‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‬

‫ﻓﻲ أﺣﺪ اﻷﻳﺎم‪ ،‬أﺟﻠﺴﻨﻲ طﻼﺑﻲ وأﻣﺮوﻧﻲ ﺑﻜﺘﺎﺑﺔ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب؛ وذﻟﻚ ﻷﻧﮫﻢ أرادوا أن ﻳﺘﻤﻜﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ‬
‫اﺳﺘﺨﺪام ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻟﺠﻌﻞ ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ أﻓﻀﻞ‪ .‬ﻛﺎن ﺗﺄﻟﯿﻒ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب‬
‫ﺷﯿًﺌﺎ طﺎﻟﻤﺎ أردت اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻪ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ أﺻﺒﺢ ﺣﯿﻨﮫﺎ ﻓﻲ ﻗﻤﺔ أوﻟﻮﻳﺎﺗﻲ‪.‬‬
‫ﻋﻤﻠﻲ ھﻮ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺗﻘﻠﯿﺪ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﻳﻌﻜﺲ ﻗﻮة ﻣﻌﺘﻘﺪات اﻷﺷﺨﺎص‪ .‬وھﺬه اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات رﺑﻤﺎ ﻧﺪرﻛﮫﺎ‬
‫ورﺑﻤﺎ ﻻ ﻧﺪرﻛﮫﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﺗﺆﺛﺮ ﻛﺜﯿًﺮا ﻓﯿﻤﺎ ﻧﺮﻳﺪه وﻓﯿﻤﺎ إذا ﻛﻨﺎ‬
‫ﻀﺎ ﺗﻮﺿﺢ ﻛﯿﻒ أن ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻣﻌﺘﻘﺪات اﻟﻨﺎس ‪ -‬ﺣﺘﻰ اﻟﺒﺴﯿﻄﺔ ﻣﻨﮫﺎ ‪ -‬ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن‬ ‫ﺳﻨﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﯿﻘﻪ‪ ,‬وھﻲ أﻳ ً‬
‫ﻟﻪ ﺗﺄﺛﯿﺮات ﻋﻤﯿﻘﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب‪ ،‬ﺳﺘﻌﺮف ﻛﯿﻒ أن ﻣﻌﺘﻘًﺪا ﺑﺴﯿﻄًﺎ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻚ ‪ -‬اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ اﻟﺬي اﻛﺘﺸﻔﻨﺎه ﻓﻲ ﺑﺤﺜﻨﺎ ‪ -‬ﻳﻮﺟﻪ ﺟﺰًءا‬
‫ﻛﺒﯿًﺮا ﻣﻦ ﺣﯿﺎﺗﻚ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬إﻧﻪ ﻳﺘﻐﻠﻐﻞ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺟﺰء ﻣﻦ‬
‫ﺣﯿﺎﺗﻚ؛ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﻋﻦ ﺷﺨﺼﯿﺘﻚ ﻳﻨﺘﺞ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻋﻦ ھﺬه "اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ"‪ ،‬ﻛﻤﺎ أن أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻌﻮﻗﻚ ﻋﻦ‬
‫ﺑﺬل إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻚ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻟﻢ ﻳﻔﺴﺮ أي ﻛﺘﺎب ھﺬه اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪ ،‬أو ﻳﻮﺿﺢ ﻟﻠﻨﺎس ﻛﯿﻔﯿﺔ اﺳﺘﺨﺪاﻣﮫﺎ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ‪ .‬ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻔﺎﺟﺊ‬
‫ﺳﺘﻔﮫﻢ اﻟﻌﻈﻤﺎء ‪ -‬ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم واﻟﻔﻨﻮن واﻟﺮﻳﺎﺿﺔ واﻟﺘﺠﺎرة ‪-‬‬
‫واﻟﻌﻈﻤﺎء اﻟﺴﺎﺑﻘﯿﻦ‪ ،‬ﺳﺘﻔﮫﻢ زوﺟﻚ وﻣﺪﻳﺮك وأﺻﺪﻗﺎءك وأطﻔﺎﻟﻚ‪ ،‬ﺳﺘﺮى ﻛﯿﻒ ﺗﻄﻠﻖ اﻟﻌﻨﺎن ﻹﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻚ‬
‫وإﻣﻜﺎﻧﺎت أطﻔﺎﻟﻚ‪.‬‬
‫مــن دواعــي ﻓﺦــري أن أشــارﻛﻜﻢ اﻛﺘﺶــاﻓﺎﺗﻲ‪ .‬ﺑﺞــاﻧﺐ اﻟﻘﺺــص اﻟﺖــي رواهــا أشــﺧﺎص فــي‬
‫ﺑﺤﺚــي‪ ،‬ﻗﻢــت ﺑﻢــلء كــل ﻓﺺــل ﺑﻘﺺــص إمــا ﻣﻘﺘﻄﻊــة مـن اﻟﻌﻦـاوﻳﻦ اﻹﺧﺒﺎريـة‬
‫اﻟﺮﺋﯿﺲــﻳﺔ أو ﻣﺒﻨﻲـة ﻋﻞـى ﺣﻲـاﺗﻲ وﺧﺐـرﺗﻲ اﻟﺨﺎصـة‪ ،‬ﺣﺖـى ﻳﻤﻜﻦـك رؤيـة اﻟﻌﻘﻠﻲـة ﺑﺶـﻛﻞ‬
‫ﻋﻤﻞـي‪) .‬فـي أﻏﻞـب اﻟﺢـاﻻت تـم ﺗﻎـﻳﯿﺮ اﻷسـﻣﺎء واﻟﻤﻌﻠﻮمـات اﻟﺶـﺧﺼﯿﺔ ﺣﻒـاظًﺎ ﻋﻞـى‬
‫ﺳﺮﻳﺔ اﻟﮫﻮﻳﺔ؛ وﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﯿﺎن ﺗﻢ إﻳﺠﺎز ﻗﺼﺺ ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص ﻓﻲ ﻗﺼﺔ واﺣﺪة ﻟﻨﻘﻞ ﻓﻜﺮة أوﺿﺢ‪ .‬أﻋﺪت‬
‫ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮات ﻣﻦ ذاﻛﺮﺗﻲ‪ ،‬وﻗﻤﺖ ﺑﺈﻋﺪادھﺎ‬
‫ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻣﺎ أﺳﺘﻄﯿﻊ(‪.‬‬
‫ﻗﺎ ﻟﻠﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻗﺎ ﻟﺘﻄﺒﯿﻖ اﻟﺪروس ‪ -‬طﺮ ً‬ ‫ﻓﻲ ﻧﮫﺎﻳﺔ ﻛﻞ ﻓﺼﻞ وﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻷﺧﯿﺮ‪ ،‬أوﺿﺢ ﻟﻚ طﺮ ً‬
‫ﺗﻮﺟﻪ ﺣﯿﺎﺗﻚ‪ ،‬وﻟﺘﻔﮫﻢ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﻋﻤﻠﮫﺎ وﺗﻐﯿﯿﺮھﺎ إذا ﻣﺎ رﻏﺒﺖ‬
‫ﻓﻲ ذﻟﻚ‪.‬‬
‫أود أن أﻧﺖــھﺰ اﻟﻔﺮصــة وأشــﻛﺮ كــل مــن هــﻳﱠﺄ اﻟﺲـﺑﻞ ﻟﺒﺤﺚـي ولـھﺬا اﻟﻜﺖـاب؛ ﺟﻊـل طﻼبـي مـن‬
‫ﻋﻤﻞـي اﻟﺒﺤﺚـي ﻣﺘﻊـة ﺗﺎمـة‪ ،‬أﺗﻤﻦـى أن ﻳﻚـوﻧﻮا ﺗﻌﻠﻢـوا ﻣﻦـي ﺑﻖـدر مـا ﺗﻌﻠﻢـت‬
‫ﻀﺎ أن أﺷﻜﺮ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻲ دﻋﻤﺖ ﺑﺤﺜﻨﺎ‪ :‬ﻣﺆﺳﺴﺔ وﻳﻠﯿﺎم ﺗﻲ‪ .‬ﺟﺮاﻧﺪ ﻓﺎوﻧﺪﻳﺸﻦ‪،‬‬ ‫ﻣﻨﮫﻢ‪ .‬أود أﻳ ً‬
‫واﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮم‪ ،‬ووزارة اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ‪ ،‬واﻟﻤﻌﮫﺪ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﻠﺼﺤﺔ‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‪ ،‬واﻟﻤﻌﮫﺪ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﺼﺤﺔ اﻟﻄﻔﻞ واﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪ ،‬وﻣﺆﺳﺴﺔ ﺳﺒﯿﻨﺴﺮ‪.‬‬
‫ﻌﺎ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ أﺗﻤﻨﺎھﺎ‪ :‬وﻳﺒﺴﺘﺮ ﻳﺎﻧﺲ‬ ‫اﻟﻤﻮظﻔﻮن ﻓﻲ دار ﻧﺸﺮ راﻧﺪوم ھﺎوس ﻛﺎﻧﻮا أﻛﺜﺮ ﻓﺮق اﻟﻌﻤﻞ ﺗﺸﺠﯿ ً‬
‫وداﻧﯿﯿﻞ ﻣﯿﻨﺎﻛﯿﺮ وﺗﻮم ﺑﯿﺮي‪ .‬وﻗﺒﻞ ﻛﻞ ھﺆﻻء‪ ،‬ﻛﺎروﻟﯿﻦ ﺳﻮﺗﻮن‪،‬‬
‫ﻗﺎ ﻛﺒﯿًﺮا‪ .‬أﺷﻜﺮ وﻛﯿﻞ أﻋﻤﺎﻟﻲ اﻟﺮاﺋﻊ ﺟﺎﻳﻠﺲ‬‫ﻣﺤﺮرة ﻛﺘﺎﺑﻲ؛ ﺣﻤﺎﺳﻚ ﻟﻜﺘﺎﺑﻲ واﻗﺘﺮاﺣﺎﺗﻚ اﻟﺮاﺋﻌﺔ ﺻﻨﻌﺖ ﻓﺎر ً‬
‫أﻧﺪرﺳﻮن‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﺷﻜﺮ ھﺎﻳﺪي ﺟﺮاﻧﺖ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺘﻨﻲ ﻋﻠﻰ‬
‫اﺗﺼﺎل ﻣﻌﻪ‪.‬‬
‫ﺷﻜًﺮا ﻟﻜﻞ ﻣﻦ أﺳﮫﻢ وﻗﺪم ﺗﻌﻠﯿﻘﺎت‪ ،‬وﺷﻜﺮ ﺧﺎص ﻟﺒﺎﻟﻲ ﺷﻮﻟﻤﺎن ورﻳﺘﺸﺎرد دوﻳﻚ وﻣﺎرﻳﺎن ﺑﯿﺸﻜﻦ‬
‫ﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎﺗﮫﻢ اﻟﻤﺴﺘﻔﯿﻀﺔ اﻟﺜﺎﻗﺒﺔ‪ .‬وأﺧﯿًﺮا أﺷﻜﺮ زوﺟﻲ دﻳﻔﯿﺪ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺤﺐ واﻻھﺘﻤﺎم اﻟﻠﱠَﺬْﻳ ِ‬
‫ﻦ أﺿﺎﻓﺎ ُﺑْﻌًﺪا آﺧﺮ ﻟﺤﯿﺎﺗﻲ‪.‬‬
‫ﻋﻤﻠﻲ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬وﻗﺪ ﺳﺎﻋﺪﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻧﻤﻮي اﻟﺸﺨﺼﻲ‪ ،‬وأﺗﻤﻨﻰ أن ﻳﻘﺪم ﻟﻚ اﻟﺸﻲء ﻧﻔﺴﻪ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ ‪1‬‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺑﺎﺣﺜﺔ ﺷﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﻤﻠﻲ ﺑﻤﺠﺎل اﻷﺑﺤﺎث‪ ،‬ﺣﺪث أﻣﺮ ﻗﺎم ﺑﺘﻐﯿﯿﺮ ﺣﯿﺎﺗﻲ‪ .‬ﻛﻨﺖ ﻣﮫﻮوﺳﺔ ﺑﻔﮫﻢ‬
‫اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻮاﺟﻪ ﺑﮫﺎ اﻟﻨﺎس اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت‪ ،‬وﻗﺮرت أن‬
‫أدرس هـذا اﻷمـر مـن خـﻻل ﻣﺶـاھﺪة ﻛﯿﻔﯿﺔ ﻣﻮاﺟﮫﺔ اﻟﻄﻼب اﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﺼﻌﺒﺔ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﻤﺖ ﺑﺠﻠﺐ طﻔﻞ‬
‫واﺣﺪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة إﻟﻰ ﺣﺠﺮة ﺑﻤﺪرﺳﺘﮫﻢ‪ ،‬وﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﺸﻌﺮ‬
‫بــاﻻرﺗﯿﺎح‪ ،‬ثــم قــدﻣﺖ لــه ســﻟﺴﻠﺔ مــن اﻷﻟﻎــاز ﻟﯿﺤﻞــھﺎ‪ .‬كــاﻧﺖ اﻷﻟﻎــاز اﻷولــى ســھﻠﺔ إلــى‬
‫حــد مــا‪ ،‬وﻟﻚــن اﻷﻟﻎــاز اﻟﺘﺎﻟﻲــة كــاﻧﺖ صــﻋﺒﺔ‪ .‬وﺑﯿﻨﻢــا ﻳﺘﻤﺖــم اﻟﻂـﻻب وﻳﺘﻊـرﻗﻮن‬
‫وُﻳﻨﮫﻜﻮن‪ ،‬ﻛﻨﺖ أﺷﺎھﺪ ﺧﻄﻄﮫﻢ‪ ،‬وأﻓﺤﺺ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻔﻜﺮون وﻳﺸﻌﺮون ﺑﻪ‪ .‬ﺗﻮﻗﻌﺖ اﺧﺘﻼﻓﺎت ﺑﯿﻦ اﻷطﻔﺎل ﻓﻲ‬
‫طﺮﻳﻘﺔ ﻣﻮاﺟﮫﺘﮫﻢ ﻟﻠﺼﻌﻮﺑﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻲ رأﻳﺖ ﺷﯿًﺌﺎ ﻟﻢ‬
‫أﺗﻮﻗﻌﻪ أﺑًﺪا‪.‬‬
 ‫ﻌﺎ وﻣﻂ ﺷﻔﺘﯿﻪ وﺻﺎح ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬أﺣﺐ‬ ‫ﺑﻤﻮاﺟﮫﺘﮫﻢ ﻟﻸﻟﻐﺎز اﻟﺼﻌﺒﺔ‪ ،‬ﻗﺎم وﻟﺪ ﻋﻤﺮه ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات ودﻋﻚ ﻳﺪﻳﻪ ﻣ ً‬
‫ﻜﺎ ﻓﻲ ﺣﻞ ﺗﻠﻚ اﻷﻟﻐﺎز‪ ،‬رﻓﻊ آﺧﺮ‬ ‫اﻟﺘﺤﺪي!"‪ .‬وﺟﻠﺲ ﻣﻨﮫﻤ ً‬
‫ﺑﺼﺮه وظﮫﺮ ﻋﻠﻰ وﺟﮫﻪ ﺗﻌﺒﯿﺮ ﺑﺎﻻرﺗﯿﺎح وﻗﺎل ﺑﻘﻮة‪" :‬أﺗﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻛﻨﺖ أﺗﻤﻨﻰ أن ﻳﻜﻮن ھﺬا ﻣﻔﯿًﺪا!"‪.‬‬
‫ﻣﺎذا ﺑﮫﻢ؟ ﻛﺎن ھﺬا ﺗﺴﺎؤﻟﻲ‪ .‬ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ اﻋﺘﻘﺪت أﻧﻜﻢ إﻣﺎ ﺗﻮاﺟﮫﻮن اﻹﺧﻔﺎق أو ﻻ ﺗﻮاﺟﮫﻮﻧﻪ‪ .‬ﻟﻢ أﺗﺼﻮر أن ھﻨﺎك‬
‫ﻣﻦ ﻳﺤﺐ اﻹﺧﻔﺎق‪ .‬ھﻞ ﻛﺎن ھﺆﻻء أطﻔﺎًﻻ ﻏﺮﺑﺎء أو ﻛﺎن‬
‫وراءھﻢ دﻻﻟﺔ ﻟﺸﻲء ﻣﺎ؟‬
‫ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻟﻪ ﻗﺪوة‪ ،‬ﺷﺨﺺ ﻳﺮﺷﺪه ﻟﻠﻄﺮﻳﻖ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﻣﻦ ﺣﯿﺎﺗﻪ‪ .‬ﻛﺎن ھﺆﻻء اﻷطﻔﺎل ﻗﺪوﺗﻲ‪ .‬ﻣﻦ‬
‫اﻟﻮاﺿﺢ أﻧﮫﻢ ﻋﺮﻓﻮا ﺷﯿًﺌﺎ ﻟﻢ أﻋﺮﻓﻪ وﻛﻨﺖ ﻣﺼﺮة ﻋﻠﻰ‬
‫اﻛﺘﺸﺎﻓﻪ؛ ﻷﻓﮫﻢ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﮫﺎ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻹﺧﻔﺎق إﻟﻰ ھﺒﺔ‪.‬‬
‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻋﺮﻓﻮه؟ ﻋﺮﻓﻮا أن اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻣﺜﻞ اﻟﻤﮫﺎرات اﻟﺬھﻨﯿﺔ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻦ ﺻﻘﻠﮫﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺠﮫﺪ‪ .‬وھﺬا‬
‫ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻪ ﻟﯿﺼﺒﺤﻮا أذﻛﻰ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﺜﺒﻂ ﻋﺰﻳﻤﺘﮫﻢ‬
‫ﻀﺎ ﻓﯿﻤﺎ إذا ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺨﻔﻘﻮن‪ ،‬ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻔﻜﺮون ﻓﻲ أﻧﮫﻢ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮن‪.‬‬‫اﻹﺧﻔﺎق‪ ،‬ﺑﻞ إﻧﮫﻢ ﻟﻢ ﻳﻔﻜﺮوا أﻳ ً‬
‫ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ آﺧﺮ‪ ،‬ﻛﻨﺖ أﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺟﺎﻣﺪة ﻻ ﺗﺘﻐﯿﺮ؛ ﻓﺈﻣﺎ أن ﺗﻜﻮن ذﻛﯿًّﺎ أو ﻻ‪ ،‬واﻹﺧﻔﺎق ﻳﻌﻨﻲ‬
‫أﻧﻚ ﻟﺴﺖ ذﻛﯿًّﺎ‪ ،‬ﻛﻨﺖ أﻋﺘﻘﺪ أن اﻷﻣﺮ ﺑﮫﺬه اﻟﺒﺴﺎطﺔ‪،‬‬
‫ﻓﻠﻮ ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ إﻋﺪاد اﻟﻨﺠﺎﺣﺎت وﺗﺠﻨﺐ اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت )ﻣﮫﻤﺎ ﻛﻠﻔﻚ اﻷﻣﺮ(؛ ﻓﯿﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻈﻞ ذﻛﯿًّﺎ‪ .‬اﻟﻜﻔﺎﺣﺎت‬
‫واﻷﺧﻄﺎء واﻟﻤﺜﺎﺑﺮة ﻟﯿﺴﺖ ﺟﺰًءا ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺼﻮرة‪.‬‬
‫ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ أﻣﻮًرا ﻳﻤﻜﻦ ﺻﻘﻠﮫﺎ أم ﺟﺎﻣﺪة ﻻ ﺗﺘﻐﯿﺮ‪ ،‬ﻓﮫﻮ ﻣﻮﺿﻮع ﻗﺪﻳﻢ‪ .‬اﻟﺠﺪﻳﺪ ھﻮ ﻣﺎ اﻟﺬي‬
‫ﺗﻌﻨﯿﻪ ﻟﻚ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات؟ ﻣﺎ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻋﺘﻘﺎدك ﺑﺄن‬
‫ذﻛﺎءك أو ﺷﺨﺼﯿﺘﻚ ھﻲ أﻣﻮر ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻄﻮﻳﺮھﺎ‪ ،‬ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻋﻤﯿﻘﺔ اﻟﺠﺬور؟ ﻟﻨﻠﻖ ﻧﻈﺮة أوًﻻ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺪال اﻷزﻟﻲ اﻟﻤﺤﺘﺪم ﺑﺸﺪة ﺣﻮل اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‬
‫ﻌْﺪ ﻟﻠﺴﺆال ﻋﻤﺎ ﺗﻌﻨﯿﻪ ﻟﻚ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات‪.‬‬ ‫ﺛﻢ ﻟَﻨ ُ‬

‫ﻟﻤﺎذا ﻳﺨﺘﻠﻒ اﻟﻨﺎس؟‬

‫ﻣﻨﺬ ﻓﺠﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‪ ،‬ﻳﻔﻜﺮ اﻟﻨﺎس ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ‪ ،‬وﻳﺘﺼﺮﻓﻮن ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ‪ ،‬وﻳﻨﺠﺤﻮن وﻳﺨﻔﻘﻮن ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ‪.‬‬
‫ﺼﺎ ﻣﺎ ﺳﯿﻄﺮح اﻟﺴﺆال ﻋﻦ ﺳﺒﺐ‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻛﺪ أن ﺷﺨ ً‬
‫ﻗﺎ؟ وھﻞ ھﻨﺎك ﺷﻲء ﻳﺠﻌﻠﮫﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﯿﻦ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﺧﺘﻼف اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻟﻤﺎذا ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص أذﻛﻰ أو أﻓﻀﻞ أﺧﻼ ً‬
‫اﻟﺪوام؟ اﺻﻄﻒ اﻟﺨﺒﺮاء ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺒﯿﻦ؛ زﻋﻢ اﻟﺒﻌﺾ أن ھﻨﺎك‬
‫ﺳﺎ ﺟﺴﻤﺎﻧﯿًّﺎ ﺛﺎﺑًﺘﺎ وراء ﺗﻠﻚ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت‪ ،‬ﺟﺎﻋﻠﯿﻦ ﻣﻨﮫﺎ أﻣًﺮا ﺣﺘﻤﯿًّﺎ وﻏﯿﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﻐﯿﯿﺮ ﻋﺒﺮ اﻟﻌﺼﻮر‪ ،‬ﺗﻠﻚ‬‫أﺳﺎ ً‬
‫اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﺠﺴﻤﺎﻧﯿﺔ اﻟﻤﺰﻋﻮﻣﺔ اﺷﺘﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﺘﻮءات‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﺠﻤﺔ )ﻋﻠﻢ اﻟﻔﺮاﺳﺔ(‪ ،‬ﺣﺠﻢ اﻟﺠﻤﺠﻤﺔ وﺷﻜﻠﮫﺎ )ﻋﻠﻢ اﻟﺠﻤﺎﺟﻢ(‪ ،‬واﻟﯿﻮم اﻟﺠﯿﻨﺎت‪.‬‬
‫أﺷﺎر اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ إﻟﻰ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﻜﺒﯿﺮة ﻓﻲ ﺧﻠﻔﯿﺎت اﻷﺷﺨﺎص وﺧﺒﺮاﺗﮫﻢ وﺗﺪرﻳﺒﮫﻢ أو طﺮق ﺗﻌﻠﻤﮫﻢ‪ .‬رﺑﻤﺎ‬
‫ﻳﺪھﺸﻚ أن ﺗﻌﻠﻢ أن أﺣﺪ ﻛﺒﺎر ﻣﺆﻳﺪي ھﺬا اﻟﺮأي ھﻮ‬
‫"أﻟﻔﺮﻳﺪ ﺑﯿﻨﯿﻪ"‪ ،‬ﻣﺨﺘﺮع اﺧﺘﺒﺎر ﺣﺎﺻﻞ اﻟﺬﻛﺎء‪ .‬أﻟﻢ ﻳﮫﺪف اﺧﺘﺒﺎر ﺣﺎﺻﻞ اﻟﺬﻛﺎء إﻟﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﺠﻤﻞ اﻟﺬﻛﺎء ﻏﯿﺮ اﻟﻘﺎﺑﻞ‬
‫ﻟﻠﺘﻐﯿﯿﺮ ﻟﻠﻄﻔﻞ؟ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻻ‪" .‬ﺑﯿﻨﯿﻪ" اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‬
‫اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺒﺎرﻳﺲ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ‪ ،‬ﺻﻤﻢ ھﺬا اﻻﺧﺘﺒﺎر ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻷطﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﻔﯿﺪون‬
‫ﻣﻦ ﻣﺪارس ﺑﺎرﻳﺲ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺼﻤﯿﻢ ﺑﺮاﻣﺞ‬
‫ﺗﻌﻠﯿﻤﻲــة جــدﻳﺪة ﻟﺘﻌﻲــدھﻢ إلــى اﻟﻤﺲــار اﻟﺺــﺣﯿﺢ ‪ .‬وبــدون أن ﻳﻨﻚــر وجــود فــروق فــي‬
‫اﻟﻖـدرات الـذھﻨﯿﺔ ﻟﻸطﻒـال‪ ،‬اﻋﺘﻖـد أنـه بـإﻣﻜﺎن اﻟﺘﻌﻞـﻳﻢ واﻟﻤﻤﺎرسـة إحـداث ﺗﻎـﻳﯿﺮات‬
‫ﺟﺬرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺬﻛﺎء‪ .‬ھﺎ ھﻮ ذا ﻣﻘﺘﻄﻒ ﻣﻦ أﺣﺪ ﻛﺘﺒﻪ اﻟﻤﮫﻤﺔ ‪ ، Modern Ideas About C hildren‬ﻳﻠﺨﺺ ﻓﯿﻪ أﻋﻤﺎﻟﻪ‬
‫ﻣﻊ ﻣﺌﺎت ﻣﻦ اﻷطﻔﺎل ذوي ﺻﻌﻮﺑﺎت اﻟﺘﻌﻠﻢ‪:‬‬
‫ﻗﻠﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ‪ ...‬ﻳﺆﻛﺪون أن ذﻛﺎء اﻟﻔﺮد ﻟﻪ ﻗﺪر ﺛﺎﺑﺖ‪ ،‬ﻗﺪر ﻻ ﻳﻤﻜﻦ زﻳﺎدﺗﻪ‪ .‬ﻋﻠﯿﻨﺎ أن ﻧﺤﺘﺞ‬
‫وﻧﺒﺪي رد ﻓﻌﻞ ﺿﺪ ھﺬا اﻟﺘﺸﺎؤم اﻟﻘﺎﺳﻲ‪ ...‬ﺑﺎﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ‬
‫واﻟﺘﺪرﻳﺐ وﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء اﻷﺳﻠﻮب‪ ،‬ﻧﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ زﻳﺎدة اﻧﺘﺒﺎھﻨﺎ وذاﻛﺮﺗﻨﺎ وﻗﺮارﻧﺎ‪ ،‬وﻓﻌﻠﯿًﺎ ﺳﻨﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮ ذﻛﺎًء ﻣﻤﺎ‬
‫ﻛﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪.‬‬
‫ﻦ اﻟﺬي ﻋﻠﻰ ﺻﻮاب؟ ﻳﺘﻔﻖ أﻏﻠﺐ اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﯿﻮم أن ﻛﻠﯿﮫﻤﺎ ﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ ﺻﻮاب‪ .‬إﻧﮫﺎ ﻟﯿﺴﺖ اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ أو‬ ‫ﻣ ِ‬
‫َ‬
‫اﻟﺘﻨﺸﺌﺔ‪ ،‬وﻻ اﻟﺠﯿﻨﺎت أو اﻟﺒﯿﺌﺔ‪ .‬ﺑﮫﺬا اﻟﻤﻔﮫﻮم؛ ﻓﮫﻨﺎك ﺗﺒﺎدل‬
‫ﺑﯿﻦ اﻻﺛﻨﯿﻦ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﮫﺎ "ﺟﯿﻠﺒﺮت ﺟﻮﺗﻠﯿﺐ" ﻋﺎﻟﻢ اﻷﻋﺼﺎب اﻟﺒﺎرز‪ ،‬ﻻ ﺗﺘﻀﺎﻓﺮ اﻟﺠﯿﻨﺎت واﻟﺒﯿﺌﺔ‬
‫ﻓﻘﻂ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻧﻤﻮﻧﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﺴﺘﻠﺰم اﻟﺠﯿﻨﺎت ﺗﺪﺧًﻼ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺒﯿﺌﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺼﻮرة ﺻﺤﯿﺤﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻳﺪرك اﻟﻌﻠﻤﺎء أن اﻟﻨﺎس ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﺪى اﻟﺤﯿﺎة وﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺪﻣﺎغ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا‬
‫ﻳﺘﺼﻮرون ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪ .‬ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ‪ ،‬ﻟﺪى ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻣﻠﻜﺔ‬
‫وراﺛﻲــــة ﻓﺮيـــدة‪ .‬قــد ﻳﺐــدأ اﻟﻦــاس ﺑﻄﺐــاع ومــؤھﻼت ﻣﺨﺘﻠﻒــة‪ ،‬ﻟﻚــن اﻷمــر اﻟﻮاضــح أن‬
‫اﻟﺨﺐــرة واﻟﺖــدرﻳﺐ واﻟﺞــھﺪ اﻟﺶــﺧﺼﻲ هــى مــا ﻳﺮشــده ﻟﺐــاﻗﻲ اﻟﻂــرﻳﻖ‪ .‬ﻛﺖــب "روبــرت‬
‫ﺳﺘﯿﺮﻧﺒﺮج" اﻷب اﻟﺮوﺣﻲ ﻟﻠﺬﻛﺎء ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺎﻟﻲ‪ ،‬أن اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ اﻟﻨﺎس اﻟﺒﺮاﻋﺔ "ﻟﯿﺲ‬
 ‫ﻗﺪرة ﻣﺴﺒﻘﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﺑﻞ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﮫﺎدﻓﺔ"‪ .‬أو ﻛﻤﺎ وﺿﺢ ﺳﺎﺑﻘﻪ‬
‫"ﺑﯿﻨﯿﻪ" أن اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺪون اﻷذﻛﻰ أوًﻻ ﻟﯿﺴﻮا داﺋ ً‬
‫ﻤﺎ ھﻢ ﻣﻦ ﻳﻨﺘﮫﻮن اﻷذﻛﻰ‪.‬‬

‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻌﻨﯿﻪ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻛﻠﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻚ؟ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﺎن‬

‫مــن جــھﺔ‪ ،‬هــذا ﻟﺠﻊــل اﻟﻤﺜﻘﻒــﻳﻦ ﻳﺲــھﺒﻮن فــي اﻟﺘﺢــدث عــن آرائــھﻢ حــول اﻟﻘﺾــاﻳﺎ‬
‫ﻣﺎ‪،‬‬‫اﻟﻌﻠﻤﻲـة‪ ،‬ومـن جـھﺔ أخـرى ﻟﺖـدرك كـﻳﻒ أن ﺗﻞـك اﻵراء ﺗﻨﺎسـﺑﻚ‪ .‬ﻟﻢـدة ﻋﺶـرﻳﻦ عـا ً‬
‫أظﮫﺮت أﺑﺤﺎﺛﻲ أن اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺨﺬھﺎ ﻟﻨﻔﺴﻚ ﺗﺆﺛﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﯿﺮ ﻋﻠﻰ طﺮﻳﻘﺔ إدارﺗﻚ ﻟﺤﯿﺎﺗﻚ‪ .‬ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﺤﺪد‬
‫أن ﺗﺼﺒﺢ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻜﻮﻧﻪ وأن ﺗﻨﺠﺰ اﻷﻣﻮر‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪرھﺎ‪ .‬ﻛﯿﻒ ﻳﺤﺪث ھﺬا؟ ﻛﯿﻒ ﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﺑﺴﯿﻂ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﻗﻮة ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻧﻔﺴﯿﺘﻚ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ‪ ،‬ﺣﯿﺎﺗﻚ؟‬
‫إﻳﻢــاﻧﻚ بــأن ســﻣﺎﺗﻚ غــﻳﺮ ﻗﺎﺑﻞــة ﻟﻠﺘﻎــﻳﯿﺮ ‪ -‬اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة ‪ -‬ﻳﺠﻊــل ھﻦــاك ﺣﺎجــة ﻣﻠﺢــة‬
‫ﻹﺛﺐــات ﻧﻔﺲــك مــراًرا وﺗﻚــراًرا‪ .‬إذا كــان لــدﻳﻚ قــدر مـن الـذﻛﺎء وقـدر مـن اﻟﺘﻒـرد‬
‫ﻛﻞ ﻣﻨﮫﺎ‪ ،‬وھﻮ اﻷﻣﺮ‬ ‫ﻤﺎ ﻣﻦ ُ‬
‫اﻟﺸﺨﺼﻲ وﻗﺪر ﻣﻦ اﻷﺧﻼق اﻟﺮﻓﯿﻌﺔ ‪ -‬ﻓﻌﻠﯿﻚ إذن أن ﺗﺒﺮھﻦ أن ﻟﺪﻳﻚ ﻗﺪًرا ﻣﻼﺋ ً‬
‫اﻟﺬي ﻻ ﻳﻨﺠﺢ إذا ﻣﺎ ظﮫﺮ ﻧﻘﺺ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻤﺎت اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ‬
‫أو ﺷﻌﺮت ﻓﯿﮫﺎ ﺑﻨﻘﺺ‪.‬‬
‫ﻳﺘﻢ ﺗﺪرﻳﺐ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﻣﻨﺬ ﺳﻦ ﻣﺒﻜﺮة‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ طﻔﻠﺔ ﻛﺎن ﻳﺘﻢ ﺗﻮﺟﯿﻪ ﺗﺮﻛﯿﺰي ﻋﻠﻰ أن أﻛﻮن‬
‫ذﻛﯿﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺗﻢ طﺒﻊ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ داﺧﻠﻲ ﺑﺤﻖ ﻣﻦ‬
‫خــﻻل اﻟﺲــﻳﺪة "وﻳﻠﺲــون" ﻣﻌﻠﻤﺖــي فــي اﻟﺺــف اﻟﺲــادس‪ .‬ﻋﻞــى ﻋﻚــس "أﻟﻔﺮيــد ﺑﯿﻨﻲــه"‪،‬‬
‫اﻋﺘﻖــدت هــي أن ﻣﻊــدل ﺣﺎصــل ذكــاء اﻷشــﺧﺎص ﻳﺤﻚــي ﻗﺺــﺗﻨﺎ اﻟﻜﺎﻣﻞــة حــول‬
‫ﺷﺨﺼﯿﺎﺗﻨﺎ‪ .‬ﻛﻨﺎ ﻧﺠﻠﺲ ﻓﻲ أﻧﺤﺎء اﻟﻐﺮﻓﺔ ﺣﺴﺐ ﺗﺮﺗﯿﺐ ﻣﻌﺪل ﺣﺎﺻﻞ ذﻛﺎﺋﻨﺎ‪ ،‬وﻛﺎن اﻟﻄﻼب ذوو ﻣﻌﺪل اﻟﺬﻛﺎء‬
‫اﻟﻤﺮﺗﻔﻊ ھﻢ ﻓﻘﻂ ﻣﻮﺿﻊ اﻟﺜﻘﺔ ﻟﺤﻤﻞ اﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬أو ﺗﻨﻈﯿﻒ‬
‫ﻣﺎﺳﺤﺎت اﻟﺴﺒﻮرات‪ ،‬أو ﺗﻮﺻﯿﻞ رﺳﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﻧﺎظﺮ اﻟﻤﺪرﺳﺔ‪ ،‬ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺒﺒﻪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ أوﺟﺎع‬
‫ﺟﱠﺮاَء أﺣﻜﺎﻣﮫﺎ اﻟﺘﻘﯿﯿﻤﯿﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻨﻊ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻟﯿﺼﺒﺢ‬ ‫اﻟﻤﻌﺪة َ‬
‫اﻟﮫﺪف اﻻﺳﺘﻨﺰاﻓﻲ ﻟﺠﻤﯿﻊ ﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ أن ﻳﺒﺪوا أذﻛﯿﺎء ﻻ ﺣﻤﻘﻰ‪ ،‬ﻣﻦ ﻳﺄﺑﻪ أو ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻢ ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻛﺎن‬
‫ﻛﯿﺎﻧﻨﺎ ﻛﻠﻪ ﻓﻲ ﺧﻄﺮ ﻛﻠﻤﺎ أﻋﻄﺘﻨﺎ اﺧﺘﺒﺎًرا أو ﺗﻔﻘﺪﺗﻨﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻔﺼﻞ؟‬
‫رأﻳﺖ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ ھﺬا اﻟﮫﺪف اﻟﻤﺴﺘﻨﺰف اﻟﻮاﺣﺪ ﻹﺛﺒﺎت أﻧﻔﺴﮫﻢ ‪ -‬ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ‪ ،‬وﻓﻲ‬
‫أﻋﻤﺎﻟﮫﻢ‪ ،‬وﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﮫﻢ‪ ،‬ﻛﻞ ﻣﻮﻗﻒ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻣﻨﮫﻢ إﺛﺒﺎﺗًﺎ ﻟﺬﻛﺎﺋﮫﻢ‬
‫وﺗﻔﺮدھﻢ اﻟﺸﺨﺼﻲ أو طﺎﺑﻌﮫﻢ اﻟﺸﺨﺼﻲ‪ ،‬ﻳﺘﻢ ﺗﻘﯿﯿﻢ ﻛﻞ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻷﺳﺌﻠﺔ‪ :‬ھﻞ أﻧﺠﺢ أو أﺧﻔﻖ؟‬
‫ھﻞ أﺑﺪو ذﻛﯿًّﺎ أو أﺣﻤﻖ؟ ھﻞ ﻳﺘﻢ ﻗﺒﻮﻟﻲ أو رﻓﻀﻲ؟ ھﻞ‬
‫أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﻔﻮز أو اﻟﺨﺴﺎرة؟‬
‫ﻘﺪر ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﻗﯿﻤﺔ اﻟﺬﻛﺎء واﻟﺘﻔﺮد اﻟﺸﺨﺼﻲ واﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﺸﺨﺼﻲ؟ أﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ‬ ‫وﻟﻜﻦ‪ ،‬أﻻ ُﻳ َ‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻤﺎت؟ ﻧﻌﻢ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ‪...‬‬
‫ھﻨﺎك ﻋﻘﻠﯿﺔ أﺧﺮى ﺣﯿﺚ ﻻ ُﻳﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﮫﺎ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻤﺎت ﻛﺎﻟﯿﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﮫﺎ وﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﻌﯿﺶ ﺑﮫﺎ‪،‬‬
‫ﻤﺎ أن ﺗﻘﻨﻊ ﻧﻔﺴﻚ واﻵﺧﺮﻳﻦ أن ﻟﺪﻳﻚ ﻛﻞ ﻣﺎ‬ ‫ﻓﺘﺤﺎول داﺋ ً‬
‫ﻳﻠﺰم ﻟﺸﺨﺼﯿﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺑﯿﻨﻤﺎ أﻧﺖ ﻗﻠﻖ ﺳ ًﺮّا ﺣﯿﺎل ﻋﺪم اﻣﺘﻼﻛﻚ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم‪ .‬ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‪ ،‬اﻟﯿﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ‬
‫ﺑﮫﺎ ھﻲ ﻣﺠﺮد ﻧﻘﻄﺔ اﻟﺒﺪء ﻟﻠﺘﻄﻮر‪ .‬ﺗﻘﻮم ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‬
‫ھﺬه ﻋﻠﻰ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺄن ﺳﻤﺎﺗﻚ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ھﻲ أﻣﻮر ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺻﻘﻠﮫﺎ ﻋﺒﺮ ﻣﺠﮫﻮداﺗﻚ‪ .‬وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻨﺎس ﻗﺪ‬
‫ﻜﺎﺗﮫﻢ اﻷوﻟﯿﺔ أو ﻣﺆھﻼﺗﮫﻢ أو‬ ‫ﻣﻠ َ َ‬
‫ﻣﺎ ‪ -‬ﻓﻲ َ‬
‫ﻳﺨﺘﻠﻔﻮن ﺗﻤﺎ ً‬
‫اھﺘﻤﺎﻣﺎﺗﮫﻢ أو طﺒﺎﻋﮫﻢ ‪ -‬ﻓﺈن ﺑﺈﻣﻜﺎن ﻛﻞ ﺷﺨﺺ أن ﻳﺘﻐﯿﺮ وﻳﻨﻤﻮ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ واﻟﺨﺒﺮة‪.‬‬
‫ھﻞ اﻷﺷﺨﺎص ذوو ھﺬه اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﻳﻌﺘﻘﺪون أن ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﺠﻤﯿﻊ أن ﻳﺼﺒﺤﻮا أي ﺷﻲء‪ ،‬ﺑﻤﻌﻨﻰ أن أي ﺷﺨﺺ‬
‫ﻟﺪﻳﻪ اﻟﺪاﻓﻊ أو اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ أن ﻳﺼﺒﺢ ﻣﺜﻞ‬
‫"أﻳﻨﺸﺘﺎﻳﻦ" أو "ﺑﯿﺘﮫﻮﻓﻦ"؟ ﻻ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪون أن إﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﻌﺮوﻓﺔ )وﻻ ﺳﺒﯿﻞ‬
‫ﻟﻤﻌﺮﻓﺘﮫﺎ(؛ ﻓﻤﻦ اﻟﻤﺴﺘﺤﯿﻞ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻘﯿﻘﻪ ﻋﺒﺮ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﺤﻤﺎﺳﺔ واﻟﻤﺜﺎﺑﺮة واﻟﺘﺪرﻳﺐ‪.‬‬
‫ھﻞ ﺗﻌﻠﻢ أن "داروﻳﻦ" و "ﺗﻮﻟﺴﺘﻮي" ﻛﺎﻧﺎ ﻳﻌﺪان طﻔﻠﯿﻦ ﻋﺎدﻳﯿﻦ؟ وھﻞ ﺗﻌﻠﻢ أن "ﺑﯿﻦ ھﻮﺟﺎن"‪ ،‬أﺣﺪ أﻋﻈﻢ‬
‫ﻢ ﻓﻲ‬ ‫ﻌ ٍ‬‫ﻣَﻨ ﱠ‬
‫ﻻﻋﺒﻲ اﻟﺠﻮﻟﻒ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‪ ،‬ﻛﺎن ﻏﯿﺮ أﻧﯿﻖ وﻏﯿﺮ ُ‬
‫طﻔﻮﻟﺘﻪ؟ ھﻞ ﺗﻌﻠﻢ أن اﻟﻤﺼﻮرة اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﯿﺔ "ﺳﯿﻨﺪي ﺷﯿﺮﻣﺎن"‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﺗﻢ إدراﺟﮫﺎ ﻓﻌﻠﯿًّﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻗﻮاﺋﻢ أھﻢ‬
‫ﻓﻨﺎﻧﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ‪ ،‬أﺧﻔﻘﺖ ﻓﻲ دورﺗﮫﺎ اﻟﺘﺪرﻳﺒﯿﺔ اﻷوﻟﻰ‬
‫ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺮ؟ ھﻞ ﺗﻌﻠﻢ أن "ﺟﯿﺮاﻟﺪﻳﻦ ﺑﯿﺪج"‪ ،‬إﺣﺪى أﻋﻈﻢ ﻣﻤﺜﻼﺗﻨﺎ‪ ،‬ﻗﺪ ُﻧﺼﺤﺖ ﺑﺘﺮك اﻟﺘﻤﺜﯿﻞ ﻟﻌﺪم ﻣﻮھﺒﺘﮫﺎ؟‬
‫ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ أن ﺗﺮى ﻛﯿﻒ أن اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺄن اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺜﻤﯿﻨﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻄﻮﻳﺮھﺎ ‪ -‬ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ إﻳﺠﺎد ﺷﻐﻒ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪.‬‬
‫ﻟﻤﺎذا ﺗﻀﯿِ ّﻊ وﻗﺘﻚ ﻟﺘﺜﺒﺖ ﻣﺪى روﻋﺘﻚ ﻣﺮاًرا وﺗﻜﺮاًرا ﻓﻲ‬
‫حــﻳﻦ ﻳﻤﻜﻦــك أن ﺗﺺــﺑﺢ أﻓﺾــل؟ ﻟﻢــاذا ُﺗﺨﻒــي اﻟﻊــﻳﻮب فــي حــﻳﻦ ﻳﻤﻜﻦــك اﻟﺘﻐﻞــب ﻋﻠﻲــھﺎ؟‬
‫ﻟﻢـاذا ﺗﺒﺢـث عـن أصـدﻗﺎء وشـرﻛﺎء يـدﻋﻤﻮن اﺣﺘﺮامـك الـذاﺗﻲ بـدًﻻ ﻣﻢـن ﻳﺘﺢـدون‬
‫ﻧﻢــوك؟ وﻟﻢــاذا ﺗﺲــﻋﻰ ﻟﻠﺨﺐــرات اﻟﺤﻘﯿﻘﻲــة اﻟﺖـي تـم ﺗﺠﺮﺑﺖـھﺎ بـدًﻻ مـن اﻟﺨﺐـرات اﻟﺖـي‬
‫ﺻﺎ(‬‫سـﺗﻮﺳﻊ أﻓﻖـك؟ اﻟﺶـﻏﻒ ﺑﺘﻮسـﻳﻊ أﻓﻖـك واﻟﺢـرص ﻋﻞـى ذلـك‪ ،‬ﺣﺖـى )أو ﺧﺺـو ً‬
 ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﺴﯿﺮ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮام‪ ،‬ھﻮ اﻟﺴﻤﺔ اﻟﻤﻤﯿﺰة ﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬ھﺬه ھﻲ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﯿﺢ ﻟﻠﻨﺎس أن‬
‫ﻳﺰدھﺮوا ﻓﻲ أﺛﻨﺎء أﻛﺜﺮ اﻷوﻗﺎت ﺗﺤﺪﻳًﺎ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ‪.‬‬

‫رؤﻳﺔ ﻋﻦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ‬
‫ﻞ ‪ -‬ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻚ ‪ -‬أﻧﻚ ﺷﺎب ﺻﻐﯿﺮ وﺗﻤﺮ ﺑﯿﻮم ﺳﯿﺊ‬ ‫ﻟﻮﺿﻊ ﺗﺼﻮر أﻓﻀﻞ ﺣﻮل ﻛﯿﻔﯿﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ‪ ،‬ﺗَ َ‬
‫ﺨﯿﱠ ْ‬
‫ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪:‬‬
‫ﻓﻲ أﺣﺪ اﻷﻳﺎم‪ ،‬ﺗﺬھﺐ ﻟﻠﻤﺤﺎﺿﺮة اﻟﺪراﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﮫﻤﻚ ﻛﺜﯿًﺮا وﺗﺤﺒﮫﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬وﻳﻌﯿﺪ اﻟﺒﺮوﻓﯿﺴﻮر إﻟﻰ اﻟﻄﻼب‬
‫أوراق اﺧﺘﺒﺎر ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺪراﺳﻲ‪ ،‬وﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻋﻼﻣﺔ ﺟﯿﺪ ﻓﺘﺸﻌﺮ ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط‪ ،‬وﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻋﻮدﺗﻚ إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل ﻓﻲ ﻣﺴﺎء اﻟﯿﻮم ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ رﻛﻦ‬
‫اﻟﺴﯿﺎرة‪ ،‬وﻟﺸﺪة إﺣﺒﺎطﻚ‪ ،‬ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺼﺪﻳﻘﻚ اﻟﻤﻘﺮب ﻟﺘﺤﻜﻲ‬
‫ﻞ ﻣﺎ‪.‬‬ ‫ك ﺑﺸﻜ ٍ‬ ‫ﺪ َ‬ ‫ﺼ ﱡ‬‫ﻟﻪ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻣﻌﻚ وﻟﻜﻨﻪ ﻳَ ُ‬
‫ﺑﻤﺎذا ﺳﺘﻔﻜﺮ؟ ﺑﻤﺎذا ﺳﺘﺸﻌﺮ؟ ﻣﺎذا ﺳﺘﻔﻌﻞ؟ ﺣﯿﻨﻤﺎ ﺳﺄﻟﺖ اﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ھﺬا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮه‪:‬‬
‫ﻣﺎ"‪" ،‬أﻧﺎ أﺣﻤﻖ"‪،‬‬ ‫"ﺳﺄﺷﻌﺮ ﺑﺄﻧﻲ ﻣﻨﺒﻮذ"‪" ،‬أﻧﺎ ﻓﺎﺷﻞ ﺗﻤﺎ ً‬
‫ن ﻣﺎ ﺣﺪث‬ ‫ﺳﯿََﺮْو َ‬‫"أﻧﺎ ﻓﺎﺷﻞ"‪" ،‬ﺳﺄﺷﻌﺮ ﺑﺄﻧﻲ ﻋﺪﻳﻢ اﻟﺠﺪوى وأﺣﻤﻖ ‪ -‬اﻟﺠﻤﯿﻊ أﻓﻀﻞ ﻣﻨﻲ"‪ .‬ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى‪َ ،‬‬
‫ﺳﺎ ﻣﺒﺎﺷًﺮا ﻟﻜﻔﺎءﺗﮫﻢ وﻗﯿﻤﺘﮫﻢ‪.‬‬ ‫ﻣﻘﯿﺎ ً‬
‫ھﺬا ﻣﺎ ﺳﯿﻔﻜﺮون ﺑﻪ ﺣﯿﺎل ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ‪" :‬ﺣﯿﺎﺗﻲ ﺑﺎﺋﺴﺔ"‪" ،‬ﻟﯿﺲ ﻟﺪي أي ﺣﯿﺎة"‪" ،‬اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﻨﯿﻞ ﻣﻨﻲ"‪" ،‬ھﻨﺎك‬
‫ﺷﺨﺺ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺪﻣﺮﻧﻲ"‪" ،‬ﻻ أﺣﺪ ﻳﺤﺒﻨﻲ‪ ،‬اﻟﺠﻤﯿﻊ‬
‫ﻳﻚــرھﻨﻲ"‪" ،‬اﻟﺤﻲــاة غــﻳﺮ ﻋﺎدلــة وكــل اﻟﺞــھﻮد تــذھﺐ ھﺐــاًء"‪" ،‬اﻟﺤﻲــاة ﺑﻐﯿﺾــة‪ ،‬وأنـا ﻏﺐـي‪،‬‬
‫ﻻ ﻳﺢـدث لـي أمـر ﺟﻲـد ﻋﻞـى اﻹطـﻻق"‪" ،‬أنـا أسـوأ اﻷشـﺧﺎص حـظ ًّﺎ ﻋﻞـى وجـه‬
‫اﻷرض"‪.‬‬
‫ﻣﻌﺬرًة‪ ،‬ھﻞ ھﻨﺎك ﻣﻮت وﺗﺪﻣﯿﺮ‪ ،‬أم أﻧﮫﺎ ﻣﺠﺮد ﻋﻼﻣﺔ وﻣﺨﺎﻟﻔﺔ وﻣﻜﺎﻟﻤﺔ ﺳﯿﺌﺔ؟‬
‫ھﻞ ھﺬا ﻓﻘﻂ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻻﺣﺘﺮام اﻟﻤﺘﺪﻧﻲ ﻟﻠﺬات؟ واﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﻌﺮوﻓﯿﻦ ﺑﺎﻟﺘﺸﺎؤم؟ ﻻ؛‬
‫ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﻮاﺟﮫﻮن اﻹﺧﻔﺎق‪ ،‬ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻷھﻤﯿﺔ واﻟﺘﻔﺎؤل‬
‫واﻟﺘﺄﻟﻖ واﻟﺠﺎذﺑﯿﺔ ﻛﺄوﻟﺌﻚ ﻣﻤﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬ﻛﯿﻒ ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻣﻮاﺟﮫﺔ اﻹﺧﻔﺎق؟ "ﻟﻢ أﻛﻦ ﻷﻛﻠﻒ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻨﺎء ﺑﺬل ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻮﻗﺖ واﻟﺠﮫﺪ ﻟﻌﻤﻞ أي ﺷﻲء ﺑﺼﻮرة ﺟﯿﺪة" )ﺑﻌﺒﺎرة‬
‫ﻚ ﻣﺮة أﺧﺮى(‪" ،‬ﻟﻦ أﻓﻌﻞ ﺷﯿًﺌﺎ"‪" ،‬ﺳﺄﺑﻘﻰ ﻓﻲ اﻟﺴﺮﻳﺮ"‪" ،‬ﺳﺂﻛﻞ"‪،‬‬ ‫ﻤ َ‬ ‫أﺧﺮى‪ ،‬ﻻ ﺗﺴﻤﺢ ﻷي ﺷﺨﺺ أن ُﻳ َ‬
‫ﻘﯿِ ّ َ‬
‫"ﺳﺄﺻﺮخ ﻓﻲ وﺟﻪ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺤﯿﻦ ﻟﻲ اﻟﻔﺮﺻﺔ"‪،‬‬
‫"ﺳﺄﺗﻨﺎول اﻟﺸﻮﻛﻮﻻﺗﺔ"‪" ،‬ﺳﺄﺳﺘﻤﻊ إﻟﻰ اﻟﻤﻮﺳﯿﻘﻰ وأﻋﺒﺮ ﻋﻦ اﺳﺘﯿﺎﺋﻲ"‪" ،‬ﺳﺄدﺧﻞ إﻟﻰ ﺧﺰاﻧﺔ ﻣﻼﺑﺴﻲ‬
‫وأﺟﻠﺲ ﻓﯿﮫﺎ"‪" ،‬ﺳﺄﻓﺘﻌﻞ ﻣﺸﺎﺟﺮة ﻣﻊ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ"‪" ،‬ﺳﺄﺑﻜﻲ"‪،‬‬
‫"ﺳﺄﻛﺴﺮ ﺷﯿًﺌﺎ"‪" ،‬ﻣﺎذا ﻋﺴﺎي أن أﻓﻌﻞ؟"‪.‬‬
‫ﻣﺎذا ﻋﺴﺎك أن ﺗﻔﻌﻞ! أﺗﻌﻠﻢ؟ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺘﺒﺖ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﯿﺮة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬ﻛﺘﺒﺖ ﻋﻦ ﻋﻤﺪ ﻋﻼﻣﺔ ﺟﯿﺪ‪ ،‬وﻻ راﺳﺐ‪،‬‬
‫ﻛﺎن اﺧﺘﺒﺎر ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺪراﺳﻲ ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ اﺧﺘﺒﺎر‬
‫ﻣﺎ؛ ﻟﻢ ﻳﺤﺪث‬ ‫ﻧﮫﺎﻳﺔ اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻛﺘﺒﺖ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ رﻛﻦ ﻻ ﺣﺎدث ﺳﯿﺎرة‪ .‬وﻛﺘﺒﺖ "ﻳﺼﺪك ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺎ" وﻟﯿﺲ ﻳﻨﺒﺬك ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﺷﻲء ﻣﺄﺳﺎوي أو ﻏﯿﺮ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺘﻐﯿﯿﺮ‪.‬‬
‫ﺖ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺷﻌﻮًرا ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ واﻟﻌﺠﺰ اﻟﺘﺎم‪.‬‬ ‫ﻌ ِ‬ ‫ﺻَﻨ َ‬‫ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﺜﺎل اﻟﺒﺴﯿﻂ‪َ ،‬‬
‫ﻞ‬‫ﻛ ﱞ‬‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺮﺿﺖ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﻘﺼﯿﺮة ﻧﻔﺴﮫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺨﺎص ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﻛﺎن ھﺬا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮه‪ ،‬ﺳﯿﻔﻜﺮ ُ‬
‫ﻣﻨﮫﻢ‪:‬‬
‫ﺻﺎ ﻋﻨﺪ رﻛﻦ اﻟﺴﯿﺎرة‪ ،‬وأﺗﺴﺎءل إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﺻﺪﻳﻘﻲ‬ ‫ﻲ أن أﻋﻤﻞ ﺑﺠﺪ أﻛﺜﺮ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺔ‪ ،‬وأن أﻛﻮن أﻛﺜﺮ ﺣﺮ ً‬ ‫"ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﻳﻤﺮ ﺑﯿﻮم ﺳﯿﺊ"‪.‬‬
‫ﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺠﺪ أﻛﺒﺮ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﺪي ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺪراﺳﻲ ﻷرﻓﻊ درﺟﺘﻲ"‪.‬‬ ‫"ﺗﺸﯿﺮ ﻋﻼﻣﺔ ﺟﯿﺪ إﻟﻰ أن ﻋﻠ ﱠ‬
‫ھﻨﺎك اﻟﻜﺜﯿﺮ واﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ ھﺬا‪ ،‬وأﻋﺘﻘﺪ أﻧﻚ ﻗﺪ اﺳﺘﻮﻋﺒﺖ اﻟﻔﻜﺮة‪ .‬واﻵن‪ ،‬ﻛﯿﻒ ﺳﯿﻮاﺟﮫﻮن اﻹﺧﻔﺎق؟ ﺑﺼﻮرة‬
‫ﻣﺒﺎﺷﺮة‪:‬‬
‫"ﺳﺄﺑﺪأ ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺬاﻛﺮة ﺑﺠﺪﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﻟﻼﺧﺘﺒﺎر اﻟﻘﺎدم ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺎدة )أو أن أدرس ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ(‪،‬‬
‫ﺳﺄﺷﺘﺮي ﺗﺬﻛﺮة رﻛﻦ‪ ،‬وﺳﺄﻋﻤﻞ ﻋﻠﻰ إﺻﻼح اﻷﻣﻮر ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻦ‬
‫ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻤﺮة اﻟﻘﺎدﻣﺔ"‪.‬‬
‫"ﺳﺄﻧﺘﺒﻪ ﻟﻠﺨﻄﺄ ﻓﻲ إﺟﺎﺑﺔ اﺧﺘﺒﺎري‪ ،‬وأﻋﺘﺰم اﻟﻘﯿﺎم ﺑﮫﺎ ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ‪ ،‬وﺳﺄﺷﺘﺮي ﺗﺬﻛﺮة رﻛﻦ‪ ،‬وﺳﺄﺗﺼﻞ‬
‫ﻣﺎ ﺳﯿًﺌﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ"‪.‬‬ ‫ﺑﺼﺪﻳﻘﻲ ﻷﺧﺒﺮه أن اﻟﯿﻮم اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻛﺎن ﻳﻮ ً‬
‫ﺻﺎ ﻋﻨﺪ رﻛﻦ اﻟﺴﯿﺎرة أو‬ ‫"ﺳﺄﻋﻤﻞ ﺑﺠﺪ أﻛﺒﺮ ﻓﻲ اﺧﺘﺒﺎري اﻟﻘﺎدم‪ ،‬ﺳﺄﺗﺤﺪث إﻟﻰ ﻣﻌﻠﻤﻲ‪ ،‬ﺳﺄﻛﻮن أﻛﺜﺮ ﺣﺮ ً‬
‫اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺗﺬﻛﺮة رﻛﻦ‪ ،‬وﺳﺄﻋﺮف ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺻﺪﻳﻘﻲ"‪.‬‬
‫ﻟﯿﺲ ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺘﺴﻢ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ ﻣﻌﯿﻨﺔ ﻟﺘﺴﺘﺎء؛ ﻓﻤﻦ اﻟﺬي ﻟﻦ ﻳﺴﺘﺎء؟ ﻓﺄﻣﻮر ﻣﺜﻞ ﻋﻼﻣﺔ ﻣﺘﺪﻧﯿﺔ أو أن ﻳﺼﺪك‬
‫ﺻﺪﻳﻖ أو ﺷﺨﺺ ﻋﺰﻳﺰ ﻟﯿﺴﺖ أﻣﻮًرا ﺳﺎرة؛ ﻓﻠﯿﺲ ھﻨﺎك‬
‫ﻦ اﻷﺷﺨﺎص ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻟﻢ ﻳﻘﻮﻣﻮا ﺑﺘﺼﻨﯿﻒ أﻧﻔﺴﮫﻢ ورﻓﻊ‬ ‫ﻣﻦ ﻛﺎن ﻳﻠﻌﻖ ﺷﻔﺘﯿﻪ ﻓﻲ اﺳﺘﻤﺘﺎع‪ ،‬ﻟﻜ ﱠ‬
‫أﻳﺪﻳﮫﻢ ﻋﻦ اﻷﻣﺮ؛ ﻓﺒﺮﻏﻢ ﺷﻌﻮرھﻢ ﺑﺎﻷﺳﻰ‪ ،‬ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺘﺄھﺒﯿﻦ‬
 ‫ﻟﻠﻤﺠﺎزﻓﺔ‪ ،‬وﻣﻮاﺟﮫﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت‪ ،‬واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﯿﮫﺎ‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬ﻓﻤﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪ؟‬

‫ھﻞ ھﺬه ﻓﻜﺮة ﻣﺴﺘﺤﺪﺛﺔ؟ ﻟﺪﻳﻨﺎ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻗﻮال اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻛﺪ أھﻤﯿﺔ اﻟﻤﺠﺎزﻓﺔ وﻗﻮة اﻟﻤﺜﺎﺑﺮة‪ ،‬ﻣﺜﻞ "إذا ﻟﻢ‬
‫ﺗﺨﺎطﺮ ﺑﺸﻲء ﻓﻠﻦ ﺗﺮﺑﺢ ﺷﯿًﺌﺎ" و"إذا ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺢ ﻓﻲ اﻟﺒﺪء‪،‬‬
‫ﻦ ﻓﻲ ﻳﻮم واﺣﺪ" )ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ‪ ،‬ﺳﻌﺪت ﻋﻨﺪ ﻋﻠﻤﻲ أن اﻹﻳﻄﺎﻟﯿﯿﻦ‬ ‫ﺣﺎول‪ ،‬وﺣﺎول ﻣﺮة أﺧﺮى" أو "روﻣﺎ ﻟﻢ ُﺗْﺒ َ‬
‫ﻘﺎ أن اﻷﺷﺨﺎص ذوي‬ ‫ﻟﺪﻳﮫﻢ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ذاﺗﻪ(‪ .‬اﻷﻣﺮ اﻟﻤﺪھﺶ ﺣ ًّ‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻟﻦ ﻳﺘﻔﻘﻮا ﻣﻊ ھﺬا‪ ،‬ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ "إذا ﻟﻢ ﺗﺨﺎطﺮ ﺑﺸﻲء ﻓﻠﻦ ﺗﺨﺴﺮ ﺷﯿًﺌﺎ"‪" ،‬إذا ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺢ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺒﺪء ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﻟﺪﻳﻚ اﻟﻤﻘﺪرة"‪" ،‬إذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ روﻣﺎ ﻗﺪ‬
‫ﺑﻨﯿﺖ ﻓﻲ ﻳﻮم‪ ،‬ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺪر ﻟﮫﺎ أن ﺗﻮﺟﺪ"‪ .‬ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى‪ ،‬ھﻢ ﻳﺮون أن اﻟﻤﺨﺎطﺮة واﻟﺠﮫﺪ أﻣﺮان ﻗﺪ‬
‫ﻳﻜﺸﻔﺎن ﻋﯿﻮﺑﻚ وﻳﻈﮫﺮان أﻧﻚ ﻟﺴﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﮫﻤﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬إﻧﻪ أﻣﺮ ﻣﺜﯿﺮ ﻟﻠﺪھﺸﺔ أن ﺗﺮى إﻟﻰ أي ﻣﺪى ﻻ ﻳﺆﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺑﺎﻟﺠﮫﺪ!‬
‫ﻀﺎ أن أﻓﻜﺎر اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻟﻤﺨﺎطﺮة واﻟﺠﮫﺪ ﺗﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﻋﻘﻠﯿﺘﮫﻢ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ‪ .‬ﻟﯿﺲ اﻷﻣﺮ أن ﺑﻌﺾ‬ ‫اﻟﺠﺪﻳﺪ أﻳ ً‬
‫اﻷﺷﺨﺎص ﻳﺘﺼﺎدف أن ﻳﺪرﻛﻮا ﻗﯿﻤﺔ ﺗﺤﺪي أﻧﻔﺴﮫﻢ وأھﻤﯿﺔ‬
‫اﻟﺠﮫﺪ؛ ﻓﺄﺑﺤﺎﺛﻨﺎ ﺗﻈﮫﺮ أن ھﺬا ﻳﻨﺘﺞ ﺑﺼﻮرة ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺪرب اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‬
‫وﺗﺮﻛﯿﺰھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻄﻮر‪ ،‬ﻳﺘﺒﻌﮫﺎ ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر ﻋﻦ اﻟﺘﺤﺪي‬
‫ﻤﺎ‬‫واﻟﺠﮫﺪ‪ .‬وﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻤﺎﺛﻞ‪ ،‬ﻟﯿﺲ اﻷﻣﺮ أن ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص ﻳﺘﺼﺎدف أﻧﮫﻢ ﻻ ﻳﺤﺒﻮن اﻟﺘﺤﺪي واﻟﺠﮫﺪ؛ ﻓﺪاﺋ ً‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺪرب اﻷﺷﺨﺎص ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺑﺘﺮﻛﯿﺰھﺎ‬
‫ﻌﺎ ﻣﺎ ﻳﺨﺸﻮن اﻟﺘﺤﺪي وﻳﺤﻄﻮن ﻣﻦ ﻗﯿﻤﺔ ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ‪.‬‬ ‫ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻓﺴﺮﻳ ً‬
‫ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻧﺮى ﻛﺘﺒًﺎ ﻣﺜﻞ ‪ The Ten Secrets of the World ' s Most Successful People‬اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺘﻆ ﺑﮫﺎ أرﻓﻒ ﻣﺘﺎﺟﺮ‬
‫اﻟﻜﺘﺐ‪ ،‬وﺗﻘﺪم ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ‬
‫ﺾ ﻣﺠﺎزﻓﺎت أﻛﺜﺮ!" أو "ﻛﻦ ﻣﺆﻣًﻨﺎ‬ ‫ﺧ ْ‬‫اﻟﻨﺼﺎﺋﺢ اﻟﻤﻔﯿﺪة‪ .‬ﻟﻜﻨﮫﺎ ﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎط اﻟﻤﻨﻔﺼﻠﺔ ﻣﺜﻞ " ُ‬
‫ﺑﻨﻔﺴﻚ!"‪ ،‬وﺑﯿﻨﻤﺎ ﺗﻨﻈﺮ ﺑﺈﻋﺠﺎب ﻟﻤﻦ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮن اﻟﻘﯿﺎم‬
‫ﺑﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻳﻜﻮن ﻏﯿﺮ واﺿﺢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻚ ﻛﯿﻒ ﺗﺘﻨﺎﺳﺐ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﻮر ﺑﻌﻀﮫﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ‪ ،‬أو ﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻰ‬
‫ھﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﻓﻲ ﻳﻮم ﻣﺎ‪ ،‬ﻓﺘﻈﻞ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إﻟﮫﺎم ﻟﻌﺪة‬
‫أﻳﺎم‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﺳﻲ ﻳﻈﻞ ﻟﺪى أﻧﺠﺢ اﻷﺷﺨﺎص ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺳﺮارھﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎح‪.‬‬
‫وﺑﺪًﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ ﻓﮫﻢ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ وﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﺳﺘﺮى ﺑﺪﻗﺔ ﻛﯿﻒ أن ﺷﯿًﺌﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ آﺧﺮ ‪-‬‬
‫ﻛﯿﻒ أن اﻋﺘﻘﺎدك ﺑﺄن ﺳﻤﺎﺗﻚ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻏﯿﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻐﯿﯿﺮ‬
‫ﻳﺆدي إﻟﻰ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر واﻷﻓﻌﺎل‪ ،‬وﻛﯿﻒ أن اﻋﺘﻘﺎدك ﺑﺄن ﺳﻤﺎﺗﻚ ﻳﻤﻜﻦ ﺻﻘﻠﮫﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر‬
‫واﻷﻓﻌﺎل اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ،‬اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﻘﻮدك ﻓﻲ طﺮﻳﻖ ﻣﺨﺘﻠﻒ‬
‫ﻣﺎ‪ .‬وھﺬا ﻣﺎ ﻧﺴﻤﯿﻪ ﻛﺄطﺒﺎء ﻧﻔﺴﯿﯿﻦ "ﺗﺠﺮﺑﺔ وﺟﺪﺗﮫﺎ! "‪ .‬ﻟﻢ أﺷﺎھﺪ ھﺬا ﻓﻘﻂ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺑﺤﺜﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺪرب‬ ‫ﺗﻤﺎ ً‬
‫اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺟﺪﻳﺪة‪ ،‬وﻟﻜﻦ طﻮال اﻟﻮﻗﺖ ﺗﺼﻠﻨﻲ‬
‫رﺳﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺮأوا أﻋﻤﺎﻟﻲ‪.‬‬
‫إﻧﮫﻢ ﻳﺘﻌﺮﻓﻮن ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﮫﻢ‪" :‬ﻋﻨﺪ ﻗﺮاءﺗﻲ ﻟﻤﻘﺎﻟﻚ‪ ،‬وﺟﺪت ﻧﻔﺴﻲ ﺣﺮﻓﯿًّﺎ أﻗﻮل ﻣﺮاًرا وﺗﻜﺮاًرا‪" :‬ھﺬا أﻧﺎ‪ ،‬ھﺬا‬
‫ﻣﺎ‪ .‬ﺷﻌﺮت أﻧﻲ‬ ‫أﻧﺎ!"‪ .‬وﻳﺮون اﻟﺼﻼت‪" :‬ﻣﻘﺎﻟﺘﻚ أﺑﮫﺮﺗﻨﻲ ﺗﻤﺎ ً‬
‫اﻛﺘﺸﻔﺖ ﺳﺮ اﻟﻜﻮن!"‪ .‬وﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄن ﻋﻘﻠﯿﺎﺗﮫﻢ ﻳﻌﺎد ﺗﻮﺟﯿﮫﮫﺎ‪" :‬أﺳﺘﻄﯿﻊ اﻟﻘﻮل ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﯿﺪ أن ھﻨﺎك ﺛﻮرة‬
‫ﺷﺨﺼﯿﺔ ﺗﺤﺪث ﻓﻲ ﺗﻔﻜﯿﺮي اﻟﺨﺎص‪ ،‬وھﻮ ﺷﻌﻮر ﻣﺜﯿﺮ"‪.‬‬
‫وﻳﻤﻜﻦــھﻢ ﻣﻤﺎرســة هــذا اﻟﺘﻔﻚــﻳﺮ اﻟﺞــدﻳﺪ ﻷﻧﻔﺲــھﻢ و ﻟﻶخــرﻳﻦ‪" :‬ﻋﻤﻞــك أتــاح لــي ﺗﺤﻮيــل‬
‫ﻋﻤﻞــي مـع اﻷطﻒـال وأن أرى اﻟﺘﻌﻞـﻳﻢ ﺑﻨﻆـرة ﻣﺨﺘﻠﻒـة"‪ ،‬أو "وددت أن أﺧﺐـرك‬
‫ﺑﻤﺪى اﻷﺛﺮ ‪ -‬ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺸﺨﺼﻲ واﻟﻌﻤﻠﻲ ‪ -‬اﻟﺬي ﺗﺮﻛﻪ ﺑﺤﺜﻚ اﻟﺮاﺋﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺌﺎت اﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﻄﻼب"‪.‬‬

‫اﺳﺘﺒﺼﺎر اﻟﺬات‪ :‬ﻣﻦ ﻳﻤﺘﻠﻚ وﺟﮫﺎت ﻧﻈﺮ دﻗﯿﻘﺔ ﺣﻮل ﺧﺼﺎﺋﺼﻪ وﺣﺪوده؟‬
‫ﺣﺲــﻧًﺎ‪ ،‬رﺑﻢــا ﻻ ﻳﻆــن اﻟﻦــاس ذوو ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو أنــھﻢ "أﻳﻨﺶــﺗﺎﻳﻦ" أو "ﺑﯿﺖــھﻮﻓﻦ"‪ ،‬وﻟﻚــن‬
‫ألــﻳﺲ لــدﻳﮫﻢ اﺣﺘﻤﺎﻟﻲــة أﻛﺚــر ﻻﻣﺖــﻻك وجــھﺎت ﻧﻆـر ﻣﺘﺾـﺧﻤﺔ حـول قـدراﺗﮫﻢ‬
‫وﻳﺤﺎوﻟﻮن اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺎﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮن اﻟﻘﯿﺎم ﺑﮫﺎ؟ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ُ ،‬ﺗﻈﮫﺮ اﻷﺑﺤﺎث أن اﻟﻨﺎس ﺳﯿﺌﻮن ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‬
‫ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻗﺪراﺗﮫﻢ‪ .‬ﺑﺪأﻧﺎ ﻣﺆﺧًﺮا ﻓﻲ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻣﻦ اﻷﻛﺜﺮ‬
‫ﻌﺎ أن ﻳﻘﻮم ﺑﮫﺬا؛ وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ‪ ،‬وﺟﺪﻧﺎ أن اﻷﺷﺨﺎص أﺳﺎءوا ﺑﺸﺪة ﺗﻘﺪﻳﺮ أداﺋﮫﻢ وﻗﺪراﺗﮫﻢ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻛﺎن‬ ‫ﺗﻮﻗ ً‬
‫اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ھﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺎﻟﺘﻘﺪﻳﺮ‬
‫ﻏﯿﺮ اﻟﺪﻗﯿﻖ ﻟﻘﺪراﺗﮫﻢ ؛ أﻣﺎ اﻷﺷﺨﺎص ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻜﺎﻧﻮا دﻗﯿﻘﯿﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺪھﺶ‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﻜﺮ ﺑﮫﺬا‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺒﺪو ﻣﻨﻄﻘﯿًّﺎ‪ .‬إذا اﻋﺘﻘﺪت‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻏﺮار أﺻﺤﺎب ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬أﻧﻚ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻧﻔﺴﻚ‪،‬‬
‫ﻓﺄﻧﺖ ﻣﺘﻘﺒﻞ ﻟﺘﻠﻘﻲ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت دﻗﯿﻘﺔ ﻋﻦ ﻗﺪراﺗﻚ‬
‫ھﺎ ﻧﺢـو اﻟﺘﻌﻞـم ﻣﺜﻞـھﻢ‪،‬‬‫اﻟﺤﺎﻟﻲــة‪ ،‬ﺣﺖـى لـو كـاﻧﺖ غـﻳﺮ ﻣﺤﺒﻮبـة‪ .‬واﻷﻛﺚـر مـن هـذا‪ ،‬إذا ﻛﻦـت ﻣﻮجـ ً‬
‫فـأﻧﺖ ﺗﺤﺖـاج إلـى ﻣﻌﻠﻮمـات دﻗﯿﻖـة حـول قـدراﺗﻚ اﻟﺤﺎﻟﻲـة ﺣﺖـى ﺗﺘﻌﻞـم‬
‫ﺑﻔﺎﻋﻠﯿﺔ‪ .‬وﻣﻊ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻛﻞ أﻣﺮ ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻠﺘﺼﻨﯿﻒ إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﺟﯿًﺪا أو ﺳﯿًﺌﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺴﻤﺎﺗﻚ اﻟﺜﻤﯿﻨﺔ ‪ -‬ﻛﻤﺎ‬
 ‫ﻳﻔﻌﻞ اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ‪ -‬ﻓﺴﻮف ﺗﺠﺪ‬
‫ﻤﺎ‪ .‬ﺳﺘﺘﻢ اﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺣﺠﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪ ،‬وﻳﺘﻢ ﺗﺒﺮﻳﺮ اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ‪،‬‬‫اﻟﻌﯿﻮب ﻣﻜﺎﻧﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﻮرة ﺣﺘ ً‬
‫وﻗﺒﻞ أن ﺗﻌﺮﻓﮫﺎ ﻟﻦ ﺗﻌﺮف ﻧﻔﺴﻚ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق‪.‬‬
‫اﺳﺘﻨﺘﺞ "ھﺎوارد ﺟﺎردﻧﺮ" ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ‪ Extraordinary Minds‬أن اﻷﺷﺨﺎص اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﯿﯿﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ "ﻣﻮھﺒﺔ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻣﻮاطﻦ ﻗﻮﺗﮫﻢ وﺿﻌﻔﮫﻢ"‪ .‬ﻣﻦ اﻟﻤﺜﯿﺮ‬
‫ﻟﻼھﺘﻤﺎم أن ﻳﻤﺘﻠﻚ اﻷﺷﺨﺎص ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪.‬‬

‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺨﺒﺌﻪ اﻟﻘﺪر؟‬

‫اﻟﺸﻲء اﻵﺧﺮ اﻟﺬي ﻳﻤﺘﻠﻜﻪ اﻷﺷﺨﺎص اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﯿﻮن ھﻮ اﻟﻤﻮھﺒﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت إﻟﻰ ﻧﺠﺎﺣﺎت‬
‫ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﯿﺔ‪ ،‬وھﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻤﻊ ﻋﻠﯿﻪ ﺑﺎﺣﺜﻮ اﻹﺑﺪاع‪ .‬ﻓﻲ اﺳﺘﻄﻼع‬
‫ﺿﻢ ‪ 143‬ﻣﻦ ﺑﺎﺣﺜﻲ اﻹﺑﺪاع‪ ،‬ﻛﺎن ھﻨﺎك إﺟﻤﺎع ﻛﺒﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻷول ﻓﻲ اﻹﻧﺠﺎز اﻹﺑﺪاﻋﻲ‪ .‬وﻛﺎن ھﻮ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻟﻤﺜﺎﺑﺮة واﻟﻤﺮوﻧﺔ اﻟﻨﺎﺗﺠﺘﯿﻦ ﻋﻦ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪.‬‬
‫رﺑﻤﺎ ﺗﺴﺄل ﻣﺮة أﺧﺮى‪" :‬ﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻻﻋﺘﻘﺎد واﺣﺪ أن ﻳﻘﻮد ﻧﺤﻮ ﻛﻞ ھﺬا‪ :‬ﺣﺐ اﻟﺘﺤﺪي‪ ،‬واﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﻟﺠﮫﺪ‪،‬‬
‫واﻟﻤﺮوﻧﺔ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﮫﺔ اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت‪ ،‬واﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ)واﻷﻛﺜﺮ‬
‫ع ا!( اﻟﻨﺠﺎح؟ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ ﺳﺘﺮى ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻛﯿﻒ ﻳﺤﺪث ھﺬا‪ :‬ﻛﯿﻒ ُﺗ َ‬
‫ﻐﯿِ ُّﺮ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﺎن ﻣﺎ ﻳﺴﻌﻰ إﻟﯿﻪ‬ ‫إﺑﺪا ً‬
‫ن ﺗﻌﺮﻳﻒ‬ ‫اﻷﺷﺨﺎص؟ وﻛﯿﻒ ﻳﺮون اﻟﻨﺠﺎح؟ ﻛﯿﻒ ُﺗ َ‬
‫ﻐﯿِ ّﺮا ِ‬
‫اﻟﻔﺶــل ودﻻﻟﺖــه وأثــره؟ وكــﻳﻒ ﺗﻎــﻳﺮان اﻟﻤﻌﻦــى اﻟﻌﻢــﻳﻖ ﻟﻠﺞــھﺪ؟ سـﺗﺮى كـﻳﻒ ﺗﻨﻌﻚـس هـاﺗﺎن‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺖـان فـي اﻟﻤﺪرسـة واﻟﺮﻳﺎضـة واﻟﻌﻢـل واﻟﻌﻼقـات‪ .‬سـﺗﺮى مـن أيـن تـأﺗﻲ‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﺎن وﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻐﯿﯿﺮھﻤﺎ‪.‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ ‪2‬‬
‫داﺧﻞ اﻟﻌﻘﻠﯿﱠﺘﯿﻦ‬
‫ﺤﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ؛ رﺟًﻼ ﻋﻈﯿ ً‬
‫ﻤﺎ‪.‬‬ ‫ﻤﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وﻧﺎﺟ ً‬
‫ﺳﯿ ً‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ اﻣﺮأة ﺷﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻛﻨﺖ أرﻳﺪ أن أﺗﺰوج رﺟًﻼ ﻳﺸﺒﻪ اﻷﻣﺮاء‪َ ،‬‬
‫و ِ‬
‫وأردت أن أﻋﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﮫﻨﺔ راﺋﻌﺔ؛ ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺻﻌﺒﺔ‬
‫ﻘﺎ ﻟﮫﺎ‪.‬‬‫ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ أو ﻣﺤﻔﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻤﺨﺎطﺮ؛ أردت أن ﻳﺤﺪث ﻟﻲ ﻛﻞ ھﺬا ﻛﺎﻧﻌﻜﺎس ﻟﺸﺨﺼﯿﺘﻲ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺖ أﻋﯿﺶ وﻓ ً‬
‫ﻌﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻻ ﻳﺰال ﻳﺘﻘﺪم ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻪ‪ .‬ﻟﺪي ﻣﮫﻨﺔ‬ ‫ﻣﺮت ﻋﺪة ﺳﻨﻮات ﺣﺘﻰ ﺷﻌﺮت ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ؛ ﺗﺰوﺟﺖ رﺟًﻼ راﺋ ً‬
‫ﺪ ﻣﺴﺘﻤﺮ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺷﯿًﺌﺎ ﺳﮫًﻼ‪،‬‬ ‫راﺋﻌﺔ‪ ،‬ﻳﺎ ﻟﻠﻌﺠﺐ! إﻧﮫﺎ ﺗﺤ ٍّ‬
‫ﻓﻠﻤﺎذا أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ اﻵن؟ ﻟﻘﺪ ﻗﻤﺖ ﺑﺘﻐﯿﯿﺮ ﻋﻘﻠﯿﺘﻲ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻏﯿﱠﺮﺗﮫﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﻤﻠﻲ‪ .‬ﻓﻲ أﺣﺪ اﻷﻳﺎم‪ ،‬ﻛﻨﺖ أﻧﺎ وطﺎﻟﺒﺘﻲ "ﻣﺎري ﺑﺎﻧﺪورا"‪ ،‬اﻟﺘﻲ ﺗﺪرس ﺷﮫﺎدة اﻟﺪﻛﺘﻮراه‪،‬‬
‫ﻧﺤﺎول ﻓﮫﻢ ﺳﺒﺐ أن ﺑﻌﺾ اﻟﻄﻼب ﻣﺸﻐﻮﻟﻮن ﻓﻲ إﺛﺒﺎت‬
‫قــدرﺗﮫﻢ‪ ،‬ﺑﯿﻨﻢــا اﻵخــرون يــدﻋﻮن اﻷمــور ﺗﻤﺾــي وﻳﺘﻌﻠﻢــون‪ .‬وﻓﺞــأة أدرﻛﻦــا أن ﻟﻠﻖــدرة ﻣﻌﻦــﻳﯿﻦ‬
‫دا‪ :‬قــدرة ﺛﺎﺑﺖــة ﺗﺤﺖــاج إلــى اﻹﺛﺐــات‪ ،‬وقـدرة ﻣﺘﻎـﻳﺮة ﻳﻤﻚـن‬ ‫ﻻ ﻣﻌﻦــى واحــ ً‬
‫ﺗﻄﻮﻳﺮھﺎ ﻋﺒﺮ اﻟﺘﻌﻠ ﱡﻢ‪.‬‬
 ‫وھﻜﺬا ﺗﻨﺘﺞ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﺎن‪ .‬ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر ﻋﺮﻓﺖ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺘﻲ أﻣﺘﻠﻜﮫﺎ؛ أدرﻛﺖ ﺳﺒﺐ ﻗﻠﻘﻲ اﻟﺪاﺋﻢ ﺣﯿﺎل اﻷﺧﻄﺎء‬
‫واﻹﺧﻔﺎق؛ وأدرﻛﺖ ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ أﻧﻲ أﻣﺘﻠﻚ اﻟﺨﯿﺎر‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻣﺎ‪ ،‬ﺗﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺟﺪﻳﺪ؛ ﻓﻔﻲ أﺣﺪ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ ‪ -‬ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ‪ -‬اﻟﻨﺠﺎح ھﻮ‬
‫إﺛﺒﺎت ذﻛﺎﺋﻚ وﻣﻮھﺒﺘﻚ‪ ،‬إﺛﺒﺎت ﻧﻔﺴﻚ‪ .‬وﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ ‪-‬‬
‫ﺮ ﺟﺪﻳﺪ‪ ،‬أي ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻧﻔﺴﻚ‪.‬‬ ‫ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪرات اﻟﻤﺘﻐﯿﺮة ‪ -‬اﻟﻨﺠﺎح ھﻮ ﺗﻮﺳﯿﻊ آﻓﺎﻗﻚ ﻟﺘﻌﻠ ﱡﻢ أﻣ ٍ‬
‫ﻓﻲ أﺣﺪ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ‪ ،‬اﻹﺧﻔﺎق ‪ -‬ﺗﺮاﺟﻊ‪ ،‬اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻣﺔ ﺳﯿﺌﺔ‪ ،‬أو ﺧﺴﺎرة ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬أو اﻟﻔﺼﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ‪،‬‬
‫أو اﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺑﺎﻟﺮﻓﺾ ‪ -‬ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻚ ﻟﺴﺖ ذﻛﯿًّﺎ أو ﻣﻮھﻮﺑًﺎ‪ .‬ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻵﺧﺮ‪ ،‬اﻹﺧﻔﺎق ﻳﻌﻨﻲ ﻋﺪم اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﻋﺪم اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻸﺷﯿﺎء ذات اﻟﻘﯿﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻚ‪ ،‬ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻚ ﻻ ﺗﺒﺬل‬
‫ﻗﺼﺎرى ﺟﮫﺪك‪.‬‬
‫ﻓﻲ أﺣﺪ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﻦ‪ ،‬ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ أﻣﺮ ﺳﯿﺊ‪ .‬ﻓﮫﻮ ‪ -‬ﻣﺜﻞ اﻹﺧﻔﺎق ‪ -‬ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻚ ﻟﺴﺖ ذﻛﯿًّﺎ أو ﻣﻮھﻮﺑًﺎ؛ ﻓﻠﻮ ﻛﻨﺖ ذﻛﯿًّﺎ‬
‫أو ﻣﻮھﻮﺑًﺎ‪ ،‬ﻟﻤﺎ اﺣﺘﺠﺖ إﻟﻰ ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ‪ .‬أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ‬
‫اﻵﺧﺮ‪ ،‬ﻓﺒﺬل اﻟﺠﮫﺪ ھﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻚ ذﻛﯿًّﺎ وﻣﻮھﻮﺑًﺎ‪.‬‬
‫ﻟﺪﻳﻚ اﻟﺨﯿﺎر‪ .‬اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت ھﻲ ﻣﺠﺮد اﻋﺘﻘﺎدات‪ ،‬إﻧﮫﺎ اﻋﺘﻘﺎدات ﻗﻮﻳﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ داﺧﻞ ﻋﻘﻠﻚ ﻓﻘﻂ‪ ،‬وﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ ﺗﻐﯿﯿﺮ‬
‫ﻮ ﱡ‬
‫د‬ ‫ب‪ ،‬ﻓﻜِّﺮ ﻓﯿﻤﺎ ﺗَ َ‬
‫ﻋﻘﻠﻚ‪ .‬ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻗﺮاءﺗﻚ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎ َ‬
‫اﻟﻮﺻﻮل إﻟﯿﻪ وأي ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ ﺳﺘﺄﺧﺬھﺎ ﻣﻌﻚ‪.‬‬

‫ھﻞ اﻟﻨﺠﺎح ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺘﻌﻠﻢ ‪ -‬أم إﺛﺒﺎت أﻧﻚ ذﻛﻲ؟‬

‫ﺴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ إﻟﻰ ﺿﻌﻔﺎء وأﻗﻮﻳﺎء‪ ،‬أو ﻧﺠﺎﺣﺎت‬ ‫ذات ﻣﺮة‪ ،‬ﻗﺎل ﻋﺎﻟﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺒﺎرز "ﺑﻨﺠﺎﻣﯿﻦ ﺑﺎرﺑﺮ"‪" :‬ﻻ أﻗ ّ ِ‬
‫ﺴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ إﻟﻰ ﻣﺘﻌﻠﻤﯿﻦ وﻏﯿﺮ ﻣﺘﻌﻠﻤﯿﻦ "‪.‬‬ ‫وإﺧﻔﺎﻗﺎت‪ ...‬أﻗ ّ ِ‬
‫ﺼﺎ مـا عـاﺟًﺰا عـن اﻟﺘﻊـﻟ ﱡﻢ؟ ُوﻟِﺪ اﻟﺠﻢـﻳﻊ ولـدﻳﮫﻢ دافـع قـوي ﻧﺢـو‬ ‫ﺑﺮبــك مــا الــذي قــد ﻳﺠﻊــل شــﺧ ً‬
‫ﺳﻌﻮن مـھﺎراﺗﮫﻢ ﻳﻮمـﻳًّﺎ‪ ،‬ﻟﯿﺲـت اﻟﻢـھﺎرات اﻟﻌﺎديـة‬ ‫اﻟﺘﻌﻞـم‪ .‬اﻷطﻒـال يـو ّ ِ‬
‫ﻀﺎ أﺻﻌﺐ ﻣﮫﺎرات اﻟﺤﯿﺎة‪ ،‬ﻛﺘﻌﻠﻢ اﻟﻤﺸﻲ واﻟﺘﻜﻠﻢ‪ .‬ﻻ ﻳﺤﻜﻤﻮن أﺑًﺪا ﻋﻠﻰ اﻷﺷﯿﺎء ﺑﺄﻧﮫﺎ ﺻﻌﺒﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‬ ‫ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﺑﻞ أﻳ ً‬
‫أو أﻧﮫﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖ اﻟﻌﻨﺎء‪ ،‬اﻷطﻔﺎل ﻻ ﻳﺨﺎﻓﻮن ارﺗﻜﺎب‬
‫اﻷﺧﻄﺎء أو إھﺎﻧﺔ أﻧﻔﺴﮫﻢ؛ ﻓﮫﻢ ﻳﻤﺸﻮن وﻳﻘﻌﻮن وﻳﻨﮫﻀﻮن‪ ،‬إﻧﮫﻢ ﻳﺪﻓﻌﻮن أﻧﻔﺴﮫﻢ ﻟﻠﻤﻀﻲ ُﻗُﺪ ً‬
‫ﻣﺎ‪.‬‬
‫ﺪا ﻟﮫﺬا اﻟﺘﻌﻠﻢ اﻟﻐﺰﻳﺮ؟ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬ﺑﻌﺪ أن ﻳﺼﺒﺢ اﻷطﻔﺎل ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﯿﯿﻢ أﻧﻔﺴﮫﻢ‪،‬‬ ‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻀﻊ ﺣ ًّ‬
‫ﻳﺨﺸﻰ ﺑﻌﻀﮫﻢ ﻣﻮاﺟﮫﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت‪ ،‬ﻳﺨﺸﻮن أﻻ ﻳﻜﻮﻧﻮا‬
‫ﺸﺎ ﻋﺪد ﻣﻦ‬ ‫أذﻛﯿﺎء‪ .‬ﻟﻘﺪ ﻗﻤﺖ ﺑﺪراﺳﺔ آﻻف اﻷﺷﺨﺎص ﻣﻦ ﺳﻦ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺪرﺳﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ‪ ،‬وﻛﺎن ﻣﺪھ ً‬
‫رﻓﻀﻮا ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪.‬‬
‫ﻋﺮﺿﻨﺎ ﺧﯿﺎًرا ﻋﻠﻰ أطﻔﺎل ﻓﻲ ﺳﻦ أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات‪ :‬ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ إﻋﺎدة ﺗﺮﺗﯿﺐ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺼﻮر اﻟﻤﻘﻄﻌﺔ اﻟﺴﮫﻠﺔ أو‬
‫ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ ﺗﺮﺗﯿﺐ أﺧﺮى أﺻﻌﺐ‪ .‬ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺴﻦ اﻟﺼﻐﯿﺮة‪،‬‬
‫اﻷطﻔﺎل ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ‪ -‬اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﻟﺴﻤﺎت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ‪ -‬ﺗﻤﺴﻜﻮا ﺑﺤﻞ اﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﺴﮫﻠﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻟﻮا ﻟﻨﺎ‪ :‬إن‬
‫اﻷطﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮﻟﺪون أذﻛﯿﺎء "ﻻ ﻳﺮﺗﻜﺒﻮن اﻷﺧﻄﺎء"‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻷطﻔﺎل ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ‪ -‬اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﻣﻨﻮن أن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫﻢ أن ﻳﺼﺒﺤﻮا أﻛﺜﺮ ذﻛﺎًء ‪ -‬ﻓﻘﺪ اﻋﺘﻘﺪوا أﻧﻪ ﺧﯿﺎر ﻏﺮﻳﺐ‪،‬‬
‫ﻓﺴﺄﻟﻮا أﺳﺌﻠﺔ ﻣﺜﻞ ‪ :‬ﻟﻢ ﺗﻄﻠﺒﯿﻦ ﻣﻨﻲ ھﺬا ﻳﺎ ﺳﯿﺪﺗﻲ؟‬
‫ﻢ ﻗﺪ ﻳﺮﻏﺐ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﻞ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻧﻔﺴﮫﺎ ﻣﺮة ﺑﻌﺪ أﺧﺮى؟ واﺧﺘﺎروا ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻟﻌﺒﺔ أﺻﻌﺐ ﻣﻤﺎ ﻗﺒﻠﮫﺎ‪،‬‬ ‫ﻟِ َ‬
‫وﺻﺎﺣﺖ ﻓﺘﺎة ﺻﻐﯿﺮة ﻗﺎﺋﻠﺔ‪" :‬أﻧﺎ أﺗﻮق ﻟﺤﻠﮫﺎ!"‪.‬‬
‫إذن ﻓﺎﻷطﻔﺎل ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺘﺄﻛﺪوا أﻧﮫﻢ ﺳﯿﻨﺠﺤﻮن؛ ﻓﺎﻷذﻛﯿﺎء ﻳﺠﺐ أن ﻳﻨﺠﺤﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸطﻔﺎل ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻨﺠﺎح‬
‫ﻳﻌﻨﻲ ﺗﻮﺳﯿﻊ ﻗﺪراﺗﮫﻢ‪ ،‬ﻳﻌﻨﻲ أن ﻳﺼﺒﺤﻮا أﻛﺜﺮ ذﻛﺎًء‪.‬‬
‫ﺖ اﻷﻣﺮ ﻗﺎﺋﻠﺔ‪" :‬أﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﺬﻛﺎء أﻣﺮ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻌﻤﻞ ﻟﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﯿﻪ ‪ ...‬ﻓﮫﻮ ﻻ‬ ‫ﺼ ِ‬
‫ﺨ َ‬‫إﺣﺪى ﻓﺘﯿﺎت اﻟﺼﻒ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻟَ ﱠ‬
‫ُﻳﻤﻨﺢ ﻟﻚ ‪ ...‬أﻏﻠﺐ اﻷطﻔﺎل‪ ،‬إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﺘﺄﻛﺪﻳﻦ‬
‫ﻣﻦ إﺟﺎﺑﺔ ﻣﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻦ ﻳﺮﻓﻌﻮا أﻳﺪﻳﮫﻢ ﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﺴﺆال‪ ،‬وﻟﻜﻨﻲ ﻋﺎدًة ﻣﺎ أرﻓﻊ ﻳﺪي؛ ﻷﻧﻲ إذا أﺧﻄﺄت‪ ،‬ﻓﺴﻮف ﻳﺘﻢ‬
‫ﺗﺼﺤﯿﺢ ﺧﻄﺌﻲ‪ ،‬أو ﺳﺄرﻓﻊ ﻳﺪي وأﻗﻮل‪" :‬ﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻦ‬
‫ﻤﻲ ذﻛﺎﺋﻲ"‪.‬‬‫ﺣﻞ ھﺬا؟ أو "أﻧﺎ ﻻ أﻓﮫﻢ ھﺬا‪ ،‬أﻳﻤﻜﻨﻚ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻲ؟"‪ ،‬ﻓﺒﻤﺠﺮد اﻟﻘﯿﺎم ﺑﮫﺬا ُأﻧَ ِ ّ‬

‫ﻣﺎ وراء اﻷﻟﻐﺎز‬

‫إن اﻟﺘﻨﺎزل ﻋﻦ ﺣﻞ ﻟﻐﺰ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﺴﺎوى أﺑًﺪا ﻣﻊ اﻟﺘﻨﺎزل ﻋﻦ ﻓﺮﺻﺔ ھﺎﻣﺔ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻚ‪ .‬ﻟَِﻨَﺮ إذا ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ أن‬
‫ﻔﺎ ﻏﯿﺮ ﻣﻌﺘﺎد؛ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ھﻮﻧﺞ‬ ‫ﻳﺤﺪث ھﺬا‪ ،‬اﺳﺘﻐﻠﻠﻨﺎ ﻣﻮﻗ ً‬
‫ﻛﻮﻧﺞ‪ ،‬ﻛﻞ ﺷﻲء ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﯿﺰﻳﺔ‪ ،‬اﻟﺪروس ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﯿﺰﻳﺔ‪ ،‬واﻟﻜﺘﺐ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﯿﺰﻳﺔ‪ ،‬واﻻﺧﺘﺒﺎرات ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ‬
‫اﻹﻧﺠﻠﯿﺰﻳﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻠﺘﺤﻘﻮن‬
‫ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻻ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮن اﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﯿﺰﻳﺔ ﺑﻄﻼﻗﺔ؛ ﻓﻤﻦ اﻟﻤﻨﻄﻘﻲ أن ﻳﻔﻌﻠﻮا ﺷﯿًﺌﺎ ﺣﯿﺎل ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻓﻮًرا‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻞ اﻟﻄﻼب إﻟﻰ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻟﻠﺘﺴﺠﯿﻞ ﻓﻲ ﻋﺎﻣﮫﻢ اﻷول‪ ،‬ﻗﻤﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻼب ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺘﻘﻨﯿﻦ ﻟﻠﻐﺔ‬
‫اﻹﻧﺠﻠﯿﺰﻳﺔ‪ ،‬وطﺮﺣﻨﺎ ﻋﻠﯿﮫﻢ ﺳﺆاًﻻ أﺳﺎﺳﯿًّﺎ‪ :‬إذا وﻓﺮت‬
‫اﻟﻜﻠﯿﺔ دورة ﺗﺪرﻳﺒﯿﺔ ﻟﻠﻄﻼب اﻟﻤﺤﺘﺎﺟﯿﻦ إﻟﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻣﮫﺎراﺗﮫﻢ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﯿﺰﻳﺔ‪ ،‬ﻓﮫﻞ ﺗﺤﻀﺮھﺎ؟‬
 ‫ﺿﺎ ﺑﻘﻲــاس ﻋﻘﻠﯿﺖــھﻢ مــن خــﻻل ســؤاﻟﮫﻢ إلــى أي مــدى ﻳﺘﻔﻖــون مــع ﻋﺐــارات‬ ‫ﻗﻤﻦــا أيــ ً‬
‫ﻣﺚــل‪" :‬لــدﻳﻚ قــدر ﻣﻊــﻳﻦ مــن الــذﻛﺎء وﻻ ﻳﻤﻜﻦــك ﻓﻊــل اﻟﻜﺚــﻳﺮ ﻟﺘﻎــﻳﯿﺮ هــذا اﻟﻖــدر"‪.‬‬
‫اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻔﻘﻮن ﻣﻊ ﻋﺒﺎرات ﻛﺘﻠﻚ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻣﺪى ذﻛﺎﺋﻚ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ"‪.‬‬ ‫اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ ﻳﺘﻔﻘﻮن ﻣﻊ ﻋﺒﺎرة "ﻳﻤﻜﻨﻚ دو ً‬
‫وﻓﻲ ﻧﮫﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ أﻟﻘﯿﻨﺎ ﻧﻈﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﻦ واﻓﻘﻮا ﻋﻠﻰ ﺣﻀﻮر دورة ﺗﺪرﻳﺒﯿﺔ ﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﯿﺰﻳﺔ؛ اﻟﻄﻼب ذوو‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ واﻓﻘﻮا ﻣﻮاﻓﻘﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ أوﻟﺌﻚ ﻣﻤﻦ‬
‫ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﮫﺘﻤﯿﻦ‪.‬‬
‫وﻷﻧﮫﻢ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺄن اﻟﻨﺠﺎح ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬اﻏﺘﻨﻢ اﻟﻄﻼب ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﻔﺮﺻﺔ‪ .‬أﻣﺎ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻓﻠﻢ ﻳﺮﻏﺒﻮا ﻓﻲ ﻛﺸﻒ ﻗﺼﻮرھﻢ‪ ،‬وﺑﺪًﻻ‬
‫ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻳﺸﻌﺮوا ﺑﺎﻟﺬﻛﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪى اﻟﻘﺼﯿﺮ‪ ،‬ﻛﺎﻧﻮا ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻠﻤﺨﺎطﺮة ﺑﻤﺴﺘﻘﺒﻠﮫﻢ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ‪.‬‬
‫ھﻜﺬا ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ اﻟﻨﺎس ﻋﺎﺟﺰﻳﻦ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪.‬‬

‫اﻟﻤﻮﺟﺎت اﻟﺪﻣﺎﻏﯿﺔ ﺗﺤﻜﻲ اﻟﻘﺼﺔ‬

‫ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺮى اﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻮﺟﺎت اﻟﺪﻣﺎﻏﯿﺔ ﻟﻸﺷﺨﺎص‪ ،‬اﻷﺷﺨﺎص ﻣﻦ ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ أﺗﻮا إﻟﻰ ﻣﻌﻤﻠﻨﺎ‬
‫ﻟﻠﻤﻮﺟﺎت اﻟﺪﻣﺎﻏﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﯿﺎ‪ ،‬وﺑﯿﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺠﯿﺒﻮن‬
‫ﻋﻦ أﺳﺌﻠﺔ ﺻﻌﺒﺔ وﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﯿﻘﺎت‪ ،‬ﻛﻨﺎ ﺷﻐﻮﻓﯿﻦ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﺘﻰ ﺗﻈﮫﺮ ﻣﻮﺟﺎﺗﮫﻢ اﻟﺪﻣﺎﻏﯿﺔ أﻧﮫﻢ‬
‫ﻣﮫﺘﻤﻮن أو ﻣﻨﺘﺒﮫﻮن‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻓﻘﻂ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻜﺲ اﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎت ﻗﺪراﺗﮫﻢ‪ ،‬أظﮫﺮت ﻣﻮﺟﺎﺗﮫﻢ‬ ‫اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ أظﮫﺮوا اھﺘﻤﺎ ً‬
‫ﻣﺎ ﺷﺪﻳًﺪا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺘﻢ إﺧﺒﺎرھﻢ‬ ‫اﻟﺪﻣﺎﻏﯿﺔ اھﺘﻤﺎ ً‬
‫إذا ﻛﺎﻧﺖ إﺟﺎﺑﺎﺗﮫﻢ ﺻﺤﯿﺤﺔ أم ﺧﺎطﺌﺔ‪.‬‬
‫وﻟﻚــن ﻋﻦــدﻣﺎ كــان ﻳﺖــم ﺗﻖــدﻳﻢ ﻣﻌﻠﻮمــات ﺗﺲــاﻋﺪھﻢ ﻋﻞـى اﻟﺘﻌﻞـم‪ ،‬لـم ُﻳﺐـدوا أي ﻋﻼمـة‬
‫اھﺘﻢـام‪ .‬ﺣﺖـى ﻋﻦـدﻣﺎ ﻳﺖـم اﻟﺘﻌﻞـﻳﻖ ﻋﻞـى إﺟﺎﺑﺖـھﻢ بـاﻟﺨﻄﺄ‪ ،‬لـم ﻳﺐـدوا أي اھﺘﻢـام‬
‫ﻟﻠﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ‪.‬‬
‫اﻷﺷﺨﺎص ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ھﻢ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﻧﺘﺒﮫﻮا ﺑﺸﺪة ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺳﻊ ﻣﻌﺮﻓﺘﮫﻢ؛ ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ ﻓﻘﻂ‬
‫اﻟﺘﻌﻠﻢ ھﻮ اﻷوﻟﻮﻳﺔ‪.‬‬

‫ﻣﺎ أوﻟﻮﻳﺘﻚ؟‬
‫إذا ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻚ اﻟﺨﯿﺎر‪ ،‬ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﺳﺘﺨﺘﺎره؟ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎﺣﺎت واﻟﻔﺎﻋﻠﯿﺔ أم اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت؟‬
‫ﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس أن ﻳﺨﺘﺎروا ﺑﯿﻨﮫﻤﺎ ﻓﻘﻂ ﻓﯿﻤﺎ ﻳﺨﺺ اﻟﻤﮫﺎم اﻟﺬھﻨﯿﺔ‪ ،‬ﻋﻠﯿﮫﻢ أﻳ ً‬
‫ﻀﺎ اﺧﺘﯿﺎر ﻧﻮع اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﻳﺮﻳﺪوﻧﮫﺎ‪ :‬ھﻞ ﻳﺮﻳﺪون ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺪﻋﻢ ﻛﺒﺮﻳﺎءھﻢ أم ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﺘﺤﺪاھﻢ ﻟﻼزدھﺎر؟ "ﻣﻦ ھﻮ زوﺟﻚ اﻟﻤﺜﺎﻟﻲ؟"‪ ،‬طﺮﺣﻨﺎ ھﺬا اﻟﺴﺆال ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺼﻐﺎر‪ ،‬وﻛﺎن ھﺬا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮه‬
‫ﻟﻨﺎ‪.‬‬
‫اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻗﺎﻟﻮا إن اﻟﺰوج اﻟﻤﺜﺎﻟﻲ ھﻮ ﻣﻦ‪:‬‬
‫ﻳﻌﺎﻣﻠﮫﻢ ﺑﻤﺜﺎﻟﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻳﺸﻌﺮھﻢ ﺑﺎﻟﻜﻤﺎل‪.‬‬
‫ﻳﺤﺘﺮﻣﮫﻢ‪.‬‬
‫ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى‪ ،‬اﻟﺰوج اﻟﻤﺜﺎﻟﻲ ھﻮ ﻣﻦ ﻳﺤﺘﺮم ﻗﺪراﺗﮫﻢ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬ﻳﻘﻮل زوﺟﻲ‪ :‬إﻧﻪ اﻋﺘﺎد اﻟﺸﻌﻮَر ﺑﮫﺬا اﻟﺸﻜﻞ‪ ،‬وإﻧﻪ‬
‫ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺮﺟﻊ زوﺟﺘﻪ اﻟﻮﺣﯿﺪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء‪.‬‬
‫ﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ أﻧﻪ ﺗﺨﻠﺺ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﻗﺒﻞ أن ﻳﻠﺘﻘﻲ ﺑﻲ‪.‬‬
‫ﺟﺎ آﺧﺮ؛ ﻗﺎﻟﻮا‪ :‬إن اﻟﺰوج اﻟﻤﺜﺎﻟﻲ ھﻮ ﻣﻦ‪:‬‬ ‫اﻷﺷﺨﺎص ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻳﺘﻤﻨﻮن زو ً‬
‫ﻳﺮى ﻋﯿﻮﺑﮫﻢ وﻳﺴﺎﻋﺪھﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﮫﺎ‪.‬‬
‫ﺻﺎ أﻓﻀﻞ‪.‬‬‫ﻳﺪﻓﻌﮫﻢ ﻟﯿﺼﺒﺤﻮا أﺷﺨﺎ ً‬
‫ﻳﺸﺠﻌﮫﻢ ﻟﺘﻌﻠﻢ أﺷﯿﺎء ﺟﺪﻳﺪة‪.‬‬
‫ﺼﺎ ﻳﺪﻋﻢ‬‫ﺼﺎ ﻳﺴﻲء ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﮫﻢ أو ﻳﮫﺪم اﻋﺘﺰازھﻢ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻳﺮﻳﺪون ﺷﺨ ً‬ ‫ﺑﻼ ﺷﻚ ھﻢ ﻻ ﻳﺮﻳﺪون ﺷﺨ ً‬
‫ﺪﻋﻮا أﻧﮫﻢ ﺗﻄﻮروا ﺑﺸﻜﻞ ﺗﺎم أو‬ ‫ازدھﺎرھﻢ؛ ﻓﮫﻢ ﻟﻢ ﻳ ّ‬
‫أﻧﮫﻢ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎت ﺑﻼ ﻋﯿﻮب ﻟﯿﺲ ھﻨﺎك اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻟﺘﺘﻌﻠﻤﻪ‪.‬‬
‫ھﻞ ﺗﻔﻜﺮ اﻵن ﻓﻲ" ﻛﯿﻒ ﻳﻜﻮن اﻷﻣﺮ إذا ﺗﻘﺎﺑﻞ ﺷﺨﺼﺎن ﻟﮫﻤﺎ ﻋﻘﻠﯿﺘﺎن ﻣﺨﺘﻠﻔﺘﺎن؟" ‪ .‬ﺗﺮوي ﻟﻨﺎ ﺳﯿﺪة ذات‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ ﻗﺼﺔ زواﺟﮫﺎ ﻣﻦ رﺟﻞ ذي ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪:‬‬
‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ﻣﺮ وﻗﺖ طﻮﻳﻞ ﻋﻠﻰ زﻓﺎﻓﻲ ﻗﺒﻞ أن أدرك أﻧﻲ ارﺗﻜﺒﺖ ﺧﻄﺄ ﻛﺒﯿًﺮا‪ .‬ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة أﻗﻮل ﻗﻮًﻻ ﻣﺜﻞ‬
‫"ﻟﻤﺎذا ﻻ ﻧﺤﺎول اﻟﺨﺮوج ﻗﻠﯿًﻼ؟" أو "أود ﻟﻮ أﻧﻚ ﺗﺸﺎورﻧﻲ ﻗﺒﻞ‬
‫اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات"‪ ،‬ﻛﺎن ﻳﺤﺰن ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ .‬وﺑﺪًﻻ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ‪ ،‬أﻗﻀﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ إﺻﻼح اﻟﻀﺮر اﻟﺬي‬
‫ﺣﺪث ﻷﺟﻌﻠﻪ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻻرﺗﯿﺎح ﻣﺮة أﺧﺮى‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﺑﻌﺪ‬
‫ﻤﺎ ﻣﺎ ﺗﻤﻄﺮه ﺑﻌﺒﺎرات اﻹﻋﺠﺎب اﻟﻤﺴﺘﻤﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺪو أﻧﻪ ﺑﺤﺎﺟﺔ‬ ‫ذﻟﻚ ﻳﺠﺮي ﻧﺤﻮ اﻟﮫﺎﺗﻒ ﻟﯿﺤﺎدث واﻟﺪﺗﻪ اﻟﺘﻲ داﺋ ً‬
‫إﻟﯿﮫﺎ‪ .‬ﻛﺎن ﻛﻼﻧﺎ ﻻ ﻳﺰال ﺻﻐﯿًﺮا وﻛﻨﺎ ﺣﺪﻳﺜﻲ اﻟﻌﮫﺪ‬
 ‫ﺑﺎﻟﺰواج‪ .‬أردت ﻓﻘﻂ أن أﺗﻮاﺻﻞ ﻣﻌﻪ‪.‬‬
‫وھﻜﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻜﺮة اﻟﺰوج ﻋﻦ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻨﺎﺟﺤﺔ ‪ -‬ﺗﻘﺒﱡﻞ ﻛﻠﻲ ﺑﻼ ﻧﻘﺪ ‪ -‬ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﻓﻜﺮة اﻟﺰوﺟﺔ‪ ،‬وﻓﻜﺮة اﻟﺰوﺟﺔ‬
‫ﻋﻦ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻨﺎﺟﺤﺔ ھﻲ ﻣﻮاﺟﮫﺔ اﻟﻤﺸﻜﻼت‪ ،‬وھﻲ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺳﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻶﺧﺮ‪.‬‬
‫ﻋﻜﺲ ﻓﻜﺮة اﻟﺰوج؛ ﻓﺎﻻزدھﺎر ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﺣﺪھﻤﺎ ﻛﺎن ﻛﺎﺑﻮ ً‬

‫ﻣﺮض اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي‬

‫ﻲٍ واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ أن ُﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺸﺨﺺ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺷﺨﺺ ﻛﺎﻣﻞ‪ ،‬ﻟﻦ‬ ‫ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻣﻦ ﻓﻮق ﺑﺮج ﻋﺎﺟ ّ‬
‫ﺸﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺮف أن ھﺬا ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﻋﺎدة "ﻣﺮض‬ ‫ﺗﻜﻮن ﻣﻨﺪھ ً‬
‫ﻣﱠﺮ "ﻟﻲ إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﺑﺤﺎﻟﺔ ﺳﯿﺌﺔ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﺮض‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﻧﺠﺎﺣﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﺪء ﻛﻤﺪﻳﺮ ﻟﺸﺮﻛﺔ‬ ‫اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي"‪َ .‬‬
‫ﻛﺮاﻳﺴﻠﺮ ﻣﻮﺗﻮرز‪ ،‬ﺑﺪا "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﺷﺒﯿًﮫﺎ ﺑﺄطﻔﺎﻟﻨﺎ ذوي اﻟﺴﻨﻮات‬
‫اﻷرﺑﻊ‪ ،‬أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؛ ظﻞ ﻳﻨﺘﺞ طﺮاز اﻟﺴﯿﺎرة ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺮاًرا وﺗﻜﺮاًرا ﻓﻘﻂ ﺑﻌﺪ إدﺧﺎل ﺗﻐﯿﯿﺮات ﺳﻄﺤﯿﺔ‬
‫ﻋﻠﯿﮫﺎ‪ ،‬وﻟﺴﻮء اﻟﺤﻆ ﻛﺎﻧﺖ طﺮازات ﻟﻢ ﻳﺮﻏﺐ أﺣﺪ ﻓﻲ‬
‫ﺷﺮاﺋﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻓﻲ ھﺬه اﻷﺛﻨﺎء ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﯿﺎﺑﺎﻧﯿﺔ ﺗﻌﯿﺪ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻛﻠﯿًّﺎ ﺑﺸﺄن ﻣﺎ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺒﺪو ﻋﻠﯿﻪ اﻟﺴﯿﺎرات وﻛﯿﻒ ﻳﺠﺐ‬
‫ﻌﺎ ﻛﯿﻒ اﻧﺘﮫﻰ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ .‬ﺳﺮﻳ ً‬
‫ﻌﺎ‬ ‫أن ﺗﻌﻤﻞ‪ .‬وﻧﻌﻠﻢ ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﻣﺎ اﻛﺘﺴﺤﺖ اﻟﺴﯿﺎرات اﻟﯿﺎﺑﺎﻧﯿﺔ اﻟﺴﻮق‪.‬‬
‫ﻤﺎ ﻣﺎ ﻳﻮاﺟﻪ اﻟﺮؤﺳﺎء اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﻮن ھﺬا اﻟﺨﯿﺎر‪ ،‬ھﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﯿﮫﻢ ﻣﻮاﺟﮫﺔ ﻧﻘﺎط ﺿﻌﻔﮫﻢ أم ﻋﻠﯿﮫﻢ أن ﻳﺼﻨﻌﻮا‬ ‫داﺋ ً‬
‫ﻤﺎ ﺣﯿﺚ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻧﻘﺎط ﺿﻌﻒ؟ اﺧﺘﺎر "ﻟﻲ‬ ‫ﻋﺎﻟ ً‬
‫إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" اﻟﺨﯿﺎر اﻷﺧﯿﺮ؛ ﻓﺄﺣﺎط ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺄﺷﺨﺎص ﻳﻘﺪﺳﻮﻧﻪ‪ ،‬وأﺑﻌﺪ اﻟﻤﻨﺘﻘﺪﻳﻦ‪ ،‬وﺳﺮﻳ ً‬
‫ﻌﺎ ﻣﺎ ﻓﻘﺪ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ‬
‫ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﺠﺎﻟﻪ‪ .‬أﺻﺒﺢ "ﻟﻲ إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﻋﺎﺟًﺰا ﻋﻦ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪.‬‬
‫وﻟﻚــن ﻻ ﻳﺺــاب اﻟﺠﻢــﻳﻊ ﺑﻢــرض الــرﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﻲــذي؛ ﻳﻮاجــه ﻛﺚــﻳﺮ مــن اﻟﻖـادة اﻟﻌﻈﻢـاء ﻧﻖـاط‬
‫ضـﻋﻔﮫﻢ ﺑﺶـﻛﻞ ﻣﻨﺘﻆـم‪ .‬ﻋﻦـدﻣﺎ اسـﺗﺮﺟﻊ أداءه الـراﺋﻊ فـي شـرﻛﺔ ﻛﻤﺐـرﻟﻲ‪-‬ﻛﻼرك‪ ،‬ﺻﺮح "داروﻳﻦ‬
‫ﺳﻤﯿﺚ"‪" :‬ﻟﻢ أﺗﻮﻗﻒ ﻗﻂ ﻋﻦ ﻣﺤﺎوﻟﺔ أن أﻛﻮن ﺟﺪﻳًﺮا ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ"‪ .‬أوﻟﺌﻚ اﻟﺮﺟﺎل‪ ،‬ﻛﻄﻼب ﺟﺎﻣﻌﺔ ھﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ ذوي‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻔﻮن‬
‫أﺑًﺪا ﻋﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻘﻮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎ آخـر؛ ﻓﻖـد ﻳﺨﺖـارون ﺧﻂـطًﺎ ﻗﺺـﻳﺮة اﻟﻢـدى ﺗﺰيـد مـن أسـھﻢ‬ ‫ﻳﻮاجــه اﻟﺮؤســاء اﻟﺘﻨﻔﻲــذﻳﻮن مــأز ً‬
‫اﻟﺶـرﻛﺔ وﺗﺠﻌﻞـھﻢ ﻳﺐـدون كـاﻷﺑﻄﺎل‪ ،‬أو قـد ﻳﻌﻤﻞـون ﻋﻞـى اﻟﺘﻖـدم طﻮيـل‬
‫اﻟﻤﺪى‪ -‬ﻣﺨﺎطﺮﻳﻦ ﺑﺘﺪﻧﻲ ﺳﻌﺮ أﺳﮫﻤﮫﻢ ﻓﻲ ﺑﻮرﺻﺔ وول ﺳﺘﺮﻳﺖ؛ ﺣﯿﺚ ﻳﻀﻌﻮن اﻷﺳﺎس ﻟﺴﻼﻣﺔ اﻟﺸﺮﻛﺔ‬
‫وازدھﺎرھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ‪.‬‬
‫ﺗﻢــت اﻻســﺗﻌﺎﻧﺔ بــــ "أﻟﺐــرت دونـﻻب"‪ ،‬الـذي ﻳﺺـف ﻧﻔﺲـه ﺑﺄنـه ذو ﻋﻘﻠﻲـة ﺛﺎﺑﺖـة‪ ،‬ﻹحـداث‬
‫ﺗﺢـوﻻت فـي شـرﻛﺔ صـن بـﻳﻢ‪ .‬اﺧﺖـار "أﻟﺐـرت" اﻹسـﺗﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ ﻗﺺـﻳﺮة اﻟﻢـدى ﻟﯿﺐـدو‬
‫ﻛﺎﻟﺒﻄﻞ ﻟﺒﻮرﺻﺔ وول ﺳﺘﺮﻳﺖ‪ ،‬ارﺗﻔﻌﺖ اﻷﺳﮫﻢ وﻟﻜﻦ اﻧﮫﺎرت اﻟﺸﺮﻛﺔ‪.‬‬
‫ﺗﻢ اﻻﺗﺼﺎل بـ "ﻟﻮﻳﺲ ﺟﯿﺮﺳﺘﻨﺮ"‪ ،‬اﻟﻤﻌﺮوف ﺑﺎﻣﺘﻼﻛﻪ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ‪ ،‬ﻹﺣﺪاث ﺗﺤﻮﻻت ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم‪،‬‬
‫وﺑﯿﻨﻤﺎ ﺗﻮﻟﻰ اﻟﻤﮫﻤﺔ اﻟﺠﺴﯿﻤﺔ ﻹﺻﻼح ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺷﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم‬
‫وﺳﯿﺎﺳﺎﺗﮫﺎ‪ ،‬ﺗﺠﻤﺪت أﺳﻌﺎر اﻷﺳﮫﻢ وﺳﺨﺮت ﺑﻮرﺻﺔ وول ﺳﺘﺮﻳﺖ ﻣﻦ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ ،‬ووﺻﻔﻮه ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ‪ ،‬وﻣﻊ‬
‫ذﻟﻚ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﻋﺪة ﺳﻨﻮات‪ ،‬ﻗﺎدت ﺷﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم ﻣﺠﺎل‬
‫ﺻﻨﺎﻋﺘﮫﺎ ﻣﺮة أﺧﺮى‪.‬‬

‫اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ‬
‫اﻷﺷﺨﺎص ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻻ ﻳﺴﻌﻮن ﻓﻘﻂ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﺤﺪي‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﺰدھﺮون ﺑﻪ؛ ﻓﻜﻠﻤﺎ ﻛﺒﺮ اﻟﺘﺤﺪي‪ ،‬ﺗﻮﺳﻌﻮا أﻛﺜﺮ‪.‬‬
‫وﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ رؤﻳﺔ ذﻟﻚ ﺑﺼﻮرة أوﺿﺢ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺳﺘﺮاه‬
‫ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻓﻘﻂ ﻣﺸﺎھﺪة اﻷﺷﺨﺎص ﻳﺘﻮﺳﻌﻮن وﻳﺰدھﺮون‪.‬‬
‫"ﻣﯿﺎ ھﺎم"‪ ،‬أﻋﻈﻢ ﻧﺠﻤﺎت ﻛﺮة اﻟﻘﺪم اﻷﻣﺮﻳﻜﯿﺔ ﻓﻲ ﻋﺼﺮھﺎ‪ ،‬ﻗﺎﻟﺘﮫﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ‪" :‬ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ أﻟﻌﺐ طﻮال‬
‫ﺣﯿﺎﺗﻲ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻲ ﺗﺤﺪﻳﺖ ﻧﻔﺴﻲ أﻣﺎم ﻻﻋﺒﺎت أﻛﺒﺮ ﺳﻨﺎ‬
‫ﻤﺎ وأﻛﺜﺮ ﻣﮫﺎرة وأﻛﺜﺮ ﺧﺒﺮة ‪ -‬ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر‪ ،‬أﻓﻀﻞ ﻣﻨﻲ"‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺒﺪء ﻟﻌﺒﺖ ﻣﻊ أﺧﯿﮫﺎ اﻷﻛﺒﺮ‪ ،‬ﺛﻢ ﻓﻲ ﺳﻦ‬ ‫وأﻛﺒﺮ ﺣﺠ ً‬
‫اﻟﻌﺎﺷﺮة ﻣﻦ ﻋﻤﺮھﺎ اﺷﺘﺮﻛﺖ ﻓﻲ ﻓﺮﻳﻖ اﻷوﻻد ﻣﻦ ﺳﻦ‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬ﺛﻢ أﻟﻘﺖ ﺑﻨﻔﺴﮫﺎ داﺧﻞ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻷول ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة‪ .‬ﻗﺎﻟﺖ "ﻣﯿﺎ"‪" :‬ﻛﻞ ﻳﻮم‬ ‫اﻷﺣﺪ ﻋﺸﺮ ﻋﺎ ً‬
‫ﻛﻨﺖ أﺳﻌﻰ إﻟﻰ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮاھﻢ‪ ...‬وﻛﻨﺖ أﺗﻄﻮر‬
‫ﺑﺄﺳﺮع ﻣﻤﺎ ﺣﻠﻤﺖ"‪.‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ "ﺑﺎﺗﺮﻳﺸﯿﺎ ﻣﯿﺮاﻧﺪا" طﺎﻟﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﻣﻤﺘﻠﺌﺔ اﻟﺠﺴﻢ وﻏﯿﺮ رﻳﺎﺿﯿﺔ وأرادت أن ﺗﻠﻌﺐ‬
‫اﻟﻤﺼﺎرﻋﺔ‪ ،‬وﺑﻌﺪ ﺧﺴﺎرﺗﮫﺎ اﻟﻔﺎدﺣﺔ ﻓﻲ ﺣﻠﺒﺔ اﻟﻤﺼﺎرﻋﺔ‪ ،‬ﻗﯿﻞ ﻟﮫﺎ‪:‬‬
‫ي أن‬
‫ت أضــﺣﻮﻛﺔ"‪ .‬ﻟﻖــد ﺑﻚــت فــي اﻟﺐــداﻳﺔ‪ ،‬ثــم شــﻋﺮت "ﻟﻖــد زاد هــذا ﻋﺰﻳﻤﺖــي ‪ ...‬ﻋﻞــ ﱠ‬ ‫"أنــ ِ‬
‫ي أن أعــرف إذا مــا كــان اﻟﺞــھﺪ واﻟﺖــرﻛﯿﺰ واﻹﻳﻢــان واﻟﺖــدرﻳﺐ‬
‫أواصــل اﻟﻤﺲــﻳﺮ وﻋﻞــ ﱠ‬
‫ﻌﺎ إﺟﺎزﺗﻲ ﻛﻼﻋﺒﺔ ﻣﺼﺎرﻋﺔ"‪ .‬ﻣﻦ أﻳﻦ ﺟﺎءت ﺑﮫﺬه اﻟﻌﺰﻳﻤﺔ؟‬ ‫ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫﺎ ﺟﻤﯿ ً‬
 ‫ﻧﺸﺄت "ﺑﺎﺗﺮﻳﺸﯿﺎ ﻣﯿﺮاﻧﺪا" ﻓﻲ ﺣﯿﺎة ﺧﺎﻟﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺪي‪ ،‬ﻟﻜﻨﮫﺎ ﻋﻨﺪ وﻓﺎة واﻟﺪﺗﮫﺎ ﺑﻤﺮض ﺗﻤﺪد اﻷوﻋﯿﺔ اﻟﺪﻣﻮﻳﺔ‬
‫ﻓﻲ ﺳﻦ اﻷرﺑﻌﯿﻦ‪ ،‬ﺗﻮﺻﻠﺖ "ﺑﺎﺗﺮﻳﺸﯿﺎ" ذات اﻟﺴﻨﻮات‬
‫اﻟﻌﺶــر إلــى ﻣﺐــدأ "ﻋﻦــدﻣﺎ ﺗﻚــون ﻣﺲـﺗﻠﻘﯿًﺎ ﻋﻞـى فـراش اﻟﻢـوت‪ ،‬فـإن أحـد اﻷشـﻳﺎء اﻟﺮاﺋﻊـة أن‬
‫ﺗﻖـول‪" :‬ﻟﻖـد اﻛﺘﺶـﻓﺖ ﻧﻔﺲـي ﺣﻖـا"‪ .‬ﻟﻖـد ﺗﺮسـخ هـذا اﻟﺶـﻋﻮر بـإﻟﺤﺎح ﻋﻦـدﻣﺎ‬
‫ﺖ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﻤﺼﺎرﻋﺔ‬‫ﻣﱠﺜﻠَ ْ‬
‫ﺗﻮﻓﯿﺖ أﻣﻲ‪ .‬إذا ﻛﻨﺖ ﺳﺘﺘﺎﺑﻊ اﻟﺤﯿﺎة وﺗﻔﻌﻞ اﻷﻣﻮر اﻟﺴﮫﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻌﺎٌر ﻋﻠﯿﻚ"‪ .‬إذن ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ َ‬
‫ﺗﺤﺪﻳًﺎ ﻟﮫﺎ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﻌﺪة ﻟﺨﻮض ھﺬا اﻟﺘﺤﺪي‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ آﺗﻰ ﺟﮫﺪھﺎ ﺛﻤﺎره؛ ﻓﻔﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮھﺎ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ "ﺑﺎﺗﺮﻳﺸﯿﺎ" ھﻲ ﻣﻦ ﺿﺤﻜﺖ ﺑﺎﻟﻨﮫﺎﻳﺔ؛ ﻓﺎزت‬
‫ﺑﻤﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ وزﻧﮫﺎ ﻓﻲ ﻓﺮﻳﻖ اﻷوﻟﻤﺒﯿﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ‪،‬‬
‫وعــادت ﻟﻮطﻦــھﺎ مـن مـدﻳﻨﺔ أﺛﯿﻦـا ﺣﺎﻣﻞـة اﻟﻤﻲـداﻟﯿﺔ اﻟﺒﺮوﻧﺰيـة‪ .‬ومـاذا ﺑﻊـد؟ اﻟﺘﺤﻖـت ﺑﺠﺎﻣﻊـة ﻳﻲـل‬
‫ﺢ ﻋﻠﻲـھﺎ اﻟﻦـاس أن ﺗﺐــقـى فـــي اﻟﻤﺞـال الـذي هـي ﻋﻞـى‬ ‫ﻟﺪراسـة اﻟﺤﻖـوق‪ .‬أَﻟَ ﱠ‬
‫ﻗﻤﺘﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻦ "ﺑﺎﺗﺮﻳﺸﯿﺎ" ﺷﻌﺮت أن اﻷﻣﺮ اﻷﻛﺜﺮ إﺛﺎرة أن ﺗﺒﺪأ ﻣﻦ اﻟﻘﺎع ﻣﺮة أﺧﺮى وﺗﺮى ﻣﺎ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫﺎ‬
‫ﺗﺤﻘﯿﻘﻪ ھﺬه اﻟﻤﺮة‪.‬‬

‫اﻟﺘﻮﺳﻊ إﻟﻰ ﻣﺎ ھﻮ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ‬

‫أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻮﺳﻊ اﻷﺷﺨﺎص ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻮﻣﻮا ﺑﻤﺎ ھﻮ ﻣﺴﺘﺤﯿﻞ‪ .‬ﻓﻲ ﻋﺎم ‪ 1995‬ﺳﻘﻂ اﻟﻤﻤﺜﻞ‬
‫ﻣﺎ ﻣﻦ‬
‫ﻞ ﺟﺴﺪه ﺗﻤﺎ ً‬ ‫ﺷ ﱠ‬
‫ﺴﺮ ﻋﻨﻘﻪ واﻧﻔﺼﻞ ﺣﺒﻠﻪ اﻟﺸﻮﻛﻲ ﻋﻦ ﻣﺨﻪ‪ ،‬وﻗﺪ ُ‬ ‫ﻜ ِ‬
‫"ﻛﺮﻳﺴﺘﻮﻓﺮ رﻳﻒ" ﻋﻦ ظﮫﺮ ﺣﺼﺎن؛ ﻓ ُ‬
‫أﺳﻔﻞ اﻟﻌﻨﻖ‪ ،‬وﻗﺎﻟﺖ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻄﺒﯿﺔ‪ " :‬آﺳﻔﻮن ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ‪ ،‬ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺘﺄﻗﻠﻢ ﻣﻊ ھﺬا اﻷﻣﺮ "‪.‬‬
‫ﻗّﺎ اﺷﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﻳﻚ ﻛﻞ أﺟﺰاء ﺟﺴﺪه اﻟﻤﺸﻠﻮل ﺑﻤﺴﺎﻋﺪة‬ ‫ﺠﺎ ﺗﺪرﻳﺒﯿًﺎ ﺷﺎ ً‬‫وﻣﻊ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺑﺪأ "ﻛﺮﻳﺴﺘﻮﻓﺮ" ﺑﺮﻧﺎﻣ ً‬
‫ّ‬
‫آﻻت اﻟﺘﻨﺒﯿﻪ اﻟﻜﮫﺮﺑﺎﺋﻲ‪ .‬ﻟﻤﺎذا ﻟﯿﺲ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﺗﻌﻠ ﱡﻢ اﻟﺤﺮﻛﺔ‬
‫ﺬره اﻷطﺒﺎء ﻣﻦ أن‬ ‫ﺣ ﱠ‬
‫ﻣﺮة أﺧﺮى؟ ﻟﻤﺎذا ﻟﯿﺲ ﺑﺈﻣﻜﺎن ﻋﻘﻠﻪ إﺻﺪار اﻷواﻣﺮ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻟﯿﺴﺘﺠﯿﺐ ﻟﮫﺎ ﺟﺴﺪه؟ َ‬
‫ﺟﺴﺪه ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ إﻧﻜﺎر وﻗﺪ اﺳﺘﺴﻠﻢ ﻟﻺﺣﺒﺎط‪ .‬ﻟﻘﺪ رأوا ﻣﺜﻞ‬
‫ﻀﺎ ﺧﻼل‬ ‫ﻘﺎ‪ ،‬ﻣﺎ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻔﻌﻠﻪ "ﻛﺮﻳﺴﺘﻮﻓﺮ رﻳﻒ" أﻳ ً‬ ‫ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺆﺷًﺮا ﺳﯿًﺌﺎ ﻟﺤﺎﻟﺘﻪ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﺣ ًّ‬
‫وﻗﺘﻪ؟ ھﻞ ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺸﺮوع أﻓﻀﻞ؟‬
‫ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺴﺔ أﻋﻮام‪ ،‬ﺑﺪأ "ﻛﺮﻳﺴﺘﻮﻓﺮ" ﻓﻲ اﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺤﺮﻛﺔ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺒﺪء ﺗﺤﺮﻛﺖ ﻳﺪاه ﺛﻢ ذراﻋﺎه ﺛﻢ ﺟﺬﻋﻪ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ‬
‫ﻲ ﺑﻌﺪ‪ ،‬ﻟﻜﻦ أﺷﻌﺔ اﻟﻤﺦ أظﮫﺮت أن ﻣﺨﻪ أﺻﺒﺢ‬ ‫ﺷِﻔ َ‬
‫ﻗﺪ ُ‬
‫ﻊ "ﻛﺮﻳﺴﺘﻮﻓﺮ رﻳﻒ" ﻗﺪراﺗﻪ‬ ‫ﻮﺳ ْ‬‫ﻳﺮﺳﻞ إﺷﺎرات ﻣﺮة أﺧﺮى ﻟﺠﺴﺪه وأن اﻟﺠﺴﺪ ﻳﺴﺘﺠﯿﺐ ﻟﺘﻠﻚ اﻹﺷﺎرات‪ .‬ﻟﻢ ُﻳ َ‬
‫ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﺑﻞ ﻗﺎم ﺑﺘﻐﯿﯿﺮ ﺗﺎم ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻈﺮ ﺑﮫﺎ اﻟﻌﻠﻢ‬
‫ﻣﺎ ﻣﻦ‬‫ﻣﺎ ﻟﻸﺑﺤﺎث وﺳﺒﯿًﻼ ﺟﺪﻳًﺪا ﺗﻤﺎ ً‬ ‫إﻟﻰ اﻟﺠﮫﺎز اﻟﻌﺼﺒﻲ وﻗﺪرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎﻓﻲ‪ .‬وﺑﮫﺬا ﻓﺘﺢ أﻓ ً‬
‫ﻘﺎ ﺟﺪﻳًﺪا ﺗﻤﺎ ً‬
‫اﻷﻣﻞ ﻟﻸﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺎﻧﻮن إﺻﺎﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﺤﺒﻞ اﻟﺸﻮﻛﻲ‪.‬‬

‫اﻻزدھﺎر ﺑﺎﻟﺸﻲء اﻟﻤﻀﻤﻮن‬

‫مــن اﻟﻮاضــح أن اﻷشــﺧﺎص ذوي ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو ﻳﺰدهــرون ﻋﻦــدﻣﺎ ﻳﻮســﻋﻮن قــدراﺗﮫﻢ‪ .‬إذن ﻣﺖــى‬
‫ﻳﺰدهــر اﻷشــﺧﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة؟ ﻋﻦــدﻣﺎ ﺗﻚــون اﻷمــور ﻣﺾــﻣﻮﻧﺔ‬
‫ﺑﻤﺘﻨﺎول أﻳﺪﻳﮫﻢ‪ .‬ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﺒﺢ اﻷﻣﻮر ﺻﻌﺒﺔ ‪ -‬ﺣﯿﻨﻤﺎ ﻻ ﻳﺸﻌﺮون أﻧﮫﻢ أذﻛﯿﺎء أو ﻣﻮھﻮﺑﻮن ‪ -‬ﻳﻔﻘﺪون اﻻھﺘﻤﺎم‪.‬‬
‫ﺷﺎھﺪت ھﺬا ﻳﺤﺪث ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻨﺎ ﻟﻄﻼب اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﺤﻀﯿﺮﻳﺔ ﺑﻜﻠﯿﺔ اﻟﻄﺐ ﺧﻼل اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺪراﺳﻲ اﻷول‬
‫ﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻜﯿﻤﯿﺎء‪ .‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب ﻛﺎن ھﺬا ﻣﺎ‬
‫ﻦ ﻣﻨﮫﻢ ﺳﯿﺼﺒﺢ طﺒﯿﺒًﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧﻪ‬ ‫ﻣ ْ‬
‫ﻗﺎدﺗﮫﻢ ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ إﻟﯿﻪ‪ :‬أن ﻳﺼﺒﺤﻮا أطﺒﺎء‪ .‬وھﺬا اﻟﻤﻘﺮر اﻟﺪراﺳﻲ ھﻮ ﻣﺎ ﺳﯿﻘﺮر َ‬
‫ﻣﻦ أﺻﻌﺐ اﻟﻤﻘﺮرات ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ؛ ﻓﻤﻌﺪل اﻟﺪرﺟﺎت ﻟﻜﻞ‬
‫ب ﻧﺎدًرا ﻣﺎ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ درﺟﺔ أﻗﻞ ﻣﻦ ﻣﻤﺘﺎز‪.‬‬ ‫اﺧﺘﺒﺎر ﻟﮫﺬا اﻟﻤﻘﺮر ھﻮ درﺟﺔ ﺟﯿﺪ‪ ،‬ﻟﻄﻼ ٍ‬
‫ﺑﺪأ أﻏﻠﺐ اﻟﻄﻼب اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺪراﺳﻲ ﺑﺎھﺘﻤﺎم ﻛﺒﯿﺮ ﺑﻤﺎدة اﻟﻜﯿﻤﯿﺎء‪ .‬وﻟﻜﻦ ﺧﻼل اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺪراﺳﻲ ﺣﺪث أﻣﺮ ﻣﺎ‪،‬‬
‫اﻟﻄﻼب ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ظﻠﻮا ﻣﮫﺘﻤﯿﻦ ﻓﻘﻂ ﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫ﺿﺎ ﻛﺒﯿًﺮا ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮى اﻻھﺘﻤﺎم‬ ‫ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺒﻠﻮن ﺑﻼء ً ﺣﺴًﻨﺎ‪ .‬وأوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ وﺟﺪوا اﻷﻣﺮ ﺻﻌﺒًﺎ أظﮫﺮوا اﻧﺨﻔﺎ ً‬
‫واﻻﺳﺘﻤﺘﺎع؛ ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ھﺬا دﻟﯿًﻼ ﻋﻠﻰ ذﻛﺎﺋﮫﻢ‪،‬‬
‫ﻓﻠﻦ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮا اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻪ‪.‬‬
‫ﻲ أن أﺟﺒﺮ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﺮاءة اﻟﻜﺘﺎب واﻟﻤﺬاﻛﺮة ﻣﻦ‬ ‫ذﻛﺮ أﺣﺪ اﻟﻄﻼب أﻧﻪ "ﻛﻠﻤﺎ زادت ﺻﻌﻮﺑﺔ اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻛﺎن ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﺴﺎ ﻟﻠﻜﯿﻤﯿﺎء ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻦ‬
‫أﺟﻞ اﻻﺧﺘﺒﺎرات‪ ،‬ﻛﻨﺖ ﻣﺘﺤﻤ ً‬
‫اﻵن ﻛﻠﻤﺎ ﻓﻜﺮت ﻓﯿﮫﺎ ﻳﻨﺘﺎﺑﻨﻲ ﺷﻌﻮر ﺳﯿﺊ ﻓﻲ ﻣﻌﺪﺗﻲ"‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ھﺬا‪ ،‬اﻟﻄﻼب ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﺳﺘﻤﺮوا ﻓﻲ إظﮫﺎر اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻤﺮﺗﻔﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ اﻻھﺘﻤﺎم‬
‫ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺠﺪون أﻧﮫﺎ ﺻﻌﺒﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ .‬ﻗﺎل أﺣﺪ اﻟﻄﻼب‪" :‬إﻧﮫﺎ‬
‫أصــﻋﺐ ﺑﺎﻟﻨﺲــﺑﺔ لــي بــأﻛﺜﺮ ﻣﻢــا ظﻨﻦــت‪ ،‬وﻟﻜﻦــھﺎ هــي مــا أريــد اﻟﻘﻲــام بــه؛ فــھﻲ‬
‫ﺗﺠﻌﻠﻦــي أﻛﺚــر إصــراًرا‪ .‬ﻋﻦــدﻣﺎ ﻳﺨﺐـروﻧﻨﻲ أنـي لـن أسـﺗﻄﯿﻊ‪ ،‬ﻳﺠﻌﻠﻦـي هـذا أواصـل اﻟﻤﺲـﻳﺮ"‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ اﻟﺘﺤﺪي واﻻھﺘﻤﺎم ﻳﺴﯿﺮان ﺟﻨﺒًﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ‪.‬‬
‫ﺷﺎھﺪﻧﺎ اﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﯿﻦ اﻟﻄﻼب اﻷﺻﻐﺮ ﺳ ًﻨّﺎ‪ .‬ﻗﺪﻣﻨﺎ ﻟﻄﻼب اﻟﺼﻒ اﻟﺨﺎﻣﺲ أﻟﻐﺎًزا ﺟﺬاﺑﺔ أﺣﺒﻮھﺎ ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﻌﺎ‪.‬‬
‫وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﺗﻠﻚ اﻷﻟﻐﺎز أﺻﻌﺐ‪ ،‬أظﮫﺮ اﻷطﻔﺎل‬
 ‫دّا فــي ﻣﺲــﺗﻮى اﻻســﺗﻤﺘﺎع‪ ،‬ﻛﻢــا عــدﻟﻮا عــن قــرارھﻢ‬ ‫ذوو اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة ھﺐــوطًﺎ حــا ً‬
‫ﺣﻲــال أخــذ ﺑﻊــض اﻷﻟﻎــاز ﻣﻊـھﻢ إلـى اﻟﻢـﻧﺰل ﻟﺘﺠﺮﻳﺐـھﺎ؛ ﻓﻚـذب أحـد اﻟﻂـﻻب قـاﺋًﻼ‪:‬‬
‫"ﺣﺴًﻨﺎ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﮫﺎ؛ أﻧﺎ أﻣﺘﻠﻚ ﻣﺜﻠﮫﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ"‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻮدون اﻟﻔﺮار ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﻟﻐﺎز‬
‫ﺑﺴﺮﻋﺔ‪.‬‬
‫ﻀﺎ ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ اﻷطﻔﺎل ﺑﺮاﻋﺔ ﻓﻲ ﺣﻞ اﻷﻟﻐﺎز؛ ﻓﺎﻣﺘﻼك "ﻣﻮھﺒﺔ ﺣﻞ اﻷﻟﻐﺎز" ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ اﻧﺨﻔﺎض‬ ‫اﻧﻄﺒﻖ ھﺬا أﻳ ً‬
‫ﻣﺴﺘﻮى اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﻟﺪﻳﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ‪ ،‬اﻷطﻔﺎل ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮا إﺑﻌﺎد أﻧﻔﺴﮫﻢ ﻋﻦ اﻷﻟﻐﺎز اﻟﺼﻌﺒﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ھﻲ‬
‫اﻷﻟﻐﺎز اﻟﻤﻔﻀﻠﺔ ﻟﺪﻳﮫﻢ وھﻲ ﻣﺎ أرادوا أن ﻳﺄﺧﺬوھﺎ‬
‫ﻣﻌﮫﻢ إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل‪ .‬طﻠﺐ أﺣﺪ اﻷطﻔﺎل‪" :‬ھﻞ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻜﺘﺐ أﺳﻤﺎء ﺗﻠﻚ اﻷﻟﻐﺎز ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ أﻣﻲ ﺷﺮاء‬
‫اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻟﻲ ﻣﻨﮫﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺘﮫﻲ ذﻟﻚ اﻟﻠﻐﺰ؟"‪.‬‬
‫ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة ﻗﺼﯿﺮة‪ ،‬ﻛﻨﺖ ﺷﻐﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة ﻋﻦ "ﻣﺎرﻳﻨﺎ ﺳﯿﻤﯿﻮﻧﻮﻓﺎ"‪ ،‬اﻟﻤﺪرﺑﺔ اﻟﺮوﺳﯿﺔ‪ ،‬اﻟﺘﻲ أﻋﺪت طﺮﻳﻘﺔ‬
‫ﻋﺎ ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺔ؛ أﺧﺒﺮﺗﻨﺎ‬‫ﻣﺒﺘﻜﺮة ﻻﺧﺘﯿﺎر ﺗﻠﻤﯿﺬاﺗﮫﺎ‪ .‬ﻛﺎن اﺧﺘﺒﺎًرا ﺑﺎر ً‬
‫ﻤُﺮْرن ﺑﻔﺖــرة ﺗﺠﺮﻳﺒﻲــة فــي اﻟﺐــداﻳﺔ‬ ‫إحــــدى ﺗﻠﻤﻲــــذاﺗﮫﺎ اﻟﺲــــاﺑﻘﺎت‪" :‬ﻋﻞــــى ﺗﻠﻤﻲــــذاﺗﮫﺎ أن ﻳَ ْ‬
‫ﺑﯿﻨﻢــا ﺗﻼﺣﻆــھﻦ ﻟﺖــرى كــﻳﻒ ﻳﺲــﺗﺠﺒﻦ ﻟﻠﺜﻦــاء واﻟﺘﺺــﺣﯿﺢ‪ ،‬أوﻟﺊــك اﻟﻼئــى ﻳﺲــﺗﺠﺒﻦ‬
‫ﻟﻠﺘﺼﺤﯿﺢ أﻛﺜﺮھﻦ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮن ﺟﺪﻳﺮات"‪.‬‬
‫ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى‪ ،‬ﺗﻤﯿﺰ "ﻣﺎرﻳﻨﺎ" ﺑﯿﻦ ﻣﻦ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﺗﺠﺎه اﻷﻣﻮر اﻟﺴﮫﻠﺔ ‪ -‬واﻟﺘﻲ أﺗﻘﻨﻮھﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ‪ -‬وﻣﻦ‬
‫ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﺗﺠﺎه اﻷﻣﻮر اﻟﺼﻌﺒﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻦ أﻧﺴﻰ أﺑًﺪا أول ﻣﺮة أﺳﻤﻊ ﻧﻔﺴﻲ أﻗﻮل‪" :‬ھﺬا ﺻﻌﺐ‪ .‬ھﺬا ﻣﻤﺘﻊ"‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻋﻠﻤﺖ أﻧﻲ أﻏﯿﺮ ﻋﻘﻠﯿﺘﻲ‪.‬‬
‫ﻣﺘﻰ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺎء‪ :‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺧﺎﻟﯿًﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﯿﻮب أم ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻌﻠﻢ؟‬
‫اﻷﻣﺮ ﻳﺰداد ﺗﻌﻘﯿًﺪا‪ ،‬ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻻ ﻳﻜﻔﻲ أن ﺗﻨﺠﺢ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻻ ﻳﻜﻔﻲ أن ﺗﺒﺪو ذﻛﯿًّﺎ أو ﻣﻮھﻮﺑًﺎ‪ ،‬ﺑﻞ‬
‫ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﻜﻮن ﺧﺎﻟﯿًﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﯿﻮب إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ‪ ،‬وﻋﻠﯿﻚ‬
‫أن ﺗﻜﻮن ﺧﺎﻟﯿًﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﯿﻮب ﻓﻲ اﻟﺤﺎل‪.‬‬
‫ﺻﺎ ﺑﺪًءا ﻣﻦ طﻼب اﻟﻤﺪارس اﻻﺑﺘﺪاﺋﯿﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺼﻐﺎر "ﻣﺘﻰ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺎء؟" اﻟﻔﺮوق ﻛﺎﻧﺖ‬ ‫ﺳﺄﻟﻨﺎ أﺷﺨﺎ ً‬
‫ﻣﺪھﺸﺔ؛ أﺟﺎب اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪:‬‬
‫"ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ أرﺗﻜﺐ أي أﺧﻄﺎء"‪.‬‬
‫ﻣﺘﻘًﻨﺎ"‪.‬‬ ‫ﻌﺎ وﻳﻜﻮن ُ‬‫"ﻋﻨﺪﻣﺎ ُأﻧﮫﻲ أﻣًﺮا ﻣﺎ ﺳﺮﻳ ً‬
‫"ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺷﻲء ﻣﺎ ﺳﮫًﻼ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ اﻵﺧﺮون ﻓﻌﻠﻪ"‪.‬‬
‫اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ ھﻮ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﻜﺘﻤﻠﯿﻦ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ‪ .‬أﻣﺎ اﻷﺷﺨﺎص ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻘﺎﻟﻮا‪:‬‬
‫"ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻷﻣﺮ ﺻﻌﺒًﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وأﻧﺎ أﺣﺎول ﺑﺠﺪﻳﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وأﺳﺘﻄﯿﻊ ﻓﻌﻞ ﺷﻲء ﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ ﻓﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ"‪.‬‬
‫أو " [ ﻋﻨﺪﻣﺎ ] أﻋﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻟﻔﺘﺮة طﻮﻳﻠﺔ ﺛﻢ أﺑﺪأ ﻓﮫﻤﻪ"‪.‬‬
‫ﺪ وإﺣﺮاز ﺗﻘﺪم‪.‬‬ ‫ﺮ ﻣﺎ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ‪ :‬ﻣﻮاﺟﮫﺔ ﺗﺤ ٍّ‬ ‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻜﻤﺎل اﻟﻔﻮري‪ ،‬اﻷﻣﺮ ھﻮ ﺗﻌﻠ ﱡﻢ أﻣ ٍ‬

‫إذا ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻚ اﻟﻘﺪرة‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎذا ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﺘﻌﻠﻢ؟‬

‫ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﻳﺘﻮﻗﻊ اﻟﻨﺎس ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ أن ﺗﻈﮫﺮ اﻟﻘﺪرة ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﮫﺎ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺤﺪث أي ﺗﻌﻠﻢ‪.‬‬
‫وﺑﺎﻟﻨﮫﺎﻳﺔ‪ ،‬إذا ﻛﻨﺖ ﺗﻤﺘﻠﻚ اﻟﻘﺪرة ﻓﮫﻲ ﻟﺪﻳﻚ‪ ،‬أﻣﺎ إذا ﻟﻢ‬
‫ﻣﺎ‪ .‬أرى ھﺬا طﻮال اﻟﻮﻗﺖ‪.‬‬ ‫ﺗﻜﻦ ﺗﻤﺘﻠﻜﮫﺎ ﻓﻠﻦ ﺗﻤﺘﻠﻜﮫﺎ ﻳﻮ ً‬
‫ﻣﻦ ﺑﯿﻦ ﻛﻞ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﯿﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬ﻗﺒﻞ ﻗﺴﻤﻲ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﯿﺎ ﺳﺘﺔ طﻼب ﺟﺪد ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯿﺎ‬
‫ﻌﺎ ﻋﻠﻰ درﺟﺎت اﺧﺘﺒﺎر راﺋﻌﺔ‪،‬‬ ‫م ﻣﺎ‪ ،‬ﺣﺼﻠﻮا ﺟﻤﯿ ً‬ ‫ﻓﻲ ﻋﺎ ٍ‬
‫وﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻣﺎت ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ‪ ،‬وﺗﻮﺻﯿﺎت ﺛﻨﺎء ﻣﻦ ﺑﺎﺣﺜﯿﻦ ﺑﺎرزﻳﻦ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﺛﻨﺖ ﻋﻠﯿﮫﻢ ﻛﻠﯿﺎت اﻟﺪراﺳﺎت‬
‫اﻟﻌﻠﯿﺎ‪.‬‬
‫ﺤْﻮا‬ ‫ﻣﺎ؛ ﻓﺒﺎﻷﻣﺲ ﻛﺎﻧﻮا ﺑﺎرﻋﯿﻦ‪ ،‬واﻟﯿﻮم أَ ْ‬
‫ﺿ َ‬ ‫ﺪﻋﻮن ﺗﻤﺎ ً‬ ‫ﻣﺎ واﺣًﺪا ﺣﺘﻰ ﺷﻌﺮ ﺑﻌﻀﮫﻢ أﻧﮫﻢ ُ‬
‫ﻣ ﱠ‬ ‫اﺳﺘﻐﺮق اﻷﻣﺮ ﻳﻮ ً‬
‫ﻓﺎﺷﻠﯿﻦ‪ .‬إﻟﯿﻚ ﻣﺎ ﺣﺪث‪ .‬ﻧﻈﺮوا إﻟﻰ ھﯿﺌﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺲ ذات‬
‫اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺎت وﻗﺎﻟﻮا‪" :‬ﻳﺎ إﻟﮫﻲ! ﻻ أﺳﺘﻄﯿﻊ ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ"‪ .‬ﻧﻈﺮوا إﻟﻰ اﻟﻄﻼب اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﯿﻦ اﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﻳﻘﺪﻣﻮن ﻣﻘﺎﻻت ﻟﻠﻨﺸﺮ وﻳﻘﺪﻣﻮن طﻠﺐ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻤﻨﺢ‪ ،‬وﻗﺎﻟﻮا‪" :‬ﻳﺎ إﻟﮫﻲ! ﻻ أﺳﺘﻄﯿﻊ ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ"‪ .‬ھﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻛﯿﻒ ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻣﻤﺘﺎز ﻓﻲ اﻻﺧﺘﺒﺎرات‪،‬‬
‫وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻛﯿﻒ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﮫﺬا ﺑﻌﺪ‪ .‬ﻟﻘﺪ ﻧﺴﻮا‬
‫أﻣﺮ " ﺑﻌﺪ" ‪.‬‬
‫أﻟﯿﺲ ھﺬا ھﻮ ﺳﺒﺐ وﺟﻮد اﻟﻤﺪرﺳﺔ‪ ،‬اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ؟ إﻧﮫﻢ ھﻨﺎك ﻟﯿﺘﻌﻠﻤﻮا ﻛﯿﻒ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﮫﺬه اﻷﺷﯿﺎء‪ ،‬ﻻ ﻷﻧﮫﻢ‬
‫ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻛﻞ ﺷﻲء ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ‪.‬‬
‫أﺗﺲــاءل إذا كــان هــذا هــو مــا حــدث مــع "جــاﻧﯿﺖ كــوك" و"ســﺗﯿﻔﻦ جــﻻس"‪ .‬كــاﻧﺎ ﻣﺮاســﻟﯿﻦ‬
‫ﻌﺎ بـاﺧﺘﻼق ﻣﻖـاﻻت ﻣﻔﺒﺮكـة‪ .‬فـازت‬ ‫ﻦ وصـﻻ إلـى اﻟﻘﻢـة سـرﻳ ً‬ ‫صـﺣﻔﯿﯿﻦ شـاﺑﱠْﯿ ِ‬
‫"ﺟﺎﻧﯿﺖ ﻛﻮك" ﺑﺠﺎﺋﺰة ﺑﻮﻟﯿﺘﺰر ﻋﻦ ﻣﻘﺎﻻﺗﮫﺎ ﺑﺼﺤﯿﻔﺔ واﺷﻨﻄﻦ ﺑﻮﺳﺖ ﺣﻮل وﻟﺪ ﻋﻤﺮه ﺛﻤﺎﻧﻲ ﺳﻨﻮات ﻛﺎن‬
‫ﻣﺪﻣًﻨﺎ اﻟﻤﺨﺪرات‪ .‬اﻟﻮﻟﺪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ وﺟﻮد‪ ،‬وﻗﺪ اﻧﺘﺰﻋﺖ ﻣﻦ‬
‫"ﺟﺎﻧﯿﺖ" ﺟﺎﺋﺰﺗﮫﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ‪" .‬ﺳﺘﯿﻔﻦ ﺟﻼس" ﻛﺎن اﻟﻔﺘﻰ اﻟﻨﺎﺑﻐﺔ ﻟﻤﺠﻠﺔ ذا ﻧﯿﻮ رﻳﺒﺎﺑﻠﯿﻚ ‪ .‬ﻛﺎن ﻳﺒﺪو أن ﻟﺪﻳﻪ‬
 ‫ﺼﺎ وﻣﺼﺎدر ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮدة إﻻ ﻓﻲ أﺣﻼم اﻟﻤﺮاﺳﻠﯿﻦ‬ ‫ﻗﺼ ً‬
‫اﻟﺼﺤﻔﯿﯿﻦ‪ ،‬اﻟﻤﺼﺎدر ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﮫﺎ وﺟﻮد‪ ،‬واﻟﻘﺼﺺ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﯿﺮ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ‪.‬‬
‫ھﻞ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ "ﺟﺎﻧﯿﺖ ﻛﻮك" و"ﺳﺘﯿﻔﻦ ﺟﻼس" أن ﻳﺼﻼ إﻟﻰ اﻟﻜﻤﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر؟ ھﻞ ﺷﻌﺮا أن اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﻌﺪم‬
‫اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻗﺪ ﻳﺨﺰﻳﮫﻤﺎ أﻣﺎم زﻣﻼﺋﮫﻤﺎ؟ ھﻞ ﺷﻌﺮا أن ﻋﻠﯿﮫﻤﺎ أن ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻛﺎﻟﻤﺮاﺳﻠﯿﻦ اﻟﺼﺤﻔﯿﯿﻦ اﻟﻜﺒﺎر ﻗﺒﻞ‬
‫ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻷوان‪،‬‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬ﻧﺠﻮ ً‬
‫ﻗﯿﺎﻣﮫﻤﺎ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﻌﺐ ﻟﯿﺘﻌﻠﻤﺎ ﻛﯿﻒ ﻳﻜﻮﻧﺎن ﻛﺬﻟﻚ؟ ﻛﺘﺐ "ﺳﺘﯿﻔﻦ ﺟﻼس"‪" :‬ﻛﻨﺎ ﻧﺠﻮ ً‬
‫وھﻮ ﻣﺎ‬
‫ﻛﺎن اﻷﻣﺮ اﻟﻤﮫﻢ"‪ .‬ﻳﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫﻤﺎ اﻟﺠﻤﮫﻮر ﻋﻠﻰ أﻧﮫﻤﺎ ﻣﺨﺎدﻋﺎن‪ ،‬وأن ﻣﺎ ﻗﺎﻣﺎ ﺑﻪ ﺧﺪﻳﻌﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻲ أراھﻤﺎ ﻣﻮھﻮﺑﯿﻦ‬
‫ﺷﺎﺑﯿﻦ ﻳﺎﺋﺴﯿﻦ‪ ،‬اﺳﺘﺴﻠﻤﺎ ﻟﻀﻐﻮط اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪.‬‬
‫كــاﻧﺖ ھﻦــاك ﺣﻜﻢــة فــي ســﺗﯿﻨﯿﺎت اﻟﻖــرن اﻟﻤﺎضــي ﺗﻖــول‪" :‬أن ﺗﺺــﺑﺢ خــﻳﺮ مــن أن ﺗﻚــون"‪ .‬ﻻ‬
‫ﺗﺖــﻳﺢ اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة ﻟﻠﻦــاس رﻓﺎھﻲــة أن ﻳﺺــﺑﺤﻮا‪ ،‬ﻋﻠﻲــھﻢ أن ﻳﻚــوﻧﻮا كــذﻟﻚ‬
‫ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ‪.‬‬

‫درﺟﺔ اﻻﺧﺘﺒﺎر ﻣﺴﺘﻤﺮة‬

‫ﻖ ﻧﻈﺮة ﻋﻦ ﻛﺜﺐ ﻋﻠﻰ ﺿﺮورة أن ﺗﻜﻮن ‪ -‬ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ‪ -‬ﻛﺎﻣًﻼ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ‪ .‬ھﺬا ﻷن اﺧﺘﺒﺎًرا‬ ‫ﻟُِﻨْﻠ ِ‬
‫ﻤﺎ واﺣًﺪا ‪ -‬ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺗﻘﯿﯿﻤﻚ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار‪.‬‬ ‫واﺣًﺪا ‪ -‬أو ﺗﻘﯿﯿ ً‬
‫ﻣﺎ ﻣﻀﺖ‪ ،‬أﺗﺖ "ﻟﻮرﻳﺘﺎ" وﻋﻤﺮھﺎ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات وﻋﺎﺋﻠﺘﮫﺎ إﻟﻰ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة‪ ،‬وﺑﻌﺪ ﻋﺪة أﻳﺎم‬ ‫ﻣﻨﺬ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎ ً‬
‫ﻣﻦ ﻣﺠﯿﺌﮫﻢ أﺧﺬﺗﮫﺎ واﻟﺪﺗﮫﺎ إﻟﻰ ﻣﺪرﺳﺔ ﺟﺪﻳﺪة؛ ﺣﯿﺚ‬
‫أﺟﺮوا ﻟﮫﺎ اﺧﺘﺒﺎًرا ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر‪ .‬اﻷﻣﺮ اﻟﺘﺎﻟﻲ اﻟﺬي ﻋﺮﻓﺘﻪ "ﻟﻮرﻳﺘﺎ" أﻧﮫﺎ ﻓﻲ ﻓﺼﻠﮫﺎ ﻓﻲ روﺿﺔ اﻷطﻔﺎل ‪ -‬وﻟﻜﻨﻪ‬
‫ﻟﯿﺲ ﻓﺼﻞ اﻟﻨﺴﻮر ‪ ،‬اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﻗﻲ ﻓﻲ اﻟﺮوﺿﺔ‪.‬‬
‫ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬ﺗﻢ ﻧﻘﻞ "ﻟﻮرﻳﺘﺎ" إﻟﻰ ﻓﺼﻞ اﻟﻨﺴﻮر وظﻠﺖ ﻣﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب ﺣﺘﻰ أﻧﮫﺖ دراﺳﺘﮫﺎ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ‪ ،‬وﺟﻤﻌﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﻣﻦ اﻟﺠﻮاﺋﺰ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ‬
‫ﻣﺎ ﺑﺄﻧﮫﺎ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﻤﻜﺎن‪.‬‬ ‫طﻮال ﻓﺘﺮة دراﺳﺘﮫﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻟﻢ ﺗﺸﻌﺮ ﻳﻮ ً‬
‫ﺨﺺ ﻗﺪرﺗﮫﺎ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ وأظﮫﺮ أﻧﮫﺎ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﻟﻼﻟﺘﺤﺎق ﺑﻔﺼﻞ اﻟﻨﺴﻮر‪ .‬ﻧﺎھﯿﻚ ﻋﻦ‬ ‫اﺧﺘﺒﺎرھﺎ اﻷول‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻗﻨﻌﻮھﺎ‪ ،‬ﺷ ّ‬
‫ﻣﱠﺮت ﻣﺆﺧًﺮا‬ ‫ﻛﻮﻧﮫﺎ طﻔﻠﺔ ﻋﻤﺮھﺎ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات‪ ،‬وﻗﺪ َ‬
‫ﺑﺘﻐﯿﯿﺮ ﺟﺬري ﺑﺎﻟﻤﺠﻲء ﻟﺪوﻟﺔ ﺟﺪﻳﺪة‪ ،‬أو أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ھﻨﺎك ﻣﻜﺎن ﻟﻄﻔﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻟﻨﺴﻮر ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة‪ ،‬أو أن‬
‫اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﻗﺮرت أن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫﺎ أن ﺗﻤﺮ ﺑﻤﺮﺣﻠﺔ اﻧﺘﻘﺎل أﻛﺜﺮ‬
‫ﺳﮫﻮﻟﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻓﺼﻞ ﻣﺤﺪود أﻛﺜﺮ‪ .‬ھﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﺮق ﻟﻔﮫﻢ ﻣﺎ ﺣﺪث وﻣﺎ ﻳﻌﻨﯿﻪ ذﻟﻚ‪ .‬ﻣﻊ اﻷﺳﻒ‪ ،‬ھﻲ‬
‫اﺧﺘﺎرت اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺨﻄﺄ؛ ﻓﻔﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪،‬‬
‫ﻟﯿﺴﺖ ھﻨﺎك طﺮﻳﻘﺔ ﻟﺘﺼﺒﺢ "ﻧﺴًﺮا"‪ .‬إذا ﻛﻨﺖ "ﻧﺴًﺮا" ﺑﺤﻖ‪ ،‬ﻓﺴﺘﺘﻔﻮق ﻓﻲ اﻻﺧﺘﺒﺎر وﺳﺘﻮﺻﻒ ﺑﺎﻟﻨﺴﺮ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻔﻮر‪.‬‬
‫ﻋﺎ ﻣﻤﺎ ﻧﻈﻦ؟‬ ‫ھﻞ "ﻟﻮرﻳﺘﺎ" ﺣﺎﻟﺔ ﻧﺎدرة‪ ،‬أو أن ھﺬا اﻟﻤﻨﺤﻰ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ أﻛﺜﺮ ﺷﯿﻮ ً‬
‫ﻘﺎ ﻣﻦ اﻟﻮرق اﻟﻤﻘﻮى وأﺧﺒﺮﻧﺎھﻢ أن ﺑﻪ‬ ‫ﻟﻨﺴﺘﻜﺸﻒ ھﺬا‪ ،‬ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻋﻠﻰ طﻼب اﻟﺼﻒ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﺻﻨﺪو ً‬
‫ﻗﺎ ﻣﻐﻠ ً‬
‫اﺧﺘﺒﺎًرا‪ ،‬ﻗﻠﻨﺎ ﻟﮫﻢ إن ھﺬا اﻻﺧﺘﺒﺎر ﻳﻘﯿﺲ ﻗﺪرة دراﺳﯿﺔ ﻣﮫﻤﺔ‪،‬‬
‫وﻟﻢ ﻧﺨﺒﺮھﻢ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ھﺬا‪ ،‬ﺛﻢ طﺮﺣﻨﺎ ﻋﻠﯿﮫﻢ أﺳﺌﻠﺔ ﺣﻮل اﻻﺧﺘﺒﺎر‪ .‬أوًﻻ‪ :‬أردﻧﺎ أن ﻧﺘﺄﻛﺪ أﻧﮫﻢ ﻗﺒﻠﻮا ﺗﻔﺴﯿﺮﻧﺎ؛‬
‫ﻟﮫﺬا ﺳﺄﻟﻨﺎھﻢ‪" :‬إﻟﻰ أي ﻣﺪى ﺗﻈﻨﻮن أن ھﺬا اﻻﺧﺘﺒﺎر‬
‫ﻳﻘﯿﺲ ﻗﺪرة دراﺳﯿﺔ ﻣﮫﻤﺔ؟"‪ .‬ﻟﻘﺪ وﺛﻘﻮا ﺟﻤﯿﻌﮫﻢ ﺑﻤﺎ ﻗﻠﺘﻪ‪.‬‬
‫ﺛﻢ ﺳﺄﻟﻨﺎھﻢ‪" :‬ھﻞ ﺗﻌﺘﻘﺪ أن ھﺬا اﻻﺧﺘﺒﺎر ﻳﻘﯿﺲ ﻣﺪى ذﻛﺎﺋﻚ ؟"‪ ،‬و"ھﻞ ﺗﻈﻦ أن ھﺬا اﻻﺧﺘﺒﺎر ﻳﻘﯿﺲ ﻣﺪى‬
‫اﻟﺬﻛﺎء اﻟﺬي ﺳﺘﺼﻞ إﻟﯿﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﺒﺮ؟"‪.‬‬
‫اﻟﻄﻼب ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ وﺛﻘﻮا ﻓﯿﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎه ﺑﺄن اﻻﺧﺘﺒﺎر ﻳﻘﯿﺲ ﻗﺪرة ﻣﮫﻤﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻟﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪوا أﻧﻪ ﻳﻘﯿﺲ ﻣﺪى‬
‫ذﻛﺎﺋﮫﻢ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﻟﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪوا أﻧﻪ ﻳﺨﺒﺮھﻢ ﻋﻦ ﻣﺪى‬
‫اﻟﺬﻛﺎء اﻟﺬي ﺳﯿﺼﻠﻮن إﻟﯿﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﺒﺮون‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻗﺎل أﺣﺪھﻢ‪" :‬ﻣﺴﺘﺤﯿﻞ! ﻻ ﻳﻮﺟﺪ اﺧﺘﺒﺎر ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ‬
‫إﺧﺒﺎرﻧﺎ ﺑﮫﺬا"‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻓﻲ‬ ‫أﻣﺎ اﻟﻄﻼب ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻠﻢ ﻳﺼﺪﻗﻮا أن ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻻﺧﺘﺒﺎر ﻗﯿﺎس ﻗﺪرة ﻣﮫﻤﺔ‪ .‬ﻟﻜﻨﮫﻢ اﻋﺘﻘﺪوا ﺗﻤﺎ ً‬
‫أﻧﻪ ﻳﻘﯿﺲ ﻣﺪى ذﻛﺎﺋﮫﻢ و ﻣﺪى اﻟﺬﻛﺎء اﻟﺬي ﺳﯿﺼﻠﻮن‬
‫إﻟﯿﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﺒﺮون‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ أﻗﺮوا ﺑﻘﺪرة اﺧﺘﺒﺎر واﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﯿﺎس ذﻛﺎﺋﮫﻢ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ وإﻟﻰ اﻷﺑﺪ‪ ،‬ﻣﻨﺤﻮا ھﺬا‬
‫اﻻﺧﺘﺒﺎر اﻟﺼﻼﺣﯿﺔ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻣﺎھﯿﺘﮫﻢ‪ ،‬وھﺬا ﺳﺒﺐ أھﻤﯿﺔ ﻛﻞ ﻧﺠﺎح‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻧﻈﺮة أﺧﺮى ﻋﻠﻰ اﻹﻣﻜﺎﻧﺎت‬
‫ﻳﻌﻮد ﺑﻨﺎ ھﺬا اﻷﻣﺮ إﻟﻰ ﻓﻜﺮة "اﻹﻣﻜﺎﻧﯿﺔ" وإﻟﻰ اﻟﺴﺆال ﻋﻤﺎ إذا ﻛﺎن ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺔ اﻻﺧﺘﺒﺎرات واﻟﺨﺒﺮاء أن ﻳﺨﺒﺮوﻧﺎ‬
‫ﻣﺎ إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻨﺎ‪ ،‬ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﻨﺎ ﻓﻌﻠﻪ‪ ،‬ﻛﯿﻒ ﺳﯿﻜﻮن ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻨﺎ‪.‬‬
‫اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة ﺗﻖــول ﻧﻊــم‪ ،‬ﺑﺎســﺗﻄﺎﻋﺘﮫﻢ أن ﻳﺨﺒﺮونــا ذلــك‪ .‬بــإﻣﻜﺎﻧﻚ ﺑﺒﺲــاطﺔ أن ﺗﻖـﻳﺲ‬
‫اﻟﻖـدرة اﻟﺜﺎﺑﺖـة فـي الـوﻗﺖ اﻟﺢـاﻟﻲ وﺗﺘﻨﺐـأ ﺑﺎﻟﻤﺲـﺗﻘﺒﻞ مـن ﺧﻼلـھﺎ‪ ،‬ﻓﻖـط أﻋﻄﻦـا‬
‫اﻻﺧﺘﺒﺎر‪ ،‬أو اﺳﺄل اﻟﺨﺒﺮاء‪ ،‬ﻟﺴﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣﻄﺎﻟﻌﺔ اﻟﺤﻆ‪.‬‬
 ‫ھﻨﺎك اﻋﺘﻘﺎد ﺷﺎﺋﻊ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻹﻣﻜﺎﻧﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ؛ ﻓﻘﺪ ﺷﻌﺮ "ﺟﻮزﻳﻒ ﺑﻲ‪ .‬ﻛﯿﻨﯿﺪي" ﺑﺎﻟﯿﻘﯿﻦ‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺧﺒﺮه "ﻣﻮرﺗﻮن داوﻧﻲ اﻻﺑﻦ" ﺑﺄﻧﻪ ﺳﯿﻜﻮن ﻓﺎﺷًﻼ‪.‬‬
‫ﻔﺎ ﺷﮫﯿًﺮا؟ ﻛﺎن ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ "ﺟﻮزﻳﻒ‬ ‫ﻓﻤﺎذا ﻓﻌﻞ "ﻣﻮرﺗﻦ داوﻧﻲ" ‪ -‬اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺷﺨﺼﯿﺔ ﺗﻠﯿﻔﺰﻳﻮﻧﯿﺔ وﻣﺆﻟ ً‬
‫ﻛﯿﻨﯿﺪي" ﺑﺴﺒﺐ أن "ﻣﻮرﺗﻦ داوﻧﻲ" ﻛﺎن ﻳﺮﺗﺪي ﺟﻮارب‬
‫ﺣﻤﺮاء وﺣﺬاًء ﺑﻨﯿًّﺎ ﻋﻨﺪ ذھﺎﺑﻪ إﻟﻰ ﻣﻠﮫﻰ ﺳﺘﻮرك ﻛﻠﻮب‪.‬‬
‫ﻗﺎل ﻟﻪ "ﻛﯿﻨﯿﺪي"‪" :‬ﻣﻮرﺗﻦ‪ ،‬ﻻ أﻋﺮف أﺣًﺪا ﻣﻤﻦ ﻗﺎﺑﻠﺘﮫﻢ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻲ ﻳﺮﺗﺪي ﺟﻮارب ﺣﻤﺮاء وﺣﺬاء ﺑﻨﯿًّﺎ وﻧﺠﺢ‪ .‬أﻳﮫﺎ‬
‫ﻤﯿﱡًﺰا‬
‫ﺪي ﺗَ َ‬ ‫اﻟﺸﺎب اﻟﺼﻐﯿﺮ‪ ،‬دﻋﻨﻲ أﺧﺒﺮك اﻵن‪ ،‬أﻧﺖ ُﺗْﺒ ِ‬
‫ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻚ ﻟﺴﺖ ﻣﺘﻤﯿًﺰا ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻗﺪ ﺗﻌﺠﺐ اﻟﻨﺎس أﺑًﺪا"‪.‬‬
‫ﻗﺎ فـي ﻋﺺـرﻧﺎ لـﻳﺲ لـھﻢ أي‬ ‫كــان اﻟﺨﺐــراء ﻳﻌﺘﻖــدون أن اﻟﻜﺚــﻳﺮ مــن اﻷشـﺧﺎص اﻷﻛﺚـر ﺗﻒـو ً‬
‫ﻣﺲـﺗﻘﺒﻞ‪" .‬ﺟﺎﻛﺲـون بـوﻟﻮك" و"ﻣﺎرسـﻳﻞ ﺑﺮوسـت" و"إﻟﻒـﻳﺲ ﺑﺮﻳﺲـﻟﻲ" و"راي‬
‫ﻌﺎ إﻣﻜﺎﻧﺎت ﻣﺤﺪودة ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻﺗﮫﻢ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﺗﺸﺎرﻟﺰ" و"ﻟﻮﺳﯿﻞ ﺑﻮل" و"ﺗﺸﺎرﻟﺰ داروﻳﻦ"‪ ،‬ﻛﺎن ُﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﺄن ﻟﺪﻳﮫﻢ ﺟﻤﯿ ً‬
‫اﺧﺘﺎروھﺎ‪ ،‬وﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻻت‪ ،‬أﻏﻠﺐ اﻟﻈﻦ أﻧﮫﻢ‬
‫ﻟﻢ ﻳﺒﺮزوا ﺑﯿﻦ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﮫﻢ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ أﻟﯿﺴﺖ اﻹﻣﻜﺎﻧﯿﺔ ھﻲ ﻗﺪرة ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻤﯿﺔ ﻣﮫﺎراﺗﻪ ﺑﺎﻟﻘﯿﺎم ﺑﺎﻟﺠﮫﺪ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ؟ وھﺬا ھﻮ‬
‫اﻟﻤﻐﺰى ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ‪ .‬ﻛﯿﻒ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻌﺮف إﻟﻰ أﻳﻦ ﺳﯿﺼﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼل اﻟﺠﮫﺪ واﻟﻮﻗﺖ؟ وﻣﻦ ﻳﺪري؟! رﺑﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺨﺒﺮاء ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ﺑﺸﺄن "ﺟﺎﻛﺴﻮن" و"ﻣﺎرﺳﯿﻞ" و"إﻟﻔﯿﺲ"‬
‫و"راي" و"ﻟﻮﺳﯿﻞ" و"ﺗﺸﺎرﻟﺰ" ﻓﯿﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﮫﺎراﺗﮫﻢ ﻓﻲ‬
‫ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ‪ .‬رﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺣﯿﻨﮫﺎ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺼﺒﺤﻮا ﻋﻠﯿﮫﻢ ﺑﻌﺪ‪.‬‬
‫ت اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺮﺳﺎم "ﺑﻮل ﺳﯿﺰان"‪ ،‬ﻓﻲ طﺮﻳﻘﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﻌﺮض‬ ‫ﺣﺎ ِ‬ ‫ذھﺒﺖ ذات ﻣﺮة إﻟﻰ ﻣﻌﺮض ﻓﻲ ﻟﻨﺪن ﻟِﻠﱠْﻮ َ‬
‫ﺗﺴﺎءﻟﺖ ﻋﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﻪ "ﺳﯿﺰان" وﻛﯿﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻮﺣﺎﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬
‫ي‪ ،‬وھﻮ‬ ‫ﺪا ﻷن "ﺳﯿﺰان" أﺣﺪ اﻟﻔﻨﺎﻧﯿﻦ اﻟﻤﻔﻀﻠﯿﻦ ﻟﺪ ﱠ‬ ‫ﺔ ﺟ ًّ‬‫ﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﺒﺢ اﻟﺮﺳﺎم اﻟﺬي ﻧﻌﺮﻓﻪ اﻵن؟ ﻛﻨﺖ ﺷﻐﻮﻓ ً‬
‫ﮫَﺪ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ‪ .‬ھﺬا ﻣﺎ‬ ‫ﻣ ﱠ‬‫اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي َ‬
‫ﻔﺎ‪ ،‬ﻣﻊ رﺳﻢ‬ ‫اﻛﺘﺸﻔﺘﻪ‪ :‬ﺑﻌﺾ اﻟﻠﻮﺣﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﺳﯿﺌﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﺎظﺮ ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وﺑﻌﻀﮫﺎ ﻛﺎن ﻋﻨﯿ ً‬
‫ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص ﺑﺸﻜﻞ ﻏﯿﺮ ﻣﺘﻘﻦ‪ .‬وﺑﺮﻏﻢ أﻧﻪ ﻛﺎن ھﻨﺎك‬
‫ﺊ ﺑﻤﺴﺘﻘﺒﻞ "ﺳﯿﺰان" اﻟﻼﺣﻖ؛ ﻓﺈن ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﻦ اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻷﺧﺮى ﻟﻢ ﺗﻨﺒﺊ ﺑﻪ‪ .‬ھﻞ‬ ‫ﺑﻌﺾ اﻟﻠﻮﺣﺎت اﻟﺘﻲ ُﺗَﻨﺒِ ّ ُ‬
‫"ﺳﯿﺰان" اﻷول ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻮھﻮﺑًﺎ؟ أو أن اﻷﻣﺮ اﺳﺘﻐﺮق وﻗًﺘﺎ‬
‫ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ "ﺳﯿﺰان" ھﻮ "ﺳﯿﺰان" اﻟﺬي ﻧﻌﺮﻓﻪ؟‬
‫ﻳﻌﻠﻢ اﻷﺷﺨﺎص ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ أن اﻹﻣﻜﺎﻧﯿﺔ ﺗﺴﺘﻐﺮق وﻗًﺘﺎ ﺣﺘﻰ ُﺗﺜﻤﺮ‪ .‬وﺻﻠﺘﻨﻲ ﻣﺆﺧًﺮا رﺳﺎﻟﺔ ﻏﺎﺿﺒﺔ ﻣﻦ‬
‫ﻣﻌﻠﻢ ﻛﺎن ﻗﺪ أﺟﺮى أﺣﺪ اﺳﺘﻄﻼﻋﺎﺗﻨﺎ‪ ،‬اﻻﺳﺘﻄﻼع ﻋﻦ‬
‫طﺎﻟﺒﺔ اﻓﺘﺮاﺿﯿﺔ "ﺟﯿﻨﯿﻔﺮ" اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺒﺔ ‪ % 65‬ﻓﻲ اﺧﺘﺒﺎر ﻟﻤﺎدة اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت‪ ،‬ﺛﻢ ﻳﻄﻠﺐ اﻻﺳﺘﻄﻼع‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ أن ﻳﺨﺒﺮوﻧﺎ ﻛﯿﻒ ﺳﯿﺘﻌﺎﻣﻠﻮن ﻣﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺎﻟﺒﺔ؟‬
‫ﺪا ﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ أﺳﺌﻠﺘﻨﺎ؛ ﺷﻌﺮوا ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻌﺮﻓﺔ درﺟﺔ "ﺟﯿﻨﯿﻔﺮ"‬ ‫اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﺳﻌﺪاء ﺟ ًّ‬
‫أن ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻣﺪﻟﻮًﻻ ﻗﻮﻳًّﺎ ﻋﻤﺎ ھﻲ ﻋﻠﯿﻪ وﻣﺎ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﮫﺎ‬
‫ﻓﻌﻠﻪ‪ ،‬واﺳﺘﻔﺎﺿﻮا ﻓﻲ اﻗﺘﺮاﺣﺎﺗﮫﻢ‪ .‬وﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘﯿﺾ‪ ،‬اﺳﺘﺸﺎط اﻟﺴﯿﺪ "رﻳﻮردان" ﻏﻀﺒًﺎ‪ .‬ﻛﺎن ھﺬا ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ‪:‬‬
‫إﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﮫﻤﻪ اﻷﻣﺮ‪:‬‬
‫ﻲ أن أطﻠﺐ أن ﻳﺘﻢ اﺳﺘﺒﻌﺎد ﻧﺘﺎﺋﺠﻲ ﻣﻦ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻠ‬ ‫ﻋ‬ ‫ﻲ‬‫ﻐ‬ ‫ﺒ‬‫ﻨ‬‫ﻳ‬ ‫‪،‬‬‫ﺮ‬ ‫ﯿ‬‫ﺧ‬ ‫ﻷ‬ ‫ا‬ ‫ﻚ‬ ‫ﻋ‬ ‫ﻼ‬ ‫ﻄ‬ ‫ﺘ‬ ‫ﺳ‬ ‫ا‬ ‫ﻦ‬‫ﻣ‬ ‫ﻢ‬‫ﻠ‬ ‫ﻌ‬‫ﻤ‬‫ﻟ‬‫ﺎ‬‫ﺑ‬ ‫ص‬ ‫ﺎ‬ ‫ﺨ‬ ‫ﻟ‬‫ﺑﺎﺳﺘﻜﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﺠﺰء ا‬
‫ﺪ ذاﺗﮫﺎ ﻏﯿﺮ ﺳﻠﯿﻤﺔ ﻣﻦ‬ ‫ﺣ ِّ‬
‫اﻟﺪراﺳﺔ‪ ،‬أﺷﻌﺮ أن اﻟﺪراﺳﺔ ﻓﻲ َ‬
‫اﻟﻨﺎﺣﯿﺔ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ‪...‬‬
‫ﺑﻚــل أســف‪ ،‬ﻳﻖــوم اﻻﺧﺘﺐــار ﻋﻞــى ﻓﺮضــﻳﺔ غــﻳﺮ صــﺣﯿﺤﺔ‪ ،‬طــاﻟﺒًﺎ مـن اﻟﻤﻌﻠﻢـﻳﻦ أن ﻳﺾـﻋﻮا‬
‫اﻓﺘﺮاضـات حـول طـاﻟﺐ ﻣﻊـﻳﻦ‪ ،‬وﻻ ﻳﻌﺘﻢـدون فـي ذلـك ﻋﻞـى شـيء سـوى رقـم فـي‬
‫ﻂ ّ ﻣﺎ ﺑﻘﯿﺎس ﻧﻘﻄﺔ‬ ‫ﺻﻔﺤﺔ‪ ...‬ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﯿﺎس اﻷداء ﺑﺎﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ ﺗﻘﯿﯿﻢ واﺣﺪ‪ .‬ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻧﺤﺪار ﺧ ٍ‬
‫واﺣﺪة؛ ﺣﯿﺚ إﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺧﻂ ﻟﻠﺒﺪء ﺑﻪ‪ .‬ﻧﻘﻄﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ‬
‫اﻟﺰﻣﻦ ﻻ ﺗﻮﺿﺢ اﻻﺗﺠﺎھﺎت‪ ،‬أو اﻟﺘﻘﺪم أو ﻋﺪم ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ أو اﻟﻘﺪرة اﻟﺤﺴﺎﺑﯿﺔ‪...‬‬
‫ﺧﺎﻟﺺ ﺗﺤﯿﺎﺗﻲ‪،‬‬
‫ﻣﺎﻳﻜﻞ دي‪ .‬رﻳﻮردان‬
‫ﻛﻨﺖ ﺳﻌﯿﺪة ﺑﻨﻘﺪ اﻟﺴﯿﺪ "رﻳﻮدران" وﻟﻢ ﻳﺴﻌﻨﻲ إﻻ أن أﺗﻔﻖ ﻣﻌﻪ؛ ﻓﺘﻘﯿﯿﻢ ﻣﺤﺪد ﻓﻲ ﻓﺘﺮة زﻣﻨﯿﺔ ﻣﺤﺪدة ﻟﻪ‬
‫أھﻤﯿﺔ ﺿﺌﯿﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻗﺪرات اﻟﺸﺨﺺ‪ ،‬ﻧﺎھﯿﻚ‬
‫ﻋﻦ ﻗﺪرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪.‬‬
‫ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﺤﯿِ ّﺮ ﻋﺪد اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ اﻟﺬﻳﻦ رأوا ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ‪ ،‬وھﺬا ﻣﺎ ﻛﺎن ﺻﻤﯿﻢ دراﺳﺘﻨﺎ‪.‬‬
‫ﻤﺎ واﺣًﺪا ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﻗﯿﺎﺳﻚ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ھﻮ ﻣﺎ أوﺟﺪ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﻠﺤﺔ ﻟﺪى ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؛ ﻓﮫﺬا‬ ‫ﻓﻜﺮة أن ﺗﻘﯿﯿ ً‬
‫ﺳﺒﺐ أﻧﮫﻢ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻨﺠﺤﻮا ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺜﺎﻟﻲ وﻓﻮري‪ .‬ﻣﻦ ﻗﺪ‬
‫ﻳﺘﺤﻤﻞ رﻓﺎھﯿﺔ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﺘﻨﺎﻣﻲ ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن ﻛﻞ اﻷﻣﻮر ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﻚ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ؟‬
‫ھﻞ ھﻨﺎك طﺮﻳﻘﺔ أﺧﺮى ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻹﻣﻜﺎﻧﺎت؟ ھﺬا ﻣﺎ ظﱠﻨﺘﻪ وﻛﺎﻟﺔ ﻧﺎﺳﺎ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﻤﻊ طﻠﺒﺎت اﻟﺘﺤﺎق‬
‫ﺻﺎ ﻟﮫﻢ ﺳﯿﺮة ﻧﻘﯿﺔ‬ ‫رواد ﻓﻀﺎء‪ ،‬رﻓﻀﺖ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ أﺷﺨﺎ ً‬
 ‫ﺻﺎ ذوي إﺧﻔﺎﻗﺎت ﻛﺒﯿﺮة اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا اﻟﺘﻌﺎﻓﻲ ﻣﻨﮫﺎ‪" .‬ﺟﺎك وﻳﻠﺶ"‪،‬‬ ‫ﺣﺎﻓﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎح‪ ،‬وﺑﺪًﻻ ﻣﻨﮫﻢ اﺧﺘﺎرت أﺷﺨﺎ ً‬
‫اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي اﻟﺸﮫﯿﺮ ﻟﺸﺮﻛﺔ ﺟﻨﺮال إﻟﻜﺘﺮﻳﻚ‪ ،‬اﺧﺘﺎر‬
‫ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﻦ ﺗﻨﻔﯿﺬﻳﯿﻦ ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس "اﻟﻤﺪرج"‪ ،‬أي ﻣﻘﺪرﺗﮫﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﺎﻣﻲ‪ .‬ﺗﺬﻛّﺮ "ﻣﺎرﻳﻨﺎ ﺳﯿﻤﯿﻮﻧﻮﻓﺎ"‪،‬‬
‫اﻟﻤﺪرﺑﺔ اﻟﺸﮫﯿﺮة‪ ،‬اﻟﺘﻲ اﺧﺘﺎرت اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺪھﻢ اﻟﻨﻘﺪ‬
‫ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ‪ .‬أوﻟﺌﻚ اﻷﺷﺨﺎص رﻓﻀﻮا ﺟﻤﯿﻌﮫﻢ ﻓﻜﺮة اﻟﻘﺪرة اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ واﺧﺘﺎروا ﻋﻘﻠﯿﺔ أﺧﺮى ﺑﺪًﻻ ﻣﻨﮫﺎ‪.‬‬

‫إﺛﺒﺎت أﻧﻚ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ‬

‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺨﺘﺎر اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ اﻟﻨﺠﺎح ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎﻣﻲ‪ ،‬ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﻳﺤﺎوﻟﻮن إﺛﺒﺎﺗﻪ ﺣ ًّ‬
‫ﻘﺎ ؟ أﻧﮫﻢ‬
‫اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﯿﻮن‪ ،‬ﺑﻞ أﻋﻈﻢ‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺄﻟﻨﺎھﻢ‪" :‬ﻣﺘﻰ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺎء؟"‪ ،‬ﺗﺤﺪث ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻨﮫﻢ ﻋﻦ اﻟﻤﺮات اﻟﺘﻲ ﺷﻌﺮوا ﻓﯿﮫﺎ أﻧﮫﻢ أﺷﺨﺎص‬
‫اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﯿﻮن‪ ،‬أﺷﺨﺎص ﻣﺨﺘﻠﻔﻮن وأﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫ﺔ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬ﺑﻞ رﺑﻤﺎ أﻛﺜﺮ ﺟﺪارة‬ ‫ﻀﺎ ﺑﺄﻧﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻮھﺒ ً‬
‫ﻗﺒﻞ أن أﻛﺘﺸﻒ اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت وﻛﯿﻒ ﺗﻌﻤﻞ‪ ،‬ﻛﻨﺖ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﺎ أﻳ ً‬
‫ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻠَﻜﺎﺗﻲ‪ .‬اﻟﻔﻜﺮة اﻷﻛﺜﺮ رﻋﺒًﺎ‪ ،‬واﻟﺘﻲ‬
‫ﻧﺎدًرا ﻣﺎ ﺗﻘﺒﻠﺘﮫﺎ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ اﺣﺘﻤﺎﻟﯿﺔ أن أﻛﻮن ﻋﺎدﻳﺔ‪ .‬ﻗﺎدﻧﻲ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ إﻟﻰ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﻺﺛﺒﺎت اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ‪،‬‬
‫ﻛﻞ ﻟﺤﻈﺔ وﻛﻞ ﻣﻈﮫﺮ ﻛﺎن ﻟﻪ دﻻﻟﺔ ‪ -‬ﻛﺎن ﻳﺜﺒﺖ درﺟﺔ‬
‫ﻣﺮ ﻳﻮم ﺑﺸﻜﻞ ﺟﯿﺪ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ أن أﻧﻌﻢ ﺑﺄﻧﻲ اﻷﻓﻀﻞ‪.‬‬ ‫ذﻛﺎﺋﻲ‪ ،‬ودرﺟﺔ ﺟﺎذﺑﯿﺘﻲ‪ ،‬وﻣﺪى ﺟﺪارﺗﻲ ﺑﺎﻟﺤﺐ؛ إذا َ‬
‫ذات ﻟﯿﻠﺔ ﺷﺘﺎء ﻗﺎرﺳﺔ اﻟﺒﺮودة‪ ،‬ذھﺒﺖ إﻟﻰ دار اﻷوﺑﺮا‪ ،‬ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﯿﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻷوﺑﺮا ھﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺗﺘﻤﻨﺎه‪،‬‬
‫وﺑﻘﻲ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﺣﺘﻰ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ‪ ،‬ﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ ﺣﺘﻰ ﻧﮫﺎﻳﺔ اﻟﻌﺮض‬
‫ﻌﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺳﯿﺎرات‬ ‫ﻌﺎ إﻟﻰ اﻟﺸﺎرع وﻛﻨﺎ ﺟﻤﯿ ً‬ ‫ﺑﻞ ﺣﺘﻰ اﻧﺘﮫﺎء ﺗﺤﯿﺔ اﻟﺠﻤﮫﻮر وإﺳﺪال اﻟﺴﺘﺎﺋﺮ‪ .‬ﺛﻢ ﺗﺪﻓﻘﻨﺎ ﺟﻤﯿ ً‬
‫أﺟﺮة‪ .‬أﺗﺬﻛّﺮ ھﺬا ﺑﻮﺿﻮح‪ .‬ﻛﺎن ھﺬا ﺑﻌﺪ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻠﯿﻞ‬
‫ح ﻗﻮﻳﺔ وﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ أﺻﺒﺢ ﺣﺎﻟﻲ ﻣﺰرﻳًﺎ أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﺟﺰًءا‬ ‫وﺑﻠﻐﺖ اﻟﺤﺮارة ‪ 7‬درﺟﺎت‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ھﻨﺎك رﻳﺎ ٌ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺤﺸﺪ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺘﻤﺎﻳﺰ‪ ،‬ﻓﻤﺎ اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﺪي ﻷﺛﺒﺖ‬
‫أنــــي اســــﺗﺜﻨﺎﺋﯿﺔ؟ وﻓﺞــــأة وﻗﻒــــت ســــﻳﺎرة أجــــرة ﺑﺞــواري ﻣﺒﺎشــرة‪ ،‬كــان ﻣﻘﺐــض اﻟﺐــاب‬
‫اﻟﺨﻠﻒــي أمــام يــدي ﺑﺎﻟﺾــﺑﻂ‪ ،‬وﻋﻦــد دﺧﻮلــي اﻟﺲــﻳﺎرة أﻓﺺــح اﻟﺲــاﺋﻖ قــاﺋًﻼ‪" :‬ﻛﻦــ ِ‬
‫ت‬
‫ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ"‪ .‬ﻟﻘﺪ ﻋﺸﺖ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺎت‪ .‬ﻟﻢ أﻛﻦ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﯿﺔ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻼﺣﻈﺔ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻓﺔ‬
‫ﺑﻌﯿﺪة‪.‬‬
‫ﻧﺰﻋﺔ اﻻﻋﺘﺰاز ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﺗﺸﺠﻊ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﺒﺘﻜﺮ وﺳﺎﺋﻞ ﻟﺘﺴﺎﻋﺪك ﻋﻠﻰ إﺛﺒﺎت اﻣﺘﯿﺎزك‪ .‬ﻟﻘﺪ‬
‫رأﻳﺖ ﻣﺆﺧًﺮا إﻋﻼﻧًﺎ ﻟﻤﻨﺘﺞ ﻛﮫﺬا‪ .‬اﺛﻨﺎن ﻣﻦ أﺻﺪﻗﺎﺋﻲ ﻳﺮﺳﻼن ﻟﻲ‬
‫ودة ﺑﺮﺳﻮم ﺗﻮﺿﯿﺤﯿﺔ ﻷﻓﻀﻞ ﻋﺸﺮة أﺷﯿﺎء ﻟﻢ ﻳﻘﺪﻣﻮھﺎ ﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﯿﺪ‪ .‬ﻣﻨﺬ ﺷﮫﺮ ﻳﻨﺎﻳﺮ ﺣﺘﻰ‬ ‫ﺳﻨﻮﻳًّﺎ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻣﺰ ﱠ‬
‫ﺷﮫﺮ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ﻳﻘﺼﻮن ﺻﻮر أﺷﯿﺎء ﻣﻦ ﻛﺘﺎﻟﻮﺟﺎت اﻟﺴﻠﻊ أو‬
‫ﻳﻖــوﻣﻮن ﺑﺘﻨﺰﻳﻞــھﺎ مــن اﻹﻧﺖــرﻧﺖ‪ .‬فــي شــھﺮ دﻳﺲـﻣﺒﺮ ﻳﺨﺖـارون اﻷشـﻳﺎء اﻟﻒـاﺋﺰة‪ .‬أحـد أﻓﺾـل‬
‫اﻷشـﻳﺎء ﺑﺎﻟﻨﺲـﺑﺔ لـي طـوال الـوﻗﺖ هـو ﻣﺮحـاض ﻣﺘﻨﻖـل‪ ،‬والـذي بـإﻣﻜﺎﻧﻚ طـﻳ ّﻪ‬
‫وإﻋﺎدﺗﻪ إﻟﻰ ﺟﯿﺒﻚ ﺑﻌﺪ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ‪ .‬ھﺬا اﻟﻌﺎم اﻟﮫﺪﻳﺔ اﻟﻤﻔﻀﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮآة "أﻧﺎ أﺣﺐ ﺷﺨﺼﯿﺘﻲ"‪،‬‬
‫وھﻲ ﻣﺮآة ﻣﻜﺘﻮب ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺰء اﻟﺴﻔﻠﻲ ﻣﻨﮫﺎ ﻋﺒﺎرة "أﻧﺎ‬
‫أﺣﺐ ﺷﺨﺼﯿﺘﻲ" ﺑﺄﺣﺮف ﻛﺒﯿﺮة‪ ،‬وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫﺎ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﻮﺟﯿﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﻧﻔﺴﻚ وﻻ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ‬
‫اﻟﺨﺎرﺟﻲ أن ﻳﻌﻠﻦ ﻋﻦ ﺗﻤﯿﺰك‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ‪ ،‬اﻟﻤﺮآة ﻟﯿﺴﺖ ﻣﻀﺮة إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ‪ .‬اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ھﻲ ﺣﯿﻦ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﺘﻤﯿﺰ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺸﺨﺺ اﻷﻓﻀﻞ ﻣﻦ‬
‫ﺼﺎ أﻋﻈﻢ‪،‬‬ ‫اﻵﺧﺮﻳﻦ ‪ ،‬إﻧﺴﺎﻧًﺎ ﻟﻪ ﻗﯿﻤﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬ﺷﺨ ً‬
‫ﺼﺎ ﻣﺴﺘﺤ ًّ‬
‫ﻘﺎ‪.‬‬ ‫ﺷﺨ ً‬

‫اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ‪ ،‬أﻋﻈﻢ‪ ،‬ﻣﺴﺘﺤﻖ‬

‫"ﺟﻮن ﻣﺎﻛﻨﺮو" ﻛﺎن ذا ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪ :‬اﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﻤﻮھﺒﺔ ھﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺤﺐ أن ﻳﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﺰدھﺮ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﺒﺢ اﻷﻣﻮر أﺻﻌﺐ ﻛﺎن ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻳﻘﻒ‬
‫ﻣﻜﺘﻮف اﻷﻳﺪي‪ .‬وﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﺑﺎﻋﺘﺮاﻓﻪ اﻟﺸﺨﺼﻲ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﺒﺬل ﻗﺼﺎرى ﺟﮫﺪه‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻣﻮھﺒﺘﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻈﯿﻤﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻻﻋﺐ اﻟﺘﻨﺲ اﻷول ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻤﺪة أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات‪ .‬ھﻨﺎ ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ‬
‫ﻛﯿﻒ ﻛﺎن ﺷﻌﻮره ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻼﻋﺐ اﻷول؟‬
‫ﻛﺎن "ﻣﺎﻛﻨﺮو" ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻏﺒﺎر ﻧﺸﺎرة اﻟﺨﺸﺐ ﻟﯿﻤﺘﺺ اﻟﻌﺮق ﻣﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت‪ ،‬وﻟﻜﻦ ھﺬه اﻟﻤﺮة ﻟﻢ‬
‫ﻳﻌﺠﺒﻪ ﻏﺒﺎر اﻟﻨﺸﺎرة‪ ،‬ﻓﺘﻮﺟﻪ إﻟﻰ وﻋﺎء اﻟﻨﺸﺎرة وأﺳﻘﻄﻪ‬
‫ﻋﺎ ﻟﯿﻌﺮف اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ‪ .‬ﻳﻘﻮل "ﻣﺎﻛﻨﺮو"‪:‬‬ ‫ﺑﻤﻀﺮﺑﻪ؛ ﻓﺬھﺐ إﻟﯿﻪ وﻛﯿﻞ أﻋﻤﺎﻟﻪ "ﺟﺎري" ﻣﺴﺮ ً‬
‫ﺳﺄﻟﺖ وﻛﯿﻞ أﻋﻤﺎﻟﻲ‪" :‬ھﻞ ﺗﺴﻤﻲ ھﺬا ﻧﺸﺎرة ﺧﺸﺐ؟" ﻛﻨﺖ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ أﺻﺮخ ﻓﻲ وﺟﮫﻪ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫اﻟﻨﺸﺎرة ﻣﻄﺤﻮﻧﺔ ﺑﺸﺪة! ﻗﻠﺖ ﻟﻪ‪" :‬إﻧﮫﺎ ﺗﺸﺒﻪ ﺳﻢ اﻟﻔﺌﺮان‪ ،‬أﻻ‬
‫ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻔﻌﻞ أي ﺷﻲء ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺤﯿﺢ؟"‪ .‬ھﺮول "ﺟﺎري" ﻣﺒﺘﻌًﺪا‪ ،‬وﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮﻳﻦ دﻗﯿﻘﺔ ﻋﺎد وﻣﻌﻪ وﻋﺎء ﺟﺪﻳﺪ‬
‫ﻣﻦ ﻧﺸﺎرة اﻟﺨﺸﺐ اﻟﺨﺸﻨﺔ وﻧﻘﺺ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻪ ﻋﺸﺮون‬
‫ﺣﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﺸﺐ‪ .‬ھﺬا ھﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﯿﻪ أن ﺗﻜﻮن اﻷول‪.‬‬ ‫دوﻻًرا؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﻪ أن ﻳﺪﻓﻊ ﻷﺣﺪ ﻣﻮظﻔﻲ اﻻﺗﺤﺎد ﻟﯿﻨﺸﺮ ﻟﻮ ً‬
 ‫أﻛﻤﻞ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻟﯿﺮوي ﻟﻨﺎ ﻛﯿﻒ أﻧﻪ ﺗﻘﯿﺄ ذات ﻣﺮة ﻋﻠﻰ اﻣﺮأة ﻳﺎﺑﺎﻧﯿﺔ وﻗﻮرة ﻓﻲ أﺛﻨﺎء إﺟﺮاﺋﮫﺎ ﺣﻮاًرا ﻣﻌﻪ ﻓﻲ‬
‫ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ‪ ،‬اﻧﺤﻨﺖ إﻟﯿﻪ واﻋﺘﺬرت ﻟﻪ وﻗﺪﻣﺖ ﻟﻪ‬
‫ﻀﺎ ھﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﯿﻪ أن ﺗﻜﻮن اﻷول"‪.‬‬ ‫ھﺪﻳﺔ‪ .‬ﺻﺮح "ﻣﺎﻛﻨﺮو" ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬ھﺬا أﻳ ً‬
‫كـل شـيء ﻣﺘﻌﻞـق بـك‪" ...‬هـل ﺣﺺـﻟﺖ ﻋﻞـى كـل مـا ﺗﺤﺖـاج إﻟﻲـه؟ هـل كـل شـيء ﻋﻞـى مـا‬
‫يـرام؟ سـﻧﺪﻓﻊ لـك ﻣﻖـاﺑﻞ هـذا‪ ،‬سـﻧﻘﻮم ﻧﺢـن ﺑﻔﻊـل هـذا‪ ،‬سـﻧﺴﺘﺠﺪي رضـاك"‪.‬‬
‫ﻋﻠﯿﻚ ﻓﻘﻂ أن ﺗﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ؛ وﺳﯿﻜﻮن رد ﻓﻌﻠﻚ ﺗﺠﺎه أي ﺷﻲء ﺧﻼف ذﻟﻚ‪" :‬ﻓﻠﺘﺨﺮج ﻣﻦ ھﻨﺎ"‪ ،‬وﻟﻔﺘﺮة طﻮﻳﻠﺔ‬
‫ﻟﻢ ﻳﺰﻋﺠﻨﻲ ھﺬا‪ ،‬ﻓﮫﻞ ﺳﯿﺰﻋﺠﻚ؟"‪.‬‬
‫ﺤﺎ‪ ،‬ﻓﺄﻧﺖ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻞ ﺑﻚ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ ﺗﺤﻘﯿﺮھﻢ وإذﻻﻟﮫﻢ‪ .‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ‬ ‫ﻓﺪﻋﻨﺎ ﻧََﺮ‪ ،‬إذا ﻛﻨﺖ ﻧﺎﺟ ً‬
‫ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ھﺬا ھﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ اﻻﻋﺘﺰاز ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ‪.‬‬
‫ق ﻧﻆــــرة ﻋﻞـــى "مــاﻳﻜﻞ جــوردان" ‪ -‬اﻟﺮﻳﺎضــي ذي ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو بــﻻ‬ ‫وﻟﺒﻲــــان اﻟﻒــــرق‪ ،‬ﻟﻨﻞــــ ِ‬
‫ﻣﺎ ﺑﻜﻠﻢــات ﻣﺚــل‪" :‬ســوﺑﺮﻣﺎن"‪" ،‬اﻟﻖــوة‬ ‫ﻣﻦــازع ‪ -‬الــذي ﻳﺺــرح اﻟﻊــاﻟﻢ ﺑﻌﻈﻤﺖــه دو ً‬
‫اﻟﻤﺠﺴﺪة"‪" ،‬اﻟﻌﻈﻤﺔ ﺗﺮﺗﺪي ﺣﺬاًء رﻳﺎﺿﯿًّﺎ"‪ .‬إذا ﻛﺎن أﺣﺪ ﻟﺪﻳﻪ ﺳﺒﺐ ﻟﯿﻌﺘﻘﺪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ أﻧﻪ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ‪ ،‬ﻓﮫﻮ‬
‫"ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺟﻮردان"‪ .‬وﻛﺎن ھﺬا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺣﺪﺛﺖ ﻋﻮدﺗﻪ‬
‫إﻟﻰ ﻟﻌﺐ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ ﺿﺠﺔ ﻋﺎرﻣﺔ‪" :‬ﻟﻘﺪ أذھﻠﻨﻲ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻀﺠﺔ اﻟﺘﻲ أﺣﺪﺛﺘﮫﺎ ﻋﻮدﺗﻲ إﻟﻰ اﻟﻠﻌﺐ‪ ....‬ﻛﺎن‬
‫اﻟﻨﺎس ﻳﻤﺪﺣﻮﻧﻨﻲ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ رﻣًﺰا ﺗﺎرﻳﺨﯿًّﺎ أو ﺷﯿًﺌﺎ ﻣﻦ ھﺬا‬
‫ﺟﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬أﻧﺎ إﻧﺴﺎن ﻛﺄي ﺷﺨﺺ آﺧﺮ"‪.‬‬ ‫اﻟﻘﺒﯿﻞ‪ .‬ﻛﺎن أﻣًﺮا ﻣﺤﺮ ً‬
‫ﺼﺎ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ‬ ‫ﻋﺮف "ﺟﻮردان" ﻣﺪى اﻟﺠﮫﺪ اﻟﺬي ﺑﺬﻟﻪ ﻟﺘﻨﻤﯿﺔ ﻗﺪراﺗﻪ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻓﺢ وﻧﻤﺎ‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺎﻷﺳﺎس ﺷﺨ ً‬
‫اﻟﺒﺎﻗﯿﻦ‪.‬‬
‫ﻳﺤﻜﻲ "ﺗﻮم ووﻟﻒ" ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ‪ The Right Stuff‬ﻋﻦ ﺻﻔﻮة اﻟﻄﯿﺎرﻳﻦ اﻟﺤﺮﺑﯿﯿﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﻨﻘﻮن ﻓﻜﺮ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‬
‫ﺑﺸﺪة‪ ،‬وﺑﻨﺠﺎﺣﮫﻢ ﻓﻲ اﺧﺘﺒﺎر ﺻﺎرم ﺗﻠﻮ اﻵﺧﺮ‪،‬‬
‫ﻳﻈﻨﻮن أﻧﮫﻢ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﯿﻮن‪ ،‬أي ﻛﺄﻧﮫﻢ وﻟﺪوا أذﻛﻰ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ وأﻛﺜﺮ ﺷﺠﺎﻋﺔ‪ .‬وﻟﻜﻦ اﺧﺘﻠﻒ ﻋﻨﮫﻢ "ﺗﺸﺎك ﻳﯿﺠﺮ"‬
‫ﺑﻄﻞ اﻟﻜﺘﺎب؛ ﺣﯿﺚ ﻗﺎل‪" :‬ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﻄﯿﺎر‬
‫ﻗّﺎ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺤﻖ ﺧﺒﺮة ﺗﻌﻠﻢ داﺋﻤﺔ‪....‬‬ ‫ﻣﻠَﻜﺘﻲ أو ﻣﻮاھﺒﻲ‪ ،‬ﻓﺄن أﺻﺒﺢ طﯿﺎًرا ﻛﻔًﺌﺎ ﻛﺎن أﻣًﺮا ﺷﺎ ً‬ ‫ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة‪ .‬ﻣﮫﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ َ‬
‫اﻟﻄﯿﺎرون اﻷﻓﻀﻞ ﻳﻄﯿﺮون أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ؛ وﻟﮫﺬا‬
‫ھﻢ اﻷﻓﻀﻞ"‪ .‬ﻣﺜﻞ "ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺟﻮردان"‪ ،‬ﻛﺎن "ﺗﺸﺎك" إﻧﺴﺎﻧًﺎ؛ ﻟﻘﺪ ﻗﺎم ﺑﺘﻮﺳﻌﺔ ﻗﺪراﺗﻪ إﻟﻰ أﺑﻌﺪ ﻣﻤﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﻪ‬
‫أﻏﻠﺐ اﻟﻨﺎس‪.‬‬
‫ﺔ ﻟﻠﻨﺠﺎح‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺠﺤﻮن ﻗﺪ ﻳﺸﻌﺮون‬ ‫ﺤ ٍ‬‫ﻣِﻠ ﱠ‬
‫ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر‪ ،‬اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﻟﺴﻤﺎت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﻀﺮورة ُ‬
‫ﺑﻤﺎ ھﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻔﺨﺮ‪ ،‬ﻗﺪ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﻨﻮع ﻣﻦ‬
‫اﻻﺳﺘﻌﻼء؛ إذ إن اﻟﻨﺠﺎح ﻳﻌﻨﻲ ﻟﮫﻢ أن ﺳﻤﺎﺗﮫﻢ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺳﻤﺎت اﻵﺧﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫ﺼﺎ ﻋﺎدﻳًّﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫وﻣﻊ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﮫﻨﺎك ﺗﺴﺎؤل ﻳﻜﻤﻦ ﺧﻠﻒ ھﺬا اﻻﻋﺘﺰاز ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ :‬إذا ﻛﻨﺖ ﺷﺨ ً‬
‫ﺤﺎ‪ ،‬ﻓﻤﺎذا ﺗﻜﻮن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﻏﯿﺮ ﻧﺎﺟﺢ؟‬ ‫ﺗﻜﻮن ﻧﺎﺟ ً‬

‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت ﺗﻐﯿﺮ ﻣﻌﻨﻰ اﻹﺧﻔﺎق‬

‫ﻤﺎ ﻣﺎ ﺗﺒﺎھﻮا ﺑﺈﻧﺠﺎزاﺗﻪ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ھﻨﺎك طﻔﻞ ﻟﺪﻳﻪ‬‫ﻋﺸﻘﺖ أﺳﺮة "ﻣﺎرﺗﻦ" اﺑﻨﮫﻢ "روﺑﺮت" ذا اﻷﻋﻮام اﻟﺜﻼﺛﺔ‪ ،‬وداﺋ ً‬
‫ﻣﺜﻞ ﺗﺄﻟﻖ اﺑﻨﮫﻢ وإﺑﺪاﻋﻪ‪ .‬ﺛﻢ ﻓﻌﻞ "روﺑﺮت" أﻣًﺮا ﻻ‬
‫ﻳﻐﺘﻔﺮ؛ ﺣﯿﺚ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﺑﺎﻟﺤﻀﺎﻧﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻧﯿﻮﻳﻮرك‪ .‬وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺑﺮدت ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻷﺳﺮة ﺗﺠﺎه "روﺑﺮت"؛ ﻟﻢ‬
‫ﻳﻌﻮدوا ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﻔﺴﮫﺎ‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﺴﺘﻤﺮوا‬
‫ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻪ ﺑﺎﻟﻔﺨﺮ واﻟﻌﺎطﻔﺔ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺎﻣﻠﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ھﻮ اﺑﻨﮫﻢ "روﺑﺮت" اﻟﺼﻐﯿﺮ ﻣﺘﻘﺪ اﻟﺬﻛﺎء؛‬
‫ﺼﺎ أﺿﺮ ﺑﺴﻤﻌﺘﻪ وأﺧﺰاھﻢ‪.‬‬ ‫ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺢ ﺷﺨ ً‬
‫وﻛﻤﺎ أﺷﺎرت ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪة ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺗﻢ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻹﺧﻔﺎق ﻣﻦ ﻓﻌﻞ )أﻧﺎ ﻓﺸﻠﺖ( إﻟﻰ ھﻮﻳﺔ )أﻧﺎ‬
‫ﺻﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪.‬‬‫ﻓﺎﺷﻞ(‪ .‬ھﺬا ﺻﺤﯿﺢ وﺧﺼﻮ ً‬
‫ﻞ‬ ‫ﻀﺎ ﻛﻨﺖ ﺧﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ أن أﻟﻘﻰ ﻣﺼﯿﺮ "روﺑﺮت" ﻧﻔﺴﻪ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺼﻒ اﻟﺴﺎدس‪ ،‬ﻛﻨﺖ أَْﻓ َ‬
‫ﻀ َ‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ طﻔﻠﺔ‪ ،‬أﻧﺎ أﻳ ً‬
‫ﻣﻦ ﻳﺘﮫﺠﻰ اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺘﻲ‪ .‬ﻧﺎظﺮ اﻟﻤﺪرﺳﺔ أرادﻧﻲ‬
‫أن أﺷﺘﺮك ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ وﻟﻜﻨﻲ رﻓﻀﺖ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺼﻒ اﻟﺘﺎﺳﻊ‪ ،‬ﺗﻔﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﻣﺎدة اﻟﻠﻐﺔ‬
‫اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ‪ ،‬وأرادﻧﻲ اﻟﻤﻌﻠﻢ أن أدﺧﻞ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ‪،‬‬
‫وﻟﻜﻨﻲ رﻓﻀﺖ ﻣﺮة أﺧﺮى‪ .‬ﻟﻤﺎذا ﻗﺪ أﺧﺎطﺮ ﺑﺎﻟﺘﺤﻮل ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎح إﻟﻰ اﻟﻔﺸﻞ؟ ﻣﻦ ﻓﺎﺋﺰة إﻟﻰ ﺧﺎﺳﺮة؟‬
‫ﻀﺎ ﻣﻦ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ .‬ﻓﺎز "إﻟﺲ" أﺧﯿًﺮا ﺑﺒﻄﻮﻟﺔ رﺋﯿﺴﯿﺔ ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺲ‬ ‫ﺧﺎف "إرﻧﻲ إﻟﺲ"‪ ،‬ﻻﻋﺐ اﻟﺠﻮﻟﻒ اﻟﻌﻈﯿﻢ‪ ،‬أﻳ ً‬
‫ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﺨﺴﺎرة؛ ﺣﯿﺚ ﺑﻘﯿﺖ اﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت ﺗﻔﻠﺖ ﻣﻦ‬
‫ﺼﺎ‬
‫ﻀﺎ؟ ﻗﺎل "إﻟﺲ" ﻟﻨﺎ‪" :‬ﻛﻨﺖ ﺳﺄﺻﺒﺢ ﺷﺨ ً‬ ‫ﺑﯿﻦ ﻳﺪﻳﻪ اﻟﻮاﺣﺪة ﺗﻠﻮ اﻷﺧﺮى‪ .‬ﻣﺎذا ﻟﻮ ﻛﺎن ﺧﺴﺮ ھﺬه اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ أﻳ ً‬
‫ﻔﺎ"‪ .‬ﻛﺎن ﺳﯿﺼﺒﺢ ﻓﺎﺷًﻼ‪.‬‬ ‫ﻣﺨﺘﻠ ً‬
‫ﻓﻲ ﺷﮫﺮ أﺑﺮﻳﻞ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﻄﻼب اﻷظﺮف اﻟﮫﺰﻳﻠﺔ ‪ -‬أظُﺮف رﻓﺾ طﻠﺐ اﻻﻟﺘﺤﺎق ‪ -‬ﻣﻦ‬
‫اﻟﻜﻠﯿﺎت ﺗﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺣﺪوث إﺧﻔﺎﻗﺎت ﻻ ﺣﺼﺮ ﻟﮫﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء‬
‫اﻟﺪوﻟﺔ‪ .‬ﻓﯿﺼﺒﺢ آﻻف اﻟﺒﺎﺣﺜﯿﻦ اﻟﻼﻣﻌﯿﻦ اﻟﺸﺒﺎب "اﻟﻔﺘﺎة اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﻗﺒﻮﻟﮫﺎ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺮﻧﺴﺘﻮن" أو "اﻟﺸﺎب‬
‫اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﺘﺎﻧﻔﻮرد"‪.‬‬
 ‫اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﻔﺎرﻗﺔ‬
‫ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻹﺧﻔﺎق ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻣﺆﻟﻤﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻻ ﺗﺤﺪد ﻣﻦ أﻧﺖ‪ ،‬إﻧﮫﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻮاﺟﮫﺘﮫﺎ‬
‫واﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﮫﺎ واﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﮫﺎ‪.‬‬
‫"ﺟﯿﻢ ﻣﺎرﺷﺎل"‪ ،‬اﻟﻼﻋﺐ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻓﻲ ﺧﻂ دﻓﺎع ﻓﺮﻳﻖ ﻣﯿﻨﯿﺴﻮﺗﺎ ﻓﺎﻳﻜﻨﺞ ﻟﻜﺮة اﻟﻘﺪم اﻷﻣﺮﻳﻜﯿﺔ‪ ،‬ﻳﺮوي ﻣﺎ‬
‫ﺗﺴﺒﺐ ﺑﺴﮫﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﻓﺸﻠﻪ‪ .‬ﻓﻲ ﻣﺒﺎراة ﻣﻊ ﻓﺮﻳﻘﻪ ﺿﺪ ﻓﺮﻳﻖ ﺳﺎن‬
‫ﻓﺮاﻧﺴﯿﺴﻜﻮ ‪ ،49‬وﺿﻊ "ﻣﺎرﺷﺎل" اﻟﻜﺮة ﻋﻠﻰ اﻷرض واﻟﺘﻘﻄﮫﺎ وﺟﺮى ﻟﯿﺴﺠﻞ ﻧﻘﻄﺔ ﺑﯿﻨﻤﺎ ھﻠﻞ اﻟﺠﻤﮫﻮر‪،‬‬
‫وﻟﻜﻨﻪ ﺟﺮى ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺨﻄﺄ؛ ﻟﻘﺪ ﺳﺠﻞ ﻧﻘﻄﺔ ﻟﻠﻔﺮﻳﻖ‬
‫اﻟﺨﻄﺄ ﻓﻲ ﻣﺒﺎراة ﻣﺬاﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻠﯿﻔﺰﻳﻮن اﻟﻮطﻨﻲ‪.‬‬
‫كــاﻧﺖ أﻛﺚــر ﻟﺤﻆــات ﺣﯿﺎتــه تــدﻣﯿًﺮا‪ ،‬اﻟﻔﺾــﻳﺤﺔ كــاﻧﺖ ﻋﺎرمــة‪ .‬وﻟﻚــن خـﻻل ﻓﺖـرة اﻻسـﺗﺮاﺣﺔ‪،‬‬
‫قـال "ﻣﺎرشـال"‪" :‬إذا ارﺗﻜﺐـت ﺧﻂـأ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻲـك أن ﺗﺺـﺣﺤﻪ‪ ،‬أدركـت أن لـدي‬
‫ﻜﺎ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻨﺼﻒ‬ ‫اﻟﺨﯿﺎر‪ ،‬ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ أن أظﻞ ﻓﻲ ﻣﺄﺳﺎﺗﻲ أو ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ أن أﻓﻌﻞ ﺷﯿًﺌﺎ ﺣﯿﺎﻟﮫﺎ"‪ .‬ﻣﺘﻤﺎﻟ ً‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺎراة؛ ﻟﻌﺐ ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ طﻮال ﺣﯿﺎﺗﻪ وﺷﺎرك‬
‫ﻓﻲ اﻧﺘﺼﺎر ﻓﺮﻳﻘﻪ‪.‬‬
‫ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ اﻟﺤﺪ؛ ﺗﺤﺪث إﻟﻰ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت‪ ،‬وﻗﺎم ﺑﺎﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻄﺎﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻘﺖ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﺗﺸﺠﻌﻮا أﺧﯿًﺮا ﻟﻼﻋﺘﺮاف ﺑﺘﺠﺎرﺑﮫﻢ اﻟﻤﺨﺠﻠﺔ‪ ،‬زاد ﻣﻦ‬
‫ﺗﺮﻛﯿﺰه ﺧﻼل اﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت‪ .‬وﺑﺪًﻻ ﻣﻦ أن ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺗﺤﺪد ﻣﻦ ھﻮ‪ ،‬ﺗﻮﻟﻰ ھﻮ زﻣﺎم اﻟﺴﯿﻄﺮة ﻋﻠﯿﮫﺎ؛ اﺳﺘﻐﻠﮫﺎ‬
‫ﺼﺎ أﻓﻀﻞ‪.‬‬
‫ﻟﯿﺼﺒﺢ ﻻﻋﺒًﺎ أﻓﻀﻞ‪ ،‬وﻛﻤﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ‪ ،‬ﺷﺨ ً‬
‫ﺑﯿﻨﻢــا فــي اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة‪ ،‬ﺧﺲــارة اﻟﻢــرء ﻟﻨﻔﺲــه ﺑﺲــﺑﺐ اﻹﺧﻒــاق ﻳﻤﻚــن أن ﺗﻚــون داﺋﻢــة‪،‬‬
‫ﻛﺎﻟﺺــدﻣﺔ اﻟﺖــي ﺗﻆــل ﺗﻼﺣﻖــه‪ .‬كــان "ﺑﺮنـارد ﻟﻮسـو" أحـد أﻓﺾـل اﻟﻄﺐـاﺧﯿﻦ فـي‬
‫اﻟﻊــاﻟﻢ‪ .‬عــدد ضــﺋﯿﻞ ﻓﻖــط مــن اﻟﻤﻂــاﻋﻢ فــي كــل أﻧﺢــاء ﻓﺮﻧﺲــا ﺣﺺــﻟﻮا ﻋﻞــى اﻟﺘﺺــﻧﯿﻒ‬
‫الــرﻓﯿﻊ ذي اﻟﻨﺞــوم اﻟﺜﻼثـة‪ ،‬وذلـك فـي دﻟﻲـل ﻣﯿﺶـﻻن ﺟﺎيـد‪ ،‬دﻟﻲـل اﻟﻤﻂـاﻋﻢ اﻷﻛﺚـر‬
‫ﻣﺎ ﻓﻲ أوروﺑﺎ‪ .‬ﻛﺎن ﻣﻄﻌﻢ "ﺑﺮﻧﺎرد" واﺣًﺪا ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻄﺎﻋﻢ‪ .‬وﻣﻊ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺑﻌﺪ إﺻﺪار ﻧﺴﺨﺔ ﻣﯿﺸﻼن ﺟﺎﻳﺪ‬ ‫اﺣﺘﺮا ً‬
‫ﻟﻌﺎم ‪ 2003‬ﺑﻔﺘﺮة ﻗﺼﯿﺮة‪ ،‬اﻧﺘﺤﺮ اﻟﺴﯿﺪ "ﻟﻮﺳﻮ"‪ ،‬ﺑﻌﺪ أن‬
‫ﺧﺴﺮ ﻧﻘﻄﺘﯿﻦ ﻓﻲ دﻟﯿﻞ آﺧﺮ‪ ،‬ﻟﯿﮫﺒﻂ ﻣﻦ ﺗﺴﻊ ﻋﺸﺮة ﻧﻘﻄﺔ )ﻣﻦ أﺻﻞ ﻋﺸﺮﻳﻦ( إﻟﻰ ﺳﺒﻊ ﻋﺸﺮة ﻧﻘﻄﺔ ﻓﻲ‬
‫دﻟﯿﻞ اﻟﻤﻄﺎﻋﻢ ‪ . GaultMillau‬واﻧﺘﺸﺮت اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت ﺑﺄﻧﻪ ﻗﺪ‬
‫ﻳﺨﺴﺮ أﺣﺪ ﻧﺠﻮﻣﻪ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻦ ﻣﯿﺸﻼن ﺟﺎﻳﺪ ‪ .‬وﺑﺮﻏﻢ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺨﺴﺮ اﻟﻨﺠﻤﺔ ﻓﺈن‬
‫اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ ﻗﺪ ﺗﻤﻠﻚ ﻣﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﻛﺎن "ﻟﻮﺳﻮ" رﻳﺎدﻳًّﺎ؛ ﻓﮫﻮ أﺣﺪ رواد "ﻓﻦ اﻟﻄﺒﺦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ"‪ ،‬ﻟﯿﺴﺘﺒﺪل ﺑﺎﻟﺼﻮص اﻟﺘﻘﻠﯿﺪي ﻣﻦ اﻟﺰﺑﺪ‬
‫واﻟﻜﺮﻳﻤﺔ اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﻤﻄﺒﺦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻟﻨﻜﮫﺔ اﻟﻤﺒﮫﺮة‬
‫اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻤﺄﻛﻮﻻت ذاﺗﮫﺎ‪ .‬ﻛﺎن رﺟًﻼ ذا طﺎﻗﺔ ھﺎﺋﻠﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎن راﺋﺪ أﻋﻤﺎل‪ .‬وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻤﻄﻌﻤﻪ ذي اﻟﻨﺠﻮم‬
‫ﻀﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻄﺎﻋﻢ أﺧﺮى ﻓﻲ ﺑﺎرﻳﺲ‪ ،‬وﻛﺘﺐ‬ ‫اﻟﺜﻼﺛﺔ‪ ،‬أﻧﺸﺄ أﻳ ً‬
‫دا ﻣﻦ ﻛﺘﺐ اﻟﻄﮫﻲ‪ ،‬وأﺳﺲ ﺧﻄ ًّﺎ ﻹﻧﺘﺎج اﻷﻏﺬﻳﺔ اﻟﻤﺠﻤﺪة‪ .‬ﻗﺎل "ﻟﻮﺳﻮ"‪" :‬أﻧﺎ ﻣﺜﻞ إﻳﻒ ﺳﺎن ﻟﻮران‪ ،‬أﻗﻮم‬ ‫ﻋﺪ ً‬
‫ﻞ ﻣﻦ اﻷزﻳﺎء اﻟﺮاﻗﯿﺔ واﻟﻤﻼﺑﺲ اﻟﺠﺎھﺰة"‪.‬‬ ‫ﺑﺘﺼﻤﯿﻢ ﻛ ٍ ّ‬
‫ض‪ ،‬ﺳﻮاء ﺑﺎﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻄﺘﻲ‬ ‫ﻣﺮ ٍ‬ ‫رﺟﻞ ﻟﻪ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮھﺒﺔ واﻹﺑﺪاع ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﺮض أﻧﻪ ﻗﺪ ﺧﻄﻂ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ُ‬
‫اﻟﻨﺠﻤﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ أم ﺑﺪون اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﯿﮫﻤﺎ‪ .‬ﻓﻲ واﻗﻊ اﻷﻣﺮ ﻗﺎل‬
‫ﻣﺪﻳﺮ دﻟﯿﻞ ‪ GaultMillau‬إﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﺣﺪ ﻳﺘﺨﯿﻞ أن ﺗﺼﻨﯿﻔﮫﻢ ﻟﻤﻄﻌﻢ "ﻟﻮﺳﻮ" ﻗﺪ ﻳﻮدي ﺑﺤﯿﺎﺗﻪ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ھﺬا أﻣٌﺮ ﻣﺤﺘﻤﻞ‪ .‬ﺗﺼﻨﯿﻔﮫﻢ اﻟﻤﺘﺪﻧﻲ ﻗﺪم ﻟﻪ‬
‫ﻔﺎ ﺟﺪﻳًﺪا ﻟﺬاﺗﻪ‪ :‬اﻟﻔﺸﻞ؛ ﻓﺮﺣﻞ‪.‬‬ ‫ﺗﻌﺮﻳ ً‬
‫اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺪﻋﻮ إﻟﻰ اﻟﺪھﺸﺔ ھﻮ ﻣﺎ اﻟﺬي ﻗﺪ ُﻳﻌﺪ ﻓﺸًﻼ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬ﻓﻠﻨﻮﺿﺢ ذﻟﻚ‪...‬‬

‫ﻧﺠﺎﺣﻲ ھﻮ ﻓﺸﻠﻚ‬
‫ن أﺣًﺪا‬
‫ﻓﻲ اﻟﺼﯿﻒ اﻟﻤﺎﺿﻲ ذھﺒﺖ أﻧﺎ وزوﺟﻲ إﻟﻰ ﻣﺰرﻋﺔ رﻛﻮب ﺧﯿﻞ‪ ،‬ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻏﺮﻳﺒًﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ؛ إذ إ ّ‬
‫ﻣﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﻠﻤﺲ ﺣﺼﺎﻧًﺎ ﻗﻂ‪ .‬وذات ﻳﻮم‪ ،‬اﻧﻀﻤﻤﻨﺎ إﻟﻰ ﻓﺼﻞ‬
‫ﻣﺎ ﻟﻪ ھﯿﺌﺔ رﻋﺎة‬ ‫ﺗﻌﻠﻢ اﻟﺼﯿﺪ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ذﺑﺎﺑﺔ اﻟﺼﯿﺪ اﻟﺼﻨﺎﻋﯿﺔ‪ .‬ﻛﺎن ﻳﺪرﺳﻪ ﻟﻨﺎ ﺻﯿﺎد ﻳﺒﻠﻎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ﺛﻤﺎﻧﯿﻦ ﻋﺎ ً‬
‫اﻟﺒﻘﺮ‪ ،‬وﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﻛﯿﻒ ﻧﻠﻘﻲ ﺻﻨﺎرة اﻟﺼﯿﺪ‪ ،‬ﺛﻢ أطﻠﻖ‬
‫ﻟﻨﺎ اﻟﻌﻨﺎن‪.‬‬
‫أدرﻛﻨﺎ ﻣﺒﻜًﺮا أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ ﻛﯿﻒ ﻧﻌﺮف أن ﺳﻤﻚ اﻟﺴﻠﻤﻮن ﻗﺪ اﻟﺘﻘﻂ اﻟﻄ ﱡﻌﻢ )ﻓﮫﻢ ﻻ ﻳﺠﺬﺑﻮن اﻟﺼﻨﺎرة‪ ،‬وﻋﻠﯿﻚ‬
‫أن ﺗﺘﺮﻗﺐ ظﮫﻮر ﻓﻘﺎﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﯿﺎه(‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ ﻣﺎ ﻋﻠﯿﻨﺎ‬
‫ﻓﻌﻠﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻠﺘﻘﻂ اﻟﺴﻠﻤﻮن اﻟﻄ ﱡﻌﻢ )أن ﻧﺴﺤﺐ اﻟﺼﻨﺎرة إﻟﻰ أﻋﻠﻰ(‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ ﻛﯿﻒ ﻧﺴﺤﺐ ﺳﻤﻚ‬
‫اﻟﺴﻠﻤﻮن إذا ﻣﺎ وﺻﻠﻨﺎ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ وﺣﺪﺛﺖ اﻟﻤﻌﺠﺰة ﺑﺄن‬
‫ﻳﻠﺘﻘﻂ اﻟﺴﻤﻚ اﻟﻄﻌﻢ )أن ﻧﺴﺤﺐ اﻟﺴﻤﻜﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﯿﺎه وأﻻ ﻧﺮﻓﻌﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﮫﻮاء(‪ .‬ﺣﺴًﻨﺎ‪ ،‬ﻣﺮ اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬واﻟﺘﻘﻂ‬
‫اﻟﺒﻌﻮض اﻟﻄﻌﻢ‪ ،‬ﻻ اﻟﺴﻠﻤﻮن‪ .‬ﻟﻢ ﻳﺤﺮز أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﯿﻦ ﻓﻲ‬
‫ﺣﺎ ﺑﺎھًﺮا‪ ،‬اﻟﺘﻘﻄﺖ ﺳﻤﻜﺔ ﺳﻠﻤﻮن طﺎﺋﺸﺔ اﻟﻄﻌﻢ ﺛﻢ‬ ‫ﻣﺎ وﻟﻮ ﺑﺴﯿﻄًﺎ‪ .‬وﻓﺠﺄة ﺣﻘﻘﺖ ﻧﺠﺎ ً‬ ‫ﻓﺼﻞ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﺼﯿﺪ ﺗﻘﺪ ً‬
 ‫أرﺷﺪﻧﻲ اﻟﺼﯿﺎد‪ ،‬اﻟﺬي ﺗﺼﺎدف وﺟﻮده وﻗﺘﮫﺎ‪ ،‬إﻟﻰ ﺑﺎﻗﻲ‬
‫اﻟﺨﻄﻮات‪ .‬ﻟﻘﺪ ﺣﻈﯿﺖ ﺑﺴﻤﻜﺔ ﺳﻠﻤﻮن ﻣﻠﻮﻧﺔ ﻟﻨﻔﺴﻲ‪.‬‬
‫ردة اﻟﻔﻌﻞ ‪ :1#‬أﻗﺒﻞ زوﺟﻲ "دﻳﻔﯿﺪ" ﻣﺘﮫﻠًﻼ ﺑﻔﺨﺮ ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬اﻟﺤﯿﺎة ﻣﻌﻚ ﻣﺜﯿﺮة ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ!"‪.‬‬
‫ردة اﻟﻔﻌﻞ ‪ :2#‬ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎء دﺧﻠﻨﺎ إﻟﻰ ﻏﺮﻓﺔ اﻟﻄﻌﺎم‪ ،‬وﺟﺎء رﺟﻼن ﻧﺤﻮ زوﺟﻲ وﻗﺎﻻ‪" :‬ﻛﯿﻒ ﺗﻮاﺟﻪ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﺎ‬
‫دﻳﻔﯿﺪ؟"‪ .‬ﻧﻈﺮ إﻟﯿﮫﻢ "دﻳﻔﯿﺪ" ﺑﻼ أي ﺗﻌﺒﯿﺮ ﻋﻠﻰ وﺟﮫﻪ‪،‬‬
‫ﻓﻞــم ﻳﻚــن لــدﻳﻪ أيــة ﻓﻚــرة ﻋﻢــا ﻳﺘﺢــدﺛﺎن ﻋﻦــه‪ .‬ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻲــد لــم ﻳﻊــرف مــا ﻳﻘﺺــداﻧﻪ‪ ،‬ﻟﻖــد رأى‬
‫أن اصــطﯿﺎدي ﻟﻠﺲـﻣﻜﺔ كـان أمـًرا ﻣﺚـﻳًﺮا‪ ،‬وﻟﻜﻦـي ﻛﻦـت أعـرف مـا كـاﻧﺎ ﻳﻘﺺـداﻧﻪ‬
‫ﻌﺎ ﻣﺎ ﻋﻨﺎه ﻧﺠﺎﺣﻲ ﻟﮫﻤﺎ‪.‬‬‫ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ‪ .‬ﻟﻘﺪ ﺗﻮﻗﻌﺎ أن ﻳﺸﻌﺮ "دﻳﻔﯿﺪ" ﺑﺎﻟﻨﻘﺺ وأﻗﺪﻣﺎ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﻟﯿﺘﻀﺢ أن ھﺬا ﻗﻄ ً‬

