباية الضرائب‪ -‬إجراءات المصادرة‪ -‬تخفيضات ضريبية للتجار األوربيين ‪ -‬تس<‬
‫ومساعدتهم على حماية األسعار‪ -‬خفض أسعار المواد األولية المصدرة ورفع أسعار السلع المصنعة‬
‫المستوردة‪).‬‬

‫‪- 3‬إفقار الشرائح الفالحية‪ :‬كانت زيادة ضريبة الرأس تزداد باستمرار ح<<تى في أوق<<ات األزم<<ات‬
‫االقتصادية‪ ،‬مما أثقل كاهل الشرائح الفالحية المختلفة‪ ،‬وكانت أحد أسباب فقرها‪.‬‬

‫<ة‬‫‪- 4‬انخفاض القدرة الشرائية لعالم العمل‪ :‬رغم قلة الفئة العاملة اإلفريقي<<ة‪ ،‬فق<<د ت<<أثرت باألزم<‬
‫االقتصادية العالمية لسنة ‪ 1929‬في إفريقيا الغربية‪ ،‬وتقلصت فرص العمل وبرزت ظاهرة البطال<<ة‪،‬‬
‫وتدهورت األجور في وجه من َو َج د شغال في المنشآت الخاصة‪ ،‬مع غالء أسعار المواد الغذائية‪ ،‬مما‬
‫زاد من بؤس اليد العاملة اإلفريقية غير المتخصصة وأسهم في تفاقم االستياء‪.‬‬

‫< الخارجية‪:‬‬
‫العوامل‬

‫< الخارجية في اليقظة السياسية للنخب اإلفريقية على الشكل التالي‪:‬‬


‫أسهمت العوامل‬

‫‪- 1‬آثار الحرب العالمية األولى والثانية‪ :‬كانت مشاركة السكان األفارقة في الحربين عامال مؤثرا على‬
‫وعيهم وزيادة الثقة في أنفسهم‪ ،‬بعد أن شاهدوا بأعينهم انهيار دول كانوا يرونها ال تقهر‪ ،‬ورأوا أن‬
‫< مثلهم في ذلك مثل بقية شعوب العالم‪.‬‬
‫بإمكانهم الدفاع عن شعوبهم‬

‫‪- 2‬حق الشعوب في تقرير مصيرها‪ :‬روجت الواليات المتحدة األمريكية أثناء وبعد الحرب العالمي<<ة‬
‫<دول‬
‫<ة ال<‬‫األولى لهذا المبدأ على يد رئيسها ولسن صاحب المبادئ األربعة عشر‪ ،‬وهذا ما فعلته بقي<‬
‫األوربية خالل الحرب عن طريق دعايتها‪.‬‬

‫‪-3‬انتصار الشيوعية في اإلتحاد السوفيتي سنة ‪ 1917‬والصين سنة ‪ :1949‬كان هذا حدثا هاما في‬
‫التاريخ العالمي‪ ،‬وكان له أثر على مستوى تكون األفكار واالتجاهات المناهضة للغرب االس<<تعماري‪.‬‬
‫وقد ظهرت على إثر ذلك مجموعة الدول الضعيفة المتضامنة فيما بينها باسم جديد هو العالم الثالث‪.‬‬

‫لقد سعى الزعماء األفارقة إلى الوقوف عند اآلراء الماركسية ودراستها لالس<<تعانة به<<ا على‬
‫مواجهة الجبهة االستعمارية التي اتسمت بالترفع والتجاهل لألفارقة سياسيا واجتماعيا واقتص<<اديا‪.‬‬
‫<وق‬ ‫<يين لهم نفس الحق<‬
‫<ر وآدم<‬‫<تراف بهم كبش<‬ ‫<رتهم لالع<‬‫وكان البحث وتلمس السبل لفرض نظ<‬
‫والواجبات مثلما هي لغيرهم‪.‬‬

‫‪- 4‬ظهور هيئات دولية‪ :‬تمثلت في عصبة األمم بعد الحرب العالمية األولى ومنظمة األمم المتحدة بعد‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ .‬وبروز ميثاق حقوق اإلنسان‪ .‬كل هذا ساهم في تحرير الشعوب المقه<<ورة‪،‬‬

‫‪7‬‬
‫<دعم‬
‫<ة ‪ ،1963‬ل<‬
‫<دة اإلفريقي<‬
‫<ة الوح<‬
‫إلى جانب هيئات جهوية كحركة عدم االنحياز ‪ 1961‬ومنظم<‬
‫الشعوب المناضلة من أجل التحرر واإلعتاق‪.‬‬

‫مراحل تطور حركات التحرر الوطني‪:‬‬

‫هناك مرحلتان‪:‬‬

‫<تعماري‬
‫<ام االس<‬
‫<ال للنظ<‬
‫<عبي متواص<‬
‫<رفض الش<‬‫<ان ال<‬
‫‪-1‬مرحلة اإلعداد والتهيؤ‪ :‬ففي األرياف ك<‬
‫وممارساته‪ ،‬أما في المدن فتأسست جمعيات ورابطات ونواد وأحزاب سياسية وصحافة‪.‬‬

‫وقد اقتصر النضال في هذه الفترة على النضال من أجل إصالح النظام االستعماري وتجاوزاته‪،‬‬
‫باتجاه ديمقراطي يسمح بمشاركة األفارقة في إدارة شؤون بالدهم وتحديث التعليم وتعميمه والتوسع‬
‫< اإلجباري‪ -‬التجنيد اإلجباري‪ ).‬وامت<<دت‬
‫في نشر المراكز الصحية وإلغاء نظام القمع واإلكراه(العمل‬
‫هذه المرحلة حتى سنة ‪ 1939‬وفي بعضها حتى سنة ‪.1945‬‬

‫‪-2‬قيام حركات التحرر من أجل االستقالل‪ :‬تبدأ هذه المرحلة بعد عام ‪ 1945‬وتنتهي باالستقالل‪ .‬وقد‬
‫ظهر تياران بعد الحرب العالمية الثانية في القارة اإلفريقية‪:‬‬

‫أ‪-‬التيار المطالب باالستقالل الفوري مع االرتباط بالدولة المستعمِرة أو بدونه(كومولث‪-‬اتحاد)‪.‬‬

‫<ة‬
‫<ع الدول<‬
‫<ة م<‬
‫<ة أو كونفدرالي<‬
‫<ة فدرالي<‬
‫ب‪-‬التيار المطالب باالستقالل الذاتي المحلي في إطار دول<‬
‫المستعمرة‪.‬‬

‫بدأ هذا التيار األخير في المستعمرات اإلنكليزية غرب إفريقيا‪ ،‬وتواجد التياران في البداي<<ة في‬
‫<ا‬
‫<رعان م<‬
‫المستعمرات الفرنسية في إفريقيا الغربية واالستوائية‪ ،‬لكن الغلبة كانت للتيار الثاني‪ ،‬وس<‬
‫أدرك الداعون إلى االستقالل الذاتي مدى تمسك الدول االستعمارية بإدارة الهيمنة‪.‬‬

‫‪-‬وظهر الطابع السياسي في النضال في المستعمرات اإلنكليزية بإفريقيا الغربية والمس<<تعمرات‬


‫الفرنسية في إفريقيا الغربية واالستوائية‪.‬‬

‫‪-‬وظهر التيار المكافح عسكريا في البلدان التي تواجد بها المستوطنون األوربيون كالمستعمرات‬
‫اإلنكليزية في جنوبي إفريقيا والمستعمرات البرتغالية في جنوب شرق إفريقيا وفي غربها‪.‬‬

‫‪-‬كما واكب النضال السياسي النضال العسكري في الوقت نفسه‪ .‬وابتداء من سنة ‪ 1957‬بدأت‬
‫الدول اإلفريقية جنوبي الصحراء الكبرى تحصل على استقاللها‪(.‬حتى سنة ‪ 1956‬كانت هناك دولتان‬
‫مستقلتان هما‪ :‬ليبيريا وإثيوبيا‪).‬‬

‫وقد سبقت البلدان األسيوية بلدان إفريقيا في حصولها على االستقالل‪ ،‬حيث أدى الوضع الجديد‬
‫إلى التحرر من االستعمار عبر مرحلتين كبيرتين متتاليتين‪ ،‬تتعلق كل منهما بقارة‪:‬‬

‫‪-‬فأما البلدان األسيوية فتحررت بين عامي ‪ 1945‬و‪- .1954‬وحصلت البل<<دان اإلفريقي<<ة على‬
‫استقاللها بالسلم أو بالقوة في الفترة ما بين سنتي ‪ 1956‬و‪(.1963‬المس<<تعمرات البرتغالي<<ة ‪11‬‬
‫نوفمبر سنة ‪ -1975‬ناميبيا ‪ 21‬مارس ‪ 1990‬عاصمتها ويندهوك‪).‬‬

‫‪8‬‬
‫‪-‬االستعمار األوربي في جنوب إفريقيا‬
‫‪-‬مقدمة‬
‫&وانا‬
‫&مال الغ&ربي‪ ،‬وبوتس&‬
‫& جنوب القارة اإلفريقية‪ ،‬يحده ناميبي&ا من الش&‬
‫يقع هذا البلد في أقصى‬
‫& فتقع أراضيها داخ&&ل‬
‫& وسوازيالند من الشمال الشرقي‪ ،‬أما لوزوتو‬ ‫& من الشمال‪ ،‬وموزمبيق‬‫وزيمبابوي‬
‫تراب جنوب إفريقيا‪ ،‬أما باقي حدودها فتقع على المحيط الهندي واألطلنطي‪.‬‬

‫&ة‬‫&ة إلى دول&‬


‫& الغربي&‬‫& التي تصل أطرافها‬
‫& صحراء كلهاري‬‫& ‪ 1,22‬كم‪ ،2‬تمتد في وسطها‬ ‫مساحتها‬
‫& ‪ 56,88‬مليون نسمة‪ .‬وهم موزعون على‬ ‫ناميبيا‪ .‬عاصمتها بريتوريا‪ ،‬بلغ عدد السكان سنة ‪:2017‬‬
‫‪4‬‬
‫الشكل التالي‪ 80 :‬في المائة زنوج‪ 9 -‬في المائة بيض‪ 9 -‬في المائة مولدون‪ 2 -‬في المائة أسيويون‪.‬‬

‫اللغة الرسمية هي األفريكانية(هولندية مع تأثيرات البانتو وكلمات ألمانية وإنكليزية) واإلنكليزي&&ة‬


‫& هو الذهب والماس واألورانيوم‪...‬‬ ‫إلى جانب اللهجات اإلفريقية الكثيرة‪ .‬العملة هي‪ Rand :‬أهم مورد‬
‫تعتبر أول قوة اقتصادية في القارة‪ ،‬اقتصادها األكثر تجهيزات بمعدات حديثة تغطي كل البالد‪.‬‬

‫& لكنه يختلف فصوله عنا‪ ،‬إذ هي معاكسة لفصولنا األربعة‪.‬‬


‫المناخ متوسطي‪،‬‬

‫‪-1‬تاريخ استعمار المنطقة‬

‫&ل‬
‫&ذي ح&‬ ‫&از(‪ ،)Bartholomew Diaz‬ال&‬ ‫كان البرتغاليون أول من وصل بزعامة بارثليميودي&‬
‫بالكاب سنة ‪ 1488‬وسماه رأس العواصف‪ .‬ثم جاء الهولنديون سنة ‪ ،1652‬واحتل فان بريك الك&&اب‬
‫& القمح والخمور‪.‬‬
‫نيابة عن شركة الهند الشرقية الهولندية وصدروا‬

‫& القرن الثامن عشر ثار السكان وطردوا حكام الشركة بس&&بب اإلفالس‪ .‬وفي س&&نة‬ ‫& منتصف‬‫وفي‬
‫&تولى‬‫&نة ‪ 1814‬اس&‬ ‫& س&‬ ‫&ة‪ .‬وفي‬
‫& بالمنطق&‬‫&تقروا‬
‫‪ 1688‬وصل الهوغونوت الفرنسيون المطرودون واس&‬
‫& مالية بلغت ستة ماليين جنيه لهولندا‪.‬‬
‫البريطانيون على المنطقة بموجب معاهدة فينا مقابل تعويضات‬

