You are on page 1of 277

‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.

com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬

‫كتاب ‪:‬‬
‫ع‬
‫سـتـمـِتـ ْ‬
‫اِ ْ‬
‫بـحـيـاتـك‬
‫مهارات وفنون التعامل مع الناس في ظل السيرة‬
‫النبوية‬
‫حصيلة بحوث ودورات وذكريات أكثر من عشرين‬
‫سنة‬
‫في رسول الل ّه أ ُ‬
‫وةٌ‬ ‫س‬
‫ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬
‫كا َ‬ ‫] لَ َ‬
‫قد ْ َ‬
‫ة ‪‬‬‫سن َ ٌ‬‫ح َ‬
‫َ‬
‫بقلم ‪ /‬د‪.‬محمد بن عبد الّرحمن‬
‫العريفي‬
‫أستاذ جامعي ‪ ،‬خطيب جامع البواردي بالرياض‬
‫محاضر معتمد لدورات السعادة وفن التعامل مع الناس‬
‫عضو الهيئة العليا للعلم السلمي‬
‫مدير عام مركز ناصح للدراسات والستشارات الجتماعية‬
‫‪6/2/1427‬هـ الموافق ‪6/3/2006‬م‬
‫‪www.arefe.com‬‬

‫‪1‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫جعلتها كلمات من القلب إلى‬ ‫لما كنت في السادسة‬
‫القلب ‪..‬‬ ‫عشرة من عمري وقع في‬
‫وأقسم أنها خرجت من قلبي‬ ‫يدي‪ -‬كتاب " فن التعامل مع‬
‫مشتاقة أن يكون مستقرها‬ ‫الناس " لمؤلفه " دايل‬
‫قلبك ‪ ..‬فرحماك بها ‪..‬‬ ‫كارنيجي " كان كتابا ً رائعا ً‬
‫ما أعظم سروري لو علمت أن‬ ‫قرأته عدة مرات ‪..‬‬
‫قارئا ً أو قارئة لهذه الورقات‬ ‫كان كاتبه اقترح أن يعيد‬
‫طبق ما فيه ‪ ..‬فشعر وشعر‬ ‫الشخص قراءته كل شهر ‪..‬‬
‫غيره بتطور مهاراته ‪ ..‬وازدادت‬ ‫ففعلت ذلك ‪ ..‬جعلت أطبق‬
‫متعته في حياته ‪..‬‬ ‫قواعده عند تعاملي مع‬
‫فسطر بيمينه الطاهرة –‬ ‫الناس فرأيت لذلك نتائج‬
‫مشكورا ً ‪ -‬رسالة عبر فيها عن‬ ‫عجيبة ‪..‬‬
‫ور مشاعره بصدق‬ ‫رأيه ‪ ..‬وص ّ‬ ‫كان كارنيجي يسوق القاعدة‬
‫وصراحة ‪ ..‬ثم أرسلها عبر بريد‬ ‫ويذكر تحتها أمثلة ووقائع‬
‫أو رسالة جوال ‪ sms‬إلى كاتب‬ ‫لرجال تميزوا من قومه ‪..‬‬
‫هذه السطور ‪ ..‬لكون للطفه‬ ‫روزفلت ‪ ..‬لنكولن ‪..‬‬
‫شاكرا ً ‪ ..‬وبظهر الغيب له‬ ‫جوزف ‪ ..‬مايك ‪ ..‬فبحثت في‬
‫داعيا ً ‪..‬‬ ‫تاريخنا فرأيت أن في سيرة‬
‫أسأل الله أن ينفع بهذه‬ ‫رسول الله ‪ ε‬وأصحابه‬
‫الورقات ‪ ..‬وأن يجعلها خالصة‬ ‫ومواقف المتميزين من‬
‫لوجهه الكريم ‪..‬‬ ‫رجال أمتنا ما يغنينا ‪..‬‬
‫كتبه الداعي لك بالخير‪/‬‬ ‫فبدأت من ذلك الحين أؤلف‬
‫د‪.‬محمد بن عبد الرحمن‬ ‫هذا الكتاب في فن التعامل‬
‫العريفي‬ ‫مع الناس ‪..‬‬
‫فهذا الكتاب الذي بين يديك‬
‫بداية ‪..‬‬ ‫ليس وليد شهر أو سنة ‪..‬‬
‫ليست الغاية أن تقرأ كتابا ً ‪ ..‬بل‬ ‫بل هو نتيجة دراسات قمت‬
‫الغاية أن تستفيد منه ‪..‬‬ ‫بها لمدة عشرين عاما ً ‪..‬‬
‫ن‬‫ومع أن الله تعالى قد م ّ‬
‫‪ .1‬هؤلء لن يستفيدوا ‪..‬‬ ‫ي بتأليف قرابة العشرين‬ ‫عل ّ‬
‫أذكر أن رسالة جاءتني على‬ ‫عنوانا ً إلى الن ‪ ..‬إل أني‬
‫هاتفي المحمول ‪ ..‬نصها ‪:‬‬ ‫ي‬‫أجد أن أحب كتبي إل ّ‬
‫فضيلة الشيخ ‪ ..‬ما حكم النتحار‬ ‫وأغلها إلى قلبي ‪ ..‬وأكثرها‬
‫؟‬ ‫فائدة عملية ‪ -‬فيما أظن –‬
‫فاتصلت بالسائل فأجاب شاب‬ ‫هو هذا الكتاب ‪..‬‬
‫في عمر الزهور ‪ ..‬قلت له ‪:‬‬ ‫كتبت كلماته بمداد خلطته‬
‫عفوا ً لم أفهم سؤالك ‪ ..‬أعد‬ ‫بدمي ‪ ..‬سكبت روحي بين‬
‫السؤال !‬ ‫أسطره ‪ ..‬عصرت ذكرياتي‬
‫فأجاب بكل تضجر ‪ :‬السؤال‬ ‫فيه ‪..‬‬
‫‪2‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫استسلم لخطائه وقنع‬ ‫واضح ‪ ..‬ما حكم النتحار ‪..‬‬
‫بقدراته ‪ ،‬وقال ‪ :‬هذا طبعي‬ ‫فأردت أن أفاجئه بجواب ل‬
‫الذي نشأت عليه ‪ ..‬وتعودت‬ ‫يتوقعه فضحكت وقلت ‪:‬‬
‫عليه ‪ ،‬ول يمكن أن أغير‬ ‫مستحب ‪..‬‬
‫طريقتي ‪ ..‬والناس تعودوا علي‬ ‫صرخ ‪ :‬ماذا ؟!‬
‫بهذا الطبع ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬أقول لك ‪ :‬حكم‬
‫أما أن أكون مثل خالد في‬ ‫النتحار أنه مستحب ‪..‬‬
‫طريقة إلقائه ‪ ..‬أو أحمد في‬ ‫لكن ما رأيك أن نتعاون في‬
‫بشاشته ‪ ..‬أو زياد في محبة‬ ‫تحديد الطريقة التي تنتحر‬
‫الناس له ‪..‬‬ ‫بها ‪ ..‬؟‬
‫فهذا محال ‪..‬‬ ‫سكت الشاب ‪..‬‬
‫جلست يوما ً مع شيخ كبير بلغ‬ ‫فقلت ‪ :‬طيب ‪ ..‬لماذا تريد‬
‫من الكبر عتيا ً ‪ ..‬في مجلس عام‬ ‫أن تنتحر ؟‬
‫‪ ،‬كل من فيه عوام متواضعو‬ ‫قال ‪ :‬لني ما وجدت وظيفة‬
‫القدرات ‪..‬‬ ‫‪ ..‬والناس ما يحبونني ‪..‬‬
‫وكان الشيخ يتجاذب أحاديث‬ ‫وأصل ً أنا إنسان فاشل ‪..‬‬
‫عامة مع من بجانبه ‪..‬‬ ‫و ‪..‬‬
‫لم يكن يمثل بالنسبة لمن في‬ ‫وانطلق يروي لي قصة‬
‫المجلس إل واحدا ً منهم له حق‬ ‫مطولة تحكي فشله في‬
‫الحترام لكبر سنه ‪ ..‬فقط ‪..‬‬ ‫تطوير ذاته ‪ ..‬وعدم‬
‫ألقيت كلمة يسيرة ‪ ..‬ذكرت‬ ‫استعداده للستفادة بما هو‬
‫خللها فتوى للشيخ العلمة عبد‬ ‫متاح بين يديه من قدرات ‪..‬‬
‫العزيز بن باز ‪..‬‬ ‫وهذه آفة عند الكثيرين ‪..‬‬
‫فلما انتهيت ‪ ..‬قال لي الشيخ‬ ‫لماذا ينظر أحدنا إلى نفسه‬
‫مفتخرا ً ‪ :‬أنا والشيخ ابن باز كنا‬ ‫نظرة دونية ؟‬
‫زملء ندرس في المسجد عند‬ ‫لماذا يلحظ ببصره إلى‬
‫الشيخ محمد بن إبراهيم ‪ ..‬قبل‬ ‫الواقفين على قمة الجبل‬
‫أربعين سنة ‪..‬‬ ‫ويرى نفسه أقل من أن‬
‫التفت أنظر إليه ‪ ..‬فإذا هو قد‬ ‫يصل إلى القمة كما‬
‫انبلجت أساريره لهذه‬ ‫وصلوا ‪ ..‬أو على القل أن‬
‫المعلومة ‪ ..‬كان فرحا ً جدا ً لنه‬ ‫يصعد الجبل كما صعدوا ‪..‬‬
‫صاحب رجل ً ناجحا ً يوما ً من‬ ‫ومن يتهيب صعود الجبال‬
‫الدهر ‪..‬‬ ‫*** يعش أبد الدهر بين‬
‫بينما جعلت أردد في نفسي ‪:‬‬ ‫الحفر‬
‫ولماذا يا مسكين ما صرت ناجحا ً‬ ‫تدري من الذي لن يستفيد‬
‫مثل ابن باز ؟‬ ‫من هذا الكتاب ‪ ،‬ول من أي‬
‫ما دام أنك عرفت الطريق لماذا‬ ‫كتاب آخر من كتب المهارات‬
‫لم تواصل ‪..‬؟‬ ‫؟!‬
‫لماذا يموت ابن باز فتبكي عليه‬ ‫إنه الشخص المسكين الذي‬
‫‪3‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أعمالهم ‪..‬‬ ‫المنابر ‪ ..‬والمحاريب ‪..‬‬
‫ويفرحون إذا شفوا من‬ ‫والمكتبات ‪ ..‬وتئن أقوام‬
‫أمراضهم ‪..‬‬ ‫لفقده ‪..‬‬
‫ويفرحون إذا ابتسمت الدنيا لهم‬ ‫وأنت ستموت يوما ً من‬
‫‪ ..‬فتحققت لهم مراداتهم ‪..‬‬ ‫الدهر ‪ ..‬ولعله ل يبكي عليك‬
‫وفي الوقت نفسه ‪ ..‬هم جميعا ً‬ ‫أحد ‪ ..‬إل مجاملة ‪ ..‬أو‬
‫يحزنون إذا افتقروا ‪ ..‬ويحزنون‬ ‫عادة ‪!!..‬‬
‫إذا مرضوا ‪ ..‬ويحزنون إذا ُأهينوا‬ ‫ً‬
‫كلنا قد نقول يوما من اليام‬
‫‪..‬‬ ‫‪ ..‬عرفنا فلنا ً ‪ ..‬وزاملنا‬
‫فما دام ذلك كذلك ‪ ..‬فتعال‬ ‫فلنا ً ‪ ..‬وجالسنا فلنا ً !!‬
‫نبحث عن طرق نديم فيها‬ ‫وليس هذا هو الفخر ‪ ..‬إنما‬
‫أفراحنا ‪ ..‬ونتغلب بها على‬ ‫الفخر أن تشمخ فوق القمة‬
‫أتراحنا ‪..‬‬ ‫كما شمخ ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬سنة الحياة أن يتقلب‬ ‫فكن بطل ً واعزم من الن‬
‫ة ‪ ..‬أنا معك‬ ‫مر ٍ‬
‫ةو ُ‬
‫حلو ٍ‬‫المرء بين ُ‬ ‫أن تطبق ما تقتنع بنفعه من‬
‫في هذا ‪..‬‬ ‫قدرات ‪ ..‬كن ناجحا ً ‪..‬‬
‫ولكن لماذا نعطي المصائب‬ ‫اقلب عبوسك ابتسامة ‪..‬‬
‫والحزان في أحيان كثيرة أكبر‬ ‫وكآبتك بشاشة ‪ ..‬وبخلك‬
‫من حجمها ‪ ..‬فنغتم أياما ً ‪ ..‬مع‬ ‫كرما ً ‪ ..‬وغضبك حلما ً ‪..‬‬
‫إمكاننا أن نجعل غمنا ساعة ‪..‬‬ ‫اجعل المصائب أفراحا ً ‪..‬‬
‫ونحزن ساعات على ما ل‬ ‫واليمان سلحا ً ‪..‬‬
‫يستحق الحزن ‪ ..‬لماذا ‪..‬؟!‬ ‫استمتع بحياتك‪..‬فالحياة‬
‫أعلم أن الحزن والغم يهجمان‬ ‫قصيرة ل وقت فيها للغم‪..‬‬
‫على القلب ويدخلنه من غير‬ ‫أما كيف تفعل ذلك ‪..‬فهذا‬
‫استئذان ‪ ..‬ولكن كل باب هم‬ ‫ما ألفت الكتاب لجله‬
‫يفتح فهناك ألف طريقة لغلقه‬ ‫كن معي وسنصل إلى الغاية‬
‫‪ ..‬هذا مما سنتعلمه ‪..‬‬ ‫بإذن الله ‪..‬‬
‫تعال إلى شيء آخر ‪..‬‬ ‫بقي معنا ‪..‬‬
‫كم نرى من الناس المحبوبين ‪..‬‬ ‫البطل الذي لديه العزيمة‬
‫الذين يفرح الخرون بلقائهم ‪..‬‬ ‫والصرار على أن يطور‬
‫ويأنسون بمجالستهم ‪ ..‬أفلم‬ ‫مهاراته ‪ ..‬ويستفيد من‬
‫تفكر أن تكون واحدا ً منهم ‪..‬؟‬ ‫قدراته ‪..‬‬
‫لماذا ترضى أن تبقى دائما ً‬
‫جـبا ً ) بفتح الجيم ( ول تسعى‬ ‫مع َ‬ ‫‪ .2‬ماذا سنتعلم ؟‬
‫جـبا ً ) بكسرها ( !!‬ ‫لن تكون مع ِ‬ ‫يشترك الناس غالبا ً في‬
‫هنا سنتعلم كيف تصبح كذلك ‪..‬‬ ‫أسباب الحزن والفرح ‪..‬‬
‫لماذا إذا تكلم ابن عمك في‬ ‫فهم جميعا ً يفرحون إذا‬
‫المجلس أنصت له الناس وملك‬ ‫كثرت أموالهم ‪..‬‬
‫أسماعهم ‪ ..‬وأعجبوا بأسلوب‬ ‫ويفرحون إذا ترقوا في‬
‫‪4‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫القادمين من خارج المنطقة ‪..‬‬ ‫كلمه ‪..‬‬
‫قال لي ‪ :‬نود أن تساعدنا في‬ ‫وإذا تكلمت أنت انصرفوا‬
‫كفالة بعض الطلب ‪..‬‬ ‫عنك ‪ ..‬وتنازعتهم الحاديث‬
‫قلت ‪ :‬عجبا ً !! أليست المدارس‬ ‫الجانبية ؟!‬
‫حكومية ‪ ..‬مجانية ؟!‬ ‫لماذا ؟‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪ ..‬لكننا نكفلهم‬ ‫مع أن معلوماتك قد تكون‬
‫للدراسة الجامعية ‪..‬‬ ‫أكثر ‪ ..‬وشهادتك أعلى ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬كذلك الجامعة ‪ ..‬أليست‬ ‫ومنصبك أرفع ‪..‬‬
‫حكومية ‪ ..‬بل تصرف للطلب‬ ‫لماذا إذن استطاع ملك‬
‫مكافآت ‪..‬‬ ‫أسماعهم وعجزت أنت ؟!!‬
‫قال ‪ :‬سأشرح لك القصة ‪..‬‬ ‫لماذا ذاك الب يحبه أولده‬
‫ت ‪..‬‬‫قلت ‪ :‬ها ِ‬ ‫ويفرحون بمرافقته في كل‬
‫قال ‪ :‬يتخرج من الثانوية عندنا‬ ‫ذهاب ومجيء ‪ ..‬وآخر ل‬
‫طلب نسبتهم المئوية ل تقل‬ ‫يزال يلتمس من أولده‬
‫عن ‪ .. %99‬يملك من الذكاء‬ ‫مرافقته وهم يعتذرون‬
‫وّزع على أمة‬ ‫والفهم قدرا ً لو ُ‬ ‫بصنوف العذار ‪ ..‬لماذا ؟!‬
‫لكفاهم ‪..‬‬ ‫أليس كلهما أب ؟!!‬
‫فإذا تخرج وعزم أن يسافر خارج‬ ‫ولماذا ‪ ..‬ولماذا ‪..‬‬
‫قريته ليدرس في الطب أو‬ ‫سنتعلم هنا كيفية الستمتاع‬
‫الهندسة ‪ ..‬أو الشريعة ‪ ..‬أو‬ ‫بالحياة ‪..‬‬
‫الكمبيوتر ‪ ..‬أو غيرها ‪ ..‬منعه‬ ‫أساليب جذب الناس ‪..‬‬
‫أبوه وقال ‪ :‬يكفي ما تعلمت ‪..‬‬ ‫والتأثير فيهم ‪..‬‬
‫فاجلس عندي لرعي الغنم ‪..‬‬ ‫تحمل أخطائهم ‪..‬‬
‫صرخت من غير شعور ‪ :‬رعي‬ ‫التعامل مع أصحاب‬
‫غنم !!‬ ‫الخلقيات المؤذية ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬رعي غنم ‪..‬‬ ‫إلى غير ذلك ‪ ..‬فمرحبا ً‬
‫وفعل ً يجلس المسكين عند أبيه‬ ‫بك ‪..‬‬
‫يرعى الغنم ‪ ..‬وتموت هذه‬
