You are on page 1of 16

‫ر‬.

‫بن عيسى‬ )2021 ‫ (ديسمرب‬03 ‫ العدد‬،‫اجمللد السابع‬

:‫التجربة الرواندية يف حتقيق التنمية االقتصادية‬


‫من حرب أهلية اىل هنضة اقتصادية‬
Rwanda Experience in Achieving Economic Development
From a Civil War into Economic Revival

*‫بن عيسى رمي‬


،‫إدارة أعمال املؤسسات االقتصادية املستدامة‬
‫ اجلزائر‬،‫جامعة الوادي‬
benaissa-rim@univ-eloued.dz

2021/12/16 :‫اتريخ النشر‬ 2021/08/08 :‫اتريخ القبول‬ 2020/12/01 :‫اتريخ اإلرسال‬

:‫ملخص‬
‫ واستطاعت يف وقت قياسي أن تتحول من اقتصاد يعاين إىل‬،‫هدفت هذه الدراسة إىل الوقوف على جتربة تنموية أهبرت العامل‬
‫ وهي جتربة رواندا اليت شهدت ازدهارا يف عديد القطاعات على الرغم ِم ْن‬،‫اقتصاد ينمو أبكثر من أرقام أعظم اقتصادات العامل‬
‫ ولقد قمنا ابالعتماد على البنك الدويل ووزارة املالية والتخطيط االقتصادي يف رواندا للحصول على بياانت‬.‫ضعف اإلمكانيات‬
‫ ونسبة‬،‫ وبتحليل مؤشر منو الناتج احمللي اإلمجايل ومؤشر نصيب الفرد من إمجايل الناتج احمللي وكذلك التضخم‬،‫االقتصاد الرواندي‬
ِ ‫ وتوصلت الدراسة إىل أن اإلرادة القوية والرؤية الواضحة هي العامل‬،‫مسامهة القطاعات اليت يقوم عليها االقتصاد الرواندي‬
‫احملفز‬
.‫ وسر جناح التجربة الرواندية يف حتقيق التنمية االقتصادية‬،‫القتصاد سريع التغري‬
.‫ رواندا ؛ تنمية اقتصادية ؛ منو اقتصادي ؛ اقتصاد رواند ؛ مؤشرات التنمية‬:‫الكلمات املفتاحية‬
Abstract :
The aim of this study is to identify a development experience which impressed the
world and could in record time transform from a suffering economy to growing one
with numbers more than those of the world's greatest economies,
And that is the experience of Rwanda which has witnessed prosperity in many sectors
despite the less resources it has. We relied on the World Bank and the Ministry of
Finance and Economic Planning in Rwanda to obtain data for the Rwandan economy
and we analyzed the gross domestic product growth indicator and the individual capita
from the gross domestic product growth indicator as well as inflation, and the
percentage of the contribution of the sectors upon which the Rwandan economy is
based. The study concluded that strong will and clear vision are the catalyst for a rapidly
changing economy and are the secret behind the success of the Rwandan experience in
achieving economic development.
Key Words: Rwanda; economic development; economic growth; Rwandan economy;
development indicators.

JEL Classification: O55.


(rimbenaissa505@gmail.com) ‫ بن عيسى رمي‬:‫* مرسل املقال‬

644
‫بن عيسى ‪.‬ر‬ ‫اجمللد السابع‪ ،‬العدد ‪( 03‬ديسمرب ‪)2021‬‬

‫املقدمة‪:‬‬
‫إن املوارد الطبيعية والبشرية اليت تزخر هبا القارة اإلفريقية كفيلة أبن تنعكس على مستوى معيشتها‪ ،‬وجتعلها يف‬
‫مقدمة ترتيب الدول‪ ،‬بينما الواقع مالف لِذلك متاما إذ نلحظ التخلف والفقر والتبعية واِنعدام التنمية مما جيعلها يف‬
‫مؤخرة الرتتيب‪ ،‬وجيعل اللِحاق ابلركب أمرا يكاد يكون مستحيال‪ ،‬فعلى الرغم من اجلهود العديدة الرامية إىل حتقيق‬
‫تنمية اِقتصادية لعدة دول إفريقية‪ ،‬إال أن الضعف والتخلف اِلتصق هبا ليصبح أحد صفاهتا‪.‬‬
‫من بني الدول اإلفريقية اليت عرفت طفرة منو قياسية حماولة أن حتقق هنضة اِقتصادية دولة رواندا‪ ،‬هذه الدولة اليت‬
‫عرفت بصغر مساحتها وبعدها عن الساحل‪ ،‬وكثافتها السكانية اليت بلغت ‪ 12.5‬مليون نسمة يف سنة ‪،2018‬‬
‫وافتقارها للعديد من اإلمكانيات اليت تؤهلها أن تكون يف املراتب األوىل اِقتصاداي إذا ما قورنت مبا ميتلكه الكثري من‬
‫الدول األخرى من حقول نفطية و مناجم احلديد والصلب و معادن نفيسة وغريها‪ ،‬ابإلضافة إىل معاانهتا املطولة مع‬
‫احلرب األهلية سنة ‪ 1994‬اليت خلفت ضحااي ابملاليني وعداوة بني أبناء البلد الواحد‪ ،‬إال أهنا استطاعت يف‬
‫العقدين األخريين حتقيق إجنازات اقتصادية هائلة‪ ،‬مبنية على رؤية مفادها التخلص هنائيا من ملفات احلرب األهلية‪،‬‬
‫وإنشاء مصاحلة وطنية هتدف إىل إشراك اجلميع يف حتقيق تنمية اقتصادية تعود ابلسخاء و الرفاهية ألبناء روندا‪ ،‬و‬
‫ظهر ذلك جليا يف تطور الناتج احمللي اإلمجايل الذي اِنتقل من ‪ %2.2‬سنة ‪ 2003‬إىل ‪ %4.7‬سنة ‪2013‬‬
‫ليصل إىل ‪ %10.9‬يف ‪ 9‬أشهر األوىل من سنة ‪ ،(world bank, 2020, p. 3) 2019‬حيث أصبحت‬
‫متثل الزراعة حاليا ‪ %30‬من الناتج احمللي اإلمجايل بعدما كانت متثل ‪ %50‬يف سنوات ‪1998-1994‬‬
‫واخلدمات ‪ %39‬والصناعة ‪.%16‬‬
‫أتسيسا ملا سبق نطرح اإلشكالية الرئيسة‪ :‬كيف استطاعت رواندا حتقيق أداء اقتصادي قوي؟‬
‫فرضيات الدراسة‪ :‬لإلجابة على اإلشكالية املطروحة مت وضع الفرضيات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬سامهت احلكومة بشكل رئيسي يف حتقيق التنمية االقتصادية يف رواندا نتيجة اخلطط التنموية املوضوعة‬
‫واإلصالحات االقتصادية املعتمدة؛‬
‫‪ِ -‬‬
‫االستثمار يف التعليم والصحة من أولوايت الربانمج االقتصادي يف رواندا؛‬
‫‪ -‬التحول من اِقتصاد زراعي اىل اقتصاد صناعي وخدمايت ضرورة حتمية لتحقيق معدالت منو عالية يف رواندا‪.‬‬
‫أهداف الدراسة‪:‬‬
‫‪ -‬التعرف على املراحل اليت مر هبا منو االقتصاد يف رواندا؛‬
‫‪ -‬حتليل مؤشرات منو االقتصاد الرواندي ومعرفة نقاط قوته؛‬
‫‪ -‬معرفة اإلجراءات اليت اعتمدهتا رواندا يف حتسني اِقتصادها‪.‬‬
‫أمهية الدراسة‪ :‬إن وصول اقتصاد رواندا إىل مراتب متقدمة يف العديد من املؤشرات التنموية رغم ضعف إمكانياهتا‪،‬‬
‫يعطي أمهية ابلغة لدراسة هذه التجربة‪ ،‬لعلها تقدم درسا مهما لكثري من الدول اليت مرت أو مازالت متر أبزمات‬
‫سياسية‪ ،‬أو تلك اليت تسعى لتحقيق هنضة اقتصادية‪.‬‬