‫& على األرض مع الهولنديين‬ ‫& سنة ‪ 1820‬جاء اآلالف من اإلنكليز لالستيطان‪ ،‬ووقع الصراع‬ ‫وفي‬
‫& الجيش البريطاني‪ ،‬وكلما‬‫& الذين أرغموا على الهجرة( ‪ ،)Grand Trek 1837-1850‬وتتبعهم‬ ‫البوير‬
‫&يرة‬
‫& السنة األخ&‬
‫& مستعمرة أخذها منهم اإلنكليز‪ ،‬وكانت حرب البوير األولى ‪ ،1881-1880‬وفي‬ ‫كونوا‬
‫عقد الصلح بين الطرفين واعترف باستقالل ذاتي للترنسفال‪ .‬ثم كانت حرب الب&&وير الثاني&&ة ‪-1899‬‬
‫& الصلح‬‫وهزم البوير وطلب كروجر‬ ‫‪ 1902‬واستنجد الجيش البريطاني بقوات من مصر بقيادة كيتشنر‪ُ .‬‬
‫&فال‪-‬‬‫&ال‪ -‬الترنس&‬
‫&اب‪ -‬النت&‬‫& األربع‪ :‬الك&‬
‫الذي تم في ماي ‪ 1902‬في بريتوريا‪ .‬وتم جمع المستعمرات‬
‫األورنج‪ .‬ليتكون منها "اتحاد جنوب إفريقيا‪".‬‬

‫‪-2‬بريطانيا العظمى سيدة البحار التي ال تغيب عنها الشمس‬


‫‪ 4‬مصدر الموضوع ‪https://www.helaahob.com/news/world/8505‬‬

‫‪9‬‬
‫&ة تعيش‬
‫&دول األوربي&‬
‫&ة ال&‬
‫& أول دولة ظهرت بها الثورة الصناعية‪ ،‬بينما كانت بقي&‬
‫كانت بريطانيا‬
‫& الصناعي هو الذي وجه أنظار بريطانيا إلى المجال االستعماري‪.‬‬‫مشاكل داخلية‪ ،‬لذلك فإن التطور‬

‫&ادة‬
‫&يرهم‪ ،‬وأنهم األولى بقي&‬
‫&وقهم عن غ&‬‫كما أن رجال األعمال البريطانيين كانوا يعتقدون في تف&‬
‫&توى‬‫&ع مس&‬ ‫& في رف&‬ ‫&ق مهمتهم‬
‫&ا لتحقي&‬
‫& طريق&‬
‫& في التوسع االستعماري‬ ‫العالم(األنكلو‪ -‬سكسون)‪ 5‬ورأوا‬
‫الشعوب األخرى‪ ،‬وأن ذلك ضروري لبناء اإلمبراطورية الكبرى‪ ،‬اإلمبراطورية التي ال تغيب عنه&&ا‬
‫الشمس‪.‬‬

‫&داء من‬
‫&تراليا‪ .‬وابت&‬
‫& سنة ‪ 1880‬لم تكن إفريقيا تمثل سوى محطة في الطريق إلى الهند وأس&‬ ‫وفي‬
‫& بالمسألة السودانية‪.‬‬
‫& وبخاصة بعد احتاللها لمصر واالحتكاك‬
‫& بإفريقيا‬
‫سنة ‪ 1882‬بدأ اهتمام بريطانيا‬

‫& في جن&&وب‬ ‫& تأثرت الحكومة البريطانية برجالها في إفريقيا أصحاب المال مث&&ل‪ :‬سيس&&ل رودس‬ ‫وقد‬
‫& وغولدي في نيجيريا‪ .‬فمالت إلى بن&&اء‬
‫إفريقيا‪ -‬ماكينون في شرق القارة‪ -‬هاري جونسن في نياساالند‬
‫& الم&&ذكورة‪،‬‬‫إمبراطورية في إفريقيا‪ ،‬كما أن مؤتمر برلين زاد من رغبتها في االستيالء على المناطق‬
‫وكانت جنوب إفريقيا من أهم هذه المستعمرات‪.‬‬

‫& من األسيويين للعمل فيها وبخاصة في‬‫وأثناء الوجود البريطاني في جنوب إفريقيا توافدت طوائف‬
‫& المهن من طبقات مختلفة‬
‫& القرن التاسع عشر‪ ،‬وهم من العمال الهنود وتالهم التجار وأصحاب‬ ‫منتصف‬
‫ومستويات متباينة مما أدى إلى التنافس بين القادمين الجدد والبوير‪.‬‬

‫لم يُسمج لهؤالء القادمين بالتمتع بحق المواطنة وبخاصة قانون ‪ .1895‬كم&&ا ُمن&&ع الهن&&ود من‬
‫& إال إذا اعتمدته حكومة نت&&ال‬
‫& قانونيا‬
‫االنتقال من مكان إلى آخر إال بتصريح كتابي‪ ،‬وال يعتبر زواجهم‬
‫&ة‬
‫&ذه السياس&‬‫&ود ه&‬ ‫بعد تسجيله بواسطة مندوب حكومة الهند للهجرة في جنوب إفريقيا‪ .‬وقد قاوم الهن&‬
‫العنصرية‪ ،‬وكان غاندي(‪ )1914-1893‬على رأس المقاومين مما أدى إلى سجنه مرارا‪.‬‬

‫‪-3‬تأسيس النظام العنصري‬

‫&ي‬
‫&اء في أراض&‬ ‫في سنة ‪ 1909‬خرجت بريطانيا من جنوب إفريقيا وسلمت الحكم لألقلية البيض&‬
‫& التي تكون فيها اتحاد جنوب إفريقيا‪ .‬وفي سنة ‪ 1910‬أصبحت البالد دومينيون بريطانية‪.‬‬
‫المستعمرات‬

‫& الخامس من جوان ‪ 1918‬ظهرت مؤسسة أفريكانية ( ‪ )L’afrikaner broederbords‬في‬ ‫وفي‬


‫& وهي مؤسسة سرية نشأت بهدف تجميع وتدعيم السكان األفريكانيين‪ ،‬وهم ال&بيض ذوي‬ ‫جوهانسبورغ‪،‬‬
‫&ة‬
‫األصول الهولندية والفرنسية واأللمانية واإلسكندنافية‪ .‬كان هدفها أيضا التقسيم بحسب األعراق اإلثني&‬
‫للشعوب‪.‬‬

‫& ‪ 1/7/1914‬ظه&&ر الح&&زب‬ ‫في سنة ‪ 1912‬تأسس حزب العمال على أساس عنص&&ري‪ .‬وفي‬
‫& البيض فقط‪ .‬اعتمد على الفالحين من إقليم‬‫& تحت إشراف الجنرال هرتزوق(‪ )Hertzog‬ويضم‬ ‫الوطني‬
‫& على لغتهم وثق&&افتهم‪،‬‬
‫األورانج وعلى األفريكانيين الخائفين من التوجه الحكومي نحو بريطانيا‪ ،‬وخوفا‬

‫‪ 5‬سلم الحضارة في زعمهم يجري على الشكل التالي‪-1 :‬البريطانيون‪ -2 .‬األمريكيون‪-3 .‬الشعوب السكسونية‪ -4 .‬الشعوب الالتينية‪-5 .‬األسيويون‬
‫واألفارقة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫&نة ‪ 1915‬ب‬
‫والقلقين على وظائفهم في المدن بعد مجيء هجرات من السود‪ .‬دخل الحزب البرلمان س&‬
‫‪ 27‬نائبا‪ ،‬وبذلك ُرتب بعد حزب جنوب إفريقيا(‪ 54‬مقعدا) والحزب االتحادي(‪ 40‬مقعدا)‪.‬‬

‫& ‪ 26‬ماي ‪ 1948‬حاز‬ ‫& لمواجهة السود‪ .‬وفي‬ ‫& سنة ‪ 1924‬تآلف حزب العمال والحزب الوطني‬ ‫وفي‬
‫&ة‬
‫&و قس الكنيس&‬‫&س) وه&‬ ‫& على أغلبية مقاعد البرلمان‪ ،‬كان يرأسه دانيال ماالن(المؤس&‬
‫الحزب الوطني‬
‫& أول‪ ،‬وضع أسلوبه السياسي األبارتيد(‪ .)L'apartheid‬وفي سنة‬ ‫الهولندية اإلصالحية‪ .‬وأصبح وزيرا‬
‫‪ 1949‬صدرت عدة قوانين عنصرية للتقسيم جغرافيا وسياسيا واجتماعيا‪ ،‬أولها منع الزواج المختلط‪.‬‬

‫‪-4‬سياسة التمييز العنصري‬

‫التمييز العنصري هو سياسة ذات نظرة عنصرية تجاه اآلخر‪ ،‬وهي تع&&ني تف&&وق األبيض على‬
‫& على غيره من األجناس‪( .‬مهارة‪ -‬لغة‬
‫األسود‪ ،‬وهذا ناتج عن إحساس الجنس األبيض بتفوقه حضاريا‬
‫& مناسبة‪ -‬دين سماوي‪ -‬كتاب مقدس‪)..‬‬
‫مكتوبة‪ -‬وسائل دفاع‬

‫& منذ استقرار البيض بها في القرن السابع عشر‪ .‬وهي تع&&ني‬ ‫بدأت هذه السياسة في جنوب إفريقيا‬
‫& االستعماري‪ ،‬وخوفا‬ ‫هنا عزل األفارقة عن المجتمع األبيض في أراض خاصة بهم حفاظا على الوجود‬
‫& يوما ما نظرا لكثرتهم‪ ..‬ويطلق على هذه الظاهرة تسمية أبارتيد‪ .‬بدأت بوادرها س&&نة‬ ‫من ثورة السود‬
‫& حكومة الحزب الوطني سنة ‪ .1948‬وفي سنة ‪ 1950‬ظهر ق&&انون من&&اطق‬ ‫& بظهور‬ ‫‪ 1913‬وتشددت‬
‫الجماعات الذي أعطى الحكومة سلطة تقسيم البالد إلى ثالث منطق‪ :‬البانتو‪ -‬األوربيون‪ -‬الملون&&ون‪.‬‬
‫& المدن نفسها –مثل جوهانسبورغ‪ -‬إلى مناطق للبيض وأخرى للسود‪ ،‬قاسى فيها السود ألوان&&ا‬ ‫وقسمت‬
‫من االضطهاد المنظم بقصد اإلفناء‪.‬‬

‫&ق‬
‫&ة وح&‬
‫&ة‪ :‬في التعليم والكنيس&‬
‫& مختلف جوانب الحياة العام&‬
‫& شملت سياسة التمييز العنصري‬ ‫وقد‬
‫االنتخاب والتمثيل والتملك وحرية التنقل والسكن والعمل واالقتصاد واألرض‪.‬‬

‫& الحاكم أكثر من مائتي قانون وإجراء‪ ،‬وكرس ما كان قد سبق ذلك منذ‬ ‫وقد أصدر الحزب الوطني‬
‫& واألبيض كال في مناطق مختلف&&ة ومح&&ددة ال‬ ‫عام ‪ .1933‬وهي تقضي بأن يعيش العنصران األسود‬
‫&ة‬‫&كن في المنطق&‬ ‫&دان الس&‬‫& سنة ‪ 1950‬تعززت التفرقة العنصرية في مي&‬ ‫يحق إلحداها تجاوزها‪ .‬وفي‬
‫& سنة ‪ 1953‬ظهر ق&&انون‬ ‫األوربية بوضع قوانين تتعلق بالصفقات التجارية في المنطقة األوربية‪ .‬وفي‬
‫& مبدأ التقسيم الجغرافي‬
‫& عام ‪ 1955‬قد أمكن تطبيق‬ ‫التفرقة في األماكن العامة وآخر بشأن النقل العمومي‬
‫عن طريق الرقابة الشديدة وحظر التجول من منطقة إلى أخرى دون جواز مرور مسبق‪.‬‬