‫ﺦ‪ :‬ﻟﯿﺴﺖ وﺻﻔﺔ ﻟﻠﻨﺠﺎح‬

‫ﺗﮫﺮب‪ ،‬اﺧﺪع‪َ ،‬وﺑِ ّ ْ‬
‫ﺑﻌﯿًﺪا ﻋﻦ ﻣﺪى اﻷﻟﻢ اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﺴﺒﺒﻪ اﻹﺧﻔﺎق ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﻻ ﺗﻘﺪم ﻟﻚ وﺻﻔﺔ ﻧﺎﺟﺤﺔ‬
‫ﻟﻠﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ اﻹﺧﻔﺎق‪ .‬إذا ﻛﺎن اﻟﻔﺸﻞ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻚ ﺗﻔﺘﻘﺪ‬
‫اﻟﻜﻔﺎءة واﻹﻣﻜﺎﻧﯿﺔ ‪ -‬أي أﻧﻚ ﺷﺨﺺ ﻓﺎﺷﻞ ‪ -‬ﻓﺈﻟﻰ أﻳﻦ اﻟﻤﻔﺮ؟‬
‫فــي أحــد اﻷﺑﺢـاث‪ ،‬طـﻻب فـي اﻟﺺـف اﻟﺲـاﺑﻊ أﺧﺒﺮونـا ﻋﻢـا سـﻳﻜﻮن رد ﻓﻌﻞـھﻢ ﺗﺞـاه إﺧﻒـاق‬
‫دراسـي ‪ -‬ﻛﺎﻟﺤﺺـول ﻋﻞـى درجـات ﻣﺖـدﻧﯿﺔ فـي اﺧﺘﺐـار مـادة جـدﻳﺪة ﻣﺚـًﻻ‪ .‬قـال‬
‫اﻟﻄﻼب ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻟﯿﺲ ﻣﻔﺎﺟًﺌﺎ‪ :‬إﻧﮫﻢ ﺳﯿﺬاﻛﺮون ﺑﺠﺪﻳﺔ أﻛﺒﺮ ﻟﻼﺧﺘﺒﺎر اﻟﺘﺎﻟﻲ‪ .‬أﻣﺎ ھﺆﻻء ذوو‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻘﺎﻟﻮا إﻧﮫﻢ ﺳﯿﺬاﻛﺮون ﺑﺸﻜﻞ أﻗﻞ‬
‫ﻢ ﺗﻀﯿِ ّﻊ وﻗﺘﻚ؟ وﻗﺎﻟﻮا إﻧﮫﻢ ﻗﺪ ﻳﻔﻜﺮون ﺑﺠﺪﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺶ!‬ ‫ﻟﻼﺧﺘﺒﺎر اﻟﺘﺎﻟﻲ‪ .‬ﻓﺈذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺪﻳﻚ اﻟﻘﺪرة‪ ،‬ﻓﻠ َ‬
‫ﺑﺎﻋﺘﻘﺎدھﻢ أﻧﻪ إذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺪﻳﻚ اﻟﻘﺪرة ﻓﻌﻠﯿﻚ ﻓﻘﻂ أن‬
‫ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ طﺮﻳﻘﺔ أﺧﺮى‪.‬‬
‫واﻷﻛﺚــر مــن ذلــك‪ ،‬أنــھﻢ بــدًﻻ مــن ﻣﺤﺎولــة اﻟﺘﻌﻞــم واﻟﺘﻐﻞــب ﻋﻞــى إﺧﻔﺎﻗﺎتــھﻢ‬
‫وﻣﻌﺎﻟﺠﺖــھﺎ‪ ،‬ﻓﺎﻷشــﺧﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة قــد ﻳﺢــاوﻟﻮن ﻓﻖـط ﻣﻌﺎﻟﺞـة إﺣﺲـاﺳﮫﻢ‬
‫ﺑﺎﻻﻋﺘﺰاز ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﻗﺪ ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻤﻦ ھﻢ أﺳﻮأ ﺣﺎًﻻ ﻣﻨﮫﻢ‪.‬‬
‫طﻼب اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺣﺼﻮﻟﮫﻢ ﻋﻠﻰ درﺟﺎت ﻣﺘﺪﻧﯿﺔ ﻓﻲ اﺧﺘﺒﺎر ﻣﺎ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺎح ﻟﮫﻢ ﻓﺮﺻﺔ اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ‬
‫اﺧﺘﺒﺎرات زﻣﻼﺋﮫﻢ‪ ،‬ﻳﻨﻈﺮ اﻟﻄﻼب ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ إﻟﻰ درﺟﺎت‬
‫اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ درﺟﺎت أﻓﻀﻞ ﻣﻨﮫﻢ‪ .‬ﻓﮫﻢ ﻛﺎﻟﻌﺎدة ﻳﺮﻳﺪون ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﻘﺼﻮر ﻟﺪﻳﮫﻢ‪ ،‬ﻟﻜﻦ اﻟﻄﻼب‬
‫ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ اﺧﺘﺎروا أن ﻳﻨﻈﺮوا إﻟﻰ اﺧﺘﺒﺎرات‬
‫اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ درﺟﺎت ﻣﺘﺪﻧﯿﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ؛ ﺗﻠﻚ ﻛﺎﻧﺖ طﺮﻳﻘﺘﮫﻢ ﻟﻠﺸﻌﻮر ﺑﺤﺎل أﻓﻀﻞ ﺣﯿﺎل أﻧﻔﺴﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻳﺮوي "ﺟﯿﻢ ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ‪ Good to Great‬ﻋﻦ ﺷﻲء ﻣﺸﺎﺑﻪ ﻟﮫﺬا ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺸﺮﻛﺎت‪ .‬ﺣﯿﻨﻤﺎ اﻧﻄﻠﻘﺖ‬
‫ﺷﺮﻛﺔ "ﺑﺮوﻛﺘﺮ آﻧﺪ ﺟﺎﻣﺒﻞ" إﻟﻰ ﺗﺠﺎرة اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﻮرﻗﯿﺔ‪ ،‬ﻟﻢ‬
‫ﺗﮫﺘﻢ ﻟﺬﻟﻚ ﺷﺮﻛﺔ "ﺳﻜﻮت ﺑﯿﺒﺮ"‪ ،‬اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ راﺋﺪة اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﻮرﻗﯿﺔ ﺣﯿﻨﮫﺎ‪ ،‬وﺑﺪًﻻ ﻣﻦ ﺣﺸﺪ ﺟﮫﻮدھﻢ‬
‫وﻣﻮاﺟﮫﺔ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻗﺎﻟﻮا‪" :‬ﺣﺴًﻨﺎ‪ ...‬ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ھﻨﺎك ﻣﻦ‬
‫ھﻮ أﺳﻮأ ﺣﺎًﻻ ﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺠﺎرة"‪.‬‬
‫اﻷﺳﻠﻮب اﻵﺧﺮ اﻟﺬي ﻳﺘﺒﻌﻪ اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻟﻤﺤﺎوﻟﺔ إﺻﻼح ﺷﻌﻮرھﻢ ﺑﺎﻻﻋﺘﺰاز ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﺑﻌﺪ‬
‫اﻹﺧﻔﺎق‪ ،‬ھﻮ إﻟﻘﺎء اﻟﻠﻮم أو اﺧﺘﻼق اﻷﻋﺬار‪ .‬ﻟﻨﺮﺟﻊ إﻟﻰ‬
‫"ﺟﻮن ﻣﺎﻛﻨﺮو"‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻣﺨﻂــﺋًﺎ؛ ﻓﻢــرة ﺧﺲــر ﻣﺐــاراة ﻷنــه كــان ﻳﻊـاﻧﻲ اﻟﺤﻢـى‪ ،‬ومـرة ﺧﺲـر ﻣﺐـاراة‬ ‫لــم ﻳﻚــن يــو ً‬
‫م اﻟﻆـھﺮ‪ ،‬ومـرة وقـع ضـﺣﯿﺔ ﻟﻠﺘﻮﻗﻊـات‪ ،‬ومـرة كـان ضـﺣﯿﺔ‬ ‫ﻷنـه كـان ﻳﻊـاﻧﻲ آﻻ َ‬
‫ﻌﺎ ﻓﻲ‬‫ﻌﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺐ وھﻮ ﻟﯿﺲ واﻗ ً‬ ‫ﻟﺼﺤﻒ اﻟﻔﻀﺎﺋﺢ‪ ،‬وﻣﺮة ﺧﺴﺮ ﻣﺒﺎراة أﻣﺎم ﺻﺪﻳﻖ ﻷن اﻟﺼﺪﻳﻖ ﻛﺎن واﻗ ً‬
‫اﻟﺤﺐ‪ ،‬وﻣﺮة ﺧﺴﺮ ﻷﻧﻪ ﺗﻨﺎول اﻟﻄﻌﺎم ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺒﺎراة ﺑﻮﻗﺖ ﻗﻠﯿﻞ‬
‫ﻔﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬وﺧﺴﺮ ذات ﻣﺮة ﻷن اﻟﻄﻘﺲ ﻛﺎن‬ ‫ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬وﺧﺴﺮ ﻣﺮة ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﺳﻤﯿًﻨﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬وﻣﺮة ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻧﺤﯿ ً‬
‫دا ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وﻣﺮة أﺧﺮى ﻷن اﻟﻄﻘﺲ ﻛﺎن ﺣﺎ ًرّا ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪،‬‬ ‫ﺑﺎر ً‬
‫ف‪ ،‬وﺧﺴﺮ ذات ﻣﺮة ﻷﻧﻪ ﻗﺪ أﻓﺮط ﻓﻲ اﻟﺘﺪرﻳﺐ‪.‬‬ ‫ﺧﺴﺮ ﻣﺮة ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺘﺪرﺑًﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺎ ٍ‬
‫أﻛﺚــر ﺧﺲــاراﺗﻪ اﻟﻤﻔﺠﻊــة‪ ،‬واﻟﺖــي ﻻ ﺗﺰال ﺗﺒﻘﻲــه ﻣﺲـﺗﯿﻘﻈًﺎ طـوال اﻟﻠﻲـل‪ ،‬كـاﻧﺖ ﺧﺲـارﺗﻪ فـي‬
‫دورة ﻓﺮﻧﺲـا اﻟﻤﻔﺘﻮحـة عـام ‪ .1984‬ﻟﻢـاذا ﺧﺲـر ﺑﻊـد ﺗﻖـدﻣﻪ ﻋﻞـى "إﻳﻒـان ﻟﯿﻦـدل"‬
‫ﻘﺎ ﻟﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ "ﻣﺎﻛﻨﺮو"‪ :‬إﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺧﻄﺄه‪ ،‬ﺑﻞ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺼﻮر ﺷﺒﻜﺔ إن ﺑﻲ ﺳﻲ‬ ‫ﺑﻨﻘﻄﺘﯿﻦ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻻ ﺷﻲء؟ طﺒ ً‬
‫اﻟﺬي ﻧﺰع ﺳﻤﺎﻋﺎﺗﻪ وﺑﺪأت ﺗﺼﻠﻪ اﻟﻀﻮﺿﺎء ﻣﻦ اﻟﺠﮫﺔ اﻷﺧﺮى‬
‫ﻟﻠﻤﻠﻌﺐ‪.‬‬
‫ﻟﯿﺲ ﺧﻄﺄه؛ إذن ﻓﮫﻮ ﻟﻢ ﻳﺘﺪرب ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺴﯿﻦ ﻗﺪرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ أو ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻜﻤﻪ اﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻲ‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮل "ﺟﻮن وودن" ﻣﺪرب ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ اﻷﺳﻄﻮري‪ :‬إﻧﻚ ﻟﻦ ﺗﺼﺒﺢ ﻓﺎﺷًﻼ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟﻠﻮم‪ .‬ﻣﺎ ﻳﻌﻨﯿﻪ أﻧﻚ‬
‫ﻗﺪ ﺗﻈﻞ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ أﺧﻄﺎﺋﻚ إﻟﻰ أن ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ‬
‫إﻧﻜﺎرھﺎ‪.‬‬
‫ﻋﻦـدﻣﺎ تـداﻋﺖ شـرﻛﺔ إنـرون‪ ،‬ﻛﺐـرى شـرﻛﺎت اﻟﻄﺎقـة‪ ،‬ﺑﺲـﺑﺐ ﺛﻘﺎﻓﺖـھﺎ اﻟﻘﺎﺋﻢـة ﻋﻞـى‬
‫اﻟﻐﻄﺮسـة‪ ،‬ﻓﺨﻂـأ مـن هـذا؟ ﻳﺺـر "جـﻳﻔﺮي سـﻛﯿﻠﯿﻨﺞ"‪ ،‬الـرﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﻲـذي ﻟﻠﺶـرﻛﺔ‬
 ‫ﺪر اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺎ ﺗﺤﺎول ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون ﻓﻌﻠﻪ‪ .‬ﻓﻤﺎذا ﻋﻦ‬ ‫واﻟﺨﺒﯿﺮ اﻟﻤﻘﯿﻢ‪ ،‬أﻧﻪ ﻟﯿﺲ ﺧﻄﺄه‪ .‬ﻛﺎن ﺧﻄﺄ اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﻟﻢ ﻳﻘ ِّ‬
‫ﺗﺤﻘﯿﻖ وزارة اﻟﻌﺪل ﻓﻲ ﻗﻀﯿﺔ اﻟﻨﺼﺐ اﻟﻜﺒﺮى اﻟﺘﻲ ﻛﺎن‬
‫ﻤﺎ ﺑﮫﺎ؟ "ﻋﻤﻞ ﺳﺎﺣﺮات"‪.‬‬‫"ﺟﯿﻔﺮي ﺳﻜﯿﻠﯿﻨﺞ" ﻣﺘﮫ ً‬
‫ﻣﺎ ﺗﺠﺎه أﺣﺪ إﺧﻔﺎﻗﺎت ﺷﺮﻛﺔ ﺟﻨﺮال‬‫د ﻓﻌﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎ ً‬ ‫ﻛﺎن ﻟﻠﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي "ﺟﺎك وﻳﻠﺶ"‪ ،‬ذي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪َ ،‬ر ﱡ‬
‫إﻟﻜﺘﺮﻳﻚ‪ .‬ﻋﺎم ‪ 1986‬ﻗﺎﻣﺖ ﺷﺮﻛﺔ ﺟﻨﺮال إﻟﻜﺘﺮﻳﻚ‬
‫ﺑﺸﺮاء ﺷﺮﻛﺔ ﻛﯿﺪر ﺑﯿﺒﻮدي‪ ،‬وھﻲ ﺷﺮﻛﺔ ﻣﺼﺮف اﺳﺘﺜﻤﺎري ﻓﻲ ﺑﻮرﺻﺔ وول ﺳﺘﺮﻳﺖ‪ .‬ﻓﻮر إﺗﻤﺎم اﻟﺼﻔﻘﺔ‪،‬‬
‫واﺟﮫﺖ ﺷﺮﻛﺔ ﻛﯿﺪر ﺑﯿﺒﻮدي ﻓﻀﯿﺤﺔ ﻓﺴﺎد داﺧﻠﻲ‪ .‬وﺑﻌﺪ ﻋﺪة‬
‫ســﻧﻮات‪ ،‬كــاﻧﺖ اﻟﻔﺎﺟﻊــة مــرة أخـرى واﻟﺖـي ﺗﺲـﺑﺐ بـھﺎ "جـوزﻳﻒ جـﻳﺖ" اﻟﻤﺖـاﺟﺮ بـاﻷوراق‬
‫اﻟﻤﺎﻟﻲـة الـذي قـام ﺑﺤﺰمـة مـن اﻟﻤﻊـاﻣﻼت اﻟﻮھﻤﻲـة وصـﻟﺖ إلـى ﻣﺊـات اﻟﻤﻼيـﻳﻦ مـن‬
‫ﻢ زﻣﻼﺋﻪ ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺔ ﺟﻨﺮال إﻟﻜﺘﺮﻳﻚ‬ ‫اﻟﺪوﻻرات‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻳﺮﻓﻊ ﻋﻼوﺗﻪ‪ .‬ﻗﺎم "وﻳﻠﺶ" ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل ﺑﺄرﺑﻌﯿﻦ ﻣﻦ أھ ِ ّ‬
‫ﻟﯿﻨﻘﻞ إﻟﯿﮫﻢ اﻟﺨﺒﺮ اﻟﺴﯿﺊ وﻟﯿﻌﺘﺬر ﻟﮫﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﺷﺨﺼﻲ‪ ،‬ﻗﺎل‬
‫"وﻳﻠﺶ" ﻋﻦ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪" :‬ﻟﻘﺪ ُﻟﻤﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺎﺟﻌﺔ"‪.‬‬

‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﻻﻛﺘﺌﺎب‬
‫رﺑﻤﺎ ﻛﺎن "ﺑﺮﻧﺎرد ﻟﻮﺳﻮ"‪ ،‬اﻟﻄﺒﺎخ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ‪ ،‬ﻣﻜﺘﺌﺒًﺎ ﻓﻘﻂ‪ .‬ھﻞ ﻓﻜﺮت ﻓﻲ ذﻟﻚ؟‬
‫ﺻﺎ ﻓﻲ‬ ‫ﻛﻄﺒﯿﺒﺔ ﻧﻔﺴﯿﺔ وﻣﺮﺑﯿﺔ‪ ،‬أﻧﺎ ﻣﮫﺘﻤﺔ ‪ -‬ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ‪ -‬ﺑﺎﻻﻛﺘﺌﺎب؛ ﻓﮫﻮ ﻣﻨﺘﺸﺮ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻓﻲ أروﻗﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬وﺧﺼﻮ ً‬
‫ﻪ ﺑﻌﺪ ﻛﻤﺎ ﻟﻢ‬
‫ﺷﮫﺮي ﻓﺒﺮاﻳﺮ وﻣﺎرس‪ .‬اﻟﺸﺘﺎء ﻟﻢ ﻳﻨﺘ ِ‬
‫ﻳﻘﺘﺮب ﻓﺼﻞ اﻟﺼﯿﻒ ﺑﻌﺪ‪ ،‬ﺗﻜﺪﺳﺖ اﻷﻋﻤﺎل وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻣﻨﮫﻜﺔ‪ ،‬ﻓﺎﺗﻀﺢ ﻟﻲ ﻣﻨﺬ وﻗﺖ طﻮﻳﻞ أن‬
‫ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻄﻼب ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮن ﻣﻊ اﻻﻛﺘﺌﺎب ﺑﻄﺮق ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‬
‫ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ؛ ﺑﻌﻀﮫﻢ ﻳﺪع اﻷﻣﻮر ﺗﺰداد ﺳﻮًءا‪ ،‬واﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ‪ ،‬ﺑﺮﻏﻢ ﺷﻌﻮرھﻢ ﺑﺎﻟﺒﺆس‪ ،‬ﻳﺜﺎﺑﺮون‪ .‬ﻓﯿﺪﻓﻌﻮن أﻧﻔﺴﮫﻢ‬
‫ﻟﺤﻀﻮر اﻟﺪروس‪ ،‬وﻳﻮاﺻﻠﻮن اﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬وﻳﻌﺘﻨﻮن‬
‫ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ ‪ -‬ﺣﺘﻰ إذا ﻣﺎ ﺷﻌﺮوا ﺑﺎﻟﺘﺤﺴﻦ ﺗﻜﻮن ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ ﻟﻢ ﺗﺼﺐ ﺑﺄذى‪.‬‬
‫ﻣﻨﺬ وﻗﺖ ﻗﺮﻳﺐ‪ ،‬ﻗﺮرﻧﺎ أن ﻧﻌﺮف إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺎت دور ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻔﺎرق‪ .‬ﻟﻨﻘﻒ ﻋﻠﻰ ھﺬا‪ ،‬ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻘﯿﺎس‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺎت اﻟﻄﻼب‪ ،‬ﺛﻢ طﻠﺒﻨﺎ ﻣﻨﮫﻢ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻣﺬﻛﺮات ﻳﻮﻣﯿﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ﻟﻤﺪة ﺛﻼﺛﺔ أﺳﺎﺑﯿﻊ ﻓﻲ ﺷﮫﺮي ﻓﺒﺮاﻳﺮ وﻣﺎرس‪ ،‬ﻳﺠﯿﺒﻮن ﻛﻞ ﻳﻮم ﻋﻦ أﺳﺌﻠﺔ ﺣﻮل ﺣﺎﻟﺘﮫﻢ اﻟﻤﺰاﺟﯿﺔ‬
‫وأﻧﺸﻄﺘﮫﻢ وﻛﯿﻔﯿﺔ ﻣﻮاﺟﮫﺘﮫﻢ ﻟﻠﻤﺸﻜﻼت‪ .‬وھﺬا ﻣﺎ اﻛﺘﺸﻔﻨﺎه‪:‬‬
‫أوًﻻ‪ ،‬اﻟﻄﻼب ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻣﺴﺘﻮى أﻋﻠﻰ ﻣﻦ اﻻﻛﺘﺌﺎب؛ أظﮫﺮت ﺗﺤﻠﯿﻼﺗﻨﺎ أن ھﺬا ﺑﺴﺒﺐ‬
‫أﻧﮫﻢ ظﻠﻮا ﻳﺘﺄﻣﻠﻮن ﻣﺸﻜﻼﺗﮫﻢ وإﺧﻔﺎﻗﺎﺗﮫﻢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧﮫﻢ‬
‫ﻔﺎء أو جــدﻳﺮﻳﻦ‪ :‬قــال أحــدھﻢ‪:‬‬ ‫كــاﻧﻮا ﻳﻊــذﺑﻮن أﻧﻔﺲــھﻢ ﺑﻔﻚــرة أن اﻹﺧﻒــاﻗﺎت ﺗﻌﻦــي أنــھﻢ غــﻳﺮ أَْﻛ َ‬
‫"ظﻞــت تــدور فــي رأســي ﻋﺐــارة‪ :‬أنــت أﺣﻢــق"‪ ،‬وقـال آخـر‪" :‬لـم أسـﺗﻄﻊ‬
‫اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻓﻜﺮة أن ھﺬا اﻷﻣﺮ اﻧﺘﻘﺺ ﻣﻦ رﺟﻮﻟﺘﻲ"‪ .‬ﻣﺮة أﺧﺮى‪ ،‬ﺻﻨﻔﺘﮫﻢ اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت وﺗﺮﻛﺘﮫﻢ ﺑﻼ ﺳﺒﯿﻞ ﻧﺤﻮ‬
‫اﻟﻨﺠﺎح‪.‬‬
‫وﻛﻠﻤﺎ ﺷﻌﺮوا ﺑﺎﻻﻛﺘﺌﺎب أﻛﺜﺮ‪ ،‬اﺳﺘﺴﻠﻤﻮا أﻛﺜﺮ؛ وﻟﻢ ﻳﺘﺨﺬوا ردة ﻓﻌﻞ ﻟﺤﻞ ﻣﺸﻜﻼﺗﮫﻢ؛ ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل‪ ،‬ﻟﻢ‬
‫ﻳﺬاﻛﺮوا ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﮫﻢ أن ﻳﻔﻌﻠﻮا‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﺴﻠﻤﻮا‬
‫واﺟﺒﺎﺗﮫﻢ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻤﺤﺪد‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻤﺮوا ﻓﻲ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﮫﻢ اﻟﻤﻌﺘﺎدة‪.‬‬
‫وبــرﻏﻢ أن اﻟﻂــﻻب ذوي اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة أظــھﺮوا ﻣﻊــدل اﻛﺘﺊــاب أﻛﺐــر‪ ،‬فــإن ﻛﺚــﻳًﺮا مــن‬
‫اﻟﻂــﻻب ذوي ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو كــاﻧﻮا ﻳﺶــﻋﺮون ﺑﺎﻟﺘﻌﺎســة فــي ﻣﻮســم ذروة اﻟﺶـﻋﻮر‬
‫ﺑﺎﻻﻛﺘﺌﺎب ذﻟﻚ‪ .‬وھﻨﺎ رأﻳﻨﺎ أﺷﯿﺎَء ﻣﺪھﺸﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ؛ ﻛﻠﻤﺎ ﺷﻌﺮ اﻟﻄﻼب ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺑﺎﻛﺘﺌﺎب أﻛﺒﺮ‪ ،‬اﺗﺨﺬوا ردة‬
‫ﻓﻌﻞ أﻛﺒﺮ ﻟﻤﻮاﺟﮫﺔ ﻣﺸﻜﻼﺗﮫﻢ‪ ،‬وﻋﻤﻠﻮا أﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻮاﺻﻠﺔ أﻋﻤﺎﻟﮫﻢ اﻟﺪراﺳﯿﺔ‪ ،‬وﻋﻤﻠﻮا أﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺻﻠﺔ ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ‪ .‬ﻛﻠﻤﺎ ﺷﻌﺮوا ﺑﺴﻮء أﻛﺒﺮ‪ ،‬ﻳﺼﺒﺤﻮن أﻛﺜﺮ‬
‫إﺻﺮاًرا!‬
‫ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻮه ﺗﺠﺎه اﻻﻛﺘﺌﺎب‪ ،‬ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﺷﻌﻮرھﻢ ﺑﺎﻻﻛﺘﺌﺎب‪.‬‬
‫ھﺎ ھﻲ ذي ﻗﺼﺔ رواھﺎ ﻟﻲ ﺷﺎب ﺻﻐﯿﺮ‪:‬‬
‫ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻋﺎﻣﻲ اﻷول ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮة اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ أﺑﺘﻌﺪ ﻓﯿﮫﺎ ﻋﻦ ﻣﻮطﻨﻲ‪ .‬ﻛﺎن اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻏﺮﺑﺎء‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ‪ ،‬واﻟﻤﻮاد اﻟﺪراﺳﯿﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻌﺒﺔ‪ ،‬وﺑﻤﺮور اﻟﺴﻨﺔ‬
‫ﺑﺒﻂء ازداد ﺷﻌﻮري ﺑﺎﻻﻛﺘﺌﺎب أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ‪ ،‬ﺣﺘﻰ وﺻﻞ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ أﻧﻲ ﻛﻨﺖ أﻧﮫﺾ ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﺮﻳﺮ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺼﺒﺎح‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻳﻮم ﻛﻨﺖ أﺟﺒﺮ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﮫﻮض‬
‫ﻲ أن أﻗﻮم ﺑﮫﺎ‪ .‬وذات ﻳﻮم ﺗﺪھﻮر اﻷﻣﺮ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻓﻘﺮرت أن‬ ‫واﻻﺳﺘﺤﻤﺎم واﻟﺤﻼﻗﺔ واﻟﻘﯿﺎم ﺑﻜﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﻋﻠ ﱠ‬
‫أطﻠﺐ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة؛ ﻓﺬھﺒﺖ إﻟﻰ اﻟﻤﺪ ِرّﺳﺔ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﻟﻤﺎدة ﻋﻠﻢ‬
‫اﻟﻨﻔﺲ وطﻠﺒﺖ ﻣﻨﮫﺎ اﻟﻨﺼﯿﺤﺔ‪.‬‬
‫ﺳﺄﻟﺘﻨﻲ‪" :‬ھﻞ ﺗﺤﻀﺮ دروﺳﻚ؟"‪.‬‬
‫أﺟﺒﺘﮫﺎ‪" :‬ﻧﻌﻢ"‪.‬‬
‫ﺳﺄﻟﺘﻨﻲ‪" :‬ھﻞ ﺗﻮاﺻﻞ ﻗﺮاءاﺗﻚ؟"‪.‬‬
‫أﺟﺒﺖ‪" :‬ﻧﻌﻢ"‪.‬‬
 ‫ﺳﺄﻟﺘﻨﻲ‪" :‬ھﻞ ﺗﺒﻠﻲ ﺣﺴًﻨﺎ ﻓﻲ اﺧﺘﺒﺎراﺗﻚ؟"‪.‬‬
‫أﺟﺒﺘﮫﺎ‪" :‬ﻧﻌﻢ"‪.‬‬
‫ﻓﻘﺎﻟﺖ‪" :‬ﺣﺴًﻨﺎ‪ ،‬إذن أﻧﺖ ﻟﺴﺖ ﻣﻜﺘﺌﺒًﺎ"‪.‬‬
‫ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻜﺘﺌﺒًﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻳﻮاﺟﻪ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﮫﺎ اﻷﺷﺨﺎص ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ‪ -‬ﺑﺎﻹﺻﺮار‪.‬‬
‫أﻟﯿﺴﺖ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻤﺰاﺟﯿﺔ ﻟﮫﺎ ﻋﻼﻗﺔ وﺛﯿﻘﺔ ﺑﮫﺬا اﻷﻣﺮ؟ أﻟﯿﺲ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻳﻜﻮﻧﻮن ﺳﺮﻳﻌﻲ اﻟﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة‪،‬‬
‫ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻳﻠﻘﻲ اﻵﺧﺮون ﺑﺎﻟﻤﺸﻜﻼت وراء ظﮫﻮرھﻢ؟ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﺗﻠﻌﺐ‬
‫اﻟﺤﺎلــة اﻟﻤﺰاﺟﻲــة دوًرا فــي هــذا‪ ،‬وﻟﻚــن اﻟﻌﻘﻠﻲــة لــھﺎ الـدور اﻟﺮﺋﯿﺲـي فـي اﻟﻘﺺـة‪ .‬ﻋﻦـدﻣﺎ‬
‫ﻣﺎ اﻟﻄﺮﻳﻖـة اﻟﺖـي ﻳﺘﻒـاﻋﻠﻮن بـھﺎ مـع‬ ‫تـدرب اﻟﻦـاس ﻋﻞـى ﻋﻘﻠﻲـة اﻟﻨﻢـو‪ ،‬فـھﻲ ﺗﻎـﻳﺮ ﺗﻢـا ً‬
‫ﻣﺰاﺟﮫﻢ اﻟﺤﺰﻳﻦ؛ ﻛﻠﻤﺎ ﺷﻌﺮوا أﻛﺜﺮ ﺑﺎﻟﺴﻮء‪ ،‬ﺷﻌﺮوا ﺑﺘﺤﻔﯿﺰ أﻛﺜﺮ‪ ،‬وﺗﺼﺪوا أﻛﺜﺮ ﻟﻠﻤﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﮫﮫﻢ‪.‬‬
‫ﺑﺎﺧﺘﺺــار‪ ،‬ﻋﻦــدﻣﺎ ﻳﻌﺘﻖــد اﻟﻦــاس فــي اﻟﺲــﻣﺎت اﻟﺜﺎﺑﺖــة‪ ،‬فــھﻢ فــي ﺧﻂـر دائـم مـن أن ﻳﺖـم‬
‫ﺗﻘﯿﯿﻢـھﻢ بـاﻹﺧﻔﺎق‪ .‬ﻓﺒﺈﻣﻜﺎنـه ﺗﺢـدﻳﺪھﻢ ﺑﺶـﻛﻞ دائـم؛ ﻓﻢـھﻤﺎ كـان ذكـاؤھﻢ أو‬
‫ﻣﻮھﺒﺘﮫﻢ‪ ،‬ﻳﺒﺪو أن ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﺗﺠﺮدھﻢ ﻣﻦ ﺳﺒﻞ ﻣﻮاﺟﮫﺘﮫﻢ ﻟﻠﻤﺸﻜﻼت‪.‬‬
‫أمــا ﻋﻦــدﻣﺎ يــؤﻣﻦ اﻟﻦــاس بــأن اﻟﺺــﻓﺎت اﻷسـاﺳﯿﺔ ﻳﻤﻚـن ﺗﻄﻮﻳﺮهـا‪ ،‬ﻓﺮﺑﻢـا ﺗﻆـل ﺗﺆﻟﻢـھﻢ‬
‫اﻹﺧﻒـاﻗﺎت‪ ،‬ﻟﻚـن ﺗﻞـك اﻹﺧﻒـاﻗﺎت ﻻ ﺗﺢـدد صـﻓﺎﺗﮫﻢ اﻷسـاﺳﯿﺔ‪ .‬وإذا كـان ﻳﻤﻚـن‬
‫ﺗﻮﺳﯿﻊ اﻟﻘﺪرات ‪ -‬إذا ﻛﺎن اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ واﻟﻨﻤﻮ ﻣﻤﻜﻨﯿﻦ ‪ -‬ﻓﻼ ﻳﺰال ھﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﻞ ﻟﻠﻨﺠﺎح‪.‬‬

‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت ُﺗَﻐﯿِ ُّﺮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺠﮫﺪ‬

‫ﻋﻦــدﻣﺎ ﻛﻦــا أطﻒــاًﻻ‪ ،‬كــاﻧﻮا ُﻳﺨﯿِ ّﺮوﻧﻦــا بـﻳﻦ اﻷرنـب اﻟﺐـري اﻟﻨﺎﺑﻎـة وﻟﻜﻦـه ﻓﻮضـوي‪ ،‬أو اﻟﺲـﻟﺤﻔﺎة‬
‫اﻟﺒﻄﯿﺊـة وﻟﻜﻦـھﺎ ﻣﻨﺘﻈﻢـة‪ .‬مـن اﻟﻤﻔﺖـرض أن ﻳﻚـون الـدرس الـذي ﻧﺘﻌﻠﻢـه أن‬
‫ﻣﺎ ﻛﺘﻠﻚ اﻟﺴﻠﺤﻔﺎة؟‬ ‫ي ﻣﻨﺎ أن ﻳﻜﻮن ﻳﻮ ً‬ ‫اﻟﺒﻄﻲء وﻟﻜﻨﻪ ﻣﻨﺘﻈﻢ ھﻮ ﻣﻦ ﻳﻔﻮز‪ .‬وﻟﻜﻦ‪ ،‬أﺣ ًّ‬
‫ﻘﺎ أراد أ ﱞ‬
‫ً‬
‫ﻻ؛ ﻓﻖــد أردنــا ﻓﻖــط أن ﻧﻚــون أرنــﺑًﺎ بــرﻳ ّﺎ أقــل ﺣﻤﺎقـة‪ ،‬أردنـا أن ﻧﻚـون سـرﻳﻌﯿﻦ كـاﻟﺮﻳﺎح‬
‫وأﻛﺚـر ﺗﺨﻂـﻳﻄًﺎ ‪ -‬أﻻ ﻧﺄخـذ إﻏﻒـاءة طﻮﻳﻞـة ﻗﺐـل اﻟﻮصـول ﻟﺦـط اﻟﻦـھﺎﻳﺔ‪ .‬ﻋﻞـى كـل‬
‫ﺣﺎل‪ ،‬ﻳﻌﺮف اﻟﺠﻤﯿﻊ أن ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺼﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﻔﻮز‪.‬‬
‫ﻤﺎ ﺳﯿًﺌﺎ ﻟﻠﺠﮫﺪ؛‬‫ﻗﺼﺔ اﻟﺴﻠﺤﻔﺎة واﻷرﻧﺐ اﻟﺒﺮي ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺘﮫﺎ ﻟﻄﺮح ﻣﻮﺿﻮع ﻓﺎﻋﻠﯿﺔ ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ‪ ،‬أﻋﻄﺖ اﺳ ً‬
‫ﻓﻘﺪ ﻋﺰزت اﻟﺘﺼﻮر اﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺄن اﻟﺠﮫﺪ ﻟﻠﻤﺜﺎﺑﺮﻳﻦ‪ ،‬وطﺮﺣﺖ‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻜﺮة ﻓﻲ أﻣﺜﻠﺔ ﻣﺤﺪودة‪ ،‬وأن اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﻮھﻮﺑﯿﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ُﻳﺴﻘﻄﻮن اﻟﻜﺮة ﻓﯿﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺜﺎﺑﺮﻳﻦ اﻟﺘﺴﻠﻞ‬
‫ﺣﯿﻨﮫﺎ واﻟﻔﻮز‪.‬‬
‫ﻘﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺼﺔ اﻟﻔﯿﻞ اﻟﻤﺘﺮھﻞ وﻗﺼﺔ اﻟﺰورق "ﺳﻜﺮاﻓﻲ"‪ -‬ﻛﺎﻧﺘﺎ ﻗﺼﺘﯿﻦ ﺟﺬاﺑﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺎ‬ ‫اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻤﺤﻔﺰة ﺣ ًّ‬
‫ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ُﻳﮫﺰﻣﺎن‪ ،‬وﻛﻨﺎ ﻧﻔﺮح ﻟﮫﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺠﺤﺎن‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻻ‬
‫ﻣﺎ‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ رﺳﺎﻟﺔ‬ ‫أزال أﺗﺬﻛﺮ ﻛﯿﻒ ﻛﻨﺖ ﻣﻮﻟﻌﺔ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت اﻟﺼﻐﯿﺮة )أو اﻵﻻت( وﻟﻜﻨﻲ ﻟﻢ أﺗﻌﺎطﻒ ﻣﻌﮫﺎ ﻳﻮ ً‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﺺ‪ :‬إذا ﻛﻨﺖ ﺳﯿﺊ اﻟﺤﻆ ﻓﺘﻜﻮن اﻷﺿﻌﻒ ‪-‬‬
‫ﻣﺎ‪ .‬ﻳﻤﻜﻦــك أن ﺗﻚــون‬ ‫أي إذا ﻛﻦــت ﻻ ﺗﻤﻞــك اﻟﻤﻮھﺐــة ‪ -‬ﻓﻞــﻳﺲ ﻋﻠﻲــك أن ﺗﻚــون ﻓﺎشــًﻻ ﺗﻢــا ً‬
‫ﺿﺎ )إذا ﻛﻦــت ﺗﻌﻢــل ﻋﻞــى هــذا اﻷمــر ﺑﺞــدﻳﺔ‬ ‫ﺤﺎ أيــ ً‬ ‫ﻣﺚــاﺑًﺮا ﻟﻂــﻳ ً‬
‫ﻔﺎ جــذاﺑًﺎ‪ ،‬بــل نــاﺟ ً‬
‫وﺗﺘﺼﺪى ﻟﻠﻤﺘﻔﺮﺟﯿﻦ اﻟﻤﺘﮫﻜﻤﯿﻦ(‪.‬‬
‫أﺷﻜﺮك ﺑﺸﺪة‪ ،‬ﺳﺂﺧﺬ اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ أن ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﺺ ﺟﻌﻠﺖ اﻷﻣﻮر ﺗﺒﺪو وﻛﺄﻧﮫﺎ )إﻣﺎ ‪ ...‬أو(‪ .‬إﻣﺎ ﺗﻤﻠﻚ اﻟﻘﺪرة أو ﺗﺒﺬل اﻟﺠﮫﺪ‪ .‬وھﺬا ﺟﺰء ﻣﻦ‬
‫ﺗﻔﻜﯿﺮ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؛ اﻟﺠﮫﺪ ﻳﺒﺬﻟﻪ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﻟﯿﺲ ﻟﺪﻳﮫﻢ اﻟﻘﺪرة‪ .‬ﻗﺎل ﻟﻨﺎ اﻟﻨﺎس ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪" :‬إذا ﻛﺎن ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺒﺬل ﺟﮫًﺪا ﻓﻲ ﺷﻲء‪ ،‬ﻓﻤﻦ اﻟﻤﺆﻛﺪ‬
‫أﻧﻚ ﻟﺴﺖ ﺟﯿًﺪا ﻓﯿﻪ"‪ ،‬وأﺿﺎﻓﻮا‪" :‬اﻷﺷﯿﺎء ﺗﺄﺗﻲ ﺑﺴﮫﻮﻟﺔ‬
‫ﻷوﻟﺌﻚ اﻟﻌﺒﺎﻗﺮة اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﯿﻦ"‪.‬‬
 ‫ﻛﻨﺖ ﻣﺪرﺳﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﺷﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻗﺴﻢ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ إﻟﯿﻨﻮي‪ .‬وﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻣﻦ إﺣﺪى اﻟﻠﯿﺎﻟﻲ‪،‬‬
‫ﻛﻨﺖ أﻣﺮ ﺑﻤﺒﻨﻰ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ وﻻﺣﻈﺖ أن ﺑﻌﺾ اﻷﻧﻮار ﻣﻀﺎءة‬
‫ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﻜﺎﺗﺐ اﻟﻜﻠﯿﺔ‪ .‬ﻛﺎن ﺑﻌﺾ زﻣﻼﺋﻲ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﺣﺘﻰ وﻗﺖ ﻣﺘﺄﺧﺮ‪ ،‬ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ‪ " :‬ھﻢ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﻟﯿﺴﻮا‬
‫ﺑﺬﻛﺎﺋﻲ "‪.‬‬
‫دا‪ .‬ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ )إﻣﺎ ‪ ...‬أو(‪.‬‬ ‫ﻟﻢ أﻓﻜﺮ ﻗﻂ أﻧﮫﻢ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮى ذﻛﺎﺋﻲ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺑﻞ أﻛﺜﺮ اﺟﺘﮫﺎ ً‬
‫وﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أﻧﻲ ﻛﻨﺖ أﻓﻀﻞ )إﻣﺎ( ﻋﻠﻰ )أو(‪.‬‬
‫أشــار "مــاﻟﻜﻮم ﺟﻼدويــل"‪ ،‬اﻟﻢـؤﻟﻒ واﻟﻚـاﺗﺐ ﺑﻤﺠﻞـة نـﻳﻮﻳﻮرﻛﺮ إلـى أﻧﻦـا ﻛﻤﺠﺘﻢـع ﻧﻖـدر اﻹﻧﺞـاز‬
‫اﻟﻔﻂـري بـﻻ جـھﺪ‪ ،‬أﻛﺚـر مـن اﻹﻧﺞـاز اﻟﻤﺘﺤﻖـق مـن خـﻻل بـذل جـھﺪ‪ .‬ﻧﻤﻦـح‬
‫أﺑﻄﺎﻟﻨﺎ ﻗﺪرات ﺧﺎرﻗﺔ ﺗﻘﻮدھﻢ ﺑﻼ ﺷﻚ إﻟﻰ اﻟﻌﻈﻤﺔ‪ ،‬وﻛﺄﻧﻤﺎ ﺧﺮﺟﺖ "ﻣﯿﺪوري" ﻣﻦ رﺣﻢ أﻣﮫﺎ وھﻲ ﺗﻌﺰف‬
‫اﻟﻜﻤﺎن‪ ،‬وﻛﺄن "ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺟﻮردان" ُوﻟﺪ وھﻮ ﻳﺪﺣﺮج اﻟﻜﺮة‪ ،‬و‬
‫"ﺑﯿﻜﺎﺳﻮ" وھﻮ ﻳﺮﺳﻢ‪ .‬ﻳﻌﻜﺲ ھﺬا ﻓﻜﺮة اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺑﻮﺿﻮح‪ .‬وھﻲ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن‪.‬‬
‫ﻳﺪق ﺗﻘﺮﻳﺮ أﻋﺪه ﺑﺎﺣﺜﻮن ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻳﻮك ﻧﺎﻗﻮس اﻟﺨﻄﺮ ﺣﻮل اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻘﻠﻖ واﻻﻛﺘﺌﺎب ﺑﯿﻦ اﻹﻧﺎث اﻟﻄﺎﻟﺒﺎت‬
‫ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻼﺋﻲ ﻳﺘﻄﻠﻌﻦ إﻟﻰ "اﻟﻜﻤﺎل اﻟﺴﮫﻞ"؛ ﻓﮫﻦ‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﻼ ﻣﺤﺎوﻟﺔ )أو ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻘﺎ‪ ،‬وأﻧﻮﺛﺔ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ‪ ،‬وﺗﺤﺼﯿًﻼ ﻋﻠﻤﯿًّﺎ ﺗﺎ ًّ‬ ‫ﻳﻌﺘﻘﺪن أﻧﮫﻦ ﻳﺠﺐ أن ُﻳﺒﺪﻳﻦ ﺟﻤﺎًﻻ ﻣﻄﻠ ً‬
‫اﻷﻗﻞ ﺑﺪون أن ﻳﻈﮫﺮن أﻧﮫﻦ ﻳﺤﺎوﻟﻦ(‪.‬‬
‫ﻟﯿﺲ اﻷﻣﺮﻳﻜﯿﻮن وﺣﺪھﻢ ھﻢ ﻣﻦ ﻳﺤﺘﻘﺮون ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ‪ .‬ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺴﺌﻮل اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ "ﺑﯿﯿﺮ ﺷﯿﻔﺎﻟﯿﯿﻪ"‪" :‬ﻧﺤﻦ‬
‫ﻟﺴﻨﺎ أﻣﺔ ﺑﺬل ﺟﮫﺪ؛ ﻓﻔﻲ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ‪ ،‬إذا ﻛﻨﺖ ﺗﻤﺘﻠﻚ اﻟﻠﺒﺎﻗﺔ [‬
‫ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ اﻟﺘﺼﺮف ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺤﯿﺢ واﻟﻠﻄﺎﻓﺔ ] ‪ ،‬ﻓﺴﺘﻘﻮم ﺑﺎﻷﺷﯿﺎء ﺑﻼ ﺟﮫﺪ"‪.‬‬
‫ﻣﺎ‪ .‬ﻓﺒﺎﻟﻨﺲــﺑﺔ لــھﻢ‪،‬‬ ‫ومــع ذلــك‪ ،‬يــؤﻣﻦ اﻷشــﺧﺎص ذوو ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو ﺑﺶــيء ﻣﺨﺘﻞــف ﺗﻢــا ً‬
‫ﺣﺖــى اﻟﻌﺐــاﻗﺮة ﻋﻠﻲــھﻢ أن ﻳﻌﻤﻞــوا ﺑﺞــد ﺣﺖــى ﻳﺤﻘﻖــوا إﻧﺠﺎزاتـھﻢ‪ .‬ﺑﺮأيـھﻢ‪ ،‬مـا‬
‫اﻟﺒﻄﻮﻟﻲ ﻓﻲ اﻣﺘﻼك ﻣﻮھﺒﺔ؟ ﻗﺪ ﻳﻘﺪرون اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻳﺤﺘﺮﻣﻮن اﻟﺠﮫﺪ‪ ،‬وﻣﮫﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪرﺗﻚ‪ ،‬اﻟﺠﮫﺪ ھﻮ‬
‫ﻣﺎ ﻳﺸﻌﻞ اﻟﻘﺪرة وﻳﺤﻮﻟﮫﺎ إﻟﻰ إﻧﺠﺎز‪.‬‬

‫ﻓﯿﻠﻢ ‪Seabiscuit‬‬
‫ﻤﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬وﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﺮض أن ﻳﺨﻠﺪ إﻟﻰ اﻟﻨﻮم‪ .‬وﻛﺎن ھﻨﺎك ﻓﺮﻳﻖ ﻛﺎﻣﻞ ‪-‬‬ ‫ﻛﺎن ھﻨﺎك ﺣﺼﺎن وﻛﺎن ﻣﺤﻄ ً‬
‫اﻟﻔﺎرس‪ ،‬وﺻﺎﺣﺐ اﻟﺤﺼﺎن‪ ،‬واﻟﻤﺪرب اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺤﻄﻤﯿﻦ‬
‫ﻮﻟﻮا أﻧﻔﺴﮫﻢ إﻟﻰ ﻓﺎﺋﺰﻳﻦ‪ .‬رأى اﻟﺸﻌﺐ‬ ‫ﺣ ﱠ‬
‫ﺑﺸﻜﻞ أو ﺑﺂﺧﺮ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﺑﺈﺻﺮارھﻢ اﻟﻌﻨﯿﺪ وﺑﺮﻏﻢ ﻛﻞ اﻟﺼﻌﺎب‪َ ،‬‬
‫اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﯿﺎﺋﺲ أن ھﺬا اﻟﺤﺼﺎن وراﻛﺒﻪ رﻣﺰ ﻟﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻘﯿﻘﻪ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﺰﻳﻤﺔ واﻟﮫﻤﺔ‪.‬‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﺔ ﺗﻤﺎﺛﻞ ﻗﺼﺔ ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻛﺘﺎب ‪" Seabiscuit‬ﻟﻮرا ھﯿﻠﯿﻨﺒﺮاﻧﺪ"‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﺖ ﺟﺎﻣﻌﺘﮫﺎ ﺟﺮاء إﺻﺎﺑﺘﮫﺎ اﻟﺤﺎدة‬
‫ﻒ ﻣﻨﮫﺎ ﻗﻂ‪،‬‬‫ﺑﻤﺘﻼزﻣﺔ اﻟﺘﻌﺐ اﻟﻤﺰﻣﻦ واﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺸ َ‬
‫ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻏﯿﺮ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ أداء ﻣﮫﺎﻣﮫﺎ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻗﺼﺔ "اﻟﺤﺼﺎن اﻟﺬي ﻧﺠﺢ" ﺷﻲء اﺳﺘﺤﻮذ ﻋﻠﻰ اھﺘﻤﺎﻣﮫﺎ‬
‫وأﻟﮫﻤﮫﺎ‪ ،‬ﻓﺘﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻗﺼﺔ ﺻﺎدﻗﺔ وراﺋﻌﺔ ﻋﻦ‬
‫ﺪ ﺳﻮاء‪.‬‬ ‫اﻧﺘﺼﺎر اﻹرادة‪ .‬اﻟﻜﺘﺎب ﻛﺎن دﻟﯿًﻼ ﻋﻠﻰ اﻧﺘﺼﺎر اﻟﺤﺼﺎن "ﺳﯿﺒﯿﺴﻜﺖ" واﻧﺘﺼﺎرھﺎ اﻟﺨﺎص‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺣ ٍّ‬
‫وﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﺺ ھﻲ ﻋﻦ اﻟﻘﻮة اﻟﺘﺤﻮﻳﻠﯿﺔ ﻟﻠﺠﮫﺪ ‪ -‬أي ﻗﻮة اﻟﺠﮫﺪ ﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻗﺪرﺗﻚ‬
‫وﻟﺘﻐﯿﯿﺮك أﻧﺖ ﻛﺸﺨﺺ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪،‬‬
‫ﻌﺎ ﻋﯿﻮب‪ ،‬ﻓﻜﺎن ﻋﻠﯿﮫﻢ أن ﻳﺤﺎوﻟﻮا ﺟﺎھﺪﻳﻦ‪.‬‬ ‫ﻓﮫﻲ ﻗﺼﺔ راﺋﻌﺔ ﻋﻦ ﺛﻼﺛﺔ رﺟﺎل وﺣﺼﺎن‪ ،‬ﻟﺪﻳﮫﻢ ﺟﻤﯿ ً‬

‫اﻟﺠﮫﺪ اﻟﻤﺮﺗﻔﻊ‪ :‬اﻟﺨﻄﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ‬

‫ﻣﻦ وﺟﮫﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬اﻟﺠﮫﺪ ﻳﺒﺬﻟﻪ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻋﯿﻮب‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺄﻧﮫﻢ‬
‫ﻳﻔﺘﻘﺮون ﻟﻠﻜﻔﺎءة‪ ،‬ﻓﻠﻦ ﻳﺨﺴﺮوا ﺷﯿًﺌﺎ إذا ﺣﺎوﻟﻮا‪.‬‬
‫ﺤﺎ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة ‪-‬‬ ‫ً‬
‫أﻣﺎ إذا ﻛﻨﺖ ﺗﺰﻋﻢ أن ﻟﯿﺲ ﻟﺪﻳﻚ أي ﻋﯿﻮب ‪ -‬إذا ﻛﺎن ﻳﺘﻢ اﻋﺘﺒﺎرك ﻋﺒﻘﺮﻳ ّﺎ أو ﻣﻮھﻮﺑًﺎ‪ ،‬أو ﻧﺎﺟ ً‬
‫ﻓﺎﻟﻤﺤﺎوﻟﺔ ﺳﺘﺠﻌﻠﻚ ﺗﺨﺴﺮ اﻟﻜﺜﯿﺮ‪ ،‬اﻟﺠﮫﺪ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﻨﺘﻘﺺ‬
‫ﻣﻨﻚ‪.‬‬
‫ﻛﺎن ظﮫﻮر "ﻧﺎدﻳﺔ ﺳﺎﻟﯿﺮﻧﻮ ﺳﻮﻧﯿﻨﺒﺮج" اﻟﻤﺴﺮﺣﻲ اﻷول وھﻲ ﺗﻌﺰف اﻟﻜﻤﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺷﺮة ﻣﻦ‬
‫ﻋﻤﺮھﺎ ﻣﻊ أورﻛﺴﺘﺮا ﻓﯿﻼدﻟﻔﯿﺎ‪ .‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ذھﺒﺖ إﻟﻰ ﻣﺪرﺳﺔ‬
‫ﺟﻮﻟﯿﺎرد ﻟﻠﻔﻨﻮن ﻟﺘﺪرس ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻣﻌﻠﻤﺔ اﻟﻜﻤﺎن اﻟﺮاﺋﻌﺔ "دوروﺛﻲ دﻳﻼي"‪ ،‬ﻛﺎن ﻟﺪﻳﮫﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎدات‬
‫ﻌﺎ‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ‬ ‫اﻟﻜﺮﻳﮫﺔ؛ ﻛﺎن ﻋﺰﻓﮫﺎ ﺑﺎﻷﺻﺎﺑﻊ واﻷوﺗﺎر ﻣﺮﻳ ً‬
‫ﺗﺤﻤﻞ ﻛﻤﺎﻧﮫﺎ ﻓﻲ وﺿﻌﯿﺔ ﺧﺎطﺌﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ رﻓﻀﺖ أن ﺗﺘﻐﯿﺮ‪ .‬وﺑﻌﺪ ﻋﺪة ﺳﻨﻮات‪ ،‬رأت اﻟﻄﻼب اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻳﻠﺤﻘﻮن‬
‫ﺔ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺔ‬ ‫ﻀﺎ‪ ،‬ﻓﻌﺎﻧﺖ أزﻣ ً‬
‫ﺑﮫﺎ ﺑﻞ ﻳﺘﻔﻮﻗﻮن ﻋﻠﯿﮫﺎ أﻳ ً‬
‫ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ أواﺧﺮ ﺳﻦ ﻣﺮاھﻘﺘﮫﺎ‪ .‬ﻗﺎﻟﺖ‪" :‬اﻋﺘﺪت اﻟﻨﺠﺎح‪ ،‬ووﺻﻔﻲ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻒ ﺑﺎﻷﻋﺠﻮﺑﺔ‪ ،‬واﻵن أﺷﻌﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ"‪.‬‬
‫ﺗﻠﻚ اﻷﻋﺠﻮﺑﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎوﻟﺔ‪" .‬ﻛﺎن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ أﺟﺘﺎزه ھﻨﺎك ﻳﺘﻠﺨﺺ ﻓﻲ اﻟﺨﻮف‪ ،‬اﻟﺨﻮف ﻣﻦ‬
‫ﺖ إﻟﻰ اﺧﺘﺒﺎر أداء وﻟﻢ ﺗﺤﺎوﻟﻲ‬ ‫اﻟﻤﺤﺎوﻟﺔ واﻟﻔﺸﻞ‪ ...‬إذا ذھﺒ ِ‬
‫ﺑﺠﺪ‪ ،‬إذا ﻟﻢ ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻣﺴﺘﻌﺪة ﺟﯿًﺪا‪ ،‬إذا ﻟﻢ ﺗﻌﻤﻠﻲ ﺑﺄﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻄﯿﻌﯿﻦ وﻟﻢ ﺗﻔﻮزي‪ ،‬ﻓﻠﺪﻳﻚ ﻋﺬر‪ ...‬ﻟﯿﺲ ھﻨﺎك‬
‫أﺻﻌﺐ ﻣﻦ أن ﺗﻘﻮﻟﻲ‪" :‬ﻟﻘﺪ ﺑﺬﻟﺖ ﻛﻞ ﺟﮫﺪي وﻟﻢ‬
‫ﻳﻜﻦ ﺟﯿًﺪا ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ"‪.‬‬
‫ﻓﻚــرة اﻟﻤﺤﺎولــة واﻟﻔﺶــل ‪ -‬أي أﻻ تــدع ﻟﻨﻔﺲــك اﻟﻊــذر ‪ -‬هــي أســوأ ﻣﺦــاوف اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة‪،‬‬
‫وﻟﻖــد ﻻزمــت "ﻧﺎديـة" وأﻋﺠﺰتـھﺎ‪ .‬ﻟﻖـد تـوﻗﻔﺖ ﺣﺖـى عـن إﺣﺾـار ﻛﻤﺎنـھﺎ إلـى‬
‫اﻟﺪرس!‬
‫ثــم فــي أحــد اﻷيــام ﺑﻊــد أعــوام مــن اﻟﺺـﺑﺮ واﻟﺘﻒـھﻢ‪ ،‬قـاﻟﺖ لـھﺎ ﻣﻌﻠﻤﺖـھﺎ "ديـﻻي"‪:‬‬
‫"اسـﻣﻌﻲ‪ ،‬إذا لـم ﺗﺤﺾـري ﻛﻢـاﻧﻚ اﻷسـﺑﻮع اﻟﻖـادم‪ ،‬سـأطﺮدك مـن ﺣﺺـﺗﻲ"‪ .‬ظﻦـت‬
‫ﺖ ﺳﺘﻀﯿِ ّﻌﯿﻦ ﻣﻮھﺒﺘﻚ‪،‬‬ ‫"ﻧﺎدﻳﺔ" أﻧﮫﺎ ﺗﻤﺰح‪ ،‬وﻟﻜﻦ "دﻳﻼي" ﻧﮫﻀﺖ ﻣﻦ أرﻳﻜﺘﮫﺎ وأﺑﻠﻐﺘﮫﺎ ﺑﮫﺪوء‪" :‬أﻧﺎ ﻻ أﻣﺰح‪ ،‬إذا ﻛﻨ ِ‬
‫ﻓﺄﻧﺎ ﻻ أرﻳﺪ أن أﻛﻮن ﺳﺒﺒًﺎ ﻓﻲ ھﺬا‪ ،‬ﻟﻘﺪ اﺳﺘﻤﺮ‬
‫ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻟﻮﻗﺖ طﻮﻳﻞ"‪.‬‬
‫ﻟﻤﺎذا اﻟﺠﮫﺪ ﻣﺨﯿﻒ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﺤﺪ؟‬
‫ھﻨﺎك ﺳﺒﺒﺎن‪ :‬اﻷول أن ﺑﻤﻨﻈﻮر اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬اﻟﻌﺒﺎﻗﺮة ﻻ ﻳﻔﺘﺮض أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ‪ ،‬إذن‬
‫ﻓﻤﺠﺮد اﻻﺣﺘﯿﺎج إﻟﯿﻪ ﺳﯿﻠﻘﻲ ﺑﻈﻼﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرﺗﻚ‪ .‬اﻟﺴﺒﺐ‬
‫ﻣﺎ أن ﺗﻘﻮل‪" :‬ﻛﻨﺖ‬‫اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ :‬أن اﻟﺠﮫﺪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﺮى "ﻧﺎدﻳﺔ"‪ ،‬ﻳﺠﺮدك ﻣﻦ ﺟﻤﯿﻊ أﻋﺬارك‪ .‬ﺑﺪون اﻟﺠﮫﺪ ﻳﻤﻜﻨﻚ دو ً‬
‫ﺳﺄﺻﺒﺢ [ أﻛﻤﻞ اﻟﻌﺒﺎرة ] "‪ .‬وﻟﻜﻦ ﺑﻤﺠﺮد أن ﺗﺤﺎول ﻓﻼ‬
‫ﻳﻤﻜﻨﻚ اﺧﺘﻼق أﻋﺬار ﻣﺮة أﺧﺮى‪ .‬ذات ﻣﺮة ﻗﺎل ﻟﻲ أﺣﺪ اﻷﺷﺨﺎص‪" :‬ﻛﻨﺖ ﺳﺄﺻﺒﺢ ﻣﺜﻞ "ﻳﻮﻳﻮ ﻣﺎ"‪ .‬إذا ﺳﻌﺖ‬
‫ﻘﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ھﺬا‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺘﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻗﻮل ذﻟﻚ‪.‬‬ ‫ﺣ ًّ‬
‫ﺧﺎﻓﺖ "ﻧﺎدﻳﺔ" ﻣﻦ أن ﺗﺨﺴﺮ ﻣﻌﻠﻤﺘﮫﺎ؛ ﻓﻘﺮرت أﺧﯿًﺮا أن اﻟﻤﺤﺎوﻟﺔ واﻟﻔﺸﻞ ‪ -‬اﻟﻔﺸﻞ اﻟﺸﺮﻳﻒ ‪ -‬أﻓﻀﻞ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻚ اﻟﺬي اﺗﺨﺬﺗﻪ‪ ،‬وھﻜﺬا ﺑﺪأت اﻟﺘﻤﺮﻳﻦ ﻣﻊ "دﻳﻼي" ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﻤﻘﺒﻠﺔ‪ .‬ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ﺑﺬﻟﺖ ﻛﻞ‬
‫ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﮫﺎ وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺎزت‪ .‬ﺗﻘﻮل "ﻧﺎدﻳﺔ" اﻵن‪" :‬إﻧﮫﺎ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ‪ :‬ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺠﺪ ﻷﻛﺜﺮ اﻷﺷﯿﺎء ﺣﺒًّﺎ‬
‫ﻟﺪﻳﻚ‪.‬‬
‫وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻤﻮﺳﯿﻘﻰ ھﻲ ﻣﺎ ﺗﺤﺐ‪ ،‬ﻓﺄﻧﺖ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺣﯿﺎﺗﻚ"‪.‬‬
‫ﻀﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻣﻊ "أﻣﺎﻧﺪا" اﻟﺸﺎﺑﺔ اﻟﺠﺬاﺑﺔ اﻟﻤﻔﻌﻤﺔ‬ ‫اﻟﺨﻮف ﻣﻦ ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ رﺑﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت أﻳ ً‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺸﺎط‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ارﺗﺒﻄﺖ ﺑﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﺴﯿﺌﯿﻦ‪ .‬ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺨﺘﻠﻔﻮن ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺨﯿﺎﻧﺔ واﻻﺳﺘﮫﺘﺎر‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ ﺻﺪﻳﻘﺘﻲ اﻟﻤﻘﺮﺑﺔ‬
‫ﻣﺎ‪" :‬ﻣﺎ رأﻳﻚ ﺑﺄن ﺗﺮﺗﺒﻄﻲ ﺑﺮﺟﻞ ﻟﻄﯿﻒ‬ ‫"ﻛﺎرﻻ" ﺗﻘﻮل ﻟﻲ دو ً‬
‫ﺖ ﺗﺴﺘﺤﻘﯿﻦ اﻷﻓﻀﻞ"‪.‬‬ ‫ﻓﻌًﻼ؟"‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻛﺄﻧﮫﺎ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻘﻮل‪" :‬أﻧ ِ‬
‫ﻋﺎ‪ ،‬لــﻳﺲ ﻓﻖــط فــي‬ ‫دا مــع "روب" زﻣﯿﻞــھﺎ فــي اﻟﻌﻢــل‪ .‬كــان رائــ ً‬ ‫فــرﺗﺒﺖ لــي "كــارﻻ" ﻣﻮعــ ً‬
‫الــﻳﻮم اﻷول‪ .‬أﺣﺒﺐــت ذلــك اﻷمــر‪ ،‬وكـأﻧﻲ أريـد أن أقـول‪" :‬يـا إلـھﻲ! رجـل ﻳﺤﺾـر فـي‬
‫ﻣﻮﻋﺪه"‪ .‬ﺛﻢ أﺻﺒﺢ اﻷﻣﺮ ﺟﺪﻳًّﺎ وارﺗﻌﺒﺖ‪ .‬أﻋﻨﻲ أﻧﻪ أﺣﺒﻨﻲ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ وﻟﻜﻨﻲ ﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ اﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ‬
‫ﻘﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻹﻋﺠﺎب ﺑﻲ‪.‬‬ ‫اﺣﺘﻤﺎﻟﯿﺔ أﻧﻪ إذا ﻋﺮﻓﻨﻲ ﺣ ًّ‬
‫ﻘﺎ وﻟﻢ ﻳﻨﺠﺢ اﻷﻣﺮ؟ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻲ ﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ أن أﺗﺤﻤﻞ ھﺬه اﻟﻤﺨﺎطﺮة‪.‬‬ ‫ً‬
‫أﻗﺼﺪ‪ ،‬ﻣﺎذا ﻟﻮ ﺣﺎوﻟﺖ ﺑﺠﺪ ﺣ ّ‬

‫ﺟﮫﺪ ﻣﻨﺨﻔﺾ ‪ :‬اﻟﻤﺨﺎطﺮة اﻟﻜﺒﯿﺮة‬

‫فــي ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو‪ ،‬اﻷمــر الــذي ﻻ ﻳﻤﻚــن ﺗﺺــوره أن ﺗﺮيــد شــﻳًﺌﺎ ﺑﺶــدة‪ ،‬وﺗﻌﺘﻖــد أنــك‬
‫ﺗﻤﺘﻞــك ﻓﺮصــة ﻟﺘﺤﻘﯿﻖــه‪ ،‬ثـم ﻻ ﺗﻨﺞـح ﻓﻲـه‪ .‬ﻋﻦـدﻣﺎ ﻳﺢـدث هـذا‪ ،‬ﺗﻚـون ﻋﺐـارة "ﻛﻦـت‬
‫ﺳﺄﺻﺒﺢ‪ "...‬ﻣﺤﺰﻧﺔ‪ ،‬وﻟﯿﺴﺖ ﻣﺮﻳﺤﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ھﻨﺎك ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﯿﺎت ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﻋﺎم ‪ 1930‬وﻋﺎم ‪ 1950‬أﻧﺠﺢ ﻣﻦ "ﻛﻠﯿﺮ ﺑﻮث ﻟﻮس"‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ‬
‫"ﻛﻠﯿﺮ ﺑﻮث ﻟﻮس" ﻣﺆﻟﻔﺔ وﻛﺎﺗﺒﺔ ﻣﺴﺮﺣﯿﺔ ﺷﮫﯿﺮة‪ ،‬وﺗﻢ‬
‫اﻧﺘﺨﺎﺑﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ ﺳﻔﯿﺮة اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة إﻟﻰ إﻳﻄﺎﻟﯿﺎ‪ .‬ﻗﺎﻟﺖ "ﻛﻠﯿﺮ"‪" :‬أﻧﺎ ﺣ ًّ‬
‫ﻘﺎ‬
‫ﺳﺎ ﻳﺼﻔﻮﻧﻨﻲ ﺑﮫﺎ وﻟﻜﻨﻲ ﻻ‬ ‫ﻻ أﻓﮫﻢ ﻛﻠﻤﺔ "ﻧﺠﺎح"‪ .‬أﻋﺮف أﻧﺎ ً‬
‫أﻓﮫﻤﮫﺎ"‪ .‬ﺣﯿﺎﺗﮫﺎ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﻣﺂﺳﯿﮫﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻨﻌﺘﮫﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﺣﺒﮫﺎ اﻷﻋﻈﻢ‪ :‬اﻟﺘﺄﻟﯿﻒ اﻟﻤﺴﺮﺣﻲ‪ .‬ﻧﺠﺤﺖ‬
‫ﻛﺜﯿًﺮا ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻣﺴﺮﺣﯿﺎت ﻣﺜﻞ ‪ ، The Women‬ﻟﻜﻦ ﻻ‬
‫ﻳﻨﺎﺳﺐ اﻟﺸﺨﺼﯿﺎت اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ أن ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻣﺴﺮﺣﯿﺎت ﻛﻮﻣﯿﺪﻳﺔ ﻻذﻋﺔ ﻣﺜﯿﺮة ﻟﻠﺸﮫﻮات‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﺎ ﻟﻢ ﻳﺪﻋﻢ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻟﺠﮫﺪ اﻹﺑﺪاﻋﻲ اﻟﺸﺨﺼﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ھﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﺗﻘﺪره‪ ،‬وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ‬
‫ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﻣﺴﺎﻣﺤﺔ ﻧﻔﺴﮫﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم ﺳﻌﯿﮫﺎ وراء‬
‫ﺷﻐﻔﮫﺎ ﺑﺎﻟﻤﺴﺮح‪ .‬ﻗﺎﻟﺖ "ﻛﻠﯿﺮ"‪" :‬ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ اﻋﺘﻘﺪت أﻧﻪ إذا أﺗﯿﺤﺖ ﻟﻲ ﻓﺮﺻﺔ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺳﯿﺮة ﺣﯿﺎﺗﻲ‪ ،‬ﻓﺴﯿﻜﻮن‬
‫ﻋﻨﻮاﻧﻲ "ﺳﯿﺮة ﺣﯿﺎة ﺷﺨﺺ ﻓﺎﺷﻞ"‪.‬‬
‫ﺗﻘﻮل "ﺑﯿﻠﻲ ﺟﯿﻦ ﻛﯿﻨﺞ" إن اﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺎ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻘﻮﻟﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﺎﺿﯿﻚ‪ .‬أﺗﻔﻖ ﻣﻌﮫﺎ‪ ،‬ﻓﯿﻤﻜﻨﻚ أن‬
‫ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺎﺿﻲ وﺗﻘﻮل‪" :‬ﻛﻨﺖ ﺳﺄﺻﺒﺢ‪ ،"...‬وﻛﺄﻧﻚ ﺗﻘﻮم‬
‫ﺑﺘﻠﻤﯿﻊ ﻣﻮاھﺒﻚ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﺔ ﻛﻤﯿﺪاﻟﯿﺎت اﻻﻧﺘﺼﺎر‪ ،‬أو ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺎﺿﻲ وﺗﻘﻮل‪" :‬ﺑﺬﻟﺖ ﻛﻞ ﻣﺎ‬
‫ﺑﻮﺳﻌﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ أﻛﺜﺮ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﺘﻲ أﻗﺪرھﺎ"‪ .‬ﻓﻜﺮ ﻓﯿﻤﺎ ﺗﺮﻳﺪ‬
‫ﺬ اﺧﺘﺮ ﻋﻘﻠﯿﺘﻚ‪.‬‬
‫ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﺎﺿﻲ‪ ،‬وﻋﻨﺪﺋ ٍ‬
 ‫وﺿﻊ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻓﻲ ﺣﯿﺰ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻲــد قــرأ اﻷشــﺧﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة اﻟﻜﺖــب اﻟﺖــي ﺗﻖــول‪ :‬اﻟﻨﺞــاح هــو أن ﺗﻚــون‬
‫أﻓﺾـل صـورة عـن ﻧﻔﺲـك‪ ،‬ﻻ أن ﺗﻚـون أﻓﺾـل مـن اﻵخـرﻳﻦ؛ اﻹﺧﻒـاق ﻓﺮصـة ﻻ‬
‫إداﻧﺔ؛ اﻟﺠﮫﺪ ھﻮ ﻣﻔﺘﺎح اﻟﻨﺠﺎح‪ .‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮن ﺗﻨﻔﯿﺬ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﻮر ﻷن ﻋﻘﻠﯿﺘﮫﻢ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ‪ -‬وإﻳﻤﺎﻧﮫﻢ‬
‫ﻣﺎ‪ :‬ﺗﺨﺒﺮھﻢ‬ ‫ﺑﺎﻟﺴﻤﺎت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ‪ -‬ﺗﺨﺒﺮھﻢ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﺑﺄن اﻟﻨﺠﺎح ﻳﻌﻨﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻮھﻮﺑًﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬وأن اﻹﺧﻔﺎق ﻳﺤﺪد ﻣﻦ أﻧﺖ‪ ،‬وأن اﻟﺠﮫﺪ ﻳﺒﺬﻟﻪ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮن اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪.‬‬

‫أﺳﺌﻠﺔ وأﺟﻮﺑﺔ‬
‫ﻋﻨﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻘﻄﺔ‪ ،‬أﻏﻠﺐ اﻟﻈﻦ أن ﻟﺪﻳﻚ أﺳﺌﻠﺔ‪ .‬ﻟﻨَﺮ إن ﻛﻨﺖ ﺳﺄﺳﺘﻄﯿﻊ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻨﮫﺎ‪.‬‬
‫ﺳﺆال‪ :‬إذا ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻳﻌﺘﻘﺪون ﺑﺄن ﺻﻔﺎﺗﮫﻢ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬وﻗﺪ أظﮫﺮوا أﻧﮫﻢ أذﻛﯿﺎء وﻣﻮھﻮﺑﻮن ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎذا ﻋﻠﯿﮫﻢ أن‬
‫ﻳﺴﺘﻤﺮوا ﻓﻲ إﺛﺒﺎت ذﻟﻚ؟ ﻋﻠﻰ أﻳﺔ ﺣﺎل ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺛﺒﺖ‬
‫اﻷمــﻳﺮ شــﺟﺎﻋﺘﻪ‪ ،‬عــاش مــع اﻷمــﻳﺮة فــي ســﻋﺎدة داﺋﻢــة‪ ،‬ولــم ﻳﻚــن ﻋﻠﻲــه أن ﻳﺦــرج وﻳﻘﺖــل‬
‫ﺗﻦـﻳًﻨﺎ كـل يـوم ؛ ﻓﻠﻢـاذا ﻻ ﻳﺜﺐـت اﻷشـﺧﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﻲـة اﻟﺜﺎﺑﺖـة أﻧﻔﺲـھﻢ ثـم‬
‫ﻳﻌﯿﺸﻮن ﻓﻲ ﺳﻌﺎدة أﺑﺪﻳﺔ؟‬
‫ﻷن ﻛﻞ ﻳﻮم ﺗﻈﮫﺮ ﻣﺼﺎﻋﺐ ﺟﺪﻳﺪة أﻛﺒﺮ‪ ،‬وﻷن اﻷﻣﻮر ﺗﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻛﻞ ﻳﻮم‪ ،‬ﻓﺮﺑﻤﺎ اﻟﻘﺪرة اﻟﺘﻲ أﺛﺒﺘﻮھﺎ‬
‫ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻻ ﺗﻨﺎﺳﺐ ﻣﮫﻤﺔ اﻟﯿﻮم‪ .‬رﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا أذﻛﯿﺎء ﺑﻤﺎ‬
‫ﻳﻨﺎﺳﺐ ﻣﺎدة اﻟﺠﺒﺮ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻟﯿﺴﻮا ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﺴﺎب اﻟﺘﻔﺎﺿﻞ واﻟﺘﻜﺎﻣﻞ‪ .‬رﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻻﻋﺒﻲ ﻗﺬف ﻛﺮة ﺟﯿﺪﻳﻦ‬
‫ﺑﻤﺎ ﻳﻨﺎﺳﺐ اﻟﺪورﻳﺎت اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻟﯿﺴﻮا ﻣﻨﺎﺳﺒﯿﻦ‬
‫ﻟﻠﺪوري اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ‪ .‬رﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻛﱠﺘﺎﺑًﺎ ﺟﯿﺪﻳﻦ ﺑﻤﺎ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﺻﺤﯿﻔﺘﮫﻢ اﻟﻤﺪرﺳﯿﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﯿﺲ ﺑﻤﺎ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﺻﺤﯿﻔﺔ‬
‫ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ ‪.‬‬
‫لــھﺬا فــھﻢ ﻳﺘﺲــاﺑﻘﻮن ﻹﺛﺐــات أﻧﻔﺲــھﻢ مــرة ﺑﻊــد أخــرى‪ ،‬وﻟﻚــن إلــى أيــن هــم ذاھﺐــون؟‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺲـﺑﺔ لـي فـھﻢ غـاﻟﺒًﺎ مـا ﻳﺞـرون فـي أﻣﺎﻛﻦـھﻢ ﻧﻔﺲـھﺎ‪ ،‬وﻳﺠﻤﻊـون إﺛﺐـاﺗﺎت ﻋﻞـى‬
‫ﻗﺪراﺗﮫﻢ ﻻ ﺣﺼﺮ ﻟﮫﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﺼﻠﻮن ﺑﺎﻟﻀﺮورة إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﺘﻐﻮن‪.‬‬
‫ﻤﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻔﻮق ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻣﺎ وﻳﻜﺘﺸﻒ أن ﺣﯿﺎﺗﻪ ﻻ ﻗﯿﻤﺔ ﻟﮫﺎ؛ ﻓﮫﻮ داﺋ ً‬ ‫أﻧﺖ ﺗﻌﺮف ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻼم ﺣﯿﺚ ﻳﺴﺘﯿﻘﻆ اﻟﺒﻄﻞ ﻳﻮ ً‬
‫اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻻ ﻳﺮﺗﻔﻊ وﻻ ﻳﺘﻌﻠﻢ وﻻ ﻳﮫﺘﻢ‪ .‬ﻓﯿﻠﻤﻲ اﻟﻤﻔﻀﻞ ھﻮ‬
‫‪ ، Groundhog Day‬اﻟﺬي ﻟﻢ أﺷﺎھﺪه ﻣﻨﺬ وﻗﺖ طﻮﻳﻞ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﺳﻤﻪ ﻻ ﻳﺮوق ﻟﻲ‪ .‬ﻋﻠﻰ أﻳﺔ ﺣﺎل‪ ،‬ﻓﻲ ﻓﯿﻠﻢ‬
‫‪ ، Groundhog Day‬ﻟﻢ ﻳﺴﺘﯿﻘﻆ "ﺑﯿﻞ ﻣﻮراي"‪ ،‬اﻟﺬي‬
‫ﻣﺎ ﻟﯿﺘﻮﺻﻞ ﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺔ؛ ﺑﻞ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﻪ أن ﻳﻌﯿﺪ اﻟﯿﻮم ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺮة ﺑﻌﺪ أﺧﺮى ﺣﺘﻰ‬ ‫ﻛﺎن ﻳﻠﻌﺐ دور ﺑﻄﻞ اﻟﻔﯿﻠﻢ‪ ،‬ﻳﻮ ً‬
‫ﻳﻔﮫﻢ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪.‬‬
‫"ﻓﯿﻞ ﻛﻮﻧﻮرز" )اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺆدﻳﻪ اﻟﻤﻤﺜﻞ "ﺑﯿﻞ ﻣﻮراي"( ھﻮ ﻣﺬﻳﻊ اﻟﻨﺸﺮة اﻟﺠﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﻄﺔ ﺗﻠﯿﻔﺰﻳﻮﻧﯿﺔ ﻣﺤﻠﯿﺔ‬
‫ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﯿﺘﺴﺒﺮج‪ ،‬وﻗﺪ ﺗﻢ إرﺳﺎﻟﻪ إﻟﻰ ﺑﻠﺪة ﺑﻨﻜﺴﺎﺗﺎوﻧﻲ‬
‫ﻓﻲ وﻻﻳﺔ ﺑﻨﺴﻠﻔﺎﻧﯿﺎ ﻟﺘﻐﻄﯿﺔ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﯿﻮم ﻓﺄر اﻷرض‪ .‬ﻓﻲ ﻳﻮم ‪ 2‬ﻓﺒﺮاﻳﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﺎم‪ ،‬ﻳﺨﺮج ﻓﺄر اﻷرض ﻣﻦ‬
‫ﻣﻨﺰﻟﻪ اﻟﺼﻐﯿﺮ؛ وإذا وﺟﺪ أﻧﻪ ﻗﺪ رأى ظﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﻷرض‪ ،‬ﻓﻼ‬
‫ﻳﺰال ھﻨﺎك ﺳﺘﺔ أﺳﺎﺑﯿﻊ أﺧﺮى ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻟﺸﺘﺎء‪ .‬أﻣﺎ إذا ﻟﻢ ﻳﺮه‪ ،‬ﻓﮫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن ﻓﺼﻞ اﻟﺮﺑﯿﻊ ﺳﯿﺤﻞ ﻣﺒﻜًﺮا‪.‬‬
‫وﻷن "ﻓﯿﻞ" ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻤﺘﺎز ﻋﻦ اﻟﺠﻤﯿﻊ‪ ،‬ﻓﮫﻮ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻻﺣﺘﻘﺎر ﺗﺠﺎه اﻻﺣﺘﻔﺎل واﻟﺒﻠﺪة واﻟﻨﺎس )ﻳﺮى أﻧﮫﻢ‬
‫"ﻣﺘﺨﻠﻔﻮن" و"ﺑﻠﮫﺎء"(‪ ،‬وﺑﻌﺪ أن أوﺿﺢ اﻟﻔﯿﻠﻢ ھﺬا اﻷﻣﺮ‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬ﻳﺨﻄﻂ "ﻓﯿﻞ" ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ ﺑﻠﺪة ﺑﻨﻜﺴﺎﺗﺎوﻧﻲ ﺑﺄﺳﺮع ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ ذﻟﻚ؛ ﺗﻀﺮب ﻋﺎﺻﻔﺔ‬ ‫ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﺛﻠﺠﯿﺔ اﻟﺒﻠﺪة وﻳﻜﻮن "ﻓﯿﻞ" ﻣﺠﺒًﺮا ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻘﺎء‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫ﻳﺲــﺗﯿﻘﻆ فــي الــﻳﻮم اﻟﺖــاﻟﻲ ﻳﺞــد أنــه يــوم اﻻﺣﺘﻒــال مــرة أخــرى‪ .‬ﻧﻒــس أﻏﻨﻲــة ‪I Got You‬‬
‫‪ Babe‬ﻟﻠﻤﻂـرﺑﯿﻦ اﻟﺜﻦـاﺋﻲ "سـوﻧﻲ" و "شـﻳﺮ" ﺗﻨﺒﻊـث مـن الـرادﻳﻮ اﻟﻤﻨﺐـه ﻟﺘﻮﻗﻆـه‪،‬‬
‫وﺗﺠﺮي اﻻﺳﺘﻌﺪادات ﻟﻨﻔﺲ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﻣﺮة أﺧﺮى‪ .‬وﻣﺮة ﺑﻌﺪ أﺧﺮى‪.‬‬
‫ﻓﻲ أول اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﻟﯿﻄﻮر ﻣﻦ ﺟﺪول أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﻤﻌﺘﺎد؛ ﻟﯿﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎس اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻳﺒﺪون‬
‫ﻛﺎﻟﺤﻤﻘﻰ‪ .‬وﻷﻧﻪ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻮﺣﯿﺪ اﻟﺬي ﻳﻌﯿﺶ ﻧﻔﺲ اﻟﯿﻮم ﻣﺮة‬
‫ﺑﻌﺪ أﺧﺮى‪ ،‬ﻓﯿﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺘﺤﺪث ﻣﻊ ﺳﯿﺪة ذات ﻳﻮم‪ ،‬ﺛﻢ ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﮫﺎ ﻋﻨﮫﺎ ﻟﯿﺨﺪﻋﮫﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﯿﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ‪ ،‬وﻳﺠﻌﻠﮫﺎ ﺗﻌﺠﺐ وﺗﻔﺘﻦ ﺑﻪ‪ .‬أﺻﺒﺢ ﻓﻲ ﺟﻨﺔ‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬وﻳﻤﻜﻨﻪ إﺛﺒﺎت ﺗﻤﯿﺰه ﻣﺮاًرا وﺗﻜﺮاًرا‪.‬‬
‫وﺑﻌﺪ ﻣﺮات ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ ﺗﻜﺮار ھﺬا اﻟﯿﻮم‪ ،‬ﻳﺠﺪ أن ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﺆدي إﻟﻰ أي ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻓﯿﺤﺎول ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ؛ ﻓﯿﻘﻮم‬
‫ﺑﺤﺎدﺛﺔ ﺳﯿﺎرة‪ ،‬وﻳﺼﻌﻖ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﻜﮫﺮﺑﺎء‪ ،‬وﻳﻘﻔﺰ ﻣﻦ‬
‫ﺟﺎ ﻣﻢـا ﻳﺢـدث لـه‪ ،‬ﺗﺘﺐـادر إلـى ﻋﻘﻞـه‬ ‫أﻋﻞــى بــرج‪ ،‬وﻳﻢــر مــن أمــام شـاﺣﻨﺔ‪ .‬وﻋﻦـدﻣﺎ ﻻ ﻳﺞـد ﻣﺦـر ً‬
‫ﻓﻚـرة‪ .‬ﻳﻤﻜﻦـه أن ﻳﺲـﺗﻐﻞ هـذا الـوﻗﺖ فـي اﻟﺘﻌﻞـم؛ ﻓﯿﺤﺾـر دروس ﺗﻌﻞـم‬
‫ﺻﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﯿﻮم )وﻟﺪ‬ ‫ﻢ‪ ،‬وﻳﺘﻌﻠﻢ اﻟﻨﺤﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻠﯿﺪ‪ ،‬وﻳﻜﺘﺸﻒ أﺷﺨﺎ ً‬ ‫ﮫ ٍ‬
‫اﻟﺒﯿﺎﻧﻮ‪ ،‬وﻳﻘﺮأ ﺑَِﻨ َ‬
‫ﻳﺴﻘﻂ ﻣﻦ ﺷﺠﺮة‪ ،‬ورﺟﻞ ﻳﺨﺘﻨﻖ ﺑﺸﺮﻳﺤﺔ اﻟﻠﺤﻢ اﻟﺘﻲ‬
 ‫ﺪا ﻻ ﻳﺴﺘﻤﺮ ھﺬا اﻟﯿﻮم ﻓﻲ اﻟﺘﻜﺮار‪ .‬ﻓﻘﻂ ﻋﻨﺪﻣﺎ‬ ‫ﻳﺄﻛﻠﮫﺎ( وﻳﺒﺪأ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﮫﻢ واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﮫﻢ‪ .‬وﺑﻌﺪ وﻗﺖ ﻗﺼﯿﺮ ﺟ ًّ‬
‫ﺗﺘﻐﯿﺮ ﻋﻘﻠﯿﺘﻪ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻳﺘﺤﺮر ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻌﻮﻳﺬة‪.‬‬
‫ﺳﺆال‪ :‬ھﻞ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﺟﺰء ﺛﺎﺑﺖ ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻳﻨﻚ أم ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﻐﯿﯿﺮھﺎ؟‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﺟﺰء ﻣﮫﻢ ﻣﻦ ﺷﺨﺼﯿﺘﻚ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﻐﯿﯿﺮھﺎ‪ .‬ﺑﻤﺠﺮد أن ﺗﻌﺮف ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺒﺪء‬
‫ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ واﻟﺘﺼﺮف ﺑﺄﺳﺎﻟﯿﺐ ﺟﺪﻳﺪة‪ .‬ﻳﺨﺒﺮﻧﻲ‬
‫ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص أﻧﮫﻢ ﻳﻼﺣﻈﻮن اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻳﻘﻌﻮن ﻓﯿﻪ ﺑﻔﺦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻓﯿﻔﻮﺗﻮن ﻓﺮﺻﺔ ﺗﻌﻠﻢ أو‬
‫ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻣﻮﺻﻮﻣﻮن ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ‪ ،‬أو ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط‬
‫ﻋﻦــدﻣﺎ ﻳﺘﻄﻞــب ﻣﻦــھﻢ أمــر مــا بــذل اﻟﻜﺚــﻳﺮ مــن اﻟﺞــھﺪ‪ .‬وﻋﻦــدھﺎ ﻳﺘﺢــوﻟﻮن إلـى ﻋﻘﻠﻲـة اﻟﻨﻢـو‬
‫ﻓﯿﺤﺮصـون ﻋﻞـى خـوض اﻟﺘﺢـدي واﻟﺘﻌﻞـم مـن اﻹﺧﻒـاق أو ﻳﺲـﺗﻤﺮون فـي بـذل‬
‫ﺟﮫﺪھﻢ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻛﺘﺸﻔﻨﺎ اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت ﻷول ﻣﺮة أﻧﺎ وطﻼﺑﻲ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯿﺎ‪ ،‬ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻀﺒﻄﻮﻧﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ وﻳﺆﻧﺒﻮﻧﻨﻲ‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‪.‬‬ ‫ﻀﺎ اﻻﻧﺘﺒﺎه إﻟﻰ أن اﻷﺷﺨﺎص‪ ،‬ﺣﺘﻰ اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻻ ﻳﻈﻠﻮن دو ً‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻤﮫﻢ أﻳ ً‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ دراﺳﺎﺗﻨﺎ ﻧﻀﻊ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﻋﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﻨﻢــو‪ .‬ﻧﺨﺐــرھﻢ أنــه ﻳﻤﻚــن ﺗﻌﻞــم اﻟﻖــدرة‪ ،‬وأن اﻟﻢــھﻤﺔ ســﺗﺘﯿﺢ لــھﻢ ذلــك‪ .‬أو ﻧﺠﻌﻞــھﻢ‬
‫ﺻﺎ لـﻳﺲ لـدﻳﮫﻢ‬ ‫ﻳﻖــرأون ﻣﻖـاًﻻ ﻋﻠﻢـﻳًّﺎ ﻳﻌﻠﻢـھﻢ ﻋﻘﻠﻲـة اﻟﻨﻢـو‪ .‬اﻟﻤﻖـال ﻳﺘﻦـاول أشـﺧﺎ ً‬
‫اﻟﻖــدرة اﻟﻔﻄﺮيــة وﻟﻜﻦــھﻢ اﻛﺘﺲــﺑﻮا مــھﺎرات غــﻳﺮ ﻋﺎديــة‪ .‬ﺗﻞــك اﻟﺨﺐــرات ﺗﺠﻊــل مــن‬
‫اﻟﻤﺶــارﻛﯿﻦ فــي ﺑﺤﺜﻦــا ﻣﻔﻚــرﻳﻦ ذوي ﻋﻘﻠﻲــة ﻧﻢــو‪ ،‬ﻋﻞــى اﻷقــل فــي وقــت إجــراء اﻟﺒﺢـث‪،‬‬
‫ﻀﺎ ﻛﻤﻔﻜﺮﻳﻦ ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ‪.‬‬ ‫وﻳﺘﺼﺮﻓﻮن أﻳ ً‬
‫ﻘﺎ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب‪ ،‬أﺗﻨﺎول ﻓﯿﻪ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻐﯿﺮوا واﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻨﺎھﺎ‬ ‫ھﻨﺎك ﻓﺼﻞ ﻋﻦ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻻﺣ ً‬
‫ﻹﺣﺪاث اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ‪.‬‬
‫ي اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ‪.‬‬ ‫ﺳﺆال‪ :‬ھﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن أﻛﻮن ﺧﻠﯿﻄًﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ؟ أﺷﻌﺮ أن ﻟﺪ ﱠ‬
‫ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﻦ ﻛﻼ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ‪ .‬وأﻧﺎ أﺗﻨﺎول ھﺬا اﻷﻣﺮ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ "إﻣﺎ‪-‬أو" ﺣﺘﻰ أﺑﺴﻄﻪ‪.‬‬
‫ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻨﺎس أن ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻋﻘﻠﯿﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻮاﺣﻲ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‪ .‬ﻗﺪ أﻋﺘﻘﺪ أن ﻣﮫﺎراﺗﻲ اﻟﻔﻨﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪،‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻨﻤﯿﺔ ذﻛﺎﺋﻲ‪ .‬أو أن ﺳﻤﺎﺗﻲ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ‬
‫ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻨﻤﯿﺔ ﻣﮫﺎراﺗﻲ اﻹﺑﺪاﻋﯿﺔ‪ .‬وﺟﺪﻧﺎ أن أﻳًّﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﺪى ﺷﺨﺺ ﻓﻲ ﻧﺎﺣﯿﺔ ﻣﺎ‪ ،‬ﻓﺴﻮف ﺗﻮﺟﮫﻪ‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺘﻪ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻨﺎﺣﯿﺔ‪.‬‬
‫ﺳﺆال‪ :‬ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ إﻳﻤﺎﻧﻚ اﻟﺘﺎم ﺑﻘﯿﻤﺔ ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ‪ ،‬ﻓﮫﻞ ﺗﻘﺼﺪﻳﻦ أن اﻟﻨﺎس ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺨﻔﻘﻮن ﻓﺬﻟﻚ ﺧﻄﺆھﻢ‬
‫م ا ‪ -‬أﻧﮫﻢ ﻟﻢ ﻳﺤﺎوﻟﻮا ﺑﻤﺎ ﻓﯿﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ؟‬‫دو ً‬
‫ﻻ! صــﺣﯿﺢ أن بــذل اﻟﺞــھﺪ أمــر ﺟﻮهــري؛ فــﻻ أحــد ﻳﻤﻜﻦــه اﻻســﺗﻤﺮار فــي اﻟﻨﺞــاح بــدون‬
‫بــذل جــھﺪ‪ ،‬وﻟﻜﻦــه ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻲــد لـﻳﺲ اﻟﺲـﺑﺐ اﻟﻮﺣﻲـد‪ .‬لـدى اﻟﻦـاس وسـاﺋﻞ وفـرص‬
‫ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل‪ ،‬اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن اﻷﻣﻮال )أو اﻵﺑﺎء اﻷﻏﻨﯿﺎء( ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻛﻤﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﺷﺒﻜﺔ‬
‫أﻣﺎن‪ ،‬أي ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ اﻟﻤﺨﺎطﺮة ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺒﺮ واﻻﺳﺘﻤﺮار ﺣﺘﻰ‬
‫ﻳﺤﻘﻘﻮا اﻟﻨﺠﺎح‪ .‬اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﯿﻢ ﺟﯿﺪ‪ ،‬واﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﺷﺒﻜﺔ‬
‫أﺻﺪﻗﺎء ذوي ﻧﻔﻮذ‪ ،‬واﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻛﯿﻒ‬
‫ﻳﻚــــوﻧﻮن فــــي اﻟﻤﻚــــان اﻟﻤﻨﺎســب فــي الــوﻗﺖ اﻟﻤﻨﺎســب ‪ -‬ﺟﻤﯿﻊــھﻢ لــدﻳﮫﻢ ﻓﺮصــة أﻓﺾــل‬
‫ﻟﻠﺤﺺــول ﻋﻞــى اﻟﻨﺘﯿﺞــة اﻟﻢــرﺟﻮة مــن بــذل اﻟﺞــھﺪ‪ .‬اﻟﺞــھﺪ اﻟﻤﺲــﺗﻨﺪ إلــى اﻟﻢــال واﻟﺘﻌﻞــﻳﻢ‬
‫واﻟﻌﻼﻗﺎت ﻳﻨﺠﺢ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺒﺮ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻷﻗﻞ‪ ،‬وﺑﺮﻏﻢ ﺑﺬل أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻣﻦ ﺟﮫﺪ‪ ،‬ﻓﯿﻤﻜﻦ ﻋﺮﻗﻠﺔ ﻣﺴﯿﺮﺗﮫﻢ ﺑﺴﮫﻮﻟﺔ‬
‫ﻛﺒﯿﺮة‪ .‬ﺗﺨﯿﻞ أن اﻟﻤﺼﻨﻊ اﻟﺬي ﻋﻤﻠﺖ ﺑﻪ طﻮال ﺣﯿﺎﺗﻚ‬
‫أوقــف ﻋﻤﻞــه ﻓﺞــأة‪ ،‬مــاذا ﺑﻊـد؟ ﻳﻢـرض طﻔﻞـك وﻳﺘﺲـﺑﺐ ذلـك فـي تـراﻛﻢ الـدﻳﻮن ﺣﻮلـك‪،‬‬
‫وھﻚـذا ﻳﺾـﻳﻊ اﻟﻢـﻧﺰل‪ ،‬وتـھﺮب زوﺟﺖـك بـاﻟﻤﺎل الـذي ﻛﻨﺘﻢـا تـدﺧﺮاﻧﻪ وﺗﺘﺮكـك مـع‬
‫اﻷطﻔﺎل واﻟﻔﻮاﺗﯿﺮ‪ .‬ﻧﺎھﯿﻚ ﻋﻦ ﻣﺼﺮوﻓﺎت اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺪراﺳﯿﺔ اﻟﻤﺴﺎﺋﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺒﻞ أن ﻧﺤﻜﻢ‪ ،‬ﻟﻨﺘﺬﻛﺮ أن ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ ﻟﯿﺲ ھﻮ ﻛﻞ ﺷﻲء‪ ،‬وأن ﻟﯿﺲ ﻛﻞ اﻟﺠﮫﻮد ﻋﻠﻰ ﻗﺪم اﻟﻤﺴﺎواة‪.‬‬
‫ﺣﺎ‪.‬‬‫ﺳﺆال‪ :‬ﺗﻮاﺻﻠﯿﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻛﯿﻒ أن ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻷواﺋﻞ وأﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻗﯿﻦ وأﻛﺜﺮ ﻧﺠﺎ ً‬
‫أﻻ ﺗﮫﺘﻢ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺑﺎﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ‪ ،‬ﻻ ﺑﺎﻟﺘﻔﻮق‬
‫ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ؟‬
‫اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ أﻣﺜﻠﺔ ﻋﻦ أﺷﺨﺎص اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا اﻟﺘﻔﻮق ﺣﺘﻰ أوﺿﺢ إﻟﻰ أي ﻣﺪى ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ أن ﺗﺼﻞ ﺑﻚ‪:‬‬
‫اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺄن اﻟﻤﻮاھﺐ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻨﻤﯿﺘﮫﺎ ﻳﻤﻜِّﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﺑﺬل‬
‫إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻌﺎ ﻟﺬوي‬ ‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن اﺳﺘﺨﺪام أﻣﺜﻠﺔ ﻋﻦ أﺷﺨﺎص ھﺎدﺋﻲ اﻟﺒﺎل ﻳﺴﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﻮﻗﺘﮫﻢ ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻣﻘﻨ ً‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؛ ﻓﺘﻠﻚ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻻ ﺗﻘﺪم ﺑﺪﻳﻼ ﻟﮫﻢ ﻷﻧﮫﺎ ﺗﺠﻌﻞ‬
‫اﻷﻣﺮ ﻳﺒﺪو ﻛﺎﻻﺧﺘﯿﺎر ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺘﻌﺔ واﻟﺒﺮاﻋﺔ‪.‬‬
‫ومــع ذلــك‪ ،‬ﺗﻞــك اﻟﻨﻘﻂـة ﺟﻮھﺮيـة‪ :‬ﻋﻘﻠﻲـة اﻟﻨﻢـو بـاﻟﻔﻌﻞ ﺗﺖـﻳﺢ ﻟﻠﻦـاس أن ﻳﺤﺐـوا مـا ﻳﻔﻌﻠﻮنـه ‪-‬‬
‫وﻳﺲـﺗﻤﺮوا فـي ﺣﺐـه بـرﻏﻢ اﻟﺺـﻋﻮﺑﺎت‪ .‬اﻟﺮﻳﺎضـﻳﻮن واﻟﺮؤسـاء اﻟﺘﻨﻔﻲـذﻳﻮن‬
 ‫واﻟﻤﻮﺳﯿﻘﯿﻮن واﻟﻌﻠﻤﺎء ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﺟﻤﯿﻌﮫﻢ أﺣﺒﻮا ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻪ‪ ،‬ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻟﻢ ﻳﺤﺒﻮا ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻪ‪.‬‬
‫ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻟﻢ ﻳﻘﻮﻣﻮا وﻟﻮ ﺑﺎﻟﺘﺨﻄﯿﻂ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻘﻤﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻨﮫﻢ وﺻﻠﻮا إﻟﯿﮫﺎ ﻛﻨﺘﯿﺠﺔ ﻟﻔﻌﻠﮫﻢ ﻣﺎ‬
‫ﻳﺤﺒﻮن‪ .‬إﻧﻪ أﻣﺮ ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻠﺴﺨﺮﻳﺔ‪ .‬اﻷﺷﺨﺎص ذوو‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ھﻢ ﻣﻦ ﻳﺘﻮﻗﻮن ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻘﻤﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﻦ ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ھﻢ ﻣﻦ ﻳﺼﻠﻮن إﻟﯿﮫﺎ‬
‫ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﺘﺤﻤﺴﮫﻢ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻪ‪.‬‬
‫ﻀﺎ ﺟﻮھﺮﻳﺔ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻛﻞ اﻷﻣﻮر ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﺘﯿﺠﺔ‪ .‬إذا أﺧﻔﻘﺖ ‪ -‬أو إذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻷﻓﻀﻞ‬ ‫ھﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ أﻳ ً‬
‫‪ -‬ﻓﻜﻞ اﻟﺠﮫﻮد ذھﺒﺖ ھﺒﺎًء‪ .‬أﻣﺎ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﺘﺠﻌﻞ‬
‫اﻟﻦــاس ﻳﻖــدرون مــا ﻳﻖــوﻣﻮن بــه ﺑﻎــض اﻟﻨﻆــر عــن اﻟﻨﺘﯿﺞــة ‪ .‬ﻳﻊــاﻟﺠﻮن اﻟﻤﺶــﻛﻼت وﻳﺮســﻣﻮن‬
‫ﺟﺎ ﻟﻢـرض‬ ‫ﺧﻂــطًﺎ جــدﻳﺪة وﻳﻌﻤﻞــون ﻋﻞـى ﻗﺾـاﻳﺎ مـھﻤﺔ‪ .‬رﺑﻢـا لـم ﻳﺞـدوا عـﻻ ً‬
‫اﻟﺴﺮطﺎن‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﺒﺤﺚ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻷھﻤﯿﺔ‪.‬‬
‫م ﻳﻮاﺟﻪ أﻛﺒﺮ ﺑﻨﻚ ﻓﻲ وﻻﻳﺘﻪ ﻟﻤﺪة ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات ﺑﺎﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﻋﻦ أﺷﺨﺎص ﺷﻌﺮوا أن اﻟﺒﻨﻚ ﻗﺪ اﺣﺘﺎل‬ ‫ظﻞ ﻣﺤﺎ ٍ‬
‫ﻋﻠﯿﮫﻢ‪ .‬وﺑﻌﺪ أن ﺧﺴﺮ اﻟﻘﻀﯿﺔ ﻗﺎل‪" :‬ﻣﻦ أﻧﺎ ﻷﻗﻮل إﻧﻪ ﻟﻤﺠﺮد‬
‫ﺖ ﺑﮫﺬا ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻨﺠﺎح‪ ،‬أو أﻧﻲ ﻓﻌﻠﺘﻪ ﻷﻧﻲ‬ ‫أﻧﻲ ﻗﻀﯿﺖ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮات ﻓﻲ أﻣﺮ ﻣﺎ ﻓﺄﺳﺘﺤﻖ اﻟﻨﺠﺎح؟ ھﻞ ُﻗ ْ‬
‫ﻤ ُ‬
‫ت أن اﻟﺠﮫﺪ ﺑﺤﺪ ذاﺗﻪ ﻛﺎن ﻗﺎﻧﻮﻧﯿًّﺎ؟"‪.‬‬ ‫اﻋﺘﻘﺪ ُ‬
‫ﻲ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﮫﺬا‪ .‬ﻟﻢ أﻛﻦ ﻷﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ"‪.‬‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻠ‬ ‫ﻋ‬ ‫ن‬ ‫ﺎ‬‫ﻛ‬ ‫؛‬‫ﺮ‬ ‫ﻣ‬ ‫ﻷ‬‫ا‬ ‫ا‬‫ﺬ‬ ‫ھ‬ ‫ﻰ‬‫ﻠ‬ ‫ﻋ‬ ‫م‬ ‫ﺪ‬ ‫ﻧ‬‫أ‬ ‫ﻻ‬ ‫ﺎ‬‫ﻧ‬ ‫أ‬‫وﻗﺎل‪" :‬‬
‫ســؤال‪ :‬أعــرف اﻟﻜﺚــﻳﺮ مــن اﻟﻦــاس اﻟﻤﺠﺖـھﺪﻳﻦ فـي اﻟﻌﻢـل ﺑﺶـدة ﻣﻢـن ﻳﺐـدو أن لـدﻳﮫﻢ‬
‫ﻣﺎ إﺛﺐـات مـدى ذﻛﺎئـھﻢ‪ ،‬وﻟﻜﻦـھﻢ بـاﻟﻔﻌﻞ ﻳﻌﻤﻞـون ﺑﺞـد‬ ‫ﻋﻘﻠﻲـة ﺛﺎﺑﺖـة‪ ،‬ﻳﺢـاوﻟﻮن دائـ ً‬
‫وﻳﺨﻮﺿﻮن اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت‪ .‬ﻓﻜﯿﻒ ﻳﺘﻤﺎﺷﻰ ذﻟﻚ ﻣﻊ ﻓﻜﺮﺗﻚ ﺑﺄن اﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻳﮫﺘﻤﻮن ﺑﺒﺬل اﻟﻘﻠﯿﻞ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺠﮫﺪ واﻟﻤﮫﺎم اﻟﺴﮫﻠﺔ؟‬
‫ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم‪ ،‬اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻳﻔﻀﻠﻮن اﻟﻨﺠﺎح ﺑﻼ ﺟﮫﺪ؛ ﺣﯿﺚ إن ﺗﻠﻚ ھﻲ أﻓﻀﻞ طﺮﻳﻘﺔ ﻹﺛﺒﺎت‬
‫ﻀﺎ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ‬‫ﻣﻮاھﺒﮫﻢ‪ .‬وﻟﻜﻨﻚ ﻋﻠﻰ ﺻﻮاب‪ ،‬ھﻨﺎك أﻳ ً‬
‫اﻟﻦــاس الــذﻳﻦ لــدﻳﮫﻢ قــدرة ﻣﺮﺗﻔﻊــة وﻳﻌﺘﻖــدون أن ســﻣﺎﺗﮫﻢ ﺛﺎﺑﺖــة وﻳﺘﻄﻠﻊــون إلـى اﻟﺤﺺـول‬
‫ﻋﻞـى إقـرار ﻣﺲـﺗﻤﺮ ﺑﻨﺠﺎحـھﻢ‪ .‬رﺑﻢـا ﻳﻚـون مـن ﺑﯿﻦـھﻢ أشـﺧﺎص هـدﻓﮫﻢ فـي‬
‫اﻟﺤﻲــاة اﻟﻒــوز ﺑﺞــاﺋﺰة ﻧﻮبــل‪ ،‬أو أن ﻳﺺــﺑﺤﻮا أﻏﻦـى أشـﺧﺎص ﻋﻞـى ظـھﺮ اﻟﻚـوﻛﺐ‪ ،‬وهـم ﻋﻞـى‬
‫ﺻﺎ كـھﺆﻻء فـي‬ ‫اسـﺗﻌﺪاد ﻟﺐـذل اﻟﺞـھﺪ الـﻻزم ﻟﺘﺤﻖـﻳﻖ ذلـك‪ .‬سـﻧﺸﺎھﺪ أشـﺧﺎ ً‬
‫ﻓﺼﻞ ﻗﺎدم ﻋﻦ اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﻘﯿﺎدة‪.‬‬
‫أوﻟﺌﻚ اﻷﺷﺨﺎص رﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﺘﻘﺪون أن اﻟﺠﮫﺪ اﻟﻤﺮﺗﻔﻊ ﻳﻌﻨﻲ ﻗﺪرة ﻗﻠﯿﻠﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻷﺧﺮى اﻟﻤﻜﻮﻧﺔ‬
‫ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؛ ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻳﺴﺘﻌﺮﺿﻮن ﻣﻮھﺒﺘﮫﻢ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار‪،‬‬
‫ورﺑﻤﺎ ﻳﺸﻌﺮون أن ﻣﻮھﺒﺘﮫﻢ ﺗﺠﻌﻠﮫﻢ ﻳﺘﻤﯿﺰون ﻋﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬ورﺑﻤﺎ ﻟﯿﺲ ﻟﺪﻳﮫﻢ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻤﻞ ارﺗﻜﺎب‬
‫اﻷﺧﻄﺎء‪ ،‬أو اﻟﻨﻘﺪ أو اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت‪ ،‬أو أي ﺷﻲء ﻗﺪ ﻳﻌﯿﻖ‬
‫ﺗﻘﺪﻣﮫﻢ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻗﺪ ﻳﻮد اﻷﺷﺨﺎص ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ أن ﻳﺤﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ أو رﺑﺢ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺎل‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻻ‬
‫ﻳﺴﻌﻮن ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺈﺛﺒﺎت ﻟﻘﯿﻤﺘﮫﻢ أو ﻷﻧﻪ ﺳﯿﺠﻌﻠﮫﻢ أﻓﻀﻞ‬
‫ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫ﺳﺆال‪ :‬ﻣﺎذا ﻟﻮ ﻛﻨﺖ أﺣﺐ ﻋﻘﻠﯿﺘﻲ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؟ إذن ﻛﻨﺖ أﻋﺮف ﻗﺪراﺗﻲ وﻣﻮاھﺒﻲ وأﻋﺮف ﻣﺎ وﺻﻠﺖ إﻟﯿﻪ وأﻋﺮف‬
‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺠﺐ أن أﺗﻮﻗﻌﻪ؛ ﻓﻠﻤﺎذا أﺗﺨﻠﻰ ﻋﻦ ذﻟﻚ؟‬
‫إذا أﺣﺒﺒﺖ ذﻟﻚ ﻓﺎﺳﺘﻤﺮ ﻓﯿﻪ ﺑﻜﻞ اﻟﻄﺮق‪ .‬ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻳﻮﺿﺢ ﻟﻠﻨﺎس أن ﻟﺪﻳﮫﻢ اﻟﺨﯿﺎر ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮﺿﯿﺢ‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ واﻟﺤﯿﺎة اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻨﻌﮫﺎ ﻛﻞ ﻣﻨﮫﻤﺎ‪ .‬اﻟﻔﻜﺮة أن اﻟﻨﺎس‬
‫ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ اﺧﺘﯿﺎر اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪون اﻟﻌﯿﺶ ﻓﯿﮫﺎ‪.‬‬
‫ﺤﺎ‪ :‬ﻟﯿﺲ‬ ‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺗﺠﻌﻠﻚ ﺗﺸﻌﺮ أﻧﻚ ﺗﻌﺮف ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﺣﻮل ذاﺗﻚ‪ .‬وھﺬا اﻷﻣﺮ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺮﻳ ً‬
‫ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺤﺎول ﻓﻌﻞ اﻷﻣﻮر ﻷﻧﻚ ﻻ ﺗﻤﺘﻠﻚ اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪،‬‬
‫ﻤﺎ ﺳﺘﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ أﻣﻮر أﺧﺮى ﻷن ﻟﺪﻳﻚ اﻟﻤﻮھﺒﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ‪.‬‬ ‫وأﻧﻚ ﺣﺘ ً‬
‫وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﮫﻢ أن ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻰ وﻋﻲ ﺑﻌﯿﻮب ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ؛ ﻓﺮﺑﻤﺎ ﺗﻀﯿِ ّﻊ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﺎ ﻷﻧﻚ ﺗﺴﺘﮫﯿﻦ‬
‫ﺑﻤﻮھﺒﺘﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎم اﻷول‪ .‬أو ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎم اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ ،‬رﺑﻤﺎ ُﺗﻀﻌﻒ‬
‫ﻓﺮص ﻧﺠﺎﺣﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺼﻮر أن ﻣﻮھﺒﺘﻚ وﺣﺪھﺎ ﺳﺘﺆدي إﻟﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﻨﺠﺎح‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ‪ ،‬أن ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻚ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ ﻻ ﻳﺠﺒﺮك أن ﺗﺴﻌﻰ ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ ﺷﻲء‪ .‬ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﺨﺒﺮك ﻓﻘﻂ ﺑﺄﻧﻚ‬
‫ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ ﺗﻨﻤﯿﺔ ﻣﻮاھﺒﻚ؛ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻣﺘﺮوك ﻟﻚ ﻓﯿﻤﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﻓﻌﻠﻪ‪.‬‬
‫ﺳﺆال‪ :‬ھﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﺷﺨﺎص‪ ،‬وھﻞ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس أن ﻳﺤﺎوﻟﻮا ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮن‬
‫ﺗﻐﯿﯿﺮه؟‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ھﻲ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺄن اﻟﻘﺪرات ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺼﻘﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻻ ﻳﺨﺒﺮك ﺑﻤﺪى اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ اﻟﻤﻤﻜﻦ ﺗﺤﻘﯿﻘﻪ أو‬
‫ﻣﺎ اﻟﻤﺪة اﻟﺘﻲ ﺳﯿﺴﺘﻐﺮﻗﮫﺎ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن ﻛﻞ‬
‫ﺷﻲء‪ ،‬ﻛﺎﻟﻤﺰاﻳﺎ واﻟﻘﯿﻢ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻐﯿﯿﺮه‪.‬‬
‫ذات ﻣﺮة ﻛﻨﺖ أﺳﺘﻘﻞ ﺳﯿﺎرة أﺟﺮة‪ ،‬واﻟﺴﺎﺋﻖ ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻤﻊ إﻟﻰ ﻣﻮﺳﯿﻘﻰ اﻷوﺑﺮا ﻋﺒﺮ اﻟﺮادﻳﻮ‪ ،‬ﻓﻔﻜﺮت ﻓﻲ أن‬
 ‫أﺑﺪأ ﺣﺪﻳًﺜﺎ ﻣﻌﻪ وﻗﻠﺖ‪" :‬ھﻞ ﺗﺤﺐ اﻷوﺑﺮا؟"‪ ،‬أﺟﺎﺑﻨﻲ‪" :‬ﻻ‪،‬‬
‫أﻧﺎ أﻛﺮھﮫﺎ‪ .‬ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﻛﺮھﺘﮫﺎ"‪ .‬ﻗﻠﺖ‪" :‬ﻻ أﻗﺼﺪ اﻟﺘﻄﻔﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎذا ﺗﺴﺘﻤﻊ إﻟﯿﮫﺎ؟" ﻓﺄﺧﺒﺮﻧﻲ ﻛﯿﻒ أن واﻟﺪه ﻛﺎن‬
‫ﻌﺎ ﺑﺎﻷوﺑﺮا وﻳﺴﺘﻤﻊ إﻟﻰ ﺗﺴﺠﯿﻼﺗﻪ اﻟﻜﻼﺳﯿﻜﯿﺔ ﻛﻠﻤﺎ‬ ‫ﻣﻮﻟ ً‬
‫ﺳﻨﺤﺖ ﻟﻪ اﻟﻔﺮﺻﺔ‪ .‬ﻛﺎن اﻟﺴﺎﺋﻖ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻋﻤﺮه‪ ،‬وﻛﺎن ﻗﺪ ﺣﺎول ﻟﺴﻨﻮات ﻛﺜﯿﺮة أن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻻﺳﺘﻤﺘﺎع‬
‫ﺗﺠﺎه اﻷوﺑﺮا؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﺸﻐﻞ اﺳﻄﻮاﻧﺎت اﻟﻤﻮﺳﯿﻘﻰ وﻳﻘﺮأ‬
‫ﻂ ﻟﻨﻔﺴﻚ اﺳﺘﺮاﺣﺔ‪ ،‬ھﻨﺎك ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس‬ ‫اﻟﻨﻮﺗﺔ اﻟﻤﻮﺳﯿﻘﯿﺔ‪ ،‬ﻛﻞ ذﻟﻚ دون ﺟﺪوى‪ .‬ﻧﺼﺤﺘﻪ ﻗﺎﺋﻠﺔ‪" :‬أﻋ ِ‬
‫اﻟﻤﺜﻘﻔﯿﻦ واﻷذﻛﯿﺎء ﻣﻤﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ ﺗﺤﻤﻞ اﻷوﺑﺮا‪ .‬ﻓﻠﻤﺎذا ﻻ‬
‫ﺪ ﻧﻔﺴﻚ واﺣًﺪا ﻣﻨﮫﻢ؟"‪.‬‬ ‫ﻌ ﱡ‬
‫ﺗَ ُ‬
‫ﻀﺎ ﻣﻦ ﻧﻘﺎﺋﺼﻨﺎ‪،‬‬ ‫ﻀﺎ أن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻐﯿﯿﺮه ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻐﯿﺮ‪ .‬ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﻌﺎ أن ﻧﺘﻘﺒﻞ ﺑﻌ ً‬ ‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ أﻳ ً‬
‫ﺻﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻟﯿﺲ ﻟﮫﺎ ﺿﺮر ﺣﻘﯿﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﯿﺎﺗﻨﺎ‬ ‫وﺧﺼﻮ ً‬
‫أو ﺣﯿﺎة اﻵﺧﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫ﺗﻖــف اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖـة ﻋﻘﺐـة فـي طـرﻳﻖ اﻟﺘﻂـور واﻟﺘﻎـﻳﯿﺮ‪ .‬ﻋﻘﻠﻲـة اﻟﻨﻢـو هـي ﻧﻘﻂـة بـداﻳﺔ مـن‬
‫أجـل اﻟﺘﻎـﻳﯿﺮ‪ ،‬وﻟﻚـن ﻋﻞـى اﻟﻦـاس أن ﻳﻖـرروا ﻷﻧﻔﺲـھﻢ أي اﻟﺞـواﻧﺐ اﻟﺖـي مـن ﺧﻼﻟﮫﺎ ﺳﺘﻜﻮن‬
‫ﺟﮫﻮدھﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ أﻛﺜﺮ ﻗﯿﻤﺔ‪.‬‬
‫ﺳﺆال‪ :‬ھﻞ ﻳﻔﺘﻘﺮ اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ إﻟﻰ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ؟‬
‫ﻻ‪ ،‬اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻟﺪﻳﮫﻢ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﻟﺪى ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻗﺒﻞ ﺣﺪوث أي أﻣﺮ‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺘﺨﯿﻞ أن ﺛﻘﺘﮫﻢ ﺳﮫﻠﺔ اﻟﻜﺴﺮ؛ ﺣﯿﺚ‬
‫ﻀﺎ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻨﮫﺎ إﺿﻌﺎف ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻘﺔ‪.‬‬ ‫إن اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت‪ ،‬ﺑﻞ واﻟﺠﮫﺪ أﻳ ً‬
‫أجــرى "جــوزﻳﻒ مــارﺗﻮﻛﯿﻮ" ﺑﺢــﺛًﺎ ﻋﻞــى ﻣﻮظﻒــﻳﻦ كــاﻧﻮا ﻳﺪرســون دورة تـدرﻳﺒﯿﺔ ﻗﺺـﻳﺮة عـن‬
‫اﻟﻜﻤﺐـﻳﻮﺗﺮ‪ .‬تـم وضـع ﻧﺺـف اﻟﻤﻮظﻒـﻳﻦ فـي اﻟﻌﻘﻠﻲـة اﻟﺜﺎﺑﺖـة‪ ،‬وأﺧﺐـرھﻢ أن اﻷمـر‬
‫ﻳﺘﻌﻞــق ﺑﻢــدى قــدرﺗﮫﻢ‪ .‬أمــا اﻟﻨﺺــف اﻵخــر مــن اﻟﻤﻮظﻒــﻳﻦ ﻓﻖــد تــم وضــﻋﮫﻢ فــي ﻋﻘﻠﻲــة‬
‫اﻟﻨﻢــو؛ حــﻳﺚ أﺧﺐـرھﻢ أن مـھﺎرات اﻟﻜﻤﺐـﻳﻮﺗﺮ ﻳﻤﻚـن ﺗﻨﻤﯿﺖـھﺎ ﻋﺐـر اﻟﻤﻤﺎرسـة‪ .‬ﺗﺶـﺑ ّﻊ‬
‫اﻟﺠﻤﯿﻊ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ‪ ،‬ﺛﻢ ﺑﺎﺷﺮوا اﻟﺪورة اﻟﺘﺪرﻳﺒﯿﺔ‪.‬‬
‫ﺑﺮﻏﻢ أن اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺘﯿﻦ ﺑﺪأﺗﺎ اﻟﺪورة اﻟﺘﺪرﻳﺒﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺴﺘﻮى ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﻗﺪراﺗﮫﻢ اﻟﺤﺎﺳﻮﺑﯿﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫﻢ‬
‫ﺑﻨﮫﺎﻳﺔ اﻟﺪورة ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺨﺘﻠﻔﯿﻦ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ؛ اﻟﻤﻮظﻔﻮن ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﻨﻤﻮ اﻛﺘﺴﺒﻮا ﺛﻘﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﻓﻲ ﻗﺪراﺗﮫﻢ اﻟﺤﺎﺳﻮﺑﯿﺔ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻣﻮاﺻﻠﺘﮫﻢ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬ﺑﺮﻏﻢ اﻷﺧﻄﺎء اﻟﻜﺜﯿﺮة اﻟﺘﻲ‬
‫ﻤﺎ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻠﻚ اﻷﺧﻄﺎء‪ ،‬اﻟﻤﻮظﻔﻮن ذوو‬ ‫ﻓﻌﻠﻮھﺎ ﺣﺘ ً‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻗﺪ ﻓﻘﺪوا اﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﻗﺪراﺗﮫﻢ اﻟﺤﺎﺳﻮﺑﯿﺔ أﺛﻨﺎء ﻣﻮاﺻﻠﺘﮫﻢ اﻟﺘﻌﻠﻢ!‬
‫ﺣﺪث اﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻊ طﻼب ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻟﯿﻔﻮرﻧﯿﺎ‪ .‬ﺗﻌﻘﺐ "رﻳﺘﺸﺎرد روﺑﻨﺰ" و"ﺟﻨﯿﻔﺮ ﺑﺎل" طﻼب ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻟﯿﻔﻮرﻧﯿﺎ‪،‬‬
‫اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﯿﺮﻛﻠﻲ‪ ،‬ﺧﻼل ﺳﻨﻮات دراﺳﺘﮫﻢ‬
‫فــي اﻟﺠﺎﻣﻊــة؛ وجــدوا أن اﻟﻂــﻻب الــذﻳﻦ لــدﻳﮫﻢ ﻋﻘﻠﻲــة ﻧﻢــو‪ ،‬ﻳﻜﺘﺲــﺑﻮن ﺛﻖــًة فــي أﻧﻔﺲــھﻢ‬
‫ﻛﻠﻢــا واجــھﻮا اﻟﺘﺢــدﻳﺎت اﻟﺠﺎﻣﻌﻲــة وﺗﻐﻠﺐــوا ﻋﻠﻲــھﺎ‪ ،‬واﻟﻂــﻻب الــذﻳﻦ لــدﻳﮫﻢ‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﺗﻀﻌﻒ ﺛﻘﺘﮫﻢ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﮫﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت ﻧﻔﺴﮫﺎ‪.‬‬
‫وﻟﮫﺬا ﻋﻠﻰ ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ أن ﻳﻌﺘﻨﻮا ﺑﺜﻘﺘﮫﻢ وﻳﺤﻤﻮھﺎ‪ .‬و ﻛﺎن ھﺬا ھﻮ اﻟﮫﺪف ﻣﻦ أﻋﺬار "ﺟﻮن ﻣﺎﻛﻨﺮو"‪ :‬أن‬
‫ﻳﺤﻤﻲ ﺛﻘﺘﻪ‪.‬‬
‫"ﻣﯿﺸﯿﻞ وي" ھﻲ ﻻﻋﺒﺔ ﺟﻮﻟﻒ ﻣﺮاھﻘﺔ ﻗﺮرت ﻣﻮاﺟﮫﺔ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ اﻟﻜﺒﺎر‪ .‬اﺷﺘﺮﻛﺖ ﻓﻲ دورة ﺳﻮﻧﻲ‬
‫اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ‪ ،‬وھﻲ دورة رﻳﺎﺿﯿﺔ ﺗﻨﻈﻤﮫﺎ راﺑﻄﺔ ﻻﻋﺒﻲ اﻟﺠﻮﻟﻒ اﻟﻤﺤﺘﺮﻓﯿﻦ‪،‬‬
‫وھﻲ ﺗﻀﻢ أﻓﻀﻞ ﻻﻋﺒﻲ اﻟﺠﻮﻟﻒ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ .‬وﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬اﻧﺒﺮى اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻓﻲ ﺗﺤﺬﻳﺮھﺎ‬
‫ﻤﺎ ﻓﻲ ﺛﻘﺘﮫﺎ إذا ﻟﻢ ﺗﻠﻌﺐ‬ ‫ﻣﻦ أﻧﮫﺎ ﻗﺪ ُﺗﺤﺪث ﺿﺮًرا ﺟﺴﯿ ً‬
‫ﺑﺸﻜﻞ ﺟﯿﺪ ‪ -‬ﻓﻘﺎل أﺣﺪھﻢ‪" :‬ﺑﺬل اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﮫﻮد اﻟﻤﺒﻜﺮة ﻟﻤﻮاﺟﮫﺔ ﻣﻨﺎﻓﺴﯿﻦ أﻗﻮى ﻗﺪ ﻳﻀﺮ ﺑﺘﻄﻮرھﺎ طﻮﻳﻞ‬
‫اﻟﻤﺪى"‪ .‬وﻗﺎل "ﻓﯿﺠﺎي ﺳﯿﻨﺞ" ﻻﻋﺐ اﻟﺠﻮﻟﻒ اﻟﺒﺎرز ﻓﻲ‬
‫ﻤﺎ أﻣﺮ ﺳﻠﺒﻲ أﻻ ﺗﻔﻮز"‪.‬‬ ‫ﺗﻠﻚ اﻟﺪورة‪" :‬إﻧﻪ داﺋ ً‬
‫وﻟﻜﻦ "وي" اﺧﺘﻠﻔﺖ ﻣﻊ ھﺬا اﻟﺮأي‪ .‬ﻟﻢ ﺗﺸﺘﺮك "وي" ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺪورة اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ ﻟﺘﺼﻘﻞ ﺛﻘﺘﮫﺎ ﺑﻘﺪراﺗﮫﺎ‪ .‬ﻗﺎﻟﺖ‪:‬‬
‫"ﻓﻮر أن ﺗﻔﻮز ﺑﺎﻟﺪورات اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ‪ ،‬ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺲــھﻞ أن ﺗﻒــوز ﻟﻢــرات عــدة‪ .‬مــا ســأﻓﻌﻠﻪ هــو اﻻســﺗﻌﺪاد ﻟﻠﻤﺲــﺗﻘﺒﻞ"‪ ،‬ﻟﻖــد كـاﻧﺖ ﺗﺲـﻋﻰ‬
‫ﻟﻠﺤﺺـول ﻋﻞـى ﺧﺐـرة اﻟﺘﻌﻞـم ‪ -‬واﻟﺖـي كـاﻧﺖ ﺗﻌﻦـي اﻟﻠﻊـب أمـام أﻓﺾـل ﻻﻋﺐـي‬
‫اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ إطﺎر دورة رﻳﺎﺿﯿﺔ‪.‬‬
‫ﺑﻊــد اﻧﺖــھﺎء ﻓﻊــاﻟﯿﺎت الــدورة‪ ،‬لــم تــھﺘﺰ ﺛﻖــة "وي" قــدر أﻧﻤﻞــة؛ ﻟﻖــد ﺣﺺــﻟﺖ ﻋﻞــى مـا‬
‫أرادتـه ﺑﺎﻟﺾـﺑﻂ‪ ،‬وقـاﻟﺖ عـن هـذا‪" :‬أظـن أنـي عـرﻓﺖ أن ﺑﺎسـﺗﻄﺎﻋﺘﻲ اﻟﻠﻊـب ھﻦـا"‪.‬‬
‫ﺳﯿﻜﻮن طﺮﻳﻘﮫﺎ طﻮﻳًﻼ ﺣﺘﻰ ﺗﺪﺧﻞ إﻟﻰ داﺋﺮة اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ‪ ،‬إﻻ أﻧﮫﺎ أﺻﺒﺢ ﻟﺪﻳﮫﺎ ﺗﺼﻮر ﻟﻤﺎ ﺗﺼﺒﻮ إﻟﯿﻪ‪.‬‬
‫ﻣﻨﺬ ﻋﺪة ﺳﻨﻮات ﺗﻠﻘﯿﺖ ﺧﻄﺎﺑًﺎ ﻣﻦ ﺳﺒﺎﺣﺔ ﻋﺎﻟﻤﯿﺔ‪:‬‬
‫ﻋﺰﻳﺰﺗﻲ اﻷﺳﺘﺎذة دوﻳﻚ‪:‬‬
‫ﻲ بــأن أثــق ﺑﻨﻔﺲــي ﺑﻨﺲــﺑﺔ‬ ‫ﱠ‬ ‫ِ‬ ‫ﺑ‬‫ّ‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ﺪ‬
‫َ‬ ‫ﻣ‬
‫ُ‬ ‫ﻰ‬ ‫ﻨ‬‫ﺣ‬ ‫ـ‬‫ـ‬‫ﺺ‬ ‫ﻧ‬ ‫ﺎ‬‫ﻤ‬ ‫ﻟ‬‫ا‬‫ـ‬‫ـ‬ ‫ط‬ ‫ة‪.‬‬‫ـ‬‫ـ‬ ‫ﻖ‬ ‫ﺜ‬‫ﻟ‬‫ا‬ ‫ص‬ ‫و‬‫ـ‬‫ـ‬ ‫ﺺ‬ ‫ﺨ‬ ‫ﺑ‬ ‫ﺔ‬‫ﻠ‬ ‫ﻟﻂــاﻟﻤﺎ عــاﻧﯿﺖ ﻣﺶــﻛ‬
‫‪ .%100‬ﻧﺺــﺣﻮﻧﻲ أﻻ أدع أي شــك يــدﺧﻞ إلــى ﻋﻘﻞــي حــول كــﻳﻒ أنــي أﻓﺾــل مــن‬
‫ﻤﺎ ﻣﺎ أﻛﻮن ﻋﻠﻰ وﻋﻲ ﺗﺎم ﺑﻌﯿﻮﺑﻲ وأﺧﻄﺎﺋﻲ اﻟﺘﻲ أﻓﻌﻠﮫﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ‬ ‫اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ .‬ﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ أن أﻓﻌﻞ ھﺬا ﻷﻧﻲ داﺋ ً‬
‫ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ رﻳﺎﺿﯿﺔ‪ .‬وﻣﺤﺎوﻟﺔ أن أﻓﻜﺮ ﻓﻲ أﻧﻲ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺟﻌﻠﺖ‬
‫اﻷﻣﺮ ﻳﺰداد ﺳﻮًءا‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺮأت ﻛﺘﺎﺑﻚ وﻛﯿﻒ أن ﻣﻦ اﻟﻤﮫﻢ اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻠﻢ واﻟﺘﺤﺴﻦ‪ .‬ﻟﻘﺪ ﻏﯿﺮﻧﻲ؛ رأﻳﺖ أن‬
‫ﻋﯿﻮﺑﻲ ھﻲ أﻣﻮر ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﯿﮫﺎ! اﻵن ﻟﻢ ﻳﻌﺪ اﻟﺨﻄﺄ‬
‫ﻚ ھﺬا اﻟﺨﻄﺎب ﻷﻧﻚ ﻋﻠﱠﻤِﺘﻨﻲ ﻛﯿﻒ أﻛﺘﺴﺐ اﻟﺜﻘﺔ‪ .‬ﺷﻜًﺮا ﻟﻚ‪.‬‬ ‫ﺷﯿًﺌﺎ ذا أھﻤﯿﺔ ﻛﺒﯿﺮة‪ .‬أردت أن أﻛﺘﺐ ﻟ ِ‬
‫ﺧﺎﻟﺺ ﺗﺤﯿﺎﺗﻲ‪،‬‬
‫ﻣﺎري وﻳﻠﯿﺎﻣﺰ‬
‫ﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﺸﻲء اﻟﻤﻠﺤﻮظ اﻟﺬي ﺗﻌﻠﻤﺘﻪ ﺧﻼل ﺑﺤﺜﻲ أﻧﻚ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻟﺴﺖ داﺋ ً‬
‫ﻣﺎ أﻋﻨﯿﻪ أﻧﻚ ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮى أﻧﻚ ﻟﺴﺖ ﺟﯿًﺪا ﻓﻲ أﻣﺮ ﻣﺎ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻈﻞ ﻣﺘﻔﺎﻧﯿًﺎ ﻓﯿﻪ ﺑﻜﻞ إﺧﻼص وﺗﻠﺘﺰم ﺑﻪ‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻗﺪ ﺗﺘﻔﺎﻧﻰ ﻓﻲ أﻣﺮ ﻣﺎ ﻷﻧﻚ ﻟﺴﺖ‬
‫ﻋﺎ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ أﻣﺮ ﻣﺎ‬ ‫ﺟﯿًﺪا ﻓﻲ ﻓﻌﻠﻪ‪ .‬ﺗﻠﻚ ﻣﯿﺰة راﺋﻌﺔ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬ﻟﯿﺲ ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﻌﺘﻘﺪ أﻧﻚ إذا ﻛﻨﺖ ﺑﺎر ً‬
‫ﻓﺴﺘﺮﻳﺪ أن ﺗﻔﻌﻠﻪ وﺳﺘﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﻘﯿﺎم ﺑﻪ‪.‬‬
‫دا ﻻ ﻳﺤﺼﻰ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ واﻟﻤﻘﺎﻻت‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت‬ ‫ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب ھﻮ ﻣﻦ أﺻﻌﺐ ﻣﺎ ﻗﻤﺖ ﺑﻪ؛ ﻟﻘﺪ ﻗﺮأت ﻋﺪ ً‬
‫ﻣﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺒﺴﻄﺔ‪ .‬ﻟﻘﺪ ﻛﺎن أﻣًﺮا ﻣﺨﯿ ً‬
‫ﻔﺎ‪.‬‬ ‫ھﺎﺋﻠﺔ‪ ،‬ﻟﻢ أﻛﺘﺐ ﻳﻮ ً‬
‫ھﻞ ﻳﺒﺪو ﺳﮫًﻼ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ؟ ھﺬا ﻣﺎ ﻛﻨﺖ أرﻳﺪﻛﻢ أن ﺗﻌﺮﻓﻮه ﻋﻤﺎ ﻣﻀﻰ‪ .‬واﻵن أرﻳﺪﻛﻢ أن ﺗﻌﺮﻓﻮا اﻟﺠﮫﺪ اﻟﺬي‬
‫ﺑﺬﻟﺘﻪ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب‪-‬واﻟﻤﺘﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﯿﮫﺎ ﻣﻦ ھﺬا‬
‫اﻟﺠﮫﺪ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ ‪3‬‬
‫ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻟﻘﺪرة واﻹﻧﺠﺎز‬
‫ﺣﺎول ﺗﺨﯿﻞ "ﺗﻮﻣﺎس إدﻳﺴﻮن" ﻓﻲ ﺻﻮرﺗﻪ اﻟﺤﯿﺔ‪ ،‬ﺗﺨﯿﱠﻞ ﻣﻜﺎﻧﻪ وﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ‪ ،‬ھﻞ ھﻮ ﺑﻤﻔﺮده؟ طﺮﺣﺖ ھﺬا‬
‫اﻟﺴﺆال ﻋﻠﻰ ﻋﺪة أﺷﺨﺎص‪ ،‬وﻗﺎﻟﻮا أﺷﯿﺎء ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻘﺒﯿﻞ‪:‬‬
‫"ھﻮ ﻓﻲ ورﺷﺘﻪ ﻣﺤﺎط ﺑﺎﻟﻤﻌﺪات‪ ،‬ﻋﺎﻛﻒ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻔﻮﻧﻮﺟﺮاف‪ ،‬وﻳﺤﺎول اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺄﻣﻮر ﻣﺎ‪ ،‬وﻳﻨﺠﺢ! [ ھﻞ ھﻮ‬
‫ﺑﻤﻔﺮده؟ ] ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻳﻔﻌﻞ ھﺬه اﻷﻣﻮر ﺑﻤﻔﺮده ﻷﻧﻪ اﻟﻮﺣﯿﺪ‬
‫اﻟﺬي ﻳﻌﺮف ﻣﺎ ﻳﺴﻌﻰ إﻟﯿﻪ"‪.‬‬
‫ﻔﺎ أﺑﯿﺾ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ ﺷﺒﯿﮫﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﻤﻞ‪ .‬ﻳﻌﻜﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺒﺎح‬ ‫"ھﻮ ﻓﻲ وﻻﻳﺔ ﻧﯿﻮ ﺟﯿﺮﺳﻲ‪ ،‬ﻳﻘﻒ ﻣﺮﺗﺪﻳًﺎ ﻣﻌﻄ ً‬
‫ﻛﮫﺮﺑﺎﺋﻲ‪ .‬ﻓﺠﺄة‪ ،‬اﻟﻤﺼﺒﺎح ﻳﻌﻤﻞ! [ ھﻞ ھﻮ ﺑﻤﻔﺮده؟ ] ﻧﻌﻢ؛ ﻓﮫﻮ‬
‫رﺟﻞ ﻳﻤﯿﻞ ﻟﻠﻌﺰﻟﺔ وﻳﺤﺐ أن ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻤﻔﺮده"‪.‬‬
‫ﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﺗﺒﺮز اﻟﻜﺘﺐ "إدﻳﺴﻮن" ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ‪ ،‬وأﻧﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ "إدﻳﺴﻮن" ﻣﻨﻌﺰًﻻ‪ .‬ﻋﻨﺪ اﺧﺘﺮاع اﻟﻤﺼﺒﺎح ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﺛﻼﺛﻮن ﻣﺴﺎﻋًﺪا‪ ،‬ﻣﻦ ﺑﯿﻨﮫﻢ ﻋﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺘﺪرﻳﺐ‪ ،‬ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﻤﻠﻮن طﻮال اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﻣﻌﻤﻞ‬
‫ﺑﺘﻤﻮﻳﻞ ﻣﺸﺘﺮك ﻣﺰود ﺑﺄﺣﺪث اﻟﺘﻘﻨﯿﺎت!‬
‫ﻟﻢ ﻳﺤﺪث اﻷﻣﺮ ﻓﺠﺄة‪ .‬أﺻﺒﺢ اﻟﻤﺼﺒﺎح رﻣًﺰا ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﻤﻨﻔﺮدة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﻄﺮ اﻟﺤﻞ اﻟﻌﺒﻘﺮي‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ‬
‫ھﻨﺎك ﻟﺤﻈﺔ ﻣﻨﻔﺮدة ﻟﮫﺬا اﻻﺧﺘﺮاع‪ .‬ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ‬
‫ﻋﺎ واﺣًﺪا‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎن ﺷﺒﻜﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣﻦ اﻻﺧﺘﺮاﻋﺎت اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻐﺮﻗﺖ وﻗًﺘﺎ طﻮﻳًﻼ‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﺗﻄﻠﺐ ﻛﻞ‬ ‫اﻟﻤﺼﺒﺎح اﺧﺘﺮا ً‬
‫ﻣﻨﮫﺎ ﻋﻤﻞ واﺣﺪ أو أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻜﯿﻤﯿﺎء واﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت‬
 ‫واﻟﻔﯿﺰﻳﺎء‪ ،‬واﻟﻤﮫﻨﺪﺳﯿﻦ‪ ،‬وﻧﺎﻓﺨﻲ اﻟﺰﺟﺎج‪.‬‬
‫ﺟﺎ‪ .‬كــان "إدﻳﺲــون"‪ ،‬اﻟﻤﻠﻖــب بـــ "ســاﺣﺮ‬ ‫ﻓﺎ ســاذ ً‬‫لــــم ﻳﻚــــن "إدﻳﺲـــون" ﺑﺲــﻳﻄًﺎ أو ﻣﺜﻖــ ً‬
‫مــﻳﻨﻠﻮ بــارك"‪ ،‬رائــد أﻋﻢــال ثــاﻗﺐ اﻟﻔﻚــر‪ ،‬وكــان ﻋﻞــى وعــي تــام بــاﻹﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﺘﺠﺎريــة‬
‫ﺿﺎ كــﻳﻒ ﻳﺘﻖــرب إلــى وســاﺋِﻞ اﻹعــﻻم ‪ -‬فــي ﺑﻊــض اﻷﺣﻲــان ‪-‬‬ ‫ﻻﺧﺘﺮاﻋﺎتــه‪ .‬كــان ﻳﻊــرف أيــ ً‬
‫وّج‬
‫مــن خــﻻل اﻻﻣﺘﻲــاز عـن اﻵخـرﻳﻦ ﺑﻜﻮنـه ﻣﺨﺖـرع شـيٍء مـا‪ ،‬فـھﻮ ﻳﻊـرف كـﻳﻒ ُﻳَﺮ ِ‬
‫ﻟﻨﻔﺴﻪ‪.‬‬
‫ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻛﺎن ﻋﺒﻘﺮﻳًّﺎ‪ .‬ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ وﺣﺪه‪ .‬ﻛﺎﺗﺐ ﺳﯿﺮﺗﻪ اﻟﺬاﺗﯿﺔ "ﺑﻮل إزرا"‪ ،‬ﺑﺘﻔﺤﺼﻪ ﻟﻜﻞ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ﻋﻦ‬
‫"إدﻳﺴﻮن"‪ ،‬ﻳﻌﺘﻘﺪ أن "إدﻳﺴﻮن" ﻛﺎن ﺑﺪرﺟﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى‬
‫طﻔًﻼ ﻋﺎدﻳًّﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ واﻟﻤﻜﺎن‪ .‬وﻛﺎن "إدﻳﺴﻮن" ﻓﻲ ﺻﻐﺮه ﻣﻨﺠﺬﺑًﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﺠﺎرب واﻵﻻت اﻟﻤﯿﻜﺎﻧﯿﻜﯿﺔ‬
‫)رﺑﻤﺎ ﺑﺸﻐﻒ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ(‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﻤﺎﻛﯿﻨﺎت واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﯿﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﺟﺰًءا ﻣﻦ ﺧﺒﺮة اﻟﻮﻟﺪ اﻟﻌﺎدي ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ وﺳﻂ ﻏﺮب اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻘﻠﯿﺘﻪ وداﻓﻌﻪ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻮﻟﺪ اﻟﻤﺤﺐ ﻟﻼﺳﺘﻄﻼع اﻟﺬي‬ ‫اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻪ ﻣﺘﻤﯿًﺰا ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻳﻘﻮم ﺑﺘﺼﻠﯿﺢ اﻷﺷﯿﺎء‪ ،‬اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ ﺗﺤﺪﻳﺎت ﺟﺪﻳﺪة‪ .‬ﺑﻌﺪ‬
‫وﻗﺖ طﻮﻳﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺎﺑﻊ اﻟﺸﺒﺎب اﻵﺧﺮون اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺄدوارھﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬اﺳﺘﻘﻞ "إدﻳﺴﻮن" اﻟﻘﻄﺎرات ﻟﻼﻧﺘﻘﺎل‬
‫ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻷﺧﺮى ﻟﯿﺘﻌﻠﻢ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺣﻮل اﻻﺗﺼﺎل‬
‫اﻟﺘﻠﻐﺮاﻓﻲ‪ ،‬وﺷﻖ طﺮﻳﻘﻪ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺮاﺳﻠﯿﻦ اﻟﺘﻠﻐﺮاﻓﯿﯿﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﻠﻢ اﻟﺬاﺗﻲ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ واﻻﺧﺘﺮاﻋﺎت‪ .‬وﻓﯿﻤﺎ‬
‫ﺑﻌﺪ‪ ،‬اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﺨﯿﺒًﺎ ﻵﻣﺎل زوﺟﺎﺗﻪ‪ ،‬أن ﺷﻐﻔﻪ ﻟﻠﺘﻄﻮﻳﺮ‬
‫اﻟﺬاﺗﻲ واﻻﺧﺘﺮاع ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻪ‪ ،‬ھﻮ ﻣﺎ اﺳﺘﻨﺰف ﻛﻞ طﺎﻗﺘﻪ‪.‬‬
‫ﺻﺎ ﻋﻦ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻮﺣﯿﺪ واﻟﻌﺒﻘﺮي اﻟﺬي ﻳﻨﺘﺞ أﺷﯿﺎء‬ ‫ھﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷوھﺎم ﺣﻮل اﻟﻘﺪرة واﻹﻧﺠﺎز‪ ،‬ﺧﺼﻮ ً‬
‫ﻣﺬھﻠﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻔﺎﺟﺊ‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻣﯿﺪان‬ ‫ﻀﺎ أھﻢ أﻋﻤﺎل "داروﻳﻦ"‪ ، The Origin of Species ،‬اﺳﺘﻐﺮق أﻋﻮا ً‬ ‫أﻳ ً‬
‫اﻻﺧﺘﺼﺎص‪ ،‬وﻣﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت ﻣﻊ اﻟﺰﻣﻼء‬
‫واﻟﻤﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ‪ ،‬وﻋﺪة ﻣﺴﻮدات أوﻟﯿﺔ‪ ،‬وﻓﺘﺮة ﺗﻤﺘﺪ ﻟﻨﺼﻒ اﻟﻌﻤﺮ‪ ،‬ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺮغ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺜﻤﺮ ﺑﮫﺬا اﻟﺸﻜﻞ‪.‬‬
‫ﺛﺎﺑﺮ "ﻣﻮﺗﺴﺎرت" ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮات ﻗﺒﻞ أن ﻳﺆﻟﻒ أي ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ ﻣﻮﺳﯿﻘﯿﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎل إﻋﺠﺎﺑﻨﺎ‬
‫اﻟﯿﻮم‪ .‬ﻗﺒﻞ ھﺬا اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ أﺻﻠﯿﺔ أو ﻣﺜﯿﺮة‬
‫ﻟﻼھﺘﻤﺎم‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺆﻟﻔﺎت أﺟﺰاء ﻣﻘﺘﻄﻌﺔ ﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎت ﻟﻤﻠﺤﻨﯿﻦ آﺧﺮﻳﻦ وﻣﺠﻤﻌﺔ ﻣ ً‬
‫ﻌﺎ‪.‬‬
‫ﻀﺎ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ أن ﺑﻌﺾ‬ ‫ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ اﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ﻟﻺﻧﺠﺎز‪ .‬ﺳﯿﺘﺤﺪث ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ أﻳ ً‬
‫اﻟﻨﺎس ﻳﺤﻘﻘﻮن أﻗﻞ ﻣﻤﺎ ھﻮ ﻣﺘﻮﻗﻊ‪ ،‬وﻳﺤﻘﻖ اﻵﺧﺮون‬
‫أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ھﻮ ﻣﺘﻮﻗﻊ‪.‬‬

‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﻹﻧﺠﺎز اﻟﺪراﺳﻲ‬

‫ﻟﻨﻨﺰل ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﺸﺎﻣﺨﺔ لـ "ﻣﻮﺗﺴﺎرت" و"داروﻳﻦ" وﻧﻌﻮد إﻟﻰ اﻷرض ﻟﻨﺮى ﻛﯿﻒ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﺎن اﻹﻧﺠﺎز‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ‪ .‬إﻧﻪ أﻣﺮ ﻣﻀﺤﻚ‪ ،‬وﻟﻜﻦ رؤﻳﺔ طﺎﻟﺐ‬
‫ﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﺼﺺ اﻟﻌﻈﻤﺎء اﻟﻤﺸﺎﺑﮫﯿﻦ لـ"ﻣﻮﺗﺴﺎرت"‬ ‫واﺣﺪ ﻳﺰدھﺮ ﻋﺒﺮ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻟﻪ ﺗﺄﺛﯿﺮ أﻗﻮى ﻋﻠ ﱠ‬
‫و"داروﻳﻦ"‪ .‬رﺑﻤﺎ ﻷن اﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ أﻛﺜﺮ ﺑﻲ وﺑﻚ ‪ -‬ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺎ‬
‫ﻳﺤﺪث ﻟﻨﺎ وﺳﺒﺐ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﯿﻪ اﻵن؛ اﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷطﻔﺎل وﺑﺈﻣﻜﺎﻧﺎﺗﮫﻢ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻘﯿﺎس ﻋﻘﻠﯿﺎت اﻟﻄﻼب ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻧﺘﻘﺎﻟﮫﻢ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻹﻋﺪادي‪ :‬ھﻞ‬
‫اﻋﺘﻘﺪوا أن ذﻛﺎءھﻢ ﺳﻤﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ أو أﻧﻪ ﺳﻤﺔ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ ﺗﻄﻮﻳﺮھﺎ؟‬
‫ﺛﻢ ﺗﺎﺑﻌﻨﺎھﻢ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﺘﯿﻦ اﻟﺘﺎﻟﯿﺘﯿﻦ‪.‬‬
‫ﺪ ﻛﺒﯿﺮ ﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب؛ ﻓﻘﺪ ازدادت اﻟﺪراﺳﺔ ﺻﻌﻮﺑﺔ‪،‬‬ ‫ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻹﻋﺪادي ﺗﻤﺜﻞ ﻓﺘﺮة ﺗﺤ ٍّ‬
‫وأﺻﺒﺤﺖ ﺧﻄﻂ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺪرﺟﺎت أﻛﺜﺮ ﻗﺴﻮة‪ ،‬وأﺻﺒﺢ‬
‫اﻟﺘﺪرﻳﺲ أﻗﻞ ﻓﺮدﻳﺔ‪ ،‬ﺣﺪث ﻛﻞ ھﺬا ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻳﺘﺄﻗﻠﻢ اﻟﻄﻼب ﻣﻊ أﺟﺴﺎدھﻢ وﺷﺨﺼﯿﺎﺗﮫﻢ اﻟﻤﺮاھﻘﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة‪.‬‬
‫ﺗﺮاﺟﻌﺖ اﻟﺪرﺟﺎت‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﺗﺘﺮاﺟﻊ درﺟﺎت اﻟﺠﻤﯿﻊ ﺑﻨﻔﺲ‬
‫اﻟﻘﺪر‪.‬‬
‫ﺼﺎ‬
‫وﺟﺪﻧﺎ ﻓﻲ ﺑﺤﺜﻨﺎ‪ ،‬أن اﻟﻄﻼب ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻘﻂ ﻋﺎﻧﻮا ﺗﺪھﻮًرا ﻛﺒﯿًﺮا ﻓﻲ اﻟﺪرﺟﺎت؛ ﻟﻘﺪ أظﮫﺮوا ﺗﻨﺎﻗ ً‬
‫ﻓﻮرﻳًّﺎ ﻓﻲ اﻟﺪرﺟﺎت‪ ،‬وﺗﺮاﺟﻌﺖ ﺗﺪرﻳﺠﯿًّﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺛﺎﺑﺖ ﺧﻼل‬
‫ﻋﺎ ﻓﻲ درﺟﺎﺗﮫﻢ ﺧﻼل اﻟﻌﺎﻣﯿﻦ‪.‬‬ ‫اﻟﺴﻨﺘﯿﻦ اﻟﺘﺎﻟﯿﺘﯿﻦ‪ .‬وأظﮫﺮ اﻟﻄﻼب ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ارﺗﻔﺎ ً‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ دﺧﻠﺖ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺘﺎن إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺪراﺳﺔ اﻹﻋﺪادﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻢ ﺗﻜﻦ درﺟﺎﺗﮫﻢ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﮫﺎ‪ .‬ﻓﻲ‬
‫اﻟﻤﺤﯿﻂ اﻟﻠﻄﯿﻒ ﻟﻠﻤﺪرﺳﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﯿﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ‬
‫ﻧﻔﺲ اﻟﺪرﺟﺎت وﻧﺘﺎﺋﺞ اﺧﺘﺒﺎرات اﻟﺘﺤﺼﯿﻞ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﺑﺪأوا ﻓﻲ اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻘﻂ ﻋﻨﺪﻣﺎ واﺟﮫﻮا ﺗﺤﺪي اﻟﻤﺪرﺳﺔ‬
‫اﻹﻋﺪادﻳﺔ‪.‬‬
‫ھﻜﺬا ﻋﻠ ّﻞ اﻟﻄﻼب ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ درﺟﺎﺗﮫﻢ اﻟﻤﺘﺪﻧﯿﺔ‪ .‬ﻋﺎب اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻨﮫﻢ ﻗﺪراﺗﮫﻢ‪" :‬أﻧﺎ أﺷﺪ اﻟﻨﺎس ﻏﺒﺎًء" أو‬
‫"أﻧﺎ ﻓﺎﺷﻞ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت"‪ .‬وﺧﺒﺄ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﻋﻦ‬
‫طﺮﻳﻖ ﻟﻮم ﺷﺨﺺ آﺧﺮ‪ [ " :‬ﻣﻌﻠﻢ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت ] رﺟﻞ ﻗﺬر ﺳﻤﯿﻦ ‪ ....‬و [ ﻣﻌﻠﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﯿﺰﻳﺔ ] رﺟﻞ ﺳﺎذج‬
 ‫أﺑﻠﻪ"؛ "ﻷن اﻟﻤﻌﻠﻢ ﻣﺨﺘﻞ ﻋﻘﻠﯿًّﺎ"‪ .‬ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺤﻠﯿﻼت اﻟﻤﺜﯿﺮة‬
‫ﻟﻼھﺘﻤﺎم ﻋﻦ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻻ ﺗﻘﺪم أي ﺧﻄﺔ ﻟﻠﻨﺠﺎح ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪.‬‬
‫ﻣﻊ ﺧﻮﻓﮫﻢ ﻣﻦ اﻟﻔﺸﻞ اﻟﺬي ﻳﻠﻮح ﻓﻲ اﻷﻓﻖ‪ ،‬ﻗﺎم اﻟﻄﻼب ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺑﺤﺸﺪ إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﮫﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪.‬‬
‫ﻀﺎ‪ ،‬ﻗﺪ ﺷﻌﺮوا أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﺑﺎﻻﻧﮫﺰام‪ ،‬إﻻ‬
‫أﺧﺒﺮوﻧﺎ أﻧﮫﻢ‪ ،‬أﻳ ً‬
‫أن رد ﻓﻌﻠﮫﻢ ﺗﺠﺎه ذﻟﻚ ﻛﺎن اﻟﻤﺜﺎﺑﺮة وﺑﺬل ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻣﻦ ﺟﮫﺪ‪ .‬ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺜﻞ "ﺟﻮرج داﻧﺘﺰج"‪ .‬ﻣﻦ ھﻮ "ﺟﻮرج‬
‫داﻧﺘﺰج"؟‬
‫ﻛﺎن "ﺟﻮرج داﻧﺘﺰج" طﺎﻟﺒًﺎ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯿﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻟﯿﻔﻮرﻧﯿﺎ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﯿﺮﻛﻠﻲ‪ .‬ذات ﻳﻮم‪،‬‬
‫ﻛﻌﺎدﺗﻪ دﺧﻞ ﻣﺘﺄﺧًﺮا إﻟﻰ ﺻﻒ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت ﻣﻨﺪﻓ ً‬
‫ﻌﺎ‬
‫وﺑﺴﺮﻋﺔ ﻧﻘﻞ ﻣﺴﺄﻟﺘﻲ اﻟﻮاﺟﺐ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﻮرة‪ ،‬وﺟﺪ أﻧﮫﻤﺎ ﺻﻌﺒﺘﺎن ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬واﺳﺘﻐﺮق اﻷﻣﺮ ﻣﻨﻪ ﻋﺪة أﻳﺎم‬
‫ﻻﻛﺘﺸﺎﻓﮫﻤﺎ وﺣﻠﮫﻤﺎ‪ .‬ﺗﺒﯿﻦ أﻧﮫﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻮﻧﺎ ﻣﺴﺄﻟﺘﻲ واﺟﺐ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺘﺎ ﻣﺴﺎﺋﻞ رﻳﺎﺿﯿﺔ ﺷﮫﯿﺮة ﻟﻢ ﻳﺘﻢ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﺣﻠﮫﺎ ﻗﻂ‪.‬‬

‫ﻣﺘﻼزﻣﺔ اﻟﺠﮫﺪ اﻟﻤﻨﺨﻔﺾ‬

‫ﻜﻞ ﻟﮫﻢ ﺗﮫﺪﻳًﺪا؛ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﻤﺜﻞ ﺗﮫﺪﻳًﺪا‬ ‫طﻼﺑﻨﺎ ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻮاﺟﮫﻮن ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻷﻧﻪ ﺷ ﱠ‬
‫ﻟﮫﻢ ﺑﺎﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻋﯿﻮﺑﮫﻢ وﺗﺤﻮﻳﻠﮫﻢ ﻣﻦ ﻧﺎﺟﺤﯿﻦ إﻟﻰ‬
‫ﻓﺎﺷﻠﯿﻦ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺗﻤﺜﻞ ﻓﺘﺮة اﻟﻤﺮاھﻘﺔ اﺧﺘﺒﺎًرا ﻛﺒﯿًﺮا‪ .‬ھﻞ أﻧﺎ ذﻛﻲ أو ﻏﺒﻲ؟ ھﻞ‬
‫أﻧﺎ وﺳﯿﻢ أو ﻗﺒﯿﺢ؟ ھﻞ أﻧﺎ ﻟﻄﯿﻒ أو ﺳﺨﯿﻒ؟ ھﻞ أﻧﺎ ﻓﺎﺋﺰ أو‬
‫ﻓﺎﺷﻞ؟ وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬اﻟﻔﺸﻞ داﺋﻢ‪.‬‬
‫ﻻ ﻋﺠﺐ أن اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺮاھﻘﯿﻦ ﺣﺸﺪوا إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﮫﻢ‪ ،‬ﻟﯿﺲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬ﺑﻞ ﻟﯿﺤﻔﻈﻮا ﻏﺮورھﻢ‪ .‬وإﺣﺪى‬
‫اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﻓﻌﻠﻮا ﺑﮫﺎ ذﻟﻚ )ﺑﺠﺎﻧﺐ اﻷوﺻﺎف اﻟﺘﻲ وﺻﻔﻮا‬
‫ﺑﮫﺎ ﻣﻌﻠﻤﯿﮫﻢ( ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺪم اﻟﻤﺤﺎوﻟﺔ‪ .‬ھﺬا ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﺑﻌﺾ أﻟﻤﻊ اﻟﻄﻼب‪ ،‬ﻣﺜﻞ "ﻧﺎدﻳﺔ‬
‫ﺳﺎﻟﯿﺮﻧﻮ ﺳﻮﻧﯿﻨﺒﺮج"‪ ،‬ﻋﻦ اﻟﺴﻌﻲ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬أﺧﺒﺮﻧﺎ‬
‫اﻟﻄﻼب ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ أن ھﺪﻓﮫﻢ اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ‪ -‬ﺑﺠﺎﻧﺐ أن ﻳﺒﺪوا أذﻛﯿﺎء ‪ -‬ھﻮ أن ﻳﺒﺬﻟﻮا أﻗﻞ‬
‫ﻣﺎ ﻣﻊ ﻋﺒﺎرة ﻛﺘﻠﻚ‪:‬‬ ‫ﺟﮫﺪ ﻣﻤﻜﻦ‪ .‬ﻳﺘﻔﻘﻮن ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻲ أن أﻋﻤﻞ ﺟﺎھًﺪا"‪.‬‬‫"ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ھﺪﻓﻲ اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ ھﻮ ﻓﻌﻞ اﻷﺷﯿﺎء ﺑﺄﺳﮫﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﻛﺚــﻳًﺮا مـا ﺗﻌﺘﺐـر ﻣﺘﻼزمـة اﻟﺞـھﺪ اﻟﻤﻨﺨﻒـض ﺗﻞـك طﺮﻳﻖـة ﻳﺘﺦـذھﺎ اﻟﻢـراھﻘﻮن ﻟﯿﺆكـدوا ﻋﻞـى‬
‫ﺿﺎ طﺮﻳﻖـة ﻳﺘﺦـذھﺎ اﻟﻂـﻻب ذوو اﻟﻌﻘﻠﻲـة‬ ‫اسـﺗﻘﻼﻟﯿﺘﮫﻢ عـن اﻟﺐـاﻟﻐﯿﻦ‪ ،‬وﻟﻜﻦـھﺎ أيـ ً‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻟﯿﺤﻤﻮا أﻧﻔﺴﮫﻢ وﻛﺒﺮﻳﺎءھﻢ‪ .‬ﻳﺮون اﻟﺒﺎﻟﻐﯿﻦ وﻛﺄﻧﮫﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﻟﮫﻢ‪" :‬اﻵن ﺳﻨﻘﯿِ ّﻤﻜﻢ وﻧﺮى ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻜﻢ"‪،‬‬
‫وﻳﺮدون ھﻢ‪" :‬ﻻ ﻟﻦ ﺗﻘﯿﻤﻮﻧﺎ"‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮل "ﺟﻮن ھﻮﻟﺖ"‪ ،‬اﻟﻤﻌﻠﻢ اﻟﻌﻈﯿﻢ‪ ،‬إن ﺗﻠﻚ ھﻲ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺘﻲ ﻳﻠﻌﺒﮫﺎ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺒﺸﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻀﻌﮫﻢ اﻵﺧﺮون‬
‫ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺗﻘﯿﯿﻢ‪ ،‬وﻳﻘﻮل‪" :‬أﺳﻮأ طﺎﻟﺐ ﻟﺪﻳﻨﺎ‪ ،‬أﺳﻮأ ﻣﻦ‬
‫ﻌﺎ ﻛﺄي طﺎﻟﺐ آﺧﺮ ﻓﻲ‬ ‫ﺠﺎ وذﻛﯿًّﺎ وﻣﻤﺘ ً‬
‫ﺼﺎ ﻧﺎﺿ ً‬
‫ﻗﺎﺑﻠﺘﮫﻢ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق‪ ،‬ﻛﺎن ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻪ ﺧﺎرج اﻟﻔﺼﻞ ﺷﺨ ً‬
‫اﻟﻤﺪرﺳﺔ‪ .‬ﻓﻤﺎ اﻟﺨﻄﺄ اﻟﺬي ﺣﺪث؟ ‪ ...‬ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ‪ ،‬أﺻﺒﺢ ذﻛﺎؤه‬
‫ﺑﻌﯿًﺪا ﻋﻦ دراﺳﺘﻪ"‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺲــﺑﺔ ﻟﻠﻂــﻻب ذوي ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو‪ ،‬اﻟﺖــوﻗﻒ عــن اﻟﻤﺤﺎولــة أمــر غــﻳﺮ ﻣﻨﻄﻖــي؛ ﻓﺒﺎﻟﻨﺲــﺑﺔ‬
‫لــھﻢ‪ ،‬ﻓﺖــرة اﻟﻤﺮاھﻖــة وقــت ﻟﻠﻒــرص‪ ،‬وقــت ﻟﺘﻌﻞــم ﻣﻮضــوﻋﺎت جــدﻳﺪة‪ ،‬وقـت‬
‫ﻻﻛﺘﺸﺎف ﻣﺎ ﻳﺤﺒﻮﻧﻪ وﻣﺎذا ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺼﺒﺤﻮا ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪.‬‬
‫ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ‪ ،‬ﺳﺄﺷﺮح اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺬي درﺑﻨﺎ طﻼب اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻹﻋﺪادﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬اﻟﺬي أرﻳﺪ أن‬
‫أﺧﺒﺮك ﺑﻪ اﻵن ﻛﯿﻒ أن ﺗﺪرﻳﺒﮫﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ أطﻠﻖ‬
‫اﻟﻌﻨﺎن ﻟﺠﮫﺪھﻢ‪ .‬ذات ﻳﻮم‪ ،‬ﻛﻨﺎ ﻧﺒﺪأ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ إﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ اﻟﻄﻼب‪ ،‬وﻋﻠﻰ ﺣﯿﻦ ﻏﺮة‪،‬‬
‫رﻓﻊ "ﺟﯿﻤﻲ" ﺑﺼﺮه ‪ -‬أﻛﺜﺮ اﻟﻄﻼب ﺗﺄﺛًﺮا ﺑﻔﻜﺮة اﻟﺠﮫﺪ‬
‫اﻟﻤﻨﺨﻔﺾ ‪ -‬وﻋﯿﻨﺎه ﻣﻤﻠﻮءﺗﺎن ﺑﺎﻟﺪﻣﻮع وﻗﺎل‪" :‬ﺗﻘﺼﺪ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻰ أن أﻛﻮن ﻏﺒﯿًّﺎ؟"‪ .‬ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﯿﻮم‪ ،‬ﻋﻤﻞ‬
‫"ﺟﯿﻤﻲ"؛ ﺑﺪأ ﺑﺎﻟﺒﻘﺎء ﺣﺘﻰ وﻗﺖ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﯿﻞ ﻟﯿﺤﻞ‬
‫ﻘﺎ‪ .‬ﺑﺪأ ﻓﻲ ﺗﺴﻠﯿﻢ واﺟﺒﺎﺗﻪ ﻣﺒﻜًﺮا ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺴﻨﻰ ﻟﻪ اﻟﺤﺼﻮل‬ ‫دا أن ﻳﮫﺘﻢ ﺑﮫﺎ ﻣﻄﻠ ً‬
‫واﺟﺒﺎﺗﻪ‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻌﺘﺎ ً‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﯿﻘﺎت ﻋﻠﯿﮫﺎ وﻣﺮاﺟﻌﺘﮫﺎ‪ .‬ﻳﺆﻣﻦ "ﺟﯿﻤﻲ" اﻵن ﺑﺄن‬
‫ﻔﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﺷﻲء ﻳﺠﻌﻠﻚ أذﻛﻰ‪.‬‬ ‫اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺠﺪ ﻟﯿﺲ ﺷﯿًﺌﺎ ﻳﺠﻌﻠﻚ ﺗﺒﺪو ﺿﻌﯿ ً‬

‫إﻳﺠﺎد ﻋﻘﻠﻚ‬
‫ﻣﺆﺧًﺮا ﻗﺪم ﻟﻲ ﺻﺪﻳﻖ ﻣﻘﺮب ﺷﯿًﺌﺎ ﻛﺎن ﻗﺪ ﻛﺘﺒﻪ‪ ،‬ﻗﺼﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ ذﻛﺮﺗﻨﻲ بـ"ﺟﯿﻤﻲ" وﺟﮫﺪه اﻟﺬي اﻧﻄﻠﻖ‪.‬‬
‫ﻣﻌﻠﻤﺔ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ "اﻟﺴﯿﺪة ﺑﯿﺮ"‪ ،‬طﻠﺒﺖ ﻣﻦ ﻛﻞ‬
‫طﺎﻟﺐ أن ﻳﺮﺳﻢ ﺣﺼﺎﻧًﺎ ﻋﻠﻰ ورﻗﺔ وﻳﻘﺼﻪ‪ .‬ﺛﻢ وﺿﻌﺖ ﻛﻞ اﻷﺣﺼﻨﺔ ﻓﻲ ﺻﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺒﻮرة‪ ،‬وﻗﺎﻟﺖ رﺳﺎﻟﺔ‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪" :‬ﺣﺼﺎﻧﻚ ﻟﻪ ﺳﺮﻋﺔ ﻋﻘﻠﻚ ﻧﻔﺴﮫﺎ‪ .‬ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة‬
‫ﺗﺘﻌﻠﻢ ﺷﯿًﺌﺎ ﺟﺪﻳًﺪا‪ ،‬ﻳﺘﻘﺪم ﺣﺼﺎﻧﻚ إﻟﻰ اﻷﻣﺎم"‪.‬‬
‫ً‬
‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻣﺘﺄﻛًﺪا ﻣﻦ ﺟﺪوى ھﺬا اﻷﻣﺮ؛ ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﻗﺎل ﻟﻪ واﻟﺪه‪" :‬أﻧﺖ ﺗﺘﺤﺪث ﻛﺜﯿًﺮا وﺗﻔﻜﺮ ﺑﻌﻘﻠﻚ ﻗﻠﯿﻼ؛ ﻣﻤﺎ‬
 ‫ﺳﯿﺘﺴﺒﺐ ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﻜﻼت"‪ .‬ﻛﻤﺎ أن ﺣﺼﺎﻧﻪ ﻳﻘﻒ‬
‫ﺻﺎ‬
‫ﻓﻖــــط ﻋﻦــد خــط اﻟﺐــداﻳﺔ ﺑﯿﻨﻢــا "ﺗﻖــدﻣﺖ أﺣﺺــﻧﺔ اﻟﺠﻢــﻳﻊ ﻧﺢــو ﻣﺲــﻳﺮة اﻟﺘﻌﻞــم"‪ ،‬وﺧﺺــو ً‬
‫دم ﺣﺺــاﻧﺎھﻤﺎ ﻋﻞــى‬ ‫ﻋﻖــول "هــاﻧﻚ" و"بــﻳﻠﻲ"‪ ،‬ﻋﺐــاﻗﺮة اﻟﻔﺺــل‪ ،‬اﻟﻞــذﻳﻦ ﺗﻖــ ﱠ‬
‫اﻟﺠﻤﯿﻊ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﺻﺪﻳﻘﻲ واﺻﻞ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ .‬ﻟﺘﻨﻤﯿﺔ ﻣﮫﺎراﺗﻪ؛ اﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻗﺮاءة ﻣﺠﻼت اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻤﺼﻮرة ﻣﻊ واﻟﺪﺗﻪ‬
‫واﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﻮز ﺑﺎﻟﻨﻘﺎط ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻠﻌﺐ ﻣﻊ ﺟﺪﺗﻪ ﻟﻌﺒﺔ‬
‫اﻷوراق‪.‬‬
‫وﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر‪ ،‬ﺣﺼﺎﻧﻲ اﻷﻣﻠﺲ‬
‫اﻧﻄﻠﻖ إﻟﻰ اﻷﻣﺎم ﻛﺎﻟﺮﻳﺢ‪،‬‬
‫وﻣﺎ ﻛﺎن ھﻨﺎك ﻣﻦ أﺣﺪ‬
‫ﻳﻮﻗﻔﻪ‪.‬‬
‫وﺑﻤﺮور اﻷﺳﺎﺑﯿﻊ واﻟﺸﮫﻮر‬
‫ﻣﺎ ﻣﺘﺨﻄﯿًﺎ‬‫ﺣﻠﱠﻖ ﻣﺘﻘﺪ ً‬
‫اﻟﺠﻤﯿﻊ واﺣًﺪا ﺗﻠﻮ اﻵﺧﺮ‪.‬‬
‫وﻓﻲ اﻟﺮﺑﯿﻊ ﻗﺒﻞ ﺧﻂ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ‬
‫ﺣﺼﺎن "ھﺎﻧﻚ" و"ﺑﯿﻠﻲ" ﻛﺎﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ‬
‫ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﺪرﻳﺒﺎت اﻟﺤﺴﺎﺑﯿﺔ‪،‬‬
‫وﻋﻨﺪﻣﺎ دق ﺟﺮس اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻷﺧﯿﺮ‪،‬‬
‫ﻓﺎز ﺣﺼﺎﻧﻲ ‪" -‬ﺑﻔﺎرق ﺿﺌﯿﻞ!"‪.‬‬
‫ي ﻋﻘًﻼ‪:‬‬ ‫وﻗﺘﮫﺎ ﻋﻠﻤﺖ أن ﻟﺪ ﱠ‬
‫ﻟﺪي ﺣﺼﺎﻧًﺎ ﻳﺜﺒﺖ ذﻟﻚ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺑﻮل ورﺗﻤﺎن‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ‪ ،‬ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻛﺎﻟﺴﺒﺎق‪ .‬وﻟﻜﻦ ھﺬا اﻟﺴﺒﺎق ﺳﺎﻋﺪ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺸﺎف ﻋﻘﻠﻪ ورﺑﻄﻪ‬
‫ﺑﺪراﺳﺘﻪ‪.‬‬

‫اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‬

‫اﻧﺘﻘﺎل آﺧﺮ إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ أﺧﺮى ﻳﻤﺜﻞ أزﻣﺔ أﺧﺮى‪ .‬اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ھﻲ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﻳﻀﻢ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮا أذﻛﻰ اﻟﻄﻼب‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ‪ .‬ﻛﻄﻼب اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯿﺎ‪ ،‬ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻛﺎﻧﻮا‬
‫أﻋﻈﻢ اﻟﻌﻈﻤﺎء‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﯿﻮم ﻓﻤﻦ ھﻢ؟‬
‫ﻻ ﻳﺸﻌﺮ أﺣﺪ ﺑﺎﻟﺠﺰع ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ طﻼب اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﺤﻀﯿﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﻠﯿﺔ اﻟﻄﺐ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ذﻛﺮت اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺬي أﺟﺮﻳﻨﺎه ﺣﻮل اﻟﻄﻼب اﻟﻤﺘﻮﺗﺮﻳﻦ‬
‫وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻣﺘﻔﺎﺋﻠﻮن ﺧﻼل دراﺳﺘﮫﻢ أول ﻣﻘﺮر ﻟﻤﺎدة اﻟﻜﯿﻤﯿﺎء ﻓﻲ اﻟﻜﻠﯿﺔ‪ .‬ھﺬا اﻟﻤﻘﺮر ھﻮ ﻣﺎ ﺳﯿﺘﯿﺢ ﻟﮫﻢ ‪ -‬أو‬
‫ﻳﻤﻨﻌﮫﻢ ﻣﻦ ‪ -‬اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﻤﻨﮫﺞ اﻟﺘﻤﮫﯿﺪي ﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻄﺐ‪،‬‬
‫وﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮوف أن اﻟﻄﻼب ﺳﯿﺒﺬﻟﻮن ﻛﻞ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﮫﻢ ﻟﯿﻨﺠﺤﻮا ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻘﺮر‪.‬‬
‫ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺪراﺳﻲ‪ ،‬ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻘﯿﺎس ﻋﻘﻠﯿﺎت اﻟﻄﻼب‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺎﺑﻌﻨﺎھﻢ ﺧﻼل دراﺳﺔ ﻣﻘﺮر اﻟﻜﯿﻤﯿﺎء‪ ،‬ﺑﻤﺮاﻗﺒﺔ‬
‫درﺟﺎﺗﮫﻢ وﺳﺆاﻟﮫﻢ ﻋﻦ اﻹﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻄﺒﻘﻮﻧﮫﺎ ﻓﻲ‬
‫أﺛﻨﺎء ﻣﺬاﻛﺮﺗﮫﻢ‪ .‬ﻣﺮة أﺧﺮى وﺟﺪﻧﺎ أن اﻟﻄﻼب ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ درﺟﺎت أﻓﻀﻞ ﻓﻲ اﺧﺘﺒﺎرات ھﺬا‬
‫اﻟﻤﻘﺮر‪ .‬ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ درﺟﺎت ﺳﯿﺌﺔ ﻓﻲ اﺧﺘﺒﺎر ﻣﺎ‪،‬‬
‫ﻳﺤﺺــﻟﻮن ﻋﻞــى درجــات ﺟﻲــدة فــي اﻻﺧﺘﺐــارات اﻟﺘﺎﻟﻲــة‪ .‬أمــا ﻋﻦــدﻣﺎ ﺣﺺــل اﻟﻂــﻻب ذوو‬
‫اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة ﻋﻞــى درجــات ســﻳﺌﺔ‪ ،‬ﻓﻎــاﻟﺒًﺎ ﻻ ﻳﺤﺺـﻟﻮن ﻋﻞـى درجـات أﻓﺾـل فـي‬
‫اﻻﺧﺘﺒﺎرات اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪.‬‬
‫خــــﻻل دراســــة هــذا اﻟﻤﻖــرر‪ ،‬ذاكــر اﻟﺠﻢــﻳﻊ‪ .‬ﻟﻚــن ﻟﻠﻢــذاﻛﺮة طــرق ﻣﺨﺘﻠﻒــة‪ .‬ﻛﺚــﻳﺮ مــن اﻟﻂــﻻب‬
‫وﻧﻮهــا‪ .‬وإذا كــاﻧﺖ اﻟﻢــادة‬
‫ذاكــروا ھﻚــذا‪ :‬ﻳﻖــرأون ﻛﺘﺐــھﻢ واﻟﻤﺤﺎضــرات اﻟﺖــي د ﱠ‬
‫اﻟﺪراﺳﯿﺔ ﺻﻌﺒﺔ‪ ،‬ﻳﻘﺮأون اﻟﻤﺤﺎﺿﺮات ﻣﺮة أﺧﺮى‪ ،‬أو ﻗﺪ ﻳﺤﺎوﻟﻮن ﺣﻔﻆ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮن‪ ،‬ﻛﺎﻟﻤﻜﻨﺴﺔ‬
‫اﻟﻜﮫﺮﺑﺎﺋﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻔﻂ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ أﻣﺎﻣﮫﺎ‪ .‬ﺗﻠﻚ ﻛﺎﻧﺖ طﺮﻳﻘﺔ‬
‫ﻣﺬاﻛﺮة اﻟﻄﻼب ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬ﺛﻢ إذا ﻣﺎ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ درﺟﺎت ﺳﯿﺌﺔ ﻓﻲ اﻻﺧﺘﺒﺎر ﻳﻘﻮﻟﻮن‪ :‬إن اﻟﻜﯿﻤﯿﺎء ﻟﻢ‬
‫ﺗﻜﻦ ﻣﺎدﺗﮫﻢ اﻟﻤﻔﻀﻠﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻨﮫﺎﻳﺔ ﻳﻘﻮﻟﻮن‪" :‬ﻟﻘﺪ ﻓﻌﻠﺖ‬
‫ﻛﻞ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﻲ‪ ،‬أﻟﯿﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟"‪.‬‬
‫ﻻ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮا ﻛﻞ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﮫﻢ‪ .‬ﻗﺪ ُﻳﺼَﺪﻣﻮن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ اﻟﻄﻼب ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬ﺣﺘﻰ أﻧﺎ أﺟﺪه ﻻﻓًﺘﺎ‬
‫ﻟﻠﻨﻈﺮ‪.‬‬
‫اﻟﻄﻼب ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺗﺤﻤﻠﻮا اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﯿﺔ اﻟﺘﺎﻣﺔ ﻟﺘﻌﻠﻤﮫﻢ وداﻓﻌﯿﺘﮫﻢ‪ .‬ﻓﺒﺪﻻ ﻣﻦ اﻻﻧﻐﻤﺎس ﻓﻲ ﺣﻔﻆ‬
‫ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﻤﻘﺮر ﺑﻼ ﺗﻔﻜﯿﺮ‪ ،‬ﻗﺎل ﻛﻞ ﻣﻨﮫﻢ‪" :‬ﺑﺤﺜﺖ ﻋﻦ اﻷﻓﻜﺎر‬
‫اﻟﺮﺋﯿﺲــﻳﺔ واﻟﻤﺐــادئ اﻟﺾــﻣﻨﯿﺔ فـي كـل اﻟﻤﺤﺎضـرات" وقـاﻟﻮا‪" :‬راﺟﻊـت كـل اﻷﺧﻂـاء ﺣﺖـى‬
‫دا"‪ .‬كـاﻧﻮا يـذاﻛﺮون لـﻳﺘﻌﻠﻤﻮا‪ ،‬ولـﻳﺲ ﻟﻠﺘﻒـوق فـي اﻻﺧﺘﺐـار‬ ‫ﺗﺄكـدت أنـي أفـھﻤﮫﺎ ﺟﻲـ ً‬
‫ﻓﻘﻂ‪ .‬وﻛﺎن ھﺬا ھﻮ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻟﺤﺼﻮﻟﮫﻢ ﻋﻠﻰ درﺟﺎت أﻋﻠﻰ ‪ -‬وﻟﯿﺲ ﻷﻧﮫﻢ أذﻛﻰ أو ﻷن ﻟﺪﻳﮫﻢ ﺧﻠﻔﯿﺔ‬
 ‫أﻛﺒﺮ ﺣﻮل اﻟﻌﻠﻮم‪.‬‬
‫وبــدًﻻ مــن ﻓﻖــداﻧﮫﻢ اﻟﺤﻢــاس مــع ازديــاد صــﻋﻮﺑﺔ اﻟﻤﻖــرر‪ ،‬قــال كــل ﻣﻦــھﻢ‪" :‬حــاﻓﻈﺖ‬
‫ﻋﻞــى اھﺘﻢــاﻣﻲ بـاﻟﻤﺎدة"‪" ،‬ظﻠﻞـت إﻳﺞـاﺑﯿًّﺎ ﺑﺶـأن دراسـة اﻟﻜﯿﻤﻲـاء"‪" ،‬أﺑﻖـﻳﺖ ﻧﻔﺲـي‬
‫ﻋﻮا ﺣﻤﺎﺳﮫﻢ ﻳﺨﻔﺖ؛‬ ‫س‪ ،‬ﻟﻢ ﻳََﺪ ُ‬
‫ﻞ أو أن اﻟﻤﺪرس ﻗﺎ ٍ‬‫ﺴﺎ ﻟﻠﺪراﺳﺔ"‪ .‬ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﻜﺮوا ﻓﻲ أن اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻤ ﱞ‬ ‫ﻤ ً‬‫ﻣﺘﺤ ِ ّ‬
‫ﻓﺠﻌﻠﻮا اھﺘﻤﺎﻣﮫﻢ اﻷﻛﺒﺮ ھﻮ ﺗﺤﻔﯿﺰ أﻧﻔﺴﮫﻢ‪.‬‬
‫ﺗﻠﻘﯿﺖ رﺳﺎﻟﺔ إﻟﻜﺘﺮوﻧﯿﺔ ﻣﻦ إﺣﺪى طﺎﻟﺒﺎﺗﻲ ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺑﻌﺪ وﻗﺖ ﻗﻠﯿﻞ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﯿﻤﻲ إﻳﺎھﺎ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬ھﻜﺬا‬
‫اﻋﺘﺎدت أن ﺗﺬاﻛﺮ ﻓﯿﻤﺎ ﻗﺒﻞ‪" :‬ﻋﻨﺪﻣﺎ أواﺟﻪ ﻣﺎدة ﺻﻌﺒﺔ‬
‫ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ [ ﻛﻨﺖ ] أﻣﯿﻞ إﻟﻰ ﻗﺮاءة اﻟﻤﺎدة ﻣﺮاًرا وﺗﻜﺮاًرا"‪ .‬وﺑﻌﺪ أن ﺗﻌﻠﻤﺖ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﺑﺪأت ﻓﻲ‬
‫ﺤﺖ‪ :‬أﺳﺘﺎذة دوﻳﻚ‪:‬‬ ‫ﺠ َ‬‫اﺳﺘﺨﺪام طﺮق أﻓﻀﻞ ﻧَ َ‬
‫ﻋﻦــــدﻣﺎ أﺧﺐــــرﺗﻨﻲ "ھﻲــــدي" [ ﻣﺲــاﻋﺪة اﻟﺖــدرﻳﺲ ] الــﻳﻮم ﺑﻨﺘﯿﺞــة اﺧﺘﺐــاري لــم أعــرف‬
‫أأﺑﻚــي أم أﺟﻞــس ﻓﻖــط؟ ســﺗﺨﺒﺮك "ھﻲــدي"‪ ،‬ﻛﻦــت أبــدو ﻛﻢــا لــو أنــي رﺑﺢــت جــاﺋﺰة‬
‫اﻟﯿﺎﻧﺼﯿﺐ )ﻛﻤﺎ أﻧﻲ أﺷﻌﺮ ﺑﺬﻟﻚ(! ﻻ أﺻﺪق أﻧﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺪرﺟﺎت اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ ‪ .‬ﻛﻨﺖ أﺗﻮﻗﻊ أن أﻧﺠﺢ‬
‫ﻣِﺘﻪ ﻟﻲ ﺳﯿﻔﯿﺪﻧﻲ ﻛﺜﯿًﺮا ﻓﻲ‬ ‫ﺪ ْ‬‫ﻗ ﱠ‬‫"ﺑﺎﻟﻜﺎد"‪ .‬اﻟﺘﺸﺠﯿﻊ اﻟﺬي َ‬
‫اﻟﺤﯿﺎة‪....‬‬
‫ﺖ ﻻ ﺗﺪ ِرّﺳﯿﻦ [‬
‫أﺷﻌﺮ أﻧﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ رﻓﯿﻌﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻲ ﻟﻢ أﺣﺼﻞ ﻋﻠﯿﮫﺎ وﺣﺪي‪ .‬أﺳﺘﺎذة دوﻳﻚ‪ ،‬أﻧ ِ‬
‫ﻧﻈﺮﻳﺘﻚ ] وﺣﺴﺐ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﺒﺮھﻨﯿﻨﮫﺎ‪ .‬أﺷﻜﺮك ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺪرس‪.‬‬
‫إﻧﻪ درس ذو ﻗﯿﻤﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ‪ ،‬رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺪرس اﻷﻋﻠﻰ ﻗﯿﻤﺔ اﻟﺬي ﺗﻌﻠﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﯿﺎ‪ .‬وﻧﻌﻢ‪ ،‬ﺳﺄﻗﻮم‬
‫ﺑﮫﺬا [ اﺳﺘﺨﺪام ﺗﻠﻚ اﻹﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت ] ﻗﺒﻞ ﻛﻞ اﺧﺘﺒﺎر!‬
‫ﻀﺎ ﻳﺎ ھﯿﺪي(!‬‫ﺖ أﻳ ً‬ ‫ﺪا ﺟ ًّ‬
‫ﺪا )وأﻧ ِ‬ ‫أﺷﻜﺮك ﺟ ًّ‬
‫اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻋﺎﺟﺰة‪،‬‬
‫ﺟﻮن‬
‫ﻷنــھﻢ ﻳﻔﻚــرون ﺑﺶــأن اﻟﺘﻌﻞــم‪ ،‬اﻷشــﺧﺎص ذوو ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو ﻳﻊــرﻓﻮن كــل مـا يـﻟﺰم عـن‬
‫اﻟﻂـرق اﻟﻤﺨﺘﻠﻒـة ﻟﻠﺤﺺـول ﻋﻞـى اﻟﺘﻌﻞـم‪ .‬إنـه أمـر ﻓﺮيـد‪ .‬أمـا طﻼﺑﻦـا ذوو اﻟﻌﻘﻠﻲـة‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪرﺳﻮن اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﻤﮫﯿﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﻠﯿﺔ اﻟﻄﺐ ﻓﺒﺈﻣﻜﺎﻧﮫﻢ ﻓﻌﻞ أي ﺷﻲء ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﺟﯿﺪة‬
‫‪ -‬ﻣﺎﻋﺪا اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﻀﻤﻨﻮا اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ درﺟﺔ‬
‫ﺟﯿﺪة‪.‬‬

‫ﺧِﻠﻘﻨﺎ ﻣﺘﺴﺎوﻳﻦ؟‬
‫ھﻞ ُ‬
‫ھﻞ ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا أن ﻛﻞ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮن إﺟﺎدة اﻷﻣﻮر؟ ھﻞ ﻛﻞ اﻷطﻔﺎل‬
‫ﺠﺐ ﻋﻦ اﻟﺴﺆال اﻟﺜﺎﻧﻲ أوًﻻ‪ .‬ﻻ‪ ،‬ﺑﻌﺾ‬ ‫ﻣﺘﺴﺎوون؟ ﻟُِﻨ ِ‬
‫اﻷطﻔﺎل ﻣﺨﺘﻠﻔﻮن‪ .‬ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫﺎ ‪ ، Gifted Children‬ﺗﻘﺪم "إﻟﯿﻦ وﻳﻨﺮ" ﺗﻔﺴﯿﺮات ﻣﺬھﻠﺔ ﺣﻮل اﻷطﻔﺎل اﻟﻌﺒﺎﻗﺮة‪.‬‬
‫ھﺆﻻء اﻷطﻔﺎل ﻳﺒﺪو أﻧﮫﻢ ﻣﻮﻟﻮدون ﺑﻘﺪرات ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ‬
‫واھﺘﻤﺎﻣﺎت ﻣﻔﺮطﺔ‪ ،‬وﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻤﺎرﺳﺔ ﺗﻠﻚ اﻻھﺘﻤﺎﻣﺎت ﺑﻼ ﺗﻮﻗﻒ‪ ،‬ﻳﺼﺒﺤﻮن ﻣﺘﻔﻮﻗﯿﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺬھﻞ‪.‬‬
‫ﻛﺎن "ﻣﺎﻳﻜﻞ" أﺣﺪ اﻟﻨﻮاﺑﻎ ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ أظﻔﺎره‪ .‬ﻛﺎن ﻳﻠﻌﺐ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار أﻟﻌﺎﺑًﺎ ﺗﺘﻀﻤﻦ اﻟﺤﺮوف واﻷرﻗﺎم‪ ،‬وﻳﺠﻌﻞ‬
‫واﻟﺪﻳﻪ ﻳﺠﯿﺒﺎن ﻋﻦ أﺳﺌﻠﺔ ﻻ ﺗﻨﺘﮫﻲ‪ ،‬وﻳﺘﺤﺪث وﻳﻘﺮأ‬
‫ﺪا‪ .‬ﻗﺎﻟﺖ واﻟﺪة "ﻣﺎﻳﻜﻞ"‪ :‬إﻧﻪ ﻓﻲ ﻋﻤﺮ أرﺑﻌﺔ أﺷﮫﺮ ﻗﺎل‪" :‬أﻣﻲ‪ ،‬أﺑﻲ‪،‬‬ ‫وﻳﺤﻞ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﺮ ﻣﺒﻜﺮ ﺟ ًّ‬
‫ﻣﺎذا ﺳﻨﺄﻛﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺸﺎء؟"‪ .‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻋﻤﺮ ﻋﺸﺮة‬
‫أﺷﮫﺮ‪ ،‬أدھﺶ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﺴﻮﺑﺮ ﻣﺎرﻛﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺮأ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺘﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻼﻓﺘﺎت‪ .‬اﻋﺘﻘﺪ اﻟﺠﻤﯿﻊ أن واﻟﺪﺗﻪ‬
‫ﺗﺘﻜﻠﻢ ﻣﺼﺪَرًة اﻟﺼﻮت ﻣﻦ ﺑﻄﻨﮫﺎ‪ .‬ﻗﺎل واﻟﺪه‪ :‬إﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن‬
‫ﻋﻢــر "مــاﻳﻜﻞ" ثــﻻث ســﻧﻮات‪ ،‬لــم ﻳﻚــن ﻳﺢــل ﻣﺲــاﺋﻞ اﻟﺠﺐــر ﻓﻖــط‪ ،‬بــل كــان ﻳﻜﺘﺶــف‬
‫وﻳﺜﺐــت ﻧﻈﺮيــات ﻋﻞــم اﻟﺠﺐــر‪ .‬وﻋﻦـدﻣﺎ كـان ﻳﻊـود والـده كـل يـوم مـن اﻟﻌﻢـل‪ ،‬كـان‬
‫"ﻣﺎﻳﻜﻞ" ﻳﺠﺬب واﻟﺪه إﻟﻰ ﻛﺘﺐ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت وﻳﻘﻮل‪" :‬أﺑﻲ‪ ،‬ﻟﻨُﻘﻢ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻌﻤﻞ"‪.‬‬
‫ُوﻟﺪ ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺑﻘﺪرة ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ‪ ،‬أرى أن اﻟﺴﻤﺔ اﻷﺑﺮز ﻟﺪﻳﻪ ھﻲ ﺣﺒﻪ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﻠﺘﻌﻠﻢ واﻟﺘﺤﺪي‪ .‬ﻟﻢ‬
‫ﻳﺴﺘﻄﻊ واﻟﺪاه إﺑﻌﺎده ﻋﻦ أﻧﺸﻄﺘﻪ اﻟﻤﻠﺤﺔ‪ .‬وھﺬا ﻣﺎ‬
‫ﺣﺪث ﻣﻊ ﻛﻞ طﻔﻞ ﻧﺎﺑﻐﺔ ﺗﺬﻛﺮه "وﻳﻨﺮ" ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫﺎ‪ .‬ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ اﻟﻨﺎس أن "اﻟﮫﺒﺔ" ھﻲ اﻟﻘﺪرة ذاﺗﮫﺎ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻣﺎ‬
‫ﻳﻐﺬﻳﮫﺎ ھﻮ ھﺬا اﻟﺸﻐﻒ اﻟﺪاﺋﻢ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻨﺘﮫﻲ واﻟﺒﺤﺚ‬
‫ﻋﻦ اﻟﺘﺤﺪي‪.‬‬
‫ھﻞ ﺗﻠﻚ ھﻲ اﻟﻘﺪرة أو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ؟ ھﻞ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ "ﻣﻮﺗﺴﺎرت" ﻧﺎﺑﻐﺔ ھﻮ ﻗﺪرﺗﻪ اﻟﻤﻮﺳﯿﻘﯿﺔ أم أﻧﻪ ﻗﺪ ﻋﻤﻞ ﺣﺘﻰ‬
‫أﺻﺒﺢ ﻟﺪﻳﻪ ﻳﺪان ﺗﺘﻘﻨﺎن اﻟﻌﺰف؟ ھﻞ اﻷﻣﺮ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻗﺪرة‬
‫"داروﻳﻦ" اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ أو أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺠﻤﻊ اﻟﻌﯿﻨﺎت ﺑﻼ ﺗﻮﻗﻒ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ طﻔﻮﻟﺘﻪ؟‬
‫ﻌﺎ اھﺘﻢــاﻣﺎت ﻳﻤﻚــن ﺗﺤﻮﻳﻞــھﺎ إلــى قــدرات‪ .‬ﻋﻦــدﻣﺎ ﻛﻦــت‬ ‫ســواء ﻛﻦــا نــواﺑﻎ أم ﻻ‪ ،‬لــدﻳﻨﺎ ﺟﻢــﻳ ً‬
‫ﺻﺎ اﻟﺐـاﻟﻐﯿﻦ‪ .‬ﻛﻦـت أﺗﺲـاءل‪ :‬مـا الـذي‬ ‫طﻔﻞــة‪ ،‬ﻛﻦــت ُأﻓﺘﺖــن بــاﻵﺧﺮﻳﻦ وﺧﺺــو ً‬
‫ﻛَﺮﻧﻲ أﺣﺪ أﺑﻨﺎء ﻋﻤﻲ ﺑﻮاﻗﻌﺔ ﺣﺪﺛﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻤﺮﻧﺎ ﺧﻤﺲ‬ ‫ﻳﻤﯿﺰھﻢ؟ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﻣﻨﺬ ﺑﻀﻊ ﺳﻨﻮات‪ ،‬ذ ﱠ‬
‫ﺳﻨﻮات‪ .‬ﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺰل ﺟﺪﺗﻲ وﻛﺎن ھﻮ ﻗﺪ ﺗﺸﺎﺟﺮ ﻣﻊ واﻟﺪﺗﻪ‬
 ‫ﺣﻮل ﻣﺘﻰ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺗﻨﺎول اﻟﺤﻠﻮى‪ .‬وﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﺠﻠﺲ ﺑﺎﻟﺨﺎرج ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻟﻢ اﻟﻤﻨﺰل ﻗﻠﺖ ﻟﻪ‪" :‬ﻻ ﺗﻜﻦ‬
‫أﺣﻤﻖ ھﻜﺬا‪ .‬ﻳﺤﺐ اﻟﻜﺒﺎر أن ﻳﺸﻌﺮوا ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻳﻤﻠﻜﻮن زﻣﺎم‬
‫اﻷﻣﻮر‪ .‬ﻓﻘﻂ ﻗﻞ "ﻧﻌﻢ"‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻨﺎول ﺣﻠﻮاك ﻣﺘﻰ ﺗﺮﻳﺪ"‪.‬‬
‫هــل كــاﻧﺖ ﺗﻞــك اﻟﻜﻠﻢــات تــدل ﻋﻞــى أنــي سـأﺻﺒﺢ طﺒﯿﺐـة ﻧﻔﺲـﻳﺔ؟ كـل مـا أﻋﻠﻢـه أن ابـن‬
‫ﻋﻢـي أﺧﺐـرﻧﻲ أن ﺗﻞـك اﻟﻨﺺـﻳﺤﺔ ﻧﻔﻌﺖـه ﻛﺚـﻳًﺮا‪) .‬اﻟﻤﺚـﻳﺮ ﻟﻠﺪھﺶـة‪ ،‬أنـه أصـﺑﺢ طﺐـﻳﺐ‬
‫أﺳﻨﺎن(‪.‬‬

‫ھﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺠﻤﯿﻊ أن ﻳﻨﺠﺤﻮا؟‬

‫ﻟﻨﻊــد اﻵن إلــى اﻟﺲـؤال اﻷول‪ .‬هـل اﻟﺠﻢـﻳﻊ قـادرون ﻋﻞـى ﻓﻊـل أمـور راﺋﻊـة ﺑﺎسـﺗﺨﺪام اﻟﻌﻘﻠﻲـة‬
‫اﻟﺺـﺣﯿﺤﺔ؟ هـل ﻳﻤﻜﻦـك الـدﺧﻮل إلـى أسـوأ اﻟﻢـدارس اﻟﺜﺎﻧﻮيـة فـي مـدﻳﻨﺘﻚ‬
‫وﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﻄﻼب ﺣﺴﺎب اﻟﺘﻔﺎﺿﻞ واﻟﺘﻜﺎﻣﻞ اﻟﺬي ﻳﺪﱠرس ﻓﻲ اﻟﻜﻠﯿﺔ؟ إذا ﻛﻨﺖ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ‪ ،‬ﻓﮫﻨﺎك أﻣﺮ ﻳﺠﺐ أن‬
‫ﺤﺎ‪ :‬ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ واﻟﺘﺪرﻳﺲ اﻟﺼﺤﯿﺢ‪،‬‬ ‫ﻳﻜﻮن واﺿ ً‬
‫ﻳﺘﻤﻜﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻧﺘﺼﻮر‪.‬‬
‫ﻣﺪرســة ﺟﺎرﻓﯿﻞــد اﻟﺜﺎﻧﻮيــة كــاﻧﺖ واحــدة مــن أســوأ اﻟﻢــدارس فــي مــدﻳﻨﺔ لـوس أﻧﺠﻞـوس‪.‬‬
‫ھﻜﻮا‬‫وإذا ﻗﻠﻦـا إن اﻟﻂـﻻب كـاﻧﻮا ﻓﺎقـدﻳﻦ اﻻھﺘﻢـام ﺑﺎﻟﺪراسـة وإن اﻟﻤﻌﻠﻢـﻳﻦ قـد أنـ ِ‬
‫ﻔﺎ أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﺑﺪون أن ﻳﺘﺮدد‪ ،‬اﺳﺘﻄﺎع "ﺟﯿﻤﻲ إﺳﻜﻼﻧﺘﻲ" )اﻟﺬي ﻳﺪور اﻟﻔﯿﻠﻢ‬ ‫ﻓﺴﯿﻜﻮن ذﻟﻚ وﺻ ً‬
‫اﻟﺸﮫﯿﺮ ‪ Stand and Deliver‬ﺣﻮل ﻗﺼﺘﻪ( أن ﻳﺪرس‬
‫ﻟﻠﻂــﻻب اﻷمــرﻳﻜﯿﯿﻦ ذوي اﻷصــول اﻟﻼﺗﯿﻨﻲــة الــذﻳﻦ ﻳﻌﯿﺶــون فــي اﻷﺣﻲــاء اﻟﻔﻖــﻳﺮة‪ ،‬ﺣﺲــاب‬
‫اﻟﺘﻔﺎضـل واﻟﺘﻚـاﻣﻞ الـذي ﻳﺖـم ﺗﺪرﻳﺲـه فـي اﻟﻜﻠﻲـة‪ .‬وﺑﻌﻘﻠﻲـة اﻟﻨﻢـو اﻟﺖـي لـدﻳﻪ‬
‫ﺗﺴﺎءل‪ " :‬ﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ ﺗﻌﻠﯿﻤﮫﻢ؟" وﻟﯿﺲ " ھﻞ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ ﺗﻌﻠﯿﻤﮫﻢ؟"‪ ،‬وﺗﺴﺎءل‪ " :‬ﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﺑﺄﻓﻀﻞ‬
‫طﺮﻳﻘﺔ؟" وﻟﯿﺲ " ھﻞ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ اﻟﺘﻌﻠﻢ؟"‪.‬‬
‫وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻤﮫﻢ ﺣﺴﺎب اﻟﺘﻔﺎﺿﻞ واﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﺑﻞ ﺟﻌﻠﮫﻢ )ھﻮ وزﻣﯿﻠﻪ "ﺑﻨﺠﺎﻣﯿﻦ ﺟﯿﻤﯿﻨﯿﺰ"( ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ‬
‫اﻟﻤﺘﻔﻮﻗﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة‪.‬‬
‫ﻓﻲ ﻋﺎم ‪ ،1987‬ﻛﺎن ھﻨﺎك ﺛﻼث ﻣﺪارس ﻓﻘﻂ ﻟﺪﻳﮫﺎ أﻛﺒﺮ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﻮﺿﻮن اﻻﺧﺘﺒﺎر اﻟﻤﺘﻘﺪم‬
‫ﻟﺤﺴﺎب اﻟﺘﻔﺎﺿﻞ واﻟﺘﻜﺎﻣﻞ‪ .‬ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪارس اﻟﺜﻼث ﺗﺘﺾـﻣﻦ‬
‫مـدرسـة ﺳﺘﺎﻳﻔﯿﺴﺎﻧﺖ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ وﻣﺪرﺳﺔ ﺑﺮوﻧﻜﺲ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﻟﻠﻌﻠﻮم‪ ،‬وﻛﻼھﻤﺎ ﻣﺪرﺳﺘﺎن رﻓﯿﻌﺘﺎن ﻣﺘﺨﺼﺼﺘﺎن‬
‫ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت واﻟﻌﻠﻮم‪.‬‬
‫وﻓﻮق ذﻟﻚ‪ ،‬أﻏﻠﺐ طﻼب ﻣﺪرﺳﺔ ﺟﺎرﻓﯿﻠﺪ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﺧﺘﺒﺎرات ﻋﺎﻟﯿﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﯿﺤﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ درﺟﺎت‬
‫إﺿﺎﻓﯿﺔ ﺗﺆھﻠﮫﻢ ﻟﻼﻟﺘﺤﺎق ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ .‬ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻓﻲ‬
‫اﻟﺪوﻟﺔ ﻛﻠﮫﺎ ﻧﺠﺢ ﻓﻘﻂ ﺑﻀﻌﺔ طﻼب أﻣﺮﻳﻜﯿﯿﻦ ﻣﻦ أﺻﻞ ﻣﻜﺴﯿﻜﻲ ﻓﻲ ھﺬا اﻻﺧﺘﺒﺎر ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻤﺴﺘﻮى ﻣﻦ‬
‫اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ‪ .‬ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا أن ھﻨﺎك اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب اﻷذﻛﯿﺎء‬
‫اﻟﺬﻳﻦ ﻧﮫﺪرھﻢ ﺑﺎﻻﻧﺘﻘﺎص ﻣﻦ ﻗﺪر إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﮫﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻄﻮﻳﺮھﺎ‪.‬‬

‫ﻣﺎرﻓﺎ ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ‬
‫ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺨﻠﻒ اﻟﻄﻼب ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺔ ‪ -‬ﻣﺜًﻼ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺪرﺟﺔ ﻧﻔﺴﮫﺎ ﻣﺮة ﺑﻌﺪ أﺧﺮى ‪ -‬ﻳﺘﻢ‬
‫ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﻮاد ﺳﺎذﺟﺔ ﻟﮫﻢ ﺑﺎﻋﺘﻘﺎد أﻧﮫﻢ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮا دراﺳﺔ‬
‫مــواد أصــﻋﺐ مــن ذلــك‪ .‬ﺗﻞــك اﻟﻔﻚــرة ﺗﺺــدر عــن ﻋﻘﻠﻲــة ﺛﺎﺑﺖــة‪ :‬هــؤﻻء اﻟﻂــﻻب ذكــاؤھﻢ‬
‫ﻣﻨﺨﻒــض؛ لـذﻟﻚ ﻳﺤﺖـاﺟﻮن إلـى ﺗﺮديـد اﻟﻤﻌﻠﻮمـات ﻧﻔﺲـھﺎ ﻋﻠﻲـھﻢ مـراًرا وﺗﻚـراًرا‪.‬‬
‫ﺣﺴًﻨﺎ‪ ،‬اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺗﺪﻋﻮ ﻟﻺﺣﺒﺎط؛ ﻳﺤﺼﻞ اﻟﻄﻼب ﻋﻠﻰ اﻟﺪرﺟﺎت ﻧﻔﺴﮫﺎ ﺑﺪون أن ﻳﺘﻌﻠﻤﻮا أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻪ‬
‫ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪.‬‬
‫ﺿﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬أﺧﺬت "ﻣﺎرﻓﺎ ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" أطﻔﺎل اﻷﺣﯿﺎء اﻟﻔﻘﯿﺮة ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺷﯿﻜﺎﻏﻮ اﻟﺬﻳﻦ ﻓﺸﻠﻮا ﻓﻲ اﻟﻤﺪارس‬ ‫ﻋﻮ ً‬
‫ِ‬
‫اﻟﻌﺎﻣﺔ وﻋﺎﻣﻠﺘﮫﻢ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﺒﺎﻗﺮة‪ .‬ﻛﺎن اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻨﮫﻢ ﻗﺪ‬
‫وضــــﻋﻮا ﺗﺢــــت ﺗﺺــــﻧﯿﻔﺎت ﻣﺚــل "ﻳﻊــاﻧﻲ صــﻋﻮﺑﺔ فــي اﻟﺘﻌﻞــم" أو "ﻣﺖــأﺧﺮ ﻋﻘﻞــﻳًّﺎ" أو‬
‫ﻌﺎ فــاﺗﺮي اﻟﺶــﻋﻮر‪ ،‬لــﻳﺲ لــدﻳﮫﻢ بــرﻳﻖ فــي‬ ‫"ﻣﺾــطﺮب عــاطﻔﯿًّﺎ"‪ .‬كــاﻧﻮا بــاﻟﻔﻌﻞ ﺟﻢــﻳ ً‬
‫ﻋﯿﻮﻧﮫﻢ‪ ،‬وﻻ ﻳﺒﺪو اﻷﻣﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﻮھﮫﻢ‪.‬‬
‫ﺑﺪأ اﻟﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺔ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺄﺑﺴﻂ ﻛﺘﺐ اﻟﻘﺮاءة اﻟﻤﻮﺟﻮدة‪ .‬وﺑﺤﻠﻮل ﺷﮫﺮ ﻳﻮﻧﯿﻮ‪ ،‬وﺻﻠﻮا إﻟﻰ‬
‫ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻛﺘﺐ اﻟﻘﺮاءة ﻟﻠﺼﻒ اﻟﺨﺎﻣﺲ‪ ،‬ﻟﯿﺪرﺳﻮا ﺧﻼل‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻛﺘﺎﺑﺎت "أرﺳﻄﻮ" و"إﻳﺴﻮب" و"ﺗﻠﺴﺘﻮي" و"ﺷﻜﺴﺒﯿﺮ" و"ﺑﻮ" و"ﻓﺮوﺳﺖ" و"دﻳﻜﻨﺴﻮن"‪.‬‬
‫ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺳﺴﺖ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" ﻣﺪرﺳﺘﮫﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ‪ ،‬ذھﺐ إﻟﯿﮫﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﺻﺤﯿﻔﺔ ﺷﯿﻜﺎﻏﻮ ﺳﻦ ‪ -‬ﺗﺎﻳﻤﺰ‬
‫"زاي ﺳﻤﯿﺚ"‪ .‬رأى أطﻔﺎًﻻ ﻓﻲ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮھﻢ ﻳﻜﺘﺒﻮن‬
‫ﺼﺎ ﺧﺮاﻓﯿﺔ"‪ ،‬وﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﻋﻦ "ﻋﻠﻢ اﻟﺼﻮﺗﯿﺎت" و "ﻋﻼﻣﺎت‬ ‫ﺟﻤًﻼ ﻣﺜﻞ "اذھﺐ ﻟﻠﻄﺒﯿﺐ" و"ﻛﺘﺐ إﻳﺴﻮب ﻗﺼ ً‬
‫اﻟﺘﺮﻗﯿﻢ"‪ .‬ﻻﺣﻆ "زاي ﺳﻤﯿﺚ" طﻼب اﻟﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﺘﻠﻮن‬
‫ﻓﻘﺮات ﻣﻦ ﻣﺆﻟﻔﺎت "ﺷﻜﺴﺒﯿﺮ" و"ﻟﻮﻧﺠﻔﯿﻠﻮ" و"ﻛﺒﻠﯿﻨﺞ"‪ .‬وﻗﺒﻞ وﻗﺖ ﻗﺼﯿﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺰﻳﺎرة‪ ،‬ﻛﺎن "زاي ﺳﻤﯿﺚ"‬
‫ﻗﺪ زار ﻣﺪرﺳﺔ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﺛﺮﻳﺔ ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﻀﻮاﺣﻲ؛ ﺣﯿﺚ‬
‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أي ﻣﻦ طﻼﺑﮫﺎ ﻗﺪ ﺳﻤﻊ ﻋﻦ "ﺷﻜﺴﺒﯿﺮ" ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪ .‬ﻗﺎل أﺣﺪ طﻼب ﻣﺪرﺳﺔ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ"‪" :‬ﺗﺒًّﺎ‪ ،‬ھﻞ ﺗﻘﺼﺪ أن‬
‫طﻼب اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ اﻷﻏﻨﯿﺎء ھﺆﻻء ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮن أن‬
‫"ﺷﻜﺴﺒﯿﺮ" ُوﻟﺪ ﻋﺎم ‪ 1564‬وأﻧﻪ ﺗﻮﻓﻲ ﻋﺎم ‪1616‬؟"‪.‬‬
‫ﻤﺎ مـن اﻟﻜﺖـب ﺣﺖـى فـي ﻓﺺـل اﻟﺺـﻳﻒ‪ .‬أحـد اﻟﻂـﻻب‬ ‫كــان أوﻟﺊــك اﻟﻂــﻻب ﻳﻖــرأون عـد ً‬
‫دا ضـﺧ ً‬
‫الـذﻳﻦ اﻟﺘﺤﻖـوا ﺑﺎﻟﻤﺪرسـة فـي سـن سـت سـﻧﻮات وتـم ﺗﺺـﻧﯿﻔﻪ ﻛﻄﻒـل ﻣﺖـأﺧﺮ ﻋﻘﻠﯿًّﺎ‪ ،‬وﺑﻌﺪ ﻣﺮور‬
‫أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات‪ ،‬ﻛﺎن ﻗﺪ ﻗﺮأ اﺛﻨﯿﻦ وﻋﺸﺮﻳﻦ ﻛﺘﺎﺑًﺎ ﺧﻼل ﻓﺼﻞ اﻟﺼﯿﻒ‪ ،‬ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ رواﻳﺘﻲ " ﻗﺼﺔ ﻣﺪﻳﻨﺘﯿﻦ "‪ ،‬و "‬
‫ﺟﯿﻦ إﻳﺮ "‪ .‬ﻛﺎن اﻟﻄﻼب ﻳﻘﺮأون‬
‫ﺑﻌﻤﻖ وﺗﻤﻌﻦ‪ .‬ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻛﺎن اﻷطﻔﺎل ﻓﻲ ﻋﻤﺮ ﺛﻼث وأرﺑﻊ ﺳﻨﻮات ﻳﻘﺮأون أﺳﻄﻮرة دﻳﺪاﻟﻮس وإﻳﻜﺎروس‪ ،‬ﺻﺎح‬
‫أﺣﺪھﻢ ‪ -‬ﻋﻤﺮه أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات‪" :‬إذا ﻟﻢ ﻧﺘﻌﻠﻢ وﻧﻌﻤﻞ ﺑﺠﺪ‪،‬‬
‫ھﻞ ﺳﻨﻄﯿﺮ ﻛﺈﻳﻜﺎرﻳﻮس إﻟﻰ اﻟﻤﺠﮫﻮل"‪ .‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺎت ﺣﻮل ﻣﺴﺮﺣﯿﺔ " ﻣﺎﻛﺒﺚ" ﺷﺎﺋﻌﺔ اﻟﺤﺪوث ﻓﻲ‬
‫ﻣﺪرﺳﺔ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ"‪.‬‬
‫اﻋﺘﻘﺪ "أﻟﻔﺮﻳﺪ ﺑﯿﻨﯿﻪ" أن ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺔ أي ﺷﺨﺺ ﺗﻐﯿﯿﺮ طﺮﻳﻘﺔ ﺗﻔﻜﯿﺮ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ‪ .‬ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﻳﻤﻜﻨﻚ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺳﻮاء‬
‫ﻛﻨﺖ ﺗﻘﯿِ ّﻢ ھﺆﻻء اﻷطﻔﺎل ﺑﻤﺪى ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﮫﻢ أو ﺑﺄداﺋﮫﻢ‬
‫ﻓﻲ اﻻﺧﺘﺒﺎرات اﻟﻤﻌﯿﺎرﻳﺔ‪ ،‬ﺳﺘﺠﺪ أن ﻋﻘﻮﻟﮫﻢ ﻗﺪ ﺗﻐﯿﺮت‪.‬‬
‫ﺤﺎﺗﯿﻦ‬‫ﺼﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻈﻤﺎء اﻟﺒﺎرزﻳﻦ‪ ،‬ﻛﺎﻧﻮا ﻋﺎزﻓﻲ ﺑﯿﺎﻧﻮ وﻧ ّ‬‫س "ﺑﻨﺠﺎﻣﯿﻦ ﺑﻠﻮم"‪ ،‬اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺘﺮﺑﻮي اﻟﺒﺎرز‪ 120 ،‬ﺷﺨ ً‬ ‫دَر َ‬‫َ‬
‫وﺳﺒﺎﺣﯿﻦ ﻓﻲ اﻷوﻟﻤﺒﯿﺎد وﻻﻋﺒﻲ ﺗﻨﺲ ﻋﺎﻟﻤﯿﯿﻦ وﻋﻠﻤﺎء‬
‫رﻳﺎﺿﯿﺎت وﺑﺎﺣﺜﯿﻦ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻷﻋﺼﺎب؛ ﻓﻮﺟﺪ أن أﻏﻠﺒﮫﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺑﺎرزﻳﻦ ﻓﻲ طﻔﻮﻟﺘﮫﻢ وﻟﻢ ُﻳﻈﮫﺮوا أي ﻣﻮھﺒﺔ‬
‫واﺿﺤﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺒﺪء ﻓﻲ ﺗﺪرﻳﺒﮫﻢ ﺟﺪﻳًّﺎ‪ .‬ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﺳﻦ‬
‫ﻣﺮاھﻘﺘﮫﻢ‪ ،‬ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺘﺘﻨﺒﺄ ﺑﺈﻧﺠﺎزاﺗﮫﻢ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﯿﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻗﺪراﺗﮫﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ‪ .‬ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺧﻼل‬
‫ﺣﻤﺎﺳﮫﻢ واﻟﺘﺰاﻣﮫﻢ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ‪ ،‬ﺟﻨﺒًﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ وﺟﻮد‬
‫أﺷﺨﺎص داﻋﻤﯿﻦ ﺣﻮﻟﮫﻢ‪ ،‬اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا أن ﻳﺼﻠﻮا إﻟﻰ اﻟﻘﻤﺔ‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻤﻜﺜﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻤﺪارس ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة‬ ‫ﻳﺴﺘﻨﺘﺞ "ﺑﻠﻮم" ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬ﺑﻌﺪ أرﺑﻌﯿﻦ ﻋﺎ ً‬
‫ﻀﺎ ﻓﻲ اﻟﺨﺎرج‪ ،‬اﺳﺘﻨﺘﺎﺟﻲ اﻟﺮﺋﯿﺲ ھﻮ‪ :‬اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ أي‬ ‫وأﻳ ً‬
‫ﺷﺨﺺ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻌﻠﻤﻪ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺠﻤﯿﻊ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ أن ﻳﺘﻌﻠﻤﻮه‪ ،‬إذا ﻣﺎ ﺗﻮﻓﺮت ﻟﮫﻢ ﺷﺮوط اﻟﺘﻌﻠﻢ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ‬
‫واﻟﺤﺪﻳﺜﺔ"‪" .‬ﺑﻠﻮم" ﻻ ﻳﺤﺼﻲ ﻧﺴﺒﺔ اﻻﺛﻨﯿﻦ أو اﻟﺜﻼﺛﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ‬
‫ﻣﻦ اﻷطﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻗﺼﻮًرا ﺷﺪﻳًﺪا‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺤﺼﻲ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻮاﺣﺪ أو اﻻﺛﻨﯿﻦ ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ أﻋﻠﻰ اﻷطﻔﺎل‬
‫ﻓﻲ اﻟﻄﺮف اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﻤﻠﻮن أطﻔﺎًﻻ ﻣﺜﻞ "ﻣﺎﻳﻜﻞ"‪ .‬إﻧﻪ‬
‫ﻳﻘﺼﺪ ﻛﻞ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪.‬‬

‫ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻘﺪرة وﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﻤﺴﺎر‬

‫وﻟﻜﻦ أﻟﯿﺲ ﻟﺪى اﻟﻄﻼب ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺪرات ﻟﺴﺒﺐ ﻣﺎ؟ أﻟﻢ ﺗﻮﺿﺢ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﺧﺘﺒﺎراﺗﮫﻢ وإﻧﺠﺎزاﺗﮫﻢ‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻣﺎ ھﻲ ﻗﺪراﺗﮫﻢ؟ ﺗﺬﻛﺮ أن ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻻﺧﺘﺒﺎرات‬
‫وﻣﻘﺎﻳﯿﺲ اﻹﻧﺠﺎز ﺗﺨﺒﺮك ﺑﻤﺎ وﺻﻞ إﻟﯿﻪ اﻟﻄﺎﻟﺐ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻻ ﺗﺨﺒﺮك ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺼﻞ اﻟﻄﺎﻟﺐ إﻟﻰ ﺗﺤﻘﯿﻘﻪ‪.‬‬
‫ﻗﺎم "ﻓﺎﻟﻜﻮ رﻳﻨﺒﺮج"‪ ،‬ﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ أﻟﻤﺎﻧﯿﺎ‪ ،‬ﺑﺪراﺳﺔ ﻣﻌﻠﻤﻲ اﻟﻤﺪارس ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﻋﻘﻠﯿﺎﺗﮫﻢ‪ .‬ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬واﻋﺘﻘﺪوا أن اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت‬
‫ﻤﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﯿﻦ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ‪:‬‬‫ﺗﺤﺼﯿﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻳﻜﻮﻧﻮن داﺋ ً‬
‫"ﺣﺴﺐ ﺧﺒﺮﺗﻲ‪ ،‬ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻈﻞ ﻣﺴﺘﻮى ﺗﺤﺼﯿﻞ اﻟﻄﻼب ﺛﺎﺑًﺘﺎ ﺧﻼل اﻟﻌﺎم"‪.‬‬
‫"إذا ﻛﻨﺖ أﻋﻠﻢ ذﻛﺎء اﻟﻄﻼب‪ ،‬أﺳﺘﻄﯿﻊ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻤﺴﺎرھﻢ اﻟﺪراﺳﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﯿﺪ"‪.‬‬
‫"ﻛﻤﻌﻠﻤﺔ‪ ،‬ﻟﯿﺲ ﻟﻲ ﺗﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرة اﻟﻄﻼب اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ"‪.‬‬
‫ﻛﻤﻌﻠﻤﺖــي فــي اﻟﺺــف اﻟﺲــادس اﻟﺲـﻳﺪة "وﻳﻠﺲـون"‪ ،‬أوﻟﺊـك اﻟﻤﻌﻠﻢـون ﻣﺎرسـوا اﻟﻌﻘﻠﻲـة‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺖـة فـي ﻓﺺـوﻟﮫﻢ‪ :‬اﻟﻂـﻻب الـذﻳﻦ بـدأوا اﻟﺪراسـة مـع ﻣﺠﻤﻮعـة اﻟﻂـﻻب ذوي‬
‫اﻟﻘﺪرات اﻟﻌﺎﻟﯿﺔ أﻧﮫﻮا اﻟﻌﺎم ﻛﻤﺎ ھﻢ‪ ،‬وأوﻟﺌﻚ اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺪأوا اﻟﻌﺎم اﻟﺪراﺳﻲ ﻣﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻄﻼب ذوي‬
‫اﻟﻘﺪرات اﻟﻤﻨﺨﻔﻀﺔ أﻧﮫﻮا اﻟﻌﺎم ﺑﻼ ﺗﻘﺪم‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ ﻧﺸﺮوا وﻣﺎرﺳﻮا ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬رﻛﺰوا ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮة أن ﺑﺈﻣﻜﺎن ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻄﻼب ﺗﻨﻤﯿﺔ‬
‫ﻣﮫﺎراﺗﮫﻢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﺷﻲء ﻏﺮﻳﺐ ﻓﻲ ﻓﺼﻮﻟﮫﻢ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﮫﻢ إذا‬
‫ﻣﺎ ﺑﺪأ اﻟﻄﻼب اﻟﻌﺎم اﻟﺪراﺳﻲ ﻣﻊ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ اﻟﻘﺪرات أو اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ اﻟﻘﺪرات‪ .‬ﻛﻠﺘﺎ‬
‫ل ﻣﻦ اﻟﻘﺪرات‪ .‬ﻣﻦ‬ ‫اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺘﯿﻦ أﻧﮫﺖ اﻟﻌﺎم اﻟﺪراﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻋﺎ ٍ‬
‫اﻟﻌﻈﯿﻢ اﻟﻮﺻﻮل ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ؛ ﻓﻘﺪ اﺧﺘﻔﺖ اﻟﻔﺮوق ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺘﯿﻦ ﺗﺤﺖ إﺷﺮاف اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا‬
‫ﻳﻌﻠﻤﻮن اﻟﻄﻼب ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻨﻤﯿﺔ ﻗﺪراﺗﮫﻢ‪ ،‬ﻓﻜﺎن اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ‬
‫ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ أﻧﮫﻢ وﺟﺪوا طﺮﻳﻘﺔ ﻟﺘﻨﻤﯿﺔ طﻼﺑﮫﻢ "ﻣﻨﺨﻔﻀﻲ اﻟﻘﺪرات"‪.‬‬
‫ﻛﯿﻒ وﺿﻊ اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻲ ﺣﯿﺰ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬ؟ ھﺬا ﻣﺎ ﺳﻨﻨﺎﻗﺸﻪ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ ﻻﺣﻖ‪ ،‬وﻟﻜﻦ إﻟﯿﻚ اﺳﺘﻌﺮا ً‬
‫ﺿﺎ‬
‫ﻟﻤﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ "ﻣﺎرﻓﺎ ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ"‪ ،‬اﻟﻤﻌﻠﻤﺔ اﻟﺸﮫﯿﺮة؛ ﻟﺘﻄﺒﯿﻖ ﻋﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬ﻓﻲ أول ﻳﻮم ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺔ‪ ،‬اﻗﺘﺮﺑﺖ "ﻣﺎرﻓﺎ" ﻣﻦ "ﻓﺮﻳﺪي"‪ ،‬طﺎﻟﺐ راﺳﺐ ﻳﻌﯿﺪ اﻟﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ ،‬واﻟﺬي ﻻ‬
‫ﻳﺮﻳﺪ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺔ‪ .‬ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ وھﻲ ﺗﻀﻢ وﺟﮫﻪ ﺑﯿﻦ‬
‫ﺴﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﻌﺪك ﻓﻘﻂ ﺛﻢ ﺗﺼﺒﺢ‬
‫ﻳﺪﻳﮫﺎ‪" :‬ھﯿﺎ ﻳﺎ ﺣﺒﯿﺒﻲ اﻟﺼﻐﯿﺮ‪ ،‬ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻋﻤﻞ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻘﻮم ﺑﻪ‪ .‬ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻈﻞ ﺟﺎﻟ ً‬
‫ﻣﺎھًﺮا‪ ....‬أﻋﺪك‪ ،‬ﺳﺘﺼﺒﺢ ﻣﺎھًﺮا ‪ ،‬و ﺳﺘﻨﺠﺰ‪ .‬ﻟﻦ‬
‫أدﻋﻚ ﺗﺮﺳﺐ"‪.‬‬
 ‫ﻣﻠﺨﺺ‬
‫اﻟﻌﻘﻠﻲــــــة اﻟﺜﺎﺑﺖــــة ﺗﻖـــﻳِ ّﺪ ﺗﺤﻖـــﻳﻖ اﻹﻧﺞـــازات؛ فـــھﻲ ﺗﻢـــﻷ ﻋﻖـــول اﻟﻦـــاس بـــأﻓﻜﺎر‬
‫ﻣﺘﺶـــاﺑﻜﺔ‪ ،‬وﺗﺠﻌﻞـــھﻢ ﻳﻨﻆـــرون إلـــى بـــذل اﻟﺞـــھﺪ ﻛﺶـــيء غـــﻳﺮ ﻣﻘﺐـــول‪ ،‬وتـــؤدي إلـــى‬
‫ﺗﻨﻔﻲـــذ‬
‫إســــﺗﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت ﺗﻌﻞــــم ضــــﻋﯿﻔﺔ‪ .‬واﻷﻛﺚــــر مــــن ذلــــك‪ ،‬أنــــھﻢ ﻳﻨﻆــرون إلــى اﻵخــرﻳﻦ‬
‫ﻛﺄنــھﻢ ﻗﺾــاة بــدًﻻ مــن اﻋﺘﺐــارھﻢ ﺣﻠﻒــاء‪ .‬وســواء ﻛﻦــا ﻧﺘﺢــدث عــن "دارويــن" أو طــﻻب‬
‫ﺤﺎ وﺟﮫًﺪا ﺗﺎ ًّ‬
‫ﻣﺎ وﻣﺨﺰوﻧًﺎ ﻏﯿﺮ ﻣﺘﻨﺎٍه ﻣﻦ اﻹﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت‪،‬‬ ‫اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬ﻓﺘﺤﻘﯿﻖ اﻹﻧﺠﺎزات اﻟﻤﮫﻤﺔ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺗﺮﻛﯿًﺰا واﺿ ً‬
‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ داﻋﻤﯿﻦ ﻟﻠﺘﻌﻠﻢ‪ .‬وھﺬا ﻣﺎ ﺗﻤﻨﺤﻪ ﻋﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﻨﻤﻮ ﻟﻠﻨﺎس‪ ،‬وھﺬا ھﻮ ﺳﺒﺐ أﻧﮫﺎ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻗﺪراﺗﮫﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻤﻮ وﺗﺤﻘﯿﻖ ﻧﺘﺎﺋﺞ طﯿﺒﺔ‪.‬‬

‫ھﻞ اﻟﻘﺪرة اﻟﻔﻨﯿﺔ ﻣﻮھﺒﺔ؟‬

‫رﻏﻢ اﻻﻋﺘﻘﺎد اﻟﺴﺎﺋﺪ ﺑﺄن اﻟﺬﻛﺎء ﻗﺪرة ﻓﻄﺮﻳﺔ وﻟﯿﺴﺖ ﻣﻜﺘﺴﺒﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺘﺄﻣﻞ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻧﺠﺪ أﻧﻪ ﻟﯿﺲ‬
‫ﺑﻐﺎﻳﺔ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ أن ﻧﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﻨﺎس ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮن ﺗﻨﻤﯿﺔ‬
‫ﻗﺪراﺗﮫﻢ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ؛ ﻓﺎﻟﻘﺪرة اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﻟﮫﺎ ﻋﺪة ﺟﻮاﻧﺐ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﻨﻤﯿﺔ اﻟﻤﮫﺎرات اﻟﻜﻼﻣﯿﺔ أو ﻣﮫﺎرات ﻋﻠﻮم‬
‫اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت أو ﻣﮫﺎرات اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ اﻟﻤﻨﻄﻘﻲ‪ ،‬وھﻜﺬا‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻘﺪرة اﻟﻔﻨﯿﺔ‪ ،‬ﺗﺒﺪو ﻣﻮھﺒﺔ رﺑﺎﻧﯿﺔ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل‪ ،‬إﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﻨﺎس ﻳﺮﺳﻤﻮن ﺟﯿًﺪا ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة‬
‫أو ﺑﺸﻜﻞ رديء‪.‬‬
‫أنــا ﻛﻦــت أﻋﺘﻖــد ذلــك؛ ﻓﺒﯿﻨﻢــا بــدا ﺑﻊــض أصــدﻗﺎﺋﻲ ﻛﻢــا لــو أنــھﻢ ﻳﺮســﻣﻮن بــﻻ جــھﺪ‬
‫وبــﻻ تــدرﻳﺐ‪ ،‬تــوﻗﻔﺖ قـدراﺗﻲ فـي اﻟﺮسـم ﻋﻦـد ﻣﺲـﺗﻮى اﻟﺘﻌﻞـﻳﻢ اﻻﺑﺖـداﺋﻲ‪ .‬ﺑﻖـدر مـا‬
‫ﺴﺎ ﻓﻨﯿًّﺎ وﻟﻜﻦ ﺑﺸﻜﻞ آﺧﺮ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ أن أﺻﻤﻢ‬ ‫ﺣﺎوﻟﺖ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﺎوﻻﺗﻲ ﺑﺪاﺋﯿﺔ وﻣﺨﯿﺒﺔ ﻟﻶﻣﺎل‪ .‬ﻛﻨﺖ أﻣﺘﻠﻚ ﺣ ًّ‬
‫اﻟﺮﺳﻮﻣﺎت؛ ﻓﺄﻧﺎ ﺑﺎرﻋﺔ ﻓﻲ اﺧﺘﯿﺎر اﻷﻟﻮان‪ ،‬وﻟﺪي ﺣﺲ‬
‫ﻤﺎ ﻻ أﻣﺘﻠﻚ اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪.‬‬ ‫ﻢ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ اﻟﺮﺳﻢ؟ ﺣﺘ ً‬ ‫راﺋﻊ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﯿﻞ اﻟﺼﻮر‪ ،‬ﻛﻤﺎ أن ﻟﺪي ﺗﺂزًرا ﺑﺼﺮﻳًّﺎ ﺣﺮﻛﯿًّﺎ راﺋ ً‬
‫ﻌﺎ‪ .‬ﻟِ َ‬
‫ﻘﺎ أن ﺗﺮﺳﻢ؟ اﻛﺘﺸﻔﺖ‬ ‫ﻳﺠﺐ أن أﻋﺘﺮف أن ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻟﻢ ﻳﺰﻋﺠﻨﻲ ﻛﺜﯿًﺮا؛ ﻓﻌﻠﻰ أﻳﺔ ﺣﺎل‪ ،‬ﻣﺘﻰ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﯿﻚ ﺣ ًّ‬
‫إﺟﺎﺑﺔ ھﺬا اﻟﺴﺆال ذات ﻟﯿﻠﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺿﯿﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺸﺎء‬
‫ﻣﺎ فــــــي اﻟﺲـــــن‪ ،‬وﻳﻌﻢـــل طﺐـــﻳﺒًﺎ‬ ‫أﻗﺎمــــــه رجــــــل مــــــذھﻞ‪ .‬كــــــان رجــــــًﻻ ﻣﺘﻖــــــد ً‬
‫ﻧﻔﺲـــﻳًّﺎ كـــان قـــد ﻧﺞـــا مـــن ﻛﺎرثـــة إﻧﺲـــاﻧﯿﺔ‪ .‬ﻋﻦـــدﻣﺎ كـــان طﻒـــًﻻ ﻋﻢـــره ﻋﺶـــر ســـﻧﻮات‬
‫فـــي ﺟﻢـــھﻮرﻳﺔ‬
‫ﺗﺶــﻳﻜﻮﺳﻠﻮﻓﺎﻛﯿﺎ‪ ،‬عــاد ذات يــوم مــع أﺧﻲــه اﻷصــﻏﺮ إلــى اﻟﻢــﻧﺰل مــن اﻟﻤﺪرســة ﻟﯿﺞــدا أن‬
‫ﻄﻒ والــداھﻤﺎ‪ .‬وﻷنــھﻤﺎ ﻳﻌﻠﻢــان أن لــدﻳﮫﻤﺎ عــ ًّ‬
‫ﻣﺎ فــي‬ ‫والــدﻳﮫﻤﺎ قــد رحــﻻ‪ .‬ﻟﻖــد اخــُﺗ ِ‬
‫إﻧﺠﻠﺘﺮا‪ ،‬ﺳﺎر اﻟﻮﻟﺪان ﺣﺘﻰ ﻟﻨﺪن ووﺟﺪاه‪.‬‬
‫وﺑﻊــد ﺑﺾــع ســﻧﻮات‪ ،‬اﻧﺾــم هــذا اﻟﺮجــل‪ ،‬والــذي كــذب ﺑﺶــأن ﻋﻢــره اﻟﺤﻖــﻳﻘﻲ‪ ،‬إلــى ســﻻح‬
‫اﻟﺞــو اﻟﻤﻠﻚـي اﻟﺒﺮﻳﻂـاﻧﻲ‪ ،‬وشـارك مـع اﻟﺞـﻳﺶ اﻟﺒﺮﻳﻂـاﻧﻲ فـي اﻟﺢـرب‪ .‬وﺑﻊـدﻣﺎ‬
‫ُأﺻﯿﺐ‪ ،‬ﺗﺰوج ﻣﻦ ﻣﻤﺮﺿﺘﻪ واﻟﺘﺤﻖ ﺑﻜﻠﯿﺔ اﻟﻄﺐ‪ ،‬ﺛﻢ اﻓﺘﺘﺢ ﻋﯿﺎدة ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ‪.‬‬
‫ومــع مــرور اﻟﺲــﻧﻮات‪ ،‬أصـﺑﺢ لـدﻳﻪ اھﺘﻢـام ﻛﺐـﻳﺮ ﺑﻂـاﺋﺮ اﻟﺒﻮمـة‪ .‬اﻋﺘﻖـد أنـھﺎ ﺗﺠﺲـد اﻟﺺـﻓﺎت‬
‫اﻟﺖـي ُﻳﺠﻠ ﱡﻪـا‪ ،‬وكـان ﻳﺢـب أن ﻳﻌﺘﺐـر ﻧﻔﺲـه شـﺑﯿًﮫﺎ بـاﻟﺒﻮم‪ .‬وﺑﺞـاﻧﺐ اﻟﺘﻢـاﺛﯿﻞ‬
‫اﻟﺼﻐﯿﺮة اﻟﻜﺜﯿﺮة ﻟﻄﺎﺋﺮ اﻟﺒﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ زﻳﻨﺖ ﻣﻨﺰﻟﻪ‪ ،‬ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ دﻓﺘٌﺮ ﻟﻠﻀﯿﻮف ذو ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﺒﻮم‪ .‬ﺗﺒﯿﻦ أﻧﻪ ﺣﯿﻨﻤﺎ ﻳﺸﻌﺮ‬
‫ﺑﺎﻻرﺗﯿﺎح ﺗﺠﺎه ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﻠﻘﺎء اﻷول‪ ،‬ﻳﻄﻠﺐ‬
‫ﻣﻦ ھﺬا اﻟﺸﺨﺺ أن ﻳﺮﺳﻢ ﺑﻮﻣﺔ وﻳﻜﺘﺐ ﺷﯿًﺌﺎ ﻟﻪ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺪﻓﺘﺮ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺪم ﻟﻲ ھﺬا اﻟﺪﻓﺘﺮ وﺷﺮح ﻟﻲ‬
‫أھﻤﯿﺘﻪ‪ ،‬ﺷﻌﺮت ﺑﺎﻟﺘﻮﻗﯿﺮ ﻛﻤﺎ ﺷﻌﺮت ﺑﺎﻟﺨﻮف‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﻨﺖ ﺧﺎﺋﻔﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻠﺐ‪ .‬وأﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺨﯿﻔﻨﻲ أن رﺳﻤﺘﻲ ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻣﺨﺘﺒﺌﺔ ﻓﻲ وﺳﻂ اﻟﺪﻓﺘﺮ‪ ،‬ﺑﻞ ﺳﺘﺰﻳﻦ اﻟﺼﻔﺤﺔ‬
‫اﻷﺧﯿﺮة‪.‬‬
‫ﻟﻦ أﺳﺘﻔﯿﺾ ﻓﻲ وﺻﻒ ﻣﺪى ﺿﯿﻘﻲ أو رﺳﻤﻲ اﻟﺮديء ﺑﺮﻏﻢ أﻧﮫﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ واﺿﺤﯿﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﺎد‪ .‬أﺣﻜﻲ ﺗﻠﻚ‬
‫اﻟﻘﺼﺔ ﻛﻤﻘﺪﻣﺔ ﻟﻤﺎ ﺷﻌﺮت ﺑﻪ ﻣﻦ دھﺸﺔ وﻓﺮﺣﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺮأت‬
‫ﻛﺘﺎب ‪ . The Drawing on t he Right Side of the Brain‬ﺑﻌﺪ ﻗﻠﯿﻞ‪ ،‬ﻧﻌﺮض رﺳﻮﻣﺎت ﺷﺨﺼﯿﺔ ﻷﺷﺨﺎص ﻗﺒﻞ وﺑﻌﺪ‬
‫ﺣﻀﻮرھﻢ دورة ﺗﺪرﻳﺒﯿﺔ ﻗﺼﯿﺮة ﻓﻲ‬
‫اﻟﺮﺳﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻟﻔﺔ "ﺑﯿﺘﻲ إدواردز"‪ .‬ﺗﻠﻚ اﻟﺮﺳﻮﻣﺎت ﻗﺪ رﺳﻤﮫﺎ أوﻟﺌﻚ اﻟﻄﻼب ﻗﺒﻞ اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺪورة‬
‫اﻟﺘﺪرﻳﺒﯿﺔ‪ ،‬ورﺳﻮﻣﺎت أﺧﺮى رﺳﻤﻮھﺎ ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺴﺔ أﻳﺎم ﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫أﻧﮫﻮا اﻟﺪورة‪.‬‬
 ‫أﻟﯿﺴﺖ اﻟﺮﺳﻮﻣﺎت ﻣﺪھﺸﺔ؟ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻟﻢ ُﻳﻈﮫﺮ أوﻟﺌﻚ اﻟﻨﺎس اﻣﺘﻼك ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺪرة اﻟﻔﻨﯿﺔ اﻟﻜﺒﯿﺮة‪ .‬أﻏﻠﺐ‬
‫رﺳﻮﻣﺎﺗﮫﻢ ذﻛﺮﺗﻨﻲ ﺑﺎﻟﺒﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺖ ﻗﺪ رﺳﻤﺘﮫﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ‬
‫أﻳﺎم ﻗﻠﯿﻠﺔ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﺠﻤﯿﻊ أن ﻳﺮﺳﻤﻮا ﺟﯿًﺪا!‬
‫ﺗﺘﻔﻖ "ﺑﯿﺘﻲ إدواردز" أن اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻳﺮون أن اﻟﺮﺳﻢ ﻗﺪرة ﺳﺤﺮﻳﺔ ﻳﻤﺘﻠﻜﮫﺎ اﻟﻘﻠﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس‪ ،‬وأن ﻻ‬
‫ﻣﺎ ﺳﻮى اﻟﻘﻠﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس‪.‬‬ ‫أﺣﺪ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﻳﻤﺘﻠﻜﮫﺎ ﻳﻮ ً‬
‫وﻟﻜﻦ ھﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺳﺒﺒﻪ أن اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ‪ -‬اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻤﻜﻮﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ‬
‫ﺗﻌﻠﻤﮫﺎ ‪ -‬ﻟﻠﺮﺳﻢ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﺗﺨﺒﺮﻧﺎ "ﺑﯿﺘﻲ" أن ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ‬
‫اﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﮫﺎرات رﺳﻢ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق‪ ،‬ﺑﻞ ﻣﮫﺎرات رؤﻳﺔ ‪ .‬ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ھﻲ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﺣﻮاف‬
‫اﻷﺷﯿﺎء واﻟﻤﺴﺎﻓﺎت واﻟﻌﻼﻗﺎت واﻟﻀﻮء واﻟﻈﻞ واﻟﺸﻜﻞ‬
‫ﻌﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﯿﺔ واﺣﺪة‪ .‬ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس‬ ‫اﻟﻜﻠﻲ‪ .‬ﻳﺴﺘﻠﺰم اﻟﺮﺳﻢ ﻣﻨﺎ ﺗﻌﻠﻢ ﻛﻞ ﻣﮫﺎرة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺛﻢ ﻣﺰﺟﮫﺎ ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﻳﻜﺘﺴﺒﻮن ﺗﻠﻚ اﻟﻤﮫﺎرات ﺧﻼل ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ‪ ،‬ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ‬
‫ﻌﺎ‪ .‬وﻟﻜﻦ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻧﺮى ﻓﻲ اﻟﺼﻮر اﻟﺘﻲ رﺳﻤﻮھﺎ ﺑﻌﺪ إﻧﮫﺎء اﻟﺪورة‬ ‫اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ أن ﻳﻌﻤﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻤﮫﺎ ودﻣﺠﮫﺎ ﻣ ً‬
‫اﻟﺘﺪرﻳﺒﯿﺔ‪ ،‬ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺠﻤﯿﻊ أن ﻳﺮﺳﻢ‪.‬‬
‫هــذا مــا ﻳﻌﻨﻲــه اﻷمــر‪ :‬وجــود أشــﺧﺎص ﻳﻤﻜﻦــھﻢ ﻓﻊــل أمــر مــا ﺑﻘﻠﻲــل مــن اﻟﺖــدرﻳﺐ‪ ،‬أو ﺣﺖـى‬
 ‫بـﻻ تـدرﻳﺐ‪ ،‬ﻻ ﻳﻌﻦـي هـذا أن اﻵخـرﻳﻦ ﻻ ﻳﺲـﺗﻄﯿﻌﻮن ﻓﻊـل ﻧﻒـس اﻷمـر )بـل‬
‫ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻪ أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﺑﺼﻮرة أﻓﻀﻞ( ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺐ‪ .‬ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻷھﻤﯿﺔ؛ ﻷن اﻟﻜﺜﯿﺮ ﺟ ًّ‬
‫ﺪا ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻳﻌﺘﻘﺪون أن اﻷداء اﻷوﻟﻲ ﻟﺸﺨﺺ ﻣﺎ ﻳﺨﺒﺮك ﺑﻜﻞ ﻣﺎ‬
‫ﺗﺮﻳﺪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻋﻦ ﻣﻮھﺒﺘﻪ وﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻪ‪.‬‬