‫‪645‬‬
‫بن عيسى ‪.‬ر‬ ‫اجمللد السابع‪ ،‬العدد ‪( 03‬ديسمرب ‪)2021‬‬

‫منهج الدراسة‪ :‬لدراسة املراحل اليت مر هبا االقتصاد يف رواندا وجب علينا اتباع املنهج الوصفي‪ ،‬و ِالستنطاق‬
‫املؤشرات الكمية وحتليلها ومعرفة األسباب استوجب استخدام املنهج التحليلي‪.‬‬
‫تقسيمات الدراسة‪ :‬لإلجابة على اإلشكالية املطروحة‪ ،‬والتطرق للموضوع جبميع حيثياته قسمت الدراسة اىل أربعة‬
‫حماور‪:‬‬
‫‪ ‬احملور األول‪ :‬واقع االقتصاد يف رواندا ومراحله؛‬
‫‪ ‬احملور الثاين‪ :‬القوى احملركة لالقتصاد الرواندي؛‬
‫‪ ‬احملور الثالث‪ :‬حتليل مؤشرات النمو االقتصادي يف رواندا؛‬
‫‪ ‬احملور الرابع‪ :‬االجراءات اليت اعتمدهتا روندا يف حتسني اقتصادها‪.‬‬

‫‪ .I‬االقتصاد الرواندي عرب مرحلتني‪:‬‬


‫مرت رواندا بظروف سياسة واجتماعية واقتصادية صعبة من جراء االستعمار الذي استنزف خرياهتا واستعبد‬
‫مواطنيها وهدد وحدهتا وفرق بني شعبها املكون من قبيليت اهلوتو والتوتسي‪ ،‬لدرجة نشوب حرب إابدة مجاعية‬
‫بينهما خلفت مقتل حوايل مليون رواندي وهرب أكثر من مليون إىل دول اجلوار‪ ،‬إىل غاية وصول الرئيس بول‬
‫كاغامي إىل احلكم بعد هناية احلرب األهلية‪ ،‬والذي يعترب رئيس هنضة رواندا وم ِنقذها‪ ،‬ليعرف االقتصاد الرواندي‬
‫تطورا و منوا" متسارعا وصل إىل ‪ %10.9‬يف تسعة أشهر األوىل من سنة ‪ ،2019‬هذا النمو ممزوج بني القطاعني‬
‫العام واخلاص مما يعكس قوة النشاط االقتصادي يف كل من القطاعات الثالثة‪ :‬الزراعة‪ ،‬اخلدمات‪ ،‬الصناعة‪.‬‬
‫‪ .1‬اقتصاد رواندا قبل احلرب األهلية (‪:)1994‬‬
‫عانت رواندا كثريا من االستعمار البلجيكي الذي اجنر عنه العديد من احلواجز اليت وقفت كعائق أمام حتقيق تنمية‬
‫اقتصادية يف رواندا ابلرغم من رغبتها امللحة يف حتقيقها‪ ،‬فالتخلف االقتصادي و االجتماعي‪ ،‬و املشاكل احلدودية‬
‫وخالفات سياسية‪ ،‬هي اليت سامهت يف استحالة حتقيق رواندا لنهضة اقتصادية مبختلف‬ ‫وما اجنر عنها من صراعات ِ‬
‫أبعادها‪ ،‬ولعل من أمهها‪:‬‬
‫‪ -‬ضعف إنتاجية القطاع الزراعي‪ :‬على مر الزمن اعترب الروانديون الزراعة وتربية املواشي مكسبهم الرئيسي‬
‫والوحيد‪ ،‬إذ ميثل املزارعون أكثر من ‪ ٪87‬من القوى العاملة اإلمجالية‪ ،‬إال أهنا تكتفي إبنتاج ما تستهلكه فقط‪ ،‬أما‬
‫عن األراضي الزراعية يف رواندا فإن طبيعة أراضيها اجلبلية وتدرجاهتا الطوبوغرافية وأساليبها البدائية اليت تستخدمها‬
‫يف الزراعة‪ ،‬أدت إىل إِهناك الرتبة واجهادها مما جعلها من بني أكثر األتربة سلبية يف إفريقيا‪ ،‬ابإلضافة إىل درجات‬
‫احلرارة املرتفعة اليت أثرت هي كذلك على إنتاجية األراضي الزراعية‪ ،‬وتدهور البيئة وانتشار ظاهرة سوء التغذية‪ ،‬إىل‬
‫جانب االرتفاع املتزايد يف نسبة املواليد‪ ،‬والذي بلغ ‪ %2.7‬مما جعل هذه املساحات ال تكفي لتكون مصدر رزق‬
‫قار لكل الروانديني‪.‬‬

‫‪646‬‬
‫بن عيسى ‪.‬ر‬ ‫اجمللد السابع‪ ،‬العدد ‪( 03‬ديسمرب ‪)2021‬‬

‫‪ -‬ضعف املبادالت التجارية‪ :‬إ ن الفقر الذي كانت تعيشه رواندا مل يسمح هلا بتنويع اقتصادها ليشمل الصناعة‬
‫والتجارة واقتصرت على الزراعة يف كسب قوهتا‪ ،‬كما أن موقعها يف وسط إفريقيا جعلها بعيدة عن الساحل الذي‬
‫يشجع ويسهل عملية التجارة‪ ،‬إىل جانب افتقارها لشبكات السكك احلديدية وحالة الطرقات السيئة اليت تربطها‬
‫جبرياهنا ال تشجعها على التصدير وال تساعد على توريد املواد األولية ومواد التجهيز الالزمة لإلنتاج احمللي‪.‬‬
‫‪ -‬ضيق القاعدة االقتصادية‪ :‬تفتقر رواندا ألدىن املوارد الطبيعية اليت ميكن أن يرتكز عليها اقتصادها‪ ،‬وأغلب‬
‫منتجاهتا متمثلة يف القهوة والشاي والبريثروم‪ ،‬وعلى الرغم من اِمتالكها لبعض املعادن ذات القيمة العالية إال أن‬
‫نسبتها ال تؤهلها لكي تدفع عجلة االقتصاد‪ ،‬ويبقى الغاز الطبيعي‪ ،‬املتوفر يف حبرية كيفو املورد الطبيعي اهلام الذي‬
‫متتلك منه البالد احتياطيات هامة تقدر حبوايل ‪ 60‬مليار مرت مكعب‪ ،‬إال أن االهتمام بعمليات البحث‬
‫واالستكشاف عن املوارد ضعيف‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف الكفاءات والكوادر البشرية‪ :‬عانت رواندا كباقي أغلبية الدول اإلفريقية من االستعمار‪ ،‬مما أدى إىل‬
‫ختلفها وجهلها وفقرها وتدهور التنمية البشرية هبا‪ ،‬كما أن احلكومات اليت توالت عليها مل جتد احللول الكافية لِت نمي‬
‫قدراهتا البشرية‪ ،‬وركزت على املصلحة الذاتية بدل أن تفرز خنبة من املسريين القادرين على تسيري البلد كما جيب‪.‬‬
‫‪ -‬رأس املال البشري‪ :‬إن تطور رأس املال البشري مرهون ابخنفاض األمية والوصول إىل مستوايت عالية من التعليم‬
‫االنتقال من الفقر يف رواندا يرتبط ارتباطا وثيقا مبستوى التعليم الذي حيصل عليه‬ ‫للخروج من دائرة الفقر‪ ،‬ويبدو أن ِ‬
‫أرابب األسر‪ ،‬ولكن املالحظة أن أكثر من ‪ %70‬من البالغني مل يتحصلوا على التعليم االبتدائي‪ ،‬إذ تعترب األمية‬
‫العائق األهم أمام حتديث االقتصاد الرواندي‪ ،‬فنسبة كبرية من الروانديني ال يعرفون القراءة والكتابة‪ ،‬عالوة على سوء‬
‫التغذية وانتشار األمراض اخلطرة كاملالراي وفريوس نقص املناعة البشرية‪ ،‬وهو ما يعيق تطور القطاعات االقتصادية‬
‫اهلامة اليت حتتاج إىل موارد بشرية مدربة على التقنيات احلديثة املستعملة يف الزراعة وتربية احليواانت‪.‬‬
‫‪ -‬اآلاثر السلبية اليت خلفها املستعمر‪ :‬اِنبثق عن مؤمتر برلني ‪ 1885‬رسم حلدود الدول اإلفريقية‪ ،‬واليت مل ير ِاع‬
‫فيها املستعمر أي اعتبارات خاصة ابألفارقة كالتجانس العرقي و اللغوي و التكامل االقتصادي واإلرث احلضاري‪ ،‬و‬
‫إمنا لعبت املنافسة و التسابق و االستحواذ على مناطق النفوذ (العيدروس‪ ،2014 ،‬صفحة ‪ )8‬دورا هاما يف وضع‬
‫احلدود‪ ،‬ما خلف مشاكل بني الدول اإلفريقية بعد ِ‬
‫االستقالل‪.‬‬
‫و من خالل دراسة اخلريطة اجليوسياسية إلفريقيا ظهرت احلقائق التالية‪:‬‬
‫‪ -‬عددا كبريا من الدول ال ترقى العتبارها دولة ألهنا ال متتلك كل مقومات الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬التخطيط العشوائي للحدود بني الدول جنم عنه قيام وحدات سياسية مزأة ‪.‬‬
‫‪ -‬مل يراع عند وضع احلدود االنسجام بني مساحة األرض و عدد السكان‪ ،‬و حجم اإلمكانيات‪.‬‬
‫ومن هذا املنطلق كان االستعمار حييك هذه احلدود‪ ،‬ويرمسها مع العلم أهنا ستفجر نزاعات و خالفات حدودية‪،‬‬
‫انعكست على التوافق السياسي الذي كان من املمكن أن حيصل بني الدول اإلفريقية‪ ،‬و قد زاد هذا الوضع من‬

