You are on page 1of 340

‫رحلتي إلى النور‬

‫وبآخره ملحق قصة ) في وداع والدي أبي محمد رحمه ال (‬

‫مالك الرحبي‬
‫) مازن بن أحمد المنسي الغامدي يرحمه ال (‬
‫توفي في الساعة الثانية ظهر يوم ) الجمعة ‪(13/12/1426‬‬

‫تنسيق موقع صيد الفوائد‬


‫‪/http://www.saaid.net‬‬
‫بسم ال الرحنم الرحيم‬

‫هذه فصول قصة حقيقية ‪...‬‬


‫أسردها سردا كما هي ‪...‬‬
‫قد مر على فصولا أكثر منم خسة عشر عاما‪..‬‬
‫ومع ذلك فمشاهدها وحكاياتا ما زالت راسخة ف الفؤاد‪..‬‬
‫قد نقشت فيه كما ينقش ف الصخر ل يزول إل بأمر ال‪..‬‬
‫أطلب منم القارئ الكري أن يتمهل ول يستعجل‪..‬ف الكم على القصة‪..‬‬
‫حت تستكمل فصولا وينتهي رقمها ‪..‬‬
‫فهي ف النهاية تكي مواقف عنم رجل فذ قد طوته اللحود‪..‬‬
‫هذا الرجل هو شامة ف جبي التاريخ ف عصرنا‪..‬‬
‫وأنا ف موقفي هذا معه ما أنا إل حاك وناقل لوقف واحد فقط منم مواقفه ‪..‬‬
‫وحسنة واحدة منم حسناته ‪..‬‬
‫أحكي لكم عنم هذا الرجل وأقسم على كل حرف فيه ‪..‬‬
‫أرويه كما حصل بل زيادة ونقصان‪..‬‬
‫وأما حصر أفعال هذا الرجل ‪ ،‬ورصد جائله على الناس والمة‬
‫فهذا ما تعجز عنه طاقة الناس ‪...‬‬
‫فمنذا يقدر حصر أفعاله ليجمع أفعال غيه!!‬
‫فأمره إل ال ‪..‬‬
‫هو حسيبه تعال ورقيبه ل يفى عليه منم أمره شيء‪..‬‬
‫سيجد القارئ الكري ف أول القصة مواقف تعنين أنا بشخصي‪..‬‬
‫وهي ف النهاية عنم شخص مغمور ‪..‬‬
‫ولكنها ف الاتة تكشف نبل عزيزا لمام جليل ‪ ..‬قد آن الوان أن تعرف قصته‪..‬‬
‫وقد حكيت بعضا منم تلك القصة على أحباب وأتراب‪..‬‬
‫فكلهم أقسم علي إل أن أكتبها وأنشرها ‪ ..‬فهي واجبة منم الواجبات‪..‬‬
‫وحق لذا المام علي كأقل جيل له علي أرده‪..‬‬
‫خاصة وأنن مقبل على أمر جلل‪ ..‬ل أدري ما خاتته‪..‬‬
‫‪2‬‬
‫فلتكنم إذا صدقة منم الصدقات وذخرا ل عند الباري سبحانه وتعال ‪..‬‬
‫لعل ال أن يعفو عنم الزلت ويتجاوز عن ف الصالي‪..‬‬
‫اللهم اغفر ل ولشيخنا وأستاذنا ولوالدي واجعلن معهم ف فردوسك العلى يا أرحم‬
‫الراحي‪ ..‬وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي‪..‬‬

‫الحلقة الولى‬

‫ف عام ‪ 1409‬للهجرة ‪..‬‬


‫كنت أدرس ف الصف الثان التوسط بدرسة حطي ف مدينة الطائف‪..‬‬
‫وكنت حينها فت كأتراب ‪...‬‬
‫لهم ل ف الياة سوى مدرست واللعب مع أصحاب بعد انتهاء الدراسة‪..‬‬
‫ل يكنم لدي أي ميول نو التدينم والستقامة واللتزام بشعائر الدينم ‪..‬‬
‫بل كنت حينها ل اعرف معن للدينم ‪ ..‬فقد ربينا للسف منم الصغر‪..‬‬
‫على الهتمام بدروسنا ومدرستنا ول يكنم لانب الدينم أي شيء يذكر منم الهأية‪..‬‬
‫ويقتصر ذلك ف الغالب على صلة المعة ‪ ..‬أو العياد‪..‬‬
‫كان أول شخص متدينم ومستقيم أتأثر به وأحبه هو أستاذي‬
‫ف مادة التبية الدينية ف تلك السنة واسه عمي القرشي‪..‬‬
‫إن ابتسامة وطيبة الستاذ عمي ونصائحه وتوجيهاته‪..‬‬
‫كل ذلك ما زال ف الذاكرة متبسا ‪ ..‬وكلماته ‪...‬‬
‫ما زالت ترن ف أذن حت هذه الساعة وأنا أكتب هذه الذكرات‪..‬‬
‫لقد كان مربيا فذا ورجل ساحرا بعباراته الصادقة ‪..‬‬
‫كان حينما يفسر آيات القرءان الكري ويصف مشاهد يوم القيامة والشر والنة والنار‬
‫كانت كلماته وعباراته تلج القلوب كالسهام‪..‬‬
‫كان يسي ف الصف وبي الطاولت فكنت أطارده بنظري أينما توجه ‪..‬‬
‫أريد أن ألتهم ما يقوله التهاما ‪..‬‬
‫كانت العبارات ترج منم فمه كأنا مدافع تدوي تدك كل حظوظ الشيطان ف القلوب‪..‬‬
‫أحسبه رجل ملصا وال حسيبه‪..‬‬

‫‪3‬‬
‫كنا أحيانا وننم ف تلك السنون ما زلنا ف حكم الطفولة‪!!!..‬‬
‫كنا وال يبلغ بنا التأثر بديثه حت نبكي‪!!..‬‬
‫ولكنم للسف فجأة وبل مقدمات حرمنا منم هذا الستاذ الليل‪..‬‬
‫لينقل ف التوجيه ف إدارة التعليم ف النطقة‪!!!..‬‬
‫لقد كان خطئا فادحا أن يرم الطلب منم هذا العلم ذو الطراز النادر لينقل لعمل إداري‬
‫ولكنم ال تعال خلف علينا خيا ف أستاذ آخر ‪..‬‬
‫كان له فضل علي بشكل خاص‪..‬‬
‫ل أنساه له أبدا ‪ ..‬إنه الستاذ طلل الشعب‪..‬‬
‫قال لنا الستاذ طلل ‪ :‬أنا تلميذ للستاذ عمي القرشي ‪..‬‬
‫فهو أستاذي وشيخي وأستاذكم لذا سنحاول أن نكمل السية على نفس النوال‪..‬‬
‫لنم أطيل الديث ف مواقف الستاذ طلل بارك ال فيه‪..‬‬
‫ولكنم سأذكر موقفا له غي مرى حيات للخي إن شاء ال تعال‪..‬‬
‫أبدى الستاذ طلل ب اهتماما خاصا ‪ ..‬ولقد كنت بمد ال ف فصلي منم النابي‪..‬‬
‫أحببته حبا يتجاوز حدود الحتام للطالب مع أستاذه ‪...‬‬
‫لتصبح العلقة علقة شبيهة بود البنم مع والده ‪..‬‬
‫سجلت ف برامج التوعية ف وقت الفسحة‪..‬‬
‫وكنت استمع مع الخرينم لتوجيهات الستاذ طلل‪..‬‬
‫وذات مرة كنت ألعب أمام منزلنا القريب منم الامع فلحظت سيارة شبيهة بسيارة‬
‫الستاذ طلل ‪ ..‬انتظرت ول أصل !!! حت يرج صاحبها بعد الصلة‪..‬‬
‫وفعل خرج الستاذ طلل ‪..‬‬
‫كان للمعلم حينها مهابة هائلة ف قلوب الطلب خلف ما أسعه اليوم!!‬
‫توجهت إليه وسلمت عليه‪ ...‬فسألن بصرامة ‪ :‬هل صليت؟؟‬
‫مسحت قفاي وأرخيت رأسي وقلت ل !!‬
‫قال ليش؟؟‬
‫استحييت ول أجب فهل سأقول أنا ل أصلي أصل!!!‬
‫فهم الال ‪ ،‬ول أنتظر أن يعاتبن توجهت لدورات الياه وتوضأت للصلة‪..‬‬
‫ث دخلت السجد فركعت أربع ركعات للعشاء‪..‬‬
‫‪4‬‬
‫خرجت منم السجد فلم أرى أحدا ‪..‬‬
‫بعد عدة أيام رأيت سيارة الستاذ طلل مرة أخرى أمام السجد ‪..‬‬
‫وهذه الرة سابقت الريح لصلي مع الماعة‪..‬‬
‫وبعد الصلة تعمدت أن أظهر للستاذ خروجي منم السجد‪..‬‬
‫ابتسم أستاذي ونادان ‪..‬‬
‫اقتبت منه وقال ل أينم منزلكم‪..‬‬
‫أشرت له لنزلنا الستأجر حيث قد باع الوالد بيتنا القدي وهو يبن بيتا جديدا ف مطط السحيلي ششرق‬
‫الطائف ‪..‬‬
‫دعوته لزيارتنا فقال الن ل يصلح ول أستطيع ولكنم مكنم أزوركم غدا !!!‬
‫رحبت به وواعدته غدا بعد صلة الغرب‪!!..‬‬
‫ذهبت لوالدي وبلغته بالال‪ ..‬استغرب الوالد منم الزيارة ‪..‬‬
‫فليس منم العادة أن يزور معلم تلميذا ف بيته ‪..‬‬
‫وليس أيضا منم العادة أن يدعوا فت صغي رجل كبيا بغي إذن أهله‪..‬‬
‫رضخ الوالد للمر الواقع وقال أهل به ‪..‬‬
‫ف اليوم التال زارنا الستاذ طلل ف بيتنا وتعرف على الوالد ‪..‬‬
‫وكان والدي حينها مديرا لحدى مدارس الطائف‪..‬‬
‫كان اللقاء رسيا ‪ ..‬ووالدي منم طبعه رحه ال التكلف مع الضيف‪..‬‬
‫فيشعر ذلك الضيف بالرج فتنقلب السألة ماملت ف ماملت‪..‬‬
‫والسؤال لاذا الزيارة؟ وما هدفها؟ وهل كان الستاذ طلل متعمدا لكل ما سبق ؟؟‬
‫ذكر الستاذ طلل للوالد أن هناك ميما للشباب ف فتة الجازة النصف سنوية‪..‬‬
‫ومدة الخيم أسبوع وتنظمه إدارة التعليم ف الطائف‪ ..‬وقد حث والدي على أن أشارك‬
‫ف هذا الخيم!!!‬
‫قال الوالد ل بأس بذلك !!‬
‫فرحت بذلك وسررت بالفكرة فقد كان ذلك بثابة حلم ل أن أشارك ف عمل كهذا ‪..‬‬
‫انتهت أيام المتحانات ‪..‬‬
‫وف صباح يوم منم أيام الربيع الميلة حلن والدي برفقة أخيه الصغي ) عمي(‬
‫ف سيارته إل موقع تمع الشاركي ف الخيم‪...‬‬
‫‪5‬‬
‫وذلك خلف فناء إدارة التعليم ف الطائف‪..‬‬
‫وضع والدي ف جيب ثلثي ريال وكذلك ف جيب أخيه ‪..‬‬
‫أظنم هذا اكب مبلغ حصلت عليه ف حيات منذ ولدت حت ذلك التاريخ!!!‬
‫حينما وصشلنا لنطقشة التجمشع هشالن المع الغفيش مشنم الفتيشان مشنم هشم فش سشن أو قريبشا منش ‪ ..‬أذكشر أن‬
‫السششاحة امتلت بالقششائب وأكيششاس النششايلون الكششبية الشششوة بششاللبس وبعضششهم أحضششر معششه وسششائد وطشرا‬
‫ريح والفة مطوية ببال !!!‬
‫أما أنا فجئت بثوب الذي علي وكيس صغي فيه ملبس قليلة للتبديل‪!!..‬‬
‫غادر الوالد بعد أن تأكد منم الشرفي عنم أن كل شيء على ما يرام‪..‬‬
‫طلعت الشمس وما زالت الموع تزيد حت غصت بم الساحة ‪..‬‬
‫ف حوال الساعة الثامنة نادى مشرفوا الخيم على أساء الطلب السجلي ف الخيم‪..‬‬
‫وركبت ف الباص الدد لموعت ‪..‬‬
‫كانت وجهتنا لنطقة الشرائع قريبا منم مكة الكرمة شرفها ال‪..‬‬
‫ف الباص وقف شخص عليه لية حراء وثيابه نظيفة ‪ ..‬وساعته ف اليمي‪!!!..‬‬
‫كان على وجهه نور الطاعة ‪..‬‬
‫وقف ليذكرنا بدعاء السفر وسأل‪:‬‬
‫منم يعرف دعاء السفر؟؟‬
‫أول مرة ف حيات أسع بدعاء السفر وال‪!!..‬‬
‫رددناه جيعا خلفه ‪ ..‬حت حفظته عنم ظهر قلب منذ ذلك الوقت‪..‬‬
‫طوال الرحلة كان يتبادل الذكور مع زميل له‪..‬‬
‫قراءة مسابقات ورواية قصص وطرائف ونو ذلك ما يفيد ويتع‪..‬‬
‫كانت أول رحلة مفيدة وأول مرة أدرك كيف يكنم استغلل الوقت ‪..‬‬
‫ف مثل هذه الرحلت الليئة بالفائدة والرشاد‪..‬‬
‫وصلنا لنطقة الخيم‪ ..‬وهي على يي الداخل إل مكة قبل أن تصل لنقطة التفتيش‪..‬‬
‫كانت أكوام اليام ملقاة على أرض الخيم‪..‬‬
‫وطلبوا منم كل مموعة أن تتول تركيب خيامها‪..‬‬
‫استمتعنا بذلك أيا استمتاع فهذا أول عمل جاد ومتقنم أقوم به بشكل جاعي‪!!..‬‬
‫وف وقت صلة الظهر اجتمعنا تت خيمة واحدة ضخمة للصلة‪..‬‬
‫‪6‬‬
‫ودخل علينا رجل ف عمر الربعينات عليه سيما الصلح ووجه مليء بالدية والصرامة‪!!!..‬‬
‫وهو الشيخ ممد بنم زاهر الشهري بارك ال ف عمره ول أكنم اعرفه حينها‪..‬‬
‫امتل قلب وال حينها منم مهابته‪..‬‬
‫حينما وقف ف وسط اليمة وتكلم ف الموع بتوجيهات عامة وأمر كل شخص منا بالنضباط ‪..‬‬
‫واستغلل هذه اليام بالنافع الفيد‬
‫كان التتيب والنظام والضبط هو السيما البارزة على هذا العمل‪..‬‬
‫أذكر أن أصحاب أيقظون للصلة قبل الفجر ‪..‬‬
‫وحينما ذهبت للوضوء أعطونا كاسات بلستيكية ‪..‬‬
‫بيث يتوضأ الشخص بكأس واحدة فقط!!!‬
‫رأيت السجد مضاء والنعال تلء أطرافه‪!!!..‬‬
‫وحينما وصلت إليه شاهدت الناس كأنم خلية نل منم صوت القرءان‪..‬‬
‫أمسكت بشخص مر بواري وسألته ‪ :‬هل أذن الصبح؟؟‬
‫قال بقي نصف ساعة على الذان !!!‬
‫صلى بنا الفجر شخص رقيق وصوته جيل ‪..‬‬
‫وسعت أشخاصا تأثروا باليات فبكوا !!‬
‫وبعد الصلة وقف شخص ليتكلم لدة عشر دقائق ‪ ..‬باطرة ونصيحة‪..‬‬
‫كان مطلوبا منم كل مموعة أن تتار شخصا يثلها ف الكلمات بعد الصلة ‪..‬‬
‫ومنم ث يقوم أحد الشرفي بالتعليق على كلمته‪...‬‬
‫وف الساعة الثامنة يستيقظ كل الخيم لوجبة الفطار ‪..‬‬
‫ويلزم كل شخص ترتيب مكان نومه‪ ..‬ول يتكه مبعثرا‪..‬‬
‫وهنششاك مموعششات تفتششش اليششام وتعششاقب كششل مششنم يهمششل بالضششغط عشششر م شرات أو الزحششف علششى بطنششه‪..‬‬
‫كانت مشاهد العاقبي تثي الضحك والسرور بي الشاركي ‪..‬‬
‫كانت البامج متنوعة وحافلة بالفوائد والنشاط والبهجة‪..‬‬
‫فهناك البامج التفيهية والسرحيات والسابقات والبامج الرياضية‪..‬‬
‫ومنم الناشط تنظيم الاضرات ‪..‬‬
‫أول مرة احضر ماضرة كانت ف ذلك الخيم وكان ضيفنا هو الشيخ عبد ال اللل‪.‬‬
‫الداعيششة الشششهور ‪ ..‬ومششنم زارنششا فش الخيششم للقششاء الاضشرات‪ ..‬الشششيخ عششائض القرنش والشششيخ سششفر الشوال‬
‫‪7‬‬
‫والشيخ ست العيد والشيخ ممد بنم سعيد القحطان‪ ..‬وغيهم‪..‬‬
‫لنم أغرقك أخي القارئ بالتفاصيل عنم هذا الخيم ‪..‬‬
‫ولكششنم يعلششم الش تعششال كششم كششان لتلششك الواقششف والكلمششات والششدروس مششنم صششدى وتششوجيه أحششد الش تعششال‬
‫عليه أن هيئ لذه المة كهؤلء الرجال الذينم يشرفون على تلك البامج النافعة الباركة‪..‬‬
‫كان مشرفوا الموعات يوقظونا ف ساعة متأخرة منم الليل‪..‬‬
‫ويأمرونا بالروج خارج اليمة ومنم ث نصف ف خط طويل ونرج برفقة احدهم خارج الخيششم‪ ..‬ومششنم ثش‬
‫يقوم الشرف بتذكينا ووعظنا بكلمات تناسب الدث‪..‬‬
‫كششانت تلششك الرجششات متعبششة ف ش لظتهششا ولكششنم مششا ي شتتب عليهششا مششنم تششأثي علششى النفششس والعقششل والفكششر‬
‫شيء يفوق اليال وصفه‪..‬‬
‫إن الخششوة القششائمي علششى تلششك البامششج حينمششا يفعلششون مششا يفعلششون إنششا قصششدهم بششذلك هششو غششرس النظششام‬
‫واستغلل الوقات وتنمية الشية والوف منم ال تعال ف قلوبنا‪..‬‬
‫انتهت أيام الخيم ‪..‬‬
‫وبنهايته يبدأ مشواري الديد ف هذه الياة‪...‬‬

‫الحلقة الثانية‬

‫كان لذلك الخيم أبلغ الثر على حيات وسلوكي‪..‬‬


‫ول عجب إن لحظتم معاشر القراء الكرام ‪..‬‬
‫تلك الرب الضروس على تلك البامج النافعة‪..‬‬
‫منم أذناب الغرب والدسوسي بيننا ‪ ..‬منم ينعق صبح ومساء با ل يعقل ‪..‬‬
‫فكل باب للخي والفضيلة ونشرها سعوا ف درسه والقضاء عليه‪..‬‬
‫فل شك أن لوطأتا عليهم شأنا ل يستهان به‪..‬‬
‫فهي تد المة بروافد منم العقول الخلصة لذا الدينم والمة‪..‬‬
‫سلكت طريق الداية واستمر هؤلء الرجال منم ذكرت وغيهم‪..‬‬
‫ف غرس الفضائل والعان السامية ف‪ ،‬وف آلف الشباب‪..‬‬
‫الذينم منهم الن الطبيب والهندس والعلم والقاضي والصحفي والداعية والتاجر‬
‫التزمت بالشاركة ف برامج بالكتبة ف جامع ابنم عمار بي القمرية‪..‬‬

‫‪8‬‬
‫وكان يشرف علينا شخص اسه خالد بنم مسلط البقمي‪..‬‬
‫كان غاية ف النبل والدب والشهامة ‪..‬‬
‫ولكنه للسف تغي كثيا بعد أن انصرف للعمل ف التجارة‪..‬‬
‫وآخر عهدي به إنسان عادي جدا ل تكاد الدعوة والعمل لا يأخذان منم اهتمامه شيئا‪..‬‬
‫مششنم الواقششف الششت ل تنسششى مششع أب ش سششليمان وهششذه كنيتششه الششت يششب أن ننششاديه بششا حيششث نظششم لنششا رحلششة‬
‫لموعة منم طلب الكتبة‪..‬‬
‫وكانت الرحلة لحد الوديان الميلة ف منطقة الشفا جنوب الطائف‪..‬‬
‫كلفنا الخأ خالد بذبح الروف وشويه ف برميل ‪..‬‬
‫على الطريقة العروفة ف صنع الندي‬
‫ولكنم لتأخر نضج الطبيخ بسبب قلة خبة الطباخي‪..‬‬
‫ل يستوي اللحم سوى بعد أذان العصر‪..‬‬
‫صلينا العصر ‪ ..‬وبطوننا ترتل وتقرقر جوعا وتثيها رائحة الشواء حولنا‪..‬‬
‫فالنطقة مليئة بالصطافي حينها‪..‬‬
‫استخرجنا اللحم وعزمنا على أكله حت ولو ل ينضج جيدا فالوع أبصر كما يقولون‪..‬‬
‫حينما وضعنا السفر واستوى اللحم على الرز العصفر‪..‬‬
‫هطلت علينا كميات هائلة منم المطار‪!!..‬‬
‫كأن حبات الطر تصب علينا صبا ‪!!..‬‬
‫لقد استغرق اجتماع السحب وتراكمها دقائق معدودة وال‪..‬‬
‫ل نشعر بذلك ‪ ..‬واستمررنا ف التهام الطعام البلول‪!!..‬‬
‫وفجأة صرخأ الصريخ‪..‬‬
‫وتردد صداه ف كل الوادي ‪ :‬السيل‪ ،‬السيل‪!!..‬‬
‫هجم علينا سيل منم فم الوادي ‪..‬‬
‫حينما أبصرنا التيار يهدر نونا ‪..‬‬
‫ول الميع ول نلوي على شيء‪..‬‬
‫جرف التيار السيارات والوادم‪ ..‬ولكنم ال سلم فقد تدارك الناس بعضهم‪..‬‬
‫أما السيارات فقد امتلت بالوحل والطي حت سقوفها ‪..‬‬
‫وأما ننم فقد كنا نراقب تلك الشاهد وننم نرجف تت الشجار نرجف منم البد والوع!!‬
‫‪9‬‬
‫هذا موقف أذكره جيدا منم تلك الرحلت المتعة‪!!..‬‬
‫تعرفت على شخص بعد ذلك اشتهر بكنيته وهي أبو أسامة‪..‬‬
‫واسه عبد ال الغامدي ‪ ...‬وهششو صششاحب النشششاد لقصشائد الششريط الششهور هشادم اللشذات‪ ....‬لششنم يعرفششه‬
‫منكم‪..‬‬
‫وكان جارا لنا ‪ ،‬وهو رجل ذو هأة عالية ف الدعوة على ال ‪..‬‬
‫وما زال يعمل ف الطابة حت كتابة هذه السطور‪..‬‬
‫لزمت هذا الرجل عدة سنوات كظله حت ظنم بعض الناس انه والدي!!‬
‫وكنت منم شغفي به وعلقت القوية أحب تقليد صوته ومشيته وحركاته‪..‬‬
‫وأذكر مرة أن أحد الشائخ لقن ف السوق ظانا أن منم يلحقه هو أبو أسامه!!‬
‫وكنت مقفيا وأسي بطى سريعة فصار الرجل ينادين بغي اسي فل أرد عليه‪!!..‬‬
‫وحينما التفت إليه صدم برؤية شخص آخر غي منم يبحث عنه‪!!!..‬‬
‫كنت حينها أبلغ الرابعة عشر منم عمري تقريبا‪...‬‬
‫شاركت ف البامج الدورية للمكتبة يوم الربعاء والميس‪ ..‬منم كل أسبوع‪..‬‬
‫حت ذلك الوقت كانت علقت بالوالد على مايرام‪..‬‬
‫فمستواي الدراسي ف الدرسة فوق اليد جدا ‪..‬‬
‫وللسف فإن بعض الباء جعلوا القياس ف ناح أولدهم‪..‬‬
‫بدى تفوقهم ف دراستهم دون النظر ف تيزهم ف الوانب الخرى‪..‬‬
‫حينما التحقت بدرسة هوازن الثانوية‪..‬‬
‫وكان النظام فيها النظام الشامل أو ما يسمى الطور‪ ..‬الذي الغي لحقا لفشله الذر يع‪..‬‬
‫كان هذا النظام يعطي حرية ف اليارات للطالب ‪..‬‬
‫ف اختيار الدول الناسب له كيفما يشاء‪..‬‬
‫وكذلك ف اختيار العلم الذي يرغبه‪..‬‬
‫ل شك أن هذا النظام والرية المنوحة ل كطالب ‪..‬‬
‫ساهم بشكل أو بآخر ف تدن مستواي الدراسي‪..‬‬
‫فبسبب ارتاء القبضة كما ف النظام العادي ‪ ،‬وتدن الرقابة‪ ..‬بسشبب النظشام صشرت أغيشب عشنم الشدروس‬
‫والاضرات ف الفصل بزاعم واهية‪..‬‬
‫ف البداية ظنم الوالد أن القضية هي مرحلة صعبة سأتاوزها‪..‬‬
‫‪10‬‬
‫ول يقدر الوقف حق قدره ‪ ..‬وليته فعل ‪..‬‬
‫ل يسبق ل أن رسبت ف أي سنة ‪..‬‬
‫ولكنم حصل أن حرمت ف بعض الواد ل بسبب تدن الستوى بل للغياب‪..‬‬
‫حينما علم الوالد بذلك ظنم أن السبب هو الرفقة لنشغال معهم ف برامج جانبية‪..‬‬
‫غي مهمة ‪ ..‬فالدراسة والستقبل هي الساس‪..‬‬
‫وبذلك صار الوالد يضغط علي للتقليل منم روحات وخرجات‪..‬‬
‫كنت حينها مراهقا ‪ ..‬فاستمرأت أن ينعن الوالد عما كنت أمارسه لسنوات‪!!..‬‬
‫فلم أطعه فيما يأمرن به‪..‬‬
‫الذي حصل أن الوالد بشورة منم قريب ل سامه ال ‪..‬‬
‫قرر حرمان حرمانا مطلقا منم أصحاب‪..‬‬
‫لقد كان ذلك بالنسبة ل أشبه بنعي منم شرب الاء أو تنفس الواء‪..‬‬
‫لقد أعطى ذلك الضر مفعول عكسيا فقد تدهورت كثيا ف دراست ول اعد أذاكر دروسي ولششو فعلششت‬
‫فإن ذلك يكون بالكراه‪!!..‬‬
‫أذكر أن الوالد خوفا منم أن ألتقي بأحد منم رفقائي منعن مرة منم صلة الماعة ‪..‬‬
‫ول يستمر ذلك بطبيعة الال ‪..‬‬
‫ولكنم كانت تر علي وجبات دسة منم الظر كل فتة!!!‬
‫كنت مبا للعلم وطلبه ‪ ...‬وخاصة العلوم الشرعية‪..‬‬
‫التزمت بلقة الشيخ أحد بنم موسى السهلي‪ ..‬ف جامع المي أحد ف درس عمششدة الكششام ‪ ..‬وكششذلك‬
‫دروس الشيخ صال الزهران بامع الشطبه ‪..‬‬
‫ف كتاب زاد العاد‪..‬‬
‫لكنم الشكلة بالنسبة ل هي وسيلة الواصلت للوصول لذا الماكنم‪..‬‬
‫ويعلم ال كم كنت أعان لضور تلك الدروس‪..‬‬
‫فكم مرة مشيت عشرات الكيلوات لصل للدرس‪..‬‬
‫وكم مرة توسلت لار أو صاحب ليوصلن‪..‬‬
‫ل يكنم هناك رفيق ل لديه سيارة وملتزم بالضور‪..‬‬
‫لقد كنت شغوفا بالعلم وأحرص أن أكون ف أول الصفوف أمام الشائخ‪..‬‬
‫أذكر مرة أنن مشيت منم بيتنا ف حي السحيلي وحت جامع الشطبه‪..‬‬
‫‪11‬‬
‫لكي أصلي المعة مع شيخنا!!!‪..‬‬
‫أما حضور ماضرات الشائخ الشهورينم فهذا مال أصب عليه‪..‬‬
‫منعت منم ذلك كله دفعة واحدة ‪...‬‬
‫حينها قررت أن أهرب منم البيت للتحق بطلب العلم لدى أحد العلماء‪..‬‬

‫الحلقة الثالثة‪..‬‬

‫ل تكنم فكرة الروب منم النزل ومنم الواقع الديد الذي أجبت عليه‪..‬‬
‫ل تكنم فكرة جاءت على البال فعزمت عليها هكذا!!‬
‫بل كانت الفكرة تطبخ ف رأسي عدة أسابيع حت هأمت با ‪..‬‬
‫ل أجرؤ ف استشارة أحد ف الوضوع‪ ..‬سوى شخص واحد‪..‬‬
‫إنا زوجة والدي الديدة‪..‬‬
‫الالة كما تسمى ف بعض التمعات أما ننم فنناديها بالعمة‪..‬‬
‫هذه الرأة الطيبة تزوجها الوالد قبل عدة سنوات منم ذلك الوقف‪..‬‬
‫وهي امرأة عقيم ل ترزق بالذرية ‪...‬‬
‫وكنت ف تلك الفتة قريبا منها جدا وتثق ب وأثق با‪..‬‬
‫وكانت تتلطف معي حت كسبت ودي وتعاطفي معها‪..‬‬
‫وهي امرأة طيبة ومبة للخي وتشجعن عليه‪..‬‬
‫أوغر ذلك صدر الوالدة علي ف البداية‪..‬‬
‫ولكنم العمة بفطنتها ونباهتها كسبت رضى أمي‪ ..‬فسلكت المور على خي‪..‬‬
‫كانت العمة متعاطفة معي ف منت ‪ ..‬وكنت أطلعها على كل أموري الشخصية تقريبا‪..‬‬
‫وحينما فاتتها بالوضوع وأنن عازم على أن أخرج منم البيت ‪..‬‬
‫للتحق بلقة عال منم علماء المة ‪..‬‬
‫وسوف أسحب ملفي الدراسي وأكملها‪..‬ال الكلم‪..‬‬
‫لقد صورت السألة لا بنرجسية عجيبة ‪..‬‬
‫هكذا بكل بساطة ‪ ..‬سأنح وستكون المور على ما يرام‪..‬‬
‫وكانت أمرأه هينة لينة سهلة القناع‪ ..‬فوافقتن‪!!..‬‬

‫‪12‬‬
‫بل قامت مشكورة وأعطتن منم ذهبها فبعته وصرفت نقوده ف سفري وترحلي‪!!..‬‬
‫ل يكنم البلغ كافيا فاستلفت منم أحد كبار السنم منم يعرفن ف السجد مبلغا وافرا ‪..‬‬
‫والمد ل أنه ل يسألن عنم مقصدي منم هذا الال!!‬
‫كششانت الفششتة حينهششا فششتة إجششازة صششيفية ولكششنم الوالششد سششامه الش أجششبن وبغي ش رضششاي علششى التسششجيل فش‬
‫فصل صيفي ‪..‬‬
‫وهو ما يسمح به النظام الطور‪..‬‬
‫رجوته وتوسلت إليه أن يعفين منم ذلك‬
‫ولكنم بل جدوى فقد أراد منم ذلك معاقبت على تقصيي ف الفصل الدراسي السابق!!‬
‫والدي رحه ال معروف ف العائلة بأن لديه حاسة سادسة‪..‬‬
‫شك منم تصرفات وهدوئي الريب والذي عرف بفطرته أنه سيسبق عاصفة ما‪!!..‬‬
‫فقد اعتاد أن يران مهموما غارقا ف التفكي ف السابيع النصرمة‪!!..‬‬
‫فشك ف هدوئي واطمئنان الفاجئ!!!‬
‫ولذلك أمر الوالدة بالتحفظ علي ومنعي منم الروج خارج النزل حت للصلة‪..‬‬
‫وأخذ بطاقة الحوال الشخصية الت ل وصار يملها ف جيبه أينما حل‪..‬‬
‫حددت يوما معينا للهروب وكان يوم خيس‪ ..‬ول أذكر تاريه بالتحديد‪..‬‬
‫ول ادري لا اختت هذا اليوم لسفري‪!!!...‬‬
‫جهزت حقيبة كبية ذات لون أحر!!!‬
‫وللمت فيها بعض ثياب وملبسي واختت مموعة منم الكتب‪..‬‬
‫وأخفيتها عنم عيون أهلي لكي ل يكتشفوا الطة‪..‬‬
‫كنت أتربص بالوالد حت آخذ بطاقة أحوال منم جيبه‪..‬‬
‫ولكنم مهابته العظيمة ف قلب جعلتن أتردد ف فرص كانت مواتية‪!!..‬‬
‫طلبت منم العمة أن تساعدن ف ذلك فخافت منم العواقب واعتذرت!!‬
‫صادف أن سافر الوالد مع إخوت لدة ‪ ..‬يوم الربعاء الذي يسبق يوم السفر‬
‫‪ ..‬فاغتممت منم ذلك ‪..‬‬
‫وخفت منم انكشاف أمري وما أنا عازم عليه‪..‬‬
‫فأنا ل أستطيع السفر بدون بطاقة أحوال الشخصية‪..‬‬
‫لذا كان علي النتظار حت يقدم أب منم سفره‪..‬‬
‫‪13‬‬
‫سهرت طوال تلك الليلة أنتظر قدوم الوالد‪..‬‬
‫ووصل للبيت قريبا منم الفجر‪...‬‬
‫وصعد مباشرة لبيت العمة ‪ ..‬ونام نوما عميقا‪..‬‬
‫حينما تأكدت منم نومه ‪..‬‬
‫استخرجت حقيبة سفري ‪ ..‬ووضعتها أمام باب النزل داخل الفناء‪..‬‬
‫ث صعدت لبيت العمة‪..‬‬
‫العائلة كلها كانت تغط ف نوم عميق ‪..‬‬
‫كانت الساعة حينها السابعة صباحا تقريبا‪..‬‬
‫وبدوء وترقب‪...‬‬
‫دخلت لصالة النزل فرأيت ثوب الوالد معلقا على الباب‪!!..‬‬
‫وكنت أعلم أن والدي توقظه أدن حركة ف النزل ‪..‬‬
‫اقتبت منم الثوب فسحبته بدوء ث فتشته‪..‬‬
‫فوقعت عين على بطاقت‪..‬‬
‫هأمت أن آخذ شيئا منم نقوده ولكنن خفت‪ ،‬وخيا فعلت!!‬
‫نزلت منم درج النزل‪ ..‬و حلت حقيبت على ظهري‪..‬‬
‫كانت ثقيلة جدا والسافة الت سأقطعها للشارع العام حوال الكيلو مت‪..‬‬
‫كنت أسي وأتعثر لثقل القيبة وأنظر خلفي خوفا منم الوالد‪..‬‬
‫لو رآن أحد اليان وبتلك الال فل شك أنه سيتاب ‪..‬‬
‫وعندها سيحدث مال تمد عقباه‪...‬‬
‫وصلت للطريق العام وأنا ألث منم التعب‪..‬‬
‫أشرت لسيارة أجرة وهي منم نوع السوزوكي ونسميه ف النطقة ) الدباب(‬
‫سألن السائق عنم وجهت فقلت له خذن إل موقف التكاسي السمى موقف النوب‪..‬‬
‫وهو الوقف الذي يركب منه السافرون لنوب الملكة‪..‬‬
‫بثت ف الوقف عنم الجرة التوجهة لدينة أبا!!‬
‫ك ششانت أب ششا حينه ششا تع ششج بال ششدعاة والش ششائخ العروفيش ش ‪ ..‬ومنه ششم الش ششيخ ع ششائض القرن شش‪ ..‬الش ششيخ ع ششوض‬
‫القرن‪ ..‬الشيخ الطحان الشيخ سعيد بنم مسفر وغيهم وغيهم منم الدعاة وطلبة العلم‪..‬‬
‫لقششد تششوقعت وبغي ش س شؤال ودرايششة بششأن هششؤلء الشششائخ يسششتقبلون طلبششة العلششم القششادمي للطلششب ‪ ..‬فجئششت‬
‫‪14‬‬
‫مهاجرا إليهم أطلب العلم‪!!!..‬‬
‫ل يستغرق البحث عنم سيارة أجرة متجهة لبا سوى عشر دقائق‪..‬‬
‫وكنت ف عجلة منم أمري فما يدرين لعل الوالد تديه حنكته فيتلن بتلبيب!!!‬
‫كان السائق رجل كبيا ف السنم عمره يتجاوز المسي سنة‪..‬‬
‫ووجهة يدل على طيبته وضعف شخصيته‪..‬‬
‫كانت سيارته منم نوع البيجو تمل ثانية ركاب‪..‬‬
‫كانت رفقت مموعة منم الشباب ‪..‬‬
‫وهم منم البادية وعلى ملمهم الطيش والشر ‪..‬‬
‫وعرفت منم احدهم أنم ذاهبون لللتحاق بعملهم الديد ف اليش ف خيس مشيط‬
‫وحينما رأيت هؤلء الشباب وتصرفاتم الرعناء‪..‬‬
‫تذكرت ما حدثن به أخي الذي يعمل ف نفس القطاع‪..‬‬
‫عنم اللواء )وذكر رقمه ( ف خيس مشيط‪..‬‬
‫وهو لواء سيء الذكر قد انتشرت بي شبابه الخدرات والتصرفات الشينة‪!!..‬‬
‫وحينما انطلقنا ف مسينا الطويل لبا‪..‬‬
‫ارتت كثيا وتنفست الصعداء‪..‬‬
‫غي أن سروري ل يدم طويل فهؤلء الشباب لنم يسلم هذا الطوع الصغي منم شرهم‪..‬‬
‫كانت النظرات منم عيونم تقذف الشرر علي‪..‬‬
‫فهذا الطوع الصغي ل بد أن يكون سببا للمشاكل ف الطريق‪!!..‬‬
‫حاولت أن أكون لطيفا معهم وبعيدا عنم الحتكاك بم ولكنم هيهات!!‬
‫انشغلت بالديث مع السائق وكنت مشورا بواره‪...‬‬
‫وبعششد مششرور نصششف سششاعة مششنم الرحلششة تقششدم أحششد الشششباب وأشششار بشش شريط كاسششيت أغششان وأمششر السششائق‬
‫بإدارته!!‬
‫علمت أن سكوت ضعف أمام النكر ‪..‬‬
‫فقلت للسائق وبماس ظاهر‪ ..‬ل تشغله ل يوز‪..‬‬
‫كان هذا التصرف من إعلنا للحرب بالنسبة لؤلء السفهاء‪!!..‬‬
‫والظاهر أن الركة كانت متعمدة لثارت وقد فعلوا!!‬
‫كانوا سبعة وأنا واحد والسائق كان يكنه التصرف ولكنه رجل ضعيف الشخصية‬
‫‪15‬‬
‫قال ل هل لديك شريط قرءان أو ماضرة ‪..‬؟؟‬
‫قلت ل ‪ ..‬قال إذا خلهم يسمعوا ما يريدوا ‪..‬‬
‫قلت له هذا ل يوز وحرام‪..‬‬
‫قال إذا ارجع للخلف ول تستمع للغناء ‪..‬‬
‫رضخت لم فقد كان هو وأنا أيضا ناف منم هؤلء الفتية!!‬
‫تطيت القوم ورجعت للمقعد الخي برفقة أحدهم!!‬
‫وبدأت مزامي الشر والطرب تصم الذان‪..‬‬
‫وكان الشباب يتمايلون ويرقصون طربا وضحكا ‪..‬‬
‫أما استنشاق دخان السجائر فحدث ول حرج ‪..‬‬
‫ل يشغلن هذا الال عنم التفكي ما سأقدم عليه منم أهوال‬

‫الحلقة الرابعة‬

‫استمرت رحلة العذاب تلك لكثر منم ثان ساعات‬


‫تللها مواقف مليئة بالتشاحنم ‪ ..‬والسباب وتبادل النظرات الادة!!‬
‫ولكنم على العموم وصلنا لبا‪ ..‬بمد ال سالي‪..‬‬
‫ومنم مطة الجرة هناك توجهت لفندق أظنم اسه شسان!!‬
‫أردت أن اتصل على البيت لشرح لم مقصدي ما فعلت‪..‬‬
‫وحت ل يقوموا بالبحث عن فأنا قد خرجت منم البيت بطوع أمري!!‬
‫حينما رن الاتف كان التحدث على الطرف الخر هو الوالد‪..‬‬
‫كششان الغضششب قششد أخششذ منششه مأخششذا مهششول فقششد شششكل تصششرف خروجششا صششارخا علششى التقاليششد والعششادات‬
‫الجتماعية‪..‬‬
‫وقام الوالد بتوعدي وتديدي بكل ما يطر على البال‪..‬‬
‫وأنا ل ألومه رحه ال ف ردة فعله فقد كان تصرف غي مقبول‪..‬‬
‫إنن أحكي تلك الواقف دون ماولة تبيرها أو الدفاع عنم نفسي‬
‫فقد انقضت وولت تلك اليام بلوها ومرها ‪ ..‬وال الادي‪..‬‬
‫حينما وضعت متاعي ف الفندق وارتت قليل‪..‬‬

‫‪16‬‬
‫حاولت أن أتصل بعدد منم أصدقائي وأصحاب ‪..‬‬
‫ولكنن ل أجرؤ أن أشرح لم أينم أنا وما هو وضعي‪..‬‬
‫فقد خفت أن يضعفوا أمام والدي وإلاحه فيدلوه على مكان‪..‬‬
‫أذكر أنن اتصلت على احدهم وخنقتن العبة حينما سعت صوته‪..‬‬
‫أغلقت السماعة دون أن أكمل حديثي معه‪..‬‬
‫كانت مشاعري متضاربة بي الوف والرهبة والشعور بالضياع واليأس‪..‬‬
‫حاولت أن أنام ف تلك الليلة ولكنم بل جدوى ‪..‬‬
‫كنت مددا على السرير وانظر ف السقف وتصيبن موجات منم البكاء‪..‬‬
‫كانت تدور ف ميلت عشرات الفكار‬
‫ولكنم مع توارد الواطر أصطدم بالواقع الرير الذي أنا فيه‪..‬‬
‫ذهبت ف اليوم التال لامع الشيخ عائض القرن‪..‬‬
‫حضرت درسه وكان ف صحيح البخاري‪..‬‬
‫كان الضور متواضعا للغاية‪..‬‬
‫هأمت أن اطلب منم الشيخ عائض جلسة خاصة لشرح له وضعي‪..‬‬
‫ولكنن استحييت وجبنت‪!!..‬‬
‫سبحان ال أقطع مئات الميال لجله ث حينما أقف أمامه أعجز عنم حديثه‪..‬‬
‫لقد كان انفصاما ف الشخصية وعجزا غي مبر‪..‬‬
‫ولكنم يظهر ل أن خوف وارتباكي سبب ل صدمة تعلن أفتقر للتعقل ف القرارات !!‬
‫زرت الركز الصيفي ف معهد أبا العلمي‪..‬‬
‫كان أغلب الشاركي ف الركز ذوو أسنان تقل عن بكثي ‪..‬‬
‫كان استقبال الشرفي ل ومقابلتهم معي باردة للغاية‪..‬‬
‫لقد كنت ابث عنم شخص يؤوين منم الضياع‪..‬‬
‫لقد كنت أريد شخصا عاقل رشيدا‪..‬‬
‫أجلس بي يديه فأحدثه با يعتلج ف صدري منم آلم وهأوم جلبتها لنفسي بيدي!!‬
‫ولكنم مشيئة ال تعال وقدره جعلت هذا اللقاء متأخرا جدا ومع شخصية فذة!!‬
‫حينما شعرت أنن غي مرحب ب غادرت الركز ول اعد إليه أبدا‪..‬‬
‫مكثت أياما أهيم ف السواق وأتشى ف أماكنم النزهة لقضي الوقت‪..‬‬
‫‪17‬‬
‫تساءلت مرارا ‪ :‬هل هذا ما جئت منم أجله؟؟‬
‫أل أحضر لطلب العلم‪..‬‬
‫فكرت ف النفقة فهي ل شك يوما ستنضب وبعدها ماذا سأفعل؟؟‬
‫ل أحاول التصال بالعائلة طوال تلك الفتة‪..‬‬
‫رأيت أن بقائي ف أبا مضيعة للوقت والال‪..‬‬
‫سشعت مششنم قبششل بششأن الريششاض هششي مششأوى أفئششدة طلب العلششم‪ ..‬مششنم طلب الامعششات والعاهششد فهششي الركششز‬
‫الول للصحوة السلمية‪..‬‬
‫وفيها منم الدعاة والعلماء ما يعجز حصره‪..‬‬
‫ول شك فهي أرجى منم أبا ف البحث عما جئت لجله‪..‬‬
‫ويكفي هذه الدينة العريقة شرفا ف ذلك الوقت ‪..‬‬
‫وجود ساحة الشيخ عبد العزيز بنم باز رحه ال فيها‬
‫وهكذا تغيت الوجهة ولتكنم منم أقصى النوب إل وسط الملكة‪..‬‬
‫توجهت لكتب الطوط واشتيت التذكرة إل الرياض‪..‬‬
‫ف جواري ف الطائرة كان شخص ملتح عليه سيما الي‪..‬‬
‫عرف نفسه باسم علي السلطان وهو منم سكان القصيم‪..‬‬
‫تدثت مع الستاذ علي عنم أمور كثية ‪..‬‬
‫وعرفت منه أنه منم سكان عنيزة وهو معلم ف العهد العلمي ‪..‬‬
‫وهو أحد الطلب ف حلقة الشيخ ابنم عثيمي رحة ال عليه العامرة بششالطلب والدارسششي مششنم كششل بقششاع‬
‫العال‪!!..‬‬
‫كان الديث عابرا ولكنه أعطان فكرة شاملة عنم النطقة‪..‬‬
‫وصلت للرياض ‪..‬‬
‫لقد كانت الرياض بالنسبة ل وأنا ابنم الدينة الصغية كانت ذا شأن كبي ف النفس‪..‬‬
‫فمبانيها الكبية وشوارعها الفسيحة ومساحتها الشاسعة تأخذ باللباب‪..‬‬
‫نزلت ف فندق البطحا وهو مكان أعرفه منم قبل فقد رافقت الوالد له مرارا‪..‬‬
‫كان سعر القامة معقول وبالملة فقد كنت مقلل ف نفقت‪..‬‬
‫مكثت عندهم ف الفندق حوال الشهر‪..‬‬
‫وما زال التصال حت ذلك الي مع العائلة مقطوعا ‪..‬‬
‫‪18‬‬
‫ومرة أخرى أعجز عنم أن أتصرف تصرفا راشدا‪..‬‬
‫فأنا جئت منم الصل منم أجل طلب العلم !!‬
‫ولكنم يظهر أن حياة الدعة والراحة الت كنت فيها جعلتن انصرف ولو لفتة عنم القصود!!‬
‫ل يكنم هناك شخص أو ل أبث عنم شخص يرشدن ‪..‬‬
‫كنت أقضي وقت كله ف الغرفة ف الفندق أو ف صالون الرياضة والسبح‪..‬‬
‫لقد كنت صيدا يسيا للضياع والفسدينم ولكنم الول جلت قدرته حان‪..‬‬
‫ذات مرة كنت أمارس السباحة ف السبح‪..‬‬
‫فجاءن شاب نيل منم أهل البادية‪..‬‬
‫قال هل الاء عميق ؟؟‬
‫قلت ل ‪ ..‬وحسبته يعرف السباحة‪!!..‬‬
‫قفز منم فوره ف وسط الاء‪..‬‬
‫انغمس فيه ث صعد‪..‬‬
‫ولكنه صرخأ واستنجد ب لكي أخرجه فهو ل يعرف السباحة!!‬
‫التفت حول لنادي موظفي السبح ولكنم ل أحد‪..‬‬
‫أخذ الرجل يضرب ف الاء ويفق فيه ويشرب منه‪ ..‬حت كاد أن يهلك‪..‬‬
‫كنت مبتدئا ف السباحة ولكنم أينم الفر‪..‬‬
‫ما إن اقتبت منه حت تلن بشدة وسحبن ولطمن على وجهي!!‬
‫ث غمسن بشدة ف الاء وتطان ووضع قدمه على رأسي حت خرج منم الاء‪..‬‬
‫أما أنا فقد كدت أهلك حينها!!‬
‫ول أحاول أن أنقذ غريقا بعدها أبدا‪...‬‬
‫ل يكنم ذلك هو الوقف السيئ الوحيد‪..‬‬
‫ذات مرة حضر للمسبح شاب عليه سيما الي ‪..‬‬
‫وكان برفقته عدد منم الشباب الصغار‪..‬‬
‫ل اذكر مالذي حصل بين وبينه لكنم يبدو أن الرجل مريض مرضا نفسيا‪..‬‬
‫وتصيبه حالت منم اليجان فيضرب منم حوله دون شعور‪..‬‬
‫وهششذا م ششا حششدث مع ششي فق ششد ه ششاج عل ششي ك ششالثور وضش شربن عل ششى وجه ششي ضش شربات ك ششادت تقتلنشش‪ ..‬وتركششت‬
‫بصمات على وجهي بقيت حت حي‪...‬‬
‫‪19‬‬
‫ل يكنم أحد ليجرأ على الدفاع عن فقد كان رجل مفتول وال حسيبه‪..‬‬
‫رجعت يومها لغرفت ف الفندق وهذه الرة موسوم بعلمات بارزة‪!!..‬‬
‫اتصل علي موظف الفندق وطلب من الساب‪..‬‬
‫نزلت إليه وسددت له مصاريف اليام الاضية‪..‬‬
‫بقي ف مفظة نقودي فقط مائة وخسون ريال‪...‬‬
‫وهو ما يغطي مصاريف يوم أو يومي!!!‬

‫الحلقة الخامسة‬

‫حينما يكون النسان ف عافية‪ ..‬ل يشعر بالزمنم وهو ير عليه‪..‬‬


‫وهذا يكون منم جهة نعمة ويكون نقمة عليه منم جهة أخرى‪..‬‬
‫حينما نضب مالدي منم نفقة ‪.. ..‬‬
‫أدركت أنن وقعت ف خطأ قاتل ‪..‬‬
‫فأنا أمام خيارينم إما أن أعود للبيت وهذا مال يكنم واردا على الطلق حينها‪..‬‬
‫أو أن أحاول تدارك نفسي بأي وسيلة مكنة!!‬
‫ولكنم كيف ومع منم‪...‬؟؟‬
‫مرت علي تلك الليلة كدهر فقد استغرقت ف التفكي والبحث عنم مرج‪..‬‬
‫أعيتن اليل وضاقت علي السبل‪..‬‬
‫توجهت للخالق سبحانه بكل صدق وإخلص‪..‬‬
‫سألته سؤال الضطر ‪..‬‬
‫ل يكنم ف ميلت أي سبيل أو أي منفذ‪..‬‬
‫ولكنم ثقت به تعال هي سبيلي الوحيد‪..‬‬
‫ف اليوم التال توجهت للنادي الرياضي‬
‫فقد شعرت بالختناق منم بقائي ف الغرفة‬
‫كان النادي شبه خال على غي العادة‪..‬‬
‫وكانت الساعة الواحدة بعد الظهر تقريبا‪..‬‬
‫رأيت ف حوض السباحة شخصا ياول العوم بشقة ظاهرة‪..‬‬

‫‪20‬‬
‫حينما رآن ابتسم ابتسامة عريضة‪ ..‬وقال ل‪:‬‬
‫هل تعرف السباحة ؟؟‬
‫قلت له قليل وأحذرك منم التقدم إل الاء العميق‪!!..‬‬
‫ابتسم وتلل وجهه وقال إن غرقت ستنقذن أنت!!‬
‫ضحكت وقلت له ابث عنم غيي‪..‬‬
‫وحكيت له الوقف الذي مر علي قبل فتة منم الزمنم مع صاحبنا العراب!!‬
‫سألن عنم الكدمات الت على وجهي ‪ ..‬فقد كانت ظاهرة وعميقة!!‬
‫ل أرد أن استسل ف تفاصيلها ‪ ..‬فقلت له سقطت !!‬
‫عرفن باسه وصافحن وقال أنا أخوك سعود العاشي منم منطقة حائل وأنا منم قبيلة شر‪ ....‬هل سششعت‬
‫بائل وأجا وسلمى؟؟‬
‫عرفته باسي ‪..‬‬
‫سألن عنم عملي ‪..‬‬
‫قلت له أنا ل اعمل ‪..‬‬
‫قال ل أينم تقيم ‪..‬؟‬
‫قلت له هنا ف الفندق!!‬
‫قال ألست منم سكان الرياض؟؟‬
‫قلت ل أنا منم سكان الطائف!!‬
‫قال ل ماذا تفعل هنا ف مدينة الرياض إذا ؟؟ هل تدرس ؟‬
‫قلت له أنا جئت لطلب العلم ‪!!..‬‬
‫قال وعند منم تدرس منم العلماء ‪.‬؟‬
‫ل اجبه فأنا ل أبث عنم شيخ حت تلك اللحظة‪..‬‬
‫ل أدري لاذا استسل الخأ سعود معي ف الديث ولكنه أصر علي أن أرافقه للغداء سويا‪..‬‬
‫شكرته وتعذرت منه ولكنه أل بشكل كبي حت رضيت‪..‬‬
‫قال ل وننم نشي ‪ ..‬أنا أملك تسجيلت إسلمية ف حائل ‪..‬‬
‫واعرف عددا منم الشائخ ف الرياض فإن كنت ترغب ف أن أعرفك عليهم فعلت‪!!..‬‬
‫صمت ول أجبه‪!!..‬‬
‫وننم قعود ننتظر الغداء قال ل سعود‪:‬‬
‫‪21‬‬
‫أسع أخي أنت لك قصة وأكيد لديك مشكلة وأنا اقرأ ذلك ف وجهك!!‬
‫ولو ترغب ف ذكرها ل ول يرجك المر فأرجو أن تبن با ‪..‬‬
‫فما يدريك لعلي أستطيع مساعدتك ‪!!..‬‬
‫خجلت وال منم كرمه وساحة نفسه‪..‬‬
‫إن الخأ سعود حينما يقول ل هذا الكلم فهو رجل صادق غي متكلف أو متصنع‪..‬‬
‫ولقد اكتشفت بعد مالطت للخأ سعود أن معدن هذا الرجل معدن أصيل كالذهب ‪..‬‬
‫لقد كان الخأ سعود رحة ساقها ال ل فإن مرد إنصاته وسشاعه لقصشت هشو أمششر يشششكر عليشه بششارك الش‬
‫فيه‪..‬‬
‫حدثته بشكلت وأنصت إل لكثر منم ساعة حت برد الطعام ول يأكل منه شيء!!‬
‫ل يقاطعن طوال حديثي‪..‬‬
‫وحينما استكملت قصت ‪ ..‬صمت قليل ث قال ل‪..‬‬
‫أسعن جيدا ‪..‬‬
‫أنا رحلت بعد قليل على حائل وسوف ترافقن للمنطقة وستكون ف ضيافت‪..‬‬
‫ومنم هناك سوف نتدبر حل لشكلتك‪ ...‬ما رأيك؟؟‬
‫بالنسبة ل أنا ل أعرف ال سعود ولكن كالغريق يبحث عنم أي شيء ينقذه‪..‬‬
‫قلت له ث ماذا ؟؟‬
‫قال ثق تاما سنجد حل لشكلتك موضوعك بسيط وسأجد له حل‪..‬‬
‫أرجوك اصعد لغرفتك ووضب أمتعتك وانتظرن عند الستقبال‪..‬‬
‫ل يعطن الفرصة‪ -‬وقد تعمد هذا – حت أفكر ف الوضوع‪..‬‬
‫وحينما صعدت لغرفت أخذت تول باطري الفكار‪:‬‬
‫ياترى هل الرجل صادق ؟؟‬
‫ماذا لو كان ‪.‬؟؟؟‬
‫ولكنم سيماه الي !! أسئلة تتدد ولكنم ل خيار ل !!‬
‫ل اخب الخأ سعود بوضعي الادي‪ ..‬ولكنم كرمه غي الصطنع‪..‬‬
‫جعله ياسب الفندق دون مشاورت‪!!!..‬‬
‫طلب سعود منم سائق التاكسي أن يسرع ‪..‬‬
‫فقد كان يعلم أنه ليس لدي حجز لقعد ف الطائرة‪..‬‬
‫‪22‬‬
‫وبعد قليل التفت إل وقال ‪:‬‬
‫إن سألك أحد منم تكون فقل لم أنك أحد أقربائي وتقيم ف الطائف‪..‬‬
‫قلت له ولكنم لقب العائلة ؟؟‬
‫قال لم أنت فلن الشمري!!‬
‫قصد الخأ سعود منم ذلك حايت منم ألسنة الناس وتقيقاتم‪..‬‬
‫ولكنم لقد دفعت أنا ثنم تلك الغلطة الشرعة والجتماعية ثنا غاليا‪!!..‬‬
‫وصلنا للمطار واجتهد الخأ سعود حت حصل ل على مقعد ف الطائرة‪..‬‬
‫كان الخأ سعود يلتفت إل كل فتة ويطمنن بقوله‪ :‬ل تقلق سوف تل الشكلة‪..‬‬
‫لقد كنت متأكدا أن سعود ليس لديه عصى سحرية لل وضعي‪..‬‬
‫ولكنم طيبته وساحته ورطته ف هذا القلب ‪..‬‬
‫وصلنا لدينة حائل وكان منظر جبالا وهضابا يسحر الناظر‪..‬‬
‫يابعد حيي كلمة تسمعها عشرات الرات يوميا‪..‬‬
‫أهل حائل كرماء وأسخياء بشكل عجيب‪..‬‬
‫والطبيعة البدوية والفطر السليمة هي الغالب على الناس‪..‬‬
‫توجهنا فورا منم الطار لكان عمل الخأ سعود ‪ ..‬لخذ بعض أوراقه‪..‬‬
‫اكتشفت أنه ضابط صف ف الرور‪..‬‬
‫سلمت على أصحابه وعرفن لم بأنن فلن الشمري!!‬
‫خجلت منم ذلك أيا خجل فأنا ل اعتد على ذلك اللقب‪..‬‬
‫لقششد كششان ذكششاء النششاس الفطششري وأسششئلتهم البسششيطة تكشششف بسششهولة بطلن هششذا النتسششاب ‪..‬بالضششافة‬
‫للكنة الجازية فقد كان المر برمته مفبكا !!‬
‫ل تعجبن الال فلم اعتد الكذب ولكنم إرضاء لضيفي تغاضيت‪ ..‬وصبت‬
‫لحظت أن ف النطقة أمنا عجيبا فالناس ينامون ف بيوتم‪..‬‬
‫ومفتاح السيارة على القود‪..‬‬
‫هذا ما رأيته بنفسي ف عدة مواقف‪..‬‬
‫تعرفت على إخوة سعود ف منزله ف حي الطار ‪..‬‬
‫كانا شابي نسيت أساءهأا‬
‫ولكنم طيبة هذه العائلة والواقف الميلة الت عشتها ف بيتهم‬
‫‪23‬‬
‫هي ذكريات عطرة تبقى معي أينما حللت‪..‬‬

‫الحلقة السادسة‬

‫لقد قضيت ف حائل حوال العشرينم يوما أعتبها منم أجل أيام حيات‪..‬‬
‫الكرم الاتي ‪ ..‬والسماحة وعلوم الرجال كما يقولون‪..‬‬
‫أشياء متجذرة ف هذا التمع النبيل‪..‬‬
‫لقد سرن وال أن أنتسب لم وليتن كنت غصنا منم أغصانم‪..‬‬
‫ولكنم القيقة تبقى هي الفيصل وهي قدر النسان الذي كتبه الالق جل ف عله عليه‪..‬‬
‫لنم استسل ف تفصيل يوميات ف حائل وف ضيافة الشهم النبيل سعود العاشي‪..‬وإخوته‪.‬‬
‫ل أنسى رحلت الصيد ف وديان حائل ف شالا وشرقها‪..‬‬
‫وف منطقة جبه وحيه وبقعا وغيها‪...‬‬
‫أذكر أننا زرنا بيوتا قدية يقول مرافقنا أنا منازل حات الطائي العرب الكري الشهور‬
‫يوجد ف النطقة مسجد قدي للغاية ل يبق منه سوى بعض أسواره وله مرابان !!‬
‫أحدهأا متجه لبيت القدس والخر متجه للكعبة‪..‬‬
‫ويزعم أهل النطقة أنه كان كنيسة وحول لسجد ‪..‬منذ مئات السني‪..‬‬
‫ول أدري عنم صحة هذا الكلم‪...‬‬
‫لكنم الصلة ف هذا السجد وتذكر الجداد قبشل مئشات السشني الشذينم قشد صشلوا وركعشوا ف هشذا السشجد‬
‫إن تلك الذكرى تثي ف النفس السكون والشوع ‪..‬‬
‫ولقد سجدنا عدة ركعات فيه وكان بعض الخوة يبكي تأثرا بالروحانية فيه‪..‬‬
‫أذكر زيارتنا لنطقة أسها حية وكان برفقتنا شخص نسيت اسه‬
‫و يظهر أن لديه خلفية أدبية وشعرية وتاريية ل بأس با‪..‬‬
‫استغرقت الرحلة للمنطقة حوال الساعتي ‪ ..‬والطريق إليها جلد و غي معبد‪..‬‬
‫وننم نسي ف الطريق صدنا عددا منم طيور البش أو ما يسمى الجل‪..‬‬
‫وكانت هي غداءنا ف تلك الرحلة‪..‬‬
‫حينما وصلنا للمنطقة أشار لنا دليلنا لهة الوادي وقال هناك تقع حية!!‬
‫ل نشاهد سوى صخور ضخمة قد تساقطت منم سفوح البال بفعل السيول والمطار‪..‬؟؟‬

‫‪24‬‬
‫أوقفنا سيارتنا وترجلنا وصعدنا على الصخور‪..‬‬
‫مشينا حوال ربع كيلو بي الصخور والنقاض‪..‬‬
‫وكنا كلما تعمقنا ف الوادي تزداد النطقة باء واخضرارا!!‬
‫حينما وصلنا لية سحرنا بتلك الطبيعة اللبة الشورة بي البال‪..‬‬
‫هي واحة خضراء مليئة بالعشاب والشائش‪..‬‬
‫وف وسطها برك ماء وجداول صغية تصب منم أعلى الوادي‪..‬‬
‫أخذ مدثنا يروي لنا أشعارا وقصائد لمرئ القيس‬
‫حينما كان سيد هذا الوادي ويغازل الفتيات اللت يأتي لسقي البهائم منم تلك البك‪..‬‬
‫لقد ترسخت صورة حية كجنة وبساتي ف ذاكرت‬
‫وأتن لو أعود لا وأصور للناس تلك الشاهد‪..‬‬
‫كنا ننطلق كل يومي أو ثلثة برفقة سعود وأصحابه للنزهة والصيد وزيارة الثار‪..‬‬
‫فقد وافق وجودي معهم وقت عطل وإجازات‪..‬‬
‫أهل حائل فخورون جدا بأرضهم وطبائعهم ويعتزون بذلك أيا اعتزاز‪..‬‬
‫وحينما يقدم عليهم ضيف يشبعوه كرما وأنسا حت يتمن أن ل يفارقهم‪..‬‬
‫أما السمر والديث ف الباري والنوم أحيانا فتلك متعة ل يكنم وصفها‪..‬‬
‫لقد تناسيت كل ما أنا فيه منم إشكالت وانغمرت ف تلك الرحلة النتقالية!!‬
‫سيتها انتقالية لنا وال أعلم كانت تيئة ل ليام ووجوه ومنطقة أخرى‬
‫تتلف اختلفا جذريا عما أنا فيه وعما كنت قبل فتة بسيطة عليه!!‬
‫كيف تغيت ب الحوال كنت قبل أيام قليلة أعيش كالشرد ‪..‬‬
‫وهاأنذا أستمتع برفقة يضنم الزمان بثلهم‪!!..‬‬
‫سها مراحل أو قفزات منم أوضاع سيئة إل وضع جديد يصعب على الرء توقعه أو تيله‬
‫ولذلك يقول تعال ) ومنم يتق ال يعل له مرجا ويرزقه منم حيث ل يتسب(‪..‬‬
‫النسان بطبعه عجول وطماع ويريد أن تسي أوضاعه على هواه ورغباته‪..‬‬
‫ولكنم القدر بكمة إلية يقود النسان إل الفضل والحسنم لاله ‪..‬‬
‫حت ولو كرهها وجهل عاقبتها‪..‬‬
‫ولذلك يقول أمي الؤمني علي بنم أب طالب رضي ال عنه ‪:‬‬
‫لو كشف ال للقه ست القدر لا وجدوا خيا لم ما قدره الالق عليهم سبحانه‪..‬‬
‫‪25‬‬
‫كاشفن ال سعود برغبته ف أن يتصل على والدي لكي يطلب أن يصلح بيننا‪..‬‬
‫ل تناسبن الفكرة وطلبت منه أن يتأن قليل‪..‬‬
‫فأنا ما زلت أبث عنم قاعدة صلبة اتكئ عليها ‪..‬‬
‫فأنا ابث على استقرار وليس منم العقول أن يستمر حال هكذا‪..‬‬
‫احتم رغبت ول ياول أن يضغط علي لكي ل يعلن أظنم أنه تلمل من‪..‬‬
‫كنت أنام ف ملحق منفصل برفقة إخوة سعود الذينم هم ف سنم قريبة من‪..‬‬
‫وكان لدي حرية واسعة ف الروج بالسيارة الت وضعت تت تصرف‪..‬‬
‫ل اتصل حينها بأي ملوق ‪ ..‬منم قريب أو بعيد‪..‬‬
‫حضرت دروس الشيخ حد الغاوي ف شرح بلوغ الرام‬
‫وأعجبن أسلوبه اليسر ف التدريس ‪..‬‬
‫قال ل أحد طلبه هذا أسلوب تعلمه عنم شيخه ابنم عثيمي‪..‬‬
‫عرض علي الخأ سعود أن نسافر لنطقة القصيم ‪..‬‬
‫وذلك برفقة احد أصحابه الذي لديه عمل هناك ليوم واحد ‪..‬‬
‫فرحت بذلك أيا فرح فالتعة ف اكتشاف مكان جديد هي ما فطر عليه الناس‪..‬‬

‫الحلقة السابعة‬

‫توجهنا لنطقة القصيم ‪...‬‬


‫وكانت وجهتنا مدينة بريده‪..‬‬
‫كانت بريدة ف تلك اليام مركز التعليم الشرعي ف الملكة ‪..‬‬
‫ويسميها منافقو بلدنا مركز تفريخ الرهاب!!‬
‫وكان حينها الشيخ سلمان العودة هو جديلها الكك ‪..‬‬
‫ف الطريق آنسنا صاحبنا أبو آدم الذي كنا برفقته بسواليفه والقصص الذي يرويها‪..‬‬
‫ومنم رواياته ما قصه منم مواقف مرت عليه خلل ابتعاثه للدراسة ف لندن‪..‬‬
‫ما أذكره ‪...‬‬
‫يقول ‪ :‬كنت ذات مرة أتول ف مكتبة الامعة الت ادرس فيها وابث عنم كتاب‬
‫وكان حينها رجل وسيما تل الرجولة والفحولة عي ناظره منه!!!‬

‫‪26‬‬
‫كانت تراقبه فتاة انليزية ذات عيون زرقاء وأهداب سحرية‪..‬‬
‫وهو يتصفح الكتب وينسخ ف الوراق الت بي يديه ‪..‬‬
‫ول يلحظ هو تلك العيون التوهجة ول تلك القطة التوحشة الت تراقبه!!!‬
‫يبدوا أنا امتلءت منه فقررت أن تلك فؤاده‪..‬‬
‫لقته إل مطعم الامعة واحتالت أن تتعرف عليه؟؟‬
‫وبعد قصة طويلة وظريفة ل يصلح ذكرها هنا وقع الرجل ف النهاية ف حبائلها!!‬
‫أغرم الفت با و أ غرمت به‪..‬‬
‫فتزوجا وعاشا معا طوال فتة الدراسة‪..‬‬
‫ولكنم ‪!!....‬‬
‫كانت أم الفتاة نصرانية متعصبة لدينها ‪..‬‬
‫فضغطت على ابنتها وحولت حياتا لحيم ‪ ،‬حت تفرقا ول يلتقيا بعدها أبدا‪..‬‬
‫تأل كثيا لفراقها ولكنه ل يكنم لديه خيار ‪..‬‬
‫التفت صاحبنا لولده الصغي وكان معنا!!‬
‫وقال له‪ :‬انتبه تعلم أمك!!!‬
‫أضحكنا وآنسنا بطرافته الفرطة وسعة صدره ‪..‬‬
‫حينما وصلنا لبيده كنت أتأمل وجوه الناس‪!!..‬‬
‫كنت أتصور بريدة ف ميلت مليئة بل قل كل أهلها متدينون !!‬
‫ل شك أن الدينم هو الغالب ف الناس ولكنم ل تسلم أي مدينة منم مظاهر السفور والفساد‬
‫أو الرجال غي التمسكي بالدي الظاهر الواجب!!!‬
‫اللحظ كثرة العمالة السيوية هناك‪..‬‬
‫فالشوارع منهم غاصة حت ييل إليك انك ف بومباي أو نيودلي!!‬
‫كنت أتصور بريدة قبل أن أراها كأنا مثل الامعة تعج بطلبة العلم‬
‫الذينم يملون كتبهم وقراطيسهم‪..‬‬
‫و أسواق الدينة مهجورة سوى منم السوقية أو كبار السنم والشياخأ‪...‬‬
‫حينما قطعنا طريق بريده الرئيسي والذي يشق الدينة لشقي‪..‬‬
‫ل ألحظ أي فرق يذكر عنم مدن الملكة الخرى‪..‬‬
‫أسواق وملت مليئة بل غاصة ودخان وشباب طائش ‪..‬‬
‫‪27‬‬
‫اللحظ هو قلة أو انعدام السفور وقلة الهر بالعاصي ‪..‬‬
‫وهذا ترسخ لدي بالقامة الطويلة ف القصيم لحقا‪..‬‬
‫توجهنا فورا لشغل الرجل وانقضى سريعا‪..‬‬
‫فقال سعود ما رأيكم لو نذهب لسجد الشيخ فلن وذكر اسه ونسيته‪..‬‬
‫هذا السجد مبن على الطراز القدي وما زال أهله يعيشون حياة الولي!!‬
‫ل نتدد ف الذهاب فهذا شيء ل نسمع به منم قبل!!‬
‫دخلنا للحي ‪...‬‬
‫الي حديث وبيوته مبنية منم الراسان وعلى أجل واحدث طراز‪!! ..‬‬
‫وف وسط الي مسجد قدي متهالك البناء وأظنم أصل بناءه منم الطي ولكنه صبغ حديثا‪..‬‬
‫وكان وقت صلة العصر ‪..‬‬
‫أذن الؤذن ول نسمعه لن الذان بل ميكرفون‪..‬‬
‫السجد مفروش بالرمل والناس تصلي على الرمل ‪..‬‬
‫غالب منم ف السجد هم منم الشيوخأ وكبار السنم وفيهم مموعة منم متوسطي العمار والصغار‬
‫تسننا وجلسنا لنتظار المام ‪...‬‬
‫توقعت أن يدخل علينا شيخ معمم كعمائم السلف وعليه قلنسوة قد أرخي طرفاها‬
‫ومشدود وسطه بشد ويتدل منه سيفه!!‬
‫فهذا ما نعرفه عنم السلف ول يلو المر منم مبالغة طبعا!!‬
‫دخل شيخ نيل ليته مصبوغة بالكتم السود‪..‬‬
‫ومشيته عليها السكينة والتواضع والضوع ل تعال‪..‬‬
‫ووجهه أبيض مضيء بنور الطاعة‪....‬‬
‫وعليه عباءة سوداء وشاغ احر‪..‬‬
‫طلب منم الؤذن أن يقيم‪..‬‬
‫قام شيخ كبي من الظهر ل يكاد أن يرى وأقام للصلة‪..‬‬
‫و صلى بنا المام صلة مرية ل تكنم بالطويلة أو العجلة‪..‬‬
‫وحينما سلم التف حوله مموعة منم الصبية بأيديهم كتب صغية ‪..‬‬
‫وقعدوا خاضعي كأن على رؤوسهم الطي ينتظرون منم الشيخ إشارة البدء‬
‫سحب المام مهفة منم القصب كانت بواره وقال لحدهم سم‪..‬‬
‫‪28‬‬
‫بدأ الفتية كل واحد منهم على حده‪ .‬بقراءة فصول قصية‬
‫منم مؤلفات شيخ السلم ممد بنم عبد الوهاب‪..‬‬
‫منم كشف الشبهات ومنم الصول الثلثة وقرأ أكبهم منم كتاب التوحيد‪..‬‬
‫كانوا يقرؤون بصوت خافت وخاشع ملحنم وجاعة السجد مطرقون بإنصات ول تسمع لم هأسا‬
‫ل يعلق الشيخ سوى بتصحيح النطق والعبارات‪..‬‬
‫استغرقت القراءة حوال عشرينم دقيقة ‪..‬‬
‫وبعدها انصرف الميع وقام المام منم مرابه‪..‬‬
‫تقدم أصحاب إليه وصافحوه ‪..‬‬
‫وبقيت أنا أراقب الوقف‪..‬‬
‫أحببت القصيم منم يومها وأحببت أهلها‬
‫فأهلها أهل دينم وصلبة ف الق والتزامهم بالسلم خي التزام‪..‬‬
‫عدنا لائل وف الطريق عرض علي سعود عرضا كان هو الباب الذي منه‬
‫ولت للسعادة والنور إن شاء ال تعال‬

‫الحلقة الثامنة‬

‫سعت عنم الشيخ ابنم عثيمي رحه ال أول مرة عنم طريق‬
‫جارنا ف الي القدي ف الطائف الخأ صال السري‪..‬‬
‫والذي أصبح الن منم أنشط الدعاة ونشرا للعلم وتعليمه‪..‬‬
‫حينما هدان ال تعال خصن الشيخ صال وكان حينها ف الرحلة الخية منم الثانوية‬
‫خصن بعناية واهتمام فكنت أصحبه دوما للمسجد‪..‬‬
‫حيث أن باب بيتنا ياور باب منزله مباشرة‪..‬‬
‫وكان يدثن عنم الشيخ بنم عثيمي وعنم دروسه ف الرم ف العشر الواخر‪..‬‬
‫وبعد انتقالنا للحي الديد‪..‬‬
‫ف ذلك العام ‪ 1410‬للهجرة نزلششت برفقششة ششباب الكتبشة للبقشاء بشوار بيششت الش الشرام طشوال فشتة العششر‬
‫الواخر‪...‬‬
‫وحضرت ف سطح الرم درس الشيخ العلمة ابنم عثيمي عليه سحائب الرحة والغفران‪..‬‬

‫‪29‬‬
‫كانت تلك أول مرة أرى با هذا العلم الليل‪..‬‬
‫ف اليوم التال أخذتن الماسة فاقتبت منم كرسي الشيخ فدفعت ثنم اقتاب غاليا‪..‬‬
‫فلقد أوقفن الشيخ كعادته ف دروسه وسألن سؤال عما كان يتحدث عنه ؟؟‬
‫وكنت حينها شارد الذهنم ‪!!..‬‬
‫فما استطعت أن أجيبه‪!! ..‬‬
‫فأمرن باللوس فشعرت بالجل واليبة حيث فشلت ف أول امتحان معه!!‬
‫وما عدت لذلك الكان مرة أخرى‪..‬‬
‫بل بقيت خلف ظهره أو ف صفوف بعيدة‪..‬‬
‫وف إحدى رحلتنا لدينة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫حضرت درس الشيخ أب بكر الزائري ‪...‬‬
‫وبكرت بالضور لكون قريبا منم الشيخ فكنت ف الصف الثان أمامه مباشرة‪..‬‬
‫سعت الطلبة يتهامسون بي بعضهم‪ ..‬فسمعت احدهم يذكر اسم ابنم عثيمي‪..‬؟؟‬
‫وبعد دقائق جاء شيخ مسنم قصي ورقيق البنية‬
‫ليته بيضاء وشعره ابيض ووجهه أبيض‪ ..‬وثوبه ابيض عليه غتة بيضاء‪!!..‬‬
‫وجبهته ناصعة عليها أثر السجود‪ ..‬وحاجباه عريضان ومليئان بالشعر البيض‬
‫ير عباءته خلفه ‪..‬‬
‫ويشق الصفوف نو القعد الخصص للشيخ أب بكر الزائري‪!!..‬‬
‫إنه الشيخ ابنم عثيمي!!‬
‫هأمت أن أقوم ولكنم كيف ؟؟‬
‫فعندما رفعت رأسي ونظرت خلفي ‪..‬‬
‫رأيت ارتال منم البشر تدق ف الشيخ ابنم عثيمي والذي أصبح خلفي مباشرة‪!!..‬‬
‫عندما استوى الشيخ على القعد أشار إل بعنف وسخط وقال ‪:‬‬
‫أجلس فقد آذيت إخوانك‪!!..‬‬
‫جلست مطرقا ‪ ..‬ث بدأ الشيخ حديثه بالمد والصلة ‪..‬‬
‫فأنصت لكل حرف وكلمة يقولا‪..‬‬
‫فما يدرين لعله سيفعلها مرة أخرى ويسألن‪..‬؟؟‬
‫ولقد فعلها وال مرتي ‪ ..‬ف ذلك الدرس!!‬
‫‪30‬‬
‫فأجبته وأنا أتتعتع وأرتف خوفا منه ‪ ..‬ولكنم أجبته با يريد‪..‬‬
‫فكافأن بكلمة واحده قال ل ‪ :‬أحسنت‪!!..‬‬
‫هذا الرجل تبه منم النظرة الول‪..‬‬
‫أحبته مليي السلمي ف كل مكان‪..‬‬
‫وسعت منم الناس ما زاد حب له‪ ..‬منم زهده ف معاشه وهيئته ومسكنه‪..‬‬
‫فلقد سعت حينها أنه يعيش ف بيت منم طي‪!!..‬‬
‫ولقد زاره اللك ف عنيزة فاستقبله ف هذا البيت منم الطي ‪ ..‬وجلسا سويا على الرض!!‬
‫وأنه يأكل ما يرثه ويزرعه بنفسه!!‬
‫كانت تلك الصور ف الذهنم إن صحت أو ل تصح‪...‬‬
‫تثي العجاب والبة للشيخ مع ما وهبه الالق سبحانه‬
‫منم علم راسخ وفقه وفهم للشريعة قل نظيه ف زماننا‪..‬‬
‫كانت فصاحة الشيخ وقوة حجته تبهر مستمعيه‪..‬‬
‫مع ما يثيه الشيخ منم دعابة ومزاح مع منم يسألم ‪..‬‬
‫ف تلك اللسة ف الدينة سأل الشيخ سؤال ‪..‬‬
‫ث نظر حوله بنظرة تذكرك بالصقر حينما يلتفت بثا عنم فريسة!!‬
‫وأخذت نبضات قلب تزيد فقد ظننته سيلتفت إل ويسألن‪..‬‬
‫فأشار للشخص الذي بواري‪..‬‬
‫وكان رجل بدينا فيه سرة ويلبس الرآة على عينيه‪..‬‬
‫أشار له الشيخ وقال له‪ :‬قم‪..‬؟؟‬
‫بقي الرجل فاغرا فاه ينظر للشيخ كالبله!!‬
‫فكرر الشيخ كلمه وقال ‪:‬أنت قم ‪،‬وطقطق بأصبعيه وأشار بسبابته إليه!!‬
‫فقال له أنا؟؟ وأشار لنفسه!!‬
‫قال‪ :‬نعم أنت!!‬
‫تزحزح الرجل وحاول القيام بتثاقل حت دفع منم بواره !!!‬
‫وحينما عل ل يستطع أن يرفع رأسه وبقي ف هيئة كالراكع!!‬
‫كان مشهد جاري ذلك يثي الضحك والشفقة معا!!‬
‫فالظاهر انه ل يعتد الوقوف أمام الموع وبي يدي إمام منم أئمة السنة كابنم عثيمي!!‬
‫‪31‬‬
‫أغلق الشيخ اليكرفون وناداه ليقتب منه ‪..‬‬
‫فدنا الرجل منم الشيخ وهو منحن!!‬
‫فاقتب الشيخ منم أذنه فهمس فيها بكلمات ل نسمعها!!‬
‫فكان الشيخ يهمس ف أذنه والرجل يهز رأسه ويضحك‪!!..‬‬
‫ث أمره الشيخ بالرجوع واللوس ف مكانه واستأنف درسه‪..‬‬
‫إن ذلك الوقف والتواضع والسماحة منم رجل ف مكانة الشيخ يعل مبته‬
‫تسري للقلب كما تسري النار ف الشيم‪..‬‬

‫الحلقة التاسعة‬

‫حينما التفت إل سعود قال ل‪..‬‬


‫ما رأيك ف اللتحاق بلقة الشيخ ابنم عثيمي!!‬
‫ظننت الرجل يسخر من !!‬
‫ث أكمل حديثه وقال‪..‬‬
‫أنا اعرف شخصا مقربا منم الشيخ ممد ويكنه أن يتصل به مباشرة ليشفع لك!!‬
‫قلت له‪ :‬أنا سعت أن شروط قبول الطلب عند الشيخ قاسية للغاية!!‬
‫فل بد أن يكون حافظا للقرءان ولصحيح البخاري عنم ظهر قلب!!‬
‫بلع سعود ريقه ث صمت!!‬
‫وصلنا لائل‪ ...‬ول أن تلك الليلة‪..‬‬
‫لقد كان ثن الركب بي يدي هذا العال الليل أمنية كل طالب علم‪..‬‬
‫لقد اشغل سعود تفكيي بتلك العبارة‪....‬‬
‫بعد صلة الفجر قلت ياسعود‪ ..‬وينم رفيقك اللي يعرف الشيخ‪..‬‬
‫قال الليلة فيه عرس وسيحضر الرجل وبعرفك عليه‪..‬‬
‫انتظرت بفارغ الصب ذلك اللقاء ولكنم الرجل غاب ول يضر العرس‪..‬‬
‫ف اليوم التال صلينا العصر ف مسجد ذلك الرجل ‪..‬‬
‫نسيت اسه ولكنه رجل وقور وهادئ الطبع ‪..‬‬
‫درس عند الشيخ لربع سنوات وكان مل ثقة الشيخ فعينه مشرفا على سكنم الطلبة‪..‬‬

‫‪32‬‬
‫دخلنا منزله وجلسنا ف ملس الضيوف‪..‬‬
‫ل يكنم يعلم الرجل عنم الوضوع‪..‬‬
‫قال له سعود ‪ ..‬هذا الخأ فلن الشمري!!‬
‫يا ال ما أثقل تلك العبارة على قلب ولكنه قالا سامه ال‪..‬‬
‫قال ‪ :‬يرغب ف الدراسة عند الشيخ ممد ونريدك تشفع له عند الشيخ‪..‬‬
‫رحب الخأ بذلك وتللت أساريره وقال ‪:‬بكل سرور‪..‬‬
‫وسأكتب له توصية عند الشيخ ‪..‬‬
‫سألته هل منم شروط القبول حفظ القرءان أو صحيح البخاري كما سعت؟؟‬
‫قال ‪ :‬أبدا هذا ليس بصحيح ويكنك الدراسة عند الشيخ بدون شيء‪..‬‬
‫أما إذا أردت اللتحاق بالسكنم فل بد منم توصيه‪ ..‬وسوف اكتبها لك‪..‬مت ستذهب؟؟‬
‫التفت لسعود فأنا ضيفه ‪ ،‬ومعن ذلك هو أنن سأغادر حائل وأهل حائل‪..‬‬
‫ويعلم ال تعال صعوبة ذلك على نفسي‪ ..‬ولكنم لبد منم عمل شيء‪..‬‬
‫فوالداي ل بد أنما قلقان علي فلو علما أنن لدى عال ادرس‬
‫والدراسة على البواب فل بد أن أكمل دراست الثانوية‪..‬‬
‫لو علما بأن أموري جيده فل شك أن ذلك سيخفف منم وقع الصيبة عليهما‪..‬‬
‫قال سعود‪ :‬سوف اذهب ف ناية السبوع لتبوك وسوف أصحبك للقصيم‪..‬‬
‫ومنم هناك سأسافر لتبوك‪....‬‬
‫وفعل فقد كتب الخأ الكري تلك التوصية مشكورا ‪..‬‬
‫ولكنم ما كدر خاطري أنه نسبن لقبيلة أخرى غي قبيلت ‪..‬‬
‫لقد كان خطئا فادحا سأدفع ثنه غاليا منم سعت لحقا!!!‬
‫وضعت التزكية ف جيب وذهبنا للمنزل‪..‬‬
‫رآن سعود كئيبا فسألن عنم سبب ذلك ‪..‬‬
‫أخبته بأن منم أسباب زعلي هو أنن سأفارق أناسا أحببتهم منم كل جوارحي‪..‬‬
‫كما أحب إخوت بل وأكثر‪..‬‬
‫سأفارق النس والكرم والود والسماحة واللطف ‪..‬‬
‫ماذا لو ل تصلح أموري هناك‪..‬‬
‫وما يدرين ماذا ينتظرن ف عنيزة والقصيم‪..‬‬
‫‪33‬‬
‫أل أزل شابا غرا صغيا ل تصقله الياة‬
‫ماذا لو وقعت ف يد أناس ل يافون ال‪..‬‬
‫لقد كانت حال استثنائية بكل العايي وفيها منم الغامرة والطيش شيء غي يسي‪..‬‬
‫دمعت عي سعود وقال ل ‪:‬‬
‫وال إن بقاءك يسرن ويسر إخوت ‪..‬‬
‫وإنن والوالدة والزوجة وجيع القارب الذينم عرفوك يعدوك كواحد منا‪..‬‬
‫فلو شئت أن تكث معنا فهذا يسرنا ويسعدنا ولو مكثت ف بيت عشر سني‪..‬‬
‫ولكنم إن مصلحتك تمن ول بد أن تتصل بعائلتك ووالديك ‪..‬‬
‫فهما مهما غضبا عليك فسيبقيان اهلك واقرب الناس لك‪..‬‬
‫وأنت شاب ما زلت ف مقتبل العمر وتب العلم والتحصيل فهذه فرصة ثينة لك‪..‬‬
‫وثق تاما حت لو انتقلت للعيش ف القصيم فسأبقى قريبا منك تعودن وأعودك‬
‫وبصوص تكاليف دراستك وإقامتك فسأتكفل لك بكل فلس تنفقه‪..‬‬
‫فانظر ماذا ترى وال يقدر لك الصال‪..‬‬
‫ل شك أن كلم الخأ سعود هو حق ومع التأمل والتفكي فالصلحة تقتضي‬
‫أن أتدارك حل مشكلت بكل السبل المكنة‪..‬‬
‫لقد قدم ل سعود الكثي الكثي‪..‬‬
‫فيكفي انه آوان وفرج كربت جزاه ال عن خي الزاء‪..‬‬
‫أخذن ف اليوم التال لسوق السيارات‪..‬‬
‫فرأيته يبحث عنم سيارة ليشتيها‪..‬‬
‫قلت له ياسعود أنت ل تتاج لسيارة أخرى!!‬
‫فلديك اثنتان وإخوتك غي متاجي‪..‬‬
‫قال أريد أن اشتي لك سيارة‪..‬‬
‫أقسمت بال عليه ورفضت رفضا قاطعا وجلست أتادل معه أكثر منم ساعة‬
‫حت أقنعته بالعدول عنم ذلك‪..‬‬
‫ل يكنم سعود رجل غنيا فهو متوسط الال والذي ل اشك فيه أنه سيقتض ذلك الال‪..‬‬
‫وحت لو ل يقتضه وكان غنيا فكفان منه جوده وسخاؤه ‪..‬‬
‫فقد كان كل يوم أو يومي يضع ف جيب مبلغا جزيل دون أن أطلبه وال‪..‬‬
‫‪34‬‬
‫قال ل مرة لقد زوجت أخت الصغرى قبل أن تأتين بشهر واحد‪..‬‬
‫وال لو كنت أعرفك حينها وكنت موجودا معنا لزوجتك إياها!!‬
‫بارك ال ف سعود وف ماله وولده وكثر ال منم أمثاله‪..‬‬
‫وليس هذا غريبا على أهل تلك النطقة فمع أن انتشار الهل بالحكام الشرعية بي أهل‬
‫الشمال عموما هو الغالب ‪..‬إل أنك تد فيهم منم الكرم والود مال تده ف مناطق‬
‫أخرى‪..‬‬
‫حدثن مرة سعود يقول تعطلت سيارت مرة وأنا على طريق عام ‪..‬‬
‫فتوقف رجل أعراب معه سيارة وانيت داتسنم ذات باب واحد‪..‬‬
‫‪ ..‬دون أن أشي له‪ ..‬ومعه زوجته ف داخل السيارة‪..‬‬
‫فعرف أنه ل يكنم إصلح السيارة ف الال‪..‬‬
‫ول بد منم إحضار مهندس ‪..‬‬
‫أمر ذلك الرجل زوجته بالركوب ف صندوق السيارة‪..‬‬
‫قال سعود‪ :‬أبدا أنا سأركب ف الصندوق‪ ..‬ودع الهل ف مكانم‪!!..‬‬
‫قال الرجل‪ :‬هي طالق إن ل تركب أنت ف المام وهي ف اللف‪!!..‬‬
‫ولقد رأيت منم كرمهم وجودهم وافتخارهم بذلك ما يعز نظيه وال‪..‬‬
‫إن ميزة الكرم لدى الناس هناك أنه جود غي متكلف ‪..‬‬
‫فهذه سليقتهم وهذه طباعهم توارثوها منم أجدادهم وما زالت راسخة لديهم‪..‬‬

‫الحلقة العاشرة‪.‬‬

‫مرت اليام التالية علي سريعا ‪..‬‬


‫وحرصت أن استمتع باللوس فيها بالقرب منم سعود‪..‬وأولده وإخوته‪..‬‬
‫ذهبنا سويا أنا وسعود للمكتبة واشتى ل مموعة منم الكتب‪..‬‬
‫لقد أراد سعود أن يعدن إعدادا شامل للدراسة عند هذا الب‪..‬‬
‫لقد كان سعود أشبه بوالد يزف ولده ‪...‬‬
‫ول أكنم اعلم أنا أو سعود ما يبئه القدر ل‪..‬‬
‫قبل يوم السفر قدم قريب لسعود وكان قريب عهد بعرس ‪..‬‬

‫‪35‬‬
‫تلفظ معي هذا الرجل بكلم فهمت منه أنن غي مرحب ب‪..‬‬
‫قال ل‪ :‬أنت لست منم شر وأريدك أن ترج هويتك منم جيبك لتثبت عكس ذلك‪..‬‬
‫كان متكئا على وسادة ومقابل ل ‪..‬ويشي بيده بكل تيه وغرور‪..‬‬
‫قام أخو سعود إليه فأراد أن يلطمه على وجهه فدفعته وقلت له دعه ليقل ما يقل‪..‬‬
‫ل يكنم منم اللئق ب أن أحرج الخأ سعود ف بيته فسكت ‪..‬‬
‫لكنم أخا سعود استدعان للمختصر وقال ل‪..‬‬
‫دعك منم هذا السفيه وأنا أعرف كل شيء عنك وأنت أكرم عندي منه‪..‬‬
‫خفف ذلك علي كثيا ففكرة النتساب تلك مع خطئها الشرعي ل تكنم فكرت و هي‬
‫شيء مالف لعراف الناس وتقاليدهم وفيها ما فيها!!!‬
‫ف اليوم التال سافرنا صباحا للقصيم‪..‬‬
‫ودعت إخوة سعود ث انطلقنا لرحلة الطلب ‪..‬‬
‫ل يكنم إخوة سعود على استقامة تامة بالدينم مع مافظتهما على الصلة ف السجد‬
‫إل أنما رجلن شهمان طيبان وفيهما منم اللل الميدة ما يفوق كثيا منم‬
‫رايتهم منم الافظي على الشعائر الظاهرة‪..‬‬
‫لقد أتصل علي سعود بعد أربع سنوات منم ذلك اللقاء الخي‪..‬‬
‫واخبن بب اليم عنم أخويه‬
‫فلقد حدث لما حادث بالسيارة على الطريق العام ف أحد طرق الشمال السيئة ‪..‬‬
‫فتوفيا على الفور رحهما ال رحة واسعة‪..‬‬
‫وخلف على سعود فيهما خيا ف ذريته وأولده‪..‬‬
‫مر علي منذ أن خرجت منم بيتنا منم الطائف حوال ثلثة شهور تقريبا‪..‬‬
‫وهاأنذا أنتقل لنطقة جديدة وال أعلم مالذي ينتظرن‪..‬‬
‫كنا وسعود ف تلك السفرة صامتي ‪ ..‬فليس ف ميلت أي كلمات أو حوار دار بيننا‪..‬‬
‫سعود هذا رجل ‪ ..‬ويكفي أن اسيه رجل‪..‬‬
‫إن منم الناس منم هو كمعدن الديد ومنهم منم هو كالفضة ومنهم منم هو كالذهب‪..‬‬
‫سعود ف نظري معدنه أثنم منم الذهب وال ‪..‬‬
‫أنا ل احكم على الرجل منم خلل موقفه هذا معي هذا اتركه للقراء الكرام‪..‬‬
‫وصدقون يا معاشر القراء الكرام إن سعود ل يعلم عما أكتبه عنه الن‪..‬شيئا وال‪..‬‬
‫‪36‬‬
‫ولو علم لغضب منم ذلك وكرهه‪..‬‬
‫فهو يرى عمله ذاك شيئا يتقرب به لربه ول يريد أن يالطه مدح الناس‪..‬‬
‫إن سعود ل ينتظر منم عمله ذاك أن أكتب عنه أو أن أمده فهو ل يكنم يعلم‬
‫ول أنا كنت أعلم أينم تسي بنا المور وما هي خاتتها‪..‬‬
‫إنن أكتب هذا الكلم وهذه الواقف لسجل لبنائي ما حل بوالدهم‪..‬‬
‫لروي لم عمنم رويت ومنم خالطت ليعرفوا قدر الرجال وليعرفوا الدب مع الناس‬
‫إنن يا أبنائي وأنتم الن أطفال صغار وستكبون إن شاء ال‪..‬‬
‫اقتطع لكم منم جسدي قطعا صغية مليئة بالآسي والحزان والتراح والعذاب والهات‬
‫فأنسجها لكم بذه العبارات لكي تستمتعوا با‪..‬‬
‫وتكون أنيسا لكم ف دهاليز وظلمات ومضائق الياة‪..‬‬
‫وأسجل للقراء الكرام ما حدث معي حت يكون للناس فيها عبة لنم أراد ذلك‪..‬‬
‫إنن أطلب منم إخوت القراء الكرام أن يشاركون هذا الدعاء‪..‬‬
‫اللهم جازي سعود عن خي الزاء‬
‫اللهم بارك له ف ولده وذريته اللهم واغنه منم فضلك واجعله منم عبادك الصالي واختم‬
‫له باتة صالة يا ارحم الراحي ‪ ..‬اللهم اجعله منم أهل فردوسك العلى ووالديه‬
‫وإخوانه وذريته يارب العالي‪..‬‬
‫وصلت أنا وسعود إل عنيزة ‪..‬‬
‫تلك الدينة الصغية الميلة الادئة‪..‬‬
‫مدينة العلم والعلماء‪..‬‬
‫دفنم فيها منم العلماء والصالي على قرون مال بم عليم‪..‬‬
‫ساها أمي الريان باريس ند‪..‬‬
‫شوارعها جيلة ونظيفة وأهلها كمجمل أهل القصيم فيهم العلم والدينم والدب الرفيع‪..‬‬
‫دخلت عنيزة وأنا فقي مشرد احل معي حقيبة ملبس وكرتون كتب‪..‬‬
‫وكنت احل قبل هذا ف جعبت تارب قاسية وخبة بسيطة ف الياة وسذاجة وقلة حيلة ‪..‬‬
‫دخلت عنيزة وأنا حائر و رأسي متلبد بغيوم الشك والرتياب والضياع ‪..‬‬
‫ل أكنم أعلم وأنا أدخل عنيزة هل سأمكث فيها يوما أو أسبوعا أو شهرا‪ ..‬فما يدرين‬
‫فأنا منذ شهور أتنقل ف البلد منم مدينة لخرى ‪..‬‬
‫‪37‬‬
‫ومنم يد ليد أخرى ولكنم رعاية الكري ورحته سبحانه هي الت ترعان‬
‫دخلت وأنا ابلغ السادسة عشر عاما فقط‪..‬‬
‫وبقيت ف عنيزة أكثر منم اثنت عشرة عاما‪..‬‬
‫حافلة بالتجارب والواقف الرائعة مع إمام الدنيا وفقيهها شيخنا العلمة‬
‫ممد بنم صال العثيمي عليه سحائب الرحة والغفران‪..‬‬

‫الحلقة الحادية عشره‬

‫أكتب هذه القالة وأنا مطرق وصامت‪..‬‬


‫أضع يدي على رأسي ‪ ..‬لكي أنظم ذاكرت‪..‬‬
‫تر أمام عين الن مئات الواقف ‪ ..‬والواطر‪..‬‬
‫أشبه باسوب أدخلت إليه آلف البيانات ف وقت واحد‪!!..‬‬
‫إنن بذه القالة يا إخوت وأخوات أندب نفسي ‪!!..‬‬
‫إنن با أنكأ جرحا غائرا‪..‬‬
‫قد خيطته بغرز منسوجة منم الديد ‪..‬‬
‫أحكي لكم عنم أب عبد ال !!‬
‫لكي تستمتعوا وتستأنسوا بعطره الميل‪..‬‬
‫وبذكريات ل يعرف تفاصيلها منم البشر سواي‪...‬‬
‫أما أنا فإنن أشق جروحا عميقة منم جسدي وروحي‬
‫لقول لكم خذوا هذه الذكرى الميلة الوجودة ف أعماقي‪ ،‬دونكم الدليل والبهان‪!!..‬‬
‫عندما وصلنا لعنيزة أنا وسعود كان الوقت ضحى‪..‬‬
‫اذكر تلك اللحظات جيدا وما زالت ف ميلت‪..‬‬
‫أوقفنا سيارتنا أمام الامع الكبي ف عنيزة‪..‬‬
‫عليه لوحة صغية خضراء‪..‬‬
‫مكتوب عليها جامع الشيخ عبد الرحنم الناصر السعدي رحه ال‬
‫رفعت رأسي لنظر لتلك النارة الشاهقة والت بنيت بوارها منارتان حديثتان‪..‬‬
‫كأنما فتاتان ذواتا قوام جيل ودلل وباء‪ ..‬تنظران بشفقة وتشف‬

‫‪38‬‬
‫لتلك النارة القدية البناء البنية بالطي واللب‪..‬‬
‫تغن أحد أدباء عنيزة با قائل‪..‬على لسان تلك النارة‪..‬‬
‫وهي تاطب الناس عنم الشيخ ابنم عثيمي قالت‪ :‬أنا الئذنة وهو النارة‪!!!..‬‬
‫نعم وال هي الئذنة وهو النارة ‪..‬‬
‫هذه الئذنة بناها بناء متف قبل عشرات السني وكلف بناؤها عشرون ريال‪!!..‬‬
‫ولكنم أمي عنيزة زاد البناء عشرة ريالت مكافأة له على إتقان صنعته!!‬
‫وهي حت هذه الساعة مازالت شامة تفخر وتشرف على ضرتيها!!‬
‫وتغن وتقول ‪ ..‬أنا الئذنة وهو النارة‪...‬‬
‫اقتبت منم باب السجد فشاهدت لوحة صغية مكتوب عليها تسجيلت إسلمية‪..‬‬
‫دخلت للتسجيلت فرأيت رجل ملتح ابيض وسيم الطلعة قصي ومتلئ‬
‫على وجهه لية قد اختلط سوادها ببياضها‪..‬‬
‫سلمت عليه ‪ ..‬فرد علي بصوت فيه بة !!‬
‫قلت له أينم أجد الشيخ ممد ؟؟‬
‫قال الشيخ الن ف الامع وعنده درس حت الساعة العاشرة والنصف‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬وبعد ذلك ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬يذهب ماشيا لبيته‪ ..‬هل أنت طالب جديد أم تريد الفتوى؟؟‬
‫قلت ‪ :‬ل‪ ،‬أنا أريد اللتحاق بلقة الشيخ‪..‬‬
‫رحب ب ‪ ..‬وقال أهل بك ف عنيزة ‪...‬‬
‫ث عرفن باسه ‪ ،‬وقال أنا أخوك عبد الرحنم الليفي ‪..‬‬
‫قلت له وهل أنت قريب الشيخ الليفي إمام الرم‪..‬؟‬
‫قال هو أحد أقاربنا‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬أريد التحق بسكنم الطلب منم أقابل؟؟‬
‫قال‪ :‬قابل الشيخ مباشرة وتدث معه فهو صاحب الل والربط!!!‬
‫منذ ذلك التاريخ أصبحت ل مع أب صال علقة طيبة‪ ..‬بارك ال فيه‬
‫خرجت منم عنده فسمعت صارخا يصرخأ على اليكرفون ‪..‬‬
‫بسم ال ونصلي على رسول ال‪...‬‬
‫عشرة ‪،‬عشرة‪ ،‬عشرة !!‬
‫‪39‬‬
‫ظننتها ماضرة !!!‬
‫ولكنم حينما أنصت له عرفت أنه صوت البائع ف سوق الضار القابل للمسجد‪!!!...‬‬
‫قلت لسعود ماذا ترى؟؟‬
‫قال ‪ :‬دعنا لنذهب نفطر وتصلي مع الشيخ صلة الظهر‪ ..‬وتقابله‪..‬‬
‫توجهنا لطراف عنيزة ف الزارع اليطة با‪..‬‬
‫حيث تنتشر البساتي الضراء والزروعة بالنخيل على مد البصر‪..‬‬
‫جلسنا تت ظلل شجرة واخرج سعود عدة الطبخ ‪..‬‬
‫وصنعنا الشاي‪ ..‬والفطار‪..‬‬
‫كانت آخر جلسة ل مع سعود ف مثل هذه الال‪..‬‬
‫قلت لسعود ‪ :‬أنت لديك سفر طويل ‪ ،‬فهيا قم وأوصلن للجامع وسوف أتدبر أمري‪..‬‬
‫وفعل توجهنا للجامع ‪ ..‬وأوقفن أمامه ‪ ..‬ودخلت أنا وسعود لصرحة السجد ‪..‬‬
‫حينما فتحنا الباب وجدنا الامع خال منم الطلب ‪..‬والشيخ قد طلع منم الدرس!!‬
‫وضعت متاعي ف زاوية السجد قريبا منم رفوف النعال‪..‬‬
‫ث خرجت مع سعود‪..‬‬
‫أردت أن يكون وداعا سريعا!! حت ل ينفطر فؤادي وال‪ ..‬حزنا وكمدا‪..‬‬
‫قبلته بي عينيه ودعوت له وانصرفت وأنا تنقن العبة‪..‬‬
‫دخلت للمسجد فتنهدت وصليت على رسول ال‪..‬‬
‫تولت بنظري ف الامع ‪..‬‬
‫لنم ل يعرف الامع يظنم ذلك الزء هو كل الامع‪..‬‬
‫استصغرته ف البداية ‪ ..‬ولكنم بعد حي عرفت أن ذلك تقسيم متعمد‬
‫وهو تقسيم معهود ف النطقة كلها‪..‬‬
‫ف وسط السجد يقع مراب خشب مقوس ارتفاعه حوال نصف ذراع ‪..‬‬
‫وبوارة علبة خشبية صغية لوضع النعال!!‬
‫وفرشت سجادة منم الفرش الرخيص ‪..‬‬
‫قد بليت مواضع السجود منها وموضع الركبتي!!‬
‫وألقيت بواره مهفة ليوح با المام عنم نفسه منم الر‪..‬‬
‫وقعت عين على مقعد على يسار الداخل للجامع ارتفاعه ذراع ويتسع لالس واحد فقط‬
‫‪40‬‬
‫ول قوائم له‪ ،‬يتكئ منم يلس عليه على جدار السجد‪..‬‬
‫وأمام القعد اسطوانة حدية مدهون مثبت بالرض بسامي قوية‬
‫عرضت عليه خشية طولا نصف مت تقريبا فيها فتحات صغية‪..‬‬
‫لوضع اليكرفونات عليها‪..‬‬
‫وأمام ذلك القعد قد ألصقت بالرض علمات منحنية كقوس لتتيب صفوف الطلب‪..‬‬
‫حول شيخهم‪...‬‬
‫عرفت أن ذلك هو موقع الدروس‪..‬‬
‫صليت تية السجد واتكأت على الدار ووضعت خدي على كف يدي‬
‫أفكر ف حال‪....‬‬
‫فتح الباب بشدة ودلف منه شخص كبي ف السنم!! ‪..‬‬
‫وعليه مرآة عريضة وبشت ثقيل !!‬
‫حينما رآن نظر ل نظرة حادة ‪ ..‬فصرفت وجهي عنه خوفا منم نظراته‪..‬‬
‫فلم يعرن كثي انتباه!!‬
‫كأنه يقول واحدة بواحدة‪!!..‬‬
‫وضع نعله خلف موقع المام ث خرج منم السجد!!‬

‫الحلقة الثانية عشر‪..‬‬

‫كان ذلك الشيخ الذي دخل للمسجد وخرج هو العم عبد ال بنم عمر العمري‪..‬‬
‫وهو احد أقران الشيخ ابنم عثيمي ف الدراسة على شيخه ابنم سعدي رحه ال‪..‬‬
‫بعد برهة وجيزة دخل ذلك الشيخ مرة أخرى ‪..‬‬
‫وتسننم ث نشر مصحفه وانكب عليه‪..‬‬
‫بقيت وحيدا أرقب باب السجد وارقب حقيبت وكرتون‪..‬‬
‫خرجت قليل منم باب السجد ‪ ،‬و قفت على الدرج الارجي العريض ‪..‬‬
‫حيث يقابل الارج منم السجد دكانان أحدهأا مكتوب عليه مركز إحياء التاث ‪..‬‬
‫وعلى اليسار لوحة مكتوب عليها مؤسسة الستقامة‪ ..‬وكانت مغلقة!!‬
‫دخلت لحياء التاث ‪ ،‬وهي عبارة عنم مكتب خدمات تصوير ‪..‬‬

