Professional Documents
Culture Documents
نوفيل
2
بقلم
صابرين الديب
3
جروب حلم-هن
ولنا مع الحرف حلم
لالنضمام للحلم
https://www.facebook.com/groups/7elmhon
4
هذا العمل واقعي...
ال..
5
هيا معي إذًا..
نبدأ حكايتنا..
رباه...
قصدتُ حواس..
صابرين الديب
6
إلى أوجه الحب الكثيرة التي ال نراها..
7
الحب أعمى ،أبكم ،أصم..
الحب ورطة..
ليالس مندور
8
اسمي "شام هيكل"..
أنا عادية..
هو عادي..
***
10
لستُ قاسية ،لكني أحب الواقعية ،وبذات الوقت ال أبخل
بالنهايات السعيدة أحيانًا..
11
نعم أنا أشاهد الرسوم المتحركة ال داعي للضحك ،أراها
ترفيهًا لطيفًا بعد مذابح رواياتي..
إحمممم..
مشهد داخلي..
12
***
13
هكذا هن ساكنات الورق ..ال تقدرن نعمة رجالهن إال
عقب كوارث وتعقيدات لم يكن لها داعيًا منذ الصفحة
األولى..
14
أومأ برأسه وتوجه إلى الفتى المنتظر ،ساعده على ارتداء
حذائه ،قبض على يده وحمل مفاتيحه استعدادًا للرحيل،
عندما فتح الباب تقابل مع صديقتي الرعناء التي كانت
على وشك الطرق بطريقتها الفوضوية المحببة لقلبي ،أهدته
بسمة لطيفة بادلها إياها ثم أخفض ناظريه أرضًا يغض
الطرف عنها مرحبًا بخفوت..
-ميزو..
-اسمي معاذ..
15
ينقصه شارب ولحية كثة هذا الفتى ،لكنه حكاية أخرى
لذا ..ما علينا..
-اتأخرتِ يا هانم..
16
-أل ..هننزل ميكو الحضانة ،ونعدي على السوبرماركت
والسوق نشتري شوية حاجات..
-والفطار يا فوزية!..
-محشي!..
-ميكو العسل..
17
قبل وجنتها بعمق عجيب وهمس لها بإشارة نحو المجهول:
18
حان وقتنا ثرثرتنا الخاص قبل التحضير لحرب "الخلطة"
القادمة!..
20
زفرتُ بحرارة ،وضيقي يظهر جليًا بخطوطه الداكنة فوق
ملمحي:
-اعملي بلقمتك..
22
منعتها بخبث ماكر:
تصلبت للحظة..
-اتفقنا..
أال توافقونني!..
24
-عاوزة مشهد مع مين يا مدام!..
-النسوانجي!..
25
كن وقحًا تكن أجمل!..
**
28
أبعد ذراعيه عن صدره ،فردهما بعض الشيء وأشار إليها
بعبث لتقترب:
-عندي حل أفضل!..
نائيًا عنه..
30
حذاء أنيق يبدو باهظ الثمن ،تهدل كتفاها ..عبرتها
غافلتها ،وهمستها خرجت مشحونة ،مختنقة ببؤس:
-القميص باظ..
-هاثق فيكِ..
32
ركضت تتخطاه ورأسها ترتج بإيماءة موافقة طائعة كأنما
تهرب من محيطه الذي أخل بتوازنها ،أوقفها قبل أن تفتح
الباب:
-شام..
-شام!..
-اسمي بيبرس..
34
"مونتي نورمان" تنطلق في الخلفية بحماسها المألوف
لألذن..
-هاشوفك تاني..
***
37
ضحكتُ باستمتاع ولكمتُ ساقها بشيء من عنف:
-يا بنتي أومال أنا باقولك أ كشن ليه! ..عشان تجيببنا لسه
بنتعرف..
-االتنين يا حبيبتي..
-نشوفه سوا..
شعرتُ بالغضب ،أنا أقضي يومي وحيدة لحد كبير ..ما بين
األعمال المنزلية ،التحضير له ولطفلي ،استقباله بما يليق..
و...
غرقتُ في النوم!..
***
42
رفرفت بأهدابها بلعثمة خجول تهديه نعم هامسة بالكاد
أدركها ،دون تمهيد أو ديباجة لبقة مستهلكة سحب المقعد
المقابل لها ،استقر به بحركة راقية مشيرًا من وراء ظهره:
-ليه!..
-عشان قابلتك..
-هاقابلك بكرة..
-بكرة!..