‫& وجاء في بي&&ان‬ ‫وكان شعار الحزب الوطني‪ :‬لنبق أغنياء وليخدمنا اآلخرون ويأكلون من فتاتنا‪".‬‬
‫& القبلية وحماية مصالح البيض‪ ...‬وليس أمامنا إال‬ ‫الحزب الوطني ما يلي‪" :‬يجب اإلبقاء على األوضاع‬
‫أحد أمرين‪ :‬إما أن نندمج مع األفارقة‪ ،‬وسيكون ذلك انتحارا قوميا للبيض على المدى الطويل‪ ،‬وإما أن‬
‫نمارس األبارتيد‪.‬‬

‫&ا)‪ .‬في‬
‫&دو بريطاني&‬
‫&ا ع&‬
‫& جنوب غرب إفريقيا(ناميبيا) األلمانية (ألماني&‬‫في ‪ 1915‬احتلت جنوب إفريقيا‬
‫& ‪Commonwealth of‬‬ ‫&ولث‬ ‫&حبت من الكومن&‬ ‫<وب إفريقيا وانس&‬‫<ة جن<‬‫&ميت جمهوري<‬ ‫‪ 1961‬س&‬
‫& لها بـ(‪.)CN‬‬‫‪ ) )Nations‬ويرمز‬

‫‪11‬‬
‫‪-5‬الحركة الوطنية في جنوب إفريقيا‬
‫لم يتوان سكان جنوب إفريقيا عن النضال والمقاومة ضد جيوش االحتالل األوربي منذ وطئت أقدامهم األورب&&يين‬
‫األراضي اإلفريقية‪ ،‬وقد قام شعب الزولو بحركات مقاومة رغم األسلحة البسيطة التي كان األفارقة يملكونها في مواجهة‬
‫أسلحة متطورة فتاكة‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 1882‬تشكلت أول هيئة منظمة تضم مجموعة من المثقفين سمت نفسها‪" :‬رابط<<ة المثقفين الوطن<<يين‪".‬‬
‫اب ‪ ،‬وهي أول بذرة لحزب "المؤتمر الوطني اإلفريقي" الذي سيظهر بعد حين‪ .‬وكانت مط&&البهم‬ ‫& ال َك ْ‬
‫وكان مقرها بمدينة‬
‫هي النضال ضد مختلف مظاهر التمييز العنصري‪ ،‬وقد تخرج قادة هذه الحركة من مدارس المبشرين األوربيين ال&&ذين‬
‫تشبعوا باألفكار اإلنسانية على الطريقة المسيحية األوربية‪.‬‬

‫مامباتا ضد مختلف أشكال العنصرية للسكان البيض‪،‬‬


‫وكانت آخر ثورة لشعب الزلو قد اندلعت سنة ‪ 1906‬بزعامة ْ‬
‫&ان‬
‫وكانت نهاية الثورة مأساوية أدت إلى مقتل ما يزيد عن ثالثة آالف(‪ )3000‬إفريقي‪ .‬وأهم األحزاب اإلفريقية التي ك&‬
‫لها الدور األساس في التحرر من النظام العنصري هو‪:‬‬

‫أ‪-‬حزب المؤتمر الوطني اإلفريقي(‪)Africain National Congres‬‬


‫تشكل هذا الحزب رسميا في ‪ 18‬جانفي ‪ 1912‬للمطالبة بحق المواطنين األفارقة في المساواة بينهم وبين البيض‪،‬‬
‫&اء‬
‫&امين والزعم&‬‫&ة كالمح&‬ ‫وتطوير أوضاعهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا‪ .‬وقد ضم الحزب مجموعة من نخب األفارق&‬
‫&انت‬
‫&ا ك&‬
‫القبليين والبرجوازيين ورجال الدين‪ .‬وقد نشط زعماء الحزب من أجل المساواة بين سكان جنوبي إفريقيا مهم&‬
‫أصولهم وألوانهم‪ .‬ومن نشاطاتهم أنهم زاروا لندن وقابلوا وزير المستعمرات البريطاني وقدموا ل&&ه م&&ذكرة تتض&&من‬
‫& في مواجهة البوير‪.‬‬‫مطالبهم من حكومة جنوبي إفريقيا مذكرين بما قدموه من خدمات للبريطانيين‬

‫واحتج هؤالء –عند زيارتهم للندن وفرساي سنة ‪ -1918‬على نظام توزيع األراضي‪ ،‬وطالبوا بإلغاء نظام بطاقات‬
‫المرور وطالبوا بحق األفارقة في الحصول على الوظائف واألعمال‪ .‬واتبع الحزب سياسة المهادنة والط&&رق الس&&لمية‬
‫لتحقيق األماني الوطنية‪ ،‬ولجأ إلى الطرق الدستورية كتقديم العرائض والمقترحات وإرسال الوفود إلى لندن وبريتوري&&ا‬
‫للمفاوضة السلمية‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 1942‬قام شباب حزب المؤتمر بمحاولة إلخراج الحزب عن جموده‪ ،‬فأسسوا "رابطة الشباب" التي قادها‬
‫مناضلون أمثال أوليفر تامبو‪ 6‬ونلسن مانديال‪ .‬هدفهم العمل الجاد ورفض سياسة التعقل والمهادنة‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 1945‬نظمت الرابطة مظاهرة كبيرة جمعت عشرين ألف إفريقي لمناهضة السياسة العنص&&رية لنظ&&ام‬
‫الحكم‪ .‬وفي سنة ‪ 1948‬حاول المناضلون تكوين جبهة من األفارقة لمناهضة تشريعات ميالن رئيس الوزراء التي كان‬
‫&اري‬ ‫&اد التج&‬
‫القصد منها الحد من نضال األفارقة‪ ،‬وعقد اجتماع في ‪ 18/12/1948‬ضم زعماء حزب المؤتمر واالتح&‬
‫الصناعي‪ ،‬تمكن على إثره الثمانية ماليين إفريقي من انتخاب مستر سام كاهن كأول نائب إفريقي لبرلمان جنوب إفريقيا‬
‫ضمن الثالثة من البيض الذين يمثلون الوطنيين في البرلمان‪.‬‬

‫وفي أوائل سنة ‪ 1949‬قام األفارقة بإضراب كبير واجهته السلطات الحاكمة بالعنف‪ ،‬مما أدى إلى مقت&&ل ثماني&&ة‬
‫&ة‬
‫&ات المعادي&‬
‫&ات واالتجاه&‬ ‫&ف الفئ&‬
‫&امن مختل&‬ ‫عشر إفريقيا‪ ،‬وتجددت المظاهرات في ‪ 26‬جوان من السنة نفسها بتض&‬
‫للعنصرية في جبهة واحدة‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 1952‬نظم حزب المؤتمر مظاهرة بزعامة نلسن منديال‪ ،‬وهو أحد شباب الرابطة‪ ،‬مما أسفر عن س&&جن‬
‫تسعة آالف مواطن‪ ،‬ووصل في هذه الفترة من انضم إليه حوالي عشرة آالف مواطن‪ .‬وفي سنة ‪ 1955‬تحالف ح&&زب‬
‫المؤتمر مع رابطة الهنود الديمقراطيين ورابطة الملونين واتحاد النقابات غير العنصري‪ ،‬وسموا تحالفهم هذا بـ " ميثاق‬
‫الحرية"‪ ،‬وقد أعلنوا ما يلي‪:‬‬

‫‪Oliver Tambo .)1917-1993(6‬‬

‫‪12‬‬
‫‪-2‬جميع األفراد متساوون في الحقوق والواجبات‪.‬‬ ‫‪-1‬جنوب إفريقيا ملك لكل السكان‪.‬‬
‫‪-3‬ضرورة سيادة السالم والمحبة بين جميع أفراد السكان‪-4 .‬المطالبة بإعادة توزيع األراضي‪.‬‬
‫‪-6‬ضرورة االلتزام بمبدأ تكافؤ الفرص‪.‬‬ ‫‪-5‬إنشاء حكومة من البيض والسود‪.‬‬
‫وواجهتهم حكومة البيض باالعتقال وفرض اإلقامة الجبرية والقتل‪ .‬وفي سنة ‪ 1960‬نظمت القوى الوطنية مظاهرة‬
‫& شاربوفيل(‪ )Sharpeville‬القريبة من جوهانسبورغ‪ ،‬تدخلت فيها قوات البيض في عهد الحزب الوطني‬ ‫سلمية في مدينة‬
‫وأطلقت النار على المتظاهرين مما أدى إلى مقتل سبعين منهم‪ ،‬فثار الوطنيون في جهات مختلفة أعقبتها حوادث دامية‪.‬‬

‫<ولي(‪-1898‬‬ ‫<برت لوت<‬


‫&رئيس أل<‬‫&ادة ال&‬
‫وقد تحول حزب المؤتمر في هذه الفترة ‪ -1960-‬إلى العمل السري بقي&‬
‫‪ ،)1967‬وكان والتر سيسولو هو األمين العام للحزب آنذاك‪ .‬وأرسل الحزب دُعاته إلى الخارج لكسب مزيد من الدعم‬
‫والمساندة وبخاصة من الدول اإلفريقية المستقلة‪ .‬أما نلسن مانديال فقد قاد الجناح المسلح في الحزب ال&&ذي ي&&دعى بـ‬
‫"رمح الوطن‪".‬‬

‫وفي سنة ‪ 1961‬قام األفارقة بإضراب عام‪ ،‬وتحول المضربون إلى ثوار التجأوا إلى الجبال وحملوا السالح‪ .‬وقامت‬
‫&نة‬
‫&ه‪ .‬وفي س&‬‫&ق طموحات&‬ ‫منظمة رمح الوطن بحملة عنيفة ضد مصالح البيض‪ .‬ودعا مانديال الشعب إلى الثورة لتحقي&‬
‫‪ 1962‬تم إيقافه وسجنه‪ ،‬وفي سنة ‪ 1964‬حكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة الخيانة العظمى‪.‬‬

‫&ذ‬
‫&ذا من&‬
‫&رية‪ .‬وه&‬ ‫وقد قامت منظمة الوحدة اإلفريقية بدور مهم لدعم كفاح شعب جنوب إفريقيا ضد األقلية العنص&‬
‫تأسيسها سنة ‪ . 1963‬وقد عقد الحزب مؤتمراته في البلدان المجاورة وبخاصة في دار السالم عاصمة تانزانيا حيث مقر‬
‫لجنة تحرير إفريقيا‪ ،‬والتي تتكون من ‪ 15‬دولة مكلفة بالتنسيق للمساعدة المقدمة من قبل الدول األعضاء‪ ،‬وهي تس&&هر‬
‫على خلق الوئام والتعاون والتضامن بين المنظمات المسلحة واالبتعاد عن كل ما من شأنه أن يسيء إلى قضية التحرر‪.‬‬
‫وقد أقام الحزب مكاتب له في البلدان اإلفريقية الصديقة وقام باتصاالت مع االتحاد السوفييتي وشعوب العام الحر المحبة‬
‫للسالم والعدل‪.‬‬

‫أما األحزاب األخرى فهي‪- :‬االتحاد التجاري الصناعي (‪- -)1919‬الحزب الشيوعي(‪- )1921( -)SACP‬اتحاد كل‬
‫األفارقة(عموم األفارقة) ‪.1919-‬‬

‫‪-6‬نهاية حكم األبارتيد‬


‫منذ تأسيس اتحاد إفريقيا الجنوبية في مطلع القرن العشرين تواصل النضال ضد النظام العنصري من قبل حزب‬
‫المؤتمر الوطني اإلفريقي وحزب إفريقيا الجنوبية الشيوعي(‪ )SACP‬وحزب المؤتمر الهندي لجنوب إفريقيا‪ ،‬الذي اتب&&ع‬
‫الطريق السلمي على طريقة غاندي مؤسس حزب المؤتمر الهندي للنتال سنة ‪ ،1894‬إلى جانب حزب عموم األفارق&&ة‬
‫الذي انضم إليه بعض البيض المعارضين للعنصرية‪.‬‬