‫‪41‬‬
‫مليء بذكرات دروس الشيخ ابنم عثيمي ‪ ،‬وغيه منم العلماء‪..‬‬
‫استأذنت البائع بالتصفح فأذن ل‪..‬‬
‫وسألته ‪ :‬هل هذه منم تأليف الشيخ ‪..‬؟؟‬
‫قال ‪ :‬كل ‪ ،‬هذه مذكرات مفرغة منم دروس الشيخ ‪...‬‬
‫خرجت منم عنده ث توجهت للوضوء والستعداد للصلة‪..‬‬
‫بعد دقائق ‪ ...‬دخل شاب نيل بي الطلعة‪..‬‬
‫وتقدم لدولب طويل أبيض خلف الراب ملصق بالدار‪..‬‬
‫ففتحه ث أضاء اليكرفون فأذن‪ ..‬بصوت عذب وندي أعجز عنم وصفه‪..‬‬
‫ل اسع ف حيات أذانا جيل مثل أذان ذلك الشاب ‪..‬‬
‫ل أدري هل ذلك بسبب حب للجامع وأهله أم أن ذلك حق يوافقن عليه آخرون‪..‬؟؟‬
‫لكنم هذا رأيي الشخصي عنم ذلك الصوت ول شك أن الذواق تتلف ف الكم ‪!!..‬‬
‫فل تلومون إخوت !!!‬
‫اسم ذلك الشاب عبد الرحنم الريس بارك ال فيه‪..‬فهو جاري ف الصف لسنوات !!‬
‫بعدها تتابع الناس ف الدخول للمسجد ولكنم بوتية بطيئة!!‬
‫خلف ما رأيته ف الساجد الخرى‪!! ..‬‬
‫وغالب منم جاء للمسجد هم منم الشباب الستقيم اللتزم ‪...‬‬
‫تأخر المام فسألت منم بواري ‪ :‬هل الشيخ موجود ؟؟‬
‫قال ‪ :‬نعم ولكنه يتأخر‪..‬‬
‫وبعد مرور حوال خس وأربعي دقيقة منم الذان دخل الشيخ‪...‬‬
‫هو كما عهدته ل يتغي منم شكله شيء ‪..‬‬
‫غي أنن هذه الرة أنا منم قدم إليه‪..‬‬
‫تقدم منم الباب ث خلع نعله وحلها بيده ث سلم على الماعة ‪..‬‬
‫وقف الؤذن وف يده ميكرفون ذو حبل طويل ما يعلق على الصدر‪!!..‬‬
‫أقام الصلة ‪ ..‬وكان الشيخ يست بالسواك بيده اليسرى!!‬
‫التفت للمؤذن ث تناول منه اليكرفون فعلقه الشيخ على صدره بلمسة إحتافية‪!!..‬‬
‫ث التفت للناس وأمر الميع بالستواء والتاص‪..‬‬
‫نظرات الشيخ ثاقبة وحاجباه كثيفان مليئان بالشعر البيض‪..‬‬
‫‪42‬‬
‫يثيان ف النفس الرهبة والهابة‪ ..‬كأن نظرته تتق جسدك اختاقا‪!!..‬‬
‫قدم وأخر ف الصفوف كأنه قائد جيش !!‬
‫حينما اطمأن منم تراص الصفوف واستكمال الول فالول كب الشيخ‪..‬‬
‫أطال الشيخ ف الركعة الول إطالة ل أعهدها‪!!...‬‬
‫وف ركوعه وسجوده وسائر الركان يطيل الشيخ تطويل بينا‪..‬‬
‫فمع كب سنه إل أن نشاطه وتاسكه يساعدانه على تمل تلك الصلة !!‬
‫ث إن أغلب منم يصلي معه منم الشباب النشيط‪..‬‬
‫سوى العم عبد ال العمري سالف الذكر‪..‬‬
‫ورجل آخر له شأن وأي شان‪...‬‬
‫رجل مسنم رقيق السم ل تكاد أن ترى ف جسمه مزعة لم‪..‬‬
‫منحن الظهر ثيابه رثة وهيئته كهيئة مبول أو معتوه !!‬
‫ولكنه يمل ف صدره علما كالبال ‪..‬‬
‫إنه الشيخ الزاهد عبد ال الفال‪..‬‬
‫حينما رأيته ظننته شحاتا ‪..‬‬
‫ولكنم سعت عنه وجالسته بعد ذلك فوجدت الرجل واسع الطلع راسخ العلم ‪..‬‬
‫غي انه زاهد ف الدنيا ومتعها حت إنه ل يتزوج قط‪!!..‬‬
‫ولعل أن تأت مناسبة للحديث عنم هذا الب بشكل أوسع ‪..‬‬
‫ختم الشيخ صلته بالسلم ‪..‬‬
‫ث استغفر بصوت جهوري ‪ ..‬وضج السجد خلفه بالتسبيح والتهليل‪..‬‬
‫ث استدار الشيخ بفتوة ونشاط كما يستدير الفارس على صهوة فرسه‪!!..‬‬
‫واستمر ف تسبيحه وتليله‪..‬‬
‫تطيت الصفوف وجلست بوار الشيخ فألقيت بي يديه توصية صاحب‪..‬‬
‫فأشار ل الشيخ بيده اليسرى وهزها بعنف أن انتظر ‪..‬‬
‫فخجلت وشعرت برارة تلئ وجهي حياء منم ذلك الوقف‪..‬‬
‫حينما استكمل الشيخ تسبيحه قال ماذا تريد‪..‬؟؟‬
‫فقدمت له الورقة‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬ماذا فيها؟؟‬
‫‪43‬‬
‫قلت‪ :‬توصية منم فلن‪..‬‬
‫قال أعرفه وماذا تريد ؟؟‬
‫قلت أريد أن ألتحق بلقتك للدراسة لديك‪...‬‬
‫قرأ الورقة بسرعة ث أعادها وقال‪ :..‬هذا ل يكفي ل بد مشنم توصشيتي ‪ ..‬ابشث عشنم ششخص آخشر أعرفششه‬
‫ليوصي بك‪!!!..‬‬
‫ث فز منم ملسه وتناول نعله وقام‪!!!..‬‬
‫بقيت برهة أنظر حول واحتت‪..‬؟؟؟‬
‫هل انتهى كل شيء ؟؟‬
‫ل اطل التفكي بل عزمت أن ألق بالشيخ لكلمه مرة أخرى‪!!..‬‬
‫خرجت فلحقته فرأيت حشدا منم الناس تسي مع الشيخ‪..‬‬
‫منهم السائل والستفت ومنهم صاحب الاجة ‪..‬‬
‫كنت أراقب الشهد وأنا بذو الشيخ ‪..‬‬
‫يسي الشيخ منم السجد حت بيته ف كل الصلوات‪..‬‬
‫صيفا وشتاء ‪ ..‬دونا كلل ‪..‬‬
‫ولقد رأيت فتية نشطاء أقوياء يعجزون عنم لاق الشيخ حينما يسرع الطى!!‬
‫بعد تاوز نصف السافة ‪ ..‬ورجوع أكثر الناس‪..‬‬
‫نظر إل وقال ‪ :‬ايش عندك؟‬
‫قلت له ‪ :‬ياشيخ لقد جئتك منم مكان بعيد ول يعرفن أحد سوى فلن الذي أوصى ب‪..‬‬
‫فماذا أفعل ؟ ل سكنم عندي ول أعرف أحدا هنا ف عنيزة؟؟؟‬
‫قال ‪ :‬هل أنت شري منم حائل؟؟‬
‫أسقط ف يدي فالورقة فيها فلن الشمري؟؟‬
‫فلو قلت غي ما هو مكتوب فهذا ناية الطاف ؟؟‬
‫وإن كذبت فل حول ول قوة إل بال !!‬
‫تاسكت وقلت‪ :‬نعم أنا شري؟؟‬
‫قال هل يعرفك عبد ال العبيلن رئيس مكتب الدعوة ف حائل؟‬
‫قلت ‪ :‬ل وال‪..‬‬
‫قال هل يعرفك فلن رئيس الكمة؟؟‬
‫‪44‬‬
‫قلت ‪ :‬ل وال ياشيخ!!‬
‫قال ‪ :‬ماذا افعل لك تصرف!!‬
‫قلت ‪ :‬هل مكنم أن أنزل ف السكنم مع الطلب حت أجد منم يزكين؟؟‬
‫أدار الشيخ وجهه نوي‪..‬‬
‫أخذن الشيخ طول وعرضا بنظره وتأملن ث قال ‪ :‬ل بأس أذهب لمد البجادي !!‬
‫وقله أرسلن لك ممد للسكنم مؤقتا !!‬
‫قبلت رأسه ورجعت لتاعي‪..‬‬
‫حلته ث التففت منم خلف السكنم القابل للمسجد‪..‬‬
‫وشاهدت جوعا منم الطلبة تصعد وتنزل منم باب السكنم‪..‬‬
‫فرأيت لوحة مكتوب عليها ‪ :‬مكتبة عنيزة الوطنية ‪..‬‬
‫أسسها الشيخ عبد الرحنم الناصر السعدي‪..‬‬
‫وها أنذا أدخل السكنم الذي لنم أخرج منه سوى بعد سنوات‪..‬‬

‫الحلقة الثالثة عشر‬

‫دخلت لسكنم الطلب وهي عمارة ذات أربع طوابق‪..‬‬


‫تبع با اللك خالد رحه ال وأوقفها لطلبة العلم ف الامع الكبي‪..‬‬
‫صعدت للطابق الثان فوجدت الطلبة متمعي على الغداء‪..‬‬
‫وعنم يي الصالة علقت لوحة مكتوب عليها ) الكتبة(‬
‫سألت عنم ممد بنم باد‪ ..‬فقال مدثي ‪ :‬أنا هو‪!!..‬‬
‫وكان واقفا بوار براد الاء على مدخل صالة الطعام‪..‬‬
‫قلت له لقد بعثن الشيخ ممد إليك لكي توفر ل سكنا مؤقتا ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬لاذا مؤقت؟؟‬
‫قلت ‪ :‬ل استكمل التوصيات ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ما اسك؟؟‬
‫هل سأقول لم اسا غي الذي أنادى به منم شهر؟؟؟‬
‫أنا فلن الشمري؟؟‬

‫‪45‬‬
‫قال‪ :‬ولكنم لجتك؟؟‬
‫قلت له‪ :‬أنا عايش طوال حيات ف الطائف؟؟؟‬
‫انتهيت منم تقيق الخأ ممد الظريف ث قال تفضل استح ف الطبخ!!!‬
‫دخلت لصالة الطعام ‪ ..‬وهي صالة مفروشة بزل قدي ‪..‬‬
‫كانت أشكال الطلبة متلفة ومتباينة !!‬
‫فتسمع اللهجة الجازية وكذلك لجة ند طبعا‪..‬وترى الفغان والفريقي‪..‬‬
‫جاؤا منم أصقاع الرض ليثنوا ركبهم عند ذلك الب ‪..‬‬
‫يلس الطلبة حلقا على سفر الطعام‪..‬‬
‫كانت رائحة الكل تثي الشهية فانتظرت الخأ ممد ليدعون أو غيه منم الطلب ‪!..‬‬
‫فلقد كنت خجل فأنا غريب بينهم ول اعرف أحدا منهم‪..‬‬
‫غربة ما بعدها غربة وال الستعان!!‬
‫تكرم احد الطلبة بعد أن لن أتلمض دجاجة مشوية ل احد حولا‪..‬‬
‫قال ‪ :‬تفضل كل معنا يا أخي ؟؟‬
‫كدت أن أتنع!!‬
‫ولكنم الوع أبصر ‪!!..‬‬
‫فانقضضت على طريدت‪ ..‬ول يزاحن عليها احد‪ ..‬فظنم شرا ول تسأل عنم الب!!‬
‫حينما شبعت وغسلت يدي ‪..‬‬
‫وخلت الصالة بعد أن ذهب جلهم لغرفهم وبعضهم يقيم خارج السكنم!!‬
‫بوار الطبخ ثلجة ذات بابي فيها مالذ منم شراب وعصي وحلويات!! توجد‬
‫ولكنم بوارها يلس رجل أفغان كأضخم رجل تراه!!‬
‫وله لية كثة وسعت الطلبة يسمونه علء الدينم‪...‬‬
‫قلت له ‪ :‬ياعلء الدينم ؟؟ هل مكنم اشتي منم هذه الثلجة؟؟‬
‫ظننته سيقول هذا بالان تفضل خذ ما تريد!!‬
‫قال ‪ :‬ايش تشرب ؟‬
‫فطلبت البارد ‪ ..‬فقال ‪ :‬بس واحد ر!!‬
‫دفعته طبعا ومنم ذا يرؤ يزعل مثل هذا الخلوق الضخم!!‬
‫لكنم هذه الضخامة والسعة ف السم تفي ف داخلها قلبا كبيا ‪..‬‬
‫‪46‬‬
‫إن علء الدينم هذا رجل ل كالرجال !!‬
‫ول اعرف أحدا ف سكنم الطلب قد اشتكى منه طوال إقامت ف السكنم‪..‬‬
‫ويكفي ثقة شيخنا ممد به ‪..‬‬
‫دعونا منم علء الدينم الن ‪ ..‬ولنكمل قصتنا‪!!..‬‬
‫توسدت حقيبت فنمت ‪...‬‬
‫استيقظت على أذان عبد الرحنم وما أجله منم نداء‪..‬‬
‫ل يكنم ف القيبة شيء ياف عليه فتكتها غي عابئ با يصي لا!!‬
‫صلى بنا شيخنا صلة العصر ث قرأ عليه قارئ منم كتاب رياض الصالي ) أظنم(‬
‫فعلق عليه الشيخ تعليقا مبسطا ميسرا‪..‬‬
‫واللحظ كثرة الصلي ف صلة العصر عنم صلة الظهر ‪..‬‬
‫حينما كان الشيخ يتحدث تذكرت رجل يعمل ف هيئة المر بالعروف ف حائل‬
‫وهو منم أقرباء سعود وذكر ل أنه منم تلميذ الشيخ ممد القدامى‪..‬‬
‫اسشه عبشاس العاششي) أو الششمري الششك منش(‪ ..‬بعشد انتهشاء الشدرس تلق حشول الششيخ حششد مشنم النشاس‬
‫منهم السائل ومنهم الستفت وصاحب الاجشة ولقشد رايشت مشا يعشانيه الششيخ مشنم صلف النشاس وجفشاءهم‬
‫فرحه ال وعفا عنه‬
‫لقت الشيخ وسألته‪...‬‬
‫هل تقبل توصية عباس الشمري‪....‬؟؟‬
‫قال ‪ :‬أنعم به وأكرم ‪...‬‬
‫كنت احتفظ برقم عباس ‪..‬‬
‫فتوجهت لكابينة الاتف واتصلت عليه‪..‬‬
‫رد علي عباس بصوت غي الذي عهدته؟؟‬
‫كلمته ف الوضوع‪!!..‬‬
‫قال ‪ :‬أنا مريض ولكنم سوف اتصل على الشيخ وابلغه با تريد إن شاء ال‪..‬‬
‫رجعت للسكنم وبثت عنم ممد بنم باد‪..‬‬
‫فطلبت منه غرفة بسرير مريح لكي أضع متاعي فيها!!‬
‫ضحك وقال ‪ :‬تعال اريك غرفتك!!‬
‫صعدنا للدور الثالث ‪ ..‬ففتح ل الباب ‪..‬‬
‫‪47‬‬
‫فرأيت غرفت الرية!!‬
‫غرفة صغية ملقى فيها طراحة مهتئة ولاف بال ووسادة مهتة!!‬
‫قد فرشت ببساط أقرب حاله أن أسيه أنه هالك!!!‬
‫ركز بدرانا رفوف فارغة لوضع الكتب ‪ ..‬فكانت أشبه بعجوز فاغرة ول أسنان لا‪..‬‬
‫قال تفضل هذه غرفتك‪!!..‬‬
‫وقال ‪ :‬أنا لست مشرف السكنم!!‬
‫إن أردت شيء فكلم الخأ ممد زينم العابدينم !!‬
‫قلت له‪ :‬وأينم أجد ممد زينم العابدينم هذا؟؟‬
‫قال هو مسافر وسيأت اليوم منم شرورة ‪..‬و هو ينزل ف غرفة ف الدور الثان ‪..‬‬
‫مع شخص اسه نافع الشمري!!‬
‫حينما سعت كلمة )شري( جد الدم ف عروقي !!‬
‫فهاأنذا أجاور شريا حقيقيا !!‬
‫ث انصرف ‪ ..‬وتركن ف الغرفة‪..‬‬
‫وأظنه قال ف نفسه ‪ :‬يالذا الحق هل يظنم نفسه سينزل ف غرفة خس نوم!!‬
‫جلست على طراحت البالية ‪..‬‬
‫أنظر لدران الغرفة التسخة !!‬
‫سبحان ال ‪ ..‬كيف يرضى الشيخ ممد بذا الال؟؟‬
‫ول أكنم اعلم إل بعد حي أن غرفت تلك هي غرفة الضيافة!!‬
‫ولكنم بعد فتة والشهادة ل فقد تسنت الوضاع بشكل ملفت‪..‬‬
‫وجدد السكنم تديدا يليق بقام شيخنا رحه ال رحة واسعة‪..‬‬
‫وقفت على نافذة الغرفة حيث تشرف نافذت على الشارع العام‪..‬‬
‫أراقب الرائح والاي كما يقولون!!‬
‫لت نسوة كثرا متلفعات بالسواد ‪ ..‬وجالسات على الرصيف ‪..‬‬
‫وبعد لظات جاء الباص فحملهنم ومكتوب عليه ) مستشفى اللك سعود(‬
‫إذا ‪،‬هنم مرضات!! ومتستات بذا الست؟؟ ‪ ..‬بل وسعت ان كثيا منهنم غي مسلمات!!‬
‫فالسفور كما سبق نادر أو معدوم ‪...‬‬
‫تركت المرضات اللت يذكرنن بالرض والم فنزلت للمسجد‪..‬‬
‫‪48‬‬
‫سألت عنم الدرس ف تلك الليلة ‪..‬‬
‫فقالوا ل ‪:‬الدرس الليلة ف كتاب زاد الستنقع ‪..‬‬
‫سألت أحد الطلب عنم مكتبة قريبة‪..‬‬
‫فأشار لكتبة ماورة لنوب السجد مكتوب عليها مكتبة المام الذهب‪..‬‬
‫دخلت للمكتبة وطلبت منم البائع أن يعطين مت الزاد‪..‬‬
‫فاشتيته ث توجهت للمسجد‪..‬‬
‫رأيت مموعة منم الكتب موضوعة للحجز أمام الشيخ ‪..‬‬
‫ول تكنم تلك العادة غريبة علي فقد كنت افعلها ف دروس مشائخنا ف الطائف‪..‬‬
‫تقدمت وبكل جرأة وصفاقة !!‬
‫فالتفت حول هل يران منم احد !!‬
‫فأزحت كتابي عنم بعضهما وفرقت بينهما ف الالس ووضعت كتاب بينهما‪!!..‬‬
‫ولقد اختت الصف الول بل وأمام الشيخ مباشرة!!‬
‫لقد كانت تلك الرأة والصفاقة سببا هيئه ال تعال ل لكي يفتح قلب شيخنا الكبي‬
‫لشخص مغمور ضائع مثلي‪...‬‬

‫الحلقة الرابعة عشر‬

‫توافد الطلبة على الامع زرافات ووحدانا وذلك قبل الذان‪..‬‬


‫وحينما أذن الغرب ازدادت وتية الضور حت غص بم الامع‪..‬‬
‫ولقد تأخر الشيخ كعادته للحضور حت إنك إن خرجت خارج الامع‬
‫ستى ف السواق اليطة بالامع جلبة بعد خروجهم منم صلة الغرب منم الساجد الخرى!!‬
‫وأخيا دخل شيخنا بي الطلعة رحة ال عليه‪..‬‬
‫صلى بنا الغرب وكنت أول مرة أسع تلوة الشيخ ‪..‬‬
‫تلوته شبيهة بقراءة الشيخ السبيل إمام الرم لنم يعرفه !!‬
‫إل أن شيخنا يسرع قليل ف القراءة‪...‬‬
‫وف قراءته نبة حزن ‪.....‬‬
‫صليت بوار الؤذن عنم يساره منذ ذلك اليوم‪..‬‬

‫‪49‬‬
‫وحينما سلم الشيخ انتظرت قليل ث تطيت الصفوف والرتال‪..‬‬
‫وللمسجد ضجة هائلة بالتسبيح والتكبي ‪ ..‬كما هي السنة‪..‬‬
‫توجهت لكان الذي حجزته ورفعت كتاب وجلست ‪..‬‬
‫قدم مموعة منم الطلب ‪ ،‬وجلسوا حول وقال أحدهم ل‪..‬‬
‫هذا مكان فلن ‪ ..‬قم وابث لك عنم مكان آخر!!‬
‫قلت له ‪ :‬وهل الكان ملك أبيه !!‬
‫هذا بيت ال والكان لنم سبق!!‬
‫أعتدت على ذلك النقاش منم قبل ف الطائف!!‬
‫ابتسم مدثي وأطرق يقرأ ف كتابه!!‬
‫كنت غرا ول أدرك عواقب أفعال‪..‬‬
‫استكملت الصفوف وبقي مكان الذي أنا فيه فرجة صغية !!‬
‫كان كل منم حول يرقبن بنظرة إشفاق كأن عيونم تقول ل‪:‬‬
‫انتظر قليل وستى!!!‬
‫جاء شاب آدم اللون مستوي البنية وليته خفيفة!!‬
‫وقد خرج منم غرفة بوار مكان الدرس ويظهر أنه منم كبار الطلبة!!‬
‫ويمل حقيبة صغية وضعها على مقعد الشيخ ث استدار وجاء نوي‪!!..‬‬
‫اقتب من ‪ ..‬وقال‪:‬‬
‫هذا مكان !!‬
‫قلت له ‪ :‬أهل بك وزحزحت الذي بواري حت حشرته !!!‬
‫وقلت له‪ :‬تفضل!!‬
‫فجلس الرجل وهو غي راض!!‬
‫تأخر الشيخ حت يتسننم الراتبه ‪ ..‬ث تطى الصفوف ودخل حت صار أمامنا‪..‬‬
‫وعل فوق منصة الدرس الصنوعة منم القطيفة الشوة بالقطنم أو ألسفنج الشنم‪ ،‬ل أدري!!‬
‫ث جلس وألقى عباءته خلفه ‪..‬‬
‫واتكئ على الدار ‪..‬‬
‫نظر إل فرأى وجها جديدا ل يعهده!!‬
‫فنظر لنم بواري وأرخى رموش عينيه ليكز النظر ‪..‬‬
‫‪50‬‬
‫وهو يقلب ف أوراق منشورة ف حجره كأنه يتساءل منم هذا؟؟‬
‫ث قال الشيخ‪ :‬أليس الكان ضيق عليكم؟؟‬
‫أما أنا فلم أنطق حرفا واحدا ول أترك كأنن ل أسع وخيا فعلت!!‬
‫وأما جاري فاستوى ف جلسته وأصلح منم مكانه فصار فسيحا بقدرة قادر!!‬
‫ث هز رأسه بعلمة تفيد برضاه !!‬
‫انتهى الال على هذا ولكنم يظهر أن الشيخ قال ف نفسه ‪:‬‬
‫ستدفع ثنم جرأتك ‪ !!...‬فهذا الكان له ثنم!! وأي ثنم!!‬
‫ابتدأ الشيخ بالمد والصلة على رسول ال ‪..‬‬
‫وقال ‪ :‬درسنا ف الفصل الاضي ‪ ..‬كذا وكذا ‪..‬‬
‫ث بدأ براجعة الطلبة عما تلقوه ف الدرس السابق‪...‬‬
‫كان الطلبة حول يرفعون أيديهم لكي ييبوا‪ ...‬أيهم يتار‪..‬‬
‫أما أنا فليس ل ف ذلك النقاش ناقة ول جل!!‬
‫الشيخ ممد سهل وبسيط ف كل أموره ‪..‬‬
‫ف أخلقه ف سته ‪ ،‬ف لباسه ‪ ،‬ف حديثه ‪،‬‬
‫أما حينما يتعلق المر بالسؤال والنقاش ‪ ..‬فليحمد ال كل منم سلم منم ذلك!!‬
‫يقولون إن علم الرجل يظهر منم سؤال الناس له ‪..‬‬
‫حيث يسهل على كل واحد أن يضر منم كتاب فيفرغه كامل بي يدي الناس!!‬
‫لكنم حينما تتوارد عليه السئلة وييطه الناقشون الذكياء‪..‬‬
‫فحينها يظهر علم العال منم جهله‪..‬‬
‫وهذا هو منهج الشيخ ف السؤال والنقاش ‪..‬‬
‫يعود الطلبة على قوة الجة وتمل الدال دونا خوف أو تردد‪..‬‬
‫ولذلك يتعمد حشر الطالب بأسئلة صعبة ويورد عليه الشكالت ‪..‬‬
‫فل يفلت منها إل الذكياء والنبهاء‪..‬‬
‫أما منم يرى ف نفسه عدم الهلية أو يعرف منم حاله انشغال فكره بصاله وولده‬
‫فخي له أن ينصرف للصفوف البعيدة وليدس رأسه خلف زاوية أو عمود!!‬
‫استمرت الناقشة والراجعة وقت ل بأس به ‪..‬‬
‫ث ابتدأ الشيخ بالدرس الديد‪...‬‬
‫‪51‬‬
‫شيخنا رحه ال فنان ف التدريس قل نظيه ‪..‬‬
‫أسلوبه يسي ل يشق على البتديء ول يتقره الطالب الد القدي‪..‬‬
‫فكل يد حاجته وكل يرج وهو راض وفاهم ومستوعب لكلم الشيخ‪..‬‬
‫الشيخ ممد ليس صاحب كم ولكنه إمام ف الكيف!!‬
‫منم المثال الشهورة ‪:‬‬
‫علمن صنعة ول تقرضن مال!!‬
‫شيخنا يعلمك صنعة العلم بيث يرس الطالب على كيفية‬
‫البحث والناقشة والستدلل والتأصيل ‪ ،‬والدال وكيفية ترتيب الدليل والجة ‪..‬‬
‫ولذلك يستمر الطالب عند الشيخ سنوات عديدة ول يكمل كتابا واحدا عنده‪..‬‬
‫ولكنه يرج بفهم ثاقب وقدرة هائلة على الطلب والبحث والستمرار ف التحصيل‪..‬‬

‫الحلقة الخامسة عشر‬

‫ف دروس شيخنا ف عنيزة منم النادر أن يسال الشيخ الطالب خلل الدرس‪..‬‬
‫فغالبهم قد جاء له منم أماكنم بعيده بقصد العلم والتحصيل ‪..‬‬
‫وفيهم منم الطاقة واليوية ما يعلهم حريصي ومتنبهي لكل فائدة ومسألة‪.‬‬
‫ولكنم الوضع ذلك اليوم متلف ‪!!..‬‬
‫سألن الشيخ ف ذلك الدرس ثلث مرات كأنه يتبن أو سيقول ل ‪ :‬طس !!‬
‫وبمد ال بلعت الطعم ول أقع ف الصيدة!!‬
‫فقد أجبته با فتحه ال علي ما حصلته عند مشائخنا ف الطائف‪..‬‬
‫فكان ذلك فأل خي ل بمد ال تعال‪..‬‬
‫انتهى الدرس الول بعد الذان ‪..‬‬
‫ث تقدم شاب منم الصف اللفي وجلس بين وبي جاري الغاضب من!!‬
‫وعلق اليكرفون على صدره ‪ ..‬ث أخذ يقرأ منم نونية ابنم القيم‪..‬‬
‫بصوت جع بي العذوبة والرقة ‪ ،‬وجال البيات الت نظمها ابنم القيم رحه ال‪..‬‬
‫لقد كانت تلك النظومة مع أنا توي ردودا علمية رصينة إل أنا‪...‬‬
‫حوت حكما ومواعظ وطرائف ل يتقنم نظم قلئدها سوى مثل ابنم القيم وكفى به !!‬

‫‪52‬‬
‫لحظت رجل أفغانيا ذو عمامة عريضة ويلبس الرآة يلس عنم يي الشيخ‪..‬‬
‫و لحظت الشيخ يستأنس كثيا بالديث معه أو مناقشته ‪..‬‬
‫وكانت أسئلته وركاكة لسانه العجمي تثي ضحك الطلب ‪..‬‬
‫كنا نستأنس ونفرح حينما يسأل هداية ال لن شيخنا يسر بذلك ‪..‬‬
‫ومع عجمته وصعوبة النطق بالعربية لديه حيث انه ل يتكلم سوى بالفصحى الكسرة‪!!..‬‬
‫إل أن الرجل قد أتقنم علوم اللة منم نو وأصول وأصول تفسي ‪ ،‬بشكل شبه كامل‪..‬‬
‫أذكر ف درس الفرائض منم مت البهانية السألة العنقودية والت ل يستطع حلها سوى‬
‫هداية ال !!‬
‫وهي مسألة شائكة ومعقده ل يقدر عليها سوى الراسخي ف الساب والفرائض‪..‬‬
‫كان هداية ال هذا يسجل دروس الشيخ ف مسجل صغي‪..‬‬
‫ث يرجع لغرفته فيغلق الباب على نفسه ‪..‬‬
‫فل ينام حت ينسخ ذلك الشريط على دفت خاص ث يتجه منم فوره للغته الفغانية!!‬
‫و هذا ما يفعله كل ليلة طوال ست سنوات جاورته وخبت حاله‪!!..‬‬
‫انتهى الدرس وتوجهنا للمصلى وكنت وضعت كتابا بوار الؤذن لكي أصلي مكانه‪..‬‬
‫صليت خلف شيخنا ‪ ..‬وبعد السلم ‪..‬تلق مموعة منم الناس حول الشيخ ‪..‬‬
‫كما هي العادة ف كل صلة سوى صلة الفجر والغرب‪..‬‬
‫ث قام الشيخ وخرج منم السجد لقته مع الناس وذلك بقصد الفضول فقط ‪..‬‬
‫كنت أسي بحاذاة الشيخ واستمع لسئلة الطلبة والستفتي‪..‬‬
‫ولقد فاجأن الشيخ حينما التفت إل وقال‪:‬‬
‫يبدوا أنك تريد العلم والتحصيل !!‬
‫كانت غي متوقعة وال ‪..‬‬
‫ث قال الشيخ ‪ ..‬هل نزلت ف السكنم؟‬
‫قلت ‪ :‬نعم‪..‬‬
‫كان الطلبة يراقبون هذا الوقف وقلوب بعضهم تفق منم الغية منم هذا الوار‬
‫الاص!! والنموذجي!!‬
‫قال ‪ :‬إذا عجل بالتزكية حت نسمح لك بالبقاء ‪!!..‬‬
‫قلت له ‪ :‬لقد اتصلت على عباس وهو مريض وقال سيتصل عليك!!‬
‫‪53‬‬
‫قال ‪ :‬خيا إن شاء ال ‪ ..‬ث عدت أدراجي للسكنم‪..‬‬
‫استبشرت بذا النجاح الذي ل ارتب له شيئا بل توفيق الالق سبحانه وتعال‪..‬‬
‫دخلت لغرفت فوجدت زائرا ينتظرن!!‬
‫وجدت شخصا جالسا ف غرفت‪..‬‬
‫سلمت عليه ‪ ..‬فرد وقال ‪ :‬هل أنت تسكنم ف هذه الغرفة؟؟‬
‫قلت ‪ :‬اليوم نزلت فيها‪..‬‬
‫قال ‪ :‬إذا سنكون سوية هنا ‪ ..‬أنا أخوك بندر الرب ‪..‬‬
‫تعارفنا ‪ ..‬قليل ث نزلنا للعشاء‪ ..‬وهذه الرة ل أنتظر أحدا يدعون!!‬
‫حقيقة أن تنام ف غرفة صغية وضيقة مع شخص ل تعرفه شيء مزعج‪..‬لنم ل يعتد عليه‬
‫خصوصا انه ل يستأذنن احد ف اختيار زميل السكنم‪..‬‬
‫ولكنم ل خيار ل فإما مع بندر أو الشارع!!‬
‫ولكنم بندرا هذا رجل ظريف وحلو العشر ‪..‬‬
‫وبعد حديث طويل معه اكتشفت طيبته ‪..‬‬
‫ومع انه رجل انعزال ول يب مالطة الناس ونظراته غي مببة ‪ ،‬لعمقها وحدتا!!!‬
‫إل أنن حينما عاشرته وخالطته تبي انه رجل طيب وفاضل‪..‬‬
‫استأمنته على بعض أموري وكنت أستشيه فيصدق الشورة!!‬
‫كنت أخرج للتنزه مع بندر على سيارته الوانيت ف الطعوس اليطة بعنيزة‬
‫وما أكثرها!!‬
‫ف اليوم التال ‪ ..‬حضرت درس الصباح ‪..‬‬
‫والذي يستمر منم الساعة الثامنة وحت العاشرة والنصف‪..‬‬
‫ويدرس فيه الشيخ خسة كتب ‪..‬‬
‫والضور ف تلك الدروس ليس بالكثرة الت كانت بالمس‪..‬‬
‫حيث أن هذه الدروس فقط ف موسم الصيف والعطل الدراسية‪..‬‬
‫كانت الدروس صعبة علي لستواها العال عن‪..‬‬
‫ومع ذلك فلم انقطع عنها طوال الفتة التبقية منم الصيف والت ل تطل كثيا‪..‬‬
‫بصوص الكان فقد تسكت بالكان الذي جلست فيه بالمس ‪..‬‬
‫وذلك لسنوات عديدة بفضل ال تعال‪..‬‬
‫‪54‬‬
‫وذلك على رغم عدم رضى جاري سامه ال!!‬
‫والذي ستكون ل معه مواقف ستصطدم كثيا منم قراء هذه اللقات‪..‬‬
‫ولست اقصد منم روايتها الشماتة به أو النيل منه‪..‬‬
‫فأنا لنم اسيه ول احد منم القراء يعرفه أو يعرفن ‪..‬‬
‫ول يلوا ذكر القصة منم فائدة وحكم وطرفة !!‬
‫ومع أن تلك الواقف حصلت قبل سنوات عديدة إل أنا لنم تر دون اعتبار وتحيص‪..‬‬
‫والوعد عند رب العالي سبحانه وتعال هو حسبنا ونعم الوكيل‪..‬‬

‫الحلقة السادسة عشر‬

‫ف اليوم التال حصل تقريبا ما حصل بالمس غي أن الفاجأ ة كانت وعلى غي التوقع‬
‫حينما مشيت مع الشيخ ف عودته لبيته بعد الدرس الصباحي ‪..‬‬
‫نادان الشيخ وبانزعاج ظاهر وقال ل‪ :‬لا ل يتصل صاحبك؟؟‬
‫قلت له‪ :‬وال ل أدري ولكنم ف اتصال السابق عليه قال هو مريض‪..‬‬
‫فلعله اتصل على تلفونكم فلم يبه أحد!!‬
‫قال الشيخ‪ :‬هات رقم تلفونه وسوف أتصل عليه أنا!!‬
‫ل أكنم ساعتها أحل رقم عباس فقلت له‪ :‬سأحضره لك بعد صلة الظهر‪..‬‬
‫وبعد الصلة ناولت الشيخ ورقة عليها رقم الشيخ عباس ‪..‬‬
‫كنت قلقا للغاية ‪ ..‬فالشيخ ممد لنم خالطه رجل حازم ‪..‬‬
‫ول أسهل عليه منم أن يقول ل ارجع منم حيث أتيت!!‬
‫وكون الشيخ يطلب رقم عباس ليتصل عليه منم طرفه إن ذلك الفعل هو نبيل وتواضع‬
‫منم شيخنا جزاه ال خيا‪ ..‬ورحه وأسكنه جنات النعيم‪..‬‬
‫بعد صلة العصر وانتهاء درس العامة ‪..‬أشار ل الشيخ وكنت أمامه بوار الؤذن أن الق ب!!‬
‫لقته ومشيت بواره ولكنه ل يكلمن ف شيء‪!!..‬‬
‫انتظر الشيخ حت انتهى الناس وقضى حوائجهم وبقيت أنا وهو بفردنا نسي حت‬
‫اقتبنا منم البيت وكنت منتظرا دون أن استبق منه شيء!!‬
‫ولكنم يعلم ال سبحانه وتعال أنن قد خفت وظننت الظنون فربا أن أخي سعود أخب‬

‫‪55‬‬
‫عباس بشكلت ‪..‬‬
‫وبدوره أطلع عباس الشيخ على الاصل !!‬
‫قال الشيخ‪ :‬خلص!!‬
‫شدهت وظننت أنه خلص سيخرجن ولكنه استأنف كلمه‪...‬‬
‫أنا كلمت عباس وهو أثن عليك خيا!!‬
‫وسكت!!‬
‫قلت ف نفسي ‪:‬ما معن هذا الكلم؟؟؟‬
‫ث أكمل شيخنا وهو يضم يديه ويشي با للمام ويزم شفتيه وقال ‪:‬‬
‫سنقبلك ف السكنم!! بشرط أن تتهد ف الطلب‪..‬‬
‫لو كان بيدي ف تلك اللحظة أن اصرخأ منم الفرح لفعلت!!‬
‫أي خب سعيد هذا !! المد ل رب العالي‪..‬‬
‫ث قال الشيخ ‪ :‬وأنت يافلن الشمري!!!‬
‫اغتنم هذه الفرصة ‪ ،‬خاصة أنك ما زلت ف مقتبل عمرك ‪ ..‬وفقك ال‪..‬‬
‫انصرفت بعد أن قبلت رأسه ودعوت له‪..‬‬
‫ما أجل أن ترى بصيص المل بعد اليأس ‪ ..‬ما أجل الشعور بالستقرار‬
‫وخاصة ف كنف ورعاية رجل بوزن الشيخ ممد عليه الرحة والرضوان‪..‬‬
‫ل أطمع ول أحلم بل وال الذي ل إله سواه ول يطر ف بال أن أحصل على أي‬
‫امتيازات مادية أو معنوية منم قبل الشيخ ممد ‪..‬‬
‫بل كان يكفين أن أحصل على ما حصل عليه‬
‫اللف سواي منم طلبة العلم الذينم ييطون بشيخنا منم كل صوب كل يبحث عنم‬
‫رضاه بعد رضى الالق سبحانه وتعال فهو للجميع بقام الب الان ‪..‬‬
‫ومنم ذا ل يبحث عنم رضى والده‪..‬أو والدته‪..‬‬
‫وكذلك يكفين ويشرفن أن أتتلمذ على يديه وأحصل على علم قل منه أو كثر‪..‬‬
‫انرطت بعون ال سبحانه ف طلب العلم والتحصيل فكان هو شغلي وهأي ‪..‬‬
‫اقتنيت عددا منم الكتب ورتبتها على الرفوف ف غرفت الصغية‪..‬‬
‫تعرفت على عدد منم الطلب ولكنم ل يكنم اهتمامي منصبا على ذلك‪..‬‬
‫منم الطلبة الذينم عرفتهم وخالطتهم الخأ نافع الشمري ‪..‬‬
‫‪56‬‬
‫وكذلك ال خالد الشمري ‪ ..‬ومنهم الخأ ممد زينم العابدينم!!‬
‫هذا الخي هو مشرف السكنم ‪..‬‬
‫وقد وصل منم شرورة لكي يرتب سكنا له ولزوجته الت دخل با قبل أسابيع!!‬
‫وبذلك سينتقل منم السكنم الال والذي هو سكنم للعزاب فقط ليستأجر بيتا له ولعائلته‪..‬‬
‫الخأ ممد رجل عاقل وفيه حلم وأناة ولذلك كان اختياره للشراف على السكنم هو اختيار موفق‪..‬‬
‫كان الخأ ممد هو ملذ الطلب عند النم بعد ال فهو الوسيط بينهم وبي الشيخ ‪..‬‬
‫ولقد كانت مهابة الشيخ ممد رغم تواضعه تنع كثيا منهم عنم ماطبته مباشرة‪..‬‬
‫ولكنم يكفي أن يوصل الخأ ممد شكاويهم وطلباتم ليبت فيه الشيخ ‪..‬‬
‫طلبت عنم طريق الخأ ممد أن يوفروا ل كتبا ومراجع فوضعت قائمة كبية بالكتب‪..‬‬
‫سلمتها لمد ‪ ..‬فظهرت على وجهه ابتسامة صفراء ماكرة !!‬
‫وهز رأسه وقال‪ :‬هل تظنم الشيخ يوافق لك على هذه الكتب؟؟‬
‫قلت له قدمها له وسنرى‪..‬‬
‫وفعل قدم ممد القائمة للشيخ بعد ظهر إحدى اليام فوضعها الشيخ ف جيبه‪..‬‬
‫بعد يوم أو ف ذلك اليوم بعد العصر نادان ممد وقال ‪ :‬انظر ف ورقتك!!‬
‫فوقعت عين على شخاميط بالقلم الحر وضعت على كل الكتب تقريبا وأضيف عليه‬
‫للتأكيد علمة ‪X‬‬
‫ووافق على كتابي أو ثلثة وأرفق معها قيمة الكتب نقدا معلقة بالفاتورة!!‬
‫أخذتا وحدت ال تعال واشتيت الكتابي فأضفتها لكتبت الصغية‪..‬‬
‫وعلى كل فقد وفر ف السكنم مكتبة علميشة ل بشأس بشا وتشوي مراجشع كشثية للبشاحثي ومشب القشراءة ‪..‬‬
‫ومع ذلك فالكتبة شبه خالية ‪..‬‬
‫والسبب ف ذلك‬
‫أن أغلب الطلب قد يسر ال لم مكاتب على حسب تصصاتم ومشاربم ف غرفهم‪..‬‬
‫فتى الطالب الهتم بعلم الديث والتخريج أكثر كتبه ومراجعه منم ذلك‪..‬‬
‫وينطبق الال كذلك على طالب الفقه والتفسي وغيها ‪..‬‬
‫أما أنا فقد كانت مكتبت صغية ولكنها نت وترعرعت حت خرجت منم سكنم الطلب‪..‬‬
‫وإنه ليعجز عنم حلها الرجال الشداء أول القوة لكثرتا وتنوعها والمد ل‪!!..‬‬

‫‪57‬‬
‫الحلقة السابعة عشر‬

‫كنت وبمد ال مدا ف الطلب وقد انشغلت بال وتفكيي تاما عنم أي شيء آخر سوى العلم‬
‫وطلبه‬
‫قد يلومن أحد على عدم اهتمامي بوالدي وأهلي ذلك الي‪ ،‬وأنا وال أوافقهم هذا اللوم وأستحقه‬
‫ولكنم ما اليلة وما الخرج؟؟‬
‫ل أكنم ذا رأي وهدى إل أن ال تعال برحته ل يتك المور هكذا تسي بل بتدبي عجيب منه‬
‫سبحانه حصلت وقائع هي أصل روايتنا هذه وهي ذروة سنامها ‪ ،‬وسأحكيها ف وقتها كما هي ول بد‬
‫منم التمهيد لا ولو طال ذلك!!‬
‫حت تتضح الصورة وتنكشف الوراق دون النيل منم أحد بعينه فليس هذا مقصدي وال فلموت ودفن‬
‫مع سري عاجل أو آجل أهون على نفسي منم كشف ذلك أو البوح به فال سبحانه يعلم أنن أردت‬
‫الفائدة ل ولنم سيقرأ هذه الرواية منم أهلي وأصحاب الذينم رغبوا ف معرفة القيقة ‪ ،‬ول اشك إن شاء‬
‫ال أن كثيا منم وقع ف نفوسهم شيء علي حينها حينما يطلعوا على ما سأخطه هنا أنه لو كان‬
‫لديهم إنصاف) وهو عزيز ( فل بد أن يزيل كثيا منم اللبس واللط غي القصود‪..‬‬
‫كذلك ينبغي العلم أنن حينما أحكي ما يفهم منه الثناء على شخصي ل اقصد وال ذلك بل إنن‬
‫أروي ما حدث وما مضى عليه حوال المسة عشر سنة خلت ويعلمها كثي منم الطلبة ويشهدون‬
‫عليها ‪ ،‬ولست ادعي أنن أكثر الطلبة أو اقلهم تصيل وعلما ولكنم هذه هي القيقة وهذه الصورة‬
‫كما وقعت ‪ ،‬ل يأتتين أحد غدا يقول ل أنت تجد شخصك ؟؟‬
‫ل والذي بيده علم الساعة ما هذا قصدي بل غايت منم كل ذلك أن أكشف أمرا طالا رغبت ف‬
‫كشفه وفضيلة آن الوان لبيانا وبال التوفيق‪..‬‬
‫لنرجع لروايتنا ‪...‬‬
‫كما ذكرت توجهت للعلم بكل جوارحي وحصلت خيا عظيما ‪ ،‬والي هنا ل يقاس بالكثرة كما قد‬
‫يتبادر لذهنم البعض ‪ ،‬العلم أيها الخوة والخوات لنم ذاق طعمه حقيقة هو التأصيل البن على منهج‬
‫سديد تت مظلة عال راسخ العلم‪..‬‬
‫شيخنا كما سبق بيانه ربانا على الكيف ل على الكم‪..‬‬
‫إن كثيا منم علماء وطلبة العلم منم زماننا بشكل مباشر أو غي مباشر قد تتلمذوا عليه‪.‬‬
‫ولو تأملت حال كثي منم نباء زماننا لرأيت منم أول قوائم العلماء الذينم تتلمذوا عليهم هو الشيخ ابنم‬
‫‪58‬‬
‫عثيمي رحه ال‪..‬سواء مباشرة أم عنم طريق الشريط والكتاب‪..‬‬
‫حدثن أحد طلبة العلم ف الردن أن مموعة منم طلبة العلم هناك يستمعون لشرطة دروس الشيخ‬
‫على ميكرفون الامع فيتحلق عليه الطلبة ويغص السجد منهم كأنم بي يديه ويستمعون ويدونون ما‬
‫يقوله الشيخ منم علم وافر‪ !!..‬كل ذلك منم شريط!!‬
‫كان الشيخ يكلف الطلبة بالبحوث فكنت منم الكثرينم منم ذلك بمد ال ‪..‬‬
‫كنت أحيانا أجلس أبث منم بعد صلة الفجر فل ارفع رأسي عنم الكتاب حت يؤذن الظهر وأنا ل‬
‫أشعر‪..‬‬
‫كان تريج الديث الواحد على حسب التأصيل العلمي العروف يستغرق أحيانا ثلثي ساعة متواصلة‬
‫بدون نوم !!‬
‫كل ذلك من قليل مقارنة بفطاحل الطلبة وجهابذته الذينم حصلوا خيا عظيما لدى شيخنا وليس هذا‬
‫بستغرب أو مستكثر على تلميذه صغروا أم كبوا ‪..‬‬
‫ولو شئت لدثتكم عنم عجائب ل يكاد يصدقها الرء عنم مواقف احتفظ فيها عنهم بارك ال فيهم‬
‫ونفع بم‪..‬‬
‫لكنم حصل موقف عجيب وغريب سبب تول بل عمق العلقة بين وبي الشيخ منم حيث ل أشعر‬
‫!!!‬
‫طلب منا الشيخ أي منم جيع طلبته‪ ،‬أن يقوموا ببحث حول الفوائد أو الكم منم جواز أن يباح‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم أن يتزوج أكثر منم أربع نساء‪...‬‬
‫وكان التكليف بذلك البحث ف دروس الساء ‪...‬ول ادري هل كان ف التفسي أم ف درس البخاري‬
‫نسيت وال!!‬
‫رجعت تلك الليلة وكنت حينها ف غرفة الخأ نافع الشمري ‪...‬‬
‫حيث أن مراجعه وكتبه كثية‪...‬‬
‫قرأت ف بعض الراجع مباحث حول هذا الوضوع ولكنها ل ترو الغليل!!‬
‫قرأت ف أبواب النكاح منم كتب الفقه والديث فبالكاد استطعت استخراج فوائد مدودة‬
‫العدد‪....‬دونتها ف دفت عندي ث خرجت للبلكون القابل لنارة السجد ف الهة النوبية منم سكنم‬
‫الطلب وأضأت النور ث جلست أتفكر ف السألة ‪ ..‬وكلما طرأت ل حكمة أو فائدة سارعت‬
‫بتدوينها ورصدها ث قمت بإضافتها للمبحث‪..‬‬
‫مر علي الخأ نافع وممد زينم العابدينم وطلبا من النوم‪..‬‬
‫‪59‬‬
‫قلت سأفعل و سوف أصعد لغرفت للنوم بعد أن أني كتابة بثي‪..‬‬
‫وما زلت أدون واكتب وأتفكر حت أذن علي الصبح ول أن دقيقة واحدة بل ل اشعر بالرغبة ف النوم‬
‫أصل‪ ..‬ولقد جعت ف تلك الليلة ما مموعه أربعون فائدة!!‬
‫حلت ذلك الدفت ونزلت به لصلة الفجر ‪..‬وبعد الصلة لقت الشيخ وسلمته ذلك البحث‪..‬ول‬
‫أذكر له مراجعي أو ما عانيته منم كتابة هذا البحث‪ ..‬أو أي شيء فقط سلمته ورجعت لغرفت‬
‫فاستسلمت لنوم عميق ول احضر درس الصباح!!‬
‫ل أكنم أقدر ما هي نتائج هذا العمل ‪ ..‬بل كل ما كنت أتوقعه أن يصل البحث على تقدير‬
‫معنوي وتوجيه ونقد لا فيه ما سيصقل موهبة البحث عندي وهذا يكفين فخرا‪..‬‬
‫ذهبت لصلة الظهر كما هي العادة وبعد الصلة رافقت الشيخ وصحبته لستفيد أي فائدة خلل‬
‫مسيه‪..‬‬
‫ولكنم حدث مرة أخرى مال يكنم ف السبان ‪...‬‬
‫طلب الشيخ منم الطلب العودة للسكنم وصرف الناس ث أمسك الشيخ بيدي‪..‬‬
‫وقال ‪ :‬منم أينم دونت هذا البحث؟؟ وماهي مراجعك؟؟‬
‫قلت له وأنا مذهول وخائف كأنن أشعر بارتكاب خطأ أو مصيبة‪:‬‬
‫قرأت بعض الباحث البسيطة حول الوضوع ولكنم غالب ما دونته استنتجته واستخرجته بنفسي!!‬
‫قال ‪ :‬هل أنت متأكد ؟؟‬
‫قلت‪ :‬أي وال هذا ما حصل‪!!..‬‬
‫ل أشك لظة أن الشيخ ارتاب منم كلمي ول يأخذه ممل الد‪..‬‬
‫ولكنه ل يرد أن يشعرن بشيء أو يظهر انبهاره ما كتبته رغم حداثة سن وقرب الفتة الت قضيتها‬
‫لديه‪..‬‬
‫اتصل الشيخ بغي علمي على الخأ ممد زينم العابدينم وسأله عن؟؟‬
‫نادان الخأ ممد وحقق معي تقيقا غي مباشر ‪!!..‬‬
‫سألته ما القصة؟؟‬
‫قال ‪ :‬بثك الذي كتبته هذا يقول الشيخ انه فوق مستواك وأنه كلم عميق ونو هذا الكلم‪!!..‬‬
‫يقول ممد ‪ :‬ولقد أخبت الشيخ انك ل تنم تلك الليلة حت صلة الصبح ‪..‬‬
‫ف درس الساء وبعد أذان العشاء وانتهاء الدرس الول‪..‬‬
‫أخرج الشيخ ذلك الدفت وطلب منم أحد طلبه الكبار أن يقرأه عليه علنا لكي ينقح البحث‪ ..‬ويكم‬
‫‪60‬‬
‫عليه منم قبل الميع‪ ..‬ول يب الشيخ الطلب أو القارئ أنه بثي‪..‬‬
‫وكنت جالسا بوار ذلك القارئ ‪..‬‬
‫أذكر ذلك الوقف والقارئ هو الشيخ خالد الزين وهو احد أقدم وأقدر الطلب علما وتصيل‪ ..‬وكان‬
‫ذو جرأة على الشيخ ف إبداء رأيه والشيخ يتمه ويتم رأيه‪...‬‬
‫كان خطي )وما يزال( سيئا للغاية ويصعب علي قراءته أنا فما بالك بغيي‪!!..‬‬
‫كان الخأ يقرأ ويتوقف بسبب عدم وضوح كلمات وخربشات ل يفهمها غيي‪!!..‬‬
‫فكنت اقرب نظري له وأصحح العبارات وأساعده ف تجيها !!‬
‫نظر إل القارئ بتعجب فقال ‪ :‬هل أنت منم كتب هذا البحث ؟ كأنه يقول اصمت فهذا ل يعنيك‬
‫!!‬
‫سكت ول أجب ‪ ..‬ول أذكر هل أخبهم الشيخ بأنن أنا كتبت ذلك البحث ف ذلك الدرس أم‬
‫لحقا!! ولكنهم ف النهاية علموا!!‬
‫أخذ الشيخ ف التعليق على كل فائدة ويصحح العبارات ويقومها ويذف الكرر حت بلغ مموع‬
‫الفروق البينة بل تكرار ول تناقض خسة وعشرون فائدة‪!!..‬‬
‫ل أستطع تذكر ما حصل ف ذلك الدرس ولكنم الذي أعرفه أن شيخنا رحه ال كلما أراد أن يثن‬
‫علي أمام احد يقول ‪ :‬فلن الشمري !! كتب بثا متازا ويذكره بذاته منم مناقب!!‬
‫حينما أطلع على ذلك البحث )وهو عندي( الن ل أشك أن مستواه العلمي بالنظر الثاقبة هو‬
‫متواضع ف ترتيبه وأسلوبه غي أنك حينما تنظر إليه منم ناحية عدد الفوائد وصحتها بصرف النظر عنم‬
‫السلوب وما فيه منم خلل والكم عليه كمنهجية دقيقة منم هذه الناحية ل شك أن ذلك يعتب وف‬
‫سن ذلك إنازا ‪..‬‬
‫انظروا للطفل الصغي حينما ترونه يفعل شيئا ميزا كأن يلفظ عبارة جديدة لول مرة أو يقوم بركة ل‬
‫يعتد الوالدان على رؤيتها سوف يرون ذلك منه شيئا عجيبا ‪ ..‬وذلك بالنظر لستواه العقلي والسنم ونو‬
‫ذلك منم مقاييس ‪..‬‬
‫أما لو حدث منم غيه منم يكبه بعدة سنوات مثل فهو غي مستغرب بتاتا والفكرة واضحة إن شاء‬
‫ال‪..‬‬
‫ل يهم الن بالنسبة لك أخي الكري أخت الكرية الكم على ما فعلته هل هو إناز أم غي إناز‬
‫الهم لكم الن هو معرفة ما حصل بعد ذلك منم طوام ودواهي سأحكيها ف اللقات القادمة بإذن‬
‫ال تعال يتبع إن شاء ال‪..‬‬
‫‪61‬‬
‫الحلقة الثامنة عشر‬

‫منم خلل جلوسي الدائم أمام الشيخ وبوار قدماء الطلبة‬


‫ل بد أن يؤدي ذلك برغبة أو بغي رغبة إل نشوء علقة ما!!‬
‫لنم أتوسع ف هذا المر وهو غي مهم أبدا لكم غي أن هناك حالة ل بد منم ذكرها‪..‬‬
‫ف حلقة مضت ذكرت ذلك الشاب الذي خرج منم غرفة ماورة لوقع الدرس‪..‬‬
‫كان ذلك الشاب منم كبار طلبة الشيخ وأفقههم بل ومنم أقرب الناس لشيخنا‪..‬‬
‫ل ينافسه على ذلك أحد ‪ ،‬ول يكنم يفى علي ول على سواي ذلك ‪..‬‬
‫بل أن للقرابة العائلية بينه وبي الشيخ زادت المر رسوخا وبيانا‪..‬‬
‫تعرفت على الرجل وكانت علقتنا ل بأس با ‪..‬‬
‫كنت أتصافح معه قبل الدروس ويزداد التعارف بيننا يوما فيوما!!‬
‫ذكرت ف اللقة الاضية أن الشيخ أعجب ببحثي الذي كتبته‪..‬‬
‫ورأى أن ذلك علمة نبوغ من على صغر سن ولكنه حت ذلك الي ل يبد الشيخ‬
‫نوي شيئا‪..‬‬
‫وذات مرة تغيبت ف سفرة لدينة حائل لزيارة الخأ سعود وغبت ثلثة أيام‪..‬‬
‫ل يفتقدن أحد كما كنت أظنم ول أكنم أعلم قواني السكنم حينها وضرورة أخذ الذن‬
‫منم الشرف‪...‬‬
‫ولقد اشتقت لرؤية سعود بعد أن انقطعت عنه حوال الشهر وزيادة فرغبت بلقائه‪..‬‬
‫زرته ف حائل ومنها نزلت للرياض بالطائرة ث للشرقية ث عدت منها للقصيم‪..‬‬
‫كانت رحلة استجمام وترويح بعد عناء وانشغال بالطلب ‪..‬‬
‫حينما عدت لعنيزة كانت المور على مايرام فيما أظنم !!‬
‫أذكر أنن بعد صلة عشاء ذلك اليوم وقد وصلت للجامع قبل الصلة بقليل‪..‬‬
‫رافقت الشد الذي يسي مع الشيخ لبيته ‪..‬‬
‫ول يكنم ذلك الشد كبيا ‪..‬‬
‫بعد انتهاء الناس تقدمت للشيخ فقبلت رأسه ‪..‬‬

‫‪62‬‬
‫قال ل‪ :‬أينم كنت ؟؟ ل حظت أنك تغيبت عنم الدروس عدة أيام!!‬
‫لقد كانت لفتة أبوية وحانية افتقدها وال ف تلك اليام‪..‬‬
‫ما أجل أن يشعرك أحد بالهتمام بك والطمئنان عليك خاصة لو كنت ف ضائقة وكربه‪..‬‬
‫أما أن تأت تلك اللفتة منم شيخنا فوا ل إن ذلك لشرف ل وأي شرف ‪..‬‬
‫قلت له‪ :‬لقد سافرت لائل لزيارة أقربائي ‪!!..‬‬
‫قال ل‪ :‬ووالديك ؟‬
‫شدهت وارتفع حاجباي وعجزت عنم الجابة ولكنم تداركت المر سريعا وقلت‪:‬‬
‫طبعا والداي نعم!!‬
‫دار بيننا الوار التال‪:‬‬
‫أينم يعمل والدك ؟‬
‫قلت له ‪:‬والدي رجل أعمال!!‬
‫ث استأنفت كلمي ‪ ..‬بدون حساب للعواقب ‪..‬‬
‫ولكنم والدي بين وبينه خلف !!‬
‫قال ‪ :‬كيف؟‬
‫قلت ‪ :‬ل يب والدي أن اطلب العلم بل يريدن أن اهتم بدراست النظامية فقط‪!!..‬‬
‫وأخذت ف فبكة كلم على الوالد ما ل يصلح الديث عنه هنا وال يعفو عن فيما‬
‫قلت!!‬
‫قال ل ‪ :‬وأينم يقيم والدك ؟‬
‫قلت له ‪ :‬ف الطائف !!‬
‫قال ‪ :‬ال تقل انك ذهبت لرؤية والديك ف حائل؟؟‬
‫سكت ول اجبه فعرف الشيخ أن ف المر شيئا ولكنه ل يبال حينها!!‬
‫ختم حواره بذه الملة ‪ :‬ل أسح لك مرة أخرى بالسفر حت تأخذ أذنا من فأنا ف مقام والدك !!‬
‫ما أجل وقع تلك الكلمات على نفسي هي وال ف نفسي ذلك اليوم ‪..‬‬
‫كماء بارد شربته بعد عطش شديد ف صحراء قاحلة وساخنة‪..‬‬
‫لقد بثت تلك الكلمات ف نفسي روحا جديدة وهأة ل يقاومها أي كساد أو تلف ‪..‬‬
‫رحة ال عليه واسكنه فسيح جناته وجعل ذلك ف ميزان حسناته‪..‬‬
‫رجعت لغرفت فحكيت لبندر ما حصل بين وبي الشيخ منم حوار‪..‬‬
‫‪63‬‬
‫ل يصدق بندر أن يكون هذا التصرف منم الشيخ بذا الشكل !!‬
‫فمنم أنت حت تصل على هذه اليزة وهذا الهتمام؟؟‬
‫‪ ..‬ولكنم وال هذا ما حصل‪..‬‬
‫أخذت قلمي وفتحت دفتي وأردت أن اعب عنم سعادت باطرة أو شعر أو أي شيء!!‬
‫كتبت رسالة للشيخ ‪ ..‬قلت له فيها ‪..‬‬
‫أشكرك منم أعماق قلب فوا ل لقد كشانت عبارتشك تلشك كالشاء الششذي يششروي نبتشة أوششكت علشى الششذبول‬
‫والفناء‪..‬‬
‫كششانت عبارات ششا ركيك ششة ومعانيه ششا عميق ششة س ششطرتا بعب ششارات ام ششتزجت بالش ششقاء والع ششذاب والششوف والض ششياع‬
‫واليأس ‪..‬وسلمتها للشيخ بعد صلة الفجر ‪..‬‬
‫لقد وقعت تلك الكلمات ف نفس شيخنا موقعا عظيما فدعان بعد درس الساء للسي معه‪..‬‬
‫قال ل ‪ :‬لقد تأثرت بكلمك وأرجو منك أن تثق ف وتعلن ف مقام أبيك ‪..‬‬
‫وأريد منك أن تستمر ف الطلب والتحصيل وأرجو منم ال تعال أن ينفع بك السلم والسلمي‪...‬‬
‫أكدت له مرة أخرى عنم مشاكلي مع والدي وأنه ل يريدن أن اطلب العلم ‪..‬‬
‫كنت أريد أن افتح موضوعي كله مع الشيخ وليتن فعلت!!‬
‫ولكنن جبنت واستحييت أن احكي للشيخ كل شيء‪ ..‬خوفا منم عواقب كلمي!!‬
‫لقد كانت فرصة سانة ولكنم ال تعال كان يريد ل شيئا آخر ‪!!..‬‬
‫ذات ليلة دعا مشرف السكنم الخأ ممد زينم العابدينم الطلب للجتماع مع الشيخ بعد صششلة العشششاء‬
‫ف سطوح السكنم ‪...‬‬
‫أجتمع طلب السكنم وجاء الشيخ وجلس على مقعد قدي ل يكاد يستوي عليه لتهالكه!!‬
‫استمع الشيخ لشاكل الطلب وما يعانونه منم صعوبات مادية نو غلء الكتب‪..‬‬
‫وأششرطة التسششجيل ‪ ،‬وتششدثوا مشع الششيخ حششول ترميششم السشكنم ورفششع قيمشة الكافشآت وتوسششيع الكتبشة وزيششادة‬
‫الراجع ونو ذلك غي انه حصل ف تلك اللسة موقف أحرجن للغاية!!‬
‫كتبت سؤال للشيخ باسي وبلقب الزيف !!‬
‫قال الشيخ‪ :‬أنت مرة تقول انك كذا ومرة تقول إنك شري وش الصحيح؟؟‬
‫وقعت ف حرج شديد ول استطع التعليق ولكنم شيخنا تاوز ذلك وغي الوضوع!!‬
‫كيف عرف الشيخ بلقب القيقي؟؟‬
‫منم نظام السكنم ل بد أن يكون لك ملف لدى الشرف ومنم متطلبات فتح اللف ‪..‬‬
‫‪64‬‬
‫إحضار صورة الوية !!‬
‫وضعت صورة الوية ف ملفي وسلمتها مع السية الذاتية للمشرف‪..‬‬
‫نظر ف وجهي الشرف وقال ل‪ :‬مكتوب هنا أنت منم القبيلة الفلنية؟؟‬
‫وأنت شري ؟؟‬
‫كنت قد زورت ف نفسي كلما لبرر هذا الال فقلته فقبله ف الظاهر غي انه نقله‬
‫للشيخ بالتأكيد!!‬
‫لقد كنت بليدا فلو أنن قلت القيقة وشرحتها لكان خيا منم الزي الذي كنت فيه‪..‬‬
‫ولنجوت منم الفضيحة الت سأقدم عليها!!‬
‫كان الشيخ ف ذلك اللقاء يرسخ ف أذهان طلبته انه فعل والد للجميع ‪..‬‬
‫فكل الطلبة بل استثناء هم فقراء ومعوزون وفيهم السعودي وغي السعودي‪..‬‬
‫ولكنهم ف نظر شيخنا سواء جزاه ال عنا خي الزاء‪..‬‬
‫ف ذلك اللقاء سأل أحد الطلبة الشيخ عنم حضور دروس الشيخ سلمان العودة ف بريدة!!‬
‫قال الشيخ ‪ :‬سلمان هو احد العلماء لكنن أنصحكم بالتقيد بضور دروس عال واحد‬
‫فإذا شعرت أنكم اكتفيتم ما لديه فل بأس بالنتقال لعال آخر ‪..‬‬
‫رجعت برفقة الشيخ لبيته وحينما اقتبنا منم البيت بقيت معه أنا والخأ ممد زينم العابدينم ‪..‬‬
‫أطال الخأ ممد الديث مع الشيخ حت تعب !!‬
‫ث ابتعد قليل واقتبت أنا منم الشيخ فجلس على درج ملحق بيته وبقيت واقفا!!‬
‫فأردت أن أجلس مقابله على الرض لكمل أسئلت ‪ ..‬فقال ل الشيخ‪..‬‬
‫أجلس بواري ؟؟‬
‫جلست بواره فأكملت أسئلت ث انصرفت ‪...‬‬

‫الحلقة التاسعة عشر‬

‫أنا أكتب هذه الروايات والقصص ف الضر والسفر‪..‬‬


‫فمرة تدن مع حاسوب المول جالسا على طاولة طعام وأمامي كوب الشاي البارد!!‬
‫والناس حول ينظرون ولعل أحدهم يقول ‪ :‬إيه ‪!!!...‬‬
‫هذا ل بد أنه يعد خطة لعملية إرهابية؟؟؟‬

‫‪65‬‬
‫أو تدن على مكتب حول معاملت ومستندات تتاج لتدقيق ومراجعة فأترك كل‬
‫ذلك‪ ..‬وانكب على جهازي أسطر لكم الفيد والغث!!!‬
‫أو تدن ف ساعة سحر والناس حول يشخرون وأنا منهمك ف إضافة عبارة أو مراجعة‬
‫قاموس أو سرقة نص!!‬
‫مالذي يكتبه مطوع ف هذا الزمان ؟؟‬
‫تساؤلت هل هي مشروعة؟؟‬
‫هذه للسف صورة سيئة كادت أن ترسخ ف رؤوس الهال منم العوام على كل منم سيماه‬
‫الي والستقامة‪ ...‬قاتل ال العلم الفاسد والسياسة اللعونة!!!‬
‫دعونا نرجع لروايتنا ‪..‬‬
‫لقد كان لحتكاكي بل وماولة الستفادة القصوى منم علم الشيخ سبب ذلك شيئا منم‬
‫الودة والقرب منه!!‬
‫العال إخوت الكرام يب الد ومنم يسنم الصغاء والستماع إليه ‪..‬‬

‫ل أكنم أسعى لذلك أو أريده فلذلك ضريبة ليست بالينة ‪ !! ..‬لنم يفهم ما أعنيه!!‬
‫ولكنم العلقة زادت وتطورت منم مرد طالب متهد إل طالب ميز ومبوب نوعا‬
‫ما!!‬
‫ويعلم ال سبحانه وتعال أنن كنت ساذجا بيث أنن ل اشعر بذلك ول أميز ‪..‬‬
‫أول موقف أذكر ه ف ميلت الن أنن ف ذات ليلة وبعد درس الساء ‪..‬‬
‫كنت برفقة الشيخ كالعادة حت وصل البيت ‪ ..‬وكان الخأ ممد زينم العابدينم‬
‫مشرف السكنم يتعمد أن يلحق الشيخ بسيارته حت النزل ليعرض عليه ما لديه‬
‫ما استجد منم نواقص أو معاملت أو طلب مال للسكنم أو نو ذلك ‪..‬‬
‫كان منم عادة الشيخ أن يرجع الطلب حينما يصل لبيته أو قريبا منه ‪..‬‬
‫أما أنا فبقيت أتناقش معه ف بعض السائل العلمية حت وصل لباب البيت‪..‬‬
‫فتح الشيخ باب منزله وكان مظلما منم الارج ول تسمع فيه حركة أو لة ‪..‬‬
‫قال الشيخ لمد وكان قريبا من ‪ :‬تعش معي أنت وفلن) يقصدن أنا(‪!!..‬‬
‫العائلة ليست موجودة وأنا لوحدي ف البيت!!‬
‫تبادلت أنا وممد النظرات استغرابا منم هذا العرض الغري!!‬
‫‪66‬‬
‫قبلت أنا وممد تلك الدعوة بكل سرور وبل تردد!!‬
‫قال لنا ‪ :‬انتظرا حت افتح لكم باب اللحق‪..‬‬
‫وهو عبارة عنم غرفة مستقلة بطرف النزل ف شاله الغرب‪..‬‬
‫فتح الشيخ باب اللحق فدلفنا للبيت ‪..‬‬
‫نزع الشيخ عباءته وعلقها على يده ث قال ‪ :‬سأتسننم وأحضر لكما العشاء !!‬
‫ث خرج منم الباب الفاصل بي اللحق والبيت والذي يدخل مباشرة للفناء ‪..‬‬
‫ف ذلك اللحق كعادة البيوت ف ند ‪ ،‬حيث يزج بي الطراز القدي و ثوب‬
‫الداثة‪!!..‬‬
‫تتوي الغرفة ف صدرها على مشب للنار خلفه مزن مكشوف للحطب ‪..‬‬
‫وعلى يساره بنيت رفوف رصت عليها دلل القهوة العربية وأباريق الشاي‪..‬‬
‫وتته توجد مغسلة لغسل الفناجيل وإعداد القهوة والشاي للضيوف‪..‬‬
‫الغرفة مفروشة بفرش جيل لونه ازرق ‪..‬‬
‫سألت الخأ ممد ‪ ..‬لقد كنت أظنم قبل حضوري لعنيزة أن الشيخ يقيم ف بيت طين؟؟‬
‫قال ‪ :‬لقد انتقل الشيخ لذا النزل عام ‪ 1409‬ول يكنم راغبا ترك بيته الطين!!‬
‫ولكنم أبناءه أصروا عليه أن يبن بيتا حديثا ففعل‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬وأينم يقع ذلك البيت ‪ ..‬؟؟‬
‫قال ‪:‬سأريك إياه بعد أن ننتهي منم العشاء ‪..‬‬
‫بعد قليل ‪ ..‬فتح الباب الفاصل ‪ ..‬فبزت صينية كبية قد أحاط الشيخ عليها بذراعيه‬
‫وتوشك أن تقع ‪ ..‬فقمت فحملتها منم يده ‪ ..‬وقلت له ‪ :‬هل ترغب أن أساعدك؟‬
‫قال ل ‪ :‬تعال ‪!!...‬‬
‫لقته حافيا فدخل منم باب كبي فانتظرته ظنا أنه سيقدم هو الطعام فأحله للملحق ‪..‬‬
‫فخرج علي الشيخ وقال ‪ :‬ل يوجد أحد تعال ادخل‪..‬‬
‫دخلت البيت وكان نور الصالة خافتا ‪ ..‬حت وصلنا الطبخ على يي الداخل ‪ ..‬انشغلت‬
‫بالنظر والفضول ‪..‬‬
‫فأشار الشيخ ل أن تعال واحل الطعام!!‬
‫حلت الافظات والصوان الصغية فوضعتها على سفرة الطعام‪..‬‬
‫كانت تلك أول مرة آكل فيها منم طعام بيت الشيخ ‪..‬‬
‫‪67‬‬
‫كان الطعام خفيفا وسهل الضم ولو شئت لذكرته!!‬
‫بعدها ساعدت الشيخ ف حل الواعي والسفرة ‪..‬‬
‫سألت الشيخ وننم بفردنا ف الطبخ ‪ :‬أينم تقع مكتبتكم؟‬
‫أمسك بيدي وقادن للجهة الشرقية منم النزل ومررنا بسيب ضيق‬
‫ويقع عنم يينه علقات وضع عليها عباءات الشيخ وعنم اليسار درج يقود للقبو‪.‬‬
‫أخرج الشيخ منم جيبه الذي على صدره شبكا علقت عليه مفاتيح كثية‪..‬‬
‫ث أدخل أحد الفاتيح ف الباب الغلق الذي أمامنا ‪..‬‬
‫فدلف للغرفة وأضاء الصباح ‪..‬‬
‫أي حظ هذا وأي شرف ل أن أدخل بيت شيخنا بل وأدخل مكتبته ‪..‬‬
‫لقد مر على قدومي لعنيزة منذ ذلك التاريخ وحت تلك الليلة حوال الشهرينم وزيادة‪..‬‬
‫سأصف مكتبة الشيخ منم الداخل ف اللقة القادمة إن شاء ال ‪..‬‬

‫الحلقة العشرون‪..‬‬

‫مكتبة الشيخ عامرة وأغلبها نسخ قدية الطبع‪...‬‬


‫مساحتها حوال ستة أمتار ف أربعة ‪..‬‬
‫والرفوف ملصقة بميع جدران الغرفة ‪...‬‬
‫يلس الشيخ بوار نافذة قريبة منم الرض ‪..‬‬
‫ويستقبل النافذة ف الواجهة النوبية منم الغرفة وأمامه تلفونان ‪..‬‬
‫أحدهأا للفتاوى الشرعية والخر تلفون البيت الاص‪..‬‬
‫وليست هناك مقاعد للجلوس أو طاولة للكتابة‪ ..‬بل يلس الشيخ على الرض فوق‬
‫سجادة صلة ‪ ..‬ويكتب على لوح تعلق عليه الوراق ‪..‬‬
‫يراجع الشيخ ف مكتبته الكتب أو ييب على الفتاوى ‪ ..‬أو ينظم العاملت أ ويقرأ‬
‫الرسائل‪..‬‬
‫بصوص الرسائل ف تلك الليلة الت دخلت فيها للمكتبة ‪..‬‬
‫شاهدت بوسط الغرفة كومة ضخمة منم الرسائل والوراق البعثرة ‪!!..‬‬
‫قال الشيخ وهو يشي لا بأسى‪ :‬هذه رسائل السبوعي الخية ول أستطع قراءتا ؟؟‬

‫‪68‬‬
‫تأت للشيخ رسائل منم كل بلد الدنيا ‪..‬‬
‫أذكر مرة طلب الشيخ ممد من ومنم الشيخ فهد السليمان جامع فتاويه ‪..‬‬
‫أن نرد رسائل الناس ونرتبها ونبوبا ففتحنا الظروف ‪..‬‬
‫فوجدنا رسائل منم البلد العربية ومنم أوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا ومنم كل بلد الدنيا ‪..‬‬
‫ورسائل فيها شيكات تبعات ورسائل فيها طلب مؤلفات واستفتاءات‪..‬‬
‫ورسائل منم مراكز إسلمية ‪..‬‬
‫سعت الشيخ يقول مرة ‪ :‬أكثر الرسائل الت تأتين هي منم الزائر ‪!!..‬‬
‫ولذلك ل عجب إذا رأيت كثيا منم الطلبة الزائريي ف حلقة الشيخ‪..‬‬
‫رأيت رسائل منم علماء مشهورينم يستشيون الشيخ ف بعض السائل والنوازل ‪.‬‬
‫ومنهم وبكثرة الشيخ العلمة بكر أبو زيد ‪ ..‬ومنم رأيته كثيا يرص على الستفادة‬
‫منم علم الشيخ سواء بالستفتاء أو بسماع دروسه على أشرطة الكاسيت ساحة الشيخ‬
‫عبد العزيز آل الشيخ مفت الملكة الال‪..‬‬
‫وليست مكتبة الشيخ هي ما رأيته تلك الليلة فقط ‪..‬‬
‫بل إن لديه ف القبو مكتبة أخرى تتوي على الراجع الت تقل مراجعتها ‪..‬‬
‫و يوجد با عدد منم الخطوطات ‪..‬‬
‫ومنها مطوطة تفسي الشيخ عبد الرحنم الناصر السعدي العال الشهور ‪..‬‬
‫السمى بتفسي الكري النان ‪...‬‬
‫وهذا التفسي قد كتبه الشيخ بط ل يكاد يقرأ على دفت الستاذ‬
‫والذي يسمى دفت حسابات )مسك الدفاتر(!!‬
‫يلس الشيخ ف اغلب أوقاته بالكتبة وغالبا ل يقيل إل فيها ‪..‬‬
‫وله ف زاويتاها الشمالية فراش صغي وبطانية قدية يتوسدها ويقيل هناك حت أذان‬
‫العصر‪..‬‬
‫ف تلك الليلة عدت أنا والخأ ممد وف الطريق مررنا بنزل الشيخ القدي‪..‬‬
‫وسأتكلم إن شاء ال عنم هذا النزل لحقا حينما أحكي عنم زيارة المي‬
‫مدوح بنم عبد العزيز لعنيزة‪..‬‬
‫أرجو أن ل يكون اللل قد دخلكم بتفاصيل قد ل يريدها البعض‪..‬‬
‫ولكنم أرجو أن يأت زمان يأت فيه منم يتاج لثل هذه العلومات‪..‬‬
‫‪69‬‬
‫نرجع لاري ف درس الشيخ ‪..‬‬
‫كان ذلك الطالب الد يظهر ل الحتام والتقدير ‪..‬‬
‫كنت أرى ذلك )عنم حسنم نية ( نبل منه وطيبة ‪..‬‬
‫فكسبن ذلك الشخص وصرت أخرج معه أحيانا بعد الدرس لبيته أو‬
‫للمكتبة ونو ذلك ‪..‬‬
‫أذكر مرة أن الشيخ قال ل ‪ :‬انتبه يافلن منم الناس ل تدثهم بأمورك الاصة ‪..‬‬
‫ترى الطلبة يسدون بعض !! ونقل ل أثرا عنم ابنم عباس أنه قال ‪ :‬يتحاسد طلبة‬
‫العلم ف آخر الزمان كما تتحاسد التيوس ف زروبا!!‪ ..‬ونو ذلك الكلم‪..‬‬

‫والظاهر أن صاحبنا بسبب قربه منم الشيخ ‪..‬‬


‫شعر أنن سأضايقه ف قرب وكثرة لقاءات مع الشيخ ‪..‬‬
‫حينها ل أكنم أعرف السد ول أمارسه وال ف حيات ‪..‬‬
‫كنت أتدث مع ذلك الشاب ف بعض أموري الاصة وف اليوم التال يستفسر من‬
‫الشيخ‪..‬‬
‫حول ما قيل عنم كذا وكذا !!‬
‫كأنه يلمح لا قلته لذلك الشاب‪..‬؟؟؟‬
‫غي أنن حينما أقارن ما أشاهده منه منم ساحة نفس معي وحسنم معشر‪..‬‬
‫أستبعد أن يكون هو منم نقل هذا الكلم للشيخ ويا لغبائي!!‬
‫كتبت مرة رسالة للشيخ قلت له فيها با معناه‪..‬‬
‫أنن أرغب ف أن أستفيد منم علمكم ف حلكم ف عنيزة وف سفركم خارجها!!‬
‫حيث يشرفن أن أكون خادما لكم كما كان أنس وابنم مسعود يدمان رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪..‬‬
‫حينما قرأ الرسالة الشيخ فرح با وسر خاصة انه رأى من الرص على ذلك‪..‬‬
‫حدثت ذلك الشاب بذه الرسالة ‪..‬‬
‫فما كان منه إل أن حذرن منم ذلك وقال ‪ :‬ل أنصحك وهذا سوف يغي عليك‬
‫قلوب الطلبة الخرينم وسوف يقولون ‪ :‬هذا الولد له عند الشيخ ثلثة شهور ‪..‬‬
‫والن يريد أن يكون رفيقه ف سفره‪..‬؟؟ ل ‪ ،‬انتبه وأنا أخوك ل تفعل ‪...‬‬
‫‪70‬‬
‫أخذ صاحبنا يهول ل المور حت عزمت على ترك ذلك العمل التهور!!!‬
‫وجاء يوم سعت الشيخ يذكر أنه سيسافر للرياض ‪..‬‬
‫فوقع ف نفسي أن أطلب منه أن أرافقه ولكنم ما حذرن منه صاحب جعلن أتردد !!‬

‫الحلقة الواحدة والعشرون‬

‫كنت يوما أسي مع الشيخ بعد صلة العصر ‪..‬‬


‫فجاءه رجل ذو هيئة ومعه مرافق له ‪..‬‬
‫عرف نفسه للشيخ بأنه المي فلن ‪....‬‬
‫دعاه الشيخ للتفضل ف بيته للقهوة والتعارف ‪ ..‬فرحب بذلك الرجل والظاهر أن هذا هو‬
‫غايته منم الزيارة ‪...‬‬
‫قال ل الشيخ‪ :‬تفضل معنا ‪...‬‬
‫فدخلت مع الضيف منم باب اللحق ‪..‬‬
‫بعد دقائق أحضر الشيخ القهوة والتمر وإبريق الشاي معه‪...‬‬
‫فحملتها منم يديه فكنت خادم القوم ف تلك اللسة ‪..‬‬
‫ويعلم ال قدر شعوري بالفخر والشرف أن أخدم شيخنا وضيوفه‪..‬‬
‫بعد انتهاء اللسة وانصراف الضيوف ‪..‬‬
‫عرضت على الشيخ أن أرافقه لسفرته ف الرياض ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬وما غرضك منم ذلك ؟؟‬
‫فكررت له ما قلت له ف الرسالة ‪....‬‬
‫فقال ‪ :‬أهل بك وسهل ولكنم سفري ذلك جزء منه زيارة عائلية وسوف أرى‪..‬‬
‫ث فاتن الشيخ بوضوع آخر ‪...‬‬
‫هو موضوع الدراسة النظامية ‪ ..‬قال ل‪:‬‬
‫لا ل تكمل دراستك؟‬
‫فقلت له ل مانع عندي ولكنم كيف؟؟‬
‫ملفي الدراسي ليس لدي !!‬
‫كنت أترب منم الوضوع حت ل تكتشف هويت القيقية!!‬

‫‪71‬‬
‫قال الشيخ‪ :‬دع المر ل وسوف أسجلك ف العهد العلمي‪...‬‬
‫قبلت وأظهرت الفرح والغتباط وأنا ف داخلي أغلي كالرجل منم الوف!!‬
‫قلت له ياشيخنا ‪...‬‬
‫هل أنا ف حلم ؟؟ أم ف علم ؟؟‬
‫أن أكون الن معك ف بيتك مع الشيخ ابنم عثيمي؟؟‬
‫ابتسم ودعا ل وقال ‪ :‬ذلك فضل ال يؤتيه منم يشاء ‪...‬‬
‫التقيت بصاحب ‪ ..‬وجاري ‪ ..‬بعد ذلك فحدثته با كان ‪...‬‬
‫وكان السفر بعد يومي ‪...‬‬
‫كان ذلك بثابة حراب أغرسها ف قلبه دون أن أشعر أو أقصد ذلك وال‪..‬‬
‫دهشت ورب منم حرصه على تثبيطي وتذكيي بالعواقب ‪..‬‬
‫ولكنم حت تلك الساعة ل ينكشف ل ما يدبره ‪...‬‬
‫شجعن بندر على الذهاب ‪...‬وقال ل تتدد ‪..‬‬
‫ذات يوم بعد صلة العصر ألتفت إل شاب أعرفه جيدا وهو منم أصحاب جاري ذاك!!‬
‫وسألن أسئلة مباشرة فيها وقاحة وصلف ‪...‬‬
‫قال ‪ :‬ايش اسك؟؟‬
‫قلت فلن ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬قلي اسك كامل ‪ ..‬؟؟‬
‫قلت ‪ :‬فلن بنم فلن ‪ ..‬ذكرت اسم الب فقط‪!!..‬‬
‫قال‪ :‬وما لقب العائلة؟؟‬
‫عرفت خللا أنه مرسل لتخويفي منم شيء ما!!‬
‫ول أحب هذا الشخص مطلقا ‪ ،‬فهو رجل سيء اللق حقود ‪..‬‬
‫بعد يومي استعديت للسفر وحزمت حقيبت ‪..‬‬
‫وطلبت منم جاري ذاك أن يوصلن هو إل بيت الشيخ ‪...‬؟؟؟‬
‫بل واقتضت منه مبلغا منم الال لصاريفي!!‬
‫كنت كمنم يطلب الاء منم بياع الزيت!!‬
‫ولقد جاء فعل ف اليوم التال ‪،‬ل ليوصلن بل ليعطين رسالة واضحة مفادها ‪..‬‬
‫لقد حذرتك وأنذرتك ولكنك ل تسمع كلمي وسوف تندم‪!!..‬‬
‫‪72‬‬
‫لقد كانت نظراته والت أتيلها الن أمام عين تقذف بالشرر الستطي !!‬
‫ث انطلق بسيارته مغضبا بعد أن رد باب سيارته ف وجهي !!‬
‫لش اقششدر الوقششف حششق قششدره ‪..‬ول ش أكششنم أحسششب المششور بثششل حسششاباته ول ش تكششنم ل ش معرفششة بطبششائع البشششر‬
‫اليوانية نعوذ بال منم ذلك‪..‬‬
‫أطلقت جرس باب منزل الشيخ فخرج أحد أبناء الشيخ ‪..‬‬
‫وهو يمل حقيبتي ووضعها ف مؤخرة السيارة‪..‬‬
‫وكانت تظهر على وجهه علمات الغضب وعدم التحيب ب !!‬
‫ول يسلم علي أو يبن أينم الشيخ أو ماذا سنفعل !!‬
‫أي حال أنا فيه !!‬
‫انتظرت ف الارج حوال النصف ساعة حت خرج الشيخ فقال ‪:‬‬
‫أينم كنت ؟؟‬
‫أنا أنتظرك؟؟؟‬
‫ل أخبه با حصل ‪ ..‬بل سكت وصافحت أبناءه الخرينم ‪..‬‬
‫يقولون العيون شواهد تكشف ما ف القلوب ‪..‬‬
‫منذ أول مرة رأيت فيه أبناء الشيخ عرفت أنن لديهم غي مرضي عن بل أنا مغضوب علي‪..‬‬
‫وإنن أقسم وأجزم أن ذلك كله منم فعل صاحب الذي ظننته صديقا ل!!‬
‫فهو أحد أقربائهم والرجل منذ سشنوات عديشدة قريشب منهشم ومشنم الششيخ ‪ ..‬وقشد كسشب ثقتهشم فل ششك‬
‫أنه ذو مصداقية ف خبه عن !!‬
‫ولقد حاولت مرارا وتكشرارا أن اثبشت لششم أننش شششخص متلششف عمششا صششوره الرجششل عنش ولكششنم بشدون فائشدة‬
‫‪ ..‬فالناس للسف حكمهم ف الغالب يتسخ ويتجذر منذ الصدمة الول!!‬
‫خاصة أن الوقائع الت حصلت قد زادت المر تعقيدا ‪ ..‬والمد ل‪..‬‬
‫ولكنم ال سبحانه وتعال عوضن كثيا بشيخنا وليغضب كل الناس عن!!‬
‫إذا كان حبك ل صادق فكل الذي فوق التاب تراب‪..‬‬
‫توجهنا للمطار برفقة سائق الشيخ‪..‬‬
‫وهي سيارة كابر يس موديل تسعة وسبعي!!‬
‫لونا بن مطط بلون البيج !!‬
‫يقول السائق ل ‪ :‬أنا أسوق الشيخ منذ خسة عشر عاما بذه السيارة‪..‬‬
‫‪73‬‬
‫ولقد باءت كل ماولت وماولت إدارة جامعة المام لتغيي السيارة ‪..‬‬
‫حيث أن الشيخ يراها سيارة متازة ول يهم شكلها أو موديلها الهم أن توصله‬

‫الحلقة الثانية والعشرون‬

‫على ذكر سيارة الشيخ ‪...‬‬


‫التابعة لامعة المام ‪ ...‬أذكر مرة أنن رافقت الشيخ منم الامعة وحت بيته‪..‬‬
‫وحي وصلنا للمنزل أمرن الشيخ بالنزول منم السيارة ‪!!..‬‬
‫فقلت له ‪ :‬خل فلن يوصلن للسكنم لو سحت بذلك ؟؟‬
‫فقال ‪ :‬ل؟؟‬
‫أنزل هنا وامش على قدميك!!‬
‫خرجت منم السيارة فلما رأى أثر كلمه علي قال ل‪:‬‬
‫هذه السيارة يابن أعطيت ل لستعمالا ف عملي وشغلي‪...‬‬
‫ول يوز ل شرعا أن أسح لحد آخر باستعمالا سوى بإذن منم الامعة!!!‬
‫ول حت لبنائي وأهلي !!‬
‫أذكر منم ورع الشيخ الشيء الكثي ولقد ذكر ل احد كبار طلبة ساحة الشيخ العلمة‬
‫عبد العزيز بنم باز رحه ال أنه حينما ذكر له بعض مواقف الشيخ ابنم عثيمي‬
‫ف الورع تعجب منم ذلك وقال ‪ :‬منم يقدر على هذا؟؟؟‬
‫وهو منم هو ف ورعه وزهده رحهما ال وعفا عنهما فهما وال نادران ف زمانما‬
‫نسبهم كذلك وال عز وجل حسيبنا وحسيبهم‪..‬‬
‫وصلنا ذلك اليوم لطار القصيم القليمي ‪..‬‬
‫حلت القائب ودخلنا سويا لصالة السافرينم ‪..‬‬
‫لح الشباب العامل ف الطار منم موظفي وعسكر الشيخ فجاء بعضهم للسلم على الشيخ‬
‫وهم مبتهجون بذلك !!‬
‫أما أنا فقد كنت ف شبه السكرة منم الفرح ‪..‬‬
‫يا ال أينم كنت وأينم أنا الن ‪...‬؟؟‬
‫المد ل الذي بنعمته تتم الصالات ‪..‬‬

‫‪74‬‬
‫ل يكنم هناك أي تأخي فقد وصلنا وقت نداء ركوب السافرينم للطائرة ‪..‬‬
‫بعد تاوزنا لعاملت السفر جاء مدير الطار للسلم على الشيخ ‪..‬‬
‫وأدخله ف مكتب الضابط الناوب ‪..‬‬
‫وقدموا لنا الشاي ‪..‬‬
‫وحينما استكمل ركوب السافرينم توجهنا للطائرة أنا وشيخنا‪..‬‬
‫كان مقعد الشيخ على الدرجة الول وذلك على حساب جامعة المام الت‬
‫ستستضيف الشيخ لاضرة للمبتعثي منم طلبا خارج الملكة ‪..‬‬
‫وعادة الشيخ إن سافر على حسابه الشخصي أن يركب الدرجة السياحية ‪..‬‬
‫لكنم ف عدة مواقف شاهدتا يرفض ربان الطائرة حينما يعلم بوجود الشيخ ‪..‬‬
‫إل أن ينقل ف الدرجة الول ‪ ..‬إكراما للشيخ وحبا واحتاما له‪..‬‬
‫ف تلك الرحلة كنت أنا بطبيعة الال ف الدرجة السياحية أو ما يسمى الضيافة‪..‬‬
‫ولكنم بعد إقلع الطائرة ‪ ،‬جاءن الشيخ بنفسه وقد استأذن ل أن أكون برفقته‪..‬‬
‫فكنت بواره ف الدرجة الول‪...‬‬
‫لكم أيها الخوة والخوات أن تدركوا تلك الشاعر الت كانت ف نفسي تلك اللحظات‪..‬‬
‫كنت أراقب الشيخ وأحاول أن استفيد منم كل تصرفاته فهو قدوة ل ف كل شيء‪..‬‬
‫بعد شرب القهوة جاء مضيف الطائرة للشيخ وقال له‪:‬‬
‫هل مكنم أن ترافقن لغرفة قيادة الطائرة ‪ ،‬الكابت يدعوك لو تكرمت ؟؟‬
‫قام الشيخ منم مقعده وتوجه لضيفه وبقيت لوحدي حت قرب وصولنا للرياض ‪..‬‬
‫علما أن الرحلة تستغرق حوال الربعي دقيقة فقط!!‬
‫رجع الشيخ وجلس على كرسيه ‪..‬‬
‫وبدأ ف تلوة حزبه منم القرءان ‪ ..‬حيث يقرأ يوميا جزأينم كاملي منم صدره ‪...‬‬
‫وصلنا لطار الرياض ونزلنا ف الصالة العامة واستقبلنا مندوب الامعة ‪..‬‬
‫توجهنا مباشرة لامعة المام ولكتب الدكتور عبد ال التكي مدير الامعة حينها‪..‬‬
‫سلم الشيخ على الدكتور التكي وسلمت عليه ‪ ..‬وبقيت معهما لدقائق ‪..‬‬
‫ث خرجت للخارج وانتظرت خروج الشيخ ‪..‬‬
‫بعد ساعة تقريبا نادان مندوب الامعة وقال ‪ :‬الشيخ يدعوك للحاق به لوقع‬
‫الاضرة‪..‬‬
‫‪75‬‬
‫نزلت مع الندوب حيث يظهر أن هناك مرج خاص منم مكتب الدكتور عبد ال ‪..‬‬
‫سألن مندوب الامعة ‪ ..‬هل أنت ابنم الشيخ ؟‬
‫قلت ‪:‬ل ‪ ...‬أنا أحد تلميذه ‪...‬‬
‫قال ل ‪ :‬هنيئا لك يا أخي هذا الشرف ‪..‬‬
‫دخلنا لصالة ضخمة جدا وفيها منم الفخامة والنظارة ما يبهر العقول ‪...‬‬
‫ول يكنم هناك حضور سوى الصفي الول والثان !!‬
‫وبعض الناس هنا وهناك!!‬
‫حيث أن الاضرة خاصة فقط بالبتعثي وأظنم عددهم حوال الائة وعشرون ‪..‬‬
‫تدث الشيخ حديثا طويل حول ما يتعلق بسفرهم منم أحكام فقهية ومنم تنبيهات‬
‫وتذيرات منم بعض الخطار الت قد تواجههم ف أمور دينهم ‪..‬‬
‫وبث الشيخ ف نفوسهم الماسة ف الستفادة ما لدى الخرينم والعودة لبلدهم‬
‫لكي تنتفع الجيال بم وحذرهم منم الفكار السمومة والت عاد با بعض أبناءن‬
‫ونو ذلك منم توجيهات ومعان مفيدة‪..‬‬
‫ث فتح الباب للسئلة والت أخذت اغلب وقت الاضرة وكانت أسئلة مفيدة للغاية‪..‬‬
‫بعد انتهاء الاضرة ‪ ...‬توجهنا لكلية الدعوة والعلم وصحب الشيخ‬
‫للكلية الدكتور سعيد بنم زعي ول أدري هل هو عميد الكلية أم هو أحد دكاترته‪..‬‬
‫ودخلنا ف قاعة أصغر منم الول وأظنها تابعة للكلية ‪..‬‬
‫وكانت غاصة جدا بالطلبة ‪ ،‬وقد امتلء الدرج وأمام البواب وأطراف السرح بالضور‪..‬‬
‫تدث الشيخ ف كلمة متصرة ث استقبل أسئلة الناس ‪..‬‬
‫كانت ف تلك اليام أحداث أشغلت الناس والتمع وهي قضية ‪..‬‬
‫مقتل الشيخ جيل الرحنم ودخول مموعة منم قادة الاهدينم الفغان لولية كنر‪..‬‬
‫وكانت تلك اليام قد اضطربت آراء الناس حول ما يدث ‪..‬‬
‫ول أنسى أبدا عشرا ت الوفود الت قدمت على الشيخ ف عنيزة منم مدن الملكة‪..‬‬
‫والت تستفتيه حول هذا الوضوع خصيصا ‪..‬‬
‫سئل الشيخ ف تلك القاعة عنم موقفنا ننم كمسلمي منم تلك الفتنة‪..‬‬
‫فأجاب بكلم مبن على الدليل منم كتاب ال وسنة رسوله ‪..‬‬
‫وقال ‪ :‬الذي أرى أن توقف التبعات عنم الاهدينم هناك جيعا حت تنتهي الفتنة‬
‫‪76‬‬
‫ول نعينهم ف أن يقتل بعضهم بعضا ‪ ..‬ونو هذا الكلم‪..‬‬
‫أثارت تلك الفتوى منم الشيخ موجة منم الية والتقب ف وجوه الدكاترة والشائخ‬
‫الوجودينم ف القاعة ‪..‬‬
‫وبعد انتهاء الاضرة ‪ ..‬طلب الدكتور سعيد بنم زعي منم الشيخ أن يزور مكتبهم‬
‫دخل الشيخ وكنت معه واجتمع حوله عدد منم الدكاترة ومدراء القسام ‪..‬‬
‫ودار نقاش علمي مع الشيخ حول فتواه ‪...‬‬

‫الحلقة الثالثة والعشرون‬

‫كان النقاش حول قضية كنر والهاد فيه شيء منم الدة ‪ ..‬خاصة منم طرف الشائخ ‪..‬‬
‫أما الدكتور سعيد الزعي فلم يتكلم بكلمة واحدة ‪ ...‬طوال النقاش‪..‬‬
‫حينما بلغ النقاش حدا تبعثرت فيه الوراق وتشوشت فيه الفكار قال الشيخ‪:‬‬
‫سبحان ال ؟؟‬
‫هذا هو رأيي الذي أدينم ال به وأنتم قولوا رأيكم‪ ،‬وليتبع الناس ما يرونه حق‬
‫أما أنا فلنم أرسل لشخص فلسا واحدا وأعرف أنه سيستعي به ف إيذاء أخيه‬
‫فما بالك بقتاله أو بقتله !!‬
‫ولقد رأيت وجه الشيخ ممرا منم الغضب والتوتر‪..‬‬
‫حينها قال الشيخ سعيد بنم زعي‪:‬‬
‫ياشيخنا وال ننم نبك ونقدرك ونرى أن رأيك ل تبتغي به غي وجه ال لكنم الخوان‬
‫رغبوا ف النقاش والوار حت تتضح لكم الصورة ‪ ،‬فهذا جهاد قد أنفقت عليه مبالغ‬
‫طائلة وأرواح كثية ودعم منم هذا البلد وأهله طوال سنوات طويلة فهمنا الكب أن ل‬
‫تشوه صورته الناصعة ‪..‬‬
‫ث قام الدكتور سعيد وقبل رأس الشيخ واعتذر منه وانفض اللس‪.‬‬
‫بعد ذلك توجهنا لكتب الدكتور عبد ال التكي ومنه خرجنا لصلة الظهر‬
‫ف الامع الكبي ‪.....‬‬
‫كنت برفقة الشيخ وكذلك كان معنا الدكتور عبد ال التكي ‪...‬‬
‫حينما رأى الشيخ المع الائل منم طلبة الامعة والذينم غص بم كل السجد‪..‬‬

‫‪77‬‬
‫فل ترى فيه موطئ قدم منم كثرتم‪..‬‬
‫قال الشيخ ‪ :‬ياأخأ عبد ال كم يتسع هذا الامع‪..‬؟؟‬
‫قال‪ :‬حوال الثلثي ألفا ‪...‬‬
‫ث قال الشيخ ‪ :‬ال الستعان كم سيخرج لنا عالا منم هؤلء !!!‬
‫بعد الصلة ألقى الشيخ كلمة قصية ف الصلي يثهم فيها على الرص على العلم‬
‫واستغلل الوقات ونو ذلك ‪...‬‬
‫ث خرجنا بالكاد منم الامع بسبب تكاثر السلمي على الشيخ ‪..‬‬
‫توجه الشيخ برفقة الدكتور عبد ال التكي ف سيارته الفارهة ‪..‬‬
‫ول أكنم أعرف وجهتنا فقد كان كل شيء مرتبا مسبقا !!‬
‫قالوا ل‪ :‬أركب ف هذه السيارة وأشاروا لسيارة فيها شاب أدم ‪.‬عليه مرايات ‪..‬‬
‫وف الطريق تعارفنا وعرفت مقصدنا ‪..‬‬
‫كان ذلك الشاب هو ابنم الدكتور سعيد بنم زعي وننم متجهون للغداء ف منزلم‪..‬‬
‫وصلنا لنزلم فكان ف استقبالنا جع كبي منم الناس ‪..‬‬
‫ل اعرف منهم سوى منم ذكرت بالضافة لشيخ كبي ضعيف البنية ‪..‬‬
‫سألت عنه ‪ :‬فقيل ل‪ :‬هذا الشيخ عبد ال بنم جبينم ‪ ..‬حفظه ال ورعاه ‪..‬‬
‫حينما ترى ذانك الشيخان الليلن سويا تزداد تلك اللسة رونقا وبائا‪..‬‬
‫كان الشيخ عبد ال وشيخنا يتبادلن الديث وإجابة الناس حول ما يسألن عنه‬
‫بكل أدب وسو يليق بما ‪..‬‬
‫ل حظت شيخنا مرارا يهمس ف أذن الشيخ عبد ال بكلم فيضحك الشيخ منه!!‬
‫بعد ذلك رافقنا شخصا ل اعرفه حينها ‪..‬‬
‫جسمه وطوله وبنيته اقرب ما يكون منم شيخنا ‪..‬؟؟؟‬
‫سأل الشيخ ‪ :‬ما عرفتنا على الخأ ؟‬
‫فقال ‪ :‬هذا فلن أحد تلميذنا ‪ ،‬ولقد قال ل ‪ :‬إنه يرغب ف صحبت ليستفيد منم علمي‬
‫ويدمن كما خدم ابنم مسعود رسول ال صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫شعرت بالجل ‪ ،‬وتسمرت ف مقعدي ول أتكلم ‪..‬‬
‫وصلنا لنزل الرجل ف حي النسيم بشرق الرياض‪..‬‬
‫بوار جامع الدى القريب منم مدرسة سلح الدود‪..‬‬
‫‪78‬‬
‫وننم ننزل أغراضنا سألت الشيخ ‪ :‬منم هذا الرجل؟؟‬
‫فقال ‪ :‬هذا أخي عبد الرحنم!!!‬
‫الستاذ عبد الرحنم رجل فاضل جدا وخلقه وطيبته وساحة نفسه يشهد عليها جيع‬
‫منم عرفه ‪ ،‬وشيخنا يبه ويثق فيه وينزل دوما ف الرياض ف بيته ‪...‬‬
‫وذلك قبل أن يبن شيخنا بيته ف الرياض والذي هو ملصق لنزل أخيه عبد الرحنم‪..‬‬
‫حدثن الشيخ عنم مرض أخيه عبد الرحنم ‪..‬وهو صغي ‪..‬‬
‫حيث أنه بقي طريح الفراش مدة منم الزمنم حت يئس الطباء منم علجه ‪..‬‬
‫فبقي أهله حوله يتقبون ساعة أجله وهم بل حول له ول قوة‪...‬‬
‫غي أن جارا لم أو أحد أصحابم احضر لم طبيبا شعبيا ‪..‬‬
‫ففحصه وقلبه يينا ويسارا وهو كالثة الامدة ‪..‬‬
‫قرر ذلك العال الشعب أن يكويه ف بعض مواضع جسمه ‪..‬‬
‫فكواه ‪ ..‬ث انتظروا عدة أيام ‪..‬‬
‫فبدأ عبد الرحنم يستعيد عافيته حت عاد صحيحا كما كان وأفضل ‪..‬‬
‫والمور بيد ال سبحانه قبل كل شيء‪...‬‬
‫غي انه للسف وبعد عدد منم السنوات الت كانت فيه علقت مع الخأ عبد الرحنم‬
‫متازة ل يتكه صاحبنا حت أغار صدره علي وال الستعان‪..‬‬
‫كنت أتوقع أننا سنبقى ف منزل الخأ عبد الرحنم طوال فتة بقاءنا ف الرياض‪..‬‬
‫ولقد أحببت الرجل منم أول ما رأيته ‪ ...‬وأحببت البقاء ف بيته ‪..‬‬
‫ألقى الشيخ ماضرة تلك الليلة ف إحدى جوامع الرياض ث توجهنا لنزل أبناء عمومة الشيخ‬
‫حيث حضر جع ل باس فيه منم القارب متفاوت العمار ‪..‬‬
‫ومنهم أخو الشيخ الدكتور عبد ال العثيمي الديب الشهور ‪..‬‬
‫ومنهم ابنم الشيخ البكر عبد ال العثيمي‪ ..‬وغيهم ‪..‬‬
‫بعد العشاء رافقنا الخأ عبد ال ابنم الشيخ لنزله الستأجر ‪..‬‬
‫حيث أنه يقيم ف بشكل مؤقت قبل رجوعه لعنيزة‪..‬‬
‫كان عبد ال مهذبا جدا وغي متحفظ ‪..‬‬
‫والظاهر أن صاحبنا ل يلحق أن يفسد المور مع الميع جلة واحدة ‪!!..‬‬
‫ف اليوم التال ‪ ..‬توجهنا بعد العصر للمطار وذلك للعودة للقصيم ‪...‬‬
‫‪79‬‬
‫حينما جئنا لتفتيش العادن أخذ جهاز النذار يرن حينما مر الشيخ ؟؟‬
‫فأمر العسكري الشيخ بالرجوع وإنزال ما لديه منم معادن‪ ..‬ول يعرف الشيخ‪..‬‬
‫ابتسم الشيخ ول يرد إحراج الرجل فبدأ بلع ساعته العلقة ف جيبه ‪..‬‬
‫فدخل تت الهاز فرن مرة أخرى!!‬
‫فعاد الشيخ وأخرج كومة الفاتيح منم جيبه ‪ ..‬وهكذا تكرر ذلك ثلث مرات‪..‬‬
‫حينها تقدم شاب منم عائلة الشيخ للعسكري وهأس ف أذنه فارتفع حاجباه ‪..‬‬
‫واحر وجهه خجل وقال ‪ :‬ال الستعان هذا الشيخ ابنم عثيمي ؟؟‬
‫وال ما عرفتك ياشيخ ؟؟ اللي ما يعرف الصقر يشويه ‪!!..‬‬
‫ث قبل رأس الشيخ واعتذر منه وأصر أن يصحبه حت أجلسه عند باب السفر‬

‫الحلقة الرابعة والعشرون‬

‫عدنا لعنيزة والعود أحد ولكنم كانت تنتظرن حوادث ل تطر على البال‪..‬‬
‫لكنم رحة ال تعال سبقت تلك الكائد والشرور فجعلت منم دون ذلك فتحا قريبا!!‬
‫وصلنا للمطار استقبلنا نسيب الشيخ الخأ خالد الصلح ‪..‬‬
‫وأنعم بأب عبد ال علما وخلقا وتفانيا ف الدعوة إل ال ‪..‬‬
‫والشيخ خالد منم قبيلة حرب ومنم عائلة ثرية ووالداه مقيمان ف جده ولقد أحبه شيخنا‬
‫وقربه وزوجه اكب بناته فنعم النسيب ونعم الصهر !!‬
‫وهو متخصص ف علوم غي شرعية ف الصل‪.‬‬
‫حيث هو خريج جامعة البتول والعادن وعمل ف التدريس فتة بسيطة ث فصل ‪..‬‬
‫والتحق بامعة المام ودرس وحصل على أعلى النسب وهو الن دكتور ف نفس‬
‫الامعة وأظنم تصصه مادة العقيدة ‪...‬‬
‫قادنا الخأ خالد لعنيزة وف الطريق توقف بوار أحد الساجد التقدمة بأطراف عنيزة‪..‬‬
‫ودخل الشيخ للمسجد وصلى ركعتي سنة القدوم منم السفر‪..‬‬
‫ل أرى شخصا مافظا على أداء السننم مهما كانت الظروف والوضاع ل أرى مثل شيخنم‬
‫ف ذلك‪ ،‬ل أقول ف كثرة العبادة بل الستمرارية ف كل ظرف ‪..‬‬
‫تعبدا ل تعال‪..‬‬

‫‪80‬‬
‫أذكر مرة موقفا لنم أنساه ‪...‬‬
‫جاء أحد الطلبة للشيخ وقال له‪ :‬ياشيخ أليس منم وقع على يده حائل منم وصول الاء‬
‫إل البشرة منم صمغ أو دهان ونوه فإنه يب عليه أن يعيد وضوءه وصلته إن صلى‬
‫حت ولو جهل أو نسي أو كان قليل ‪...‬؟؟‬
‫قال ‪ :‬بلى‪...‬‬
‫قال‪ :‬ياشيخ إن على يدك أثر دهان !!‬
‫وفعل كان على يد الشيخ دهان فشق ذلك عليه ‪..‬‬
‫وجلس يفكر منذ كم يوم وقع ذلك الدهان على يده؟؟‬
‫فقال ل‪ :‬لقد جاءنا الدهان ف اليوم الفلن وذلك قبل أربعة أيام !!‬
‫استقبل القبلة وأعاد جيع الصلوات للربعة أيام الاضية بل بسننها والوتر والضحى ‪..‬‬
‫ول يعجل ف ذلك بل صلى بكل أناة كما هي عادته!!‬
‫وكان ف تلك السنة يبلغ حوال تسعة وستي عاما رحه ال‪..‬‬
‫ختم صلته ث أوصلن للسكنم ‪ ..‬ونسيت حقيبت ف سيارة خالد‪..‬‬
‫ل أخب أحدا منم الطلبة بسفري برفقته سوى منم ذكرت ‪..‬‬
‫ولكنم الب انتشر كما تنتشر النار ف الشيم‪..‬‬
‫وكنت أشاهد منم غالبهم نظرات الغية الطبيعية والت فطرت عليها قلوب الوادم‪..‬‬
‫ذكر الافظ ابنم رجب رحه ال ف كتابه الخلص ‪..‬‬
‫أن السد شيء فطر عليه اللق فهو منم طبائعهم ولكنم الذموم منه ما ترتب عليه‬
‫تعد أو إيذاء بلفظ أو بفعل ‪...‬‬
‫ولكنن ل أحاول إشغال نفسي بردود الفعال على ذلك وعشت بينهم بكل احتام‬
‫وسلم‪ ..‬ولكنم مع بعضهم؟؟‬
‫أو مع غالبهم؟؟‬
‫سوى صاحبنا ومنم يدور ف فلكه‪!!..‬‬
‫ظننت أن ذلك اليوم يوم عطلة وليس هناك درس للشيخ هكذا ظننت !!‬
‫وما اكذب الظنم!!‬
‫شيخنا ل يفرط ف درسه ولو جاء منم سفر بعيد قبله بدقيقة !!‬
‫أذكر مرة جئت مع الشيخ منم الرياض برا ‪..‬‬
‫‪81‬‬
‫برفقة تلميذه المي عبد الرحنم بنم سعود الكبي ‪..‬‬
‫وصلنا على أذان الغرب ‪..‬‬
‫سألت الشيخ ‪ :‬هل الليلة درس ؟؟‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪.‬؟ بالتأكيد إن شاء ال اذهب وأحضر كتبك وتوجه للجامع!!‬
‫يقول ل أحد الطلبة الذينم حضروا وفاة والدة الشيخ عليها رحة ال ‪..‬‬
‫يقول ف ذلك اليوم ‪ ..‬توقعنا بل جزمنا أن الشيخ لنم يضر الدرس ؟؟‬
‫ولذلك كان الضور ليس بذاك ومع ذلك حضر شيخنا وألقى درسه ‪..‬‬
‫حفاظا على أمانة التعليم ‪...‬‬
‫وصدق صلى ال عليه وسلم حينما قال ‪ :‬وإن اللئكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا با‬
‫يصنع‪...‬‬
‫نسيت أن أقول أن الشيخ أحضر معه موافقة رسية منم مدير الامعة‬
‫الدكتور عبد ال التكي بقبول ف العهد العلمي ف عنيزة تت اسم فلن الشمري!!‬
‫حيث كتبت معروضا للدكتور فشرح عليه بالوافقة ‪..‬مع أن الدراسة قد ابتدأت منذ‬
‫حوال السبوعي !!‬