-هتوحشيني..
طارت لمنزلها..
44
لم تكن تمس األرض ،األمور كانت خارج حدود المنطق
والمعقول ..عانقت يدها بيدها الثانية ،ضمتها أمام صدرها
في مواجهة المرآة ..تتأمل حمرة وجنتيها ،سخونة بشرتها
وتكاد تستشعر أثر قبلته الذي لم يرحل بعد..
.....
كانا وحدهما عند قمة جبل المقطم ،حيث سيارته قريبة من
الحافة ،هو وهي وضوء خافت ..موسيقى هادئة احتواها
45
على أنغامها بين يديه ،يراقصها ..يدور بها ويدير عقلها
وأفكارها ووعيها..
-يا مجنونة..
-كداب..
-أحلف لك!..
47
تملصت من ضمته لكنه حاصرها أكثر ،تحرك معها حتى
احتجزها أمام السيارة فارتبكت ..ارتجفت ..تطلعت إليه
بشيء من خوف أراد محوه:
بعد لحظات غياب أفاقت على لمسة يده التي تمادت لكسر
حد جديد ،شهقت تبعده ..تخفي وجهها المحترق بحمرته
عنه ،تعلن غضبها المفتعل بدالل:
48
-بيبرس إوعى تعمل كده تاني ،روحني يل..
است جاب لها ببساطة وبسمة واسعة تحتل فمه ،مال يهمس
بأذنها متخابثًا وقحًا قبل أن يتجه لمقعده:
-وقع منك..
49
المظلم ،أعاد على ثغرها نثر جرأته وامتلكه ،تراجع يعانق
أنفاسها الضائعة بأنفاسه وهمسه يزلزل كيانها:
-بحبِك يا شام..
-تتجوزيني!..
-ها!..
الحلم يتحقق!..
50
بمزيد من االقتراب قبلته هذه المرة كانت أ كثر تملكًا،
استحواذًا ورغبة:
وقد كان..
.....
51
ليبتلعها ..لن تكترث ،ستغترف من الحلم قدر ما أمكنها،
ولن تتنازل حتى لو كان الواقع أحق بها..
-بيبو نزلني..
سرورًا قد تعتاده..
تريده ..وتتمناه!..
.....
54
مرت ثلثة أشهر على زواجها منه ،ثلثة أشهر من النعيم
والدالل والجنة..
والوقاحة!..
استجابت..
الفراش المختلف..
غياب دفئه..
نهشها األرق..
أتراه عاد!..
وثوب!..
-أمووت أنا..
58
هربت الفاتنة الصهباء تستر جسدها بشرشف ،واعتدل هو
يرمقها بغضب!..
61
-مادام ضربتِ الليلة؛ عوضيني بقى..
بإفاقة!..
***
"أنتِ يا حيوانة"..
-نعم يا ختي!..
-عاوزة القتم..
65
شهقت واتسعت عيناها ،وضعتُ كفي على شفتيها أمنع
سيل األلفاظ المتوقع ،استجديتها برجاء باكٍ:
نهضت..
***
جوابي بالنفي..
67
"ماتنساش تاخد الزبالة وأنت نازل ،البواب ما جاش
إمبارح"..
"القتم"..
68
ذاك الصلب ،الجاف ..العملي للغاية ،عديم المشاعر حتى
لقاء بطلته التي تذيب صلبته في دفئها..
69
اكسر لها ضلعًا ،وإن لم ينبت لها أربعًا وعشرين
بديلًا ..فل بأس!..
**
العيب فيكم
يا في حبايبكم
أما الحب!
70
يا روحي عليه"
انتفضت هرة كانت تسير فوق سور قريب ،تقوس ظهرها مع
النعيق الذي تظنه الحمقاء طربًا ..وسقطت تجاه األرض
على قوائمها األربعة كعادة القطط..
من هو!..
"بيبرس الشين"..
والكثير من العمل..
73
رأته يتقدم بخطواته الثابتة ،ال يلقي بتحية أو حتى يرفع
ناظريه إليها ،يدلف لغرفته وهي تتبعه بثبات يشبهه ،تحمل
بريده وبعض الملفات الهامة الخاصة بصفقة اليوم..
74
-حضرتك محتاج حاجة! ..كده الورق جاهز عشان ميعاد
النهاردة مع عبد العزيز بيه..
-ليه حضرتك!..
-مواضيعنا!..
-اعملي لي قهوة..