‫ﺟﺎﻛﺴﻮن ﺑﻮﻟﻮك‬
‫ﻛﺎن ﺳﯿﺼﺒﺢ اﻷﻣﺮ ﻣﺨﺠًﻼ إذا أﺛﻨﻰ اﻟﻨﺎس "ﺟﺎﻛﺴﻮن ﺑﻮﻟﻮك" ﻋﻦ ﻓﻨﻪ ﻟﮫﺬا اﻟﺴﺒﺐ‪ .‬ﻳﺘﻔﻖ اﻟﺨﺒﺮاء ﻋﻠﻰ أن‬
‫"ﺑﻮﻟﻮك" ﻛﺎن ﻳﻤﺘﻠﻚ ﻣﻮھﺒﺔ ﻓﻨﯿﺔ ﺿﻌﯿﻔﺔ‪ ،‬وﺳﺘﻜﺘﺸﻒ ذﻟﻚ‬
‫إذا ﻣﺎ رأﻳﺖ ﻟﻮﺣﺎﺗﻪ اﻷوﻟﻰ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻔﻖ اﻟﺨﺒﺮاء ﻋﻠﻰ أﻧﻪ أﺻﺒﺢ واﺣًﺪا ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻟﺮﺳﺎﻣﯿﻦ اﻷﻣﺮﻳﻜﯿﯿﻦ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ‪ ،‬وأﻧﻪ أﺣﺪث ﺛﻮرة ﻓﻲ اﻟﻔﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ‪ .‬ﻓﻜﯿﻒ ﺗﻐﯿﱠﺮ‬
‫"ﺑﻮﻟﻮك" ﻣﻦ ﺷﺨﺺ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻮھﺒﺔ ﻓﻨﯿﺔ ﺿﻌﯿﻔﺔ ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ أﺣﺪ أﻋﻈﻢ اﻟﺮﺳﺎﻣﯿﻦ؟‬
‫أﻟﻔﺖ "ﺗﻮﻳﻼ ﺛﺎرب" ﻛﺘﺎب ‪ . The Creative Habit‬وﻛﻤﺎ ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﻋﻨﻮان اﻟﻜﺘﺎب‪ ،‬ﺗﺰﻋﻢ اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ أن اﻹﺑﺪاع ﻟﯿﺲ‬
‫ﺳﺤًﺮا‪ ،‬ﺑﻞ إﻧﻪ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد واﻟﺘﻔﺎﻧﻲ ﻓﯿﻪ‪.‬‬
‫ﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ " ﻣﻮﺗﺴﺎرت" ‪ .‬ھﻞ ﺗﺬﻛﺮ ﻓﯿﻠﻢ ‪ Amadeus‬؟ ھﻞ ﺗﺬﻛﺮ ﻛﯿﻒ أظﮫﺮ ھﺬا اﻟﻔﯿﻠﻢ أن‬ ‫وﻳﻨﻄﺒﻖ ذﻟﻚ أﻳ ً‬
‫"ﻣﻮﺗﺴﺎرت" ﻛﺎن ﻳﺆﻟﻒ ﻣﻘﻄﻮﻋﺎﺗﻪ اﻟﻮاﺣﺪة ﺗﻠﻮ اﻷﺧﺮى‬
‫ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻳﺴﺘﺸﯿﻂ "ﺳﯿﺎﻟﯿﺮي"‪ ،‬ﻣﻨﺎﻓﺴﻪ‪ ،‬ﺣﻘًﺪا؟ ﻋﻠﻘﺖ "ﺛﺎرب" ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻔﯿﻠﻢ ﻗﺎﺋﻠﺔ‪ :‬ھﺮاء! ﻛﻼم ﻓﺎرغ! " ﻻ ﻳﻮﺟﺪ‬
‫ﻋﺒﺎﻗﺮة ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة"‪.‬‬
‫اﻟﺘﻔﺎﻧﻲ ھﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ "ﺑﻮﻟﻮك" ﻳﺘﺤﻮل ﻣﻦ ﻣﻮھﺒﺔ ﻓﻨﯿﺔ ﺿﻌﯿﻔﺔ إﻟﻰ أﺣﺪ أﻋﻈﻢ اﻟﺮﺳﺎﻣﯿﻦ‪ .‬ﻛﺎن "ﺑﻮﻟﻮك" ﺷﻐﻮ ً‬
‫ﻓﺎ‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬ﻛﺎن ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﺮﺳﻢ‬ ‫ﺳﺎ ً‬
‫ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺑﻔﻜﺮة أن ﻳﺼﺒﺢ ر ﱠ‬
‫ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻰ‬ ‫ﺴﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻔﻜﺮة‪ ،‬ﻛﺎن َ‬‫طﻮال اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬وﻛﺎن ﻳﻤﺎرﺳﻪ طﻮال اﻟﻮﻗﺖ‪ .‬وﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺘﺤﻤ ً‬
‫ﻋﻤﻠﻪ ﺑﺠﺪﻳﺔ وﻳﺮﺷﺪوﻧﻪ ﺣﺘﻰ أﺗﻘﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻠﯿﻪ أن‬
‫ﻳﺘﻘﻨﻪ‪ ،‬وﺑﺪأ ﻓﻲ إﻧﺘﺎج ﻟﻮﺣﺎت إﺑﺪاﻋﯿﺔ ﻣﺪھﺸﺔ‪ .‬ﻟﻮﺣﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ رﺳﻤﮫﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ "ﺻﺐ اﻷﻟﻮان"‪ ،‬اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻞ‬
‫واﺣﺪة ﻣﻨﮫﺎ ﻓﺮﻳﺪة ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬أﺗﺎﺣﺖ ﻟﻪ أن ﻳﺮﺳﻢ ﻣﻦ ﻋﻘﻠﻪ‬
‫ﺷُﺮﻓﺖ ﺑﺤﻀﻮر ﻣﻌﺮض ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻠﻮﺣﺎت ﻓﻲ ﻣﺘﺤﻒ‬ ‫اﻟﺒﺎطﻦ واﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﻋﻦ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ‪ .‬ﻣﻨﺬ ﻋﺪة ﺳﻨﻮات‪َ ،‬‬
‫اﻟﻔﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻧﯿﻮﻳﻮرك‪ .‬ﻛﻨﺖ ﻣﻔﺘﻮﻧﺔ ﺑﺮوﻋﺔ ﻛﻞ‬
‫ﻟﻮﺣﺔ وﺟﻤﺎﻟﮫﺎ‪.‬‬
‫ﺔ ﻻ أﻋﻠﻢ‪ .‬وﻣﻊ ذﻟﻚ‪ ،‬أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻨﺎ ﻧﺘﻔﻖ اﻵن ﻋﻠﻰ أن اﻟﺠﻤﯿﻊ‬ ‫ھﻞ ﺑﺈﻣﻜﺎن أي ﺷﺨﺺ ﻓﻌﻞ أي ﺷﻲء ؟ ﺣﻘﯿﻘ ً‬
‫ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ﻟﻠﻌﯿﺎن‪.‬‬

‫ﺧﻄﺮ اﻟﺜﻨﺎء وإطﻼق اﻟﺘﺴﻤﯿﺎت اﻹﻳﺠﺎﺑﯿﺔ‬

‫إذا كــان اﻟﻦــاس ﻳﻤﺘﻠﻚــون ﺗﻞــك اﻹﻣﻜﺎﻧﻲــة ﻟﺘﺤﻖــﻳﻖ اﻟﻨﺞــاﺣﺎت‪ ،‬ﻓﻚــﻳﻒ ﻳﻜﺘﺲــﺑﻮن اﻟﺜﻖــة فــي‬
‫إﻣﻜﺎﻧﺎتــھﻢ؟ كــﻳﻒ ﻧﻤﻨﺢــھﻢ اﻟﺜﻖــة اﻟﺖــي ﻳﺤﺖــاﺟﻮن إﻟﻲــھﺎ ﻟﻠﻌﻢــل ﻋﻞــى ﺗﺤﻖــﻳﻖ‬
‫اﻟﻨﺠﺎﺣﺎت؟ ﻣﺎ رأﻳﻚ ﻓﻲ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻗﺪرﺗﮫﻢ ﺣﺘﻰ ﻧﺆﻛﺪ ﻟﮫﻢ أﻧﮫﻢ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن اﻹﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ ذﻟﻚ؟‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬أﺧﺒﺮﻧﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ‪ % 80‬ﻣﻦ اﻵﺑﺎء أن اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ‬
‫ﻗﺪرات أﺑﻨﺎﺋﮫﻢ ﻛﺎن أﻣًﺮا ﺿﺮورﻳًّﺎ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﺛﻘﺘﮫﻢ ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ وﻗﺪرﺗﮫﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﻨﺠﺎح‪ .‬ﻳﺒﺪو ذﻟﻚ ﻣﻨﻄﻘﯿًّﺎ إﻟﻰ‬
‫ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ‪.‬‬
‫ﺛﻢ ﺑﺪأﻧﺎ اﻟﺸﻚ ﻓﻲ ذﻟﻚ‪ .‬ﻓﻜﺮﻧﺎ ﻓﻲ أن اﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻳﺮﻛﺰون ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺪراﺗﮫﻢ ﺑﺸﻜﻞ‬
‫ﻤﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﺴﺎءﻟﻮن‪" :‬ھﻞ ﻗﺪراﺗﻲ ﻋﺎﻟﯿﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ؟"‪،‬‬ ‫ﻛﺒﯿﺮ‪ ،‬وداﺋ ً‬
‫"إذا ﻓﻌﻠﺖ ذﻟﻚ‪ ،‬ھﻞ ﻳﺒﺪو ﺟﯿًﺪا؟"‪ .‬وﺗﺴﺎءﻟﻨﺎ‪ ،‬ﺑﺎﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻗﺪرات اﻟﻨﺎس‪ ،‬أﻟﻦ ﻳﺠﻌﻠﮫﻢ ذﻟﻚ ﻳﺮﻛﺰون أﻛﺜﺮ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻗﺪراﺗﮫﻢ؟ أﻟﻦ ﻳﻌﻨﻲ ﻟﮫﻢ ذﻟﻚ أن ﻗﺪراﺗﮫﻢ ھﻲ اﻷھﻢ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ‪ ،‬ﺑﻞ اﻷﺳﻮأ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻗﺪراﺗﮫﻢ اﻟﺪﻓﯿﻨﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل أداﺋﮫﻢ؟ أﻻ ﻳﻌﻠِ ّﻤﮫﻢ ھﺬا اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؟‬
‫أطﻠﻖ ﻋﻠﻰ "آدم ﺟﻮﺗﯿﻞ" ﻟﻘﺐ وﻟﻲ اﻟﻌﮫﺪ وﻣﻨﻘﺬ اﻟﻤﺴﺮح اﻟﻤﻮﺳﯿﻘﻲ‪" .‬آدم ﺟﻮﺗﯿﻞ" ھﻮ ﺣﻔﯿﺪ "رﻳﺘﺸﺎرد‬
‫رودﺟﺮز" اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﺘﻠﺤﯿﻦ ﻣﺴﺮﺣﯿﺎت ﻏﻨﺎﺋﯿﺔ ﻛﻼﺳﯿﻜﯿﺔ ﻣﺜﻞ‬
‫‪ !Oklahoma‬و ‪ . Carousel‬أﺳﮫﺒﺖ واﻟﺪة "ﺟﻮﺗﯿﻞ" ﻛﺜﯿًﺮا ﻓﻲ ﻣﺪح ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ اﺑﻨﮫﺎ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻌﻞ اﻟﺠﻤﯿﻊ‪ .‬ﻛﻤﺎ أﺛﻨﺖ‬
‫ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﺻﺤﯿﻔﺔ ذا ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻮھﺒﺘﻪ ﻗﺎﺋﻠﺔ‪" :‬اﻟﻤﻮھﺒﺔ ﻣﻮﺟﻮدة ﻟﺪﻳﻪ وﻋﻈﯿﻤﺔ"‪ .‬اﻟﺴﺆال ھﻨﺎ ﻋﻤﺎ إذا ﻛﺎن ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻤﺪح ﻳﺸﺠﻊ‬
‫اﻟﻨﺎس‪.‬‬
‫اﻷﻣﺮ اﻟﻌﻈﯿﻢ ﻓﻲ إﺟﺮاء اﻷﺑﺤﺎث أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻨﻚ إﻟﻘﺎء أﺳﺌﻠﺔ ﻛﺘﻠﻚ ﺛﻢ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ إﺟﺎﺑﺎت؛ ﻟﺬﻟﻚ أﺟﺮﻳﻨﺎ أﺑﺤﺎﺛًﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺌﺎت اﻟﻄﻼب‪ ،‬أﻏﻠﺒﮫﻢ ﻓﻲ ﺳﻨﻮات اﻟﻤﺮاھﻘﺔ اﻷوﻟﻰ‪ .‬ﻓﻲ‬
‫اﻟﺒﺪء ﻗﺪﻣﻨﺎ ﻟﻜﻞ طﺎﻟﺐ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﻣﻦ اﺧﺘﺒﺎر ﺣﺎﺻﻞ اﻟﺬﻛﺎء ﻏﯿﺮ اﻟﻠﻔﻈﻲ؛‬
‫ﻓﺄﺟﺎﺑﻮا ﺑﺸﻜﻞ ﺟﯿﺪ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﺘﮫﻮا ﻣﻦ اﻻﺧﺘﺒﺎر‬
‫أﺛﻨﯿﻨﺎ ﻋﻠﯿﮫﻢ‪.‬‬
‫أﺛﻨﯿﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرات ﺑﻌﺾ اﻟﻄﻼب‪ ،‬ﻗﻠﻨﺎ ﻟﮫﻢ‪" :‬ﻳﺎ إﻟﮫﻲ‪ ،‬ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺛﻤﺎﻧﻲ إﺟﺎﺑﺎت ﺻﺤﯿﺤﺔ [ ﻣﺜًﻼ ] ‪ ،‬إﻧﮫﺎ درﺟﺔ‬
 ‫ﻲ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﺤﺪ"‪ .‬أﺛﻨﯿﻨﺎ‬ ‫ﺟﯿﺪة ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ .‬ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ أﻧﺖ ذﻛ ﱞ‬
‫ﻋﻠﯿﮫﻢ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﺪث ﻣﻊ "آدم ﺟﻮﺗﯿﻞ"‪.‬‬
‫أﺛﻨﯿﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﮫﻮد طﻼب آﺧﺮﻳﻦ‪" :‬ﻳﺎ إﻟﮫﻲ! ﻟﻘﺪ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺛﻤﺎﻧﻲ إﺟﺎﺑﺎت ﺻﺤﯿﺤﺔ [ ﻣﺜًﻼ ] ‪ ،‬إﻧﮫﺎ درﺟﺔ ﺟﯿﺪة‬
‫ﺪا‪ .‬ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻛﺪ أﻧﻚ ﻋﻤﻠﺖ ﺑﺠﺪ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ"‪ .‬ﻟﻢ ﻧﺠﻌﻠﮫﻢ‬ ‫ﺟ ًّ‬
‫ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄن ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻣﻮھﺒﺔ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﯿﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﻢ ﻣﺪﺣﮫﻢ ﻟﻘﯿﺎﻣﮫﻢ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ اﻟﻨﺠﺎح‪.‬‬
‫فــي اﻟﺐــدء ﺗﺶــاﺑﮫﺖ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺖــان‪ ،‬وﻟﻜﻦـھﻤﺎ اﺧﺘﻠﻔﺖـا ﺑﻊـد ﺗﻖـدﻳﻢ اﻟﺜﻦـاء ﻟﻚـل ﻣﻦـھﻤﺎ‪ .‬وحـدث‬
‫مـا ﻛﻦـا ﻧﺨﺶـاه؛ مـدح اﻟﻖـدرة ﺟﻊـل اﻟﻂـﻻب ﻳﻔﻚـرون ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﻲـة اﻟﺜﺎﺑﺖـة‪ ،‬وقـد‬
‫أظﮫﺮوا ﻛﻞ ﻣﺆﺷﺮات ذﻟﻚ اﻷﻣﺮ‪ :‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎ ﻟﮫﻢ اﺧﺘﺒﺎًرا‪ ،‬رﻓﻀﻮا اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻤﮫﻤﺔ ﺻﻌﺒﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻗﺪ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮن ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼﻟﮫﺎ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﺮﻳﺪوا أن ﻳﻘﻮﻣﻮا ﺑﺄي أﻣﺮ ﻗﺪ ﻳﻜﺸﻒ‬
‫ﻋﯿﻮﺑﮫﻢ أو ﻳﺸﻜﻚ ﻓﻲ ﻣﻮھﺒﺘﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن "ﺟﻮﺗﯿﻞ" ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﺸﺮة ﻣﻦ ﻋﻤﺮه‪ ،‬ﺑﺪأ اﻟﺘﻤﺜﯿﻞ ﻓﻲ إذاﻋﺔ أوﺑﺮا ﻣﺘﺮوﺑﻮﻟﯿﺘﺎن واﻟﻔﯿﻠﻢ‬
‫اﻟﺘﻠﯿﻔﺰﻳﻮﻧﻲ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻷوﺑﺮاﻟﻲ ‪، Amahl and the Night Visitors‬‬
‫ن ﺻﻮﺗﻪ ﻗﺪ ُأﺻﯿﺐ‪ .‬ﺛﻢ أﻋﻠﻦ‪" :‬ﻟﻘﺪ ادّﻋﯿﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺎ أن ﺻﻮﺗﻲ ﻗﺪ ﺗﻐﯿﺮ ‪ ....‬ﻟﻢ ُأِرد أن‬ ‫ﺛﻢ اﻧﺴﺤﺐ ﻣﻨﮫﻤﺎ ﻗﺎﺋًﻼ إ ﱠ‬
‫أﺗﺤﻤﻞ اﻹﺟﮫﺎد"‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘﯿﺾ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻢ ﻣﺪح اﻟﻄﻼب ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﺬﻟﻮه ﻣﻦ ﺟﮫﺪ‪ ،‬أراد ‪ % 90‬ﻣﻨﮫﻢ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺎﻟﻤﮫﻤﺔ اﻟﺼﻌﺒﺔ‬
‫اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺳﯿﺘﻌﻠﻤﻮن ﻣﻦ ﺧﻼﻟﮫﺎ‪.‬‬
‫ﺛﻢ ﻗﺪﻣﻨﺎ ﻟﻠﻄﻼب ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺟﺪﻳﺪة ﺻﻌﺒﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﺠﯿﺒﻮھﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﯿﺪ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ‪ .‬ﻋﻨﺪﺋﺬ ظﻦ اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻢ‬
‫ﻣﺪح ﻗﺪراﺗﮫﻢ أﻧﮫﻢ ﻟﯿﺴﻮا أذﻛﯿﺎء ﺑﺎﻷﺳﺎس‪ .‬إذا ﻛﺎن‬
‫اﻟﻨﺠﺎح ﻳﻌﻨﻲ ﻟﮫﻢ أﻧﮫﻢ أذﻛﯿﺎء‪ ،‬ﻓﺎﻹﺧﻔﺎق ﻳﻌﻨﻲ أﻧﮫﻢ ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻋﯿﺒًﺎ ﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎ ‪ ...‬اﻷﻣﺮ‬‫ﺪ إﺧﻔﺎ ً‬ ‫ﻌ ﱡ‬
‫ﺪا ُﻳ َ‬‫ﻗﺎ‪ .‬أن ﺗﻜﻮن ﺟﯿًﺪا ﺟ ًّ‬
‫ﺪ إﺧﻔﺎ ً‬ ‫ﻌ ﱡ‬‫ﻳﻮﺿﺢ "ﺟﻮﺗﯿﻞ" ذﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﻪ‪" :‬ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ‪ ،‬أن ﺗﻜﻮن ﺟﯿًﺪا ُﻳ َ‬
‫ﺪ ﻓﺸًﻼ ھﻮ أن ﺗﻜﻮن راﺋ ً‬
‫ﻌﺎ"‪.‬‬ ‫ﻌ ﱡ‬
‫اﻟﻮﺣﯿﺪ اﻟﺬي ﻻ ُﻳ َ‬
‫أﻣﺎ اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻢ ﻣﺪح ﺑﺬﻟﮫﻢ اﻟﺠﮫﺪ ﻓﻘﺪ اﻋﺘﺒﺮوا أن اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﺳﻮى "ﺑﺬل اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﮫﺪ"‪ .‬ﻟﻢ‬
‫ﻳﻌﺘﺒﺮوا ذﻟﻚ ﻓﺸًﻼ أو أﻧﻪ ﻳﻌﻜﺲ ﻗﺪراﺗﮫﻢ اﻟﺬھﻨﯿﺔ‪.‬‬
‫وﻣﺎذا ﻋﻦ اﺳﺘﻤﺘﺎع اﻟﻄﻼب ﺑﺤﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ؟ ﺑﻌﺪ أن ﻧﺠﺤﻮا‪ ،‬أﺣﺐ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻄﻼب اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﺗﻘﺪﻳﻢ‬
‫اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺼﻌﺒﺔ إﻟﯿﮫﻢ‪ ،‬ﻗﺎل اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻢ ﻣﺪح‬
‫ن ﻣﻮھﺒﺘﻚ‬ ‫ﻌﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﺎ اﺷُﺘﮫﺮت ﺑﻪ‪ ،‬أ ﱠ‬ ‫ﻗﺪراﺗﮫﻢ إﻧﮫﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻣﻤﺘﻌﺔ‪ .‬ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺬﻟﻚ أن ﻳﻜﻮن أﻣًﺮا ﻣﻤﺘ ً‬
‫اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﯿﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﺧﻄﺮ‪.‬‬
‫ﻀّﻞ أن أﺳﺘﻤﺘﻊ ﻓﻘﻂ وأﻗﻮم ﺑﺎﻻﺳﺘﺮﺧﺎء‪ ،‬وأﱠﻻ أﺗﺤﻤﻞ ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﺔ ﺗﻠﻚ اﻹﻣﻜﺎﻧﯿﺔ ‪-‬‬ ‫ھﻜﺬا ﻗﺎل "آدم ﺟﻮﺗﯿﻞ"‪ُ" :‬أ َ‬
‫ﻓ ِ‬
‫ﻤﺎ "‪ .‬ﻓﻜﻤﺎ ﺣﺪث ﻣﻊ اﻟﻄﻼب‬ ‫ﻋﻠﻰ أن أﺻﺒﺢ رﺟًﻼ ﻋﻈﯿ ً‬
‫اﻟﺬﻳﻦ أﺟﺮﻳﻨﺎ ﻋﻠﯿﮫﻢ ﺑﺤﺜﻨﺎ‪ ،‬ﻛﺎن ﻋﺐء اﻟﻤﻮھﺒﺔ ُﻳﻔﺴﺪ ﻣﺘﻌﺘﮫﻢ‪.‬‬
‫ن اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺼﻌﺒﺔ‬ ‫أﻣﺎ اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻢ ﻣﺪح ﺟﮫﺪھﻢ ﻓﻘﺪ ظﻠﻮا ﻳﺴﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﺋﻞ‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻨﮫﻢ إ ﱠ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ أﻛﺜﺮ ﻣﺘﻌﺔ‪.‬‬
‫ثــم اطﱠﻠﻌﻦــا ﻋﻞــى أداء اﻟﻂــﻻب‪ .‬ﺑﻊــد ﺗﻖــدﻳﻢ اﻟﻤﺲــاﺋﻞ اﻟﺺــﻋﺒﺔ‪ ،‬اﻧﺨﻒــض أداء اﻟﻂــﻻب الــذﻳﻦ‬
‫تــم مــدح قــدراﺗﮫﻢ‪ ،‬ﺣﺖــى ﺑﻊــد أن قــدﻣﻨﺎ لــھﻢ اﻟﻤﺰيــد مــن اﻟﻤﺲـاﺋﻞ اﻟﺲـھﻠﺔ؛‬
‫ﻓﺒﻔﻘﺪاﻧﮫﻢ اﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﻗﺪراﺗﮫﻢ‪ ،‬ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺒﻠﻮن أﺳﻮأ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻔﻌﻠﻮن ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻷﻣﺮ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻢ ﻣﺪح‬
‫ﻣﺎ ﻓﻲ أداﺋﮫﻢ‪ .‬اﺳﺘﻔﺎدوا ﻣﻦ‬ ‫ﺟﮫﺪھﻢ ﻓﻘﺪ أظﮫﺮوا ﺗﻘﺪ ً‬
‫اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺼﻌﺒﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﻮﻳﺔ ﻣﮫﺎراﺗﮫﻢ؛ وﺑﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎدوا ﻟﺤﻞ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺴﮫﻠﺔ‪ ،‬ﺗﻔﻮﻗﻮا‪.‬‬
‫ن اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻗﺪرات اﻟﻄﻼب أدى إﻟﻰ‬ ‫ن ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺒﯿﮫﺔ ﺑﺎﺧﺘﺒﺎرات ﺣﺎﺻﻞ اﻟﺬﻛﺎء‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺗﻘﻮل إ ّ‬ ‫وﻷ ﱠ‬
‫اﻧﺨﻔﺎض ﻣﺴﺘﻮى ذﻛﺎﺋﮫﻢ‪ ،‬وأن اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺟﮫﺪھﻢ رﻓﻊ‬
‫ﻣﺴﺘﻮى ذﻛﺎﺋﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻜﺎ ﺑﻔﻌﻞ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻼإرادﻳﺔ ﻟﻠﻮﺳﻮاس اﻟﻘﮫﺮي وأﺻﺎﺑﻌﻪ‬ ‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ "ﺟﻮﺗﯿﻞ" ﻳﺘﻄﻮر ﻋﻤﺎ ھﻮ ﻋﻠﯿﻪ‪ .‬ﻛﺎن ﻣﻨﮫ ً‬
‫ﺾ دﻗﯿﻘﺔ‬ ‫اﻟﻨﺎزﻓﺔ ﻣﻦ أﺛﺮ ﻋﻀﮫﺎ‪ .‬ﻗﺎل أﺣﺪ اﻟﻤﺤﺎورﻳﻦ‪" :‬اﻗ ِ‬
‫ﻣﻌﻪ ‪ -‬دﻗﯿﻘﺔ واﺣﺪة ﺗﻜﻔﻲ ‪ -‬وﺗﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟﻈﮫﻮر ﺻﻮرة اﻟﮫﻠﻊ اﻟﺬي ﺗﺨﻔﯿﻪ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻼإرادﻳﺔ"‪ .‬ﻛﻤﺎ واﺟﻪ‬
‫"ﺟﻮﺗﯿﻞ" ﻣﺸﺎﻛﻞ إدﻣﺎن ﺧﻄﯿﺮة وﻣﺘﻜﺮرة‪ .‬ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ ﺗﺸﺠﯿﻌﻪ‪،‬‬
‫ﻣﻸﺗﻪ "اﻟﻤﻮھﺒﺔ" ﺑﺎﻟﺨﻮف واﻻرﺗﯿﺎب‪ .‬وﺑﺪًﻻ ﻣﻦ ﻣﻤﺎرﺳﺔ ﻣﻮھﺒﺘﻪ‪ ،‬ﻗﻀﻰ ھﺬا اﻟﻔﻨﺎن اﻟﻼﻣﻊ أﻏﻠﺐ ﺣﯿﺎﺗﻪ ﻓﻲ‬
‫اﻟﮫﺮوب ﻣﻨﮫﺎ‪.‬‬
‫اﻷﻣﻞ اﻟﺬي ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻠﺘﻔﺎؤل ‪ -‬إدراﻛﻪ ﺑﺄن ﻟﺪﻳﻪ ﺣﯿﺎﺗﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﯿﺸﮫﺎ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ أو آراﺋﮫﻢ ﻋﻦ‬
‫ﻤﺎ ﻋﻦ ﺟﺪه‪ ،‬روى‬ ‫ﺣْﻠ ً‬
‫ﻣﻮھﺒﺘﻪ‪ .‬ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﻠﯿﺎﻟﻲ‪ ،‬رأي ُ‬
‫ذﻟﻚ اﻟﺤﻠﻢ ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬ﻛﻨﺖ أﺳﯿﺮ ﻣﻌﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺼﻌﺪ‪ .‬ﺳﺄﻟﺘﻪ إذا ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺟﯿًﺪا‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪ ،‬ﺑﺮﻓﻖ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ‪" :‬ﻟﺪﻳﻚ ﺻﻮﺗﻚ‬
‫اﻟﺨﺎص"‪.‬‬
‫ھﻞ ﺑﺪأ ھﺬا اﻟﺼﻮت ﻓﻲ اﻟﻈﮫﻮر أﺧﯿًﺮا؟ ﻟﺘﺄﻟﯿﻔﻪ اﻟﺴﯿﻨﺎرﻳﻮ اﻟﻤﻮﺳﯿﻘﻲ ﻟﻤﺴﺮﺣﯿﺔ ‪، The Light in the Piazza‬‬
‫وھﻲ ﻣﺴﺮﺣﯿﺔ ﻣﻮﺳﯿﻘﯿﺔ ﺣﺎدة اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﯿﺔ‪ ،‬ﺣﺼﻞ‬
‫ﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﺎﺋﺰة ﺛﻨﺎًء ﻋﻠﻰ ﻣﻮھﺒﺘﻪ أو ﺟﮫﺪه؟ أرﺟﻮ أن ﻳﻌﺪھﺎ‬ ‫ﻌ ﱡ‬
‫"ﺟﻮﺗﯿﻞ" ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺋﺰة ﺗﻮﻧﻲ أوورد ﻟﻌﺎم ‪ .2005‬ھﻞ ُﺗ َ‬
‫ﺛﻨﺎًء ﻋﻠﻰ ﺟﮫﺪه‪.‬‬
 ‫ﻞ طﺎﻟﺐ‪" :‬أﺗﻌﺮف‪ ،‬ﺳﻨﺬھﺐ‬ ‫ﻜ ِّ‬
‫اﻛﺘﺸﻔﻨﺎ ﻧﺘﯿﺠﺔ أﺧﺮى ﻓﻲ ﺑﺤﺜﻨﺎ‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ ﻣﮫﻤﺔ وﻣﺤﺰﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ‪ .‬ﻗﻠﻨﺎ ﻟِ ُ‬
‫إﻟﻰ ﻣﺪارس أﺧﺮى‪ ،‬وأﺛﻖ ﺑﺄن طﻼب ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪارس ﻳﻮدون أن‬
‫ﻳَﻄﱠﻠﻌﻮا ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ"؛ ﻟﺬﻟﻚ أﻋﻄﯿﻨﺎ ﻟﻜﻞ طﺎﻟﺐ ورﻗﺔ ﻳﻜﺘﺐ ﻓﯿﮫﺎ رأﻳﻪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻛﻨﺎ ﻟﮫﻢ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﺨﺼﺼﺔ‬
‫ﻟﯿﺪوﻧﻮا اﻟﺪرﺟﺎت اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﯿﮫﺎ ﺑﺤﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ‪.‬‬
‫هــل ﺗﺺــدق أن ﻧﺲــﺑﺔ ‪ % 40‬ﺗﻖــرﻳﺒًﺎ مــن اﻟﻂــﻻب الــذﻳﻦ تــم مـدح قـدراﺗﮫﻢ كـذﺑﻮا ﺑﺶـأن‬
‫ﺰ‪-‬‬
‫ﺨ ٍ‬
‫ﻣ ْ‬
‫ﻌﺎ درﺟﺎتـھﻢ‪ .‬فـي اﻟﻌﻘﻠﻲـة اﻟﺜﺎﺑﺖـة‪ ،‬اﻟﻨﻖـاﺋﺺ أمـر ُ‬ ‫درﺟﺎتـھﻢ؟ فـرﻓﻌﻮا ﺟﻢـﻳ ً‬
‫ﺻﺎ إذا ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻮھﻮﺑﯿﻦ ‪ -‬وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺬﺑﻮا‪.‬‬ ‫وﺧﺼﻮ ً‬
‫اﻷﻣﺮ اﻟﻤﻔﺰع ھﻨﺎ أﻧﻨﺎ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب اﻟﻌﺎدﻳﯿﻦ ﻛﺎذﺑﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻘﻂ ﺑﺈﺧﺒﺎرھﻢ أﻧﮫﻢ أذﻛﯿﺎء‪.‬‬
‫ﻓﻮر ﻛﺘﺎﺑﺘﻲ ﺗﻘﺮﻳًﺮا ﻋﻦ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻗﺎﺑﻠﺖ اﻟﺸﺎب اﻟﺬي ﻳﺪرب اﻟﻄﻼب ﻋﻠﻰ اﺧﺘﺒﺎرات اﻟﻘﺒﻮل ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ .‬ﻛﺎن ﻗﺪ‬
‫ﺣﻀﺮ ﻟﯿﺴﺘﺸﯿﺮﻧﻲ ﻓﻲ أﻣﺮ إﺣﺪى طﺎﻟﺒﺎﺗﻪ‪ .‬ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺎﻟﺒﺔ‬
‫أﺟﺮت أﺣﺪ اﺧﺘﺒﺎرات اﻹﻋﺪاد ﻻﺧﺘﺒﺎر اﻟﻘﺒﻮل ﺛﻢ ﻛﺬﺑﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻠﻤﮫﺎ ﺑﺸﺄن درﺟﺎﺗﮫﺎ‪ .‬ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﺮض أﻧﻪ ﻳﺰودھﺎ‬
‫ﺑﻤﺎ ﻻ ﺗﻌﻠﻤﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﺗﻘﻮل‬
‫ﻀﺎ ﻣﻘﺎﺑﻞ ھﺬا‪.‬‬ ‫ﻟﻪ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﻣﺎ ﻻ ﺗﻌﻠﻤﻪ! ﺑﻞ ﺗﺪﻓﻊ اﻟﻤﺎل أﻳ ً‬
‫ذا ﻓﺈﺧﺒﺎر اﻟﻄﻼب أﻧﮫﻢ أذﻛﯿﺎء‪ ،‬ﻓﻲ ﻧﮫﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﺟﻌﻠﮫﻢ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺤﻤﺎﻗﺔ وﻳﺘﺼﺮﻓﻮن ﺑﺤﻤﺎﻗﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ‬ ‫إ ً‬
‫ﺪﻋﻮن اﻟﺬﻛﺎء‪ .‬ﻻ أﻋﺘﻘﺪ أن ھﺬا ھﻮ ﻣﺎ ﻧﻨﺸﺪه ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻄﻠﻖ‬ ‫ﻳ ﱠ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺨﺎص أﻟﻘﺎﺑًﺎ إﻳﺠﺎﺑﯿﺔ ﻣﺜﻞ "ﻣﻮھﻮب"‪" ،‬ﻧﺎﺑﻐﺔ"‪" ،‬ﻻﻣﻊ"؛ ﻓﻨﺤﻦ ﻻ ﻧﺮﻳﺪ أن ُﻧﻔﺴﺪ ﻋﻠﯿﮫﻢ ﻣﺘﻌﺔ ﺧﻮض‬
‫اﻟﺘﺤﺪي‪ ،‬وﻻ أﺳﺎﻟﯿﺒﮫﻢ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻨﺠﺎح‪ .‬إن ذﻟﻚ‬
‫ھﻮ ﻋﯿﻦ اﻟﺨﻄﺮ‪.‬‬
‫ھﺎ ھﻲ رﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ رﺟﻞ ﻛﺎن ﻗﺪ ﻗﺮأ ﺑﻌﺾ أﻋﻤﺎﻟﻲ‪:‬‬
‫ﻋﺰﻳﺰﺗﻲ دﻛﺘﻮر دوﻳﻚ‪،‬‬
‫ﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ‪ ...‬ﻓﻘﺪ رأﻳﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﯿﻦ ﺳﻄﻮره‪.‬‬ ‫ﺖ ﺑﻜﺘﺎﺑﺘﻪ ﻛﺎن أﻣًﺮا ﻣﺆﻟ ً‬ ‫ﻗﺮاءة اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺬي ﻗﻤ ِ‬
‫ﻮا ﻓﻲ ﺟﻤﻌﯿﺔ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﻤﻮھﻮب‪ ،‬وﻛﻨﺖ أﺗﻠﻘﻰ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻛﺎﺋﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﻤﺮ‪.‬‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ طﻔًﻼ ﻛﻨﺖ ﻋﻀ ً‬
‫ﻜﺎَﻧَﺎﺗِﻲ إﻟﻰ أﻗﺼﻰ ﺣﺪ‬ ‫ﻣ َ‬
‫س إِ ْ‬ ‫اﻵن‪ ،‬وﺑﻌﺪ ﻋﻤﺮ ﻗﻀﯿﺘﻪ وﻟﻢ ُأ َ‬
‫ﻣﺎِر ْ‬
‫ﻀﺎ أﱠﻻ أرى اﻹﺧﻔﺎق دﻟﯿًﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺒﺎء ﺑﻞ أراه دﻟﯿًﻼ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻢ ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺎﻟﻤﮫﺎم‪ .‬وأﺗﻌﻠ ّﻢ أﻳ ً‬ ‫ﻣﺎ(‪ ،‬أَﺗَ َ‬
‫ﻌﻠ ﱠ ُ‬ ‫)ﻋﻤﺮي ‪ 49‬ﻋﺎ ً‬
‫ﻧﻘﺺ اﻟﺨﺒﺮة واﻟﻤﮫﺎرة‪ .‬ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺬي ﻛﺘﺒِﺘﻪ ﺳﺎﻋﺪﻧﻲ‬
‫ﻋﻠﻰ رؤﻳﺔ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﺟﺪﻳﺪ‪.‬‬
‫ﺳﯿﺚ أﺑﺮاﻣﺰ‬
‫وھﺬا ھﻮ ﺧﻄﺮ إﻟﻘﺎء اﻷﻟﻘﺎب اﻹﻳﺠﺎﺑﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺨﺎص‪ .‬وھﻨﺎك ﺑﺪاﺋﻞ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‪ ،‬وﺳﺄﻋﻮد ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﮫﺎ‬
‫ﻓﻲ ﻓﺼﻞ ﻋﻦ اﻵﺑﺎء واﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ واﻟﻤﺪرﺑﯿﻦ‪.‬‬

‫اﻷﻟﻘﺎب اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ وﺗﺄﺛﯿﺮھﺎ‬

‫ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻣﻦ ﺣﯿﺎﺗﻲ‪ ،‬ﻛﻨﺖ ﻣﺘﻔﻮﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت‪ .‬ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ‪ 99‬ﻓﻲ اﻟﺠﺒﺮ‪ ،‬و‪99‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﮫﻨﺪﺳﺔ‪ ،‬و ‪ 99‬ﻓﻲ ﺣﺴﺎب اﻟﻤﺜﻠﺜﺎت‪ ،‬وﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻓﺮﻳﻖ‬
‫اﻟﺮﻳﺎضــﻳﺎت ﺑﺎﻟﻤﺪرســة‪ .‬ﺣﺺــﻟﺖ ﻋﻞـى ﺗﻞـك الـدرﺟﺔ اﻟﻤﺮﺗﻔﻊـة مـع أوﻻد آخـرﻳﻦ فـي اﻻﺧﺘﺐـار‬
‫الـذي أﺟﺮتـه اﻟﻖـوات اﻟﺠﻮيـة ﻋﻞـى الـذﻛﺎء اﻟﺒﺺـري ‪ -‬اﻟﻤﻚـاﻧﻲ‪ ،‬اﻷمـر الـذي ﺟﻌﻠﻦـي‬
‫أﺗﻠﻘﻰ ﻛﺘﯿﺒﺎت اﻟﺘﻮظﯿﻒ ﻣﻦ اﻟﻘﻮات اﻟﺠﻮﻳﺔ ﻟﻌﺪة ﺳﻨﻮات ﺗﺎﻟﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻋﺪ‬‫ﻤﺎ ﻗﺎﺳﯿًﺎ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻘﺪرة اﻟﻔﺘﯿﺎت ﻋﻠﻰ إﺟﺎدة اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت؛ ﻓﺘﺮاﺟﻌﺖ درﺟﺎﺗﻲ وﻟﻢ أ ُ‬ ‫ﺛﻢ ﻗﺎﺑﻠﺖ ﻣﻌﻠ ً‬
‫ﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت ﻣﺮة أﺧﺮى‪.‬‬
‫ﻲ ‪ .‬ﻛﻨﺖ أرى أن‬ ‫ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻛﻨﺖ أﺗﻔﻖ ﻣﻊ رأي ھﺬا اﻟﻤﻌﻠﻢ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻲ ﻟﻢ أﻛﻦ أﻋﺘﻘﺪ أن ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﻦ ﺣﻞ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت‪ .‬وﻟﻜﻦ‬ ‫ﻄْﻌ َ‬
‫ﺴَﺘ ِ‬
‫اﻟﻔﺘﯿﺎت اﻷﺧﺮﻳﺎت ﻻ ﻳَ ْ‬
‫ﻀﺎ‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘﺴﻠﻤﺖ‪.‬‬ ‫ﻲ أﻳ ً‬
‫ھﺬا اﻟﻤﻌﻠﻢ اﻋﺘﻘﺪ أن ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﺳﯿِ ّﺊ‪ ،‬وﻗﺪ ﺗﻌﺘﻘﺪ أن أﺛﺮھﺎ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻮﻗﺖ ﻗﺼﯿﺮ‪ .‬وﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻏﯿﺮ‬ ‫ﻳﻌﺮف اﻟﺠﻤﯿﻊ أن إطﻼق اﻷﻟﻘﺎب اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ أﻣﺮ َ‬
‫ﺣﻘﯿﻘﻲ؛ ﻷن اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺴﯿﯿﻦ ﻳﺪرﻛﻮن إﻟﻰ أي ﻣﺪى‬
‫ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻸﻟﻘﺎب اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ أن ُﺗﻀﺮ ﺑﺎﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻹﻧﺠﺎز‪.‬‬
‫لــم ﻳﺖــأﺛﺮ أحــد بــاﻟﺘﻌﻤﯿﻤﺎت اﻟﺲــﻟﺒﯿﺔ اﻟﺖــي ُﺗﻠﻖــى ﻋﻞــى قــدرات اﻷشــﺧﺎص كــأﻓﺮاد‬
‫اﻟﻤﺠﻤﻮعــات اﻟﻮاحــدة‪ .‬ﻋﻞــى ســﺑﯿﻞ اﻟﻤﺚــال‪ ،‬اﻷمــرﻳﻜﯿﻮن مـن أصـل إفـرﻳﻘﻲ ﻳﻌﻠﻢـون أنـھﻢ‬
‫ﺻﻔﻦ ﺑﻌﺪم إﺟﺎدة اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت واﻟﻌﻠﻮم‪ .‬وﻟﻜﻨﻲ ﻟﺴﺖ ﻣﺘﺄﻛﺪة‬ ‫ﺻﻔﻮن ﺑﺎﻧﺨﻔﺎض اﻟﺬﻛﺎء‪ .‬واﻟﻨﺴﺎء ﻳﻌﻠﻤﻦ أﻧﮫﻦ ُﻳﻮ َ‬ ‫ُﻳﻮ َ‬
‫ﻣﻦ أن اﻟﻨﺎس ﻳﻌﻠﻤﻮن أن ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻌﻤﯿﻤﺎت ﺑﻐﯿﻀﺔ‪.‬‬
‫أظﮫﺮ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺬي أﺟﺮاه ﻛﻞ ﻣﻦ "ﻛﻠﻮد ﺳﺘﯿﻞ" و"ﺟﻮﺷﻮا أروﻧﺴﻮن"‪ ،‬أن ﺗﻈﻠﯿﻞ ﺧﺎﻧﺔ ﻟﻺﺷﺎرة إﻟﻰ ﻧﻮع ﻋﺮﻗﻚ‬
‫أو ﺟﻨﺴﻚ ﻗﺪ ﻳﺜﯿﺮ اﻟﺼﻮرة اﻟﻨﻤﻄﯿﺔ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻚ وﻳﺘﺴﺒﺐ‬
‫ل أمــر يــذﻛﺮك بــأﻧﻚ أســود‬‫فــي ﺧﻒــض درجــاﺗﻚ فــي اﻻﺧﺘﺐــار‪ .‬إلــى حــد ﻛﺐــﻳﺮ‪ ،‬كــ ﱡ‬
‫اﻟﺒﺶــرة أو امــرأة ﻗﺐــل إجــراء اﺧﺘﺐــار فــي مـادة ُﻳﻔﺖـَرض أن ﺗﻚـون سـﻳًﺌﺎ بـھﺎ‪ ،‬ﻳﺘﺲـﺑﺐ هـذا‬
‫فـي‬
‫اﻧﺨﻔﺎض درﺟﺎﺗﻚ ‪ -‬ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﯿﺮ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﺑﺤﺎﺛﮫﻢ‪ ،‬وﺟﺪوا أن أداء اﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻟﺒﺸﺮة اﻟﺴﻮداء‬
 ‫ﻳﻤﺎﺛﻞ أداء اﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻟﺒﺸﺮة اﻟﺒﯿﻀﺎء‪ ،‬وأن أداء‬
‫دا ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻊ اﻣﺮأة ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ ﻗﺒﻞ‬ ‫اﻹﻧﺎث ﻳﻤﺎﺛﻞ أداء اﻟﺬﻛﻮر‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﺜﺎر ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺼﻮرة اﻟﻨﻤﻄﯿﺔ‪ .‬ﺿﻊ ﻋﺪ ً‬
‫اﺧﺘﺒﺎر ﻣﺎدة اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت‪ ،‬وﺳﯿﺘﺴﺒﺐ ذﻟﻚ وﺣﺪه ﻓﻲ‬
‫اﻧﺨﻔﺎض درﺟﺎﺗﮫﺎ‪.‬‬
‫ﺳﺒﺐ ھﺬا أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺜﺎر اﻟﺼﻮرة اﻟﻨﻤﻄﯿﺔ‪ُ ،‬ﺗﻤﻸ ﻋﻘﻮل اﻟﻨﺎس ﺑﺄﻓﻜﺎر ﻣﺸﺘﺘﺔ ‪ -‬ﺑﻤﺨﺎوف دﻓﯿﻨﺔ ﻣﻦ إﺛﺒﺎت‬
‫اﻟﺼﻔﺎت اﻟﻤﻌﻤﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻮاﺣﺪة‪.‬‬
‫ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ اﻟﻨﺎس ﺑﻮﺟﻮد ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر ﺑﺪاﺧﻠﮫﻢ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻻ ﺗﺪع ﻟﮫﻢ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺪرة اﻟﺬھﻨﯿﺔ ﻟﯿﺠﯿﺒﻮا ﻓﻲ‬
‫اﻻﺧﺘﺒﺎر ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﮫﻢ‪.‬‬
‫وﻣﻊ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻻ ﻳﺤﺪث ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻟﻜﻞ اﻟﻨﺎس‪ .‬ﻳﺤﺪث ھﺬا ﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﺳﻲ ﻟﻸﺷﺨﺎص ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ‬
‫ﻳﻔﻜﺮ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ھﺬا ﻣﺎ‬
‫ﻳﺤﺪث ﻟﮫﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺜﺎر ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺼﻮرة اﻟﻨﻤﻄﯿﺔ‪ .‬اﻟﺘﻌﻤﯿﻢ اﻟﺴﻠﺒﻲ ﻳﻘﻮل‪" :‬أﻧﺖ وأﻓﺮاد اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ‬
‫ﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﺔ أدﻧﻰ"‪ .‬ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺒﺎرة ﺗﺘﺮك‬ ‫إﻟﯿﮫﺎ ﺳﺘﻈﻠ ﱡﻮن داﺋ ً‬
‫أﺛًﺮا ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻘﻂ‪.‬‬
‫لــــذﻟﻚ‪ ،‬إطــــﻻق اﻷﻟﻖــــاب ســواء اﻹﻳﺠﺎﺑﻲــة أو اﻟﺲــﻟﺒﯿﺔ ﻋﻞــى اﻷشــﺧﺎص‪ ،‬قــد ﻳﺘﺲــﺑﺐ فــي‬
‫ب ﺑﺘﻔﻚــﻳﺮ اﻷشــﺧﺎص ذوي اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة؛ ﻓﻌﻦــدﻣﺎ ﻳﻄﻞــق ﻋﻠﻲــك ﻟﻖــب‬ ‫اضــطﺮا ٍ‬
‫إﻳﺠﺎﺑﻲ‪ ،‬ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺨﻮف ﻣﻦ ﻓﻘﺪاﻧﻪ‪ .‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﯿﻚ ﺗﻌﻤﯿﻢ ﺳﻠﺒﻲ‪ ،‬ﺗﺨﺸﻰ أن ﺗﻔﻌﻞ ﺷﯿًﺌﺎ ﻳﺜﺒﺖ أﻧﻚ‬
‫ﺗﺴﺘﺤﻖ ھﺬا اﻟﺘﻌﻤﯿﻢ‪.‬‬
‫أﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﻜﺮ اﻟﻨﺎس ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﻓﺈن إطﻼق اﻟﺘﻌﻤﯿﻤﺎت ﻻ ﻳﻌﺮﻗﻞ أداءھﻢ؛ ﻓﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎس‬
‫ﻳﺘﺠﺎوزون ﻋﻦ ﻣﺴﺎوئ إطﻼق اﻟﺘﻌﻤﯿﻤﺎت‪ ،‬وﺗﺠﻌﻠﮫﻢ‬
‫أﻛﺚــر قــدرة ﻋﻞــى اﻟﻤﻘﺎومــة‪ .‬هــم ﻻ يــؤﻣﻨﻮن ﺑﺎســﺗﻤﺮارھﻢ فــي اﻟﻤﻨﺰلــة اﻷدنــى ﻋﻞــى‬
‫الــدوام‪ ،‬وإذا كــاﻧﻮا فــي اﻟﻤﺆخــرة اﻵن ‪ -‬ﻻ بــأس بـذﻟﻚ‪ ،‬سـﻳﻌﻤﻠﻮن ﺑﺞـد أﻛﺐـر وﻳﻌﻤﻞـون ﻋﻞـى‬
‫اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ أن اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﯿﻪ وﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪوﻧﻪ‬
‫وﺳﻂ أوﺿﺎع ﻣﺨﯿﻔﺔ ﻟﮫﻢ‪ .‬طﻠﺒﻨﺎ ﻣﻦ طﻼب أﻣﺮﻳﻜﯿﯿﻦ‬
‫ﻣﻦ أﺻﻮل إﻓﺮﻳﻘﯿﺔ أن ﻳﻜﺘﺒﻮا ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺔ‪ .‬ﺗﻢ إﺧﺒﺎرھﻢ ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺘﮫﻮن ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻣﻘﺎﻻﺗﮫﻢ‪ ،‬ﺳﺘﺨﻀﻊ‬
‫ﻟﺘﻘﯿﯿﻢ "إدوارد ﻛﺎﻟﺪوﻳﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ"‪ ،‬وھﻮ أﺳﺘﺎذ ﺟﺎﻣﻌﻲ‬
‫ﺣﺎﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﺮف ﺗﻤﺜﯿﻞ ﻓﺌﺔ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ ﻷﻋﺮق اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة‪ ،‬ﻣﻤﺜﻞ ﻋﻦ ذوي‬
‫اﻟﺒﺸﺮة اﻟﺒﯿﻀﺎء‪.‬‬
‫ﺿﺎ ﻣﻔﻲــدة‪ ،‬وﺗﻦــوﻋﺖ‬ ‫كــاﻧﺖ ﺗﻌﻠﯿﻖــات "إدوارد ﻛﺎلــدوﻳﻞ اﻟﺚــاﻟﺚ" ﻧﺎقــدة ﻟﻠﻤﻖــاﻻت‪ ،‬وﻟﻜﻦــھﺎ أيــ ً‬
‫ردود ﻓﻊــل اﻟﻂــﻻب ﺑﺶــﻛﻞ ﻛﺐـﻳﺮ؛ فـاﻟﻄﻼب ذوو اﻟﻌﻘﻠﻲـة اﻟﺜﺎﺑﺖـة اﻋﺘﺐـروا‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬ﻓﻨﺒﺬوا "ﻛﺎﻟﺪوﻳﻞ" ورﻓﻀﻮا ﺗﻌﻠﯿﻘﺎﺗﻪ‪.‬‬ ‫ﺗﻌﻠﯿﻘﺎﺗﻪ ﺗﺸﻜﻞ ﺗﮫﺪﻳًﺪا ﻟﮫﻢ أو إﺳﺎءة أو ھﺠﻮ ً‬
‫ھﻜﺬا ﻗﺎل أﺣﺪ اﻟﻄﻼب ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪" :‬إﻧﻪ وﺿﯿﻊ‪ ،‬ﻻ ﻳﻘﯿِ ّﻢ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺻﺤﯿﺤﺔ‪ ،‬أو إﻧﻪ ﻣﺘﺤﯿﺰ ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ‪.‬‬
‫إﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺒﻨﻲ"‪.‬‬
‫وﻗﺎل آﺧﺮ‪" :‬إﻧﻪ أﺣﻤﻖ ﻣﻐﺮور‪ ....‬ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ أي طﺮﻳﻘﺔ ﻟﯿﺤﻂ ﻣﻦ ﻗﺪر اﻟﻤﻘﺎل"‪.‬‬
‫وﻗﺎل آﺧﺮ‪ ،‬ﻣﻠﻘﯿًﺎ اﻟﻠﻮم ﻋﻠﻰ "ﻛﺎﻟﺪوﻳﻞ" ﻟﯿﺼﺮف اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﻠﯿﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻟﺘﻪ‪" :‬إﻧﻪ ﻻ ﻳﻔﮫﻢ اﻹﻳﺠﺎز ﻓﻲ‬
‫ﻧﻘﺎطﻲ‪ ،‬أﻋﺘﻘﺪ أﻧﮫﺎ ﻏﺎﻣﻀﺔ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻧﺎﻓﺪ اﻟﺼﺒﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن‬
‫ﻳﻘﺮؤھﺎ‪ .‬إﻧﻪ ﻳﻜﺮه اﻹﺑﺪاع"‪.‬‬
‫ﻟﻦ ﻳﺘﻌﻠﻢ أﺣﺪ ﻣﻨﮫﻢ أي ﺷﻲء ﻣﻦ ﺗﻌﻠﯿﻘﺎت "إدوارد ﻛﺎﻟﺪوﻳﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ"‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ رآه اﻟﻄﻼب ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻛﺎﻟﻮﺣﺶ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ وﺣﺶ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﺗﻌﻠﯿﻤﮫﻢ ﺷﯿًﺌﺎ ﻣﺎ‪.‬‬
‫ﺼﺎ ﻣﻐﺮوًرا وﻗﺎﺳﯿًﺎ‪ [ .‬ﻣﺎذا ﺑﻌﺪ اﻟﺘﻘﯿﯿﻢ؟ ]‬‫ﻗﺎل أﺣﺪ اﻟﻄﻼب ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪" :‬ﻗﺒﻞ اﻟﺘﻘﯿﯿﻢ‪ ،‬ﺑﺪا "ﻛﺎﻟﺪوﻳﻞ" ﺷﺨ ً‬
‫"ﻋﺎدل" ھﻲ أول ﻛﻠﻤﺔ ﻳﺴﺘﺤﻀﺮھﺎ اﻟﻌﻘﻞ‪ ....‬ﺑﺪا‬
‫ﺪ ﺟﺪﻳﺪ"‪.‬‬ ‫اﻷﻣﺮ ﻛَﺘﺤ ٍّ‬
‫ﻔﺎ وﻣﺘﻌﺎﻟﯿًﺎ‪ [ .‬وﻣﺎ ﺷﻌﻮرك ﺗﺠﺎه اﻟﺘﻘﯿﯿﻢ؟ ] ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو اﻟﺘﻘﯿﯿﻢ أﻣﯿﻦ ودﻗﯿﻖ‪.‬‬ ‫"ﻛﺎن ﻳﺒﺪو رﺟًﻼ ﻣﺘﻌﺠﺮ ً‬
‫ﻓﺎ وﻣﺨﯿ ً‬
‫ﻌﺎ ‪ ...‬ﻟﻠﻘﯿﺎم ﺑﻌﻤﻞ‬ ‫وﺑﮫﺬا ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻘﯿﯿﻢ داﻓ ً‬
‫أﻓﻀﻞ"‪.‬‬
‫"ﻳﺒﺪو ﻋﻠﯿﻪ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻔﺨﺮ إﻟﻰ درﺟﺔ اﻟﻌﺠﺮﻓﺔ‪ [ .‬ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﺘﻘﯿﯿﻢ؟ ] ﻛﺎن ﻧﺎﻗًﺪا ﺑﺸﺪة ‪ ...‬وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪،‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻠﯿﻘﺎﺗﻪ ﻣﻔﯿﺪة وواﺿﺤﺔ‪ .‬أﺷﻌﺮ أﻧﻲ ﺳﺄﺗﻌﻠﻢ ﻣﻨﻪ‬
‫اﻟﻜﺜﯿﺮ"‪.‬‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻣﻜﻨﺖ اﻟﻄﻼب اﻷﻣﺮﻳﻜﯿﯿﻦ ﻣﻦ أﺻﻮل إﻓﺮﻳﻘﯿﺔ ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪام ﺗﻌﻠﯿﻘﺎت "إدوارد ﻛﺎﻟﺪوﻳﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ" ﻓﻲ‬
‫ﺻﺎﻟﺤﮫﻢ اﻟﺨﺎص؛ ﻓﮫﻢ ﻳﻔﻜﺮون ﻓﻘﻂ ﻓﻲ أﻧﮫﻢ ﻗﺪ‬
‫ﻖ ﻣﻐﺮوًرا أم ﻻ‪ ،‬ﺳﯿﺘﻌﻠﻤﻮن‪.‬‬ ‫ﻤ َ‬ ‫ﺼﺎ أَ ْ‬
‫ﺣ َ‬ ‫اﻟﺘﺤﻘﻮا ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻟﯿﺘﻌﻠﻤﻮا‪ ،‬وﺳﻮاء ﻗﺎﺑﻠﻮا ﺷﺨ ً‬

‫ھﻞ أﻧﺘﻤﻲ إﻟﻰ ھﻨﺎ؟‬

‫إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺳﯿﻄﺮﺗﮫﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرات اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻓﺈطﻼق اﻟﺘﻌﻤﯿﻤﺎت أﻳ ً‬
‫ﻀﺎ ُﻳﻀﺮ ﺑﮫﻢ ﺑﺠﻌﻠﮫﻢ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻻ‬
 ‫ﻳﻨﺘﻤﻮن‪ .‬اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﻤﻮن ﻷﻗﻠﯿﺎت ﻳﺘﺴﺮﺑﻮن‬
‫ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ‪ ،‬وﺗﺘﺨﻠﻰ ﻧﺴﺎء ﻛﺜﯿﺮات ﻋﻦ دراﺳﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت واﻟﻌﻠﻮم؛ ﻷﻧﮫﻦ ﻻ ﻳﺸﻌﺮن أﻧﮫﺎ ﺗﻨﺎﺳﺒﮫﻦ‬
‫ﻛﻨﺴﺎء‪.‬‬
‫ﻟﻨﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺣﺪوث ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﺗﺎﺑﻌﻨﺎ ﻓﺘﯿﺎت اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء دراﺳﺘﮫﻦ ﻣﻘﺮر ﺣﺴﺎب اﻟﺘﻔﺎﺿﻞ‬
‫واﻟﺘﻜﺎﻣﻞ‪ .‬ھﺬا اﻟﻤﻘﺮر ﻋﺎدة ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻄﻼب ﻣﻦ أن ﻳﻘﺮروا‬
‫إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت أو اﻟﻮظﺎﺋﻒ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت‪ ،‬ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﮫﻢ‪ .‬ﺧﻼل اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺪراﺳﻲ‪ ،‬طﻠﺒﻨﺎ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻄﺎﻟﺒﺎت أن ﻳﺨﺒﺮﻧﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮھﻦ ﺗﺠﺎه اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت‬
‫وإﺣﺴﺎﺳﮫﻦ ﺑﺎﻻﻧﺘﻤﺎء ﻟﮫﺎ ‪ -‬اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻤﮫﺎ‪ .‬أي‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﻜﺮن ﺑﺎﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت‪ ،‬ھﻞ ﻳﺸﻌﺮن ﻛﺄﻧﮫﻦ ﻋﻀﻮ رﻓﯿﻊ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪارس ﻟﻠﺮﻳﺎﺿﯿﺎت‪ ،‬أو ﻳﺸﻌﺮن ﺑﺎﻟﻐﺮﺑﺔ‬
‫ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ؟ ھﻞ ﻳﺸﻌﺮن ﺑﺎﻻرﺗﯿﺎح أو ﻳﺸﻌﺮن ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ؟ ھﻞ ﻳﺸﻌﺮن ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ ﻋﻦ ﻣﮫﺎراﺗﮫﻦ اﻟﺤﺴﺎﺑﯿﺔ أو‬
‫ﺑﺎﻻﺳﺘﯿﺎء ﻣﻨﮫﺎ؟‬
‫اﻟﻄﺎﻟﺒﺎت ذوات ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ‪ -‬اﻟﻼﺋﻲ ﻳﻌﺘﻘﺪن أن اﻟﻘﺪرة اﻟﺤﺴﺎﺑﯿﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻨﻤﯿﺘﮫﺎ ‪ -‬أﺣﺴﺴﻦ ﺑﺸﻌﻮر ﻗﻮي‬
‫وراﺳﺦ ﺑﺎﻻﻧﺘﻤﺎء‪ ،‬واﺳﺘﻄﻌﻦ أن ﻳﺤﺎﻓﻈﻦ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺸﻌﻮر‬
‫ﺣﺖــى ﻋﻦــدﻣﺎ وجــدن اﻟﻜﺚــﻳﺮ مــن اﻟﺘﻌﻤﯿﻢــات اﻟﺲــﻟﺒﯿﺔ اﻟﺖــي ﺗﻄﻞــق ﻋﻠﻲــھﻦ ﻛﻔﺘﯿﺎت‪-‬أنــھﻦ‬
‫لــن ﻳﺲــﺗﻄﻌﻦ اﻟﺘﻤﻚـن مـن ﺗﻌﻞـم اﻟﺮﻳﺎضـﻳﺎت‪ .‬إحـدى اﻟﻂـاﻟﺒﺎت وصـﻓﺖ اﻟﻮضـع‬
‫ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ‪" :‬ﻓﻲ ﻓﺼﻞ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت‪ ،‬ﻛﺎن ﻳﺘﻢ إﺧﺒﺎر اﻟﻄﺎﻟﺒﺎت ﺑﺄﻧﮫﻦ ﻣﺨﻄﺌﺎت‪ ،‬واﻟﻮاﻗﻊ ﻏﯿﺮ ذﻟﻚ )ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻛﻦ‬
‫ﻳﻘﻤﻦ ﺑﺎﻷﺷﯿﺎء ﺑﻄﺮق ﺟﺪﻳﺪة(‪ .‬ﻛﺎن ھﺬا أﻣًﺮا ﺳﺨﯿ ً‬
‫ﻔﺎ‪،‬‬
‫وظــھﺮ هــذا ﺑﺶــﻛﻞ ســﻳِ ّﺊ ﻋﻞــى اﻟﻤﻌﻞــم الــذي لــم يــَر ﻣﻨﻂــق اﻟﻂــاﻟﺒﺎت اﻟﺠﻲــد‪ .‬كــان اﻷمــر‬
‫ﻋﻞــى مــا يــرام ﻷﻧﻦــا ﻛﻦــا ﻧﻌﻢــل فـي ﻣﺠﻤﻮعـات وﺗﻤﻚـﻧﱠﺎ مـن ﺗﺐـادل الـدﻋﻢ ﻓﯿﻢـا ﺑﯿﻨﻦـا‬
‫ﻛﻄﺎﻟﺒﺎت‪ ....‬ﻧﺎﻗﺸﻨﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﻨﺎ أﻓﻜﺎرﻧﺎ اﻟﻤﺜﯿﺮة ﻟﻼھﺘﻤﺎم"‪.‬‬
‫ﺟﺎ ﺑﺎﻟﻨﺲــﺑﺔ لــھﻦ )ﻛﻢــا ﻳﺞــب أن ﻳﻚــون(‪ ،‬وﻟﻜﻦــھﻦ اســﺗﻄﻌﻦ‬ ‫إطــﻻق اﻟﺘﻌﻤﯿﻢــات كــان أمــًرا ﻣﺰعــ ً‬
‫أن ﻳﺒﻖــﻳﻦ ﻳﺶــﻋﺮن ﺑﺎﻟﺮاحــة واﻟﺜﻖــة ﺑﻖــدراﺗﮫﻦ اﻟﺤﺲــاﺑﯿﺔ؛ اســﺗﻄﻌﻦ أن‬
‫ﻳﻘﺎوﻣﻦ‪.‬‬
‫أمــا اﻟﻂــاﻟﺒﺎت ذوات اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة‪ ،‬ﻓﻢــع مــرور اﻟﻔﺺــل اﻟﺪراســي ﺑﺐــطء‪ ،‬أﺣﺲــﺳﻦ‬
‫بــاﻧﺨﻔﺎض اﻟﺶــﻋﻮر بــاﻻﻧﺘﻤﺎء‪ ،‬وﻛﻠﻢــا شــﻋﺮن ﺑﺤﺾـور أمـر إطـﻻق اﻟﺘﻌﻤﯿﻢـات فـي‬
‫ن شــﻋﻮرھﺎ‬ ‫اﻟﻔﺺــل‪ ،‬ضــﻋﻔﺖ ﺛﻘﺖــھﻦ ﺑﻖــدراﺗﮫﻦ اﻟﺤﺲــاﺑﯿﺔ‪ .‬قــاﻟﺖ إحــدى اﻟﻂــاﻟﺒﺎت‪ :‬إ ّ‬
‫بــاﻻﻧﺘﻤﺎء اﻧﺨﻒـض ﻷن "اﻟﻤﻌﻞـم كـان ﻳﺲـﺗﮫﯿﻦ بـي مـن خـﻻل ﺗﻌﻠﯿﻖـه "كـان ﺗﺨﻢـﻳًﻨﺎ‬
‫ﺟﯿًﺪا" ﻛﻠﻤﺎ أﺟﺒﺖ إﺟﺎﺑﺔ ﺻﺤﯿﺤﺔ"‪.‬‬
‫ﺗﻤﻜِّﻦ إطﻼق اﻟﺘﻌﻤﯿﻤﺎت اﻟﻤﺴﺒﻘﺔ ﺑﺎﻧﺨﻔﺎض اﻟﻘﺪرة ﻣﻦ اﻟﺴﯿﻄﺮة ﻋﻠﯿﮫﻢ ‪ -‬أن ﻳﺤﺪد ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻪ‪ ،‬وأن‬
‫ﻳﻨﺘﺰع ﻣﻨﮫﻢ ﺷﻌﻮرھﻢ ﺑﺎﻟﺮاﺣﺔ واﻟﺜﻘﺔ‪ .‬ﻻ أﻋﻨﻰ ﺑﺬﻟﻚ أن‬
‫ھﺬا ﺧﻄﺆھﻢ ﺑﺄﻳﺔ ﺣﺎل ﻣﻦ اﻷﺣﻮال‪ .‬إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم اﻟﻤﺴﺒﻘﺔ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﺘﺄﺻﻠﺔ اﻟﺠﺬور ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬وﻻ أرﻳﺪ‬
‫ﻜﻦ‬ ‫أن أﻟﻮم اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﻋﻠﯿﮫﺎ‪ .‬أﻗﻮل ﻓﻘﻂ إن ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺗﻤ ﱠ‬
‫اﻟﻨﺎس ﻣﻦ رؤﻳﺔ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﻤﺴﺒﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﯿﻘﺘﮫﺎ ‪ -‬وﺟﮫﺔ ﻧﻈﺮ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ﻋﻨﮫﻢ ‪ -‬وﺗﺴﺎﻋﺪھﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺟﮫﺘﮫﺎ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼل ﺛﻘﺘﮫﻢ ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ وﻗﻮة ﻗﺪراﺗﮫﻢ‪.‬‬

‫اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺂراء اﻟﻨﺎس‬

‫ﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﻓﻘﻂ ﻣﻊ إطﻼق اﻟﺘﻌﻤﯿﻤﺎت‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻣﻊ آراء اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﻨﮫﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم؛‬ ‫ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻧﺴﺎء ﻛﺜﯿﺮات ﻣﺸﻜﻠ ً‬
‫ﻓﮫﻦ ﻳﺜﻘﻦ ﺑﮫﺎ ﻛﺜﯿًﺮا‪.‬‬
‫ﻓﻲ أﺣﺪ اﻷﻳﺎم‪ ،‬ذھﺒﺖ إﻟﻰ ﺻﯿﺪﻟﯿﺔ ﻓﻲ وﻻﻳﺔ ھﺎواي ﻷﺷﺘﺮي ﺧﯿﻮط ﺗﻨﻈﯿﻒ اﻷﺳﻨﺎن وﻣﺰﻳﻞ راﺋﺤﺔ اﻟﻌﺮق‪،‬‬
‫وﺑﻌﺪ أن ﺟﻠﺒﺘﮫﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ اﻷرﻓﻒ‪ ،‬ذھﺒﺖ ﻷﻗﻒ ﻓﻲ طﺎﺑﻮر دﻓﻊ‬
‫ﻌﺎ أﻣﺎﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﻄﺎﺑﻮر اﻧﺘﻈﺎًرا ﻟﻠﺪﻓﻊ‪ .‬وﻷﻧﻲ ﻣﮫﻮوﺳﺔ ﺑﺎﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﻨﻘﻮد‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ ھﻨﺎك اﻣﺮأﺗﺎن ﺗﻘﻔﺎن ﻣ ً‬
‫ﮫﺰ ﻧﻘﻮدي ﺣﺘﻰ إذا ﻣﺎ ﺟﺎء‬ ‫اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬ﻗﺮرت ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﺎ أن أﺟ ِّ‬
‫دوري ﻓﻲ اﻟﺪﻓﻊ ﻻ أﺳﺘﻐﺮق وﻗًﺘﺎ أطﻮل‪ .‬ﻓﻤﺸﯿﺖ ﺣﺘﻰ ﻣﻨﻀﺪة اﻟﺪﻓﻊ ووﺿﻌﺖ أﺷﯿﺎﺋﻲ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺒﮫﺎ‪ ،‬وﺑﺪأت‬
‫ﻓﻲ ﺗﺮﺗﯿﺐ اﻟﻔﻮاﺗﯿﺮ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ أرﺟﺎء ﺣﻘﯿﺒﺘﻲ؛‬
‫ﻦ ﺟﻨﻮن اﻟﺴﯿﺪﺗﯿﻦ‪ .‬ﺷﺮﺣﺖ ﻟﮫﻤﺎ أﻧﻨﻲ ﻟﻢ أﻛﻦ أﺣﺎول ﺗﺨﻄﻲ دورھﻤﺎ أﺑًﺪا‪ ،‬وأﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ أﺟﮫﺰ ﻧﻘﻮدي ﻓﻘﻂ‪.‬‬ ‫ﻓﺠ ّ‬
‫اﻋﺘﻘﺪت أن اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻗﺪ اﻧﺘﮫﺖ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻏﺎدرت‬
‫ﺖ إﻧﺴﺎﻧﺔ ﺳﯿﺌﺔ اﻷﺧﻼق! "‪.‬‬ ‫اﻟﺼﯿﺪﻟﯿﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺘﺎ ﺗﻨﺘﻈﺮاﻧﻨﻲ‪ .‬وﻗﻔﺎ أﻣﺎم وﺟﮫﻲ وﺻﺮﺧﺎ‪ " :‬أﻧ ِ‬
‫زوﺟﻲ‪ ،‬اﻟﺬي رأي اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻛﻠﻪ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺘﻪ ﺣﺘﻰ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ‪ ،‬اﻋﺘﻘﺪ أﻧﮫﻤﺎ ﻣﺠﻨﻮﻧﺘﺎن‪ .‬وﻟﻜﻨﮫﻤﺎ ﺗﺮﻛﺘﺎ أﺛًﺮا ﻏﺮﻳﺒًﺎ‬
‫ﻲ‪ ،‬وﻣﺮرت ﺑﻮﻗﺖ ﻋﺼﯿﺐ ﻷﺗﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺣﻜﻤﮫﻤﺎ‬ ‫ﺠﺎ ﻋﻠ ّ‬
‫وﻣﺰﻋ ً‬
‫ﻲ‪.‬‬
‫ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﻘﺎ ﻟﻺﻧﺠﺎز‪ .‬ﻛﯿﻒ ﻷﻣﺮ ﻛﮫﺬا أن ﻳﺤﺪث؟ ﻋﻨﺪﻣﺎ‬ ‫ﺳﺮﻋﺔ اﻟﺘﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ ﺗﻠﻚ ﺗﺼﯿﺐ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﻨﺴﺎء ﺗﻤ ﱡ‬
‫ﻜًﻨﺎ وﺗﺤﻘﯿ ً‬
‫ﻦ‬‫ﻜ ﱠ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﺘﯿﺎت ﺻﻐﯿﺮات‪ ،‬ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳَ ُ‬
‫ﻦ اﻟﺘﺼﺮف ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬وﻟﻄﯿﻔﺎت‬ ‫ﺴ ﱠ‬
‫ﻣﺜﺎﻟﯿﺎت‪ ،‬وﻳﺸﻌﺮن ﺑﺎﻟﺒﮫﺠﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺨﺒﺮھﻦ أي ﺷﺨﺺ ﺑﮫﺬا اﻷﻣﺮ‪ .‬ﻓﮫﻦ ُﻳﺤ ِ‬
‫ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬وﻣﺘﻌﺎوﻧﺎت ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻨﻀﺠﻦ ﺑﻌﺪ‪ .‬ﺗﺘﻌﻠﻢ‬
 ‫اﻟﻔﺘﯿﺎت أن ﻳﺜﻘﻦ ﺑﺘﻘﯿﯿﻢ اﻷﺷﺨﺎص ﻟﮫﻦ‪ ،‬ﻓﮫﻦ ﻳﻔﻜﺮن ﺑﺄن اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮن ﺑﻠﻄﻒ ﻣﻌﮫﻦ‪ ،‬وإذا ﻣﺎ اﻧﺘﻘﺪھﻦ‬
‫اﻵﺧﺮون‪ ،‬ﻓﮫﻢ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﻳﻘﻮﻟﻮن اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ .‬ﺣﺘﻰ اﻟﻔﺘﯿﺎت‬
‫اﻟﻼﺋﻲ ﻳﺪرﺳﻦ ﺑﺄرﻓﻊ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﻳﻘﻠﻦ إن آراء اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﻨﮫﻦ ھﻲ طﺮﻳﻘﺔ ﺟﯿﺪة ﻟﯿﻌﺮﻓﻦ ﻗﺪراﺗﮫﻦ‪.‬‬
‫ﻤﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﻌﻨﯿﻔﮫﻢ وﺗﻮﺑﯿﺨﮫﻢ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺎﺑﻌﻨﺎ طﻼب اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻲ‪ ،‬وﺟﺪﻧﺎ أن اﻷوﻻد ﻳﺘﻠﻘﻮن اﻟﺘﻮﺑﯿﺦ‬ ‫اﻷوﻻد داﺋ ً‬
‫ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻮﻛﮫﻢ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﻣﺮات أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﺘﻠﻘﻰ اﻟﺒﻨﺎت‪ .‬ﻛﻤﺎ‬
‫ﻳﻨﺎدي اﻷوﻻد ﺑﻌﻀﮫﻢ ﺑﻜﻠﻤﺎت ﻣﺜﻞ "أﺣﻤﻖ" و"ﻏﺒﻲ"‪ .‬وھﻜﺬا ﻓﺘﻌﻠﯿﻘﺎت اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ذات ﺗﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﯿﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻮّا إﻟﻰ اﻟﻌﺸﺎء ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻲ‪ ،‬وﺑﯿﻨﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﺘﻨﺎول اﻟﻄﻌﺎم‬‫ذات ﻣﺮة ﻧﺎداﻧﻲ أﺣﺪ اﻷﺻﺪﻗﺎء اﻟﺮﺟﺎل ﺑﺎﻟﺤﻤﻘﺎء‪ .‬ﻛﺎن ﻣﺪﻋ ً‬
‫ﺳﻘﻂ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ اﻟﻄﻌﺎم ﻋﻠﻰ ﺛﯿﺎﺑﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪" :‬ھﺬا ﻷﻧﻚ‬
‫ﺣﻤﻘﺎء"‪ .‬ﺷﻌﺮت ﺑﺎﻟﺬھﻮل‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﻳﻘﻞ ﻟﻲ أﺣﺪ ﺷﯿًﺌﺎ ﻛﮫﺬا ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪ .‬واﻟﺮﺟﺎل ﻳﻘﻮل ﺑﻌﻀﮫﻢ ﻟﺒﻌﺾ ﻛﻠﻤﺎت ﻛﺘﻠﻚ‬
‫طﻮال اﻟﻮﻗﺖ‪ .‬رﺑﻤﺎ ھﺬا ﻟﯿﺲ ﺷﯿًﺌﺎ ﻟﻄﯿ ً‬
‫ﻔﺎ ﻗﺪ ﻳﻘﻮﻟﻪ‬
‫أﺣﺪ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺰاح‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﻳﺠﻌﻠﮫﻢ ﻳﻔﻜﺮون ﻣﻠﯿًّﺎ ﻗﺒﻞ اﻻﻗﺘﻨﺎع ﺑﺘﻌﻠﯿﻘﺎت اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﻠﯿﮫﻢ‪.‬‬
‫ﺣﺖــى ﻋﻦــدﻣﺎ ﺗﺺــل اﻟﻨﺲــاء إلــى ﻗﻢــة اﻟﻨﺞــاح‪ ،‬ﻳﻤﻚــن أن ﺗﺆثــر ﻋﻠﻲــھﻦ وجــھﺎت ﻧﻆــر‬
‫اﻵخــرﻳﻦ‪" .‬ﻓﺮاﻧﺲــﻳﺲ ﻛﻮﻧﻞــي" هــي واحـدة مـن أبـرز جـراﺣﻲ اﻷﻋﺺـاب فـي اﻟﻊـاﻟﻢ‪ .‬فـي‬
‫اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ أول اﻣﺮأة ﺗﺸﻐﻞ ﻣﻨﺼﺒًﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺟﺮاﺣﺔ اﻷﻋﺼﺎب ﺑﻜﻠﯿﺔ أﻣﺮﻳﻜﯿﺔ ﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻄﺐ‪ .‬ورﻏﻢ ذﻟﻚ‪،‬‬
‫اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ اﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎت اﻟﻤﺴﺘﮫﺘﺮة ﻣﻦ زﻣﻼﺋﮫﺎ اﻟﺮﺟﺎل ‪-‬‬
‫ﺣﺘﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪﻳﻦ ‪ -‬أن ﺗﻤﻸھﺎ ﺑﺸﻌﻮر ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ‪ .‬ﻓﻲ أﺛﻨﺎء إﺟﺮاﺋﮫﺎ ﺟﺮاﺣﺔ ﻓﻲ أﺣﺪ اﻷﻳﺎم‪،‬‬
‫ﻧﺎداھﺎ أﺣﺪ زﻣﻼﺋﮫﺎ اﻟﺮﺟﺎل ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺘﻌﺎﻟﯿﺔ ﺑﻜﻠﻤﺔ "ﻳﺎ ﺣﻠﻮة"‪.‬‬
‫ﺻﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻠﻮة‪ ،‬ﺟﯿﺪة وﻣﻮھﻮﺑﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﺣﺘﻰ‬ ‫وﺑﺪًﻻ ﻣﻦ اﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﺗﺴﺎءﻟﺖ‪" :‬ھﻞ اﻟﺤﻠﻮة‪ ،‬وﺧﺼﻮ ً‬
‫ﺗﺠﺮي ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ؟"‪.‬‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻣﻊ إطﻼق اﻟﺘﻌﻤﯿﻤﺎت ﻣﻊ ﺛﻘﺔ اﻟﻨﺴﺎء ﺑﺄﺣﻜﺎم اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ :‬أﻋﺘﻘﺪ أن ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻔﮫﻢ ﺳﺒﺐ‬
‫وﺟﻮد ﻓﺠﻮة ﺑﯿﻦ أداء اﻟﺠﻨﺴﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت واﻟﻌﻠﻮم‪.‬‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺠﻮة واﺿﺤﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﺎ ٍدّ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﯿﺎ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ‪" .‬ﺟﻮﻟﻲ ﻟﯿﻨﺶ"‪ ،‬اﻟﻤﮫﺘﻤﺔ اﻟﺼﻐﯿﺮة‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﯿﺎ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻜﺘﺐ أﻛﻮاد ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﻜﻤﺒﯿﻮﺗﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ‬
‫دراﺳﺘﮫﺎ اﻹﻋﺪادﻳﺔ‪ .‬ﻋﻤﻞ واﻟﺪھﺎ وأﺧﻮاھﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﯿﺎ‪ ،‬وأﺣﺒﺘﻪ ھﻲ اﻷﺧﺮى إﻟﻰ أن اﻧﺘﻘﺪھﺎ ﻣﻌﻠﻢ‬
‫ﺑﺮﻣﺠﺔ اﻟﻜﻤﺒﯿﻮﺗﺮ‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﻛﺘﺒﺖ أﻛﻮاد ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻛﻤﺒﯿﻮﺗﺮ‪،‬‬
‫ق ﻟﻠﻤﻌﻞــم اﺧﺘﺺــار كــاﻧﺖ قـد أﺟﺮتـه فـي‬ ‫ﻣﻞ اﻟﺒﺮنــاﻣﺞ ﺑﺶــﻛﻞ ﺟﻲــد‪ ،‬وﻟﻚــن لــم ﻳَُﺮ ْ‬ ‫وعــ ِ‬
‫اﻟﺒﺮنـاﻣﺞ؛ ﻓﺘﻼشـى شـﻏﻔﮫﺎ بـاﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﯿﺎ‪ ،‬وﺗﺢـوﻟﺖ إلـى دراسـة اﻷﻧﺶـطﺔ اﻟﺘﺮﻓﻲـھﯿﺔ‬
‫واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻳﺞــب ﻋﻞــى ﻣﺞــاﻟﻲ اﻟﺮﻳﺎضــﻳﺎت واﻟﻌﻞــوم أن ﻳﻜﻮنـا أﻛﺚـر تـرﺣﯿﺒًﺎ ﺑﺎﻧﺾـﻣﺎم اﻟﻨﺲـاء ﻟﻠﻌﻢـل‬
‫ﻓﻲـھﻤﺎ‪ .‬وﻋﻞـى اﻟﻨﺲـاء اﻟﺘﻔﻚـﻳﺮ ﺑﻌﻘﻠﻲـة اﻟﻨﻢـو ﺑﺄﻗﺺـى مـا ﻳﻤﻜﻦـھﻦ ﺣﺖـى ﻳﺲـﺗﻄﻌﻦ‬
‫اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺣﻘﮫﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ھﺬﻳﻦ اﻟﻤﺠﺎﻟﯿﻦ‪.‬‬

‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﯿﺮ اﻷﻣﻮر ﺑﺸﻜﻞ ﺟﯿﺪ‬

‫ﻗﺪﻣﺖ ﻋﺎﺋﻠﺔ "ﺑﻮﻟﺠﺮ" ﺛﻼﺛًﺎ ﻣﻦ أﺑﺮع ﻻﻋﺒﺎت اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق‪ .‬ﻛﯿﻒ ذﻟﻚ؟ ﺗﻘﻮل "ﺳﻮزان" إﺣﺪى ھﺆﻻء‬
‫اﻟﺜﻼث‪" :‬واﻟﺪي ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ وﺟﻮد ﻟﻤﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻤﻮھﺒﺔ‬
‫اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ‪ ،‬وأن [ اﻟﻨﺠﺎح ] ﻳﺘﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد ﺑﻨﺴﺒﺔ ‪ .%99‬أﻧﺎ أﺗﻔﻖ ﻣﻌﻪ"‪ُ .‬ﺗﻌﺪ ﺣﺎﻟﯿًّﺎ اﻻﺑﻨﺔ اﻟﺼﻐﺮى "ﺟﻮدﻳﺖ"‬
‫أﻓﻀﻞ ﻻﻋﺒﺔ ﺷﻄﺮﻧﺞ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار اﻟﺘﺎرﻳﺦ‪ .‬ﻟﻢ ﺗﻜﻦ‬
‫"ﺟﻮدﻳﺖ" أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻳﻤﺘﻠﻚ اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪ ،‬ﻓﺘﻘﻮل "ﺳﻮزان" ﻋﻦ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪" :‬ﻛﺎﻧﺖ "ﺟﻮدﻳﺖ" ﻣﺒﺘﺪﺋﺔ ﺑﻄﯿﺌﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺠﺪ"‪.‬‬
‫أﺣﺪ زﻣﻼﺋﻲ ﻟﺪﻳﻪ اﺑﻨﺘﺎن ﻧﺎﺑﻐﺘﺎن ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت‪ .‬إﺣﺪاھﻤﺎ طﺎﻟﺒﺔ ﺗﺪرس اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ اﻟﻨﮫﺎﺋﯿﺔ ﻓﻲ واﺣﺪة‬
‫ﻣﻦ أﻓﻀﻞ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت‪ ،‬واﻷﺧﺮى ﻛﺎﻧﺖ أول ﻓﺘﺎة ﺗﺤﺼﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ اﺧﺘﺒﺎر رﻓﯿﻊ اﻟﻤﺴﺘﻮى ﻟﻤﺎدة اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت؛ ﻓﻔﺎزت ﺑﻤﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت‪ ،‬وھﻲ اﻵن ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل‬
‫ﻋﻠﻮم اﻷﻋﺼﺎب ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﺒﺮى؛ ﻓﻤﺎ ﺳﺮ ﺗﻔﻮﻗﮫﻤﺎ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﺤﺪ؟ ھﻞ ھﺬا اﻟﺘﻔﻮق ﻣﺘﻮارث ﻋﺒﺮ اﻟﺠﯿﻨﺎت؟ أﻋﺘﻘﺪ‬
‫أﻧﻪ ﻣﺘﻮارث ﻋﺒﺮ طﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ؛ إﻧﮫﺎ أﻛﺜﺮ اﻟﻌﺎﺋﻼت‬
‫اﻟﺘﻲ ﻗﺎﺑﻠﺘﮫﺎ ﻗﻂ ﺗﻔﻜﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﻟﻘﺪ طﺒﻖ واﻟﺪھﻤﺎ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻷﻣﻮر‪ .‬ﻟﻦ أﻧﺴﻰ ﺣﻮاًرا أﺟﺮﻳﻨﺎه ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﻨﺎ ﻣﻨﺬ‬
‫ﺑﻀﻊ ﺳﻨﻮات‪ .‬ﻛﻨﺖ ﻏﯿﺮ ﻣﺘﺰوﺟﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬وﺳﺄﻟﻨﻲ‬
‫ﻋﻦ ﺧﻄﻄﻲ ﻟﻠﺰواج‪ .‬ﻛﺎن ﻣﺬھﻮًﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺧﺒﺮﺗﻪ أن ﻟﯿﺲ ﻟﺪي ﺧﻄﻂ‪ .‬ﻗﺎل ﻟﻲ‪" :‬ﻻ ﺗﺘﻮﻗﻌﻲ أن ﻳﺘﺤﻘﻖ ھﺪﻓﻚ‬
‫ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﺨﺘﻠ ً‬
‫ﻔﺎ؟"‪.‬‬
‫ﻛﺎن أﻣًﺮا ﻏﯿﺮ ﻣﻨﻄﻘﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ أن ﻳﻜﻮن ھﻨﺎك ھﺪف وﻻ ﻳﺘﻢ اﺗﺨﺎذ ﺧﻄﻮات ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ ﺗﺤﻘﯿﻘﻪ‪.‬‬
‫ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر‪ ،‬ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺗﻤﻜﻦ اﻟﻨﺎس ‪ -‬ﺣﺘﻰ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮫﻢ اﻷﻟﻘﺎب اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ ‪ -‬ﻣﻦ أن ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮا‬
‫ﻤﻮھﺎ إﻟﻰ أﻗﺼﻰ ﺣﺪ؛ ﻓﺎﻷﺷﺨﺎص‬ ‫ﻗﺪراﺗﮫﻢ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ وﻳﻨ ﱡ‬
‫ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻋﻘﻮﻟﮫﻢ ﻏﯿﺮ ﻣﻜﺪﺳﺔ ﺑﺎﻷﻓﻜﺎر اﻟﻤﻘﯿِ ّﺪة‪ ،‬أو اﻹﺣﺴﺎس اﻟﻀﻌﯿﻒ ﺑﺎﻻﻧﺘﻤﺎء‪ ،‬أو ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ‬
 ‫آراء اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﻨﮫﻢ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ ‪4‬‬
‫اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ‪ :‬ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺑﻄﻞ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ‪ ،‬ﻳﺆﻣﻦ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﺑﺄھﻤﯿﺔ اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪ .‬وﻛﺬﻟﻚ ‪ -‬أو ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ‪ -‬اﻟﺨﺒﺮاء اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﻮن‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪،‬‬
‫اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ھﻲ اﻟﻤﺠﺎل ﺣﯿﺚ ﺟﺎءت ﻓﻜﺮة "اﻟﻤﻮھﺒﺔ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ" ﻣﻦ‬
‫ﺷﺨﺺ ﻳﺒﺪو ﻛﻼﻋﺐ رﻳﺎﺿﻲ‪ ،‬وﻳﺘﺤﺮك ﻛﻼﻋﺐ رﻳﺎﺿﻲ‪ ،‬وھﻮ ﻻﻋﺐ رﻳﺎﺿﻲ‪ ،‬ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﺪون ﻣﺤﺎوﻟﺔ؛ ﻓﮫﻨﺎك‬
‫اﻋﺘﻘﺎد ﻋﻈﯿﻢ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﺠﺎل ﺑﺄھﻤﯿﺔ وﺟﻮد اﻟﻤﻮھﺒﺔ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ‬
‫إﻟﻰ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﺴﺘﻜﺸﻔﻲ اﻟﻤﻮاھﺐ واﻟﻤﺪرﺑﯿﻦ ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻓﻘﻂ ﻋﻦ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻣﻮھﺒﺔ‬
‫ق ﻓﻲ دﻓﻊ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﺑﺎھﻈﺔ ﻻﺳﺘﻘﺪام ھﺆﻻء‬ ‫ﻓﻄﺮﻳﺔ‪ ،‬وﺗﺘﻨﺎﻓﺲ اْﻟِﻔَﺮ ُ‬
‫اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ‪.‬‬
‫ﻛﺎن "ﺑﯿﻠﻲ ﺑﯿﻦ" ﻣﻮھﻮﺑًﺎ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة‪ .‬أﺟﻤﻊ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺳﯿﺼﺒﺢ ﺑﻄًﻼ ﻓﻲ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺒﯿﺴﺒﻮل ﻟﯿﺨُﻠﻒ "ﺑﯿﺐ‬
‫روث"‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻛﺎن ﻳﻨﻘﺺ "ﺑﯿﻠﻲ ﺑﯿﻦ" ﺷﻲء واﺣﺪ‪ ،‬اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ ﺑﻄﻞ‪.‬‬
‫ن "ﺑﯿﻦ" ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن طﺎﻟﺒًﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ‬ ‫ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ "ﻣﺎﻳﻜﻞ ﻟﻮﻳﺲ" ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ‪ ، Moneyball‬أ ﱠ‬
‫ﺪاف ﻓﺮﻳﻖ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ‪ ،‬واﻟﻼﻋﺐ اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ ﻓﻲ‬ ‫اﻟﺜﺎﻧﻮي‪ ،‬ﻛﺎن ھ ّ‬
‫ﻘﺎ ﻣﻌﺪل ‪ 500‬ﻓﻲ أﺻﻌﺐ دورات اﻟﻠﻌﺒﺔ‬ ‫ﺧﻂ دﻓﺎع ﻓﺮﻳﻖ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم‪ ،‬وأﻓﻀﻞ ﻣﮫﺎﺟﻢ ﻓﻲ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺒﯿﺴﺒﻮل‪ ،‬ﻣﺤﻘ ً‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة‪ .‬ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻓﻮر أن ﺳﺎءت اﻷﻣﻮر‪ ،‬اﺳﺘﺸﺎط "ﺑﯿﻠﻲ ﺑﯿﻦ" ﻏﻀﺒًﺎ‪ .‬ﻳﻘﻮل "ﻣﺎﻳﻜﻞ" ﻋﻦ ھﺬا ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ‪" :‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ‬
‫ﻟﻤﺠﺮد أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺤﺐ أن ﻳﺨﻔﻖ؛ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺮف‬
‫ﻛﯿﻒ ﻳﺨﻔﻖ"‪.‬‬
‫وبــاﻧﺘﻘﺎل "بــﻳﻦ" ﻟﻠﻊــب مــن دورات اﻟﺒﯿﺲــﺑﻮل اﻟﻤﺤﻠﻲــة إلــى الــدورات اﻟﺮﺋﯿﺲــﻳﺔ‪ ،‬ســاءت‬
‫اﻷمــور أﻛﺚـر وأﻛﺚـر‪ .‬كـل مـرة ﻳﺢـﻳﻦ دوره ﻟﺾـرب اﻟﻚـرة ﺑﺎﻟﻤﺾـرب كـاﻧﺖ كـاﻟﻜﺎﺑﻮس‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ‪ ،‬ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أﺧﺮى ﻟﻠﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺨﺰي‪ ،‬وﻛﻠﻤﺎ أﺧﻄﺄ ﻓﻲ ﺿﺮب اﻟﻜﺮة ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺘﺤﻄﻢ‪ .‬ﻗﺎل أﺣﺪ‬
‫ﻣﺴﺘﻜﺸﻔﻲ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ ﻋﻦ ھﺬا‪ " :‬ﻛﺎن ﻟﺪى "ﺑﯿﻠﻲ" ﻓﻜﺮة ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ‬
‫اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﮫﺎ"‪ .‬ھﻞ ﻳﺒﺪو ذﻟﻚ ﻣﺄﻟﻮ ً‬
‫ﻓﺎ؟‬
‫ھﻞ ﺣﺎول "ﺑﯿﻦ" ﺣﻞ اﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﻳﻮاﺟﮫﮫﺎ ﺑﻄﺮق ﺑﻨﺎءة؟ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﻔﻜﺮ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬ﻳﺮى "ﺑﯿﻦ" أن اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻤﻮھﺒﺔ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ‬
‫ﺔ‪ .‬وﻳﺮى أن اﻷﺷﺨﺎص ذوي‬ ‫ﻟﯿﺴﻮا ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ‪ ،‬ﻓﺒﺬل اﻟﺠﮫﺪ ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻵﺧﺮون‪ ،‬اﻷﻗﻞ ﻣﻮھﺒ ً‬
‫اﻟﻤﻮھﺒﺔ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ﻻ ﻳﻄﻠﺒﻮن اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة‪ ،‬ﻓﺬﻟﻚ اﻋﺘﺮاف ﺑﺎﻟﻀﻌﻒ‪.‬‬
‫ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر‪ ،‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ‪ ،‬ﻻ ﻳﻘﻮم اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻤﻮھﺒﺔ ﺑﺘﺤﻠﯿﻞ ﻋﯿﻮﺑﮫﻢ واﻟﺘﺪرﻳﺐ أو اﻟﺘﻤﺮن ﻋﻠﯿﮫﺎ‪ ،‬ﻓﻔﻜﺮة ﻋﺪم‬
‫اﻟﻜﻔﺎءة ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ﻣﻔﺰﻋﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ‪.‬‬
‫ﻘﺎ ﻣﻊ ﻣﻮھﺒﺘﻪ اﻟﻀﺨﻤﺔ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﺘﺨﻠﺺ "ﺑﯿﻦ" ﻛﻼﻋﺐ ﻗﻂ ﻣﻦ‬ ‫ﻘﺎ‪ ،‬ﻋﺎﻟ ً‬‫ﺑﺘﺸﺒﻌﻪ ﺑﺄﻓﻜﺎر اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻛﺎن "ﺑﯿﻦ" ﻋﺎﻟ ً‬
‫ﻦ "ﺑﯿﻦ" ﻧﺠﺢ ﻓﻲ‬ ‫طﺮﻳﻘﺔ ﺗﻔﻜﯿﺮ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬وﻟﻜ ﱠ‬
‫اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﮫﺎ ﻛﺮﺋﯿﺲ ﺗﻨﻔﯿﺬي ﻧﺎﺟﺢ ﻟﻔﺮﻳﻖ ﻳﻠﻌﺐ ﻓﻲ اﻟﺪوري اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ ﻟﻠﺒﯿﺴﺒﻮل‪ .‬ﻛﯿﻒ ﺣﺪث ذﻟﻚ؟‬
 ‫كــان ھﻦــاك ﻻعـب آخـر عـاش وﻟﻊـب ﺟﻦـﺑًﺎ إلـى ﺟﻦـب مـع "بـﻳﻦ" خـﻻل الـدورات اﻟﻤﺤﻠﻲـة‬
‫ﺿﺎ مـن قـدرة‬ ‫واﻟﺮﺋﯿﺲـﻳﺔ‪ ،‬وهـو "لـﻳﻨﻲ داﻳﻜﺲـﺗﺮا"‪ .‬لـم ﻳﻚـن "داﻳﻜﺲـﺗﺮا" ﻳﻤﺘﻞـك ﺑﻊـ ً‬
‫"بــﻳﻦ" اﻟﺠﺲــدﻳﺔ أو "ﻣﻮھﺒﺖــه اﻟﻔﻄﺮيــة"‪ ،‬وﻟﻚــن "بــﻳﻦ" كــان ﻳﻨﻆــر لــه ﺑﺎﻧﺐــھﺎر‪ .‬ﻛﻢــا ﻋﻞــق‬
‫"بــﻳﻦ" ﻋﻞــى ذلــك ﻓﯿﻢــا ﺑﻊــد‪" :‬لــم ﻳﻚــن لــدﻳﻪ ﻣﻒــھﻮم اﻟﻔﺶــل ‪ ...‬وﻛﻦــت أنــا ﻋﻞــى‬
‫اﻟﻨﻘﯿﺾ"‪.‬‬
‫وﻳﺴﺘﻜﻤﻞ "ﺑﯿﻦ"‪" :‬ﺑﺪأت ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻓﻜﺮة ﻋﻤﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻋﻠﯿﻪ ﻻﻋﺐ اﻟﺒﯿﺴﺒﻮل‪ ،‬واﺳﺘﻄﻌﺖ أن أرى أﻧﻪ‬
‫ﻟﯿﺲ أﻧﺎ‪ .‬ﻛﺎن ھﻮ "ﻟﯿﻨﻲ""‪.‬‬
‫وﻋﻨﺪﻣﺎ رأى ذﻟﻚ وﺳﻤﻊ ﻋﻨﻪ وﻓﻜﺮ ﻓﯿﻪ ﻣﻠﯿًّﺎ‪ ،‬ظﮫﺮ لـ"ﺑﯿﻦ" أن اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ أھﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪ .‬وﻟﻢ ﻳﻤﺮ وﻗﺖ طﻮﻳﻞ‬
‫ﻣﺎ‬
‫ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ ﺟﺰًءا ﻣﻦ ﻓﺮﻳﻖ أوﺟﺪ طﺮﻳﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻻﺳﺘﻜﺸﺎف اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ واﻹدارة‪ ،‬ﻣﺆﻣًﻨﺎ ﺑﺄن إﺣﺮاز اﻷھﺪاف ‪ -‬اﻟﻔﻜﺮة اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﺒﯿﺴﺒﻮل ‪ -‬ﺗﻘﻮم ﺑﺸﻜﻞ‬
‫أﺳﺎﺳﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﻠﻮب اﻟﻠﻌﺐ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪.‬‬
‫ﺤﺎ ﺑﺘﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر‪ ،‬ﻗﺎد "ﺑﯿﻦ" ﻓﺮﻳﻘﻪ‪ ،‬ﻛﻤﺪﻳﺮ ﻋﺎم ﻟﻔﺮﻳﻖ أوﻛﻼﻧﺪ أﺛﻠﺘﯿﻜﺲ‪ ،‬ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ ﻓﻮز ﻟﻠﻤﺮة ‪ 103‬ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ‬ ‫ﻣﺴﻠ ً‬
‫ﻤﺎ اﻟﺮﻗﻢ اﻟﻘﯿﺎﺳﻲ‬ ‫اﻟﻔﺮﻳﻖ ‪ -‬ﻓﺎﺋًﺰا ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻪ‪ ،‬ﻣﺤﻄ ً‬
‫ﻓﻲ اﻟﺪوري اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ؛ ﻟﻔﻮزه ﻓﻲ ﻋﺪة ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻟﻲ‪ .‬ﻓﺮﻳﻖ أوﻛﻼﻧﺪ أﺛﻠﺘﯿﻜﺲ ﻟﺪﻳﻪ ﺛﺎﻧﻲ أﻗﻞ ﻛﺸﻒ‬
‫رواﺗﺐ ﻟﻼﻋﺒﯿﻦ ﺑﯿﻦ ﻓﺮق اﻟﺒﯿﺴﺒﻮل! ﻓﮫﻢ ﻻ ﻳﺸﺘﺮون اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪ ،‬ﺑﻞ‬
‫ﻳﺸﺘﺮون اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‪.‬‬

‫ﻓﻜﺮة اﻟﻤﻮھﺒﺔ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ﺗﺮاھﺎ اﻵن‪ ،‬ﻻ ﺗﺮاھﺎ اﻵن‬

‫اﻟﻘﺪرة اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﻛﺎﻟﻘﺪرة اﻟﺬھﻨﯿﺔ؛ ﻓﮫﻲ ﻣﺮﺋﯿﺔ‪ .‬ﺣﺠﻢ اﻟﺠﺴﺪ وﺑﻨﺎؤه ورﺷﺎﻗﺘﻪ ﻛﻠﮫﺎ أﻣﻮر ظﺎھﺮة‪.‬‬
‫ﻀﺎ أﻣﻮر ظﺎھﺮة‪ ،‬وﺗﺆدي إﻟﻰ‬ ‫ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺘﻤﺎرﻳﻦ واﻟﺘﺪرﻳﺒﺎت أﻳ ً‬
‫ﻧﺘﺎﺋﺞ واﺿﺤﺔ ﻟﻠﻌﯿﺎن‪ .‬ﻗﺪ ﺗﻌﺘﻘﺪ أن ھﺬا اﻷﻣﺮ ﺳﯿﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺗﻼﺷﻲ أﺳﻄﻮرة اﻟﻘﺪرة اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺮى‬
‫"ﻣﺎﺟﺴﻲ ﺑﻮﺟﯿﺰ" ﻻﻋﺐ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﯿﺔ اﻟﺬي ﻳﺒﻠﻎ‬
‫طﻮﻟﻪ ‪ 1.60‬ﻣﺘًﺮا‪ ،‬و"دوج ﻓﻠﻮﺗﻲ" اﻟﻼﻋﺐ اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ اﻟﺼﻐﯿﺮ ﻓﻲ ﺧﻂ اﻟﺪﻓﺎع اﻟﺬي ﻟﻌﺐ ﻓﻲ ﻓﺮﻳﻘﻲ ﻧﯿﻮ إﻧﺠﻼﻧﺪ‬
‫ﺑﯿﺘﺮﻳﻮﺗﺲ وﺳﺎن دﻳﯿﺠﻮ ﺗﺸﺎرﺟﺮ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺮى "ﺑﯿﺖ‬
‫جــراي" ﻻعــب اﻟﺒﯿﺲـﺑﻮل ذا الـذراع اﻟﻮاحـدة الـذي ﻧﺞـح فـي اﻟﻠﻊـب فـي الـدورات اﻟﺮﺋﯿﺲـﻳﺔ‪،‬‬
‫و"بـﻳﻦ ھﻮجـان"‪ ،‬أحـد أﻋﻆـم ﻻﻋﺐـي اﻟﺞـوﻟﻒ ﻋﺐـر اﻟﺖـارﻳﺦ‪ ،‬والـذي كـان ﻳﻔﺘﻖـر‬
‫ﺑﺸﺪة إﻟﻰ اﻟﺴﻤﻮ‪ .‬و "ﺟﻠﯿﻦ ﻛﺎﻧﯿﻨﺠﮫﺎم" اﻟﻌﺪاء اﻟﻌﻈﯿﻢ‪ ،‬اﻟﺬي ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﺳﺎﻗﺎن ﻣﺤﺘﺮﻗﺘﺎن وﻣﺘﻀﺮرﺗﺎن ﺑﺸﺪة‪.‬‬
‫و"ﻻري ﺑﯿﺮد" ﻻﻋﺐ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ وﺳﺮﻋﺘﻪ اﻟﻤﻨﺨﻔﻀﺔ‪ .‬ﻣﻦ‬
‫كــل هــؤﻻء‪ ،‬ﻳﻤﻜﻦــك أن تــرى اﻷشــﺧﺎص اﻟﺺــﻏﺎر أو الــذﻳﻦ ﻳﻔﺘﻖــدون ﻟﻠﺲــﻣﻮ أو ﺣﺖــى‬
‫"اﻟﻊــاﺟﺰﻳﻦ" الــذﻳﻦ ﻧﺠﺢــوا فـي ﺗﺤﻖـﻳﻖ ذلـك‪ ،‬وﻧﻢـاذج اﻟﻤﻮھﺐـة اﻟﻔﻄﺮيـة الـذﻳﻦ لـم‬
‫ﻳﻨﺠﺤﻮا‪ .‬أﻻ ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا ﺷﯿًﺌﺎ؟‬
‫ﺧﺐــراء اﻟﻤﻼﻛﻢــة اﻋﺘﻢــدوا ﻋﻞــى ﻗﯿﺎســات اﻟﺠﺲــم‪ ،‬اﻟﺖــي ﻳﻄﻞــق ﻋﻠﻲـھﺎ "ﺣﻚـاﻳﺎت مـن شـرﻳﻂ‬
‫اﻟﻘﯿﺎسـات"؛ ﻟﺘﺢـدﻳﺪ اﻟﻢـواھﺐ اﻟﻔﻄﺮيـة‪ .‬ﺗﺶـﻣﻞ ﺗﻞـك اﻟﻘﯿﺎسـات ﻗﻲـاس ﻗﺒﺾـة‬
‫اﻟﻤﻼﻛﻢ‪ ،‬واﻣﺘﺪاد ذراﻋﻪ‪ ،‬واﺗﺴﺎع ﺻﺪره ووزﻧﻪ‪ .‬ﻓﺸﻞ "ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ" ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﯿﺎﺳﺎت؛ ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ‬
‫ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻮھﺒﺔ ﻓﻄﺮﻳﺔ‪ .‬ﻟﺪﻳﻪ ﺳﺮﻋﺔ ھﺎﺋﻠﺔ وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ‬
‫ﻟﺪﻳﻪ اﻟﮫﯿﺌﺔ اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ ﻟﻤﻼﻛﻢ ﻋﻈﯿﻢ‪ ،‬وﻻ ﻳﺠﯿﺪ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻜﻼﺳﯿﻜﯿﺔ ﻟﻠﻌﺒﺔ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﻛﺎن ﻳﻼﻛﻢ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ‬
‫ﻣﺎ؛ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺼﺪ اﻟﻠﻜﻤﺎت ﺑﺬراﻋﯿﻪ وﻣﺮﻓﻘﯿﻪ‪،‬‬ ‫ﺧﺎطﺌﺔ ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻛﺎن ﻳﻀﺮب ﻟﻜﻤﺎت ﻣﺘﻼﺣﻘﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﮫﻮاة‪ .‬وﺗﺮك ﻓﻜﻪ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﺘﻠﻘﻲ اﻟﻠﻜﻤﺎت‪ ،‬ﻛﺎن ﻳﺘﺮاﺟﻊ ﺑﻈﮫﺮه ﻟﺘﻔﺎدي ﺗﻠﻘﻲ‬
‫اﻟﻠﻜﻤﺎت‪ ،‬اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻋﻠﻖ ﻋﻠﯿﻪ "ﺟﻮس ﺗﻮرﻳﺲ" ﻗﺎﺋًﻼ‪:‬‬
‫ً‬
‫إﻧﻪ ﻛﺎن "ﻛﺎﻟﺸﺨﺺ اﻟﻮاﻗﻒ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻣﺴﺎر اﻟﻘﻄﺎرات ﻣﺤﺎوﻻ ﺗﺠﻨﺐ اﻻﺻﻄﺪام ﺑﻘﻄﺎر ﻗﺎدم‪ ،‬ﻻ ﺑﺎﻻﻧﺘﻘﺎل‬
‫إﻟﻰ أﺣﺪ ﺟﺎﻧﺒﻲ اﻟﻤﺴﺎر‪ ،‬ﺑﻞ ﺑﺎﻟﺠﺮي إﻟﻰ اﻟﻮراء"‪.‬‬
‫ﻛﺎن "ﺳﻮﻧﻲ ﻟﯿﺴﺘﻮن"‪ ،‬ﻣﻨﺎﻓﺲ "ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ"‪ ،‬ﻣﻮھﻮﺑًﺎ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة؛ ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻟﻤﻼﻛﻢ ‪ -‬ﺣﺠﻢ اﻟﺠﺴﻢ‪،‬‬
‫واﻟﻘﻮة‪ ،‬واﻟﺨﺒﺮة‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮﺗﻪ ﺧﺮاﻓﯿﺔ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﺘﺨﯿﻞ أﺣﺪ‬
‫أن ﺑﺈﻣﻜﺎن "ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ" ھﺰﻳﻤﺔ "ﺳﻮﻧﻲ ﻟﯿﺴﺘﻮن"‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﺟﺪﻳﺮة ﺑﺎﻟﺴﺨﺮﻳﺔ إﻟﻰ درﺟﺔ أن اﻟﺤﻠﺒﺔ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻤﺘﻠﺌﺔ إﻟﻰ ﻧﺼﻔﮫﺎ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻟﺠﻤﮫﻮر اﻟﺬي أﺗﻰ ﻟﯿﺸﺎھﺪ‬
‫اﻟﻤﺒﺎراة‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺳﺮﻋﺘﻪ‪ ،‬ﻛﺎن ﺗﺄﻟﻖ "ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ" ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻪ‪ ،‬ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ ذﻛﺎﺋﻪ وﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﻋﻀﻼﺗﻪ‪ .‬ﻗﯿﱠﻢ‬
‫ﺧﺼﻤﻪ وﻗﺎﺗﻠﻪ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﺪرس "ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ" أﺳﻠﻮب‬
‫ﻗﺖــال "ﻟﯿﺲــﺗﻮن" ﻓﻖــط‪ ،‬بــل ﺗﻊــرف ﻋﻞــى ﻛﯿﻔﻲـة ﺗﻊـاﻣﻞ "ﻟﯿﺲـﺗﻮن" خـارج ﺣﻠﺐـة اﻟﻤﺐـاراة‪.‬‬
‫ﻳﻖـول "ﻣﺤﻢـد ﻋﻞـي" عـن ذلـك‪" :‬قـرأت كـل مـا أسـﺗﻄﯿﻊ عـن ﺣﻮاراتـه اﻟﺺـﺣﻔﯿﺔ‪،‬‬
‫ﺗﺢــدﺛﺖ مــع اﻷشــﺧﺎص الــذﻳﻦ ﺗﻊــاﻣﻠﻮا ﻣﻊــه أو ﺗﺢــدﺛﻮا إﻟﻲــه‪ ،‬اســﺗﻠﻘﯿﺖ فــي اﻟﻒــراش‬
‫ﻛﺮت ﻓﻲـھﺎ‪ ،‬وحـاوﻟﺖ أن أﺗﺺـور طﺮﻳﻖـة‬ ‫ووضــﻋﺖ كــل ﺗﻞــك اﻷمــور مــع ﺑﻌﺾــھﺎ وفـ ﱠ‬
‫ﺗﻔﻜﯿﺮه"‪ ،‬ﺛﻢ اﺳﺘﺨﺪﻣﮫﺎ ﺿﺪ "ﻟﯿﺴﺘﻮن"‪.‬‬
‫ﻓﻠﻤﺎذا ﺑﺪا "ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ" ﻓﺎﻗًﺪا ﺻﻮاﺑﻪ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﻣﺒﺎراة؟‪ ،‬ﻳﺠﯿﺐ "ﺗﻮرﻳﺲ" ﻋﻦ ھﺬا اﻟﺴﺆال ﺑﺄن "ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ"‬
 ‫ﻛﺎن ﻳﻌﺮف أن اﻟﻀﺮﺑﺔ اﻟﻘﺎﺿﯿﺔ ھﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻌﮫﺎ‬
‫أﺣﺪ‪ .‬ﻗﺎل "ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ"‪" :‬ﻛﺎن ﻳﺠﺐ أن ﻳﻈﻦ "ﻟﯿﺴﺘﻮن" أَﻧِ ّﻲ ﻣﺠﻨﻮن‪ ،‬أن ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻲ ﻓﻌﻞ أي ﺷﻲء‪ ،‬ﻟﻢ‬
‫ﻳﺴﺘﻄﻊ أن ﻳﺮى ﺑﻲ أي ﺷﻲء ﺳﻮى ﻓﻤﻲ‪ ،‬وھﺬا ھﻮ ﻛﻞ ﻣﺎ‬
‫أردﺗﻪ أن ﻳﺮاه!"‪.‬‬
‫طﺮ ﻛﺎﻟﻔﺮاﺷﺔ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ﺴﻊ ﻛﺎﻟﻨﺤﻠﺔ‬ ‫اﻟ َ‬
‫ﺪك أن ﺗﻀﺮب‬ ‫ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟِﯿَ ِ‬
‫ﻣﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟ َ‬
‫ﻌْﯿِﻨﻚ أن ﺗﺮاه‬
‫ﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻼﻛﻤﺔ‪ .‬ﻳﺘﺤﺪث ﻣﺪﻳﺮ ﺷﮫﯿﺮ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل‬ ‫اﻧﺘﺼﺎر "ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ" ﻋﻠﻰ "ﻟﯿﺴﺘﻮن" ﻛﺎن ﺣﺪﺛًﺎ ﻣﮫ ًّ‬
‫اﻟﻤﻼﻛﻤﺔ ﻋﻦ "ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ" ﻗﺎﺋًﻼ‪:‬‬
‫ﻤﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﯿﺪ"‪.‬‬ ‫ﻣﺎ‪ ....‬إﻻ أن ﻋﻘﻠﻪ ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ داﺋ ً‬‫"ﻛﺎن ﻟﻐًﺰا؛ أداؤه اﻟﺠﺴﺪي داﺧﻞ اﻟﺤﻠﺒﺔ ﻛﺎن ﺧﺎطًﺌﺎ ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻌﺎ أن ﻛﻞ اﻻﻧﺘﺼﺎرات ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ ھﻨﺎ" ﺧﺎﺑﻄًﺎ ﺟﺒﯿﻨﻪ‬ ‫وﻳﺴﺘﻜﻤﻞ ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻋﺮﻳﻀﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﮫﻪ‪" :‬أراﻧﺎ ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﺑﺴﺒﺎﺑﺘﻪ‪ ،‬ﺛﻢ رﻓﻊ ﻗﺒﻀﺘﯿﻪ ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬وﻟﯿﺲ ﻣﻦ ھﻨﺎ"‪.‬‬
‫لــم ﻳﻎــﻳِ ّﺮ هــذا مــن ﻓﻚــرة اﻟﻦــاس عـن اﻟﻖـدرة اﻟﺠﺲـدﻳﺔ؛ ﻓﻨﺢـن اﻵن ﻧﻨﻆـر إلـى "ﻣﺤﻢـد ﻋﻞـي"‬
‫بـإدراﻛﻨﺎ اﻟﻤﺖـأﺧﺮ‪ ،‬ونـرى ﺟﺲـد ﻣﻼكـم ﻋﻆـﻳﻢ‪ .‬كـان أمـًرا مـذھًﻼ أنـه كـان حـاد‬
‫ﻌﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﺰال ﻧﻌﺘﻘﺪ أن ﻋﻈﻤﺘﻪ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻨﻪ اﻟﺠﺴﺪي‪ .‬وﻻ ﻧﻌﺮف ﻛﯿﻒ‬ ‫ﺷﻌًﺮا ﻣﻤﺘ ً‬
‫اﻟﺬﻛﺎء وﻛﺎن ﻳﻜﺘﺐ ِ‬
‫أﺧﻔﻖ اﻟﺨﺒﺮاء ﻓﻲ إدراك ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻈﻤﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ‪.‬‬

‫ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺟﻮردان‬
‫دا‪ ،‬رﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ‬ ‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ "ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺟﻮردان" ﻣﻮھﻮﺑًﺎ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة ھﻮ اﻵﺧﺮ‪ .‬ﻛﺎن أﻛﺜﺮ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﯿﻦ اﺟﺘﮫﺎ ً‬
‫اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ‪.‬‬
‫ﺼﻞ ﻣﻦ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ‪ -‬ﻧﺤﻦ ﻧﺴﺨﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺪرب اﻟﺬي‬ ‫ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮوف أن "ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺟﻮردان" ﻛﺎن ﻗﺪ ُﻓ ِ‬
‫ﻓﺼﻠﻪ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻘﺒﻠﻪ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﻜﻠﯿﺔ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻠﻌﺐ ﺑﻪ‬
‫)ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻧﻮرث ﻛﺎروﻟﯿﻨﺎ(‪ .‬أﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا أﻏﺒﯿﺎء؟ ﻟﻢ ُﻳﻄﻠﺐ ﻟﻠﻌﺐ ﻓﻲ أول ﻓﺮﻳﻘﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺪوري اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﻜﺮة اﻟﺴﻠﺔ‬
‫اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻨﮫﻤﺎ اﺧﺘﯿﺎره‪ .‬ﻳﺎﻟﻪ ﻣﻦ أﻣﺮ ﻣﺤﺮج! إﻧﻪ أﻣﺮ‬
‫ﻣﺤﺮج ﻷﻧﻨﺎ ﻧﻌﺮف اﻵن أﻧﻪ ﻛﺎن أﻋﻈﻢ ﻻﻋﺐ ﻛﺮة ﺳﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‪ ،‬وﻧﻌﺘﻘﺪ أن ذﻟﻚ ﻛﺎن ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن أﻣًﺮا‬
‫ﺤﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺔ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻨﻈﺮ إﻟﯿﻪ ﻧﺮى اﻟﻼﻋﺐ اﻟﻌﻈﯿﻢ "‬ ‫واﺿ ً‬
‫ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺟﻮردان "‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﻓﯿﻤﺎ ﻣﻀﻰ ﻛﺎن ﻓﻘﻂ "ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺟﻮردان" اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻌﺎدي‪.‬‬
‫ﺼﻞ "ﺟﻮردان" ﻣﻦ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ‪ ،‬ﺷﻌﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺤﻄﻢ‪ .‬ﺗﻘﻮل واﻟﺪﺗﻪ‪" :‬أﺧﺒﺮﺗﻪ أن ﻳﻌﻮد وﻳﺪرب‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ُﻓ ِ‬
‫ﻧﻔﺴﻪ"‪ ،‬ﻓﮫﻞ اﻧﺼﺎع ﻟﺬﻟﻚ اﻟﻜﻼم؟ اﻋﺘﺎد "ﺟﻮردان" أن‬
‫ﺣﺎ ﻟﯿﺘﺪرب ﻗﺒﻞ ﻣﻮﻋﺪ اﻟﻤﺪرﺳﺔ‪ .‬وﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻧﻮرث ﻛﺎروﻟﯿﻨﺎ‪ ،‬ﻋﻤﻞ ﺑﺸﻜﻞ‬ ‫ﻳﻐﺎدر اﻟﻤﻨﺰل ﻓﻲ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﺻﺒﺎ ً‬
‫ﻣﺴﺘﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻮﻳﺔ ﺟﻮاﻧﺐ ﺿﻌﻔﻪ ‪ -‬ﺗﺤﺮﻛﺎﺗﻪ اﻟﺪﻓﺎﻋﯿﺔ وﺗﻨﺎوﻟﻪ‬
‫ﺰم ﻓﺮﻳﻖ‬ ‫ﻟﻠﻜﺮة وﺗﺴﺪﻳﺪھﺎ‪ُ .‬ﻓﻮﺟﺊ اﻟﻤﺪرب ﺑﺎﺳﺘﻌﺪاد "ﺟﻮردان" ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺑﺠﺪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي ﻻﻋﺐ آﺧﺮ‪ .‬ﻓﻮر أن ُ‬
‫ھ ِ‬
‫"ﺟﻮردان" ﻓﻲ اﻟﻤﺒﺎراة اﻟﻨﮫﺎﺋﯿﺔ ﻟﻠﻤﻮﺳﻢ‪ ،‬ذھﺐ "ﺟﻮردان"‬
‫ﻟﻠﻤﺮان ﻋﻠﻰ ﺗﺴﺪﻳﺪاﺗﻪ ﻟﻤﺪة ﺳﺎﻋﺎت؛ ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻌﺪ ﻟﻤﻮﺳﻢ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪ .‬ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ أن وﺻﻞ ﻷوج ﻧﺠﺎﺣﻪ‬
‫وﺷﮫﺮﺗﻪ ‪ -‬وﺑﻌﺪ أن ﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ رﻳﺎﺿﯿﺔ ‪ -‬ظﻞ‬
‫أﺳﻠﻮب ﻣﺮاﻧﻪ اﻟﻘﺎﺳﻲ ﺧﺮاﻓﯿًّﺎ‪ .‬ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﻪ اﻟﻤﺪرب اﻟﻤﺴﺎﻋﺪ اﻟﺴﺎﺑﻖ "ﺟﻮن ﺑﺎك"‪" :‬ﻋﺒﻘﺮي ﻳﺮﻳﺪ ﺑﺸﻜﻞ‬
‫ﻣﺴﺘﻤﺮ أن ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﺒﻘﺮﻳﺘﻪ"‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺲــﺑﺔ لــــ "جــوردان"‪ ،‬اﻟﻨﺞــاح يــأﺗﻲ مــن اﻟﻌﻖـل‪ ،‬فـﻳﻘﻮل‪" :‬اﻟﺺـﻻﺑﺔ اﻟﻌﻘﻠﻲـة واﻟﺠﺲـارة‬
‫أقـوى ﻛﺚـﻳًﺮا مـن ﺑﻊـض اﻟﺲـﻣﺎت اﻟﺠﺲـدﻳﺔ اﻟﺖـي قـد ﺗﻤﺘﻠﻚـھﺎ‪ .‬ﻟﻂـاﻟﻤﺎ ﻗﻞـت ذلـك‬
‫وﻟﻄﺎﻟﻤﺎ آﻣﻨﺖ ﺑﻪ"‪ .‬وﻟﻜﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺬﻟﻚ؛ ﻓﮫﻢ ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻰ "ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺟﻮردان" وﻳﺮون اﻟﻜﻤﺎل اﻟﺠﺴﺪي‬
‫ﻤﺎ إﻟﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﻤﺠﺪ‪.‬‬ ‫اﻟﺬي أدى ﺣﺘ ً‬

‫ﺑﯿﺐ ﺑﯿﺐ روث‬

‫ﺟﺎ ﻟﻜﻤﺎل اﻟﺠﺴﺪ اﻟﺒﺸﺮي‪ .‬ﻛﺎن "ﺑﯿﺐ" ﻣﺸﮫﻮًرا ﺑﺸﮫﯿﺘﻪ‬ ‫ﻣﺎذا ﻋﻦ "ﺑﯿﺐ روث"؟ ﻓﻤﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أﻧﻪ ﻟﯿﺲ ﻧﻤﻮذ ً‬
‫يِ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﯿﺎﻧﻜﻲ اﻟﺬي‬
‫ﻟﻠﻄﻌﺎم وﺑﻄﻨﻪ اﻟﻀﺨﻢ اﻟﺒﺎرز ﻣﻦ ز ّ‬
‫ﻳﺮتــدﻳﻪ‪ .‬رائــع‪ ،‬أﻻ ﻳﺠﻌﻞــه ذلــك ذا ﻣﻮھﺐــة ﻓﻄﺮيــة أﻛﺚــر؟ ألــم ﻳﻚــن ﻳﺲــرف فــي اﻟﻄﻊــام‬
‫طــوال اﻟﻠﻲــل ثـم ﻳﺘﻤﺶـى فـي الـﻳﻮم اﻟﺖـاﻟﻲ ﻧﺢـو ﻣﻮﻗﻊـه فـي ﻣﻠﻊـب اﻟﺒﯿﺲـﺑﻮل وﻳﺢـرز‬
‫اﻷھﺪاف؟‬
‫ﺿﺎ‪ .‬فـي بـداﻳﺔ ﺣﯿﺎتـه اﻟﻢـھﻨﯿﺔ‪ ،‬لـم ﻳﻚـن "بـﻳﺐ روث"‬ ‫لــم ﻳﻚـن "بـﻳﺐ" مـوھﻮﺑًﺎ بـاﻟﻔﻄﺮة أيـ ً‬
‫ﺑﺘﻞـك اﻟﺒﺮاعـة فـي ﺗﺲـدﻳﺪ اﻟﻚـرات‪ .‬كـان لـدﻳﻪ قـوة ﻛﺐـﻳﺮة‪ ،‬ﺗﻞـك اﻟﻖـوة اﻟﺖـي أتـت مـن‬
‫ﺸﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ "ﺑﯿﺐ"‬‫اﻟﺘﺰاﻣﻪ اﻟﻜﻠﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻳﺆرﺟﺢ ﻣﻀﺮب اﻟﻜﺮة‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﻛﺰ ﻓﻲ اﻟﻤﺒﺎراة‪ ،‬ﻳﺼﺒﺢ اﻷﻣﺮ ﻣﺪھ ً‬
‫ﻛﺎن أﻣﺮه ﻣﺘﻨﺎﻗ ً‬
‫ﻀﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻘﺎ ﻛﺎن ﻳﺘﻨﺎول ﻛﻤﯿﺎت ھﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺮوﺑﺎت اﻟﻀﺎرة وﻛﻤﯿﺎت ﻣﻦ اﻟﻄﻌﺎم ﻏﯿﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ‪ .‬ﻓﻜﺎن ﺑﻌﺪ ﺗﻨﺎوﻟﻪ‬ ‫ﺣ ًّ‬
 ‫ﻟﻮﺟﺒﺔ ﺿﺨﻤﺔ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺗﻨﺎول ﻗﻄﻌﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ أو اﺛﻨﺘﯿﻦ ﻣﻦ‬
‫ﺿﺎ كــان ﺑﺈﻣﻜﺎنــه ضــﺑﻂ ســﻟﻮﻛﻪ ﻋﻦـدﻣﺎ ﻳﺘﻊـﻳﻦ ﻋﻠﻲـه ذلـك‪ .‬فـي اﻟﻜﺚـﻳﺮ‬ ‫اﻟﺘﺤﻠﻲــة‪ .‬ﻟﻜﻦــه أيــ ً‬
‫مـن ﻓﺺـول اﻟﺶـﺗﺎء‪ ،‬تـدرب فـي صـاﻟﺔ اﻷﻟﻊـاب اﻟﺮﻳﺎضـﻳﺔ طـوال ﻓﺖـرة تـوﻗﻒ ﻣﻮسـم‬
‫ﻘﺎ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ‬ ‫اﻟﻠﻌﺐ ﻟﯿﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﻟﯿﺎﻗﺔ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺳﻢ ﻋﺎم ‪ ،1925‬ﻋﻨﺪﻣﺎ زاد وزﻧﻪ ﻛﺜﯿًﺮا‪ ،‬اﻟﺘﺰم "ﺑﯿﺐ" ﺣ ًّ‬
‫ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﺎدة ﻟﯿﺎﻗﺘﻪ اﻟﺒﺪﻧﯿﺔ‪ ،‬وﻗﺪ ﻧﺠﺢ ﻓﻲ ذﻟﻚ‪ .‬وﻓﻲ‬
‫اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ ‪ 1926‬ﺣﺘﻰ ‪ ،1931‬ﺿﺮب اﻟﻜﺮة ‪ 354‬ﻣﺮة‪ ،‬ﺑﻤﻌﺪل ‪ 50‬ﺿﺮﺑﺔ ﺧﺎرج ﺣﺪود اﻟﻤﻠﻌﺐ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم و‪ 155‬ﺿﺮﺑﺔ‬
‫داﺧﻞ اﻟﻤﻠﻌﺐ‪ .‬ﻳﻘﻮل "روﺑﺮت ﻛﺮﻳﻤﺮ" اﻟﺬي ﻛﺘﺐ ﺳﯿﺮة‬
‫ﺣﯿﺎة "ﺑﯿﺐ روث"‪" :‬ﻗﺪم "روث" أﻓﻀﻞ اﺳﺘﻌﺮاض ﺣﺪث ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺒﯿﺴﺒﻮل ﻟﻠﻀﺮب اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻟﻠﻜﺮة‪....‬‬
‫ﻋﻠﻰ أﻧﻘﺎض ﻣﻮﺳﻢ ‪ ،1925‬ﺻﻌﺪ "ﺑﯿﺐ روث" ﻛﺎﻟﺼﺎروخ"‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺪرﻳﺐ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺤﺐ اﻟﻤﺮان‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﻀﻢ ﻟﻔﺮﻳﻖ ﺑﻮﺳﻄﻦ رﻳﺪ ﺳﻮﻛﺲ‪ ،‬اﺳﺘﺎء ﻣﻨﻪ اﻟﻼﻋﺒﻮن اﻟﻘﺪاﻣﻰ‬
‫ﺑﺴﺒﺐ رﻏﺒﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻋﻠﻰ ﺿﺮب اﻟﻜﺮة ﻳﻮﻣﯿًّﺎ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ‬
‫ﻓﻘﻂ ﻻﻋﺒًﺎ ﻣﺒﺘﺪﺋًﺎ؛ ﺑﻞ ﻛﺎن ﻗﺎذف ﻛﺮة ﻣﺒﺘﺪﺋًﺎ‪ .‬ﺗﺴﺎءﻟﻮا‪" :‬ﻣﻦ ﻳﻈﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻤﺮن ﻋﻠﻰ ﺿﺮب اﻟﻜﺮة‬
‫ﺑﺎﻟﻤﻀﺮب؟ وﻟﻤﺮة أﺧﺮى‪ ،‬ﻓﻲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ ﻣﻦ ﺣﯿﺎﺗﻪ اﻟﻤﮫﻨﯿﺔ‪ ،‬ﻋﻮﻗﺐ‬
‫ﻤﺎ‬
‫ﻀﺎ‪ ،‬وﻛﺎن ھﺬا أﻣًﺮا ﻣﺆﻟ ً‬‫ﺑﺎﻻﺳﺘﺒﻌﺎد ﻣﻦ ﻟﻌﺐ ﻣﺒﺎراة‪ ،‬ﻛﺎن ذﻟﻚ ھﻮ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﻮﺣﯿﺪ‪ .‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻟﻢ ﻳﺪﻋﻮه ﻳﺘﻤﺮن‪ ،‬أﻳ ً‬
‫ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻳﺰﻋﻢ "ﺗﺎي ﻛﻮب" أن ﻋﻤﻞ "روث" ﻛﻘﺎذف ﻟﻠﻜﺮة ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ أداﺋﻪ ﻛﻀﺎرب ﻛﺮة‪ .‬ﻟﻤﺎذا ﺣﺪث ذﻟﻚ؟ ﻳﻘﻮل‬
‫"ﻛﻮب"‪" :‬ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻣﻮاﻗﻊ ﺿﺮب اﻟﻜﺮة‪ ،‬ﻻ‬
‫ﻳﮫﺘﻢ أﺣﺪ ﻛﺜﯿًﺮا إذا أﺧﻄﺄ اﻟﻘﺎذف اﻟﻜﺮة أو أﻣﺴﻚ اﻟﻤﻀﺮب ﺑﺸﻜﻞ ﺳﯿﺊ‪ ،‬ﻓﻜﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎن "روث" اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻟﻜﺒﯿﺮة ﻟﻀﺮب اﻟﻜﺮة‪ .‬وإذا أﺧﻔﻖ ﻓﯿﮫﺎ‪ ،‬ﻓﻼ‬
‫ﻳﮫﻢ ذﻟﻚ‪ ....‬وﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬ﺗﻌﻠﻢ أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ ﻛﯿﻒ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺿﺮب اﻟﻤﻀﺮب‪ ،‬وﻛﯿﻒ ﻳﻘﻮم ﺑﺘﺮﻛﯿﺰه ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻜﺮة‪ .‬وﻋﻨﺪﻣﺎ أﺻﺒﺢ ﻻﻋﺐ دﻓﺎع أﺳﺎﺳﯿًّﺎ‪ ،‬ﻛﺎن ﻣﺴﺘﻌ ًّ‬
‫ﺪا"‪.‬‬
‫ﻌﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﺴﻤﯿﻪ "ﺳﺘﯿﻔﻦ ﺟﺎي ﺟﻮﻟﺪ"‪" :‬اﻟﺮأي اﻟﺴﺎﺋﺪ ﺑﺄن ﻻﻋﺒﻲ اﻟﻜﺮة ُﺑﺪﻧﺎء‪ُ ،‬ﻳﻈﮫﺮ‬ ‫إﻻ أﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺰال ﻧﺘﻤﺴﻚ ﺳﺮﻳ ً‬
‫ﺑﺸﻜﻞ طﺒﯿﻌﻲ وﺑﺴﮫﻮﻟﺔ اﻟﻤﻮاھﺐ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة"‪.‬‬

‫أﺳﺮع اﻟﻨﺴﺎء ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻷرض‬

‫ﻋﺮﻓﺖ ﻛﺄﺳﺮع اﻣﺮأة ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻷرض ﺑﻌﺪ أن ﻓﺎزت ﺑﺜﻼث ﻣﯿﺪاﻟﯿﺎت ذھﺒﯿﺔ‬ ‫ﻣﺎذا ﻋﻦ "وﻳﻠﻤﺎ رودوﻟﻒ"‪ ،‬واﻟﺘﻲ ُ‬
‫ﻓﻲ ﺳﺒﺎﻗﺎت اﻟﻌﺪو واﻟﺤﻮاﺟﺰ ﻓﻲ أوﻟﻤﺒﯿﺎد روﻣﺎ ﻋﺎم ‪1960‬؟‬
‫كــاﻧﺖ "وﻳﻠﻢــا" فــي صــﻏﺮھﺎ ﺑﻌﻲــدة اﻟﺒﻊــد ﻛﻞـه عـن أن ﺗﻤﺘﻞـك ﻣﻮھﺐـة ﺟﺲـدﻳﺔ‪ُ .‬ولـدت‬
‫ﻣﺒﺘﺲـرة‪ ،‬وكـاﻧﺖ اﻟﻄﻔﻞـة رقـم ﻋﺶـرﻳﻦ ﻟﻮالـدﻳﮫﺎ بـﻳﻦ اﺛﻦـﻳﻦ وﻋﺶـرﻳﻦ مـن اﻹخـوة‪،‬‬
‫وﻛﺎﻧﺖ طﻮال اﻟﻮﻗﺖ ﻣﺮﻳﻀﺔ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺮاﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮھﺎ‪ ،‬ﻛﺎدت ﺗﻤﻮت ﺑﻌﺪ ﺻﺮاع طﻮﻳﻞ ﻣﻊ ﻣﺮض اﻻﻟﺘﮫﺎب اﻟﺮﺋﻮي‬
‫اﻟﻤﺰدوج‪ ،‬وﻣﺮض اﻟﺤﻤﻰ اﻟﻘﺮﻣﺰﻳﺔ‪ ،‬وﺷﻠﻞ اﻷطﻔﺎل‬
‫اﻟﻮاضــح فــي ســاﻗﮫﺎ اﻟﯿﺲــرى اﻟﻤﺶــﻟﻮﻟﺔ إلــى حــد ﻛﺐــﻳﺮ‪ .‬لــم ﻳﻌﻂــھﺎ اﻷطﺐــاء أمــًﻻ ﻛﺐــﻳًﺮا‬
‫فــي اســﺗﻌﺎدة ﺣﺮكــة ســاﻗﮫﺎ مــرة أخــرى‪ .‬ﻟﻢــدة ﺛﻤﺎﻧﻲــة أعـوام‪ ،‬تـاﺑﻌﺖ "وﻳﻠﻢـا" اﻟﻊـﻻج‬
‫اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ ﺑﺸﺪة‪ ،‬إﻟﻰ أن أﺻﺒﺤﺖ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻋﺸﺮة ﻣﻦ ﻋﻤﺮھﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ أن ﺗﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎﻣﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺨﺪﻣﺘﮫﺎ ﻟﺴﺎﻗﮫﺎ‪ ،‬وﺑﺪأت ﻓﻲ اﻟﺴﯿﺮ ﺑﺸﻜﻞ طﺒﯿﻌﻲ‪.‬‬
‫ﺳﺎ ﻧﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻪ أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻨﻤﯿﺔ اﻟﻤﮫﺎرات اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻤﺎ اﻟﺪرس؟ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر ذھﺒﺖ "وﻳﻠﻤﺎ"‬ ‫إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ھﺬا در ً‬
‫ﻟﻼﻟﺘﺤﺎق ﺑﺘﺪرﻳﺐ ﻋﻠﻰ ﻟﻌﺒﺔ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ واﻟﺠﺮي‪ ،‬ﺑﺮﻏﻢ‬
‫أﻧﮫﺎ ﺧﺴﺮت ﻛﻞ ﺳﺒﺎق ﺟﺮي دﺧﻠﺘﻪ ﻓﻲ أول ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ رﺳﻤﯿﺔ اﻧﻀﻤﺖ إﻟﯿﮫﺎ‪ .‬ﺑﻌﺪ ﺣﯿﺎﺗﮫﺎ اﻟﻤﮫﻨﯿﺔ اﻟﻤﺪھﺸﺔ‪،‬‬
‫ﻗﺎﻟﺖ‪" :‬أرﻳﺪ ﻓﻘﻂ أن ﻳﺘﻢ ذﻛﺮي ﻛﺎﻣﺮأة ﻣﺠﺘﮫﺪة"‪.‬‬
‫ﻣﺎذا ﻋﻦ "ﺟﺎﻛﻲ ﺟﻮﻳﻨﺮ‪-‬ﻛﯿﺮﺳﻲ"‪ ،‬اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺄﻓﻀﻞ اﻣﺮأة ﻻﻋﺒﺔ ﻗﻮى ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ؟ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻨﺬ ‪ 1985‬ﺣﺘﻰ‬
‫ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﺎم ‪ ،1996‬ﻓﺎزت ﺑﻜﻞ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ أﻟﻌﺎب ﺳﺒﺎﻋﯿﺔ اﻧﻀﻤﺖ‬
‫إﻟﯿﮫﺎ‪ .‬ﻣﺎ ھﻲ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺴﺒﺎﻋﯿﺔ؟ إﻧﮫﺎ ﻣﺒﺎراة ﻗﺎﺳﯿﺔ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻟﻤﺪة ﻳﻮﻣﯿﻦ‪ ،‬ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺳﺒﻌﺔ أﺟﺰاء‪،‬‬
‫ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﺎق ﺣﻮاﺟﺰ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ‪ 100‬ﻣﺘﺮ‪ ،‬واﻟﻘﻔﺰ اﻟﻌﺎﻟﻲ‪،‬‬
‫ﺟﻠﱠﺔ‪ ،‬واﻟﺞـري‬ ‫ورمــي الــرﻣﺢ‪ ،‬واﻟﻊــدو اﻟﺲــرﻳﻊ ﻟﻤﺲــاﻓﺔ ‪ 200‬ﻣﺖــر‪ ،‬واﻟﻖــﻓﺰ اﻟﻄﻮيــل‪ ،‬ورمــي الـ ُ‬
‫ﻟﻤﺲـاﻓﺔ ‪ 800‬ﻣﺖـر‪ .‬ﻻ ﻋﺞـب أن اﻟﻒـاﺋﺰة ﻳﻄﻞـق ﻋﻠﻲـھﺎ أﻓﺾـل امـرأة فـي أﻟﻊـاب‬
‫اﻟﻖــــوى فــــي اﻟﻊــــاﻟﻢ‪ .‬وخــﻻل ﻣﺲــﻳﺮﺗﮫﺎ‪ ،‬ﺣﺺــﻟﺖ "ﺟﻮﻳﻨﺮ‪-‬ﻛﯿﺮســي" ﻋﻞــى أﻋﻞــى ســﺗﺔ‬
‫ﻧﻖــاط فــي تــارﻳﺦ اﻟﻠﻌﺐــة‪ ،‬ﻟﺘﺤﻂــم الــرﻗﻢ اﻟﻘﯿﺎســي اﻟﻊــاﻟﻤﻲ‪ ،‬وفــازت ﺑﺒﻄﻮﻟﺖــﻳﻦ عــاﻟﻤﯿﺘﯿﻦ‬
‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﯿﺪاﻟﯿﺘﯿﻦ ذھﺒﯿﺘﯿﻦ أوﻟﻤﺒﯿﺘﯿﻦ )ﺳﯿﺼﺒﺤﻮن ﺳﺖ ﻣﯿﺪاﻟﯿﺎت إذا أﺿﻔﻨﺎ إﻟﯿﮫﻤﺎ اﻟﻤﯿﺪاﻟﯿﺎت اﻟﺘﻲ‬
‫ﻓﺎزت ﺑﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺑﻘﺎت اﻷﺧﺮى(‪.‬‬
‫ھﻞ ﻛﺎﻧﺖ "ﺟﺎﻛﻲ ﺟﻮﻳﻨﺮ‪-‬ﻛﯿﺮﺳﻲ" ﻣﻮھﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة؟ ﻛﺎن ﻟﺪﻳﮫﺎ اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأت ﻣﺴﯿﺮﺗﮫﺎ‬
‫اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷﺧﯿﺮ ﻟﻮﻗﺖ طﻮﻳﻞ‪ .‬وﻛﻠﻤﺎ‬
‫اﺟﺘﮫﺪت ﻓﻲ اﻟﻤﺮان‪ ،‬أﺻﺒﺤﺖ أﺳﺮع‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ظﻠﺖ ﻻ ﺗﻔﻮز ﻓﻲ أي ﺳﺒﺎق‪ .‬وأﺧﯿًﺮا ﺑﺪأت ﺗﻔﻮز‪ .‬ﻣﺎ اﻟﺬي ﺗﻐﯿﺮ؟‬
‫ﺟﻊ اﻟﺒﻌﺾ ذﻟﻚ إﻟﻰ‬ ‫ﺗﻘﻮل "ﺟﻮﻳﻨﺮ‪-‬ﻛﯿﺮﺳﻲ" ﻋﻦ ذﻟﻚ‪" :‬ﻗﺪ ُﻳﺮ ِ‬
‫اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻮراﺛﯿﺔ‪ ....‬وﻟﻜﻨﻲ أﻋﺘﻘﺪ أن ذﻟﻚ ﻛﺎن ﻣﻜﺎﻓﺄﺗﻲ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﺎﻋﺎت ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻣﻤﺮات اﻟﺠﯿﺎد‪،‬‬
‫وأرﺻﻔﺔ اﻟﺤﻲ وأروﻗﺔ اﻟﻤﺪرﺳﺔ"‪.‬‬
‫وأﺧﺒﺮﺗﻨﺎ ﻋﻦ ﺳﺮ ﻧﺠﺎﺣﮫﺎ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻗﺎﺋﻠﺔ‪ " :‬ﻛﺎن ھﻨﺎك ﻣﺎ ﻳﺤﻔﺰﻧﻲ وﻳﺤﻤﺴﻨﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ أرى أﻧﻲ أﺗﻄﻮر‪ .‬وھﻮ ﻣﺎ‬
‫أﺷﻌﺮ ﺑﻪ اﻵن‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺣﺼﻮﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺳﺖ ﻣﯿﺪاﻟﯿﺎت أوﻟﯿﻤﺒﯿﺔ‬
‫وﺧﻤﺴﺔ أرﻗﺎم ﻗﯿﺎﺳﯿﺔ ﻋﺎﻟﻤﯿﺔ‪ .‬وﻛﺎن ھﺬا ﻣﺎ ﺷﻌﺮت ﺑﻪ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء دراﺳﺘﻲ اﻹﻋﺪادﻳﺔ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ أﺑﺪأ ﻓﻲ‬
‫اﻻﻧﻀﻤﺎم إﻟﻰ اﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت"‪.‬‬
‫ﺣﺼﻠﺖ "ﺟﺎﻛﻲ" ﻋﻠﻰ آﺧﺮ ﻣﯿﺪاﻟﯿﺘﯿﻦ )ﻣﯿﺪاﻟﯿﺔ ﺑﻄﻮﻟﺔ ﻋﺎﻟﻤﯿﺔ وﻣﯿﺪاﻟﯿﺔ ﺑﻄﻮﻟﺔ أوﻟﯿﻤﺒﯿﺔ( ﺧﻼل إﺻﺎﺑﺘﮫﺎ ﺑﻨﻮﺑﺔ‬
‫رﺑﻮ‪ ،‬وﻗﻄﻊ ﺷﺪﻳﺪ وﺣﺎد ﺑﺄوﺗﺎر اﻟﺮﻛﺒﺔ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻟﻚ ﻷن‬
‫اﻟﻤﻮھﺒﺔ ﻟﻌﺒﺖ دورھﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺘﻲ أﺛﺒﺘﺖ أھﻤﯿﺘﮫﺎ‪.‬‬

‫اﻟﻤﻮاھﺐ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ﻻ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ‬

‫ھﻞ ﺗﻌﻠﻢ أﻧﻪ ﻛﺎن ھﻨﺎك اﻋﺘﻘﺎد ﻗﻮي ﺑﺄﻧﻚ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺘﺪرﻳﺐ ﺟﺴﺪﻳًّﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺠﻮﻟﻒ‪ ،‬وأﻧﻚ إذا ﻋﻤﻠﺖ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎء ﻗﻮﺗﻚ ﺳﺘﺨﺴﺮ "ﻟﻤﺴﺘﻚ" اﻟﺨﺎﺻﺔ؟ ﺣﺘﻰ ظﮫﺮ‬
‫"ﺗﺎﻳﺠﺮ وودز" ﺑﻄﺮﻗﻪ ﻟﻠﺤﻤﯿﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ وﻋﺎداﺗﻪ اﻟﻘﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻤﺮﻳﻦ‪ ،‬وﻛﺎن ﻳﺮﺑﺢ ﻛﻞ دورة رﻳﺎﺿﯿﺔ ﻳﺘﻨﺎﻓﺲ‬
‫ﻓﯿﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت‪ ،‬ﻳﻮاﺟﻪ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺎوﻟﻮن ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻣﺎ ھﻮ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﻣﻮھﺒﺘﮫﻢ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ اﺳﺘﮫﺠﺎﻧًﺎ‬
‫ﺷﺪﻳًﺪا‪ ،‬وﻳﻜﻮن ﻋﻠﯿﮫﻢ أن ﻳﺘﻘﺒﻠﻮا وﺿﻌﮫﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة‪ .‬ﺗﻠﻚ‬
‫ﺴﺎ ﻓﻲ اﻟﺨﻤﺴﯿﻨﯿﺎت واﻟﺴﺘﯿﻨﯿﺎت ﻣﻦ‬ ‫اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﻜﺮه "ﻣﻮري وﻳﻠﺰ"‪ .‬ﻛﺎن "وﻳﻠﺰ" ﻻﻋﺐ ﺑﯿﺴﺒﻮل ﻣﺘﺤﻤ ً‬
‫اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ‪ ،‬وﻳﺮاوده ﺣﻠﻢ اﻟﻠﻌﺐ ﻓﻲ اﻟﺪورات اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﻣﺸﻜﻠﺘﻪ ﻛﺎﻧﺖ أن طﺮﻳﻘﺔ ﺿﺮﺑﻪ ﻟﻠﻜﺮة ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺟﯿﺪة ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺎﻗﺪ ﻣﻌﻪ ﻓﺮﻳﻖ دودﺟﺮز‪،‬‬
‫ﺟﻌﻠﻮه ﻳﻠﻌﺐ ﻓﻲ اﻟﺪورات اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ‪ .‬أﺧﺒﺮ أﺻﺪﻗﺎءه ﺑﻔﺨﺮ‪:‬‬
‫"ﺧﻼل ﻋﺎﻣﯿﻦ‪ ،‬ﺳﺄﻛﻮن ﻓﻲ ﺑﺮوﻛﻠﯿﻦ أﻟﻌﺐ ﻣﻊ "ﺟﺎﻛﻲ روﺑﻨﺴﻮن""‪.‬‬
‫ﻤﺎ؛ ﻓﺒﺮﻏﻢ ﺗﻨﺒﺆه اﻟﻤﺘﻔﺎﺋﻞ واﻟﺘﻤﺮﻳﻨﺎت اﻟﯿﻮﻣﯿﺔ اﻟﺸﺎﻗﺔ‪ ،‬ظﻞ ﻳﻠﻌﺐ ﻓﻲ اﻟﺪورات اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ ﻟﺜﻤﺎﻧﯿﺔ‬ ‫ﻛﺎن "وﻳﻠﺰ" واھ ً‬
‫أﻋﻮام وﻧﺼﻒ ﻋﺎم‪ .‬ﺑﻌﺪ ﺳﺒﻌﺔ أﻋﻮام وﻧﺼﻒ ﻋﺎم ﻣﻦ‬
‫ﻟﻌﺒﻪ ﻓﻲ اﻟﺪورات اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ‪ ،‬اﻗﺘﺮح ﻣﺪﻳﺮ اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻋﻠﯿﻪ أن ﻳﻠﻌﺐ ﻛﻀﺎرب ﻛﺮة‪ ،‬ﻗﺎﺋًﻼ لـ"وﻳﻠﺰ"‪" :‬أﻧﺖ ﻓﻲ ﺗﺮاﺟﻊ‬
‫ﻟﺴﺒﻌﺔ أﻋﻮام وﻧﺼﻒ ﻋﺎم‪ ،‬ﻟﯿﺲ ﻟﺪﻳﻚ ﻣﺎ ﺳﺘﺨﺴﺮه"‪ .‬ﺑﻌﺪ‬
‫ﺴﺮ إﺻﺒﻊ ﻗﺪم ﻻﻋﺐ اﻟﺪﻓﺎع‪ ،‬ﺗﻢ اﺳﺘﺪﻋﺎء "وﻳﻠﺰ" ﻟﻠﻌﺐ ﻣﻜﺎﻧﻪ‪ .‬ﻟﻘﺪ وﺟﺪ ﻓﺮﺻﺘﻪ‪.‬‬ ‫ﻛ ِ‬‫ذﻟﻚ ﺑﻔﺘﺮة ﻗﺼﯿﺮة‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ُ‬
‫ﻛﺎن أﺳﻠﻮب ﺿﺮﺑﻪ ﻟﻠﻜﺮة ﻻ ﻳﺰال ﻏﯿﺮ ﺟﯿﺪ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﻧﯿﺘﻪ اﻻﺳﺘﺴﻼم؛ ﻓﺬھﺐ ﻟﻤﺪرب ﻻﻋﺐ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷوﻟﻰ‬
‫ﻌﺎ ﻟﻌﺪة ﺳﺎﻋﺎت ﻛﻞ ﻳﻮم إﻟﻰ‬ ‫ﻤﻼ ﻣ ً‬ ‫طﺎﻟﺒًﺎ ﻣﻨﻪ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة؛ َ‬
‫ﻓ َ‬
‫ﻌ ِ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ ﺗﺪرﻳﺒﺎت "وﻳﻠﺰ" اﻟﻤﻌﺘﺎدة‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻣﺎ زال ﺿﺮﺑﻪ ﻟﻠﻜﺮة ﻏﯿﺮ ﺟﯿﺪ‪ .‬ﺣﺘﻰ ﺑﺪأ "وﻳﻠﺰ" اﻟﺸﺠﺎع ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺴﻼم‪،‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻣﺪرب ﻻﻋﺐ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻷوﻟﻰ ﻟﻢ ﻳﺪﻋﻪ ﻳﺴﺘﺴﻠﻢ‪ .‬وﺑﻌﺪ‬
‫أن أﺻﺒﺢ ﻟﺪﻳﻪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم ﻣﻦ ﺗﺪرﻳﺐ‪ ،‬ﻛﺎن ﻋﻠﻰ "وﻳﻠﺰ" أن ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ طﺮﻳﻘﺔ ﺗﻔﻜﯿﺮه‪.‬‬
‫ﺑﺪأ ﻓﻲ ﺿﺮب اﻟﻜﺮة‪ ،‬وﺑﺴﺮﻋﺘﻪ اﻟﮫﺎﺋﻠﺔ‪ ،‬ﺑﺪأ ﻓﻲ ﺳﺮﻗﺔ اﻟﻘﻮاﻋﺪ )أﺣﺪ أﺳﺎﻟﯿﺐ اﻟﻠﻌﺐ(‪ .‬درس "وﻳﻠﺰ" أﺳﺎﻟﯿﺐ‬
‫ﻻﻋﺒﻲ ﻗﺬف اﻟﻜﺮة وﻻﻋﺒﻲ اﻟﺘﻘﺎط اﻟﻜﺮة ﻓﻲ اﻟﻔﺮق اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ؛‬
‫ﻟﯿﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ أﻓﻀﻞ ﻟﺤﻈﺔ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﻓﯿﮫﺎ ﺳﺮﻗﺔ ﻗﺎﻋﺪة‪ .‬طﻮر أﺳﺎﻟﯿﺐ ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ وﻗﻮﻳﺔ وﻓﻌﺎﻟﺔ ﻟﻠﻌﺐ‪ .‬طﺮﻳﻘﺘﻪ‬
‫ﻟﺴﺮﻗﺔ اﻟﻘﻮاﻋﺪ ﺑﺪأت ﻓﻲ ﺗﺸﺘﯿﺖ اﻧﺘﺒﺎه ﻻﻋﺒﻲ ﻗﺬف اﻟﻜﺮة‪،‬‬
‫وﻓﻘﺪان ﻻﻋﺒﻲ اﻟﺘﻘﺎط اﻟﻜﺮة ﻟﺘﺮﻛﯿﺰھﻢ‪ ،‬وإﺛﺎرة ﺣﻤﺎس اﻟﺠﻤﺎھﯿﺮ‪ .‬واﺳﺘﻤﺮ "وﻳﻠﺰ" ﺣﺘﻰ ﺣﻄﻢ اﻟﺮﻗﻢ اﻟﻘﯿﺎﺳﻲ‬
‫اﻟﺬي ﻛﺎن "ﺗﺎي ﻛﻮب" ﻗﺪ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﯿﻪ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﺮات ﺳﺮﻗﺔ‬
‫ﻣﺎ‪ .‬ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﻮﺳﻢ‪ ،‬ﺗﻢ‬ ‫اﻟﻘﺎﻋﺪة‪ ،‬اﻟﺮﻗﻢ اﻟﻘﯿﺎﺳﻲ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ أﺣﺪ أن ﻳﺤﻄﻤﻪ ﻟﻤﺪة ﺳﺒﻌﺔ وأرﺑﻌﯿﻦ ﻋﺎ ً‬
‫اﺧﺘﯿﺎره ﻛﺄھﻢ ﻻﻋﺐ ﻓﻲ اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ ﻟﻼﻋﺒﻲ اﻟﺒﯿﺴﺒﻮل‪.‬‬

‫ﺣﺎﺻﻞ اﻟﺬﻛﺎء ﻟﻸﻟﻌﺎب اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ‬

‫ﻗﺪ ﺗﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺘﻐﻠﯿﻦ ﺑﻌﺎﻟَﻢ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ أن ﻳﺮوا اﻟﺼﻠﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺘﻤﺮﻳﻦ واﻟﺘﻄﻮر ‪ -‬وﺑﯿﻦ اﻟﻌﻘﻞ واﻷداء ‪-‬‬
‫وأن ﻋﻠﯿﮫﻢ أن ﻳﺘﻮﻗﻔﻮا ﻋﻦ اﻟﺘﻌﻮﻳﻞ ﻛﺜﯿًﺮا ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮة‬
‫اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪو أﻧﮫﻢ ﻻ ﻳﺮﻳﺪون اﻻﻗﺘﻨﺎع ﺑﺬﻟﻚ‪ .‬رﺑﻤﺎ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺘﺮح "ﻣﺎﻟﻜﻮم‬
‫ﺟﻼدوﻳﻞ"‪ ،‬أن اﻟﻨﺎس ﻳﺠﻠﻮن اﻟﻤﻠَﻜﺎت اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺪرة‬
‫اﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺔ‪ .‬ﻓﯿﺰﻋﻢ "ﻣﺎﻟﻜﻮم ﺟﻼدوﻳﻞ" أﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ اﻧﺘﺸﺮ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺠﮫﺪ اﻟﻔﺮدي وﺗﻨﻤﯿﺔ اﻟﺬات‪،‬‬
‫ﺷﻌﺮﻧﺎ ﺑﺘﺒﺠﯿﻞ اﻟﻘﺪرات اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ؛ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺤﺐ أن ﻧﺮى‬
‫أﺑﻄﺎﻟﻨﺎ وﻣﻦ ﻳﻤﺜﻠﻮن ﻟﻨﺎ اﻟﻘﺪوة ﻛﺄﺑﻄﺎل ﺧﺎرﻗﯿﻦ ﻗﺪ ُوﻟﺪوا ﻣﺨﺘﻠﻔﯿﻦ ﻋﱠﻨﺎ‪ ،‬ﻻ ﻧﺤﺐ أن ﻧﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫﻢ ﻛﺄﺷﺨﺎص‬
‫ﻋﺎدﻳﯿﻦ ﻧﺴﺒﯿًّﺎ وﺟﻌﻠﻮا ﻣﻦ أﻧﻔﺴﮫﻢ أﺷﺨﺎ ً‬
‫ﺻﺎ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﯿﯿﻦ‪.‬‬
‫ﻟﻢ ﻻ ﻧﺤﺐ ذﻟﻚ؟ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﺜﯿﺮ ﻟﻠﺪھﺸﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ‪.‬‬
‫وﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﻏﺐ اﻟﺨﺒﺮاء ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺪور اﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫﻢ ﻳﺴﺘﻤﺮون ﻓﻲ اﻹﺻﺮار ﻋﻠﻰ أن‬
‫اﻷﻣﺮ ﻛﻠﻪ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ‪.‬‬
‫اﻛﺘﺸﻔﺖ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺮأت ﻣﻘﺎًﻻ ﻋﻦ "ﻣﺎرﺷﺎل ﻓﻮك"‪ ،‬ﻻﻋﺐ ﺧﻂ اﻟﻈﮫﯿﺮ ﻓﻲ ﻓﺮﻳﻖ ﺳﺎﻧﺖ ﻟﻮﻳﺲ‬
 ‫راﻣﺲ ﻟﻜﺮة اﻟﻘﺪم‪ .‬ﻛﺎن "ﻓﻮك" أول ﻻﻋﺐ ﻳﻘﻄﻊ ﻣﺴﺎﻓﺔ‬
‫ﻣﺎ وﺗﻘﮫﻘًﺮا ﻓﻲ اﻟﻤﻠﻌﺐ ﺧﻼل أرﺑﻌﺔ ﻣﻮاﺳﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻟﻲ‪.‬‬ ‫‪ 1828.8‬ﻣﺘﺮ ھﺠﻮ ً‬
‫ﻛِﺘﺐ ﻋﺸﯿﺔ اﻟﻤﺒﺎراة اﻟﻨﮫﺎﺋﯿﺔ ﻟﺪوري ﻛﺮة اﻟﻘﺪم اﻷﻣﺮﻳﻜﯿﺔ ﻋﺎم ‪ ،2002‬ﻋﻦ ﻣﮫﺎرة‬ ‫ﺗﺤﺪث ھﺬا اﻟﻤﻘﺎل‪ ،‬اﻟﺬي ُ‬
‫"ﻓﻮك" اﻟﻤﺪھﺸﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻮﻗﻊ ﻛﻞ ﻻﻋﺐ ﻓﻲ اﻟﻤﻠﻌﺐ‪ ،‬ﺣﺘﻰ‬
‫وﺳﻂ ﻓﻮﺿﻰ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ اﻟﺪاﺋﺮة ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﺟﺮي وﺳﻘﻮط‪ .‬ﻻ ﻳﻌﺮف ﻓﻘﻂ ﻣﻮاﻗﻌﮫﻢ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﻌﺮف أﻳ ً‬
‫ﻀﺎ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻪ‪ ،‬وﻣﺎ‬
‫ﻘﺎ ﻟﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ زﻣﻼؤه‪ ،‬ﻓﮫﻮ ﻻ ﻳﺨﻄﺊ‬ ‫ﺳﻮف ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻪ‪ .‬ووﻓ ً‬
‫ﻣﻄﻠ ً‬
‫ﻘﺎ‪.‬‬
‫ھﺬا أﻣﺮ ﻣﺪھﺶ‪ .‬ﻛﯿﻒ ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ؟ ﻳﻘﻮل "ﻓﻮك"‪ ،‬إﻧﻪ ﻗﻀﻰ ﺳﻨﻮات طﻮاًﻻ ﻓﻲ ﻣﺸﺎھﺪة ﻛﺮة اﻟﻘﺪم‪ .‬ﻓﻲ أﺛﻨﺎء‬
‫دراﺳﺘﻪ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ‪ ،‬ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ وظﯿﻔﺔ ﺑﺎﺋﻊ ﻓﻲ ﻣﺪرﺟﺎت‬
‫اﻟﻤﻠﻌﺐ‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﻟﻮظﯿﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻜﺮھﮫﺎ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ ﻣﺸﺎھﺪة ﻣﺒﺎرﻳﺎت اﻟﻤﺤﺘﺮﻓﯿﻦ‪ .‬وﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻣﺸﺎھﺪﺗﻪ‪ ،‬ﻛﺎن‬
‫ﻤﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﺴﺎءل ﻟﻤﺎذا؟ ‪" :‬ﻟﻤﺎذا ﻧﻠﻌﺐ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺒﺎراة؟"‪" ،‬ﻟﻤﺎذا‬ ‫داﺋ ً‬
‫نــھﺎﺟﻢ ﺑﺘﻞـك اﻟﻄﺮﻳﻖـة؟"‪" ،‬ﻟﻢـاذا ﻧﻔﻊـل ذلـك؟"‪ .‬ﻳﻖـول "فـوك"‪" :‬هـذا اﻟﺲـؤال ﺟﻌﻠﻦـي أشـارك‬
‫ﻗﺎ"‪ .‬وﻋﻦـدﻣﺎ أصـﺑﺢ "فـوك" ﻣﺤﺖـر ً‬
‫ﻓﺎ‪ ،‬لـم‬ ‫فـي كـرة اﻟﻖـدم ﺑﻄﺮﻳﻖـة أﻛﺚـر ﺗﻌﻢـ ً‬
‫ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﺴﺆال "ﻟﻤﺎذا" واﻟﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ أﺳﺎﻟﯿﺐ اﻟﻠﻌﺐ ﺑﺸﻜﻞ أﻋﻤﻖ‪.‬‬
‫ﺮه وﺑﺤﺜﻪ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ‪.‬‬‫ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن "ﻓﻮك" ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺮى ﻣﮫﺎراﺗﻪ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻓﻀﻮﻟﻪ اﻟﺸ ِ‬
‫ﻛﯿﻒ ﻳﺮى اﻟﻼﻋﺒﻮن واﻟﻤﺪرﺑﻮن ذﻟﻚ؟ ﻳﺮوﻧﮫﺎ ﻣﻮھﺒﺔ‪ .‬ﻳﻘﻮل زﻣﯿﻞ ﻣﺘﻤﺮس لـ"ﻣﺎرﺷﺎل ﻓﻮك"‪"" :‬ﻣﺎرﺷﺎل" ﻟﺪﻳﻪ‬
‫أﻋﻠﻰ ﻧﺴﺒﺔ ذﻛﺎء ﻓﻲ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي ﻻﻋﺐ آﺧﺮ ﻓﻲ‬
‫ﺖ ﻣﻊــه"‪ .‬ﻳﺺــف زمــﻻؤه اﻵخــرون قــدرﺗﻪ ﻋﻞــى اﻛﺘﺶــاف صــﻓﻮف الــدﻓﺎع ﺑﻚــل‬ ‫اﻟﻒــرﻳﻖ ﻟَ ِ‬
‫ﻌْﺒ ُ‬
‫ذكــاء ﺑﺄنــھﺎ "ﻣﻮھﺐــة عــاﻟِﻢ"‪ .‬ﻳﺶــرح أحــد اﻟﻢــدرﺑﯿﻦ‪ ،‬ﻣﻨﺐــھًﺮا ﺑﻤﺠﻤﻮعــة مـھﺎرات‬
‫"ﻓﻮك"‪" :‬اﻷﻣﺮ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ ﻓﻄﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ ﻓﻌﻞ ﻛﻞ ذﻟﻚ"‪.‬‬

‫"اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ"‬
‫ألــﻳﺲ ﺑﻊــض اﻟﻼﻋﺐــﻳﻦ اﻟﺮﻳﺎضــﻳﯿﻦ ذوي ﻣﻮھﺐــة ﻓﻄﺮيــة ﻳﻤﺘﻠﻜﻮنــھﺎ ﻣﻦــذ الــوﻻدة؟ ﻧﻊــم‪،‬‬
‫وﻛﻢــا حــدث فــي ﺣﺎلــة "بــﻳﻠﻲ بــﻳﻦ" و"جــون مــاﻛﯿﻨﺮو" أﺣﻲــاﻧًﺎ ﺗﻚــون ﺗﻞــك اﻟﻤﻮھﺐـة‬
‫اﻟﻔﻄﺮيــة ﻛﺎﻟﻠﻌﻦــة‪ .‬مــع كــل اﻟﺜﻦــاء ﻋﻞــى ﻣﻮھﺒﺖــھﻢ وﻋﻞــى كــم اﻟﻤﺞــھﻮد اﻟﻘﻠﻲــل الــذي‬
‫ﻳﺤﺖــاﺟﺎن إلــى بــذﻟﻪ ﻟﺖــدرﻳﺐ ﻧﻔﺲــﻳﮫﻤﺎ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻦــھﻤﺎ ﺑﺲــھﻮﻟﺔ الــوﻗﻮع فـي بـراﺛﻦ اﻟﺘﻔﻚـﻳﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬ﻳﻘﻮل "ﺑﺮوس ﺟﯿﻨﺮ"‪ ،‬اﻟﺤﺎﺻﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﯿﺪاﻟﯿﺔ اﻟﺬھﺒﯿﺔ ﻓﻲ أوﻟﻤﺒﯿﺎد ﻋﺎم ‪ 1976‬ﻓﻲ ﻟﻌﺒﺔ‬
‫اﻟﻌﺸﺎري )أﻟﻌﺎب اﻟﻘﻮى(‪" :‬إن ﻟﻢ أﻛﻦ أﻋﺎﻧﻲ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءة‪،‬‬
‫رﺑﻤﺎ ﻟﻤﺎ ﻛﻨﺖ رﺑﺤﺖ اﻟﻤﺒﺎراة‪ .‬إذا ﻛﻨﺖ أﻗﺮأ ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ‪ ،‬رﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﯿﺤﺪث ذﻟﻚ ﺑﺴﮫﻮﻟﺔ‪ ،‬ﻛﺎن ﻟﻌﺐ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ‬
‫ﻣﺎ أن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺸﺎق‬ ‫ﺳﯿﺼﺒﺢ ﺳﮫًﻼ ‪ ...‬وﻟﻤﺎ ﻛﻨﺖ أدرﻛﺖ ﻳﻮ ً‬
‫ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة"‪.‬‬‫ھﻮ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﻀﻲ ﻗﺪ ً‬
‫أصــﺣﺎب اﻟﻢــواھﺐ اﻟﻔﻄﺮيــة‪ ،‬ﻣﺖــأﺛﺮون ﺑﺘﻢــﻳﺰھﻢ‪ ،‬ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻢــون كـﻳﻒ ﻳﻌﻤﻞـون ﺑﺞـد أو كـﻳﻒ‬
‫ﻳﺘﻐﻠﺐـون ﻋﻞـى اﻹﺧﻒـاﻗﺎت‪ .‬هـذا مـا حـدث مـع "ﺑﻲـدرو مـارﺗﯿﻨﯿﺰ"‪ ،‬قـاذف اﻟﻚـرة‬
‫اﻟﺒﺎرع اﻟﺬي ﻟﻌﺐ ﻓﯿﻤﺎ ﻣﻀﻰ ﻓﻲ ﻓﺮﻳﻖ ﺑﻮﺳﻄﻦ رﻳﺪ ﺳﻮﻛﺲ‪ ،‬واﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﺪﻣًﺮا ﻧﻔﺴﯿًّﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻔﺮﻳﻖ‬
‫ﻓﻲ أﻣﺲ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﯿﻪ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎن اﻷﻣﺮ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ ھﺬا‪ ،‬ﻛﺎن اﻷﻣﺮ‬
‫ﻳﺪور ﺣﻮل اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻔﯿﯿﻦ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﯿﻦ ﻣﻦ ﺻﺤﯿﻔﺘﻲ ذا ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ و ذا ﺑﻮﺳﻄﻦ ﺟﻠﻮب ﻛﺎﻧﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻦ رﺣﻠﺔ‬
‫طﯿﺮان ﻣﺘﺠﮫﺔ إﻟﻰ ﺑﻮﺳﻄﻦ‪ ،‬وﻛﺬﻟﻚ أﻧﺎ ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺣﻠﺔ‬
‫ﻧﻔﺲــھﺎ‪ .‬كــاﻧﻮا ﻣﺘﺞــھﯿﻦ إلــى اﻟﻤﺐــاراة اﻟﺜﺎﻟﺚــة فــي نــھﺎﺋﻲ الـدوري اﻷمـرﻳﻜﻲ عـام ‪ 2003‬بـﻳﻦ‬
‫فـرﻳﻘﻲ نـﻳﻮﻳﻮرك يـاﻧﻜﯿﺰ وﺑﻮسـطﻦ ريـد سـوﻛﺲ‪ .‬كـان اﻟﺺـﺣﻔﯿﻮن ﻳﺘﺢـدﺛﻮن حـول‬
‫اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ وأﺟﻤﻌﻮا ‪ -‬وواﻓﻖ ﺻﺤﻔﯿﻮ ﺻﺤﯿﻔﺔ ذا ﺑﻮﺳﻄﻦ ﺟﻠﻮب ﺑﺘﺮدد ‪ -‬ﻋﻠﻰ أن ﻓﺮﻳﻖ ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﻳﺎﻧﻜﯿﺰ ﻟﺪﻳﮫﻢ‬
‫ھﺬه اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻣﻦ ﺑﯿﻦ أﻣﻮر أﺧﺮى‪ ،‬ﺗﺬﻛﺮ اﻟﺼﺤﻔﯿﻮن ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﻣﻨﺬ ﺳﻨﺘﯿﻦ‪ .‬ﻓﻲ ﺷﮫﺮ أﻛﺘﻮﺑﺮ‬
‫‪ ،2001‬ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻋﺎﻧﻰ ﺳﻜﺎن ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﯿﻮﻳﻮرك أﺣﺪاث ‪11‬‬
‫ﻌﺎ ﻣﺤﻄﱠﻢــﻳﻦ‪ ،‬وﻛﻦــا ﺑﺤﺎجــة إلــى ﺑﺺــﻳﺺ مــن اﻷمــل‪ .‬أراد ســﻛﺎن اﻟﻢـدﻳﻨﺔ أن‬ ‫ســﺑﺘﻤﺒﺮ‪ ،‬ﻛﻦــا ﺟﻢــﻳ ً‬
‫ﻳﻨﺾـم فـرﻳﻖ نـﻳﻮﻳﻮرك يـاﻧﻜﯿﺰ إلـى كـأس اﻟﻊـاﻟﻢ فـي اﻟﺒﯿﺲـﺑﻮل‪ .‬ﻟﻚـن ﻻﻋﺐـي‬
‫ﻀﺎ ﻋﺎﻧﻮا أﺣﺪاث ‪ 11‬ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ‪ ،‬وﻛﺎﻧﻮا ﻣﺘﺄﻟﻤﯿﻦ وﻣﻨﮫﻜﯿﻦ‪ .‬ﻛﺎن ﻳﺒﺪو أن ﻟﯿﺲ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮن ﻓﻌﻠﻪ‪.‬‬ ‫اﻟﻔﺮﻳﻖ أﻳ ً‬
‫ﻻ أﻋﺮف ﻛﯿﻒ اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا ذﻟﻚ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻋﻤﻠﻮا ﺑﺠﺪ‬
‫وﻓﺎزوا ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻳﻖ ﺑﻌﺪ آﺧﺮ‪ ،‬وﻛﻞ ﻣﺒﺎراة ﻳﻔﻮزون ﺑﮫﺎ أﻋﺎدﺗﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﻌﺎدة روﻳًﺪا روﻳًﺪا‪ ،‬وﻣﻨﺤﺘﻨﺎ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﻞ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪ .‬ﻣﺪﻓﻮﻋﯿﻦ ﺑﺈﺣﺴﺎس ﺑﺤﺎﺟﺘﻨﺎ إﻟﯿﮫﻢ‪ ،‬ﻓﺎز‬
‫اﻟﻔﺮﻳﻖ ﺑﻠﻘﺐ ﺑﻄﻞ دوري ﻓﺮق ﻏﺮب اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة‪ ،‬ﺛﻢ ﻓﺎزوا ﺑﻠﻘﺐ ﺑﻄﻞ اﻟﺪوري اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ‪ ،‬ﺛﻢ وﺻﻞ‬
‫اﻟﻔﺮﻳﻖ إﻟﻰ ﺑﻄﻮﻟﺔ ﻛﺄس اﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﺣﯿﺚ ﻟﻌﺒﻮا ﺑﺸﺠﺎﻋﺔ وﺗﻤﻜﻨﻮا‬
‫ﻌﺎ ﻟﺨﺴﺎرﺗﻪ‪ .‬ﻟﻘﺪ ﻛﺒﺮت وأﻧﺎ‬‫ﻣﻦ اﻧﺘﺰاع اﻟﻠﻘﺐ‪ .‬ﻳﻜﺮه اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻓﺮﻳﻖ ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﻳﺎﻧﻜﯿﺰ؛ إﻧﻪ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﻧﻔﺮح ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﻀﺎ أﻛﺮه ﻓﺮﻳﻖ ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﻳﺎﻧﻜﯿﺰ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ‬ ‫أﻳ ً‬
 ‫أﺣﺒﺒﺘﻪ‪ .‬ھﺬا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻘﺼﺪه اﻟﺼﺤﻔﯿﻮن ﺑﻜﻠﻤﺔ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎل اﻟﺼﺤﻔﯿﻮن إﻧﮫﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮوﻧﮫﺎ‪ ،‬إﻧﮫﺎ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﻘﯿﺐ واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻮاطﻦ اﻟﻘﻮة‬
‫ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﯿﺮ اﻷﻣﻮر ﺿﺪك‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ‪ ،‬أوﺿﺢ "ﺑﯿﺪرو ﻣﺎرﺗﯿﻨﯿﺰ"‪ ،‬ﻗﺎذف اﻟﻜﺮة اﻟﻤﺘﺄﻟﻖ‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻣﺪﻟًﻼ ﺑﺈﻓﺮاط ‪ -‬ﻣﺎ ﺗﻌﻨﯿﻪ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ‪،‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻮﺿﯿﺢ ﻋﻜﺴﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ھﻨﺎك ﻓﺮﻳﻖ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﻔﻮز ﺑﺒﻄﻮﻟﺔ اﻟﺪوري اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﺜﻞ ﻓﺮﻳﻖ ﺑﻮﺳﻄﻦ رﻳﺪ ﺳﻮﻛﺲ؛ ﻓﮫﻮ ﻟﻢ ﻳﺮﺑﺢ‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬أي ﻣﻨﺬ واﻗﻌﺔ‬ ‫ﻛﺄس اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻨﺬ ﺧﻤﺴﺔ وﺛﻤﺎﻧﯿﻦ ﻋﺎ ً‬
‫"ﺑﯿﺐ روث" ﺣﯿﻨﻤﺎ ﺑﺎﻋﻪ ﻣﺎﻟﻚ ﻓﺮﻳﻖ رﻳﺪ ﺳﻮﻛﺲ "ھﺎري ﻓﺮازي" إﻟﻰ ﻓﺮﻳﻖ ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﻳﺎﻧﻜﯿﺰ ﺣﺘﻰ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺿﺎ ﺑﻤﺴﺮح ﺑﺮودواي‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻷﻣﺮ‬ ‫ﻮّل اﺳﺘﻌﺮا ً‬ ‫ﻧﻘﻮد ﻟﯿﻤ ِ‬
‫ﺳﯿًﺌﺎ ﻓﻘﻂ ﺑﺴﺒﺐ ﺑﯿﻌﻪ أﻓﻀﻞ ﻗﺎذف ﺑﯿﺴﺒﻮل أﻋﺴﺮ )ﺣﯿﺚ ﻛﺎن "ﺑﯿﺐ روث" ھﻜﺬا ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ(‪ ،‬ﺑﻞ‬
‫ﻷﻧﻪ ﺑﺎﻋﻪ ﻟﻠﻔﺮﻳﻖ اﻟﺨﺼﻢ‪.‬‬
‫ﻣﻀﻰ ﻓﺮﻳﻖ ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﻳﺎﻧﻜﯿﺰ ﻧﺤﻮ اﻻﺳﺘﺤﻮاذ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻓﺮق اﻟﺒﯿﺴﺒﻮل؛ ﻟﯿﻔﻮز ﺑﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﺒﺎرﻳﺎت‪ ،‬ﻛﺄﻧﮫﺎ ﻏﯿﺮ‬
‫ﻣﺘﻨﺎھﯿﺔ‪ ،‬ﻣﻦ ﺑﻄﻮﻟﺔ ﻛﺄس اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ .‬وﺑﯿﻨﻤﺎ ﺗﻤﻜﻦ ﻓﺮﻳﻖ‬
‫ﻤﺎ ﻳﺨﺴﺮ‪،‬‬ ‫ﺑﻮﺳﻄﻦ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل أرﺑﻊ ﻣﺮات إﻟﻰ اﻟﻠﻌﺐ ﻓﻲ ﻛﺄس اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت اﻟﻨﮫﺎﺋﯿﺔ ﻛﺎن داﺋ ً‬
‫ﺑﻞ ﻛﺎن ﻳﺨﺴﺮ ﺑﺄﺳﻮأ طﺮﻳﻘﺔ ﻣﻤﻜﻨﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﻘﺘﺮب‬
‫ﺑﻊــد ﻣﻊــاﻧﺎة مــن إحــراز اﻻﻧﺘﺺــار ثــم ﻳﻦــھﺎر‪ .‬أخــﻳًﺮا‪ ،‬ســﻧﺤﺖ لــھﻢ ﻓﺮصــة أخــرى ﻟﻤﻮاجــھﺔ‬
‫ﻟﻌﻦــة اﻟﺨﺲــارة واﻟﺘﻐﻞــب ﻋﻞــى ﺧﺺــﻣﮫﻢ اﻟﺮﺋﯿﺲــي‪ .‬إذا فــازوا‪ ،‬ﻓﺲـﻳﺘﻤﻜﻨﻮن مـن‬
‫اﻻﻧﻀﻤﺎم ﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﻛﺄس اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻟﻦ ﻳﻨﻀﻢ إﻟﯿﮫﺎ ﻓﺮﻳﻖ ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﻳﺎﻧﻜﯿﺰ‪ .‬ﻛﺎن "ﺑﯿﺪرو ﻣﺎرﺗﯿﻨﯿﺰ" ھﻮ أﻣﻠﮫﻢ ﻧﺤﻮ‬
‫ﺗﺤﻘﯿﻖ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ھﺬا اﻟﻤﻮﺳﻢ‪ ،‬ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ زﻳﺎدة‬
‫اﻟﻠﻌﻨﺔ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻟﻌﺒﻪ ﻣﺒﺎراة راﺋﻌﺔ‪ ،‬ﻓﻘَﺪ "ﻣﺎرﺗﯿﻨﯿﺰ" ﺻﺪارﺗﻪ وﺗﺮاﺟﻊ‪ .‬ﻣﺎذا ﻓﻌﻞ ﺣﯿﺎل ذﻟﻚ؟ ﺿﺮب َﻻﻋﺐ اﻟﻜﺮة )ﻛﺮﻳﻢ‬
‫ﺟﺎرﺳﯿﺎ(‪ ،‬وھﺪد ﺑﻀﺮب آﺧﺮ )ﺟﻮرج ﺑﻮﺳﺎدا(‪ ،‬وطﺮح‬
‫ﻣﺎ )"دون زﻳﻤﺮ" ﻣﺪرب ﻓﺮﻳﻖ ﻳﺎﻧﻜﯿﺰ(‪.‬‬ ‫ﺿﺎ رﺟًﻼ ﻳﻨﺎھﺰ ﻋﻤﺮه اﺛﻨﯿﻦ وﺳﺒﻌﯿﻦ ﻋﺎ ً‬ ‫أر ً‬
‫ﻌﺎ أﻧﻨﺎ ﺳﻨﺸﺎھﺪ "ﺑﯿﺪرو" ﻳﻮاﺟﻪ "روﺟﺮ‬ ‫ﻛﻤﺎ ﻛﺘﺐ "ﺟﺎك ﻛﯿﺮي" اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﺼﺤﯿﻔﺔ ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ‪" :‬ﻛﻨﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﻛﻠﯿﻤﻨﺲ" )ﻗﺎذف اﻟﻜﺮة ﻓﻲ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﻤﻨﺎﻓﺲ( ﻓﻲ ﻣﺒﺎراة‬
‫ﻣﺴﺎﺋﯿﺔ ﺑﺎرزة ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺰه ﻓﯿﻨﻮاي ‪ ....‬ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻊ أﺣﺪ أن ﻧﺸﺎھﺪ "ﺑﯿﺪرو" ﺿﺪ "ﺟﺎرﺳﯿﺎ"‪ ،‬و"ﺑﯿﺪرو" ﺿﺪ‬
‫"ﺑﻮﺳﺎدا"‪ ،‬و"ﺑﯿﺪرو" ﺿﺪ "زﻳﻤﺮ"‪.‬‬
‫ﺣﺘﻰ ﺻﺤﻔﯿﻮ ﺑﻮﺳﻄﻦ ﺟﻠﻮب ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺬھﻮﻟﯿﻦ‪ .‬ﺗﺴﺎءل "دان ﺷﻮﻧﯿﺴﻲ"‪ ،‬اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﺼﺤﯿﻔﺔ ﺑﻮﺳﻄﻦ ﺟﻠﻮب ‪:‬‬
‫"أﻳﮫﻤﺎ ﺗﺨﺘﺎرون‪ ،‬ﻳﺎ ﻣﺸﺠﻌﻲ ﻓﺮﻳﻖ رﻳﺪ ﺳﻮﻛﺲ؟ "روﺟﺮ‬
‫ﻛﻠﯿﻤﻨﺲ"‪ ،‬اﻟﺬي ﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ اﺗﺰاﻧﻪ وﺗﺼﺮف ﻛﺎﻟﻤﺤﺘﺮﻓﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﺒﺎراة ﻟﯿﻠﺔ اﻟﺴﺒﺖ‪ ،‬اﻟﺬي ﻓﺎز ﺑﻤﺒﺎراة ﻟﻔﺮﻳﻘﻪ‬
‫ﺑﺮﻏﻢ ﻏﻀﺒﻪ اﻟﻮاﺿﺢ؟ أم "ﻣﺎرﺗﯿﻨﯿﺰ" اﻟﺬي ﺗﺼﺮف ﻛﺎﻟﻄﻔﻞ‬
‫وضــرب رجــًﻻ ﺑﻊــد أن أﻓﻖــد ﻓﺮﻳﻖــه صــدارة اﻟﻤﺐــاراة‪ ،‬ثــم أشــار إلــى رأســه وإلــى "جــورج‬
‫دا إيــاه "أنــت اﻟﺖــاﻟﻲ؟" ‪ ...‬ﻻ يـود‬ ‫ﺑﻮســادا" ﻻعــب اﻟﺘﻖــاط اﻟﻚــرة ﺑﻒــرﻳﻖ يــاﻧﻜﯿﺰ‪ ،‬مــھﺪ ً‬
‫ﺟﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وأﻣًﺮا ﻣﺨﺰﻳًﺎ‬
‫ﻣﺸﺠﻌﻮ ﻓﺮﻳﻖ رﻳﺪ ﺳﻮﻛﺲ أن ﻳﺴﻤﻌﻮا ھﺬا اﻟﻜﻼم‪ ،‬إﻻ أن ﺗﺼﺮف "ﻣﺎرﺗﯿﻨﯿﺰ" ﻛﺎن ﻣﺤﺮ ً‬
‫ﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﺒﯿﺴﺒﻮل‪ .‬إﻧﻪ ﻳﻨﺠﻮ ﺑﻔﻌﻠﺘﻪ ﻷﻧﻪ "ﺑﯿﺪرو"‪ ،‬وإدارة‬
‫ﻓﺮﻳﻖ رﻳﺪ ﺳﻮﻛﺲ ھﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜِّﻨﻪ ﻣﻦ ھﺬا‪ .‬ھﻞ ﺳﯿﺘﻤﻜﻦ "ﻣﺎرﺗﯿﻨﯿﺰ" ﻣﻦ اﻟﻨﮫﻮض ﻣﺮة أﺧﺮى واﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺄﻧﻪ‬
‫أﺧﻄﺄ؟"‪.‬‬
‫ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺤﺎل ﻣﻊ "ﺑﯿﻠﻲ ﺑﯿﻦ"‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ "ﺑﯿﺪرو ﻣﺎرﺗﯿﻨﯿﺰ" ﻳﻌﺮف ﻛﯿﻒ ﻳﺘﺤﻤﻞ اﻹﺣﺒﺎط‪ ،‬أو ﻛﯿﻒ ﻳﺒﺤﺚ ﻓﻲ‬
‫أﻋﻤﺎق ذاﺗﻪ وﻳﺤﻮل اﻹﺧﻔﺎق اﻟﺠﺴﯿﻢ إﻟﻰ ﻓﻮز ﻋﻈﯿﻢ‪ .‬ﻛﻤﺎ‬
‫ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ‪ ،‬ﻣﺜﻞ "ﺑﯿﻠﻲ ﺑﯿﻦ"‪ ،‬اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺄﺧﻄﺎﺋﻪ واﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﮫﺎ‪ .‬وﻷﻧﻪ دﺧﻞ ﻓﻲ ﻧﻮﺑﺔ ﻏﻀﺐ ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ اﻟﻘﯿﺎم‬
‫ﺑﻤﮫﻤﺘﻪ؛ ﻓﺎز ﻓﺮﻳﻖ ﻳﺎﻧﻜﯿﺰ ﺑﺎﻟﻤﺒﺎراة وﻣﻀﻰ ﻓﻲ طﺮﻳﻘﻪ ﻧﺤﻮ‬
‫اﻟﻔﻮز ﻓﻲ اﻟﻤﺒﺎراة اﻟﻨﮫﺎﺋﯿﺔ‪.‬‬
‫اﺗﻔﻖ اﻟﺼﺤﻔﯿﻮن اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﻮن اﻟﻤﺴﺘﻘﻠﻮن ﻟﻠﻄﺎﺋﺮة ﻋﻠﻰ أن اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ ھﻲ أھﻢ ﺷﻲء‪ .‬إﻻ أﻧﮫﻢ أﻗﱡﺮوا ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻻ‬
‫ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻣﺼﺪرھﺎ‪ ،‬ﺑﺮﻏﻢ أﻧﻲ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻨﺎ ﺑﺪأﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ‬
‫ﻓﻜﺮة أن اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ ﻣﺼﺪرھﺎ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‪.‬‬
‫طﻮن ﻓﻲ ﻓﻜﺮة ﻣﻮھﺒﺘﮫﻢ وﺗﻤﯿﺰھﻢ اﻟﺨﺎص؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﻮء‬ ‫ﻧﻌﺮف اﻵن أن إﺣﺪى اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻳﺘﻮﱠر ُ‬
‫اﻷﻣﻮر‪ ،‬ﻳﻔﻘﺪون ﺗﺮﻛﯿﺰھﻢ وﻗﺪرﺗﮫﻢ‪ ،‬ﻣﺨﺎطﺮﻳﻦ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ‬
‫ﻳﺮﻳﺪوﻧﻪ ‪ -‬وﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪه اﻟﻔﺮﻳﻖ واﻟﻤﺸﺠﻌﻮن ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ أﻳ ً‬
‫ﻀﺎ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻧﻌﻠﻢ أن ھﻨﺎك اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪ اﻟﻨﺎس ﺟﯿًﺪا ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺟﮫﺔ اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت‪ ،‬وﺗﻮﺟﮫﮫﻢ ﻧﺤﻮ ﺗﻨﻔﯿﺬ‬
‫إﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت ﺟﯿﺪة‪ ،‬وﺗﻘﻮدھﻢ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺼﻠﺤﺘﮫﻢ‬
‫اﻟﻘﺼﻮى‪.‬‬
‫ﻪ اﻟﻘﺼﺔ ﺑﻌﺪ‪ .‬ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﻋﺎم‪ ،‬ﻟﻌﺐ ﻓﺮﻳﻖ ﺑﻮﺳﻄﻦ رﻳﺪ ﺳﻮﻛﺲ ﻣﺮة أﺧﺮى ﺿﺪ ﻓﺮﻳﻖ ﻧﯿﻮﻳﻮرك‬ ‫اﻧﺘﻈﺮوا‪ ،‬ﻟﻢ ﺗَْﻨَﺘ ِ‬
‫ﻳﺎﻧﻜﯿﺰ‪ .‬اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﻳﻔﻮز ﺑﺄرﺑﻊ ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﻣﻦ أﺻﻞ ﺳﺒﻊ‬
‫ﺳﯿﻜﻮن ﺑﻄﻞ اﻟﺪوري اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ وﺳﯿﻨﻀﻢ ﻟﺒﻄﻮﻟﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ .‬ﻓﺎز ﻓﺮﻳﻖ ﻳﺎﻧﻜﯿﺰ أول ﺛﻼث ﻣﺒﺎرﻳﺎت‪ ،‬وﺑﺪا أن ﻓﺮﻳﻖ‬
 ‫ﺑﻮﺳﻄﻦ ﻗﺪ ﻓﻘﺪ ﺣﻈﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى‪.‬‬
‫دﻟﻮا أحــد اﻟﻼﻋﺐــﻳﻦ‪ ،‬وﻋﺮضــوا آخــر‬
‫ذر فــرﻳﻖ ﺑﻮســطﻦ ﻧﺠﻮمــه‪ .‬بــ ﱠ‬ ‫ﻟﻚــــن فــــي هــذا اﻟﻊــام‪ ،‬حــ ﱠ‬
‫ﻟﻠﺘﺐــادل مــع فــرﻳﻖ آخــر )ﻓﻞــم يــرده أحــد(‪ ،‬وأﺧﺐــروھﻢ أن‪ :‬هــذا فــرﻳﻖ‪ ،‬ولــﻳﺲ‬
‫ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻮم‪ .‬ﻧﺤﻦ ﻧﻌﻤﻞ ﺑﺠﺪ ﻣﻦ أﺟﻠﻨﺎ ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﻌﺎ‪.‬‬
‫ﺑﻊــد أربــع ﻣﺐــارﻳﺎت‪ ،‬فــاز فــرﻳﻖ ﺑﻮســطﻦ ريــد ســوﻛﺲ ﺑﻠﻖــب ﺑﻂــل الــدوري اﻷمــرﻳﻜﻲ‪،‬‬
‫ثــم فــاز ﺑﻠﻖـب ﺑﻂـل اﻟﻊـاﻟﻢ‪ .‬كـاﻧﺖ اﻟﻢـرة اﻷولـى اﻟﺖـي ﻳﻒـوز ﻓﻲـھﺎ فـرﻳﻖ ﺑﻮسـطﻦ ريـد‬
‫ﺳﻮﻛﺲ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻳﻖ ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﻳﺎﻧﻜﯿﺰ ﻣﻨﺬ ‪ 1904‬ﻓﻲ ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﻧﺼﻒ ﻧﮫﺎﺋﯿﺔ‪ ،‬اﻷﻣﺮ اﻟﺬي أظﮫﺮ ﺷﯿﺌﯿﻦ‪ :‬اﻷول‪ :‬أن‬
‫اﻟﻠﻌﻨﺔ اﻧﺘﮫﺖ‪ .‬واﻟﺜﺎﻧﻲ‪ :‬أن اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﻠﻤﮫﺎ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺰﻳﺪ ﺣﻮل اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ‬

‫ﻟﻨﺐــدأ ﻋﻦــد "بــﻳﺖ ســاﻣﺒﺮاس" وﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو‪ .‬عــام ‪ ،2000‬كــان ﻳﻠﻊــب "ســاﻣﺒﺮاس" فــي‬
‫ﺑﻄﻮلــة وﻳﻤﺒﻞــدون ﻟﻠﺘﻦــس‪ ،‬ﻣﺢــاوًﻻ اﻟﻒـوز ﻟﻠﻢـرة اﻟﺜﺎﻟﺚـة ﻋﺶـرة فـي أﻛﺐـر ﺑﻂـوﻻت‬
‫اﻟﺘﻦــس‪ .‬إذا فــاز بــھﺬه اﻟﺒﻄﻮلــة‪ ،‬ســﻳﺤﻄﻢ الــرﻗﻢ اﻟﻘﯿﺎســي الــذي أحــرزه "روي إﻳﻤﺮســون"‬
‫ﻟﻠﻒــوز اﺛﻨﺖــي ﻋﺶــرة مــرة فــي أﻛﺐــر اﻟﺒﻂــوﻻت‪ .‬بـرﻏﻢ أن "سـاﻣﺒﺮاس" ﺗﻤﻚـن مـن‬
‫اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻨﮫﺎﺋﯿﺎت‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﻠﻌﺐ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﺠﯿﺪ ﻓﻲ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺘﻔﺎﺋًﻼ ﺑﻔﺮص ﻓﻮزه أﻣﺎم ﻻﻋﺐ اﻟﺘﻨﺲ‬
‫اﻟﺸﺎب اﻟﻘﻮي "ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ راﻓﺘﺮ"‪.‬‬
‫ﺧﺲــر "ســاﻣﺒﺮاس" اﻟﻤﺠﻤﻮعــة اﻷولــى فــي اﻟﻤﺐــاراة‪ ،‬وكـان ﻋﻞـى وشـك ﺧﺲـارة اﻟﻤﺠﻤﻮعـة‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻲـة‪ .‬كـان ﺧﺎسـًرا فـي الـوﻗﺖ اﻹضـاﻓﻲ ﻟﻠﻤﺠﻤﻮعـة بــ‪ .1-4‬ﺣﺖـى أنـه قـال‪" :‬شـﻋﺮت‬
‫ي"‪ .‬ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﻔﻌﻠﻪ "ﻣﺎﻛﻨﺮو"؟ وﻣﺎ اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﻔﻌﻠﻪ "ﺑﯿﺪرو ﻣﺎرﺗﯿﻨﯿﺰ"؟‪ ،‬وﻣﺎ‬ ‫ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ أن اﻷﻣﻮر ﺗﻔﻠﺖ ﻣﻦ ﻳﺪ ﱠ‬
‫اﻟﺬي ﻓﻌﻠﻪ "ﺳﺎﻣﺒﺮاس"؟‬
‫ﻛﻤﺎ أوﺿﺢ اﻷﻣﺮ "وﻳﻠﯿﺎم رودن" ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬ﺑﺤﺚ ﻋﻦ إطﺎر ﻣﺮﺟﻌﻲ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺴﺎﻋﺪه"‪ .‬ﻳﻘﻮل "ﺳﺎﻣﺒﺮاس"‪" :‬ﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫ﺗﺒﺤﺚ ﺷﺄن اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﺗﻔﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺧﺴﺮت ﻓﯿﮫﺎ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷوﻟﻰ‪...‬ﺛﻢ ﻋﺪت ورﺑﺤﺖ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﺜﻼث اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪ .‬ھﻨﺎك وﻗﺖ ﺗﺘﺄﻣﻞ ﺧﺒﺮاﺗﻚ‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ؛ ﻟﺘﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﺠﺎوز ھﺬا اﻷﻣﺮ"‪.‬‬
‫ﻓﺠﺄة‪ ،‬أﺣﺮز "ﺳﺎﻣﺒﺮاس" ﺧﻤﺲ ﻧﻘﺎط‪ .‬ﺛﻢ ﻧﻘﻄﺘﯿﻦ أﺧﺮﻳﯿﻦ؛ ﻓﻔﺎز ﺑﺎﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ وﻋﺎدت إﻟﯿﻪ اﻟﺤﯿﺎة‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮل "رودن"‪" :‬اﻟﻠﯿﻠﺔ اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ‪ ،‬أظﮫﺮ "ﺳﺎﻣﺒﺮاس" ﻛﻞ إﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﺒﻄﻞ‪ :‬اﻟﺨﺴﺎرة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷوﻟﻰ‪،‬‬
‫اﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻦ اﻟﮫﺰﻳﻤﺔ‪ ،‬ﺛﻢ اﻟﻌﻮدة واﻻﻧﺘﺼﺎر اﻟﺤﺎﺳﻢ"‪.‬‬
‫ﺳﺎﻋﺪت "ﺟﺎﻛﻲ ﺟﻮﻳﻨﺮ‪-‬ﻛﯿﺮﺳﻲ" ﻧﻔﺴﮫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﺑﺔ رﺑﻮ ھﺎﺟﻤﺘﮫﺎ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻟﻌﺒﮫﺎ ﻓﻲ آﺧﺮ ﺑﻄﻮﻟﺔ‬
‫ﻋﺎﻟﻤﯿﺔ ﻟﮫﺎ‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ "ﺟﺎﻛﻲ" ﻓﻲ ﺳﺒﺎق الـ‪ 800‬ﻣﺘﺮ‪ ،‬وھﻲ اﻟﻠﻌﺒﺔ‬
‫ﺟﮫﺖ ﻧﻔﺴﮫﺎ ﻗﺎﺋﻠﺔ‪" :‬ﻓﻘﻂ اﺳﺘﻤﺮي ﻓﻲ‬ ‫اﻷﺧﯿﺮة ﻓﻲ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺴﺒﺎﻋﯿﺔ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﻌﺮت ﺑﺎﻟﻨﻮﺑﺔ ﺗﮫﺎﺟﻤﮫﺎ‪ .‬و ﱠ‬
‫ﻚ‪ .‬اﻷﻣﺮ ﻟﯿﺲ ﺑﮫﺬا اﻟﺴﻮء‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘﻤﺮي‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬ ‫ﺗﺤﺮﻳﻚ ذراﻋﯿ ِ‬
‫اﻟﻔﻮز‪ ،‬ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻧﻮﺑﺔ ﻗﻮﻳﺔ؛ ﺗﺘﻨﻔﺴﯿﻦ ﻗﺪًرا ﻛﺎﻓﯿًﺎ ﻣﻦ اﻟﮫﻮاء‪ .‬ﻟﻘﺪ ﻓﺰت ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﮫﺬا اﻷﻣﺮ‪ ....‬ﻓﻘﻂ ارﻛﻀﻲ ﺑﺄﻗﻮى‬
‫ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻓﻲ ھﺬه الـ ‪ 200‬ﻣﺘﺮ اﻷﺧﯿﺮة ﻳﺎ ﺟﺎﻛﻲ"‪ .‬ﻟﻘﺪ‬
‫ســاﻋﺪت ﻧﻔﺲــھﺎ طــوال الــوﻗﺖ ﺣﺖــى ﺗﺤﻖــﻳﻖ اﻻﻧﺘﺺـار‪ .‬قـاﻟﺖ "جـاﻛﻲ"‪" :‬ﻳﺞـب أن أقـول إن هـذا‬
‫هـو أﻋﻆـم اﻧﺘﺺـاراﺗﻲ‪ ،‬ﻧﻆـًرا ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﺲـة ومـا مـررت بـه مـن ﺗﺞـارب ﺟﻲـدة‬
‫ﻲ أن أﻋﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﯿﻘﻪ"‪.‬‬ ‫ﻘﺎ‪ ،‬ﻋﻠ ﱠ‬‫وﺳﯿﺌﺔ‪ ...‬إذا أردت ھﺬا ﺣ ًّ‬
‫ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻟﻌﺒﮫﺎ ﻓﻲ آﺧﺮ ﺑﻄﻮﻟﺔ أوﻟﯿﻤﺒﯿﺔ ﻟﮫﺎ‪ ،‬ﺣﺪث اﻷﻣﺮ اﻟﻤﻔﺠﻊ؛ إﺻﺎﺑﺔ ﺧﻄﯿﺮة ﻓﻲ أوﺗﺎر اﻟﺮﻛﺒﺔ أﺟﺒﺮﺗﮫﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻻﻧﺴﺤﺎب ﻣﻦ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺴﺒﺎﻋﯿﺔ‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﻄﻤﺔ‪ ،‬ﻟﻢ ﺗﻌﺪ‬
‫ﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﻮﺛﺐ اﻟﻄﻮﻳﻞ ﺑﻌﺪ أﻳﺎم ﻗﻠﯿﻠﺔ؟ أول ﺧﻤﺲ وﺛﺒﺎت ﻧﻔﺖ‬ ‫ﻤﺎ ﻗﻮﻳًّﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ھﻞ ﺳﺘﻜﻮن ﺧﺼ ً‬ ‫ﺧﺼ ً‬
‫ذﻟﻚ‪ .‬ﻟﻢ ﺗﺼﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺛﺒﺎت إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى إﺣﺮاز ﻣﯿﺪاﻟﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻜﻦ اﻟﻮﺛﺒﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﻣﻜﻨﺘﮫﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻮز ﺑﺎﻟﻤﯿﺪاﻟﯿﺔ اﻟﺒﺮوﻧﺰﻳﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺖ أھﻢ ﻣﻦ ﻣﯿﺪاﻟﯿﺎﺗﮫﺎ اﻟﺬھﺒﯿﺔ اﻷﺧﺮى‪ .‬ﻗﺎﻟﺖ‬
‫"ﺟﺎﻛﻲ" ﻋﻦ ھﺬا‪" :‬اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺛﺒﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﺟﺎءت‬
‫ﻣﻦ أﺣﺰاﻧﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪة ﻋﺒﺮ اﻟﺴﻨﯿﻦ‪...‬ﺟﻤﻌﺖ ﻛﻞ أﺣﺰاﻧﻲ وﺣﻮﻟﺘﮫﺎ إﻟﻰ ﻋﻤﻞ واﺣﺪ ﻋﻈﯿﻢ"‪.‬‬
‫ﻗﺪﻣﺖ "ﺟﺎﻛﻲ ﺟﻮﻳﻨﺮ‪-‬ﺟﯿﺮﺳﻲ"‪ ،‬ھﻲ اﻷﺧﺮى‪ ،‬ﺻﻔﺎت اﻟﺒﻄﻞ‪ :‬اﻟﺨﺴﺎرة‪ ،‬اﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻦ اﻟﮫﺰﻳﻤﺔ‪ ،‬ﺛﻢ اﻟﻌﻮدة‬
‫واﻻﻧﺘﺼﺎر اﻟﺤﺎﺳﻢ‪.‬‬

‫ﺷﺨﺼﯿﺔ اﻟﺒﻄﻞ‪ ،‬وﺟﺴﺎرﺗﻪ‪ ،‬وﻋﺰﻳﻤﺘﻪ‪ ،‬وﻋﻘﻠﻪ‬

‫إﻧﮫﺎ ﻛﻠﻤﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﺷﻲء واﺣﺪ‪ .‬إﻧﻪ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻠﻚ ﺗﺘﺪرب‪ ،‬إﻧﻪ ﻳﺘﯿﺢ ﻟﻚ اﻟﺘﻨﻘﯿﺐ ﺑﺪاﺧﻠﻚ‬
‫واﺳﺘﺨﺮاﺟﮫﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻓﻲ أﻣﺲ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﯿﮫﺎ‪.‬‬
‫ﺴْﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮام وﺗﺴﺒﺒﺖ ﻓﻲ ﺧﺴﺎرﺗﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ‬ ‫ھﻞ ﺗﺬﻛﺮ ﻛﯿﻒ أﺧﺒﺮﻧﺎ "ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو" ﻋﻦ ﻛﻞ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗَ ِ‬
‫ﻣﺒﺎراة ﺧﺴﺮھﺎ؟ ﻓﯿﻘﻮل ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﻤﺮات إن ﺳﺒﺐ ﺧﺴﺎرﺗﻪ ھﻮ‬
‫اﻟﺠﻮ اﻟﺒﺎرد‪ ،‬وﻣﺮة أﺧﺮى اﻟﺴﺒﺐ أن اﻟﺠﻮ ﺣﺎر‪ ،‬وإﺣﺪى اﻟﻤﺮات ﻛﺎن ﺳﺒﺐ ﺧﺴﺎرﺗﻪ أﻧﻪ ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﻐﯿﺮة‪ ،‬وﻣﺮات‬
‫ﺷﺎ‪.‬‬
‫أﺧﺮى ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﻀﯿﻖ‪ ،‬وﻣﺮات ﻋﺪﻳﺪة ﻛﺎن اﻧﺘﺒﺎھﻪ ﻣﺸﻮ ً‬
‫إن ﻣﺎ ﻳﻤﯿﺰ اﻟﺒﻄﻞ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﺧﺒﺮﺗﻨﺎ "ﺑﯿﻠﻲ ﺟﯿﻦ ﻛﯿﻨﺞ"‪ ،‬ھﻮ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮز ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻷﻣﻮر ﻟﯿﺴﺖ ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ‬
 ‫‪ -‬أي ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﻠﻌﺐ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﯿﺪ وﻣﺸﺎﻋﺮه ﻟﯿﺴﺖ‬
‫ﺑﺄﻓﻀﻞ ﺣﺎل‪ .‬ھﻜﺬا ﺗﻌﻠﻤﺖ ﻣﻌﻨﻰ أن ﺗﻜﻮن ﺑﻄﻠﺔ‪.‬‬
‫ﻘﺎ "ﻣﺎرﺟﺮﻳﺖ ﺳﻤﯿﺚ‬ ‫ﻛﺎﻧﺖ "ﻛﯿﻨﺞ" ﻓﻲ ﺳﺘﺎد ﻓﻮرﺳﺖ ھﯿﻠﺰ ﺗﻠﻌﺐ أﻣﺎم "ﻣﺎرﺟﺮﻳﺖ ﺳﻤﯿﺚ" )اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﻻﺣ ً‬
‫ﻛﻮرت"( اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ أوج ﺗﺄﻟﻘﮫﺎ‪ .‬ﻟﻌﺒﺖ "ﻛﯿﻨﺞ" أﻣﺎﻣﮫﺎ أﻛﺜﺮ‬
‫ﻣﻦ اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة ﻣﺮة وﻟﻢ ﺗﮫﺰﻣﮫﺎ ﺳﻮى ﻣﺮة واﺣﺪة‪ .‬ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺎراة‪ ،‬ﻟﻌﺒﺖ "ﻛﯿﻨﺞ" ﺑﺸﻜﻞ‬
‫ﻣﺎ ﺟﯿًﺪا‪ .‬ﻓﺠﺄة‬ ‫راﺋﻊ‪ ،‬ﻟﻢ ﺗﺨﻄﺊ ﺗﺼﻮﻳﺐ اﻟﻜﺮة وأﺣﺮزت ﺗﻘﺪ ً‬
‫اﻧﺘﮫﺖ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ‪ ،‬وﻓﺎزت ﺑﮫﺎ "ﺳﻤﯿﺚ"‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻗﻮﻳًّﺎ وﻋﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮز ﺑﺎﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ‪ .‬وﻗﺒﻞ أن ﺗﺪرك‬ ‫ﻓﻲ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬أﺣﺮزت "ﻛﯿﻨﺞ" ﻣﺮة أﺧﺮى ﺗﻘﺪ ً‬
‫ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﺎزت "ﺳﻤﯿﺚ" ﺑﺎﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ وﺑﺎﻟﻤﺒﺎراة‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻗﻮﻳًّﺎ ﻛﮫﺬا ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﻲ أي ﻣﺒﺎراة ﻣﮫﻤﺔ ﻛﺘﻠﻚ‪ .‬ﺛﻢ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ "ﻛﯿﻨﺞ" ﻣﺬھﻮﻟﺔ؛ إﻧﮫﺎ ﻟﻢ ﺗﺤﺮز ﺗﻘﺪ ً‬
‫اﻛﺘﺸﻔﺖ اﻟﺴﺒﺐ؛ ﻓﺠﺄة ﻓﮫﻤﺖ ﻣﺎذا ﺗﻌﻨﯿﻪ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺒﻄﻞ‪ :‬ھﻮ‬
‫اﻟﺶـﺧﺺ الـذي ﻳﺲـﺗﻄﯿﻊ رفـع ﻣﺲـﺗﻮاه بـاﻟﻠﻌﺐ ﻋﻦـدﻣﺎ ﻳﻚـون فـي ﺣﺎجـة لـذﻟﻚ‪ ،‬ﻋﻦـدﻣﺎ ﻳﻚـون‬
‫فـوزھﻢ بـاﻟﻤﺒﺎراة ﻋﻞـى اﻟﻤﺢـك‪ ،‬ﻳﺘﺢـوﻟﻮن فـوًرا إلـى "اﻟﻠﻊـب ﺑﻖـوة أﻛﺐـر ﺑﺤﻮالـي‬
‫ﺛﻼث ﻣﺮات"‪.‬‬
‫ﻀﺎ "ﺟﺎﻛﻲ ﺟﻮﻳﻨﺮ‪-‬ﻛﯿﺮﺳﻲ" ﺳﺒﺐ ﻣﺎ ﺣﻘﻘﺘﻪ‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻋﺸﺮة ﻣﻦ ﻋﻤﺮھﺎ وھﻲ‬ ‫ﻛﻤﺎ اﻛﺘﺸﻔﺖ أﻳ ً‬
‫ﺗﺘﻨﺎﻓﺲ ﻓﻲ أوﻟﻤﺒﯿﺎد اﻟﺸﺒﺎب ﻟﻼﺗﺤﺎد اﻟﺮﻳﺎﺿﻲ ﻟﻠﮫﻮاة‪ .‬ﻛﻞ اﻷﻣﻮر‬
‫اﻵن ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺎﻋﻠﯿﺔ اﻷﺧﯿﺮة ﻣﻦ اﻟﻠﻌﺒﺔ‪ ،‬ﺳﺒﺎق ‪ 800‬ﻣﺘﺮ‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺎﻋﻠﯿﺔ اﻟﺘﻲ أرھﺒﺘﮫﺎ‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﮫﻜﺔ‬
‫وﺗﺘﻨﺎﻓﺲ أﻣﺎم ﻻﻋﺒﺔ ﺧﺒﯿﺮة ﺑﺴﺒﺎﻗﺎت اﻟﻤﺴﺎﻓﺎت اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﻟﻢ ﺗﺘﻤﻜﻦ "ﺟﺎﻛﻲ" ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ أرﻗﺎﻣﮫﺎ اﻟﻘﯿﺎﺳﯿﺔ‪ .‬إﻻ أﻧﮫﺎ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ ذﻟﻚ ھﺬه اﻟﻤﺮة‪ .‬ﻗﺎﻟﺖ‬
‫ﺖ أﻧﻲ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ‬ ‫"ﺟﺎﻛﻲ"‪" :‬ﺷﻌﺮت ﺑﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻮ‪ .‬ﻟﻘﺪ أﺛﺒ ﱡ‬
‫اﻟﻔﻮز ﻋﻨﺪﻣﺎ أردت ذﻟﻚ ﺑﺸﺪة‪ ...‬ھﺬا اﻟﻔﻮز أوﺿﺢ ﻟﻲ أن ﻟﯿﺲ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻲ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ أﻓﻀﻞ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد‬
‫ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ أن أﺣﻤﻞ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮز"‪.‬‬
‫ﻤﺎ ﻣﺎ ُﺗﺴﺄل‪:‬‬ ‫"ﻣﯿﺎ ھﺎم"‪ ،‬اﻟﺘﻲ ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻟﻘﺒﺖ ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻻﻋﺒﺔ ﻛﺮة ﻗﺪم ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬ﻗﺎﻟﺖ إﻧﮫﺎ ﻛﺎﻧﺖ داﺋ ً‬
‫"ﻣﺎ أھﻢ ﺷﻲء ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻟﺪى ﻻﻋﺐ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم ﻳﺎ‬
‫"ﻣﯿﺎ"؟" أﺟﺎﺑﺖ "ﻣﯿﺎ" ﺑﻼ ﺗﺮدد‪" :‬اﻟﻘﻮة اﻟﺬھﻨﯿﺔ"‪ .‬ﻟﻢ ﺗﻘﺼﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻤﺔ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن أﺣﺪ ﻋﺸﺮ ﻻﻋﺒًﺎ‬
‫ﺿﺎ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﺘﻌﺒًﺎ أو ﻣﺼﺎﺑًﺎ‪،‬‬ ‫ﻳﺤﺎوﻟﻮن إﻳﻘﺎﻋﻚ أر ً‬
‫ﻜﺎم ﺿﺪك‪ ،‬ﻳﺠﺐ أﻻ ﺗﺪع ﺷﯿًﺌﺎ ﻣﻦ ھﺬا ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻛﯿﺰك‪ .‬ﻛﯿﻒ ﺗﻔﻌﻞ ذﻟﻚ؟ ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺘﻌﻠﻢ ﻛﯿﻒ‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺤ ﱠ‬
‫ﺗﻔﻌﻞ ذﻟﻚ‪ .‬ﻗﺎﻟﺖ "ھﺎم"‪" :‬إﻧﮫﺎ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﺠﻮاﻧﺐ‬
‫ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓﻲ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم وأﻧﺎ أﻗﺎوﻣﮫﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺒﺎراة وﻛﻞ ﺗﻤﺮﻳﻦ"‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ ذﻟﻚ‪ ،‬ھﻞ اﻋﺘﻘﺪت "ھﺎم" أﻧﮫﺎ أﻋﻈﻢ ﻻﻋﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ؟ ﻻ‪ ،‬ﺑﻞ ﻗﺎﻟﺖ‪" :‬وﻟﮫﺬا اﻟﺴﺒﺐ‪ ،‬رﺑﻤﺎ ﺳﺄﻛﻮن‬
‫ذات ﻳﻮم"‪.‬‬
‫ﻤﺎ ﻣﻮاﻗﻒ ﺗﻜﻮن ﻓﯿﮫﺎ اﻷﻣﻮر ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﻚ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻼﻋﺐ إﻣﺎ اﻟﻨﺠﺎة أو‬ ‫ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ‪ ،‬ھﻨﺎك داﺋ ً‬
‫ﻳﻨﺘﮫﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء‪ .‬ﻣﺮ "ﺟﺎك ﻧﯿﻜﻮﻻس"‪ ،‬ﻻﻋﺐ اﻟﺠﻮﻟﻒ اﻟﺸﮫﯿﺮ‪،‬‬
‫ﺑﮫﺬه اﻟﻤﻮاﻗﻒ ﻣﺮات ﻋﺪﻳﺪة ﺧﻼل ﻣﺴﯿﺮﺗﻪ اﻟﻤﮫﻨﯿﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻓﻲ ﺑﻄﻮﻟﺔ اﻟﺠﻮﻟﻒ ﻟﻠﻤﺤﺘﺮﻓﯿﻦ ‪ -‬ﺣﯿﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﻣﺘﻮﻗﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﯿﺎﻣﻪ ﺑﺘﺼﻮﻳﺒﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ‪ .‬إذا ﻛﺎن ﺑﻮﺳﻌﻚ‬
‫أن ﺗﺨﻤﻦ‪ ،‬ﻛﻢ ﻋﺪد اﻟﺘﺼﻮﻳﺒﺎت اﻟﺘﻲ أﺧﻄﺄھﺎ ﺑﻈﻨﻚ؟ اﻹﺟﺎﺑﺔ ھﻲ ﺗﺼﻮﻳﺒﺔ واﺣﺪة!‬
‫ھﺬه ھﻲ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻷﺑﻄﺎل‪ .‬إﻧﮫﺎ ﺗﺒﯿﻦ ﻛﯿﻒ ﻳﻔﻮز اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻟﯿﺲ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻧﻔﺲ اﻟﻘﺪر ﻣﻦ ﻣﻮھﺒﺔ‬
‫ﻣﻨﺎﻓﺴﯿﮫﻢ‪ .‬ﻳﺮوي "ﺟﻮن وودن"‪ ،‬ﻣﺪرب اﻟﺴﻠﺔ اﻷﺳﻄﻮري‪ ،‬أﺣﺪ‬
‫ي‪ .‬ذات ﻣﺮة‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن "وودن" ﻳﻌﻤﻞ ﻣﺪرﺑًﺎ ﻟﻄﻼب اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ‪ ،‬ﻛﺎن أﺣﺪ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ‬ ‫اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻤﻔﻀﻠﺔ ﻟﺪ ﱠ‬
‫ﺣﺰﻳًﻨﺎ ﻟﻌﺪم ﺿﻤﻪ إﻟﻰ اﻟﻤﺒﺎراة اﻟﻨﮫﺎﺋﯿﺔ‪ .‬ﺗﻮﺳﻞ اﻟﻼﻋﺐ‬
‫ﻌَﺪل "وودن" ﻋﻦ ﻗﺮاره ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬ﺣﺴًﻨﺎ ﻳﺎ‬ ‫"إﻳﺪي ﺑﺎﻓﯿﻠﺴﻜﻲ" إﻟﻰ "وودن" ﻟﯿﻌﻄﯿﻪ ﻓﺮﺻﺔ اﻟﻠﻌﺐ ﻓﻲ اﻟﻤﺒﺎراة‪ ،‬ﻓ َ‬
‫إﻳﺪي‪ ،‬ﺳﺄﻣﻨﺤﻚ ﻓﺮﺻﺔ‪ .‬ﺳﺘﻠﻌﺐ أﻣﺎم ﻓﺮﻳﻖ ﻓﻮرت وﻳﻦ‬
‫ﺳﻨﺘﺮال ﻣﺴﺎء اﻟﻐﺪ"‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮل "وودن"‪" :‬ﻓﺠﺄة‪ ،‬ﺗﺴﺎءﻟﺖ ﻣﻦ أﻳﻦ ﺟﺎءت ھﺬه اﻟﻜﻠﻤﺎت"‪ .‬ﺗﺘﻨﺎﻓﺲ ﺛﻼث ﻓﺮق ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻟﻘﺐ اﻟﻔﺮﻳﻖ‬
‫اﻷول ﻓﻲ وﻻﻳﺔ إﻧﺪﻳﺎﻧﺎ ‪ -‬أﺣﺪھﺎ ﻓﺮﻳﻘﻪ واﻵﺧﺮ ﻛﺎن ﻓﺮﻳﻖ‬
‫ﻓﻮرت وﻳﻦ ﺳﻨﺘﺮال‪ ،‬اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﺳﯿﻮاﺟﮫﻪ ﻣﺴﺎء اﻟﯿﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﻠﯿﻠﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪ ،‬ﺷﺠﻊ "وودن" "إﻳﺪي"‪ .‬اﻋﺘﻘﺪ أن "إﻳﺪي" ﺳﯿﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻠﻌﺐ ﻟﺪﻗﯿﻘﺔ أو دﻗﯿﻘﺘﯿﻦ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺔ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻮاﺟﻪ "أرﻣﺴﺘﺮوﻧﺞ" ﻻﻋﺐ ﻓﺮﻳﻖ ﻓﻮرت‬ ‫اﻷﻛﺜﺮ‪ ،‬ﺧﺎﺻ ً‬
‫وﻳﻦ‪ ،‬أﻗﻮى ﻻﻋﺒﻲ اﻟﻮﻻﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻳﺤﻜﻲ "وودن"‪" :‬ﻟﻘﺪ ﺣﻄﻤﻪ "إﻳﺪي" ﻓﻌًﻼ‪ ،‬ﺣﺼﻞ "أرﻣﺴﺘﺮوﻧﺞ" ﻋﻠﻰ أﻗﻞ اﻟﻨﻘﺎط ﺧﻼل ﻣﺴﯿﺮﺗﻪ اﻟﻤﮫﻨﯿﺔ‪ .‬أﺣﺮز‬
‫"إﻳﺪي" ‪ 12‬ﻧﻘﻄﺔ‪ ،‬وﻟﻌﺐ ﻓﺮﻳﻘﻨﺎ أﻓﻀﻞ ﻣﺒﺎراة أﻣﺎم ﻓﺮﻳﻖ‬
‫ﻗﻮي ﺧﻼل اﻟﻤﻮﺳﻢ‪ ...‬وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ إﺣﺮازه اﻟﻨﻘﺎط‪ ،‬ﻓﺪﻓﺎﻋﻪ‪ ،‬واﺳﺘﺤﻮاذه ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮة وﺻﻨﺎﻋﺘﻪ اﻟﻠﻌﺐ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﻣﻤﺘﺎزة"‪ .‬ﻟﻢ ﻳﺠﻠﺲ "إﻳﺪي" ﻋﻠﻰ دﻛﺔ اﻟﺒﺪﻻء ﻣﺮة أﺧﺮى‬
‫ﻋﺮف ﺑﺄھﻢ ﻻﻋﺐ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﺘﯿﻦ اﻟﺘﺎﻟﯿﺘﯿﻦ‪.‬‬ ‫و ُ‬
 ‫ﻛﻞ ھﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪ أﺣﺪ ﻣﻨﮫﻢ أﻧﻪ ﺷﺨﺺ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ‪ ،‬أو أﻧﻪ ُوﻟﺪ ﻣﺤﺘﻜًﺮا‬
‫ﺻﺎ ﻋﻤﻠﻮا ﺑﺠﺪ‪ ،‬ﺗﻌﻠﻤﻮا‬
‫اﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻟﻔﻮز‪ .‬ﻛﺎﻧﻮا أﺷﺨﺎ ً‬
‫ﻛﯿﻒ ﻳﺤﺎﻓﻈﻮن ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻛﯿﺰھﻢ ﺗﺤﺖ اﻟﻀﻐﻂ‪ ،‬وﺑﺬﻟﻮا ﺟﮫًﺪا ﻳﺘﺠﺎوز ﻗﺪراﺗﮫﻢ اﻟﻌﺎدﻳﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫﻢ أن ﻳﻔﻌﻠﻮا‬
‫ذﻟﻚ‪.‬‬

‫اﻟﺒﻘﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻤﺔ‬

‫اﻟﺶــﺧﺼﯿﺔ هــي مــا ﻳﺲـاﻋﺪك ﻋﻞـى اﻟﻮصـول إلـى اﻟﻘﻢـة واﻟﺒﻖـاء ﻓﻲـھﺎ ‪ .‬وصـل "داريـل‬
‫سـﺗﺮوﺑﺮي" و "مـاﻳﻚ ﺗﺎﻳﺲـون" و "مـارﺗﯿﻨﺎ هـﻳﻨﺠﯿﺰ" إلـى اﻟﻘﻢـة‪ ،‬ﻟﻜﻦـھﻢ لـم ﻳﺲـﺗﻤﺮوا‬
‫ﻋﻠﻲــھﺎ‪ .‬ألــﻳﺲ هــذا ﻷنــھﻢ عــاﻧﻮا كـل أنـواع اﻟﻤﺶـﻛﻼت واﻵﻻم اﻟﺶـﺧﺼﯿﺔ؟ ﻧﻊـم‪ ،‬وﻟﻚـن عـاﻧﺎھﺎ‬
‫ﺿﺎ كـل اﻷﺑﻂـال‪ .‬اصـطﺪم "بـﻳﻦ ھﻮجـان" ﺑﺤﺎﻓﻞـة وﺗﮫﺶـم ﺟﺲـده‪ ،‬ﻟﻜﻦـه‬ ‫أيـ ً‬
‫اﺳﺘﻄﺎع اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﻘﻤﺔ ﻣﺮة أﺧﺮى‪.‬‬
‫ﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻤﺔ‪ ...‬إﻻ أن اﻷﻣﺮ ﻳﺘﻄﻠﺐ‬ ‫ﻀ َ‬
‫ﻌ َ‬ ‫ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺪرب "ﺟﻮن وودن"‪" :‬إﻧﻨﻲ أؤﻣﻦ أن اﻟﻘﺪرة ﻳﻤﻜﻨﮫﺎ أن ﺗَ َ‬
‫اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ ﻟﺘﺒﻘﯿﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻤﺔ‪ ...‬إﻧﻪ أﻣﺮ ﺳﮫﻞ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ أن ‪ ...‬ﺗﺒﺪأ‬
‫اﻟﺘﻔﻚــﻳﺮ أنــه ﻳﻤﻜﻦــك ﻓﻖــط "ﺗﺶــﻏﯿﻠﮫﺎ"‪ ،‬بـدون إعـدادھﺎ ﺑﺶـﻛﻞ ﻣﻨﺎسـب‪ .‬اﻷمـر ﻳﺘﻄﻞـب شـﺧﺼﯿﺔ‬
‫ﺣﻘﯿﻘﻲـة ﻟﺘﺠﻌﻞـك ﺗﻌﻢـل ﺑﺞـد بـل ﺑﺞـدﻳﺔ أﻛﺐـر فـور وصـوﻟﻚ إلـى اﻟﻘﻢـة‪.‬‬
‫ﻛﺮ‪" :‬أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺪرة‪ ،‬ﻟﺪﻳﮫﻢ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ""‪.‬‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺮأ ﻋﻦ ﻻﻋﺐ رﻳﺎﺿﻲ أو ﻓﺮﻳﻖ ﻳﻔﻮز ﻣﺮاًرا وﺗﻜﺮاًرا‪ ،‬ﺗﺬ ﱠ‬
‫ﻖ ﻧﻈﺮة أﻋﻤﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻌﻨﯿﻪ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ‪ ،‬وﻛﯿﻒ ﺗﺼﻨﻌﮫﺎ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬ﻗﺎم "ﺳﺘﯿﻮارت ﺑﯿﺪل" وزﻣﻼؤه‬ ‫ﻟُِﻨْﻠ ِ‬
‫ﺑﻘﯿﺎس ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻤﺮاھﻘﯿﻦ واﻟﺸﺒﺎب ﺣﻮل اﻟﻘﺪرة اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ؛‬
‫ﻓﻜﺎن أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ھﻢ ﻣﻦ اﻋﺘﻘﺪوا أن‪:‬‬
‫"ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻚ ﻗﺪر ﻣﻌﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﺪرة اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ وﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ أﺑًﺪا اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺎﻟﻜﺜﯿﺮ ﻟﺰﻳﺎدة ھﺬا اﻟﻘﺪر"‪.‬‬
‫ﻋﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻮھﻮﺑًﺎ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة"‪.‬‬ ‫"ﻟﺘﻜﻮن ﺑﺎر ً‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘﯿﺾ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬اﺗﻔﻖ ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻋﻠﻰ أن‪:‬‬
‫ﻣﺎ إذا ﻋﻤﻠﺖ ﻋﻠﯿﮫﺎ ﺑﺠﺪ"‪.‬‬ ‫"ﺑﺮاﻋﺘﻚ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﺳﺘﺘﻄﻮر دو ً‬
‫ﺤﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ‪ ،‬ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺘﻌﻠﻢ اﻟﺘﻘﻨﯿﺎت واﻟﻤﮫﺎرات وﺗﻤﺎرﺳﮫﺎ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎم"‪.‬‬ ‫"ﻟﺘﻜﻮن ﻧﺎﺟ ً‬
‫أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ھﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أظﮫﺮوا اﻣﺘﻼك اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ أو اﻟﺠﺴﺎرة‪ .‬ﻛﺎﻧﻮا ھﻢ ﻣﻦ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮن‬
‫ﻖ ﻧﻈﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﺑﻌﻘﻮل اﻷﺑﻄﺎل‪ .‬ﻣﺎذا أﻗﺼﺪ؟ ﻟُﻨﻠ ِ‬
‫ﺗﻮﺻﻞ إﻟﯿﮫﺎ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﻮن وﻧﻌﺮف‪.‬‬

‫ﻣﺎ اﻟﻨﺠﺎح؟‬
‫اﻻﻛﺘﺸﺎف اﻷول‪ :‬أﺻﺤﺎب ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻳﺠﺪون اﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﮫﻢ‪ ،‬ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻢ واﻟﺘﻄﻮر‪ .‬وھﺬا‬
‫ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻣﺎ ﻧﺠﺪه ﻓﻲ اﻷﺑﻄﺎل‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﺑﮫﺠﺔ أﻟﻌﺎب اﻟﻘﻮى ﻓﻲ اﻟﻔﻮز ‪ ...‬أﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻨﺎ "ﺟﺎﻛﻲ ﺟﻮﻳﻨﺮ‪-‬ﻛﯿﺮﺳﻲ"‪" :‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ﻟﻢ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻳﻮ ً‬
‫اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻌﺎدة ﻣﻦ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ أﺣﺼﻞ ﻋﻠﯿﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪ .‬ﻻ ﺗﮫﻤﻨﻲ اﻟﺨﺴﺎرة ﻣﺎ دﻣﺖ أرى اﻟﺘﻄﻮر أو أﺷﻌﺮ أﻧﻲ ﻓﻌﻠﺖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﻲ‪ .‬إذا ﺧﺴﺮت‪ ،‬أﻋﻮد‬
‫إﻟﻰ ﻣﻀﻤﺎر اﻟﻠﻌﺐ وأﺑﺬل اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﮫﺪ ﻓﻘﻂ"‪.‬‬
‫هــذا الــرأي ‪ -‬أن اﻟﻨﺞــاح اﻟﺶــﺧﺼﻲ هــو أن ﺗﺐــذل كــل جــھﺪك ﺣﺖــى ﺗﺺـﺑﺢ أﻓﺾـل مـا ﻳﻤﻜﻦـك ‪-‬‬
‫كـان ﻣﺢـور ﺣﻲـاة "جـون وودن"‪ .‬فـي الـواﻗﻊ ﻳﻖـول "وودن"‪" :‬ھﻦـاك اﻟﻜﺚـﻳﺮ‬
‫واﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﺘﻨﺎ اﻟﺴﻌﺎدة ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻣﻨﺤﺘﻨﺎ أي ﻣﻦ ﻣﺒﺎرﻳﺎت اﻟﺒﻄﻮﻻت اﻟﻮطﻨﯿﺔ اﻟﻌﺸﺮ اﻟﺘﻲ‬
‫ﻓﺰﻧﺎ ﺑﮫﺎ؛ ﻷﻧﻨﺎ ﺑﺒﺴﺎطﺔ ﻛﻨﺎ ﻋﻠﻰ أﺗﻢ اﺳﺘﻌﺪاد وﻟﻌﺒﻨﺎ ﻧﺤﻮ‬
‫أﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻗﺪرﺗﻨﺎ"‪.‬‬
‫"تــاﻳﺠﺮ وودز" و"ﻣﻲــا هــام" اﺛﻦــان مــن أشــرس اﻟﻤﻨﺎﻓﺲــﻳﻦ فـي اﻟﺖـارﻳﺦ‪ .‬ﻳﺤﺐـان أن ﻳﻒـوزا‪،‬‬
‫ﻟﻚـن كـان أﻛﺚـر مـا يـھﻤﮫﻢ هـو اﻟﻤﺞـھﻮد الـذي بـذﻻه ﺣﺖـى لـو لـم ﻳﻒـوزا‪ ،‬ﻓﺲـﻳﻜﻮﻧﺎن‬
‫ﻓﺨﻮرﻳﻦ ﺑﻪ‪ .‬وھﻮ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻔﺨﺮ ﺑﻪ "ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو" و"ﺑﯿﻦ"‪.‬‬
‫ﺑﻌﺪ ﺑﻄﻮﻟﺔ اﻷﺳﺎﺗﺬة ﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﺠﻮﻟﻒ ﻋﺎم ‪ ،1998‬ﻛﺎن "وودز" ﻣﺤﺒﻄًﺎ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﺮر اﻟﻔﻮز اﻟﺬي ﺣﻘﻘﻪ اﻟﻌﺎم‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻻرﺗﯿﺎح ﺣﯿﺎل ﻛﻮﻧﻪ ﻓﻲ ﻗﺎﺋﻤﺔ أﻓﻀﻞ‬
‫ﻋﺸﺮة‪" :‬ﺑﺬﻟﺖ أﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﻲ ھﺬا اﻷﺳﺒﻮع‪ .‬أﻧﺎ ﻓﺨﻮر أﻧﻲ ﺻﻤﺪت ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ"‪ .‬أو ﺑﻌﺪ اﻧﺘﮫﺎء ﺑﻄﻮﻟﺔ‬
‫ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﯿﺎ اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﺎز ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻟﺚ؛ ﺣﯿﺚ ﻗﺎل‪:‬‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ ﻋﻦ‬ ‫"أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺴﻌﺎدة أﻛﺒﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺤﺮز ﻧﻘﺎطًﺎ ﺣﯿﻨﻤﺎ ﺗﻜﻮن اﻷﻣﻮر ﻏﯿﺮ ﻣﺜﺎﻟﯿﺔ ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﺗﺼﻮﻳﺒﻚ"‪.‬‬
‫"ﺗﺎﻳﺠﺮ" رﺟﻞ طﻤﻮح إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ‪ .‬ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻜﻮن اﻷﻓﻀﻞ‪ ،‬اﻷﻓﻀﻞ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق‪ .‬ﻳﻘﻮل "ﺗﺎﻳﺠﺮ" ﻓﻲ ھﺬا‬
‫اﻟﺴﯿﺎق‪" :‬وﻟﻜﻦ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻗﺪ أﻛﻮﻧﻪ ‪ -‬ھﺬا أﻛﺜﺮ أھﻤﯿﺔ"‪.‬‬
‫ﺗﺨﺒﺮنــا "ﻣﻲــا هــام"‪" :‬ﺑﻊــد كــل ﻣﺐـاراة أو ﺗﻢـرﻳﻦ‪ ،‬إذا غـادرت اﻟﻤﻠﻊـب وأنـت ﺗﻌﻞـم أنـك بـذﻟﺖ كـل‬
‫دّا ﻋﻞـى سـؤال‪ :‬ﻟﻢـاذا أحـب‬ ‫مـا ﺑﻮسـﻋﻚ‪ ،‬ﻓﺲـﺗﻜﻮن فـاﺋًﺰا ﻋﻞـى الـدوام"‪ .‬ور ً‬
‫اﻟﺸﻌﺐ ﻓﺮﻳﻘﮫﺎ؟ ردت ﻗﺎﺋﻠﺔ‪" :‬رأوا أﻧﻨﺎ ﻧﺤﺐ ﺑﺼﺪق ﻣﺎ ﻧﻔﻌﻠﻪ وأﻧﻨﺎ ﻧﻤﻨﺢ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﺎ وﻟﻜﻞ ﻣﺒﺎراة"‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﺻﺤﺎب اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬اﻟﻨﺠﺎح ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ إﺛﺒﺎت ﺗﻤﯿﺰھﻢ‪ ،‬ھﺬا ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ‪ .‬اﻟﻨﺠﺎح ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ‬
‫ﺻﺎ ذوي ﻗﯿﻤﺔ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ‬‫أن ﻳﻜﻮﻧﻮا أﺷﺨﺎ ً‬
‫ﻟﯿﺴﻮا ذوي ﻗﯿﻤﺔ‪ .‬ﻳﻘﻮل "ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو"‪" :‬ﻛﺎﻧﺖ ھﻨﺎك ﻓﺘﺮة ‪ -‬ﺳﺄﻋﺘﺮف ﺑﮫﺬا ‪ -‬ﺣﯿﻨﻤﺎ ﻛﺎن ﻏﺮوري ﻳﻔﻮق اﻟﺤﺪ"‪ .‬ﻣﺎذا‬
‫ﻋﻦ ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ واﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﻣﻊ اﻟﺬات ﻟﺒﺬل أﻓﻀﻞ ﻣﺎ‬
‫ﻟﺪﻳﮫﺎ؟ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻨﮫﺎ‪ .‬ﻳﻘﻮل "ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو"‪" :‬ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص ﻻ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺘﻤﺮﻧﻮا؛ ھﻢ ﻓﻘﻂ ﻳﺮﻳﺪون أن‬
‫ﻔﺬوا‪ .‬واﻵﺧﺮون ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺘﻤﺮﻧﻮا ﻣﺌﺎت اﻟﻤﺮات أوًﻻ‪.‬‬
‫ﻳﻨ ِ ّ‬
‫أﻧﺎ أﺗﺒﻊ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷوﻟﻰ"‪ .‬ﺗﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬اﻟﺠﮫﺪ ﻟﯿﺲ ﻣﺼﺪًرا ﻟﻠﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻔﺨﺮ‪ .‬ﺑﻞ إﻧﻪ أﻣﺮ ﻳﺜﯿﺮ‬
‫اﻟﺸﻚ ﻓﻲ ﻣﻮھﺒﺘﻚ‪.‬‬