‫الحلقة الخامسة والعشرون‬

‫حضرت الدرس تلك الليلة وجلست ف مكان العتاد ‪..‬‬


‫صافحت جاري العزيز !!‬
‫فبادلن السلم والكلم غي أن القلوب شواهد!!‬
‫ف اليوم التال توجهت صباحا لبيت الشيخ لكي آخذ حقيبت ‪..‬‬
‫وكنت واعدت جاري الذكور بناء على طلبه هو !!‬
‫أن يوصلن لنزل الشيخ‪..‬‬
‫حيث قال ل ‪ :‬أريدك ف موضوع‪!!...‬‬
‫ف اليوم التال ضحى وف الطريق لنزل الشيخ بدأ يسألن أسئلة كثية تدور عنم أصلي‬
‫وفصلي وأينم كنت أعيش ‪..‬؟؟‬
‫وأينم يقيم والداي ‪...‬؟؟‬

‫‪82‬‬
‫ونو هذه السئلة الكثية الت ارتبت فيها!!‬
‫وارتبت ف توقيتها بالذات ؟؟‬
‫أوقف سيارته أمام النزل وتركها مدارة وبقي يسألن بوقاحة وبقصد اليقاع ب ف‬
‫مصيدة‪!!..‬‬
‫حت ضجرت وارتفعت أصواتنا بالدال والنقاش الرير ‪...‬‬
‫جدال بي اثني ‪..‬‬
‫أحدهأا رجل عاقل رشيد عمره فوق الثلثي قد حصل منم العلم والي والستقرار‬
‫والظ مال به عليم‪..‬‬
‫والخر ضائع مشتت ف مقتبل العمر قليل البة والعلم ل أهل له ول بيت ول مال سوى ال سبحانه‬
‫وتعال ورحته وفضله ‪..‬‬
‫قلت له ‪ :‬يافلن ‪ ...‬؟‬
‫مالذي تريده منم وراء ذلك ؟ عندها كشف أوراقه‬
‫وقال ‪ :‬أنت كذبت ف كل ما قلته !!‬
‫ولقد عرفت حقيقتك كلها!!‬
‫أنت رجل خطي ‪..‬‬
‫أنت اسم قبيلتك القيقية كذا ووالدك هو كذا وكذا ‪..‬‬
‫ث أخذ يسرد حقائق ووقائع تدل على أنه قد تقصى عن حت عرف عن كل شيء!!‬
‫ث ختم كلمه بقشوله‪ :‬أنشا اتصشلت بوالشدك بشالمس وتشدثت معشه وأخشبن بأنشك فشار مشنم النشزل وأنشك قشد‬
‫أوقعته برج شديد بفعلك وتركك لدراستك ‪ ...‬ال الكلم ‪..‬‬
‫ث حينها ‪ :‬انقلبت تعابي وجهه فاسود وتساقط الشرر منم عينيه ‪ ..‬وقال‪:‬‬
‫أقسم بال إن ل تغادر عنيزة وتتك الشيخ سأفعل بك وأفعل ‪!!...‬‬
‫وهددن بكلم ل ينطق به عاقل فكيف بطالب علم !!‬
‫ل يكنم يهمن كلمه بقدر أن أهأن أن يعلم شيخنا بذلك ‪...‬‬
‫فرق كبي أن أخب الشيخ أنا بالقيقة منم قبل أو أن يبه ذلك الرجل با يريده‪!!..‬‬
‫هناك فرق شاسع لنم يعلم طبائع الناس بينهما‪...‬‬
‫ول شك أن القيقة الناصعة هي سلبية مهما كان الناقل ‪ ..‬أنا أم هو‬
‫غي أن المر يتلف كثيا حينما يفسر ولو ل يكنم له تبير منطقي!!‬
‫‪83‬‬
‫ث طردن منم سيارته وذهب ‪..‬‬
‫بقيت أمام باب الشيخ منتظرا لكثر منم نصف ساعة وأنا متدد ماذا سأفعل؟؟‬
‫إن رجعت للسكنم وسكت فالعواقب غي معلومة‪..‬‬
‫وإن تدثت مع الشيخ الن فل ادري هل سيقبل من أم ل ؟؟‬
‫احتت حية ل يعلم مداها إل ال تعال‪...‬‬
‫لقد مرت علي ف الشهور الاضية الت قضيتها ف عنيزة مرت علي أيام جيلة‪..‬‬
‫ولظات ل تنسى منم الد والجتهاد ‪ ..‬هل يذهب كل ذلك سدى؟؟‬
‫هل سيضيع كل ذلك برة قلم أو كيد حاسد؟؟‬
‫أنا مطئ ل شك فيما فعلته ‪ ..‬ولكنم هل قصدت ارتكاب ذلك الطأ؟؟‬
‫ل أكنم مرما وال أو مرتكبا لعظيمة والمد ل ‪..‬‬
‫هي أخطاء ولو كانت ف نظر البض جسيمة بنيت على السفه وعدم تقدير المور حق قدرها‪..‬‬
‫بنيت على عدم الناصح والرشد الصدوق قبل ذلك ‪..‬‬
‫بنيت على الرمان والضياع والوف ‪...‬‬
‫هل سأحرم منم ذلك العلم الليل بسبب ذلك الطأ ؟؟‬
‫هل سينتهي كل شيء الن ‪...‬؟؟؟‬

‫الحلقة السادسة والعشرون‬

‫أخيا قررت أن أطرق الباب على بيت الشيخ ‪..‬‬


‫وليست غايت هي حقيبت أو أي شيء آخر !!‬
‫كنت أريد التأكد فقط هل علم الشيخ بكلم صاحبنا ؟؟‬
‫طرقت الباب ‪ ..‬فرد ت علي امرأة منم ساعة الباب ‪...‬‬
‫فسألت عنم الشيخ ‪ ...‬فقالت منم يريده ؟؟‬
‫فقلت ‪ :‬فلن‪.....‬‬
‫فلم تبن وأغلقت الط ف وجهي ‪!!...‬‬
‫وبعد دقيقة أو دقيقتي ‪ ..‬خرج الشيخ وبيده القيبة ‪..‬‬
‫ركزت النظر ف عينيه ووجهه‪..‬‬

‫‪84‬‬
‫كنت أتوسم ف تعابي وجهه ‪،‬فرأيت منه ابتسامته العتادة !!‬
‫غي أنا هذه الرة متكلفة ومصطنعة !!!‬
‫بل ومعها احرار شديد ف بشرة الوجه !!!‬
‫سلمن القيبة ببود متوقع وقال ‪ :‬انتظر البنم عبد ال و سوف يوصلك الن للسكنم‪..‬‬
‫ث دخل وقد بدا ل أنه يستعجل الذهاب !!‬
‫يبدو أن عبد ال قد وصل برا لعنيزة ف الليلة الاضية ‪..‬‬
‫ول شك أن هناك أمرا جلل عجله أو شيئا آخر!!!‬
‫خرج عبد ال ووضعت القبة خلف السيارة ث جلسنا ف الرتبة المامية‪..‬‬
‫الخأ عبد ال رجل جريء وصادق ول يعرف اللف والدوران ولذلك دخل ف الوضوع‬
‫مباشرة!!‬
‫وقال‪ :‬منم أنت ؟‬
‫ومنم بعثك؟‬
‫أنت رجل ثبت لنا أنك مادع وكذاب ‪..‬‬
‫وكذبت على الوالد ف أمور كثية ‪.....‬‬
‫وانطلق يتكلم بكلم كثي ل أستجمعه ‪ ...‬بقيت صامتا طوال السافة القصية للسكنم ‪..‬‬
‫والت مرت علي كأنا دهر !!‬
‫ل أناقشه ‪ ،‬ول أحاول الرد على كلمه ‪ ..‬فواضح جدا أنه قد ملئ قلبه علي وال شاهد‬
‫ل أصدق وصولنا للسكنم ‪ ..‬بقيت متسمرا مكان وخفت أن يتم بكلمه بلطمة على‬
‫وجهي ‪ ..‬وليته فعل ول يتكلم بكلمه الذي تفوه به‪!!...‬‬
‫ث قال ل ‪ :‬انزل وخذ حقيبتك ‪...‬‬
‫نزلت ث لقن وقال ‪ :‬وال ما أضمنك تط ل شيء ف السيارة؟؟‬
‫ث حلت متاعي وصعدت لغرفة السكنم والمد ل أنن ل أجد فيها أحدا!!‬
‫سقطت على فراشي وبقيت أبكي بكاء الثكلى ‪..‬‬
‫كان موقفا هائل وكلما شديدا يصعب على منم هو ف سن تمله ‪..‬‬
‫لقد وصفت بأقذع الوصاف‪ ،‬ورميت بتهم عظيمة ل استحقها وال ؟؟‬
‫لكنم هل ألومهم ؟؟‬
‫أنا ل ألوم عبد ال ابنم الشيخ ول عبد الرحنم أخأ الشيخ ول عائلة الشيخ‬
‫‪85‬‬
‫ل ألومهم ول أحل الضغينة عليهم وال الن ‪..‬‬
‫لقد مرت على تلك القصة سنون عديدة ‪..‬‬
‫فهي الن فقط ذكريات بقيت ف اليال ‪..‬‬
‫هم بشر وقد نقل لم عن ما يسئ ‪..‬‬
‫وثبت لم بعض ما نقل عن فكانت تمة متلبسة بميع تفاصيلها!!‬
‫يقول رسول ال صلى ال عليه وسلم ) ربا يكنم أحدكم ألنم بجته فأحكم له فيقتطع قطعة مششنم النششار‬
‫‪ ..‬إنا أنا بشر !!!( إذا كان هذا منم رسول ال فما بالك بنم سواه‪..‬‬
‫اللوم كثي منه يقع على ذلك الناقل اللذي امتلء قلبه حقدا وغل علي ل لشيء سوى ظنششه الغششب أننش‬
‫جئت لجل منافسته على الكانة الت حصل عليها منم شيخنا‪..‬‬
‫هل كل منم كان أكثر علما هو خي الناس ؟؟‬
‫أل يقل رسول ال صلى الش عليششه وسشلم إن السششد ليأكششل السششنات كمشا تأكشل النششار الطشب مششا فائششدة‬
‫العلم الذي تعلمناه إذا كان سيوصلنا لذه الال‪...‬؟؟؟‬
‫اللوم أيضا يقع علي أنا ف عدم إخبار الشيخ بالوقائع فور قدومي لعنيزة ‪..‬‬
‫ول اشك ثانية واحدة أن شيخنا لنم يتدد ف حلها بصرف النظر عنم علقت به‪..‬‬
‫فهشو رجششل علشم وإصشلح ورأيششت مشنم الواقششف مششا هششو أصشعب مشنم مشواقفي سشعى ششيخنا بلهششا والصششلح‬
‫فيها ‪...‬‬
‫كدت أجنم منم الزن والم والضيق ل أكنم أعلم مالذي سأفعله ‪...‬‬
‫أذن الظهر فلم أطق الستعداد للصلة ‪...‬‬
‫انتظششرت قششدوم الشششيخ للمسششجد‪ ..‬حيششث يكننش ش مشششاهدته حينمششا يقششدم ماشششيا ‪..‬مششنم نافششذة غرفششت ‪...‬‬
‫وحينمششا رأيتششه قادمششا زادت حسششرت وألششي عليششه وعلششى تلششك السششاعات الششت قضششيتها معششه ولششو أنششا قليلششة‬
‫ولكنها باهظة الثمنم!!‬
‫قلت ف نفسي‪ :‬ما ذنب شيخنا منم هذا كله ؟؟‬
‫أنا اللوم وأنا منم يستحق اللوم ؟؟‬
‫أنا الذي أسأت إليه ويب علي بصرف النظر عنم كب الطأ وصغره يب علي أن اعتشذر منشه‪ ..‬وأششرح‬
‫له ما حصل ‪..‬‬
‫استجمعت قواي ونزلت للمسجد وصليت مع الماعة ‪..‬‬
‫وبعد الصلة رافقت الشيخ لبيته ‪...‬‬
‫‪86‬‬
‫ل يكنم يلتفت إل مع أنن كنت أسي بواره فعلمت أن الشيخ غاضب من ‪..‬‬
‫وال الستعان وعليه التكلن ‪.......‬‬

‫الحلقة السابعة والعشرون‬

‫حينما رأيت الشيخ معرضا عن سبب ل ذلك صدمة عنيفة‪..‬‬


‫صحيح أنن نعمت بظل أبوته لفتة وجيزة منم الزمنم ‪..‬‬
‫غي أنا ل يكنم أن تعوض!!‬
‫خنقتن العبة وكدت أبكي بشهد الناس ‪..‬‬
‫لحظ الشيخ ذلك بالتفاتة سريعة منه نوي ‪...‬‬
‫فأشار للجميع بالرجوع وبقيت أنا وهو نشي دون أن نتكلم بكلمة‪..‬‬
‫واضح أن المر مرج للشيخ وأنه شعر ف نفسه بيبة المل ‪..‬‬
‫فقد كان يطمح من شيئا غي ما فعلت فيه ‪..‬‬
‫لقد كان اهتمامه ب نابعا منم ساحة نفس ورغبة ف تنشئت تنشئة صالة‬
‫وهو فضل منه بعد فضل ال ولو شئت لدثتكم بكلمات وعبارات منم شيخنا‬
‫فيها منم الرحة والعذوبة واللطافة أملء با صفحات وصفحات ‪..‬‬
‫غي أن القصد منم هذه القصة هو تسليط الضوء على جزء منم حياة شيخنا‬
‫قصة هو بطلها وهو مرجها وهو كاتب حروفها غي أن راصد وأحكي لكم ما صار ‪.‬‬
‫وال على ما أقول شهيد‪...‬‬
‫وصل لبيته ‪ ،‬فقلت له ياشيخنا ‪ :‬اسح ل بالديث معك ف داخل البيت ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬ل بأس ‪...‬‬
‫دخل للمنزل ورد الباب ث فتح باب اللحق الارجي ‪..‬‬
‫وأنا انتظر الشيخ ليفتح باب اللحق مر صاحبنا الذي نفخ بوق هذه الفتنة بوار النزل‪..‬‬
‫فلما لن وحيدا وأهم بالدخول للمنزل غاب بسيارته خلف البيوت الاورة‪..‬‬
‫أصبحت كالطريدة بالنسبة إليه وخيل إل أنه كحيوان مفتس يريد النيل من !!‬
‫دخلت للبيت وتوجه الشيخ للقبلة لصلة السنة الراتبة للظهر‪...‬‬
‫جلست بوار مكان جلوسه العتاد ف صدر اللس ‪..‬‬

‫‪87‬‬
‫صلى ث سلم ث دنا منم مكانه فقال ‪ :‬هات ما عندك!!‬
‫بدأت بمد ال والصلة على رسول ال عليه الصلة والسلم ‪..‬‬
‫قلت يا شيخنا‪ :‬لقد كنت شابا حبب ال ل العلم وطلبه‪..‬‬
‫‪ ..‬فمنذ التزامي واستقامت‬
‫وأنا منصرف له بكل ما أوتيت منم طاقة وجهد ‪..‬‬
‫ث رويت للشيخ تفاصيل أموري ما سردت بعضه عليكم ف اللقات الاضية ‪..‬‬
‫وحدثته عنم مشكلت مع الوالد ‪ ..‬وكذلك عنم سفري للرياض‪..‬‬
‫ث تعرف على سعود العاشي ‪..‬‬
‫وقصة النتساب لقبيلة شر ‪ ...‬حت وصلت للقصيم ‪..‬‬
‫كنت أتدث معه والعبة تنقن ‪..‬‬
‫وأحاول جاهدا أن ل أفقد أعصاب ‪..‬‬
‫ل يكنم الشيخ يقاطعن بل كان يستمع ل بكل إنصات ‪..‬‬
‫مع أن ملمح وجهه ل يظهر منها علمات القبول لكل ما كنت أقوله ‪..‬‬
‫وله الق ف ذلك فالتهمة قد ضخمت حت وصلت لد أطلعكم عليه لحقا‪..‬‬
‫حيث ل أعرف كل شيء آنذاك‪...‬‬
‫شيخنا رجل أريب ولاح وشديد الذكاء ‪..‬‬
‫فهو ييز الغث منم السمي ويزن المور بوازينم دقيقة ‪..‬‬
‫هذه الوازينم والقاييس أو العايي ليست مبنية على الوى والظنم والتشكك والبناء على‬
‫ذلك‪ ..‬بل هي مبنية على سب الغوار ودراسة السألة منم جيع وجوهها مع خشية ال‬
‫تعال وتأله ومراقبة وابتغاء مرضاته ل تأخذه ف الق لومة لئم ‪ ..‬وهكذا العلماء هم‬
‫قال ال تعال ) إنا يشى ال منم عباده العلماء(‪...‬‬
‫بقيت أتكلم أكثر منم ساعة كاملة ‪..‬‬
‫فلما ختمت حديثي قال ل‪ :‬ما فعلته خطأ وتصرف أهوج ‪..‬‬
‫ولو أنك أطلعتن منم أول المر على ما حصل ‪ ..‬لمكننا التصرف ‪ ..‬ولكنم‬
‫قدر ال وما شاء فعل‪...‬‬
‫أذهب الن للسكنم ‪ ،‬وسوف أرى ماذا يكننا عمله‪..‬‬
‫قبلت رأس الشيخ وخرجت وأنا خائر القوى ل أكاد أستطيع السي‪..‬‬
‫‪88‬‬
‫الحلقة الثامنة والعشرون‬

‫رجعت للسكنم وانتقلت لغرفة الخأ ممد زينم العابدينم بأمر منم الشيخ!!‬
‫هل هو تفظ علي ؟؟ لكي يراقبن؟؟ أم كان ذلك بسبب آخر أجهله ؟؟‬
‫كان الخأ ممد هو غالبا الوسيط بين وبي الشيخ وقد لت مرارا‬
‫الخأ ممد يلتقي بصاحب الفتنة!!‬
‫ل أقصد منم ذلك أبدا أن أتم الخأ ممد ‪ ،‬فراية ممد وال عندي بيضاء ولكنه رجل‬
‫حصيف يسعى للصلح والتقارب بكل الوجوه المكنة ‪.‬‬
‫لقد كانت ردة فعله طوال الشكلة أنه ل يظهر النفعال والغضب بل كظم غيضه‬
‫وانتظر ما تصي عليه المور بين وبي الشيخ‪...‬‬
‫تغيت الوجوه علي وتنكرت النفوس وضاقت علي الرض با رحبت ‪..‬‬
‫أصبح السكنم بالنسبة ل ككابوس ميف ونفق مظلم ل ناية له‬
‫ل يؤذن أحد بكلم أو فعل المد ل ‪،‬‬
‫ولكنم كانت مرد النظرات والصمت الرهيب حول‬
‫يولدان الكآبة والزن والسى ف نفسي ‪..‬‬
‫ل يكنم الطعام ف السكنم مع الطلبة ل مستساغا بل أصبح غصة ف اللق ‪..‬‬
‫ولذلك ل أحرص على مالطة الطلبة ول أن أتدث معهم ‪..‬‬
‫كنت أطلب منم علء الدينم أن يعطين الطعام فأذهب به لغرفت‬
‫أو أن أنتظر خروج الطلبة فآت فآكل منم الطعام البارد وحدي‪..‬‬
‫كنت أجلس ف الغرفة اقرأ القرءان ‪..‬‬
‫حينما ير الرء بأوقات عصيبة فإنه يتاج لنم يؤنسه ‪..‬‬
‫لقد كان أنيسي ف تلك الليال القرءان وأنعم به منم أنيس‪..‬‬
‫لقد كنت أقرأ السور بتأن وتدبر وأشغل فكري بعانيها العظيمة ما أفهمه وأدركه ‪..‬‬
‫فيكون ف ذلك منم النس والتطمي والتويح ما جعلن أغتبط با أنا فيه!!‬
‫منم السور العظيمة الت قرأتا مرارا وتكرارا سورة يوسف ‪..‬‬

‫‪89‬‬
‫حيث كنت كلما وصلت لقطع انكشاف شخصية يوسف لخوته وقد صار سيد مصر‬
‫تصيبن نوبة بكاء ث يتبعه أمل واستبشار قريب بفرج ال تعال‪..‬‬
‫منم السور الت تأثرت با كثيا ف تلك اليام سورة فاطر!!‬
‫إن ف هذه السورة منم العان والعب والتوجيهات والشارات العظيمة‬
‫مالو تأمله الرء لرج بآلف مؤلفة منم العب والفوائد‪..‬‬
‫منم السور الت تأثرت أيضا با سورة القصص وقصة موسى عليه السلم وإلقاء‬
‫أمه له ف التابوت وخوفها عليه ث عيشه وترعرعه ف بيت عدوه‬
‫وما وجده ف حياته منم العنت والطاردة والوف حت بعثه ال سبحانه وتعال‬
‫لفرعون وقومه وبن إسرائيل ‪...‬‬
‫القرءان يا إخوت الكرام يا أخوات هو خي صديق ومؤنس ف الشدائد‬
‫وصدق ال تعال حينما قال ) أل بذكر ال تطمئنم القلوب(‬

‫ف ذاكرت عنم تلك اليام تشويش رهيب فكلما طرقت باب الذاكرة‬
‫لكي تفتح ل نافذة أو كوة أو خرقا صغيا نوه ترفض ذلك رفضا قاطعا ‪!!..‬‬
‫كأنا تقول ل ‪ :‬مالك ومال تلك اليام ‪!!...‬‬
‫أل يكف ما ترعته فيها منم آلم هائلة!!‬
‫دع تلك الآسي ف جوف ‪ ،‬ول تفتح الباب فتفسد على نفسك ما بقي منم عمرك!!‬
‫فيكفيك ما أنت فيه الن منم متاعب أنت ف غن عنم الزيد منها ‪!!..‬‬
‫وخوف أن يأتيك ما كنت تظنه عبة وعظة للخرينم فيكون ف مرد ذكره‬
‫تعجيل حتفك !!!‬
‫فهل تريد الن أن تنبش الوجاع وتعيد الذكريات الزينة!!‬
‫قلت لا ‪ :‬دعينا يا ذاكرت الزينة دعينا نروي للناس ما حصل حت يعتبوا منم حال ‪..‬‬
‫وليعلموا كيف أن رحة ال سبقت سخطه وعقابه ‪..‬‬
‫حينما هبت جنود أبليس وأعوانه لنجدة أشرار الناس ف النيل منم علم المة‬
‫دعين أحكي لم كيف طردن الناس ورمون بالحجار حت فررت منهم على قارب‬
‫صغي غرقت به ف منتصف البحر ‪ ..‬فبقيت أسبح وأسبح حت وصلت للشاطئ القابل!!‬
‫ول أكد أصل !!‬
‫‪90‬‬
‫ث زحفت على بطن على الرمال حت ارتفعت على تلة ف الشاطئ‪ ..‬تشرف‬
‫على غابة أمامي ‪...‬‬
‫فتجولت بناظري حول فرأيت منم خلف الشجار الظلمة ‪..‬‬
‫عيونا ل تتلف نظراتا عنم تلك النظرات الت فررت منها ‪..‬‬
‫والت تطورت حالا منم مرد العتاب أو القد ليتبعها اليذاء والطاردة!!‬
‫حينها سقطت مغشيا علي ‪...‬‬
‫دعين أروي لم كيف أن شيخنا لن منم بعيد ملقيا على شاطئ الحزان‪..‬‬
‫فجاء ذلك الشيخ الليل يسي منم داخل تلك الغابة ووقف على رأسي ‪...‬‬
‫فرآن ل يكاد يستن ثوب منم العري‪..‬‬
‫قد تشققت أشداقي منم العطش ‪..‬‬
‫وقد ضمر بطن منم الوع‬
‫وقد تتابعت أنفاسي الضعيفة منم الهد فكدت اتلف وأموت ‪...‬‬
‫حينها انن الشيخ نوي ‪..‬‬
‫ووضع يده الباردة على وجهي ومسح با دمعت وقال‪:‬‬
‫ل تزن يابن إن ال جاعل لك فرجا قريبا !!‬

‫الحلقة التاسعة والعشرون‬

‫لقد ولد الصمت الرهيب حول بعد تلك العجعة الت مرت ف الرياض ولد ذلك‬
‫ف نفسي فراغا وخواء ورغبة ف الوت أو النتحار!!‬
‫ليس هو النتحار بعن إزهاق الروح بل بالعودة منم حيث أتيت !!‬
‫ل أترك فكرة تدور ف خلد أي إنسان إل وفكرت فيها ‪..‬‬
‫بقيت معلقا بي السماء والرض أيهما يذبن ‪..‬‬
‫حي ذلك وأنا ف معمعة الفكر استدعيت منم الشيخ ‪..‬منم طرف الخأ ممد زينم العابدينم‬
‫قال ل شيخنا‪ :‬استمر ف حضور الدرس مثلك مثل الخرينم ول تقصر ف الطلب ‪..‬‬
‫وسوف أتدث مع والدك ف الوضوع أو أنه قال ‪ :‬لقد تدثت مع والدك ف الوضوع ؟؟‬
‫نسيت وال ‪!!..‬‬

‫‪91‬‬
‫والنتيجة ‪ :‬إن خطأك وجسارتك على والدك وهروبك منم النزل وتركك لدراستك وتغيي‬
‫نسبك كل ذلك ل يوز أن ينعك منم طلب العلم‪..‬‬
‫كان الشيخ كمثل الطبيب يشخص الرض ويضع يده على موضع الل ث يقرر الدواء ‪..‬‬
‫هل سيكون بالبت أو بالتياق أم بالمية؟؟؟‬
‫قلت له‪ :‬جزاك ال خيا إن كلمك هذا يعطين بصيص أمل ‪..‬‬
‫ل أطل معه الديث ‪...‬‬
‫عدت بعدها للسكنم ‪..‬‬
‫أتعرفون مالذي فعله صاحبنا ذاك؟؟‬
‫لقد صار يصحب شيخنا مشيا على قدميه بعد كل صلة لظنه أنن لنم أجرؤ على‬
‫السي مع الشيخ بضوره!!‬
‫ظنم ذلك السكي أنن بجرد ذهاب مع الشيخ بعد الدرس فقد كسبت وده ‪!!..‬‬
‫إذا فما حال عشرات الطلب الخرينم ؟؟‬
‫هذا منم فضل ال تعال علي والمد ل ‪..‬‬
‫ف البداية هبته وخشيت شره وبطشه خاصة بعد الذي فعله ف منم إساءة وتشويه سعه‪..‬‬
‫ولكنن عدت لسابق عهدي فحينها مل وتراجع !!‬
‫ولكنه ل يعدم حيلة لنعي منم الي ‪..‬‬
‫كلف شخصا اعرفه جيدا براقبت فكان ذلك العتوه يسي خلفنا بسيارته السوداء‬
‫وينتظرن بعد‬
‫كل صلة فيسي بالسيارة حت يصل الشيخ لبيته حينها أسلم على الشيخ وارجع!!‬
‫شعر الشيخ بعد أيام با يفعله الرجل فاستدعاه وسأله مالذي يفعله ومنم كلفه بذلك ؟؟‬
‫فتعذر بأعذار يعيب علي ذكرها هنا !!‬
‫حينما عزمت على حضور الدروس بعد الديث مع شيخنا ‪..‬‬
‫وجدت أن مكان قد سيطر عليه شخص آخر جاء منم طرف جاري القدي!!‬
‫ولكنن ل استسلم لذا التعامل الرخيص البليد‪...‬‬
‫صرت احضر مبكرا وأنازع على الكان الذي حافظت عليه شهورا حت دان الميع ل‬
‫بذلك‪..‬‬
‫كنت اجلس بوار ذلك القود ولكنم بين وبي قلبه كما بي الشرق والغرب!!‬
‫‪92‬‬
‫والمد ل يشهد علي جيع منم عرفن أنن ل أتفوه نوه ول ف ظهره بعبارة واحدة‬
‫تسيء له‪ ..‬بل كنت أقر بفضله وعلمه وسبقه مع بغضي لفعله معي وال حسيب وحسيبه‬
‫بعد عدة أيام استدعيت منم الشيخ مرة أخرى وهذه الرة مع ممد زينم العابدينم‪..‬‬
‫أذكر تلك اللحظة جيدا كانت بعد صلة عشاء ‪..‬‬
‫سرنا ثلثتنا إل بيت الشيخ دون مرافق آخر ‪..‬‬
‫كان الشيخ يتكلم وننم منصتون‪ ،‬يقول ل‪..:‬‬
‫فلن قد حل عليك ويريد منك أن تتك عنيزة وهذا ل حق له فيه ول أوافقه عليه ‪..‬‬
‫ولكنم أنت يب عليك أن تاول كسبه والتودد إليه ‪!..‬‬
‫أو ابتعد عنه ولينصرف كل واحد منكما لطلب العلم ‪...‬‬
‫ث عاتبن الشيخ ف تدثي مع الرجل ذاته سابقا ف أمور تص الشيخ وكيف أن الناس سيستغلون ذلك‬
‫ضدي!!‬
‫وأنه زعم أنن جاسوس مدسوس ضد الشيخ !!‬
‫وكلفت بالتقرب منه لكي أكسب ثقته ومنم ث أطلع على أسراره وخصوصياته ‪..‬‬
‫فابعثها لنم اتبعه!!‬
‫فقلت له ياشيخ ‪ :‬هل تصدق هذا الكلم ؟؟‬
‫صمت الشيخ ول يرد أن يسمع الخأ ممد جوابه !!‬
‫خوفا منم أن يصل الكلم لصاحبنا فيفهم أن الشيخ ف صفي وخيا فعل !!‬
‫وعدت شيخنا خيا وأن استمر ف العلم وف دراست النظامية إرضاء لوالدي ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬سوف أتصل على والدك حت يأت هنا لكي أتفاهم معه!!‬
‫فقلت له ‪ :‬افعل ياشيخنا ما تراه الصلح وأنا أرضى به ‪..‬‬
‫ث طلب الشيخ من التأخر قليل ليتكلم مع ممد على انفراد ‪..‬‬
‫فتكلما قليل وهأا يسران ‪ ..‬ث دعان الشيخ‪..‬‬
‫فكرر علي كلمه السابق كأنه يتوثق من ث قال ‪..‬‬
‫سوف أسافر بعد أسبوعي لكة لداء العمرة وسوف اطلب منم والدك الضور لقابلت‬
‫هناك!!‬
‫ول يذكر ل هل سأرافقه أم ل؟؟‬

‫‪93‬‬
‫الحلقة الثلثاون‬

‫لقششد كششانت تلششك القضششية علششى ط شوال عششدة أيششام وقششد تتجششاوز السششبوع مثششار قلششق لشششيخنا فأشششغلت بششاله‬
‫وتفكيه ‪..‬‬
‫خاصة وان صاحبنا ل يتك طريقة أو وسيلة للنيل من إل وفعلها‪..‬‬
‫ولششول خششوف مششنم غضششب بعششض الخششوة مششنم يعششرف الرجششل لششدثتكم بأشششياء فعلهششا وقالششا ل تكششاد تصششدق‬
‫‪!!..‬‬
‫لقد سعى صاحبنا ف البداية للنيل منم شخصي ووجد مبتغاه ف بعض المور‪..‬‬
‫ولكنه حينما رأى الوضع توجه للهدوء‪،‬أراد إثارة زوبعة أخرى ولكنم هذه الرة منم داخل بيت الشيخ !!‬
‫ل أريد سرد تفاصيل ما حدث ما قد يفهم منه النيل منم أبناء الشيخ وزوجه وولده وأقاربه‪..‬‬
‫فهم وال كرام أبناء كرام ولم ف قلب كل العزة والحتام ويزيد حقهم علي بصلتهم بشيخنا رحه ال‬
‫ومهما بدر منهم فل ألومهم واللوم كله أو جله يقع على ذلك الرجل وعلي أنا ف جزء منه كمششا سششبق‬
‫بيانه‪..‬‬
‫لقد سعى صاحبنا ذلك فأفسد قلوبم علي فرأيت منهم منم الفاء والكره والتأفف‬
‫ما حطم فؤادي وشق صدري منم السى ‪..‬‬
‫غي أنه ل يكتف بذلك بل إنه أفسد قلب بعض أقارب الشيخ على الشيخ نفسه ‪..‬‬
‫ولششو شششئت لششذكرت ذلششك بالسششاء والواقششع ومششا قششاله‪ ،‬ولكششنم حفظششا لسششر شششيخنا وعششدم الفائششدة مششنم ذلششك‬
‫ثانيا أمتنع عنم فتح الباب ‪...‬‬
‫ولقد آذى ذلك شيخنا وضيق صدره حت حنق على الرجل كما سيأت ذكره لحقا إن شاء ال‪..‬‬
‫مرت اليام وأوشكت المور أن تعود كسابق عهدها ‪...‬‬
‫تأثر بعض الطلبة بتلك الواقعة حيث هجرن عدد منهم استهجانا لفعلت ‪..‬‬
‫انتقل الخأ ممد منم السكنم وعي الخأ دخيل الشمران مشرفا على السكنم لفتة وجيزة‬
‫ل تطل‪..‬‬
‫استدعان مرة وكان يمل ف يده ملفي الذي كان ف أدراج ملفات طلبة السكنم فقال ل‪:‬‬
‫أنت لست منم قبيلة شر ؟ أنت منم قبيلة كذا؟؟‬
‫فقلت له ‪ :‬هذا الوضوع ل يعنيك ث انصرفت وتركته!!‬

‫‪94‬‬
‫كفان ما أنا فيه منم مشاكل حت أفتح على نفسي جبهة جديدة!!‬
‫أذكر أنن ف تلك اليام الت سبقت سفري أن أموري مع الشيخ كانت على ما يرام‪..‬‬
‫وف إحدى الليال بعد صلة العشاء طلبت منم شيخنا أن يوفر ل جهاز تسجيل صغي‪..‬‬
‫لكي أقوم بتسجيل فتاويه الت يلقيها ف طريقة للبيت ما يصلح للنشر‪..‬‬
‫أعجب الشيخ بالفكرة ول أدري هل سبقن عليها أحد؟؟‬
‫أشتى ل جهازا متازا وباهظ الثمنم ولكنه ثقيل الوزن وينفع للضرب!!‬
‫ل تستعجلوا علي سأحكي القصة ل حقا!!‬
‫طلب من الشيخ أن أستعد للسفر برفقته لده ‪...‬‬
‫حيث أنه رتب مع والدي اللقاء هناك‪ ..‬بعد أداء العمرة‪...‬‬
‫ل أجرؤ على أن استفسر منم الشيخ ما دار بينه وبي والدي !!‬
‫وكنت ف نفسي أقول ) ل تسألوا عنم أشياء إن تبد لكم تسوؤكم(!‬
‫اشتيت التذكرة بالدرجة السياحية ‪ ...‬على ذات الرحلة مع الشيخ‪...‬‬
‫ظنم صاحبنا أن الوضوع انتهى وأنن لنم أعود لعنيزة فقد كان على اتصال بوالدي طوال‬
‫السبوعي النصرمة كما سيأت ذكره ‪..‬‬
‫ولذلك ل حظته مبسوطا مستبشرا مع الطلبة‬
‫بلف اليام الالية فهو ل يكاد يرفع رأسه منم الغيظ والغضب‪!!..‬‬
‫سألت الشيخ هل ستعتمر ؟‬
‫قال نعم‪..‬‬
‫فقلت ‪ :‬هل أشتي ل إحراما ؟‬
‫فقال ‪ :‬إن شئت‪...‬‬
‫ف يوم السفر توجهت لنزل الشيخ فطرقت الباب ‪..‬‬
‫ففتح ل باب اللحق‪...‬‬
‫لقد فتح ل الباب شاب ف سن تقريبا وفيه شبه كبي بوجه شيخنا ‪..‬‬
‫هذا هو عبد العزيز ابنم الشيخ ‪..‬‬
‫تعرفت عليه ‪ ،‬وفهمت منم كلمه أنه سيكون برفقتنا!!‬

‫‪95‬‬
‫الحلقة الواحدة والثلثاون‬

‫قادنا للمطار هذه الرة ابنم الشيخ عبد ال وشيعنا للمطار تقريبا جيع أبناءه‬
‫كان الشيخ متوترا على غي العادة وقليل الديث وأنا أتفهم سبب ذلك!!‬
‫فلقد كان غالب أبناءه متوجسي منم وجودي ويعتبون دخيل غي مرغوب فيه‪..‬‬
‫وصلنا للمطار على موعد القلع تقريبا ‪...‬‬
‫سألن الشيخ وننم متجهون للطائرة أينم إحرامك؟‬
‫فقلت له ف الكيس الذي أحله ف يدي‪..‬‬
‫قال ‪ :‬لو أنك لبسته ف بيتك كان أسهل عليك ‪...‬‬
‫لحظت أن الششيخ يلبشس الزار مشنم تشت ثشوبه بيشث أنشه إذا حشاذى اليقشات خلشع ثشوبه ثش يلبشس الشرداء‬
‫‪...‬‬
‫وهذا ما كان ‪...‬‬
‫بقيت أنا وعبد العزيز ابنم الشيخ متجاورينم ف الدرجة السياحية ‪..‬‬
‫ووالده شيخنا ف الدرجة الول حيث هو مستضاف منم مركز الدعوة ف جده للقاء‬
‫ماضرات وندوات ولقاءات عامة ونو ذلك ما سيأت ذكره ‪..‬‬
‫كان لعامل السنم دور كبي ف تسهيل التعامل مع الخأ عبد العزيز ‪..‬‬
‫وكذلك لي جانبه وتتعه بالخلق السامية جعل منم رفقته مكسبا ل ‪..‬‬
‫حششاولت جاهششدا أن أغيش الصششورة الششت رسششها ذلششك الرجششل عنش فش ميلششة جيششع أبنششاء الشششيخ وأقششاربه ‪ ،‬غيش‬
‫أنن ل افلح فهو بم أوثق ومنهم أقرب وعلقته أرسخ وأقدم!!‬
‫وأنا ف موضع تمة وغريب وثبت علي ما يل بوضعي !!‬
‫ولكنها بالتفحص والنظر النصف ليست مبرا للهجران والقطيعة أو الظلم واليذاء!!‬
‫بقي ششت أت ششدث أن ششا وعب ششد العزي ششز فش ش أم ششور عام ششة وتنبن ششا ال ششديث فش ش الم ششور الاص ششة فق ششد ك ششان كلن ششا‬
‫متحفظا!!‬
‫سعت كابت الطائرة يقول على اليكرفون ‪..‬‬
‫نرحب بفضيلة الشيخ ممد بنم صال العثيمي الرافق لنا على هذه الطائرة ‪..‬‬

‫‪96‬‬
‫بعد انقضاء أكثر وقت السفر واقتابنا منم اليقات جاء إلينا الشيخ بنفسه ‪..‬‬
‫وهو لبس للحرام وليته تقطر منم طيب الدهان ‪ ..‬ويرى أثره على ليته البيضاء‪..‬‬
‫فقال لنا ‪ :‬قوما والبسا إحرامكما ولبيا للعمرة ‪...‬‬
‫لبسنا الحرام ولبينا ودخلنا ف النسك‪..‬‬
‫هبطت الطائرة لطار جده ‪...‬‬
‫وتوقفت وفتحت أبوابا ‪...‬‬
‫خرجت أنا وعبد العزيز منم الباب اللفي للطائرة ‪ ..‬وكان هأنا أن ند الشيخ‪..‬‬
‫ونششنم ننششزل مششنم الششدرج لحظنششا عششددا مششنم السششيارات الفارهششة تقششف أمششام سششلم الطششائرة لتسششتقبل ضششيوفا ل‬
‫نعلم أننا ننم القصودون بذلك!!‬
‫كان الشيخ واقفا يصافح حشدا منم الناس أمام السلم مباشرة ‪..‬‬
‫توجهنا للشيخ فأشار لبنه عبد العزيز وإل أن أركبا مع أحد السيارات‪..‬‬
‫ركبنا ف السيارة وخرجنا منم الطار‪..‬‬
‫وتوجهنا لي الروضة ف جده‪..‬‬
‫توقفت السيارات أمام بيت فاره كبي ذا لون أبيض ‪..‬‬
‫أنزلنا حقائبنا وثقلنا ودخلنا البيت لكي نرتاح قليل‪..‬‬
‫هذا النزل هو الكان الذي اعتاد شيخنا النزول فيه كل مرة ينزل لده‪..‬‬
‫وهو منزل الوجيه الشيخ صال بنم إبراهيم الزامل‪..‬‬
‫هذا الرجل الكري صاحب الرؤة العالية والنبل النادر الب للعلماء ‪..‬‬
‫رجل قد أغناه ال منم واسع فضله ‪ ..‬فهو منم أثرياء ووجهاء جده يقول ل أحد معارفه‪:‬‬
‫كان أبو إبراهيم رجل مقبل على الدنيا يلك القصور والفلل ف سويسرا ولندن وأمريك‬
‫ث إنه تاب إل ال تعال وتوجه للطاعة فتصدق بزء كبي جدا منم ماله ‪..‬‬
‫يبه شيخنا حبا جا ‪ ،‬ويكرمه بالنزول ف ضيافته كل مرة ‪..‬‬
‫سعت منم شيخنا ثناء عاطرا على هذا الرجل ونعم الرجل أبو إبراهيم ‪..‬‬
‫بارك ال له ف ماله وولده‪..‬‬
‫مكثنا قليل ووضع لنا الغداء وبعدها توجهنا لكة لداء العمرة‪...‬‬
‫كان مرافقنا بالضافة إل الشيخ صال الزامل هو دليلنا الخر الخأ علي السهلي‪..‬‬
‫وهو شاب مب للعلماء منم سكان جده ويتحفك بالديث والطرائف ‪..‬‬
‫‪97‬‬
‫فيكون النصب والرهاق ف صحبته متعة!!‬
‫بارك ال فيه وجزاه ال خي الزاء‪...‬‬
‫كان الشيخ طوال الطريق يلب ويرفع صوته بالتلبية ‪ ..‬حت يكاد يبح صوته منم ذلك‪..‬‬
‫كنت أراقبه وأفعل مثل ما يفعل وأقول مثلما يقول‪...‬‬
‫وكان يقطع أحيانا ذلك بالديث معنا والسؤال عنم شيء يهم‪..‬‬
‫غي أنه ف الغالب ل ينقطع عنم الذكر والتسبيح‪...‬‬

‫الحلقة الثانية والثلثاون‬

‫وصلنا للحرم قريبا منم أذان العصر‬


‫صلينا العصر ف الرم ‪...‬‬
‫كان الشيخ يقول ‪ :‬سبحان ال‪ ،‬انظروا‪ ،‬توضأنا ف عنيزة وهاننم نصلي ف مكة!!‬
‫اضطبعنا كما هي السنة ث بدأنا بالطواف‪..‬‬
‫كان الشيخ يسرع ف خطاه حت يكاد أن يري ‪ ..‬وهو ما يسمى الرمل‬
‫وكنا نفعل مثل ما يفعله خلفا لكثي منم الطائفي ‪..‬‬
‫لحظنا أحد العاملي ف تنظيم العتمرينم حول الكعبة ‪..‬‬
‫وهو رجل كبي ف السنم عليه عباءة مزررة باللون الذهب‪..‬‬
‫مر بواره الشيخ فلم يعرفه فنادى على الشيخ ‪ :‬إن ما تفعله بدعة وخلف السنة‪!!..‬‬
‫فلم يلتفت إليه الشيخ ول يرد عليه‪..‬‬
‫وحينما مر بواره الرة التالية كرر عليه الكلم ‪..‬‬
‫حينها رد عليه الشيخ وهو يسي )والرجل يلهث خلفشه ويسشك بنكشب الششيخ يريشد إيقشافه!!( قشائل ‪ :‬قد‬
‫ثبت بالنص أن ذلك مشنم السشنة وروى لشه الشديث ‪ ..‬ثش دفشع يشده واسشتمر‪ ..‬ثش قشام الششيخ صشال الزامشل‬
‫وهأس ف أذن الرجل وقال له ‪ :‬الشخص الذي تتكلم معه ‪ ،‬هو الشيخ ممد بششنم صششال العششثيمي عضششو‬
‫هيئة كبار العلماء!!‬
‫تأفف الرجل وقال ‪ :‬ل حول ول قوة إل بال ‪،‬وال ما عرفت الشيخ ‪..‬‬
‫بعششد انقضششاء الش شواط الثلثششة الششت يرمششل فيهششا ‪ ،‬مشششينا مشششيا عاديششا ولششق ذلششك الرجششل بنششا واعتششذر مششنم‬
‫الشيخ ‪..‬‬

‫‪98‬‬
‫ل يب شيخنا أن يعرف نفسه لحد فذلك ليس منم شيمه ‪..‬‬
‫إل إن رأى حاجة لذلك ‪..‬‬
‫منم الواقف الت أذكرها جيدا ‪..‬‬
‫ف سنة منم السنوات كنت أسعى بي الصفا والروة معه ‪...‬‬
‫وكششان الشششيخ بطبيعششة الششال مرمششا ‪..‬وكششثي مششنم النششاس ل ييششز جيششد ا حينمششا يكششون مرمششا‪..‬فهششو بلف‬
‫الشكل العتاد له‪..‬‬
‫مررنا بوار رجل ف المسينيات يمل مصحفا ف يده ويلبس نعل ف السعى‪..‬‬
‫فاقتب شيخنا منه وقال له‪ :‬ل ينبغي لك يا أخي أن تسي ف السعى بنعلك‪..‬‬
‫فالتفت للشيخ ول يعرفه وأخذه طول وعرضا وقال‪ :‬هذا منم السنة!!‬
‫فقال له الشيخ ‪ :‬نعم هذا منم السنة حينما كان الصفا والروة واديا مفروشا بالصى والشتاب‪ ..‬أمششا الن‬
‫فهو مبلط ولو لبس الناس النعال مثلك لتأذى الصلون منم ذلك ‪..‬‬
‫فقال الرجل ‪ :‬هذا أمر ل يعنيك وانصرف وترك الشيخ !!‬
‫فلحقه شيخنا وقال له ‪ :‬أريد أعرفك بنفسي ‪ ،‬أنا أخوك ف ال ممد بنم صال العثيمي!!‬
‫فقال ‪ :‬هو أنت ؟؟‬
‫الشيخ؟؟‬
‫قال ‪ :‬نعم أنا !!‬
‫فانن الرجل وحل نعله وقال ‪ :‬وال ياشيخ ما عرفتك سامن!!‬
‫وقبل رأس الشيخ واعتذر منه ‪ ...‬وهي تية تعورف أنا للعلماء!!‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬سامك ال يا أخي ‪ ..‬لو أنك عرفت الرجال بالق خي منم أن تعرف الق بالرجال!!‬
‫ومنم الواقف الت أذكرها جيدا ‪ ..‬أنه ذات مرة كان الشيخ خارجا منم باب الصفا منم الدور الثشان بعشد‬
‫صششلة العشششاء ‪ ..‬فلمششح عششامل سششعوديا فش ش البلديششة يطششارد امش شرأة تكششر ونيششة مششنم يبعششنم أمششام الششرم بعششض‬
‫الردوات والزينة والنعال‪ ..‬كانت تري وتمل متاعها اللفشوف ف قطعشة قمشاش وتصشيح وتولشول‪ ..‬والرجشل‬
‫يري خلفها يريد المساك با‪..‬‬
‫وك ششانت امش شرأة ك ششبية فش ش الس ششنم وه ششو ش ششاب نش ششيط فلحقه ششا عل ششى درج أح ششد ال ششبيوت فأمس ششك بتاعه ششا‪..‬‬
‫فأخذت تصيح وتتجاه وتبكي بصوت مزن يقطع الفؤاد ‪..‬‬
‫وهو ل يلتفت إليها ول يرد عليها‪..‬‬
‫فرأيت الشيخ أحر وجهه وامتلئ غضبا وتوجه لذلك الرجل ‪..‬‬
‫‪99‬‬
‫فأمسك به بشدة ونزع القماش منم يده وألقاه ف يد العجوز فطارت به واختفت عنم ناظرنا‪..‬‬
‫وقال لذلك الشاب الذي صششعق مششنم الوقششف ولش يتششوقعه ويسشتعد لشه‪ ..‬وكششانت علمشات الشوف والتعجششب‬
‫ظششاهرة علششى وميششاه قششال لششه‪ :‬اذهششب لششديرك وقششل لششه إن ابششنم عششثيمي قششد أطلششق تلششك الشرأة وسششوف أتمششل‬
‫السئولية عنم ذلك !!‬
‫أعتذر منم الشيخ وقبل يده ورأسه وانصرف ‪...‬‬

‫الحلقة الثالثة والثلثاون‬

‫وهكذا انتهينا منم مناسك العمرة وكانت سهلة ميسرة ‪..‬‬


‫واعتمرت عمرت الت أعتبها أول عمرة أعملها قريبة أو هي على السنة على الطلق‪..‬‬
‫توجهنا للحلقي اللذينم على باب الروة ‪..‬‬
‫وكعادتم يصرخون على العتمرينم كل ينادي على مله‪..‬‬
‫فاختار الشيخ رجل كبيا ف السنم منم الباكستان وليته حراء ‪..‬‬
‫وقال ذلك الرجل له ‪ :‬أنا أعرفك أنت فيه مطوع كبي !!‬
‫حلق الشيخ وحلقت‪ ،‬وأب عبد العزيز أن يلق بل كان يريد التقصي ‪..‬‬
‫فقال له الشيخ ‪ :‬ياولدي أكسب دعوة رسول ال حيث دعا مرتي للمحلقي ‪ ،‬ففعل‪..‬‬
‫انتهينا منم اللق ‪ ،‬وتوجهنا للسكنم وهي عبارة عنم شقة تابعة لحد أصحاب الشيخ‬
‫تقع أمام باب الروة مباشرة ‪ ،‬وقد هدت لحقا ‪...‬‬
‫حصل ل ف تلك العمارة موقفان ل أنساهأا أبدا ‪ ..‬ولعل فيهما طرفة !!‬
‫واسحوا ل أن أحكيه لكم فيها ل تلوا منم فائدة ودعابة !!‬
‫كانت الشقة الت نقيم فيها ف الدور الخي وهو العاشر ‪..‬‬
‫وذات مرة ف إحدى الزيارات لكة ‪ ..‬صعدت مع الشيخ ‪ ..‬على مصعد الشقق الوحيد‬
‫وصعد برفقتنا الشيخ سعد البيك الداعية العروف والقيم ف نفس العمارة ‪..‬‬
‫نزل الشيخ سعد ف طابقه وغادرناه لطابقنا العاشر‪..‬‬
‫وفجأة توقف الصعد عنم العمل وبقينا معلقي بي طابقي‪..‬‬
‫ضغطت على زر النداء فلم يبنا أحد وكدنا نتنق منم الر وقلة الواء‪..‬‬

‫‪100‬‬
‫عندها قمت بدفع باب الصعد وفتحتهما بعد ماولت عديدة وبالكاد فتح!!‬
‫ولكنم تبقى الشكلة أنه معلق بي طابقي‪ ،‬ولكنم منم رحة ال بنا أن بقيت ف أسفله‬
‫فتحة بسيطة ‪ ..‬يكنم الرور منه‬
‫ولكنم بشقة ‪ ،‬وفيها خطورة حيث منم المكنم أن يتحرك الصعد ف أي لظة فيحصل‬
‫مال يمد عقباه !!‬
‫نزلت أنا أول فخرجت بنجاح ‪ ،‬وبقيت أل على شيخنا بالنزول حت وافق على‬
‫مضض‪..‬فتدل منم الباب فخرج والمد ل !!‬
‫ولول نفعل ذلك للكنا بل شك ‪..‬‬
‫والوقف الخر ‪،‬‬
‫ذات مرة جئنا لنفس السكنم ولكنم هذه الرة كان الصعد عطلنا بالرة ول يعمل‪..‬‬
‫فكان الواجب علينا الصعود على الدرج لعشر طوابق ‪!!..‬‬
‫صعد الشيخ بكل خفة ورشاقة أما أنا فتعثرت مرارا وهأمت أن أرجع للحرم وأترك‬
‫الشيخ!!‬
‫فكان الشيخ يسحبن ويرن وهو ابنم السبعي حت وصلت وكاد نفسي ينقطع!!‬
‫غي أن الشيخ حينما وصل للسكنم تذكر أن لديه مكالة مع المي عبد ال ول العهد ‪..‬‬
‫وهي ضرورية ول يكنم تأخيها ‪..‬‬
‫فقال ل ‪ :‬احضر الاتف لكي اتصل ‪ ..‬فبحثت عنم جهاز الاتف ف كل غرف الشقة‪..‬‬
‫فلم أجده فتتبعت سلك الاتف الوصل بالفيش فوجدته موصول بغرفة مغلقة وليس لدينا لا مفتاح!!‬
‫علمت منم وجه الشيخ وملمه أن ل خيار لديه ‪..‬‬
‫فقررت النزول لشراء جهاز له ‪..‬‬
‫فقال ل‪ :‬سوف انزل معك ‪..‬‬
‫قلت له ‪ :‬أبدا ‪ ،‬وكنت أعلم أنه سينزل معي ماملة ل تفيفا للمشقة!!‬
‫وخوفا علي منم أن أموت قبل الرجوع!!‬
‫فأصر على النزول معي فأذعنت لذلك ‪..‬‬
‫نزلنا وما أسهل النزول كما ما أسهل الدم !!‬
‫ننم أهل الدعوة نبن ونتعشب ونعشان أمشا أهشل الششر مشنم أهشل العلمنشة والنفشاق فيهشدمون ومشا أسشهل ذلشك‬
‫فالكل يقدر على الدم لنم ل ضمي له أما البناء فهي مهنة الشرفاء ‪..‬‬
‫‪101‬‬
‫جعلنا ال منهم‪..‬‬
‫بثنا ف اللت فوجدنا أجهزة متعددة ومتلفة السعار ‪..‬‬
‫فكنت أريد شراء جهاز معقول الثمنم حيث أنن علمت أن حاجتنا إليه لكالة واحدة فقط‪..‬‬
‫غي أن الشيخ له رأي آخر !!‬
‫بث عنم أرخص جهاز بالسوق وقيمته عشرة ريالت وهو أشبه بلعب الطفال!!‬
‫فقلت له ‪ :‬ياشيخنا هذا ما ينفع لشيء !!‬
‫قال ‪ :‬ياولدي مكالة واحدة فقط !!‬
‫فأخذناه واستحييت وال منم شراءه ولكنم هذه هي رغبة الشيخ ‪..‬‬
‫وليس هذا بل منه كما قد يظنم بعض أهل الغفلة بل الشيخ منم أكرم الناس‬
‫كما يشهد بذلك منم عرفه ولكنه مقتصد على نفسه بأقصى الدود رحه ال وعفا عنه‪..‬‬
‫صعدنا الدرج ويا للعذاب !!‬
‫فظنم شرا ول تسأل عنم الب‪..‬‬
‫وصلت للشقة فرميت نفسي تت دش الاء واغتسلت منم العرق والهد!!‬
‫دخل شيخنا وأراد إصلح خط التلفون فما استطاع فانتظرن حت خرجت منم المام‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬تعال أصلح ل الاتف‪..‬‬
‫فتأملت ‪ ...‬ث‬
‫قلت له ‪ :‬ليس منم سبيل سوى بقطع سلك تلفون صاحب النزل وتوصيله‪..‬‬
‫فأب الشيخ وقال ‪ :‬هذا ليس منم الرؤة هل تريده يقول ‪ :‬أفسدوا سلك تلفون!!‬
‫فقلت له ‪ :‬ما العمل ؟؟‬
‫فبحثنا وتتبعنا السلك حت وصلنا لفيش التلفون ‪..‬‬
‫فقمت بفكه بسكي ووصلت أسلك تلفوننا البتذل ولكنم أينم اللصق الذي يثبته!!‬
‫فقلت ‪ :‬ياشيخ التلفون يعمل ولكنم نتاج للصق فهل سننزل منم اجله للسوق ؟؟‬
‫فقال ‪ :‬كل بل أوصل السلك بيديك وأمسك به حت أني الكالة!!‬
‫كانت فكرة شاقة ولكنها أهون على نفسي منم النزول منم الدرج ‪..‬‬
‫اتصل شيخنا على مكتب المي ‪ ..‬فرد عليه عامل البدالة ‪ ..‬فعرف الشيخ بنفسه ‪..‬‬
‫فرحب به الرجل وقال له سأوصلك بطويل العمر‪!!..‬‬
‫فاستمر ف النتظار دقائق معدودة حت يوصلوه بالمي وكنت خائفا وال ‪..‬‬
‫‪102‬‬
‫أن يرد طويل العمر فيسقط السلك منم يدي فأحاسب حسابا عسيا !!‬
‫ولكنم ال سلم ‪..‬‬
‫كلم شيخنا المي وقضى منه ما يريد ث لففنا التلفون وأهديناه لولد صاحب البيت لكي يتسلوا به!!‬

‫الحلقة الرابعة والثلثاون‬

‫كما سبق وذكرت فقد نزلنا بشقتنا الواقعة مقابل الروة‪..‬‬


‫ولش نشششعر بششالتعب والرهششاق خاصششة بوجششود الخأ علششي السششهلي اللششذي وهبششه الش موهبششة الطرافششة الفطريششة ‪،‬‬
‫فهو يتلفظ بكلمات تبك على الضحك والوناسة إجبارا!!‬
‫ننا ليلتنا تلك ف مكة‪...‬‬
‫صلينا الفجر ف الرم وف وقت الضحى توجهنا لده‪...‬‬
‫كان معنا ف سيارة الشيخ صال جهاز تلفون سيار قبل معرفة أجهزة الوال‪..‬‬
‫اتصل شيخنا على شخص ‪ ..‬فسمعته يكنيه بأب ممد !!‬
‫ث التفت الشيخ إل ‪ ..‬ففهمت منم نظراته أنن معن بنم يتحدث معه‪..‬‬
‫أوشك قلب على التوقف منم الرعب !!‬
‫وتصببت عرقا ‪ ،‬وصار الدم يغلي ف عروقي ‪...‬‬
‫حيث علمت انه يكلم والدي !!‬
‫غي أنن ل حظت شيخنا يتكلم معه بكل هدوء فخفف ذلك علي هول الصدمة‪..‬‬
‫ث سلم شيخنا ساعة التلفون للشيخ صال حت يصف له منزله ف جده!!‬
‫ل أستطيع أن أصف مشاعري ف تلك اللحظات ‪..‬‬
‫كانت مشاعر متضاربة ‪ ...‬ولكنم يطغى عليها الوف ‪..‬‬
‫ل أدعي أنن كنت مسرورا أو متشوقا للموقف!!‬
‫فقد كنت كسجي هرب منم سجنه!!‬
‫منذ حوال المسة شهور‪..‬‬
‫ل أقصد أن حيات كانت سجنا بل التوصيف القريب أن تسمى انعتاقا وتررا منم القيود!!‬
‫وإن كان ول شك أن والدي عليه الرحة والرضوان ل يقصد منم وراء ذلك سوى مصلحت‬
‫ولكنم ‪ ...‬هل كل منم قصد شيئا وفق؟؟‬

‫‪103‬‬
‫هل كل صاحب دعوى هو مقبول على الطلق؟؟‬
‫أليس كل أحد معرض للخطأ ف التوصيف واللحظة ما يبن عليه‬
‫خطأ ف اتاذ القرارات‪..‬‬
‫أليس رسولنا صلى ال عليه وسلم وهو سيد البشر أخطأ؟؟‬
‫كما فعل مع ابنم أم مكتوم فعاتبه رب الللة منم فوق سبع ساوات؟؟‬
‫ولكنن لو رجعت للوراء لكان تصرف متلفا للغاية ‪ ،‬فالمد ل على ما قدر‪...‬‬
‫ل يظهر على شيخنا أي ارتباك أو حرج منم ذلك التصال كما هو حال‪..‬‬
‫وصلنا لده فوجدنا حشدا كبيا منم الناس ف انتظارنا‪..‬‬
‫جده هذه هي مدينة الشيخ ممد العثيمي!!‬
‫يب شيخنا أهلها وهم أشد حبا له‪..‬‬
‫وسعت شيخنا مرارا يقول ذلك‬
‫ولذلك حينما يعاتب على حظ جدة منه بلف الدن الخرى‬
‫يقول هؤلء هم جيان الرم فل تلومونا ببهم!!‬
‫ولذلك منم اللحظ كثرة طلبة الشيخ ف عنيزة منم أهل جده ‪..‬‬
‫وأما الضور الكثيف لاضرات الشيخ ف جده فذلك ل ينافسهم عليه أحد‪..‬‬
‫نزلنا ف منزل الشيخ صال ‪..‬‬
‫فبدا أن اللس يغص بالناس ‪ ..‬غي أن هناك ضيفا ميزا ف تلك اللسة لأنساه!!‬
‫دخل علينا رجل حجازي الطلعة ‪ ،‬هادي الطباع ‪ ،‬حليق الذقنم ‪ ..‬مؤدب ‪..‬‬
‫فيه سكون ل تكاد تسمع له حسا ‪...‬‬
‫تقدم ف اللس ‪ ،‬وحينما رآه الشيخ ‪ ..‬قام له ‪ ..‬وصافحه برارة‪..‬‬
‫ل يكنم وجهه غريبا علي ‪ ،‬فقد سبق أن رأيته ‪...‬‬
‫ولكنن ل أميز شخصه؟؟‬
‫فبقيت أحلق فيه وهو جالس بوار الشيخ ل يكاد يرفع رأسه منم الجل‪..‬‬
‫وبعد التدقيق والتمحيص ‪ ،‬انكشفت ل شخصيته ‪...‬‬
‫فصعقت ‪ ،‬وتعجبت ‪ ،‬وما توقعت أن أرى ذلك أل‪!!!....‬‬
‫بوار الشيخ !!‬
‫إنه الغن الشهور ممد عبده !!‬
‫‪104‬‬
‫مالذي أتى به ؟؟‬
‫ومنم دعاه؟؟‬
‫يقيم ممد عبده بوار منشزل الششيخ صشال الزامشل ولشه جامع كشبي هنشاك قشد بنشاه ممد عبشده علشى نفقتشه‬
‫‪..‬‬
‫سعنا جيعا بتوبة هذا الغن ‪..‬‬
‫وكان لقاءنا به ف تلك اليام الت أعلنم توبته منم الغناء واعتزاله له وليته استمر بذلك‪!!..‬‬
‫غي أنه مورست عليه ضغوط منم جهات معروفة‪..‬‬
‫فسوغت له الباطل فعاد له وال حسيبنا وحسيبه‪..‬‬
‫زينوا له أن الغناء مباح خاصة منه ما يسمى بالغناء الوطن ‪..‬‬
‫كان شيخنا مهتما بحمد وزاره ف بيته مرارا ‪..‬‬
‫تثبيتا له على الق ولكنم ال ل يرد ذلك ) إنك ل تدي منم أحببت ولكنم ال يهدي منم يشاء(‬
‫ورأيته مرة يلس مع الشيخ لوحده وكان يشتكي له منم شدة الضغوط عليه ويبكششي فكششان شششيخنا يصششبه‬
‫ويذكره بال ‪..‬‬
‫ولقد تبع لنا الخأ ممد بتبعات جليلة لقضايا إسلمية عديدة عفا ال عنا وعنه لعلي أذكرها لحقا‪..‬‬

‫الحلقة الخامسة والثلثاون‬

‫كان ذلك اليوم فيما أذكر يوم خيس‬


‫ووضع لنا الغداء ف الفيل الاورة والت هي أيضا تابعة لفلل الشيخ صال الزامل‬
‫وذلك لكثرة الضيوف وازدحام اللحق بم ‪..‬‬
‫غي أن ل أجد لذلك الطعام أي لذة رغم تنوعه وفخامته و لكنم ل يطب ل الال!!‬
‫فقد كنت قلقا للغاية ‪ ،‬فوالدي قد يدخل علينا ف أي لظة‪..‬‬
‫ول شك أنن ل أكنم أحب رؤيته وأنا ف جع منم الناس ‪..‬‬
‫كنت أراقب الباب وأراقب الشيخ ممد حيث أن التلفون الثابت وضع بواره وينتظر مكالة الوالد‪...‬‬
‫انتهينا منم الغداء وقدم لنا الشاي وبدا اللس بالنفضاض‪..‬‬
‫ول يكنم أحد يعلم بقدوم الوالد سواي والشيخ ممد والشيخ صال ‪..‬‬
‫بقيت مع الشيخ ممد وذهب الخرون للقيلولة ‪..‬‬

‫‪105‬‬
‫وأجهد الشيخ منم النتظار فدخل غرفته ونام‪..‬‬
‫أذن العصر وتوجهنا للمسجد‪..‬‬
‫وبعد الصلة عدنا للبيت ‪..‬‬
‫وبعد نصف ساعة منم الصلة ‪ ..‬رن جرس الاتف‪...‬‬
‫فرد الشيخ صال الزامل ‪ ..‬فعرفت منم كلمه أنه الوالد ‪..‬‬
‫وصف له النزل وصفا دقيقا‪ ..‬ث أغلق السماعة‪..‬‬
‫ناداه شيخنا وهأس ف أذنه وطلب منه أن يوفر لنا مكانا منعزل عنم الخرينم ‪..‬‬
‫كان التوتر على أشده من ‪ ،‬بينما شيخنا كأن على فؤاده قالب ثلج!!‬
‫وهكشذا الرجشال اللشذينم طحنتهشم اليشاة طحنشا وتعلمشوا مشنم دروسشها يواجهشون الصشاعب بكشل ثبشات ورويشة‬
‫واتزان‪...‬‬
‫ذهبت برفقة الشيخ صال للفيل الاورة حيث سأستقبل الوالد قبل قدوم الشيخ‪..‬‬
‫بقيت ف الارج واقفا ف الشمس ‪ ..‬ول يقر ل قرار‪..‬‬
‫كنت أتصور غضب الوالد وهو رجل غضوب منم طبعه فكيف وهو ف هذا الال؟؟‬
‫حيث مضى على هروب منم النزل حوال المسة شهور ‪...‬‬
‫بعد دقائق تقدم حارس الفيل وفتح البواب الضخمة ودخلت سيارة جس كبية لونا احر وأسود وهي‬
‫سيارة الوالد الت عهدت‪..‬‬
‫حينما دخلت مقدمة السيارة وكان بلط الفناء مرتفعا عنم مستوى الشارع ل يظهر ل وجه الوالد‪..‬‬
‫و لكنم حينما استوت السيارة رأيت وجهه ‪..‬‬
‫ليته بيضاء متلطة بالسواد كمشا عهشدته ووجهشه عشابس بشل عليشه علمشات الغضشب والنفعشال‪ ..‬وهشذا مشا‬
‫توقعته بالتأكيد !!‬
‫كان مشهدا مضطربا يصعب علي وصفه ‪..‬‬
‫تقدمت لباب السيارة بعد أن استدار با وأوقفها تت الظلت ‪..‬‬
‫ففتحت الباب فانكببت على يد والدي وقبلتها وقبلت جبهته ‪..‬‬
‫فأشاح بوجهه عن ول يرد السلم علي ‪..‬‬
‫ل أتضايق ما فعل فأنا أستحق منه أكثر منم ذلك !!‬
‫ل ألحظ أن معه شخصا آخر سوى حينما سلم علي‪ ،‬فاستدرت للصوت‪..‬‬
‫فرأيت أحد أصدقاء والدي اللذينم يبهم ويثق فيهم وهشو السشتاذ مششرف الزهرانش السشتاذ مششرف رجشل‬
‫‪106‬‬
‫عاقل ورزينم ويثق والدي بنصحه ولذلك كانت صحبته للوالد ذلك اليوم منم رحة ال ب‪...‬‬
‫دخلنا لغرفة صغية ملحقة بالفيل حيث تضمنم لنا خصوصية كاملة‪..‬‬
‫جاء الشيخ صال حينما علم بقشدوم الوالشد فصشافح الوالشد بشرارة ششديدة كمشا هشي عشادته مشع ضشيوفه ولش‬
‫يكششنم يعلششم بالوضششوع الششذي بينش وبيش الوالششد ‪ ،‬فأخششذ الشششيخ صششال يثنش علششي وعلششى حرصششي علششى العلششم‬
‫وأن أعظم توفيق ل ل أن جعل ل قبول لدى إمام المة الشيخ بنم عثيمي ‪.‬‬
‫لشك أن تلك العبارات الصادقة الت نطق با الشيخ صال والت خرجت منه بدون قصد حيث هشو ل‬
‫يعلم عنم القصة أصل ولش يشبه أحد با ‪،‬كشان لتلشك الكلمشات أثشر فش الوضششوع فكشأن معناهشا ‪ ..‬يشا أبشا‬
‫ممششد ل داعششي للقلششق فقششد حفششظ ال ش لششك ابنششك فليششس هششو كمششنم هششم مششنم أترابششه مششنم الشششباب اللششذينم‬
‫اشغلهم اللهو فأضاعوا دينهم ودنياهم‬
‫بل إن ال هيأ لبنكم مكانا ل تستطيع أنت ول غيك أن يضعه فيه بل هشو فضششل خشالص مششنم الش عششز‬
‫وجل !!‬
‫أحضر لنا القهوة والشاي وكنت أخدم الوالد وصاحبه ‪...‬‬
‫ول نكنم نتحدث بل كان الصمت رهيبا والدوء منذر بشر مستطي ‪!!..‬‬
‫هذا ما تيلته وتوقعته‪...‬‬

‫الحلقة السادسة والثلثاون‬

‫بقينا ف انتظار قدوم الشيخ ول يطل الغياب ‪..‬‬


‫دلف شيخنا للمجلس فوقف إزاء الوالد فصافحه ورحب به وصافح رفيقه ث جلسو‬
‫كنت أراقب وجه الشيخ ووجه الوالد ‪..‬‬
‫كان وجه شيخنا كما سبق وذكرت على مياه الدوء والسكينة‬
‫أما وجه والدي فقد كان على وجهه علمات الية والجل !!‬
‫فهو متار ما سيقول وخجل منم الشيخ صاحب القام الرفيع‪..‬‬
‫أما أنا فإنن ل يق ل الكلم بعبارة واحدة!!‬
‫فمنم رأسي البليد خرجت كل هذه الصائب!!‬
‫قرأت ف كتاب اليدة والذي يروي قصة الناظرة الشهورة بي أحد علماء السلف ) نسيت اسه ( وبي‬
‫بشر الريسي إمام الهمية وذلك ف ملس أمي الؤمني الأمون‪..‬‬

‫‪107‬‬
‫حيث وصف ذلك العال كيف أنه أصابته هيبشة الوقشف بيش يشدي الليفشة بالقششعريرة والرتبشاك‪ ،‬فلحشظ‬
‫ذلك الأمون وكان رجل داهية ‪ ..‬فأخذ يتحدث مع الشيخ ف أمور خارج الوضع الذي جاء‬
‫مشنم أجلششه نششو أحشوال الدينششة الشت قشدم منهشا وكيششف الغلء والرخششص فش السشواق وهشل جشاءهم غيششث ومششا‬
‫حال الزرع والضرع ونو ذلك‪ ....‬يريد منم ذلك كله أن يلطف الو‬
‫الشحون ويذهب الروع عنه ‪...‬‬
‫وهكذا فعل شيخنا ذلك اليوم ‪..‬‬
‫أخذ يتحدث مع الوالد ويسأله عنم عمله وكيف أحوال الطائف وعنم المطار ونو ذلك‬
‫كنت أرقب ف وجه والدي البتهاج‪..‬‬
‫وأخذت أسارير وجهه بالنفراج رويدا رويدا حشت إذا مشا ششعر الششيخ بتهيئتشه بششدأ ششيخنا فش الشديث فش‬
‫الوضوع الهم!!‬
‫قششال الشششيخ ‪ :‬تعلمششون أن الخأ فلن ) كنششت أتن ش أن ينششادين بششالبنم وأظششنم الشششيخ تعمششد ذلششك لكمششة‬
‫يقصدها فتأمل!!( قد جاء لعنيزة منم أجشل طلشب العلشم وقشد لحظشت منشه حرصشا علشى العلشم وصشدقا ف‬
‫الطلششب فقربتششه منش وصششحبته معششي فش بعششض أسششفاري فرأيششت منششه مششا أسششرن وتأكششدت مششنم أمششانته وحرصششه‬
‫على التحصيل العلمي‪..‬‬
‫غيش انششه قششام أحشد طلبتنششا بالتصششال عليكششم وتأكششد مششنم حشاله وأنششه هششارب مششنم بيتششه وجششاء بغيش إذن والششديه‬
‫فغضبت منه وحصل أن اتصلت عليكشم مشرارا فدار بيننشا الشديث الشذي تعلمشه وحددنا هشذا الزمشان لكشي‬
‫نلتقي واحضر لكم ابنكم فلن لكي ترونه ونقرر ف حاله ماهو الصلح والرشد له ‪..‬‬
‫سكت الشيخ ث بدأ الوالد ف الديث ‪...‬‬
‫م ششنم ع ششادة وال ششدي إذا أراد ال ششديث ال ششاد أن يل ششع ش ششاغه ويض ششعها عل ششى حج ششره ويتكلمبص ششوت خ ششافت‬
‫وهادئ‪...‬‬
‫قال ‪ :‬فلن فعل فعل ل يفعله أحد منم الناس ‪ ،‬عصان وعصى أمه وترك دراسته وهرب منم النزل ‪..‬‬
‫قاطعه الشيخ !!‬
‫وقال ‪ :‬يا أبا ممد ل داعي أن تذكر ل ما سبق أن سعته منك ‪...‬خاصة وأن وقت ضيق‬
‫للغاية ولدي ماضرة الليلة والناس تنتظرن ف الارج ‪..‬‬
‫سوف أعرض عليك أمرا وأنت قرر ما تراه ف ابنك‪!!..‬‬
‫شششيخنا رجششل حششازم ويششب الششدخول فش صششلب الوضششوع مباشششرة ‪ ،‬ول يششب النشششغال بتفاصششيل قششد تبعششد‬
‫عنم الواقعة الادثة لتنتقل نقدا وتحيصا لا مضى وفات‪..‬‬
‫‪108‬‬
‫قال له ‪:‬‬
‫أريششدك أن تششتك فلنششا عنششدي ف ش عنيششزة وسششوف أسششجله ف ش الدرسششة الثانويششة لكششي يكمششل دراسششته ‪ ،‬ولششك‬
‫علششي يششا أبششا ممششد أن أراقبششه وأربيششه كمششا أراقششب وأرب ش أحششد أبنششاءي وثششق تامششا أنششه سششيكون تششت رعششايت‬
‫ومسئوليت بعد رعاية ال سبحانه فل تنعه منم العلم وطلبه‪....‬‬
‫أيها الخوة والخوات يصيبن الجشل وأكششاد أذوب مششنم اليششاء حينمشا سشعت هشذه الكلمششات مششنم شششيخنا‬
‫رحه ال ‪..‬‬
‫وال الذي ل إله سواه ل أتوقع أن يقول شيخنا ما قال ول خطر ف بال ‪..‬‬
‫حينما تقرءون سية شيخنا وذلك حينما انتقلت عشائلته للريشاض وكشان ششيخنا مشنم تلميشذ العلمشة الششيخ‬
‫عبد الرحشنم الناصشر السشعدي فكشان لزامشا أن ينتقشل التلميشذ للريشاض مشع عشائلته ولكشنم الششيخ ابشنم سشعدي‬
‫طلب منم والد الشيخ ممد أن يبقيه ف عنيزة حت يستمر ف الطلب ‪..‬‬
‫أنششا ل أقششارن نفسششي والش ش بششذينم العلميش ش الكششبيينم ولكششنم أحكششي ذلششك الوقششف النبيششل مششنم شششيخنا عليششه‬
‫سحائب الرحة والرضوان ‪...‬‬
‫ل يدر ف خلدي أن شيخنا سيقول ذلك ول يكنم متوقعا ما قاله الوالد‪..‬‬
‫قال والدي وبكل ثقة واطمئنان‪....‬‬
‫مادام فلن هو ف رعايتك وتت مسئوليتك فأنا أوافق على بقاءه ف عنيزة‬
‫بشرط أن يكمل دراسته ويتهد فيها ويبتعد عنم رفقة السوء ‪..‬‬
‫وله علي ياشيخ ممد أن أرسل له نفقة شهرية قدرها ألفي ر ‪..‬‬

‫الحلقة السابعة والثلثاون‬

‫أكاد أعجز أحيانا وأقف متارا ف صياغة بعض العبارات الناسبة ف توصيف بعض الحداث !!‬
‫إن لكششل كلمششة رنينششا خاصششا ولنششا ميشزا ولكششل عبششارة وزن ل بششد مششنم مراعششاة نغمششاته حششت تعطششي النطبششاع‬
‫الصادق لا ترمي إليه !!‬
‫بالختصر ذلك أكب منم طاقت !!‬
‫ليتن شاعرا أو أديبا حت أنطق با يعتلج بدواخل نفسي ‪...‬‬
‫صدقون أيها القراء الكرام أنن حينما أتذكر تلك اليام أو أكتب عنها ‪..‬‬
‫فإنن أعيش ف جنباتا كالسائل الائر السكي يضر توزيع الغنائم أو الرث!!‬

‫‪109‬‬
‫ما ذا كان حال تلك اللحظات ؟؟‬
‫كيف اصف مشاعري حينما سعت ماقاله شيخنا؟؟‬
‫كيف أصف حال حينما سعت والدي يقول ما يقول؟؟‬
‫بكيت وال ‪ ،‬بكيت بكاء فرح ومرارة معا ‪!!..‬‬
‫ذرفت الدمع وكاد أن يكون نرا جاريا منم دمي ‪...‬‬
‫بكيت منم الل الذي اكتويت به طوال تلك الشهور الت مرت علي كقرون ‪..‬‬
‫منم الطائف لبا للرياض لائل ث للقصيم وبينها أمور لو تعلمونا ل أخالكم تودون معرفتها !!‬
‫دعوها ل فأنا لوحدي أكتوي با وأجري على ال ‪...‬‬
‫قمت لوالدي فقبلت يديه ولو قدرت للبسته تاجا منم ذهب أو سورته سوارا منم ياقوت!!‬
‫ولكنم هل هذا ما يريده أب ؟؟‬
‫هل يريد أب من جزاء أو شكورا ؟؟‬
‫ماذا يريد كل أب منم ولده؟؟‬
‫إن أجل دعاء يب كل واحد منا عنم ولده أن يقال له‪...‬‬
‫جعله ال قرة عي لك ‪...‬‬
‫نريد أبناءنا أن يكونوا قرة عي وكفى !!‬
‫أمشا شششيخنا ممشد ‪ ..‬فسششأبقى أبشد الششدهر أدعششو لشه حشت يمعنش الش بششه بشوله وكرمششه فش جنششات النعيششم فش‬
‫مقعد صدق عند مليك مقتدر ‪...‬‬
‫لش تنتهششي القصششة ولش أختششم القششال رغششم قصششره سششوى لعطيكششم فرصششة أيهششا السششادة الكشرام أيتهششا السششيدات‬
‫الكريات لكي تستخلصوا العب ما مضى ‪..‬وتعلقوا ماشئتم ‪..‬‬
‫وسوف ألقاكم بعد أسبوع منم مقال هذا لكي نستأنف الزء الثان منم القصة‪..‬‬
‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‬
‫أخوكم ومبكم مالك الرحب أبو عبد ال‪..‬‬

‫‪110‬‬
‫رحلتي إلى النور الجزء الثاني‬

‫الحلقة الثامنة والثلثاون‬

‫سوف أستأنف ما بدأته بل تغيي ف أسلوب الطرح‬


‫وسأحاول الطالة ما استطعت لذلك سبيل بناء على رغبة الخوة والخوات ‪..‬‬
‫انقضى ذلك اللقاء وقمت للوالد وجلست بواره وتدثت معه حديثا مقتضبا حيشث كشان هشو فش عجلشة‬
‫منم أمره ‪..‬‬
‫وشيخنا قد غادرنا للسه الكتظ بالضيوف ‪..‬‬
‫بعد أن اتفقنا على عودت مع الشيخ ث التوجه للطائف بعد عشرة أيام‪...‬‬
‫للسلم على الوالدة والخوان والخوات ومنم ث نقل مكتبت‬
‫وحاجيات لعنيزة‪..‬‬
‫قلت للوالد ‪ :‬تصدق‪ ،‬منم ف اللس مع الشيخ ؟؟‬
‫قال ‪ :‬منم؟‬
‫قلت له ‪ :‬الغن ممد عبده !!‬
‫تعجب منم ذلك ونظر لرفيقه مستغربا ‪..‬‬
‫كنت أريد منم ذلك ملطفته ‪،‬ولكنه ما زال ف نفسه شيء علي ‪..‬‬
‫غي أنه رحه ال تناسى مع اليام تلك الفعلة الشنيعة من‪،‬‬
‫وأصبحت صفحة قدية بالية ‪،‬ها أنذا أخرجها لكم منم أدراج الذكريات‬
‫البالية لنفض عنها الغبار وأطيبها بطيب الورد والسك‬
‫وأطرحها طرحا كما هي ولكنم برائحة جديدة وطعم جديد!!‬
‫ودعن الوالد ووضع ف جيب ألفا ر عدا ونقدا ‪..‬‬
‫فكانت ف جيب كشهادة ترج منم بيت أب ممد ‪..‬‬
‫وبالذن ل بالنتقال لكنف شيخنا العلمة ممد بنم عثيمي ‪..‬‬
‫عليهما الرحة والرضوان‪....‬‬
‫خرج الوالد منم النزل وكنت أرقبه وعين تتقرق بالدموع‪..‬‬
‫كان الشهد مزنا ل وتنيت أن ألق والدي وأقول له‪..‬‬

‫‪111‬‬
‫ل تقلق يا أب ‪ ...‬سوف أسعى بكل جهدي لغي الصورة السيئة‬
‫الت رستها عنم نفسي ‪..‬‬
‫تنيت أن ألقه وأذهب للوالدة العزيزة فأطيب خاطرها وأرضيها ‪..‬‬
‫والت أعلم علم اليقي أنا أشد قلقا وخوفا علي منه ‪..‬‬
‫ل شك عندي أن والدي ل يكنم مطمئنا علي ف ذلك الال ‪..‬‬
‫فهو رجل يدرك بفطنته خطورة الوقف بل يدرك ضبابية الستقبل‪..‬‬
‫فما يدريه قد يكون كل ما رآه وشاهده وسعه هو سراب ‪..‬‬
‫أو غمامة صيف عنم قريب تقشع!!‬
‫والمر بيد ال سبحانه وتعال منم قبل ومنم بعد‪..‬‬
‫ها أنذا أيها الخوة والخوات الكرام أفتح لكم صفحة جديدة منم‬
‫ذكريات وأطوي تلك اليام الليئة بالعذاب والشقاء ‪..‬‬
‫ولكنم هل انتهى كل شيء ؟؟‬
‫هل توقفت دورة الياة ومعاناتا ‪..‬؟؟‬
‫هل مضت المور على ما يرام ف كل أحوالا؟؟‬
‫كل؟؟‬
‫إن اليام حبلى بالفاجئات ‪....‬‬
‫والت قد تكون سارة رقيقة ناعمة‪....‬‬
‫أو تكون نارا كاوية وعذابا ‪..‬‬
‫تكفيا للخطايا أورفعة ف الدرجات؟؟‬
‫قد يقول قائل ‪ :‬ل أقدم شيخنا على هذا التصرف ‪..‬؟؟‬
‫والواب‪ :‬ل أشك أنه كان يعلم عواقب فعله ‪...‬‬
‫ولكنم كما سبق وذكرت ‪ ،‬أن شيخنا يزن المور بوازينم متلفة!!‬
‫هذه القاييس والعايي ‪...‬‬
‫مبنية على التقوى والشية منم ال تعال والخلص له ‪..‬‬
‫ل على الوى وسوء الظنم ‪ ..‬وبعد ذلك‬
‫فليغضب كل العالي حينها ‪..‬‬
‫دعون أروي لكم بعض الحداث ف تلك الرحلة ث لنكمل القصة‪..‬‬
‫‪112‬‬
‫عدت للمجلس مع الضيوف‪ ..‬وجلست بوار عبد العزيز ابنم الشيخ ‪..‬‬
‫والذي ل يشعر با حصل ف تلك اللسة ل هو ول غيه‪..‬‬
‫سواي أنا وشيخنا ‪...‬‬
‫بقي الناس يتحدثون مع الشيخ ويستفتونه ‪..‬‬
‫كان فيهم جع منم مشائخ جده ومب الشيخ أذكر منهم ‪...‬‬
‫الشيخ علي الكمي ‪..‬‬
‫الشيخ جعان الزهران ‪....‬‬
‫الخأ علي السهلي ‪..‬‬
‫الخأ عبد الادي الكمي ‪...‬‬
‫والشيخ ممد الشميمري‪...‬‬
‫وهؤلء المسة تكرر حضورهم ولقائهم بالشيخ ف كثي منم سفراتنا لده‪...‬‬
‫وللسف نسيت كثيا منم الساء الت ل تسعفن الذاكرة بم‪!!.‬‬
‫انتهت اللسة قبل أذان الغرب وتوجهنا لامع المي متعب ‪..‬‬
‫حيث سيلقي شيخنا ماضرة ‪...‬‬
‫كان المع هائل واللق صلت خارج السجد منم الزحام ‪..‬‬
‫ألقى شيخنا تلك الاضرة ‪..‬‬
‫ث بعد الصلة توجه لسيارته العدة له ‪..‬‬
‫وهي سيارة الشيخ صال الزامل ‪..‬‬
‫وبالكاد وجدت فيها مكانا ل ولعبد العزيز الذي لزمته ولزمن طوال تلك السفرة‪...‬‬
‫حينما توجهت السيارة لوجهتها ‪..‬‬
‫تبعنا قطار منم السيارات !!‬
‫والت أشك أنا كانت مدعوة للوليمة العدة للشيخ!!‬
‫كانت تلك السيارات لمع منم مب الشيخ ‪..‬‬
‫والذينم ل أسيهم الطفيليي كما يدعي البعض!!‬
‫ولكنهم فتية قد شغفوا بالشيخ و صاروا يلحقونه أينما استقر وحل‪..‬‬
‫كان ذلك ف بعض الواقف مرجا للشيخ مع مستضيفيه‪....‬‬
‫فيضطر أحدنا للتوقف ‪ ..‬لتبليغهم بلطف أن الدعوة خاصة فيتقبل الميع ذلك‬
‫‪113‬‬
‫بكل احتام وأدب ‪ ..‬فينصرفوا ‪ ..‬بارك ال فيهم‪..‬‬
‫توجهنا لي المي فواز ‪...‬‬
‫حيث كان مضيف الشيخ هو الستاذ عبد الرحنم المودي‪..‬‬
‫وهو صاحب الشقة الت نزلنا با ف مكة‪..‬‬
‫نزلنا ف بيته العامر‪..‬‬
‫ونزلت معنا الموع الت ل تدعى ‪..‬‬
‫رأيت الرج الشديد ف وجه الضيف منم ذلك ‪..‬‬
‫والذي أظنم أنه ل يتضايق منم كثرتم فهو رجل سح وكري ‪..‬‬
‫وبيته فسيح وطعامه كثي‪...‬‬
‫غي أن السبب سيدركه لحقا منكم منم فطنم !!‬
‫بعد جلوسنا ف اللس الفسيح ‪ ..‬والذي غص بالضور‬
‫تلق جع كبي منم الطلبة حول الشيخ ‪..‬‬
‫منهششم السششتفت ومنهششم صششاحب الاجششة ومنهششم مششنم جششاء ليسششتفيد مششنم أدب الشششيخ‪ ..‬فهششو مدرسششة متنقلششة‬
‫رحه ال‪..‬‬
‫لقد كان الواحد منم السلف يسافر السافات البعيدة منم أجل لقيا عال‬
‫لكي ينهل منم علمه وأدبه وسته ‪..‬‬
‫وهششاهم طلبششة العلششم مششنم جششده ومكششة ونششد والنطقششة الشش شرقية والشششمالية والنوبيششة وغيهششا يقتششدون بسششلفنا‬
‫الصال بارك ال ف الميع‪..‬‬
‫ل أكنم أعرف الدعوينم ول مستوياتم ف التمع ‪..‬‬
‫ولكنم بعد فتة منم الوقت دخل علينا ضيفان ميزان ل أتوقع أن سأراهم رؤيا العي ول ف أحلمي!!‬
‫دخل علينا شابي وسيمي ظاهر عليهما الثراء والسلطة والنفوذ!!‬
‫إنما المي سعود بنم فهد بنم عبد العزيز ‪..‬‬
‫والمي عبد العزيز بنم فهد بنم عبد العزيز ‪ ..‬ابنا اللك!!‬
‫وجلسا بوار شيخنا عليه الرحة والرضوان‪..‬‬
‫كان شيخنا يتكلم معهما بكل بساطة ودون تكلف ‪..‬‬
‫فأعطى ذلك انطباعا عنم شيخنا يفهمه الميع!!‬
‫كان المي عبد العزيز صامتا طوال اللسة تقريبا ‪..‬‬
‫‪114‬‬
‫ويظهر أن هذا منم طبعه أو بسبب وجود أخيه الذي يكبه ‪..‬‬
‫أما المي سعود فيظهر أنه كوالشده وفقششه الش يتحشدث بطلقشة وفيششه فصششاحة ويششب التحششدث مششع الضششور‬
‫بل تفظ‪..‬‬
‫كان الشيخ عبد العزيز الغامدي صاحب مشروع الزواج حاضرا ‪..‬‬
‫وكان يداعب المي سعود بضرورة أن يبحث له عنم زوجة شابة تكون ضرة منم ضرات أهله!!‬
‫فكان ياول الفكاك منه وتصريفه ‪ ..‬ويشيح وجهه عنه‪..‬‬
‫ولكنم الخأ عبد العزيز رجل ملحاح يريد تزويج خلق ال جيعا‪..‬‬
‫حت شيخنا ل يسلم منه!!‬
‫وبالكاد خرج المي منم مقصلة عبد العزيز الغامدي‪..‬‬
‫الخأ عبد العزيز لديه مشروع كبي لتزويج الشباب والفتيات ‪..‬‬
‫والراغبي ف التعدد‪..‬‬
‫وسعت عنم مشروعه كثيا منه ومنم غيه ‪..‬‬
‫ول أدري هل ما زال يعمل ف هذا الال أم تغي حاله‪..‬‬
‫ذات مرة حضر الخأ عبد العزيز رحلة قمت بتنظيمها لموعة منم ضيوف ول العهد المي عبد ال بششنم‬
‫عبد العزيز ‪..‬‬
‫وهم منم إحدى الدول الوروبية وحضر برفقة عدد منهم زوجاتم‪..‬‬
‫وكان معنا صحفي منم جريدة عكاظ وعدد منم الصورينم ‪..‬‬
‫طلب الشيخ عبد العزيز أن يلقي كلمة للضيوف ‪..‬‬
‫فتحدث وكان يتجم له أحد دعاتنا الرافقي بلغة القوم‪..‬‬
‫ولكنه سامه ال حور موضوع الكلمة وبدء بالديث عنم تعدد الزوجات‪..‬‬
‫وكان صوته مرتفعا ويصل لزوجات الخوة ‪..‬‬
‫فسمعنا فرقعة الصحون ورمي الكاسات منم خلف الباص الذي كنم يلسنم فيه‪..‬‬
‫وضرب البواب!!‬
‫حت يصمت هذا الزائر الزعج‪..‬‬
‫ولكنه استمر ف حديثه ‪..‬‬
‫فخرج النسوة منم الباص ‪..‬‬
‫وابتعدن عنم اللس ‪ ..‬والمد ل أننم ل يصبننا بالصى!!‬
‫‪115‬‬
‫ول شك أن أزواجهنم دفعوا ثنم تلك الاضرة لحقا!!‬

‫الحلقة التاسعة والثلثاون‬

‫انتهت تلك اللسة المتعة وخرجنا منم بيت الستاذ عبد الرحنم المودي‪..‬‬
‫وتوجهنا لبيت مضيفنا الشيخ صال الزامل‪..‬‬
‫تلك الليلة لا مذاق خاص وطعم خاص‪..‬‬
‫لقد تغيت حيات تاما ذلك اليوم‪..‬‬
‫لقد انتهت تلك النة الت صارت كالسيف الصلت على عنقي‬
‫والذي كنت أنتظره أن يدنو يوما منم عنقي فيقطعه !!‬
‫ولكنم ال تعال بدل حال وغي مرى حيات ‪..‬‬
‫لقد كان لتلك الليلة بق وذلك اليوم وضع فريد ل‪..‬‬
‫فلقد قابلت أب ‪..‬‬
‫ورآه شيخنا ‪ ..‬وأرضاه وأقنعه ببقائي عنده تت رعايته ومسئوليته‬
‫وحلت عقدة هروب وانتهت بل رجعة والمد ل‪..‬‬
‫أصبح بقائي للدراسة عند الشيخ شرعيا‪..‬‬
‫زادت ثقت بنفسي‪..‬‬
‫وقويت عزيت ‪..‬‬
‫وارتفعت هأت‪..‬‬
‫ووضح مقصدي وهدف‪..‬‬
‫وتغيت ملمح وجهي !!‬
‫فكان وجه الواثق ل وجه الائف الرتاب!!‬
‫وبدأت منم تلك الليلة تكوينم شخصيت الديدة‪..‬‬
‫شخصية الطالب الد الواثق منم أصله ونسبه ونفسه !!!‬
‫فهذه نعم تتى ومننم جليلة أعجز عنم شكر الالق سبحانه عليها‬
‫مدى عمري فله المد وحده والثناء ‪...‬‬
‫عدنا فوجدنا مكان النوم معدا لنا جيعا‪..‬‬

‫‪116‬‬
‫أنا وشيخنا وعبد العزيز ف غرفة سويا‪..‬‬
‫والخوة الخرون ف غرفة ماورة‪..‬‬
‫حت شيخنا رحه ال شعرت منه تلك الليلة تبدل وتغيا ‪..‬‬
‫فرحا بانتهاء مشكلت مع الوالد ‪...‬‬
‫كنت ألو مع الخأ عبد العزيز وأريه بعض التمارينم الرياضية‬
‫وهو ترينم الضغط برفع السم بالعتماد على اليدينم!!‬
‫فلمحنا الشيخ ‪..‬‬
‫فجاء إلينا وقال‪ :‬ماذا تفعلن؟؟‬
‫فقلنا‪ :‬نتدرب !!‬
‫فقال‪ :‬أل تريدان أن أتدرب معكما ؟؟‬
‫تبادلت النظرات مع عبد العزيز ‪ ..‬فانن الشيخ ول ينتظر جوابنا‪..‬‬
‫وضغط وعجزنا أن ناريه ف ذلك!!‬
‫شيخنا منم رآه ول يب طباعه ويعاشره فإنه يشاه ويتلئ قلبه‬
‫مهابة منه‪..‬‬
‫ولقد رأيت أشخاصا يتحدثون مع الشيخ والعرق يتصبب منم وجوههم‬
‫هيبة منه ‪..‬‬
‫ولكنم منم عرفه وعاشره وعاش قريبا منه ‪..‬‬
‫يرى شخصية أخرى متلفة وفريدة ‪..‬‬
‫تلزمك بحبته والعجاب بشخصه‪...‬‬
‫شخصيته جعت بي الزم واللي‪..‬‬
‫و جعت بي الهابة واللل والرحة واللطف ‪..‬‬
‫وبي الشجاعة والسماحة‪..‬‬
‫وبي علو المة والتواضع ‪..‬‬
‫وبي الد والرح‪..‬‬
‫و جعت بي الفصاحة وحسنم النطق والتبسط ف الديث‪..‬‬
‫هو بشر ككل البشر ‪ ..‬يصيبه ما يصيبهم ‪..‬‬
‫يغضب ويزن ويتأل ‪ ..‬ويضحك ويزح ويازح‪..‬‬
‫‪117‬‬
‫ولكنم ال تعال وهبه علما كالبال وإيانا وخلقا وعقل راجحا‪..‬‬
‫ووفقه وهداه ‪ ..‬وذلك فضل ال يؤتيه منم يشاء‪..‬‬
‫طلبت منم الشيخ تلك الليلة أن يوقظن معه لصلة الليل ‪..‬‬
‫منم عادة الشيخ أن ينام على الرض ‪..‬دون مراتب أو أسرة‪..‬‬
‫وذلك ف كل أسفاره ‪ ...‬وكنت أفعل مثله واعتدت على ذلك‪..‬‬
‫فهو ل يطلب سوى وسائد يضعها تت رأسه‪..‬‬
‫يلع عمامته ث يقوم بتمريرها على الرض ثلث مرات‬
‫ث يقرأ أذكار النوم وينفث على يديه ويسح با على جسده‬
‫كما هي السنة‪..‬‬
‫ث يلف عمامته على وجهه ول يلع ثوبه ‪..‬‬
‫ويستلقي على يينه ث ينام‪..‬‬
‫يستيقظ شيخنا على جرس ساعته النبهة الت يملها دوما ف أسفاره‬
‫وذلك قبل الفجر بساعة تقريبا‪..‬‬
‫أوقظن تلك الليلة ‪..‬‬
‫فتوضأت ‪..‬‬
‫وصليت الوتر سريعا‪ ..‬وجلست أراقب الشيخ ماذا يفعل‪..‬‬
‫صلى ركعتي خفيفتي‪..‬‬
‫ث صلى خس ركعات تقريبا ‪ ..‬وأت القراءة فيها والركوع والسجود‪..‬‬
‫وختمها بقنوت طويل بتبتل وخضوع‪..‬‬
‫حت أذن الفجر‪...‬‬
‫حينما ختم وتره رفع صوته بالذكر‪..‬‬
‫سبحان اللك القدوس ثلث مرات‪ ..‬يد با صوته كما هي السنة‪..‬‬
‫صلينا الفجر ث عدنا للمنزل فنام حت وقت الضحى‪..‬‬
‫استيقظنا وأفطرنا ث توجهنا لستكمال برنامج الشيخ‪..‬‬
‫مكثنا ف جده يوما أو يومي نسيت ذلك!!‬
‫ث رجعنا للقصيم‪...‬‬
‫وصلنا للمطار فاستقبلنا الشيخ خالد الصلح نسيب الشيخ‪..‬‬
‫‪118‬‬
‫وف الطريق أوقفنا كما هي عادة شيخنا أمام أحد مساجد عنيزة‬
‫وصلى فيها ركعت القدوم منم السفر‪...‬‬
‫أنزلون أمام سكنم الطلب وتوجه شيخنا لبيته‪..‬‬
‫حضرت الدرس ذلك اليوم ‪ ..‬ولكنم بوجه جديد وعزية كالديد!!‬
‫تفاجأ جاري بوجودي ‪ ..‬شعرت بذلك ولو ل أبصره بعين!!‬
‫منم خلل حركاته وارتباكه ث صمته ‪...‬‬
‫وال شاهد سبحانه‪ ..‬ومطلع عما عزم عليه‪..‬‬
‫عدت لبنامي العتاد ‪ ..‬واشتيت كتبا حديثة الطبع‪..‬‬
‫وحصلت بالان على كمية ل بأس با منم الكتب والراجع الهمة‪..‬‬
‫حيث خاطب الشيخ جامعة المام ممد بنم سعود السلمية‬
‫بطلب كتب ل منم مطبوعات الامعة ‪..‬‬
‫فبعثوا ل كراتي مليئة باللدات الفاخرة منم مطبوعاتا ومنها‬
‫درء تعارض العقل والنقل لشيخ السلم ابنم تيمية‪..‬‬
‫ومنهاج السنة لشيخ السلم ابنم تيمية أيضا ‪..‬‬
‫ومموع الفتاوى له وغيها ما ل يضرن‪..‬‬
‫انتقلت لغرفة أخرى وذلك بأمر شيخنا ‪..‬‬
‫حيششث اختششار ل ش أن يكششون زميلششي ف ش الغرفششة الخأ مبششوب الباكسششتان وهششو مششنم خية طلبششة شششيخنا خلقششا‬
‫وأدبا وعقل ‪..‬‬
‫كششان يضششر الششدكتوراه حينهششا فش مششادة الششديث فكششانت صشحبته ومرافقتششه مكسششبا ثينششا لشش‪ ..‬غيش أنششه كششان‬
‫كثي السفار لدينة الرياض لتابعة شئون رسالته ‪ ..‬فكنت أبقى ف أحيان كثية لوحدي‪..‬‬
‫وضعت لنفسي برناما صارما تت إشراف شيخنا ‪..‬‬
‫مليء بالفظ والراجعة وكتابة البحوث والقراءة ونوها‪..‬‬
‫وكنت كلما أشكلت علي قضية أو مسألة دونتها ف أوراق عندي ث أقرأها على الشيخ وأسجل أجوبته‬
‫بعد الصلوات فيفك طلسها بكل براعة‬
‫ويل عقدها بكل ثقة ‪..‬‬
‫بصوص الدراسة النظامية وبا انه قد مرت فتة طويلة على ابتداء الفصل الدراسي فقد أخرت اللتحاق‬
‫بالدرسة حت الفصل التال حيث يسمح النظام الثانوي الطور بذلك‪...‬‬
‫‪119‬‬
‫ما منحن فرصة النصراف الكامل لطلب العلم ف حلقة الشيخ‪...‬‬
‫ذات مرة أخبن الشيخ بأن أمي القصيم وهو المي عبد اللشه بشنم عبشدا لعزيشز سشوف يقشدم لزيشارة سشكنم‬
‫طلب الشيخ‪..‬‬
‫حضر الشيخ للدرس تلك الليلة كما هو العتاد‪..‬‬
‫ول يتغي منم نط الدرس شيء‪..‬‬
‫سوى أن النطقة الاطة بالامع قد اكتضت بالعساكر والشرط استعدادا لقدوم المي‪...‬‬
‫ف خلل الدرس دخل أحد رجال الشرط وتقدم إل الشيخ وهأس ف أذنه‪..‬‬
‫فقال شيخنا‪ ...‬ورفع با صوته‪ :‬بلغ المي أن يتفضل ف السجد ويضر الدرس ‪!!...‬‬
‫خرج رجل الشرطة منم السجد ‪..‬‬
‫ورجع مرة أخرى وعلى وجهه علمات الوف والوجل والتحرج ‪..‬‬
‫فهمس مرة أخرى ف أذن الشيخ ‪..‬‬
‫فقال شيخنا للطلبة‪ :‬انتظرون قليل وسأرجع‪..‬‬
‫وخرج حافيا وسلم على المي وطلب منه حضور الدرس مع الطلب حيششث أنشه ل يسشتطيع قطشع درسششه‬
‫!!‬
‫دخل المي وحاشيته وحرسه وتسننوا ف الصف الول وجلسوا لستماع الدرس‪ ..‬وانتظار الصلة‪..‬‬
‫استكمل شيخنا درسه الول والثان بعد الذان كما هي العادة‪..‬‬
‫ث صلينا العشاء‪...‬‬
‫بعد الصلة نادى علي الشيخ ‪!!...‬‬
‫وكنت كما هي عادت أصلي بوار الؤذن‪..‬‬
‫فتقدمت إليه ‪ ..‬وقال ل ‪ :‬اذهب وانتظرن ف غرفتك فسوف‬
‫أزورها مع المي!!‬
‫نظرت ف وجهه وبلقت فيه !!‬
‫فقال‪ :‬هيا انطلق‪!!..‬‬
‫انطلقت كالنون ل الوي على شيء ول ادري ماذا افعل‪..‬‬
‫صعدت لغرفت وقمت بكنسها وترتيبها وتطييبها ‪..‬‬
‫ولكنم ل يصلح العطار ما أفسده الدهر!!‬
‫خجلت وتنيت أن يصرف الشيخ المي لغرف أخرى أحسنم حال‬
‫‪120‬‬
‫وتنظيما وأكثر باء ‪..‬‬
‫تول شيخنا مع المي ف داخل السكنم‪..‬‬
‫وأراه الكتبة وقاعة الطعام التواضعة‪..‬‬
‫ث صعدا للدور الثالث ث للرابع حيث أنا ف انتظارهم‪..‬‬
‫دخل المي وهو مسك بيد الشيخ‪..‬‬
‫وخلفهما حشد هائل منم الناس والعسكر ‪...‬‬
‫ووقفا باب غرفت الصغية ‪!!..‬‬
‫وتول المي بنظره فلم ير شيئا يستحق النظر سوى عدد منم الكتب والدفاتر وعدة الطلب!!‬
‫فقال ل المي ‪ ...‬ما اسك؟؟‬
‫فقلت ‪ :‬فلن بنم فلن الفلن‪ ..‬دون تردد ووجل!!‬
‫فقال‪ :‬ونعم فيك !! فرددت تيته ‪..‬‬
‫ث قال ‪ :‬اجتهد ف العلم‪..‬وفقك ال‪..‬‬
‫وانصرفا ‪..‬‬

‫الحلقة الربعون‬

‫أحششاول ف ش سششرد قصصششي وروايششات هنششا أن أحشششر مواقششف ومنششاقب عششنم شششيخنا بي ش العبششارات والكلمششات‬
‫كلما وجدت ذلك سائغا‪..‬‬
‫ذكرت منذ بداية قصت أنن سأروي موقفا واحدا لشيخنا!!‬
‫ومنم خلل السياق بعثرت عددا منم القصص والشواهد‬
‫ما يزيد حبكة الوضوع ويعطي له نكهة خاصة‪..‬‬
‫ويوصل رسائل وانطباعات اقصدها وتفيد القراء الكرام‪..‬‬
‫أما بالنسبة عنم شخصي فليس لدي شيء يستحق الذكر سوى ما ير‬
‫ب منم مواقف مع الشيخ والت هي صلب الوضوع ‪..‬‬
‫لحظت عددا منم التابعي للقصة يطلبون من الستسال ف الديث‬
‫وأنا أتفهم أن القصد منم ذلك معرفة حياة الشيخ ممد بنم عثيمي‬