77
قبل أن تنفي كونها زوجته ،أو أية علقة رسمية تربط بينهما
حتى وإن تمنتها ..طمحت لها أو حلمت بها ،وضع هو كفه
فوق ظهرها بشيء من حميمية جمدتها وابتسم بالمقابل،
مجيبًا بتلقائية كأنما اعتاد ذاك التعليق وألف الرد عليه:
78
-عال عال يا بيبرس بيه ..كده أقدر أقول إن الشغل بيننا
ممكن رغم إني بحب آخد يوم أجازتي من غير ضغوطات..
"عريس يا بوي"..
-نعم!..
-تتجوزيني يا شام!..
ربما حان اآلن موعد ضربةٍ فوق الرأس ،أو كوبٍ من الماء
المثلج فوق وجهها ،حيث أنها على وشك فقدان الوعي..
***
82
هذه المرة اخترتُ الرجل الصحيح..
"ترد الروح"..
"القتم"..
ذاك هو الحلم..
83
"يا ريت بس تحلي عني بقى"..
"وأهون عليكِ!"..
"اشفي يارب"..
أو نخاف..
عرض زواج!..
هل توافق!..
85
ترفض!..
تهرب!..
تتمسك بالحلم!..
ال تدري لمَ الخوف يتملك منها ،رُغم كون األمنية قد
سقطت كنجمة من السماء بغتة بين كفيها..
-تتجوزني أنا!..
86
نبرته ال تتغير وتيرتها ،ال تعلو ..ال تنخفض ،ال تتبدل فيها
هفوة:
-ليه أل!..
-عبد العزيز بيه عرف فعل إنك مراتي ،في دعوة لينا في
بيته خلل أيام وده بسببك على فكرة ألن مراته أعجبت
87
بيكِ ،أنا ما كنتش بفكر في الجواز ..بس دي سنة الحياة،
عشان على األقل يكون عندي أوالد يكملوا من بعدي..
88
-بس أنا مش مضطرة أتعامل على إني مراتك ،ممكن
نقبل الدعوة دي وخلص بعدها..
89
.....
أال يلين!..
يبنيها ويهدمها..
91
-عشان ما يبقاش قراري متأثر بأي عوامل خارجية!..
-موافقة..
.....
الحلم هنا ليس له ذيل ،بل عقد قران هادئ ،ثوب زفاف
أنيق ..دون ضوضاء أو أضواء راقصة تسبب له النفور وتثير
أعصابه..
لم تفهم فيمَ يحتاج لغرفة بعيدًا عنها! ..لم تسأله ،اكتفت
بالموافقة وخلل ستة أيام ها هي ببيته ..معه ..بغرفة نوم
واحدة وحمرة الخجل تكاد تقتلها مع فورة دمائها بعروقها
وخوفها من ليلة كتلك..
خرج من الغرفة!..
أين اللهفة!..
أين التوق!..
94
أين االشتياق لعروسه!..
يقترب..
يمتلك..
يبتعد..
وانتهت اللحظة..
.....
95
الزمان يطير ،ال يمر وحسب..
كان يهجرها بها متى ما شعر بالضيق منها ،وهو يتضايق إن
نسيت كيف هي قهوته!..
96
يتعامل معها بجدية ،يخبرها أن المشاعر ال قيمة لها جوار
جودة العلقة التي بُنيت بينهما على أساس سليم وأعمدة
متينة..
بتوقه..
بشغفه..
97
وهو فقط آلة ..ماكينة محددة الغرض وأسباب التصنيع ،أما
هي فغارقة في دوامته التي ال تتوقف أو تنتهي..
ليلتها أخبرها أنه عاد للمنزل حال غيابها ليلتقط حقيبة ثيابه
المحضرة دومًا على أهبة االستعداد ..عاد وسافر ،وسيغيب
لثلثة أيام!..
قد تلد خللها لكن كما يبدو هو ال يبالي ..ما دام كل شيء
قد سبق إعداده..
98
خلل ساعتين بدأت أعراض والدتها ..تعالت صرخاتها،
بكت ألمًا وحزنًا وقهرًا..
لم تتم والدتها على خير ،نقلت لغرفة العمليات ألجل إجراء
والدة قيصرية ،عندما أفاقت من التخدير كان يدخل من
باب الغرفة لتوه..
-طلقني يا بيبرس..
99
األحلم ليست حقيقة..
***
نهرتها بغيظ:
اكتنفي سكون..
وجوم..
أسى لحالي..
101
ماذا إن كنتُ أطمح أل كثر من رجل عادي!..