‫‪647‬‬
‫بن عيسى ‪.‬ر‬ ‫اجمللد السابع‪ ،‬العدد ‪( 03‬ديسمرب ‪)2021‬‬

‫تفاقم مشكل احلدود و نتج عنه اضطراابت سياسية‪ ،‬و صراعات عرقية مسلحة بني متلف األجناس أدت إىل مقتل‬
‫املاليني من األشخاص كاحلرب األهلية اليت قامت بني اهلوتو و التوتسي يف رواندا‪.‬‬
‫‪ .2‬اقتصاد رواندا بعد احلرب األهلية (‪:)1994‬‬
‫‪ .1.2‬االقتصاد الرواندي يف الفرتة (‪ :)2000 -1994‬عرفت رواندا يف أفريل ‪1994‬حرب أهلية طاحنة‬
‫قامت بني أبنائها‪ ،‬خلفت خسائر بشرية قدرت ب ‪ 800.000‬من شعبها‪ ،‬خرجت منها منعدمة املوارد منهكة‬
‫القوى (‪ ،)world bank, government of rwanda, 2019, p. 36‬تدمرت على إِثرها البنية‬
‫التحتية للبالد ومتزقت الروابط االجتماعية بني األفراد‪ ،‬وأتلفت احلقول الزراعية‪ ،‬ومؤسسات عديدة تطلب إعادة‬
‫بنائها‪ ،‬وانعدم األمن و االستقرار و طالتها التهديدات من الداخل واخلارج‪ ،‬واخنفض على إثرها الناتج احمللي‬
‫اإلمجايل إىل النصف يف عام واحد‪ ،‬لِتصنف رواندا يف املرتبة ما قبل األخرية يف معدل الفقر بنسبة فاقت ‪، %80‬‬
‫مما أدى إىل حتمية إعطاء األولوية للسالم واملصاحلة الوطنية وحتقيق التنمية االقتصادية‪ ،‬اِختذت على اثرها احلكومة‬
‫الرواندية خطوات عديدة أوهلا املصاحلة بني القبيلتني‪ ،‬ومعاقبة كل من ساهم يف نشوب احلرب بينهما‪ ،‬وجترمي‬
‫استعمال األلفاظ العنصرية والتمييزية مستقبال‪ ،‬ومت إعادة هيكلة البنية التحتية للبالد وحتسني الظروف االجتماعية‬
‫للسكان م ركزة على االستثمار يف الرأس املال البشري‪ ،‬وابدرت بتقدمي اخلدمات للفقراء وحماربة الفساد مما جعل‬
‫تعاطف اجلهات الرمسية واملساعدات اخلارجية تتهاطل عليها إلعادة إمنائها‪ ،‬لتكون هذه املساعدات املصدر الرئيسي‬
‫لتمويلها اإلمنائي وتشكل حوايل ‪ %5‬من الناتج احمللي اإلمجايل يف الفرتة بني(‪.)2000-1995‬‬
‫كما واجهت رواندا حتدايت أخرى من افتقار ملؤسسات اقتصادية قوية وموظفني أكِفاء‪ ،‬فالنقص احلاد يف‬
‫املوظفني احملرتفني شكل عقبة أمام تطوير مجيع القطاعات‪ ،‬واالفتقار إىل األشخاص املدربني تدريبا كافيا يف الزراعة‬
‫وتربية املواشي كان حاجزا ابلنسبة لتحديث هذا القطاع وتوسعه (‪ ،)Rutayisire, 2013, p. 27‬وملواجهة‬
‫هذه املشاكل قامت احلكومة الرواندية إبصالحات اقتصادية أولية متثلت يف (‪:)Thomas, 2008, p. 2‬‬
‫‪ -‬استقاللية البنك املركزي للسيطرة على التضخم وحتقيق استقرار االقتصاد الكلي؛‬
‫‪ -‬إصالح النظام الضرييب من خالل إنشاء وكالة مستقلة لتحصيل الضرائب‪ ،‬وإدخال الضريبة على القيمة املضافة؛‬
‫‪ -‬خصخصة املؤسسات العمومية وتنشيط سوق العمل؛‬
‫‪ -‬حترير التجارة عن طريق إزالة ضوابط األسعار‪.‬‬
‫حققت رواندا يف هذه الفرتة مستوى معقوال من استقرار يف االقتصاد الكلي واالنضباط املايل ( ‪Rwanda‬‬
‫‪ ،)United Nations Development Assistance‬وظهر ذلك يف منو الناتج احمللي اإلمجايل الذي كان إجيابيا‬
‫يف كل السنوات بعد ‪ ،1994‬ابلرغم من اعتمادها الكبري على املدخرات األجنبية نتيجة عدم كفاية املدخرات‬
‫احمللية‪ ،‬إال أن هذه اإلصالحات االقتصادية مل تكن كافية لتحقيق التغيري اإلجيايب يف رواندا‪ ،‬لعدم وجود السالم‬
‫واالستقرار وانعدام الدميقراطية ووجود العنصرية‪ ،‬لذلك استوجب إدخال إصالحات سياسية واجتماعية لتكون‬
‫داعمة لإلصالحات االقتصادية (‪.)Jones, 2001, p. 13‬‬

‫‪648‬‬
‫بن عيسى ‪.‬ر‬ ‫اجمللد السابع‪ ،‬العدد ‪( 03‬ديسمرب ‪)2021‬‬

‫‪ .2.2‬االقتصاد الرواندي يف الفرتة (‪ :)2019-2000‬حبلول سنة ‪ 2000‬تغريت السلطة احلاكمة يف رواندا‪،‬‬


‫واعتمدت مجلة إجراءات هتدف إىل تطوير االقتصاد الرواندي بتوسيع الصناعات القائمة وحتويل االقتصاد القائم‬
‫على الزراعة إىل اقتصاد قائم على املعرفة وتكنولوجيا املعلومات واالتصاالت واخلدمات‪ ،‬يف إطار ما يسمى رؤية‬
‫‪ ،2020‬تشمل األهداف االقتصادية واالجتماعية الرئيسية لرؤية ‪ 2020‬حتويل رواندا إىل بلد متوسط الدخل‬
‫حبوايل ‪ 900‬دوالر للفرد (‪ ،)Government Of Rwanda, 2000, p. 53‬وحتويل اهليكل‬
‫االقتصادي لقطاع الصناعة واخلدمات بدل الزراعة حبلول ‪ ،2020‬ومن املتوقع أن تساهم اخلدمات بنسبة ‪،%42‬‬
‫والصناعة بنسبة ‪ ،%26‬والزراعة بنسبة ‪ %33‬من الناتج احمللي اإلمجايل‪ ،‬ومن املتوقع أيضا أن ينخفض عدد‬
‫السكان الذين يعيشون حتت خط الفقر من ‪ %77.2‬يف سنة ‪ 2000‬إىل ‪ %25‬حبلول سنة ‪ ،2020‬أي معدل‬
‫السكان سوف ينمو بنسبة ‪ %2.6‬سنواي حىت سنة ‪ ،2020‬وسريتفع معدل معرفة القراءة والكتابة من ‪ %48‬يف‬
‫سنة ‪ 2000‬إىل ‪ %90‬يف سنة ‪ ،2020‬وسوف يرتفع متوسط العمر املتوقع إىل ‪ 68‬سنة بدال من ‪ 49‬سنة‬
‫(‪.)Minecofine, 2000, p. 61‬‬
‫وابلفعل أصبحت رواندا أكثر استقرارا وعرفت معدل منو قياسي بلغ ‪ %13.2‬يف سنة ‪ 2002‬نتيجة وفرة األمطار‬
‫واحلصاد االستثنائي للمحاصيل الزراعية (‪ ،)world bank, 2003, p. 15‬لكن تبعتها نكسة يف سنة‬
‫‪ 2003‬بسبب اجلفاف الذي أثر على الزراعة بشكل كبري لينخفض النمو إىل‪ ،%2.2‬ليتعاىف بعدها مباشرة سنة‬
‫‪ 2004‬إىل غاية يومنا هذا‪ ،‬ويعرف النمو االقتصادي يف رواندا استقرارا نسبيا مستداما ترتاوح معدالته بني ‪ 6‬و‬
‫‪ ،%8‬ونتيجة اإلصالحات االقتصادية اليت قام هبا الرئيس بول كاغامي على مدار‪ 5‬سنوات األوىل من حكمه‬
‫لرواندا كانت كافية كي تؤهلها ملسح ديوهنا حتت تعزيز البلدان الفقرية املثقلة ابلديون‪ ،‬وحصلت رواندا على ما يقدر‬
‫ب ‪ 1.4‬مليار دوالر أمريكي من أصل ‪ 1.5‬مليار دوالر أمريكي ليطلق عليها رواندا املعجزة االقتصادية‪ ،‬كما اتفق‬
‫عليها العديد من املراقبني لالقتصادات اإلفريقية‪ ،‬ومن الواضح أن النمو االقتصادي الذي عرفته رواندا نتج عن‬
‫التطورات يف قطاعي الصناعة و اخلدمات وهذا يتوافق مع رؤية حكومة رواندا للتحول اهليكلي ( ‪world bank,‬‬
‫‪.)2003, p. 17‬‬