‫ﻣﺎ اﻟﻔﺸﻞ؟‬
‫اﻻﻛﺘﺸﺎف اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ :‬أﺻﺤﺎب ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻳﺮون اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت ﻣﺤﻔﺰة؛ ﻓﮫﻲ ﻣﻔﯿﺪة وﻣﻨﺒﮫﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻢــرة وﺣﻲــدة حــاول "مــاﻳﻜﻞ جــوردان" اﻟﺖــھﺎون‪ .‬كــان ذلــك فــي اﻟﻊـام الـذي عـاد ﻓﻲـه إلـى‬
‫اﻟﻠﻊـب فـي فـرﻳﻖ شـﻳﻜﺎﻏﻮ بـوﻟﺰ ﺑﻊـد ﻗﺾـاﺋﻪ ﻓﺖـرة فـي ﻟﻊـب اﻟﺒﯿﺲـﺑﻮل‪ ،‬وقـد ﺗﻌﻞـم‬
‫اﻟﺪرس‪ .‬ﻛﺎن ﻓﺮﻳﻖ ﺷﯿﻜﺎﻏﻮ ﺑﻮﻟﺰ ﻣﺴﺘﺒﻌًﺪا ﻣﻦ ﻟﻌﺐ اﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت اﻟﻨﮫﺎﺋﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻄﻮﻻت‪ .‬ﻳﻘﻮل "ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺟﻮردان"‪:‬‬
‫"ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺮﺣﯿﻞ واﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄﻧﻚ ﺳﺘﻌﻮد وﺗﺴﯿﻄﺮ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻤﺒﺎراة‪ .‬ﺳﺄﻛﻮن ﻣﺴﺘﻌًﺪا ﺟﺴﺪﻳًّﺎ وذھﻨﯿًّﺎ ﻣﻦ اﻵن ﻓﺼﺎﻋًﺪا"‪ .‬ﻧﺎدًرا ﻣﺎ ﺗﻘﺎل ﻛﻠﻤﺎت ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﺼﺪق‪.‬‬
‫ﻓﺎز ﻓﺮﻳﻖ ﺑﻮﻟﺰ ﺑﻠﻘﺐ ﺑﻄﻞ اﻟﺪوري اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﻜﺮة اﻟﺴﻠﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻷﻋﻮام اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪.‬‬
‫ﺗﻘﺐــل "مــاﻳﻜﻞ جــوردان" إﺧﻔﺎﻗﺎتــه‪ .‬فــي اﻟﺤﻘﯿﻖــة‪ ،‬ﻳﻖــول فــي أحــد إﻋﻼﻧﺎتــه اﻟﻤﻔﺾــﻟﺔ‬
‫ﻟﺶـرﻛﺔ نـاﻳﻜﻲ‪" :‬ﻟﻖـد ضـﻳﱠﻌﺖ أﻛﺚـر مـن ﺗﺲـﻋﺔ آﻻف ﺗﺲـدﻳﺪة‪ .‬ﺧﺲـرت مـا ﻳﻖـارب مـن ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ‬
‫ﻣﺒﺎراة‪ُ .‬وﺿﻌﺖ ﺑﻲ اﻟﺜﻘﺔ ﻟﺘﺴﺪﻳﺪ ﺿﺮﺑﺎت اﻟﻔﻮز ﺳ ًﺘّﺎ وﻋﺸﺮﻳﻦ ﻣﺮة ‪ ،‬وﺿﯿﻌﺘﮫﺎ"‪ .‬ﺛِﻖ ﺑﺄﻧﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻣﻦ ﺗﻠﻚ‬
‫اﻟﻤﺮات‪ ،‬ﻋﺎد وﺗﺪرب ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺴﺪﻳﺪة ﻣﺎﺋﺔ ﻣﺮة‪.‬‬
‫إﻟﯿﻚ ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ "ﻛﺮﻳﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺠﺒﺎر"‪ ،‬ﻻﻋﺐ اﻟﺴﻠﺔ اﻟﻌﻈﯿﻢ‪ ،‬ﻛﺮد ﻓﻌﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﻈﺮ اﺗﺤﺎد ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﺎت‬
‫ﺗﺴﺪﻳﺪﺗﻪ اﻟﻤﻤﯿﺰة‪ ،‬اﻹﺳﻘﺎط )اﻟﺘﻲ ﺗﻢ إﻋﺎدة اﻟﻌﻤﻞ ﺑﮫﺎ‬
‫ﻓﻲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ(‪ .‬ظﻦ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس أن ھﺬا اﻷﻣﺮ ﺳﯿﻮﻗﻒ ﻣﺴﯿﺮﺗﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺠﺪ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ‪ ،‬ﻋﻤﻞ‬
‫ﺑﺠﮫﺪ ﻣﻀﺎﻋﻒ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺴﯿﻦ اﻟﺘﺴﺪﻳﺪات اﻷﺧﺮى‪ ،‬ﺗﺴﺪﻳﺪﺗﻪ‬
‫اﻻﺳﺘﻌﺮاﺿﯿﺔ‪ ،‬وﺗﺴﺪﻳﺪﺗﻪ اﻟﺨﻄﺎﻓﯿﺔ‪ ،‬وﺗﺴﺪﻳﺪة اﻟﻘﻔﺰ ﺑﺎﻻﻟﺘﻔﺎف‪ .‬ﻟﻘﺪ ﺗﺸﺒﻊ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻣﻦ اﻟﻤﺪرب "وودن"‪،‬‬
‫واﺳﺘﺨﺪﻣﮫﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﯿﺪ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت ﺗﺼﻨِّﻔﻚ‪.‬‬
‫ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ "ﺟﻮن ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو" ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻜﺮة اﻟﺨﺴﺎرة أﺑًﺪا‪ .‬واﻷﺳﻮأ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻓﻜﺮة اﻟﺨﺴﺎرة ﻣﻦ ﺷﺨﺺ ﻛﺎن ﺻﺪﻳ ً‬
‫ﻘﺎ‬
‫أو ﻗﺮﻳﺒًﺎ‪ ،‬ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ ذﻟﻚ اﻷﻣﺮ ﻳﺠﻌﻠﻪ أﻗﻞ ﺗﻤﯿًﺰا‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل‪ ،‬ﺗﻤﻨﻰ "ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو" ﺑﺸﺪة أن ﻳﺨﺴﺮ ﺻﺪﻳﻘﻪ اﻟﻤﻘﺮب "ﺑﯿﺘﺮ" ﻓﻲ اﻟﻨﮫﺎﺋﯿﺎت اﻟﺘﻲ أﻗﯿﻤﺖ ﻓﻲ‬
‫ﺟﺰﻳﺮة ﻣﺎوي‪ ،‬ﺑﻌﺪ أن ھﺰﻣﻪ "ﺑﯿﺘﺮ" ﻓﻲ دورة ﺳﺎﺑﻘﺔ‪ .‬أراد ذﻟﻚ‬
‫ﺑﺸﺪة ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻣﺸﺎھﺪة اﻟﻤﺒﺎراة‪ .‬وﻓﻲ وﻗﺖ آﺧﺮ‪ ،‬ﻟﻌﺐ أﻣﺎم أﺧﯿﻪ "ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ" ﻓﻲ ﻧﮫﺎﺋﯿﺎت ﻣﻘﺎﻣﺔ‬
‫ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺷﯿﻜﺎﻏﻮ‪ ،‬وﻗﺎل ﻟﻨﻔﺴﻪ‪" :‬ﻳﺎ إﻟﮫﻲ! إذا ﺧﺴﺮت أﻣﺎم‬
‫"ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ"‪ ،‬ﻓﻘﺪ اﻧﺘﮫﻰ اﻷﻣﺮ‪ .‬ﺳﺄﻗﻔﺰ ﻣﻦ ﻓﻮق ﺑﺮج ﺳﯿﺮز"‪.‬‬
‫إﻟﯿﻚ ﻛﯿﻒ ﺣﻔﺰه اﻟﻔﺸﻞ‪ .‬ﻋﺎم ‪ ،1979‬ﻟﻌﺐ ﻣﺒﺎرﻳﺎت زوﺟﯿﺔ ﻣﺨﺘﻠﻄﺔ ﻓﻲ ﺑﻄﻮﻟﺔ وﻳﻤﺒﻠﺪون‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻠﻌﺐ ﻣﺒﺎرﻳﺎت‬
‫ﻣﺎ‪ .‬ﻟﻤﺎذا؟ ﻷﻧﻪ‬ ‫زوﺟﯿﺔ ﻣﺨﺘﻠﻄﺔ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻟﻤﺪة ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎ ً‬
‫وﺷﺮﻳﻜﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺒﺎراة ﺧﺴﺮا ﻓﻲ ﺛﻼث ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻣﺘﺘﺎﻟﯿﺔ‪ .‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺿﯿﱠﻊ "ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو" ﺿﺮﺑﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺔ‬
‫ﻣﺮﺗﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻀﯿﻌﮫﺎ أﺣﺪ وﻟﻮ ﻟﻤﺮة واﺣﺪة‪ .‬ﻳﻘﻮل‬
‫دا أﺑًﺪا‪ ،‬ﻻ أﺳﺘﻄﯿﻊ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ھﺬا‬
‫ﺟﺎ‪ .‬ﻗﻠﺖ‪" :‬اﻧﺘﮫﻰ اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻟﻦ أﻟﻌﺐ ﻣﺠﺪ ً‬ ‫"ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو"‪" :‬إﻧﻪ أﻛﺜﺮ اﻷﻣﻮر إﺣﺮا ً‬
‫اﻷﻣﺮ""‪.‬‬
‫عــام ‪ ،1981‬اشــﺗﺮى "مــاﻛﯿﻨﺮو" ﺟﯿﺖــاًرا أســود ﺟﻤﻲــًﻻ مــن نــوع "ﻟﻲــه بــول"‪ .‬ﺗﻮجــه فــي ذلــك‬
‫اﻷســﺑﻮع ﻟﻤﺶــاھﺪة "بــادي جــاي" يــﻋﺰف فــي ﻣﻞــھﻰ ﺗﺶــﻳﻜﺮﺑﻮرد ﻻونـج فـي وﻻيـة‬
‫ﺸﻢ‬ ‫ﺷﯿﻜﺎﻏﻮ‪ .‬ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻟﺘﻠﻘﻲ دروس اﻟﻌﺰف أو اﻟﺘﻤﺮﻳﻦ ﻋﻠﯿﻪ‪ ،‬ﻋﺎد "ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو" إﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﻪ وھ ﱠ‬
‫ﺟﯿﺘﺎره‪.‬‬
‫إﻟﻲــك كــﻳﻒ حــﻓﺰ اﻟﻔﺶــل "ســﻳﺮﺟﯿﻮ ﺟﺎرســﻳﺎ"‪ ،‬ﻓﺖــى ذھﺐــي آخــر ﻳﻮاجــه ﻣﺶــﻛﻼت فــي‬
‫اﻟﻌﻘﻠﻲــة‪ .‬اﺟﺖــاح "ﺟﺎرســﻳﺎ" عــاﻟﻢ اﻟﺞــوﻟﻒ ﺑﺘﺲـدﻳﺪاﺗﻪ اﻟﺮاﺋﻊـة وﺟﺎذﺑﯿﺖـه‪ ،‬وطﺮقـه‬
‫اﻟﺼﺒﯿﺎﻧﯿﺔ؛ ﺑﺪا ﻛﺄﻧﻪ "ﺗﺎﻳﺠﺮ وودز" اﻟﺼﻐﯿﺮ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮاﺟﻊ أداؤه‪ ،‬ﺗﺮاﺟﻌﺖ ﺟﺎذﺑﯿﺘﻪ‪ .‬طﺮد ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺴﺎﻋًﺪا‬
‫ﺗﻠﻮ اﻵﺧﺮ‪ ،‬ﻣﻠﻘﯿًﺎ اﻟﻠﻮم ﻋﻠﯿﮫﻢ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ‬
‫ﺳﺎرت ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ﻳﺮام‪ .‬أﻟﻘﻰ اﻟﻠﻮم ذات ﻣﺮة ﻋﻠﻰ ﺣﺬاﺋﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﺰﻟﻖ وﺿﯿﱠﻊ ﺗﺴﺪﻳﺪة؛ ﻟﯿﻌﺎﻗﺐ اﻟﺤﺬاء ﺑﻘﺬﻓﻪ‬
‫ورﻛﻠﻪ‪ .‬وﻟﺴﻮء اﻟﺤﻆ‪ ،‬أﺻﺎب أﺣﺪ اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ‪ .‬ﺗﻠﻚ ھﻲ‬
‫اﻟﺘﺪاﺑﯿﺮ اﻟﻤﺒﺘﻜﺮة ﻟﻤﻮاﺟﮫﺔ اﻟﻔﺸﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪.‬‬
 ‫ﺗﺤﻤﻞ ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﺔ اﻟﻨﺠﺎح‬
‫اﻻﻛﺘﺸﺎف اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ :‬اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﻮن ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ )ﻣﺜﻞ طﻠﺒﺔ اﻟﻄﺐ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪرﺳﻮن ﻣﺎدة اﻟﻜﯿﻤﯿﺎء ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ‬
‫اﻟﺘﻤﮫﯿﺪﻳﺔ( ﺗﻮﻟﻮا اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﻨﺠﺎح‪،‬‬
‫وﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﯿﻪ‪.‬‬
‫ﻛﯿﻒ ﻟﻢ ﺗﺘﺮاﺟﻊ ﻣﮫﺎرة "ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺟﻮردان" ﻣﻊ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺮ؟ ﻓﻘﺪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻤﻞ‬
‫ﻮّض ذﻟﻚ ﻋﻤﻞ ﺑﺠﺪ‬ ‫واﻟﻨﺸﺎط ﻣﻊ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺮ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﯿﻌ ِ‬
‫أﻛﺐــر ﻋﻞــى اﻟﺖــأﻗﻠﻢ وﻋﻞــى ﺣﺮﻛﺎتــه‪ ،‬ﻛﺘﺲــدﻳﺪة اﻟﻖــﻓﺰة بـاﻻﻟﺘﻔﺎف وﻗﻔﺰتـه اﻻرتـدادﻳﺔ‪ .‬اﻧﺾـم‬
‫"جـوردان" إلـى اﻟﺮاﺑﻂـة ﻛﻤﺤﺖـرف ﻟﺘﺲـدﻳﺪة اﻹسـﻗﺎط‪ ،‬وﺗﺮكـھﺎ ﺑﻊـد أن أصـﺑﺢ‬
‫ﺮّف ﻟﻠﻌﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‪.‬‬ ‫أﻓﻀﻞ ﻻﻋﺐ ﻣﺸ ِ‬
‫ﺿﺎ اﻟﻘﻲــام بــھﺬه اﻟﻤﻤﺎرســة‪ .‬ﻟﻌﺐــة اﻟﺞــوﻟﻒ ﻛﺎﻟﺤﺒﯿﺐــة صــﻋﺒﺔ‬ ‫ﺗﻮلــى "تــاﻳﺠﺮ وودز" أيــ ً‬
‫اﻟﻢــراس‪ ،‬فــي الــوﻗﺖ الــذي ﺗﺶــﻋﺮ أنــك ﺗﻐﻠﺐـت ﻋﻠﻲـھﺎ‪ ،‬تـھﺠﺮك بـﻻ شـك‪ .‬ﻳﻖـول مـدرب‬
‫اﻟﺠﻮﻟﻒ اﻟﺸﮫﯿﺮ "ﺑﻮﺗﺶ ھﺎرﻣﻮن"‪" :‬طﺮﻳﻘﺔ أرﺟﺤﺔ ﻣﻀﺮب اﻟﺠﻮﻟﻒ ﺑﻌﯿﺪة ﻛﻞ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ أن ﺗﻜﻮن ﺗﺪرﻳﺒًﺎ رﻳﺎﺿﯿًّﺎ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ إﺗﻘﺎﻧﻪ‪ ...‬أﻛﺜﺮ طﺮق أرﺟﺤﺔ اﻟﻤﻀﺮب ﻓﺎﻋﻠﯿﺔ‬
‫ﻣﺤﺪودة اﻟﺘﻜﺮار‪ .‬ﻻ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻗﻂ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﮫﺎ ﺗﺪرﻳﺒًﺎ ﻣﺴﺘﻤ ًﺮّا"‪ .‬ﻟﮫﺬا ﺣﺘﻰ أﻟﻤﻊ ﻧﺠﻮم ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺠﻮﻟﻒ ﻳﻔﻮزون ﺧﻼل‬
‫ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬وﻗﺪ ﻻ ﻳﻔﻮزون ﻟﻔﺘﺮات طﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ‬
‫ﻀﺎ ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻌﻤﻠﯿﺔ ﺗﺤﻘﯿﻖ‬ ‫اﻟﺰﻣﻦ )وھﺬا ﻣﺎ ﺣﺪث ﻣﻊ "ﺗﺎﻳﺠﺮ وودز" ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻤﻲ ‪ 2003‬و ‪ .(2004‬وﻟﮫﺬا أﻳ ً‬
‫اﻟﻨﺠﺎح أﻣﺮ ﺿﺮوري ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪.‬‬
‫وﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﻨﻄﻠﻖ‪ ،‬أﺻﺮ واﻟﺪ "ﺗﺎﻳﺠﺮ" ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﯿﻤﻪ ﻛﯿﻒ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻧﺘﺒﺎھﻪ وإﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ اﻟﻠﻌﺐ ﻓﻲ ﻣﻠﻌﺐ‬
‫اﻟﺠﻮﻟﻒ‪ .‬ﻛﺎن اﻟﺴﯿﺪ "وودز" ﻳﺜﯿﺮ ﺿﺠﺔ أو ﻳﻘﺬف ﺑﺎﻷﺷﯿﺎء‬
‫ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﻄﻔﻞ "ﺗﺎﻳﺠﺮ" ﻋﻠﻰ وﺷﻚ ﺿﺮب اﻟﻜﺮة‪ .‬ﺳﺎﻋﺪت ھﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ "ﺗﺎﻳﺠﺮ" ﻋﻠﻰ أن ﻳﻜﻮن أﻗﻞ ﻗﺎﺑﻠﯿﺔ‬
‫ﺼﺎ آﺧﺮ اﺳﺘﻄﺎع اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ‬ ‫ﻟﻠﺘﺸﺘﺖ‪) .‬ھﻞ ﻧﻌﺮف ﺷﺨ ً‬
‫ھﺬا اﻟﺘﺪرﻳﺐ؟( ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن "ﺗﺎﻳﺠﺮ" ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮه‪ ،‬ﻛﺎن واﻟﺪه ﻳﻌﻠﻤﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ إدارة ﻣﻠﻌﺐ‬
‫اﻟﺠﻮﻟﻒ‪ .‬ﺑﻌﺪ أن رﻣﻰ اﻟﻄﻔﻞ "ﺗﺎﻳﺠﺮ" ﺑﺎﻟﻜﺮة وراء ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ‬
‫ﻛﺒﯿﺮة ﻣﻦ اﻷﺷﺠﺎر‪ ،‬ﺳﺄﻟﻪ واﻟﺪه ﻋﻦ ھﺪﻓﻪ ﻣﻦ ھﺬا‪.‬‬
‫ﻓﺬ "تــاﻳﺠﺮ" مــا كــان بــدأه والــده مــن خــﻻل اﻟﺘﺤﻚــم ﺑﻚـل أمـور اﻟﻠﻌﺐـة‪ .‬اﺧﺘﺐـر ﺑﺶـﻛﻞ‬ ‫نــ ﱠ‬
‫ﺿﺎ لـه ﺧﻂـة طﻮﻳﻞـة اﻟﻢـدى‬ ‫ﻣﺲـﺗﻤﺮ كـل اﻷمـور اﻟﺖـي قـد ﺗﻨﺞـح أو ﻻ ﺗﻨﺞـح‪ ،‬وإنـه أيـ ً‬
‫ﺗﺮﺷﺪه؛ ﺣﯿﺚ ﻳﻘﻮل‪" :‬أﻋﺮف ﻟﻌﺒﺘﻲ‪ .‬أﻋﺮف ﻣﺎ أرﻳﺪ ﺗﺤﻘﯿﻘﻪ‪ ،‬أﻋﺮف ﻛﯿﻒ أﺣﻘﻘﻪ"‪.‬‬
‫ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻓﻌﻞ "ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺟﻮردان"‪ ،‬ﺗﻮﻟﻰ "ﺗﺎﻳﺠﺮ" أﻣﺮ ﺗﺤﻔﯿﺰ ذاﺗﻪ‪ .‬ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﺘﺪرﻳﺐ إﻟﻰ ﻣﺘﻌﺔ‪،‬‬
‫ﻓﯿﻘﻮل ﻋﻦ ھﺬا‪" :‬أﺣﺐ أن أﺗﺪرب ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺴﺪﻳﺪات‪،‬‬
‫وأﻛﺘﺴﺒﮫﺎ ﺑﻄﺮق ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ،‬وأن أﺛﺒﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ أﻧﻲ أﺳﺘﻄﯿﻊ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺘﺴﺪﻳﺪة ﻣﺤﺪدة ﺑﻌﯿﻨﮫﺎ"‪ .‬وﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ذﻟﻚ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻔﻜﯿﺮه ﺑﻮﺟﻮد ﻣﻨﺎﻓﺲ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ ﺳﯿﺘﺤﺪاه‪،‬‬
‫ﻲ أن أﺟﺪ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﺳﺒﺒًﺎ ﺣﺘﻰ أﻋﻤﻞ ﺑﺠﺪ‪ .‬إﻧﻪ ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ‪.‬‬ ‫ﻳﻘﻮل "ﺗﺎﻳﺠﺮ"‪" :‬إﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻋﺸﺮة‪ ،‬ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﻣﺎ"‪.‬‬
‫إن ﻟﺪﻳﻪ اﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﻋﺎ ً‬
‫ﺣﺎ أﻣﺎم "ﻣﺎرك أوﻣﯿﺮا"‪ ،‬زﻣﯿﻞ "وودز" ﻓﻲ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺠﻮﻟﻒ وﺻﺪﻳﻘﻪ‪ .‬ﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﺴﮫﻞ أن ﺗﻠﻌﺐ‬ ‫ﻛﺎن اﻟﺨﯿﺎر ﻣﺘﺎ ً‬
‫ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺷﺨﺺ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ ﻣﺜﻞ "وودز"‪ .‬ﻛﺎن اﻟﺨﯿﺎر أﻣﺎم‬
‫"أوﻣﯿﺮا"‪ :‬إﻣﺎ أن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻐﯿﺮة واﻟﻀﻌﻒ أﻣﺎم ﺑﺮاﻋﺔ "وودز"‪ ،‬أو أن ﻳﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﮫﺎ‪ .‬اﺧﺘﺎر "أوﻣﯿﺮا" اﻟﺨﯿﺎر اﻟﺜﺎﻧﻲ‪ .‬ﻛﺎن‬
‫"أوﻣﯿﺮا" أﺣﺪ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ اﻟﻤﻮھﻮﺑﯿﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﻜﻨﻮا‬
‫أﺑًﺪا ﻣﻦ ﺑﺬل ﻛﻞ إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﮫﻢ‪ .‬ﺧﯿﺎره ‪ -‬ﻟﺘﻮﻟﻲ أﻣﺮ ﻟﻌﺒﺘﻪ ‪ -‬ﻗﺎم ﺑﺘﻐﯿﯿﺮه‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﺤﺎدﻳﺔ واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮه‪ ،‬ﻓﺎز "وودز" ﺑﺒﻄﻮﻟﺔ اﻷﺳﺎﺗﺬة‪ .‬ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﯿﻠﺔ‪ ،‬ﻧﺎم "وودز"‬
‫وذراﻋﺎه ﻣﻠﺘﻔﺘﺎن ﺣﻮل ﺟﺎﺋﺰﺗﻪ‪ ،‬اﻟﺠﺎﻛﯿﺖ اﻷﺧﻀﺮ اﻟﺸﮫﯿﺮ‪ .‬ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﺎم اﻟﺘﺎﻟﻲ‪ ،‬أﻟﺒﺲ "وودز" "أوﻣﯿﺮا" ﺟﺎﻛﯿﺖ اﻟﺠﺎﺋﺰة ﺑﻌﺪ ﻓﻮزه ﺑﺒﻄﻮﻟﺔ اﻷﺳﺎﺗﺬة‪.‬‬
‫ﻻ ﻧﺲــﻣﻊ "مــاﻛﯿﻨﺮو" ﻳﺘﺢـدث ﻛﺚـﻳًﺮا عـن اﻟﺘﺤﻚـم بـاﻷﻣﻮر‪ .‬ﻋﻦـدﻣﺎ كـان ﻋﻞـى ﻗﻢـة ﻟﻌﺐـة اﻟﺘﻦـس‪،‬‬
‫سـﻣﻌﻨﺎه ﻗﻠﻲـًﻻ مـا يـأﺗﻲ ﻋﻞـى ذكـر اﻻسـﺗﻤﺮار فـي اﻟﻌﻢـل ﻟﻠﺒﻖـاء ﻋﻞـى اﻟﻘﻢـة‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن أداؤه ﻣﺘﺪھﻮًرا‪ ،‬ﻟﻢ ﻧﺴﻤﻌﻪ ﻳﺘﺤﺪث ﻛﺜﯿًﺮا ﻋﻦ ﻣﺮاﺟﻌﺔ اﻟﺬات أو ﺗﺤﻠﯿﻞ اﻷﺧﻄﺎء )ﺳﻮى إﻟﻘﺎء اﻟﻠﻮم‬
‫ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮه(‪ .‬ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻠﻌﺐ ﺟﯿًﺪا‬
‫ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﻋﺎم ‪ ،1982‬ﺳﻤﻌﻨﺎه ﻳﻘﻮل إﻧﻪ ﻗﺪ "ﺣﺪﺛﺖ أﻣﻮر ﺻﻐﯿﺮة أﺑﻌﺪﺗﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﻠﻌﺐ ﻷﺳﺎﺑﯿﻊ‬
‫ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﯿﺎن وأﻋﺎﻗﺘﻨﻲ ﻋﻦ ﺗﺼﺪر اﻟﺪورة"‪.‬‬
‫ل اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﯿﺔ وﻳﺘﻌﻠﻢ ﻛﯿﻒ ﻳﺆدي ﺑﻨﺠﺎح ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻮ ﱠ‬
‫ﻣﺎ أﻧﻪ ﺿﺤﯿﺔ ﻋﻮاﻣﻞ ﺧﺎرﺟﯿﺔ‪ .‬ﻟﻤﺎذا ﻟﻢ ﻳﺘ َ‬ ‫ﻳﺸﻌﺮ "ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو" دو ً‬
‫اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻮاﻣﻞ؟ ﻷن ھﺬا ﻟﯿﺲ أﺳﻠﻮب اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ أن ﻳﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻮاﻣﻞ أو ﺣﻞ ﻣﺸﻜﻼﺗﻪ‪ ،‬ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ أﻧﻪ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻳﻠﻌﺐ‬
‫رﻳﺎﺿﺔ ﺟﻤﺎﻋﯿﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺳﯿﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ إﺧﻔﺎء ﻋﯿﻮﺑﻪ‪،‬‬
‫ﻗﺎل "ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو"‪" :‬ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﻲ ﻗﻤﺔ ﺗﺄﻟﻘﻚ‪ ،‬ﻓﯿﻤﻜﻨﻚ إﺧﻔﺎء ذﻟﻚ ﺑﺴﮫﻮﻟﺔ أﻛﺒﺮ ﻓﻲ رﻳﺎﺿﺔ ﺟﻤﺎﻋﯿﺔ"‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ اﻋﺘﺮف "ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو" أن ﻧﻮﺑﺎت ﻏﻀﺒﻪ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻤﻠﻌﺐ ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ إﺧﻔﺎء ﻟﺸﻌﻮري‬
 ‫ﺑﺎﻻﺧﺘﻨﺎق‪ ،‬وﻟﻢ ﺗﻔﻌﻞ ﺷﯿًﺌﺎ ﺳﻮى أن ﺟﻌﻠﺖ اﻷﻣﻮر أﺳﻮأ‪ .‬ﻓﻤﺎذا‬
‫ﻓﻌﻞ؟ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ ﺷﯿًﺌﺎ ﺳﻮى أن ﻳﺘﻤﻨﻰ ﻟﻮ ﻗﺎم ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ﺑﮫﺬا اﻷﻣﺮ ﻟﻪ‪ ،‬ﻓﯿﻘﻮل‪" :‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺘﺤﻜﻢ‬
‫ﺑﻨﻔﺴﻚ‪ ،‬ﺗﺮﻳﺪ أن ﻳﻘﻮم ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﻟﻚ ‪ -‬وھﺬا ﻣﺎ‬
‫ﺧﺴﺮﺗﻪ ﻟﻌﺪم ﻛﻮﻧﻲ ﺟﺰًءا ﻣﻦ ﻓﺮﻳﻖ رﻳﺎﺿﻲ‪ ...‬ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﺳﯿﺴﺎﻋﺪوﻧﻨﻲ‪ ،‬وﻳﻮﺟﮫﻮﻧﻨﻲ"‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻘﻮل‪" :‬اﻟﻨﻈﺎم أﺗﺎح ﻟﻲ اﻹﻓﻼت ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎب ﻋﻠﻰ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺧﻄﺎء‪ ....‬ﻛﻨﺖ أﻛﺮه ذﻟﻚ أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ"‪.‬‬
‫"ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو" ﻏﺎﺿﺐ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎم! ﺗﻠﻚ ھﻲ ﺣﯿﺎﺗﻪ ‪ .‬أﻟﻢ ﻳﻔﻜﺮ‬
‫ﻗﻂ ﻓﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﺔ أﺧﻄﺎﺋﻪ؟‬
‫ﻻ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ؛ ﻷن ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻻ ﻳﺘﻮﻟﻰ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻗﺪراﺗﻪ وﺗﺤﻔﯿﺰ ذاﺗﻪ؛ ﻓﺎﻟﺸﺨﺺ‬
‫ذو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻣﻦ ﻣﻮھﺒﺘﻪ أن ﺗﺴﺎﻋﺪه ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﺨﻄﻲ اﻟﻌﻘﺒﺎت‪ ،‬وإن ﻟﻢ ﺗﺴﺎﻋﺪه ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻤﺎذا ﺳﯿﻔﻌﻞ ﻋﻨﺪﺋﺬ؟ ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ھﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﯿﻪ أن‬
‫ﻳﺘﺪرب ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار؛ ﻓﮫﻮ ﻳﺮى أن ﻟﺪﻳﻪ اﻟﻤﻮھﺒﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ‪،‬‬
‫واﻟﻤﻮاھﺐ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﯿﮫﺎ أن ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫﺎ‪ ،‬وﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻷﺳﻰ وﺗﻠﻘﻲ اﻟﻠﻮم؛ ﺗﻔﻌﻞ أي ﺷﻲء إﻻ أن ﺗﺘﺤﻤﻞ‬
‫اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﯿﺔ‪.‬‬

‫ﻤﺎ؟‬
‫ﻣﺎذا ﻳﻌﻨﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻧﺠ ً‬
‫هــل ﻳﺘﺤﻢــل اﻟﻨﺞــم ﻣﺲــﺋﻮﻟﯿﺔ أقــل مــن بــاﻗﻲ ﻻﻋﺐــي ﻓﺮﻳﻖــه؟ هــل دوره ﻓﻖــط أن ﻳﻚــون‬
‫ﻤﺎ وأن ﻳﻒــوز بــاﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت‪ ،‬أو ﻳﺤﻢــل ﻋﻞــى ﻋﺎﺗﻖــه ﻣﺲــﺋﻮﻟﯿﺔ أﻛﺐـر مـن ﻣﺲـﺋﻮﻟﯿﺔ‬ ‫ﻋﻆــﻳ ً‬
‫اﻵﺧﺮﻳﻦ؟ ﻣﺎ رأي "ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺟﻮردان"؟‬
‫ﻳﻖــول "جــوردان"‪" :‬فــي ﻣﺠﺘﻤﻌﻦــا أﺣﻲــاﻧًﺎ ﻳﻚــون مــن اﻟﺺــﻋﺐ أن ﺗﺘﻮلــى زمـام اﻟﻘﻲـام ﺑﻢـھﺎم‬
‫ﻣﺎ ﻛﺐـﻳًﺮا"‪ .‬ﺑﻤﻮھﺐـة اﻟﻨﺞـوم ﻳﻤﻚـن اﻟﻒـوز‬ ‫دورك بـدًﻻ مـن ﻣﺤﺎولـة أن ﺗﻚـون ﻧﺞـ ً‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ھﻮ ﻣﺎ ﻳﺤﻘﻖ اﻟﻔﻮز ﺑﺎﻟﺒﻄﻮﻻت‪.‬‬
‫ﻳﺰﻋﻢ اﻟﻤﺪرب "ﺟﻮن وودن" أﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺘﻮﺳﻂ اﻟﻤﮫﺎرة واﻟﺘﺨﻄﯿﻂ‪ .‬ﻓﻜﯿﻒ ﻓﺎز ﺑﻌﺸﺮ ﺑﻄﻮﻻت وطﻨﯿﺔ؟ أﺧﺒﺮﻧﺎ‬
‫ﻋﺎ ﺑﺠﻌﻞ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺄدوارھﻢ ﻛﺠﺰء ﻣﻦ اﻟﻔﺮﻳﻖ ‪ .‬ﻳﻘﻮل "وودن"‪:‬‬ ‫"وودن" أن أﺣﺪ أﺳﺒﺎب ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻛﺎن ﺑﺎر ً‬
‫ﺪاف ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت‪ .‬ﻛﺎن‬ ‫"أؤﻣﻦ‪ ،‬ﻣﺜًﻼ‪ ،‬أﻧﻪ ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻲ أن أﺟﻌﻞ ﻣﻦ "ﻛﺮﻳﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺠﺒﺎر" أﻋﻈﻢ ھ ﱠ‬
‫ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻲ‬
‫ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﻨﺎء اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرﺗﻪ )ﻛﺮﻳﻢ(‪ .‬ھﻞ ﻛﻨﺎ ﺳﻨﺮﺑﺢ ﺛﻼث ﺑﻄﻮﻻت وطﻨﯿﺔ ﺧﻼل وﺟﻮده ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﻘﺎ"‪.‬‬‫ﻛﺎﻟﯿﻔﻮرﻧﯿﺎ؟ ﻣﻄﻠ ً‬
‫اﻟﺮﻳﺎضــﻳﻮن ذوو اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة ﻳﺮيــدون أن ﻳﺜﺒﺖــوا ﻣﻮھﺒﺖــھﻢ‪ .‬ﻳﻌﻦــي هــذا أن ﻳﺘﺺــرﻓﻮا‬
‫كــاﻟﻨﺠﻮم‪ ،‬ولــﻳﺲ "ﻛﻤﺞــرد" ﻋﺾــو فــي اﻟﻒــرﻳﻖ‪ .‬وﻟﻚــن‪ ،‬ﻛﻢــا حــدث مــع "ﺑﻲــدرو‬
‫ﻣﺎرﺗﯿﻨﯿﺰ"‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﺿﺪ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻻﻧﺘﺼﺎرات اﻟﻤﮫﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﻮن ﺗﺤﻘﯿﻘﮫﺎ‪.‬‬
‫إﺣﺪى اﻟﻘﺼﺺ اﻟﻤﮫﻤﺔ ھﻲ ﻗﺼﺔ "ﺑﺎﺗﺮﻳﻚ إﻳﻮﻧﺞ"‪ ،‬اﻟﺬي ﻛﺎن ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ أن ﻳﺼﺒﺢ ﺑﻄًﻼ ﻓﻲ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ‪ .‬ﻓﻲ‬
‫اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻓﯿﮫﺎ "إﻳﻮﻧﺞ" ﻻﻋﺒًﺎ ﻣﺒﺘﺪﺋًﺎ ﺗﻢ اﺳﺘﻘﻄﺎﺑﻪ ‪-‬‬
‫وھﻮ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺗﻢ اﺳﺘﻘﻄﺎﺑﻪ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم ‪ -‬ﻛﺎن ﻓﺮﻳﻖ ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﻧﯿﻜﺲ ھﻮ ﻣﻦ ﻧﺠﺢ ﻓﻲ اﺳﺘﻘﻄﺎب "إﻳﻮﻧﺞ"‪.‬‬
‫ﻓﺄﺻﺒﺢ ﻟﺪى ﻓﺮﻳﻖ ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﻧﯿﻜﺲ "اﻟﺒﺮﺟﺎن اﻟﺘﻮءم"‪،‬‬
‫ﻀﺎ‪ ،‬ﻓﻜﺎﻧﺎ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺘﮫﺪﻳﻒ اﻟﻤﺮﺗﻔﻊ ﻟﻠﻔﺮﻳﻖ‪.‬‬ ‫"إﻳﻮﻧﺞ" اﻟﺒﺎﻟﻎ طﻮﻟﻪ ‪ 2.13‬ﻣﺘﺮ و"ﺑﯿﻞ ﻛﺎرﺗﺮاﻳﺖ" اﻟﺒﺎﻟﻎ طﻮﻟﻪ ‪ 2.13‬أﻳ ً‬
‫ﻛﺎن ﻟﺪﻳﮫﻤﺎ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ ﻛﻞ اﻹﻧﺠﺎزات‪.‬‬
‫أرادوا ﻓﻘﻂ ﻣﻦ "إﻳﻮﻧﺞ" أن ﻳﻜﻮن اﻟﻘﻮة اﻟﺪاﻓﻌﺔ ﻟﻠﻔﺮﻳﻖ‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻜﻦ "إﻳﻮﻧﺞ" ﺳﻌﯿًﺪا ﺑﮫﺬا اﻷﻣﺮ‪ .‬اﻟﻤﺮﻛﺰ ھﻮ ﻣﻜﺎن‬
‫اﻟﻨﺠﻢ‪ .‬ورﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺘﺄﻛًﺪا أن ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ ﺗﺴﺪﻳﺪ‬
‫ﻘﺎ ﻟﯿﺘﻌﻠﻢ ﻛﯿﻒ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ‬ ‫اﻷھﺪاف اﻟﺒﻌﯿﺪة ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮة اﻟﺪاﻓﻌﺔ أن ﺗﻔﻌﻞ‪ .‬ﻣﺎذا ﻟﻮ ﺑﺬل ﻛﻞ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﻪ ﺣ ًّ‬
‫ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻊ؟ )"أﻟﯿﻜﺲ رودرﻳﺠﯿﺰ"‪ ،‬أﻓﻀﻞ ﻻﻋﺐ ﺑﯿﻦ‬
‫اﻟﻘﺎعــدﺗﯿﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲــة واﻟﺜﺎﻟﺚــة فــي تــارﻳﺦ اﻟﺒﯿﺲــﺑﻮل وافــق أن ﻳﻠﻊــب فــي مــرﻛﺰ اﻟﻘﺎعــدة‬
‫اﻟﺜﺎﻟﺚــة ﻋﻦــد اﻧﺾــﻣﺎﻣﻪ إلــى فـرﻳﻖ يـاﻧﻜﯿﺰ‪ .‬كـان ﻋﻠﻲـه أن ﻳﻌﻲـد تـدرﻳﺐ ﻧﻔﺲـه‪ ،‬وﻟﺒﻊـض‬
‫ﻣﺎ ﻋﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﻪ(‪ .‬ﺑﻞ ﺗﻢ إرﺳﺎل "ﻛﺎرﺗﺮاﻳﺖ" ﻟﻼﻧﻀﻤﺎم إﻟﻰ ﻓﺮﻳﻖ ﺷﯿﻜﺎﻏﻮ ﺑﻮﻟﺰ‪ ،‬وﻟﻢ‬ ‫اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬أﺻﺒﺢ ﻣﺨﺘﻠ ً‬
‫ﻔﺎ ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻳﺮﺑﺢ ﻓﺮﻳﻖ ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﻧﯿﻜﺲ أي ﺑﻄﻮﻟﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺼﺔ أﺧﺮى ﻋﻦ ﻻﻋﺐ اﻟﻜﺮة "ﻛﯿﺸﻮن ﺟﻮﻧﺴﻮن"‪ ،‬أﺣﺪ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ ﺷﺪﻳﺪي اﻟﻤﻮھﺒﺔ اﻟﺬي ﻛﱠﺮس ﻧﻔﺴﻪ ﻹﺛﺒﺎت‬
‫ﺳﺌﻞ ﻗﺒﻞ إﺣﺪى اﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت ﻛﯿﻒ ﻳﺮى‬ ‫ﻋﻈﻤﺔ ﻣﻮھﺒﺘﻪ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ُ‬
‫ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ أﺣﺪ ﻧﺠﻮم اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﻤﻨﺎﻓﺲ‪ ،‬أﺟﺎب "ﺟﻮﻧﺴﻮن"‪" :‬أﻧﺖ ﺗﺤﺎول أن ﺗﻘﺎرن ﺑﯿﻦ وﻣﯿﺾ وﻧﺠﻢ‪.‬‬
‫اﻟﻮﻣﯿﺾ ﻳﺪوم ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻘﻂ‪ ،‬أﻣﺎ اﻟﻨﺠﻢ ﻓﻔﻲ‬
‫اﻟﺴﻤﺎء إﻟﻰ اﻷﺑﺪ"‪.‬‬
‫ھﻞ ﻛﺎن "ﺟﻮﻧﺴﻮن" ﻻﻋﺒًﺎ ﻓﻲ ﻓﺮﻳﻖ؟ ﻳﺠﯿﺐ "ﺟﻮﻧﺴﻮن" ﻋﻦ ھﺬا اﻟﺴﺆال‪" :‬أﻧﺎ ﻻﻋﺐ ﻓﺮﻳﻖ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻲ ﻓﺮد أوًﻻ‬
‫ﻲ أن أﻛﻮن اﻟﻼﻋﺐ رﻗﻢ ‪ 1‬ﻓﻲ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم‪ ،‬وﻟﯿﺲ رﻗﻢ‬ ‫‪ ....‬ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﻘﺎ"‪ .‬ﻣﺎذا ﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ اﻷﻣﺮ؟‬ ‫‪ 2‬أو رﻗﻢ ‪ .3‬إذا ﻟﻢ أﻛﻦ اﻟﻼﻋﺐ رﻗﻢ ‪ ،1‬ﻓﻠﻦ أﻛﻮن ﻣﻔﯿًﺪا ﻟﻚ‪ ،‬ﻟﻦ أﺳﺘﻄﯿﻊ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻚ ﺣ ًّ‬
‫ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺮﻳﻒ اﻟﺬي ﻗﺎﻟﻪ "ﺟﻮﻧﺴﻮن" ﻋﻦ‬
‫ﻪ‪ ،‬ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ‪ ،‬أوﻗﻔﻪ ﻓﺮﻳﻖ ﺗﺎﻣﺒﺎ ﺑﺎي ﺑﻮﻛﺎﻧﯿﺮز ﻋﻦ اﻟﻠﻌﺐ‪.‬‬ ‫ﻻﻋﺐ اﻟﻔﺮﻳﻖ ‪ ،‬ﻓﺈن ﻓﺮﻳﻖ ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﺟﯿﺘﺲ ﺑَﺎ َ‬
‫ﻋ ُ‬
 ‫ﻻﺣﻈﺖ أﻣًﺮا ﻣﺜﯿًﺮا ﻟﻼھﺘﻤﺎم‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻢ إﺟﺮاء ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﻊ ﻻﻋﺒﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻮم ﺑﻌﺪ ﻣﺒﺎراة‪ ،‬ﻳﻘﻮﻟﻮن‪ :‬ﻧﺤﻦ ؛ ﻓﮫﻢ‬
‫ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﻔﺮﻳﻖ وﻳﻨﻈﺮون ﻷﻧﻔﺴﮫﻢ ﺑﮫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‪.‬‬
‫أمــــا ﻋﻦــــدﻣﺎ ﻳﺖــــم إجـــراء ﻣﻘﺎﺑﻞــة مــع اﻵخــرﻳﻦ‪ ،‬ﻓﺈنــھﻢ ﻳﻖــوﻟﻮن أنــا وﻳﺶــﻳﺮون ﻟﺰﻣﻼئــھﻢ‬
‫فــي اﻟﻒــرﻳﻖ ﻛﺶــيء ﺑﻢــﻋﺰل ﻋﻦــھﻢ ‪ -‬كــأن زﻣﻼءهــم فــي اﻟﻒــرﻳﻖ هــم مــن ﻳﺘﺶــرﻓﻮن‬
‫ﺑﻤﺸﺎرﻛﺘﻪ ﻋﻈﻤﺘﻪ‪.‬‬

‫ﻛﻞ ﻟﻌﺒﺔ رﻳﺎﺿﯿﺔ ھﻲ ﻟﻌﺒﺔ ﺟﻤﺎﻋﯿﺔ‬

‫ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ أﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ أن ﻛﻞ رﻳﺎﺿﺔ ھﻲ ﻟﻌﺒﺔ ﺟﻤﺎﻋﯿﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى‪ .‬ﻻ ﻳﻠﻌﺒﮫﺎ أﺣﺪ ﺑﻤﻔﺮده‪ .‬ﺣﺘﻰ اﻷﻟﻌﺎب‬
‫اﻟﻔﺮدﻳﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻟﺘﻨﺲ أو اﻟﺠﻮﻟﻒ‪ .‬اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﻮن اﻟﻌﻈﻤﺎء ﻟﺪﻳﮫﻢ‬
‫فــرﻳﻖ مـن اﻟﻤﻮجـھﯿﻦ واﻟﻢـدرﺑﯿﻦ واﻟﻤﺲـاﻋﺪﻳﻦ واﻟﻢـدﻳﺮﻳﻦ واﻟﻤﺲـﺗﺸﺎرﻳﻦ‪ .‬ﻟﻖـد فـھﻤﺖ هـذا اﻷمـر‬
‫ﺑﻮضـوح ﻋﻦـدﻣﺎ قـرأت عـن "ديـاﻧﺎ ﻧﻲـاد"‪ ،‬اﻟﺲـﻳﺪة اﻟﺖـي أحـرزت الـرﻗﻢ اﻟﻘﯿﺎسـي‬
‫اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻲ ﺳﺒﺎﺣﺔ اﻟﻤﯿﺎه اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ‪ .‬ﻣﺎ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﻓﺮدﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﺎﺣﺔ؟ ﺣﺴًﻨﺎ‪ ،‬ﻗﺪ ﻳﺤﺘﺎج‬
‫اﻟﺴﺒﱠﺎح إﻟﻰ أن ﻳﺘﺒﻌﻪ زورق ﺻﻐﯿﺮ ﻟﯿﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺳﻼﻣﺘﻪ‪.‬‬
‫ﺣﯿﻨﻢــا وضــﻋﺖ "ديــاﻧﺎ" ﺧﻄﺖــھﺎ ســ ًرّا‪ ،‬الــرﻗﻢ اﻟﻘﯿﺎســي ﻟﻠﺲـﺑﺎﺣﺔ فـي اﻟﻤﻲـاه اﻟﻤﻔﺘﻮحـة‬
‫سـواء ﻟﻠﺮجـال أو اﻟﺲـﻳﺪات كـان سـﺗﺔ وﺗﺲـﻋﯿﻦ كـﻳﻠﻮ ﻣﺖـًرا وﻧﺺـف اﻟﻚـﻳﻠﻮ ﻣﺖـر‪ .‬أرادت‬
‫"دﻳﺎﻧﺎ" أن ﺗﺴﺒﺢ ﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻣﺎﺋﺔ وﺳﺘﯿﻦ ﻛﯿﻠﻮ ﻣﺘًﺮا‪ .‬ﺑﻌﺪ ﺷﮫﻮر ﻣﻦ اﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﺸﺎق‪ ،‬أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺴﺘﻌﺪة‪ .‬ﺑﻞ ﻛﺎن‬
‫ﻣﻌﮫﺎ ﻓﺮﻳﻖ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﺷﺪﻳﻦ )ﻟﻘﯿﺎس ﺳﺮﻋﺔ اﻟﺮﻳﺎح وﺗﯿﺎر‬
‫اﻟﻤﯿﺎه‪ ،‬وﺗﺮﻗﺐ أي ﻋﻘﺒﺎت(‪ ،‬وﻓﺮﻳﻖ ﻣﻦ اﻟﻐﻮاﺻﯿﻦ )ﻟﻠﺘﻔﺘﯿﺶ ﻋﻦ وﺟﻮد أﺳﻤﺎك ﻗﺮش(‪ ،‬وﺧﺒﺮاء ﺑﻮﻛﺎﻟﺔ ﻧﺎﺳﺎ‬
‫)ﻟﺘﻮﺟﯿﮫﮫﺎ ﺣﻮل اﻟﺘﻐﺬﻳﺔ وﻗﻮة اﻟﺘﺤﻤﻞ ‪ -‬اﺣﺘﺎﺟﺖ "دﻳﺎﻧﺎ"‬
‫ﻣﺎ مــن‬
‫إلــى ألــف وﻣﺎئــة ســﻋﺮ حــراري فــي اﻟﺲــاﻋﺔ وﻓﻖــدت ﺛﻼثــة ﻋﺶــر كــﻳﻠﻮ جــرا ً‬
‫ﺿﺎ اﻟﻢــدرﺑﻮن الـذﻳﻦ سـاﻋﺪوھﺎ ﻋﻞـى ﻣﻮاجـھﺔ‬ ‫وزنــھﺎ خــﻻل ﺗﻞــك اﻟﺮﺣﻞــة!(‪ ،‬وكــان ﻣﻊــھﺎ أيــ ً‬
‫اﻟﺘﺸﻨﺠﺎت اﻟﺨﺎرﺟﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﯿﻄﺮة ودوار اﻟﺒﺤﺮ واﻟﮫﻼوس واﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط‪ .‬رﻗﻤﮫﺎ اﻟﻘﯿﺎﺳﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ ‪ -‬ﻣﺎﺋﺔ‬
‫ق ﺣﺘﻰ اﻵن‪ .‬اﺳﻢ "دﻳﺎﻧﺎ‬
‫وأرﺑﻌﺔ وﺳﺘﻮن ﻛﯿﻠﻮ ﻣﺘًﺮا ‪ -‬ﺑﺎ ٍ‬
‫ﻧﯿﺎد" ھﻮ اﻻﺳﻢ اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ اﻷرﻗﺎم اﻟﻘﯿﺎﺳﯿﺔ‪ ،‬إﻻ أن اﻷﻣﺮ ﺗﻄﻠﺐ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻮاﺣﺪ وﺧﻤﺴﯿﻦ‬
‫ﺼﺎ آﺧﺮ ﻟﻠﻘﯿﺎم ﺑﺬﻟﻚ‪.‬‬
‫ﺷﺨ ً‬

‫اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺎت‬
‫ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ اﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ ﻋﻘﻠﯿﺎت اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﯿﻦ اﻟﺸﺒﺎب‪ .‬أﻧﺼﺖ إﻟﯿﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻋﺎم ‪ ،2004‬ﻛﺎﻧﺖ "أﻳﺴﺲ ﺗﯿﻠﯿﺰ" ﻧﺠﻤﺔ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻟﻜﺮة اﻟﺴﻠﺔ‪ ،‬ﻻﻋﺒﺔ اﻟﮫﺠﻮم اﻟﺘﻲ ﻳﺒﻠﻎ طﻮﻟﮫﺎ ‪ 1.95‬ﻣﺘًﺮا‬
‫ﻓﻲ ﻓﺮﻳﻖ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻳﻮك ﻟﻜﺮة اﻟﺴﻠﺔ ﻟﻠﺴﯿﺪات‪ .‬أﻟﺼﻘﺖ‬
‫"أﻳﺲــس" صــورة أﺑﻲــھﺎ "جــﻳﻤﺲ تــﻳﻠﯿﺰ"‪ ،‬اﻟﻤﻠﻖــب بـــ "اﻟﺲـرﻳﻊ"‪ ،‬ﻋﻞـى ﺧﺰاﻧﺖـھﺎ لـﻳﻜﻮن‬
‫ﻋﺎ لـھﺎ‪ .‬ﺗﻖـول اﻟﻜﺎﺗﺐـة اﻟﺮﻳﺎضـﻳﺔ "فـﻳﻒ ﺑﯿﺮﻧﺲـﺗﺎﻳﻦ"‪" :‬ﻟﻚـن ﺗﻞـك اﻟﺺـورة لـم ﺗﻚـن‬ ‫دافـ ً‬
‫ﻣﺎ"‪.‬‬
‫ﺗﻘﺪﻳًﺮا ﻟﻪ‪ .‬إﻧﮫﺎ ﺗﺬﻛِّﺮ أﻳﺴﺲ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﺘﻤﻨﻰ أﻻ ﺗﻜﻮﻧﻪ ﻳﻮ ً‬
‫ﺴﺎ ﻓﻲ اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﻨﯿﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ‪ .‬ﻋﺎم ‪ ،1981‬ﺗﻨﺎﻓﺲ ﻋﻠﻰ ﻟﻘﺐ ﺑﻄﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ‬ ‫ﻛﺎن "ﺗﯿﻠﯿﺰ" اﻟﺴﺮﻳﻊ ﻣﻨﺎﻓ ً‬
‫ﻓﻲ ﻣﻼﻛﻤﺔ اﻟﻮزن اﻟﺜﻘﯿﻞ؛ وﻓﻲ ﻋﺎم ‪ 1985‬ظﮫﺮ ﻓﻲ ﻓﯿﻠﻢ ‪The‬‬
‫‪) Color Purple‬ﻛﻤﻼﻛﻢ(؛ وﻓﻲ ﻋﺎم ‪ 1986‬ﻛﺎن أول ﻣﻼﻛﻢ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﺣﺘﻰ ﻧﮫﺎﻳﺔ اﻟﻤﺒﺎراة )ﻋﺸﺮ ﺟﻮﻻت( أﻣﺎم "ﻣﺎﻳﻚ‬
‫ﺗﺎﻳﺴﻮن"‪ .‬ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻘﻤﺔ‬
‫ﻗﻂ‪.‬‬
‫ﺗﻘﻮل "أﻳﺴﺲ ﺗﯿﻠﯿﺰ"‪ ،‬وھﻲ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ اﻟﺘﺨﺮج‪" :‬إﻧﻪ ﻋﺎم اﻟﻔﻮز ﺑﺒﻄﻮﻟﺔ وطﻨﯿﺔ‪ .‬أﺷﻌﺮ ﻓﻘﻂ أﻧﻲ ﻗﺪ أﻛﻮن ﻓﺎﺷﻠﺔ‬
‫‪ [ ...‬ﻗﺪ ] أﺷﻌﺮ أﻧﻨﻲ أﺗﺮاﺟﻊ وأﻧﻪ ﺳﯿﻨﺘﮫﻲ ﺑﻲ اﻟﺤﺎل‬
‫ﻛﺄﺑﻲ ‪ :‬ﺷﺨﺺ ﺑﻼ ﻗﯿﻤﺔ"‪.‬‬
‫ﺼﺎ‬
‫ﺼﺎ ﺑﻼ ﻗﯿﻤﺔ‪ .‬إذا ﻓﺎزت‪ ،‬ف ﺳﺘﻜﻮن ﺷﺨ ً‬ ‫ﺼﺎ ذا ﻗﯿﻤﺔ أو ﺗﻜﻮن ﺷﺨ ً‬ ‫ﻳﺎ إﻟﮫﻲ! إﻧﮫﺎ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻓﻜﺮة إﻣﺎ أن ﺗﻜﻮن ﺷﺨ ً‬
‫ﺼﺎ ﺑﻼ ﻗﯿﻤﺔ‪.‬‬
‫ذا ﻗﯿﻤﺔ؛ أﻣﺎ إذا ﺧﺴﺮت ﻓﺴﺘﻜﻮن ﺷﺨ ً‬
‫قــد ﻳﻤﻚــن ﺗﺐــرﻳﺮ ﻏﺾــب "أﻳﺲــس" ﻋﻞــى والــدھﺎ؛ ﻟﻖــد ﺗﺨﻞــى ﻋﻦــھﺎ ﻋﻦــدﻣﺎ كــاﻧﺖ طﻔﻞــة‪.‬‬
‫ﻟﻚــن هـذا اﻟﺘﻔﻚـﻳﺮ ﻳﻊـوق ﻣﺲـﻳﺮﺗﮫﺎ‪ .‬ﺗﻖـول "فـﻳﻒ ﺑﯿﺮﻧﺲـﺗﺎﻳﻦ"‪" :‬رﺑﻢـا ﻻ ﻳﻤﺘﻞـك أي‬
‫ﺷﺨﺺ آﺧﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺮﻛﯿﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﻢ واﻟﻤﮫﺎرة واﻟﺴﺮﻋﺔ واﻟﺮؤﻳﺔ ﻓﻲ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻟﻠﺴﯿﺪات‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺼﻨﻒ‬
‫اﻟﺒﻌﺾ "أﻳﺴﺲ" ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ أﻓﻀﻞ ﻻﻋﺒﺘﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد‪:‬‬
‫وھﻤﺎ "دﻳﺎﻧﺎ ﺗﻮراﺳﻲ" ﻻﻋﺒﺔ ﻓﺮﻳﻖ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻧﯿﺘﯿﻜﺖ‪ ،‬و"أﻻﻧﺎ ﺑﯿﺮد" ﻻﻋﺒﺔ ﻓﺮﻳﻖ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻳﻮك"‪ .‬ﻟﻜﻦ أداء‬
‫"أﻳﺴﺲ" ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ أﺧﻔﻖ ﻓﻲ ﻣﻀﺎھﺎة ﻗﺪرﺗﮫﺎ‪.‬‬
‫ﺗﺸﻌﺮ "أﻳﺴﺲ" ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط ﻣﻦ أن اﻟﻨﺎس ﻳﺘﻮﻗﻌﻮن ﻣﻨﮫﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮ وﻳﺮﻳﺪون أن ﺗﻠﻌﺐ ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ؛ ﻓﺘﻘﻮل‪" :‬أﺷﻌﺮ‬
‫ﻲ اﻟﺬھﺎب ﻟﻠﻌﺐ واﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺿﻌﺎف [‬ ‫أن ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﺿﻌﻒ رﻗﻢ اﻷھﺪاف اﻟﻤﺴﺪدة‪ ،‬ﺿﻌﻒ ﻣﺮات اﻻﺳﺘﺤﻮاذ‪ ،‬ﺿﻌﻒ ﻋﺪد ﺗﻤﺮﻳﺮات اﻟﻜﺮة ] ‪ ،‬وأن أﻗﻮم ﺑﺘﺴﺪﻳﺪة‬
‫اﻹﺳﻘﺎط ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﻓﻮق اﻟﺮأس ﺑﻌﺪ اﻻﻟﺘﻔﺎف ‪ 360‬درﺟﺔ [‬
‫اﺗﺮك ﻗﺪﻣﯿﻚ‪ ،‬اﻟﺘﻒ دورة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺣﻮل ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ اﻟﮫﻮاء وادﻓﻊ ﺑﺎﻟﻜﺮة داﺧﻞ اﻟﺴﻠﺔ ] وﻗﺪ ﻳﻘﻮل اﻟﻨﺎس‪" :‬ﻳﺎ‬
 ‫إﻟﮫﻲ! إﻧﮫﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﺑﮫﺬا اﻟﺴﻮء!""‪.‬‬
‫ﻻ أﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﻨﺎس ﻳﺮﻳﺪون اﻟﻤﺴﺘﺤﯿﻞ‪ .‬أﻋﺘﻘﺪ أﻧﮫﻢ ﻳﺮﻳﺪون ﻓﻘﻂ أن ﻳََﺮْوھﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻣﻮھﺒﺘﮫﺎ اﻟﺮاﺋﻌﺔ إﻟﻰ‬
‫أﻗﺼﻰ ﺣﺪ‪ .‬أﻋﺘﻘﺪ أﻧﮫﻢ ﻳﺮﻳﺪون أن ﺗﻨﻤﻲ اﻟﻤﮫﺎرات اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎج‬
‫إﻟﯿﮫﺎ ﻟﺘﺤﻘﻖ أھﺪاﻓﮫﺎ‪.‬‬
‫اﻟﻘﻠﻖ ﻣﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺸﺨﺺ ﺑﻼ ﻗﯿﻤﺔ ﻟﯿﺲ ھﻮ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻓﻊ اﻷﺑﻄﺎل وﺗﺪﻋﻤﮫﻢ‪) .‬ﺑﺮﻏﻢ ﺻﻌﻮﺑﺔ ذﻟﻚ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ "أﻳﺴﺲ" أن ﺗﻨﻈﺮ ﺑﺎﺣﺘﺮام ﻟﺤﻘﯿﻘﺔ أن‬
‫واﻟﺪھﺎ ﺣﺎول اﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ أن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺨﺰي ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻨﺠﺢ ﻓﯿﻪ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ(‪ .‬ﻻ ﻳﺘﻢ ﺗﺤﺪﻳﺪ‬
‫اﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻟﻘﯿﻤﺔ ﺣﺴﺐ إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﺎزوا أو ﺧﺴﺮوا‪.‬‬
‫ﺖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﻚ ﻳﺎ‬ ‫اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻘﯿﻤﺔ ھﻢ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻮا ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ وﺳﻌﮫﻢ ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪوﻧﻪ‪ .‬إذا ﺑﺬﻟ ِ‬
‫"أﻳﺴﺲ ﺗﯿﻠﯿﺰ"‪ ،‬ﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ اﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت‪ ،‬ﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﻤﺮﻳﻨﺎت‬
‫ﻀﺎ ‪ -‬ﻓﺴﺘﻜﻮﻧﯿﻦ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ذات ﻗﯿﻤﺔ‪.‬‬ ‫أﻳ ً‬
‫إﻟﯿﻚ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻷﺧﺮى‪ .‬ﻧﺮاھﺎ ﻓﻲ "ﻛﺎﻧﺪاس ﺑﺎرﻛﺮ" اﻟﺘﻲ ﻳﺒﻠﻎ طﻮﻟﮫﺎ ‪ 1.93‬ﻣﺘًﺮا‪ ،‬اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮة‬
‫ﻣﻦ ﻋﻤﺮھﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻨﮫﺎﺋﯿﺔ ﺑﻤﺪرﺳﺔ ﻧﺎﺑﺮﻓﯿﻞ‬
‫ﺳﻨﺘﺮال اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ وﻻﻳﺔ ﺷﯿﻜﺎﻏﻮ‪ ،‬ﺛﻢ ذھﺒﺖ إﻟﻰ وﻻﻳﺔ ﺗﯿﻨﯿﺴﻲ ﻟﺘﻨﻀﻢ إﻟﻰ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﻤﺘﻄﻮﻋﺎت ﻟﻜﺮة‬
‫اﻟﺴﻠﺔ ﻟﻠﺴﯿﺪات وﻣﺪرﺑﺘﮫﻦ اﻟﺮاﺋﻌﺔ "ﺑﺎت ﺳﺎﻣﯿﺖ"‪.‬‬
‫ﺖ ﺑﺠﺪ ﻋﻠﻰ أﻣﺮ ﻣﺎ‪،‬‬ ‫ﻔﺎ‪" :‬إذا ﻋﻤﻠ ِ‬‫ﺳﺎ ﻣﺨﺘﻠ ً‬‫ﻣﺎ ﻋﻦ واﻟﺪ "أﻳﺴﺲ"؛ ﻓﮫﻮ ﻳﻌﻠﻤﮫﺎ در ً‬ ‫ﻟﺪى "ﻛﺎﻧﺪاس" أب ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻚ"‪.‬‬‫ﻓﻤﺎ ﺑﺬﻟِﺘﻪ ﺳﯿﻌﻮد ﺑﺎﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﻠﯿ ِ‬
‫ﻘﺪ ھﺪوء أﻋﺼﺎﺑﻪ ﻣﻌﮫﺎ ﺧﻼل إﺣﺪى‬ ‫ﻗﺒﻞ ﻋﺪة ﺳﻨﻮات‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن أﺑﻮھﺎ ھﻮ ﻣﺪرب اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﺗﻠﻌﺐ ﺑﻪ‪ ،‬ﻓ َ‬
‫اﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت ﻓﻲ دورة رﻳﺎﺿﯿﺔ‪ .‬ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﺤﻮاذ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮة‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺬف اﻟﻜﺮة ﺑﻜﺴﻞ ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺑﻌﯿﺪة ﻓﻲ اﻟﻤﻠﻌﺐ ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ اﺳﺘﻐﻼل طﻮﻟﮫﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ اﻟﺴﻠﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺒﺬل ﺟﮫﺪھﺎ ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎع‪ .‬ﻗﺎل‬
‫ﻟﮫﺎ أﺑﻮھﺎ‪" :‬واﻵن ﻟﻨﺨﺮج إﻟﻰ اﻟﻤﻠﻌﺐ وﻧﻌﻤﻞ ﺑﺠﮫﺪ أﻛﺒﺮ!"‪ ،‬ﻓﻤﺎذا ﺣﺪث؟ ﻟﻌﺒﺖ وأﺣﺮزت ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻧﻘﻄﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺸﻮط اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺎراة‪ ،‬وﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﻋﺸﺮة اﺳﺘﺤﻮاذات‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺮة‪ .‬ﻟﻘﺪ أطﺎﺣﻮا ﺑﺎﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﻤﻨﺎﻓﺲ‪ .‬ﺗﻘﻮل "ﻛﺎﻧﺪاس" ﻋﻦ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪" :‬أﺛﺎر اﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﺑﺪاﺧﻠﻲ‪ ،‬وأﻋﻠﻢ أﻧﻪ‬
‫ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﺻﻮاب"‪.‬‬
‫ﺗﺜﯿﺮ "ﻛﺎﻧﺪاس"اﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻧﻔﺴﮫﺎ ﺑﺪاﺧﻠﮫﺎ اﻵن‪ .‬ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ أن ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ ﻟﻜﻮﻧﮫﺎ ﻧﺠﻤﺔ‪ ،‬ﻳﺒﺪو أﻧﮫﺎ ﺗﺘﻄﻮر طﻮال‬
‫اﻟﻮﻗﺖ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎدت ﺑﻌﺪ ﺟﺮاﺣﺔ ﺑﺎﻟﺮﻛﺒﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ‬
‫أن ﻋﻠﻲــھﺎ أن ﺗﺖــدرب ﻋﻞــى ضــﺑﻂ ﺗﻮقــﻳﺖ ﺣﺮﻛﺎتــھﺎ وأﻋﺺــاﺑﮫﺎ وﺗﻨﻔﺲــھﺎ‪ .‬ﻋﻦــدﻣﺎ أﺧﻂــأت‬
‫اﻟﺘﺲــدﻳﺪة اﻟﺖــي ﺗﺲــاوي ثــﻻث ﻧﻖــاط‪ ،‬طﻠﺐـت مـن أﺑﻲـھﺎ أن ﻳﺺـطﺤﺒﮫﺎ إلـى صـاﻟﺔ اﻟﺘﺪرﻳﺒﺎت‬
‫اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ ﻟﯿﺴﺎﻋﺪھﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺴﺪﻳﺪة‪ .‬ﺗﻘﻮل "ﻛﺎﻧﺪاس"‪" :‬ﺳﻮاء ﻓﻲ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ أو اﻟﺤﯿﺎة اﻟﯿﻮﻣﯿﺔ‪،‬‬
‫ﻻ ﺷﻲء ﻣﻀﻤﻮن"‪.‬‬
‫ﻓﻘﻂ ﺑﻌﺪ ﻣﺮور أﺳﺎﺑﯿﻊ‪ ،‬ﺗﺤﻘﻖ ﻣﺎ ﺗﻢ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻪ ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ‪ .‬ﺣﺪث ﺷﯿﺌﺎن؛ اﻷول‪ ،‬ﻟﻸﺳﻒ‪ ،‬أن ﻓﺮﻳﻖ "أﻳﺴﺲ‬
‫ﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ‪ .‬اﻷﻣﺮ اﻵﺧﺮ اﻟﺬي ﺣﺪث‬ ‫ﺗﯿﻠﯿﺰ" ﺧﺮج ﻣﮫﺰو ً‬
‫أن "ﻛﺎﻧﺪاس ﺑﺎرﻛﺮ" أﺻﺒﺤﺖ أول اﻣﺮأة ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺗﻔﻮز ﺑﺒﻄﻮﻟﺔ ﻛﺮة ﺳﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﺴﺪﻳﺪة اﻹﺳﻘﺎط ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ‪.‬‬
‫ﺷﺨﺼﯿﺔ اﻟﺒﻄﻞ وﺟﺴﺎرﺗﻪ وﻋﻘﻠﻪ‪ ،‬ھﻢ ﻣﻦ ﻳﺼﻨﻌﻮن رﻳﺎﺿﯿﯿﻦ ﻋﻈﻤﺎء‪ ،‬وھﻢ ﻣﻦ ﻳﻨﺒﻌﻮن ﻣﻦ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‬
‫وﺗﺮﻛﯿﺰھﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻤﯿﺔ وﺗﺤﻔﯿﺰ اﻟﺬات واﻟﻤﺴﺌﻮﻟﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن أﻓﻀﻞ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﯿﻦ ﻣﻨﺎﻓﺴﻮن ﺷﺮﺳﻮن وﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﻜﻮﻧﻮا اﻷﻓﻀﻞ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻌﻈﻤﺔ ﻻ ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻐﺮور اﻟﺬي ﻟﺪى اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬وﺧﻮﻓﮫﺎ‬
‫ﻣﻦ أﻧﮫﺎ إﻣﺎ أن ﺗﻜﻮن ﺷﺨﺼﯿﺔ ذات ﻗﯿﻤﺔ أو ﺗﻜﻮن ﺑﻼ ﻗﯿﻤﺔ‪ .‬ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﯿﻦ رﺑﻤﺎ ﻗﺪ ﻛﺎﻧﻮا ذوي "ﻣﻮھﺒﺔ‬
‫ﻓﻄﺮﻳﺔ" ‪ -‬وﻟﻜﻦ اﻋﻠﻢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل "ﺟﻮن وودن" أﻧﻨﺎ ﻻ‬
‫ﻧﺘﺬﻛﺮ أﻏﻠﺒﮫﻢ‪.‬‬
 ‫اﻟﻔﺼﻞ ‪5‬‬
‫ﻋﺎﻟﻢ اﻷﻋﻤﺎل‪ :‬اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﻟﻘﯿﺎدة‬
‫ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون وﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻤﻮھﺒﺔ‬
‫ﻋﺎم ‪ ،2001‬أﻋﻠﻦ اﻟﺨﺒﺮ اﻟﺬي ﺻﺪم ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺸﺮﻛﺎت‪ .‬أﻓﻠﺴﺖ ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺜﻞ ﺷﺮﻛﺔ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪.‬‬
‫ﻣﺎذا ﺣﺪث؟ ﻛﯿﻒ ﺗﺤﻮﻟﺖ ھﺬه اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﻮاﻋﺪة ﺑﺼﻮرة‬
‫ھﺎﺋﻠﺔ إﻟﻰ ﻛﺎرﺛﺔ ﺟﺴﯿﻤﺔ؟ ھﻞ ﻳﺮﺟﻊ ھﺬا إﻟﻰ ﻋﺪم اﻟﻜﻔﺎءة؟ ھﻞ ﻳﺮﺟﻊ ھﺬا إﻟﻰ اﻟﻔﺴﺎد؟‬
‫ﻘﺎ ﻟﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ "ﻣﺎﻟﻜﻮم ﺟﻼدوﻳﻞ"‪ ،‬اﻟﺬي ﻳﻜﺘﺐ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ ذا ﻧﯿﻮﻳﻮرﻛﺮ‪ ،‬أن اﻟﺸﺮﻛﺎت‬ ‫ﻳﺮﺟﻊ ھﺬا إﻟﻰ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‪ .‬وﻓ ً‬
‫اﻷﻣﺮﻳﻜﯿﺔ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﮫﻮوﺳﺔ ﺑﺎﻟﻤﻮھﺒﺔ‪ .‬ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ‪ ،‬ﻛﺎن ﻳﺼﺮ‬
‫أﺳﺎﺗﺬة ﺷﺮﻛﺔ ﻣﺎﻛﻨﺰي آﻧﺪ ﻛﻮﻣﺒﺎﻧﻲ‪ ،‬اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﺮاﺋﺪة ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻻﺳﺘﺸﺎرات اﻹدارﻳﺔ‪ ،‬أن ﻧﺠﺎح‬
‫اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻵن ﻳﺘﻄﻠﺐ "ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻤﻮھﺒﺔ"‪ .‬وداﻓﻌﻮا ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺑﺄﻧﻪ‬
‫ﻛﻤﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻮاھﺐ ﻓﻄﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ‪ ،‬ﻓﮫﻨﺎك ﻣﻮاھﺐ ﻓﻄﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺎرة‪ .‬وﻛﻤﺎ ﺗﺪﻓﻊ اﻟﻔﺮق اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ ﻣﺒﺎﻟﻎ‬
‫طﺎﺋﻠﺔ ﻟﺘﺘﻌﺎﻗﺪ ﻣﻊ اﻟﻤﻮاھﺐ اﻟﻀﺨﻤﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺸﺮﻛﺎت أﻻ ﺗﺒﺨﻞ ﺑﺄي ﻧﻔﻘﺎت ﻟﺘﺴﺘﻌﯿﻦ ﺑﺎﻟﻤﻮھﻮﺑﯿﻦ؛ ﻓﮫﺬا ھﻮ اﻟﺴﻼح اﻟﺴﺮي‪ ،‬وأداة اﻻﻧﺘﺼﺎر ﻓﻲ‬
‫اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ‪.‬‬
‫ﻛﺘﺐ "ﺟﻼدوﻳﻞ" ﻋﻦ ھﺬا‪" :‬ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻤﻮھﺒﺔ ھﺬه ھﻲ اﻟﻤﺬھﺐ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻹدارة اﻷﻣﺮﻳﻜﯿﺔ"؛ ﻓﮫﻲ اﻟﺘﻲ‬
‫وﺿﻌﺖ ﻣﺨﻄﻂ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون ‪ -‬وھﻲ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﺖ ﺑﺬور‬
‫اﻧﮫﯿﺎرھﺎ‪.‬‬
‫وظﻒــت شـرﻛﺔ إنـرون اﻟﻢـواھﺐ اﻟﻜﺐـﻳﺮة‪ ،‬فـي اﻟﻎـاﻟﺐ اﻷشـﺧﺎص الـذﻳﻦ ﻳﺤﻤﻞـون درجـات ﻋﻠﻤﻲـة‬
‫راﻗﻲـة‪ ،‬اﻷمـر الـذي لـﻳﺲ سـﻳًﺌﺎ فـي حـد ذاتـه‪ .‬دﻓﻊـت إﻟﻲـھﻢ اﻟﺶـرﻛﺔ ﻣﺐـاﻟﻎ‬
‫ﻀﺎ‪ .‬ﻟﻜﻦ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺑﻮﺿﻌﮫﺎ اﻹﻳﻤﺎن اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻠﺖ أﻣًﺮا ﻣﺪﻣًﺮا‪.‬‬ ‫ﻛﺒﯿﺮة‪ ،‬وھﻮ أﻣﺮ ﻟﯿﺲ ﺑﮫﺬا اﻟﺴﻮء أﻳ ً‬
‫ﺪس اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪ ،‬وﺑﺬﻟﻚ أﺟﺒﺮت‬ ‫أﻗﺎﻣﺖ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺗﻘ ِّ‬
‫ﻣﻮظﻔﯿﮫﺎ أن ﻳﻈﮫﺮوا وﻳﺘﺼﺮﻓﻮا ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻓﯿﻪ ﻛﻤﻮھﻮﺑﯿﻦ‪ .‬ﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﺳﻲ‪ ،‬أﺟﺒﺮﺗﮫﻢ أن ﻳﻔﻜﺮوا ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬وﻧﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ھﺬا‪ .‬ﻧﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل‬
‫أﺑﺤﺎﺛﻨﺎ أن اﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻻ ﻳﻌﺘﺮﻓﻮن ﺑﻨﻘﺎﺋﺼﮫﻢ وﻻ ﻳﺘﺪارﻛﻮﻧﮫﺎ‪.‬‬
‫أﺗﺬﻛﺮ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﻨﺎ ﻓﯿﮫﺎ ﺣﻮاًرا ﻣﻊ طﻼب ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ھﻮﻧﺞ ﻛﻮﻧﺞ‪ ،‬اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺪرﺳﻮن ﻓﯿﮫﺎ ﻛﻞ اﻟﻤﻮاد‬
‫ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﯿﺰﻳﺔ؟ ﻛﺎن اﻟﻄﻼب ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‬
‫ﺠﺎ ﺗﺪرﻳﺒﯿًّﺎ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺨﻮف ﻣﻦ أن ﻳﻈﮫﺮوا ﺿﻌﻔﺎء إﻟﻰ درﺟﺔ أﻧﮫﻢ رﻓﻀﻮا أن ﻳﺪرﺳﻮا ﺑﺮﻧﺎﻣ ً‬
‫ﺗﺤﺴﯿﻦ ﻟﻐﺘﮫﻢ اﻹﻧﺠﻠﯿﺰﻳﺔ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻌﯿﺸﻮا ﻓﻲ ﺑﯿﺌﺔ ﻧﻔﺴﯿﺔ ﺗﺘﯿﺢ‬
‫ﻟﮫﻢ ﺧﻮض ھﺬه اﻟﻤﺨﺎطﺮة‪.‬‬
‫وھﻞ ﺗﺘﺬﻛﺮ ﻛﯿﻒ ﺟﻌﻠﻨﺎ اﻟﻄﻼب ﻳﻔﻜﺮون ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻛﺎﺋﮫﻢ ‪ -‬ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ‬
‫ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون ﻣﻊ ﻣﻮظﻔﯿﮫﺎ اﻟﻼﻣﻌﯿﻦ؟ وﻓﻲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ‪،‬‬
‫ﺑﻊــد مــرور ﺑﻊــض اﻟﻤﺶــﻛﻼت اﻟﺺــﻋﺒﺔ‪ ،‬طﻠﺒﻦـا مـن كـل طـاﻟﺐ أن ﻳﻜﺖـب ﺧﻂـاﺑًﺎ ﻟﻂـاﻟﺐ آخـر فـي‬
‫ﻣﺪرسـة أخـرى وﻳﺤﻚـوا عـن اﻟﺘﺠﺮبـة اﻟﺖـي مـروا بـھﺎ فـي ﺑﺤﺜﻦـا‪ .‬ﻋﻦـدﻣﺎ ﻗﺮأنـا‬
‫ﺧﻄﺎﺑﺎﺗﮫﻢ‪ ،‬ﺷﻌﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﺼﺪﻣﺔ‪ %40 :‬ﻣﻨﮫﻢ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻛﺬﺑﻮا ﺑﺸﺄن درﺟﺎﺗﮫﻢ ‪ -‬ﺟﻤﯿﻌﮫﻢ رﻓﻌﻮا درﺟﺎﺗﮫﻢ‪ .‬اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‬
‫ﺣﻮﻟﺖ اﻟﻌﯿﺐ اﻟﺒﺴﯿﻂ إﻟﻰ ﺧﻄﺄ ﻏﯿﺮ ﻣﺤﺘﻤﻞ‪.‬‬
‫ﺪرھﻢ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻮھﺒﺘﮫﻢ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ﻳﻮاﺟﮫﻮن‬ ‫ﻳﺨﺘﺘﻢ "ﺟﻼدوﻳﻞ" ﻛﻼﻣﻪ ﺑﺄن اﻟﻨﺎس ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﯿﺸﻮن ﻓﻲ ﺑﯿﺌﺔ ﺗﻘ ِّ‬
‫ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺟﺴﯿﻤﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺻﻮرﺗﮫﻢ ﻋﻦ ﻣﻮھﺒﺘﮫﻢ ﻣﺤﻞ‬
‫ﺗﮫﺪﻳﺪ‪" :‬ﻟﻦ ﻳﺨﻀﻌﻮا ﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ﻋﻼﺟﻲ‪ ،‬ﻟﻦ ﻳﻮاﺟﮫﻮا اﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ وﻋﻤﻮم اﻟﻨﺎس وﻳﻌﺘﺮﻓﻮا أﻧﮫﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺨﻄﺌﯿﻦ‪.‬‬
‫وﻗﺪ ﻳﻜﺬﺑﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر"‪.‬‬
‫ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ ﺗﺪارك أﺧﻄﺎﺋﮫﺎ‪ ،‬ﻻ ﻳﻤﻜﻨﮫﺎ اﻻزدھﺎر‪.‬‬
‫إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ھﻲ اﻟﺘﻲ ﻗﻀﺖ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون‪ ،‬ﻓﮫﻞ ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا أن اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺠﺢ ﺗﻔﻜﺮ‬
‫ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ؟ ﻟَِﻨَﺮ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻤﻮ‬

‫ﻗﺮر "ﺟﯿﻢ ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" أن ﻳﻜﺘﺸﻒ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺮﻛﺎت ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﮫﺎ ﺟﯿﺪة إﻟﻰ أن ﺗﺼﺒﺢ راﺋﻌﺔ‪.‬‬
‫ﻦ ھﺬه اﻟﺸﺮﻛﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﮫﺬه اﻟﻘﻔﺰة‬
‫ﻜ َ‬‫ﻣ ﱠ‬
‫ﻣﺎ اﻟﺬي َ‬
‫ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺠﺪ ‪ -‬وأن ﻳﺴﺘﻤﺮوا ﻓﯿﻪ ‪ -‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﻤﺸﺎﺑﮫﺔ اﻷﺧﺮى ظﻠﺖ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﮫﺎ وﻟﻢ ﺗﺰدھﺮ؟‬
‫ﻦ هــذا اﻟﺲــؤال‪ ،‬شــرع "ﻛﻮلــﻳﻨﺰ" وﻓﺮﻳﻖــه فــي ﺑﺢــث مــدﺗﻪ ﺧﻢــس ســﻧﻮات‪.‬‬
‫ﻋ ْ‬‫ﻟﻺﺟﺎبــة َ‬
‫اﺧﺖــاروا إحــدى ﻋﺶــرة شــرﻛﺔ ارﺗﻔﻊــت ﻋﺎئــدات أســھﻤﮫﺎ ﺑﺶــﻛﻞ ﻛﺐــﻳﺮ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎرنــة مـع‬
‫اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻷﺧﺮى ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﮫﺎ‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﺣﺎﻓﻈﺖ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻻرﺗﻔﺎع ﻟﻤﺪة ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮة ﺳﻨﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ‪ .‬ﻗﺎرﻧﻮا‬
‫ﺑﯿﻦ ﻛﻞ ﺷﺮﻛﺔ وأﺧﺮى ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺠﺎل ﻟﺪﻳﮫﺎ ﻧﻔﺲ‬
‫اﻟﻤﻮارد وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻟﻢ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﻄﻔﺮة ﻧﻔﺴﮫﺎ‪ .‬ﻛﻤﺎ درس ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻛﺎت‪ :‬ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﺖ ﻗﻔﺰة ﻣﻦ‬
 ‫ﻛﻮﻧﮫﺎ ﺟﯿﺪة إﻟﻰ أن أﺻﺒﺤﺖ راﺋﻌﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻟﻢ ﺗﺤﺎﻓﻆ‬
‫ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻤﺴﺘﻮى‪.‬‬
‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻣﯿﱠﺰ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﻤﺰدھﺮة ﻋﻦ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻷﺧﺮى؟ إﻧﻪ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﻤﮫﻤﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮھﺎ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ"‬
‫ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ‪ ، Good to Great‬وﻟﻜﻦ ﻛﺎن اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻷھﻢ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق ھﻮ ﻧﻮع اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﺬي ﻳﻘﻮد اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ اﻷﺣﻮال ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺠﺪ‪ .‬ھﺆﻻء ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﻦ ﻧﻮع‬
‫ﺪﻣﻮن‬ ‫اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﺒﮫﺮﻳﻦ اﻟﺠﺬاﺑﯿﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺘﻠﺌﻮن ﻏﺮوًرا وﻳﻘ ِّ‬
‫أﻧﻔﺴﮫﻢ ﻛﻤﻮھﻮﺑﯿﻦ‪ ،‬ﺑﻞ ھﻢ أﺷﺨﺎص ﻟﺪﻳﮫﻢ إﻧﻜﺎر ﻟﻠﺬات‪ ،‬وﻳﻄﺮﺣﻮن اﻷﺳﺌﻠﺔ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار‪ ،‬وﻟﺪﻳﮫﻢ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻮاﺟﮫﺔ أﻗﺴﻰ اﻹﺟﺎﺑﺎت ‪ -‬أي أﻧﮫﻢ ﻟﺪﻳﮫﻢ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻮاﺟﮫﺔ اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت‪ ،‬ﺣﺘﻰ إﺧﻔﺎﻗﺎﺗﮫﻢ ھﻢ‪ ،‬ﻣﺘﻤﺴﻜﯿﻦ ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ ﺑﺄﻧﮫﻢ ﺳﯿﻨﺠﺤﻮن ﻓﻲ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ‪.‬‬
‫هــل ســﻣﻌﻨﺎ هــذا اﻟﻚــﻻم مــن ﻗﺐــل؟ ﻳﺘﺲــاءل "ﻛﻮلــﻳﻨﺰ" عــن سـﺑﺐ أن ﻗﺎدتـه اﻟﻤﺆثـرﻳﻦ لـدﻳﮫﻢ‬
‫ﻋﺎ ﻋﻞـى هـذا‬ ‫ﺗﻞـك اﻟﻤﻮاصـﻓﺎت اﻟﺨﺎصـة‪ ،‬وعـن سـﺑﺐ تـواﻓﻖ ﺗﻞـك اﻟﻤﻮاصـﻓﺎت مـ ً‬
‫اﻟﻨﺤﻮ‪ ،‬وﻛﯿﻒ اﻛﺘﺴﺒﮫﺎ أوﻟﺌﻚ اﻟﻘﺎدة‪ .‬وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻌﺮف إﺟﺎﺑﺔ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻷﺳﺌﻠﺔ؛ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬أوﻟﺌﻚ اﻟﻘﺎدة‬
‫ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪ .‬وھﺎ ھﻲ ذي اﻟﺪﻻﺋﻞ‪:‬‬
‫فــھﻢ ﻻ ﻳﺢــاوﻟﻮن ﺑﺎســﺗﻤﺮار أن ﻳﺜﺒﺖــوا أنــھﻢ أﻓﺾــل مــن اﻵخــرﻳﻦ‪ .‬ﻋﻞــى ســﺑﯿﻞ اﻟﻤﺚــال‪ ،‬هــم‬
‫ﻻ يــرﻛﺰون ﻋﻞــى أنــھﻢ أﻋﻞــى مــن اﻵخــرﻳﻦ‪ ،‬وﻻ ﻳﻨﺲــﺑﻮن اﻟﻔﺾــل ﻷﻧﻔﺲــھﻢ فــي‬
‫إﺳﮫﺎﻣﺎت اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬وﻻ ﻳﻘﻠﻠﻮن ﻣﻦ ﻗﺪر اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻟﯿﺸﻌﺮوا ﺑﺎﻟﺴﻤﻮ‪.‬‬
‫ﺑﻞ ھﻢ ﻳﺤﺎوﻟﻮن أن ﻳﻄﻮروا ﻣﻦ أﻧﻔﺴﮫﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺘﻤﺮ‪ ،‬وﻳﺤﯿﻄﻮا أﻧﻔﺴﮫﻢ ﺑﺄﻛﺜﺮ اﻷﺷﺨﺎص ﻗﺪرة اﻟﺬﻳﻦ‬
‫ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ إﻳﺠﺎدھﻢ‪ ،‬ﻳﻨﻈﺮون ﺑﻤﻮﺿﻮﻋﯿﺔ إﻟﻰ أﺧﻄﺎﺋﮫﻢ وأوﺟﻪ‬
‫ﻗﺺــورھﻢ‪ ،‬وﻳﺲــأﻟﻮن ﺑﻮضــوح عـن اﻟﻢـھﺎرات اﻟﺖـي ﻳﺤﺖـاﺟﻮن إﻟﻲـھﺎ وﺗﺤﺖـاج اﻟﺶـرﻛﺔ إﻟﻲـھﺎ‬
‫ﻣﺎ ﺑﺜﻖـة‬ ‫فـي اﻟﻤﺲـﺗﻘﺒﻞ‪ .‬ولـھﺬه اﻷسـﺑﺎب‪ ،‬ﻳﻤﻚـن لـھﺆﻻء اﻷشـﺧﺎص أن ﻳﻤﺾـوا قـد ً‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ‪ ،‬وﻟﯿﺴﺖ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ أوھﺎم ﺣﻮل ﻣﻮھﺒﺘﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻳﺶــﻳﺮ "ﻛﻮلــﻳﻨﺰ" إلــى أن "أﻻن ورﺗﺲــل"‪ ،‬الــرﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﻲــذي ﻟﺲــﻟﺴﻠﺔ ســﻳﺮﻛﻮت ســﻳﺘﻲ‬
‫اﻟﻌﻤﻼقــة ﻟﻤﺖــاﺟﺮ بــﻳﻊ ﻣﻨﺘﺞــات اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲــات‪ ،‬ﻋﻖــد ﻧﻘﺎشــات فــي ﻗﺎعـة اﺟﺘﻢـاﻋﺎت‬
‫ﻣﺠﻠﺲ إدارة ﺷﺮﻛﺘﻪ‪ .‬ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ أن ﻳﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻠﺲ إدارﺗﻪ‪ ،‬اﺳﺘﺨﺪﻣﮫﻢ ﻟﯿﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﮫﻢ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻣﻊ ﻓﺮﻳﻖ‬
‫ﻣﺪﻳﺮﻳﻪ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﯿﻦ‪ ،‬طﺮح ﻋﻠﯿﮫﻢ اﻷﺳﺌﻠﺔ وﺗﻨﺎﻗﺶ ﻣﻌﮫﻢ‬
‫وﺣﻔﺰھﻢ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﺻﻞ ﺗﺪرﻳﺠﯿًّﺎ إﻟﻰ ﺻﻮرة أوﺿﺢ ﺣﻮل وﺿﻊ اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﺤﺎﻟﻲ وﺣﻮل ﻣﺎ ﻋﻠﯿﮫﺎ أن ﺗﺼﻞ إﻟﯿﻪ‪.‬‬
‫ﺪﻋﻲ؛‬ ‫ﻳﻘﻮل "ورﺗﺴﻞ" لـ"ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ"‪" :‬اﻋﺘﺎدوا أن ﻳﻠﻘﺒﻮﻧﻲ ﺑﺎﻟﻤ ﱠ‬
‫ﻷﻧﻲ ﻗﺪ أرﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﺳﺆال‪ .‬أﺗﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻣﺜﻞ ﻛﻠﺐ اﻟﺒﻮﻟﺪوج‪ ،‬ﻻ أﺗﺮك اﻷﻣﺮ ﺣﺘﻰ أﻓﮫﻢ‪ .‬ﻟﻤﺎذا‪ ،‬ﻟﻤﺎذا‪ ،‬ﻟﻤﺎذا؟"‪.‬‬
‫ﺤﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺎد ﺷﺮﻛﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ وﺷﻚ اﻹﻓﻼس وﺧﻼل‬ ‫دّا ﻋﺎدﻳًّﺎ ﻣﻜﺎﻓ ً‬ ‫ﺪ "ورﺗﺴﻞ" ﻧﻔﺴﻪ "ﺟﻮاد ﺣﺮث"‪ ،‬رﺟًﻼ ﺟﺎ ً‬ ‫ﻌ ﱡ‬
‫ﻳَ ُ‬
‫ﻮﻟﮫﺎ إﻟﻰ ﺷﺮﻛﺔ ﺗﺪﻓﻊ ﻋﺎﺋًﺪا ﻛﻠﯿًّﺎ‬ ‫ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮة ﺳﻨﺔ ﺣ ﱠ‬
‫ﻟﻤﺴﺎھﻤﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ أﻋﻠﻰ ﻣﻤﺎ ﺗﺪﻓﻌﻪ أي ﺷﺮﻛﺔ أﺧﺮى ﻓﻲ ﺑﻮرﺻﺔ ﻧﯿﻮﻳﻮرك‪.‬‬

‫دراﺳﺔ ﻋﻦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﻟﻘﺮارات اﻹدارﻳﺔ‬

‫أﺟﺮى "روﺑﺮت وود" و"أﻟﺒﺮت ﺑﺎﻧﺪورا" دراﺳﺔ ﻣﺬھﻠﺔ ﻋﻠﻰ طﻼب اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯿﺎ ﺑﻤﺠﺎل اﻟﺘﺠﺎرة‪ ،‬وﻛﺜﯿﺮ ﻣﻨﮫﻢ‬
‫ﻟﺪﻳﮫﻢ ﺧﺒﺮة ﺑﺎﻹدارة‪ .‬ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺘﻲ أﺟﺮوھﺎ‪،‬‬
‫ﺻﻨﻌﻮا ﻣﺪﻳﺮﻳﻦ ﻛﻤﺪﻳﺮي ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون‪ ،‬وﻣﺪﻳﺮﻳﻦ ﻛﻤﺪﻳﺮي ﺷﺮﻛﺔ "ورﺗﺴﻞ"؛ وذﻟﻚ ﺑﺠﻌﻠﮫﻢ ﻳﻔﻜﺮون ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺎت‬
‫اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‪.‬‬
‫أﻋﻄﻰ "وود" و"ﺑﺎﻧﺪورا" ھﺆﻻء اﻟﻘﺎدة اﻟﻨﺎﺷﺌﯿﻦ ﺑﻤﺠﺎل اﻟﺘﺠﺎرة ﻣﮫﻤﺔ إدارﻳﺔ ﻣﻌﻘﺪة؛ ﺣﯿﺚ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﯿﮫﻢ أن‬
‫ﺟﺎ ﻟﺸﺮﻛﺔ‪ ،‬ﺷﺮﻛﺔ أﺛﺎث‪ .‬ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﮫﻤﺔ اﻟﻤﺪارة‬ ‫ﻳﺪﻳﺮوا ﻧﻤﻮذ ً‬
‫إﻟﻜﺘﺮوﻧﯿًّﺎ‪ ،‬ﻋﻠﯿﮫﻢ أن ﻳﻀﻌﻮا اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻮظﺎﺋﻒ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ‪ ،‬وأن ﻳﻘﺮروا ﻛﯿﻒ ﻳﺮﺷﺪون وﻳﺤﻔﺰون ھﺆﻻء‬
‫اﻟﻌﺎﻣﻠﯿﻦ ﺑﺄﻓﻀﻞ طﺮﻳﻘﺔ‪ .‬ﻟﯿﺘﻌﺮﻓﻮا ﻋﻠﻰ أﻓﻀﻞ اﻟﻄﺮق ھﺬه‪،‬‬
‫ﻋﻠﯿﮫﻢ أن ﻳﺴﺘﻤﺮوا ﻓﻲ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻗﺮاراﺗﮫﻢ ﺑﻨﺎًء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻘﻮھﺎ ﺑﺸﺄن إﻧﺘﺎﺟﯿﺔ اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ‪.‬‬
‫ﺴﻢ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن طﻼب اﻟﺘﺠﺎرة إﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﯿﻦ‪ .‬ﺗﻢ وﺿﻊ إﺣﺪى اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺘﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؛ ﻓﺘﻢ إﺧﺒﺎرھﻢ‬ ‫ﻗ ﱠ‬
‫أن ھﺬه اﻟﻤﮫﻤﺔ ﺗﻘﯿﺲ إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﮫﻢ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ اﻟﻀﻤﻨﯿﺔ‪،‬‬
‫وأﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪرﺗﮫﻢ أﻋﻠﻰ‪ ،‬ﻛﺎن أداؤھﻢ أﻓﻀﻞ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷﺧﺮى ﻓﺘﻢ وﺿﻌﮫﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﺗﻢ‬
‫إﺧﺒﺎرھﻢ أن ﻣﮫﺎرات اﻹدارة ﺗﺘﻄﻮر ﻋﺒﺮ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ وأن ﺗﻠﻚ‬
‫اﻟﻤﮫﻤﺔ ﺗﺘﯿﺢ ﻟﮫﻢ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﺼﻘﻞ ھﺬه اﻟﻤﮫﺎرات‪.‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﮫﻤﺔ ﺻﻌﺒﺔ؛ ﻓﻘﺪ ُوﺿﻌﺖ ﻣﻌﺎﻳﯿﺮ إﻧﺘﺎﺟﯿﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ ﻟﯿﺤﻘﻘﮫﺎ اﻟﻄﻼب وأﺧﻔﻘﻮا ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻻﺗﮫﻢ‬
‫اﻷوﻟﻰ‪ .‬وﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻔﺪ ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻣﻦ أﺧﻄﺎﺋﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻟﻜﻦ ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﺳﺘﻤﺮوا ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻏﯿﺮ ﻗﻠﻘﯿﻦ ﺣﯿﺎل ﺗﻘﯿﯿﻢ ﻗﺪراﺗﮫﻢ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ أو اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﯿﮫﺎ‪ ،‬ﻧﻈﺮوا‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر إﻟﻰ أﺧﻄﺎﺋﮫﻢ واﺳﺘﺨﺪﻣﻮا اﻟﺒﯿﺎﻧﺎت‪ ،‬وﺑﻨﺎًء ﻋﻠﻰ‬
‫ذلــك قــاﻣﻮا ﺑﺘﻎــﻳﯿﺮ إســﺗﺮاﺗﯿﺠﯿﺎﺗﮫﻢ‪ .‬أصــﺑﺤﻮا ﻋﻞــى درايــة أﻛﺚــر فــأﻛﺜﺮ حـول ﻛﯿﻔﻲـة تـوزﻳﻊ‬
‫ﻋﺎﻣﻠﻲـھﻢ وﺗﺤﻒـﻳﺰھﻢ‪ ،‬وواصـل ﻣﻊـدل إﻧﺘﺎجـھﻢ وﺗﯿﺮتـه‪ .‬فـي الـواﻗﻊ‪ ،‬اﻧﺖـھﻰ ذوو‬
 ‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ إﻟﻰ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا أﻛﺜﺮ إﻧﺘﺎﺟﯿﺔ ﻣﻦ ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬طﻮال ﺗﻠﻚ اﻟﻤﮫﻤﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺑﮫﺎ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ‪ ،‬اﺣﺘﻔﻈﻮا ﺑﻘﺪر ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺔ‪،‬‬
‫أﺟﺮوا اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺜﻞ "أﻻن ورﺗﺴﻞ"‪.‬‬

‫اﻟﻘﯿﺎدة واﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‬

‫ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘﯿﺾ ﻣﻦ "أﻻن ورﺗﺴﻞ"‪ ،‬ﻓﺈن ﻗﺎدة اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﻤﻤﺎﺛﻠﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺘﺐ ﻋﻨﮫﻢ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻛﻞ‬
‫أﻋﺮاض اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ‪.‬‬
‫اﻟﻘﺎدة ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻣﺜﻞ اﻷﺷﺨﺎص ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم‪ ،‬ﻳﻌﯿﺸﻮن ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻳﻈﻨﻮن أن ﺑﻌﺾ‬
‫اﻟﻨﺎس أﺳﻤﻰ واﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ أدﻧﻰ‪ .‬وأن ﻋﻠﯿﮫﻢ ﺑﺸﻜﻞ‬
‫ﻣﺴﺘﻤﺮ أن ﻳﺆﻛﺪوا ﻋﻠﻰ أﻧﮫﻢ أﺳﻤﻰ‪ ،‬وﺗﻜﻮن اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻣﺠﺮد ﺳﺎﺣﺔ ﻹﺛﺒﺎت ھﺬا اﻷﻣﺮ‪.‬‬
‫ﻣﺎ "ﺑﺲــﻣﻌﺔ‬ ‫كــان قــادة اﻟﺶــرﻛﺎت اﻟﻤﻤﺎﺛﻞــة الــذﻳﻦ ﻛﺖــب ﻋﻦــھﻢ "ﻛﻮلــﻳﻨﺰ" مــھﺘﻤﯿﻦ ﺗﻢــا ً‬
‫ﻣﺞــدھﻢ اﻟﺶــﺧﺼﻲ" ‪ -‬ﺑﺶــﻛﻞ ﻛﺐـﻳﺮ ﺑﺢـﻳﺚ ﻳﺨﻄﻂـون ﻟﻔﺶـل اﻟﺶـرﻛﺔ إذا مـا اﻧﺖـھﺖ‬
‫إدارﺗﮫﻢ ﻟﮫﺎ‪ .‬ﻛﻤﺎ أوﺿﺢ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" ذﻟﻚ اﻷﻣﺮ‪" :‬ﺑﺎﻟﻨﮫﺎﻳﺔ‪ ،‬ھﻞ ﻳﻮﺟﺪ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺪك اﻟﺸﺨﺼﻲ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ أن‬
‫ﻳﻨﮫﺎر اﻟﻤﻜﺎن ﺑﻌﺪ أن ﺗﻐﺎدره؟"‪.‬‬
‫ﻤﺎ بــاﻟﻐﺮور"‪ ،‬اﻷمــر‬ ‫بــﻳﻦ أﻛﺚــر مــن ﺛﻠﺚــي هــؤﻻء اﻟﻖــادة‪ ،‬رأى اﻟﺐــاﺣﺜﻮن "شــﻋﻮًرا ﻣﺘﺾــﺧ ً‬
‫ﺟﻞ ﺑﺎنــھﯿﺎر اﻟﺶــرﻛﺔ أو ﺟﻌﻞــھﺎ فــي اﻟﻤﺮﺗﺐــة اﻟﺜﺎﻧﻲــة بـﻳﻦ اﻟﺶـرﻛﺎت‪" .‬لـي‬ ‫الــذي إمــا عــ ﱠ‬
‫إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ"‪ ،‬رﺋﯿﺲ ﺷﺮﻛﺔ ﻛﺮاﻳﺴﻠﺮ‪ ،‬ﻛﺎن أﺣﺪ ھﺆﻻء اﻟﻘﺎدة‪ ،‬واﻟﺬي ﺣﻘﻖ ﻟﺸﺮﻛﺘﻪ ﺗﺤﻮًﻻ ﻣﺬھًﻼ‪ ،‬ﺛﻢ اﺳﺘﻐﺮق وﻗًﺘﺎ‬
‫طﻮﻳًﻼ ﻳﺼﻘﻞ ﺷﮫﺮﺗﻪ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﺗﺮاﺟﻌﺖ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻣﺮة‬
‫أﺧﺮى إﻟﻰ اﻷداء اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﺪة رﺋﺎﺳﺘﻪ ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ‪.‬‬
‫ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺮﻛﺎت ﻋﻤﻠﺖ ﺑﻤﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﻪ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" ﻧﻤﻮذج "اﻟﻌﺒﻘﺮي اﻟﺬي ﻟﺪﻳﻪ أﻟﻒ ﻣﺴﺎﻋﺪ"‪ .‬ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ أن‬
‫ﻳﺸﻜﻠﻮا ﻓﺮﻳﻖ إدارة ھﺎﺋًﻼ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﺘﻲ‬
‫ﻗﻔﺰت ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى ﺟﯿﺪ إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮى راﺋﻊ‪ ،‬ﻋﻤﻠﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﻤﻤﺎﺛﻠﺔ ﺑﻨﺎًء ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺿﯿﺔ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﻌﺒﺎﻗﺮة اﻟﻌﻈﻤﺎء ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻰ ﻓَِﺮق ﻋﻤﻞ‬
‫ﻋﻈﯿﻤﺔ‪ ،‬وأﻧﮫﻢ ﻓﻘﻂ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪﻳﻦ ﺻﻐﺎر ﻟﺘﻨﻔﯿﺬ أﻓﻜﺎرھﻢ اﻟﻨﯿﺮة‪.‬‬
‫ﻀﺎ ﻓﺮق ﻋﻤﻞ ﻋﻈﯿﻤﺔ؛ ﻓﺎﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻳﺮﻳﺪون‬ ‫ﺲ أن ھﺆﻻء اﻟﻌﺒﺎﻗﺮة اﻟﻌﻈﻤﺎء ﻻ ﻳﺮﻳﺪون أﻳ ً‬ ‫ﻻ ﺗﻨ َ‬
‫أن ﻳﻜﻮﻧﻮا اﻟﻤﺆﺛﺮﻳﻦ اﻟﻮﺣﯿﺪﻳﻦ واﻷﻛﺜﺮ أھﻤﯿﺔ ﺣﺘﻰ إذا‬
‫ﻣﺎ ﻗﺎرﻧﻮا أﻧﻔﺴﮫﻢ ﺑﺎﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﺤﯿﻄﯿﻦ ﺑﮫﻢ‪ ،‬ﺷﻌﺮوا ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻳﻔﻮﻗﻮن اﻟﺒﺎﻗﯿﻦ‪ .‬ﻟﻢ أﻗﺮأ ﻓﻲ أي ﺳﯿﺮة ذاﺗﯿﺔ‬
‫ﻟﺮؤﺳﺎء ﺗﻨﻔﯿﺬﻳﯿﻦ ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻋﻦ ﺑﺮاﻣﺞ إرﺷﺎدﻳﺔ‬
‫أو ﺑﺮاﻣﺞ ﺗﻨﻤﯿﺔ ﻟﻠﻤﻮظﻔﯿﻦ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﯿﺮة ذاﺗﯿﺔ ﻟﺮؤﺳﺎء ﺗﻨﻔﯿﺬﻳﯿﻦ ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ‪ ،‬ﻛﺎن ھﻨﺎك اھﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻎ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﺬاﺗﯿﺔ وﻧﻘﺎش ﻣﺴﺘﻔﯿﺾ ﻋﻨﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون‪ ،‬رﻓﺾ اﻟﻌﺒﺎﻗﺮة أن ﻳﻨﻈﺮوا إﻟﻰ أوﺟﻪ ﻗﺼﻮرھﻢ‪ .‬ﻳﻘﻮل "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" إن ﺳﻠﺴﻠﺔ‬ ‫ﺧﺘﺎ ً‬
‫ﻛﺮوﺟﺮ ﻟﻤﺘﺎﺟﺮ اﻟﺒﻘﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﻔﺰت ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى ﺟﯿﺪ إﻟﻰ‬
‫ﻣﺲــﺗﻮى رائــع‪ ،‬ﻧﻆــرت ﺑﺶــﺟﺎﻋﺔ إلــى ﻣﺆشــرات اﻟﺨﻂــر عــام ‪ - 1970‬ﺗﻞـك اﻟﻤﺆشـرات اﻟﺖـي‬
‫ﺗﻨﺐـأت بـأن ﻣﺘﺞـرھﻢ قـدﻳﻢ اﻟﻂـراز كـان فـي طﺮﻳﻖـه ﻧﺢـو اﻻنـدﺛﺎر‪ .‬فـي ﺗﻞـك اﻷﺛﻦـاء‪،‬‬
‫أﻏﻤﻀﺖ ﻧﻈﯿﺮﺗﮫﺎ ﺷﺮﻛﺔ إﻳﻪ آﻧﺪ ﺑﻲ ﻋﯿﻨﯿﮫﺎ ﻋﻤﺎ ﻳﺤﺪث‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﺎ أﻛﺒﺮ ﺳﻠﺴﻠﺔ‬
‫ﻣﺘﺎﺟﺮ ﺗﺠﺰﺋﺔ‪ .‬ﻣﺜﺎًﻻ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﺘﺤﺖ إﻳﻪ آﻧﺪ ﺑﻲ ﻧﻮ ً‬
‫ﻋﺎ‬
‫ﺟﺪﻳًﺪا ﻣﻦ اﻟﻤﺘﺎﺟﺮ‪ ،‬ﻣﺘﺠًﺮا ﻛﺒﯿًﺮا‪ ،‬وﺑﺪا أﻧﻪ أﻧﺠﺢ ﻣﻦ اﻟﻨﻮع اﻟﻘﺪﻳﻢ‪ ،‬أﻏﻠﻘﻪ اﻟﻘﺎﺋﻤﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮﻛﺔ؛ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا‬
‫ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺴﻤﻌﻮا أﻣًﺮا ﻛﮫﺬا‪ .‬ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘﯿﺾ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪،‬‬
‫ﺗﺨﻠﺼﺖ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﺘﺎﺟﺮ ﻛﺮوﺟﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺘﺠﺮ أو ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺘﻐﯿﯿﺮه إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺘﻼءم ﻣﻊ اﻟﻤﺘﺎﺟﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮة اﻟﺠﺪﻳﺪة‪،‬‬
‫وﺑﻨﮫﺎﻳﺔ اﻟﺘﺴﻌﯿﻨﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﻛﺮوﺟﺮ‬
‫ﺳﻠﺴﻠﺔ اﻟﻤﺘﺎﺟﺮ اﻷوﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ‪.‬‬

‫اﻟﺮؤﺳﺎء اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﻮن واﻷﻧﺎ اﻟﻤﺘﻀﺨﻤﺔ‬

‫ﻌﺎ وذوو‬‫ﻛﯿﻒ أﺻﺒﺢ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي و اﻷﻧﺎ اﻟﻤﺘﻀﺨﻤﺔ ﻣﺘﺮادﻓﯿﻦ؟ إذا ﻛﺎن اﻷﺷﺨﺎص اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻮاﺿ ً‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ھﻢ اﻟﺮﻋﺎة اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﯿﻦ ﻟﻤﺠﺎﻟﮫﻢ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎذا ﺗﺤﺮص‬
‫ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻛﺎت ﻋﻠﻰ ﺗﻮظﯿﻒ ﻗﺎدة ﻣﺒﮫﺮﻳﻦ ‪ -‬ﺣﺘﻰ ﻟﻮ أﺻﺒﺢ ھﺆﻻء اﻟﻘﺎدة ﻓﻲ ﻧﮫﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ ﻣﻌﻨﯿﯿﻦ ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ‬
‫أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻛﺔ؟‬
‫ﻘﺎ ﻟﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ "ﺟﯿﻤﺲ ﺳﯿﺮوﻳﻜﻲ"‪ ،‬اﻟﺬي ﻳﻜﺘﺐ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ ﺳﻠﯿﺖ ‪ ،‬وﺻﻮل "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ"‬ ‫ﻖ اﻟﻠﻮم ﻋﻠﻰ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ"‪ .‬وﻓ ً‬
‫أﻟ ِ‬
‫إﻟﻰ اﻟﺸﮫﺮة ﻛﺎن ﻧﻘﻄﺔ ﺗﺤﻮل ﻓﻲ ﻗﻄﺎع اﻷﻋﻤﺎل اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ‪.‬‬
‫وﻟﱠ ْ‬
‫ﺖ ﻣﻦــذ زمــن ﺑﻌﻲــد‪ .‬ارﺗﺒﻂــت‬ ‫ﻗﺐــل "إيــاﻛﻮﻛﺎ"‪ ،‬بــدت أيــام زﻋﻢــاء وأبــاطﺮة اﻟﺘﺞــارة قــد َ‬
‫ﻛﻠﻢــة رئــﻳﺲ ﺗﻨﻔﻲــذي فــي أذهــان اﻟﻌﺎمــة بــــ"اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺘﻘﻠﻲـدي الـذي ﻳﻚـرس ﺣﯿﺎتـه‬
‫ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ‪ ،‬وﻳﺘﻠﻘﻰ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺟﯿﺪة وراﺗﺒًﺎ ﻛﺒﯿًﺮا‪ ،‬وإن ﻛﺎن ﻓﻲ اﻷﺳﺎس ﺑﻼ طﻌﻢ وﻻ ﺷﺨﺼﯿﺔ ﻣﻤﯿﺰة"‪ .‬إﻻ أن ﻛﻞ‬
‫ھﺬا ﺗﻐﯿﺮ ﻣﻊ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ"‪ .‬ﺑﺪأ ﺻﺤﻔﯿﻮ ﻣﺠﺎل اﻷﻋﻤﺎل ﻓﻲ‬
‫ﺗﻠﻘﯿﺐ اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﯿﻦ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﯿﻦ بـ"ﺟﯿﻪ‪ .‬ﺑﻲ‪ .‬ﻣﻮرﺟﺎن اﻟﻘﺎدم" أو "ھﻨﺮي ﻓﻮرد اﻟﻘﺎدم"؛ ﻓﺒﺪأ اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻮن‬
 ‫اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﻮن ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻷﻟﻘﺎب‪.‬‬
‫ﻛﻢــا ﺗﺘﺐـع "سـﻳﺮوﻳﻜﻲ" اﻟﻔﺾـاﺋﺢ اﻷخـﻳﺮة ﺑﺎﻟﺶـرﻛﺔ ﺣﺖـى حـدوث هـذا اﻟﺘﻎـﻳﺮ‪ ،‬طـوال ﻓﺖـرة اﻟﺘﺢـول‪،‬‬
‫أصـﺑﺢ اﻟﺮؤسـاء اﻟﺘﻨﻔﻲـذﻳﻮن أﺑﻂـاًﻻ خـارﻗﯿﻦ‪ .‬وﻟﻚـن اﻷشـﺧﺎص الـذﻳﻦ‬
‫ﻳﻔﺨﺮون ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ وﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻗﺎدﻣﺔ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﺻﻮرﺗﮫﻢ اﻟﺬاﺗﯿﺔ ﻟﯿﺴﻮا اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺳﻼﻣﺔ اﻟﺸﺮﻛﺔ طﻮﻳﻠﺔ اﻷﻣﺪ‪.‬‬
‫رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﻣﺠﺮد رﺟﻞ ذي ﺷﺨﺼﯿﺔ ﺟﺬاﺑﺔ وﻳﻜﻮن‪ ،‬ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺳﯿﻘﻰ اﻟﺮوك آﻧﺪ رول‪ ،‬ﻳﺘﺤﻤﻞ ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﺔ‬
‫اﻧﮫﯿﺎر اﻟﺤﻀﺎرة‪ .‬ھﻞ ھﺬا ﻣﻦ اﻟﻌﺪل؟ ﻟﻨﻨﻈﺮ إﻟﯿﻪ ﻋﻦ‬
‫ﻛﺚــب‪ .‬وﻟﻨﻨﻆــر إلــى ﺑﻊــض اﻟﺮؤســاء اﻟﺘﻨﻔﻲــذﻳﯿﻦ اﻵخــرﻳﻦ ذوي اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة‪" :‬أﻟﺐــرت‬
‫دونــﻻب" الــرﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﻲـذي ﻟﺶـرﻛﺘﻲ سـﻛﻮت بـﻳﺒﺮ وصـن بـﻳﻢ؛ و "جـﻳﺮي لـﻳﻔﻦ"‬
‫و"ﺳﺘﯿﻒ ﻛﯿﺲ" ﻣﻦ ﺷﺮﻛﺔ أﻣﺮﻳﻜﺎ أون ﻻﻳﻦ ﺗﺎﻳﻢ وارﻧﺮ؛ و " ﻛﯿﻨﯿﺚ ﻻي" و"ﺟﯿﻔﺮي ﺳﻜﯿﻠﯿﻨﺞ" اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﻦ‬
‫اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﯿﻦ ﻟﺸﺮﻛﺔ إﻧﺮون‪.‬‬
‫ســﺗﺮى كــﻳﻒ بــدأوا ﺟﻤﯿﻊــھﻢ بــاﻋﺘﻘﺎدھﻢ أن ﺑﻊــض اﻷشــﺧﺎص أســﻣﻰ مــن اﻵخــرﻳﻦ؛ وأنــھﻢ‬
‫ﻌﺎ ﻳﺲـﺗﺨﺪﻣﻮن‬ ‫ﻌﺎ ﺑﺤﺎجـة إلـى إﺛﺐـات ﺗﻔﻮقـھﻢ وإظـھﺎره؛ وأنـھﻢ ﺟﻢـﻳ ً‬‫ﺟﻢــﻳ ً‬
‫ﻣﺮءوﺳﯿﮫﻢ ﻟﯿﻐﺬوا اﺣﺘﯿﺎﺟﮫﻢ ھﺬا‪ ،‬ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ دﻋﻢ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻌﺎﻣﻠﯿﻦ ﺑﺸﺮﻛﺎﺗﮫﻢ؛ وﻳﻨﺘﮫﻲ اﻷﻣﺮ ﺑﮫﻢ ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﻌﺎ إﻟﻰ‬
‫اﻟﺘﻀﺤﯿﺔ ﺑﺸﺮﻛﺎﺗﮫﻢ ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ ﺣﺎﺟﺘﮫﻢ ﻹﺛﺒﺎت ﺗﻤﯿﺰھﻢ‪.‬‬
‫ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺼﺪر اﻟﺸﻌﻮر اﻟﻤﺘﻀﺨﻢ ﺑﺎﻷﻧﺎ‪ ،‬وﻛﯿﻒ ﻳﻌﻤﻞ ھﺬا اﻟﻐﺮور‪ ،‬وﻛﯿﻒ ﻳﺘﺴﺒﺐ‬
‫ﻓﻲ ﻋﺮﻗﻠﺔ اﻟﻤﺴﯿﺮة؟‬

‫اﻟﻘﺎدة ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ‪ :‬أﻧﺎ ﺑﻄﻞ‬

‫"وارﻳﻦ ﺑﯿﻨﯿﺲ"‪ ،‬أﻛﺒﺮ ﻣﻔﻜﺮي ﻋﻠﻢ اﻟﻘﯿﺎدة؛ ﺑﺤﺚ أﻋﻈﻢ ﻗﺎدة اﻟﺸﺮﻛﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ .‬ﻗﺎل ھﺆﻻء اﻟﻘﺎدة اﻟﻌﻈﻤﺎء‬
‫إﻧﮫﻢ ﻟﻢ ﻳﺨﻄﻄﻮا ﻟﯿﻜﻮﻧﻮا ﻗﺎدة‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ اھﺘﻤﺎم‬
‫ﺑﺈﺛﺒﺎت أﻧﻔﺴﮫﻢ‪ .‬ﻓﻘﻂ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﻤﺎ ﻳﺤﺒﻮﻧﻪ ‪ -‬ﺑﺪاﻓﻊ وﺣﻤﺎس ھﺎﺋﻠﯿﻦ ‪ -‬ﻓﺄوﺻﻠﮫﻢ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﻣﺎ أﺻﺒﺤﻮا ﻋﻠﯿﻪ‪.‬‬
‫ﻮا‬
‫ﻛﺎن "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ .‬ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ أﺣﺐ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﻣﺠﺎل ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﯿﺎرات‪ ،‬ﺑﻞ ﺳﻌﻰ ﻟﯿﺼﺒﺢ ﻋﻀ ً‬
‫ﺑﺎرًزا ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺔ ﻓﻮرد أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي ﺷﻲء آﺧﺮ‪ .‬ﺳﻌﻰ‬
‫ﻤﻠَﻜﯿﺔ ﻟﻤﻜﺘﺒﻪ‪ .‬ﺗﻠﻚ ھﻲ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﺘﻲ‬ ‫"إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" إﻟﻰ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺤﺴﺎن "ھﻨﺮي ﻓﻮرد" وﻛﻞ اﻟﻤﻈﺎھﺮ اﻟ َ‬
‫ﻗﯿﱠﻢ ﺑﮫﺎ ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﺜﺒﺖ أﻧﻪ ﺷﺨﺺ ذو ﻗﯿﻤﺔ‪.‬‬
‫ﻣﻠَﻜﯿﺔ ﻟﺴﺒﺐ ﻣﺎ‪ .‬أﺧﺒﺮﻧﺎ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" أن اﻟﻤﻨﺰل اﻟﺰﺟﺎﺟﻲ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﺴﻤﻰ ﻣﻘﺮات ﺷﺮﻛﺔ ﻓﻮرد‪،‬‬ ‫اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻛﻠﻤﺔ َ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺼًﺮا و"ھﻨﺮي ﻓﻮرد" ﻛﺎن اﻟﻤﻠﻚ‪ .‬واﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪،‬‬
‫ﻮِّه اﻟﺨﺎﺻﺔ"‪" ،‬ﻋﺸﻨﺎ‬ ‫ﻤ ِ‬
‫ﺳ ُ‬‫ﻜﺎ‪ ،‬ﻓﻜﻨﺖ أﻧﺎ وﻟﻲ اﻟﻌﮫﺪ"‪" ،‬ﻛﻨﺖ أﻧﺎ ﺗﺤﺖ ﺣﻤﺎﻳﺔ ُ‬ ‫ﻳﻘﻮل "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ"‪" :‬إذا ﻛﺎن "ھﻨﺮي" ﻣﻠ ً‬
‫ﻌﺎ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺮﻏﺪة ﻓﻲ اﻟﺒﻼط اﻟﻤﻠﻜﻲ‪ .‬ﻛﻨﺎ ﺟﺰًءا ﻣﻦ‬ ‫ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﺷﻲء أﻋﻠﻰ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻷوﻟﻰ ‪ -‬اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﻤﻠﻜﯿﺔ‪ ....‬ﻛﺎن اﻟﻤﻀﯿﻔﻮن ذوو اﻟﯿﺎﻗﺎت اﻟﺒﯿﻀﺎء ﻋﻠﻰ أھﺒﺔ‬
‫ﻌﺎ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ‬‫ﻌﺎ وﺟﺒﺔ اﻟﻐﺪاء ﻣ ً‬ ‫اﻻﺳﺘﻌﺪاد طﻮال اﻟﯿﻮم‪ ،‬وﻛﻨﺎ ﻧﺘﻨﺎول ﺟﻤﯿ ً‬
‫طﻌﺎم اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﯿﻦ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﯿﻦ ‪ ...‬ﻛﺎﻧﺖ وﺟﺒﺎت أﺳﻤﺎك ﻣﻮﺳﻰ ﺗﺄﺗﻲ إﻟﻰ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺑﺎﻟﻄﯿﺮان ﻣﻦ إﻧﺠﻠﺘﺮا ﺑﺸﻜﻞ‬
‫ﻳﻮﻣﻲ"‪.‬‬
‫ﺣﻖــق "إيــاﻛﻮﻛﺎ" أمــوًرا ﻋﻈﯿﻢــة فــي شــرﻛﺔ فــورد‪ ،‬ﻣﺚــل إﻧﺶــاء ســﻳﺎرة فــورد ﻣﻮسـﺗﺎﻧﺞ‬
‫اﻟﺮﻳﺎضـﻳﺔ وﺗﺮوﻳﺞـھﺎ‪ ،‬وﺣﻞـم "إيـاﻛﻮﻛﺎ" بـأن ﻳﺦـُﻟﻒ "ھﻦـري فـورد" كـرﺋﯿﺲ ﺗﻨﻔﻲـذي‬
‫ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ‪ .‬ﻟﻜﻦ "ھﻨﺮي ﻓﻮرد" ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ أﻓﻜﺎر أﺧﺮى وﻓﻌﻞ ﺷﯿًﺌﺎ ﺻﺪم "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" وأﺛﺎر ﻏﻀﺒﻪ‪ ،‬أﺟﺒﺮ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﻓﻲ‬
‫اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻐﺎدرة اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ .‬اﻷﻣﺮ اﻟﻤﺜﯿﺮ ﻟﻼھﺘﻤﺎم أن‬
‫ﻣﺎ وﺣﻢــل بــداﺧﻠﻪ ﻏﺾــﺑًﺎ ﻣﺲــﺗﻤ ًﺮّا ﺗﺞــاه "ھﻦــري فــورد"‪ .‬فــي نــھﺎﻳﺔ‬ ‫"إيــاﻛﻮﻛﺎ" كــان ﻣﺺــدو ً‬
‫اﻷمــر ﻛﻢــا رأى "إيــاﻛﻮﻛﺎ" "ھﻦــري فــورد" ﻳﻔﺺــل ﻛﺐــار اﻟﻊـاﻣﻠﯿﻦ ﺑﺎﻟﺶـرﻛﺔ‪ ،‬قـام‬
‫ﺖ ﺑﺼﯿﺮﺗﻪ‪،‬‬‫ﻤ ْ‬ ‫ﻀﺎ‪ .‬ﻋﺮف "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺸﺮﻛﺎت‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻋﻘﻠﯿﺘﻪ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ أَ ْ‬
‫ﻋ َ‬ ‫"إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﺑﻔﺼﻞ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻣﻠﯿﻦ أﻳ ً‬
‫ﻔﺎ‪،‬‬‫وﻳﻘﻮل ﻋﻦ ھﺬا‪" :‬ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ آﻣﻨﺖ ﺑﻔﻜﺮة أﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﻣﺨﺘﻠ ً‬
‫وأﻧﻲ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى ﻛﻨﺖ أذﻛﻰ أو أﻛﺜﺮ ﺣﻈ ًّﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻗﯿﻦ‪ .‬ﻟﻢ أﻓﻜﺮ أن ھﺬا ﻗﺪ ﻳﺤﺪث ﻟﻲ ﻗﻂ"‪) .‬ﺗﻢ إﺿﺎﻓﺔ‬
‫اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﻤﺎﺋﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﻤﻠﺔ(‪.‬‬
‫أﻋﻤﺎه إﻳﻤﺎﻧﻪ ﺑﺘﻤﯿﺰه اﻟﻔﻄﺮي‪ .‬ﺛﻢ ﺑﺪأ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ اﻟﻈﮫﻮر‪ .‬ﺗﺴﺎءل "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" إذا ﻣﺎ ﻛﺎن‬
‫"ھﻨﺮي ﻓﻮرد" ﻗﺪ ﻻﺣﻆ ﻋﯿﺒًﺎ ﻓﯿﻪ‪ .‬رﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺘﻤﯿًﺰا‬
‫نــھﺎﺋﯿًّﺎ‪ .‬ولــھﺬا لــم ﻳﺘﻤﻚــن "إيــاﻛﻮﻛﺎ" مــن ﺗﺨﻂـي اﻷمـر‪ .‬ﺑﻊـد مـرور عـدة سـﻧﻮات‪ ،‬قـاﻟﺖ لـه‬
‫زوﺟﺖـه اﻟﺜﺎﻧﻲـة لـﻳﺘﺨﻄﻰ هـذا اﻷمـر‪" :‬أنـت ﻻ تـدرك اﻟﺠﻤﻲـل الـذي أسـداه إﻟﻲـك‬
‫ﻖ لــك اﻟﻤﺞــد‪ .‬أنــت أﻏﻦــى وأﻛﺚــر شــھﺮة‬ ‫ﻘ َ‬ ‫ﺣ ﱠ‬‫ﻚ مــن شــرﻛﺔ فــورد َ‬ ‫ﺼُﻠ َ‬ ‫"ھﻦــري فــورد"‪َ .‬‬
‫ﻓ ْ‬
‫م لــه اﻟﺶــﻛﺮ"‪ .‬ﺑﻊــد وقــت ﻗﺺــﻳﺮ مــن هــذا‪ ،‬قـام‬ ‫ﺪ ْ‬ ‫َ‬
‫وأﻛﺚــر تــأﺛﯿًﺮا ﺑﺲــﺑﺐ "ھﻦــري فــورد‪ .‬ﻗ ِّ‬
‫"إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﺑﺘﻄﻠﯿﻘﮫﺎ‪.‬‬
‫إذن "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﻳﺮى أن اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻗﺪ وﺻﻔﻪ ﺑﺎﻟﺸﺨﺺ اﻟﻜﻒء واﻟﺠﺪﻳﺮ‪ ،‬ﻳﻨﺒﺬه اﻵن ﻷﻧﻪ ﻣﻌﯿﺐ‪ .‬ﺑﻄﺎﻗﺔ‬
‫ھﺎﺋﻠﺔ ﺑﺪاﺧﻠﻪ‪ ،‬ﻛﺮس "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻤﮫﻤﺔ ﺣﻔﻆ ﻣﺎء‬
‫وﺟﮫﻪ‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﻟﻤﮫﻤﺔ اﻟﺠﺴﯿﻤﺔ‪ ،‬وﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة‪ ،‬ﻟﺸﺮﻛﺔ ﻛﺮاﻳﺴﻠﺮ ﻣﻮﺗﻮرز‪" .‬ﻛﺮاﻳﺴﻠﺮ" اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﻤﺰھﺮة‬
 ‫واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﻦ اﻷوﻗﺎت ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﻟﺸﺮﻛﺔ ﻓﻮرد‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﻌﺎ ﻋﻞــى‬ ‫ﻋﻞــى ﺣﺎفــة اﻻنــھﯿﺎر‪ ،‬وﻟﻚــن "إيــاﻛﻮﻛﺎ" ﻛﺮﺋﯿﺲــھﺎ اﻟﺘﻨﻔﻲــذي اﻟﺞــدﻳﺪ ﻋﻢــل ســرﻳ ً‬
‫ﺗﻮظــﻳﻒ اﻷشــﺧﺎص اﻟﻤﻨﺎســﺑﯿﻦ‪ ،‬وإﻧﺖـاج طـرازات جـدﻳﺪة‪ ،‬واﻟﺾـﻏﻂ ﻋﻞـى اﻟﺤﻜﻮمـة‬
‫ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻗﺮوض ﻹﻧﻘﺎذ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ .‬ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﺑﻀﻊ ﺳﻨﻮات ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺧﺮوﺟﻪ اﻟﻤﮫﯿﻦ ﻣﻦ ﺷﺮﻛﺔ ﻓﻮرد‪،‬‬
‫ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺳﯿﺮة ذاﺗﯿﺔ ﻋﻈﯿﻤﺔ وﻳﺼﺮح ﻓﯿﮫﺎ‪" :‬اﻟﯿﻮم أﻧﺎ ﺑﻄﻞ"‪.‬‬
‫وﻣﻊ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺧﻼل ﻓﺘﺮة ﻗﺼﯿﺮة‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺮﻛﺔ ﻛﺮاﻳﺴﻠﺮ ﻓﻲ ﻣﺄزق ﻣﺮة أﺧﺮى‪ .‬ﻋﻘﻠﯿﺔ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻟﻦ ﺗﻈﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﮫﺎ‪ .‬ﻛﺎن ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ إﺛﺒﺎت ﻋﻈﻤﺘﻪ ‪ -‬أﻣﺎم ﻧﻔﺴﻪ‬
‫ﻋﺎ‪ .‬بــدد وقـت شـرﻛﺘﻪ فـي‬ ‫وأمــام "ھﻦــري فــورد" وأمــام اﻟﻊــاﻟﻢ ‪ -‬ﻋﻞــى ﻧﻂــاق أﻛﺚــر اﺗﺲــا ً‬
‫أمـور تـﻋﺰز مـن صـورﺗﻪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲـة‪ ،‬وأﻧﻒـق أمـوال اﻟﺶـرﻛﺔ ﻋﻞـى أمـور ﺗﺚـﻳﺮ إﻋﺞـاب‬
‫ﺑﻮرﺻﺔ وول ﺳﺘﺮﻳﺖ وﺗﺮﻓﻊ أﺳﻌﺎر أﺳﮫﻢ ﺷﺮﻛﺔ ﻛﺮاﻳﺴﻠﺮ‪ .‬وﻟﻜﻨﻪ ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻲ ﺗﺼﻤﯿﻤﺎت‬
‫ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺴﯿﺎرات أو ﺗﺼﻨﯿﻊ ﻧﻤﺎذج ﻣﻌﺪﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﯿﺎرات‬
‫اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ رﺑﺢ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻧﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‪ ،‬ﻧﻈﺮ ﻛﯿﻒ ﺳﯿﻨﻈﺮ ﻟﻪ أو ﻳﺘﻢ ذﻛﺮه ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ‪ .‬إﻻ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺎﻟﺞ ھﺬا اﻟﺸﺄن ﺑﺒﻨﺎﺋﻪ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪.‬‬
‫ﻘﺎ ﻟﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ أﺣﺪ ﻛﱠﺘﺎب ﺳﯿﺮﺗﻪ اﻟﺬاﺗﯿﺔ‪،‬‬ ‫ﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ‪ .‬وﻓ ً‬
‫ﺧﺎف "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﻣﻦ أن ﻳﺘﻠﻘﻰ ﻣﺮءوﺳﻮه اﻻﺳﺘﺤﺴﺎن ﻋﻠﻰ ﻗﯿﺎﻣﮫﻢ ﺑﺘﺼﻤﯿﻤﺎت ﺟﺪﻳﺪة ﻧﺎﺟﺤﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻣﺘﻨﻊ ﻋﻦ‬
‫ﻀﺎ ‪ -‬ﻣﻊ ﺗﻌﺜﺮ ﺷﺮﻛﺔ ﻛﺮاﻳﺴﻠﺮ ‪ -‬أن‬ ‫اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﻋﻠﯿﮫﺎ‪ .‬ﺧﺎف أﻳ ً‬
‫ﻳﻈﮫﺮ ﻣﺮءوﺳﻮه ﻛﺄﻧﮫﻢ ﻣﻨﻘﺬو اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﺠﺪد‪ ،‬وﻟﺬﻟﻚ ﺣﺎول اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﮫﻢ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﺧﺎف ﻣﻦ أن ُﻳﻤﺤﻰ اﺳﻤﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺗﺎرﻳﺦ ﺷﺮﻛﺔ ﻛﺮاﻳﺴﻠﺮ؛ ﻟﺬﻟﻚ اﺳﺘﻤﺎت ﻓﻲ اﻟﺘﺸﺒﺚ‬
‫ﺑﻌﻤﻠﻪ ﻓﯿﮫﺎ ﻛﺮﺋﯿﺲ ﺗﻨﻔﯿﺬي ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻓﻘﺪ ﻛﻔﺎءﺗﻪ‪.‬‬
‫ﻤﺎ‪ .‬ﻛﺎن ﻗﻄﺎع ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﯿﺎرات اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ‬ ‫ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪى "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﻓﺮﺻﺔ ذھﺒﯿﺔ ﻹﺣﺪاث ﺗﻐﯿﯿﺮ‪ ،‬وأن ﻳﺘﺮك إرﺛًﺎ ﻋﻈﯿ ً‬
‫ﻳﻮاﺟﻪ أﻛﺒﺮ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺘﻲ واﺟﮫﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ‬
‫اﻟﺴﯿﺎرات اﻟﯿﺎﺑﺎﻧﯿﺔ ﺗﺴﯿﻄﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮق اﻷﻣﺮﻳﻜﯿﺔ‪ .‬واﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻛﺎن ﺑﺴﯿﻄًﺎ‪ :‬اﻟﺴﯿﺎرات اﻟﯿﺎﺑﺎﻧﯿﺔ ﺷﻜﻠﮫﺎ‬
‫أﻓﻀﻞ وﺗﺴﯿﺮ ﺑﺼﻮرة أﻓﻀﻞ‪ .‬أﺟﺮى ﻓﺮﻳﻖ ﻋﻤﻞ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ"‬
‫دراﺳﺔ ﺗﻔﺼﯿﻠﯿﺔ ﻋﻦ ﺷﺮﻛﺔ ھﻮﻧﺪا‪ ،‬وﻗﺪﻣﻮا ﻟﻪ اﻗﺘﺮاﺣﺎت راﺋﻌﺔ‪.‬‬
‫وﺑﺪًﻻ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ إﻧﺘﺎج وﺗﻮﻓﯿﺮ ﺳﯿﺎرات أﻓﻀﻞ‪ ،‬ﻋﻤﻞ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ"‪ ،‬اﻟﻐﺎرق ﻓﻲ ﻋﻘﻠﯿﺘﻪ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺟﯿﻪ‬
‫اﻟﻠﻮم وإﻟﻘﺎء اﻟﺤﺠﺞ؛ ﻓﻘﺪ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﺻﻮاﺑﻪ‪ ،‬واﻧﺪﻓﻊ ﻓﻲ‬
‫ﻏﺾــب ﻋﻦــﻳﻒ ضــد اﻟﻲــاﺑﺎﻧﯿﯿﻦ وطــاﻟﺐ اﻟﺤﻜﻮمـة اﻷﻣﺮﻳﻜﻲـة ﺑﻒـرض رسـوم ﺟﻤﺮﻛﻲـة وﺣﺺـص‬
‫سـوﻗﯿﺔ ﻟﺖـوﻗﻒ سـﻳﻄﺮﺗﮫﻢ ﻋﻞـى اﻟﺲـوق اﻷﻣﺮﻳﻜﻲـة‪ .‬فـي ﻣﻘﺎلـة اﻓﺘﺘﺎﺣﻲـة ضـد‬
‫"إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ"‪ ،‬وﺟﮫﺖ ﻟﻪ ﺻﺤﯿﻔﺔ ذا ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ اﻟﺘﻮﺑﯿﺦ ﻗﺎﺋﻠﺔ‪" :‬اﻟﺤﻞ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ إﻧﺘﺎج ﺳﯿﺎرات ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ‬
‫اﻟﺪوﻟﺔ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﺗﻮﺟﯿﻪ أﻋﺬار ﻏﺎﺿﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﯿﺎﺑﺎن"‪.‬‬
‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﻳﺘﻄﻮر ﻛﻘﺎﺋﺪ ﻟﻌﺎﻣﻠﯿﻪ‪ .‬ﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﻛﺎن ﻳﺘﻀﺎءل ﻟﯿﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻣﺴﺘﺒﺪ ﺣﻘﯿﺮ وﺑﻼ ﻗﯿﻤﺔ‬
‫وﺻﺎرم؛ ذﻟﻚ اﻟﻤﺴﺘﺒﺪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﮫﻢ "ھﻨﺮي ﻓﻮرد " ﺑﻪ‪.‬‬
‫ﺿﺎ لـم ﻳﻚـاﻓﺊ ﺑﺎﻟﺶـﻛﻞ اﻟﻤﻼئـم‬ ‫لــم ﻳﻔﺺــل ﻓﻖـط اﻟﻤﻮظﻒـﻳﻦ الـذﻳﻦ كـاﻧﻮا ﻳﻨﺘﻖـدوﻧﻪ‪ ،‬بـل أيـ ً‬
‫ﺪﱡر‬
‫اﻟﻤﻮظﻒـﻳﻦ الـذﻳﻦ ضـﺣﻮا بـاﻟﻜﺜﯿﺮ ﻟﯿﻨﻖـذوا اﻟﺶـرﻛﺔ‪ .‬ﺣﺖـى ﻋﻦـدﻣﺎ كـاﻧﺖ اﻟﺶـرﻛﺔ ُﺗ ِ‬
‫اﻷرﺑﺎح‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﮫﺘﻢ ﺑﺘﻮزﻳﻊ ﺣﺼﺺ ﻣﻨﮫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻮظﻔﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ .‬ظﻠﺖ أﺟﻮرھﻢ ﻣﺘﺪﻧﯿﺔ‪ ،‬وظﻠﺖ ظﺮوف اﻟﻌﻤﻞ‬
‫ردﻳﺌﺔ‪ .‬ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺜﺮت ﺷﺮﻛﺔ ﻛﺮاﻳﺴﻠﺮ‪ ،‬ﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ‬
‫أﺳﻠﻮب ﺣﯿﺎﺗﻪ اﻟﻤﺮﻓﮫﺔ‪ ،‬ﻛﺎن ﻳﺘﻢ إﻧﻔﺎق ﻣﻠﯿﻮﻧﻲ دوﻻر ﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﺟﻨﺎح ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﻓﻨﺪق واﻟﺪورف ﺑﻮﻻﻳﺔ‬
‫ﻧﯿﻮﻳﻮرك‪.‬‬
‫ﺑﻨﮫﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ھﻨﺎك وﻗﺖ ﻹﻧﻘﺎذ ﺷﺮﻛﺔ ﻛﺮاﻳﺴﻠﺮ‪ ،‬أﻗﺎل ﻣﺠﻠﺲ إدارة اﻟﺸﺮﻛﺔ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﻣﻦ ﻣﻨﺼﺒﻪ‪.‬‬
‫ﻣﻨﺤﻮه ﻣﻨﺤﺔ ﺗﻌﺎﻗﺪ ﺿﺨﻤﺔ‪ ،‬وأﻏﺪﻗﻮا ﻋﻠﯿﻪ ﺑﺄﺳﮫﻢ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ ،‬واﺳﺘﻤﺮوا ﻓﻲ ﻣﻨﺤﻪ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺰاﻳﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﯿﮫﺎ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺗﻮﻟﯿﻪ ﻣﻨﺼﺒﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪.‬‬
‫ﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ رأى أن ﻣﻦ ﻳﺨﻠﻔﻪ ﻓﻲ‬ ‫ﻟﻜﻨﻪ اﺳﺘﺸﺎط ﻏﻀﺒًﺎ‪ ،‬ﺧﺎﺻ ً‬
‫ﻣﻨﺺــﺑﻪ يــدﻳﺮ اﻟﺶــرﻛﺔ ﺑﻨﺞــاح إلــى حــد ﻛﺐــﻳﺮ؛ لــذﻟﻚ‪ ،‬فــي ﻣﺤﺎولــة ﻻســﺗﻌﺎدة ﻋﺮشــه‪،‬‬
‫اشــﺗﺮك فــي ﻣﺤﺎولــة ﻣﻌﺎديــة ﻟﻼســﺗﯿﻼء ﻋﻞــى اﻟﺶــرﻛﺔ‪ ،‬ﺗﻞــك اﻟﻤﺤﺎولــة اﻟﺖـي وضـﻋﺖ‬
‫ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺷﺮﻛﺔ ﻛﺮاﻳﺴﻠﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﻚ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻓﺸﻠﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺤﺎوﻟﺔ‪ .‬وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻜﺜﯿﺮﻳﻦ‪ ،‬اﻟﺸﻚ ﻓﻲ أن‬
‫"إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﻳﻀﻊ ﻏﺮوره ﻓﻮق ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺻﺎر أﻣًﺮا ﻣﺆﻛًﺪا‪.‬‬
‫ﻋﺎش "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻪ ﺑﺪأ ﻣﺤﺒًّﺎ ﻟﻤﺠﺎل ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺴﯿﺎرات وﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ أﻓﻜﺎر إﺑﺪاﻋﯿﺔ‪،‬‬
‫ﻓﺈن ﺣﺎﺟﺘﻪ ﻹﺛﺒﺎت ﺗﻤﯿﺰه ﺑﺪأت ﺗﺴﯿﻄﺮ ﻋﻠﯿﻪ؛ ﻣﻤﺎ ﺗﺴﺒﺐ‬
‫فـــي ﻗﺖــل ﻣﺘﻌﺖــه وأعــاق ﺗﻔﻚــﻳﺮه اﻹبــداﻋﻲ‪ .‬ومــع مــرور الــوﻗﺖ وﻛﻠﻢــا ﻗﻞــت ﻣﻮاجــھﺘﻪ‬
‫ﻟﺘﺢــدﻳﺎت اﻟﻤﻨﺎﻓﺲــﻳﻦ‪ ،‬ﻟﺞــأ إلــى اﻷســﻟﺤﺔ اﻷســاﺳﯿﺔ ﻟﻠﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة ‪ -‬ﺗﻮﺟﻲــه اﻟﻞــوم‬
‫ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬واﺧﺘﻼق اﻟﺤﺠﺞ‪ ،‬واﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻻﺧﺘﻨﺎق ﺗﺠﺎه اﻟﻨﻘﺪ ووﺟﻮد ﺧﺼﻮم‪.‬‬
‫وﻛﻤﺎ ھﻲ اﻟﺤﺎل ﻣﻊ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﯿﺎن‪ ،‬ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﻮر ذاﺗﮫﺎ‪ ،‬ﻓﻘَﺪ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" إﺛﺒﺎت ﺗﻤﯿﺰه‬
‫اﻟﺬي ﺳﻌﻰ إﻟﯿﻪ‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﺳﺐ اﻟﻄﻼب ﻓﻲ اﻻﺧﺘﺒﺎرات أو ﻳﺨﺴﺮ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﻮن اﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت‪ ،‬ﻓﮫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أﻧﮫﻢ ﻗﺪ أﺧﻔﻘﻮا‪ .‬وﻟﻜﻦ اﻟﻨﻔﻮذ‬
 ‫اﻟﺬي ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ اﻟﺮؤﺳﺎء اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﻮن ﻳﺴﻤﺢ ﻟﮫﻢ ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ‬
‫عــاﻟﻢ ُﻳﺶــﺑﻊ طــوال الــوﻗﺖ ﺣﺎﺟﺖــھﻢ إلــى إﺛﺐــات ﺗﻢـﻳﺰھﻢ‪ .‬ﻳﺖـﻳﺢ لـھﻢ أن ﻳﺢـﻳﻄﻮا أﻧﻔﺲـھﻢ‬
‫ﻓﻖـط بـأﺧﺒﺎر ﺟﻲـدة عـن ﻛﻤﺎلـھﻢ وعـن ﻧﺞـاح شـرﻛﺘﮫﻢ‪ ،‬مـھﻤﺎ كـاﻧﺖ ﻣﺆشـرات‬
‫اﻟﺨﻄﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ .‬ھﺬا ھﻮ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﺗﺘﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻣﺮض اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي واﻟﺨﻄﺮ اﻟﺬي ﻳﮫﺪد اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪.‬‬
‫ﻟﺘﻌﺮف أﻧﻲ ﺗﺴﺎءﻟﺖ ﻣﺆﺧًﺮا إذا ﻣﺎ ﻛﺎن "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﻗﺪ ﺗﻌﺎﻓﻰ ﻣﻦ ﻣﺮض اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي‪ .‬إﻧﻪ ﻳﺠﻤﻊ اﻟﻤﺎل‬
‫)وﻳﺘﺒﺮع ﺑﺎﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻪ( ﻹﺟﺮاء أﺑﺤﺎث ﻋﻦ ﻣﺮض اﻟﺴﻜﺮي‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ إﻧﺘﺎج اﻟﻤﺮﻛﺒﺎت اﻟﺼﺪﻳﻘﺔ ﻟﻠﺒﯿﺌﺔ‪ .‬رﺑﻤﺎ ﻳﻨﺒﻊ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺘﻪ إﻟﻰ إﺛﺒﺎت ﻧﻔﺴﻪ؛ ﻓﮫﻮ ﻳﻌﻤﻞ ﺣﺎﻟﯿًّﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪرھﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪.‬‬

‫أﻟﺒﺮت دوﻧﻼب‪ :‬أﻧﺎ ﻧﺠﻢ ﻻﻣﻊ‬

‫أﻧﻖــذ "أﻟﺐــرت دونــﻻب" شــرﻛﺎت ﻣﻦــھﺎرة‪ ،‬بــرﻏﻢ أنــي ﻻ أﻋﻞــم إذا كــاﻧﺖ ﻛﻠﻢــة أﻧﻖــذ هــي‬
‫دھﺎ‬
‫اﻟﻜﻠﻢــة اﻟﻤﻨﺎســﺑﺔ أم ﻻ‪ .‬لـم ﻳﺞـھﺰ ﺗﻞـك اﻟﺶـرﻛﺎت ﻟﺘﺰدهـر فـي اﻟﻤﺲـﺗﻘﺒﻞ‪ ،‬بـل أعـ ﱠ‬
‫ﻟﺘﺤﻘﻖ اﻷرﺑﺎح؛ وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل أﻣﻮر ﻣﻨﮫﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﻓﺼﻞ اﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل‪ .‬وﻣﺎ ھﻲ اﻷرﺑﺎح اﻟﺘﻲ‬
‫ﺣﻘﻘﮫﺎ؟ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻠﯿﻮن دوﻻر ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻮل اﻟﺬي‬
‫أﺣﺪﺛﻪ ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺔ ﺳﻜﻮت ﺑﯿﺒﺮ وﺑﯿﻌﮫﺎ‪ .‬ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻠﯿﻮن دوﻻر ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻋﺎم وﻧﺼﻒ ﻋﺎم ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬ﻓﻘﺎل "دوﻧﻼب"‪:‬‬
‫"ھﻞ رﺑﺤﺖ ھﺬا اﻟﻤﺒﻠﻎ؟ ﻳﺎ إﻟﮫﻲ! ﻟﻘﺪ رﺑﺤﺘﻪ ﺣ ًّ‬
‫ﻘﺎ‪ .‬أﻧﺎ ﻧﺠﻢ‬
‫ﻻﻣﻊ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻲ‪ ،‬ﻣﺜﻞ "ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺟﻮردان" ﻓﻲ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ‪ ،‬و"ﺑﺮوس ﺳﺒﺮﻳﻨﺠﺮﺳﺘﯿﻦ" ﻓﻲ ﻣﻮﺳﯿﻘﻰ اﻟﺮوك آﻧﺪ‬
‫رول"‪.‬‬
‫أﺑﺪى "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" اﺣﺘﺮاﻣﻪ ﻟﻠﻌﻤﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ وأھﻤﯿﺔ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﺒﺴﯿﻂ واﻷﻣﻮر اﻟﺠﯿﺪة اﻷﺧﺮى‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ "دوﻧﻼب"‬
‫ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻜﺎن ﻳﻘﻮل‪" :‬إذا ﻛﻨﺖ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺘﺠﺎرة‪ ،‬ﻓﺄﻧﺖ‬
‫ﺗﻌﻤﻞ ﺑﮫﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ أﻣﺮ واﺣﺪ ‪ -‬ﻟﺘﺮﺑﺢ اﻟﻤﺎل"‪.‬‬
‫ﻳﺮوي "دوﻧﻼب" ﺑﻔﺨﺮ واﻗﻌﺔ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎع ﻣﻊ اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ ﺑﺸﺮﻛﺔ ﺳﻜﻮت ﺑﯿﺒﺮ‪ .‬ﻧﮫﻀﺖ اﻣﺮأة وأﻟﻘﺖ‬
‫ﺳﺆاًﻻ‪" :‬ﺑﻤﺎ أن اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺗﺘﻘﺪم ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ‪ ،‬ھﻞ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن‬
‫ﺖ ﺗﺮﻳﺪﻳﻦ اﻟﺘﺒﺮع ﺑﺄﻣﻮاﻟﻚ ﻓﮫﺬا ﺷﺄﻧﻚ‬ ‫ﻧﻮاﺻﻞ ﺟﻤﻊ اﻟﺘﺒﺮﻋﺎت اﻟﺨﯿﺮﻳﺔ؟" واﻟﺬي أﺟﺎب ﻋﻨﻪ "دوﻧﻼب" ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬إذا ﻛﻨ ِ‬
‫وأﺷﺠﻌﻚ ﻟﺘﻘﻮﻣﻲ ﺑﮫﺬا‪ .‬وﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺮﻛﺔ أﻧﺸﺌﺖ‬
‫ﻟﺘﺮﺑﺢ اﻷﻣﻮال ‪ ...‬اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ واﺣﺪة ھﻲ ﻻ"‪.‬‬
‫أﻧﺎ ﻟﻢ أﻛﺘﺐ ھﺬا ﻷﻧﺎﻗﺶ أن اﻟﺘﺠﺎرة ﻻ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺮﺑﺢ اﻷﻣﻮال‪ ،‬وﻟﻜﻨﻲ أرﻳﺪ أن أﺳﺄل‪ :‬ﻟﻤﺎذا ﻛﺎن "دوﻧﻼب" ﻳﺮﻛﺰ‬
‫ﺑﺸﺪة ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻷﻣﺮ؟‬
‫ﻟﻨﻌﺮف إﺟﺎﺑﺘﻪ ﻋﻦ ھﺬا اﻟﺴﺆال‪" :‬ﺷﻖ طﺮﻳﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺻﺒﺢ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﺣﺘﺮام اﻟﺬات ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ‪،‬‬
‫ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺸﺎب ﻳﺤﺎول أن ﻳﺠﻌﻞ ﻟﻪ ﻗﯿﻤﺔ ﻣﺎ‪ ...‬ﺣﺘﻰ‬
‫ﻲ أن أﺛﺒﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﺮة ﺑﻌﺪ أﺧﺮى"‪ .‬وإذا ﻛﺎن ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ إﺛﺒﺎت ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻓﮫﻮ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ‬ ‫اﻟﯿﻮم أﺷﻌﺮ أن ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﻣﻘﯿﺎس ﻟﺬﻟﻚ‪ .‬ﻟﻜﻦ رﺿﺎ اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ أو اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﯿﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﯿﺔ أو‬
‫اﻟﻤﺴﺎھﻤﺎت اﻟﺨﯿﺮﻳﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﻘﺎﻳﯿﺲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ؛ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻮﻳﻠﮫﺎ إﻟﻰ رﻗﻢ واﺣﺪ ﻳﻤﺜﻞ ﻗﯿﻤﺘﻪ اﻟﺬاﺗﯿﺔ‪ .‬ﺑﻞ‬
‫ھﺬا ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ أرﺑﺎح اﻷﺳﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻛﻢــــا ﻳﻖــــول "دونــــﻻب"‪" :‬أســــﺧﻒ اﻟﻤﺺــــطﻠﺤﺎت اﻟﻤﺖــــداوﻟﺔ فــــي اﺟﺘﻢــــاﻋﺎت ﻣﺠﻞـــس‬
‫اﻹدارة هــذه اﻷيــام هــي "أصــﺣﺎب اﻟﺶــأن""‪ .‬هــذا اﻟﻤﺺــطﻠﺢ ﻳﺶــﻣﻞ اﻟﻤﻮظﻒــﻳﻦ واﻟﻤﺠﺘﻢــع‬
‫واﻟﺶــرﻛﺎت اﻷخــرى‪ ،‬كــاﻟﻤﻮردﻳﻦ‪ ،‬الــذﻳﻦ ﺗﺘﻊــاﻣﻞ ﻣﻊــھﻢ اﻟﺶــرﻛﺔ‪ .‬وﻳﻜﻢــل‪" :‬ﻻ ﻳﻤﻜﻦــك أن ﺗﻖــﻳﺲ‬
‫اﻟﻨﺞــاح مــن خــﻻل ﻓﺎئــدة أصــﺣﺎب اﻟﺶــأن اﻟﻜﺚــﻳﺮﻳﻦ ‪ ..‬ﻳﻤﻜﻦــك ﻗﻲــاس‬
‫اﻟﻨﺠﺎح ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺪى ﻣﻌﺎﻣﻼت ﻣﺎﻟﻜﻲ اﻷﺳﮫﻢ"‪.‬‬
‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻨﺠﺎح ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪى اﻟﺒﻌﯿﺪ ﻣﺤﻞ اھﺘﻤﺎم "دوﻧﻼب"‪ .‬اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ﺣﻮل اﻟﺸﺮﻛﺔ وﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﯿﻔﯿﺔ‬
‫ﺟﻌﻠﮫﺎ ﺗﻨﻤﻮ ﻟﻢ ﺗﻤﻨﺤﺎه اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻟﻸﺑﻄﺎل اﻟﺒﺎرزﻳﻦ‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮل "دوﻧﻼب"‪" :‬ﺑﻨﮫﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻛﻨﺖ أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﻤﻠﻞ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن أذھﺐ إﻟﯿﻪ"‪ .‬ﻳﻮﺟﺪ ﻓﺼﻞ ﻛﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺗﺤﺖ‬
‫ﻋﻨﻮان "إﺛﺎرة إﻋﺠﺎب اﻟﻤﺤﻠﻠﯿﻦ"‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﺼﻞ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻦ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺟﻌﻞ ﺷﺮﻛﺔ ﻣﺎ ﺗﻨﺠﺢ‪ .‬ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى‪ ،‬ﻛﺎن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﮫﻢ "دوﻧﻼب" طﻮال اﻟﻮﻗﺖ إﺛﺒﺎت ﻋﺒﻘﺮﻳﺘﻪ‪.‬‬
‫ﺛﻢ ﻓﻲ ﻋﺎم ‪ ،1996‬ﺳﯿﻄﺮ "دوﻧﻼب" ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻛﺔ ﺻﻦ ﺑﯿﻢ‪ .‬وﺑﺄﺳﻠﻮب إدارﺗﻪ اﻟﻤﻌﮫﻮد اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳﺒﺒًﺎ ﻓﻲ‬
‫ﺗﻠﻘﯿﺒﻪ بـ"أﻟﺒﺮت اﻟﻤﻨﺸﺎر"‪ ،‬أﻏﻠﻖ وﺑﺎع ﺛﻠﺜﻲ ﻣﺼﺎﻧﻊ ﺷﺮﻛﺔ ﺻﻦ ﺑﯿﻢ‬
‫وﻓﺼﻞ ﻣﻨﮫﺎ ﻧﺼﻒ ﻋﺪد اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎن ﻋﺪدھﻢ اﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ أﻟﻒ ﻣﻮظﻒ‪ .‬اﻟﻐﺮﻳﺐ أن ﺳﻌﺮ أﺳﮫﻢ اﻟﺸﺮﻛﺔ‬
‫ﻋﺎ ﻛﺒﯿًﺮا؛ ﻣﻤﺎ أﻓﺴﺪ ﺧﻄﺘﻪ ﻟﺒﯿﻊ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ .‬ﻓﻘﺪ‬ ‫ارﺗﻔﻊ ارﺗﻔﺎ ً‬
‫ﻛﺎﻧﺖ أﻏﻠﻰ ﺛﻤًﻨﺎ ﻣﻦ أن ﻳﺸﺘﺮﻳﮫﺎ أﺣﺪ! ﻳﺎ ﻟﻠﻌﺠﺐ‪ ،‬أﺻﺒﺢ ﻋﻠﯿﻪ أن ﻳﺪﻳﺮ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ .‬أﺻﺒﺢ ﻋﻠﯿﻪ اﻵن أن ﻳﺒﻘﯿﮫﺎ‬
‫ﻣﺮﺑﺤﺔ‪ ،‬أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﺗﺒﺪو ﻣﺮﺑﺤﺔ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ اﻟﻘﯿﺎم‬
‫ﺑﻤﮫﺎﻣﻪ أو ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﯿﻪ ﻓﻌﻠﻪ‪ ،‬ﻋﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻀﺨﯿﻢ أرﻗﺎم اﻹﻳﺮادات‪ ،‬وﻓﺼﻞ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺸﻜﻜﻮا‬
‫ﻓﯿﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ‪ ،‬وأﺧﻔﻰ أﻣﺮ اﻟﻌﺜﺮات اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺮ ﺑﮫﺎ‬
‫اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ .‬ﺑﻌﺪ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺳﻨﺘﯿﻦ ﻣﻦ ادﻋﺎﺋﻪ ﻧﺠﻮﻣﯿﺘﻪ اﻟﻼﻣﻌﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ )وﺑﻌﺪ ﺳﻨﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ اﺳﺘﻌﺮاﺿﻪ ﺳﺠًّﻼ‬
 ‫طﺮد ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪.‬‬ ‫أﻛﺒﺮ ﻹﻧﺠﺎزاﺗﻪ(‪ ،‬ﻓﺸﻞ "دوﻧﻼب" و ُ‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ رﺣﻞ ﻋﻦ ﺷﺮﻛﺔ ﺻﻦ ﺑﯿﻢ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﺘﺤﻘﯿﻘﺎت ھﯿﺌﺔ اﻷوراق اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ واﻟﺒﻮرﺻﺎت وﻛﺎن ﻣﻦ‬
‫اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ أن ﺗﻤﺮ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺑﺘﻌﺜﺮ ﻣﺎﻟﻲ ﺑﻘﺮض ﺑﻨﻜﻲ ﻗﯿﻤﺘﻪ ‪1.7‬‬
‫ﻣﻠﯿﺎر دوﻻر‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻧﺠﻮﻣﯿﺔ "ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺟﻮردان" و"ﺑﺮوس ﺳﺒﺮﻳﻨﺠﺴﺘﯿﻦ"‪ .‬ﻛﻞ ﻣﻦ ھﺬﻳﻦ‬ ‫ﻓﮫﻢ "دوﻧﻼب" ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎطﺊ ﺗﻤﺎ ً‬
‫اﻟﻨﺠﻤﯿﻦ اﻟﻼﻣﻌﯿﻦ وﺻﻞ إﻟﻰ أوج اﻟﻨﺠﻮﻣﯿﺔ واﺳﺘﻤﺮ ﻓﯿﮫﺎ ﻟﻤﺪة‬
‫طﻮﻳﻞــة ﻷنــھﻤﺎ ثــاﺑﺮا ﺑﺎســﺗﻤﺮار‪ ،‬وواجــھﺎ اﻟﺘﺢــدﻳﺎت‪ ،‬واســﺗﻤﺮا فــي اﻟﺘﻂــور‪ .‬أمــا "أﻟﺐــرت‬
‫ﻣﺎ ﻻمــ ً‬
‫ﻋﺎ؛ لــذﻟﻚ اﺑﺘﻊــد عــن اﻟﺘﻌﻞــم الــذي كــان‬ ‫دونــﻻب" ﻓﺎﻋﺘﻖــد أنــه قــد ولــد ﻧﺞــ ً‬
‫ﺳﯿﺴﺎﻋﺪه ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺠﺎح‪.‬‬

‫أذﻛﻰ اﻷﺷﺨﺎص ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎل‬

‫ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﻣﻀﻰ اﻟﺰﻣﻦ ﻣﻨﺬ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﺣﺘﻰ أﺑﺎطﺮة اﻟﺘﺠﺎرة ﻓﻲ ﺗﺴﻌﯿﻨﯿﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺑﯿﻨﮫﻢ ﻣﻦ‬
‫ﻳﻤﺎﺛﻞ "ﻛﯿﻨﯿﺚ ﻻي" و"ﺟﯿﻔﺮي ﺳﻜﯿﻠﯿﻨﺞ"‪ ،‬ﻗﺎدة ﺷﺮﻛﺔ‬
‫إﻧﺮون‪.‬‬
‫ﻤﺎ‪ .‬وﻓ ً‬
‫ﻘﺎ ﻟﻤﺎ‬ ‫ﻤﺎ ﻋﻈﯿ ً‬
‫ﺪ "ﻛﯿﻨﯿﺚ ﻻي"‪ ،‬ﻣﺆﺳﺲ اﻟﺸﺮﻛﺔ ورﺋﯿﺲ ﻣﺠﻠﺲ إدارﺗﮫﺎ ورﺋﯿﺴﮫﺎ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي‪ ،‬ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻠﮫ ً‬ ‫ﻌ ﱡ‬
‫ﻳَ ُ‬
‫ﻛﺘﺒﺘﻪ "ﺑﯿﺜﺎﻧﻲ ﻣﺎﻛﻠﯿﻦ" و"ﺑﯿﺘﺮ إﻟﻜﺎﻳﻨﺪ"‪ ،‬ﻣﺆﻟﻔﺎ ﻛﺘﺎب‬
‫‪ ، The Smartest Guy in the Room‬ﻛﺎن "ﻻي" ﻳﻨﻈﺮ ﺑﺎﺳﺘﻌﻼء إﻟﻰ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻋﻤﻠﻮا ﺑﺠﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻐﯿﻞ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪،‬‬
‫ﻛﺎن ﻳﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫﻢ ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻠﻚ إﻟﻰ‬
‫ﺧﺎدﻣﯿﻪ‪ .‬ﻧﻈﺮ ﺑﺎﺳﺘﻌﻼء إﻟﻰ "رﻳﺘﺸﺎرد ﻛﺎﻳﻨﺪر"‪ ،‬رﺋﯿﺲ ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون‪ ،‬اﻟﺬي ﺷﻤﺮ ﻋﻦ ﺳﺎﻋﺪﻳﻪ وﺣﺮص ﻋﻠﻰ أن‬
‫ﺗﺤﻘﻖ اﻟﺸﺮﻛﺔ أرﺑﺎﺣﮫﺎ اﻟﻤﺴﺘﮫﺪﻓﺔ‪ .‬ﻛﺎن "ﻛﺎﻳﻨﺪر" ھﻮ‬
‫ﺿﺎ هــو اﻟﻮﺣﻲــد‬ ‫اﻟﺲــﺑﺐ فــي ﺗﺤﻖــﻳﻖ اﻟﺤﻲــاة اﻟﻤﺮفــھﺔ لــــ"ﻻي"‪ .‬ﻛﻢــا كــان "ﻛﺎﻳﻦــدر" أيــ ً‬
‫مــن بــﻳﻦ ﻛﺐــار ﻣﻮظﻒــي اﻟﺶــرﻛﺔ الــذي كــان ﻳﺘﺲــاءل ﺑﺎســﺗﻤﺮار ﻋﻢـا إذا كـاﻧﻮا ﻳﺦـدﻋﻮن‬
‫أﻧﻔﺴﮫﻢ‪" :‬ھﻞ ﻧﺼﺪق أوھﺎﻣﻨﺎ؟ ھﻞ ﻧﻌﯿﺶ ﻓﻲ أﻛﺎذﻳﺐ؟"‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻗﺪ وﻟﱠﺖ أﻳﺎم "ﻛﺎﻳﻨﺪر"‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﺑﺄﺳﻠﻮﺑﻪ اﻟﻌﻘﻼﻧﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﻲ‪ ،‬ﻓﻮر رﺣﯿﻠﻪ ﻋﻦ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ ،‬ﺧﻄﻂ ﻟﺸﺮاء‬
‫اﻷﺻﻞ اﻟﻮﺣﯿﺪ اﻟﺬي ﺗﻤﻠﻜﻪ ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون واﻟﺬي ﻛﺎن ﻟﻪ ﻗﯿﻤﺔ‬
‫ﻛﺐــﻳﺮة ﺑﺢــد ذاتــه ‪ -‬ﺧﻂــوط أنــاﺑﯿﺐ اﻟﻄﺎقــة ‪ -‬هــذا اﻷصــل الــذي كـاﻧﺖ شـرﻛﺔ إنـرون ﺗﺲـﺗﮫﯿﻦ‬
‫ﺑﺄھﻤﯿﺖـه‪ .‬وﺑﺤﻞـول ﻣﻨﺘﺺـف عـام ‪ ،2003‬وصـﻟﺖ شـرﻛﺔ "ﻛﺎﻳﻦـدر" إلـى ﻗﯿﻢـة‬
‫ﺳﻮﻗﯿﺔ ﺗﺴﺎوي ﺳﺒﻌﺔ ﻣﻠﯿﺎرات ﻣﻦ اﻟﺪوﻻرات‪.‬‬
‫ﺣﺘﻰ ﺣﯿﻨﻤﺎ ﻛﺎن "ﻻي" ﻣﺸﻐﻮًﻻ ﺑﺮأﻳﻪ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ وأﺳﻠﻮب اﻟﺤﯿﺎة اﻟﻔﺨﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻨﻰ أن ﻳﻘﯿﻤﮫﺎ‪ ،‬أراد أن ُﻳﻨﻈﺮ‬
‫ﻌﺎ وﻣﻔﻜًﺮا" ﺑﻘﺪاﺳﺔ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﺮام‬ ‫إﻟﯿﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره "رﺟًﻼ ﻧﺎﻓ ً‬
‫واﻟﻨﺰاهــة‪ .‬وﺣﺖــى ﻋﻦــدﻣﺎ كــاﻧﺖ شــرﻛﺔ إنــرون ﺗﺲــﺗﻨﺰف ﺣﻲــاة ضــﺣﺎﻳﺎھﺎ‪ ،‬ﻛﺖـب ﻟﻤﻮظﻔﻲـه‪:‬‬
‫"لـﻳﺲ ﻟﻞـھﻤﺠﯿﺔ واﻟﻘﺲـوة واﻟﻐﻄﺮسـة ﻣﻚـان ھﻦـا‪ ....‬ﻧﺢـن ﻧﺘﻊـاﻣﻞ مـع اﻟﻌﻢـﻻء‬
‫واﻟﻌﻤﻼء اﻟﺠﺪد ﺑﻮﺿﻮح وأﻣﺎﻧﺔ وﺻﺪق"‪ .‬وﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﺗﺼﻮر "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" واﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻛﺎن اﻟﺘﺼﻮر ‪ -‬ﻋﺎدة ﻣﺎ ﻛﺎن ھﻮ‬
‫ﺗﺼﻮر ﺑﻮرﺻﺔ وول ﺳﺘﺮﻳﺖ ‪ -‬ھﻮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﮫﻢ‪ .‬إﻻ أن‬
‫اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﮫﺬا اﻟﺸﻜﻞ‪.‬‬
‫ﻋﻢــــل "جــــﻳﻔﺮي ســــﻛﯿﻠﯿﻨﺞ" مــــع "ﻻي"؛ لــــﻳﺨﻠﻒ "رﻳﺘﺶــارد ﻛﺎﻳﻦــدر" فــي ﻣﻨﺺــﺑﻪ كــرﺋﯿﺲ‬
‫ﺴﺎ ﺗﻨﻔﻲــذﻳًّﺎ فــي وقــت ﻻحــق‪ .‬لــم ﻳﻚــن‬ ‫ﻟﻠﺶــرﻛﺔ ومــدﻳﺮ اﻟﻌﻤﻠﻲــات‪ ،‬ثــم ﻋﻢــل رئــﻳ ً‬
‫"ﺳﻜﯿﻠﯿﻨﺞ" ذﻛﯿًّﺎ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﺑﻞ ﻗﯿﻞ ﻋﻨﻪ‪" :‬أذﻛﻰ ﺷﺨﺺ ﻗﺎﺑﻠﺘﻪ" و"ذو ذﻛﺎء ﻣﺘﻘﺪ"‪ .‬ﻋﻠﻰ أﻳﺔ ﺣﺎل اﺳﺘﺨﺪم ﻗﻮﺗﻪ‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﻻ ﻟﯿﺘﻌﻠﻢ ﺑﻞ ﻟﯿﺜﯿﺮ اﻟﺨﻮف"‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻋﺘﻘﺪ أﻧﻪ‬
‫أذكــى مــن اﻵخــرﻳﻦ‪ ،‬وكــان ﻳﺘﻊــاﻣﻞ طــوال الــوﻗﺖ ھﻚــذا‪ ،‬كــان ﻳﻌﺎﻣﻞـھﻢ ﺑﻘﺲـوة‪ .‬وأي شـﺧﺺ‬
‫ﺪه "سـﻛﯿﻠﯿﻨﺞ" لـﻳﺲ ذكـﻳًّﺎ ﺑﻢـا ﻳﻜﻒـي "ﻟﯿﻒـھﻢ" مـا‬ ‫ﻌ ﱡ‬‫كـان ﻳﺨﺘﻞـف ﻣﻊـه‪ ،‬ﻳَ ُ‬
‫ﻳﻘﺼﺪه "ﺳﻜﯿﻠﯿﻨﺞ"‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻢ ﺗﻮظﯿﻒ ﻣﺴﺎﻋﺪ رﺋﯿﺲ ﺗﻨﻔﯿﺬي ﻟﻪ ﻣﮫﺎرات إدارﻳﺔ راﺋﻌﺔ‪ ،‬ﻟﯿﺴﺎﻋﺪ "ﺳﻜﯿﻠﯿﻨﺞ"‬
‫ﺧﻼل ﻓﺘﺮة ﻋﺼﯿﺒﺔ ﻣﻦ ﺣﯿﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻛﺎن "ﺳﻜﯿﻠﯿﻨﺞ" ﻳﺰدرﻳﻪ‬
‫ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬رون ﻻ ﻳﻔﮫﻢ ھﺬا"‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺎول اﻟﻤﺤﻠﻠﻮن اﻟﻤﺎﻟﯿﻮن وﺗﺠﺎر ﺑﻮرﺻﺔ وول ﺳﺘﺮﻳﺖ اﻹﻟﺤﺎح ﻋﻠﻰ "ﺳﻜﯿﻠﯿﻨﺞ"‬
‫ﻟﻼﺳﺘﻔﺎﺿﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮاﺗﻪ اﻟﻤﻮﺟﺰة‪ ،‬ﻋﺎﻣﻠﮫﻢ "ﺳﻜﯿﻠﯿﻨﺞ"‬
‫ﻛﺄﻧﮫﻢ أﻏﺒﯿﺎء‪ ،‬ﻓﯿﻘﻮل ﻟﮫﻢ‪" :‬ﺣﺴًﻨﺎ‪ ،‬إن اﻷﻣﺮ واﺿﺢ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ .‬ﻛﯿﻒ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﯿﻌﻮن ﻓﮫﻤﻪ؟"‪ .‬وﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻟﻤﻮاﻗﻒ‪،‬‬
‫ﻛﺎن ﺗﺠﺎر ﺑﻮرﺻﺔ وول ﺳﺘﺮﻳﺖ ﻳﺘﻈﺎھﺮون ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻓﮫﻤﻮا‬
‫ﻓﺎ ﻣﻦ أن ﻳﺒﺪوا ﻏﯿﺮ أذﻛﯿﺎء‪.‬‬ ‫اﻷﻣﺮ ﺧﻮ ً‬
‫ﻛﻌﺒﻘﺮي ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة‪ ،‬ﻛﺎن ﻟﺪى "ﺳﻜﯿﻠﯿﻨﺞ" إﻳﻤﺎن ﺗﺎم ﺑﺄﻓﻜﺎره‪ .‬ﻓﻜﺎن ﻳﺆﻣﻦ ﻛﺜﯿًﺮا ﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻘﺪه ﻣﻦ أن ﺷﺮﻛﺔ‬
‫إﻧﺮون ﺳﺘﻌﻠﻦ ﻋﻦ ﺗﺤﻘﯿﻘﮫﺎ اﻷرﺑﺎح ﻓﻮر أن ﻳﻤﺘﻠﻚ ھﻮ أو‬
‫ﻣﻮظﻔﻮه اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺆدي إﻟﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻷرﺑﺎح‪ .‬ھﺬا اﻣﺘﺪاد ﻣﺘﻄﺮف ﻓﻲ ﻓﻜﺮ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ :‬ﻋﺒﻘﺮﻳﺘﻲ ﻻ‬
‫ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻨﻲ وﺗﺜﺒِ ّﺘﻨﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺷﺮﻛﺘﻲ وﺗﺜﺒِ ّﺘﮫﺎ‪ .‬إن‬
‫ﻋﺒﻘﺮﻳﺘﻲ ھﻲ ﻣﺎ ﺗﺼﻨﻊ اﻟﻘﯿﻤﺔ‪ ،‬ﻋﺒﻘﺮﻳﺘﻲ ھﻲ اﻟﻔﺎﺋﺪة‪ .‬ﻳﺎ إﻟﮫﻲ!‬
‫ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬ھﻜﺬا ﻋﻤﻠﺖ ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون‪ .‬ﻛﻤﺎ ذﻛﺮت "ﻣﺎﻛﻠﯿﻦ" و"إﻟﻜﺎﻳﻨﺪ" ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫﻤﺎ‪" ،‬ﺳﺠﻠﺖ ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون‬
 ‫ﺣﺎ ﺑﻤﻼﻳﯿﻦ اﻟﺪوﻻرات ﻓﻲ ﺻﻔﻘﺔ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ‬ ‫أرﺑﺎ ً‬
‫دوﻻر واﺣﺪ ﻛﺈﻳﺮادات ﻓﻌﻠﯿﺔ"‪ .‬ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺑﻌﺪ ﻣﻤﺎرﺳﺔ إﺟﺮاءات إﺑﺪاﻋﯿﺔ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﮫﺘﻢ أﺣﺪ ﺑﻤﺘﺎﺑﻌﺘﮫﺎ‪ .‬ﻛﺎن ذﻟﻚ أﻣًﺮا ﻏﯿﺮ‬
‫ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻻھﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ؛ ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ‬
‫ﻤﺎ أن ﻣﻮظﻔﻲ‬ ‫اﻷﺣﯿﺎن ﻟﻢ ﻳﺘﻢ ﺗﺤﻘﯿﻖ أي أرﺑﺎح‪ .‬إذا ﻛﺎن وﺟﻮد اﻟﻌﺒﺎﻗﺮة ﻳﻌﺎدل ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻷرﺑﺎح‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ أﻣًﺮا ﻣﮫ ًّ‬
‫ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻣﺎ أھﺪروا ﻣﻼﻳﯿﻦ اﻟﺪوﻻرات ﻓﻲ‬
‫ن ﺗﻘﻮم ﺑﺨﺪاع اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻛﺎن دﻟﯿًﻼ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﮫﻢ‪ .‬ﻗﺎﻟﺖ "أﻣﺎﻧﺪا ﻣﺎرﺗﻦ"‪ ،‬اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﺔ ﺑﺸﺮﻛﺔ إﻧﺮون‪" :‬أَ ْ‬
‫اﻹﺑﺪاع واﻟﻌﻈﻤﺔ"‪.‬‬
‫ﻀﺎ أﻧﻪ أﻛﺜﺮ ﺣﻈ ًّﺎ‪ .‬ﻧﻘًﻼ ﻋﻦ‬
‫ﻟﻢ ﻳﻈﻦ "ﺳﻜﯿﻠﯿﻨﺞ" ﻓﻘﻂ أﻧﻪ أذﻛﻰ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﺑﻞ‪ ،‬ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻓﻌﻞ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ"‪ ،‬ظﻦ أﻳ ً‬
‫ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻄﻠﻌﯿﻦ ﺑﺄﻣﻮر اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ ،‬ﻛﺎن "ﺳﻜﯿﻠﯿﻨﺞ" ﻳﻈﻦ أﻧﻪ‬
‫ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ ﺗﺬﻟﯿﻞ اﻟﺼﻌﺎب‪ .‬ﻓﻠﻤﺎذا ﻳﺠﺐ ﻋﻠﯿﻪ أن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺨﻄﺮ؟ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺮى أي ﺧﻄﺄ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻌﺘﺮف "ﺳﻜﯿﻠﯿﻨﺞ"‬
‫ﺣﺘﻰ اﻵن ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎن ھﻨﺎك ﺧﻄﺐ ﻣﺎ؛ ﻓﺎﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻘﻂ ﻻ‬
‫ﻳﻔﮫﻤﻪ‪.‬‬

‫ﻋﺒﻘﺮﻳﺎن ﻳﺘﺼﺎدﻣﺎن‬
‫ﻀﺎ ﻓﻲ إﺳﻘﺎط ﺷﺮﻛﺘﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ أون ﻻﻳﻦ وﺗﺎﻳﻢ وارﻧﺮ‪" .‬ﺳﺘﯿﻒ ﻛﯿﺲ" اﻟﺬي‬ ‫أﺻﺤﺎب اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ھﻢ ﺳﺒﺐ ﻛﺒﯿﺮ أﻳ ً‬
‫ﺷﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي ﻟﺸﺮﻛﺔ أﻣﺮﻳﻜﺎ أون ﻻﻳﻦ‬
‫و "ﺟﯿﺮي ﻟﯿﻔﻦ" اﻟﺬي ﺷﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي ﻟﺸﺮﻛﺔ ﺗﺎﻳﻢ وارﻧﺮ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺎ ﻣﻦ ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ودﻣﺠﺎ‬
‫ﺷﺮﻛﺘﯿﮫﻤﺎ‪ .‬ھﻞ ﺗﺘﻮﻗﻊ ﻣﺎ آل إﻟﯿﻪ اﻟﺤﺎل؟‬
‫ﻛﺎن ﺑﯿﻦ "ﻛﯿﺲ" و"ﻟﯿﻔﻦ" اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﻮاﺳﻢ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ‪ .‬ﻛﻼھﻤﺎ وﺿﻊ ﺣﻮﻟﻪ ھﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﺎء اﻟﺮﻓﯿﻊ‪ .‬ﺣﺎول‬
‫ﻓﺎ ﻋﻨﮫﻤﺎ أﻧﮫﻤﺎ‬ ‫ﻛﻼھﻤﺎ إﺧﺎﻓﺔ اﻟﻨﺎس ﺑﻌﺒﻘﺮﻳﺘﻪ‪ .‬وﻛﺎن ﻣﻌﺮو ً‬
‫ﻳﺘﻠﻘﯿﺎن ﺛﻨﺎء أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻘﺎﻧﻪ‪ .‬ﻛﺄﺻﺤﺎب ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﺮد أي ﻣﻨﮫﻤﺎ أن ﻳﺴﺘﻤﻊ إﻟﻰ ﺷﻜﺎوى‪ ،‬وﻛﺎن ﻛﻼھﻤﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻔﺼﻞ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮن‬
‫"اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ"‪ ،‬أي ھﺆﻻء اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺤﺎﻓﻈﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﺎھﺔ اﻟﺘﻲ أﻗﺎﻣﺎھﺎ‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻢ اﻟﺪﻣﺞ ﺑﯿﻦ اﻟﺸﺮﻛﺘﯿﻦ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺮﻛﺔ أﻣﺮﻳﻜﺎ أون ﻻﻳﻦ ﻏﺎرﻗﺔ ﺑﺎﻟﺪﻳﻮن ﻣﻤﺎ ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﺸﺮﻛﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄت ﻋﻦ دﻣﺞ اﻟﺸﺮﻛﺘﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ اﻻﻧﮫﯿﺎر‪ .‬ﻗﺪ‬
‫ﻌﺎ وﻳﻨﺴﻘﺎن ﺟﮫﻮدھﻤﺎ ﻹﻧﻘﺎذ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ "ﻟﯿﻔﻦ" و"ﻛﯿﺲ"‬ ‫ﺗﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﻦ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﯿﻦ ﺳﯿﻌﻤﻼن ﻣ ً‬
‫ﺗﻨﺎﻓﺴﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﺸﺨﺼﻲ‪.‬‬
‫ﻀﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺎول إﻧﺠﺎح اﻷﻣﻮر ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬اﻟﺮﺋﯿﺲ‬ ‫ﻛﺎن "ﻟﯿﻔﻦ" ھﻮ أول ﻣﻦ ﺳﻘﻂ‪ .‬و "ﻛﯿﺲ" أﻳ ً‬
‫ﺼﺎ‬‫اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي اﻟﺠﺪﻳﺪ "رﻳﺘﺸﺎرد ﺑﺎرﺳﻮﻧﺰ" ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻠﻒ ﺷﺨ ً‬
‫ﺑﺈﺻﻼح اﻷﻣﻮر ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺔ أﻣﺮﻳﻜﺎ أون ﻻﻳﻦ‪ ،‬ﻋﺎرض "ﻛﯿﺲ" ھﺬا ﺑﺸﺪة‪ .‬ﻓﺈذا أﺻﻠﺢ ﺷﺨﺺ ﻏﯿﺮه ﺷﺮﻛﺔ أﻣﺮﻳﻜﺎ‬
‫أون ﻻﻳﻦ‪ ،‬ﻓﺴﯿﻌﻮد اﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ ھﺬا إﻟﻰ اﻟﺸﺨﺺ اﻵﺧﺮ‪.‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ"‪ ،‬ﻛﺎن اﻷﻓﻀﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ أن ﻳﺪع اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺗﻨﮫﺎر ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ أن ﻳﻌﻮد اﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ‬
‫إﻧﻘﺎذھﺎ إﻟﻰ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺼﺢ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ‬
‫"ﻛﯿﺲ" ﺑﺎﻟﺘﻘﺎﻋﺪ‪ ،‬ﻛﺎن "ﻛﯿﺲ" ﻏﺎﺿﺒًﺎ‪ .‬ﻣﺜﻞ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ"‪ ،‬أﻧﻜﺮ ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﺘﻪ ﻋﻦ اﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﺑﮫﺎ اﻟﺸﺮﻛﺔ‬
‫وﺗﻌﮫﺪ ﺑﺎﻻﻧﺘﻘﺎم ﻣﻤﻦ اﻧﻘﻠﺒﻮا ﻋﻠﯿﻪ‪.‬‬
‫ﺑﺴﺒﺐ أﺻﺤﺎب اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ‪ ،‬أﻧﮫﺖ ﺷﺮﻛﺔ أﻣﺮﻳﻜﺎ أون ﻻﻳﻦ ﻋﺎم ‪ 2002‬ﺑﺨﺴﺎرة ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻠﯿﺎر دوﻻر‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺗﻠﻚ ھﻲ أﻛﺒﺮ ﺧﺴﺎرة ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ‪.‬‬

‫ﻣﺤﺼﻦ‪ ،‬وراﺳﺦ‪ ،‬وﻣﺆھﻞ‬

‫"إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" و"دوﻧﻼب" و"ﻻي" و"ﺳﻜﯿﻠﻨﯿﺞ"‪ ،‬ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﮫﻢ ﻣﺎ ﺳﯿﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﺒﺢ اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﻦ ﻋﻦ ﺷﺮﻛﺎت‪ .‬ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ‬
‫ﺮّض رﺟﻞ ﻋﺒﻘﺮي ﺷﺮﻛﺘﻪ ﻟﻠﺨﻄﺮ ﻷﻧﻪ ﻳﺮى أن ﺗﻘﯿﯿﻢ ذاﺗﻪ وﺷﺮﻛﺘﻪ أھﻢ ﻣﻦ أي أﻣﺮ آﺧﺮ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ‬ ‫اﻟﺤﺎﻻت‪ ،‬ﻳﻌ ِ‬
‫ھﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص أﺷﺮاًرا ﺑﻄﺒﯿﻌﺔ اﻟﺤﺎل‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﺨﻄﻄﻮا‬
‫ﻟﻠﺘﺲــﺑﺐ ﺑﺎﻷضــرار‪ ،‬ﻟﻜﻦــھﻢ ﻋﻦــد اﺗﺦــاذ اﻟﻖــرارات اﻟﺤﺎسـﻣﺔ‪ ،‬اﺧﺖـاروا مـا سـﻳﺠﻌﻠﮫﻢ ﻳﺶـﻋﺮون‬
‫بـاﻻرﺗﯿﺎح ومـا سـﻳﺠﻌﻞ صـورﺗﮫﻢ ﺟﻲـدة بـدًﻻ مـن اﺧﺘﻲـار مـا سـﻳﻌﻤﻞ ﻋﻞـى‬
‫ﺗﺤﻘﯿﻖ أھﺪاف اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ‪ .‬إﻟﻘﺎء اﻟﻠﻮم ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬وإﺧﻔﺎء اﻷﺧﻄﺎء‪ ،‬وﺗﻀﺨﯿﻢ أﺳﻌﺎر‬
‫اﻷﺳﮫﻢ ﺑﻌﻜﺲ اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬وﺳﺤﻖ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﯿﻦ واﻟﻤﻨﺘﻘﺪﻳﻦ‪ ،‬وإﻳﺬاء‬
‫ﺻﻐﺎر اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ ‪ -‬ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ھﻲ اﻹﺟﺮاءات اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺨﺬوﻧﮫﺎ‪.‬‬
‫اﻷﻣﺮ اﻟﻤﺪھﺶ أﻧﮫﻢ ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﻮدون ﺷﺮﻛﺎﺗﮫﻢ ﻧﺤﻮ اﻟﺨﺮاب‪ ،‬ﺷﻌﺮ ﻛﻞ أوﻟﺌﻚ اﻟﻘﺎدة ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻣﺤﺼﻨﻮن وﻻ‬
‫ﻳﻤﻜﻦ ھﺰﻳﻤﺘﮫﻢ‪ .‬ﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷوﻗﺎت‪ ،‬ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻤﻠﻮن‬
‫ﺑﻤﺠﺎﻻت ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ‪ ،‬وﻳﻮاﺟﮫﻮن اﻟﮫﺠﻤﺎت ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻓﺴﯿﻦ ﺷﺮﺳﯿﻦ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﯿﺸﻮن‬
‫ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ آﺧﺮ‪.‬‬
‫كــاﻧﻮا ﻳﻌﯿﺶــون فــي عــاﻟﻢ مــن اﻟﺶــﻋﻮر ﺑﺎﻟﻌﻈﻢــة واﻟﺞــدارة‪ .‬كــان "كــﻳﻨﯿﺚ ﻻي" ﻳﺶــﻋﺮ‬
‫ﺑﺶــﻋﻮر قــوي ﺑﺎﻟﺞــدارة‪ .‬ﺣﺖــى ﻋﻦــدﻣﺎ كــان ﻳﺤﺺـل ﻋﻞـى ﻣﻼيـﻳﻦ الـدوﻻرات سـﻧﻮﻳًّﺎ‬
 ‫ﻛﺘﻊــوﻳﺾ مــن شــرﻛﺔ إنــرون‪ ،‬كــان ﻳﺤﺺــل ﻋﻞــى قــروض شــﺧﺼﯿﺔ ﻛﺐــﻳﺮة مــن اﻟﺶــرﻛﺔ‪،‬‬
‫وﻳﻤﻦــح اﻟﻮظــاﺋﻒ واﻟﻌﻖـود ﻷﻗﺮﺑﺎئـه‪ ،‬وﻳﺲـﺗﺨﺪم طـاﺋﺮات اﻟﺶـرﻛﺔ ﻛﺄنـھﺎ ﺗﺦـص‬
‫ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ‪ .‬ﺣﺘﻰ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻌﺼﯿﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺮت ﺑﮫﺎ ﺷﺮﻛﺔ ﻛﺮاﻳﺴﻠﺮ‪ ،‬أﻗﺎم "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﺣﻔﻼت ﺑﺎذﺧﺔ ﻓﻲ رأس‬
‫اﻟﺴﻨﺔ ﻟﻜﺒﺎر ﻣﻮظﻔﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ .‬ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﻔﻠﺔ ‪ -‬ﻷﻧﻪ ﻣﻠﻚ ‪-‬‬
‫ُﻳﮫﺪي "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﻧﻔﺴﻪ ھﺪﻳﺔ ﺑﺎھﻈﺔ‪ ،‬وﻛﺎن اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻮن ﻳﺘﺤﻤﻠﻮن ﺛﻤﻨﮫﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ‪ .‬وﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻣﺴﺌﻮﻟﻲ‬
‫ﺷﺮﻛﺔ أﻣﺮﻳﻜﺎ أون ﻻﻳﻦ‪ ،‬ﻗﺎل ﻣﻮظﻒ ﺳﺎﺑﻖ‪" :‬أﻧﺖ ﺗﺘﺤﺪث‬
‫ﻋﻦ رﺟﺎل اﻋﺘﻘﺪوا أن ﻟﮫﻢ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ أي ﺷﻲء"‪.‬‬
‫وﻷن أوﻟﺌﻚ اﻟﻘﺎدة ﺷﻤﻠﻮا أﻧﻔﺴﮫﻢ ﺑﻤﻈﺎھﺮ اﻟﺘﺮف‪ ،‬وأﺣﺎطﻮا أﻧﻔﺴﮫﻢ ﺑﺎﻟﻤﺘﻤﻠﻘﯿﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻐﱠﻨﻮا ﺑﺨﺼﺎﻟﮫﻢ‪،‬‬
‫وﺗﺠﺎھﻠﻮا اﻟﻤﺸﻜﻼت‪ ،‬ﻓﻼ ﻋﺠﺐ أﻧﮫﻢ ﺷﻌﺮوا ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ‬
‫ﻤﺎ ســﺣﺮﻳًّﺎ حــﻳﺚ ﺗﻚـون ﻋﺒﻘﺮيـة اﻟﻤﻞـك‬ ‫اﻟﺘﻐﻞــب ﻋﻠﻲــھﻢ‪ .‬ﻋﻘﻠﯿﺖــھﻢ اﻟﺜﺎﺑﺖــة صــﻧﻌﺖ لــھﻢ عــاﻟ ً‬
‫ﻛﺪﻳﻦ طـوال الـوﻗﺖ‪ .‬كـاﻧﻮا ﻳﺶـﻋﺮون ﺑﺎﻟﺮضـا اﻟﺖـام فـي هـذه اﻟﻌﻘﻠﻲـة‪.‬‬ ‫وﻛﻤﺎلـه مـؤ ﱠ‬
‫ﻓﻠﻤﺎذا ﻳﺨﺮﺟﻮن ﻋﻦ ھﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﯿﻮاﺟﮫﻮا اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻘﺒﯿﺢ ﺑﻌﯿﻮﺑﻪ وإﺧﻔﺎﻗﺎﺗﻪ؟‬
‫ﻳﺸﯿﺮ "ﻣﻮرﺟﺎن ﻣﺎﻛﻮل" ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ‪ High Flyers‬إﻟﻰ أﻧﻪ‪" :‬ﻟﻸﺳﻒ‪ ،‬ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻳﺤﺐ اﻟﻨﺎس اﻷﺷﯿﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﻀﺮ‬
‫ﺑﺘﻄﻮرھﻢ‪ ....‬ﻳﺤﺐ اﻟﻨﺎس أن ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮا ﻧﻘﺎط ﻗﻮﺗﮫﻢ‪...‬‬
‫ﻟﯿﺤﻘﻘﻮا ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺳﺮﻳﻌﺔ وﻣﺆﺛﺮة‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ‪ ...‬ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻳﻄﻮرون اﻟﻤﮫﺎرات اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﺳﯿﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﯿﮫﺎ ﻓﯿﻤﺎ‬
‫ﺑﻌﺪ‪ .‬ﻳﺤﺐ اﻟﻨﺎس أن ﻳﺼﺪﻗﻮا أﻧﮫﻢ ﻣﺎھﺮون ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل‬
‫اﻟﺠﻤﯿﻊ ‪ ...‬وأﻻ ﻳﺄﺧﺬوا أﺧﻄﺎءھﻢ ﺑﺎﻟﺠﺪﻳﺔ اﻟﻼزﻣﺔ‪ .‬ﻻ ﻳﺤﺐ اﻟﻨﺎس أن ﻳﺴﻤﻌﻮا أﺧﺒﺎًرا ﺳﯿﺌﺔ أو أن ﻳﺘﻢ ﺗﻮﺟﯿﻪ‬
‫اﻟﻨﻘﺪ إﻟﯿﮫﻢ‪ ....‬ھﻨﺎك ﺧﻄﺮ ﺟﺴﯿﻢ ‪ ....‬أن ﻳﺘﺮك ﺷﺨﺺ‬
‫ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺑﺼﻮرة ﺟﯿﺪة ﻟﯿﺴﻌﻰ إﻟﻰ إﺟﺎدة أﻣﺮ ﺟﺪﻳﺪ"‪ .‬واﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺗﺠﻌﻞ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﺒﺪو أﻛﺜﺮ ﺧﻄﻮرة‪.‬‬

‫ﻣﺪﻳﺮون ﻗﺴﺎة‬
‫ﻳﺴﺘﻤﺮ "ﻣﺎﻛﻮل" ﻟﯿﺸﯿﺮ إﻟﻰ أن اﻟﻘﺎدة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄﻧﮫﻢ أﻓﻀﻞ ﺑﻄﺒﯿﻌﺘﮫﻢ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻗﺪ ﻳﺒﺪأون ﻓﻲ‬
‫اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺠﺎھﻞ ﺣﺎﺟﺎت وﻣﺸﺎﻋﺮ اﻷﺷﺨﺎص‬
‫اﻷﻗﻞ ﻣﻨﮫﻢ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﮫﺘﻢ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺎدة ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ اﻟﺬﻳﻦ ذﻛﺮﻧﺎھﻢ ﻛﺜﯿًﺮا ﻷﻣﺮ اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ اﻟﺼﻐﺎر‪ ،‬وﻛﺎن‬
‫اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻨﮫﻢ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻻزدراء اﻟﺘﺎم ﻟﻠﻤﻮظﻔﯿﻦ اﻷﻗﻞ‬
‫م ﻗﺎدت ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺼﺮﻓﺎت؟ ﺑﺤﺠﺔ "ﺟﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻣﺘﯿﻘﻈﯿﻦ"‪ ،‬ﻗﺪ ﻳﺴﻲء ھﺆﻻء اﻟﻤﺪﻳﺮون‬ ‫ﻣﻨﮫﻢ ﻣﻨﺼﺒًﺎ ﺑﺎﻟﺸﺮﻛﺔ‪ .‬إﻻ َ‬
‫ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ‪.‬‬
‫ﻗﺎم "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﺑﺤﯿﻞ ﻣﺰﻋﺠﺔ ﻹﺑﻘﺎء ﻣﺴﺌﻮﻟﻲ ﺷﺮﻛﺘﻪ ﻏﯿﺮ ﻣﺴﺘﻘﺮﻳﻦ‪ .‬ﻛﺎن زﻣﻼء "ﺟﯿﺮي ﻟﯿﻔﻦ" ﻳﺸﺒﮫﻮﻧﻪ‬
‫ﺑﺎﻹﻣﺒﺮاطﻮر اﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ اﻟﻈﺎﻟﻢ "ﻛﺎﻟﯿﺠﻮﻻ"‪ .‬اﺷﺘﮫﺮ "ﺳﻜﯿﻠﯿﻨﺞ"‬
‫ﺑﺴﺨﺮﻳﺘﻪ اﻟﻼذﻋﺔ ﻣﻦ أوﻟﺌﻚ اﻷﻗﻞ ذﻛﺎًء ﻣﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻛﺘﺐ "ھﺎرﻓﻲ ھﻮرﻧﺴﺘﯿﻦ"‪ ،‬اﻟﺨﺒﯿﺮ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل إدارة اﻟﺸﺮﻛﺎت‪ ،‬ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ‪ Brutal Bosses‬أن ھﺬا اﻷﺳﻠﻮب ﻣﻦ‬
‫اﻹﺳﺎءة ﻳﻮﺿﺢ رﻏﺒﺔ اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ "ﻓﻲ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺷﻌﻮرھﻢ ﺑﺎﻟﻘﻮة‬
‫واﻟﻜﻒــاءة واﻟﻘﯿﻢــة ﻋﻞــى ﺣﺲــاب اﻟﻤﺮءوســﻳﻦ"‪ .‬هــل تــذﻛﺮ كــﻳﻒ أراد اﻷشــﺧﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﻲــة‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺖــة‪ ،‬الــذﻳﻦ ذﻛﺮنــاھﻢ فـي اﻟﺪراسـات اﻟﺖـي ﻗﻤﻦـا بـھﺎ‪ ،‬أن ﻳﻖـارﻧﻮا أﻧﻔﺲـھﻢ‬
‫ﻦ ھﻨﺎك اﺧﺘﻼف ﻣﮫﻢ‪ :‬ھﺆﻻء اﻟﻤﺪﻳﺮون ﻟﺪﻳﮫﻢ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺑﺎﻷﺷﺨﺎص اﻷﺳﻮأ ﺣﺎًﻻ ﻣﻨﮫﻢ؟ ھﻮ اﻟﻤﺒﺪأ ذاﺗﻪ‪ ،‬وﻟﻜ ْ‬
‫ﺟﻌﻞ اﻟﻨﺎس أﺳﻮأ ﺣﺎًﻻ‪ .‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮن ذﻟﻚ‪ ،‬ﻳﺸﻌﺮون‬
‫ﺑﺎﻻرﺗﯿﺎح ﺗﺠﺎه أﻧﻔﺴﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻳﺘﺤﺪث "ھﻮرﻧﺴﺘﯿﻦ" ﻋﻦ "ﺑﻮل ﻛﺎزارﻳﺎن"‪ ،‬اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﺸﺮﻛﺔ ﺻﻦ ﺑﯿﻢ ‪ -‬أوﺳﺘﺮ‪ .‬ﻛﺎن "ﺑﻮل‬
‫ﻛﺎزارﻳﺎن" ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ "اﻟﺴﺎﻋﻲ إﻟﻰ اﻟﻜﻤﺎل"‪ ،‬إﻻ أن ھﺬا‬
‫ﻔﺎ ﻟﻜﻠﻢــة "اﻟﻤﺘﻌﺲــف" ‪ .‬كــان ﻳﻖــذف اﻷشـﻳﺎء ﺑﻮجـه ﻣﺮءوسـﻳﻪ ﻋﻦـدﻣﺎ‬ ‫اﻻســم كــان ﺗﻠﻂــﻳ ً‬
‫ﻳﻐﺾـﺑﻮﻧﻪ‪ .‬ذات مـرة‪ ،‬رأى اﻟﻢـراﻗﺐ اﻟﻢـاﻟﻲ‪ ،‬ﺑﻊـد أن أﻏﺾـب اﻟﺲـﻳﺪ "كـازارﻳﺎن"‪ ،‬إنـاء‬
‫ﻋﺼﯿﺮ اﻟﺒﺮﺗﻘﺎل ﻳﻄﯿﺮ ﻧﺤﻮه‪.‬‬
‫أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ھﻢ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮھﻢ اﻟﻤﺪﻳﺮون أﻗﻞ ﻣﻮھﺒﺔ‪ .‬ﻳﻐﺬي ھﺬا ﺷﻌﻮر اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﺘﻤﯿﺰ‪ .‬ﻟﻜﻦ‬
‫ﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﯿﺎن ﻳﻜﻮن اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ھﻢ أﻛﺜﺮ اﻟﻨﺎس ﺟﺪارًة؛‬
‫ﻷنــھﻢ ﻳﻤﺜﻞــون اﻟﺨﻂــر اﻷﻛﺐــر ﻟﻠﻢــدﻳﺮﻳﻦ ذوي اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖـة‪ .‬فـي أﺛﻦـاء حـوار "ھﻮرﻧﺲـﺗﯿﻦ"‬
‫مـع مـھﻨﺪس ﻳﻌﻢـل ﺑﺶـرﻛﺔ ﻛﺐـرى ﻟﺘﺺـﻧﯿﻊ اﻟﻂـاﺋﺮات‪ ،‬ﺗﺢـدث اﻟﻢـھﻨﺪس عـن‬
‫ﻣﺪﻳﺮه ﻓﻘﺎل‪" :‬أھﺪاﻓﻪ ﻣﻦ ﺑﯿﻨﻨﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﺎدة ھﻢ اﻷﺷﺨﺎص اﻷﻛﺜﺮ ﺟﺪارة‪ .‬أﻋﻨﻲ‪ ،‬إذا ﻛﻨﺖ ﻣﻌﻨﯿًّﺎ ﺑﺄداﺋﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻦ ﺗﺘﻨﻤﺮ‬
‫ﻟﻸﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺪﻣﻮن أﻋﻠﻰ أداء"‪ .‬ﻟﻜﻨﻚ إذا‬
‫ﻘﺎ ﺑﺠﺪارﺗﻚ‪ ،‬ﻓﺴﺘﺘﻨﻤﺮ ﻟﮫﻢ‪.‬‬ ‫ﻛﻨﺖ ﻣﻌﻨﯿًّﺎ ﺣ ًّ‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﮫﯿﻦ اﻟﻤﺪﻳﺮون ﻣﻮظﻔﯿﮫﻢ‪ ،‬ﻳﻄﺮأ ﺗﻐﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ .‬ﺗﺒﺪأ ﻛﻞ اﻷﻣﻮر ﺗﺘﻤﺤﻮر ﺣﻮل إرﺿﺎء اﻟﻤﺪﻳﺮ‪ .‬ﻓﻲ‬
‫ﻛﺘﺎب ‪ ، Good to Great‬ﻳﺸﯿﺮ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" إﻟﻰ أن ﻗﺎدة اﻟﺸﺮﻛﺎت‬
‫اﻟﻤﻤﺎﺛﻞــة اﻟﺖــي ﻛﺖــب ﻋﻦــھﺎ فــي ﻛﺘﺎبــه )ﺗﻞــك اﻟﺶــرﻛﺎت اﻟﺖـي لـم ﺗﺘﺢـول مـن ﺟﻲـدة إلـى‬
‫راﺋﻊـة‪ ،‬أو ﺗﻞـك اﻟﺖـي ﺗﺢـوﻟﺖ إلـى راﺋﻊـة ثـم تـراﺟﻌﺖ مـرة أخـرى(‪ ،‬أصـﺑﺤﻮا هـم اﻷمـر‬
‫اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ اﻟﺬي ﺷﻐﻞ اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ‪ .‬ﻓﻜﺘﺐ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ"‪" :‬ﻓﻮر أن ﻳﺴﻤﺢ اﻟﻘﺎﺋﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ أن ﻳﺼﺒﺢ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ‬
 ‫اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺮص ﻋﻠﯿﮫﺎ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ ﺟﻌﻞ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ھﻲ‬
‫اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻣﺎﻣﻚ ﻧﺬﻳﺮ ﺑﺎﻟﺘﺮاﺟﻊ ﻟﺪرﺟﺔ أﻗﻞ‪ ،‬أو أﺳﻮأ ﻣﻦ ذﻟﻚ"‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﺴﺘﯿﻨﯿﺎت واﻟﺴﺒﻌﯿﻨﯿﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ‪ ،‬ﻛﺎن ﺑﻨﻚ ﺗﺸﯿﺲ ﻣﺎﻧﮫﺎﺗﻦ ﺗﺤﺖ رﺋﺎﺳﺔ "دﻳﻔﯿﺪ روﻛﻔﻠﺮ"‪،‬‬
‫ﻘﺎ ﻟﻤﺎ ﻛﺘﺒﻪ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" و"ﺑﻮراس" ﻓﻲ‬‫اﻟﻘﺎﺋﺪ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺴﯿﻄﺮة‪ .‬وﻓ ً‬
‫ﻤﺎ ﻓﻲ ﺧﻮف ﻣﻦ ﻋﺪم‬ ‫ﻛﺘﺎﺑﮫﻤﺎ ‪ ، Built to Last‬إن ﻣﺪﻳﺮي اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﺮأﺳﻪ "دﻳﻔﯿﺪ روﻛﻔﻠﺮ" ﻋﺎﺷﻮا داﺋ ً‬
‫رﺿﺎه‪ .‬ﻓﻲ ﻧﮫﺎﻳﺔ ﻛﻞ ﻳﻮم‪ ،‬ﻳﺘﻨﻔﺴﻮن اﻟﺼﻌﺪاء ﻗﺎﺋﻠﯿﻦ‪" :‬ﻳﺎ‬
‫إﻟﮫﻲ! ﻣﺮ ﻳﻮم آﺧﺮ وﻟﻢ أﻗﻊ ﺑﻤﺄزق"‪ .‬ﺣﺘﻰ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﮫﺎء ﻓﺘﺮة أوج ﻋﻈﻤﺘﻪ‪ ،‬اﻣﺘﻨﻊ ﻛﺒﺎر اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ ﻋﻦ اﻹﻗﺪام ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﻨﻔﯿﺬ أﻓﻜﺎر ﺟﺪﻳﺪة ﻷﻧﮫﺎ "ﻗﺪ ﻻ ﺗﻌﺠﺐ "دﻳﻔﯿﺪ""‪ .‬وﻳﻘﻮل‬
‫"ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" و"ﺑﻮراس" إن "راي ﻣﺎﻛﺪوﻧﺎﻟﺪ"‪ ،‬اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي ﻟﺸﺮﻛﺔ ﺑﻮروز‪ ،‬ﻛﺎن ﻳﺴﺨﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻸ‬
‫ﻻرﺗﻜﺎﺑﮫﻢ أﺧﻄﺎء ﺣﺘﻰ وﺻﻞ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ أن ﻣﻨﻌﮫﻢ ﻣﻦ‬
‫اﻻﺑﺘﻜﺎر‪ .‬وﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺮﻛﺔ ﺑﻮروز ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم ﻓﻲ اﻟﻤﺮاﺣﻞ اﻷوﻟﻰ ﻟﻤﺠﺎل‬
‫ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻜﻤﺒﯿﻮﺗﺮ‪ ،‬ﺧﺴﺮت اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ .‬ﺣﺪث اﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ‬
‫ﺿﺎ فـي اﻟﺐـداﻳﺎت اﻟﻤﺚـﻳﺮة ﻟﺺـﻧﺎﻋﺔ‬ ‫شــرﻛﺔ ﺗﻜﺲـاس إﻧﺲـﺗﺮوﻣﻨﺘﺲ‪ ،‬اﻟﺖـي كـاﻧﺖ رائـدة أيـ ً‬
‫اﻟﻜﻤﺐـﻳﻮﺗﺮ‪ .‬إذا لـم ﺗﻌﺠﺐـھﻤﺎ ﻓﻚـرة مـا‪ ،‬قـد ﻳﺺـﻳﺢ "مـارك شـﻳﺒﺎرد" و"ﻓﺮيـد ﺑﻮسـي"‪،‬‬
‫وﻳﻘﺮﻋﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎوﻻت‪ ،‬وﻳﺘﻄﺎوﻻن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺤﺪث وﻳﻘﺬﻓﺎن ﺑﺎﻷﺷﯿﺎء‪ .‬ﻓﻼ ﻋﺠﺐ أن ﻓﻘﺪ ﻣﻮظﻔﻮھﻤﺎ روح‬
‫اﻹﺑﺪاع‪.‬‬
‫ﻋﻦــدﻣﺎ ﻳﻚــون اﻟﻢــدﻳﺮون ﻣﺲــﻳﻄﺮﻳﻦ وﻣﺘﻌﺲــﻓﯿﻦ‪ ،‬ﻳﺠﻌﻞــون اﻟﺠﻢــﻳﻊ ﻳﻔﻚــرون ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة‪.‬‬
‫ﻳﻌﻦـي هـذا أنـه بـدًﻻ مـن اﻟﺘﻌﻞـم واﻟﺘﻂـور ودفـع اﻟﺶـرﻛﺔ إلـى اﻷمـام‪ ،‬ﻳﺐـدأ‬
‫اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻓﻲ اﻟﺨﻮف ﻣﻦ أن ﻳﺘﻢ ﻣﺤﺎﺳﺒﺘﮫﻢ‪ .‬ﻳﺒﺪأ اﻷﻣﺮ ﺑﺨﻮف اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ ﻣﻦ أن ﻳﺘﻢ ﺗﻘﯿﯿﻤﮫﻢ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻨﺘﮫﻲ‬
‫ﺑﺨﻮف اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻣﻦ أن ﻳﺘﻢ ﺗﻘﯿﯿﻤﮫﻢ‪ .‬ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ أن ﺗﺪوم‬
‫اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ واﻻﺑﺘﻜﺎر ﻓﻲ طﺒﯿﻌﺔ ﻋﻤﻞ ذات ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻘﺎدة ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‬

‫ف ﻟﯿﻮظﻒ‬‫ﻤﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺎ ٍ‬‫ﻗﺎل "أﻧﺪرو ﻛﺎرﻧﯿﺠﻲ" ذات ﻣﺮة‪" :‬أﺗﻤﻨﻰ أن ُﻳﻜﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﺮي‪" :‬ھﻨﺎ ﻳﺮﻗﺪ رﺟﻞ ﻛﺎن ﺣﻜﯿ ً‬
‫رﺟﺎًﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ""‪.‬‬
‫ً‬
‫ﺣﺴًﻨﺎ‪ ،‬ﻟﻨﻔﺘﺢ اﻟﻨﻮاﻓﺬ وﻧﺪع ﺑﻌﺾ اﻟﮫﻮاء ﻳﺪﺧﻞ‪ .‬ﺗﻤﻨﺤﻨﺎ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺷﻌﻮًرا ﺧﺎﻧﻘﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ .‬ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن‬
‫ھﺆﻻء اﻟﻘﺎدة ﻛﺜﯿﺮي اﻟﺘﺠﻮل ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻳﺨﺘﻠﻄﻮن‬
‫ﻤﺎ ﻋﻠﻰ أﻣﺮ واﺣﺪ‪ :‬أﻛﺪ ﻋﻠﻰ‬ ‫دا؛ ﻷن ﻋﻘﻮﻟﮫﻢ ﺗﺮﻛﺰ داﺋ ً‬‫ﺑﺸﺨﺼﯿﺎت ﻋﺎﻟﻤﯿﺔ‪ ،‬ﻳﺒﺪو ﻋﺎﻟﻤﮫﻢ ﺻﻐﯿًﺮا ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وﻣﺤﺪو ً‬
‫ﻗﯿﻤﺘﻲ!‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻘﺎدة ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﻳﺘﻐﯿﺮ ﻛﻞ ﺷﻲء‪ .‬ﻳﻀﻲء ﻛﻞ ﺷﻲء‪ ،‬وﻳﺘﺴﻊ‪ ،‬وﻳﻤﺘﻠﺊ‬
‫ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ‪ ،‬واﻹﻣﻜﺎﻧﯿﺔ‪ .‬ﺗﻌﺘﻘﺪ أﻧﻲ ﻟﻢ أﻓﻜﺮ ﻗﻂ ﻓﻲ أن أدﻳﺮ ﺷﺮﻛﺔ‪،‬‬
‫ﺸﺎ! وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﺑﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ ھﺆﻻء اﻟﻘﺎدة‪ ،‬ﺑﺪا أﻛﺜﺮ اﻷﻣﻮر إﺛﺎرًة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ‪.‬‬ ‫ﻳﺒﺪو أﻣًﺮ ا ﻣﺪھ ً‬
‫ﺔ ﺑﻘﺎدة اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬اﺧﺘﺮت "ﺟﺎك وﻳﻠﺶ" ﻣﻦ ﺷﺮﻛﺔ‬ ‫اﺧﺘﺮت ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ھﺆﻻء اﻟﻘﺎدة ﻷﺳﺘﻜﺸﻔﮫﻢ ﻣﻘﺎرﻧ ً‬
‫ﻜﻢ ﻓﻲ ﻏﺮوره‪،‬‬ ‫ﺟﻨﺮال إﻟﻜﺘﺮﻳﻚ ﻷﻧﻪ ﺷﺨﺼﯿﺔ ﻣﺒﮫﺮة ﺗﺤ ﱠ‬
‫وﻟﯿﺲ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺘﻘﻠﯿﺪي ذا ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺬي ﻳﻨﻜﺮ ذاﺗﻪ‪ .‬واﺧﺘﺮت "ﻟﯿﻮ ﺟﯿﺮﺳﺘﻨﺮ" )اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي اﻧﻀﻢ ﻟﺸﺮﻛﺔ آي‬
‫ﺑﻲ إم وأﻧﻘﺬھﺎ( و"آن ﻣﺎﻟﻜﺎي" )اﻟﻤﺮأة اﻟﺘﻲ أﻋﺎدت ﺷﺮﻛﺔ‬
‫زﻳﺮوﻛﺲ إﻟﻰ اﻟﺤﯿﺎة( ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘﯿﺾ ﻣﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ "أﻟﺒﺮت دوﻧﻼب"‪ ،‬اﻟﺨﺒﯿﺮ اﻵﺧﺮ ﻓﻲ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﺸﺮﻛﺎت‪.‬‬
‫وﻟﻮا شـرﻛﺎﺗﮫﻢ‪ .‬ﻧﺠﺢـوا فـي ذلـك‬ ‫"جــاك وﻳﻞـش" و"لـﻳﻮ ﺟﯿﺮسـﺗﻨﺮ" و"آن مـاﻟﻜﺎي" مـذھﻠﻮن ﻷنـھﻢ حـ ﱠ‬
‫مـن خـﻻل اﻟﻘﺾـاء ﻋﻞـى اﻟﻌﻘﻠﻲـة اﻟﺜﺎﺑﺖـة ووضـﻋﻮا ﻣﻜﺎنـھﺎ ﺛﻘﺎفـة مـن‬
‫اﻟﻨﻤﻮ واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ‪ .‬ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ "ﺟﯿﺮﺳﺘﻨﺮ" وﺷﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم‪ ،‬ﻳﺒﺪو اﻷﻣﺮ ﻛﻤﺸﺎھﺪة ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون ﺗﺘﺤﻮل‬
‫ﻧﺤﻮ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪.‬‬
‫ﻛﻘﺎدة ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ‪ ،‬ﻳﺒﺪأون ﺑﺈﻳﻤﺎن ﺑﺎﻹﻣﻜﺎﻧﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ وﺗﻄﻮﻳﺮھﺎ‪ .‬ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻛﻮﺳﯿﻠﺔ‬
‫ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ ﻣﺠﺪھﻢ‪ ،‬ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮﻧﮫﺎ ﻛﻤﺤﺮك ﻟﻠﻨﻤﻮ ﻷﻧﻔﺴﮫﻢ‬
‫وﻟﻠﻤﻮظﻔﯿﻦ وﻟﻠﺸﺮﻛﺔ ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﻌﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل "وارﻳﻦ ﺑﯿﻨﯿﺲ" إن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ ﻣﺘﺤﻤﺴﻮن وﻧﺸﻄﻮن ﻟﻜﻨﮫﻢ ﻻ ﻳﺼﻠﻮن إﻟﻰ أي ﻣﻜﺎن‪ .‬وﻟﻜﻨﮫﻢ‬
‫ﻟﯿﺴﻮا اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ؛ ﻓﮫﻢ ﻻ ﻳﮫﺘﻤﻮن ﺑﺎﻟﺘﺮف‪،‬‬
‫ﺑﻞ ﻳﮫﺘﻤﻮن ﺑﺎﻟﻤﺴﯿﺮة‪ ،‬ﻣﺴﯿﺮة ﺷﺎﻣﻠﺔ وﺣﺎﻓﻠﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻢ وﺻﺎﺧﺒﺔ‪.‬‬