‫القدرات والمهارات ‪ ..‬وتمضي‬ ‫كلمة ‪..‬‬
‫عليه السنين وهو راعي غنم ‪..‬‬ ‫ليس النجاح أن تكتشف ما‬
‫بل قد يتزوج ‪ ..‬ويرزق بأولد ‪..‬‬ ‫يحب الخرون ‪ ..‬إنما النجاح‬
‫ويمارس معهم أسلوب أبيه ‪..‬‬ ‫أن تمارس مهارات تكسب‬
‫فيرعون الغنم !!‬ ‫بها محبتهم ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬والحل؟!‬
‫قال ‪ :‬الحل أننا نقنع الب‬ ‫‪ .3‬لماذا نبحث عن‬
‫باستخدام راعي غنم ‪ ..‬ببضع‬ ‫المهارات؟‬
‫مئات من الريالت ‪ ..‬ندفعها‬ ‫زرت إحدى المناطق الفقيرة‬
‫نحن له ‪ ..‬وولده النابغة يستثمر‬ ‫للقاء محاضرة ‪..‬‬
‫مواهبه وقدراته ‪ ..‬ونتكفل‬ ‫جاءني بعدها أحد المدرسين‬
‫‪5‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪ ..‬لنعرف كيف نجحوا ؟ وهل‬ ‫بمصاريف الولد أيضا ً حتى‬
‫يمكن أن نسلك الطريق نفسه‬ ‫يتخرج ‪..‬‬
‫فننجح مثلهم ‪..‬؟‬ ‫ثم خفض هذه المدرس‬
‫استمعت قبل فترة إلى مقابلة‬ ‫رأسه ‪ ..‬وقال ‪ :‬حرام أن‬
‫مع أحد أثرياء العالم الشيخ‬ ‫تموت المواهب والقدرات‬
‫سليمان بن عبد الله الراجحي ‪..‬‬ ‫في صدور أصحابها ‪ ..‬وهم‬
‫فوجدته جبل ً في خلقه وفكره ‪..‬‬ ‫يتحسرون عليها ‪..‬‬
‫رجل يملك المليارات ‪ ..‬آلف‬ ‫تفكرت في كلمه بعدها ‪..‬‬
‫العقارات ‪ ..‬بنى مئات‬ ‫فرأيت أننا ل يمكن أن نصل‬
‫المساجد ‪ ..‬كفل آلف اليتام ‪..‬‬ ‫إلى القمة إل بممارسة‬
‫رجل في قمة النجاح ‪..‬‬ ‫مهارات ‪ ..‬أو اكتساب‬
‫تكلم عن بداياته قبل خمسين‬ ‫مهارات ‪..‬‬
‫سنة ‪ ..‬كان من عامة الناس ‪ ..‬ل‬ ‫نعم ‪..‬‬
‫يكاد يملك إل قوت يومه وربما ل‬ ‫ً‬
‫أتحدى أن تجد أحدا من‬
‫يجده أحيانا ً !‪..‬‬ ‫الناجحين ‪ ..‬سواء في علم ‪..‬‬
‫ذكر أنه ربما نظف بيوت بعض‬ ‫أو دعوة ‪ ..‬أو خطابة ‪ ..‬أو‬
‫الناس ليكسب رزقه ‪ ..‬وربما‬ ‫تجارة ‪ ..‬أو طب ‪ ..‬أو هندسة‬
‫واصل ليله بنهاره عامل ً في‬ ‫‪ ..‬أو كسب محبة الناس ‪..‬‬
‫دكان أو مصرف ‪..‬‬ ‫أو الناجحين أسريا ً ‪ ..‬كأب‬
‫تكلم كيف كان في سفح‬ ‫ناجح مع أولده ‪ ..‬أو زوجة‬
‫الجبل ‪ ..‬ثم ل زال يصعد حتى‬ ‫ناجحة مع زوجها ‪..‬‬
‫وصل القمة ‪..‬‬ ‫أو اجتماعيا ً ‪ ..‬كالناجح مع‬
‫جعلت أتأمل مهاراته وقدراته ‪..‬‬ ‫جيرانه وزملئه ‪..‬‬
‫فوجدت أن كثيرا ً منا يمكن أن‬ ‫أعني الناجحين ‪ ..‬ول أعني‬
‫يكون مثله بتوفيق الله ‪ ..‬لو‬ ‫الصاعدين على أكتاف‬
‫تعلم مهارات وتدرب عليها ‪..‬‬ ‫الخرين ‪!!..‬‬
‫وثابر وثبت ‪..‬‬ ‫أتحدى أن تجد أحدا ً من‬
‫نعم ‪..‬‬ ‫هؤلء بلغ مرتبة في‬
‫أمر آخر يدعونا إلى البحث عن‬ ‫النجاح ‪ ..‬إل وهو يمارس‬
‫المهارات ‪..‬‬ ‫مهارات معينة – شعر أو لم‬
‫هو أن بعضنا يكون عنده قدرات‬ ‫يشعر ‪ -‬استطاع بها أن يصل‬
‫على البداع لكنه غافل عنها ‪..‬‬ ‫إلى النجاح ‪..‬‬
‫أو لم يساعده أحد على‬ ‫قد يمارس بعض الناس‬
‫إذكائها ‪..‬‬ ‫مهارات ناجحة بطبيعته ‪..‬‬
‫كقدرة على اللقاء ‪ ..‬أو فكر‬ ‫وقد يتعلم آخرون مهارات‬
‫تجاري ‪ ..‬أو ذكاء معرفي ‪..‬‬ ‫فيمارسونها ‪ ..‬فينجحون ‪..‬‬
‫قد يكتشف هذه القدرات بنفسه‬ ‫نحن هنا نبحث عن هؤلء‬
‫‪ ..‬أو يذكي هذه المهارات مدرس‬ ‫الناجحين ‪ ..‬وندرس‬
‫‪ ..‬أو مسئول وظيفي ‪ ..‬أو أخ‬ ‫حياتهم ‪ ..‬ونراقب طريقتهم‬
‫‪6‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫واهتماماتهم ‪..‬‬ ‫ناصح ‪..‬‬
‫القنوات الفضائية مثل ً ‪..‬‬ ‫وما أقّلهم ‪..‬‬
‫من الناس من يتابع ما ينمي‬ ‫وقد تبقى هذه المهارات‬
‫فكره المعرفي ‪ ..‬ويطور‬ ‫حبيسة النفس حتى يغلبها‬
‫ذكاءه ‪ ..‬ويستفيد من خبرات‬ ‫الطبع السائر بين الناس ‪..‬‬
‫الخرين من خلل متابعة‬ ‫وتموت في مهدها ‪..‬‬
‫الحوارات الهادفة ‪ ..‬يكتسب‬ ‫ونفقد عندها قائدا ً أو خطيبا ً‬
‫منها مهارات رائعة في‬ ‫أو عالما ً ‪ ..‬أو ربما زوجا ً‬
‫النقاش ‪ ..‬واللغة ‪ ..‬والفهم ‪..‬‬ ‫ناجحا ً أو أبا ً ناصحا ً ‪..‬‬
‫وسرعة البديهة ‪ ..‬والقدرة على‬ ‫نحن هنا سنذكر مهارات‬
‫المناظرة ‪ ..‬وأساليب القناع ‪..‬‬ ‫متميزة نذكرك بها إن كانت‬
‫ومن الناس من ل يكاد يفوته‬ ‫عندك ‪ ..‬وندربك عليها إن‬
‫مسلسل يحكي قصة حب فاشلة‬ ‫كنت فاقدا ً لها ‪..‬‬
‫‪ ..‬أو مسرحية عاطفية ‪ ..‬أو‬ ‫م ‪..‬‬ ‫فهل ّ‬
‫فيلم خيالي مرعب ‪ ..‬أو أفلم‬
‫لقصص افتراضية تافهة ‪ ..‬ل‬ ‫فكرة ‪..‬‬
‫حقيقة لها ‪..‬‬ ‫إذا صعدت الجبل فانظر إلى‬
‫تعال بالله عليك ‪ ..‬وانظر إلى‬ ‫القمة ‪ ..‬ول تلتفت للصخور‬
‫حال الول وحال الثاني بعد‬ ‫المتناثرة حولك ‪..‬‬
‫خمس سنوات ‪ ..‬أو عشر ‪..‬‬ ‫اصعد بخطوات واثقة ‪ ..‬ول‬
‫أيهما سيكون أكثر تطورا ً في‬ ‫تقفز فتزل قدمك ‪..‬‬
‫مهاراته ؟ في القدرة على‬
‫الستيعاب ؟ في سعة الثقافة ؟‬ ‫‪ .4‬طور نفسك ‪..‬‬
‫في القدرة على القناع ؟ في‬ ‫تجلس مع بعض الناس‬
‫أسلوب التعامل مع الحداث ؟‬ ‫وعمره عشرون سنة ‪..‬‬
‫ل شك أنه الول ‪..‬‬ ‫فترى له أسلوبا ً ومنطقا ً‬
‫بل تجد أسلوب الول مختلفا ً ‪..‬‬ ‫وفكرا ً معينا ً ‪..‬‬
‫فاستشهاداته بنصوص شرعية ‪..‬‬ ‫ثم تجلس معه وعمره ثلثون‬
‫أو أرقام وحقائق ‪..‬‬ ‫ي ‪ ..‬لم‬ ‫‪ ..‬فإذا قدراته هي ه َ‬
‫أما الثاني فاسشهاداته بأقوال‬ ‫يتطور فيه شيء ‪..‬‬
‫الممثلين ‪ ..‬والمغنين ‪..‬‬ ‫بينما تجلس مع آخرين‬
‫حتى قال أحدهم يوما ً في‬ ‫فتجدهم يستفيدون من‬
‫معرض كلمه ‪ ..‬والله يقول ‪:‬‬ ‫حياتهم ‪ ..‬تجده كل يوم‬
‫ع يا عبدي وأنا أسعى‬ ‫س َ‬
‫اِ ْ‬ ‫متطورا ً عن اليوم الذي قبله‬
‫معاك !!‬ ‫‪ ..‬بل ما تمر ساعة إل ارتفع‬
‫فنبهناه إلى أن هذه ليست آية ‪..‬‬ ‫بها دينا ً أو دنيا ‪..‬‬
‫فتغير وجهه وسكت ‪..‬‬ ‫إذا أردت أن تعرف أنواع‬
‫ثم تأملت العبارة ‪ ..‬فإذا الذي‬ ‫الناس في ذلك ‪ ..‬فتعال‬
‫ذكره هو مثل مصري انطبع في‬ ‫نتأمل في أحوالهم‬
‫‪7‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫عجب عبد الله من هــذا الــذي مــا‬ ‫ذهنه من إحدى‬
‫اهتم بالصلة ‪ ..‬وكــأنه مــا ســمع‬ ‫المسلسلت !!‬
‫إذانا ً ول ينتظر إقامة ‪!!..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬كل إناء بما فيه‬
‫فصاح به غاضبا ً ‪ :‬انزل للصلة ‪..‬‬ ‫ينضح ‪..‬‬
‫فقال الرجل بكل برود ‪ :‬طيب ‪..‬‬ ‫بل تعال إلى جانب آخر ‪..‬‬
‫طيب ‪..‬‬ ‫في قراءة الصحف والمجلت‬
‫فقال ‪ :‬عجل ‪ ..‬صل يا حمار !!‬ ‫‪ ..‬كم هم أولئك الذين‬
‫فصرخ الرجل ‪ :‬أنا حمار ‪ !!..‬ثــم‬ ‫يهتمون بقراءة الخبار‬
‫انــتزع عســيبا ً مــن النخلــة ونــزل‬ ‫المفيدة والمعلومات النافعة‬
‫ليفلق به رأسه !!‬ ‫التي تساعد على تطوير‬
‫غطــى عبــد اللــه وجهــه بطــرف‬ ‫الذات ‪ ..‬وتنمية المهارات ‪..‬‬
‫غترته لئل يعرفه ‪ ..‬وانطلق يعدو‬ ‫وزيادة المعارف ‪..‬‬
‫إلى المسجد ‪..‬‬ ‫بينما كم الذين ل يكادون‬
‫ً‬
‫نزل الرجل من النخلــة غاضــبا ‪..‬‬ ‫يلتفتون إلى غير الصفحات‬
‫ومضى إلى بيتــه وصــلى وارتــاح‬ ‫الرياضية والفنية ؟!‬
‫قليل ً ‪ ..‬ثـــم خـــرج إلـــى نخلتـــه‬ ‫حتى صارت الجرائد تتنافس‬
‫ليكمل عمله ‪..‬‬ ‫في تكثير الصفحات‬
‫دخل وقت العصر وخرج عبد الله‬ ‫الرياضية والفنية ‪ ..‬على‬
‫إلى المسجد ‪..‬‬ ‫حساب غيرها ‪..‬‬
‫مّر بالنخلة فإذا الرجل فوقها ‪..‬‬ ‫قل مثل ذلك في مجالسنا‬
‫فقــال ‪ :‬الســلم عليكــم ‪ ..‬كيــف‬ ‫التي نجلسها ‪ ..‬وأوقاتنا‬
‫الحال ‪..‬‬ ‫التي نصرفها ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬الحمد لله بخير ‪..‬‬ ‫فأنت إذا أردت أن تكون‬
‫قال ‪ :‬بشــر !! كيــف الثمــر هــذه‬ ‫رأسا ً ل ذيل ً ‪ ..‬احرص على‬
‫السنة ‪..‬‬ ‫تتبع المهارات أينما كانت ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬الحمد لله ‪..‬‬ ‫دّرب نفسك عليها ‪..‬‬
‫قــال عبــد اللــه ‪ :‬اللــه يوفقــك‬ ‫كان عبد الله رجل ً متحمسا ً ‪..‬‬
‫ويرزقــك ‪ ..‬ويوســع عليــك ‪ ..‬ول‬ ‫لكنــــــه تنقصــــــه بعــــــض‬
‫يحرمك أجر عملك وكدك لولدك‬ ‫المهــارات ‪ ..‬خــرج يوم ـا ً مــن‬
‫‪..‬‬ ‫بيتــه إلــى المســجد ليصــلي‬
‫ابتهج الرجل لهذا الدعاء ‪ ..‬فأمن‬ ‫الظهـــر ‪ ..‬يســـوقه الحـــرص‬
‫على الدعاء وشكر ‪..‬‬ ‫على الصلة ويدفعه تعظيمــه‬
‫فقال عبد اللـه ‪ :‬لكـن يبـدو أنـك‬ ‫للدين ‪..‬‬
‫لشــدة انشــغالك لــم تنتبــه إلــى‬ ‫كان يحث خطاه خوفا ً من أن‬
‫أذان العصر !! قــد أذن العصــر ‪..‬‬ ‫تقــام الصــلة قبــل وصــوله‬
‫والقامة قريبــة ‪ ..‬فلعلــك تنــزل‬ ‫على المسجد ‪..‬‬
‫لترتــاح وتــدرك الصــلة ‪ ..‬وبعــد‬ ‫مر أثناء الطريــق بنخلــة فــي‬
‫الصلة أكمل عملك ‪ ..‬الله يحفظ‬ ‫أعلهــا رجــل بلبــاس مهنتــه‬
‫عليك صحتك ‪..‬‬ ‫يشتغل بإصلح التمر ‪..‬‬
‫‪8‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫طوق الحمامة ‪:‬‬ ‫فقــــال الرجــــل ‪ :‬إن شــــاء‬
‫أنه كان في الندلس تاجر‬ ‫الله ‪ ..‬إن شاء الله ‪..‬‬
‫مشهور ‪ ..‬وقع بينه وبين أربعة‬ ‫وبدأ ينزل برفق ‪ ..‬ثــم أقبــل‬
‫من التجار تنافس ‪ ..‬فأبغضوه ‪..‬‬ ‫علـــى عبـــد اللـــه وصـــافحه‬
‫وعزموا على أن يزعجوه ‪..‬‬ ‫بحــرارة ‪ ..‬وقــال ‪ :‬أشــكرك‬
‫فخرج ذات صباح من بيته متجها ً‬ ‫على هــذه الخلق الرائعــة ‪..‬‬
‫إلى متجره ‪ ..‬لبسا ً قميصا ً أبيض‬ ‫أما الذي مر بــي الظهــر فيــا‬
‫وعمامة بيضاء ‪..‬‬ ‫ليتني أراه لعلمه من الحمار‬
‫لقيه أولهم فحياه ثم نظر إلى‬ ‫!!‬
‫عمامته وقال ‪ :‬ما أجمل هذه‬
‫العمامة الصفراء ‪..‬‬ ‫نتيجة‬
‫ي بصُرك ؟!!‬ ‫فقال التاجر ‪ :‬أعم َ‬ ‫مهاراتك في التعامل مع‬
‫هذه عمامة بيضاء ‪..‬‬ ‫الخرين ‪ ..‬على أساسها‬
‫فقال ‪ :‬بل صفراء ‪ ..‬صفراء‬ ‫تتحدد طريقة تعامل الناس‬
‫لكنها جميلة ‪..‬‬ ‫معك ‪..‬‬
‫تركه التاجر ومضى ‪..‬‬
‫فلما مشى خطوات لقيه‬ ‫‪ .5‬ل تبك على اللبن‬
‫الخر ‪ ..‬فحياه ثم نظر إلى‬ ‫المسكوب ‪..‬‬
‫عمامته وقال ‪ :‬ما أجملك‬ ‫بعض الناس يعتبر طبعه‬
‫اليوم ‪ ..‬وما أحسن لباسك ‪..‬‬ ‫الذي نشأ عليه ‪ ..‬وعرفه‬
‫خاصة هذه العمامة الخضراء ‪..‬‬ ‫الناس به ‪ ..‬وتكونت في‬
‫فقال التاجر ‪ :‬يا رجل العمامة‬ ‫أذهانهم الصورة الذهنية عنه‬
‫بيضاء ‪..‬‬ ‫على أساسه ‪ ..‬يعتبره شيئا ً‬
‫قال ‪ :‬بل خضراء ‪..‬‬ ‫لزما ً له ل يمكن تغييره ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬بيضاء ‪ ..‬اذهب عني ‪..‬‬ ‫فيستسلم له ويقنع ‪ ..‬كما‬