‫ووقفت البلدان الصديقة تدعم النضال ضد العنصرية وبخاصة المجاورة منها‪ .‬فعندما استقلت أنغوال س&&نة ‪،1975‬‬
‫&ا‬
‫&انب زامبي&‬
‫&ا‪ ،‬إلى ج&‬
‫&وب إفريقي&‬ ‫&ام جن&‬‫بدعم من اإلتحاد السوفييتي‪ ،‬عملت على مساعدة التنظيمات المعارضة لنظ&‬
‫وزيمبابوي‪ .‬وسميت هذه البلدان بدول الطوق‪ ،‬التي سمحت بإقامة مراكز للتدريب على الكفاح المسلح على أراضيها‪.‬‬

‫& سويتو مظاهرات اصطدمت بالشرطة‪ ،‬وطالت األزمة حتى شهر فيفري من الس&&نة‬ ‫وفي جوان ‪ 1976‬نظم تالميذ‬
‫الموالية ‪ ،1977‬أدت إلى مقتل ‪ 575‬شخصا‪ .‬في هذه الفترة تدخلت دولة جنوب إفريقيا في قضية أنغوال لتوجيه األنظار‬
‫إلى خارج حدودها‪.‬‬

‫وكانت قضية التمييز العنصري قد ُعرضت على األمم المتحدة في ‪ ،1955-11-8‬وبعد نقاش دام أسبوعين وافقت‬
‫اللجنة السياسية للجمعية العامة لألمم المتحدة على االقتراح الذي تقدمت به ‪ 17‬دولة أفرو‪-‬أسيوية‪ ،‬نصت التوصية على‬
‫أن تسمح حكومة جنوب إفريقيا للجنة الثالثية المعينة من قبل األمم المتحدة لبحث موقف األجناس في دولة جنوب إفريقيا‬
‫والتعاون معها‪ .‬وقد قدمت اللجنة تقريرا سلبيا حول نظام جنوب إفريقيا‪ ،‬وطلبت من األمم المتح&&دة ض&&مان الحق&&وق‬
‫السياسية لسكان األراضي جنوب غربي إفريقيا‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫وقد تواصل دعم األمم المتحدة والشعوب المستقلة لحركات التحرر عامة ولجنوب إفريقيا بخاصة‪ ،‬وصدرت ع&&دة‬
‫قرارات جهوية وأممية تطالب بمقاطعة النظام العنصري‪ .‬وفي جوان ‪ 1964‬أدان مجلس األمن نظ&&ام األبارتيد وأم&&ر‬
‫&وب‬‫بدراسة العقوبات الالزمة ضد جنوب إفريقيا‪ .‬وفي نوفمبر ‪ 1977‬صدر قرار أممي يدعو إلى منع بيع األسلحة لجن&‬
‫إفريقيا‪.‬‬

‫وأمام إصرار الحركة التحررية على مواصلة الكفاح المسلح من جهة وازدياد الضغط الدولي على نظ&&ام جن&&وب‬
‫إفريقيا من جهة أخرى‪ ،‬بدأ التفكير في إدخال إصالحات على هذا النظام من قبل حكومة النظام نفسه‪ .‬فقد أدت سياس&&ة‬
‫التمييز العنصري المتواصلة إلى ظهور معارضة داخلية قوية وبخاصة بعد أن تأثر الوض&&ع السياس&&ي واالقتص&&ادي‬
‫لجنوب إفريقيا نتيجة العزلة الدبلوماسية والعقوبات المسلطة عليها‪.‬‬

‫ففي منتصف الثمانينيات ظهر تيار لبرالي يطالب بإصالحات جذرية‪ ،‬واقترح ممثلوه المساواة مع الس&&ود بش&&رط‬
‫&ني في ‪2‬‬
‫&زب الوط&‬ ‫&ة لح&‬ ‫احتفاظ البيض بالحكم‪ .‬في هذه الظروف اضطر الرئيس بيير بوطا إلى االستقالة من زعام&‬
‫‪7‬‬
‫& دوكليرك أمام منافسيه األربعة‪.‬‬
‫نوفمبر ‪ 1989‬محتفظا برئاسة الدولة‪ .‬وقد فاز بالمنصب فريديريك‬

‫وفي ‪ 13‬مارس اتفق الجميع(داخل الحزب الحاكم) على أن يصبح دوكليرك رئيسا للجمهورية وفي سبتمبر ‪1989‬‬
‫&ظ‬
‫&زب المحاف&‬‫&دا من بين ‪ )165‬على الح&‬ ‫جرت انتخابات تشريعية فاز فيها الحزب الوطني باألغلبية المطلقة(‪ 95‬مقع&‬
‫& على الوطنيين األفارقة للخ&&روج من الحص&&ار ال&&ذي‬
‫والحزب الديمقراطي‪ .‬واتضحت سياسة التفتح في الحكم الجديد‬
‫تضربه األمم المتحدة والدول الكبرى‪.‬‬

‫وفي أكتوبر ‪ 1989‬تم إطالق سراح عدة زعماء من المعارضة‪ ،‬والمسجونين منذ سنة ‪ ،1963‬منهم وال<<تر س<<يزيلو(‬
‫‪ )ANC‬وأحمد كاترادا(شيوعي)‪.‬‬

‫‪-‬وسمح لحزب المؤتمر بإقامة تجمعاته في سويتو(‪)Soweto‬‬


‫ُ‬

‫& األجناس في عدة مقاطعات‪.‬‬


‫‪ -‬إنشاء ‪ 14‬منطقة سكنية متعددة‬

‫َ‬
‫السرية(‪.)ANC-Pac-SACP‬‬ ‫‪-‬تم رفع الحظر عن األحزاب‬

‫&‪ 75‬سنة) في ‪.1990-2-11‬‬


‫‪-‬التخلي عن حكم اإلعدام‪ ،‬واإلفراج عن المعتقلين السياسيين منهم نلسن مانديال(‬

‫‪-‬ومن جهته أعلن ‪ ANC‬عن إرادته في فتح المفاوضات مع الحكومة‪.‬‬

‫‪-‬في ماي ‪ 1990‬التقى الزعيمان في(‪ )Groode Schuur‬للحوار بمشاركة عدة زعماء من المعارضة‪.‬‬

‫‪-‬تعهدت الحكومة بتحرير المعارضين وعودة المنفيين وإنهاء حالة الطوارئ‪.‬‬

‫‪-‬تمسك مانديال بمبدأ دولة وحيدة يسيرها رجل واحد ولها صوت واحد‪.‬‬

‫& حفاظا على الهوية األفريكانية‪ ،‬ورفض المجال الشامل في دولة موحدة‪.‬‬
‫‪-‬تمسك دوكليرك بمنطق الجماعات اإلثنية‪،‬‬

‫‪-‬في ‪ 6‬أوت ‪ 1990‬أعلن(‪ )ANC‬عن تخليه عن الكفاح المسلح‪ ،‬وفتح الحوار الرسمي بين الطرفين‪.‬‬

‫‪-‬في سبتمبر ‪ 1990‬فتح الحزب الوطني صفوفه لغير البيض‪.‬‬

‫‪-‬ألغيت القوانين العنصرية في النقل واألماكن العامة‪.‬‬

‫وتواصل اإللغاء من مارس إلى جوان من سنة ‪.1991‬‬

‫‪ 7‬هم‪ :‬جان كريستيان(وزير التنمية الدستورية)‪ N-‬بيك بوطا(وزير‪ N‬الشؤون الخارجية)‪ -‬قيريت فيلجوان‪ -‬بارند بليسيس(وزير المالية)‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫&ة‬
‫&الح سياس&‬
‫&ة لص&‬
‫&الحها ‪ 68,7‬في المائ&‬
‫& فصوت لص&‬
‫‪-‬في مارس ‪ 1992‬وقع استفتاء للبيض حول السياسة الجديدة‪،‬‬
‫اإلصالح‪.‬‬

‫‪-‬اعتبرت مرحلة ‪ 1993-1990‬كمرحلة انتقالية نحو الديمقراطية‪- .‬في ماي ‪ 1993‬فاز نلسن مانديال برئاسة الدول&&ة‬
‫في مواجهة دوكليرك‪- .‬في ‪ 22‬ديسمبر ‪ 1993‬صادق البرلمان على الدستور الجديد الذي يلغي سياسة العنصرية‪.‬‬

‫‪-‬كانت نتيجة االنتخابات التشريعية كالتالي‪:‬‬

‫&زب‬
‫&ا‪ .% 10 :‬الح&‬
‫حزب المؤتمر الوطني(‪ )ANC‬فاز بـ ‪ .% 63‬الحزب الوطني(‪ .% 20 & :)NP‬حزب اإلنكات&‬
‫الديمقراطي‪ .% 2 :‬البقية‪.% 5 :‬‬

‫وهكذا تحرر شعب جنوب إفريقيا بفضل نضاله الطويل الذي قاده زعيمهم نلسن مانديال عندما كان حرا كما كان له‬
‫دور مهم وهو في السجن حيث أصبح رمزا للنضال ضد العنصرية‪ .‬فقد مكث ‪ 27‬عامًا في السجن‪ ،‬في جزي&&رة روبن‬
‫آيالند أو ً‬
‫ال‪ ،‬ثم في سجن بولسمور وسجن فيكتور فيرستر‪.‬‬

‫&ريين‪ ،‬من أج&ل إطالق‬ ‫&بيض العنص&‬ ‫وبالموازاة مع فترة السجن‪ ،‬انتشرت حملة دولية للضغط على حكوم&ات ال&‬
‫&زب الم&&ؤتمر‬‫&ًا لح&‬
‫سراحه‪ ،‬األمر الذي تحقق في عام ‪ 1990‬وسط حرب أهلية متصاعدة‪ ،‬صار بعدها مانديال رئيس&‬
‫الوطني األفريقي‪ ،‬وقاد المفاوضات مع الرئيس دو كليرك إللغاء الفصل العنصري وإقامة انتخابات متعددة األعراق‪ ‬في‬
‫عام ‪ ،1994‬تلك االنتخابات التي فاز فيها حزب المؤتمر‪.‬‬

‫وعندما انتخب مانديال رئيسًا شكل حكومة وحدة وطنية في محاولة منه لنزع فتيل الصراعات العرقية‪ .‬كما أس&&س‬
‫&كل‬
‫&تمر ش&‬‫&ي‪ .‬واس&‬ ‫دستورًا جديدًا‪  ‬ولجنة للحقيقة والمصالحة من أجل التحقيق في انتهاكات حقوق اإلنسان‪ ‬في الماض&‬
‫السياسة االقتصادية الليبرالية للحكومة‪ ،‬وعرضت إدارته تدابير لتشجيع اإلصالح الزراعي ومكافحة الفقر وتوسيع نطاق‬
‫‪8‬‬
‫خدمات الرعاية الصحية‪ .‬‬

‫‪ 8‬الرؤساء‪ :‬نيلسن مانديال( ‪ -)1999-1992‬تامو مبيكي(‪ -)2008-1999N‬جاكوب زوما(‪.)2018-2009‬‬

‫‪15‬‬
‫دور الثورة الجزائرية في تصاعد المد التحرري اإلفريقي‬
‫&ل‬‫كانت الثورة الجزائرية قد اندلعت في أول نوفمبر من سنة ‪ ،1954‬تلك الثورة التي َعجلت برحي&‬ ‫مقدمة‬
‫&يزت‬‫&رن من ال&زمن‪ ،‬وهي الث&ورة ال&تي تم&‬ ‫االستعمار الفرنسي‪ ،‬الذي نال من الشعب الجزائري طيلة قرن وربع ق&‬
‫&تعمار‪.‬‬
‫&رد االس&‬‫بشموليتها لكل الوطن الجزائري؛ حيث وقف الشعب الجزائري كرجل واحد لتحقيق هدف واحد هو ط&‬
‫& بل هي قيادة جماعية‬
‫اندلعت من أوساط الشعب لخدمة أهدافه وتحقيق آماله‪ ،‬كما أن قيادتها ال ترتبط بفرد أو بفئة معينة‪،‬‬
‫تصبو إلى تحقيق الحرية واالستقالل وطرد االستعمار الفرنسي من البالد‪.‬‬