‫"ﺟﺎك"‪ :‬إﻧﺼﺎت‪ ،‬إﻗﺮار‪ ،‬رﻋﺎﻳﺔ‬

‫ﻋﻦــدﻣﺎ ســﻳﻄﺮ "جــاك وﻳﻞــش" ﻋﻞــى شــرﻛﺔ ﺟﻦــرال إﻟﻜﺘﺮيــك عــام ‪ُ ،1980‬ﻗﺪرت ﻗﯿﻢــة اﻟﺶـرﻛﺔ‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬قـدرت ﺑﻮرصـة وول‬ ‫ﺑﺄرﺑﻊـة ﻋﺶـر ﻣﻠﻲـار دوﻻر‪ .‬وﺑﻊـد مـرور ﻋﺶـرﻳﻦ عـا ً‬
‫ﺳﺘﺮﻳﺖ اﻟﺸﺮﻛﺔ بـ ‪ 490‬ﻣﻠﯿﺎر دوﻻر‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻷﻋﻠﻰ ﻗﯿﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ .‬ﻣﺠﻠﺔ ﻓﻮرﺗﺸﻦ ﻗﺎﻟﺖ ﻋﻦ‬
‫"وﻳﻠﺶ" إﻧﻪ "اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻘﺪﻳًﺮا ﻓﻲ ﻋﺼﺮه واﻷﻛﺜﺮ‬
‫ﺗﻨﺎوًﻻ واﺗﺒﺎ ً‬
‫ﻋﺎ ﻟﻨﮫﺠﻪ‪ ....‬ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮ أﺛﺮه اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻜﻨﻪ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﻳﻔﻮق أداءه ﺑﺸﺮﻛﺔ ﺟﻨﺮال إﻟﻜﺘﺮﻳﻚ‬
 ‫ﻛﺜﯿًﺮا"‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ‪ ،‬اﻷﻛﺜﺮ إﺑﮫﺎًرا ﻛﺎن ﻣﻘﺎل رأي ﻓﻲ ﺻﺤﯿﻔﺔ ذا ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ ﻛﺎن ﻗﺪ ﻛﺘﺒﻪ "ﺳﺘﯿﻒ ﺑﯿﻨﺖ"‪،‬‬
‫اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي ﻟﺸﺮﻛﺔ إﻧﺘﻮﻳﺖ‪ .‬ﻳﻘﻮل "ﺳﺘﯿﻒ" ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎل‪:‬‬
‫"ﻓﮫﻤﺖ رﻋﺎﻳﺔ اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ ﻣﻦ ﺟﺎك وﻳﻠﺶ" ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻋﻤﻠﻲ ﺑﺸﺮﻛﺔ ﺟﻨﺮال إﻟﻜﺘﺮﻳﻚ ‪ ....‬ﻓﮫﻮ ﻳﺘﻮﺟﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮًة‬
‫إﻟﻰ ﻣﻮظﻔﻲ اﻟﺨﻂ اﻷﻣﺎﻣﻲ ﻟﯿﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺪور‪ .‬ذات ﻣﺮة ﻓﻲ‬
‫بــداﻳﺔ اﻟﺘﺲــﻋﯿﻨﯿﺎت مــن اﻟﻖــرن اﻟﻤﺎضــي‪ ،‬رأﻳﺖــه فــي اﻟﻤﺺــﻧﻊ الــذي كــاﻧﻮا ﻳﺺــﻧﻌﻮن بــه‬
‫اﻟﺜﻼجــات ﺑﻢــدﻳﻨﺔ ﻟﻮﻳﻔﻲــل ‪ ...‬ذهـب ﻣﺒﺎشـرًة إلـى اﻟﻊـاﻣﻠﯿﻦ فـي خـط اﻹﻧﺖـاج ﻟﯿﺲـﻣﻊ مـا‬
‫ﻳﺮﻳﺪون ﻗﻮﻟﻪ‪ .‬أﻗﻮم ﻛﺮﺋﯿﺲ ﺗﻨﻔﯿﺬي ﺑﻤﺤﺎدﺛﺎت ﻣﺘﻜﺮرة ﻣﻊ ﻣﻮظﻔﻲ اﻟﺨﻂ اﻷﻣﺎﻣﻲ‪ .‬ھﺬا ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻤﺘﻪ ﻣﻦ ﺟﺎك"‪.‬‬
‫ﻤﺎ‪ .‬ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺪﻳﺮ اﻷﻣﻮر ﻛﻤﺎ‬ ‫ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﺔ اﻟﺼﻐﯿﺮة ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻜﺜﯿﺮ‪ .‬ﻛﺎن "ﺟﺎك" رﺟًﻼ ﻣﺸﻐﻮًﻻ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬ورﺟًﻼ ﻣﮫ ًّ‬
‫ﻛﺎن ﻳﻔﻌﻞ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ‪ -‬ﻣﻦ ﻣﻘﺮات اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﻤﻠﯿﺌﺔ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺮف ﺣﯿﺚ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﺎﻣﻼﺗﻪ ﻣﻊ اﻟﱡﻨُﺪل ذوي اﻟﻘﻔﺎزات اﻟﺒﯿﻀﺎء‪ .‬ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ "وﻳﻠﺶ" ﻋﻦ زﻳﺎرة ﻣﺼﺎﻧﻊ ﺷﺮﻛﺘﻪ‬
‫واﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ اﻟﻌﻤﺎل‪ .‬ھﺆﻻء ھﻢ ﻣﻦ ﻳﻘﺪرھﻢ "وﻳﻠﺶ"‬
‫وﻳﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﮫﻢ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺮﻋﺎھﻢ‪.‬‬
‫ثــم ﻧﺞـد تـرﻛﯿﺰ "وﻳﻞـش" ﻋﻞـى اﻟﻌﻢـل اﻟﺠﻢـاﻋﻲ ولـﻳﺲ اﻟﺰهـو بـاﻟﻨﻔﺲ‪ .‬فـور ﻗﺮاءتـك لــ "اﻹهـداء"‬
‫و"ﺗﻌﻞـﻳﻖ اﻟﻢـؤﻟﻒ" فـي اﻟﺲـﻳﺮة الـذاﺗﯿﺔ لــ "وﻳﻞـش"‪ ،‬تـدرك أن ھﻦـاك شـﻳًﺌﺎ‬
‫ﻔﺎ‪ .‬إﻧﮫﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﺜﻞ ﺟﻤﻠﺔ "أﻧﺎ اﻟﺒﻄﻞ" اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﮫﺎ "ﻟﻲ إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" أو "أﻧﺎ ﻧﺠﻢ ﻻﻣﻊ" اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﮫﺎ "أﻟﻔﺮﻳﺪ‬ ‫ﻣﺨﺘﻠ ً‬
‫دوﻧﻼب" ‪ -‬رﻏﻢ أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺪﻋﻲ ھﺬﻳﻦ اﻷﻣﺮﻳﻦ ﺑﺴﮫﻮﻟﺔ‪.‬‬
‫ﺑﻞ ﻗﺎل "وﻳﻠﺶ" ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ‪" :‬أﻛﺮه اﺿﻄﺮاري إﻟﻰ اﺳﺘﺨﺪام ﺿﻤﯿﺮ اﻟﻤﺘﺤﺪث "أﻧﺎ"‪ .‬ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﻤﺖ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻲ‬
‫ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻗﺪ ﺗﺤﻘﻖ ﺑﻤﺴﺎﻋﺪة أﺷﺨﺎص آﺧﺮﻳﻦ ‪ ...‬أرﺟﻮ أن ﺗﺘﺬﻛﺮ‬
‫ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻣﺮة ﺗﻘﺮأ ﻓﯿﮫﺎ ﻛﻠﻤﺔ "أﻧﺎ" ﻓﻲ ﺻﻔﺤﺎت ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب‪ ،‬أﻧﮫﺎ ﺗﺸﯿﺮ إﻟﻰ ﻛﻞ ھﺆﻻء اﻟﺰﻣﻼء واﻷﺻﺪﻗﺎء‪،‬‬
‫واﻟﺒﻌﺾ ﻣﻤﻦ ﻗﺪ أﻧﺴﻰ ذﻛﺮھﻢ"‪.‬‬
‫ﻀﺎ‪ [ " :‬ھﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص ] ﻣﻸوا ﻣﺴﯿﺮﺗﻲ ﺑﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺮح واﻟﺘﻌﻠﻢ‪ .‬ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻮﻧﻲ أﺑﺪو أﺣﺴﻦ ﺣﺎًﻻ‬ ‫وﻗﺎل أﻳ ً‬
‫ﻣﻤﺎ أﻧﺎ ﻋﻠﯿﻪ"‪.‬‬
‫ﻧﺮى ھﻨﺎ ﻛﯿﻒ ﺗﺤﻮل ﺗﻜﺮار ﺿﻤﯿﺮ اﻷﻧﺎ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻪ اﻟﻤﺪﻳﺮون اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﻮن اﻟﻤﺘﻌﻄﺸﻮن ﻹﻗﺮار ﻗﯿﻤﺘﮫﻢ‪ ،‬إﻟﻰ‬
‫ﺿﻤﯿﺮ ﻧﺤﻦ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻪ اﻟﻘﺎدة ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪.‬‬
‫اﻟﻤﺜﯿﺮ ﻟﻼھﺘﻤﺎم‪ ،‬أن "وﻳﻠﺶ" ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺑﺪاﺧﻞ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ ،‬ﻛﺎن ﻋﻠﯿﻪ أن‬
‫ﻳﻘﻀﻲ ﻋﻠﯿﮫﺎ ﺑﺪاﺧﻠﻪ‪ .‬وﺻﺪﻗﻨﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻗﻮل ﻟﻚ إن طﺮﻳﻖ‬
‫ﻣﺎ ذلــك اﻟﻘﺎئــد الــذي ﺗﺢــول إﻟﻲــه‬ ‫"وﻳﻞــش" كــان طﻮيــًﻻ لــﻳﺘﻤﻜﻦ مــن ذلــك‪ .‬لــم ﻳﻚــن يــو ً‬
‫ﺣﺎ ﻟﺘﺮﻗﻲـة‪ ،‬ﻓﻜﺖـب رئـﻳﺲ ﻗﺲـم اﻟﻢـوارد‬ ‫ﻓﯿﻢــا ﺑﻊـد‪ .‬عـام ‪ ،1971‬كـان "وﻳﻞـش" ﻣﺮشـ ً‬
‫اﻟﺒﺶــرﻳﺔ ﺑﺶــرﻛﺔ ﺟﻦــرال إﻟﻜﺘﺮيــك مــذﻛﺮة ﺗﺢــذﻳﺮﻳﺔ‪ .‬أشــار ﻓﻲــھﺎ إلــى أنــه بــرﻏﻢ مــا‬
‫ﻳﻤﺘﻠﻚــه "وﻳﻞــش" مــن ﻧﻖــاط اﻟﻖــوة اﻟﻜﺚــﻳﺮة‪ ،‬فــإن هـذا اﻟﻤﻨﺺـب "ﻳﺤﻢـل ﻣﻊـه درجـة مـن‬
‫ﻓﺎ‪ ،‬وﻻ ﻳﻘﺐـل اﻟﻨﻖـد‪،‬‬ ‫اﻟﻤﺦــاطﺮة أﻋﻞــى مــن اﻟﻤﻌﺖــاد"‪ .‬وأﻛﻢــل لـﻳﻘﻮل إن "وﻳﻞـش" كـان ﻣﺘﻌﺞـر ً‬
‫وﻳﻌﺘﻢـد ﻛﺚـﻳًﺮا ﻋﻞـى ﻣﻮھﺒﺖـه بـدًﻻ مـن اﻟﻌﻢـل اﻟﺞـاد وفـرﻳﻖ ﻣﻮظﻔﻲـه واسـﻋﻲ‬
‫اﻻطﻼع‪ .‬ﺗﻠﻚ ﻣﺆﺷﺮات ﻏﯿﺮ ﺟﯿﺪة‪.‬‬
‫ﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ‪ ،‬ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻛﺎن ﻧﺠﺎﺣﻪ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻐﺮور‪ ،‬ﻳﺘﻠﻘﻰ إﻧﺬاًرا‪ .‬ذات ﻣﺮة‪ ،‬ﺗﺄﻧﻖ "اﻟﺪﻛﺘﻮر" اﻟﺸﺎب‬
‫"وﻳﻠﺶ" ﻣﺮﺗﺪﻳًﺎ ﺑﺬﻟﺘﻪ اﻟﻔﺨﻤﺔ‪ ،‬واﺳﺘﻘﻞ ﺳﯿﺎرﺗﻪ ذات‬
‫اﻟﺴﻘﻒ اﻟﻘﺎﺑﻞ ﻟﻠﻄﻲ‪ .‬ﻓﺒﺪأ ﻓﻲ إﻧﺰال اﻟﺴﻘﻒ‪ ،‬وﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر ﺳﻘﻂ ﻋﻠﯿﻪ واﺑﻞ ﻣﻦ اﻟﺰﻳﺖ اﻟﺪاﻛﻦ اﻟﻤﺘﺴﺦ‬
‫واﻟﺬي أﻓﺴﺪ ﺑﺬﻟﺘﻪ ودھﺎن ﺳﯿﺎرﺗﻪ اﻟﻤﺤﺒﺒﺔ‪ .‬ﻳﻘﻮل "وﻳﻠﺶ" ﻋﻦ ھﺬا‬
‫اﻟﻤﻮﻗﻒ‪" :‬ھﺎ أﻧﺎ ﻗﺪ ﻛﻨﺖ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻲ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ‪ ،‬ﻓﺘﻠﻘﯿﺖ اﻟﺼﻔﻌﺔ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﺗﻨﻲ وأﻋﺎدﺗﻨﻲ إﻟﻰ اﻟﻮاﻗﻊ‪ .‬ﻛﺎن‬
‫ﻤﺎ"‪.‬‬
‫ﺳﺎ ﻋﻈﯿ ً‬ ‫در ً‬
‫ھﻦــاك ﻓﺺــل كــاﻣﻞ ﺗﺢــت ﻋﻦــوان ‪ Too Full of Myself‬حــول اﻟﻔﺖـرة اﻟﺖـي كـان ﻣﻘﺐـًﻻ بـھﺎ ﻋﻞـى‬
‫اﻻسـﺗﺤﻮاذ ﻋﻞـى شـرﻛﺎت أخـرى وشـﻋﺮ أنـه ﻻ ﻳﻘﺖـرف اﻷﺧﻂـاء‪ .‬ﻓﺎشـﺗﺮى‬
‫ﺷﺮﻛﺔ ﻛﯿﺪر ﺑﯿﺒﻮدي‪ ،‬وھﻲ ﺷﺮﻛﺔ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺒﻨﻜﻲ ﻓﻲ ﺑﻮرﺻﺔ وول ﺳﺘﺮﻳﺖ وﺛﻘﺎﻓﺘﮫﺎ ﺗﺸﺒﻪ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺷﺮﻛﺔ‬
‫إﻧﺮون‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﻛﺎرﺛﺔ ﻛﺒﱠﺪت ﺷﺮﻛﺔ ﺟﻨﺮال إﻟﻜﺘﺮﻳﻚ ﻣﺌﺎت‬
‫اﻟﻤﻼﻳﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺪوﻻرات‪ .‬ﻳﻘﻮل "وﻳﻠﺶ"‪" :‬ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺷﺮاء ﺷﺮﻛﺔ ﻛﯿﺪر ﻟﻢ ﺗﻔﺎرﻗﻨﻲ ﻗﻂ"‪ .‬ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻋﻠﻤﺘﻪ أﻧﻪ‬
‫"ﺑﯿﻦ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ واﻟﻐﺮور ﺷﻌﺮة ﻓﻘﻂ‪ .‬ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮة ﺗﻔﻮق‬
‫اﻟﻐﺮور وﻋﻠﱠﻤﻨﻲ در ً‬
‫ﺳﺎ ﻟﻦ أﻧﺴﺎه أﺑًﺪا"‪.‬‬
‫ﻛﺎن ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻤﻪ ھﻮ أن اﻟﺜﻘﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ھﻲ "ﺷﺠﺎﻋﺔ اﻟﺘﻘﺒﻞ واﻟﺘﺮﺣﯿﺐ ﺑﺎﻟﺘﻐﯿﺮات واﻷﻓﻜﺎر اﻟﺠﺪﻳﺪة أﻳًّﺎ‬
‫ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺼﺪرھﺎ"‪ .‬اﻟﺜﻘﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﺠﺮد‬
‫ﻣﻨﺼﺐ أو ﺑﺬﻟﺔ ﺑﺎھﻈﺔ اﻟﺜﻤﻦ أو ﺳﯿﺎرة ﻓﺨﻤﺔ أو ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺘﻨﯿﺎت‪ ،‬ﺑﻞ اﻟﺜﻘﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﺗﻜﻤﻦ‬
‫ﻓﻲ ﻋﻘﻠﯿﺘﻚ‪ :‬وھﻲ اﺳﺘﻌﺪادك ﻟﻠﺘﻄﻮر‪.‬‬
‫ﻔﺎ ﻣﮫﯿًﻨﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻦ ﻣﮫﺎرات اﻹدارة؟‬ ‫ﺣﺴًﻨﺎ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻣﻮﻗ ً‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺠﺎرﺑﻪ وﺧﺒﺮاﺗﻪ‪ ،‬اﺳﺘﻄﺎع "وﻳﻠﺶ" أن ﻳﺤﺪد اﻟﻤﺰﻳﺪ واﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت اﻟﻤﺪﻳﺮ اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪه‪ :‬ﻣﺪﻳﺮ ذو‬
‫ﺟﻪ وﻟﯿﺲ ﻗﺎﺿﯿًﺎ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن "وﻳﻠﺶ"‬ ‫ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ‪ ،‬ﻣﻮ ِ ّ‬
 ‫ﺳﺎ شـاﺑًّﺎ فـي شـرﻛﺔ ﺟﻦـرال إﻟﻜﺘﺮيـك‪ ،‬ﺗﺲـﺑﺐ فـي اﻧﻔﺞـار ﻛﯿﻤﻲـاﺋﻲ أدى إلـى ﺗﺤﻂـم‬ ‫مــھﻨﺪ ً‬
‫سـﻗﻒ اﻟﻤﺒﻦـى الـذي كـان ﻳﻌﻢـل بـه‪ .‬وجـراء ﺗﻞـك اﻟﺺـدﻣﺔ ﻣﻢـا حـدث‪ ،‬ﻗﻂـع ﻣﺘﻮتـًرا‬
‫ﻣﺌﺎت اﻷﻣﯿﺎل إﻟﻰ اﻟﻤﻘﺮ اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ ﻟﯿﻮاﺟﻪ ﻋﻮاﻗﺐ اﻷﻣﺮ وﻳﺸﺮح ﻟﺮﺋﯿﺴﻪ ﻣﺎ ﺣﺪث‪ .‬ﻟﻜﻨﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻞ‬
‫ﺲ "وﻳﻠﺶ"‬ ‫إﻟﻰ ھﻨﺎك ﺗﻠﻘﻰ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣﺘﻔﮫﻤﺔ وداﻋﻤﺔ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻨ َ‬
‫ﻲ‪ ....‬ﻓﺈذا ﻛﻨﺎ ﻧﺘﻮﻟﻰ إدارة أﺷﺨﺎص ﺟﯿﺪﻳﻦ‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻠ‬ ‫ﻋ‬ ‫ﻢ‬‫ﯿ‬‫ﻈ‬ ‫ﻋ‬ ‫ع‬ ‫ﺎ‬ ‫ﺒ‬‫ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻗﻂ‪ ،‬ﻓﯿﻘﻮل‪" :‬ﻛﺎن ﻟﺮد ﻓﻌﻞ ﺗﺸﺎرﻟﻲ اﻧﻄ‬
‫ﻳﺒﺬﻟﻮن أﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﮫﻢ ﻟﺘﺪارك اﻷﺧﻄﺎء‪ ،‬ﻓﻌﻤﻠﻨﺎ ھﻮ‬
‫ﻄ ّﯿﮫﺎ"‪.‬‬
‫ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﮫﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺨ ِ‬
‫ﺗﻌﻞــم "وﻳﻞـش" كـﻳﻒ ﻳﺨﺖـار اﻟﻤﻮظﻒـﻳﻦ ﺑﻦـاًء ﻋﻞـى ﻋﻘﻠﯿﺖـھﻢ ولـﻳﺲ ﻋﻞـى شـھﺎداﺗﮫﻢ اﻟﺖـي‬
‫تـرﺟﻊ ﻷرفـع اﻟﺞـاﻣﻌﺎت‪ .‬كـاﻧﺖ اﻟﺶـھﺎدات اﻟﺖـي ﺗﻨﺘﻢـي ﻟﻠﺞـاﻣﻌﺎت اﻟﺮﻓﯿﻊـة ﺗﻦـال‬
‫إﻋﺠﺎﺑﻪ‪ ،‬ﻓﻘﺎم ﺑﺘﻮظﯿﻒ ﻣﮫﻨﺪﺳﯿﻦ ﻣﻦ ﻣﻌﮫﺪ ﻣﺎﺳﺎﺗﺸﻮﺳﺘﺲ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﯿﺎ‪ ،‬وﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺮﻧﺴﺘﻮن وﻣﻌﮫﺪ‬
‫ﻛﺎﻟﯿﻔﻮرﻧﯿﺎ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ‪ .‬ﻟﻜﻨﻪ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ أدرك أن‬
‫ﻘﺎ ﻋﻦ أﺷﺨﺎص ﻣﻔﻌﻤﯿﻦ‬ ‫اﻟﺸﮫﺎدات ﻟﯿﺴﺖ ھﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﮫﻢ‪ .‬ﻓﯿﺸﺮح ذﻟﻚ ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬وﺑﺎﻟﻨﮫﺎﻳﺔ ﺗﻌﻠﻤﺖ أن أﺑﺤﺚ ﺣ ًّ‬
‫ﺑﺎﻟﺤﻤﺎس واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ إﻧﺠﺎز اﻷﻣﻮر‪ .‬ﻓﺒﯿﺎن اﻟﻤﺆھﻼت‬
‫واﻟﺨﺒﺮات ﻻ ﻳﺨﺒﺮﻧﻲ ﺑﺎﻟﻜﺜﯿﺮ ﻋﻦ ھﺬا اﻟﺘﻌﻄﺶ اﻟﺪاﺧﻠﻲ"‪.‬‬
‫ﺛﻢ ﺣﺎﻧﺖ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﯿﺘﻮﻟﻰ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ‪ .‬وﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﺷﺤﯿﻦ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻟﮫﺬا‬
‫اﻟﻤﻨﺼﺐ أن ﻳﻘﻨﻊ اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي اﻟﺤﺎﻟﻲ ﺑﺄﻧﻪ ھﻮ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ‬
‫دا إﻟﻰ ﻗﺪرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻄﻮر‪ .‬ﻟﻢ ﻳﺰﻋﻢ أﻧﻪ‬ ‫ﻳﺘﻮﻟﻰ ھﺬا اﻟﻤﻨﺼﺐ‪ .‬ﺗﻘﺪم "وﻳﻠﺶ" ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻤﻨﺼﺐ اﺳﺘﻨﺎ ً‬
‫ﻋﺒﻘﺮي أو أﻧﻪ أﻓﻀﻞ ﻗﺎﺋﺪ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ‪ .‬ﺑﻞ ﻗﻄﻊ وﻋًﺪا ﺑﺎﻟﺘﻘﺪم‪،‬‬
‫ﻓﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺼﺐ واﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﻔﻲ ﺑﻮﻋﺪه‪.‬‬
‫ﻌﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺴﺆال ﻣﺴﺌﻮﻟﻲ‬ ‫وﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر أﻧﺸﺄ ﺣﻮاًرا وﻗﻨﻮات ﻟﻠﺘﻮاﺻﻞ وﺗﻠﻘﻲ اﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎت‪ .‬وﺑﺪأ ﺳﺮﻳ ً‬
‫اﻟﺸﺮﻛﺔ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﯿﻦ ﻋﻤﺎ ﻳﺤﺒﻮﻧﻪ وﻣﺎ ﻻ ﻳﺤﺒﻮﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ ،‬وﻋﻦ‬
‫ﻖ رؤﺳﺎﺋﮫﻢ‬ ‫رأﻳﮫﻢ ﻓﯿﻤﺎ إذا ﻛﺎن ھﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ ﻟﺘﻐﯿﯿﺮ أﻣﺮ ﻣﺎ‪ .‬وﻳﺎﻟﺪھﺸﺘﮫﻢ ﻣﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ "وﻳﻠﺶ"؛ ﻓﻘﺪ اﻋﺘﺎدوا ﺗﻤﻠ َ‬
‫ﺑﺄن ﻳﻘﻮﻟﻮا ﻟﮫﻢ إﻧﮫﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮن ﺣﺘﻰ ﻓﮫﻢ ﺗﻠﻚ‬
‫اﻷﺳﺌﻠﺔ‪.‬‬
‫ﺛﻢ ﻧﺸﺮ ﺷﻌﺎر‪ :‬ھﺪف اﻟﺸﺮﻛﺔ ھﻮ اﻟﺘﻄﻮر‪ ،‬وﻟﯿﺲ اﻟﻐﺮور‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻣﻢــا كــان ﻳﻔﻌﻞــه اﻟﻖــادة‬ ‫أنــھﻰ "وﻳﻞــش" أســﻟﻮب اﻟﺘﻊــاﻟﻲ ﺑﺎﻟﺶــرﻛﺔ‪ ،‬ﻋﻞــى اﻟﻌﻚــس ﺗﻢــا ً‬
‫ذوو اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة‪ .‬ذات ﻣﺲــاء‪ ،‬ﺗﻮجــه "وﻳﻞــش" إلـى نـاٍد ﻣﺘﻢـﻳﺰ ﻟﻠﻤﺲـﺋﻮﻟﯿﻦ‬
‫اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﯿﻦ ﺑﺸﺮﻛﺔ ﺟﻨﺮال إﻟﻜﺘﺮﻳﻚ‪ ،‬ذﻟﻚ اﻟﻨﺎدي اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﻘﺎﺑﻞ ﺑﻪ اﻟﺮﺟﺎل ذوو اﻟﻨﻔﻮذ‪ .‬وﻟﺼﺪﻣﺘﮫﻢ ﻟﻢ ﻳﻌﺒﺮ‬
‫"وﻳﻠﺶ" ﻋﻦ إﻋﺠﺎﺑﻪ ﺑﮫﻢ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻮﻗﻌﻮن‪ ،‬ﺑﻞ‬
‫ﻗﺎل ﻟﮫﻢ‪" :‬ﻻ أرى أﻳﺔ ﻗﯿﻤﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﺗﻔﻌﻠﻮﻧﻪ"‪ ،‬وطﻠﺐ ﻣﻨﮫﻢ أن ﻳﺒﺤﺜﻮا ﻋﻦ أﻣﺮ ذي ﻗﯿﻤﺔ أﻛﺒﺮ ﻟﮫﻢ وﻟﻠﺸﺮﻛﺔ‪ .‬وﺑﻌﺪ‬
‫م رﺋﯿﺲ اﻟﻨﺎدي ﻓﻜﺮة ﺟﺪﻳﺪة إﻟﻰ "وﻳﻠﺶ"‪:‬‬ ‫ﺪ َ‬ ‫ﺷﮫﺮ َ‬
‫ﻗ ﱠ‬
‫ﻣﺎ أﺻﺒﺢ ھﺬا اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ‪،‬‬ ‫أن ﻳﺤﻮﻟﻮا اﻟﻨﺎدي إﻟﻰ ﻗﻮة ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻄﻮﻋﯿﻦ ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ .‬وﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎ ً‬
‫ﻮا‪.‬‬
‫اﻟﻤﺘﺎح ﻟﯿﺘﻄﻮع ﺑﻪ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ‪ ،‬ﻳﻀﻢ اﺛﻨﯿﻦ وأرﺑﻌﯿﻦ ﻋﻀ ً‬
‫ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﺪﻣﻮن ﺑﺮاﻣﺞ ﻟﻠﺘﻌﻠﯿﻢ ﻓﻲ ﻣﺪارس اﻟﻤﻨﺎطﻖ اﻟﻨﺎﺋﯿﺔ وأﻣﺎﻛﻦ رﻛﻦ اﻟﺴﯿﺎرات اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺎﻳﺎت‪،‬‬
‫وﺳﺎﺣﺎت اﻟﻤﻼﻋﺐ وﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺒﺎت ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻤﺤﺘﺎﺟﺔ‪.‬‬
‫وھﻜﺬا أﺻﺒﺤﻮا ﻳﺴﮫﻤﻮن ﻓﻲ ﺗﻄﻮر اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻻ ﻏﺮورھﻢ أﻧﻔﺴﮫﻢ‪.‬‬
‫ﺗﺨﻠﺺ "وﻳﻠﺶ" ﻣﻦ اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ اﻟﻤﺘﺸﺪدﻳﻦ‪ .‬ﺗﺴﺎھﻞ "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" ﻣﻊ اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ اﻟﻤﺘﺸﺪدﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫﻢ أن‬
‫ﻳﺠﻌﻠﻮا اﻟﻌﺎﻣﻠﯿﻦ ﻳﻨﺘﺠﻮن‪ ،‬ﺑﻞ ُأﻋﺠﺐ ﺑﮫﻢ؛ ﻷن ذﻟﻚ ﻳﺼﺐ ﻓﻲ‬
‫ﻣﺺــﻟﺤﺔ اﻷربــاح‪ .‬واﻋﺖــرف "وﻳﻞــش" ﺑﺄنــه هــو اﻵخــر اﻋﺖــاد اﻟﻨﻆــر ﺑﺘﻞــك اﻟﻄﺮﻳﻖــة ﻟﻸمــور‪.‬‬
‫ﻟﻜﻦــه لــم ﻳﻊــد ﻳﻔﻚـر بـھﺬه اﻟﻄﺮﻳﻖـة فـي ﺗﻞـك اﻟﺶـرﻛﺔ اﻟﺖـي أصـﺑﺢ ﻳﺘﺺـورھﺎ‪ .‬قـال‬
‫طﻠﺐ ﻣﻦ أرﺑﻌﺔ ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﻦ ﺑﺎﻟﺸﺮﻛﺔ أن ﻳﻐﺎدروھﺎ ﺧﻼل‬ ‫"وﻳﻠﺶ" أﻣﺎم ﺧﻤﺴﻤﺎﺋﺔ ﻣﺪﻳﺮ‪" :‬ﺳﺄﺷﺮح ﻟﻜﻢ ﻟﻤﺎذا ُ‬
‫اﻟﻌﺎم اﻟﻤﻨﺼﺮم‪ ،‬ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﮫﻢ ﻗﺪ ﺣﻘﻘﻮا أداًء ﻣﺎﻟﯿًّﺎ‬
‫طﻠﺐ ﻣﻨﮫﻢ أن ﻳﻐﺎدروا اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻷﻧﮫﻢ ﻻ ﻳﻤﺎرﺳﻮن ﻗﯿﻤﻨﺎ"‪ .‬اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪة ﻟﺰﻳﺎدة اﻹﻧﺘﺎﺟﯿﺔ‬ ‫ﺟﯿًﺪا‪ ....‬ﻟﻘﺪ ُ‬
‫أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹرﺷﺎد‪ ،‬وﻟﯿﺲ اﻟﺘﺮھﯿﺐ‪.‬‬
‫وكــاﻓﺄ "وﻳﻞــش" اﻟﻌﻢــل اﻟﺠﻢــاﻋﻲ بـدًﻻ مـن اﻹﻧﺞـازات اﻟﻔﺮديـة‪ .‬ﻓﻠﻊـدة سـﻧﻮات كـاﻧﺖ شـرﻛﺔ‬
‫ﺟﻦـرال إﻟﻜﺘﺮيـك‪ ،‬ﻛﻢـا كـاﻧﺖ ﺗﻔﻊـل شـرﻛﺔ إنـرون‪ ،‬ﺗﻚـاﻓﺊ اﻟﺶـﺧﺺ ﻣﺒﺘﻚـر‬
‫اﻟﻔﻜﺮة‪ ،‬وﻟﻜﻦ "وﻳﻠﺶ" أﺻﺒﺢ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻓﺄة اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﻳﻨﻔﺬ اﻷﻓﻜﺎر وﻳﺤﻘﻖ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪ .‬وﻳﻘﻮل "وﻳﻠﺶ" ﻓﻲ‬
‫ﺔ ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﺗﺸﺠﻊ اﻟﻘﺎدة ﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ‬ ‫ﻛﺘﺎﺑﻪ‪" :‬وﻧﺘﯿﺠ ً‬
‫اﻟﺬي ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﯿﻪ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻊ طﺎﻗﻢ ﻋﻤﻠﮫﻢ‪ ،‬ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺌﺜﺎر ﺑﺎﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻷﻧﻔﺴﮫﻢ‪ .‬أﺣﺪث ھﺬا‬
‫ﻗﺎ ﻛﺒﯿًﺮا ﻓﻲ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﺮاﺑﻄﻨﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻨﺎ"‪.‬‬ ‫ﻓﺎر ً‬
‫ﺼﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻄﻮر‪ .‬ھﺬا اﻟﺤﺮص ﻣﻨﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﻐﺮور‪ ،‬وأﺑﻘﺎه ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺼﺎ ﻣﺜﺎﻟﯿًّﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﺣﺮﻳ ً‬
‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ "ﺟﺎك وﻳﻠﺶ" ﺷﺨ ً‬
‫اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ وﺟﻌﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻮاﺻﻞ ﻣﻊ إﻧﺴﺎﻧﯿﺘﻪ‪ .‬وﻓﻲ‬
‫ﻧﮫﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ‪ ،‬ھﺬا اﻟﺤﺮص ﺟﻌﻞ ﻣﺴﯿﺮﺗﻪ ﻣﺰدھﺮة وﻣﺜﻤﺮة ﻵﻻف اﻷﺷﺨﺎص‪.‬‬
 ‫ﻟﯿﻮ‪ :‬اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء أﻣﺮ واﺣﺪ؛‬ ‫ﺑﺤﻠﻮل اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﻨﯿﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ‪ ،‬أﺻﺒﺤﺖ ﺷﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم ﻣﺜﻞ ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻣﺠﻠﺲ اﻹدارة ﻛﺎن ﻳﻌﺮف أن اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺗﻤﺮ ﺑﻤﺸﻜﻠﺔ‪.‬‬
‫ﻛﺎن ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺠﺮﻓﺔ واﻟﺘﻌﺎﻟﻲ‪ ،‬ﻛﺎن ﻣﻮظﻔﻮ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮن ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﮫﻢ ﺑﻨﻈﺮة دوﻧﯿﺔ‬
‫وﻋﺠﺮﻓﺔ؛ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺠﻤﻌﮫﻢ ﻋﻤﻞ ﺟﻤﺎﻋﻲ‪ ،‬ﺑﻞ ﺻﺮاﻋﺎت‪.‬‬
‫ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻘﺪون اﻟﺼﻔﻘﺎت وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺄﻋﻤﺎل اﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﮫﺘﻤﻮا ﺑﺎﻟﻌﻤﻼء‪ .‬إﻻ أن ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﯿﻘﻠﻖ أي‬
‫ﺷﺨﺺ إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺗﻤﺮ ﺑﺄزﻣﺔ‪.‬‬
‫ﻋﺎم ‪ ،1993‬ﻟﺠﺄوا إﻟﻰ "ﻟﯿﻮ ﺟﯿﺮﺳﺘﻨﺮ" وطﻠﺒﻮا ﻣﻨﻪ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ رﻓﺾ‪.‬‬
‫طﻠﺒﻮا ﻣﻨﻪ ذﻟﻚ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻗﺎﺋﻠﯿﻦ ﻟﻪ‪" :‬أﻧﺖ ﻣﺪﻳﻦ ﺑﺬﻟﻚ‬
‫ﻷﻣﺮﻳﻜﺎ‪ ،‬ﺳﻨﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ أن ﻳﺘﺼﻞ ﺑﻚ وﻳﺨﺒﺮك أن ﺗﻘﺒﻞ اﻟﻤﻨﺼﺐ‪ .‬ﻧﺮﺟﻮك ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻚ‪ ،‬ﻣﻦ‬
‫ﻓﻀﻠﻚ‪ .‬ﻧﺮﻳﺪ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻹﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ اﻟﺬي طﺒﻘﺘﻪ‬
‫ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺘﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎن إﻛﺴﺒﺮﻳﺲ وآر ﺟﯿﻪ آر"‪.‬‬
‫وﻓﻲ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ اﺳﺘﺠﺎب ﻟﻄﻠﺒﮫﻢ‪ ،‬وﻻ ﻳﺘﺬﻛﺮ "ﻟﯿﻮ" ﺳﺒﺐ ذﻟﻚ‪ .‬وﺑﻤﺎ أﻧﻪ أﺻﺒﺢ ﻟﺸﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم ﻗﺎﺋًﺪا ﻣﺆﻣًﻨﺎ ﺑﺎﻟﻨﻤﻮ‬
‫اﻟﺸﺨﺼﻲ وﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺗﺪﻋﻢ ذﻟﻚ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬ﻓﻜﯿﻒ‬
‫ﻳﻤﻜﻨﻪ ﻧﺸﺮ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ؟‬
‫ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ‪ ،‬ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻓﻌﻞ "وﻳﻠﺶ"‪ ،‬ﻓﺘﺢ "ﻟﯿﻮ" ﻗﻨﻮات اﺗﺼﺎل ﻓﻲ أﻧﺤﺎء اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ .‬وﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﺳﺘﺔ أﻳﺎم ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻟﯿﻪ‬
‫اﻟﻤﻨﺼﺐ‪ ،‬أرﺳﻞ ﻣﺬﻛﺮة ﻟﻜﻞ ﻋﺎﻣﻞ ﺑﺸﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم‬
‫لــﻳﺨﺒﺮھﻢ بــاﻟﺘﺎﻟﻲ‪" :‬خـﻻل اﻷشـھﺮ اﻟﻘﻠﯿﻞـة اﻟﻘﺎدمـة‪ ،‬أﺧﻂـط ﻟﺰيـارة اﻟﻊـدﻳﺪ مـن ﻋﻤﻠﻲـاﺗﻨﺎ وﻣﻚـاﺗﺒﻨﺎ‬
‫قـدر اﻟﻤﺲـﺗﻄﺎع‪ .‬وﻛﻠﻢـا أتـﻳﺤﺖ اﻟﻔﺮصـة‪ ،‬أﺧﻂـط ﻟﻤﻘﺎﺑﻞـة اﻟﻊـدﻳﺪ ﻣﻨﻚـم‬
‫ﻌﺎ اﻟﻨﮫﻮض ﺑﺎﻟﺸﺮﻛﺔ"‪.‬‬ ‫ﻟﻨﻨﺎﻗﺶ ﻣ ً‬
‫واﺧﺘﺘﻢ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﻟﮫﻢ‪" :‬ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺬﻛﺮة ﻣﻮﺟﮫﺔ ﻵﻻف اﻟﻌﺎﻣﻠﯿﻦ ﺑﺸﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﺨﻠﻮا ﻗﻂ ﻋﻦ‬
‫ﺷﺮﻛﺘﮫﻢ وزﻣﻼﺋﮫﻢ وأﻧﻔﺴﮫﻢ‪ .‬أوﻟﺌﻚ ھﻢ اﻷﺑﻄﺎل اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﻮن‬
‫اﻟﺬﻳﻦ ﺳﯿﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﻛﺘﺎﻓﮫﻢ إﺻﻼح ﺷﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم"‪.‬‬
‫وﻣﺜﻠﻤﺎ ﻓﻌﻞ "وﻳﻠﺶ"‪ ،‬ﺣﺎرب "ﻟﯿﻮ" اﻟﺘﻌﺎﻟﻲ؛ ﻓﻤﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺤﺎل ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻓﻲ‬
‫ﺷﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺮاع ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ‪ .‬ﻗﺎم "ﺟﯿﺮﺳﺘﻨﺮ" ﺑﺤﻞ ﻟﺠﻨﺔ اﻹدارة‬
‫ﻗﺎ ﻣﻦ‬ ‫اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻓﺮ اﻟﻨﻔﻮذ ﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ ،‬وﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﺑﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺨﺒﺮات ﺑﻌﯿًﺪا ﻋﻦ اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ اﻟﻌﻠﯿﺎ‪ .‬اﻧﻄﻼ ً‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬رأى‬
‫ع ﻓﻲ‬ ‫أن اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻟﻤﺤﺪودة ﻟﯿﺴﺖ وﺣﺪھﺎ ﻣﻦ ﺗﻤﻠﻚ ﺷﯿًﺌﺎ ﻟﺘﻘﺪﻣﻪ‪ .‬ﻓﻘﺎل‪" :‬اﻟﺘﺪرج اﻟﮫﺮﻣﻲ ﻻ ﻳﮫﻤﻨﻲ ﻛﺜﯿًﺮا‪ .‬ﻟَِﻨْﺪ ُ‬
‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎت اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫﻢ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﻓﻲ ﺣﻞ‬
‫اﻟﻤﺸﻜﻼت‪ ،‬ﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﺻﺒﮫﻢ"‪.‬‬
‫ﺛﻢ ﺣﺎن وﻗﺖ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﻲ‪ .‬ﻓﺼﻞ "ﺟﯿﺮﺳﺘﻨﺮ" أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ اﻧﻐﻤﺴﻮا ﻓﻲ اﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ‪ ،‬وﻛﺎﻓﺄ أوﻟﺌﻚ‬
‫اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎﻋﺪوا زﻣﻼءھﻢ‪ .‬ﻣﻨﻊ ﻣﻮظﻔﻲ أﻗﺴﺎم اﻟﻤﺒﯿﻌﺎت‬
‫ﺑﺎﻟﺸﺮﻛﺔ ﻣﻦ أن ﻳﺤﻂ ﺑﻌﻀﮫﻢ ﻣﻦ ﻗﺪر ﺑﻌﺾ أﻣﺎم اﻟﻌﻤﻼء ﺣﺘﻰ ﻳﻔﻮزوا ﺑﻌﻤﻠﯿﺔ اﻟﺒﯿﻊ ﻷﻧﻔﺴﮫﻢ‪ .‬ﻗﺮر أن ﻳﺘﻢ‬
‫اﺣﺘﺴﺎب ﻋﻼوات ﻣﺴﺌﻮﻟﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻷداء‬
‫اﻟﻜﻠﻲ ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺒﺮ‪ ،‬وﺑﺸﻜﻞ أﻗﻞ ﻋﻠﻰ أداﺋﮫﻢ اﻟﻔﺮدي‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ أراد "ﺟﯿﺮﺳﺘﻨﺮ" أن‬
‫ﻳﻨﺸﺮھﺎ ﺑﺎﻟﺸﺮﻛﺔ‪ :‬ﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﺘﻄﻠﻊ إﻟﻰ ﺗﺘﻮﻳﺞ اﻟﻘﻠﯿﻞ ﻣﻦ اﻷﻣﺮاء؛‬
‫ﺑﻞ ﻋﻠﯿﻨﺎ أن ﻧﻌﻤﻞ ﻛﻔﺮﻳﻖ‪.‬‬
‫وﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون‪ ،‬ﻛﺎن إﺑﺮام اﻟﺼﻔﻘﺎت ھﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﻤﮫﻢ؛ أﻣﺎ ﻣﺎ دوﻧﻪ ﻓﻜﺎﻧﺖ أﻣﻮًرا ﻋﺎﺑﺮة‪.‬‬
‫أﺻﯿﺐ "ﺟﯿﺮﺳﺘﻨﺮ" ﺑﺎﻟﺠﺰع ﺟﺮاء اﻟﻔﺸﻞ اﻟﺬي ﻻ ﻧﮫﺎﻳﺔ ﻟﻪ اﻟﺬي‬
‫ﻣﺮت ﺑﻪ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﻔﻘﺎت واﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات‪ ،‬واﻟﻘﺪرة اﻟﮫﺎﺋﻠﺔ ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻤﻞ ﻛﻞ ذﻟﻚ‪ .‬طﺎﻟﺐ‬
‫"ﺟﯿﺮﺳﺘﻨﺮ" ﺑﺘﻨﻔﯿﺬ أداء أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ذي ﻗﺒﻞ‪ ،‬وﺣﺚ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪.‬‬
‫ﻓﻜﺎﻧﺖ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ‪ :‬اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ﻻ ﺗﻜﻔﻲ؛ ﻋﻠﯿﻨﺎ أن ﻧﻨﺠﺰ اﻟﻌﻤﻞ‪.‬‬
‫وأﺧﯿًﺮا‪ ،‬رﻛﺰ "ﺟﯿﺮﺳﺘﻨﺮ" ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﯿﻞ‪ .‬ﻛﺎن ﻋﻤﻼء آي ﺑﻲ إم ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺨﺬﻻن واﻟﻐﻀﺐ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اھﺘﻤﺎم‬
‫ﺷﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم ﻣﻨﺼﺒًّﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺌﻮﻧﮫﺎ ﻓﻘﻂ وﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﻠﺒﻲ‬
‫اﺣﺘﯿﺎﺟﺎﺗﮫﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻜﻤﺒﯿﻮﺗﺮ‪ .‬ﻛﺎن اﻟﻌﻤﻼء ﻏﯿﺮ راﺿﯿﻦ ﻋﻦ اﻷﺳﻌﺎر‪ ،‬وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط ﺑﺎﻟﺮوﺗﯿﻦ‬
‫اﻟﺬي ﻳﺘﺤﻜﻢ ﺑﺸﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻏﺎﺿﺒﯿﻦ ﻷن‬
‫ﺷﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺴﺎﻋﺪھﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻜﺎﻣﻞ أﻧﻈﻤﺘﮫﻢ‪ .‬ﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎع ﺿﻢ ‪ 175‬ﻣﻦ رؤﺳﺎء أﻗﺴﺎم‬
‫اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﻓﻲ ﻛﺒﺮى ﺷﺮﻛﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة‪ ،‬أﻋﻠﻦ "ﺟﯿﺮﺳﺘﻨﺮ" أن‬
‫شــرﻛﺔ آي بــي إم أصــﺑﺤﺖ اﻵن ﺗﺾــع اﻟﻌﻤﻲــل أوًﻻ‪ ،‬وﻟﻲــدﻟﻞ ﻋﻞــى ذلــك أﻋﻞــن عــن‬
‫ﺗﺨﻒــﻳﺾ هــاﺋﻞ فــي أســﻋﺎر اﻟﺤﻮاســﻳﺐ اﻟﻤﺮﻛﺰيــة‪ .‬كــاﻧﺖ اﻟﺮســاﻟﺔ‪ :‬ﻧﺢــن ﻟﺲــﻧﺎ ﻣﺘﻢــﻳﺰﻳﻦ‬
‫ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة؛ ﻧﺤﻦ ﻧﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ إرﺿﺎء ﻋﻤﻼﺋﻨﺎ‪.‬‬
‫ﺑﻨﮫﺎﻳﺔ أول ﺛﻼﺛﺔ أﺷﮫﺮ ﻣﻨﮫﻜﺔ ﻣﻨﺬ ﺗﻮﻟﯿﻪ اﻟﻤﻨﺼﺐ ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ ،‬ﺗﻠﻘﻰ "ﺟﯿﺮﺳﺘﻨﺮ" ﺗﻘﺮﻳًﺮا ﻋﻦ ﻋﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﺑﻮرﺻﺔ‬
‫وول ﺳﺘﺮﻳﺖ‪ ،‬ﺟﺎء ﺑﻪ‪ [ " :‬أﺳﮫﻢ ﺷﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم ] ﻟﻢ‬
 ‫ﺗﺤﻘﻖ أي ﺷﻲء؛ ﻷﻧﻪ )ﺟﯿﺮﺳﺘﻨﺮ( ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ أي ﺷﻲء"‪.‬‬
‫ﻗﺎ ﻣﻦ اﻧﺰﻋﺎﺟﻪ ﻓﻀًﻼ ﻋﻦ ﺷﺠﺎﻋﺘﻪ‪ ،‬واﺻﻞ "ﺟﯿﺮﺳﺘﻨﺮ" ﺣﻤﻠﺘﻪ ﺿﺪ اﻟﻌﺠﺮﻓﺔ واﻟﺘﻌﺎﻟﻲ وأﻧﻘﺬ ﺷﺮﻛﺔ آي‬ ‫اﻧﻄﻼ ً‬
‫ﺑﻲ إم ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ وﺷﻚ اﻻﻧﮫﯿﺎر‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ھﻲ‬
‫اﻟﻘﻔﺰة اﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﮫﺎ ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ‪ .‬ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ ﻛﮫﺬا ﻛﺎن "دوﻧﻼب" ﻟﯿﺄﺧﺬ أﻣﻮاﻟﻪ وﻳﻐﺎدر اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺗﺎر ً‬
‫ﻛﺎ إﻳﺎھﺎ ﻏﺎرﻗﺔ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻔﺸﻞ‪ .‬ﺑﻘﯿﺖ أﻣﺎﻣﻪ اﻟﻤﮫﻤﺔ اﻷﺻﻌﺐ وھﻲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﻄﺒﯿﻖ ﺳﯿﺎﺳﺎﺗﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﻌﯿﺪ ﺷﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم رﻳﺎدﺗﮫﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﮫﺎ‪ ،‬ﻛﺎن ذﻟﻚ ھﻮ اﻟﺘﺤﺪي‪ .‬ﺣﯿﻦ اﺳﺘﻘﺎل ﻣﻦ‬
‫ﻣﻨﺼﺒﻪ ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم ﻓﻲ ﺷﮫﺮ ﻣﺎرس ﻋﺎم ‪،2002‬‬
‫زادت ﻗﯿﻢــــة أســــھﻢ اﻟﺶــــرﻛﺔ ﺑﻨﺲــــﺑﺔ ‪ ،%800‬ﻓﻚــــاﻧﺖ اﻟﺶــــرﻛﺔ "اﻷولــــى بـــاﻟﻌﺎﻟﻢ فــي‬
‫خــدﻣﺎت ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲــا اﻟﻤﻌﻠﻮمــات‪ ،‬وأجــھﺰة اﻟﻜﻤﺐــﻳﻮﺗﺮ‪ ،‬وبــراﻣﺞ اﻟﻜﻤﺐــﻳﻮﺗﺮ اﻟﻤﺨﺺــﺻﺔ‬
‫ﻟﻠﺶــرﻛﺎت )ﺑﺎســﺗﺜﻨﺎء بــراﻣﺞ أجــھﺰة اﻟﻜﻤﺐــﻳﻮﺗﺮ(‪ ،‬وشــراﺋﺢ اﻟﻜﻤﺐــﻳﻮﺗﺮ ﻋﺎﻟﻲــة اﻟﻜﻒــاءة‬
‫اﻟﻤﺺـﻣﻤﺔ ﺣﺲـب طﻞـب اﻟﻌﻤﻲـل"‪ .‬وفـوق ذلـك‪ ،‬عـادت ﻟﺶـرﻛﺔ آي بـي إم مـرة أخـرى‬
‫ﻣﻜﺎﻧﺘﮫﺎ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻜﻤﺒﯿﻮﺗﺮ‪.‬‬

‫آن‪ :‬اﻟﺘﻌﻠﻢ واﻟﺼﻼﺑﺔ واﻟﺮﺣﻤﺔ‬

‫ﻣﺮ ﺗﺼﻨﯿﻔﮫﺎ‬‫ﺖ ﻓﻲ دﻳﻮن ﺗﻘﺘﺮب ﻣﻦ ﺳﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻣﻠﯿﺎر دوﻻر ود ِ ّ‬ ‫ﺮ َ‬
‫ﻗ ْ‬ ‫ﻏ ِ‬‫ﻟﻨﺄﺧﺬ ﺷﺮﻛﺔ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻣﺜﻞ آي ﺑﻲ إم ﻣﺜًﻼ‪َ ،‬‬
‫اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻲ‪ ،‬وأﺻﺒﺤﺖ ﻋﺮﺿﺔ ﻟﺘﺤﻘﯿﻘﺎت ھﯿﺌﺔ اﻷوراق اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ‬
‫واﻟﺒﻮرﺻﺎت اﻷﻣﺮﻳﻜﯿﺔ‪ ،‬وﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ ھﺒﻮط ﺳﻌﺮ أﺳﮫﻤﮫﺎ ﻣﻦ ﺳﻌﺮ ‪ 63.69‬دوﻻًرا ﻟﻠﺴﻌﺮ اﻟﻮاﺣﺪ ﻟﺘﺼﻞ إﻟﻰ ‪4.43‬‬
‫دوﻻًرا‪ .‬إﻧﻨﺎ ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺷﺮﻛﺔ زﻳﺮوﻛﺲ‪.‬‬
‫ھﺬا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﻪ وﺿﻊ ﺷﺮﻛﺔ زﻳﺮوﻛﺲ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﻟﺖ رﺋﺎﺳﺘﮫﺎ "آن ﻣﻮﻟﻜﺎي" ﻋﺎم ‪ .2000‬ﻟﻢ ﺗﻔﺸﻞ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻓﻲ‬
‫ﺗﻮﺳﯿﻊ أﻋﻤﺎﻟﮫﺎ ﻓﺤﺴﺐ‪ ،‬ﺑﻞ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻗﺎدرة ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﺑﯿﻊ‬
‫آﻻت ﻧﺲــخ اﻷوراق اﻟﺖــي ﺗﻨﺘﺞــھﺎ‪ .‬ﻟﻚــن ﺑﻊــد مــرور ثــﻻث ســﻧﻮات‪ ،‬أصــﺑﺢ لــدى اﻟﺶــرﻛﺔ‬
‫أرﺑﻊــة ﻣﻖــرات ﻣﺮﺑﺢــة‪ ،‬وفــي عــام ‪ 2004‬وصــﻓﺖ ﻣﺠﻞــة ﻓﻮرﺗﺶــن مـا ﺣﻘﻘﺖـه "آن‬
‫ﻣﻮﻟﻜﺎي" ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺔ زﻳﺮوﻛﺲ ﺑﺄﻧﻪ "إﺟﺮاء اﻟﺘﺤﻮﻳﻞ اﻷﻛﺜﺮ إﺛﺎرة ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻟﯿﻮ ﺟﯿﺮﺳﺘﻨﺮ ﺑﺸﺮﻛﺔ آي ﺑﻲ إم"‪.‬‬
‫ﻓﻜﯿﻒ ﻓﻌﻠﺖ "آن" ذﻟﻚ؟‬
‫ﻣﺮت "آن" ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ ﺗﻌﻠﻢ راﺋﻌﺔ ﻟﺘﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﮫﺎ اﻟﺮﺋﯿﺴﺔ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﺔ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﯿﮫﺎ ﺷﺮﻛﺔ‬
‫زﻳﺮوﻛﺲ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺠﻮ ﻣﻦ اﻻﻧﮫﯿﺎر‪ .‬درﺳﺖ "آن" وﻛﺒﺎر ﻣﻮظﻔﯿﮫﺎ‬
‫أدق ﺗﻔﺎﺻﯿﻞ ﻛﻞ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻣﺠﺎل ﻋﻤﻞ ﺷﺮﻛﺘﮫﻢ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل‪ ،‬ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺗﻮﺿﺢ "ﺑﯿﺘﺴﻲ ﻣﻮرﻳﺲ"‪ ،‬ﻓﻘﺪ‬
‫ﺗﻨﺎوﻟﺖ "ﻣﻮﻟﻜﺎي" أﺳﺎﺳﯿﺎت اﻟﺤﺴﺎب اﻟﺨﺘﺎﻣﻲ‪ ،‬ودرﺳﺖ‬
‫ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺪﻳﻮن وﻣﺨﺰون اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ واﻟﻀﺮاﺋﺐ واﻟﻌﻤﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺎﻵﺛﺎر اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺤﺴﺎب اﻟﺨﺘﺎﻣﻲ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﺮار ﺗﺘﺨﺬه‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﻄﻠﺔ‬
‫أســﺑﻮﻋﯿﺔ ﺗﺤﻢــل ﻣﻊــھﺎ إلــى اﻟﻢــﻧﺰل ﻣﻠﻒــات ﻛﺐــﻳﺮة وﺗﻨﻚــب ﻋﻞــى دراســﺗﮫﺎ وﻛﺄنــھﺎ ســﺗﺠﺮي‬
‫اﺧﺘﺐــاًرا فــي بــداﻳﺔ اﻷســﺑﻮع‪ .‬وﻋﻦــدﻣﺎ تـوﻟﺖ ﻗﻲـادة اﻟﺶـرﻛﺔ‪ ،‬لـم ﻳﺲـﺗﻄﻊ مـوظﻔﻮ‬
‫اﻟﻮﺣﺪات أن ﻳﻌﻄﻮھﺎ إﺟﺎﺑﺎت واﺿﺤﺔ ﻋﻤﺎ ﻟﺪﻳﮫﻢ أو ﻋﻤﺎ ﺑﺎﻋﻮه أو ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺌﻮل ﻋﻦ ذﻟﻚ‪ .‬أﺻﺒﺤﺖ "آن" ھﻲ‬
‫اﻟﺮﺋﯿﺴﺔ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮف ﺗﻠﻚ اﻹﺟﺎﺑﺎت وﻛﯿﻒ ﺗﺤﺼﻞ‬
‫ﻋﻠﯿﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻤﺮّة اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻳﺮﻳﺪون ﻣﻌﺮﻓﺘﮫﺎ‪ ،‬أﺧﺒﺮﺗﮫﻢ ﺑﺄﻣﻮر ﻣﺜﻞ ﻋﺪم ﻓﺎﻋﻠﯿﺔ‬ ‫ﻛﺎﻧﺖ ﺻﺎرﻣﺔ‪ ،‬وﻗﺎﻟﺖ ﻟﻠﺠﻤﯿﻊ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟ ُ‬
‫اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺘﺠﺎري ﻟﺸﺮﻛﺔ زﻳﺮوﻛﺲ‪ ،‬وأن اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ‬
‫وﺷﻚ اﻹﻓﻼس‪ .‬ﺧﻔﻀﺖ ﻣﺮﺗﺒﺎت اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ ﺑﻨﺴﺒﺔ ‪ ،%30‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺜﻞ "أﻟﺒﺮت دوﻧﻼب" اﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑﺎﻟﻤﻨﺸﺎر‬
‫ﻻﺗﺒﺎﻋﻪ ﺳﯿﺎﺳﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻓﺼﻞ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ‪ .‬ﺑﻞ‬
‫ﺗﺤﻤﻠﺖ وطﺄة ﻗﺮاراﺗﮫﺎ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﻮب أرﺟﺎء اﻟﺸﺮﻛﺔ وﺗﺘﻤﺸﻰ ﻣﻊ اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ ﻟﺘﻘﻮل ﻟﮫﻢ "أﻧﺎ آﺳﻔﺔ"‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﺻﺎرﻣﺔ وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻛﺎﻧﺖ رﺣﯿﻤﺔ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﯿﻘﻆ ﻓﻲ‬
‫ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻠﯿﻞ ﻗﻠﻘﺔ ﺑﺸﺄن ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﺤﺪث ﻟﻠﻤﻮظﻔﯿﻦ اﻟﺒﺎﻗﯿﻦ واﻟﻤﺘﻘﺎﻋﺪﻳﻦ إذا ﻣﺎ أﻓﻠﺴﺖ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪.‬‬
‫اھﺘﻢــت طــوال الــوﻗﺖ ﺑﺎﻟﺤﺎلــة اﻟﻤﻌﻨﻮيــة ﻟﻤﻮظﻔﻲــھﺎ وﺗﻂــورھﻢ؛ لـذﻟﻚ‪ ،‬وبـرﻏﻢ اﻟﺘﺨﻔﯿﺾـات‬
‫اﻟﺖـي أﺟﺮتـھﺎ ﻋﻞـى ﻧﻔﻖـات اﻟﺶـرﻛﺔ‪ ،‬رﻓﺾـت "آن" أن ﺗﺾـﺣﻲ بـاﻷﻣﻮر اﻟﻔﺮيـدة‬
‫واﻟﺮاﺋﻊــة فــي ﺛﻘﺎفــة زيــروﻛﺲ‪ .‬كــاﻧﺖ زيــروﻛﺲ ﻣﻌﺮوفــة فــي ﻣﺠﺎلــھﺎ ﺑﺄنــھﺎ اﻟﺶــرﻛﺔ‬
‫اﻟﺖــي ﺗﻖــﻳﻢ ﺣﻒــﻻت ﺗﻘﺎعــد وﻟﻖـاءات ﻟﻞـم شـﻣﻞ ﻣﻮظﻔﻲـھﺎ اﻟﻤﺘﻘﺎعـدﻳﻦ‪ .‬وﻷن ﻣﻮظﻔﻲـھﺎ‬
‫ﻛﺎﻓﺤﻮا ﺟﻨﺒًﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ "آن"‪ ،‬رﻓﻀﺖ "آن" إﻟﻐﺎء زﻳﺎدة رواﺗﺒﮫﻢ‪ ،‬وﻓﻲ ﻟﻔﺘﺔ طﯿﺒﺔ ﻟﺮﻓﻊ روﺣﮫﻢ اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻌﺎ إﺟﺎزات ﻓﻲ أﻳﺎم أﻋﯿﺎد ﻣﯿﻼدھﻢ‪ .‬أرادت‬ ‫أﻋﻄﺘﮫﻢ "آن" ﺟﻤﯿ ً‬
‫أن ﺗﻨﻘﺬ ﻛﯿﺎن وروح اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻻ ﻟﺘﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﺪراﺗﮫﺎ أو ﻟﺘﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻔﺨﺮ‪ ،‬ﺑﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻮظﻔﯿﮫﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺒﺬﻟﻮن‬
‫أﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﮫﻢ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻧﻘﺎذ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪.‬‬
‫ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻣﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺸﺎق‪ ،‬ﺑﻤﺠﺮد أن ﻓﺘﺤﺖ "ﻣﺎﻟﻜﺎي" ﻣﺠﻠﺔ ﺗﺎﻳﻢ رأت ﺻﻮرة ﻟﮫﺎ ﺗﺠﻤﻌﮫﺎ ﻣﻊ اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﻦ‬
‫ﺳﯿﺌﻲ اﻟﺴﻤﻌﺔ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺘﻮﻟﯿﺎن رﺋﺎﺳﺔ ﺷﺮﻛﺘﻲ ﺗﺎﻳﻜﻮ‬
‫وورﻟﺪ ﻛﻮم‪ ،‬ھﺬان اﻟﺮﺟﻼن اﻟﻤﺴﺌﻮﻻن ﻋﻦ اﺛﻨﯿﻦ ﻣﻦ أﻛﺒﺮ ﻛﻮارث اﻹدارة ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﻋﺎم‪ ،‬ﻋﺮﻓﺖ "آن" أن ﻋﻤﻠﮫﺎ اﻟﺸﺎق ﺑﺪأ ﻳﺆﺗﻲ ﺛﻤﺎره أﺧﯿًﺮا ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺧﺒﺮھﺎ أﺣﺪ أﻋﻀﺎء ﻣﺠﻠﺲ إدارة‬
 ‫ﺴﺎ ﺗﻨﻔﯿﺬﻳًّﺎ ﺳﺎﺑ ً‬
‫ﻘﺎ ﻟﺸﺮﻛﺔ‬ ‫اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ ،‬واﻟﺬي ﻛﺎن رﺋﯿ ً‬
‫ﺑﺮوﻛﺘﺮ وﺟﺎﻣﺒﻞ‪" :‬ﻟﻢ أﻋﺘﻘﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﻧﻲ ﺳﺄﻛﻮن ﻓﺨﻮًرا ﺑﺄن ﻳﻘﺘﺮن اﺳﻤﻲ ﺑﮫﺬه اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻣﺮة أﺧﺮى‪ .‬ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ‬
‫ﻣﺨﻄًﺌﺎ"‪.‬‬
‫ﺣﻘﻘﺖ "ﻣﻮﻟﻜﺎي" ﻗﻔﺰة ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ھﻞ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ زﻳﺮوﻛﺲ اﻟﻔﻮز ﻓﻲ ﺗﺤﺪي اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺳﯿﺎﺳﺎت‬
‫"ﻣﻮﻟﻜﺎي" اﻟﺘﻲ أﻧﻘﺬت اﻟﺸﺮﻛﺔ؟ رﺑﻤﺎ ظﻠﺖ ﻟﻮﻗﺖ طﻮﻳﻞ ﻣﻜﺘﻔﯿﺔ‬
‫ﺑﻢــا ﺣﻘﻘﺖــه وﻣﻘﺎومــة ﻷي ﺗﻎــﻳﯿﺮ ﻓﺨﺲــرت اﻟﻊــدﻳﺪ مــن اﻟﻒــرص‪ .‬أو رﺑﻢــا ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو ‪ -‬مــھﻤﺔ‬
‫"ﻣﻮﻟﻚــاي" أن ﺗﻎــﻳﺮ مــن ﻧﻔﺲــھﺎ وشــرﻛﺘﮫﺎ ‪ -‬ســﺗﺴﮫﻢ فـي إﻧﻖـاذ ﻣﺆسـﺳﺔ‬
‫أﻣﺮﻳﻜﯿﺔ أﺧﺮى‪.‬‬
‫"ﺟﺎك" و"ﻟﯿﻮ" و"آن"‪ ،‬ﺟﻤﯿﻌﮫﻢ آﻣﻨﻮا ﺑﺎﻟﺘﻄﻮر‪ ،‬وﺟﻤﯿﻌﮫﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻔﻌﻤﯿﻦ ﺑﺎﻟﺸﻐﻒ‪ .‬ﺟﻤﯿﻌﮫﻢ آﻣﻨﻮا ﺑﺄن اﻟﻘﯿﺎدة‬
‫ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻄﻮر واﻟﺸﻐﻒ‪ ،‬ﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺄﻟﻖ‪ .‬إﺟﻤﺎًﻻ‪،‬‬
‫قــادة اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة كــاﻧﻮا ﻣﻞــﻳﺌﯿﻦ ﺑﺎﻟﺘﻌﺺــب‪ ،‬أمــا قــادة ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو ﻓﻚــاﻧﻮا ﻣﻞــﻳﺌﯿﻦ‬
‫بــاﻻﻣﺘﻨﺎن؛ ﻓﻨﻆــروا بــاﻣﺘﻨﺎن ﻟﻤﻮظﻔﻲــھﻢ الــذﻳﻦ هــﻳﺌﻮا اﻟﺲــﺑﻞ ﻟﺘﺲــھﯿﻞ ﻣﺲــﻳﺮﺗﮫﻢ‬
‫اﻟﺮاﺋﻌﺔ‪ .‬ﻗﺎدة ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ أطﻠﻘﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﻮظﻔﯿﮫﻢ ﻟﻘﺐ اﻷﺑﻄﺎل اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﯿﻦ‪.‬‬

‫ھﻞ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻘﻂ؟‬

‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻄﻠﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﮫﺎ رؤﺳﺎء ﺗﻨﻔﯿﺬﻳﻮن أو ﺗﺘﻨﺎول ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ‪ ،‬ﻗﺪ ﺗﻌﺘﻘﺪ أن ﺟﻤﯿﻊ اﻟﺮؤﺳﺎء اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﯿﻦ‬
‫اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻨﺎوﻟﮫﻢ "ﺟﯿﻢ ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" ﻓﻲ ﺑﺤﺜﻪ ﺳﻮاء ﻣﻦ‬
‫ﻌﺎ رﺟﺎًﻻ‪ .‬رﺑﻤﺎ ﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ إﻟﻰ أن اﻟﺮﺟﺎل ھﻢ‬ ‫ﺗﺤﻮﻟﻮا إﻟﻰ ﻗﺎدة ﻋﻈﻤﺎء )أو ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻗﺎدة ﻋﻈﻤﺎء( ﻛﺎﻧﻮا ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﻣﻦ ظﻠﻮا ﻳﺘﻮﻟﻮن اﻟﻘﯿﺎدة ﻟﻔﺘﺮة طﻮﻳﻠﺔ‪.‬‬
‫ﻣﻨﺬ ﻋﺪة ﺳﻨﻮات‪ ،‬ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﺗﺠﺪ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓﻲ إﻳﺠﺎد اﻣﺮأة ﺗﺘﻮﻟﻰ ﻗﯿﺎدة ﺷﺮﻛﺔ ﻛﺒﯿﺮة‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ‬
‫ﻦ ﻣﻦ‬ ‫ﻜ ﱠ‬ ‫ن ﺷﺮﻛﺎت ﻛﺒﯿﺮة ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫﻦ أن ﻳَ ُ‬ ‫اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻼﺋﻰ ُﻗْﺪ َ‬
‫أﻧﺶــأھﺎ‪ ،‬ﻣﺚــل " مــاري كــاي آش" )إﻣﺐــراطﻮرة صــﻧﺎﻋﺔ ﻣﺲــﺗﺤﻀﺮات اﻟﺘﺠﻤﻲــل(‪ ،‬و "مــارﺛﺎ‬
‫ﮫﺎ‪ ،‬ﻣﺚـل "كـاﺛﺮﻳﻦ ﺟﺮاهـام"‬ ‫وِرْﺛَﻨ َ‬‫ﻦ قـد َ‬ ‫ﻜ ﱠ‬
‫سـﺗﯿﻮارت" و "أوبـرا وﻳﻨﻒـري"‪ ،‬أو أن ﻳَ ُ‬
‫اﻟﺮﺋﯿﺴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻟﺼﺤﯿﻔﺔ واﺷﻨﻄﻦ ﺑﻮﺳﺖ ‪.‬‬
‫ﺑﺪأت اﻷﻣﻮر ﻓﻲ اﻟﺘﻐﯿﺮ‪ .‬ﺑﺪأت اﻟﻨﺴﺎء اﻵن ﻓﻲ ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺔ‪ .‬ﺗﻮﻟﺖ اﻟﻨﺴﺎء ﻣﻨﺼﺐ‬
‫ﻀﺎ ﺷﺮﻛﺔ إﻳﺒﺎي‬ ‫اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي ﻟﺸﺮﻛﺎت ﻣﺜﻞ زﻳﺮوﻛﺲ‪ ،‬وأﻳ ً‬
‫وھﯿﻮﻟﯿﺖ ‪ -‬ﺑﺎﻛﺎرد وﺷﺮﻛﺔ ﻓﯿﺎﻛﻮم اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ ﺷﺒﻜﺔ ﺗﻠﯿﻔﺰﻳﻮن إم ﺗﻲ ﻓﻲ وﺷﺮﻛﺔ ﺗﺎﻳﻢ وارﻧﺮ وﺷﺮﻛﺔ‬
‫ﻀﺎ ﻣﻨﺼﺐ‬ ‫ﻟﻮﺳﻨﺖ ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﯿﺰ وﺷﺮﻛﺔ راﻳﺖ أﻳﺪ‪ .‬ﺷﻐﻠﺖ اﻟﻨﺴﺎء أﻳ ً‬
‫رﺋﯿﺲ ﺷﺮﻛﺔ أو ﻣﺪﻳﺮ ﻣﺎﻟﻲ ﻟﺸﺮﻛﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺣﺪث ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺎت ﺳﯿﺘﻲ ﺟﺮوب وﺑﯿﺒﺴﯿﻜﻮ وﻓﯿﺮاﻳﺰون‪ .‬ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‪،‬‬
‫ﻗﺎﻟﺖ ﻣﺠﻠﺔ ﻓﻮرﺗﺸﻦ ﻋﻦ "ﻣﯿﺞ وﻳﺘﻤﺎن" اﻟﺮﺋﯿﺴﺔ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﺔ‬
‫ﻟﺸﺮﻛﺔ إﻳﺒﺎي إﻧﮫﺎ‪" :‬رﺑﻤﺎ أﻓﻀﻞ رﺋﯿﺴﺔ ﺗﻨﻔﯿﺬﻳﺔ ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ" "ﻷﻓﻀﻞ ﺷﺮﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ"‪.‬‬
‫أﺗﺴﺎءل ﻋﻤﺎ إذا ﻛﺎن ﺳﯿﻤﻜﻨﻨﻲ‪ ،‬ﺧﻼل ﺑﻀﻌﺔ أﻋﻮام ﻣﻦ اﻵن‪ ،‬أن أﻛﺘﺐ ﻣﺜﻞ ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﻷﺗﺤﺪث ﻓﯿﻪ‬
‫ﻋﻦ ﻧﺴﺎء ﻛﺸﺨﺼﯿﺎت رﺋﯿﺴﯿﺔ ﺑﻪ‪ .‬وﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ أﺗﻤﻨﻰ أﻻ ﻳﺤﺪث ذﻟﻚ؛ أﺗﻤﻨﻰ‪ ،‬ﺧﻼل ﺑﻀﻊ ﺳﻨﻮات‪ ،‬أن‬
‫ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ أن أﺟﺪ ﻗﺎدة ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ‪ -‬رﺟﺎًﻻ ﻛﺎﻧﻮا أم ﻧﺴﺎء ‪ -‬ﻋﻠﻰ رأس أھﻢ ﺷﺮﻛﺎﺗﻨﺎ‪.‬‬

‫دراﺳﺔ ﺣﻮل ﻋﻤﻠﯿﺎت اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ‬

‫ﻗﺎم اﻟﺒﺎﺣﺚ "روﺑﺮت وود" وزﻣﻼؤه ﺑﺪراﺳﺔ ﻋﻈﯿﻤﺔ أﺧﺮى‪ .‬ھﺬه اﻟﻤﺮة أﻧﺸﺄوا ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻹدارة‪،‬‬
‫وھﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺛﻼﺛﯿﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺗﺘﻜﻮن ﻛﻞ ﻣﻨﮫﺎ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ‬
‫أﺷﺨﺎص‪ .‬ﺗﺘﻜﻮن ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮة ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﺨﺎص ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬واﻟﺨﻤﺲ ﻋﺸﺮة ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ‬
‫اﻷﺧﺮى ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﺨﺎص ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ‪.‬‬
‫كــان أصــﺣﺎب اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة يــؤﻣﻨﻮن بــأن "اﻷشــﺧﺎص لــدﻳﮫﻢ قــدر ﻣﺢــدود مــن اﻟﻖــدرات‬
‫اﻹداريــة وﻻ ﻳﻤﻜﻦـھﻢ ﻓﻊـل اﻟﻜﺚـﻳﺮ ﻟﯿﺰيـدوا ﺗﻞـك اﻟﻖـدرات"‪ .‬وفـي اﻟﻤﻖـاﺑﻞ‪ ،‬كـان‬
‫أﺻﺤﺎب ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺄن‪" :‬اﻟﻨﺎس ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ طﻮال اﻟﻮﻗﺖ أن ﻳﻐﯿﺮوا ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻮھﺮي ﻣﻦ ﻣﮫﺎراﺗﮫﻢ‬
‫اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ﻹدارة اﻵﺧﺮﻳﻦ"‪ .‬وھﻜﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺼﻒ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت‬
‫ﺗﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﺸﺨﺺ إﻣﺎ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻤﮫﺎرات أو ﻻ‪ ،‬واﻟﻨﺼﻒ اﻵﺧﺮ ﻣﻨﮫﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪ أن ﻣﮫﺎرات اﻟﺸﺨﺺ ﻳﻤﻜﻦ‬
‫ﺗﻨﻤﯿﺘﮫﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺨﺒﺮة‪.‬‬
‫ﻋﻤﻞــت كــل ﻣﺠﻤﻮعــة ﻣﺘﻊــاوﻧﯿﻦ ﻟﻊــدة أســاﺑﯿﻊ ﻋﻦــدﻣﺎ تــم ﺗﻜﻠﯿﻒــھﻢ‪ ،‬مــ ً‬
‫ﻋﺎ‪ ،‬ﺑﺎﻟﻢــھﻤﺔ اﻟﺖــي‬
‫ﺗﺢــدﺛﺖ ﻋﻦــھﺎ مــن ﻗﺐــل‪ :‬مــھﻤﺔ إداريــة ﻣﻌﻖــدة ﻳﻖــوﻣﻮن ﻓﻲـھﺎ بـإدارة ﻣﺆسـﺳﺔ‬
‫ﻣﺤﺎﻛﺎة‪ ،‬وھﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺷﺮﻛﺔ أﺛﺎث‪ .‬إذا ﻛﻨﺖ ﺗﺬﻛﺮ‪ ،‬ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﮫﻤﺔ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﺎرﻛﯿﻦ ﻓﯿﮫﺎ أن ﻳﻌﺮﻓﻮا‬
‫ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﻮظﯿﻒ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻓﻲ اﻟﻮظﯿﻔﺔ اﻟﻤﻼﺋﻤﺔ ﻟﻪ وﻛﯿﻔﯿﺔ‬
‫ﺗﺤﻔﯿﺰھﻢ ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ أﻗﺼﻰ إﻧﺘﺎﺟﯿﺔ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﮫﻤﺔ‪ ،‬ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ أن ﻳﻌﻤﻞ اﻷﺷﺨﺎص ﺑﺸﻜﻞ ﻓﺮدي‪،‬‬
‫اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا أن ﻳﻨﺎﻗﺸﻮا اﺧﺘﯿﺎراﺗﮫﻢ واﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻘﻮھﺎ وأن‬
‫ﻌﺎ ﻟﺘﺤﺴﯿﻦ ﻗﺮاراﺗﮫﻢ‪.‬‬‫ﻳﻌﻤﻠﻮا ﻣ ً‬
‫ﺑﺪأت اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت ﺟﻤﯿﻌﮫﺎ ‪ -‬ذات اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ وﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ‪ -‬ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻘﺪرات‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ ﺑﺪأت‬
 ‫اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت ذات ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻮق ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت‬
‫ذات اﻟﻌﻘﻠﻲــــة اﻟﺜﺎﺑﺖــــة‪ .‬وﻛﻠﻢــــا زادت ﻓﺖــــرة ﻋﻢــــل اﻟﻤﺠﻤﻮعــــات‪ ،‬زاد هــــذا اﻟﻒــــارق فــــي‬
‫ﻣﺲــــﺗﻮﻳﺎﺗﮫﻢ‪ .‬ومــــرة أخــــرى‪ ،‬اســــﺗﻔﺎدت اﻟﻤﺠﻤﻮعــــات ذات ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو مــن أﺧﻄﺎئــھﺎ‬
‫واﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻘﺘﮫﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ اﺳﺘﻔﺎدت اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت ذات اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬وﻟﻜﻦ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻛﺎن أﻛﺜﺮ إﺛﺎرة‬
‫ﻟﻼھﺘﻤﺎم ﻛﺎن طﺮﻳﻘﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت‪.‬‬
‫أﻋﺾــاء ﻣﺠﻤﻮعــات ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو كــاﻧﻮا أﻛﺚــر ﻣﻲــًﻻ لــﻹدﻻء ﺑﺂرائــھﻢ اﻟﺺــادﻗﺔ واﻟﺘﻌﺐـﻳﺮ‬
‫ﺑﻮضـوح عـن اﻋﺘﺮاضـاﺗﮫﻢ ﻋﻦـد ﻧﻘﺎشـھﻢ ﻓﯿﻢـا ﺑﯿﻦـھﻢ حـول ﻗﺮاراتـھﻢ اﻹداريـة‪ .‬كـان‬
‫اﻟﺠﻤﯿﻊ ﺟﺰًءا ﻣﻦ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ .‬أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺠﻤﻮﻋﺎت ذات اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ‪ -‬ﻣﻊ اھﺘﻤﺎﻣﮫﻢ ﺑﺈﺛﺒﺎت ﻣﻦ ھﻮ‬
‫اﻟﺬﻛﻲ أو اﻟﻐﺒﻲ ﺑﯿﻨﮫﻢ أو ﻗﻠﻘﮫﻢ ﻣﻦ أن ﻳﺘﻢ رﻓﺾ‬
‫أﻓﻜﺎرھﻢ ‪ -‬ﻓﻠﻢ ﻳﺤﺪث ھﺬا اﻟﻨﻘﺎش اﻟﺼﺎدق اﻟﺒﱠﻨﺎء‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎن ﻣﺎ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﻪ أﻗﺮب إﻟﻰ ﺗﻔﻜﯿﺮ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ‪.‬‬
 ‫ﺗﻔﻜﯿﺮ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻣًﻌﺎ‬
‫فــي بــداﻳﺔ اﻟﺲــﺑﻌﯿﻨﯿﺎت مــن اﻟﻖــرن اﻟﻤﺎضــي‪ ،‬أﻋﻞــن "إيــرﻓﻨﺞ جــاﻧﯿﺲ" عــن ﻣﺺــطﻠﺢ ﺗﻔﻚـﻳﺮ‬
‫اﻟﻤﺠﻤﻮعـة ‪ .‬ﻳﺢـدث هـذا ﻋﻦـدﻣﺎ ﻳﺐـدأ ﺟﻢـﻳﻊ مـن فـي اﻟﻤﺠﻤﻮعـة فـي اﻟﺘﻔﻚـﻳﺮ ﺑﻨﻒـس‬
‫ن ھﺬا ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﺞ ﻣﻦ‬‫ﻔﺎ ﻧﻘﺪﻳًّﺎ‪ .‬ﻗﺪ ﻳﺆدي ھﺬا إﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻛﺎرﺛﯿﺔ‪ ،‬وإِ ﱠ‬ ‫اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‪ ،‬وﻻ أﺣﺪ ﻳﻌﺘﺮض أو ﻳﺘﺨﺬ ﻣﻮﻗ ً‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﺷﺎرت اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﮫﺎ "وود"‪.‬‬
‫ﺗﻔﻚــــﻳﺮ اﻟﻤﺠﻤﻮعــــة ﻳﺢــــدث ﻋﻦــــدﻣﺎ ﻳﺾــع اﻟﻦــاس إﻳﻢــاﻧًﺎ ﻻ حــدود لــه ﺑﻘﺎئــد مــوھﻮب‪،‬‬
‫ﻋﺒﻖــري‪ .‬وهــذا مــا أدى إلــى ﻓﺶــل ﺧﻂــة ﻏﺰو ﺧﻞــﻳﺞ اﻟﺨﻦــازﻳﺮ‪ ،‬وهــي اﻟﺨﻂــة اﻟﺲــرﻳﺔ‬
‫ﻤﺤﻜﻤﺔ ﻟﻐﺰو ﻛﻮﺑﺎ واﻹطﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﻜﻮﺑﻲ "ﻛﺎﺳﺘﺮو"‪ .‬اﻣﺘﻨﻊ ﻣﺴﺘﺸﺎرو اﻟﺮﺋﯿﺲ "ﻛﯿﻨﯿﺪي"‬ ‫اﻷﻣﺮﻳﻜﯿﺔ ﻏﯿﺮ اﻟ ُ‬
‫اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﺒﺼﯿﺮة ﻣﻦ أن ﻳﺪﻟﻮا ﺑﺮأﻳﮫﻢ؛‬
‫واﻟﺴﺒﺐ أﻧﮫﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻪ ﻋﺒﻘﺮي وأن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺳﯿﻨﺠﺢ ﺑﻼﺷﻚ‪.‬‬
‫ﻘﺎ ﻟﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ "آرﺛﺮ ﺷﻠﯿﺴﻨﺠﺮ"‪ ،‬أﺣﺪ اﻟﻤﻄﻠﻌﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺌﻮن اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ‪ ،‬إن اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻤﺤﯿﻄﯿﻦ ﺑﺎﻟﺮﺋﯿﺲ‬ ‫وﻓ ً‬
‫"ﻛﯿﻨﯿﺪي" ﻛﺎن ﻟﺪﻳﮫﻢ إﻳﻤﺎن ﻏﯿﺮ ﻣﺤﺪود ﺑﻘﺪراﺗﻪ وﺣﺴﻦ ﺣﻈﻪ‪.‬‬
‫ﺑﺪأت ﺟﻤﯿﻊ أﻣﻮره ﻓﻲ اﻟﺘﻐﯿﺮ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ‪ .1956‬ﻓﺎز ﺑﺎﻟﺘﺮﺷﺢ واﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت رﻏﻢ ﻛﻞ اﻟﻌﻘﺒﺎت اﻟﺘﻲ واﺟﮫﺘﻪ‪ .‬ظﻦ‬
‫ﺟﻤﯿﻊ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ أن "ﻟﺪﻳﻪ اﻟﻘﺪرة اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ﻟﻠﻨﺠﺎح وﻻ‬
‫ﻳﻤﻜﻨﻪ اﻟﺨﺴﺎرة"‪.‬‬
‫ﻀﺎ‪" :‬إن ﻛﺎن ﻟﻤﺴﺘﺸﺎر أﻗﺪم أن ﻳﻌﺎرض ھﺬه اﻟﻤﺠﺎزﻓﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻲ أﺛﻖ ﺑﺄن "ﻛﯿﻨﯿﺪي" ﻛﺎن‬ ‫ﻗﺎل "ﺷﻠﯿﺴﻨﺠﺮ" أﻳ ً‬
‫ﺳﯿﺘﺮاﺟﻊ ﻋﻨﮫﺎ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﺎرﺿﻪ أﺣﺪ"‪ .‬وﻟﯿﺘﺠﻨﺐ ﺣﺪوث ھﺬا‪،‬‬
‫ﺻّﺎ‪ ،‬ﻗﺪ ﻳﺸﻌﺮ اﻵﺧﺮون ﺑﺎﻻﻧﺒﮫﺎر ﺗﺠﺎه ﺷﺨﺼﯿﺘﻪ اﻟﺠﺒﺎرة‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻣﮫﻤﺔ‬ ‫ﻤﺎ ﺧﺎ ً‬‫أﺳﺲ "وﻧﺴﺘﻮن ﺗﺸﺮﺷﻞ" ﻗﺴ ً‬
‫ھﺬا اﻟﻘﺴﻢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل "ﺟﯿﻢ ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ"‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ وﺿﻊ ﺟﻤﯿﻊ‬
‫اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻷﺳﻮأ أﻣﺎم "ﺗﺸﺮﺷﻞ"‪ .‬وھﻜﺬا ﻛﺎن "ﺗﺸﺮﺷﻞ" ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﻨﻮم ﺑﺴﻼم ﻟﯿًﻼ ﻷﻧﻪ ﻳﻌﺮف أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺠﻌﻞ‬
‫ﻔﺎ ﺑﺎﻷﻣﺎن‪.‬‬‫ﺳﺎ زاﺋ ً‬‫ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻪ ﺗﻔﻜﺮ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺤﻘﻖ إﺣﺴﺎ ً‬
‫ﻳﺤﺪث ﺗﻔﻜﯿﺮ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﯿﻄﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺬﻛﺎء واﻟﺘﻔﻮق‪ .‬ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون‪ ،‬اﻋﺘﻘﺪ‬
‫ﻣﺴﺌﻮﻟﻮھﺎ ‪ -‬ﻷﻧﮫﻢ ﻣﺬھﻠﻮن ‪ -‬أن ﺟﻤﯿﻊ أﻓﻜﺎرھﻢ ﻣﺬھﻠﺔ أﻳ ً‬
‫ﻀﺎ‪،‬‬
‫وأن ﻻ ﺷﻲء ﻳﺴﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎطﺊ أﺑًﺪا‪ .‬ظﻞ ﻣﺴﺘﺸﺎر ﻣﻦ ﺧﺎرج اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻳﺴﺄل ﻣﺴﺌﻮﻟﻲ ﺷﺮﻛﺔ إﻧﺮون‪:‬‬
‫"ﺑﺎﻋﺘﻘﺎدﻛﻢ ﻣﺎ ھﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺗﻈﻨﻮن أﻧﻜﻢ ﺿﻌﻔﺎء ﺑﻪ؟"‪ ،‬وﻟﻜﻦ‬
‫ﻟﻢ ﻳﺠﺒﻪ أﺣﺪ‪ ،‬ﺑﻞ ﻟﻢ ﻳﻔﮫﻢ أﺣﺪ ھﺬا اﻟﺴﺆال‪ .‬ﻗﺎل أﺣﺪ ﻛﺒﺎر ﻣﺴﺌﻮﻟﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪" :‬ﻧﺤﻦ وﺻﻠﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ظﻨﻨﺎ‬
‫ﻓﯿﮫﺎ أﻧﻨﺎ أﻗﻮﻳﺎء ﺿﺪ اﻟﺼﺪﻣﺎت"‪.‬‬
‫ﻔﺎ ﺟﯿًﺪا‪ .‬ﻛﺎن ﻳﻘﻮد‬ ‫ﺟﺎ ﻣﺨﺘﻠ ً‬
‫ﻳﻘﺪم "أﻟﻔﺮﻳﺪ ﺑﻲ‪ .‬ﺳﻠﻮن"‪ ،‬اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي اﻷﺳﺒﻖ ﻟﺸﺮﻛﺔ ﺟﻨﺮال ﻣﻮﺗﻮرز‪ ،‬ﻧﻤﻮذ ً‬
‫ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺻﺎﻧﻌﻲ اﻟﺴﯿﺎﺳﺎت اﻟﻌﻠﯿﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺪا أﻧﮫﻢ‬
‫ﻗﺪ وﺻﻠﻮا إﻟﻰ إﺟﻤﺎع‪ .‬ﻗﺎل "أﻟﻔﺮﻳﺪ" ﻟﮫﻢ‪" :‬أﻳﮫﺎ اﻟﺴﺎدة‪ ،‬أرى أﻧﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﺗﻔﺎق ﺗﺎم ﺑﺸﺄن ھﺬا اﻟﻘﺮار‪ ....‬وﻟﻜﻨﻲ‬
‫أﻗﺘﺮح أن ﻧﺮﺟﺊ أي ﻧﻘﺎش ﺑﮫﺬا اﻟﺸﺄن إﻟﻰ ﻣﻮﻋﺪ اﺟﺘﻤﺎﻋﻨﺎ‬
‫اﻟﻘﺎدم؛ ﺣﺘﻰ ﻧﺘﯿﺢ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ وﻗًﺘﺎ ﻟﻨﺼﻞ إﻟﻰ ﻧﻘﻄﺔ اﺧﺘﻼف‪ ،‬ورﺑﻤﺎ ﻧﺼﻞ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﮫﻢ ﺣﻮل ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ‬
‫ﺑﮫﺬا اﻟﻘﺮار"‪.‬‬
‫ﻛﺘﺐ "ھﯿﺮودوت" ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﯿﻼد أن اﻟُﻔﺮس اﻟﻘﺪﻣﺎء اﺳﺘﺨﺪﻣﻮا أﺳﻠﻮﺑًﺎ ﻣﺸﺎﺑًﮫﺎ ﻷﺳﺎﻟﯿﺐ‬
‫"أﻟﻔﺮﻳﺪ ﺳﻠﻮن" ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺠﻨﺒﻮا ﺗﻔﻜﯿﺮ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ‪ .‬ﺣﯿﻨﻤﺎ ﺗﺼﻞ‬
‫ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ إﻟﻰ ﻗﺮار وھﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻲ‪ ،‬ﻳﻌﯿﺪون اﻟﻨﻈﺮ ﻓﯿﻪ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻓﻲ ﻏﯿﺮ‬
‫وﻋﯿﮫﻢ‪.‬‬
‫ﺿﺎ ﻋﻦـدﻣﺎ ﻳﻖـوم ﻗﺎئـد ذو ﻋﻘﻠﻲـة ﺛﺎﺑﺖـة ﺑﺘﻮبـﻳﺦ اﻵراء‬ ‫ﻳﻤﻚــن ﻟﺘﻔﻚــﻳﺮ اﻟﻤﺠﻤﻮعــة أن ﻳﺢــدث أيـ ً‬
‫اﻟﻤﺨﺎﻟﻒـة‪ .‬قـد ﻻ ﻳﺖـوﻗﻒ اﻟﻦـاس عـن اﻟﺘﻔﻚـﻳﺮ اﻟﻨﺎقـد‪ ،‬وﻟﻜﻦـھﻢ قـد ﻳﺖـوﻗﻔﻮن عـن‬
‫اﻹدﻻء ﺑﺂراﺋﮫﻢ‪ .‬ﺣﺎول "إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ" إﺳﻜﺎت )ﺑﻞ اﻟﺘﺨﻠﺺ( ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻨﺘﻘﺪون أﻓﻜﺎره وﻗﺮاراﺗﻪ‪ .‬ﻗﺎل‬
‫إن اﻟﺴﯿﺎرات اﻟﻤﺴﺘﺪﻳﺮة اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺗﺸﺒﻪ ﺛﻤﺎر اﻟﺒﻄﺎطﺲ‬
‫ﺣﺎ ﻷحــد أن ﻳﻖــول رأﻳًﺎ‬ ‫اﻟﻂــاﺋﺮة‪ ،‬وكــاﻧﺖ هــذه هــي نــھﺎﻳﺔ ﺗﻞــك اﻟﺲــﻳﺎرات‪ .‬لــم ﻳﻚــن ﻣﺲــﻣﻮ ً‬
‫ﻔﺎ‪ ،‬رغــم اســﺗﻤﺮار شــرﻛﺔ ﻛﺮاﻳﺲــﻟﺮ فــي ﺧﺲــارة اﻟﻤﺰيــد واﻟﻤﺰيــد مـن ﺣﺺـﺗﮫﺎ‬ ‫ﻣﺦــاﻟ ً‬
‫اﻟﺴﻮﻗﯿﺔ‪.‬‬
‫وﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ‪ ،‬ﻣﻨﺢ "دﻳﻔﯿﺪ ﺑﺎﻛﺎرد" ﻣﯿﺪاﻟﯿﺔ ﻟﻤﻮظﻒ ﻷﻧﻪ ﺗﺤﺪاه‪ .‬ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ أﺣﺪ ﻣﺆﺳﺴﻲ ﺷﺮﻛﺔ ھﯿﻮﻟﯿﺖ ‪-‬‬
‫ﺑﺎﻛﺎرد ﻋﻦ ھﺬه اﻟﻘﺼﺔ‪ .‬ﻣﻨﺬ ﻋﺪة ﺳﻨﻮات ﻓﻲ أﺣﺪ ﻣﻌﺎﻣﻞ‬
‫ﺷﺮﻛﺔ ھﯿﻮﻟﯿﺖ ‪ -‬ﺑﺎﻛﺎرد‪ ،‬أﺧﺒﺮ ﻣﺴﺌﻮﻟﻮ اﻟﺸﺮﻛﺔ أﺣﺪ اﻟﻤﮫﻨﺪﺳﯿﻦ اﻟﺸﺒﺎب ﺑﺄن ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ‬
‫ﺷﺎﺷﺔ اﻟﻌﺮض اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻄﻮرھﺎ‪ .‬وﻛﺎن رد ﻓﻌﻠﻪ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪،‬‬
‫ن ذھﺐ ﻓﻲ ﻋﻄﻠﺔ ﻟﯿﻘﻮم ﺑﺠﻮﻟﺔ ﻓﻲ وﻻﻳﺔ ﻛﺎﻟﯿﻔﻮرﻧﯿﺎ وﻳﻘﻮم ﺑﺰﻳﺎرات ﻏﯿﺮ رﺳﻤﯿﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻌﻤﻼء اﻟﻤﺤﺘﻤﻠﯿﻦ‬ ‫أ ْ‬
‫ﺣﺘﻰ ﻳﻌﺮض ﻋﻠﯿﮫﻢ اﻟﺸﺎﺷﺔ وﻳﺤﻈﻰ ﺑﺎھﺘﻤﺎﻣﮫﻢ‪ .‬أﺣﺒﮫﺎ‬
‫اﻟﻌﻤﻼء‪ ،‬ﻓﺎﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﯿﮫﺎ ﺛﻢ أﻗﻨﻊ ﻣﺪﻳﺮه ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺎ ﺑﺄن ُﻳﺪﺧﻠﮫﺎ إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻹﻧﺘﺎج‪ .‬ﺑﺎﻋﺖ اﻟﺸﺮﻛﺔ‬
‫أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ أﻟﻒ ﺷﺎﺷﺔ ﻣﻨﮫﺎ‪ ،‬وﺣﻘﻘﺖ ﻣﺒﯿﻌﺎت‬
‫وﺻﻠﺖ إﻟﻰ ﺧﻤﺴﺔ وﺛﻼﺛﯿﻦ ﻣﻠﯿﻮن دوﻻر‪ .‬وﻓﻲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ‪ ،‬ﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎع ﻟﻤﮫﻨﺪﺳﻲ ﺷﺮﻛﺔ ھﯿﻮﻟﯿﺖ ‪ -‬ﺑﺎﻛﺎرد‪،‬‬
 ‫س اﻟﺸﺎب ﻣﯿﺪاﻟﯿﺔ "اﻟﺘﺤﺪي اﻟﻤﺬھﻞ اﻟﺬي‬ ‫ﻣﻨﺢ "ﺑﺎﻛﺎرد" اﻟﻤﮫﻨﺪ َ‬
‫ﻳﺘﺨﻄﻰ ﺣﺪود اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ ﻟﻠﻤﮫﻨﺪس"‪.‬‬
‫ھﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﺑﮫﺎ ﺗﻘﻮم اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺑﺘﻔﻜﯿﺮ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ؛ ﺣﯿﺚ ُﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻘﺎدة ﻛﺄﻧﮫﻢ آﻟﮫﺔ ﻻ‬
‫ﻳﺨﻄﺌﻮن‪ .‬ﺗﺴﺘﺄﺛﺮ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﺎﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻟﻤﻮاھﺐ‬
‫اﻟﻤﻢــﻳﺰة واﻟﻨﻒــوذ‪ .‬واﻟﻖــادة‪ ،‬ﺣﺖــى ﻳﺶــﺑﻌﻮا ﻛﺒﺮيــاءھﻢ‪ ،‬ﻳﻤﻨﻊــون وجــود أي ﻣﻌﺎرضــة‪ .‬واﻟﻊــاﻣﻠﻮن‬
‫اﻟﺲــاﻋﻮن ﻟﻜﺲــب رضــا اﻟﻖــادة‪ ،‬ﻳﺒﻖــون فــي صـف اﻟﻖـادة‪ .‬هـذا هـو سـﺑﺐ‬
‫ﺿﺮورة اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻋﻨﺪ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات‪ .‬وﻛﻤﺎ أﺷﺎر "روﺑﺮت وود" ﻓﻲ دراﺳﺘﻪ‪ ،‬إن ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ‪ -‬اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻳﺘﺨﻠﺼﻮن ﻣﻦ أوھﺎم اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‬
‫وأﻋﺒﺎﺋﮫﺎ ‪ -‬ﺗﺆدي إﻟﻰ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ وواﺿﺤﺔ ﺣﻮل اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت‪ ،‬وإﻟﻰ ﻋﻤﻠﯿﺔ ﺻﻨﻊ ﻗﺮار ﻗﻮﻳﺔ‪.‬‬

‫اﻟﺠﯿﻞ اﻟﻤﺒﺎرك ﻳﻐﺰو اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ‬

‫ھﻞ ﻧﻮاﺟﻪ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻰ ﻗﺎدة ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ؟ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻗﺮاءة ﻣﺠﻠﺔ أو اﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ اﻟﺮادﻳﻮ إﻻ‬
‫وﺗﺴﻤﻊ ﻋﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺜﻨﺎء ﻓﻲ ﻣﻜﺎن اﻟﻌﻤﻞ‪ .‬ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ رؤﻳﺘﮫﺎ‬
‫ﺗﻘﺘﺮب‪.‬‬
‫ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻋﻦ اﻵﺑﺎء ﺣﺴﻨﻲ اﻟﻨﯿﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺤﺎوﻟﻮن أن ﻳﻌﺰزوا ﻣﻦ ﺛﻘﺔ أﺑﻨﺎﺋﮫﻢ ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل‬
‫ﻀﺎ ﻋﻦ ﻛﻞ اﻵﺛﺎر‬‫اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻛﺎﺋﮫﻢ وﻣﻮھﺒﺘﮫﻢ‪ .‬ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ أﻳ ً‬
‫اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺜﻨﺎء‪ .‬واﻵن اﻧﻀﻢ ھﺆﻻء اﻷﺑﻨﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻠﻘﻮن اﻟﺜﻨﺎء إﻟﻰ ﻗﻮة‬
‫اﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬وﻣﻦ اﻟﻤﺆﻛﺪ أن اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻨﮫﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮن اﻟﻘﯿﺎم‬
‫ﺑﻮظﺎﺋﻔﮫﻢ ﺑﺪون اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﺪح ﻟﻜﻞ ﻓﻌﻞ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻪ‪ .‬ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ اﻟﻌﻼوات اﻟﺴﻨﻮﻳﺔ‪ ،‬ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺮﻛﺎت ﺗﻤﻨﺢ‬
‫ﻣﻮظﻔﯿﮫﺎ ﻋﻼوات رﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ أو ﺷﮫﺮﻳﺔ‪ .‬وﺑﺪًﻻ ﻣﻦ‬
‫ﺗﻜﺮﻳﻢ ﻣﻮظﻒ اﻟﺸﮫﺮ‪ ،‬ﻳﻜﻮن ﺗﻜﺮﻳﻢ ﻣﻮظﻒ اﻟﯿﻮم‪ .‬ﺗﺴﺘﻌﯿﻦ اﻟﺸﺮﻛﺎت ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ ﻟﯿﻌﺮﻓﻮا ﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ أن‬
‫ﻳﺴﺒﻐﻮا اﻟﻤﻜﺎﻓﺂت ﻋﻠﻰ ﻣﻮظﻔﻲ ھﺬا اﻟﺠﯿﻞ اﻟﺬي ﺗﻠﻘﻰ ﺛﻨﺎًء‬
‫ﻤﺎ إﻟﻰ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻗﺪراﺗﮫﻢ وﻻ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ‬ ‫أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻼزم‪ .‬ﻟﺪﻳﻨﺎ اﻵن ﻗﻮة ﻋﻤﻞ ﻣﻠﯿﺌﺔ ﺑﺎﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﺤﺘﺎﺟﯿﻦ داﺋ ً‬
‫ﺗﻘﺒﻞ اﻟﻨﻘﺪ‪ .‬وﺗﻠﻚ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﯿﺮ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻷﻋﻤﺎل؛‬
‫ﻷن ﺧﻮض اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت واﻟﻤﺜﺎﺑﺮة واﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺎﻷﺧﻄﺎء وﺗﺼﺤﯿﺤﮫﺎ أﻣﻮر ﺿﺮورﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻟﻤﺎذا ﺗﻜﺮر اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﺨﻄﺄ ﻧﻔﺴﻪ؟ ﻟﻤﺎذا ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت اﻟﺨﻄﺄ ﻧﻔﺴﮫﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻔﻌﻠﮫﺎ اﻵﺑﺎء‬
‫اﻟﻤﺒﺎﻟﻐﻮن ﻓﻲ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ أﺑﻨﺎﺋﮫﻢ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﻮظﻒ اﻟﻤﺴﺘﺸﺎرﻳﻦ ﻟﯿﺘﻌﻠﻤﻮا‬
‫ﻛﯿﻒ ﻳﻔﻌﻠﻮن ھﺬا؟ رﺑﻤﺎ ﻋﻠﯿﻨﺎ اﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ھﺬا ورؤﻳﺔ اﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر آﺧﺮ‪.‬‬
‫إذا كــان اﻟﺜﻦــاء اﻟﺦـاطﺊ يـؤدي بـاﻷﺑﻨﺎء إلـى اﻷﺣﻘﻲـة واﻻﻋﺘﻢـاد ﻋﻞـى اﻵخـرﻳﻦ واﻟﺾـﻋﻒ‪ ،‬ﻓﺮﺑﻢـا‬
‫ﻳﻖـودھﻢ اﻟﺜﻦـاء اﻟﺺـﺣﯿﺢ إلـى اﻟﻌﻢـل اﻟﺞـاد واﻟﻤﺰيـد مـن اﻟﺞـدﻳﺔ‪ .‬أشـرﻧﺎ فـي‬
‫ﺑﺤﺜﻨﺎ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎت اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻦ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻟﻠﺒﺎﻟﻐﯿﻦ‪ ،‬أن ﻳﺼﺒﺤﻮا ﻣﺘﺤﻤﺴﯿﻦ ﻟﺨﻮض اﻟﻤﮫﺎم‬
‫اﻟﺼﻌﺒﺔ وﻣﻮاﺟﮫﺔ أﺧﻄﺎﺋﮫﻢ‪.‬‬
‫كــﻳﻒ ﺗﻚــون ﺗﻞــك اﻟﺘﻌﻠﯿﻖــات فـي ﻣﺞـال اﻟﻌﻢـل؟ بـدًﻻ مـن ﻣﻦـح اﻟﻤﻮظﻒـﻳﻦ جـاﺋﺰة ﻷﻓﺾـل ﻓﻚـرة‬
‫أو ﺛﻦـاًء ﻷﻓﺾـل أداء‪ ،‬ﻳﻤﻜﻦـھﻢ اﻟﺤﺺـول ﻋﻞـى اﻟﺜﻦـاء ﻟﻘﯿﺎمـھﻢ بـاﻟﻤﺒﺎدرة‪ ،‬أو‬
‫ﻹﻧﺠﺎز ﻣﮫﻤﺔ ﺻﻌﺒﺔ‪ ،‬أو ﻟﻠﻤﻘﺎوﻣﺔ وﺗﻌﻠﻢ ﺷﻲء ﺟﺪﻳﺪ‪ ،‬أو ﻷن اﻟﻤﻮظﻒ ﻻ ﻳﺨﺸﻰ اﻹﺧﻔﺎق‪ ،‬أو ﻷﻧﻪ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﻨﻘﺪ‬
‫وﻳﺄﺧﺬه ﺑﻌﯿﻦ اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻋﻨﺪ اﻟﻌﻤﻞ‪ .‬رﺑﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺘﻠﻘﻰ اﻟﻤﻮظﻒ‬
‫ﺛﻨﺎًء ﻟﻌﺪم ﺣﺎﺟﺘﻪ إﻟﻰ اﻟﺜﻨﺎء اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ‪.‬‬
‫ﺑﻮﻋﻲ ﺧﺎطﺊ ﺣﻮل ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺣﺐ أطﻔﺎﻟﮫﻢ‪ ،‬اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ آﺑﺎء اﻟﺘﺴﻌﯿﻨﺎت )واﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ آﺑﺎء اﻷﻟﻔﯿﺔ ﻟﻸﺳﻒ( ﺗﺨﻠﻮا ﻋﻦ‬
‫ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﺘﮫﻢ‪ .‬رﻏﻢ أﻧﻪ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﻤﻌﺘﺎد‬
‫أن ﺗﺺــﻟﺢ مــا أﻓﺲــده اﻵبــاء‪ ،‬ﻟﻜﻦــھﺎ قـد ﺗﺤﺖـاج إلـى ﻓﻊـل هـذا اﻵن‪ .‬إذا لـم ﻳﻚـن ﻟﻠﺶـرﻛﺎت دور‬
‫ﺟﺎ وذات ﻋﻘﻠﻲـة ﻧﻢـو‪ ،‬ﻓﻢـن أيـن سـﻳﺄﺗﻲ قـادة‬ ‫فـي صـﻧﻊ قـوة ﻋﻢـل أﻛﺚـر ﻧﺾـ ً‬
‫اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ؟‬

‫ھﻞ ﺗﻜﻮن ﻟﺪى اﻟﺸﺨﺺ ﻣﮫﺎرات اﻟﺘﻔﺎوض ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة أو ﻳﻜﺘﺴﺒﮫﺎ؟‬

‫أحــد اﻷمــور اﻟﺮﺋﯿﺲــﻳﺔ اﻟﺖــي ﻳﺞــب ﻋﻞــى رجــل اﻷﻋﻢــال اﻟﻦــاﺟﺢ أن ﻳﺠﻲــدھﺎ هــو اﻟﺘﻒــاوض‪.‬‬
‫فــي اﻟﺤﻘﯿﻖــة مــن اﻟﺺــﻋﺐ ﺗﺨﻲــل كــﻳﻒ بــإﻣﻜﺎن شــرﻛﺔ أن ﺗﺰدهــر بــدون وجــود‬
‫ﻣﻔﺎوﺿﯿﻦ ﻣﺎھﺮﻳﻦ ﺑﮫﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﯿﺔ‪ .‬أﺷﺎرت "ﻟﻮرا ﻛﺮاي" و"ﻣﺎﻳﻜﻞ ھﺎزﻟﮫﻦ" إﻟﻰ أن اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت ﻟﮫﺎ ﺗﺄﺛﯿﺮ‬
‫ﻛﺒﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎح اﻟﺘﻔﺎوض‪ .‬ﻓﻲ دراﺳﺔ واﺣﺪة‪ ،‬ﻗﺎﻣﺎ ﺑﺘﻌﻠﯿﻢ‬
‫اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ أو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﯿﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﮫﺎرات اﻟﺘﻔﺎوض‪ .‬ﻧﺼﻒ اﻟﻤﺸﺎرﻛﯿﻦ ﻗﺮأوا‬
‫ﻣﻘﺎًﻻ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان "اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﺎوض‪ ،‬ﻣﺜﻞ اﻟﻠﺼﻖ‪،‬‬
‫ً‬
‫ﺛﺎﺑﺘﺔ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ طﻮال اﻟﻮﻗﺖ"‪ ،‬وﻗﺮأ اﻟﻨﺼﻒ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻛﯿﻦ ﻣﻘﺎﻻ ﺑﻌﻨﻮان "اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﺎوض ﻗﺎﺑﻠﺔ‬
‫ﻟﻠﺘﻐﯿﺮ وﻳﻤﻜﻦ ﺗﻨﻤﯿﺘﮫﺎ"‪ .‬ﻷﻋﻄﯿﻚ ﻟﻤﺤﺔ ﻋﻦ ھﺬﻳﻦ اﻟﻤﻘﺎﻟﯿﻦ‪،‬‬
‫ﺑﺪأ ﻣﻘﺎل ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻜﻠﻤﺎت‪" :‬رﻏﻢ أﻧﻪ ﻛﺎن ُﻳﻌﺘﻘﺪ أن اﻟﺘﻔﺎوض ﻣﮫﺎرة ﺛﺎﺑﺘﺔ إﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻟﺪى اﻷﺷﺨﺎص‬
‫ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة أو ﻻ‪ ،‬ﻓﺈن ﺧﺒﺮاء اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺄن‬
 ‫اﻟﺘﻔﺎوض ﻣﮫﺎرة ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻳﻤﻜﻦ اﻛﺘﺴﺎﺑﮫﺎ وﺗﻨﻤﯿﺘﮫﺎ ﻣﺪى اﻟﺤﯿﺎة"‪.‬‬
‫ثــم طﻠﺐــوا مــن اﻟﻤﺶــارﻛﯿﻦ أن ﻳﺨﺖــاروا مــھﻤﺔ اﻟﺘﻒــاوض اﻟﺖــي ﻳﺮيــدوﻧﮫﺎ‪ .‬ﻳﻤﻜﻦــھﻢ اﺧﺘﻲــار‬
‫مــھﻤﺔ ﺗﻆــھﺮ مــھﺎرات اﻟﺘﻒـاوض اﻟﺖـي ﻳﻤﺘﻠﻜﻮنـھﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻦـھﻢ لـن ﻳﺘﻌﻠﻢـوا ﻣﻦـھﺎ شـﻳًﺌﺎ‬
‫ﺟﺪﻳًﺪا‪ .‬وﻳﻤﻜﻨﮫﻢ اﺧﺘﯿﺎر ﻣﮫﻤﺔ ﻗﺪ ﻳﺮﺗﻜﺒﻮن أﺧﻄﺎًء ﺑﮫﺎ وﺗﺤﯿﺮھﻢ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﺳﯿﺘﻌﻠﻤﻮن ﺑﻌﺾ ﻣﮫﺎرات اﻟﺘﻔﺎوض‬
‫اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﻤﻔﯿﺪة‪ .‬ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﻧﺼﻒ اﻷﺷﺨﺎص )‪(%47‬‬
‫اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﻠﻤﻮا اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﮫﺎرات اﻟﺘﻔﺎوض اﺧﺘﺎروا اﻟﻤﮫﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻈﮫﺮ ﻣﺎ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮﻧﻪ ﻣﻦ‬
‫ﻣﮫﺎرات‪ ،‬وﻟﻜﻦ ‪ %12‬ﻓﻘﻂ ﻣﻤﻦ ﺗﻌﻠﻤﻮا ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ اھﺘﻤﻮا‬
‫ﺑﺦــوض هــذه اﻟﻢــھﻤﺔ اﻟﺖــي ُﺗﻆــھﺮ مــھﺎراﺗﮫﻢ‪ .‬ﻳﻌﻦــي هــذا أن ‪ %88‬مــن اﻷشــﺧﺎص الــذﻳﻦ ﺗﻌﻠﻢــوا‬
‫ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو أرادوا أن ﻳﺨﻮضــوا اﻟﻢــھﻤﺔ اﻟﺖــي ســﺗﻨﻤﻲ مـھﺎرات اﻟﺘﻒـاوض‬
‫ﻟﺪﻳﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻓﻲ دراﺳﺘﮫﻢ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪ ،‬راﻗﺒﺖ "ﻛﺮاي" و "ھﺎزﻟﮫﻦ" اﻟﻤﺸﺎرﻛﯿﻦ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻋﻤﻠﯿﺎت اﻟﺘﻔﺎوض‪ .‬وﻣﺮة أﺧﺮى ﺗﻢ‬
‫ﺗﻌﻠﯿﻢ ﻧﺼﻒ اﻟﻤﺸﺎرﻛﯿﻦ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ‬
‫ﺑﻤﮫﺎرات اﻟﺘﻔﺎوض‪ ،‬ﺑﯿﻨﻤﺎ ﺗﻢ ﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﻨﺼﻒ اﻵﺧﺮ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬ﻛﺎن ﻛﻞ اﺛﻨﯿﻦ ﻳﺘﺸﺎرﻛﺎن ﻓﻲ ﺗﻨﻔﯿﺬ‬
‫ﻣﮫﻤﺔ ﺗﻮظﯿﻒ‪ .‬ﻳﻘﻮم أﺣﺪھﻤﺎ ﺑﺎﻟﻘﯿﺎم ﺑﺪور اﻟﻤﺘﻘﺪم ﻟﻠﻮظﯿﻔﺔ‬
‫وﻳﻘﻮم اﻵﺧﺮ ﺑﺘﻨﻔﯿﺬ دور اﻟﻤﺴﺌﻮل ﻋﻦ اﺧﺘﯿﺎر اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ‪ ،‬وﻳﺘﻔﺎوﺿﺎن ﺣﻮل ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ أﻣﻮر ﻣﻦ ﺑﯿﻨﮫﺎ اﻟﺮاﺗﺐ‬
‫واﻟﻌﻄﻠﺔ واﻟﻔﻮاﺋﺪ‪ .‬وﺑﻨﮫﺎﻳﺔ ﻣﮫﻤﺔ اﻟﺘﻔﺎوض‪ ،‬ﻛﺎن اﻟﻤﺸﺎرﻛﻮن ذوو‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ھﻢ اﻟﻤﻨﺘﺼﺮﻳﻦ؛ ﺣﯿﺚ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺘﻨﻔﯿﺬ اﻟﻤﮫﻤﺔ ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ ﻣﺮﺗﯿﻦ ﻋﻤﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ اﻟﻤﺸﺎرﻛﻮن ذوو‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬اﻷﺷﺨﺎص ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺛﺎﺑﺮوا ﻟﺘﺨﻄﻲ‬
‫ﻣﺮﺿﯿﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﺼﻌﺎب واﻟﺸﺪاﺋﺪ ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻘﻘﻮا ﻧﺘﺎﺋﺞ ُ‬
‫ب ﻣﺎﺟﺲــﺗﯿﺮ إدارة اﻷﻋﻢــال اﻟﻤﺲــﺟﻠﯿﻦ فــي‬ ‫فــي ﺛﻼثــة أﺑﺢــاث نــھﺎﺋﯿﺔ‪ ،‬ﻻحــظ اﻟﺐــاﺣﺜﻮن طــﻻ َ‬
‫ﺑﺮنـاﻣﺞ ﻟﺪراسـة اﻟﺘﻒـاوض‪ .‬قـام اﻟﺐـاﺣﺜﻮن ﺑﻘﻲـاس اﻟﻌﻘﻠﻲـات اﻟﺖـي لـدى اﻟﻂـﻻب‬
‫بــــاﻟﻔﻌﻞ‪ ،‬مــــن خــــﻻل ســــؤاﻟﮫﻢ عــن مــدى اﺗﻔﺎقــھﻢ مــع ﻋﺐــارﺗﻲ اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة‬
‫اﻟﺖــاﻟﯿﺘﯿﻦ‪") :‬مــھﺎرة اﻟﺘﻒــاوض اﻟﺖــي لــدى اﻟﺶــﺧﺺ أســاﺳﯿﺔ وﻻ ﻳﻤﻚــن ﺗﻐﯿﯿﺮهــا ﻛﺚــﻳًﺮا"‪،‬‬
‫"اﻟﻤﺘﻔﺎوﺿﻮن اﻟﺠﯿﺪون ﻳﻮﻟﺪون ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻨﺤﻮ"( وﻋﺒﺎرﺗﻲ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺘﺎﻟﯿﺘﯿﻦ‪") :‬ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﺠﻤﯿﻊ أن ﻳﻐﯿﺮوا‬
‫ﺣﺘﻰ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﺘﻔﺎوض اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﺪﻳﮫﻢ"‪" ،‬ﻓﻲ‬
‫ﻤﺎ"(‪ .‬وﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪ ،‬وﺟﺪ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن أﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ زادت ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻟﺪى‬ ‫ﻤﺎ ﻋﻈﯿ ً‬‫ﻣﻌﻠ ً‬
‫اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت‪ ،‬ﺗﻜﻮن اﻟﺨﺒﺮة ُ‬
‫اﻟﻄﺎﻟﺐ‪ ،‬ﻛﺎن أداؤه أﻓﻀﻞ ﻓﻲ ﻣﮫﻤﺔ اﻟﺘﻔﺎوض‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ‪ ،‬ھﻞ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺗﺠﻌﻞ اﻷﺷﺨﺎص ﻳﺠﯿﺪون اﻟﻤﻀﻲ ﻓﻲ طﺮﻳﻘﮫﻢ ﻓﻘﻂ؟ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﻠﺰم اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت أن‬
‫ﻳﺘﻔﮫﻢ اﻟﺸﺨﺺ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻵﺧﺮﻳﻦ وﻳﺤﺎول ﺗﻠﺒﯿﺘﮫﺎ أﻳ ً‬
‫ﻀﺎ‪.‬‬
‫ﻣﺒﺪﺋﯿًّﺎ‪ ،‬ﺑﻨﮫﺎﻳﺔ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻔﺎوض ﻳﺸﻌﺮ اﻟﻄﺮﻓﺎن اﻟﻤﺘﻔﺎوﺿﺎن أﻧﻪ ﻗﺪ ﺗﻢ ﺗﻠﺒﯿﺔ اﺣﺘﯿﺎﺟﺎﺗﮫﻤﺎ‪ .‬ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻗﺎﻣﺖ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﮫﻤﺔ ﺗﻔﺎوض أﻛﺜﺮ ﺻﻌﻮﺑﺔ‪ ،‬اﺳﺘﻄﺎع اﻟﻤﺸﺎرﻛﻮن ذوو‬
‫ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو أن ﻳﺘﺞــاوزوا اﻹﺧﻒــاﻗﺎت اﻷوﻟﻲــة مــن خــﻻل إﻗﺎمــة اﺗﻒــاق ﻳﺘﻦــاول اﻟﻤﺺــاﻟﺢ‬
‫اﻟﺮﺋﯿﺲــﻳﺔ ﻟﻚــﻻ اﻟﻂــرﻓﯿﻦ‪ .‬وھﻚــذا‪ ،‬ﻻ ﻳﺤﻖــق ذوو ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو ﻧﺖــاﺋﺞ ﻣﺜﻢــرة لـھﻢ‬
‫وﺣﺪھﻢ‪ ،‬ﺑﻞ اﻷھﻢ ﻣﻦ ھﺬا‪ ،‬أﻧﮫﻢ ﻳﺼﻠﻮن إﻟﻰ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﻠﻮل اﻹﺑﺪاﻋﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮد ﺑﺎﻟﻨﻔﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﯿﻊ‪.‬‬
‫وﺑﺎﻟﻨﮫﺎﻳﺔ‪ ،‬ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺴﺎب ﺗﻌﻠﻢ أﻛﺒﺮ‪ .‬طﻼب ﻣﺎﺟﺴﺘﯿﺮ إدارة اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺬﻳﻦ أظﮫﺮوا ﺗﻤﺘﻌﮫﻢ‬
‫ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻲ أول ﻳﻮم ﻣﻦ دراﺳﺔ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺘﻔﺎوض‪،‬‬
‫ﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ درﺟﺎت أﻋﻠﻰ ﺑﻨﮫﺎﻳﺔ اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ﺑﻌﺪ أﺳﺎﺑﯿﻊ‪ .‬ﺗﻠﻚ اﻟﺪرﺟﺎت ﺗﺸﻤﻞ أداء اﻟﻄﻼب ﻓﻲ اﻟﻔﺮوض‬
‫اﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ‪ ،‬وﻧﻘﺎﺷﺎت اﻟﻔﺼﻞ‪ ،‬واﻟﻌﺮوض اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪﻣﻮﻧﮫﺎ داﺧﻞ‬
‫ﻤﺎ أﻋﻤﻖ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺘﻔﺎوض وﺗﻄﺒﯿﻘﮫﺎ‪.‬‬ ‫اﻟﻔﺼﻞ‪ ،‬وأظﮫﺮت ﻓﮫ ً‬

‫اﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﻤﺆﺳﺴﻲ‪ :‬ھﻞ ﺗﻜﻮن ﻟﺪى اﻟﺸﺨﺺ ﻣﮫﺎرات اﻹدارة ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة أو ﻳﻜﺘﺴﺒﮫﺎ؟‬
‫ﻳﺘﻢ إﻧﻔﺎق ﻣﻼﻳﯿﻦ اﻟﺪوﻻرات وﻗﻀﺎء آﻻف اﻟﺴﺎﻋﺎت ﺳﻨﻮﻳًّﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﻘﺎدة واﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﺪرﻳﺐ‬
‫ﻦ ﺟﺰًءا ﻛﺒﯿًﺮا ﻣﻦ‬
‫ﻣﻮظﻔﯿﮫﻢ وإﻋﻄﺎﺋﮫﻢ ﺗﻌﻠﯿﻘﺎت ﻣﻔﯿﺪة‪ .‬ﻟﻜ ﱠ‬
‫ھﺬا اﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻏﯿﺮ ﻓﻌﺎل‪ ،‬وﻳﻈﻞ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺎدة واﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ ﻣﺪرﺑﯿﻦ ﺿﻌﯿﻔﻲ اﻟﻘﺪرات‪ .‬ھﻞ ﻳﺮﺟﻊ ھﺬا إﻟﻰ أن‬
‫ھﺬه اﻟﻘﺪرات ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﺪرب ﻋﻠﯿﮫﺎ؟ ﻻ‪ ،‬ﻟﯿﺲ ھﺬا ھﻮ‬
‫اﻟﺴﺒﺐ‪ .‬ﻳﻠﻘﻲ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ أﺳﺒﺎب ﻓﺸﻞ اﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﻤﺆﺳﺴﻲ ﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﯿﺎن‪.‬‬
‫ﺗﺸﯿﺮ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ أﺟﺮاھﺎ "ﺑﯿﺘﺮ ھﯿﺴﻠﻦ" و "دون ﻓﺎﻧﺪوﻳﻞ" و "ﺟﺎري ﻻﺛﺎم" إﻟﻰ أن ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﻦ اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ ﻻ‬
‫ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﻟﺘﻐﯿﺮ اﻟﺸﺨﺼﻲ‪ .‬ھﺆﻻء اﻟﻤﺪﻳﺮون ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻓﻘﻂ ﻋﻦ اﻟﻤﻮھﺒﺔ اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ‪ -‬ﻳﺤﻜﻤﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻣﺆھﻠﻮن أو ﻏﯿﺮ ﻣﺆھﻠﯿﻦ‬
‫ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬وھﺬا ﻛﻞ ﺷﻲء‪ ،‬وﻳﻈﻨﻮن أن ھﺬا ﻻ ﻳﺘﻐﯿﺮ‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﺪرﻳﺒﺎت اﻹﻧﻤﺎﺋﯿﺔ اﻟﻘﻠﯿﻠﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻲء‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻄﻮر أداء اﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ‪ ،‬ﻻ ﻳﻠﻘﻲ اﻟﻤﺪﻳﺮون‬
‫ﺑﺎًﻻ ﻟﺬﻟﻚ وﻳﺒﻘﻮن ﻣﺘﻤﺴﻜﯿﻦ ﺑﺎﻧﻄﺒﺎﻋﮫﻢ اﻷول‪ .‬واﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ‬
‫م‬
‫ذلــك )ﻣﺚــل مــدﻳﺮي شــرﻛﺔ إنــرون(‪ ،‬أنـھﻢ ﻻ ﻳﻢـﻳﻠﻮن إلـى ﺗﻘﺐـل اﻟﻨﻖـد مـن ﻣﻮظﻔﻲـھﻢ‪ .‬ﻓﻞـ َ‬
‫ﻢ قـد ﻳﺘﻘﺒﻞـون‬‫ﻳﺘﻜﻠﻒـون ﻋﻦـاء تـدرﻳﺐ ﻣﻮظﻔﻲـھﻢ إن لـم ﻳﻚـوﻧﻮا سـﻳﺘﻐﯿﺮون؟ وﻟِ َ‬
 ‫ﺗﻌﻠﯿﻘﺎت ﻣﻮظﻔﯿﮫﻢ إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﮫﻢ اﻟﺘﻐﯿﺮ؟‬
‫أمــا اﻟﻢــدﻳﺮون ذوو ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو ﻓﯿﻌﺘﻖــدون أنــه مــن اﻟﺠﻲــد أن ﻳﺘﻤﺖــع اﻟﺶــﺧﺺ‬
‫ﻣﺎ ﺑﺘﻄﻮيـر ﻣﻮظﻔﻲـھﻢ‬ ‫ﺑﺎﻟﻤﻮھﺐــة‪،‬ﻟﻜﻦ هــذه ﻣﺞــرد ﻧﻘﻂــة بــداﻳﺔ‪ .‬هــؤﻻء اﻟﻢــدﻳﺮون أﻛﺚـر الـﺗﺰا ً‬
‫وﺗﻄﻮﻳﺮ أﻧﻔﺴﮫﻢ؛ ﻳﮫﺘﻤﻮن ﻛﺜﯿًﺮا ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺒﺎت اﻹﻧﻤﺎﺋﯿﺔ وﻳﻼﺣﻈﻮن اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ أداء ﻣﻮظﻔﯿﮫﻢ وﻳﺮﺣﺒﻮن ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ‬
‫اﻟﺬي ﻳﻮﺟﮫﻪ اﻟﻤﻮظﻔﻮن‪.‬‬
‫اﻷمــر اﻷﻛﺚــر إثــارة أن ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢـو ﻳﻤﻚـن تـدرﻳﺐ اﻟﻢـدﻳﺮﻳﻦ ﻋﻠﻲـھﺎ‪ .‬ﻋﻖـد "ھﯿﺲـﻟﻦ" وزمـﻻؤه‬
‫ورشـة ﻋﻢـل ﻟﻔﺖـرة ﻗﺺـﻳﺮة ﺗﻖـوم ﻋﻞـى ﻣﺐـادئ ﻧﻔﺲـﻳﺔ راسـﺧﺔ‪) .‬ﺑﺎﻟﻤﻨﺎسـﺑﺔ‪ ،‬مـن‬
‫ﺧﻼل ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﺪﻳﻼت‪ ،‬ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺨﺪاﻣﮫﺎ ﺑﺴﮫﻮﻟﺔ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻟﺪى اﻟﻤﺪرﺳﯿﻦ أو اﻟﻤﺪرﺑﯿﻦ(‪ .‬ﺗﺒﺪأ‬
‫ورﺷﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻔﯿﺪﻳﻮ وﻣﻘﺎل ﻋﻠﻤﻲ ﻋﻦ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﻤﺦ ﻓﻲ‬
‫ﻤﺎ ﻣﺎ‬
‫أﺛﻨﺎء اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻓﻲ ورﺷﺔ ﻋﻤﻞ "ﻋﻠﻢ اﻟﺪﻣﺎغ" اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﻨﺎھﺎ )اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻣﻦ(‪ ،‬داﺋ ً‬
‫ﻳﻨﺠﺬب اﻟﻨﺎس إﻟﻰ ﻓﮫﻢ طﺮﻳﻘﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﻤﺦ وﻛﯿﻒ ﻳﺘﻐﯿﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻢ‪ .‬وﻳﻤﻀﻲ اﻟﻤﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻣﺪى إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ ﺣﺪوث اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ طﻮال اﻟﺤﯿﺎة‪ ،‬وأن ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻟﻨﺎس ﺗﻨﻤﯿﺔ‬
‫ﻗﺪراﺗﮫﻢ ﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻟﻤﮫﺎم ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺪرﻳﺐ واﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ‪ ،‬ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ‪ ،‬ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺠﺪوا اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻟﻮظﯿﻔﺔ ﻣﺎ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ‬
‫ﻣﺎ ﻻ ﻳﻈﮫﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة‪ .‬ﻣﻊ ذﻟﻚ‪ ،‬اﻟﺘﺪرﻳﺐ واﻟﺨﺒﺮة ﻛﺜﯿًﺮا‬ ‫ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻣﺎ ﻳﺤﻔﺰان اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﻘﯿﺎم ﺑﺄداء ﻧﺎﺟﺢ وﻳﻨﻤﯿﺎﻧﮫﺎ‪.‬‬
‫ثــم ﺗﺠﻊــل ورشــة اﻟﻌﻢــل اﻟﻢــدﻳﺮﻳﻦ ﻳﻢــرون ﺑﺲــﻟﺴﻠﺔ مــن اﻟﺖــدرﻳﺒﺎت اﻟﺖــي مــن ﺧﻼلــھﺎ‪ :‬أ(‬
‫ﻳﻔﻚــرون فــي أھﻤﻲــة إدراك أن اﻟﻦــاس ﻳﻤﻜﻦـھﻢ ﺗﻨﻤﻲـة قـدراﺗﮫﻢ‪ ،‬ب( ﻳﻔﻚـرون فـي‬
‫اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪراﺗﮫﻢ ﺿﻌﯿﻔﺔ ﺑﮫﺎ وأﺻﺒﺤﻮا ﻳﻘﻮﻣﻮن ﻓﯿﮫﺎ ﺑﺄداء ﺟﯿﺪ‪ ،‬ج( ﻳﻜﺘﺒﻮن إﻟﻰ ﻣﺒﺘﺪئ ﻣﻜﺎﻓﺢ ﻋﻦ‬
‫ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﻨﻤﯿﺔ ﻗﺪراﺗﻪ‪ ،‬د( ﻳﺘﺬﻛﺮون اﻟﻤﺮات اﻟﺘﻲ رأوا ﻓﯿﮫﺎ‬
‫ﺻﺎ ﻣﺜﻠﮫﻢ ﻗﺪ ﻳﺘﻤﻜﻨﻮن ﻣﻦ ﻓﻌﻠﮫﺎ‪ .‬وﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﺎﻟﺔ‪،‬‬ ‫ﺳﺎ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮن ﻓﻌﻞ أﺷﯿﺎء ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻟﯿﺘﺨﯿﻠﻮا أن أﺷﺨﺎ ً‬ ‫أﻧﺎ ً‬
‫ﻳﺘﺄﻣﻠﻮن أﺳﺒﺎب ﺣﺪوث اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ وطﺮﻳﻘﺔ ﺣﺪوﺛﻪ‪.‬‬
‫ﺑﻊــد اﻧﺖــھﺎء ورشـة اﻟﻌﻢـل‪ ،‬كـان ھﻦـاك ﺗﻎـﻳﺮ عـاﺟﻞ فـي مـدى اسـﺗﻌﺪاد اﻟﻢـدﻳﺮﻳﻦ اﻟﻤﺶـارﻛﯿﻦ‬
‫ﻟﻤﻼﺣﻆـة اﻟﺘﻂـور فـي أداء اﻟﻤﻮظﻒـﻳﻦ‪ ،‬ومـدى ﺗﺮﺣﯿﺐـھﻢ ﺑﺖـدرﻳﺐ اﻟﻢـوظﻒ ضـﻋﯿﻒ‬
‫اﻷداء‪ ،‬وﻓﻲ ﻛﻤﯿﺔ اﻗﺘﺮاﺣﺎﺗﮫﻢ ﺑﺸﺄن اﻟﺘﺪرﻳﺐ وﺟﻮدﺗﮫﺎ‪ .‬واﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ھﺬا‪ ،‬أن ھﺬه اﻟﺘﻐﯿﺮات اﺳﺘﻤﺮت ﺧﻼل ﺳﺘﺔ‬
‫أﺳﺎﺑﯿﻊ‪ ،‬وھﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺖ ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﮫﻢ ﻓﯿﮫﺎ‪.‬‬
‫ﺔ ﺛﻢ ﻧﺘﺮﻛﮫﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮن ﻣﺎ‬ ‫ﻣﺎذا ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا؟ أوًﻻ‪ :‬ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا أن رھﺎﻧﻨﺎ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﯿﺲ أن ﻧﻮظﻒ أﻛﺜﺮ اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ ﻣﻮھﺒ ً‬
‫ﻳﺸﺎءون‪ ،‬ﺑﻞ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻧﻔﻌﻠﻪ أن ﻧﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ‬
‫ﻋﺎ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﯿﻢ واﻟﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬ﺗﻘﺒًﻼ ﻹﻋﻄﺎء اﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎت وﺗﻠﻘﯿﮫﺎ‪ ،‬وﻗﺪرة ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ :‬اﺳﺘﻤﺘﺎ ً‬
‫ﻣﻮاﺟﮫﺔ اﻟﻌﻘﺒﺎت واﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﯿﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻀﺎ أﻧﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﺪرﻳﺐ اﻟﻘﺎدة واﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ واﻟﻤﻮظﻔﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﻟﺘﻄﻮر‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ‬ ‫ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا أﻳ ً‬
‫ﺗﺪرﻳﺒﮫﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺻﻔﺎت اﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻟﺘﻮﺟﯿﻪ اﻟﻔﻌﺎل‪ .‬ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ‪،‬‬
‫ورﺷﺔ ﻋﻤﻞ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﺧﻄﻮة أوﻟﻰ ﺟﯿﺪة ﻓﻲ أي ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺗﺪرﻳﺒﻲ ﻣﮫﻢ‪.‬‬
‫وأﺧﯿًﺮا‪ ،‬ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا إﻧﺸﺎء ﺑﯿﺌﺔ ذات ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻨﺎس اﻻزدھﺎر ﻓﯿﮫﺎ‪ .‬ﻳﺘﻀﻤﻦ ھﺬا‪:‬‬
‫‪ • -‬ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻤﮫﺎرات ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرھﺎ أﻣﻮًرا ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻌﻠﻤﮫﺎ‪.‬‬
‫‪ • -‬اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺗﻘﺪر اﻟﺘﻌﻠﻢ واﻟﻤﺜﺎﺑﺮة‪ ،‬ﻻ اﻟﻤﻮاھﺐ واﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ﻓﻘﻂ‪.‬‬
‫‪ • -‬إﻋﻄﺎء اﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎت ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺪﻋﻢ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻌﻠﻢ واﻟﻨﺠﺎح اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻲ‪.‬‬
‫‪ • -‬ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ ﻛﻤﺼﺎدر ﻟﻠﺘﻌﻠﻢ‪.‬‬
‫ﺑﺪون وﺟﻮد إﻳﻤﺎن ﺑﺎﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﻤﺆﺳﺴﯿﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺠﺮد ﺗﺪرﻳﺒﺎت ذات‬
‫ﻓﺎﺋﺪة ﻣﺤﺪودة‪ .‬وﺑﺎﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺗﻀﻔﻲ ھﺬه‬
‫اﻟﺒﺮاﻣﺞ ﻣﻌﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻄﻠﺢ "اﻟﻤﻮارد اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ"‪ ،‬وﺗﺼﺒﺢ وﺳﯿﻠﺔ ﻹظﮫﺎر إﻣﻜﺎﻧﺎت ھﺎﺋﻠﺔ‪.‬‬

‫ھﻞ ﻳﻜﻮن اﻟﺸﺨﺺ ﻗﺎﺋًﺪا ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة أو ﻳﻜﺘﺴﺐ ﻣﮫﺎرات اﻟﻘﯿﺎدة؟‬

‫ﻌﺎ ﻋﻞـى‬‫ﻋﻦــدﻣﺎ أجــرى "واريــن بــﻳﻨﯿﺲ" ﻟﻖــاءات مــع قــادة ﻋﻈﻢــاء‪ ،‬ﻋﻞـق قـاﺋًﻼ‪" :‬اﺗﻔﻖـوا ﺟﻢـﻳ ً‬
‫أن اﻟﻖـادة ﻳﺖـم صـﻧﻌﮫﻢ‪ ،‬وﻻ ﻳﻮلـد اﻷشـﺧﺎص ﻓﻂـرﻳًّﺎ ﺑﻢـھﺎرات اﻟﻘﻲـادة‪ ،‬بـل‬
‫ً‬
‫ﻳﺼﻨﻊ اﻟﻘﺎدة أﻧﻔﺴﮫﻢ ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ أي وﺳﯿﻠﺔ ﺧﺎرﺟﯿﺔ"‪ .‬وﻳﺘﻔﻖ ﻣﻌﮫﻢ "ﺑﯿﻨﯿﺲ" ﻗﺎﺋﻼ‪" :‬أؤﻣﻦ ﺑﺄن‬
‫اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻷﻋﻤﺎر واﻟﻈﺮوف ﻗﺎدرون ﻋﻠﻰ ﺗﻐﯿﯿﺮ‬
‫أﻧﻔﺲــھﻢ"‪ .‬ﻻ ﻳﻌﻦــي هــذا أن اﻟﺠﻢــﻳﻊ سـﻳﺼﺒﺤﻮن قـادة ‪ .‬ﻟﻸسـف‪ ،‬أﻏﻞـب اﻟﻢـدﻳﺮﻳﻦ واﻟﺮؤسـاء‬
‫اﻟﺘﻨﻔﻲـذﻳﯿﻦ ﻳﺺـﺑﺤﻮن رؤسـاء ﻻ قـادة‪ .‬إنـھﻢ ﻳﺲـﺗﺨﺪﻣﻮن ﻧﻒـوذھﻢ بـدًﻻ مـن‬
‫ﺗﻐﯿﯿﺮ أﻧﻔﺴﮫﻢ وﻣﻮظﻔﯿﮫﻢ وﻣﺆﺳﺴﺎﺗﮫﻢ‪.‬‬
‫وﻣﺎ ﺳﺒﺐ ذﻟﻚ؟ أﺷﺎر "ﺟﻮن زﻳﻨﺠﺮ" و "ﺟﻮزﻳﻒ ﻓﻮﻟﻜﻤﺎن" إﻟﻰ أن أﻏﻠﺐ اﻟﻨﺎس ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺼﺒﺤﻮن ﻣﺪﻳﺮﻳﻦ ﻷول‬
‫ﻣﺮة‪ ،‬ﻳﺪﺧﻠﻮن ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﺑﮫﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ .‬ﻳﺤﺼﻠﻮن‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺪرﻳﺐ واﻟﻤﺮان‪ ،‬وﻳﺘﻘﺒﻠﻮن اﻷﻓﻜﺎر‪ ،‬وﻳﻔﻜﺮون ﻟﻤﺪة طﻮﻳﻠﺔ وﺑﺠﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻤﮫﺎﻣﮫﻢ؛‬
‫ﻳﺴﻌﻮن إﻟﻰ اﻟﺘﻄﻮر‪ .‬وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ أن ﻳﺘﻌﻠﻤﻮا اﻷﺳﺎﺳﯿﺎت‬
 ‫ﻳﺖــوﻗﻔﻮن عــن ﻣﺤﺎولــة اﻟﺘﻂــور‪ .‬ﻳﺐــدو لــھﻢ أن اﻷمــر بــه اﻟﻜﺚــﻳﺮ مــن اﻹزعـاج‪ ،‬أو أنـھﻢ ﻻ‬
‫يـرون إلـى أيـن سـﻳﺆدي بـھﻢ اﻟﺘﻂـور‪ .‬ﻳﻚـوﻧﻮن ﻣﻜﺘﻒـﻳﻦ بـأداء مـھﺎﻣﮫﻢ بـدًﻻ مـن أن‬
‫ﻳﺠﻌﻠﻮا أﻧﻔﺴﮫﻢ ﻗﺎدة‪.‬‬
‫أو‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﺸﯿﺮ "ﻣﻮرﺟﺎن ﻣﺎﻛﻮل"‪ ،‬إن اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻤﻮاھﺐ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ وﻻ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﺷﺨﺎص‬
‫ﻟﺪﻳﮫﻢ إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﻄﻮر‪ .‬ﻻ ﺗﺨﺴﺮ ھﺬه اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻖــــادة اﻟﻤﺤﺘﻤﻞــــﻳﻦ ﻓﻖــط‪ ،‬بــل إن إﻳﻤﺎنــھﻢ ﺑﺎﻟﻤﻮھﺐــة اﻟﻔﻄﺮيــة قــد ﻳﻘﺾــي بــاﻟﻔﻌﻞ‬
‫ﻋﻞــى اﻷشــﺧﺎص الــذﻳﻦ ﻳﻌﺘﻖــدون أن لــدﻳﮫﻢ اﻟﻤﻮھﺐــة واﻟﻖــدرة اﻟﻔﻄﺮيــة‪ ،‬لــﻳﺤﻮﻟﻮھﻢ إلــى‬
‫أﺷﺨﺎص ﻣﺘﻐﻄﺮﺳﯿﻦ وﻋﺪاﺋﯿﯿﻦ وﻻ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮن‪ .‬اﻟﺪرس اﻟﺬي ﻧﺘﻌﻠﻤﻪ ھﻮ‪ :‬أﻧﺸﺊ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﻜﺎﻓﺊ اﻟﺸﺨﺺ‬
‫اﻟﺬي ﻳﻄﻮر ﻗﺪراﺗﻪ ‪ -‬وراﻗﺐ اﻟﻘﺎدة وھﻢ ﻳﻈﮫﺮون ﻣﻦ ﺑﯿﻨﮫﻢ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ ‪6‬‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺎت‪ :‬اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت ﻓﻲ اﻟﺤﺐ )أم ﻻ(‬
‫ھﻞ ﺻﺤﯿﺢ أن طﺮﻳﻖ اﻟﺤﺐ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻟﯿﺲ ﺳﮫًﻼ؟ ﺣﺴًﻨﺎ‪،‬اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ اﻟﺤﺐ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻟﯿﺲ ﻣﻤﮫًﺪا ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻣﺎ‬
‫ﻀﺎ‪ ،‬وﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ھﺬا اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻠﯿًﺌﺎ ﺑﺎﻹﺣﺒﺎطﺎت وﺟﺮاح‬ ‫أﻳ ً‬
‫اﻟﻘﻠﺐ‪ .‬ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻳﺴﻤﺤﻮن ﻟﮫﺬه اﻟﺘﺠﺎرب أن ﺗﺘﺮك آﺛﺎرھﺎ ﻋﻠﯿﮫﻢ وﺗﻤﻨﻌﮫﻢ ﻣﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻋﻼﻗﺎت ﺳﻌﯿﺪة ﻓﻲ‬
‫اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪ ،‬واﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ﻗﺎدرون ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎﻓﻲ وﻣﻮاﺻﻠﺔ‬
‫ف اﻟﻔﺮق اﺳﺘﻌﻨﺎ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﻟﻒ ﺷﺨﺺ وطﻠﺒﻨﺎ ﻣﻨﮫﻢ أن ﻳﺤﺪﺛﻮﻧﺎ ﻋﻦ ﻗﺼﺔ ﻣﺆﻟﻤﺔ‬ ‫ﺮ َ‬‫اﻟﺤﯿﺎة‪ .‬ﻣﺎ اﻟﻔﺮق ﺑﯿﻨﮫﻢ؟ ﻟَِﻨْﻌ ِ‬
‫ﺷﻌﺮوا ﻓﯿﮫﺎ ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻣﺮﻓﻮﺿﻮن‪.‬‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬وﻟﻢ أﻛﻦ أﻋﺮف أي ﺷﺨﺺ‪ ،‬وﺷﻌﺮت ﺑﺄﻧﻲ ﻻ أﻧﺘﻤﻲ‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ذھﺒﺖ إﻟﻰ ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﻷول ﻣﺮة‪ ،‬ﻛﻨﺖ وﺣﯿﺪة ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻗﺎ‪ .‬وﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﻋﺎم ﺣﺰﻳﻦ ﻗﺎﺑﻠﺖ‬ ‫إﻟﻰ ھﺬا اﻟﻤﻜﺎن إطﻼ ً‬
‫"جــاك"‪ .‬ســﻳﻜﻮن ﺗﻘﻠﻲــًﻻ مــن ﺣﻘﯿﻖــة مــا حــدث إذا ﻗﻞــت إﻧﻦـا ﺗﻮاﻓﻘﻦـا ﻋﻞـى اﻟﻒـور؛ ﻓﻖـد‬
‫شـﻋﺮﻧﺎ أن كـل واحـد ﻣﻦـا ﻳﻊـرف اﻵخـر ﻣﻦـذ زمـن ﺑﻌﻲـد‪ .‬لـم ﻳﻢـر وقـت طﻮيـل ﺣﺖـى‬
‫ﻌﺎ ﻋﺎﻣﯿﻦ ﻣﻦ‬ ‫ﻋﺸﻨﺎ ﻣ ً‬
‫ﻌﺎ‪ .‬ظﻨﻨﺖ أﻧﻨﻲ ﺳﺄﻗﻀﻲ ﺣﯿﺎﺗﻲ ﻛﻠﮫﺎ ﻣﻌﻪ وظﻦ ھﻮ اﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ‪ِ .‬‬ ‫ﺗﺰوﺟﻨﺎ وﻋﺸﻨﺎ ﻣ ً‬
‫اﻟﺴﻌﺎدة‪ ،‬ﺛﻢ ذات ﻳﻮم ﻋﺪت إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل ﻷﺟﺪ ورﻗﺔ ﺻﻐﯿﺮة‪،‬‬
‫ﻛﺘﺐ ﻓﯿﮫﺎ أن ﻋﻠﯿﻪ اﻟﺮﺣﯿﻞ‪ ،‬وأﻻ أﺣﺎول اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻮﻗﻌﮫﺎ وﻟﻮ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺣﺐ‪ ،‬وﻟﻢ أﺳﻤﻊ ﻋﻨﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى‪.‬‬
‫أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮن ﺟﺮس اﻟﮫﺎﺗﻒ أظﻦ أﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن‬
‫اﻟﻤﺘﺼﻞ‪.‬‬
‫ﺳﻤﻌﻨﺎ أﺷﻜﺎًﻻ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻘﺼﺔ ﻣﺮاًرا وﺗﻜﺮاًرا‪ ،‬اﻷﺷﺨﺎص ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻘﻠﯿﺎﺗﮫﻢ ﻳﺤﻜﻮن ﻗﺼ ً‬
‫ﺼﺎ‬
‫ﺟﺮح‪.‬‬ ‫ﻣﱠﺮ ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ ﺣﺐ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﺎ و ُ‬ ‫ﻛﺘﻠﻚ‪ ،‬اﻟﺠﻤﯿﻊ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ َ‬
‫اﻟﻔﺎرق ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﮫﻢ ‪ -‬اﻟﻔﺎرق اﻟﮫﺎﺋﻞ ‪ -‬ھﻮ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﻌﺎﻣﻠﮫﻢ ﻣﻊ اﻷﻣﺮ‪.‬‬
‫ﺑﻌﺪ أن ﺣﺪﺛﻮﻧﺎ ﻋﻦ ﻗﺼﺼﮫﻢ‪ ،‬ﺳﺄﻟﻨﺎھﻢ أﺳﺌﻠﺔ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﺜﻞ‪ :‬ﻣﺎذا ﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻚ؟ ﻛﯿﻒ ﺗﻌﺎﻣﻠﺖ ﻣﻊ‬
‫ھﺬا اﻷﻣﺮ؟ ﻣﺎ اﻟﺬي ﻛﻨﺖ ﺗﺄﻣﻠﻪ؟‬
‫اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺷﻌﺮوا ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻣﻨﺒﻮذون إﻟﻰ اﻷﺑﺪ‪ ،‬ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ﺗﻢ إطﻼق ﺣﻜﻢ ﻋﻠﯿﮫﻢ‬
‫ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻏﯿﺮ ﻣﺤﺒﻮﺑﯿﻦ! ﻓﻐﻀﺒﻮا‪.‬‬
 ‫ﻷن اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻻ ﺗﺠﻌﻠﮫﻢ ﻳﻔﻜﺮون ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻓﻲ ﻣﻦ ﺟﺮاﺣﮫﻢ‪ ،‬وﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻤﻨﻮﻧﻪ ھﻮ أن ﻳﺠﺮﺣﻮا اﻟﺸﺨﺺ‬
‫اﻟﺬي ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺟﺮﺣﮫﻢ‪ .‬ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻨﺎ "ﻟﯿﺪﻳﺎ" ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﻘﺼﺔ‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ وﻛﺎن ﻟﺪﻳﮫﺎ ﺷﻌﻮر داﺋﻢ ﺑﺎﻷﺳﻰ اﻟﺸﺪﻳﺪ‪" :‬أﺗﻤﻨﻰ ﻟﻮ أﻋﻮد إﻟﯿﻪ وأﺟﺮﺣﻪ ﺑﺄي طﺮﻳﻘﺔ‪ ،‬ﻟﻮ ﺳﻨﺤﺖ ﻟﻲ‬
‫اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻓﻘﻂ؛ ﻓﮫﻮ ﻳﺴﺘﺤﻖ ذﻟﻚ"‪.‬‬
‫ﺤﺎ‪ ،‬وھﻮ اﻻﻧﺘﻘﺎم‪ .‬أوﺿﺢ ھﺬا اﻷﻣﺮ رﺟﻞ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﻛﺎن اﻟﮫﺪف اﻷول ﻟﻸﺷﺨﺎص ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ واﺿ ً‬
‫ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬ﻟﻢ أﻋﺪ أﺷﻌﺮ ﺑﺄي أھﻤﯿﺔ ﻣﻨﺬ أن ﺗﺮﻛﺘﻨﻲ‪ .‬ﻻ ﻳﻤﺮ‬
‫ﻳﻮم إﻻ وأﻧﺎ أﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎم ﻣﻨﮫﺎ"‪ .‬ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺪراﺳﺔ‪ ،‬ﺳﺄﻟﺖ إﺣﺪى ﺻﺪﻳﻘﺎﺗﻲ ذات اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻋﻦ‬
‫ﻲ أن أﺧﺘﺎر ﺑﯿﻦ‬‫طﻼﻗﮫﺎ‪ ،‬وﻟﻦ أﻧﺴﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﺘﻪ‪" :‬إذا ﻛﺎن ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﺴﺎ"‪.‬‬ ‫ﺴﺎ‪ ،‬ﻓﺒﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﺳﺄﺧﺘﺎر أن ﻳﻜﻮن ھﻮ ﺑﺎﺋ ً‬ ‫أن أﻛﻮن ﺳﻌﯿﺪة أو أن ﻳﻜﻮن ھﻮ ﺑﺎﺋ ً‬
‫ﺼﺎ ذا ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ‪ -‬ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل إﻧﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻧﺘﻘﺎم‬ ‫ﺣﻠﻮ" ﻛﺎن ﺷﺨ ً‬ ‫ﻻﺑﺪ أن ﺻﺎﺣﺐ ﻋﺒﺎرة "اﻻﻧﺘﻘﺎم ُ‬
‫ﺳﺘﺴﺘﺮد ذاﺗﻚ ‪ -‬ﻷن اﻷﺷﺨﺎص ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻻ‬
‫ﻦ ردود أﻓﻌﺎﻟﮫﻢ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺘﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜﯿًﺮا‪.‬‬ ‫ﻜ ﱠ‬ ‫ﻳﻤﯿﻠﻮن ﻛﺜﯿًﺮا ﻟﻼﻧﺘﻘﺎم‪ .‬ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻗﺼﺼﮫﻢ ﻣﺆﻟﻤ ً‬
‫ﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬ﻟَ ِ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺬوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻛﺎن اﻷھﻢ ھﻮ أن ﻳﻔﮫﻤﻮا اﻷﻣﺮ وﻳﺴﺎﻣﺤﻮا وﻳﻮاﺻﻠﻮا اﻟﺤﯿﺎة‪ .‬ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﮫﻢ‬
‫ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﺄﻟﻤﻮن ﺑﻌﻤﻖ ﻣﻤﺎ ﺣﺪث‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮﻳﺪون أن‬
‫ﻳﺘﻌﻠﻤﻮا ﻣﻨﻪ‪ .‬ﻗﺎل أﺣﺪھﻢ‪" :‬ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ وﻣﺎ آﻟﺖ إﻟﯿﻪ ﻋﻠﻤﺘﻨﻲ أھﻤﯿﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ‪ ،‬ﻛﻨﺖ أﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﺤﺐ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ‬
‫اﻟﺼﻤﻮد أﻣﺎم اﻟﻜﺜﯿﺮ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻲ ﺑﺖ أﻋﻠﻢ أﻧﻪ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ‬
‫ﻛﺚــﻳﺮ مــن اﻟﻤﺲــاﻋﺪة"‪ .‬واســﺗﻜﻤﻞ هــذا اﻟﺮجــل حـدﻳﺜﻪ قـاﺋًﻼ‪" :‬ﻛﻢـا عـرﻓﺖ مـن سـﻳﻜﻮن اﻟﺶـﺧﺺ‬
‫اﻟﻤﻨﺎسـب لـي‪ ،‬أظـن أن كـل ﻋﻼقـة ﺗﺠﻌﻞـك ﺗﻊـرف اﻟﻤﺰيـد ﻋﻢـن سـﻳﻜﻮن هـو‬
‫اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻟﻚ"‪.‬‬
‫ھﻨﺎك ﺗﻌﺒﯿﺮ ﻓﺮﻧﺴﻲ ﻳﻘﻮل إﻧﻚ ﺣﯿﻦ ﺗﻔﮫﻢ ﺳﺘﺴﺎﻣﺢ‪ .‬ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻐﺮق ھﺬا وﻗًﺘﺎ طﻮﻳًﻼ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﺑﺪاﻳﺔ ﺟﯿﺪة‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﺷﺨﺎص ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻳﻜﻮن ھﺪﻓﮫﻢ‬
‫اﻷول هــو اﻟﻤﻐﻒــرة‪ ،‬قــاﻟﺖ ســﻳﺪة عــن هــذا اﻷمــر‪" :‬أنــا ﻟﺲــت ﻣﺜﺎﻟﻲــة وﻟﻜﻦـي أﻋﻞـم أن مـن أجـل‬
‫ي أن أسـاﻣﺢ وأﻧﺲـى‪ .‬ﻟﻖـد جـرﺣﻨﻲ وﻟﻚـن أمـاﻣﻲ ﺣﻲـاة ﻛﺎﻣﻞـة‬ ‫راحـة بـاﻟﻲ ﻋﻞـ ﱠ‬
‫ﻷﻋﯿﺸﮫﺎ‪ ،‬وﺳﺄﺧﺴﺮ اﻟﻜﺜﯿﺮ إذا ﻣﺎ ظﻠﻠﺖ أﻋﯿﺶ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﻗﻠﺖ ذات ﻳﻮم‪" :‬ﺣﻈ ًّﺎ ﺳﻌﯿًﺪا ﻟﻪ وﺣﻈ ًّﺎ‬
‫ﺳﻌﯿًﺪا ﻟﻲ""‪.‬‬
‫ﺣﻜﻢ ﻋﻠﯿﮫﻢ ﺑﺄﻻ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﺤﺒﻮﺑﯿﻦ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ؛ وﻟﺬﻟﻚ ﺣﺎوﻟﻮا‬ ‫وﻷﻧﮫﻢ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﺸﻌﺮوا ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻗﺪ ُ‬
‫ﺗﻌﻠﻢ ﺷﻲء ﻣﻔﯿﺪ ﻋﻦ أﻧﻔﺴﮫﻢ وﻋﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت‪ ،‬ﺷﻲء‬
‫ﻣﺎ وﻳﺘﻘﺒﻠﻮن ھﺬا اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪.‬‬ ‫ﻗﺪ ﻳﻔﯿﺪھﻢ ﻓﻲ ﺧﻮض ﺗﺠﺮﺑﺔ أﻓﻀﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪ ،‬وﻋﺮﻓﻮا ﻛﯿﻒ ﻳﻤﻀﻮن ﻗﺪ ً‬
‫ﺗﺠﺴﺪ اﺑﻨﺔ ﻋﻤﻲ "ﻛﺎﺛﻲ" ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬ﻣﻨﺬ ﻋﺪة ﺳﻨﻮات ﺗﺮﻛﮫﺎ زوﺟﮫﺎ ﺑﻌﺪ زواج دام ﻟﻤﺪة ﺛﻼث وﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ‪،‬‬
‫وازداد اﻟﻮﺿﻊ ﺳﻮًءا ﺑﻌﺪﻣﺎ أﺻﯿﺒﺖ ﺳﺎﻗﮫﺎ ﻓﻲ ﺣﺎدﺛﺔ‪.‬‬
‫ﻚ إذا ﻣﺎ ﺟﻠﺴﺖ ھﻨﺎ وﺷﻌﺮت‬ ‫ھِﻠ ُ‬‫سـأَ ْ‬
‫وذات ﻟﯿﻠﺔ ﺳﺒﺖ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﻠﺲ وﺣﯿﺪة ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺰل‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻨﻔﺴﮫﺎ‪َ " :‬‬
‫ﺑﺎﻷﺳﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ!" )رﺑﻤﺎ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ھﺬه اﻟﻌﺒﺎرة ﺷﻌﺎر‬
‫ﺖ إﻟﻰ ﺣﻔﻠﺔ )رﻏﻢ إﺻﺎﺑﺔ رﺟﻠﮫﺎ ورﻏﻢ ﻛﻞ ﺷﻲء( ﺣﯿﺚ ﻗﺎﺑﻠﺖ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي أﺻﺒﺢ زوﺟﮫﺎ‬ ‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ(؛ ﻓﺬھﺒَ ْ‬
‫ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ‪.‬‬
‫ﺗﺞــاوزت ﻋﺎﺋﻞــة "كــوﻧﺘﻮس" كــل اﻟﺢــدود؛ وصــﻟﺖ "نــﻳﻜﻮل كـوﻧﺘﻮس"‪ ،‬ﻣﺮتـدﻳﺔ ﻓﺲـﺗﺎن زﻓﺎفـھﺎ‬
‫الـراﺋﻊ‪ ،‬ﻣﺲـﺗﻘﻠﺔ سـﻳﺎرة روﻟﺰ رويـس إلـى دار اﻟﻌﺐـادة اﻟﺖـي سـُﻳﻌﻘﺪ ﻓﻲـھﺎ‬
‫ﻌْﻘَﺪ ﻳﻨﺘﻈﺮ أن ﻳﺆدي ﻣﺮاﺳﻢ اﻟﺰواج اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺤﻀﺮه ﻣﺌﺎت ﻣﻦ‬ ‫زواﺟﮫﺎ‪ .‬ﻛﺎن رﺟﻞ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺬي ﻳﺘﻮﻟﻰ اْﻟ َ‬
‫اﻷﺻﺪﻗﺎء واﻷﻗﺎرب ﻣﻦ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ .‬ﻛﺎن ﻛﻞ ﺷﻲء ﻳﺴﯿﺮ‬
‫ﻋﻠﻰ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن إﻟﻰ أن أﺗﻰ ﺻﺪﻳﻖ اﻟﻌﺮﻳﺲ وأﺧﺒﺮ "ﻧﯿﻜﻮل" أن اﻟﻌﺮﻳﺲ ﻟﻦ ﻳﺄﺗﻲ‪ .‬ھﻞ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ ﺗﺨﯿﻞ‬
‫اﻟﺼﺪﻣﺔ واﻷﻟﻢ؟‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﻜﺮوا ﻓﻲ أﻣﺮ ﻣﺌﺎت اﻟﻤﺪﻋﻮﻳﻦ‪ ،‬ﻗﺮرت اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ إﻗﺎﻣﺔ ﻣﺮاﺳﻢ اﻻﺳﺘﻘﺒﺎل وﺗﻨﺎول اﻟﻌﺸﺎء‪ .‬ﺛﻢ ﺗﺠﻤﻌﻮا ﺣﻮل‬
‫"ﻧﯿﻜﻮل" وﺳﺄﻟﻮھﺎ ﻋﻤﺎ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻔﻌﻠﻪ‪ .‬ﻓﻲ ﺗﺼﺮف ﻳﻨﻢ‬
‫ﻔﺎ وذھﺐــت إلــى‬ ‫عــن شــﺟﺎﻋﺔ ﻛﺐــﻳﺮة‪ ،‬بــدﻟﺖ ﻓﺲــﺗﺎن زﻓﺎفــھﺎ وارتــدت ﻓﺲــﺗﺎﻧًﺎ أســود ﻟﻂــﻳ ً‬
‫ﺣﻔﻞــة زﻓﺎفـھﺎ وﻏﻦـت‪ ،‬لـم ﻳﻚـن هـذا مـا ﺗﻤﻨﺖـه‪ ،‬وﻟﻚـن مـا ﻓﻌﻠﺖـه ﺟﻊـل ﻣﻦـھﺎ ﻣﺚـاًﻻ‬
‫ﻟﻠﺸﺠﺎﻋﺔ ﻓﻲ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم اﻟﻮطﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ "ﻧﯿﻜﻮل" ﻣﺜﻞ اﻟﻼﻋﺐ اﻟﺬي رﻛﺾ ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه‬
‫اﻟﺨﻄﺄ؛ ﻷن ھﺬا اﻟﺤﺪث ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ اﻻﻧﺘﻘﺎص ﻣﻦ ﻗﺪرھﺎ‪،‬‬
‫وﻟﻜﻨﻪ ﺟﻌﻠﮫﺎ ﺗﺰداد ﻗﺪًرا‪.‬‬
‫إﻧﻪ أﻣﺮ ﻣﺜﯿﺮ ﻟﻼھﺘﻤﺎم‪ .‬ظﻠﺖ "ﻧﯿﻜﻮل" ﺗﺘﺤﺪث ﻣﺮاًرا وﺗﻜﺮاًرا ﻋﻦ اﻷﻟﻢ واﻟﺼﺪﻣﺔ اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ اﻟﻨﺎﺗﺠﯿﻦ ﻋﻦ أن‬
‫ﻋﺮﻳﺴﮫﺎ ﺗﺮﻛﮫﺎ ﻓﻲ ﻟﯿﻠﺔ زﻓﺎﻓﮫﻤﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻛﻠﻤﺔ‬
‫"إھﺎﻧﺔ" ﻗﻂ‪ .‬ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺷﻌﺮت ﺑﺄﻧﮫﺎ ﻣﻨﺒﻮذة أو أن ﺑﮫﺎ ﻋﯿﺒًﺎ أو ﺑﻼ ﻗﯿﻤﺔ ‪ -‬أَي ﻟﻮ ﺷﻌﺮت ﺑﺎﻹھﺎﻧﺔ ‪ -‬ﻟﻜﺎﻧﺖ‬
‫ﺳﺘﮫﺮب وﺗﺨﺘﻔﻲ ﻋﻦ اﻷﻧﻈﺎر‪ .‬وﻟﻜﻦ ﺣﺰﻧﮫﺎ اﻟﺠﻤﯿﻞ ﺟﻌﻠﮫﺎ‬
‫ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ أن ﺗﺤﯿﻂ ﻧﻔﺴﮫﺎ ﺑﺤﺐ أﺻﺪﻗﺎﺋﮫﺎ وأﻗﺎرﺑﮫﺎ واﻟﺒﺪء ﻓﻲ اﻟﺸﻔﺎء‪.‬‬
‫ومــاذا حــدث ﻟﻠﻊــرﻳﺲ؟ عــرﻓﺖ ﻓﯿﻢـا ﺑﻊـد أنـه ذهـب وحـده فـي رﺣﻞـة شـھﺮ اﻟﻌﺲـل إلـى ﺟﺰيـرة‬
‫تـاھﯿﺘﻲ‪ .‬ومـاذا حـدث مـع "نـﻳﻜﻮل"؟ ﺑﻊـد عـاﻣﯿﻦ‪ ،‬ارتـدت اﻟﻔﺲـﺗﺎن ﻧﻔﺲـه‬
 ‫ﻌﺎ‪ .‬ھﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﺎﺋﻔﺔ؟ ﻻ‪ ،‬ﻗﺎﻟﺖ "ﻧﯿﻜﻮل"‪" :‬ﻛﻨﺖ أﻋﺮف أن‬ ‫وذھﺒﺖ إﻟﻰ دار اﻟﻌﺒﺎدة ﻧﻔﺴﮫﺎ‪ ،‬وﺗﺰوﺟﺖ رﺟًﻼ راﺋ ً‬
‫اﻟﻌﺮﻳﺲ ﺳﯿﻜﻮن ﻣﻮﺟﻮ ً‬
‫دا"‪.‬‬
‫ﺬ مـن جـرح وﻏﺾـب بـداﺧﻞ اﻷشـﺧﺎص‬ ‫ت فــي مــدى مــا ﻳﺘﺲــﺑﺐ ﻓﻲــه اﻟﺶــﻋﻮر ﺑِﺎلـﻧﱠْﺒ ِ‬ ‫إذا ﻓﻚــر َ‬
‫ذوي اﻟﻌﻘﻠﻲـة اﻟﺜﺎﺑﺖـة‪ ،‬ﻓﻞـن ﺗﻦـدھﺶ ﻋﻦـدﻣﺎ ﺗﻊـرف أن اﻷطﻒـال ذوي اﻟﻌﻘﻠﻲـة‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ھﻢ ﻣﻦ ﻳﻜﻮن رد ﻓﻌﻠﮫﻢ ﺗﺠﺎه اﻟﺘﻌﻨﯿﻒ واﻹھﺎﻧﺔ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﻘﺎم اﻟﻌﻨﯿﻒ‪ .‬ﺳﺄﻋﻮد ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ھﺬا‬
‫ﻓﻲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ‪.‬‬

‫اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺗﺨﺘﻠﻒ‬
‫ﻦ‪،‬‬
‫ﺤﺎﺗِﯿ َ‬
‫ﻓﻲ ﺑﺤﺜﻪ اﻟﺬي أﺟﺮاه ﻋﻦ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﻮھﻮﺑﯿﻦ‪ ،‬ﺗﺤﺪث "ﺑﻨﺠﺎﻣﯿﻦ ﺑﻠﻮم" ﻋﻦ ﻋﺎزﻓﻲ ﺑﯿﺎﻧﻮ‪ ،‬وﻧَ ﱠ‬
‫وﺳﺒﺎﺣﯿﻦ أوﻟﻤﺒﯿﯿﻦ‪ ،‬وﻻﻋﺒﻲ ﺗﻨﺲ‪ ،‬وﻋﻠﻤﺎء رﻳﺎﺿﯿﺎت‪ ،‬وﺑﺎﺣﺜﯿﻦ ﻓﻲ‬
‫ﻋﻞــم اﻷﻋﺺــاب‪ ،‬ولــم ﻳﺘﺢــدث عــن اﻷشــﺧﺎص اﻟﻤﻮھﻮبـﻳﻦ فـي اﻟﻌﻼقـات اﻟﺶـﺧﺼﯿﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦـه‬
‫ﺧﻂـط لـذﻟﻚ‪ .‬وﻋﻞـى أيـة حـال‪ ،‬فـھﻨﺎك اﻟﻊـدﻳﺪ مـن اﻟﻤﺞـاﻻت اﻟﺖـي ﺗﻠﻊـب ﻓﻲـھﺎ‬
‫ﻣﮫﺎرات اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ دوًرا رﺋﯿﺴﯿًّﺎ ‪ -‬ﻛﺎﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ وﻋﻠﻤﺎء اﻟﻨﻔﺲ واﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ واﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﯿﯿﻦ‪ .‬ورﻏﻢ‬
‫ﻣﺤﺎوﻻت "ﺑﻠﻮم" اﻟﺠﺎدة‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ أي طﺮﻳﻘﺔ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﯿﮫﺎ‬
‫ﻟﻘﯿﺎس اﻟﻘﺪرة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪.‬‬
‫ﺻﺎ ﻳﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﻤﮫﺎرات راﺋﻌﺔ‬ ‫ﻣﺎ أﻧﮫﺎ ﺗﻨﺪرج ﺗﺤﺖ ﻣﺴﻤﻰ اﻟﻘﺪرة‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺮى أﺷﺨﺎ ً‬ ‫ﻀﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﻣﺘﺄﻛﺪﻳﻦ ﺗﻤﺎ ً‬ ‫إﻧﻨﺎ أﻳ ً‬
‫ﻢ ﻣﻮھﻮﺑﯿﻦ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ‪،‬‬‫ھ ْ‬ ‫ﻌ ﱡ‬
‫ﺪ ُ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻻ ﻧَ ُ‬
‫ﺻﺎ ﻟﻄﻔﺎء أو ﺟﺬاﺑﯿﻦ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺮى ﻋﻼﻗﺔ زواج راﺋﻌﺔ ﻻ ﻧﻈﻦ أن ھﺬﻳﻦ اﻟﺸﺨﺼﯿﻦ ﻣﺬھﻼن ﻓﻲ‬ ‫ﻢ أﺷﺨﺎ ً‬ ‫ﺪ ُ‬
‫ھ ْ‬ ‫ﻌ ﱡ‬
‫ﺑﻞ ﻧَ ُ‬
‫ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت‪ ،‬ﺑﻞ ﻧﻘﻮل إﻧﮫﻤﺎ ﺷﺨﺼﺎن ﺟﯿﺪان أو أن‬
‫ﺑﯿﻨﮫﻤﺎ ﻛﯿﻤﯿﺎء‪ .‬ﻣﺎذا ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا؟‬
‫ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا أﻧﻨﺎ ﻛﻤﺠﺘﻤﻊ ﻻ ﻧﻔﮫﻢ ﻣﮫﺎرات ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت‪ ،‬رﻏﻢ أن ﻛﻞ ﺷﻲء ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﻚ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت‬
‫ﺑﯿﻦ اﻟﺒﺸﺮ؛ وﻟﮫﺬا ﺗﻄﺮق "داﻧﯿﺎل ﺟﻮﻟﻤﺎن" ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺬﻛﺎء‬
‫اﻟﻌﺎطﻔﻲ ‪ 1‬إﻟﻰ ھﺬا اﻷﻣﺮ اﻟﺪﻗﯿﻖ‪ .‬ﻳﻘﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ‪ :‬ھﻨﺎك ﻣﮫﺎرات اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ‪ -‬ﻋﺎطﻔﯿﺔ‪ ،‬وﻳﻤﻜﻨﻨﻲ إﺧﺒﺎرك ﺑﮫﺎ‪.‬‬
‫ُﺗﻀﯿﻒ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﺎن ُﺑﻌًﺪا آﺧﺮ‪ .‬ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﺎن ﻋﻠﻰ ﻓﮫﻢ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻋﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﻋﺪم ﺗﻌﻠﻤﮫﻢ اﻟﻤﮫﺎرات‬
‫اﻟﺘﻲ ھﻢ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﯿﮫﺎ أو ﻋﺪم اﺳﺘﺨﺪاﻣﮫﻢ ﻣﺎ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮن‬
‫ﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎس ﻳﺪﻓﻌﻮن ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت ﺟﺪﻳﺪة‬ ‫ﻣﻦ ﻣﮫﺎرات‪ .‬وﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ أﻳ ً‬
‫ﺑﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﻞ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ ھﺬا إﻻ ﻣﺎ ﻳﺴﺒﺐ ﻷﻧﻔﺴﮫﻢ‬
‫اﻟﻀﺮر‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺤﺐ ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻳﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻋﻨﯿﻔﺔ‪ .‬واﻷھﻢ ﻣﻦ‬
‫ﻛﻞ ھﺬا‪ ،‬أن ﻛﻠﺘﺎ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺴﺒﺐ‬
‫اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ إﻗﺎﻣﺔ ﻋﻼﻗﺎت داﺋﻤﺔ ﺳﻌﯿﺪة‪.‬‬

‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت ﺗﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺤﺐ‬

‫ﺣﺖــى اﻵن ﻋﺮﻓﻦــا أن اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة ﺗﻌﻦــي أن يــؤﻣﻦ اﻟﺶــﺧﺺ بــأن ســﻣﺎﺗﻪ اﻟﺶــﺧﺼﯿﺔ‬
‫ن فــي اﻟﻌﻼقــات أمـرﻳﻦ آخـرﻳﻦ يـدﺧﻼن فـي اﻟﻢـوﻗﻒ ‪ -‬اﻟﺶـرﻳﻚ واﻟﻌﻼقـة‬ ‫ﺛﺎﺑﺖــة‪ .‬ﻟﻚــ ﱠ‬
‫ﻧﻔﺲــھﺎ؛ ﻓﯿﺺـﺑﺢ اﻟﺶـﺧﺺ لـدﻳﻪ ﻋﻘﻠﻲـة ﺛﺎﺑﺖـة ﺑﺶـأن ﺛﻼثـة أمـور‪ ،‬ﻓﺘﻌﺘﻖـد بـأن ﺧﺺـاﺋﺼﻚ‬
‫ﺛﺎﺑﺖـة وﺧﺺـاﺋﺺ شـرﻳﻜﻚ ﺛﺎﺑﺖـة وﺧﺺـاﺋﺺ اﻟﻌﻼقـة ﺛﺎﺑﺖـة‪ ،‬أي أنـھﺎ إمـا ﺟﻲـدة‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬وﻣﻘﺪر ﻟﮫﺎ أن ﺗﺴﺘﻤﺮ أو ﻻ‪ .‬ﻛﻞ ھﺬه اﻷﺷﯿﺎء ﻋﺮﺿﺔ ﻹطﻼق اﻷﺣﻜﺎم‪.‬‬ ‫ﻣﺎ أو ﺳﯿﺌﺔ ﺗﻤﺎ ً‬ ‫ﺗﻤﺎ ً‬
‫أﻣﺎ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﺘﺮى أن ﻛﻞ ھﺬه اﻷﻣﻮر ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻄﻮﻳﺮھﺎ‪ .‬أﻧﺖ وﺷﺮﻳﻜﻚ واﻟﻌﻼﻗﺔ؛ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﻮر ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻨﻤﻮ واﻟﺘﻐﯿﺮ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﺗﺮى أن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻤﺜﺎﻟﯿﺔ ﺗﺤﺪث ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر وﺗﻈﻞ ﻣﺜﺎﻟﯿﺔ‪ ،‬وﻳﻜﻮن اﻟﺘﻮاﻓﻖ ﺑﯿﻦ‬
‫اﻟﺸﺨﺼﯿﻦ ﻣﻮﺟﻮ ً‬
‫دا ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام؛ ﻓﮫﻢ ﻳﺮون أن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻤﺜﺎﻟﯿﺔ‬
‫ﻣﻘﺪر ﻟﮫﺎ أن ﺗﺤﺪث‪ ،‬وﻣﻘﺪر ﻟﮫﺎ أن ﺗﻨﺘﮫﻲ ﻧﮫﺎﻳﺔ ﺳﻌﯿﺪة ﻛﺎﻟﻘﺼﺺ اﻟﺨﯿﺎﻟﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻳﺮيــد ﻛﺚــﻳﺮ مــن اﻟﻦــاس أن ﻳﺶــﻋﺮوا بــأن ﻋﻼﻗﺖــھﻢ مــن نــوع خـاص‪ ،‬وأنـھﺎ لـم ﺗﺢـدث مـن‬
‫ﻗﺒﻲـل اﻟﺺـدﻓﺔ‪ .‬كـل هـذا ﻳﺐـدو ﻻ بـأس بـه‪ ،‬ﻓﻢـا ﻣﺶـﻛﻠﺔ اﻟﻌﻘﻠﻲـة اﻟﺜﺎﺑﺖـة؟ ھﻦـاك‬
‫ﻣﺸﻜﻠﺘﺎن‪.‬‬

‫‪ .1‬إذا ﻛﺎن ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺒﺬل ﻣﺠﮫﻮًدا ﻹﻧﺠﺎﺣﮫﺎ‪ ،‬ﻓﻠﯿﺲ ﻣﻘﺪًر ا ﻟﮫﺎ اﻟﻨﺠﺎح‬
‫اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﻷوﻟﻰ أن اﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻳﺘﻮﻗﻌﻮن أن ﺗﺤﺪث اﻷﺷﯿﺎء ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﮫﺎ؛ ﻓﻼ ﻳﻔﻜﺮون‬
‫ﻓﻲ أن ﻋﻠﻰ طﺮﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﺑﻌﻀﮫﻤﺎ‬
‫ﻟﺤﻞ ﻣﺸﻜﻼﺗﮫﻤﺎ أو اﻛﺘﺴﺎب اﻟﻤﮫﺎرات اﻟﻼزﻣﺔ ﻹﻧﺠﺎح اﻟﻌﻼﻗﺔ‪ ،‬وﻳﻈﻨﻮن أن ھﺬا ﺳﯿﺤﺪث ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼل ﺣﺒﮫﻤﺎ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻓﻲ ﻗﺼﺔ اﻟﺠﻤﯿﻠﺔ اﻟﻨﺎﺋﻤﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫أﻓﺎﻗﺘﮫﺎ ﻗﺒﻠﺔ اﻷﻣﯿﺮ‪ ،‬وﻗﺼﺔ "ﺳﻨﺪرﻳﻼ" اﻟﺘﻲ ﺗﻐﯿﺮت ﺣﯿﺎﺗﮫﺎ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ﻓﺠﺄة ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻷﻣﯿﺮ‪.‬‬
‫أﺻﺪﻗﺎء "ﺷﺎرﻟﯿﻦ" أﺧﺒﺮوھﺎ ﻋﻦ "ﻣﺎﻛﺲ" ﻋﺎزف اﻟﻤﻮﺳﯿﻘﻰ اﻟﺬي ﺣﻀﺮ ﻣﺆﺧًﺮا إﻟﻰ اﻟﺒﻠﺪة‪ .‬ﻟﻘﺪ أﺗﻰ إﻟﻰ اﻟﺒﻠﺪة‬
‫ﻟﯿﻌﺰف ﻋﻠﻰ آﻟﺔ اﻟﺘﺸﯿﻠﻮ ﻣﻊ اﻷورﻛﺴﺘﺮا‪ .‬ﻓﻲ اﻟﻠﯿﻠﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪،‬‬
 ‫ذھﺒﺖ "ﺷﺎرﻟﯿﻦ" ﻟﻤﺸﺎھﺪة ﻋﺮض اﻷورﻛﺴﺘﺮا‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ذھﺒﺖ إﻟﻰ اﻟﻜﻮاﻟﯿﺲ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﮫﺎء اﻟﻌﺮض‪ ،‬ﻗﺎل ﻟﮫﺎ‬
‫"ﻣﺎﻛﺲ" "اﻟﻤﺮة اﻟﻘﺎدﻣﺔ‪ ،‬ﻟﻨﺠﻌﻞ ﻟﻘﺎءﻧﺎ أطﻮل"‪ .‬أﺧﺬھﺎ ﺳﺤﺮ‬
‫ذا ﺑﺴﺤﺮھﺎ وﻣﻈﮫﺮھﺎ اﻟﺠﺬاب‪ .‬وﻣﻊ ﻛﻞ ﻟﻘﺎء ﺑﯿﻨﮫﻤﺎ‪ ،‬ﻛﺎن اﻻﻧﺠﺬاب ﺑﯿﻨﮫﻤﺎ‬ ‫اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﯿﺔ‪ ،‬وﻛﺎن ھﻮ ﻣﺄﺧﻮ ً‬
‫ﻳﺰداد‪ .‬ﻛﺎن ﻳﺒﺪو ﻋﻠﯿﮫﻤﺎ أﻧﮫﻤﺎ ﻣﺘﻔﺎھﻤﺎن إﻟﻰ أﺑﻌﺪ‬
‫ﺣﺪ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺤﺒﺎن ﻧﻔﺲ اﻷﺷﯿﺎء ‪ -‬اﻟﻄﻌﺎم وﺗﺄﻣﻞ اﻷﺷﺨﺎص واﻟﺴﻔﺮ‪ .‬ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺘﺴﺎءﻻن‪ :‬ﻟﻤﺎذا ﻟﻢ أﻗﺎﺑﻠﻚ ﻓﻲ‬
‫وﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ ﻣﻦ ﺣﯿﺎﺗﻲ؟‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﺈن "ﻣﺎﻛﺲ" أﺻﺒﺢ ﻣﺘﻘﻠﺐ اﻟﻤﺰاج ﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ھﻲ طﺒﯿﻌﺘﻪ‬
‫اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻈﮫﺮ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ؛ ﻓﮫﻮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ ﻣﺰاج ﺳﯿﺊ‬
‫ﻳﺮﻳﺪ أن ُﻳﺘﺮك وﺣﺪه‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ "ﺷﺎرﻟﯿﻦ" ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻌﺮف ﻣﺎ ﻳﻀﺎﻳﻘﻪ وﻟﻜﻦ ھﺬا ﻛﺎن ﻳﺰﻋﺠﻪ؛ ﻓﻜﺎن ﻳﻘﻮل ﻟﮫﺎ‪:‬‬
‫"اﺗﺮﻛﯿﻨﻲ وﺣﺪي" ﻣﺮاًرا وﺗﻜﺮاًرا ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻨﯿﻒ‪ ،‬ﻟﻜﻦ "ﺷﺎرﻟﯿﻦ"‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﮫﺎ ﻣﻨﺒﻮذة‪.‬‬
‫ﻤﺎ ﻓﻲ أوﻗﺎت ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ؛ ﻓﺄﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻳﻜﻮﻧﺎن ﻣﺘﻔﻘﯿﻦ ﻋﻠﻰ أﻣﺮ‪ ،‬ﺛﻢ‬ ‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن ﺗﻘﻠﺒﺎﺗﻪ اﻟﻤﺰاﺟﯿﺔ ﻻ ﺗﺤﺪث داﺋ ً‬
‫ﻳﻈﮫﺮ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻘﻮم ﺑﮫﺬا اﻷﻣﺮ‪ ،‬أو أن ﻋﻠﯿﮫﺎ ﺗﺤﻤﻞ‬
‫ﺻﻤﺘﻪ اﻟﻤﺘﺠﮫﻢ طﻮال اﻟﻮﻗﺖ‪ .‬وإذا ﺣﺎوﻟﺖ أن ﺗﺒﺪأ ﻣﺤﺎدﺛﺔ ﻟﻄﯿﻔﺔ‪ ،‬ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﮫﺎ ﺧﺬﻟﺘﻪ وﻳﻘﻮل‪" :‬ﻛﻨﺖ أظﻦ أﻧﻚ‬
‫ﺗﻔﮫﻤﯿﻨﻨﻲ"‪.‬‬
‫وﻷن أﺻﺪﻗﺎءھﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮون ﻣﺪى اھﺘﻤﺎﻣﮫﻤﺎ ﺑﺒﻌﻀﮫﻤﺎ‪ ،‬ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺤﻤﺴﻮﻧﮫﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﻟﺤﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ‪.‬‬
‫وﻟﻜﻨﮫﻤﺎ ﺷﻌﺮا‪ ،‬ﺑﺤﺰن ﻋﻤﯿﻖ‪ ،‬أن ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻜﻠﯿﮫﻤﺎ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ ﺳﯿﻀﻄﺮان ﻟﺒﺬل ﺟﮫﺪ ﻹﻧﺠﺎﺣﮫﺎ‪ .‬ﺷﻌﺮا أﻧﮫﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻜﻠﯿﮫﻤﺎ‪ ،‬ﻟﻜﺎﻧﺎ‬
‫ﺳﯿﺴﺘﻄﯿﻌﺎن ﻓﮫﻢ اﺣﺘﯿﺎﺟﺎت ﺑﻌﻀﮫﻤﺎ وإﺷﺒﺎﻋﮫﺎ‪،‬‬
‫وھﻜﺬا ﺗﺒﺎﻋﺪا واﻓﺘﺮﻗﺎ‪.‬‬
‫فــي ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو‪ ،‬رﺑﻢــا ﻳﻆــل ھﻦــاك ﺣﻤﺎســة شــﻋﻠﺔ اﻟﻠﻖــاء اﻷول‪ ،‬ﻟﻚــن اﻷشــﺧﺎص ذوي‬
‫هـذه اﻟﻌﻘﻠﻲـة ﻻ ﻳﺖـوﻗﻌﻮن أمـوًرا ﺧﯿﺎﻟﻲـة؛ فـھﻢ يـؤﻣﻨﻮن بـأن اﻟﻌﻼقـة اﻟﻨﺎﺟﺢـة‬
‫اﻟﻤﺴﺘﻤﺮة ﺗﺄﺗﻲ ﺑﺒﺬل اﻟﺠﮫﺪ وﺗﺠﺎوز اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﺤﺘﻤﯿﺔ‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺬﻟﻚ‪ .‬ھﻞ ﺗﺘﺬﻛﺮ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﮫﺎ أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﻘﻮل إﻧﻚ إذا ﻛﻨﺖ ﺗﻤﺘﻠﻚ اﻟﻘﺪرة‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺒﺬل‬
‫ﺟﮫًﺪا؟ وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ‪ ،‬ﻳﻨﻄﺒﻖ ھﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺎت‪ :‬إذا ﻛﻨﺘﻤﺎ ﻣﺘﻮاﻓﻘﯿﻦ ﻓﺴﯿﺤﺪث ﻛﻞ ﺷﻲء‬
‫ﺑﺼﻮرة طﺒﯿﻌﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻣﺎ‪.‬‬
‫ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻛﻞ ﺧﺒﺮاء اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻣﻊ ھﺬا ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻳﻘﻮل "آرون ﺑﯿﻚ"‪ ،‬اﻟﺸﮫﯿﺮ ﺑﺨﺒﯿﺮ اﻟﺰواج‪ ،‬إن أﺣﺪ أﻛﺜﺮ اﻻﻋﺘﻘﺎدات اﻟﮫﺎدﻣﺔ ﻷي ﻋﻼﻗﺔ ھﻲ‪ :‬إذا ﻛﺎن ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺑﺬل‬
‫ﺟﮫﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ‪ ،‬ﻓﻼﺑﺪ أن ھﻨﺎك ﺧﻄﺒًﺎ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻨﺎ"‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮل "ﺟﻮن ﺟﻮﺗﻤﺎن"‪ ،‬اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻷﺳﺒﻖ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻌﻼﻗﺎت‪" :‬ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻛﻞ ﻋﻼﻗﺔ زواج ﺑﺬل ﺟﮫﺪ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ وﺟﻮدھﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎر اﻟﺼﺤﯿﺢ؛ ھﻨﺎك ﺗﺠﺎذب ﻣﺴﺘﻤﺮ ‪...‬‬
‫ﺮّﻗﻜﻤﺎ"‪.‬‬‫ﻌﺎ واﻟﻘﻮى اﻟﺘﻲ ﺗﻔ ِ‬ ‫ﺑﯿﻦ اﻟﻘﻮى اﻟﺘﻲ ُﺗﺒﻘﯿﻜﻤﺎ ﻣ ً‬
‫ﻛﻤﺎ ھﻲ اﻟﺤﺎل ﻣﻊ اﻹﻧﺠﺎز اﻟﺸﺨﺼﻲ‪ ،‬ھﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد ‪ -‬أن اﻟﻨﺠﺎح ﻳﺠﺐ أﻻ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ ‪ -‬ﻳﺴﻠﺐ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻨﺎس أھﻢ أﻣﺮ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﯿﻪ ﻟﯿﺠﻌﻠﻮا ﻋﻼﻗﺎﺗﮫﻢ ﺗﻨﺠﺢ‪.‬‬
‫رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ھﺬا ھﻮ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺟﻌﻞ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺳﻄﺤﯿﺔ؛ ﻷن اﻟﻨﺎس ﻳﻌﺘﻘﺪون أن ﺣﺐ ﺑﻌﻀﮫﻢ ﺑﻌ ً‬
‫ﻀﺎ‬
‫ﻳﻌﻨﻲ أن ﻟﯿﺲ ﻋﻠﯿﮫﻢ ﺗﻜﺒﺪ ﻋﻨﺎء ذﻟﻚ‪.‬‬

‫ﻗﺮاءة اﻟﻌﻘﻞ‬
‫ﺟﺰء ﻣﻦ ھﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد ذي اﻟﺠﮫﺪ اﻟﻤﻨﺨﻔﺾ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل إن أﺣﺪ طﺮﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن‬
‫ﻗﺎدًرا ﻋﻠﻰ ﻗﺮاءة أﻓﻜﺎر اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ‪ :‬ﻛﺄﻧﻨﺎ ﺷﺨﺺ واﺣﺪ‪.‬‬
‫ﻲ أن أﻋﺮف ﻣﺎ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﯿﻪ زوﺟﻲ وﻳﺸﻌﺮ ﺑﻪ‬ ‫زوﺟﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻌﺮف ﻣﺎ أﻓﻜﺮ ﻓﯿﻪ وأﺷﻌﺮ ﺑﻪ وأﺣﺘﺎج إﻟﯿﻪ وﻳﺠﺐ ﻋﻠ ﱠ‬
‫وﻳﺤﺘﺎج إﻟﯿﻪ‪ .‬وﻟﻜﻦ ھﺬا ﻣﺴﺘﺤﯿﻞ‪ ،‬ﻓﻘﺮاءة اﻟﻌﻘﻞ ﺑﺪًﻻ‬
‫ﻤﺎ إﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻋﻜﺴﯿﺔ‪.‬‬‫ﻣﻦ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺗﺆدي ﺣﺘ ً‬
‫ﻌﺎ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﮫﺮ‪ ،‬ﻗﺎل‬ ‫ﻳﺤﺪﺛﻨﺎ "إﻳﻼن ﺳﺎﻓﺎج"‪ ،‬اﻟﺨﺒﯿﺮ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ‪ ،‬ﻋﻦ "ﺗﻮم" و"ﻟﻮﺳﻲ"‪ .‬ﺑﻌﺪ أن ظﻼ ﻣ ً‬
‫"ﺗﻮم" لـ "ﻟﻮﺳﻲ" إن ھﻨﺎك ﻋﺪم ﺗﻮازن ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﮫﻤﺎ‪.‬‬
‫وﻷﻧﮫﺎ ﺗﻘﺮأ ﻋﻘﻠﻪ‪ ،‬رأت "ﻟﻮﺳﻲ" أن "ﺗﻮم" ﻳﻌﻨﻲ أن اھﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﻌﻼﻗﺘﮫﻤﺎ أﻗﻞ ﻣﻦ اھﺘﻤﺎﻣﮫﺎ ﺑﮫﺎ‪ .‬ﺷﻌﺮت‬
‫"ﻟﻮﺳﻲ" ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط وﺗﺴﺎءﻟﺖ ﻋﻤﺎ إذا ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫﺎ إﻧﮫﺎء اﻟﻌﻼﻗﺔ‬
‫ﻗﺐــل أن ﻳﻦــھﯿﮫﺎ هــو‪ .‬مــع ذلــك‪ ،‬ﺑﻊــد أن مـرت ﺑﺠﻠﺲـة ﻣﺲـاﻋﺪة ﻋﻼﺟﻲـة‪ ،‬ﺗﻤﻜﻦـت "ﻟﻮسـي" مـن‬
‫اﻛﺘﺶـاف مـا كـان ﻳﻌﻨﻲـه "تـوم"؛ ﻓﻖـد اﻛﺘﺶـﻓﺖ أن "تـوم" كـان ﻳﺲـﺗﺨﺪم‬
‫ﺤﺎ ﻣﻮﺳﯿﻘﯿًّﺎ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ أن ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ أﻣﻨﯿﺘﻪ ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ ﻋﻼﻗﺘﮫﻤﺎ واﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ ﻓﯿﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻣﺼﻄﻠ ً‬
‫ﻟﻘﺪ وﻗﻌﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺄزق ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ؛ ﺗﻘﺎﺑﻠﺖ أﻧﺎ وزوﺟﻲ ﻣﻨﺬ أﺷﮫﺮ ﻗﻠﯿﻠﺔ‪ ،‬وﻛﺎن ﻛﻞ ﺷﻲء ﻳﺴﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮام‪.‬‬
‫ﻌﺎ ﻓﻘﺎل ﻟﻲ‪" :‬أﺣﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ‬ ‫وذات ﻟﯿﻠﺔ‪ ،‬ﻛﻨﺎ ﻧﺠﻠﺲ ﻣ ً‬
‫ﺷﺎ‪ ،‬لــم أصــدق مــا ســﻣﻌﺘﻪ وﺗﺲــاءﻟﺖ ﻋﻢــا إذا ﻛﻦــت‬ ‫أﻛﺐــر"؛ ﻓﺄصــﺑﺢ كــل شــيء ﻣﺶــو ً‬
 ‫ﻣﺨﻄﺊــة ﺑﺶــأن هــذه اﻟﻌﻼقــة‪ .‬وفــي اﻟﻦــھﺎﻳﺔ اســﺗﺠﻤﻌﺖ شــﺟﺎﻋﺘﻲ وســأﻟﺘﻪ‪" :‬مــاذا‬
‫ﺗﻘﺼﺪ؟"‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪" :‬أرﻳﺪك أن ﺗﺘﻨﺤﻲ ﺟﺎﻧﺒًﺎ ﺣﺘﻰ أﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ أﻛﺒﺮ"‪ .‬أﻧﺎ ﺳﻌﯿﺪة ﻷﻧﻲ ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻋﻤﺎ ﻳﻌﻨﯿﻪ‪.‬‬

‫اﻟﺘﻮاﻓﻖ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء‬
‫ﻣﻦ اﻟﻐﺮﻳﺐ أن ﻳﺆﻣﻦ ﺷﺨﺺ ﺑﻘﺮاءة اﻟﻌﻘﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻄﻘﻲ أن ﺗﺪرك أن اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‬
‫ﻳﻌﺘﻘﺪون أن اﻟﺰوﺟﯿﻦ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﺸﺎرﻛﺎ ﻛﻞ آراﺋﮫﻤﺎ ‪.‬‬
‫وأﻧﻜﻤﺎ إذا ﻛﻨﺘﻤﺎ ﺗﻔﻌﻼن ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﺄﻧﺘﻤﺎ ﻟﺴﺘﻤﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻮاﺻﻞ؛ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻔﺘﺮض أن زوﺟﻚ ﻳﺮى‬
‫اﻷﻣﻮر ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮاھﺎ أﻧﺖ‪.‬‬
‫أﺟﺮى "راﻳﻤﻮﻧﺪ ﻧﻲ" وزﻣﻼؤه ﻣﻘﺎﺑﻼت ﻣﻊ أزواج وﻧﺎﻗﺸﻮا ﻣﻌﮫﻢ آراءھﻢ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺎﺗﮫﻢ‪ .‬ﺷﻌﺮ ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺑﺎﻟﺘﮫﺪﻳﺪ واﻟﻌﺪاء ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﺨﻼﻓﺎت‬
‫اﻟﺼﻐﯿﺮة ﻓﻲ رؤﻳﺘﮫﻢ ورؤﻳﺔ أزواﺟﮫﻢ ﻋﻦ ﻋﻼﻗﺘﮫﻢ‪ .‬ﻓﻤﺠﺮد اﻻﺧﺘﻼف اﻟﺒﺴﯿﻂ ﻳﻀﻌﻒ اﻋﺘﻘﺎدھﻢ أﻧﮫﻢ‬
‫ﻳﺘﺸﺎرﻛﻮن ﻛﻞ آراﺋﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺤﯿﻞ أن ﻳﺘﺸﺎرك زوﺟﺎن ﻛﻞ آراﺋﮫﻤﺎ وﺗﻮﻗﻌﺎﺗﮫﻤﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﻳﻔﺘﺮض ﺷﺨﺺ أن زوﺟﺘﻪ ﺳﺘﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ‬
‫اﻟﻌﻤﻞ وﺳﺘﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﺪﻋﻢ؛ وﻗﺪ ﻳﻔﺘﺮض آﺧﺮ أﻧﮫﺎ ﺳﺘﻜﻮن‬
‫ﻣﺼﺪًرا ﻟﻜﺴﺐ اﻟﺮزق ﻣﺴﺎوﻳًﺎ ﻟﻪ‪ .‬وﻗﺪ ﻳﻔﺘﺮض ﺷﺨﺺ أﻧﮫﻤﺎ ﺳﯿﻤﺘﻠﻜﺎن ﻣﻨﺰًﻻ ﻓﻲ اﻟﻀﻮاﺣﻲ‪ ،‬وﻗﺪ ﻳﻔﺘﺮض آﺧﺮ‬
‫أﻧﮫﻤﺎ ﺳﯿﻌﯿﺸﺎن ﻓﻲ ﻋﺶ ﺣﺐ ﻣﺘﺤﺮر‪.‬‬
‫ﻛﺎن "ﻣﺎﻳﻜﻞ" و"روﺑﻦ" ﻗﺪ اﻧﺘﮫﯿﺎ ﻟﻠﺘﻮ ﻣﻦ دراﺳﺘﮫﻤﺎ اﻟﺠﺎﻣﻌﯿﺔ وﻛﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ وﺷﻚ أن ﻳﺘﺰوﺟﺎ‪ .‬ﻛﺎن "ﻣﺎﻳﻜﻞ" ﻣﻦ‬
‫اﻟﻨﻮع اﻟﺬي ﻳﻮد أن ﻳﻌﯿﺶ ﻓﻲ ﻋﺶ اﻟﺤﺐ اﻟﻤﺘﺤﺮر‪ ،‬ﻓﺘﺼﻮر‬
‫ﻋﺎ بــاﻟﺤﯿﺎة اﻟﺶــﺑﺎﺑﯿﺔ اﻟﻌﺺــرﻳﺔ فــي ﺑﻞـدة جـرﻳﻨﺘﺶ‪.‬‬ ‫أنــھﻤﺎ ﺑﻊــد أن ﻳﺘﺰوجــا ســﻳﺴﺘﻤﺘﻌﺎن مــ ً‬
‫وھﻚـذا ﻋﻦـدﻣﺎ وجـد اﻟﺶـﻗﺔ اﻟﻤﺜﺎﻟﻲـة‪ ،‬ظـن أنـھﺎ سـﺗﺴﻌﺪ‪ .‬وﻋﻦـدﻣﺎ رأت "روبـن"‬
‫ﺟﻦ ﺟﻨﻮﻧﮫﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﻋﺎﺷﺖ طﻮال ﺣﯿﺎﺗﮫﺎ ﻓﻲ ﺷﻘﻖ ﺻﻐﯿﺮة ردﻳﺌﺔ‪ ،‬وھﺎ ھﻮ اﻷﻣﺮ ذاﺗﻪ ﻳﺤﺪث ﻣﺮة أﺧﺮى؛‬ ‫اﻟﺸﻘﺔ‪ُ ،‬‬
‫ﻓﺎﻟﻤﺘﺰوﺟﻮن ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﺮض أن ﻳﻌﯿﺸﻮا ﻓﻲ ﻣﻨﺎزل ﺟﻤﯿﻠﺔ‪،‬‬
‫وﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﮫﻢ ﺳﯿﺎرات ﺟﺪﻳﺪة أﻣﺎم ﻣﻨﺎزﻟﮫﻢ‪ .‬ﻛﻼھﻤﺎ ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺨﯿﺎﻧﺔ وﻟﻢ ﺗﺘﺤﺴﻦ اﻷﻣﻮر ﺑﯿﻨﮫﻤﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ‪.‬‬
‫دا ﺧﺎطًﺌﺎ أﻧﮫﻤﺎ ﻳﺘﻔﻘﺎن ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮق ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮫﻤﺎ وواﺟﺒﺎﺗﻪ‪ .‬اﻣﻸ اﻟﻔﺮاﻏﺎت اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬ ‫ﻗﺪ ﻳﻌﺘﻘﺪاﻷزواج اﻋﺘﻘﺎ ً‬
‫ي اﻟﺤﻖ ﻓﻲ __‪ ،‬وزوﺟﺘﻲ ﻋﻠﯿﮫﺎ واﺟﺐ أن __"‪.‬‬ ‫"ﻛﺰوج‪ ،‬ﻟﺪ ﱠ‬
‫ي اﻟﺤﻖ ﻓﻲ __‪ ،‬وزوﺟﻲ ﻋﻠﯿﻪ واﺟﺐ أن __"‪.‬‬ ‫"ﻛﺰوﺟﺔ‪ ،‬ﻟﺪ ﱠ‬
‫ﻻ ﺷﻲء ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺟﻌﻞ اﻟﺰوﺟﯿﻦ ﻏﺎﺿﺒﯿﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أن ﻳﺘﻢ اﻻﻋﺘﺪاء ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮﻗﮫﻤﺎ‪ .‬وﻻ ﺷﻲء ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺟﻌﻞ اﻟﺰوج‬
‫أﻛﺜﺮ ﻏﻀﺒًﺎ ﻣﻦ أن ﻳﺠﺪ اﻵﺧﺮ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺄن ﻟﻪ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ أﻣﺮ‬
‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﯿﺘﺨﯿﻞ ﺑﺄن ﻟﻪ اﻟﺤﻖ ﻓﯿﻪ‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮل "ﺟﻮن ﺟﻮﺗﻤﺎن"‪" :‬أﺟﺮﻳﺖ ﺣﻮارات ﻣﻊ رﺟﺎل ﻣﺘﺰوﺟﯿﻦ ﺣﺪﻳًﺜﺎ أﺧﺒﺮوﻧﻲ ﺑﻔﺨﺮ‪" :‬ﻟﻦ أﻏﺴﻞ اﻷطﺒﺎق‪،‬‬
‫ﻣﺴﺘﺤﯿﻞ؛ ﻓﺘﻠﻚ ﻣﮫﻤﺔ اﻟﻤﺮأة"‪ .‬وﺑﻌﺪ ﻋﺎﻣﯿﻦ ﺳﺄﻟﻨﻲ ھﺆﻻء‬
‫اﻟﺮﺟﺎل أﻧﻔﺴﮫﻢ‪" :‬ﻟﻤﺎذا ﻟﻢ ﻧﻌﺪ أﻧﺎ وزوﺟﺘﻲ ﻧﺤﺐ ﺑﻌﻀﻨﺎ؟""‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﺰوﺟﺎن ﻳﻤﻜﻨﮫﻤﺎ اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻋﺪ ﺗﻘﻠﯿﺪﻳﺔ؛ ﻓﮫﺬا ﻳﺮﺟﻊ إﻟﯿﮫﻤﺎ‪ .‬ﻟﻜﻦ ھﺬا ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻓﺘﺮاض أن ھﺬا ﺣﻖ‬
‫ﻣﻜﺘﺴﺐ‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺎﺑﻠﺖ "ﺟﺎﻧﯿﺖ" )اﻟﻤﺤﻠﻠﺔ اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ( و"ﻓﯿﻞ" )اﻟﻮﻛﯿﻞ اﻟﻌﻘﺎري(‪ ،‬ﻛﺎن"ﻓﯿﻞ" ﻗﺪ ﺣﺼﻞ ﻣﺆﺧًﺮا ﻋﻠﻰ ﺷﻘﺔ‬
‫ﺟﺪﻳﺪة وﻓﻜﺮ ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ ﺣﻔﻠﺔ ﻋﺸﺎء؛ اﺣﺘﻔﺎًﻻ ﺑﺸﺮاﺋﮫﺎ‪،‬‬
‫يــدﻋﻮ إﻟﻲــھﺎ ﺑﻊــض أصــدﻗﺎﺋﻪ‪ .‬وﻋﻦـدﻣﺎ قـاﻟﺖ "جـاﻧﯿﺖ"‪" :‬إذن ﻓﻠﻨﻔﻌﻞـھﺎ"‪ ،‬ﺗﺤﻢـس "ﻓﻲـل"‪ .‬كـاﻧﺖ‬
‫"جـاﻧﯿﺖ" ﺗﻘﺺـد اﻟﺘﺄﻛﻲـد ﻋﻞـى حـرف "ن" فـي ﻛﻠﻢـة "ﻓﻠﻨﻔﻌﻞـھﺎ"؛ ﻷنـھﺎ‬
‫ﻋﺎ‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬ﻷنــھﺎ كــاﻧﺖ ذات ﺧﺐــرة أﻛﺐــر فــي‬ ‫ﻀّﺮان ﻟﻠﺤﻔﻞــة مــ ً‬
‫ﺗﻘﺺــد أنــھﻤﺎ ســﻳﺤ ِ‬
‫اﻟﻄﺐــخ وإﻗﺎمــة اﻟﺤﻒــﻻت‪ ،‬قــاﻣﺖ بــأﻏﻠﺐ اﻟﺘﺤﺾـﻳﺮات‪ ،‬قـاﻣﺖ بـھﺎ ﺑﺲـﻋﺎدة‪ ،‬كـاﻧﺖ‬
‫ﺳﻌﯿﺪة ﻟﺮؤﻳﺘﻪ ﺳﻌﯿًﺪا ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ھﺬه اﻟﺤﻔﻠﺔ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﺑﺪأت اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺑﻌﺪ ﺣﻀﻮر اﻟﻀﯿﻮف؛ ﺣﻀﺮ "ﻓﯿﻞ" إﻟﻰ اﻟﺤﻔﻠﺔ‬
‫ﻛﺄﻧﻪ ﺿﯿﻒ‪ ،‬وﻛﺄن ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﺮض أن ﺗﺴﺘﻤﺮ "ﺟﺎﻧﯿﺖ" ﻓﻲ‬
‫اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻜﻞ اﻷﻣﻮر؛ ﻓﺸﻌﺮت "ﺟﺎﻧﯿﺖ" ﺑﺎﻟﻐﻀﺐ‪.‬‬
‫ﻀﺎ إﻟﻰ‬‫ﺳﺎ؛ ﻓﺬھﺒﺖ ھﻲ أﻳ ً‬ ‫ﻛﺎن اﻟﺘﺼﺮف اﻟﻨﺎﺿﺞ أن ﺗﺄﺧﺬه ﺟﺎﻧﺒًﺎ وﺗﺘﻨﺎﻗﺶ ﻣﻌﻪ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻗﺮرت أن ﺗﻠﻘﻨﻪ در ً‬
‫اﻟﺤﻔﻠﺔ ﻛﺄﻧﮫﺎ ﺿﯿﻔﺔ‪ .‬ﻣﻦ اﻟﺤﺴﻦ اﻟﺤﻆ أن إﻋﻄﺎء اﻷواﻣﺮ‬
‫واﻻﻧﺘﻘﺎم ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﺟﺰًءا ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎن اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺟﺰًءا ﻣﻨﮫﺎ‪ .‬وﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ‪ ،‬أﺻﺒﺤﺎ ﻳﺘﻨﺎﻗﺸﺎن ﺣﻮل اﻷﻣﻮر‬
‫ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ اﻓﺘﺮاﺿﮫﺎ‪.‬‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ُﻳﺒﺬل ﻓﯿﮫﺎ ﺟﮫﺪ ﻣﺤﻜﻮم ﻋﻠﯿﮫﺎ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ‪ ،‬وﻻ ﺗﻜﻮن ﻋﻼﻗﺎت راﺋﻌﺔ‪ .‬اﻷﻣﺮ ﻳﺴﺘﻠﺰم ﺑﺬل ﺟﮫﺪ ﺣﺘﻰ‬
‫ﻳﻘﯿﻢ اﻟﻄﺮﻓﺎن ﺗﻮاﺻًﻼ ﻓﻌﺎًﻻ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﻠﺰم ﺑﺬل ﺟﮫﺪ‬
‫ﺣﺖــى ﻳﺐــرز اﻟﻄﺮفــان آﻣﺎلــھﻤﺎ واﻋﺘﻘﺎداتــھﻤﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻒــة واﻟﺐــت ﻓﻲــھﺎ‪ .‬ﻻ ﻳﻌﻦــي هــذا عـدم‬
‫وجـود سـﻋﺎدة ﻣﺲـﺗﻤﺮة كـاﻟﻤﻮﺟﻮدة فـي اﻟﺤﻚـاﻳﺎت‪ ،‬بـل ﻳﻌﻦـي أن اﻟﻂـرﻓﯿﻦ قـد ﻋﻢـﻻ‬
‫ﺑﺴﻌﺎدة ﻋﻠﻰ إﻧﺠﺎح ﻋﻼﻗﺘﮫﻤﺎ‪.‬‬

‫‪ .2‬اﻟﻤﺸﻜﻼت ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻋﯿﻮب اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ‬

 ‫ﺛﺎﻧﻲ أﻛﺒﺮ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ھﻲ اﻻﻋﺘﻘﺎد أن اﻟﻤﺸﻜﻼت ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻮد ﻋﯿﻮب ﻋﻤﯿﻘﺔ اﻟﺠﺬور‪.‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ إﻧﺠﺎزات ﺑﺪون إﺧﻔﺎﻗﺎت‪ ،‬ﻻ ﻳﻮﺟﺪ‬
‫ﻋﻼﻗﺎت راﺋﻌﺔ ﺑﺪون أن ﺗﻤﺮ ﺑﺨﻼﻓﺎت وﻣﺸﻜﻼت‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺤﺪث اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻋﻦ ﺧﻼﻓﺎﺗﮫﻢ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن إﻟﻘﺎء اﻟﻠﻮم‪ .‬أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻳﻠﻮﻣﻮن أﻧﻔﺴﮫﻢ‬
‫وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻳﻠﻮﻣﻮن ﺷﺮﻳﻜﮫﻢ‪ ،‬وﻳﻠﻘﻮن اﻟﻠﻮم ﻋﻠﻰ‬
‫إﺣﺪى اﻟﺴﻤﺎت ‪ ،‬ﻋﯿﺐ ﺷﺨﺼﻲ‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﻨﺘﮫﻲ ﻋﻨﺪ ھﺬا اﻟﺤﺪ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻠﻘﻲ اﻟﻨﺎس اﻟﻠﻮم ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺼﯿﺔ ﺷﺮﻛﺎﺋﮫﻢ ﻛﺴﺒﺐ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻧﮫﻢ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﻐﻀﺐ واﻟﺠﻔﺎء ﺗﺠﺎھﮫﻢ‪.‬‬
‫وﻳﺆدي ھﺬا إﻟﻰ اﻋﺘﻘﺎدھﻢ أن اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ‪ -‬ﻷﻧﮫﺎ ﻧﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ‪ -‬ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﻠﮫﺎ‪.‬‬
‫وﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮى اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻋﯿﻮﺑًﺎ ﻓﻲ ﺷﺮﻛﺎﺋﮫﻢ‪ ،‬ﻳﺤﺘﻘﺮوﻧﮫﻢ وﻳﺼﺒﺤﻮن ﻏﯿﺮ راﺿﯿﻦ ﻋﻦ‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﮫﺎ‪) .‬وﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ‪ ،‬اﻷﺷﺨﺎص ذوو‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ رؤﻳﺔ ﻋﯿﻮب ﺷﺮﻛﺎﺋﮫﻢ‪ ،‬وﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻳﻌﺘﻘﺪون أن ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻋﻼﻗﺔ ﺟﯿﺪة(‪.‬‬
‫أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻳﻐﻤﺾ اﻷﺷﺨﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ أﻋﯿﻨﮫﻢ ﻋﻦ ﻋﯿﻮب ﺷﺮﻛﺎﺋﮫﻢ أو ﻣﺸﻜﻼت ﻋﻼﻗﺘﮫﻢ ﺣﺘﻰ ﻻ‬
‫ﻳﻀﻄﺮوا إﻟﻰ أن ﻳﺴﻠﻜﻮا ھﺬا اﻟﻄﺮﻳﻖ‪.‬‬
‫كــان اﻟﺠﻢــﻳﻊ ﻳﻈﻦــون أن "إﻳﻒــون" ﺗﻤﻲــل إلــى رجــل آخــر غــﻳﺮ زوجـھﺎ؛ كـاﻧﺖ ﺗﺘﻠﻖـى ﻣﻚـاﻟﻤﺎت‬
‫ﺗﻠﯿﻔﻮﻧﻲـة ﻏﺎﻣﺾـة‪ ،‬وﺗﺖـأﺧﺮ ﻋﻞـى ﻣﻮعـد إﺣﺾـار اﻷطﻒـال مـن اﻟﻤﺪرسـة‪ ،‬وزادت‬
‫"ﺧﺮوﺟﺎتــھﺎ اﻟﻤﺲــاﺋﯿﺔ مــع صــدﻳﻘﺎﺗﮫﺎ"‪ ،‬وﻛﺚــﻳًﺮا مــا ﻳﻚــون ذھﻦــھﺎ شــار ً‬
‫دا‪ .‬قــال زوجــھﺎ‬
‫"ﺗﺶــارﻟﻲ" إنــھﺎ ﺗﻢــر ﺑﻤﺮﺣﻞـة ﻣﺆﻗﺖـة فـي ﺣﯿﺎتـھﺎ ﻓﻖـط‪ ،‬وأكـد أن‪" :‬كـل اﻟﻨﺲـاء ﻳﻢـررن‬
‫ﺑﻤﺮﺣﻠﺔ ﻛﺘﻠﻚ‪ ،‬وﻻ ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا أن ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﮫﺎ رﺟًﻼ آﺧﺮ"‪.‬‬
‫ﺻﺪﻳﻖ "ﺗﺸﺎرﻟﻲ" اﻟﻤﻘﺮب ﺣﺜﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ ،‬وﻟﻜﻦ "ﺗﺸﺎرﻟﻲ" ﺷﻌﺮ ﺑﺄﻧﻪ إذا واﺟﻪ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ‪-‬‬
‫اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻠﺒﯿﺔ ‪ -‬ﻓﺴﺘﻨﮫﺎر ﺣﯿﺎﺗﻪ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻛﺎن‬
‫ﻋﻠﯿﻪ أن ﻳﻮاﺟﻪ أﻳًّﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪ (1) :‬اﻟﺴﯿﺪة اﻟﺘﻲ أﺣﺒﮫﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻣﺮأة ﺳﯿﺌﺔ‪ ،‬أو )‪ (2‬أﻧﻪ ﺷﺨﺺ ﺳﯿﺊ وھﻮ‬
‫ﻣﻦ دﻓﻌﮫﺎ ﺑﻌﯿًﺪا ﻋﻨﻪ‪ ،‬أو )‪ (3‬أن ﻋﻼﻗﺘﮫﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﯿﺌﺔ‬
‫وﻻ ﻳﻤﻜﻦ إﺻﻼﺣﮫﺎ‪.‬‬
‫لــم ﻳﻚــن ﺑﺈﻣﻜﺎنــه اﻟﺘﻊــاﻣﻞ مــع أي مــن هــذه اﻟﺨﻲــارات‪ .‬لــم ﻳﺨﻂــر ﺑﺒﺎلــه أن ھﻦــاك ﻣﺶــﻛﻼت‬
‫ﻳﻤﻚــن ﺣﻞــھﺎ‪ ،‬وأنــھﺎ كــاﻧﺖ بــھﺬا اﻟﻔﻊــل ﺗﺒﻊــث لــه ﺑﺮســاﻟﺔ وﺗﺮيــد ﺑﺶــدة أن‬
‫ﻣﺴﻠﱠﻢ ﺑﻪ‪ ،‬أﻧﺎ أﺣﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻻھﺘﻤﺎم‪.‬‬‫ﻳﺴﻤﻌﮫﺎ‪ :‬ﻻ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻲ وﻛﺄﻧﻨﻲ أﻣﺮ ُ‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺬوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﻻ ﻳﺮون أن ﻋﻠﯿﮫﻢ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﻣﻮاﺟﮫﺔ ﺷﺮﻳﻜﮫﻢ‪ ،‬ﺑﻞ ﻋﻠﯿﮫﻢ ﻣﻮاﺟﮫﺔ اﻟﻤﻮﻗﻒ؛‬
‫ﻓﯿﻤﻜﻨﮫﻢ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﯿﻤﺎ ﻳﺴﯿﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﻄﺄ‪ ،‬أو ﻗﺪ ﻳﻨﺎﻗﺸﻮن‬
‫اﻷﻣﺮ ﻣﻊ ﻣﺴﺘﺸﺎر ﻋﻼﻗﺎت‪ ،‬ﻻﺗﺨﺎذ ﻗﺮار ﻣﺴﺘﻨﯿﺮ ﺑﺸﺄن ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫﻢ أن ﻳﻔﻌﻠﻮه؛ ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ ھﻨﺎك ﻣﺸﻜﻼت‬
‫ﻳﻤﻜﻦ ﺣﻠﮫﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻻﺑﺪ أن ھﻨﺎك ﻓﺮﺻﺔ‪.‬‬

‫ﻛﻼھﻤﺎ ﺧﺎﺳﺮ‬
‫ﺟﻠﺴﺖ ﺻﺪﻳﻘﺎت "ﺑﯿﻨﯿﻠﻮﺑﻲ" ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺰل ﻣﺘﺬﻣﺮات ﻣﻦ ﻋﺪم وﺟﻮد رﺟﺎل ﺟﯿﺪﻳﻦ‪ ،‬وﺧﺮﺟﺖ "ﺑﯿﻨﯿﻠﻮﺑﻲ"‬
‫ﻌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺠﺐ ﺑﻪ ﺑﺸﺪة‬ ‫ووﺟﺪﺗﮫﻢ‪ .‬ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﺗﻘﺎﺑﻞ رﺟًﻼ راﺋ ً‬
‫وﺗﻘﻮل ﻷﺻﺪﻗﺎﺋﮫﺎ‪" :‬إﻧﻪ ھﻮ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ"‪ ،‬وﺗﺒﺪأ ﻓﻲ ﻗﺮاءة ﻣﺠﻼت اﻟﺰﻓﺎف وﺗﻜﺘﺐ ﻓﻌﻠﯿًّﺎ إﻋﻼﻧًﺎ ﻋﻦ ھﺬا‬
‫ﻓﻲ اﻟﺠﺮﻳﺪة اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ‪ .‬وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺼﺪﻗﻮﻧﮫﺎ ﻷﻧﻪ ﻳﻜﻮن رﺟًﻼ ﻟﻪ‬
‫اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﯿﺰات‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻳﺤﺪث ﺷﻲء ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ؛ ﻳﻨﺘﮫﻲ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﺣﺪھﻤﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﺪم ﻟﮫﺎ ھﺪﻳﺔ ﺳﯿﺌﺔ اﻟﺬوق ﻓﻲ ﻳﻮم‬
‫ﻣﯿﻼدھﺎ‪ ،‬واﻵﺧﺮ ﻳﻀﻊ اﻟﻜﺎﺗﺸﺐ ﻋﻠﻰ طﻌﺎﻣﻪ وأﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻳﺮﺗﺪي‬
‫حــذاًء أبــﻳﺾ‪ .‬ورجــل آخــر لــدﻳﻪ عــادات ســﻳﺌﺔ ﻓﯿﻢــا ﻳﺦــص اﻷجــھﺰة اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻲــة‪ :‬ﻣﺚــل أن‬
‫ﻳﻚــون لــدﻳﻪ ســﻟﻮﻛﯿﺎت ﺧﺎطﺊــة فــي اســﺗﺨﺪام الــھﺎﺗﻒ اﻟﻤﺤﻢــول‪ ،‬أو أنــه ﻳﺶـاھﺪ‬
‫اﻟﺘﻠﯿﻔﺰﻳﻮن أوﻗﺎﺗًﺎ طﻮﻳﻠﺔ‪ .‬ﺗﻠﻚ ﻣﺠﺮد أﻣﺜﻠﺔ ﻷﺳﺒﺎب "ﺑﯿﻨﯿﻠﻮﺑﻲ" ﻹﻧﮫﺎء ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺎت‪.‬‬
‫وﻷﻧﮫﺎ ﺗﻔﺘﺮض أن اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ أﻣﻮر ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻐﯿﯿﺮھﺎ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ "ﺑﯿﻨﯿﻠﻮﺑﻲ" ﺗﻘﺮر أﻧﮫﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﮫﺎ‬
‫اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﯿﻮب‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﯿﻮب ﻟﻢ ﺗﻜﻦ‬
‫ﻣﺸﻜﻼت ﻋﻤﯿﻘﺔ أو ﺧﻄﯿﺮة ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﻠﮫﺎ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺘﻮاﺻﻞ‪.‬‬
‫ﻣﱠﺮ ﻋﻠﻰ زواﺟﻲ أﻧﺎ وزوﺟﻲ ﻗﺮاﺑﺔ ﻋﺎم‪ ،‬وﻣﻊ اﻗﺘﺮاب ﻳﻮم ﻣﯿﻼدي أرﺳﻠﺖ إﻟﯿﻪ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ واﺿﺤﺔ‪" :‬أﻧﺎ ﻟﺴﺖ‬ ‫َ‬
‫ﻣﺎدﻳﺔ وﻟﻜﻨﻲ أﺣﺐ أن أﺗﻠﻘﻰ ھﺪﻳﺔ ﺟﯿﺪة"‪ .‬ﻓﻘﺎل‪" :‬أﻟﯿﺴﺖ‬
‫اﻟﻔﻜﺮة ھﻲ اﻷھﻢ؟"‪ ،‬ﻓﺄﺟﺒﺘﻪ‪" :‬ھﺬا ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ اﻟﻨﺎس ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﺮﻳﺪون ﺑﺬل اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ ھﺬا اﻷﻣﺮ"‪.‬‬
‫واﺳﺘﻜﻤﻠﺖ ﺣﺪﻳﺜﻲ‪" :‬ﻟﻤﺮة واﺣﺪة ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ﻳﺄﺗﻲ ﻳﻮم ﻣﯿﻼد ﻛﻞ ﻣﻨﺎ‪ .‬أﻧﺎ أﺣﺒﻚ وأﺧﻄﻂ ﻟﺒﺬل اﻟﻮﻗﺖ واﻟﺠﮫﺪ ﻓﻲ‬
‫اﺧﺘﯿﺎر ھﺪﻳﺔ ﻟﻚ‪ ،‬وأود أن ﺗﻔﻌﻞ ﻣﻦ أﺟﻠﻲ اﻷﻣﺮ ذاﺗﻪ‬
‫ﻀﺎ"‪ .‬وﻟﻢ ﻳﺨﺬﻟﻨﻲ ﻗﻂ‪.‬‬‫أﻳ ً‬
‫ﻛﺎﻧﺖ "ﺑﯿﻨﯿﻠﻮﺑﻲ" ﺗﻈﻦ أﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻷرض ﺷﺨﺺ ﻛﺎﻣﻞ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ‪ .‬ﻳﻘﻮل ﺧﺒﯿﺮ اﻟﻌﻼﻗﺎت‬
‫"داﻧﯿﺎل واﻳﻞ" إن اﺧﺘﯿﺎر ﺷﺮﻳﻚ ﺣﯿﺎة ھﻮ اﺧﺘﯿﺎر ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ‬
 ‫ﻣﺸﻜﻼت؛ إذ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺷﺨﺺ ﺑﻼ ﻣﺸﻜﻼت‪ .‬اﻟﻔﻜﺮة ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ اﻋﺘﺮاف ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﺑﺤﺪود اﻟﺸﺨﺺ اﻵﺧﺮ‬
‫ﻟﯿﻜﻮن ذﻟﻚ ﺑﺪاﻳﺔ ﻟﻠﺒﻨﺎء ﻋﻠﯿﮫﺎ‪.‬‬

‫اﻟﻌﯿﻮب ﺗﮫﺮب‬
‫"ﺑﺮﻳﻨﺪا" و"ﺟﺎك" ﻛﺎﻧﺎ ﻋﻤﯿﻠﯿﻦ ﻟﻌﯿﺎدة "داﻧﯿﺎل واﻳﻞ" اﻟﺬي ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ ﺑﮫﺬه اﻟﻘﺼﺔ‪ .‬ﻋﺎدت "ﺑﺮﻳﻨﺪا" ﻣﻦ ﻋﻤﻠﮫﺎ وأﺧﺒﺮت‬
‫"ﺟﺎك" ﺑﻘﺼﺔ طﻮﻳﻠﺔ ﺑﺘﻔﺎﺻﯿﻠﮫﺎ ﺑﻼ ھﺪف واﺿﺢ‪.‬‬
‫ﻛﺎن "ﺟﺎك" ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻤﻠﻞ اﻟﺸﺪﻳﺪ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﺣﺎول إﺧﻔﺎءه ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮن ﻣﮫﺬﺑًﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻦ "ﺑﯿﺮﻧﺪا" أدرﻛﺖ ﺷﻌﻮره‬
‫ﻣﺴﻠﯿﺔ أﻛﺜﺮ‪ ،‬ﺑﺪأت ﻓﻲ إﺧﺒﺎره‬ ‫اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ؛ وﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن ُ‬
‫ﺑﻘﺼﺔ طﻮﻳﻠﺔ أﺧﺮى ﻋﻦ ﻣﺸﺮوع ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ؛ ﻓﻜﺎن "ﺟﺎك" ﻋﻠﻰ وﺷﻚ اﻻﻧﻔﺠﺎر‪ .‬ﻛﺎﻧﺎ ﻳﻔﻜﺮان ﺣﻮل اﺧﺘﻼﻓﺎﺗﮫﻤﺎ‬
‫ﻌﺎ‪ ،‬وﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ "واﻳﻞ" ﻛﺎن‬ ‫ﺑﻐﯿﺮ أن ﻳﺘﺤﺪﺛﺎ ﻋﻨﮫﺎ ﻣ ً‬
‫ﻛﻼھﻤﺎ ﻳﻔﻜﺮ‪ " :‬ﺑﺮﻳﻨﺪا" ﻣﻤﻠﺔ و" ﺟﺎك" أﻧﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻋﻼﻗﺘﻨﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﺟﯿﺪة ‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﻛﺎن ﻣﻘﺼﺪ ﻛﻞ ﻣﻨﮫﻤﺎ طﯿﺒًﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﺧﺎﻓﺖ "ﺑﺮﻳﻨﺪا" ﻣﻦ أن ﺗﻘﻮل ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ إﻧﮫﺎ ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻌﻤﻞ‬
‫راﺋﻊ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺐ ذﻟﻚ اﻟﯿﻮم‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻟﻢ ﺗﺮد أن ﺗﺘﺼﺮف‬
‫ﺑﺘﻔﺎﺧﺮ‪ ،‬وﺑﺪًﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ اﻟﺘﻔﺎﺻﯿﻞ اﻟﺼﻐﯿﺮة ﻓﻲ ﻣﺸﺮوﻋﮫﺎ‪ .‬وﻟﻢ ﻳﺮد ﺟﺎك أن ﻳﻜﻮن ﻏﯿﺮ ﻣﮫﺬب‪ ،‬وﺑﺪًﻻ‬
‫ﻣﻦ أن ﻳﻄﺮح ﻋﻠﻰ "ﺑﺮﻳﻨﺪا" اﻷﺳﺌﻠﺔ أو اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﻋﻦ‬
‫ﺣﯿﺮﺗﻪ‪ ،‬ﺗﻤﺎﺳﻚ واﻧﺘﻈﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺘﮫﻲ "ﺑﺮﻳﻨﺪا" ﻣﻦ ﻗﺼﺘﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻛﺎن "ﺟﺎك" ﻳﺮﻳﺪ ﻓﻘﻂ أن ﻳﻘﻮل‪" :‬أﺗﻌﻠﻤﯿﻦ ﻳﺎ ﺣﺒﯿﺒﺘﻲ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺮدﻳﻦ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎﺻﯿﻞ‪ ،‬أﺧﻔﻖ ﻓﻲ إدراك‬
‫ﻘﺎ أن أﺳﺘﻤﻊ ﻟﮫﺬا"‪.‬‬ ‫ﻢ ﻻ ﺗﺨﺒﺮﻳﻨﻨﻲ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﺣﻤﺎﺳﻚ ﻟﮫﺬا اﻟﻤﺸﺮوع؟ أود ﺣ ًّ‬ ‫ھﺪﻓﻚ وأﺗﻮﺗﺮ‪ ،‬ﻓﻠ َ‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﻮاﺻﻞ‪ ،‬ﻻ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺸﺨﺼﯿﺔ أو اﻟﻄﺒﺎع‪ .‬وﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪،‬‬
‫ﻌﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ إﻟﻘﺎء اﻟﻠﻮم وﺑﺼﻮرة ﻏﺎﺿﺒﺔ‪.‬‬ ‫ﺳﺮﻳ ً‬
‫ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ‪ ،‬أﻧﺎ أﺣﺐ ھﺬه اﻟﻘﺼﺺ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺻﺒﯿﺔ‪ ،‬اﻋﺘﺎدت ﻣﺠﻠﺔ ‪ Reader' s Digest‬ﻧﺸﺮ ﺑﺎب ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺪد‬
‫ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان "ھﻞ ﻳﻤﻜﻦ إﻧﻘﺎذ ھﺬا اﻟﺰواج؟" ﻋﺎدة‬
‫ﺗﻜﻮن اﻹﺟﺎﺑﺔ‪ :‬ﻧﻌﻢ‪ .‬اﻟﺘﮫﻤﺖ ھﺬه اﻟﻘﺼﺺ ﻗﺮاءًة‪ ،‬ﻣﺴﺘﻤﺘﻌﺔ ﺑﻜﯿﻔﯿﺔ ﺳﯿﺮ اﻷﻣﻮر ﺑﺼﻮرة ﺧﺎطﺌﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ زواج‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬وﻣﺴﺘﻤﺘﻌﺔ أﻛﺜﺮ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﻛﯿﻔﯿﺔ إﺻﻼﺣﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺼﺔ "ﺗﯿﺪ" و"ﻛﺎرﻳﻦ"‪ ،‬اﻟﺘﻲ ﺣﻜﺎھﺎ "آرون ﺑﯿﻚ"‪ ،‬ھﻲ ﻗﺼﺔ ﻋﻦ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﺤﻮل ﻛﻞ اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ اﻟﺠﯿﺪة‬
‫ﻣﺎ ﻓﻲ أﻋﯿﻦ ﺷﺨﺼﯿﻦ ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ‬ ‫إﻟﻰ ﺳﻤﺎت ﺳﯿﺌﺔ ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﺛﺎﺑﺘﺔ‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﻀﮫﻤﺎ واﻧﺠﺬب ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﮫﻤﺎ إﻟﻰ اﻵﺧﺮ‪.‬‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺎﺑﻞ "ﺗﯿﺪ" و"ﻛﺎرﻳﻦ"‪ ،‬ﻛﺎﻧﺎ ﺷﺨﺼﯿﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﯿﻦ ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻛﺎﻧﺖ "ﻛﺎرﻳﻦ" ﺗﺸﻊ ﺑﺎﻟﺘﻠﻘﺎﺋﯿﺔ واﻹﺷﺮاق‪ .‬أﻣﺎ "ﺗﯿﺪ"‬
‫ﻣﺎ ﻛﺜﯿﺮة‪ ،‬وﺷﻌﺮ ﺑﺄن ﺣﻀﻮرھﺎ اﻟﺘﻠﻘﺎﺋﻲ ﻏﯿﱠﺮ ﺣﯿﺎﺗﻪ‪ .‬ﻗﺎل "ﺗﯿﺪ" ﻋﻦ ذﻟﻚ‪" :‬ﻛﻞ‬ ‫ﻓﺮﺟﻞ ﺟﺎد ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ ھﻤﻮ ً‬
‫ﺷﻲء ﺗﻘﻮﻟﻪ وﺗﻔﻌﻠﻪ ﺳﺎﺣﺮ"‪ .‬وﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ‪ ،‬ﻛﺎن ﺗﯿﺪ‬
‫ﻳﻤﺜﻞ ﺻﻮرة اﻷب اﻟﻘﻮي اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﮫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪ .‬ﻛﺎن "ﺗﯿﺪ" رﺟًﻼ ﻣﺴﺘﻘ ًﺮّا وﻳﻤﻜﻦ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﯿﻪ‪ ،‬وﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ‬
‫ﻣﻨﺤﮫﺎ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻷﻣﺎن‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ أﻋﻮام ﻗﻠﯿﻠﺔ‪ ،‬رأى "ﺗﯿﺪ" أن "ﻛﺎرﻳﻦ" ﺣﻤﻘﺎء ﻏﯿﺮ ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎل‪" :‬إﻧﮫﺎ ﻻ ﺗﺄﺧﺬ أي أﻣﺮ ﺑﺠﺪﻳﺔ أﺑًﺪا ‪ ...‬ﻻ‬
‫ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﯿﮫﺎ"‪ .‬ورأت "ﻛﺎرﻳﻦ" أن "ﺗﯿﺪ"‬
‫ظﺎﻟﻢ ﻣﺘﺴﺮع ﻓﻲ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم ﻳﺤﻠﻞ ﻛﻞ ﺧﻄﻮة ﺗﻘﻮم ﺑﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻌﺎ ﺑﻼ إطﻼق أﺣﻜﺎم ﻏﺎﺿﺒﺔ‬ ‫وﻓﻲ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ‪ ،‬ﺗﻢ إﻧﻘﺎذ ھﺬا اﻟﺰواج؛ ﻷن اﻟﺰوﺟﯿﻦ ﺗﻌﻠﻤﺎ ﻓﻘﻂ ﻛﯿﻒ ﻳﺘﻌﺎﻣﻼن ﻣ ً‬
‫ﻣﺘﺴﺮﻋﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺘﺼﺮﻓﺎت ﻣﻔﯿﺪة‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫كــاﻧﺖ "كــارﻳﻦ" ﻣﺜﻘﻞــة بــاﻟﻜﺜﯿﺮ مــن اﻟﻌﻢــل‪ ،‬عــاد "ﺗﻲــد" مــن اﻟﻌﻢــل ﻟﯿﺞــد اﻟﻔﻮضــى ﺗﻊــم‬
‫اﻟﻢــﻧﺰل؛ ﻏﺾــب "ﺗﻲـد" وأراد أن ﻳﻌﻨِّﻒـھﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦـه اسـﺗﺨﺪم مـا ﺗﻌﻠﻢـه مـن "ﺑﻲـك"‬
‫ﻲ ﻓﻌﻠﻪ؟" أﺟﺎب ﻋﻦ ﺗﺴﺎؤﻟﻪ ﺑﺎﻟﺒﺪء ﻓﻲ ﺗﻨﻈﯿﻒ اﻟﻤﻨﺰل‪ ،‬وﺑﮫﺬا ﻗﺪم‬ ‫ﻓﺘﺴﺎءل‪" :‬ﻣﺎ اﻷﻣﺮ اﻟﺴﺪﻳﺪ اﻟﺬي ﻳﺠﺐ ﻋﻠ ﱠ‬
‫اﻟﺪﻋﻢ إﻟﻰ "ﻛﺎرﻳﻦ" ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﯿﮫﺎ‪.‬‬

‫ھﻞ ﻳﻤﻜﻦ إﻧﻘﺎذ ھﺬا اﻟﺰواج؟‬

‫ﻳﻨﺼﺢ "آرون ﺑﯿﻚ" اﻷزواج ﻓﻲ ﺟﻠﺴﺎت اﻻﺳﺘﺸﺎرة أﻻ ﻳﻔﻜﺮوا أﺑًﺪا ﺑﺘﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪:‬‬
‫زوﺟﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ اﻟﺘﻐﯿﺮ‪ ،‬ﻻ ﺷﻲء ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﺗﺤﺴﯿﻦ ﻋﻼﻗﺘﻨﺎ ‪-‬‬
‫ﻓﯿﻘﻮل إن ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر ﺧﺎطﺌﺔ طﻮال اﻟﻮﻗﺖ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ‪.‬‬
‫أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ أﻻ ﺗﻔﻜﺮ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ "ﺑﯿﻞ" و"ھﯿﻼري ﻛﻠﯿﻨﺘﻮن"‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن "ﺑﯿﻞ‬
‫ﺴﺎ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻛَﺬب ﻋﻠﻰ ﺑﻠﺪه وﻋﻠﻰ‬ ‫ﻛﻠﯿﻨﺘﻮن" رﺋﯿ ً‬
‫زوﺟﺘﻪ "ھﯿﻼري" ﺑﺸﺄن ﻋﻼﻗﺘﻪ بـ "ﻣﻮﻧﯿﻜﺎ ﻟﻮﻳﻨﺴﻜﻲ"‪ .‬داﻓﻌﺖ زوﺟﺘﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﺋﻠﺔ‪" :‬ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻟﺰوﺟﻲ أﺧﻄﺎء‪،‬‬
‫ﻲ ﻗﻂ"‪.‬‬‫وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﺬب ﻋﻠ ﱠ‬
‫ظﮫﺮت اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﺑﻄﺒﯿﻌﺔ اﻟﺤﺎل‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ أﻧﻪ ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ظﮫﻮرھﺎ ﻣﺤﺎم ﺑﺎرع‪" .‬ھﯿﻼري"‪ ،‬ﻟﺸﻌﻮرھﺎ ﺑﺎﻟﺨﯿﺎﻧﺔ‬
‫ﺟﺎ‬
‫واﻟﻐﻀﺐ‪ ،‬أﺻﺒﺢ ﻋﻠﯿﮫﺎ أن ﺗﻘﺮر ﻣﺎ إذا ﻛﺎن "ﺑﯿﻞ" زو ً‬
‫ﻤﺎ أم أﻧﻪ رﺟﻞ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة‪.‬‬ ‫ﺳﯿًﺌﺎ وﻏﯿﺮ ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ داﺋ ً‬
 ‫ﺣﺎن اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻺﺷﺎرة إﻟﻰ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﮫﻤﺔ‪ :‬ﻻ ﻳﺠﺐ اﻟﺨﻠﻂ ﺑﯿﻦ اﻻﻋﺘﻘﺎد أن اﻷزواج ﻟﺪﻳﮫﻢ إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﻐﯿﺮ واﻻﻋﺘﻘﺎد‬
‫ﺑﺄن اﻟﺰوج ﺳﻮف ﻳﺘﻐﯿﺮ‪ .‬اﻟﺸﺮﻳﻚ ﻋﻠﯿﻪ أن ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺘﻐﯿﺮ‪،‬‬
‫واﻻﻟﺘﺰام ﺑﺎﻟﺘﻐﯿﺮ واﺗﺨﺎذ ﺧﻄﻮات ﺟﺎدة ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻐﯿﺮ‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻛﺎﻣًﻼ أﺳﺒﻮﻋﯿًّﺎ ﻟﻤﺪة ﻋﺎم‪ .‬وﺧﻼل‬
‫ذھﺐ اﻟﺰوﺟﺎن "ﻛﻠﯿﻨﺘﻮن" ﻟﻄﻠﺐ اﻻﺳﺘﺸﺎرة اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻠﺰم ﻳﻮ ً‬
‫اﻻﺳﺘﺸﺎرة‪ ،‬اﺳﺘﻄﺎع "ﺑﯿﻞ" أن ﻳﻔﮫﻢ ﻛﯿﻒ ﺗﻌﻠﻢ أن ﻳﺤﯿﺎ ﺣﯿﺎة‬
‫ﻣﺰدوﺟﺔ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن اﺑًﻨﺎ ﻟﺰوﺟﯿﻦ ﻣﺪﻣﻨﯿﻦ ﻟﺸﺮب اﻟﻜﺤﻮﻟﯿﺎت‪ .‬ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ‪ ،‬ﺗﻌﻠﻢ ﻛﯿﻒ ﻳﺘﺤﻤﻞ ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﺔ ﺷﺎﻗﺔ ﻣﻨﺬ‬
‫ﻋﻤﺮ ﻣﺒﻜﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل أﻧﻪ وھﻮ ﺻﺒﻲ ﻛﺎن ﻳﻤﻨﻊ‬
‫زوج أﻣﻪ ﺑﺸﺪة ﻣﻦ أن ﻳﻀﺮﺑﮫﺎ‪ .‬وﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ‪ ،‬ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ وﺟﻪ آﺧﺮ ﻣﻦ ﺣﯿﺎﺗﻪ ﺣﯿﺚ ﻛﺎن ﻻ ﻳﺘﺤﻤﻞ‬
‫ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﺔ وﻳﻌﺘﻘﺪ أن ﻛﻞ ﺷﻲء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮام ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻤﺎ‬
‫ﺴﻢ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺔ بـ "ﻣﻮﻧﯿﻜﺎ"‪ ،‬وﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻛﺎن‬ ‫ﻳﺤﺪث‪ .‬وھﻜﺬا ﻛﺎن ﻳﻈﮫﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻠﯿﻔﺰﻳﻮن وُﻳﻘ ِ‬
‫ﻻ ﻳﺘﺤﻤﻞ اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﯿﺔ وﻛﺎن ﺷﺪﻳﺪ اﻹﻧﻜﺎر‪.‬‬
‫كــان اﻟﻦــاس ﻳﺤﺚــون "هــﻳﻼري" ﻋﻞــى ﻣﺲــاﻣﺤﺘﻪ؛ فــذات ﻣﺲــاء‪ ،‬اﺗﺺــل "ســﺗﯿﻔﻲ ونــدر"‬
‫بــاﻟﺒﯿﺖ اﻷبــﻳﺾ ﻟﯿﺲــأل ﻋﻢــا إذا كــان ﺑﺈﻣﻜﺎنــه اﻟﻖــدوم‪ ،‬وكــان قــد ﻛﺖــب أﻏﻨﻲــة لـــ‬
‫"ھﯿﻼري" ﺣﻮل ﻗﻮة اﻟﻤﻐﻔﺮة وﻗﺎم ﺑﻐﻨﺎﺋﮫﺎ ﻟﮫﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﯿﻠﺔ‪.‬‬
‫ﻋﺎ‪ .‬اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﻓﻘﻂ ﻣﺴﺎﻣﺤﺔ رﺟﻞ ﺗﺮاه ﻳﻘﺎوم‬ ‫ﻟﻜﻦ "ھﯿﻼري" ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﻣﺴﺎﻣﺤﺔ ﺷﺨﺺ رأﺗﻪ ﻛﺎذﺑًﺎ وﻣﺨﺎد ً‬
‫ﻣﺸﻜﻼﺗﻪ ﺑﺠﺪﻳﺔ وﻳﺤﺎول اﻟﻨﻤﻮ‪.‬‬

‫اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺸﺮﻳﻚ ﻛﻌﺪو‬

‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﺷﺨﺎص ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﺎ ﻳﺮون ﺷﺮﻳﻜﮫﻢ ﻧﻮر ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺮوﻧﻪ‬
‫ﻤﺎ‪ .‬ﻓﻠﻤﺎذا ﻳﺮﻳﺪ اﻟﻨﺎس أن ﻳﺤﻮﻟﻮا أﺣﺒﺎﺑﮫﻢ إﻟﻰ أﻋﺪاء؟‬ ‫ﺧﺼ ً‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﺸﻞ ﻓﻲ ﻣﮫﺎم أﺧﺮى‪ ،‬ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ أن ﺗﻈﻞ ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻠﻮم ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﯿﺮ اﻷﻣﻮر‬
‫ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﻄﺄ ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻓﻤﻦ اﻟﺴﮫﻞ أن ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻠﻮم‬
‫ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﻜﺮ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﺄﻣﺎﻣﻚ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺤﺪودة ﻣﻦ اﻟﺨﯿﺎرات‪ ،‬أﺣﺪھﺎ‬
‫أن ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻠﻮم ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺎﺗﻚ اﻟﺪاﺋﻤﺔ‪ ،‬أو أن ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻠﻮم‬
‫ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻳﻜﻚ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺮى ﻣﺪى ﺟﺎذﺑﯿﺔ إﻟﻘﺎء اﻟﻠﻮم ﻋﻠﻰ ﺷﺨﺺ آﺧﺮ‪.‬‬
‫ي ﺻﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺖ أﻓﻜﺮ ﺑﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﻻ ﻳﺰال ﻟﺪي داﻓﻊ ﻻ ﻳﻘﺎوم ﺗﺠﺎه‬ ‫ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻟﺪ ﱠ‬
‫اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻲ وﺗﻮﺟﯿﻪ اﻟﻠﻮم ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﯿﺮ أﻣﺮ ﻣﺎ‬
‫ﺑﺸﻜﻞ ﺧﻄﺄ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻗﻮل‪" :‬إﻧﻪ ﻟﯿﺲ ﺧﻄﺌﻲ"‪ .‬وﻟﻨﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺎدة اﻟﺴﯿﺌﺔ‪ ،‬ﺗﺨﯿﻠﻨﺎ وﺟﻮد طﺮف آﺧﺮ‪،‬‬
‫رﺟﻞ اﺳﻤﻪ "ﻣﻮرﻳﺲ"‪ .‬ﺣﯿﻨﻤﺎ أﺑﺪأ ﻓﻲ إﻟﻘﺎء اﻟﻠﻮم ﻋﻠﻰ‬
‫أﺣﺪ‪ ،‬أﻟﻘﯿﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻜﯿﻦ "ﻣﻮرﻳﺲ"‪.‬‬
‫ﻌﺐ ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺨﺎص ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ اﻟﻤﺴﺎﻣﺤﺔ؟ ﺟﺰء ﻣﻦ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﺷﻌﻮرھﻢ‬ ‫أﺗﺬﻛﺮ ﻛﯿﻒ ﻳﺼ ُ‬
‫ﻦ ﺟﺰًءا آﺧﺮ‬‫ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻗﺪ ُرﻓﻀﻮا أو ﺗﻢ اﻻﻧﻔﺼﺎل ﻋﻨﮫﻢ‪ .‬وﻟﻜ ﱠ‬
‫ﻔﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻠﯿﮫﻢ ھﻢ أﻧﻔﺴﮫﻢ إذن ﺗﺤﻤﻞ ﺟﺰء ﻛﺒﯿﺮ ﻣﻦ‬ ‫ﺼﺎ ﻟﻄﯿ ً‬‫ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻰ أﻧﮫﻢ إذا ﺳﺎﻣﺤﻮا ﺷﺮﻳﻜﮫﻢ‪ ،‬إذا رأوه ﺷﺨ ً‬
‫ﺼﺎ ﺟﯿًﺪا‪ ،‬ﻓﻼﺑﺪ‬
‫اﻟﻠﻮم؛ ﻓﯿﺮون أﻧﻪ‪ :‬إذا ﻛﺎن زوﺟﻲ ﺷﺨ ً‬
‫ﺼﺎ ﺳﯿًﺌﺎ‪ .‬ﻻﺑﺪ أﻧﻨﻲ ﻣﻦ أﺧﻄﺄ‪.‬‬‫أن أﻛﻮن أﻧﺎ ﺷﺨ ً‬
‫اﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺪ ﻳﺤﺪث ﻣﻊ اﻵﺑﺎء‪ .‬إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻗﺘﻚ ﺳﯿﺌﺔ ﺑﺄﺑﯿﻚ‪/‬واﻟﺪﺗﻚ‪ ،‬ﻓﻤﻦ اﻟﻤﺨﻄﺊ؟ إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ واﻟﺪاك‬
‫ﻳﺤﺒﺎﻧﻚ ﻛﺜﯿًﺮا‪ ،‬ﻓﮫﻞ ھﺬا ﺑﺴﺒﺐ أﻧﮫﻤﺎ واﻟﺪان ﺳﯿﺌﺎن أو‬
‫أﻧﻚ ﻏﯿﺮ ﻣﺤﺒﻮب؟ ھﺬه ھﻲ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﺒﻐﯿﻀﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪاھﻤﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻔﻜﺮ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬ﻓﮫﻞ ﻣﻦ طﺮﻳﻘﺔ ﻟﺤﻞ‬
‫ھﺬا اﻷﻣﺮ؟‬
‫ﻛﻨﺖ أﻋﺎﻧﻲ اﻟﻤﻌﻀﻠﺔ ﻧﻔﺴﮫﺎ؛ ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻦ واﻟﺪﺗﻲ ﺗﺤﺒﻨﻲ‪ .‬ﺧﻼل ﻓﺘﺮة طﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﺣﯿﺎﺗﻲ ﻛﻨﺖ أواﺟﻪ ھﺬا اﻷﻣﺮ‬
‫ﺑﻠﻮﻣﮫﺎ واﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻤﺮارة‪ ،‬وﻟﻜﻨﻲ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮة ﻟﻢ أﻋﺪ راﺿﯿﺔ‬
‫ﻟﻜﻮﻧﻲ أﺣﻤﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬وﻛﻨﺖ أﺗﻮق ﻟﯿﻜﻮن ﻟﺪي ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺤﺒﺔ ﺑﺄﻣﻲ‪ .‬وآﺧﺮ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ أرﻳﺪه أن أﻛﻮن واﺣﺪة‬
‫ﻣﻦ ھﺆﻻء اﻷﺑﻨﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻮﺳﻠﻮن ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ رﺿﺎ أب‪/‬أم ﺑﻌﯿﺪ ﻋﻨﮫﻢ‪ .‬ﺛﻢ أدرﻛﺖ ﺷﯿًﺌﺎ ﻣﺎ‪ ،‬ﻛﺎن ﻟﺪي اﻟﺘﺤﻜﻢ‬
‫ﺑﻨﺼﻒ اﻟﻌﻼﻗﺔ‪ ،‬اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺨﺎص ﺑﻲ‪ .‬ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ أن أﻓﻌﻞ ﻣﺎ أﺷﺎء ﺑﺎﻟﻨﺼﻒ اﻟﺨﺎص ﺑﻲ؛ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ أن أﻛﻮن‬
‫اﻻﺑﻨﺔ اﻟﻌﻄﻮﻓﺔ ﻛﻤﺎ ﻛﻨﺖ أرﻳﺪ‪ .‬ﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ ﻣﺎ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ ھﻮ ﻣﺎ ﻳﮫﻢ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻲ أن أﻛﻮن أﻓﻀﻞ‬
‫ﺣﺎًﻻ ﻣﻤﺎ ﻛﻨﺖ‪.‬‬
‫ﻛﯿﻒ ﺗﻐﯿﺮ ھﺬا اﻷﻣﺮ؟ ﻣﺮرت ﺑﻤﺮﺣﻠﺔ ﺗﻄﻮر ﻣﺬھﻠﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺷﻌﻮري ﺑﺎﻟﻤﺮارة واﻟﺘﻘﺪم ﺗﺠﺎه‬
‫اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺄﻣﻲ‪ .‬ﻻ ﻳﮫﻢ أي ﺷﻲء آﺧﺮ ﻷﻧﻨﻲ‬
‫لــم أكــن أســﻋﻰ ﻟﻠﺤﺺــول ﻋﻞــى ﻗﺒﻮلــھﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦــي ســأﺧﺒﺮك أيــھﺎ اﻟﻖــارئ ﻋﻞــى أيـة حـال‪.‬‬
‫ﻟﻖـد حـدث أمـر غـﻳﺮ ﻣﺖـوﻗﻊ‪ ،‬ﺑﻊـد مـرور ثـﻻث سـﻧﻮات قـاﻟﺖ لـي أمـي‪" :‬لـو كـان أي‬
‫ﺷﺨﺺ ﻗﺪ ﻗﺎل ﻟﻲ إﻧﻨﻲ ﻻ أﺣﺐ أﺑﻨﺎﺋﻲ‪ ،‬ﻛﻨﺖ ﺳﺄﺷﻌﺮ ﺑﺎﻹھﺎﻧﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻲ اﻵن أدرﻛﺖ أن ھﺬا ﻛﺎن ﺣﻘﯿﻘﯿًّﺎ‪ .‬رﺑﻤﺎ‬
‫ي ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻳﺤﺒﺎﻧﻨﻲ‪ ،‬أو ﻷﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ‬ ‫ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻷن واﻟﺪ ﱠ‬
‫ﻣﻨﺸﻐﻠﺔ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬أو ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ أﻛﻦ أﻋﺮف ﻣﺎ ھﻮ اﻟﺤﺐ‪ ,‬ﻻ أﻋﺮف‪ .‬وﻟﻜﻨﻨﻲ أﻋﺮﻓﻪ اﻵن"‪.‬‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬ﺗﻘﺎرﺑﻨﺎ أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ‪ .‬ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﯿﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺎ‬
‫ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤﯿﻦ ﺣﺘﻰ وﻓﺎﺗﮫﺎ ﺑﻌﺪ ﺧﻤﺴﺔ وﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎ ً‬
 ‫ﻧﺘﻤﺘﻊ ﺑﮫﺎ‪ ،‬أﺻﺒﺤﻨﺎ أﻛﺜﺮ إﻗﺒﺎًﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﯿﺎة ﺑﻮﺟﻮد ﻛﻞ‬
‫ﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﯿﺎة اﻷﺧﺮى‪ .‬ذات ﻣﺮة ﻣﻨﺬ ﻋﺪة ﺳﻨﻮات ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺻﯿﺒﺖ ﺑﺴﻜﺘﺔ دﻣﺎﻏﯿﺔ‪ ،‬ﺣﺬرﻧﻲ اﻷطﺒﺎء ﻣﻦ أﻧﮫﺎ ﻻ‬
‫ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺘﺤﺪث وﻗﺪ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺘﺤﺪث ﻣﺮة أﺧﺮى‪ .‬ﻟﻜﻨﻲ‬
‫دﺧﻠﺖ إﻟﻰ ﻏﺮﻓﺘﮫﺎ ﻓﻨﻈﺮت ﻟﻲ وﻗﺎﻟﺖ‪" :‬ﻛﺎرول‪ ،‬أﺣﺐ رداءك"‪.‬‬
‫مــا الــذي أتــاح لــي أن أﺗﺦــذ اﻟﺨﻂــوة اﻷولـى‪ ،‬أن أﺧﺖـار اﻟﻨﺾـج واﻟﻤﺠﺎزفـة بـاﻟﺮﻓﺾ؟ ﻋﻦـدﻣﺎ‬
‫ﻛﻦـت أﻓﻚـر ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﻲـة اﻟﺜﺎﺑﺖـة‪ ،‬ﻛﻦـت ﺑﺤﺎجـة إلـى إﻟﻖـاء اﻟﻞـوم واﻟﺶـﻋﻮر بـاﻟﻤﺮارة؛‬
‫ﻓﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻳﺠﻌﻠﻨﻲ أﺷﻌﺮ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ وﻗﻮﻳﺔ وﺳﺎﻟﻤﺔ ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ أن ﻳﺠﻌﻠﻨﻲ أﻓﻜﺮ ﻓﻲ أﻧﻨﻲ ﻣﺨﻄﺌﺔ‪ .‬أﻣﺎ‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﺠﻌﻠﺘﻨﻲ أﺗﻮﻗﻒ ﻋﻦ إﻟﻘﺎء اﻟﻠﻮم‪ ،‬وأﺗﺨﻄﻰ ذﻟﻚ‪.‬‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻣﻨﺤﺘﻨﻲ أ ًّ‬
‫ﻣﺎ‪.‬‬
‫أذكــر ﻋﻦــدﻣﺎ ﻛﻦــا أطﻒــاًﻻ وﻧﻔﻊــل شــﻳًﺌﺎ أﺣﻢــق‪ ،‬كــأن ُﻧﻮقــع اﻟﻤﺜﻠﺞــات ﻋﻞــى أقــداﻣﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻨﻨﻆــر‬
‫إلــى أحــد أصـدﻗﺎﺋﻨﺎ وﻧﻖـول‪" :‬اﻧﻆـر مـا الـذي ﺟﻌﻠﺘﻦـي أﻓﻌﻞـه"‪ .‬اﻟﻞـوم قـد ﻳﻘﻞـل‬
‫ﺷﻌﻮرك ﺑﺎﻟﺤﻤﺎﻗﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻻ زال ﻟﺪﻳﻚ ﺣﺬاء ﻣﻠﻲء ﺑﺎﻟﻤﺜﻠﺠﺎت‪ ،‬وﺻﺪﻳﻖ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ دﻓﺎﻋﻲ‪ .‬ﻓﻲ أي ﻋﻼﻗﺔ‪،‬‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺗﺠﻌﻠﻚ ﺗﺴﻤﻮ ﻋﻦ إﻟﻘﺎء اﻟﻠﻮم‪ ،‬وﺗﻔﮫﻢ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ‪،‬‬
‫وﺗﺤﺎول ﺣﻠﮫﺎ ﻣﻊ ﺷﺮﻳﻜﻚ‪.‬‬