‫ومضى المسكين يكلم نفسه ‪..‬‬ ‫يستسلم لشكل جسمه أو‬
‫وينظر بين الفينة والخرى إلى‬ ‫لون بشرته ‪ ..‬إذ ل يمكنه‬
‫طرف عمامته المتدلي على‬ ‫تغيير ذلك ‪..‬‬
‫كتفه ‪ ..‬ليتأكد أنها بيضاء ‪..‬‬ ‫مع أن الذكي يرى أن تغيير‬
‫وصل إلى دكانه ‪ ..‬وحرك القفل‬ ‫الطباع لعله أسهل من تغيير‬
‫ليفتحه ‪ ..‬فأقبل إليه الثالث ‪:‬‬ ‫الملبس !!‬
‫وقال ‪ :‬يا فلن ‪ ..‬ما أجمل هذا‬ ‫فطباعنا ليست كاللبن‬
‫الصباح ‪ ..‬خاصة لباسك‬ ‫المسكوب الذي ل يمكن‬
‫الجميل ‪ ..‬وزادت جمالك هذه‬ ‫تداركه أو جمعه ‪ ..‬بل هي‬
‫العمامة الزرقاء ‪..‬‬ ‫بين أيدينا ‪..‬‬
‫نظر التاجر إلى عمامته ليتأكد‬ ‫بل نستطيع بأساليب معينة‬
‫من لونها ‪ ..‬ثم فرك عينيه ‪..‬‬ ‫أن نغير طباع الناس ‪ ..‬بل‬
‫وقال ‪ :‬يا أخي عمامتي‬ ‫عقولهم – ربما ‪!! -‬‬
‫بيضااااااء ‪..‬‬ ‫ذكر ابن حزم في كتابه‬
‫‪9‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قلت ‪ :‬تعلم ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬بل زرقاء ‪ ..‬لكنها‬
‫قال صلى الله عليه وسلم ‪ :‬إنما‬ ‫عموما ً جميلة ‪ ..‬ل تحزن ‪..‬‬
‫العلم بالتعلم ‪ ،‬وإنما الحلم‬ ‫ثم مضى ‪ ..‬فجعل التاجر‬
‫بالتحلم ‪..‬‬ ‫يصيح به ‪ ..‬العمامة بيضاء ‪..‬‬
‫وينظر إليها ‪ ..‬ويقلب‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫أطرافها ‪..‬‬
‫البطل يتجاوز القدرة على‬ ‫جلس في دكانه قليل ً ‪ ..‬وهو‬
‫تطوير مهاراته ‪ ..‬إلى القدرة‬ ‫ل يكاد يصرف بصره عن‬
‫على تطوير مهارات الناس ‪..‬‬ ‫طرف عمامته ‪..‬‬
‫وربما تغييرها !!‬ ‫دخل عليه الرابع ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫أهل ً يا فلن ‪ ..‬ما شاء الله !!‬
‫‪ .6‬كن متميزا ً ‪..‬‬ ‫من أين اشتريت هذه‬
‫لماذا يتحاور اثنان في مجلس‬ ‫العمامة الحمراء ؟!‬
‫فينتهي حوارهما بخصومة ‪..‬‬ ‫فصاح التاجر ‪ :‬عمامتي‬
‫بينما يتحاور آخران وينتهي‬ ‫زرقاء ‪..‬‬
‫الحوار بأنس ورضا ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬بل حمراء ‪..‬‬
‫إنها مهارات الحوار ‪..‬‬ ‫قال التاجر ‪ :‬بل خضراء ‪..‬‬
‫لماذا يخطب اثنان الخطبة‬ ‫ل ‪ ..‬ل ‪ ..‬بل بيضاء ‪ ..‬ل ‪..‬‬
‫نفسها بألفاظها نفسها ‪ ..‬فترى‬ ‫زرقاء ‪ ..‬سوداء ‪..‬‬
‫الحاضرين عند الول ما بين‬ ‫ثم ضحك ‪ ..‬ثم صرخ ‪ ..‬ثم‬
‫متثائب ونائم ‪ ..‬أو عابث بسجاد‬ ‫بكى ‪ ..‬وقام يقفز !!‬
‫المسجد ‪ ..‬أو مغير لجلسته‬ ‫قال ابن حزم ‪ :‬فلقد كنت‬
‫مرارا ً ‪..‬‬ ‫أراه بعدها في شوارع‬
‫بينما الحاضرون عند الثاني‬ ‫الندلس مجنونا ً يحذفه‬
‫)‪(1‬‬
‫منشدون متفاعلون ‪ ..‬ل تكاد‬ ‫الصبيان بالحصى !!‬
‫ترمش لهم عين أو يغفل لهم‬ ‫فإذا كان هؤلء بمهارات‬
‫قلب ‪..‬‬ ‫بدائية غيروا طبع رجل ‪ ..‬بل‬
‫إنها مهارات اللقاء ‪..‬‬ ‫غيروا عقله ‪..‬‬
‫لماذا إذا تحدث فلن في‬ ‫فما بالك بمهارات‬
‫المجلس أنصت له السامعون ‪..‬‬ ‫مدروسة ‪ ..‬منورة بنصوص‬
‫ورموا إليه أبصارهم ‪..‬‬ ‫الوحيين ‪ ..‬يمارسها المرء‬
‫بينما إذا تحدث آخر انشغل‬ ‫تعبدا ً لله تعالى بها ‪..‬‬
‫الجالسون بالحاديث الجانبية ‪..‬‬ ‫فطبق ما تقف عليه من‬
‫أو قراءة الرسائل من هواتفهم‬ ‫مهارات حسنة لتسعد ‪..‬‬
‫المحمولة ‪..‬‬ ‫وإن قلت لي ‪ :‬ل أستطيع ‪!..‬‬
‫إنها مهارات الكلم ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬حاول ‪..‬‬
‫لماذا إذا مشى مدرس في‬ ‫وإن قلت ‪ :‬ل أعرف ‪!! ..‬‬
‫ممرات مدرسته رأيت الطلب‬ ‫‪ ( ) 1‬القصة على ذمححة ابححن حححزم ‪..‬‬
‫حوله ‪ ..‬هذا يصافحه ‪ ..‬وذاك‬ ‫رحمه الله ‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫إنها مهارات التعامل مع‬ ‫يستشيره ‪ ..‬وثالث يعرض‬
‫البناء ‪..‬‬ ‫عليه مشكلة ‪ ..‬ولو جلس‬
‫قل مثل ذلك في المسجد ‪..‬‬ ‫في مكتبه وسمح للطلب‬
‫وفي العراس ‪ ..‬وغيرها ‪..‬‬ ‫بالدخول لمتلت غرفته في‬
‫يختلف الناس بقدراتهم‬ ‫لحظات ‪ ..‬الكل يحب‬
‫ومهاراتهم في التعامل مع‬ ‫مجالسته ‪..‬‬
‫الخرين ‪ ..‬وبالتالي يختلف‬ ‫بينما مدرس آخر ‪ ..‬أو‬
‫الخرون في طريقة الحتفاء‬ ‫مدرسون ‪ ..‬يمشي أحدهم‬
‫بهم أو معاملتهم ‪..‬‬ ‫في مدرسته وحده ‪ ..‬ويخرج‬
‫والتأثير في الناس وكسب‬ ‫من مسجد المدرسة وحده ‪..‬‬
‫محبتهم أسهل مما تتصور ‪!..‬‬ ‫فل طالب يقترب مبتهجا ً‬
‫ل أبالغ في ذلك فقد جربته‬ ‫مصافحا ً ‪ ..‬أو شاكيا ً‬
‫مرارا ً ‪ ..‬فوجدت أن قلوب أكثر‬ ‫مستشيرا ً ‪ ..‬ولو فتح مكتبه‬
‫الناس يمكن صيدها بطرق‬ ‫من طلوع الشمس إلى‬
‫ومهارات سهلة ‪ ..‬بشرط أن‬ ‫غروبها ‪ ..‬وآناء الليل‬
‫نصدق فيها ونتدرب عليها‬ ‫وأطراف النهار ‪ ..‬لما اقترب‬
‫فنتقنها ‪..‬‬ ‫منه أحد أو رغب في‬
‫والناس يتأثرون بطريقة‬ ‫مجالسته ‪ ..‬لماذا ؟!!‬
‫تعاملنا ‪ ..‬وإن لم نشعر ‪..‬‬ ‫إنها مهارات التعامل مع‬
‫أتولى منذ ثلث عشرة سنة‬ ‫الناس ‪..‬‬
‫المامة والخطابة في جامع‬ ‫لماذا إذا دخل شخص إلى‬
‫الكلية المنية ‪..‬‬ ‫مجلس عام هش الناس في‬
‫كان طريقي إلى المسجد يمر‬ ‫وجهه وبشوا ‪ ..‬وفرحوا‬
‫ببوابة يقف عندها حارس أمن‬ ‫بلقائه ‪ ..‬وود كل واحد لو‬
‫يتولى فتحها وإغلقها ‪..‬‬ ‫يجلس بجانبه ‪..‬‬
‫كنت أحرص إذا مررت به أن‬ ‫بينما يدخل آخر ‪..‬‬
‫أمارس معه مهارة البتسامة ‪..‬‬ ‫فيصافحونه مصافحة باردة ‪-‬‬
‫فأشير بيدي مسلما ً مبتسما ً‬ ‫عادة أو مجاملة – ثم يتلفت‬
‫ابتسامة واضحة ‪ ..‬وبعد الصلة‬ ‫يبحث له عن مكان فل يكاد‬
‫أركب سيارتي راجعا ً للبيت ‪..‬‬ ‫أحد يوسع له أو يدعوه‬
‫وفي الغالب يكون هاتفي‬ ‫للجلوس إلى جانبه ‪..‬‬
‫المحمول مليئا ً باتصالت‬ ‫لماذا ؟!!‬
‫ورسائل مكتوبة وردت أثناء‬ ‫إنها مهارات جذب القلوب‬
‫الصلة ‪ ..‬فأكون مشغول ً بقراءة‬ ‫والتأثير في الناس ‪..‬‬
‫الرسائل فيفتح الحارس البوابة‬ ‫لماذا يدخل أب إلى بيته‬
‫وأغفل عن التبسم ‪..‬‬ ‫فيهش أولده له ‪ ..‬ويقبلون‬
‫حتى تفاجأت به يوما ً يوقفني‬ ‫إليه فرحين ‪..‬‬
‫وأنا خارج ويقول ‪ :‬يا شيخ ‪!..‬‬ ‫بينما يدخل الثاني على‬
‫أنت زعلن مني ؟!‬ ‫أولده ‪ ..‬فل يلتفتون إليه ‪..‬‬
‫‪11‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫في محطة وقود ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬لماذا ؟‬
‫كل هؤلء تستطيع أن تجعلهم‬ ‫قال ‪ :‬لنك وأنت داخل‬
‫يجمعون على أنك أحب الناس‬ ‫تبتسم وتسلم وأنت‬
‫إليهم إذا أشعرتهم أنهم أحب‬ ‫فرحان ‪ ..‬أما وأنت خارج‬
‫الناس إليك ‪..‬‬ ‫فتكون غير مبتسم ول‬
‫وقد كان صلى الله عليه وسلم‬ ‫فرحان !!‬
‫قدوة في ذلك ‪..‬إذ أن من تتبع‬ ‫وكان رجل ً بسيطا ً ‪ ..‬فبدأ‬
‫سيرته ‪ ..‬وجد أنه كان يتعامل‬ ‫المسكين يقسم لي أنه‬
‫بمهارات أخلقية راقية ‪..‬‬ ‫يحبني ويفرح برؤيتي ‪..‬‬
‫فيعامل كل أحد يلقاه بمهارات‬ ‫فاعتذرت منه وبينت له‬
‫من احتفاء وتفاعل وبشاشة ‪..‬‬ ‫سبب انشغالي ‪..‬‬
‫حتى يشعر ذلك الشخص أنه‬ ‫ثم انتبهت فعل ً إلى أن هذه‬
‫أحب الناس إليه ‪ ..‬وبالتالي‬ ‫المهارات مع تعودنا عليها‬
‫يكون هو أيضا ً صلى الله عليه‬ ‫تصبح من طبعنا ‪ ..‬يلحظها‬
‫وسلم أحب الناس إليهم ‪ ..‬لنه‬ ‫الناس إذا غفلنا عنها ‪..‬‬
‫أشعرهم بمحبته ‪..‬‬ ‫إضاءة ‪..‬‬
‫كان عمرو بن العاص ‪ τ‬داهية‬ ‫ل تكسب المال وتفقد‬
‫من دهاة العرب ‪ ..‬حكمة وفطنة‬ ‫الناس ‪ ..‬فإن كسب‬
‫وذكاءً ‪ ..‬فأدهى العرب أربعة ‪..‬‬ ‫الناس طريق لكسب المال ‪..‬‬
‫عمرو واحد منهم ‪..‬‬
‫أسلم عمرو وكان رأسا ً في‬ ‫‪ .7‬أي الناس أحب إليك ؟‬
‫قومه ‪..‬‬ ‫تكون أقوى الناس قدرة‬
‫فكان إذا لقي النبي صلى الله‬ ‫على استعمال مهارات‬
‫التعامل مع الخرين عندما‬
‫عليه وسلم في طريق رأى‬ ‫تتعامل مع كل أحد تعامل ً‬
‫البشاشة والبشر والمؤانسة ‪..‬‬
‫رائعا ً يجعله يشعر أنه أحب‬
‫وإذا دخل مجلسا ً فيه النبي صلى‬ ‫الناس إليك ‪..‬‬
‫الله عليه وسلم رأى الحتفاء‬ ‫فتتعامل مع أمك تعامل ً رائعا ً‬
‫والسعادة بمقدمه ‪..‬‬ ‫مشبعا ً بالتفاعل والنس‬
‫وإذا دعاه النبي صلى الله عليه‬ ‫والحتفاء إلى درجة أنها‬
‫وسلم ‪ ..‬ناداه بأحب السماء‬ ‫تشعر أن هذا التعامل‬
‫إليه ‪..‬‬ ‫الراقي لم يلقه أحد منك‬
‫شعر عمرو بهذا التعامل الراقي‬ ‫قبلها ‪..‬‬
‫‪ ..‬ودوام الهتمام والتبسم‬ ‫وقل مثل ذلك عند تعاملك‬
‫أنه أحب الناس إلى رسول‬ ‫مع أبيك ‪ ..‬مع زوجتك ‪..‬‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ‪..‬‬ ‫أولدك ‪ ..‬زملئك ‪..‬‬
‫فأراد أن يقطع الشك باليقين ‪..‬‬ ‫بل قل مثله عند تعاملك مع‬
‫فأقبل يوما ً إلى النبي صلى‬ ‫من تلقاهم مرة واحدة ‪..‬‬
‫كبائع في دكان ‪ ..‬أو عامل‬
‫‪12‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أن يرسل جيشا ً ‪..‬‬ ‫الله عليه وسلم وجلس‬
‫وكان عدي بن حاتم الطائي ‪..‬‬ ‫إليه ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬
‫ملكا ً ابن ملك ‪..‬‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬أي الناس‬
‫فوقع بين قبيلته " طي " وبين‬ ‫أحب إليك ؟‬
‫المسلمين حرب ‪ ..‬وكان عدي‬ ‫فقال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫قد هرب من الحرب فلم‬ ‫عائشة ‪..‬‬
‫يشهدها ‪ ..‬واحتمى بالروم في‬ ‫قال عمرو ‪ :‬ل ‪ ..‬من الرجال‬
‫الشام ‪..‬‬ ‫يا رسول الله ؟ لست أسألك‬
‫وصل جيش المسلمين إلى ديــار‬ ‫عن أهلك ‪..‬‬
‫طيء ‪..‬‬ ‫فقال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫كانت هزيمة طيــء ســهلة ‪ ..‬فل‬ ‫أبوها ‪..‬‬
‫ملك يقود ‪ ..‬ول جيش مرتب ‪..‬‬ ‫قال عمرو ‪ :‬ثم من ؟‬
‫وكان المسلمون في حروبهــم ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ثم عمر بن الخطاب ‪..‬‬
‫يحســـــنون إلـــــى النـــــاس ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ثم أي ‪ ..‬فجعل النبي‬
‫ويعطفون وهم في قتال ‪..‬‬
‫صلى الله عليه وسلم يعدد‬
‫كان المقصود صد كيد قوم عدي‬
‫رجال ً ‪ ..‬يقول ‪ :‬فلن ‪ ..‬ثم‬
‫عــن المســلمين ‪ ..‬وإظهــار قــوة‬
‫فلن ‪..‬‬
‫المسلمين لهم ‪..‬‬
‫بحسب سبقهم إلى‬
‫أســـر المســـلمون بعـــض قـــوم‬
‫السلم ‪ ..‬وتضحيتهم من‬
‫عــدي ‪ ..‬وكــان مــن بينهــم أخــت‬
‫أجله ‪..‬‬
‫لعدي بن حاتم ‪..‬‬
‫ت مخافة‬ ‫قال عمرو ‪ :‬فسك ّ‬
‫مضــوا بالســرى إلــى المدينــة ‪..‬‬
‫أن يجعلني في آخرهم ‪..‬‬
‫حيث رسول الله صلى اللححه عليححه‬
‫فانظر كيف استطاع صلى‬