‫‪ .II‬القوى احملركة لالقتصاد الرواندي‪:‬‬


‫‪ .1‬القطاع الزراعي يف رواندا‪:‬‬
‫يعترب القطاع الزراعي العمود الفقري والركيزة األساسية يف قوة االقتصاد الرواندي‪ ،‬فهي متتلك إمكانيات زراعية‬
‫ضخمة انهيك عن تلك املوجودة يف املناطق اجلبلية اليت تتميز بربودة املناخ وغزارة األمطار وتتناسب جيدا مع زراعة‬
‫مموعة واسعة من احملاصيل بدءا ابلقهوة والشاي إىل البطاطس واملوز‪ ،‬فبعد احلرب األهلية قامت الدولة بوضع‬
‫خطة اسرتاتيجية هتدف إىل تطوير الزراعة وانعاشها‪ ،‬فجلبت العديد من املهندسني الزراعيني األجانب لدراسة‬
‫الوضعية الزراعية واالرتقاء هبا‪ ،‬كما عملت على إنشاء شبكة خاصة للمعلومات الزراعية ومكتبا للتصدير ونقل‬

‫‪649‬‬
‫بن عيسى ‪.‬ر‬ ‫اجمللد السابع‪ ،‬العدد ‪( 03‬ديسمرب ‪)2021‬‬

‫اعية من خالل توفريها وتنويعها ابإلضافة‬ ‫ِ‬


‫املعدات الزر ِ‬ ‫احملاصيل‪ ،‬ووفرت األمسدة كما ونوعا‪ ،‬وشجعت على أتجري‬
‫إ ىل منح قروض ميسرة للمزارعني‪ ،‬كل هذه اإلجراءات ظهرت نتائجها جليا يف النسبة املرتفعة إليرادات القطاع‬
‫ومسامهته يف الناتج احمللي اإلمجايل‪.‬‬
‫وتعد الزراعة حمركا رئيسيا لالقتصاد الرواندي و قطاعا ذا أولوية وأحد أهداف حكومة رواندا للحد من الفقر‬
‫وضمان األمن الغذائي‪ ،‬لذلك تطلب حتسني اإلنتاجية الزراعية اليت تعترب السبيل الوحيد لتحقيق هذا اهلدف‬
‫وتكثيف االستثمار يف القطاع‪ ،‬وابعتبار أن قطاع الزراعة يف رواندا ميثل عصب اقتصادها فإن الناتج الزراعي‬
‫الداخلي هبا يعطينا الصورة احلقيقية للقطاع من حيث الكمية والقيمة‪.‬‬
‫والشكل املوايل يظهر نسبة مسامهة قطاع الزراعة يف الناتج احمللي اإلمجايل لرواندا‪.‬‬
‫الشكل ‪" :01‬مسامهة قطاع الزراعة يف الناتج احمللي اإلمجايل"‬

‫املصدر‪ :‬اعداد الباحثة انطالقا من قاعدة بياانت البنك الدويل‬


‫نالحظ من خالل الشكل يف األعلى أن الناتج الزراعي يف رواندا يشكل نسبة كبرية من إمجايل الناتج احمللي‪ ،‬وكان‬
‫الناتج الزراعي طيلة السنوات اخلمس األوىل من الدراسة يرتفع ابستمرار وبشكل مستقر نوعا ما‪ ،‬غري أن نصيبه من‬
‫الناتج احمللي اإلمجايل اخنفض من ‪ %37‬سنة ‪ 2000‬إىل ‪ %33‬سنة ‪ ،2006‬ويعود هذا االخنفاض إىل أن‬
‫األمسدة ال تزال غري مستغلة بشكل كاف وضعف إنتاج احملاصيل (املوز‪ ،‬البذور‪ ،‬والدرانت) نظرا للظروف املناخية‬
‫السيئة اليت مرت هبا رواندا يف سنة ‪ ،2003‬لتتعاىف جزئيا يف عام ‪ 2004‬إال أن احلكومة عملت جاهدة لتعزيز‬
‫استخدام وحتسني البذور لزايدة اإلنتاجية وتوسيع املناطق املزروعة‪ ،‬إال أن هذا كان بطيء نوعا ما‪ ،‬ليستمر اإلنتاج‬
‫يف االخنفاض ليصل اىل ‪ %27.9‬سنة ‪ ،2008‬ويرجع هذا االخنفاض إىل النمو النسيب يف العديد من القطاعات‬
‫األخرى‪ ،‬ليعاود االرتفاع من جديد يف السنوات املوالية من الدراسة‪ ،‬ولكن بنسبة بسيطة ترتاوح مسامهته بني ‪29‬‬
‫إىل ‪ %31‬سنة ‪ 2017‬و‪ ،2018‬كما أن اخنفاض غلة احملاصيل واالنتاج احليواين يعود إىل حتسن وضع األمن‬
‫الغذائي‪ ،‬وعليه أصبح دعم الفالحني الذين حيوزون على مساحات صغرية حمور اهتمام السلطات الرواندية يف مال‬
‫التنمية‪ ،‬إىل جانب است ثمارات إضافية تدعم اإلنتاجية واملناولة بعد احلصاد وعمليات نقل احملاصيل إضافة إىل القوى‬