‫&د‬
‫&واء‪ ،‬فق&‬
‫ناضلت جبهة التحرير الوطني(‪ ،)F.L.N‬التي قادت الثورة‪ ،‬على الصعيد الداخلي والخارجي على الس&‬
‫&ديقة‬
‫&قيقة والص&‬
‫اعتبرت نضالها الخارجي مكمال للنضال الشعبي الداخلي‪ ،‬ولذلك سعت إلى توطيد عالقاتها بالدول الش&‬
‫لخدمة األهداف العليا للشعوب المقهورة‪ ،‬عن طريق إقامة عالم تسوده المحبة والتعاون والسالم‪.‬‬

‫وكانت إفريقيا أحد أبرز تلك القوى الحليفة التي يجب كسبها والعمل معها يدا واحدة لتحقيق األهداف المش&تركة‪،‬‬
‫ولهذا عملت الحكومة المؤقتة على ربط عالقات وطيدة بالدول اإلفريقية المستقلة‪ ،‬فعينت ممثلين لها في ه&&ذه البل&&دان‪،‬‬
‫& محمد حربي‪...‬‬ ‫يقومون بالمهام الموكلة إليهم‪ ،‬منهم فرانز فانون في أكرا بغانا وعمر أوصديق في غينيا ليخلفه فيما بعد‬
‫وغيرهم كثير‪.‬‬

‫‪-1‬نضال األفارقة في أوربا‬


‫كانت أوربا وما تزال هي المكان الذي تشع منه األفكار وتشد إليه الرحال من ِق َبل أفراد الشعوب المستع َمرة‪ .‬في‬
‫&رى‬ ‫&ا‪ ،‬وج&‬ ‫&اال أو طالب&‬
‫هذه البقعة من العالم التقي األفارقة القادمون من كل جهات القارة‪ ،‬سواء كانوا مجندين أو عم&‬
‫االحتكاك بين أبناء المستعمرات‪ ،‬وتداول الجميع أوضاع بلدانهم المأساوية‪ ،‬وهناك ظهرت تنظيمات عمالية (مثل االتحاد‬
‫الفدرالي لجميع اتحادات العمال األفارقة)‪ ،‬وأخرى طالبية (مثل فدرالية طالب إفريقيا السوداء الفرنس&&ية)‪ ،‬ت&&دافع عن‬
‫قضاياهم وقضايا بلدانهم‪.‬‬

‫مر الزعماء األفارقة عندما كانوا طالبا أو‬


‫وهكذا تكاتفت الجهود وبخاصة بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬من حيث َّ‬
‫وكونوا التنظيمات السياسية وأصدروا المطبوعات والجرائد‪.‬‬
‫& َّ‬‫عماال أو مجندين‪،‬‬

‫‪-2‬تقييم المواقف اإلفريقية تجاه القضية الجزائرية‬


‫&ا‬‫&انت نتائجه&‬‫أدت المؤتمرات اإلفريقية المتعددة إلى إثارة القضية الجزائرية في مختلف أشغالها وقراراتها‪ ،‬وك&‬
‫& التضامن اإلفريقي وتوحيد الجهود لمواجهة‬‫إيجابية إلى حد كبير محليا ودوليا‪ .‬وكانت هذه اللقاءات عامال ووسيلة لتأكيد‬
‫&ة‬‫&دول األفريقي&‬
‫&ؤتمر ال&‬‫السيطرة األجنبية وإضعافها‪ ،‬والتأكيد على استعمال كل الوسائل لطرد االستعمار من القارة(م&‬
‫المستقلة األول بأكرا أبريل ‪ -1958‬مؤتمر الدول األفريقية المستقلة الثاني أديس أبابا جوان ‪ -1960‬تصريح برازافي&&ا‬
‫‪9‬‬
‫ديسمبر ‪ -1960‬مؤتمر الدار البيضاء جانفي ‪ -1961‬مؤتمر مونروفيا ماي ‪...1961‬‬

‫ولقد حاولت البلدان اإلفريقية إفشال سياسة فرنسا لزرع الشقاق بين شعوبها وبخاصة بين األفارق&&ة الس&&ود‬
‫واألفارقة البيض؛ حيث جندت أبناء إفريقيا لمحاربة بعضهم البعض‪ .‬فقد جندت الجزائريين في حرب الطونكين بالفيتنام‬
‫&ر‬‫&رب في الجزائ&‬ ‫&اليين للح&‬
‫&نغاليين والم&‬
‫وفي مدغشقر وفي حرب الريف بالمغرب األقصى‪ ،‬وجندت اآلالف من الس&‬
‫والمغرب وتونس‪ .‬وقد بلغ عدد هؤالء المجندين في الجزائر سنة ‪ 1960‬ما يناهز ‪ 45.000‬جندي إف&&ريقي(المجاه&&د‬
‫بالفرنسية‪ ،‬رقم ‪ ،54‬ماي ‪.)1960‬‬

‫كولين ليجون‪ ،‬الجامعة األفريقية‪ ،‬ترجمة أحمد محمود سليمان‪ ،‬الدار المصرية للتأليف والترجمة‪ ،‬القاهرة ‪.1964‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪16‬‬
‫‪-3‬الثورة الجزائرية تعبير عن آمال إفريقيا‬
‫أصبحت الثورة الجزائرية عامال أساسيا لوحدة الشعوب اإلفريقية‪ .‬لقد حملت مشعل مناوأة االستعمار بالوس&&يلة‬
‫نفسها التي اتبعها عدو إفريقيا كافة؛ حيث عبرت الثورة الجزائرية عن ضمير كل األفارقة‪ ،‬الذين ذاقوا من ويالت الظلم‬
‫&د‬
‫&وال التواج&‬
‫&تي راودتهم ط&‬ ‫&الهم ال&‬‫&ير الحقيقي عن آم&‬
‫واالستغالل عقودا طويلة‪ ،‬ووجدوا في أسلوبها الثوري التعب&‬
‫االستعماري‪.‬‬

‫وإذا كانت جل الحركات التحررية في إفريقيا قد تزعمها رجال تعلموا في المدارس األوربية وحمل&&وا األفك&&ار‬
‫الغربية‪ ،‬وقاموا يدافعون عن شعوبهم بالوسائل السلمية التي يسمح بها االستعمار‪ ،‬فإن الشعوب البسيطة ال ترى في ذلك‬
‫سوى مجرد مناورات ال طائل من ورائها‪ .‬إنها تؤمن في ضميرها الجمعي بضرورة طرد العدو بطريقة تشفي غليله&&ا‬
‫المتراكم أبًا عن جد‪ ،‬وتثأر لكرامتها ال ُمداسة منذ أجيال‪.‬‬

‫‪-4‬الثورة الجزائرية عامل وحدة إفريقيا في مواجهة االستعمار‬


‫كانت الثورة الجزائرية قد وضعت نصب عينيها العمل على توحيد الجهود مع الدول والشعوب اإلفريقية‪ ،‬لذلك فإنها‬
‫لم تتغيب يوما عن حضور اللقاءات اإلفريقية‪ ،‬وكان الهدف دائما الوصول إلى تحرير كافة البلدان المستع َمرة بما فيه&&ا‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫وقد واصلت الجزائر المستقلة طريقها على هذا النهج‪ ،‬وهاهو أول رئيس للجزائر المستقلة (أحمد بن بلة) َيذكر‪،‬‬
‫في خطابه أمام األفارقة في أديس أبابا غداة تأسيس منظمة الوحدة اإلفريقية سنة ‪ ،1963‬ما يلي‪" :‬إن إخواني األفارقة قد‬
‫&تي‬‫&عوب ال&‬ ‫&رر الش&‬ ‫اتفقوا على أن يموتوا كي تصير الجزائر دولة مستقلة‪ ،‬لذلك هيا بنا نتفق على أن نموت لكي تتح&‬
‫مازالت ترزخ تحت نير السيطرة االستعمارية‪ ،‬ولكي ال تصبح الوحدة اإلفريقية كلمة جوفاء‪ (".‬كولين ليجوم‪ ،‬الجامع&&ة‬
‫تأثيرا بال ًغا في خطب جميع من تاله‪.‬‬
‫أثر َس َرى َم ْس َرى الكهرباء‪ ،‬وأثر ً‬
‫اإلفريقية‪ ،‬ص‪ ).188:‬وكان لهذا الخطاب ٌ‬

‫لقد كانت الجزائر بثورتها التحررية نبراسا للشعوب اإلفريقية كي تنهض وتقاوم لتتحرر من ن&&ير االس&&تعمار‪،‬‬
‫تنهض كرجل واحد لتحطيم النظام االستعماري‪ ،‬نظام االستعباد واالستغالل‪.‬‬

‫ومن أبرز زعماء الثورة الذين كان لهم دور بارز على الساحة اإلفريقية الدكتور فرانز فانون صاحب الشخصية‬
‫القوية والنشاط الدائم‪ .‬كما كان يمتاز بالفصاحة والقدرة على اإلقناع‪ ،‬وقد أصبح الناطق الرسمي للثورة في إفريقي&&ا من‬
‫&ر‬‫&ة التحري&‬
‫&زي لجبه&‬ ‫خالل مقاالته النارية التي كانت تُنشر في صحيفة المجاهد باللغة الفرنسية‪ ،‬وهي اللس&‬
‫&ان المرك&‬
‫أوسع للثورة الجزائرية‪ ،‬وأكس&&بها‬
‫َ‬ ‫انتشار‬
‫ٍ‬ ‫الوطني‪ ،‬ومن خالل تدخالته في مختلف التجمعات اإلفريقية‪ ،‬مما ساعد على‬
‫& على الساحة السياسية اإلفريقية‪.‬‬
‫نجاحات عديدة‬

‫وعندما قامت فرنسا بمحاولة فصل الصحراء عن الجزائر التي اعتبرتها بحرا إفريقيا تشترك فيه ك&&ل البل&&دان‬
‫المجاورة‪ ،‬بذلت الثورة جهو ًًدا مضنية لكسب األفارقة إلى جانبها‪ ،‬وقامت عدة وفود سامية بزيارات لل&&دول اإلفريقي&&ة‬
‫&ة؛‬
‫&ي الجزائري&‬ ‫&زأ من األراض&‬ ‫جنوبي الصحراء‪ ،‬واستطاعت أن تقنعهم بالوقوف معها باعتبار الصحراء جز ًء ال يتج&‬
‫وصرح الزعيم اإلفريقي كوامي نكروما ذات يوم بقوله‪" :‬إن الصحراء التي كانت من قبل تفصلنا هي اليوم توحدنا‪El (".‬‬
‫‪)moudjahid, n° 23 du 05 Mai 1958‬‬

‫كما استغلت الثورة عملية التفجيرات النووية(‪ 13 ‬فيفري ‪ )1960‬التي قامت فرنسا بهذه الصحراء‪ ،‬لتأليب الدول‬
‫&ا‬
‫اإلفريقية على فرنسا باعتبار ذلك مسألة تهم كل األفارقة وليس الجزائر فقط‪ .‬وقد نددت بعضها بالعملية كغينيا وإثيوبي&‬
‫وشهدت أخرى مظاهرات عارمة كغانا وأوغندا‪.‬‬