‫وسلم ‪ ..‬وأخبروا النبي صلى الله‬
‫الله عليه وسلم أن يملك‬
‫عليححه وسححلم بفــرار عــدي إلــى‬ ‫قلب عمرو بمهارات أخلقية‬
‫الشام ‪..‬‬ ‫مارسها معه ‪..‬‬
‫فعجب صلى اللححه عليححه وسححلم ‪‬‬ ‫بل كان عليه الصلة والسلم‬
‫من فراره !! كيف يفر من الدين‬ ‫ينزل الناس منازلهم ‪..‬‬
‫؟ كيف يترك قومه ؟‬ ‫وقد يترك أشغاله لجلهم ‪..‬‬
‫ولكن لم يكن إلى الوصــول إلــى‬ ‫لشعارهم بمحبته لهم‬
‫عدي سبيل ‪..‬‬ ‫وقدرهم عنده ‪..‬‬
‫لم يطب المقام لعدي في ديار‬ ‫لما توسع صلى الله عليه‬
‫الروم ‪ ..‬فاضطر للرجوع لديار‬
‫وسلم بالفتوحات وبدأ ينتشر‬
‫العرب ‪ ..‬ثم لم يجد بدا ً من أن‬
‫السلم ‪..‬‬
‫يذهب إلى المدينة للقاء النبي‬
‫جعل صلى الله عليه وسلم‬
‫صلى الله عليه وسلم‬
‫يرسل الدعاة من عنده‬
‫ومصالحته ‪ ..‬أو التفاهم على‬
‫لدعوة القبائل إلى‬
‫السلم ‪ ..‬وربما احتاج المر‬
‫‪13‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وأخذ بيده يسوقه معه إلى‬ ‫شيء يرضيهما ‪.. (2) ..‬‬
‫بيته ‪..‬‬ ‫يقول عدي وهو يحكي قصة‬
‫عدي وهو يمشي بجانب النبي‬ ‫ذهابه إلى المدينة ‪:‬‬
‫صلى الله عليه وسلم يرى أن‬ ‫ما رجل من العرب كان أشد‬
‫الرأسين متساويان ‪!!..‬‬ ‫كراهة لرسول الله صلى الله‬
‫فمحمد )صلى الله عليه وسلم (‬ ‫عليه وسلم مني ‪..‬‬
‫ملك على المدينة وما حولها ‪..‬‬ ‫وكنت على دين النصرانية ‪..‬‬
‫وعدي ملك على جبال طي وما‬ ‫وكنت ملكا ً في قومي لما‬
‫حولها ‪..‬‬ ‫كان يصنع بي ‪.‬‬
‫ومحمد )صلى الله عليه وسلم (‬ ‫فلما سمعت برسول الله‬
‫على دين سماوي " السلم " ‪..‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم كرهته‬
‫وعدي على دين سماوي "‬ ‫كراهية شديدة ‪..‬‬
‫النصرانية " ‪..‬‬ ‫فخرجت حتى قدمت الروم‬
‫ومحمد )صلى الله عليه وسلم (‬ ‫على قيصر ‪..‬‬
‫عنده كتاب منزل " القرآن " ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فكرهت مكاني ذلك ‪..‬‬
‫وعدي عنده كتاب منزل "‬ ‫فقلت ‪ :‬والله لو أتيت هذا‬
‫النجيل " ‪..‬‬ ‫الرجل ‪ ..‬فإن كان كاذبا ً لم‬
‫كان عدي يشعر أنه ل فرق‬ ‫يضرني ‪ ..‬وإن كان صادقا ً‬
‫بينهما إل في القوة والجيش ‪..‬‬ ‫علمت ‪..‬‬
‫في أثناء الطريق وقعت ثلثة‬ ‫فقدمت فأتيته ‪ ..‬فلما دخلت‬
‫مواقف ‪:‬‬ ‫المدينة جعل الناس‬
‫بينما هما يمشيان إذا بامرأة قد‬ ‫يقولون ‪ :‬هذا عدي بن‬
‫وقفت في وسط الطريق‬ ‫حاتم ‪ ..‬هذا عدي بن حاتم ‪..‬‬
‫فجعلت تصيح ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫فمشيت حتى أتيت فدخلت‬
‫لي إليك حاجة ‪..‬‬ ‫على رسول الله صلى الله‬
‫فانتزع النبي صلى الله عليه‬ ‫عليه وسلم في المسجد‬
‫وسلم يده من يد عدي ومضى‬ ‫فقال لي ‪ :‬عدي بن حاتم ؟‬
‫إليها ‪ ..‬وجعل يستمع إلى‬ ‫قلت ‪ :‬عدي بن حاتم ‪..‬‬
‫حاجتها ‪..‬‬ ‫فرح النبي صلى الله عليه‬
‫عدي بن حاتم ‪ ..‬الذي قد عرف‬ ‫وسلم بمقدمه ‪ ..‬واحتفى‬
‫الملوك والوزراء جعل ينظر إلى‬ ‫به ‪ ..‬مع أن عديا ً محارب‬
‫هذا المشهد ‪ ..‬ويقارن تعامل‬ ‫للمسلمين وفاٌر من‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم مع‬ ‫الحرب ‪ ..‬ومبغض للسلم ‪..‬‬
‫الناس بتعامل من رآهم من قبل‬ ‫ئ إلى النصارى ‪ ..‬ومع‬ ‫ولج ٌ‬
‫من الرؤساء والسادة ‪..‬‬ ‫ذلك لقيه صلى الله عليه‬
‫فتأمل طويل ً ثم قال ‪ :‬والله ما‬ ‫وسلم بالبشاشة والبشر ‪..‬‬
‫هذه بأخلق الملوك ‪ ..‬هذه‬
‫) ( وقيل إن أخته هي التي ذهبت إليه في الشام وردته إلى العرب‬ ‫‪2‬‬
‫أخلق النبيااااااء ‪..‬‬
‫‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أو لصوص ‪..‬‬ ‫وانتهت المرأة من حاجتها ‪..‬‬
‫أجابه النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫فعاد النبي صلى الله عليه‬
‫بكلمات ومضى ‪..‬‬ ‫وسلم إلى عدي ‪ ..‬ومضيا‬
‫جعل عدي يقلب المر في‬ ‫يمشيان ‪ ..‬فبينما هما‬
‫نفسه ‪ ..‬هو في عز وشرف في‬ ‫كذلك ‪ ..‬فإذا برجل يقبل‬
‫قومه ‪ ..‬وليس له أعداء‬ ‫على النبي صلى الله عليه‬
‫يتربصون به ‪..‬‬ ‫وسلم ‪..‬‬
‫فلماذا يدخل هذا الدين الذي‬ ‫فماذا قال الرجل ؟ هل‬
‫أهله في ضعف ومسكنة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬يا رسول الله عندي‬
‫وفقر وحاجة ‪..‬‬ ‫أموال زائدة أبحث لها عن‬
‫وصل إلى بيت النبي صلى الله‬ ‫فقير ؟! أم قال ‪ :‬حصدت‬
‫عليه وسلم ‪ ..‬فدخل ‪ ..‬فإذا‬ ‫أرضي وزاد عندي الثمر ‪..‬‬
‫وسادة واحدة فدفعها النبي‬ ‫فماذا أفعل به ؟‬
‫صلى الله عليه وسلم إلى عدي‬ ‫يا ليته قال شيئا ً من ذلك ‪..‬‬
‫إكراما ً له ‪ ..‬وقال ‪ :‬خذ هذه‬ ‫لعل عديا ً إذا سمعه يشعر‬
‫فاجلس عليها ‪ ..‬فدفعها عدي‬ ‫بغنى المسلمين وكثرة‬
‫إليه قال ‪ :‬بل اجلس عليها‬ ‫أموالهم ‪..‬‬
‫أنت ‪ ..‬فقال صلى الله عليه‬ ‫قال الرجل ‪ :‬يا رسول‬
‫وسلم ‪ :‬بل أنت ‪ ..‬حتى استقرت‬ ‫الله ‪ ..‬أشكو إليك الفاقة‬
‫عند عدي فجلس عليها ‪..‬‬ ‫والفقر ‪..‬‬
‫عندها ‪ ..‬بدأ النبي صلى الله عليه‬ ‫ما يكاد هذا الرجل يجد‬
‫طعاما ً يسد به جوعة‬
‫وسلم يحطم الحواجز بين عدي‬
‫أولده ‪ ..‬ومن حوله من‬
‫والسلم ‪..‬‬
‫المسلمين يعيشون على‬
‫يا عدي أسلم ‪ ..‬تسلم ‪ ..‬أسلم‬
‫الكفاف ليس عندهم ما‬
‫تسلم ‪ ..‬أسلم تسلم ‪..‬‬
‫يساعدونه به ‪..‬‬
‫قال عدي ‪ :‬إني على دين ‪..‬‬
‫قال الرجل هذه الكلمات‬
‫فقال صلى الله عليه وسلم ‪ :‬أنا‬ ‫وعدي يسمع ‪ ..‬فأجابه النبي‬
‫أعلم بدينك منك ‪..‬‬
‫صلى الله عليه وسلم بكلمات‬
‫قال ‪ :‬أنت تعلم بديني مني ؟‬
‫ومضى ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬ألست من‬
‫فلما مشيا خطوات ‪ ..‬أقبل‬
‫الركوسية ‪..‬‬
‫رجل آخر ‪ ..‬قال ‪ :‬يا رسول‬
‫والركوسية ديانة نصرانية‬
‫الله أشكو إليك قطع‬
‫مشّربة بشيء من المجوسية ‪..‬‬
‫الطريق !!‬
‫فمن مهارته صلى الله عليه‬ ‫يعني أننا يا رسول الله‬
‫وسلم في القناع أنه لم يقل‬ ‫لكثرة أعدائنا حولنا ل نأمن‬
‫ألست نصرانيا ً ‪ ..‬وإنما تجاوز‬ ‫أن نخرج عن بنيان المدينة‬
‫هذه المعلومة إلى معلومة أدق‬ ‫لكثرة من يعترضنا من كفار‬
‫منها فأخبره بمذهبه في‬
‫‪15‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بها ‪..‬‬ ‫النصرانية تحديدا ً ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فوالذي نفسي بيده ليتمن‬ ‫كما لو لقيك شخص في أحد‬
‫الله هذا المر حتى تخرج‬ ‫بلد أوروبا وقال لك ‪ :‬لماذا‬
‫الظعينة من الحيرة حتى تطوف‬ ‫ل تتنصر ؟ فقلت ‪ :‬إني على‬
‫بالبيت في غير جوار أحد ‪..‬‬ ‫دين ‪..‬‬
‫أي سيقوى السلم إلى درجة‬ ‫فلم يقل لك ‪ :‬ألست‬
‫أن المرأة المسلمة الحاجة تخرج‬ ‫مسلما ً ‪ ..‬ولم يقل ‪ :‬ألست‬
‫من الحيرة حتى تصل إلى مكة‬ ‫سن ُي ّا ً ‪ ..‬وإنما قال ‪ :‬ألست‬
‫ليس معها إل محرم ‪ ..‬من غير‬ ‫شافعيا ً ‪ ..‬أو حنبليا ً ‪..‬‬
‫أحد يحميها ‪ ..‬وتمر على مئات‬ ‫عندها ستدرك أنه يعرف كل‬
‫القبائل فل يجرؤ أحد أن يعتدي‬ ‫شيء عن دينك ‪..‬‬
‫عليها أو يسلبها مالها ‪ ..‬لن‬ ‫فهذا الذي فعله المعلم‬
‫المسلمين صار لهم قوة‬ ‫الول صلى الله عليه وسلم‬
‫ً‬
‫وهيبة ‪ ..‬إلى درجة أن أحدا ل‬ ‫مع عدي ‪ ..‬قال ‪ :‬ألست من‬
‫يجرؤ على التعرض لمسلم خوفا ً‬ ‫الركوسية ‪..‬‬
‫من انتصار المسلمين له ‪..‬‬ ‫فقال عدي ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫فلما سمع عدي ذلك ‪ ..‬جعل‬ ‫فقال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫يتصور المنظر في ذهنه ‪ ..‬امرأة‬ ‫فإنك إذا غزوت مع قومك‬
‫تخرج من العراق حتى تصل إلى‬ ‫)‪(3‬‬
‫تأكل فيهم المرباع ؟‬
‫مكة ‪ ..‬معنى ذلك أنها ستمر‬ ‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫بشمال الجزيرة ‪ ..‬يعني ستمر‬ ‫فقال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫بجبال طي ‪ ..‬ديار قومه ‪..‬‬ ‫فإن هذا ل يحل لك في دينك‬
‫فتعجب عدي وقال في نفسه ‪:‬‬ ‫‪..‬‬
‫عار طي الذين‬ ‫فأين عنها ذُ ّ‬ ‫فتضعضع لها عدي ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫سعروا البلد !!‬ ‫نعم ‪..‬‬
‫ثم قال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫فقال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫وليفتحن كنوز كسرى بن‬ ‫أما إني أعلم الذي يمنعك‬
‫هرمز ‪..‬‬ ‫من السلم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬كنوز ابن هرمز ؟‬ ‫أنك تقول ‪ :‬إنما اتبعه ضعفة‬
‫قال ‪ :‬نعم كسرى بن هرمز ‪..‬‬ ‫الناس ومن ل قوة لهم ‪..‬‬
‫ولتنفقن أمواله في سبيل‬ ‫وقد رمتهم العرب ‪..‬‬
‫الله ‪..‬‬ ‫)‪(4‬‬
‫يا عدي ‪ ..‬أتعرف الحيرة ؟‬
‫قال صلى الله عليه وسلم ‪ :‬ولئن‬ ‫قلت ‪ :‬لم أرها وقد سمعت‬
‫طالت بك حياة لترين الرجل‬
‫يخرج بملء كفه من ذهب‬ ‫‪ ( ) 3‬المرباع ‪ :‬إذا غزت القبيلة قسم‬
‫أوفضة يطلب من يقبله منه فل‬ ‫رئيسححها الغنيمححة أربعححة أقسححام فأخححذ‬
‫يجد أحدا يقبله منه ‪..‬‬ ‫الربع له وحده ‪ ،‬وهححذا حححرام فححي ديححن‬
‫يعني من كثرة المال يخرج‬ ‫النصرانية ‪ ،‬جائز عند العرب ‪.‬‬
‫الغني يطوف بصدقته ل يجد‬ ‫‪ ( ) 4‬الحيرة ‪ :‬مدينة بالعراق‬
‫‪16‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫السلم ‪..‬‬ ‫فقيرا ً يعطيه إياها ‪..‬‬
‫فلو مارسنا هذا الحب مع الناس‬ ‫ثم بدأ صلى الله عليه وسلم‬
‫‪ ..‬مهما كانوا ‪ ..‬لملكنا قلوبهم ‪..‬‬ ‫يعظ عديا ً ويذكره بالخرة ‪..‬‬
‫فقال ‪:‬‬
‫فكرة ‪..‬‬ ‫دكم يوم‬ ‫ه أح ُ‬‫وليلقين الل َ‬
‫بالرفق واستعمال مهارات‬ ‫يلقاه ليس بينه وبينه‬
‫التعامل والقناع ‪ ..‬نستطيع أن‬ ‫ترجمان ‪ ،‬فينظر عن يمينه‬
‫نحقق ما نريد ‪..‬‬ ‫فل يرى إل جهنم ‪ ،‬وينظر‬
‫عن شماله فل يرى إل جهنم‬
‫‪ .8‬استمتع بالمهارات ‪..‬‬ ‫" ‪..‬‬
‫المهارات متعة حسية ‪ ،‬ل أعني‬ ‫سكت عدي متفكرا ً ‪..‬‬
‫بها الجر الخروي فقط ‪ ،‬ل‬ ‫ففاجأه صلى الله عليه وسلم‬
‫وإنما هي متعة وفرح تشعر به‬ ‫قائل ً ‪ :‬يا عدي ‪ ..‬فما يفرك‬
‫حقيقة ‪..‬‬ ‫أن تقول ل إله إل الله ؟‪ ..‬أو‬
‫فاستمتع بها ‪ ،‬ومارسها مع‬ ‫تعلم من إله أعظم من‬
‫جميع الناس ‪ ،‬كبيرهم وصغيرهم‬ ‫الله ؟!‬
‫‪ ،‬غنيهم وفقيرهم ‪ ،‬قريبهم‬ ‫قال عدي ‪ :‬فإني حنيف‬
‫وبعيدهم ‪ ..‬كلهم ‪ ..‬مارس معهم‬ ‫مسلم ‪ ..‬أشهد أن ل إله إل‬
‫هذه المهارات ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬وأشهد أن محمدا ً‬