‫‪650‬‬
‫بن عيسى ‪.‬ر‬ ‫اجمللد السابع‪ ،‬العدد ‪( 03‬ديسمرب ‪)2021‬‬

‫العاملة يف القطاع الزراعي‪ ،‬واليت متثل النساء نسبة ما يقارب ‪ %80‬من إمجايل القوى العاملة من الفالحني فهن‬
‫ي ق ْمن بدور رئيسي يف قطاع الزراعة إذ ينتجن أغذية لالستهالك احمللي ولألسواق‪.‬‬
‫‪ .2‬قطاع اخلدمات يف رواندا‪:‬‬
‫عملت رواند على تنمية قطاعها اخلدمي منذ فرتة طويلة‪ ،‬واعتربته من أولوايت احلكومة‪ ،‬لضمان اقتصاد قوي يقوم‬
‫على توسيع الصادرات وجذب العمالت األجنبية وخلق وظائف جديدة خارج قطاع الزراعة‪ ،‬فقامت احلكومة‬
‫ابلرتويج خلدماهتا إال أنه تبِعه منو يف الواردات بشكل أسرع‪ ،‬ومع التحوالت األخرية يف أسعار السلع العاملية‪،‬‬
‫أصبحت رواندا تعاين من اختالل يف ميزان املدفوعات‪ ،‬مما جعلها تلجأ إلنشاء برانمج "صنع يف رواندا" يسعى إىل‬
‫حتسني صورة املنتجات الرواندية داخل رواندا وتعزيز الصناعات الناشئة‪ ،‬وزايدة إنتاجية القطاعات التصديرية كخطوة‬
‫واعدة لرتويج صادراهتا‪.‬‬
‫واستطاعت رواندا أن حتقق قفزة نوعية يف مال اخلدمات‪ ،‬وبدأت يف تنمية صادراهتا لتمثل السوق األفريقي يف‬
‫مال اخلدمات‪ ،‬وجذبت العديد من املوردين إليها ليستفيدوا من خريات منتجاهتا بعد أن ختلصت رواند من‬
‫مشاكلها االقتصادية والسياسية وأصبحت تسري على خطة تنمية حمددة املالمح‪ ،‬فشجعت على توسيع صادراهتا‬
‫للمضي يف مشروعات التنمية من خالل تشجيع تصدير املنتجات احمللية‪ ،‬واعتمدت كثريا على التجارة اإللكرتونية‬
‫وهذا ما ظهر جليا يف توقيع رواندا ومموعة “علي اباب” الصينية العمالقة على ثالث مذكرات تفاهم إلنشاء أول‬
‫مركز للتجارة العاملية اإللكرتونية يف رواند‪ ،‬والشكل املوايل يوضح نسبة مسامهة قطاع اخلدمات يف الناتج احمللي‬
‫اإلمجايل لرواندا‪.‬‬
‫الشكل‪" :02‬مسامهة قطاع اخلدمات يف الناتج احمللي االمجايل"‬

‫املصدر‪ :‬اعداد الباحثة انطالقا من قاعدة بياانت البنك الدويل‬


‫من خالل الشكل أعاله نالحظ أن قطاع اخلدمات يف رواندا شكل نسبة حمتشمة من إمجايل الناتج احمللي يف‬
‫السنة األوىل من الدراسة ليعرف ارتفاعا طفيفا وصل إىل ‪ %22‬سنة ‪ ،2001‬وذلك راجع إىل ارتفاع يف صادرات‬
‫املنتجات الزراعية لينخفض بعدها مباشرة نتيجة الظروف املناخية السيئة اليت عرفتها رواندا يف الفرتة بني ‪-2002‬‬
‫‪ ،2004‬ليتعاىف بعدها القطاع ويعرف منوا متزايدا ومسامهة جيدة يف إمجايل الناتج احمللي ليصل إىل ‪ %29.5‬يف‬
‫‪651‬‬
‫بن عيسى ‪.‬ر‬ ‫اجمللد السابع‪ ،‬العدد ‪( 03‬ديسمرب ‪)2021‬‬

‫سنة ‪ ،2010‬ويعود هذا إىل اجلهود اليت بذلتها احلكومة الرواندية يف حتسني اقتصادها واعطاء أفكار جديدة‬
‫ومقرتحات سياسية تعزز هبا املنتجات الرواندية‪ ،‬ليعرف القطاع قفزة نوعية يف نسبة مسامهته إلمجايل الناتج احمللي‬
‫طيلة السنوات املتبقية من الدراسة ليصل إىل ‪ %40‬سنة ‪ ،2018‬ويرجع هذا االرتفاع إىل النمو النسيب يف القطاع‬
‫خاصة النقل اجلوي والسياحة والتجارة اإللكرتونية و اخنفاض يف مسامهة القطاع الزراعي مقارنة ابلسنوات املاضية‬
‫وضعف القطاع الصناعي‪.‬‬
‫‪ .3‬القطاع الصناعي يف رواندا‪:‬‬
‫مل تقتصر خطة احلكومة الرواندية على تطوير الزراعة واخلدمات فحسب‪ ،‬بل شجعت أيضا قطاعات أخرى منها‬
‫الصناعة‪ ،‬فاعتمدت على االستثمار األجنيب للوقوف هبذا القطاع ‪ ،‬وهيأت البنية التحتية لذلك من خالل‬
‫التسهيالت يف إنشاء املشاريع على أراضيها‪ ،‬ففي حني كان املستثمر يف دول أخرى حيتاج إىل أسابيع أو شهور‬
‫ليحصل على ترخيص ب ْد ِء العمل‪ ،‬وضعت رواندا قانوان جديدا لالستثمار‪ ،‬وأنشأت ما يعرف بنظام "الشباك‬
‫ميكن املستثمر من إهناء مجيع اإلجراءات يف مكان واحد وخالل بضع ساعات‪ ،‬كما أسست الدولة‬ ‫الواحد"‪ ،‬الذي ِ‬
‫ملسا استشاراي لالستثمار والتطوير‪ ،‬كان أعضاؤه من الروانديني ذوي الكفاءات العليا واملنتشرين يف متلف دول‬
‫العامل‪ ،‬وألغت رواندا التأشرية جلميع األجانب‪ ،‬وهذا ما شجع املستثمرين األجانب على التصنيع يف رواندا‪.‬‬
‫وتساهم الصناعة يف الناتج احمللي اإلمجايل يف رواندا بنسبة ضعيفة نوعا ما إذا قورنت مبا تساهم به الزراعة‬
‫والتجارة‪ ،‬و يرجع هذا للعديد من األسباب منها ضعف اإلمكانيات املتاحة على مستوى الدولة‪ ،‬مما جيعل أغلب‬
‫املواد جيب استريادها وهذا سيؤدي إ ىل ارتفاع فاتورة النفقات خاصة وأن رواند مدعمة من البنك الدويل والعديد من‬
‫املؤسسات الدولية للنهوض ابقتصادها‪ ،‬إىل جانب نقص العمالة والكفاءات يف هذا القطاع فالنسبة األكرب من‬
‫العمالة ترتكز يف الزراعة‪ ،‬والشكل املوايل يوضح نسبة مسامهة الصناعة يف الناتج احمللي اإلمجايل‪.‬‬
‫الشكل ‪" :03‬مسامهة قطاع الصناعة يف الناتج احمللي اإلمجايل"‬

‫املصدر‪ :‬اعداد الباحثة ابالعتماد على قاعدة بياانت البنك الدويل‬

‫‪652‬‬
‫بن عيسى ‪.‬ر‬ ‫اجمللد السابع‪ ،‬العدد ‪( 03‬ديسمرب ‪)2021‬‬

‫من خالل الشكل أعاله نالحظ أن اإلنتاج الصناعي يف رواندا يشكل نسبة متوسطة من إمجايل الناتج احمللي‪ ،‬كما‬
‫عرفت مسامهة اإل نتاج الصناعي طيلة السنوات األوىل من الدراسة استقرارا نوعا ما من نسبة الناتج احمللي اإلمجايل‬
‫ليعرف اخنفاضا طفيف ق ِدر ب ‪ %1‬سنة ‪ 2003‬ليكون ‪ ، %12.6‬ويعود هذا االخنفاض إىل الظروف السيئة اليت‬
‫مرت هبا رواندا يف هاته الفرتة‪ ،‬ليتعاىف جزئيا يف سنة ‪ 2004‬نظري اجلهود اليت تبذهلا احلكومة الرواندية يف حتسني‬
‫اقتصادها‪ ،‬ليعاود االرتفاع من جديد يف السنوات املوالية من الدراسة ولكن بنسبة بسيطة ترتاوح بني ‪ 1‬اىل ‪ %3‬يف‬
‫سنوات الدراسة املتبقية ويرجع هذا االرتفاع إىل النمو النسيب يف القطاع و اخنفاض يف مسامهة القطاع الزراعي‪،‬‬
‫وعملت السلطات الرواندية على تشجيع الصناعة من أجل حتقيق تنمية متوازنة فشجعت استثمارات إضافية تدعم‬
‫القطاع وتضاعف من إنتاجيته‪.‬‬

‫‪ .III‬حتليل مؤشرات منو االقتصاد الرواندي‪:‬‬


‫‪ .1‬الناتج احمللي االمجايل‪:‬‬
‫يستخدم الناتج احمللي اإلمجايل لقياس التباطؤ االقتصادي‪ ،‬والقدرة النقدية القتصاد ما على معاجلة العوامل‬
‫اخلارجية‪ ،‬فالناتج احمللي اإلمجايل هنا هو مقياس حمايد يعمل على معرفة قوة اقتصاد دولة ما‪ ،‬حيث عرف منو الناتج‬
‫احمللي اإلمجايل يف رواندا بعد احلرب األهلية تطورا كبريا إىل غاية سنة ‪ ، 2002‬مقارنة ابلنمو خالل الفرتة اليت‬
‫سبقت احلرب األهلية ليصل معدل النمو إىل اقصاه ب ‪ %13.2‬سنة ‪ ،2002‬لكن سوء الظروف املناخية‬
‫واالضطراابت اجلوية يف السنة املوالية مباشرة أثرت على منوه ليرتاجع بشكل كبري إىل أدىن مستوى ‪ %2.2‬سنة‬
‫‪ 2003،‬ليعرف بعدها ارتفاعا واستقرارا يرتاوح بني ‪ %6‬اىل ‪ %8‬على مدار السنوات املوالية‪ ،‬والشكل املوايل‬
‫يوضح منو الناتج احمللي اإلمجايل‪.‬‬
‫شكل ‪" :04‬منو الناتج احمللي اإلمجايل"‬