‫‪121‬‬
‫كما رأيتها وعاصرتا‪ ..‬وهذا موضوع أوسع وأشل ما يتصور أولئك‬
‫و لكنم ما ل يدرك كله ل يتك جله‪!!...‬‬
‫لذلك سوف يتلف البنامج قليل ‪..‬‬
‫سأحرص على استكمال قصت حت النهاية وكلما سنحت ل فرصة‬
‫لذكر منقبة أو موقف سوف اذكرها وأستسل أحيانا ‪!!..‬‬
‫فأرجو أن ل يصيب ذلك إخوت القراء باللل ‪..‬‬
‫فهي ل تلو منم فوائد وعب هدان ال وإياكم صراطه الستقيم‪..‬‬
‫مع أن الذاكرة أحيانا تونن ‪ ..‬لبعد الزمنم وكثرة الشاغل ‪..‬‬
‫وال خي معي سبحانه‪..‬‬
‫أرجع لقصتنا‪..‬‬
‫بعد مرور حوال عشرة أيام منم عودتنا منم جده ‪..‬‬
‫كلششف الشششيخ الخأ ممششد زيششنم العابششدينم والخأ مبششوب والخأ بنششدر الربش ش بالسششفر معششي للطششائف لكششي‬
‫أحضر مكتبت وحاجيات‪..‬‬
‫نزلنا بسيارة الخأ بندر حيث هي منم نوع النيسان الداتسنم ذات الربعة‬
‫أبواب‪ .. ..‬وتوجهنا للطائف منم طريق عفيف‪..‬‬
‫وهو طريق طويل ومل ولكنم صحبة هذه الرفقة الصالة ‪..‬‬
‫تنسيك تعب السفر ومشقته‪..‬‬
‫حدثنا الخأ ممد عنم ذهابه للجهاد ف أفغانستان ‪..‬‬
‫وروى لنا قصصه ومشاهداته هناك‬
‫وما أذكره أنه ف أحد الليال الظلمة ‪..‬‬
‫وكان مع مموعة منم الاهدينم العرب والفغان‪...‬‬
‫طاردتم طائرة روسية‪..‬‬
‫وقصفتهم بالدافع والصواريخ حيث أن معهم عددا منم السرى‬
‫الروس وشيوعيون أفغان‪..‬‬
‫وروى كيف أنم تكنوا منم إسقاط تلك الطائرة بصاروخأ موجه‪..‬‬
‫بعد عناء وإثخان فيهم‪ ..‬منم العدو‪..‬‬
‫أذكر أيضا ما رواه لنا الخأ مبوب عنم طلبة العلم ف باكستان‪..‬‬
‫‪122‬‬
‫وكيف أنم يدون الشقة الائلة ف تصيل العلم‬
‫والوصول إل الشيوخأ الثقات ‪..‬‬
‫وما يواجهه الطالب منم عقبات منم أهله وجاعته الذينم قد يالفونه‬
‫العتقد أو النهج‪..‬‬
‫وكيف أنتقل منم العقيدة الضالة والبتدعة لعقيدة السلف ‪..‬‬
‫وازدادت رسوخا بعد قدومه للمملكة‪..‬‬
‫وقال ‪ :‬إن أكب نعمة حصلها هو تكنه منم طلب العلم ف حلقة شيخنا‬
‫عليه الرحة والرضوان‪ ..‬ويغبطه أنداده على ذلك ‪..‬‬
‫كان انطلقنا منم القصيم بعد صلة العصر تقريبا ‪..‬‬
‫وسرنا أغلب الليل‪.. .‬‬
‫ووصلنا لضواحي الطائف بعد منتصف الليل‪..‬‬
‫كان الديث مع الخوة متعا غي أنم كلما صمتوا ‪..‬‬
‫أتضايق منم التفكي ما قد يدث‪ ...‬وأتذكر أنن متوجه لرؤية عائلت‪..‬‬
‫فافتح بابا للحديث‬
‫فينشغل فكري عما أنا مقدم عليه‪..‬‬
‫ل أكنم أحب أن أتيل ما سيحدث‪..‬‬
‫ل شك أن عائلت قد وجدت ف نفسها علي ‪..‬‬
‫ما فعلته‪..‬‬
‫خاصة وأنن ل أتصل بم شهورا عديدة‪..‬‬
‫فأنا أبنهم وحق علي أن ل أقاطعهم ‪ ..‬وأصلهم واتصل بم‪..‬‬
‫وهذا مافعلته بمد ال بعد ذلك طوال بقائي ف القصيم‪..‬‬
‫حينما اقتبنا منم حينا أصابتن كآبة وخوف وارتباك‪..‬‬
‫وهو أمر طبيعي جدا‪...‬‬
‫فالرء حينما يطول بعده عنم أهله وذويه بسفر أو غياب لي سبب‬
‫كان ‪،‬تصيبه نوبة منم الرتباك والتدد‪..‬‬
‫قبيل ولوجه دارهم أو ينزل حلتهم‪..‬‬
‫هذا فيمنم حاله طبيعية وف أمر معتاد؟؟‬
‫‪123‬‬
‫أما حال فهو معقد للغاية ‪ ،‬فالوطأة أشد والوف والتدد أعمق‪!!..‬‬
‫حينما وصلنا قريبا منم حينا ‪..‬‬
‫دارت ف ذاكرت تلك اليام الوال‪..‬‬
‫تذكرت لظة الروب منم البيت‪..‬‬
‫وكيف أنن خرجت منم البيت خائفا أترقب‪...‬‬
‫وهاأنذا أعود الن وكلي أمل لعهد جديد وصفحات ميده إن شاء ال‬
‫سبحان منم يبدل الحوال ‪..‬‬
‫طلبت منم الخأ ممد أن يتوقف قليل لنستيح منم عناء السفر‪..‬‬
‫ويأكل الخوة شيئا ‪..‬‬
‫وكان مقصدي ف نفسي أن أهيئ فؤادي وعقلي لقابلة العائلة‪..‬‬
‫تضايق الخأ ممد منم ذلك وكان يرغب أن استضيف الخوة ف بيتنا‪..‬‬
‫وكلمه مقبول ورأيه أسد‪..‬‬
‫فهو منم سللة كرام وأهل نوة وشهامة‪..‬‬
‫فل يرضى الواحد منهم أن يطعم الضيف سوى ف بيته ومنم طعامه‬
‫ولكنم وضعيت وحال متلفة للغاية ‪..‬‬
‫فعاداتنا وتقاليدنا ونوتنا ل تقل عنهم والمد ل ‪..‬‬
‫يقول الفقهاء‪..‬‬
‫الكم على الشيء فرع عنم تصوره!!‬
‫ويقولون أيضا‪..‬‬
‫مراعاة الال ‪ ،‬والكم على شواهد العيان كل بسبه ‪..‬‬
‫فما كنت أحب أن أشغل عائلت أو أشعرهم بتكليف‪..‬‬
‫خاصة لطول الغيبة ولصوصية وضعي‪..‬‬
‫على كل‪..‬استحنا لفتة منم الزمنم‪..‬‬
‫ث طلبت الاتف منم صاحب الطعم ‪..‬‬
‫فاتصلت على البيت‪..‬‬
‫فردت علي الوالدة‪..‬‬
‫فرحبت ب وسرت بسماع صوت وكأن شيئا ل يدث!!‬
‫‪124‬‬
‫رضي ال عنم والدت وعفا عنها وجعلن معها ف فردوسه العلى‪..‬‬
‫قلت لا سنقدم عليكم بعد قليل ‪..‬‬
‫وسوف ننقل الكتبة فورا ف السيارة‪!!..‬‬
‫قالت ‪ :‬ألنم تباتوا عندنا؟؟‬
‫فقلت لا‪ :‬ل أريد أن أكلف عليكم والخوان يرغبون الرجوع منم غد!!‬
‫فقالت ‪ :‬باتوا عندنا الليلة والصباح رباح!!‬
‫توجهنا للبيت ‪..‬‬
‫واستقبلنا الوالد‪..‬‬
‫فرحب ب وبالضيوف ‪..‬‬
‫والمد ل كانت نفسيته متازة ول أرى منه أي تضايق أو انزعاج‪..‬‬
‫خاصة أن شيخنا بعث معي برسالة للوالد هذا مضمونا‪..‬‬
‫الخأ الكنم ‪ .............‬حفظه ال‬
‫السلم عليكم ورحة ال وبركاته وبعد‪..‬‬
‫فأريد أن أبشركم أن ابنكم فلن متهد ف دراسته وطلب العلم‬
‫ومافظ على صلة الماعة خلف المام‪ ..‬ال‪..‬‬
‫وقد بعثته إليكم لكي يمل مكتبته ويسلم على والدته‪..‬‬
‫ويضر ملف الدراسة لكي يكمل دراسته الثانوية‪..‬‬
‫ث دعا الشيخ ل وللوالد جزاه ال عن خي الزاء‪..‬‬
‫وأحتفظ بعدد منم رسائله للوالد عندي ‪ ..‬رحهما ال‪..‬‬
‫سلمت على أمي وإخوت جيعا ‪...‬‬
‫اشق شيء ف السفر الطويل والنقطاع عنم اهلك وأحبابك‬
‫هو أن تنزل عليك الخبار جلة واحدة وقد يكون بعضها مرا وموجعا‬
‫ولذلك أحرص دوما أن اتصل على أهلي باستمرار خوفا منم مرارة‬
‫الفواجع دفعة واحدة!!‬
‫فاجئن مرض أحد إخوت الكبار برض قريب منم الصرع !!‬
‫حيث أصيب بس أو عي ‪..‬‬
‫فما استطعت الديث معه أو افهم حاله‪ ..‬فهو ل يكاد يعقل !!‬
‫‪125‬‬
‫سألت الوالدة عنم أمره؟؟‬
‫فقالت‪ :‬وال هو كما ترى ‪ ،‬وما تركنا مستشفى ول عيادة إل‬
‫وعرضناه عليهم ‪ ،‬استمرت حالة أخي كذلك لعدة شهور ‪..‬‬
‫ولكنه تعاف وعادت له صحته وهو الن سيد نفسه وله ذرية وشأن!!‬
‫اجتمعت بالعائلة أخيا ‪..‬‬
‫لقيت العمة ‪ ..‬الت وقفت معي ف منت‪..‬‬
‫وقلت لا‪ :‬المد ل فقد أوف ال بظن ونوت!!‬
‫فضحكت وفرحت ‪..‬‬
‫جلست مع إخوت الصغار الذينم اشتقت لم كثيا‪..‬‬
‫وخاصة أخت الصغرى الت أحبها حبا ل يعلمه إل ال تعال وما زلت‪..‬‬
‫وكم تألت لفراقها وللبعد عنها فالمد ل الذي جعن بم جيعا‪..‬‬
‫وجدت كثيا منم كتب وأغراضي معدة ل عند باب البيت بناء على‬
‫طلب‪..‬‬
‫ل يشق علينا تكديسها ف مؤخرة السيارة وبالكاد وسعتها‪..‬‬
‫بات الخوة ف اللس‪..‬‬
‫وسهرت طوال الليل مع الوالدة والعائلة ‪..‬‬
‫حيث كان يوم خيس ‪...‬‬
‫بعد صلة الفجر ودعت العائلة ‪..‬‬
‫وتوجهت مع الزملء لكة لداء العمرة ‪..‬‬
‫أدى الخوة العمرة وبقيت أنا ف السيارة أحرس متاعنا وكتب‪..‬‬
‫ث رجعنا للقصيم ووصلنا قريبا منم العشاء‪..‬‬
‫أوقفنا السيارة ‪ ..‬وناديت على عدد منم الزملء‪ ..‬ليعاونونا‬
‫ف نقل الكتب للغرفة ‪ ..‬الت أمتلءت أدراجها أخيا بالكتب!!‬
‫ل أن تلك الليلة منم الماس‪..‬‬
‫ورتبت غرفت ورصصت كتب ف مواضعها حت أذن الفجر‪..‬‬
‫نزلت للصلة ‪..‬‬
‫وانتظرت شيخنا أمام باب السجد ‪..‬‬
‫‪126‬‬
‫فجاء للمسجد وهو حاف !!‬
‫ويضع أعلى عباءته على رأسه‪..‬‬
‫قبل أن يدليها على كتفه قبيل دخول السجد‪..‬‬
‫قبلت يديه ورأسه‪..‬‬
‫وليتنا قبلت قدميه ‪..‬‬
‫فله الفضل علي بعد ال ف انطلقت الدية ‪..‬‬
‫جزاه ال عن وعنم السلمي خي الزاء‪...‬‬

‫الحلقة الواحدة والربعون‬

‫سألت شيخنا رحه ال يوما ‪...‬‬


‫ما خي وسيلة وأقصر طريق لتحصيل العلوم وخاصة علوم الفقه‪..‬؟؟‬
‫قال‪ :‬عليك بالقواعد والصول‪...‬‬
‫قلت له ‪ :‬وأينم أجد تلك القواعد والصول؟؟‬
‫فقال‪ :‬يصعب أن تدها جيعا كلها ف كتاب واحد ‪..‬‬
‫ولكنم عليك بالتنقيب ف كلم الفقهاء والعلماء الصوليي‪..‬‬
‫وستجد ف تعليلتم واستدللتم كثيا منم القواعد الامعة لفروع‬
‫السائل أو الصول الت تبن عليها الحكام‪..‬‬
‫اشتغلت بمع تلك القواعد والصول منم كتب الفقهاء والصوليي‬
‫ومنها كتب ابنم قدامة القدسي‪ ..‬كالقناع والكاف ‪..‬‬
‫ورجعت لكتب القواعد للحافظ ابنم رجب والافظ السيوطي‬
‫وكذلك لكتب شيخ السلم ابنم تيمية وتلميذه ابنم القيم ‪..‬‬
‫ومنم أكثر الكتب الت استفدت منها بشورة شيخنا شرح العمدة‬
‫للحافظ ابنم دقيق العيد الشافعي الالكي!!‬
‫وكذلك فتح الباري للحافظ ابنم حجر ‪..‬‬
‫والموع شرح الهذب للنووي‪..‬‬
‫ومنها أضواء البيان للشنقيطي ومذكراته ف الصول‪..‬‬

‫‪127‬‬
‫كنت اقرأ وأراجع تلك الكتب ث أدون تلك التعليلت والقواعد‬
‫وف اليوم التال أقرأها على الشيخ وأسجل تعليقاته وتفصيلته‬
‫لا ويفرع عليها قواعد أخرى يسردها شيخنا على السليقة دون‬
‫مراجعة وتردد ‪ ،‬ما حين ف عقلية وسعة إطلع هذا العال الليل‪..‬‬
‫رحه ال رحة واسعة‪..‬‬
‫وذلك فضل ال يؤتيه منم يشاء‪..‬‬
‫سألته ذات مرة ‪ :‬ياشيخنا هل تراجع أو تضر لدروسك؟؟‬
‫فقال ‪ :‬المد ل العلم أحله ف صدري ‪،‬ونادرا احتاج للمراجعة!!‬
‫ولقد شهدته مرارا ينقل منم حافظته مسائل ونصوصا يتاج الواحد منم‬
‫للبحث فيها والتحرير عنها دهرا ‪،‬يسوقها الشيخ ببيانه الشاف بكل‬
‫ثقة واقتدار‪ ..‬منم صدره بالنص والكمال!!‬
‫كما ذكرت سابقا مرت علي فتة منم الدوء منم قبل صاحبنا العتيد!!‬
‫ولكنه ل يصب ول يطق النتظار حيث ظنم ذلك السكي أن البساط‬
‫سيسحب أو كاد أن يسحب منم تته وما درى أن شيخنا‬
‫قلبه سيسع الميع لو كنا نعقل أو نرشد!!‬
‫فاجأن ذات مرة أن لقن وأنا خارج منم السجد ونادى علي!!‬
‫فالتفت إليه ‪ ..‬فما صدقت نظري ؟؟‬
‫انه صاحب ذاته؟؟‬
‫ابتسم ف وجهي ابتسامة ل أكاد أميزها!!‬
‫وقال ل ‪ :‬كيف أحوالك وما هي أخبارك؟؟‬
‫فقلت ك أنا بي حال والمد ل ‪...‬‬
‫ل يطل الديث معي بل كان يريد أن يعطين انطباعا معينا ونح فيه!!‬
‫لنم يفهم ما اعنيه!!‬
‫انصرف فبقيت واقفا حائرا ل اصدق ما جرى‪..‬‬
‫هل منم العقول أن الرجل عاد لرشده ؟؟‬
‫قلت ف نفسي‪ :‬ل يستغرب ذلك منم طالب علم ف مثل مستواه ‪..‬‬
‫يعلم ال تعال شدة فرحي با حصل واستبشاري بذلك‪..‬‬
‫‪128‬‬
‫وظننت أن ذلك هو ناية تلك الآسي الت ل تليق بطلبة العلم‬
‫خصوصا على سعة شيخنا رحه ال‪..‬‬
‫ف اليوم التال بادرته أنا بالسلم ف صلت الفجر والظهر‪..‬‬
‫كان قصدي أن استوثق منم الرجل هل ما فعله حقيقة أم أنه كيد ؟؟‬
‫جاءن بعد صلة العصر وقال ل‪ :‬هل مكنم ترافقن لفنجان قهوة ف‬
‫بيت؟؟‬
‫قلت ‪ :‬لدي برنامج مع الشيخ‪...‬‬
‫ولكنم لجلك سأذهب معك!!‬
‫ركبت معه على سيارته ‪..‬‬
‫وأنا فرح بذا التقدم الغي متوقع!!‬
‫وقطعنا الطريق لبيته الواقع ف أطراف عنيزة‪..‬‬
‫كان يتحدث ويتبسط ف الكلم ويبتسم ويظهر السرور والفرح‪..‬‬
‫ما زاد وثوقي واطمئنان‪..‬‬
‫وما كنت أعلم أنن كالشاة تسقى وتطعم العلف وهي تساق لسكي‬
‫الزار !!‬
‫وصلت لبيته ‪ ،‬وهو منزل عائلته وكان شبه خال !!‬
‫دخلنا اللس ‪..‬‬
‫ول يقدم ل القهوة والشاي كما هي العادة بل تول الديث بشكل‬
‫مفاجئ‪..‬لتحقيق وتدقيق ‪!!..‬‬
‫ولكنه كان منم النوع الادئ ول يكنم عاصفا أو مدويا!!‬
‫ول أفهمه أنه كذلك إل حينما قال ل ‪:‬‬
‫أريدك أن تفرغ كل ماف جيبك منم أوراق !!‬
‫قلت له ‪ :‬لاذا ؟؟‬
‫قال‪ :‬أفعل ما أطلبه منك !!‬
‫أخرجت ما ف جيب منم أوراق فبعثرها وفتش فيها ودقق‬
‫فقال ‪ :‬أخرج كل ماف جيبك ؟؟‬
‫فقلت ‪ :‬ل يوجد شيء سوى مناديل وأقلم‪..‬؟؟‬
‫‪129‬‬
‫قال ‪ :‬أخرجها!!‬
‫أخرجتها حت ل أترك شيئا ف جيب!!‬
‫ل افطنم لقصده حينها!!‬
‫فتش ف تلك الاجيات وبث فما أشفى ذلك غليله ونمه!!‬
‫فقام إل وأخذ يفتش جيوب بنفسه ورفع شاغي عنم رأسي‬
‫وانزلا !!‬
‫قلت له ‪ :‬عماذا تبحث يافلن؟؟‬
‫قال ‪ :‬ل يعنيك!!‬
‫قلت ‪ :‬وكيف ل يعنين؟؟‬
‫قال ‪ :‬أنت تفي شيئا ول ادري أينم وضعته‪ ..‬ولكنم سوف أجده يوما!!‬
‫ث أمرن بالروج معه منم النزل ‪..‬‬
‫خرجنا وكان وجهه مسودا منم الغيظ وهو كظيم ويكاد يفتك ب!!‬
‫ركبت للسيارة وأنا خائف منه ‪..‬‬
‫ول نتكلم حت اقتبنا منم السكنم ‪..‬‬
‫عندها دار ف فكري شيء‪!!...‬‬
‫وفهمت ماذا يقصد وعماذا يبحث!!‬
‫قلت له ‪ :‬يافلن أما آن لك أن تعقل !!‬
‫أنت أحضرتن لبيتك وفتشتن وأهنتن ماذا تريد منم ذلك؟؟‬
‫سكت ول يبن !!‬
‫قلت له ‪ :‬هل تظنم أنن سحرت الشيخ وأنن اخفي السحر ف جيب؟؟‬
‫فالتفت إل ونظر ف عين وكاد أن يوقف السيارة ولكنه نظر أمامه‬
‫ول يتحدث بكلمة واحده!!‬
‫نزلت منم سيارته وأنا خائر وحزينم منم فعل هذا الائب‪..‬‬
‫ترددت ف التصال على شيخنا ‪..‬‬
‫هل أخبه با فعل ذلك الرجل؟؟‬
‫ل أصدق وال أن بلغت به الظنون هذا الد!!‬
‫هل ياترى لو أخبت الشيخ سيصدق؟؟‬
‫‪130‬‬
‫أليس منم العيب أن اشغل شيخنا بتلك التفاهات؟؟‬
‫خاصة بعد انتهاء مشكلت مع الوالد قريبا‪..‬‬
‫حضرت الدرس تلك الليلة وأنا ل أكاد أشعر با هو حول ‪..‬‬
‫بعد صلة العشاء انتظرت الشيخ ‪..‬‬
‫فسألن أينم كنت اليوم؟؟‬
‫فقلت له ‪ :‬ذهبت مع فلن ف بيته!!‬
‫فتعجب وقال ‪ :‬مع فلن؟؟ صحيح؟؟‬
‫كأنه فرح بذلك ‪..‬‬
‫ث ناولن عباءته ودخل لدورات الياه ‪ ..‬حيث سيذهب بعد ذلك‬
‫لزيارة إحدى قريباته كما هي عادته‪..‬‬
‫ل يكنم لدي فرصة للحديث معه أو إبلغه با فعل صاحبنا معي‪..‬‬
‫ف اليوم التال ‪..‬‬
‫ل أقابل الشيخ لصلة الفجر ول المعة ذلك اليوم‪...‬‬
‫حيث كنت تعبانا وكسول ومتضايقا للغاية ‪..‬‬
‫رأيت الشيخ منم نافذة غرفت وهو خارج منم السجد منم صلة المعة‬
‫ومعه جع منم الناس ومنهم صاحبنا ذاك!!‬
‫بعد صلة العصر ‪ ..‬مشيت مع الشيخ وقرأت عليه عددا منم القواعد‪..‬‬
‫وحينما اقتبنا منم منزله وكنت وحيدا مع الشيخ ‪..‬‬
‫لحظت صاحبنا يسي بسيارته ويراقبن‪..‬‬
‫حيث مر بسيارته منم أمام منزل الشيخ‪..‬‬
‫سلمت على الشيخ ث رجعت للسكنم‪..‬‬
‫وف الطريق بدر ل أن ارجع للشيخ وأحدثه با ت بالمس‪..‬‬
‫فرجعت لبيته ‪ ..‬وطرقت الباب ‪...‬‬
‫فرد علي أهل الشيخ ‪ ..‬فطلبت منهم أن ينادوه‪...‬‬
‫فقالو ل‪ :‬انتظر قليل‪...‬‬
‫حينها ‪ ..‬مر صاحبنا بسيارته مرة أخرى فرآن واقفا أمام بيت الشيخ‪..‬‬
‫فأوقف السيارة و ترجل منها وتوجه نوي‪..‬‬
‫‪131‬‬
‫فاقتب من ‪ ..‬وصرخأ ف وجهي ‪..‬‬
‫وقال‪ :‬ماذا تفعل هنا ؟؟‬
‫هيا أغرب عنم وجهي ؟؟‬
‫فقلت له ‪ :‬أنا أمام بيت الشيخ ‪ ،‬وليس بيتك وهذا ليس منم شأنك!!‬
‫فرفع يده فجأة‪..‬‬
‫ولطمن على وجهي بشدة فسقطت على الرض‪..‬‬
‫وتبعثرت أوراقي ومسجلي‪..‬‬
‫فحمل السجل وضرب به على وجهي فسقطت مرة أخرى ثش رمششى بششه علشى جشدار منشزل الشششيخ فتكسشر‬
‫ول يعد ذا نفع‪..‬‬
‫ث دفعن بشدة وعنف وقال ‪ :‬هيا اذهب وإل فعلت بك وفعلت!!‬
‫حلت متاعي وأوراقي البعثرة وتنيت أن يرج الشيخ فيى ما حصل بعينه‪ ..‬ورجعششت للسششكنم وأنششا أبكششي‬
‫منم الل والسرة‪..‬‬
‫سبحان ال‪ ..‬أهكذا العلم وهكذا حال طلبة العلم؟؟‬
‫ومنم ؟؟ منم أقرب الناس للشيخ ؟؟‬
‫واعيباه وفضيحتاه على العلم وطلبته!!‬
‫وال الذي ل إله سواه إنن أتدث لكم ول أكاد اصدق ما حدث وجرى‬
‫دخلت على سكنم الطلبة وطلبت منم علء الدينم أن يعطين هاتفا‪..‬‬
‫فقال ل‪ :‬مالذي حصل لوجهك؟؟‬
‫فقلت ‪ :‬دعن ياعلء سأخبك لحقا‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬إن هاتفي يستقبل ول يكنم التصال منه‪..‬‬
‫ولكنم اذهب لتلفون الكتبة فيمكنك التصال منه‪..‬‬
‫دخلت على مشرف الكتبة وهو الخأ عبيد ال الفغان وهو منم أصحاب القريبي جدا من‪..‬‬
‫فاستأذنته للتصال على شيخنا لمر هام‪...‬‬
‫فتفهم المر وعرف أن هناك كارثة حصلت معي!!‬
‫فاسشتأذنته أن أخلو بالتلفون ‪..‬‬
‫ل أكنم ارغب أن يسمع الطلب تلك الهزلة والفضيحة‪..‬‬
‫فخرج منم الكتبة ول يكنم حينها سواه ورد الباب خلفه‪..‬‬
‫‪132‬‬
‫فاتصلت على تلفون الشيخ الاص‪..‬‬
‫فردت علي أهله وحولتن للشيخ‪...‬‬
‫حينما سعت صوته ‪ ،‬انفجرت باكيا ول أستطع أن أنطق جلة واحدة مفهومة ‪..‬‬
‫فقال ل‪.. :‬‬
‫اهدأ وحدثن با حصل ‪...‬‬
‫فرويت له القصة وما فعله طالب العلم ذاك معي‪..‬‬
‫فاستجع شيخنا ‪ ،‬وعرفت الغضب والية منم صوته ‪..‬‬
‫وقال ل‪ :‬سوف أرى مالذي سأفعله مع هذا الرجل‪..‬‬
‫ث أغلق السماعة ‪....‬‬

‫الحلقة الثانية والربعون‬

‫ل أحضر الدرس ذلك اليوم منم الوف والياء‪..‬‬


‫ول أخرج منم غرفت طوال ذلك اليوم وحت اليوم التال ‪..‬‬
‫صليت الظهر مع الشيخ ث لقته بعد الصلة‪..‬‬
‫وكان الشيخ واجا ويستمع لسئلة الناس حت انتهوا وبقيت أسي‬
‫وحدي معه‪..‬‬
‫كانت الية والغضب واضحة عليه‪..‬‬
‫ل شك أنن أردت منه أن ينصفن منم ذلك الطالب العتدي‪..‬‬
‫فهو حق ل ‪....‬‬
‫ولكنم ما معن ذلك؟؟‬
‫سيكون ف ذلك فتحا لباب القاويل ف الشيخ وطلبته حينها‪..‬‬
‫وهو مؤذ للشيخ ‪...‬‬
‫وهذا شيء ل أرضاه البتة ‪..‬‬
‫حت ولو أدى ذلك لذيت والتعدي علي مرارا وال‪..‬‬
‫ومالذي يضين لو تملت ف ذات ال تعال وطلب العلم أذية ؟؟‬
‫فقد أوذي وضرب وشتم وتعدي بل وقتل منم هو اشرف من‬

‫‪133‬‬
‫وخيا وأتقى عند ال تعال‪..‬‬
‫ل يطلب من شيخنا شيئا ول ينهن عنم شيء ول يبن مالذي‬
‫جرى بينه وبي ذلك الطالب‪..‬‬
‫‪..‬ول أشك انه استدعاه واستوثق منه ما فعله‪..‬‬
‫فهو رجل قريب منم الشيخ وهو طالب متهد ف العلم إن ل يكنم اعلم‬
‫طلبة الشيخ ف بعض العلوم!!‬
‫فأي عار سيجلبه ذلك الرجل لنفسه ولشيخه وللقته ولطلبة العلم لو‬
‫أشيع الب حينها؟؟‬
‫لو طلب من الشيخ أن أصب وأصمت لفعلت ولكنم سيبقى ف نفسي‬
‫شيء!!‬
‫ولو أمرن بفعل شيء نو أن أشتكيه أو شيخنا فعل ذلك لكانت‬
‫كارثة!!‬
‫لذلك سكت الشيخ وكأنه يشي ل أن القرار راجع إل!!‬
‫ول أدعي وال أنن كنت راشدا حكيما ف أفعال حينها‪..‬‬
‫ولكنن كظمت غيضي وفوضت أمري ل سبحانه‪..‬‬
‫وصمت ول أشتكه للشرطة أو أي جهة تاسبه‪..‬‬
‫وأنا أحد ال تعال أنن فعلت ذلك ‪..‬‬
‫فمنذ تلك الشكلة وأنا أشعر ف نفسي أنن جزء منم عائلة هذا العلم‬
‫الشهم الكري الذي آوان وكفلن ‪..‬‬
‫فالمد ل أنن ل أضيق صدره بشيء أو أن أفتح له بابا للمشاكل‪..‬‬
‫ولكنم هل ارتدع ذلك الرجل السفيه عنم غيه وعقل وتاب عما فعل‪..‬‬
‫دعون أكمل فصول الرواية وأحداثها وستعرفون مالذي حدث!!‬
‫كما سبق ل يطلعن الشيخ عما جرى بينهما‪..‬‬
‫ولكنن أدركت بعض المور منم خلل تصرفاته‪..‬‬
‫والت منم خللا نستطيع استنباط ما يري‪..‬‬
‫حيث انقطع رفيقنا عنم الدروس لفتة طويلة !!‬
‫وتوقف عنم القراءة على الشيخ ف درس العصر‪..‬‬
‫‪134‬‬
‫بل ل يعد يصلي خلف الشيخ ف السجد كما هي عادته‪..‬‬
‫ورأيت بينه وبي الشيخ جفوة ‪..‬‬
‫وأنا ل آمر بذلك ول تسئن !!‬
‫كما قال أبو سفيان رضي ال عنه‪!! ..‬‬
‫فبعد فعلته معي صرت ل أطيق رؤيته ول أطيق ماورته ‪..‬‬
‫وحينما رجع لضور الدرس بقي سنوات يضر اللقة‬
‫دون أن ينطق بكلمة واحدة أو يكلمه شيخنا إل ما ندر‪..‬‬
‫وكل ذلك منم نتائج أفعاله الشينة معي حينها‪...‬‬
‫لقد سعى ذلك الرجل طوال بقائي ف عنيزة ف تشويه صورت والنيل‬
‫من سواء ف عنيزة عند طلبة الشيخ أو لدى أقاربه وأهله وولده‪..‬‬
‫وكذلك لدى كل الشائخ الذينم يصل إليهم دون أن يردعه دينم أو خلق‬
‫أليس منم العيب أن يكون شغلنا ننم طلبة العلم أن نفتي على بعضا‬
‫بعضا ونشغل الناس بثل هذه التفاهات‪..‬‬
‫ل يظننم جاهل أو مغفل أنن أردت بكتابت عنم تلك القصة النيل منم ذلك‬
‫الطالب أو النتقام منم تصرفاته معي ‪!!..‬‬
‫إن هذا سيكون حسابه بي يدي رب العالي سبحانه‪..‬‬
‫ولو قصدت ذلك لفضحته باسه ولذكرت مازيه باسه‪..‬‬
‫وهذا مال يليق بنا معاشر طلبة العلم وف ذلك أذية لشيخنا ولهله ‪..‬‬
‫فدعونا ياإخوت نستفيد منم تلك القصة دون أن ننشغل بعرفة منم هو‬
‫فلن أو فلن‪..‬‬
‫إن كل ما قصدته منم كل ذلك هو رد جزء منم جيل شيخي وأستاذي‬
‫ووالدي الشيخ ممد رحه ال ورضي عنه ‪..‬‬
‫فدعون احكي الكاية واروي الواقعة بكل اطمئنان وراحة ضمي‪..‬‬
‫إن موقف شيخنا ممد معي هو موقف شريف ونبيل أريد أن أحكيه‬
‫للناس لتعرف فضله وعقله وسعة حلمه رحه ال ‪..‬‬
‫أريد أن يعرف أبنائي و كذلك كل منم اساؤا ب الظنون منم قرب وبعد‬
‫أريدهم أن يدركوا ما حصل ويكفين أن تبلغهم القيقة الت أدينم ال‬
‫‪135‬‬
‫با وبعد ذلك فالقرار راجع لم وأمري وأمرهم ل تعال‪..‬‬
‫لقد شحنم ذلك السكي نفوس بعض الناس حت وصل بم الال أن‬
‫يفعلوا أفعال ل تكاد تصدق‪..‬‬
‫سافر مموعة منم أصحابه بإياء منه للطائف منم أجل أن يستوثقوا‬
‫عن لدى منم يعرفن منم الشائخ ‪..‬‬
‫وليتهم أكتفوا بذلك فليس هناك سوى ما يشرف والمد ل ‪...‬‬
‫بل كذبوا وافتوا و صوروا لم أنن ف شهور بسيطة قد صرت أقرب‬
‫الناس للشيخ فل بد أنن استعملت وسائل غي شرعية وقصدهم أنن‬
‫سحرت الشيخ !!‬
‫ورجعوا لعنيزة ونشروا بي الناس أنم وجدوا سر السألة‬
‫وكيف أنن سأكون خطرا على الشيخ وولده وأهله ‪..‬‬
‫اختلفت آراء أولئك السفهاء ‪..‬‬
‫فمنهم منم قال ‪ :‬هو ساحر ‪..‬‬
‫ومنهم منم قال ‪ :‬بل هو جاسوس ‪..‬‬
‫ومنهم منم قال ‪ :‬هو !!!‬
‫والذي أريد أن يعرفه هؤلء منم يقرأ هذا الكلم اليوم أنن طوال‬
‫بقائي ف عنيزة لكثر منم عشر سنوات والذي ل إله سواه ل اسع‬
‫شيخنا يقول كلمة واحدة عنم سحر أو جاسوسية ل عن ول عنم أحد‬
‫منم طلبته فهو رجل عاقل وحصيف ويشى ال تعال ف أعراض‬
‫الناس ويعرف أنه موقوف بي يدي ال ومسئول عنم كل ما يقوله‬
‫فليعد أولئك جوابا لربم عما قالوه وافتوه ‪..‬‬
‫وليأتوا بالبهان إن كانوا صادقي ‪..‬‬
‫ل يرو ل الشيخ ما يقوله هؤلء عن ول اسعه يتكلم به معي أو‬
‫مع غيي ل منم قريب ول منم بعيد ول ياول الستيثاق منم ذلك‬
‫فهذه شهادة شرف أعتز با منم الشيخ رحه ال‪..‬‬
‫كان الشيخ يقول ل ‪ :‬أنت مثل ابنم عباس رض ال عنه حينما قال‪:‬‬
‫أدركت العلم بثلث )بقلب عقول وجسم غي ملول ولسان سؤول( أو كما‬
‫‪136‬‬
‫قال رضي ال عنه‪..‬‬
‫ل يشتغل الشيخ ول يشغلن بثل هذه الزعبلت ‪..‬‬
‫بل كان وفيا معي وبعهده الذي قطعه لوالدي بأن يرعان وأكون تت‬
‫نظره وتربيته ‪..‬‬
‫جاءت أيام الدراسة فدرست ف ثانوية ابنم سعدي وبالكاد ترجت منم الثانوية‪..‬‬
‫حيث أن نفسي طابت منم الدراسة النظامية ولول ضغط الشيخ علي‬
‫لتكتها ول أكمل مطلقا‪..‬‬
‫جاء رمضان ذلك العام ‪ 1412..‬للهجرة‪..‬‬
‫حيث يتبع فيه شيخنا برناما صارما ف قراءة القرءان‬
‫وتتوقف دروسه تقريبا سوى تدريس بعض البواب الفقهية الت‬
‫تتعلق بالصيام ورمضان‪..‬‬
‫حينما بلغنا الب برؤية اللل ذلك العام ‪..‬‬
‫ل نتمكنم منم صلة التاويح ليلة الول منم رمضان ‪..‬‬
‫فلم يبلغ الناس إل متأخرينم وأظنهم أعلنوا ذلك ف آخر الليل ‪..‬‬
‫ف ذلك الصباح استقبلت الشيخ وهنأته بالشهر الفضيل ‪..‬‬
‫وسألته عنم برنامه ؟؟‬
‫فقال ‪ :‬سأجلس أقرا القرءان ف السجد‪..‬‬
‫قلت له ‪ :‬سأبقى معك ‪..‬‬
‫قال‪ :‬ل دروس سوى قراءة القرءان فحسب‪..‬‬
‫فقلت ‪ :‬نعم سأفعل إن شاء ال‪..‬‬
‫وكنت حينها مرهقا ومتعبا ول ان أغلب الليل ‪..‬‬
‫صلى الشيخ الفجر ذلك اليوم ث بعد التسبيح والذكر ‪..‬‬
‫دخل لصلى المعة الذي ف مقدمة السجد‪..‬‬
‫ورمى عباءته على الرض وابتدأ ف قراءة القرءان وهو يسي‬
‫ذهابا وإيابا‪..‬‬
‫فقرأ عشرة أجزاء ‪ ..‬حيث يتم كل ثلثة أيام ‪..‬‬
‫فتكون ختمته ف الشهر عشر ختمات ‪..‬‬
‫‪137‬‬
‫ولو شاء لتمه كله ف يوم واحد ولكنه يرى أن السنة أن ل يقل عنم‬
‫ثلث لديث عبد ال بنم عمرو ابنم العاص‪ ..‬العروف‪..‬‬
‫و با انه ينزل لكة ويكث العشر ف الرم تدريسا وإفتاء‬
‫ولكثرة أشغاله وضيق الوقت فهو يقرأ أيضا بعد صلة العصر ليعوض‬
‫عنم نفسه التمات الت يريد أن يقرأها ف مكة ‪..‬‬
‫ومنم عمل شيخنا انه يواظب على الشيء إذا فعله مهما كانت الظروف‬
‫ويتز لذلك ‪ ..‬رحه ال رحة واسعة‪..‬‬
‫طلب من الشيخ أن أراجع حفظي ث بعد ذلك يسمع ل حينما ينتهي‬
‫منم قراءة حزبه ‪ ..‬ف السجد أو وننم نسي لبيته‪..‬‬
‫حيث ل يكون أحد سوانا‪..‬‬
‫ويكون ذلك بعد انقضاء حوال ثلث ساعات منم بعد الصلة‪..‬‬
‫كانت لظات روحانية أجد التعة واللذة ف استذكار تلك اللحظات‬
‫الميلة ‪..‬‬
‫أذكر أن تلك اليام كانت باردة ولذلك يلبس شيخنا عباءته الغليظة‬
‫ذات اللون السمى ) العناب ( !!‬
‫وكنت أتدثر بعباءت وأقرأ القرءان ويصيبن النعاس أحيانا‪..‬‬
‫فأنام فيفع شيخنا صوته بالقرءان كأنه يوقظن فأستيقظ وأكمل‬
‫حزب‪..‬‬
‫حاولت مرارا أن أفعل مثل الشيخ وأسي ف السجد كما يسي هو‬
‫ولكنن تعبت وعجزت ‪..‬‬
‫وهو يفعل ذلك لكي ل ينام وينعس ول يكسل ‪..‬‬
‫ذات مرة ف تلك اليام وننم نسي لبيت الشيخ وحولنا هدوء وسكينة‬
‫فالناس كلهم هجوع‪..‬‬
‫والسواق والشوارع خالية منم الناس والسيارات ‪..‬‬
‫فل تسمع سوى سقسقة وتغريد العصافي‪..‬‬
‫طلبت منم الشيخ أن يدثن عنم نفسه ‪..‬‬
‫وعنم حياته ف شبابه ‪..‬‬
‫‪138‬‬
‫فأخذ يروي ل أشياء جيلة سأذكرها ف اللقة القادمة‬
‫بول ال تعال ‪...‬‬

‫الحلقة الثالثة والربعون‬

‫ذات يوم منم أيام رمضان البارك تلك‪..‬‬


‫وبعد أن أكمل الشيخ حزبه منم القرءان ف الصباح‪..‬‬
‫دعان لكي يراجع ل حفظي ‪..‬‬
‫فكنت أقرأ عليه ويفتح علي إن أخطأت ‪..‬‬
‫وكنت أمشي بواره بي زوايا السجد ‪..‬‬
‫دنا الشيخ منم النافذة ف الزاوية الغربية منم الامع‪..‬‬
‫ث توقف قليل!!‬
‫وأخذ يعنم النظر ف مسجد الطي القدي الذي بن منذ زمنم بعيد‬
‫يتجاوز القرن منم الزمان وما زال حت تلك اليام يصلى فيه ‪..‬‬
‫قال ل الشيخ ‪ :‬أتدري؟؟‬
‫لقد حفظت القرءان ف هذا السجد ‪..‬‬
‫عند عمي سليمان آل دامغ رحه ال ‪..‬‬
‫وكنت مؤذن هذا السجد الصغي لفتة منم الزمنم‪...‬‬
‫قلت له ‪ :‬كم كان عمرك حينما حفظت القرءان ؟‬
‫قال ‪ :‬حوال العشرة أعوام‪!!..‬‬
‫ث أكملت تسميع حزب ‪ ..‬وخرجنا منم الامع‪..‬‬
‫وكان الوقت حينها ضحى ‪..‬‬
‫ونكاد نسي لوحدنا ف كل الطرق الت مررنا با‪..‬‬
‫أخفيت مسجلي الديد ف جيب ‪..‬‬
‫وقلت للشيخ ‪ :‬ياوالدي هل يكنم أن تدثن عنم شبابك وحياتك ف‬
‫صغرك‪ ..‬؟؟‬
‫فتنفس الشيخ الصعداء ث أخذ يروي ل ف عبارات رقيقة ومعان‬

‫‪139‬‬
‫سامية ل تضرن جيعها ‪...‬‬
‫ولكنم سأنسجها منم ذاكرت وأضيف عليها أشياء رواها الشيخ ل‬
‫ف مواقف أخرى وهي بذات مضمون ما قاله‪ ..‬دون زيادة أو مبالغة‪..‬‬
‫ولو كانت عندي مكتوبة أو مسجلة لرقمتها لكم برفها ولكنم للسف‬
‫ل يبق سوى ما ف ذاكرت وبالكاد تود معي بشيء!!‬
‫قال رحه ال‪:‬‬
‫كانت عائلتنا فقية ‪ ..‬كأغلب العوائل ف عنيزة حيث مر على الناس‬
‫جوع وممصة لقلة المطار ولندرة الال‪ ،‬ولنعدام المنم ‪ ،‬حيث يعجز‬
‫الواحد أن يرج منم عنيزة لبيدة أو لي مدينة أخرى حينما يل‬
‫الظلم ‪ ..‬خوفا منم السراق وجاعات النهب والسلب‪...‬‬
‫كانت عائلتنا تلك بقرة حلوب نشرب منم حليبها ولبنها ونتغذى منم‬
‫سنها ولمها ف الواسم‪ ..‬كما هو الال ف كل بيوت عنيزة‪..‬‬
‫وكان والدي يذهب نارا للوادي لكي يزرع ويسقي نله وغرسه‪..‬‬
‫فكنت أساعده ف شؤون عمله ‪..‬‬
‫حبب ال تعال ل العلم وطلبه قبل أن تنشأ الدارس النظامية‬
‫والعاهد‪ ،‬فالتحقت بلقة شيخنا ابنم سعدي رحه ال مرورا بدروس‬
‫بعض تلميذه الكبار اللذينم كانوا يدرسون مبادئ العلوم لصغار الطلبة‬
‫ومنهم أنا )يعن الشيخ نفسه‪(..‬‬
‫فكنت أحرص على المع بي الطلب ومساعدة الوالد رحه ال‪..‬‬
‫استمر الشيخ عدة سنوات ف الدراسة على شيخه ابنم سعدي‬
‫وأقبل الطلبة عليه منم عنيزة وخارجها ‪..‬‬
‫حيث هو علمة القصيم حينها بل منازع‪..‬‬
‫يقول الشيخ ‪ :‬كان شيخنا ابنم سعدي رجل حليما ورحيما بطلبه فكان‬
‫يشجعنا على الطلب بكل ما توفر له منم إمكانات ‪..‬‬
‫فكان يثي جو النافسة بي الموعات بالناظرات والادلة‬
‫والاورة ‪ ،‬فيكافئ الموعة الفائزة أو الطالب الد بفنة منم‬
‫ترات الرطب أو العنب أو بكافأة مالية رمزية ‪..‬‬
‫‪140‬‬
‫وكان الشيخ ف دروسه يبسط الكلم ليستوعب الصغي والكبي عنه‬
‫وياور طلبه ويازحهم أحيانا ف دروسه ‪ ،‬ما يثي جو الرص‬
‫وحب الستماع والستفادة منم علمه وأدبه ‪..‬‬
‫وكان الشيخ يزور الطلبة ف بيوتم ويضر مناسباتم ويعود مرضاهم‬
‫يقول شيخنا ‪ :‬كانت مكتبت حينها عبارة عنم غرفة صغية ‪ ،‬انشر‬
‫فيها وتصعب علي فيها الركة سوى بشقة ولا كوة صغية تشرف‬
‫على زريبة البقر ول أكنم أتأذى منم روائحها النتنة لنن ل أشم‬
‫أصل!!‬
‫أراجع ف مكتبت التواضعة دروسي منم كتاب الروض وتفسي‬
‫الللي وغيهأا ‪..‬‬
‫يقول الشيخ ‪ :‬ث مرت بعد ذلك فتة منم الركود العلمي فتضائل عدد‬
‫الطلب عند الشيخ ابنم سعدي‪...‬‬
‫وشغل الناس بأمور سياسية ومذاهب فكرية كالناصرية والقومية‬
‫العربية الشتاكية وغيها بسبب العلم النحرف والوجه‪..‬‬
‫وانفتحت أبواب التجارة والعمل والتعليم ف الامعات والعاهد‬
‫فهاجرت كثي منم العوائل للمدن الكبى كالرياض والنطقة الشرقية‬
‫وغيها‪...‬‬
‫يقول الشيخ ‪ :‬ث إنن أصابن ما أصاب الناس فانصرفت عنم دروس‬
‫الشيخ واشتغلت بالزراعة ف الوادي مع الوالد ‪..‬‬
‫قلت له ‪ :‬كم الفتة الت انقطعتم فيها عنم العلم؟؟‬
‫قال ‪ :‬خس سنوات تقريبا!!‬
‫قلت له ‪ :‬وماذا كنت تعمل حينها ؟؟‬
‫قال‪ :‬أزرع واحصد ول أكنم أذاكر أو أراجع العلم الذي حصلته عنم‬
‫الشيخ ابنم سعدي‪ ،‬وكدت أنسى القرءان غي أنن كنت أراجعه وأنا‬
‫أسي على حاري إل الوادي!!‬
‫ولول ذاك لنسيته ولكنم ال سلم‪..‬‬
‫يقول الشيخ‪ :‬ول يكنم يضر حلقة الشيخ بنم سعدي سوى عدد بسيط‬
‫‪141‬‬
‫منم كبار طلبته ‪ ،‬ومع ذلك صمد الشيخ واستمر ف التعليم والتأليف‬
‫والفتاء‪ ..‬والطابة وتدريس العوام ‪..‬دونا انقطاع‪ ..‬رحه ال‬
‫رحة واسعة‪..‬‬
‫يقول شيخنا‪ :‬ث إن ال تعال حينما أراد ب خيا ‪..‬‬
‫جئت يوما لامع الشيخ ابنم سعدي وحضرت درسه لول مرة منذ‬
‫سنوات ‪..‬‬
‫فما عاتبن الشيخ ول نرن لنقطاعي ول يقل ل‪:‬‬
‫ل غبت ؟؟‬
‫أو ل تركت العلم؟؟ أو نو ذلك ‪...‬‬
‫ما أثر ف نفسي وحبب الشيخ ابنم سعدي لنفسي‪..‬‬
‫فرفع ذلك السلوك منم الشيخ هأت ‪..‬‬
‫و توجهت بكل جوارحي للعلم ‪ ،‬فزاحت الكبار وثنيت الركب بي يديه‬
‫وحصلت منم علمه وأدبه ما فتح ال علي به ‪ ،‬فحزت رضاه وإعجابه‬
‫فقربن وخصن بدروس ل خاصة أو مع خاصة تلميذه‪..‬‬
‫فقرأت عليه متونا كثية ف الفقه والتفسي والصول والنحو والصرف‬
‫والديث والصطلح وغيها منم العلوم النافعة‪..‬‬
‫وحصل أن انتقلت عائلة الشيخ ممد لدينة الرياض ‪..‬‬
‫فطلب الشيخ ابنم سعدي منم والد الشيخ ممد كما سبق وذكرنا أن يبقى‬
‫شيخنا ف عنيزة ليكمل طلبه للعلم ‪ ،‬حيث رأى الشيخ فيه علمات‬
‫النبوغ والنباهة فحرص على بقائه ليستمر ف التحصيل وهذا ما كان‪..‬‬
‫و بعد سنوات افتتحت العاهد العلمية‪..‬‬
‫فاستأذن شيخنا منم شيخه ابنم سعدي أن ينتقل للدراسة‬
‫ف العهد العلمي ف الرياض ‪..‬‬
‫فأذن له شيخه ‪..‬‬
‫يقول شيخنا ‪..‬‬
‫حينما دخلت قاعة الدرس ف العهد العلمي ف الرياض ‪..‬‬
‫وتغيت علي وجوه الطلبة اللذينم عهدتم ‪..‬‬
‫‪142‬‬
‫وكان الو الدراسي وطرق التدريس متلفة عما أعتدت عليه ‪..‬‬
‫تنكرت علي المور وضاقت علي نفسي ‪..‬‬
‫وندمت على حضوري للرياض‪..‬‬
‫وكان يلس بواري شاب كفيف خلوق وطيب فأحببته واستأنست به‬
‫منذ أول لقاء به‪..‬‬
‫وهو الشيخ العلمة عبد الرحنم الباك العال الشهور ‪..‬‬
‫يقول الشيخ ‪ :‬وننم ف القاعة وأنا أتدث مع صديقي وجاري‬
‫دخل علينا رجل بدوي اليئة اسر البشرة رث الثياب ‪..‬‬
‫وجلس على مقعد التدريس فقلت ف نفسي‪:‬‬
‫الن أترك شيخنا ابنم سعدي وعلمه الواسع وطيبته وأرييته‬
‫وساحة نفسه ‪..‬‬
‫وكنت ف بلدي وديرت وبي أقارب وأصحاب‬
‫أترك كل ذلك منم أجل أن أتعلم عند هذا الفريقي البدوي‪..‬؟؟‬
‫ياضيعة العلم والعلماء‪..‬‬
‫يقول الشيخ ‪ :‬ث إن هذا العراب بدأ ف الكلم ‪..‬‬
‫فحمد ال وصلى على رسول ال ‪..‬‬
‫وتكلم ف فنون العلم وصنوفه منم حفظه بل كتاب‬
‫فشرق وغرب وتل اليات ونقل أقوال الفسرينم والفقهاء ‪..‬‬
‫وخلفاتم ‪ ،‬قديها وحديثها‪..‬‬
‫وذكر الحاديث بأسانيدها وشواهدها والكم عليها‪..‬‬
‫وروى الشعار والشواهد والنصوص الطويلة‪ ..‬الائلة وتفجرت أنار العلوم منم بي جنباته‬
‫و تدفقت منم لسانه كالسيل الادر ‪..‬‬
‫علوم وأقوال ليكاد يويها صدر عال لقيناه أو عاصرناه‪..‬‬
‫فلله دره ‪..‬‬
‫ما أقوى حجته ‪..‬‬
‫وما أسد بيانه ‪..‬‬
‫وما أرفع كعبه ف العلم وبيانه ونقله ‪..‬‬
‫‪143‬‬
‫رغم احتقارنا ليئته أول المر ‪..‬‬
‫يقول الشيخ ‪ :‬ففرحت بذلك أيا فرح ‪..‬‬
‫وشكرت ال تعال أن تكنت منم لقيا هذا البل الشم والبحر الزاخر‪..‬‬
‫إنه العلمة الفسر الفقيه النحوي الشيخ ممد المي الشنقيطي رحه ال رحة واسعة‪..‬‬
‫صاحب التفسي الكبي تفسي أضواء البيان‪..‬‬
‫أستفدت منم علمه ف التفسي والصول والنحو وغيها‪..‬‬
‫يقول الشيخ‪ :‬ولزمت دروس ساحة شيخنا العلمة عبد العزيز بنم عبد ال بنم باز عليه رحة ال ‪..‬‬
‫فقرأت عليه جزءا منم صحيح البخاري وأبواب الفرائض‪..‬‬
‫وقد أهتم ب الشيخ وخصن بدروس ف منزله‬
‫فقرأت عليه عددا منم التون ف قواعد التفسي والديث وغيها‪..‬‬
‫وحسبك بذينم العالي الليلي علما وفقها وسعة اطلع ‪..‬‬
‫عليهم وعلى شيخنا سحائب الرحة والرضوان‪..‬‬

‫الحلقة الرابعة والربعون‬

‫بعد أن أكمل شيخنا دراسته ف العهد العلمي ف الرياض‪..‬‬


‫رجع لوطنه عنيزة ‪..‬‬
‫ومكث ف هذه الدينة الادئة الوديعة طوال حياته‪..‬‬
‫وحينما افتتح العهد العلمي ف عنيزة عي شيخنا مدرسا فيه‪..‬‬
‫وأكمل دراسته بالنتساب ف كلية الشريعة ف الرياض‪..‬‬
‫أصيب الشيخ ابنم سعدي بعارض صحي فسافر للعلج إل لبنان‪..‬‬
‫فتعاف ‪ ..‬ولكنم الرض عاد له بعد فتة منم الزمنم‪..‬‬
‫فأرسلت طائرة الخلء لنقله فتوف قبل أن ينقل للرياض‪..‬‬
‫وذلك ف عام ‪ 1376‬للهجرة‪..‬‬
‫واحتار الناس فيمنم يلشف الشششيخ ابشنم سششعدي فش المامشة فش الششامع الكششبي والطابشة والتشدريس فش حلشق‬

‫‪144‬‬
‫السجد‪..‬‬
‫ووقع اختيار عدد منم الوجهاء على الشيخ ممد ‪..‬‬
‫رغم أنه ل يكنم أكب الطلبة سنا أو أقدمهم ف حلقة الشيخ ابنم سعدي‪..‬‬
‫وتبي للناس بعد حي أن اختيارهم لشيخنا كان توفيقا وتسديدا منم ال تعال ‪..‬‬
‫سبب موت العلمة الفقيه ابنم سعدي رحه ال فراغا ف التعليم‬
‫الشرعي ‪ ،‬ولكنم ل يطل الوقت حت سد شيخنا مسده بل كاد ياوز شيخه أو قد فعل!!‬
‫سلك شيخنا أسلوب الشيخ ابنم سعدي ف اللقاء حيث التبسيط والتكيز على الكيف ل الكم‪..‬‬
‫والعجب منم بعض طلبة العلم ف زماننا هذا ‪..‬‬
‫ترى الواحد منهم يسوق ف الدقيقة الواحدة كما كبيا منم السائل والنقولت ول يكاد يستوعب الطلبشة‬
‫منم أستاذهم سوى النزر اليسي منم علمه‪!! ..‬‬
‫يقول ابنم عباس حب المة رضي ال عنهما‪..‬‬
‫ف قوله تعال ) وكونوا ربانيي با كنتم تعلمون الكتاب وبا كنتم تدرسون( قال هشم مشنم يبشدؤون بصشغار‬
‫العلم قبل كباره‪..‬‬
‫قشال لش احشدهم يومشا‪ :‬مششا بششال الشششيخ ابشنم عششثيمي رحشه الش فش دروسششه الشت نسشمعها علششى الششرطة فيهششا‬
‫كأنه يدرس أطفال ل طلبة علم ؟؟‬
‫قلششت لششه ‪ :‬أنششت تبششالغ فش كلمششك‪ ..‬لكششنم الشششيخ يبسششط السششألة لن أفهششام النششاس تتفششاوت فيسششتفيد مششنم‬
‫كلمه الطالب البتشدئ و كششذلك الطششالب الشد النهششم ‪ ....‬فهشي ربششوع نظشرة وبسششاتي عشامرة كشل يقطشف‬
‫منها ما‬
‫يسد حاجته ويروي عطشه ‪..‬‬
‫لقد ورث شيخنا هذا السلوب عنم شيخه ابنم سعدي والشيخ ابنم سعدي‬
‫أخشذ هششذا السشلوب عشنم الششيخ ممشد الششنقيطي وليششس هششو صشاحب أضشواء البيشان بششل هششو أحشد العلمششاء‬
‫اللذينم مروا على عنيزة ف طريقهشم لدينشة الزبيش فش العشراق حيشث تتلمشذ عليشه الشششيخ ابشنم سششعدي فش فشتة‬
‫بقاءه‬
‫ف عنيزة واخذ عنه سند رواية الكتب الستة متصلة إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫وبذه الناسشبة يسشرن أن أزف هشذه البششرى لطلبشة ششيخنا ابشنم عشثيمي رحشه الش جيعشا مشنم تتلمشذوا علشى‬
‫يديه وحضروا دروسه واستحقوا أن يطلق عليهم عرفا أنم تلميذ لديه بأن لم جيعا نسبا شريف‬
‫متصل برسول ال صلى ال عليه وسلم !!‬
‫‪145‬‬
‫هو خي النساب وأفضل وأزكى عند ال لنم اتقى!!‬
‫منم نسب الرحم والقرابة ‪..‬‬

‫ولذا النسب وتدوينه قصة سأحكيها لكم لحقا ‪..‬‬


‫ومضمونا أنه حينما ابلغن الشيخ رحه ال بإصششابته بشرض السشرطان فش القولشون تشألت لششذلك أشششد اللش‬
‫وحز ف نفسي وتكدرت علي أموري ‪..‬‬
‫فكتبت له هذه الورقات ومعها أوراق أخرى وفيها أبيات شعرية نظمتها‬
‫وسلمتها له ‪..‬‬
‫ففرح با الشيخ وأثن عليها ويسعدن أنا كانت سببا لدخال السرور على نفسششه رحششه الش رحششة واسششعة‬
‫والن دعون أذكر السند والذي أطلقت عليه )نسب العلماء (‬
‫علما أن الفضل يعود بعد ال ف تدوينم هذا النسب للشيخ العلمة عبدال البسام رحه ال‬
‫حيث نقلت أغلب ذلك النسب النبيل منم تفته النادرة الطراز‬
‫)تاريخ علماء ند خلل ثانية قرون(‬
‫قلت فيها ‪:‬‬
‫هذا هو نسب شيخنا وأستاذنا العلمة الفقيه الفسر النحوي ‪..‬‬
‫الشيخ ممد بنم صال العثيمي ‪..‬‬

‫وقد أخذ العلم عنم شيخه العلمة عبد الرحنم الناصر السعدي ‪..‬‬
‫وهو أخذ العلم عنم الشيخ صال بنم عثمان القاضي‪..‬‬
‫وهو أخذ العلم عنم الشيخ عبد ال بنم عائض‪..‬‬
‫وهو أخذ العم عنم الشيخ علي بنم ممد بنم علي قاضي عنيزه‬
‫وهو أخذ عنم الشيخ العلمة عبد ال بنم عبد الرحنم أبا بطي مفت ند الشهور‬
‫وهو أخذ عنم الشيخ أحد بنم حسنم بنم رشيد الحسائي‪..‬‬
‫وهو أخذ عنم العال الشهي ممد بنم فيوز وهو أخذ عنم والده عبدال بنم فيوز ‪..‬‬
‫وهو أخذ عنم والده ممد بنم فيوز الد‪..‬‬
‫وهو أخذ عنم عبد القادر التغلب ‪..‬‬
‫وهو أخذ عنم ممد البلبان وعنم الشيخ عبد الباقي والد أب الواهب‪...‬‬

‫‪146‬‬
‫وهأا أخذا عنم العلمة منصور البهوت ‪ ..‬صاحب الروض‪..‬‬
‫وهو أخذ عنم يي بنم موسى الجاوي ‪ ...‬صاحب الزاد‪..‬‬
‫و عنم الشيخ أحد الوفائي وهأا‪...‬‬
‫عنم الشيخ موسى الجاوي صاحب القناع ‪...‬‬
‫وهو أخذ عنم الشيخ أحد الشويكي‪...‬‬
‫وهو أخذ عنم أحد العسكري‪..‬‬
‫وهو أخذ عنم علي بنم سليمان الرداوي العلمة الشهور منقح الذهب النبلي ‪..‬‬
‫وهو أخذ عنم ابنم قندس‪...‬‬
‫وهو أخذ عنم ابنم اللحام‪...‬‬
‫وهو أخذ عنم الافظ ابنم رجب النبلي‪..‬‬
‫وهو أخذ عنم شس الدينم ابنم قيم الوزية ‪...‬‬
‫وهو أخذ عنم شيخ السلم ابنم تيمية ‪....‬‬
‫وهو أخذ عنم شيخه شس الدينم عبد الرحنم بنم أب عمر صاحب الشرح الكبي‪..‬‬
‫وهو أخذ عنم عمه موفق الدينم ابنم قدامة ‪...‬‬
‫وهو أخذ عنم شيخه العابد الزاهد عبد القادر اليلن‪...‬‬
‫وعنم الافظ ابنم الوزي وعنم ابنم الن الفقيه الشهور وهم ‪..‬‬
‫أخذوا عنم أب الوفاء بنم عقيل صاحب كتاب الفنون‪..‬‬
‫وعنم أب الطاب صاحب الداية‪...‬‬
‫وهأا عنم القاضي أب يعلى‪...‬‬
‫وهو أخذ عنم أب حامد ‪...‬‬
‫وهو عنم أب بكر بنم عبد العزيز غلم اللل‪...‬‬
‫وهو أخذ عنم أب بكر بنم اللل‪...‬‬
‫وهو أخذ عنم الروزي وأولد المام أحد بنم حنبل صال وعبدال‪...‬‬
‫وهم أخذوا عنم المام أحد بنم حنبل إمام أهل السنه‪....‬‬
‫وهو أخذعنم أئمة ومنهم المام ممد بنم إدريس الشافعي‪...‬‬
‫وسفيان بنم عيينه وهأا عنم عمرو بنم دينار والمام مالك بنم أنس‪....‬‬
‫وهو أخذ عنم نافع مول ابنم عمر‪...‬‬
‫‪147‬‬
‫وهو أخذ عنم صاحب رسول ال الفقيه عبد ال بنم عمر ابنم الطاب رضي ال عنهما‪...‬‬
‫وهو أخذ عنم إمام التقي ممد رسول ال صلى ال عليه وسلم‪....‬‬
‫هششذه سلسششلة كريششة مليئششة بششالنجوم الزاهششرة وبششالكرام الوليششاء وعلششى رأسششهم رسش شولنا وحبيبنششا سششيد الوليش ش‬
‫والخرينم ممد بنم عبد ال الاشي عليه افضل الصلة والسلم أهديها لكشل طشالب علشم درس علشى يشد‬
‫شيخنا العلمة ممد بنم صال العثيمي رحه ال‪..‬‬

‫الحلقة الخامسة والربعون‬

‫ف أيام رمضان تتوقف الدروس ف الامع سوى تلك الت تعن‬


‫بالشهر الفضيل‬
‫والصوم والوعظ ونوه‪ ..‬كما سبق بيانه ‪..‬‬
‫ف طريق عودة شيخنا للمنزل قبيل غروب الشمس حيث يكث لقراءة حزبه ف السجد ‪..‬‬
‫يدعو الشيخ كل منم رآه منم طلبته وغيهم لرافقته لتناول الفطار ف منزله‪...‬‬
‫أما أنا فكنت افطر كل يوم منم تلك اليام ف بيته‪..‬‬
‫وقبل أذان العشاء بقليل يتوجه الشيخ مشيا على قدميه للجامع ‪..‬‬
‫ويصلي بالناس العشاء والقيام ‪..‬‬
‫و يقرأ كل ليلة نصف جزء منم القرءان تقريبا‬
‫ويصلي إحدى عشرة أو ثلثة عشر ركعة كما هي السنة‪..‬‬
‫يتمها بقنوت خاشع وخاضع ‪ ..‬ول يقنت أحيانا قليلة‪..‬‬
‫بقيت ف عنيزة خسة عشر يوما أو ثانية عشر يوما تقريبا ‪..‬‬
‫ث استأذنت شيخنا للذهاب للطائف لزيارة العائلة والبقاء عندهم‪..‬‬
‫حت قدومه لكة‪ ..‬حيث أرغب ف رفقته وصحبته هناك ‪..‬‬
‫فقال الشيخ ل‪ :‬على بركة ال ‪ ..‬واللقاء ف مكة‪..‬‬
‫فرحت بذا الشرف حيث سأكون رفيقا لشيخنا ف تلك اليام الفضيلة‪..‬‬
‫حجزت منم مطار القصيم مرورا بالرياض إل الطائف ‪..‬‬
‫وأكدت الجز بشقة كبية ‪..‬‬
‫ودعت شيخنا بعد صلة الفجر و أوصلن أحد رفقائي للمطار ضحى‪..‬‬

‫‪148‬‬
‫وكانت تلك أول سفرة ل للطائف بعد ذهاب لحضار حاجيات‪..‬‬
‫وصلت للمطار ‪ ..‬وتوجهت لكاونت السفر ‪..‬‬
‫فقال ل الوظف‪ :‬الطائرة تأخرت !!‬
‫فقلت له‪ :‬وكم ساعة تأخرت؟؟‬
‫قال ‪ :‬ل ندري ؟؟‬
‫ولكنم طائرتكم الغادرة للرياض سوف تذهب أول منم الرياض إل منطقة الوف‬
‫ث تعود للقصيم لتنقل السافرينم إل الرياض‪!!....‬‬
‫وهي حت هذه اللحظة ل تغادر منم الرياض والفروض أنا غادرت فجرا ‪..‬‬
‫ونصيحت لك تبدل حجزكم لده ‪ ..‬فهي مغادرة بعد ساعتي‪....‬‬
‫ترددت بي اليارينم ‪..‬‬
‫ولكنم ف النهاية عزمت على البقاء للسفر على رحلت الصلية ‪..‬‬
‫حيث أن رحلت الغادرة منم الرياض للطائف ستكون قريبا منم العصر‪..‬‬
‫فأملت أن أدركها ‪..‬‬
‫أل علي أحد زملء السكنم أن أسافر على جده فهي أضمنم ولكنن أبيت !!‬
‫غادرت رحلة جده حوال الساعة الادية عشرة حيث تأخرت قليل ‪..‬‬
‫انتظرت رحلت ف الطار منم الساعة الثامنة صباحا وحت قريبا منم العصر ‪..‬‬
‫وبلغ ب الهد والنتظار واللل مبلغه ‪..‬‬
‫حيث ل يعد ل أي خيار آخر سوى تلك الرحلة ‪..‬‬
‫وأخيا جاءت طائرت حوال الساعة الامسة عصرا‪ ...‬ول تكد تصل‪..‬‬
‫انطلقنا للرياض ‪ ..‬ووصلنا بعد أربعي دقيقة ‪..‬‬
‫ولكنم للسف رحلة الطائف كانت قد غادرت الساعة الثالثة عصرا!!‬
‫توجهت لكاونت البيعات لستفسر عنم الرحلة التالية للطائف‪..‬‬
‫فوجدت طوابي هائلة منم البشر تقف ف صفوف مبعثرة وغي مرتبة ‪،‬‬
‫يستجدون موظفي الطوط العابسي الشمئزينم!!‬
‫وقفت مع الناس حت أذن علينشا الغشرب فغادرنشا الوظفشان الكريشان دون أن يشبا النشاس ‪ ..‬أيشنم وجهتهمشا‬
‫!!‬
‫وبقينا حشوال النصشف سشاعة والرتششال واقفشة فيهششم الكششبي فش السششنم والريششض وصشاحب الاجششة ‪ ،‬ول تسشل‬
‫‪149‬‬
‫عنم تأفف الناس وتضايقها ؟؟‬
‫وأخيا رجع أصحاب السعادة وهم فرحون ويتمايلون ويضحكون بعد‬
‫تناول وجبة الفطار وأداء الصلة طبعا بكل خشوع واطمئنان !!‬
‫ول بأس قليل منم نيل قسط منم الراحة والستخاء ومعرفة آخر الخبار !!‬
‫عاد صاحبانا وهأا يضغان العلك!!‬
‫ليطبا نسماتما الزكية منم روائح الطعام الشهي واللذيذ !!‬
‫كانا ف قمة النشوة والنشاط بيث أنما ل ينهيا سوى عدد ضئيل منم‬
‫السافرينم) الضعفاء( حت أذن عليهما لصلة العشاء‪ ،‬فانصرفا راشدينم فخورينم‬
‫لداء صلة الفرض ومعها ربا !!كم ركعة منم التاويح!! ليوحا عنم نفسيهم‬
‫منم عناء العمل والكدة على الناس!!‬
‫قد يقول البعض أنن أبالغ ولكنم وال هذا ما حصل ذلك اليوم‪..‬‬
‫وهو شيء مشاهد للسف ول يفى على الميع‪..‬‬
‫ونراه ونشاهده بوتية متلفة منم مطار لخر ومنم زمنم لخر ‪..‬‬
‫وال منم وراء القصد‪..‬‬
‫أذكر مرة أنن كنت ف ماليزيا ذلك البلد السيوي العملق ‪!!..‬‬
‫وأسيه عملقا ليس بسبب حداثته وتطوره فحسب !!‬
‫بل لثقافة شعبه السلم والتمسك بقيم الضارة مع تسكه بدينه ومبادئه!!‬
‫كنت بصحبة عدد منم الصحاب ف منطقة اسها )قنت هايلند ( وهي منطقة‬
‫ساحرة وخلبة تقع ف شرق العاصمة كواللبور على بعد عشرينم دقيقة تقريبا‬
‫)بالناسبة !! سعر التذكرة على التلفريك شاملة ركوب الباص منم العاصمة‬
‫وحت مطة التلفريك مع ركوب التلفريك ‪ ،‬جيع ذلك ذهابا بمسة ريالت فقط!!(‬
‫حينما وصلت مع أصحاب للطابور الواقف أمام العربات العلقششة والسششماة التلفريششك ‪ ،‬هششالن العششدد الائششل‬
‫منم الناس ‪..‬‬
‫والذينم يقفون ف طوابي ل تكاد تعد ول تصى منم البشر ‪..‬منم النساء والطفال والشباب والشيوخأ‪..‬‬
‫فقلت لصحاب سنصل لول عربة غدا إن شاء ال ‪..‬؟؟‬
‫فالتفت ل صاحب وقال‪ :‬أنت ف بلد منظم ياعزيزي أنتظر وستى !!‬
‫كان الصف يتحرك بانتظام وبدون توقف ول يتقدم احد على الخر كل يعرف سبيله وحدوده‪!!..‬‬
‫‪150‬‬
‫وصلنا لول الصف بعد عشرينم دقيقة تقريبا ‪ ..‬وهذا وال ما حدث!!‬
‫دعون أكمل رحلت فمالنا وما لاليزيا ؟؟‬
‫أخيا وصلت لسعادة الوظف ف كاونت البيعات ‪..‬‬
‫تصنعت ابتسامة وردية حت أكسب وده وتعاطفه ورحته‪..‬‬
‫وكأنن واقف ف طابور للشحاته !!‬
‫تكلم معي دون أن ينظر لوجهي الكئيب!!‬
‫بكل برود وعنجهية قال ‪:‬‬
‫ماف رحلت رح بر اصرف لك !!‬
‫فقلبت حسابات ودرست وضعي النفسي والسدي خلل ثانيتي !!‬
‫فلم يطق صاحب النتظار وقال ل ‪ :‬خلصنا يامطوع!!‬
‫قلت ‪:‬يا أخي )وكدت أقفز منم فوق الكاونت واقبل يديه!! (‬
‫أنا مواصل منم القصيم وتعبان ‪ ..‬شفلي أي مقعد ولو درجة أول‪ ..‬ال يليك!!‬
‫قال ورفع يده ومسح بالخرى على قفاه ‪ :‬رح سجل انتظار وبعدينم أشتي‬
‫التذكرة منم عندي!!‬
‫قلت وأنا أمسح بيدي ‪ :‬طيب ل مشكله ‪ ،‬بس إن رجعت عندك هل يب علي‬
‫أمسك الطابور مرة ثانية؟؟‬
‫قال‪ :‬طبعا !!‬
‫هذا النظام!!‬
‫ث أمرن بالنصراف لينهي منم بعدي منم البؤساء!!‬
‫توجهت أجر ذيول اليبة للكاونت الذكور‪..‬‬
‫ويال العجب !!‬
‫كل الوجوه عابسة ذلك اليوم ‪..‬‬
‫العسكر والوظفون و حت عمال النظافة ‪..‬‬
‫أعوذ بال ‪...‬كأننا ف حرب ولسنا ف مطار ‪..‬‬
‫حينما عبت منم عند نقطة التفتيش ‪ ..‬الداخلية ‪..‬‬
‫ل أجد مكانا لقف عنده‪ ..‬منم الزحام وكثرت الرائح والغادي!!‬
‫ول يكاد الرء يد مساحة للهواء ليتنفس الواء النظيف !!‬
‫‪151‬‬
‫كنت كلما مر بواري موظف رسي أمسك به و اسأله أينم كاونت النتظار؟؟‬
‫يقول ل أحدهم ‪ ..‬يي !!‬
‫والخر يقول هناك أمامك ‪..‬‬
‫وآخر ينظر ل شزرا وباحتقار ول يرد علي ‪ !!..‬كأنن قتلت أباه وأمه!!‬
‫ولكنم أخيا دلن عامل النظافة جزاه ال خيا ‪!!..‬‬
‫ويا للعجب ‪..‬‬
‫حينمشا وصشلت للكشاونت ‪ ..‬رأيششت أكداسششا مشنم البششر أغلبهششم مشنم الاليشات السششيوية مششنم النششد وبنغلدش‬
‫وسيلنكا وغيها منم البلدان ‪..‬‬
‫وأغلبهم بلباس الحرام ‪..‬‬
‫مكدسة أمام موظف واحد ل تسل عنم وصفه وعنم ملمه ؟؟‬
‫وعنم تهمه الفرط ؟؟‬
‫حينما ترى صفوفا منم هذا النوع فالوسيلة الوحيدة للوصول للموظف ‪..‬‬
‫هو أن تتق الرتال بالدفع عنم اليمي والشمال والزاحة وشد الشعور واللطم أحيانا!!‬
‫وإل فوا ل لنم تصل إليه أبدا‪..‬‬
‫أما أنا فبقيت واقفا بكل أدب أنتظر دوري ‪..‬‬
‫وكنت كلما اقتبت للموظف جاءت أمامي طوابي جديدة‬
‫فيعيدن العسكري السر ذو الشوارب الذابلة !!‬
‫قائل‪ :‬منم أول الصف يامطوع!!‬
‫شاهدت عامل توجه لوظف الطوط ويظهر انه مسئولم أو مديرهم‬
‫فانكب على يده يقبلها ويبكي ويتلوى ويرفع تذكرته ويقول‪..‬‬
‫وال أنا منم ثلثة يوم ماف أكل وشرب ول نوم أبغى أسافر للدمام‪!!..‬‬
‫فقال الوظف بعد أن شعر بالرج منم نظر الناس وتمعهم لذا الشهد الخزي!!‬
‫الشكلة منم الكفلء يرمون هذول الساكي ول يؤكدون حجوزاتم!!‬
‫رمى السيد الشكلة على الكفلء نور ال قلوبنا وعقولنا ؟؟‬
‫ف كل مكان ترى المج منم شبابنا للسف !!‬
‫وقف مموعة منم الفتية متوسطي العمار والراهقي!!‬
‫مستغلي تلك الفوضى والرج والرج !!‬
‫‪152‬‬
‫ودلوا رؤوسهم منم فوق السور العلوي‬
‫ف أعلى الطار فوق كاونت النتظار مباشرة !!‬
‫وصرخوا على العمالة السكينة التجمهرة أمام الوظف وقالوا لم‪ :‬تبغون‬
‫تسافرون مكة؟؟‬
‫روحوا هناك فيشيون عليهم للكاونت الاور ‪..‬‬
‫فيتاكض الضعاف ويدثون جلبة ‪ ..‬ث يكتشفون أنم خدعوا !!‬
‫فيعودون مرة أخرى ‪..‬‬
‫فيتمايل أولئك الفتية بالضحك والزاح!!‬
‫مع أنه ييط بوظف الطوط مندينم منم الشرطة بزعم تنظيم الصفوف والرقام‪!! ..‬‬
‫وهيهات!! فهما ل يتحركان ساكنا وكأن المر ل يعنيهما ‪..‬‬
‫إن وظيفششة هششذينم الخششوينم الكرييش ش كمششا شششاهدت بعينش ش هششو السش شوالف والششديث مششع بعضششهما أو مششع‬
‫موظف الطوط ول بأس منم التوسط لصديق أو قريب على حساب الساكي اللذينم لم ال تعال!!‬
‫ل أريد أن أطيل عليكم وقد فعلت !!‬
‫بقصة فارغة وطويلة قد ل تكون مفيدة ‪..‬‬
‫ولكششنم يعلششم الش ش تعششال أننش ش لش ش أصششل للطششائف سششوى بعششد مششرور أكششثر مششنم أربعيش ش سششاعة مششنم النتظششار‬
‫والعذاب أخلف ال علينا خيا !!‬

‫الحلقة السادسة والربعون‬

‫حينما صعدت للطائرة التوجه لده‪..‬‬


‫ل أذكششر سششوى شششيئي اثني ش ‪ :‬جلوسششي علششى القعششد ‪ ..‬ث ش شششعوري ببششوط الطششائرة الششانبو العملقششة علششى‬
‫أرض الطار !!‬
‫حيث استسلمت لنوم عميق مر علي كخفقة جناح!!‬
‫منم التعب والرهاق ‪..‬‬
‫نزلت منم الطائرة وتوجهت لسيارات الليموزينم وطلبت منم السائق أن يقلن لطة التكاسي ‪..‬‬
‫وصلت للمحطة فوجدت عددا منم الرجال التجمهرينم ف مدخل الطة‬
‫و ينادون ف الناس ‪ ..‬مكة مكة الطائف ‪ ..‬أبا ‪!! ..‬‬

‫‪153‬‬
‫توجهت لنم نادى على الطائف ‪ ..‬فقلت لم ‪ :‬أريد الطائف ‪..‬‬
‫فأحاطوا ب كما ييط السوار بالعصم ‪!!..‬‬
‫وأخذوا يتلمظون ب كما تتلمظ الفعى بفريستها‪..‬‬
‫هذا يقول ‪ :‬يال اوديك مشوار‪ ..‬وقال الخر ‪ :‬كم تدفع؟؟‬
‫وقال الخر بقي عندي راكبي ‪..‬‬
‫وأحدهم قال ‪ :‬مابقي عندي إل راكب واحد ‪..‬‬
‫فقلت له ‪ :‬سأذهب معك أنت وينم سيارتك ‪..‬‬
‫فحمل حقيبت وقال‪ :‬اتبعن‪...‬‬
‫وصلت لسيارته الكر يسيدا متوسطة الال !!‬
‫موديل ‪!! 82‬‬
‫فوجدت السيارة فيها راكبي اثني فقط !!‬
‫فقلت له ‪ :‬وينم الركاب الخرينم ؟؟‬
‫قال‪ :‬كانوا هنا وراحوا !!‬
‫بس اصب دقايق ويون ركاب بسرعة !!‬
‫قلت له ‪ :‬ياعم أنا مستعجل ولزم أمشي على طول ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬اصب شوي ل ترمنا منم الرزق ‪..‬‬
‫انتظرت وكنت ل أكاد أستطيع الوقوف منم العياء ‪..‬‬
‫ث فكرت قليل وقلت له‪:‬‬
‫اسع سأدفع لك حق ثلثة ركاب ويال نشي !!‬
‫وجدت البلغ ليس بكبي وكنت مرهقا وأريد الوصول للطائف بأسرع ما يكون‬
‫فقال ل الرجل وهو ف المسينيات منم عمره وقد مل الشيب حواجبه‬
‫وشواربه وما بقي منم ليته وشعر رأسه!! ‪:‬‬
‫طيب‪ ،‬خلص هات بطاقة أحوالك حت أسجل اسك ‪..‬‬
‫ناولته البطاقة والبلغ مقدما لثلثة ركاب ‪..‬‬
‫فذهب للتسجيل ورجع بعد عشر دقائق ول يعد وحيد‬
‫بل جاء ومعه راكبي !!‬
‫فقلت له ‪ :‬منم هؤلء ؟؟‬
‫‪154‬‬
‫فقال‪ :‬ركاب !!‬
‫قلت ‪ :‬طيب ‪ ،‬أنا دفعت حق ثلثة ركاب رجع ل قروشي اللي دفعتها‬
‫لراكبي !!‬
‫فقال ‪ :‬وال ما أحد قال لك تدفع !!‬
‫ظننت ف البداية الرجل يزح!!‬
‫ولكنم رأيت علمات الد بادية على مياه!!‬
‫شدهت منم الوقف ‪ ،‬وبقيت أنظر له بية ‪..‬‬
‫هل جنم هذا الرجل ؟؟‬
‫كيف يستحل هذا الال ؟؟‬
‫وف شهر رمضان ؟؟‬
‫أنا أكتب لكم إخوت الكرام أخوات الكريات ووال لو ل تدث ل القصة‬
‫لكدت أن ل أصدق حدوثها ‪..‬‬
‫كيف طابت نفسه بفعل ذلك وبأي مبر ؟؟‬
‫قلت له ‪ :‬ياعم كيف ترضى تطعم أولدك مال حرام؟؟‬
‫قال ويظهر أنه استصغرن ‪ :‬أركب وخلينا نشي بدون كلم فاضي!!‬
‫العجيب أن الركاب قد شاهدوا ما حدث ول يتكلم منهم أحد ‪..‬‬
‫ل يكنم لدي فرصة لن أفعل أي شيء فقد اخذ الرجل البلغ وليس معي‬
‫مستند يثبت ذلك ويستطيع النكار بكل سهولة ‪..‬‬
‫ل أذق طعم النوم طوال الطريق منم تصرف هذا الظال ‪..‬‬
‫وأقسمت بعدها أن ل أركب مع سيارة أجرة تكسي أبدا وهذا ما فعلت!!‬
‫قلت له ‪ :‬أوصلن لبيت أهلي على اقل تقدير ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أوصلك مع الركاب للمحطة !!‬
‫هل كون تركت الرجل يفعل ما يفعل دون أن أتصرف أو استد حقي ولو‬
‫بالقوة هو جب وخور حيث كنت ضعيف البنية؟؟‬
‫هل هو احتام لشيبته وكب سنه؟؟‬
‫هل هو بسبب الشهر الفضيل وكوننا صائمي؟؟‬
‫هل هو بسبب ربكة الوقف وصغر سن وقلة خبت ف الياة ؟‬
‫‪155‬‬
‫ربا كل ذلك أو بعضه !!‬
‫هل أن ال تعال أراد بكمته وتقديره يعلمن أن الياة كلها جهاد وكفاح‬
‫فل تركنم ياهذا ول تطمئنم ؟؟‬
‫كل ذلك وارد ‪..‬‬
‫وصلت للطائف ومنذ دخول للمنزل ورؤية الوالدة الكرية والوالد والخوان‬
‫والخوات نسيت كل ما مر علي منم تعب ومشقة وإذلل ‪..‬‬
‫أول شيء فعلته بعد ذلك أنن اتصلت على الشيخ لخبه بوصول‪..‬‬
‫حيث أمرن هو بذلك ‪..‬حت يطمئنم منم وصول المانة الت ف عنقه لصحابه‬
‫اتصلت عليه وسلمت عليه وبلغته بوصول فتعجب حينما علم أنن ل أصل إل‬
‫بعد يومي!!‬
‫قلت له ‪ :‬ياشيخنا الكاية طويلة وخلها على ال تعال ‪ ..‬المد ل أنن وصلت‬
‫ث ناولت الوالد السماعة والوالدة فكلمهما وسلم عليهما وقال للوالدة‪:‬‬
‫ال يعله قرة عي لك!!‬
‫بقيت ف الطائف عدة أيام واستمتعت فيها أيا استمتاع حيث أن الشمل قد‬
‫اجتمع بفضل ال ث بفضل الشيخ‪..‬‬
‫ل يدث شيء يستحق الذكر ف تلك اليام ‪،‬‬
‫استأذنت والدي ونزلت لكة بعد أيام ‪..‬‬
‫لكي أقابل شيخنا هناك‪ ..‬وأكون برفقته ‪..‬‬
‫ف اليوم الوعود أحرمت منم بيتنا ومررت باليقات ومنه لبيت للنسك‬
‫ووصلت لكة قبيل صلة الظهر تقريبا ‪..‬‬
‫وكان موعدي مع الشيخ أن ألقاه قريبا منم مراب المام حيث سيصلي خلفه‬
‫لت الشيخ وهو بالحرام يسي متوجها لقصده ومعه الخأ علي السهلي ‪..‬‬
‫وحدث موقف طالا تكرر معنا ‪..‬‬
‫حينما اقتب الشيخ منم الصف الول تقدم له جندي منم النود ودفع الشيخ‬
‫وقال ‪ :‬صل ياحجي هناك!!‬
‫ول يعرف الشيخ طبعا‪..‬‬
‫فتقبل شيخنا المر واستدار وأراد أن يرجع ‪،‬فلمحه الشائخ ف الصف الول‬
‫‪156‬‬
‫فعرفوه ‪..‬‬
‫فلحق عدد منهم الشيخ وأرجعوه وعنفوا الندي السكي ‪..‬‬
‫شيخنا رجل بسيط ول يب التعقيد وكثرة النقاش ‪..‬‬
‫أذكر مرة أننا كنا نريد الدخول لواقف السيارات بوار الرم ‪..‬‬
‫فردنا الندي وأب كل الباء أن يسمح لنا بالرور ‪..‬‬
‫فرجعنا ول ندرك الصلة ف الرم بسببه ‪..‬‬
‫وكان بالمكان أن نتصرف معه بوسائل أخرى!!‬
‫ذات مرة ف طريق الدينة القصيم أوقف الشيخ رجل أمنم ومعه أخاه عبد‬
‫الرحنم ‪ ..‬فقال له العسكري ‪ :‬هات هويتك ؟؟‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬هويت ف حقيبت وهي خلف السيارة!!‬
‫فقال العسكري‪ :‬انزل وجب الوية منم القيبة ‪!!..‬‬
‫فتجل الشيخ وفتح القيبة وأخرج هويته للعسكري ‪..‬‬
‫فنظر لبطاقة أحوال الشيخ فقال ‪ :‬وينم صورتك؟؟‬
‫وللعلم هوية الشيخ بدون صورة مكتوب مكان الصورة ) معفى( !!‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬أنا معفى منم التصوير!!‬
‫فقال الندي وشك ف القصة‪ :‬ليش ؟؟‬
‫أول مرة ير علي شخص معفى منم التصوير!!‬
‫فقال الستاذ عبد الرحنم ‪ :‬هذا الشيخ ابنم عثيمي!!‬
‫فما عرف الرجل الشيخ وقال مستهزئا‪ :‬كلكم شيوخأ !!‬
‫وبالكاد أرجع الوية وسح لم بالرور !!‬
‫وهذه قصة قريبة حدثت لموعة منم طلبة العلم منم الردن ‪..‬‬
‫وعددهم ثلثة‪..‬‬
‫حيث ذهبوا لداء العمرة وحضروا دروس شيخنا رحه ال ف مكة‬
‫وف طريق عودتم للردن حدث لم حادث مروري ف الدينة واصطدمو‬
‫بإشارة مرور بسيارتم العتيقة فأتلفوا الشارة ول تعد صالة للستعمال ‪..‬‬

‫فتحفظت عليهم إدارة الرور وأمر الضابط ببسهم حت يستوف منهم قيمة‬
‫‪157‬‬
‫الشارة كما هو النظام‪..‬‬
‫فمكثوا ف البس عدة أيام دون نتيجة أو عفو وحاولوا وتلمسوا أن يسمح لم‬
‫الضابط بالسفر للردن وسوف يمعون له مبلغ الشارة التالفة ويولونه له‬
‫بعد التعهد بذلك‪..‬‬
‫فرفض الضابط وقال لم ‪ :‬يب أن تدفعوا القيمة أو سوف أحيلكم للمحكمة !!‬
‫عندها قال أحدهم ‪ :‬لا ل نتصل على أحد الشائخ ونطلب منه العون فنحنم‬
‫عابروا سبيل ولعل ال ييسر لنا فكاكا منم الكرب الذي ننم فيه‪..‬‬
‫فوقع اختيارهم على الشيخ ممد لقرب العهد به ولعلمهم أن الشيخ لنم يقصر‬
‫معهم إن شاء ال ‪..‬‬
‫ولكنم الشكلة كيف سيصلون للشيخ؟؟‬
‫نادوا على الضابط واجتمعوا به ف مكتبه وقالوا جيعا ‪ :‬نريد نتصل على الشيخ‬
‫ابنم عثيمي !!‬
‫فقال ‪ :‬هل عندكم رقم هاتفه قالوا ‪ :‬ل !!‬
‫فقال ‪ :‬أعطون اسه كامل !!‬
‫فقالوا ‪ :‬اسه ممد بنم صال العثيمي ‪ ..‬فاتصل على آمر السنتال‬
‫فأعطاهم الرقم ‪..‬‬
‫وبعد معاناة وماولت مضنية لنشغال الط رد الشيخ على الاتف ‪..‬‬
‫فتكلم أحد الشباب منم الموعة ‪ ..‬وشرح للشيخ الوقف وأنم طلبة علم‬
‫قد حبسوا بسبب الادث ‪..‬ال القصة‪..‬‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬هات الضابط أتدث معاه !!‬
‫فتحدث الشيخ مع الضابط واستوثق منه ‪ ،‬فأكد على ما قالوه ‪..‬‬
‫فقال له الشيخ ‪ :‬أطلق سراح هؤلء الشباب وسوف أضمنم لك كل البلغ !!‬
‫فقال الرجل ‪ :‬وال ل استطيع إطلقهم حت يصلن البلغ ‪!!..‬‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬أنا ضامنم لك أن يصلك البلغ غدا إن شاء ال دع هؤلء يذهبون‬
‫لولدهم وذويهم ‪..‬‬
‫فأب الرجل وأصر على ذلك ‪..‬‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬ما اسك لو تكرمت ‪..‬؟؟‬
‫‪158‬‬
‫فأعطاه اسه وحدد له طبيعة عمله ‪ ..‬ث أغلق الشيخ السماعة‪..‬‬
‫بعد مرور فتة منم الوقت رن جرس ذلك الضابط ‪..‬‬
‫بعد أن ارجع الفتية للحبس‪..‬‬
‫فكان التحدث منم الطرف الثان مدير عام مرور الدينة ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬هل اتصل عليك ابنم عثيمي قبل قليل وطلب منك أن تطلق السجناء‬
‫فأبيت؟؟‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬اتصل علي المي عبد اليد بنم عبد العزيز بنفسه ويقول لك‬
‫أطلق هؤلء الشباب فورا ‪ ..‬وقال ‪ :‬هذا ابنم عثيمي لو يأمر على كل شيء‬
‫لطعناه!!‬
‫فأطلقوا سراحهم ‪..‬‬

‫الحلقة السابعة والربعون‬

‫حينما صلينا الظهر ذلك اليوم اقتبت منم شيخنا وكان حوله حشد منم الناس‬
‫فلما أبصرن نظر إل نظرة أنكرتا !!‬
‫فسلمت عليه فقال ل هامسا ف أذن‪ :‬هل أخذت شيئا منم شعر ليتك؟؟‬
‫فقلت ‪ :‬أبدا وال !! لاذا؟؟‬
‫فقال ‪ :‬كأن ألحظ أنك خففت منها!! ث أكمل كلمه وقال‪:‬‬
‫ولتعلم أن قربتك من لعلمي أنك صاحب دينم ‪،‬وتتعلم لتعمل بعلمك!!‬
‫كانت تلك كما يقولون ضربة معلم ‪ ،‬وتوجيها ل أنساه أبدا ‪،‬ول يفوتن القصد والغاية منه !!‬
‫والعروف أن شيخنا يفت بتحري اخذ شيء منم اللحية كما هو قول جع منم الفقهاء‪..‬‬
‫ابتدأنا ف أداء الناسك منم الطواف وكان الزحام شديدا والو خانقا‪ ،‬مع أننا ف موسم الشتاء!!‬
‫انتهينا منم أداء العمرة ث توجهنا لكان استاحتنا وهي شقة تابعة لحد الخوة واسششه ممششد الغامششدي ‪..‬‬
‫وهو كابت متقاعد ورجل فاضل منم سكان جده‪..‬‬
‫كنت أنا والخأ علي السهلي مكلفي بتنظيم برنامج الشيخ وتسجيله على أوراق‬
‫طوال فتة بقاءه ف مكة ‪..‬‬

‫‪159‬‬
‫والبنامج اليومي تقريبا سار بوتية واحدة ول يتلف طوال بقاءنا إل ما ندر‬
‫وبالملششة هششو كالتششال ‪ :‬الصششلة فجشرا فش الششرم قريبششا مششنم كرسششي الششدرس فش الطششابق الثششان مششنم الششرم ‪ ،‬ثش‬
‫إلقاء الدرس والجابة على الفتاوى القرؤة حت شروق الشمس ‪ ،‬ث التوجه للسششكنم للنششوم حشت قريبششا مشنم‬
‫الظهر ‪..‬‬
‫ث نتوجه للحرم لصلة الظهر ‪...‬‬
‫ث يعود الشيخ لغرفته ف الرم ليستقبل الفتاوى منم الاتف لساعة وبعدها‬
‫يقيل حت قريبا منم أذان العصر ‪ ..‬بعد العصر تفتح بوابة الغرفة للزوار‬
‫والطلب والتاجي وذلك حت أذان الغرب ‪ ..‬ويفطر الشيخ مع الناس على‬
‫ترات وقهوة وماء زمزم ‪ ،‬وشيئا منم العصيات إن أمكنم إدخالا !!‬
‫ث بعد الصلة يتوجه الشيخ لنم حدد ف البنامج ويشتط فيهم شرطان‪:‬‬
‫أن ل يكون بعيدا عنم الرم ‪ ..‬وثانيا أن يوافق عليه شيخنا‬
‫وغالب منم يدعو الشيخ هم منم الشائخ والعلماء وكذلك عدد منم المراء وأصحاب‬
‫الشيخ وأقاربه ‪..‬‬
‫ث يتوجه الشيخ للحرم لصلة العشاء والتاويح ‪ ..‬وذلك ف الطابق العلوي‬
‫) السطوح ( قريبا منم كرسي الدرس ‪..‬‬
‫ث بعد الصلة يتوجه الشيخ لكرسي الدرس ويلقي الدروس وييب على‬
‫الفتاوى حت ينادى على صلة القيام ‪..‬‬
‫فيصلي مع السلمي حت يتم بالقنوت ‪..‬‬
‫ث يتوجه لطعام السحور وذلك حسب البنامج الدد والكتوب ‪..‬‬
‫وهكذا طوال أيام العشر الواخر ‪ ..‬حت عودته للقصيم ‪..‬‬
‫النسان حينما يروي ويدث الناس عنم ذكرياته ومواقف حياته مثله مثل‬
‫الراكب على قطار سريع يسي ف درب مدد ولوجهة مقصوده ‪..‬‬
‫والراوي يتلفت ينة ويسرة ث يكي للناس ما استطاع بصره أن يعيه ويتلقفه !!‬
‫ول يظننم ظان انه سيقدر على الحاطة بكل ما رآه ويشاهد فهذا ما تفن‬
‫العمار القصية ول يفن ‪ ..‬وال ييسر ويعي على ما تبقى‪..‬‬
‫ف ذاكرت عنم تلك اليام صور شت مبعثرة وغي مرتبة أنزعها منم أطراف‬
‫الذاكرة وأطارد تلك ‪ ،‬فأمسكها وألقيها ف دفتي بعد نظمه ‪،‬وتفوتن أخرى‬
‫‪160‬‬
‫فل يكنن اللحاق با فهي طريدة صعبة الراس !!‬
‫ويتاج الوصول إليها لهد لعل ال مع اليام يكننا منها!!‬
‫يقول الشيخ علي الطنطاوي رحه ال ف مقدمة ذكرياته ) فهذه ذكريات ‪.‬‬
‫حلتها طول حيات ‪ ،‬وكنت أعدها أغلى مقتنيات لجد فيها يوما نفسي ‪،‬‬
‫وأستجع أمسي ‪ ،‬كما يمل قربة الاء سالك الفازة لتد عنه الوت عطشا ولكنم‬
‫طال الطريق ‪ ،‬وانثقبت القربة ‪ .‬فكلما خطوت خطوة قطرت منها قطرة‬
‫حت إذا قارب ماؤها النفاد وثقل علي المل وكل من الساعد جاء منم يرتق‬
‫خرقها ويمل عن ثقلها ‪ ..‬ال كلمه النفيس رحه ال‪..‬‬
‫ومع أنن والمد ل ما زلت ف عز شباب ول ابلغ ما بلغه الشيخ علي رحه‬
‫ال ف سنه إل أنه وللسف ل يبق ف ذاكرت ما يفيد وينفع الناس سوى‬
‫القليل النادر ‪..‬‬
‫كما سبق وذكرت كان البنامج طوال اليام العشر يسي بنمط واحد ‪..‬‬
‫وحيث أن الخأ علي قد سبق له أن رافق الشيخ فقد تول تسجيل منم‬
‫يدعونا‪ ،‬ف دفت أو ورقة يملها معه فكان الشيخ يقول له ‪..‬‬
‫سجل عندك غدا السبت عند الشيخ عبد الرحنم السد يس ‪ ..‬والسحور عند‬
‫الشيخ عبد العزيز الميدي وغدا عند فلن وهكذا ‪..‬‬
‫ما أذكره ف تلك اليام عدد منم الواقف ‪..‬‬
‫كما ل حظتم ل ينام شيخنا طوال الليل إل أن يغفو قريبا منم النصف ساعة إن‬
‫وجد لا متسعا منم الوقت قبل السحور‪..‬‬
‫ذات يوم ل أتكنم أنا و شيخنا منم النوم نارا بسبب شغل ما ‪ ،‬فأثقل ذلك‬
‫علينا جدا فكنت أذهب للمسجد للصلة أو لقراءة القرءان أو لستماع الدروس‬
‫فتغلبن عين فأنام ول استطيع القراءة أو الصغاء ‪..‬‬
‫غي أن الشقة الكب هي على شيخنا رحه ال فهو ل يد فرصة ليستيح‬
‫لكثرة الناس والتاجي ‪..‬‬
‫فتحنا البواب للناس كما هو العادة ف عصر ذلك اليوم وجلس الشيخ للناس‬
‫والتاجي وللفتاوى عب الاتف ‪..‬‬
‫ول تسل عنم حال شيخنا السكي فقد كان يرفع ساعة الاتف ويستمع لسؤال‬
‫‪161‬‬
‫السائل فينام وتسقط ساعة الاتف منم يده فيفعها ويقول ‪ :‬أعد سؤالك فينام‬
‫ويكاد يسقط على وجهه دون أن يشعر‪..‬‬
‫وكان السائل يلس بي يدي الشيخ فيكلمه والشيخ ينصت له ولكنم النوم يغلبه‬
‫فينام ويبقى السائل حائرا ول يدري ما يفعل حت أغمز شيخنا فيستيقظ فيقول‬
‫‪ :‬أينم كنا؟؟‬
‫واستمر شيخنا ف برنامه حت اليوم التال وصمد للناس حت بلغ به العياء‬
‫حدا ل يوصف‪..‬‬
‫وكانت القاصمة فجر اليوم التال ‪ ..‬حيث أن الشيخ رحه ال نام وهو يستمع‬
‫لقراءة السئلة وحوله المع الائل منم الستمعي والقدر باللف وكل يشهد‬
‫هذا الوقف وقد يذكره بعضكم !!‬
‫‪ ..‬ولقد كان يتوقف أحيانا ف الدرس فيغفو لثوان معدودة ث يكمل حديثه ف‬
‫موضوع متلف ‪ ..‬حت ظنم بعض الهال أن الشيخ خرف!!‬
‫أما أنا فاستمعت لبعض درسه فلم اقدر على التحمل فبحثت‬
‫عنم زاوية ف الرم وتوسدت كتاب ونت نوما عميقا ‪..‬‬
‫وظننت أن سأستيقظ قبل فراغ الشيخ منم درسه ‪..‬‬
‫وهذا مال يصل ‪..‬‬
‫الذي حدث أن شيخنا حينما وصل للسيارة الت تنتظره عند الرم ويقودها الخأ‬
‫علي التفت الشيخ حوله فلم يران ‪..‬‬
‫وكان بإمكانه أن يذهب وسوف ألقه فالدرب ليس ببعيد غي أن شيخنا ل‬
‫يفعل ذلك وليته فعل !!‬
‫قال لعلي ‪ :‬وينم صاحبنا ؟؟‬
‫قال ‪ :‬وال ما رأيته ‪..‬‬
‫فرجع الشيخ منم فوره لكان درسه وهو بعيد عنم موقف السيارة ‪،‬رجع‬
‫ليبحث عن والناس حوله ول يعلمون مالذي يفعله الشيخ ‪..‬‬
‫بقي الشيخ يبحث عن لساعة منم الزمنم ‪..‬‬
‫حي ذلك استيقظت منم نومي فتلفت حول فوجدت السجد شبه فارغ ‪..‬‬
‫فقمت وسرت ف السياب على غي هدى كأنن ممور منم شدة التعب‪..‬‬
‫‪162‬‬
‫فالتقيت بالشيخ ف منتصف الطريق وحوله عدد منم الطلبة ‪ ..‬فقال ل‪:‬‬
‫أينم كنت ؟؟ أنا ابث عنك منم ساعة !!‬
‫فخجلت وال خجل ل يعلمه إل ال ‪ ..‬ول استطع أن أجيبه منم الياء‬
‫لكنم شيخنا بسماحة نفسه ‪..‬‬
‫تاهل الوضوع لعلمه بسبب ذلك وقال ل‪ :‬النوم سلطان جائر!!‬
‫أنا شاب ف قوت نشاطي ومقتبل عمري وشيخنا رجل سبعين ومع ذلك‬
‫يتحمل شيخنا مال أطقه أنا أو غيي منم الشباب ‪..‬‬
‫أذكر مرة ف حج إحدى السنوات أن شيخنا ل يكنم ينام خلل‬
‫أربع وعشرينم ساعة سوى أربع ساعات تقريبا ‪..‬‬
‫ولقد كان يبلغ منه الهد فينعس وينام وساعة الاتف ف يده ‪..‬‬
‫فششأقوم أنششا أو أحششد مرافقيششه بغلششق السششماعة وفصششل خششط التلفششون وتششرك الشششيخ وحيششدا ليسشتيح ‪ ،‬فيسششتيقظ‬
‫ويقول أينم الاتف ؟؟‬
‫فنقول له ‪ :‬أجهدت نفسك ياشيخي ن قليل‪..‬‬
‫فيقول ‪ :‬الناس متاجة لنم يفتيها وأنا أنام؟؟‬
‫هات التلفون ‪ ..‬فيغمنا على إحضاره وننم نشفق عليه منم التعب ‪..‬‬
‫منم الواقف الت حصلت لنا تلك اليام ‪..‬‬
‫منم عادة شيخنا أن يتصدق على فقراء الرم منم الفارقة وغيهم ‪..‬‬
‫وهذا ما يفعله كل عام ‪ ..‬وعرف الناس عنه ذلك ‪..‬‬
‫فطلب من أنا والخأ علي أن نستقبل الطلبات وندون الساء ونردها ‪..‬‬
‫وحينما جاء يوم التوزيع وهو قبل العيد بيوم تقريبا ‪..‬‬
‫تمهر عدد هائل منم الفارقة وغالبهم منم الفتولي وأصحاب الجسام الضخمة‬
‫وقوية البنية ‪ ..‬وكان لم جلبة وضجيج فكنا ننادي على الساء فيدخل‬
‫الشخص لداخل الغرفة ويستلم ما ييسره ال له ‪..‬‬
‫غي أن المر خرج عنم السيطرة ول نقدر على ترتيبهم وتنظيمهم ‪..‬‬
‫وتدافع الناس واختلط الابل بالنابل وخفنا على الشيخ وهو لوحده ف الغرفة‬
‫ول يشعر با يصل ف الارج ‪..‬‬
‫فجهدنا أنا وعلي أن ندخل الغرفة وبالكاد دخلنا ‪..‬‬
‫‪163‬‬
‫وأردنا أن نغلق الباب حت يقل عدد الناس ويسهل تنظيمهم ‪..‬‬
‫ولكنم الشاغبي ل يرقهم هذا التصرف فدفعوا على الباب حت كادوا أن يلعوه‬
‫حينها جاء شيخنا ورأى بنفسه الال ‪..‬‬
‫فقال‪ :‬خلص أوقفوا التوزيع !!‬
‫ل يكنم أن نعطي الناس بذا الشكل‪..‬‬
‫ولكنم كيف سنغلق الباب ‪ ..‬فنحنم اثني نقف أمام مئات ‪..‬‬
‫فحاولنا جاهد ينم أن نغلق البواب فلم نقدر ‪ ..‬بل تدافع الناس ودخل عدد منهم ف داخل الغرفة ‪..‬‬
‫حينها استشط شيخنا غضبا ‪ ..‬وتقدم بنفسه ووقف أمشام رجششل أفريقششي ضشخم الثششة عظيششم الشرأس مفتشول‬
‫العضلت ‪ ..‬فوقف شيخنا أمامه ول يكاد يصل بطوله لنصف جسده !!‬
‫وهو النحيل ضعيف البنية فأمره بالروج !!‬
‫فكأن الفريقي ل يفهم ول يتكلم اللغة العربية ‪..‬‬
‫فقال له الشيخ ‪ :‬أخرج يارجل ‪..‬‬
‫فما ترك منم مكانه وصار يرطنم بكلم ل نعيه ‪..‬‬
‫فحاول الشيخ دفعه وفحص ف الرض بقدميه والرجل ثابت كالبل الراسي‬
‫فأشفقت على شيخنا منه ‪ ..‬فتقشدمت إليشه ولطفتشه بالعبشارة ومسشحت علشى ظهشره حت خشرج وكفانشا الش‬
‫شره ‪...‬‬

‫الحلقة الثامنة والربعون‬

‫منم الشاكل الت كانت تواجهنا ف الوصول للحرم هو إياد موقف لسيارتنم‬
‫وذلك أن سيارة شيخنا ليست فارهة‪..‬‬
‫وفرها لنا الشيخ صال الزامل جزاه ال خيا ‪..‬‬
‫وذلك بناء على رغبة الشيخ أن تكون منم السيارات العادية البسيطة‪..‬‬
‫كما قلت إن الناس تغريها الظاهر وتلهبها الزخارف‬
‫فقلما نصل منم البوابي البسطاء على التقدير‪..‬‬
‫ولذلك نعجز أحيانا ف التعامل معهم ‪..‬‬
‫ذات مرة مررنا بوار بواب فقلنا له نريد أن نوقف سيارتنا بالواقف ‪..‬‬