‫إما لتقاء أذاهم ‪..‬‬ ‫عبده ورسوله ‪..‬‬
‫أو لكسب محبتهم ‪..‬‬ ‫فتهلل وجه النبي صلى الله‬
‫أو لصلحهم ‪ ..‬نعم إصلحهم ‪..‬‬ ‫عليه وسلم فرحا ً مستبشرا ً ‪..‬‬
‫كان علي بن الجهم شاعرا ً‬
‫قال عدي بن حاتم ‪:‬‬
‫فصيحا ً ‪ ..‬لكنه كان أعرابيا ً جلفا ً‬
‫فهذه الظعينة تخرج من‬
‫ل يعرف من الحياة إل ما يراه‬ ‫الحيرة تطوف بالبيت في‬
‫في الصحراء ‪..‬‬ ‫غير جوار ‪..‬ولقد كنت فيمن‬
‫وكان المتوكل خليفة متمكنا ً ‪..‬‬ ‫فتح كنوز كسرى ‪..‬‬
‫ُيغدى عليه ويراح بما يشتهي ‪..‬‬ ‫والذي نفسي بيده لتكونن‬
‫دخل علي بن الجهم بغداد يوما ً‬
‫الثالثة لن رسول الله صلى‬
‫فقيل له ‪ :‬إن من مدح الخليفة‬
‫حظي عنده ولقي منه العطيات‬ ‫الله عليه وسلم قد قالها " ‪..‬‬
‫)‪(5‬‬
‫‪..‬‬
‫فاستبشر علي ويمم جهة قصر‬ ‫فتأمل كيف كان هذا النس‬
‫الخلفة ‪..‬‬ ‫منه صلى الله عليه وسلم‬
‫دخل على المتوكل ‪ ..‬فرأى‬ ‫لعدي ‪ ..‬وهذا الحتفاء الذي‬
‫الشعراء ينشدون ويربحون ‪..‬‬ ‫قابله به ‪ ..‬حتى شعر به‬
‫والمتوكل هو المتوكل ‪ ..‬سطوة‬ ‫عدي ‪ ..‬تأمل كيف كان كل‬
‫وهيبة وجبروت ‪..‬‬ ‫ذلك جاذبا ً لعدي للدخول في‬
‫فانطلق مادحا ً الخليفة بقصيدة‬ ‫) ( رواه مسلم وأحمد ‪..‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪17‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أكن ‪ ..‬سلوت ولكن زدن جمرا ً‬ ‫مطلعها ‪:‬‬
‫على جمر‬ ‫يا أيها الخليفة ‪..‬‬
‫ومضى يحرك المشاعر بأرق‬ ‫أنت كالكلب في حفاظك‬
‫الكلمات ‪ ..‬ثم شرع يصف‬ ‫للود ‪ ..‬وكالتيس في قراع‬
‫الخليفة بالشمس والنجم‬ ‫الخطوب‬
‫والسيف ‪..‬‬ ‫أنت كالدلو ل عدمتك دلوا ً ‪..‬‬
‫فانظر كيف استطاع الخليفة أن‬ ‫من كبار الدل ْ كثير الذنوب‬
‫يغير طباع ابن الجهم ‪..‬‬ ‫ومضى يضرب للخليفة‬
‫ونحن كم ضايقتنا طباع لولدنا‬ ‫المثلة بالتيس والعنز والبئر‬
‫أو أصدقائنا فسعينا لتغييرها ‪..‬‬ ‫والتراب ‪..‬‬
‫فغيرناها ‪..‬‬ ‫فثار الخليفة ‪ ..‬وانتفض‬
‫فمن باب أولى أن تقدر أنت‬ ‫الحراس ‪ ..‬واستل السياف‬
‫على تغيير طباعك ‪ ..‬فتقلب‬ ‫سيفه ‪ ..‬وفرش النطع ‪..‬‬
‫العبوس تبسما ً ‪ ..‬والغضب‬ ‫وتجهز للقتل ‪..‬‬
‫حلما ً ‪ ..‬والبخل كرما ً ‪ ..‬وهذا‬ ‫فأدرك الخليفة أن علي بن‬
‫ليس صعبا ً ‪ ..‬لكنه يحتاج إلى‬ ‫الجهم قد غلبت عليه طبيعته‬
‫عزيمة ومراس ‪ ..‬فكن بطل ً ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فأراد أن يغيرها ‪..‬‬
‫ومن نظر في سيرة محمد صلى‬ ‫فأمر به فأسكنوه في قصر‬
‫الله عليه وسلم وجد أنه كان‬ ‫منيف ‪ ..‬تغدو عليه أجمل‬
‫يتعامل مع الناس بقدرات‬ ‫الجواري وتروح يما يلذ‬
‫أخلقية ‪ ،‬ملك بها قلوبهم ‪..‬‬ ‫ويطيب ‪..‬‬
‫ولم يكن صلى الله عليه وسلم‬ ‫ذاق علي بن الجهم النعمة ‪..‬‬
‫يتصنع هذه الخلق أمام‬ ‫واتكأ على الرائك ‪ ..‬وجالس‬
‫الناس ‪ ..‬فإذا خل بأهل بيته ‪..‬‬ ‫أرق الشعراء ‪ ..‬وأغزل‬
‫انقلب حلمه غضبا ً ‪ ..‬ولينه غلظا ً‬ ‫الدباء ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫ومكث على هذا الحال سبعة‬
‫ل ‪ ..‬ما كان بساما ً مع الناس‬ ‫أشهر ‪..‬‬
‫عبوسا ً مع أهل بيته ‪..‬‬ ‫ثم جلس الخليفة مجلس‬
‫ول كريما ً مع الخلق إل مع ولده‬ ‫سمر ليلة ‪ ..‬فتذكر علي بن‬
‫وزوجه ‪..‬‬ ‫الجهم ‪ ..‬فسأل عنه ‪ ،‬فدعوه‬
‫ل ‪ ..‬بل كانت أخلقه سجية ‪..‬‬ ‫له ‪ ..‬فلما مثل بين يديه ‪..‬‬
‫يتعبد لله تعالى بها ‪ ..‬كما يتعبد‬ ‫قال ‪ :‬أنشدني يا علي بن‬
‫بصلة الضحى وقيام الليل ‪..‬‬ ‫الجهم ‪..‬‬
‫قه‬ ‫يحتسب ابتسامته قربة ‪ ..‬ورف َ‬ ‫فانطلق منشدا ً قصيدة‬
‫وه وليَنه حسنات ‪..‬‬ ‫مطلعها ‪:‬‬
‫عبادة ‪ ..‬وعف َ‬
‫إن من اعتبر حسن الخلق‬ ‫عيون المها بين الرصافة‬
‫عبادة ‪ ..‬تحلى بها في جميع‬ ‫والجسر ‪ ..‬جلبن الهوى من‬
‫أحواله ‪ ..‬في سلمه وحربه ‪..‬‬ ‫حيث أدري ول أدري‬
‫وجوعه وشبعه ‪ ..‬وصحته ومرضه‬ ‫أعدن لي الشوق القديم ولم‬
‫‪18‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫اللــه صححلى اللححه عليححه وسححلم ‪..‬‬ ‫‪ ..‬بل وفرحه وحزنه ‪..‬‬
‫فيــــأتي الحســــن أو الحســــين‬ ‫نعم ‪ ..‬كم من الزوجات‬
‫يمشي إلى النبي صلى الله عليححه‬ ‫تسمع عن أخلق زوجها‪..‬‬
‫وسلم ‪ ..‬فيأخذه صححلى اللححه عليححه‬ ‫وسعة صدره ‪ ..‬وابتسامته‬
‫وكرمه ‪..‬‬
‫وسححلم ‪ ..‬فيقعــده علــى بطنــه ‪..‬‬
‫ولكنها لم تر من ذلك شيئا ً ‪..‬‬
‫فبال الصغير على بطــن رســول‬
‫ئ الخلق ‪..‬‬ ‫فهو في بيته سي َ‬
‫اللــه ‪ .. ε‬قــال أبــو ليلــى ‪ :‬حــتى‬ ‫س‬
‫رأيت بوله على بطن رسول الله‬ ‫ق الصدر ‪ ..‬عاب َ‬ ‫ضي َ‬
‫الوجه ‪ ..‬صخابا ً لعانا ً ‪ ..‬بخيل ً‬
‫صلى الله عليه وسلم أساريع ‪..‬‬ ‫ومنانا ً ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فوثبنا إليه ‪ ..‬فقــال صححلى‬ ‫أما هو صلى الله عليه وسلم‬
‫الله عليه وسلم ‪ :‬دعوا ابنــي ‪ ..‬ل‬ ‫فهو الذي قال ‪ ) :‬خيركم‬
‫تفزعوا ابني ‪..‬‬ ‫خيُركم لهله‪ ،‬وأنا خيركم‬
‫فلما فرغ الصغير من بوله ‪ ..‬دعا‬ ‫لهلي ( )‪.. (6‬‬
‫صلى الله عليه وسلم بماء فصــبه‬ ‫وانظر كيف كان يتعامل مع‬
‫)‪(7‬‬
‫عليه ‪..‬‬ ‫أهله ‪..‬‬
‫فلله دره كيف تروضت نفسه‬ ‫قال السود بن يزيد ‪ :‬سألت‬
‫على هذه الخلق ‪ ..‬فل عجب‬ ‫عائشة ‪ : τ‬ما كان رسول‬
‫إذن أن يملك قلوب الصغار‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم‬
‫والكبار ‪..‬‬ ‫يصنع في بيته ؟‬
‫رأي ‪..‬‬ ‫فقالت ‪ :‬يكون في مهنة‬
‫بدل أن تسب الظلم ‪ ..‬حاول‬ ‫أهله ‪ ..‬فإذا حضرت الصلة‬
‫إصلح المصباح ‪..‬‬ ‫يتوضأ ويخرج للصلة ‪..‬‬
‫وقل مثل ذلك مع‬
‫‪ .9‬مع الفقراء ‪..‬‬ ‫الوالدين ‪ ..‬فكم هم أولئك‬
‫عدد من الناس اليوم أخلقهم‬ ‫الذين نسمع عن حسن‬
‫تجارية ‪ ..‬فالغني فقط هو الذي‬ ‫أخلقهم ‪..‬‬
‫تكون نكته طريفة فيضحكون‬ ‫وكرمهم وتبسمهم ‪ ..‬وجميل‬
‫عند سماعها ‪ ..‬وأخطاؤه‬ ‫معاشرتهم للخرين ‪ ..‬أما مع‬
‫صغيرة ‪ ..‬فيتغاضون عنها ‪..‬‬ ‫أقرب الناس إليهم ‪..‬‬
‫أما الفقراء فنكتهم ثقيلة ‪..‬‬ ‫وأعظم الناس حقا ً عليهم ‪..‬‬
‫يسخر بهم عند سماعها ‪..‬‬ ‫مع الوالدين فجفاء وهجر ‪..‬‬
‫وأخطاؤهم جسيمة ‪ ..‬يصرخ بهم‬ ‫نعم ‪ ..‬خيركم خيركم‬
‫عند وقوعها ‪..‬‬ ‫لهله ‪ ..‬لوالديه ‪ ..‬لزوجه ‪..‬‬
‫أما رسول الله صلى الله عليه‬ ‫لخدمه ‪ ..‬بل ولطفاله ‪..‬‬
‫وسلم فكان عطفه على الغني‬ ‫في يوم مليــء بالمشــاعر ‪..‬‬
‫والفقير سواء ‪..‬‬ ‫يجلس أبو ليلى ‪ τ‬عند رسول‬

‫) ( رواه أحمد والطبراني ‪.‬‬ ‫‪7‬‬


‫) ( رواه ابن ماجة‬ ‫‪6‬‬

‫‪19‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فحاول زاهر أن يتخلص من‬ ‫قال أنس ‪: τ‬‬
‫القبضة ‪..‬‬ ‫كان رجل من أهل البادية‬
‫وجعل يلتفت وراءه ‪ ..‬فرأى‬ ‫اسمه زاهر بن حرام ‪..‬‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ‪.. ρ‬‬ ‫وكان ربما جاء المدينة في‬
‫فاطمأنت نفسه ‪ ..‬وسكن‬ ‫حاجة فيهدي للنبي صلى الله‬
‫فزعه ‪..‬‬ ‫عليه وسلم من البادية شيئا ً‬
‫صق ظهره بصدر النبي‬ ‫وصار ُيل ٍٍٍ‬ ‫من إقط أو سمن ‪..‬‬
‫صلى الله ٍٍٍٍٍ عليه وسلم ‪ ..‬حين‬ ‫فُيجهزه رسول الله صلى‬
‫عرفه ‪ٍٍ ..‬‬
‫الله عليه وسلم إذا أراد أن‬
‫فجعل النبي صلى الله عليه‬ ‫يخرج إلى أهله بشيء من‬
‫وسلم يمازح زاهرا ً ‪ ..‬ويصيح‬ ‫تمر ونحوه ‪..‬‬
‫بالناس يقول ‪:‬من يشتري‬ ‫وكان النبي صلى الله عليه‬
‫العبد ؟ ‪ ..‬من يشتري العبد ؟ ‪..‬‬ ‫وسلم يحبه ‪ ..‬وكان يقول ‪:‬‬
‫فنظر زاهر في حاله ‪ ..‬فإذا هو‬ ‫) إن زاهرا ً باديتنا ‪ ..‬ونحن‬
‫فقير كسير ‪ ..‬ل مال ‪ ..‬ول‬ ‫حاضروه (‪ ..‬وكان زاهرا ً‬
‫جمال ‪..‬‬ ‫دميما ً ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬إذا ً والله تجدني كاسدا ً يا‬ ‫خرج زاهر ‪ τ‬يوما ً من‬
‫رسول الله ‪..‬‬ ‫باديته ‪ ..‬فأتى بيت رسول‬
‫فقال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم ‪..‬‬
‫لكن عند الله لست بكاسد ‪ ..‬أنت‬ ‫فلم يجده ‪..‬‬
‫عند الله غال ‪..‬‬ ‫وكان معه متاع فذهب به‬
‫فل عجب أن تتعلق قلوب‬ ‫إلى السوق ‪ ..‬فلما علم به‬
‫الفقراء به صلى الله عليه وسلم‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫وهو يملكهم بهذه الخلق ‪..‬‬ ‫مضى إلى السوق يبحث عنه‬
‫كثير من الفقراء ‪ ..‬قد ل يعيب‬ ‫‪..‬‬
‫على الغنياء البخل عليه بالمال‬ ‫فأتاه فإذا هو يبيع متاعه ‪..‬‬
‫والطعام ‪ ..‬لكنه يجد عليهم‬ ‫والعرق يتصبب منه ‪ ..‬وثيابه‬
‫بخلهم باللطف وحسن‬ ‫ثياب أهل البادية بشكلها‬
‫المعاشرة ‪..‬‬ ‫ورائحتها ‪..‬‬
‫وكم من فقير تبسمت في‬
‫وجهه ‪ ..‬وأشعرته بقيمته‬
‫فاحتضنه صلى الله عليه‬
‫واحترامه ‪ ..‬فرفع في ظلمة‬ ‫وسلم من ورائه ‪ ،‬وزاهر ل‬
‫الليل يدا ً داعية ‪ ..‬يستنزل بها‬ ‫ُيبصره ‪ ..‬ول يدري من‬
‫لك الرحمات من السماء ‪..‬‬ ‫أمسكه ‪..‬‬
‫ورب أشعث أغبر ذي طمرين‬ ‫ففزع زاهر وقال ‪:‬‬
‫مدفوع بالبواب ل يؤبه له ‪ ..‬لو‬ ‫أرسلني ‪ ..‬من هذا ؟ ‪..‬‬
‫أقسم على الله لبره ‪..‬‬ ‫فسكت النبي عليه الصلة‬
‫فكن دائم البشر مع هؤلء‬ ‫والسلم ‪..‬‬

‫‪20‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫جاريتين حتى تبلغا ‪ ..‬جاء يوم‬ ‫الضعفاء ‪..‬‬
‫القيامة أنا وهو وضم‬
‫)‪(8‬‬
‫أصابعه ( ‪..‬‬ ‫إشارة ‪..‬‬
‫وأوصى بها أولدها فقال فإنه‬ ‫لعل ابتسامة في وجه‬
‫لما سأله رجل فقال ‪ :‬من أحق‬ ‫فقير ‪ ..‬ترفعك عند الله‬
‫الناس بحسن صحابتي ؟‬ ‫درجات ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أمك ‪ ..‬ثم أمك ‪ ..‬ثم‬
‫)‪(9‬‬
‫أمك ‪ ..‬ثم أبوك ‪..‬‬ ‫النساء ‪..‬‬ ‫‪.10‬‬
‫بل أوصى صلى الله عليه وسلم‬ ‫كان جدي يستشهد بمثل‬
‫م من غاضب‬ ‫بالمرأة زوجها ‪ ..‬وذ ّ‬ ‫قديم ‪ " :‬من غاب عن عنزه‬
‫زوجته أو أساء إليها ‪..‬‬ ‫جابت تيس " ‪..‬‬
‫وانظر إليه صلى الله عليه وسلم‬ ‫بمعنى أن من لم تجد عنده‬
‫وقد قام في حجة الوداع ‪ ..‬فإذا‬ ‫زوجته ‪ ..‬ما يشبع‬
‫ة ألف حاج ‪..‬‬ ‫بين يديه مائ ُ‬ ‫عاطفتها ‪ ..‬ويروي نفسها ‪..‬‬
‫فيهم السود والبيض ‪ ..‬والكبير‬ ‫فقد تحدثها نفسها‬
‫والصغير ‪ ..‬والغني والفقير ‪..‬‬ ‫بالستجابة لغيره ‪ ..‬ممن‬
‫صاح صلى الله عليه وسلم بهؤلء‬ ‫يملك معسول الكلم ‪..‬‬
‫جميعا ً وقال لهم ‪:‬‬ ‫وليس مقصودهم بهذا المثل‬