‫املصدر‪ :‬اعداد الباحثة اعتمادا على قاعدة بياانت البنك الدويل ووزارة املالية والتخطيط االقتصادي برواندا‬
‫‪www.minecofin.gov.rw‬‬

‫‪653‬‬
‫بن عيسى ‪.‬ر‬ ‫اجمللد السابع‪ ،‬العدد ‪( 03‬ديسمرب ‪)2021‬‬

‫من خالل قراءة الشكل أعاله نالحظ أن هناك تطورا ملحوظا يف منو الناتج احمللي االمجايل لرواند خالل الفرتة‬
‫األوىل من الدراسة‪ ،‬ليصل يف سنة ‪ 2002‬اىل ‪ %13.2‬وهو أعلى مستوى له طيلة سنوات الدراسة‪ ،‬ويرجع هذا‬
‫إىل أن النمو االقتصادي يف رواندا عرف تراكما يف عوامل اإلنتاج مما ساهم يف منوه‪ ،‬كما سامهت املساعدة اإلمنائية‬
‫الرمسية بشكل إجيايب يف منو الناتج احمللي اإلمجايل‪ ،‬أما فيما يتعلق ابلسنوات اليت تراجع فيها منو الناتج احمللي‬
‫اإلمجايل فسببه صعوبة احلصول على االئتمان‪ ،‬وضعف تكوين رأس املال البشري وكذا إصالحات أسعار الصرف‪،‬‬
‫والظروف املالية واالستثمارية‪ ،‬لذلك عملت رواندا على االستثمار يف الرأس املال البشري والذي أثبت أتثريه اإلجيايب‬
‫الكبري على النمو االقتصادي (‪ ،)Mensah, 2004, p. 437‬كما أن متغري االئتمان له أتثري إجيايب كذلك‬
‫على منو الناتج احمللي اإلمجايل‪ ،‬وهذا يدل على أن اإلصالحات املالية اليت اعتمدهتا رواندا أدت إىل حتريك املوارد‬
‫االقتصادية املتاحة وابلتايل حتريك عجلة االقتصاد‪ ،‬وأن معامل االستثمار على الناتج احمللي اإلمجايل إجيايب هو أيضا‬
‫مما يوحي أبن االستثمار يساهم يف حتسني النمو االقتصادي‪ ،‬وهذا ما توجهت له روندا‪ ،‬كما نالحظ أيضا أن لرأس‬
‫املال أمهية إ جيابية وهذا ما توضحه الواردات وتؤكد على أمهية دمه ابلتكنولوجيا‪ ،‬ليكون هناك قدر أكرب من الكفاءة‬
‫اإلنتاجية وابلتايل منو اقتصادي أكرب‪ ،‬و أن اإليرادات الضريبية املتغرية اليت مت مجعها من التجارة الدولية تعمل على‬
‫منو الناتج احمللي اإلمجايل وابلتايل هناك عالقة إجيابية بني اإليرادات والتنمية االقتصادية‪ ،‬مما جيعل اإليرادات احملصلة‬
‫يتم توجيهها إىل مشاريع أكثر إنتاجية لتحقيق النمو االقتصادي (‪.)Murenzi, 2006, p. 254‬‬
‫كما استفادت رواندا من املساعدات املقدمة من طرف اجلهات الرمسية كالبنك وصندوق النقد الدوليني‪ ،‬حيث كان‬
‫هلما أتثري إجيايب كبري على منو اإلنتاجية وابلتايل منو االقتصاد‪ ،‬فاملساعدات اليت تلقتها رواندا من اجملتمع الدويل‬
‫وجهت أبكملها لقطاع التعليم والصحة من أجل بناء املدارس واملستشفيات وتكوين وتدريب املعلمني واألطباء‬
‫وتوفري األاثث املدرسي وجتهيز املستشفيات و شراء أجهزة الكمبيوتر للعاملني والطالب‪Thomas, 2008, ( ،‬‬
‫‪.)p. 1‬‬
‫‪ .2‬نصيب الفرد من الناتج احمللي االمجايل‪:‬‬
‫عرف نصيب الفرد من الناتج احمللي اإلمجايل هو كذلك منوا" حبوايل الضعف خالل الفرتة ‪ ،2002-1995‬بينما‬
‫كان يف املتوسط ‪ 0.1‬خالل الفرتة اليت سبقت احلرب ليعرف بعدها منوا قارب ‪ 6‬مرات يف سنة ‪ 2015‬ليصل إىل‬
‫حوايل ‪ 800‬دوالر للفرد سنة ‪ ،2018‬ليكون بذلك األداء االقتصادي لرواندا أفضل من كل الدول األفريقية يف‬
‫جنوب الصحراء (‪،)Ezemenari, 2006, p. 13‬‬
‫والشكل املوايل يوضح نصيب الفرد من الناتج احمللي اإلمجايل طيلة سنوات الدراسة‪.‬‬

‫‪654‬‬
‫بن عيسى ‪.‬ر‬ ‫اجمللد السابع‪ ،‬العدد ‪( 03‬ديسمرب ‪)2021‬‬

‫شكل‪" :05‬نصيب الفرد من ‪ GDP‬يف الفرتة ‪"2018-1994‬‬

‫املصدر‪ :‬اعداد الباحثة اعتمادا على قاعدة بياانت البنك الدويل ووزارة املالية والتخطيط االقتصادي برواندا‬
‫‪www.minecofin.gov.rw‬‬
‫من خالل قراءة الشكل أعاله نالحظ أن هناك تطورا ملحوظا يف نصيب الفرد من إمجايل الناتج احمللي يف رواند‬
‫خالل العشر سنوات األوىل من الدراسة مبعدل الضعف‪ ،‬ليتضاعف بعدها بسرعة كبرية وصلت إىل ما يقارب ‪6‬‬
‫مرات على ما كان عليه يف السابق‪ ،‬وهذا إن دل على شيء فإمنا يدل على سرعة منو االقتصاد الرواندي بعد سنة‬
‫‪ 2005‬ليصل اىل حوايل ‪ 800‬دوالر يف ‪ 2018‬ليقرتب من األهداف الرئيسية لرؤية ‪ ،2020‬وهي حتويل رواندا‬
‫إىل بلد متوسط الدخل حبوايل ‪ 900‬دوالر للفرد‪.‬‬
‫‪ .3‬التضخم‪:‬‬
‫ابِعتبار أن الدراسة احلالية اخلاصة بنا تتعامل مع اقتصاد ملوع يف دولة انمية‪ ،‬جند أن التضخم فيها حتت السيطرة‬
‫لعدة عوامل أوهلا تدخل احلكومة يف االقتصاد والنمو احلقيقي للبالد‪ ،‬وهذا ما يظهره الشكل املوايل عن منو التضخم‬
‫يف رواندا طيلة سنوات الدراسة‪.‬‬
‫شكل‪" :06‬التضخم يف رواندا خالل الفرتة ‪"2018-2000‬‬

‫املصدر‪ :‬اعداد الباحثة اعتمادا على قاعدة بياانت البنك الدويل ووزارة املالية والتخطيط االقتصادي برواندا‬
‫‪www.minecofin.gov.rw‬‬