‫‪164‬‬
‫فقال ‪ :‬هل معكم تصريح ؟؟‬
‫فقلنا ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫وحدثناه سرا وهأسنا ف أذنه ‪..‬‬
‫اسح لنا فمعنا رجل ذو قدر وعلم ‪!!..‬‬
‫فالتفت ورأى شيخنا و سيارته فقدر وفكر ف السألة بناء على ما رآه ‪!!..‬‬
‫أما إن مررت أنا أو علي بالسيارة بدون الشيخ فلو دقت أعناقنا فلنم نصل على‬
‫الذن بذلك !!‬
‫بناسبة ذكر السيارات ‪..‬‬
‫حي وصول لعنيزة ‪..‬‬
‫كان لدى الشيخ سيارتان ‪..‬‬
‫الول سيارة مازدا بوكسي موديل ثاني ‪..‬‬
‫وهي سيارة الشيخ ويبها ويهتم با ‪..‬‬
‫حت أن قراطيس القاعد حينها مازالت عليها ف تلك السنوات‪..‬‬
‫أما ضرتا الخرى منم السيارات فهي وانيت داتسنم باب واحد‬
‫ويقودها أبناء الشيخ ولقد رأيت الشيخ مرارا يركبها ف تنقله ف عنيزة‬
‫روى ل أحد الثقات ‪..‬‬
‫يقول منذ زمنم بعيد حيث ل يكنم شيخنا يلك سيارة ‪..‬‬
‫اتصل عليه المي سلطان بنم عبد العزيز ودعى الشيخ ليزوره ف مزرعته‬
‫العروفة ف القصيم‪..‬‬
‫فلب شيخنا الدعوة ‪ ..‬واستأجر سائقا أعرابيا ويقود سيارة تاكسي توصله‬
‫لزرعة المي‪..‬‬
‫فكان البوتوكول التابع للمي قد رتب أن يستقبل المي سلطان‬
‫شيخنا منم باب السيارة ‪..‬‬
‫فتوسطت تلك السيارة العتيقة سيارات المي وحشمه وضيوفه‬
‫فأصابا الجل والياء أمام أخواتا الفارهات السنم ‪..‬‬
‫غي أن شيخنا ل يتأثر منم ذلك‪..‬‬
‫فهو زاهد بالظاهر ول ترك ف مشاعره شيئا ‪..‬‬
‫‪165‬‬
‫فلما رأى المي الشيخ ورأى أنه قدم مع سيارة تاكسي ‪..‬‬
‫تغي وجهه وأشفق على شيخنا ‪..‬‬
‫وقال ‪ :‬ياشيخ ممد ‪،‬ل بد أن نشتي لك سيارة ‪..‬‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬تعبنا وتقضي حاجتنا ‪..‬‬
‫أنا مرتاح وال يغنيك ويزاك خي‪..‬‬
‫ولقد روى ل شخص قصة وسألت عنها شيخنا فأكد ل ما حدث‪..‬‬
‫حيث أن أحد المراء بعث لشيخنا سيارة فارهة جدا هدية منه ‪..‬‬
‫إكراما للشيخ وحبا فيه ‪..‬‬
‫فرد شيخنا ذلك وشكر الهدي وقال ‪ :‬اعتب هديتك وصلت وأعفن منم‬
‫قبولا!!‬
‫شيخنا حينما يرد تلك الدايا ل يقصد احتقار ما يهدى أو منم يقدم‬
‫الدية‪..‬‬
‫أبدا وال ‪..‬‬
‫غي انه رحه ال رجل بسيط ويب البساطة ول يريد التكلف ف‬
‫اللباس والظهر أو الركوب ‪ ..‬عاش على ذلك ومات عليه ‪..‬‬
‫كما هو شأن سلفنا الصال‪..‬‬

‫فرسولنا عليه الصلة والسلم قبل هدايا اللوك والمراء كما هو ثابت عنه‪..‬‬
‫وكان ابنم عمر رضي ال عنه يقبل هدايا اللوك‪ ..‬كما صح ذلك عنه‪..‬‬
‫وهو منم هو ف زهده وإتباعه لثار النب عليه السلم وسننه‪..‬‬
‫وللعلماء ف ذلك تفصيلت وتقسيمات معروفة ‪..‬‬
‫يرجع لا منم يريد الستقصاء والبحث‪..‬‬
‫روى ل جع منم الناس ومنهم شيخنا بنفسه ‪..‬‬
‫أنه ف عام ‪ 1407‬للهجرة حينما زار اللك فهد رحه ال وعفا عنه‬
‫منطقة القصيم ‪..‬‬
‫اتصل اللك على شيخنا وقال له ‪ :‬نريد أن نزورك ف منزلك‪..‬‬
‫فرحب به الشيخ وقال على الرحب والسعة إن شاء ال‪..‬‬
‫‪166‬‬
‫فشقت الواكب الائلة الطرق إل بيت شيخنا وغصت بالنود والعسكر‬
‫الطرقات ف عنيزة ‪ ..‬ودوت صفارات الشرط‪..‬‬
‫وظنم الناس أن الزور هو إحدى قصور عنيزة الفسيحة ‪..‬‬
‫فتجمعت الشود لذلك الضيف الكري‪..‬‬
‫وقال الناس‪ :‬هنيئا لنم سينزل هذا الكري ف داره‪..‬‬
‫وما علم الناس أن شيخنا هو القصود‪..‬‬
‫وأن بيته التواضع هو قبلة اللك والمراء ‪...‬‬
‫فلما ترجل اللك منم سيارته ‪..‬‬
‫ونزلت الاشية منم الواكب‪..‬‬
‫تفاجأ اللك وحشده الكبي ‪..‬‬
‫أن الشيخ ممد يعيش ف بيت منم طي!!‬
‫فصعقوا منم ذلك ‪ ..‬وتعجبوا واستغربوا ‪..‬‬
‫ولعلهم بلغهم المر فظنوه مبالغة‪..‬‬
‫فدخل اللك البيت ‪ ..‬وتول بنظره فيه وف جدرانه البالية ‪..‬‬
‫وسقوفه التواضعة‪..‬‬
‫فما رأى شيئا يرد النظر ويل العي‪..‬‬

‫ولعل الذاكرة حينها عادت به لسنوات بعيدة جدا ف صغره ‪..‬‬


‫حيث البيوت الشابة ف الرياض القدية والدرعية ‪..‬‬
‫فشق ذلك على اللك وأبت عليه نفسه إل البادرة ‪..‬‬
‫فعزم على المر وعقد النية ‪..‬‬
‫وحينما دخل للمجلس ‪..‬‬
‫وجلس على الرض مع الشيخ الكري‪..‬‬
‫الذي هلل ورحب باللك وضيوفه ‪..‬‬
‫بادره اللك قائل‪:‬‬
‫يا أبا عبد ال ل بد أن تقبل من هدية بسيطة‪..‬‬
‫ول ينتظر جواب الشيخ ‪ ..‬وقال‪:‬‬
‫‪167‬‬
‫أريد ابن لك بيتا ‪..‬‬
‫فابتسم شيخنا ‪..‬‬
‫وقال ‪ :‬جزاك ال خيا‬
‫ولكنن مرتاح ف هذا البيت وخيكم وصل يا أبا فيصل وهديتكم مقبولة ‪..‬‬
‫ولكنم أعفن منم ذلك ‪..‬‬
‫فأل عليه اللك وأصر ‪..‬‬
‫ولكنم شيخنا أب‪..‬‬
‫وقال له‪ :‬وجودك ف منزل هو أبلغ إكرام ‪..‬‬
‫فقبل اللك منه ذلك وعرف أنه رجل زاهد ومهما حاول معه فسوف يعجزه‬
‫ولقد زار شيخنا ف هذا النزل البسيط اللك سعود واللك خالد واللك فهد رحهم‬
‫ال جيعا‪..‬‬
‫قال ل الشيخ مرة ‪ :‬وال لقد مر علي زمان ل أملك الريال الواحد ف جيب!!‬
‫وبعد سني ابتن شيخنا بيتا آخر بعد أن وسع ال عليه ‪..‬‬
‫ونزله منذ عام ‪ 1409‬للهجرة وبقي فيه حت وفاته‪ ..‬رحه ال ورزقه القصور‬
‫ف الفردوس العلى‪..‬‬
‫نرجع لقصتنا!!‬
‫ف تلك الدعوات الت يتلقاها شيخنا منم الشائخ والعلماء وغيهم‪..‬‬
‫تدور نقاشات وحوارات مع الشائخ فيخرج الستمعون والاضرون بدرر ونفائس‬
‫ل تدها ف الالس العتادة ‪..‬‬
‫فوجود هؤلء الصفوة يضفي على الكان ذوقا وطعما خاصا ‪..‬‬
‫ما رأيك بجلس يتمع فيه أساء لمعة ليينم ومصلحي ‪..‬‬
‫نو ‪ ..‬الشيخ عبد العزيز بنم باز ‪..‬‬
‫والشيخ ابنم جبينم ‪ ..‬أو الشيخ عبد ال البسام أو الشيخ ابنم منيع‬
‫أو مشائخ وأئمة الرم كالسد يس والسبيل والشري وابنم حيد وغيهم‬
‫أو الشيخ عائض القرن وسعيد بنم مسفر وعبد العزيز الميدي‪..‬‬
‫هذا الخي وهو الشيخ عبد العزيز الميدي‬
‫هو منم أحب الناس وأقربم لشيخنا‪..‬‬
‫‪168‬‬
‫و طالا استضاف شيخنا ف بيته العامر بكرمه هو وأبناءه البرار‬
‫وعندي منم الذكريات الميلة ف بيتهم العامر ف العزيزية ما أجد لذته‬
‫حت هذه اللحظات وبعد تلك السنوات الديدة ‪..‬‬
‫الشيخ عبد العزيز عال جليل وهو أحد تلميذ الشيخ القدماء جدا والذينم‬
‫تتلمذوا على شيخنا ف عنيزة قبل أن يعرف ويشتهر‪..‬‬
‫للشيخ عبد العزيز الميدي مؤلفات جيلة ومفيدة ومنها كتابه الرائع‬
‫)التاريخ السلمي دروس وعب ( وهو منم أنفس ما قرأت ف بابه‪..‬‬
‫وله درس معروف ف إذاعة القرءان الكري‪..‬‬
‫منم يستمع للشيخ عبد العزيز ويصغي لنبات صوته الادئة وهو يقرأ تلك‬
‫الرياحي العطرة‪ ..‬والنسائم العذبة ‪..‬‬
‫تعلك تعيش وتنغمس ف تلك الشاهد الميلة والقصص الفذة الرائعة‬
‫عنم سلف المة ‪ ..‬رضوان ال عليهم ‪..‬‬
‫كنا نكث ف بيتهم ف أيام الج وغيها فل نشعر بالغربة أو التكلف‪..‬‬
‫كنا كأننا ف بيوتنا بل أحلى !!‬
‫منم البساطة والسماحة وصفاء الروح وطهارة الباطنم قبل الظهر‪..‬‬
‫هم كما قال حات الطائي‪...‬‬
‫أضاحك ضيفي عند إنزال رحله ويصب عندي والكان جديب‪..‬‬
‫وما الصب للضياف أن تكثر القرى ‪..‬ولكنما وجه الكري خصيب‬
‫إن منم أكثر اللحظات الت أرى شيخنا فيها مسرورا وسعيدا‬
‫هي تلك الساعات والليال الت يقضيها ف منزل الشيخ عبد العزيز وبي أولده‬
‫روى ليش الشيخ عبد العزيز يقول‪:‬‬
‫تتلمذت ف شباب عند الشيخ ممد ف عنيزة وذلك قبل انتقال للعيش ف مكة‬
‫فكنا ند منم الشيخ ممد مال نده لدى الشائخ الخرينم منم قوة الجة‬
‫ونصاعة البيان والهتمام بالدليل ونصرة أقوال شيخ السلم ابنم تيمية وتلميذه‬
‫ابنم القيم رحهما ال ‪..‬‬
‫فلما انتقلت للرياض لكمال دراست النظامية ‪..‬‬
‫افتقدنا الشيخ ممد وأسلوبه الفذ ‪..‬‬
‫‪169‬‬
‫ول ند ف الرياض ما كنا نده ف علم الشيخ ‪..‬‬
‫فعلماء الرياض حينها ساروا على السلوب القدي ف التعليم‬
‫وهو أن يقرأ على الشيخ فيعلق تعليقات بسيطة دون استسال وبسط ف السألة‬
‫فيمر عليها مرورا سريعا دون بث متعمق وهو ما كنا نده عند الشيخ ممد‬
‫فأثر ذلك على نفسي وأصابن بإحباط وكسل ‪..‬‬
‫وذلك كردة فعل على فقدان الشيخ وعلمه وأسلوبه‪..‬‬
‫فتوجهت لقراءة كتب الدب والتاريخ ‪ ..‬ال كلمه عنم شيخنا‬

‫الحلقة التاسعة والربعون‬

‫ذات يوم منم أيام العشر الخية منم رمضان‬


‫و بعد صلة الظهر وننم جلوس ف غرفة الرم‬
‫سعنا صراخا وعويل تردد صداه ف الرم !!‬
‫فأفزعنا ذلك جدا ‪..‬‬
‫وكان الشيخ ممد أولنا ف التوجه لصدر الصوت ‪..‬‬
‫وحينما لقناه وجدنا أن سبب الصراخأ أن مموعة منم النساء العتمرات‬
‫منم ذوات البشرة السمراء ومنم آتاهنم ال تعال سعة ف الجسام‪..‬‬
‫وقوة ف البنية ‪..‬‬
‫ويسرن ف صف مستقيم كأننم جنود كتيبة ف جيش‪..‬‬
‫ل يردعهنم رادع ول ينعهنم حائل‪!!..‬‬
‫ل يدن طريقا للوصول للكعبة الشرفة بسبب الزحام ‪..‬‬
‫ومنع الناس منم الوصول للكعبة منم الكتضاض ‪..‬‬
‫فهداهنم فكرهنم البتور وعزمنم على شق طريق لنم مهما كانت النتائج‪!!..‬‬
‫فوجدن أيسر طريق وأسهل سبيل هو أن يشي منم فوق النساء الفتشات‬
‫لرضية السجد‪!!..‬‬
‫وهذا وال ما حدث!!‬
‫وف النساء السكينات النائمات على البلط ‪ ،‬الكبية والريضة والضعيفة‪..‬‬

‫‪170‬‬
‫فوطأن تلك النسوة القاسيات على الجساد النحيلة‪..‬‬
‫ول يرحنم ضعفهنم ‪ ..‬ول استغاثتهنم !!‬
‫عندها حدثت اللبة وصرخنم صراخأ الكلومات‬
‫توجعا منم الدهس والرفس!!‬
‫ولكنم دون استجابة أو رحة‪..‬‬
‫فحاولنا ننم جاهدينم أن ندرك الوقف‬
‫ونقلل السائر بقدر الستطاع‪!!..‬‬
‫ولكنم كتيبة الوت تلك مرت وما عبأت بندائنا وترجينا لنم ‪!!..‬‬
‫حت وصلنم للجهة الخرى ومرن عباب الزحام بكل جدارة واقتدار!!‬
‫عجيب أمر بعض الجيج والعتمرينم!!‬
‫كنت مرة أطوف مع الشيخ حول الكعبة ‪..‬‬
‫فسمعنا رجل يمل سبحة ف يده‪..‬‬
‫وكانت منم طولا وعدد حجارتا تزحف ف الرض!!‬
‫وجسمه ضخم كالبعي وبشرته سراء‪ ..‬وشعره أجعد وهو كفيف البصر‬

‫سعناه يصرخأ ويدعو‪ :‬رب اغفر ل وهب ل ملكا ل ينبغي لحد منم بعدي!!‬
‫ومرة لق الشيخ رجل نصف رأسه ملوق والنصف الخر غي ملوق‪..‬‬
‫ومنظره مقزز ‪..‬‬
‫فقال له الشيخ ‪ :‬ل نصف رأسك ملوق وتركت الخر؟؟‬
‫فقال ‪ :‬أنا سأعتمر عمرتي أحدها ل والخرى عنم أمي‬
‫فهذه اللقة للعمرة الول!!!‬
‫وروى لنا الشيخ صال الزامل حفظه ال أنه سع معتمرا يطوف بالكعبة الشرفة‬
‫ويسبح بسبحته ويقول ف تسبيحه ‪ :‬ياحسي ابنم علي ‪،‬ياحسي ابنم علي!!‬
‫وكنا مرة ف مسجد رسول ال صلى ال عليه وسلم وأراد شيخنا بعد أداء‬
‫الصلة أن يسلم على رسول ال عليه الصلة والسلم وصاحبيه ‪..‬‬
‫وكان الزحام هائل حول القب‪..‬‬
‫وغالب الزوار منم النسيات السيوية منم الباكستان وغيها ‪..‬‬
‫‪171‬‬
‫وحينما رأى العسكر ورجال السبة الواقفي حول القب الشيخ‪..‬‬
‫طلبوا منا أن نر منم فوق الدرابزينم اليط بالقب‪..‬‬
‫فهو أسهل علينا وحت نسلم منم الزحام‪..‬‬
‫فتقدم شيخنا وكنت بواره وسلم على رسول ال قائل‪:‬‬
‫السلم عليكم ورحة ال وبركاته يارسول ال ‪..‬‬
‫نشهد أنك بلغت الرسالة وأديت المانة ونصحت للمة وجاهدت ف ال حق‬
‫جهاده حت أتاك اليقي ‪..‬‬
‫ث مر منم أمام قبي صاحبيه وسلم عليهما رضي ال عنهما ‪..‬‬
‫فأردنا النصراف والنزول ‪..‬‬
‫ولكنم الشود الت حول القب كان لا رأي آخر‪!!..‬‬
‫فوجه شيخنا الضيء ‪ ..‬وشكله الميز واهتمام الرس به ‪..‬‬
‫لفت نظرهم فكأنم قالوا ‪ :‬هذا ول منم الولياء !!‬
‫فتقاذفوا للسلم على شيخنا والتبك به!! ‪..‬‬
‫فكانوا يدون أيديهم لصافحته ‪..‬‬
‫وبعفوية وطيب نفس مد شيخنا يده للسلم عليهم ومصافحتهم وليته ل يفعل!!‬
‫فقد تدافعت الموع وعل بعضهم فوق بعض!!‬
‫ول يكتف بعضهم بالسلم‪..‬‬
‫بل صاروا يتمسحون بيد الشيخ على الوجه والبهة‪..‬‬
‫وسحب شيخنا وسط الموع وسقطت غتته وعباءته عنم ظهره ‪!!..‬‬
‫ولقد رأيت أحدهم يسك يد شيخنا فمسح با منم رأسه وحت قدميه !!‬
‫وشيخنا الضعيف النحيل ل يقدر على الفكاك منهم ‪..‬‬
‫وكان يعلو ويفق وكادت ذراعه أن تلع ‪..‬‬
‫فتزاحم العسكر ودفعوا الناس والهالة ‪..‬‬
‫وفك شيخنا وبالكاد !!‬
‫ول أظنه عاد لا منم بعد أبدا!!‬
‫روى لنا الشيخ ممد السبيل إمام الرم ف إحدى اللسات ف بيته بضور‬
‫شيخنا رحه ال ‪..‬‬
‫‪172‬‬
‫أنه ف إحدى سفراته لدولة الباكستان ‪ ..‬بصفته إماما للحرم الشريف‪..‬‬
‫احتفي به احتفاء كبيا وأكرم منم الكومة والشعب غاية الكرام‪..‬‬
‫وطلب منه التنقل بي الوليات الباكستانية لزيارة الناس والطلع على أحوال‬
‫السلمي ‪ ..‬فوافق الشيخ وكانت وسيلة التنقل هي القطار!!‬
‫وبينما هم يسيون ويتعون نظرهم بي الوديان الميلة والناظر اللبة‬
‫البهيجة ‪..‬‬
‫إذ فجأة توقف القطار!!‬
‫فظنوا أن هناك عطل ما !!‬
‫وقريبا سيستأنفون السي‪..‬‬
‫ولكنم التوقف طال و استمر لساعات !!‬
‫ول يكنم الشيخ السبيل ورفقاؤه يعرفون السبب ‪..‬‬
‫وبعد مرور وقت طويل منم النتظار وشعور الشيخ ومرافقيه باللل‪..‬‬
‫جاء ه عدد منم السئولي الباكستانيي منم يشرف على تنظيم تنقل الشيخ‬
‫ومعهم التجان ‪..‬وعلى وجوههم العبوس والضيق !!‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬ما القصة؟؟‬
‫فتكلم قائدهم وكان مطأطأ الرأس منم الجل وقال ‪:‬ياشيخ ممد هناك مموعة‬
‫منم القرويي منم ويعيش ف القرى حول طريق القطار‬
‫قد ربطت نفسها بالبال على سكة الديد !!‬
‫وأقسمت أنا لنم تتحرك حت توت !!‬
‫أو تنزل أنت للسلم عليهم ‪..‬‬
‫ولقد باءت كل ماولتنا لثنيهم بالفشل وأكدنا لم باليان الغلظة‬
‫أن برنامكم مدد ولديكم‪..‬‬
‫مشوار طويل واحتفالت ف الدن وهم ف النتظار‪..‬‬
‫والوقت غي مناسب ‪ ..‬ولعل ذلك يكون ف زيارات أخرى‬
‫فرفضوا ول يقتنعوا‪..‬‬
‫وقالوا ‪ :‬أينم ند شرفا كهذا الشرف ؟؟‬
‫كالسلم على إمام الرم الشريف‪!!..‬‬
‫‪173‬‬
‫فتعجب الشيخ السبيل منم إصرارهم وحت لو على موتم وتقطيع أجسادهم!!‬
‫وقال ‪ :‬إذا ل بأس سأنزل للسلم عليهم‪..‬‬
‫فقالوا ‪ :‬ياشيخ ممد ننم ناف عليك ‪ ..‬ونشى عليك الغوائل!!‬
‫فهؤلء فيهم المج والرعاع وقد يفعلون أمورا ويتصرفون تصرفات‬
‫غي حيدة و غي متوقعة !!‬
‫ولو سع الناس بفعلتهم لوقفتنا القرى طوال الطريق‪..‬‬
‫ولكنم الرأي أن تبقى أنت ف القطار ونفتح لك النافذة‬
‫ويضرون هم للسلم عليك‪..‬‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬ل بأس فليحضروا‪..‬‬
‫فجاء الناس وكان عددهم هائل‪..‬‬
‫وتوافدوا منم الوديان والشعاب ‪..‬‬
‫فتجمعوا للسلم على إمام الرم ‪..‬‬
‫فل تسل عمنم صافح و وعمنم قبل وعانق وبكى منم الفرح ‪..‬‬
‫حت كاد الشيخ أن يتنق منم كثرتم وتمهرهم عليه !!‬
‫وهو ذو البنية الضعيفة والسنم الكبي والسم القصي حفظه ال ورعاه‪..‬‬
‫ولقد ذكر الشيخ السد يس تعليقا على كلم الشيخ السبيل أنه ف إحدى زياراته‬
‫فقد عباءته حيث نزعت منه بالقوة !!‬
‫ومزقت ووزعت خيوطها بي القبائل وبيعت بأعلى الثان!!‬
‫أذكر مرة أن الناس اجتمعت على الشيخ كعادتم بعد صلة العصر‬
‫فلفت اجتماع الناس فضول العتمرينم فجاءت مموعة أظنها منم شال أفريقي‬
‫فقال ل أحدهم ‪ :‬منم هذا ؟؟‬
‫فقلت لم ‪ :‬هذا أحد العلماء والناس تسلم عليه‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬ما اسه؟؟‬
‫فقلت ‪ :‬اسه الشيخ ممد بنم عثيمي‪..‬‬
‫فسمعته يقول لصحابه وهو منصرف‪ :‬هذا الشيخ اسه ابنم تيمية!!‬
‫ومرة كنا خارجي منم الرم ‪..‬‬
‫وركب الشيخ السيارة ‪..‬‬
‫‪174‬‬
‫وكان يقرأ ورقات بي يديه ‪..‬‬
‫فمدت له يد منم خارج نافذة السيارة ‪..‬‬
‫ول يلتفت الشيخ جيدا لنم يصافحه ‪..‬‬
‫وحينما لست يده يد الصافح ‪..‬‬
‫صرخت أنا با !!‬
‫فقد كانت امرأة منم العتمرات ‪!!..‬‬
‫جاءت للسلم على الشيخ حينما رأت الزحام عليه‪..‬‬
‫فالتفت الشيخ وضحك منم ذلك ‪..‬‬
‫ول يلحظ أحد ذلك سوانا وإل لقيل ابنم عثيمي يصافح النساء!!‬
‫وحاشاه رحه ال‪..‬‬

‫الحلقة الخمسون‬

‫هاننم أوشكنا أن نغادر مكة وربوعها ‪..‬‬


‫وقد قطفنا بعض ثار الذكريات فيها ‪..‬‬
‫ول بأس منم جلب شيء منم الثمار لكة‬
‫منم الدينة وجدة والردن!!‬
‫أردت عنم قصد ونية ما سبق أن أشاغل الناس بشيء منم مواقف الشيخ الميلة واللطيفة‪..‬‬
‫حت ل تفسد تلك الشاكل الشخصية بين وبي صاحبنا العهود‪..‬‬
‫طعم القصة والكاية برارتا ‪ ..‬وقد أوشكت!!‬
‫لقد رأيت أن القراء الكرام تضايقوا ما حدث ‪..‬‬
‫وبعضهم استغرب حدوث ذلك ‪..‬‬
‫واستنكره واستهجنه‪..‬‬
‫وحق لم ف ذلك ‪!!..‬‬
‫ولكنن أذكرهم وأقول لم ‪:‬‬
‫أقرءوا التاريخ والسي‪..‬‬
‫ابتداء بسي الرسلي عليهم السلم‬

‫‪175‬‬
‫ومرورا بسي أصحاب رسولنا ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫وسي السلف الصال والعلماء واللفاء واللوك وكذلك بعض القصص الاهلية والديثة‪..‬‬
‫فستجدون أن ذلك أمر متجدد عب الزمان ول يستغرب وقوع ما هو أروع منه وأغرب وأعجب وأنكى‬
‫منم ساهم ال تعال ) لقد خلقنا النسان ف أحسنم تقوي ث رددناه أسفل سافلي (‬
‫وقوله تعال ) إنه كان ظلوما جهول(‬
‫خاصة وأن الدث وقع بي طلبة علم ومنم حلقة الشيخ ابنم عثيمي رحه ال القربة‪..‬‬
‫وما الغرابة ف ذلك ؟؟‬
‫أليسوا بشرا ؟؟‬
‫أل يقع ف الصالي ما هو أغرب ؟؟‬
‫السؤال الشرعي هو‪:‬‬
‫هل ذكر مثل هذه الواقف والحداث يفيد ؟؟‬
‫ما العبة والكمة منم روايتها؟؟‬
‫أليس منم التوقع أن يعقل الناس وتتوب وتنسى تلك الهازل والسفاهات‪..‬؟؟‬
‫أليس منم الؤسف هو نبش تلك الحداث وإخراجها للناس حت تفتح بابا للقيل والقال؟؟‬
‫هذه تساؤلت أوردها على نفسي كل يوم وف كل حلقة أدونا‪..‬‬
‫و قد جاوبت نفسي وغيي بالتال‪:‬‬
‫أنا أروي ما حصل كرواية شخصية أو كما ساها احد العلقي الكرام ) سشية ذاتيشة( ابتشدأت مشنم حيشات‬
‫الشخصية ث مرورا‬
‫بواقف عديدة حت وصلت لشيخنا رحه ال‪..‬‬
‫ث ستستمر الرواية ‪...‬‬
‫ف أمور وبلدان تنسي أهوالا وأحداثها ‪..‬‬
‫كل ما مضى ؟؟؟؟‬
‫فما زلنا ف البداية !!‬
‫فمنم عنيزة حت كرواتيا حت حرب البوسنة الهولة ث مرور‬
‫بكوسوفا ث أفريقيا وبالصوص ف إثيوبيا والسودان والكاميون وتشاد وغيها ‪!!..‬‬
‫فالقصة طويلة والكاية لنم تقف على شيخنا رحه ال أو غيه‪..‬‬
‫ول أخفيكم أن هذا ما ل أكنم عازما عليه منذ البداية !!‬
‫‪176‬‬
‫فقد عزمت على أن أدون ثلث روايات متفرقة ولكنم بعد مشاورة‬
‫وقراءة تارب مثيلة رأيت دمج الوضوع ف تسلسل واحد ‪..‬‬
‫حت يستوعب القراء تلك الذكريات ول أشتتهم ف ثلث ماور‬
‫قد يكون الربط بينها يتاج لعناء ومشقة‪..‬‬
‫فالفضل إن شاء ال هو استكمال كل مرحلة ث النتقال للمرحلة‬
‫الت تليها ‪..‬‬
‫والظشنم إن ششاء الش أننش لشو تكنشت مشنم السشتمرار علشى نفششس النشوال وهشو تنزيشل خششس حلقشات أسشبوعيا‬
‫فالتوقع استكمال القصة ف أقل منم سنة بول ال تعال‬
‫يصششدف فش هششذه السششي ذكششر بعششض الوقششائع القيقيششة والششت سششببت فش وقتهششا مشششاكل للشراوي ‪ ..‬فأنششا أمششام‬
‫خيارينم اثني‪:‬‬
‫إما أن أسكت وتبقى القضية مبهمة والتهمة معلقة على رأسي حت‬
‫يهنأ مثيوها ويسلموا منم جريرتا وعاقبة فعلهم‪..‬‬
‫وبالتال يبقى ف القصة فراغات هائلة وعلمات استفهام كبية‬
‫فتكون عدية الفائدة بل تكون سببا للتندر والزل‪..‬‬
‫أو علي أن أكشف الوضوع بكل جوانبه وحذافيه‬
‫مع ذكر الساء والوقائع والشواهد وأنا غيش ملم فش ذلشك لننش اللقشة الضشعف و الهشة التلقيشة للظلشم‬
‫أو للصفعات واللطم!!‬
‫أو علي أن أروي قصت كما يلو ل وأتنب التوصشيف الشدقيق أو تسشمية الصشوم ‪،‬قناعشة منش ورضشا با‬
‫قدره رب علي‬
‫ث لا قد يتتب عنم ذلك منم تشويش على أصحاب تلك الخازي‬
‫وهم الن ف غن عنم ذلك!!‬
‫وأنا اختت اليار الثالث عنم تفكي واستخارة واستشارة‬
‫ورغبة ف البعد عنم الشقاق والنزاع‪..‬‬
‫ولكنم يبقى اليار الثان واردا إن رأيت أن ف ذلك مصلحة‬
‫أولا رضى الالق سبحانه ث الدفاع عنم نفسي ولو كان متأخرا‪..‬‬
‫إن تعرضت لتعد متجدد منم الطرف العن‪..‬‬
‫و السؤال هو لاذا ل نستمع للحكاية حت النهاية ث منم بعد ذلك لنحكم عليها‪..‬‬
‫‪177‬‬
‫وليتكلم وليعلق ولينبش وليكذب!!‬
‫كل منم يريد فعل ذلك فأنا ل اكتب حت هذه اللحظة تلك الرواية ف كتاب أصم !!‬
‫بل كتبت كل دعواي وما زعمته ف منتديات حوارية أتلقى فيه منم الثناء أو الذم !!‬
‫كل ذلك عندي سواء‪..‬‬
‫فلماذا ل يسع الميع ما وسعن ووسع الخرينم ؟؟‬
‫لاذا إتباع سياسات خرقاء يتتب عليها أمور ل يبذها عاقل ول‬
‫يبحث عنها لبيب‪..‬‬
‫أتن أن تصل رسالت لنم اعنيه ويفهم ما اقصده ويعلم أنن‬
‫أحكي وقائع ومشاهد أقسمت على كل كلمة وحرف منها وأشهد‬
‫رب سبحانه عليها وهو الول والنصي ‪..‬‬
‫قد يتضايق بعض الخوة القراء منم كثرة تكراري لثل هذا الكلم‬
‫وأقول لم جيعا يا إخوت هناك أناس يتبصون ب منم خلف‬
‫الكواليس جبناء وسيأت الوقت قريبا الذي افضحهم فيه ‪..‬‬
‫ولقد سعت منهم كلما ورسائل بعثوها ‪...‬‬
‫ألزمتن أن أؤكد على تلك العان والباديء كل مرة ‪..‬‬
‫وأقول لم لنم أعيد كلمي!!‬
‫فلو تادوا ف غيهم وتاوزوا الدود فلنم يكون صدر مالك وحده يويهم ‪!! ..‬‬
‫وسأسع كل منم يعقل ما فعلوه وبعدها فليدفعوا الساب‪..‬‬
‫حسنا لنرجع لقصتنا ‪..‬‬
‫انتهى رمضان وأعلنم العيد وعاد الخأ علي بشيخنا لده ومنه رجع بالطائرة للقصيم ‪..‬‬
‫أما أنا فرجعت لعائلة ف الطشائف وبقيششت هنششاك عششدة أيشام قضشيت فيهشا مششع العائلششة الكريشة ‪ ..‬والمشد لش‬
‫‪..‬‬
‫ث عدت للقصيم ‪..‬‬
‫فوجدت عنيزة شبه خالية منم الطلبة ‪ ..‬حيث أن أغلب الطلبة لدى عوائلهم وأهليهم‪..‬‬
‫وحينما شارفت الجازة على النتهاء توافد الطلبة وغص بم الامع ‪..‬‬
‫قدم لعنيزة طالب منم مدينة الطائف اسه ممد العباد‪..‬‬
‫وقد سبق أن رأيته ف الطائف قبل قدومي لعنيزة‪..‬‬
‫‪178‬‬
‫دون أن اعرفه باسه أو أن احتك به‪..‬‬
‫هذا الطالب ترى منم وجهه الد والصرامة‬
‫ويشع منم عينيه بريق الفطنة والذكاء‪..‬‬
‫بعد صلة العشاء وخروجنا منم الدرس العتاد‪..‬‬
‫لق الخأ ممد بشيخنا وكنت معهما أسي كما هي عادت‪..‬‬
‫انتظر انتهاء الطلب منم أسألتهم ث أبدأ بقراءة ما عندي منم أسئلة وغيها‪..‬‬
‫تناقش الخأ ممد مع شيخنا ف مسألة فقهية ‪..‬‬
‫وكششان فش الخأ ممششد حششده فكششان شششيخنا يششرد علششى كلمششه فيد الخأ ممششد علششى الشششيخ بششإيرادات جيلششة‬
‫تدل على فطنته‪..‬‬
‫غي أن أسلوبه كان فظا فهذا ما جعل شيخنا يتد معه أيضا‪..‬‬
‫اذكر أن الخأ ممد رد على الشيخ فقال له‪ :‬هذا قول ابنم حزم الظاهري ف اللى‪..‬‬
‫فاستشط شيخنا غضبا وقال ‪ :‬وهل اللى كتاب منزل منم السماء؟؟‬
‫ث أورد عليه كلم ابنم القيم ف ابنم حزم ف كتاب إعلم الوقعي‪..‬‬
‫فرجع الخأ ممد وبقيت مع الشيخ وحيد ا وكأنه شعر بدته فقد كان شيخنا رحه ال سريع الفيئة!!‬
‫فقال ل‪ :‬يبدوا على هذا الطالب النباهة والفطنة ‪..‬‬
‫ف اليوم التال ‪ ..‬وكنت جالسا ف مكتبة السكنم ‪..‬‬
‫جاءنا اتصال منم مستشفى اللك سعود ف عنيزة ‪..‬‬
‫فرد مشرف الكتبة على الكالة‪..‬‬
‫فكان التحدث منم الستشفى يقول ‪ :‬حصل حادث لموعة منم طلبة الشيخ ‪..‬‬
‫فصعدت فورا لغرفة مشرف السكنم وهو حينها الخأ صال الرعشي الرب فأيقظته منم النوم‪..‬‬
‫ففزع ‪،‬وأذكر أنه كان يتحدث مع نفسه منم الروعة‪..‬‬
‫فتوجهت معه للمستشفى ‪..‬‬
‫فقابلنا مشرف شئون الرضى حينها وهو الدكتور ممد الركان‬
‫فقال لنا ‪ :‬لقد توف ف الال سائق السيارة وسائق السيارة الخرى‪..‬‬
‫فقلت له ‪ :‬ما اسم السائق ؟؟‬
‫فقال‪ :‬ل نعرف هويته حت الساعة ‪ ..‬ولكنم دعونا نتوجه للثلجة فلعلكم تعرفون اليت‪!!..‬‬
‫حينما دخلنا ثلجة الوتى أصابتن قشعريرة وخوف وارتباك‬
‫‪179‬‬
‫فلم يسبق ل أن رأيت موقفا كهذا ‪ ..‬وهأمت بتكهما ‪..‬‬
‫رأينا شخصا مدا على سرير ومغطى بشر شف أبيض ‪..‬‬
‫وعلى جهة الصدر بقع كبية منم الدم ‪..‬‬
‫فتقدم الدكتور ممد للجثة منم جهة الرأس ونظر لوجهي ووجه‬
‫مرافقي كأنه يقول‪ :‬هل أنتما مستعدان للتعرف على اليت؟؟‬
‫فتسارعت نبضات قلب وكدت أن أتراجع ‪..‬‬
‫فنزع الغطاء فتأملت اليت فشإذا هشو الخأ ممد العبشاد الشذي كشان يتجشادل بشالمس مشع ششيخنا رحشه الش‬
‫!!‬
‫ويؤمل شيخنا فيه ما يؤمل!!‬
‫رحه ال وعفا عنه وأسكنه الفردوس العلى‬

‫تنبيه‬
‫للسف فإن تسلسل الحداث عندي قد ل يكون فيه انضباط ودقة كما ينبغي‪..‬‬
‫قد يصل ان اذكر أحداثا ول استطيع التأكيد عشنم وقشت حصشولا هشل بعشد رمضشان ام قبلشه هشل ف فشتة‬
‫الجازة ام ف وقت الدراسة ‪..‬‬
‫أصششل الحششداث معلششوم وميقششنم منششه لكششنم تديششد الزمششنم بدقششة صششعب للغايششة فششارجوا مششنم اطلششع علششى حششدث‬
‫ولديه ملحظة حول الزمنم أو التسلسل أن يسارع بتنبيهي حت أعدل تلك العلومة‪..‬‬

‫الحلقة الواحدة والخمسون‬

‫حضر مموعة منم طلبة الشيخ درس الشيخ سليمان العلوان حفظه ال‬
‫ف مدينة بريدة ‪..‬‬
‫الشيخ سليمان العلوان لنم ل يعرفه‬
‫كان ف تلك السني شابا ف مقتبل عمره ‪..‬‬
‫آتاه ال منم العلم الراسخ خاصة ف علم الديث ‪..‬‬
‫والفهم الثاقب وسعة الطلع ما يبهر البصار ويي اللباب‬

‫‪180‬‬
‫تسامع به طلبة العلم فتقاطروا عليه منم كل مكان ‪..‬‬
‫ولقد رأيت ف درسه وحضرته مرة واحدة فقط‬
‫رأيت منم يكبه مرة أو مرتي ويمل أعل الشهادات العلمية‬
‫وقد ثن ركبتيه بي يديه‪..‬‬
‫وكان درسه بعد صلة الفجر ‪..‬‬
‫حضره عدد منم طلبة الشيخ وبعد رجوعهم منم الدرس وكان ذلك يوم خيس‬
‫أعتضتهم فجأة سيارة يقودها رجل مسنم ومعه مرافق مسنم أيضا‪..‬‬
‫فاصطدموا به فتطاير الركاب منم السيارتي ‪..‬‬
‫وضرب مقود السيارة على صدر ممد العباد فمات ف الال‪..‬‬
‫وتوف أيضا قائد السيارة الخرى رحه ال‪..‬‬
‫وتشمت السياراتان حت تلفتا تاما ول تعد تصلحان للنتفاع بتاتا‪..‬‬
‫كانت تلك الادثة الروعة مزرة با تعنيه العبارة منم معن!!‬
‫فقد خطف الوت طالبا مدا وهو الخأ ممد العباد رحه ال وأصوله منم اليمنم‬
‫وفقد أحد الطلبة إحدى عينيه وكاد يعمى ومكث ف النعاش أسابيع عديدة‬
‫وهو الخأ ممد المي السودان‬
‫وكسر أللحي السفلي لحدهم وكاد يتلف ويهلك‪..‬‬
‫وهو الخأ عبد ال حافظ الباكستان‬
‫والخر أوشك على الوت فقد تكسرت أضلعه وشل شلل نصفيا‬
‫وهذا للسف نسيت اسه وهو منم سكان جده ومنم قبيلة حرب‬
‫وقد كان الشد تضررا منم الادث أعانه ال وخلف ال عليه خي‬
‫حينما سع شيخنا بالب ‪..‬‬
‫أراد الذهاب للمستشفى ف عصر ذلك اليوم للطمئنان عليهم بنفسه ‪..‬‬
‫وقال ل ‪ :‬جهز سيارتك سأذهب معك للمستشفى!!‬
‫سيارت منم نوع الالنت اشتيتها منم أخي الكبي بسعر زهيد‬
‫و هي سيارة شبه متهالكة!!‬
‫و وهيئتها وما وضع عليها منم زخارف ل تليق ب أنا كطالب علم‬
‫فكيف بشيخنا !!‬
‫‪181‬‬
‫قد مضى على وجودها معي أياما معدودات ول أتكنم‬
‫منم تغيي ما عليها منم زخارف وعبارات مجله !!‬
‫حت أن أخي سامه ال قد هبط هيكل السيارة بيث توشك أن تتك بالطريق !!‬
‫تفهمون ما أعنيه جيدا !!‬
‫عندما قال ل الشيخ‪ :‬سأذهب معك بسيارتك‪..‬‬
‫قلت له‪:‬‬
‫ياشيخي سأستعي سيارة منم احد الزملء ‪..‬‬
‫فقال‪ :‬ولا ؟؟‬
‫أب أشوف سيارتك ونربا!!‬
‫توكل على ال وجهزها ل بعد الصلة عند باب السجد!!‬
‫وقعت ف حرج شديد واستحييت أن أركب شيخنا على مثل هذه السيارة الريعة !!‬
‫بعد العصر سبقت الشيخ لارج السجد وجهزت له السيارة ‪..‬‬
‫فلما جاء واقتب من وركب فيها قال ل‪ :‬مبارك !!‬
‫هل هذه سيارتك؟؟‬
‫فقلت له ‪ :‬ل ‪،‬ياشيخ هذه ليست سيارت هذه لحد الزملء!!‬
‫فقام شيخنا مغضبا منم فوره وخرج منم السيارة وأشار لطالب آخر‬
‫فركب معه وتركن!!‬
‫لقتهم للمستشفى فوجدت سيارت الت تركتها مع صاحب السيارة الت أقودها ‪..‬‬
‫فأرجعتها له وأخذت تلك العجوز الريعة‪..‬‬
‫فأوقفتها أمام باب الستشفى !!‬
‫فإذا كانت هذه رغبة الشيخ فليكنم!!‬
‫لقت بشيخنا وتولت معه على الرضى ‪..‬‬
‫وكششان ف ش اسششتقبال الشششيخ الرجششل الشششهم والكريش ش الفضششال الششدكتور عبششد ال ش البششداح الشششرف العششام علششى‬
‫الستشفى وعدد منم الداريي ‪..‬‬
‫حينما زرنا الخأ ممد المي وكان ف غيبوبة تامة قال لنا المرض‪:‬‬
‫هذا الرجل طوال الوقت ف غرفة العمليات‪..‬‬
‫كان يقرأ القرءان ويسبح ويهلل وهو ف غيبوبة تامة ‪!!..‬‬
‫‪182‬‬
‫وقف شيخنا على رأسه ودعا له وقرأ عليه ونفث‪..‬‬
‫ث تنقلنا ف غرف الخوة الخرينم عبد ال والخأ الذي نسيت اسه‪..‬‬
‫وكان وضع الخي حرج للغاية ما استلزم نقله لدة بعد عدة أسابيع‬
‫كانت حاله كما ذكرت خطرة للغاية وكانت معرضة للتطور ف أي لظة وكان ف غيبوبة ‪..‬‬
‫وبعد فتة تسنت حالته نوعا ما وصار يفتح عينيه ولكنه ل يعرف منم حوله ول يعقل ‪..‬‬
‫وف إحدى الزيارات حيث كان شيخنا يزور الرضى دوم‬
‫حدث موقف عجيب وغريب ‪..‬‬
‫عندما وقف شيخنا على رأس أخينا الكري‬
‫واقتب منه ودعا له وقرأ عليه كما يفعلها كل مرة‪..‬‬
‫حينها نظر الخأ ف وجه الشيخ فتأمله وكأنه عرفه فابتسم وضحك !!‬
‫فقال الشيخ وهو مسك بيده ‪ :‬هل يعرف منم حوله ؟؟‬
‫فقال الطبيب‪ :‬أبدا هو ل يفعل هذا منم قبل !!‬
‫وكنا كلما زرناه مع الشيخ يكرر ما فعله دوما فيضحك ويتهلل وجهه ‪..‬‬
‫فسششبحان مششنم مل قلششوب عبششاده حبششا لششذا العلششم الليششل وخصوصششا تلميششذه الششذينم يرونششه ف ش مقششام الوالششد‬
‫الرحيم بل اشد منم ذلك!!‬
‫وليخسأ الاسئون!!‬
‫هأس أحد الطلب ف أذن الشيخ‬
‫وقال له‪ :‬ياشيخ نريد رؤية الخأ ممد العباد‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬هو ميت !!‬
‫فقال ‪ :‬ياشيخنا ل بأس للعتبار!!‬
‫الشخص الذي هأس ف أذن الشيخ وقال له ما قال ‪..‬‬
‫حدث له حادث بعد سنوات على طريق الدينة القصيم وكانت معه زوجته‬
‫وأبناؤه فتوف رحه ال منم فوره ‪ ..‬وسلمت زوجته وأبناؤه‪..‬‬
‫وقد بلغن الشيخ بوته حينما اتصلت عليه منم البوسنة‪..‬‬
‫فقال ل‪ :‬هل سعت بفلن لقد صار عليه حادث وصلينا عليه اليوم‪..‬‬
‫حينها وال تذكرت كلمته حينما قال لشيخنا ‪ :‬نريد العتبار‪..‬‬
‫واسه عبد الرحنم داود رحه ال‪..‬‬
‫‪183‬‬
‫منم خية الطلبة وأكثرهم حرصا على التحصيل والطلب‬
‫عفا ال عنه وجعل مثواه النة‪..‬‬
‫دخل الطلبة على جثة الخأ ممد وقد وضعت ف داخل الثلجة‪..‬‬
‫ولا رفع الغطاء عنم وجهه تأمل الشيخ وجهه وسكت قليل ‪..‬‬
‫وهز رأسه ث دعا له و انصرف‪..‬‬
‫خرجنا منم الستشفى وكان الشيخ قد رأى على وجهي كرها لا فعله معي‬
‫فقال ل‪ :‬هل أحضرت سيارتك؟؟‬
‫فقلت بجل وحياء‪ :‬نعم‪..‬‬
‫استحييت وال منم الطلبة ومنم مدير الستشفى أن يروا دابت!!‬
‫وصلنا للباب وخرج الشيخ ‪ ..‬وودع مرافقيه‬
‫وفتحت له باب السيارة‪..‬‬
‫وقال قبل أن يركب‪ :‬هذه هي؟؟‬
‫قلت ‪ :‬هي وال !!‬
‫فدخل فيها وقرأ دعاء الركوب وأخذ يلمس مراتبها ويسح على مقدمها ويقول‪:‬‬
‫مبارك يا أبا عبد ال لتهنأ لك وجعلها عونا على الطاعة!!‬
‫فخرجنا منم الستشفى واعتذرت منم شيخنا عما بدر من‬
‫فقال ‪ :‬ل تجل السيارات كلها سواء الهم توصلك لاجتك‪..‬‬
‫ث انشغل رحه ال بتقليب الذياع والنظر ف سقفها والتبيك والدعاء‬
‫وكأنن أقود أفخم وأرقى طراز ‪..‬‬
‫رحه ال ما ابسطه وأكرمه وألطفه‪..‬‬
‫ف اليوم التال صلينا على الخأ ممد العباد بعد صلة المعة‪..‬‬
‫وأمنا شيخنا رحه ال ‪..‬‬
‫ث خرج بنفسه وتقدم النازة راجل ‪..‬‬
‫وقد حلت على الكتاف حت القبة والت تقع ف الهة الشمالية منم عنيزة‬
‫وكأن الخوة الذينم يملون النازة استعجلوا ف السي ليلحقوا الشيخ‬
‫فقال لم معاتبا ‪:‬‬
‫سيوا على مهل هل تريدون النازة أن تسقط؟؟‬
‫‪184‬‬
‫وصلنا للمقبة وجلس شيخنا على التاب ‪..‬‬
‫حت يصلي على النازة منم ل يصل‪..‬‬
‫وحت يضر اليت ويدفنم ‪..‬‬
‫وضع الخأ ممد رحه ال ف القب ‪..‬‬
‫وكان والده موجودا ومتأثرا جدا منم فقد ولده ‪ ..‬وقرة عينه ‪..‬‬
‫خلف ال عليه خيا ‪..‬‬
‫وجعله فرطا له إل النة‪..‬‬
‫بكى والده على قبه فأبكى منم حوله ‪..‬‬
‫نظرت للقبور ذلك اليوم وكانت على مد البصر‪..‬‬
‫رأيت رجل يسي بعيدا منم بي القبور وكنت اعرفه ‪..‬‬
‫فسالت ‪ :‬أينم يذهب؟؟‬
‫فقالوا‪ :‬يزور قب شيخه عبد الرحنم بنم سعدي رحه ال‬
‫جاء والد الخأ ممد وسلم على شيخنا وقبل يده وبكى بكاء كما تبكي الثكلى‬
‫فصبه شيخنا ودعا له ولولده ممد وقال ‪ :‬يلف الول سبحانه عليك ف‬
‫إخوان ممد‪ ..‬فل تتحسر فكلنا موتى وهذا آجال ‪ ..‬ال كلمه رحه ال‬
‫ولقد واساه شيخنا ودعاه ف بيته واستضافه طوال بقاءه ف عنيزة ‪..‬‬
‫مرت اليام تتى وبوتية سريعة ‪..‬‬
‫وما أسرع ما جاء موسم الستعداد للحج‪..‬‬
‫حيث أوقف شيخنا الدروس العتادة ‪..‬‬
‫وشرع ف دورة مركزة ف القراءة منم أبواب الج منم الزاد ومنم كتب الناسك‬
‫وكذلك كتابه الصغي ف حجمه الكبي ف قدره التعلق بالضاحي ‪..‬‬
‫وقد قرأناه عليه وشرحه شرحا وافيا ‪..‬‬
‫فخرجت بفوائد عظيمة واستطعت الحاطة بتوفيق الول بميع ما يتعلق‬
‫بالج والناسك والضحية منم تلك الدروس‪..‬‬
‫فجزى ال شيخنا خي الزاء ورضي عنه وجعل قبه روضة منم رياض النة‬
‫ف اليام الخية منم شهر ذي القعدة ‪..‬‬
‫وقبل رؤية هلل ذي الجة توجهت مع شيخنا لداء الج‪..‬‬
‫‪185‬‬
‫وكان ف استقبالنا الشيخ صال الزامل والخأ علي السهلي وجع كري منم الخوة‬
‫البي‪..‬‬
‫توجهنا لكة شرفها ال لداء العمرة وتللنا بعد ذلك ‪..‬‬
‫فقد كنا متمتعي كما هو معروف منم أنواع النسك‪..‬‬
‫أرجعنا السيارة الت كانت معنا للشيخ صال الزامل واستبدلناها‬
‫بسيارة جديدة تركت تت تصرفنا ‪!!..‬‬
‫سألت شيخنا‪ :‬ما هذه السيارة هل هي مهداة؟؟‬
‫فقال‪ :‬كل ‪ ،‬هذه السيارة تابعة لوزارة الشئون السلمية حيث أشرف سنوي‬
‫على الدعوة ف صالة الجاج واليناء !!‬

‫الحلقة الثانية والخمسون‬

‫برنامج شيخنا ف فتة الج برنامج شاق ومرهق با تعنيه الكلمة منم معن‬
‫حيششث يتششوي علششى برامششج متتابعششة مششنم دروس وماض شرات وفتششاوى وتنقششل بي ش الخيمششات قبششل وبعششد الششج‬
‫وأثناءه ‪..‬‬
‫ولقد كان يصيبن الفتور والعياء منم كثرة البامج وشيخنا ف قمة نشاطه!!‬
‫ف الج كنت أنا رديف شيخنا ول يرافقنا أحد منم أقارب الشيخ أو أصحابه‬
‫وكنا طوال فتة بقاءنا ف مكة وكذلك ف ميم الج ف ضيافة شهم سأتدث عنه لحقا‪..‬‬
‫توجهنا بسيارتنا الديدة )وهي جيب تايوتا لون رمادي(‬
‫لكتشب التوعيشة السشلمية الواقعشة فش حشي الشششة والشذي يقشابله جامع ساحة الششيخ عبشد العزيشز بشنم بشاز‬
‫رحه ال‬
‫حيث كان شيخنا يكث كثيا ف ذلك الكتب لستقبال‬
‫الزوار منم العلماء والشائخ والستفتي وأمامه هاتف ل يتوقف عنم الرني‬
‫لربع وعشرينم ساعة للفتاوى‪..‬‬
‫ولسائل أن يتساءل كيف يعرف الناس رقم تلفون الشيخ ف مكة أو ف جده أو غيها منم الدن؟؟‬
‫والواب‪ :‬أن شيخنا قام بطريقة جيلة وسهلة بل هذا الشكال!!‬
‫وذلك أن جهاز التلفون ف عنيزة فيه خاصية تويل الكالات ‪..‬‬

‫‪186‬‬
‫فمثل لو اتصل شخص لعنيزة على رقم الفتاوى العروف‬
‫فسوف يرد عليه التلفون بصوت الشيخ يقول له ‪:‬‬
‫اتصل على الرقم كذا ‪ ..‬فمرة يعطيهم رقمه ف الرياض ومرة ف جده‬
‫ومرة ف الدينة وهكذا‪..‬‬
‫وكان رقم التلفون يتغي ف بعض الحوال يوميا وذلك بالتصال على الهاز وإدخال شفرة معينششه فيملششي‬
‫الشيخ بصوته الرقم الديد‪..‬‬
‫وللمعلومية فشيخنا لديه اهتمام كبي بالتقنيات وخصوصا أجهزة التصالت‬
‫وكل منم أراد أن يدخل السرور على شيخنا ويفرحه فعليه أن يبه‬
‫بهاز اتصال جديد نزل ف السوق فستجده بعد أيام ف بيته أو مكتبته !!‬
‫أذكر مرة أنن طلبت منم الشيخ أن يعطين مبلغا منم نفقت الت يرسلها‬
‫الوالد ل على حساب الشيخ حيث أن شيخنا يتفظ با عنده وينفق علي‬
‫منها كما ينفق الوالد على ولده ‪..‬‬

‫فقال ل ‪ :‬تعال عندي ف البيت وسأعطيك الهاز الذي تتاجه‪!!..‬‬


‫فجئته ودخلت معه للبدروم حيث مكتبته الثانية ‪..‬‬
‫فأران دولبا كبيا به رفوف كثية وقد حشرت به عشرات الجهزة‬
‫منم كل النواع والصناف ‪!!..‬‬
‫علما أن غالبها مهدى لشيخنا منم قبل أحد أصحابه الذينم اعرفهم جيد‬
‫وبناسبة ذكر الجهزة أذكر هذا الوقف‪..‬‬
‫كنا مرة ف جده وبعد صلة عصر ‪..‬‬
‫ذكر أحدهم للشيخ ممد أن هناك أجهزة للتصالت‬
‫جديدة وفيها منم الواصفات كيت وكيت ‪..‬‬
‫وهي متوفرة ف معرض تاري لشركة سون ف سوق حراء الدول‬
‫فقال الشيخ ل‪ :‬توجه لذلك السوق‬
‫وكان لدينا فراغ بسيط منم الوقت ‪..‬‬
‫فانطلقنا للسوق وترجلنا ودخلنا ذلك العرض‪..‬‬
‫فتجول شيخنا فيه دون أن يعرفه أحد منم البائعي أو الشتينم ‪..‬‬
‫‪187‬‬
‫فاختار جهازا أو جهازينم ‪..‬‬
‫فقال البائع‪ :‬للسف ل يوجد لدينا جهاز جديد‬
‫وهذا الهاز للعرض ولكنم لو تعطينا عنوانكم فسوف نبعثه لكم ‪..‬‬
‫فقال الشيخ‪ :‬أنا مقيم ف عنيزة!!‬
‫فقال ‪ :‬سنبعثه لك لعنيزة وستتكفل أنت بقيمة الشحنم‪..‬‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬ل بأس بذلك ‪..‬‬
‫فأعطاه العنوان ورقم الاتف‪..‬‬
‫ودون له السم ‪ :‬ممد بنم صال العثيمي !!‬
‫وخرجنا منم الل‪..‬‬
‫يقول الشيخ ل ‪ :‬بعد وصوله لعنيزة بأيام تلقى اتصال هاتفيا منم مالك الل‬
‫وكان يبكي ف التلفون ويقول‪ :‬وال ياشيخ لو علمت أنك ستأت للي لتشرفت‬
‫أنا باستقبالك ‪..‬‬
‫وقد بعث الهاز للشيخ وأهداه له ورفض رفضا باتا أن يأخذ قيمته منم الشيخ‪..‬‬
‫ف مكة حيث كنا نكث ف مكتب التوعية ‪..‬‬
‫كان شيخنا يلس ف صالون بوار مكتب كبي مكتوب عليه‬
‫) مكتب معال النائب(؟؟؟؟‬
‫فقلت لشيخنا ‪ :‬مكتب منم هذا ؟؟‬
‫فقال ‪ :‬هذا مكتب الشيخ إبراهيم بنم صال آل الشيخ نائب الشيخ‬
‫عبد العزيز بنم باز ‪...‬‬
‫هذا الرجل تعجز وال كلمات الختصرة عنم الثناء عليه ‪..‬‬
‫ويكفي أن أقول عنه أنه رجل با تعنيه تلك الكلمة‪..‬‬
‫تواضع ف تعامله ‪..‬‬
‫ساحة ف نفسه‪..‬‬
‫حسنم العشر‪..‬‬
‫حلوة الديث‪..‬‬
‫الطرافة الكرم الطيبة النان التفان ‪ ..‬بارك ال ف أب صال‬
‫ول عجب فهو سللة كري بنم كري بنم كري بنم كرام‪..‬‬
‫‪188‬‬
‫فجده هو شيخ السلم ممد بنم عبد الوهاب رحه ال ‪..‬‬
‫وأبوه هو الشيخ صال آل الشيخ قاضي الرياض الشهور وشيخ العلماء الكبار‪..‬‬
‫صاحب الواقف الشهورة مع اللك عبد العزيز رحه ال ‪..‬‬
‫وأقرؤوا سيته العطرة ف كتاب )علماء ند خلل ثانية قرون( للشيخ العلمة‬
‫عبد ال البسام عليه رحة ال‪..‬‬
‫ف ذلك العام والذي يليه مكثنا ف ضيافته ف الج قبله وخلله وبعده‬
‫ف أيام فضيلة وذكريات متعة ولظات مباركة‬
‫لو ل يكنم مكسب ل منم صحبة شيخنا ومرافقته سوى معرفة أمثال‬
‫الشيخ إبراهيم لكان وال ذلك كافيا ل‪..‬‬
‫فكيف إذا اجتمع لنا ف تلك اللحظات فوائد ونكت علمية ودقائق‬
‫يندر أن يتمكنم النسان منم تصيلها منم جوف و أعماق بطون الكتب‪!!..‬‬
‫وال لقد سعت منم العلم واستفدت منم الفوائد والسائل ف تلك السفرات‬
‫ما قد يشى ف رأس طالب علم فيستحق أن يسمى عالا!!‬
‫ولكنم كم بقي ل منه وكم احتفظت به وكم عملت به ؟؟‬
‫هل العلم بالعرفة فحسب ؟؟‬
‫هل العلم أن تيط بالسائل دون أن تفقه فتصي مثل حار الفروع!!‬
‫يؤسفن أن أقول مثل هذا الكلم ول أحب ترديده وذكره وال ‪..‬‬
‫ولكنم بعض الهلء وفاسدوا القصد اتمون ظلما وزورا بأنن اصحبه لغراض وأهداف دنيئة ‪..‬‬
‫حسبهم ال ‪...‬‬
‫والوعد بي يديه تعال ‪...‬‬
‫نزلنا فش بيششت الشششيخ إبراهيشم بششنم صششال والكششائنم فش حششي العزيزيششة بشوار جشامع الششارثي والششذي كشان إمششامه‬
‫حينها الدكتور ناصر الزهران وفقه ال‬
‫فكنا نصلي ف السجد ويلقي شيخنا فيه درسا بعد صلة العصر‬
‫ودرسه الخر يلقيه ف جامع فقيه العروف‪..‬‬
‫ول يكنم شيخنا يصلي ف الرم سوى المعة ول يكنم يلقي‬
‫فيه الدروس لتعذر ذلك بسبب الزحام الائل ف الرم وحوله‪..‬‬
‫وغالب منم يضر تلك الدروس هم منم الجاج منم الدول العربية وغيه‬
‫‪189‬‬
‫والعجيب والغريب ‪..‬‬
‫هو حضور عدد منم أصحاب العمائم السوداء !!‬
‫منم الروافض لدروس الشيخ‪!!...‬‬
‫ولقد تساءلنا حينها ‪ :‬هل يفهمون العربية وهل يسمعون الدروس ليستفيدوا؟؟‬
‫ف درس جامع الارثي كان أحدهم يداوم الضور وكان يناقش شيخنا كثي‬
‫وشعر شيخنا منه رغبة ف البحث عنم القيقة أو هكذا بدا ؟؟؟‬
‫عرف نفسه للشيخ أنه مدرس ف إحدى الوزات العلمية ف قم ف إيران‬
‫وطلب منم الشيخ أن يلس معه جلسة خاصة ف بيته ليتجادل مع شيخنم‬
‫حول بعض السائل العقدية والختلف فيها بي الروافض وأهل السنة والماعة‬
‫دعاه شيخنا لبيت الشيخ إبراهيم ‪ ..‬فحضر الرافضي وكان ذلك بعد درس العصر‬
‫أظهر الفرح وتلق ف كلمه وأنه باحث عنم القيقة فجاراه شيخنا حت يبلغه الجة الناصعة‪..‬‬
‫قدمنا له القهوة والشاي وكنت أنا حاضرا وكذلك الخأ أحد البغدادي‬
‫قام بإيراد عدد منم السائل الشهورة والتعلقة بالصحابة رضي الش عنهششم وخصوصششا عششنم أميش الششؤمني أبش‬
‫بكر الصديق رضي ال عنه وخليفته أمي الؤمني عمر ابنم الطاب رضي ال عنه ‪..‬‬
‫وكذلك عنم أمي الؤمني عثمان بنم عفان رضي ال عنه‬
‫وتنوقش أيضا عنم أم الؤمني عائشة رضي ال عنها‪..‬‬
‫وكان يقول ويؤكد أن اللف على هذه السائل ليس منم أصول الدينم‬
‫فقال له شيخنا‪ :‬بل هي منم أهم الهمات فهم أصحاب رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وهم نقلة الوحي وخي أصحابه‪..‬‬
‫فالقدح فيهم قدح ف رسول ال عليه الصلة والسلم وقدح ف دينم ال جل وعل‬
‫ومنم خلل الديث لز الرافضي عثمان ابنم عفان ‪..‬‬
‫فدحر الشيخ كلمه ودحض حججه وترضى عنم عثمان ‪..‬‬
‫وقال أيضا ‪ :‬ل أظنم أحد يتلف ف كفر معاوية وابنه يزيد !!‬
‫فبي له شيخنا فضل معاوية رضي ال عنه وأنه أحد كتبة الوحي ونقل له‬
‫موقف أهل السنة والماعة منم الفتنة الت وقعت بينه وبي أمي الؤمني علي‬
‫بنم أب طالب رضي ال عنه‬
‫و أن ما وسع العلماء والسلف يسعنا‪ ..‬فيهما رضي ال عنهم‬
‫‪190‬‬
‫وكذلك موقفهم منم ابنه يزيد ونقل كلم شيخ السلم ابنم تيمية فيه ‪..‬‬
‫فقال الرافضي‪ :‬تنيت أن اطلع على كتب ابنم تيمية‪..‬‬
‫فقد سعت أن الرجل له مؤلفات ف الرد علينا وفيها قوة حجة وجزالة ألفاظ!!‬
‫فقال الشيخ‪ :‬إن شئت اشتيت لك كتب ابنم تيمية ‪..‬‬
‫لتحملها معك إل إيران فتقرأها فلعل ال تعال بفتح على قلبك‬
‫فيظهر لك الق‪..‬‬
‫فأظهر الفرح وشكر الشيخ ‪..‬‬
‫وبعد استكمال الوار والنقاش ‪..‬‬
‫خرجنا معه منم السكنم وتوجهنا به وبرفقة شيخنا للمكتبة ‪..‬‬
‫ويا للعجب !!‬
‫رافضي ف صحبة ابنم عثيمي ف سيارة واحدة؟؟‬
‫اشتينا له كتاب منهاج السنة وكتاب درء تعارض العقل والنقل‪..‬‬
‫فتعجب منم كب حجمهما فقال له الشيخ‪:‬‬
‫إن قرأتما قراءة بث وطلب للحق فسوف تد بغيتك إن شاء ال‬
‫أما إن قرأته لتنقده ولتبحث عنم زلته فلنم تستفيد منه شيئا‪..‬‬
‫فقبششل الرافضششي رأس الشششيخ وشششكره وقششال ‪ :‬هششذا رقششم هششاتفي ولعلكششم تتصششلون علششي بعششد شششهر أو شششهرينم‬
‫فأعطيكم رأيي وما وصلت إليه فحفظت الرقم عندي وبعد مرور شهرينم ‪..‬‬
‫ذكرت شيخنا به ‪..‬‬
‫فاتصلنا عليه ‪..‬‬
‫فردت علينا امرأة فرطنت بكلم ل نفقهه‪!!..‬‬
‫فقلت لا ‪ :‬نريد فلن ‪ ..‬وكررت اسه ‪..‬‬
‫فما فهمت كلمي فأغلقت السماعة ف وجهي !!‬
‫ولعل ال تعال أن يكون هداه !!‬

‫الحلقة الثالثة والخمسون‬

‫ل يكنم البنامج ف تلك اليام يسي على نط واحد كما هو ف رمضان‬

‫‪191‬‬
‫بل كان لكل يوم برنامج على حده ‪..‬‬
‫كان شيخنا يلس ف مكتب التوعية الساعات الطويلة ييب على الفتاوى‬
‫وحيث أنن ل يكنن الستفادة منم بقائي ‪..‬‬
‫استأذنت شيخنا لكي أقضي فراغي ف الكتبة التابعة للتوعية‪..‬‬
‫وجدت أن الكتبة ليست غنية بالراجع التنوعة بل غالب كتبها‬
‫حول صنف أو صنفي منم أصناف العلوم ‪..‬‬
‫و كان قد كلفن شيخنا سابقا بتدوينم بعض البحوث‬
‫فاحتجت أن اطلع على عدد كبي منم الراجع ‪..‬‬
‫فلم تشبع تلك الكتبة نمي ول تكنم مناسبة لصوص البحث‪..‬‬
‫فاختت كتابا وقعدت لقراءته وكنت أحيانا منم العياء يسقط رأسي على دفة‬
‫الكتاب وأنا ل أشعر‪...‬‬
‫لحظت رجل يداوم اللوس ف الكتبة ‪..‬‬
‫ووضع أمامه ملدات ضخمة يراجع فيها ويقرأ منه‬
‫ويبدوا أنا رسائل علمية ويشرف هو عليها أو هي له ‪!!..‬‬
‫وجهه مستدير وليته بيضاء ووجهه أبيض ومتلئ السم‬
‫وليس بالطويل ول بالقصي‪..‬‬
‫طويل الصمت واضح عليه شدة الياء ‪..‬‬
‫ولقد جاورته ساعات طويلة دون أن أسعه ينطق أو يهمس بكلمة‪!!..‬‬
‫سألت عنه فقيل ‪ :‬هذا العال الليل الشيخ صال بنم خزي ‪..‬‬
‫ولقد توف بعد سنوات ف حادث مروري ف بريدة رحه ال وعفا عنه‬
‫زارنا ف يوم اليام وكنت مع شيخنا ‪..‬‬
‫رجل طالا أحببته وقدرته ‪..‬‬
‫إنه شيخي وأستاذي الدكتور الشيخ أحد بنم موسى السهلي‪..‬‬
‫أحد تلميذ علمة النوب الشيخ حافظ الكمي ‪..‬‬
‫داومت على حضور دروسه ف الطائف لكثر منم عامي‬
‫ومع ذلك فلم يكنم يعرفن فقد كان عدد الطلبة كبيا‬
‫ول يكنم ل مع الشيخ احتكاك مباشر‪..‬‬
‫‪192‬‬
‫دخل على الشيخ ممد وسلم عليه وتدث معه‪..‬‬
‫حيث هو أيضا منم الشاركي ف برامج التوعية ف الج ‪..‬‬
‫وبعد انتهاء لقاءه وحديثه مع الشيخ ‪..‬‬
‫استأذنت شيخنا ممد ولقت الشيخ احد‪..‬‬
‫فعرفته بنفسي ورويت له أنن أحد تلميذه السابقي‪..‬‬
‫قال ل ‪ :‬ظننتك ابنم الشيخ!!‬
‫وفرح بذلك وسر ودعا ل حيث أنن ل انقطع عنم الطلب وقال ل‪:‬‬
‫استمسك بغرز هذا العال الليل ‪ ..‬وأنا وال أغبطك على هذه الزية‬
‫فاحرص على الستفادة منم علمه فهو فقيه نادر الطراز ‪..‬‬
‫صارت ل علقة وثيقة بالشيخ أحد استمرت حت هذه‬
‫اليام وإن له الفضل علي بعد ال ف حب للعلم وطلبه أول المر‬
‫فجزاه ال عن وعنم السلم والسلمي خي الزاء‪..‬‬
‫بوار منزل الشيخ عبد العزيز بنم باز رحه ال ف الششة ‪..‬‬
‫تقع عمارة جيلة ذات طوابق عديدة ‪..‬‬
‫أوقفها أحد السني وهو الشيخ صال التو يري عليه رحة ال‬
‫أحد الخيار والوجهاء منم سكان مكة‪..‬‬
‫أوقف هذه العمارة على الدعوة والدعاة فكانت ف أيام الج تغص‬
‫بالعلماء الجلء والدعاة و طلبة العلم الكبار والصغار ‪..‬‬
‫وكانوا جيعا ف ضيافة مكتب التوعية السلمية ‪..‬‬
‫ومنم هناك يكون انطلق الموعات الدعوية للمخيمات والساجد والتجمعات السكنية وغيها‬
‫كانت تلك العمارة كأنك ترى فيها خلية نل‪!!..‬‬
‫فهم جنود السلم وحاة العقيدة ‪..‬‬
‫جزاهم ال عنم السلم والسلمي خي الزاء‪..‬‬
‫كان لشيخنا أيضا غرفة خاصة ف ذلك السكنم ‪..‬‬
‫ولكنه حسب علمي ل ينزل فيها مطلقا‪..‬‬
‫والسبب أن لشيخنا مراجعي كثر‬
‫وحت ل يشق على الناس رأى أن يستقل ف مكان خاص له ‪..‬‬
‫‪193‬‬
‫فكان زوراه ومراجعوه يرتادون مكانه السابق الذكر‪..‬‬
‫منم الشائخ الذينم ينزلون ذلك السكنم ‪..‬‬
‫ساحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ الفت العام الال‪..‬‬
‫ومنهم فضيلة الشيخ صال الفوزان‪..‬‬
‫ومنهم أيضا الشيخ ممد الدريعي ‪..‬‬
‫ومنهم الشيخ عبد ال القصي‪..‬‬
‫والشيخ سليمان الشبانه رحه ال‪..‬‬
‫والشيخ عبد ال الشبانه ‪...‬‬
‫وعدد منم مدراء الدعوة ف الداخل والارج‬
‫وغيهم كثر منم أعجز عنم عدهم ‪ ..‬ول تضرن أساؤهم‬
‫وظن أن الشائخ يتجاوز عددهم الائة‪..‬غي الطلبة والدعاة‪..‬‬
‫ذات مرة دعانا أحد البي لشيخنا للغداء ف ذلك السكنم‪..‬‬
‫وكان رفيقه ف الغرفة الشيخ صال الفوزان‪..‬‬
‫كان الغداء الوضوع لنا هو عبارة عنم علب بروست !!‬
‫أي وال هذا هو الغداء‪!!..‬‬
‫والسبب أن الغرفة ضيقة والشائخ عددهم كثي فأينم يضع لم طعاما وفي‬
‫فكان اختياره اضطرارا قد فهمه الميع وما ل موه عليه‬
‫والظاهر أن ذلك منم عادتم طوال تلك اليام ‪..‬‬
‫حصل ف ذلك اليوم موقف ظريف‪..‬‬
‫حيث جلس الشائخ منحشرينم بوار السرة التواضعة ‪..‬‬
‫وكان أمامي ف صف واحد كأنن أراهم أمامي ‪..‬‬
‫شيخنا ابنم عثيمي رحه ال‬
‫وبواره عنم يينه الشيخ عبد العزيز آل الشيخ‬
‫وبواره عنم يساره الشيخ صال الفوزان ‪..‬‬
‫بالضافة لعدد منم الشائخ والرافقي ‪..‬‬
‫وقد وضع الطعام بي أيدينا ‪..‬‬
‫و ل نضع يدنا ف الطعام انتظارا لحد الشائخ‪..‬‬
‫‪194‬‬
‫انتظرناه وطال النتظار‪..‬‬
‫وكاد الطعام يبد‪..‬‬
‫وكان الشيخ النتظر هو الشيخ ممد الدريعي‪..‬‬
‫والشيخ الدريعي لنم ل يعرفه رجل كفيف وهو رجل صاحب نكتة وطرفة ومزاح‪..‬‬
‫وشيخنا يبه وقد زال بينهما حاجز التكلف ‪..‬‬
‫قال شيخنا للمضيف‪ :‬اتصل ل على الخأ ممد وسوف أستعجل حضوره‪..‬‬
‫فأحضر جهاز الاتف واتصل على غرفة الشيخ الدريعي ‪..‬‬
‫فلما رفع الدريعي السماعة ‪ ..‬وهو جهوري الصوت‬
‫و ربا منم قوته ل يتاج ليكرفون !!‬
‫غي شيخنا صوته وفخمه وصار يغمغم‬
‫ويقول‪ :‬هل أنت ممد الدريعي ؟؟‬
‫فقال ‪ :‬منم معي؟‬
‫فقال‪ :‬يا أبا فلن أنزل وإل فلنم ننتظرك ‪..‬‬
‫وتبادل الديث والتعليقات وضحكنا منم حديثهما ‪..‬‬
‫ولقد رأيت الشائخ يتمايلون منم الضحك وخصوصا الشيخ عبد العزيز آل الشيخ‬
‫حت دمعت أعينهم منم الضحك!!‬
‫ول يعرف الدريعي حت أغلق ساعة الاتف أن شيخنا هو مدثه ‪..‬‬
‫وعلق بتعليقات ساخرة على شيخنا وصوته وقال‪:‬‬
‫منم هذا البزر الذي يكلمن ؟؟‬
‫وقال‪ :‬الي أنزل أؤدبك بعصاي!!‬
‫وحي نزل لنا وسع صوت شيخنا وعرف انه هو منم كلمه‬
‫انكب على شيخنا يقبله وضمه واعتذر منه ‪..‬‬
‫رحهم ال وعفا عنهم‪..‬‬
‫وكما قلت فقد نزعت الكلفة بي شيخنا وبي الشيخ الدريعي ‪..‬‬
‫وعلى النقيض منه تاما شيخ آخر ل أرى شيخنا يتعامل بثل هذ‬
‫السلوب سوى معه ومع شيخه ساحة الشيخ ابنم باز‪..‬‬
‫حيث يله إجلل كبيا ويتبسط معه ف الكلم ويقوم له !!‬
‫‪195‬‬
‫فسألت شيخنا ذات مرة‪..‬‬
‫قلت‪:‬لحظت عليكم حينما تقابلون هذا الشخص أنكم تلونه وتقدرونه تقديرا كبيا؟؟‬
‫فقال ل‪ :‬أنت ل تعرف هذا الرجل فله فش قلب مهابشة ومبشة واحشتام وأخشذ فش الثنشاء عليشه وذكشر أعمشاله‬
‫الليلة ومواقفه ف الق حت وال أحببته‪..‬‬
‫وهذا الرجل العن هو الشيخ عبد الرحنم الفريان رحشه الش مششدير جعيششة تفيشظ القششرءان الكريش فش الريشاض‬
‫‪..‬‬
‫وهو علم منم أعلم مدينة الرياض عليه رحة ال‪..‬‬

‫ذات ليلة ف تلك اليام ألقى شيخنا درسا ف العقيدة ف جامع فقيه‪..‬‬
‫ف العزيزية بكة شرفها ال‪..‬‬
‫فلما انتهى الدرس قال ل الشيخ ‪ :‬هل سجلت كلمي؟؟‬
‫فقلت ‪ :‬ل وال ول أكنم احل معي مسجلت تلك اليام!!‬
‫فقال‪ :‬الدرس اليوم كان مفيدا فلعلك تبحث عمنم سجله حت ننسخه منه ‪..‬‬
‫فلحقت بشاب رأيته قد سجل الدرس ‪..‬‬
‫وهو طالب علم منم دولة لبنان‬
‫فقلت له‪ :‬اسح ل أن ننسخ شريطكم ‪..‬‬
‫فقال ل بأس ‪..‬‬
‫وحينما ركب ف السيارة معي ‪..‬‬
‫ففوجئ أنه سينسخ الشريط لشيخنا ‪ ..‬؟؟‬
‫ول عجب فشيخنا حريص على نشر علمه ويتعبد ل بذلك‪..‬‬
‫وتوجهنا لحدى التسجيلت السلمية ونسخناه ‪..‬‬
‫وبعد رجوعنا لعنيزة سلمت لؤسسة الستقامة تلك الشرطة وغيها لكي‬
‫يضيفوها للف الشرطة الت قاموا بتصفيتها ونشرها ف الفاق‪..‬‬
‫كنا ف الساء نرجع لسكننا ف منزل الشيخ إبراهيم آل الشيخ حفظه ال‬
‫وكان برفقته عائلته الكرية ومنهم ابنه البكر الشيخ‬
‫صال بنم إبراهيم آل الشيخ والذي ورث عنم والده صفاته وأخلقه وسته‬
‫قال ل ‪ :‬ل ل تستغل هذه الفرصة بوجودك مع الشيخ وتقرأ عليه بعض‬
‫‪196‬‬
‫الكتب؟؟‬
‫فعرضت المر على الشيخ فرحب بذلك‬
‫وقال ‪ :‬كونك تركز على كتاب واحد أفضل لك منم أن تتنقل بي الكتب ينة‬
‫ويسرة فعليك بضبط مت معي ضبطا كامل ث تنتقل لكتاب آخر‪ ..‬وهكذ‬
‫فطلبت منم الشيخ أن يتار ل كتابا هو يراه‪..‬‬
‫فاختار أن اقرأ عليه كتاب الختيارات الفقهية لشيخ السلم ابنم تيمية‬
‫الذي جعه علء الدينم أبو السنم البعلي رحه ال والتوف عام ‪ 803‬للهجرة‬
‫وهو كتاب جليل عظيم النفع جع فيه اغلب آراء شيخ السلم ابنم تيمية‬
‫منم خلل كتبه وفتاويه ونظمها ف ملدة واحدة ورتبه على أبواب الفقه‬
‫العروفة ‪..‬‬
‫وقد سبق أن صور ل هذا الكتاب واحتفظ بتلك الصورة عندي وهي الت قرأتا‬
‫على شيخنا ودونت عليها تعليقاته وشروحه ‪..‬‬
‫كنت أقرأ على الشيخ ف البيت أو الكتب أو ف السجد بي الذان‬
‫والقامة أو ف الطائرة أو ف السيارة إن كنا مع سائق غيي حسب ما يتيسر منم‬
‫وقت فيعلق ويشرح على السألة ث يعطي رأيه ف قول شيخ السلم‬
‫فيوافق أو يالف ‪..‬‬
‫ولقد ظننت قبل أن أقرأ عليه هذا الكتاب أن شيخنا ليالف شيخ‬
‫السلم ابنم تيمية سوى ف مسائل معدودة ‪..‬‬
‫حصرها احد الطلبة بستة عشر مسألة !!‬
‫ولكنم تبي ل أن شيخنا يبحث عنم الدليل ول يتعصب لقول الشيخ‬
‫فإذا رأى انه خالف الدليل رد قوله كما هو عادة العلماء التهدينم ‪..‬‬

‫الحلقة الرابعة والخمسون‬

‫كون شيخنا مشرفا على الدعوة ف صالة الجاج وكذلك ف اليناء‬


‫فقد توجهنا لدة لزيارة اليناء والصالة ‪..‬‬
‫حيث عينت الوزارة عددا منم الشائخ والدعاة يقومون بتوعية الجيج‬

‫‪197‬‬
‫القادمي منم البحر والو ‪..‬‬
‫ف أحكام الج والدينم والعقيدة وغي ذلك ‪..‬‬
‫ويوزعون عليهم آلف بل مليي الناشي والكتب والصاحف والشرطة‪..‬‬
‫منم الدعاة ف صالة التفويج ف اليناء صاحب الفضيلة الشيخ‬
‫عبد ال القصي وأكرم به وانعم منم عال جليل‬
‫لقد تعجبت وال حينما رأيته يقف بنفسه يوزع على الجيج الكتب‬
‫وييب على أسئلتهم ‪..‬‬
‫رغم شدة الر والزحام الانق وانبعاث الروائح الكريهة بسبب القرب منم‬
‫أحواض السفنم ‪...‬‬
‫جاءه رجل منم السودان يعتض عليه ف مسألة عقدية ذكرت ف كتاب قرأه‬
‫تتعلق بالقبور والزيارة ونو ذلك‪..‬‬
‫فوقف له الشيخ عبد ال ياوره بدوء وأدب ويستمع لعتاضاته ‪..‬‬
‫دون أن يضجر منم كلمه وخزعبلته!!‬
‫فلله در دعاتنا فما أحسنم ما يقدمونه للمة ‪..‬‬
‫ث حظهم منم البعض النيل منم أعراضهم والقدح فيهم!!‬
‫يذكرن هو وأمثاله منم الرجال بقول الشاعر ‪:‬‬
‫وليس أخو الاجات منم بات نائما ولكنم أخوها منم يبيت على رحل!!‬
‫جعل ال ذلك ف موازينم حسناته هو وعشرات النود الهولي‬
‫الذينم يعملون تت إشرافه‪..‬‬
‫أطمأن شيخنا على أحوالم وتشاور مع الشائخ فيما يقتحون منم برامج‬
‫ومناشط وكتب ونو ذلك ‪..‬‬
‫ث انطلقنا لزيارة صالة الجاج ف الطار‪..‬‬
‫كانت ف تلك اليام معرفت بالطرق ف جدة ليست بذاك‪..‬‬
‫ولقد تنا ف الوصول للصالت لكثر منم ساعتي‪..‬‬
‫أستغرقها شيخنا بقراءة ورده حت تعب ونام !!‬
‫وصلنا لدينة الجاج أخيا وقد بلغ بنا التعب مبلغه ‪..‬‬
‫وهي مدينة با تعنيه الكلمة منم معن‪..‬‬
‫‪198‬‬
‫تقوم لعدة أسابيع ث تتفي بي عشية وضحاها‪ ..‬كما قامت!!‬
‫فيها أسواق وبنوك ومال تارية ومستشفيات وجوامع‬
‫وكل الدمات العامة الت يتاجها حجاج بيت ال ‪..‬‬
‫وصلنا هناك ‪ ..‬وكان ذلك بعد صلة الظهر ‪..‬‬
‫وقد خرج الناس منم السجد الكبي ف وسط الصالت‪..‬‬
‫حيث كان اللقاء متفق عليه ف الامع وسيلقي شيخنا كلمة للحجيج ‪..‬‬
‫ولكنم لتأخرنا فقد خرج الناس وبقي السجد شبه خال‪..‬‬
‫توضأنا ودخلنا للمسجد وصلينا الظهر ‪..‬‬
‫كان شيخنا مهدا ومرهقا بسبب ضغط اليام الاضية ‪..‬‬
‫كان الو لطيفا ف السجد وبرودته معتدلة ‪..‬‬
‫فاستغل شيخنا تلك الدقائق ولف عمامته على وجهه وتوسد يده ونام‪!!..‬‬
‫فجاء الشائخ فأشرت لم منم بعيد !!‬
‫فأشاروا ل‪ :‬هل هذا الشيخ ؟؟‬
‫فحنيت رأسي وقلت لم ‪ :‬نعم ودعوه ينام قليل‪..‬‬
‫فغط ف نومة هنيئة حت شخر ‪!!..‬‬
‫فسعدت بذلك‪ ..‬واغتبطت ‪..‬‬
‫وجلست مع الشائخ ف زاوية السجد حت ل نزعج الشيخ‪..‬‬
‫ذكر ل شيخنا رحه ال ‪..‬‬
‫أنه كان ف سنوات ماضية يلقي دروسا للحجاج منم جيع النسيات‬
‫وغالبهم منم أفر يقيا‪..‬‬
‫تقدم له رجل أفريقي ويتكلم العربية وقال للشيخ‪ :‬أنت تعلم الناس مسائل‬
‫مهمة ف العقيدة والحكام ولكنم يول بينك وبينهم اللغة !!‬
‫فغالبهم ل يفهم العربية فما رأيك أن أترجم كلمكم بلغة قومي؟؟‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬ل بأس ‪..‬‬
‫فتجم ذلك الرجل لشيخنا مدة منم الزمنم ‪..‬‬
‫وف خلل كلم شيخنا سع لغطا منم خلف الصفوف ‪..‬‬
‫وقام رجل وقال‪ :‬ياشيخ إن هذا التجم رجل كذاب !!‬
‫‪199‬‬
‫فهو يرف كلمكم ويبدله بعمد لفساد معتقده ‪..‬‬
‫فقام مموعة منم الناس وأكدوا كلم الرجل‪..‬‬
‫فالتفت شيخنا للمتجم وقال له‪ :‬قم ‪ ..‬وسوف أتكلم بالعربية فمنم يفهم‬
‫فليفهم وأمري على ال !!‬
‫روى ل احد طلبة العلم الثقات يقول‪ :‬اجتمعت يوما ف الرم ف شهر رمضان‬
‫بعدد منم السلمي الفارقة منم نيجييا والذينم تلقوا لستماع درس شيخنم‬
‫ممد رحه ال ف الرم‪..‬‬
‫وكان بعضهم يبكي برقة ويرفع يديه بالدعاء بكلم ل افهمه!!‬
‫فسألتهم ‪ :‬لاذا يبكون ؟؟‬
‫فقالوا ‪ :‬كنا مموعة منم النصارى أهدانا أحد طلبة العلم ف نيجييا شريطا‬
‫للشيخ ممد ف العقيدة فأسلم بسبب ذلك الشريط ثانية عشر شابا‬
‫ومنهم هؤلء الفتية الذينم يبكون فرحا لرؤيتهم للشيخ‬
‫ويدعون ال له فالفضل له بعد ال ف إسلمهم !!‬
‫وأذكر مرة أنه زار شيخنا ف الج مموعة منم المريكان السود ‪..‬‬
‫وكانوا يتكلمون العربية بفصاحة مطلقة وكأنم عرب أقحاح؟؟‬
‫قالوا للشيخ ‪ :‬ننم تلميذك!!‬
‫فقال‪ :‬ل أذكر أنكم درستم عندي!!‬
‫فقالوا ‪ :‬ياشيخ لقد سعنا شروحك منم الشرطة ف الواسطية وكتاب التوحيد‬
‫وغيها فنحنم نعتب أنفسنا تتلمذنا عليك!!‬
‫ذات ليلة قال ل الشيخ مازحا ‪ :‬لدي درس الليلة الساعة التاسعة ف أمريكا!!‬
‫فقلت له ضاحكا ومتعجبا‪ :‬أتسخر من؟؟‬
‫فقال‪ :‬هل تريد ترى هذا بنفسك؟؟‬
‫فدخلت معه للحق بيته ‪ ،‬واتصل عليه شخص منم أمريكا على هاتفه‬
‫وقال ياشيخ ‪ :‬ننم جاهزون ؟؟‬
‫فإذا هي ماضرة عب الاتف يلقيها شيخنا و يستمع لا ف أكثر منم خسي‬
‫مركزا إسلميا ف الوليات التحدة !!‬
‫استيقظ شيخنا منم نومه وتلفت حوله ومسح بيديه على وجهه‬
‫‪200‬‬
‫فلما رآه الشائخ قاموا إليه‪..‬‬
‫وسلموا عليه وتلقوا حوله واستمع لم ولبامهم وحصروا بعض النواقص‬
‫والحتياجات منم كتب وغيها ‪..‬‬
‫ث رجعنا لكة لكي نستعد لداء مناسك الج‪..‬‬
‫تكفل الشيخ إبراهيم آل الشيخ بتنظيم كل ما يتعلق بجنا‬
‫منم تنقل وسكنم وخدمات وتغذية فجزاه ال خي الزاء‪.‬‬
‫حيث أن لديه فريقا كبيا منم الرجال الخلصي كل قد حدد له عمله ووظيفته‬
‫أمرن الشيخ ذلك اليوم بالغتسال للباس الحرام كما هي السنة‬
‫واغتسل الشيخ ولبس إحرامه وتدهنم بقارورة كاملة منم الطيب‬
‫دهنم با شعر رأسه وليته‬
‫حت رأيت الطيب يتقاطر منم ليته‪..‬‬
‫ولقد فعل شيخنا ذلك تعبدا ل تعال واقتداء برسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫كما روت عائشة رضي ال عنها ف إحرامه عليه السلم ‪..‬‬
‫ركبنا الباص الصغي الخصص لنا وبرفقتنا عائلة الشيخ إبراهيم ف اللف‬
‫كان شيخنا يلب ويرفع صوته بالتلبية حت بح صوته ‪..‬‬
‫كما كان يفعل أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪..‬‬
‫كان السائق متفا وخبيا بالطرق ‪..‬‬
‫فأوصلنا لخيمنا ف من واللصق لخيم ساحة الشيخ ابنم باز رحه ال‬
‫فأنعم با منم جية ‪..‬‬
‫يتوي الخيم على عدد كثية منم اليام جزء منه مستقل للنساء‬
‫تتوسطه خيمة كبية للصلة والدروس‪..‬‬
‫يلقي فيهنا الشيخ الدروس والكلمات بعد كل صلة ‪..‬‬
‫ول يد شيخنا ف تلك اليام الفضيلة وقتا للراحة إل ما ندر‬
‫فهو كما قال الشاعر‪:‬‬
‫فلو ل يد ف كفه غي روحه لاد با فليتق ال سائله‪..‬‬
‫فو ال ل ترى عين ول ادعي أنه ل يوجد!!‬
‫ل ترى عين رجل يبذل وقته للعلم والتعليم وتفقيه الناس مثل شيخنا‬
‫‪201‬‬
‫خل شيخه وإمام الميع الشيخ ابنم باز رحهما ال‬
‫كان الشيخ ابنم باز رحه ال يل شيخنا ويبه حبا جا‬
‫وكان شيخنا يب بشيخه ويصله كما يفعل الولد مع أبيه ‪..‬‬
‫ويفرح الشيخ ابنم باز حي يعلم بوجود تلميذه البار‪..‬‬
‫ذات مرة جئنا لنزل ساحة الشيخ ابنم باز ف مكة‬
‫فسلم عليه شيخنا وقبل رأس شيخه ‪..‬‬
‫ث جلس شيخنا ف مكان بعيد عنم الشيخ قليل‪..‬‬
‫وكان بوار الشيخ ابنم باز يلس أحد الشائخ الفضلء‪..‬‬
‫فقال الشيخ ابنم باز‪ :‬وينم الشيخ ممد ؟؟‬
‫وضرب بيده على الكرسي الذي بواره ‪..‬‬
‫فقام الشيخ الذي عنم يينه منم مكانه واستبدله بكان شيخنا‪..‬‬
‫فل تسل عنم النس وفرح الشيخ ابنم باز بأن يوضع شيخنا ف موضعه الذي‬
‫يستحقه ويقدر التقدير الذي يليق به‪..‬‬
‫ل اعلم أن شيخنا ذهب لدينة يعلم أن شيخه ابنم باز فيه‬
‫إل وابتدأ بزيارته والسلم عليه قبل أي شيء آخر‪..‬‬
‫أذكر مرة ذهبنا لكتب الشيخ ابنم باز ف الرياض‪..‬‬
‫فقيل لشيخنا ‪ :‬هو ف اجتماع مع اللجنة الدائمة ‪..‬‬
‫فيهم ساحة الشيخ وكذلك الشيخ عبد العزيز آل الشيخ الفت الال‬
‫والشيخ ابنم غديان والشيخ الفوزان والشيخ بكر أبو زيد‪..‬‬
‫حينما دخلنا عليهم ‪..‬‬
‫رأيت الشيخ ابنم باز مادا رجليه على طاولة وضعت أمامه‬
‫و حاسر الرأس‪..‬‬
‫فأراد الرافق أن يلبسه شاغه فقال الشيخ ابنم باز‪:‬‬
‫ل ‪ ..‬ل يدخل علينا غريب!!‬
‫كما قلت كان التلميذ بوار شيخه ف الخيم‪..‬‬
‫وتابا ف القلوب وتاورا ف قبيهما بكة ف مقبة العدل‪..‬‬
‫وأرجو الول سبحانه أن يتجاورا ف القصور ف الفردوس العلى‬
‫‪202‬‬
‫الحلقة الخامسة والخمسون‬

‫منذ اليوم الول لوصولنا لن ول ترى شيخنا إل ف درس أو إجابة فتوى‬


‫أو عبادة وذكر وتلوة ‪..‬‬
‫وف فراغه إن وجد ليل بعد العشاء كنت أجلس معه وأقرأ عليه ما ييسره ال‬
‫كانت الوفود والزوار ل تنقطع طوال تلك اليام عنم التوافد للمخيم ‪..‬‬
‫منم سعدنا برفقتهم تلك اليام ف الج الخأ الشيخ خالد الشريي حفظه ال‬
‫وهذا الرجل منم أصحاب شيخنا ومنم مبيه لكثر منم عشرينم سنة ‪..‬‬
‫قمت بتسجيل تلك الدروس والفتشاوى طشوال مكوثنشا فش منش فش التويششة وكشذلك فش أيشام التششريق ‪ ..‬وقشد‬
‫سلمت تلك النسخ ل حقا للخوة ف مؤسسة الستقامة‬
‫كنت أتلوا على الشيخ أسئلة الناس وغالبها يتعلق بالج والناسك ‪..‬‬
‫وكانت بعض السئلة تتاج لنقاش مع السائل لستيضاح بعض التفاصيل‬
‫فكان الشيخ قبل أن ييب على الفتوى يقول أينم السائل ؟؟‬
‫فإن رفع السائل يده أجابه وإل تركه !!‬
‫منم الواقف الت أذكرها ف تلك الليال ‪:‬‬
‫حيشث صششادف أن سشأل أحشد النشاس سشؤال وكششان مششنم ضشمنم الضشور الميش بنشدر بشنم عبشد العزيششز‪ ..‬ومعششه‬
‫مموعة منم حرسه وجنوده وحاشيته‪..‬‬
‫وكلهم جلوس منصتون لشيخنا وحديثه ‪..‬‬
‫يقول ذلك السائل ف أول سؤاله ‪ :‬أنا رجل مقيم ف الملكة منم سنتي وليس لدي إقامة وأكمل س شؤاله‬
‫‪...‬‬
‫فقال الشيخ وهو يضحك‪ :‬أينم السائل ؟؟‬
‫فضج الناس بالضحك ‪ ..‬حيث علموا أنه لنم يرأ برفع يده !!‬
‫ف اليوم التال توجهنا بالباص إل عرفات ‪..‬‬
‫وكان ذلك اليوم شديد السخونة والزحام حول الخيم هائل ‪..‬‬
‫وتفرغ شيخنا ذلك اليوم كله تقريبا للتعبد والذكر وقراءة القرءان‬
‫ول أذكر أنه ألقى دروسا أو ماضرات ‪..‬‬

‫‪203‬‬
‫أحضر لنا مذياع واستمعنا لطبة مسجد نرة ‪..‬‬
‫وبعد انتهاءها أمنا شيخنا بالظهر والعصر جعا وقصرا‬
‫بعد صلة العصر وانتشار الظلل وضعت بسط خارج الخيم ‪..‬‬
‫وجلس شيخنا عليها واستقبل القبلة ومكث رافعا يديه يدعوا ويستغيث‬
‫حت غربت الشمس‪..‬‬
‫هأست ف أذنه وهو يدعو بكلم ‪..‬‬
‫وأرجوا ال تعال الول أن يستجيب لدعائه رحه ال !!‬
‫بعد ذلك ركبنا سياراتنا وتوجهنا لزدلفة ‪..‬‬
‫صلينا الغرب والعشاء وأوترنا وننا ‪..‬‬
‫عند منتصف الليل استيقظ الشيخ وتعشى ‪ ..‬بعد ذلك افتقنا فرقتي‬
‫الكبار ف السنم العوائل تذهب مبكرا للرمي كما رخص بذلك والموعشة الخشرى تكشث لشتمي ف اليشوم‬
‫التال‪..‬‬
‫وكنت أنا والشيخ مع العوائل وكبار السنم ‪..‬‬
‫قبل أن نصل للجمرة الكبى أمر الشيخ سائق الباص بالتوقف ‪..‬‬
‫ث قال ل‪ :‬انظر هل غاب القمر؟؟‬
‫فخرجت ونظرت فرأيته على وشك الغياب‪..‬‬
‫فقال الشششيخ ‪ :‬إلش أن نصشل يكششون قشد غششاب ‪ ..‬توجهنشا للجمشرة ورمينششا ثش توجهنششا للحشرم وطفنششا الفاضشة‬
‫وعدنا للمخيم بعد الصبح ‪..‬‬
‫حلقنا وتللنا ولبسنا الثياب ‪..‬‬
‫ول أدري هل حلقنا بعد الرمي مباشرة أم بعد رجوعنا للمخيم ؟؟‬
‫ومع ذلك فكله مباح !!‬
‫اغتسلت ذلك اليوم ولبست أحسنم ثياب ول يكنم معي سواه‪!!..‬‬
‫وتبخرت بالعود الذي أحضره الشيخ إبراهيم جزاه ال خيا‪..‬‬
‫قال الشيخ ل‪ :‬اتصل علي اللك ودعان لقصره للمعايدة ‪..‬‬
‫فقلت له ‪ :‬هل مكنم أن أرافقكم؟؟‬
‫فقال ‪ :‬إن أردت!!‬
‫فقلت ‪ :‬بلى أريد‪..‬‬
‫‪204‬‬
‫وبا أننا متمتعون فقد بقي علينا الدي‪..‬‬
‫وقد كلف شيخنا أحد رجال الشيخ إبراهيم العقلء بشراء كبشي أحدهأا عنم شيخنا والخر عن‪..‬‬
‫جزا ال شيخنا عن خي الزاء فقد تكفل عن بكل شيء‪..‬‬
‫فهل لعاتب ل ‪ ،‬حق أن يلومن بكتابة هذه الرواية عنم هذا الرجل الكري ؟؟‬
‫أل قاتل ال الظلم والبغي!!‬
‫قال الشيخ ‪ :‬هيا تعال اذبح هديك!!‬
‫فقلت له ‪ :‬وال ل يسبق ل أن ذبت دجاجة فكيف تريدن أذبح هذا الخلوق الكبي؟؟‬
‫فقال ‪ :‬اذبه وغيك يتول سلخه وتقطيعه‪..‬‬
‫فقلت ‪ :‬أعفن‪..‬‬
‫فقال‪ :‬أبدا ل أعفيك تعال وسأعلمك وافعل مثلما افعل أنا‪..‬‬
‫فقدم الكبش الول ووضع شيخنا الشفرة على حلقه فذبه ول يبد ل ذلك عسيا ‪!! ..‬‬
‫فتشجعت وقلت أنا لا!!‬
‫فأمسكت بالشفرة وقرب ل كبشي ووضعت الشفرة على حلقه ‪..‬‬
‫فلما رأيت عيون الكبش تزيغ منم هول ما يقدم عليه ترددت!!‬
‫فقال الشيخ ومنم حوله ‪ :‬هيا اذبح وسم وكب ‪..‬‬
‫فحركت الشفرة فشخر الكبش وهاج وكاد يفلت فكبسه منم بواري وقال ‪:‬‬
‫أجهز عليه !!‬
‫فأكملت ذبه وتطاير الدم حت امتل ثوب ووجهي بالدم ‪..‬‬
‫وسكنم الكبش ‪..‬‬
‫فنظرت لشيخنا فكان وجهه مضيئا كالصفيحة وهو مبتسم رحه ال ورضي عنه‪..‬‬
‫قلت له ‪ :‬ل أملك غي هذا الثوب حت أرافقكم للملك‪..‬‬
‫فقال‪ :‬مرة ثانيه إن شاء ال ‪..‬‬
‫تنيت رفقة شيخنا فهي التجربة الول ل ف رؤية هذه الشخصية الكبية ولكنم هذا قدر ال‪..‬‬
‫ولقد دخلت مع شيخنا للملك فهد رحه ال عدة مرات ‪..‬‬
‫أذكر مرة أن شيخنا قال ل‪ :‬سنذهب الليلة للملك فهد ف جده ‪..‬‬
‫ول يسبق ل رؤية اللك عيانا قبل ذلك اللقاء‪..‬‬
‫وكان ذلك بعد اجتماعات هيئة كبار العلماء ف الطائف‪..‬‬
‫‪205‬‬
‫رجوت شيخنا أن يبدل ملبسه لذلك اللقاء‬
‫فهي شبه بالية ولديه ما هو أنظر منها وعباءته معرفطة!!‬
‫و نعله تليك ميطة الطراف!!‬
‫فأب وقال ‪ :‬أقابلهم با أقابل به رب!!‬
‫وأردت أن أبدل ثياب فقال ل‪ :‬ثوبك جيل ول داعي لتغييه !!‬
‫فقلت ف نفسي‪ :‬يسعن ما يسعه ‪ ..‬رحم ال هذا الرب والزاهد ‪..‬‬
‫نزلنا لده ووصلنا للقصر ‪..‬قريبا منم منتصف الليل‪..‬‬
‫حينما وقفنا على البوابة نظر الضابط ف وجه الشيخ فعرفه ول يطل ‪..‬‬
‫وقال للجنود ‪ :‬افتحوا الباب للشيخ ابنم عثيمي ‪..‬‬
‫دلفنا للقصر الفخم والكبي والذي ل أشاهد له مثيل حت هذه الساعة‬
‫ف بائه وجاله وفخامته ‪..‬‬
‫رزقنا ال وإياكم القصور ف الفردوس العلى‪..‬‬
‫بثنا عنم موقف لسيارتنا بوار السيارات الفخمة والبهية ‪ ..‬وبالكاد وجدت‬
‫ولقد سبق أن رجوت الشيخ أن انزله أمام بوابة اليوان‬
‫لكي ينزل هو وسوف ألقه‬
‫فرفض وقال ‪ :‬ندخل معا ونرج معا!!‬
‫وصلنا لبوابة اليوان وكان الرس وخدم القصر ورجاله كالذر عددا‬
‫عنم اليمي والشمائل‪..‬‬
‫كل منم رآنا جاء للشيخ وسلم عليه ‪..‬‬
‫فاجأن شيخنا بسرعة خطوه وعجزت عنم مسايرته و كان ير منم تت‬
‫أجهزة كشف العادن ول يتوقف لا ول يعبأ با ‪..‬‬
‫بالنسبة ل أنا فقد أمسك بيدي العسكر مرتي ليدون للتفتيش‬
‫فكان الشيخ يشي لم فيتكون إكراما له ‪..‬‬
‫دخلنا اليوان الول ومنم بعده إل إيوان ابر منه وأجل وأفسح‪..‬‬
‫ومنه دخلنا للس كبي وهائل ‪..‬‬
‫يكاد ضوءه وتوهجه يطف البصار‪..‬‬
‫ومع كب حجمه وفساحته واتساعه إل أنه بل أعمدة تجب الرؤية!!‬
‫‪206‬‬
‫قد رصت ف جيع أطرافه القاعد الوثية والفخمة وعليها منم البشر واللق‬
‫منم ل يصيهم إل ال ‪..‬‬
‫ف صدره كان يلس اللك ‪ ..‬وعرفته منذ أن رأيته ومنذا يفاه ؟؟‬
‫رحه ال وعفا عنه ‪..‬‬
‫حينما رأى اللك شيخنا قام فقام كل منم ف اللس وهذا منم عاداتم‬
‫فخجلت واستحييت وهبت ذلك النظر‪..‬‬
‫فدخلت عنم يي اللس واختفيت خلف الصفوف‪..‬‬
‫وكنت أراقب ما جرى‪..‬‬
‫كنت أرى شيخنا يسي لوحده ف وسط اللس الفسيح ‪..‬‬
‫وتقدم له اللك فالتقيا ف وسط السافة ‪ ..‬فاحتضنا بعضهما بعضا ‪..‬‬
‫وقبل اللك على انف شيخنا كما هي عادتم‪..‬‬
‫ف إكرام العلماء‪..‬‬
‫سعت رجل بواري متعجبا يقول‪ :‬منم هذا ؟؟‬
‫فقال الخر وكان متكئا ويرك سبحته قال‪ :‬هذا الهندس ابنم عثيمي!!‬
‫نرجع لن!!‬
‫منم السننم أن ل يأكل التمتع شيئا قبل أن يذوق منم هديه‬
‫كما هو الال ف الضحية‪..‬‬
‫طبخ لنا منم كبد الكبشي فافطرنا عليهما ‪..‬‬
‫ث خرج الشيخ منم اليمة ودخل على الخيم الاور للسلم على شيخه ابنم باز‬
‫للمباركة له بالعيد ‪..‬‬
‫فاستعرت ثوبا منم احدهم ولقت به ‪..‬‬
‫فوجدته مع الشيخ ومعهما الشيخ حد الوسى‬
‫رفيق الشيخ ابنم باز ف حله وترحاله‪..‬‬
‫قال ل مرة الشيخ حد‪ :‬أغبطك على صحبة الشيخ ممد !!‬
‫قبلت رأس الشيخ ابنم باز فسأل ‪ :‬منم أنت ؟؟‬
‫فقال له شيخنا‪ :‬هذا أحد تلميذنا واسه فلن بنم فلن‪..‬‬
‫فدعا ل الشيخ ‪..‬‬
‫‪207‬‬
‫رحهم ال ورضي عنهم وجعنا بم ف جنات النعيم‬

‫الحلقة السادسة والخمسون‬

‫ل يطل شيخنا الغياب عند اللك ‪..‬‬


‫قال ل الشيخ ذلك اليوم‪ :‬أنه فقد السائق الذي يوصله للمخيم فبقي واقفا متارا ول يدري ما يفعل ‪..‬‬
‫فلمحه المي سعود الفيصل وزير الارجية وهو ذو علقة ومعرفة عميقة بشيخنا ‪..‬‬
‫فسلم عليه وقال ‪ :‬هل تنتظر أحدا ؟؟‬
‫لحظتك واقفا لوحدك؟؟‬
‫فقال شيخنا ‪ :‬سائقنا تأخر‪..‬‬
‫فنادى المي سعود الفيصل على سشيارته الاصشة وأمشر سشائقه بتوصشيل الششيخ فحمشده ششيخنا علشى ذلشك‬
‫وأكبها منه ‪..‬‬
‫كنا ف أغلب الوقات نبقى ف السجد لستماع الدروس والفتاوى ‪..‬‬
‫وهذا هو غالب أمرنا ‪..‬‬
‫وأمششا ف ش الوقششات الخششرى فنجتمششع بالشششيخ ف ش خيمششة كششبية عبششارة عششنم ملششس للضششيوف ويسششتقبل فيهششا‬
‫الوفود الزائرة منم داخل وخارج الملكة‪..‬‬
‫جاء رجل ف تلك اليام وزعم للشيخ أن السال التابعة للبنشك السشلمي للتنميشة ف منش ل تقشوم بنحر‬
‫البل كما هي السنة وكذلك ذكر ملحظات حول التذكية الشرعية للغنام‪..‬‬
‫فلم يرد شيخنا أن ييبه على زعمه حت يتأكد ما نقله له‪..‬‬
‫فكلفن أنا وشخصي اثني بالذهاب لزيارة السال والدارة الشرفة‬
‫للتأكششد مششنم صششحة تلششك العلومششات خاصششة وأن البنششك يشششرف سششنويا علششى مئششات اللششوف مششنم الضششاحي‬
‫والدي ذبا وتزينا وتوزيعا حول العال‪..‬‬
‫وصلنا للمسلخ بعد معاناة وبثنا عنم موقع نر البل فقالوا لقد انتهوا منم ذلك‬
‫فلما نتمكنم منم رؤيتها على الطبيعة ‪..‬‬
‫توجهنا للدارة فأحالونا لشخص وقالوا ‪ :‬هو مدير هذا القسم ‪..‬‬
‫فدخلنا عليه مكتبه فاستقبلنا ببود ول يعرنا أي أهأية وكان يدخنم بشراهة‬
‫طوال جلستنا معه‪..‬‬