‫أل واستوصوا بالنساء خيرا ً ‪ ..‬أل‬ ‫تشبيه الرجل والمرأة‬
‫)‪(10‬‬
‫واستوصوا بالنساء خيرا ً ‪..‬‬ ‫بالتيس والعنز ‪ ..‬معاذ الله ‪..‬‬
‫وفي يوم من اليام أطاف‬ ‫المرأة شقيقة الرجل ‪..‬‬
‫بأزواج رسول الله صلى الله‬ ‫ولئن كان الله قد وهب‬
‫الرجل جسما ً قويا ً ‪ ..‬فقد‬
‫عليه وسلم نساء كثير يشتكين‬
‫وهبها عاطفة قوية ‪..‬‬
‫أزواجهن ‪..‬فلما علم النبي صلى‬ ‫وكم رأينا سلطين الرجال‬
‫الله عليه وسلم بذلك ‪ ..‬قام ‪..‬‬ ‫وشجعانهم تخور قواهم عند‬
‫وقال للناس ‪:‬‬ ‫قوة عاطفة امرأة ‪..‬‬
‫لقد طاف بآل محمد صلى الله‬ ‫ومن مهارات التعامل مع‬
‫عليه وسلم نساء كثير يشتكين‬ ‫المرأة أن تعرف المفتاح‬
‫أزواجهن ‪ ..‬ليس أولئك بخياركم‬ ‫الذي تؤثر من خلله فيها ‪..‬‬
‫)‪(11‬‬
‫‪..‬‬ ‫العاطفة ‪ ..‬تقاتلها‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫بسلحها ‪..‬‬
‫) خيُركم خيُركم لهله وأنا‬ ‫كان النبي صلى الله عليه‬
‫)‪(12‬‬
‫خيركم لهلي ( ‪..‬‬ ‫وسلم يوصيك بالحسان إلى‬
‫( رواه مسلم‬ ‫)‬ ‫‪8‬‬ ‫المرأة ‪ ..‬واحترام‬
‫( متفق عليه‬ ‫)‬ ‫‪9‬‬ ‫عاطفتها ‪ ..‬لجل أن تسعد‬
‫( رواه الترمذي ومسلم‬ ‫)‬ ‫‪10‬‬ ‫معها ‪..‬‬
‫( رواه أبو داود‬ ‫)‬ ‫‪11‬‬ ‫وأوصى الب بالحسان إلى‬
‫( رواه ابن ماجة والترمذي‬ ‫)‬ ‫‪12‬‬ ‫بناته ‪ ..‬فقال ‪ ) :‬من عال‬
‫‪21‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فصاحت المسلمة العفيفة ‪..‬‬ ‫بل ‪ ..‬قد بلغ من إكرام الدين‬
‫وودت لو قتلوها ولم يكشفوا‬ ‫للمرأة ‪ ..‬أنها كانت تقوم‬
‫عورتها ‪..‬‬ ‫الحروب ‪ ..‬وتسحق‬
‫فلما رأى ذلك رجل من‬ ‫الجماجم ‪ ..‬وتتطاير الرؤوس‬
‫ل سيفه ‪ ..‬ووثب‬ ‫المسلمين ‪ ..‬س ّ‬ ‫‪ ..‬لجل عرض امرأة‬
‫على الصائغ فقتله ‪..‬فشد اليهود‬ ‫واحدة ‪..‬‬
‫على المسلم فقتلوه ‪..‬‬ ‫كــــان اليهــــود يســــاكنون‬
‫فلما علم النبي صححلى اللححه عليححه‬ ‫المسلمين في المدينة ‪..‬‬
‫وسححلم بــذلك ‪ ..‬وأن اليهــود قــد‬ ‫ل المــر‬ ‫وكــان يغيظهــم نــزو ُ‬
‫نقضـــــوا العــــــهد وتعرضـــــوا‬ ‫بالحجــــــــاب ‪ ..‬وتســــــــتُر‬
‫للمســلمات ‪ ..‬حاصــرهم ‪ ..‬حــتى‬ ‫المســلمات ‪ ..‬ويحــاولون أن‬
‫استسلموا ونزلوا على حكمه ‪..‬‬ ‫يزرعــوا الفســاد والتكشــف‬
‫فلما أراد النبي صححلى اللححه عليححه‬ ‫فــي صــفوف المســلمات ‪..‬‬
‫فما استطاعوا ‪..‬‬
‫وسححلم أن ينكــل بهــم ‪ ..‬ويثــأر‬
‫وفي أحد اليام جاءت امرأة‬
‫لعرض المسلمة العفيفة ‪..‬‬
‫مسلمة إلى سوق يهود بني‬
‫قـــام إليـــه جنـــدي مـــن جنـــد‬
‫قينقاع ‪..‬‬
‫الشيطان ‪..‬‬
‫وكانت عفيفة متسترة ‪..‬‬
‫الــــــذين ل يهمهــــــم عــــــرض‬
‫فجلست إلى صائغ هناك‬
‫المســـــــلمات ‪ ..‬ول صـــــــيانة‬
‫منهم ‪..‬‬
‫المكرمات ‪..‬‬
‫فاغتاظ اليهود من تسترها‬
‫وإنمــا هــم أحــدهم متعــة بطنــه‬
‫وعفتها ‪ ..‬وودوا لو يتلذذون‬
‫وفرجه ‪..‬‬
‫بالنظر إلى وجهها ‪ ..‬أو‬
‫قام رأس المنافقين ‪ ..‬عبــد اللــه‬
‫ُ‬ ‫ث بها ‪ ..‬كما‬ ‫سها والعب ِ‬‫لم ِ‬
‫ي ابن سلول ‪..‬‬ ‫بن أب ّ‬ ‫كانوا يفعلون ذلك قبل‬
‫فقــال ‪ :‬يــا محمــد أحســن فــي‬
‫إكرامها بالسلم ‪ ..‬فجعلوا‬
‫موالي اليهود وكانوا أنصاره في‬
‫يريدونها على كشف‬
‫الجاهلية ‪..‬‬
‫وجهها ‪ ..‬ويغرونها لتنزع‬
‫فــأعرض عنــه النــبي صححلى اللححه‬ ‫حجابها ‪..‬‬
‫عليه وسلم ‪ ..‬وأبـى ‪..‬‬ ‫فأبت ‪ ..‬وتمنعت ‪..‬‬
‫إذ كيف يطلب العفو عــن أقــوام‬ ‫فغافلها الصائغ وهي جالسة‬
‫يريدون أن تشــيع الفاحشــة فــي‬ ‫‪ ..‬وأخذ طرف ثوبها من‬
‫الذين آمنوا !!‬ ‫السفل ‪ ..‬وربطه إلى طرف‬
‫فقــام المنــافق مــرة أخــرى ‪..‬‬ ‫خمارها المتدلي على‬
‫وقال ‪ :‬يا محمد أحسن إليهم ‪..‬‬ ‫ظهرها ‪..‬‬
‫فــأعرض عنــه النــبي صححلى اللححه‬ ‫فلما قامت ‪ ..‬ارتفع ثوبها‬
‫عليححه وسححلم ‪ ..‬صــيانة لعــرض‬ ‫من ورائها ‪ ..‬وتكشفت‬
‫المســــلمات ‪ ..‬وغيــــرة علــــى‬ ‫أعضاؤها ‪ ..‬فضحك اليهود‬
‫العفيفات ‪..‬‬ ‫منها‪..‬‬
‫‪22‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫امرأته تتباعد عنه ‪..‬‬ ‫فغضـــب ذلـــك المنـــافق ‪..‬‬
‫وقالت له ‪ :‬والذي نفس خويلة‬ ‫وأدخــل يــده فــي جيــب درع‬
‫بيده ل تخلص إلي وقد قلت ما‬ ‫النـــبي صححححلى اللححححه عليححححه‬
‫قلت ‪ ..‬حتى يحكم الله ورسوله‬ ‫وسلم ‪ ..‬وجّره وهو يردد ‪:‬‬
‫فينا بحكمه ‪..‬‬ ‫ي ‪ ..‬أحســن‬ ‫أحسن إلى مــوال ّ‬
‫ثم خرجت خولة إلى رسول الله‬ ‫ي ‪..‬‬
‫إلى موال ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم فذكرت له‬ ‫فغضب النبي صلى الله عليححه‬
‫ما تلقى من زوجها ‪ ..‬وجعلت‬ ‫وسلم والتفت إليه وصاح بــه‬
‫تشكو إليه ما سوء خلقه معها ‪..‬‬ ‫وقال ‪ :‬أرسلني ‪..‬‬
‫فجعل رسول الله صلى الله عليه‬ ‫فأبى المنافق ‪ ..‬وأخذ يناشد‬
‫وسلم يصبرها ويقول ‪ :‬يا خويلة‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم ‪ρ‬‬
‫ابن عمك ‪ ..‬شيخ كبير ‪ ..‬فاتقي‬ ‫العدول عن قتلهم ‪..‬‬
‫الله فيه ‪..‬‬ ‫فالتفت إليه النبي صلى اللححه‬
‫وهي تدافع عبراتها وتقول ‪ :‬يا‬
‫عليححه وسححلم وقــال ‪ :‬هــم‬
‫رسول الله ‪ ..‬أكل شبابي ‪..‬‬
‫لك ‪..‬‬
‫ونثرت له بطني ‪ ..‬حتى إذا‬
‫ثم عدل عــن قتلهــم ‪ ..‬لكنــه‬
‫كبرت سني ‪ ..‬وانقطع ولدي ‪..‬‬
‫ظاهر مني ‪ ..‬اللهم إني أشكو‬ ‫صححححلى اللححححه عليححححه وسححححلم‬
‫إليك ‪..‬‬ ‫أخرجهـــم مـــن المدينـــة ‪..‬‬
‫وطّردهم من ديارهم ‪..‬‬
‫وهو صلى الله عليه وسلم ينتظر‬
‫أن ينزل الله تعالى فيهما حكما ً‬ ‫نعم المرأة العفيفة تستحق‬
‫أكثر من ذلك ‪..‬‬
‫من عنده ‪..‬‬
‫فبينما خولة عند رسول الله‬ ‫كانت خولة بنت ثعلبة ‪ τ‬من‬
‫الصحابيات الصالحات ‪..‬‬
‫صلى الله عليه وسلم إذ هبط‬
‫وكان زوجها أوس بن‬
‫جبريل من السماء على رسول‬
‫الصامت شيخا ً كبيرا ً يسرع‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ‪..‬‬ ‫إليه الغضب ‪..‬‬
‫بقرآن فيه حكمها وحكم‬ ‫دخل عليها يوما ً راجعا ً من‬
‫زوجها ‪..‬‬ ‫مجلس قومه ‪ ..‬فكلمها في‬
‫فالتفت صلى الله عليه وسلم‬ ‫شيء فردت عليه ‪..‬‬
‫إليها وقال ‪ :‬يا خويلة ‪ ..‬قد أنزل‬ ‫فتخاصما ‪ ..‬فغضب فقال ‪:‬‬
‫فيك وفي صاحبك قرآنا ً ‪ ..‬ثم‬ ‫أنت علي كظهر أمي ‪..‬‬
‫قرأ " قد سمع الله قول التي‬ ‫وخرج غاضبا ً ‪..‬‬
‫تجادلك في زوجها وتشتكي إلى‬ ‫كانت هذه الكلمة في‬
‫الله والله يسمع تحاوركما إن‬ ‫الجاهلية إذا قالها الرجل‬
‫الله سميع بصير " إلى آخر‬ ‫لزوجته صارت طلقا ً ‪ ..‬أما‬
‫اليات من أول سورة‬ ‫في السلم فل تعلم خولة‬
‫المجادلة ‪..‬‬ ‫حكمها ‪..‬‬
‫ثم قال لها صلى الله عليه وسلم‬ ‫رجع أوس إلى بيته ‪ ..‬فإذا‬
‫‪23‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وقفة ‪..‬‬ ‫مريه فليعتق رقبة ‪..‬‬ ‫ُ‬
‫قد تصبر المرأة على ‪ ..‬فقر‬ ‫فقالت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬ما‬
‫زوجها ‪ ..‬وقبحه ‪ ..‬وانشغاله ‪..‬‬ ‫عنده ما يعتق ‪..‬‬
‫لكنها قل أن تصبر على سوء‬ ‫قال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫خلقه ‪..‬‬ ‫فليصم شهرين متتابعين ‪..‬‬
‫قالت ‪ :‬والله إنه لشيخ كبير‬
‫الصغار ‪..‬‬ ‫‪.11‬‬ ‫ما له من صيام ‪..‬‬
‫كم هي المواقف التي وقعت لنا‬ ‫قال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫في صغرنا ول تزال مطبوعة‬ ‫فليطعم ستين مسكينا ً‬
‫في أذهاننا إلى اليوم ‪ ..‬سواء‬ ‫وسقا ً من تمر ‪..‬‬
‫كانت مفرحة أو محزنة ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬ما‬
‫عد بذاكرتك إلى أيام طفولتك ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ذاك عنده ‪..‬‬
‫ستذكر ل محالة جائزة كرمت بها‬ ‫فقال صلى الله عليه‬
‫في مدرستك ‪ ..‬أو ثناء أثناه‬ ‫وسلم ‪ :‬فإنا سنعينه بعرق‬
‫عليك أحد في مجلس عام ‪..‬‬ ‫من تمر‬
‫فهي مواقف تحفر صورتها في‬ ‫قالت ‪ :‬والله يا رسول‬
‫الذاكرة ‪ ..‬فل تكاد تنسى ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬أنا سأعينه بعرق‬
‫وإلى جانب ذلك ‪ ..‬ل نزال نتذكر‬ ‫آخر ‪..‬‬
‫مواقف محزنة ‪ ..‬وقعت لنا في‬
‫فقال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫طفولتنا ‪ ..‬مدرس ضربنا ‪ ..‬أو‬
‫قد أصبت وأحسنت ‪..‬‬
‫خصومة مع زملء في‬
‫فاذهبي فتصدقي به عنه ‪..‬‬
‫المدرسة ‪ ..‬أو مواقف تعرضنا‬ ‫ثم استوصي بابن عمك خيرا ً‬
‫فيها للهانة من أسرتنا ‪ ..‬أو‬ ‫)‪(13‬‬
‫‪..‬‬
‫تعرض لها أحدنا من زوجة أبيه ‪..‬‬
‫فسبحان من وهبه اللين‬
‫أو نحو ذلك ‪..‬‬
‫والتحمل مع الجميع ‪ ..‬حتى‬
‫وكم صار الحسان إلى الصغار‬
‫في مشاكلهم الشخصية ‪..‬‬
‫طريقا ً إلى التأثير ليس فيهم‬
‫يتفاعل معهم ‪..‬‬
‫فقط ‪ ..‬بل في آبائهم‬
‫وقد جربت بنفسي ‪..‬‬
‫وأهليهم ‪ ..‬وكسب محبتهم‬
‫التعامل باللين والمهارات‬
‫جميعا ً ‪..‬‬
‫العاطفية مع البنت‬
‫يتكرر كثيرا ً لمدرس المرحلة‬
‫والزوجة ‪ ..‬وقبل ذلك الم‬
‫البتدائية أن يتصل به أحد أبوي‬
‫والخت ‪ ..‬فوجدت لها من‬
‫طالب صغير ويثني عليه وأنه‬
‫التأثير الكبير ‪ ..‬ما ل يتصوره‬
‫أحبه لمحبة ولده له وكثرة ذكره‬
‫إل من مارسه ‪..‬‬
‫بالخير ‪ ..‬وقد يعبرون عن هذه‬
‫فالمرأة ل يكرمها إل كريم ‪..‬‬
‫المشاعر في لقاء عابر ‪ ..‬أو‬
‫ول يهينها إل لئيم ‪..‬‬
‫هدية أو رسالة ‪..‬‬
‫إذن ل تحتقر البتسامة في وجه‬
‫الصغير ‪ ..‬وكسب قلبه ‪..‬‬ ‫) ( رواه أحمد وأبو داود ‪ ،‬صحيح ‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪24‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وكم ترى من الناس الذين‬ ‫وممارسة مهارات التعامل‬
‫يحسنون التعامل مع الصغار من‬ ‫الرائع معه ‪..‬‬
‫يخرج من المسجد ‪ ..‬فترى أبا ً‬ ‫ألقيت يوما ً محاضرة عن‬
‫يجره ولده الصغير بيده ليصل‬ ‫الصلة لطلب صغار في‬
‫إلى هذا الرجل فيسلم عليه‬ ‫مدرسة ‪..‬‬
‫ويبلغه بمحبة ولده له ‪..‬‬ ‫فسألتهم عن حديث حول‬
‫وقد يقع مثل هذا الموقف في‬ ‫أهمية الصلة ‪ ..‬فأجاب‬
‫وليمة كبيرة أو عرس ‪ ..‬يكثر‬ ‫أحدهم ‪ :‬قال صلى الله عليه‬
‫فيه المدعوون ‪..‬‬ ‫وسلم ‪ :‬بين الرجل وبين‬
‫ول أكتمك أنني أبالغ في إكرام‬ ‫الكفر أو الشرك ترك‬
‫الصغار والحفاوة بهم بعض‬ ‫الصلة ‪..‬‬