‫اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ‪ :‬ﻣﻦ اﻷﻋﻈﻢ؟‬

‫ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؛ ﺣﯿﺚ ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ إﺛﺒﺎت ﺟﺪارﺗﻚ‪ ،‬ﻣﻦ اﻟﺴﮫﻞ أن ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﻣﻊ ﺷﺮﻳﻜﻚ‬
‫ﻹﺛﺒﺎت ﻣﻦ اﻷﻛﺜﺮ ذﻛﺎًء واﻷﻛﺜﺮ ﻣﻮھﺒﺔ وﻣﻦ ﻣﺤﺒﻮب أﻛﺜﺮ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ "ﺳﻮزان" ﻣﺘﺰوﺟﺔ رﺟًﻼ ﻳﺨﺸﻰ أن ﺗﻜﻮن زوﺟﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ اﻻھﺘﻤﺎم‪ ،‬وﻳﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﺳﯿﻜﻮن ﺗﺎﺑ ً‬
‫ﻌﺎ ﻟﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﮫﺎ إذا أﺻﺒﺤﺖ ذات أھﻤﯿﺔ‪ ،‬ﻓﺴﯿﻜﻮن ھﻮ ﺑﻼ أھﻤﯿﺔ‪.‬‬
‫ﺤﺎ وذا اﺣﺘﺮام ﻛﺒﯿﺮ ﻓﻲ‬ ‫ﺼﺎ ﺑﻼ أھﻤﯿﺔ‪ .‬ﻛﺎن "ﻣﺎرﺗﻦ" ﻧﺎﺟ ً‬ ‫وﻟﻜﻦ "ﻣﺎرﺗﻦ" ﻛﺎن ﺑﻌﯿًﺪا اﻟﺒﻌﺪ ﻛﻠﻪ ﻋﻦ أن ﻳﻜﻮن ﺷﺨ ً‬
‫ﻤﺎ وﻣﺤﺒﻮﺑًﺎ‪ .‬ﺗﺬﻣﺮت "ﺳﻮزان" ﻣﻦ‬ ‫ﻣﺠﺎﻟﻪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎن وﺳﯿ ً‬
‫ﻌﺎ‪ ،‬وﺻﻞ ﻛﻞ ﻣﻨﮫﻤﺎ ﺑﻤﻔﺮده‪ ،‬وﻋﻨﺪ ﺗﺄﻛﯿﺪ اﻟﻮﺻﻮل ﺗﺤﺪﺛﺖ "ﺳﻮزان" ﻣﻊ طﺎﻗﻢ‬ ‫اﻷﻣﺮ ﺑﺮﻣﺘﻪ‪ ،‬ﺛﻢ ﺣﻀﺮا ﻣﺆﺗﻤًﺮا ﻣ ً‬
‫اﻟﻔﻨﺪق ﻓﻲ اﻟﺮدھﺔ‪ .‬ذﻟﻚ اﻟﻤﺴﺎء ﻋﻨﺪﻣﺎ دﺧﻞ اﻟﺰوﺟﺎن‬
‫ﻋﺒﺮ ردھﺔ اﻟﻔﻨﺪق‪ ،‬ﺣﯿﺎھﺎ اﻟﻄﺎﻗﻢ ﻛﻠﻪ ﺑﺤﺮارة؛ ﻓﺘﺬﻣﺮ "ﻣﺎرﺗﻦ"‪ ،‬ﺛﻢ اﺳﺘﺄﺟﺮا ﺳﯿﺎرة ﻟﻠﺬھﺎب ﻟﺘﻨﺎول اﻟﻌﺸﺎء‪.‬‬
‫وﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﻼ إﻟﻰ وﺟﮫﺘﮫﻤﺎ ﺑﺪأ اﻟﺴﺎﺋﻖ ﻓﻲ إﻟﻘﺎء ﻛﻠﻤﺎت‬
‫اﻹطﺮاء ﻋﻠﯿﮫﺎ ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻚ أن ﺗﺘﺸﺒﺚ ﺑﮫﺎ‪ .‬ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﻳﺎ ﺳﯿﺪي‪ ،‬إﻧﮫﺎ اﻣﺮأة ﺟﯿﺪة"؛ ﻓﻘﻄﱠﺐ "ﻣﺎرﺗﻦ"‬
‫ﺟﺒﯿﻨﻪ‪ ،‬واﺳﺘﻤﺮت إﺟﺎزة ﻧﮫﺎﻳﺔ اﻷﺳﺒﻮع ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻤﻨﻮال‪،‬‬
‫وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎدا إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻗﺘﮫﻤﺎ ﻣﺘﻮﺗﺮة ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪.‬‬
‫لــم ﻳﻚــن "مــارﺗﻦ" ﻳﺘﻤﺖــع بــروح ﺗﻨﺎﻓﺲــﻳﺔ ﻧﺶــطﺔ؛ ﻓﻞــم ﻳﺢــاول اﻟﺘﻒــوق ﻋﻞــى "ســوزان"‪،‬‬
‫ﻟﻖــد تــذﻣﺮ ﻓﻖـط مـن شـﻋﺒﯿﺘﮫﺎ اﻟﻜﺐـﻳﺮة اﻟﻮاضـﺣﺔ‪ .‬وﻟﻚـن ﺑﻊـض اﻟﺶـرﻛﺎء ﻳﺐـدأون‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺤﺪي‪.‬‬
‫ﻌﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺮك ﺷﺮﻛﺎءھﺎ‬ ‫ﻛﺎﻧﺖ "ﺳﯿﻨﺜﯿﺎ"‪ ،‬اﻟﺘﻲ ھﻰ ﻋﺎﻟﻤﺔ‪ ،‬ﻣﺬھﻠﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﮫﺎ ﺳﺮﻳ ً‬
‫وﺗﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻳﻚ ﺟﺪﻳﺪ‪ .‬ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ أﻻ ﻳﻜﻮن ﺑﺬﻟﻚ ﺑﺄس‬
‫إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺠﺎزف ﺑﺎﻟﺪﺧﻮل ﻓﻰ ﻣﺠﺎﻻﺗﮫﻢ‪ .‬ﺗﺰوﺟﺖ ﻣﻤﺜًﻼ‪ ،‬ﺛﻢ ﺑﺪأت ﻓﻲ ﺗﺄﻟﯿﻒ اﻟﻤﺴﺮﺣﯿﺎت واﻟﺘﻤﺜﯿﻞ ﻓﯿﮫﺎ‬
‫ﺑﺒﺮاﻋﺔ‪ .‬ﻗﺎﻟﺖ إﻧﮫﺎ أرادت ﻓﻘﻂ أن ﺗﺸﺎرﻛﻪ ﺣﯿﺎﺗﻪ واھﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻪ‪،‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔﻌﻠﻪ ﻛﮫﻮاﻳﺔ ﺗﻔﻮق ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺘﺨﺬ ﻣﻨﻪ ﻣﮫﻨﺔ؛ ﻓﺸﻌﺮ ﺑﺄن ﻋﻠﯿﻪ اﻟﮫﺮوب ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺠﺪ‬
‫ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى‪ .‬ﺛﻢ ﺗﺰوﺟﺖ ﻋﺎزف ﻣﻮﺳﯿﻘﻰ وﻛﺎن‬
‫ﺧﺎ مــاھًﺮا‪ ،‬وســرﻋﺎن مــا أصــﺑﺤﺖ تــﻋﺰف ﻋﻞــى اﻟﺒﻲــاﻧﻮ وﺗﺒﺘﻜﺮوصـﻓﺎت طﺐـخ راﺋﻊـة‪ .‬ومـرة‬ ‫طﺐــا ً‬
‫أخـرى رحـل ﻋﻦـھﺎ زوجـھﺎ الـذي أصـاﺑﻪ اﻹﺣﺐـاط‪ .‬لـم ﺗﺖـرك "سـﻳﻨﺜﯿﺎ" ﻷي مـن‬
‫أزواﺟﮫﺎ اﻟﻤﺠﺎل ﻹﺛﺒﺎت ھﻮﻳﺘﮫﻢ؛ أرادت أن ﺗﺘﺴﺎوى ﻣﻌﮫﻢ أو ﺗﺘﻔﻮق ﻋﻠﯿﮫﻢ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﮫﺎرة ﻳﺠﯿﺪوﻧﮫﺎ‪.‬‬
‫ھﻨﺎك اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻄﺮق اﻟﺠﯿﺪة ﻟﺪﻋﻢ ﺷﺮﻛﺎء ﺣﯿﺎﺗﻨﺎ‪ ،‬أو إظﮫﺎر اھﺘﻤﺎﻣﻨﺎ ﺑﺤﯿﺎﺗﮫﻢ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﯿﺴﺖ ﺗﻠﻚ واﺣﺪة ﻣﻨﮫﺎ‪.‬‬

‫اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت‬
‫ﻔﺎ ﻋﻨﻪ‪ ،‬وھﻮ ﻟﻢ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﻛﯿﻒ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت‪ .‬ﻓﻲ‬ ‫ﻜﺎ ﻣﺨﺘﻠ ً‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﺷﺨﺺ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ‪ ،‬ﻳﻮاﺟﻪ ﺷﺮﻳ ً‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺠﯿﺪة‪ ،‬ﻳﻘﻮم اﻟﺸﺨﺺ ﺑﺘﻄﻮﻳﺮ ھﺬه اﻟﻤﮫﺎرات‪،‬‬
‫وﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﺛﻨﺎء ﻳﻨﻤﻮ اﻟﻄَﺮﻓﺎن وﺗﺘﻌﻤﻖ اﻟﻌﻼﻗﺔ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺠﺢ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻳﺤﺘﺎج اﻟﻄﺮﻓﺎن إﻟﻰ أن ﻳﺸﻌﺮا‬
‫أﻧﮫﻤﺎ ﻓﻲ ﺻﻒ واﺣﺪ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ "ﻟﻮرا" ﻣﺤﻈﻮظﺔ‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﺗﺼﺐ اﻻھﺘﻤﺎم ﻛﻠﻪ ﺣﻮل ﻧﻔﺴﮫﺎ وﺗﺘﺨﺬ ﻣﻮﻗ ً‬
‫ﻔﺎ دﻓﺎﻋﯿًّﺎ‪ ،‬وﻗﺪ ﺗﺼﺮخ وﺗﻐﻀﺐ‪،‬‬
‫ﻟﻜﻦ "ﺟﯿﻤﺲ" ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺄﺧﺬ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﻞ‬
‫ﻤﺎ أﻧﮫﺎ ﺗﻜﻮن ﺑﺠﺎﻧﺒﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﯿﮫﺎ‪ .‬وھﻜﺬا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﻔﺠﺮ ﻏﺎﺿﺒﺔ‪ ،‬ﻛﺎن ﻳﻘﻮم‬
‫ﺷﺨﺼﻲ‪ ،‬وﻛﺎن ﻳﺸﻌﺮ داﺋ ً‬
‫ﺑﺘﮫﺪﺋﺘﮫﺎ وﻳﺘﻨﺎﻗﺶ ﻣﻌﮫﺎ ﺣﻮل ﻣﺎ ﻳﻐﻀﺒﮫﺎ‪ ،‬وﺑﻤﺮور‬
‫اﻟﻮﻗﺖ ﺗﻌﻠﻤﺖ ﻛﯿﻒ ﺗﺘﺠﺎوز اﻟﺼﺮاخ واﻟﻐﻀﺐ‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﺑﺘﻂــور ﺑﻌﺾــھﻤﺎ‪ .‬كــان "جــﻳﻤﺲ"‬ ‫ﺟ ﱞ‬
‫ﻮا مــن اﻟﺜﻖــة ﺑﯿﻦــھﻤﺎ‪ ،‬ﻓﺄصــﺑﺤﺎ أﻛﺚــر اھﺘﻢــا ً‬ ‫ُﺑﻦــي َ‬
 ‫ﻳﺆســس شــرﻛﺔ‪ ،‬وكــاﻧﺖ "لـورا" ﺗﻘﺾـي سـاﻋﺎت ﻣﻊـه فـي ﻣﻨﺎﻗﺶـة ﺧﻄﻂـه وﺑﻊـض‬
‫اﻟﻤﺶــﻛﻼت اﻟﺖــي كــان ﻳﻮاجــھﮫﺎ‪ .‬وﻟﻂــاﻟﻤﺎ ﺣﻠﻢــت "لــورا" ﺑﺖــأﻟﯿﻒ ﻛﺖــب ﻟﻸطﻒــال؛ ﻓﺠﻌﻞــھﺎ‬
‫"جــﻳﻤﺲ" ﺗﻌﺐــر عــن أﻓﻚــارھﺎ وﺗﻜﺖــب ﻣﺲــودة أولـى ﻋﻦـھﺎ‪ ،‬وﺣﺚـھﺎ ﻟﺘﺘﻮاصـل مـع‬
‫ﻣﺎ‪ .‬ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ‪ ،‬ﻛﺎن ﻛﻞ ﻣﻨﮫﻤﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪ اﻵﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﺘﻲ‬ ‫ﺳﺎ ً‬
‫ﺷﺨﺺ ﻳﻌﺮﻓﺎﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ر ﱠ‬
‫ﻳﺮﻳﺪ ﻓﻌﻠﮫﺎ‪ ،‬وأن ﻳﺼﺒﺢ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺪ أن‬
‫ﻳﺼﺒﺢ ﻋﻠﯿﻪ‪.‬‬
‫ﻣﻦــذ ﻓﺖــرة ﻗﺺــﻳﺮة‪ ،‬ﻛﻦــت أﺗﺢــدث إلــى صــدﻳﻘﺔ عــن ﻧﻆــرة ﺑﻊــض اﻟﻦــاس ﺗﺞــاه ﺗﺮﺑﻲــة‬
‫ﻗﺎ ضـﺋﯿًﻼ‪ .‬ﻟﺘﻮضـﻳﺢ هـذا الـرأي‪ ،‬شـﺑﮫﺘﻪ ﺑﻌﻼقـة‬ ‫اﻷطﻒــال ‪ -‬أن اﻟﻮالــدﻳﻦ ﻳﺺـﻧﻌﺎن فـار ً‬
‫اﻟﺰواج‪" :‬ﻣﺜﻞ اﻷزواج ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺰواج‪ ،‬ﻳﺪﺧﻞ ﻛﻞ ﺷﺨﺺ إﻟﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻜﺎﻣﻞ ھﯿﺌﺘﻪ‪ ،‬وﻻ ﺗﺘﻮﻗﻊ أن ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺷﺨﺼﯿﺔ ھﺬا اﻟﺸﺮﻳﻚ"‪.‬‬
‫ﺠِﻊ ﺗﻄﻮرك"‪.‬‬‫أﺟﺒﺖ‪" :‬ﻛﻼ‪ ،‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ اﻟﮫﺪف ﻣﻦ اﻟﺰواج ھﻮ ﺗﺸﺠﯿﻊ ﺷﺮﻳﻜﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻄﻮر وﺟﻌﻠﻪ ُﻳﺸ ّ‬
‫ﻣﺎ ﻓﯿﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﯿﺲ ﺟﯿًﺪا ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻛﻤﺎ ھﻮ‪ ،‬ﺑﻞ أﻋﻨﻲ‬ ‫وﻻ أﻗﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ أن ﺗﺴﻌﻰ ﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﺷﺮﻳﻜﻚ ﺗﻐﯿﯿًﺮا ﺗﺎ ًّ‬
‫ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﺸﺮﻳﻚ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ أھﺪاﻓﻪ‬
‫وﺑﺬل ﻛﻞ إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻪ‪ .‬ھﻜﺬا ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﻤﻠﻲ‪.‬‬

‫اﻟﺼﺪاﻗﺔ‬
‫ﻀﺎ ﻟﻠﺘﻄﻮر وﻟﯿﺤﻘﻖ ﻛﻞ ﻣﻨﮫﻢ ﻧﻔﺴﻪ؛‬ ‫ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺼﺪاﻗﺔ ﺗﺘﯿﺢ اﻟﻔﺮﺻﺔ أﻣﺎم اﻷﺷﺨﺎص ﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﻀﮫﻢ ﺑﻌ ً‬
‫ﻓﺎﻷﺻﺪﻗﺎء ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟﺸﺠﺎﻋﺔ إﻟﻰ ﺑﻌﻀﮫﻢ‬
‫اﻟﺒﻌﺾ ﻻﺗﺨﺎذ ﻗﺮارات ﻣﻌﺰزة ﻟﻠﻨﻤﻮ واﻟﺘﻄﻮر‪ ،‬واﻷﺻﺪﻗﺎء ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ إﻋﺎدة ﺛﻘﺔ ﺑﻌﻀﮫﻢ ﻓﻲ ﺻﻔﺎﺗﮫﻢ اﻟﺠﯿﺪة‪ .‬رﻏﻢ‬
‫ﻣﺨﺎطﺮ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﺳﻤﺎت اﻟﺸﺨﺺ‪ ،‬ھﻨﺎك أوﻗﺎت‬
‫ﻧﺤﺘﺎج ﻓﯿﮫﺎ إﻟﻰ إﻋﺎدة اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺄﻧﻔﺴﻨﺎ‪" :‬ﻗﻞ ﻟﻲ إﻧﻨﻲ ﻟﺴﺖ اﻣﺮأة ﺳﯿﺌﺔ ﻷﻧﻨﻲ اﻧﻔﺼﻠﺖ ﻋﻦ زوﺟﻲ"‪" ،‬ﻗﻞ ﻟﻲ‬
‫ﺔ ﺑﺮﻏﻢ أﻧﻨﻲ أﺧﻔﻘﺖ ﻓﻲ اﻻﺧﺘﺒﺎر"‪.‬‬ ‫إﻧﻨﻲ ﻟﺴﺖ ﻏﺒﯿ ً‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻮاﻗﻒ ﺗﺘﯿﺢ اﻟﻔﺮﺻﺔ أﻣﺎﻣﻨﺎ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﺪﻋﻢ وإﻋﻄﺎء رﺳﺎﻟﺔ ﻧﻤﻮ ﻣﻔﺎدھﺎ‪" :‬ﺑﺬﻟﺖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻚ‬
‫ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻟﻤﺪة ﺛﻼث ﺳﻨﻮات وھﻮ ﻟﻢ ﻳﺒﺬل أي‬
‫ﺟﮫﺪ ﻟﺘﺤﺴﯿﻦ اﻷﻣﻮر؛ ﻓﺄﻋﺘﻘﺪ أن ﻟﺪﻳﻚ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻟﺮﺣﯿﻞ وﺗﺠﺎوز اﻷﻣﺮ"‪ ،‬أو "ﻣﺎ اﻟﺬي ﺣﺪث ﻓﻲ ھﺬا اﻻﺧﺘﺒﺎر؟‬
‫ھﻞ ﺗﻔﮫﻢ اﻟﻤﺎدة اﻟﺪراﺳﯿﺔ؟ ھﻞ ذاﻛﺮﺗﮫﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﻲ؟ ھﻞ‬
‫ﺗﻌﺘﻘﺪ أﻧﻚ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣﻌﻠﻢ ﺧﺎص؟ ﻟﻨﻨﺎﻗﺶ ھﺬا اﻷﻣﺮ"‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ ھﻲ اﻟﺤﺎل ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت‪ ،‬ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ إﺛﺒﺎت أﻧﻔﺴﮫﻢ ﻗﺪ ﺗﺬھﺐ ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه‬
‫اﻟﺨﻄﺄ‪ .‬أﺟﺮت "ﺷﯿﺮي ﻟﯿﻔﻲ" دراﺳﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﻦ اﻟﺼﺪاﻗﺔ‪،‬‬
‫وﻟﻜﻨﮫﺎ ﺳﻠﻄﺖ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﮫﻤﺔ وذات ﺻﻠﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎﻣﺖ "ﻟﯿﻔﻲ" ﺑﻘﯿﺎس ﺻﻔﺔ اﺣﺘﺮام اﻟﺬات ﻟﺪى اﻟﻤﺮاھﻘﯿﻦ‪ ،‬وﺳﺄﻟﺘﮫﻢ ﻋﻦ ﻣﺪى ﺗﺼﺪﻳﻘﮫﻢ ﻟﻸﻧﻤﺎط اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ ﻋﻦ‬
‫اﻟﺒﻨﺎت‪ .‬ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل‪ ،‬ﻣﺪى ﺗﺼﺪﻳﻘﮫﻢ ﻟﻤﺎ ﻳﻘﺎل ﻋﻦ‬
‫أن اﻟﺒﻨﺎت ﻻ ﻳﺒﻠﯿﻦ ﺟﯿًﺪا ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت أو أﻧﮫﻦ أﻗﻞ ﻋﻘﻼﻧﯿﺔ ﻣﻦ اﻷوﻻد‪ ،‬ﺛﻢ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻘﯿﺎس ﻣﺪى اﺣﺘﺮام اﻟﺬات‬
‫ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻣﺮة أﺧﺮى‪.‬‬
‫ﻋﺎ فــي اﺣﺖــرام الــذات ﻋﻦــدﻣﺎ أيــدوا‬ ‫اﻷوﻻد الــذﻳﻦ يــؤﻣﻨﻮن ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة أظــھﺮوا ارﺗﻒــا ً‬
‫مــا ﻳﻖــال فــي ﺗﻞــك اﻷﻧﻢــاط اﻟﺲـﻟﺒﯿﺔ؛ ﻷن ظﻦـھﻢ أن اﻟﺒﻦـات أﻛﺚـر ﺣﻤﺎقـة وﺗﺶـﺗﯿًﺘﺎ‬
‫ﻟﻠﺬھﻦ‪ ،‬ﻛﺎن ﻳﺠﻌﻠﮫﻢ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ ﻋﻦ أﻧﻔﺴﮫﻢ‪) .‬اﻷوﻻد ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻛﺎﻧﻮا أﻗﻞ ﻣﯿًﻼ ﻟﻼﺗﻔﺎق ﻣﻊ ﺗﻠﻚ‬
‫اﻷﻧﻤﺎط اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﻌﻠﻮا ذﻟﻚ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﻌﺰز‬
‫ﻣﻦ ﻏﺮورھﻢ(‪.‬‬
‫ھﺬا اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻗﺪ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﺪاﻗﺔ‪ ،‬ﻓﺘﻜﻮن اﻟﻔﻜﺮة ھﻲ‪ :‬ﻛﻠﻤﺎ أﺻﺒﺤﺖ أﻧﺖ أﻗﻞ‪ ،‬ﺷﻌﺮت أﻧﺎ ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ أﻛﺜﺮ ﻋﻦ‬
‫ﻧﻔﺴﻲ ‪.‬‬
‫ذات ﻳﻮم ﻛﻨﺖ أﺗﺤﺪث إﻟﻰ ﺻﺪﻳﻘﺔ ﻋﺰﻳﺰة ﻣﺘﻌﻘﻠﺔ‪ ،‬وﻛﻨﺖ ﻣﻨﺪھﺸﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﺤﻤﻠﮫﺎ ﻟﺴﻠﻮﻛﯿﺎت ﺑﻌﺾ أﺻﺪﻗﺎﺋﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻛﻨﺖ أﺗﺴﺎءل ﻋﻦ أﺳﺒﺎب ﺗﻜﻮﻳﻨﮫﺎ ﺻﺪاﻗﺔ‬
‫ﻣﻊ ھﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص؛ ﻓﻮاﺣﺪة ﻣﻨﮫﻦ ﺗﺘﺼﺮف ﻛﺜﯿًﺮا ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻏﯿﺮ ﻣﺴﺌﻮل‪ ،‬واﻷﺧﺮى ﺗﻐﺎزل زوج ﺻﺪﻳﻘﺘﻲ ﺑﻼ‬
‫ﺧﺠﻞ‪ .‬وﻛﺎن رد ﺻﺪﻳﻘﺘﻲ أن ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻟﺪﻳﻪ ﻓﻀﺎﺋﻞ‬
‫ﻘﺎ ﻋﻦ أﺷﺨﺎص ﻣﺜﺎﻟﯿﯿﻦ ﺳﺘﺘﻀﺎءل داﺋﺮة ﻣﻌﺎرﻓﻚ ﻛﺜﯿًﺮا‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻛﺎن ھﻨﺎك أﻣﺮ واﺣﺪ ﻻ‬ ‫وﻧﻘﺎﺋﺺ‪ ،‬وأﻧﻚ إذا ﺑﺤﺜﺖ ﺣ ًّ‬
‫ﺗﺘﺤﻤﻠﻪ‪ :‬اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﻌﻠﻮﻧﮫﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺴﻮء‬
‫ﺗﺠﺎه ذاﺗﮫﺎ‪.‬‬
‫ﺟﻤﯿﻌﻨﺎ ﻧﻌﺮف ھﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص‪ ،‬ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻣﺘﺄﻟﻘﯿﻦ وﺳﺎﺣﺮﻳﻦ وﻣﺮﺣﯿﻦ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ أن ﺗﻘﺘﺮب ﻣﻨﮫﻢ ﺗﺸﻌﺮ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻀﺎؤل‪ .‬ﻗﺪ ﺗﺴﺄل‪" :‬ھﻞ أؤذي ﻧﻔﺴﻲ ﺑﮫﺬا اﻟﺸﻜﻞ؟"‬
‫وﻟﻚــن غــاﻟﺒًﺎ مــا ﻳﻚــوﻧﻮن هـم مـن ﻳﺢـاوﻟﻮن تـﻋﺰﻳﺰ شـﻋﻮرھﻢ ﺑﺄﻧﻔﺲـھﻢ مـن خـﻻل إظـھﺎر ﺗﻢـﻳﺰھﻢ‬
‫واﻻﻧﺘﻖـاص ﻣﻦـك‪ .‬قـد ﻳﻚـون ذلـك مـن خـﻻل اﻟﺢـط مـن قـدرك ﺑﺶـدة أو‬
‫ﺤﯿﱠﺔ( ﻹﺛﺒﺎت ﻗﯿﻤﺘﮫﻢ‪.‬‬
‫ﺿ ِ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻚ ﺑﻼ ﻣﺒﺎﻻة‪ .‬ﺳﻮاء ھﺬا أو ذاك‪ ،‬ﻓﺄﻧﺖ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ ﻣﺠﺮد أداة )و َ‬
‫ﻛﻨﺖ أﺣﻀﺮ ﺣﻔﻞ ﺗﻜﺮﻳﻢ ﻟﺼﺪﻳﻘﺘﻲ وأﻟﻘﺖ اﺑﻨﺘﮫﺎ ﺧﻄﺎﺑًﺎ‪ ،‬ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﺮض أﻧﻪ ﻟﺘﻜﺮﻳﻤﮫﺎ‪ .‬ﺗﺤﺪﺛﺖ اﺑﻨﺘﮫﺎ ﻋﻦ اﺣﺘﯿﺎج‬
 ‫ﺻﺪﻳﻘﺘﻲ اﻟﺸﺪﻳﺪ إﻟﻰ اﻟﺤﺐ‪ ،‬وﻋﻦ ﺣﻈﮫﺎ اﻟﺮاﺋﻊ ﻷﻧﮫﺎ‬
‫وﺟﺪت ﺷﺎﺑًّﺎ أﺻﻐﺮ ﻣﻨﮫﺎ ﺳ ًﻨّﺎ ﻟﺘﺘﺰوﺟﻪ وﻳﻤﻨﺤﮫﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺐ‪ .‬ﺛﻢ ﻗﺎﻟﺖ‪" :‬ھﺬا ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺰاح"‪ ،‬ﺛﻢ‬
‫ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﺟﻤﺎل ﺻﺪﻳﻘﺘﻲ وذﻛﺎﺋﮫﺎ وﺑﺮاﻋﺘﮫﺎ ﻛﺄم‪ .‬ﺑﻌﺪ ھﺬا‬
‫اﻟﺜﻨﺎء‪ ،‬وﺟﺪﺗﻨﻲ ﻓﺠﺄة أﺗﺬﻛﺮ اﻟﻤﻘﻮﻟﺔ‪" :‬ﻣﻊ أﺻﺪﻗﺎء ﻛﮫﺆﻻء‪ ،‬أﻧﺖ ﻟﺴﺖ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ أﻋﺪاء"‪.‬‬
‫ﺼﺎ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ أن ﺗﺪرك أن أﺻﺪﻗﺎءك ﻻ ﻳﺘﻤﻨﻮن ﻟﻚ اﻟﺨﯿﺮ‪ .‬ذات ﻟﯿﻠﺔ‪ ،‬ﺣﻠﻤﺖ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﺣﻠﻢ ﻣﺸﺮق‪ .‬رأﻳﺖ ﺷﺨ ً‬
‫أﻋﺮﻓﻪ ﺟﯿًﺪا دﺧﻞ ﻣﻨﺰﻟﻲ وأﺧﺬ ﻛﻞ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻲ اﻟﺜﻤﯿﻨﺔ‬
‫اﻟﻮاﺣﺪة ﺗﻠﻮ اﻷﺧﺮى‪ .‬وﻛﻨﺖ أﺳﺘﻄﯿﻊ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﻢ رؤﻳﺔ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث وﻟﻜﻨﻲ ﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻦ ھﻮ ھﺬا‬
‫اﻟﺸﺨﺺ‪ .‬ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻣﺎ‪ ،‬ﺳﺄﻟﺖ ھﺬا اﻟﺸﺨﺺ‪" :‬أﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺮك ھﺬا‬
‫ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻚ؛ ﻓﮫﻮ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻟﻲ"‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ اﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ أﺧﺬ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻟﻪ ﻗﯿﻤﺔ‪ .‬وﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح اﻟﺘﺎﻟﻲ أدرﻛﺖ ﻣﻦ‬
‫ھﻮ ھﺬا اﻟﺸﺨﺺ وﻣﺎذا ﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ‪ .‬ﺧﻼل اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‬
‫ظــل أحــد اﻟﺰمــﻻء ﻳﺘﺺـل بـي ﺑﺺـﻓﺔ ﻣﺲـﺗﻤﺮة ﻷسـاﻋﺪه فـي ﻋﻤﻞـه‪ .‬وﻛﻦـت ﻣﺾـطﺮة لـذﻟﻚ؛‬
‫ﻋﺎ ﺗﺢـت ضـﻏﻂ ﻛﺐـﻳﺮ‪ ،‬وﻛﻦـت سـﻋﯿﺪة فـي اﻟﺐـداﻳﺔ ﻻسـﺗﺨﺪام كـل‬ ‫ﻓﻖـد كـان واقـ ً‬
‫ﻣﮫﺎراﺗﻲ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻪ‪ .‬وﻟﻜﻦ اﻷﻣﺮ ﻛﺎن ﺑﻼ ﻧﮫﺎﻳﺔ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺘﺒﺎدًﻻ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎن ﻳﻌﺎﻗﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬ﻻ ﺗﻌﺘﻘﺪي‬
‫ﻚ ﺗﺴﺘﻄﯿﻌﯿﻦ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﺠﻮدة‪.‬‬ ‫أﻧ ِ‬
‫ﺗﺴﺘﻄﯿﻌﯿﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻲ ﻋﻠﻰ إﺻﻼح ﻋﻤﻠﻲ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻚ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﯿﻌﯿﻦ أﺑًﺪا أن ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻹﺑﺪاع"؛‬
‫أراد أن ﻳﺤﻂ ﻣﻦ ﻗﺪري ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ أن ﻟﻲ ﻓﻀًﻼ ﻋﻠﯿﻪ‪.‬‬
‫ﺪا ﻟﮫﺬا‪.‬‬ ‫ﻲ أن أﺿﻊ ﺣ ًّ‬ ‫أﺧﺒﺮﻧﻲ ﺣﻠﻤﻲ أن ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﻀﺎ‪ .‬ﻻ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻨﻲ أﺣﻂ ﻣﻦ ﻗﺪر اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ‬ ‫أﺧﺸﻰ أﻧﻨﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻛﻨﺖ ﻣﺬﻧﺒﺔ أﻳ ً‬
‫ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ إﺛﺒﺎت ﻗﺪرك‪ ،‬ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ ذﻟﻚ‪.‬‬
‫ذات ﻣﺮة‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ طﺎﻟﺒﺔ دراﺳﺎت ﻋﻠﯿﺎ‪ ،‬ﻛﻨﺖ أﺳﺘﻘﻞ اﻟﻘﻄﺎر اﻟﻤﺘﺠﻪ إﻟﻰ ﻧﯿﻮﻳﻮرك وأﺟﻠﺲ ﺑﺠﻮار رﺟﻞ‬
‫أﻋﻤﺎل ﻟﻄﯿﻒ‪ .‬أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻨﺎ ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﺑﺴﺮور ﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺷﯿﺎء‬
‫ﺧﻼل اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺬي اﺳﺘﻐﺮق ﺳﺎﻋﺔ وﻧﺼﻒ اﻟﺴﺎﻋﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﻗﺎل ﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ‪" :‬ﺷﻜًﺮا ﻟﺤﺪﻳﺜﻚ ﻟﻲ ﻋﻦ‬
‫ﻘﺎ‪ .‬ﻛﺎن ھﺬا اﻟﺸﺨﺺ ھﻮ اﻹﺛﺒﺎت‬ ‫ﻧﻔﺴﻚ"‪ .‬ﺻﺪﻣﻨﻲ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺣ ًّ‬
‫ﺪ أي‬ ‫ُ‬
‫ﺤﺎ‪ ،‬وھﺬا ﻣﺎ اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ھﺬا اﻟﺸﺨﺺ ﻹﺛﺒﺎﺗﻪ؛ ﻓﻠﻢ أﺑ ِ‬ ‫ﻤﺎ وذﻛﯿًّﺎ وﻧﺎﺟ ً‬ ‫اﻟﺬي ﻛﻨﺖ أﺣﻠﻢ ﺑﻪ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن وﺳﯿ ً‬
‫ﻣﺎ ﺑﻪ ﻛﻤﺮآة ﺗﻌﻜﺲ‬ ‫اھﺘﻤﺎم ﺑﺸﺨﺼﻪ‪ ،‬ﻓﻘﻂ أﺑﺪﻳﺖ اھﺘﻤﺎ ً‬
‫ﺳﺎ ذا ﻗﯿﻤﺔ أﻛﺒﺮ‪.‬‬ ‫ﺗﻤﯿﺰي‪ .‬وﻟﺤﺴﻦ ﺣﻈﻲ أن ﻣﺎ ﻋﻜﺴﻪ ﻟﻲ ﻛﺎن در ً‬
‫ھﻨﺎك ﺣﻜﻤﺔ ﺗﻘﻠﯿﺪﻳﺔ ﺗﻘﻮل إﻧﻚ ﺗﻌﺮف ﻣﻦ ھﻢ أﺻﺪﻗﺎؤك اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﻮن ﻓﻲ وﻗﺖ اﻟﺤﺎﺟﺔ‪ .‬وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ھﺬا اﻟﺮأي ﻟﻪ‬
‫ﻗﯿﻤﺔ‪ .‬ﻓﺎﻟﺴﺆال ھﻮ‪ :‬ﻣﻦ ﺳﯿﻘﻒ ﺑﺠﺎﻧﺒﻚ ﻛﻞ ﻳﻮم ﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﺸﻜﻠﺔ؟ ﺑﻞ أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻳﻜﻮن ھﻨﺎك ﺳﺆال أﻛﺜﺮ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻳﻘﻮل‪ :‬ﻣﻦ ﺳﯿﻜﻮن ﺳﻌﯿًﺪا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺤﺪث ﻟﻚ أﻣﻮر‬
‫ﻌﺎ‪/‬زوﺟﺔ راﺋﻌﺔ‪ ،‬أو‬ ‫ﺟﺎ راﺋ ً‬
‫ﺟﯿﺪة؟ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺠﺪ‪/‬ﺗﺠﺪﻳﻦ زو ً‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻞ راﺋﻊ أو ﺗﺮﻗﯿﺔ ﻣﮫﻤﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻚ‪ ،‬أو ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﻠﻲ طﻔﻠﻚ ﺑﻼًء ﺣﺴًﻨﺎ‪ ،‬ﻣﻦ ﺳﯿﻜﻮن‬
‫ﻣﺴﺮوًرا ﻟﺴﻤﺎع ذﻟﻚ؟‬
‫إﺧﻔﺎﻗﺎﺗﻚ وﺷﻘﺎؤك ﻻ ﻳﮫﺪد ﺷﻌﻮر اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺎﺣﺘﺮام اﻟﺬات‪ .‬ﻣﻦ وﺟﮫﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﺬاﺗﯿﺔ‪ ،‬ﻣﻦ اﻟﺴﮫﻞ أن ﻳﺘﻌﺎطﻒ‬
‫اﻟﻤﺮء ﻣﻊ ﺷﺨﺺ ﻓﻲ ﻣﺄزق‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻗﺪراﺗﻚ وﻧﺠﺎﺣﺎﺗﻚ ھﻲ‬
‫ﻣﺎ ﺗﻤﺜﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻤﺪون اﺣﺘﺮاﻣﮫﻢ ﻟﺬاﺗﮫﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺷﻌﻮرھﻢ ﺑﺎﻟﺘﻤﯿﺰ‪.‬‬

‫اﻟﺨﺠﻞ‬
‫فــــي ﺑﻊــــض اﻷﺣﻲــان‪ ،‬ﻳﻚــون اﻟﺨﺞــل هــو اﻟﻮجــه اﻵخــر ﻟﻢــا ﻛﻦــا ﻧﺘﺢــدث ﻋﻦــه‪ .‬ﻛﻦــا ﻧﺲــﺗﻌﺮض‬
‫ﺻﺎ ﻳﺲــﺗﺨﺪﻣﻮن اﻵخــرﻳﻦ ﺣﺖــى يــرﻓﻌﻮا مــن الــروح اﻟﻤﻌﻨﻮيــة ﻷﻧﻔﺲــھﻢ‪.‬‬ ‫أشــﺧﺎ ً‬
‫اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺨﺠﻮﻟﻮن ﻳﺨﺸﻮن أن ﻳﺤﻂ اﻵﺧﺮون ﻣﻦ ﻗﺪرھﻢ أو أن ُﺗﻄﻠﻖ اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﯿﮫﻢ أو أن ﻳﺘﻌﺮﺿﻮا‬
‫ﻟﻺﺣﺮاج ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪.‬‬
‫اﻟﺨﺠﻞ ﻗﺪ ﻳﻌﻮق اﻷﺷﺨﺎص ﻋﻦ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﺼﺪاﻗﺎت وﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻌﻼﻗﺎت‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﻣﻊ أﺷﺨﺎص ﺟﺪد‪ ،‬ﻳﻘﻮل‬
‫اﻟﺨﺠﻮﻟﻮن إﻧﮫﻢ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺘﻮﺗﺮ وﺗﺘﺴﺎرع ﻧﺒﻀﺎت‬
‫ﻗﻠﻮبــــھﻢ وﺗﺤﻢــــر وﺟﻨﺎتــــھﻢ ﺧﺞــــًﻻ‪ ،‬وإنـــھﻢ ﻳﺘﺠﻨﺐــون اﻟﺘﻮاصــل اﻟﺒﺺــري‪ ،‬بــل قــد‬
‫ﻳﺢــاوﻟﻮن إنــھﺎء هــذا اﻟﺘﻊــاﻣﻞ ﺑﺄســرع وقــت ﻣﻤﻚــن‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬قــد ﻳﻚــون اﻷشــﺧﺎص‬
‫ﮫﺮون ذﻟﻚ أﻣﺎم ﺷﺨﺺ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ‪ .‬وھﻢ‬ ‫اﻟﺨﺠﻮﻟﻮن راﺋﻌﯿﻦ وﻣﺜﯿﺮﻳﻦ ﻟﻼھﺘﻤﺎم‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻻ ُﻳﻈ ِ‬
‫ﻳﻌﻠﻤﻮن ذﻟﻚ‪.‬‬
‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻧﺘﻌﻠﱠﻤﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ ﺑﺸﺄن اﻟﺨﺠﻞ؟ ﻗﺎﻣﺖ "ﺟﯿﻨﯿﻔﺮ ﺑﯿﺮ" ﺑﺪراﺳﺔ ﻣﺌﺎت اﻷﺷﺨﺎص ﻟﺘﻜﺘﺸﻒ ھﺬا‪.‬‬
‫ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻘﯿﺎس ﻋﻘﻠﯿﺎت اﻷﺷﺨﺎص‪ ،‬وﺗﻘﯿﯿﻢ ﺧﺠﻠﮫﻢ‪ ،‬ﺛﻢ‬
‫ﺟﻤﻌﺖ ﻛﻞ اﺛﻨﯿﻦ ﻣﻨﮫﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺮة اﻟﻮاﺣﺪة ﻟﯿﻌﺮف ﺑﻌﻀﮫﻢ ﺑﻌ ً‬
‫ﻀﺎ‪ .‬وﺗﻢ ﺗﺼﻮﻳﺮ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ ،‬وﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺷﺎھﺪ اﻟﻔﯿﻠﻢ‬
‫ﻣﻘﯿِ ّﻤﻮن ﻣﺪﱠرﺑﻮن وﻗﺎﻣﻮا ﺑﺘﻘﯿﯿﻢ ھﺬا اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ‪.‬‬
‫وﺟﺪت "ﺑﯿﺮ" أوًﻻ‪ :‬أن اﻷﺷﺨﺎص ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﯿًﻼ إﻟﻰ اﻟﺨﺠﻞ‪ .‬ھﺬا أﻣﺮ ﻣﻨﻄﻘﻲ؛ ﻓﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‬
‫ﻘﺎ ﺑﺸﺄن إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﯿﻪ‪ ،‬وھﺬا‬ ‫ﺗﺠﻌﻞ اﻟﺸﺨﺺ ﻗﻠ ً‬
‫ﻗﺪ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻣﺘﺤﻔﻈًﺎ وﻣﺘﻮﺗًﺮا‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻛﺎن ھﻨﺎك اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺨﺠﻮﻟﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﺤﺼﺘﮫﻢ‬
 ‫ﻣﻠﯿًّﺎ‪ ،‬وﺟﺪت ﺷﯿًﺌﺎ أﻛﺜﺮ إﺛﺎرة ﻟﻼھﺘﻤﺎم‪.‬‬
‫ﺿﱠﺮ اﻟﺨﺠﻞ ﺑﺎﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﺷﺨﺎص ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻀﺮ اﻟﻌﻼﻗﺎت‬ ‫أ َ‬
‫اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻟﻸﺷﺨﺎص ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ‪ .‬ﺗﻘﺪﻳﺮات اﻟﻤﺮاﻗﺒﯿﻦ‬
‫أظﮫﺮت ‪ -‬ﺑﺮﻏﻢ أن اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺨﺠﻮﻟﯿﻦ ﺳﻮاٌء ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ أو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺑﺪوا ﻣﺘﻮﺗﺮﻳﻦ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺧﻼل‬
‫اﻟﺪﻗﺎﺋﻖ اﻟﺨﻤﺲ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ‪ -‬أن اﻷﺷﺨﺎص‬
‫اﻟﺨﺠﻮﻟﯿﻦ ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ أظﮫﺮوا ﻣﮫﺎرات اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ أﻛﺒﺮ‪ ،‬وﻛﺎﻧﻮا ﻣﺤﺒﻮﺑﯿﻦ أﻛﺜﺮ وأﻗﺎﻣﻮا ﺗﻮاﺻًﻼ أﻛﺜﺮ ﻣﺘﻌﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬ﺑﺪأوا ﻳﺒﺪون ﻛﺄﻧﮫﻢ ﻏﯿﺮ ﺧﺠﻮﻟﯿﻦ‪.‬‬
‫ﺣﺪث ھﺬا ﻟﻌﺪة أﺳﺒﺎب وﺟﯿﮫﺔ‪ .‬أﺣﺪ اﻷﺳﺒﺎب‪ ،‬أن اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺨﺠﻮﻟﯿﻦ ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻰ‬
‫اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻛﺘﺤﺪﻳﺎت؛ ﻓﺒﺮﻏﻢ أﻧﮫﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺸﻌﺮون‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻮﺗﺮ‪ ،‬رﺣﺒﻮا ﺑﻔﺮﺻﺔ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺷﺨﺺ ﺟﺪﻳﺪ‪ .‬أﻣﺎ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺨﺠﻮﻟﻮن ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﺄرادوا أن ﻳﺘﺠﻨﺒﻮا‬
‫ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺷﺨﺺ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ذا ﻣﮫﺎرات اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ أﻛﺒﺮ‪.‬‬
‫ﻗﺎ ﺑﺶــأن ارﺗﻚــاب اﻷﺧﻂــاء‪ .‬لــذﻟﻚ ﻓﺎﻷشــﺧﺎص ذوو اﻟﻌﻘﻠﻲــة‬ ‫قــاﻟﻮا إنــھﻢ كــاﻧﻮا أﻛﺚــر ﻗﻞــ ً‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺖــة وذوو ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو واجــھﻮا اﻟﻢــوﻗﻒ بـاﺗﺠﺎھﺎت ﻣﺨﺘﻠﻒـة؛ ﻓﻚـان إذا خـاض‬
‫أﺣﺪھﻢ اﻟﺘﺤﺪي‪ ،‬ﻳﺨﺸﻰ اﻵﺧﺮ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﺨﻄﺮ‪.‬‬
‫ﺑﺘﺴﻠﺤﮫﻢ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺘﻮﺟﮫﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ،‬ﻓﺈن اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺨﺠﻮﻟﯿﻦ ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺷﻌﺮوا ﺑﺨﺠﻞ وﺗﻮﺗﺮ أﻗﻞ ﻣﻊ‬
‫ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺨﺠﻮﻟﯿﻦ ذوي‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ظﻠﻮا ﻣﺘﻮﺗﺮﻳﻦ واﺳﺘﻤﺮوا ﻓﻲ ﻓﻌﻞ أﻣﻮر اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻣﺤﺮﺟﺔ‪ ،‬ﻣﺜﻞ ﺗﺠﻨﺐ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺒﺼﺮي أو‬
‫ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﺠﻨﺐ اﻟﺤﺪﻳﺚ‪.‬‬
‫ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ رؤﻳﺔ ﻛﯿﻒ ﺗﺆﺛﺮ ﺗﻠﻚ اﻷﻧﻤﺎط ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟﺼﺪاﻗﺎت‪ .‬ﻳﺘﺤﻜﻢ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺨﺠﻮﻟﻮن ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‬
‫دا‪ ،‬وﺑﻌﺪ‬ ‫ﺻﺎ ﺟﺪ ً‬
‫ﻓﻲ ﺧﺠﻠﮫﻢ‪ ،‬وﻳﺨﺮﺟﻮن وﻳﻘﺎﺑﻠﻮن أﺷﺨﺎ ً‬
‫أن ﻳﮫﺪأ ﺗﻮﺗﺮھﻢ ﺗﺘﻄﻮر ﻋﻼﻗﺎﺗﮫﻢ ﺑﺸﻜﻞ طﺒﯿﻌﻲ؛ ﻓﻼ ﻳﻀﺮھﻢ ﺧﺠﻠﮫﻢ‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺨﺠﻮﻟﻮن ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻓﯿﺘﺤﻜﻢ ﺑﮫﻢ ﺧﺠﻠﮫﻢ‪ ،‬وﻳﻌﻮﻗﮫﻢ ﻋﻦ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ أﺷﺨﺎص ﺟﺪد‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺨﻮﺿﻮن ﺗﻠﻚ‬
‫اﻟﻤﻮاﻗﻒ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺗﺤﻔﻈﮫﻢ وﻣﺨﺎوﻓﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻳﺮﺳﻢ "ﺳﻜﻮت وﻳﺘﺴﻠﺮ"‪ ،‬اﻟﻤﻌﺎﻟﺞ وأﺳﺘﺎذ اﻟﻄﺐ اﻟﻨﻔﺴﻲ‪ ،‬ﺻﻮرًة ﻟﻠﻤﺮﻳﺾ "ﺟﻮرج" اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻤﻌﺎﻟﺠﺘﻪ‪،‬‬
‫ﺻﻮرة اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺨﺠﻮل ذي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬ﻛﺎن "ﺟﻮرج"‬
‫ﻘﺎ ‪ -‬وﻳﺨﺸﻰ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ أن ﻳﺒﺪو ﻛﺒﯿًﺮا‬ ‫ﺧﺠﻮًﻻ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ اﻟﻨﺴﺎء‪ .‬ﻛﺎن ﻳﺘﻮق ﻷن ﻳﺒﺪو ھﺎدﺋًﺎ وظﺮﻳ ً‬
‫ﻔﺎ وواﺛ ً‬
‫ﻔﺎ ‪ -‬ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻪ ﺗﺠﻤﺪ وﺗﺼﺮف ﺑﺒﺮود‪.‬‬ ‫ﻓﻲ اﻟﺴﻦ وﺳﺨﯿ ً‬
‫ﻜﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻟﺪرﺟﺔ أﻧﻪ ﺑﺪأ ﻳﺘﺠﻨﺒﮫﺎ‪ .‬وذات ﻳﻮم‪ ،‬ﻗﺎﺑﻠﺘﻪ ﻓﻲ‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأت زﻣﯿﻠﺘﻪ "ﺟﯿﻦ" ﻓﻲ إطﺮاﺋﻪ‪ ،‬أﺻﺒﺢ ﻣﺮﺗﺒ ً‬
‫ﻣﻄﻌﻢ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ واﻗﺘﺮﺣﺖ ﻋﻠﯿﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻟﻄﯿﻒ أن‬
‫ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﮫﺎ اﻟﺠﻠﻮس ﻣﻌﻪ‪ .‬وﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ رد ﻣﻨﺎﺳﺐ ﻳﺜﯿﺮ إﻋﺠﺎﺑﮫﺎ‪ ،‬رد ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬ﻻ ﻳﮫﻤﻨﻲ إذا ﻣﺎ‬
‫ﺖ أم ﻻ"‪.‬‬
‫ﺟﻠﺴ ِ‬
‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻓﻌﻠﺘﻪ ﻳﺎ "ﺟﻮرج"؟ ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﺤﺎول ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ أن ﺗﺮﻓﻀﻪ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ‪ ،‬وذﻟﻚ ﺑﻤﺤﺎوﻟﺘﻪ أن ﻳﺒﺪو ﻏﯿﺮ‬
‫ﻣﮫﺘﻢ ﻛﺜﯿًﺮا‪ .‬وﻛﺎن ﻳﺤﺎول إﻧﮫﺎء ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﻤﺤﺮج‪.‬‬
‫ﻌﺎ وﺧﺮﺟﺖ "ﺟﯿﻦ" ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻌﻢ‬ ‫ﻤﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬واﻧﺘﮫﻰ اﻟﻤﻮﻗﻒ ﺳﺮﻳ ً‬ ‫ﻘﺎ ﻣﮫﺘ ًّ‬ ‫وﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻧﺠﺢ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﺒُﺪ ﺣ ًّ‬
‫ﻣﺘﻌﺠﻠﺔ‪ .‬ﻛﺎن "ﺟﻮرج" ﻣﺜﻞ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ أﺟﺮت‬
‫ﻋﻠﯿﮫﻢ "ﺟﯿﻨﯿﻔﺮ ﺑﯿﺮ" دراﺳﺘﮫﺎ‪ ،‬أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎن ﻳﺘﺤﻜﻢ ﺑﮫﻢ ﺧﻮﻓﮫﻢ ﻣﻦ أن ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮫﻢ اﻷﺣﻜﺎم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ‬
‫وﻛﺎﻧﻮا ﻳﻤﺘﻨﻌﻮن ﻋﻦ إﻗﺎﻣﺔ ﺗﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫ﺳﺎﻋﺪ "وﻳﺘﺴﻠﺮ" "ﺟﻮرج" ﺗﺪرﻳﺠﯿًّﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺎوز ﺗﺮﻛﯿﺰه اﻷوﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺧﻮﻓﻪ ﻣﻦ أن ﻳﺘﻢ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﯿﻪ‪ .‬ﻓﻲ‬
‫اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ أدرك "ﺟﻮرج" أن "ﺟﯿﻦ" ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺮﻳﺪ إطﻼق‬
‫أﺣﻜﺎم ﻋﻠﯿﻪ أو إھﺎﻧﺘﻪ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺎول اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﯿﻪ‪ .‬وﺑﻌﺪ أن ﺗﻐﯿﺮ ﺗﺮﻛﯿﺰه ﻣﻦ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم إﻟﻰ اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ‬
‫ﻋﻠﻰ إﻗﺎﻣﺔ ﻋﻼﻗﺔ‪ ،‬ﺗﻤﻜﻦ "ﺟﻮرج" ﻓﻲ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ‬
‫واﻟﺘﻒــاھﻢ‪ .‬ورغــم ﺗﻮتــره‪ ،‬ذهــب إلــى "جــﻳﻦ" وقــدم لــھﺎ اﻻﻋﺖــذار عــن ســﻟﻮﻛﻪ اﻟﻒــظ وطﻞــب‬
‫ﻣﻦــھﺎ ﺗﻦــاول اﻟﻎــداء ﻣﻊــه‪ ،‬فــواﻓﻘﺖ "جــﻳﻦ"‪ .‬واﻷﻛﺚــر مـن ذلـك‪ ،‬أنـھﺎ لـم ﺗﻚـن‬
‫اﻧﺘﻘﺎدﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺨﺸﻰ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺘﻨﻤﺮون واﻟﻀﺤﺎﻳﺎ‪ :‬إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺘﻘﺎم‬

‫س فـي‬
‫ﻧﻊــود ﻟﻠﺢــدﻳﺚ عــن الــرﻓﺾ؛ ﻷن اﻟﻦــاس ﻻ ﻳﺶــﻋﺮون ﺑﺄنــھﻢ ﻣﺮﻓﻮضــون ﺑﺶـﻛﻞ قـا ٍ‬
‫ﻋﻼقـات اﻟﺢـب ﻓﻖـط‪ ،‬بـل ﻳﺢـدث هـذا كـل يـوم فـي اﻟﻢـدارس‪ .‬بـدًءا مـن اﻟﻢـدارس‬
‫اﻻﺑﺘﺪاﺋﯿﺔ‪ ،‬ﻳﻘﻊ ﺑﻌﺾ اﻷطﻔﺎل ﺿﺤﺎﻳﺎ‪ ،‬ﻳﺘﻢ اﻻﺳﺘﮫﺰاء ﺑﮫﻢ وﻣﻀﺎﻳﻘﺘﮫﻢ وﺿﺮﺑﮫﻢ‪ ،‬ﻟﯿﺲ ﻷﻧﮫﻢ ﻓﻌﻠﻮا أي ﺧﻄﺄ‪ ،‬ﺑﻞ‬
‫ﻗﺪ ﻳﺤﺪث ﻟﮫﻢ ذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﺷﺨﺼﯿﺘﮫﻢ اﻟﺨﺠﻮﻟﺔ‬
‫أو ﻣﻈﮫﺮھﻢ أو ﺧﻠﻔﯿﺘﮫﻢ أو ﻣﺪى ذﻛﺎﺋﮫﻢ )أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻷﻧﮫﻢ ﻟﯿﺴﻮا أذﻛﯿﺎء ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺎ ٍ‬
‫ف أو ﻷﻧﮫﻢ أذﻛﯿﺎء ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ(‪ .‬ﻳﻤﻜﻦ‬
‫أن ﻳﺤﺪث ذﻟﻚ ﺑﺼﻔﺔ ﻳﻮﻣﯿﺔ؛ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺤﯿﺎة‬
‫ﺳﺎ وُﻳﻨﺬر ﺑﺴﻨﻮات ﻣﻦ اﻻﻛﺘﺌﺎب واﻟﻐﻀﺐ‪.‬‬‫ﻛﺎﺑﻮ ً‬
 ‫وﻟﺘﺰداد اﻷﻣﻮر ﺳﻮًءا‪ ،‬ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻻ ﺗﻔﻌﻞ اﻟﻤﺪارس ﺷﯿًﺌﺎ ﺣﯿﺎل ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻷﻧﻪ ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﺑﻌﯿًﺪا ﻋﻦ أﻋﯿﻦ‬
‫اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬أو ﻷن ﻣﻦ ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ھﻢ طﻼب اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻤﻔﻀﻠﻮن‪،‬‬
‫ﻛﺎﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻠﻌﺒﻮن اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ‪ .‬ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻳﻜﻮن اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ‪ ،‬ﻻ اﻟﻤﺘﻨﻤﺮون‪ ،‬ھﻢ ﻣﻦ ﻳﻤﺜﻠﻮن‬
‫ﻣﺸﻜﻠﺔ أو ﻳﻌﺘﺒﺮون ﻏﯿﺮ ﻣﻼﺋﻤﯿﻦ‪.‬‬
‫أﻋﺎر ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ اﻟﻘﻠﯿﻞ ﻣﻦ اﻻھﺘﻤﺎم ﻟﮫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﺣﺘﻰ وﻗﺖ ﻗﺮﻳﺐ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺪث إطﻼق ﻧﺎر ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺔ‪ .‬ﻓﻲ‬
‫ﻣﺪرﺳﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﺎﻳﻦ‪ ،‬اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻷﺳﻮأ ﺳﻤﻌﺔ‪ ،‬ﺗﻨﻤﺮ ﺻﺒﯿﺎن ﺑﻼ‬
‫رﺣﻤﺔ ﻟﻤﺪة ﺳﻨﻮات‪ .‬ﻳﺼﻒ أﺣﺪ اﻟﻄﻼب اﻟﺬي ﻛﺎن أﺣﺪ ﺿﺤﺎﻳﺎ ﻋﻨﻔﮫﻢ ﻣﺎ ﻛﺎﺑﺪه ھﻮ وزﻣﻼؤه ﺧﻼل ﺳﻨﻮات‬
‫دراﺳﺘﮫﻢ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺨَﺰانـات‬
‫فــي أروقــة اﻟﻤﺪرســة كــان طــﻻب اﻷﻟﻊــاب اﻟﺮﻳﺎضــﻳﺔ ﻳﻖـذﻓﻮن ﺑﺰﻣﻼئـھﻢ فـي اﻟ ِ‬
‫وﻳﻨﻌﺘﻮنـھﻢ ﺑﺄسـﻣﺎء مـھﯿﻨﺔ ﺑﯿﻨﻢـا ﻳﺾـﺣﻚ اﻵخـرون‪ .‬وفـي ﻓﺖـرة اﻟﻎـداء‪ ،‬ﻳﻠﻖـي اﻟﻂـﻻب‬
‫اﻟﻤﺘﻨﻢــرون صــواﻧﻲ اﻟﻄﻊــام اﻟﺨﺎصــة ﺑﺾــﺣﺎﻳﺎھﻢ ﻋﻞــى اﻷرض‪ ،‬أو ﻳﺠﻌﻠﻮنـھﻢ ﻳﺘﻌﺚـرون أو ﻳﻠﻖـون‬
‫ﻋﻠﻲـھﻢ اﻟﻄﻊـام‪ .‬وﺑﯿﻨﻢـا ﻳﺘﻦـاول اﻟﺾـﺣﺎﻳﺎ طﻌﺎمـھﻢ قـد ﻳﺖـم دﻓﻊـھﻢ مـن‬
‫ﻊ اﻟﻤﺘﻨﻤﺮون‬ ‫ﺳ ُ‬
‫اﻟﺨﻠﻒ ﺑﺎﺗﺠﺎه اﻟﻄﺎوﻟﺔ‪ .‬وﻓﻲ ﻏﺮف ﺗﺒﺪﻳﻞ اﻟﻤﻼﺑﺲ ﻗﺒﻞ ﺣﺼﺔ اﻟﺘﻤﺎرﻳﻦ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ‪ ،‬ﻗﺪ ُﻳﻮ ِ‬
‫زﻣﻼءھﻢ ﺿﺮﺑًﺎ؛ ﻷن اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ ﻏﯿﺮ ﻣﻮﺟﻮدﻳﻦ‪.‬‬

‫ﻣﻦ ھﻢ اﻟﻤﺘﻨﻤﺮون؟‬
‫اﻟﺘﻨﻤﺮ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم‪ ،‬ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ إﺛﺒﺎت ﻣﻦ أﻛﺜﺮ ﻗﯿﻤﺔ وأھﻤﯿﺔ‪ .‬اﻟﻄﻼب اﻷﻛﺜﺮ ﻗﻮة ﻳﻄﻠﻘﻮن‬
‫اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻼب اﻷﻗﻞ ﻗﻮة‪ ،‬ﻳﺤﻜﻤﻮن ﻋﻠﯿﮫﻢ ﺑﺄﻧﮫﻢ ﺑﺸﺮ‬
‫أﻗﻞ ﻗﯿﻤﺔ‪ ،‬وﻳﻌﻤﻠﻮن ﻋﻠﻰ إﺛﺒﺎت ذﻟﻚ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻮﻣﻲ‪ .‬وﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﯿﻪ اﻟﻤﺘﻨﻤﺮون ﻣﻦ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻛﻤﺎ‬
‫ھﻮ واﺿﺢ ﻣﻦ دراﺳﺔ "ﺷﯿﺮي ﻟﯿﻔﻲ"‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﻋﺰزوا ﺛﻘﺘﮫﻢ‬
‫ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ‪ .‬ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا أن ﻟﺪﻳﮫﻢ ﺛﻘﺔ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ‪ ،‬وﻟﻜﻦ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ وﻧﻌﺘﮫﻢ ﺑﺄﺳﻤﺎء‬
‫ﻣﮫﯿﻨﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺮﻓﻊ ﺛﻘﺘﮫﻢ ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺼﻠﻮن‬
‫ﻋﻞــــى وضــــع اﺟﺘﻢــــاﻋﻲ مــــن خــــﻻل أﻓﻌﺎلـــھﻢ؛ ﻓﻖــد ﻳﻌﺞــب اﻵخــرون بــھﻢ ويــرون أنــھﻢ‬
‫ظﺮفــاء وأﻗﻮيــاء أو مــرﺣﻮن‪ ،‬أو قــد ﻳﺨﺎﻓﻮنــھﻢ‪ ،‬ســواء هــذا أو ذاك‪ ،‬ﻟﻖــد رﻓﻊــوا‬
‫ﻣﻜﺎﻧﺘﮫﻢ‪.‬‬
‫ھﻦــــاك اﻟﻜﺚــﻳﺮ مــن ﺗﻔﻚــﻳﺮ اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة لــدى اﻟﻤﺘﻨﻢــرﻳﻦ؛ فــھﻢ يــرون أن ﺑﻊــض‬
‫اﻷشــﺧﺎص ﻣﺘﻢــﻳﺰون واﻟﺒﻊــض اﻵخــر أقــل قــدًرا‪ .‬واﻟﻤﺘﻨﻢــرون هــم مــن ﻳﺤﻜﻢــون‪" .‬إريــك‬
‫ھﺎرﻳﺲ"‪ ،‬ﻣﻦ أطﻠﻖ اﻟﻨﺎر ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﺎﻳﻦ‪ ،‬ﻛﺎن ھﺪﻓﮫﻢ اﻟﻤﺜﺎﻟﻲ؛ ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﻌﺎﻧﻲ ﺗﺸﻮ ً‬
‫ھﺎ ﻓﻲ اﻟﺼﺪر‪،‬‬
‫ﺳﺎ ﺑﻤﺠﺎل اﻟﻜﻤﺒﯿﻮﺗﺮ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ‬
‫وﻛﺎن ﻗﺼﯿًﺮا‪ ،‬وﻛﺎن ﻣﮫﻮو ً‬
‫ﺧﺎرج وﻻﻳﺔ ﻛﻮﻟﻮرادو اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻊ ﺑﮫﺎ اﻟﻤﺪرﺳﺔ؛ ﻓﺄطﻠﻘﻮا ﻋﻠﯿﻪ اﻷﺣﻜﺎم ﺑﻼ رﺣﻤﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ واﻻﻧﺘﻘﺎم‬
‫ﻀﺎ ﻓﻲ طﺮﻳﻘﺔ رد ﻓﻌﻞ اﻟﻀﺤﯿﺔ ﺗﺠﺎه اﻟﺘﻌﻨﯿﻒ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﻌﺮ اﻟﻨﺎس ﺑﺄﻧﮫﻢ‬ ‫ﻗﺪ ﺗﻠﻌﺐ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ دوًرا أﻳ ً‬
‫ﻣﻨﺒﻮذون ﺑﺸﺪة‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫﻢ ﻳﻨﺰﻋﻮن ﻟﻠﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺴﻮء ﺗﺠﺎه‬
‫أﻧﻔﺴﮫﻢ واﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻤﺮارة‪ ،‬ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄﻧﻪ ﺗﻢ اﻻﻧﺘﻘﺎص ﻣﻦ ﻗﺪرھﻢ ﺑﺸﺪة وﻳﺘﻤﻨﻮن أن ﻳﻨﺘﻘﺼﻮا ﻣﻦ ﻗﺪر أﺣﺪ‬
‫ﺻﺎ طﺒﯿﻌﯿﯿﻦ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ‪-‬‬‫ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ‪ .‬ﻓﻲ أﺑﺤﺎﺛﻨﺎ‪ ،‬رأﻳﻨﺎ أﺷﺨﺎ ً‬
‫ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﻮا أطﻔﺎًﻻ أم ﺑﺎﻟﻐﯿﻦ ‪ -‬ﻛﺎن رد ﻓﻌﻠﮫﻢ ﺗﺠﺎه اﻟﺮﻓﺾ ﺧﯿﺎﻻت ﻋﻨﯿﻔﺔ ﺣﻮل اﻻﻧﺘﻘﺎم‪.‬‬
‫ل ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ واﻟﻔﺎﻋﻠﯿﺔ‪ ،‬ﻋﻦ ﺗﺠﺎرب ﺷﻌﺮوا ﻓﯿﮫﺎ ﺑﺎﻟﺮﻓﺾ أو اﻟﺨﯿﺎﻧﺔ‪،‬‬ ‫ﺑﻌﺪ أن أﺧﺒﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﻐﻮن‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻋﺎ ٍ‬
‫ﻗﺎﻟﻮا ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ‪" :‬أرﻳﺪ أن أراه ﻣﯿًﺘﺎ"‪ ،‬أو "ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻲ‬
‫ﺧﻨﻘﮫﺎ ﺑﺴﮫﻮﻟﺔ"‪.‬‬
‫ﻋﻦــدﻣﺎ ﻧﺲــﻣﻊ عــن أﻋﻢــال ﻋﻦــف ﺑﺎﻟﻢــدارس‪ ،‬عــادة مــا ﻧﻆــن أن اﻷوﻻد اﻟﺲــﻳﺌﯿﻦ اﻟﻖــادﻣﯿﻦ مــن‬
‫بــﻳﻮت ســﻳﺌﺔ هـم ﻓﻖـط مـن ﻳﺲـﺗﻄﯿﻌﻮن ﻓﻊـل ذلـك‪ .‬وﻟﻚـن مـن اﻟﻢـدھﺶ أن‬
‫اﻟﻄﻼب اﻟﻌﺎدﻳﯿﻦ ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ھﻢ ﻣﻦ ﻳﻔﻜﺮون ﻓﻲ اﻻﻧﺘﻘﺎم اﻟﻌﻨﯿﻒ‪.‬‬
‫ﻗﺪﻣﻨﺎ ﻟﻄﻼب اﻟﺼﻒ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻓﻲ واﺣﺪة ﻣﻦ ﻣﺪارﺳﻨﺎ اﻟﻤﻔﻀﻠﺔ ﺳﯿﻨﺎرﻳﻮ ﻋﻦ اﻟﻌﻨﻒ‪ .‬طﻠﺒﻨﺎ ﻣﻨﮫﻢ أن ﻳﺘﺨﯿﻠﻮا أن‬
‫ھﺬا ﻳﺤﺪث ﻟﮫﻢ‪.‬‬
‫إنــھﺎ ســﻧﺔ دراســﻳﺔ جــدﻳﺪة وﺗﺐــدو اﻷمــور ﺗﺲــﻳﺮ ﺑﺶـﻛﻞ ﺟﻲـد ﻟﻠﻐﺎيـة‪ ،‬وﻓﺞـأة بـدأ ﺑﻊـض‬
‫اﻟﺺـﺑﯿﺔ ذاﺋﻊـي اﻟﺺـﻳﺖ فـي اﻟﻤﺪرسـة فـي ﻣﺾـاﻳﻘﺘﻚ وﻣﻦـاداﺗﻚ ﺑﺄسـﻣﺎء ﻣﺰﻋﺞـة‪ .‬فـي‬
‫اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺗﺘﻐﺎﺿﻰ ﻋﻦ ھﺬا؛ ﻓﺘﻠﻚ اﻷﻣﻮر ﻗﺪ ﺗﺤﺪث‪ .‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﺗﺴﺘﻤﺮ‪ ،‬ﻛﻞ ﻳﻮم ﻳﺘﺒﻌﻮﻧﻚ وﻳﺴﺨﺮون ﻣﻨﻚ وﻳﺴﺨﺮون‬
‫ﻣﻤﺎ ﺗﺮﺗﺪﻳﻪ‪ ،‬وﻳﺴﺨﺮون ﻣﻦ ھﯿﺌﺘﻚ‪ ،‬وﻳﻘﻮﻟﻮن ﻟﻚ‬
‫إﻧﻚ ﻓﺎﺷﻞ أﻣﺎم اﻟﺠﻤﯿﻊ‪ ،‬ﻛﻞ ﻳﻮم ﻳﺤﺪث ھﺬا‪.‬‬
‫ﺛﻢ طﻠﺒﻨﺎ ﻣﻨﮫﻢ أن ﻳﻜﺘﺒﻮا ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻔﻜﺮون ﺑﻪ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ وﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻪ أو ﻳﺮﻳﺪون ﻓﻌﻠﻪ‪.‬‬
‫أوًﻻ‪ :‬اﻟﻄﻼب ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ أﺧﺬوا اﻟﺤﺪث ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﻞ ﺷﺨﺼﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺎﻟﻮا‪" :‬ﻗﺪ أظﻦ أﻧﻨﻲ ﺷﺨﺺ ﺗﺎﻓﻪ وأﱠﻻ‬
‫أﺣﺪ ﻳﺤﺒﻨﻲ"‪ ،‬أو "ﻗﺪ أظﻦ أﻧﻨﻲ ﻏﺒﻲ وﻏﺮﻳﺐ وﻏﯿﺮ‬
‫ﻣﻼﺋﻢ"‪.‬‬
 ‫ﻔﺎ؛ ﻓﻘﺎﻟﻮا إﻧﮫﻢ ﻗﺪ ﻳﻨﻔﺠﺮون ﻏﻀﺒًﺎ ﻓﻲ ھﺆﻻء اﻷوﻻد وﻳﻠﻜﻤﻮﻧﮫﻢ ﻓﻲ وﺟﻮھﮫﻢ أو‬ ‫ﻣﺎ ﻋﻨﯿ ً‬ ‫ﺛﻢ أرادوا اﻧﺘﻘﺎ ً‬
‫ﻳﺪھﺴﻮﻧﮫﻢ‪ ،‬ﻟﻘﺪ واﻓﻘﻮا ﺑﺸﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﺎرة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل‪" :‬ھﺪﻓﻲ‬
‫اﻷول ﺳﯿﻜﻮن اﻻﻧﺘﻘﺎم"‪.‬‬
‫ﻟﻖــد تــم إطــﻻق اﻷﺣﻚــام ﻋﻠﻲــھﻢ ﻓﻖــاﻣﻮا هــم بــاﻟﻤﻘﺎﺑﻞ بــإطﻼق اﻷﺣﻚــام ﻋﻞــى اﻵخــرﻳﻦ‪.‬‬
‫هــذا مــا ﻓﻌﻞــه "إريــك هــارﻳﺲ" و"ديــﻻن ﻛﻠﯿﺒﻮلــد"‪ ،‬اﻟﻞـذان أطﻠﻖـا اﻟﻦـار فـي ﻣﺪرسـة‬
‫ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﺎﻳﻦ‪ .‬ﻗﺎﻣﺎ ﺑﺈطﻼق اﻷﺣﻜﺎم ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ‪ ،‬وﺧﻼل ﻋﺪة ﺳﺎﻋﺎت ﻣﺮوﻋﺔ ﺣﺪدا ﻣﻦ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻌﯿﺶ وﻣﻦ‬
‫ﻳﺠﺐ أن ﻳﻤﻮت‪.‬‬
‫ﻞ اﻟﻄﻼب ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ إﻟﻰ اﻟﻨﻈﺮ ﺗﺠﺎه اﻟﻌﻨﻒ واﻟﺘﻨﻤﺮ ﻛﺎﻧﻌﻜﺎس ﻟﻤﺎھﯿﺘﮫﻢ‪ ،‬ﺑﻞ رأوه‬ ‫ﻤ ِ‬‫ﻓﻲ دراﺳﺘﻨﺎ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳَ ِ‬
‫ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻧﻔﺴﯿﺔ ﻳﻌﺎﻧﯿﮫﺎ اﻟﻤﺘﻨﻤﺮون‪ ،‬رأوه طﺮﻳﻘﺔ اﺳﺘﺨﺪﻣﮫﺎ‬
‫اﻟﻤﺘﻨﻤﺮون ﻟﯿﺤﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻄﻼب أو ﻟﯿﺰﻳﺪوا ﻣﻦ ﺛﻘﺘﮫﻢ ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ‪ .‬ﻓﻜﺎن اﻟﻄﻼب ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‬
‫ﻳﻘﻮﻟﻮن‪" :‬أظﻦ أﻧﻪ ﻳﻀﺎﻳﻘﻨﻲ رﺑﻤﺎ ﻷن ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺰل‬
‫أو ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﺑﺸﺄن درﺟﺎﺗﻪ"‪ ،‬أو ﻳﻘﻮﻟﻮن‪" :‬إﻧﮫﻢ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻰ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺣﯿﺎة‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ إﻟﻰ‬
‫اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻻرﺗﯿﺎح ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻮﻧﻨﻲ أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺴﻮء"‪.‬‬
‫ﻗّﺎ‪ ،‬ﻛﻦــت ســأطﺮح‬ ‫غــاﻟﺒًﺎ مــا كــاﻧﺖ ﺧﻄﺖــھﻢ ﻟﺖــھﺬﻳﺐ اﻟﻤﺘﻨﻢــرﻳﻦ‪" :‬ﻛﻦــت ســأﺗﺤﺪث إﻟﻲــھﻢ حــ ً‬
‫ﻋﻠﻲــھﻢ أســﺋﻠﺔ )ﻟﻢــاذا ﻳﻖــوﻟﻮن لــي كــل ﺗﻞــك اﻷشـﻳﺎء وﻳﻔﻌﻞـون كـل ﺗﻞـك اﻷمـور‬
‫ﻣﻌﻲ؟("‪ ،‬أو "ﻛﻨﺖ ﺳﺄواﺟﻪ ھﺬا اﻟﺸﺨﺺ وأﻧﺎﻗﺶ ﻣﻌﻪ ھﺬا اﻷﻣﺮ؛ ﻛﻨﺖ ﺳﺄﺣﺎول ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﮫﻢ ﻋﻠﻰ إدراك‬
‫أﻧﮫﻢ ﻟﯿﺴﻮا ﻣﻀﺤﻜﯿﻦ"‪.‬‬
‫واﻓﻖ اﻟﻄﻼب ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺑﺸﺪة ﻋﻠﻰ‪" :‬ﻛﻨﺖ أرﻳﺪ أن أﺳﺎﻣﺤﮫﻢ ﻓﻲ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ" و"ھﺪﻓﻲ اﻷول ﺳﯿﻜﻮن‬
‫ﺻﺎ أﻓﻀﻞ"‪.‬‬ ‫ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﮫﻢ ﻋﻠﻰ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا أﺷﺨﺎ ً‬
‫ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﻟﺘﺄﻛﺪ أﻧﮫﻢ ﺳﯿﻨﺠﺤﻮن ﺳﻮاء ﻓﻲ إﻋﺎدة إﺻﻼح ھﺆﻻء اﻟﻄﻼب اﻟﻤﺘﻨﻤﺮﻳﻦ أو ﺗﮫﺬﻳﺒﮫﻢ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﺧﻄﻮات أوﻟﻰ ﺑﻨﺎءة أﻓﻀﻞ ﻣﻦ أن ﻳﻘﻮﻣﻮا ﺑﺪھﺴﮫﻢ‪.‬‬
‫"ﺑﺮوﻛﺲ ﺑﺮاون"‪ ،‬زﻣﯿﻞ "إرﻳﻚ ھﺎرﻳﺲ" و"دﻳﻼن ﻛﻠﯿﺒﻮﻟﺪ"‪ ،‬ﻛﺎن ﻳﺘﻢ ﺗﻌﻨﯿﻔﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻒ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ ،‬وﻋﺎﻧﻰ ھﺬا اﻷﻣﺮ‬
‫ﻊ ﻟﻼﻧﺘﻘﺎم‪ .‬رﻓﺾ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‬ ‫ﺑﺸﺪة ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺴ َ‬
‫وﻟﻢ ﻳﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﺣﻖ اﻟﻨﺎس إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ واﻟﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫﻢ ﺑﻨﻈﺮة اﺳﺘﻌﻼء‪.‬‬
‫ﻘﺎ ﻟﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ‪" :‬اﻟﻨﺎس ﻟﺪﻳﮫﻢ إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﻐﯿﺮ ورﺑﻤﺎ ﺣﺘﻰ‬ ‫ﻣﺎ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬وﻓ ً‬ ‫واﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ھﺬا أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺗﻤﺎ ً‬
‫"إرﻳﻚ ھﺎرﻳﺲ" ﻗﺎﺋﺪ ﻋﻤﻠﯿﺔ إطﻼق اﻟﻨﺎر وأﻛﺜﺮھﻢ ﻋﺪواﻧﯿ ً‬
‫ﺔ‬
‫ﻔﺎ ﻗﺒﻞ ﻋﺪة ﺳﻨﻮات ﻣﻊ "إرﻳﻚ ھﺎرﻳﺲ"‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ‬ ‫واﻛﺘﺌﺎﺑًﺎ‪ .‬ﻛﺎن "ﺑﺮاون" ﻗﺪ ﺗﺸﺎﺟﺮ ﺗﺸﺎﺟًﺮا ﻋﻨﯿ ً‬
‫اﻟﻨﮫﺎﺋﯿﺔ ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ اﻗﺘﺮح "ﺑﺮاون" ﻋﻘﺪ ﺻﻠﺢ ﺑﯿﻨﮫﻤﺎ‪.‬‬
‫ﻗﺎل "ﺑﺮاون"‪" :‬أﺧﺒﺮﺗﻪ أﻧﻨﻲ ﺗﻐﯿﺮت ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﻌﺎم ‪ ...‬وأﻧﻨﻲ أﺗﻤﻨﻰ أن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﮫﺬا اﻟﺸﻌﻮر ﺗﺠﺎه ﻧﻔﺴﻪ"‪.‬‬
‫وأردف "ﺑﺮاون ﺑﺮوﻛﺲ" ﻗﺎﺋًﻼ إﻧﻪ إذا وﺟﺪ أن "إرﻳﻚ" ﻟﻢ‬
‫ﻤﺎ اﻟﺘﺮاﺟﻊ‪ ،‬وﻗﺎل‪" :‬وﻣﻊ ذﻟﻚ‪ ،‬إذا ﻛﺎن ﻗﺪ ﻧﻀﺞ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎذا ﻻ ﻧﻌﻄﯿﻪ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻹﺛﺒﺎت ھﺬا""‪.‬‬ ‫ﻳﺘﻐﯿﺮ‪ ،‬ﻓﯿﻤﻜﻨﻪ داﺋ ً‬
‫ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺴﻠﻢ "ﺑﺮوﻛﺲ"؛ ﻓﻼ ﻳﺰال ﻳﺮﻳﺪ ﺗﻐﯿﯿﺮ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻔﺘﺢ أﻋﯿﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﻨﻤﺮ واﻟﻌﻨﻒ‬
‫وﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ وﻳﺨﻠﺼﮫﻢ ﻣﻦ أﻓﻜﺎرھﻢ‬
‫ﻌﺎ ﻣﺒﺘﻜًﺮا؛ ﺣﯿﺚ ﻳﻤﻜﻦ‬ ‫اﻟﻌﻨﯿﻔﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻤﻞ ﻣﻊ اﻟﻤﺨﺮج "ﻣﺎﻳﻜﻞ ﻣﻮر" ﻓﻲ ﻓﯿﻠﻢ ‪ Bowling for Columbine‬وأﻧﺸﺄ ﻣﻮﻗ ً‬
‫ﻟﻠﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﺮﺿﻮا ﻟﻠﻌﻨﻒ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ‬
‫ﺑﻌﻀﮫﻢ وأن ﻳﺘﻌﻠﻤﻮا أن اﻟﺤﻞ ﻻ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ اﻟﻘﺘﻞ ﺑﻞ ﻓﻲ "اﺳﺘﺨﺪام ﻋﻘﻠﻚ وإﺻﻼح اﻷﻣﻮر"‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻋﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪.‬‬ ‫"ﺑﺮوﻛﺲ"‪ ،‬ﻣﺜﻠﻲ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﺮﺗﻜﺒﻲ واﻗﻌﺔ إطﻼق اﻟﻨﺎر ﻛﺄﻧﮫﻢ أﺷﺨﺎص ﻣﺨﺘﻠﻔﻮن ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻳﻘﻮل "ﺑﺮوﻛﺲ" إن ﺻﺪﻳﻘﻪ "دﻳﻼن ﻛﻠﯿﺒﻮﻟﺪ" ﻛﺎن ﺻﺒﯿًّﺎ ﻋﺎدﻳًّﺎ‬
‫ﺗﺮﺑﻰ ﻓﻲ أﺳﺮة ﺟﯿﺪة ﺑﯿﻦ واﻟﺪﻳﻦ ﻋﻄﻮﻓﯿﻦ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﮫﺘﻤﺎن ﺑﺮﻋﺎﻳﺘﻪ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﻳﺤﺬر "ﺑﺮوﻛﺲ" ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ‬
‫اﻟﺠﻠﻮس ﻓﻘﻂ وﻧﻌﺖ ﻣﻦ أطﻠﻘﻮا اﻟﻨﺎر ﺑﺄﻧﮫﻢ "وﺣﻮش‬
‫ﻣﺎ" ‪ ...‬أو أن ﻧﺘﻘﺒﻞ ﻓﻜﺮة أن ھﻨﺎك اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ أﻣﺜﺎل "إرﻳﻚ" و"دﻳﻼن" ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة ﻳﺘﺤﻮﻟﻮن‬ ‫ﻣﺮﻳﻀﺔ وﻏﺮﻳﺒﺔ ﻋﱠﻨﺎ ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﺗﺪرﻳﺠﯿًّﺎ إﻟﻰ أن ﻳﺴﻠﻜﻮا اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻧﻔﺴﻪ"‪.‬‬
‫ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﺑﺎﻷﺳﺎس‪ ،‬ﻓﺘﻌﺮﺿﮫﻢ ﻟﻠﻌﻨﻒ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﻐﺮس ﻓﯿﮫﻢ ﺗﻠﻚ‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﻻﺳﯿﻤﺎ إذا ﻛﺎن اﻵﺧﺮون ﻳﻘﻔﻮن وﻻ ﻳﻔﻌﻠﻮن‬
‫شــﻳًﺌﺎ أو يــداﻓﻌﻮن ﻋﻦــھﻢ‪ .‬ﻳﻖــول اﻟﺾــﺣﺎﻳﺎ إنــھﻢ ﻋﻦــدﻣﺎ ﻳﺘﻌﺮضــون ﻟﻺھﺎنــة واﻟﺲـﺧﺮﻳﺔ وﻻ‬
‫يـداﻓﻊ ﻋﻦـھﻢ أحـد‪ ،‬ﻳﺐـدأون فـي اﻻﻋﺘﻖـاد ﺑﺄنـھﻢ ﻳﺲـﺗﺤﻘﻮن ذلـك؛ ﻓﯿﺐـدأون فـي‬
‫إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﮫﻢ وﻳﻈﻨﻮن أﻧﮫﻢ أﻗﻞ ﻗﺪًرا‪.‬‬
‫ﻘﺎ ﻓﻲ أذھﺎﻧﮫﻢ‪ ،‬وﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺆدي إﻟﻰ‬ ‫اﻟﻤﺘﻨﻤﺮون ﻳﻄﻠﻘﻮن اﻷﺣﻜﺎم وﻳﺼﺪﻗﮫﺎ اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ‪ ،‬أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻳﺒﻘﻰ ھﺬا ﻋﺎﻟ ً‬
‫اﻻﻛﺘﺌﺎب واﻻﻧﺘﺤﺎر‪ ،‬وأﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻳﻨﻔﺠﺮ ﻓﻲ أﻋﻤﺎل ﻋﻨﻒ‪.‬‬

‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻌﻠﻪ؟‬

‫اﻟﻄﻼب وﺣﺪھﻢ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ إﻳﻘﺎف ﺗﻌﺮﺿﮫﻢ ﻟﻠﻌﻨﻒ‪ ،‬ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻛﺎن اﻟﻄﻼب اﻟﻌﻨﯿﻔﻮن ﻳﺠﺬﺑﻮن ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻤﻦ‬
‫ﻳﺪﻋﻤﻮﻧﮫﻢ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﻤﺪرﺳﺔ إﻳﻘﺎف ذﻟﻚ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼل ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻤﺪرﺳﺔ‪.‬‬
 ‫اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﺎﻟﻤﺪارس ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﻌﺰز‪ ،‬أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﺗﺘﻘﺒﻞ‪ ،‬اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬ﺗﺘﻘﺒﻞ اﻟﻤﺪارس أن ﺑﻌﺾ اﻟﻄﻼب‬
‫ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻣﺘﻤﯿﺰون ﻋﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ وﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄن ﻟﺪﻳﮫﻢ‬
‫اﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﻣﻀﺎﻳﻘﺘﮫﻢ‪ .‬ﻛﻤﺎ ﺗﺮى ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺪارس أن ﺑﻌﺾ اﻟﺼﺒﯿﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﻼﺋﻤﯿﻦ وﻟﯿﺲ ھﻨﺎك اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻟﯿﻔﻌﻠﻮه ﺣﺘﻰ‬
‫ﻳﺴﺎﻋﺪوھﻢ‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺪارس ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﻒ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﯿﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ أﺳﻠﻮب إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم‪،‬‬
‫وﺧﻠﻖ ﺟﻮ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎون وﺗﻨﻤﯿﺔ اﻟﺬات‪" .‬ﺳﺘﺎن دﻳﻔﯿﺲ"‪،‬‬
‫ﺤﺎ ﻟﻤﻜﺎﻓﺤﺔ اﻟﻌﻨﻒ‪ ،‬ﻣﻌﺘﻤًﺪا ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﻗﺎم‬ ‫ﺠﺎ ﻧﺎﺟ ً‬ ‫اﻟﻤﻌﺎﻟﺞ واﻟﻤﺮﺷﺪ اﻟﺘﺮﺑﻮي واﻟﻤﺴﺘﺸﺎر‪ ،‬وﺿﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣ ً‬
‫ﺑﻪ "دان أوﻟﻔﺎﻳﺲ" اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻨﺮوﻳﺞ؛ ﻓﺒﺮﻧﺎﻣﺞ‬
‫"دﻳﻒــﻳﺲ" ﻳﺲــاﻋﺪ اﻟﻤﺘﻨﻢــرﻳﻦ ﻋﻞــى اﻟﺘﻎــﻳﺮ وﻳﻖــدم الــدﻋﻢ ﻟﻠﺾــﺣﺎﻳﺎ وﻳﺶـﺟﻊ مـن ﺣﻮلـھﻢ‬
‫ﻋﻞـى ﺗﻖـدﻳﻢ اﻟﻤﺲـاﻋﺪة ﻟﻠﺾـﺣﺎﻳﺎ‪ .‬خـﻻل ﺑﺾـع سـﻧﻮات‪ ،‬تـراﺟﻊ اﻟﻌﻦـف اﻟﺠﺲـدي‬
‫ﺑﻨﺴﺒﺔ ‪ ،% 93‬وﺗﺮاﺟﻌﺖ اﻟﻤﻀﺎﻳﻘﺎت ﺑﻨﺴﺒﺔ ‪.% 53‬‬
‫كــــاﻧﺖ "دارﻻ"‪ ،‬اﻟﻄﺎﻟﺐــــة ﺑﺎﻟﺺــــف اﻟﺚــــاﻟﺚ‪ ،‬ذات وزن زائــــد وﺧﺮقــــاء وﻛﺚــﻳﺮة اﻟﺒﻚــاء‪ .‬كــاﻧﺖ‬
‫ﻓﺎ أســاﺳﯿًّﺎ ﻟﻠﻤﺾــاﻳﻘﺎت لــدرﺟﺔ أن ﻧﺺــف طــﻻب ﻓﺺــﻟﮫﺎ كــاﻧﻮا ﻳﺾــاﻳﻘﻮﻧﮫﺎ‬ ‫هــد ً‬
‫وﻳﺾــرﺑﻮﻧﮫﺎ وﻳﻨﺎدونــھﺎ ﺑﺄســﻣﺎء ﻣﺰﻋﺞــة ﺑﺶــﻛﻞ ﻳﻮمــي‪ ،‬بــل ﻳﺘﺐــارون فــي ذلــك‪ .‬ﺑﻊــد عــدة‬
‫ســﻧﻮات‪ ،‬وﺑﺲــﺑﺐ ﺑﺮنــاﻣﺞ "دﻳﻒــﻳﺲ"‪ ،‬تــوﻗﻒ اﻟﻌﻦــف‪ .‬ﺗﻌﻠﻢــت "دارﻻ" مــھﺎرات‬
‫اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ أﻓﻀﻞ وأﺻﺒﺢ ﻟﺪﻳﮫﺎ أﺻﺪﻗﺎء‪ .‬ﺛﻢ اﻟﺘﺤﻘﺖ "دارﻻ" ﺑﺎﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻹﻋﺪادﻳﺔ‪ ،‬وإﻟﯿﻚ ﻣﺎ ﺣﺪث ﺑﻌﺪ ﻋﺎم‪:‬‬
‫زﻣﻼؤھﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﯿﺔ وﻗﻔﻮا ﺑﺠﺎﻧﺒﮫﺎ وﺳﺎﻋﺪوھﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺻﺪاﻗﺎت وﻗﺎﻣﻮا ﺑﺤﻤﺎﻳﺘﮫﺎ ﻣﻦ زﻣﻼﺋﮫﺎ اﻟﺠﺪد ﻋﻨﺪﻣﺎ أرادوا ﻣﻀﺎﻳﻘﺘﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻀﺎ أن ﻳﻐﯿﺮ اﻟﻄﻼب اﻟﻤﺘﻨﻤﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ اﻧﺪﻓﻌﻮا ﻟﻤﺴﺎﻧﺪة "دارﻻ"‬ ‫اﺳﺘﻄﺎع "دﻳﻔﯿﺲ" أﻳ ً‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻹﻋﺪادﻳﺔ ھﻢ أﻧﻔﺴﮫﻢ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻀﺎﻳﻘﻮﻧﮫﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ .‬ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ "دﻳﻔﯿﺲ" ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ‪ :‬أوًﻻ‪ :‬ﻣﻊ ﺗﻄﺒﯿﻖ ﺿﻮاﺑﻂ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻻ ﻳﻠﻘﻲ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻟﺐ اﻟﻤﺘﻨﻤﺮ‪،‬‬
‫وﻻ ﻳﻮﺟﻪ اﻟﻨﻘﺪ إﻟﻰ ﺻﻔﺎﺗﻪ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﺠﻌﻠﮫﻢ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄﻧﮫﻢ‬
‫ﻣَﺮﺣﺐ ﺑﮫﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﻛﻞ ﻳﻮم‪.‬‬ ‫ﻣﺤﺒﻮﺑﻮن و ُ‬
‫ثــم ُﻳﺜﻦــي ﻋﻞــى كــل ﺧﻂــوة ﻳﺘﺦــذھﺎ هــؤﻻء اﻟﺺــﺑﯿﺔ فــي اﻻﺗﺞــاه اﻟﺺــﺣﯿﺢ‪ .‬وﻟﻚــن‪ ،‬مــرة‬
‫أخـرى‪ ،‬ﻻ ﻳﺜﻦـي ﻋﻞـى اﻟﺶـﺧﺺ ذاتـه‪ ،‬بـل ﻳﺜﻦـي ﻋﻞـى مـا ﻳﺐـذﻟﻪ مـن جـھﺪ فـﻳﻘﻮل لـه‪:‬‬
‫"أﻻحــظ أنــك ﺗﺘﺠﻦــب اﻟﻤﺶــاﺟﺮات‪ ،‬ﻳﻮضــح لــي هــذا أنــك ﺗﻌﻢـل ﻋﻞـى اﻟﺘﻮاصـل مـع اﻟﻦـاس"‪.‬‬
‫ﻳﻤﻜﻦـك أن تـرى أن "دﻳﻒـﻳﺲ" ﻳﻮجـه اﻟﻂـﻻب ﻣﺒﺎشـرة إلـى ﻋﻘﻠﻲـة اﻟﻨﻢـو؛ فـھﻮ‬
‫ﻳﺴﺎﻋﺪھﻢ ﻋﻠﻰ رؤﻳﺔ أﻓﻌﺎﻟﮫﻢ ﻛﺠﺰء ﻣﻦ اﻟﺴﻌﻲ ﻟﻠﺘﻄﻮر‪ .‬وﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺘﻐﯿﺮ ﻣﺘﻌﻤًﺪا ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﺘﻨﻤﺮﻳﻦ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻧﮫﻢ رﺑﻤﺎ ﻳﺤﺎوﻟﻮن اﻵن أن ﻳﺠﻌﻠﻮه ﻛﺬﻟﻚ‪.‬‬
‫"ﺳﺘﺎن دﻳﻔﯿﺲ" دﻣﺞ ﻣﺎ ﺗﻮﺻﻠﻨﺎ إﻟﯿﻪ ﺣﻮل اﻟﺜﻨﺎء واﻟﻨﻘﺪ واﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ ﻓﻲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﻪ‪ ،‬وﻟﻘﺪ ﻧﺠﺢ ھﺬا‪ .‬إﻟﯿﻜﻢ‬
‫اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺬي ﺗﻠﻘﯿﺘﻪ ﻣﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻋﺰﻳﺰﺗﻲ دﻛﺘﻮرة دوﻳﻚ‪:‬‬
‫ت ﺑﺈﺟﺮائـه غـﻳﱠﺮ ﺑﺶـﻛﻞ جـذري مـن اﻟﻄﺮﻳﻖـة اﻟﺖـي أﻋﻢـل بـھﺎ مـع اﻟﻂـﻻب؛‬ ‫اﻟﺒﺢــث الــذي ﻗﻢــ ِ‬
‫إﻧﻦـي أرى اﻵن ﻧﺖـاﺋﺞ إﻳﺠﺎﺑﻲـة مـن اﻟﻠﻎـة اﻟﻤﺨﺘﻠﻒـة اﻟﺖـي أسـﺗﺨﺪﻣﮫﺎ فـي ﺗﻖـدﻳﻢ‬
‫ﺗﻌﻠﯿﻘﺎت ﻟﻠﺸﺒﺎب‪ .‬اﻟﻌﺎم اﻟﻘﺎدم ﺳﺘﺒﺪأ ﻣﺪرﺳﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﺒﺎدرة ﻟﺒﻨﺎء ﺣﻤﺎس اﻟﻄﻼب ﺑﺎﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﯿﻘﺎت‬
‫]اﻟﻨﻤﻮ[‪.‬‬
‫ﺧﺎﻟﺺ ﺗﺤﯿﺎﺗﻲ‪ ،‬ﺳﺘﺎن دﻳﻔﯿﺲ‬
‫ﻀﺎ "ھﺎﻳﻢ ﺟﯿﻨﻮت"‪ ،‬ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺸﮫﯿﺮ ﺑﻤﺠﺎل ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﻟﻄﻔﻞ‪ ،‬إﻟﻰ أن اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ إﺑﻌﺎد‬ ‫ﻳﺸﯿﺮ أﻳ ً‬
‫اﻟﻤﺘﻨﻤﺮﻳﻦ ﻋﻦ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم وﺗﻮﺟﯿﮫﮫﻢ ﻧﺤﻮ اﻹﺻﻼح‬
‫واﻟﺮﺣﻢـة‪ .‬إﻟﻲـك ﺧﻂـاﺑًﺎ ﻛﺘﺒﺖـه ﻣﻌﻠﻢـة ﻟﻂـاﻟﺐ ﻋﻦـﻳﻒ فـي ﻓﺺـﻟﮫﺎ ﻋﻢـره ﺛﻤﺎﻧﻲـة أعـوام‪ .‬ﻻحـظ أنـھﺎ‬
‫لـم تـذﻛﺮ أنـه شـﺧﺺ سـﻳﺊ؛ وأظـھﺮت اﺣﺘﺮامـھﺎ لـه ﺑﺎﻹشـارة إلـى ﺗﻤﺘﻊـه‬
‫ﺑﺎﻟﻘﯿﺎدة‪ ،‬وﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻛﻠﻤﺎت ﻛﺒﯿﺮة‪ ،‬وﺑﻄﻠﺐ اﻟﻨﺼﯿﺤﺔ ﻣﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻋﺰﻳﺰي ﺟﺎي‪:‬‬
‫ﻗﺎ ھﺬه اﻟﺴﻨﺔ؛ ﻓﻤﻨﺎداﺗﻪ ﺑﺎﻷﺳﻤﺎء اﻟﻤﺰﻋﺠﺔ وﻧﺒﺬه ﺟﻌﻠﻪ ﺣﺰﻳًﻨﺎ‬ ‫أﺧﺒﺮﺗﻨﻲ واﻟﺪة "أﻧﺪي" أن اﺑﻨﮫﺎ ﻏﯿﺮ ﺳﻌﯿﺪ إطﻼ ً‬
‫ووﺣﯿًﺪا‪ .‬أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ ﺑﺸﺄن ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ .‬وﺧﺒﺮﺗﻚ ﻛﻘﺎﺋﺪ‬
‫ﺪر ﻗﺪرﺗﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎطﻒ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻳﻌﺎﻧﻮن‪ .‬أرﺟﻮ أن‬ ‫ﺼﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒًﺎ ﻷطﻠﺐ ﻣﻨﻪ اﻟﻨﺼﯿﺤﺔ‪ .‬أﻗ ِّ‬ ‫ﻟﻠﻔﺼﻞ ﺗﺠﻌﻠﻚ ﺷﺨ ً‬
‫ﺗﻜﺘﺐ ﻟﻲ اﻗﺘﺮاﺣﺎﺗﻚ ﻋﻦ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪة "أﻧﺪي"‪.‬‬
‫ﺧﺎﻟﺺ ﺗﺤﯿﺎﺗﻲ‪ ،‬ﻣﻌﻠﻤﺘﻚ‪.‬‬
‫ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﺑﺼﺤﯿﻔﺔ ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ ﻋﻦ اﻟﻌﻨﻒ ﺑﺎﻟﻤﺪارس‪ ،‬ﺗﻢ وﺻﻒ "إرﻳﻚ ھﺎرﻳﺲ" و"دﻳﻼن ﻛﻠﯿﺒﻮﻟﺪ" ﺑﺄﻧﮫﻤﺎ‬
‫"ﻣﺮاھﻘﺎن ﻏﯿﺮ ﻣﺘﻼﺋﻤﯿﻦ"‪ ،‬ھﺬا ﺻﺤﯿﺢ؛ ﻓﮫﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻼءﻣﺎ‬
‫ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺤﯿﻂ ﺑﮫﻤﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻚ ﻟﻦ ﺗﺴﻤﻊ أﺑًﺪا اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﻤﺘﻨﻤﺮﻳﻦ ووﺻﻔﮫﻢ ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻏﯿﺮ ﻣﺘﻼﺋﻤﯿﻦ؛ ﻷﻧﮫﻢ ﻟﯿﺴﻮا‬
‫ﻣﺎ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ھﻢ ﻣﻦ‬ ‫ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻞ إﻧﮫﻢ ﻣﻨﺎﺳﺒﻮن ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﺣﺪدوا ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺪرﺳﺔ وﺳﯿﻄﺮوا ﻋﻠﯿﮫﺎ‪.‬‬
‫اﻻﻋﺘﻖــاد بــأن ﺑﻊـض اﻟﻦـاس لـھﻢ اﻟﺢـق فـي اﻟﺘﻊـاﻣﻞ بـھﻤﺠﯿﺔ مـع اﻵخـرﻳﻦ اﻋﺘﻖـاد غـﻳﺮ ﻣﻔﻲـد‪.‬‬
 ‫ﻳﺶـﻳﺮ "سـﺗﺎن دﻳﻒـﻳﺲ" إلـى أﻧﻦـا ﻛﻤﺠﺘﻢـع نـرﻓﺾ ﻓﻚـرة أن ﻟﻠﻦـاس اﻟﺢـق فـي‬
‫اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﮫﻤﺠﯿﺔ ﻣﻊ اﻟﺴﻮد وﻣﻀﺎﻳﻘﺔ اﻟﻨﺴﺎء‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎذا ﻧﺘﻘﺒﻞ ﻓﻜﺮة أن ﻟﻠﻨﺎس اﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﮫﻤﺠﯿﺔ ﻣﻊ‬
‫أﺑﻨﺎﺋﻨﺎ؟‬
‫ﺑﮫﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﻧﺤﻦ ﻧﺴﻲء أﻳ ً‬
‫ﻀﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺘﻨﻤﺮﻳﻦ؛ ﻓﻨﺤﻦ ﺑﮫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﺨﺒﺮھﻢ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻈﻦ أﻧﮫﻢ ﻗﺎدرون ﻋﻠﻰ‬
‫ﻮّت ﻓﺮﺻﺔ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﮫﻢ ﻋﻠﻰ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا‬ ‫أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ھﺬا‪ ،‬وﻧﻔ ِ‬
‫أﻓﻀﻞ‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺘﻮاﻓﺮ ﻟﺪى ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺟﺮﻳﺮ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ ‪7‬‬
‫اﻵﺑﺎء واﻟﻤﻌﻠﻤﻮن واﻟﻤﺪرﺑﻮن‪ :‬ﻣﺎ ﻣﺼﺪر اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ؟‬
‫ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﻳﻔﻜﺮ اﻵﺑﺎء ﻓﯿﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ ﻓﻌﻠﻪ ﻹﺣﺒﺎط أﺑﻨﺎﺋﮫﻢ وﺗﺤﻄﯿﻢ ﺟﮫﻮدھﻢ وإﻳﻘﺎﻓﮫﻢ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﻠﻢ واﻟﺤﺪ ﻣﻦ‬
‫إﻧﺠﺎزاﺗﮫﻢ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﻔﻜﺮون‪" :‬ﺳﺄﻓﻌﻞ أي ﺷﻲء وأﺑﺬل أي‬
‫ﻦ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﺘﻲ ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﮫﺎ ﺗﺘﺮك أﺛًﺮا ﺳﻠﺒﯿًّﺎ‪ .‬ﻗﺮاراﺗﮫﻢ اﻟﻤﻔﯿﺪة‬ ‫ﺷﻲء ﺣﺘﻰ أﺟﻌﻞ أﺑﻨﺎﺋﻲ ﻧﺎﺟﺤﯿﻦ"‪ ،‬ﻟَ ِ‬
‫ﻜ ﱠ‬
‫ودروﺳﮫﻢ وأﺳﺎﻟﯿﺐ ﺗﺤﻔﯿﺰھﻢ‪ ،‬ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻷﺷﯿﺎء ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ‬
‫ﺗﺒﻌﺚ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﻏﯿﺮ إﻳﺠﺎﺑﯿﺔ ﻟﻸﺑﻨﺎء‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻜﻞ ﻛﻠﻤﺔ وﻛﻞ ﻓﻌﻞ أن ﻳﺮﺳﻞ رﺳﺎﻟﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺔ أن ﺗﺨﺒﺮ اﻷﺑﻨﺎء أو اﻟﻄﻼب أو‬
‫اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﯿﻦ ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ أﻧﻔﺴﮫﻢ‪ ،‬وﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن رﺳﺎﻟﺔ‬
‫ذات ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﺗﻘﻮل‪ :‬ﻟﺪﻳﻚ ﺻﻔﺎت ﺛﺎﺑﺘﺔ وداﺋﻤﺔ‪ ،‬وأﻧﺎ أﻟﻘﻲ ﻋﻠﯿﮫﺎ اﻷﺣﻜﺎم ‪ ،‬أو ﻗﺪ ﺗﻜﻮن رﺳﺎﻟﺔ ذات ﻋﻘﻠﯿﺔ‬
‫ﻧﻤﻮ ﺗﻘﻮل‪ :‬أﻧﺖ ﺷﺨﺺ ﺗﺘﻄﻮر‪ ،‬وأﻧﺎ ﻣﮫﺘﻢ ﺑﺘﻄﻮرك ‪.‬‬
‫ﻣﻦ اﻟﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﻤﻼﺣﻈﺔ ﻣﺪى ﺣﺴﺎﺳﯿﺔ اﻷﺑﻨﺎء ﺗﺠﺎه ﺗﻠﻚ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ وﻣﺪى ﻗﻠﻘﮫﻢ ﺑﺸﺄﻧﮫﺎ‪" .‬ھﺎﻳﻢ ﺟﯿﻨﻮت"‪ ،‬اﻟﺨﺒﯿﺮ‬
‫اﻟﺘﺮﺑﻮي ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ‪ :‬ﻣﻦ ﻓﺘﺮة‬
‫اﻟﺨﻤﺲــﻳﻨﯿﺎت ﺣﺖــى اﻟﺲــﺑﻌﯿﻨﯿﺎت‪ ،‬ﻳﺨﺒﺮنــا بـھﺬه اﻟﻘﺺـة‪ :‬ذهـب "بـروس"‪ ،‬ذو اﻷعـوام اﻟﺨﻤﺲـة‪،‬‬
‫مـع والـدﺗﻪ إلـى ﺣﺾـاﻧﺘﻪ اﻟﺞـدﻳﺪة‪ ،‬وﻋﻦـدﻣﺎ وصـﻻ‪ ،‬ﻧﻆـر "بـروس" إلـى‬
‫اﻟﺮســوﻣﺎت ﻋﻞـى اﻟﺢـاﺋﻂ وقـال‪" :‬مـن رسـم هـذه اﻟﺺـور اﻟﻘﺒﯿﺢـة؟"‪ ،‬ﻓﺄسـرﻋﺖ أمـه ﻟﺘﺺـﺣﯿﺢ مـا‬
‫ﻗﺎلـه‪" :‬لـﻳﺲ مـن اﻟﻠﻂـﻳﻒ أن ﺗﺺـف صـوًرا بـاﻟﻘﺒﺢ فـي حـﻳﻦ أنـھﺎ ﺟﻤﯿﻞـة‬
‫ﻟﻠﻐﺎيــة"‪ .‬ﻟﻚــن ﻣﻌﻠﻤﺖــه عــرﻓﺖ مــا ﻳﺮيــد أن ﻳﻘﻮلــه ﺑﺎﻟﺾــﺑﻂ؛ ﻓﻖــاﻟﺖ‪" :‬ھﻦــا لــﻳﺲ ﻋﻠﻲــك أن‬
‫ﺗﺮســم صـوًرا ﺟﻤﯿﻞـة‪ ،‬ﻳﻤﻜﻦـك أن ﺗﺮسـم صـوًرا ﻗﺒﯿﺢـة إذا شـﻋﺮت بـأﻧﻚ ﺗﺮيـد‬
‫ذﻟﻚ"؛ ﻓﺎﺑﺘﺴﻢ ﻟﮫﺎ "ﺑﺮوس" اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻛﺒﯿﺮة؛ ﻟﻘﺪ أﺟﺎﺑﺖ ﻋﻦ ﺳﺆاﻟﻪ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ‪ :‬ﻣﺎذا ﻳﺤﺪث ﻟﻠﻮﻟﺪ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺮﺳﻢ‬
‫ﺑﺸﻜﻞ ﺟﯿﺪ؟‬
‫ﺛﻢ ﻻﺣﻆ "ﺑﺮوس" ﺳﯿﺎرة إطﻔﺎء اﻟﺤﺮﻳﻖ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻣﻜﺴﻮرة ﻓﺎﻟﺘﻘﻄﮫﺎ وﺳﺄل ﺑﻨﺒﺮة واﺛﻘﺔ‪" :‬ﻣﻦ ﻛﺴﺮ ﺳﯿﺎرة إطﻔﺎء‬
‫اﻟﺤﺮﻳﻖ ھﺬه؟"؛ أﺳﺮﻋﺖ واﻟﺪﺗﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻗﺎﺋﻠﺔ‪" :‬ﻣﺎ‬
‫اﻟﻔﺎﺋﺪة إذا ﻣﺎ ﻋﺮﻓﺖ ﻣﻦ اﻟﺬي ﻛﺴﺮھﺎ؟ أﻧﺖ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ أﺣًﺪا ھﻨﺎ"‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻓﮫﻤﺖ اﻟﻤﻌﻠﻤﺔ وﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ‪" :‬اﻷﻟﻌﺎب ﻣﻦ‬
‫أﺟﻞ اﻟﻠﮫﻮ وأﺣﯿﺎﻧًﺎ ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻠﻜﺴﺮ؛ ﻓﮫﺬا ﻳﺤﺪث"‪ .‬ﻟﻘﺪ‬
‫ﺗﻢ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺳﺆاﻟﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى‪ :‬ﻣﺎذا ﻳﺤﺪث ﻟﻸوﻻد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻜﺴﺮون اﻷﻟﻌﺎب؟‬
 ‫ﻛﺎ أﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺘﻢ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﯿﻪ وإﻟﺼﺎق‬ ‫ﻋﺎ أﻣﻪ وﺑﺪأ ﻳﻮﻣﻪ اﻷول ﻓﻲ ﺣﻀﺎﻧﺔ اﻷطﻔﺎل ﻣﺪر ً‬ ‫ﻮح "ﺑﺮوس" ﻣﻮد ً‬ ‫ﻟ ﱠ‬
‫اﻟﺼﻔﺎت ﺑﻪ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻜﺎن‪.‬‬
‫ﻢ أﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺣﺴﺎﺳﯿﺘﻨﺎ ﺗﺠﺎه ﺗﻠﻚ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ؟ ﻣﻨﺬ ﻋﺪة ﺳﻨﻮات‪ ،‬ﻗﻀﯿﺖ أﻧﺎ وزوﺟﻲ أﺳﺒﻮﻋﯿﻦ ﻓﻲ‬ ‫أَﺗَْﻌﻠَ ُ‬
‫ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺑﺮوﻓﯿﻨﺲ ﺑﺠﻨﻮب ﻓﺮﻧﺴﺎ‪ .‬ﻛﺎن اﻟﺠﻤﯿﻊ راﺋﻌﯿﻦ‬
‫ﻣﻌﻨﺎ وﻟﻄﻔﺎء وﻛﺮﻣﺎء‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻷﺧﯿﺮ ذھﺒﻨﺎ إﻟﻰ إﻳﻄﺎﻟﯿﺎ‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻠﻨﺎ إﻟﻰ ھﻨﺎك وأردﻧﺎ ﺗﻨﺎول اﻟﻐﺪاء‬
‫ﻋﺎﺋِﻠﯿًّﺎ ﺻﻐﯿًﺮا‪ ،‬ﺑﺪأت اﻟﺪﻣﻮع ﺗﻨﮫﻤﺮ ﻣﻦ‬
‫ﻤﺎ َ‬ ‫ﻣ ْ‬
‫ﻄ َ‬
‫ﻌ ً‬ ‫وﺟﺪﻧﺎ َ‬
‫ﻋﯿﻨﻲ ﻓﻠﻘﺪ ﺷﻌﺮت ﺑﺎﻟﺮﻋﺎﻳﺔ‪ .‬ﻗﻠﺖ ﻟﺰوﺟﻲ "دﻳﻔﯿﺪ"‪" :‬أﺗﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﺎﻣﻠﻮﻧﻚ ﺑﻠﻄﻒ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻚ ﻗﺪ‬
‫ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ اﺧﺘﺒﺎر‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻓﻲ إﻳﻄﺎﻟﯿﺎ ﻟﯿﺲ ھﻨﺎك أي‬
‫اﺧﺘﺒﺎر"‪.‬‬
‫اﻵبــاء واﻟﻤﻌﻠﻢــون الــذﻳﻦ ﻳﺒﻌﺚــون ﺑﺮســاﺋﻞ اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة إلــى أﺑﻨﺎئــھﻢ ﻳﺶــﺑﮫﻮن ﻓﺮﻧﺲـا‪،‬‬
‫أمـا اﻵبـاء واﻟﻤﺪرسـون الـذﻳﻦ ﻳﺒﻌﺚـون ﻷﺑﻨﺎئـھﻢ ﺑﺮسـاﺋﻞ ﻋﻘﻠﻲـة اﻟﻨﻢـو ﻓﯿﺶـﺑﮫﻮن‬
‫إﻳﻄﺎﻟﯿﺎ‪.‬‬
‫ﻟﻨﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﺒﻌﺚ ﺑﮫﺎ اﻵﺑﺎء إﻟﻰ أﺑﻨﺎﺋﮫﻢ‪ ،‬وھﻲ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻧﻔﺴﮫﺎ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻳﺒﻌﺚ ﺑﮫﺎ اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن إﻟﻰ‬
‫طﻼﺑﮫﻢ‪ ،‬أو ﻳﺒﻌﺚ ﺑﮫﺎ اﻟﻤﺪرﺑﻮن إﻟﻰ اﻟﻤﺘﺪرﺑﯿﻦ‪.‬‬

‫اﻵﺑﺎء )واﻟﻤﻌﻠﻤﻮن(‪ :‬رﺳﺎﺋﻞ ﻋﻦ اﻟﻨﺠﺎح واﻟﻔﺸﻞ‬

‫رﺳﺎﺋﻞ ﻋﻦ اﻟﻨﺠﺎح‬
‫ﻊ إﻟﻰ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻓﻲ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪:‬‬ ‫ﻤ ْ‬ ‫ﺳَﺘ ِ‬
‫ا ْ‬
‫ﻌﺎ! أﻧﺖ ذﻛﻲ ﺟ ًّ‬
‫ﺪا!"‪.‬‬ ‫"ﻟﻘﺪ ﺗﻌﻠﻤﺖ ھﺬا ﺳﺮﻳ ً‬
‫"اﻧﻈﺮي إﻟﻰ ھﺬا اﻟﺮﺳﻢ‪ ،‬أﻳﻜﻮن ﻣﺜﻞ ﺑﯿﻜﺎﺳﻮ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ أم ﻣﺎذا ﻳﺎ ﻣﺎرﺛﺎ؟"‪.‬‬
‫"أﻧﺖ ﺑﺎرع‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻣﻤﺘﺎز ﺑﺪون ﻣﺬاﻛﺮة!"‪.‬‬
‫إذا ﻛﻨﺖ ﻣﺜﻞ أﻏﻠﺐ اﻵﺑﺎء‪ ،‬ﻓﺴﺘﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺒﺎرات ﻛﺮﺳﺎﺋﻞ دﻋﻢ وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ‪ .‬ﻟﻜﻦ أﻧﺼﺖ ﺟﯿًﺪا‬
‫وﻻﺣﻆ‪ ،‬إذا ﻛﺎن ﺑﻤﻘﺪورك أن ﺗﺴﻤﻊ رﺳﺎﻟﺔ أﺧﺮى؛‬
‫ﻓﮫﺬا ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻌﻪ اﻷﺑﻨﺎء‪:‬‬
‫"إذا ﻟﻢ أﺗﻌﻠﻢ ﺷﯿًﺌﺎ ﻣﺎ ﺑﺴﺮﻋﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻧﺎ ﻟﺴﺖ ذﻛﯿًّﺎ"‪.‬‬
‫ﻲ ﻛﺄﻧﻨﻲ " ﺑﯿﻜﺎﺳﻮ""‪.‬‬ ‫"ﻳﺠﺐ أّﻻ أﺣﺎول رﺳﻢ أي ﺷﻲء ﺻﻌﺐ وإﻻ ﻓﻠﻦ ﻳﻨﻈﺮوا إﻟ ﱠ‬
‫"ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ أن أﻗﻠﻊ ﻋﻦ اﻟﻤﺬاﻛﺮة وإﻻ ﻓﻠﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪوا أﻧﻨﻲ ذﻛﻲ"‪.‬‬
‫قــد ﺗﺘﺲــاءل كــﻳﻒ ﻳﻤﻜﻨﻦــي ﻣﻌﺮفــة ذلــك‪ ،‬أتــذﻛﺮ اﻟﻔﺺــل اﻟﺚــاﻟﺚ ﻋﻦــدﻣﺎ ﻛﻦــت أﺗﺢــدث عـن‬
‫اﻟﺜﻦـاء الـذي ﻳﻖـدﻣﻪ اﻵبـاء ﻷﺑﻨﺎئـھﻢ أمـًﻻ فـي ﺗﺶـﺟﯿﻌﮫﻢ ﻋﻞـى اﻟﺜﻖـة واﻹﻧﺞـاز؟‬
‫ﻓﯿﻘﻮﻟﻮن ﻟﮫﻢ ﻋﺒﺎرات ﻣﺜﻞ‪" :‬أﻧﺖ ذﻛﻲ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ" أو "أﻧﺖ ﻣﻮھﻮب ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ" أو "أﻧﺖ ﻻﻋﺐ رﻳﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة"‪،‬‬
‫وأﺗﺴﺎءل أﻧﺎ‪ :‬أﻟﯿﺲ اﻷﺑﻨﺎء ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﺳﺮﻳﻌﻮ‬
‫اﻟﺘﺄﺛﺮ‪ ،‬ھﻢ اﻟﻤﮫﻮوﺳﯿﻦ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻌﺒﺎرات؟ أﻟﯿﺲ ﺗﻜﺮار اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺬﻛﺎء أو اﻟﻤﻮھﺒﺔ ﻳﺠﻌﻞ اﻷﺑﻨﺎء ‪ -‬ﺟﻤﯿﻊ اﻷﺑﻨﺎء ‪-‬‬
‫ﺳﺎ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻌﺒﺎرات؟‬‫أﻛﺜﺮ ھﻮ ً‬
‫ﻟﮫﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﺧﻄﻄﻨﺎ ﻟﺪراﺳﺔ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ .‬ﺑﻌﺪ إﺟﺮاء ﺳﺒﻊ ﺗﺠﺎرب ﻋﻠﻰ ﻣﺌﺎت اﻷطﻔﺎل‪ ،‬وﺻﻠﻨﺎ إﻟﻰ أوﺿﺢ ﻧﺘﺎﺋﺞ‬
‫رأﻳﺘﮫﺎ‪ :‬اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻛﺎء اﻷطﻔﺎل ﻳﺆذي داﻓﻌﯿﺘﮫﻢ وﻳﻀﺮ‬
‫ﺑﺄداﺋﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻛﯿﻒ ذﻟﻚ؟ أﻻ ﻳﺤﺐ اﻷطﻔﺎل أن ُﻳﺜﻨﻰ ﻋﻠﯿﮫﻢ؟‬
‫ﻘﺎ ﺧﺎ ً‬
‫ﺻّﺎ وﻟﻜﻨﻪ‬ ‫ﻤﺎ وﺑﺮﻳ ً‬
‫ﺑﻠﻰ‪ ،‬ﻳﺤﺐ اﻷطﻔﺎل اﻟﺜﻨﺎء‪ ،‬وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻛﺎﺋﮫﻢ وﻣﻮھﺒﺘﮫﻢ؛ ﻓﮫﻮ ﻳﻤﻨﺤﮫﻢ دﻋ ً‬
‫ﻟﻠﺤﻈﺔ ﻓﻘﻂ‪ .‬ﻓﻮر أن ﻳﻮاﺟﮫﻮا ﻣﺸﻜﻠﺔ‪ ،‬ﺗﺘﻼﺷﻰ ﺛﻘﺘﮫﻢ‬
‫وﺗﻘﻞ داﻓﻌﯿﺘﮫﻢ ﻛﺜﯿًﺮا؛ ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﻨﺠﺎح ﻳﻌﻨﻲ أﻧﮫﻢ أذﻛﯿﺎء‪ ،‬ﻓﺎﻟﻔﺸﻞ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﮫﻢ أﻏﺒﯿﺎء‪ .‬ھﻜﺬا ﺗﻔﻜﺮ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪.‬‬
‫ھﺬا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﺘﻪ أم رأت آﺛﺎر اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺬﻛﺎء اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﻢ إﻟﻘﺎؤه ﻋﻠﻰ اﺑﻨﮫﺎ ﺑﺤﺴﻦ ﻧﯿﺔ‪:‬‬
‫ﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺒﺔ‬ ‫ﻚ ﺧﺒﺮﺗﻲ ﺑﺎﻟﺤﯿﺎة اﻟﻮاﻗﻌﯿﺔ‪ .‬أﻧﺎ أم طﺎﻟﺐ ذﻛﻲ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺼﻒ اﻟﺨﺎﻣﺲ‪ .‬ﻳﺤﺼﻞ داﺋ ً‬ ‫أرﻳﺪ أن أﻧﻘﻞ ﻟ ِ‬
‫‪ %99‬ﻓﻲ اﻻﺧﺘﺒﺎرات اﻟﻘﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﻤﺪرﺳﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت‬
‫ﻀﺎ ﺷﺨﺺ ذﻛﻲ‪ ،‬ﺷﻌﺮ أن واﻟﺪﻳﻪ‬ ‫واﻟﻠﻐﺔ واﻟﻌﻠﻮم‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﺸﻜﻼت ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ﺑﺜﻘﺘﻪ ﺑﺬاﺗﻪ‪ .‬زوﺟﻲ‪ ،‬وھﻮ أﻳ ً‬
‫ﺪرا اﻟﺬﻛﺎء‪ ،‬ﻓﻘﺎم ﺑﺘﻌﻮﻳﺾ ذﻟﻚ ﻣﻊ اﺑﻨﻨﺎ ﻣﻦ‬ ‫ﻟﻢ ُﻳﻘ ِّ‬
‫ﺧﻼل ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﯿﻪ ﻷﻧﻪ "ذﻛﻲ"‪ .‬ﺧﻼل اﻷﻋﻮام اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ ﻛﻨﺖ أﺷﻚ أن ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﺴﺒﺐ ﻣﺸﻜﻠﺔ؛ ﻷن‬
‫اﺑﻨﻲ‪ ،‬ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻳﺘﻔﻮق ﺑﺴﮫﻮﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ‪ ،‬ﻳﻤﺘﻨﻊ ﻋﻦ اﻟﻘﯿﺎم‬
‫ﺖ ﺑﺈﺟﺮاﺋﮫﺎ( ﻷﻧﻪ إن ﻓﻌﻞ ھﺬا‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻳﻈﻦ أﻧﻪ‬ ‫ﺑﺄﻋﻤﺎل أو ﻣﺸﺮوﻋﺎت أﻛﺜﺮ ﺻﻌﻮﺑﺔ )ﻛﻤﺎ ﺗﻈﮫﺮ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﻤ ِ‬
‫ﻟﯿﺲ ذﻛﯿًّﺎ‪ .‬ﻓﮫﻮ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻗﺪراﺗﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻓﯿﻪ‬
‫ويــدﻋﻲ أﻧﱠﻪ ﻳﺲــﺗﻄﯿﻊ اﻟﻘﻲــام بــأداء أﻓﺾــل ﻣﻢــا ﻳﺲـﺗﻄﯿﻊ اﻵخـرون )فـي كـل مـن اﻷﻧﺶـطﺔ‬
‫الـذھﻨﯿﺔ واﻟﺠﺲـدﻳﺔ( وﻟﻜﻦـه لـن ﻳﺢـاول اﻟﻘﻲـام بـھﺬه اﻷﻧﺶـطﺔ؛ ﻷنـه بـاﻟﻄﺒﻊ إن‬
‫أﺧﻔﻖ ﻓﺴﯿﻨﮫﺎر‪.‬‬
 ‫وھﺬا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ أﺣﺪ طﻼﺑﻲ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﯿﺎ ﻋﻦ ﻣﺎﺿﯿﻪ‪:‬‬
‫أﺗﺬﻛﺮ أﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ أﺗﻠﻘﻰ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻛﺎﺋﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻛﻨﺖ أﺗﻠﻘﻰ ﺛﻨﺎًء ﻋﻠﻰ ﻣﺠﮫﻮدي‪ ،‬وﺗﺪرﻳﺠﯿًّﺎ أﺻﺒﺤﺖ‬
‫أﻛﺮه اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺼﻌﺒﺔ‪ .‬اﻷﻣﺮ اﻟﻤﺜﯿﺮ ﻟﻠﺪھﺸﺔ‪ ،‬أن ھﺬا‬
‫اﻟﻚــــره ﺗﺞــــاوز اﻟﺘﺢــــدﻳﺎت اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲــــة واﻟﺮﻳﺎضـــﻳﺔ إلــى اﻟﺘﺢــدﻳﺎت اﻟﻌﺎطﻔﻲــة‪ .‬كــان هــذا هــو‬
‫اﻟﻊــاﺋﻖ اﻷﻛﺐــر فــي ﻣﺲــار ﺗﻊــﻟ ﱡﻤﻲ؛ ﻓﻖــد ﻛﻦــت أﻣﻲــل إلــى رؤيــة اﻷداء كــاﻧﻌﻜﺎس‬
‫ن ﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ إﻧﺠﺎز أﻣﺮ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺎل‪ ،‬ﻓﺈﻧﻨﻲ أﺗﺠﻨﺐ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﮫﺬه اﻟﻤﮫﻤﺔ أو أﺗﻨﺎوﻟﮫﺎ ﺑﺎﺳﺘﮫﺎﻧﺔ‪.‬‬ ‫ﻟﻠﺸﺨﺼﯿﺔ‪ ،‬وإِ ْ‬
‫ﺪر‬‫ﺪرھﻢ وﻧﻘ ِّ‬‫أﻋﻠﻢ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻣﻘﺎوﻣﺔ ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺜﻨﺎء؛ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻳﻌﺮف ﻣﻦ ﻧﺤﺒﮫﻢ أﻧﻨﺎ ﻧﻘ ِّ‬
‫ﺖ أﻧﺎ ﺷﺨﺼﯿًّﺎ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻔﺦ‪.‬‬ ‫ﻗْﻌ ُ‬‫و َ‬
‫ﻧﺠﺎﺣﺎﺗﮫﻢ‪ .‬وﻟﻘﺪ َ‬
‫ذات ﻳﻮم ﻋﺪت إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل ﻷﺟﺪ زوﺟﻲ ﻗﺪ ﻗﺎم ﺑﺤﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﻛﻨﺎ ﻣﺘﺤﯿﺮﻳﻦ ﺑﺄﻣﺮھﺎ ﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ‬
‫ﺢ ﺟﻤﺎح ﻧﻔﺴﻲ‪ ،‬اﻧﺪﻓﻌﺖ ﻗﺎﺋﻠﺔ‬ ‫اﻟﻮﻗﺖ‪ .‬ﻗﺒﻞ أن أﺳﺘﻄﯿﻊ َ‬
‫ﻛْﺒ َ‬
‫ﺑﻼ ﺗﻔﻜﯿﺮ‪" :‬أﻧﺖ ﺑﺎرع!"‪ ،‬ﻻ داﻋﻲ ﻷن أﻗﻮل إﻧﻨﻲ ﻓﺰﻋﺖ ﻣﻤﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ ﻓﺎرﺗﺴﻤﺖ ﻋﻠﻰ وﺟﮫﻲ ﻧﻈﺮة ذﻋﺮ‪ ،‬ﻓﺄﺳﺮع‬
‫ﻚ ﺗﻘﺼﺪﻳﻦ ذﻟﻚ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ "ﻋﻘﻠﯿﺔ‬ ‫زوﺟﻲ ﻟﺘﮫﺪﺋﺘﻲ‪" :‬أﻋﻠﻢ أﻧ ِ‬
‫اﻟﻨﻢــو"‪ ،‬ﺗﻘﺺــدﻳﻦ أن ﻣﺞــھﻮدي بــارع ﻷﻧﻦــي ﺑﺤﺚــت عــن إســﺗﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت ﻟﺢــل هــذه اﻟﻤﺶــﻛﻠﺔ‪،‬‬
‫وواصــﻟﺖ اﻟﻘﻲــام بـھﺬا وﻗﻢـت ﺑﺘﺠﺮبـة كـل اﻟﺤﻞـول‪ ،‬وفـي اﻟﻦـھﺎﻳﺔ ﻧﺠﺢـت فـي‬
‫ﺣﻠﮫﺎ"‪.‬‬
‫أﺟﺒﺖ ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻟﻄﯿﻔﺔ‪" :‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬ھﺬا ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ أﻋﻨﯿﻪ"‪.‬‬
‫ﻳﻈﻦ اﻵﺑﺎء أﻧﮫﻢ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮن ﻣﻨﺢ اﻟﺜﻘﺔ اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻷﺑﻨﺎﺋﮫﻢ ‪ -‬ﻛﺄﻧﮫﺎ ھﺪﻳﺔ ‪ -‬ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻛﺎﺋﮫﻢ وﻣﻮھﺒﺘﮫﻢ‪.‬‬
‫ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﻨﺠﺢ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﻜﻮن ﻟﻪ آﺛﺎر ﻋﻜﺴﯿﺔ؛ ﻓﮫﺬا‬
‫ﻜﻮن فــي أﻧﻔﺲــھﻢ فــور ﻣﻮاجــھﺔ أي شــيء صــﻋﺐ أو ﻋﻦــدﻣﺎ ﻳﺲــﻳﺮ أي‬ ‫ﺷ ﱡ‬‫ﻳﺠﻊــل اﻷﺑﻦــاء يــ ُ‬
‫أمــر ﻋﻞــى ﻧﺢــو ســﻳﺊ‪ .‬إذا كــان اﻵبــاء ﻳﺮيــدون ﺗﻖـدﻳﻢ هـدﻳﺔ ﻷﺑﻨﺎئـھﻢ‪ ،‬ﻓﺄﻓﺾـل مـا‬
‫ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ ﻓﻌﻠﻪ ھﻮ أن ﻳﻌﻠﻤﻮا أﺑﻨﺎءھﻢ ﺣﺐ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت‪ ،‬وأن ﺗﺜﯿﺮ اﻷﺧﻄﺎء اھﺘﻤﺎﻣﮫﻢ‪ ،‬واﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺒﺬل اﻟﺠﮫﺪ‬
‫وﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ .‬ﺑﮫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻻ ﻳﻜﻮن اﻷﺑﻨﺎء ﻋﺒﯿًﺪا‬
‫ﻟﻠﺜﻨﺎء‪ .‬ﺳﯿﻜﻮن أﻣﺎﻣﮫﻢ طﺮﻳﻖ طﻮﻳﻞ ﻟﺒﻨﺎء ﺛﻘﺘﮫﻢ ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ وإﺻﻼﺣﮫﺎ‪.‬‬

‫رﺳﺎﺋﻞ ﻋﻦ اﻷﺳﻠﻮب واﻟﻨﻤﻮ‬

‫إذن ﻓﻤﺎ اﻟﺒﺪﻳﻞ ﻋﻦ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮھﺒﺔ أو اﻟﺬﻛﺎء؟ اﻟﺠﻤﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﮫﺎ "دﻳﻔﯿﺪ" ﻟﯿﻄﻤﺌﻨﻨﻲ ﺗﻌﻄﯿﻨﺎ ﻟﻤﺤﺔ ﻋﻦ‬
‫ھﺬا اﻟﺒﺪﻳﻞ‪ ،‬وﻳﺨﺒﺮﻧﺎ أﺣﺪ طﻼﺑﻲ ﺑﺎﻟﻤﺰﻳﺪ‪:‬‬
‫ﻣﺎ ﻓﻲ ﺳﻌﺎدة ﻏﺎﻣﺮة ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻤﺪرﺳﺔ‪.‬‬ ‫ﻋﺪت ھﺬا اﻷﺳﺒﻮع إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل ﻷﺟﺪ أﺧﺘﻲ ذات اﻻﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﻋﺎ ً‬
‫ﺳﺄﻟﺘﮫﺎ ﻋﻤﺎ ﻳﺜﯿﺮ ﺣﻤﺎﺳﺘﮫﺎ ﻓﻘﺎﻟﺖ‪" :‬ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ‪ 102‬ﻣﻦ اﻟﺪرﺟﺎت‬
‫ﻓﻲ اﺧﺘﺒﺎر اﻟﺪراﺳﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ!"‪ ،‬ﺳﻤﻌﺘﮫﺎ ﺗﻜﺮر ھﺬه اﻟﻌﺒﺎرة ﺣﻮاﻟﻲ ﺧﻤﺲ ﻣﺮات ﺧﻼل ﻋﻄﻠﺔ ﻧﮫﺎﻳﺔ‬
‫اﻷﺳﺒﻮع‪ .‬وھﻨﺎ ﻗﺮرت أن أطﺒﻖ ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻤﻨﺎه ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺔ ﻋﻠﻰ ھﺬا‬
‫اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﻮاﻗﻌﻲ‪ .‬ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ أن أﺛﻨﻲ ﻋﻠﻰ ذﻛﺎﺋﮫﺎ أو اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﯿﮫﺎ‪ ،‬طﺮﺣﺖ ﻋﻠﯿﮫﺎ أﺳﺌﻠﺔ ﺟﻌﻠﺘﮫﺎ‬
‫ﺗﺸﯿﺮ إﻟﻰ اﻟﺠﮫﺪ اﻟﺬي ﺑﺬﻟﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺬاﻛﺮة وﻣﺪى اﻟﺘﺤﺴﻦ‬
‫اﻟﺬي ﺣﻘﻘﺘﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ .‬اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ درﺟﺎﺗﮫﺎ ﺗﻘﻞ أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ ﺧﻼل اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻓﻮﺟﺪت أﻧﻪ‬
‫ﻲ أن أﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ ،‬وأرﺷﺪھﺎ إﻟﻰ اﻻﺗﺠﺎه‬ ‫ﻳﺠﺐ ﻋﻠ ﱠ‬
‫اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻌﺎم اﻟﺤﺎﻟﻲ‪.‬‬
‫ھﻞ ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا أﻧﻨﺎ ﻻ ﻳﺠﺐ أن ﻧﺜﻨﻲ ﻋﻠﻰ أﺑﻨﺎﺋﻨﺎ ﺑﺤﻤﺎس ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺄﻣﺮ راﺋﻊ؟ ھﻞ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻜﺒﺢ ﺷﻌﻮرﻧﺎ‬
‫ﻗﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻨﺎ ﻳﺠﺐ‬‫ﺑﺎﻹﻋﺠﺎب ﺑﻨﺠﺎﺣﺎﺗﮫﻢ؟ ﻻ‪ ،‬إطﻼ ً‬
‫أن ﻧﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﻧﻮع ﻣﻌﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺜﻨﺎء ﻓﻘﻂ‪ ،‬وھﻮ اﻟﺜﻨﺎء اﻟﺬي ﻳﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ذﻛﺎﺋﮫﻢ أو ﻣﻮھﺒﺘﮫﻢ‪ ،‬أو اﻟﺬﻛﺎء اﻟﺬي ﻳﺸﯿﺮ‬
‫إﻟﻰ أﻧﻨﺎ ﻓﺨﻮرون ﺑﮫﻢ ﺑﺴﺒﺐ ذﻛﺎﺋﮫﻢ أو ﻣﻮھﺒﺘﮫﻢ ﻻ‬
‫اﻟﺠﮫﺪ اﻟﺬي ﺑﺬﻟﻮه‪.‬‬
‫ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﯿﮫﻢ ﻗﺪر ﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪ ﺑﺎﻷﺳﻠﻮب اﻟﺬي ﻳﺴﺘﮫﺪف اﻟﻨﻤﻮ؛ أي اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣﻘﻘﻮه ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ‬
‫واﻟﻤﺬاﻛﺮة واﻟﻤﺜﺎﺑﺮة واﻹﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت اﻟﺠﯿﺪة‪ .‬وﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن‬
‫ﺪر ﺟﮫﻮدھﻢ واﺧﺘﯿﺎراﺗﮫﻢ‪ ،‬وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺒﺎرات ﻣﺜﻞ‪:‬‬ ‫ﻧﺴﺄﻟﮫﻢ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻪ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﺤﺘﺮم وُﺗﻘ ِّ‬
‫دا مــن أجــل اﻻﺧﺘﺐــار‪ ،‬وهــذا مــا ﻳﻮضــﺣﻪ اﻟﺘﻖـدم الـذي ﺣﻘﻘﺖـه‪ .‬قـرأت‬ ‫"ﻟﻖــد ذاكــرت ﺟﻲــ ً‬
‫اﻟﻢـادة عـدة مـرات وﻗﻢـت بـإﻳﺠﺎزھﺎ واﺧﺘﺐـرت ﻧﻔﺲـك ﻓﻲـھﺎ‪ .‬ﻟﻖـد ﻧﺞـح هـذا اﻟﺞـھﺪ‬
‫ﺣ ًّ‬
‫ﻘﺎ!"‪.‬‬
‫"أحــب طﺮﻳﻘﺖــك فــي ﺗﺠﺮبــة كــل أنــواع اﻹســﺗﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت ﻟﺢــل ﺗﻞــك اﻟﻤﺲــأﻟﺔ اﻟﺮﻳﺎضـﻳﺔ ﺣﺖـى‬
‫وصـﻟﺖ إلـى ﺣﻞـھﺎ فـي اﻟﻦـھﺎﻳﺔ‪ ،‬ﻟﻖـد ﻓﻚـرت فـي اﻟﻜﺚـﻳﺮ مـن اﻟﻂـرق اﻟﻤﺨﺘﻠﻒـة ﻟﺤﻞـھﺎ‬
‫ووﺟﺪت اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﺑﮫﺎ ﻣﻦ ﺣﻞ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ!"‪.‬‬
‫"ﻳﻌﺠﺒﻦــي أنــك ﺧﺾــت هــذا اﻟﻤﺶــروع اﻟﺺــﻋﺐ فــي مــادة اﻟﻌﻞــوم‪ .‬ســﻳﺘﻄﻠﺐ هــذا ﻛﺚـﻳًﺮا مـن‬
‫اﻟﻌﻢـل فـي اﻟﺒﺢـث وﺗﺺـﻣﯿﻢ اﻷدوات وشـراء اﻷﺟﺰاء وﺑﻨﺎئـھﺎ‪ .‬يـا إلـھﻲ! أنـت فـي‬
‫ﺳﺒﯿﻠﻚ ﻟﺘﺘﻌﻠﻢ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ"‪.‬‬
‫"أﻋﻠﻢ أن اﻟﺪراﺳﺔ ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﮫﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻚ واﻋﺘﺪت أﻧﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺄﻧﻚ أذﻛﻰ طﺎﻟﺐ ﻓﻲ‬
 ‫اﻟﻤﺪرﺳﺔ‪ .‬وﻟﻜﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ أﻧﻚ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺴﺘﺨﺪم ذﻛﺎءك ﻷﻗﺼﻰ ﺣﺪ‪ .‬أﻧﺎ‬
‫ﻘﺎ ﻷﻧﻚ ﺗﻌﻤﻞ ﺣﺎﻟﯿًّﺎ ﻋﻠﻰ زﻳﺎدة إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻚ وﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠ ﱡﻢ أﻣﻮر ﺻﻌﺒﺔ"‪.‬‬ ‫ﺳﻌﯿﺪ ﺣ ًّ‬
‫ﻜﺎ‪ .‬ﺗﻌﺠﺒﻲ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ طﺮﻳﻘﺔ ﺗﺮﻛﯿﺰك ﻋﻠﯿﻪ واﻻﻧﺘﮫﺎء ﻣﻨﻪ"‪.‬‬ ‫"ذﻟﻚ اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻤﻨﺰﻟﻲ ﻛﺎن طﻮﻳًﻼ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ وﻣﺘﺸﺎﺑ ً‬
‫"ھﺬه اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ رﺳﻤﺘﮫﺎ ﻣﻠﯿﺌﺔ ﺑﺎﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﻟﻮان اﻟﺠﻤﯿﻠﺔ‪ .‬أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﻦ ھﺬه اﻷﻟﻮان"‪.‬‬
‫"ﻟﻘﺪ ﺑﺬﻟﺖ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﮫﺪ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻘﺎل‪ ،‬إﻧﮫﺎ ﺗﺠﻌﻠﻨﻲ أﻓﮫﻢ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﺷﻜﺴﺒﯿﺮ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﺟﺪﻳﺪ"‪.‬‬
‫"اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﺘﻲ ﺑﺬﻟﺘﮫﺎ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﻘﻄﻮﻋﺔ اﻟﻤﻮﺳﯿﻘﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﯿﺎﻧﻮ أﻋﻄﺘﻨﻲ ﺷﻌﻮًرا ﺣﻘﯿﻘﯿًّﺎ ﺑﺎﻟﺒﮫﺠﺔ‪ .‬ﻣﺎ‬
‫ﺷﻌﻮرك وأﻧﺖ ﺗﻌﺰﻓﮫﺎ؟"‪.‬‬
‫ﻞ ﺟﯿًﺪا؟ إﻟﯿﻜﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺒﺎرات‪:‬‬ ‫ﻤﻞ ﺑﺠﺪ وﻟﻢ ُﻳْﺒ ِ‬ ‫وﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻄﺎﻟﺐ اﻟﺬي ﻋ ِ‬
‫ﻌﺎ ﺑﺎﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻨﻌﺮف ﻣﺎ اﻟﺬي ﻻ ﺗﻔﮫﻤﻪ"‪.‬‬ ‫ﻢﻣ ً‬‫"ﻳﻌﺠﺒﻨﻲ اﻟﺠﮫﺪ اﻟﺬي ﺑﺬﻟﺘﻪ‪ ،‬وﻟﻜﻦ دﻋﻨﺎ ﻧَُﻘ ْ‬
‫"ﻟﺪى ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻣﻨﺤﻨﻰ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺨﺘﻠﻒ‪ .‬رﺑﻤﺎ ﻳﺘﻄﻠﺐ ھﺬا ﻣﻨﻚ ﻣﺰﻳًﺪا ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﺘﻔﮫﻢ ھﺬه اﻟﻤﺎدة وﺗﻌﺘﺎد‬
‫ﻋﻠﯿﮫﺎ‪ ،‬وإذا واﺻﻠﺖ ﺑﺬل ھﺬا اﻟﺠﮫﺪ ﺳﺘﻨﺠﺢ ﻓﻲ ذﻟﻚ"‪.‬‬
‫ﻊ ﻹﻳﺠﺎد اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻚ"‪.‬‬ ‫ﺴ َ‬‫ﻞ ﻣﻨﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ؛ ﻓﺪﻋﻨﺎ ﻧَ ْ‬ ‫"ﻳﺘﻌﻠﻢ ﻛ ﱞ‬
‫ﺔ ﻟﻸطﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺎﻧﻮن ﺻﻌﻮﺑﺎت اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ ﻏﺎﻟﺒًﺎ اﻟﺬي ﻳﻨﺠﺢ ﻣﻌﮫﻢ‬ ‫ﻤﺎ ﺧﺎﺻ ً‬ ‫)رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ھﺬا ﻣﮫ ًّ‬
‫ﻟﯿﺲ ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ ﻷﻗﺼﻰ ﺣﺪ ﺑﻞ إﻳﺠﺎد طﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻌﻠﻢ‬
‫اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ(‪.‬‬
‫ﺳﻌﺪت ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺮﻓﺖ ﻣﺆﺧًﺮا أن "ھﺎﻳﻢ ﺟﯿﻨﻮت"‪ ،‬ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻪ ﻣﻊ اﻷطﻔﺎل طﻮال ﺣﯿﺎﺗﻪ‪ ،‬ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻰ‬
‫اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ ﻧﻔﺴﮫﺎ‪" :‬اﻟﺜﻨﺎء ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻨﺎول ﺟﮫﻮد اﻟﻄﻔﻞ‬
‫وإﻧﺠﺎزاﺗﻪ ﻻ ﺳﻤﺎﺗﻪ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ"‪.‬‬
‫أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﻨﺎس ﺣﺮﻳﺼﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺜﻨﺎء اﻟﺬي ﻳﮫﺪف إﻟﻰ اﻟﻨﻤﻮ ﻣﻊ أﺑﻨﺎﺋﮫﻢ وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻳﻔﺴﺪوﻧﻪ ﻓﯿﻤﺎ‬
‫ﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﺑﮫﺎ ﻋﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫ﺳﻤﻌﺖ ذات ﻣﺮة واﻟﺪﻳﻦ ﻳﻘﻮﻻن أﻣﺎم أﺑﻨﺎﺋﮫﻤﺎ ﻋﺒﺎرات ﻣﺜﻞ‪" :‬إﻧﻪ ﻓﺎﺷﻞ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة"‪" ،‬إﻧﮫﺎ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة"‪" ،‬إﻧﮫﺎ‬
‫ﺣﻤﻘﺎء"‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﻤﻊ اﻷﺑﻨﺎء ﺗﻠﻚ اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﻳﻄﻠﻘﮫﺎ واﻟﺪاھﻢ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻳﻨﻘﻞ ھﺬا ﻟﮫﻢ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬وﻳﺘﺴﺎءل اﻻﺑﻦ إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ھﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻲ‬
‫إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم‪.‬‬
‫ﻀﺎ‪ .‬ﺧﻼل دراﺳﺔ ﻣﺎ‪ ،‬ﻗﻤﻨﺎ ﺑﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻄﻼب درس رﻳﺎﺿﯿﺎت ﻣﻀﺎ ً‬
‫ﻓﺎ إﻟﯿﻪ‬ ‫ھﺬا اﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ أﻳ ً‬
‫ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺼﺺ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت ﻋﻦ ﻋﻠﻤﺎء رﻳﺎﺿﯿﯿﻦ‬
‫ﻋﻈﻤﺎء‪ .‬ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻣﻊ ﻧﺼﻒ اﻟﻄﻼب ﻋﻦ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت ﻛﺄﻧﮫﻢ ﻋﺒﺎﻗﺮة ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ اﻟﺘﻮﺻﻞ ﺑﺴﮫﻮﻟﺔ ﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎﺗﮫﻢ‬
‫اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ؛ ﻓﺪﻓﻌﮫﻢ ھﺬا اﻷﻣﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؛ ﻟﻘﺪ ﺑﻌﺚ ﻟﮫﻢ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﻣﻔﺎدھﺎ‪ :‬ھﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ُوﻟُِﺪوا أذﻛﯿﺎء ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت وﻛﻞ‬
‫ﺷﻲء ﺳﮫﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ‪ ،‬وأﻧﺘﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﻮن ﻋﻨﮫﻢ ‪ .‬أﻣﺎ‬
‫اﻟﻨﺺــف اﻵخــر مــن اﻟﻂــﻻب‪ ،‬ﻓﻖــد ﺗﺢــدﺛﻨﺎ ﻣﻊــھﻢ عــن ﻋﻠﻢــاء اﻟﺮﻳﺎضــﻳﺎت وأنــھﻢ أشــﺧﺎص‬
‫أصــﺑﺤﻮا شــﻏﻮﻓﯿﻦ ﺑﺎﻟﺮﻳﺎضــﻳﺎت واﻧﺖــھﻰ بــھﻢ اﻷمــر إلــى اﻟﺘﻮصــل ﻻﻛﺘﺶـاﻓﺎت‬
‫ﻋﻈﯿﻤﺔ‪ .‬ھﺬا اﻷﻣﺮ دﻓﻊ اﻟﻄﻼب إﻟﻰ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬وﺑﻌﺚ ﻟﮫﻢ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﻣﻔﺎدھﺎ‪ :‬اﻟﻤﮫﺎرات واﻹﻧﺠﺎزات‬
‫ﺗﺘﺤﻘﻖ ﺑﺎﻟﻤﺜﺎﺑﺮة واﻟﺠﮫﺪ ‪ .‬ﻣﻦ اﻟﻤﺬھﻞ أن اﻟﻄﻼب ﺗﻠﻘﻮا ھﺬه‬
‫اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﻣﻼﺣﻈﺎﺗﻨﺎ اﻟﺒﺴﯿﻄﺔ‪.‬‬
‫ﻌﺎ!" أو "اﻧﻈﺮ‪ ،‬إﻧﻚ‬ ‫ھﻨﺎك أﻣﺮ آﺧﺮ أود أن أﺷﯿﺮ إﻟﯿﻪ ﻋﻦ اﻟﺜﻨﺎء‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﻮل ﻟﻸﺑﻨﺎء‪" :‬ﻳﺎ إﻟﮫﻲ! ﻟﻘﺪ ﻓﻌﻠﺖ ھﺬا ﺳﺮﻳ ً‬
‫ﻟﻢ ﺗﺮﺗﻜﺐ أي ﺧﻄﺄ!"‪ ،‬ﻓﻤﺎ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻮد ﻧﻘﻠﮫﺎ‬
‫إﻟﯿﮫﻢ ﻣﻦ ھﺬا؟ ﻧﺤﻦ ﻧﺨﺒﺮھﻢ أﻧﻨﺎ ﻧﺸﺠﻊ اﻟﺴﺮﻋﺔ واﻟﻜﻤﺎل‪ .‬واﻟﺴﺮﻋﺔ واﻟﻜﻤﺎل ھﻤﺎ أﻋﺪاء اﻟﺘﻌﻠﻢ اﻟﺼﻌﺐ ﻣﻤﺎ‬
‫ﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ‬ ‫ﻳﺠﻌﻞ اﻷﺑﻨﺎء ﻳﻔﻜﺮون‪ " :‬إذا ﻛﻨﺖ ﺗﻈﻦ أﻧﻲ ذﻛ ﱞ‬
‫ﻌﺎ وﻣﺘﻘًﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻤﻦ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻲ أﻻ أﺧﻮض أي أﻣﺮ ﺻﻌﺐ"‪ .‬إذن ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﻳﺠﺐ ﻋﻠﯿﻨﺎ أن ﻧﻘﻮﻟﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ‬ ‫أﻛﻮن ﺳﺮﻳ ً‬
‫ﻳﻨﺘﮫﻲ أﺑﻨﺎؤﻧﺎ ﻣﻦ ﻣﮫﻤﺔ ﻣﺎ ‪ -‬ﻣﺜﻞ ﻣﺴﺎﺋﻞ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت ‪-‬‬
‫ﻌﺎ وﺑﺶــﻛﻞ ﻣﺘﻚــاﻣﻞ؟ هــل ﻋﻠﯿﻦــا اﻻﻣﺘﻦــاع عــن اﻟﺜﻦــاء ﻋﻠﻲــھﻢ؟ ﻧﻊــم‪ ،‬ﻓﻌﻦــدﻣﺎ ﻳﺢــدث هــذا‬ ‫ســرﻳ ً‬
‫أقـول‪" :‬يـا إلـھﻲ! أﻋﺘﻖـد أن هـذا كـان سـھًﻼ ﻟﻠﻐﺎيـة‪ ،‬أﻋﺖـذر ﻷﻧﻦـي أضـﻋﺖ‬
‫ﻘﺎ"‪.‬‬‫ﻢ ﺑﺸﻲء ﺗﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﻪ ﺣ ًّ‬ ‫وﻗﺘﻚ‪ ،‬دﻋﻨﺎ ﻧَُﻘ ْ‬

‫طﻤﺄﻧﺔ اﻷﺑﻨﺎء‬
‫كــﻳﻒ ﺗﺠﻊــل طﻒــًﻻ ﻳﺶــﻋﺮ ﺑﺎﻟﻄﻤﺄﻧﯿﻦــة ﻗﺐــل اﺧﺘﺐــار أو أداء مــا؟ اﻟﻤﺐــدأ ﻧﻔﺲـه ﻳﺲـري ﻋﻞـى‬
‫هـذا اﻷمـر؛ ﻓﻄﻤﺄنـة اﻷﺑﻦـاء ﻋﻞـى ذﻛﺎئـھﻢ أو ﻣﻮھﺒﺖـھﻢ يـأﺗﻲ ﺑﻨﺖـاﺋﺞ ﻋﻜﺲـﻳﺔ‪ ،‬بـل‬
‫ﺳﯿﻜﻮﻧﻮن أﻛﺜﺮ ﺧﺸﯿﺔ ﻣﻦ أن ُﻳﻈﮫﺮوا ﻋﯿﺒًﺎ‪.‬‬
‫ﻘﺎ‪ ،‬واﻟﺘﻲ أﺟﺎﺑﺖ ﻓﻲ اﻻﺧﺘﺒﺎرات ﺑﺸﻜﻞ ﺳﯿﺊ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪،‬‬ ‫ﻛﺎﻧﺖ "ﻛﺮﻳﺴﺘﯿﻨﺎ" طﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﺑﺎھﺮة ﺣ ًّ‬
‫اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺸﻌﺮھﺎ ﺑﺎﻟﺨﺰي‪ .‬ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ذاﻛﺮت وﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﻋﻞــى اطــﻻع بــاﻟﻤﺎدة اﻟﺪراسـﻳﺔ‪ ،‬وﻟﻚـن فـي كـل مـرة ﻳﺢـﻳﻦ وقـت اﻻﺧﺘﺐـار‪ ،‬ﺗﺶـﻋﺮ بـاﻟﺘﻮﺗﺮ‬
‫ﻟﻠﻐﺎيـة لـدرﺟﺔ أن ﻋﻘﻞـھﺎ ﻳﺺـﺑﺢ خـاوﻳًﺎ مـن كـل مـا ذاﻛﺮتـه‪ .‬كـاﻧﺖ درﺟﺎتـھﺎ ﻣﺖـدﻧﯿﺔ‬
‫وﺧﺬﻟﺖ ﻣﻌﻠﻤﯿﮫﺎ وواﻟﺪﻳﮫﺎ‪ ،‬وﺳﺎء اﻷﻣﺮ أﻛﺜﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﺎﺿﺖ اﺧﺘﺒﺎرات اﻟﺘﺄھﻞ ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﻻﺧﺘﺒﺎرات اﻟﺘﻲ‬
 ‫ﺗﺤﺘﺮﻣﮫﺎ ﻣﺪرﺳﺘﮫﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪.‬‬
‫ﺖ ﺗﻌﻠﻤﯿﻦ‬
‫ﻓﻲ ﻛﻞ ﻟﯿﻠﺔ ﺗﺴﺒﻖ اﺧﺘﺒﺎًرا‪ ،‬ﻛﺎن واﻟﺪاھﺎ ﻳﺮﻳﺎﻧﮫﺎ ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ ﻓﯿﺤﺎوﻻن إﻛﺴﺎﺑﮫﺎ اﻟﺜﻘﺔ‪" :‬اﺳﻤﻌﻲ‪ ،‬أﻧ ِ‬
‫ﺖ ﻣﺘﺄﻛﺪة ﻣﻦ ذﻟﻚ‬ ‫ﻚ ذﻛﯿﱠﺔ‪ .‬أﻧ ِ‬
‫ﻚ ذﻛﯿﱠﺔ و ﻧﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ أﻧ ِ‬‫أﻧ ِ‬
‫ﻓﺘﻮﻗﻔﻲ ﻋﻦ اﻟﻘﻠﻖ"‪.‬‬
‫ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺪﻋﻤﺎﻧﮫﺎ ﺑﺄﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﺎن ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺮﻓﺎﻧﮫﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻨﮫﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺰﻳﺪان ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺮ‪ .‬ﻣﺎ اﻟﺬي ﻛﺎن‬
‫ﻋﻠﯿﮫﻤﺎ أن ﻳﻘﻮﻻه؟‬
‫ﺖ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﯿﻌﯿﻦ إظﮫﺎر ﻣﺎ ﺗﻌﺮﻓﯿﻨﻪ‪ .‬ﻧﺮﻳﺪك أن ﺗﻌﻠﻤﻲ أﻧﻨﺎ‬ ‫"ﻻﺑﺪ أﻧﻪ أﻣﺮ ﻣﻔﺰع أن ﺗﺸﻌﺮي أن اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻳﻘﯿِ ّﻤﻚ وأﻧ ِ‬
‫ﻻ ﻧﻘﯿِ ّﻤﻚ‪ ،‬ﻧﺤﻦ ﻧﮫﺘﻢ ﺑﺄﻣﺮ ﺗﻌﻠ ﱡﻤﻚ‪ ،‬وﻧﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ أﻧﻚ‬
‫ﺖ اﻟﺘﻌﻠﻢ"‪.‬‬
‫ﺖ ﺑﮫﺬا وواﺻﻠ ِ‬‫ﻚ اﻟﺘﺰﻣ ِ‬‫ﻚ ﺗﻌﻠﻤﻪ‪ .‬ﻧﺤﻦ ﻓﺨﻮران أﻧ ِ‬ ‫ﺖ ﺗﺘﻌﻠﻤﯿﻦ ﻣﺎ ﻋﻠﯿ ِ‬
‫ﻛﻨ ِ‬

‫رﺳﺎﺋﻞ ﻋﻦ اﻟﻔﺸﻞ‬
‫اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺠﺎح ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن أﻗﻞ ﻣﺸﻜﻼﺗﻨﺎ‪ ،‬أﻟﯿﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟ ﻳﺒﺪو اﻟﻔﺸﻞ ﻣﺴﺄﻟﺔ أﻛﺜﺮ دﻗﺔ‪ .‬رﺑﻤﺎ ﻳﺸﻌﺮ‬
‫ﻊ ھﺬه اﻟﻤﺮة‬ ‫اﻷطﻔﺎل ‪ -‬ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ‪ -‬ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط أو اﻟﻀﻌﻒ‪ .‬ﻟَِﻨﻄﱠِﻠ ْ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﻘﻠﮫﺎ اﻵﺑﺎء ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﻔﺸﻞ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ "إﻟﯿﺰاﺑﯿﺚ" ذات اﻷﻋﻮام اﻟﺘﺴﻌﺔ ﻓﻲ طﺮﻳﻘﮫﺎ ﻷول ﻣﺮة إﻟﻰ ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺠﻤﺒﺎز‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺤﯿﻔﺔ وﻣﺮﻧﺔ وﻧﺸﯿﻄﺔ‪،‬‬
‫ﻣﺎ ﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﺠﻤﺒﺎز ﻛﻤﺎ أﻧﮫﺎ‬ ‫اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﮫﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺗﻤﺎ ً‬
‫أﺣﺒﺖــھﺎ‪ .‬بــاﻟﻄﺒﻊ كــاﻧﺖ ﺗﺶــﻋﺮ ﺑﻘﻠﻲــل مــن اﻟﺘﻮتــر ﺑﺶــأن اﻟﺘﻦــاﻓﺲ وﻟﻜﻦــھﺎ كــاﻧﺖ ﺟﻲـدة‬
‫فـي اﻟﺠﻤﺐـاز وشـﻋﺮت ﺑﺎﻟﺜﻖـة ﻷنـھﺎ ﺗﺒﻞـي بـﻻء ﺣﺲـﻧًﺎ‪ .‬بـل كـاﻧﺖ ﺗﻔﻚـر ﺑﺄﻓﺾـل ﻣﻚـان‬
‫ﺑﻐﺮﻓﺘﮫﺎ ﻟﺘﻌﻠﻖ ﻋﻠﯿﻪ اﻟﻮﺳﺎم اﻟﺬي ﺳﻮف ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﯿﻪ‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻷرﺿﯿﺔ‪ ،‬ﻟﻌﺒﺖ "إﻟﯿﺰاﺑﯿﺚ" أوًﻻ‪ ،‬ورﻏﻢ أﻧﮫﺎ أﺑﻠﺖ ﺑﻼًء ﺣﺴًﻨﺎ ﻓﺈن ﺗﺴﺠﯿﻞ اﻟﻨﻘﺎط‬
‫ﻗﺪ ﺗﻐﯿﺮ ﺑﻌﺪ أن ﻟﻌﺐ ﻋﺪد ﻗﻠﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﺎت ﻓﺨﺴﺮت‬
‫ﻀﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت أﺧﺮى وﻟﻜﻦ ﻟﯿﺲ ﻟﻠﺪرﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆھﻠﮫﺎ ﻟﻠﻔﻮز‪ .‬وﻓﻲ‬ ‫"إﻟﯿﺰاﺑﯿﺚ"‪ .‬أﺑﻠﺖ "إﻟﯿﺰاﺑﯿﺚ" ﺑﻼًء ﺣﺴًﻨﺎ أﻳ ً‬
‫ﻧﮫﺎﻳﺔ اﻷﻣﺴﯿﺔ ﻟﻢ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ أي وﺳﺎم‪ ،‬ﻓﺘﺤﻄﻤﺖ‪.‬‬
‫ﻣﺎذا ﻛﻨﺖ ﺳﺘﻔﻌﻞ إذا ﻛﻨﺖ أﺣﺪ واﻟﺪي "إﻟﯿﺰاﺑﯿﺚ"؟‬
‫‪ .1 - 1‬ﺗﻘﻮل ﻟﮫﺎ‪ :‬إﻧﻚ ﻛﻨﺖ ﺗﻈﻦ أﻧﮫﺎ اﻷﻓﻀﻞ‪.‬‬
‫ﺰع ﻣﻨﮫﺎ وأﻧﮫﺎ ھﻲ اﻷﺣﻖ ﺑﻪ‪.‬‬ ‫‪ .2 - 2‬ﺗﻘﻮل ﻟﮫﺎ‪ :‬إن اﻟﻮﺳﺎم ﻗﺪ اﻧُﺘ ِ‬
‫‪ .3 - 3‬ﺗﻄﻤﺌﻨﮫﺎ ﺑﺄن ﻟﻌﺒﺔ اﻟﺠﻤﺒﺎز ﻟﯿﺴﺖ ﺑﮫﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻷھﻤﯿﺔ‪.‬‬
‫‪ .4 - 4‬ﺗﻘﻮل ﻟﮫﺎ‪ :‬إن ﻟﺪﻳﮫﺎ ﻗﺪرة ﺟﯿﺪة وأﻧﮫﺎ ﺳﺘﻔﻮز اﻟﻤﺮة اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ‪.‬‬
‫‪ .5 - 5‬ﺗﺨﺒﺮھﺎ ﺑﺄﻧﮫﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖ اﻟﻔﻮز‪.‬‬
‫ھﻨﺎك اﻋﺘﻘﺎد ﺳﺎﺋﺪ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﻋﻦ ﻛﯿﻔﯿﺔ رﻓﻊ ﺛﻘﺔ أﺑﻨﺎﺋﻨﺎ ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ‪ ،‬وﺟﺰء ﻣﻦ ھﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد ھﻮ‪ :‬ﻗﻢ ﺑﺤﻤﺎﻳﺔ‬
‫أﺑﻨﺎﺋﻚ ﻣﻦ اﻟﻔﺸﻞ! رﻏﻢ أن ھﺬا ﻗﺪ ﻳﻔﯿﺪ ﻓﻲ ﺣﻞ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ‬
‫ﻣﻀ ًﺮّا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ‪ .‬ﻟﻤﺎذا؟‬ ‫ﻓِﺈﻧﱠﻪ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ُ‬ ‫اﻟﻌﺎﺟﻠﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺸﻌﻮر اﻷﺑﻨﺎء ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط‪َ ،‬‬
‫ض ردود اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺨﻤﺴﺔ اﻟﻤﺤﺘﻤﻠﺔ ﻣﻦ وﺟﮫﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ‪ -‬وﻧﺴﺘﻤﻊ إﻟﻰ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ‪.‬‬ ‫ﺮ ْ‬‫ﺴَﺘْﻌ ِ‬
‫ﻟَِﻨ ْ‬
‫ﻗﺎ؛ فـھﻲ لـم ﺗﻚـن اﻷﻓﺾـل‬ ‫اﻷول ) أنــت ﺗﻆــن أنــھﺎ كــاﻧﺖ اﻷﻓﺾــل( ﻋﺐــارة غـﻳﺮ أﻣﯿﻦـة إطـﻻ ً‬
‫ﺿﺎ‪ .‬ﺗﻞـك اﻟﻌﺐـارة ﻻ ﺗﻖـدم لـھﺎ حـًّﻻ ﻟﻠﺘﻊـاﻓﻲ مـن‬ ‫وأنـت ﺗﻌﻞـم هـذا وهـي ﺗﻌﻠﻢـه أيـ ً‬
‫اﻹﺧﻔﺎق أو ﻟﺘﺤﺴﯿﻦ أداﺋﮫﺎ‪.‬‬
‫ﺰع ﻣﻨﮫﺎ( ﻳﻠﻘﻲ ﺑﺎﻟﻠﻮم ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ أن اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ أداﺋﮫﺎ ھﻲ‬ ‫اﻟﺜﺎﻧﻲ )أن اﻟﻮﺳﺎم ﻗﺪ اﻧُﺘ ِ‬
‫م اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻟﺘﻐﻄﯿﺔ‬ ‫وﻟﯿﺲ اﻟﺤﻜﺎم‪ .‬ﻓﮫﻞ ﺗﻘﺼﺪ أن ﺗﺮﺑﯿﮫﺎ ﻋﻠﻰ ﻟَْﻮ ِ‬
‫ﻗﺼﻮرھﺎ؟‬
‫ﻘﺎ( ﻳﻌﻠﻤﮫﺎ أن ﺗﻨﺘﻘﺺ ﻣﻦ ﻗﯿﻤﺔ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺒﻠﻲ ﻓﯿﮫﺎ ﺑﻼًء ﺣﺴًﻨﺎ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﺜﺎﻟﺚ )طﻤﺄﻧﺘﮫﺎ ﺑﺄن اﻟﺠﻤﺒﺎز ﻻ ﻳﮫﻢ ﺣ ًّ‬
‫اﻟﻔﻮر‪ .‬ھﻞ ھﺬا ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪھﺎ أن ﺗﺘﻌﻠﻤﻪ؟‬
‫اﻟﺮاﺑﻊ )أن ﻟﺪﻳﮫﺎ اﻟﻘﺪرة( رﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺧﻄﻮرة‪ .‬ھﻞ اﻟﻘﺪرة ھﻲ ﻣﺎ ﻳﻤﻜِّﻨﻚ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪه؟ إذا‬
‫ﻛﺎﻧﺖ "إﻟﯿﺰاﺑﯿﺚ" ﻟﻢ ﺗﻔﺰ ﺑﮫﺬا اﻟﻠﻘﺎء‪ ،‬ﻓﻜﯿﻒ ﺳﺘﻔﻮز‬
‫اﻟﻤﺮة اﻟﻘﺎدﻣﺔ؟‬
‫اﻟﺨﯿﺎر اﻷﺧﯿﺮ )أن ﺗﺨﺒﺮھﺎ أﻧﮫﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖ اﻟﻔﻮز( ﺗﺒﺪو ﻋﺒﺎرة ﻗﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻈﺮوف‪ .‬وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻦ ﺗﻘﻮﻟﮫﺎ ﺑﮫﺬا‬
‫اﻟﺸﻜﻞ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ‪ .‬وﻟﻜﻦ ھﺬا ﻳﺸﺒﻪ ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ واﻟﺪھﺎ ذو‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪.‬‬
‫ھﺬا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ واﻟﺪھﺎ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ‪" :‬أﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﺗﺸﻌﺮﻳﻦ ﺑﻪ ﻳﺎ إﻟﯿﺰاﺑﯿﺚ‪ .‬إﻧﻪ أﻣﺮ ﻣﺤِﺒﻂ أن ﺗﻨﮫﺎر أﻣﻨﯿﺎﺗﻚ وأن ﺗﻘﻮﻣﻲ ﺑﺄداء‬
‫ﺖﻻ‬ ‫ﺖ ﻣﺎ زﻟ ِ‬ ‫ﺟﯿﺪ وﻻ ﺗﻔﻮزﻳﻦ‪ .‬وﻟﻜﻦ أﺗﻌﻠﻤﯿﻦ‪ ،‬أﻧ ِ‬
‫ﺗﺲــﺗﺤﻘﯿﻦ اﻟﻒــوز ﺑﻊــد؛ فــھﻨﺎك اﻟﻜﺚــﻳﺮ مــن اﻟﻔﺘﻲــات اﻟﻼتــي ﻳﻠﻌﺐــن اﻟﺠﻤﺐــاز ﻣﻦــذ مــدة‬
‫ﻪ‪ .‬إذا كـان هـذا اﻷمـر ﺗﺮيـدﻳﻨﻪ حـ ً‬
‫ﻗّﺎ‪،‬‬ ‫ﻦ جــھًﺪا أﻛﺚــر ﻣﻢـا بـذﻟِﺘ ِ‬ ‫ﺖ وﺑََﺬْﻟ َ‬ ‫أطــول ﻣﻢــا ﻟَ ِ‬
‫ﻌْﺒ ِ‬
‫ﻘﺎ ﻋﻠﻰ إﺗﻘﺎﻧﻪ"‪.‬‬ ‫ﻓﺴﺘﻌﻤﻠﯿﻦ ﺣ ًّ‬
‫ﻀﺎ أﻧﮫﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻳﺪ ﻟﻌﺐ اﻟﺠﻤﺒﺎز ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﺘﻌﺔ ﻓﻘﻂ ﻓﻼ ﺑﺄس ﺑﺬﻟﻚ‪ .‬أﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﺘﻔﻮق‬ ‫وأﺑﻠﻐﮫﺎ أﻳ ً‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺎت ﻓﻌﻠﯿﮫﺎ ﺑﺬل اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﮫﺪ‪.‬‬
 ‫أخـذت "إلـﻳﺰاﺑﯿﺚ" هـذا اﻷمـر ﻋﻞـى ﻣﺤﻢـل اﻟﺞـد؛ ﻓﺄﻣﺾـت اﻟﻜﺚـﻳﺮ مـن الـوﻗﺖ فـي ﺗﻚـرار ﺣﺮﻛﺎتـھﺎ‬
‫وإﺗﻘﺎنـھﺎ‪ ،‬وﺧﺎصـة اﻟﺤﺮكـات اﻟﺖـي كـاﻧﺖ ﺗﺆديـھﺎ ﺑﺶـﻛﻞ سـﻳﺊ‪ .‬فـي اﻟﻠﻖـاء‬
‫اﻟﺖــاﻟﻲ‪ ،‬كــان ھﻦــاك ﺛﻢـاﻧﻮن ﻓﺖـاة مـن ﺟﻢـﻳﻊ أﻧﺢـاء اﻟﻤﻘﺎطﻊـة‪ ،‬وفـازت "إلـﻳﺰاﺑﯿﺚ" ﺑﺨﻤﺲـة‬
‫أوسـﻣﺔ فـي اﻟﻤﺲـاﺑﻘﺎت اﻟﻔﺮديـة وكـاﻧﺖ ﺑﻄﻞـة اﻟﻤﻨﺎﻓﺲـة ﻛﻞـھﺎ وأخـذت ﻣﻊـھﺎ إلـى‬
‫ﺔ‪ .‬واﻵن أﺻﺒﺤﺖ ﺟﺪران ﻏﺮﻓﺘﮫﺎ ﻣﻐﻄﺎة ﻋﻦ آﺧﺮھﺎ ﺑﺎﻟﺠﻮاﺋﺰ ﺣﺘﻰ إﻧﻚ ﻗﺪ ﺗﺮى اﻟﺤﺎﺋﻂ‬ ‫ﺳﺎ ﺿﺨﻤ ً‬ ‫اﻟﻤﻨﺰل ﻛﺄ ً‬
‫ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ‪.‬‬
‫ﻀﺎ ﻛﯿﻒ ﺗﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ إﺧﻔﺎﻗﺎﺗﮫﺎ‪ ،‬وﺗﺒﺬل ﻛﻞ‬ ‫ﻓﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﺨﺒﺮھﺎ واﻟﺪاھﺎ ﺑﺎﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻓﺤﺴﺐ؛ ﺑﻞ ﻋﻠﻤﺎھﺎ أﻳ ً‬
‫ﺟﮫﺪھﺎ ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ اﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﺗﻌﺎطﻒ ﺑﺸﺪة‬
‫ﻔﺎ ﻟﻦ ﻳﻘﻮد إﻟﻰ ﺷﻲء ﺳﻮى اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻹﺣﺒﺎط ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪,‬‬ ‫ﻌﺎ ﻣﺰﻳ ً‬
‫ﻣﻊ إﺣﺒﺎطﮫﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻘﺪم ﻟﮫﺎ ﺗﺸﺠﯿ ً‬
‫ﻟﻘﺪ ﻗﺎﺑﻠﺖ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺪرﺑﯿﻦ وﺳﺄﻟﻮﻧﻲ‪" :‬ﻣﺎذا ﺣﺪث ﻟﻼﻋﺒﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺪرﻳﺒﮫﻢ؟ أﻳﻦ ذھﺒﻮا؟"‪.‬‬
‫ﻳﺸﻜﻮ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺪرﺑﯿﻦ أﻧﮫﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻤﻨﺤﻮن ﻻﻋﺒﯿﮫﻢ‬
‫ﺗﻌﻠﯿﻖــات ﺗﺺــﺣﯿﺤﯿﺔ‪ ،‬ﻳﺖــذﻣﺮ اﻟﻼﻋﺐــون أن ﺛﻘﺖــھﻢ ﺑﺄﻧﻔﺲــھﻢ اهــﺗﺰت‪ .‬وأﺣﻲـاﻧًﺎ ﻳﺘﺺـل‬
‫اﻟﺮﻳﺎضـﻳﻮن ﺑﻤﻨﺎزلـھﻢ وﻳﺶـﺗﻜﻮن إلـى آﺑﺎئـھﻢ‪ .‬ﻳﺐـدو أنـھﻢ ﻳﺮيـدون مـدرﺑﯿﻦ ﻳﺘﺢـدﺛﻮن‬
‫إﻟﯿﮫﻢ ﻋﻦ ﻣﺪى ﻣﻮھﺒﺘﮫﻢ ﻻ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ھﺬا‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮل اﻟﻤﺪرﺑﻮن‪ :‬ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﻣﺒﺎراة ﻓﻲ دوري اﻟﺼﻐﺎر أو ﻣﺒﺎراة ﻛﺮة ﻗﺪم ﻟﻸطﻔﺎل‪ ،‬اﻋﺘﺎد اﻵﺑﺎء أن‬
‫ﻳﺮاﺟﻌﻮا وﻳﺤﻠﻠﻮا اﻟﻤﺒﺎراة ﺧﻼل ﻋﻮدﺗﮫﻢ ﻣﻊ أﺑﻨﺎﺋﮫﻢ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﯿﻦ إﻟﻰ‬
‫اﻟﻤﻨﺰل وإﺳﺪاﺋﮫﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺼﺎﺋﺢ اﻟﻤﻔﯿﺪة ﺣﻮل )أﺳﻠﻮب اﻟﻠﻌﺐ(‪ .‬أﻣﺎ اﻵن ﻓﺈن اﻵﺑﺎء ﻓﻲ طﺮﻳﻘﮫﻢ إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل‪،‬‬
‫ﻳﻠﻮﻣﻮن اﻟﻤﺪرﺑﯿﻦ واﻟﺤﻜﺎم ﻋﻠﻰ اﻷداء اﻟﻀﻌﯿﻒ ﻟﻠﻄﻔﻞ أو ﻋﻠﻰ‬
‫ﺧﺴﺎرة اﻟﻔﺮﻳﻖ؛ ﻓﺈﻧﮫﻢ ﻻ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺆذوا ﺛﻘﺔ اﻟﻄﻔﻞ ﺑﻨﻔﺴﻪ إذا ﻣﺎ أﻟﻘﻮا ﻋﻠﯿﻪ اﻟﻠﻮم‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ ھﻲ اﻟﺤﺎل ﻓﻲ اﻟﻤﺜﺎل ﻋﻦ "إﻟﯿﺰاﺑﯿﺚ" اﻟﺬي ذﻛﺮﻧﺎه؛ ﻓﺎﻷطﻔﺎل ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﻌﻠﯿﻘﺎت أﻣﯿﻨﺔ وﺑﻨﺎءة‪ .‬إذا‬
‫ﺗﻤﺖ "ﺣﻤﺎﻳﺔ" اﻷطﻔﺎل ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎت‪ ،‬ﻓﻠﻦ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮا‬
‫ﺟﯿًﺪا وﺳﯿﺮون أن اﻟﻨﺼﯿﺤﺔ واﻟﺘﺪرﻳﺐ واﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎت أﻣﻮر ﺳﻠﺒﯿﺔ وھﺪاﻣﺔ‪ .‬اﻻﻣﺘﻨﺎع ﻋﻦ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺒﱠﻨﺎء ﻻ ﻳﺴﺎﻋﺪ‬
‫اﻟﻄﻔﻞ ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺴﺎب اﻟﺜﻘﺔ؛ ﺑﻞ ﻳﻀﺮ ﺑﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻪ‪.‬‬

‫اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺒﱠﻨﺎء‪ :‬اﻟﻤﺰﻳﺪ ﺣﻮل رﺳﺎﺋﻞ اﻟﻔﺸﻞ‬

‫ﻤﺎ ﻣﺎ ﻧﺴﻤﻊ ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺒﱠﻨﺎء ‪ .‬وﻟﻜﻦ أﻻ ﻳﺸﻌﺮ اﻟﺠﻤﯿﻊ أن اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺬي ﻧﻘﺪﻣﻪ ﻷﺑﻨﺎﺋﻨﺎ ﻧﻘﺪ ﺑﻨﺎء؟ ﻟﻤﺎذا‬ ‫داﺋ ً‬
‫ﻧﻘﺪﻣﻪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻧﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﻟﯿﺲ ﻣﻔﯿًﺪا؟ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ أن اﻟﻜﺜﯿﺮ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺪ ﻟﯿﺲ ﻣﻔﯿًﺪا ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق؛ ﻓﮫﻮ ﻣﻠﻲء ﺑﺎﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻔﻞ‪ .‬ﻛﻠﻤﺔ " ﺑﱠﻨﺎء" ﺗﻌﻨﻲ ﻣﺴﺎﻋﺪة اﻟﻄﻔﻞ‬
‫ﻋﻠﻰ إﺻﻼح ﺷﻲء ﻣﺎ‪ ،‬أو ﺑﻨﺎء ﻣﻨﺘﺞ أﻓﻀﻞ أو اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻌﻤﻞ‬
‫أﻓﻀﻞ‪.‬‬
‫اﻧﺪﻓﻊ "ﺑﯿﻠﻲ" ﻓﻲ ﺣﻞ واﺟﺒﻪ اﻟﻤﻨﺰﻟﻲ ﻣﺘﺨﻄﯿًﺎ ﻋﺪة أﺳﺌﻠﺔ وﻣﺠﯿﺒًﺎ ﻋﻦ اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر وإھﻤﺎل؛‬
‫ﻓﺎﺳﺘﺸﺎط أﺑﻮه ﻏﻀﺒًﺎ‪" :‬ھﻞ ھﺬا واﺟﺒﻚ اﻟﻤﻨﺰﻟﻲ؟ أﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن‬
‫ﺗﻘﻮم ﺑﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺤﯿﺢ أﺑًﺪا؟ إﻣﺎ أﻧﻚ أﺣﻤﻖ أو ﻣﺴﺘﮫﺘﺮ‪ .‬ﻓﺄﻳﮫﻤﺎ أﻧﺖ؟"‪ .‬ھﺬا اﻟﺘﻌﻠﯿﻖ ﻳﺘﻌﻤﺪ اﻟﺘﺸﻜﯿﻚ ﻓﻲ ذﻛﺎء‬
‫اﻻﺑﻦ وﺷﺨﺼﯿﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ وﻳﺸﯿﺮ إﻟﻰ أن اﻟﻘﺼﻮر‬
‫داﺋﻢ‪.‬‬
‫ﻛﯿﻒ ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻸب أن ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻏﻀﺒﻪ وإﺣﺒﺎطﻪ ﺑﺪون أن ﻳﺸﻮه ﺻﻔﺎت اﺑﻨﻪ؟ ھﺎ ھﻲ ذي ﺑﻌﺾ اﻟﻄﺮق‪:‬‬
‫"إﻧﻨﻲ أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺤﺰن ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﺗﻘﻮم ﺑﻌﻤﻞ ﺗﺎم ﻳﺎ ﺑﻨﻲ‪ .‬ﻣﺘﻰ ﺗﻌﺘﻘﺪ أن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ اﺳﺘﻜﻤﺎل ھﺬا؟"‪.‬‬
‫"ھﻞ ھﻨﺎك ﺷﻲء ﻟﻢ ﺗﻔﮫﻤﻪ ﻓﻲ اﻟﻮاﺟﺐ ﻳﺎ ﺑﻨﻲ؟ ھﻞ ﺗﺮﻳﺪ ﻣﻨﻲ أن أﺳﺎﻋﺪك ﻓﻲ ﺣﻠِ ّﻪ؟"‪.‬‬
‫ﻮّت ﻓﺮﺻﺔ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ .‬ھﻞ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ طﺮﻳﻘﺔ ﻗﺪ ﺗﺴﺎﻋﺪك‬ ‫"إﻧﻨﻲ أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺤﺰن ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ أراك ﺗﻔ ِ‬
‫ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻤﺰﻳﺪ؟"‪.‬‬
‫ﻞ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻳﺎ ﺑﻨﻲ‪ .‬إﻧﻨﻲ أﺗﻌﺎطﻒ ﻣﻌﻚ‪ .‬ھﻞ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ طﺮﻳﻘﺔ ﺗﺠﻌﻞ ھﺬا أﻛﺜﺮ إﺛﺎرًة‬ ‫"ﻳﺒﺪو أَﻧﻪ واﺟﺐ ﻣﻤ ﱞ‬
‫ﻟﻼھﺘﻤﺎم؟" أو "ﻟﻨﺤﺎول اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ طﺮﻳﻘﺔ ﺗﻘﻠﻞ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺠﮫﺪ اﻟﻤﺒﺬول وﺗﺴﻔﺮ ﻋﻦ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻌﻤﻞ ﺟﯿﺪ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ‪ .‬ھﻞ ﻟﺪﻳﻚ أﻳﺔ أﻓﻜﺎر؟"‪.‬‬
‫ﺪ ﺣﻘﯿﻘﻲ‪،‬‬ ‫ﺤ ٍّ‬‫"أﺗﺬﻛﺮ ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺧﺒﺮﺗﻚ أن اﻷﺷﯿﺎء اﻟﺸﺎﻗﺔ ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻋﻠﻰ أن ﻧﺘﻌﻠﻢ اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ؟ ھﺬا اﻟﻮاﺟﺐ ﺗَ َ‬
‫ﻓﮫﻮ ﻳﺴﺘﻠﺰم ﻣﻨﻚ ﺑﺬل ﻛﻞ ﻣﮫﺎرات اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﻟﺪﻳﻚ‪ .‬ﻟَِﻨَﺮ إذا‬
‫ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﺧﻼل ھﺬا اﻟﻮاﺟﺐ ﻛﻠﻪ"‪.‬‬
‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻛﺎن‬ ‫أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻳﻄﻠﻖ اﻷطﻔﺎل اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﮫﻢ‪ .‬ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ "ﺟﯿﻨﻮت" ﻋﻦ "ﻓﯿﻠﯿﺐ" ذي اﻷرﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎ ً‬
‫ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮوع ﻣﻊ أﺑﯿﻪ‪ ،‬ﻓﻨﺜﺮ اﻟﻤﺴﺎﻣﯿﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء‬
‫اﻷرﺿﯿﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﺘﻌﻤﺪة؛ ﻓﻨﻈﺮ "ﻓﯿﻠﯿﺐ" إﻟﻰ أﺑﯿﻪ ﻧﻈﺮة ﺷﻌﻮر ﺑﺎﻟﺬﻧﺐ وﻗﺎل‪:‬‬
‫" ﻓﯿﻠﯿﺐ"‪ :‬ﻳﺎ إﻟﮫﻲ! إﻧﻨﻲ أﺧﺮق‪.‬‬
‫اﻷب‪ :‬ﻟﯿﺲ ھﺬا ﻣﺎ ﻧﻘﻮﻟﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻨﺎﺛﺮ اﻟﻤﺴﺎﻣﯿﺮ‪.‬‬
‫" ﻓﯿﻠﯿﺐ"‪ :‬ﻓﻤﺎذا ﻧﻘﻮل؟‬
‫اﻷب ‪ :‬ﻧﻘﻮل‪" :‬ﺗﻨﺎﺛﺮت اﻟﻤﺴﺎﻣﯿﺮ‪ ،‬ﺳﺄﺟﻤﻌﮫﺎ"‪.‬‬
‫" ﻓﯿﻠﯿﺐ"‪ :‬ھﺬا ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ؟‬
 ‫اﻷب‪ :‬ھﺬا ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ‪.‬‬
‫" ﻓﯿﻠﯿﺐ"‪ :‬ﺷﻜًﺮا ﻳﺎ أﺑﻲ‪.‬‬

‫اﻷطﻔﺎل ﻳﺘﻌﻠﻤﻮن اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ‬

‫ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ اﻷﺑﻨﺎء ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ أﻧﮫﻢ ﻳﺘﻠﻘﻮن رﺳﺎﺋﻞ ﻣﻦ آﺑﺎﺋﮫﻢ ﺗﻨﻄﻮي ﻋﻠﻰ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم‪ .‬ﻳﻘﻮﻟﻮن إﻧﮫﻢ‬
‫ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄن ﺻﻔﺎﺗﮫﻢ ﻣﻌﺮﺿﺔ ﻟﻠﺘﻘﯿﯿﻢ طﻮال اﻟﻮﻗﺖ‪.‬‬
‫ﺳﺄﻟﻨﺎ ﻛًّﻼ ﻣﻨﮫﻢ‪" :‬اﻓﺘﺮض أن واﻟﺪﻳﻚ ﻋﺮﺿﺎ ﻋﻠﯿﻚ أن ﻳﺴﺎﻋﺪاك ﻋﻠﻰ ﺣﻞ أﻋﻤﺎﻟﻚ اﻟﻤﺪرﺳﯿﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎذا ﻗﺪ ﻳﻔﻌﻼن‬
‫ھﺬا؟"‪.‬‬
‫أﺟﺎﺑﻮا‪" :‬اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ وراء ذﻟﻚ أﻧﮫﻢ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﻌﺮﻓﻮا ﻣﺪى ذﻛﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﺣﻞ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻤﺪرﺳﯿﺔ"‪.‬‬
‫ﺳﺄﻟﻨﺎ‪" :‬اﻓﺘﺮض أن واﻟﺪﻳﻚ ﺳﻌﯿﺪان ﻷﻧﻚ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ درﺟﺎت ﺟﯿﺪة‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﺳﺒﺐ ھﺬا؟"‪.‬‬
‫أﺟﺎﺑﻮا‪ " :‬إﻧﮫﻤﺎ ﺳﻌﯿﺪان ﻷﻧﻨﻲ وﻟﺪ ذﻛﻲ"‪.‬‬
‫ﺳﺄﻟﻨﺎ‪" :‬اﻓﺘﺮض أن واﻟﺪﻳﻚ ﺗﻨﺎﻗﺸﺎ ﻣﻌﻚ ﺣﻮل أداﺋﻚ ﺑﻌﺪ أن ﻗﻤﺖ ﺑﺄداء ﺳﯿﺊ ﻓﻲ أﻣﺮ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎذا‬
‫ﻗﺪ ﻳﻔﻌﻼن ذﻟﻚ؟"‪.‬‬
‫أﺟﺎﺑﻮا‪" :‬ﻗﺪ ﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ إﻟﻰ أﻧﮫﻤﺎ ﺷﻌﺮا ﺑﺎﻟﺠﺰع ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ أﻛﻦ أﺣﺪ اﻟﻄﻼب اﻟﻨﺒﮫﺎء" و"إﻧﮫﻢ ﻳﻌﺘﻘﺪون أن ﺣﺼﻮﻟﻲ‬
‫ﻋﻠﻰ درﺟﺎت ﺳﯿﺌﺔ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻨﻲ ﻟﺴﺖ ذﻛﯿًّﺎ"‪.‬‬
‫وھﻜﺬا‪ ،‬ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻳﺤﺪث ﺷﻲء ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻊ ھﺆﻻء اﻷﺑﻨﺎء رﺳﺎﻟﺔ ﺗﻨﻄﻮي ﻋﻠﻰ إطﻼق ﺣﻜﻢ ﻋﻠﯿﮫﻢ‪.‬‬
‫رﺑﻢــا ﻳﻆــن كــل اﻷﺑﻦــاء أن آبــاءھﻢ ﻳﻄﻠﻖــون اﻷﺣﻚــام ﻋﻠﻲــھﻢ‪ .‬ألــﻳﺲ هــذا مــا ﻳﻔﻌﻞــه اﻵبـاء‪،‬‬
‫اﻟﺖـذﻣﺮ وإطـﻻق اﻷﺣﻚـام؟ لـﻳﺲ ھﻚـذا ﻳﻔﻚـر اﻟﻂـﻻب ذوو ﻋﻘﻠﻲـة اﻟﻨﻢـو‪ ،‬فـھﻢ‬
‫ﻳﻈﻨﻮن أن آﺑﺎءھﻢ ﻳﺤﺎوﻟﻮن ﺗﺸﺠﯿﻌﮫﻢ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻠﻢ واﻟﻌﺎدات اﻟﺠﯿﺪة ﻟﻠﻤﺬاﻛﺮة‪ .‬ھﺬا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮه ﻋﻦ دواﻓﻊ‬
‫آﺑﺎﺋﮫﻢ‪:‬‬
‫س‪ :‬اﻓﺘﺮض أن واﻟﺪﻳﻚ ﻋﺮﺿﺎ ﻋﻠﯿﻚ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻚ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻟﻚ اﻟﻤﺪرﺳﯿﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎذا ﻗﺪ ﻳﻔﻌﻼن ھﺬا؟‬
‫ج‪ :‬إﻧﮫﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪان أن ﻳﻀﻤﻨﺎ أن أﺗﻌﻠﻢ أﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل أﻋﻤﺎﻟﻲ اﻟﻤﺪرﺳﯿﺔ‪.‬‬
‫س‪ :‬اﻓﺘﺮض أن واﻟﺪﻳﻚ ﺳﻌﯿﺪان ﻷﻧﻚ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﺟﯿﺪة‪.‬‬
‫دا ﺣﻘﯿﻘﯿًّﺎ‪.‬‬‫ج‪ :‬إﻧﮫﻤﺎ ﺳﻌﯿﺪان ﻷن ﺣﺼﻮﻟﻲ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﺟﯿﺪة ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻨﻲ ﺑﺬﻟﺖ ﻣﺠﮫﻮ ً‬
‫س‪ :‬اﻓﺘﺮض أن واﻟﺪﻳﻚ ﺗﻨﺎﻗﺸﺎ ﻣﻌﻚ ﺣﻮل أداﺋﻚ ﺑﻌﺪ أن ﻗﻤﺖ ﺑﺄداء ﺳﯿﺊ ﻓﻲ أﻣﺮ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺎ ﻟﻠﻤﺬاﻛﺮة ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪.‬‬ ‫ج‪ :‬إﻧﮫﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪان أن ُﻳﻌﻠﻤﺎﻧﻲ طﺮ ً‬
‫ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ھﺬا ﺑﺘﺼﺮﻓﺎﺗﮫﻢ أو ﺑﻌﻼﻗﺎﺗﮫﻢ ﺑﺒﻌﻀﮫﻢ‪ ،‬ﻳﺸﻌﺮ اﻷﺑﻨﺎء ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺑﺄﻧﮫﻢ ﻳﺘﻢ اﻟﺤﻜﻢ‬
‫ﻋﻠﯿﮫﻢ‪ ،‬أﻣﺎ اﻷﺑﻨﺎء ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﯿﺸﻌﺮون ﺑﺄﻧﻪ‬
‫ﻳﺘﻢ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻳﺪ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﻟﮫﻢ‪.‬‬
‫س‪ :‬ﺗﺨﯿﻞ أن واﻟﺪﻳﻚ ﺗﻀﺎﻳﻘﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻔﻌﻞ ﻣﺎ أرادا ﻣﻨﻚ ﻓﻌﻠﻪ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎذا ﺗﻀﺎﻳﻘﺎ؟‬
‫اﺑﻦ ذو ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪ :‬ﻷﻧﮫﻤﺎ ﺧﺸﯿﺎ أن أﻛﻮن وﻟًﺪا ﺳﯿًﺌﺎ‪.‬‬
‫اﺑﻦ ذو ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ‪ :‬ﻷﻧﮫﻤﺎ أرادا أن ﻳﺴﺎﻋﺪاﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻢ طﺮق ﻓﻌﻞ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﯿﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﺮة اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪.‬‬
‫كــــل اﻷﺑﻦــــاء ﻳﺲــــﻳﺌﻮن اﻟﺘﺺــــرف‪ ،‬وﺗﻮضــــح اﻷﺑﺢــــاث أن اﻷﺑﻦــــاء اﻟﺺــــﻏﺎر اﻟﻄﺐـــﻳﻌﯿﯿﻦ‬
‫ﺳﺐــة ﻹطــﻻق اﻷﺣﻚــام ﻋﻞــى‬ ‫ن‪ ،‬فــھﻞ هــذا ﻳﺺــﺑﺢ ﻣﻨﺎ َ‬ ‫ﻳﺲــﻳﺌﻮن اﻟﺘﺺــرف كــل ثــﻻث ثــوا ٍ‬
‫ﺳﺒﺔ ﻟﺘﻌﻠﯿﻤﮫﻢ؟‬ ‫ﺷﺨﺼﯿﺎﺗﮫﻢ أو ﻣﻨﺎ َ‬
‫س‪ :‬ﺗﺨﯿﻞ أن واﻟﺪﻳﻚ ﻛﺎﻧﺎ ﻏﯿﺮ ﺳﻌﯿﺪﻳﻦ ﻷﻧﻚ ﻻ ﺗﺸﺎرك اﻷوﻻد اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬ﻓﻤﺎ ﺳﺒﺐ ﺷﻌﻮرھﻤﺎ ھﺬا؟‬
‫طﻔﻞ ذو ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪ :‬ﻷﻧﮫﻤﺎ ﻳﻈﻨﺎن أن ھﺬا ﻳﻮﺿﺢ ﻟﮫﻤﺎ ﻧﻮﻋﯿﺔ ﺷﺨﺼﯿﺘﻲ‪.‬‬
‫طﻔﻞ ذو ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ ‪ :‬ﻷﻧﮫﻤﺎ أرادا أن ﻳﺴﺎﻋﺪاﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﮫﺎرات أﻓﻀﻞ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻷطﻔﺎل‬
‫اﻵﺧﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫ﻳﺘﻌﻞــم اﻷطﻒــال هــذه الــدروس ﻣﺒﻚــًرا؛ ﻓﻌﻦــدﻣﺎ ﻳﺐــدأون ﺗﻌﻞــم اﻟﻤﺶـي ﻳﺘﻠﻖـون هـذه اﻟﺮسـاﺋﻞ‬
‫مـن آﺑﺎئـھﻢ وﻳﺘﻌﻠﻢـون أن أﺧﻂـاءھﻢ ﺗﺲـﺗﻠﺰم إطـﻻق اﻷﺣﻚـام واﻟﻤﻌﺎﻗﺐـة‪ ،‬أو‬
‫ﺳﺒﺔ ﺟﯿﺪة ﻟﺘﻠﻘﻲ اﻻﻗﺘﺮاﺣﺎت واﻟﺘﻌﻠﻢ‪.‬‬ ‫ﻳﺘﻌﻠﻤﻮن أن أﺧﻄﺎءھﻢ ﻣﻨﺎ َ‬
‫ھﺎ ھﻮ ذا وﻟﺪ ﻓﻲ روﺿﺔ اﻷطﻔﺎل ﻟﻦ ﻧﻨﺴﺎه أﺑًﺪا‪ ،‬ﺳﺘﺴﻤﻌﻪ ﻳﺆدي رﺳﺎﺋﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﻠﻘﺎھﺎ ﻣﻦ أﺑﻮﻳﻪ‪ .‬ھﺬا ھﻮ‬
‫اﻟﻤﻮﻗﻒ‪ :‬ﻛﺘﺐ ﺑﻌﺾ اﻷرﻗﺎم ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ‬
‫ﺧﻄﺄ ﻣﺎ‪ ،‬ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ اﻟﻮﻟﺪ ﻛﯿﻒ ﻳﻜﻮن رد ﻓﻌﻞ أﺑﻮﻳﻪ ﻋﻠﻰ ھﺬا‪.‬‬
‫اﻷم‪ :‬ﻣﺮﺣﺒًﺎ‪ .‬ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺤﺰﻧﻚ؟‬
‫اﻟﻮﻟﺪ‪ :‬أﻋﻄﯿﺖ ﻣﻌﻠﻤﺘﻲ ﺑﻌﺾ اﻷرﻗﺎم وأﻏﻔﻠﺖ اﻟﺮﻗﻢ ‪ ،8‬وھﺎ أﻧﺎ ذا أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺤﺰن‪.‬‬
‫اﻷم‪ :‬ﺣﺴًﻨﺎ‪ ،‬ھﻨﺎك ﺷﻲء واﺣﺪ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺠﻌﻠﻚ ﺳﻌﯿًﺪا‪.‬‬
‫اﻟﻮﻟﺪ‪ :‬ﻣﺎ ھﻮ؟‬
‫ﻘﺎ أﻧﻚ ﺑﺬﻟﺖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ وﺳﻌﻚ ﻓﻠﻦ ﺗﻐﻀﺐ ﻋﻠﯿﻚ‪] .‬واﺳﺘﺪارت ﻧﺤﻮ اﻷب[ ﻧﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ‬ ‫اﻷم‪ :‬إذا أﺧﺒﺮت ﻣﻌﻠﻤﺘﻚ ﺣ ًّ‬
‫ﻏﺎﺿﺒﯿﻦ‪.‬‬
‫اﻷب‪ :‬ﻧﺤﻦ ﻏﺎﺿﺒﺎن‪ .‬ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻚ ﻳﺎ ﺑﻨﻲ أن ﺗﺬھﺐ إﻟﻰ ﻏﺮﻓﺘﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر‪.‬‬
‫أود ﻟﻮ ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻲ أن أﺧﺒﺮك أﻧﻪ اﺳﺘﻤﻊ إﻟﻰ رﺳﺎﻟﺔ واﻟﺪﺗﻪ اﻟﻤﻮﺟﮫﺔ ﻟﻠﻨﻤﻮ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻓﻲ دراﺳﺘﻨﺎ اﻟﺘﻲ‬
‫أﺟﺮﻳﻨﺎھﺎ ﻳﺒﺪو أن اﻟﻮﻟﺪ اﻧﺘﺒﻪ إﻟﻰ رﺳﺎﻟﺔ أﺑﯿﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻄﻮي ﻋﻠﻰ إطﻼق‬
 ‫ﺣﻜﻢ ﻋﻠﯿﻪ‪ .‬وﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻓﻘﺪ ﺗﻠﻘﻰ رﺳﺎﻟﺔ واﻟﺪﺗﻪ اﻟﻤﻔﻌﻤﺔ ﺑﺎﻷﻣﻞ ﻋﻦ اﻟﺠﮫﺪ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺑﺬﻟﻪ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪.‬‬
‫ﻳﺒﺪأ اﻵﺑﺎء ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺗﺼﺮﻓﺎت أﺑﻨﺎﺋﮫﻢ وإﺻﺪار ردود ﻓﻌﻞ ﻋﻠﯿﮫﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷوﻟﻰ‪ .‬ﻣﺜًﻼ ﺗﺤﺎول أم ﺟﺪﻳﺪة أن‬
‫ﺗﺮﺿﻊ وﻟﯿﺪھﺎ‪ ،‬ﻓﯿﺒﻜﻲ اﻟﻤﻮﻟﻮد وﻻ ﻳﺮﺿﻊ‪ ،‬أو ﻳﺮﺿﻊ ﺑﻀﻊ‬
‫رﺷﻔﺎت ﺛﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ وﻳﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟﺼﺮاخ؛ ﻓﮫﻞ اﻟﻤﻮﻟﻮد ﻋﻨﯿﺪ؟ ھﻞ اﻟﻤﻮﻟﻮد ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻋﺠًﺰا؟ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻛﻞ‬
‫ﺷﻲء‪ ،‬أﻟﯿﺴﺖ اﻟﺮﺿﺎﻋﺔ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻓﻄﺮﻳﺔ؟ أﻻ ﻳﻔﺘﺮض أن ﻳﻜﻮن‬
‫اﻟﻤﻮاﻟﯿﺪ ﻣﺨﻠﻮﻗﯿﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻓﻄﺮﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﺮﺿﺎﻋﺔ؟ ﻣﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﺑﻨﻲ؟‬
‫ت إﻟﯿﻪ ﻓﻲ‬
‫ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻲ أم ﺟﺪﻳﺪة ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ‪" :‬ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ أﺻﺒﺖ ﺑﺎﻟﺘﻮﺗﺮ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺬﻛﺮت ﻣﺎ أﺷﺮ ِ‬
‫ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻚ؛ ﻓﻈﻠﻠﺖ أﻗﻮل ﻟﺮﺿﯿﻌﺘﻲ‪" :‬ﻛﻼﻧﺎ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﮫﺬا‪،‬‬
‫ك ﺟﺎﺋﻊـة‪ ،‬أﻋﻞـم أنـه أمـر يـدﻋﻮ ﻟﻠﺘﻮتـر‪ ،‬ﻟﻜﻨﻦـا ﻧﺘﻌﻞـم"‪ .‬طﺮﻳﻖـة اﻟﺘﻔﻚـﻳﺮ ﺗﻞـك سـاﻋﺪﺗﻨﻲ‬ ‫أﻋﻞــم أنـ ِ‬
‫ﻋﻞـى اﻟﺒﻖـاء ھﺎدئـة وإرشـادھﺎ ﺣﺖـى ﻧﺞـح اﻷمـر‪ ،‬ﻛﻢـا سـاﻋﺪﺗﻨﻲ ﻋﻞـى فـھﻢ‬
‫رﺿﯿﻌﺘﻲ ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﺮﻓﺖ ﻛﯿﻒ ُأﻋﻠِ ّﻤﮫﺎ أﻣﻮًرا أﺧﺮى أﻳ ً‬
‫ﻀﺎ"‪.‬‬
‫ﻻ ﺗﻄﻠﻖ اﻷﺣﻜﺎم‪ ،‬وﻋﻠِ ّﻢ؛ ﻓﺈﻧﮫﺎ ﻋﻤﻠﯿﺔ ﺗﻌﻠ ﱡﻢ‪.‬‬

‫اﻷطﻔﺎل ﻳﻨﻘﻠﻮن اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ‬

‫طﺮﻳﻖــة أخــرى ﻧﻊـرف بـھﺎ أن اﻷطﻒـال ﺗﻌﻠﻢـوا هـذه اﻟﺮسـاﺋﻞ وذلـك مـن خـﻻل رؤﻳﺖـھﻢ كـﻳﻒ‬
‫ﻳﻨﻘﻠﻮنـھﺎ‪ .‬ﺣﺖـى اﻷطﻒـال اﻟﺺـﻏﺎر ﻣﺲـﺗﻌﺪون ﻟﻨﻖـل اﻟﺤﻜﻢـة اﻟﺖـي ﺗﻌﻠﻤﻮهـا‪.‬‬
‫ﺳﺄﻟﻨﺎ أطﻔﺎًﻻ ﻓﻲ اﻟﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ‪" :‬ﻣﺎ اﻟﻨﺼﯿﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻣﮫﺎ ﻟﻄﺎﻟﺐ آﺧﺮ ﻓﻲ ﻓﺼﻠﻚ ﻛﺎن ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ‬
‫ﻣﺎدة اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت؟" ﻓﮫﺎ ھﻲ ذي اﻟﻨﺼﯿﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﮫﺎ طﻔﻞ ذو‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ‪:‬‬
‫ھﻞ ﺗﺴﺘﺴﻠﻢ ﻛﺜﯿًﺮا؟ ھﻞ ﺗﻔﻜﺮ ﻟﺪﻗﯿﻘﺔ ﺛﻢ ﺗﺘﻮﻗﻒ؟ إذا ﻛﻨﺖ ﺗﻔﻌﻞ ھﺬا‪ ،‬ﻓﻌﻠﯿﻚ أن ﺗﻔﻜﺮ ﻟﻤﺪة طﻮﻳﻠﺔ‪ ،‬رﺑﻤﺎ‬
‫ﻟﺪﻗﯿﻘﺘﯿﻦ‪ ،‬وإذا ﻟﻢ ﺗﻔﮫﻤﮫﺎ ﻓﻌﻠﯿﻚ أن ﺗﻘﺮأ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ‬
‫ﻀﺎ‪ ،‬ﻓﻌﻠﯿﻚ أن ﺗﺮﻓﻊ ﻳﺪك وﺗﺴﺄل اﻟﻤﻌﻠﻢ‪.‬‬ ‫ﻣﺮة أﺧﺮى‪ .‬وإذا ﻟﻢ ﺗﻔﮫﻤﮫﺎ أﻳ ً‬
‫أﻟﯿﺴﺖ ﻧﺼﯿﺤﺔ ﻋﻈﯿﻤﺔ؟ اﻟﻨﺼﯿﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﮫﺎ اﻷطﻔﺎل ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ‬
‫اﻟﻔﺎﺋﺪة‪ .‬وﻷن اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻻ ﺗﻤﺘﻠﻚ وﺻﻔﺔ ﻟﻠﻨﺠﺎح؛ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﻧﺼﺎﺋﺤﮫﻢ ﺗﻤﯿﻞ إﻟﻰ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻘﺘﻀﺒﺔ وﻣﺒﺎﺷﺮة‪" .‬أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻷﺳﻒ" ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ھﻲ اﻟﻨﺼﯿﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﮫﺎ أﺣﺪ‬
‫ﻣﺎ ﻣﻮاﺳﺎﺗﻪ‪.‬‬ ‫اﻷطﻔﺎل ﻣﻘﺪ ً‬
‫ﺿﻊ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ ﻧﻘﻞ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻘﻮھﺎ‪ .‬أﺟﺮت "ﻣﺎري ﻣﺎﻳﻦ" و"ﻛﺎرول ﺟﻮرج" دراﺳﺔ ﻋﻠﻰ اﻷطﻔﺎل‬ ‫ﺣﺘﻰ اﻟﱡﺮ ﱠ‬
‫اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﺮﺿﻮا ﻟﻺﺳﺎءة وأطﻠﻖ ﻋﻠﯿﮫﻢ آﺑﺎؤھﻢ اﻷﺣﻜﺎم‬
‫ﺑﺴﺒﺐ ﺑﻜﺎﺋﮫﻢ أو اﻓﺘﻌﺎﻟﮫﻢ اﻟﻤﺸﻜﻼت‪ .‬اﻵﺑﺎء اﻟﻤﺘﻌﺴﻔﻮن ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻻ ﻳﻔﮫﻤﻮن أن ﺑﻜﺎء أطﻔﺎﻟﮫﻢ إﺷﺎرة إﻟﻰ‬
‫اﺣﺘﯿﺎﺟﺎﺗﮫﻢ أو أن اﻷطﻔﺎل اﻟﺮﺿﻊ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ اﻟﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ‬
‫ﻋﺎ ﻟﻸﻣﺮ‪ ،‬ﺑﻞ إﻧﮫﻢ ﻳﺤﻜﻤﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻔﻞ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺘﻤﺮد أو ﻋﻨﯿﺪ أو ﺳﯿﺊ؛ ﻷﻧﻪ ﻳﺒﻜﻲ‪.‬‬ ‫اﻟﺒﻜﺎء اﻧﺼﯿﺎ ً‬
‫"ﻣﺎري ﻣﺎﻳﻦ" و"ﻛﺎرول ﺟﻮرج" ﺷﺎھﺪﺗﺎ اﻷطﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﺮﺿﻮا ﻟﻺﺳﺎءة )اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺮاوﺣﺖ أﻋﻤﺎرھﻢ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﺳﻨﺔ‬
‫وﺛﻼث ﺳﻨﻮات( ﻓﻲ ﺑﯿﺌﺔ روﺿﺔ اﻷطﻔﺎل‪ ،‬ﻣﺮاﻗﺒﺘﯿﻦ ردود‬
‫أﻓﻌﺎﻟﮫﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻷطﻔﺎل اﻵﺧﺮون ﻣﺘﻀﺎﻳﻘﯿﻦ وﻳﺒﻜﻮن‪ .‬ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻳﺸﻌﺮ اﻷطﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﺮﺿﻮا ﻟﻺﺳﺎءة‬
‫ﺑﺎﻟﻐﻀﺐ ﺗﺠﺎه اﻷطﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺤﺰن‪ ،‬ﺑﻞ ﻗﺪ‬
‫ﻳﺤﺎول ﺑﻌﻀﮫﻢ اﻻﻋﺘﺪاء ﻋﻠﯿﮫﻢ؛ ﻟﻘﺪ ﻓﮫﻤﻮا اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻔﺎدھﺎ أن اﻷطﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﻜﻮن ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻢ إطﻼق‬
‫اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﯿﮫﻢ وﻣﻌﺎﻗﺒﺘﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻛﺚــﻳًﺮا مــا ﻧﻆــن أن آثــار اﻹســاءة ﺗﻨﺘﻖــل إلــى اﻵخــرﻳﻦ ﻓﻖــط ﻋﻦـدﻣﺎ ﻳﺺـﺑﺢ ضـﺣﺎﻳﺎ اﻹسـاءة‬
‫آبـاء‪ .‬وﻟﻚـن هـذه اﻟﺪراسـة اﻟﻢـذھﻠﺔ ﺗﻮضـح أن اﻷطﻒـال ﻳﺘﻌﻠﻢـون الـدروس ﻣﺒﻚـًرا‬
‫وﻳﺘﺼﺮﻓﻮن وﻓ ً‬
‫ﻘﺎ ﻟﮫﺎ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ‪ ،‬ﻛﯿﻒ ﻛﺎﻧﺖ ردود أﻓﻌﺎل اﻷطﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﻌﺮﺿﻮا ﻟﻺﺳﺎءة ﺗﺠﺎه زﻣﻼﺋﮫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺤﺰن؟‬
‫أظﮫﺮوا اﻟﺘﻌﺎطﻒ؛ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻨﮫﻢ ﺗﻮﺟﻪ إﻟﻰ اﻟﻄﻔﻞ اﻟﺬي‬
‫ﻳﺒﻜﻲ ﻟﯿﻌﺮﻓﻮا ﻣﺎ اﻷﻣﺮ‪ ،‬وﻟﯿﻌﺮﻓﻮا إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ھﻨﺎك ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻌﻠﻪ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة‪.‬‬

‫أﻟﯿﺲ اﻟﺘﮫﺬﻳﺐ ﻧﻮًﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ؟‬

‫ﻳﻆــن ﻛﺚــﻳﺮ مــن اﻵبــاء أنــھﻢ ﻋﻦــدﻣﺎ ﻳﻄﻠﻖــون اﻷﺣﻚــام ﻋﻞــى أﺑﻨﺎئــھﻢ وﻳﻌﺎﻗﺒﻮنــھﻢ‪ ،‬ﻓﺈنــھﻢ‬
‫دا"‪ .‬ﻓﻢـا الـذي ﻳﻌﻠﻤﻮنـه‬ ‫ﺳﺎ لـن ﺗﻨﺲـاه أبـ ً‬‫ﻳﻌﻠﻤﻮنــھﻢ‪ ،‬ﻣﺚـل ﻋﺐـارة "سـأﻋﻠﻤﻚ در ً‬
‫ﻷﺑﻨﺎﺋﮫﻢ؟ إﻧﮫﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮن أﺑﻨﺎءھﻢ أﻧﮫﻢ إذا ﻋﺎرﺿﻮا ﻗﻮاﻋﺪ اﻵﺑﺎء وﻗﯿﻤﮫﻢ‪ ،‬ﻓﺴﯿﺘﻢ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﯿﮫﻢ‬
‫ﻤﻮ َ‬
‫ن أﺑﻨﺎءھﻢ ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ اﻷﻣﻮر‬ ‫ﻌﻠِ ّ ُ‬
‫وﻣﻌﺎﻗﺒﺘﮫﻢ‪ .‬إﻧﮫﻢ ﻻ ُﻳ َ‬
‫ﺑﺘﻤﻌﻦ واﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻗﺮارات أﺧﻼﻗﯿﺔ ﻧﺎﺿﺠﺔ ﺑﻤﻔﺮدھﻢ‪.‬‬
‫ن أﺑﻨﺎءھﻢ أن ﻗﻨﻮات اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ‪.‬‬ ‫ﻌﻠﻤﻮ َ‬
‫ورﺑﻤﺎ ﻻ ُﻳ َ‬
‫ﻣﺎ إلــى والــدﺗﮫﺎ وقــاﻟﺖ لــھﺎ إنــھﺎ وأصــدﻗﺎءھﺎ‬ ‫ذھﺐــت "أﻟﯿﺲــا" ذات اﻟﺲــﺗﺔ ﻋﺶــر عــا ً‬
‫ﻳﺮيــدون ﺗﺠﺮبــة الــذھﺎب إلــى رﺣﻞــة فــي ﻣﻚــان ﺑﻌﻲـٍد‪ .‬ﺑﻆـاھﺮ اﻷمـر‪ ،‬رﺑﻢـا ﻳﺐـدو هـذا أمـًرا‬
 ‫ﻔﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻨﯿﻪ "أﻟﯿﺴﺎ" أﻧﮫﺎ وأﺻﺪﻗﺎءھﺎ ﺳﻤﻌﻮا ﻋﻦ أﻣﺎﻛﻦ ﺟﻤﯿﻠﺔ وﻟﻜﻨﮫﺎ ﺑﻌﯿﺪة‪ ،‬وﻻ ﻳﺮﻳﺪون‬ ‫ﻣﺨﯿ ً‬
‫ﺗﺠﺮﺑﺘﮫﺎ ﻓﻲ ﺑﯿﺌﺔ ﻻ ﻳﺸﻌﺮون ﻓﯿﮫﺎ ﺑﺎﻷﻣﺎن أو أﻧﮫﻢ ﻳﻤﻠﻜﻮن‬
‫زﻣﺎم اﻷﻣﻮر‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧﮫﻢ ﻻ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﻘﻮدوا ﺳﯿﺎراﺗﮫﻢ إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل ﻟﻤﺴﺎﻓﺎت طﻮﻳﻠﺔ‪ .‬أرادوا أن ﻳﺠﺮﺑﻮھﺎ ﻓﻲ‬
‫ﻣﺤﯿﻂ ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻺﺷﺮاف وﺑﺈذن ﻣﻦ آﺑﺎﺋﮫﻢ ﺣﯿﺚ ﻳﻤﻜﻦ ﻵﺑﺎﺋﮫﻢ‬
‫أن ﻳﺄﺗﻮا ﺑﻌﺪ اﻧﺘﮫﺎء اﻟﺮﺣﻠﺔ وﻳﺄﺧﺬوﻧﮫﻢ إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل‪.‬‬
‫ﻻ ﻳﮫﻢ إذا ﻣﺎ واﻓﻖ واﻟﺪا "أﻟﯿﺴﺎ" أم ﻻ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺗﻨﺎﻗﺸﺎ ﺑﺎﺳﺘﻔﺎﺿﺔ ﺣﻮل اﻷﻣﻮر اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﮫﺬا اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﺑﻞ أﺟﺮوا‬
‫ﺷﺎ ﻣﻔﯿًﺪا ﺑﻌﯿًﺪا ﻋﻦ اﻟﺮﻓﺾ اﻟﻐﺎﺿﺐ اﻟﻤﺘﺠﮫﻢ اﻟﻘﺎﺋﻢ‬ ‫ﻧﻘﺎ ً‬
‫ﻋﻠﻰ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم‪.‬‬
‫ﻗﺎ‪ .‬إﻧﮫﻢ ﻳﺤﺪدون ﻣﺒﺎدئ‬‫ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا أن اﻵﺑﺎء ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻳﺪﻟﻠﻮن أﺑﻨﺎءھﻢ وﻳﻄﻠﻘﻮن ﻟﮫﻢ اﻟﻌﻨﺎن‪ ،‬إطﻼ ً‬
‫ﻋﺎﻟﯿﺔ وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮن أطﻔﺎﻟﮫﻢ ﻛﯿﻒ ﻳﺼﻠﻮن إﻟﯿﮫﺎ‪.‬‬
‫إﻧﮫﻢ ﻳﺮﻓﻀﻮن‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ رﻓﺾ ﻋﺎدل وﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻜﯿﺮ واﺣﺘﺮام‪ .‬اﻟﻤﺮة اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺪ ﻓﯿﮫﺎ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ‬
‫ﺗﮫﺬﻳﺐ أﺑﻨﺎﺋﻚ‪ ،‬اﺳﺄل ﻧﻔﺴﻚ‪ :‬ﻣﺎ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ أﺑﻌﺚ ﺑﮫﺎ‬
‫م ا ﻋﻠﯿﻚ وأﻋﺎﻗﺒﻚ؟ أم ﺳﺄﺳﺎﻋﺪك ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ واﻟﺘﻌﻠﻢ؟‬ ‫ھﻨﺎ‪ :‬ﺳﺄطﻠﻖ أﺣﻜﺎ ً‬

‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﺎن ﻳﻤﻜﻨﮫﻤﺎ أن ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﯿﺎة أو ﻣﻮت‬

‫ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﺮﻳﺪ اﻵﺑﺎء أﻓﻀﻞ اﻷﻣﻮر ﻷﺑﻨﺎﺋﮫﻢ‪ ،‬ﻟﻜﻨﮫﻢ أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻳﻀﻌﻮن أﺑﻨﺎءھﻢ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺮ‪ .‬ﺑﺼﻔﺘﻲ ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ‬
‫دراﺳﺎت ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺨﺮج ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻢ اﻟﺬي أﻋﻤﻞ ﺑﻪ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﯿﺎ‪ ،‬رأﻳﺖ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب اﻟﻮاﻗﻌﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﺄزق‪ .‬ھﺎ ھﻲ ذي ﻗﺼﺔ ﻓﺘﺎة راﺋﻌﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ‬
‫اﻷﻣﺮ‪.‬‬
‫ﺣﺾــرت "ســاﻧﺪي" إلــى ﻣﻜﺘﺐــي ﺑﺠﺎﻣﻊــة ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻲــا ﻗﺐــل أســﺑﻮع مــن اﻟﺘﺦــرج وأرادت أن ﺗﻎــﻳﺮ‬
‫ﺗﺨﺺــﺻﮫﺎ إلــى ﻋﻞــم اﻟﻨﻒــس‪ .‬كــان طﻞـﺑًﺎ غـﻳﺮ ﻋﻘﻼنـي‪ ،‬وﻟﻜﻦـي شـﻋﺮت ﺑﺄنـھﺎ‬
‫ﻣﺤﺒﻄﺔ واﺳﺘﻤﻌﺖ إﻟﻰ ﻗﺼﺘﮫﺎ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ‪ .‬وﻋﻨﺪﻣﺎ اطﻠﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﺠﻞ درﺟﺎﺗﮫﺎ وﺟﺪﺗﻪ ﻣﻠﯿًﺌﺎ ﺑﻌﻼﻣﺎت اﻻﻣﺘﯿﺎز‬
‫واﻟﺮﺳﻮب‪ ،‬ﻓﻤﺎذا ﻛﺎن ﻳﺠﺮي؟‬
‫ﻛﺎن واﻟﺪا "ﺳﺎﻧﺪي" ﻳﻌﺪاﻧﮫﺎ ﻟﻼﻟﺘﺤﺎق ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ھﺎرﻓﺎرد‪ .‬وﻷﻧﮫﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ؛ ﻓﻜﺎن اﻟﮫﺪف اﻟﻮﺣﯿﺪ ﻣﻦ‬
‫ﺗﻌﻠﯿﻢ "ﺳﺎﻧﺪي" أن ﺗﺜﺒﺖ ﻗﯿﻤﺘﮫﺎ وﺟﺪارﺗﮫﺎ )ورﺑﻤﺎ‬
‫ﻀﺎ( وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻮل اﻟﺘﺤﺎﻗﮫﺎ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ھﺎرﻓﺎرد؛ ﻓﺎﻟﺘﺤﺎﻗﮫﺎ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻳﻌﻨﻲ‬ ‫ﺟﺪارﺗﮫﻢ أﻳ ً‬
‫ﻘﺎ‪ .‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ‬‫أﻧﮫﺎ ذﻛﯿﺔ ﺣ ًّ‬
‫ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻢ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺴﻌﻲ وراء ﺷﻐﻔﮫﺎ ﺑﺎﻟﻌﻠﻮم أو ﺣﺘﻰ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ إﺳﮫﺎﻣﺎت ﻋﻈﯿﻤﺔ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎن ﻳﺘﻌﻠﻖ‬
‫ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ .‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﮫﺎ وﺳﻘﻄﺖ‬
‫ﻓﺮﻳﺴﺔ ﻟﻼﻛﺘﺌﺎب ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﺤﯿﻦ‪ .‬ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﯿﺎن ﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻔﺎﻋﻠﯿﺔ )وھﺬا ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﺣﺼﻮﻟﮫﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻋﻼﻣﺎت اﻻﻣﺘﯿﺎز( وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﯿﺎن اﻷﺧﺮى ﻟﻢ‬
‫ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ذﻟﻚ )وھﺬا ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﺣﺼﻮﻟﮫﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺮﺳﻮب(‪.‬‬
‫ﻛﻨﺖ أﻋﻠﻢ أﻧﻨﻲ إن ﻟﻢ أﺳﺎﻋﺪھﺎ ﻓﻠﻦ ﺗﺘﺨﺮج‪ ،‬وإن ﻟﻢ ﺗﺘﺨﺮج ﻓﻠﻦ ﺗﻜﻮن ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺟﮫﺔ أﺑﻮﻳﮫﺎ‪ ،‬وإن ﻟﻢ‬
‫ﺗﺴﺘﻄﻊ ﻣﻮاﺟﮫﺔ أﺑﻮﻳﮫﺎ ﻓﻼ أﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﺤﺪث‪.‬‬
‫ﻘﺎ‪ ،‬ﻓﻤﻦ اﻟﻤﺤﺰن‬ ‫ﻛﺎن ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻲ ﻗﺎﻧﻮﻧًﺎ ﻣﺴﺎﻋﺪة "ﺳﺎﻧﺪي" ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﺮج‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ھﺬا ھﻮ اﻟﮫﺪف ﺣ ًّ‬
‫ﻘﺎ أن ﺗﺠﻌﻞ طﺎﻟﺒﺔ ﻧﺒﯿﮫﺔ وراﺋﻌﺔ ﻣﺜﻞ "ﺳﺎﻧﺪي" ﺗﺘﺤﻄﻢ‬ ‫ﺣ ًّ‬
‫ﺑﻔﻌﻞ ھﺬه اﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت‪.‬‬
‫أﺗﻤﻨﻰ أن ﺗﻌﻠِ ّﻢ ھﺬه اﻟﻘﺼﺺ اﻵﺑﺎء أن "ﻳﺘﻤﻨﻮا اﻷﻓﻀﻞ" ﻷﺑﻨﺎﺋﮫﻢ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺸﺠﯿﻊ‬
‫اھﺘﻤﺎﻣﺎﺗﮫﻢ وﻧﻤﻮھﻢ وﺗﻌﻠ ﱡﻤﮫﻢ‪.‬‬

‫ﺗﻤﻨﻲ اﻷﻓﻀﻞ ﺑﺄﺳﻮأ طﺮﻳﻘﺔ‬

‫ﻟﻨﻨﻆــر ﺑﺘﻤﻊــن فــي اﻟﺮســاﻟﺔ اﻟﺖــي ﺗﻠﻘﺖــھﺎ "ســاﻧﺪي" مــن والــدﻳﮫﺎ‪ :‬ﻧﺢــن ﻻ ﻧﺄبــه ﻟﻢــا ﺗﻜﻮنــﻳﻦ‬
‫ﻋﻠﻲـه أو ﻟﻢـا ﻳﺚـﻳﺮ اھﺘﻢـاﻣﻚ أو ﻟﻢـا ﻳﻤﻜﻦـك أن ﺗﺺـﺑﺤﻲ ﻋﻠﻲـه‪ .‬ﻧﺢـن ﻻ ﻧﺄبـه ﻟﻠﺘﻌﻞـم‪.‬‬
‫ﺖ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ھﺎرﻓﺎرد‪.‬‬‫ﺳﻨﺤﺒﻚ وﻧﺤﺘﺮﻣﻚ ﻓﻘﻂ إذا ﻣﺎ اﻟﺘﺤﻘ ِ‬
‫ﺲ واﻟﺪا "ﻣﺎرك" اﻟﺸﻌﻮر ﻧﻔﺴﻪ‪ .‬ﻛﺎن "ﻣﺎرك" طﺎﻟﺐ رﻳﺎﺿﯿﺎت اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﯿًّﺎ‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ أﻧﮫﻰ اﻟﺪراﺳﺔ اﻹﻋﺪادﻳﺔ‬ ‫أﺣ ﱠ‬
‫ﻛﺎن ﻳﺘﻮق ﻟﻼﻟﺘﺤﺎق ﺑﻤﺪرﺳﺔ ﺳﺘﺎﻳﻔﯿﺴﺎﻧﺖ ھﺎي ﺳﻜﻮل‪،‬‬
‫وھﻲ ﻣﺪرﺳﺔ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﺗﻘﺪم ﻣﻘﺮًرا ﻗﻮﻳًّﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت واﻟﻌﻠﻮم‪ .‬ھﻨﺎك ﻳﻤﻜﻨﻪ دراﺳﺔ‬
‫اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت ﻣﻊ أﻓﻀﻞ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ وإﺟﺮاء ﻧﻘﺎﺷﺎت ﺣﻮل اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت‬
‫ﻣﻊ أﻓﻀﻞ اﻟﻄﻼب ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﺗﺤﺘﻮي ﻣﺪرﺳﺔ ﺳﺘﺎﻳﻔﯿﺴﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻳﺘﯿﺢ ﻟﻪ دراﺳﺔ ﺑﺮاﻣﺞ‬
‫اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﯿﺎ ﻓﻮر أن ﻳﻜﻮن‬
‫ﻣﺴﺘﻌ ًّ‬
‫ﺪا ﻟﺬﻟﻚ‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷﺧﯿﺮة ﻟﻢ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ واﻟﺪاه ﺑﺎﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﮫﺬه اﻟﻤﺪرﺳﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﺳﻤﻌﺎ أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ أن‬
‫ﻳﻠﺘﺤﻖ ﺧﺮﻳﺠﻮ ﻣﺪرﺳﺔ ﺳﺘﺎﻳﻔﯿﺴﺎﻧﺖ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ھﺎرﻓﺎرد؛ ﻟﺬﻟﻚ‬
‫ﺟﻌﻼه ﻳﻠﺘﺤﻖ ﺑﻤﺪرﺳﺔ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ أﺧﺮى‪.‬‬
‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻤﮫﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ أﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺴﻌﻲ وراء اھﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻪ أو ﺗﻨﻤﯿﺔ ﻣﻮاھﺒﻪ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎن ھﻨﺎك أﻣﺮ واﺣﺪ‬
‫ھﻮ اﻟﻤﮫﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ وھﻮ ﺟﺎﻣﻌﺔ ھﺎرﻓﺎرد‪.‬‬