‫‪208‬‬
‫شرحنا له هدفنا منم الزيارة ومنم كلفنا بذلك فازداد تاهل لنا!!‬
‫ول يفدنا بشيء ول يرد إعطائنا أي معلومات ‪..‬‬
‫فخرجنا منم عنده وقد بلغ النق بالخوينم الخرينم مداه‪..‬‬
‫رجعنا للشيخ وشرحنا له ما حصل ‪..‬‬
‫فاستجع وقال ‪ :‬خيا إن شاء ال !!‬
‫ف اليوم الثان وهو الول منم أيام التشريق ‪..‬‬
‫زارنا ف الخيم الدكتور ممد علي مدير عام البنك السلمي بنفسه!!‬
‫وقدم اعتذاره للشيخ عما حصل ول ادري كيف بلغه الوضوع‪..‬‬
‫وأصر على شيخنا أن يرافقه بنفسه للمسال لرؤية الوضوع على الطبيعة‬
‫والدكتور ممد علي رجل مؤدب ومتواضع وخلقه وبشاشته تأسر القلوب‬
‫وهكذا كان!!‬
‫انطلقنا بسيارته وأصر على الشيخ أن يركب هو ف اللف وشيخنا بوار‬
‫السائق وكانت لفتة كرية منه ‪..‬‬
‫قبل دخولنا للمسال مر بنا الدكتور على مكان الذبح العام حيث يقوم الجاج‬
‫بذبح هديهم وهذا خارج إشراف البنك ‪..‬‬
‫ويا للعجب!!‬
‫رأينا ذلك اليوم منظرا ل أنساه ما حييت ‪..‬‬
‫حيث تكدست عشرات اللوف منم الغنام الذبوحة على مد البصر‬
‫واللقاة بعضها على بعض وقد تعفنت وتمعت عليها الشرات وصدرت منها‬
‫روائح قاتلة ‪..‬‬
‫وكان غاية الدكتور أن يري الشيخ دور البنك ف ماولة القضاء على تلك الشكلة‬
‫الزمنة ‪..‬‬
‫حيث رفع عنم الناس حرجا شديدا واوجد لم بديل ملتزما بالضوابط‬
‫الشرعية ويبئ الذمة ‪..‬‬
‫قال لنا الشيخ ذلك اليوم ‪ :‬قبل سنوات بعيدة ف شباب‬
‫اشتيت أنا وعدد منم الخوة والصحاب جل لكي نديه عنا جيع‬
‫وكنا سبعة‪..‬‬
‫‪209‬‬
‫وكان عدد الضاحي ليس بالكثرة الن والجاج اقل‪..‬‬
‫يقول شيخنا نظرا لوجود عدد كبي منم الفقراء حولنا وكل واحد منهم احضر‬
‫سكينه وساطوره بيده!!‬
‫فقد حاولنا البتعاد عنهم حت يسهل علينا النحر والسلخ وتقطيع الذبيحة‪..‬‬
‫قال الشيخ ‪ :‬ما إن سقط جلنا حت تساقط الناس علينا منم كل مكان‬
‫فقطعوا البعي وجزءوه ف دقائق معدودة !!‬
‫أما الال ألن فهذا الذي نراه وال مأساوي !!‬
‫تولنا ف السال وتأكد الشيخ بنفسه منم سلمة طريقة الذبح والنحر وأن‬
‫العتب على الناقل سامه ال‪..‬‬
‫وننم نتجول ف السلخ جاءنا رجل وعيونه غارقة بالدموع ‪..‬‬
‫فتأملت وجهه فإذا هو صاحبنا الذي دخلنا عليه بالمس وتاهلنا‬
‫وقد كان كسيا حزينا فسلم على شيخنا واعتذر منه واعتذر منا جيعا‬
‫أخذه شيخنا على انفراد ‪..‬‬
‫وتدث معه وابتسم ف وجهه وتلل وجه الرجل وضحك ‪!!..‬‬
‫وأخبن الشيخ ل حقا انه نصحه بتك الدخان فوعده بذلك‬
‫ولعل ال تعال عافاه‪..‬‬
‫مرت تلك اليام بوتية واحدة ‪..‬‬
‫كنا نذهب لرمي المرات مشيا على القدام ‪..‬‬
‫حيث أن ميمنا ليس ببعيد عنها‪..‬‬
‫وف الطريق ييب شيخنا عنم أسئلة الناس ‪..‬‬
‫أذكر أننا ف عودتنا ذات مرة منم الرمي وكان ذلك قبل الغروب بدقائق‪..‬‬
‫وكانت من شبه خالية حيث عجل كثي منم الجاج كما هي العادة‪..‬‬
‫فمررنا على رجال يشدون أمتعتهم على سياراتم‪..‬‬
‫فلما رأى أحدهم شيخنا وكان ف أعلى السيارة اليب يربط متاعه‬
‫نادى على الشيخ مستفتيا ويشي بيده‪ :‬ياشيخ ممد إحنا معجلي‬
‫ومثل ما ترى قد يؤذن علينا وما أكملنا متاعنا هل يوز لنا التعجيل ؟؟‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬ل باس عليكم إن شاء ال ‪..‬‬
‫‪210‬‬
‫فهذا رجل استفتاه وهو على سيارته دون أن يتكلف عناء النزول!!‬
‫ول أدري هل سألم هل طافوا للوداع أم ل ؟؟‬
‫روى ل أحد الطلبة الثقات يقول ‪ :‬مرة كنا نسي مع الشيخ بعد الصلة‬
‫منم مسجده لبيته ‪ ..‬فنادى رجل منم سيارته على الشيخ ‪:‬‬
‫ياشيخ ممد ياشيخ ممد أريد أن أسألكم ؟؟‬
‫فقال الشيخ له ‪ :‬تعال أنت وسأل فالعلم يؤتى إليه وحق عليك إكرام العلم وأهله‪..‬‬
‫ول يرد الرجل على الشيخ حياء منم جوابه ‪..‬‬
‫ولكنم شيخنا لح ف خلف سيارة الرجل عكازا فعرف أنه مبتلى‪..‬‬
‫فرجع للرجل ودنا منه واستمع لسئلته حت انتهى ‪..‬‬
‫ل نعجل كما هو التبع منم شيخنا ف كل عام وخلى الخيم وحوله تقريبا‬
‫جاءنا ذلك اليوم ضيف كري وهو المي مدوح بنم عبد العزيز وفقه ال‬
‫كنت أنه وهو مع الشيخ ثلتنا ل رابع لنا ف السيارة وقال لشيخنا كلمة‬
‫أراد منها أن يشد منم عضد الشيخ قال له ف كلم طويل أذكر بعضه ‪:‬‬
‫)ياشيخ ممد أنت وشيخنا ابنم باز أقدما ول تتددا فوا ل إن إخوت الكبار‬
‫منم اللك وإخوانه الكرام الخرينم يقولن دائما للوزراء والسئولي‬
‫أطيعوا العلماء ول تعصوهم وخصوصا هذينم العالي الليلي ابنم باز والعثيمي‬
‫فنحنم بال قمنا ث بما !!(‬
‫جزى ال المي مدوح خي الزاء فهو صادق النصح إن شاء ال ول يبتغي منم‬
‫ذاك شيئا بارك ال فيه‬
‫شهدت منه موقفا أكبته منه ‪..‬‬
‫حيث أذكر مرة أنه بعث رجل لشيخنا يستفتيه ف أمر وهو‪:‬‬
‫أن هناك مشروع يدر على المي مدخول كبيا ولكنه يتاج لذا الشروع‬
‫لرخصة وكونه أميا ومنم أبناء اللك عبد العزيز فلنم يعسر عليه الصول على‬
‫تلك الرخصة ‪ ..‬ولكنه ترج منم ذلك خوفا منم أن يامل كونه أميا !!‬
‫وهذا بل شك سيكون!!‬
‫فقال شيخنا للوسيط ‪ :‬سلم على المي وبلغه أن الورع أن يتكه وال يلف‬
‫عليه بي‬
‫‪211‬‬
‫فتكه رغم أن ربه مضمون وأرباحه كبية للغاية وال يلف عليه خيا منه‬
‫ف ماله وولده وأهله ‪..‬‬
‫زار المي مدوح القصيم ف سنة منم السنوات‬
‫وكان ف اغلب بقاءه ف القصيم تلك اليام يكون ف عنيزة‬
‫إما ف بيت الشيخ أو ف جامعه أو عند أحد الضيفي له منم عنيزة‪..‬‬
‫طلب المي مدوح منم شيخنا أن يزور بيته الطي والذي حت تلك السنوات‬
‫ل يهد وبقي شاما ف الكان العروف ألن ‪ ..‬شال مسجد العيفري‬
‫على شارع الشريية ‪..‬‬
‫التقينا شيخنا والمي وأنا وجع منم الخوة أمام باب النزل ضحى ‪..‬‬
‫وفتح شيخنا باب بيته القدي ‪..‬‬
‫وأخذ يشرح لنا تفاصيل البيت وتقسيماته ‪..‬‬
‫حينما تدخل منم باب النزل تواجهك ساحة ف وسطها نلة طويلة ‪..‬‬
‫وعليها حبل للتسلق ‪..‬‬
‫وذكر الشيخ انه كان يصعد لعلى تلك النخلة فيلقحها أو يصد تره‬
‫فقال ل المي مازحا‪ :‬هل تستطيع الصعود لعلها يافلن؟؟‬
‫فحاولت الصعود وما عرفت طريقة شد البل خلف الظهر وهي تسهل كثي ا‬
‫الصعود‪..‬‬
‫فقام شيخنا بنفسه وشده وصعد حت وصل قريبا منم وسطها ونزل‪..‬‬
‫صعدنا منم الدرج ليينا مكتبته ‪..‬‬
‫فدخلناها فإذا هي غرفة متوسطة الجم وفيها رفوف قدية وشبه بالية‬
‫مكتوب عليها ‪ 1381‬للهجرة ولعله تاريخ التكيب!!‬
‫وجدنا ف زاويتها سلكا كهربائيا قويا قد عقف أعله على شكل عصى‬
‫وهو متماسك ومغلف ببلستيك اسود قال الشيخ ‪ :‬هذه عصاي كنت استعملها‬
‫وأنا أسي ف الظلم إل السجد قبل انتشار الكهرباء‪..‬‬
‫فحملها المي وكانت ثقيلة ‪..‬‬
‫واستأذن منم شيخنا أن يهبه إياها ففعل‪..‬‬
‫وكذلك رأى المي سجادة صلة قدية قد حفر مقدمها منم اثر السجود عليه‬
‫‪212‬‬
‫فقال للشيخ ‪ :‬هل هذه سجادكم ؟؟‬
‫قال‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫فاستو هبه إياها ففعل!!‬
‫خشيت أن يستو هب المي الشيخ كل شيء فهمست ف أذنه وقلت ‪:‬‬
‫أريد دواليب الكتب إن كنت لست ف حاجتها !!‬
‫فقال‪ :‬هي بالية !!‬
‫فقلت ‪ :‬حت!!‬
‫فوافق‪..‬‬
‫فنقلتها لبيت واحتفظت با سنوات عديدة حت سرقت من!!‬
‫ولقد أعطان الشيخ بناء على طلب عددا منم عباءاته القدية جدا وما زالت‬
‫عندي حت الن ‪..‬‬
‫واحتفظ با للذكرى ل للتبك أو شيء آخر والمد ل ‪..‬‬

‫الحلقة السابعة والخمسون‬

‫رجعنا لبيت الشيخ إبراهيم ف العزيزية بكة شرفها ال‬


‫بعد انتهاء الناسك‬
‫وكالعادة يشعر الرء بأثر الج منم جهد وكلل وإرهاق ‪..‬‬
‫خاصة أن شيخنا يبذل جهدا أكثر منم سواه‪..‬‬
‫استحنا قليل يوما أو يومي ‪..‬‬
‫مششنم عششادة سششاحة الشششيخ بششنم بششاز رحششه الش فش كششل عششام أن يقيششم شششبه احتفششال للششدعاة الششذينم شششاركوا فش‬
‫برنامج التوعية ف الج بناسبة انتهاء برنامج التوعية السنوي ف الج‬
‫ويضر ذلك الجتماع بالضافة للدعاة نبة منم العلماء والفكرينم منم العال العرب والسلمي ‪..‬‬
‫يت ششم فش ش ذل ششك اللق ششاء التعري ششف بالناش ششط ال ششت ت ششت وذك ششر بع ششض اليابي ششات والس ششلبيات وط ششرح الفك ششار‬
‫الديدة‪..‬‬
‫أذكر ذلك اليوم أن ساحة الشيخ بنم باز رحه ال وشيخنا ابنم عثيمي رحه ال ‪..‬‬
‫والشيخ صال الفوزان حفظه ال ‪..‬‬

‫‪213‬‬
‫كانوا متجاورينم وعليهم أثر الهد والتعب‪..‬‬
‫ولقد رأيت رؤوسهم ثلثتهم تفق وتعلوا منم النعاس عفى ال عنهم‪..‬‬
‫وبذا الحتفال يكون ختام برنامج التوعية السنوي اسأل ال تعال أن يتقبل منا ومنهم والمد ل ‪..‬‬
‫أوصلت شيخنا لده ومنها سيواصل على القصيم أما أنا فقد رجعت لعائلت‬
‫ف الطائف لكي اقضي لديهم فتة نقاهة فقد كنت مصابا بالزكام والمى‬
‫الطائف جوه منعش وجيل طوال العام تقريبا ‪..‬‬
‫ففي الصيف حرارته معتدلة ول تتجاوز حدود العقول!!‬
‫كما ف القصيم والرياض مثل‪..‬‬
‫أما ف الشتاء فإن برودته ليست بشديدة كبودة أبا والباحة مثل‪..‬‬
‫أذكر أنن قرأت ف كتاب الطالعة ف إحدى سن الدراسة عنم عال غرب‬
‫مر على الطائف فمدح مناخها وقال هو منم أفضل الناخات ف العال!!!‬
‫ول يظننم ظان أن أمتدحها لنن كنت يوما منم أهلها أو عشت سنوات الول فيها ‪!! ..‬‬
‫أنا أحكي شيئا معلوما ومعروفا للجميع ‪..‬‬
‫مكثت أياما قليلة ف الطائف ث رجعت للقصيم ‪..‬‬
‫وصلت لعنيزة ليل‪..‬‬
‫حيث غبت عنها حوال الشهر‪..‬‬
‫وكان السكنم كئيبا بسبب قلة الركة وشعرت بانقباض وضيق ‪..‬‬
‫وهذا شيء طبيعي حيث يشعر النسان بتلك الثار بعد الغياب الطويل‬
‫القصيم بالنسبة ل تلك اليام هي موطن فقد كنت أت صلت فيها وحينما كنت أذهب للطششائف فأنششا‬
‫أعتب نفسي غي مقيم ‪..‬فتحل ل رخص السفر‬
‫منذ اليوم الول لدخول لغرفت ف السكنم وأنا اشعر أن هناك اختلفا فيها؟؟‬
‫بلغت الشيخ بذلك ‪ ..‬فاستغرب وقال ‪ :‬لعلك واهم ؟؟‬
‫فتشت ف أغراضي وأوراقي وأمتعت وكتب فاكتشفت التال‪:‬‬
‫وجدت عددا منم كتب قد سرقت !!‬
‫وهششي عبششارة عششنم كتششب صششورتا مششنم شششيخنا وعليهششا تعليقششاته وحواشششيه بششط يششده وهششي كتششب ثينششة جششدا‬
‫واحلها طوال تلك السنوات ف حلي وترحال‪..‬‬
‫وكذلك فقدت عددا منم أوراق الشخصية وتزكيات سبق أن كتبها ل شيخنا ف مناسبات معينة‪..‬‬
‫‪214‬‬
‫وكذلك افتقدت بعض المتعة الهداة أيضا منم شيخنا!!‬
‫وكذلك افتقدت عددا منم الرسائل الت كانت بين وبي الشيخ ومم‬
‫كان يكتبه الشيخ للوالد وأحتفظ بنسخ منها‪..‬‬
‫توجست ف الوضوع وقلت ف نفسي‪ :‬ل يلك مفتاح غرفت سوى أنا وشيخنا ورفيقي ف السكنم !!‬
‫ورفيقي رجل ثقة وهو الشيخ مبوب وما حاجته لثل تلك‬
‫الغراض وما مصلحته منم أخذها؟؟‬
‫ول ابلغ شيخنا حت تأكدت أنا سرقت !!‬
‫وعلمت منم سرقها وشهد شاهد على ذلك ل‪..‬‬
‫أبلغت شيخنا بالاصل ‪..‬‬
‫أذكر ملمح وجهه حينما أخبته الب ‪..‬‬
‫لقد حزن وتأثر ابلغ تأثي ‪..‬واستجع وكأنه عرف الفاعل فورا ؟؟‬
‫دعا بذا الدعاء‪ :‬اسأل ال تعال أن يضيق صدره كما ضيق صدري حت يرجع تلك الشياء‪..‬‬
‫جيعكم منم خلل القراءة السابقة للحلقات سيعرف منم هو الفاعل؟؟‬
‫لقشد أششتى السشتاذ أدوات لفتشح البشواب ودخشل غرفشت فش فشتة الشج وقلشب كشل حاجيشات ليبحشث عشنم‬
‫السحر الخفي ف متاعي !!!‬
‫فلما ل يد شيئا ولنم يده سوى ف ميلته الريضة الت أملها عليه شياطي النم والنس عليه !!‬
‫حينما ل يد شيئا سرق تلك الاجيات !!‬
‫لا؟؟‬
‫ل أدري ‪..‬‬
‫ولكنم التفسي الوحيد لذلك واضح وضوح الشمس لنم له عينان ‪..‬‬
‫استجاب ال لدعاء شيخنا فلقد بلغن الؤذن عنم ذلك الرجل انه مرض وأصيب بصداع شديد ف رأسه‬
‫وتغيب عنم الدرس فتة طويلة ‪..‬‬
‫دعان الشيخ يوما بعد الصلة وسلمن كرتونا به جيع حاجيات ‪..‬‬
‫فبحثششت فيهششا فوجششدت جيششع الشششياء السششروقة كاملششة موجششودة سششوى بعششض الوراق والطابششات وجششدت‬
‫صورها ول أجد النسخ الصلية‬
‫استعادها ل شيخنا لحقا وسلمها ل جزاه ال عن خي الزاء‪..‬‬
‫أسشحوا لش أيهشا القشراء الكشرام أن أنقششل لكشم هشذه الرسششالة الششت كتبهششا لش ششيخنا رحششه الش ‪ ..‬واسششتجعتها‬
‫‪215‬‬
‫منم يد ذلك العتدي‬
‫وهي موجودة عندي ولعل ف نشرها نفعا لنم تأمل وتدبر معانيه‬
‫وقد ذكر شيخنا ف الرسالة ذاتا سبب كتابتها ‪..‬‬
‫يقول شيخنا رحمه ال‪:‬هل‬
‫بسم ال الرحنم الرحيم‬
‫منم ممد الصال العثيمي إل البنم )‪ ( ....‬حفظه ال تعال‬
‫السششلم عليكششم ورحششة الش وبركششاته وبعششد فقششد سششألتن بششارك الش فيششك أن أضششع لششك منهجششا تسششي عليششه فش‬
‫حياتك‪...‬‬
‫وإن لسال ال تعال أن يوفقنا جيعا لا فيه الدى والرشاد والصشواب والسشداد وأن يعلنشا هشداة مهتشدينم‬
‫صالي مصلحي فأقول‪:‬‬

‫أول ‪:‬هل مع ال عز وجل‬


‫‪ -1‬احرص على أن تكون دائما مع ال عز وجل مستحضرا عظمته متفكرا ف آيششاته الكونيششة مثششل خلششق‬
‫السموات والرض وما أودع فيهما منم بالغ حكمته وباهر قدرته وعظيم رحته ومنته ‪.‬‬
‫وآياته الشرعية الت بعث با رسله ول سيما خاتهم ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون قلبك ملوءا بحبة ال تعال لا يغذوك به منم النعم ويدفع عنك منم النقم ول سيما نعمة‬
‫السلم والستقامة عليه حت يكون أحب شيء إليك‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون قلبك ملوءا بتعظيم ال عز وجل حت يكون ف نفسك أعظم شيء‪..‬‬
‫وباجتماع مبة ال تعال وتعظيمه ف قلبك تستقيم على طاعته قائما با أمر به لبتك إياه تاركا لا نششى‬
‫عنه لتعظيمك له‪.‬‬
‫‪ -4‬أن تكون ملصا له جل وعل ف عباداتك متوكل عليه ف جيع أحوالششك لتحقششق بششذلك مقششام )إيششاك‬
‫نعبد وإياك نستعي(‪.‬‬
‫وتستحضر بقلبك أنك إنا تقوم بشا أمششر امتثششال لمشره وتششتك مشا نشى عنشه امتثشال لنهيششه فإنششك بشذلك تشد‬
‫للعبادة طعما ل تدركه مع الغفلة وتد ف المور عونا منه ل يصل لك مع العتماد على نفسك‪.‬‬

‫ثاانيا ‪:‬هل مع رسول ال صلى ال عليه وسلم‬


‫‪ -1‬أن تقدم مبته على مبة كل ملوق وهديه وسنته على كل هدي وسنة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تتخذه إمامشا لششك فش عباداتشك وأخلقشك بيشث تستحضشر عنشد فعششل العبششادة أنششك متبشع لششه وكششأنه‬
‫‪216‬‬
‫أمامك تتسم خطاه وتنهج نجه‪.‬‬
‫وكذلك ف مالقة الناس أنك متخلق بأخلقه الت قال ال عنها)وإنك لعلى خلق عظيم(‪.‬‬
‫ومت التزمت بذا فستكون حريصا غاية الرص على العلم بشريعته وأخلقه‪.‬‬
‫‪ -3‬أن تكون داعيا لسنته ناصرا لا مدافعا عنها فإن ال تعال سينصرك بقدر نصرك لشريعته‪.‬‬

‫ثاالثا ‪:‬هل عملك اليومي غير المفروضات‬


‫‪ -1‬إذا قمت منم الليل فشاذكر الش تعششال وادع الش بشا شششئت فششإن الشدعاء فش هشذا الششوطنم حشري بالجابششة‬
‫واقرأ قول ال تعال) إن ف خلق السموات والرض ( حت تتم سورة آل عمران وهي عشر آيات‪.‬‬
‫‪ -2‬صل ما كتب لك ف آخر الليل واختم صلتك بالوتر‪.‬‬
‫‪ -3‬حافظ على ما تيسر لك منم أذكار الصباح ‪ .‬قل مئشة مشرة ‪ :‬ل إلشه إل الش وحده ل ششريك لشه ‪،‬لشه‬
‫اللك وله المد وهو على كل شيء قدير‪.‬‬
‫‪ -4‬صل ركعت الضحى‪.‬‬
‫‪ -5‬حافظ على أذكار الساء ما تيسر لك منها‪.‬‬

‫رابعا‪:‬هل طريقة طلب العلم‪.‬‬


‫‪ -1‬احششرص علششى حفششظ كتششاب ال ش تعششال واجعششل لششك كششل يششوم شششيئ معينششا تششافظ علششى قراءتششه ولتكششنم‬
‫قراءتك بتدبر وتفهم ‪.‬‬
‫وإذا عنت لك فائدة أثناء القراءة فقيدها‪.‬‬
‫‪ -2‬احرص على حفظ ما تيسر منم صحيح سنة الرسول صلى ال عليه وسشلم ومشنم ذلشك حفشظ عمشدة‬
‫الحكام‪.‬‬
‫‪-3‬احرص على التكيز والثبات بيث ل تأخذ العلم نتفا منم هذا شيء ومنم هذا شيء لن هذا يضيع‬
‫وقتك ويشتت ذهنك‪.‬‬
‫‪ -4‬أبششدا بصششغار الكتششب وتأملهششا جيششدا ثش انتقششل إلش مششا فوقهششا حششت تصششل علششى العلششم شششيئا فشششيئا علششى‬
‫وجه يرسخ ف قلبك وتطمئنم إليه نفسك‪.‬‬
‫‪ -5‬احرص على معرفة أصول السائل وقواعدها وقيد كل ششيء ير بشك مشنم هشذا القبيشل فقشد قيشل‪ :‬مشنم‬
‫حرم الصول حرم الوصول‪.‬‬
‫‪ -5‬ناقش السائل مع شيخك أو منم تثق به علما ودينا منم أقرانك ولشو بشأن تقشدر ف ذهنشك أن أحشدا‬
‫يناقشك فيها إذا ل تكنم الناقشة مع منم سينا‪.‬‬
‫‪217‬‬
‫ه ششذا وأس ششال الش ش تع ششال أن يعلم ششك م ششا ينفع ششك وينفع ششك ب ششا علم ششك ويزي ششدك علم ششا ويعل ششك م ششنم عب ششاده‬
‫الصالي وحزبه الفلحي ‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‬
‫كتبه محمد الصالح العثيمين في ‪ 3‬رجب ‪ 1412‬هـ التوقيع‪.‬‬
‫رحمة ال على شيخنا وجزاه ال عني خير الجزاء‬

‫إن كلمششاته تلششك تمششل ف ش كلمششة منهششا معششان سششامية خرجششت مششنم قلششب رجششل امتل علمششا وإيانششا وتقششى‬
‫احسبه كذلك وال حسيبه‪..‬‬

‫الحلقة الثامنة والخمسون‬

‫ل أرغب ف الستسال حول التصششرف الششذي حشدث مشنم قبشل صشاحبنا فبفضشل الششول سشبحانه منششذ ذلششك‬
‫التصرف الهوج الذي بدر منه ل أتلقى أي تصرفات أخرى ملموسة منم قبله سواء بالكلم أو الفعل‬
‫وال رب وربه وحسيب وحسيبه مطلع على الفايا وعال بالسرائر‪..‬‬
‫ويبدوا أنه شعر بيبة أمل كبية حيث ل يصل لبتغاه بفضل ال أول‬
‫ث بفضل شيخنا الصيف والعاقل والؤمنم والعال الراسخ‪..‬‬
‫فأينم تد مثل هذا ؟؟‬
‫ذلك فضل ال‪..‬‬
‫توقف النزاع والصام ولعله إل البد والمد ل ‪..‬‬
‫وأؤكد للجميع أنن ل أسعى وأهتم بذكر هذا الرجل بعينه بسوء!!‬
‫أمام أحد منم الناس كائنا منم كان ‪..‬‬
‫مقابلة لرمه بقي وكذبه علي ‪..‬‬
‫ولو أنن أذكر أعماله وتصرفاته فليست سوى للعبة ‪..‬‬
‫وال يهدينا ويهديه لصراطه الستقيم ‪..‬‬
‫حينما كتبت بالمس تلك النصيحة الت وجهها شيخنا ل ‪..‬‬
‫تذكرت أنن قرأتا ف تلك اليام ول شك أنن استفدت منها ‪..‬‬
‫وحرصت على العمل با بقدر ما آتان ال منم بصية ‪!!..‬‬

‫‪218‬‬
‫ولكنها اليوم ذات طعم خاص ومذاق متلف‪..‬‬
‫منششذ ف ششتة بعي ششدة جششدا لش ش أقرأه ششا ولع ششل ه ششذا م ششنم حس ششنات ه ششذه القال ششة أن جعلتنش ش أت ششذكر تلششك الوديعششة‬
‫الثمينة‪..‬‬
‫قرأتا بالمس قراءة تحيص وتدقيق‪..‬‬
‫تأملت حروفها ‪ ..‬حيث كتبها بيده وبطه الميل‪..‬‬
‫شمت عطرها الزكي‪ ..‬على ذلك الورق التواضع ‪..‬‬
‫أصغيت لا فتدد ف سعي رنينها العذب‪...‬‬
‫و ضعتها على صدري فامتزجت هأساتا ف الفؤاد ‪..‬‬
‫تذكرت الوقت الثمي الذي قضاه ف تدوينها‪..‬‬
‫تذكرت كم أنه تأمل وفكر فيما هو يصلح حال ف دين ودنياي فرقمه‪..‬‬
‫تذكرت يده حينما قبضت على القلم وأخذت تط تلك الكلمات الصادقة‪..‬‬
‫تذكرت كيف كان قلبه ف تلك اللحظات ينبض بالرحة والشفقة علي‪..‬‬
‫خرجت بأمر واضح كالشمس‪:‬‬
‫أيقنت أنا صدرت منم قلب كبي‪..‬‬
‫رحك ال يا أبا عبد ال ‪..‬‬
‫رضي ال عنك ياشيخنا ممد‪..‬‬
‫فوا ل ما قدرتك حق قدرك وما أوفيتك الوفاء الميل‪..‬‬
‫وال لو كان ل سبيل إليك لرأيت من غي ما رأيت ‪..‬‬
‫ووال ياوالدي لو تكنت منم رؤيتك والجتماع بك‬
‫لتعبدت رب سبحانه أن أكون خادمك الطيع حت المات‪..‬‬
‫أنت والدي فعلت ب ما يفعله الوالد بولده وأكثر‪..‬‬
‫كم مرة سعت أب أحد رحه ال يقول ل بضور شيخنا‪:‬‬
‫هذا والدك دون !!‬
‫قلت له ‪ :‬مه !!‬
‫فقال‪ :‬لقد قدم لك كيت وكيت وفعل لك كذا وكذا‪..‬‬
‫إن للمة حق على هذا الرجل حق عام!!‬
‫أما أنا وغيي فعلينا له حق خاص‪..‬‬
‫‪219‬‬
‫يب علينا أن ندفعه له حت المات‪..‬‬
‫أقله الدعاء وهو منم الوفاء له ‪..‬‬
‫ونشر علمه ‪..‬‬
‫وتعريششف النششاس بفضششائله وهششذا الششذي سششاه خليششل الرحششنم إبراهيششم عليششه الصششلة والسششلم) واجعششل لش لسششان‬
‫صدق ف الخرينم(‬
‫وهاأنذا أحكي بعض جيله ‪..‬‬
‫كنت ف تلك اليام رغم بري به والمد ل والميع يعرف ذلك‬
‫قليل الدراك وهكذا الرء ف فتوته وشبابه ‪..‬‬
‫قد يدرك ول يدرك ‪!!..‬‬
‫يرى المور ويبصرها ولكنم ل يفهم معانيها ومضامينها وروحها إل‪ ،‬لحقا‪..‬‬
‫ل يقرأ بي السطور‪..‬‬
‫وبالحرى ل يلك آليات تلك القراءة !!‬
‫وهذه هي البصية القة‪..‬‬
‫أي منا ل تسهر والدته يوما بواره وهو صغي حينما يئنم منم الرض ؟؟‬
‫أي منششا ل ش يششرى كششم كششان والششده يششرج بششاكرا مششنم منزلششم ويعششود ف ش السششاء وقششد بلششغ بششه العيششاء والتعششب‬
‫مبلغه‪..‬‬
‫كنا نرى تلك التصرفات ولكننا ل ندرك جوهرها ول عمقها‪..‬‬
‫إنه النان ‪..‬‬
‫إنا الرحة ‪..‬‬
‫والبة والشفقة والفداء والتضحية ‪..‬‬
‫وكل العان السامية تنبعث منم تلك التصرفات جلة واحدة‪..‬‬
‫تلك العان تكتشفها للسف لحقا ‪..‬‬
‫بعد سنوات طويلة ‪..‬‬
‫وغالبا بعد رحيلهم‪..‬‬
‫فتبقى ف القلب حسرات وآهات ‪..‬‬
‫وأقول ‪ :‬يا إخوت وأخوات‬
‫منم وفقه ال فأبصر القيقة وعلم ذلك علم اليقي وما زال صاحب الفضل‬
‫‪220‬‬
‫حوله وقريبا منه‪..‬‬
‫فهذا وال الظوظ فل تفلت منه الفرصة‪..‬‬
‫فدونه النة فهي أقرب له منم شراك نعله‪!!..‬‬
‫بعد موت والدي عليه رحة ال ‪..‬‬
‫بشهر تقريبا كنت أسي بسيارت بي الطائف والرياض‪..‬‬
‫وكنت حينها ل أستيقظ بعد منم هول الصدمة بفقدانه‪..‬‬
‫كنت أقود السيارة وارى الطريق أمامي ولكنم قلب وعقلي معه رحه ال‬
‫يستجع شريط الذكريات الطويل ‪..‬‬
‫منم الذكريات الزنة‪..‬‬
‫وحصل ذلك قبل أسبوع منم موته رحه ال‪..‬‬
‫حيث أنن أثقلت عليه ف موضوع ما!!‬
‫وأذكر أنه اتصل علي وعاتبن على ذلك‪..‬‬
‫حيث وقف ساعات وعان منم هذا المر ‪..‬‬
‫وكان ذلك على غي قصد من‪..‬‬
‫ومع ذلك فإنن شعرت بأل ف قلب وحزن‬
‫فأوقفت سيارت وبكيت حت كدت افقد وعيي منم البكاء وال ‪..‬‬
‫رحهم ال ورضي عنهم وجعنا وإياهم ف مقعد صدق عند مليك مقتدر‬
‫مرت اليام والساعات وتوالت الليال والمد ل استزدت تصيل‪..‬‬
‫منم رعايته رحه ال ب حيث درسنا ف تلك اليام مادة الواريث‬
‫وهذه الادة منم أصعب علوم الفقه كما هو معلوم‪..‬‬
‫فكان شيخنا يهون علي الر ويقول ‪ :‬هي سهلة جدا!!‬
‫أذكر مرة أنن حضرت ف مدينة الطائف درسا ف علم الواريث ) الفرائض(‬
‫عند الشيخ علي بنم ممل العتيب وهو قاضي متقاعد منم الكمة‬
‫والشيخ علي متقنم للغاية لذا الفنم‪..‬‬
‫حينما استمعت لكلمه طوال ساعة وأزيد‬
‫ل أستطع فهم كلمة واحدة ‪..‬وأغلق علي وعسر ذلك العلم منم ذلك الدرس‬
‫فخرجت وأنا مصدوم منم هذا العلم العقد للغاية‪..‬‬
‫‪221‬‬
‫ولكنم شيخنا رحه ال كما هي قاعدته )الكيف ل الكم(‪..‬‬
‫جرد ل هذا العلم منم كل تلك العقبات فصار ميسرا وسهل التناول بمد ال تعال‪..‬‬
‫فكنت ادرس عنده ف الليل مع الطلب ‪ ..‬وف الطريق لبيته يلي علي السائل‬
‫ويتبن ويكلفن بالبحوث حت أدركته جيعا‪..‬‬
‫وما زلت حت الن أحتفظ بتلك الواجبات وعليها تصحيحاته وتعليقاته‬
‫بالقلم الحر‪..‬‬
‫علمششت أن ش ششيخنا يعششان مششنم قضششية السششاعدات ال ششت يق ششدمها للن ششاس حيششث يأخ ششذ ترتي ششب تلششك المششور‬
‫وتدوينها وجردها وقتا ثينا منه‪..‬‬
‫فعرضت عليه أن أساعده ف ذلك‪..‬‬
‫وأراد مرة أن يتب جديت ف الوضوع!!‬
‫حيث اتصل علي شيخنا ذات يوم ف السكنم‪..‬‬
‫وقال ل ‪ :‬أريدك تضر للبيت احتاجك ف أمر‪..‬‬
‫فوصلت لبيته فخرج إل وف يده كيس ‪..‬وقال‪:‬‬
‫هذه النقود تذهب با للبنك وتودعها ف حساب الزكاة‪..‬‬
‫ول يكنم البلغ كبيا ولكنن ل احل مثله منم قبل!!‬
‫ذهبت للبنك مرورا بالبيوت الطينية الواقعة بي شارع الشريية والبنك ف شارع الضليعة‪..‬‬
‫كانت الشوارع والزقة خالية منم الناس والارة‪..‬‬
‫فكنت استعجل الطى حت أمر منم تلك الدور الهجورة والخيفة‪..‬‬
‫دفعت للبنك ذلك البلغ ‪..‬‬
‫ومنذ ذلك اليوم ولسنوات صرت احل نقود الزكوات والصدقات وغيه‬
‫منم البنك للشيخ والعكس‪..‬‬
‫ولقد كانت تبلغ البالغ أحيانا أرقاما كبية وميفة ‪..‬‬
‫ومع ذلك فلم يصل أي حادث يذكر سوى موقف وحيد وتافه ل يستحق الذكر!!‬
‫ف تلك اليام حدثت حادثة غريبة ل ‪..‬‬

‫الحلقة التاسعة والخمسون‬


‫شعرت ف تلك اليام بأل شديد ف الزء اليسر منم رأسي‪..‬‬
‫‪222‬‬
‫ظننته صداعا عابرا ‪..‬فاستعملت الهدئات‪..‬‬
‫ولكنم الل استمر وزاد حت صار عذابا ل يطاق‪..‬‬
‫توجهت لقسم الطوارئ ف مستشفى اللك سعود‪..‬‬
‫قال ل الطبيب‪ :‬يب أن تنوم ف الستشفى لنرى ما القصة؟؟‬
‫ل أشك أنه قد ظنم أن ف المر شيئا خطيا فقرر تنويي‪..‬‬
‫اتصلت على شيخنا وبلغته بالاصل‪..‬‬
‫فقلق علي رحه ال واتصل على الشرف العام ليستبي الوضوع‪..‬‬
‫وضعت ف غرفة جيلة وهادئة وكنت فيها وحيدا ‪..‬‬
‫وهذه منم جائل الدكتور عبد ال البداح الشرف العام‪..‬‬
‫بعد صلة العصر‪ ..‬جاءن ف الستشفى للزيارة شيخنا رحه ال‬
‫ومعه جع كبي منم الطلب ‪..‬‬
‫ل أكنم اشعر بشيء خطي سوى تلك اللم الت تأت ث تروح ‪..‬‬
‫ول يكنم يوقفها سوى الهدئات والسكنات والت سيكون لا آثار جانبية ف‬
‫الستقبل كما ستون‪!!..‬‬
‫إن مرد رؤية هذا الرجل الشهم والعال الليل وهؤلء الكرام حوله‬
‫منم طلبته الخيار ‪..‬‬
‫أشعرن بالفخر والشرف أن أنتسب لتلك الطائفة الصالة رضي ال عنهم‬
‫زارن الشرف العام مرارا ومعه الدير الطب ورئيس شئون الرضى‬
‫وف بعض الحيان عدة مرات يوميا جزاهم ال خيا‪..‬‬
‫كثرت علي التحاليل والشعة حت أيقنت أن ف المر شيئا ما !!‬
‫قلت ف نفسي‪ :‬أخي الكبي ممد رحه ال سبق وأن مات بسرطان ف دماغه‬
‫فهل ياترى توارث الرض ل؟؟‬
‫كنت كلما تذكرت العذاب الذي وجده والداي وننم البناء منم مرض أخي‬
‫الكبي ممد أصاب بالقلق والوف‪..‬‬
‫ماذا لو تكرر الوضوع؟؟‬
‫أخي ممد رحه ال له قصة أستميح القراء ف روايتها وإن طالت ‪..‬‬
‫هذا الشاب الذي اذكر عنه أشياء بسيطة ‪،‬توف رحه ال وأنا ما زلت ف سنم‬
‫‪223‬‬
‫السابعة أو قريبا منها‪..‬‬
‫وذلك ف سنة ‪ 1402‬للهجرة ‪..‬‬
‫حيث شعر بآلم شديدة ف رأسه ‪ ..‬وتعب الطباء وعانوا ف اكتشاف‬
‫سبب ذلك ‪ ..‬فقائل ‪ :‬هو ورم غي مرئي!!‬
‫وقائل ‪ :‬هو مرض نفسي ‪..‬‬
‫وقائل‪:‬هو دلع وتدلل صبيان!!‬
‫نقل على أثرها إل الرياض لستشفى اللك فيصل التخصصي ‪..‬‬
‫وهناك شخص الرض بأنه ورم خبيث ف الدماغ‪..‬‬
‫أستأصل الطباء الورم وادعوا ناح العملية ‪..‬‬
‫ولكنم اللم ل تتوقف ‪ ..‬يئس الوالد رحه ال منم ذلك الستشفى‬
‫ونقله لستشفى عرفان ف جده‬
‫واستعملوا البر الصينية معه وأنفق مبالغ طائلة وبل طائل!!‬
‫لش يسششمع أب ش بطششبيب فش شششرق الملكششة أو غربششا أو قريبهششا وأقصششاها إل وذهششب إليششه وتعششب هششو وشششقي‬
‫كما شقي أخي ممد أو كاد‪..‬‬
‫أستعمل الدوية الشعبية والكوي‪..‬‬
‫أذكر مرة أنم كووه السكي حت سعت صراخه وأنينه وننم ف السيارة‬
‫وكنا نبكي لبكائه رحه ال ‪..‬‬
‫أما الوالدة فل تسل عنم حالا ول عنم كربا خلف ال عليها خيا‪..‬‬
‫كنا نتقل بي مدن الملكة لعلج أخينا أينما حل فقد كنا صغارا ول راعي لنا بعد ال سواه‪..‬‬
‫أشار على الوالد عدد منم أصحابه أن يعاله ف الارج‪..‬‬
‫فتدد الوالد ولكنه أخيا عزم ولكنم أينم وكيف وكم؟؟؟؟‬
‫جع الوالد مبلغا وفيا منم الال وأظنه استدان جزءا منه ‪..‬‬
‫وسافر بأخي والوالدة واثني منم إخوت الصغار لمريكا ‪..‬‬
‫إل مدينة هيوست بولية تكساس) ول أدري هل نطقتها صحيحة(‪..‬‬
‫بقي أخي ممد لشهرينم تقريبا مدركا لا يري حت دخل ف غيبوبة ‪..‬‬
‫ل يستيقظ منها أبدا‪..‬‬
‫قرر الطباء أن الوقت تأخر كثيا !!‬
‫‪224‬‬
‫وقالوا للوالشد ‪ :‬لشو أتيشت بشه مبكشرا لمكشنم استئصشال الشورم ولكنشه الن انتششر ف دماغه ولشو حاولنشا إزالتشه‬
‫فنجاح العملية فقط ‪) %1‬واحد ف الائة (!!‬
‫ولك القرار؟؟‬
‫احتار الوالد ماذا يفعل واستخار ربه وأخيا قرر أن ل يري له العملية‬
‫فهي ماطرة كبية وموت ابنه ف بلده وبي أهله أهون على نفسه منم موته ف أمريكا ‪..‬‬
‫وسلم أمره ل تعال‪..‬‬
‫طالب الستشفى الوالد بتسديد ما بقي عليه منم مبالغ متأخرة‪..‬‬
‫فأخبهم أن ما لديه ل يغطي مصاريفهم ومصاريف السفر‪..‬‬
‫فقالوا له ‪ :‬أدفع مبالغنا التبقية ول يعنينا كيف ترجع لبلدكم هذه مشكلتك‪!!.‬‬
‫اتصل الوالد على عدد منم شركات الطيان لكي يرتب للعودة‪..‬‬
‫وجيعها رفض أن يوافق على النقل بسبب خوفهم منم موت أخي وهم ف‬
‫السماء!!‬
‫قال لم الوالد‪ :‬أنا اكتب لكم إقرارا أنكم ل تتحملون أي مسئولية عنم ذلك وتقع‬
‫كل السئولية علي إن مات‪ ..‬فأبوا وأصروا على الرفض!!‬
‫خوفا على سعة شركاتم‪..‬‬
‫تقول الوالدة ‪ :‬أخذت الية بابيك ول يدر ما يفعل‪..‬‬
‫كانت هناك متجة لبنانية وعملها الصلي التمريض ف نفس الستشفى ‪..‬‬
‫قالت لب ‪ :‬يا أخأ أحد يوجد أمي منم العائلة الالكة السعودية يتعال‬
‫ف القسم الذي تتنا مباشرة ‪..‬فلماذا ل تذهب لتتحدث معه عنم مشكلتك!!‬
‫توجه والدي دون أن يرد عليها فورا إل القسم الذكور ‪..‬‬
‫وبث عنم أناس بسحنات عربية ‪ ..‬فوجد مموعة منم الشباب ومعهم رجل كشبي فش السشنم ويظهشر عليشه‬
‫أنه ذو غناء وسلطة !!‬
‫سلم عليهم الوالد فردوا التحية وخصوصا ذلك الكبي منهم ورحبوا به ترحيبا كبيا ‪..‬‬
‫وزاد سرورهم حينما علموا أنه منم الملكة ومنم أبناء بلدهم‪..‬‬
‫واستفسروا عنم سبب وجوده ؟؟‬
‫فقال لم ‪ :‬لجل هذا جئتكم‪!! ..‬‬
‫وروى لم حال الخأ ممد ووضعه مع الستشفى وشركات الطيان‪..‬‬
‫‪225‬‬
‫فقال له المي‪ :‬هون عليك يا أخي واعتب الوضوع منتهي وجهز حقائبك للسفر غدا‪..‬‬
‫أي تيسي منم ال تعال هذا التيسي ؟؟‬
‫المد ل على نعمه‪..‬‬
‫سدد المي كل رسوم الستشفى وتكفل لم بطائرة تنقلهم مباشرة إل الرياض‪..‬‬
‫جزاه ال خيا ‪..‬‬
‫بصوص اسم المي ذاك فإن كنت اذكر قال ل الوالد رحه ال أن اسه ‪:‬‬
‫ممد بنم سعود الكبي فجزاه ال خيا إن كان هو أو غيه !!‬
‫بقي أخي ف الرياض لسبوع واحد ث نقل للطائف لستشفى القوات السلحة ف الدى‪..‬‬
‫وف صبيحة يوم خيس بعد أسبوع تقريبا منم وصوله للطائف‪..‬‬
‫تقول أمي‪ :‬كان أخوك ينظر إل ما حوله دون أن يتكلم ‪..‬‬
‫فهو ل يشعر بنم حوله ولكنه يشي بأصبعه أحيانا‪..‬‬
‫ف تلك اللحظات وحوال الساعة التاسعة صباحا ‪..‬‬
‫جرك إصبعه وأشار إليها فنظرت ف وجهه ‪..‬‬
‫فرأت اختلفا ف ملمح وجهه ‪..‬‬
‫وكأنه يريد أن يقول لا شيئا ولكنه عاجز عنم الكلم ‪..‬‬
‫قالت له ‪ :‬ياممد ياقرة عين ماذا تريد ياوالدي ؟؟‬
‫خرجت منم عينيه دموع بسيطة ولكنها ذات معن‪..‬‬
‫قبضت على يده وبقيت ترقب نبضه فقد كان يضعف ويضعف‪..‬‬
‫حت فاضت روحه عليه رحة ال وأسكنه جنات النعيم‪..‬‬
‫دار ف ميلت وأنا ف عنيزة تلك القصة وتلك العاناة‬
‫هل ستتكرر معي‪..‬‬
‫دخل علي الشرف العام على الستشفى ومعه شخص أو شخصي‪..‬‬
‫وطلبوا رقم شيخنا وكأنم يريدون تبليغي بأمر والشيخ يسمع!!‬
‫قال له الدكتور عبد ال ‪ :‬ياشيخنا الفاضل فلن يب نقله بطائرة الخلء إل الرياض فورا !!‬
‫قال شيخنا‪ :‬هل حالته تستلزم ذلك ؟؟‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقد ظهر لنا منم خلل الشعة وجود ورم ف رأسه !!‬
‫كان الوالد والوالدة والعائلة تتصل علي يوميا للتابع الخبار‪..‬‬
‫‪226‬‬
‫حينما أبلغت الوالد أنم سينقلونن بطائرة الخلء‪..‬‬
‫طلب من النتظار حت يقدم ‪..‬‬
‫وصلت طائرة الخلء والوالد معا ف نفس الوقت‪..‬‬
‫نقلت بالسعاف للمستشفى العسكري ف الرياض‪..‬‬
‫ل أكنم أشعر بآلم تلك اليام ولكنم يبقى رأي الطباء هو الكم هنا‪..‬‬
‫رجوت الوالد أن يرجع للطائف فقد كنت أعلم العاناة والشقة عليه ف بقاءه معي‬
‫وترك عمله وعائلته خلفه ‪..‬‬
‫أستفسر منم الطباء عنم وضعي فقالوا له ‪ :‬الوضوع هو اشتباه واطمئنم ول تقلق‪..‬‬
‫رافقن أحد زملئي وهو الخأ سعود الرب وأنعم به وأكرم منم أنيس ومعي‪..‬‬
‫كان يدمن ف تلك اليام متسبا جزاه ال عن خي الزاء‪..‬‬
‫رغم أن أستطيع السي والتنقل ‪..‬‬
‫كان بواري شاب مصاب بشلل نصفي مؤقت‪..‬‬
‫أصيب به ف أمريكا وعاد للملكة للعلج‪..‬‬
‫كان شيخنا رحه ال يتصل علي ف اليوم عدة مرات ليطمئنم علي ويسمع‬
‫الستجدات‪..‬‬
‫سعن ذلك الشاب وأنا أذكر اسم شيخنا فرجان أن يكلم الشيخ ولو لكلمتي إن‬
‫اتصل علي مرة أخرى‪ ،‬وهذا ما حصل‪..‬‬
‫قال ل‪ :‬هل هو والدك؟؟‬
‫قلت ‪ :‬نعم أنا ل والدينم اثني !!‬
‫والد بالنسب والدم ‪ ..‬ووالد بالب والرحة وكلهأا عزيز على قلب ولما حق البوة علي‪..‬‬
‫رحهما ال وأسكنهما الفردوس العلى ‪..‬‬
‫مكثت ف الستشفى لسبوعي اثني ‪..‬‬
‫وكانت النتائج والمد ل أنه مرد اشتباه والورم هو انتفاخأ ف أوعية الدماغ ‪..‬‬
‫واللم الت كنت أشعر با هي مرض وصداع يسمى طبيا الصداع النصفي وتسميه العرب الشقيقة ‪..‬‬

‫الحلقة الستون‬

‫‪227‬‬
‫حينما رجعت لعنيزة ‪..‬‬
‫استفسر شيخنا رحه ال من عنم طبيعة الل الذي أشعر به‪..‬‬
‫فشرحت له وفصلت فقال ل ‪ :‬مرن اليوم بعد صلة العصر ف النزل‪..‬‬
‫وكان والدي قد قدم لعنيزة مرة أخرى للطمئنان علي‪..‬‬
‫وكانت ضيافته طوال بقائه هناك ف عنيزة ف منزل شيخنا عليه رحة ال‪..‬‬
‫ونشأت بينه وبي شيخنا ممد علقة حيمة مليئة بالحتام والتبجيل‪..‬‬
‫والدي رحه ال رجل حيي وخجول ولكنه إن نطق فلسانه عذب ولبق رحه ال‪..‬‬
‫ولقد أعجب شيخنا به وبأخلقه وبساطته ف هيئته ولباسه وذكر ذلك ل عنه‬
‫وكأنه وشيخنا ف هذا الصوص صنعا منم طينة واحدة!!‬
‫كما تقول العامة عندنا‪..‬‬
‫مششررت أنششا والوالششد علششى شششيخنا بعششد العصششر فنششاولن كيسششا ف ش يششده وكششان يتلفششت ح شوله وكششأنه يسششتعجلنا‬
‫بالذهاب وهذا ماكان‪..‬‬
‫فتشت الكيس فوجدت فيه بقايا طعام !!‬
‫منم عظم وبقايا بطيخ مأكول ونو ذلك!!‬
‫لقنش ششا الشش ششيخ للسش ششيارة وقش ششال لش ش ‪ :‬أخلش ششط بقايش ششا الطعش ششام فش ش مش ششاء واغتسش ششل بش ششه واغسش ششل بش ششه رأسش ششك علش ششى‬
‫الصوص!!‬
‫وهذا ما فعلته ول أسأله لنم ذلك الطعام ول أدري هو لنم حت هذه الساعة‪..‬‬
‫كلفن شيخنا رحه ال ف تلك اليام بعد اعتدال صحت والمد ل ‪..‬‬
‫بتتيب مزن الكتبة الوطنية ‪..‬‬
‫وقال ل‪ :‬إن وجدت كتابا مكررا فخذ نسخة منها لك‪..‬‬
‫فتحت الخزن فوجدت الرضة قد أكلت جزءا ل يستهان به‪..‬‬
‫استعنت بعمال السجد ونظفنا الكتب ووضعناها على الرفوف ‪..‬‬
‫وألقينا بالتالف جدا والوساخأ خارج الخزن‪..‬‬
‫حصلت على عدد ل بأس به منم الكتب الكررة وكذلك أخذت بعض الكتب بإذن شيخنا‪..‬‬
‫وأنا أقلب ف تلك الكتب كان يلفت نظري تعليقات ورسائل قليلة أجدها موضوعة بي دفت الكتب‪..‬‬
‫قرأتا وكان غالبها بط الشيخ عبد الرحنم بنم سعدي رحه ال‪..‬‬
‫ومؤرخة ‪..‬وتاريها قدي يتجاوز المسي سنة وأكثر‪..‬‬
‫‪228‬‬
‫والظششاهر أن مكتبششة الشششيخ ابششنم سششعدي أوقفششت أو أنششه أهششدى شششيئا مششنم كتبششه للمكتبششة العامششة والسششماة‬
‫) مكتبة عنيزة الوطنية(‬
‫وجدت كتيبا اسه ) صفة صلة النب صلى ال عليه وسلم(تأليف أبو عبدالرحنم ناصر الدينم نوح نات‬
‫اللبان الساعات!!‬
‫عرفششت أنششه كتششاب صششفة الصششلة الشششهور والششذي كتبششه علمششة الششديث الشششيخ اللبششان رحششه الش ‪ ..‬وهششذه‬
‫هشي الطبعشة الولش وكتشب عليهشا الششيخ اللبشان وبشط يشده )هديشة الؤلشف إلش حضشرة الششيخ عبشد الرحشنم‬
‫ابنم ناصر السعدي ‪7/12/72‬هش ناصر الدينم نوح نات اللبان( ‪..‬‬
‫الشيخ اللبان علم الديث وشيخ العصر ف ذلك ‪..‬‬
‫وليس مثلي منم يثن عليه أو يسأل عنه ‪ ..‬رحه ال‬
‫قرأت مرة كتابا منذ مدة ألفه السشتاذ الديشب عبشد الش بشنم خيشس يشروي فيشه إحدى رحلتشه للششام قبشل‬
‫حوال المسي سنة وكان برفقته علمة النساب والدب وصديقه الميششم الشششيخ حشد الاسششر رحششه الش‬
‫‪..‬‬
‫وأظنم أن ثالثهما هو الديب عبد الكري الهيمان ‪..‬‬
‫ذكر ف كتابه أنه زار الكتبة الظاهرية ف دمشق ‪..‬‬
‫و ذكششر أنششه شششاهد هنششاك رجل منهمكششا ف ش البحششث والطالعششة وذكششر اسششه وقششال كلمششا بعنششاه ‪:‬ذلششك هششو‬
‫علمة الشام الدث الشيخ ممد ناصر الدينم اللبان ‪.‬‬
‫وكذلك قرأت للشيخ حد الاسر قريبا منم هذا الكلم ف مذكراته وقال عنه‪:‬‬
‫هو منم أحلس الكتبة الظاهرية‪..‬‬
‫كششان مششرة بين ش وبي ش الشششيخ علششي اللششب تلميششذ اللبششان الشششهور اتصششال ونقششاش حششول بعششض التخريششات‬
‫الديثية‪..‬‬
‫وكنت أششعر ف نفسشي أن هنشاك جفشوة غيش مفهومشة بيش ششيخنا والششيخ اللبشان والظشاهر أن سشببها هشو‬
‫ما يثيه بعض الفسدينم ف الرض بي الشيخي ‪..‬‬
‫ما سبب شيئا منم تلك الفوة وانقطاع التواصل‪..‬‬
‫ول يأتين قائل ويزعم أنن أختلق الوضوع منم طرف ‪..‬‬
‫فمششنم عاصششر قضششية حششرب الليششج ومششا حصششل فيهششا مششنم اختلف وشششقاق وجفششاء بي ش رجششالت الصششحوة‬
‫والعلم ‪،‬فهم ما أعنيه جيدا!!‬
‫قلت للشيخ علي‪ :‬ما رأيك أن نرتب مكالة هاتفية بي شيخنا ممد والشيخ اللبان ‪..‬؟؟‬
‫‪229‬‬
‫ففرح بذلك وأثن على الفكرة وأيدها وقال سوف أرتب مع الشيخ اللبان وأنت رتشب مشع الششيخ ممشد‬
‫وسنرى ما يكون‪..‬‬
‫عرضت المر على الشيخ فقال فورا ‪ :‬ل بأس بذلك وأثن علشى الفكشرة ورغشب فش ذلشك‪ ..‬وذكشر ل أنشه‬
‫لش يشراه مششنم مششدة بعيششدة حيششث كششان آخششر لقششاء بينهمششا فش جششده أو قششال فش مكششة‪ ) ..‬نسششيت التاريششخ ( و‬
‫ذكر أنه تناقش معه حول موضوع الجاب ‪..‬‬
‫ومنم طرف اللب فقد كان التجاوب ماثل والمد ل‪..‬‬
‫حددنا التصال أن يكون ف يوم منم اليام الساعة العاشرة صباحا ضحى ‪..‬‬
‫ول أذكر التاريخ بالتحديد‪ ..‬وأظنه كان يوم جعة !!‬
‫حيث منم عادة شيخنا ف ذلك اليوم التصال على أقربائه والتواصل معهم‪..‬‬
‫قلت لشيخنا ‪ :‬هل تسمح ل بتسجيل مكالتكما ؟؟‬
‫قال‪ :‬ل بأس بذلك‪..‬‬
‫حضرت لبيته وثبت له جهاز التسجيل وأخبته كيف يديره ‪..‬‬
‫ف اليوم الثان بعد صلة الظهر ناولن شريطا وقال ‪ :‬هذا هو تسجيل الكالة ‪..‬‬
‫توجهت للغرفة مسرعا واستمعت للشريط‪..‬‬
‫كان التسجيل رديئا وصوت الشيخ اللبان خافتا نوعا ما ‪..‬‬
‫ولكنن استوعبت كل ما فيه ‪..‬‬
‫أستفتح شيخنا كلمه وهو التصل بعد السلم عليه قائل له ‪:‬‬
‫معكم أخوكم ممد بنم صال العثيمي ‪..‬‬
‫فرد عليه اللبان‪ :‬قديا قال الفقهاء ‪ :‬العرف ل يعرف ‪..‬‬
‫وفيششه مششنم التحيششة والسششلم والششدعاء والنصششح بيش العلمششاء كمششا عهششدنا فيهششم ذلششك وهششو ظننششا فش مشششائخنا‬
‫جزاهم ال عنا خي الزاء‪..‬‬
‫تششدث كششل منهمششا عششنم نشششاطه وقششال اللبششان‪ :‬لششدينا المششد ل ش صششحوة سششلفية وإقبششال علششى طلششب علششم‬
‫الديث ‪ ..‬ال كلمه‬
‫وتكلم شيخنا عنم دروسه وقال ‪ :‬أدرس كتاب البلوغ ويضره بمد ال عدد كبي ‪ ..‬ال كلمه ‪..‬‬
‫ذكر الشيخ اللبان ف آخر مكالته أنه اتصل عليه اليوم شخص وزعم أن لديه‬
‫رسالة منم الشيخ ابنم عثيمي موجهة إليه !!‬
‫فقال الشيخ ممد ‪ :‬أبدا وال أنا ل أبعث أحدا برسالة لكم؟؟‬
‫‪230‬‬
‫فتعجب الشيخ اللبان منم ذلك وقال ‪ :‬ال أكب عليه!!‬
‫سوف أراه اليوم بعد صلة الظهر أو قال المعة ف جامع صلح الدينم وأرى ما عنده!!‬
‫قششال شششيخنا ‪ :‬مششا أكششثر مششا ينقششل النششاس عن ش الكششذب ويلبسششونه علششى النششاس ‪ ،‬وأرجششو منششك تتصششل علششي‬
‫وتبن ما يقوله الرجل عن‪..‬‬
‫واتفقشا علشى ذلشك ‪ ..‬ول أدري مالشذي حصشل بعشد ذلشك وهشل جاء ذلشك الرجشل برسشالته الزعومشة للششيخ‬
‫اللبان أم ل !!‬
‫وانظر أخي القارئ أخت القارئة لفظ ال تعال لذينم الرجلي الصالي‬
‫فلربا كان ف تلك الرسالة شرا وفتنة حيكت بينهما فقدر ال تعال كشف ذلك‬
‫بتوفيق منم عنده ‪ ..‬وال أعلم وأحكم سبحانه ‪..‬‬
‫ليس هذا هو الوقف الوحيد الذي أحتفظ به بي هذينم العلمي الليلي ‪..‬‬
‫كنت مرة ف جبال البوسنة والرسك وسيأت تفصيل ذلك إن شاء ال ‪..‬‬
‫التقيت برجل أسر البشرة يكن نفسه باب عبد ال الليب هذا الرجل أسد ف‬
‫شجاعته وإقدامه وكان أميا منم أمراء الاهدينم قتل على يد قناص صرب شل ال يده ‪..‬‬
‫روى ل الخأ أبو عبد ال رحه ال قال‪ :‬هل تعرف الشيخ اللبان ؟؟‬
‫قلت له ‪ :‬ومنم ل يعرف اللبان هو علم ومشهور‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أريدك أن تمل له هذه الرسالة !!‬
‫قلت له ‪ :‬وأي رسالة ؟؟‬
‫قششال ‪ :‬رؤيششا رآهششا أحششد الصششالي وطلششب من ش أن أنقلهششا للشششيخ وأنششا كمششا تششرى عششاجز وقششد أقتششل ف ش أي‬
‫لظة!!‬
‫قلت له ‪:‬حدثن‪..‬‬
‫قال ‪ :‬كان هناك شاب مصري اسه وحي الدينم حافظا لكتاب ال تعال وكان أميا علششى جيششع القششاتلي‬
‫العشرب ف البوسشنة وكشان غايشة فش الششجاعة رغشم صشغر سشنه فقشد قتشل غشدرا وعمشره حشوال ‪ 23‬سشنة رحشه‬
‫ال ‪..‬‬
‫كششان وحششي الششدينم هششذا منكششا وداهيششة وكششان يششوجه الموعششات الكششبية ويرجهششا مششنم بيش الصششاعب الهلكششة‬
‫بتوفيق ال تعال‪..‬‬
‫ذات مرة قادنا وحي الدينم وكان أميا علينا وعلى اليش البوسنوي معا ف تلك‬
‫العملية الت انتزعت فيها مناطق شاسعة ف وسط البوسنة منم يد الكروات الونة‪..‬‬
‫‪231‬‬
‫يقول أبو عبد ال ‪ :‬ف تلك العملية قصفتنا مدفعية ول ندري مششا هششي الهششة الششت تقصششفنا فاحتششار النششود‬
‫منم ذلك وكثر فينا الثخان والقتل فاكتشفنا أن الذي يقصفنا هو اليش البوسنوي خطأ!!‬
‫وسبب ذلك عدم توفر أجهزة للتوجيه وتديد مواقع العداء ‪..‬‬
‫واستمر القصف علينا ول نستطع التقدم لطاردة العداء الاربي ‪..‬‬
‫عندها أمر وحي الدينم النود بإحراق كومات كبية منم الشائش ‪..‬‬
‫فانتشرت كومة كبية منم الدخان واتصل على اليش وقال لم‪ :‬ننم خلف‬
‫تلك الكومة التقة وبذا نونا منم موت مقق !!‬
‫يقششول أبششو عبششد الش ش ‪ :‬روى لششه ذلششك الشششاب وحششي الششدينم أنششه فش ش ليلششة مششنم الليششال وقبششل قتلششه مششنم قبششل‬
‫الكروات بفتة وجيزة رأى ف ما يرى النائم رسول ال صلى ال عليه وسلم بصفته الشرعية العروفة ‪..‬‬
‫وتدث معه ف أمور وسأله عنم أشياء وف ناية رؤياه قال له ‪ :‬يارسول ال‬
‫دلن على رجل أتعلم منه حديثك وسننك أو بذا العن ‪..‬‬
‫فقال له الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أذهب إل ممد ناصر الدينم اللبان‬
‫أو قال له ‪ :‬عليك بكتب ممد ناصر الدينم اللبان ‪ ..‬وأثن عليه وعلى علمه ودينه‪..‬‬
‫عندما رجعت للمملكة ‪..‬‬
‫حكيت لشيخنا ما رآه ذلك الشاب رحه ال وكنا حينها ف الطائف‪..‬‬
‫فقال ل الشيخ ‪ :‬هذي بشرى وينبغي عليك أن تبلغها الخأ اللبان ‪..‬‬
‫فقلت له ‪ :‬لدي رقمه !!‬
‫فناولن التلفون وقال ‪ :‬اتصل عليه الن ‪..‬‬
‫اتصلت فردت عليه امرأة فرجوتا أن تعطين الشيخ لتدث معه‪..‬‬
‫فاعتذرت منم ذلك وقالت ‪ :‬الشيخ مريض ول يستطيع أن ييب على أحد‪..‬‬
‫بعد سنة أو أكثر رويت تلك الرؤيا لحد طلبة العلم منم الردن يقول ‪ :‬ولقد‬
‫بلغ با الشيخ اللبان ف جع منم الناس فتأثر جدا وشهق وبكى ودع‬
‫لشيخنا وتأثر منم موقفه وحرصه على أن ابلغه ‪..‬‬
‫ففرحت أنن أوصلت تلك المانة ولو بعد سنوات ‪..‬‬
‫وبلغته البشرى وال يغفر له ويرحه هو وشيخنا وجيع علمائنا ‪..‬‬

‫‪232‬‬
‫الحلقة الواحدة والستون‬

‫على ذكر الكتبة اتصل علي شيخنا رحه ال يوما وقال‪:‬‬


‫سيأتيك أحد الكادييي ويريد تصوير بعض الخطوطات ‪..‬‬
‫حيث تتوي الكتبة على خزانة با عدد بسيط منم الخطوطات القدية وبعضها‬
‫كتبت منذ ثانية قرون‪..‬‬
‫وقد سبق وقمت بفرزها وترتيبها وفهرستها بأمر شيخنا رحه ال‪..‬‬
‫عجيب أمر الخطوطات!!‬
‫ما زلت أتذكر أنن كنت أجلس ف جوف الليال الادئة والناس نيام‬
‫والشوارع ساكنة ‪..‬‬
‫كنت أشعل ضشوء الكتبشة الشافت وأجلشس أتصشفح تلشك الخطوطشات فأششعر بسشكينة عجيبشة حيشث أننش‬
‫أنتقشل لمسششة قششرون خلششت أو أكششثر وأجلشس مشع ذلششك الشششيخ أو ذلششك الطششالب الشذي حنش ظهشره وكلشت‬
‫يده ف شدة الر والوع والخمصة وهو يدون تلك التحفة العظيمة ‪..‬‬
‫ل أدري لو أن ال تعال قدر على طلبة علم هذا الزمان التفي !!‬
‫أن يرجعوا لتلك الزمان الغابرة مدة شهر واحد فقط ماهم فاعلون؟؟؟‬
‫جاءن ذلك الكاديي الذكور ‪..‬‬
‫وجهه أبيض مشرب بمرة يلبس مرآة‬
‫نظر الوجه عذب اللسان بسيط أنيس ‪..‬‬
‫انشرح له قلب منذ أن رأيته ‪..‬‬
‫عرفن بنفسي قال ‪ :‬أنا أخوك عمر السبيل !!‬
‫والذي صار ل حقا إمام الرم الشريف ‪..‬‬
‫وفجعنا بوته رحه ال بعد سنوات جعل الفردوس العلى مثواه‪..‬‬
‫كان يريد مطوطة عنم اللغاز ‪..‬‬
‫فتشت له عنها واستخرجتها له ‪..‬‬
‫أقفل الخطوطة ونسينا أمرها وبقينا ف الكتبة نتحدث ول نشعر حت انتصف الليل‪..‬‬
‫أمثششال الشششيخ عمششر جلسششت معهششم سششاعات معششدودة ولكششنم كلمششاتم الصششادقة ولطفهششم وسششاحة نفوسششهم‬
‫تبقى خالدة ف النفس حت المات ‪..‬‬
‫‪233‬‬
‫ووال لو كنت أنظم النثر لرثيته فنعم الرجل عمر ‪..‬‬
‫رحة ال عليه وخلف ال على والديه خيا فيه‪..‬‬
‫استدعان الشيخ ف تلك اليام وأدخلن للحق بيته وقال ل وكان صارما‪:‬‬
‫أريدك أن تكون صادقا معي فيما أسألك عنه!!‬
‫نظرت ف عينيه وقلت له ‪ :‬وال سأكون معك صادقا إن شاء ال ‪..‬‬
‫وانتابتن قشعريرة وخشيت أن يكون أحدهم ) وما أكثرهم( قد لبسن تمة جديدة!!‬
‫قال ‪ :‬هل تيبن عما أسألك عنه مهما كان ‪..‬؟؟‬
‫قلت ‪ :‬أفعل إن شاء ال ‪..‬‬
‫قششال ‪ :‬بلغن ش مششنم أحششدهم أن عليششك دينششا لبعششض الشششخاص ف ش الطششائف قبششل قششدومك لعنيششزة هششل هششذا‬
‫صحيح؟؟‬
‫خجلت وال واستحييت أن أكلم الشيخ ف مثل هذه المور ‪ ..‬وكنت أعلم أن الشخص الذي نقشل لشه‬
‫الب هو الخأ ممد زينم العابدينم ‪..‬‬
‫وقد أخبت ممد منذ مدة عنم ذلك حينما كانت الفتنة بين وبي صششاحبنا حاميششة ‪ ..‬ول أذكششر مناسششبة‬
‫ذكر هذا الوضوع ولكنه الشخص الوحيد الذي أخبته‪..‬‬
‫رفعت رأسي وتشجعت وقلت له ‪ :‬نعم علي دينم ‪..‬‬
‫أرخى رأسه وأحن جفنه وأخفض صوته معاتبا‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ل ل تبن ؟؟‬
‫أل اقل لوالدك أنك تت رعايت ؟؟‬
‫ل أستطع الواب واحتت !!‬
‫استجمعت قواي وقلت له‪ :‬يا شيخنا تلك أمور حدثت ف الاضي قبل قدومي عليشك ولش أكشنم تششرفت‬
‫بعرفتك ‪..‬‬
‫قششال مقاطعششا‪ :‬ولكششنم الششال مششا زال ف ش ذمتششك ‪ ..‬والنششاس لششنم تتكششك فكيششف تريششد أن تطلششب العلششم وأنششت‬
‫مشغول بم؟؟؟‬
‫آمرك بكتابة تلك الديون وسوف أسددها عنك ‪..‬‬
‫قلت له ‪ :‬أبدا وال !!‬
‫قاطعن وقال‪ :‬يب أن أسددها حت تريح بال وبالك ‪..‬‬
‫ث قال‪:‬وثق تاما أنن سأوف دينك منم مال الاص وليس منم أموال الزكاة‬
‫‪234‬‬
‫أو الصدقة حت ل أكون مامل معك منم أموال السلمي!!‬
‫ث ناولن ورقة وطلب من تدوينم تلك الساء ومالم علي ‪..‬‬
‫فكتبت ودخل لبيته ول يطل الغياب‬
‫ث ناولن البلغ كامل وزاد عليه وقال ل ‪:‬هذا هو البلغ ومعه نفقتك تسافر اليوم وتسدد للناس مالم‪..‬‬
‫ث اتبع ذلك قائل ل وأشار بيده ‪ :‬أنت ف حرج من إن احتجت ريال أو مئة‬
‫ألف إل طلبت من فأنا ف مقام والدك فل تتحرج من!!‬
‫قبلته بي عينيه وقبلت يده ‪..‬‬
‫وخرجت منم عنده وأنا متار منم كرم هذا الرجل ‪..‬‬
‫كنت أتساءل منم قبل ولعلكم أنتم تساءلتم مثلي‪:‬‬
‫نرى كثيا منم الشائخ وأهل العلم ولكنم قليل منهم منم لم قبول ف القلوب لاذا؟؟‬
‫حينما اختلطت بشيخنا وعاشرته كنت أراه رغم علمه وجللة قدره بشرا ‪..‬‬
‫يأكل وينام ويشي ف الطرقات ويتعب ويرض ويغضب ‪..‬ال‬
‫ولكششنم حينمششا رأيششت أفعششاله وتصشرفاته معششي ومششع غيي عرفششت أن الش تعششال الطلششع علششى أفعششال العبششاد فش‬
‫السر والشهادة هو الذي يبعث القبول للصالي ف قلوب البشر‪..‬وغي البشر!!‬
‫ل تتعجبوا منم ذلك إخوت أخوات ‪..‬‬
‫ذكر ل الشيخ بنفسه قال ل ‪:‬‬
‫جاءه رجل منم قراء عنيزة العروفي وذكر له أنشه قشرأ علشى احشد المسوسشي بشالنم وأنشه تشدث معشي النش‬
‫ومنم حديثه انه قال له ) أي الن(‪ :‬إن جدي مطوع يضر درس ابنم عثيمي ف الامع!!‬
‫مرت اليام والليال وانتهى موسم الدراسة وجاءت الجازة الصيفية‪..‬‬
‫حيث يتكثف برنامج الدروس ‪..‬‬
‫وتأت لعنيزة كوكبة و دماء جديدة ووجوه أخرى منم مناطق الملكة وخارجها ‪..‬‬
‫غالبها تأت للدراسة ف إجازة الصيف ث ترجع لوطنها‪..‬‬
‫ومنهم منم يالفه الظ فيبقى وإنه لذو حظ عظيم !!‬
‫وقد كان شيخنا يهتم بؤلء الطلبة كون غالبهم ل يستطيع الكوث طويل‬
‫فيخصهم بادة نو الفرائض أو مت ف الصول أو النحو أو نو ذلك‬
‫بيث يرجع الواحد منهم وقد درس متنا كامل بالضافة للدروس الخرى‬
‫أذكر أنه جاءنا ف سنة منم السنوات طلب منم دولة روسيا يدرسون ف الامعة السلمية ‪....‬‬
‫‪235‬‬
‫وف سنة منم السنوات جاءنا حوال العشرون شششابا اهتشدوا للسششنة بعشد أن كشانوا علششى الشذهب السششاعيلي‬
‫الضال‪..‬‬
‫وقد اهتم بم شيخنا جدا حت أنه خصهم بدرس ف بيته كل صباح ف العقيدة‪..‬‬
‫اسششتمعت مششرة لش شريط لشششيخنا حيششث أنششه زاره ف ش مسششجده ف ش عنيششزة عششدد مششنم النششود المريكششان الششذينم‬
‫أسلموا ف حرب الليج يقول ل الشيخ عنم تلك اللسة‪..‬‬
‫كانوا ضخام الجسام طوال وأجلستهم ف مكان الدرس العتاد ‪..‬‬
‫وحيث أنم يبدوا ل يعتادوا اللوس على الرض فقد تدد بعضهم واتكئ على يده أمام الشيخ ‪!!..‬‬
‫يقول الشيخ ‪:‬ول أرد أن أعلق على أن ذلك منم سؤ الدب رأفة بم لداثة إسلمهم‪..‬‬
‫يسششتمر ذلششك البنامششج الصششيفي ح شوال الشششهر تقريبششا بعششده يسششافر شششيخنا لدينششة الطششائف لضششور اجتمششاع‬
‫هيئة كبار العلماء كما هو معروف‪..‬‬
‫وكنت رفيق شيخنا ف تلك السفرة للطائف‪..‬‬
‫توجهنا لده ومنها توجهنا لكة لداء العمرة‪..‬‬
‫وكششان فش ش رفقتن ششا فش ش تل ششك العم ششرة الس ششتاذ عب ششد الرح ششنم الع ششثيمي أخ ششا الش ششيخ وك ششذلك ابن ششه الصششغي عبششد‬
‫الرحيم‪..‬‬
‫بالضافة للخأ علي السهلي‪..‬‬
‫انتهينا منم أداء الناسك سريعا ث توجهنا بعد العصر للطائف‪..‬‬
‫وكان مسينا عنم طريق السيال وليس عنم طريق جبل الدى ‪..‬‬
‫كان الو مطرا وكنت فرحا مسرورا للغاية وذلك أن شيخنا سوف يزورن ف منزلنا ف الطائف‪..‬‬
‫قلت له‪ :‬وال بتنور بيتنا ياشيخ بقدومكم ‪..‬‬
‫فرد علي ابنم الشيخ عبد الرحيم ‪ :‬بتنور كل الطائف مو بيتكم فقط!!‬
‫فضحكنا منم جوابه ونباهته رغم حداثة سنه‪..‬‬
‫وصلنا فكان الوالد رحه ال ف استقبالنا عند باب البيت‪..‬‬
‫ول تسل عنم فرحه وابتهاجه بنزول الشيخ ممد عندنا‪..‬‬
‫كان الوقت عصر تقريبا ‪..‬‬
‫حينما وضع شيخنا قدمه ف البيت ‪..‬‬
‫قلت ف نفسي ‪ :‬ياسبحان الكري الالق ‪..‬‬
‫ابنم عثيمي إمام السلمي وعالهم وفقهيهم بنفسه يدخل بيتنا ‪..‬‬
‫‪236‬‬
‫كأنن أقول لب حينها ‪ :‬قد أغضبتك أنت ووالدت بروب وهاأنذا اثبت لك يا أب أن ال تعششال تششولن‬
‫ورحن ومنم علي ‪..‬‬
‫فهذا الششيخ ابشنم عشثيمي يأتيشك زائشرا بنفسشه إكرامشا لشك ولبنشك وأهشل بيتشك فهشل تريشد برهانشا انصشع مشنم‬
‫هذا البهان؟؟‬
‫ولكأن أب قال ف نفسه ‪ :‬تال لقد آثرك ال علينا وإن كنا لاطئي !!‬
‫استغفر ال منم زلل القلم فعفوا إخوت ‪..‬‬
‫إن لطعم ذلك اليوم مذاق خاص ‪..‬‬
‫تستمر حلوته كلما استذكرته فاللهم اغفر لب وشيخي يا ارحم الراحي‬
‫حينما دخل شيخنا للس النزل وكان ف صدره صورة كششبية معلقشة لخششي الكشبي ممشد رحشه الش وكنششت‬
‫جهدت منم قبل مع أب أن ينزع تلك الصورة كون تعليقها مرما وينع دخول اللئكة كما هو الششهور‬
‫منم كلم أهل العلم‪.‬‬
‫ولكنه رحه ال كان يتحجج بجج كثية ويرفض رفعها‪..‬‬
‫حينما دخل الشيخ لفت نظرة تلك الصورة ‪..‬‬
‫فقال لب ‪ :‬يابو ممد أطمس هذه الصورة ‪..‬‬
‫فقام أب منم فوره وأخفاها عنم نظر الشيخ ول يرجعها ابدا !!‬

‫الحلقة الثانية والستون‬

‫أذكر مرة أن التاجر العروف ف مكة علوي تونسي دعا شيخنا ابنم عثيمي للعشاء ف بيته العامر‪..‬‬
‫وكان الستاذ علوي قد دعا عددا كبيا منم وجهاء مكة وعلماءها وتارها احتفاء بشيخنا‪..‬‬
‫سبقت شيخنا للدخول للمجلس حيث الناس تصافحه وتسلم عليه عند الباب‬
‫حينما دخلت رأيت صورة بشرية وتكاد تل الدار منم ضخامتها‪..‬‬
‫توقعت أن ينكر شيخنا ول يسكت فهو كما عهدته ل تأخذه ف الق لومة لئم‪..‬‬
‫بقيت أنتظره وتساءلت ف نفسي ‪ :‬مالذي سيحصل؟؟‬
‫وضعت ف خاطري عددا منم الحتمالت ‪..‬‬
‫قطع صوت سلم الشيخ حبل التفكي وركزت النظر على عينيه ما هو انطباعه وتصرفه‪..‬‬
‫حينمششا توسششط اللششس الفسششيح ل حششظ تلششك الصششورة فتأملهششا ثش أطششرق وهششو يشششي واحششر وجهششه فهششو بيش‬
‫خيارينم اثني ‪ :‬إما أن ينكر ويرضي ربه ومعن هذا إما أن تنزع الصورة أو أن يرج منم اللس!!‬
‫‪237‬‬
‫فالول متعذر وفيه مشقة هائلة وحرج والثان أشق وأنكى !!‬
‫أو أن يسكت وهذا ما يأباه عليه دينه وخوفه منم ربة ث اقتداء الناس به‪..‬‬
‫هذا ما تيلته أنا ‪..‬‬
‫قششال الشششيخ ‪ :‬يششا أخأ علششوي تعليششق هششذه الصششورة ل يششوز وينششع دخششول اللئكششة فششأي بركششة ف ش ملششس ل‬
‫تضره اللئكة؟؟‬
‫رأيت وجه علوي تونسي تلون بألوان ل أميزها منم الرج والياء‪..‬‬
‫أسعفه شيخنا وقال له ‪ :‬أحضروا لنا غطاء أو شرشفا وغطوا الصور ‪..‬‬
‫فتفرجت أساريره وكأن الشيخ أزاح جبل هائل عنم صدره ‪..‬‬
‫فأمر أحد خدامه فغطى الصورة واستحنا وانتهى الال على ذلك ‪..‬‬
‫أذكشر مشرة أن ششيخنا دخشل بيشت أحد أقربشاءه وكشان رجل موسشرا وفيشه تعشال وإسشراف علشى نفسشه ‪..‬فشأراد‬
‫شيخنا تأليف قلبه ودعوته ‪..‬‬
‫زرناه ف منزله ف جده وكان ملسه مليئا بالتماثيل والسمات اليوانية وغيها ‪..‬‬
‫لش يتكلششم شششيخنا معششه حششول هششذا الوضششوع فيمششا بششدا لش ‪..‬بششل أنششه ركششز معششه علششى المششر الهششم والششذي لششه‬
‫الولوية وهو هداية هذا الرجل وإنقاذه منم براثنم الضياع والضلل‪..‬‬
‫ولقد رأيت شيخنا يتألفه ف الكلم ويتبسط معه ولكأنه يتكلم مع أعلى الناس منزلة وسلطة ‪..‬‬
‫فكسششب بششذلك قلبششه وأحششب الرجششل ذاك شششيخنا مششنم ذلششك اللششس مششع أنششه اسششتقبلنا ف ش أول المششر بفتششور‬
‫وتعال‪..‬‬
‫وما خرجنا منم بيته بعد ساعات إل وقد امتلت أسارير وجهه بشرا وحبا وإجلل للشيخ ‪..‬‬
‫ولقد زرناه ف الرة التالية بعد شهور فلم أر تلك التماثيل والسمات أبدا ‪..‬‬
‫وهكذا هي الدعوة ياعباد ال !!‬
‫أكسبوا الناس وتألفوا قلوبم دون أن تتنازلوا مثقال ذرة عنم دينكم !!‬
‫فالمد ل المر فيه سعة لنم هداه ال ووفقه ‪..‬‬
‫جعلن ال وإياكم منهم‪..‬‬
‫كنا مرة ف دعوة منم الدعوات ف جده وحضرها عدد كبي منم الثقفي ومنهششم وزيششر العلم الششال إيششاد‬
‫مدن وكان حينها مديرا لتحرير جريدة عكاظ‪..‬‬
‫و كذلك حضر عدد منم التغريبيي منم كتاب الصحف الشهورينم والسوبي على تيار العلمنة ‪..‬‬
‫دار بينهم وبي شيخنا نقاش طويل وعميق ‪..‬‬
‫‪238‬‬
‫كان شيخنا يلقمهم بكل حجة منم حججهم عشرا ‪..‬‬
‫كان مستند شيخنا قال ال قال رسوله وهم يستندون للواقع وقال فلن وفلن‪..‬‬
‫قال إياد مدن لشيخنا بكل فظاظة ‪ :‬لاذا تتكر العلم ف شخصكم هل الدينم ما تراه أنت أو ابنم بششاز‬
‫فقط؟؟‬
‫فرد عليه شيخنا وأفحمه بكلم كثي وطويل ستملون منم ذكره ‪..‬‬
‫وكنت أستغرب كيف مثله ومنم هو ف منصبه وحاله يقول مثل هذا الكلم الساقط عنم مشائخنا ؟؟‬
‫إن أصغر مثقف يستطيع الرد على مثل هذا الكلم البائس والشذي خرج مشنم واهشم أو صشاحب هشوى ‪..‬‬
‫كما قال ربنا ) وجحدوا با واستيقنتها أنفسهم (‬
‫أشفقت على شيخنا بسبب كثرتم وكثرة لاجهم وهم كما قال الول‪:‬‬
‫حجج تساقط كالزجاج تالا ذهبا وكل كاسر مكسور‬
‫ول يكنم مششنم الدب أن يشششارك احششد بضششور الششيخ فقششد كنششا جيعشا تلميششذ لششه وليسششوغ لنششا الششاركة معشه‬
‫فبقينا صامتي ‪..‬‬
‫ولكنم حينما انتهى النقاش وقدم العشاء وفض اللس لقت بإياد مدن عند الغاسل ‪..‬‬
‫فأسعته كلما شديدا فوقف ينظر إل وقد اتسعت حدقة عينه حت كادت تسقط منم وجهه ‪!!..‬‬
‫فلم يكنم يتوقشع أن يتلقشى هشذه الصشفعة منش فقشد كنشت موتشورا ول أدرك حينهشا التصشرف المثشل فش مثشل‬
‫هذه الواطنم ‪..‬‬
‫نرجع لتسلسل رحلتنا !!‬
‫عرض الوالد على شيخنا أن نستضيفه ف بيتنا طوال بقاءه ف الطائف‪..‬‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬وال إنن أعتب نفسي ف بيت ولكنم ينعن منم ذلك بعد السافة فمنزلكم يا أبا ممششد فش‬
‫الضواحي وهذا فيه مشقة علي فأنا أبث عشنم مكشان قريشب مشنم مكشان دروسشي ودوامشي اليشومي ف اليئشة‬
‫‪..‬‬
‫أليت على الشيخ وأل الوالد ولكنه أصر على ذلك‪..‬‬
‫وكانت غايتنا أن نتشرف بوجوده ف بيتنا فأي شرف مثل هذا الشرف!!‬
‫ملحظة‪ :‬هذا آخر حلقة أنزلا وأنا مضطر للتوقف عششنم الكتابششة لمششر طششارئ وأعششدكم بششول الش أن أعششود‬
‫لكمال اللقات ل حقا إن كتب ال ف العمر بقية ‪..‬‬
‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‬

‫‪239‬‬
‫تكملة ‪...‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫مقدمة‬

‫المد ل رب العالي والصلة على البعوث رحة للعالي وعلى آله وصحبه الطاهرينم وبعد‪..‬‬
‫تشاجرت ف هذا الصباح مع قلمي ودار بين وبينه الوار التال‪:‬‬
‫قال ل وهو غضبان أسفا ‪..‬‬
‫قلي يا مالك ف رحلتك إل النور مت ستلج النور ياهذا ؟؟‬
‫أما زلت تسي ول تصل إليه بعد ؟؟‬
‫ث ما هو النور الذي تبحث عنه ؟؟‬
‫أهو شيء مسوس أم هو هوس بالغامرات واقتحام لدروب وماهل ف الياة عجيبة ؟؟‬
‫مت ستنتهي حكاياتك ؟؟‬
‫مت ستتوقف روايتك‪..‬‬
‫قلت لقلمي‪ :‬أليست الياة مواقف ‪..‬؟؟‬
‫قال‪ :‬بلى ولكنم كل شيء له ناية‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬ما دام ف العمر بقية فستبقى الياة دروسا وعب‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أليس للناس شغل إل بك وبياتك ؟؟‬
‫قلششت ‪ :‬بالتأكيششد أن لششدى الخريششنم مثششل مششا لششدي وقششد ل تتمششع لششم بعششض مششا عنششدي ولكششنم يبقششى لكششل‬
‫قصته‪..‬‬
‫ولكنم أعاهدك يا قلمي أن ل اكتب سوى ما أراه مفيدا ل وللخرينم ‪..‬‬
‫أحس قلمي باللل فهو يدرك أنه لنم يرج بفائدة منم الراء معي‪..‬‬
‫و قال هات ما لديك فإن أوشك أن أنعس ‪..‬‬
‫قلت له ‪ :‬أكتب يا صديقي ‪..‬‬
‫اتكأت على الريكة ‪..‬ووضعت يدي على موضع جرح العملية الديدة ‪..‬‬
‫فأحسست بوخزة الل ‪..‬‬

‫‪240‬‬
‫وأغمضت عين فعادت ب الذكرى ‪..‬‬
‫فسبحت ف عال بعيد ‪..‬‬
‫عاد ب لعشر سنوات تقريبا‬
‫ث بدأت أملي عليه‬
‫يقول ل خالد وهو جندي بوسن يبلغ منم العمر خسة وخسون سنة‬
‫بال عليك يا مالك اقرأ ل تلك الورقة ‪..‬‬
‫قلت له أنا ل أفهم حروف قومك ‪..‬‬
‫زم شفتيه الت ل أسنان تتها حيث ل يعد ف حلقه ريق منم العطش؟؟‬
‫عطش ف سراييفو؟؟‬
‫حيث النار تري منم حولنا ؟؟‬
‫ل تعجبوا يا أخوت ‪..‬‬
‫فخالد روى ل ف تلك الليلة عجبا‪..‬‬
‫قال ل خالد ‪ :‬تصدق يا مالك ‪..‬‬
‫أنن حوصرت ومعي مائة وخسون منم أبناء قريتنا منم كتيبة صربية لدة ثانية أيام وما معنا سلح سوى‬
‫بنادق الصيد وشيئا منم الفؤوس والسلح البيض‪..‬‬
‫وكنا نسمع خلفنا ف القرية بكاء الصبية وصراخأ النساء منم الوع والوف‪..‬‬
‫والقائد السلم الذي يقودنا يقول ‪:‬لو غادرنا القرية فسوف يستبيح الصرب ما تبقى لنا منم كرامة ‪..‬‬
‫ستغتصب النساء وسيذبح الطفال وسيذبح الشيوخأ ‪..‬‬
‫صبنا يا مالك والصرب منم حولنا يصرخون ويزمرون ‪..‬‬
‫أينم إخوانكم السلمي ؟؟‬
‫سنبيدكم ونبيد السلم منم سراييفو إل مكة ‪..‬‬
‫ثانية ليال ل نذق النوم ول نطعم فيه لقمة ول نشرب فيه شربة بلى شربنا ‪..‬‬
‫شربنا البول يامالك‪..‬‬
‫‪..‬‬
‫ث هز رأسه كأنه ل يريد إكمال الكاية ‪.‬‬
‫قال ل خالد‪..‬‬
‫أرجوك إقرا الورقة‪..‬‬
‫‪241‬‬
‫قلت هات ‪..‬‬
‫أخرج الورقة منم جيبه وكانت ملفوفة بعناية ففتحتها وأضأت نورا خافتا منم ساعت‬
‫خوفا أن يرقبن القناصة الصرب الذينم ل يبعدون عنا سوى عشرات المتار‪..‬‬
‫حينها دوى ف الوادي صوت الدفع الصرب‪..‬‬
‫حيث يقصفنا الصراب كل نصف ساعة ‪..‬‬
‫ليتأكدوا أننا ما زلنا مستيقظي؟؟‬
‫ل نعبا بالصوت فقد اعتدنا عليه ‪..‬‬
‫فالقذائف تر منم حولنا وترتطم ف البيوت الالكة خلفنا فتتشظى ول تكاد تصيب أحدا‪..‬‬
‫الورقة مكتوبة بالعربية ‪!!..‬‬
‫يا خالد؟؟‬
‫خرجت منم وجهه الكئيب ابتسامة أضاءت ما تبقى منم شحوبة وجهه الكهل‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أعلم ذلك‪..‬اقرأها ل أرجوك‪..‬‬
‫فقرأت‪..‬‬
‫الاج عثمان هوتشش ‪ 1123‬هش الفاتة آمي!!‬
‫ل افهم منها شيء‪..‬‬
‫سحب خالد من الورقة ونظر ف وجهي نظرة افتخار وهز الورقة ث طواها وأدخلها ف جيبه‪..‬‬
‫وقال ل حينما ل يد الصرب شيئا ف قريتنا قصفوا القبور فوجدت على قششب جشدي جصششا حفششرت عليششه‬
‫تلك العبارات فنسخت ما كتب عليه حت أعيده بعد ننتقم منم هؤلء الوغاد‪..‬‬
‫قلت له يا خالد ‪..‬أل تكي ل قصة حصار تلك الليال الرعبة ‪..‬‬
‫نظر ف وجهي نظرة غريبة وأرخى رأسه وتدحرجت منم عينششه الغششائرة دمعششة أكششاد اشششعر أن الرض اهششتزت‬
‫لا حينما ارتطمت با‪..‬‬
‫قال ‪ :‬يا مالك يابن ‪..‬‬
‫با ذا أحدثك وال ما عاد ل عقل يذكر شيئا ‪..‬‬
‫ث مسح رأسه بكفه الت ترجف ورفع حاجبه للقمر الاط بكومة منم السحب كأنه يستلهمه شيئا ‪..‬‬
‫وقال غدا سأرويها لك إن شاء ال‪..‬‬
‫قال ل خالد وكأنه يريد تغيي الديث ‪..‬‬
‫بالمس يا مالك حدث موقف غريب ‪..‬‬
‫‪242‬‬
‫قلت ‪ :‬وهو؟‬
‫كنت جالسا ف مكان هذا أراقب البهة أمامي وأتبادل السباب مع الصرب الذي يسمعن واسعه ‪..‬‬
‫وفجأة سعت جلبة خفيفة خلفي ‪..‬‬
‫فرأيت رجل عجوزا يسي راكعا ف النادق الفورة ‪..‬‬
‫وييط به رجلن جلدان تكاد تظنهما أسدان منم استواء اجسامهما !!‬
‫متأهبان بالسلح‬
‫تساءلت ف نفسي منم هذا الرجل؟؟‬
‫رأيتش ششه يتقش ششدم ببطيش ششء فش ش النش ششادق يش ششر علش ششى العسش ششكر ويتكلش ششم معهش ششم ويهمش ششس فش ش آذانش ششم ويربش ششت علش ششى‬
‫ظهورهم‪..‬‬
‫قال ل خالد ‪..‬‬
‫منم تظنم الرجل‪..‬؟؟‬
‫قلت وما يدرين؟؟‬
‫قال خالد‪:‬‬
‫اقتب من ذلك الكهل ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬السلم عليكم‪..‬‬
‫فرددت عليه السلم‪..‬‬
‫حاولت أن أميششز وجهشه ولكنشه أدرك خطشورة الوقشف فجلشس بشواري وأششار لش حرسشه بششاللوس والصششمت‬
‫‪..‬‬
‫وخلع قبعته العسكرية ‪...‬‬
‫وتلت ل صورته ‪..‬‬
‫إنه علي عزة بيخوفيتش ؟؟‬
‫رئيس جهورية البوسنة والرسك؟؟‬
‫حدثنا يا مالك ‪..‬‬
‫ارجع بنا للخلف لاذا قفزت بنا بعيدا ‪..‬‬
‫ارو لنا عنم شيخك فأنت ل تنهي القصة بعد‪..‬‬
‫يقول ل القلم ذلك بعد أن أخذته الماسة هيا أكمل ياهذا ‪..‬‬
‫حدثنا عنم فوزي عسيي ؟؟‬
‫‪243‬‬
‫ذلك الشاب الصال الؤمنم الذي يقيم ف مستشفى القوات السلحة ف الدى فش الطششائف مششنم عششرات‬
‫السني ؟؟‬
‫والذي كنت ف زياراتك له تستمع إليه يقول‪:‬‬
‫أمنيت ف الياة أن أرى الشيخ ابنم عثيمي‪..‬‬
‫أرو لم كيف كشانت مششاعر فشوزي عسشيي حينمشا يشرى نفسشه ف غرفتشه الصشغية فش الستششفى أنشا وهشو‬
‫والشيخ ابنم عثيمي ‪..‬‬
‫وبعد أيها القراء الفاضل ‪..‬‬
‫يتجدد بكم اللقاء ويعود بنا القلششم لكمششل الكايششة سششائل الششول سششبحانه أن يلهمنش الششق والصشواب وان‬
‫ينبن الزلل ويصلح النية ويعلها خالصة لوجهه الكري ‪..‬‬
‫كم تزدحم الذكريات ف رأسي‪..‬‬
‫وال منم يومي ل أذق للنوم طعما حية ترددا‪ .‬با ذا أبدأ ؟؟‬
‫مع ما ف القلشب مشنم ششواغل ومشا ف السشد مشنم آلم بسشبب الدويشة الكشثية فالعشذر يتقشدم لكشل قشاريء‬
‫عزيز أن يدرك الال ويتفهم الوضع وعلى ال التكلن سبحانه وأخيا عزمت على الكتابششة كيفمششا يكششون‬
‫وكيفما يرد ‪..‬‬
‫أيها الخوة الكرام‬
‫قبششل عششدة أيششام وهششو الششامس عشششر مششنم شش شوال وافششق ذلششك التاريششخ يششوم رحيششل شششيخنا ممششد بششنم صششال‬
‫العثيمي رحه ال‬
‫وذلك فش السشاعة الامسشة وربشع عصشر يشوم الربعشاء الشامس عششر مشنم ششهر ششوال سشنة ‪ 1421‬للهجشرة‬
‫ف مدينة جده ‪..‬‬
‫وستأت تلك القصة مفصلة ف حينها إن شاء ال تعال ‪..‬‬
‫فاللهم اغفر لشيخنا وارض عنه واجعل قبه روضة منم رياض النة واجعنا بششه ووالشدينا وذرياتنشا وأهلنشا فش‬
‫فردوسك العلى وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي‪..‬‬
‫أخوكم‬
‫مالك الرحب‬

‫‪244‬‬
‫الحلقة الثالثة والستون‬

‫كان منزلنا ف ذلك العام قريبا منم منطقة البلد ‪..‬‬


‫ف وسط الطائف وأظنم أن النزل كان مستأجرا منم عائلة نسيب الشيخ‬
‫الشيخ خالد الصلح ‪..‬‬
‫مكث الخأ علي معنا طوال اليام تلك وغادرنا ابنه وأخوه الستاذ عبد الرحنم‪....‬‬
‫كنت ف الغالب أنا منم يتول قيادة الشيخ ف مشاويره‪..‬‬
‫فأنا ابنم الطائف‪..‬‬
‫تعجب الناس والصحاب منم هذه النتقالة الائلة ف وضعي منم الشيخ‪..‬‬
‫ومنم قرأ منهم ما سطرته هنا سيفهم تاما ما الذي حدث !!‬
‫فالمد ل الذي كفان مئونة تفسي ذلك؟؟‬
‫على كل تقبل الناس سريعا هذه الوضعية الديدة‪..‬‬
‫أذكر أنه ف إحدى زيارات الشيخ لبيتنا حضر حوال المسي شخصا‪..‬‬
‫تلون وجه أب وتلبدت على وجهه غيمة حياء فمنم سيضيف هؤلء ‪..‬‬
‫وأينم سيجمعهم‪..‬‬
‫أصعدناهم للمجلس ول تسل عنم عناءنا وحرجنا ‪..‬‬
‫ويعلششم الششول سششبحانه أننششا مششا ضششقنا بعششددهم ول بوجششودهم فهششذه ض شريبة صششحبة العلمششاء ولكششنم ل ش نكششنم‬
‫مقدرينم لتلك الزيارة الفاجئة‪..‬‬
‫ولششذلك فهمششت مششا لششذي كششان يعنيششه شششيخنا مششنم إصش شراره علششى عششدم السششكن فش ش منزلنششا أو غيه وفضششل‬
‫الكوث قريبا منم أحد الوامع الكبية ‪..‬‬
‫ليتمكنم مريدوه منم إياده والستفادة منم علمه ‪..‬‬
‫وأفضل مكان ل شك هو الامع‪..‬‬
‫كنا نصلي ف الامع الواقع شال مواقف التكاسي السماة مواقف مكة‪..‬‬
‫ويلقي شيخنا هناك دروسه بعد العصر‪..‬‬
‫وكان إمام الامع منم إخواننا اليمنيي ويظهر أن شيخنا يعرفه حيث اعتاد إلقاء الدروس فش مسششجده فش‬
‫السنوات الاضية‪..‬‬
‫ل يكنم بالامع الفسيح واقتحت على شيخنا أن يعل درسه ف جامع آخر‪..‬‬
‫‪245‬‬
‫قال الشيخ ‪ :‬بعد العصر سأستمر بالتدريس ف هذا الامع للعامة ‪..‬‬
‫أما الدروس اليومية بي العشاوينم ) أي الغرب والعشاء(‬
‫فقال ل وللخأ علي أنتما اختارا الامع الناسب وعجل علي‪..‬‬
‫ذكر ل الخأ علي جامع ابنم سند ‪..‬‬
‫قلششت لششه إن طلبششة العلششم ف ش الطششائف اعتششادوا علششى الششدروس لكبششار الشششائخ فش ش جششامعي معروفيش ش بكششثرة‬
‫مرتاديه الول جامع ابنم عباس الكبي والثان جامع المي احد‪..‬‬
‫والخي فيه دروس شيخنا احد السهلي ويضر فيه عدد كبي منم طلبة العلم ‪..‬‬
‫أسششتقر رأينششا أخيا ذلششك العششام أن تكششون دروس شششيخنا فش جششامع المي ش احششد وحينمششا رأى الشششيخ كششثرة‬
‫الضور وامتلؤه بالضور فرح بذلك وأثن على رأيي فالمد ل ‪..‬‬
‫تساءل الناس عنم ذلك الشاب الصغي والذي هو مالك!!‬
‫يلس بي يدي شيخنا‬
‫ويقرأ عليه أسئلة الستفتي !!‬
‫يا للعجب!!‬
‫ل تسل عنم حيائي وعنم ضعفي أمام نظرات الناس الت ل اعتد عليها إل بعد حي‪..‬‬
‫قائل يقول ‪ :‬هذا منم أبناء الشيخ!!‬
‫وقائل يقول ‪ :‬هو نسيبه!!‬
‫وقائل يقول ‪ :‬هو منم اليمنم !!‬
‫ول يصل للحقيقة سوى منم قرأ كلمي هذا كله !!‬
‫كلمات سعتها منم هنا وهناك ولكنم مع الزمنم ل اعد أعيها أي انتباه‪..‬‬
‫ف تلك السنة انتشرت حى الدشوش أو ما يسمى الجهزة اللقطة‪..‬‬
‫والت تكلم عنها الشيخ ناصر العمر بارك الش فيهشا قبشل سشنوات ف ششريطة الششهور البشث الباششر والشذي‬
‫طبع لحقا ف كتاب وانتشر‪..‬‬
‫حششذر شششيخنا منهششا كمششا حششذر غيه وناصششح النششاس والسششئولي وراسششلهم ولقششد رايتششه مهمومششا بششذا الشششأن‬
‫وكأنه رحه ال ثكل منم كثرة ما يتكلم وينصح منم هذا الشر الستطي‪..‬‬
‫اسششتأذنته مششرة ونششنم ف ش السششيارة لسششعه مقطعششا مششنم شش شريط للشششيخ عبششد الوهششاب الطريششري حششول موضششوع‬
‫الدشوش‪..‬‬
‫فقال اسعن‪ :‬كان اجتماعا بي الطريري وعدد منم الثقفي أو الكادييي‬
‫‪246‬‬
‫قال أحد التفيقهي !!‬
‫يا إخوان أنتم كبت السالة وأعطيتموها اكب منم حجمها !!‬
‫إن متمعنا متماسك وعقيدتنا صلبه ول يكنم أن تتز بثل هذه اللواقط وثوابتنا راسخة ال كلمه ‪..‬‬
‫فرد عليه الطريري بكلم معناه ‪ :‬إذا ليكنم النفتاح شامل !!‬
‫قال كيف ؟؟‬
‫قال ليشمل النفتاح ف المور الت تدم الدينم وتدم سياسات الدول فأنت تعرف أن التبصي بالدولششة‬
‫والكومة وخاصة حكومتنا كثي فهل ستسمح لك انفتاحك بفتح الال ف كل شيء؟؟‬
‫فأسقط ف يد الرجل وصمت ‪..‬‬
‫وأعجب شيخنا بواب الطريري وف اليوم التال حث الناس على ساع شريطه ذاك وأثن عليه!!‬
‫ل شششك أن المششور تغيت الن وبعششد دخششول النش شتنت وامتلء فضششائنا بئششات القنش شوات الفضششائية قششد ل‬
‫يتصور بعضكم وقع الصيبة حينما بدأت با يقارنه الن منم حال‪..‬‬
‫ف تلك الليال حصل لنا موقف طريف‪..‬‬
‫حيث نسينا مفتاح شقتنا ف داخل النزل ‪..‬‬
‫ول يكنم سوى شيخنا للسف يمل مفتاحا للباب رغم حرصه الشديد وتيقظه ف مثل هذه المور‪..‬‬
‫فهو يمل در زانة منم الفاتيح ويضعها ف جيبه ومرتبة بنسق عجيب‬
‫قلت لعلي ل بد أن نضر شخصا ليفتح الباب‪..‬‬
‫رافقنا الشيخ بالطبع !!‬
‫توجهنا بسيارتنا الكراسيدا وتوقفنا أمام ملت الفاتيح ‪..‬‬
‫توست ف وجوه الناس‪..‬‬
‫فرأيت شابا قصيا عليه مرآه يظهر عليه أنه هادئ الطباع ‪..‬‬
‫فوقفت بي يديه ول يكنم عنده أحد وقلت له الاصل ‪..‬‬
‫فقال ل ‪ :‬وما يدرين أن هذا منزلكم؟؟‬
‫نظرت للخأ علي وقلت له‪ :‬يا أخي ننم ثلثة أشخاص نقيم ف منزل مضيفنا ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬دع مضيفكم يأت !!‬
‫لطفناه بالعبارة وقلنا سنصور لك هوياتنا إن شئت ‪..‬‬
‫وبعد تردد حل حقيبته وركب ف سيارتنا ‪..‬‬
‫حينما رأى ذلك الشاب شيخنا كأنه ارتاح واطمأنت نفسه ‪!!..‬‬
‫‪247‬‬
‫ولكنه ل يعرف منم يرافق على كل حال‪..‬‬
‫أخذ شيخنا يسأله عنم نفسه ‪..‬‬
‫ويسأله عنم أحواله ‪..‬‬
‫أذكر انه قال أنه منم قبيلة بن مالك وأظنم اسه نايف أو شيئا منم هذا القبيل‪..‬‬
‫وصلنا للشقة ث نظر إل كأنه يريد من شيئا فوضعت بطاقة أحوال ف يده فنظر فيها ‪..‬‬
‫ث أرجعها ل ‪..‬‬
‫كان اختياره موفقا فما عنم وضع يده على الباب حت فتحه باحتافية عجيبة ‪..‬‬
‫أرجعته لدكانه فسألن منم هذا الرجل الذي وجهه يشع نورا ؟؟‬
‫قلت له هذا الشيخ ابنم عثيمي!!‬
‫قال ل ‪ :‬حرام عليك يارجل هل أخبتن منم قبل وال لنم آخذ منك ريال مقابل ذلك!!‬
‫كانت للشيخ ماضرات ودروس ف القاليم اليطة بالطائف ‪..‬‬
‫ف الوية والدى والشفا وجعيات التحفيظ والراكز الصيفية والعاهد ويتمع ف مدينة الطائف سشنويا ف‬
‫تلك الفتة كوكبة كبية منم العلماء والشائخ منم ل يكاد يصرهم عاد‪..‬‬
‫كنا ف المع ننزل للصلة ف الرم وكان شيخنا يتعجب منم الناس ويقول‬
‫لو كنت مقيما ف جده أو الطائف لا فاتت علي مائة ألف جعة ف الرم!!‬
‫نسقنا مرة ماضرة للشيخ ف جامع اللك فهد ف الدى وكان يوم جعة ‪..‬‬
‫وانطلقنا منم مكة بعد صلة العصر حيث ل يستغرق وصولنا للهدى سوى ساعة وربع تقريبا ‪..‬‬
‫ولكنم حدث مال يكنم ف السبان ‪..‬‬
‫حيث نزلت المطار على الدى وحي وصولنا لبل الكر‪..‬‬
‫أوقفت الدوريات السيارات وإمرتا بالرجوع لكة والذهاب للطائف منم طريق السيل‪..‬‬
‫وقال الطريق خطر ول يكنم السماح للسيارات بالعبور‪..‬‬
‫فاسششقط فش يششد الشششيخ وتششرج وكششان مششنم أصششعب المششور علششى نفسششه أن يفششوت وعششدا وخاصششة أنششا ماضششرة‬
‫عامة ‪..‬‬
‫ول يكنم لدينا وسيلة اتصال‪..‬‬
‫قال ل ‪ :‬ل ترجع ودعنا نكث لعل وعسى الطريق يفتح‪..‬‬
‫هأمت أن انزل للجندي واستأذنه واشرح له الوضع ‪..‬‬
‫ولكنم هيهات فلو سح لنا بالعبور لثارت عليه مئات السيارة منم حولنا فدون نوم السماء !!‬
‫‪248‬‬
‫بقيت والشيخ حت قريبا منم العشاء‪..‬‬
‫حت اطمأنت نفسه وعرف انه ل حيلة لنا ‪..‬‬
‫وبعد وقت يسي سح لنا بالعبور‪..‬‬
‫فلم يكنم هم الشيخ إل أن نذهب للجامع ونبلغ الناس با حصل‪..‬‬
‫وصلنا للجامع وقد خرج الناس منم الصلة ‪..‬‬
‫توجهنا للمام ‪..‬‬
‫فلما رأى الشيخ انكب عليه واحتضنه وقال وال لقد قلقنا عليك والناس تساءلت ما لششذي حصششل لكششم‬
‫‪..‬‬
‫وبعضهم ذهب للشيخ ابنم باز يسأل عنك‪..‬‬
‫وأجرينا اتصالت عديدة بالسئولي !!‬
‫بلغه الشيخ با حصل ‪..‬‬
‫وكان الرجل نبيها!!‬
‫قال يا شيخ ممد‪ :‬ل يعوضنا منك سوى أن تشرف أهل النطقة بعشاء!!‬
‫فقال يا ولدي ‪ :‬أنا متعب لو تعفين!!‬
‫أصر الرجل ورتب عشاء ف إحدى مزارع منطقة الدى الميلة‬
‫وحضرها جع كبي منم الناس يكادون يبلغون الئة!!‬
‫ول تسششل عششنم فششرح الشششيخ باجتمششاعهم حيششث شششعر انششه عوضششهم بتلششك الاضششرة لتطيششب نفوسششهم بتلششك‬
‫اللسة الت ل تل منم فوائد وتوجيهات‪..‬‬
‫يتبع إن شاء ال‬