هو حلم..
خيال..
ورق..
-القاسي..
-نعم يا عينيا!..
102
أخرستها قبل أن تهديني وصلة من "الردح" األصيل:
-يا مصلحجية..
103
عاتبتها برقة منكسرة:
-أمري لله..
***
أتى الليل..
104
أعدتُ له رسالته وأضفتُ من عندي:
105
إن أردتَ شيئًا بقوة؛ خذه ..ال تتردد ،إياك أن تتركه
لغيرك أبدًا!..
**
106
يتشمم خوفه الذي يعبق األجواء من حوله ،هالته المشروخة
وضعفه وهوانه..
لكنه يستحق..
-مقابل يا عم شرف..
109
استرخى في جلسته ،يضع ساقًا فوق أخرى ،يرمقه شذرًا:
-عندك ..ملكك..
-عندي إيه!..
-شام..
-بنتي!..
110
-عاوز تاخد بنتي مقابل الفلوس اللي اتهتمني زور إني
سرقتها!..
-أنت هتموت!..
-عاوز تتجوزها!..
-قلت إيه!..
.....
"أل"..
112
-يعني إيه أتجوزه وأنا ما أعرفش عنه حاجة غير اسمه!..
ودراستي وكليتي وشغلي وأحلمي!..
-اتهمني بالسرقة..
115
-مين قال ما سرقش! ..أنا عندي األدلة..
وجهها..
عنقها الطويل..
-هتتجوزيني يا شام..
-هتبقي مراتي..
117
لم تكن تعلم أن السرقة حقيقية ،أن والدها مختلس لكنه ال
يكترث للمال..
منذ رآها بصحبته أمام مقر الشركة وقد عزم أن ينالها ،حينها
ألقى القدر بين يديه بطرف الخيط الذي لفه حول عنق
أبيها ..وسحب بقوة..
يريدها هي..
يحبها هي!..
***
"هيييييييح"..
118
ظللتُ أتمتمُ بالكلمات لنفسي..
"هييييييييح"..
وأحلم!..
***
"قبلتُ زواجها"..
121
تعثرت في خطواتها على الدرج فكادت تنزلق لوال أن
دعمها بذراعه ،كان يطوقها ..وهي مرتمية فوق صدره
بلهاث مرتعب..
-أنا مش مراتك..
122
أغضبه نفيها لملكيته لها ،سحبها يدفعها للداخل ،يغلق
الباب ويحاصرها فوقه:
وارتد للخلف..
123
-ممكن أفهم اتجوزتني ليه!..
-تخليص حق..
-على فكرة كان ممكن تاخد حقك بألف طريقة تانية غير
إنك تحرمني حياتي ومستقبلي وأحلمي..
-قصدك إيه!..
124
يتنفس عطرها الناعم وأنامله تداعب نعومة وجنتها:
-أنا مش فاهماك..
.....
125
يتركها تنام بالفراش ،ينام هو على أريكة قريبة ..يتابعها
بعينيه في كل حركاتها وسكناتها ،يحفظ تفاصيلها..
يتقرب منها..
بقبلة مسروقة..
خاطفة..
كانت تسقط..
126
لكن ألم تقع الجميلة في غرام أمير اللعنة!..
لمَ ال!..
-هتوحشيني..
127
-سامر من فضلك ..ما تنساش إني...
-متجوزة!..
-النصيب..
128
تهدل كتفاه بقنوط:
-مش دي الحقيقة!..
يصفعها!..
-بيبرس!..
130
وجنتها تصرخ باأللم ،كفها فوقها ال تصدق أنه فعلها:
-بتضربني ليه!..
لكنه ال يستمع..
ال يبالي..
132
سيكسرها ويدهس حطامها..
قلبه ال يلين..
لكنه فعلها..
لم تفهمه!..
133
وفي التالية يستسلم للعاشق المدفون بين ضلوعه..
ينتقم ويدلل..
.....
أعلن ندمه..
أسفه..
134
سب غضبه وجنونه واستسلمه لوساوسه..
صدح بالعشق:
-من أول مرة شفتك فيها حبيتك ،كنت عاوز أقرب منك
وما عرفتش إزاي..
135
-لحد ما حصل موضوع االختلس ،ما كنتش هاأذي
والدك ..بس لقيت طريق يوصلني ليكِ ،واستغليته..
136
حتى علمت بحملها لطفله..
لديها هو!..
.....
137
األحلم حيزها واسع ،لكنها تطوف في دائرة وعيك وال
وعيك..