‫&احة‬
‫&دارة على الس&‬
‫&ة‪ ،‬واحتلت الص&‬
‫&ية إفريقي&‬
‫وهكذا نجحت الثورة الجزائرية في جعل القضية الجزائرية قض&‬
‫السياسية اإلفريقية وفي كل اللقاءات القارية‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪-5‬المحاوالت الفرنسية للحفاظ على مستعمراتها اإلفريقية‬
‫&ة بالدهم‪،‬‬
‫أصبحت الثورة الجزائرية بقوتها وعمقها الشعبي ونجاح دبلوماسيتها‪ ،‬وبعزم رجالها وتفانيهم في خدم&‬
‫تقض مضاجع االستعماريين‪ ،‬وتهيمن على مخططاتهم‪ ،‬وأدت بهم إلى البحث عن السبل الكفيلة باالحتفاظ على قدر يسير‬
‫ومهم من إمبراطوريتهم االستعمارية‪.‬‬

‫بقدر من ماء الوجه وقانون اإلطار ( ‪)Loi Cadre‬‬


‫أ‪-‬ولذلك حاولوا تنفيذ سياسة فرنسية إفريقية جديدة لالحتفاظ ٍ‬
‫صوت عليه البرلمان الفرنسي لتشكيل‬
‫هو عبارة عن استقالل ذاتي إداري‪ ،‬مع بقاء حاكم عام يتلقى األوامر من باريس‪َّ .‬‬
‫تجزئة إقليمية إلفريقيا السوداء‪ ،‬وقطع مسيرة هذه الشعوب نحو الوحدة واالستقالل‪El moudjahid, n° 22 du 16 - (.‬‬
‫‪).Avril 1958‬‬

‫&نة ‪،1958‬‬ ‫&تور س&‬ ‫ب‪-‬وبعد قانون اإلطار اتجه الجنرال ديغول إلى مستعمراته ليقترح عليها االستفتاء على دس&‬
‫بهدف تخفيف العبء عن بلده‪ .‬وهو لم يفعل سوى أن نظم المستعمرات مع االحتفاظ باألجهزة السابقة كتابع للوطن األم‪.‬‬
‫وعن طريق التصويت في استفتاء ‪ 28‬سبتمبر ‪ ،1958‬أراد الجنرال ديغول‪ ،‬من وراء ذلك‪ ،‬كسب البلدان اإلفريقية إلى‬
‫&ة‬
‫&وع من التبعي&‬ ‫&كل خفي لن&‬ ‫&و ش&‬ ‫&ة‪ ،‬وه&‬ ‫جانب فرنسا عن طريق مخادعة سياسية جديدة في تنظيم جديد لسلطة الدول&‬
‫لالستعمار‪ .‬أما الجزائر فهي كل شيء بالنسبة للفرنسيين‪ ،‬ولذلك كان عليهم االحتفاظ بها مهما كانت الخسائر في جهات‬
‫أخرى‪.‬‬

‫&ده من‬‫&اذ بل&‬


‫لم يكن هدفه الجنرال ديغول خدمة الشعوب اإلفريقية المستعمرة‪ ،‬بل إنه جاء إلى الحكم من أجل إنق&‬
‫الورطة التي وقعت فيها‪ ،‬وهي حرب الجزائر‪ ،‬لذلك سعى إلى حل المشكل بأقل ما يمكن‪ ،‬من ذلك محاولته ربط البلدان‬
‫اإلفريقية بفرنسا بطرق أخرى مقنعة‪ ،‬ولكنها في واقع األمر واحدة‪.‬‬

‫&دروس‬‫&ا من ال&‬
‫&تفادت غيني&‬
‫وبينما صوتت مجمل الشعوب األفريقية لصالح البقاء تحت ظل الرابطة األفريقية؛ اس&‬
‫&واك‪،‬‬
‫&ا من أش&‬‫االستعمارية أحسن استفادة‪ ،‬وكان أحمد سيكوتوري أفضل زعيم إفريقي اختار طريق الحرية مع ما فيه&‬
‫&‬
‫وقال قولته المشهورة‪" :‬إننا نفضل الحرية مع الجوع على الرفاهية في ظل العبودية‪".‬‬

‫‪-6‬أثر الثورة الجزائرية‬


‫كانت مطالب الشعوب اإلفريقية تستلهم من حركة الثورة الجزائرية وتتأثر بها إلى ح&د كب&ير‪ ،‬ألن االس&تعمار‬
‫&اب على‬ ‫&ك باإليج&‬
‫&ه‪ ،‬وانعكس ذل&‬‫&م كل&‬‫الفرنسي نزل ب َكلْ َكلِ ِه على الجزائر‪ ،‬وعندما تحركت الثورة هنا تزعزع الجس&‬
‫& التسليم بأن الدول التي تمتعت باستقاللها منذ سنة ‪ 1958‬لم تكن‬
‫المستعمرات اإلفريقية عامة‪ .‬لقد "أصبح من البديهي‪...‬‬
‫لتحصل عليه لو لم يتلق االستعمار الضربات الموجعة في أرض الجزائر‪El moudjahid, n° 28 du 22 Août - (".‬‬
‫‪)1958‬‬

‫كانت الثورة الجزائرية ترى في النهضة الشعبية التحررية بإفريقيا سندا لها وطريقا يدعمها‪ ،‬وهي ترى في مثال‬
‫غينيا نموذجا يجب أن يُحتذى‪ ،‬وأن على الشعوب اإلفريقية أن ال تتراجع في مواقفها‪ ،‬وعليها أن تبرهن بصراحة وعنف‬
‫لتعبر عن رفضها للحلول الهشة الغامضة‪.‬‬

‫لقد فقدت فرنسا االستعمارية ُسمعتها القديمة أمام عجزها عن قهر الثورة الجزائرية‪ ،‬وبذلك زالت بصفة نهائي&&ة‬
‫تلك الرهبة التي كانت الشعوب اإلفريقية تشعر بها‪ ،‬وأصبح طريق الحرية مفتوحا أمامها‪ .‬وهكذا قامت تطالب باستقاللها‬
‫التام‪ ،‬مستغلة مشاكل فرنسا في الجزائر للحصول على حريتها‪ .‬وقد "اضطرت فرنسا أن تسلم باستقاللها بالجملة‪.‬‬

‫<‬
‫أ‪-‬في البالد المغاربية‬
‫بعد اندالع الثورة في البلدان المغاربية الثالث‪ :‬تونس والجزائر والمغرب‪ ،‬لجأت فرنسا إلى التحايل على البلدين‬
‫&لح‪ ،‬وتمكنت من‬ ‫&اح المس&‬ ‫المجاورين للجزائر وتفاوضت معهما على انفراد بمنحهما االستقالل الداخلي للتوقف عن الكف&‬

‫‪18‬‬
‫ذلك في مارس من سنة ‪ .1956‬وذلك لالنفراد بالجزائر التي كانت تعتبرها أرضا فرنسية‪ .‬حيث صرح منديس فرانس‬
‫&ا‬
‫&ع امتيازاته&‬
‫&ا بجمي&‬
‫&اظ لفرنس&‬
‫&دة تخص االحتف&‬
‫"أن االستقالل الداخلي لتونس والمغرب سيكون مقيدا بضمانات أكي&‬
‫‪10‬‬
‫واختصاصاتها في هذين البلدين‪".‬‬

‫ويقول الباحث المغربي عمر معلم‪" :‬وبحل جيش التحرير(المغربي) ستعمل فرنسا على تكثيف قوتها العس&&كرية‬
‫&ر‬‫& من أعض&اء جيش التحري&‬ ‫&ذوه العدي&د‬
‫بالجزائر لمواجهة الثورة الجزائرية التي اهتم بها الخطابي كثيرا‪ ...‬وحذا ح&‬
‫‪11‬‬
‫المغربي الذين التحقوا بالجهاد في صفوف الثورة الجزائرية‪".‬‬

‫أما ليبيا التي انفصلت عن االستعمار اإليطالي سنة ‪ ،1949‬فقد ظلت تطالب فرنس&ا ب&الجالء عن إقليم ف&زان‪،‬‬
‫وظلت فرنسا تماطل وتؤجل‪" ،‬ولم تقبل الجلوس حول مائدة التوقيع على االنسحاب سوى يوم ‪ 10‬أوت ‪ 1955‬حيث تم‬
‫التوقيع فعال وانتهى األمر‪(".‬مولود قاسم‬
‫& نايت بلقاسم‪ .‬ردود الفعل األولية داخال وخارجا على غرة نوفمبر‪ .‬دار األم&&ة ‪.2007‬‬
‫ص‪ ).207 :‬وهو ما يؤكد رغبة فرنسا في التفرغ للقضية الجزائرية‪.‬‬

‫ب‪-‬في إفريقيا‬
‫لقد تأثرت الدول االستعمارية بما كان يقع في إفريقيا بعامة والجزائر بخاصة‪ ،‬كاستقالل غانا في(‪ )1957‬وغينيا‬
‫وتواص ِل انتصارات الثورة الجزائرية‪ ،‬وتوحد كلمة القارة اإلفريقية‪ .‬وكان نجاح األفارقة في إدارة شؤونهم‬
‫ُ‬ ‫في(‪،)1958‬‬
‫في كل من أكرا وكوناكري يدحض نظرية فرنسا القائلة بأن هذه الشعوب ال تستطيع حكم نفسها بنفسها‪ ،‬وبذلك تشجعت‬
‫بقية الشعوب المضطهدة النتهاج الطريق نفسه‪ ،‬ألن كل تراجع للسيطرة االستعمارية في أي مكان يعزز التض&&امن بين‬
‫الشعوب‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 1960‬تم استقالل عديد من مستعمرات فرنسا في إفريقيا الغربية والوسطى‪ ،‬وهي‪ :‬م&&الي‪ ،‬ال&&نيجر‪،‬‬
‫فولتا العليا‪ ،‬تشاد‪ ،‬كوت ديفوار‪ ،‬الغابون‪ ،‬الداهومي‪ ،‬إفريقيا الوسطى‪ ،‬السنغال‪ ،‬الكونغو‪ ،‬الكامرون‪ ،‬مدغشقر‪ .‬وتفرغت‬
‫&كرية‬
‫&ا العس&‬‫&تغلة قوته&‬
‫فرنسا للثورة الجزائرية بغية الحفاظ على الجزائر كجزء من أراضيها‪ ،‬مثلما كانت تدعي‪ ،‬مس&‬
‫ورصيدها المعنوي وتواجدها ضمن الحلف األطلسي للقضاء عليها‪.‬‬

‫لقد أعادت ثورة أول نوفمبر للجزائري خاصة وللشعوب اإلفريقية عامة‪ ،‬الثقة في النفس‪ ،‬و َب َعثت روح التضامن‬
‫والتآزر‪ ،‬وبينت أن ما أخذ بالقوة ال يستعاد إال بالقوة والتصميم‪ .‬ألن الثورة الجزائرية هي بعث جديد إلفريقيا كافة‪ ،‬من‬
‫أجل نهضة جديدة وإرساء دول حديثة تنبذ الظلم واالستبداد وتقيم نظاما قائما على العدالة والسلم والمحبة‪.‬‬

‫‪-7‬الجزائر المستقلة دعامة إفريقيا‬


‫&انت‪،‬‬
‫&ا ك&‬
‫بعد استقالل الجزائر سنة ‪ ،1962‬أصبحت أرضها قبلة لألفارقة الرافضين للهيمنة االستعمارية كيفم&‬
‫& وأص&&بحت‬ ‫ومقرا لحركاتهم التحررية وبخاصة تلك التي كانت تخوض حروبا ثورية ضد القوى االستعمارية المتعنتة‪،‬‬
‫سياستها هي دعم ومساندة الحركات التحررية‪.‬‬

‫‪-‬دعم التعاون الدولي بين دول العالم الثالث‪ ،‬والسعي لتحقيق التحرر االقتصادي والتنمية في دول الجنوب‪.‬‬

‫&دة في ‪ 1962-10-8‬وإلى‬
‫‪-‬المساهمة في النضال ضمن المنظمات الدولية والجهوية‪(.‬انضمت إلى األمم المتح&‬
‫حركة عدم االنحياز سنة ‪ ،1962‬وكانت من المؤسسين لمنظمة الوحدة اإلفريقية سنة ‪).1963‬‬