‫‪655‬‬
‫بن عيسى ‪.‬ر‬ ‫اجمللد السابع‪ ،‬العدد ‪( 03‬ديسمرب ‪)2021‬‬

‫تظهر النتائج يف الشكل أعاله أن التضخم يف رواندا ليس ظاهرة نقدية بل ميكن التحكم فيه بكفاءة من خالل‬
‫اإلنفاق احلكومي‪ ،‬وحتسني شروط التجارة (أي عدم االعتماد على الواردات) وتقليل تكلفة إنتاج قطاع الزراعة‪ ،‬كما‬
‫أن العرض النقدي له أتثري ضئيل نسبيا على التضخم يف رواندا ‪ ،‬ألن تغيري الوحدة ‪ ٪1‬يف العرض النقدي يؤدي‬
‫إىل زايدة ‪ ٪2.7‬يف التضخم‪ ،‬كما نالحظ أن التضخم يف رواندا له العديد من العوامل املؤثرة فيه كالسياسة النقدية‬
‫مثال‪ ،‬فالسياسة النقدية يف رواندا تقييدية مما جيعل مستوى األسعار ليس صارما بشكل عام‪ ،‬ابإلضافة إىل الربانمج‬
‫اإلصالحي الذي اعتمدته حكومة رواندا ابلتعاون مع موظفني من البنك الدويل وصندوق النقد الدويل‪ ،‬يرمي إىل‬
‫أن التمويل التضخمي يف رواندا حممي حتت إطار االقتصاد الكلي لربانمج اإلصالح االقتصادي‪.‬‬

‫‪ .IV‬اإلصالحات االقتصادية اليت اختذهتا رواندا من أجل حتقيق التنمية‪:‬‬


‫القت جتربة التنمية يف رواندا أمهية ابلغة‪ ،‬كوهنا جتربة متت يف دولة فقرية‪ ،‬واستمدت قيمتها من الدخول للعوملة مع‬
‫احملافظة على درجة كبرية من الوطنية االقتصادية‪ ،‬ويعود جناح هذه املعادلة الصعبة للقيادة املتميزة لرئيسها كاغامي‪،‬‬
‫والذي ركز منذ ميئه للحكم على اجلانب االجتماعي من خالل املصاحلة واملساواة بني الفئات االجتماعية اليت‬
‫يتشكل منها اجملتمع الرواندي‪ ،‬واجلانب االقتصادي من خالل الشراكة بني القطاع العام واخلاص للنهوض ابالقتصاد‬
‫الرواندي‪ ،‬ومعاجلة نقاط الضعف اهليكلية يف االقتصاد مع الرتكيز على التنويع االقتصادي وحتديث القطاع الزراعي‬
‫وزايدة إنتاجيته وتطوير املناطق الريفية و التوسع يف إنتاج بدائل حملية للمنتجات الصناعية املستوردة مث التوجه حنو‬
‫التصدير لدفع عجلة النمو‪ ،‬إدراكا منه أن اإلخالل يف احد اجلوانب سيخلف أتثريات سلبية يف اآلخر ومن بني أهم‬
‫اإلصالحات االقتصادية اليت اعتمدهتا روندا لتحقيق التنمية أنه مت الشروع يف إعادة اهليكلة االقتصادية كخطوة‬
‫ضرورية لتحقيق التنمية‪ ،‬والذي من شأنه أن يساعد يف إعادة بناء االقتصاد الذي مزقته احلرب األهلية‪ ،‬وأكدت‬
‫اإلصالحات اليت أجريت على أمهية ختصيص املوارد والشفافية ووضع بيئة مواتية لتعزيز االستثمارات‪ ،‬واملساءلة ‪،‬‬
‫وتضمنت اإلصالحات ما يلي (‪:)Beswick, 2010, p. 225‬‬
‫‪ -‬خصخصة املؤسسات العمومية‪ :‬قررت احلكومة التوجه حنو السوق ابعتماد برانمج خصخصة املؤسسات‬
‫العمومية‪ ،‬لزايدة الكفاءة واإلنتاج‪ ،‬وزايدة التوظيف‪ ،‬وجذب االستثمار واالعتماد على التكنولوجيا واالبتكار‪،‬‬
‫وختفيض تكاليف اإلنتاج‪ ،‬وابلتايل زايدة القدرة التنافسية‪ ،‬كما قررت احلكومة الرتكيز على املسائل السياسية بينما‬
‫يتوىل القطاع اخلاص نشاطه التجاري ملواجهة هذه التحدايت‪.‬‬
‫‪ -‬تعديل قوانني االستثمار جلذب املستثمرين‪ :‬قامت احلكومة الرواندية بتعديل قانون االستثمار للعمل على‬
‫جذب املستثمرين احملليني واألجانب ووضعت إصالحات اقتصادية متلفة جذبت هبا االستثمار األجنيب املباشر يف‬
‫ماالت عدة مثل‪ :‬البناء واالتصاالت السلكية والالسلكية‪ ،‬وقطاع اخلدمات‪ ،‬وقد أدى هذا بدوره إىل زايدة الطلب‬
‫على السلع واخلدمات‪ ،‬وحتفيز املزيد من اإلنتاج وحتسني االقتصاد ككل‪.‬‬

‫‪656‬‬
‫بن عيسى ‪.‬ر‬ ‫اجمللد السابع‪ ،‬العدد ‪( 03‬ديسمرب ‪)2021‬‬

‫‪ -‬إصالح النظام الضرييب‪ :‬مت إصالح النظام الضرييب لزايدة الكفاءة والفعالية وزايدة االيرادات الضريبية‪ ،‬ومت إنشاء‬
‫وكالة حتصيل ضرائب مستقلة وإدخال ضريبة القيمة املضافة‪ ،‬إضافة اىل توسيع القاعدة الضريبية لتشمل املزيد من‬
‫دافعي الضرائب‪ ،‬وقد حقق هذا اإلصالح زايدة يف إيرادات الضرائب منذ عام ‪ 2000‬لتتضاعف نسبة اإليرادات‬
‫إىل الناتج احمللي اإلمجايل من ‪ %7‬يف ‪ 2005‬إىل ‪ 13.7%‬سنة ‪ 2015‬و ‪ %14.8‬سنة ‪ ، 2016‬وعلى‬
‫الرغم من هذا األداء االقتصادي ال تزال رواندا تعتمد على املساعدات األجنبية اليت توفر حوايل ‪ %50‬من امليزانية‬
‫(‪ ،)Thomas, 2008, p. 2‬و تعترب اإلدارة الفعالة للموارد واحلكم الراشد من بني أكثر العناصر املهمة اليت‬
‫تضمن استمرارية املستثمرين األجانب يف متويل برامج احلكومة الرواندية‪.‬‬
‫‪ -‬وضع سياسة نقدية مناسبة‪ :‬لتحدايت القطاع الريفي بعد ما دمرت احلرب األهلية يف ‪ 1994‬النظام املصريف‪،‬‬
‫قامت الدولة بتدابري هامة إلعادة بناء النظام وحولت ‪ NBR‬إىل مؤسسة مستقلة لتمكنه من املسامهة بشكل كبري‬
‫يف السيطرة على التضخم ومتويل االقتصاد‪ ،‬ومت إلغاء االئتمان وتنظيم السيولة‪ ،‬كما مت إنشاء الصكوك وإصالح‬
‫السياسة النقدية املناسبة جملاهبة حتدايت القطاع الريفي و توفري األموال لقطاع الزراعة يف املناطق الريفية‪ ،‬ابإلضافة إىل‬
‫إنشاء مرافق االستثمار الريفي يف شكل صناديق الضمان اليت يديرها ‪ NBR‬وميوهلا‪.‬‬
‫‪ -‬التكامل اإلقليمي والنمو االقتصادي‪ :‬دخلت رواندا يف شراكة جديدة لتنمية إفريقيا واليت يطلق عليها (نيباد)‪.‬‬
‫و يف جوان‪ 2005‬كانت رواندا من أوائل الدول اليت تقدمت ل ‪ APRM‬بتقرير يظهر استعدادها إلنتاج النقد‬
‫الذايت وتقييم واقع رواندا‪ ،‬كما عملت على إظهار القيادة االقتصادية يف املؤسسات اإلقليمية األفريقية‪ ،‬و هي عضو‬
‫يف السوق املشرتكة لشرق وجنوب إفريقيا (الكوميسا)‪ .‬كما انضمت إىل مموعة شرق أفريقيا (‪ )EAC‬اعتقادا‬
‫منها أن التكامل خيلق بيئة جيدة لنمو االقتصاد املستدام‪ ،‬خاصة وأن هيكل اقتصاد رواندا ضعيف نوعا ما فهي‬
‫صغرية املساحة‪ ،‬موقعها غري ساحلي ونسبة الفقر عالية وبنية حتتية منهارة‪ ،‬فهي تنظر إىل التكامل اإلقليمي كمحرك‬
‫هام ل نمو اقتصادي مرتفع ومستدام (‪ ،)UWITONZE, 2019, p. 4‬أما التكامل يف ‪ EAC‬هو‬
‫مصلحة ممتازة هلا‪ ،‬ألن ما يقارب ‪ %70‬من وارداهتا من دول شرق أفريقيا فتحرير التجارة مهم جدا جلعل‬
‫املعامالت سهلة وأقل تكلفة‪ ،‬ونظرا لضعف املوارد الطبيعية يف رواندا‪ ،‬فإن احلكومة تعتمد على زايدة االستثمار يف‬
‫العلوم التكنولوجية و التنمية البشرية‪ ،‬وحىت تكون رواندا قادرة على املنافسة واالستفادة من التكامل اإلقليمي فهي‬
‫هتدف لتحويل اقتصادها إىل اقتصاد قائم على املعرفة‪.‬‬