ثلث سنوات..
يحبها نعم..
138
كانا في حفل سويًا ،خاص بشركته ونجاحه في اقتناص
صفقة هامة من أحد أكبر حيتان السوق ،ارتدت ثوبًا انتقاه
بنفسه ..العطر والحلي ،حتى الحذاء..
صفعتين متتاليتين..
زعيق..
جنون..
.....
142
تحسستُ نفسي ،ظهري ،ذراعي ووجهي ،لهثتُ بفزع،
اكتشفتُ أن دموعي تغرق وجهي والوسادة..
.....
143
عندما صعدتُ لمنزلي وجدتُ زوجي وابني األصغر
يركضان خلف بعضهما البعض بمرح..
يا إلهي..
-كريم..
144
كان يستفزني بضحكاته ،يهرش رأسه ويبرر مع جنون
عيني:
كدتُ أبكي..
-السجادة باظت..
145
-شوية شاي! ..الشاي ما بيطلعش ،وعلى ما نشيلها وتروح
المغسلة بيومك اللي بسنة ده هتكون باظت خلص..
ثم دُرتُ حوله بنية رحيل غير آبهة ببهوت ملمحه وحنق
عينيه المندهشتين ،أوقفني بحدة مماثلة:
-شام..
-مش مهم ،أتفلق أنا عادي ..يل عشان تلحق تفطر وتنزل
شغلك..
146
قلتها كأنني أريد التخلص منه ومن وجوده بالبيت ،باغتني
بخطواته التي خالفت وجهتي ،نحو غرفة النوم:
-ماليش نفس..
وهو ككل رجل ،ال يرى أبعد من أنفه ..ال يفهم دواخل
امرأته ..ال يستوعب جنونها أو فتورها..
147
المكرونة بصلصلة البشاميل الشهية ،وقالب فرن كامل
خاص ،لها وحدها..
أرأيتم!..
جاورتني بشك:
لم تمر بما مررتُ بظلله السوداء التي تركت أثرها بروحي،
وإن كان مجرد ثوانٍ محدودة في حلم مسروق..
-تاني يا ذكي!..
149
صمتت لهنيهة صححت بإثرها تعليقها:
-اغتصبني..
150
-يا بنت العضاضة..
151
-اسكتي ،صحيت متنرفزة ومتعصبة وزعلته ،نزل من غير
فطار..
-يوووه بقى..
على ذكر القباقيب تمتمتُ لها ،أثير حنقها أكثر وأنا أحمل
كوبي عائدة للخارج:
تأملتني بشك ،ال تصدق أنني بِتُ قنوعةً راضيةً ،وفي الواقع
لم أ كن ..أنا أحضرها فقط لطلب جديد!..
-الااااااااأ..
-هاعملك سينابون..
154
ابتسمتُ لها بشقاوة:
-السايكو!..
155
أومأتُ لها بحماس متجاهلة برودها وغيظها الظاهر ،الذي
تضاعف مع هزة رأسي فاستطردت بصوت حانق:
"هيييييييح"..
156
شردتُ في خياالتي الحالمة ،أستعيد تفاصيل أقربهم لقلبي
بكل رواية قرأتها:
"هيييييييح تاني"..
157
عاندتني بضيق فعلي:
-لها كذا تفسير يا بنتي منهم إنه مريض ذهان ،يعني مرض
عقلي ..تخيلي!..
158
-التفسير التاني إنه اختصار سايكوباث ،وده مرض نفسي
يا ماما ،المريض بيه معادي للمجتمع ،أبسط حاجة ما
بيعرفش يحب ،مؤذي ومش ممكن يحس بالذنب وطبعا
ما عندوش بربع جنيه ضمير ..افتحي جوجل واكتبي فيها
سايكوباث يا حبيبتي ،شوفي بيهبب إيه!..
أو رجاءً..
ال يهم ،ما يهم أنني على وشك الحصول على تجربة
جديدة ،فريدة من نوعها..
ومثيرة للفضول!..
160
في الحب والحياة ،ال تتوقف أمام حدود أو تمتنع
عند مواجهة حواجز..
161
ستذهب لمعرضه الخاص فربما تتعثر به ،تقابله ..تراه واقعًا
بعدما تشبعت بملمحه في الصور ،وبفنونه المختلفة..
162
توقفت عند واحدة ،تفحصتها بتدقيق..
"عجبتك!"..
163
-آسف ،ما قصدتش أفاجئك..