‫"ﻧﺤﻦ ﻧﺤﺒﻚ ‪ -‬ﺑﺸﺮوطﻨﺎ"‬

‫اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم ﻓﻘﻂ ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﺘﺠﺎوز إﻟﻰ‪ :‬إﻧﻨﻲ ﺳﺄﺣﺒﻚ ﻓﻘﻂ إذا ﻧﺠﺤﺖ ‪ -‬ﺑﺸﺮوطﻲ ‪.‬‬
‫ﻗﻤﻨﺎ ﺑﺪراﺳﺔ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻷطﻔﺎل ﺗﺘﺮاوح أﻋﻤﺎرھﻢ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﺳﺖ ﺳﻨﻮات ﺣﺘﻰ ﻋﻤﺮ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ .‬ﻳﺸﻌﺮ اﻷﺑﻨﺎء‬
‫ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ أن آﺑﺎءھﻢ ﻟﻦ ﻳﺤﺒﻮھﻢ وﻳﺤﺘﺮﻣﻮھﻢ‬
‫إﻻ إذا ﺣﻘﻘﻮا أھﺪاف آﺑﺎﺋﮫﻢ ﺑﺨﺼﻮﺻﮫﻢ‪ .‬ﻳﻘﻮل طﻼب اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪:‬‬
‫ﺤﺎ ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪاﻧﻪ"‪.‬‬ ‫ﺪَراﻧﻲ إن ﻟﻢ أﻛﻦ ﻧﺎﺟ ً‬ ‫ي ﻟﻦ ُﻳ َ‬
‫ﻘ ِّ‬ ‫"ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ أﺷﻌﺮ أن واﻟﺪ ﱠ‬
‫أو‪" :‬ﻳﻘﻮل واﻟﺪاي إﻧﻨﻲ أﺳﺘﻄﯿﻊ أن أﻛﻮن أي ﺷﻲء أود أن أﻛﻮﻧﻪ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻗﻲ أﺷﻌﺮ أﻧﮫﻢ ﻟﻦ ﻳﺮﺿﻮا‬
‫ﻋﻨﻲ إﻻ إذا ﺗﺨﺼﺼﺖ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻳﺜﯿﺮ إﻋﺠﺎﺑﮫﻢ"‪.‬‬
‫كــان أبــو "جــون مـاﻛﯿﻨﺮو" ﻳﻔﻚـر ﻋﻞـى هـذا اﻟﻨﺢـو؛ كـان ﻳﻄﻞـق اﻷﺣﻚـام‪ ،‬وكـاﻧﺖ كـل اﻷمـور‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺲـﺑﺔ لـه إمـا أبـﻳﺾ أو أسـود‪ ،‬وﻳﺾـع اﺑﻦـه ﺗﺢـت ضـﻏﻂ‪ .‬ﻳﻖـول "مـاﻛﯿﻨﺮو"‪:‬‬
‫"دﻓﻌﻨﻲ واﻟﺪاي ‪....‬ﻛﺎن أﺑﻲ ھﻮ ﻣﻦ ﻳﺪﻓﻌﻨﻲ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺒﺮ‪ ،‬وﻛﺎن ﻳﺒﺪو ﻛﺄﻧﻪ ﻳﻌﯿﺶ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﮫﻨﺘﻲ اﻟﺼﻐﯿﺮة‬
‫اﻟﻤﺘﻨﺎﻣﯿﺔ ‪ ....‬أﺗﺬﻛﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﻷﺑﻲ إﻧﻨﻲ ﻻ أﺳﺘﻤﺘﻊ ﺑﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻮّت واﺣًﺪا؟"‪.‬‬ ‫ﻛﻨﺖ أﻗﻮل ﻟﻪ‪" :‬ھﻞ ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺤﻀﺮ ﻛﻞ ﻣﺒﺎراة؟ ھﻞ ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺤﻀﺮ ھﺬا اﻟﻤﺮان؟ أﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻔ ِ‬
‫ﺣﻘﻖ "ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو" اﻟﻨﺠﺎح اﻟﺬي رﻏﺐ أﺑﻮه ﻓﻲ ﺗﺤﻘﯿﻘﻪ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻤﺘﻊ "ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو" ﺑﻠﺤﻈﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ ھﺬا‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮل إﻧﻪ اﺳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ ھﺬا اﻟﻨﺠﺎح‪ ،‬ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻤﺔ‬
‫واﻟﻤﺪح واﻟﻤﺎل‪ ،‬وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻳﻘﻮل "ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو"‪" :‬ﻳﺒﺪو أن اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﯿﻦ ﻳﺤﺒﻮن أن ﻳﻠﻌﺒﻮا أﻟﻌﺎﺑﮫﻢ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ‪،‬‬
‫وﻻ أظﻦ أﻧﻨﻲ ﺷﻌﺮت ﺑﮫﺬا ﺗﺠﺎه اﻟﺘﻨﺲ"‪.‬‬
‫ﻓﺎ ﺑﻜﻞ اﻟﻄﺮق اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫أظﻦ أﻧﻪ أﺣﺐ اﻟﺘﻨﺲ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻷﻧﻪ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ أﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻛﺎن ﺷﻐﻮ ً‬
‫ﻳﻤﻜﻦ ﺿﺮب اﻟﻜﺮة ﺑﮫﺎ وﺻﻨﺎﻋﺔ ﺗﺴﺪﻳﺪات ﺟﺪﻳﺪة‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻟﻢ‬
‫ﻧﺴﻤﻊ ﻋﻦ ھﺬا اﻟﺸﻐﻒ ﻣﺮة أﺧﺮى‪ .‬رأى اﻟﺴﯿﺪ "ﻣﺎﻛﯿﻨﺮو" أن اﺑﻨﻪ ﻛﺎن ﺟﯿًﺪا ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺲ‪ ،‬وھﻨﺎ ﺑﺪأ اﻟﻀﻐﻂ ﻋﻠﯿﻪ‬
‫ﻔﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺠﺎح‬ ‫وإطﻼق اﻷﺣﻜﺎم واﻟﺤﺐ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﺘﻮﻗ ً‬
‫اﺑﻨﻪ‪.‬‬
‫ﻔﺎ‪ .‬ﻻ ﺷﻚ أن ھﺬا اﻟﺮﺟﻞ طﻤﻮح‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﺮى أن ﷲ ﻗﺪ ﺣﺒﺎ اﺑﻨﻪ ﻗَﺪًرا‬ ‫ﺟﺎ ﻣﺨﺘﻠ ً‬ ‫ﻳﻘﺪم أﺑﻮ "ﺗﺎﻳﺠﺮ وودز" ﻧﻤﻮذ ً‬
‫ﻌﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﻋﺰز ﺣﺐ "ﺗﺎﻳﺠﺮ" ﻟﻠﺠﻮﻟﻒ وﻗﺎم ﺑﺘﺮﺑﯿﺘﻪ ﻋﻠﻰ‬ ‫راﺋ ً‬
‫ﻛﺎ ﻓﻠﻢ أﻛﻦ ﻷﻣﺎﻧﻊ ﻣﺎدام‬ ‫اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻤﻮ واﻟﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻳﻘﻮل واﻟﺪاه ﻋﻦ ھﺬا‪" :‬إن أراد ﺗﺎﻳﺠﺮ أن ﻳﻌﻤﻞ ﺳﺒﺎ ً‬
‫ﺼﺎ ﺟﯿًﺪا‪ .‬إﻧﻪ‬‫ﻋﺎ‪ .‬ھﺪﻓﻲ ﻓﻘﻂ أن ﻳﻜﻮن ﺷﺨ ً‬ ‫ﻛﺎ ﺑﺎر ً‬‫ﺳﯿﺼﺒﺢ ﺳﺒﺎ ً‬
‫ي أﻋﻈﻢ اﻷﺛﺮ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻋﻠﱠﻤﺎﻧﻲ أن أﺑﺬل ﻧﻔﺴﻲ‬ ‫ﺷﺨﺺ راﺋﻊ"‪ .‬ﻳﻘﻮل "ﺗﺎﻳﺠﺮ" ﺑﺪوره‪" :‬ﻛﺎن ﻟﻮاﻟﺪ ﱠ‬
‫ووﻗﺘﻲ وﻣﻮھﺒﺘﻲ وﻓﻮق ﻛﻞ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺣﺒﻲ"‪ .‬ﻳﻮﺿﺢ ھﺬا أﻧﻚ ﻳﻤﻜﻦ‬
‫أن ﻳﻜﻮن ﻟﺪﻳﻚ واﻟﺪان ﻣﻔﺮطﺎ اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻻ ﻳﺰاﻻن ﻳﻌﺰزان اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺸﺨﺼﻲ ﻟﻠﻄﻔﻞ ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ وﺿﻌﻪ ﺗﺤﺖ اﻟﻀﻐﻂ‬
‫وإطﻼق اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﯿﻪ‪.‬‬
‫ﻟﻂــاﻟﻤﺎ قــاﺑﻠﺖ "دوروثــي ديــﻻي"‪ ،‬ﻣﻌﻠﻢــة اﻟﻜﻢــان اﻟﺶــھﯿﺮة‪ ،‬اﻟﻜﺚــﻳﺮ مــن اﻵبــاء الــذﻳﻦ‬
‫ﻳﺾــﻏﻄﻮن ﻋﻞـى أﺑﻨﺎئـھﻢ ﺑﺶـﻛﻞ صـﻋﺐ‪ ،‬أوﻟﺊـك اﻵبـاء الـذﻳﻦ يـھﺘﻤﻮن ﺑﺶـأن اﻟﻤﻮھﺐـة‬
‫واﻟﺼﻮرة اﻟﺬھﻨﯿﺔ واﻟﺘﺼﻨﯿﻔﺎت أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اھﺘﻤﺎﻣﮫﻢ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻢ طﻮﻳﻞ اﻟﻤﺪى ﻷﺑﻨﺎﺋﮫﻢ‪.‬‬
‫أﺣﺾــر أبـوان اﺑﻦـھﻤﺎ الـذي ﻳﺒﻞـغ مـن اﻟﻌﻢـر ﺛﻤﺎﻧﻲـة أعـوام لـﻳﻌﺰف أمـام "دوروثـي ديـﻻي"‪ .‬رغـم‬
‫ﺗﺢـذﻳﺮاﺗﮫﺎ‪ ،‬ﺟﻊـﻻه ﻳﺖـذﻛﺮ ﻣﻘﻄﻮعـة ﺑﯿﺖـھﻮﻓﻦ اﻟﻤﻮسـﻳﻘﯿﺔ اﻟﺖـي تـﻋﺰف ﻋﻞـى‬
‫ﻌﺎ ﺑﺎﻟﻌﺰف ﻣﻦ اﻟﻨﻮﺗﺔ اﻟﻤﻮﺳﯿﻘﯿﺔ ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻳﻌﺰف ﻛﺎﻹﻧﺴﺎن اﻵﻟﻲ اﻟﺨﺎﺋﻒ‪ .‬ﻟﻘﺪ أﻓﺴﺪوا‪ ،‬ﻓﻲ‬ ‫اﻟﻜﻤﺎن‪ .‬ﻛﺎن راﺋ ً‬
‫اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬ﻣﮫﺎرﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺰف ﻟﺘﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻓﻜﺮﺗﮫﻢ ﻋﻦ اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪،‬‬
‫ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎن ھﺪﻓﮫﻢ أن ﻳﻘﻮﻟﻮا‪" :‬اﺑﻨﻲ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ أﻋﻮام ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ ﻋﺰف ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ ﺑﯿﺘﮫﻮﻓﻦ‬
‫اﻟﻤﻮﺳﯿﻘﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻤﺎن‪ ،‬ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ اﺑﻨﻚ ﻓﻌﻠﻪ؟"‪.‬‬
‫ﻗﺾــت "ديــﻻي" ســاﻋﺎت عــدﻳﺪة مــع أم ﺗﺺــر أنــه قــد حــان الــوﻗﺖ لــﻳﺘﻢ إدراج اﺑﻦــھﺎ لــدى‬
‫وﻛﻲــل ﻣﺘﻢــﻳﺰ ﻟﺘﻮظــﻳﻒ اﻟﻢــواھﺐ‪ ،‬فــھﻞ ﻋﻤﻞــت ﺑﻨﺺـﻳﺤﺔ ديـﻻي؟ ﻻ‪ ،‬لـم ﺗﻌﻢـل‬
‫ﺑﻨﺺــﻳﺤﺘﮫﺎ ﻟﻔﺖــرة مــن الـوﻗﺖ؛ ﻓﻖـد كـاﻧﺖ "ديـﻻي" ﺗﺢـذرھﺎ مـن أن اﺑﻦـھﺎ لـم ﻳﻚـن لـدﻳﻪ قـدرات‬
‫ﻛﺐـﻳﺮة ﺑﻢـا ﻳﻜﻒـي‪ ،‬وبـدًﻻ مـن اﻻﻧﺘﺐـاه ﻟﻨﺺـﻳﺤﺔ أهـل اﻟﺨﺐـرة واﻟﻌﻢـل ﻋﻞـى‬
‫ﺗﻨﻤﯿﺔ ﻗﺪرات اﺑﻨﮫﺎ‪ ،‬رﻓﻀﺖ اﻷم أن ﺗﺼﺪق أن ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺔ أي ﺷﺨﺺ رﻓﺾ ﻣﻮھﺒﺔ ﻛﻤﻮھﺒﺔ اﺑﻨﮫﺎ ﻟﮫﺬا اﻟﺴﺒﺐ‬
‫اﻟﺒﺴﯿﻂ‪.‬‬
‫ﻤﺎ ﺗﺠﻠﺲ ﺑﮫﺪوء ﻓﻲ أﺛﻨﺎء دروس "ﻳﻮرا"‪ ،‬ﺗﺠﻠﺲ‬ ‫ﻣﺎ ﻧﺠﺪ واﻟﺪة "ﻳﻮرا ﻟﻲ"؛ ﻓﺎﻟﺴﯿﺪة "ﻟﻲ" داﺋ ً‬ ‫وﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘﯿﺾ ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﺑﻼ ﺗﻮﺗﺮ وﺑﺪون أن ﺗﻜﺘﺐ اﻟﻤﻼﺣﻈﺎت اﻟﻜﺜﯿﺮة ﺣﻮل ﺑﻌﺾ‬
‫ن "ﻳﻮرا" اﻟﻤﺨﺎوف‬‫اﻵﺑﺎء اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﺘﺴﻢ وﺗﺘﻤﺎﻳﻞ ﻣﻊ اﻟﻤﻮﺳﯿﻘﻰ وﺗﺴﺘﻤﺘﻊ‪ .‬وﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﺗﻌﺎ ِ‬
‫واﻟﺸﻌﻮر ﺑﻌﺪم اﻷﻣﺎن اﻟﺬي ﻳﻌﺎﻧﯿﻪ اﻷطﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ آﺑﺎء‬
‫ﻤﺎ أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻋﺰف"‪.‬‬ ‫ﻣﻔﺮطﻮ اﻻھﺘﻤﺎم وﻳﺼﺪرون اﻷﺣﻜﺎم‪ .‬ﺗﻘﻮل "ﻳﻮرا"‪" :‬داﺋ ً‬
 ‫ﻧﻤﺎذج‬
‫ﻓﺎ وﻧﻤﺎذج ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻘﻘﮫﺎ أﺑﻨﺎؤھﻢ؟ ﺑﻠﻰ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻤﺎذج ﻣﻔﯿﺪ‬ ‫أﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ أن ﻳﺤﺪد اﻵﺑﺎء أھﺪا ً‬
‫وﺑﻌﻀﮫﺎ ﻟﯿﺲ ﻣﻔﯿًﺪا‪ .‬طﻠﺒﻨﺎ ﻣﻦ طﻼب ﺟﺎﻣﻌﯿﯿﻦ أن ﻳﺼﻔﻮا‬
‫ﻟﻨﺎ ﻧﻤﻮذج اﻟﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ‪ ،‬وطﻠﺒﻨﺎ ﻣﻨﮫﻢ أن ﻳﺨﺒﺮوﻧﺎ إﻟﻰ أي ﻣﺪى ﻳﻈﻨﻮن أﻧﮫﻢ ﻳﺘﺴﺎوون ﻣﻊ ھﺬا اﻟﻨﻤﻮذج‪.‬‬
‫اﻟﻄﻼب ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺗﺤﺪﺛﻮا ﻋﻦ ﻧﻤﺎذج ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﯿﮫﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻣﺎ أن ﺗﻜﻮن أﻧﺖ‬
‫ھﺬا اﻟﻨﻤﻮذج أو ﻻ‪.‬‬
‫ﻓﻘﺎﻟﻮا أﻣﻮًرا ﻣﺜﻞ‪" :‬اﻟﻄﺎﻟﺐ اﻟﻨﺎﺟﺢ اﻟﻤﺜﺎﻟﻲ ھﻮ ﻣﻦ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻤﻮھﺒﺔ ﻓﻄﺮﻳﺔ"‪.‬‬
‫"اﻟﻨﻤﻮذج ھﻮ اﻟﻄﺎﻟﺐ اﻟﻌﺒﻘﺮي واﻟﻼﺋﻖ ﺟﺴﺪﻳًّﺎ واﻟﺒﺎرع ﻓﻲ اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ‪ ...‬ھﻮ ﻣﻦ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﻘﺪرات‬
‫اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ"‪.‬‬
‫ن ھﺬه‬ ‫وﺑﺴﺆاﻟﮫﻢ ﻋﻤﺎ إذا ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻄﺎﺑﻘﻮن ﻣﻊ ھﺬه اﻟﻨﻤﺎذج؟ ﻛﺎﻧﺖ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻓﻲ اﻷﻏﻠﺐ ھﻲ ﻻ‪ .‬ﺑﻞ ﻗﺎﻟﻮا إِ ﱠ‬
‫اﻟﻨﻤﺎذج ﺷﻮﺷﺖ أﻓﻜﺎرھﻢ وﺟﻌﻠﺘﮫﻢ ﻳﺘﺒﺎطﺌﻮن وﻳﺴﺘﺴﻠﻤﻮن‬
‫وﻳﺘﻮﺗﺮون‪ ،‬وﺷﻌﺮوا ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط ﻷﻧﮫﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮن أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﺜﻞ ھﺬه اﻟﻨﻤﺎذج‪.‬‬
‫أﻣﺎ اﻟﻄﻼب ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻘﺪ وﺻﻔﻮا اﻟﻨﻤﺎذج ﻣﻦ وﺟﮫﺔ ﻧﻈﺮھﻢ ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ‪:‬‬
‫"اﻟﻂــاﻟﺐ اﻟﻦــاﺟﺢ هــو مــن ﻳﻚــون هــدﻓﻪ اﻷســاﺳﻲ ﺗﻮســﻳﻊ ﻣﻌﺮﻓﺖــه وطـرق ﺗﻔﻚـﻳﺮه واسـﺗﻜﺸﺎﻓﻪ‬
‫اﻟﻊـاﻟﻢ‪ .‬إنـھﻢ ﻻ يـرون أن الـدرﺟﺎت هـي اﻟﻦـھﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺲـﺑﺔ لـھﻢ بـل وسـﻳﻠﺔ‬
‫ﻟﻼﺳﺘﻤﺮار ﻓﻲ اﻟﻨﻤﻮ"‪.‬‬
‫ﺪر اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻟﺬاﺗﮫﺎ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎﺗﮫﺎ اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ‪ .‬ﻳﺄﻣﻞ اﻟﻄﺎﻟﺐ اﻟﻤﺜﺎﻟﻲ‬ ‫وﻗﺎﻟﻮا أﻳ ً‬
‫ﻀﺎ‪" :‬اﻟﻄﺎﻟﺐ اﻟﻤﺜﺎﻟﻲ ﻳﻘ ِّ‬
‫أن ﻳﻘﺪم إﺳﮫﺎﻣﺎت ﻣﮫﻤﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻛﻠﻪ"‪.‬‬
‫وﺑﺴﺆاﻟﮫﻢ ﻋﻤﺎ إذا ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﺸﺎﺑﮫﻮن ﻣﻊ ھﺬا اﻟﻨﻤﻮذج؟ ﻗﺎﻟﻮا إﻧﮫﻢ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻘﺎل أﺣﺪھﻢ‪:‬‬
‫"أﺣﺎول أن أﺷﺒﮫﻪ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ أﺳﺘﻄﯿﻊ؛ ﻓﮫﺬا ﻳﺴﺘﻠﺰم ﺑﺬل‬
‫اﻟﺠﮫﺪ"‪ ،‬وﻗﺎل آﺧﺮ‪" :‬ظﻠﻠﺖ ﺳﻨﻮات طﻮﻳﻠﺔ أﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﺪرﺟﺎت‪/‬اﻻﺧﺘﺒﺎرات ھﻲ أھﻢ ﺷﻲء‪ ،‬ﻟﻜﻨﻲ أﺣﺎول‬
‫ﮫﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ‬ ‫ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻣﺎ ھﻮ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ"‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﻤﺎذج ﻣﻠ ِ‬
‫ﻟﮫﻢ‪.‬‬
‫ﺟﺎ ذا ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺄﻧﮫﻢ ﻳﻄﻠﺒﻮن ﻣﻨﮫﻢ أن ﻳﺘﻮاﻓﻘﻮا ﻣﻊ ﺻﻮرة اﻟﻄﻔﻞ‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﺪم اﻵﺑﺎء ﻷطﻔﺎﻟﮫﻢ ﻧﻤﻮذ ً‬
‫اﻟﻤﻮھﻮب اﻟﻼﻣﻊ وإﻻ ﻓﺴﯿﻌﺘﺒﺮوﻧﻪ ﺑﻼ ﻗﯿﻤﺔ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ھﻨﺎك‬
‫ﻣﺠﺎل ﻟﻠﺨﻄﺄ ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻟﯿﺲ ھﻨﺎك ﻣﺠﺎل ﻟﯿﺜﺒﺖ اﻷطﻔﺎل ﺗﻔﺮدھﻢ ‪ -‬اھﺘﻤﺎﻣﺎﺗﮫﻢ وﻣﻤﯿﺰاﺗﮫﻢ ورﻏﺒﺎﺗﮫﻢ وﻗﯿﻤﮫﻢ‪ .‬ﻻ‬
‫ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻋﺪد اﻟﻤﺮات اﻟﺘﻲ رأﻳﺖ ﻓﯿﮫﺎ اﻵﺑﺎء ذوي‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ وﻳﺨﺒﺮوﻧﻨﻲ ﻋﻦ ﻣﺪى ﺗﻤﺮد أﺑﻨﺎﺋﮫﻢ أو ﺗﮫﱡﺮﺑﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻣﺎ‪:‬‬
‫ﻳﻨﻘﻞ "ھﺎﻳﻢ ﺟﯿﻨﻮت" ﻋﻦ "ﻧﯿﻜﻮﻻس" اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ﺳﺒﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎ ً‬
‫ﺑﺪاﺧﻞ ﻋﻘﻞ أﺑﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﺻﻮرة ﻟﻠﻮﻟﺪ اﻟﻤﺜﺎﻟﻲ‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﺎرن أﺑﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻮرة ﺑﻲ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺈﺣﺒﺎط ﺷﺪﻳﺪ‪ .‬إﻧﻨﻲ ﻻ‬
‫أﻋﯿﺶ ﻷﺣﻘﻖ أﺣﻼم أﺑﻲ‪ .‬ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ أظﻔﺎري ﻛﻨﺖ أﺷﻌﺮ‬
‫ﺣﺎ فــي اﻟﻜﺚــﻳﺮ مــن اﻷمــور اﻟﺺــﻏﯿﺮة‬ ‫بــإﺣﺒﺎط والــدي الــذي حــاول إﺧﻒــاءه وﻟﻜﻦــه كــان واضــ ً‬
‫دا أن ﻳﺠﻌﻠﻦـي ﻧﺲـﺧﺔ مـن‬ ‫ﻣﺚــل ﻧﺐــرة صـوﺗﻪ وﻛﻠﻤﺎتـه وصـﻣﺘﻪ‪ ،‬ﻟﻖـد حـاول ﺟﺎهـ ً‬
‫ﻤﺎ‬
‫ﻘﺎ؛ ﺗﺮك ﺑﺪاﺧﻠﻲ ﺷﻌﻮًرا داﺋ ً‬ ‫ﺣﺎ ﻋﻤﯿ ً‬‫ﻲ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﺗﺮك ﺑﺪاﺧﻠﻲ ﺟﺮ ً‬ ‫أﺣﻼﻣﻪ‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﺸﻞ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻓﻘﺪ اﻷﻣﻞ ﻓِ ﱠ‬
‫ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪ اﻵﺑﺎء أﺑﻨﺎءھﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺻﻮر ﻟﻨﻤﺎذج ذات ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ‪ ،‬ﻳﻤﻨﺤﻮﻧﮫﻢ ﺷﯿًﺌﺎ ﻳﺴﻌﻮن ﻟﺘﺤﻘﯿﻘﻪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ‬
‫ﺻﺎ‬
‫ﻳﺘﯿﺤﻮن اﻟﻤﺠﺎل أﻣﺎم أﺑﻨﺎﺋﮫﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﺒﺤﻮا أﺷﺨﺎ ً‬
‫ﻣﺘﻚــاﻣﻠﯿﻦ ﻳﻖــدﻣﻮن اﻹســھﺎﻣﺎت ﻟﻠﻤﺠﺘﻢــع ﺑﺎﻟﺶــﻛﻞ الــذي ﻳﺚــﻳﺮ ﺣﻤﺎســھﻢ‪ .‬نــادًرا مــا ســﻣﻌﺖ‬
‫أحــد اﻵبـاء ذوي ﻋﻘﻠﻲـة اﻟﻨﻢـو ﻳﻖـول‪" :‬ﻟﻖـد خـاب أﻣﻞـي فـي اﺑﻦـي"‪ ،‬بـل إنـھﻢ‬
‫ﻳﻘﻮﻟﻮن ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻣﺸﺮﻗﺔ‪" :‬إﻧﻨﻲ ﻣﻨﺪھﺶ ﻣﻦ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺮاﺋﻊ اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﻋﻠﯿﻪ اﺑﻨﻲ"‪.‬‬
‫ﻀﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﺑﻌﺾ اﻻﻋﺘﺒﺎرات اﻷﺧﺮى؛ ﻓﮫﻢ‬ ‫ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﻠﺘﻪ ﻋﻦ اﻵﺑﺎء ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ أﻳ ً‬
‫ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮن ﻣﻊ ﻓﺼﻮل ﻛﺒﯿﺮة ﻣﻦ اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻣﮫﺎرات‬
‫ﺟْﺰًءا ﻣﻦ ﺗﻌﻠﯿﻢ ھﺆﻻء اﻟﻄﻼب ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ .‬ﻓﻤﺎ أﻓﻀﻞ طﺮﻳﻘﺔ ﻟﺘﺮﺑﯿﺔ ھﺆﻻء اﻟﻄﻼب؟‬ ‫ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ُ‬

‫ﻤﺎ‪/‬أًّﻣﺎ ﻋﻈﯿﻤﺔ(؟‬
‫ﻤﺎ )أو أﺑًﺎ ﻋﻈﯿ ً‬
‫ﻤﺎ ﻋﻈﯿ ً‬
‫اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن )واﻵﺑﺎء( ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺼﻨﻊ ﻣﻌﻠ ً‬
‫ﻳﻈﻦ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﯿﻦ أن ﺧﻔﺾ ﻣﻌﺎﻳﯿﺮھﻢ ﺳﯿﺘﯿﺢ ﻟﻠﻄﻼب ﺗﺤﻘﯿﻖ ﺧﺒﺮات ﻧﺠﺎح‪ ،‬وﻳﻌﺰز ﺛﻘﺘﮫﻢ ﺑﺄﻧﻔﺴﮫﻢ‪،‬‬
‫وﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ إﻧﺠﺎزاﺗﮫﻢ‪ .‬ھﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد ﻳﻨﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ‬
‫ﺣﺎ؛ ﻓﺨﻔﺾ‬ ‫ﻧﻔﺴﮫﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺎﻹﻓﺮاط ﻓﻲ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ ذﻛﺎء اﻟﻄﻼب‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺤﻘﻖ ﻧﺠﺎ ً‬
‫ﻘﻲ‬‫اﻟﻤﻌﺎﻳﯿﺮ ﻻ ﻳﺆدي إﻻ إﻟﻰ وﺟﻮد طﻼب ﺿﻌﯿﻔﻲ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺄن ﻟﮫﻢ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺴﮫﻞ وﺗﻠ ِ ّ‬
‫اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺜﻨﺎء‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ "ﺷﯿﻼ ﺷﻮارﺗﺰ" ُﺗﻌﻠِ ّﻢ ﻣﻌﻠﻤﯿﻦ ﻟﻐﺔ إﻧﺠﻠﯿﺰﻳﺔ طﻤﻮﺣﯿﻦ‪ .‬ﺣﺎوﻟﺖ أن ﺗﺤﺪد ﻣﻌﺎﻳﯿﺮ‬
‫ﻟﻤﺪة ﺧﻤﺴﺔ وﺛﻼﺛﯿﻦ ﻋﺎ ً‬
‫ﻋﺎﻟﯿﺔ ﺧﺎﺻﺔ أﻧﮫﻢ ﺳﻮف ﻳﻨﻘﻠﻮن ﻋﻠﻤﮫﻢ إﻟﻰ أﺟﯿﺎل‬
‫ﻣﻦ اﻷطﻔﺎل‪ .‬ﻟﻜﻨﮫﻢ ﺷﻌﺮوا ﺑﺎﻻﺳﺘﯿﺎء‪ ،‬وﺗﻘﻮل "ﺷﯿﻼ" ﻋﻦ ھﺬا‪" :‬إﺣﺪى اﻟﻄﺎﻟﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺘﺎﺑﺘﮫﺎ ﻣﻠﯿﺌﺔ‬
 ‫ﺑﺎﻷﺧﻄﺎء اﻟﻨﺤﻮﻳﺔ واﻟﮫﺠﺎﺋﯿﺔ أﺗﺖ إﻟﻰ ﻣﻜﺘﺒﻲ ﻣﻊ زوﺟﮫﺎ‬
‫اﻟﺬي ﻳﺪرس ﻓﻲ اﻷﻛﺎدﻳﻤﯿﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﯿﺔ ‪ -‬ﻛﺎن ﻳﺮﺗﺪي ﻣﻼﺑﺴﻪ اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ وﻛﺎن ﺻﺪره ﻣﻐﻄﻰ‬
‫ﺟﺮﺣﺖ ﺑﺴﺒﺐ إﺻﺮاري ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺤﯿﺢ‬ ‫ﺑﺎﻷوﺳﻤﺔ ‪ -‬ﻷن ﻣﺸﺎﻋﺮھﺎ ﻗﺪ ُ‬
‫اﻷﺧﻄﺎء اﻟﮫﺠﺎﺋﯿﺔ"‪.‬‬
‫طﻠﺒﺖ "ﺷﯿﻼ" ﻣﻦ طﺎﻟﺐ آﺧﺮ أن ﻳﻘﻮم ﺑﺘﻠﺨﯿﺺ ﻣﻮﺿﻮع رواﻳﺔ ‪ To Kill a Mockingbird‬اﻟﺘﻲ ﻗﺎم ﺑﺘﺄﻟﯿﻔﮫﺎ "ھﺎرﺑﺮ‬
‫ﻟﻲ" ﻋﻦ ﻣﺤﺎم ﺟﻨﻮﺑﻲ ﻳﺤﺎرب اﻟﺘﻌﺼﺐ وﻳﺨﻔﻖ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ رﺟﻞ أﺳﻮد ﻣﺘﮫﻢ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ‪ ،‬ﻓﺄﺻﺮ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ أن ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺮواﻳﺔ ھﻮ "ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ﻟﻄﻔﺎء‬
‫ﺑﺎﻷﺳﺎس"‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻋﺘﺮﺿﺖ "ﺷﻮارﺗﺰ" ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻻﺳﺘﻨﺘﺎج‪،‬‬
‫غــــادر اﻟﻂــــاﻟﺐ اﻟﻔﺺــــل وأﺑﻞــــغ ﻋﻦــــھﺎ ﻋﻤﻲـــد اﻟﻜﻠﻲــة وﺗﻌﺮضــت "شــوارﺗﺰ" ﻟﻠﺘﻮبــﻳﺦ؛‬
‫ﻷنــھﺎ وضــﻋﺖ ﻣﻊــاﻳﯿﺮ ﻣﺮﺗﻔﻊــة ﻟﻠﻐﺎيــة‪ .‬ﺗﺘﺲــاءل "شــوارﺗﺰ"‪ :‬ﻟﻢــاذا ﻳﺖــم ﻣﺮاعــاة اﻟﻤﻊــاﻳﯿﺮ‬
‫اﻟﻤﻨﺨﻔﻀﺔ ﻟﮫﺆﻻء اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﯿﯿﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮاﻋﺎة اﺣﺘﯿﺎﺟﺎت اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﺳﯿﻌﻠﻤﻮﻧﮫﻢ ﻓﻲ ﻳﻮم ﻣﻦ‬
‫اﻷﻳﺎم؟‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ‪ ،‬وﺿﻊ ﻣﻌﺎﻳﯿﺮ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻟﻠﻄﻼب ﻓﻲ ﻣﺪارﺳﻨﺎ ﺑﺪون إﺗﺎﺣﺔ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜﻨﮫﻢ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﯿﻖ‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺎﻳﯿﺮ‪ ،‬أﻣﺮ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﻛﺎرﺛﺔ؛ ﻓﮫﻲ ﺗﺪﻓﻊ اﻟﻄﻼب‬
‫ﺿﻌﯿﻔﻲ اﻻﺳﺘﻌﺪاد أو ﺿﻌﯿﻔﻲ اﻟﺤﻤﺎس إﻟﻰ اﻟﻔﺸﻞ وﺗﺮك اﻟﺪراﺳﺔ ﻓﻘﻂ‪.‬‬
‫ﻦ اﻟﻄﻼب ﻣﻦ ﺗﺤﻘﯿﻘﮫﺎ؟‬ ‫ﻤﻜِّ ُ‬
‫ھﻞ ھﻨﺎك طﺮﻳﻘﺔ ﻟﻮﺿﻊ ﻣﻌﺎﻳﯿﺮ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﺑﺄﺳﺎﻟﯿﺐ ُﺗ َ‬
‫فــي اﻟﻔﺺــل اﻟﺚــاﻟﺚ رأﻳﻦــا فــي اﻟﺪراســة اﻟﺖــي أﺟﺮاهــا "فــاﻟﻜﻮ رﻳﻨﺐــرج" أن اﻟﻤﻌﻠﻢــﻳﻦ ذوي‬
‫ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو اسـﺗﻄﺎﻋﻮا أن ﻳﺠﻌﻞـوا مـن اﻟﻂـﻻب ﻣﻨﺨﻔﺾـي اﻹﻧﺞـاز طـﻻﺑًﺎ مـرﺗﻔﻌﻲ‬
‫اﻹﻧﺠﺎز‪ ،‬ورأﻳﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺪرﻳﺲ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻘﻮم ﺑﻪ "ﺟﯿﻤﻲ إﺳﻜﻼﻧﺘﻲ" أن طﻼب‬
‫اﻟﻤﺪارس اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﺑﺎﻷﺣﯿﺎء اﻟﻔﻘﯿﺮة ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ دراﺳﺔ ﻣﻨﮫﺞ ﺣﺴﺎب‬
‫اﻟﺘﻔﺎﺿﻞ واﻟﺘﻜﺎﻣﻞ اﻟﺬي ﻳﺘﻢ ﺗﺪرﻳﺴﻪ ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺘﺪرﻳﺲ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮم ﺑﻪ‬
‫"ﻣﺎرﻓﺎ ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻄﻼب اﻟﻤﺪارس اﻻﺑﺘﺪاﺋﯿﺔ اﻟﻔﻘﯿﺮة‬
‫أن ﻳﻘﺮأوا رواﻳﺎت "ﺷﻜﺴﺒﯿﺮ"‪ .‬وﻓﻲ ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﺳﻨﺮى اﻟﻤﺰﻳﺪ‪ ،‬ﺳﻨﺮى ﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺘﺪرﻳﺲ اﻟﺬي ﻳﮫﺪف إﻟﻰ‬
‫اﻟﻨﻤﻮ أن ﻳﻄﻠﻖ اﻟﻌﻨﺎن ﻟﻌﻘﻮل اﻷطﻔﺎل‪.‬‬
‫ﺳﺄﻗﻮم ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻌﻠﻤﯿﻦ راﺋﻌﯿﻦ‪ ،‬اﺛﻨﯿﻦ ﻋﻤﻼ ﻣﻊ اﻷطﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻢ اﻋﺘﺒﺎرھﻢ "ﻣﺤﺮوﻣﯿﻦ"‪ ،‬وﻣﻌﻠﻢ‬
‫ﻋﻤﻞ ﻣﻊ اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻢ اﻋﺘﺒﺎرھﻢ ﻓﺎﺋﻘﻲ اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪ .‬ﻣﺎ‬
‫اﻷﻣﺮ اﻟﻤﺸﺘﺮك ﺑﯿﻦ ھﺆﻻء اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ اﻟﺮاﺋﻌﯿﻦ؟‬

‫ﻣﻌﻠﻤﻮن راﺋﻌﻮن‬
‫ﻳﺆﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن اﻟﺮاﺋﻌﻮن ﺑﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﻤﻮھﺒﺔ‪ ،‬وﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﺸﻐﻒ ﺗﺠﺎه ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ "ﻣﺎرﻓﺎ ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" ﺗﻌﻠﻢ طﻼب ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺷﯿﻜﺎﻏﻮ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎن ﻳﺘﻢ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﯿﮫﻢ وﻧﺒﺬھﻢ‪ .‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﺜﯿﺮ‬
‫ﻣﻨﮫﻢ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪراﺳﺔ ﺑﻔﺼﻠﮫﺎ ھﻮ آﺧﺮ أﻣﻞ ﻟﮫﻢ؛ ﻓﺄﺣﺪ‬
‫اﻷوﻻد ﻛﺎن ﻗﺪ اﻟﺘﺤﻖ ﺑﺜﻼث ﻋﺸﺮة ﻣﺪرﺳﺔ ﺧﻼل أرﺑﻌﺔ أﻋﻮام وﺗﺮﻛﮫﺎ‪ ،‬وطﻔﻞ آﺧﺮ ﻛﺎن ﻳﻄﻌﻦ زﻣﻼءه ﺑﺎﻷﻗﻼم‬
‫اﻟﺮﺻﺎص وﺗﻢ طﺮده ﻣﻦ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ‪ ،‬وطﻔﻞ‬
‫آﺧﺮ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ﺛﻤﺎﻧﯿﺔ أﻋﻮام ﻛﺎن ﻳﻨﺰع ﺷﻔﺮة ﻣﺒﺮاة اﻷﻗﻼم وﻳﻘﻄﻊ ﻣﻌﺎطﻒ زﻣﻼﺋﻪ وﻗﺒﻌﺎﺗﮫﻢ وﻗﻔﺎزاﺗﮫﻢ‬
‫وأوﺷﺤﺘﮫﻢ‪ ،‬وطﻔﻞ آﺧﺮ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻧﯿﺘﻪ ﻟﻼﻧﺘﺤﺎر ﻓﻲ‬
‫ﻛﻞ ﺟﻤﻠﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ‪ ،‬وطﻔﻞ آﺧﺮ ﺿﺮب زﻣﯿﻠﻪ ﺑﺸﺎﻛﻮش ﻓﻲ ﻳﻮﻣﻪ اﻷول ﺑﺎﻟﻤﺪرﺳﺔ‪ .‬ھﺆﻻء اﻷطﻔﺎل ﻟﻢ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮا‬
‫اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻛﺎن ﻳﺮى أن ھﺬا ھﻮ ذﻧﺐ‬
‫اﻷطﻔﺎل أﻧﻔﺴﮫﻢ‪ ،‬اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻛﺎن ﻳﺮى ذﻟﻚ إﻻ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ"‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺻﻮر ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ " ‪ " Minutes 60‬ﻓﻘﺮة ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺬي ﺗﻘﻮم ﺑﺘﺪرﻳﺴﻪ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ"‪ ،‬ﺣﺎول "ﻣﻮرﻟﻲ ﺳﯿﻔﺮ"‬
‫ﺑﺄﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺠﻌﻞ أﺣﺪ اﻷطﻔﺎل ﻳﻘﻮل إﻧﻪ ﻻ‬
‫ﺐ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ؛ ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺪ وﻗﺖ ﻟﻠﺮاﺣﺔ وﻻ ﺻﺎﻟﺔ ﻟﻸﻟﻌﺎب‬ ‫ﺻْﻌ ٌ‬
‫ﻳﺤﺐ اﻟﻤﺪرﺳﺔ‪ ،‬ﻓﻜﺎن "ﻣﻮرﻟﻲ" ﻳﻘﻮل ﻟﻪ‪" :‬إن اﻷﻣﺮ ھﻨﺎ َ‬
‫اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ‪ .‬إﻧﮫﻢ ﻳﺠﻌﻠﻮﻧﻚ ﺗﻌﻤﻞ طﻮال اﻟﯿﻮم‪ .‬ﻟﺪﻳﻚ‬
‫ن دﻗﯿﻘﺔ ﻓﻘﻂ ﻟﺘﻨﺎول اﻟﻐﺪاء‪ .‬ﻟﻤﺎذا ﺗﺤﺒﮫﺎ؟ إن اﻷﻣﺮ ﺷﺎق ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ"‪ .‬وﻟﻜﻦ اﻟﻄﺎﻟﺐ أﺟﺎب‪" :‬ﻟﮫﺬا اﻟﺴﺒﺐ‬ ‫أَْرﺑَ ُ‬
‫ﻌﻮ َ‬
‫أﺣﺒﮫﺎ ﻓﮫﻲ ﺗﺠﻌﻞ ذﻛﺎءك أﻛﺒﺮ"‪.‬‬
‫"زاي ﺳﻤﯿﺚ" ﻛﺎﺗﺐ ﺻﺤﯿﻔﺔ ﺷﯿﻜﺎﻏﻮ ﺻﻦ ﺗﺎﻳﻤﺰ أﺟﺮى ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﻊ أﺣﺪ اﻷطﻔﺎل اﻟﺬي ﻗﺎل‪" :‬إﻧﻨﺎ ﻧﻔﻌﻞ أﺷﯿﺎء‬
‫ﺻﻌﺒﺔ ھﻨﺎ‪ .‬إﻧﮫﻢ ﻳﻤﻸون ﻋﻘﻠﻚ"‪.‬‬
‫ﺗﺘﺬﻛﺮ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" ﻛﯿﻒ ﺑﺪأت ھﺬا وﺗﻘﻮل‪" :‬ﻛﻨﺖ داﺋﻤﺔ اﻟﺸﻐﻒ ﺗﺠﺎه اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬ﺗﺠﺎه ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻛﺘﺸﺎف ﺷﻲء ﺟﺪﻳﺪ‪،‬‬
‫وﻛﺎن أﻣًﺮا ﻣﺜﯿًﺮا أن أﺷﺎرك ﻓﻲ اﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت اﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﮫﺎ‬
‫ﻌﺪ ﺟﻤﯿﻊ طﻼﺑﮫﺎ ﺑﺄﻧﮫﻢ ﺳﻮف ﻳﺘﻌﻠﻤﻮن وﻛﺄﻧﮫﺎ ﺗﻮﻗﻊ ﻋﻘًﺪا‬ ‫ﻤﺎ ﻣﺎ ﺗ ِ‬
‫طﻼﺑﻲ"‪ .‬ﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻷول ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺔ داﺋ ً‬
‫ﻣﻌﮫﻢ‪.‬‬
‫"أﻋﻠﻢ أن أﻏﻠﺒﻜﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ ھﺠﺎء ﺣﺮوف اﺳﻤﻪ؛ ﻓﺄﻧﺘﻢ ﻻ ﺗﻌﺮﻓﻮن ﺣﺮوف اﻟﮫﺠﺎء وﻻ ﺗﻌﺮﻓﻮن ﻛﯿﻒ ﺗﻘﺮأون وﻻ‬
‫ﺗﻌﺮﻓﻮن اﻟﺘﺠﺎﻧﺲ أو ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻣﻘﺎطﻊ اﻟﻜﻠﻤﺎت‪.‬‬
‫أﻋﺪﻛﻢ ﺑﺄﻧﻜﻢ ﺳﺘﻌﺮﻓﻮن ﻛﻞ ذﻟﻚ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﺮﺳﺐ أﺣﺪ ﻣﻨﻜﻢ ﻗﻂ‪ ،‬ﻗﺪ ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺪرﺳﺔ ھﻲ ﻣﻦ ﺧﺬﻟﺘﻜﻢ‪ .‬ﻓﻮدا ً‬
‫ﻋﺎ‬
 ‫ﻟﻠﻔﺸﻞ ﻳﺎ أطﻔﺎل وأھًﻼ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎح‪ .‬ﺳﺘﻘﺮأون ھﻨﺎ ﻛﺘﺒًﺎ ﺻﻌﺒﺔ‬
‫وﺳﺘﻔﮫﻤﻮن ﻣﺎ ﺗﻘﺮأون‪ .‬ﺳﺘﻜﺘﺒﻮن ﻛﻞ ﻳﻮم ‪ .....‬وﻟﻜﻦ ﻋﻠﯿﻜﻢ أن ﺗﺴﺎﻋﺪوﻧﻲ ﺣﺘﻰ أﺳﺎﻋﺪﻛﻢ‪ .‬ﻓﺈن ﻟﻢ ﺗﻘﺪﻣﻮا‬
‫ﺷﯿًﺌﺎ‪ ،‬ﻻ ﺗﺘﻮﻗﻌﻮا أي ﺷﻲء‪ .‬اﻟﻨﺠﺎح ﻟﻦ ﻳﺄﺗﻲ إﻟﯿﻜﻢ‪ ،‬ﺑﻞ‬
‫ﻋﻠﯿﻜﻢ أﻧﺘﻢ أن ﺗﺬھﺒﻮا إﻟﯿﻪ"‪.‬‬
‫ﮫﺎ ﺑﺘﻌﻞــم طﻼبــھﺎ كــاﻧﺖ غــاﻣﺮة‪ .‬وﺑﯿﻨﻢــا كــاﻧﺖ ﺗﺶــاھﺪھﻢ ﻳﺘﻎــﻳﺮون مــن أطﻒــال أتــوا‬ ‫دُﺗ َ‬
‫ﻌﺎ َ‬‫ﺳ َ‬
‫َ‬
‫إلــى اﻟﻤﺪرســة "بــوﺟﻮه ﻗﺎســﻳﺔ وﻧﻆــرات ﻣﺘﺠﻢــدة" إلــى أطﻒــال بــدأوا ﻳﻔﯿﺾـون‬
‫ﺔ‪ ،‬ﻗﺎﻟﺖ ﻟﮫﻢ‪" :‬ﻻ أﻋﻠﻢ ﻣﺎ أﻋﺪه ﷲ ﻟﻲ وﻟﻜﻨﻜﻢ أﻳﮫﺎ اﻷطﻔﺎل ﺗﺠﻌﻠﻮﻧﻨﻲ أﻋﯿﺶ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ ﻋﻠﻰ اﻷرض"‪.‬‬ ‫ﺣﻤﺎﺳ ً‬
‫ﻳﻊــﻟِ ّﻢ "ريــف إســﻛﻮﻳﺚ" طــﻻب اﻟﺺــف اﻟﺚــاﻧﻲ مـن اﻟﻤﻦـاطﻖ اﻟﻔﻖـﻳﺮة اﻟﺖـي ﺗﻨﺘﺶـر اﻟﺠﺮﻳﻢـة‬
‫بـھﺎ‪ ،‬وﻳﻊـﻳﺶ اﻟﻜﺚـﻳﺮ مـن هـؤﻻء اﻟﻂـﻻب مـع أشـﺧﺎص ﻳﻊـاﻧﻮن ﻣﺶـﻛﻼت إدمـان‬
‫اﻟﻤﺨﺪرات واﻟﻤﺸﺮوﺑﺎت اﻟﻜﺤﻮﻟﯿﺔ وﻣﺸﻜﻼت ﻋﺎطﻔﯿﺔ‪ .‬ﻛﻞ ﻳﻮم ﻳﺨﺒﺮ طﻼﺑﻪ أﻧﻪ ﻟﯿﺲ أﻛﺜﺮ ذﻛﺎًء ﻣﻨﮫﻢ ﺑﻞ ھﻮ‬
‫ﻤﺎ ﻳﺠﻌﻠﮫﻢ ﻳﺮون ﻛﯿﻒ ﻧﻀﺠﻮا ذھﻨﯿًّﺎ ‪-‬‬ ‫ﻓﻘﻂ أﻛﺜﺮ ﺧﺒﺮة‪ .‬داﺋ ً‬
‫ﻛﯿﻒ أن اﻟﻮاﺟﺒﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ذات ﻳﻮم ﺻﻌﺒﺔ أﺻﺒﺤﺖ أﺳﮫﻞ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻤﺮﻧﮫﻢ واﻟﺘﺰاﻣﮫﻢ‪.‬‬
‫ﺔ‬‫ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﻣﺪرﺳﺔ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" أو ﻣﺪرﺳﺔ "إﺳﻜﻮﻳﺚ"‪ ،‬ﺗﻘﺒﻞ ﻣﺪرﺳﺔ ﺟﻮﻟﯿﺎرد ﻟﻠﻤﻮﺳﯿﻘﻰ أﻛﺜﺮ اﻟﻄﻼب ﻣﻮھﺒ ً‬
‫ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ .‬ﻗﺪ ﺗﻈﻦ أن اﻟﻔﻜﺮة ھﻲ‪ :‬ﺟﻤﯿﻌﻜﻢ ﻣﻮھﻮﺑﻮن‪،‬‬
‫ھﻲــا ﻟﻨﺐــدأ اﻟﺘﻌﻞــم ‪ ،‬وﻟﻚــن ﻻ‪ ،‬فـاﻟﻔﻜﺮة هـي أن اﻟﻤﻮھﺐـة أو اﻟﻌﺒﻘﺮيـة مـوﺟﻮدة ﺑﺶـﻛﻞ ﻛﺐـﻳﺮ‬
‫فـي اﻟﻊـاﻟﻢ‪ .‬فـي اﻟﺤﻘﯿﻖـة‪ ،‬ﻛﺚـﻳﺮ مـن اﻟﻤﻌﻠﻢـﻳﻦ ﻳﺒﻊـدون عـن ﻋﻘﻮلـھﻢ اﻟﺘﻔﻚـﻳﺮ فـي‬
‫اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺮﻳﺪون ﺑﺬل ﺟﮫﺪ ﻣﻌﮫﻢ ﻟﺘﻌﻠﯿﻤﮫﻢ‪ .‬ﻣﺎ ﻋﺪا "دوروﺛﻲ دﻳﻼي" ﻣﻌﻠﻤﺔ اﻟﻜﻤﺎن اﻟﺮاﺋﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﻠﱠﻤﺖ‬
‫"إﻳﺘﺴﺎك ﺑﯿﺮﻟﻤﺎن" و"ﻣﯿﺪوري" و"ﺳﺎرة ﺷﺎﻧﺞ"‪.‬‬
‫ﻤﺎ ﻳﻤﺎزﺣﮫﺎ زوﺟﮫﺎ ﺑﺸﺄن اﻋﺘﻘﺎدھﺎ "اﻟﺬي ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻟﻮﺳﻂ ﻏﺮب اﻟﺒﻼد" ﺑﺄن أي ﺷﻲء ﻣﻤﻜﻦ‪ ،‬ﻓﯿﻘﻮل ﻟﮫﺎ‪" :‬ھﺎ‬ ‫داﺋ ً‬
‫ھﻲ اﻟﻤﺮوج اﻟﺨﺎوﻳﺔ ‪ -‬ھﯿﺎ ﻧﻨﺸﺊ ﻣﺪﻳﻨﺔ"‪ .‬ھﺬا ھﻮ اﻟﺴﺒﺐ‬
‫اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ وراء ﺣﺒﮫﺎ ﻟﻠﺘﺪرﻳﺲ‪ .‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﺎ اﻟﺘﺪرﻳﺲ ھﻮ ﻣﺸﺎھﺪة ﺷﻲء ﻳﻜﺒﺮ أﻣﺎم ﻋﯿﻨﯿﻚ ﻣﺒﺎﺷﺮة‪ ،‬واﻟﺘﺤﺪي‬
‫ھﻮ أن ﺗﻌﺮف ﻛﯿﻒ ﺗﺠﻌﻞ ذﻟﻚ ﻳﺤﺪث‪ .‬إذا ﻟﻢ ﻳﻌﺰف‬
‫اﻟﻄﻼب ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺻﺤﯿﺤﺔ ﻓﮫﺬا ﻷﻧﮫﻢ ﻟﻢ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮا ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺬﻟﻚ‪.‬‬
‫"إﻳﻒــان جــاﻻﻣﯿﺎن" ﻣﺲــﺗﺸﺎرھﺎ وزﻣﯿﻞــھﺎ ﺑﻤﺪرســة ﺟﻮﻟﻲــارد قــد ﻳﻖــول عــن أحــد اﻟﻂــﻻب‪:‬‬
‫"إنــه ﻻ ﻳﻤﺘﻞــك أذﻧًﺎ فــﻻ تــھﺪري وﻗﺖــك"‪ ،‬وﻟﻜﻦــھﺎ كــاﻧﺖ ﺗﺺـر ﻋﻞـى ﺗﺠﺮبـة طـرﻳﻖ‬
‫ﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﺪ اﻟﺤﻞ‪ .‬وﺑﯿﻨﻤﺎ اﺣﺘﺎج اﻟﻤﺰﻳﺪ‬ ‫ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ إﻳﺠﺎد ﺣﻞ ﻟﮫﺬا اﻷﻣﺮ ) ﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ ﻓﻌﻞ ھﺬا؟ ( وداﺋ ً‬
‫واﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب إﻟﻰ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﮫﺬه اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ وﺑﯿﻨﻤﺎ‬
‫"أھﺪرت" ھﻲ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ وﻗﺘﮫﺎ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺠﮫﻮد‪ ،‬ﺣﺎول "ﺟﺎﻻﻣﯿﺎن" أن ﻳﺠﻌﻞ رﺋﯿﺲ ﻣﺪرﺳﺔ ﺟﻮﻟﯿﺎرد ﻳﻔﺼﻠﮫﺎ‬
‫ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ‪.‬‬
‫إﻧﻪ أﻣﺮ ﻣﺜﯿﺮ ﻟﻼھﺘﻤﺎم‪،‬؛ ﻓﺈن "دﻳﻼي" و"ﺟﺎﻻﻣﯿﺎن" ﻛﻠﯿﮫﻤﺎ ﻳﻘﺪران اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ "ﺟﺎﻻﻣﯿﺎن" ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻘﺪ أن‬
‫اﻟﻤﻮھﺒﺔ أﻣﺮ ﻓﻄﺮي‪ ،‬ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺘﻘﺪ "دﻳﻼي" أن اﻟﻤﻮھﺒﺔ‬
‫ﺻﻔﺔ ﻳﻤﻜﻦ اﻛﺘﺴﺎﺑﮫﺎ‪ .‬ﺗﻘﻮل "دﻳﻼي"‪" :‬أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻪ أﻣﺮ ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﮫﻮﻟﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﻌﻠﻢ أن ﻳﻘﻮل" ﻳﺎ إﻟﮫﻲ!‬
‫ﻌﺎ ﺑﺎﻟﻤﻮھﺒﺔ؛ إذن ﻟﻦ أﺿﯿﻊ وﻗﺘﻲ"‪،‬‬ ‫ھﺬا اﻟﻄﻔﻞ ﻟﻢ ﻳﻮﻟﺪ ﻣﺘﻤﺘ ً‬
‫ﻓﺎﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ ﻳﺨﻔﻮن ﻋﺪم ﻗﺪرﺗﮫﻢ وراء ھﺬه اﻟﻌﺒﺎرة"‪.‬‬
‫ﺑﺬﻟﺖ "دﻳﻼي" ﻛﻞ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﮫﺎ ﻣﻊ ﻛﻞ طﺎﻟﺐ ﻟﺪﻳﮫﺎ‪ .‬ﻛﺎن "إﻳﺘﺴﺎك ﺑﯿﺮﻟﻤﺎن" طﺎﻟﺒًﺎ ﻟﺪﻳﮫﺎ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ زوﺟﺘﻪ "ﺗﻮﺑﻲ"‬
‫دا ﺿﺌﯿًﻼ ﻣﻦ‬
‫ن ﻋﺪ ً‬
‫ﻀﺎ‪ ،‬ﺗﺬﻛﺮ "ﺗﻮﺑﻲ" أ ﱠ‬ ‫طﺎﻟﺒﺔ ﻟﺪﻳﮫﺎ أﻳ ً‬
‫اﻟﻤﺪرﺳﯿﻦ ﻳﻘﺎﺑﻠﻮن طﺎﻟﺒًﺎ ﻟﺪﻳﻪ وﻟﻮ ﺟﺰًءا ﺿﺌﯿًﻼ ﻣﻤﺎ ﻟﺪى "إﻳﺘﺴﺎك ﺑﯿﺮﻟﻤﺎن" طﻮال ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ‪ ،‬ھﻮ "ﻟﺪﻳﮫﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ‬
‫ﻳﺴﺘﻠﺰﻣﻪ اﻷﻣﺮ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻲ ﻻ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﮫﺎ ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ‬
‫ﺳﺌﻠﺖ‬ ‫ﻗﺪﻣﺘﻪ ﻟﻲ ‪ ...‬وأﻋﺘﻘﺪ أﻧﻨﻲ ﻣﺠﺮد واﺣﺪة ﻣﻦ ﺑﯿﻦ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎﻋﺪﺗﮫﻢ"‪ .‬ﻓﻮر أن ُ‬
‫"دﻳﻼي"‪ ،‬ﻋﻦ طﺎﻟﺐ آﺧﺮ‪ ،‬ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﺑﺬﻟﮫﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ‬
‫مــع طﺎﻟﺐــة لــم ﻳﻚــن ﻣﺲــﺗﻘﺒﻠﮫﺎ ﻳﻨﺐــئ بــاﻟﻜﺜﯿﺮ‪ ،‬أجــاﺑﺖ‪" :‬أظــن أن لــدﻳﮫﺎ شــﻳًﺌﺎ اســﺗﺜﻨﺎﺋﯿًّﺎ‪...‬‬
‫إنــه فــي شــﺧﺼﯿﺘﮫﺎ؛ لــدﻳﮫﺎ ﺑﻊــض مــن اﻟﺲـﻣﻮ"‪ .‬إذا مـا اسـﺗﻄﺎﻋﺖ "ديـﻻي" أن‬
‫ﺗﺠﻌﻠﮫﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪم ھﺬا اﻟﺴﻤﻮ ﻓﻲ ﻋﺰﻓﮫﺎ‪ ،‬ﻓﺘﻠﻚ اﻟﻄﺎﻟﺒﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻋﺎزﻓﺔ ﻛﻤﺎن اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﯿﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻤﻌﺎﻳﯿﺮ اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ وﺑﯿﺌﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺘﻨﺸﺌﺔ‬

‫ﻳﻀﻊ اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن اﻟﺮاﺋﻌﻮن ﻣﻌﺎﻳﯿﺮ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻟﺠﻤﯿﻊ طﻼﺑﮫﻢ ﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ ھﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﻘﻘﻮن إﻧﺠﺎزات ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ‪.‬‬
‫"ﻣﺎرﻓﺎ ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" وﺿﻌﺖ ﻟﻄﻼﺑﮫﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻣﻌﺎﻳﯿﺮ ﻓﻲ‬
‫ﻏﺎيــة اﻻرﺗﻒــاع‪ .‬فــي اﻟﺐــداﻳﺔ كــاﻧﺖ ﺗﻖــدم ﻟﻄﻼبــھﺎ ﻛﻠﻢـات وﻣﻒـاھﯿﻢ أﻋﻖـد ﻛﺚـﻳًﺮا مـن أن‬
‫وّا مـن اﻟﻢـودة اﻟﺺـادﻗﺔ واﻟﺮﻋﺎيـة‪ ،‬ووعـدت‬‫ﻳﺲـﺗﻄﯿﻌﻮا اسـﺗﯿﻌﺎﺑﮫﺎ‪ ،‬ﻛﻢـا صـﻧﻌﺖ جـ ً‬
‫اﻟﻄﻼب ﺑﺄﻧﮫﻢ ﺳﻮف ﻳﺤﻘﻘﻮن ﻧﺘﺎﺋﺞ راﺋﻌﺔ‪" :‬ﺳﺄﺣﺒﻚ ‪ ...‬ﺑﻞ إﻧﻨﻲ أﺣﺒﻚ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ‪ ،‬وﺳﺄﺣﺒﻚ ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﺗﺤﺐ‬
‫ﻧﻔﺴﻚ" ﻓﻜﺎن ھﺬا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﺘﻪ ﻟﻠﻮﻟﺪ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺮﻳﺪ‬
‫اﻟﻤﺤﺎوﻟﺔ‪.‬‬
‫ھﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ أن ﻳﺤﺒﻮا ﺟﻤﯿﻊ طﻼﺑﮫﻢ؟ ﻻ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻋﻠﯿﮫﻢ أن ﻳﮫﺘﻤﻮا ﻟﻜﻞ طﺎﻟﺐ‪.‬‬
‫ﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم؛ ﻓﮫﻢ ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻰ اﻷداء اﻷوﻟﻲ‬ ‫اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻳﺼﻨﻌﻮن ﺑﯿﺌ ً‬
 ‫ﻟﻠﻄﻼب وﻳﺤﺪدون ﻣﻦ ھﻮ اﻟﺬﻛﻲ‪ ،‬وﻣﻦ ھﻮ اﻟﻐﺒﻲ‪ ،‬ﺛﻢ ﻳﺘﺨﻠﻮن‬
‫ﻋﻦ اﻟﻄﻼب "اﻷﻏﺒﯿﺎء"‪ ،‬وﻳﻘﻮﻟﻮن‪" :‬إﻧﮫﻢ ﻟﯿﺴﻮا ﺗﺤﺖ ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﺘﻲ "‪.‬‬
‫ھﺆﻻء اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﻟﺘﻄﻮر ﻓﻼ ﻳﺤﺎوﻟﻮن ﺗﺤﻘﯿﻘﻪ‪ .‬ھﻞ ﺗﺬﻛﺮ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ‬
‫ﻋﻨﮫﻢ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﻟﻮا‪:‬‬
‫ﻘﺎ ﻟﺨﺒﺮﺗﻲ ﻓﻤﺴﺘﻮى إﻧﺠﺎز اﻟﻄﻼب ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﻈﻞ ﺛﺎﺑًﺘﺎ ﺧﻼل اﻟﻌﺎم"‪.‬‬ ‫"وﻓ ً‬
‫"أﻧﺎ ﻣﻌﻠﻢ وﻟﯿﺲ ﻟﻲ ﺗﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺪرة اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﻟﻠﻄﻼب"‪.‬‬
‫ھﻚــذا ﺗﻌﻢــل اﻷﻓﻚــار اﻟﻨﻤﻄﻲـة؛ فـاﻷﻓﻜﺎر اﻟﻨﻤﻄﻲـة ﺗﺢـدد ﻟﻠﻤﻌﻠﻢـﻳﻦ أي اﻟﻤﺠﻤﻮعـات ﻣﺘﺄﻟﻖـة وأي‬
‫اﻟﻤﺠﻤﻮعـات ﻟﯿﺲـت ﻣﺘﺄﻟﻖـة‪ .‬ھﻚـذا ﻳﻊـرف اﻟﻤﻌﻠﻢـون ذوو اﻟﻌﻘﻠﻲـة اﻟﺜﺎﺑﺖـة‬
‫اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﻋﻠﯿﮫﻢ أن ﻳﺘﺨﻠﻮا ﻋﻦ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﻄﻮﻳﺮھﻢ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻘﺎﺑﻠﻮھﻢ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺰﻳﺪ ﺣﻮل اﻟﻤﻌﺎﻳﯿﺮ اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ واﻟﺒﯿﺌﺔ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺘﻨﺸﺌﺔ‬

‫ﻓﺎ ﻳﺾــﻣﻮن عــازﻓﻲ‬ ‫ﺼﺎ ﻣﺤﺖــر ً‬‫ﻋﻦــــدﻣﺎ أجـــرى "ﺑﻨﺞــاﻣﯿﻦ ﺑﻞــوم" دراســﺗﻪ ﻋﻞــى ‪ 120‬شــﺧ ً‬
‫ﺑﻲــاﻧﻮ‪ ،‬وﻧﺢــاﺗﯿﻦ‪ ،‬وســﺑﱠﺎﺣﯿﻦ‪ ،‬وﻻﻋﺐــي ﺗﻦــس‪ ،‬وﻋﻠﻢــاء رﻳﺎضــﻳﺎت‪ ،‬وبــاﺣﺜﯿﻦ فــي ﻋﻞــم‬
‫اﻷﻋﺼﺎب‪ ،‬اﻛﺘﺸﻒ ﺷﯿًﺌﺎ ﻣﺬھًﻼ ﻓﻲ أﻏﻠﺒﮫﻢ‪ ،‬ﻛﺎن ﻣﻌﻠﻤﻮھﻢ اﻷواﺋﻞ ودودﻳﻦ وﻣﺘﻔﮫﻤﯿﻦ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﯿﺮ‪ ،‬ﻻ ﻳﻌﻨﻲ‬
‫ھﺬا أﻧﮫﻢ وﺿﻌﻮا ﻣﻌﺎﻳﯿﺮ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ إطﻼ ً‬
‫ﻗﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﺻﻨﻌﻮا‬
‫ﺑﯿﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺔ ﻻ ﺑﯿﺌﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم‪ .‬ﻛﺎن أﺳﻠﻮﺑﮫﻢ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﻄﻼب ﻻ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى‬
‫ﻣﻮھﺒﺘﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺣﻘﻘﺘﻪ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" وﻣﺎ ﺣﻘﻘﻪ "إﺳﻜﻮﻳﺚ" ﻣﻊ طﻼﺑﮫﻢ ‪ -‬ﺟﻤﯿﻊ طﻼﺑﮫﻢ ‪ -‬ﺳﺘﺠﺪ أﻣًﺮا ﻣﺬھًﻼ‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" ﺑﺘﻮﺳﯿﻊ ﻣﺪرﺳﺘﮫﺎ ﻟﺘﻀﻢ أطﻔﺎًﻻ‬
‫ﺻﻐﺎًرا‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﻛﻞ طﻔﻞ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ أرﺑﻌﺔ أﻋﻮام ﻳﻠﺘﺤﻖ ﺑﺎﻟﻤﺪرﺳﺔ ﻓﻲ ﺷﮫﺮ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ أن ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ‬
‫اﻟﻘﺮاءة ﺑﻨﮫﺎﻳﺔ ﺷﮫﺮ دﻳﺴﻤﺒﺮ‪ ،‬وﻗﺪ ﻧﺠﺤﻮا ﺟﻤﯿﻌﮫﻢ ﻓﻲ‬
‫ھﺬا‪ .‬ﻛﺎن اﻷطﻔﺎل اﻟﺒﺎﻟﻐﻮن ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ﺛﻼﺛﺔ أو أرﺑﻌﺔ أﻋﻮام ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮن ﻛﺘﺎب ﻣﻔﺮدات ﺧﺎص ﺑﻄﻼب اﻟﻤﺪارس‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﻋﻨﻮاﻧﻪ ‪Vocabulary for the High‬‬
‫‪ . School Student‬اﻷطﻔﺎل اﻟﺒﺎﻟﻐﻮن ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ﺳﺒﻌﺔ أﻋﻮام ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﺮأون ﺻﺤﯿﻔﺔ ذا وول ﺳﺘﺮﻳﺖ ﺟﻮرﻧﺎل ‪ .‬أﻣﺎ‬
‫اﻷطﻔﺎل اﻷﻛﺒﺮ ﺳ ًﻨّﺎ ﻓﻘﺪ اﻧﺘﻘﻠﻮا ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻛﺘﺎب‬
‫‪ Republic‬اﻟﺬي أﻟﱠﻔﻪ "أﻓﻼطﻮن" إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻛﺘﺎب ‪ Democracy in America‬اﻟﺬي ﻛﺘﺒﻪ "دو ﺗﻮﻛﻔﯿﻞ"‪ ،‬ورواﻳﺔ‬
‫"ﺟﻮرج أوروﻳﻞ" ‪ Animal Farm‬وﻛﺘﺎﺑﺎت‬
‫"ﻣﯿﻜﯿﺎﻓﯿﻠﻠﻲ" واﻟﻨﻘﺎش ﺣﻮل أﻋﻤﺎل ﻣﺠﻠﺲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺷﯿﻜﺎﻏﻮ‪ .‬أﻣﺎ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﺣﺪدﺗﮫﺎ ﻟﻄﻼب اﻟﺴﻨﺔ‬
‫اﻷﺧﯿﺮة ﻣﻦ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﯿﺔ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﻀﻢ ‪The‬‬
‫ﻤﺎ ﻳﻨﺎﻗﺸﻮن‬ ‫‪ Complete Plays of Anton Chekhov‬و ‪ Physics Through Experiment‬و ‪ ، The Canterbury Tales‬وﻛﺎﻧﻮا داﺋ ً‬
‫ﻛﺘﺎﺑﺎت "ﺷﻜﺴﺒﯿﺮ"‪ .‬ﺗﻘﻮل‬
‫ﻔﺎ أﺣﺒﻮا "ﺷﻜﺴﺒﯿﺮ" وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻮﺳﻠﻮن طﻮال اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻘﺮاءة اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ‪.‬‬ ‫ن أﻛﺜﺮ اﻷطﻔﺎل ﻋﻨ ً‬ ‫"ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" إِ ﱠ‬
‫ﻣﺎ ﻟﻠﺘﻨﺸﺌﺔ‪ ،‬ﺑﯿﺌﺔ ﺻﺎرﻣﺔ وﻣﻨﻀﺒﻄﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻣﻠﯿﺌﺔ ﺑﺎﻟﺤﺐ‪ .‬وﻷﻧﮫﺎ ﺗﺪرك‬ ‫أﻗﺎﻣﺖ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" ﺑﯿﺌﺔ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﺗﻤﺎ ً‬
‫أﻧﮫﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻠﻘﻮن ﺗﻌﻠﯿﻤﮫﻢ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻤﯿﻦ ﻳﺮون أن‬
‫ﻣﮫﻤﺘﮫﻢ إﺧﺒﺎر اﻷطﻔﺎل ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺎﻧﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻼت‪ ،‬أﺧﺒﺮﺗﮫﻢ ﺑﻤﺴﺌﻮﻟﯿﺘﮫﺎ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻋﻨﮫﻢ ﻛﻄﻼب وﻛﺄﺷﺨﺎص‪.‬‬
‫أﻣﺎ "إﺳﻜﻮﻳﺚ" ﻓﯿﻨﺪم ﻋﻠﻰ ﺗﺨﻔﯿﺾ اﻟﻤﻌﺎﻳﯿﺮ‪ .‬ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ "إﺳﻜﻮﻳﺚ" أن ﻣﺪرﺳﺘﻪ اﺣﺘﻔﻠﺖ ﻣﺆﺧًﺮا ﺑﻨﺘﺎﺋﺞ اﺧﺘﺒﺎر‬
‫اﻟﻘﺮاءة اﻟﺘﻲ ﺟﺎءت أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺪل اﻟﻮطﻨﻲ ﺑﻌﺸﺮﻳﻦ ﻧﻘﻄﺔ‪،‬‬
‫ﻟﻤﺎذا؟ ﻷﻧﮫﻢ ﺣﻘﻘﻮا ﻧﺘﯿﺠﺔ أﻋﻠﻰ ﺑﻨﻘﻄﺔ أو ﻧﻘﻄﺘﯿﻦ ﻋﻦ اﻟﻌﺎم اﻟﻤﺎﺿﻲ‪ .‬ﻳﻘﻮل "إﺳﻜﻮﻳﺚ"‪" :‬رﺑﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﮫﻢ أن‬
‫ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻷﻣﻮر اﻟﺠﯿﺪة وﺗﻜﻮن ﻣﺘﻔﺎﺋًﻼ‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻟﻮھﻢ ﻟﯿﺲ‬
‫حــًّﻻ‪ .‬مــن ﻳﺤﺘﻔﻞــون ﺑﺎﻟﻔﺶــل لــن ﻳﻚــوﻧﻮا مــوﺟﻮدﻳﻦ لــﻳﺤﺘﻔﻠﻮا مــع طـﻻب الـﻳﻮم ﺑﻮظﺎﺋﻒـھﻢ فـي‬
‫ﺗﺤﺾـﻳﺮ شـطﺎﺋﺮ الـھﻤﺒﺮﺟﺮ ‪ ...‬ﻋﻞـى أحـد أن ﻳﻖـول لـھﺆﻻء اﻷطﻒـال إنـھﻢ فـي‬
‫اﻟﻤﺆﺧﺮة وﻳﻀﻊ ﻟﮫﻢ ﺧﻄﺔ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺗﮫﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻘﺪم واﻟﻠﺤﺎق ﺑﺎﻟﻤﻘﺪﻣﺔ"‪.‬‬
‫ﻛﻞ طﻼب اﻟﺼﻒ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺔ "إﺳﻜﻮﻳﺚ" ﺑﺮﻋﻮا ﻓﻲ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻘﺮاءة اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻢ ‪ Of Mice and Men‬و‬
‫‪ Native Son‬و ‪Bury My Heart at Wounded‬‬
‫‪ ، Knee‬و ‪ The Joy Luck Club‬و ‪ The Diary of Anne Frank‬و ‪ To Kill a Mockingbird‬و ‪ . A Separate Peace‬ﻛﻞ طﻼب‬
‫اﻟﺼﻒ اﻟﺴﺎدس ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺘﻪ‬
‫ﻧﺠﺤﻮا ﻓﻲ اﻻﺧﺘﺒﺎر اﻟﻨﮫﺎﺋﻲ ﻟﻤﺎدة اﻟﺠﺒﺮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﺠﻌﻞ أﻏﻠﺐ طﻼب اﻟﺼﻒ اﻟﺜﺎﻣﻦ واﻟﺼﻒ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﻠﻰ‬
‫وﺷﻚ اﻟﺒﻜﺎء‪ .‬وﻣﺮة أﺧﺮى‪ ،‬ﻛﻞ ھﺬا ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻓﻲ ﺑﯿﺌﺔ ﻳﻤﻠﺆھﺎ‬
‫اﻟﻌﻄﻒ واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﻌﻤﯿﻘﺔ ﺑﻜﻞ طﺎﻟﺐ‪.‬‬
‫ﻀﺎ‪ .‬أﺣﺪ طﻼﺑﮫﺎ اﻟﻘﺪاﻣﻰ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ ھﺬا ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬ھﺬا ﺟﺎﻧﺐ‬ ‫"اﻟﺘﺤﺪي واﻟﺘﻨﺸﺌﺔ" ﻋﺒﺎرة ﺗﺼﻒ طﺮﻳﻘﺔ "دﻳﻼي" أﻳ ً‬
‫ﻣﻦ ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ اﻟﺴﯿﺪة "دﻳﻼي" ‪ -‬أن ﺗﻀﻊ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ‬
‫اﻹطﺎر اﻟﻌﻘﻠﻲ اﻟﺬي ﻳﻤﻜِّﻨﮫﻢ ﻣﻦ ﺑﺬل أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﮫﻢ‪ ...‬ﻋﺪد ﺿﺌﯿﻞ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺴﺎﻋﺪك‬
‫ﻋﻠﻰ ﺑﺬل أﻗﺼﻰ إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻚ‪ ،‬واﻟﺴﯿﺪة "دﻳﻼي" ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺘﻠﻚ‬
‫اﻟﻤﻮھﺒﺔ؛ ﻓﮫﻲ ﺗﺘﺤﺪاك ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﺗﺸﻌﺮ ﻓﯿﻪ ﺑﺄﻧﻚ ﺗﺘﻠﻘﻰ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ"‪.‬‬
 ‫اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد واﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد‬
‫ﻣﺎ‪ .‬ﻛﻞ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ اﻟﺮاﺋﻌﯿﻦ ﻳﻌﻠﻤﻮن اﻟﻄﻼب ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﻮﺻﻮل‬ ‫وﻟﻜﻦ ھﻞ اﻟﺘﺤﺪي واﻟﺤﺐ ﻛﺎﻓﯿﺎن؟ ﻟﯿﺲ ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻟﻠﻤﻌﺎﻳﯿﺮ اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ‪ .‬ﻟﻢ ﺗﺴﻠﻢ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" و"إﺳﻜﻮﻳﺚ" ﻟﻄﻼﺑﮫﻢ‬
‫ﻤﱠﻨﯿَﺎ ﻟﮫﻢ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﻘﺮاءﺗﮫﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﻗﺮأ طﻼب "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" ﻛﻞ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺮﺣﯿﺔ ﻣﺎﻛﺒﺚ‬ ‫ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﻜﺘﺐ ﻟﻠﻘﺮاءة ﺛﻢ ﺗَ َ‬
‫وﻧﺎﻗﺸﻮھﺎ داﺧﻞ اﻟﻔﺼﻞ‪ .‬وﻗﻀﻰ "إﺳﻜﻮﻳﺚ" ﺳﺎﻋﺎت ﻓﻲ‬
‫ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻔﺼﻮل اﻟﺘﻲ ﻋﻠﯿﮫﻢ ﻗﺮاءﺗﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ‪" .‬أﻋﻠﻢ أﻳًّﺎ ﻣﻦ اﻷطﻔﺎل ﺳﯿﺘﻨﺎول اﻟﺘﺤﺪي اﻟﺬي ﻓﻲ أﻛﺜﺮ‬
‫اﻟﻔﻘﺮات ﺻﻌﻮﺑﺔ‪ ،‬وأﺣﺪد ﺑﺪﻗﺔ ﻓﻘﺮة ﻟﻠﺼﻐﺎر اﻟﺨﺠﻮﻟﯿﻦ ‪...‬‬
‫اﻟﺬﻳﻦ ﺳﯿﺒﺪأون ﻣﺴﯿﺮﺗﮫﻢ ﻛﻘﺎرﺋﯿﻦ ﺟﯿﺪﻳﻦ‪ .‬ﻟﯿﺲ ھﻨﺎك ﻣﺎ ھﻮ ﻣﺘﺮوك ﻟﻠﺼﺪﻓﺔ‪ ...‬اﻷﻣﺮ ﻳﺴﺘﻠﺰم طﺎﻗﺔ ھﺎﺋﻠﺔ‬
‫وﻟﻜﻦ وﺟﻮدي ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ ﻣﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﻮل اﻟﺼﻐﯿﺮة اﻟﺘﻲ‬
‫ﻲ ﻟﺴﻤﺎع اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻨﮫﺎ إذا ﻣﺎ ﺗﻮﻗﻔﺖ‪ ،‬ﻛﻞ ھﺬا‬
‫ﱠ‬ ‫ﻟ‬‫إ‬ ‫ﻞ‬‫ﺳ‬ ‫ﻮ‬‫ﺘ‬‫ﺗ‬ ‫ﺗﺴﺘﻤﻊ ﺑﺈﺻﻐﺎء إﻟﻰ ﻛﻞ ﻛﻠﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻜﻼﺳﯿﻜﯿﺔ و‬
‫ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺘﺨﻄﯿﻂ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﻌﻨﺎء"‪.‬‬
‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻌﻠﻤﻮﻧﻪ ﻟﻠﻄﻼب ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺪى اﻟﺒﻌﯿﺪ؟ أن ﻳﺤﺒﻮا اﻟﺘﻌﻠﻢ وأن ﻳﺘﻌﻠﻤﻮا وﻳﻔﻜﺮوا ﻷﻧﻔﺴﮫﻢ ﻓﻲ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ‪ ،‬وأن‬
‫ﻳﻌﻤﻠﻮا ﺑﺠﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻢ اﻷﺳﺎﺳﯿﺎت‪ .‬ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻛﺎن طﻼب‬
‫ﻓﺺــل "إســﻛﻮﻳﺚ" ﻳﺘﻖــاﺑﻠﻮن ﻗﺐــل ﻣﻮعــد اﻟﻤﺪرســة وﺑﻊــده‪ ،‬وفـي اﻟﻌﻂـﻻت اﻟﻤﺪرسـﻳﺔ؛ ﺣﺖـى‬
‫ﻳﺘﻘﻦـوا أسـاﺳﯿﺎت اﻟﻠﻎـة اﻹﻧﺠﻠﯿﺰيـة واﻟﺮﻳﺎضـﻳﺎت‪ ،‬وﺧﺎصـة مـع ﺗﺰايـد صـﻋﻮﺑﺔ‬
‫اﻟﻢــواد‪ .‬شــﻋﺎره هــو‪" :‬لــﻳﺲ ھﻦــاك طــرق ﻣﺨﺘﺺــرة"‪ .‬تــردد "ﻛﻮلــﻳﻨﺰ" ﻧﻒــس اﻟﻔﻚــرة ﻋﻦــدﻣﺎ‬
‫ﺗﻖــول ﻟﻂـﻻب ﻓﺺـﻟﮫﺎ‪" :‬لـﻳﺲ ھﻦـاك أمـور سـﺣﺮﻳﺔ ھﻦـا‪ .‬اﻟﺲـﻳﺪة ﻛﻮلـﻳﻨﺰ ﻟﯿﺲـت‬
‫ﺻﺎﻧﻌﺔ ﻣﻌﺠﺰات‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧﻨﻲ ﻻ أﺳﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎء وﻻ أﺷﻖ اﻟﺒﺤﺮ‪ .‬أﻧﺎ أﺣﺐ اﻷطﻔﺎل وأﻋﻤﻞ ﺑﺠﺪ أﻛﺒﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ‬
‫ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻓﻘﻂ‪ ،‬وھﺬا ﻣﺎ ﺳﺘﻔﻌﻠﻮﻧﻪ أﻳ ً‬
‫ﻀﺎ"‪.‬‬
‫ﻀﺎ‪ .‬أﻏﻠﺐ اﻷطﻔﺎل ﻳﺮﺗﻌﺒﻮن‬‫ﺗﻮﻗﻌﺖ "دﻳﻼي" ﻣﻦ طﻼﺑﮫﺎ أن ﻳﺤﻘﻘﻮا اﻟﻜﺜﯿﺮ وﻟﻜﻨﮫﺎ أرﺷﺪﺗﮫﻢ ﻛﯿﻒ ﻳﺤﻘﻘﻮن ذﻟﻚ أﻳ ً‬
‫ﻣﻦ ﻓﻜﺮة اﻟﻤﻮھﺒﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻠﮫﻢ ﻣﻨﺤﺼﺮي اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ‬
‫ﮫﻠﺖ ﻟﮫﻢ أﻣﺮ اﻟﻤﻮھﺒﺔ‪ .‬ﻛﺎن أﺣﺪ اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ﻣﺘﺄﻛًﺪا أﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ ﻋﺰف‬ ‫ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ "دﻳﻼي" ﺳ ﱠ‬
‫ﻣﻘﻄﻮﻋﺔ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺰف ﺑﮫﺎ "إﻳﺘﺴﺎك ﺑﯿﺮﻟﻤﺎن"؛‬
‫ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﺗﺠﻌﻠﻪ "دﻳﻼي" ﻳﺮى ﺑﻨﺪول اﻹﻳﻘﺎع ﺣﺘﻰ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻨﻔﺲ ﺳﺮﻋﺔ "إﻳﺘﺴﺎك ﺑﯿﺮﻟﻤﺎن" ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﺰف‪ .‬ﺗﻘﻮل "دﻳﻼي"‪" :‬إﻧﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻳﻘﯿﻦ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎن اطﻠﻊ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺪول اﻹﻳﻘﺎع وھﻮ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺻﻮل ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺴﺮﻋﺔ‪ ،‬ﻛﺎن ﺳﯿﻘﻮل ﻟﻨﻔﺴﻪ "إﻧﻨﻲ ﻟﻦ أﺳﺘﻄﯿﻊ اﻟﻌﺰف‬
‫ﺑﻨﻔﺲ اﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺰف ﺑﮫﺎ "إﻳﺘﺴﺎك ﺑﯿﺮﻟﻤﺎن"‪ ،‬وﻛﺎن‬
‫ﺳﯿﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﺴﻌﻲ ﻧﺤﻮ ذﻟﻚ"‪.‬‬
‫طﺎﻟﺐ آﺧﺮ ﻛﺎن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺮھﺒﺔ ﺗﺠﺎه اﻟﻌﺰف اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻪ ﻋﺎزﻓﻮ اﻟﻜﻤﺎن اﻟﻤﻮھﻮﺑﻮن‪ ،‬ﻓﯿﻘﻮل‪" :‬ﻛﻨﺖ أﺗﺪرب ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺼﻮت اﻟﺬي أﻋﺰﻓﻪ‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ أﻋﺰف ﻧﻐﻤﺔ ذات‬
‫ﻣﺮة‪ ،‬أوﻗﻔﺘﻨﻲ اﻟﺴﯿﺪة "دﻳﻼي" وﻗﺎﻟﺖ‪" :‬ھﺎ ھﻮ ذا ﺻﻮت ﺟﻤﯿﻞ""‪ .‬ﺛﻢ ﺷﺮﺣﺖ ﻟﻪ أن ﻛﻞ ﻧﻐﻤﺔ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن‬
‫ﻟﮫﺎ ﺑﺪاﻳﺔ ﺟﻤﯿﻠﺔ‪ ،‬وﻣﻨﺘﺼﻒ ﺟﻤﯿﻞ‪ ،‬وﻧﮫﺎﻳﺔ ﺟﻤﯿﻠﺔ؛‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﺑﻨﺎ إﻟﻰ اﻟﻨﻐﻤﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺎل ﺑﺨﺎطﺮه‪" :‬ﻳﺎ إﻟﮫﻲ! إذا ﻛﻨﺖ أﺳﺘﻄﯿﻊ أن أﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ھﻨﺎ‪ ،‬ﻓﯿﻤﻜﻨﻨﻲ أن‬
‫أﻓﻌﻠﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن"‪ .‬وھﻜﺬا أﺻﺒﺢ ﻋﺰف "ﺑﯿﺮﻟﻤﺎن" ذا‬
‫ﻣﻌﻨﻰ وﻟﯿﺲ ﻣﺠﺮد ﻓﻜﺮة ﺳﺎﺣﻘﺔ‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﺮف ﺑﻌﺾ اﻟﻄﻼب ﻛﯿﻒ ﻳﻔﻌﻠﻮن أﻣًﺮا ﻣﺎ واﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ﻳﻌﺮﻓﻮن‪ ،‬ﺗﺒﺪو اﻟﻔﺠﻮة أﻛﺒﺮ ﻣﻦ أن ﻳﻤﻜﻦ‬
‫ﺳﺪھﺎ‪ .‬ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺮﺑﻮﻳﯿﻦ ﻳﺤﺎوﻟﻮن طﻤﺄﻧﺔ طﻼﺑﮫﻢ ﺑﺄﻧﮫﻢ‬
‫ﻋﻞــى مــا يــرام‪ .‬اﻟﻤﻌﻠﻢـون ذوو ﻋﻘﻠﻲـة اﻟﻨﻢـو ﻳﺨﺐـرون اﻟﻂـﻻب ﺑﺎﻟﺤﻘﯿﻖـة ثـم ﻳﻖـدﻣﻮن لـھﻢ‬
‫اﻷدوات ﻟﺲـد ﺗﻞـك اﻟﻔﺞـوة‪ .‬قـاﻟﺖ "مـارﻓﺎ ﻛﻮلـﻳﻨﺰ" ﻟﻂـاﻟﺐ كـان ﻳﻖـوم ﺑﺘﺺـرﻓﺎت‬
‫ﺮّﺟﺔ ﻓﻲ أﻧﺤﺎء اﻟﻔﺼﻞ‪" :‬أﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﺼﻒ اﻟﺴﺎدس وﻋﻼﻣﺘﻚ ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءة ‪ .1.1‬إﻧﻨﻲ ﻻ أﺧﻔﻲ درﺟﺎﺗﻚ ﻓﻲ‬ ‫ﮫ ِ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﺣﺎﻓﻈﺔ ﺑﻞ إﻧﻨﻲ أﺧﺒﺮك ﺑﮫﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻌﺮف ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﯿﻚ ﻓﻌﻠﻪ‪.‬‬
‫واﻵن ﻗﺪ اﻧﺘﮫﺖ أﻳﺎم اﻟﺘﮫﺮﻳﺞ"‪ .‬ﺛﻢ ﺑﺎﺷﺮوا اﻟﻌﻤﻞ‪.‬‬
 ‫اﻟﻄﻼب ﻏﯿﺮ اﻟﻤﮫﺘﻤﯿﻦ‬
‫ﻣﺎذا ﻋﻦ اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺄﺑﮫﻮن ﻟﻠﺘﻌﻠﻢ؟ ھﺎ ھﻮ ذا ﺣﻮار ﻣﺨﺘﺼﺮ ﻛﺎن ﺑﯿﻦ "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" و"ﺟﺎري" اﻟﻄﺎﻟﺐ اﻟﺬي‬
‫رﻓﺾ أن ﻳﻌﻤﻞ وﻣﺰق واﺟﺒﺎﺗﻪ اﻟﻤﻨﺰﻟﯿﺔ‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺸﺎرك‬
‫ﻓﻲ أﻧﺸﻄﺔ اﻟﻔﺼﻞ‪ .‬ﺗﺤﺎول "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" أن ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻳﺘﻮﺟﻪ إﻟﻰ اﻟﺴﺒﻮرة ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ‪:‬‬
‫ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ‪ :‬ﻣﺎذا ﺳﺘﻔﻌﻞ ﻳﺎ طﻔﻠﻲ اﻟﺤﺒﯿﺐ؟ اﺳﺘﻔﺪ ﻣﻦ ﺣﯿﺎﺗﻚ أو ﺗﺨﻠﺺ ﻣﻨﮫﺎ؟‬
‫ﺟﺎري‪ :‬ﻟﻦ أﻗﻮم ﺑﺄي ﻋﻤﻞ ﻟﻌﯿﻦ‪.‬‬
‫ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ‪ :‬إﻧﻨﻲ ﻟﻦ أﺗﺨﻠﻰ ﻋﻨﻚ‪ ،‬وﻟﻦ أﺳﻤﺢ ﻟﻚ أن ﺗﺘﺨﻠﻰ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻚ‪ .‬إن ﺟﻠﺴﺖ ھﻨﺎ ﻣﺴﺘﻨًﺪا إﻟﻰ ھﺬا اﻟﺤﺎﺋﻂ‬
‫طﻮال اﻟﯿﻮم‪ ،‬ﻓﺴﯿﻨﺘﮫﻲ ﺑﻚ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻻﺳﺘﻨﺎد إﻟﻰ ﺷﻲء أو ﺷﺨﺺ ﻣﺎ طﻮال ﺣﯿﺎﺗﻚ‪ .‬وﺳﺘﺨﺴﺮ ﻛﻞ ھﺬا اﻟﺬﻛﺎء‬
‫اﻟﺬي ﺗﻤﺘﻠﺊ ﺑﻪ‪.‬‬
‫وھﻨﺎ واﻓﻖ "ﺟﺎري" أن ﻳﺘﻮﺟﻪ إﻟﻰ اﻟﺴﺒﻮرة وﻟﻜﻨﻪ رﻓﺾ أن ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻣﻨﻪ‪ .‬ﺑﻌﺪ ﺑﺮھﺔ ﻗﺎﻟﺖ‬
‫"ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ"‪:‬‬
‫"إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺮﻳﺪ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ‪ ،‬ﻓﺎذھﺐ إﻟﻰ اﻟﮫﺎﺗﻒ وﺗﺤﺪث إﻟﻰ واﻟﺪﺗﻚ وﻗﻞ ﻟﮫﺎ‪" :‬أﻣﻲ‪ ،‬ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﻳﺠﺐ‬
‫ﻋﻠﯿﻨﺎ أن ﻧﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬واﻟﺴﯿﺪة "ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" ﺗﻘﻮل‪ :‬إﻧﮫﺎ ﻻ ﺗﺤﺐ‬
‫اﻟﻌﺒﺚ وﺗﻀﯿﯿﻊ اﻟﻮﻗﺖ؛ ﻓﮫﻼ ﺗﺄﺗﯿﻦ ﻟﺘﺄﺧﺬﻳﻨﻲ ﻣﻦ ھﻨﺎ""‪.‬‬
‫ﺑﺪأ "ﺟﺎري" ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ‪ .‬وﻓﻲ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ أﺻﺒﺢ "ﺟﺎري" ﻳﺸﺎرك ﺑﺤﻤﺎس وﻳﻘﺮأ ﺑﻨﮫﻢ‪ .‬ﻓﻲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ ﻣﻦ اﻟﻌﺎم‪،‬‬
‫ﻛﺎن طﻼب اﻟﻔﺼﻞ ﻳﻨﺎﻗﺸﻮن ﻣﺴﺮﺣﯿﺔ ﻣﺎﻛﺒﺚ وﻛﯿﻒ أن‬
‫ﻘﺎ‪" :‬إﻧﮫﺎ ﺗﺸﺒﻪ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ "ﺳﻘﺮاط"‪ ،‬أﻟﯿﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺎ‬ ‫ﺗﻔﻜﯿﺮه اﻟﻀﺎل أدى ﺑﻪ ﻻرﺗﻜﺎب ﺟﺮﻳﻤﺔ‪ ،‬ﻓﺄﺳﺮع "ﺟﺎري" ﻣﻌﻠ ً‬
‫ﺳﯿﺪة ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ؟ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻛﺒﺚ أن ﻳﻌﺮف أن "اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ‬
‫اﻟﻤﺲــﺗﻘﯿﻢ يــؤدي إلــى ﺣﻲــاة ﻗﻮﻳﻢــة""‪ .‬ﻛﺖــب "جــاري" فـي واجـب اﻟﻤﺪرسـة‪" :‬يـا إلـھﻲ! أرجـو‬
‫أن ﺗﻮﻗﻈﻦـا مـن ﻏﻔﻠﺘﻦـا‪ .‬ﻓﺒﯿﻨﻢـا ﻧﺢـن نـاﺋﻤﻮن‪ ،‬ﻳﺲـود اﻟﺞـھﻞ اﻟﻊـاﻟﻢ ‪ ...‬سـاﻋﺪﻧﺎ‬
‫ﺑﻤﺸﯿﺌﺘﻚ‪ .‬ﻟﯿﺲ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﺘﺴﻊ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﺤﻜﻢ اﻟﺠﮫﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ"‪.‬‬
‫ﻋﻦــدﻣﺎ ﻳﻄﻞــق اﻟﻤﻌﻠﻢــون اﻷﺣﻚــام ﻋﻞــى اﻟﻂــﻻب‪ ،‬ســﻳﺤﻄﻢ اﻟﻂــﻻب ﻣﻌﻠﻤﻲــھﻢ مــن خـﻻل عـدم‬
‫اﻟﻤﺤﺎولـة‪ .‬ﻟﻚـن ﻋﻦـدﻣﺎ يـدرك اﻟﻂـﻻب أن اﻟﻤﺪرسـة مـوﺟﻮدة ﻷﺟﻞـھﻢ ‪ -‬ﺣﺖـى‬
‫ﺗﺴﺎﻋﺪھﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻤﯿﺔ ذﻛﺎﺋﮫﻢ ‪ -‬ﻓﻠﻦ ﻳﺼﺮوا ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻄﯿﻢ أﻧﻔﺴﮫﻢ‪.‬‬
‫ﺧﻼل ﻋﻤﻠﻲ رأﻳﺖ رﺟﺎًﻻ أﻗﻮﻳﺎء ﻳﺬرﻓﻮن اﻟﺪﻣﻮع ﻋﻨﺪﻣﺎ أدرﻛﻮا أﻧﮫﻢ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮن أن ﻳﺼﺒﺤﻮا أﻛﺜﺮ ذﻛﺎًَء‪ .‬ﻣﻦ‬
‫اﻟﺸﺎﺋﻊ أن ﻳﺘﻮﻗﻒ اﻟﻄﻼب ﻋﻦ اﻟﺪراﺳﺔ وﻳﺸﻌﺮوا ﺗﺠﺎھﮫﺎ‬
‫ي طﺎﻟﺐ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻻھﺘﻤﺎم ﺑﮫﺎ‪.‬‬ ‫ﺑﺎﻟﻼﻣﺒﺎﻻة‪ ،‬وﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﺨﻄﺊ إذا ﻣﺎ اﻋﺘﻘﺪﻧﺎ أن أ ﱠ‬

‫اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ :‬ﻣﻦ ھﺆﻻء اﻟﻨﺎس؟‬

‫ﻛﯿﻒ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﻨﻜﺮﻳﻦ ﻟﺬواﺗﮫﻢ ﺑﮫﺬا اﻟﺸﻜﻞ‪ ،‬وﻳﺨﺼﺼﻮا ﻛﻞ ھﺬه‬
‫اﻟﺴﺎﻋﺎت اﻟﻌﺪﻳﺪة ﻷﺳﻮأ اﻟﻄﻼب؟ ھﻞ ھﻢ ﻣﻼﺋﻜﺔ؟ ھﻞ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻤﻨﻄﻖــي أن ﻧﺖــوﻗﻊ أن اﻟﺠﻢــﻳﻊ ﻳﻤﻜﻦــھﻢ أن ﻳﺺــﺑﺤﻮا ﻣﻼﺋﻚــة؟ اﻹﺟﺎبــة هــي أنــھﻢ ﻟﯿﺲــوا‬
‫ﻣﻨﻚــري الـذات ﺑﺶـﻛﻞ تـام؛ فـھﻢ ﻳﺤﺐـون أن ﻳﺘﻌﻠﻢـوا‪ ،‬واﻟﺖـدرﻳﺲ طﺮﻳﻖـة راﺋﻊـة‬
‫ﻟﻠﺘﻌﻠﻢ ﻋﻦ اﻟﻨﺎس وﻋﻦ ﻛﯿﻔﯿﺔ ﻧﺠﺎﺣﮫﻢ‪ ،‬وﻋﻤﺎ ﻳﻘﻮم اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن ﺑﺘﺪرﻳﺴﻪ‪ ،‬وﻋﻦ أﻧﻔﺴﮫﻢ وﻋﻦ اﻟﺤﯿﺎة‪.‬‬
‫اﻟﻤﻌﻠﻢــون ذوو اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة ﻛﺚــﻳًﺮا مــا ﻳﻈﻦـون أنـھﻢ قـد ﺗﻌﻠﻢـوا كـل مـا ﻳﻤﻜﻦـھﻢ ﺗﻌﻠﻢـه‬
‫ولـن ﻳﺘﻌﻠﻢـوا اﻟﻤﺰيـد‪ ،‬وأن دورهـم هـو ﻧﻖـل ﻣﻌﺮﻓﺖـھﻢ ﻓﻖـط إلـى اﻟﻂـﻻب‪ .‬وﻟﻚـن‬
‫ﻣﺎ ﺑﻌﺪ‬‫ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻵﺧﺮ؟ اﻟﻮﻗﻮف أﻣﺎم ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮه اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻐﯿﺮ ﻋﺎ ً‬ ‫أﻟﯿﺲ ھﺬا ﻳﺠﻌﻞ اﻷﻣﺮ ﻳﺰداد ﻣﻠًﻼ ﻋﺎ ً‬
‫اﻵﺧﺮ وﻧﻘﻞ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ إﻟﯿﮫﻢ‪ ،‬إﻧﻪ أﻣﺮ ﻣﺮھﻖ‪.‬‬
‫ﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﺎ‬ ‫ﻌﺎ وداﺋ ً‬‫"ﺳﯿﻤﻮر ﺳﺎراﺳﻮن" ﻛﺎن ﻣﻌﻠﻤﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻛﻠﯿﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯿﺎ‪ .‬ﻛﺎن ﻣﺮﺑﯿًﺎ راﺋ ً‬
‫اﻟﺘﺴﺎؤل ﻋﻦ اﻻﻓﺘﺮاﺿﺎت‪ .‬ﻳﻘﻮل‪" :‬ھﻨﺎك اﻓﺘﺮاض ﻳﻘﻮل‬
‫ﻀﺎ؟" ﻟﻦ‬ ‫ن اﻟﻤﺪارس أﻧﺸﺌﺖ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﻄﻼب‪ .‬ﺣﺴًﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎذا ھﻲ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ أﻳ ً‬ ‫إِ ﱠ‬
‫ﺴﻰ ھﺬا ﻗﻂ‪ .‬طﻮال ﻣﻤﺎرﺳﺘﻲ ﻟﻠﺘﺪرﻳﺲ أﻓﻜﺮ ﻓﯿﻤﺎ أراه أﻧﺎ‬ ‫أَْﻧ َ‬
‫مــذھًﻼ‪ ،‬ومــاذا قــد أحــب أنــا أن أﺗﻌﻞــم اﻟﻤﺰيــد ﺣﻮلــه‪ .‬أســﺗﺨﺪم ﻋﻤﻞــي ﺑﺎﻟﺖــدرﻳﺲ؛ ﻷﻧﻢــو‬
‫وهــذا مـا ﻳﺠﻌﻠﻦـي‪ ،‬ﺣﺖـى ﺑﻊـد كـل ﺗﻞـك اﻟﺲـﻧﻮات اﻟﻂـوال مـن اﻟﻌﻢـل‪ ،‬ﻣﻌﻠﻢـة‬
‫ﻣﺘﺠﺪدة وﻣﺘﺤﻤﺴﺔ‪.‬‬
‫أﺣﺪ ﻣﻮﺟﮫﻲ "ﻣﺎرﻓﺎ ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ" اﻷواﺋﻞ ﻋﻠﻤﮫﺎ اﻟﺸﻲء ﻧﻔﺴﻪ؛ ﻋﻠﻤﮫﺎ أن ﻓﻮق ﻛﻞ ﺷﻲء اﻟﻤﻌﻠﻢ اﻟﺠﯿﺪ‪ ،‬وھﻮ ﻣﻦ‬
‫ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﻊ اﻟﻄﻼب‪ ،‬وﻗﺪ ﺟﻌﻠﺖ "ﻣﺎرﻓﺎ" طﻼﺑﮫﺎ‬
‫ﻳﻊــرﻓﻮن هــذا اﻷمــر ﻣﺒﻚــًرا‪ ،‬ﻓﻚــاﻧﺖ ﺗﻖــول‪" :‬أﺣﻲــاﻧًﺎ لــم أكــن أحــب ﻛﺚــﻳًﺮا اﻷشــﺧﺎص‬
‫اﻟﺐــاﻟﻐﯿﻦ اﻵخــرﻳﻦ ﻷنــھﻢ ﻳﻈﻦــون أنــھﻢ ﻳﻊــرﻓﻮن كــل شــيء‪ .‬أنــا ﻻ أعــرف كــل شـيء‪،‬‬
‫وﻳﻤﻜﻨﻨﻲ اﻟﺘﻌﻠﻢ طﻮال اﻟﻮﻗﺖ"‪.‬‬
‫ن "دوروﺛﻲ دﻳﻼي" ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻠﻤﺔ ﻣﺬھﻠﺔ؛ ﻷﻧﮫﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﮫﺘﻤﺔ ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺲ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﮫﺘﻤﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻢ‪.‬‬ ‫ﻛﺎن ﻳﻘﺎل إ ﱠ‬
‫إذن‪ ،‬هــــل اﻟﻤﻌﻠﻢــــون اﻟﻌﻈﻢــــاء ﻳﻮلــــدون ﺑﺘﻞــــك اﻟﻢــــھﺎرات بــــاﻟﻔﻄﺮة أو أنــــھﻢ ﻳﻜﺘﺲــــﺑﻮﻧﮫﺎ‬
‫وﻳﺘﻌﻠﻤﻮنــــھﺎ؟ هــل ﻳﻤﻚــن ﻷي شــﺧﺺ أن ﻳﻚــون ﻣﺚــل "ﻛﻮلــﻳﻨﺰ" أو "إســﻛﻮﻳﺚ" أو‬
 ‫"دﻳﻼي"؟ ﻳﻘﻮم ھﺬا ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ وﻓﻲ اﻷطﻔﺎل‪ ،‬ﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﯿﺮ اﻟﺸﻔﻮي ﻋﻦ‬
‫ﻌﺎ أن ﻳﺘﻌﻠﻤﻮا‪ ،‬ﺑﻞ‬‫دﻋﻤﻨﺎ ﻟﻔﻜﺮة أن ﺑﺈﻣﻜﺎن اﻷطﻔﺎل ﺟﻤﯿ ً‬
‫ن ﺗﺸﻌﻞ اﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﺑﺪاﺧﻠﻪ‪ .‬ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ "ﻣﺎﻳﻜﻞ ﻟﻮﻳﺲ" ﻓﻲ‬ ‫ﺑﺮﻏﺒﺔ ﻋﻤﯿﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻋﻘﻞ ﻛﻞ طﻔﻞ وأَ ْ‬
‫ﺻﺤﯿﻔﺔ ذا ﻧﯿﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ ﻋﻦ ﻣﺪرب ﻓﻌﻞ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻟﻪ‪ ،‬ﻓﯿﻘﻮل‬
‫"مــاﻳﻜﻞ" عــن هــذا‪" :‬أﻛﺘﺲــب رﻏﺐــة جــدﻳﺪة ‪ ...‬فــي اﻟﻘﻲــام ﺑﻌﻢــل إضــاﻓﻲ ‪ ...‬ولــم ﻳﺲــﺗﻐﺮق‬
‫هـذا وقـﺗًﺎ طﻮيـًﻻ إلـى أن اﻛﺘﺶـﻓﺖ كـﻳﻒ سـﺗﺼﺒﺢ ﺣﻲـاﺗﻲ أﻓﺾـل ﻛﺚـﻳًﺮا إذا ﻗﻢـت‬
‫ﺑﺘﻮظﯿﻒ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻤﺎﺳﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺒﯿﺴﺒﻮل‪ .‬ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻛﺄن ﻣﺪرب اﻟﺒﯿﺴﺒﻮل ھﺬا ﻗﺪ ﺗﻌﻤﻖ ﺑﺪاﺧﻠﻲ‬
‫ووﺟﺪ ﻣﻔﺘﺎح ﺗﺸﻐﯿﻞ ﻳﻌﻠﻮه اﻟﺼﺪأ ﻣﻜﺘﻮﺑًﺎ ﻋﻠﯿﻪ "أﺷﻌﻞ‬
‫ﻗﺒﻞ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻻﺳﺘﺨﺪام" وﻧﻘﺮه ﺑﺈﺻﺒﻌﻪ"‪.‬‬
‫ﻀﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻧﺠﺎﺣﺎت طﻼﺑﮫﻢ وإﺧﻔﺎﻗﺎﺗﮫﻢ ُﺗﻌﺮض أﻣﺎم اﻟﺤﺸﻮد‪ ،‬وُﺗﻨﺸﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻒ وُﺗﻜﺘﺐ‬ ‫اﻟﻤﺪرﺑﻮن ﻣﻌﻠﻤﻮن أﻳ ً‬
‫ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻼت‪ .‬ﺗﻘﺘﺼﺮ وظﯿﻔﺘﮫﻢ ﻋﻠﻰ إﻧﺘﺎج اﻟﻔﺎﺋﺰﻳﻦ‪.‬‬
‫ﻖ ﻧﻈﺮة أﻋﻤﻖ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺪرﺑﯿﻦ أﺳﻄﻮرﻳﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﻧﺮى ﻋﻘﻠﯿﺎﺗﮫﻢ ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‪.‬‬ ‫ﻟُِﻨْﻠ ِ‬

‫اﻟﻤﺪرﺑﻮن‪ :‬اﻟﻔﻮز ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬

‫ﻗﺪ‪ ،‬ﻓﻖـد ﻳﺲـأﻟﻨﻲ‬ ‫ﻣﻊـ ﱠ‬
‫دا ﻳﺾــﺣﻜﻮن ﻋﻦـدﻣﺎ أقـول عـن شـﺧﺺ إنـه ُ‬ ‫ﺟﻢــﻳﻊ مــن ﻳﻊــرﻓﻮﻧﻨﻲ ﺟﻲــ ً‬
‫ﻗﺪ"‪ .‬هـذا لـﻳﺲ‬‫أحـدھﻢ عـن رأيـي فـي شـﺧﺺ مـا‪ ،‬فـأﺟﯿﺐ‪" :‬إنـه شـﺧﺺ ﻣﻊـ ﱠ‬
‫إطﺮاًء‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺒﺎرة ﺗﻌﻨﻲ أن ھﺬا اﻟﺸﺨﺺ رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻗﺎدًرا ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺎﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺠﺬاﺑﺔ‬
‫ﻦ ﻟﺪﻳﻪ ﻏﺮوًرا دﻓﯿًﻨﺎ ﻗﺪ ﻳﻈﮫﺮ ﻓﻲ أي‬‫واﻟﺤﻤﺎﺳﯿﺔ واﻟﻜﺮﻳﻤﺔ‪ ،‬ﻟﻜ ﱠ‬
‫ﻘﺎ ﻣﺎ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻓﯿﻪ وﺿﻊ اﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺸﺨﺺ‪.‬‬ ‫وﻗﺖ‪ ،‬وأﻧﻚ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ ﺣ ًّ‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺗﺠﻌﻞ اﻷﺷﺨﺎص ﻣﻌﻘﺪﻳﻦ؛ ﻓﮫﻲ ﺗﺠﻌﻠﮫﻢ ﻗﻠﻘﯿﻦ ﺑﺸﺄن ﺳﻤﺎﺗﮫﻢ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؛ ﻓﺘﻨﺸﺄ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ‬
‫إﺛﺒﺎت ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻤﺎت‪ ،‬وأﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻳﻜﻮن ھﺬا ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺑﻚ‪،‬‬
‫وﻳﺠﻌﻠﮫﻢ ھﺬا ﻳﻄﻠﻘﻮن اﻷﺣﻜﺎم‪.‬‬

‫اﻟﻤﺪرب ذو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﻌﻤﻞ‬

‫ﻗﺪ‪ .‬أﺣﻲـاﻧًﺎ ﻳﻚـون‬ ‫"ﺑﻮبــي نــاﻳﺖ"‪ ،‬مــدرب كـرة اﻟﺲـﻟﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲـة اﻟﺶـھﯿﺮ واﻟﻤﺚـﻳﺮ ﻟﻠﺞـدل‪ ،‬ﻣﻊـ ﱠ‬
‫ﻗﺎ‬‫ﻓﺎ ﻟﻠﻐﺎيـة؛ فـذات مـرة أضـاع ﻓﺮصـة مـھﻤﺔ وﻣﺜﻢـرة فـي أن ﻳﺺـﺑﺢ ﻣﻌﻞـ ً‬ ‫ﻋﻂـو ً‬
‫ً‬
‫رﻳﺎﺿﯿًّﺎ؛ ﻷن ﻻﻋﺒًﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻓﻲ ﻓﺮﻳﻘﻪ أﺻﯿﺐ ﻓﻲ ﺣﺎدﺛﺔ ﻣﺮوﻋﺔ‪ ،‬ﻓﺄﺳﺮع "ﻧﺎﻳﺖ" ﻟﯿﻜﻮن ﺑﺠﺎﻧﺒﻪ وﻳﺴﺎﻋﺪه ﻓﻲ‬
‫ﻣﺤﻨﺘﻪ‪.‬‬
‫ﻔﺎ ﺑﺸﺪة؛ ﻓﺒﻌﺪ أن ﻓﺎز ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺴﻠﺔ اﻟﺬي ﻳﺪرﺑﻪ ﺑﺎﻟﻤﯿﺪاﻟﯿﺔ اﻷوﻟﯿﻤﺒﯿﺔ اﻟﺬھﺒﯿﺔ‪ ،‬أﺻﺮّ "ﻧﺎﻳﺖ"‬ ‫وأﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻳﻜﻮن ﻟﻄﯿ ً‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﻜﺮﻳﻢ اﻟﻤﺪرب "ھﻨﺮي أﻳﺒﺎ" ﻗﺒﻞ أي ﺷﻲء؛ إذ ﻟﻢ ﻳﺘﻠﻖ‬
‫"أﻳﺒﺎ" اﻻﺣﺘﺮام اﻟﻜﺎﻓﻲ ﻧﻈﯿﺮ إﻧﺠﺎزاﺗﻪ اﻷوﻟﯿﻤﺒﯿﺔ‪ ،‬ﻓﺄراد "ﻧﺎﻳﺖ" ﺑﻜﻞ اﻟﻄﺮق اﻟﻤﻤﻜﻨﺔ أن ﻳﻘﻮم ﺑﮫﺬا؛ ﻓﺠﻌﻞ‬
‫ﻻﻋﺒﻲ ﻓﺮﻳﻘﻪ ﻳﺤﻤﻠﻮن اﻟﻤﺪرب "أﻳﺒﺎ" ﻋﻠﻰ أﻛﺘﺎﻓﮫﻢ وﻳﺪورون ﻓﻲ‬
‫اﻟﻤﻠﻌﺐ‪.‬‬
‫ﻛﺎن "ﻧﺎﻳﺖ" ﻳﮫﺘﻢ ﻛﺜﯿًﺮا ﺑﺴﺠﻼت ﻻﻋﺒﯿﻪ اﻟﺠﺎﻣﻌﯿﺔ؛ ﻓﻜﺎن ﻳﺮﻳﺪھﻢ أن ﻳﺤﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﯿﻢ ﺟﯿﺪ‪ ،‬ووﺿﻊ ﻗﺎﻋﺪة‬
‫ﺻﺎرﻣﺔ ﺿﺪ ﺗﻔﻮﻳﺖ اﻟﻤﺤﺎﺿﺮات أو ﺟﻠﺴﺎت اﻟﺘﺪرﻳﺲ‪.‬‬
‫ﻀﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻗﺎﺳﯿًﺎ‪ ،‬وﻗﺴﻮﺗﻪ ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪" .‬ﺟﻮن ﻓﯿﻨﺴﺘﺎﻳﻦ"‪ ،‬ﻣﺆﻟﻒ ﻛﺘﺎب ‪Season on the‬‬ ‫ﻟﻜﻨﻪ أﻳ ً‬
‫‪ Brink‬ﻋﻦ "ﻧﺎﻳﺖ" وﻓﺮﻳﻘﻪ‪ ،‬ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ‪" :‬ﻧﺎﻳﺖ ﻛﺎن‬
‫ﻏﯿﺮ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺒﻞ اﻟﻔﺸﻞ‪ .‬ﻓﻜﺎن ﻳﺄﺧﺬ ﻛﻞ ھﺰﻳﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﻞ ﺷﺨﺼﻲ؛ ﻓﺮﻳﻘﻪ ﺧﺴﺮ‪ ،‬اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﺬي اﺧﺘﺎر‬
‫ھﻮ أﻋﻀﺎءه ودرﺑﮫﻢ‪ ...‬ﻓﺎﻟﻔﺸﻞ ﺑﺄي ﺷﻜﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل ﻗﺪ‬
‫ﻳﺆثــر ﻓﻲــه بــأي طﺮﻳﻖــة إﻻ أن يــدﻣﺮه‪ ،‬وﺧﺎصــة اﻟﻔﺶــل فــي اﻟﺖــدرﻳﺐ؛ ﻷن اﻟﺖـدرﻳﺐ هـو مـا‬
‫ﺼﺎ اسـﺗﺜﻨﺎﺋﯿًّﺎ وﻣﻢـﻳًﺰا"‪ .‬ﻓﺨﺲـارة واحـدة‬ ‫كـان ﻳﺖـﻳﺢ لـه ﺗﺄﻛﻲـد ذاتـه وﻳﺠﻌﻞـه شـﺧ ً‬
‫ﺗﺠﻌﻞــه ﻳﺶــﻋﺮ ﺑﺄنــه ﻓﺎشـل‪ ،‬وأن ﺗﺤﻖـﻳﻖ ذاتـه قـد تـأﺛﺮ‪ .‬ﻓﻌﻦـدﻣﺎ ﻳﻚـون مـدرﺑًﺎ ﻟﻒـرﻳﻖ مـا ‪-‬‬
‫وﻋﻦـدﻣﺎ ﻳﻚـون فـوزك وﺧﺲـارﺗﻚ ﺗﺢـدد ﻗﯿﻤﺖـه ‪ -‬ﻳﺠﻌﻞـه هـذا ﻳﻄﻞـق اﻷﺣﻚـام بـﻻ‬
‫رﺣﻤﺔ‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ إھﺎﻧﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﻮﺟﮫﮫﺎ ﻟﻼﻋﺒﯿﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺧﺬﻟﻮه ﻻ ﻧﻈﯿﺮ ﻟﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮل "ﻓﯿﻨﺴﺘﺎﻳﻦ" ﻋﻦ "دارﻳﻞ ﺗﻮﻣﺎس"‪" :‬رأى "ﻧﺎﻳﺖ" ﻻﻋﺒًﺎ ﻟﺪﻳﻪ إﻣﻜﺎﻧﺎت ﺿﺨﻤﺔ‪ .‬ﻛﺎن "ﺗﻮﻣﺎس" ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻤﺎ‬
‫ﻤﺎ‬
‫ﻳﺴﻤﯿﻪ اﻟﻤﺪرﺑﻮن "ﺟﺴﺪ اﻟﻤﻠﯿﻮن دوﻻر"؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺿﺨ ً‬
‫ﻀﺎ‪ .‬ﻛﺎن ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺗﺴﺪﻳﺪ اﻟﻜﺮة ﺑﯿﺪه اﻟﯿﺴﺮى أو ﺑﯿﺪه اﻟﯿﻤﻨﻰ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ "ﻧﺎﻳﺖ"‬ ‫وﻗﻮﻳًّﺎ وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﺳﻤﯿًﻨﺎ أﻳ ً‬
‫اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ ﻓﻜﺮة أن "ﺗﻮﻣﺎس" وﺟﺴﺪه ذا اﻟﻤﻠﯿﻮن دوﻻر ﻟﻢ‬
‫ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻳﺠﻠﺒﺎن اﻟﻨﺠﺎح ﻟﻔﺮﻳﻘﻪ‪:‬‬
‫"أﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎذا ﺗﻜﻮن ﻳﺎ "دارﻳﻞ"؟ أﻧﺖ أﺳﻮأ ﺷﺨﺺ ﺿﻌﯿﻒ رأﻳﺘﻪ ﻳﻠﻌﺐ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺪرﺳﺔ‪ ،‬أﺳﻮأ‬
‫ﺷﺨﺺ ﺟﺒﺎن ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق؛ ﻟﺪﻳﻚ ﻗﺪرة ھﺎﺋﻠﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻟﺪى‬
‫ﻣﺎ‪ ،‬ھﺬا ھﻮ ﺗﻘﯿﯿﻤﻲ ﻟﻚ ﺑﻌﺪ‬ ‫‪ 95%‬ﻣﻦ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ ھﻨﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻚ ﺟﺒﺎن ﻣﻦ أﻋﻠﻰ رأﺳﻚ ﺣﺘﻰ أﺧﻤﺺ ﻗﺪﻣﯿﻚ‪ ،‬ﺟﺒﺎن ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻣﺮور ﺛﻼث ﺳﻨﻮات"‪.‬‬
‫ﻟﯿﻮﺿﺢ أﻣًﺮا ﻣﻤﺎﺛًﻼ‪ ،‬وﺿﻊ "ﻧﺎﻳﺖ" ذات ﻣﺮة ﻓﻮطًﺎ ﺻﺤﯿﺔ ﻧﺴﺎﺋﯿﺔ ﻓﻲ ﺧﺰاﻧﺔ أﺣﺪ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ ﻛﻨﻮع ﻣﻦ اﻹھﺎﻧﺔ‪.‬‬
 ‫ﺳﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺪم ﻟﻪ أﺣﺪ اﻟﻤﺪرﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪﻳﻦ اﻟﻨﺼﯿﺤﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪ :‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮك ﺑﺎﻷﺧﺮق‪ ،‬ﻻ‬ ‫ﻛﺎن "ﺗﻮﻣﺎس" رﺟًﻼ ﺣﺴﺎ ً‬
‫ﺗﺴﺘﻤﻊ إﻟﯿﻪ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﺪأ ﻓﻲ إﺧﺒﺎرك ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ھﺬا‪،‬‬
‫أﻧﺼﺖ إﻟﯿﻪ؛ ﻓﺒﮫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﺘﺼﺒﺢ أﻓﻀﻞ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ "ﺗﻮﻣﺎس" اﺗﺒﺎع ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺼﯿﺤﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﺳﻤﻊ ﻛﻞ ﺷﻲء‬
‫ﻔﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺘﺎﺋﻢ‪ ،‬اﻧﮫﺎر ﻓﻲ ﻣﻠﻌﺐ‬‫ﻘﻰ ﺳﯿًﻼ ﻋﻨﯿ ً‬‫وﺑﻌﺪ أن ﺗﻠ ﱠ‬
‫ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ‪.‬‬
‫اﻧﮫﺎل ﺳﯿﻒ اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﮫﻢ اﻟﺠﺮأة ﻟﺨﺴﺎرة ﻣﺒﺎراة‪ .‬ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻛﺎن "ﻧﺎﻳﺖ" ﻻ ﻳﺴﻤﺢ‬
‫ﻟﻠﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻨﺪم أن ﻳﺼﺎﺣﺐ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻋﻮدﺗﮫﻢ‬
‫إﻟﻰ ﻣﻨﺎزﻟﮫﻢ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ھﻨﺎك ﻗﯿﻤﺔ ﻟﻠﻤﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺣﺘﺮام‪ .‬ذات ﻣﺮة ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻞ ﻓﺮﻳﻘﻪ إﻟﻰ ﻧﺼﻒ‬
‫ﻧﮫﺎﺋﯿﺎت إﺣﺪى اﻟﺒﻄﻮﻻت اﻟﻮطﻨﯿﺔ )ﻟﻜﻨﮫﺎ ﻟﯿﺴﺖ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ‬
‫اﻟﻮطﻨﯿﺔ اﻟﻜﺒﺮى ( ﺳﺄﻟﻪ أﺣﺪ اﻟﻤﺤﺎورﻳﻦ ﻋﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻌﺠﺒﻪ ﻓﻲ ﻓﺮﻳﻘﻪ‪ ،‬ﻓﺄﺟﺎب "ﻧﺎﻳﺖ"‪" :‬أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﺜﯿﺮ إﻋﺠﺎﺑﻲ‬
‫ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻔﺮﻳﻖ ﺣﺎﻟﯿًّﺎ ھﻮ ﺣﻘﯿﻘﺔ أﻧﻨﻲ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻲ ﻣﺸﺎھﺪﺗﻪ‬
‫ﻳﻠﻌﺐ ﻟﻤﺮة واﺣﺪة أﺧﺮى ﻓﻘﻂ"‪.‬‬
‫اســﺗﻄﺎع ﺑﻊــض اﻟﻼﻋﺐــﻳﻦ اﻟﺘﻊــاﻣﻞ مــع هـذا اﻷمـر ﺑﺶـﻛﻞ أﻓﺾـل ﻣﻢـا اسـﺗﻄﺎع اﻵخـرون‪" .‬سـﺗﯿﻒ‬
‫أﻟﻒـورد" الـذي اﺗﺦـذ مـن كـرة اﻟﺲـﻟﺔ مـھﻨﺔ لـه ﻓﯿﻢـا ﺑﻊـد‪ ،‬أتـى إلـى وﻻيـة‬
‫إﻧﺪﻳﺎﻧﺎ ﺑﺄھﺪاف واﺿﺤﺔ ﻓﻲ ذھﻨﻪ‪ ،‬وﻛﺎن ﻗﺎدًرا ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻛﯿﺰ ﻗﻮى وﻧﺎﺿﺞ ﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻷوﻗﺎت‪ .‬ﻛﺎن‬
‫ﻗﺎدًرا ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ ﻧﺼﺎﺋﺢ "ﻧﺎﻳﺖ" واﺗﺒﺎﻋﮫﺎ‪ ،‬وﻓﻲ أﻏﻠﺐ‬
‫اﻟﻮﻗﺖ ﻛﺎن ﻳﺘﺠﺎھﻞ اﻷﺟﺰاء اﻟﺒﺬﻳﺌﺔ واﻟﻤﮫﯿﻨﺔ ﻣﻦ اﻧﺘﻘﺎداﺗﻪ‪ .‬ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻮﺿﺢ ﻛﯿﻒ ﻛﺎن ﻻﻋﺒﻮ اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻳﻨﮫﺎرون ﺗﺤﺖ‬
‫وطﺄة اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺘﻲ ﻳﻄﻠﻘﮫﺎ ﻋﻠﯿﮫﻢ "ﻧﺎﻳﺖ"‪ ،‬وﻛﯿﻒ أﻧﻪ ھﻮ‬
‫ذاﺗﻪ أﺻﺒﺢ ﻏﯿﺮ ﺳﻌﯿﺪ ﺑﺸﻜﻞ ﺷﺨﺼﻲ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺣﺘﻰ إﻧﻪ ﺧﺴﺮ ﺣﻤﺎﺳﻪ ﺗﺠﺎه اﻟﻠﻌﺒﺔ‪.‬‬
‫ﻣﺎ ‪ ...‬إذا ﻟﻌﺒﺖ ﺟﯿًﺪا‪ ،‬ﻛﻨﺖ أظﻞ ﻣﺘﻔﺎﺋًﻼ طﻮال اﻟﻮﻗﺖ ﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺻﺮاخ اﻟﻤﺪرب ‪ ...‬ﻟﻜﻦ‬ ‫"ﻛﺎن اﻟﺠﻮ ﻣﺴﻤﻮ ً‬
‫اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺸﺮھﺎ‪ ،‬وﻟﺘﺮاﻛﻤﮫﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻲ‪،‬‬
‫أﺻﺒﺤﺖ اﻵن ﺗﻐﻤﺮﻧﻲ ‪ ...‬أﺻﯿﺐ أﺑﻲ وأﻣﻲ ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ‪ .‬وأﺻﺒﺤﻮا ﻳﺮون ﺣﺒﻲ ﻟﻠﻌﺒﺔ ﻳﺘﻼﺷﻰ ﺑﺪاﺧﻠﻲ"‪.‬‬

‫ﻣﻨﺘﮫﻰ اﻷﻣﻞ‪ :‬ﻻ أﺧﻄﺎء‬

‫ﻳﻘﻮل "أﻟﻔﻮرد"‪" :‬ﻛﺎن أﻛﺒﺮ آﻣﺎل اﻟﻤﺪرب ھﻮ ﻣﺒﺎراة ﺑﻼ أﺧﻄﺎء"‪ .‬ﻧﺤﻦ ﻧﻌﺮف أي اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ ﻻ ﺗﺘﺤﻤﻞ ارﺗﻜﺎب‬
‫اﻷﺧﻄﺎء‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻮﺑﺎت ﻏﻀﺐ "ﻧﺎﻳﺖ" أﺳﻄﻮرﻳﺔ؛ ﻓﺬات ﻣﺮة‬
‫أﻟﻘﻰ ﺑﺎﻟﻜﺮﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻠﻌﺐ‪ ،‬وﻣﺮة أﺧﺮى ﺟﺬب ﻻﻋﺐ ﻓﺮﻳﻘﻪ ﻣﻦ ﻗﻤﯿﺼﻪ إﻟﻰ ﺧﺎرج اﻟﻤﻠﻌﺐ‪ ،‬وذات ﻣﺮة ﺟﺬب‬
‫أﺣﺪ ﻻﻋﺒﯿﻪ ﺑﺸﺪة ﻣﻦ رﻗﺒﺘﻪ‪ .‬ﺣﺎول ﻛﺜﯿًﺮا ﺿﺒﻂ ﺳﻠﻮﻛﯿﺎﺗﻪ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﻮﻟﻪ إﻧﻪ ھﻜﺬا ﻳﺤﺎول ﺟﻌﻞ اﻟﻔﺮﻳﻖ أﻛﺜﺮ ﺻﻼﺑﺔ وإﻋﺪادھﻢ ﻟﻠﻌﺐ ﺗﺤﺖ اﻟﻀﻐﻂ‪ .‬وﻟﻜﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ھﻲ‬
‫أﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ذاﺗﻪ‪ .‬ھﻞ ﻛﺎن إﻟﻘﺎء اﻟﻜﺮﺳﻲ ﻓﻲ‬
‫ﺳﺎ ﻟﯿﺘﻌﻠﻤﻪ ﻻﻋﺒﻮ اﻟﻔﺮﻳﻖ؟ ھﻞ ﻛﺎن ﺟﺬب ﻻﻋﺐ ﻣﻦ رﻗﺒﺘﻪ ُﻳﻌﻠِ ّﻤﻪ أي ﺷﻲء؟‬ ‫اﻟﻤﻠﻌﺐ در ً‬
‫ﻛﺎن ﻳﺪﻓﻊ ﻻﻋﺒﯿﻪ‪ ،‬ﻻ ﺑﺎﺣﺘﺮاﻣﮫﻢ ﺑﻞ ﺑﺘﺮوﻳﻌﮫﻢ وﺗﺨﻮﻳﻔﮫﻢ‪ .‬ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺨﺎﻓﻮن إطﻼﻗﻪ ﻟﻸﺣﻜﺎم وﻧﻮﺑﺎت ﻏﻀﺒﻪ‪ ،‬ﻓﮫﻞ‬
‫ﻌﺎل؟‬‫ﻓ ﱠ‬‫ﻛﺎن ﻟﮫﺬا أﺛﺮ َ‬
‫أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻛﺎن ذﻟﻚ "ﻳﻨﺠﺢ"‪ .‬ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﺛﻼث ﻓَِﺮق ﺑﻄﻮﻻت‪ .‬ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ‪ Season on the Brink‬اﻟﺬي ﻛﺘﺒﻪ "ﺟﻮن‬
‫ﻗﺪًرا أو ﺧﺒﺮة أو ﺳﺮﻋﺔ‪،‬‬‫ﻓﯿﻨﺴﺘﺎﻳﻦ"‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﻔﺮﻳﻖ َ‬
‫وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻘﺎﺗﻠﯿﻦ‪ .‬ﻓﺎزوا ﺑﻮاﺣﺪ وﻋﺸﺮﻳﻦ ﻣﺒﺎراة‪ ،‬ﻓﺸﻜًﺮا ﻟﺨﺒﺮة "ﻧﺎﻳﺖ" اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ ﺑﻤﺠﺎل ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ‬
‫وﻟﻤﮫﺎراﺗﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﺪرﻳﺐ‪.‬‬
‫ﻟﻜﻦ ﻓﻲ أوﻗﺎت أﺧﺮى ﻟﻢ ﻳﻔﻠﺢ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﻜﺎن ﺑﻌﺾ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ أو اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻛﻠﻪ ﻳﻨﮫﺎرون‪ .‬ذﻛﺮ اﻟﻜﺘﺎب أن اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ‬
‫ﻀﺎ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﺑﻌﺎم اﻧﮫﺎر اﻟﻔﺮﻳﻖ‬ ‫اﻧﮫﺎروا ﺑﻨﮫﺎﻳﺔ اﻟﻤﻮﺳﻢ‪ ،‬وأﻳ ً‬
‫ﺗﺢــت ضــﻏﻂ "نــاﻳﺖ"‪ .‬وﺑﻢـرور اﻷعـوام‪ ،‬هـرب ﺑﻊـض اﻟﻼﻋﺐـﻳﻦ مـن خـﻻل اﻟﺘﺤﻮيـل إلـى مـدارس‬
‫أخـرى‪ ،‬أو خـرق اﻟﻘﻮاعـد )كـاﻟﺘﻮﻗﻒ عـن ﺣﺾـور اﻟﺺـف أو عـدم ﺣﺾـور‬
‫ﺟﻠﺴﺎت اﻟﺘﺪرﻳﺲ( أو اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ إﻟﻰ اﻻﺣﺘﺮاف ﻣﺜﻞ "إﻳﺰﻳﺎ ﺗﻮﻣﺎس"‪ .‬ﻓﻲ ﺟﻮﻟﺔ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ‪ ،‬ﻛﺜﯿًﺮا‬
‫ﻣﺎ ﻳﺠﻠﺲ اﻟﻼﻋﺒﻮن ﻳﺘﺨﯿﻠﻮن اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺠﺐ‬
‫ﻋﻠﯿﮫﻢ اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﮫﺎ إن ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻗﺪ أﺧﻄﺄوا ﻓﻲ اﺧﺘﯿﺎر اﻟﺪراﺳﺔ ﺑﻮﻻﻳﺔ إﻧﺪﻳﺎﻧﺎ‪.‬‬
‫ﻻ ﻳﺮﺟﻊ ھﺬا إﻟﻰ أن "ﻧﺎﻳﺖ" ﻛﺎن ﻳﻔﻜﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﺣﻮل ﻗﺪرات ﻻﻋﺒﯿﻪ‪ ،‬ﺑﻞ إﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺆﻣًﻨﺎ ﺑﺸﺪة ﺑﻘﺪرﺗﮫﻢ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺘﻄﻮر‪ ،‬ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻳﻔﻜﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ وﻓﻲ‬
‫ﻗﺪراﺗﻪ ﺑﻤﺠﺎل اﻟﺘﺪرﻳﺐ‪ .‬ﻛﺎن ﻳﺮى أن اﻟﻔﺮﻳﻖ ھﻮ اﻟﻤﻨﺘﺞ اﻟﺬي ﻳﻘﺪﻣﻪ‪ ،‬وأن ﻋﻠﻰ ﻻﻋﺒﻲ اﻟﻔﺮﻳﻖ أن ﻳﺜﺒﺘﻮا ﻗﺪراﺗﻪ‬
‫ﺣﺎ‬‫ﺑﻤﺠﺎل اﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﺘﺎﺣﺔ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺴﻤﻮ ً‬
‫ﻟﮫﻢ ﺧﺴﺎرة أي ﻣﺒﺎراة أو ارﺗﻜﺎب اﻷﺧﻄﺎء أو طﺮح اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻋﻠﯿﻪ ﺑﺄي طﺮﻳﻘﺔ؛ ﻷن ھﺬا ﻗﺪ ﻳﻌﻜﺲ ﻣﺪى ﺟﺪارﺗﻪ‪،‬‬
‫ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻔﺴﺮ إﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎﺗﻪ اﻟﺘﺤﻔﯿﺰﻳﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻟﻢ‬
‫ﻌﺎ‪ .‬رﺑﻤﺎ ﻛﺎن "دارﻳﻞ ﺗﻮﻣﺎس" ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻧﻮع آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻔﯿﺰ ﺑﻌﯿًﺪا ﻋﻦ اﻻﺳﺘﮫﺰاء أو اﻹھﺎﻧﺔ‪.‬‬ ‫ﺗﻜﻦ ﺗﺠﺪي ﻧﻔ ً‬
‫ﻘﺪ ﻣﺮﺷًﺪا ﻟﮫﺆﻻء اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ اﻟﺸﺒﺎب؟ أﻛﺒﺮ ﻻﻋﺒﯿﻪ اﻟﻨﺠﻮم "إﻳﺰﻳﺎ ﺗﻮﻣﺎس"‬ ‫ﻛﯿﻒ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺠﻌﻞ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻤﻌ ﱠ‬
‫ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺷﻌﻮره ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺗﺠﺎه "ﻧﺎﻳﺖ" ﻗﺎﺋًﻼ‪:‬‬
‫"أﺗﻌﻠﻢ أن ھﻨﺎك أوﻗﺎﺗًﺎ ﻛﺎن ﻟﺪي ﻓﯿﮫﺎ ﺑﻨﺪﻗﯿﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻓﻜﺮ أن أطﻠﻖ اﻟﻨﺎر ﻋﻠﯿﻪ‪ .‬وﻛﺎن ھﻨﺎك أوﻗﺎت أﺧﺮى ﻛﻨﺖ أﻓﻜﺮ‬
 ‫ﻲ ﺣﻮﻟﻪ وأﺣﺘﻀﻨﻪ وأﺧﺒﺮه‬ ‫ﻓﯿﮫﺎ أﻧﻨﻲ أرﻳﺪ أن أﺿﻊ ذراﻋ ﱠ‬
‫ﺑﺄﻧﻲ أﺣﺒﻪ"‪.‬‬
‫ﻲ‪.‬‬
‫ﱠ‬ ‫ﻠ‬ ‫ﻋ‬ ‫ر‬‫ﺎ‬‫ﻨ‬‫ﻟ‬‫ا‬ ‫ق‬‫ﻼ‬‫ط‬‫إ‬ ‫ﻲ‬‫ﻓ‬ ‫ﺮ‬‫ﻜ‬‫ﻔ‬‫ﻳ‬ ‫ﻲ‬‫ﺑ‬‫ﻼ‬‫ط‬ ‫ﻞ‬‫ﻀ‬ ‫ﻓ‬‫أ‬ ‫ن‬‫ﺎ‬‫ﻛ‬ ‫ﻮ‬‫ﻟ‬ ‫ﺪ‬ ‫ﻛ‬‫ﺆ‬‫ﻣ‬ ‫ﻞ‬‫ﻜ‬‫ﺸ‬ ‫ﺑ‬ ‫ﺔ‬‫ﺤ‬‫ﺟ‬‫ﺎ‬‫ﻧ‬ ‫ﻲ‬‫ﺴ‬ ‫ﻔ‬ ‫ﻧ‬ ‫ﺪ‬ ‫ﻟﻢ أﻛﻦ ﻷ َ ُ‬
‫ﻋ ﱠ‬

‫اﻟﻤﺪرب ذو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺪرب ﻟﻜﻞ اﻟﻤﻮاﺳﻢ‬

‫ﺣﻘﻖ اﻟﻤﺪرب "ﺟﻮن وودن" واﺣﺪة ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻷرﻗﺎم اﻟﻘﯿﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻄﻮﻻت اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ‪ .‬ﻗﺎد ﻓﺮﻳﻖ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ‬
‫اﻟﺨﺎص ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻟﯿﻔﻮرﻧﯿﺎ ﻓﻲ ﻟﻮس أﻧﺠﻠﻮس ﻟﯿﺸﺎرك ﻓﻲ‬
‫اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﯿﻤﮫﺎ اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ ﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﻓﻲ أﻋﻮام ‪ 1964‬و ‪ 1965‬و ‪ 1967‬و ‪ 1968‬و ‪ 1969‬و ‪ 1970‬و‬
‫‪ 1971‬و ‪ 1972‬و ‪ 1973‬و ‪ .1975‬ﻛﺎن ھﻨﺎك ﻣﻮاﺳﻢ‬
‫ن وﺛﻤﺎﻧﯿﻦ ﻣﺒﺎراة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻟﻲ‪ .‬أﻋﺮف ﻋﻦ ﻛﻞ ھﺬا‬ ‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ُﻳﮫَﺰم ﻓﯿﮫﺎ اﻟﻔﺮﻳﻖ‪ ،‬واﺳﺘﻄﺎع اﻟﻔﺮﻳﻖ أن ﻳﻔﻮز ﺑﺜﻤﺎ ٍ‬
‫ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻲء‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻟﻢ أﻛﻦ أﻋﺮﻓﻪ أن ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﻤﻞ "وودن" ﺑﺘﺪرﻳﺐ ﻓﺮﻳﻖ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻟﯿﻔﻮرﻧﯿﺎ‪ ،‬ﻛﺎن اﻟﻔﺮﻳﻖ ﺑﻌﯿًﺪا‬
‫ﻛﻞ اﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ أن ﻳﻜﻮن أﺣﺪ أﻋﻈﻢ ﻓﺮق ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ‪ .‬ﻓﻲ‬
‫اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ "وودن" ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻟﯿﻔﻮرﻧﯿﺎ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق‪ ،‬وﻛﺎن ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻌﻤﻞ ﻟﺪى ﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﻣﯿﻨﯿﺴﻮﺗﺎ‪ ،‬ﻓﻜﺎن ﻣﺨﻄﻄًﺎ أن ﺗﺘﺼﻞ ﺑﻪ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﯿﻨﯿﺴﻮﺗﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﻣﺴﺎء أﺣﺪ اﻷﻳﺎم ﻟﺘﺨﺒﺮه إذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﻗﺪ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻮظﯿﻔﺔ ﺑﮫﺎ‪ .‬ﻛﺎن ﻗﺪ أﺧﺒﺮ ﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫ﻖ اﺗﺼﺎًﻻ‬
‫ﻛﺎﻟﯿﻔﻮرﻧﯿﺎ أن ﻳﺘﺼﻠﻮا ﺑﻪ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﺘﻠ َ‬
‫فــــي اﻟﺲــــاﻋﺔ اﻟﺲــــادﺳﺔ‪ ،‬وﻋﻦــــدﻣﺎ اﺗﺺــــﻟﺖ بــــه ﺟﺎﻣﻊـــة كــاﻟﯿﻔﻮرﻧﯿﺎ فــي اﻟﺲــاﻋﺔ‬
‫اﻟﺲــاﺑﻌﺔ وافــق ﻋﻞــى اﻟﻌﻢــل بــھﺎ‪ .‬فــور أن أﻏﻞــق ســﻣﺎﻋﺔ الــھﺎﺗﻒ ﺗﻠﻖــى ﻣﻜﺎﻟﻢــة مــن‬
‫ﺟﺎﻣﻊــة‬
‫ﻣﯿﻨﯿﺴﻮﺗﺎ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺗﺴﺒﺒﺖ ﻋﺎﺻﻔﺔ ﻓﻲ ﺗﺸﻮﻳﺶ ﺧﻄﻮط اﻟﮫﺎﺗﻒ وﻋﺎﻗﺖ ﻣﻜﺎﻟﻤﺔ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ وﻋﺎﻗﺖ ﻣﻌﮫﺎ‬
‫ﻋﺮض اﻟﻮظﯿﻔﺔ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳﯿﺘﻠﻘﺎه‪.‬‬
‫ﻗﺎ‪ .‬خـﻻل سـﻧﻮات ﻋﻤﻞـه اﻟﺲـﺗﺔ ﻋﺶـرة‬ ‫كــان لــدى ﺟﺎﻣﻊـة كـاﻟﯿﻔﻮرﻧﯿﺎ ﺗﺲـھﯿﻼت غـﻳﺮ ﻣﻼﺋﻢـة إطـﻻ ً‬
‫اﻷولـى‪ ،‬كـان ﻳﻢـارس ﻋﻤﻞـه فـي صـاﻟﺔ أﻟﻊـاب رﻳﺎضـﻳﺔ ﻣﺰدﺣﻢـة وﻣﻈﻠﻢـة‬
‫وردﻳﺊــة اﻟﺖــھﻮﻳﺔ كــاﻧﺖ ﻣﻌﺮوفــة ﺑﺎســم ﺣﻆــﻳﺮة بــي‪.‬أوه‪ .‬بــارن ﺑﺲــﺑﺐ راﺋﺢــة اﻟﻊـرق‬
‫اﻟﻤﻨﺒﻌﺚـة مـن أﺟﺲـاد اﻟﻢـوﺟﻮدﻳﻦ بـھﺎ‪ .‬فـي صـاﻟﺔ اﻷﻟﻊـاب اﻟﺮﻳﺎضـﻳﺔ هـذه ﻛﺚـﻳًﺮا مـا ﺗﻖـام‬
‫ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﻣﺼﺎرﻋﺔ‪ ،‬وﺗﺪرﻳﺒﺎت ﻋﻠﻰ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﺠﻤﺒﺎز وﻗﻔﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاﻣﺒﻮﻟﯿﻦ‪ ،‬وﺗﺪرﻳﺒﺎت ﻟﻔﺮق اﻟﺘﺸﺠﯿﻊ‪ ،‬ﻛﻞ ھﺬا‬
‫إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ‪.‬‬
‫وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ھﻨﺎك ﻣﻜﺎن ﻟﻠﻤﺒﺎرﻳﺎت‪ .‬ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻘﻠﯿﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫﻢ اﺳﺘﺨﺪام ﺑﻲ‪.‬أو‪ .‬ﺑﺎرن‪ ،‬ﺛﻢ ﺧﻼل‬
‫ﻣﺎ أﺧﺮى ﻛﺎن ﻋﻠﯿﮫﻢ اﻟﺴﻔﺮ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ أﻧﺤﺎء‬ ‫أرﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎ ً‬
‫اﻹﻗﻠﯿﻢ ﻟﯿﺴﺘﻌﯿﺮوا ﺻﺎﻻت اﻷﻟﻌﺎب اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺪارس واﻟﺒﻠﺪات‪.‬‬
‫ثــم لــم ﻳﻚــن ھﻦــاك ﻻﻋﺐــون‪ ،‬ﻓﻌﻦــدﻣﺎ أجــرى أول مــران لــھﻢ‪ ،‬شــﻋﺮ ﺑﺎﻻنــھﯿﺎر‪ .‬كــان‬
‫ﻣﺲـﺗﻮاھﻢ سـﻳًﺌﺎ ﻟﻠﻐﺎيـة لـدرﺟﺔ أنـه إذا كـان لـدﻳﻪ طﺮﻳﻖـة ﻣﺶـرﻓﺔ لـﻳﺘﺮاﺟﻊ عـن ﻗﺐـول‬
‫اﻟﻮظﯿﻔﺔ ﻛﺎن ﺳﯿﻔﻌﻠﮫﺎ‪ .‬اﺧﺘﺎرت اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻓﺮﻳﻘﻪ ﻟﺘﻀﻌﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷﺧﯿﺮ ﺑﯿﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻪ ﻓﻲ أﺣﺪ اﻟﻤﻮاﺳﻢ‪،‬‬
‫وﻟﻜﻦ "وودن" ذھﺐ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ وﻟﻢ ﻳﻌﺪ ھﺬا اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﮫﺰﻟﻲ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷﺧﯿﺮ؛ ﻟﻘﺪ ﻓﺎز اﻟﻔﺮﻳﻖ ﺑﺎﻟﻤﺮﻛﺰ اﻷول ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻪ ﺑﻔﻮزه ﺑﺎﺛﻨﯿﻦ وﻋﺸﺮﻳﻦ ﻣﺒﺎراة وﺧﺴﺎرة ‪7‬‬
‫ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﺧﻼل ھﺬا اﻟﻤﻮﺳﻢ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﺘﺎﻟﻲ وﺻﻞ اﻟﻔﺮﻳﻖ إﻟﻰ‬
‫ﻧﮫﺎﺋﯿﺎت ﺑﻄﻮﻟﺔ اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻗﺪﻣﻪ ﻟﮫﻢ؟ ﻗﺪم ﻟﮫﻢ ﺗﺪرﻳﺒًﺎ ﻣﺴﺘﻤ ًﺮّا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﮫﺎرات اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ وﻗﺪم ﻟﮫﻢ اﻟﺘﮫﯿﺌﺔ‪ ،‬وﻗﺪم ﻟﮫﻢ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‪.‬‬

‫ﻣﻨﺘﮫﻰ اﻷﻣﻞ‪ :‬اﺳﺘﻌﺪاد ﺗﺎم وﺟﮫﺪ ﻛﺎﻣﻞ‬

‫ﻘًﺪا‪ .‬إﻧﻪ ﻣﺠﺮد رﺟﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ذو ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ‬
‫"وودن" ﻟﯿﺲ ﻣﻌﻘًﺪا؛ ﻓﮫﻮ ﻣﺘﻌﻘﻞ وﻣﺜﯿﺮ ﻟﻼھﺘﻤﺎم وﻟﻜﻨﻪ ﻟﯿﺲ ﻣﻌ ﱠ‬
‫ﻳﻌﯿﺶ ﻣﻦ ﺧﻼل ھﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة‪" :‬ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﻌﻤﻞ ﻳﻮﻣﯿًّﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ أن ﺗﺼﺒﺢ أﻓﻀﻞ ﻗﻠﯿًﻼ ﻣﻦ ذي ﻗﺒﻞ‪ .‬ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ أن ﺗﺼﺒﺢ أﻓﻀﻞ ﻗﻠﯿﻼ ﻛﻞ ﻳﻮم ﺧﻼل ﻓﺘﺮة ﻣﻦ‬
‫ً‬
‫اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬ﺳﺘﺼﺒﺢ أﻓﻀﻞ ﻛﺜﯿًﺮا "‪.‬‬
‫ﻟﻢ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﮫﻢ أن ﻳﻠﻌﺒﻮا ﻣﺒﺎرﻳﺎت ﺧﺎﻟﯿﺔ ﻣﻦ اﻷﺧﻄﺎء‪ ،‬وﻟﻢ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﻻﻋﺒﯿﻪ أﻻ ﻳﺨﺴﺮوا أﺑًﺪا‪ ،‬ﺑﻞ طﻠﺐ ﻣﻨﮫﻢ أن‬
‫ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﺪاد ﺗﺎم وﻳﺒﺬﻟﻮا ﻛﺎﻣﻞ ﺟﮫﺪھﻢ‪،‬‬
‫ﻳﻘﻮل "وودن"‪" :‬ھﻞ ﻓﺰت؟ ھﻞ ﺧﺴﺮت؟ ﺗﻠﻚ أﺳﺌﻠﺔ ﺧﻄﺄ‪ .‬اﻟﺴﺆال اﻟﺼﺤﯿﺢ ھﻮ‪ :‬ھﻞ ﺑﺬﻟﺖ أﻗﺼﻰ ﺟﮫﺪي؟" إذا‬
‫ﻛﺎﻧﺖ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻧﻌﻢ‪ ،‬ﻳﻘﻮل‪" :‬رﺑﻤﺎ ﺗﺤﺮز ﻧﻘﺎطًﺎ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ‬
‫وﺗﺘﻔﻮق‪ ،‬ﻟﻜﻨﻚ ﻟﻦ ﺗﺨﺴﺮ أﺑًﺪا "‪.‬‬
‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ "وودن" ﻋﺎطﻔﯿًّﺎ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺘﺤﻤﻞ اﻟﺘﻜﺎﺳﻞ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺗﻜﺎﺳﻞ اﻟﻼﻋﺒﻮن ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﻤﺮان‪ ،‬ﻳﻄﻔﺊ اﻷﺿﻮاء‬
‫وﻳﻐﺎدرھﻢ ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬اﻧﺘﮫﻰ اﻟﻤﺮان أﻳﮫﺎ اﻟﺴﺎدة"‪ ،‬وھﻜﺬا ﻳﻔﻘﺪون‬
‫ﻓﺮﺻﺘﮫﻢ ذﻟﻚ اﻟﯿﻮم ﻓﻲ أن ﻳﺼﺒﺤﻮا أﻓﻀﻞ‪.‬‬
 ‫ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ‬
‫ھﺎ ﻣﺘﺴﺎوﻳﯿﻦ‪ ،‬ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻣﮫﺎراﺗﮫﻢ‬ ‫ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ "دﻳﻼي" ﺗﻔﻌﻞ‪ ،‬ﻛﺎن "وودن" ﻳﻤﻨﺢ ﺟﻤﯿﻊ ﻻﻋﺒﯿﻪ وﻗًﺘﺎ واﻧﺘﺒﺎ ً‬
‫ﻦ ﺟﺪﻳﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻠﻮا‬ ‫ﻋﺒَْﯿ ِ‬
‫اﻷوﻟﯿﺔ‪ ،‬وﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺑﺬل اﻟﻼﻋﺒﻮن ﻛﻞ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﮫﻢ وﺗﻔﻮﻗﻮا‪ .‬ﻳﺘﺤﺪث "وودن" ﻋﻦ ﻻ ِ‬
‫إﻟﻰ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻟﯿﻔﻮرﻧﯿﺎ‪" :‬ﻧﻈﺮت إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻨﮫﻤﺎ ﻷﻋﺮف ﻣﺎ ﻳﻤﺘﻠﻜﻪ ﻣﻦ ﻣﮫﺎرات ﺛﻢ ﻗﻠﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ‪" :‬ﻳﺎﻟﻪ ﻣﻦ‬
‫ﻣﮫﺬب‪ ،‬إذا ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﻳﻘﺪم ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ‪ ،‬ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻌﺐ ﻟﻔﺮﻳﻘﻨﺎ؛ ﻓﺒﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﺳﻨﻠﻌﺐ ﺑﺸﻜﻞ‬
‫ﺳﯿﺊ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ"‪ .‬ﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻤﺎ ﻟﻢ أﺳﺘﻄﻊ أن أراه ھﻮ‬
‫مــا ﻳﻤﺘﻠﻚــه هــذان الــرﺟﻼن فــي داﺧﻠﻲــھﻤﺎ"‪ .‬ﻛﻼھﻢــا بــذل كــل مــا ﺑﻮســﻋﻪ‪ ،‬وﻛﻼھﻢــا أصــﺑﺢ‬
‫ﻻعــب بــداﻳﺔ وأحــدھﻤﺎ أصــﺑﺢ ﻻعــب مــرﻛﺰ اﻟﺐــداﻳﺔ ضـﻣﻦ أحـد فـرق اﻟﺒﻄﻮلـة‬
‫اﻟﻮطﻨﯿﺔ‪.‬‬
‫كــان "وودن" ﻳﺤﺖــرم ﺟﻢــﻳﻊ اﻟﻼﻋﺐــﻳﻦ ﺑﻨﻒــس اﻟﻖــدر‪ .‬مــن اﻟﻤﻌﺖــاد أن ﻳﺖــم اســﺗﺒﻌﺎد أرقــام‬
‫ﺑﻊــض اﻟﻼﻋﺐــﻳﻦ مــن أن ﺗﻮضــع ﻋﻞــى ﻗﻢــﻳﺺ أي زﻣﻲــل آخـر لـھﻢ ﺑﻊـد أن ﻳﺖـرﻛﻮا‬
‫ﻤﺎ ﻟﻌﻈﻤﺘﮫﻢ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﻢ اﺳﺘﺒﻌﺎد رﻗﻢ أي ﻻﻋﺐ ﺧﻼل ﻓﺘﺮة ﻋﻤﻞ "وودن" ﻣﺪرﺑًﺎ ﻟﻠﻔﺮﻳﻖ‪ ،‬ﺑﺮﻏﻢ‬ ‫اﻟﻔﺮﻳﻖ‪ ،‬ﺗﻜﺮﻳ ً‬
‫أﻧﻪ ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﺑﻌﺾ أﻋﻈﻢ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﺜﻞ‬
‫"ﻛﺮﻳﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺠﺒﺎر" و"ﺑﯿﻞ واﻟﺘﻮن"‪ .‬وﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻢ اﺳﺘﺒﻌﺎد اﺳﺘﺨﺪام رﻗﻤﯿﮫﻤﺎ ﻛﺎن ھﻮ ﺿﺪ ھﺬا اﻟﻘﺮار‪:‬‬
‫"زﻣﻼؤھﻤﺎ اﻵﺧﺮون اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻌﺒﻮا ﻓﻲ ﻓﺮﻳﻘﻨﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺮﺗﺪون‬
‫ھﺬه اﻷرﻗﺎم‪ .‬ﺑﻌﺾ ﻣﻦ زﻣﻼﺋﮫﻢ ھﺆﻻء ﻗﺪﻣﻮا ﻟﻠﻔﺮﻳﻖ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﺎه إﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﯿﺪ‪ ...‬اﻟﻘﻤﯿﺺ واﻟﺮﻗﻢ اﻟﺬي‬
‫ﻋﻠﯿﻪ ﻻ ﻳﺨﺺ ﻻﻋﺒًﺎ واﺣًﺪا ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻣﺪى‬
‫ﻣﺎ"‪.‬‬‫ﻋﻈﻤﺔ و"ﻧﺠﻮﻣﯿﺔ" ھﺬا اﻟﻼﻋﺐ‪ .‬ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻣﻔﮫﻮم اﻟﻔﺮﻳﻖ ﺗﻤﺎ ً‬
‫اﻧﺘﻈﺮ! إﻧﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎل اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮز ﺑﺎﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت‪ ،‬أﻟﯿﺲ ﻋﻠﯿﻪ أن ﻳﮫﺘﻢ ﺑﻼﻋﺒﯿﻪ اﻟﻤﻮھﻮﺑﯿﻦ وﻳﻤﻨﺢ‬
‫ﻣﺎ أﻗﻞ ﻟﻼﻋﺒﯿﻦ اﻟﺒﺪﻻء؟ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﻌﺎ‬ ‫اھﺘﻤﺎ ً‬
‫ﻳﻠﻌﺒﻮن ﺑﺎﻟﻘﺪر ﻧﻔﺴﻪ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﻗﺪم اﻻھﺘﻤﺎم واﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻟﺠﻤﯿﻊ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ ﺑﺎﻟﻘﺪر ﻧﻔﺴﻪ‪ .‬ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫ﺗﻌﺎﻗﺪ ﻣﻊ ﻻﻋﺐ آﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﺗﻌﺎﻗﺪ ﻓﯿﻪ‬
‫ﻣﻊ "ﺑﯿﻞ واﻟﺘﻮن"‪ ،‬أﺧﺒﺮه أﻧﱠﻪ ﻗﺪ ﻳﻠﻌﺐ ﻟﻔﺘﺮة ﻗﻠﯿﻠﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت اﻟﻔﻌﻠﯿﺔ ﺑﺴﺒﺐ وﺟﻮد "واﻟﺘﻮن"‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ‬
‫وﻋﺪه‪" :‬ﻓﻮر أن ﺗﺘﺨﺮج ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺳﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺪ‬
‫اﺣﺘﺮاف‪ ،‬وﺳﺘﻜﻮن ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﺠﻮدة"‪ .‬وﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎﻣﻪ اﻟﺜﺎﻟﺚ أﺻﺒﺢ اﻟﻼﻋﺐ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻜﻞ ﻣﺎ‬
‫ﻳﻤﻜﻦ لـ "ﺑﯿﻞ واﻟﺘﻮن" أن ﻳﻘﺪﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺮان‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ أﺻﺒﺢ‬
‫ﻓﺎ‪ُ ،‬أطِﻠﻖ ﻋﻠﯿﻪ ﻟﻘﺐ أﻓﻀﻞ ﻻﻋﺐ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ﺑﯿﻦ ﻻﻋﺒﻲ راﺑﻄﺘﻪ‪.‬‬ ‫ﻻﻋﺒًﺎ ﻣﺤﺘﺮ ً‬

‫إﻋﺪاد ﻻﻋﺒﯿﻦ ﻳﺼﻠﺤﻮن ﻣﺪى اﻟﺤﯿﺎة‬

‫هــــــل كــــــان "وودن" ﻋﺒﻖــــــرﻳًّﺎ‪ ،‬هــــــل كــــــان ســــــاﺣًﺮا قـــادًرا ﻋﻞـــى ﺗﺤﻮيـــل اﻟﻼﻋﺐـــﻳﻦ‬
‫ﻣﺘﻮســـطﻲ اﻟﻖـــدرات إلـــى أﺑﻂـــال؟ فـــي الـــواﻗﻊ‪ ،‬ﻳﻌﺖـــرف "وودن" أنـــه ﻓﯿﻢـــا ﻳﺦـــص‬
‫ﺗﻜﺘﯿﻚـــات‬
‫ﻘﺎ ھﻮ ﺗﺤﻠﯿﻞ ﻗﺪرات‬ ‫وإﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻌﺘﺪل إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﺠﯿﺪه ﺣ ًّ‬
‫ﻻﻋﺒﯿﻪ وﺗﺤﻔﯿﺰھﻢ‪ .‬وﻣﻦ ﺧﻼل ھﺬه اﻟﻤﮫﺎرات ﻛﺎن ﻗﺎدًرا‬
‫ﻀﺎ‪ ،‬وھﻮ ﻣﺎ ﻛﺎن‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻻﻋﺒﯿﻪ ﻋﻠﻰ ﺑﺬل إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﮫﻢ‪ ،‬ﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻛﺮة اﻟﺴﻠﺔ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة أﻳ ً‬
‫ﻳﺮاه أﻣًﺮا أﻛﺜﺮ ﻓﺎﺋﺪة ﻣﻦ ﻣﺠﺮد اﻟﻔﻮز ﺑﺎﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت‪.‬‬
‫ھﻞ أﺛﻤﺮت أﺳﺎﻟﯿﺐ "وودن"؟ ﺑﻌﯿًﺪا ﻋﻦ اﻟﻔﻮز ﺑﺎﻟﺒﻄﻮﻻت اﻟﻌﺸﺮة‪ ،‬ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺷﮫﺎدات ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﮫﺎ ﻻﻋﺒﻮه اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ‬
‫ﻳﺄت أي ﻣﻨﮫﻢ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ اﻟﻌﻨﻒ‪.‬‬
‫ﻳﻘﻮل "ﺑﯿﻞ واﻟﺘﻮن"‪ ،‬أﺣﺪ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻢ ﺗﻜﺮﻳﻤﮫﻢ ﻓﻲ ﻣﺘﺤﻒ ھﻮل أوف ﻓﯿﻢ‪" :‬ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ‬
‫اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﻌﺪﻧﺎ ﻟﮫﺎ ھﻲ اﻟﺤﯿﺎة‪ ....‬ﻋﻠﱠﻤﻨﺎ اﻟﻘﯿﻢ‬
‫ﺻﺎ ﺟﯿﺪﻳﻦ"‪.‬‬ ‫واﻟﺼﻔﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻨﺎ ﻻﻋﺒﯿﻦ ﺟﯿﺪﻳﻦ‪ ،‬ﺑﻞ أﺷﺨﺎ ً‬
‫ﻳﻘﻮل "دﻳﻨﻲ ﻛﺮام" اﻟﻤﺪرب اﻟﻨﺎﺟﺢ‪" :‬ﻻ أﺗﺨﯿﻞ ﻛﯿﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺼﺒﺢ ﺣﯿﺎﺗﻲ إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﻤﺪرب "وودن" ھﻮ‬
‫ﺪره أﻛﺜﺮ وأﻛﺜﺮ وﻻ‬ ‫اﻟﻀﻮء اﻟﺬي ﻳﺮﺷﺪﻧﻲ‪ .‬ﺑﻤﺮور اﻷﻋﻮام‪ ،‬أﻗ ِّ‬
‫ﻲ"‪.‬‬‫أﻣﻠﻚ إﻻ أن أدﻋﻮ ﷲ أن ﻳﻤﻨﺤﻨﻲ ﺗﺄﺛﯿًﺮا ﻓﻲ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺬﻳﻦ أدرﺑﮫﻢ ﻳﺴﺎوي ﻧﺼﻒ اﻟﺘﺄﺛﯿﺮ اﻟﺬي ﺗﺮﻛﻪ ﻓ ﱠ‬
‫وﻳﻘﻮل "ﻛﺮﻳﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺠﺒﺎر"‪ ،‬أﺣﺪ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻢ ﺗﻜﺮﻳﻤﮫﻢ ﻓﻲ ﻣﺘﺤﻒ ھﻮل أوف ﻓﯿﻢ‪ " :‬ﺣﻜﻤﺔ اﻟﻤﺪرب "وودن" ﺗﺮﻛﺖ‬
‫ﻲ ﻛﺈﻧﺴﺎن‪ .‬إﻧﻪ‬ ‫ﻲ ﻛﻼﻋﺐ رﻳﺎﺿﻲ‪ ،‬وأﺛًﺮا أﻛﺒﺮ ﻓ ﱠ‬ ‫أﺛًﺮا ﻋﻤﯿ ً‬
‫ﻘﺎ ﻓ ﱠ‬
‫ﻣﺴﺌﻮل‪ ،‬ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺎ‪ ،‬ﻋﻦ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي أﺻﺒﺤﺖ ﻋﻠﯿﻪ اﻵن"‪.‬‬
‫اﺳﺘﻤﻊ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﺔ‪.‬‬
‫ﻘﺎ‬‫ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺤﻈﺔ اﻻﻧﺘﺼﺎر؛ ﻓﻘﺪ ﻓﺎزت ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﺎﻟﯿﻔﻮرﻧﯿﺎ ﺑﺄول ﺑﻄﻮﻟﺔ وطﻨﯿﺔ ﻟﮫﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻛﺎن اﻟﻤﺪرب "وودن" ﻗﻠ ً‬
‫ﺑﺸﺄن "ﻓﺮﻳﺪ ﺳﻠﻮﺗﺮ"‪ ،‬اﻟﻼﻋﺐ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺒﺪأ ﻛﻞ ﻣﺒﺎراة‪،‬‬
‫وﻟﻌﺐ ﺳﻨﺔ راﺋﻌﺔ ﺣﺘﻰ وﺻﻞ إﻟﻰ ھﺬه اﻟﻤﺒﺎراة اﻟﻨﮫﺎﺋﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ‪ .‬ﻟﻢ ﺗﺴﺮ اﻟﻤﺒﺎراة ﺑﺸﻜﻞ ﺟﯿﺪ ﺑﻞ ﺳﺎءت‬
‫أﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ؛ ﻓﺸﻌﺮ "وودن" أن ﻋﻠﯿﻪ إﺣﺪاث ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻣﺎ؛ ﻓﺄﺧﺮج‬
‫"ﻓﺮﻳﺪ" ﻣﻦ اﻟﻤﻠﻌﺐ وﻗﺎم ﺑﺈﻧﺰال أﺣﺪ اﻟﺒﺪﻻء؛ ﻓﻘﺎم اﻟﻼﻋﺐ اﻟﺒﺪﻳﻞ ﺑﻌﻤﻞ راﺋﻊ ﻓﺘﺮﻛﻪ "وودن" ﻳﻠﻌﺐ إﻟﻰ أن ﻓﺎز‬
 ‫اﻟﻔﺮﻳﻖ ﺑﺎﻟﻤﺒﺎراة ﻓﻲ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ‪.‬‬
‫ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺤﻈﺔ اﻻﻧﺘﺼﺎر ﻟﺤﻈﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻔﻮزوا ﻷول ﻣﺮة ﺑﻠﻘﺐ ﺑﻄﻞ اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ ﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼل اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻳﻖ ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻳﻮك ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﺑﻞ أﻧﮫﻮا‬
‫ﻦ ﻗﻠﻖ "وودن" ﺑﺸﺄن "ﻓﺮﻳﺪ" أﺛﱠﺮ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﻮره‬ ‫ﻀﺎ ﺑﻔﻮزھﻢ ﺑﺜﻼﺛﯿﻦ ﻣﺒﺎراة وﺑﻼ ﺧﺴﺎرة واﺣﺪة‪ .‬ﻟﻜ ﱠ‬ ‫اﻟﻤﻮﺳﻢ أﻳ ً‬
‫ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة؛ ﻏﺎدر "وودن" ﻗﺎﻋﺔ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ وذھﺐ ﻟﯿﺒﺤﺚ ﻋﻦ‬
‫"ﻓﺮﻳﺪ"؛ ﻓﻔﺘﺢ ﺑﺎب ﻏﺮﻓﺔ ﺗﻐﯿﯿﺮ اﻟﻤﻼﺑﺲ ﻟﯿﺠﺪ "ﻓﺮﻳﺪ" ﻓﻲ اﻧﺘﻈﺎره ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬أﻳﮫﺎ اﻟﻤﺪرب ‪ ...‬أرﻳﺪك أن ﺗﻌﺮف أﻧﻨﻲ‬
‫أﺗﻔﮫﻢ اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺘﺮك اﻟﻼﻋﺐ "دج" ﻓﻲ‬
‫اﻟﻤﻠﻊــب ﻷنــه كــان ﻳﻠﻊــب ﺑﺶــﻛﻞ رائــع وهــو مــا لــم أكــن أﻓﻌﻞــه‪ .‬أردت أن أﻟﻊــب ﺑﺄســوأ‬
‫ﻗّﺎ‪ ،‬وإذا قــال أي شــﺧﺺ إﻧﻦـي ﻛﻦـت ﻏﺎضـﺑًﺎ فـھﺬا لـﻳﺲ‬ ‫ھﻢ حــ ً‬‫طﺮﻳﻖــة‪ ،‬وﻟﻜﻦــي أﺗﻒــ ﱠ‬
‫ﺤﺎ‪ .‬ﻣﺤﺒﻂ ﻧﻌﻢ‪ ،‬أﻣﺎ ﻏﺎﺿﺐ ﻓﻼ‪ .‬وﻛﻨﺖ ﺳﻌﯿًﺪا ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ "دج""‪.‬‬ ‫ﺻﺤﯿ ً‬
‫ﻳﻖــــول "وودن"‪" :‬ھﻦــــاك اﻟﻜﺚــــﻳﺮ مــــن اﻟﻢــــدرﺑﯿﻦ الــــذﻳﻦ اســﺗﻄﺎﻋﻮا اﻟﻒــوز ﺑﺒﻂــوﻻت‬
‫ي ﻓﻠﺲــﻓﺔ‬‫ﻛﻤﻲ‪ ،‬مــن ﺑﯿﻦــھﻢ فــﻳﻨﺲ ﻟﻮﻣﺐــاردي وﺑﻮبــي نــاﻳﺖ‪ .‬لــد ﱠ‬ ‫ﺑﺎســﺗﺨﺪام أســﻟﻮب ﺗﺢــ ﱡ‬
‫ﻤﺎ ﻣﻦ أﻋﻠﻰ اﻷوﻟﻮﻳﺎت"‪.‬‬ ‫ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ...‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ أرى أن اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ واﻟﺮأﻓﺔ واﻻھﺘﻤﺎم داﺋ ً‬
‫اﻗﺮأ ﻗﺼﺔ "ﻓﺮﻳﺪ ﺳﻠﻮﺗﺮ" ﻣﺮة أﺧﺮى وﺳﺘﺤﺪد أﻧﺖ إذا ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻤﺪرب "ﻧﺎﻳﺖ" ﺗﺤﺖ ﻧﻔﺲ اﻟﻈﺮوف‪ ،‬ﺳﯿﻨﺪﻓﻊ‬
‫ﻟﯿﻮاﺳﻲ "دارﻳﻞ ﺗﻮﻣﺎس"‪ ،‬وإذا ﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﯿﺘﯿﺢ "ﻧﺎﻳﺖ"‬
‫اﻟﻔﺮﺻﺔ أﻣﺎم "ﺗﻮﻣﺎس" ﻟﯿﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻔﺨﺮ واﻟﻜﺒﺮﻳﺎء واﻟﺴﻤﺎﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻧﻔﺴﮫﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻌﺮ ﻓﯿﮫﺎ‬
‫ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط؟‬

‫أﻳﮫﻤﺎ اﻟﻌﺪو‪ :‬اﻟﻨﺠﺎح أم اﻟﻔﺸﻞ؟‬

‫"ﺑﺎت ﺳﺎﻣﯿﺖ" ﻣﺪرﺑﺔ ﻓﺮﻳﻖ ﺗﯿﻨﯿﺴﻲ ﻟﻜﺮة اﻟﺴﻠﺔ ﻟﻠﺴﯿﺪات‪ ،‬ﻓﺮﻳﻖ ﻟﯿﺪي ﻓﻮﻟﺰ اﻟﺬي درﺑﺘﻪ ﺣﺘﻰ اﺳﺘﻄﺎع‬
‫اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ ﺳﺖ ﺑﻄﻮﻻت وطﻨﯿﺔ‪ .‬ﻟﻢ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﺗﻮﺟﻪ "وودن"‬
‫اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺘﮫﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﻛﺜﺮ ﺷﺒًﮫﺎ ﻓﻲ طﺮﻳﻘﺘﮫﺎ بـ "ﻧﺎﻳﺖ"‪ .‬ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻳﺘﻌﺮض اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻟﻠﺨﺴﺎرة‬
‫ﻻ ﺗﺪع "ﺑﺎت" ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﻤﺮ؛ ﻓﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ أﺳﺒﺎﺑﻪ وﻗﺘﻠﻪ‬
‫ﺑﺤًﺜﺎ وﻣﻌﺎﻗﺒﺔ ﻧﻔﺴﮫﺎ واﻟﻔﺮﻳﻖ ﺑﺴﺒﺒﻪ‪ .‬ﺛﻢ ﺗﻄﻮر اﻷﻣﺮ إﻟﻰ أن أﺻﺒﺢ ﺑﯿﻨﮫﺎ وﺑﯿﻦ اﻟﺨﺴﺎرة ﻋﻼﻗﺔ ﺣﺐ ‪ -‬ﻛﺮاھﯿﺔ؛‬
‫ﻓﻤﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﺎطﻔﻲ‪ ،‬اﻟﺨﺴﺎرة ﺗﺠﻌﻠﮫﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻻﺳﺘﯿﺎء‪،‬‬
‫وﻟﻜﻨﮫﺎ ﺗﺤﺐ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ ﺑﮫﺎ اﻟﺨﺴﺎرة؛ ﻓﺎﻟﺨﺴﺎرة ﺗﺠﺒﺮ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻣﻦ ﻻﻋﺒﯿﻦ وﻣﺪرﺑﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﻳﺮ أﺳﻠﻮب اﻟﻠﻌﺐ‬
‫ﺣﺘﻰ ﻳﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﺗﻜﺎﻣًﻼ‪ .‬ھﻨﺎ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﻨﺠﺎح ھﻮ اﻟﻌﺪو‪.‬‬
‫ﻳﺴﻤﻲ "وودن" ذﻟﻚ "اﻹﺻﺎﺑﺔ" ﺑﺎﻟﻨﺠﺎح‪" .‬ﺑﺎت راﻳﻠﻲ" اﻟﻤﺪرب اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻠﻔﺮﻳﻖ اﻟﺒﻄﻞ ﻟﻮس أﻧﺠﻠﻮس ﻟﯿﻜﺮز‬
‫ﻳﺴﻤﻲ ھﺬا "ﻣﺮض اﻷﻧﺎ" ‪ -‬وھﻮ أن ﻳﻈﻦ اﻟﺸﺨﺺ أﻧﻪ ھﻮ‬
‫اﻟﻨﺞــاح ﻣﺘﻨﺎســﻳًﺎ كــل اﻻلــﺗﺰام واﻟﻌﻢــل الــذي بــذﻟﻪ ﺣﺖــى ﻳﺤﻖــق ذلــك‪ .‬ﺗﻮضـح "سـاﻣﯿﺖ" هـذا‬
‫ﻗﺎﺋﻞـًة‪" :‬اﻟﻨﺞـاح ﻳﺠﻌﻞـك خـاﻣًﻼ؛ فـھﻮ ﻳﺠﻊـل أﻛﺚـر اﻷشـﺧﺎص اﻟﻄﻤﻮحـﻳﻦ‬
‫ﻗﺎﻧﻌﯿﻦ وﻣﮫﻤﻠﯿﻦ"‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﻟﺖ "ﺳﺎﻣﯿﺖ" ھﺬا‪ ،‬ﻛﺎن ﻓﺮﻳﻖ ﺗﯿﻨﯿﺴﻲ ﻗﺪ ﻓﺎز ﺑﺨﻤﺲ ﺑﻄﻮﻻت ﻟﻠﺮاﺑﻄﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ‬
‫ﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻛﺎﻧﻮا أﻛﺜﺮ اﻟﻔﺮق اﻟﻤﺮﺷﺤﺔ‬
‫ﻟﻠﻔﻮز ﻓﻲ ﺑﻄﻮﻟﺔ واﺣﺪة‪" :‬ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺒﻄﻮﻻت اﻷﺧﺮى ﻛﻨﺎ ﻣﻨﺰﻋﺠﯿﻦ؛ ﻟﻘﺪ ﺧﺴﺮﻧﺎ أرﺑﻌﺔ أو ﺧﻤﺴﺔ أﻟﻘﺎب وﻛﺎن‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ أن ﻧﻔﻮز ﺑﮫﺎ"‪.‬‬
‫ﺑﻌﺪ ﺑﻄﻮﻟﺔ ﻋﺎم ‪ ،1996‬أﺻﺒﺢ اﻟﻔﺮﻳﻖ راﺿﯿًﺎ ﻋﻤﺎ ﺣﻘﻘﻪ؛ ﻓﺎﻟﻼﻋﺒﻮن اﻟﻘﺪاﻣﻰ ﻛﺎﻧﻮا أﺑﻄﺎًﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻮطﻦ‪،‬‬
‫وﺗﻮﻗﻊ اﻟﻼﻋﺒﻮن اﻟﺠﺪد أﻧﮫﻢ ﺳﯿﺘﻤﻜﻨﻮن ﻣﻦ ﺗﺤﻘﯿﻖ‬
‫اﻻﻧﺘﺼﺎر ﻟﻤﺠﺮد أﻧﮫﻢ ﻳﻠﻌﺒﻮن ﻓﻲ ﻓﺮﻳﻖ ﺗﯿﻨﯿﺴﻲ؛ ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻛﺎرﺛﺔ‪ .‬ﺑﺪأ اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻳﺨﺴﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﺳﯿﺊ‪.‬‬
‫ﻲ اﻟﻔﺮﻳﻖ ﺑﮫﺰﻳﻤﺔ ﺳﺎﺣﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﻠﻌﺒﮫﻢ أﻣﺎم‬ ‫ﻣِﻨ َ‬
‫ﻳﻮم ‪ 15‬دﻳﺴﻤﺒﺮ‪ُ ،‬‬
‫فــرﻳﻖ ســﺗﺎﻧﻔﻮرد‪ .‬وﺑﻊــد ﻣﺐــارﻳﺎت ﻗﻠﯿﻞــة‪ ،‬ﺗﻌﺮضــوا لــھﺰﻳﻤﺔ ســاﺣﻘﺔ أخــرى ﻟﯿﺺــﺑﺢ ﻣﺠﻢــوع‬
‫ھﺰاﺋﻢــھﻢ ﺧﻢــس ھﺰائـم؛ ﻓﯿﻔﻖـد اﻟﺠﻢـﻳﻊ اﻷمـل ﻓﻲـھﻢ‪ .‬مـدرب فـرﻳﻖ نـورث‬
‫ﻛﺎروﻟﯿﻨﺎ ﻗﺎل لـ "ﺳﺎﻣﯿﺖ" ﺣﺘﻰ ﻳﻮاﺳﯿﮫﺎ‪" :‬ﺣﺴًﻨﺎ‪ ،‬اﺻﻤﺪي ﻋﻨﺪ ھﺬا اﻟﺤﺪ ﺣﺘﻰ اﻟﻌﺎم اﻟﻘﺎدم"‪ .‬أﺗﻰ ﺗﻠﯿﻔﺰﻳﻮن‬
‫ﻤﺎ وﺛﺎﺋﻘﯿًّﺎ‪ ،‬وﻛﺎن‬
‫إﺗﺶ ﺑﻲ أو إﻟﻰ ﺗﯿﻨﯿﺴﻲ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻮروا ﻓﯿﻠ ً‬
‫ﻀﺎ ظﻨﻮا أﻧﮫﻢ ﻟﻦ ﻳﺘﻤﻜﻨﻮا ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻧﮫﺎﺋﯿﺎت ﺑﻄﻮﻟﺔ‬ ‫اﻟﻤﻨﺘﺠﻮن ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ﻓﺮﻳﻖ آﺧﺮ‪ .‬ﻣﺴﺎﻋﺪوھﺎ أﻳ ً‬
‫ﺷﮫﺮ ﻣﺎرس‪.‬‬
‫ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺒﺎراة اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪ ،‬اﺟﺘﻤﻌﺖ "ﺳﺎﻣﯿﺖ" ﻣﻊ اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻟﻤﺪة ﺧﻤﺲ ﺳﺎﻋﺎت‪ .‬ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﯿﻠﺔ‪ ،‬ﻟﻌﺒﻮا أﻣﺎم‬
‫ﻓﺮﻳﻖ أوﻟﺪ دوﻣﯿﻨﯿﻮن‪ ،‬ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى‬
‫اﻟﺒﻼد‪ .‬ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﺳﻢ ﺑﺬﻟﻮا ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ وﺳﻌﮫﻢ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﺧﺴﺮوا ﻣﺮة أﺧﺮى‪ .‬ﻛﺎن أﻣًﺮا ﻣﺪﻣًﺮا؛‬
‫ﻓﻘﺪ ﺑﺬﻟﻮا ﺟﮫًﺪا ﻛﺒﯿًﺮا‪ ،‬وﺳﻌﻮا ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻔﻮز ﺛﻢ ﺧﺴﺮوا‬
‫ﻣﺮة أﺧﺮى‪ .‬ﻛﺎن ﺑﻌﺾ اﻟﻼﻋﺒﯿﻦ ﻳﺒﻜﻮن ﺑﺸﺪة وﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮا اﻟﺘﺤﺪث وﻻ اﻟﺘﻨﻔﺲ؛ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﮫﻢ "ﺳﺎﻣﯿﺖ"‪:‬‬
‫"ارﻓﻌﻮا رءوﺳﻜﻢ؛ ﻓﺈذا ﺑﺬﻟﺘﻢ ﺟﮫًﺪا ﻛﮫﺬا طﻮال اﻟﻮﻗﺖ‪،‬‬
‫وإذا ﻛﺎﻓﺤﺘﻢ ﺑﮫﺬا اﻟﻘﺪر‪ ،‬أﺧﺒﺮﻛﻢ ﺑﻞ أﻋﺪﻛﻢ أﻧﻨﺎ ﺳﻨﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻠﻨﮫﺎﺋﯿﺎت ﻓﻲ ﺷﮫﺮ ﻣﺎرس"‪ .‬ﺑﻌﺪ ﻣﺮور‬
‫ﺷﮫﺮﻳﻦ أﺻﺒﺢ ﻓﺮﻳﻖ ﺗﯿﻨﯿﺴﻲ ھﻮ اﻟﺒﻄﻞ اﻟﻮطﻨﻲ‪.‬‬
‫ﺷَﺮك اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻟﯿﺠﻌﻠﻚ ﺗﻔﻜﺮ‪" :‬ﻟﻘﺪ ﻓﺰت‬‫اﻟﺨﻼﺻﺔ‪ :‬اﺣﺘﺮس ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎح؛ ﻓﮫﻮ ﻗﺪ ﻳﻮﻗﻌﻚ ﻓﻲ َ‬
 ‫ﻷﻧﻨﻲ أﺗﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﻤﻮھﺒﺔ؛ وﻟﮫﺬا ﺳﺄواﺻﻞ اﻟﻔﻮز"‪ .‬اﻟﻨﺠﺎح‬
‫ﺐ‬
‫ﺼ ْ‬
‫دا‪" .‬أﻟﯿﻜﺲ رودرﻳﺠﯿﺰ"‪ ،‬وھﻮ أﺣﺪ أﻓﻀﻞ ﻻﻋﺒﻲ اﻟﺒﯿﺴﺒﻮل‪ ،‬ﻟﻢ ُﻳ َ‬ ‫ﻳﻤﻜﻨﻪ أن ﻳﺼﯿﺐ ﻓﺮﻳ ً‬
‫ﻘﺎ أو أن ﻳﺼﯿﺐ ﻓﺮ ً‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺠﺎح‪ ،‬ﻳﻘﻮل‪" :‬أﻧﺖ ﻻ ﺗﻈﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎل ﻧﻔﺴﮫﺎ؛ ﻓﺈﻣﺎ‬
‫أن ﺗﻜﻮن ﻓﻲ ﺣﺎل أو ﻓﻲ اﻷﺧﺮى"‪.‬‬

‫ﺗﺮاﺛﻨﺎ‬
‫ﻧﺤﻦ ‪ -‬اﻵﺑﺎء واﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ واﻟﻤﺪرﺑﯿﻦ ‪ -‬ﻧﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺣﯿﺎة اﻷﺷﺨﺎص؛ ﻓﮫﻢ ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﺘﻨﺎ وإرﺛﻨﺎ‪ .‬أﺻﺒﺤﻨﺎ ﻧﻌﺮف اﻵن أن‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺗﻠﻌﺐ دوًرا رﺋﯿﺴﯿًّﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻨﺎ ﻋﻠﻰ إﻧﺠﺎز‬
‫ﻣﮫﺎﻣﻨﺎ‪ ،‬و ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﮫﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﺬل إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﮫﻢ‪.‬‬

‫اﻟﻔﺼﻞ ‪8‬‬
‫ﺗﻐﯿﯿﺮ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫ﺗﻘﻮم ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻋﻠﻰ اﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﻟﺘﻐﯿﯿﺮ‪ ،‬وأﻛﺜﺮ ﺟﺰء ﻣﻤﺘﻊ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻲ ھﻮ ﻣﺸﺎھﺪة اﻟﻨﺎس ﻳﺘﻐﯿﺮون‪ .‬ﻻ ﺷﻲء‬
‫أﻓﻀﻞ ﻣﻦ رؤﻳﺔ اﻟﻨﺎس وھﻢ ﻳﺠﺪون طﺮﻳﻘﮫﻢ ﻧﺤﻮ اﻷﻣﻮر‬
‫ﺪروﻧﮫﺎ‪ .‬ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ أطﻔﺎل وﺑﺎﻟﻐﯿﻦ وﺟﺪوا طﺮﻳﻘﺔ ﻟﯿﺴﺘﺨﺪﻣﻮا ﻗﺪراﺗﮫﻢ‪ ،‬وﻳﺒﯿﻦ أﻳ ً‬
‫ﻀﺎ ﻛﯿﻒ‬ ‫اﻟﺘﻲ ﻳﻘ ِّ‬
‫ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﻌﺎ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﮫﺬا‪.‬‬

‫طﺒﯿﻌﺔ اﻟﺘﻐﯿﺮ‬
‫ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻋﺎﻣﻲ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻲ اﻷول ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﺘﻘﻠﺖ ﻣﻊ ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ ﻟﻨﻌﯿﺶ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ‪ ،‬ﻷﺟﺪ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﺠﺄة‬
‫ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺔ ﺟﺪﻳﺪة‪ .‬ﻛﺎن ﻛﻞ ﺷﻲء ﻏﺮﻳﺒًﺎ ‪ -‬اﻟﻤﻌﻠﻤﺔ واﻟﻄﻼب‬
‫ﻣﺎ ﻛﺜﯿًﺮا ﻋﻦ ﻓﺼﻠﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ‪ ،‬أو ﻋﻠﻰ‬
‫واﻟﻌﻤﻞ اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻣﻨﺎ‪ .‬ھﺬا اﻟﻌﻤﻞ ھﻮ ﻣﺎ أﺧﺎﻓﻨﻲ‪ .‬ﻓﺼﻠﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻛﺎن ﻣﺘﻘﺪ ً‬
‫اﻷﻗﻞ ﻛﺎن ھﻜﺬا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻄﻼب ﻓﻲ ﻓﺼﻠﻲ‬
‫ﻓﺎ ﻟﻢ أﻛﻦ ﻗﺪ ﺗﻌﻠﻤﺖ ﻛﺘﺎﺑﺘﮫﺎ ﺑﻌﺪ‪ ،‬وﻛﺎﻧﺖ ھﻨﺎك طﺮﻳﻘﺔ ﻳﻌﺮﻓﮫﺎ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻟﻔﻌﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء وﻟﻢ‬ ‫اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻳﻜﺘﺒﻮن ﺣﺮو ً‬
‫أﻛﻦ أﻋﺮﻓﮫﺎ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻌﻠﻤﺔ ﺗﻘﻮل‪:‬‬
‫"أﻳﮫﺎ اﻟﻄﻼب‪ ،‬اﻛﺘﺒﻮا أﺳﻤﺎءﻛﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻮرﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺼﺤﯿﺢ" ﻟﻢ أﻛﻦ أﻋﺮف ﻣﺎذا ﺗﻘﺼﺪ‪.‬‬
‫ﻓﻜﻨﺖ أﺑﻜﻲ‪ ،‬وﻛﻞ ﻳﻮم ﻛﺎن ﻳﻈﮫﺮ أﻣﺮ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻢ أﻛﻦ أﻋﺮف ﻛﯿﻒ أﺗﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ‪ .‬وﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻳﻈﮫﺮ أﻣﺮ ﺟﺪﻳﺪ ﻛﻨﺖ‬
‫أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﻀﯿﺎع واﻻرﺗﺒﺎك‪ .‬ﻟﻤﺎذا ﻟﻢ أﻗﻞ ﻗﻂ ﻟﻤﻌﻠﻤﺘﻲ‪:‬‬
‫"ﺳﯿﺪة "ﻛﺎن"‪ ،‬ﻟﻢ أﺗﻌﻠﻢ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﺑﻌﺪ؛ ﻓﮫﻞ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺮﻳﻨﻲ ﻛﯿﻒ أﻗﻮم ﺑﻪ؟"‪.‬‬
‫مــرة أخــرى ﻋﻦــدﻣﺎ ﻛﻦــت صــﻏﯿﺮة‪ ،‬أﻋﻂــاﻧﻲ والــداي ﺑﻊــض اﻟﻨﻖــود ﻷذهــب إلــى رﺣﻞــة مــع‬
‫ﻣﺶــرف اﻟﺮﺣﻞــة وﻣﺠﻤﻮعـة مـن اﻷطﻒـال‪ ،‬وﺑﯿﻨﻢـا ﻛﻦـت أﻧﻌﻂـف فـي اﺗﺞـاه ﻣﻚـان‬
 ‫ﻌﺎ‪ ،‬وبــدًﻻ مــن أن أركــض وراءهــم‬
‫اﻟﺘﺠﻢــــع‪ ،‬ﻧﻆــــرت إلــــى اﻟﺶــــارع ﻷجــــدھﻢ ﻳﻎــــادرون ﺟﻢـــﻳ ً‬
‫وأصــﻳﺢ‪" :‬اﻧﺘﻆــروﻧﻲ!" وﻗﻒــت ﻣﺘﺠﻢــدة فــي ﻣﻚــاﻧﻲ ﻣﻤﺲــﻛﺔ بــاﻟﻨﻘﻮد فــي يــدي‬
‫أﺷﺎھﺪھﻢ ﻳﺨﺘﻔﻮن ﻓﻲ اﻷﻓﻖ‪.‬‬
‫ﻟﻤﺎذا ﻟﻢ أﺣﺎول إﻳﻘﺎﻓﮫﻢ أو اﻟﻠﺤﺎق ﺑﮫﻢ؟ ﻟﻤﺎذا ﻗﺒﻠﺖ اﻟﮫﺰﻳﻤﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺤﺎوﻟﺔ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺤﯿﻞ اﻟﺒﺴﯿﻄﺔ؟ أﻋﻠﻢ‬
‫أﻧﻨﻲ ﻓﻲ أﺣﻼﻣﻲ ﻗﻤﺖ ﻛﺜﯿًﺮا ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺴﺤﺮﻳﺔ أو‬
‫ي ﺻﻮرة ﻟﻨﻔﺴﻲ وأﻧﺎ أرﺗﺪي زي ﺳﻮﺑﺮ ﻣﺎن اﻟﺬي ﺻﻨﻌﺘﻪ ﺑﻨﻔﺴﻲ‪.‬‬ ‫اﻟﺨﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﮫﺔ اﻷﺧﻄﺎر‪ ،‬ﻛﻤﺎ أن ﻟﺪ ﱠ‬
‫ﻓﻠﻤﺎذا ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬ﻟﻢ أﻛﻦ أﺳﺘﻄﯿﻊ أن أﻗﻮم ﺑﺄﻣﺮ ﻋﺎدي ﻣﺜﻞ‬
‫طﻠﺐ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة أو اﻟﻨﺪاء ﻋﻠﻰ زﻣﻼﺋﻲ ﻟﯿﻨﺘﻈﺮوﻧﻲ؟‬
‫ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻲ أرى اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷطﻔﺎل ﻳﻔﻌﻠﻮن ھﺬا‪ ،‬أرى أطﻔﺎًﻻ ﻣﺒﮫﺠﯿﻦ وﻣﺎھﺮﻳﻦ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ ﺗﻌﻮﻗﮫﻢ‬
‫ﻞ ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت‪ .‬ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﺑﺤﺎﺛﻨﺎ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﯿﮫﻢ أن ﻳﻘﻮﻣﻮا ﺑﻔﻌ ٍ‬
‫اﻟﺒﺴﺎطﺔ ﻟﯿﺠﻌﻠﻮا اﻷﻣﻮر أﻓﻀﻞ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻻ ﻳﻔﻌﻠﻮن‪ .‬ھﺆﻻء ھﻢ اﻷطﻔﺎل ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﻮء‬
‫اﻷﻣﻮر ﻳﺸﻌﺮون ﺑﺎﻟﻀﻌﻒ وﻋﺪم اﻟﻘﺪرة‪.‬‬
‫إﻟﻰ اﻵن‪ ،‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﯿﺮ أﻣﺮ ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﻄﺄ أو أرى أﻣًﺮا ﻛﻨﺖ أرﺟﻮ ﻣﻨﻪ ﺧﯿًﺮا ﻳﻀﯿﻊ‪ ،‬ﻣﺎ زﻟﺖ أﺷﻌﺮ ﺑﺸﻌﻮر‬
‫ﻣﺆﻗﺖ ﺑﺎﻟﻀﻌﻒ‪ .‬ھﻞ ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا أﻧﻨﻲ ﻟﻢ أﺗﻐﯿﺮ؟‬
‫ﻻ‪ ،‬إﻧﻪ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﺘﻐﯿﺮ ﻟﯿﺲ ﻛﺎﻟﻌﻤﻠﯿﺎت اﻟﺠﺮاﺣﯿﺔ‪ .‬ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻐﯿﺮ‪ ،‬ﻻ ﺗﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻛﺄﻧﻚ‬
‫ﺗﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻓﺨﺬ أو رﻛﺒﺔ ﺗﺎﻟﻔﺔ وﺗﺴﺘﺒﺪل ﺑﮫﺎ أﺧﺮى‬
‫أﻓﻀﻞ‪ ،‬ﺑﻞ ﺗﻜﻮن اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﻮﺟﻮدة ﺟﻨﺒًﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ‪.‬‬

‫اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات ھﻲ ﻣﻔﺘﺎح اﻟﺴﻌﺎدة )واﻷﺳﻰ(‬

‫ﻓﻲ اﻟﺴﺘﯿﻨﯿﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ‪ ،‬ﻛﺎن اﻟﻄﺒﯿﺐ اﻟﻨﻔﺴﻲ "آرون ﺑﯿﻚ" ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻊ ﻣﺮﺿﺎه ﻟﯿﺪرك ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻔﺎﺟﺊ‬
‫أن ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﮫﻢ ھﻲ ﺳﺒﺐ ﻣﺸﻜﻼﺗﮫﻢ؛ ﻓﻘﺒﯿﻞ أن ﻳﺸﻌﺮوا‬
‫ﺑﺎﻟﻀﯿﻖ أو اﻻﻛﺘﺌﺎب‪ ،‬طﺮأ أﻣﺮ ﻣﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻔﺎﺟﺊ وﺳﺮﻳﻊ ﻓﻲ ﻋﻘﻮﻟﮫﻢ‪ ،‬وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ھﺬا اﻷﻣﺮ اﻟﺬي طﺮأ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻋﻘﻮﻟﮫﻢ ھﻮ‪" :‬ﻳﻈﻦ دﻛﺘﻮر ﺑﯿﻚ أﻧﻨﻲ ﻏﯿﺮ ﻛﻒء" أو "ھﺬه‬
‫اﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻟﻦ ﺗﻨﺠﺢ أﺑًﺪا‪ ،‬وﻟﻦ أﺷﻌﺮ ﺑﺘﺤﺴﻦ ﻗﻂ"‪ .‬ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻻﻋﺘﻘﺎدات ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻣﺸﺎﻋﺮھﻢ اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ‪،‬‬
‫ﻟﯿﺲ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺠﻠﺴﺔ اﻟﻌﻼﺟﯿﺔ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﺑﻞ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ‬
‫أﻳ ً‬
‫ﻀﺎ‪.‬‬
‫ﻦ "ﺑﯿﻚ" وﺟﺪ أن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﻨﺎس ﻛﯿﻒ ﻳﻨﺘﺒﮫﻮن‬
‫إﻧﮫﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻌﺘﻘﺪات ﻳﺪرﻛﮫﺎ اﻟﻨﺎس ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻌﺘﺎد‪ ،‬ﻟﻜ ﱠ‬
‫وﻳﺴﺘﻤﻌﻮن إﻟﯿﮫﺎ‪ .‬ﺛﻢ اﻛﺘﺸﻒ أن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﺗﻌﻠﯿﻤﮫﻢ‬
‫ﻛﯿﻒ ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮن ﻣﻊ ھﺬه اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات وﻳﻐﯿﺮوﻧﮫﺎ‪ .‬وھﻜﺬا ﻧﺸﺄ اﻟﻌﻼج اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ‪ ،‬وھﻮ أﺣﺪ أﻛﺜﺮ اﻟﻌﻼﺟﺎت ﻓﺎﻋﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﻢ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﯿﮫﺎ‪.‬‬
‫وﺳﻮاء أدرﻛﻮا ذﻟﻚ أم ﻻ‪ ،‬ﻓﺠﻤﯿﻊ اﻟﻨﺎس ﻳﻼﺣﻈﻮن ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻟﮫﻢ وﻣﺎذا ﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ وﻣﺎ ﻳﺠﺐ أن‬
‫ﻳﻔﻌﻠﻮه‪ .‬ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى‪ ،‬ﻋﻘﻮﻟﻨﺎ ﺗﺮﺻﺪ وﺗﻔﺴﺮ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار‪،‬‬
‫وھﺬا ﻣﺎ ﻳﺒﻘﯿﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺎر اﻟﺼﺤﯿﺢ‪ .‬وﻟﻜﻦ أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻣﺎ ﺗﺴﯿﺮ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﻄﺄ؛ ﻓﺒﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص‬
‫ﻳﻀﻌﻮن ﻟﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﺗﻔﺴﯿﺮات ﻣﺒﺎﻟ ً‬
‫ﻐﺎ ﻓﯿﮫﺎ‪ ،‬ﺛﻢ ﻳﺘﺼﺮﻓﻮن‬
‫ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻓﯿﮫﺎ ﻣﻦ اﻟﻀﯿﻖ واﻻﻛﺘﺌﺎب أو اﻟﻐﻀﺐ أو اﻟﺘﻌﺎﻟﻲ‪.‬‬

‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت ﺗﺬھﺐ إﻟﻰ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ‬

‫اﻟﻌﻘﻠﻲــات ﺗﺢــﻳﻂ بــاﻟﻤﻼﺣﻈﺎت اﻟﺖــي ﺗﺢــدث فــي رءوس اﻟﻦــاس؛ فــھﻲ ﺗﻖــود ﻋﻤﻠﻲــة‬
‫ﺗﻔﺲــﻳﺮ ﺗﻞــك اﻟﻤﻼﺣﻆــات ﺑﺄﻛﻤﻞــھﺎ‪ .‬اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة ﺗﻖــﻳﻢ حــواًرا ذاتـﻳًّﺎ يـرﻛﺰ ﻋﻞـى إطـﻻق‬
‫اﻷﺣﻜﺎم‪" :‬ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا أﻧﻨﻲ ﻓﺎﺷﻞ"‪" ،‬ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا أﻧﻨﻲ أﻓﻀﻞ ﻣﻨﮫﻢ"‪" ،‬ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا أﻧﻨﻲ زوج ﺳﯿﺊ"‪" ،‬ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا‬
‫أﻧﻨﻲ ﺷﺨﺺ أﻧﺎﻧﻲ"‪.‬‬
‫ﻓﻲ ﻋﺪة دراﺳﺎت‪ ،‬ﺑﺤﺜﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﮫﺎ ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻣﻊ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻠﻘﻮﻧﮫﺎ؛‬
‫ﻣﺎ ﻟﻜﻞ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺸﻲء‬ ‫ﻤﺎ ﺻﺎر ً‬
‫ﻓﻮﺟﺪﻧﺎ أﻧﮫﻢ ﻳﻀﻌﻮن ﺗﻘﯿﯿ ً‬
‫اﻟﺠﯿﺪ ﻳﺆدي إﻟﻰ إﺷﺎرة إﻳﺠﺎﺑﯿﺔ ﻗﻮﻳﺔ واﻟﺸﻲء اﻟﺴﯿﺊ ﻳﺆدي إﻟﻰ إﺷﺎرة ﺳﻠﺒﯿﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪.‬‬
‫وأمــا اﻷشــﺧﺎص ذوو ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو ﻓﯿﺮصــدون ﺑﺎســﺗﻤﺮار مــا ﻳﺢــدث‪ ،‬وﻟﻚــن حـوارھﻢ الـداﺧﻠﻲ ﻻ‬
‫ﻳﻖـوم ﻋﻞـى إطـﻻق اﻷﺣﻚـام ﻋﻞـى أﻧﻔﺲـھﻢ وﻋﻞـى اﻵخـرﻳﻦ بـھﺬه اﻟﺺـورة‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ‪ ،‬ﻓﮫﻢ ﻳﺘﺄﺛﺮون ﺑﺎﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻹﻳﺠﺎﺑﯿﺔ واﻟﺴﻠﺒﯿﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻳﺘﺄﻣﻠﻮن ﻓﻲ اﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺗﮫﺎ؛ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﮫﺎ‬
‫واﺗﺨﺎذ ﺗﺼﺮﻓﺎت ﺑﱠﻨﺎءة‪ :‬ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ ﺗﻌﻠﻤﻪ ﻣﻦ‬
‫ھﺬا؟ ﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ اﻟﺘﻄﻮر؟ ﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ ﻣﺴﺎﻋﺪة زوﺟﻲ‪/‬زوﺟﺘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﮫﺬا ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ؟‬
‫أصــﺑﺢ اﻟﻊــﻻج اﻟﻤﻊــرﻓﻲ اﻵن ﻳﻊــﻟِ ّﻢ اﻟﻦــاس أن ﻳﺲــﻳﻄﺮوا ﻋﻞــى أﺣﻜﺎمــھﻢ اﻟﻤﺐــاﻟﻎ ﻓﻲــھﺎ وأن‬
‫ﻳﺠﻌﻠﻮهــا أﻛﺚــر ﻣﻨﻄﻘﻲــة‪ .‬ﻋﻞــى ســﺑﯿﻞ اﻟﻤﺚــال‪ ،‬كــان أداء "أﻻنــا" ســﻳًﺌﺎ فــي اﻻﺧﺘﺐــار‬
‫ﻓﺎﺳﺘﺨﻠﺼﺖ ﻣﻦ ھﺬا‪" :‬أﻧﺎ ﻏﺒﯿﺔ"‪ .‬ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻌﻼج اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ أن ﻳﻌﻠِ ّﻤﮫﺎ أن ﺗﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺑﺸﻜﻞ أﻋﻤﻖ ﻣﻦ‬
‫ﺧﻼل طﺮح اﻟﺴﺆال اﻟﺘﺎﻟﻲ‪ :‬ﻣﺎ اﻟﺪﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻨﺘﺎج اﻟﺬي‬
‫ﺧﻠﺼﺖ إﻟﯿﻪ وﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻨﻔﯿﻪ؟ وﺑﻌﺪ ﺣﺜﮫﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﺟﺎﺑﺔ‪ ،‬ﻗﺪ ﺗﺘﻮﺻﻞ "أﻻﻧﺎ" إﻟﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ طﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ‬
 ‫ﺗﺪﻟﻞ ﻋﻠﻰ أﻧﮫﺎ ﻛﺎﻧﺖ ذات ﻛﻔﺎءة ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻌﺘﺮف‪:‬‬
‫"أظﻦ أﻧﻨﻲ ﻟﺴﺖ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺎءة اﻟﺬي ﻛﻨﺖ أظﻦ أﻧﻨﻲ ﻋﻠﯿﻪ"‪.‬‬
‫ﻀﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻔﻜﺮ ﻓﻲ أﺳﺒﺎب أداﺋﮫﺎ اﻟﺴﯿﺊ ﻓﻲ اﻻﺧﺘﺒﺎر ﺑﺨﻼف ﻏﺒﺎﺋﮫﺎ‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﻷﺳﺒﺎب ﻗﺪ ﺗﻠﻄﻒ ﻣﻦ‬ ‫ﻗﺪ ﻳﺘﻢ ﺣﺜﮫﺎ أﻳ ً‬
‫ﺣﺪة ﺣﻜﻤﮫﺎ اﻟﺴﻠﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫﺎ‪ .‬ﺗﻌﻠﻤﺖ "أﻻﻧﺎ" ﺑﻌﺪ‬
‫ﻤﺎ ﺳﻠﺒﯿًّﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﮫﺎ‪ ،‬ﻓﯿﻤﻜﻨﮫﺎ أن‬
‫ذﻟﻚ أن ﺗﻘﻮم ﺑﮫﺬا اﻷﻣﺮ ﺑﻨﻔﺴﮫﺎ‪ ،‬ﺣﺘﻰ إذا ﻣﺎ أطﻠﻘﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺣﻜ ً‬
‫ﺗﺪﺣﺾ ھﺬا اﻟﺤﻜﻢ وﺗﺸﻌﺮ ﺑﺤﺎل أﻓﻀﻞ‪.‬‬
‫ﺑﮫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻳﺴﺎﻋﺪ اﻟﻌﻼج اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ إﺻﺪار أﺣﻜﺎم أﻛﺜﺮ واﻗﻌﯿﺔ وﺗﻔﺎؤل‪ ،‬و ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺨﻠﺼﮫﻢ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ اﻟﺬي ھﻮ ﻋﺎﻟَﻢ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم ‪ .‬اﻟﻌﻼج‬
‫اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻻ ﻳﺘﺼﺪى ﻟﻼﻓﺘﺮاض اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻟﺬي ﺗﻀﻌﻪ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ‪ -‬وھﻮ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄن اﻟﺴﻤﺎت ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻻ‬
‫ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻐﯿﯿﺮھﺎ ‪ -‬اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻠﮫﻢ ﻳﻘﯿِ ّﻤﻮن أﻧﻔﺴﮫﻢ ﺑﺸﻜﻞ‬
‫ﻣﺘﻮاﺻﻞ‪ .‬ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى‪ ،‬اﻟﻌﻼج اﻟﻤﻌﺮﻓﻲ ﻻ ﻳﺠﻌﻠﮫﻢ ﻳﺨﺮﺟﻮن ﻣﻦ إطﺎر إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم وﻳﺪﺧﻠﻮن ﻓﻲ إطﺎر‬
‫اﻟﻨﻤﻮ‪.‬‬
‫ھﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻳﻨﺎﻗﺶ ﺗﻐﯿﯿﺮ اﻟﺤﻮار اﻟﺪاﺧﻠﻲ اﻟﺬاﺗﻲ ﻣﻦ ﺣﻮار ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم إﻟﻰ ﺣﻮار ﻳﮫﺪف إﻟﻰ‬
‫اﻟﻨﻤﻮ واﻟﺘﻄﻮر‪.‬‬

‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫ﺪث ﺗﻐﯿﯿًﺮا ﻛﺒﯿًﺮا ﻓﻲ طﺮﻳﻘﺔ ﺗﻔﻜﯿﺮ اﻷﺷﺨﺎص ﺗﺠﺎه أﻧﻔﺴﮫﻢ‬ ‫ﻣﺠﺮد اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻋﻦ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻳﻤﻜﻦ أن ُﻳﺤ ِ‬
‫وﺣﯿﺎﺗﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺎم ﺧﻼل ﺗﺪرﻳﺴﻲ ﻣﻨﮫﺞ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬أد ِرّس ﻟﻠﻄﻼب ھﺎﺗﯿﻦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ ﻟﯿﺲ ﻟﻤﺠﺮد ﻛﻮن ھﺬا اﻷﻣﺮ‬
‫ﻀﺎ ﻷﻧﻨﻲ أﻋﻠﻢ اﻟﻀﻐﻂ اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﺟﺰًءا ﻣﻦ اﻟﻤﻨﮫﺞ ﺑﻞ أﻳ ً‬
‫ھﺆﻻء اﻟﻄﻼب‪ .‬ﻛﻞ ﻋﺎم ﻳﺸﺮح ﻟﻲ اﻟﻄﻼب ﻛﯿﻒ ﻏﯿﺮﺗﮫﻢ ھﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﺌﻮن ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ‪.‬‬
‫ھﺬا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﺘﻪ "ﻣﺎﺟﻲ" اﻟﻜﺎﺗﺒﺔ اﻟﻄﻤﻮﺣﺔ‪:‬‬
‫اﻛﺘﺸﻔﺖ أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻷﻣﻮر اﻟﻔﻨﯿﺔ أو اﻹﺑﺪاﻋﯿﺔ أﺟﺪﻧﻲ أﻋﺘﻨﻖ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ‬
‫أؤﻣﻦ ﺑﺄن اﻷﺷﺨﺎص ﻳﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﻤﻮھﺒﺔ ﻓﻨﯿﺔ أو إﺑﺪاﻋﯿﺔ‬
‫ﻓﻄﺮﻳﺔ‪ ،‬وأﻧﻚ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﺗﻄﻮر ﻣﻦ ﻣﻮھﺒﺘﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ‪ .‬ھﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد أﺛﱠﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﯿﺎﺗﻲ ﺑﺸﻜﻞ‬
‫ﻤﺎ ﻛﻨﺖ أرﻳﺪ أن أﻛﻮن ﻛﺎﺗﺒﺔ وﻟﻜﻨﻲ ﻛﻨﺖ‬ ‫ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻷﻧﻨﻲ داﺋ ً‬
‫أﺧﺸﻰ اﻟﻤﻮاظﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻀﻮر ﻓﺼﻮل ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ أو ﻧﺸﺮ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻲ اﻹﺑﺪاﻋﯿﺔ ﺑﯿﻦ أﺷﺨﺎص آﺧﺮﻳﻦ‪ .‬ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻛﺎن‬
‫ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻌﻘﻠﯿﺘﻲ؛ ﻷﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ أﻋﺘﻘﺪ أن أي ﻧﻘﺪ‬
‫ﺮّض ﻧﻔﺴﻲ ﻻﺣﺘﻤﺎﻟﯿﺔ أن ﺗﻜﻮن ﻣﻮھﺒﺘﻲ‬ ‫ﺳﻠﺒﻲ ﻗﺪ ﻳﻌﻨﻲ أﻧﻨﻲ ﻟﺴﺖ ﻛﺎﺗﺒﺔ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة‪ .‬ﻛﻨﺖ ﻣﺮﺗﻌﺒﺔ ﻣﻦ أن أﻋ ِ‬
‫"ﻏﯿﺮ ﻓﻄﺮﻳﺔ"‪.‬‬
‫ﺠِﻞ ﻓﻲ ﻓﺼﻞ ﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻹﺑﺪاﻋﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ‬ ‫واﻵن ﺑﻌﺪ أن اﺳﺘﻤﻌﺖ ﻟﻤﺤﺎﺿﺮاﺗﻚ‪ ،‬ﻗﺮرت أن أﺳ ّ‬
‫ﻘﺎ ﻣﻦ أن أدرك ﻣﺎ ﻛﺎن‬ ‫اﻟﺪراﺳﻲ اﻟﻘﺎدم‪ ،‬وأﺷﻌﺮ أﻧﻨﻲ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﺣ ًّ‬
‫ﻘﺎ أن ھﺬه اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﻗﺪ‬ ‫ً‬
‫ﻳﺤﻮل ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻦ اﻟﺴﻌﻲ وراء اھﺘﻤﺎم ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎن ﺣﻠﻤﻲ اﻟﺴﺮي‪ .‬أﺷﻌﺮ ﺣ ّ‬
‫ﺷﺠﻌﺘﻨﻲ!‬
‫اﻋﺖــاد اﻟﺢــوار الــذاﺗﻲ بــداﺧﻞ "مــاﺟﻲ" أن ﻳﻚــون‪ " :‬ﻻ ﺗﻔﻌﻞـي هـذا‪ .‬ﻻ ﺗﻠﺘﺤﻖـي ﺑﻔﺺـل ﻟﺪراسـة‬
‫اﻟﻜﺘﺎبـة‪ .‬ﻻ ﺗﺶـارﻛﻲ ﻛﺖـاﺑﺎﺗﻚ مـع اﻵخـرﻳﻦ‪ .‬اﻷمـر ﻻ ﻳﺲـﺗﺤﻖ هـذه اﻟﻤﺦـاطﺮة‪.‬‬
‫ﺣﻠﻤﻚ ﻗﺪ ﻳﺘﺤﻄﻢ ﻓﺎﺣﻤﯿﻪ" ‪.‬‬
‫ﻮّري ﻣﮫﺎراﺗﻚ" ‪.‬‬‫أﺻﺒﺢ اﻟﺤﻮار اﻟﺬاﺗﻲ ﻳﻘﻮل اﻵن‪ " :‬اﺳﻌﻲ ﻟﺬﻟﻚ‪ .‬اﺟﻌﻠﯿﻪ ﻳﺘﺤﻘﻖ‪ .‬ط ِ‬
‫وھﺬا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ "ﺟﯿﺴﻮن" اﻟﻼﻋﺐ اﻟﺮﻳﺎﺿﻲ‪:‬‬
‫ﻛﻄﺎﻟﺐ رﻳﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﯿﺎ ﻛﻨﺖ أﻓﻜﺮ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻘﻂ‪ .‬ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ﻛﺎن اﻟﻔﻮز ھﻮ ﻛﻞ ﺷﻲء‪،‬‬
‫واﻟﺘﻌﻠﻢ ﻟﯿﺲ ﺟﺰًءا ﻣﻦ ھﺬا اﻹطﺎر‪ .‬ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺑﻌﺪ أن اﺳﺘﻤﻌﺖ‬
‫إﻟﻰ ﻣﺤﺎﺿﺮاﺗﻚ أدرﻛﺖ أﻧﮫﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺟﯿﺪة؛ أﺻﺒﺤﺖ أﻋﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺴﺎب اﻟﺘﻌﻠﻢ ﺑﯿﻨﻤﺎ أﺗﻨﺎﻓﺲ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ‪ ،‬ﺑﻌﺪ أن ﻋﻠﻤﺖ أﻧﻨﻲ إذا ﻛﻨﺖ أﺳﺘﻄﯿﻊ اﻟﺘﻄﻮر‬
‫ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت‪ ،‬وﺳﺄﺻﺒﺢ ﻻﻋﺒًﺎ رﻳﺎﺿﯿًّﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﮫﺎرة‪.‬‬
‫اﻋﺘﺎد اﻟﺤﻮار اﻟﺬاﺗﻲ ﺑﺪاﺧﻞ "ﺟﯿﺴﻮن" أن ﻳﻜﻮن‪ُ " :‬ﻓﺰ‪ُ .‬ﻓﺰ‪ .‬ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﻔﻮز‪ .‬أﺛِﺒﺖ ذاﺗﻚ‪ ،‬ﻓﻜﻞ ﺷﻲء ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﯿﮫﺎ "‪.‬‬
‫ﻮر‪ .‬ﻛﻦ ﻻﻋﺒًﺎ رﻳﺎﺿﯿًّﺎ أﻓﻀﻞ ‪.‬‬ ‫أﺻﺒﺢ اﻟﺤﻮار اﻟﺬاﺗﻲ اﻵن‪ :‬ﻻﺣﻆ‪ .‬ﺗﻌﻠﻢ‪ .‬ﺗﻄ ﱠ‬
‫وأﺧﯿًﺮا‪ ،‬ھﺬا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ "ﺗﻮﻧﻲ" اﻟﻌﺒﻘﺮي اﻟﻤﺘﻌﺎﻓﻲ‪:‬‬
‫ﺧﻼل اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﻛﻨﺖ ﻗﺎدًرا ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ أﻋﻠﻰ اﻟﺪرﺟﺎت ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﯿﺎﻣﻲ ﺑﻘﺪر ﺿﺌﯿﻞ ﻣﻦ‬
‫ﻤﺎ؛‬
‫اﻟﻤﺬاﻛﺮة واﻟﻨﻮم‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﺑﺪأت أؤﻣﻦ أن اﻷﻣﺮ ﺳﯿﻈﻞ ھﻜﺬا داﺋ ً‬
‫ﻷﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ أﺗﻤﺘﻊ ﺑﻨﻌﻤﺔ اﻟﻔﮫﻢ واﻟﺬاﻛﺮة اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ‪ .‬ﻣﻊ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺑﻌﺪ ﺣﻮاﻟﻲ ﻋﺎم ﻣﻦ اﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﻨﻮم‪ ،‬ﺑﺪأ ﻓﮫﻤﻲ‬
‫وذاﻛﺮﺗﻲ أﻻ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻓﺎﺋﻘﯿﻦ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ اﻟﺸﻚ ﻓﻲ‬
‫ﻣﻮاھﺐــي اﻟﻔﻄﺮيــة‪ ،‬اﻟﺖــي ﻛﻦــت أﻋﺘﻢــد ﻋﻠﻲــھﺎ ﻛﺚــﻳًﺮا ﺣﺖــى أشــﻋﺮ ﺑﺎﻟﺜﻖــة ﺑﺎلـذات )ﻋﻞـى‬
‫ﻋﻚـس قـدرﺗﻲ ﻋﻞـى اﻟﺖـرﻛﯿﺰ أو إصـراري أو قـدرﺗﻲ ﻋﻞـى اﻟﻌﻢـل اﻟﺶـاق(‪ ،‬مـررت ﺑﺄزمـة‬
‫ت ﺗﻨﺎﻗﺶـﻳﻦ اﻟﻌﻘﻠﻲـات اﻟﻤﺨﺘﻠﻒـة‬ ‫شــﺧﺼﯿﺔ اســﺗﻤﺮت ﺣﺖــى عـدة أسـاﺑﯿﻊ ﻣﺎضـﻳﺔ ﻋﻦـدﻣﺎ ﻛﻦـ ِ‬
 ‫فـي أﺛﻦـاء اﻟﺶـرح؛ ﻷﻧﻦـي أدركـت أن اﻟﻜﺚـﻳﺮ مـن ﻣﺶـﻛﻼﺗﻲ كـان ﻧﺘﯿﺞـة ﻻﻧﺶـﻏﺎﻟﻲ‬
‫ﻣﺮ ﻟﺬاﺗﻲ اﻟﺬي‬‫ﺑﺈﺛﺒﺎت أﻧﻨﻲ "ذﻛﻲ" وﺗﺠﻨﺐ اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت‪ ،‬ﻓﺴﺎﻋﺪﻧﻲ ھﺬا ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻹطﺎر اﻟﻤﺪ ّ‬
‫ﻛﻨﺖ أﻋﯿﺶ ﺑﺪاﺧﻠﻪ‪.‬‬
‫ﺗﺤﻮل اﻟﺤﻮار اﻟﺬاﺗﻲ ﺑﺪاﺧﻞ "ﺗﻮﻧﻲ" ﻣﻦ‪ " :‬أﻧﺎ ﻣﻮھﻮب ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة ‪ .‬أﻧﺎ ﻟﺴﺖ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺬاﻛﺮة‪ .‬أﻧﺎ ﻟﺴﺖ‬
‫ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﻮم ‪ .‬أﻧﺎ ﻣﺘﻤﯿﺰ" ‪.‬‬
‫إﻟﻰ‪ " :‬ﻳﺎ إﻟﮫﻲ! إﻧﻨﻲ أﻓﻘﺪ ﺳﯿﻄﺮﺗﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺮ ‪ .‬ﻻ أﺳﺘﻄﯿﻊ ﻓﮫﻢ أﺷﯿﺎء‪ ،‬وﻻ أﺳﺘﻄﯿﻊ ﺗﺬﻛﺮ أﺷﯿﺎء؛ ﻓﻤﺎذا أﻛﻮن‬
‫اﻵن؟"‪.‬‬
‫ﺣﺘﻰ أﺻﺒﺢ‪ ":‬ﻻ ﺗﮫﺘﻢ ﻛﺜﯿًﺮا ﺑﺸﺄن أن ﺗﻜﻮن ذﻛﯿًّﺎ‪ ،‬وﻻ ﺗﻘﻠﻖ ﻛﺜﯿًﺮا ﺑﺸﺄن ﺗﺠﻨﺐ اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت؛ ﻓﮫﺬا اﻷﻣﺮ ﻳﺼﺒﺢ‬
‫ﻣﺪﻣًﺮا ﻟﻠﺬات‪ .‬ﻟﻨﺒﺪأ اﻟﻤﺬاﻛﺮة‪ ،‬واﻟﻨﻮم‪ ،‬وﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﺤﯿﺎة" ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺳﯿﻤﺮ ھﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص ﺑﺒﻌﺾ اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت واﻹﺣﺒﺎطﺎت‪ ،‬ورﺑﻤﺎ ﺳﯿﻜﻮن اﻟﺘﺰاﻣﮫﻢ ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‬
‫ﻟﯿﺲ ﺑﺎﻷﻣﺮ اﻟﺴﮫﻞ طﻮال اﻟﻮﻗﺖ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻣﺠﺮد أﻧﮫﻢ‬
‫ﻳﻌﺮﻓﻮﻧﮫﺎ ﻣﻨﺤﮫﻢ طﺮﻳﻘﺔ أﺧﺮى ﻟﻠﺤﯿﺎة‪ .‬ﻓﺒﺪًﻻ ﻣﻦ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا أﺳﺮى ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﻤﺨﯿﻔﺔ ﺣﻮل اﻟﻜﺎﺗﺐ‬
‫اﻟﻌﻈﯿﻢ‪ ،‬واﻟﻼﻋﺐ اﻟﺮﻳﺎﺿﻲ اﻟﻌﻈﯿﻢ‪ ،‬أو اﻟﻌﺒﻘﺮي اﻟﻌﻈﯿﻢ‪،‬‬
‫ﻣﻨﺤﺘﮫﻢ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻟﯿﺘﺒﱠﻨﻮا أھﺪاﻓﮫﻢ وأﺣﻼﻣﮫﻢ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ‪ .‬واﻷﻣﺮ اﻷﻛﺜﺮ أھﻤﯿﺔ أﻧﮫﺎ ﻣﻨﺤﺘﮫﻢ‬
‫طﺮﻳﻘﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ ھﺬه اﻷھﺪاف واﻷﺣﻼم‪.‬‬

‫ورﺷﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬

‫ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻤﺮاھﻘﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ‪ ،‬ھﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻓﯿﮫﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺑﻨﺎء ﻋﻦ اﻻھﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺪراﺳﺔ‪ ،‬إﻟﻰ درﺟﺔ‬
‫أﻧﻚ ﻗﺪ ﺗﺴﻤﻊ أﺻﻮاﺗﮫﻢ ﻳﻔﺮون ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺔ ﻓﺮاًرا‪ .‬إﻧﮫﺎ‬
‫ﻀﺎ ﻣﻦ أﻛﺒﺮ ﺗﺤﺪﻳﺎت اﻟﺸﺒﺎب‪ ،‬واﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﻘﯿِ ّﻤﻮن ﻓﯿﮫﺎ أﻧﻔﺴﮫﻢ ﺑﺼﺮاﻣﺔ‬ ‫اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﻮاﺟﻪ ﻓﯿﮫﺎ اﻟﻄﻼب ﺑﻌ ً‬
‫وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪ .‬إن اﻟﻄﻼب ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ھﻢ ﺑﺎﻷﺣﺮى ﻣﻦ ﻳﮫﻠﻌﻮن وﻳﮫﺮﺑﻮن ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﻠﺠﺄ‪ ،‬ﻓُﯿﻈﮫﺮون داﻓﻌﯿﺔ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ وﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﻰ‬
‫درﺟﺎت ﻣﺘﺪﻧﯿﺔ‪.‬‬
‫ﺧﻼل اﻷﻋﻮام اﻟﻘﻠﯿﻠﺔ اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ‪ ،‬أﻗﻤﻨﺎ ورﺷﺔ ﻋﻤﻞ ﻟﮫﺆﻻء اﻟﻄﻼب‪ ،‬ﺗﻌﻠِ ّﻤﮫﻢ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬وﻛﯿﻔﯿﺔ‬
‫ﺗﻄﺒﯿﻘﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺪراﺳﯿﺔ‪ .‬إﻟﯿﻚ ﺟﺰًءا ﻣﻤﺎ ﻗﯿﻞ ﻟﮫﻢ‪:‬‬
‫ﻘﺎ ﻓﻲ‬ ‫ﻳﻨﻈﺮ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس إﻟﻰ اﻟﻤﺦ ﻛﻠﻐﺰ‪ .‬ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻋﻦ اﻟﺬﻛﺎء وﻛﯿﻔﯿﺔ ﻋﻤﻠﻪ‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ُﻳﻔﻜﺮون ﺣ ًّ‬
‫ﻣﺎھﯿﺔ اﻟﺬﻛﺎء‪ ،‬ﻳﻌﺘﻘﺪ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص أن اﻟﺸﺨﺺ‬
‫ﻳﻮلــد إمــا ذكــﻳًّﺎ أو ﻣﺘﻮســط الــذﻛﺎء أو ﻏﺐــﻳًّﺎ وﻳﺲــﺗﻤﺮ ﻋﻞــى هــذه اﻟﺢــال ﺑﻘﻲــة ﺣﯿﺎتــه‪ .‬وﻟﻚــن‬
‫ﻳﻆــھﺮ ﺑﺢــث جــدﻳﺪ أن اﻟﻢــخ أشــﺑﻪ ﺑﺎﻟﻌﺾــﻟﺔ ‪ -‬فـھﻮ ﻳﺘﻎـﻳﺮ وﻳﺺـﺑﺢ أقـوى ﻋﻦـدﻣﺎ‬
‫ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻪ‪ .‬واﺳﺘﻄﺎع اﻟﻌﻠﻤﺎء أن ﻳﻮﺿﺤﻮا ﻛﯿﻒ ﻳﻨﻤﻮ اﻟﻤﺦ وﻳﺼﺒﺢ أﻗﻮى ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻪ‪.‬‬
‫ﻮّن اﻟﻤﺦ رواﺑﻂ ﺟﺪﻳﺪة‪ ،‬و"ﻳﻨﻤﻮ" ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻤﺎرس اﻷﺷﺨﺎص أﺷﯿﺎء ﺟﺪﻳﺪة وﻳﺘﻌﻠﻤﻮﻧﮫﺎ‪.‬‬ ‫ﺛﻢ ﺷﺮﺣﻨﺎ ﻛﯿﻒ ﻳﻜ ِ‬
‫ﻋﻦــدﻣﺎ ﺗﺘﻌﻞــم أشــﻳﺎء جــدﻳﺪة‪ ،‬ﺗﺘﺾــاﻋﻒ ﺗﻞــك الــرواﺑﻂ اﻟﺺــﻏﯿﺮة اﻟﻢـوﺟﻮدة بـاﻟﻤﺦ وﺗﺺـﺑﺢ‬
‫أقـوى‪ .‬وﻛﻠﻢـا ﻋﱠﺮضـت ﻋﻘﻞـك ﻟﻠﺘﻌﻞـم‪ ،‬ﻧﻢـت ﺧﻼيـا ﻣﺦـك ﺑﺶـﻛﻞ أﻛﺐـر‪ .‬ﺣﯿﻨﺊـٍذ‪،‬‬
‫اﻷﺷﯿﺎء اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺖ ﺗﺠﺪھﺎ ﺻﻌﺒﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ أو ﻣﺴﺘﺤﯿﻠﺔ ‪ -‬ﻛﺎﻟﺘﺤﺪث ﺑﻠﻐﺔ أﺟﻨﺒﯿﺔ أو ﺣﻞ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺤﺴﺎﺑﯿﺔ ‪-‬‬
‫ﺳﺘﺒﺪو أﺳﮫﻞ‪ .‬واﻟﻨﺘﯿﺠﺔ أﻧﻚ ﺳﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺦ أﻗﻮى وأﻛﺜﺮ‬
‫ذﻛﺎًء‪.‬‬
‫ﺛﻢ ﻧﺸﯿﺮ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻦ ﻳﻀﺤﻚ ﻣﻦ اﻷطﻔﺎل اﻟﱡﺮﺿﻊ وﻳﺴﺨﺮ ﻣﻦ ﻏﺒﺎﺋﮫﻢ؛ ﻷﻧﮫﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﯿﻌﻮن اﻟﺘﺤﺪث؛‬
‫ﻓﮫﻢ ﻟﻢ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮا ذﻟﻚ ﺑﻌﺪ‪ .‬ﻋﺮﺿﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻼب ﺻﻮًرا‬
‫ﻟﺘﻐﯿﺮ ﻛﺜﺎﻓﺔ رواﺑﻂ اﻟﻤﺦ ﻟﺪى اﻷطﻔﺎل ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻋﺎﻣﮫﻢ اﻷول ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻳﻨﺘﺒﮫﻮن وﻳﺪرﺳﻮن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ﻳﺤﯿﻂ ﺑﮫﻢ‬
‫وﻳﺘﻌﻠﻤﻮن ﻛﯿﻒ ﻳﻔﻌﻠﻮن اﻷﺷﯿﺎء‪.‬‬
‫ﺧﻼل ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﻠﺴﺎت‪ ،‬وﻣﻦ ﺧﻼل اﻷﻧﺸﻄﺔ واﻟﻨﻘﺎﺷﺎت‪ ،‬ﺗﻢ ﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﻄﻼب ﻣﮫﺎرات اﻟﻤﺬاﻛﺮة‪ ،‬وﻋﺮﻓﻮا‬
‫ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﻄﺒﯿﻖ دروس ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻋﻠﻰ أﺳﻠﻮب ﻣﺬاﻛﺮﺗﮫﻢ‬
‫وأﻋﻤﺎﻟﮫﻢ اﻟﻤﺪرﺳﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻳﺢــب اﻟﻂــﻻب اﻟﺘﻌﻞــم عــن اﻟﻢــخ‪ ،‬وأن ﺗﻚــون اﻟﻨﻘﺎشــات ﻣﻔﻌﻢــة ﺑﺎﻟﺤﯿﻮيــة ﻟﻠﻐﺎيــة‪ .‬وﻟﻚــن اﻷمــر‬
‫اﻷﻛﺚــر ﻓﺎئــدة هـو اﻟﺘﻌﻠﯿﻖـات اﻟﺖـي ﻗﺎلـھﺎ اﻟﻂـﻻب عـن أﻧﻔﺲـھﻢ‪ .‬ﻟﻨﻊـد إلـى‬
‫"ﺟﯿﻤﻲ"‪ ،‬اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻓﺎﺗﺮ اﻟﮫﻤﺔ واﻟﻤﻘﺎوم ﻟﻠﺘﻐﯿﺮ اﻟﺬي ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ‪ ،‬ﻓﻲ ورﺷﺔ ﻋﻤﻠﻨﺎ اﻷوﻟﻰ‬
‫ﻛﻨﺎ ﻣﻨﺪھﺸﯿﻦ ﻟﺴﻤﺎﻋﻪ ﻳﻘﻮل وﻋﯿﻨﺎه ﻣﻤﺘﻠﺌﺘﺎن ﺑﺎﻟﺪﻣﻮع‪:‬‬
‫ﻲ أن أﻛﻮن ﻏﺒﯿًّﺎ؟"‬
‫"أﺗﻌﻨﯿﻦ أﻧﻨﻲ ﻟﯿﺲ ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﻗﺪ ﻧﻈﻦ أن ھﺆﻻء اﻟﻄﻼب ﻓﺎﺗﺮي اﻟﮫﻤﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻲ رأﻳﺖ أﻧﮫﻢ ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻔﻮن أﺑًﺪا ﻋﻦ اﻻھﺘﻤﺎم‪ .‬ﻻ أﺣﺪ ﻳﻌﺘﺎد ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻐﺒﺎء‪ .‬أﺧﺒﺮﻧﺎ "ﺟﯿﻤﻲ" ﺧﻼل ورﺷﺔ اﻟﻌﻤﻞ‪" :‬أﻧﺖ‬
‫ﻣﺴﺌﻮل ﻋﻦ ﻋﻘﻠﻚ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻤﯿﺘﻪ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ"‪ .‬وﻣﻊ ﻣﻮاﺻﻠﺔ ورﺷﺔ اﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬ﻛﺎن ھﺬا ﻣﺎ‬
‫ﻗﺎﻟﻪ ﻣﻌﻠﻢ "ﺟﯿﻤﻲ"‪:‬‬
‫"ﺟﯿﻤﻲ"‪ ،‬اﻟﺬي ﻻ ﻳﺒﺬل أي ﻣﺠﮫﻮد إﺿﺎﻓﻲ واﻟﺬي ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻻ ﻳﺴﻠِ ّﻢ واﺟﺒﻪ اﻟﻤﻨﺰﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻤﺤﺪد‪ ،‬ظﻞ‬
‫ﻣﺴﺘﯿﻘﻈًﺎ ﺣﺘﻰ وﻗﺖ ﻣﺘﺄﺧﺮ؛ ﻳﻌﻤﻞ ﻟﺴﺎﻋﺎت ﺣﺘﻰ ﻳﻨﮫﻲ أﺣﺪ‬
 ‫ﺪا ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻔﺮض‬ ‫اﻟﻔﺮوض ﻣﺒﻜًﺮا ﺣﺘﻰ أﻧﻈﺮ ﻓﯿﻪ وأﻣﻨﺤﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻤﺮاﺟﻌﺘﻪ‪ ،‬ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻣﺔ ﺟﯿﺪ ﺟ ًّ‬
‫اﻟﻤﻨﺰﻟﻲ )ﻛﺎن ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻣﺔ ﺟﯿﺪ أو أﻗﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ(‪.‬‬
‫ﻋﻞــــى ســــﺑﯿﻞ اﻟﻤﺺــادﻓﺔ‪ ،‬لــم ﻳﻚــن اﻟﻤﻌﻠﻢــون ﻳﺢــاوﻟﻮن ﻓﻖــط أن ﻳﻚــوﻧﻮا ﻟﻄﻒــاء ﻣﻌﻦــا مــن‬
‫خــﻻل إﺧﺐــارﻧﺎ ﺑﻢــا ﻧﺮيــد ســﻣﺎﻋﻪ‪ ،‬ولــم ﻳﻚــن اﻟﻤﻌﻠﻢــون ﻳﻊــرﻓﻮن مــن هــم اﻟﻂــﻻب‬
‫ﻀﺎ‪ .‬أﻋﻀﺎء ورﺷﺔ اﻟﻌﻤﻞ ھﺬه‬ ‫اﻟﻤﻮﺟﻮدون ﻓﻲ ورﺷﺔ ﻋﻤﻞ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﻷﻧﻨﺎ ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻨﺎ ورﺷﺔ ﻋﻤﻞ أﺧﺮى أﻳ ً‬
‫اﺟﺘﻤﻌﻮا ﻟﻤﺮات ﻛﺜﯿﺮة وﻋﻠﱠﻤﻨﺎھﻢ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﻣﮫﺎرات اﻟﻤﺬاﻛﺮة‪،‬‬
‫وﺣﺼﻠﻮا ﻋﻠﻰ اھﺘﻤﺎم ﺧﺎص ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ اﻟﺪاﻋﻤﯿﻦ‪ .‬ﻟﻜﻨﮫﻢ ﻟﻢ ﻳﺘﻌﻠﻤﻮا ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ وﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﻄﺒﯿﻘﮫﺎ‪.‬‬
‫ﻟﻢ ﻳﻌﺮف اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن أﻳًّﺎ ﻣﻦ طﻼﺑﮫﻢ ﻳﺤﻀﺮ أﻳًّﺎ ﻣﻦ اﻟﻮرﺷﺘﯿﻦ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ أﺑﺮزوا "ﺟﯿﻤﻲ" واﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب ﻓﻲ‬
‫ورﺷﺔ ﻋﻤﻞ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ؛ ﻟﯿﺨﺒﺮوﻧﺎ أﻧﮫﻢ ﻗﺪ رأوا ﺗﻐﯿﺮات‬
‫ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ﻓﻲ داﻓﻌﯿﺘﮫﻢ ﻟﻠﺘﻌﻠﻢ واﻟﺘﻄﻮر‪.‬‬
‫ﻻﺣﻈﺖ ﻣﺆﺧًﺮا أن ﺑﻌﺾ اﻟﻄﻼب ﻳﻜﻨﻮن ﺗﻘﺪﻳًﺮا أﻋﻈﻢ ﺗﺠﺎه اﻟﺘﻄﻮر‪ ...‬ﻛﺎن اﻟﻄﺎﻟﺐ "آر"‪ .‬ﻳﺆدي أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻳﯿﺮ‪...‬‬
‫ﻢ أن ﻳﺪرك ﻗﯿﻤﺔ ﺗﻄﻮر درﺟﺎﺗﻪ ﻣﻦ ‪ 52‬و ‪ 46‬و ‪49‬‬ ‫ﻌﻠ ﱠ َ‬
‫ﺗَ َ‬
‫ﻌﺮ ﺑﻘﯿﻤﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺬي ﺣﻘﻘﻪ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت‪.‬‬ ‫إﻟﻰ ‪ 67‬و‪ ...71‬ﺷ َ‬
‫ﻋﺎ اﻟﻤﺰﻳﺪ‬ ‫ﻛﺎن ﻣﺴﺘﻮى "إم‪ ".‬أﻗﻞ ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺼﻒ‪ .‬ﺧﻼل اﻷﺳﺎﺑﯿﻊ اﻟﻌﺪﻳﺪة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬طﻠﺒﺖ ﻣﻨﻲ طﻮ ً‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﺧﻼل ﻓﺘﺮة اﻟﻐﺪاء ﺣﺘﻰ ﺗﺤﺴﻦ ﻣﻦ أداﺋﮫﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻻﺧﺘﺒﺎرات‪ .‬ﺗﺤﺴﻨﺖ درﺟﺎﺗﮫﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﯿﺮ ﻋﻦ درﺟﺎت اﻟﺮﺳﻮب‪ ،‬إذ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ‪ 84‬ﻓﻲ أﺣﺪث اﺧﺘﺒﺎر‬
‫أﺟﺮﺗﻪ‪.‬‬
‫ﻳﻼﺣﻆ وﺟﻮد ﺗﻐﯿﺮات إﻳﺠﺎﺑﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺪاﻓﻌﯿﺔ واﻟﺴﻠﻮك ﻟﺪى "ﻛﯿﻪ‪ ".‬و"ﺟﯿﻪ‪ .".‬ﻛﺎﻧﺎ ﻗﺪ ﺑﺪآ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺠﺪﻳﺔ ﺑﺸﻜﻞ‬
‫ﺛﺎﺑﺖ‪.‬‬
‫ﺷﺎرك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب ﺑﺸﻜﻞ ﺗﻄﻮﻋﻲ ﻓﻲ ﺟﻠﺴﺎت ﺗﻌﻠﯿﻢ اﻷﻗﺮان ﺧﻼل ﻓﺘﺮات ﺗﻨﺎول اﻟﻐﺪاء أو ﺑﻌﺪ اﻧﺘﮫﺎء‬
‫اﻟﺪوام اﻟﻤﺪرﺳﻲ‪ .‬طﻼب ﻣﺜﻞ "إن‪ ".‬و "إس‪ ".‬ﻛﺎﻧﺎ ﻳﻨﺠﺤﺎن‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ طﻠﺒﺎ ﻣﺰﻳًﺪا ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة‪ ،‬وﺷﺠﻌﺘﮫﻢ اﺣﺘﻤﺎﻟﯿﺔ إﺣﺮاز ﺗﻘﺪم ﺷﺪﻳﺪ‪.‬‬
‫ﻛﻨﺎ ﻧﺘﻠﮫﻒ ﻟﻨﺮى إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ورﺷﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻗﺪ أﺛﱠﺮت ﻋﻠﻰ درﺟﺎت اﻟﻄﻼب‪ ،‬ﻓﺤﺼﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ إذن ﻣﻨﮫﻢ ﻟﻨﻄﱠﻠﻊ ﻋﻠﻰ‬
‫درﺟﺎﺗﮫﻢ اﻟﺨﺘﺎﻣﯿﺔ ﻓﻲ ﻧﮫﺎﻳﺔ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺪراﺳﻲ‪ .‬وﺑﺼﻮرة ﺧﺎﺻﺔ اطﱠﻠﻌﻨﺎ ﻋﻠﻰ درﺟﺎﺗﮫﻢ ﻓﻲ ﻣﺎدة اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت؛‬
‫ﺣﯿﺚ إﻧﮫﺎ ﺗﻌﻜﺲ اﻟﺘﻌﻠﻢ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ ﺟﺪﻳﺪة ﺻﻌﺒﺔ‪.‬‬
‫ﻗﺒﻞ ورﺷﺔ اﻟﻌﻤﻞ‪ ،‬ﻛﺎﻧﺖ درﺟﺎت اﻟﻄﻼب ﻓﻲ ﻣﺎدة اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت ﺳﯿﺌﺔ ﺑﺸﺪة‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ‪ ،‬وﻣﻤﺎ ﻳﺜﯿﺮ اﻟﻌﺠﺐ‬
‫أن اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ ورﺷﺔ ﻋﻤﻞ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‬
‫أظﮫﺮوا ﻗﻔﺰة ﻓﻲ درﺟﺎﺗﮫﻢ‪ .‬أﺻﺒﺢ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ اﻵن أﻧﮫﻢ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺄداء أﻓﻀﻞ ﻣﻤﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﻪ اﻟﻄﻼب ﻓﻲ ورﺷﺔ‬
‫اﻟﻌﻤﻞ اﻷﺧﺮى‪.‬‬
‫ورشــة ﻋﻢــل ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو اﻟﺖــي اﻣﺖــدت ﻟﺜﻢــاﻧﻲ ﺟﻠﺲــات ﻓﻖــط كــان لــھﺎ أثــًرا ﺣﻖــﻳﻘﻲ‪،‬‬
‫فــھﺬا اﻟﺘﻊــدﻳﻞ اﻟﻮﺣﻲــد فــي ﻣﻌﺘﻖــدات اﻟﻂــﻻب اســﺗﻄﺎع أن ﻳﺢــرر قــواھﻢ الـذھﻨﯿﺔ‬
‫وﻳﺤﺚــھﻢ ﻋﻞـى اﻟﻌﻢـل واﻹﻧﺞـاز‪ ،‬ﻓﺐـاﻟﻄﺒﻊ كـاﻧﻮا ﻳﺘﻌﻠﻢـون فـي ﻣﺪرسـة حـﻳﺚ اﻟﻤﻌﻠﻢـون ﻓﻲـھﺎ‬
‫ﻣﺘﺞـاوﺑﻮن‪ ،‬ﺑﺎﻹضـاﻓﺔ إلـى ﺣﻢـاس اﻟﻂـﻻب‪ ،‬ﻓﻖـد كـاﻧﻮا ﻋﻞـى اسـﺗﻌﺪاد ﻟﺐـذل‬
‫ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﮫﺪ؛ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺗﮫﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ .‬ﻣﻊ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ُﺗﻈﮫﺮ ﻗﻮة ﺗﻐﯿﯿﺮ اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت‪.‬‬
‫اﻟﻄﻼب ﻓﻲ ورﺷﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻷﺧﺮى ﻟﻢ ﻳﺘﻄﻮروا‪ .‬ﺑﺨﻼف اﻟﺜﻤﺎﻧﻲ ﺟﻠﺴﺎت اﻟﺘﻲ ﺣﻀﺮوھﺎ ﻋﻦ ﻣﮫﺎرات اﻟﻤﺬاﻛﺮة‬
‫واﻷﻣﻮر اﻟﺠﯿﺪة اﻷﺧﺮى‪ ،‬ﻟﻢ ُﻳﻈﮫﺮوا أي اﺳﺘﻔﺎدة؛ وﻷﻧﮫﻢ ﻟﻢ‬
‫ﻳﺘﻌﻠﻤﻮا أن ﻳﻔﻜﺮوا ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺑﺸﺄن ﻋﻘﻮﻟﮫﻢ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﺘﺤﻤﺴﯿﻦ ﻟﺘﻄﺒﯿﻖ اﻟﻤﮫﺎرات اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻤﻮھﺎ‪.‬‬
‫ورﺷﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﻄﻼب ﻣﺴﺆوﻟﯿﻦ ﻋﻦ ﻋﻘﻮﻟﮫﻢ‪ .‬ﺑﺘﺤﺮرھﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻀﺔ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ‬
‫"ﺟﯿﻤﻲ" وأﻣﺜﺎﻟﻪ أن ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮا اﻵن ﻋﻘﻮﻟﮫﻢ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺜﺮ‬
‫ﺣﺮﻳﺔ وإﻟﻰ أﻗﺼﻰ ﺣﺪ‪.‬‬