‫‪-‬احتضان مؤتمرات ولقاءات دولية لدعم مختلف قضايا التحرر في العالم‪.‬‬

‫‪ 10‬مولود قاسم نايت بلقاسم‪ ،‬ردود الفعل األولية داخال وخارجا على غرة نوفمبر‪ ،‬دار األمة‪ ،‬الجزائر ‪ ،2007‬ص‪.208 :‬‬
‫‪ 11‬عمر معلم‪ ،‬دور محمد بن عبد الكريم الخطابي في تأسيس جيش التحرير‪ ،‬مجلة الذاكرة الوطنية الصادرة عن المندوبية السامية لقدماء المقاومين‬
‫وأعضاء جيش التحرير‪ ،‬العدد‪1433 -19 :‬هـ‪.2012/‬‬

‫‪19‬‬
‫من زعماء إفريقيا ورموز الكفاح التح&رري نج&د‪ :‬مان&ديال(جن&وب إفريقي&ا)‪ -‬جوش&وا نكوم&و وروب&ير‬
‫موغابي(زيمبابوي)‪ -‬سامورا مايشل(موزمبيق)‪ -‬باتريس لومومبا(الكونغو)‪ -‬أملكال ك&&ابرال(غيني&&ا بيس&&او)‪ -‬س&&ام‬
‫نجوما(ناميبيا) كل هؤالء ساندتهم الجزائر تطبيقا لمبادئ ثورتها في اإليمان بحق الشعوب في تقرير مصيرها‪.‬‬

‫&ر تبقى‬
‫مما قال جوشوان كومو عن الجزائر‪" :‬إذا كانت مكة قبلة المسلمين والفاتيكان قبلة المسيحيين فإن الجزائ&‬
‫قبلة األحرار والثوار‪".‬‬

‫من أبرز تلك الحركات التي استضافتها الجزائر نجد ما يلي‪:‬‬

‫‪-‬الحركة الشعبية لتحرير أنغوال في مواجهة االستعمار البرتغالي‪.‬‬

‫‪-‬جبهة تحرير موزمبيق في مواجهة االستعمار البرتغالي‪.‬‬

‫‪-‬الحزب اإلفريقي الستقالل غينيا بيساو والرأس األخضر في مواجهة البرتغال‪.‬‬

‫‪-‬حزب المؤتمر الوطني اإلفريقي في جنوب إفريقيا في مواجهة النظام العنصري‪.‬‬

‫‪-‬االتحاد الوطني اإلفريقي الزيمبابوي(‪ )zanu‬بقيادة موغابي في روديسيا الجنوبية(زيمبابوي)‪.‬‬

‫‪-‬االتحاد الشعبي اإلفريقي الزيمبابوي(‪ )zapu‬بقيادة جو شوان كومو في روديسيا الشمالية (زامبيا)‪.‬‬

‫&ا‬
‫وقد شهدت البلدان الثالثة األخيرة تمييزا عنصريا بغيضا من قبل األقلية البيضاء الحاكمة التي سلمتها بريطاني&‬
‫الحكم على حساب األكثرية السوداء‪ ،‬وقد خرجت كل منها من ذلك النظام العنصري إلى بر السلم والحرية واالستقالل‪.‬‬

‫&ة‬‫&ور الدول&‬
‫&تمر حض&‬ ‫لقد وجد األفارقة كل الدعم المادي والمعنوي من قبل الدولة الجزائرية المستقلة‪ ،‬كما اس&‬
‫الجزائرية بارزا وفاعال في مؤتمرات الوحدة اإلفريقية وفي مختلف المحافل الدولية من حيث كانت تدافع عن القض&&ايا‬
‫&نة‬‫&تى س&‬‫العادلة في العالم وبخاصة القضايا اإلفريقية‪ ،‬وعلى رأسها مواجهة نظام جنوب إفريقيا العنصري الذي بقي ح&‬
‫‪.1990‬‬

‫‪20‬‬
‫االستعمار وحركة التحرر في الهند‬
‫<‬
‫تمهيد‬
‫& البريطانية في آسيا‪ ،‬وهي تقع في جنوبي القارة األسيوية‪ ،‬تحدها‬
‫تعتبر الهند من أهم المستعمرات‬
‫& ُعمان من الغرب والصين وبوتان ونيبال من الشمال وبرمانيا وخليج البنغال وبنغالديش‬‫باكستان وبحر‬
‫& والمحيط الهندي من الجنوب‪.‬‬‫من الشرق‬

‫& من الشمال إلى الجنوب إلى ثالث مظاهر‪- :‬جبال الهماليا‪- .‬السهول‬‫تنقسم من حيث التضاريس‬
‫ْ‬
‫الغات الغربية والغات الشرقية على الساحل‪ .‬وتقطع أراضي‬ ‫الد َك ْن التي تحيطها‬
‫& جبال‬ ‫الطينية‪- .‬هضبة َّ‬
‫&وترا‪2897:‬‬
‫&ا ب&‬‫الهند مجموعة من األنهار هي‪ :‬الهندوس‪ 2.897 :‬كم‪- .‬الكانج‪ 2510 :‬كم‪- .‬براهم&‬
‫كم‪.‬‬

‫& وجاف من مارس إلى جوان‪.‬‬


‫& ممطر من جوان إلى أكتوبر‬
‫المناخ موسمي‬

‫& المتعددة‬
‫تبلغ مساحتها ‪ 3.287.590‬كم‪()km² 263 287 3 ( 2‬السابعة عالميا)‪ ،‬تتميز بثرواتها‬
‫&لم‪،‬‬
‫& ‪ 1.285.300.000‬نسمة منهم ‪ 255‬مليون مس&‬ ‫وضخامة سكانها الذين بلغ عددهم سنة ‪&:2016‬‬
‫وهي بذلك تحتل المرتبة الثانية عالميا بعد الصين الشعبية( ‪ 1.375.170.000‬نسمة في السنة نفسها)‪.‬‬
‫&ان‬‫&ات واألدي&‬‫&دد اللغ&‬‫ُس سكان العالم‪ .‬تتعدد األجناس(‪ 1600‬مجموعة)‪ ،‬كما تتع&‬ ‫يمثل سكان الهند ُسد ُ‬
‫والعادات والتقاليد‪ .‬يشتغل ‪ % 70‬من السكان في الزراعة‪.‬‬
‫&ال‪-‬‬‫&د والبنغ&‬‫&ة في الهن&‬‫اللغات‪ :‬أربع مجموعات كبرى هي‪ :‬الدرافيدية في الدكن‪ -‬الهندو أوربي&‬
‫& وميزو‪ .‬اللغ&&ات الرس&&مية ‪ 23‬لغ&&ة‪،‬‬ ‫& تيبيتية عند نافا ولوشاي‬
‫& أسيوية في الموندو‪ -‬الصينو‬ ‫األسترو‬
‫والمستعملة رسميا هي الهندية واإلنكليزية‪.‬‬

‫&يخية ‪1,9‬‬
‫& ‪ %82‬من السكان‪ -‬المسلمون ‪ -% 12,2 +‬المسيحيون ‪ -%2,3‬الس&‬ ‫األديان هي‪ :‬الهندوس‬
‫‪12‬‬
‫‪ -%‬البوذية ‪...% 0,8‬‬
‫أهم المدن هي‪ :‬مومباي‪ -‬دلهي ‪ -‬كلكتا ‪ -‬مدراس‪ -‬حيدر أباد‪ -‬أحمد أباد‪.‬‬
‫&ب‬‫أهم المنتجات‪ :‬األرز‪ -‬القمح‪ -‬الشعير‪ -‬الذرى‪ -‬الصويا‪ -‬السورغو‪ -‬الموز‪ -‬القطن‪ -‬الشاي‪ -‬قص&‬
‫السكر‪ -‬الفول السوداني‪ -‬التوابل بكل أنواعها‪.‬‬

‫&اس‪-‬‬
‫&ا‪ -‬النح&‬
‫&يز‪ -‬الميك&‬
‫المعادن‪ :‬الفحم الحجري‪ -‬الحديد‪ -‬البوكسيت‪ -‬الرصاص‪ -‬الكروم‪ -‬المنغن&‬
‫الزنك‪ -‬الذهب‪ -‬الفضة‪ -‬البترول‪ -‬الغاز الطبيعي‪...‬‬

‫‪-1‬تاريخ االستعمار في الهند‬

‫& إمبراطورية المغول في الهند أواخر القرن السادس عشر بسبب ضعف حكام الوالي&&ات‬ ‫تدهورت‬
‫& الفرنسيون والبريطانيون الفرصة سانحة عند سقوطها س&&نة ‪1707‬م‪،‬‬ ‫وتصارعهم على السلطة؛ فوجد‬
‫& في صراع بينهم‪ ،‬انتهى برسوخ أقدام البريطانيين في الهند بعد معاهدة باريس سنة ‪.1763‬‬
‫ودخلوا‬

‫‪ 12‬مصدر المعلومة! ‪http://www.helaahob.com/news/world/6115 :‬‬

‫‪21‬‬
‫&ارة‪.‬‬
‫&ة التج&‬ ‫& آسيا بحج&‬‫& شرقي‬‫وأخذت شركة الهند الشرقية البريطانية تبسط نفوذها في الهند وفي‬
‫&ل إلى‬‫&ل التوغ&‬‫& من أج&‬ ‫وأنشأت من أجل ذلك مراكز تجارية في مدراس ومومباي وكلكوتا‪ ،‬واستعملت‬
‫الداخل العنف تارة والرشوة تارة أخرى‪ .‬وعمل عمالها بهدف الربح على حساب الهنود‪ ،‬فانتشر الفساد‬
‫والنهب‪ ،‬وتدخلت الحكومة البريطانية في القرن ‪ 18‬إلضعاف نفوذ الشركة‪ ،‬وتدخلت في تعيين كب&&ار‬
‫موظفيها‪ ،‬ثم أخضعتها نهائيا تحت سلطتها‪.‬‬

‫ونتيجة الظلم والفساد واحتقار عادات وتقاليد الهنود من قبل البريطانيين ثار الهنود في الفترة بين‬
‫& شعبيا‪ ،‬ولم‬
‫& طابعا‬
‫‪ 1857‬و‪ 1858‬بشن حرب سميت حرب السباهية‪ ،‬والتي انتشرت بسرعة واكتسبت‬
‫& سنة ‪ 1866‬حلت المجاعة‬ ‫& عليها البريطانيون إال بعد استعمال أقسى أنواع العنف والشدة‪ .‬وفي‬ ‫يسيطر‬
‫& المليون من السكان‪.‬‬‫بالهند أودت بحياة مليون ونصف‬

‫&‬
‫& ملكة بريطاني&&ا‬
‫ومنذ عام ‪ 1877‬أصبحت اإلمبراطورية الهندية تابعة للتاج البريطاني‪ ،‬وصارت‬
‫تلقب نفسها باسم "ملكة بريطانيا وإمبراطورية الهند"‪.‬‬

‫‪--2‬حركة التحرر الهندية‬

‫بدأت النهضة في الهند مع نهاية القرن التاسع عشر على يد عناصر وطنية مس&&تنيرة من المثقفين‬
‫الهنود‪ .‬وهكذا ظهر حزب المؤتمر الوطني الهندي سنة ‪ 1885‬الذي عمل على إيقاظ األم&&ة الهندي&&ة‬
‫& حتى سنة ‪ 1900‬حين توالى على رئاس&&ته ثالث‬ ‫والدعوة إلى توحيد البالد‪ 13.‬وقد بقي الحزب نخبويا‬
‫& شخصيات هندية براهماتية مثل‬ ‫شخصيات بريطانية‪ .‬وبعدها ُحول الحزب إلى حزب استقاللي بوصول‬
‫كريشنه وبال قندهار تيالك والشاعر رابين ْد َرناث طاغور‪.‬‬