164
-حضرتك عبقري في الرسم بالحجارة ..بتقدر تخلق حياة
جوا اللوحة ،مشاعر وأحاسيس وأفكار..
-وإيه كمان!..
-بس..
165
خطوته التالية قربته منها لحد خطير:
-مبهرة..
-فيها براءة!..
167
يتجول في معرضه ،بين لوحاته ،يخاطب معجبيه ومحبي
فنه ..يرميها من بعيد بنظرات مخطوفة كبلتها إليه ،يهديها
بسمات غامضة المغزى..
-ماعرفتش اسمك!..
168
-شام..
-طبعا..
169
تحدثا في الكثير من األمور ،أو هو تحدث ..كانت تضم
قبضتها أسفل ذقنها ،تتطلع إليه بهيام تام وهو يتمعن في
مخارج حروفه برقي ،يسقيها قناعاته ومبادئه..
في نهاية الليلة أوصلها لمنزلها ،ودعها ولم تكن ترغب في
وداعه ،أخذ منها وعدًا بالعودة خلل األيام التالية ،بلقاء
بذات المكان..
170
يجذبها إليه ،كفراشة تدرك أن اللهب حارق ،مميت..
وفقط ال تقاوم االقتراب ،كل ما فيها يدفعها نحوه ..يشدها
لشراراته المتطايرة..
وهناك تحترق!..
-حوار ممتع..
-هنتقابل تاني!..
171
أهداها بسمة مماثلة وإن كانت خاصته ثابتة ،واثقة:
-عندي اقتراح..
-تعالي لي اسكندرية..
-عاوزِك أنتِ..
غامض..
173
أخبرتني بفتور بعدما سلمتني المشهد ألقرأه أنها تخلي
مسؤوليتها ،وعندما نهرتها متهمة إياها بأنها مجرد "بومة"
عاشقة للنكد ..أن الرجل لطيف ،ذكي ..وفنان..
لم أ كترث لحديثها كثيرًا فأنا أنتظر حلمي معه على أحر من
الجمر..
174
كان صامتًا ،ملمحه منغلقة ..تناول غذائه وقرر أن يشاهد
أحد المباريات على التلفاز بغرفة النوم تاركًا اآلخر
بالمعيشة للطفلين..
175
يبدو أن دافعي قد لفت انتباهه ،انعقد حاجبيه وألول مرة
أنتبه لتلك العقدة التي منحت طلته هيبة لم أعتدها:
-كابوس إيه!..
رباه..
-المهم ما تزعلش..
176
ابتسم لي برفق ،ربت على كفي قبل أن يزدرد قضمته،
أحاطها بكلتا يديه بعد إعادته لطبقه فوق المنضدة ،رفعها
لشفتيه يطبع على ظاهرها قبلة دفئها مس مشاعري:
-تسلم إيدك..
ال..
انتفضتُ أقف حتى أنه عقد حاجبيه للمرة الثانية وإن شاب
نظرته دهشة ،تراجعتُ أعتذر ،أتعللُ بدافع سبق وقدمته:
178
تقيم بفندق أنيق يطل على البحر ،موعدها معه بعد نصف
ساعة ،حيث سيمر عليها ليصطحبها إلى ركنه السري من
هذا العالم..
منزل عتيق وإن بدا متماسكًا رُغم أثر الزمان عليه ..صعدت
معه حتى الطابق الخامس واألخير ،كان مفتوحًا بباب
عريض يطل على السطح ،نسمات الهواء المحملة باليود
179
تحاوطها من كل زاوية ،وزرقة الموج العاتي تستحوذ على
انتباهها فور دخولها..
180
تأملت كل شيء بانبهار..
-سافرت باريس!..
181
-سافرت بلد كتير ،بس مونمارتر ملتقى أهل الفن ..ما
ينفعش أ كون في باريس وما أزوروش..
-أنت ..أنت...
-أشكرك..
182
ابتعدت خطوة دون انتفاض ،تدعي التماسك ..الثبات،
وكل حواسها تذوب قربه ،تأملت أخرى متجاهلة تسارع
نبضها غير المنطقي ..كانت تمثل رجلًا وامرأة في وضع
مخل ،شعرت بسخونة وجنتيها ،مررت بصرها وتعليقها
وتمسك هو:
183
-مهما بلغ سمو العلقة بينهم ،هيوصل للمرحلة دي في
النهاية..
-كلها ستات!..
184
جاوبها بجدية وعيناه تحاوطان فنه بنظرة فخور:
-أنت متجوز!..