‫الحلقة الرابعة والستون‬

‫أذكر مرة بعد سنوات منم موقفي مع الشيخ حينما أغلق جبل الدى بسبب المطار‪..‬‬
‫موقفا لنم أنساه حيث ترعت فيه مرارة اسحوا ل بروايتها لكم ولو طالت‪..‬‬
‫فقد يكون فيها شيء منم الطرافة ‪..‬‬
‫كنت عائدا منم جده وكنت ف ضيافة أحد الزملء ‪..‬‬
‫وقد حلت ف جيب مبلغا بسيطا منم الال‪..‬‬

‫‪249‬‬
‫أظنه ل يتجاوز الئة وخسون ريال‪..‬‬
‫ول تكنم تلك اليام قد شاعت ف الناس بطاقات الصراف الل بل اظنها معدومة‪..‬‬
‫والال وفي والمد ل ولكنم ل يكنم يدر بلدي أن احتاج للقليل منه فل أجده‪..‬‬
‫ف الطريق منم بيت صاحب ‪..‬‬
‫أشار ل رجل مسنم بالتوقف ‪..‬‬
‫وكششانت حششالته مرثيششة ويظهششر عليششه البششؤس والعيششاء بششل كششان يشششي بثقششل علششى عكششازينم‪ ..‬فتششوقفت ب شواره‬
‫‪..‬وقلت له ‪ :‬نعم ياعم‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬لو قدمتن معك يا ولدي لطراف الدينة‪..‬‬
‫ففتحت له الباب وجلس بواري‪..‬‬
‫أخذ يدعو ل ويشكرن فقلت له‪ :‬ل داعي أنا ل افعل شيئا يستاهل الشكر ومقصدك على طريقي‪..‬‬
‫قشال ل‪ :‬وددت أنشك كنشت معشي فش جيشزان فأكرمشك كمشا فعلشت معشي فانشا مشنم سشاعة أششي للنشاس فلشم‬
‫يتوقف ل احد يظنن الناس أتسول‪..‬‬
‫سكت قليل ث تنهد وكأنه يريد أن يروي ل معاناته ‪..‬‬
‫يقول منم أي الناطق أنت ؟؟‬
‫قلت له ‪:‬أنا حاليا أقيم ف منطقة القصيم‬
‫قال ‪:‬منم أي القبائل ‪..‬‬
‫ث ش قششال‪ :‬أنششا مششنم قبيلششة كششذا مششنم جي شزان وأحششتف الزراعششة وعنششدي بسششتان فيششه مششا لششذ وطششاب مششنم الف شواكه‬
‫والشجار الظليلة ‪..‬ياليتك إن جئت ليزان تعرج علي فأكرمك ‪..‬‬
‫قلت له ‪ :‬وهل عندك أحد تقيم عنده ف جده ‪..‬‬
‫قششال ‪ :‬أبششدا أنششا كمششا تششرى رجششل كششبي ومريششض جئششت هنششا لحششد الم شراء لكششي احصششل منششه علششى توصششية‬
‫للعلج ف إحدى مستشفيات جده ‪..‬‬
‫ولكششنم للسششف لش أتكششنم مششنم الوصششول للميش مباشششرة لكششثرة النششاس فوضششعت مظروفششا مششع النششاس وسششأرجع‬
‫أدراجي ليزان الن‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬ولاذا ل تكث ف جده حت تنتهي معاملتك؟‬
‫قال ‪ :‬أبنائي صغار ول يقوم عليهم احد سواي ومزرعت تتاج لرعاية‬
‫فل بد أن ارجع لم وبعد أسبوع سأعود لكتب المي لرى النتيجة!!‬
‫قلت له ‪:‬ولاذا ل ترجع بالطائرة إل جيزان فأنت مثقل وطريق العودة طويل‪..‬‬
‫‪250‬‬
‫قال ‪ :‬ل اركب الطائرة ف حيات ولست اقدر على قيمتها‪..‬‬
‫والمد ل سأقف على الطريق العام وسوف أجد منم يتجه على جيزان وسأركب معه !!‬
‫تأسفت ف نفسي لال هذا السكي وتنيت فش تلشك اللحظششات لششو كنشت احشل مشال أتششوجه بشه للمطششار‬
‫فل أغادره حت يرجع لولده وينام معهم تلك الليلة ولكنم هيهات‪..‬‬
‫حينما وصلنا لقصده قال ل ‪ :‬يابن كم تطلبن؟؟‬
‫قلت له ‪ :‬ل شيء‪..‬‬
‫ثش ش أخرجششت مفظششة نقششودي فسششحبت منهششا مبلغششا دون أن أراه وقلششت لششه خششذ هششذا الششال اسششتعنم بششه فش ش‬
‫طريقك‪..‬‬
‫فدعا ل وشكرن حت كدت أذوب منم الجل منه ‪..‬‬
‫ما إن غادر ذلك السكي حت أضاءت إشارة نفاذ الوقود ف سيارت‪..‬‬
‫وجدت مطة وقود قريبة فأشرت للعامل وقلت له أمله!!‬
‫تفقدت مفظت فوجدت فيها مبلغا ل يتجاوز المسة عشر ريال!!‬
‫فقفزت خارج السيارة وأطفئت مكينة البنزينم وقلت للعامل يكفي فقط خسة عشر ريال!!‬
‫وسيارت منم نوع الرسيدس و بالتأكيد لنم توصلن إل مكة بذه الكمية فكيف إل الطائف!!‬
‫وهنا تبدأ الكاية !!‬
‫خرجت منم جده وأنا أراقب عداد البنزينم وسرعت متوسطة وأطفأت جهاز‬
‫التكييف وبقيت استغفر واهلل وأقول ف نفسي ما الذي سأفعله لو انتهى ب الوقود؟؟‬
‫لحظت أن البق يضيء على جبال الدى والت ترى للداخل إل مكة فتوجست خيفة ‪..‬‬
‫وقلت ف نفسي ماذا لو أغلقوا الطريق؟؟‬
‫قبل أن ادخل لكة أضاء العداد بقرب نفاذ الوقود!!‬
‫مررت على مكة وأخذت أبث ف رأسي عنم حل لذه الورطة فلم أششعر إل وأنشا فش أطشراف مكشة علشى‬
‫طريق الطائف السريع‪..‬‬
‫لحظت مششنم بعيششد دوريشة مششرور تقششف فش وسششط الطريشق ‪..‬ورأيششت كشثيا مششنم السششيارات تعشود أدراجهششا علششى‬
‫مكة!!‬
‫وقفت أمام الندي ففتل شواربه وقال ‪ :‬وينم رايح؟؟‬
‫قلت ‪ :‬الطائف ‪..‬‬
‫قال الطريق مغلق رح منم السيال!!‬
‫‪251‬‬
‫قلت له ‪ :‬ومت سيفتح ؟‬
‫قال ‪ :‬وال ما أدري يكنم ساعة يكنم يوم يكنم يومي؟؟‬
‫قلت له ‪ :‬وهل ينع الذهاب للجبل ؟؟‬
‫قال ‪ :‬أفضل لك تروح منم السيال ‪ ،‬وإذا تبغى تروح على مسئوليتك تفضل‪..‬‬
‫شكرته وتوجهت للجبل‪..‬‬
‫وليتن سعت نصيحته وبقيت ف مكة حت يفرجها الول سبحانه‪..‬‬
‫بقيششت أسششي بششدوء وأراقششب العششداد وأقششول فش ش نفسششي مششاذا لششو تششوقفت بش ش فش ش منتصششف الطريششق الوحشششة‬
‫الظلمة ؟؟‬
‫ما لذي سأفعله ؟؟‬
‫بنم سأتصل ؟؟‬
‫وبالتأكيد سوف يقلق علي أولدي ول وسيلة اتصال لدي !!‬
‫وصلت للجبل وف ذات الوقع الذي توقفت أنا وشيخنا بواره قبل سنوات‬
‫ولكنن هذه الرة وحيدا فريدا وبل مال!!‬
‫وجدت عشرات السيارات متوقفة وكلهم مثلي يأمل أن يفتح الطريق فش سششاعة أو بضششع سششاعات أمششا أنششا‬
‫فكنت احل هأا اكب هو هم الوقود!!‬
‫نزلت منم سيارت وتوجهت للعسكر لعلي أجد عندهم حل لشكلت التافهة!!‬
‫كانوا ف جدال وجلبة مع الناس وكل يروي‬
‫مأساته يقول أحدهم دوامي والخر يقول أنا مواصل للجنوب وثالث يقول‪:‬‬
‫أريد أن أوصل أبنائي للمدرسة‪..‬‬
‫فيد عليهم النود عودوا للمسيال !!‬
‫والسيال لنم ل يعرف النطقة هو الطريق الخر للطائف وهو أبعد قليل منم طريق الدى ‪..‬‬
‫يقول النود‪:‬‬
‫الطريششق خطي ش والسششيول قششد جرفششت الصششخور والوامششر تقضششي بنششع التحششرك حششت تصششلح العطششاب ويششزول‬
‫الطر‪..‬‬
‫عدت لسيارت وأطرقت أفكر ف حل لذه الشكلة ‪..‬‬
‫ومرت حوال الساعتي وكانت كعشر ساعات على نفسي‪..‬‬
‫شعرت بالدوء منم حول وخفت جلبة الناس وعاد كثي منهم لطريق السيال ‪..‬‬
‫‪252‬‬
‫رفعت رأسي فرأيت النود قد جلسوا على بسط ف وسط الطريق وأخذوا‬
‫يتبادلون الديث وشرب القهشوة والششاي وكشان الشو عليل ونسشيم الريشاح بعشد منتصشف الليشل أضشفى علشى‬
‫الكان النس‪..‬‬
‫تشجعت وقلت ف نفسي‪ :‬لا ل أذهب إليهم فأحكي لم حال!!‬
‫فالناس لبعضها والطب يسي وهونت المر على نفسي ‪..‬‬
‫نزلت منم السيارة وقصدتم ‪..‬‬
‫فلما اقتبت منهم أطفأ احدهم سيجارته وصافحته وقال ‪ :‬ليش ما تنام يا مطوع؟؟‬
‫ول يدعن للجلوس ‪..‬‬
‫قلت له ‪ :‬هل منم جديد ؟؟‬
‫التفت وراءه للجبل فلمعت ف السماء أضواء البق ‪..‬‬
‫وقال ‪ :‬شوفت عينك ما اظنك بتمر الليلة !!‬
‫قلت له ‪ :‬لعله بكره الصباح بدري !!‬
‫قال ‪ :‬لي تي الشركة ف الصباح وتنظف الطرق لعله الظهر بكره!!‬
‫وأفضل لك تروح منم السيال !!‬
‫هأمت أن أقشول للعسشكري سشبب تشأخري ولكننش اسشتحييت وخجلشت فرجعشت مشنم عنشده وأنشا ف هشم ل‬
‫يعلمه إل ال‪..‬‬
‫قلت ف نفسي كيف يرأ الناس على السؤال ؟؟‬
‫أعوذ بال منم الذل‪..‬‬
‫رغم أن متاج ومستحق ولكنم ل أدري !!‬
‫المد ل على العافاة‪..‬‬
‫رجعت لسيارت وفتحت نوافذها وتوسدت يدي ونت نوم التوجس والهموم‪..‬‬
‫أذن علينا الصبح ‪..‬‬
‫فتوجهت للمسجد الواقع بوار مطة البنزينم ‪..‬‬
‫وقدمن الؤذن البنجلديشي للصلة ‪..‬‬
‫وصليت بالناس الفجر‪..‬‬
‫بعد الصلة بقيت ف السشجد والعامشل ينتظشر خروجشي حشت يغلشق السشجد ‪ ..‬وكنشت أتكلشم معشه وألطفشه‬
‫واسأله عنم بلده وكل ذلك أنن هأمت وال أن اطلب منه أن يقرظن أو يهبن عشرينم ريال !!‬
‫‪253‬‬
‫لكي أمل السيارة بوقود يرجعن لكة ولكنم هيهات كيف لششذا السششكي أن يثششق بشششاب عليششه اثششر الششتف‬
‫وسيارته فارهة يطلب منه عشرون ريال ‪..‬‬
‫أو حت عشرة ريالت‪..‬‬
‫ومرة أخرى منعتن كرامت وصون وجهي عنم السؤال ‪..‬‬
‫فالمد ل على العافاة‪..‬‬
‫تكاثرت السيارات بعد صلة الفجر وجاءت منم كل حدب وصوب‬
‫وصار الكان غاصا باللق وطلبة الدراس والعلمون وتدافع الناس على العسكر ‪..‬‬
‫وزاد المر سوءا انه مر موكب رسي فلم يتدد النود بالسماح لم‬
‫بالرور فضج الناس وارتفعت الصوات وقالوا ‪ :‬وننم أليس لدينا مصال ؟؟‬
‫فقالوا هذا موكب رسي ‪..‬‬
‫فقال الناس وننم نذهب على مسئوليتنا دعونا نر‪..‬‬
‫فلم يفلح ذلك ف إقناع النود‪..‬‬
‫بقيت ارقب الوقف وبدأ الوع يدب ف بطن ‪..‬‬
‫كنت أسي وأهيم بي السيارات وأتفرس وجوه الناس لعلي أجد أحدا اعرفه‬
‫ل يفل ب احد فكل بمه اشتغل‪..‬‬
‫توجهت لطة الوقود‪..‬‬
‫وهأمت أن اكلم العامل أن يضع ل وقودا على أن أرجع له بعد يوم باله ‪..‬‬
‫فتوست ف وجهه فعلمت أن كواكب السماء اقرب ل منم ذلك!!‬
‫رجعت للسيارة وحيت الشمس حت صار الو خانقا ‪..‬‬
‫ف الضحى توجهت للعسكر مرة أخرى وكانت الوجوه جديدة فقد تغي فريق العمل‪..‬‬
‫ول يكنم الو مشجعا وعلمات العياء بادية عليهم‪..‬‬
‫اقتبت منهم فلما انتصفت الطريق عدت أدراجي!!‬
‫حية وحياء منم ذل سؤالم‪..‬‬
‫وما عسان سأقول لم ‪ :‬أعطن بال عشرة ريالت ؟؟‬
‫أو أنن متاج أو جائع ؟؟‬
‫كيف سيكون وجهي حينما يسحب ذلك التعجرف منم جيبه عشرة ريالت‬
‫فيلقيها ف يدي فوال لباطنم الرض خي منم ظاهرها ‪..‬‬
‫‪254‬‬
‫توجهت للمسجد وتوضأت وبقيت ف ركنه ورفعت رأسي للسماء ودعوت ال بالفرج ‪..‬‬
‫وصليت الظهر مع الماعة ث عزمت على العودة لكة وقلت وليكنم ما يكنم!!‬
‫جلست على القعد وذكرت ال تعال ‪..‬‬
‫أدرت السيارة فعملت ‪..‬‬
‫وانطلقت با وسرت با سيا خفيفا‪..‬‬
‫وبقيت أسبح ال تعال ‪..‬‬
‫وطلبت منم الول سبحانه اللطف ‪..‬‬
‫قطعت ربع السافة ونصفها وف كل مرة أقول هاهي ستتوقف‪!!..‬‬
‫ولكنها ل تذلن‪..‬‬
‫ف الطريق ‪..‬‬
‫تذكرت احد زملء الدراسة ف عنيزة وهو مقيم ف مكة ‪..‬‬
‫وما أكثر منم اعرفهم ف مكة منم الشائخ والعلماء وطلبة العلم ولكنم‬
‫كششون اسششألم فش ش مثششل هششذا الششال وفش ش مثششل هششذه القضششية فهششذا حششرج ل يقششدره سششوى مششنم يفهششم واقششع‬
‫الال‪..‬وال الستعان‪..‬‬
‫الذي حصل يا إخوت الكرام أنن بفضل الول سبحانه وصلت لكة!!‬
‫ول يكنم ل هم سوى أن أصل لكان صاحب ذاك‪..‬‬
‫توجهت منم فوري فوجدته واقفا أمام مله فشده لرؤيت فهو منم سنوات ل يرن!!‬
‫فلما رآن ابتسم ل ابتسامة أنستن كل الم الذي كنت فيه ‪..‬‬
‫سحبته منم مله وطرت به لطة الوقود وقلت له ‪:‬أمل ل السيارة بالوقود وكنت عليه جريئا !!‬
‫فاخرج بوكه فنثر كنانته جزاه ال خيا ول يسألن وملئها فودعته وقال ل انتظر !!‬
‫أينم ستذهب‪..‬‬
‫ما هي قصتك يا رجل تغد معي!!‬
‫قلت له ‪ :‬قصت طويلة سأحكيها لك لحقا ‪..‬‬
‫فغادرته وهو حائر !!‬
‫وعدت له بعد أيام بوجه غي وجهي فحكيت له القصة فغص بالضحك حت سقط على وجهه‪..‬‬
‫وصلت لولدي عصر ذلك اليوم ‪..‬‬
‫وكانوا ف غاية القلق ومع ذلك حت هذا اليوم ل ارو لم ما حصل فليقرؤها هنا ‪..‬‬
‫‪255‬‬
‫وليت شيخنا كان حيا فيقرأها رحة ال عليه‬
‫يتبع إن شاء ال‪..‬‬

‫الحلقة الخامسة والستون‬

‫نعود لكايتنا ‪..‬‬


‫سعت عنم شاب مصاب برض عضال ‪..‬‬
‫وذلك قبل ذهاب للقصيم ومعرفت بشيخنا رحة ال عليه‪..‬‬
‫وقالوا ل أنه منذ سنوات يعيش وحيدا فريدا ف مستشفى القوات السلحة ف الطائف‪..‬‬
‫وحثنش ش أصششحاب علششى زيششارته حششت قششال لش ش أحششدهم ‪ :‬والش ش إن رؤيششة هششذا الشششاب سششتفع هأتششك وسششتزيد‬
‫إيانك!!‬
‫طمعت بذلك ومنم ذا ل يريد زيادة إيانه ورفع هأته؟؟‬
‫تدثت مع احد جياننا ف الي ف الطائف عنم ذلك الشاب ‪..‬‬
‫فرق له وقال سوف أرافقك ‪..‬‬
‫وذهبنا بعد أيام للمستشفى الذكور‪..‬‬
‫وصلنا للستقبال‪..‬‬
‫فسألنا عنم الشاب‪..‬‬
‫قلت لم اسه فواز العسيي(‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬لعلك تقصد فوزي العسيي!!‬
‫فقلت ‪ :‬نعم هو ‪..‬‬
‫فابتسم ف وجهي وقال ‪..‬ستجده ف غرفته أو سيكون الن ف الديقة يتنزه !!‬
‫ث ناولن بطاقة الزيارة وأعطان رقم غرفته ‪..‬‬
‫صعدت للغرفة وكنت أتعجب ف نفسي لاذا ابتسم الرجل منم سؤال!!‬
‫لا وصلت الغرفة وجدتا خالية سوى منم مرضة ترتب السرير ‪..‬‬
‫قلت لا ‪ :‬وينم فوزي ؟؟‬
‫قالت ‪ :‬سيأت بعد قليل هو يتنزه ف الارج‪..‬‬
‫قلت لا ‪ :‬مكنم نلس؟؟‬

‫‪256‬‬
‫قالت ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫جلست أنا وصاحب وقلبت نظري ف غرفة فوزي‪..‬‬
‫ل تكنم غرفة مريض !!‬
‫كأنن ف غرفت ف عنيزة بعد سنوات!!‬
‫رفوف كتب آلف الشرطة ‪..‬‬
‫ملت إسلمية كل شيء يدل على العلم ‪..‬‬
‫قال ل صاحب‪ :‬هل أنت متأكد أن هذا صاحبك؟؟‬
‫قطع علينا صوت عربية تقتب منم الغرفة ‪..‬‬
‫فكان نظرنا على الداخل‪..‬‬
‫قالت المرضة وابتسمت ابتسامة عريضة هذا فوزي وصل‪..‬‬
‫دعون اصف لكم فوزي‪..‬‬
‫مقعد على العربية جسمه كأنه عمرة ست سنوات أو عشر!!‬
‫ورأسه مكتمل النمو يزيد على العشرينم سنة!!‬
‫وجهه كأنه كوكب دري‪..‬‬
‫جيل وأنت تعجز أن تقول انه جيل‪..‬‬
‫ابتسم ف وجهنا ابتسامة اعجز عنم وصفها ‪..‬‬
‫رقيقة عذبة و جيلة ‪..‬‬
‫كان يلبس ثوبا ازرق وعلى رأسه طاقية بيضاء ناصعة البياض نبتت على وجهه لية صفراء جيلة ‪..‬‬
‫ووجهه مستدير وصاف كالعسل‪..‬‬
‫لا رأيناه قمنا له ‪..‬‬
‫فسلم علينا فدنوت منه لصافحه‪..‬‬
‫فأرخى رأسه حياء لنه يعجز عنم مصافحت فربت على يده وقبلت جبينه‪..‬‬
‫وفعل صاحب مثل ما فعلت‪..‬‬
‫عرفناه بأنفسنا فرحب بنا وشكرنا على زيارته ‪..‬‬
‫وقال ‪ :‬أنا افرح بزيارة الناس ل ‪..‬‬
‫كششان يتكلششم و كنششت أفكششر ف ش كلم الفقهششاء أن مششنم أدب الزيششارة للمريششض عششدم الطالششة عنششده حششت ل‬
‫تشق عليه ولكنم فوزي هذا منم طراز متلف ‪..‬‬
‫‪257‬‬
‫يأسرك بنطقه وأدبه حت ل تريد مغادرته وال ‪..‬‬
‫ل نرأ عنم سؤاله عنم مرضه وعنم مدة بقائه وما لذي حدث له ‪..‬‬
‫ولكنه بادرنا بذلك منم خلل كلمه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬مرضي غريب وساه لنا وهو مرض يتوقف فيه نو السم ماعدا الرأس والعقل ‪..‬‬
‫حيث تبقى العضاء كما هي دون الرأس فينمو مع السني‪..‬‬
‫وقال لنا ‪ :‬أنا منذ ست سنوات مقيم هنا !!‬
‫وعشائلت فش منطقشة عسشي ونظشرا لشاجت الاسشة للمستششفى فقشد أصشريت علشى الكشوث هنشا حت ل اششق‬
‫عليهم بإحضاري دوما ‪..‬‬
‫وكان هذا هو رأي الطباء‪..‬‬
‫روى لنش ششا تفاصش ششيل حيش ششاته وبرنش ششامه وقراءتش ششه وانش ششه حفش ششظ جش ششزءا كش ششبيا مش ششنم القش ششرءان وأنش ششه يسش ششتمع للش ششدروس‬
‫والاضرات ويقرأ ف الكتب ‪..‬‬
‫وأنه ل يل منم القراءة ول تضيع عليه دقيقة ف فراغ‪..‬‬
‫وقال ‪ :‬أن الناس تزوره دوما وأغلبهم ل يعرفهم‪..‬‬
‫وأحيانا تتوقف الزيارات فتمر عليه السابيع ول يرى أحدا ‪..‬‬
‫ول يتأفف منم مرضه وحاله ول يشك منم صحته بل كان يمد ال تعال‬
‫ويشكره على أن أبقى له عقله ليتمكنم منم الستفادة والدراسة وطلب العلم‪..‬‬
‫كان فوزي يتحدث وكنت أتأمل وجهه وكلمه وعباراته وأقول ف نفسي‪..‬‬
‫كم ننم مرومون؟؟‬
‫ل دره ‪..‬‬
‫كم ننم ضعفاء أمام بارج الياة ومشاغلها ‪..‬‬
‫كان صاحب يستمع لفوزي فأرى ف عينيه الدموع متبسة ما يسمع ‪..‬‬
‫خرجنا منم عند فوزي وننم واجون ‪..‬‬
‫أصر على مرافقتنا للخارج ‪..‬‬
‫فخرج معنا حت وصلنا للمصعد ‪..‬‬
‫وكان الميع بل استثناء يسلم على فوزي منم مرضات وأطباء وعمال‬
‫كلهم يعرفه ويضحك ويبش ف وجهه ‪..‬‬
‫ماهي أخبارك يا فوزي اليوم‪..‬‬
‫‪258‬‬
‫أهل يا فوزي‪..‬‬
‫وكأنه ليس بريض‪..‬‬
‫قال لنا وننم نغادره ‪..‬‬
‫لعلكم تزورون مرة أخرى !!‬
‫قلت له ‪ :‬بكل سرور وال ‪..‬‬
‫فابتسم ابتسامة جيلة أسرت قلب ول أنساها ما حييت ‪..‬‬
‫بقيت أنا وصاحب نتحدث ف الطريق عنم ذلك الشاب فقال ل‪:‬‬
‫ل أفرح بزيارة احد كما فرحت اليوم‪..‬‬
‫رجعت للبيت فحكيت للوالدة عما رأيت ‪..‬‬
‫وحكيت لكل منم اعرف ما رأيت ‪..‬‬
‫لساتذت وأصحاب قلت لم ‪:‬‬
‫أذهبوا وزورا هذا الرجل ‪..‬‬
‫فوال ليس منم رأى كمنم سع‪..‬‬
‫ل أنقطع عنم زيارة فوزي ‪..‬‬
‫كنت كلما شعرت بضعف ف هأت وحاجت للنيس ذهبت لزيارته بأي وسيلة مكنة‪..‬‬
‫بالسيارة بالتاكسي مع زميل كيفما يتيسر ل‪..‬‬
‫ف إحدى زيارات له وقد أصبحت كالتلميذ له‪..‬‬
‫قال ل ‪ :‬تصدق يا مالك ل أمنية ؟؟‬
‫قلت وما هي ؟‬
‫قال ‪ :‬أحب رجل حبا عظيما ‪..‬‬
‫وليتن أستطيع رؤيته رؤيا العي ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬ومنم هو‪..‬‬
‫قال ‪ :‬الشيخ ابنم عثيمي ‪!!..‬‬
‫قلت له ‪ :‬يا فوزي هداك ال وكيف تريد أن نر لك ابنم عثيمي ف الستشفى؟؟؟‬
‫دع أمنياتك معقولة يارجل!!‬
‫وجم ث ضحك وقال ‪ :‬على كل هذه أمنيت‪..‬‬
‫ث اخذ يدثن بشغف عنم الشيخ وعنم سعة علمه ودروسه وانه يستمع لشرطته يوميا‬
‫‪259‬‬
‫وكأنه حاضر معه ف الدرس وقال ‪ :‬هل رأيت الشيخ ؟؟‬
‫قلت نعم رأيته ف دروس الرم‪..‬‬
‫فقال ل ‪ :‬صفه ل يا مالك ‪..‬‬
‫وصفت له الشيخ كما رأيته ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬هنيئا لك هذه النعمة ‪..‬‬
‫مرت اليام والليال وحدث لالك ما حدث وطارت به الدنيا جنوبا وشال‬
‫واستقر ف القصيم وصار منم سكان عنيزة وانقطعت عن أخبار فوزي‬
‫مدة منم الزمنم وشغل مالك بنفسه وحياته الديدة ‪..‬‬
‫وف تلك السنة أو الت تليها ‪..‬‬
‫يقدر ال تعال أن يصل للشيخ عبشد الش بشنم منيشع عضشو هيئشة كبشار العلمشاء حادث فش مدينشة الطشائف‬
‫حيث ارتطمت به سيارة وهو خارج منم صلة العصر‪..‬‬
‫فسقط الشيخ وكاد أن يهلك ‪..‬‬
‫وكانت ف تلك اللحظات سيارة إسعاف مرت بغي ميعاد فحملت الشيخ وهم‬
‫ل يعرفونه إل مستشفى اللك فيصل ف الطائف‪..‬‬
‫فلما رأى الطباء الشيخ وجدوا أن وسط جسمه وخاصششة منطقششة الششوض قششد تكسششرت وان حششالته حرجششة‬
‫‪..‬‬
‫تسامع أبناء الشيخ بالادث وتسامع السئولون بالمر‪..‬‬
‫فنقل على الفور إل مستشفى القوات السلحة ف الدى ‪..‬‬
‫فأجريت له العمليات تلو العمليات وعان منم ذلك اشد العاناة ‪..‬‬
‫ومكث شهورا هناك حت عافاه ال وهو الن بمد ال ف نشاط وعافية سع شيخنا بالادث ‪..‬‬
‫وكان ذلك قبل وصولنا للطائف‪..‬‬
‫وكان الشيخ ابنم منيع زميل شيخنا ف هيئة كبار العلماء وكانت علقتهما‬
‫وثيقة ولعلي ف حلقات قادمة احكي مواقف جرت بينهما يصلح القام لذكرها‪..‬‬
‫وصلنا للطائف بعد أسابيع ‪..‬‬
‫وكان الادث قد حصل ف أول إجازة الصيف ‪..‬‬
‫ل اسع بب الادث سوى منم الشيخ حينما قال ل‪:‬‬
‫غدا سنذهب لرؤية الشيخ ابنم منيع ف الستشفى‪..‬‬
‫‪260‬‬
‫قلت له ‪ :‬أي مستشفى ياشيخنا !!‬
‫فأخرج ورقة منم جيبه فقال‪:‬هذا اسه وعنوانه ورقم غرفة الشيخ ‪..‬‬
‫ف اليوم التال انطلقنا للمستشفى ‪..‬‬
‫وكان شيخنا مرهقا بعد يوم عناء واجتماعات ‪..‬‬
‫نام قليل وأنا صامت ‪..‬‬
‫والصمت يفتح باب التفكي والواجس !!‬
‫وأنا ف صمت ذاك تذكرت فوزي عسيي!!‬
‫ل أدري وال كيف خطر على بال ‪..‬‬
‫بعد سنوات تذكرته ‪..‬‬
‫تذكرت الزيارة الول ‪..‬وعشرات الزيارات الت تت بين وبينه‪..‬‬
‫نظرت لوجه الشيخ فكان نائما فلم أرد إزعاجه‪..‬‬
‫تنحنحت وما أخف نومه فاستيقظ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬هل وصلنا ؟؟‬
‫قلت ‪ :‬تقريبا ‪..‬‬
‫وما زلنا ف منتصف الطريق ولكنن فرحت باستيقاظه !!‬
‫فتوسط ف جلسته ومسح وجهه وتطى قليل ‪..‬‬
‫ث أخذ يتحدث معي‪..‬‬
‫انتظرته حت ينهي حديثه ث بادرته بقصة فوزي‪..‬‬
‫ل يعر الوضوع كثيا ف البداية نظرا لن هأوم السلمي كثية والشيخ‬
‫يسمع يوميا آلف القصص الشبيهة فكان يدعو له بالعافية ‪..‬‬
‫غيت أسلوب وطرحت الوضوع بصيغة جديدة ‪..‬‬
‫فأنصت الشيخ وأخذ يتعجب منم كلمي عنم ذلك الشاب‪..‬‬
‫وعلو هأته وجده رغم حاله الغريبة ‪..‬‬
‫فزاد اهتمام شيخنا به ‪..‬‬
‫حت قال ل ‪ :‬ل ل نضره عنيزة ليدرس عندنا !!‬
‫أسوة بسامي العقيل!!‬
‫وهو احد طلبة الشيخ الدينم وسيأت ذكره لحقا عنم شاء ال‪..‬‬
‫‪261‬‬
‫قلت له يا شيخنا ‪ :‬الرجل وضعه متلف تاما ‪..‬‬
‫قلت له ‪ :‬حت أن الرجل له أمنية ف الياة كم مرة سعتها يتمناها‪..‬‬
‫قال ‪ :‬وهي؟؟‬
‫قلت ‪ :‬أن يراك!!‬
‫فقال الشيخ‪ :‬وأينم هو ؟‬
‫قلت له ‪ :‬هو مقيم ف الستشفى دائما ‪..‬‬
‫فسكت الشيخ ث قال ‪ :‬ومت أجد الوقت لزيارته أنت تعرف أشغال‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬هو الن ف نفس الستشفى الذي نقصده‪..‬‬
‫فقال‪ :‬خلص رتب ل بعد زيارة الشيخ عبد ال ‪..‬‬
‫طرت فرحا بذا الب وانتشيت وقلت ف نفسي ‪..‬‬
‫يا فوزي لعل مناك سيتحقق وأنت غافل ل تدري‪..‬‬
‫وصلنا للمستشفى وتوجهنا لغرفة الشيخ عبد ال ‪..‬‬
‫فوجدناه على حال جيدة وهو مدد على سريره‬
‫وعنده جع منم الزوار ومنهم التاجر العروف عبد العزيز الميح ‪..‬‬
‫قبل شيخنا رأس الشيخ ابنم منيع فأمسك الشيخ ابنم منيع رأس شيخنا فقبله ‪..‬‬
‫وتركتهما ف حالما وانطلقت ابث عنم فوزي‪ ..‬ل الوي على شيء‬
‫سألت عنه فقيل ل موجود!!‬
‫ففرحت فقلبت الستشفى رأسا على عقب‪..‬‬
‫ووجهت له نداء بالسماعات حت بلغوه ‪..‬‬
‫فوجدته وبالكاد عرفن فقد تغيت ملمي وسنت قليل ‪..‬‬
‫فقال ل اينك‪..‬؟؟‬
‫فقلت له ‪ :‬دعك منم خبي الن ‪..‬‬
‫ألزم غرفتك سآت لك بشيء بعد قليل‪..‬‬
‫وخرجت منم عنده وتوجهت لغرفة الشيخ ابنم منيع ‪..‬‬
‫فوجدت شيخنا واقفا يريد الغادرة ‪..‬‬
‫والناس تصافحه ‪..‬‬
‫نظر شيخنا ف وجهي واخرج ساعته منم جيبه ونظر فيها كأنه ينتظر موعدا‪..‬‬
‫‪262‬‬
‫فتجاهلت ذلك وقلت له ‪ :‬الرجل ف انتظاركم‪..‬‬
‫قال ‪ :‬هل وجدته ؟؟‬
‫قلت ‪ :‬نعم‪..‬‬
‫ما شاء ال عليك جزاك ال خي‪..‬‬
‫دخلت على فوزي‬
‫فوجدته على سريره‬
‫فدخل الشيخ وسلم عليه ‪..‬‬
‫فلما وقعت عي فوزي على الشيخ كادت عينه ترج منم رأسه ‪..‬‬
‫ل تسألون إخوت عنم مشاعره ‪..‬‬
‫ل أستطيع وصفها وال ‪..‬‬
‫قلت له‪:‬‬
‫هذه أمنيتك يا فوزي تققت ‪..‬‬
‫ابنم عثيمي بلحمه ودمه بي يديك!!‬
‫اقتب شيخنا منه وجلس على سريره ‪..‬‬
‫ودنا منم رأسه ومسح عليه ودعا له ‪..‬‬
‫وقال له وهو مبتسم ‪ :‬كيف حالك يافوزي؟؟‬
‫لقد حدثن عنك مالك ‪..‬‬
‫بقي فوزي صامتا ل يدري ما يقول‪..‬‬
‫ينظر للشيخ وينظر ف وجهي‪..‬‬
‫كأنه يقول ‪ :‬هل هذا هو!!‬
‫والشيخ صامت ويبتسم منم مشاعر فوزي التضاربة‪..‬‬
‫هززت رأسي لفوزي حت يتكلم ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬هذه اسعد لظة ف حيات وال أن تزورن ياشيخنا ف هذه الكان ‪..‬‬
‫كنت أراك ف التلفزيون والرائد وأتن أن ألقاك‪..‬‬
‫وكنت أدع ال أن يقق ل ذلك ‪..‬‬
‫ولكنن ش تششوقعت أن يصششل لش ذلششك بششأن أزورك أنششا ولقششد رجششوت النششاس أن أزور درسششك فش الششرم أو فش‬
‫دروسك ف الاضرات فلم يتحصل ل ذلك‪..‬‬
‫‪263‬‬
‫قال له شيخنا ‪ :‬ها انذا أمامك وجزى ال البنم مالك على أن دعان لزيارتك‪..‬‬
‫دار بينهما حديث وبقيت استمتع بذه اللحظات دون أن أتكلم برف واحد‪..‬‬
‫وأقول ف نفسي ‪ :‬دع فوزي يستمتع فربا لنم يتمكنم منم تكرار ذلك أبدا‪..‬‬
‫مكث الشيخ عنده لعشر دقائق ث طلب منه الذن فخرجنا ‪..‬‬
‫وودعت فوزي‬
‫ومنذ ذلك التاريخ انقطعت أخباره عن للسف‬
‫فاللهم إن كان حيا فوفقه وارض عنه واجعنا به على خي‪..‬‬
‫وإن كان ميتا فاغفر له وادخله فردوسك العلى واجعه بشيخنا ف جنات النعيم‪..‬‬
‫يتبع إ ن شاء ال ‪..‬‬

‫الحلقة السادسة والستون‬

‫انتهى برنامج شيخنا ف الطائف ‪..‬‬


‫وعدنا لعنيزة ‪..‬‬
‫وكما العادة ل يتغي منم برنامي العتاد شيء‬
‫فقد كنت طوال فتة بقششائي هنشاك أسشتزيد بفضشل الششول سشبحانه مششنم علشم ششيخنا كمششا هششو حشال الششزملء‬
‫جيعا‪..‬‬
‫غي أن ال خصن بفضل ال بشيخنا فكان يزيدن عناية ويرفع هأت‬
‫ويتابعن ف تفاصيل المور ومملها‪ ،‬فلله المد سبحانه على فضله ومنته‪..‬‬
‫التحق بلقة شيخنا أحد أقارب وهو ابنم عمت أحد ‪..‬‬
‫وسكنم عندي ف غرفت مدة ‪.‬‬
‫ث انتقل لرفيق له ف ذات السكنم‪..‬‬
‫وأقبل على العلم وفقه ال وحصل خيا كثيا‬
‫وتعرفت ف تلك الدة عنم طريق أحد بعدد ل بأس له منم الطلبة ‪..‬‬
‫وكلهم منم خية الطلبة جدا واجتهادا ‪..‬‬
‫وكانت أعمارنا متقاربة ‪..‬‬
‫ويمع بيننا حب العلم والرص عليه ‪..‬‬

‫‪264‬‬
‫ومنهم الخأ سعود الرب ‪..‬وهو منم أهل جده ‪..‬‬
‫توثقت علقتنا ننم الثلثة حت جاءت لنا فكرة السكن سويا خارج سكنم الطلب!!!‬
‫ل يكنم شيخنا رغم مشاغله العظيمة لتخفى عليه هواجسي ‪..‬‬
‫فهو يدركها منم فلتات لسان وارتباكي‪..‬‬
‫ول يكنم ابغض شيء لديه عندي منم ذلك!!‬
‫فكان يقول ل دوما ‪ :‬الثبات الثبات يابن !!‬
‫عليك بالستقرار على رأي واحد إن بورك لك فيه فالزمه ول تيد عنه‪..‬‬
‫قال ل مرة أحد كبار طلبته ‪ :‬وال ما خالفت شيخنا ف أمر رآه إل ندمت‬
‫عليه ول سعت توصيته ولزمتها إل ووجدت التوفيق حليفي‪..‬‬
‫هذا ماقاله الخأ عنم نفسه وواقع حاله ‪..‬‬
‫كان شيخنا يران غضا قليل البة ضعيف وما زلت ف أول الطريق ‪..‬‬
‫وهذا هو الواقع ل شك!!‬
‫ولذلك كان القرار ف مثل هذه المور راجعا إليه هو الذي يكم فيه با يتناسب مع وضعي‪..‬‬
‫حينما فاتته ف الوضوع ولت له فيه ‪..‬‬
‫رفض واستهجنم وغضب‪..‬‬
‫وقال ‪ :‬ألي توك واصل تدرس وقلنا فلن ماشي ومتهد وتريد تطلع !!‬
‫خلك ف العلم ول يشغلك عنه شيء‪..‬‬
‫غيت الوضوع وتناسيت القصة ‪..‬‬
‫ومرت شهور بعد ذلك ‪..‬‬
‫وأنا بمد ل ف خي حال ونسينا موضوع الروج منم السكنم‪..‬‬
‫إل أن جاء موقف ل أنساه وفتح الوضوع منم جديد‪..‬‬
‫ولكنم قبل ذلك سأحكي قصة ‪..‬‬
‫ف إحدى الجتماعات الشهرية مع الشيخ ‪..‬‬
‫اقتح أحد الطلب أن نعد رحلة شهرية لطلب السكنم ‪..‬‬
‫لدة يوم واحد للستجمام ‪..‬‬
‫وأيده جيع الطلبة وفرحوا بذا القتاح ‪..‬‬
‫وافق شيخنا على ذلك‪..‬‬
‫‪265‬‬
‫بل قال ‪ :‬سأكون رفيقكم ف رحلتكم‪!!..‬‬
‫وافق ذلك هوى ف النفوس وشعرنا بنشوة عجيبة أن يرافقنا هذا الب رغم أشغاله العظيمة‪..‬‬
‫فجزاه ال عنا خي الزاء‪..‬‬
‫ف اليوم الوعود وكان يوم خيس‪..‬‬
‫رتب الشرفون ذلك البنامج وحدد الوقع ‪..‬‬
‫وكان ذلك لستاحة التاجر العروف الويش‪..‬‬
‫والواقعة على طريق الذنب على ما أعتقد !!‬
‫شال عنيزة‪..‬‬
‫بصوص تنقلت الشيخ ف عنيزة ففي الغالب ليس ل با علقة‪..‬‬
‫ولكنن طلبت منه ذلك وقلت له ‪ :‬أنا تت تصرفك شيخنا ‪..‬‬
‫غي أن الوضع ف عنيزة يتلف ‪..‬‬
‫فأبناؤه موجودون وهم تت تصرف والدهم فحاجته ل غي واردة ‪..‬‬
‫قال ل شيخنا قبل موعد الرحلة بأيام‬
‫‪ :‬نسق مع شخص حت يوصلنا للستاحة‪..‬‬
‫نسقت مع صديقنا القدي الخأ ممد زينم العابدينم‪..‬‬
‫انطلق الطلبة باكرا ف الصباح ‪..‬‬
‫أما شيخنا فلم يتحصل له سوى أن يضر بعد صلة الظهر‪..‬‬
‫مكثت أنا ف غرفت حت أرافق شيخنا‪..‬‬
‫استغرب الطلبة منم عدم حضوري ‪..‬‬
‫وقال ل بعضهم معاتبا ‪ :‬تواضع يارجل !!‬
‫ابتسمت ف وجه معاتب ول اجبه‪..‬‬
‫بعد الصلة توجهنا مع شيخنا والخأ ممد للستاحة الذكورة‪..‬‬
‫قال الشيخ ‪ :‬ايش البنامج ‪..‬؟؟‬
‫قال له ممد ‪ :‬هناك غداء ث أنت تقرر ماذا يكون بعد ذلك ‪..‬‬
‫وصلنا بعد حوال عشرينم دقيقة ‪..‬‬
‫دخلنا منم البوابة الرئيسية ‪..‬‬
‫وصعدنا بالسيارة على طريق مرصوف لليوان الكبي ‪..‬‬
‫‪266‬‬
‫فلما علونا ظهرت لنا الستاحة كاملة ‪..‬‬
‫كان ترتيبها ومنظرها ساحرا ‪..‬‬
‫أشجارها منسقه قد رصت على الطرق وانتشر ظللا‬
‫وتيط با اللوف منم شجر النخيل ‪..‬‬
‫وزاد النظر جال تلك البساتي اليطة الغاصة بكل ما يبهر ‪..‬‬
‫وذلك فضل ال يؤتيه منم يشاء‪..‬‬
‫توقفنا أمام اليوان وكان طلبة الشيخ ف انتظاره‪..‬‬
‫نزل فاجتمعوا حوله وسلموا عليه ول تسل عنم فرحهم وابتهاجهم بوجود الشيخ معهم‪..‬‬
‫دخلنا لليوان الفسيح ‪..‬‬
‫فشممنا رائحة الطعام ‪..‬‬
‫وجلس الشيخ وتلق حوله طلبته ‪..‬‬
‫ث بدأ ف الديث معهم وقال ‪ :‬كيف كان يومكم ؟؟‬
‫فكان الديث حديثا غي متكلف كما يتحدث الولد مع أبيه ‪..‬‬
‫وهذا ما كان يريده شيخنا رحه ال ‪..‬‬
‫قدمت القهوة والعصيات الباردة ‪ ..‬تسابق الطلبة ف خدمة شيخهم والتحدث معه ‪..‬‬
‫فكل يدل بدلوه وكان الديث عاما بكل تكلف ول شطط وبأدب مع الشيخ‪..‬‬
‫منم فوائد تلك الرحلت هو اكتشاف الواهب كما يقولون !!‬
‫اكتشفنا أن بيننا طالبا مغمورا ولكنه موهوب !!‬
‫موهوب ف مال الطرافة ‪..‬‬
‫رغم جده واجتهاده ف العلم‪..‬‬
‫ف البداية استحى منم شيخنا ولكنم إصرار الطلبة عليه وكأنم خبوه ذلك‬
‫النهار كله أجبه على الديث ‪..‬‬
‫الخأ عبد ال باطرف !!‬
‫وهو منم سكان جده واصله منم بلد اليمنم‪..‬‬
‫كان جاري ف الغرفة الاورة ف السكنم ‪..‬‬
‫ولكنم الو العلمي وانشغالنا بالطلب يقلل لقاءاتنا سوى ف الطعم أو ف الدرس ‪..‬‬
‫فنادرا ما نتواصل!!‬
‫‪267‬‬
‫استلم عبد ال الشيخ !!‬
‫فكان يسمع تعليقاته منم خلف الصفوف ول يراه فيضحك الطلبة ويضحك شيخنا له ول يراه!!‬
‫وكان نظر شيخنا ضعيفا ‪..‬‬
‫ولكنه يعرف هذا الصوت !!‬
‫فنادى على هذا الطالب وقال ‪ :‬منم هذا خلوه يتقدم عندي‪..‬‬
‫أذكر جيدا وكأنن أرى ذلك النظر أمامي الساعة‪..‬‬
‫حينما وقف عبد ال منم خلف الصفوف وتقدم خجل حت جلس بي يدي شيخنا ‪..‬‬
‫فلما رآه الشيخ عرفه وقال له‪:‬‬
‫إيه ياعبدال ايش عندك ؟؟‬
‫أتفنا عبد ال وأسرنا بسواليفه مع الشيخ حت قدم طعام الغداء‪..‬‬
‫قدم الطعام والذي طبخه الطلبة مع العمال ‪..‬‬
‫فكان جوا عائليا بي الطلبة وشيخهم‪..‬‬
‫نزع الشيخ بشته ورمى عمامته فوق رأسه ‪..‬‬
‫وقام منم بي الصفوف وتوجه للمغاسل ‪..‬‬
‫ث جلس بي الميع وأكل معهم ‪..‬‬
‫وكان عبد ال باطرف يسأله ف مسائل علمية فيقول له الشيخ ‪:‬‬
‫ياعبد ال أنت الن تسألن وأنا أجيب أسألتك فتلتهم الطعام وأنا أجيبك !!‬
‫فضحكنا على عبد ال لن الشيخ ألمه قليل !!‬
‫ولكنم شيخنا كان يتحدث بكل بساطة فيضاحك هذا ويرد على كلم هذا‬
‫ذكر أحدهم السباحة وقالوا السبح ‪..‬‬
‫فقال شيخنا ‪ :‬هل سبحتم ؟؟‬
‫قالوا ‪ :‬يوجد مسبح ف الارج ‪..‬‬
‫قال الشيخ ‪ :‬كنا ف أيام الطلب نرج مع شيخنا ابنم سعدي رحه ال فنسبح ف البك والوديان ‪..‬‬
‫فقال عبد ال ‪ :‬هذا ف أيام الطلب!!‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬كأنك تقول أنن كبت ول اقدر على ذلك الن!!‬
‫فقال ‪ :‬ما أظنك تقدر يا شيخنا !!‬
‫فلمعت ف وجه الشيخ ابتسامة وقال ‪ :‬سنرى!!‬
‫‪268‬‬
‫تغدينا ث قدم الشاي ‪..‬‬
‫وجلسنا حول الشيخ لننظر ما هو فاعل ‪..‬‬
‫جاء عبد ال وكان الشيخ ينتظره ‪..‬‬
‫وقال ‪ :‬هاه ياعبد ال فيك حيل‪..‬‬
‫وكان عبد ال رجل سينا ‪..‬ويسي بتثاقل‪..‬‬
‫قال ‪ :‬على أي شيء ؟؟‬
‫قال ‪ :‬السباحة !!‬
‫قال ‪ :‬بالتحدي ياشيخ ‪..‬‬
‫فقام الشيخ منم فوره ‪..‬وتوجه لارج اليوان ‪..‬‬
‫خرجنا معهم فلحقت بالشيخ ‪..‬وهأست ف أذنه ‪..‬‬
‫وقلت له ‪ :‬هل ستسبح بثوبك ‪..‬‬
‫فقال ل ‪ :‬هل عندك ملبس سباحة ‪..‬؟؟؟‬
‫قلت ‪ :‬نعم سأحضرها منم السيارة ‪..‬‬
‫دخل الشيخ لغرفة التغيي وخلع ثيابه ولبس ذلك اللباس ول يلع فلينته ‪..‬‬
‫خرج الشيخ بغي ما دخل ‪ ..‬دخل بثوبه وغتته ‪..‬‬
‫وخرج حاسر الرأس ليته بيضاء ناصعة ووجهه أبيض تلمع فيه وجهه ابتسامة أضاءت الكان‪..‬‬
‫لا رأى الطلبة الشيخ وخصوصا عبد ال ‪..‬‬
‫اجتمعوا حول السبح ‪..‬‬
‫فقال شيخنا ‪ :‬طب ياعبد ال ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬أنت أول !!‬
‫حت إذا غرقت أنقذناك !!‬
‫فضحكنا ‪..‬‬
‫فقفز شيخنا ف الاء وسبح وكان عمره حينها حوال الربعة وستون سنة‪..‬‬
‫ث لقه عبد ال ‪..‬‬
‫ونزلت أنا وغينا ‪..‬‬
‫سبح الشيخ مع تلميذه ودار ف السبح ‪..‬‬
‫وتوسط الاء ووقف فيه بيث يثبت ف وسط الاء ول يتحرك‬
‫‪269‬‬
‫وقال ‪ :‬هكذا كنا نفعل مع شيخنا ‪..‬‬
‫حاولت أنا ولكنن ل اقدر ‪..‬‬
‫أما عبد ال الطرف فاكتشفنا انه ل يسبح !!‬
‫استمتعنا ف تلك الرحلة مع شيخنا وتواضعه وساحته رحه ال ‪..‬‬
‫لقد كانت تلك الرحلة مؤثرة ف نفوس الطلبة مع شيخهم ‪..‬‬
‫فقد عمقت الصلة وقوت الرابطة وزادت البة ‪..‬‬
‫فجزاه ال عنا خي الزاء‪..‬‬
‫استأذن الشيخ وخرجت معه برفقة ممد وكان العصر قريبا ‪..‬‬
‫فقال الشيخ ف طريقنا ‪ :‬أريد أن أقيل ولو عشر دقائق قبل العصر ‪..‬‬
‫فعرضت عليه أن يأت غرفت التواضعة ف السكنم!!‬
‫فقال ‪ :‬ل بأس‪..‬‬
‫توجهنا للسكنم وكان شبه فارغ‪..‬‬
‫وصعدنا لغرفت ‪..‬‬
‫والمد ل أنا كانت مرتبة ونظيفة!!‬
‫وضعت له الفراش فنام حت أذن العصر ‪..‬‬
‫حينما سع النداء استيقظ ‪..‬‬
‫وتوضئ ف مواضئ السكنم ‪..‬‬
‫ث دخل الغرفة وتسننم أربع ركعات ‪..‬‬
‫ث جلس ينتظر موعد القامة ‪..‬‬
‫قلب نظره ف غرفت فرآها ضيقة جدا !!‬
‫وقال ‪ :‬ما شاء ال عليك هذا وأنت الالك!!‬
‫حيث تكومت الكتب ف الرفوف وغصت فوضعتها ف أطراف الغرفة‬
‫بطريقة مبعثرة ول يكنم الستفادة منها إل بصعوبة ‪..‬‬
‫هذا غي كتب الخأ مبوب‪..‬‬
‫فقال شيخنا ‪ :‬تب نغي لك غرفة أوسع ؟؟‬
‫قلت له ‪ :‬الغرف كلها متقاربة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬صحيح حنا يوم بنينا السكنم ما كنا نتوقع هذا القبال منم الطلبة ‪..‬‬
‫‪270‬‬
‫ولكنم سنجد حل لك إن شاء ال ‪..‬‬
‫يتبع إن شاء ال ‪..‬‬

‫الحلقة السابعة والستون‬

‫ل يستنكف شيخنا رغم مشاغله أن ينظر ف أمري سريعا‪..‬‬


‫ولكنه رجل متزن وهادي ويأخذ المور بتؤدة حت ولو رآها الخرون هينة‪..‬‬
‫وهكذا العلماء ف أمورهم وشئونم كلها ‪..‬‬
‫رأى الشششيخ أنششه ليششس مششنم النصششاف مششع طلبتششه أن اسششكنم وحيششدا يصششن مششنم دونششم وهششذا غيش وارد علششى‬
‫الطلق ف قاموس الشيخ رحه ال‪..‬‬
‫واليار الخر هو الروج منم السكنم وهذه كان الشيخ يستيب منها ‪..‬‬
‫وذلك أن الشيخ لحشظ أن كششثيا مشنم طلبتشه حينمشا يرجشون مشنم السشكنم يقششل مسشتواهم فش الشرص علششى‬
‫التحصيل و بعضهم يتغيب عنم بعض الدروس وبعضهم يلتحق بلقات أخرى لعلمشاء آخريشنم فيكشون ف‬
‫ذلك تشتيتا لصادر التلقي‪..‬‬
‫هذا ل شك ل ينطبق على الميع ‪..‬‬
‫فهناك مموعة كبية منم خارج السكنم هم أحلس اللقششة ونومهششا فل يعششم ذلششك الميششع ولكننش أتكلششم‬
‫على الطلبة الستجدينم أو الذينم ل ير على وجودهم فتة طويلة كحال ‪..‬‬
‫كل هذه السباب قد جعلت شيخنا يتدد بالسماح ل بالروج منم السكنم ‪..‬‬
‫كان شيخنا يعرف ابنم العمة أحد ويرى منه الد والجتهاد‪..‬‬
‫وكذلك الخأ سعود الرب ذو الخلق العالية والسماحة‪..‬‬
‫فكنت أذكره أنما سيكونان رفيقاي خارج السكنم ‪..‬‬
‫وأنن برفقتهما وحرصهما على العلم سنكون خي فريق وسنتعاون فيما بيننا على التحصيل‪..‬‬
‫اتصل علي الشيخ يوما وقال ‪ :‬اذهب وقابل فلن ف شارع السلسلة بوار منزل القدي‪..‬‬
‫وصلت فوجدت الرجل الذكور فسلم علي ‪..‬‬
‫وبادر ‪..‬‬
‫وأدخلن عمارة متهالكة وقدية تصدر منم جنباتا روائح العزاب !!‬
‫صعدت معه للطابق الثان ف درج مكسر ووقف أمام باب شقة متهالك‬

‫‪271‬‬
‫ث فتحة بعد معاناة وما إن رأيت الكان حت أصابتن قشعريرة منم اتساخه والروائح الائلة والغبار ‪...‬‬
‫كل ذلك وأنا ل ادري عنم الاصل !!‬
‫قلت للخأ ‪ :‬طيب !!‬
‫قال ‪ :‬أظنم هذي بتكون شقتك !!‬
‫تلبد وجهي وقلت له ‪ :‬ومنم يقوله ؟؟‬
‫قال ‪ :‬الشيخ هو اللي كلفن بالبحث لك عنم سكنم!!‬
‫بقيت انظر ف وجهه وأنا صامت ‪..‬‬
‫وبقي ينظر إل متارا ل يدري ما يقول!!‬
‫تذكرت غرفت ف السكنم ف نفسي فحمدت ال على العافية ‪..‬‬
‫شكرت الرجل وقلت له جزاك ال خي وما قصرت ‪..‬‬
‫ناولن الفتاح!!‬
‫وقال ‪ :‬هذا مفتاحك استودعك ال !!‬
‫وغادر!!‬
‫تولت ف شقت الديدة !!‬
‫غرفششة صششغية عششنم ييش ش الششداخل ثش ش حششام أجلكششم الش ش ‪ ..‬تنبعششث منششه روائششح ‪ ..‬ظششنم شش شرا ول تسششأل عششنم‬
‫الب!!‬
‫ث بوارها غرفة أخرى واسعة قليل قد نبتت ف جنباتا خيوط العناكب فحولتها إل غرفة أشباح ‪..‬‬
‫ف زاويتها نافذة متهالكة حاولت فتحها فغمرن منها غبار ل أرى قط مثله ف حيات ‪..‬‬
‫انتثر على ثياب وشاغي ورأيت أثر ذلك حينما خرجت ف وجوه الناس وهي تضحك منم منظري!!‬
‫هذا كل شيء ‪..‬‬
‫ول يوجد مطبخ !!‬
‫جدرانا صفراء ‪..‬‬
‫أما اليان فهم مموعة منم العمالة العربية والسيوية ‪..‬‬
‫تفوح ف جنبات العمارة روائح البهارات والطبخ منذ أن تر بوارها‪..‬‬
‫قابلت شيخنا ظهرا ‪..‬‬
‫وبادرن قائل ‪ :‬هه!!‬
‫كيف رأيت السكنم الديد!!‬
‫‪272‬‬
‫قلت له ‪ :‬وال يا شيخ ودي تشوفه أنت أيش رأيك ؟‬
‫وصلنا بوار العمارة وكانت على طريق منزل الشيخ ‪..‬‬
‫ث استأذن منم الناس ودخل معي ‪..‬‬
‫كان الشيخ وهو يصعد الدرج يقول ‪ :‬ما شاء ال ‪ ..‬ما شاء ال!!‬
‫فكنت أقول ف نفسي ‪ :‬اصب وستى العجب!!‬
‫فتحت الباب ‪..‬وكنت أراقب تقاسيم وجه الشيخ !!‬
‫فرأيته معجبا ما يرى !!‬
‫تول فيها ونظر هنا وهناك ‪ ..‬وتول ف غرفها ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أبد استعنم بال وانزل فيها !!‬
‫قلت له ‪ :‬هل أعجبتك يا شيخنا ؟؟‬
‫قال ‪ :‬متازة !!‬
‫شكرت شيخنا وقلت له ‪ :‬جزاك ال عن خي الزاء ‪..‬‬
‫ونزلنا وشيعته حت بيته ‪..‬‬
‫عدت للسكنم وأنا حائر ‪..‬‬
‫أفكر كيف سأنتقل لذه الرحلة الديدة ‪..‬‬
‫دخلت غرفة سكن ‪..‬‬
‫تذكرت مراحل وصول لعنيزة ‪..‬‬
‫آه كيف سيكون حال ف السكنم الديد‪..‬؟؟‬
‫ل شك أن النسان يرغب أن يكون الو اليط به مثاليا ‪..‬‬
‫أنا اعتدت على حياة كما هم أبناء بلدي ‪..‬‬
‫صحيح أنن عانيت حت وصلت على ما وصلت إليه ‪..‬‬
‫ولكنم العيش ف مثل ذلك الكان شيء صعب للغاية ل أجربه منم قبل‪..‬‬
‫هل تريدون أكمل مالذي حصل ؟؟‬
‫كانت نفقت ليست بالكبية ‪..‬‬
‫وقلت للشيخ رحه ال ‪..‬‬
‫الكان يتاج لتنظيف وشراء أثاث ووو‪..‬‬
‫فقال ل ‪ :‬صاحب العمارة سوف يفعل لا صيانة!!‬
‫‪273‬‬
‫كان خبا سعيدا ‪..‬‬
‫وقلت مت سينتهي !!‬
‫قال ‪:‬خلل أيام ‪..‬‬
‫مررت على السكنم بعد أيام لكي أرى الصيانة الديدة ‪..‬‬
‫فلما وصلت باب الشقة شمت رائحة الطلء منم الارج‪..‬‬
‫فاستأنست وأملت شيئا كبيا ‪..‬‬
‫فتحت الباب فوجدتا قد طليت ولكنم أي طلء!!‬
‫ترقيع !!‬
‫هنا وهناك وغالبها بالعجون وليس بالطلء‪..‬‬
‫هذا كل ما فعل!!‬
‫اتصلت على صاحب العمارة وقلت له ‪ :‬هل انتهيتم؟؟‬
‫قال ‪ :‬خلص انتهينا ويكنك النزول الن!!‬
‫استحييت أن ابلغ الشيخ بالاصل ‪..‬‬
‫واعتبت الوضوع انتهى‪..‬‬
‫سأفتقد جو العمارة والكتبة والبحوث والطلبة الفاضل لنششزل فش مكشان متلشف الش اعلشم كيشف سششيكون‬
‫الال فيه ‪..‬‬
‫أرجششو أن ل أكششون أثقلششت علششى إخششوت بثششل هششذه التفاصششيل ولكننش ش أريششد أن اشششعر إخششوت الق شراء بششالو‬
‫الذي يعيشه طلبة العلم ‪..‬‬
‫أنا اعلم أن هناك منم طلبة الشيخ منم اعرفهم أو ل أعرفهم ‪..‬‬
‫وقد يكون بعضهم يقرأ كلمي هذا ‪..‬‬
‫قد وجدوا منم العنت والظنك والعاناة شيئا تعجز عنم تصديقه ‪..‬‬
‫أعرف منم ينام طاويا كل ليلة ‪..‬‬
‫اعرف منم نام أسابيع ف الامع ول يد مأوى يأوي إليه ‪..‬‬
‫رأيت احدهم ل يد مقصا يقص به أظافره ‪..‬‬
‫منعهم الياء والعفاف عنم سؤال الناس ‪..‬‬
‫يضرون الدرس ويرجون ل يعلم عنهم احد إل ال سبحانه ‪..‬‬
‫ولكنهم يملون ف نفوسهم هأة ورغبة ف العلم تفوق البال ‪..‬‬
‫‪274‬‬
‫أولئششك حصششلوا خيا عظيمششا وأعششرف عششددا منهششم الن ف ش بلششدانم هششم شششامة قششد أحيششا ال ش علششى يششديهم‬
‫قلوب اللف ‪..‬‬
‫اتصلت على سعود واحد ودعوتما لرؤية السكنم الديد‪..‬‬
‫اتفقنا جيعا على أن الكان يتاج لعداد وتهيز !!‬
‫جعنا ما لدينا منم مال يسي ‪..‬‬
‫وأخذنا ف تنظيفها وترقيعها كيفما تيسر ‪ ..‬اختت أنا الغرفة الول على الباب مباشرة ‪..‬‬
‫وسيكون الخأ سعود واحد سويا ف الغرفة الكبية ‪..‬‬
‫وهذا ما ت بيننا ‪..‬‬
‫نقلت مكتبت‪..‬‬
‫ونقل سعود واحد ما لديهم منم كتب وكانت قليلة فيما اذكر‪..‬‬
‫اظننا وضعناها ف مكان واحد ل أذكر وال‪..‬‬
‫كانت مشكلة الطعام ‪!!..‬‬
‫ول أظنم واحدا منا يطبخ !!‬
‫وأينم سنطبخ؟؟‬
‫قال شيخنا ‪ :‬تأكلون ف السكنم مع الطلب!!‬
‫وهذا ما حصل ‪..‬‬
‫كان التأقلم مع الياة الديدة صعبا للغاية ‪..‬‬
‫تعودنا على أذان الامع ‪..‬‬
‫وعلى الو العلمي اليط بنا‬
‫كانت النقلة هائلة على النفس وال ‪..‬‬
‫وأظنم الخوان شعرا با شعرت به‪..‬‬
‫أما أنا فقد صرت يوميا انزل لباب العمارة ‪..‬‬
‫وانتظر قدوم الشيخ فأرافقه للمسجد ‪..‬‬
‫وهذه ميزة جديدة حصلت عليها ‪!!..‬‬
‫ول أكنم اشغله عنم حزبه حيث يقرأ القرءان ف الطريق‪..‬‬
‫ولكنن كنت أرافقه على كل حال ‪..‬‬
‫يتبع إن شاء ال ‪..‬‬
‫‪275‬‬
‫الحلقة الثامنة والستون‬

‫كان ل ف تلك البناية ذكريات ل تنسى ‪..‬‬


‫خاصة برفقة الخوينم الكريي أحد وسعود‪..‬‬
‫مرت علينا فيها ساعات ألذ منم الشهد‪..‬‬
‫ومششرت علينششا فيهششا مواقششف عصششيبة كمششا هششي اليششاة‪ ..‬دومششا لكششنم ذكرياتششا العطششرة أكششثر وعبيهششا فش النفششس‬
‫أبقى‬
‫إن التأقلم مع الياة الديدة وف جو جديد يتاج لصب ومثابرة‪..‬‬
‫حاولنا جيعا أن نتناسى ما مضى ونبدأ حياتنا الديدة وبمة ونشاط‬
‫أذكر أن أول شيء عانينا منه هو الستيقاظ لصلة الفجر!!‬
‫هذا هو الواقع!!‬
‫حينما كان يؤذن الريس وهو لقب مؤذن الامع الكبي‪..‬‬
‫كانت ساعات السجد ترن ف آذاننا فيقوم الطلب جيعا‪..‬‬
‫حيث أوصلت لنائر السكنم ساعات أمر شيخنا بوضعها ‪..‬‬
‫فل يبقى لحد حجة على فوات الصبح‪..‬‬
‫بل كان الشيخ رحه ال إن رأى وهو ف طريقة للمسجد ‪ ..‬نافذة مضاءة وظنم أن أحدا غرفته ول ينزل‬
‫للصلة‬
‫يصعد إليه فيضرب عليه الباب ليوقظه للصلة ‪..‬‬
‫وكم مرة فوجئت بقرع الباب فأجد الشيخ أمامي!!‬
‫فل تاون عند الشيخ ف ذلك‪..‬‬
‫أما هنا فالوضع متلف!!‬
‫يؤذن مؤذننا بارك ال فيه بصوت ل تكاد تسمعه‪..‬‬
‫وكان رجل مسنا ‪..‬‬
‫وننم غالبا نسهر للمذاكرة كعادة الطلبة‪..‬‬
‫ومنم العيب أمام ال ث عباده أن يظهر طلبة العلم أمام الناس‬
‫بأنم أكسل الناس عنم صلة الفجر ‪..‬‬

‫‪276‬‬
‫اسحوا ل أن اروي لكم إحدى معانات مع النبهات‪..‬‬
‫اشتيت لسكن الديد منبها فكسرته مرارا وأنا نائم ل أشعر!!‬
‫كانت تصيبن كآبة حينما استيقظ بعد خروج الناس منم السجد‪..‬‬
‫وتزيد كآبت حينما أرى شيخنا ف الظهر فيقول ل أرك فجر اليوم!!‬
‫فأرخي رأسي حياء وأخبه أنن نت عنم الصلة!!‬
‫فيعرض الشيخ عن معاتبا لتكرر ذلك من!!‬
‫كان الخأ سعود ف أول المر أخفنا نوما ولكنه رجل حيي يطرق الباب بأدب ث ينصرف‪.‬‬
‫فل يغن ذلك عن شيئا‪..‬‬
‫وليته خلع الباب وأيقظن فل ألومه‪..‬‬
‫حينما تكررت الال ‪..‬‬
‫ذهبت لل الساعات فقلت للعامل‪..‬‬
‫أعطن منبها قويا يصدر صوتا مزعجا !!‬
‫كان رجل لبيبا فيما يظهر‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أكيد عندك مشكلة ف النوم !!‬
‫عندي لك ساعة متازة تصدر صوت مزعج وإغلق النبه يتاج لشخص مستيقظ!!‬
‫يعن ماذا ؟؟‬
‫قال ‪ :‬جرب وستى!!‬
‫نقدته ‪ 120‬ريال!!‬
‫وأخذت ذلك النبه السحري‪..‬‬
‫حينما رن فجرا قبل الذان أصدر صوتا مهول يذكرك برس الدارس ‪..‬‬
‫قفزت منم فراشي وبثت عنم مكان الغلق ف النبه فلم أجده !!‬
‫بقش ششي النبش ششه يصش ششم أذن ش ش وظننش ششت أن الش ششدار سيسش ششقط مش ششنم صش ششوته حش ششت هأمش ششت أن أرطمهش ششا بش ششه لتلحش ششق‬
‫صاحباتا!!‬
‫ولكنن استيقظت وهذا هو القصد!!‬
‫ذهبت للعامل ضحى وقلت له ‪ :‬كيف أغلق هذه الساعة يا رجل؟؟‬
‫ضحك وقال‪ :‬هنا وأشار لوضع الغلق حيث صنعت الشركة موضعا تتاج لعاناة ومشقة بضغط عششدة‬
‫أزرار وعلى كل فقد انتشرت ويعرفها منم يعان مثل معانات حينها!!‬
‫‪277‬‬
‫يقولون إذا كثر الساس قل الحساس ‪..‬‬
‫بعد مدة اعتدت على صوت جرس تلك الساعة بيث أنن ل أعد استيقظ على صوتا الروع !!‬
‫فمنم أينم ل بساعة أخرى!!‬
‫جلست مع سعود وأحد وقلت لما أنا عجزت ف أمري رجاء ابثوا ل عنم حل ‪..‬؟؟‬
‫فاشتكيا أنما صارا يعانيان مثل معانات وبأنما بسبب السهر والبد تفوت عليهما الصلة مرارا ‪..‬‬
‫قررنا ف تلك الليلة أن نربط الساعة ببل فوق مروحة الغرفة!!‬
‫ونرب ذلك فمنم يستيقظ أول يوقظ الخرينم !!‬
‫ف اليوم التال سعت جلبة ف الغرفة الاورة‬
‫فدخلت على جيان‬
‫فرأيت سعود وأحد يقفزان كالاني كل يريد الوصول لتلك الساعة‬
‫الرهيبة ليغلق صوتا الذي يصم الذآن!!‬
‫ل أنسى أبدا منظرهأا الضحك وهأا يصرخان ويولولن ‪..‬‬
‫حت انزلها ‪..‬‬
‫وقال ل ‪:‬خذ ساعتك هذه ل نريد أن نراها مرة أخرى ‪!!..‬‬
‫سامون إخوت فقصة الساعة والستيقاظ تلك وجدتا ملقاة بالذاكرة أحببت‬
‫ذكرها ليقرأها أبنائي ومنم قد يهتم ‪!!..‬‬
‫أذكر مرة أنن ف الطائف قبل أن انتقل للقصيم أنن طلبت منم إحدى‬
‫أخوات أن تربط يدي بالطاولة حت ل أغلق النبه الذي بواري ‪..‬‬
‫ظنتن جننت ولكنها أذعنت لطلب‪..‬‬
‫فنجحت تلك الفكرة ليام قبل أن اكسر الطاولة!!‬
‫وهذه حيلت تلك اليام وال الستعان على زمنم الطاعة والتعبد!!‬
‫وضعنا لنا سعود وأحد وأنا‬
‫برناما صارما ف الدراسة ‪..‬‬
‫كل بسب رغبته وتوجهه وطريقته ف التعلم ‪..‬‬
‫أخونا احد كان يلس وقتا طويل بسجد العيفيي الاور‪..‬‬
‫يراجع مفوظاته وهو مب للعزلة منم طبعه‪..‬‬
‫وحصل مفوظات جيده ‪..‬‬
‫‪278‬‬
‫وسعود انشغل بدراسته وكتبه وجامعته حيث كان طالبا بامعة المام‪..‬‬
‫وأنا أكملت برامي الت اعتدت عليها وبوثي‬
‫كان اللقاء بيننا تقريبا على الطعام وجلسات بسيطة غي منظمة‪..‬‬
‫لكنم نبتت بيننا لمة ومودة كبية نت مع اليام‪..‬‬
‫ول تلوا أبدا منم اللف والنزاع والجر أحيانا !!‬
‫وقد كنا جيعا ف مقتبل العمر والياة تارب ولكنم يعلم ال أنن أكنم‬
‫للخوينم سعود واحد منم البة والودة مال يحوه الدهر ‪..‬‬
‫وأحنم لتلك الساعات واليام كما تنم الم على ولدها ‪..‬‬
‫فسقى ال تلك الليال واليام‪..‬‬
‫ومصدر اللف إن وجد فهو تافه ول يذكر بوزن الن‪..‬‬
‫كانت تدور بيننا نقاشات علمية وماورات قد تتطور حت تصل حد الصومة‪!!..‬‬
‫وهكذا هو جو طلبة العلم الستجدينم حوار ونقاشات ‪..‬‬
‫فيعود أحدنا لراجعه وينقب عما يؤيد رأيه وف اليوم التال يلقي كل با عنده فل نصل لنتيجة ‪..‬‬
‫فيبقى الواحد ماصما لصاحبه لاذا ل يتبع رأيي!!‬
‫كنا أغرارا وقليلو البة وهكذا الياة ل تتعلم منها سوى بعد فوات الوان!!‬
‫أذكر مرة أنه زار الخأ سعود أحد طلبة العلم ف شقتنا ولش أكششنم اعششرف الرجششل مششنم قبششل وفش تلششك اليششام‬
‫انتشر ف السواق كتاب للشيخ اللبان أثار ضجة هائلة بي طلبة العلم ‪..‬‬
‫حول حكم تارك الصلة‪..‬‬
‫و كنت قد دونت بثا أتعصب فيه لرأي شيخنا الشهور ف السألة وهو الق الذي ل شك فيه عندي‬
‫وتتبعت فيه أدلة الشيخ اللبان رحه ال‪..‬‬
‫ودونت تعليقات عليها وملحظات ‪..‬‬
‫فكنت مستوعبا للمسألة ومدركا لكثيا منم تفصيلتا ‪..‬‬
‫وكأن لت منم الطالب ذلك انه ييل لرأي اللبان‪..‬‬
‫وكان سعود متفيا به فهو ضيفه ويعرف حشدت فل يريشد أن يفتشح بابشا للنقشاش والشذي يعشرف حشق العرفشة‬
‫خاتته‪..‬‬
‫ولكنن انشدفعت عليشه وأخشذت أسشرد عليشه مشنم النصششوص والششواهد والجشج مشا جعلشه بتلجلشج ويشرج مشنم‬
‫اللس مغضبا ‪..‬‬
‫‪279‬‬
‫فأخذ سعود ف نفسه علي وقال ل‪ :‬يا أخي ليس هذا وقته!!‬
‫ومع ذلك فلم تكنم تلك الواقف البسيطة والتافهة لتؤثر ف حياتنا فلدينا‬
‫منم الذكريات واللسات الفيدة والواقف الميدة ما ل يكاد يصر‬
‫ل يكنم الخأ سعود وأحد معتادان على اللطة بالشيخ ‪..‬‬
‫ولقد كنت خي سبيل لما ف ذلك ‪..‬‬
‫كان شيخنا رحه ال يدخل شقتنا ف الشهر مرارا‪..‬‬
‫وكان يدعونا دوما لبيته إن جاءه ضيف ‪..‬‬
‫وكم عادنا إن مششرض أحشدنا وبعشث لنششا مشنم طعشامه وهشداياه وصشلته الشت لش تنقطشع فقششد عششدنا جيانشه مشنم‬
‫وجهي ‪..‬‬
‫جيانه ف بيته القدي والذي عاش فيه اغلب عمره ‪..‬‬
‫وجيانه ف بيته الديث والواقع ف ناية الشارع ‪..‬‬
‫ف إحدى زيارت الشيخ للشقة قلت له ‪:‬ارغب يا شيخ ف شراء وسائد‬
‫لكي نتكيء عليها منم برد الدران وإن جاءنا ضيف تملنا معه!!‬
‫فقال ‪ :‬ليس هذا بضرورة !!‬
‫ويكفيك أن تضع قماشا أو شيئا خلف ظهرك وبذلك تتكيء عليه!!‬
‫رحه ال ما أبسطه وأزهده بزخارف الياة‪..‬‬
‫ولكنه ف النهاية سح ل بشرائها !!‬
‫ول تر شهور بعد ذلك حت بدلنا الكان فصار يأتينا الزوار ويقولون لنا‪..‬‬
‫كأنكم لستم بعزاب !!‬
‫يتبع إن شاء ال‬

‫الحلقة التاسعة والستون‬

‫الواق ششف ك ششثية ف ششدعونا نك ششي م ششا يعج ششل بالكاي ششة ويوص ششلنا لنهايته ششا عل ششى ل ي ششدخل الل ششل عل ششى القش شراء‬
‫الكرام‪..‬‬
‫وقد يكون بعضكم يرغب أن أفصل أكثر وأن أجعلها كأنا مذكرات يومية ولكنم هيهات‪..‬‬
‫دون ذلك تنقطع العناق فوال ما أدونه هنا يسقط منم رأسي دون أن ارجع لشيء مكتوب ‪..‬‬

‫‪280‬‬
‫فل يلومن لئم ف تقدم بعض المور وتأخر البعض فهذه حيلت وال الستعان‪..‬‬
‫اتسعت مكتبتنا يوما بعد يوم وهذا ما سهل علينا معاناة التنقل للمكتبة والبحث ف الراجع‪..‬‬
‫كنا نتمع والخوة الفاضل سعود وأحد فش الكتبشة فنراجشع ويقشرأ كشل كتشابه أو يراجشع حفظشه أو يشدون‬
‫بثه ‪..‬‬
‫ما أحلى تلك اللحظات الدافئة حينما نستيقظ ف الصباح الباكر وخاصششة فش الجششازات فنشششغل الششدافء‬
‫ف برد عنيزة القارص وينكب احدنا على كتابه فيغرق فيه فل يرفع رأسه حت أذان الظهر!!‬
‫وننم وال ل نشعر باللل ‪..‬‬
‫وليس ذلك بالدائم على كل حال !!‬
‫فمراحل الفتور والضعف ل بد منها ‪..‬‬
‫ل أنسى تلك الوجبات الدافئة منم طعام النين !!‬
‫وهو منم الوجبات الشعبية ف القصيم والت كنا نشتيها منم اللت وهي مغلفة وجاهزة‪..‬‬
‫فنطبخهششا علششى موقششد كهربششائي متواضششع فلنتهششم تلششك العجينششة الخلوطششة بششالتمر والزبششد والقشششط فتعطيششك‬
‫الطاقة وتذهب الوع وتشعرك بالدفئ ‪..‬‬
‫فتبقى شبعان نشطا طوال نارك!!‬
‫أمشا عششنم أوقششات الفشراغ ومشا اقلهششا فكنششا نقظيهشا سشويا فش زيششارة الشزارع اليطششة بعنيششزة ومشا أكثرهششا فكنششا نتنشزه‬
‫ونسي بي النخيل الباسقة والظلل الوارفة ‪..‬‬
‫ذهبنا مرارا لزرعة الشيخ عبد ال اللل والت هي مفتوحة لكل منم يريد دخولا‪..‬‬
‫فنسبح ف بركتها الكبية ‪..‬‬
‫خرجنا ف رحلت بسيطة واستأجرنا سيارة جيب سوزوكي!!‬
‫أو كنا نستعي مشنم أحد الخشوة سشيارته فنخشرج لصشحراء عنيشزة فنطعشس فيهشا فل تسشل عشنم تطعيشس أهشل‬
‫الجاز ف ند!!‬
‫ل تكنم حياتنا تسي على رتابة واحدة فنحنم بشر ‪..‬‬
‫نعيش ف جد وهو غالب شاننا والمد ل ‪..‬‬
‫ونلطه بالزل والستواح أحيانا ‪..‬‬
‫كنت قرأت عنم شيخ السلم ابنم تيميشة رحشه الش انشه كشان يقشول عشنم نفسشه كنشت أقشرأ فش تفسشي اليشة‬
‫مائششة تفسششي فربششا عسششر علششي مششنم فهمششا فششأخرج وأسششي ف ش ال شزارع أو قششال ف ش الطرقششات وادخششل السششاجد‬
‫الهجورة أو القدية وأترغ ف ترابا وابكي وأقول‪ :‬يا معلم آدم علمن ويا مفهم سليمان فهمن‪..‬‬
‫‪281‬‬
‫ولقد فعلتها مرارا كما كان يفعل الشيخ حيث كانت تضيق علي بعض السائل ‪..‬‬
‫فيفتح ال علي بذلك فتحا عظيما والمد ل ‪..‬‬
‫ولقد سألت شيخنا رحه ال عنم معن قول الشيخ ‪ :‬مائة تفسي ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬يقصد شيخ السلم مائة تفسي بعن مائة قول ‪..‬‬
‫فمنم الستبعد أن يقصد الشيخ مائة كتاب ف الية الواحدة فهشذا مشا يسشتحيل تيلشه ‪ ..‬وهشذا نظيش قشول‬
‫العلماء عنم حفظ المام أحد انه حفظ ألف ألف حديث !!!‬
‫فالقصود هو الروايات والسانيد ل عدد النصوص الروية ‪..‬‬
‫وال اعلم ‪..‬‬
‫زارنا ف تلك الشقة التواضعة إخوة كرام بقيت ذكراهم العطرة ف الذاكرة حت يومي هذا ‪..‬‬
‫منهششم الشششيخ الفاضششل مصششطفى العششدوي بششارك ال ش فيششه ول ش مششع هششذا الرجششل مواقششف جيلششة سششأذكرها ف ش‬
‫حينها إن شاء ال ‪..‬‬
‫مششنم كششان يعودنششا دومششا جارنششا إمششام السششجد الخأ عبششد العزيششز السششليم وكششم سششعته مشرارا يقششول للخأ سششعود‬
‫وأحد ‪ :‬هل تأت امرأة للمنزل فتنظفه لكم؟؟‬
‫لا يراه منم ترتيب وتنظيم فيها ل يعهده منم العزاب!!‬
‫هذه شهادة ‪..‬‬
‫كنششت مششدمنا للبحششث العلمششي وقششد شششجعن شششيخنا علششى ذلششك بششل كششان يكلفن ش تقريبششا كششل يششوم بكتابششة‬
‫بث بسيط عنم مسألة ث يقرأ بثي وقد يعلق عليه ويشرح‪..‬‬
‫وخصوصا تريج الحاديث ‪..‬‬
‫سعته مرارا وقد قالا علنا ف دروسه ‪..‬‬
‫أنششه نششدم علششى عششدم اشششتغاله بعلششم الششديث حيششث لش يكششنم فش نششد فش تلششك الفششتة أي اهتمششام يششذكر بششذا‬
‫العلم العظيم ‪..‬‬
‫كنششت اجلششس ف ش تريششج الششديث الواحششد وجششع روايششاته وأسششانيده والكششم علششى كششل سششند ورجششل وطبقششة‬
‫فأبقى اليوم واليومي حت اسلم البحث للششيخ فيقشرأه ثش يعلششق عليششه بالكتابشة أو شششفهيا فيقششول ‪ :‬ل ‪،‬زده‬
‫بثا أو هذا يكفي أو نو ذلك ‪..‬‬
‫وكم كنت أغتبط حينما يعلق بالقبول على ما قلته ويؤكد ما توصلت إليه والمد ل ‪..‬‬
‫خي منم استعنت به منم طلبة الشيخ ف هذا الال هو الخأ زياد النشيي‬
‫وهو شاب جع ال مكتبة حديثية ل يوجد على ما أظنم مثيل لا ف عنيزة بي طلبة العلم‪..‬‬
‫‪282‬‬
‫كنت أعوده ف غرفته الباردة دائما ف السكنم!!‬
‫أو فش عزبتششه الديششدة فيفتششح ل ش مكتبتششه بششارك ال ش فيششه فششأقلب مراجعهششا واسششتعي بششه إن فششرغ فأجششد بغيششت‬
‫عنده ‪..‬‬
‫كششان الخأ زيششاد يتعجششب من ش أحيانششا حينمششا يران ش أكششاد اقفششز مششنم الفششرح حينمششا احصششل بغيششت بعششد عنششاء‬
‫ومشقة !!‬
‫شعرت مرارا أنا والخأ سعود وأحد بضعفنا الكبي ف جع فقه المام احد‪..‬‬
‫حيث أننا نرغب ف معرفة الذهب على الصوص ‪..‬‬
‫كنشا نششدرس لششدى ششيخنا رحششه الش فقشه المششام أحششد فش الشزاد ولكششنم يتلشط علينشا أحيانششا مشذهبه بالششذاهب‬
‫الخرى ‪..‬‬
‫فحاولنا أن ند طريقة لدراسته على انفراد على احد مشائخ عنيزة العتبينم‪..‬‬
‫قام الخوينم الكريي بزيارات وماولت مع احد شيوخأ عنيزة‬
‫وهو الشيخ ممد بنم عثمان القاضي ‪..‬‬
‫وهو منم تلميذ الشيخ ابنم سعدي ومنم تلميذ شيخنا أيضا ‪ ..‬ولكنه اعتذر ورفض!!‬
‫وقال ‪ :‬ل أستطيع‪..‬‬
‫وكم زرناه وتوددنا له ولكنه أصر بالرفض‪..‬‬
‫ولعله ظننا غي جادينم ف السألة ‪..‬‬
‫كانت قضية ضبط الذهب لوحده أمنية ل ل تتحقق حت هذه اللحظات وال الستعان ‪..‬‬
‫رغم ما حصلته منم علم شيخنا منم شرح الزاد فهو خي والمد ل ‪..‬‬
‫ف تلك السنة أو الت تليها ‪..‬‬
‫حدث حفل السنة ‪..‬‬
‫حيث أعلنم ف بريدة عنم قرب تريج عدد منم طلبة العلم الذينم حفظوا الكتب الستة !!‬
‫حينما سعت منم طلبة العلم منم يذهب لبيدة عنم ذلك البنامج ظننته مبالغة ‪!!..‬‬
‫قلت ف نفسي ‪ :‬البلوغ أو العمدة أما الكتب الستة فمنم سيحفظه ف هذا الزمنم!!‬
‫سوى ما سعته عنم الشيخ عبد ال الدويش رحه ال ‪ ..‬فهو فريد زمانه‪ ..‬هذا ما اعتقدته‪..‬‬
‫أعلنم عنم حفل السنة قبل أسبوع ‪..‬‬
‫وتسامع الناس بذلك ‪..‬‬
‫وأذكر أن الفل كان يوم ثلثاء‪..‬‬
‫‪283‬‬
‫قبل الفل بيوم أو يومي قيل لشيخنا ف الدرس ‪ :‬يوم الثلثاء ليس هناك‬
‫درس أليس كذلك ؟؟‬
‫قال ‪ :‬ول ؟‬
‫قيل ‪ :‬حفل السنة!!‬
‫قال الشيخ ‪ :‬ل ادع له!!‬
‫وجم الطلب وشعرت بيبة ف نفسي وال منم هذا التصرف الغريب‪..‬‬
‫فقد سعنا منم الستعدادات لذا الفل والدعوات الت وجهت للعلماء‬
‫الكبار ف أقطار العال وعلى رأسهم ساحة الشيخ ابنم باز وغيه منم جلة‬
‫العلماء ث نفا جيء أن الشيخ ابنم عثمي ل يدع !!‬
‫على كل الوضع له قصة سأحكيها بتفصيلها ف اللقة القادمة‬
‫يتبع إن شاء ال‪..‬‬

‫هذا آخر ما ككتب ‪ ..‬وقد كتبه يرحه ال بتاريخ ) ‪:28 2005-11-29‬هل‪( 07‬‬

‫المصدر ‪:‬هل‬
‫منتدى أنا المسلم‬
‫‪http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=135394‬‬

‫الساحات‬
‫‪http://alsaha2.fares.net/sahat?230@41.n4KvannsOTZ.0@.1dd7b296‬‬

‫‪284‬‬
‫ملحق‬
‫) في وداع والدي أبي محمد رحمه‬
‫ال (‬
‫‪http://saaid.net/gesah/158.htm‬‬

‫‪285‬‬
‫بسم ال الرحنم الرحيم‬
‫قبل عدة شهور‪..‬‬
‫كنت أتنزه على شاطئ البحر‬
‫حيث تب الرياح القادمة منم الساحل متناغمة مع موج البحر الدافئ ‪..‬‬
‫كنت حينها منغمسا ف هأومي وأحزان ‪..‬‬
‫فقد بلغ ب الني لطفلي الصغيينم معاذ وحنان وأمهما ‪..‬‬
‫اللذان يبعدان عن آلف الميال‪..‬مبلغا عظيما‪..‬‬
‫لقد كان القهر والغيظ يكويان لعجزي عنم الوصول إليهم‪..‬‬
‫وزاد المر سؤا فقدي لعزيز على قلب‪..‬‬
‫إنه والدي عليه سحائب الرحة والغفران‪..‬‬
‫الذي قتل ف حادث مأساوي ‪ ..‬بي ‪..‬مكة والطائف‬
‫أل ما أضعف النسان‪..‬‬
‫لو شق صدري ف ذلك اليوم لا وسع الناس ما فيه منم أسقام وأوجاع‪..‬‬
‫هذا ما كنت أظنم طبعا!!‬
‫كنت ف تلك اللحظة وأنا أراقب غياب الشمس‪..‬‬
‫أتأمل البحر‪..‬‬
‫خطرت ل حينها فكرة غريبة‪:‬‬
‫ياترى لو ألقيت نفسي ف هذا البحر الخيف‪..‬‬
‫الليء بالظلمات والهالك‪..‬‬
‫وسبحت عددا منم الميال‪..‬‬
‫حت أجد سفينة تملن للبلد الت يعيش فيها أبنائي‪!!..‬‬
‫هل سأنو؟‬
‫كم منم القصص اليالية قرأت!!‬
‫والت ينجو فيها البطل بغامرة جنونية‪!!..‬‬
‫ل تلومون فقد كدت أجنم بل جننت فعل!!!‬
‫لقد بلغ ب التيه و الشتياق أن فكرت ف المر جديا‪!!!..‬‬
‫وما منعن منم ذلك والستغراق ف نسج الطة سوى أن لعت ل ف تلك اللحظة‪...‬‬
‫‪286‬‬
‫قارورة تفق ف الاء علوا وهبوطا‪...‬‬
‫كنت أراها منم بعيد ‪..‬‬
‫ل أبال با كثيا ف أول المر‪..‬‬
‫لكنم وف أقل منم لة‪،‬شاهدت شيئا ميزا ف هذه القارورة‪..‬‬
‫حسن ذلك وألان عنم جنون!!!‬
‫لت أنا مغلقة بإحكام‪!!!..‬‬
‫ولفت بشريط حريري جيل‪!!..‬‬
‫وطويت بشكل بديع ف قماش جيل للغاية يبهر النظر‪..‬‬
‫ييل إل البياض الشرب بمرة‪..‬‬
‫لفتت نظري وألبت مشاعري وظننت ف تلك القارورة الظنون‪!!!..‬‬
‫فلربا حوت كنزا ‪!!..‬‬
‫أو أي شيء يدور ف ميلة شخص مثلي‪..‬‬
‫سرت بحاذاة الشاطئ ماول المساك با‬
‫اقتبت منها ‪،‬لكنم ل أجرؤ أن أمد يدي لسحبها فالاء عميق وميف‪..‬‬
‫استمرت الطاردة برهة منم الزمنم‪..‬‬
‫وأخيا أمسكت با وقد حشرت ف جدار صخري‪..‬‬
‫رفعتها وكان الظلم قد هبط تقريبا‪..‬‬
‫سعت إقامة الصلة للمغرب‪..‬‬
‫ذهبت للمسجد وصليت الغرب مع الماعة‪..‬‬
‫كنت ف صلت أفكر ف تلك القارورة وقد فعل ف عقلي خنزب الفاعيل‪!!!..‬‬
‫بعد سلم المام وانصراف الناس‪..‬‬
‫خطرت ف رأسي خاطره‪...‬‬
‫ماذا لو كانت هذه الزجاجة عقدة سحر !!‬
‫ماذا لو كان ف القارورة شرا ينتظرن!!‬

‫‪..‬‬

‫‪287‬‬
‫أصابتن هذه الفكرة برهبة حقيقية‪..‬‬
‫وما يدرين ما هي النتائج إن كانت هذه القارورة توي عفريتا أو شيطانا مريدا أو!!!‬
‫وبعد تفكي بسيط عزمت على اكتشاف سر هذه القارورة السحرية وليكنم ما يكنم‪..‬‬
‫لقد بلغ ب اليأس حدا جعلن ل أبال بأي شيء‪..‬‬
‫وهكذا النسان إذا مسه الشر يؤسا‪..‬‬
‫انتظرت قليل حت يرج الصلون منم السجد‪..‬‬
‫وحي اطمأننت‪..‬‬
‫فتلت الشريط‪..‬‬
‫نزعت القماش الريري‪..‬‬
‫يا ال‪...‬‬
‫ما أبرد ملمسه وأنعمه‪..‬‬
‫أدرت الغطاء ‪..‬‬
‫فاحت منم القارورة رائحة زكية‪..‬‬
‫ل أشم عطرا كهذا ف الدنيا أبدا‪..‬‬
‫ل وال ما هذه الرائحة برائحة دنيا!!‬
‫عجيب !!‬
‫ما هذه الزعبلت!!‬
‫أخاطب نفسي‪!!!..‬‬
‫منم شدة شوقي لا ف داخل القارورة هأمت بتكسيها استعجال لا قد يكون فيها‪..‬‬
‫هززتا مقلوبة ‪..‬‬
‫بالكاد تستطيع النظر لا ف داخلها‪..‬‬
‫ويا ليبة أملي‪..‬‬
‫لقد كانت شبه فارغة‪..‬‬
‫سوى منم صحائف رقيقة طويت بإحكام‪ ..‬وحشيت بطريقة لطيفة بداخل القنينة‪..‬‬
‫أصبت بيبة أمل لن بلغ ب الطمع البشري حدوده‪..‬‬
‫وما عسان أن أحلم بغي الدرهم والدينار‪!!! ..‬‬
‫عانيت ف استخراج الوراق الطوية‪...‬‬
‫‪288‬‬
‫استعنت بقلمي لخرجها‪..‬‬
‫آه‪!!..‬‬
‫كانت الرائحة الزكية تصدر منم تلك الوراق‪..‬إذا!!‬
‫ذكرتن تلك الرائحة بريح السك والكافور الذي يوضع على اليت‪..‬‬
‫سبحان ال‪!!..‬‬
‫إن ذكريات ف تلك اليام ل تنقطع عنم الوت وما يتعلق به‪!!.‬‬
‫والظاهر أن ذلك منم نتائج الفجيعة بفقد والدي العزيز‪....‬‬
‫فهي مرحلة تصيب الكلومي‪..‬‬
‫ومنم ذا يعز علي أكثر منم والدي رحه ال‬
‫ووالدت أطال ال عمرها على الطاعة ورزقن برها‪..‬‬
‫لقد قام الغسل كما هي السنة بإحضار الكافور والسدر الدقوق‪..‬‬
‫ليخلطهما بالاء الذي يغسل به اليت‪..‬‬
‫كنت حينها واقفا على رأس أب عليه رحة ال‪..‬‬
‫أساعد الغسل ف تغسيل والدي ‪..‬‬
‫كانت الغرفة مليئة برائحة الوت الزكية!!!‬
‫وحدث أن صارت كلما فاحت رائحة عطر منم أي كان‪..‬‬
‫تذكرن بتلك العطور الت وضعت على أب‪..‬‬
‫دعونا منم الوت الن‪!!..‬‬
‫ما سر هذه الوراق‪..‬؟؟‬
‫وما سر هذه القارورة‪..‬؟؟‬
‫حي استخرجت لفافة الوراق‪..‬‬
‫اتكأت على جدار السجد وفتحتها ‪..‬‬
‫ل يبد عليها أنا مكثت كثيا بداخل القارورة‪..‬‬
‫ول يظهر عليها أثر رطوبة أبدا‪!!..‬‬
‫واضح أنا ألقيت ف البحر قبل زمنم قريب‪..‬‬
‫ف أعلى الصفحة الول‪ ..‬وبعبارة واضحة كالشمس!!!‬
‫وأنا أحلق فيها !!‬
‫‪289‬‬
‫لقد بت وصدمت حينما رأيت الكتوب‪:..‬‬
‫تسلم هذه الصحيفة لبنائي‪..‬‬
‫صال وعبد السنم ومازن ووليد وممد وأم شهد وأم هشام وأم باسل ورباب‪!!!..‬‬
‫السلم عليكم ورحة ال وبركاته ‪!!!!!...‬‬
‫قفزت منم شدة الول‪!!!!..‬‬
‫ارتعبت ‪!!!..‬‬
‫وقفت الدماء ف عروقي‪!!!..‬‬
‫غل دماغي خوفا ورعبا !!!‬
‫صعقت صرخت ياالي‪..‬‬
‫‪..‬بسم ال الرحنم الرحيم‪..‬‬
‫ما هذا الذي أرى؟؟‬
‫هذه أساء إخوت وأخوات!!!!‬
‫رميت تلك الوراق منم يدي‪..‬‬
‫زحفت للخلف وأنا التفت يينا وشال ‪..‬‬
‫ياترى هل يران منم احد فيظنن متل ف داخل السجد‪!!!..‬‬
‫أصابتن رجفة وارتعاد‪..‬‬
‫بقيت شارد الذهنم لفتة منم الزمنم‪..‬‬
‫ماذا سأفعل‪..‬‬
‫هل أنا أحلم ‪..‬‬
‫رفعت يدي نظرت إليها نفخت فيها‪..‬‬
‫بصقت على يساري ثلث‬
‫بعثرت شعر رأسي‪..‬‬
‫كل شيء حول يدل على القيقة‪!!!..‬‬
‫ياللهول ما هذه الرسالة ؟؟‬
‫منم كتبها؟؟‬
‫ولاذا وجدتا أنا ف البحر؟؟‬
‫ولاذا كتب تسلم لبنائي؟؟؟‬
‫‪290‬‬
‫أب قد مات منم شهر‪..‬‬
‫وأمي بالكاد تكتب‪..‬‬
‫وجدي قد خرف‪..‬‬
‫منم هو ‪..‬؟؟‬
‫منم كاتب هذه الرسالة؟؟‬
‫آلف التساؤلت مرت كلمح البصر على ذهن‪..‬‬
‫رقرقت عيناي ‪ ..‬بالدموع‪..‬‬
‫بكيت ‪...‬‬
‫تذكرت والدي‪..‬‬
‫ما أصعب أن يفقد النسان عزيزا فجأة بل مقدمات‪..‬‬
‫ل أحزن على فقد أحد كما حزنت عليه‪..‬‬
‫لقد خطفت النية والدي أحد منم بيننا ‪ ..‬خطفا‪..‬‬
‫كما تسرق الدأة فريستها منم على مائدة الطعام‪..‬‬
‫هكذا ‪ ..‬بل مقدمات‪..‬‬
‫ول إنذار‪..‬‬
‫حينما نقل إل خب الادث ظننت انه ل يت ‪..‬‬
‫حيث ل يشأ الناقل أن يفجعن‪..‬‬
‫قلت ف نفسي ‪..‬‬
‫سألقى والدي وأقول له‪ ..‬بصدق‪..‬‬
‫ل طعم للحياة منم بعدك يابو ممد‪..‬‬
‫اقتبت بذر منم تلك الوراق‪ ..‬البعثرة‪..‬‬
‫عزمت على اكتشاف السر الغامض‪..‬‬
‫استجمعت قواي‪..‬‬
‫وقلت ف نفسي ‪..‬هه‪..‬‬
‫وما ضرن!!!‬
‫فأنا منذ شهور وأنا أتلقى الخبار الزنة والكوارث حت ‪..‬‬
‫أصبح قلب حجرا ل مكان للحزن فيه‪..‬‬
‫‪291‬‬
‫حزنت وحزنت حت ل يعد للحزن معن!!!‬
‫يقول كاتب تلك الوراق‪..‬‬
‫إل أبنائي العزاء‪..‬‬
‫أنا والدكم أحد بنم ممد الغامدي ‪..‬‬
‫قد توفان ال تعال ف الثالث منم شهر ذي الجة ‪..‬‬
‫وذلك بعد غروب الشمس يوم المعة‪..‬‬
‫بعد أن صليت صلة الغرب والعشاء قصرا وجعا ‪..‬‬
‫وذلك ف جبل الدا ف الطائف ‪..‬‬
‫برفقة ابنت البيبة رباب ‪..‬‬
‫اكتب لكم هذه الرسالة أيها البناء وأنا بعيد عنكم‪..‬‬
‫بعيد عنكم بعدا ل يوصفه مقياس ‪..‬‬
‫فأنا الن ف دار البزخأ ‪!!!..‬‬
‫حيث يكون اليت ف دار انتقال للخرة‪..‬‬
‫بل بدأت آخرته حقا‪..‬‬
‫إنن أعيش ف حفرة مظلمة ل رفيق ل فيها ول أنيس‪..‬‬
‫إل ما قدمت لنفسي‪ ..‬منم عمل صال‪..‬‬
‫ل أدري هل ستصدقون أن والدكم يكتب لكم بعد موته‪!!!..‬‬
‫ل ألومكم يا أبنائي‪..‬‬
‫ل يسبق لكم أن مررت بثل هذه التجربة الغريبة‪..‬‬
‫وما منم ميت مثلي خلف أولدا ف سنكم وحالكم‪...‬‬
‫إل ويتمن أن يفعل ما أفعله ‪..‬‬
‫إنا آهات يا أبنائي‪..‬‬
‫إنا كلمات أردت أن أخطها لكم بقلمي ‪..‬‬
‫وابعثها لكم لتستفيدوا منها‪..‬‬
‫وتعتبوا با فيها‪..‬‬
‫إن آخر واحد منكم رأيته هي ابنت الصغية رباب‪..‬‬
‫أتذكرينم يارباب ‪..‬‬
‫‪292‬‬
‫أتذكرينم ياعصفورت الصغية‪..‬‬
‫حينما نظرت إليك قبل لظات منم الوداع‪..‬‬
‫أتذكرينم تقاسيم وجه أبيك‪..‬‬
‫لقد أردت ياحبيبت أن أقول لك كلمة ‪..‬‬
‫أردت أن أحلك رسالة‪..‬‬
‫ولكن أشفقت عليك‪..‬‬
‫أن أحل جسمك الضعيف ‪..‬‬
‫أمرا ثقيل تعجز عنه البال!!!‬
‫ولكنم‪..‬‬
‫لقد كفان يارباب تلك الضمة الخية ‪..‬‬
‫ضممتك لصدري لشم عبيك يابنت ‪..‬‬
‫لقد مضت مشيئة ال أن أرحل منم دونك ‪...‬‬
‫ث حصل ما حصل منم قدر ال‪..‬‬
‫أتعلمي يابنت‪ ..‬الصغية‪..‬‬
‫أنن بعد الادث ل أمت مباشرة‪..‬‬
‫لقد استيقظت بعد لظات بسيطة منم الادث‪..‬‬
‫كان كل هأي أن أراك‪ ..‬وال‬
‫وأطمأن عليك‪..‬‬
‫زحفت متثاقل وأنا الكهل ابنم الستي سنه‪...‬‬
‫وقد انفلق رأسي‪..‬‬
‫وسالت دماء جسدي النحيل منم حول‪..‬‬
‫لقد أيقنت ياصغيت أنا النهاية‪..‬‬
‫لقد زحفت يارباب أبث عنك ‪..‬‬
‫حاولت يابنت أن أصل إليك‪..‬‬
‫أردت أن اسبق الزمنم إليك ولكنم هيهات هيهات‪..‬‬
‫وقف ملك الوت على رأسي‪..‬‬
‫شاما كالطود العظيم‪..‬‬
‫‪293‬‬
‫أشار إل إشارة فهمتها وقال ل‪..‬‬
‫كفى ياأبا ممد كفى أيها الرجل الصال‪..‬‬
‫إنه أمر ال‪!!..‬‬
‫نظرت إليه بنظرة توسل‪..‬‬
‫ولنم حوله منم ملئكة الرحة‪..‬‬
‫الذينم امتدت منهم الطرقات مد البصر ‪..‬‬
‫أي وال هذا ما رآه أباك ياعزيزت‪..‬‬
‫توسلت إليه قائل‪..‬‬
‫أيها اللك الصال‪..‬‬
‫أيها اللك الصال‪..‬‬
‫إنا ابنت‪..‬‬
‫نظرة واحدة تكفين لطمأن عليها‪!!..‬‬
‫نظرة واحدة‪..‬؟؟‬
‫ضمة واحدة‪ ..‬أرجوك‪..‬؟؟‬
‫طأطأ برأسه وقال‪...‬‬
‫يا أبا ممد ‪ ..‬إنن عبد مأمور‪ ..‬ول راد لمر ال‪...‬‬
‫المد ل على قدره ‪..‬‬
‫سعت صوتك يارباب ‪ ،‬سعت استغاثاتك‪..‬‬
‫أب‪ ،‬أب ‪،‬أب‪...‬‬
‫ل استطع إجابتك يابنت فقد كنت أنازع الروح‪...‬‬
‫أحاطت ب ملئكة الرحة ‪..‬‬
‫فخرجت روحي منم جسدي‪ ..‬كما يرج الاء منم ف السقاء‪..‬‬
‫وداعا يابنت العزيزة وليعاك ال ويفظك ويعلك منم الصالات العفيفات‪..‬‬
‫أيها البناء ‪..‬‬
‫لكم تنيت أن يزيدن رب الللة ف العمر ساعة أو ساعتي ‪..‬‬
‫لعود إليكم واجتمع بكم ‪ ..‬للحظات‪..‬‬
‫لظات أو دقائق‪ ..‬فقط!!‬
‫‪294‬‬
‫لتشفي شوقي وألي لفراقكم الفاجئ‪...‬‬
‫أردت أن أعود إليكم لقول لكم وداعا ‪ ،‬وداعا‪..‬‬
‫لمسح رؤوس‪..‬أحفادي‪..‬‬
‫لوزع ابتسامات صادقة لبنائي‪..‬‬
‫لهأس ف أذن كل واحد منكم بتوصيات تصلح أمر دينه ودنياه‪..‬‬
‫آه ‪..‬آه ما أشد مرارت ‪..‬‬
‫اشتقت لم ممد‪..‬‬
‫زوجت الغالية‪..‬‬
‫رفيقة درب لربعي سنة‪..‬‬
‫آه يا أم ممد ‪..‬‬
‫أنا أدرى الناس بك وبزنك على فراقي‪..‬‬
‫أدرك كم تدينم منم وجد علي وهذا وال حال معك‪..‬‬
‫ياأختاه لقد تعذبت بأل فراقك كما تتعذبي‪..‬‬
‫ولكنم صبا فإن موعدنا النة إن شاء ال‪..‬‬
‫لو كنت أعلم ف تلك اللحظة حينما جلست أمامي‪..‬‬
‫قبل ساعة أو أقل منم رحيلي منم هذه الدنيا‪..‬‬
‫ووضعت يديك على ركبت ‪...‬‬
‫حينما قلت ل‪..‬‬
‫أنا ل أذهب بغي إذنك يابو ممد‪..‬‬
‫لو كنت اعلم بقدر ال تعال ‪..‬لضممتك كما يضم الشاب الغر صبيته‪...‬‬
‫أتذكرينم يا أم ممد ‪..‬‬
‫كم عشنا ف هذه الياة حلوها ومرها‪..‬‬
‫ف الطائف والباحة والرياض وجده ‪..‬‬
‫قصص ل تنسى وذكريات تتعطر با الالس‪..‬‬
‫لنم ترمي منها أبنائنا وأحفادنا‪..‬‬
‫حدثيهم ولو قدر ل لدثتهم عنك ‪..‬‬
‫أحدثهم عنم صبك وتملك ‪..‬‬
‫‪295‬‬
‫أحدثهم عنم أربعي خريفا مرت بذكريات عطرة ‪..‬‬
‫ل يعلم خباياها سوانا بعد ال عز وجل‪..‬‬
‫وأنت يازوجت الخرى‪..‬‬
‫يامنم كنت تنتظرين ف جده‪..‬‬
‫رحتك وال وشفقت عليك‪..‬‬
‫اسأل ال تعال أن يعوضك خيا ما أخذ منك‪..‬‬
‫أريد يا أبنائي لو استطعت‪..‬‬
‫أن أزوركم ف ملسنا العتاد‪..‬‬
‫اجتمع بكم ف صالة بيت ف مدينة الطائف ف مطط السحيلي‪..‬‬
‫الذي ل يعد بيت بعد اليوم‪!!!..‬‬
‫أتذكرون يا أبنائي والدكم ذلك الشيخ الكهل الذي اشتعل رأسه شيبا‪..‬‬
‫أتذكرون‪..‬أباكم‪..‬‬
‫حينما يدخل عليكم ف صالة البيت‪..‬‬
‫أو أجلس أمام دكة جارنا سعيد القحطان مع الحباب والصحاب منم أتراب‪..‬‬
‫أو حينما أحل الفول والتميس كل صباح منم الدكان برفقة هشام أو يزيد‪..‬‬
‫أو حينما أرجع بعد صلة الظهر ممل بالرائد وأنا مرهق تعبان‪..‬‬
‫أتذكرون جلسات العصر اليومية وشرب القهوة والشاي‪..‬‬
‫صدقون‪..‬‬
‫ل معن لتلك اللحظات ف حينها ولكنها الن ‪...‬‬
‫نار تتق ف فؤادي‪..‬‬
‫إنن أتن أن تعود تلك اللحظات لرة واحدة‪..‬‬
‫لرة واحدة فقط‪..‬‬
‫لرى شل العائلة حي يتمع‪..‬‬
‫أريد أن أقبلكم واحتضنكم واحدا واحدا‪..‬‬
‫كبيكم وصغيكم‪..‬‬
‫كلكم ف نظري صغار‪ ..‬ولو كان عمر الواحد منكم أربعي سنه‪..‬‬
‫اشتقت لحفادي ‪..‬‬
‫‪296‬‬
‫يزيد حينما يري ف البيت ويلعب ‪..‬‬
‫هشام رفيقي ف روحات للبقالة ‪..‬‬
‫إبراهيم وعبد ال رفاقي للمسجد‪..‬‬
‫عبد الرحنم ذلك الولد الشقي‪..‬‬
‫أساء ولي وجنا إننم رياحين ف الدنيا‪..‬‬
‫احد وباسل وبسام ووليد وفارس‪..‬‬
‫آه ما أعظم لوعت ‪...‬‬
‫إن أصعب اللحظات يا أبنائي أن يتمن الرء شيئا يبه‪..‬‬
‫ولكنه يعجز عنه‪...‬‬
‫ل أدري كيف ابدأ‪ ..‬وماذا أقول‪..‬‬
‫فمشاعري مضطربة للغاية ‪..‬‬
‫والشوق يدون لسجل آلف الذكريات ف هذه الرسالة‪..‬‬
‫ولكنم لنم يسمح ل يابنائي سوى بتدوينم بضع صفحات فقط‪..‬‬
‫سأنزها بأقل العبارات وأصدقها‪..‬‬
‫أيها البناء العزاء‪:‬‬
‫إن أول شيء أوصيكم به أن تتقو ال تعال ‪..‬‬
‫يا أبنائي إن منم خب ليس كمنم سع‪!!..‬‬
‫ليس منم يدثكم وهو يرى كمنم يدثكم منم كتاب ‪..‬‬
‫يا أبنائي إن خي الزاد التقوى‪..‬‬
‫إن خي حل يمله النسان ف هذه الدنيا هي طاعة أو قربة للمول جل وعل‪..‬‬
‫وال الذي ل إله سواه لسنة واحدة لنا يا أبنائي وف حالنا خي لنا منم كل ما ف الدن‬
‫منم بيوت وكنوز وقصور وسيارات فارهة وبنوك وسواه‪..‬‬
‫صدقون يا أبنائي لو كان ل منم المر شيء وعدت للعمل للت الرض صلة وتسبيحا‬
‫وقرءانا‪ ..‬المد ل على ما قضى ويسر‪..‬‬
‫إنن ف غب شديد على ساعات وأيام وشهور ل أقضها ف شيء ينفعن يوم الدينم ‪..‬‬
‫ولكنم العوض فيكم‪ ..‬إن شاء ال‬
‫لقد رأيت كيف ينفع عمل الولد والده‪..‬‬
‫‪297‬‬
‫يا أبنائي ننم ف الخرة ف حاجة للحسنة الواحدة‬
‫بتسبيحية‬
‫أو كلمة معروف‬
‫أو ذكر أو صلة‪ ..‬وقراءة قرءان‪..‬‬
‫يا أبنائي لو رأيتم ما رأيت لبكيتم كثيا ولضحكتم قليل‪..‬‬
‫لو رأيتم ما رأيت لا انتفعتم منم الدنيا بشيء‪..‬‬
‫لو رأيتم الدود والظلمة ف القب وما ير به الؤمنم منم أهوال فكيف بالعاصي‪..‬‬
‫أبنائي العزاء ‪...‬‬
‫إن أول أمر أوصيكم به بعد تقوى ال هي الصلة‪..‬‬
‫إن الصلة كالسور يميك منم النار‪..‬‬
‫إنا الصلة الت تصلك بربك ف الدنيا ‪ ..‬وتؤنسك ف قبك ف الخرة‪..‬‬
‫أوصيكم يا أبنائي أن تذروا منم أمور‬
‫أحذروا منم ألسنتكم‪ ..‬فإما أن تقولوا خيا أو اصمتوا‪..‬‬
‫أحذروا منم آذانكم أن تسمعوا حراما أو تتجسسوا ‪..‬‬
‫أحذروا منم مال الرام يا أبنائي ‪..‬‬
‫الربا أموال اليتام ‪ ،‬أموال الناس بالباطل ‪ ..‬مال الرام كله ‪ ..‬الذر الذر منم ذلك‪..‬‬
‫أخيا يا أحباب ‪..‬‬
‫أوصيكم أن تتمعوا ول تتفرقوا‪ ..‬فإن الشيطان يرؤ على منم شذ ‪...‬‬
‫ول يقتب منكم متمعي‪...‬‬
‫إنا مئات بل عشرات الوصايا الثمينة الت أعلم نفعها لكم إن شاء ال‪..‬‬
‫أوصيكم بطاعة ال وتقديها على طاعة كل البشر منم عظم ومنم احتقر‪..‬‬
‫كما أن ل طلبا هو حق ل عليكم‪..‬‬
‫ل ترمون ياأولدي منم عمل صال بال الذي قد ملكتموه‪..‬‬
‫ل ترمون منم دعوة صادقة يا أولدي‪..‬‬
‫ل ترمون منم صدقاتكم وبركم ‪..‬‬
‫فأنا وال كالغريق يبحث عنم كل شيء ينقذه منم اللك‪..‬‬
‫أسأل ال تعال أن يصلح حال وحالكم وأن يهيئ لكم منم أمركم رشدا‪..‬‬
‫‪298‬‬
‫وأن يغفر ل خطيئت يوم الدينم ‪..‬‬
‫وأن يعلن منم ورثة جنة النعيم‪..‬‬