‫& واالضطرابات واجهتها بريطانيا بالقوة‪ .‬وفي سنة ‪ 1909‬أعطيت‬ ‫& النضال بالمظاهرات‬ ‫وتضاعف‬
‫& قد أسسوا حزبا سموه‬
‫الهند شبه استقالل ذاتي‪ ،‬لكن الحزب رفض الحلول الجزئية‪ .‬أما المسلمون فكانوا‬
‫&ة‬
‫& في مواجهة بقية الهنود وباألخص طائف&‬ ‫& على مستقبلهم‬‫"الرابطة اإلسالمية الهندية" سنة ‪ ،1906‬خوفا‬
‫& مسلمون آخرون إلى حزب المؤتمر‪.‬‬ ‫الهندوس الكبيرة‪ ،‬وانضم‬

‫‪-3‬الهند بعد الحرب العالمية األولى‬

‫&‬
‫&رط‬ ‫&ة األولى بش&‬
‫&رب العالمي&‬‫&دخول في الح&‬ ‫تحالف الهنود من هندوس ومسلمين مع بريطانيا لل&‬
‫&ان‬‫& شارك ‪ 1,2‬مليون هندي قتل منهم مائة ألف شخص‪ .‬ك&‬ ‫الحصول على االستقالل الذاتي للهنود‪ ،‬وقد‬
‫غاندي قد عاد من جنوبي إفريقيا سنة ‪ 1914‬الذي نادى بالمقاومة السلبية تحت شعار‪ :‬ال خ&&وف‪ ،‬ال‬
‫&وات‬‫&د ق&‬
‫&اهرين على ي&‬ ‫&د المتظ&‬
‫&زرة ض&‬ ‫عنف‪ .‬وفي سنة ‪ 1919‬نظمت مظاهرات تحولت إلى مج&‬
‫‪14‬‬
‫& في ‪ 13‬أبريل ‪(.1919‬في إقليم البنجاب)‪.‬‬ ‫البريطانية وكانت مذبحة أمريتسار‬

‫‪ 13‬كان من وراء تأسيسه بعض اإلنكليز‪ :‬د‪ .‬هيوم والسير وليم للتوفيق بين المصالح الهندية والسياسة اإلنكليزية‪ ،‬ولضمان الوالء الهندي الدائم‬
‫للتاج البريطاني –حتى ح‪.‬ع‪.1.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪le massacre d'Amritsar ou massacre du Jalianwalla Bagh, du 3 avril 1919, qui fit 379 morts et 1200‬‬
‫‪blessés.‬‬

‫‪22‬‬
‫& سنة ‪ 1935‬أعطى‬ ‫& سنة ‪ 1931‬أطلق سراح بعض المعتقلين السياسيين كغاندي ونهرو‪ .‬وفي‬ ‫وفي‬
‫البرلمان البريطاني قانونا أكثر استقاللية داخليا بحكومة هندية وجمعية منتخبة‪ .‬رغم مطالب&&ة ح&&زب‬
‫& باالستقالل التام إال أنه شارك في انتخاب الجمعيات اإلقليمية سنة ‪ .1937‬وفي ه&&ذه الف&&ترة‬ ‫المؤتمر‬
‫& عارضوا هذه الفكرة بقوة‪.‬‬
‫طالبت الرابطة اإلسالمية بإنشاء دولة إسالمية مستقلة إال أن الهنود‬

‫‪-4‬الهند أثناء الحرب العالمية الثانية‬

‫& إلى قيام‬


‫& أدى الرفض البريطاني‬ ‫قاد غاندي حملة المشاركة في الحرب مقابل االستقالل التام‪ .‬وقد‬
‫& حزب الرابطة هو أيضا بالحملة نفسها‪.‬‬ ‫الحزب بحملة العصيان المدني سنتي ‪ 1940‬و‪ .1941‬وقام‬

‫& شهر مارس سنة ‪ 1942‬وصل الوزير البريطاني إلى الهند ووعد الهنود باالستقالل التام بعد‬ ‫وفي‬
‫&رض‪.‬‬ ‫& والرابطة هذا الع&‬ ‫الحرب‪ .‬واقترح عليهم إنشاء حكومة انتقالية هندية‪ .‬وقد رفض حزب المؤتمر‬
‫&ه‬
‫&ذي واجهت&‬ ‫&دني ال&‬‫&يان الم&‬‫& عن الهند وبدأ العص&‬‫& شهر أوت سنة ‪ 1942‬طالب غاندي بالتنازل‬ ‫وفي‬
‫& الحزب بالخروج عن القانون‪.‬‬ ‫& وأنصارهما واتهم‬‫بريطانيا بالقمع الشديد‪ ،‬وتم توقيف غاندي ونهرو‬

‫&ورد‬ ‫&ل الل&‬


‫&د مح&‬ ‫&ك في الهن&‬
‫& سنة ‪ 1943‬حل اللورد أرشيبالد وافيل نائبا للمل&‬
‫& شهر أكتوبر‬‫وفي‬
‫& استئناف المفاوضات مع قادة حزب المؤتمر الذين أطلق سراحهم سنة ‪ ،1944‬إال أنه‬ ‫لينليثغاو‪ .‬وحاول‬
‫ْ‬
‫&ا بين‬‫&د‪ :‬م&‬‫&تقبل الهن&‬
‫وجد خالفات عميقة بين هذا الحزب وحزب الرابطة اإلسالمية حول تقرير مس&‬
‫الوحدة والتقسيم‪.‬‬

‫& بينما كان شعار غاندي أتركوا الهند‪ .‬وك&&ان اتف&&اقهم‬


‫& واذهبوا‬
‫كان شعار محمد علي جناح قسموا‬
‫& البريطاني‪.‬‬
‫الوحيد هو التخلص من االستعمار‬

‫‪-5‬الهند بعد االستقالل‬

‫دعا وافيل جميع األحزاب الهندية إلى االجتماع في سيمال في ‪ 25‬جوان ‪ 1945‬لتشكيل حكوم&&ة‬
‫&ول‬
‫& ح&‬ ‫&ؤتمر‬‫&زب الم&‬
‫تمثل المجتمع الهندي‪ ،‬وقد فشل المؤتمر الختالف حزب الرابطة اإلسالمية وح&‬
‫القواعد التي يتم على أساسها اختيار الوزراء(حزب المؤتمر ذكر أنه يضم بين صفوفه مسلمين بينم&&ا‬
‫ادعى جناح أنه يمثل كل المسلمين‪).‬‬

‫&‬
‫& عاد حزب العمال إلى السلطة في نهاية شهر ج&&وي ‪ ،1945‬وك&&ان من أنص&&ار‬ ‫& بريطانيا‬
‫وفي‬
‫&‬
‫استقالل الهند‪ .‬وفي شهر ديسمبر من سنة ‪ 1945‬جرت انتخابات المجلس التشريعي المركزي فحصل‬
‫فيها حزب المؤتمر في الدوائر االنتخابية الهندوسية على ‪ %91.5‬من األصوات و‪ 57‬مقعدا‪ .‬وحصل‬
‫حزب الرابطة اإلسالمية على ‪ %86.8‬من األصوات في الدوائر االنتخابية المسلمة و‪ 30‬مقعدا‪.‬‬

‫ومن أجل حل شامل للمسألة الهندية أرسلت الحكومة البريطانية لجنة وزارية ثالثية برئاسة اللورد‬
‫& وجدت اللجنة موقفين متعارضين(متناقضين)‪ ،‬ال يمكن‬ ‫بثيك‪-‬لورنس إلى الهند في مارس ‪ ،1946‬وقد‬
‫&‬
‫التوفيق بينهما(حزب المؤتمر يؤيد قيام حكومة انتقالية تمثل جميع األحزاب الرئيسية تنقل إليها بريطانيا‬
‫& االتحادي)‪ .‬في هذه الف&&ترة وقعت أعم&&ال‬ ‫السلطة بعد التصويت على الدستور(المقاطعات ثم الدستور‬
‫& راح ضحيتها قتلى وجرحى ومفقودين من الجانبين‪.‬‬ ‫عنف بين المسلمين والهندوس‬

‫‪23‬‬
‫& كليمون أتلي في ‪ 20‬فيفري ‪ 1947‬أن حكومته‬
‫وأمام تأزم الوضع أعلن الوزير األول البريطاني‬
‫& على الهند في ‪ 30‬جوان ‪.1947‬‬ ‫ستتخلى عن سلطتها‬

‫&ذلك‬‫&رفين‪ .‬ول&‬ ‫& الحرب األهلية بين الط&‬


‫& التأزم بين الهندوس والمسلمين‪ ،‬وتضاعفت أخطار‬ ‫وازداد‬
‫&ل)‬‫& وافي&‬‫&ورد‬‫&ف الل&‬‫&ارس ‪(1947‬خل&‬ ‫سارع اللورد مونتباتن المكلف بتسيير المرحلة االنتقالية منذ م&‬
‫& بزعماء الهند وأعلن عن استقالل الهند في ‪ 15‬أوت ‪ ،1947‬وقسمت الهند إلى دولتين‪ :‬الهند‬ ‫باالتصال‬
‫&ية‬
‫&د الهندوس&‬ ‫والباكستان‪ ،‬وتم تشكيل حكومتين انتقاليتين في كل منهما‪ ،‬غاندي على رأس حكومة الهن&‬
‫& علي جناح على رأس باكستان اإلسالمية‪ .‬وحدثت هجرات بشرية بين الدولتين على أساس ديني‬ ‫ومحمد‬
‫مما خلق أوضاعا مأساوية للدولتين الحديثتين‪.‬‬

‫وتشهد العالقة بين الدولتين تأزما دائما‪ ،‬وبخاصة بسبب بقاء منطقة كشمير ذات األغلبية المسلمة‬
‫&د‬
‫تحت حكم الهند‪ .‬وفي ‪ 30‬جانفي ‪ 1948‬تم اغتيال المهاتما غان&&دي(‪ )1948-1869‬من قب&&ل أح&‬
‫‪15‬‬
‫الهندوس المتطرفين –ناتورام قودسي‪ -‬خالل جلسة صالة‪.‬‬

‫لعبت الهند دورا رياديا بعد استقاللها داخل مجموعة الدول المس&&تقلة ح&&ديثا‪ ،‬بكثاف&&ة س&&كانها‬
‫ومواردها الطبيعية الغنية ورصيدها النضالي الذي مثله غاندي ونهرو‪ ،‬كانت الهند أحد زعماء ال&&دول‬
‫األفرو‪-‬أسيوية‪.‬‬

‫& الغربي‪ ،‬وطالبت بتحرير الشعوب المس&&تعمرة‪ .‬وتمكنت من‬


‫كانت تريد الحياد ومناوأة االستعمار‬
‫& ناقور‪ -‬كريكال‪ -‬إيناون‪ -‬ماهي‪).‬‬
‫& الفرنسية سنة ‪(1954‬بودي شيري‪ -‬شندر‬ ‫استعادة المستعمرات‬

‫تمت لقاءات بين زعماء الهند ومصر ويوغوسالفيا(تهرو‪ -‬عبد الناصر‪ -‬تيتو) بين سنتي ‪-1955‬‬
‫‪ .1956‬كانت الهند ضمن مجموعة الدول الخمس المجتمعة في كولومبو ثم في بوغور الداعية إلى عقد‬
‫& بأندونيسيا‪ ،‬والذي تم في أبريل من‬
‫لقاء بين الدول اإلفريقية واألسيوية المستقلة آنذاك لالجتماع بباندونغ‬
‫سنة ‪.1955‬‬

‫‪ 15‬دافع عن الهنود في جنوب إفريقيا ضد التمييز‪ N‬العنصري وبعد ‪ 20‬سن عاد إلى الهند سنة ‪ 1914‬ودخل الميدان السياسي بعد مجزرة أمريتسار‬
‫سنة ‪ 1919‬تحت شعار‪ :‬ال عنف‪ -‬الخوف‪ .‬خلفه نهرو ‪.)1964-1889‬‬

‫‪24‬‬

You might also like