-كنت..
-وراحت فين!..
-الله يرحمها..
-أنا آسفة..
186
حرك رأسه بل انفعال محدد ،ال األسى ..ال الحزن ،وال
الذكرى:
-وفين بنوتك!..
187
تراجعت تفر من حصاره وإن كان بل قيد حقيقي:
188
-اختاري المكان اللي يعجبك ،واقعدي فيه..
-حلو كده!..
190
أتى فتى التوصيل ،حمل إليها الطعام ..كانت بضع شطائر
من مطعم مأ كوالت سريعة شهير ،تجاورا على األريكة
الوحيدة..
191
تناثرت في عصف رياحه ،تشتت ،صمتت وكانت ال
تتوقف عن الحديث في كل شيء وعن أي شيء ،لكنه هو
من تحدث بهمس عميق ،بنبرة رخيمة شابتها خشونة
عاطفية أجشة:
-أنتِ جميلة..
سحر ما!..
شعوذة ربما!..
-غزل..
193
جابهته بمكابرة ،تواجها لدقيقة كاملة لم تستطع أن تتخطى
ثوانيها الستون ،ارتجفت وارتدت خطوة مع تبدل ما بعينيه،
كان هناك رغبة لم يبذل جهدًا في مداراتها ،وهي رُغم
كونها بكرًا في دنيا المشاعر ،مبتدئة في أرض الرجال..
استوعبت نظرته..
خافت..
به معجبًا..
عاشقًا..
195
بل جنحت بها خياالتها إليه زوجًا ،أبًا ألطفالها وهي أم
البنته الصغيرة التي لم تعلم عنها حتى اسمها..
الحلم جنة..
.....
196
ظلت تراسله ،بعثت له بالمقال الذي كتبته عنه ،تثرثر عن
الصدى الذي حققه بين معجبيه ،وأهل الفن عامة..
198
رمقته شذرًا كما لو أن ذلك ممكنًا ..الخيال يبيح كل
المستحيلت فلمَ ال!..
-استثنائية..
-اللوحة خلصت..
199
تعلقت بيده في غير تصديق ،وقبل أن تتساءل أردف
بخبث:
-تقريبًا..
-ممكن بجد!..
-أنا آسف..
وقبلها!..
-بيبرس!..
.....
202
كيف تخاف!..
ترتعب!..
أفاقت إثر وقت قصير ،كل ..لم تكن عارية منتهكة بفراشه،
لم تكن بغرفة إفاقة بمشفى وقد انتزع منها كليتها..
204
يرتدي معطفًا أبيض اللون يشبه خاصة األطباء ،يستدير إليها
وكمامة طبية تحاوط وجهه ،تلمح ابتسامته الرائقة بعينيه،
الخطوط التي تنقشها وأهدابه السامقة حالكة السواد:
-إلهامك مش عادي..
205
تراجع يفسح المشهد قبالة ناظريها ،يدير عنقها بلين لترى
لوحته المستقرة على األرضية..
-هاحكي لك حكاية!..
206
لوال الخدر الذي ينتشر بجسدها لصرخت حتى كَل
صوتها..
207
ارتجفت نظرتها وفضولها يطفو للسطح ،رآه فتبسم بتفهم:
208
-ساعتها اكتشف حقايق كتير كانت غايبة عنه ،صديقه
عشان ينقذ نفسه اعترف بخيانته ،بإنه على علقة بمراته..
إنهم االتنين خونة ،وإنه على استعداد يرجع له حقه..
-بس يسامحه..
رباه..
-روح حية..
عرفها بنفسه..
كان هو!..
تلك هي حكايته!..
-مبتورة!..
212
وختم المشهد الدامي بحماس ..بهوس ..باختلل:
***
213
انزلقتُ خارج الفراش بحذر ،ذهبتُ لغرفة صغيري،
جاروتُ "كريم" بفراشه وضممته بأحضاني..
214
استيقظ زوجي فوجدني نائمة جوار طفلي ،أيقظني برفق
متسائل تجاهلته ومارستُ روتيني اليومي حتى رحل
الجميع وبقيتُ وحدي..
تلك هي النهاية..
أنا اآلن أعلم ما أريد ،لكن سأؤنبها أولًا على فعلتها المشينة
التي ارتكبتها بحقي..
215
تربعت تجاورني بنظرة مستفسرة ،ملول ..تتساءل عن أي
رياح محملة بالشرور رمتني ببيتها على بكرة الصباح ربما،
ابتسمتُ لها بحنق:
216
دلكت موضع الضربة بأنين:
-كان إيه!..