‫أبوكم أحد‬
‫يعلم ال تعال قدر تأثري منم تلك الرسالة فقد انفجرت باكيا ما كتب فيها ‪..‬‬
‫التف مموعة منم أهل السجد حول حينما سعوا نيب ‪..‬‬
‫أخذوا يهدؤون منم روعي ويذكرون بال‪..‬‬
‫قم يا عبد ال‬
‫قم وأنا أبوك‬
‫قم قم بسم ال عليك‬
‫ايش فيك تبكي‪!!! ..‬‬
‫نظرت منم حول فإذا أمي فوق رأسي توقظن منم النوم ‪!!!..‬‬
‫لقد روعها بكائي ‪ ..‬فاستيقظت منم نومها‪..‬‬
‫وجاءت توقظن‪!!..‬‬
‫قم ياولدي قم ‪..‬‬
‫جلست ومسحت وجهي ‪..‬‬
‫اجتمع حول منم استيقظ منم نومه‪ ..‬منم الصبية والخوات‪...‬‬
‫ل اصدق ما يدور حول‪..‬‬
‫فقد كنت كالتائه‪..‬‬
‫طلبت الاء ‪...‬‬
‫وحينها ‪...‬‬
‫رن جرس التلفون ‪..‬‬
‫رفعت والدت السماعة‪ ..‬فهتف التصل‪..‬‬
‫السلم عليكم‬
‫وعليكم السلم ‪..‬‬
‫هل هذا منزل الستاذ أحد الغامدي‪..‬‬
‫نعم تفضل‪..‬‬
‫‪299‬‬
‫هل ولده )فلن ( موجود‪..‬؟؟‬
‫نعم موجود ‪ ...‬منم يبغاه؟؟‬
‫معاكم إدارة الباحث ف الطائف؟؟؟‬
‫ارتعبت الوالدة وخافت ‪..‬فشعر التحدث بذلك‪ ..‬فقال لا‪...‬‬
‫ل تقلقي يا أخت القضية أن مكتب المي ممد بنم نايف يبحث عنم ابنك ف موضوع ‪...‬‬
‫انتهى الفصل الول‪..‬‬
‫ف وداع والدي أب ممد الفصل الثان‬
‫تعصف بالنسان كثي منم الشاكل‪..‬‬
‫وقل ف هذه الدنيا منم سلم منها‪..‬‬
‫وقد كان ل منها بمد ال حظ وافر‪!!!..‬‬
‫فالمد ل الذي ل يمد على مكروه سواه‪..‬‬
‫لقد سعت كثيا بالمي ممد بنم نايف‪..‬‬
‫وأذكر أنن سعت به لول مرة على لسان أحد مشائخنا عليه رحة ال‪..‬‬
‫فقد سعته يثن عليه مرارا‪..‬‬
‫وقد خدمن هذا الشاب عنم طريق شيخنا الذكور ف قضية سابقة‪..‬‬
‫وف قضيت هذه حدثت مواقف ل أذكرها منم باب التحدث بالنعم ‪..‬‬
‫ومنم باب تفريغ شحنات القهر والغيض !!‬

‫قصت هذه وقعت أحداثها قبل أكثر منم عام ‪..‬‬


‫وذلك أن جواز سفري غرق جزء منه ف حوض علج طبيعي ‪ ..‬ف دولة ما!!!‬
‫قمت بتنشيفه بقدر الستطاع ‪..‬‬
‫ولكنم يظهر أنه بتعرضه للهواء مع الرطوبة أصبحت أوراقه مبعثرة وتلفت النظر!!‬
‫وبشكل طبيعي وبسبب هيئت وجنسيت أوقعن حال الواز‪..‬‬
‫ف مواقف أحرجتن ف مطارات دولية ‪..‬‬
‫فقد مررت تقريبا بالتحقيق ف كل غرفة مطار أمر به ‪!!..‬‬
‫وهذا ل شك أمر مرج ‪..‬‬
‫وف دخول الخي للملكة ‪ ..‬توجهت ف اليوم التال لوازات مدينة الطائف‪..‬‬
‫‪300‬‬
‫فأريتهم الواز‪ ..‬فاختلفت آراء الضباط‪!!...‬‬
‫فمنم قائل ‪ :‬يكنك السفر به على هذا الال!!‬
‫ومنم قائل ‪ :‬لو مررت ب ف منفذ لا سحت لك بالسفر!!‬

‫حينها عزمت على تبديله‪!!..‬‬


‫وليتن ما فعلت!!‬
‫فإنه للسف قد صور الوضوع على أنن‪..‬‬
‫قد تعمدت مو بعض العلومات الشبوهة منم الواز!!!‬
‫ول أدري بالضبط منم هو العقل البار الذي لبس ل هذه التهمة اليدة!!‬
‫حاولت مرارا وتكرارا مع جوازات الطائف لقنعهم بعدم مسئولية هذا الكلم‪..‬‬
‫وأنه مبن على حجج فارغة ‪ ..‬وأنن إنسان معروف بسلمة الال!!‬
‫فلماذا ألبس ثوبا غي ثوب!!‬
‫طالت السألة شهرا كامل ‪ ..‬وحاولت مرارا وتكرارا أن أنفي ذلك بكل الطرق‪..‬‬
‫أثبت لم بالتحقيق أنه ل يذف منم الواز ورقة واحدة أو معلومة واحدة‪..‬‬
‫ولكنم يظهر أن منم حقق معي قد عزم على شيء ال حسيبه عليه‪!!..‬‬
‫فبعد عدة مقابلت معه ‪..‬‬

‫أدعى الذكور أن علي ف ملفي الاص ملحظة أمنية !!!‬


‫ل يفسر ل معن هذه العبارة ‪ ..‬ول يلن على جهة تتحمل السئولية‪..‬‬
‫قال هذه أسرار ول يكنم اطلعك عليها!!‬
‫علمت بأن القضية تعقدت وأن الوضوع خلط بقضية أخرى!!‬
‫أشار علي أحد الخوان بقابلة المي ممد بنم نايف‪..‬‬
‫فهو معروف بي الناس بأنه ل يظلم عنده أحد !!‬
‫وكم منم مكروب كان سببا ف تفريج كربته ‪..‬‬
‫فأنا بعيد عنم أولدي وزوجي ‪ ..‬وعملي خارج البلد يتحتم علي سرعة الضور‪..‬‬
‫وهذا ما كان‪..‬‬
‫توسطت عنم طريق أحد العارف للدخول على المي‪..‬‬

‫‪301‬‬
‫وذلك ف حياة الوالد عليه رحه ال‪..‬قبل شهر رمضان عام ‪ 25‬للهجرة‪..‬‬
‫وجهن صاحب لشخص سيخدمن وقد أوصاه ب خيا‪..‬‬
‫دخلت على ضابط برتبة مقدم ‪..‬‬
‫استقبلن بوجه طلق‪..‬‬
‫قلت له هل أنت فلن ‪..‬‬
‫قال نعم‪....‬‬
‫قلت له لقد روحن لك فلن لتدخلن على المي ممد بنم نايف‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ونعم فيك وفيمنم روحك ايش موضوعك؟‬
‫أكيد زواج ؟؟أنتم الطاوعة تبون الزواج؟؟‬
‫قلت له ل‪,‬ا الوضوع هو الصول على جواز‪...‬‬
‫ل أدري هل فهم عبارت أو ل ‪...‬‬
‫ومع أنه قرأ الطاب العد إل أنه كرر كلمة الزواج مرارا‪!! ..‬‬
‫لقد كان هأي حينها أن أحصل على الواز ‪ ..‬فقط‬
‫فقد مضى علي عنهم شهورا عدة وزوجت على وشك الوضع‪..‬‬
‫أذن علينا الظهر ‪..‬‬
‫فخفت أن أتزحزح منم مكان للصلة ‪!!..‬‬
‫ث ل استطيع الدخول مرة أخرى على المي‪..‬‬
‫فقد رأيت منم الزحام عند البوابة ما يعلن أفكر بذلك حقا!!!‬
‫كل هؤلء جاءوا لقابلة ممد بنم نايف ‪..‬‬
‫كهول وشبابا ونساء وحت أطفال ومعاقي‪..‬‬
‫علما أنه ل يقبل ف اللسة سوى ثاني شخصا فقط ف السبوع مرة واحد ة‪!!..‬‬
‫وهو قليل للغاية لتمع كبي ومشاكله كثية!!‬
‫وللسف الواسطة مقدمة على الاجة ف كل أمورنا‪..‬‬
‫على كل‪ ..‬كان ف الغرفة معي أربعة أشخاص وكلهم جاءوا بواسطة الضابط الذكور‪..‬‬
‫ترجنا جيعا أن نقوم لجل الصلة خوفا منم أن تبدأ اللسة أو أن يغيب الضابط‪..‬‬
‫قال أحد الضور وهو كبي ف السنم ننم جئنا منم أماكنم بعيده وننم مسافرون ‪..‬‬
‫فيجوز لنا المع‪!!..‬‬
‫‪302‬‬
‫تنفست الصعداء ‪...‬‬
‫وفرحت بذه الجة وأيدته فورا!!!‬
‫انتظرنا حوال الساعة نراقب الداخل والارج‪..‬‬
‫بعد ها نادى الضابط شخصا مدنيا وهأس ف أذنه بكلمات‪!!..‬‬
‫وقع ف نفسي شك فلربا أراد الرجل تصريفنا وترج منا فقد كنا أربعة‪...‬‬
‫قال لنا قوموا مع الخأ ‪..‬‬
‫شكرته وودعته وأنا متار‪!!..‬‬
‫نزلنا منم الدرج منم الطابق الول أو الثان ل أذكر‪..‬‬
‫لا وصلنا للسفل أجلسنا مضيفنا الديد على القاعد الرصوصة ف بو الوزارة الفسيح‪..‬‬
‫أخذت أتبادل النظرات مع أصحاب‪ :‬هل ياترى عدنا منم الصفر؟؟‬
‫هل يب أن نسجل مع الموعات الائلة؟؟‬
‫حينما رأيتهم صامتي مطمئني ارتت وبردت أعصاب ‪..‬‬
‫فالظاهر أنم قد جربوا المر مرارا‪..‬‬
‫شاهدت مئات البشر يصفون ف صفوف غي منضبطة وف أيديهم اللفات والوراق‪..‬‬
‫ويقف أمامهم ضباط لتسجيل الساء وتوزيع الرقام‪..‬‬
‫وكما قلت فالطلب كبي والعروض نزر يسي‪..‬‬
‫كنت أرى وأنا منهم طبعا!! كيف يتوسط الناس مع مسئول الراسم‪..‬‬
‫لنم جاء بواسطة فلن وفلن‪..‬‬
‫وما أسهل أن يقول الضابط لنم يقف أمامه تعال السبوع الاي!!‬
‫طيب هل يعرف هذا السئول منم أينم جاء هذا السكي !!‬
‫إن بعضهم يأت منم مئات الميال ‪ ..‬منم شال الملكة وجنوبا‪..‬‬
‫ويا ليت المر أنه يضمنم مقابلة المي ف السبوع التال‪..‬‬
‫بل يب عليه أن يسجل منم جديد‪..‬‬
‫وقد يقابل المي وقد ل يقابله ‪!!!..‬‬
‫وقد يعتذر المي منم جلسة ذلك السبوع إل أجل غي منظور!!‬
‫إن هذا لشيء مؤسف وال ‪،‬فكم منم صاحب حاجة ول حيلة له‪..‬‬
‫ولكنم إذا ل يكنم إل السنة مركب فما حيلة الضطر إل ركوبا‪..‬‬
‫‪303‬‬
‫بعد لظات تركز مموعة منم حرس الراسم ف مواقع مددة منم البهو‪..‬‬
‫بيث ل يسمح لحد منم الناس بالرور منم تلك الراكز‪..‬‬
‫وقد كنا ننم ف وسط النطقة ‪..‬‬
‫ارتت جدا وفرحت بالصوصية الت نلتها بالواسطة‪!!!..‬‬
‫والعلم بيد ال وحده فقد يكون منم منعوا منم هم أحوج من آلف الرات !!!‬
‫ظننت ف البداية أننا سنستقبل المي ف البهو‪..‬‬
‫ولقد خاب ظن طبعا فالذي أنا فيه هو البداية فقط ‪..‬‬
‫فنظام البوتوكول معقد وفوضوي للغاية‪!!..‬‬
‫كما هو حال شعبنا للسف!!‬
‫صرخأ فينا ضابط وقال ادخلوا اللس ‪..‬‬
‫كانت الكراسي فاخرة للغاية ‪..‬‬
‫وبطرفة عي امتلت القاعد‪!!!..‬‬
‫ول أجد مكانا للجلوس‪..‬‬
‫كانت هناك عدة غرف جانبية تيط باللس الكبي ‪..‬‬
‫وقد حشيت حشوا بالناس‪..‬‬
‫ويظهر أن بعض الغرف هي لكبار الضيوف !! أظنم هذا!!‬
‫مرت أكثر منم ساعة أو ساعتي تللها توزيع مياه للشرب ‪..‬‬
‫وملة ل أذكر اسها لكنم أتذكر عليها صورة المي نايف‪ ..‬وزير الداخلية‪..‬‬
‫وكنت كلما ل حظت حركة واضطرابا منم الناس والعسكر أظنم المي وصل‪!!..‬‬
‫ولكنم تر الدقائق ثقيلة ول يضر أحد‪..‬‬
‫بعد فتة منم الزمنم أمر الضباط مموعة منم اللوس بالقيام والدخول ف سيب صغي‪..‬‬
‫وقد رصوا صفا واحدا بطريقة فيها شيء منم الهانة كما أشعر‪..‬‬
‫كانت إضاءة السيب ضعيفة وف طرفه اليسر بوابة تدخل منها لكتب يستقبل فيه المي‬
‫الناس‪ ..‬وكل دقيقة ير ضابط ليتأكد منم استواء الصفوف وانضباطها‪،‬‬
‫فتاه يقدم ويؤخر وهو متنرفز بشكل واضح‪!!..‬‬
‫ول أدري لا النرفزة !!‬
‫فالمر أهون بكثي ول يتاج للقلق ‪..‬‬
‫‪304‬‬
‫ث إن منم الناس الوقوف ‪،‬منم هم منم هو ف مناصب يب أن تتم ‪..‬‬
‫ففيهم الكادييون على أعلى التخصصات وشيوخأ القبائل‪..‬‬
‫وفيهم التجار والثرياء ونوهم‪..‬‬
‫والواجب أن يتم النسان مهما كان وضعه ‪..‬‬
‫ول شك أن حسنم التدبي ما يضفي على اللسة والمي باء وتقديرا‪..‬‬
‫أشغلت تفكيي حول البوابة الت سيأت منها المي‪!!..‬‬
‫وفعل حيتن ‪!!..‬‬
‫على كل وأنا ف حيت وتفكيي وطول النتظار أخيا‪..‬‬
‫جاء المي‪..‬‬
‫هو بشر مثل البشر !!!‬
‫طويل متوسط الطويل معتدل البنية عليه سيما التهذيب واللطف !!‬
‫مع صرامة ل تفى على ناظر‪ ..‬فهو بالتأكيد رجل أمنم‪!!....‬‬
‫ل تلومون ياأخوت على أوصاف فأنا صاحب حاجة ول بد أن أتفرس فيه‪!!..‬‬
‫جاء يشي سريعا ف حركته بشكل ملفت!!‬
‫وهكذا الرجال الادون !!‬
‫وقف أمام صف العاقي )وكانوا قليل (ف البهو الارجي‪..‬‬
‫استمع لكل واحد منهم وأخذ الوراق وسلمها لشخص بواره‪..‬‬
‫ث دلف علينا‪..‬‬
‫السلم عليكم ورحة ال وبركاته‪..‬‬
‫هكذا حيانا المي‪..‬‬
‫رددنا عليه السلم ث دخل الكتب منم البوابة المامية منم اللس‪..‬‬
‫وفورا بدأ الناس ف الدخول على المي‪..‬‬
‫يستقبل المي الناس وهو واقف‪..‬‬
‫وبعض التكلمي يطيلون الديث معه وبعضهم مثلي ‪..‬‬
‫يقتله الياء والهابة منم أن يطلب حاجته بشكل مرض‪..‬‬
‫وعندما وصلت للسيب الظلم أمرنا العسكري باللوس ‪..‬‬
‫واختار الربعة الوائل ف الصف ليقفوا بوار البوابة ‪..‬‬
‫‪305‬‬
‫فالدخول يكون بجموعات أربعة أربعة‪,‬ا‪,‬ا وهكذا ‪..‬‬
‫كانت بور العود يل الكان والظاهر أن هذا منم عادة المراء‪..‬‬
‫أن تبخر الالس بضورهم‪..‬‬
‫حينما وقفت على الصف أصابتن قشعريرة ‪..‬‬
‫فقد كنت أفكر ف جواب المي ‪..‬‬
‫وماذا سأقول له‪..‬‬
‫ول تض دقيقة حت صرت ف الصف قريبا منه ‪..‬‬
‫تدث صاحب الذي أمامي ‪..‬‬
‫بالغ ف السلم والكلم مع المي ما هو معروف ‪..‬‬
‫ول حظت أن المي يقرب أذنه بشكل مهذب للغاية للشخص التحدث‪..‬‬
‫ويتكه يتحدث وينصت له حت ينتهي ث ينظر ف عيونه ويبتسم ف وجهه‪..‬‬
‫ويقول له‪ :‬ابشر إن شاء ال تقضى حاجتك أو نو هذا الكلم‪..‬‬
‫ث يلتفت المي لنم بواره ويهمس ف أذنه بكلم ل يسمع‪..‬‬
‫ولكنم الرافق‪..‬يدونه فورا ف مذكرة بيده‪..‬‬
‫وبعدها جاء دوري ‪ ،‬صافحت المي ‪ ..‬وحييته‪:‬‬
‫السلم عليكم ورحة ال‪..‬‬
‫وعليكم السلم ورحة ال ‪ ..‬تفضل ‪..‬‬
‫قلت له أيها المي ‪..‬‬
‫أنا قضيت غريبة ‪ ،‬فمنذ شهور سحب جوازي من لنه غرق ف ماء‪..‬‬
‫وزوجت وأطفال خارج الملكة‪..‬‬
‫وعملي خارج البلد قد تأذى كثيا بسبب عدم حصول على الواز‪ ..‬ال الكلم‪..‬‬
‫قال هل هناك دولة تطلبك ؟؟‬
‫قلت أبدا فقد راجعت عدة جهات أمنية منم الباحث للداخلية للجوازات وكلهم أكدوا‬
‫أن ملفي نظيف ل مرية فيه‪..‬‬
‫وبشكل مفاجئ قاطعن المي وأمسك بكتفي وقال اصب شوي!!‬
‫وأخذ يهمس ف أذن مرافقه !! والظاهر أنه تذكر شيئا بصوص الشخص الذي قبلي‬

‫‪306‬‬
‫فأراد أن يلي على صاحبه قبل أن ينسى‪..‬‬
‫ث التفت إل وقال هل معلوماتك ورقم هاتفك مسجله على الطاب‪..‬‬
‫فقلت نعم ‪..‬‬
‫قال ل ثق تاما سنتصل عليك‪..‬‬
‫ث ودعته وانصرفت!!‬
‫ل تستغرق القضية دقائق!!‬
‫ل أخفيكم أنن خرجت خائبا للغاية ‪..‬‬
‫هل هذا كل شيء ؟؟ كل هذا النتظار ث ول شيء !!‬
‫سنتصل عليك!! فقط‪..‬‬
‫خرجت منم الداخلية وأنا منكس الرأس مبط حيان‪..‬‬
‫ولكنن أعطيت نفسي أمل با سعت عنم هذا المي ‪..‬منم عدل وأنصاف للمظلوم!!‬
‫ولكنم هل يعلم المي ممد لوعت وحنان وشفقت لهلي‪..‬؟؟‬
‫لو اطلع المي على الغيب وهيهات أن يطلع لكان المر متلفا ‪..‬‬
‫ولكنه بشر ‪ ..‬ل بد له أن يتأكد منم كلمي‪!!....‬‬
‫وهكذا فسرت لنفسي وبررت لغيي لكي تف الوطأة علي‪!!..‬‬
‫مرت اليام ثقيلة كالبال‪..‬‬
‫و دخل شهر الرحة والغفرة شهر رمضان ‪..‬‬
‫ف إحدى لياليه العطرة جاءن اتصال ف الساعة الثانية فجرا‪..‬‬
‫كان ذلك منم صهري‪..‬‬
‫يبشرن بقدوم الولود الديد‪..‬‬
‫صدقون لقد فرحت وحزنت ف آن واحد‪..‬‬
‫فرحت بقدوم ابنت وحزنت لبعدي عنهم ‪..‬‬
‫إنا نعمة عظيمة ل يشعر با إل منم فقدها رغما عنه‪...‬‬
‫سينا ابنتنا حنان أمل بالول جل وعل أن يرحنا ويلطف بنا‪..‬‬
‫كنت أتدث مع أهلي بالاتف يوميا ‪..‬‬
‫كنت أنفق أسبوعيا على الكالات حوال ألفي ر‪..‬‬
‫حت أفلست أو أوشكت‪..‬‬
‫‪307‬‬
‫اختلفت مع الهة الت كنت اعمل معها ‪..‬‬
‫ودخلنا معهم ف مشاكل ل يعلم مداها إل ال ‪..‬‬
‫ومع أنن صاحب حق ومظلوم إل أن مشكلة الواز هي الفيصل‪..‬‬
‫فأنا مقيد ل أستطيع السفر لبلد العمل لحضار الستندات اللزمة‪ ..‬الت تبأ ساحت‪.‬‬
‫استغل بعضهم فرصة غياب عنم مكاتب ليتلعبوا بالوراق والستندات كيفما شاءوا‪..‬‬
‫ل أشعر بطعم رمضان هذا العام للسف‪..‬‬
‫ول يظنم ظان أنن غر متصاب ‪ ..‬بل أنا والمد ل رجل أصب على الشدائد‪..‬‬
‫ولكنها رحة ف قلب على ضعاف وصبيت ‪ ..‬وال الستعان‪..‬‬
‫و ف الثر كفى بالرء إثا أن يضيع منم يعول‪..‬‬
‫جاءن اتصال منم مكتب المي وأخبون برقم معاملت ‪..‬‬
‫وطلب من متابعتهم تلفونيا‪..‬‬
‫صرت اتصل كل يومي ‪..‬‬
‫والواب منهم يقول‪ :‬ما زالت قضيتك عند المي‪ ..‬ول إفادة حت الساعة‪..‬‬
‫استدعيت للمباحث ف مدينة الطائف‪!!..‬‬
‫ول يسبق أن دعيت منم إدارة الباحث مطلقا‪..‬‬
‫قلقت ف أول المر‪ ..‬ولكنم أينم مفر؟؟؟‬
‫فل بد منم الضور‪..‬‬
‫شعرت عائلت ف الطائف بقلق شديد وخاصة الوالد عليه رحة ال‪..‬‬
‫حرصت على تطمينهم وأن المر ل يتعدى الروتي‪!!..‬‬
‫حينما تلقيت التصال منم الباحث للحضور كان التحدث معي ‪..‬‬
‫شخصا لبقا ويظهر منم نبته الحتام وساحة النفس‪..‬‬
‫كان ذلك منم أسباب اطمئنان وزوال الرهبة منم ذلك اللقاء‪..‬‬
‫نزلت لدينة الطائف ‪..‬‬
‫ف صباح ذلك اليوم اتصلت على زوجت وأخبتا بالال !!‬
‫جنم جنونا فقد خشيت السكينة علي وخشيت أنا أيضا أن يقبض علي!!‬
‫قدمت للدارة ‪..‬‬
‫للسف فإن النود الذينم على باب الدارة يتعاملون بفاء كبي مع الناس‪..‬‬
‫‪308‬‬
‫ول ألومهم فثقافتهم ثقافة سطحية ‪..‬‬
‫وتقدير الناس ومراعاة مشاعرهم ل وجود له ف مبادئهم أصل!!‬
‫دخلت الستقبال وطلبت الضابط العن ‪..‬‬
‫وبعد ثوان جاء اتصال للستقبال على أثرها صعدت برفقة العسكري للطابق الثان‪..‬‬
‫ل تكنم هذه الزيارة هي الول ل للمباحث‪!!.‬‬
‫فقد سبق وان جئت بنفسي دون استدعاء مرتي وقابلت نائب مدير الدارة‪!!..‬‬
‫طلبت منه أن يفيدن عنم وضعي المن؟؟‬
‫قال ل ‪ :‬ألي الناس ترب منا وأنت تأت طوعا تبحث ف ملفك؟؟‬
‫قلت له إن جوازي مسوك بدعوى أن لدي ملحظة أمنية!!‬
‫صور أوراقي وطلب من الضور بعد أسبوع ‪..‬‬
‫وفعل جئته فأكد ل أنن سليم وبإمكان الذهاب للجوازات لستلم جوازي ‪!!..‬‬
‫وطبعا هذا مال يدث‪!!..‬‬
‫ولقد كررت ذلك مع مباحث عليشة ف الرياض فكان الواب ماثل!!‬
‫عندما وصلت للضابط ‪..‬‬
‫استقبلن بوجه طلق‪...‬‬
‫إنه رجل ‪ ،‬يكفي أن أسيه رجل ‪..‬‬
‫قمة ف الخلق والدب‪..‬‬
‫لقد ما الضابط الذكور بسنم تعامله ولطفه وكياسته معي كل صور الظلم والتعذيب‬
‫والقهر‪ ..‬الت سعتها عنم رجال الباحث ‪...‬‬
‫إن الرجل بأدبه وبرفقه يصل لاجته ومراده أسرع وأفضل وأصدق منم طرق العنف‪..‬‬
‫لقد تولد عنم هذا اللقاء علقة ودية بين وبي هذا الرجل ما زالت حت هذه اللحظة‬
‫تتجاوز كل وظيفة ورتبة قيادية لتصبح أخوة وصداقة ورحة وعاطفة‪..‬‬
‫بارك ال ف أب وليد فهو رجل فعل يثل شعبنا الطيب المي اللوق‪..‬‬
‫لنم احكي ما ت ف اللقاء ولكنم خرجنا بنتيجة مفادها‪..‬‬
‫أن ل علقة بالوضوع بالواز ‪..‬‬
‫ولكنم يظهر ل وليسمح ل أخي فإنن استشفيت منم الوضوع‬
‫أن هناك وشاية جاءت عن وعنم مموعة منم الخوة منم جهة معروفة‪..‬‬
‫‪309‬‬
‫بالعداء للسلم والسنة ف الكان الذي كنت أعمل فيه‪..‬‬
‫ولذا ت التحقيق ل للتأكد بل لتبيء ساحت !!‬
‫ولكنم هل هذا سبب عدم صرف الواز ؟؟ ال أعلم ‪!!..‬‬

‫جاء العيد ول عيد ل‪..‬‬


‫كما قال التنب ف سجنه‪:‬‬

‫عيد بأية حال عدت ياعيكد با مضى أم لمر فيه تديكد‬

‫صار الصيي إمام البقي با فالكر مستعبدد والعبد معبود‬

‫ض أم آباؤه الصيكد‬
‫منم علمم السود الخصي مكرمة أقومهك البي ك‬

‫وذاك أن الفحولل البيض عاجزة عنم الميلل فكيف الصيةك السود‬


‫جاء العيد وكنت أؤمل أن يأتين اتصال قبله منم الداخلية ليكون عيدي مع أهلي‪..‬‬
‫فهاهي ستة شهور تر كستة قرون‪..‬‬
‫طلب من الوالد كغي عادته رحه ال أن أنزل لدة لستأجر استاحة للعائلة‪..‬‬
‫تقضي فيها العائلة فتة العيد ‪..‬‬
‫ول يسبق أن استأجرت عائلتنا استاحة ف العيد ‪..‬‬
‫وكأن هذا إرهاصات لنا برحيل الوالد عليه رحة ال‪..‬‬
‫لقد شهدت أعيادا كثيا مع عائلت ف صغري وبعد أن تزوجت وكبت‪..‬‬
‫والذي أوقنم به أنن ل أرى والدي مسرورا فرحا مع أهله وأولده كمثل أيام العيد هذه‪..‬‬
‫ل أنسى أبدا ذلك النظر الذي ترسخ ف ذهن حي رأيت والدي ووالدت ‪..‬‬
‫والعائلة كلها والطفال متمعي حول مسبح الستاحة‪..‬‬
‫اجتمعت ثلثة أجيال ف مكان واحد ‪ ..‬يمع بينهم الفرح والسرور ‪..‬‬
‫كان وجه الوالد متهلل فرحا طوال اليام الثلثة ‪..‬‬
‫كانت تلمع ف عينيه‪..‬دموع الفرح‪!!..‬‬
‫وهل هناك سرور أعظم منم سرور الوالد بولده !!‬
‫‪310‬‬
‫وهل هناك شيء يسعد الرء أكثر منم أن يرى أهله حوله سعداء مسرورينم!!‬
‫إذا لاذا شقي آباءنا علينا أليس منم أجل أن تقر أعينهم بنا!!‬
‫أظنم الوالد حينما كان ينظر إليهم ساعتها يقول‪..‬‬

‫المد ل الذي أقر عين بكم‪..‬‬

‫اللهم لك المد يا أرحم الرحي‪..‬‬

‫كانت الساعات حينها تر كلحظات منم حلوتا‪..‬‬

‫كانت النجوم زرقاء والسماء الصافية والرياح تب بنسيم بارد عذب‪..‬‬

‫الطفال يرون ‪ ،‬الفتيات يضربنم بالدفوف‪ ،‬النساء يرقصنم ويطربنم بالباح‪..‬‬

‫والشباب يتسامرون ف الزل والديث النعش‪!!..‬‬

‫كنا كأننا ف ليال عرس ‪..‬‬


‫ولكنم منم ياترى عريسها ‪..‬‬
‫ل شك أنه أبو ممد فهو عريس هذه اليام إل جنات اللد إن شاء ال‪..‬‬
‫ل يكشف القدر لنا حينها عنم سته الرقيق ‪..‬‬
‫ولو انكشف لنا بعضه أو كله‪..‬‬
‫لول ليالينا إل أتراح ‪...‬منم قادم ل مفر منه‪..‬‬
‫ولكنها رحة ال بعباده الضعفاء‪..‬‬
‫أن يفي عنهم مالوا اطلعوا عليه لول حياتم لبؤس وشقاء‪..‬‬
‫أي بؤس أعظم منم فقد والد أو والدة أو ولد‪..‬‬
‫اللهم ارحنا برحتك يا أرحم الرحي‪..‬‬
‫عزمت العائلة أن تكون النزلة لده سنوية ‪...‬‬
‫وف عيد الضحى القادم ستنزل العائلة لنفس الستاحة‪..‬‬

‫‪311‬‬
‫ولكنم هيهات هيهات !!‬
‫فقد خطف الوت الوالد ف اليوم الثالث منم ذي الجة‬
‫حيث تول عيدنا ميتما حزينا كئيبا وال الستعان‪...‬‬
‫بعد انتهاء العيد وعودة الناس لعمالم‬
‫قدمت للرياض لقابلة المي ممد مرة أخرى‪..‬‬
‫أتيت لصاحبنا القدم فتكرم مشكورا ببعثي فورا للمراسم لتسجيلي‪..‬‬
‫دخلت على المي ووقفت أمامه وقلت له بالرف الواحد‪:‬‬
‫ياأبا نايف إن عاجز عنم الكلم‪..‬‬
‫لح الشاب المي ف عين الزن وف نبة صوت اليأس فأمسك بيدي وقبضها !!‬
‫وأخذ يقرأ ف الطاب الكتوب‪ ..‬ث نظر إل وقال‪:‬‬
‫وينم تريد تروح ؟؟‬
‫قلت لهلي وعملي‪..‬‬
‫قال أينم؟؟‬

‫قلت للبلد الفلن‪ ..‬وذكرته‪..‬‬


‫احتار المي ما يقول ل فما عساه يقول !!‬
‫ربت على كتفي وقال سأهتم بالوضوع!!‬
‫حصلت ف تلك الفتة قضايا عملية السيارة الفخخة الت فجرت عند الداخلية‪..‬‬
‫علمت أن القوم لنم يتفرغوا لقضية شخص مثلي فلديهم منم السئوليات ما هو أهم‪..‬‬
‫زاد هأي وإحباطي وضاقت علي أموري الادية سؤا حت أصبحت أعيش على الديون‪..‬‬
‫انتهى الفصل الثان‬

‫ف وداع والدي أب ممد الفصل الثالث‪..‬‬


‫خطرت ل فكرة استحسنتها ول أشاور فيها أحدا‪..‬‬
‫وكان فيها نوع منم التحدي والنفعال ‪...‬‬
‫فقد كتبت مقالة ف موقع الساحات‪..‬‬
‫سخرت با يشيع ف دوائرنا الكومية منم فوضى إدارية ‪..‬‬

‫‪312‬‬
‫ومنها الدارة العامة للجوازات‪..‬‬
‫ووضعت رقم هاتفي بعد أن حددت مشكلت بشكل عام دون تفاصيل‪..‬‬
‫أقفلت جهازي ونت‪!!..‬‬
‫وكان الوقت ضحى‪..‬‬
‫ل شك أنن كنت قلقا ‪ ...‬وتوقعت أن ل يؤذن ظهر ذلك اليوم حت‬
‫تيط بنزلنا قوات الشرط و الباحث كما ييط السور بالعصم‪...‬‬
‫استيقظت منم النوم فوجدت رقم هاتف غريب‪ ..‬على جوال‪!!..‬‬
‫اتصلت عليه فرد علي صوت أجش ‪..‬‬
‫قال هل أنت فلن؟؟‬
‫خفت وهأمت أن أغلق السماعة ‪،‬قلت ‪ :‬نعم منم يبغاه؟؟‬
‫قال أنا منم سكان الدينة وذكر اسه وقبيلته‪..‬‬
‫أخذ يدعو ل بالفرج ول ينس الدعاء على منم ظلمن‪..‬‬
‫وأبدى استعداده لدمت وماطبة السئولي ‪...‬ال‬
‫شكرته وأثنيت على موقفه وطلبت منه أن يتقب ول يستعجل شيء‪..‬‬
‫أقفلت السماعة بعد انتهاء الادثة‪..‬‬
‫انتظرت للعصر فلم يتصل أحد‪..‬‬
‫انتظرت اليوم الول و الثان و الثالث حت نسي الوضوع‪!!...‬‬
‫حينها حكمت على الفكرة بالفشل على ضوء ما حدث‪..‬‬
‫أما التجاوب ف موقع الساحات فكان متواضعا بل شبه معدوم‪..‬‬
‫وحسب علمي فإنه ل يسبق أن تعود الخوة على مثل هذه الواضيع الشخصية‪..‬‬
‫فقضايا الصال العام لا جهورها العريض‪...‬‬
‫بينما القضايا الشخصية تعن صاحبها أول وآخرا‪...‬‬
‫بعثت عددا منم البقيات ‪ ،‬حوال ست برقيات‪..‬‬
‫ول يتجاوب معي أحد‪..‬‬
‫والظاهر أن السبب هو غموض القضية وعدم وضوح معالها !!‬
‫مسكي وال منم ل حيلة له مثلي‪..‬‬
‫ل ير علي ف حيات أبدا ضيق وحرج كما حال ف تلك اليام‪...‬‬
‫‪313‬‬
‫شعرت بآلم مرض النقرس الت عادت ل بعد غياب طويل‪..‬‬
‫راجعت الستشفيات وأشغلت بنفسي‪..‬‬
‫قال ل الطبيب ‪ :‬الكلى لديك فيها ضعف ف نشاطاتا‪..‬‬
‫وأنت قاب قوسي أو أدن منم الفشل الكلوي‪..‬‬
‫إنا ل وإنا إليه راجعون‪..‬‬
‫طيب مالذي سأفعله؟؟‬
‫ف خضم هذه الشاكل ‪...‬‬
‫حدثت الفاجعة الكبى‪...‬‬
‫والصاعقة القاتلة لا تبقى ف منم رمق حياة وأمل‪!!..‬‬
‫دعون أروي القصة كاملة‪..‬‬
‫حصل أن طلبت منم والدي أن يهبن عقارا لكي أرهنه فأحصل على سيولة مالية‪..‬‬
‫وقد دخلت ف مشروع إعلمي ‪..‬أعتبه قفزة ف دنيا العلم السلمي لو ت‪!!!..‬‬
‫وافق الوالد مشكورا على ذلك ‪..‬‬
‫وف اليوم الثالث منم ذي الجة ‪..‬‬
‫اجتمعت بالوالد أنا وكل العائلة ‪..‬‬
‫سوى منم سافر لاليزيا للسياحة ‪ ..‬قبل عدة أيام‪...‬‬
‫كانت الوالدة وأخت الكبى أم شهد وأنا نتناقش مع الوالد حول موضوع الرهنم‪..‬‬
‫وحول الشاريع الت دخلتها ‪..‬‬
‫ل شك أن الوالد سيقلق علي منم غوائل الزمان وما أكثرها‪..‬‬
‫أذكر جيدا جلسة الوالد ذلك اليوم ‪..‬‬
‫كانت اللسة حيمية وعاطفية للغاية ‪..‬‬
‫وأذكر أن آخر كلمة قلتها له ) إذا ت الوضوع فأنت والدي ولو رفضت فأنت والدي(‬
‫ل يكنم الوالد راغبا ف سفر الوالدة للباحة برفقت للقيام بتقييم قيمة الرض‪..‬‬
‫ولكنم بعد إلاح وترج وافق على ذلك بشرط أن نرجع للبيت ‪..‬قبل ظهر اليوم التال‪..‬‬
‫نزلت لبيت ف الدور الول وأحضرت إحدى الكاميات الديدة لشروعي القادم‪..‬‬
‫عرضتها عليه فحرك رأسه سرورا با يرى‪..‬‬
‫جلست الوالدة أمامه بعد أن لبست عبايتها وخارها ‪..‬‬
‫‪314‬‬
‫ووضعت يديها على ركبت والدي ‪..‬‬
‫ل اذكر أبدا أنن شاهدت الوالدة تفعل ذلك منم قبل‪..‬‬
‫داعبت ليته بيدها وقالت له ‪ :‬أتأذن ل حقا بالذهاب؟؟‬
‫وال ما ذهبت وأنت متكدر وغي راض إل كان ذهاب مشقة وعنتا‪ ..‬أو نو هذا الكلم‪..‬‬
‫كانت تلك هي نظرة الوداع‪..‬الخية ‪..‬‬
‫كانت آخر ابتسامة وآخرة نظرة بي الثني‪..‬‬
‫ودعت الوالد وانصرفت عنه ‪..‬‬
‫إنن أكتب هذه العبارات وكأن أنظر لكل شيء أمامي‪..‬‬
‫نزلت للسيارة ‪..‬‬
‫وانتظرت الوالدة ‪ ..‬فلم تتأخر ‪..‬‬
‫وتوجهنا صوب مدينة الباحة ‪..‬‬
‫كان ذلك قبل صلة الغرب بنصف ساعة‪..‬‬
‫عزمنا على تأخي الصلة للعشاء جع تأخي‪..‬‬
‫الوالدة حفظها ال امرأة خسينية ذربة اللسان‪..‬‬
‫تطوف بك ف السواليف والكايات شرقا وغربا‪..‬‬
‫وبا أننا ذاهبون لتقييم العقار فكان الديث عنم الرث الذي ورثه ‪...‬‬
‫والدي منم جدت مناسبا ‪..‬‬
‫حدثتن والدت عنم مرض جدت أم الوالد الت توفيت فيه وأنا عمري ثلثة شهور‪..‬‬
‫حيث اتصلت العمة بوالدي الذي كان مديرا لدرسة ف الطائف‪..‬‬
‫ويسكنم ف داخل هذه الدرسة حينها هو وعائلته!!‬
‫ول تستغربوا أيها القراء الكرام فهذه حقيقة‪..‬‬
‫وقد أخبتن الوالدة بأنن ولدت بذه الدرسة‪..‬‬
‫حينما بلغ الوالد برض الده توجه فورا لدينة الباحة لقرية اسها الكرا‪..‬‬
‫وتقع شال شرق الباحة على يسار الذاهب لطار الباحة القليمي‪..‬‬
‫عرف الوالد بصعوبة وضع أمه ‪..‬‬
‫فقرر نقلها لستشفى اللك فيصل ف الطائف ‪..‬‬
‫كانت ف شبه غيبوبة وتأن تت ثقل الرض ‪..‬‬
‫‪315‬‬
‫وصلوا للطائف برفقة أمه وأخته الشقيقة وكانت أمي بانتظارهم بالطائف‪..‬‬
‫حينما استيقظت الدة منم غيبوبتها ‪..‬‬
‫سألت عنم والدي !!‬
‫فجاء منم فوره‪..‬‬
‫قالت اته الن ياولدي للباحة وأحضر صكوك العقارات !!‬
‫وأصرت وألت بأن ينطلق منم فوره ‪!!..‬‬
‫فقد كانت تشى أن تسرق أو أن تؤخذ منم البيت بغي علم أب‪..‬‬
‫كانت الدة امرأة حازمة ووالدي ل يعصي لا أمرا أبدا‪..‬‬
‫توجه الوالد للباحة وأحضر ما طلبته أمه ووصل ف الليل متأخرا متعبا‪..‬‬
‫حينما عاد أعدت الوالدة الشاي للوالد ليتنشط به منم السفر‪..‬‬
‫ولكنم حارس العنب طلب منم الوالد الروج لنتهاء فتة الزيارة ‪..‬‬
‫بقيت الوالدة مع الدة وكنت أنا ثالثهما أما رابعنا فهو ضيف كري‪!!..‬‬
‫إنه ملك الوت عليه السلم!!‬
‫طلبت الدة منم أمي أن تفرق لا شعرها فرقتي وتدهنم رأسها‪..‬‬
‫لنا تشعر بصداع شديد وما كانت تعلم بأن ذلك منم عوارض الوت‪..‬‬
‫تددت جدت واتكأت بظهرها على أمي وأخذت أمي تشطها‪..‬‬
‫صمتت جدت برهة منم الزمان ‪ ،‬وسقطت يداها على الرض‪..‬‬
‫صاحت با الوالدة ‪ ..‬يافلنه يافلنه‪..‬‬
‫ل ترد عليها‪..‬‬
‫وفجأة فتحت الدة عينيها و قالت جدت بعد أن مدت يديها كأنا ترى أحدا‪..‬‬
‫تعال يابن تعال ياصال‪..‬تعال ياحبيب!!‬
‫وصال هذا أحد أبناءها الذينم توفو ف عمر السبع سنوات تقريبا‪..‬‬
‫ث رفعت اصبعها وهزته برفق تريد التشهد‪ ،‬وتشهدت ث فاضت روحها‪..‬‬
‫هذا ملخص ما حدثتن به الوالدة ‪..‬‬
‫وأما والدي فإنه حي مغادرت مع الوالدة للباحة ‪..‬‬
‫خرج بعدنا بدقائق وتوجه مع أخت الصغية رباب‪..‬‬
‫تدثن رباب تقول‪:‬‬
‫‪316‬‬
‫كان الوالد يازحها ويضاحكها طوال الطريق ‪..‬‬
‫وكنت أريد أحدثه ف أمور كثية تعنين‪..‬‬
‫ولكنن حينما رأيته مسرورا يزح كرهت أن أبدل مزاجه الطيب‪..‬‬
‫ل تكنم تعلم السكينة سر هذا الزاج الطيب ‪!!..‬‬
‫حينما وصل لبل الدى توقف والدي ف الصندقة العدة للصلة الت ف أعلى البل ‪..‬‬
‫وتأكد منم مصلى النساء فنزل للصلة ‪..‬‬
‫وقال لا ‪ :‬صلي الغرب والعشاء فربا ل نعيش يابنت!!!‬
‫سبحان ال !! هل يعلم اليت بدنو أجله‪..‬‬
‫هل يبلغ بشيء ال أعلم‪..‬‬
‫غي أن ل حظت ف والدي إقبال على العبادة ف الشهور الخية با ل عهد ل به‪..‬‬
‫وتقول أخت وهي رفيقته ف عدة سفرات ‪:‬‬
‫ل تكنم عادته أن يمع الصلة ف السفر‪..‬‬
‫بل كان يرص أن يصلي كل صلة لوقتها ف السجد أينما وجد‪...‬‬
‫يدثن شخص زارن للعزاء يقول‪:‬‬
‫قبل أسبوعي هرب شخص منم الشقق الفروشة التابعة لوالدكم ‪..‬‬
‫ول يدفع أجرة الشقق‪...‬‬
‫فقلت له يابو ممد عندك رقم جوال الرجل اتصل عليه وبلغ عنه الشرطة‪..‬‬
‫قال الوالد ل‪ ،‬دعه فسوف استجعها منه يوم الدينم فأنا سأحتاجها قريبا‪!!..‬‬
‫قرأت ف كتاب التذكرة للقرطب ‪،‬عنم أثر أن ال تعال إذا أراد بعبده خيا وكل له‬
‫ملك ينشطه للطاعة قبل موته ث يقبضه على الطاعة‪ ..‬وال أعلم‪.‬‬
‫كان الوالد مع كب سنه يسرع ف قيادة السيارة‪..‬‬
‫فلقد انطلق بسرعة تفوق الائة وستي ف الطريق السريع بي الطائف ومكة‪..‬‬
‫وفجأة ظهرت له سيارة ف وسط الط شبه متوقفة‪..‬‬
‫ويظهر أنا خرجت منم فرجة وسط الطريق‪...‬‬
‫وقد أنكر ضابط الرور ذلك ‪ ..‬ولكنم أخت أكدته وشاهدت السيارة‪..‬‬
‫على كل حصل أن تنبه الوالد لتلك السيارة ‪..‬‬
‫فأدار القود للجهة اليمن لتنحرف الركبة بسرعة قاطعة الطريق منم طرفيه‪...‬‬
‫‪317‬‬
‫حينها صرخت الفتاة وسقطت ف تويف السيارة أسفل القاعد‪..‬‬
‫وهي منم نوع الفرت الدفع الرباعي‪...‬‬
‫تشاغل الوالد بابنته فقد أيقنم بالكارثة ‪..‬‬
‫جذبا نوه وضمها لصدره وارتى عليها‪ ..‬ليحميها‪..‬‬
‫سقطت السيارة ف الوادي وتقلبت أربع قلبات أو أكثر‪..‬‬
‫تزقت السيارة فصارت شذر مذر‪..‬‬
‫وضرب سقفها الديدي منم جهة الخت على رأس الوالد ‪..‬‬
‫كانت الضربة تلك هي القاتلة ‪..‬‬
‫أما أخت ففقدت الوعي ‪ ..‬ول تشعر سوى أنا ببطنم الوادي فوق شجرة طلح‪..‬‬
‫على بعد يتجاوز المسي متا تقريبا‪ ..‬حيث نفحتها قوة استدارة السيارة ف الواء‪..‬‬
‫وحصل ما حصل ما ذكرته سابقا‪ ...‬وال الستعان‪..‬‬
‫كانت تلك الحداث الؤلة تدور رحاها ف طريق الطائف مكة‪..‬‬
‫وأنا والوالدة نتحدث عنم الوالد وأمه‪ !!...‬وبره با وكيفية موتا‪..‬‬
‫تصادف عجيب ‪!!! ..‬‬
‫تزاحم الناس كالعادة على مكان الادث‪..‬‬
‫جاء ضابط شهم منم قبيلة عتيبة ‪...‬‬
‫ومنع التطفلي منم الوصول للفتاة ‪ ..‬حيث ل تعلم بوت الوالد‪ ..‬حينها‪..‬‬
‫قال أحد العسكر هل اليت يقرب للفتاة ؟؟‬
‫فصاحت البنت وولولت‪..‬‬
‫فقال لا الضابط ‪ :‬ليس أبوك يا أخت إنه الشخص ف السيارة الثانية‪..‬‬
‫والدك نقلناه للمستشفى وستلحقينه قريبا ‪..‬‬
‫لقد قام هذا الشاب النبيل بمع كل ما تناثر منم نقود وذهب ومستندات ‪..‬‬
‫لكثر منم ساعتي منم بعد الادث‪..‬‬
‫وسلمها كما هي ل بغي نقصان‪ ..‬بعد عدة أيام فجزاه ال خيا‪..‬‬
‫حي وصول لدينة الباحة ‪ ...‬أدركت العشاء ف السجد‪..‬‬
‫وبعد الصلة توجهت للسوق لشراء هدايا للقارب‪..‬‬
‫وحينها اتصل علي ابنم العمة‪!!!...‬‬
‫‪318‬‬
‫كنت فرحا باتصاله على غي عادته !!‬
‫قال ل أينم أنت ؟‬
‫قلت له الن وصلت للباحة‪..‬‬
‫قال والدك أصيب بادث وأختك بي وهو بي ويب عليك الضور!!‬
‫ل أسع مثل هذه العبارة منم قبل !! أو أن عقلي منم هول كلمه ل يدركها‪!!..‬‬
‫طلبته يكرر ما قاله كأنن أبله‪!!..‬‬
‫وحي أدركت معان عباراته قذفت با ف يدي منم حاجيات‪..‬‬
‫وحي رأيت الوالدة ف السيارة ‪ ..‬ترددت!!‬
‫وقفت أنظر إليها منم خلف السيارة!!‬
‫ماذا عسان أقول لا؟؟‬
‫ما هي العبارات الناسبة لوقف ميف كهذا!!؟؟‬
‫اقتبت منم النافذة واننيت كالسكي حينما ينكسر للسؤال‪...‬‬
‫ونظرت ف عينيها وقلت لا بصوت خافت وهادئ‪..‬‬
‫يامه أب صار عليه حادث لزم نرجع للطائف !!‬
‫ايش؟ ما فهمت ايش تقول!! تتعتعت قليل ث تاسكت وقالت‪:‬‬
‫كيف أبوك ياولدي؟؟ ووينه؟؟ وأختك؟؟ عشرات العبارات انطلقت منها‪..‬‬
‫قلت لا ل أدري خلينا نرجع ونشوف‪...‬‬
‫استدرت بالسيارة فورا لرحلة العودة‪..‬‬
‫لنم يعرف طريق النوب ف الليل فهو خطي للغاية ومليء بالدواب‪..‬‬
‫ومع ذلك فقد أسرعت بشكل جنون للق بأب ممد‪..‬‬
‫وما كنت أدري حينها أن البيب قد وضع رحاله ف دار غي دارنا وال الستعان‪..‬‬
‫خلل الطريق ل تتوقف التصالت بين وبي إخوت‪..‬‬
‫فلقد خرجت العائلة عنم بكرة أبيها حبا لذا الرجل ‪..‬‬
‫ول يكنم يعلم أحد بوفاته قبل وصولنا‪..‬‬
‫اتصلت ف الطريق على جيع مستشفيات مكة العروفة ل ‪..‬‬
‫رابن ‪..‬إفادة المرض بنقل الوالد لستشفى الششه وأخت لستشفى النور‪!!..‬‬
‫لاذا فرقوهأا؟؟ قالوا لعدم وجود أسرة بسبب الج‪!!..‬‬
‫‪319‬‬
‫كانت بعض التصالت منم القارب مزعجة‪..‬‬
‫حيث ل يراعي البعض مشاعر النسان وهو يقود ف طرق خطرة‪..‬‬
‫ولكنم ال سلم‪..‬‬
‫أمرتن الوالدة بالتوجه لستشفى الششه فقد كان الم بالوالد أكب!!‬
‫ومنم ذا يعز عليها أكثر منم أب ممد!!‬
‫ولكنم أخي الكبي حي علم بوجهت وقد علم بوت الوالد حينه‬
‫خاطبن بنبة عادية ول يظهر عليها الزن‪ ..‬بالتوجه لستشفى النور‪..‬‬

‫وأصر علي بإحضار الوالدة لم ‪ ،‬وبعدها ننطلق لشاهدة الوالد‪..‬‬


‫ف إحدى اتصالت للششه طلبت منم المرض بإلاح كبي أن يوصلن بالط لتدث‬
‫مع الوالد‪ ،‬ولكنه ماطل بجة بعد التلفون وأنه ف غرفة العمليات ونو هذا الكلم‪..‬‬
‫وحسنا فعل جزاه ال خيا‪..‬‬
‫يعجبك فطنة بعض الناس ف تصرفاتم‪..‬‬
‫كانت الوالدة طوال الطريق تضرب بيدها على صدرها بشكل متتابع‪ ..‬وبدون نواح‪..‬‬
‫ولصدرها أزيز كأزيز الرجل‪..‬‬
‫وتقول ياولدي أبوك صار له شيء أنا أشعر بذلك!!‬
‫أكيد يابو ممد صار عليك شيء ما شعرت يه بثل هذا الشعور قبل اليوم‪!!..‬‬
‫كنت أسفه رأيها‪ ،‬وف قرارة نفسي أوافقها ولكنن رحتها‪...‬‬
‫ولو تركت للظنون سبيل لقلبها لنفطر منم حينه ل قدر ال‪..‬‬
‫وصلت لستشفى النور وبالكاد حصلت موقفا للسيارات‪..‬‬
‫كنت والوالدة نلهث خلف كل منم نراه مقفيا نسبه أخا أو والدا!!‬
‫وصلت للستقبال‪ ..‬لحظت عليه البود فأشعرن ذلك بالراحة‪!!..‬‬
‫أعطيته أساء الصابي‪..‬‬
‫أشار ل بالذهاب لكتب التنوي‪..‬‬
‫وبمد ال قبل وصول لم اتصل أخي ‪..‬‬
‫فقد كانت عاطفت والوالدة أشبه ببكان‪..‬ينتظر الثوران ‪..‬‬
‫أصررت على الوالدة أن تلس على مقاعد النساء‪..‬‬
‫‪320‬‬
‫وبثت عنم أخوي وحينما شاهدتما منم بعيد‪ ..‬تفرست ف وجهيهما ‪..‬‬
‫لعلي أعرف خبا ‪..‬‬
‫وحينما التقينا ‪ ،‬أشاح أحدهأا بوجهه عن ليخفي دمعة تدرت منم عينيه‪..‬‬
‫ومنم ث ضميان وبكيا كطفلي صغيينم‪..‬‬
‫مات أبونا يافلن مات‪..‬‬
‫استجعت ‪ ،،‬ول استطع الستمرار ف الوقوف فقعدت على‬
‫الرصيف أبكي كيتيم ‪...‬‬
‫كان الم عند إخوت على الوالدة‪..‬‬
‫فهي كبية ف السنم ولربا تسوء الكارثة ‪ ...‬وتتضاعف الصيبة ‪..‬‬
‫ل تنتظر الوالدة فلقد بثت عنا فجاءت تتبع الطى ‪..‬‬
‫وينم أبوكم يامه؟؟‬
‫وينم أختكم ؟؟‬
‫ويش صار وأنا أمكم ‪..‬‬
‫بكى الخوان عندها فصرخت الوالدة وسقطت على الرض‪..‬‬
‫أما الخت فقد انكسرت ذراعها وأصيبت بشعور ف الظهر‪ ..‬ولكنم ال سلم‪..‬‬
‫فقد كادت السكينة تلحق بوالدها ‪..‬‬
‫فالمد ل على عافيتها ‪..‬‬
‫كانت تلك الليلة كابوسا با تعنيه الكلمة منم معن‪..‬‬
‫فهول الصيبة ث ما يتتب عليها منم ترتيبات منم تغسيل وصلة ودفنم‬
‫وغي ذلك تشكل أزمة واستنفارا لكل الطاقات‪..‬‬
‫ل نذق جيعا طعم النوم ‪..‬‬
‫كنت ف تلك الليلة أفكر بالوالد ف الثلجة ‪..‬‬
‫هأمت أن أذهب للثلجة لكون قريبا منه!!‬
‫وما عسان أنفعه حينها!!‬
‫ف ضحى اليوم الثان ‪..‬‬
‫اجتمعت العائلة والقارب والعمام ‪..‬‬
‫انطلقنا للثلجة‪..‬‬
‫‪321‬‬
‫كان يوما مشمسا ‪ ،‬والوجوه عابسة ‪ ..‬كنت وإخوت كحفاري قبور‪..‬‬
‫ل نعرف كيف نبدأ كل له رأي وكل يتكلم ولكنم ليس بينهم أبو ممد‪!!..‬‬
‫استكملنا إجراءات استخرج الثة ومنم ث توجهنا للثلجة‪..‬‬
‫كانت سيارة السعاف الت ستنقل الوالد جاهزة ومفتوحة البواب‪..‬‬
‫قادنا عامل بنغال يمل بيده نقالة صغية‪..‬‬
‫ل يظهر عليه أثر الوف والتدد مثلنا!!!‬
‫كانت أمامه ثلثة أبواب حديدية ضخمة‪..‬‬
‫فتح احدها فخرج منها تيار هوائي بارد للغاية‪..‬‬
‫ويا للمنظر الوحش‪..‬‬
‫أكثر منم مئة جثة قد رصت بشكل فوضوي ‪..‬‬
‫دخل العامل للداخل فلحقته لوحدي ‪ ..‬ث تتابع منم جرؤ ورائي‪..‬‬
‫كانت بقع الدماء تلء الكان ‪..‬‬
‫والثث موضوعة ف أدراج كأدراج الكتب والضاءة خافته للغاية ‪..‬‬
‫بث العامل ف الرقام وعيوننا جيعا تسي معه‪..‬‬
‫وأخيا أشار لب‪ ..‬وقال هذا هو ‪ !!..‬دونكموه!!‬
‫اقتبنا منم الوالد كان رحه ال دقيق السم ‪ ..‬قليل اللحم ‪ ...‬رأيت يده فعرفتها‪..‬‬
‫أذكر أن أعمامي وإخوت انكبوا على يده فقبلوه‬
‫ل يرؤ أحد على رفع غطاء الوجه‪..‬‬
‫فقد كان الدم يغطيه بشكل ميف‪..‬‬
‫وعلى جوانب النقالة سقط الدم‪..‬‬
‫كانت يده بارزة وتلمع فيها أزرار كم الثوب الديدية‪..‬‬
‫وكان ثوبه أسودا كما تركته بالمس‪..‬‬
‫لو ل أرى الدماء لظننته نائما رحه ال فقد كانت كهيئته ف ذلك كما عرفته‪..‬‬
‫أذكر مرة أنن ف صغري وأنا ل أتاوز الثمان سنوات ‪..‬‬
‫أنن دخلت على الوالد ‪ ..‬وكان نائما ف صالة بيتنا القدي‪..‬‬
‫كان مهيبا ول يرؤ أحد على إزعاجه‪...‬‬
‫لكنن جرؤت حينها ووضعت راحة يدي على بطنم قدمه وأريد مداعبته‪..‬‬
‫‪322‬‬
‫عندها استفاق الوالد ونظر منم حوله فحي رآن لفحن بالخدة وقال ل ياشقي!!‬
‫ها أنا الن بعد أكثر منم عشرينم سنة أحله جثة هامدة ‪...‬‬

‫أخرجناه وتوجهنا به للمغسلة‪ ..‬وكانت على مسافة بعيدة‪..‬‬


‫دخلت مع عمي للمشاركة ف التغسيل ‪..‬‬
‫كنت أتساءل ‪ ..‬هل أنا أحلم؟؟ أل أكنم بالمس معه أتدث !!‬
‫ما أرهب الوت وأعظم ترويعه‪..‬‬
‫كنت اقتب منم وجهه ول أقدر أنظر إليه ‪ ..‬ولكنن أخيا رأيته‪..‬‬
‫خاطبته كثيا وقبلته ودعوت له‪..‬‬
‫كانوا يقلبونه يينا وشال كدمية !!‬
‫وبالمس ل يرؤ أحد أن يقاطع حديثه!!‬
‫كان سيدا مطاعا ف أولده وعماله وخدامه وزوجاته واليوم هو جثة هامدة!!‬
‫كان يستنشق الواء ويأكل الطعام ويشي ف السواق والن يلف برقة !!‬
‫شقت السنون والموم ف وجهك ياأب سنون طويلة‪..‬‬
‫والن ن قرير العي مطمئنا ) بإذن ال(‬
‫ياأب لكم تنيت ف تلك اللحظات أن أكون فدائك‪ ..‬ول تصب بدش!!‬
‫ارحل فقد تركت ف القلوب جروحا لنم يحوها الدهر لفراقك رحك ال‪..‬‬
‫يا أب لو علمت كيف أصبح حالنا منم بعدك ‪..‬‬
‫تشتت حالنا ‪ ،‬وتبدلت القلوب ‪ ،‬وثقل حلنا منم دونك‬
‫حلناه للحرم الشريف ووضع الوالد بي يدي الشيخ أسامة بنم خياط‪..‬‬
‫فكب الشيخ ‪،‬فكب خلفه مئات اللف منم الصلي ‪ ..‬وسيشفعون له إن شاء ال‬
‫حينما وصلنا للمقبة ظننت أن هناك جنازات أخرى غي جنازتنا‬
‫فقد هالن الشد الكبي منم الناس‪..‬‬
‫أناس جاءوا منم كل مدن الملكة منم أصحابه وأحبابه وأقاربه بل وحت طلبه‪..‬‬
‫لقد مكث الوالد ف التعليم خسة وثلثي سنة‪ ..‬حت تقاعده‪..‬‬
‫صلوا عليه النازة مرة أخرى ث وضعته وإخوت ف قبه اللحد‪..‬‬
‫حاولت أن أكشف وجهه لقبله ولكنم ضيق القب حال عنم ذلك‪..‬‬
‫‪323‬‬
‫ردمناه بالتاب ‪ ..‬ونفضنا أيدينا ‪ ..‬وانتهى كل شيء‪..‬‬
‫مرت منم تلك اللحظات حت آخر لقاء معه بالمس حوال أربعة وعشرون ساعة‪..‬‬
‫سبحان ال ما أغرب صروف الياة‪..‬‬
‫أسأل ال تعال أن يعله‬
‫ف مقعد صدق عند مليك مقتدر‪..‬‬
‫اللهم اغفر لب زل وخطأه وتاوز عنم سيئاته واجعل قبه روضة منم رياض النة‪..‬‬
‫انتهى الفصل الثالث‪..‬‬

‫ف وداع والدي أب ممد الفصل الرابع‬


‫انتهت أيام العزاء العروفة‪...‬‬
‫بالنسبة لنم جاء معزيا فقد أدى الواجب وانتهى كل شيء‪..‬‬
‫أما لهل الفقيد فالال متلف كليا‪..‬‬
‫فضريبة الوت غالية جدا‪ ..‬يدفعها أحبابه وأصحابه ثنا غاليا منم السى والزن العميق‬
‫أما أنا فحال كما قال القائل تكاثرت الظباء على خراش ‪..‬‬
‫فما يدري خراش ما يصيد!!!‬
‫جاء العيد بعد موت الوالد بأسبوع فقط‪ ..‬ويا للعيد !!‬
‫ل والد ول ولد‪ ...‬فالمد ل على كل حال‪..‬‬
‫بعد انتهاء الجازة الرسية للموظفي توجهت لدة قاصدا مقابلة المي ممد‪..‬‬
‫كنت موتورا وبلغ ب النق مبلغه‪..‬‬
‫بلغن الرس على البوابة بأنه ل يوجد أحد‪ ..‬والمي ف الرياض‪..‬‬
‫ذهبت للرياض ف اليوم التال‪...‬‬
‫ومنم الطار توجهت لوزارة الداخلية مباشرة ‪..‬‬
‫أتيت لدير مكتب المي‪...‬‬
‫ول يكنم موجودا حينها‪..‬‬
‫وحي دخل علينا وقفت له وسلمته معروضا أشرح فيه حال ‪..‬‬
‫فقال ل ‪ :‬أنت منوع منم السفر لسنتي!!‬
‫قلت له‪ :‬لاذا؟‬
‫‪324‬‬
‫قال القواني !!‬
‫قلت له أي قواني؟؟ وهل تعرفن؟؟ هل أنا متهم؟ هل تعرف قضيت أصل!!‬
‫قال ل !! ولكنم إذا كان جوازك مفقود فأنت منوع منم السفر سنتي حسب القواني‪..‬‬
‫قلت له ياأستاذي الكري أنا ل أفقد جوازي بل سلمته للجوازات‪ ..‬ث لاذا ل تبلغون‪..‬‬
‫أليس منم الواجب عليكم تبليغي بال حت أتصرف فأنا منذ شهرينم ل أتلقى أي رد‪..‬‬
‫نادى أحد موظفيه وقال له ‪ :‬انظر ف معاملة الذكور وليش ما اتصلتم عليه؟‬
‫وبعد دقائق جاء برقم العاملة وادعى أنم ل يتصلوا علي بسبب عدم وجود رقم تلفون!‬
‫قلت له مستحيل الطاب موجود عليه الرقم جب العاملة!!‬
‫وفعل أكد مدير مكتب المي على ذلك وطلب العاملة!!‬
‫انتظرت ربع ساعة لكي يظر ل العاملة فلم يظرها‪!!..‬‬
‫اتصل مدير الكتب عليهم وغمغم معهم بكلمات ث قال ل‪:‬‬
‫ما يوجد عليها رقم‪ ،‬ومثل ما قلت لك راجعنا بعد سنتي!!‬
‫هكذا إذن سنتي!!‬
‫سأعيش سنتي ف جحيم القلق والنتظار‪..‬‬
‫لو كنت فعلت جرما استحق عليه النتظار لان المر ولكنن مظلوم‪..‬‬
‫ظلمتن قوانيننا الغامضة‪ ،‬ظلمتن البيوقراطية والتعقيدات السخيفة‪..‬‬
‫ظلمتن حيلت الضعيفة ‪..‬‬
‫ولكنن ل أعدم اليل!!‬
‫فمنم ضاقت عليه حيل الناس العهودة فليطرق كل البواب ‪..‬‬
‫كما قال الشاعر‪..‬‬
‫أخلق بذي الصب أن يظى باجته ومدمنم القرع للبواب أن يلجا‪..‬‬
‫قرعت باب المي ممد بنم نايف ولكنم هذه الرة ليس منم باب مكتبه ‪..‬‬
‫بل عنم طريق الساحة السياسية‪!!..‬‬
‫كتبت ف ذلك اليوم مقال ناريا !!‬
‫ل أتشجم فيه العناء‪!!..‬‬
‫فقد أخذ من دقائق معدودة‪..‬‬
‫فقد كنت مهيئا للنيار‪...‬‬
‫‪325‬‬
‫فقد توالت علي النكبات ما يصلح ذكره وما ل يصلح ذكره ‪..‬‬
‫فل مفر منم الكروه ‪..‬‬
‫وما قصدت الشتيمة وال حينها بل أردت أن ألفت النتباه‪!!..‬‬
‫فأنا صاحب مظلمة وقد دخلت ف دوامة ل يعلم مداها إل ال‪..‬‬
‫ومنم خب متاهات العاملت الكومية والت قد تدور وتدور عقودا منم الزمان‪..‬‬
‫ل يلمن ف سلوك درب ل تعلم عواقبه !!‬
‫ول يكنم التنبؤ باتته!!‬
‫ولكنم خيا حصل والمد ل!!‬
‫حينما أنزلت القال ف الساحات ‪ ..‬أضفت رقم سجلي الدن ورقم تلفون الوال‪..‬‬
‫وطلبت منم المي ممد بنم نايف أن يسجنن أو أن يمعن بأهلي وأبنائي!!‬
‫هذا هو عنوان القال‪!!..‬‬
‫تباينت ردود الشاركي ف الوار فما بي متعاطف ومستاء ‪ ،‬إل بعض الذينم نبهون‪..‬‬
‫إل خطأ السلوب ‪ ،‬وأن الواجب طلب ذلك سرا‪...‬‬
‫إل الذينم صبوا علي جام غضبهم على جرأت ووقاحت مع المي‪..‬‬
‫كانت الراء متفاوتة ومتنوعة ولكنها ف ناية المر صبت ف مصلحة القضية!!‬
‫فقد كنت متيقنا أن التفاعل السلب أو الياب هو ف النهاية سيوصل للمقصود!!!‬
‫وهو لفت النظر ‪ ،‬وخاصة نظر المي‪...‬‬
‫اتصل علي مموعة منم الخوة على الاتف وراسلن مموعة برسائل ‪sms‬‬
‫جاءتن مكالات خارجية ‪ ..‬أذكر واحدة منها جيدا‪..‬‬
‫هذه الكالة كادت أن تور موضوعي لنحن خطر ولكنم ال سلم‪!!..‬‬
‫أصبت بوف شديد !!‬
‫خاصة والدولة حينها استنفرت استنفارا كبيا لؤتر الرهاب ف الرياض‪..‬‬
‫والذي ستحضره مثليات دول كثية ‪...‬‬
‫فكان ظهور مقال حينها غي مناسب بالتأكيد‪..‬‬
‫لنم يفهم ما أعنيه جيدا!!‬
‫وحينها جاءتن خاطرة عجيبة !!‬
‫لقد عزمت على الرب!!‬
‫‪326‬‬
‫نعم الرب خارج الملكة!!‬
‫كيف ؟؟ ولاذا؟‬
‫أما كيف فل أدري فالارب يسي ف الرض الفسيحة حت يد مأوى يؤويه‪..‬‬
‫أما لاذا ؟؟ فقد خفت ‪ ..‬خفت أن تكون عواقب فعلي كبية ‪..‬‬
‫فالروب خي ل منم السر والسجنم والعذاب‪!!..‬‬
‫تركت جوالت وحقائب وسيارت وجيع ما أملك منم متاع ‪..‬ف مدينة الرياض‬
‫واستأجرت سائقا بسيارة خصوصي يوصلن لدينة جيزان!!‬
‫سلكت طريق الوادي فهو أقرب وأقل نقاطا منم الطرق الخرى!!‬
‫ولقد صدقت توقعات فلقد عمم علي ف النافذ ولكنم ال سلم!!‬
‫كان رفيقي ف الرحلة أو السائق منم سكان نران‪..‬‬
‫جاء للرياض ليوصل عائلة قريبة له‪..‬‬
‫ل أكنم أعرفه منم قبل ‪ ..‬ولكنم الرجل كان دمث الخلق حسنم التعامل ‪..‬‬
‫وحي سألته عنم عمله قال أنا موظف ف قطاع المنم الداخلي!!‬
‫جرت المور بكل هدوء فلم يظهر علي أي شيء مريب!!‬
‫كان الطريق طويل ومل ولكنم السواليف والقصص الت أمتعن با أبو حسنم ‪..‬‬
‫آنستنا وأنستن منم تعب السفر وعذابه‪..‬‬
‫كان انطلقنا حوال الساعة التاسعة والنصف صباحا ‪..‬‬
‫ووصلنا لدينة خيس مشيط حوال العاشرة مساء‪..‬‬
‫ل يفارقن أبو حسنم ) وهذه كنيته( حت تأكد منم اتفاقي مع سائق آخر ‪..‬‬
‫أصر علي أن أزوره ف نران وأن يكرمن بقي بالضيافة ف بيته‪..‬‬

‫وأعطان رقم تلفونه وغادرن نو أولده‪..‬‬


‫انطلقت مع سائقي الديد بسيارة خصوصي أيضا وتوجهنا لنطقة فيفا‪..‬‬
‫كان يمل ف وسط جسمه خنجرا مغمودا !!‬
‫سألته عنم سر هذا النجر؟؟‬
‫قال هذا شيء ورثته عنم أب وهو منم عاداتنا ننم أهل رجال ألع!!‬
‫قال ل ؟‬
‫‪327‬‬
‫هل سبق ذهبت لنطقة فيفا ؟‬
‫قلت ل‪!!..‬‬
‫قال هل هناك شخص تعرفه أو قريب ونو ذلك؟‬
‫قلت ل !!‬
‫قال ياولدي النطقة طريقها صعب وننم سنصل إليها بعد منتصف الليل ‪!!..‬‬
‫فلماذا ل تبات ف الفندق وغدا الصبح تذهب إليها‪..‬‬
‫قلت له أبدا ‪ ،‬أوصلن لفيفا وأنزلن عند جامعها وسوف أتصرف!!!‬
‫أخذت أليه بالكلم ف أمور جانبيه لشغله عنم السئلة الرجة؟؟؟‬
‫كنت أحسب الوقت وأسابق الزمنم فإما أن يقبض علي أو أن أفر!!‬
‫ولكنم أينم الفرار وكيف ؟؟ وال ل أكنم أدري !!!‬
‫فيفا منطقة ساحرة المال وهي جبل ضخم تسكنه قبيلة فيفا‪..‬‬
‫ومنظر هذه النطقة ليل أو نارا منظر بديع للغاية!!‬
‫عندما وصلنا قريبا منها شاهدت أضواء متناثرة ف ارتفاع شاهق يكاد يغطي الفق!!‬
‫سألت السائق أينم ننم متجهون؟؟‬
‫قال هذه فيفا !!‬
‫تقع النطقة على الدود اليمنية ولذلك قصدتا!!!‬
‫حينما وصلنا للمفرق الؤدي للجبل رأيت شققا مفروشة‪..‬‬
‫طمعت ف الفراش الوثي فأنا ل أذق طعم النوم منذ حوال ‪ 24‬ساعة‪..‬‬
‫وفعل غامرت بالنوم ف الشقق مع أن ذلك خطأ قد يوقعن فيما فررت منه!!!‬
‫نت كنوم الذئب ‪..‬‬
‫وف الصباح توجهت لسوق النطقة واسها ) بن مالك( ‪..‬‬
‫ومنها يظهر جبل فيفا بوضوح خلفا لليلة الاضية‪..‬‬
‫اشتيت بعض الحتياجات الضرورية ‪..‬‬
‫ث تعاقدت مع سائق يوصلن لبل فيفا الاور ‪..‬‬
‫على أن يد ل مكانا أسكنم فيه هناك‪...‬‬
‫وهكذا كان‪..‬‬
‫استغرقت الرحلة منم بطنم الوادي للجبل حوال الساعة ‪..‬‬
‫‪328‬‬
‫تدور ف طرق ومزالق مهلكة ‪..‬‬
‫تعاقد ل صاحب مع صاحب النزل على أجر متفق عليه‪..‬‬

‫وكان رمزيا ‪ ..‬ووافقت عليه‪..‬‬


‫وحينما دلفت للغرفة العدة للسكنم‪..‬‬
‫رأيت بقايا شجرة القات على بساط الغرفة!!‬
‫سألت الصب ‪ :‬هل هو مسموح !!‬
‫قال ‪ :‬نعم فقط ف فيفا !!‬
‫النزل الذي نزلت فيه يقف على هاوية سحيقة‪..‬‬
‫ومنم نافذته ترى الناس والسيارات ف أسفل الوادي كحجم الذر!!‬
‫ومع ضيق الطرقات تسي السيارات فيها برأة عجيبة ل يكاد يفعلها سواهم !!‬
‫أهل فيفا رجال كرام فيهم النخوة والشهامة ‪..‬‬
‫ل يشعر الضيف والغريب بأنه خارج أهله ودياره ولكنم هيهات!!‬
‫فبالنسبة ل ل يغن عنم حال مال ول بنون إل رحة أرحم الراحي!!‬
‫كانت الناظر اللبة منم ذلك البل ل تغرين ‪،‬فقد صادفت قلبا خاويا فارغا!!‬
‫وما عساها تنفعن ف منت وشقائي وال الستعان‪..‬‬
‫منذ يومي والخبار منقطعة عن ‪..‬‬
‫ول أحاول التصال على أي كان ‪ ،‬خوفا منم معرفة موقعي الال!!‬
‫وآخر مكالة ل كانت منم الرياض مع أخي وزوجت ‪..‬‬
‫وشرحت لم حال ‪...‬‬
‫وقلت لم توقعوا عدم اتصال عليكم فتة طويلة‪!!..‬‬
‫بعد ذلك بدأت فكرة تديد طريقة العبور الناسبة خارج البلد ‪..‬‬
‫كنت أحاول الصول على العلومات عنم طريق الشباب الصغار لكي ل ألفت النظر‪..‬‬
‫كان بوار غرفت درج طويل ورقيق يوصل لسجد صغي للغاية ل تتجاوز مساحته‬
‫‪ 5x5‬مت مربع‪..‬‬
‫وفرشه جديد ومبن بشكل بدائي ‪ ،‬له كوة صغية ف مرابه‬
‫تشرف على الوادي السحيق‪..‬‬
‫‪329‬‬
‫قدمن الناس للصلة بم مرارا‪..‬‬
‫وغالب وقت أجلس ف السجد متلحف ببة سيكة‪ ..‬أقرأ وأستخي واصلي فيه‪..‬‬
‫دعوت ال بصدق أن يهدين إل الصواب ف قول وفعلي‪..‬‬
‫دعوته أن يلهمن رشدي ويقين شر نفسي‪..‬‬
‫أكثرت منم التضرع ل تعال فأنا مقدم على قرار خطي يكون له ما بعده‪..‬‬
‫فكرت مرارا وتكرارا ‪ ..‬هل ما أفعله صواب؟‬
‫هل كل ما أفعله يفيدن ف دين ودنياي؟‬
‫سألت نفسي ‪ :‬انظري يانفس أينم أصبحت؟ وأينم تسيينم؟‬
‫أينم سأذهب ؟ ومع منم؟ ومنم يضمنم ل السلمة؟؟‬
‫ث إل أينم؟‬
‫تساؤلت كثية !! وأجوبة معدومة‪!!..‬‬

‫فكرت ف حيات كيف كانت وأينم صرت وأينم أسي‪..‬‬


‫بقيت على هذا الال ثان وأربعي ساعة ‪..‬‬
‫وأنا أدور ف السجد ذهابا وإيابا أنظر ف حال وعواقب المر الذي سوف أفعله!!‬
‫نادان صاحب البيت للجلوس على دكة معدة للجلوس أمام الوادي ف منزله!!‬
‫جلست منم بعد عصر اليوم الثان حت غربت الشمس!!‬
‫إن لشرب الشاي على تلك الشرفة طعم خاص ‪..‬‬
‫وخي مكان للتأمل هي الواضع الرتفعة ‪..‬‬
‫ومنم جرب ذلك عرف ما أعنيه‪..‬‬
‫حيث ترتي العصاب وتدأ الطباع ويطيب الزاج‪..‬‬
‫كانت جلسة رائعة‪ ..‬ترى منم خلل الضباب الكثيف الطفال يلعبون ويرحون ف‬
‫القول والبساتي على البل الشاهق‪....‬‬
‫تسمع أصوات الديكة تتدد ف الوادي ‪..‬‬
‫كان أجل وقت حينما تبدأ الساجد بالذان فيتدد صدى التكبي ف الوادي‪..‬‬
‫ما أجل المور على طبيعتها ‪..‬‬
‫خاطبت نفسي حينها كثيا ‪..‬‬
‫‪330‬‬
‫وبعد تفكي عميق سبقتها دعوات واستخارة عزمت على أن أرجع أدراجي‪!!!..‬‬
‫نعم يب علي العودة!! كفى هروبا كفى‪!!..‬‬
‫فقد رأيت أن قرار الروب فوائده إن وجدت ل تقارن بصلحة العودة ‪..‬‬
‫إن مواجهة الشكلة والسعي بلها بكل الطرق المكنة خي منم تعليقها ‪..‬‬
‫ففي النهاية ل بد منم مواجهتها فالفضل التعجيل بذلك والبادرة!!‬
‫كل ذلك حصل وأنا ل أدري با يبئه القدر ل !!!‬
‫طلبت منم ابنم صاحب النزل أن يوصلن للوادي ‪!!..‬‬
‫قلق الرجل منم هذا القرار الفاجئ !!‬
‫وقال خيا إن شاء ال ظننتك ستمكث عندنا مدة أطول‪..‬؟؟‬
‫شكرته وأكدت له بأنن سأعود له يوما بصحبة أهلي وأبنائي فمنطقته تستحق العودة!!‬
‫وصلت لطار جيزان ف الليل ‪..‬‬
‫وقال ل بائع التذاكر ‪ :‬ما فيه مقاعد خالية قبل عشرة أيام!!!‬
‫وماذا أفعل ف جيزان عشرة أيام!!‬
‫ذهبت للفندق ومنه اتصلت على زوجت‪..‬‬
‫كانت تبكي بكاء كالطفل الصغي‪ ..‬تقول هل ضربوك ؟؟ هل أنت ف السجنم؟‬
‫ماذا فعلوا فيك؟؟ قلت لا‪ :‬يامرأة أنا بي !! ل تقلقي ‪..‬‬
‫وطمأنتها على حال وأن الفرج قريب!!‬
‫اتصلت على الوالدة وهنا كانت الفاجأة‪ ..‬قالت ‪:‬‬
‫الباحث قالبة الدنيا عليك ‪..‬ايش سويت ياولدي!!‬
‫أخذت العلومات منها بالتفصيل ث أغلقت الاتف ‪ ...‬حت ل ترصد مكالت‪..‬‬
‫وأخيا تققت ظنون فهاهم القوم يبحثون عن!!‬
‫هأمت بالرجوع والروب مرة أخرى‪..‬‬
‫وقعت ف حية ماذا أفعل ‪..‬‬
‫هل ياترى أسلم نفسي‪..‬‬
‫حاولت الدخول لنتدى الساحات السياسية منم مقهى للنتنت ولكنم هيهات‪..‬‬
‫فالنتدى منوع !!‬
‫أخيا رجعت لغرفت وحاولت النوم وعين على باب الفندق أن يكسره زوار الليل!!‬
‫‪331‬‬
‫بعد صلة المعة توجهت للمطار ‪..‬‬
‫سعت نداء الطائرة على الرياض‪..‬‬
‫توجهت لبائع التذاكر ‪ ..‬قال ل اذهب سجل انتظار‪..‬‬
‫عندما وصلت للكاونت قال اذهب جب التذكرة بسرعة هناك مقعد خال‪!!!..‬‬
‫طرت منم الفرح ‪ ،‬وسابقت الريح لركب هذه الطائرة‬
‫ول تقر عين حت حلن مقعد الطائرة!!!‬
‫ف الطائرة تصفحت كل الرائد قلت لعل اسي موجود ضمنم قائمة جديدة للمطلوبي!!‬
‫وبعد ساعة ونصف وصلت لطار الرياض‪..‬‬
‫كنت أمشي فيه وأنا خائف أترقب!!‬
‫ومنه توجهت لكان إقامت ‪..‬‬
‫حي وصلت وجدت كل شيء طبيعي تقريبا!!‬
‫دخلت لسكن فحملت الوال فوجدت فيه ‪ 166‬اتصال وعشرات الرسائل!!!‬
‫لحظت فيها رقما أعرفه لشخص مهم منم رجال المي ممد بنم نايف القريبي منه‬
‫وقد أرسل ل رسالة يعرف نفسه ‪..‬‬
‫اتصلت عليه فقد رغبت أن يعلم المي بأن أسلم نفسي قبل أن يصلن رجال الباحث‪..‬‬
‫ل يرد علي ف أول المر ‪..‬‬
‫وبعد صلة العصر ‪..‬‬
‫اتصل علي ذات الرجل ‪ ..‬فقال ل‪ :‬يارجل أتعبتنا أينم كنت؟؟‬
‫قلت له ‪ :‬عفوا تركت الوال وكنت خارج الرياض‪!!!..‬‬
‫قال هل تعرف موعدك اليوم ‪..‬؟؟‬
‫قلت مع منم ؟؟‬
‫قال مع المي ممد بنم نايف‪!!..‬‬
‫قلت له اليوم جعة؟؟‬
‫قال ليس ف مكتبه‪..‬بل ف بيته!!‬
‫قلت له أفعل إن شاء ال ‪..‬‬
‫طلب عنوان وحدد مكانا وموعدا للقاء السائق الذي سيأخذن لنزل المي‪..‬‬
‫بعدها ذهبت لكان عملي‪..‬‬
‫‪332‬‬
‫كنت شغوفا لدخل موقع الساحات لعرف أينم وصلت إليه المور!!‬
‫وبعد دخول وجدت موضوعي هو الول ف السياسية ‪..‬‬
‫بعض التعاليق تؤكد أنه قد قبض علي‪!!!..‬‬
‫وبعضها يدعوا ل‪ ،‬ومنها منم ترحم ومنها منم يشمت!!!‬
‫جاءن اتصال منم نسيب قال يافلن هناك شخص يريدك!!‬
‫ناوله الاتف فإذا هو ضابط مباحث منم الطائف‪ !!..‬قال‪:‬‬
‫يا أخي أقلقتنا عليك وننم نبحث عنك منم يومي!! ونو هذا الكلم ‪ ..‬وقال‪:‬‬
‫هل تعلم أن لديك جلسة مع المي اليوم ‪..‬؟؟‬
‫قلت له ‪ :‬نعم ‪ ،‬بلغت به قبل قليل ‪..‬‬
‫قال سأرسل برقية بوقعك وتلفونك ليتصل عليك رجال الباحث ف النطقة !!‬
‫سبحان ال مبدل الحوال ‪..‬‬
‫أصبح القوم يبحثون عن وأنا كنت أبث عنهم شهورا‪!!..‬‬
‫كنت قلقا منم القابلة ‪..‬‬
‫فلم أكنم مستعدا لا!!‬
‫تنيت أن تتأخر اللسة أو أن ينشغل المي‪..‬‬
‫فقد كنت ل أدري عنم اللقاء أينم سيقودن ؟؟‬
‫فقد يكون المي غاضبا ما كتبته !!‬
‫فلعله إن أخرت اللسة أن يهدأ قليل ‪..‬ويبد الطلب‪!!..‬‬
‫ولكنم ال تعال أراد شيئا آخر ‪..‬‬
‫فقد اتصل علي شخص ‪...‬‬
‫وقال أنا منم طرف المي ممد بنم نايف‪ ..‬وسوف أوصلك إليه‪..‬‬
‫وهكذا أسقط ف يدي فحينها ل مفر ول مقر‪..‬‬
‫حددت الوقع وانتظرت الذكور فجاء على الوعد ‪..‬‬
‫صافحن بأدب جم‪ ،‬وعرفن بنفسه‪..‬‬
‫انطلقنا بسيارته ‪..‬‬
‫لطفن ف الكلم وكأنه يريد التخفيف علي منم مهابة الوقف‪..‬‬
‫ذكر ل أن كثيا منم الناس يدخلون على المي‬
‫‪333‬‬
‫فتصيبهم مهابة الوقف بالرتباك والوجل‪.. ..‬‬
‫ولكنم بعد أن يالسوه ويروا شخصيته القيقية ‪..‬‬
‫فإن الوضع يتلف تاما فالرجل متواضع للغاية وبسيط ف تعامله ‪...‬‬
‫وهو يقابل الناس باحتام على اختلف منازلم‪ ..‬ومشاربم‪....‬‬
‫دخلنا منزل المي الفسيح ‪ ..‬كان شبه خال ‪..‬‬
‫حسبت أن هناك جلسة عامة للناس ف بيته الفسيح‪..‬‬
‫ل أركز النظر ف بيته فأنا ل أجيء لمتع نظري ببيته العامر‪..‬‬
‫زورت ف نفسي كلما كثيا طار كله أو أغلبه عند رؤية المي‪!!...‬‬
‫بقيت ف الصالون الكبي أشرب القهوة والشاي برفقة السائق ‪..‬‬
‫تدثنا ف أمور كثية ‪ ..‬ول يظهر الرجل أنه يعلم بوضوعي الذي جئت لجله‪..‬‬
‫حدثن عنم القابلة الت تت منذ فتة ‪..‬‬
‫بي المي ممد ومموعة منم الشباب ‪..‬‬
‫الذينم لديهم مشاكل أمنية ‪...‬‬
‫حدثن كيف أن المي ممد كسب قلوب هؤلء الشباب التحمس برفقه بم‪..‬‬
‫وهكذا الرفق ما كان ف شيء إل زانه ‪..‬‬
‫سعت بذه اللسات وقرأت عنها بالنتنت‪..‬‬
‫استمع المي لشاكلهم المنية وحت الجتماعية منها ‪..‬‬
‫متمعي وفرادى ‪...‬‬

‫كان الواحد منهم يلوا بالمي فيفرغ كل ما ف جعبته منم مشاكل دون ترج ورهبه ‪..‬‬
‫خرجوا جيعا منم عنده وقد حلت مشاكلهم وطويت صحفهم وهكذا الكمة فلتكنم‪..‬‬
‫لقد انتشرت قصص ومواقف المي ممد مع هؤلء ف النتديات والواقع ‪..‬‬
‫إن هذا السلوب الريء ومنم رجل أمنم بل هو الرجل الثالث ف المنم ف كل البلد‪..‬‬
‫هو بلسم شاف على قلوب كثي منم الشباب الت عصفت بم العواطف‪..‬‬
‫إنم ف حاجة للقلب الان ولليد الناعمة لتمسح رؤوسهم وترجعهم‬
‫برفق ولي لادة الق والصواب‪..‬‬
‫فهم وال قريبون ‪ ،‬وهينون ‪ ،‬وغالبهم جاهل ضعيف الجة ‪..‬‬
‫‪334‬‬
‫ولكنم غيته وحرمانه منم يوجهه أضله عنم السبيل‪..‬‬
‫لقد كان لذه القابلت أثر هائل ف نفوس كثي منم شبابنا الذينم‪..‬انرفوا عنم الادة ‪..‬‬
‫فكانت سببا لعودتم للحق ‪ ،‬والتزامهم بالنهج السوي‪..‬‬
‫إن المي ممد بنم نايف قد أقفل بذا السلوب الكيم ‪..‬‬
‫أبوابا للفتنة والشر ل يعلم مداه إل رب العالي‪..‬‬
‫وما ضره ذلك !!‬
‫ما ضره مقابلة هؤلء الفتية ‪ ..‬فهم ف مقام الخوة والبناء‪..‬‬
‫إن السياسة الصادقة والبنية على الشفقة والرحة بالمة ‪..‬‬
‫هي قانون مستنبط منم هدى رسل ال عليهم السلم ومنهم رسولنا ممد صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ..‬كما قال تعال) لقد جاءكم رسول منم أنفسكم حريص عليه ما عنتم‬
‫بالؤمني رءوف رحيم(‪...‬‬
‫بينما ننم نتحدث ‪..‬أنا وصاحب ‪..‬‬
‫وف حوال الساعة التاسعة وربعا دخل علينا المي ممد ‪..‬‬
‫ل يكنم وجهه غريبا ‪..‬‬
‫فقد كان لقاءنا الثالث ولكنم هذا الرة ليس أحد سوانا‪!!..‬‬
‫خرج السائق وبقيت أمام المي لوحدي‪..‬‬
‫وقفت ف مكان على استحياء منه‪..‬‬
‫فسلم وصافح برارة ‪..‬‬
‫قال ل هل أنت فلن ؟؟‬
‫قلت نعم أنا هو‪..‬‬
‫قال أهل وسهل فيك ‪...‬‬
‫ال يلك يوي ما قلته ف ‪!!..‬‬
‫لقد فشلت واستحييت منم كلمه ‪ ..‬فأردت أن أستوضح القصود‪..‬‬
‫قلت له مكنيا ‪:‬‬
‫يا أبا نايف وهل قلت فيك مكروها؟؟‬
‫قال ‪ :‬أل تقل عن كذا وكذا ؟؟‬
‫قلت له حاشاك وال‪ ...‬فا أنا ل أقصد ما ذكرت ‪..‬‬
‫‪335‬‬
‫ويبدوا أن المر نقل إليك على غي حقيقته‪..‬‬
‫هل قرأت كلمي الذي كتبته أيها المي‪..‬؟؟‬
‫قال ‪ :‬لقد مررت عليه سريعا‪ ..‬فقد كنت مشغول بؤتر الرهاب ‪..‬‬
‫قلت له ‪:‬إن الكلم اللي نقل لكم أيها المي قد وضع ف غي سياقه‪..‬‬
‫ولو نقل لكم بنصه غي مبتور لوضح لكم العن‪..‬‬
‫تفرجت أساريره رضى با قلت ‪ ..‬ث قال‪:‬‬
‫ولكنم ما علينا ‪ :‬أنا قد أحللتك سواء بنظرك أنت أسأت أو ل تسيء !!‬
‫تدثنا ف أمور تفصيلية ل يصلح الديث عنها ‪..‬‬
‫لكنن كنت استمع للفاظ المي وكلماته وأنظر ف تقاسيم وجهه ‪..‬‬
‫فأعرف صدق مشاعره وطيبته ‪..‬‬
‫كنت أحيانا أقاطعه ف كلمه ‪..‬‬
‫ل يتبم منم جرأت وهذه عادت للسف‪..‬‬
‫كان يضع يده على يدي ليهدين حي يرغب ف استكمال شيء بدءه‪..‬‬
‫هذه اللمسات البسيطة‪...‬‬
‫أكبها ف المي ممد‪..‬‬
‫أكبها وأذكرها منم حسناته ‪..‬‬
‫فقد عهدنا منم أمثاله شأنا متلفا ‪..‬‬
‫ولو قال قائل ينبغي للمي أن يتعامل بأسلوب أشد مع الناس‪..‬‬
‫لا لمه أحد ‪..‬فهو رجل أمنم ‪ ..‬ول بد لنم يثل المنم أن يهاب‪..‬‬
‫أخذت منم المي عفوا شامل عما صار ‪..‬‬
‫وأمر بصرف جواز سفر ل ‪ ...‬ومنح أهلي وأبنائي تصحيحا قانونيا لوضعهم‪..‬‬
‫وهكذا انتهت منت ف لظات كما بدأت ف لظات وال الستعان‪..‬‬
‫تلكن الفرح ‪..‬‬
‫المد ل ث المد ل ‪..‬‬
‫أمسكت بيد المي وضممته كما يضم الولد أباه‪..‬‬
‫آه لو كان والدي معي ف تلك الساعة ‪ ..‬تذكرته وال ‪..‬‬
‫خرجت منم عند المي فرحا مسرورا‪..‬‬
‫‪336‬‬
‫لول الياء منه لصرخت ‪!!..‬‬
‫سجدت ل تعال على فضله وتوفيقه‪..‬‬
‫اتصلت بأهلي أم معاذ وبشرتا بالفرج‪..‬‬
‫ف اليوم الخر نزلت هذا القال‪ ..‬ف موقع الساحات السياسية‪..‬‬
‫ياقوم اذهبوا إل ممد بنم نايف فهو يعطي عطاء منم ل يشى الفقر!!!‬
‫نعم كان هذا هو عنوان القال ‪!!!..‬‬
‫وقبل أسبوع كان العنوان ‪..‬‬
‫ياممد ابنم نايف اسجن أو اجعن بأهلي وأبنائي‪!!!..‬‬
‫فرق بي العنواني كما بي السماء والرض ‪..‬‬
‫وبينهما كانت معاناة تعلمها أيها القارئ الكري منم هذه السطر‪..‬‬
‫قلت فيها وأقول ‪...‬‬
‫اللهم لك المد حدا كثيا طيبا مباركا فيه‪ ..‬اللهم لك المد عدد مثاقيل البال‬
‫اللهم لك المد عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك‪..‬‬
‫أيها الخوة الكرام‪..‬‬
‫والدموع تل عيون ‪..‬‬
‫والقلب ينبض فرحا وشكرا وسرورا‪..‬‬
‫قد فرج ال الغمة ‪..‬‬
‫ورفع ال الكربة‪..‬‬
‫ترددت ف الكتابة ف الوضوع‪..‬‬
‫حت ينقضي المر كله ‪ ..‬ولكنم‪..‬‬
‫ل أطق صبا‪ ..‬ول تذق عين النوم حت أشكر المي الفال‪..‬‬
‫أفلح وجهك ياممد بنم نايف ‪..‬‬
‫صبحك ال ومساك بكل عافية وصحة وقوة ف الي‪..‬‬
‫ساه بعضكم ذئب الداخلية‪..‬‬
‫وأنا أسيه أبو الميع ‪...‬‬
‫أخو الميع‪..‬‬
‫صديق الميع‪..‬‬
‫‪337‬‬
‫ل تروع بك مؤمنة يا أبا نايف‪..‬‬
‫لقد دعان الكري‬
‫ابنم الكري‪..‬‬
‫ابنم الكرام‪..‬‬
‫بكتبه‪ ..‬ل‬
‫ببيته‪ ..‬ل‬
‫بقصره‪ ...‬ل‬
‫باله‪ ..‬ل وال‪..‬‬
‫باهه‪ ..‬بنفوذه‪ ..‬بسلطته‪ ..‬ل وال‬
‫هل أرسل ل جيشا ياصرن‪ ..‬ل وال ‪..‬‬
‫هل بعث منم يضرن بالقوة‪..‬‬
‫هل هددن‪..‬‬
‫هل توعدن‪ ..‬ل‬
‫دعان بسماحته‪..‬‬
‫بقلبه‪..‬‬
‫ببشاشته‪..‬‬
‫بطيبه‪..‬‬
‫بنقاء معدنه‪..‬‬
‫بسمو نفسه ‪..‬‬
‫بسنم استقباله‪..‬‬
‫بنانه‪..‬‬
‫برقته‪..‬‬
‫برحته‪ ..‬وصفحه وجوده‪..‬‬
‫كل ذلك منم فضل ال تعال عليه‪..‬‬
‫أرسل ل لدخل بيته العامر‪..‬‬
‫ويدثن كما يدث الب ابنه‪..‬‬
‫استفتح كلمه بكلمة واحدة خارت لا قواي ‪..‬‬
‫‪338‬‬
‫وندمت على ما قلت فيه‪..‬‬
‫روح ال يلك فيما قلته ف‪!!..‬‬
‫وزاد أن منحن الواز ‪ ..‬وإحضار الهل والبناء ضيوفا لبلدهم‪..‬‬
‫دفء صدرك ياأبا نايف ذكرن بدفء صدر رجل يرقد ف اللحود‪..‬‬
‫آه يا أبا نايف‪ ..‬لو كان ابو ممد حيا ‪..‬‬
‫آه يا أبا نايف لو كا أبو ممد يرجع لدقيقة واحدة فقط ‪..‬‬
‫أحكي له ما فعلت ب يابنم الماد‪..‬‬
‫لذرفت دموعه فرحا با فعلت‪..‬‬
‫وال لقال ل بيض ال وجهه ‪...‬‬
‫وكثر ال أمثاله‪...‬‬
‫وزاده ال منم فضله‪..‬‬
‫وأصلح ال عياله‪..‬‬
‫وثقل ال ميزانه‪..‬‬
‫ويسر ال له أمره‪..‬‬
‫وأعلى ال ف الخرة ذكره‪..‬‬
‫ومل ال قلبه نورا‪..‬‬
‫وبارك له ف رزقه‪..‬‬
‫وأحسنم له عاقبته‪..‬‬
‫وشد ال بالصالي أمره‪..‬‬
‫ولكنم هيهات ‪ ..‬هيهات‪ ..‬يا أبا نايف‬
‫فقد انقضى الجل‪ ..‬وقال الليل‪..‬‬
‫ل يستقدمون ول يستأخرون ساعة‪..‬‬
‫لكنم أعاهدك يا أبا نايف‪..‬‬
‫أعاهدك أمام ال وأمام خلقه‪..‬‬
‫أن أدعو لك بالسحر‪..‬‬
‫أنا ومنم فرجت ل وله الكربة‪..‬‬
‫وأمرت بقدومهم ‪ ... ..‬إل آخر القال‪..‬‬
‫‪339‬‬
‫لقد كان مقال متلئا بالشاعر الياشة ‪..‬‬
‫ول عجب فقد كتبته بعد القابلة ‪..‬‬
‫فقد شعرت أنن جرحت المي بقال السابق‪..‬‬
‫فأردت أن أطيب خاطره وأشعره بصدق كلمي نوه‪..‬‬
‫ف اليوم التال اتصلت على أحد مستشاريه ‪..‬‬
‫وطلبت منه أن يطلع على القال ‪ ..‬وطلبت منه أن يطلع المي عليه‪..‬‬
‫قال إن المي مشغول‪ ..‬بالؤتر‪..‬‬
‫أصررت عليه واستحلفته على ذلك‪..‬‬
‫اتصل علي ف الساء وقال ل‪ ..‬لقد قرأ المي القال وفرح به وسر‬

‫وطلب من أن أشكرك عليه ‪..‬‬


‫حدت ال تعال وشكرته فمنم ل يشكر الناس ل يشكر ال ‪..‬‬
‫وبذا اختتمت فصول هذه القصة ‪..‬‬
‫الت أعتبها شرية بسيطة ف أيام حيات الليئة بالعب ل ولنم أعتب‪!!!..‬‬
‫وال الستعان وهو الادي سبحانه لسواء السبيل ‪،...‬‬
‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‬
‫‪1426 /5/ 15‬‬

‫‪340‬‬

You might also like