‫الشيء ‪ ..‬بل والستماع إلى‬ ‫أعجبني جوابه ‪ ..‬ومن شدة‬
‫أحاديثهم العذبة – وإن كانت في‬ ‫الحماس نزعت ساعة يدي‬
‫أكثر الحيان غير مهمة – بل‬ ‫وأعطيته إياها ‪..‬‬
‫أزيد الحفاوة ببعضهم أحيانا ً‬ ‫وكانت – عموما ً – ساعة‬
‫إكراما ً لوالده وكسبا ً لمحبته ‪..‬‬ ‫عادية كساعات الطبقة‬
‫أحد الصدقاء كنت ألقاه أحيانا ً‬ ‫الكادحة ‪!..‬‬
‫مع ولده الصغير ‪ ..‬فكنت أحتفي‬ ‫كان هذا الموقف مشجعا ً‬
‫بالصغير وألطفه ‪..‬‬ ‫لذلك الغلم ‪ ..‬أحب العلم‬
‫ً‬
‫لقيني صديقي هذا يوما في‬ ‫أكثر ‪ ..‬وتوجه لحفظ‬
‫ي بولده‬ ‫محفل كبير ‪ ..‬فأقبل إل ّ‬ ‫القرآن ‪ ..‬وشعر بقيمته ‪..‬‬
‫يسلم علي ‪ ..‬ثم قال ‪ :‬ماذا‬ ‫مضت اليام ‪ ..‬بل السنين ‪..‬‬
‫فعلت بولدي ! يسألهم مدرسهم‬ ‫ثم في أحد المساجد تفاجأت‬
‫قبل أيام عن أمنياتهم في‬ ‫أن المام هو ذلك الغلم ‪..‬‬
‫المستقبل ‪ ..‬فمنهم من قال ‪:‬‬ ‫وقد صار شابا ً متخرجا ً من‬
‫أكون طبيبا ً ‪ ..‬والخر قال ‪:‬‬ ‫كلية الشريعة ‪ ..‬ويعمل في‬
‫أكون مهندسا ً ‪ ..‬وولدي قال ‪:‬‬ ‫سلك القضاء بأحد‬
‫أكون محمد العريفي !!‬ ‫المحاكم ‪ ..‬لم أذكره وإنما‬
‫ويمكنك أن تلحظ أنواع الناس‬ ‫تذكرني هو ‪..‬‬
‫في التعامل مع الصغار ‪ ..‬عندما‬ ‫فانظر كيف انطبعت في‬
‫يدخل رجل إلى مجلس عام‬ ‫ذهنه المحبة والتقدير‬
‫ويطوف بالحاضرين مصافحا ً ‪..‬‬ ‫بموقف عاشه قبل سنين ‪..‬‬
‫وولده من خلفه يفعل كفعله ‪..‬‬ ‫وأذكر أني دعيت ليلة لحدى‬
‫فمن الناس من يتغافل عن‬ ‫الولئم ‪ ..‬فإذا شاب مشرق‬
‫الصغير ‪ ..‬ومنهم من يصافحه‬ ‫الوجه يسلم علي بحرارة بي‬
‫بطرف يده ‪ ..‬ومنهم من يهز يده‬ ‫ويذكرني بموقف لطيف‬
‫مبتسما ً مرددا ً ‪ :‬أهل ً يا بطل ‪..‬‬ ‫وقع له معي في محاضرة‬
‫كيف حالك يا شاطر ‪ ..‬فهذا‬ ‫ألقيتها في مدرسته لما كان‬
‫الذي تنطبع محبته في قلب‬ ‫غلما ً صغيرا ً ‪..‬‬
‫‪25‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وأعطوني ابن جعفر ‪..‬‬ ‫الصغير ‪ ..‬بل وقلب أبيه‬
‫فُأتي بعبد الله بن جعفر فأخذه‬ ‫وأمه ‪..‬‬
‫فحمله بين يديه ‪..‬‬ ‫كان المربي الول صلى الله‬
‫وكان صلى الله عليه وسلم‬ ‫عليه وسلم له أحسن التعامل‬
‫يتوضأ يوما ً من ماء ‪ ..‬فأقبل إليه‬ ‫مع الصغار ‪..‬‬
‫محمود بن الربيع طفل عمره‬ ‫كان لنس بن مالك أخ صغير‬
‫خمس سنوات ‪ ..‬فجعل صلى‬ ‫‪ ..‬وكان ‪ ρ‬يمازحه ويكنيه‬
‫الله عليه وسلم في فمه ماء ثم‬ ‫بأبي عمير ‪ ..‬وكان للصغير‬
‫مجه في وجهه يمازحه ‪.. ( 14) ..‬‬ ‫طير صغير يلعب به ‪ ..‬فمات‬
‫وعموما ً ‪ ..‬كان صلى الله عليه‬ ‫الطير ‪..‬‬
‫وسلم ضحوكا ً مزوحا ً مع‬ ‫فكان صلى الله عليه وسلم‬
‫الناس ‪ ..‬يدخل السرور إلى‬ ‫يمازحه إذا لقيه ‪ ..‬ويقول ‪:‬‬
‫قلوبهم ‪ ..‬خفيفا ً على النفوس‬ ‫يا أبا عمير ‪ ..‬ما فعل‬
‫ل يمل أحد من مجالسته ‪..‬‬ ‫النغير ؟ يعني الطائر الصغير‬
‫أقبل إليه رجل يوما ً يريد دابة‬ ‫‪..‬‬
‫ليسافر عليها أو يغزو ‪..‬‬ ‫وكان يعطف على الصغار‬
‫فقال صلى الله عليه وسلم‬ ‫ويلعبهم ‪ ..‬ويلعب زينب‬
‫ممازحا ً له ‪ ) :‬إني حاملك على‬ ‫بنت أم سلمة ويقول ‪ ) :‬يا‬
‫ولد ناقة ( ‪..‬‬ ‫زوينب ‪ ..‬يا زوينب ‪.. ( ..‬‬
‫فعجب الرجل ‪ ..‬كيف يركب‬ ‫وكان إذا مر بصبيان يلعبون‬
‫على جمل صغير ‪ ..‬ل يستطيع‬ ‫سلم عليهم ‪..‬‬
‫حمله ‪ ..‬فقال ‪ :‬يا رسول الله‬ ‫وكان يزور النصار وُيسلم‬
‫وما أصنع بولد الناقة ؟‬ ‫على صبيانهم ‪ ..‬ويمسح‬
‫فقال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫رؤوسهم ‪..‬‬
‫) وهل تلد البل إل النوق ( ‪..‬‬ ‫وعند رجوعه صلى الله عليه‬
‫يعني سأعطيك بعيرا ً كبيرا ً ‪..‬‬ ‫وسلم من المعركة كان‬
‫لكنه ‪ -‬قطعا ً ‪ -‬قد ولدته ناقة ‪..‬‬ ‫يستقبله الطفال فيركبهم‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم يوما ً‬ ‫معه ‪..‬‬
‫لنس ممازحا ً ‪ ) :‬يا ذا‬ ‫فعند عودة المسلمين من‬
‫الذنين ( ‪..‬‬ ‫مؤتة ‪..‬‬
‫وأقبلت إليه امرأة يوما ً تشتكي‬ ‫أقبل الجيش إلى المدينة‬
‫زوجها ‪ ..‬فقال لها صلى الله‬ ‫راجعا ً ‪..‬‬
‫فتلقاهم النبي عليه الصلة‬
‫عليه وسلم ‪ :‬زوجك الذي في‬
‫والسلم ‪ ..‬والمسلمون ‪..‬‬
‫عينه بياض ؟‬
‫ولقيهم الصبيان يشتدون ‪..‬‬
‫ففزعت المرأة وظنت أنه‬
‫زوجها عمي بصره ‪ ..‬كما قال‬ ‫فلما رأى صلى الله عليه‬
‫وسلم الصبيان ‪ ..‬قال ‪ :‬خذوا‬
‫الصبيان فاحملوهم ‪..‬‬
‫رواه البخاري ‪.‬‬ ‫‪( )14‬‬
‫‪26‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وتقرأ في أحاديث أنه تبسم‬ ‫الله عن يعقوب عليه السلم‬
‫حتى بدت نواجذه ‪..‬‬ ‫" وابيضت عيناه من الحزن "‬
‫إذن كان لطيف المعشر ‪ ..‬أنيس‬ ‫أي ‪ :‬عمي ‪..‬‬
‫المجلس ‪..‬‬ ‫فرجعت فزعة إلى زوجها‬
‫طنا أنفسنا على مثل هذا‬ ‫فلو و ّ‬ ‫وجعلت تنظر في عينيه ‪..‬‬
‫التعامل مع الناس ‪ ..‬لشعرنا‬ ‫وتدقق ‪..‬‬
‫بطعم الحياة فعل ً ‪..‬‬ ‫فسألها عن خبرها ؟!‬
‫فقالت ‪ :‬قد قال رسول الله‬
‫فكرة ‪..‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم إن‬
‫الطفل طينة لينة نشكلها‬ ‫في عينك بياض ‪..‬‬
‫بحسب تعاملنا معه ‪..‬‬ ‫فقال لها ‪ :‬يا امرأة ‪ ..‬أما‬
‫أخبرك أن بياضها أكثر من‬
‫العبيد والمماليك ‪..‬‬ ‫‪.12‬‬ ‫سوادها ‪..‬‬
‫كان ‪ ‬يحسن الدخول إلى‬ ‫أي أن كل أحد في عينه‬
‫قلوبهم بما يناسب ‪..‬‬ ‫بياض وسواد ‪..‬‬
‫لما توفي عم النبي ‪ .. ρ‬اشتد‬ ‫وكان صلى الله عليه‬
‫أذى قريش عليه ‪.. ρ‬‬ ‫وسلم إذا مازحه أحد تفاعل‬
‫فخرج صلى الله عليه وسلم إلى‬ ‫معه ‪ ..‬وضحك وتبسم ‪..‬‬
‫الطائف ‪ ..‬يلتمس من ثقيف‬ ‫دخل عليه عمر وهو صلى‬
‫النصرة والمنعة بهم من قومه ‪..‬‬ ‫الله عليه وسلم غضبان‬
‫ورجا أن يقبلوا منه ما جاءهم به‬ ‫على نسائه ‪ ..‬لما أكثرن‬
‫من الله تعالى ‪..‬‬ ‫عليه مطالبته بالنفقة ‪..‬‬
‫خرج إليهم وحده ‪..‬‬ ‫ه ‪..‬‬‫ل الل ّ ِ‬‫سو َ‬ ‫فقال عمر ‪َ :‬يا َر ُ‬
‫َ‬
‫وصل إلى الطائف ‪ ..‬وعمد إلى‬ ‫شَر‬ ‫ع َ‬‫م ْ‬ ‫وك ُّنا َ‬ ‫و َرأي َْتنا َ‬ ‫لَ ْ‬
‫نفر ثلثة من ثقيف وهم سادة‬ ‫ساءَ ‪..‬‬ ‫ب الن ّ َ‬ ‫غل ِ ُ‬‫ش ‪ ..‬ن َ ْ‬ ‫ُ‬
‫قَري ْ ٍ‬
‫ثقيف وأشرافهم وهم إخوة‬ ‫دنا امرأُته‬ ‫فكنا إذا سألت أح َ‬
‫ثلثة ‪ ..‬عبد يا ليل ‪ ..‬ومسعود ‪..‬‬ ‫ة قام إليها فوجأ‬ ‫نفق ً‬
‫وحبيب ‪ ..‬بنو عمرو بن عمير ‪..‬‬ ‫عنقها ‪..‬‬
‫فجلس إليهم صلى الله عليه‬ ‫م‬
‫و ٌ‬ ‫ق ْ‬‫ذا َ‬ ‫ة إِ َ‬‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫مَنا ال ْ َ‬ ‫د ْ‬‫ق ِ‬‫ما َ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫َ‬
‫وسلم ‪ ..‬فدعاهم إلى الله‬ ‫م ‪ ..‬فطفق‬ ‫ه ْ‬ ‫ؤ ُ‬‫سا ُ‬ ‫م نِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫غل ِب ُ ُ‬‫تَ ْ‬
‫وكلمهم لما جاءهم له من‬ ‫نساؤنا يتعلمن من‬
‫نصرته على السلم والقيام‬ ‫نسائهم ‪..‬‬
‫معه على من خالفه من قومه ‪..‬‬ ‫يعني فقويت علينا نساؤنا ‪..‬‬
‫فقال أحدهم ‪ :‬هو يمرط ثياب‬ ‫ي صلى الله‬ ‫م الن ّب ِ ّ‬ ‫س َ‬ ‫فت َب َ ّ‬ ‫َ‬
‫الكعبة إن كان الله أرسلك ‪..‬‬ ‫عليه وسلم ‪ ..‬ثم زاد عمر‬
‫وقال الخر ‪ :‬أما وجد الله أحدا ً‬ ‫الكلم ‪ ..‬فازداد تبسم النبي‬
‫أرسله غيرك ؟‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪..‬‬
‫ً‬
‫أما الثالث فقال – متفلسفا ‪: -‬‬ ‫تلطفا ً مع عمر ‪.. ‬‬
‫‪27‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‬ ‫والله ل أكلمك أبدا ً ! لئن‬
‫ثم قال له ‪ :‬كل ‪..‬‬ ‫كنت رسول ً من الله كما‬
‫فمد رسول الله صلى الله عليه‬ ‫تقول لنت أعظم خطرا ً من‬
‫وسلم يده إليه وقال ‪ " :‬بسم‬ ‫أن أرد عليك الكلم ‪ ..‬ولئن‬
‫الله " ثم أكل ‪..‬‬ ‫كنت تكذب على الله ما‬
‫نظر عداس إليه وقال ‪:‬‬ ‫ينبغي لي أن أكلمك ‪..‬‬
‫والله إن هذا الكلم ما يقوله‬ ‫فلما سمع ‪ ‬منهم هذا الرد‬
‫أهل هذه البلد ‪..‬‬ ‫القبيح ‪ ..‬قام من عندهم ‪..‬‬
‫وقد يئس من خير ثقيف ‪..‬‬
‫فقال له ‪ " : ρ‬ومن أهل أي بلد‬
‫لكنه خاف أن تعلم قريش‬
‫أنت يا عداس ؟ وما دينك ؟ " ‪..‬‬
‫بخبر ثقيف معه فيجترئون‬
‫قال ‪ :‬نصراني ‪ ..‬وأنا رجل من‬
‫عليه أكثر ‪ ..‬فقال لهم ‪:‬‬
‫أهل نينوى ‪..‬‬
‫إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا‬
‫فقال ‪ " : ρ‬من قرية الرجل‬
‫على ‪..‬‬
‫الصالح يونس بن متى ؟ " ‪..‬‬
‫فلم يفعلوا ‪ ..‬وأغروا به‬
‫فقال عداس ‪ :‬وما يدريك ما‬
‫سفهاءهم وعبيدهم يسبونه‬
‫يونس بن متى ؟‬
‫ويصيحون به ‪..‬‬
‫فقال ‪ " : ρ‬ذلك أخي ‪ ..‬كان‬ ‫حتى اجتمع عليه الناس‬
‫نبيا ً ‪ ..‬وأنا نبي " ‪..‬‬ ‫وألجئوه إلى حائط لعتبة بن‬
‫فأكب عداس على رسول الله ‪ρ‬‬ ‫ربيعة ‪ ..‬وشيبة بن ربيعة ‪..‬‬
‫يقبل رأسه ويديه وقدميه ‪..‬‬ ‫وهما فيه ‪..‬‬
‫وابنا ربيعة ينظران إليهما ‪..‬‬ ‫ورجع عنه من سفهاء ثقيف‬
‫فقال أحدهما لصاحبه ‪ :‬أما‬ ‫ممن كان يتبعه ‪..‬‬
‫غلمك فقد أفسده عليك ‪..‬‬ ‫فعمد ‪ ρ‬إلى ظل حبلة من‬
‫فلما رجع عداس لسيده ‪ ..‬وقد‬ ‫عنب فجلس فيه ‪..‬‬
‫بدا عليه التأثر برؤية رسول الله‬ ‫وابنا ربيعة ينظران إليه‬
‫‪ ‬وسماع كلمه ‪..‬‬ ‫ويريان ما يلقى من سفهاء‬
‫قال له سيده ‪ :‬ويلك يا عداس !‬ ‫أهل الطائف ‪..‬‬
‫ما لك تقبل رأس هذا الرجل‬ ‫فلما رآه ابنا ربيعة عتبة‬
‫ويديه وقدميه ؟‬ ‫وشيبة وما لقي تحركت له‬
‫فقال ‪ :‬يا سيدي ما في الرض‬ ‫رحمهما ‪..‬‬
‫شئ خير من هذا ‪ ..‬لقد أخبرني‬ ‫فدعوا غلما ً لهما نصرانيا ً‬
‫بأمر ما يعلمه إل نبي ‪..‬‬ ‫يقال له عداس ‪ ..‬وقال ‪ :‬له‬
‫فقال سيده ‪ :‬ويحك يا عداس ل‬ ‫خذ قطفا ً من هذا العنب‬
‫يصرفنك عن دينك ‪ ..‬فإن دينك‬ ‫فضعه في هذا الطبق ‪ ..‬ثم‬
‫خير من دينه ‪..‬‬ ‫اذهب به إلى ذلك الرجل‬
‫فهل نستطيع نحن اليوم أن‬ ‫فقل له يأكل منه ‪..‬‬
‫نجعل تعاملنا راقيا ً مع الجميع ‪..‬‬ ‫ففعل عداس ‪ ..‬وجاء بالعنب‬
‫مهما كانت طبقاتهم ؟‬ ‫‪ ..‬حتى وضعه بين يدي‬
‫‪28‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫السباب بالسباب ! أليس الله قد‬ ‫لمحة ‪..‬‬
‫قال له ‪ ) :‬وأعرض عن الجاهلين‬ ‫عامل البشر على أنهم‬
‫( ‪..‬‬ ‫بشر ‪ ..‬ل على أشكالهم ‪ ..‬أو‬
‫وفي يوم ‪ ..‬خرج ‪ ‬مع أصحابه‬ ‫أموالهم ‪ ..‬أو وظائفهم ‪..‬‬
‫في غزوة ‪..‬‬
‫فلما كانوا في طريق عودتهم ‪..‬‬ ‫مع المخالفين ‪..‬‬ ‫‪.13‬‬
‫نزلوا في واد كثير الشجر ‪..‬‬ ‫الكفار ‪ ..‬كان ‪ ρ‬يعاملهم‬