-شكرا يا أنسة..
باغتها أعلم..
-أفلطوني!..
221
الحب كما الحلم ،هو رُمانة ميزان القلب والعقل
معًا..
**
هي اللحن..
هي المعزوفة..
222
هي طرب الروح ،إيقاع الفكر ،ونشاذ النبض..
223
-إيه رأيِك!..
224
أخذ رأيها في أحدث دواوينه المطروحة بمعرض الكتاب
األخير ،أثنت عليه ..امتدحت متانة تراكيبه وتوازن قوافيه..
تائه دونها..
225
وهو رجل في العشق يشتته القرار..
-وال أنا..
226
ابتسمت بدالل ،هزت كتفيها وعادت بعينيها لسطح الماء
الذي تشقه باخرة ضخمة ضوئها يغشي الظلمة:
-بحبِك..
الحب هو الغوث..
هو النجدة..
هو الغرق..
227
هو األرض والسماء..
هو األمنية..
هو الحلم!..
***
228
أوصلتني لباب منزلها ،كانت تعبث بهاتفها في غير انتباه
حتى أنها اصطدمت بي عندما توقفت ،نهرتها بانزعاج:
229
توجستُ من حديثها ،بعد ما حدث لم أعُد أحبهم ..ماذا
لو كان القادم يريد جذ عنقي ،ال لساني وحسب!..
-بس كده!..
230
-ال هو بس دبحها في آخر الرواية..
-إيه!..
-وماتت!..
232
هذه المرة ستتجسد األمنية في دنيا الخيال..
***
كما فعل هو ،واستنكرت هي ..هما في حالة عشق منذ ما
يقرب من عامين ،وطوال ذلك الزمان غير القصير لم يُلمح
لقرب شرعي ،أو ارتباط رسمي..
233
وصل بها لمواجهة مباشرة وصريحة فاضت معها دموعها:
-يعني إيه!..
234
زفر بصبر ،احتوى كفها يمنحها دفئه:
شدت قامتها..
تبتر..
-شام!..
-اختار يا بيبرس..
أحكمت العقدة..
237
حاوطت أنفاسه بأنشوطة االختناق..
اختار الفراق!..
.....
238
أتاها وكل ما فعله فور أن وقع بصره عليها كان همسًا مشتتًا،
سؤالًا حائرًا ،افتقاد وشوق ولعنة استسلم لها القلب:
-تتجوزيني!..
أهدته دموعها..
نبضها..
وقالت" ..نعم"..
.....
239
الزفاف كان هادئًا كما أراد ،لم تخالف هي إرادته فسعادتها
أن تكون معه ،وما قبلها ال يهم..
اآلتي هو الغاية..
-بحبَك يا بيبرس..
.....
241
عشر سنوات من المثالية والتتيم..
مثالية!..
-بحبِك..
243
بين الوهم والحقيقة ،ال يباح سقوط..
**
244
لمَ عدتُ!..
هو..
هما..
زوجي وطفلي..
أنا كنتُ راضية ،كنتُ أحب ،كنتُ غارقة حتى النخاع في
تفاصيل أسرتي الصغيرة ..ذلك الذي أدركه عقلي الباطن،
وتغافل عنه وعيي األحمق..
-صباح الخير..
ارتبكتُ بلعثمة:
246
-ما تقلقيش ،صحيته ولبس ،عملت له اللنش بوكس
ونزلته في ميعاده..
واختفيا من أمامي!..
ذاك هو الحب..
-مفاجأة إيه!..
-بجد!..
وتفهم هو:
-بجد جدا..
250
حضرتُ حقيبة مناسبة ،مألتها بثياب كلينا..
ترددتُ بقلق:
-بس كريم!..
-معاوية!..
251
ضحك فكانت كأنها أول مرة أسمع فيها ضحكته الرجولية
الدافئة:
رمشتُ بارتباك..
عيناه العشبيتان..
-بيبرس..
252
-نعم!..
253
أردتُ تجربة أمر أخير ،فدنيا األحلم مغوية رُغم كل ما
فات ..كررتُ النداء ،جاوب بذات الـ"نعم" ..نقرتُ فكي
بسبابتي وأنا أمضغ شفتي بدالل:
***
"مافيش فايزة"..
"فايدة"..
بالضبط..
255
مخس حواس للحب
متت حبمد اهلل
2021/2/12
صابرين الديب
جروب حلم-هن األدبي
256