‫ﻋﻠﻢ اﻟﺪﻣﺎغ‬
‫ﻣﺸﻜﻠﺔ ورﺷﺔ اﻟﻌﻤﻞ أﻧﮫﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻄﻠﺐ وﺟﻮد ﻓﺮﻳﻖ ﻋﻤﻞ ﻛﺒﯿﺮ ﻳﺠﺮﻳﮫﺎ‪ ،‬اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻏﯿﺮ ﻣﺘﯿﺴﺮ إﻟﻰ‬
‫ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ‪ .‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﺸﺎرﻛﯿﻦ‬
‫ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ‪ ،‬وﻗﺪ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻋﺎﻣًﻼ ﻛﺒﯿًﺮا ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﺳﺘﻔﺎد ﺑﻪ اﻟﻄﻼب؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺮرﻧﺎ أن‬
‫ﻧﻀﻊ ﻣﺤﺘﻮى ورﺷﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺑﺮﻣﺠﯿﺎت ﻛﻤﺒﯿﻮﺗﺮ ﺗﻔﺎﻋﻠﯿﺔ‪،‬‬
‫وﻧﺠﻌﻞ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ ﻳﺪﻳﺮون ﻓﺼﻮﻟﮫﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﺒﺮﻣﺠﯿﺎت‪.‬‬
‫ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻨﺼﺎﺋﺢ ﺧﺒﺮاء اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ واﻹﻋﻼم واﻟﻤﺦ‪ ،‬ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻮﺿﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻋﻠﻢ اﻟﺪﻣﺎغ ‪ ،" Brainology " TM‬وﻳﻘﺪم‬
‫اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺸﺨﺼﯿﺎت اﻟﻜﺮﺗﻮﻧﯿﺔ اﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ "ﻛﺮﻳﺲ"‬
‫و"داﻟﯿﺎ" طﺎﻟﺒﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑﻊ اﻟﺮاﺋﻌﯿﻦ وﻟﻜﻨﮫﻤﺎ ﻳﻌﺎﻧﯿﺎن ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﻤﺪرﺳﯿﺔ‪.‬‬
‫ﺗﻌﺎﻧﻲ "داﻟﯿﺎ" ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻹﺳﺒﺎﻧﯿﺔ‪ ،‬وﻳﻌﺎﻧﻲ "ﻛﺮﻳﺲ"‬
‫ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت‪ .‬زارا ﻣﻌﻤﻞ اﻟﺪﻛﺘﻮر "ﺳﯿﺮﺑﺮس"‪ ،‬وھﻮ ﻋﺎﻟﻢ أدﻣﻐﺔ ﻣﮫﻮوس إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ‪ ،‬اﻟﺬي ُﻳﻌﻠﻤﮫﻢ‬
‫ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷدﻣﻐﺔ واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺘﻐﺬﻳﺘﮫﺎ‪ .‬ﻋﻠﱠﻤﮫﻢ ﻣﺎ‬
‫الــــذي ﻳﺞــــب أن ﻳﻔﻌﻞــــوه فــــي ســﺑﯿﻞ اﻟﺤﺺــول ﻋﻞــى أﻗﺺــى أداء مــن اﻟﻢــخ )ﻣﺚــل اﻟﻦــوم‬
 ‫اﻟﻚــاﻓﻲ‪ ،‬وﺗﻦــاول اﻷطﻌﻢــة اﻟﺺــﺣﯿﺔ‪ ،‬واســﺗﺨﺪام إســﺗﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت ﺟﻲــدة فــي اﻟﻢــذاﻛﺮة(‪،‬‬
‫وﻳﻌﻠﻤﮫﻢ ﻛﯿﻒ ﻳﻨﻤﻮ اﻟﻤﺦ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ .‬اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ﻳﻮﺿﺢ ﻟﻠﻄﻼب طﻮال اﻟﻮﻗﺖ ﻛﯿﻒ طﺒﻖ "ﻛﺮﻳﺲ" و"داﻟﯿﺎ"‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﺪروس ﻋﻠﻰ أﻋﻤﺎﻟﮫﻢ اﻟﺪراﺳﯿﺔ‪ .‬اﻷﺟﺰاء اﻟﺘﻔﺎﻋﻠﯿﺔ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ﺗﺘﯿﺢ ﻟﻠﻄﻼب إﺟﺮاء اﻟﺘﺠﺎرب ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺦ‪ ،‬وﻣﺸﺎھﺪة ﻓﯿﺪﻳﻮھﺎت ﺗﻌﺮض طﻼﺑًﺎ ﺣﻘﯿﻘﯿﯿﻦ ﻳﻌﺎﻧﻮن‬
‫ﻣﺸﻜﻼت‪ ،‬وﺗﺴﺘﻌﺮض اﻹﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻌﯿﻨﻮن ﺑﮫﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻤﺬاﻛﺮة‪ ،‬وﺗﻨﺼﺢ "ﻛﺮﻳﺲ" و"داﻟﯿﺎ" ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺨﻄﻂ ﻟﻠﻤﺬاﻛﺮة‪ ،‬وﺗﺤﺘﻔﻆ ﺑﺴﺠﻞ ﻟﻤﺸﻜﻼت اﻟﻄﻼب‪ ،‬وﺧﻄﻂ‬
‫ﻣﺬاﻛﺮﺗﮫﻢ‪.‬‬
‫إﻟﯿﻚ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ذﻛﺮه طﻼب اﻟﺼﻒ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﺣﻮل ﻣﺪى اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ اﻟﺬي ﻓﻌﻠﻪ ﺑﮫﻢ اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ‪:‬‬
‫ﺑﻌﺪ أن اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻋﻠﻢ اﻟﺪﻣﺎغ أﺻﺒﺢ اﻵن ﻟﺪي ﻧﻈﺮة ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻸﻣﻮر‪ .‬اﻵن أﺻﺒﺢ ﺗﻮﺟﮫﻲ ﺗﺠﺎه اﻟﻤﻮاد‬
‫اﻟﺪراﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺖ أﻋﺎﻧﻲ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻓﯿﮫﺎ ]ھﻮ[ أن أﺣﺎول‬
‫ﺑﺠﺪ أﻛﺒﺮ‪ ،‬وأن أﺗﻘﻦ اﻟﻤﮫﺎرات‪ ...‬أﺻﺒﺤﺖ أﺳﺘﺨﺪم وﻗﺘﻲ ﺑﺼﻮرة أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘًﻼ ﻓﻲ اﻟﻤﺬاﻛﺮة ﻳﻮﻣﯿًّﺎ وﻣﺮاﺟﻌﺔ‬
‫ﻘﺎ ﻷﻧﻨﻲ‬ ‫اﻟﻤﻼﺣﻈﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﺘﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﯿﻮم ﻧﻔﺴﻪ‪ .‬أﻧﺎ ﺳﻌﯿﺪ ﺣ ًّ‬
‫اﻟﺘﺤﻘﺖ ﺑﮫﺬا اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ؛ ﻷﻧﻪ رﻓﻊ ﻣﻦ إدراﻛﻲ ﺑﺸﺄن اﻟﻤﺦ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺗﻐﯿﺮت أﻓﻜﺎري اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﻤﺦ‪ ،‬وأﺻﺒﺤﺖ أﻓﻌﻞ اﻷﺷﯿﺎء ﺑﺼﻮرة ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪ .‬ﺳﺄﺣﺎول ﺑﺠﺪﻳﺔ؛‬
‫ﻷﻧﻨﻲ أﻋﺮف أﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﺣﺎوﻟﺖ‪ ،‬ﻋﻤﻞ ﻣﺨﻚ ﺑﺼﻮرة أﻛﺒﺮ‪.‬‬
‫ﻣﺎ!‬
‫ﻛﻞ ﻣﺎ أﺳﺘﻄﯿﻊ ﻗﻮﻟﻪ أن ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻋﻠﻢ اﻟﺪﻣﺎغ ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺗﺤﺴﯿﻦ درﺟﺎﺗﻲ‪ .‬ﺳﻼ ً‬
‫ﺟﻌﻠﻨﻲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻋﻠﻢ اﻟﺪﻣﺎغ أﻏﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ أﻋﻤﻞ ﺑﮫﺎ وأذاﻛﺮ وأﺗﺪرب ﻋﻠﻰ أﻋﻤﺎل اﻟﻤﺪرﺳﺔ‪ ،‬ﺣﺘﻰ‬
‫أﺻﺒﺤﺖ اﻵن ﻋﻠﻰ دراﻳﺔ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﻤﻞ ﻣﺨﻲ وﺑﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫أﺗﻌﻠﻢ‪.‬‬
‫ﺷﻜًﺮا ﻟﻜﻢ ﻷﻧﻜﻢ ﺟﻌﻠﺘﻤﻮﻧﺎ ﻧﺬاﻛﺮ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺒﺮ‪ ،‬وﺳﺎﻋﺪﺗﻤﻮﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎء ﻣﺨﻨﺎ! ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ أﺗﺨﯿﻞ ﺧﻼﻳﺎي اﻟﻌﺼﺒﯿﺔ‬
‫وھﻲ ﺗﻨﻤﻮ وُﺗﻨﺸﺊ رواﺑﻂ ﺟﺪﻳﺪة‪.‬‬
‫أﺧﺒﺮﻧﺎ اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن أن اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﺎﺗﺮي اﻟﮫﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ أﺻﺒﺤﻮا ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﺑﺄﺳﻠﻮب ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻋﻠﻢ‬
‫اﻟﺪﻣﺎغ‪ ،‬ﻓﻌﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل‪ ،‬ﺗﻌﻠﻤﻮا أﻧﮫﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺬاﻛﺮون‬
‫ﺟﯿًﺪا وﻳﺘﻌﻠﻤﻮن ﺷﯿًﺌﺎ ﻣﺎ‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫﻢ ﻳﻨﻘﻠﻮﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﻤﺆﻗﺘﺔ )اﻟﺬاﻛﺮة اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ( إﻟﻰ ذاﻛﺮة أﻛﺜﺮ دوا ً‬
‫ﻣﺎ )اﻟﺬاﻛﺮة‬
‫طﻮﻳﻠﺔ اﻟﻤﺪى(‪ .‬أﺻﺒﺤﻮا ﻳﻘﻮﻟﻮن اﻵن ﻟﺒﻌﻀﮫﻢ اﻟﺒﻌﺾ‪:‬‬
‫ﻲ اﻵن أن أﺿﻊ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻲ طﻮﻳﻠﺔ اﻟﻤﺪى"‪ " ،‬آﺳﻒ‪ ،‬ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻟﯿﺲ ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻲ طﻮﻳﻠﺔ‬ ‫"ﻳﺠﺐ ﻋﻠ ّ‬
‫اﻟﻤﺪى"‪" ،‬أظﻦ أﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ أﺳﺘﺨﺪم ذاﻛﺮﺗﻲ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻓﻘﻂ"‪.‬‬
‫ن اﻟﻄﻼب ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺎﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺪرﻳﺐ واﻟﻤﺬاﻛﺮة وﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻤﻠﺤﻮظﺎت واﻻﻧﺘﺒﺎه‪ ،‬ﺣﺘﻰ‬ ‫ﻗﺎل اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن إِ ﱠ‬
‫ﻳﻀﻤﻨﻮا ﻧﺸﺄة رواﺑﻂ ﻋﺼﺒﯿﺔ ﺟﺪﻳﺪة‪ .‬ﻗﺎل أﺣﺪ اﻟﻄﻼب ﻋﻦ ھﺬا‬
‫اﻷﻣﺮ‪:‬‬
‫ﻘﺎ ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ﻋﻠﻢ اﻟﺪﻣﺎغ ﻓﺎﺋﺪة ﻛﺒﯿﺮة‪ ...‬ﻛﻞ ﻣﺮة أﻓﻜﺮ ﻓﯿﮫﺎ ﻓﻲ ﻋﺪم اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ أﺗﺬﻛﺮ أن ﺧﻼﻳﺎي‬ ‫"ﺣ ًّ‬
‫اﻟﻌﺼﺒﯿﺔ ﺳﺘﻨﻤﻮ إذا ﻗﻤﺖ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ"‪.‬‬
‫ﻀﺎ أﻣﻮًرا راﺋﻌﺔ ﻋﻦ اﻷﻓﻜﺎر‬ ‫ﻀﺎ؛ ﻓﻠﻢ ﻳﺬﻛﺮوا أﺷﯿﺎَء راﺋﻌﺔ ﻋﻤﺎ اﺳﺘﻔﺎد ﺑﻪ اﻟﻄﻼب ﺑﻞ ﻗﺎﻟﻮا أﻳ ً‬ ‫ﺗﻐﯿﱠﺮ اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن أﻳ ً‬
‫اﻟﺘﻲ اﻛﺘﺴﺒﻮھﺎ‪ .‬ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص‪ ،‬ﻗﺎﻟﻮا إن ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ‬
‫ﻋﻠﻢ اﻟﺪﻣﺎغ ﻛﺎن ﺿﺮورﻳًّﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻓﮫﻢ‪:‬‬
‫"أن ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻄﻼب ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬ﺣﺘﻰ اﻟﻄﻼب اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺎﻧﻮن ﺗﻌﻠﻢ ﻣﺎدة اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺎت واﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﺬات"‪.‬‬
‫"أﻧﻨﻲ ﻳﺠﺐ أن أﻛﻮن أﻛﺜﺮ ﺻﺒًﺮا؛ ﻷن اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻳﺘﻄﻠﺐ وﻗًﺘﺎ طﻮﻳًﻼ واﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ"‪.‬‬
‫"ﻛﯿﻒ ﻳﻌﻤﻞ اﻟﻤﺦ‪ ...‬ﻓﻜﻞ ﻣﺘﻌﻠﻢ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﺳﺎﻋﺪﻧﻲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻋﻠﻢ اﻟﺪﻣﺎغ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﯿﻔﯿﺔ‬
‫اﻟﺘﺪرﻳﺲ ﻟﻠﻄﻼب ذوي أﺳﺎﻟﯿﺐ اﻟﺘﻌﻠﻢ اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ"‪.‬‬
‫ذھﺒﺖ ورﺷﺘﻨﺎ إﻟﻰ اﻷطﻔﺎل ﻓﻲ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻣﺪرﺳﺔ‪ .‬اﻋﺘﺮف ﺑﻌﺾ اﻷطﻔﺎل أﻧﮫﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺮﺗﺎﺑﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ‪،‬‬
‫ﻓﯿﻘﻮل أﺣﺪ اﻷطﻔﺎل‪" :‬ﻛﻨﺖ أظﻦ أﻧﻪ ﻣﺠﺮد وﻗﺖ ﻟﻠﺘﺴﻠﯿﺔ‪ ،‬وأﻧﮫﺎ‬
‫رﺳﻮم ﻣﺘﺤﺮﻛﺔ ﻟﻄﯿﻔﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻲ ﺑﺪأت أﻧﺼﺖ إﻟﯿﮫﺎ وأﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻲ أن أﻓﻌﻠﻪ"‪ .‬ﻓﻲ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ ذﻛﺮ ﺟﻤﯿﻊ‬
‫اﻷطﻔﺎل اﻟﻔﻮاﺋﺪ اﻟﮫﺎﺋﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﻮھﺎ‪.‬‬

‫اﻟﻤﺰﻳﺪ ﺣﻮل اﻟﺘﻐﯿﺮ‬

‫ھﻞ اﻟﺘﻐﯿﺮ ﺳﮫﻞ أو ﺻﻌﺐ؟ إﻟﻰ اﻵن ﻳﺒﺪو اﻟﺘﻐﯿﺮ ﺳﮫًﻼ‪ .‬ﻣﺠﺮد اﻟﺘﻌﻠﻢ ﺣﻮل ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻳﺒﺪو أﻧﻪ ُﻳﻌﺪ اﻟﻨﺎس‬
‫ﺣﺘﻰ ﻳﻮاﺟﮫﻮا اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت وﻳﺜﺎﺑﺮوا‪.‬‬
‫ﻓﻲ ﻳﻮم آﺧﺮ أﺧﺒﺮﺗﻨﻲ طﺎﻟﺒﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﺪي ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯿﺎ ﻋﻦ ﻗﺼﺔ ﻣﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﺳﺄﻋﺮض ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت‬
‫ﻛﺨﻠﻔﯿﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ُﺗﻘﺪم ورﻗﺔ ﺑﺤﺜﯿﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻢ‬
‫ﻧﺸﺮھﺎ‪ ،‬ﺗﻜﻮن ھﺬه اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﺒﺤﺜﯿﺔ ﻧﺘﺎج ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ‪ .‬ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﻋﺪة أﺷﮫﺮ ﺗﺘﻠﻘﻰ ﺗﻌﻠﯿﻘﺎت ﻋﻠﻰ ورﻗﺘﻚ‬
‫اﻟﺒﺤﺜﯿﺔ وﺗﻜﻮن ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎت ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻋﺸﺮ ﺻﻔﺤﺎت‬
‫ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺪ ‪ -‬ﺻﻔﺤﺎت ذات ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻣﻔﺮدة ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻄﻮر‪ .‬إذا ﻛﺎن اﻟﻤﺮاﺟﻊ ﻻ ﻳﺰال ﻳﻈﻦ أن اﻟﻮرﻗﺔ ﺑﮫﺎ‬
‫ﻣﻀﻤﻮن ﺟﯿﺪ‪ ،‬ﺳﯿﺪﻋﻮك ﻟﻤﺮاﺟﻌﺘﮫﺎ وإﻋﺎدة ﺗﻘﺪﻳﻤﮫﺎ ﻛﻤﺎ أﻧﻪ‬
‫ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻹﺷﺎرة ﻓﯿﮫﺎ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻧﻘﺪ ﺗﻠﻘﯿﺘﻪ ‪.‬‬
 ‫ﻘﺖ اﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎت‬ ‫ﻛﺮﺗﻨﻲ طﺎﻟﺒﺘﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ أرﺳﻠﺖ أطﺮوﺣﺘﮫﺎ اﻟﺒﺤﺜﯿﺔ إﻟﻰ أھﻢ ﺻﺤﯿﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻨﺎ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻠ ﱠ‬ ‫ذ ﱠ‬
‫ﺷﻌﺮت ﺑﺎﻻﻧﮫﯿﺎر‪ ،‬ﺷﻌﺮت ﺑﺄﻧﻪ ﺗﻢ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﯿﮫﺎ ﻣﻤﺎ‬
‫ﻀﺎ‪ .‬ﻣﺮ اﻟﻮﻗﺖ وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻟﻢ‬ ‫ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ ﺗﺸﻮﺑﻪ اﻷﺧﻄﺎء‪ ،‬وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺴﺮي ﻋﻠﯿﮫﺎ ھﺬا اﻟﺤﻜﻢ أﻳ ً‬
‫ﺗﺴﺘﻄﻊ أن ﺗﺪﻓﻊ ﻧﻔﺴﮫﺎ ﻟﻼﻗﺘﺮاب ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎت ﻣﺮة‬
‫أﺧﺮى أو ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺪﻳﻞ ورﻗﺘﮫﺎ اﻟﺒﺤﺜﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻚ‪ .‬ھﺬا ﻋﻤﻠﮫﻢ؛ ﻋﻤﻠﮫﻢ أن ﻳﻌﺜﺮوا ﻋﻠﻰ أي ﺧﻄﺄ‬ ‫ﺛﻢ ﻧﺼﺤﺘﮫﺎ ﺑﺄن ﺗﻐﯿِ ّﺮ ﻋﻘﻠﯿﺘﮫﺎ‪" :‬اﺳﻤﻌﻲ‪ ،‬اﻷﻣﺮ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑ ِ‬
‫ﻣﺤﺘﻤﻞ‪ ،‬وﻋﻤﻠﻚ أن ﺗﺘﻌﻠﻤﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺪ وﺗﺠﻌﻠﻲ ﺑﺤﺜﻚ‬
‫ﺑﺼﻮرة أﻓﻀﻞ"‪ .‬ﺧﻼل ﺳﺎﻋﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮاﺟﻊ ﺑﺤﺜﮫﺎ اﻟﺬي ﺗﻢ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﺑﻮد‪ .‬ﺗﺨﺒﺮﻧﻲ‪" :‬ﻟﻢ أﺷﻌﺮ أﻧﻨﻲ أﺗﻌﺮض ﻹطﻼق‬
‫اﻷﺣﻜﺎم ﻣﺮة أﺧﺮى أﺑًﺪا‪ .‬ﻛﻞ ﻣﺮة أﺗﻠﻘﻰ ﻧﻘًﺪا ﻛﮫﺬا‬
‫أﻗﻮل ﻟﻨﻔﺴﻲ‪" :‬إﻧﻪ ﻋﻤﻠﮫﻢ"‪ ،‬وأﺑﺪأ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر ﻓﻲ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻌﻤﻠﻲ "‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻐﯿﺮ ﺻﻌﺐ أﻳ ً‬
‫ﻀﺎ‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻤﺴﻚ اﻟﻨﺎس ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻐﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺮﺟﻊ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﺳﺒﺐ ﻣﺎ‪ ،‬ﻓﻔﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ ﻛﺎﻧﺖ‬
‫ﻓﺎ ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ‪ .‬أﺧﺒﺮﺗﮫﻢ‬‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺗﺨﺪم ھﺪ ً‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻋﻦ أﻧﻔﺴﮫﻢ‪ ،‬وﻋﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺼﺒﺤﻮا ﻋﻠﯿﻪ )طﻔﻞ ذﻛﻲ ﻣﻮھﻮب(‪ ،‬وﻛﯿﻒ ﻳﺤﻘﻘﻮن ذﻟﻚ )ﺗﻘﺪﻳﻢ‬
‫أداء ﺟﯿﺪ(‪ .‬وﺑﮫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻗﺪﻣﺖ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‬
‫وﺻﻔﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﺬات‪ ،‬وطﺮﻳﻘﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺐ واﻻﺣﺘﺮام ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ‪.‬‬
‫ﻓﻜﺮة أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺟﺪﻳﺮﻳﻦ أو ﻣﺤﺒﻮﺑﯿﻦ ھﻲ ﻓﻜﺮة ﺿﺮورﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸطﻔﺎل ‪ -‬إذا ﻛﺎن طﻔﻞ ﻣﺎ ﻏﯿﺮ ﻣﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ أﻧﻪ‬
‫ﺟﺪﻳﺮ أو ﻣﺤﺒﻮب ‪ -‬إذ ﺗﻘﺪم اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ وﺳﯿﻠﺔ‬
‫ﺑﺴﯿﻄﺔ وﻣﺒﺎﺷﺮة ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ ھﺬا‪.‬‬
‫قــدم كــل مــن عــاﻟﻤﻲ اﻟﻨﻒـس "كـارﻳﻦ ھﻮرنـي" و"كـارل روجـرز"‪ ،‬اﻟﻞـذﻳﻦ ﻋﻢـﻻ فـي ﻣﻨﺘﺺـف‬
‫اﻟﻖـرن اﻟﻤﺎضـي‪ ،‬ﻧﻈﺮيـات عـن اﻟﻨﻢـو اﻟﻊـاطﻔﻲ لـدى اﻷطﻒـال‪ ،‬فـھﻤﺎ ﻳﻌﺘﻖـدان أن‬
‫اﻷطﻒــال اﻟﺺــﻏﺎر ﻋﻦــدﻣﺎ ﻳﺶــﻋﺮون ﺑﻊــدم اﻟﺜﻖــة فــي ﺗﻘﺐــل آﺑﺎئــھﻢ لــھﻢ‪ ،‬ﻓﺈنــھﻢ‬
‫ﻳﺶــﻋﺮون ﺑﺾــﻳﻖ شــدﻳﺪ‪ ،‬وﻳﺶــﻋﺮون ﺑﺎﻟﺾـﻳﺎع واﻟﻮحـدة وسـط عـاﻟَﻢ ﻣﻌﻖـد‪ .‬وﻷن هـؤﻻء‬
‫اﻷطﻔﺎل ﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﺣﺪﻳﺜﻲ اﻟﺴﻦ‪ ،‬ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ رﻓﺾ آﺑﺎﺋﮫﻢ‪ ،‬وﻗﻮل‪" :‬أظﻦ أﻧﻨﻲ ﺳﺄﺧﻮض ھﺬا اﻷﻣﺮ وﺣﺪي"‪.‬‬
‫ﻓﯿﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫﻢ إﻳﺠﺎد طﺮﻳﻘﺔ ﻟﯿﺸﻌﺮوا ﺑﺎﻷﻣﺎن وﻟﯿﺠﻌﻠﻮا‬
‫آﺑﺎءھﻢ ﻓﻲ ﺻﻔﮫﻢ‪.‬‬
‫ﺻﺎ‬
‫اﻗﺘﺮح ﻛﻞ ﻣﻦ "ھﻮرﻧﻲ" و"روﺟﺮز" أن اﻷطﻔﺎل ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺻﻨﻊ أو ﺗﺨﯿﻞ أﻧﻔﺴﮫﻢ أﺷﺨﺎ ً‬
‫آﺧﺮﻳﻦ؛ أﺷﺨﺎص ﻗﺪ ﻳﺤﺒﮫﻢ آﺑﺎؤھﻢ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺒﺮ‪ .‬أوﻟﺌﻚ‬
‫اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺠﺪد ھﻢ ﻣﻦ ﻳﻈﻦ اﻷطﻔﺎل أن آﺑﺎءھﻢ ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻨﮫﻢ‪ ،‬وھﻢ ﻣﻦ ﻗﺪ ﻳﻔﻮزون ﺑﺘﻘﺒﻞ آﺑﺎﺋﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻄﻮات إﺻﻼﺣﺎت ﺟﯿﺪة ﻓﻲ وﺿﻊ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ؛ ﻟﺘﻤﻨﺢ اﻟﻄﻔﻞ ﺷﻌﻮًرا‬
‫ﺑﺎﻟﻄﻤﺄﻧﯿﻨﺔ واﻷﻣﻞ‪.‬‬
‫اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ أن ھﺬه اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة ‪ -‬ھﺬه اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ اﻟﺠﺪﻳﺮة واﻟﻘﻮﻳﺔ واﻟﺠﯿﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﻄﻔﻞ أن ﻳﺼﺒﺢ‬
‫ﻋﻠﯿﮫﺎ ‪ -‬ﺗﻤﯿﻞ إﻟﻰ أن ﺗﻜﻮن ﺷﺨﺼﯿﺔ ذات ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪،‬‬
‫وﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ ﻗﺪ ﺗﺼﺒﺢ اﻟﺴﻤﺎت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ھﻲ إدراك اﻟﻨﺎس ﻷﻧﻔﺴﮫﻢ‪ ،‬وﺗﺄﻛﯿﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻤﺎت ﻗﺪ ﻳﺼﺒﺢ ھﻮ‬
‫اﻟﻤﺼﺪر اﻟﻮﺣﯿﺪ ﻟﺸﻌﻮرھﻢ ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ‪.‬‬
‫ﺗﻐﯿﺮ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﻳﻄﺎﻟﺐ اﻟﻨﺎس ﺑﺄن ﻳﺘﻮﻗﻔﻮا ﻋﻦ ھﺬا اﻷﻣﺮ؛ ﻓﻜﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺘﺨﯿﻞ‪ ،‬ﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﺴﮫﻞ أن ﺗﺘﺨﻠﻰ ﻋﻦ‬
‫ﺷﻲء ﻛﺸﺨﺼﯿﺘﻚ اﻟﺘﻲ داﻣﺖ ﻣﻌﻚ ﻟﺴﻨﻮات ﻋﺪﻳﺪة‪،‬‬
‫واﻟﺖــي ﺗﻤﻨﺢــك اﻟﻮســﻳﻠﺔ ﻟﻠﺶــﻋﻮر ﺑﺎﻟﺜﻖــة فــي اﻟﻨﻒــس‪ .‬وﻋﻞــى وجــه اﻟﺨﺺــوص‪ ،‬لــﻳﺲ مـن‬
‫اﻟﺲـھﻞ أن ﺗﺲـﺗﺒﺪﻟﮫﺎ ﺑﻌﻘﻠﻲـة ﺗﺘﻄﻞـب ﻣﻦـك ﺗﻘﺐـل كـل اﻷشـﻳﺎء اﻟﺖـي ﻛﻦـت ﺗﺮاهـا‬
‫ﻣﺨﯿﻔﺔ‪ :‬ﻛﺎﻟﺘﺤﺪي واﻟﻤﻌﺎﻧﺎة واﻟﻨﻘﺪ واﻹﺧﻔﺎﻗﺎت‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ أﺳﺘﺒﺪل ﻋﻘﻠﯿﺘﻲ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ‪ ،‬ﻛﻨﺖ أدرك ﺑﺸﺪة ﻣﺪى ﺷﻌﻮري ﺑﺎﻻرﺗﺒﺎك‪ .‬ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ‬
‫اﻟﻤﺜﺎل‪ ،‬أﺧﺒﺮﺗﻜﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻛﯿﻒ أﻧﻨﻲ ﻛﺸﺨﺺ ذي ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪،‬‬
‫ظﻠﻠﺖ أﺗﺎﺑﻊ ﻳﻮﻣﯿًّﺎ ﻛﻞ ﻧﺠﺎﺣﺎﺗﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ أﻧﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ )اﻷرﻗﺎم اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ ﻋﻠﻰ "ﻣﻘﯿﺎس" ذﻛﺎﺋﻲ‪،‬‬
‫و"ﻣﻘﯿﺎس" ﺷﺨﺼﯿﺘﻲ وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ( وأﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻲ‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺑﺪأت اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ وﺗﻮﻗﻔﺖ ﻋﻦ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻧﺠﺎﺣﺎﺗﻲ‪ ،‬ﻛﻨﺖ ﻻ أزال أﻓﺤﺺ ﻣﻘﺎﻳﯿﺴﻲ اﻟﺬھﻨﯿﺔ‬
‫ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻠﯿﺎﻟﻲ ﻷﺟﺪھﺎ ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺼﻔﺮ‪ .‬ھﺬا‬
‫اﻷﻣﺮ ﺟﻌﻠﻨﻲ أﺧﺸﻰ أﻻ أﻛﻮن ﻏﯿﺮ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ أن أﺣﺴﺐ ﻋﺪد اﻧﺘﺼﺎراﺗﻲ‪.‬‬
‫اﻷﻣﺮ اﻷﺳﻮأ‪ ،‬ﻷﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ أﺧﻮض ﻣﺠﺎزﻓﺎت أﻛﺜﺮ‪ ،‬ﻛﻨﺖ ﻗﺪ أﺗﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﻳﻮﻣﻲ‪ ،‬وأرى ﻛﻞ اﻷﺧﻄﺎء واﻹﺧﻔﺎﻗﺎت‬
‫ﻓﺄﺷﻌﺮ ﺑﺎﻷﺳﻰ‪.‬‬
‫ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻟﻦ ﺗﺮﺣﻞ ﻋﻨﻚ ﺑﮫﺬه اﻟﺴﮫﻮﻟﺔ؛ ﻓﺈذا ﻣﺎ ﻛﻨﺖ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺣﻮارك‬
‫اﻟﺬاﺗﻲ اﻟﺪاﺧﻠﻲ‪ ،‬ﻓﯿﻤﻜﻨﮫﺎ أن ﺗﻘﻮل ﻟﻚ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺒﺎرات‬
‫اﻟﻌﻨﯿﻒــة ﻋﻦــدﻣﺎ تــرى أن اﻟﻤﻖــاﻳﯿﺲ اﻟﺖــي ذﻛﺮتــھﺎ فــي اﻟﺲــاﺑﻖ ﻋﻦــد ﻣﺲــﺗﻮى اﻟﺺــﻓﺮ‪:‬‬
‫"أنــت ﻻ شــيء "‪ .‬قــد ﻳﺠﻌﻞــك هــذا ﺗﻦــدﻓﻊ ﻟﺘﺤﺺــل ﻋﻞــى ﺑﻊــض الــدرﺟﺎت اﻟﻤﺮﺗﻔﻊــة فــي‬
‫ﻣﻘﺎﻳﯿﺴﻚ‪ .‬ﻧﻌﻢ‪ ،‬أﺗﺎﺣﺖ ﻟﻚ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻣﮫﺮﺑًﺎ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﺸﻌﻮر‪ ،‬وﺗﺘﯿﺢ ﻟﻚ ذﻟﻚ ﻣﺮة أﺧﺮى‪.‬‬
 ‫ﻻ ﺗﻠﺠﺄ ﻟﮫﺬا اﻟﻤﮫﺮب‪.‬‬
‫وھﻨﺎك اﻟﺨﺸﯿﺔ ﻣﻦ أﻻ ﺗﺼﺒﺢ ﻋﻠﻰ طﺒﯿﻌﺘﻚ ﻣﺠﺪ ً‬
‫دا‪ .‬ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻗﺪ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺄن اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻣﻨﺤﺘﻚ‬
‫اﻟﻄﻤﻮح واﻟﺤﻤﺎس واﻟﺘﻔﱡﺮد‪ .‬رﺑﻤﺎ ﺗﺨﺸﻰ أن ﺗﺼﺒﺢ‬
‫ﻣﺠﺮد ﺗﺮس ﻓﻲ اﻟﻌﺠﻠﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺠﻤﯿﻊ‪ ،‬ﺷﺨﺺ ﻋﺎدي‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ اﻧﻔﺘﺎﺣﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻤﻮ ﻳﺠﻌﻠﻚ أﻛﺜﺮ ﺷﺒًﮫﺎ ﺑﻨﻔﺴﻚ وﻟﯿﺲ أﻗﻞ‪ .‬اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻟﻔﻨﺎﻧﻮن واﻟﺮﻳﺎﺿﯿﻮن واﻟﻤﺪﻳﺮون‬
‫اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﻮن اﻟﻤﻮﺟﮫﻮن ﻧﺤﻮ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺬﻳﻦ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﯿﮫﻢ ﻓﻲ‬
‫ﺻﺎ‬
‫ﻣﺎ ﻋﻦ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﺠﺮد ﺑﺸﺮ ﻳﺨﻮﺿﻮن اﻷﺣﺪاث ﺑﺸﻜﻞ روﺗﯿﻨﻲ‪ ،‬ﺑﻞ ﻛﺎﻧﻮا أﺷﺨﺎ ً‬ ‫اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﻛﺎﻧﻮا ﺑﻌﯿﺪﻳﻦ ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻓﻲ ﻛﺎﻣﻞ ﺗﻔﺮدھﻢ وﻓﺎﻋﻠﯿﺘﮫﻢ‪.‬‬

‫اﺗﺨﺎذ اﻟﺨﻄﻮة اﻷوﻟﻰ‬

‫ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻜﺘﺎب ھﻮ ﻋﻨﻚ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ‪ ،‬وھﻮ ﺗﺪرﻳﺐ ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺔ ﺣﯿﺚ أطﻠﺐ ﻣﻨﻚ أن ﺗﺨﻮض ﻣﻌﻲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ‬
‫اﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺎت‪ ،‬وﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﺘﺮى رد ﻓﻌﻞ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪،‬‬
‫ﺛﻢ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﯿﮫﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺣﻠﮫﺎ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪.‬‬
‫اﻹشــﻛﺎﻟﯿﺔ اﻷولــى‪ .‬ﺗﺨﻲــل أنــك ﺗﻖــدﻣﺖ ﻟﻼﻟﺘﺢــاق ﺑﻜﻠﻲــة ﻟﻠﺪراسـات اﻟﻌﻠﻲـا‪ ،‬وﺗﻖـدﻣﺖ ﻟﻜﻠﻲـة‬
‫واحـدة؛ ﻷنـھﺎ هـي اﻟﻜﻠﻲـة اﻟﺖـي ﻛﻦـت ﺗﺘﻤﻦـى اﻻﻟﺘﺢـاق بـھﺎ‪ ،‬وﻛﻦـت واثـ ً‬
‫ﻗﺎ ﺑﺄنـه‬
‫ﺳﯿﺘﻢ ﻗﺒﻮﻟﻚ ﺑﮫﺎ؛ ﻷن اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس رأوا أن اﻷﺑﺤﺎث اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺘﮫﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻟﻚ إﺑﺪاﻋﯿﺔ وﻣﺜﯿﺮة ﻟﻼھﺘﻤﺎم‪،‬‬
‫وﻟﻜﻦ ﺗﻢ رﻓﻀﻚ‪.‬‬
‫رد ﻓﻊــل اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة‪ .‬أوًﻻ ﺗﻖــول ﻟﻨﻔﺲــك إن اﻷمــر كــان ﺗﻨﺎﻓﺲــﻳًّﺎ ﺑﺶــدة‪ ،‬وھﻚــذا ﻓﺈنــه ﻻ‬
‫ﻗّﺎ‪ .‬ﻓﺮﺑﻢــا لــدى هــذه اﻟﻜﻠﻲـة أعـداد مـن اﻟﻤﺘﻖـدﻣﯿﻦ الـذﻳﻦ‬ ‫ﻳﻌﻚــس قــدراﺗﻚ حــ ً‬
‫ﻳﺼﻠﺤﻮا ﻟﻼﻟﺘﺤﺎق أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ ﻗﺒﻮﻟﮫﻢ‪ .‬ﺛﻢ ﻳﺒﺪأ ﺻﻮت ﻋﻘﻠﻚ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﺪث‪ ،‬ﻓﯿﺨﺒﺮك أﻧﻚ ﺗﺨﺪع ﻧﻔﺴﻚ‪ ،‬وأﻧﻚ‬
‫ﺗﻘﺪم ﻟﻨﻔﺴﻚ ﺗﺒﺮﻳﺮات ﻏﯿﺮ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ‪ .‬ﻳﺨﺒﺮك ﻋﻘﻠﻚ‬
‫ﺤﺎ؛ رﺑﻤﺎ أﺑﺤﺎﺛﻚ‬
‫أن ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻘﺒﻮل رأت أن أﺑﺤﺎﺛﻚ ﻏﯿﺮ ﺟﯿﺪة‪ ،‬وﺑﻌﺪ ﻗﻠﯿﻞ ﺗﻘﻮل ﻟﻨﻔﺴﻚ إن ھﺬا رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﺻﺤﯿ ً‬
‫ﻋﺎدﻳﺔ وﻏﯿﺮ إﺑﺪاﻋﯿﺔ وأﻧﮫﻢ ﻗﺪ أدرﻛﻮا ذﻟﻚ‪ .‬ﻟﻘﺪ ﺻﺪر‬
‫ﻗﺮار اﻟﻠﺠﻨﺔ وأﻧﺖ ﻟﺴﺖ ﻛﻔًﺌﺎ ﻟﻼﻟﺘﺤﺎق‪.‬‬
‫ﺛﻢ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺠﮫﺪ ﺗﺤﺎول إﻗﻨﺎع ﻧﻔﺴﻚ ﺑﺎﻟﻤﺒﺮرات اﻷوﻟﻰ اﻟﻤﻨﻄﻘﯿﺔ اﻟﻤﺤﺒﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﻜﺮت ﻓﯿﮫﺎ‪ ،‬ﻓﺘﺸﻌﺮ ﺑﺤﺎل‬
‫أﻓﻀﻞ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ )وﻓﻲ أﻛﺜﺮ اﻟﻌﻼﺟﺎت اﻟﻤﻌﺮﻓﯿﺔ(‪ ،‬ھﻜﺬا‬
‫ﻳﻨﺘﮫﻲ اﻷﻣﺮ؛ ﻟﻘﺪ اﺳﺘﻌﺪت ﺛﻘﺘﻚ ﺑﻨﻔﺴﻚ وھﻜﺬا اﻧﺘﮫﻰ اﻷﻣﺮ‪ .‬وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺗﻠﻚ ﻣﺠﺮد ﺧﻄﻮة أوﻟﻰ‪،‬‬
‫ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ ھﻮ اﻟﺘﺤﺪث إﻟﻰ ﻧﻔﺴﻚ‪ ،‬واﻵن ﻳﺤﯿﻦ وﻗﺖ‬
‫اﻟﺘﻌﻠﻢ وﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﺬات‪.‬‬
‫ﺧﻄﻮة ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬ﻓﻜِّﺮ ﻓﻲ ھﺪﻓﻚ وﻓﯿﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻓﻌﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺎر اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻧﺤﻮ ﺗﺤﻘﯿﻖ ھﺬا‬
‫اﻟﮫﺪف‪ .‬ﻣﺎ اﻟﺨﻄﻮات اﻟﺬي ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﺗﺨﺎذھﺎ ﻟﺘﺴﺎﻋﺪ ﻧﻔﺴﻚ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺠﺎح؟ ﻣﺎ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺟﻤﻌﮫﺎ؟‬
‫ﺣﺴًﻨﺎ‪ ،‬رﺑﻤﺎ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺘﻘﺪم إﻟﻰ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﻠﯿﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﺮة اﻟﻘﺎدﻣﺔ‪ ،‬أو رﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﺛﻨﺎء ﻳﻤﻜﻨﻚ أن‬
‫ﺗﺠﻤﻊ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت ﺣﻮل ﻛﯿﻔﯿﺔ ﺗﻘﺪﻳﻢ طﻠﺐ اﻟﺘﺤﺎق‬
‫ﻧﺎﺟﺢ‪ :‬ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﻠﯿﺔ؟ ﻣﺎ اﻟﺨﺒﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ أھﻤﯿﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ؟ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻜﺘﺸﻒ‬
‫ھﺬه اﻟﺨﺒﺮات ﻗﺒﻞ ﻣﻮﻋﺪ ﺗﻘﺪﻳﻢ طﻠﺒﺎت اﻻﻟﺘﺤﺎق اﻟﻤﺮة‬
‫اﻟﻘﺎدﻣﺔ‪.‬‬
‫وحــﻳﺚ إن هــذه اﻟﻘﺺــة ﺣﻘﯿﻘﻲــة‪ ،‬فــأﻧﺎ أﻋﻞــم اﻟﺨﻂــوة اﻟﺖــي اﺗﺦــذﺗﮫﺎ اﻟﻤﺘﻖــدﻣﺔ اﻟﺖــي تــم‬
‫ﻗﺖ ﻧﺺــﻳﺤﺔ ﻗﻮيــة صــادرة عــن ﻋﻘﻠﻲــة اﻟﻨﻢــو‪ ،‬وﺑﻊــد عــدة أيـام قـاﻣﺖ‬ ‫رﻓﺾــھﺎ‪ .‬ﺗﻞــ ﱠ‬
‫ﺑﺎﻻﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻜﻠﯿﺔ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺪث إﻟﻰ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﻤﻌﻨﻲ ﺑﮫﺬا اﻷﻣﺮ وأﺧﺒﺮﺗﻪ ﻋﻤﺎ ﺣﺪث‪ ،‬ﻗﺎﻟﺖ‪" :‬أﻧﺎ ﻻ‬
‫أرﻳﺪ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻗﺮارﻛﻢ‪ .‬أﻧﺎ ﻓﻘﻂ أرﻳﺪ أن أﻋﺮف إذا ﻣﺎ‬
‫أردت أن أﺗﻘﺪم ﻣﺮة أﺧﺮى ﻟﻼﻟﺘﺤﺎق ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪ ،‬ﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺴﯿﻦ طﻠﺐ اﻟﺘﺤﺎﻗﻲ‪.‬‬
‫ﺳﺄﻛﻮن ﻣﻤﺘﻨﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ إذا أﻣﻜﻨﻚ أن ﺗﻘﺪم ﻟﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎت‬
‫ﺑﮫﺬا اﻟﺸﺄن"‪.‬‬
‫ﻗﺎ فــي ســﺑﯿﻞ ﺗﻌﻠﯿﻖــات ﻣﻔﻲــدة‪ .‬وﺑﻊــد‬ ‫ﻻ ﻳﻤﻚــن ﻷحــد أن يــھﺰأ ﺑﺶــﺧﺺ ﻳﻄﻞــب طﻞــﺑًﺎ صــاد ً‬
‫عــدة أيــام‪ ،‬قــام ﺑﺎﻻﺗﺺـال بـھﺎ وعـرض ﻋﻠﻲـھﺎ ﻗﺒﻮلـھﺎ فـي اﻟﻜﻠﻲـة‪ .‬ﻟﻖـد ﻧﺠﺢـت فـي‬
‫ﻋﯿَﺪ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ طﻠﺐ اﻟﺘﺤﺎﻗﮫﺎ‪ ،‬ﻗﺮر اﻟﻘﺴﻢ ﻗﺒﻮل طﺎﻟﺐ إﺿﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ‬ ‫اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﺄﻋﺠﻮﺑﺔ ﺣ ًّ‬
‫ﻘﺎ؛ ﻓﺒﻌﺪ أن ُأ ِ‬
‫اﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أن اﻟﻤﺒﺎدرة اﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﮫﺎ أﺛﺎرت إﻋﺠﺎﺑﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻟﻘﺪ ﺗﻮﺻﻠﺖ إﻟﻰ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﯿﺢ ﻟﮫﺎ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺨﺒﺮة واﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪ .‬واﺗﻀﺢ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ‬
‫أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﯿﮫﺎ أن ﺗﻄﻮر ﻣﻦ طﻠﺐ اﻟﺘﺤﺎﻗﮫﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﻋﻠﯿﮫﺎ أن‬
‫ﺗﻨﮫﻤﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر ﻓﻲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﮫﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯿﺎ‪.‬‬

‫اﻟﺨﻄﻂ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻨﻔﺬھﺎ‪ ،‬وﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻟﻦ ﺗﻘﻮم ﺑﺘﻨﻔﯿﺬھﺎ‬

‫اﻟﺠﺰء اﻟﺮﺋﯿﺲ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﺎﻟﺒﺔ اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﻟﻼﻟﺘﺤﺎق ﻛﺎن اﺗﺼﺎﻟﮫﺎ ﺑﺎﻟﻜﻠﯿﺔ؛ ﻟﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ‬
 ‫اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت‪ .‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻷﻣﺮ ﺳﮫًﻼ‪ .‬ﻛﻞ ﻳﻮم ﻳﺨﻄﻂ اﻟﻨﺎس ﻟﻠﻘﯿﺎم‬
‫ﺑﺄﻣﻮر ﺻﻌﺒﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻻ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﮫﺎ؛ ﻓﯿﻘﻮﻟﻮن ﻷﻧﻔﺴﮫﻢ إﻧﮫﻢ ﺳﯿﻘﻮﻣﻮن ﺑﮫﺬه اﻷﻣﻮر ﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ‬
‫وﻳﺘﻌﮫﺪون ﻷﻧﻔﺴﮫﻢ ﺑﺬﻟﻚ‪ .‬ﻳﻮﺿﺢ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺬي أﺟﺮاه "ﺑﯿﺘﺮ‬
‫ﮫﺪ اﻟﺸﺪﻳﺪ‪ ،‬ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺑﻼ ﻓﺎﺋﺪة؛ ﺣﯿﺚ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ‪ ،‬وﻳﻨﺘﮫﻲ‬‫ﮫﺪ‪ ،‬ﺣﺘﻰ اﻟﺘﻌ ﱡ‬
‫ﺟﻮﻟﻮﻳﺘﺰر" وزﻣﻼؤه أن اﻟﺘﻌ ﱡ‬
‫وﻳﺄﺗﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺬي ﻳﻠﯿﻪ‪ ،‬وﻳﺴﺘﻤﺮ اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻨﺤﻮ‬
‫ﺑﺪون ﻓﻌﻞ ﺷﻲء‪.‬‬
‫اﻷﻣﺮ اﻟﻨﺎﺟﺢ ھﻮ وﺿﻊ ﺧﻄﺔ ﻗﻮﻳﺔ وﻣﺤﻜﻤﺔ‪" :‬ﻏًﺪا ﻓﻲ أﺛﻨﺎء وﻗﺖ راﺣﺘﻲ ﺳﺄﺗﻨﺎول ﻓﻨﺠﺎﻧًﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺎي‪ ،‬وأﻏﻠﻖ‬
‫ﻲ ﺑﺎب ﻣﻜﺘﺒﻲ وأﺗﺼﻞ ﺑﻜﻠﯿﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯿﺎ"‪ ،‬أو ﻓﻲ‬ ‫ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﺣﺎلــة أخــرى‪" :‬صـﺑﺎح يـوم اﻷرﺑﻊـاء‪ ،‬فـور أن أسـﺗﯿﻘﻆ وأﻏﺲـل أسـﻧﺎﻧﻲ سـأﺟﻠﺲ إلـى ﻣﻜﺘﺐـي‬
‫وأبـدأ فـي ﻛﺘﺎبـة ﺗﻖـرﻳﺮي"‪ ،‬أو "اﻟﻠﯿﻞـة‪ ،‬فـور اﻻﻧﺖـھﺎء مـن ﻏﺲـل اﻷطﺐـاق ﺑﻊـد‬
‫ﺗﻨﺎول اﻟﻌﺸﺎء‪ ،‬ﺳﺄﺟﻠﺲ ﻣﻊ زوﺟﺘﻲ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ اﻟﻤﻌﯿﺸﺔ وﻧﺘﻨﺎﻗﺶ ﺣﻮل ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ .‬ﺳﺄﻗﻮل ﻟﮫﺎ "أود أن أﺗﺤﺪث‬
‫ﻋﻦ ﺷﻲء أظﻦ أﻧﻪ ﺳﯿﺠﻌﻠﻨﺎ أﻛﺜﺮ ﺳﻌﺎدة ﻳﺎ ﻋﺰﻳﺰﺗﻲ""‪.‬‬
‫ﻓﻜِّﺮ ﻓﻲ أﻣﺮ ﺗﺮﻳﺪ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻪ أو ﺗﺮﻳﺪ ﺗﻌﻠﻤﻪ أو ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻋﻠﯿﻚ ﻣﻮاﺟﮫﺘﮫﺎ‪ ،‬أﻳًّﺎ ﻛﺎن ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ ،‬واﻵن ﺿﻊ ﺧﻄﺔ‬
‫ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺗﺸﻤﻞ‪ :‬ﻣﺘﻰ ﺳﺘﻘﻮم ﺑﺘﻨﻔﯿﺬ ﺧﻄﺘﻚ؟ أﻳﻦ ﺳﺘﻨﻔﺬھﺎ؟‬
‫ﻛﯿﻒ ﺳﺘﻨﻔﺬھﺎ؟ ﻓﻜِّﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ھﺬا ﺑﺘﻔﺎﺻﯿﻞ واﺿﺤﺔ‪.‬‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻄﻂ اﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ‪ -‬اﻟﺨﻄﻂ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺼﻮرھﺎ ‪ -‬اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺎﺻﯿﻞ ﻣﻮﻋﺪ وﻣﻜﺎن وﻛﯿﻔﯿﺔ ﻗﯿﺎﻣﻚ‬
‫ﺑﻤﺎ ﺳﺘﻔﻌﻠﻪ‪ ،‬ﺗﺆدي إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬ‬
‫واﻟﺬي ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻓﺮص اﻟﻨﺠﺎح‪.‬‬
‫ﻀﺎ ﻓﻲ ﺗﺼﻮر ﻛﯿﻔﯿﺔ‬ ‫إذن ﻓﺎﻟﻔﻜﺮة ﻟﯿﺴﺖ ﻓﻲ وﺿﻊ ﺧﻄﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻘﻂ‪ ،‬وﻟﻜﻦ أﻳ ً‬
‫ﺗﻨﻔﯿﺬھﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ‪.‬‬
 ‫ﺷﻌﻮر ﺳﯿﺊ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻋﻤﻞ ﺟﯿﺪ‬
‫ﻌﺪ إﻟﻰ اﻟﻮراء؛ ﺣﯿﺚ اﻟﻔﻘﺮة اﻟﺘﻲ رﻓﻀﺘﻚ ﻓﯿﮫﺎ ﻛﻠﯿﺔ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﯿﺎ‪ .‬اﻓﺘﺮض أن ﻣﺤﺎوﻟﺘﻚ ﻟﻠﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺘﺤﺴﻦ‬ ‫ﻟَِﻨ ُ‬
‫ﺑﺎءت ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺰال ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ اﺗﺨﺎذ ﺧﻄﻮة‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻷﺳﻰ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺴﺎﻋﺪك ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻄﻮر‪.‬‬
‫ﻣﱠﺮ ﺑﺈﺧﻔﺎق ﻣﺎ‪ ،‬أﺧﻮض ﻋﻤﻠﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺪث إﻟﻰ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ‪ ،‬وﻛﯿﻒ ُأﺧﻄﻂ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ‬ ‫أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﺑﻌﺪ أن أَ ُ‬
‫ﻣﻊ ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ .‬ﻛﻞ ﺷﻲء ﻳﺒﺪو ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮام ﺣﺘﻰ أﻧﺎم ﻋﻨﺪ‬
‫ھﺬا اﻟﺤﺪ‪ ،‬وﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﻧﻮﻣﻲ‪ ،‬أﺣﻠﻢ ﺑﻌﺪة أﺣﻼم ﻋﻦ اﻟﺨﺴﺎرة واﻟﻔﺸﻞ أو اﻟﺮﻓﺾ‪ ،‬وﻓ ً‬
‫ﻘﺎ ﻟﻤﺎ ﺣﺪث‪ .‬ذات ﻣﺮة‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻣﺮرت ﺑﺨﺴﺎرة ﻣﺎ‪ ،‬ذھﺒﺖ إﻟﻰ اﻟﻨﻮم ورأﻳﺖ اﻷﺣﻼم‬
‫ن أن أﺳﻨﺎﻧﻲ ﻗﺪ ﺳﻘﻄﺖ‪ ،‬وﻓﻲ ﺣﻠﻢ ﺛﺎﻟﺚ رأﻳﺖ‬ ‫اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪ :‬رأﻳﺖ ﻓﻲ ﺣﻠﻢ أﻧﻪ ﻗﺪ ﺳﻘﻂ ﺷﻌﺮي‪ ،‬وﻓﻲ ﺣﻠﻢ ﺛﺎ ٍ‬
‫أﻧﻨﻲ ﻗﺪ أﻧﺠﺒﺖ طﻔًﻼ ﺛﻢ ﻣﺎت‪ ،‬وﻣﺎ إﻟﻰ ذﻟﻚ‪ .‬وﻓﻲ ﻣﺮة أﺧﺮى‪،‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﻌﺮت ﺑﺎﻟﺮﻓﺾ‪ ،‬رأﻳﺖ ﻓﻲ أﺣﻼﻣﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻮاﻗﻒ اﻟﺮﻓﺾ ‪ -‬اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ واﻟﺨﯿﺎﻟﯿﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة‪ ،‬ﺗﺜﯿﺮ‬
‫ﻤﺎ ﻣﻌﯿًﻨﺎ‪ ،‬وﺧﯿﺎﻟﻲ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﻨﺸﺎط ﻳﺠﻤﻊ ﻛﻞ‬ ‫اﻷﺣﺪاث ﺣﻠ ً‬
‫اﻟﺘﻨﻮﻋﺎت ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮة اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ﻟﻠﺤﻠﻢ وﻳﻀﻌﮫﺎ أﻣﺎﻣﻲ‪ .‬وﻋﻨﺪﻣﺎ أﺳﺘﯿﻘﻆ أﺷﻌﺮ ﻛﺄﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ أﺧﻮض ﺣﺮوﺑًﺎ‪.‬‬
‫ﻦ ھﺬا ﻟﯿﺲ ﻟﻪ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻷﻣﺮ‪ .‬رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﺳﮫﻞ أن أﺳﺘﻌﺪ ﻟﺘﻨﻔﯿﺬ‬ ‫ﺳﯿﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺮاﺋﻊ أﻻ ﻳﺤﺪث ھﺬا‪ ،‬ﻟﻜ ﱠ‬
‫ﻦ ھﺬا ﻟﯿﺲ ﻣﮫ ًّ‬
‫ﻤﺎ‪،‬‬ ‫اﻟﺨﻄﺔ إذا ﻣﺎ ﻛﻨﺖ أﺷﻌﺮ ﺑﺘﺤﺴﻦ‪ ،‬ﻟﻜ ﱠ‬
‫ﻦ ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ؟ ﻛﻠﻤﺎ ﺷﻌﺮوا ﺑﺎﻷﺳﻰ‪،‬‬ ‫ﻄﯿ َ‬
‫ﻓﺎﻟﺨﻄﺔ ﺳﯿﺘﻢ ﺗﻨﻔﯿﺬھﺎ ﻋﻠﻰ أﻳﱠﺔ ﺣﺎل‪ .‬أﺗﺘﺬﻛﺮ اﻟﻄﻼب اﻟﻤﺤﺒَ ِ‬
‫ﻓﻌﻠﻮا اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺒﱠﻨﺎءة‪ .‬ﻛﻠﻤﺎ ﺷﻌﺮوا ﺑﺈﺣﺒﺎط أﻛﺜﺮ‪،‬‬
‫دﻓﻌﻮا أﻧﻔﺴﮫﻢ أﻛﺜﺮ إﻟﻰ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪوﻧﻪ‪.‬‬
‫اﻷﻣﺮ اﻟﻤﮫﻢ ھﻮ وﺿﻊ ﺧﻄﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻣﻮﺟﮫﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﻨﻤﻮ واﻻﻟﺘﺰام ﺑﮫﺎ‪.‬‬

‫اﻻﺧﺘﯿﺎر رﻗﻢ واﺣﺪ‬

‫اﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﺒﺪو ﺻﻌﺒﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺗﻢ ﺣﻠﮫﺎ ﻣﺒﺪﺋﯿًّﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻜﺎﻟﻤﺔ ھﺎﺗﻔﯿﺔ‪ .‬ﺗﺨﯿﻞ اﻵن أﻧﻚ ﻻﻋﺐ ظﮫﯿﺮ‬
‫رﺑﻌﻲ واﻋﺪ‪ ،‬ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ أﻧﺖ اﻟﻔﺎﺋﺰ ﺑﻜﺄس ھﯿﺴﻤﺎن‪ ،‬وھﻲ‬
‫أﻓﻀﻞ ﺟﺎﺋﺰة ﻟﻜﺮة ﻗﺪم اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت‪ ،‬وأﻧﺖ أﻓﻀﻞ ﻣﺮﺷﺢ ﻟﻔﺮﻳﻖ ﻓﯿﻼدﻟﻔﯿﺎ إﻳﺠﻠﺰ‪ ،‬وھﻮ اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﺬي طﺎﻟﻤﺎ ﺣﻠﻤﺖ‬
‫ﺑﺎﻟﻠﻌﺐ ﻓﯿﻪ‪ .‬إذن ﻣﺎ اﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺔ؟‬
‫اﻹشـﻛﺎﻟﯿﺔ اﻟﺜﺎﻧﻲـة‪ .‬ﻳﻖـع ﻋﻠﻲـك ضـﻏﻂ شـدﻳﺪ‪ ،‬فـأﻧﺖ ﺗﺖـوق ﻟﻠﻊـب فـي اﻟﻤﺐـارﻳﺎت‪ ،‬ﻟﻚـن فـي‬
‫كـل مـرة ﻳﺾـﻋﻮﻧﻚ فـي ﻣﺐـاراة لـﻳﻘﻮﻣﻮا ﺑﺘﺠﺮﺑﺖـك؛ ﻳﺺـﻳﺒﻚ اﻟﻘﻞـق وﺗﻔﻖـد تـرﻛﯿﺰك‪.‬‬
‫ﻦ‪ .‬ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺮاه اﻵن ﻣﻦ رﺟﺎل ﺿﺨﺎم‬ ‫ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﻛﻨﺖ ھﺎدﺋًﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻂ‪ ،‬ﻟﻜﻨﻚ اﻵن ﺗﻠﻌﺐ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺤﺘﺮﻓِﯿ َ‬
‫ﻳﺄﺗﻮن ﻧﺤﻮك ‪ -‬رﺟﺎل ﺿﺨﺎم ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻷوزان اﻟﺜﻘﯿﻠﺔ‬
‫ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﻔﺘﻜﻮا ﺑﻚ‪ ،‬رﺟﺎل ﺿﺨﺎم ﻳﺘﺤﺮﻛﻮن أﺳﺮع ﻣﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺗﺘﺨﯿﻞ ‪ -‬ﻓﺘﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﮫﻠﻊ وﻗﻠﺔ اﻟﺤﯿﻠﺔ‪.‬‬
‫ﺖ ﻟﺴﺖ ﺑﻘﺎﺋﺪ‪ .‬ﻓﻜﯿﻒ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺒﻌﺚ‬ ‫ﺬب ﻧﻔﺴﻚ ﺑﻔﻜﺮة أن اﻟﻈﮫﯿﺮ اﻟﺮﺑﻌﻲ ﻗﺎﺋﺪ‪ ،‬وأﻧ َ‬ ‫رد ﻓﻌﻞ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ُ .‬ﺗﻌ ِّ‬
‫اﻟﺜﻘﺔ ﺑﻨﻔﻮس زﻣﻼﺋﻚ ﻓﻲ اﻟﻔﺮﻳﻖ‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أﻧﻚ ﻻ‬
‫ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﺳﺘﺠﻤﺎع ﻗﻮاك ﻟﺘﻤﺮر ﺗﻤﺮﻳﺮة ﺟﯿﺪة‪ ،‬أو ﺗﺪﻓﻊ اﻟﻜﺮة ﻋﺪة ﻳﺎردات؟ وﺗﺰداد اﻷﻣﻮر ﺳﻮًءا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﺘﻤﺮ‬
‫اﻟﻤﻌﻠﻘﻮن اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﻮن ﻓﻲ اﻟﺘﺴﺎؤل‪ :‬ﻣﺎ اﻟﺬي ﺣﺪث ﻟﻠﺸﺎب‬
‫اﻟﻤﺪھﺶ؟‬
‫وﺣﺘﻰ ﺗﺤﺪ ﻣﻦ ﺷﻌﻮرك ﺑﺎﻹھﺎﻧﺔ‪ ،‬ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ اﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ اﻟﺠﻤﯿﻊ‪ ،‬وﺣﺘﻰ ﺗﺘﺠﻨﺐ اﻟﻤﻌﻠِ ّﻘﯿﻦ ﺗﺨﺘﺒﺊ ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ‬
‫ﺗﺒﺪﻳﻞ اﻟﻤﻼﺑﺲ ﻓﻮر اﻧﺘﮫﺎء اﻟﻤﺒﺎراة‪.‬‬
‫ھﻞ ھﺬه طﺮﻳﻘﺔ ﺗﺤﻘﻖ اﻟﻨﺠﺎح؟ ﻣﺎ اﻟﺨﻄﻮات اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﺗﺨﺎذھﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺠﻌﻞ اﻷﻣﻮر ﻓﻲ ﺗﺤﺴﻦ؟ ﻓﻜِّﺮ ﻓﻲ‬
‫اﻷدوات اﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﻣﺘﻨﺎوﻟﻚ‪ ،‬وﻛﯿﻔﯿﺔ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﮫﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻗﻢ‬
‫ﻣﺎ أوًﻻ‪.‬‬
‫ﺑﺘﻐﯿﯿﺮ ﻋﻘﻠﯿﺘﻚ ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﺧﻄﻮة ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬ﻓﻲ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﺗﺨﺒﺮ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﺄن اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻠﻌﺐ ﻓﻲ ﻣﺒﺎرﻳﺎت اﻟﻤﺤﺘﺮﻓﯿﻦ ﺧﻄﻮة‬
‫ھﺎﺋﻠﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻗﻠﻢ‪ ،‬واﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬وھﻨﺎك‬
‫اﻟﻜﺜﯿﺮ اﻟﺬى ﻟﻢ ﺗﺼﻞ إﻟﯿﻪ ﺑﻌﺪ‪ ،‬واﻷﻓﻀﻞ ﻟﻚ اﻵن أن ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ اﺳﺘﻜﺸﺎﻓﻪ‪.‬‬
‫ﻦ؛ ﻟﺘﻄﺮح ﻋﻠﯿﮫﻢ اﻷﺳﺌﻠﺔ وﺗﺸﺎھﺪ أﺷﺮطﺔ‬ ‫ﻣﯿ َ‬
‫ﺗﺤﺎول أن ﺗﻘﻀﻲ وﻗًﺘﺎ أﻛﺒﺮ ﻣﻊ ﻻﻋﺒﻲ اﻟﻈﮫﯿﺮ اﻟﺮﺑﻌﻲ اﻟﻤﺨﻀﺮ ِ‬
‫اﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت ﻣﻌﮫﻢ‪ .‬وﺑﺪًﻻ ﻣﻦ أن ﺗﺨﻔﻲ ﻣﺨﺎوﻓﻚ‪ ،‬ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ‬
‫ﻦ ﻋﻦ اﻟﻠﻌﺐ ﻣﻊ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‪ ،‬ﻓﯿﺨﺒﺮوﻧﻚ أن ھﺬا ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ھﻮ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا‬ ‫ﻣﺪى اﺧﺘﻼف اﻟﻠﻌﺐ ﻣﻊ اﻟﻤﺤﺘﺮﻓِﯿ َ‬
‫ﻀﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ﻳﺨﺒﺮوﻧﻚ ﺑﺎﻟﻘﺼﺺ اﻟﻤﺨﺠﻠﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ‬ ‫ﻳﺸﻌﺮون ﺑﻪ أﻳ ً‬
‫ﺑﮫﻢ أﻳ ً‬
‫ﻀﺎ‪.‬‬
‫ﺗﺲــأﻟﮫﻢ ﻋﻢــا ﻓﻌﻞــوه؛ ﻟﯿﻮاجــھﻮا اﻟﺺــﻋﻮﺑﺎت اﻷوﻟﻲــة‪ ،‬فــﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺘﻌﻠﯿﻢــك أســاﻟﯿﺒﮫﻢ اﻟﻌﻘﻠﻲــة‬
‫واﻟﺠﺲــدﻳﺔ‪ .‬فــور أن ﺗﺶــﻋﺮ ﺑﺎﻻنـدﻣﺎج مـع اﻟﻒـرﻳﻖ‪ ،‬تـدرك أنـك ﺟﺰء مـن‬
‫ﻣﻨﻈﻮمــة ﺗﺮيــد أن ﺗﺲــاﻋﺪك ﻋﻞــى اﻟﺘﻂــور ﻻ إطــﻻق اﻷﺣﻚــام ﻋﻠﻲـك أو اﻻسـﺗﮫﺎﻧﺔ بـك‪ .‬وبـدًﻻ‬
‫مـن أن ﺗﺨﺶـى أنـھﻢ يـدﻓﻌﻮن لـك أﻛﺚـر ﻣﻢـا ﺗﺲـﺗﺤﻖ ﻣﻮھﺒﺖـك‪ ،‬ﺗﺐـدأ فـي بـذل‬
‫ﺣﺎ رﻳﺎﺿﯿﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻌﻮﻧﻪ ﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺎل‪.‬‬ ‫ﻣْﻨﺢ ﻓﺮﻳﻘﻚ رو ً‬ ‫ﻣﺠﮫﻮٍد راﺋﻊٍ و َ‬
 ‫اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺘﻐﯿﺮوا‬
‫اﻟﺠﺪارة‪ :‬اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺪﻳﻦ ﻟﻚ‬
‫ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻳﻈﻨﻮن أن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﯿﻪ أن ﻳﺘﻐﯿﺮ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ھﻢ‪ .‬ﻳﺸﻌﺮون أﻧﮫﻢ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮن أﻣﻮًرا‬
‫أﻓﻀﻞ ‪ -‬وظﯿﻔﺔ أﻓﻀﻞ أو ﻣﻨﺰل أﻓﻀﻞ أو زوﺟﺔ‪/‬زوج‬
‫أﻓﻀﻞ ‪ -‬وأن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﯿﻪ أن ﻳﺪرك ﻣﺰاﻳﺎھﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ‪ ،‬وأن ﻳﻌﺎﻣﻠﮫﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺒﮫﻢ‪ .‬ﻟﻨﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ اﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪،‬‬
‫وﺗﺨﯿﻞ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ‪.‬‬
‫اﻹشــﻛﺎﻟﯿﺔ اﻟﺘﺎﻟﻲــة‪ :‬ﺗﻖــول ﻟﻨﻔﺲــك‪" :‬هــا أنــا ذا فــي هــذه اﻟﻮظﯿﻒــة اﻟﻤﺖــدﻧﯿﺔ‪ ،‬إنــه أمــر‬
‫ي أن أكـون بـﻳﻦ‬ ‫مــھﯿﻦ‪ ،‬ﻓﻤﻮھﺒﺖــي ﺗﻞـك ﻻ ﺗﺨﻮﻟﻦـي ﻟﻠﻌﻢـل بـھﺬه اﻟﻮظﯿﻒـة‪ .‬ﻳﺖـوﺟﺐ ﻋﻞـ ﱠ‬
‫ﻔﺎ ســﻳًﺌﺎ‪،‬‬‫اﻟﺮجــال اﻷﻋﻞــى شــأﻧًﺎ أســﺗﻤﺘﻊ بــاﻟﺤﯿﺎة اﻟﻤﺮفــھﺔ"‪ .‬وﺗﻆــن مــدﻳﺮﺗﻚ أنــك ﺗﺘﺦــذ مــوﻗ ً‬
‫ﻓﻌﻦــدﻣﺎ ﺗﺤﺖــاج إلـى شـﺧﺺ ﻳﺘﺤﻢـل اﻟﻤﺰيـد مـن اﻟﻤﺲـﺋﻮﻟﯿﺎت‪ ،‬ﻻ ﺗﻮﻛﻞـھﺎ إﻟﻲـك‪،‬‬
‫وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﯿﻦ وﻗﺖ اﻟﺘﺮﻗﯿﺎت اﻟﻮظﯿﻔﯿﺔ‪ ،‬ﻻ ﺗﺮﺷﺤﻚ ﻣﺪﻳﺮﺗﻚ ﻟﮫﺎ‪.‬‬
‫رد ﻓﻌﻞ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬ﺗﻘﻮل ﺑﺄﺳﻠﻮب ﺣﺎد‪" :‬إﻧﮫﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺮھﺒﺔ ﺗﺠﺎھﻲ"‪ ،‬ﺗﺨﺒﺮك ﻋﻘﻠﯿﺘﻚ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺑﺄن ﻣﺎ ﺗﺘﻤﯿﺰ‬
‫ﺑﻪ‪ ،‬ﻳﺠﺒﺮھﻢ ﻋﻠﻰ وﺿﻌﻚ ﺗﻠﻘﺎﺋﯿًّﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻌﻠﯿﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ‪ .‬ﻓﺄﻧﺖ ﺗﺮى أن اﻟﻨﺎس ﻳﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫﻢ أن ﻳﺮوا ﻣﻮاھﺒﻚ وأن ﻳﻜﺎﻓﺌﻮﻧﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ‪ ،‬وإذا ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮا‬
‫ذﻟﻚ ﻓﮫﺬا ﻟﯿﺲ ﻋﺪًﻻ‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎذا ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺘﻐﯿﺮ؟ أﻧﺖ ﻓﻘﻂ‬
‫ﻚ‪.‬‬ ‫ﺣ ﱠ‬
‫ﻘ َ‬ ‫ﺗﺮﻳﺪ َ‬
‫وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺪﻓﻊ ﻧﻔﺴﻚ ﻟﻠﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﻓﻤﺎ اﻟﻄﺮق اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﯿﮫﺎ‪ ،‬واﻟﺨﻄﻮات‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﺗﺨﺎذھﺎ؟ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل‪ ،‬ﻣﺎ اﻟﻄﺮق‬
‫اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﮫﺎ إﻟﻰ اﻟﺠﮫﺪ؟ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﻠﻢ؟ وﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺘﺼﺮف ﻣﻦ ﺧﻼل ھﺬا‬
‫اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻚ؟‬
‫ﻳﻤﻜﻦــك أن تــراﻋﻲ اﻟﻌﻢــل ﺑﺞــدﻳﺔ أﻛﺐـر‪ ،‬وأن ﺗﻖـدم اﻟﻤﺰيـد مـن اﻟﻤﺲـاﻋﺪة ﻟﺰﻣﻼئـك فـي اﻟﻌﻢـل‪،‬‬
‫ﻓﯿﻤﻜﻦـك أن ﺗﺲـﺗﻔﯿﺪ مـن وﻗﺖـك ﻟﺘﺘﻌﻞـم اﻟﻤﺰيـد عـن ﻣﺞـال ﻋﻤﻞـك‪ ،‬بـدًﻻ مـن‬
‫اﻟﺘﺬﻣﺮ ﻣﻦ ﻣﻨﺼﺒﻚ اﻟﻤﻨﺨﻔﺾ‪ .‬ﻟَِﻨَﺮ ﻛﯿﻒ ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ھﺬا‪.‬‬
‫ﺧﻄﻮة ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬ﻓﻲ اﻟﺒﺪء دﻋﻨﺎ ﻧﻜﻮن واﺿﺤﯿﻦ‪ ،‬ﻟﻮﻗﺖ طﻮﻳﻞ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﺨﯿﻒ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ‬
‫ﺼﺎ ﻋﺎدﻳًّﺎ ﻣﻌﺘﺎ ً‬
‫دا‪.‬‬ ‫ﻓﻜﺮة اﻟﺘﻤﯿﺰ‪ ،‬ﻓﺄﻧﺖ ﻻ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻜﻮن ﺷﺨ ً‬
‫ﻓﻜﯿﻒ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻚ إذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ أھﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﮫﻢ ﻧﻈﺮة ﻓﻮﻗﯿﺔ؟‬
‫ﺗﺒﺪأ أن ﺗﺄﺧﺬ ﻓﻲ ﻋﯿﻦ اﻻﻋﺘﺒﺎر اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄن ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻳﺘﻤﯿﺰون ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﺰاﻣﮫﻢ‪ ،‬وﻣﺎ ﻳﺒﺬﻟﻮﻧﻪ ﻣﻦ‬
‫ﺟﮫﺪ‪ ،‬وﺷﯿًﺌﺎ ﻓﺸﯿًﺌﺎ ﺗﺤﺎول أن ﺗﺒﺬل ﻣﺰﻳًﺪا ﻣﻦ اﻟﺠﮫﺪ وﺗﺮى‬
‫إذا ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺳﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻤﺎر اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺖ ﺗﺮﻳﺪھﺎ‪ ،‬وﺗﻨﺠﺢ ﻓﻲ ھﺬا‪.‬‬
‫ﺑﺮﻏﻢ أﻧﻚ ﻗﺪ ﺗﺘﻘﺒﻞ ﺑﺒﻂء ﻓﻜﺮة أھﻤﯿﺔ ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻚ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﺗﺘﻘﺒﻞ أن اﻟﺠﮫﺪ ﻟﯿﺲ ھﻮ ﻣﺎ ﻳﻀﻤﻦ‬
‫ﻘﺎ أن ﻳﻜﻮن ﻋﻠﯿﻚ أن‬ ‫اﻟﻨﺠﺎح‪ .‬ﻓﺄﻧﺖ ﺗﺮى أﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﮫﯿﻦ ﺣ ًّ‬
‫ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﺗﺤﻘﯿﻘﻪ‪ ،‬ﻧﺎھﯿﻚ ﻋﻦ أن ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﯿﮫﺎ ﺛﻢ ﻻ ﺗﺴﯿﺮ اﻷﻣﻮر ﻛﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺗﺮﻳﺪ‪ ،‬ﻓﮫﺬا ﻟﯿﺲ ﻣﻦ اﻟﻌﺪل‬
‫ﻓﻲ ﺷﻲء‪ .‬ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا أﻧﻚ ﻗﺪ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺠﺪ ﺛﻢ ﻳﺄﺗﻲ‬
‫ﺰ‪.‬‬
‫ﺨ ٍ‬‫ﻣ ْ‬
‫ﺷﺨﺺ آﺧﺮ وﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮﻗﯿﺔ‪ ،‬ھﺬا أﻣﺮ ُ‬
‫ﻳﻤﺮ وﻗﺖ طﻮﻳﻞ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺒﺬل اﻟﺠﮫﺪ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﺸﺄن اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ .‬وﺑﺪًﻻ ﻣﻦ أن‬
‫ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻤﺮﻛﺰك ﻓﻲ أﺳﻔﻞ اﻟﺴﻠﻢ اﻟﻮظﯿﻔﻲ ﺑﺎﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ‬
‫ﺑﮫﺎ‪ ،‬ﺗﺒﺪأ ﺗﺪرﻳﺠﯿًّﺎ ﻓﻲ أن ﺗﺮى أﻧﻚ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻓﻲ اﻷﺳﻔﻞ ﻣﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺴﺎﻋﺪك ﻛﺜﯿًﺮا ﻓﻲ ﻣﺴﯿﺮﺗﻚ ﻧﺤﻮ‬
‫اﻟﻮﺻﻮل ﻟﻠﻘﻤﺔ‪ ،‬ﻓﺘﻌﻠﻢ ﻣﺒﺎدئ وأﺳﺲ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻳﻤﻜﻨﻪ أن‬
‫ﻳﻤﻨﺤﻚ ﻣﯿﺰة ﻛﺒﯿﺮة ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ‪ ،‬ﻓﺠﻤﯿﻊ ‪ -‬أﻓﻀﻞ ‪ -‬اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﯿﻦ ذوي ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻳﻌﺮﻓﻮن اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﺘﻲ‬
‫ﻳﻌﻤﻠﻮن ﺑﮫﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺔ إﻟﻰ اﻟﻘﺎع وداﺧﻠﯿًّﺎ وﺧﺎرﺟﯿًّﺎ وﻛﻞ اﻟﺠﻮاﻧﺐ‪.‬‬
‫وﺑﺪًﻻ ﻣﻦ أن ﺗﺠﻌﻞ ﻧﻘﺎﺷﺎﺗﻚ ﻣﻊ زﻣﻼﺋﻚ ﻣﺠﺮد وﻗﺖ ﺗﻘﻀﯿﻪ ﻟﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ‪ ،‬ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ أن ﺗﺪرك ﻓﻜﺮة ﺑﻨﺎء‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺎت أو ﻣﺴﺎﻋﺪة زﻣﻼﺋﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻄﻮر ﺑﺎﻷﺳﺎﻟﯿﺐ‬
‫اﻟﺘﻲ ﻳﺮوﻧﮫﺎ ﻣﮫﻤﺔ‪ .‬ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ھﺬا ﻣﺼﺪًرا ﺟﺪﻳًﺪا ﻟﺸﻌﻮرك ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ‪ .‬ﻗﺪ ﺗﻘﻮل إﻧﻚ ﻛﻨﺖ ﺗﺘﺒﻊ ﺧﻄﻰ "ﺑﯿﻞ ﻣﻮراي"‬
‫وﺗﺠﺮﺑﺘﻪ ﻓﻲ ﻓﯿﻠﻢ ‪. Groundhog Day‬‬
‫ﺼﺎ ذا ﻋﻘﻠﯿﺔ ﻧﻤﻮ أﻛﺜﺮ‪ ،‬ﺳﺘﻨﺪھﺶ ﺑﺄن اﻟﻨﺎس ﻳﺒﺪأون ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻚ ودﻋﻤﻚ‪ ،‬ﻟﻦ ﻳﺼﺒﺤﻮا‬ ‫ﻛﻠﻤﺎ أﺻﺒﺤﺖ ﺷﺨ ً‬
‫أﻋﺪاًء ﻟﻚ ﻣﺮة أﺧﺮى ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻜﺮوا ﻋﻠﯿﻚ ﻣﺎ ﺗﺴﺘﺤﻘﻪ‪،‬‬
‫وﺗﺠﺪھﻢ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﺎوﻧًﺎ ﺗﺠﺎه ﺗﺤﻘﯿﻖ ھﺪف ﻣﺸﺘﺮك‪ .‬إﻧﻪ أﻣﺮ ﻣﺜﯿﺮ ﻟﻼھﺘﻤﺎم‪ ،‬ﻛﻨﺖ ﻓﻲ اﻟﺒﺪﻳﺔ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻐﯿﺮ ﺳﻠﻮك‬
‫اﻵﺧﺮﻳﻦ وﻟﻘﺪ ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ‪.‬‬
‫وﻓﻲ ﻧﮫﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻳﻔﮫﻢ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ أن ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻠﺘﺤﻔﻮن ﺑﻪ ﻣﻦ ﺷﻌﻮر ﺑﺎﻟﺘﻤﯿﺰ ﻛﺎن ﻓﻲ‬
‫ﻋﺎ ﻳﻀﻌﻮﻧﻪ ﺣﻮل أﻧﻔﺴﮫﻢ ﻟﯿﺸﻌﺮوا ﺑﺎﻷﻣﺎن‬ ‫اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ در ً‬
‫واﻟﻘﻮة واﻷھﻤﯿﺔ‪ .‬ورﻏﻢ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﺤﻤﯿﮫﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻪ أﻋﺎق ﺗﻄﻮرھﻢ‪ ،‬وﺟﻌﻠﮫﻢ ﻳﺪﺧﻠﻮن ﻓﻲ ﻣﻌﺎرك‬
‫ﻣﺮﺿﯿﺔ‪.‬‬ ‫اﻧﮫﺰاﻣﯿﺔ ﺗﻤﻨﻌﮫﻢ ﻣﻦ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت ﺗﺒﺎدﻟﯿﺔ ُ‬
 ‫اﻹﻧﻜﺎر‪ :‬ﺣﯿﺎﺗﻲ ﻣﺜﺎﻟﯿﺔ‬
‫ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﮫﺮب أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻼﺗﮫﻢ؛ ﻷﻧﮫﻢ ﻳﺮون أﻧﻪ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ ﺑﮫﺎ ﻋﯿﻮب‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫﻢ ھﻢ‬
‫أﻧﻔﺴﮫﻢ ﺑﮫﻢ ﻋﯿﻮب‪ ،‬ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮫﻢ ﻣﻦ اﻷﺳﮫﻞ أن‬
‫ﺔ اﻟﺘﺎﻟﯿ َ‬
‫ﺔ‪.‬‬ ‫ﻳﺼﺪﻗﻮا أن ﻛﻞ ﺷﻲء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮام‪ .‬إﻟﯿﻚ اﻹﺷﻜﺎﻟﯿ َ‬
‫ﻣﺤﺒﺔ‪ ،‬وأطﻔﺎل ﻣﺘﻤﯿﺰون‪ ،‬وأﺻﺪﻗﺎء ﻣﺨﻠﺼﻮن‪،‬‬ ‫ﻣﺮﺿﯿﺔ‪ ،‬وزوﺟﺔ ُ‬ ‫اﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺔ‪ .‬ﻳﺒﺪو أن ﻟﺪﻳﻚ ﻛﻞ ﺷﻲء؛ ﻟﺪﻳﻚ ﻣﮫﻨﺔ ُ‬
‫وﻟﻜﻦ أﺣﺪ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﻮر ﻏﯿﺮ ﺣﻘﯿﻘﻲ‪ ،‬اﻷﻣﺮ اﻟﺬي‬
‫ﻀﻠﺖ أن‬ ‫ﺗﺠﮫﻠﻪ أن زواﺟﻚ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ اﻻﻧﮫﯿﺎر‪ .‬ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ھﺬا أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ھﻨﺎك إﺷﺎرات ﻋﻠﻰ اﻧﺘﮫﺎﺋﮫﺎ وﻟﻜﻨﻚ ﻓ ﱠ‬
‫ﻔﺬ ﻣﺎ ﺗﻘﺘﻨﻊ ﺑﻪ ﻣﻦ أﻓﻜﺎر‬ ‫ﺗﺨﻄﺊ ﻓﻲ ﻓﮫﻢ ﻣﻌﺎﻧﯿﮫﺎ‪ ،‬ﻓﺄﻧﺖ ﺗﻨ ِ ّ‬
‫ﺣﻮل "دور اﻟﺮﺟﻞ"‪ ،‬أو "دور اﻟﻤﺮأة"‪ ،‬وﻻ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺴﺘﻤﻊ ﻟﺮﻏﺒﺎت زوﺟﻚ‪/‬زوﺟﺘﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻮاﺻﻞ‪،‬‬
‫واﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ‪ .‬وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﺪرك ﻓﯿﻪ ھﺬا ﻳﻜﻮن‬
‫اﻷوان ﻗﺪ ﻓﺎت وﺗﺠﺪ أن زوﺟﻚ‪/‬زوﺟﺘﻚ ﻗﺪ اﻧﻔﺼﻞ ﻋﺎطﻔﯿًّﺎ ﻋﻦ ھﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ‪.‬‬
‫ﻤﻄَﻠﱠﻘﯿﻦ واﻟﺬﻳﻦ ھﺠﺮھﻢ أزواﺟﮫﻢ‪،‬‬ ‫رد ﻓﻌﻞ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻷﺳﻒ ﺗﺠﺎه اﻷﺷﺨﺎص اﻟ ُ‬
‫وﺗﺠﺪ اﻵن ﻧﻔﺴﻚ واﺣًﺪا ﻣﻨﮫﻢ‪ .‬ﺗﻔﻘﺪ ﻛﻞ ﺷﻌﻮرك ﺑﺎﻟﻘﯿﻤﺔ‬
‫واﻷھﻤﯿﺔ؛ ﻓﺰوﺟﻚ اﻟﺬي ﻳﻌﺮﻓﻚ ﺑﻌﻤﻖ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺮﻳﺪك ﻣﺮة أﺧﺮى‪.‬‬
‫ﻌﺎ ﺑﺄن أوﻻدك ﺳﯿﻜﻮﻧﻮن أﻓﻀﻞ ﺣﺎًﻻ ﺑﻌﯿًﺪا ﻋﻨﻚ‪.‬‬ ‫ﻣﺎ‪ ،‬ﻣﻘﺘﻨ ً‬ ‫ﻟﻌﺪة أﺷﮫﺮ ﻻ ﺗﺸﻌﺮ أﻧﻚ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻀﻲ ﻗﺪ ً‬
‫ﻳﺴﺘﻐﺮق اﻷﻣﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺸﻌﻮر‬
‫بــأﻧﻚ ﻣﻔﻲــد وجــدﻳﺮ‪ ،‬أو اﻟﺶــﻋﻮر بــاﻷﻣﻞ‪ .‬ثــم يــأﺗﻲ الــﺟﺰء اﻟﺺــﻋﺐ ﻷنــك‪ ،‬بــاﻟﺮﻏﻢ مــن‬
‫أنــك أصـﺑﺤﺖ ﺗﺶـﻋﺮ ﺑﺎﻟﻤﺰيـد مـن اﻟﺮضـا عـن ﻧﻔﺲـك‪ ،‬فـإﻧﻚ ﻻ ﺗﺰال ﺗﻔﻚـر ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﻲـة‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؛ ﻓﺄﻧﺖ ﺑﺼﺪد ﺣﯿﺎة ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم‪ .‬ﻛﻠﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻟﻚ أﻣﺮ ﺟﯿﺪ‪ ،‬ﻳﻘﻮل ﺻﻮﺗﻚ اﻟﺪاﺧﻠﻲ‪ :‬رﺑﻤﺎ أﻧﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻳﺮام ﻋﻠﻰ أﻳﱠﺔ ﺣﺎل ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻛﻠﻤﺎ ﺣﺪث أﻣﺮ ﺳﯿﺊ‪،‬‬
‫ﺼﺎ ﺟﺪﻳًﺪا‪ ،‬ﺗﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﻪ اﻷﺣﻜﺎم ﺑﺄﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺨﻮﻧﻚ‬ ‫ﻳﻘﻮل ﺻﻮﺗﻚ اﻟﺪاﺧﻠﻲ‪ :‬زوﺟﻲ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ‪ .‬وﻛﻠﻤﺎ ﻗﺎﺑﻠﺖ ﺷﺨ ً‬
‫ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪.‬‬
‫ﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ُﺗﻌﯿﺪ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ زواﺟﻚ‪ ،‬وﻓﻲ ذاﺗﻚ‪ ،‬وﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻚ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﻨﻤﻮ؟ ﻟﻤﺎذا ﻛﻨﺖ ﺗﺨﺸﻰ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻤﺎع إﻟﻰ زوﺟﺘﻚ‪/‬زوﺟﻚ؟ ﻣﺎ‬
‫اﻟﺬي ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻚ ﻓﻌﻠﻪ؟ ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﯿﻚ ﻓﻌﻠﻪ اﻵن؟‬
‫ﺧﻄﻮة ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬أوًﻻ‪،‬ھﺬا اﻟﺰواج‪ ،‬اﻟﺬي ﻛﻨﺖ ﺗﻈﻦ طﻮال اﻟﻮﻗﺖ أﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮام‪ ،‬ﻟﻢ ﻳﺘﻢ اﻛﺘﺸﺎف أﻧﻪ ﺑﮫﺬا‬
‫اﻟﺴﻮء ﻓﺠﺄة‪ ،‬ﺑﻞ ھﻨﺎك أﻣﺮ ﻣﺘﺠﺪد ﻛﺎن ﻗﺪ ﺗﻮﻗﻒ ﻋﻦ‬
‫اﻟﺘﻂــور؛ ﺑﺲــﺑﺐ عــدم اﻟﺮﻋﺎيــة‪ .‬ﻋﻠﻲــك أن ﺗﻔﻚــر أنــت وزوجــك حــول‪ :‬كــﻳﻒ أﻧﻜﻢــا اشــﺗﺮﻛﺘﻤﺎ‬
‫ﺻﺎ حـول سـﺑﺐ عـدم قـدرﺗﻜﻤﺎ ﻋﻞـى‬ ‫فــي ﺗﻮصــﻳﻞ اﻷمــر إلـى هـذا اﻟﺢـد‪ ،‬وﺧﺺـو ً‬
‫اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﺮﻏﺒﺎﺗﻜﻤﺎ ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺎرب واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ‪.‬‬
‫ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺗﺄﻣﻠﻚ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ ﺗﺪرك أﻧﻚ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺗﻔﻜﯿﺮك ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﻛﻨﺖ ﺗﺮى أن ﻣﺎ طﻠﺒﻪ زوﺟﻚ‪/‬زوﺟﺘﻚ ھﻮ‬
‫ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ اﻧﺘﻘﺎد ﻟﻚ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﺴﻤﻌﻪ‪ ،‬ﻛﻤﺎ أﻧﻚ ﺗﺮى‬
‫أﻧﻚ ﻋﻨﺪ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺗﺨﺸﻰ ﻣﻦ أﻧﻚ ﻟﺴﺖ ﻗﺎدًرا ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ھﺬا اﻟﺘﻘﺎرب اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻄﻠﺒﻪ زوﺟﻚ‪/‬زوﺟﺘﻚ‪،‬‬
‫ﻓﺒﺪًﻻ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ھﺬه اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻣﻊ زوﺟﻚ‪/‬زوﺟﺘﻚ‪،‬‬
‫ﺼﻢ آذاﻧﻚ ﻋﻨﮫﺎ ظ ًﻨّﺎ ﻣﻨﻚ أﻧﮫﺎ ﺳﺘﻨﺘﮫﻲ وﺣﺪھﺎ‪.‬‬ ‫ﺗ ُ‬
‫ﻌﺎ إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﮫﺎ ﺑﻌﻤﻖ‪ ،‬ﻻ ﻟﻨﻄﻠﻖ‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻌﺮض ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻠﻔﺸﻞ‪ ،‬ﺗﻜﻮن ھﺬه اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﺎت ھﻲ ﻣﺎ ﻧﺤﺘﺎج ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﻘﺎ ﻟﻸﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﺳﺎرت ﺑﺸﻜﻞ ﺧﻄﺄ‪،‬‬ ‫اﻷﺣﻜﺎم ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﻨﺎ وﻓ ً‬
‫ﺑﻞ ﻟﻨﻮاﺟﻪ ﻣﺨﺎوﻓﻨﺎ‪ ،‬وﻧﺘﻌﻠﻢ ﻣﮫﺎرات اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺘﻲ ﺳﻨﺤﺘﺎج إﻟﯿﮫﺎ؛ ﻟﺒﻨﺎء ﻋﻼﻗﺎت أﻧﺠﺢ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ وﻧﺤﺎﻓﻆ‬
‫ﻋﻠﯿﮫﺎ‪.‬‬
‫ھﻞ ھﻨﺎك ﺷﺨﺺ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻚ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻘﻮل ﻟﻚ ﺷﯿًﺌﺎ وﺗﺮﻓﺾ أن ﺗﺴﻤﻌﻪ؟ اﻧﺘﻘﻞ إﻟﻰ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‬
‫وأﻧﺼﺖ إﻟﯿﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى‪.‬‬

‫ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻋﻘﻠﯿﺔ طﻔﻠﻚ‬

‫ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺋﻨﺎ‪ ،‬ﻓﻠﺬات أﻛﺒﺎدﻧﺎ‪ ،‬ﻋﺎﻟﻘﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻘﺪم ﻟﮫﻢ ورﺷﺔ ﻋﻤﻞ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫ﻟﻌﻠﻢ اﻟﺪﻣﺎغ‪ .‬ﻟﻨﺴﺘﻌﺮض ﺑﻌﺾ طﺮق اﻟﻘﯿﺎم ﺑﮫﺬا اﻷﻣﺮ‪.‬‬

‫اﻷﻋﺮاض اﻟﻤﺒﻜﺮة ﻟﻠﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‬

‫أﻏﻠﺐ اﻷطﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻻ ﺗﻈﮫﺮ ﻋﻠﯿﮫﻢ أﻋﺮاﺿﮫﺎ ﺣﺘﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺘﺄﺧﺮة ﻣﻦ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ‪ ،‬ﻟﻜﻨﮫﺎ‬
‫ﺗﻈﮫﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻷطﻔﺎل ﻓﻲ ﺳﻦ ﻣﺒﻜﺮة‪.‬‬
‫اﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺔ‪ .‬ﺗﺨﯿﻞ أن طﻔﻠﻚ ﻋﺎد ﻣﻦ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ذات ﻳﻮم وﻗﺎل ﻟﻚ‪" :‬ﺑﻌﺾ اﻷطﻔﺎل أذﻛﯿﺎء وﺑﻌﻀﮫﻢ أﻏﺒﯿﺎء وﻟﺪﻳﮫﻢ‬
‫ﻣﺦ أﺳﻮأ"‪ ،‬ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻔﺰع وﺗﺴﺄﻟﻪ‪" :‬ﻣﻦ ﻗﺎل ﻟﻚ‬
‫ھﺬا؟" ﻋﺎﻗًﺪا اﻟﻨﯿِ ّﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺷﻜﻮى ﻟﻠﻤﺪرﺳﺔ‪ ،‬ﻓﯿﺠﯿﺐ ﺑﻔﺨﺮ‪" :‬ﻟﻘﺪ اﻛﺘﺸﻔﺖ ھﺬا ﺑﻨﻔﺴﻲ"؛ ﻓﻘﺪ رأى أن‬
‫ﺑﻌﺾ اﻷطﻔﺎل ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ ﻗﺮاءة اﻟﺤﺮوب وﻛﺘﺎﺑﺘﮫﺎ‪ ،‬وﺟﻤﻊ‬
 ‫اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷرﻗﺎم‪ ،‬ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن ﺑﻌﺾ اﻷطﻔﺎل اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ ذﻟﻚ‪ ،‬ﻓﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ ھﺬا اﻻﺳﺘﻨﺘﺎج واﻗﺘﻨﻊ ﺑﻪ‬
‫ﺑﺸﺪة‪.‬‬
‫ﻣﺎ؛‬
‫ُﻳﻈﮫﺮ اﺑﻨﻚ ﺟﻤﯿﻊ اﻹﺷﺎرات اﻟﺘﻲ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ اﻣﺘﻼﻛﻪ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬وﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺗﻈﮫﺮ ﻋﻠﯿﻪ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺗﻤﺎ ً‬
‫ﻓﮫﻮ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻨﻔﻮر ﺗﺠﺎه ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ ‪ -‬وﻳﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﻘﻠﻪ‬
‫ﻌﺎ‪ ،‬وﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻳﻨﺠﺢ ﻓﻲ ھﺬا‪.‬‬ ‫اﻟﺬﻛﻲ أن ﻳﺤﻘﻖ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪه ﺳﺮﻳ ً‬
‫ﻤﺎ ﻓﺘﺠﻌﻠﻪ ﻳﺸﺎھﺪ‬ ‫ﻌﺎ إﻟﻰ اﻻھﺘﻤﺎم ﺑﻠﻌﺒﺔ اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ‪ ،‬ﺗﻔﻜﺮ زوﺟﺘﻚ ﻓﻲ أن ﺗﻔﻌﻞ ﻟﻪ ﺷﯿًﺌﺎ ﻣﻠﮫ ً‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺠﻪ ﺳﺮﻳ ً‬
‫ﻓﯿﻠﻢ ‪ Searching for Bobby Fischer‬وھﻮ ﻓﯿﻠﻢ ﻋﻦ‬
‫ﺑﻂــل شــاب فــي ﻟﻌﺐـة اﻟﺶـطﺮﻧﺞ‪ ،‬ومـن خـﻻل هـذا اﻟﻒـﻳﻠﻢ ﻳﻊـرف اﺑﻦـك أن اﻟﺶـﺧﺺ ﻳﻤﻜﻦـه أن‬
‫ﻳﺨﺲـر وﻻ ﻳﻚـون ﺑﻂـًﻻ مـرة أخـرى‪ ،‬فـﻳﺘﺮاﺟﻊ عـن اھﺘﻤﺎمـه ﺑﺎﻟﻠﻌﺐـة وﻳﻌﻞـن‬
‫ﻟﻠﺠﻤﯿﻊ‪" :‬أﻧﺎ ﺑﻄﻞ اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ"‪ ،‬ﺑﻄﻞ ﻻ ﻳﻠﻌﺐ‪.‬‬
‫وﻷﻧﻪ أﺻﺒﺢ ﻳﻌﺮف اﻵن ﻣﺎ ﺗﻌﻨﯿﻪ اﻟﺨﺴﺎرة‪ ،‬ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻳﺘﺠﻨﺒﮫﺎ‪ .‬ﻓﯿﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺒﻌﺾ اﻟﺤﯿَﻞ؛ ﻟﯿﺘﺠﻨﺐ‬
‫اﻟﺨﺴﺎرة ﻓﻲ اﻷﻟﻌﺎب‪.‬‬
‫ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ ﻓﻌﻠﻪ‪ ،‬وﻻ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ اﻷطﻔﺎل اﻵﺧﺮﻳﻦ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻪ‪ .‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺨﺒﺮه أﻧﺖ وزوﺟﺘﻚ أن‬
‫اﻷطﻔﺎل اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻟﯿﺴﻮا أﻏﺒﯿﺎء وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻟﻢ ﻳﺘﺪرﺑﻮا ﻓﻘﻂ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﺗﺪرب ﺑﻪ ھﻮ‪ ،‬ﻳﺮﻓﺾ أن ﻳﺼﺪق ھﺬا اﻷﻣﺮ‪ .‬ﻳﺮاﻗﺐ اﻷﻣﻮر ﺑﺪﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﺛﻢ ﻳﺄﺗﻲ ﻟﯿﻨﻘﻞ ﻣﺎ‬
‫ﺣﺪث إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل‪" :‬ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ُﻳﺮﻳﻨﺎ اﻟﻤﻌﻠﻢ أﻣًﺮا ﺟﺪﻳًﺪا‪ ،‬أﺟﺪ‬
‫ﻲ أن أﺗﺪرب"‪.‬‬ ‫أﻧﻨﻲ أﺳﺘﻄﯿﻊ ﻓﻌﻠﻪ أﻓﻀﻞ ﻣﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮن‪ .‬ﻟﯿﺲ ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﻳﺜﻖ ھﺬا اﻟﻮﻟﺪ ﻛﺜﯿًﺮا ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻪ‪ -‬ﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﺗﻄﻮﻳﺮه ﺑﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﻐﻨِّﻲ ﺑﻤﺰاﻳﺎه‪ .‬ﻟﻘﺪ أﺧﺒﺮﺗﻪ ﻟﻠﺘﻮ أن اﻷﻣﺮ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺘﻌﻠﻢ واﻟﺘﺪرﻳﺐ‪ ،‬وﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﺬﻛﺎء أو اﻟﻐﺒﺎء‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ‬
‫ﻳﻘﺘﻨﻊ ﺑﮫﺬا‪ .‬ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻓﻌﻠﻪ؟ ﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻨﻚ إﻗﻨﺎﻋﻪ ﺑﮫﺬا؟‬
‫ﺧﻄﻮة ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬ﺗﻘﺮر أﻧﻪ ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ أن ﺗﺤﺎول إﻗﻨﺎﻋﻪ ﺑﺎﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ أن ﺗﻌﯿﺶ‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬ﻓﻲ أﺛﻨﺎء ﺗﻨﺎول اﻟﻌﺸﺎء ﻛﻞ ﻟﯿﻠﺔ‪ ،‬ﺗﻘﯿﻢ أﻧﺖ‬
‫ﺷﺎ ﺣﻮل ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻣﻦ ﺧﻼل طﺮح أﺳﺌﻠﺔ ﻋﻠﻰ أﺑﻨﺎﺋﻜﻤﺎ وﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻜﻤﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﻣﺜﻞ‪" :‬ﻣﺎ اﻟﺬي‬ ‫وزوﺟﺘﻚ ﻧﻘﺎ ً‬
‫ﺗﻌﻠﻤﺘﻪ اﻟﯿﻮم؟"‪" ،‬ﻣﺎ اﻟﺨﻄﺄ اﻟﺬي ارﺗﻜﺒﺘﻪ وﺗﻌﻠﻤﺖ ﻣﻨﻪ‬
‫شــــﻳًﺌﺎ؟"‪" ،‬مــــا الــــذي حـــاوﻟﺖ اﻟﻨﺞــاح ﻓﻲــه ﺑﺶــدة الــﻳﻮم؟"‪ ،‬وﻳﺞــﻳﺐ كــل شــﺧﺺ جــاﻟﺲ‬
‫ﺷﺎ ﺣﻤﺎســﻳًّﺎ حــول جــھﺪك وجــھﻮد‬ ‫ﻋﻞــى اﻟﻤﻨﺾــدة ﻋﻞــى كــل ســؤال ﻣﻖــﻳﻤﯿﻦ ﻧﻖــا ً‬
‫اﻵﺧﺮﻳﻦ‪ ،‬وإﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎﺗﻜﻢ‪ ،‬وإﺧﻔﺎﻗﺎﺗﻜﻢ‪ ،‬وﻣﺎ ﺗﻌﻠﻤﺘﻤﻮه‪.‬‬
‫ﺗﺘﺤﺪﺛﻮن ﻋﻦ اﻟﻤﮫﺎرات اﻟﺘﻲ اﻛﺘﺴﺒﺘﻮھﺎ وﻟﻢ ﺗﻜﻮﻧﻮا ﺗﺘﻤﺘﻌﻮن ﺑﮫﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪ ،‬اﻛﺘﺴﺒﺘﻮھﺎ ﺑﻔﻀﻞ اﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﺬي‬
‫ﻣﺎرﺳﺘﻮه‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﺤﻜﻲ ﻋﻦ اﻷﺧﻄﺎء اﻟﺘﻲ ارﺗﻜﺒﺘﮫﺎ وأدت إﻟﻰ‬
‫اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﺤﻞ‪ ،‬ﺗﺤﻜﯿﮫﺎ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻗﺼﺔ ﻏﺎﻣﻀﺔ ﺗﺼﻒ ﻓﯿﮫﺎ اﻷﻣﻮر اﻟﻤﻤﺘﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺎﻓﺢ ﻣﻦ‬
‫ﻣﺎ ﻓﯿﮫﺎ‪ .‬وﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺳﯿﺘﺤﻤﺲ أﺑﻨﺎؤك‬ ‫أﺟﻠﮫﺎ وﺗﺤﺮز ﺗﻘﺪ ً‬
‫ﻛﻞ ﻟﯿﻠﺔ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻤﺎ ﺣﺪث ﻣﻌﮫﻢ‪ ،‬ﻟﺘﻘﻮل ﺑﺎﻧﺪھﺎش‪" :‬ﻳﺎ إﻟﮫﻲ! ﻻﺑﺪ أﻧﻚ اﻛﺘﺴﺒﺖ ذﻛﺎًء أﻛﺒﺮ اﻟﯿﻮم"‪.‬‬
‫ﻋﻦــدﻣﺎ يــروي اﺑﻦــك ذو اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة مــواﻗﻒ تــدور حــول أنـه ﻳﻖـوم ﺑﺎﻷشـﻳﺎء ﺑﺺـورة‬
‫ﻌﺎ‪" :‬ﺣﺲـﻧًﺎ‪ ،‬ﻟﻚـن مـا الـذي‬‫أﻓﺾـل مـن اﻷطﻒـال اﻵخـرﻳﻦ‪ ،‬ﻳﺞـب أن ﺗﺲـأﻟﻮه ﺟﻢـﻳ ً‬
‫ﻌﺎ‪" :‬ﻳﺎ إﻟﮫﻲ!‬ ‫ﺗﻌﻠﻤﺘﻪ؟"‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻣﺪى ﺳﮫﻮﻟﺔ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ‪ ،‬ﺗﻘﻮﻟﻮن ﺟﻤﯿ ً‬
‫ھﺬا أﻣﺮ ﺳﯿﺊ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬أﻧﺖ ﻻ ﺗﺘﻌﻠﻢ‪ .‬ھﻞ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺠﺪ‬
‫أﻣًﺮا أﻛﺜﺮ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻤﺰﻳﺪ؟"‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺒﺎھﻰ ﺑﻜﻮﻧﻪ ﺑﻄًﻼ‪ ،‬ﺗﻘﻮل ﻟﻪ‪" :‬اﻷﺑﻄﺎل ھﻢ ﻣﻦ ﻳﺒﺬﻟﻮن‬
‫أﻗﺼﻰ ﺟﮫﺪ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺼﺒﺢ ﺑﻄًﻼ‪ .‬ﻏًﺪا أﺧﺒﺮﻧﻲ أﻣًﺮا‬
‫ﻗﻤﺖ ﺑﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﺒﺢ ﺑﻄًﻼ"‪ ،‬ﻳﺎ ﻟﻠﻄﻔﻞ اﻟﻤﺴﻜﯿﻦ‪ ،‬إﻧﮫﺎ ﻣﺆاﻣﺮة! ﻓﻌﻠﻰ اﻟﻤﺪى اﻟﺒﻌﯿﺪ ﻟﻦ ﻳﺘﺮك ﻓﺮﺻﺔ ﺗﻤﻜِّﻨﻪ ﻣﻦ‬
‫أن ﻳﺼﺒﺢ ﺑﻄًﻼ‪.‬‬
‫ﻋﺎ وﺻﻌﻮﺑﺔ‪،‬‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﺤﻞ واﺟﺒﻪ وﻳﻘﻮل إﻧﻪ ﺳﮫﻞ وﻣﻤﻞ‪ ،‬ﻗﻢ ﺑﺘﻌﻠﯿﻤﻪ إﻳﺠﺎد طﺮق ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻮاﺟﺐ أﻛﺜﺮ إﻣﺘﺎ ً‬
‫ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻋﻠﯿﻪ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻛﻠﻤﺎت ﻣﺜﻞ ﻛﻠﻤﺔ وﻟﺪ ‪ ،‬اﺳﺄﻟﻪ‪:‬‬
‫ﻮّن‬
‫"ﻛﻢ ﻋﺪد اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺎﺛﻞ ﻧﻐﻤﺔ ﻛﻠﻤﺔ وﻟﺪ ؟ اﻛﺘﺒﮫﺎ ﻋﻠﻰ ورﻗﺔ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﺛﻢ ﻧﺤﺎول ﻓﻲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ أن ﻧﻜ ِ‬
‫ﺟﻤﻠﺔ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﻜﻠﻤﺎت"‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﮫﻲ واﺟﺒﻪ‪،‬‬
‫اﻟﻌﺐ ﻣﻌﻪ ھﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ‪" :‬ﺳﺎﻓﺮ اﻟﻮﻟﺪ إﻟﻰ اﻟﺒﻠﺪ"‪" ،‬طﺎرت اﻟﻮرﻗﺔ وﺳﻘﻄﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺮﻗﺔ"‪ ،‬ﻓﻲ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ ﺳﯿﺒﺪأ ﻓﻲ‬
‫اﻛﺘﺸﺎف طﺮق ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ ﻟﯿﺠﻌﻞ واﺟﺒﻪ اﻟﻤﺪرﺳﻲ أﻛﺜﺮ ﺻﻌﻮﺑﺔ‬
‫وﻣﺘﻌﺔ‪.‬‬
‫ﺠِﻊ أﺑﻨﺎءك ﻋﻠﻰ‬ ‫وﻻ ﻳﻨﺤﺼﺮ ﺗﻌﻠﯿﻤﻪ ﻓﻲ اﻛﺘﺸﺎف طﺮق ﺟﺪﻳﺪة ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷﻣﻮر اﻟﺪراﺳﯿﺔ أو اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﺑﻞ ﺷ ّ‬
‫اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻤﻮھﺎ ﻟﺘﻜﻮﻳﻦ ﺻﺪاﻗﺎت أو‬
‫ﮫﻤﻮا اﻵﺧﺮﻳﻦ وﻳﺴﺎﻋﺪوﻧﮫﻢ‪ .‬ھﺪﻓﻚ ھﻮ أن ﺗﺠﻌﻠﮫﻢ ﻳﻔﮫﻤﻮن أن ﻣﺰاﻳﺎھﻢ‬ ‫اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻤﻮھﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻔ ﱠ‬
‫اﻟﺬھﻨﯿﺔ‪ ،‬أو ﻣﮫﺎراﺗﮫﻢ اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ ﻟﯿﺴﺖ ھﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﮫﻤﻚ‪.‬‬
‫ﻜﺎ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ؛ ﻳﺤﺐ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل ﺑﺄﻧﻪ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة واﻧﺘﮫﻰ اﻷﻣﺮ‬ ‫ﻟﻤﺪة طﻮﻳﻠﺔ ظﻞ اﺑﻨﻚ ﻣﺘﻤﺴ ً‬
‫ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ ﻋﻨﺪ ھﺬا اﻟﺤﺪ‪ .‬ﻻ ﻳﺤﺐ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل ﺑﺄن‬
‫ﻋﻠﻲــه أن ﻳﻌﻢــل كــل يــوم ﺣﺖــى ﻳﻜﺘﺲــب اﻟﻘﻠﻲــل مــن اﻟﻢـھﺎرة أو اﻟﻤﻌﺮفـة‪ .‬فـھﻮ يـرى أن‬
 ‫اﻟﻨﺠﻮﻣﻲـة ﻻ ﻳﺞـب أن ﺗﻚـون ﻣﻜﻠﻒـة إلـى هـذا اﻟﺢـد‪ .‬ومـع اﻧﺘﻖـال اﻟﻌﺎﺋﻞـة ﻧﺢـو ﻋﻘﻠﻲـة‬
‫اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻜﻮن ﺟﺰًءا ﻣﻦ ھﺬا‪ .‬ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ‪ ،‬ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻘﻮل ﺑﻪ‪ ،‬وﻳﻨﺘﮫﻲ ﺑﻪ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ‬
‫أن ﻳﺼﺒﺢ ھﻮ ﺣﺎرس اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ؛ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺠﺪ أن أي ﻓﺮد‬
‫ﻌﺪ ﺑﺈﻧﻘﺎذه‪ .‬ﻗﺪ ﺗﺪاﻋﺐ زوﺟﺘﻚ ﻗﺎﺋًﻼ‪ :‬اﺣﺘﺮﺳﻲ ﻟﻤﺎ ﺗﺘﻤﻨﯿﻨﻪ"‪.‬‬‫ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺳﯿﻨﺰﻟﻖ ﻧﺤﻮ ﺗﻔﻜﯿﺮ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ ،‬ﻳَﺴ َ‬
‫ﻌﺪ اﻷطﻔﺎل ﺑﺤﯿﺎة ﻣﻔﻌﻤﺔ ﺑﺎﻷھﻤﯿﺔ واﻟﻨﺠﺎح واﻹﻋﺠﺎب ﻓﻘﻂ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ ھﻢ‬ ‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺟﺬاﺑﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬ﻓﮫﻲ ﺗ ِ‬
‫ﻋﻠﯿﻪ؛ وﻟﮫﺬا ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻳﺤﺘﺎج ﺑﺬل اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﮫﺪ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗﺰدھﺮ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻟﺪى ﻣﻦ اﻋﺘﺎد اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪.‬‬

‫ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ ﻳﺤﯿﺪ ﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺼﺤﯿﺢ‬

‫أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺎﻧﯿﮫﺎ اﻟﻄﻔﻞ ﻟﯿﺴﺖ ھﻲ ﺑﺬل اﻟﻘﻠﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﮫﺪ‪ ،‬ﺑﻞ ﺑﺬل اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﮫﺪ وﻓﻲ‬
‫ﻌﺎ ﻋﻦ أطﻔﺎل اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺬﻳﻦ‬ ‫اﻷﻣﻮر اﻟﺨﻄﺄ‪ .‬ﺳﻤﻌﻨﺎ ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﻳﺐــﻳﺘﻮن يــذاﻛﺮون ﺣﺖـى وقـت ﻣﺖـأﺧﺮ كـل ﻟﯿﻞـة‪ ،‬وعـن اﻷطﻒـال الـذﻳﻦ أرسـﻟﮫﻢ آبـاؤھﻢ إلـى‬
‫ﻣﻌﻠﻢـﻳﻦ ﺧﺺـوﺻﯿﯿﻦ ﺣﺖـى ﻳﺘﻤﻜﻦـوا مـن اﻟﺘﻒـوق ﻋﻞـى زﻣﻼئـھﻢ‪ .‬هـؤﻻء اﻟﻂـﻻب‬
‫ﻗﺎ‪ .‬ﻓﮫﺪﻓﮫﻢ ﻟﯿﺲ ﺣﺐ اﻟﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬ﺑﻞ إﻧﮫﻢ ﻳﺤﺎوﻟﻮن أن‬ ‫ﻳﺒﺬﻟﻮن ﺟﮫًﺪا ﻛﺒﯿًﺮا‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻻ ﻳﻔﻜﺮون ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ إطﻼ ً‬
‫ﻳﺜﺒﺘﻮا ﻗﺪراﺗﮫﻢ ﻵﺑﺎﺋﮫﻢ‪.‬‬
‫وﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت‪ ،‬ﻗﺪ ﻳﺤﺐ اﻵﺑﺎء ﻣﺎ ﻳﻨﺘﺞ ﻣﻦ ھﺬا اﻟﺠﮫﺪ اﻟﻤﺮﺗﻔﻊ‪ :‬ﻣﺜﻞ اﻟﺪرﺟﺎت واﻟﺠﻮاﺋﺰ واﻟﺘﺮﺷﯿﺢ ﻷھﻢ‬
‫اﻟﻤﺪارس‪ .‬ﻟَِﻨَﺮ ﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ھﺬه اﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻤﺎ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻣﺔ‬ ‫اﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺔ‪ .‬ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻔﺨﺮ ﺑﺎﺑﻨﺘﻚ؛ ﻓﮫﻲ ﻣﺘﻔﻮﻗﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﯿﺔ زﻣﻼﺋﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ وداﺋ ً‬
‫اﻻﻣﺘﯿﺎز‪ ،‬وﻋﺎزﻓﺔ ﻵﻟﺔ اﻟﻨﺎي‪ ،‬وﺗﺘﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ أﻓﻀﻞ ﻣﻌﻠﻤﺔ ﻧﺎي‬
‫ﻓﻲ اﻟﺒﻼد‪ ،‬وﺗﺜﻖ ﺑﺄﻧﮫﺎ ﺳﺘﻨﺠﺢ ﻓﻲ اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﺄﻓﻀﻞ ﻣﺪرﺳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ‪ .‬ﻟﻜﻨﮫﺎ ﻛﻞ ﺻﺒﺎح ﻗﺒﻞ اﻟﺬھﺎب‬
‫إﻟﻰ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ُﺗﺼﺎب ﺑﺎﺿﻄﺮاب ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺪة وأﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻣﺎ ﺗﺘﻘﯿﺄ‪،‬‬
‫وﺗﻈﻞ ﺗﻘﺪم ﻟﮫﺎ أطﻌﻤﺔ ﺧﻔﯿﻔﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﮫﺪئ ﻣﻌﺪﺗﮫﺎ اﻟﺤﺴﺎﺳﺔ‪،‬وﻟﻜﻦ ھﺬا ﻻ ﻳﺴﺎﻋﺪھﺎ‪ .‬ﻻ ﻳﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﻚ‬
‫إطﻼ ً‬
‫ﻗﺎ أﻧﮫﺎ ﻣﺘﻮﺗﺮة ﺑﻄﺒﻌﮫﺎ‪.‬‬
‫وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﺸﺨﯿﺺ ﺣﺎﻟﺘﮫﺎ ﺑﺄﻧﮫﺎ ﻣﺼﺎﺑﺔ ﺑﻘﺮﺣﺔ اﻟﻤﻌﺪة‪ ،‬ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻨﮫﺒﻚ ھﺬا ﻟﺸﻲء ﻣﺎ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﺗﻈﻞ أﻧﺖ‬
‫وزوﺟﺘﻚ ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﻣﻦ ھﺬا وﺗﺴﺘﻤﺮا ﻓﻲ اﻟﻈﻦ أﻧﮫﺎ ﻣﺠﺮد‬
‫ﻣﺸﻜﻠﺔ ھﻀﻤﯿﺔ‪ .‬وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻳﺼﺮ اﻟﻄﺒﯿﺐ ﻋﻠﻰ أﻧﻜﻢ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺴﺘﺸﯿﺮوا ﻣﺴﺘﺸﺎر ﻋﻼﻗﺎت أﺳﺮﻳﺔ وﻳﺨﺒﺮك أن‬
‫ھﺬا ﺟﺰء ﺿﺮوري ﻣﻦ ﻋﻼج اﺑﻨﺘﻚ‪ ،‬وﻳﻘﺪم ﻟﻚ ﺑﻄﺎﻗﺔ ﺑﮫﺎ‬
‫اﺳﻢ ﻣﺴﺘﺸﺎرة ﻋﻼﻗﺎت أﺳﺮﻳﺔ ورﻗﻢ ھﺎﺗﻔﮫﺎ‪.‬‬
‫رد ﻓﻌﻞ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬ﺗﻨﺼﺤﻚ اﻟﻤﺴﺘﺸﺎرة ﺑﺄن ﺗﺨﻔﻒ ﻋﻦ اﺑﻨﺘﻚ‪ :‬أن ﺗﻘﻮل ﻟﮫﺎ ﺑﺄﻻ ﺑﺄس ﻓﻲ أﻻ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﮫﺬا‬
‫اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﺠﺪﻳﺔ‪ ،‬وأن ﺗﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ أﻧﮫﺎ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر‬
‫أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻮم‪ .‬وﺣﺘﻰ ﺗﻠﺘﺰم ﺑﻨﺼﺎﺋﺢ اﻟﻤﺴﺘﺸﺎرة‪ ،‬ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻌﻠﮫﺎ ﺗﺨﻠﺪ إﻟﻰ اﻟﻨﻮم ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺷﺮة ﻣﺴﺎء ﻛﻞ‬
‫ﻟﯿﻠﺔ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ھﺬا ﻳﺰﻳﺪ اﻷﻣﻮر ﺳﻮًءا؛ ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺢ ﻟﺪﻳﮫﺎ وﻗﺖ‬
‫أﻗﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻘﻖ اﻷﺷﯿﺎء اﻟﻤﻨﺘﻈَﺮ ﻣﻨﮫﺎ ﺗﺤﻘﯿﻘﮫﺎ‪.‬‬
‫ﺑﺮﻏﻢ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﺘﻪ اﻟﻤﺴﺘﺸﺎرة‪ ،‬ﻻ ﻳﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﻚ أﻧﮫﺎ ﻗﺪ ﺗﺮﻳﺪ ﻣﻦ اﺑﻨﺘﻚ أن ﺗﺘﺨﻠﻒ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ زﻣﻼﺋﮫﺎ‪ ،‬أو أن ﺗﻜﻮن‬
‫ﺣﺎ ﻓﻲ ﻋﺰف اﻟﻨﺎي‪ ،‬أو اﻟﻤﺨﺎطﺮة ﺑﺄﻻ ﻳﺘﻢ ﻗﺒﻮﻟﮫﺎ‬ ‫أﻗﻞ ﻧﺠﺎ ً‬
‫ﻓﻲ أﻓﻀﻞ ﻣﺪرﺳﺔ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ؛ ﻓﻜﯿﻒ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ھﺬا ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﺑﻨﺘﻚ؟‬
‫ﻛﺎ ﺑﺨﻄﻮرة اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ‪،‬‬ ‫ﺗﺪرك اﻟﻤﺴﺘﺸﺎرة أن ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﮫﺎ واﺟﺒًﺎ ﻛﺒﯿًﺮا؛ أول ھﺪف أﻣﺎﻣﮫﺎ ھﻮ أن ﺗﺠﻌﻠﻚ أﻛﺜﺮ إدرا ً‬
‫واﻟﮫﺪف اﻟﺜﺎﻧﻲ ھﻮ ﺟﻌﻠﻚ ﺗﻔﮫﻢ دورك ﻓﻲ ﺣﺪوث ھﺬه‬
‫اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻌﻠﯿﻚ أﻧﺖ وزوﺟﺘﻚ أن ﺗﻌﻠﻤﺎ أن ﺳﻌﯿﻜﻤﺎ ﻟﻠﻜﻤﺎل ھﻮ ﻣﺎ أدى إﻟﻰ ھﺬه اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻦ اﺑﻨﺘﻚ‬
‫ﻟﺘﺮھﻖ ﻧﻔﺴﮫﺎ ﺑﮫﺬا اﻟﺸﻜﻞ ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺨﺸﻰ ﻣﻦ ﻓﻘﺪان‬
‫ﻜﻤﺔ ﻳﻤﻜﻨﻜﻢ ﺟﻤﯿ ً‬
‫ﻌﺎ ﺗﻨﻔﯿﺬھﺎ‪.‬‬ ‫ﻣﺤ َ‬
‫رﺿﺎك‪ .‬واﻟﮫﺪف اﻟﺜﺎﻟﺚ ھﻮ وﺿﻊ ﺧﻄﺔ ُ‬
‫ھﻞ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﻣﻮر اﻟﻮاﻗﻌﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪ اﺑﻨﺘﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ أن‬
‫ﺗﮫﺪأ وﺗﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﺤﯿﺎﺗﮫﺎ؟‬
‫ﺧﻄﻮة ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ‪ .‬اﻟﺨﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺼﺤﺘﻚ ﺑﮫﺎ اﻟﻤﺴﺘﺸﺎرة ﺳﺘﺘﯿﺢ ﻻﺑﻨﺘﻚ أن ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺎﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﻔﻌﻠﮫﺎ‪ .‬ﺗﻢ ﺗﻌﻠﯿﻖ دروس ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻨﺎي‪ ،‬وﻗﯿﻞ ﻻﺑﻨﺘﻚ إﻧﮫﺎ‬
‫ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺘﺪرب ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎي ﻗﺪر ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﻓﻘﻂ؛ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﺳﺘﻤﺘﺎع ﺑﺎﻟﻤﻮﺳﯿﻘﻰ ﻻ ﺷﻲء آﺧﺮ‪.‬‬
‫ﺗﺬاﻛﺮ اﺑﻨﺘﻚ ﻣﻮادھﺎ اﻟﺪراﺳﯿﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﻌﻠﻢ ﻣﻨﮫﺎ‪ ،‬ﻻ ﻟﺘﺨﺰن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻨﮫﺎ اﺳﺘﯿﻌﺎﺑﻪ داﺧﻞ ﻋﻘﻠﮫﺎ‪ ،‬ﻓُﺘﺤﯿﻠﮫﺎ‬
‫اﻟﻤﺴﺘﺸﺎرة إﻟﻰ ﻣﻌﻠﻢ ﺧﺎص ﻳﻌﻠﻤﮫﺎ ﻛﯿﻒ ﺗﺬاﻛﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ‬
‫اﻟﻒــھﻢ‪ ،‬ﻛﻢــا ﻳﻨﺎﻗﺶــھﺎ اﻟﻤﻌﻞــم اﻟﺦــاص فــي اﻟﻢــواد اﻟﺪراســﻳﺔ ﺑﻄﺮﻳﻖــة ﺗﺠﻌﻞـھﺎ ﻣﻤﺘﻊـة‬
‫وﻣﺚـﻳﺮة ﻟﻼھﺘﻢـام‪ .‬إذن أصـﺑﺢ ﻟﻠﻢـذاﻛﺮة اﻵن ﻣﻌﻦـى جـدﻳﺪ‪ ،‬ﻓﻞـم ﻳﻊـد هـدف اﻟﻢـذاﻛﺮة‬
‫اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ أﻋﻠﻰ اﻟﺪرﺟﺎت ﺣﺘﻰ ﺗﺜﺒﺖ ﻟﻮاﻟﺪﻳﮫﺎ ذﻛﺎءھﺎ وﻗﯿﻤﺘﮫﺎ‪ ،‬ﺑﻞ أﺻﺒﺢ ھﺪﻓﮫﺎ ﺗﻌﻠﻢ اﻷﺷﯿﺎء واﻟﺘﻔﻜﯿﺮ‬
‫ﻓﯿﮫﺎ ﺑﻄﺮق ﻣﻤﺘﻌﺔ‪.‬‬
‫طﻠﺐ ﻣﻨﮫﻢ أن ﻳﺘﺤﺪﺛﻮا إﻟﯿﮫﺎ ﻋﻦ )وﻳﺜﻨﻮا ﻋﻠﯿﮫﺎ‬ ‫ﺗﻢ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻤﻌﻠﻤﻲ اﻟﻔﺘﺎة ﻟﺪﻋﻤﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺟﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﻨﻤﻮ؛ ُ‬
‫ﻷﺟﻞ( ﻋﻤﻠﯿﺔ ﺗﻌﻠﻤﮫﺎ ﻻ ﻛﯿﻒ أﺑﻠﺖ ﻓﻲ اﻻﺧﺘﺒﺎرات‪ ،‬ﻛﻤﺎ‬
 ‫دا ﻛﯿﻔﻲــة‬‫ك ﺗﻒــھﻤﯿﻦ ﺟﻲــ ً‬ ‫ﻳﺞــب أن ﺗﺘﻌﻞــم أن ﺗﺘﺢــدث إﻟﻲــھﺎ بــھﺬه اﻟﻄﺮﻳﻖــة‪" :‬أرى أنــ ِ‬
‫ﻋﺎ فـي ﺑﺤﺚـك حـول‬ ‫دا رائـ ً‬
‫ﺖ ﻣﺞـھﻮ ً‬
‫ك بـذﻟ ِ‬ ‫اسـﺗﺨﺪام اﻻسـﺗﻌﺎرة فـي ﻛﺖـاﺑﺎﺗﻚ"‪" ،‬أرى أنـ ِ‬
‫ﺣﻀﺎرة اﻹﻧﻜﺎ‪ .‬ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺮأﺗﻪ ﺷﻌﺮت ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﺑﯿﺮو اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ"‪.‬‬
‫وﻓﻲ اﻟﻨﮫﺎﻳﺔ ُﺗﺼﺮ اﻟﻤﺴﺘﺸﺎرة ﻋﻠﻰ أن ﺗﻠﺘﺤﻖ اﺑﻨﺘﻚ ﺑﻤﺪرﺳﺔ ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ أﻗﻞ ﺿﻐﻮطًﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺖ‬
‫ﺗﻨﻮي إﻟﺤﺎق اﺑﻨﺘﻚ ﺑﮫﺎ‪ ،‬ﻓﮫﻨﺎك ﻣﺪارس أﺧﺮى ﺟﯿﺪة ﺗﺮﻛِّﺰ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺘﻌﻞــم أﻛﺚــر مــن الــدرﺟﺎت وﻋﻼمــات اﻻﺧﺘﺐــار‪ ،‬ﻓﺘﺄخــذ اﺑﻨﺖــك فــي ﺟﻮلــة حـول ﺗﻞـك‬
‫ﺳﺎ‬‫اﻟﻢـدارس‪ ،‬ثـم ﺗﺘﻦـاﻗﺶ ﻣﻊـھﺎ ومـع اﻟﻤﺲـﺗﺸﺎرة حـول اﻟﻤﺪرسـة اﻟﺖـي كـاﻧﺖ أﻛﺚـر ﺣﻢـا ً‬
‫ﺑﺸﺄﻧﮫﺎ وﺷﻌﺮت ﺑﺮاﺣﺔ أﻛﺒﺮ ﻓﯿﮫﺎ‪.‬‬
‫ﺗﺪرﻳﺠﯿًّﺎ ﺗﺘﻌﻠﻢ ﻛﯿﻒ ﺗﻔﺼﻞ ﺑﯿﻦ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪه أﻧﺖ وﺗﺮﻏﺒﻪ‪ ،‬وﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪه ھﻲ وﺗﺮﻏﺒﻪ‪ .‬رﺑﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻜﻮن اﺑﻨﺘﻚ‬
‫اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻛﺎﻧﺖ اﺑﻨﺘﻚ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ أﻣﺮ‬
‫ﻣﺎ ﺑﺎﻷﺷﯿﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﻔﻌﻠﮫﺎ‪،‬‬ ‫آﺧﺮ‪ :‬رﺿﺎ واﻟﺪﻳﮫﺎ وﺣﺮﻳﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬وﺣﯿﻨﻤﺎ ﺗﺘﺮك اﻷﻣﺮ وﺷﺄﻧﻪ‪ ،‬ﺗﺼﺒﺢ اﺑﻨﺘﻚ أﻛﺜﺮ اھﺘﻤﺎ ً‬
‫ﺗﻔﻌﻞ ﺗﻠﻚ اﻷﺷﯿﺎء ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﺘﻌﺔ واﻟﺘﻌﻠﻢ‪ ،‬وﺗﻔﻌﻠﮫﺎ‬
‫ﺑﺸﻜﻞ ﺟﯿﺪ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ‪.‬‬
‫ھﻞ ﻳﺤﺎول طﻔﻠﻚ أن ﻳﻘﻮل ﻟﻚ ﺷﯿًﺌﺎ ﻻ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﺴﻤﻌﻪ؟ ھﻞ ﺗﻌﺮف اﻹﻋﻼن اﻟﺘﻠﯿﻔﺰﻳﻮﻧﻲ اﻟﺬي ﻳﺴﺄل‪" :‬أﺗﻌﻠﻢ‬
‫أﻳﻦ طﻔﻠﻚ اﻵن؟"‪ .‬إذا ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﺗﺴﻤﻊ ﻣﺎ‬
‫ﻳﺤﺎول طﻔﻠﻚ إﺧﺒﺎرك ﺑﻪ ‪ -‬ﺳﻮاء ﻣﻦ ﺧﻼل ﻛﻠﻤﺎﺗﻪ أو أﻓﻌﺎﻟﻪ ‪ -‬ﻓﺄﻧﺖ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ أﻳﻦ طﻔﻠﻚ‪ .‬ﻓﻜِّﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ وأﻧﺼﺖ‬
‫ﺟﯿًﺪا‪.‬‬

‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﻹرادة‬
‫أﺣﯿﺎﻧﺎ ﻻ ﻧﺮﻳﺪ أن ﻧﻐﯿﺮ ﻣﻦ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻛﺜﯿًﺮا؛ ﻧﺮﻳﺪ ﻓﻘﻂ أن ﻧﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻮزن وﻧﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ‪ ،‬أو أن ﻧﺘﻮﻗﻒ‬
‫ﻋﻦ اﻟﺘﺪﺧﯿﻦ أو أن ﻧﺘﺤﻜﻢ ﺑﻐﻀﺒﻨﺎ‪.‬‬
‫ﺑﻌﺾ اﻷﺷﺨﺎص ﻳﻔﻜﺮون ﻓﻲ ھﺬا ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‪ .‬إذا ﻛﻨﺖ ﻗﻮﻳًّﺎ وﻟﺪﻳﻚ إرادة‪،‬‬
‫ﻔﺎ وﻟﯿﺲ ﻟﺪﻳﻚ‬ ‫ﺳﺘﺴﺘﻄﯿﻊ ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ‪ .‬أﻣﺎ إذا ﻛﻨﺖ ﺿﻌﯿ ً‬
‫إرادة‪ ،‬ﻓﻠﻦ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ھﺬا‪ .‬اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻜﺮون ﺑﮫﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻗﺪ ﻳﻌﺘﺰﻣﻮن اﻟﻘﯿﺎم ﺑﺄﻣﺮ ﻣﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻻ‬
‫ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺨﻄﻮات ﻓﻌﻠﯿﺔ ﻟﻀﻤﺎن ﻧﺠﺎﺣﮫﻢ‪ .‬ھﺆﻻء ھﻢ‬
‫اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺘﮫﻲ ﺑﮫﻢ اﻷﻣﺮ ﻗﺎﺋﻠﯿﻦ‪" :‬اﻻﺳﺘﺴﻼم ﺳﮫﻞ‪ ،‬ﻟﻘﺪ ﻗﻤﺖ ﺑﻪ ﻣﺌﺎت اﻟﻤﺮات"‪.‬‬
‫ﻣﺎ ﻣﻊ طﻼب ﻣﺎدة اﻟﻜﯿﻤﯿﺎء اﻟﺬﻳﻦ ذﻛﺮﻧﺎھﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ؛ ﻓﺎﻟﻄﻼب ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻳﻔﻜﺮون‪:‬‬ ‫ﻛﻤﺎ ھﻰ اﻟﺤﺎل ﺗﻤﺎ ً‬
‫"إذا ﻛﻨﺖ أﻣﺘﻠﻚ اﻟﻘﺪرة‪ ،‬ﺳﺄﻗﻮم ﺑﺄداء ﺟﯿﺪ‪ ،‬وإن ﻟﻢ‬
‫أﻛﻦ أﻣﺘﻠﻜﮫﺎ‪ ،‬ﻓﻠﻦ أﻗﻮم ﺑﺄداء ﺟﯿﺪ"‪ ،‬وﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﮫﺬا ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻮا إﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت ﻣﺪروﺳﺔ؛ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺎﻋﺪوا‬
‫أﻧﻔﺴﮫﻢ‪ ،‬وذاﻛﺮوا ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺟﺎدة وﻟﻜﻨﮫﺎ ﺳﻄﺤﯿﺔ وﺗﻤﻨﻮا أن‬
‫ﻳﺤﻘﻘﻮا أﻓﻀﻞ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ‪.‬‬
‫ﻋﻦــدﻣﺎ ﻳﺮســب ذوو اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة فــي اﺧﺘﺒﺎراتــھﻢ ‪ -‬فــي مــادة اﻟﻜﯿﻤﻲــاء أو اﻟﺤﻤﻲــة‬
‫اﻟﻎــذاﺋﯿﺔ أو اﻹقــﻻع عــن اﻟﺖــدﺧﯿﻦ أو اﻟﺘﺤﻚـم ﺑﻐﺾـﺑﮫﻢ ‪ -‬ﻓﺈنـھﻢ ﻳﺤﻄﻢـون أﻧﻔﺲـھﻢ‬
‫ﺑﻌﺒﺎرات‪ ،‬ﻣﺜﻞ‪ :‬إﻧﮫﻢ أﺷﺨﺎص ﻋﺎﺟﺰون أو ﺿﻌﻔﺎء أو ﺳﯿﺌﻮن‪ ،‬ﻓﺄﻳﻦ أﻧﺖ ﻣﻦ ھﺬا؟‬
‫ﻣﻮعــد ﺣﻒــل "لــم اﻟﺶــﻣﻞ" اﻟﺦــاﻣﺲ واﻟﻌﺶــرﻳﻦ ﻟﻠﻤﺪرســة اﻟﺜﺎﻧﻮيــة ﻟﺺــدﻳﻘﻲ "نــاﺛﺎن" كــان‬
‫قــد اﻗﺖـرب‪ ،‬وﻋﻦـدﻣﺎ تـذﻛﺮ أن ﺧﻄﯿﺒﺖـه اﻟﺲـاﺑﻘﺔ قـد ﺗﺤﺾـر اﻟﺤﻒـل ﻓﻖـرر أن‬
‫ﻤﺎ وذا ﻟﯿﺎﻗﺔ ﺑﺪﻧﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺮﻳﺪ‬ ‫ﻳﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ دھﻮن ﺑﻄﻨﻪ اﻟﻀﺨﻢ‪ .‬ﻓﻘﺪ ﻛﺎن وﺳﯿ ً‬
‫أن ﻳﺒﺪو ﻛﺮﺟﻞ ﺳﻤﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻌﻤﺮ‪.‬‬
‫ﻟﻂــاﻟﻤﺎ ســﺧﺮ "نــاﺛﺎن" مــن اﻟﻨﺲــاء وﺣﻤﯿﺖــھﻢ اﻟﻎــذاﺋﯿﺔ‪ ،‬لـﻳﺲ اﻷمـر بـھﺬه اﻷھﻤﻲـة؛ فـاﻷﻣﺮ‬
‫ﻳﺤﺖـاج ﻓﻖـط إلـى ﺑﻊـض اﻟﺘﺤﻚـم فـي الـذات‪ .‬ﺣﺖـى ﻳﺨﺲـر هـذا الـوزن‪ ،‬قـرر أنـه ﺳﯿﺘﻨﺎول ﺟﺰًءا‬
‫ﻓﻘﻂ ﻣﻤﺎ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ طﺒﻖ طﻌﺎﻣﻪ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﻳﺒﺪأ ﻓﻲ ﺗﻨﺎول وﺟﺒﺔ‪ ،‬ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﻄﻌﺎم اﻟﻤﻮﺟﻮد ﻓﻲ‬
‫اﻟﻄﺒﻖ ﻓﯿﻘﻮل‪" :‬ﻟﻘﺪ أﻓﺴﺪت اﻷﻣﺮ" وﻳﺸﻌﺮ‬
‫ﺴﻦ ﻣﺰاﺟﻪ‪.‬‬ ‫ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ ﻓﯿﻄﻠﺐ اﻟﺤﻠﻮى؛ إﻣﺎ ﻟﯿﺆﻛﺪ اﻟﻔﺸﻞ أو ﻟُﯿﺤ ّ ِ‬
‫ﻢ ﻻ ﺗﻀﻊ ﺟﺰًءا ﻣﻦ اﻟﻮﺟﺒﺔ ﺟﺎﻧﺒًﺎ ﻗﺒﻞ‬ ‫ﻗﺪ أﻗﻮل ﻟﻪ‪" :‬ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻏﯿﺮ ﻧﺎﺟﺢ ﻳﺎ ﻧﺎﺛﺎن‪ ،‬أﻧﺖ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻧﻈﺎم ﺟﺪﻳﺪ‪ .‬ﻟ َ‬
‫أن ﺗﺒﺪأ ﺗﻨﺎول اﻟﻄﻌﺎم‪ ،‬أو ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﻌﻢ أن ﻳﻐﻠﻔﻪ‬
‫ﻢ ﻻ ﺗﻤﻸ طﺒﻘﻚ ﺑﺨﻀﺮوات إﺿﺎﻓﯿﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺒﺪو اﻟﻄﺒﻖ ﻣﻠﯿًﺌﺎ ﺑﺎﻟﻄﻌﺎم؟ ھﻨﺎك‬ ‫ﺣﺘﻰ ﺗﺄﺧﺬه ﻣﻌﻚ إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل؟ ﻟ َ‬
‫اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﮫﺎ"‪ ،‬وﻗﺪ ﻳﺮد ﻋﻠﻰ‬
‫ھﺬا ﻗﺎﺋًﻼ‪" :‬ﻻ‪ ،‬ﻳﻨﺒﻐﻲ أن أﻛﻮن ﻗﻮﻳًّﺎ"‪.‬‬
‫اﻧﺘﮫﻰ اﻷﻣﺮ بـ "ﻧﺎﺛﺎن" إﻟﻰ أن ﻳﺨﻮض ﺣﻤﯿﺔ ﻗﺎﺳﯿﺔ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﺴﻮاﺋﻞ ﺣﺘﻰ ﻳﺨﺴﺮ وزﻧﻪ ﻗﺒﻞ ﺣﻔﻞ "ﻟﻢ‬
‫اﻟﺸﻤﻞ" ﺛﻢ اﺳﺘﻌﺎد وزﻧًﺎ أﻛﺒﺮ ﻣﻤﺎ ﺧﺴﺮه ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ‪ .‬ﻟﻢ أﻓﮫﻢ‬
‫ﻛﯿﻒ ﻳﺴﻤﻲ ھﺬا ﻗﻮة‪ ،‬وﻳﺴﻤﻲ اﺗﺒﺎع ﺑﻌﺾ اﻹﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت اﻟﺒﺴﯿﻄﺔ ﺿﻌ ً‬
‫ﻔﺎ‪.‬‬
‫ﻛﺮ أن اﻹرادة ﻟﯿﺴﺖ ﺷﯿًﺌﺎ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﮫﺎ اﻟﺸﺨﺺ أو‬ ‫اﻟﻤﺮة اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺒﻊ ﺣﻤﯿﺔ ﻏﺬاﺋﯿﺔ‪ ،‬ﻓﻜِّﺮ ﻓﻲ "ﻧﺎﺛﺎن" وﺗﺬ ﱠ‬
‫ﻻ‪ ،‬ﻓﺎﻹرادة ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣﺴﺎﻋﺪة‪ .‬ﺳﺄﻋﻮد ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ‬
‫ھﺬه اﻟﻨﻘﻄﺔ ﻣﺮة أﺧﺮى‪.‬‬
 ‫اﻟﻐﻀﺐ‬
‫اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﻐﻀﺐ ھﻮ ﻣﺸﻜﻠﺔ أﺧﺮى ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس؛ ﻳﻌﻜﺮ أﻣﺮ ﻣﺎ ﻣﺰاﺟﮫﻢ ﻓﯿﺴﺘﺸﯿﻄﻮن ﻏﻀﺒًﺎ‬
‫وﻳﻔﻘﺪون اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺎﺗﮫﻢ‪ ،‬ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﻔﻌﻠﻮن ﻣﺎ ھﻮ أﺳﻮأ‬
‫ﻣﻦ ذﻟﻚ؛ ﻓﻘﺪ ﻳﺘﻌﮫﺪ ھﺆﻻء اﻷﺷﺨﺎص ﺑﺄن ﻳﺘﺼﺮﻓﻮا ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺮة اﻟﻘﺎدﻣﺔ‪ .‬اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﻐﻀﺐ‬
‫ﻳﻤﺜﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﺑﯿﻦ اﻷزواج وﺑﯿﻦ اﻵﺑﺎء واﻷﺑﻨﺎء‪ ،‬ﻻ ﻷن‬
‫ﻀﺎ ‪ -‬ﻷﻧﻨﺎ ﻗﺪ ﻧﻈﻦ أن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻛﺎﻣﻞ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ أن ﻧﺘﺮك اﻟﻌﻨﺎن‬ ‫اﻷزواج واﻷﺑﻨﺎء ﻳﻔﻌﻠﻮن أﻣﻮًرا ﺗﺜﯿﺮ ﻏﻀﺒﻨﺎ‪ ،‬ﺑﻞ ‪ -‬أﻳ ً‬
‫ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮن ذﻟﻚ‪ .‬ﻟﻨﺴﺘﻌﺮض اﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺔ‬
‫اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ‪.‬‬
‫اﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺔ‪ .‬ﺗﺨﯿﻞ أﻧﻚ ﻓﻲ اﻟﻌﺎدة ﺷﺨﺺ ﻟﻄﯿﻒ وﻋﻄﻮف‪ ،‬ورﺑﻤﺎ أﻧﺖ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ‪ ،‬أﻧﺖ ﺗﺤﺐ زوﺟﺘﻚ وﺗﺸﻌﺮ‬
‫ﺑﺄﻧﻚ ﻣﺤﻈﻮظ ﻷﻧﮫﺎ زوﺟﺘﻚ‪ ،‬وﻟﻜﻨﮫﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺨﺮق‬
‫إﺣﺪى ﻗﻮاﻋﺪك ﻣﺜﻞ أن ﺗﺘﺮك اﻟﻘﻤﺎﻣﺔ ﺗﻔﯿﺾ ﻋﻦ اﻟﺤﺪ ﻗﺒﻞ إﺧﺮاﺟﮫﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺰل‪ ،‬ﻓﺘﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﺗﻢ ﺧﯿﺎﻧﺘﻚ‬
‫ﺷﺨﺼﯿًّﺎ وﺗﺒﺪأ ﻓﻲ اﻧﺘﻘﺎدھﺎ‪ .‬ﺗﺒﺪأ ﻓﻲ ﺗﻮﺟﯿﻪ ﻋﺒﺎرات ﻣﺜﻞ‪" :‬ﻗﻠﺖ‬
‫ﺖ ﻻ ﺗﻔﻌﻠﯿﻦ أي ﺷﻲء ﺑﺼﻮرة ﺻﺤﯿﺤﺔ"‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﺒﺪو ﻋﻠﯿﮫﺎ اﻟﺨﺰي‬ ‫ﻚ أﻟﻒ ﻣﺮة ﻣﻦ ﻗﺒﻞ" ﺛﻢ ﺗﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ "أﻧ ِ‬ ‫ﻟ ِ‬
‫ﺖ‬
‫ﺗﺴﺘﺸﯿﻂ ﻏﻀﺒًﺎ وﺗﻮﺟﻪ اﻹﺳﺎءة ﻟﺬﻛﺎﺋﮫﺎ )"رﺑﻤﺎ أﻧ ِ‬
‫ت ذﻛﻲــــة ﺑﺎﻟﻖــدر اﻟﻚــاﻓﻲ ﺣﺖــى ﺗﺖــذﻛﺮي اﻟﻘﻤﺎمــة"( وشــﺧﺼﯿﺘﮫﺎ )"لــو لــم ﺗﻜﻮنــي‬ ‫ﻟﺲــــ ِ‬
‫ت تــھﺘﻤﯿﻦ بــاﻵﺧﺮﻳﻦ ﻛﻢــا تــھﺘﻤﯿﻦ‬ ‫ت ‪" ،"...‬لــو ﻛﻦــ ِ‬
‫بــھﺬا اﻟﻖــدر مــن اﻻســﺗﮫﺘﺎر‪ ،‬ﻟﻢــا ﻛﻦــ ِ‬
‫ﻚ‬
‫ﺖ ‪ ،"...‬وﻷﻧﻚ ﺗﺸﺘﻌﻞ ﻏﻀﺒًﺎ ﺗﺴﺘﻌﯿﻦ ﺑﻜﻞ ﺷﻲء ﺗﻈﻦ أﻧﻪ ﻳﺪﻋﻢ وﺟﮫﺔ ﻧﻈﺮك‪" :‬ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﺑﻲ ﻳﺜﻖ ﺑ ِ‬ ‫ﺑﻨﻔﺴﻚ‪ ،‬ﻛﻨ ِ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق" أو "ﻛﺎن ﻣﺪﻳﺮك ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل إن‬
‫ﻗﺪراﺗﻚ ﻣﺤﺪودة"‪ .‬ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ زوﺟﺘﻚ أن ﺗﺮﺣﻞ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﺰل ﺣﺘﻰ ﺗﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﻧﻮﺑﺎت ﻏﻀﺒﻚ اﻟﻤﺘﺰاﻳﺪة‪.‬‬
‫رد ﻓﻊــل اﻟﻌﻘﻠﻲــة اﻟﺜﺎﺑﺖــة‪ .‬ﺗﺶــﻋﺮ ﻟﺒﻊــض الــوﻗﺖ أن لــك اﻟﺢــق فــي ﻏﺾــﺑﻚ هــذا‪ ،‬وﻟﻚـن ﺑﻊـد‬
‫ذلـك ﺗﺶـﻋﺮ أنـك قـد ﺗﻢـادﻳﺖ ﻓﻲـه‪ ،‬ﺗﺖـذﻛﺮ كـﻳﻒ كـاﻧﺖ زوﺟﺖـك داﻋﻢـة لـك؛‬
‫ﺿﺎ‪ ،‬وﺗﻘﻮل ﻟﻨﻔﺴﻚ‪" :‬ﻟﻘﺪ وﻋﯿﺖ‬ ‫ﻋَﺮ ً‬
‫ﻓﺘﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻚ ﻣﺬﻧﺐ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻘﻮل ﻟﻨﻔﺴﻚ إﻧﻨﻲ ﺷﺨﺺ ﺟﯿﺪ ﻗﺪ أﺧﻄﺄت َ‬
‫اﻟﺪرس ﺟﯿًﺪا وﻟﻦ أﻓﻌﻞ ھﺬا ﻣﺠﺪ ً‬
‫دا"‪.‬‬
‫ورﻏﻢ أﻧﻚ ﺗﻌﺘﻘﺪ أﻧﻚ ﺳﺘﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ھﺪوء أﻋﺼﺎﺑﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻚ ﻟﻢ ﺗﻔﻜﺮ ﻓﻲ إﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت‬
‫ﻳﻤﻜﻨﻚ اﺳﺘﺨﺪاﻣﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺮة اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺠﻨﺐ أن ﻳﻨﺘﺎﺑﻚ‬
‫اﻟﻐﻀﺐ؛ وﻟﮫﺬا ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺮة اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ ھﻲ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺮة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪.‬‬

‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ واﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﺬات‬

‫ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻳﻔﻜﺮون ﻓﻲ ﻓﻘﺪان اﻟﻮزن أو اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻏﻀﺒﮫﻢ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬ﻳﺪرﻛﻮن أﻧﮫﻢ‬
‫ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻨﺠﺤﻮا ﺳﯿﻜﻮن ﻋﻠﯿﮫﻢ أن ﻳﺘﻌﻠﻤﻮا وﻳﻤﺎرﺳﻮا‬
‫إﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت ﺗﻨﺎﺳﺒﮫﻢ وﺗﺆﺗﻲ ﺑﺜﻤﺎرھﺎ ﻣﻌﮫﻢ‪.‬‬
‫ﻳﺸﺒﻪ ھﺬا طﻼب ﻣﺎدة اﻟﻜﯿﻤﯿﺎءء ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘﺨﺪﻣﻮا أﺳﺎﻟﯿﺐ أﻓﻀﻞ ﻟﻠﻤﺬاﻛﺮة وﻧﻈﻤﻮا وﻗﺖ‬
‫ﻣﺬاﻛﺮﺗﮫﻢ ﺑﺪﻗﺔ وﺣﺎﻓﻈﻮا ﻋﻠﻰ داﻓﻌﯿﺘﮫﻢ‪ .‬ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى‪،‬‬
‫اﺳﺘﺨﺪﻣﻮا ﻛﻞ إﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻀﻤﻨﻮا ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﻨﺠﺎح‪.‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﻨﻮال‪ ،‬ﻓﺎﻷﺷﺨﺎص ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻔﻜﺮون ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻻ ﻳﻀﻌﻮن ﺑﺒﺴﺎطﺔ ﻗﺮارات اﻟﻌﺎم اﻟﺪراﺳﻲ‬
‫اﻟﺠﺪﻳﺪ‪ ،‬ﺛﻢ ﻳﻨﺘﻈﺮوا ﻟﯿﺮوا إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﺳﯿﻠﺘﺰﻣﻮن ﺑﮫﺎ‪ .‬ﻓﮫﻢ‬
‫ﻳﺪرﻛﻮن أﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺒﻌﻮن ﺣﻤﯿﺔ ﻏﺬاﺋﯿﺔ ﻓﻌﻠﯿﮫﻢ أن ﻳﻀﻌﻮا ﺧﻄﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻰ ﺗﺠﻨﺐ اﻟﺤﻠﻮﻳﺎت‪ ،‬أو ﻳﻔﻜﺮوا‬
‫ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﺒﻖ ﻓﯿﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻄﻠﺒﻮﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎوﻟﻮن‬
‫اﻟﻄﻌﺎم ﻓﻲ ﻣﻄﻌﻢ أو ﻳﺮﺗﺒﻮن ﻟﺘﻨﺎول وﺟﺒﺔ دﺳﻤﺔ ﻣﺮة واﺣﺪة ﻓﻲ اﻷﺳﺒﻮع أو ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺘﻤﺮﻳﻨﺎت اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻳﻔﻜﺮون ﺑﺠﺪﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺜﺒﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣﻘﻘﻮه‪ ،‬ﻓﻤﺎ اﻟﻌﺎدات اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﯿﮫﻢ اﺗﺒﺎﻋﮫﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺤﺎﻓﻈﻮا ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻤﻜﺎﺳﺐ اﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﻮھﺎ؟‬
‫ﺛﻢ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت‪ .‬ھﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮن أن اﻹﺧﻔﺎﻗﺎت ﺳﺘﺤﺪث‪ ،‬وﺑﺪًﻻ ﻣﻦ أن ﻳﺤﻄﻤﻮا أﻧﻔﺴﮫﻢ‪ ،‬ﻳﺴﺄﻟﻮن‪:‬‬
‫"ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ ﺗﻌﻠﻤﻪ ﻣﻦ ھﺬا؟ ﻣﺎذا ﺳﺄﻓﻌﻞ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻤﺮة اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻮاﺟﮫﻨﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻣﺮة أﺧﺮى؟"‪ .‬إﻧﮫﺎ ﻋﻤﻠﯿﺔ ﺗﻌﻠ ﱡﻢ وﻟﯿﺴﺖ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺑﯿﻦ ﺷﺨﺼﻚ‬
‫اﻟﺴﯿﺊ وﺷﺨﺼﻚ اﻟﺠﯿﺪ‪.‬‬
‫ﻓﻲ اﻹﺷﻜﺎﻟﯿﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‪ ،‬ﻛﯿﻒ ﻛﻨﺖ ﺳﺘﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻏﻀﺒﻚ؟ أوًﻻ‪ ،‬ﻓﻜِّﺮ ﻓﻲ ﺳﺒﺐ ﻏﻀﺒﻚ اﻟﺰاﺋﺪ ﻋﻦ اﻟﺤﺪ‪ ،‬رﺑﻤﺎ‬
‫ﺷﻌﺮت ﺑﺎﻧﺘﻘﺎص اﻟﻘﯿﻤﺔ أو ﻗﻠﺔ اﻻﺣﺘﺮام ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﮫﺮﺑﺖ‬
‫ﻤﺎ‪ ،‬اﺣﺘﯿﺎﺟﺎﺗﻚ‬‫زوﺟﺘﻚ ﻣﻦ اﻟﻤﮫﺎم‪ ،‬أو ﺧﺮﻗﺖ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ وﺿﻌﺘﮫﺎ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮل ﻟﻚ‪" :‬أﻧﺖ ﻟﺴﺖ ﻣﮫ ًّ‬
‫ﺗﺎﻓﮫﺔ‪ .‬ﻻ ﻳﻤﻜﻦ إزﻋﺎﺟﻲ"‪.‬‬
‫رد ﻓﻌﻠﻚ اﻷول ﺗﺠﺎھﮫﺎ ھﻮ أن ﺗﺬﻛِّﺮھﺎ ﺑﻮاﺟﺒﮫﺎ ﺑﻨﺒﺮة ﻏﺎﺿﺒﺔ‪ ،‬ﺛﻢ ﻳﺄﺗﻲ اﻧﺘﻘﺎﻣﻚ ﻋﻘﺐ ذﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﺗﻘﻮل‪:‬‬
‫ﻚ ﺑﮫﺬا‬‫ﺖ ﺗﻈﻨﯿﻦ أﻧ ِ‬‫"ﺣﺴًﻨﺎ أﻳﺘﮫﺎ اﻟﺴﯿﺪة اﻟﻤﮫﻤﺔ‪ ،‬إذا ﻛﻨ ِ‬
‫اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻷھﻤﯿﺔ‪ ،‬ﻓﺄﻋﯿﺪي اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ ھﺬا اﻷﻣﺮ"‪.‬‬
 ‫وﺑﺪًﻻ ﻣﻦ أن ﺗﺆﻛﺪ ﻟﻚ أھﻤﯿﺘﻚ‪ ،‬أﻋﺪت ﻧﻔﺴﮫﺎ ﻟﻠﮫﺠﻮم ﻋﻠﯿﻚ‪ ،‬ﻓﺎﻋﺘﺒﺮت أن ﺻﻤﺘﮫﺎ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﻮرھﺎ ﺑﺎﻟﺘﻤﯿﺰ‬
‫ﻋﻠﯿﻚ ﻣﻤﺎ زاد ﻣﻦ ﻏﻀﺒﻚ اﻟﻤﺘﻔﺎﻗﻢ‪.‬‬
‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻨﻚ ﻓﻌﻠﻪ؟ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر؛ أوًﻻ‪ ،‬اﻟﺰوﺟﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﮫﺎ ﻗﺮاءة أﻓﻜﺎرك ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺜﯿﺮ‬
‫ﻟﻠﻐﻀﺐ‪ ،‬ﻳﺠﺐ ﻋﻠﯿﻚ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ أن ﺗﺨﺒﺮھﻢ ﻋﻦ ﺷﻌﻮرك‬
‫ﺖ ﻻ ﺗﮫﺘﻤﯿﻦ ﻟﻸﺷﯿﺎء‬ ‫ﺗﺠﺎه ھﺬا اﻷﻣﺮ‪" :‬ﻻ أﻋﻠﻢ اﻟﺴﺒﺐ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﯿﻦ ذﻟﻚ أﺷﻌﺮ ﺑﻌﺪم اﻷھﻤﯿﺔ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﻨ ِ‬
‫اﻟﺘﻲ ﺗﮫﻤﻨﻲ"‪.‬‬
‫ﺻﺎ‪ .‬ﻗﺪ ﺗﻘﻮل اﻵن‪") :‬أﺗﻤﺰح؟‬ ‫ﻓﺒﺪورھﺎ ﺳﺘﻄﻤﺌﻨﻚ أﻧﮫﺎ ﺗﮫﺘﻢ ﻟﻤﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻪ‪ ،‬وأﻧﮫﺎ ﺳﺘﺤﺎول أن ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﺣﺮ ً‬
‫زوﺟﺘﻲ ﻟﻦ ﺗﻔﻌﻞ ھﺬا أﺑًﺪا" ﺣﺴًﻨﺎ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻨﮫﺎ‬
‫ﻚ‬
‫ﻚ ﺗﮫﺘﻤﯿﻦ ﻟﻤﺎ أﺷﻌﺮ ﺑﻪ‪ ،‬وأﻧ ِ‬‫ھﺬا ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ أﻧﺎ ھﺬا ﻣﻦ ﻗﺒﻞ‪" :‬ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻚ أﺧﺒﺮﻳﻨﻲ أﻧ ِ‬
‫ﺻﺎ"(‪.‬‬
‫ﺳﺘﺤﺎوﻟﯿﻦ أن ﺗﻜﻮﻧﻲ أﻛﺜﺮ ﺣﺮ ً‬
‫وّن أﺑﺸﻊ أﻓﻜﺎرك ﺛﻢ ﻗﺎرﻧﮫﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺸﻌﺮ أﻧﻚ ﺑﺪأت ﺗﻔﻘﺪ أﻋﺼﺎﺑﻚ‪ ،‬ﺗﻌﻠﻢ أن ﺗﺘﺮك اﻟﻐﺮﻓﺔ‪ ،‬وﺗﺪ ِ‬
‫اﻟﻮاﻗﻊ )"إﻧﮫﺎ ﻻ ﺗﻔﮫﻢ أن ھﺬا ﻣﮫﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ"‪" ،‬إﻧﻪ ﻻ‬
‫ﻳﻌﺮف ﻣﺎذا ﻳﻔﻌﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻧﻔﺠﺮ ﻏﻀﺒًﺎ"(‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻘﺪر ﻛﺎف ﻣﻦ اﻟﮫﺪوء‪ ،‬ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻌﻮد ﻟﻘﺮاءة ھﺬه اﻟﻮرﻗﺔ‬
‫ﻟﺘﺮاﺟﻊ اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻣﺮة أﺧﺮى‪.‬‬
‫ﻀﺎ أن ﺗﻜﻮن ﻣﺮﻧًﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻗﻮاﻋﺪك؛ ﻓﮫﻲ ﻟﯿﺴﺖ دﻟﯿًﻼ ﻋﻠﻰ اﺣﺘﺮام زوﺟﺘﻚ‪/‬زوﺟﻚ ﻟﻚ‪.‬‬ ‫ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﺘﻌﻠﻢ أﻳ ً‬
‫ﺴﺎ ﻓﻜﺎھﯿًّﺎ ﺗﺠﺎه ھﺬه اﻷﻣﻮر؛‬ ‫وﺑﻤﺮور اﻟﻮﻗﺖ ﻗﺪ ﺗﻜﺘﺴﺐ ﺣ ًّ‬
‫ﻓﻤﺜًﻼ إذا ﺗﺮﻛﺖ زوﺟﺘﻚ ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻮارب ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ اﻟﻤﻌﯿﺸﺔ أو وﺿﻌﺖ أﺷﯿﺎء ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﻣﻜﺎﻧﮫﺎ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ‪ ،‬ﻗﺪ‬
‫ﺗﺸﯿﺮ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻷﺷﯿﺎء وﺗﺴﺄل ﺑﺼﺮاﻣﺔ‪" :‬ﻣﺎذا ﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ؟" ﺑﻞ‬
‫رﺑﻤﺎ ﺗﻀﺤﻚ ﻛﺜﯿًﺮا‪.‬‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺨﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺄ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺣﻮل أن ﺗﻜﻮن اﻷﺷﯿﺎء إﻣﺎ ﺟﯿﺪة أو ﺳﯿﺌﺔ أو‬
‫ﺗﻜﻮن إﻣﺎ ﻗﻮﻳﺔ أو ﺿﻌﯿﻔﺔ‪ ،‬ﺳﯿﻜﻮﻧﻮن أﻛﺜﺮ ﻗﺪرة ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻢ‬
‫إﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت ﻣﻔﯿﺪة ﺗﺴﺎﻋﺪھﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﺬات‪ .‬ارﺗﻜﺎب اﻟﺨﻄﺄ ﻟﯿﺲ ﻧﮫﺎﻳﺔ اﻟﻤﻄﺎف‪ ،‬ﻓﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﻨﻤﻮ ارﺗﻜﺎب اﻟﺨﻄﺄ ﻣﺜﻞ أي ﺷﻲء آﺧﺮ؛ ﻓﮫﻮ ﻣﺠﺮد أﻣﺮ‬
‫ﺼﺎ ﻛﺎﻣًﻼ‪ ،‬وﻳﻌﻠﻤﻚ ﻛﯿﻒ ﺗﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﺑﺸﻜﻞ أﻓﻀﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺮة اﻟﻘﺎدﻣﺔ‪.‬‬ ‫ﻳﺬﻛﺮك ﺑﺄﻧﻚ ﻟﺴﺖ ﺷﺨ ً‬

‫اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻐﯿﺮ‬

‫ﺳﻮاء ﻛﺎن اﻟﻨﺎس ﻳﻐﯿﺮون ﻋﻘﻠﯿﺘﮫﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﻄﻮروا ﻣﻦ ﻣﮫﻨﺘﮫﻢ‪ ،‬أو ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻌﺎﻓﻮا ﺑﻌﺪ ﺧﺴﺎرة ﻣﺎ‪ ،‬أو ﻟﯿﺴﺎﻋﺪوا‬
‫أﺑﻨﺎءھﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﻮق‪ ،‬أو ﺣﺘﻰ ﻳﺨﺴﺮوا وزﻧًﺎ‪ ،‬أو ﻳﺘﺤﻜﻤﻮا‬
‫ﺑﻐﻀﺒﮫﻢ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺘﻐﯿﺮ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻢ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﯿﻪ‪ .‬إﻧﻪ أﻣﺮ ﻣﺪھﺶ ‪ -‬ﻓﻮر أن ﺗﺘﺤﺴﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﺎ‪ ،‬ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻮﻗﻒ‬
‫اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻤﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺗﺘﺤﺴﻦ ‪ .‬ﻓﻮر أن‬
‫ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺘﺤﺴﻦ‪ ،‬ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺗﻨﺎول اﻟﺪواء‪.‬‬
‫وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻻ ﻳﻜﻮن ﺑﮫﺬا اﻟﺸﻜﻞ؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﻘﺪ اﻟﻮزن ﻻ ﺗﻨﺘﮫﻲ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻋﻨﺪ ھﺬا اﻟﺤﺪ‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﺪأ طﻔﻠﻚ‬
‫ﻓﻲ ﺣﺐ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻓﺘﻠﻚ ﻟﯿﺴﺖ ﻧﮫﺎﻳﺔ اﻟﻤﻄﺎف‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﺪأ‬
‫أﻧﺖ وزوﺟﺘﻚ‪/‬زوﺟﻚ ﻓﻲ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑﺼﻮرة أﻓﻀﻞ ﻓﮫﺬا ﻟﯿﺲ ﻛﻞ ﺷﻲء‪ .‬ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻢ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻐﯿﺮات‬
‫وإﻻ ﺳﺘﻨﺘﮫﻲ أﺳﺮع ﻣﻤﺎ ﺣﺪﺛﺖ‪.‬‬
‫رﺑﻤﺎ ﻟﮫﺬا ﻳﻘﻮل اﻷﺷﺨﺎص ﻣﺪﻣﻨﻮ اﻟﻜﺤﻮﻟﯿﺎت إﻧﮫﻢ ﺳﯿﻈﻠﻮن ﻣﺪﻣﻨﯿﻦ ﻟﻠﻜﺤﻮﻟﯿﺎت ‪ -‬ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺼﺒﺤﻮا راﺿﯿﻦ ﺑﻤﺎ‬
‫ھﻢ ﻓﯿﻪ‪ ،‬وﻳﺘﻮﻗﻔﻮا ﻋﻦ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻰ ﻓﻌﻠﻪ‬
‫ﻤﺎ"‪.‬‬ ‫ﺣﺘﻰ ﻳﻈﻠﻮا ﻣﺘﯿﻘﻈﯿﻦ‪ ،‬ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻘﻮﻟﻮن‪" :‬ﺳﺘﻜﻮن ھ ًّ‬
‫ﺸﺎ داﺋ ً‬
‫ﻟﺬﻟﻚ‪ ،‬ﻓﺘﻐﯿﺮ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ ﻻ ﻳﻘﻮم ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺨﺪام ﺑﻌﺾ اﻟﺤﯿﻞ‪ ،‬ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‪ ،‬إذا ظﻞ ﺷﺨﺺ ﻳﻔﻜﺮ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ واﺳﺘﺨﺪم إﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﻓﻘﺪ ﻳﺆدي ھﺬا إﻟﻰ‬
‫ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻋﻜﺴﯿﺔ‪.‬‬
‫ﻜﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻛﻞ ﻟﯿﻠﺔ‪ ،‬وﻳﺮﻓﺾ‬ ‫"وﻳﺲ" أب ذو ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ وﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ اﻻﻧﮫﯿﺎر‪ .‬ﻛﺎن ﻳﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل ﻣﻨﮫ ً‬
‫اﺑﻨﻪ "ﻣﯿﻜﻲ" أن ﻳﻠﺒﻲ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﯿﻪ أﺑﻮه؛ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن‬
‫ﺟﺎ‪ .‬كــان "ويــس" ﻳﺢــذره وﻟﻚــن‬ ‫"ويــس" ﻳﺤﺖــاج ﺑﻊــض الــھﺪوء وﻟﻚــن "مــﻳﻜﻲ" كــان ﻣﺰعــ ً‬
‫"مــﻳﻜﻲ" كـان ﻳﻮاصـل ﺗﺺـرﻓﺎﺗﻪ اﻟﻤﺰﻋﺞـة‪" .‬ويـس" رأى أن "مـﻳﻜﻲ" ﻋﻨﻲـد وصـﻋﺐ‬
‫اﻟﻤﺮاس‪ ،‬وﻻ ﻳﺤﺘﺮم واﺟﺒﺎﺗﻪ ﺗﺠﺎه أﺑﯿﻪ‪ ،‬وﻳﻨﺘﮫﻲ اﻷﻣﺮ ﺑﻮﺻﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﺮاخ وﻋﻘﺎب "ﻣﯿﻜﻲ"‪.‬‬
‫ﻓﻲ ﻧﮫﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ‪ ،‬ﻟﺸﻌﻮره ﺑﺄن ﻟﯿﺲ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺎ ﻳﺨﺴﺮه‪ ،‬ﻗﺎم "وﻳﺲ" ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ ﺑﻌﺾ اﻹﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم‬
‫ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ .‬أظﮫﺮ "وﻳﺲ" ﺗﻘﺪﻳﺮه ﻟﻤﺠﮫﻮدات "ﻣﯿﻜﻲ"‬
‫ﻔﺎ‪ ،‬أو ﻳﻘﺪم ﻳﺪ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة‪ .‬ﻛﺎن اﻟﺘﺤﻮل ﻓﻲ ﺳﻠﻮك "ﻣﯿﻜﻲ" ﻛﺒﯿًﺮا‪.‬‬ ‫وأﺛﻨﻰ ﻋﻠﻰ أﻓﻌﺎﻟﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻌﺎط ً‬
‫وﻟﻜﻦ ﻓﻮر أن ﺣﺪث ھﺬا اﻟﺘﺤﻮل ﻓﻲ ﺳﻠﻮك "ﻣﯿﻜﻲ"‪ ،‬ﺗﻮﻗﻒ "وﻳﺲ" ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪام ھﺬه اﻹﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎت‪ ،‬ﻓﻘﺪ‬
‫ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺪه‪ ،‬وﺗﻮﻗﻊ أن ﻳﺴﺘﻤﺮ ھﺬا‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ‬
‫ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻤﺮ ھﺬا أﺻﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﻏﻀﺒًﺎ وﻋﻘﺎﺑًﺎ ﻣﻦ ذي ﻗﺒﻞ‪" .‬ﻣﯿﻜﻲ" أظﮫﺮ أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﺳﻠﻮﻛﻪ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻪ اﻵن ﺗﻮﻗﻒ‬
‫ﻋﻦ ھﺬا‪.‬‬
‫ﻛﺜﯿًﺮا ﻣﺎ ﻳﺤﺪث اﻟﺸﻲء ذاﺗﻪ ﻣﻊ اﻷزواج ذوي اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺪأون ﻓﻲ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑﺼﻮرة أﻓﻀﻞ‪.‬‬
 ‫"ﻣﺎرﻟﯿﻦ" و"ﺳﻜﻮت" زوﺟﺎن أطﻠﻖ ﻋﻠﯿﮫﻤﺎ أﻧﺎ وزوﺟﻲ "أﺳﺎﺗﺬة‬
‫اﻟﺠﺪال"؛ ﻛﺎن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻼﻧﻪ ھﻮ اﻟﺠﺪال‪" :‬ﻟﻤﺎذا ﻻ ﺗﻘﻮم ﺑﺘﻨﻈﯿﻒ ﻣﺎ أﻓﺴﺪﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻹطﻼق؟"‪" ،‬ﻗﺪ أﻓﻌﻞ ھﺬا إن‬
‫ﻟﻢ ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻣﺘﺬﻣﺮة ﺑﮫﺬا اﻟﺸﻜﻞ"‪" ،‬ﻟﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺳﺄﺗﺬﻣﺮ‬
‫ﻲ ﻓﻌﻠﻪ؟"‬ ‫ﱠ‬ ‫ﻠ‬ ‫ﻋ‬ ‫ﻢ‬‫ﺘ‬ ‫ﺤ‬‫ﺘ‬‫ﻳ‬ ‫ﺎ‬‫ﻣ‬ ‫ﻰ‬ ‫ﻠ‬ ‫ﻋ‬ ‫ﻲ‬‫ﻤ‬‫ﻜ‬ ‫ﺤ‬‫ﺗ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ﻚ‬
‫ِ‬ ‫ﯿ‬‫ﻟ‬‫إ‬ ‫إذا ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺗﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﺤﺘﻢ ﻋﻠﯿﻚ ﻓﻌﻠﻪ"‪" ،‬ﻣﻦ أوﻛﻞ‬
‫ﺑﺎﻻســــﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺒﻊــض اﻻســﺗﺸﺎرات‪ ،‬تــوﻗﻔﺖ "مــارﻟﯿﻦ" و"ســﻛﻮت" عــن اﻟﻖــﻓﺰ ﻋﻞــى اﻟﺲــﻟﺒﯿﺎت‪،‬‬
‫وتــدرﻳﺠﯿًّﺎ بــدأوا فــي ﺗﻖــدﻳﺮ اﻷشــﻳﺎء اﻟﻤﺪروســة اﻟﺖــي ﻳﻔﻌﻞــھﺎ اﻟﺰوج‪/‬اﻟﺰوجــة‬
‫واﻟﺠﮫﻮد اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺬﻟﮫﺎ؛ ﻓﻌﺎد اﻟﺤﺐ واﻟﻮد اﻟﺬي ظﱠﻨﺎ أﻧﻪ اﻧﺘﮫﻰ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻓﻮر أن ﻋﺎد اﻟﺤﺐ ﻋﺎدا ھﻤﺎ أدراﺟﮫﻤﺎ‪.‬‬
‫ﻓﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺗﺮى أن اﻷﻣﻮر ﻻ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺘﻄﻠﺐ ھﺬا‬
‫اﻟﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﺠﮫﺪ؛ ﻓﺎﻷﺷﺨﺎص اﻟﺠﯿﺪون ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﺼﺮﻓﻮا ﺑﺸﻜﻞ ﺟﯿﺪ‪ ،‬واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺠﯿﺪة ﻳﺠﺐ أن ﺗﺴﯿﺮ ﺑﺸﻜﻞ‬
‫ﺟﯿﺪ ﻓﻘﻂ‪.‬‬
‫ﻣﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذي ﻗﺒﻞ؛ ﻷﻧﻪ ﻋﻜﺲ آﻣﺎﻟﮫﻤﺎ ﺧﺎﺋﺒﺔ اﻟﺮﺟﺎء‪.‬‬ ‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎدا إﻟﻰ اﻟﺠﺪال‪ ،‬ﻛﺎن اﻟﺠﺪال ﻣﺤﺘﺪ ً‬
‫ﺗﻎــﻳﯿﺮ اﻟﻌﻘﻠﻲــة ﻻ ﻳﻖــوم ﻋﻞــى اﻧﺘﻖــاء ﺑﻊــض اﻷمــور مــن ھﻦــا وھﻦــاك ﺣﺖـى ﻳﺖـم ﺗﻐﯿﯿﺮهـا‪ ،‬بـل‬
‫ﻳﻖـوم ﻋﻞـى اﻟﻨﻆـر إلـى اﻷشـﻳﺎء ﺑﺮؤيـة جـدﻳﺪة‪ .‬ﻓﻌﻦـدﻣﺎ ﻳﺘﻎـﻳﺮ اﻟﻦـاس ‪ -‬اﻷزواج‬
‫واﻟﻤﺪرﺑﻮن واﻟﺮﻳﺎﺿﯿﻮن واﻟﻤﺪﻳﺮون واﻟﻌﻤﺎل واﻵﺑﺎء واﻷﺑﻨﺎء واﻟﻤﻌﻠﻮن واﻟﻄﻼب ‪ -‬إﻟﻰ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪،‬‬
‫ﻓﺈﻧﮫﻢ ﻳﺘﻐﯿﺮون ﻣﻦ ﻧﻄﺎق إطﻼق اﻷﺣﻜﺎم إﻟﻰ ﻧﻄﺎق اﻟﺘﻌﻠﻢ؛‬
‫ﻓﺎﻟﺘﺰاﻣﮫﻢ ﺗﺠﺎه اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬واﻟﻨﻤﻮ ﻳﺘﻄﻠﺐ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ واﻟﺠﮫﺪ واﻟﺪﻋﻢ اﻟﻤﺘﺒﺎدل‪.‬‬

‫ﺗﻌﻠﻢ وﺳﺎﻋﺪ ﻏﯿﺮك ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻠﻢ‬

‫ﻛﻞ ﻳﻮم ﺗﺘﺎح أﻣﺎﻣﻚ ﻓﺮص ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﻨﻤﻮ وﻣﺴﺎﻋﺪة اﻷﺷﺨﺎص اﻟﻤﮫﻤﯿﻦ ﻟﺪﻳﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻤﻮ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻛﯿﻒ ﻳﻤﻜﻨﻚ أن‬
‫ﺗﺘﺬﻛﺮ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺮص؟‬
‫أوًﻻ‪ ،‬اﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﻠﺨﯿﺺ اﻟﻤﺼﻮر ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﻪ اﻟﺮاﺋﻊ "ﻧﺎﻳﺠﻞ ھﻮﻟﻤﺰ"‪ ،‬واﻟﺼﻘﮫﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻣﺮآﺗﻚ‪ .‬اﺳﺘﺨﺪﻣﮫﺎ ﻛﻞ ﺻﺒﺎح ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺬﻛﺮ اﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ‬
‫اﻟﻌﻘﻞــﻳﺘﯿﻦ اﻟﺜﺎﺑﺖــة واﻟﻨﻢــو‪ ،‬وﺑﯿﻨﻢــا ﺗﺖــأﻣﻞ فــي أحــداث ﻳﻮمــك‪ ،‬حــاول أن ﺗﻂــرح ﻋﻞــى ﻧﻔﺲــك‬
‫اﻷســﺋﻠﺔ اﻟﺘﺎﻟﻲــة‪ ،‬وإذا كــان ھﻦــاك ﻣﺘﺲــع ﻋﻞــى ﻣﺮآتــك‪ ،‬اطﺐــع ﺗﻞــك اﻷســﺋﻠﺔ‬
‫واﻟﺼﻘﮫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮآة أﻳ ً‬
‫ﻀﺎ‪.‬‬
‫ﻣﺎ اﻟﻔﺮص اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ اﻟﯿﻮم ﻟﻠﺘﻌﻠﻢ واﻟﻨﻤﻮ؟ وﻣﺎ اﻟﻔﺮص اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ أﻣﺎﻣﻲ‪ ،‬وأﻣﺎم اﻷﺷﺨﺎص ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻲ؟‬
‫وﺑﯿﻨﻤﺎ ﺗﻔﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﻔﺮص‪ ،‬ﺿﻊ ﺧﻄﺔ واطﺮح ھﺬا اﻟﺴﺆال‪:‬‬
‫ﻣﺘﻰ‪ ،‬وأﻳﻦ‪ ،‬وﻛﯿﻒ ﺳﺄﺑﺪأ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﯿﺬ ﺧﻄﺘﻲ؟‬
‫اﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ "ﻣﺘﻰ‪ ،‬أﻳﻦ‪ ،‬ﻛﯿﻒ" ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺨﻄﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ‪ ،‬واﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻳﺒﺪأ ﺑﺼﯿﻐﺔ "ﻛﯿﻒ"‬
‫ﻳﺪﻓﻌﻚ ﻟﻠﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﺧﻄﺘﻚ واﻗﻌﯿﺔ‬
‫وﻧﺎﺟﺤﺔ‪.‬‬
‫وﺑﯿﻨﻤﺎ ﺗﻘﺎﺑﻞ اﻟﻌﻘﺒﺎت واﻹﺧﻔﺎﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﻻﺑﺪ ﻟﮫﺎ أن ﺗﺤﺪث‪ ،‬ﺿﻊ ﺧﻄﺔ ﺟﺪﻳﺪة واﺳﺄل ﻧﻔﺴﻚ ھﺬا اﻟﺴﺆال ﻣﺮة‬
‫أﺧﺮى‪:‬‬
‫ﻣﺘﻰ‪ ،‬وأﻳﻦ‪ ،‬وﻛﯿﻒ ﺳﺄﻗﻮم ﺑﺘﻨﻔﯿﺬ ﺧﻄﺘﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪة؟‬
‫ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻣﺪى اﻟﺴﻮء اﻟﺬي ﻗﺪ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻪ‪ ،‬اﻓﻌﻞ ھﺬا‪.‬‬
‫ﺲ أن ﺗﺴﺄل ﻧﻔﺴﻚ‪:‬‬ ‫وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻨﺠﺢ‪ ،‬ﻻ ﺗﻨ َ‬
‫ﻲ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻪ ﺣﺘﻰ أﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺬي ﺣﻘﻘﺘﻪ وأﺳﺘﻤﺮ ﺑﻪ؟‬ ‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﻛﺮ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻻﻋﺐ اﻟﺒﯿﺴﺒﻮل اﻟﻌﻈﯿﻢ "أﻟﯿﻜﺲ رودرﻳﺠﯿﺰ"‪" :‬إﻣﺎ أن ﺗﺴﯿﺮ ﻓﻲ طﺮﻳﻖ أو اﻵﺧﺮ"‪ ،‬وأﻧﺖ ﻣﻦ ﺗﻘﺮر‬ ‫ﺗﺬ ﱠ‬
‫ﻓﻲ أي اﻟﻄﺮﻳﻘﯿﻦ ﺗﺴﯿﺮ‪.‬‬
 ‫اﻟﻄﺮﻳﻖ أﻣﺎﻣﻚ‬
‫ﺼﺎ ﻳﻘﻮل إن اﻷﻣﺮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺴﺘﺤﻖ ھﺬا اﻟﺠﮫﺪ‪ .‬رﺑﻤﺎ ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻰ‬ ‫ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﺻﻌﺒًﺎ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻲ ﻟﻢ أﺳﻤﻊ ﺷﺨ ً‬
‫اﻷﻣﺮ ﺑﻌﻘﻼﻧﯿﺔ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻓﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﮫﺎ اﻟﻨﺎس‬
‫اﻟﺬﻳﻦ ﻣﺮوا ﺑﺒﺪاﻳﺎت ﻣﺆﻟﻤﺔ ﺗﻘﻮل إن اﻷﻣﺮ ﻳﺴﺘﺤﻖ ھﺬا‪ .‬وﻟﻜﻦ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻐﯿﺮوا ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ أن ﻳﺨﺒﺮوك ﻛﯿﻒ‬
‫أﺻﺒﺤﺖ ﺣﯿﺎﺗﮫﻢ أﻓﻀﻞ ﻛﺜﯿًﺮا‪ ،‬ﻳﻤﻜﻨﮫﻢ أن ﻳﺨﺒﺮوك ﻋﻦ‬
‫اﻷﺷﯿﺎء اﻟﺘﻲ ﻟﺪﻳﮫﻢ اﻵن وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺪﻳﮫﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ‪ ،‬وﻋﻤﺎ ﻳﺸﻌﺮون ﺑﻪ اﻵن وﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻳﺸﻌﺮوا ﺑﻪ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺴﺎﺑﻖ‪.‬‬
‫ھﻞ اﻟﺘﺤﻮل إﻟﻰ ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ اﺳﺘﻄﺎع ﺣﻞ ﺟﻤﯿﻊ ﻣﺸﻜﻼﺗﻲ؟ ﻻ‪ ،‬وﻟﻜﻨﻲ أﻋﻠﻢ أن ﻟﺪي ﺣﯿﺎة ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﻔﻀﻞ‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ؛ ﺣﯿﺎة أﻛﺜﺮ ﺛﺮاًء‪ ،‬وأﻧﻨﻲ أﻛﺜﺮ ﺣﯿﻮﻳﺔ وﺷﺠﺎﻋﺔ‬
‫ﺣﺎ ﺑﻔﻀﻠﮫﺎ‪.‬‬
‫واﻧﻔﺘﺎ ً‬
‫اﻷﻣﺮ ﻳﻌﻮد ﻟﻚ ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮ إذا ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻳﻨﺎﺳﺒﻚ اﻵن‪ ،‬رﺑﻤﺎ ﻳﻨﺎﺳﺒﻚ ﺣﺎﻟﯿًّﺎ ورﺑﻤﺎ ﻻ‪ .‬ﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ ﺿﻊ‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻲ أﻓﻜﺎرك‪ ،‬وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﻌﻘﺒﺎت ﻳﻤﻜﻨﻚ‬
‫ﻤﺎ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻚ‪ ،‬ﺣﺘﻰ ﺗﻨﯿﺮ ﻟﻚ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ‪.‬‬ ‫اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ؛ ﻓﮫﻲ ﺳﺘﻜﻮن ﻣﻮﺟﻮدة داﺋ ً‬

‫ﻣﻼﺣﻈﺎت‬
‫اﻟﻔﺼﻞ ‪ :1‬اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت‬
‫‪.This research was conducted with Dick Reppucci and with Carol Diener 1‬‬
‫‪See Steven J. Gould’s The Mismeasure of Man (New York: Norton, 1981) for a history of how people have tried 2‬‬
 t o explain
.human differences in terms of innate physical characteristics
Alfred Binet (Suzanne Heisler, trans.), Modern Ideas About Children (Menlo Park, CA: Suzanne Heisler, 1975) 3
,(original work
See also: Robert S. Siegler, “The Other Alfred Binet,” Developmental Psychology 28 (1992), 179-190; René .(1911
Zazzo, “Alfred
.Binet,” Prospects: The Quarterly Review of Comparative Education 23 (1993), 101-112
.Binet, Modern Ideas, 105-107 4
Gilbert Gottlieb, “Normally Occurring Environmental and Behavioral Influences on Gene Activity: From Central 5
Dogma to
.Probabilistic Epigenesis,” Psychological Review 105 (1995), 792-802
Robert Sternberg, “Intelligence, Competence, and Expertise.” In Andrew Elliot and Carol S. Dweck (eds.), The 6
Handbook of
.(Competence and Motivation (New York: Guilford Press, 2005
.This research was conducted with Wenjie Zhao and Claudia Mueller 7
.See the fine work of David Dunning 8
.This research was conducted with Joyce Ehrlinger 9
.(Howard Gardner, Extraordinary Minds (New York: Basic Books, 1997 10
.(Robert J. Sternberg (ed.), Handbook of Creativity (New York: Cambridge University Press, 1999 11
.These measures were developed with Sheri Levy, Valanne MacGyvers, C. Y. Chiu, and Ying-yi Hong 12
‫ داﺧﻞ اﻟﻌﻘﻠﯿﱠﺘﯿﻦ‬:2 ‫اﻟﻔﺼﻞ‬
.Carole Hyatt and Linda Gottlieb, When Smart People Fail (New York: Penguin Books, 1987/1993), 232 1
This research was done with Charlene Hebert, and was followed up by work with Pat Smiley, Gail Heyman, and 2
.Kathy Cain
.Thanks to Nancy Kim for this quote 3
.This work was done with Ying-yi Hong, C. Y. Chiu, Derek Lin, and Wendy Wan 4
This research is being conducted with Jennifer Mangels and Catherine Good and is supported by a grant from 5
the Department
.of Education
.This research was carried out with Stephanie Morris and Melissa Kamins 6
.(Doron Levin, Behind the Wheel at Chrysler: The Iacocca Legacy (New York: Harcourt Brace, 1995 7
Reported in Jim Collins, Good to Great: Why Some Companies Make the Leap ... and Others Don’t (New York: 8
,HarperCollins
.20 ,(2001
Albert Dunlap with Bob Andelman, Mean Business: How I Save Bad Companies and Make Good Companies 9
:Great (New York
.Fireside/Simon & Schuster, 1996); John A. Byrne, “How Al Dunlap Self-Destructed,” Business Week, July 6, 1998
Lou Gerstner, Who Says Elephants Can’t Dance? Inside IBM’s Historic Turnaround (New York: HarperCollins, 10
.(2002
Mia Hamm with Aaron Heifetz, Go for the Goal: A Champion’s Guide to Winning in Soccer and in Life (New 11
:York
.HarperCollins, 1999), 3
.Judy Battista, “A Tiny Female Pioneer for Olympic Wrestling,” The New York Times, May 16, 2004 12
.(Christopher Reeve, Nothing Is Impossible: Reflections on a New Life (New York, Random House, 2002 13
.This work was done with Heidi Grant 14
.This work was with Claudia Mueller 15
.Margaret Henry, “Passion and Will, Undimmed by 80 Years of Ballet,” The New York Times, January 10, 1999 16
.This work was carried out with Elaine Elliott and later with Valanne MacGyvers 17
Stephen Glass, The Fabulist (New York: Simon & Schuster, 2003). This is a moment-by-moment account, 18
which Glass has
.published as a novel
.This work was done with Jeremy Stone 19
.(Reported in Steve Young, Great Failures of the Extremely Successful (Los Angeles: Tallfellow Press, 2002 20
.47 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬21
 .This survey was conducted with Catherine Good and Aneeta Rattan 22
.Charles C. Manz, The Power of Failure (San Francisco: Berrett-Koehler, 2002), 38 23
.(Jack Welch with John A. Byrne, Jack: Straight from the Gut (New York: Warner Books, 2001 24
.(John McEnroe with James Kaplan, You Cannot Be Serious (New York: Berkley, 2002 25
.159 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬26
.160 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬27
.158 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬28
From Janet Lowe, Michael Jordan Speaks: Lessons from the World’s Greatest Champion (New York: John 29
.Wiley, 1999), 95
Tom Wolfe, The Right Stuff (New York: Bantam, 1980), 31. Also cited in Morgan W. McCall, High Flyers: 30
Developing the Next
.Generation of Leaders (Boston: Harvard Business School Press, 1998), 5
.Chuck Yeager and Leo Janos, Yeager (New York: Bantam, 1985), 406. Also cited in McCall, High Flyers, 17 31
.Amy Waldman, “Why Nobody Likes a Loser,” The New York Times, August 21, 1999 32
.Clifton Brown, “Out of a Bunker, and Out of a Funk, Els Takes the Open,” The New York Times, July 22, 2002 33
Amy Dickinson, “Skinny Envelopes,” Time, April 3, 2000. (Thanks to Nellie Sabin for calling my attention to 34
(.this article
.Young, Great Failures of the Extremely Successful, 7-11 35
Elaine Ganley, “Top Chef’s Death Shocks France, Sparks Condemnation of Powerful Food Critics,” Associated 36
Press, February
.2003 ,25
.This work was done with Lisa Sorich Blackwell and Kali Trzesniewski 37
.This work was with David Nussbaum 38
.Collins, Good to Great, 80 39
.McEnroe, You Cannot Be Serious 40
John Wooden with Steve Jamison, Wooden: A Lifetime of Observations and Reflections On and Off the Court 41
,(Lincolnwood
.IL: Contemporary Books, 1997), 55
Bethany McLean and Peter Elkind, The Smartest Guys in the Room: The Amazing Rise and Scandalous Fall of 42
Enron (New
.York: Penguin Group, 2003), 414
.Welch, Jack, 224 43
.The work described was carried out with Allison Baer and Heidi Grant 44
Presented in an invited address at the annual meeting of the American Psychological Association, Chicago, 45
.August 2002
.Report of the Steering Committee for the Women’s Initiative at Duke University,” August 2003“ 46
Jack Smith, “In the Weight Rooms of Paris, There Is a Chic New Fragrance: Sweat,” The New York Times, June 47
.21, 2004
.(Laura Hillenbrand, Seabiscuit: An American Legend (New York: Random House, 2001 48
.Laura Hillenbrand, “A Sudden Illness,” The New Yorker, July 7, 2003 49
Nadja Salerno-Sonnenberg, Nadja, On My Way (New York: Crown, 1989); Barbara L. Sand, Teaching Genius: 50
Dorothy DeLay
.(and the Making of a Musician (Portland, OR: Amadeus Press, 2000
.Salerno-Sonnenberg, Nadja, 49 51
.50 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬52
.50 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬53
.Hyatt and Gottlieb, When Smart People Fail, 25-27 54
.27 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬55
.25 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬56
.(Billie Jean King with Kim Chapin, Billie Jean (New York: Harper & Row, 1974 57
.Hyatt and Gottlieb, When Smart People Fail, 224 58
Martin Seligman has written a very interesting book on this subject: What You Can Change ... And What You 59
Can’t (New
.(York: Fawcett, 1993
 Joseph J. Martocchio, “Effects of Conceptions of Ability on Anxiety, Self-Efficacy, and Learning in Training,” 60
Journal of
.Applied Psychology 79 (1994), 819-825
Richard Robins and Jennifer Pals, “Implicit Self-Theories in the Academic Domain: Implications for Goal 61
,Orientation
.Attributions, Affect, and Self-Esteem Change,” Self and Identity 1 (2002), 313-336
.Clifton Brown, “An Education with Hard Courses,” The New York Times, January 13, 2004 62
.Clifton Brown, “Wie Shows Power but Her Putter Let Her Down,” The New York Times, January 16, 2004 63
‫ ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻟﻘﺪرة واﻹﻧﺠﺎز‬:3 ‫اﻟﻔﺼﻞ‬
.(Paul Israel, Edison: A Life of Invention (New York: John Wiley & Sons, 1998 1
Howard E. Gruber, Darwin on Man: A Psychological Study of Scientific Creativity, 2nd ed. (Chicago: University 2
of Chicago
Press, 1981); Charles Darwin, Autobiographies (Michael Neve and Sharon Messenger, eds.) (New York: Penguin
,Books
.(1903/2002
Robert W. Weisberg, “Creativity and Knowledge.” In Robert J. Sternberg (ed.), Handbook of Creativity (New 3
York: Cambridge
.(University Press, 1999
This work was done in collaboration with Lisa Sorich Blackwell and Kali Trzesniewski. Thanks also to Nancy Kim 4
for
.collecting quotes from the students
.(Told by George Dantzig in Cynthia Kersey, Unstoppable (Naperville, IL: Sourcebooks, 1998 5
.John Holt, How Children Fail (New York: Addison Wesley, 1964/1982), 14 6
.This work was done with Heidi Grant 7
.(Ellen Winner, Gifted Children: Myths and Realities (New York: Basic Books, 1996 8
.21 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬9
.(Jay Matthews, Escalante: The Best Teacher in America (New York: Henry Holt, 1998 10
Marva Collins and Civia Tamarkin, Marva Collins’ Way: Returning to Excellence in Education (Los Angeles: 11
,Jeremy Tarcher
.(1982/1990
.160 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬12
Marva Collins, “Ordinary” Children, Extraordinary Teachers (Charlottesville, VA: Hampton Roads Publishing, 13
.1992), 4
.(Benjamin S. Bloom, Developing Talent in Young People (New York: Ballantine Books, 1985 14
.4 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬15
Falko Rheinberg, Leistungsbewertung und Lernmotivation [Achievement Evaluation and Motivation to Learn] 16
:(Göttingen
Hogrefe, 1980), 87, 116. Also reported at the conference of the American Educational Research Association,
.Seattle, April 2001
.Collins and Tamarkin, Marva Collins’ Way, 19 17
Betty Edwards, The New Drawing on the Right Side of the Brain (New York: Tarcher/Putnam, 1979/1999), 18- 18
.20
Elizabeth Frank, Pollock (New York: Abbeville Press, 1983); Evelyn Toynton, “A Little Here, A Little There,” The 19
New York
.Times Book Review, January 31, 1999
.(New York: Simon & Schuster, 2003) 20
.7 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬21
.This work was conducted with Claudia Mueller and with Melissa Kamins 22
.Jesse Green, “A Complicated Gift,” The New York Times Magazine, July, 6, 2003 23
Claude M. Steele and Joshua Aronson, “Stereotype Threat and the Intellectual Test Performance of African- 24
”,Americans
.Journal of Personality and Social Psychology 68 (1995), 797-811
.This research was done with Bonita London 25
This work was done with Catherine Good and Aneeta Rattan, and is being supported by a grant from the 26
 National Science
.Foundation
.This has been studied by Tomi-Ann Roberts and Susan Nolen-Hoeksema 27
.This research was conducted with William Davidson, Sharon Nelson, and Bradley Enna 28
.(Frances K. Conley, Walking Out on the Boys (New York: Farrar, Straus & Giroux, 1999 29
.65 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬30
.Michael J. Ybarra, “Why Won’t Women Write Code?” Sky, December 1999 31
.Carlin Flora, “The Grandmaster Experiment,” Psychology Today, August 2005 32
‫ ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺑﻄﻞ‬:‫ اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ‬:4 ‫اﻟﻔﺼﻞ‬
.(Michael Lewis, Moneyball: The Art of Winning an Unfair Game (New York: Norton, 2003 1
.9 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬2
.48 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬3
.46 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬4
.47 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬5
.(Felix Dennis and Don Atyeo, Muhammad Ali: The Glory Years (New York: Hyperion, 2003 6
.14 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬7
.92 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬8
.96 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬9
.74 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬10
.14 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬11
Janet Lowe, Michael Jordan Speaks: Lessons from the World’s Greatest Champion (New York: John Wiley, 12
.(1999
.7 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬13
.29 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬14
.35 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬15
.(Robert W. Creamer, Babe: The Legend Comes to Life (New York: Penguin Books, 1974/1983 16
.Creamer, Babe, 301 17
.109 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬18
.(Stephen J. Gould, Triumph and Tragedy in Mudville: A Lifelong Passion for Baseball (New York: Norton, 2003 19
.(Tom Biracree, Wilma Rudolph (New York: Chelsea House, 1988 20
.107 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬21
.(Jackie Joyner-Kersee with Sonja Steptoe, A Kind of Grace (New York: Warner Books, 1997 22
.60 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬23
.Clifton Brown, “On Golf: It’s Not How for Tiger, It’s Just by How Much,” The New York Times, July 25, 2000 24
.(Cynthia Kersey, Unstoppable (Naperville, IL: Sourcebooks, 1998 25
.152 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬26
.153 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬27
.Buster Olney, “Speedy Feet, but an Even Quicker Thinker,” The New York Times, February 1, 2002 28
.Mike McGovern and Susan Shelly, The Quotable Athlete (New York: McGraw-Hill, 2000), 113 29
.Gould, Triumph and Tragedy in Mudville 30
.Jack Curry, “After Melee, Spin Control Takes Over,” The New York Times, October 13, 2003 31
Dan Shaughnessy, “It Is Time for Martinez to Grow Up,” The New York Times, October 13, 2003. (During this 32
series, the Globe
(.sportswriters’ columns appeared in the Times and vice versa
.William Rhoden, “Momentous Victory, Most Notably Achieved,” The New York Times, July 10, 2000 33
.Kersee, A Kind of Grace, 280 34
.298 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬35
.King, Billie Jean, 236 36
.78 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬37
.Joyner-Kersee, A Kind of Grace, 63 38
Mia Hamm with Aaron Heifetz, Go for the Goal: A Champion’s Guide to Winning in Soccer and in Life (New 39
:York
.HarperCollins, 1999), 31
.36 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬40
 .3 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬41
.Tom Callahan, In Search of Tiger: A Journey Through Gold with Tiger Woods (New York: Crown, 2003), 24 42
.John Wooden with Jack Tobin, They Call Me Coach (Waco, TX: Word Books, 1972), 63-65 43
.John Wooden with Steve Jamison, Wooden (Lincolnwood, IL: Contemporary Books, 1997), 99 44
Goal Orientation and Conceptions of the Nature of Sport Ability in Children: A Social Cognitive Approach,”“ 45
British Journal
of Social Psychology 35 (1996), 399-414; “Motivation for Physical Activity in Young People: Entity and
Incremental Beliefs About
Athletic Ability,” Journal of Sports Sciences 21 (2003), 973-989. See also Yngvar Ommundsen, “Implicit Theories
of Ability and
Self-Regulation Strategies in Physical Education Classes,” Educational Psychology 23 (2003), 141-157; “Self-
Handicapping
Strategies in Physical Education Classes: The Influence of Implicit Theories of the Nature of Ability and
Achievement Goal
.Orientations,” Psychology of Sport and Exercise 2 (2001), 139-156
.This finding is from the research by Biddle and his colleagues 46
.Joyner-Kersee, A Kind of Grace, 60 47
.Wooden, Wooden, 53 48
.Dave Anderson, “No Regrets for Woods,” The New York Times, April 4, 1998 49
.Callahan, In Search of Tiger, 219 50
.220 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬51
.Hamm, Go for the Goal, 201 52
.243 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬53
.John McEnroe with James Kaplan, You Cannot Be Serious (New York: Berkley, 2002), 10 54
.155 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬55
.Ommundsen, “Implicit Theories of Ability,” 141-157 56
.Lowe, Michael Jordan Speaks, 99 57
.107 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬58
.Wooden, Wooden, 100 59
.McEnroe, You Cannot Be Serious, 112 60
.259 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬61
.119 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬62
.274 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬63
.Callahan, In Search of Tiger, 164, 169 64
Ommundsen, “Implicit Theories of Ability and Self-Regulation Strategies,” Educational Psychology, 2003, 23, 65
.141-157; “Self-Handicapping Strategies,” Psychology of Sport and Exercise, 2001 2, 139-156
.Lowe, Michael Jordan Speaks, 177 66
.Callahan, In Search of Tiger, 75 67
.237 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬68
.219 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬69
.300 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬70
.23 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬71
.25 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬72
.McEnroe, You Cannot Be Serious, 166 73
.29 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬74
.207 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬75
.190 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬76
.Lowe, Michael Jordan Speaks, 37 77
.Wooden, Wooden, 113 78
.78 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬79
Charlie Nobles, “Johnson Is Gone, So Bucs, Move On,” The New York Times, November 20, 2003; Dave 80
Anderson, “Regarding
.Johnson, Jets Should Just Say No,” The New York Times, November 21, 2003
”.Anderson, “Regarding Johnson 81
 .Kersey, Unstoppable, 212 82
.Viv Bernstein, “The Picture Doesn’t Tell the Story,” The New York Times, January 24, 2004 83
Ira Berkow, “Stardom Awaits a Prodigy and Assist Goes to Her Father,” The New York Times, January 20, 84
.2004
‫ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﻟﻘﯿﺎدة‬:‫ اﻟﺘﺠﺎرة‬:5 ‫اﻟﻔﺼﻞ‬
.Malcolm Gladwell, “The Talent Myth,” The New Yorker, July 22, 2002 1
.That study was performed with Yingyi Hong, C. Y. Chiu, Derek Lin, and Wendy Wan 2
.This research was conducted with Claudia Mueller 3
Jim Collins, Good to Great: Why Some Companies Make the Leap ... and Others Don’t (New York: 4
.(HarperCollins, 2001
.75 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬5
Robert Wood and Albert Bandura, “Impact of Conceptions of Ability on Self-Regulatory Mechanisms and 6
Complex Decision
.Making,” Journal of Personality and Social Psychology 56 (1989), 407-415
.Collins, Good to Great, 26 7
.69-65 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬8
James Surowiecki, “Blame Iacocca: How the Former Chrysler CEO Caused the Corporate Scandals,” Slate, July 9
.24, 2002
.Warren Bennis, On Becoming a Leader (Cambridge, MA: Perseus Publishing, 1989/2003), xxix 10
.(Lee Iacocca with William Novak, Iacocca: An Autobiography (New York: Bantam Books, 1984 11
.101 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬12
.83 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬13
.101 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬14
.144 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬15
.Doron P. Levin, Behind the Wheel at Chrysler: The Iacocca Legacy (New York: Harcourt Brace, 1995), 31 16
.231 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬17
.Iacocca, Iacocca, xvii 18
.Levin, Behind the Wheel at Chrysler 19
.312 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬20
.Iacocca, Spurned in Return Attempts, Lashes Out,” USA Today, March 19, 2002“ 21
Albert J. Dunlap with Bob Andelman, Mean Business: How I Save Bad Companies and Make Good Companies 22
Great (New
.(York: Fireside/Simon & Schuster, 1996
.21 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬23
.199 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬24
.62 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬25
.108-107 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬26
.196 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬27
.26 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬28
.John A. Byrne, “How Al Dunlap Self-Destructed,” Business Week, July 6, 1998 29
Bethany McLean and Peter Elkind, The Smartest Guys in the Room: The Amazing Rise and Scandalous Fall of 30
Enron (New
.(York: Penguin Group, 2003
.92 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬31
.89 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬32
.69 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬33
.233 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬34
.40 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬35
.121 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬36
Alec Klein, Stealing Time: Steve Case, Jerry Levin, and the Collapse of AOL Time Warner (New York: Simon & 37
.(Schuster, 2003
.171 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬38
Morgan W. McCall, High Flyers: Developing the Next Generation of Leaders (Boston: Harvard Business School 39
,(Press, 1998
xiii. McCall also analyzes the effects on corporate culture of believing in natural talent instead of the potential to
develop. “The
message of High Flyers,” he says, “is that leadership ability can be learned, that creating a context that supports
the
development of talent can become a source of competitive advantage, and that the development of leaders is
itself a leadership
.responsibility,” xii
.Harvey A. Hornstein, Brutal Bosses and Their Prey (New York: Riverhead Books, 1996), 49 40
.10 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬41
.54 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬42
.Jim Collins, Good to Great, 72 43
James C. Collins and Jerry I. Porras, Built to Last: Successful Habits of Visionary Companies (New York: 44
,HarperCollins
.165 ,(1994/2002
.166 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬45
.‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬46
.John C. Maxwell, Developing the Leaders Around You (Nashville, TN: Thomas Nelson, 1995), 15 47
.Bennis, On Becoming a Leader, 19 48
Overvalued: Why Jack Welch Isn’t God,” The New Republic, June 11, 2001. Even this article, which explains“ 49
why Welch
.should not be regarded as a god-like figure, details his remarkable accomplishments
.‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬50
.Steve Bennett, “The Boss: Put It in Writing Please,” The New York Times, May 9, 2004 51
.Jack Welch with John A. Byrne, Jack: Straight from the Gut (New York: Warner Books, 2001), ix 52
.439 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬53
.42 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬54
.36 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬55
.229-228 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬56
.384 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬57
.27 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬58
.54 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬59
.98-97 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬60
.189 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬61
.186 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬62
Louis V. Gerstner, Who Says Elephants Can’t Dance? Inside IBM’s Historic Turnaround (New York: 63
.HarperCollins, 2002), p. 16
.78 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬64
.‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬65
.24 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬66
.57 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬67
.Betsy Morris, “The Accidental CEO,” Fortune, June 23, 2003 68
.Most Powerful Women in Business 2004,” Fortune, October 18, 2004“ 69
”.Morris, “The Accidental CEO 70
.‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬71
.‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬72
.‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬73
”.Most Powerful Women in Business 2004“ 74
Eryn Brown, “How Can a Dot-Com Be This Hot?” Fortune, January 21, 2002; Patricia Sellers, “eBay’s Secret,” 75
Fortune, October
.2004 ,18
Robert E. Wood, Katherine Williams Phillips, and Carmen Tabernero, “Implicit Theories of Ability, Processing 76
Dynamics and
.Performance in Decision-Making Groups,” Australian Graduate School of Management, Sydney, Australia
.(Irving Janis, Groupthink, 2nd ed. (Boston: Houghton Mifflin, 1972/1982 77
 .35 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬78
.38 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬79
.Collins, Good to Great, 71 80
.McLean and Elkind, The Smartest Guys in the Room, 241 81
.230 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬82
.(Janis, Groupthink, 71. From Peter F. Drucker, The Effective Executive (New York: Harper & Row, 1966 83
.Janis, Groupthink, 71 84
.Levin, Behind the Wheel, 102-103 85
.(David Packard, The HP Way: How Bill Hewlett and I Built Our Company (New York: HarperCollins, 1995 86
Jean M. Twenge, Generation Me: Why Today’s Young Americans Are More Confident, Assertive, Entitled— 87
and More
.(Miserable Than Ever Before (New York: Free Press, 2007
Laura Kray and Michael Haselhuhn, “Implicit Theories of Negotiating Ability and Performance: Longitudinal 88
and
.Experimental Evidence.” Journal of Personality and Social Psychology 93 (2007), 49-64
Peter Heslin, Gary Latham, and Don VandeWalle. “The Effect of Implicit Person Theory on Performance 89
Appraisals.” Journal
of Applied Psychology 90 (2005), 842-56; Peter Heslin, Don VandeWalle, and Gary Latham. “Keen to Help?
Managers’ IPT and
.Their Subsequent Employee Coaching.” Personnel Psychology 59 (2006), 871-902
.Bennis, On Becoming a Leader, xxix 90
.‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬91
John H. Zenger and Joseph Folkman, The Extraordinary Leader: Turning Good Managers into Great Leaders 92
:(New York
.(McGraw-Hill, 2002
.McCall, High Flyers 93
(‫ اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت ﻓﻲ اﻟﺤﺐ )أم ﻻ‬:‫ اﻟﻌﻼﻗﺎت‬:6 ‫اﻟﻔﺼﻞ‬
.This work was carried out with Israela Silberman 1
.Shown on Weddings Gone Wild, ABC, June 14, 2004 2
.(Benjamin S. Bloom, Developing Talent in Young People (New York: Ballantine Books, 1985 3
.(Daniel Goleman, Emotional Intelligence: Why It Can Matter More than IQ (New York: Bantam, 1995 4
.Aaron T. Beck, Love Is Never Enough (New York: Harper & Row, 1988), 202 5
John Gottman with Nan Silver, Why Marriages Succeed or Fail (New York: Fireside/Simon & Schuster, 1994), 6
.69
.(Elayne Savage, Don’t Take It Personally: The Art of Dealing with Rejection (Oakland, CA: New Harbinger, 1997 7
C. Raymond Knee, “Implicit Theories of Relationships: Assessment and Prediction of Romantic Relationship 8
,Initiation
.Coping, and Longevity,” Journal of Personality and Social Psychology 74 (1998), 360-370
.Gottman, Why Marriages Succeed or Fail, 155 9
This has been studied by Raymond Knee, and I have found this in my work with Lara Kammrath. (See also the 10
work of Frank
(.Fincham
The idea that a fixed mindset can undermine relationships is also found in the work of Roy Eidelson and 11
,Norman Epstein
and of Susan Hendrick and Clyde Hendrick. The idea of criticism— attacking the partner’s personality or
character—leading to
.contempt is explored in the work of John Gottman
Daniel B. Wile, After the Honeymoon: How Conflict Can Improve Your Relationship (New York: John Wiley & 12
.(Sons, 1988
.Beck, Love Is Never Enough 13
.36 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬14
.36 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬15
.246 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬16
.199 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬17
 .Hillary Rodham Clinton, Living History (New York: Simon & Schuster, 2003), 465 18
.Bill Clinton, My Life (New York: Knopf, 2004); Bill Clinton on The Charlie Rose Show, June 23, 2004 19
.H. R. Clinton, Living History 20
Jennifer S. Beer, “Implicit Self-Theories of Shyness,” Journal of Personality & Social Psychology 83 (2002), 21
1009-1024. See also
.the excellent work of Phil Zimbardo on shyness
.(Scott Wetzler, Is It You or Is It Me? Why Couples Play the Blame Game (New York: HarperCollins, 1998 22
.134 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬23
Brooks Brown and Rob Merritt, No Easy Answers: The Truth Behind Death at Columbine (New York: Lantern 24
.(Books, 2002
.‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬25
.47 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬26
.107 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬27
.263 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬28
.21 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬29
Stan Davis, Schools Where Everyone Belongs: Practical Strategies for Reducing Bullying (Wayne, ME: Stop 30
,Bullying Now
.(See also Dan Olweus, Bullying at School (Malden, MA: Blackwell, 1993 .(2003
.34 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬31
.Haim G. Ginott, Teacher and Child (New York: Macmillan, 1972), 167 32
.Jane Gross, “Hot Topic at Summer Camps: Ending the Rule of the Bullies,” The New York Times, June 28, 2004 33
‫ ﻣﺎ ﻣﺼﺪر اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ؟‬:‫ اﻵﺑﺎء واﻟﻤﻌﻠﻤﻮن واﻟﻤﺪرﺑﻮن‬:7 ‫اﻟﻔﺼﻞ‬
.Haim G. Ginott, Between Parent & Child (New York: Avon Books, 1956), 22-24 1
.This work was with Claudia Mueller and Melissa Kamins 2
.Haim G. Ginott, Between Parent & Teenager (New York: Macmillan, 1969), 88 3
.This research was done with Chauncy Lennon and Eva Pomerantz 4
This is from work with Gail Heyman and Kathy Cain: Gail D. Heyman, Carol S. Dweck, and Kathleen Cain, 5
“Young Children’s
.Vulnerability to Self-Blame and Helplessness,” Child Development 63 (1992), 401-415
This research was with Gail Heyman: Gail D. Heyman and Carol S. Dweck, “Children’s Thinking About Traits: 6
Implications
.for Judgments of the Self and Others,” Child Development 64 (1998), 391-403
Mary Main and Carol George, “Responses of Abused and Disadvantaged Toddlers to Distress in the Day Care 7
”,Setting
.Developmental Psychology 21 (1985), 407-412
.John McEnroe with James Kaplan, You Cannot Be Serious (New York: Berkley, 2002), 31 8
.30 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬9
.Tom Callahan, In Search of Tiger: A Journey Through Gold with Tiger Woods (New York: Crown, 2003), 213 10
.Tiger Woods, How I Play Golf (New York: Warner Books, 2001), 302 11
Barbara L. Sand, Teaching Genius: Dorothy DeLay and the Making of a Musician (Portland, OR: Amadeus 12
.(Press, 2000
.79 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬13
.144 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬14
.153 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬15
.This work was with Bonita London 16
.Ginott, Between Parent & Teenager, 132 17
.Sheila Schwartz, “Teaching’s Unlettered Future,” The New York Times, August 6, 1998 18
Marva Collins and Civia Tamarkin, Marva Collins’ Way: Returning to Excellence in Education (Los Angeles: 19
,Jeremy Tarcher
Marva Collins, “Ordinary” Children, Extraordinary Teachers (Charlottesville, VA: Hampton Roads ;(1982/1990
.(Publishing, 1992
.Collins, “Ordinary” Children, 43-44 20
.Collins and Tamarkin, Marva Collins’ Way, 160 21
.47 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬22
 .22-21 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬23
.68 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬24
.(Rafe Esquith, There Are No Shortcuts (New York: Pantheon, 2003 25
.Sand, Teaching Genius, 23 26
.54 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬27
.70 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬28
.201 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬29
.85 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬30
.Collins and Tamarkin, Marva Collins’ Way, 19 31
.(Benjamin S. Bloom, Developing Talent in Young People (New York: Ballantine Books, 1985 32
.Collins, “Ordinary” Children 33
.Esquith, There Are No Shortcuts, 53 34
.Sand, Teaching Genius, 219 35
.Esquith, There Are No Shortcuts, 40 36
.Collins and Tamarkin, Marva Collins’ Way, 21 37
.Sand, Teaching Genius, 64 38
.114 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬39
.Collins and Tamarkin, Marva Collins’ Way, 208 40
.88-85 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬41
.159 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬42
.165 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬43
.87 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬44
.Michael Lewis, “Coach Fitz’s Management Theory,” The New York Times Magazine, March 28, 2004 45
Bob Knight with Bob Hammel, Knight: My Story (New York: St. Martin’s Press, 2002); Steve Alford with John 46
Garrity, Playing
for Knight (New York: Fireside/Simon & Schuster, 1989); John Feinstein, A Season on the Brink: A Year with
Bobby Knight and
.(the Indiana Hoosiers (New York: Fireside/Simon & Schuster, 1987
.Feinstein, Season on the Brink, 3 47
.4-3 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬48
.7 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬49
.4 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬50
.25 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬51
.Alford, Playing for Knight, 101 52
.169 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬53
.63 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬54
.Feinstein, Season on the Brink, xi 55
.9-8 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬56
John Wooden with Jack Tobin, They Call Me Coach (Waco, TX: Word Books, 1972); John Wooden with Steve 57
,Jamison
Wooden: A Lifetime of Observations and Reflections On and Off the Court (Lincolnwood, IL: Contemporary
.(Books, 1997
.Wooden, Wooden, 11 58
.56 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬59
.55 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬60
.119 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬61
.95 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬62
.67 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬63
.142-141 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬64
.‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬65
.‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬66
.‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬67
.Wooden, They Call Me Coach, 9-10 68
.Wooden, Wooden, 117 69
 .(Pat Summitt with Sally Jenkins, Reach for the Summit (New York: Broadway Books, 1998 70
.Wooden, Wooden 71
.(Pat Riley, The Winner Within (New York: Putnam, 1993 72
.Summitt, Reach for the Summit, 237 73
.5 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬74
.6 ‫ اﻟﻤﺮﺟﻊ اﻟﺴﺎﺑﻖ‬75
Tyler Kepner, “The Complete Package: Why A-Rod Is the Best in Business, Even While Learning a New 76
Position,” The New
.York Times, April 4, 2004
‫ ﺗﻐﯿﯿﺮ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬:8 ‫اﻟﻔﺼﻞ‬
Aaron T. Beck, “Thinking and Depression: Idiosyncratic Content and Cognitive Distortions,” Archives of General 1
Psychology 9
Prisoners of Hate: The Cognitive Basis of Anger, Hostility, and Violence (New York: ;325-333 ,(1963)
HarperCollins, 1999). (At
about the same time, therapist Albert Ellis was discovering a similar thing: that beliefs are the key to how people
(.feel
.This work was done with Ying-yi Hong, C. Y. Chiu, and Russell Sacks 2
However, see Jeffrey E. Young and Janet Klosko, Reinventing Your Life (New York: Plume/Penguin, 1994). 3
Although Young and
Klosko are working in a cognitive therapy tradition, a core assumption of their approach and one that they teach
their clients
.is that people can change in very basic ways
This workshop was developed with Lisa Sorich Blackwell with grants from the William T. Grant Foundation and 4
the Spencer
Foundation: L. S. Blackwell, C. S. Dweck, and K. Trzesniewski, Implicit Theories of Intelligence Predict
Achievement Across an
Adolescent Transition: A Longitudinal Study and an Intervention, 2003. I would also like to acknowledge other
psychologists
who have developed their own student workshops based on the growth mindset: Jeff Howard, founder of the
,Efficacy Institute
.and Joshua Aronson, Catherine Good, and Michael Inzlicht of New York University and Columbia University
.This was written for the workshop by Lisa Sorich Blackwell 5
The Brainology computer-based program was also developed with Lisa Sorich Blackwell, with a grant from the 6
.William T
.Grant Foundation
Karen Horney, Neurosis and Human Growth: The Struggle Toward Self-Realization (New York: Norton, 1950); 7
Our Inner
Conflicts: A Constructive Theory of Neurosis (New York: Norton, 1945). Carl R. Rogers, Client-Centered Therapy
:(New York
.(Houghton Mifflin, 1951); On Becoming a Person (New York: Houghton Mifflin, 1961
Peter M. Gollwitzer, “Implementation Intentions: Strong Effects of Simple Plans,” American Psychologist 54 8
.(1999), 493-503
.I am researching this issue with Abigail Scholer, Eran Magen, and James Gross 10

‫ﻗﺮاءات ﻣﻮﺻﻰ ﺑﮫﺎ‬

.Beck, Aaron T. Love Is Never Enough. New York: Harper & Row, 1988
.Prisoners of Hate. New York: HarperCollins , 1999 .____
.Beck, Judith S. Cognitive Therapy. New York: Guilford Press , 1995
.Bennis, Warren. On Becoming a Leader. Cambridge, MA: Perseus Publishing, 1989/2003
Binet, Alfred (Suzanne Heisler, trans.). Modern Ideas About Children. Menlo Park, CA: Suzanne Heisler, 1975
,(original work
.( 1909
.Bloom, Benjamin S. Developing Talent in Young People. New York : Ballantine Books, 1985
Collins, Jim. Good to Great: Why Some Companies Make the Leap . and Others Don’t. New York : HarperCollins,
 .2001
Collins, Marva, and Civia Tamarkin. Marva Collins’ Way : Returning to Excellence in Education. Los Angeles:
, Jeremy Tarcher
.1982/1990
.Csikszentmihalyi, Mihaly. Flow: The Psychology of Optimal Experience. New York: Harper & Row, 1990
Davis, Stan. Schools Where Everyone Belongs : Practical Strategies for Reducing Bullying. Wayne, ME: Stop
, Bullying Now
.2003
.Edwards, Betty. The New Drawing on the Right Side of the Brain. New York: Tarcher/Putnam, 1979/1999
.Ellis, Albert . Reason and Emotion in Psychotherapy. Secaucus, NJ: Citadel, 1962
. Ginott , Haim G. Between Parent & Child. New York: Avon Books, 1956
.Between Parent & Teenager. New York: Macmillan, 1969 .____
.Teacher and Child. New York: Macmillan, 1972 .____
. Goleman, Daniel. Emotional Intelligence: Why It Can Matter More than IQ. New York: Bantam, 1995
.Gottman, John, with Nan Silver. Why Marriages Succeed or Fail . New York: Fireside/Simon & Schuster, 1994
.Gould, Stephen J. The Mismeasure of Man. New York: Norton , 1981
.Holt, John. How Children Fail. New York: Addison Wesley , 1964/1982
.Hyatt, Carole, and Linda Gottlieb. When Smart People Fail . New York: Penguin Books, 1987/1993
.Janis, Irving. Groupthink, znd ed. Boston: Houghton Mifflin, 1972/1982
.Lewis, Michael. Moneybag: The Art of Winning an Unfair Game. New York: Norton, 2003
.Lewis , Michael. Coach: Lessons on the Game of Life. New York : Norton, zoos
McCall, Morgan W. High Flyers: Developing the Next Generation of Leaders. Boston: Harvard Business School
.Press, 1998
McLean , Bethany, and Peter Elkind. The Smartest Guys in the Room : The Amazing Rise and Scandalous Fall of
Enron. New
.York : Penguin Group, 2003
.Olweus, Dan. Bullying at School. Malden, MA : Blackwell, 1993
.Reeve, Christopher. Nothing Is Impossible: Reflections on a New Life. New York: Random House, 2002
Sand, Barbara L . Teaching Genius: Dorothy DeLay and the Making of a Musician . Portland, OR: Amadeus Press,
.2000
.Seligman, Martin E. P. Learned Optimism: How to Change Your Mind and Your Life. New York: Knopf, 1991
.Tharp, Twyla. The Creative Habit. New York : Simon & Schuster, 2003
.Wetzler, Scott. Is It You or Is It Me? Why Couples Play the Blame Game. New York : HarperCollins, 1998
Wooden, John, with Steve Jamison. Wooden: A Lifetime of Observations and Reflections On and Off the Court.
,Lincolnwood
.IL: Contemporary Books, 1997

‫ﻧﺒﺬة ﻋﻦ اﻟﻤﺆﻟﻔﺔ‬
‫ﻳﻨﻈﺮ اﻟﻜﺜﯿﺮون إﻟﻰ ﻛﺎرول دوﻳﻚ ﻋﻠﻰ أﻧﮫﺎ إﺣﺪى اﻟﺒﺎﺣﺜﺎت اﻟﺮاﺋﺪات ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت دراﺳﺔ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ‬
‫وﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ وﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻨﻤﻮي‪ .‬ﻛﺎﻧﺖ‬
‫كــارول ﺗﺤﺖــل ﻛﺮســي وﻳﻠﻲــام بـي‪ .‬راﻧﺲـﻓﻮرد ﻟﺖـدرﻳﺲ ﻋﻞـم اﻟﻨﻒـس فـي ﺟﺎﻣﻊـة ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻲـا‪،‬‬
‫وﺗﺤﺖـل اﻵن ﻛﺮسـي لـوﻳﺲ وﻓﯿﺮﺟﯿﻨﻲـا اﻳﺖـون ﻟﺖـدرﻳﺲ ﻋﻞـم اﻟﻨﻒـس فـي ﺟﺎﻣﻊـة‬
‫ﺳﺘﺎﻧﻔﻮرد‪ ،‬وھﻲ ﻋﻀﻮ اﻷﻛﺎدﻳﻤﯿﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﯿﺔ ﻟﻠﻔﻨﻮن واﻟﻌﻠﻮم‪ .‬وﻗﺪ أطﻠﻘﺖ ﻣﻨﻈﻤﺔ زﻣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺑﮫﺎ اﻟﻌﻠﻤﻲ ‪Self-Theories: Their Role in‬‬
‫‪ Motivation, Personality, and Development‬ﻛﺘﺎب اﻟﻌﺎم‪ .‬ﺗﻢ ﻧﺸﺮ أﻋﻤﺎل ﻛﺎرول ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺎت ﻣﺜﻞ‬
‫ذا ﻧﯿﻮﻳﻮرﻛﺮ وﺗﺎﻳﻢ وﻧﯿﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ‬
‫وواﺷﻨﻄﻦ ﺑﻮﺳﺖ وذا ﺑﻮﺳﻄﻦ ﺟﻠﻮب‪ ،‬وظﮫﺮت ﻓﻲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﻲ ‪ Today‬و ‪ . 20/20‬ﺗﻌﯿﺶ ﻛﺎرول ﻣﻊ زوﺟﮫﺎ ﻓﻲ‬
‫ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﻟﻮ أﻟﺘﻮ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻛﺎﻟﯿﻔﻮرﻧﯿﺎ‪.‬‬

‫اﻟﻐﻼف اﻟﺨﻠﻔﻲ‬
 ‫ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻜﻨﺪل اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺗﻠﯿﻘﺮام‬
https://t.me/ArabicKindle

‫اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﺴﺤﺎﺑﯿﺔ‬
https://2q8.updog.co/Calibre%20Library/_catalog/allbooks/allbooks_Page_1.html

‫ﻛﻞ اﻟﺸﻜﺮ ﻻﺧﻲ ﺧﻠﯿﻔﺔ ﺿﺒﻌﻮن‬

:‫ﻧﻘﻠﮫﺎ ﻣﻦ أ اﻟﻰ ي ﻟﻠﻜﻨﺪل‬

https://twitter.com/2q8

https://t.me/Twitter_2q8
 ‫اﻟﻔﮫﺮس‬
‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‬
‫اﻟﻔﺼﻞ ‪1‬‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت‬
‫ﻟﻤﺎذا ﻳﺨﺘﻠﻒ اﻟﻨﺎس؟‬
‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻌﻨﯿﻪ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻛﻠﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻚ؟ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﺎن‬
‫رؤﻳﺔ ﻋﻦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ‬
‫إذن‪ ،‬ﻓﻤﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪ؟‬
‫اﺳﺘﺒﺼﺎر اﻟﺬات‪ :‬ﻣﻦ ﻳﻤﺘﻠﻚ وﺟﮫﺎت ﻧﻈﺮ دﻗﯿﻘﺔ ﺣﻮل ﺧﺼﺎﺋﺼﻪ وﺣﺪوده؟‬
‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺨﺒﺌﻪ اﻟﻘﺪر؟‬
‫اﻟﻔﺼﻞ ‪2‬‬
‫داﺧﻞ اﻟﻌﻘﻠﯿﱠﺘﯿﻦ‬
‫ھﻞ اﻟﻨﺠﺎح ﻳﻌﻨﻲ اﻟﺘﻌﻠﻢ ‪ -‬أم إﺛﺒﺎت أﻧﻚ ذﻛﻲ؟‬
‫ﻣﺎ وراء اﻷﻟﻐﺎز‬
‫اﻟﻤﻮﺟﺎت اﻟﺪﻣﺎﻏﯿﺔ ﺗﺤﻜﻲ اﻟﻘﺼﺔ‬
‫ﻣﺎ أوﻟﻮﻳﺘﻚ؟‬
‫ﻣﺮض اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي‬
‫اﻟﺘﻮﺳﻌﺔ‬
‫اﻟﺘﻮﺳﻊ إﻟﻰ ﻣﺎ ھﻮ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ‬
‫اﻻزدھﺎر ﺑﺎﻟﺸﻲء اﻟﻤﻀﻤﻮن‬
‫إذا ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻚ اﻟﻘﺪرة‪ ،‬ﻓﻠﻤﺎذا ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﺘﻌﻠﻢ؟‬
‫درﺟﺔ اﻻﺧﺘﺒﺎر ﻣﺴﺘﻤﺮة‬
‫إﺛﺒﺎت أﻧﻚ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ‬
‫اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ‪ ،‬أﻋﻈﻢ‪ ،‬ﻣﺴﺘﺤﻖ‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت ﺗﻐﯿﺮ ﻣﻌﻨﻰ اﻹﺧﻔﺎق‬
‫اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﻔﺎرﻗﺔ‬
‫ﻧﺠﺎﺣﻲ ھﻮ ﻓﺸﻠﻚ‬
‫ﺦ‪ :‬ﻟﯿﺴﺖ وﺻﻔﺔ ﻟﻠﻨﺠﺎح‬
‫وﺑِ ّ ْ‬
‫ﺗﮫﺮب‪ ،‬اﺧﺪع‪َ ،‬‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﻻﻛﺘﺌﺎب‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت ُﺗ َ‬
‫ﻐﯿِ ُّﺮ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺠﮫﺪ‬
‫ﻓﯿﻠﻢ ‪Seabiscuit‬‬
‫اﻟﺠﮫﺪ اﻟﻤﺮﺗﻔﻊ‪ :‬اﻟﺨﻄﺮ اﻟﻜﺒﯿﺮ‬
‫ﺟﮫﺪ ﻣﻨﺨﻔﺾ ‪ :‬اﻟﻤﺨﺎطﺮة اﻟﻜﺒﯿﺮة‬
‫وﺿﻊ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻓﻲ ﺣﯿﺰ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬ‬
‫أﺳﺌﻠﺔ وأﺟﻮﺑﺔ‬
‫اﻟﻔﺼﻞ ‪3‬‬
‫ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻟﻘﺪرة واﻹﻧﺠﺎز‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﻹﻧﺠﺎز اﻟﺪراﺳﻲ‬
‫ﻣﺘﻼزﻣﺔ اﻟﺠﮫﺪ اﻟﻤﻨﺨﻔﺾ‬
‫إﻳﺠﺎد ﻋﻘﻠﻚ‬
‫اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ‬
 ‫ﺧِﻠﻘﻨﺎ ﻣﺘﺴﺎوﻳﻦ؟‬
‫ھﻞ ُ‬
‫ھﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺠﻤﯿﻊ أن ﻳﻨﺠﺤﻮا؟‬
‫ﻣﺎرﻓﺎ ﻛﻮﻟﯿﻨﺰ‬
‫ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻘﺪرة وﻣﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﻤﺴﺎر‬
‫ﻣﻠﺨﺺ‬
‫ھﻞ اﻟﻘﺪرة اﻟﻔﻨﯿﺔ ﻣﻮھﺒﺔ؟‬
‫ﺟﺎﻛﺴﻮن ﺑﻮﻟﻮك‬
‫ﺧﻄﺮ اﻟﺜﻨﺎء وإطﻼق اﻟﺘﺴﻤﯿﺎت اﻹﻳﺠﺎﺑﯿﺔ‬
‫اﻷﻟﻘﺎب اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ وﺗﺄﺛﯿﺮھﺎ‬
‫ھﻞ أﻧﺘﻤﻲ إﻟﻰ ھﻨﺎ؟‬
‫اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺂراء اﻟﻨﺎس‬
‫ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﯿﺮ اﻷﻣﻮر ﺑﺸﻜﻞ ﺟﯿﺪ‬
‫اﻟﻔﺼﻞ ‪4‬‬
‫اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ‪ :‬ﻋﻘﻠﯿﺔ ﺑﻄﻞ‬
‫ﻓﻜﺮة اﻟﻤﻮھﺒﺔ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ﺗﺮاھﺎ اﻵن‪ ،‬ﻻ ﺗﺮاھﺎ اﻵن‬
‫ﻣﺎﻳﻜﻞ ﺟﻮردان‬
‫ﺑﯿﺐ ﺑﯿﺐ روث‬
‫أﺳﺮع اﻟﻨﺴﺎء ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻷرض‬
‫اﻟﻤﻮاھﺐ اﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ﻻ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ‬
‫ﺣﺎﺻﻞ اﻟﺬﻛﺎء ﻟﻸﻟﻌﺎب اﻟﺮﻳﺎﺿﯿﺔ‬
‫"اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ"‬
‫اﻟﻤﺰﻳﺪ ﺣﻮل اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ‬
‫ﺷﺨﺼﯿﺔ اﻟﺒﻄﻞ‪ ،‬وﺟﺴﺎرﺗﻪ‪ ،‬وﻋﺰﻳﻤﺘﻪ‪ ،‬وﻋﻘﻠﻪ‬
‫اﻟﺒﻘﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻤﺔ‬
‫ﻣﺎ اﻟﻨﺠﺎح؟‬
‫ﻣﺎ اﻟﻔﺸﻞ؟‬
‫ﺗﺤﻤﻞ ﻣﺴﺌﻮﻟﯿﺔ اﻟﻨﺠﺎح‬
‫ﻤﺎ؟‬
‫ﻣﺎذا ﻳﻌﻨﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻧﺠ ً‬
‫ﻛﻞ ﻟﻌﺒﺔ رﻳﺎﺿﯿﺔ ھﻲ ﻟﻌﺒﺔ ﺟﻤﺎﻋﯿﺔ‬
‫اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﻠﻌﻘﻠﯿﺎت‬
‫اﻟﻔﺼﻞ ‪5‬‬
‫ﻋﺎﻟﻢ اﻷﻋﻤﺎل‪ :‬اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﻟﻘﯿﺎدة‬
‫اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻤﻮ‬
‫دراﺳﺔ ﻋﻦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﻟﻘﺮارات اﻹدارﻳﺔ‬
‫اﻟﻘﯿﺎدة واﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‬
‫اﻟﺮؤﺳﺎء اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﻮن واﻷﻧﺎ اﻟﻤﺘﻀﺨﻤﺔ‬
‫اﻟﻘﺎدة ذوو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ إﻳﺎﻛﻮﻛﺎ‪ :‬أﻧﺎ ﺑﻄﻞ‬
‫أﻟﺒﺮت دوﻧﻼب‪ :‬أﻧﺎ ﻧﺠﻢ ﻻﻣﻊ‬
‫أذﻛﻰ اﻷﺷﺨﺎص ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎل‬
‫ﻋﺒﻘﺮﻳﺎن ﻳﺘﺼﺎدﻣﺎن‬
‫ﻣﺤﺼﻦ‪ ،‬وراﺳﺦ‪ ،‬وﻣﺆھﻞ‬
‫ﻣﺪﻳﺮون ﻗﺴﺎة‬
 ‫اﻟﻘﺎدة ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ‬
‫"ﺟﺎك"‪ :‬إﻧﺼﺎت‪ ،‬إﻗﺮار‪ ،‬رﻋﺎﻳﺔ‬
‫ﻟﯿﻮ‪ :‬اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‬
‫آن‪ :‬اﻟﺘﻌﻠﻢ واﻟﺼﻼﺑﺔ واﻟﺮﺣﻤﺔ‬
‫ھﻞ ﻣﻨﺼﺐ اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬي ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻘﻂ؟‬
‫دراﺳﺔ ﺣﻮل ﻋﻤﻠﯿﺎت اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ‬
‫ﺗﻔﻜﯿﺮ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻣ ً‬
‫ﻌﺎ‬
‫اﻟﺠﯿﻞ اﻟﻤﺒﺎرك ﻳﻐﺰو اﻟﻘﻮة اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ‬
‫ھﻞ ﺗﻜﻮن ﻟﺪى اﻟﺸﺨﺺ ﻣﮫﺎرات اﻟﺘﻔﺎوض ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة أو ﻳﻜﺘﺴﺒﮫﺎ؟‬
‫اﻟﺘﺪرﻳﺐ اﻟﻤﺆﺳﺴﻲ‪ :‬ھﻞ ﺗﻜﻮن ﻟﺪى اﻟﺸﺨﺺ ﻣﮫﺎرات اﻹدارة ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة أو ﻳﻜﺘﺴﺒﮫﺎ؟‬
‫ھﻞ ﻳﻜﻮن اﻟﺸﺨﺺ ﻗﺎﺋًﺪا ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة أو ﻳﻜﺘﺴﺐ ﻣﮫﺎرات اﻟﻘﯿﺎدة؟‬
‫اﻟﻔﺼﻞ ‪6‬‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺎت‪ :‬اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت ﻓﻲ اﻟﺤﺐ )أم ﻻ(‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺗﺨﺘﻠﻒ‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت ﺗﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺤﺐ‬
‫‪ .1‬إذا ﻛﺎن ﻋﻠﯿﻚ أن ﺗﺒﺬل ﻣﺠﮫﻮ ً‬
‫دا ﻹﻧﺠﺎﺣﮫﺎ‪ ،‬ﻓﻠﯿﺲ ﻣﻘﺪًر ا ﻟﮫﺎ اﻟﻨﺠﺎح‬
‫ﻗﺮاءة اﻟﻌﻘﻞ‬
‫اﻟﺘﻮاﻓﻖ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء‬
‫‪ .2‬اﻟﻤﺸﻜﻼت ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻋﯿﻮب اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ‬
‫ﻛﻼھﻤﺎ ﺧﺎﺳﺮ‬
‫اﻟﻌﯿﻮب ﺗﮫﺮب‬
‫ھﻞ ﻳﻤﻜﻦ إﻧﻘﺎذ ھﺬا اﻟﺰواج؟‬
‫اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺸﺮﻳﻚ ﻛﻌﺪو‬
‫اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ‪ :‬ﻣﻦ اﻷﻋﻈﻢ؟‬
‫اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت‬
‫اﻟﺼﺪاﻗﺔ‬
‫اﻟﺨﺠﻞ‬
‫اﻟﻤﺘﻨﻤﺮون واﻟﻀﺤﺎﻳﺎ‪ :‬إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺘﻘﺎم‬
‫ﻣﻦ ھﻢ اﻟﻤﺘﻨﻤﺮون؟‬
‫اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ واﻻﻧﺘﻘﺎم‬
‫ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻌﻠﻪ؟‬
‫اﻟﻔﺼﻞ ‪7‬‬
‫اﻵﺑﺎء واﻟﻤﻌﻠﻤﻮن واﻟﻤﺪرﺑﻮن‪ :‬ﻣﺎ ﻣﺼﺪر اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﯿﻦ؟‬
‫اﻵﺑﺎء )واﻟﻤﻌﻠﻤﻮن(‪ :‬رﺳﺎﺋﻞ ﻋﻦ اﻟﻨﺠﺎح واﻟﻔﺸﻞ‬
‫رﺳﺎﺋﻞ ﻋﻦ اﻟﻨﺠﺎح‬
‫رﺳﺎﺋﻞ ﻋﻦ اﻷﺳﻠﻮب واﻟﻨﻤﻮ‬
‫طﻤﺄﻧﺔ اﻷﺑﻨﺎء‬
‫رﺳﺎﺋﻞ ﻋﻦ اﻟﻔﺸﻞ‬
‫اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺒﱠﻨﺎء‪ :‬اﻟﻤﺰﻳﺪ ﺣﻮل رﺳﺎﺋﻞ اﻟﻔﺸﻞ‬
‫اﻷطﻔﺎل ﻳﺘﻌﻠﻤﻮن اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ‬
‫اﻷطﻔﺎل ﻳﻨﻘﻠﻮن اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ‬
‫أﻟﯿﺲ اﻟﺘﮫﺬﻳﺐ ﻧﻮ ً‬
‫ﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ؟‬
 ‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺘﺎن ﻳﻤﻜﻨﮫﻤﺎ أن ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﯿﺎة أو ﻣﻮت‬
‫ﺗﻤﻨﻲ اﻷﻓﻀﻞ ﺑﺄﺳﻮأ طﺮﻳﻘﺔ‬
‫"ﻧﺤﻦ ﻧﺤﺒﻚ ‪ -‬ﺑﺸﺮوطﻨﺎ"‬
‫ﻧﻤﺎذج‬
‫ﻤﺎ‪/‬أ ًّ‬
‫ﻣﺎ ﻋﻈﯿﻤﺔ(؟‬ ‫ﻤﺎ )أو أﺑًﺎ ﻋﻈﯿ ً‬
‫ﻤﺎ ﻋﻈﯿ ً‬
‫اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن )واﻵﺑﺎء( ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﺼﻨﻊ ﻣﻌﻠ ً‬
‫ﻣﻌﻠﻤﻮن راﺋﻌﻮن‬
‫اﻟﻤﻌﺎﻳﯿﺮ اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ وﺑﯿﺌﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺘﻨﺸﺌﺔ‬
‫اﻟﻤﺰﻳﺪ ﺣﻮل اﻟﻤﻌﺎﻳﯿﺮ اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ واﻟﺒﯿﺌﺔ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺘﻨﺸﺌﺔ‬
‫اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد واﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺎد‬
‫اﻟﻄﻼب ﻏﯿﺮ اﻟﻤﮫﺘﻤﯿﻦ‬
‫اﻟﻤﻌﻠﻤﻮن ذوو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ‪ :‬ﻣﻦ ھﺆﻻء اﻟﻨﺎس؟‬
‫اﻟﻤﺪرﺑﻮن‪ :‬اﻟﻔﻮز ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫اﻟﻤﺪرب ذو اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﻌﻤﻞ‬
‫ﻣﻨﺘﮫﻰ اﻷﻣﻞ‪ :‬ﻻ أﺧﻄﺎء‬
‫اﻟﻤﺪرب ذو ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء اﻟﻌﻤﻞ ﻣﺪرب ﻟﻜﻞ اﻟﻤﻮاﺳﻢ‬
‫ﻣﻨﺘﮫﻰ اﻷﻣﻞ‪ :‬اﺳﺘﻌﺪاد ﺗﺎم وﺟﮫﺪ ﻛﺎﻣﻞ‬
‫ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ‬
‫إﻋﺪاد ﻻﻋﺒﯿﻦ ﻳﺼﻠﺤﻮن ﻣﺪى اﻟﺤﯿﺎة‬
‫أﻳﮫﻤﺎ اﻟﻌﺪو‪ :‬اﻟﻨﺠﺎح أم اﻟﻔﺸﻞ؟‬
‫ﺗﺮاﺛﻨﺎ‬
‫اﻟﻔﺼﻞ ‪8‬‬
‫ﺗﻐﯿﯿﺮ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫طﺒﯿﻌﺔ اﻟﺘﻐﯿﺮ‬
‫اﻟﻤﻌﺘﻘﺪات ھﻲ ﻣﻔﺘﺎح اﻟﺴﻌﺎدة )واﻷﺳﻰ(‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺎت ﺗﺬھﺐ إﻟﻰ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ‬
‫ﻣﺤﺎﺿﺮات اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫ورﺷﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ‬
‫ﻋﻠﻢ اﻟﺪﻣﺎغ‬
‫اﻟﻤﺰﻳﺪ ﺣﻮل اﻟﺘﻐﯿﺮ‬
‫اﺗﺨﺎذ اﻟﺨﻄﻮة اﻷوﻟﻰ‬
‫اﻟﺨﻄﻂ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻨﻔﺬھﺎ‪ ،‬وﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻟﻦ ﺗﻘﻮم ﺑﺘﻨﻔﯿﺬھﺎ‬
‫ﺷﻌﻮر ﺳﯿﺊ‪ ،‬ﻟﻜﻦ ﻋﻤﻞ ﺟﯿﺪ‬
‫اﻻﺧﺘﯿﺎر رﻗﻢ واﺣﺪ‬
‫اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺮﻳﺪون أن ﻳﺘﻐﯿﺮوا‬
‫اﻟﺠﺪارة‪ :‬اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺪﻳﻦ ﻟﻚ‬
‫اﻹﻧﻜﺎر‪ :‬ﺣﯿﺎﺗﻲ ﻣﺜﺎﻟﯿﺔ‬
‫ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻋﻘﻠﯿﺔ طﻔﻠﻚ‬
‫اﻷﻋﺮاض اﻟﻤﺒﻜﺮة ﻟﻠﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﺎﻟﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ‬
‫ﺑﺬل اﻟﺠﮫﺪ ﻳﺤﯿﺪ ﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺼﺤﯿﺢ‬
‫اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ واﻹرادة‬
‫اﻟﻐﻀﺐ‬
‫ﻋﻘﻠﯿﺔ اﻟﻨﻤﻮ واﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﺬات‬
 ‫اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻐﯿﺮ‬
‫ﺗﻌﻠﻢ وﺳﺎﻋﺪ ﻏﯿﺮك ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻠﻢ‬
‫اﻟﻄﺮﻳﻖ أﻣﺎﻣﻚ‬
‫ﻣﻼﺣﻈﺎت‬
‫ﻗﺮاءات ﻣﻮﺻﻰ ﺑﮫﺎ‬
‫ﻧﺒﺬة ﻋﻦ اﻟﻤﺆﻟﻔﺔ‬
‫اﻟﻐﻼف اﻟﺨﻠﻔﻲ‬
‫ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻜﻨﺪل اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺗﻠﯿﻘﺮام‬
‫اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﺴﺤﺎﺑﯿﺔ‬
‫ﻛﻞ اﻟﺸﻜﺮ ﻻﺧﻲ ﺧﻠﯿﻔﺔ ﺿﺒﻌﻮن‬
‫ﻧﻘﻠﮫﺎ ﻣﻦ أ اﻟﻰ ي ﻟﻠﻜﻨﺪل‪:‬‬