‫‪657‬‬
‫بن عيسى ‪.‬ر‬ ‫اجمللد السابع‪ ،‬العدد ‪( 03‬ديسمرب ‪)2021‬‬

‫اخلامتة‪:‬‬
‫حتقق ما عجز الكثري من الدول عن حتقيقه اقتصاداي وسياسيا واجتماعيا‪ ،‬ليبقى التحدي‬ ‫استطاعت رواندا أن ِ‬
‫الكبري لديها هو احملافظة على املصاحلة الوطنية بني شعبها مستقبال‪ .‬وعلينا االعرتاف أبن مسألة السالم ستظل‬
‫مسألة هامة للحكومة الرواندية يف حتقيقها للتنمية االقتصادية واحملافظة على استقرار األسعار فيها و حتقيق أهداف‬
‫االقتصاد الكلي لديها‪ ،‬وابملراعاة للبياانت اليت مت مجعها وحتليلها مع التفسريات اليت مت إجراؤها خالل هذه الدراسة‪،‬‬
‫توصلنا إىل األسباب الفعلية اليت جعلت من االقتصاد الرواندي أسرع اقتصاد يف إفريقيا وينافس أقوى االقتصادات‬
‫يف العامل لذلك توصي الدراسة ب ‪:‬‬
‫‪ -‬فعلى رواندا وضع وتنفيذ سياسات وبرامج هتدف إىل زايدة تنشيط النمو االقتصادي والتنمية لضمان استقرار‬
‫االقتصاد الكلي يف البلد‪.‬‬
‫‪ -‬كما جيب إعادة تشكيل النماذج االقتصادية لتعزيز السوق احلرة‪ ،‬كما جيب أن يظل حجر الزاوية ألنظمة التنمية‬
‫هو اجلهد املنخفض نسبيا‪.‬‬
‫‪ -‬على رواندا العمل جاهدة الستمرار السالم فيها وهذا ما ميكن أن يؤثر على املستثمرين‪ ،‬لتتحسن ثقتهم أكثر‬
‫فأكثر برواندا وشعبها‪ ،‬مما يزيد يف قوة املنافسة على السوق يف رواندا‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء بيئة اقتصادية كلية مستقرة واحلفاظ عليها‪ ،‬مبا يف ذلك استقرار األسعار‪ ،‬وتدفقات رأس املال إىل رواندا‪،‬‬
‫وال سيما تدفقات االستثمار األجنيب املباشر‪.‬‬
‫‪ -‬على احلكومة الرواندية أن تركز بشكل أكرب على مشاركة القطاع اخلاص وإصالح التجارة وتعزيز جهود تنويع‬
‫الصادرات‪.‬‬
‫وميكن للجزائر ان تستفيد كثريا من التجربة الرواندية‪ ،‬خاصة وأن حتقيق تنمية اقتصادية ليس أمرا مستحيال بل حيتاج‬
‫فقط إىل إرادة مجاعية وقيادة راشدة وعليها البدء ب ‪:‬‬
‫‪ -‬تطوير بنيتها التحتية ابعتبارها أساس مهم يف استقطاب االستثمار وحتسني بيئة األعمال‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيز قوانني االستثمار وتفعيلها مع تسهيل اإلجراءات االستثمارية و ختفيض آجال استغراقها‪.‬‬
‫‪ -‬تشجيع التجارة البينية بني الدول اجملاورة وتفعيل خدمات املالحق التجارية واالقتصادية‪.‬‬
‫‪ -‬التحول إىل اقتصاد قائم على املعرفة وذلك من خالل تطوير التعليم والتكنولوجيا واالتصاالت‪،‬‬
‫‪ -‬خلق طبقة وسطى منتجة مع تعزيز روح املبادرة لتمكينها من خلق الثروة‪ ،‬واملسامهة يف تطوير اقتصاد البالد‪.‬‬
‫قائمة املراجع‪:‬‬
‫‪ Adebayo Adedeji (2003), Countries Emerging from Conflict: Lessons on Partnership‬‬
‫‪in Post Conflict Reconstruction, Rehabilitation and Reintegration, Committee on‬‬
‫‪Human Development and Civil Society, Addis Ababa, p96.‬‬
‫‪ Fred-Mensah, B.K (2004), Social capital building as capacity for post-conflict‬‬
‫‪development: the UNDP in Mozambique and Rwanda, Global Governance, pp437-‬‬
‫‪457.‬‬

‫‪658‬‬
‫ر‬. ‫بن عيسى‬ )2021 ‫ (ديسمرب‬03 ‫ العدد‬،‫اجمللد السابع‬

 Jones, B.D (2001), Peacemaking in Rwanda: The Dynamics of Failure London, Lynne
Rienner Publishers, Inc, p13.
 Mamdani, M (2001), When Victims Become Killers: Colonialism, Nativism and the
Genocide in Rwanda, Princeton University Press, Princeton, p119.
 Beswick, D ( 2010), Managing Dissent in Post-Genocide Environment: The
Challenge of Political Space in Rwanda. journal of Development and Change, 41(2),
pp 225-251.
 Homeinny Mirage Rugira and Emmanuel uwitonze (2019),the impect of east Africa
community on Rwanda an economy, opportunities and challenges, A dissertation
submitted to the University of Rwanda, College of Business and Economics, Rwanda,
pp 4-6.
 Martin Ruzima and P. Veerachamy (2015), A Study on Determinants of Inflation in
Rwanda from 1970-2013, Journal of Management and Development Studies, 4(4),
pp390-401.
 Murenzi, Romain, and M. Hughes ( 2006), Building a Prosperous Global Knowledge
Economy in Rwanda: Rwanda as a Case Study, International Journal of Technology
and Globalization, 2(3–4), pp 254–269.
 Rutayisire, M. J (2013), Threshold effects in the relationship between inflation and
economic growth: Evidence from Rwanda, journal of African Economic Research
Consortium (AERC), pp 1-33.
 Annan, Kofi (1998), Causes of Conflict and Promotion of Durable Peace and
Sustainable Development in Africa, Report A/52/871-S/1998/318, United Nations,
New York, pp 11-27.
 Ezemenari, Kene , Kalamogo Coulibaly (2006), Sources of Growth in Rwanda: Four
Different Complementary Approaches, Background paper to the Rwanda Country
Economic Memorandum, World Bank, Washington, pp 13
 Governmentof Rwanda(2000), Vision 2020, Final Report, MINECFIN, p53-67.
 International Development Association, International Finance Corporation (2019),
Rwanda Systematic Country Diagnostic, Document of the World Bank, Report No.
138100-RW, p 134-157
 Kalamogo Coulibaly ،Kene Ezemenari, Neal Duffy (2008), Productivity Growth and
Economic Reform: Evidence from Rwanda, World Bank , Policy ReseaRch WoRking
PaPeR 4552, p 2.
 Ministry of Finance and Economic Planning (Minecofin) ( 2003), Ubudehe mu
kurwanya ubukene, Concept Note, p15
 Ministry of Local Government and Social Affairs ( 2000), National Decentralization
Policy, May, Kigali, p 61
 Rusuhuzwa Kigabo Thomas (2008), Leadership, Policy Making, Quality of
Economic Policies, and Their Inclusiveness: The Case of Rwanda, pp 1-2.
 World Bank( 2007), Rwanda Toward Sustained Growth and Competitiveness:
Synthesis and Priority Measures, Poverty Reduction and Economic Management, p3.
 World Bank (2020), Accelerating Digital Transformation in Rwanda, p 3.
 World Bank, government of Rwanda (2019), conference, Future Drivers of Growth in
Rwanda, Innovation, Integration, Agglomeration, and Competition, pp 36-39.
 Rwanda United Nations Development Assistance detailed website
http://www.fao.org/3/a-as811e.pdf

659

You might also like