‫فتفرق الصحابة تحت الشجر‬ ‫بالعدل ‪ ..‬ويستميت في‬
‫وناموا ‪ ..‬وأقبل ‪ ‬إلى شجرة‬ ‫سبيل دعوتهم وإصلحهم ‪..‬‬
‫فعلق سيفه بغصن من‬ ‫ويتحمل أذاهم ‪..‬‬
‫أغصانها ‪ ..‬وفرش رداءه ونام ‪..‬‬ ‫ويتغاضى عن سوئهم ‪..‬‬
‫في هذه الثناء كان رجل من‬ ‫كيف ل ‪ ..‬وقد قال له ربه ‪:‬‬
‫المشركين يتبعهم ‪..‬‬ ‫) وما أرسلناك إل رحمة ( ‪..‬‬
‫فلما رأى رسول الله ‪ ‬خاليا ً ‪..‬‬ ‫لمن ؟! للمؤمنين ؟! ل ‪..‬‬
‫أقبل يمشي بهدوء ‪ ..‬حتى‬ ‫) إل رحمة للعالمين ( ‪..‬‬
‫التقط السيف من على‬ ‫وتأمل حال اليهود‪ ..‬يذمونه‬
‫الغصن ‪ ..‬وصاح بأعلى صوته ‪:‬‬ ‫ويبتدئون بالعداوة ‪ ..‬ومع‬
‫يا محمد ‪ ..‬من يمنعك مني ؟‬ ‫ذلك يرفق بهم ‪..‬‬
‫وعن عائشة قالت ‪ :‬إن‬
‫فاستيقظ رسول الله ‪.. ‬‬ ‫اليهود مروا ببيت النبي ‪ρ‬‬
‫والرجل قائم على رأسه ‪..‬‬ ‫فقالوا ‪:‬‬
‫والسيف صلتا ً في يده ‪ ..‬يلتمع‬ ‫السام عليكم ) أي ‪ :‬الموت‬
‫منه الموت ‪..‬‬ ‫عليك ( ‪..‬‬
‫ً‬
‫الرسول ‪ ‬وحيدا ‪ ..‬ليس عليه‬ ‫فقال ‪ : ρ‬وعليكم ‪..‬‬
‫إل إزار ‪ ..‬أصحابه متفرقون‬ ‫فلم تصبر عائشة لما‬
‫عنه ‪ ..‬نائمون ‪..‬‬ ‫سنعتهم ‪ ..‬فقالت ‪ :‬السام‬
‫والرجل يعيش نشوة القوة‬ ‫عليكم ‪ ..‬ولعنكم الله وغضب‬
‫والنتصار ‪ ..‬ويردد ‪ :‬من يمنعك‬ ‫عليكم ‪..‬‬
‫مني ؟ من يمنعك مني ؟‬ ‫فقال ‪ : ‬مهل ً يا عائشة ‪..‬‬
‫فقال ‪ ‬بكل ثقة ‪ :‬الله ‪..‬‬ ‫عليك بالرفق ‪ ..‬وإياك‬
‫فانتفض الرجل وسقط‬ ‫والعنف والفحش ‪..‬‬
‫السيف ‪..‬‬ ‫فقالت ‪ :‬أو لم تسمع ما‬
‫فقام ‪ ‬والتقط السيف وقال ‪:‬‬ ‫قالوا ؟‬
‫من يمنعك مني ؟‬ ‫فقال ‪ :‬أو لم تسمعي ما‬
‫فتغير الرجل ‪ ..‬واضطرب ‪..‬‬ ‫قلت ؟! رددت عليهم‬
‫وأخذ يسترحم النبي ‪.. ‬‬ ‫فيستجاب لي ‪ ..‬ول يستجاب‬
‫ويقول ‪ :‬ل أحد ‪ ..‬كن خير آخذ ‪..‬‬ ‫ي ‪..‬‬
‫فقال له ‪ : ‬تسلم ؟‬ ‫لهم ف ّ‬
‫نعم ‪ ..‬ما الداعي إلى مقابلة‬
‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ولكن ل أكون في‬
‫‪29‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫دخل عليه ‪ ..‬فإذا ‪ ‬جالس بكــل‬ ‫قوم هم حرب لك ‪..‬‬
‫سكينة ‪..‬‬ ‫فعفا عنه ‪ .. ‬وأحسن‬
‫فلما وقف عتبة بين يديه ‪ ..‬قال‬ ‫إليه !!‬
‫‪ :‬يــا محمــد ! أنــت خيــر أم عبــد‬ ‫وكان الرجل ملكا ً في‬
‫الله ؟!‬ ‫قومه ‪ ..‬فانصرف إليهم‬
‫فسكت رسول الله ‪ .. ε‬تأدبا ً مــع‬ ‫فدعاهم إلى السلم ‪..‬‬
‫أبيه عبد الله ‪..‬‬ ‫فأسلموا ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬أنت خير أم عبد المطلب‬ ‫نعم ‪ ..‬أحسن إلى الناس‬
‫؟‬ ‫تستعبد قلوبهم ‪..‬‬
‫فســكت ‪ .. ε‬تأدبـا ً مــع جــده عبــد‬ ‫بل حتى مع العداء اللداء‬
‫المطلب ‪..‬‬ ‫كان ‪ ρ‬له خلق عظيم ‪..‬‬
‫فقال عتبة ‪ :‬فإن كنت تزعــم أن‬ ‫كسب به نفوسهم ‪ ..‬وهدى‬
‫هؤلء خير منك فقد عبدوا اللهة‬ ‫قلوبهم ‪ ..‬ودحر به‬
‫ت ‪ ..‬وإن كنت تزعم أنك‬ ‫عب ْ َ‬
‫التي ِ‬ ‫كفرهم ‪..‬‬
‫خير منهم ‪ ..‬فتكلم حــتى نســمع‬ ‫لمـــا ظهـــر ‪ ε‬بـــدعوته بيـــن‬
‫قولك ‪..‬‬ ‫النـــاس ‪ ..‬جعلـــت قريـــش‬
‫وقبــــل أن يجيــــب النــــبي ‪‬‬ ‫تحاول حربه بكل سبيل ‪..‬‬
‫بكلمة ‪ ..‬ثار عتبة وقال ‪:‬‬ ‫وكــان ممــا بــذلته أن تشــاور‬
‫إنــا واللــه مــا رأينــا ســخلة قــط‬ ‫كبارهـــا فـــي التعامـــل مـــع‬
‫أشـــأم علـــى قـــومه منـــك !!‪..‬‬ ‫دعــوته ‪ .. ε‬وتســارع النــاس‬
‫فرقت جماعتنا ‪ ..‬وشتت أمرنا ‪..‬‬ ‫لليمان به ‪..‬‬
‫وعبــت ديننــا ‪ ..‬وفضــحتنا فــي‬ ‫فقـــالوا ‪ :‬أنظـــروا أعلمكـــم‬
‫العرب ‪ ..‬حتى لقد طار فيهم أن‬ ‫بالســحر والكهانــة والشــعر‬
‫فــي قريــش ســاحرا ً ‪ ..‬وأن فــي‬ ‫فليأت هذا الرجل الذي فــرق‬
‫قريش كاهنا ً ‪ ..‬واللــه مــا ننتظــر‬ ‫جماعتنــا ‪ ..‬وشــتت أمرنــا ‪..‬‬
‫إل مثـــل صـــيحة الحبلـــى ‪ ..‬أن‬ ‫وعــــاب ديننــــا ‪ ..‬فليكلمــــه‬
‫يقوم بعضنا إلى بعض بالســيوف‬ ‫ولينظر ماذا يرد عليه ‪..‬‬
‫حتى نتفانى ‪..‬‬ ‫فقالوا ‪ :‬مــا نعلــم أحــدا غيــر‬
‫كـــان عتبـــة متغيـــرا ً غضـــبانا ً ‪..‬‬ ‫عتبة بن ربيعة ‪..‬‬
‫والنــبي ‪ ‬ســاكت يســتمع بكــل‬ ‫فقالوا ‪ :‬أنت يا أبا الوليد ‪..‬‬
‫أدب ‪..‬‬ ‫وكان عتبة سيدا ً حليما ً ‪..‬‬
‫وبدأ عتبة يقدم إغراءات ليتخلــى‬ ‫فقــال ‪ :‬يــا معشــر قريــش ‪..‬‬
‫النبي ‪ ‬عن الدعوة ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫أتــرون أن أقــوم إلــى هــذا‬
‫أيها الرجل إن كنــت جئت بالــذي‬ ‫فـــأكلمه ‪ ..‬فـــأعرض عليـــه‬
‫جئت به لجل المال ‪ ..‬جمعنا لك‬ ‫أمــورا ً لعلــه أن يقبــل منهــا‬
‫حتى تكون أغنى قريش رجل ً ‪..‬‬ ‫بعضها ‪..‬‬
‫وان كنت إنما بك حب الرئاسة ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬نعم يا أبا الوليد ‪..‬‬
‫عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسـا ً مــا‬ ‫فقـــام عتبـــة وتـــوجه إلـــى‬
‫بقيت ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪.. ε‬‬
‫‪30‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫والســلم ‪ ..‬يتلــوا اليــات وعتبــة‬ ‫وإن كـــان إنمـــا بـــك البـــاه‬
‫يستمع ‪..‬‬ ‫والرغبة في النساء ‪ ..‬فاختر‬
‫وفجأة جلس عتبة على الرض ‪..‬‬ ‫ي نســــاء قريــــش شــــئت‬ ‫أ ّ‬
‫ثم اهتز جسمه ‪..‬‬ ‫فلنزوجك عشرا ً ‪!!..‬‬
‫فألقى يديه خلف ظهره ‪ ..‬واتكــأ‬ ‫وان كان هذا الذي يأتيك رئيا ً‬
‫عليهما ‪..‬‬ ‫من الجن تــراه ‪ ..‬ل تســتطيع‬
‫وهو يستمع ‪ ..‬ويستمع ‪ ..‬والنبي‬ ‫رده عن نفسك ‪ ..‬طلبنــا لــك‬
‫يتلو ‪ ..‬ويتلو ‪..‬‬ ‫الطب ‪ ..‬وبــذلنا فيــه أموالنــا‬
‫حتى بلغ قوله تعالى ‪..‬‬ ‫حتى نبرئك منه ‪ ..‬فإنه ربمــا‬
‫ق ْ َ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ل أنذَْرت ُك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ف ُ‬ ‫ضوا َ‬ ‫عَر ُ‬ ‫) َ‬
‫فإ ِ ْ‬ ‫غلب التابع على الرجل حتى‬
‫د‬ ‫وث َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫عاٍد َ‬ ‫ة َ‬ ‫ع َ‬
‫ق ِ‬ ‫صا ِ‬‫ل َ‬ ‫مث ْ َ‬
‫ة ّ‬ ‫ع َ‬
‫ق ً‬ ‫صا ِ‬ ‫َ‬ ‫يتداوى منه ‪..‬‬
‫( ‪ ..‬فانتفض عتبة لما سمع‬ ‫ومضــى عتبــة يتكلــم بهــذا‬
‫التهديد بالعذاب ‪ ..‬وقفز ووضع‬ ‫السلوب السيء مــع رســول‬
‫يديه على فم رسول الله ‪.. ε‬‬ ‫اللــــه ‪ .. ε‬ويعــــرض عليــــه‬
‫ليوقف القراءة ‪..‬‬ ‫عروضـــا ً ويغريـــه ‪ ..‬والنـــبي‬
‫فاســتمر ‪ ε‬يتلــو اليــات ‪ ..‬حــتى‬ ‫عليه الصلة والســلم ينصــت‬
‫انتهــى إلــى اليــة الــتي فيهــا‬ ‫إليه بكل هدوء ‪..‬‬
‫سجدة التلوة ‪ ..‬فسجد ‪..‬‬ ‫وانتهــت العــروض ‪ ..‬ملــك ‪..‬‬
‫ثــم رفــع رأســه مــن ســجوده ‪..‬‬ ‫مـــال ‪ ..‬نســـاء ‪ ..‬علج مـــن‬
‫ونظر إلى عتبة وقــال ‪ :‬ســمعت‬ ‫جنون !!‬
‫يا أبا الوليد ؟‬ ‫سكت عتبة ‪ ..‬وهدأ ‪ ..‬ينتظــر‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫الجواب ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فأنت وذاك ‪..‬‬ ‫فرفــع النــبي عليــه الصــلة‬
‫فقام عتبة يمشي إلى أصحابه ‪..‬‬ ‫والســلم بصــره إليــه وقــال‬
‫وهم ينتظرونه متشوقين ‪..‬‬ ‫بكل هدووووء ‪:‬‬
‫فلما أقبل عليهم ‪ ..‬قال بعضهم‬ ‫أفرغت يا أبا الوليد ؟‬
‫لبعض ‪ :‬نحلف بـالله لقـد جـاءكم‬ ‫لم يستغرب عتبــة هــذا الدب‬
‫أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب‬ ‫مــن الصــادق الميــن ‪ ..‬بــل‬
‫به ‪..‬‬ ‫قال باختصار ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫فلما جلــس إليهــم ‪ ..‬قــالوا ‪ :‬مــا‬ ‫فقال ‪ : ε‬فاسمع مني ‪..‬‬
‫وراءك يا أبا الوليد ؟‬ ‫قال ‪ :‬أفعل ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬ورائي أني والله سمعت‬ ‫فقال ‪ : ε‬بسم الله الرحمن‬
‫قول ً ما سمعت مثله قط ‪ ..‬والله‬ ‫ن‬ ‫م َ‬ ‫ل ّ‬ ‫زي ٌ‬ ‫الرحيم " حم * َتن ِ‬
‫مــا هــو بالشــعر ‪ ..‬ول الســحر ‪..‬‬ ‫ب‬‫حيم ِ * ك َِتا ٌ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫الّر ْ‬
‫ول الكهانة ‪..‬‬ ‫عَرب ِّيا‬ ‫قْرآًنا َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ت آَيات ُ ُ‬ ‫صل َ ْ‬ ‫ف ّ‬ ‫ُ‬
‫يــا معشــر قريــش ‪ :‬أطيعــوني‬ ‫ذيًرا‬
‫ون َ ِ‬‫شيًرا َ‬ ‫ن * بَ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫وم ٍ ي َ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫لّ َ‬
‫واجعلوهــا بــي ‪ ..‬خلــوا بيــن هـذا‬ ‫م َل‬ ‫ه ْ‬‫ف ُ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ض أ َك ْث َُر ُ‬‫عَر َ‬ ‫فأ َ ْ‬ ‫َ‬
‫الرجل وبين ما هو فيه ‪ ..‬فوالله‬ ‫ن ‪.. ( ..‬‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬
‫س َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ليكونن لقوله الذي ســمعت منــه‬ ‫ومضــى النــبي عليــه الصــلة‬
‫‪31‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وفي يوم آخر ‪..‬‬ ‫نبأ عظيم ‪..‬‬
‫تجتمع قريش ‪ ..‬فينتدبون‬ ‫يــا قــوم !! قــرأ بســم اللــه‬
‫حصين بن المنذر الخزاعي ‪..‬‬ ‫الرحمـــن الرحيـــم " حـــم *‬
‫وهو أبو الصحابي الجليل عمران‬ ‫تنزيل من الرحمن الرحيــم "‬
‫بن حصين ‪..‬‬ ‫حــتى بلــغ ‪ " :‬فقــل أنــذرتكم‬
‫ينتبونه لنقاش النبي عليه‬ ‫صــاعقة مثــل صــاعقة عــاد‬
‫الصلة والسلم ورده عن‬ ‫وثمــود " فأمســكته بفيــه ‪..‬‬
‫دعوته ‪..‬‬ ‫وناشــدته الرحــم أن يكــف ‪..‬‬
‫يدخل أبو عمران على النبي ‪ε‬‬ ‫وقــد علمتــم أن محمــدا ً إذا‬
‫وحوله أصحابه ‪ ..‬فيردد عليه ما‬ ‫قال شيئا ً لم يكذب ‪ ..‬فخفت‬
‫تردده قريش دوما ً ‪ ..‬فرقت‬ ‫أن ينزل بكم العذاب ‪..‬‬
‫جماعتنا ‪ ..‬شتت شملنا ‪ ..‬والنبي‬ ‫ثــم ســكت أبــو الوليــد قليل ً‬
‫‪ ε‬ينصت بلطف ‪..‬‬ ‫متفكــرا ً ‪ ..‬وقــومه واجمــون‬
‫حتى إذا انتهى ‪ ..‬قال له ‪ ε‬بكل‬ ‫يحدون النظر إليه ‪..‬‬
‫أدب ‪..‬‬ ‫فقـــال ‪ :‬واللـــه إن لقـــوله‬
‫أفرغت يا أبا عمران ‪..‬‬ ‫لحلوة ‪ ..‬وإن عليه لطلوة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫وإن أعله لمثمــــــــر ‪ ..‬وإن‬
‫قال ‪ :‬فأجبني عما أسألك عنه ‪..‬‬ ‫أسفله لمغدق ‪ ..‬وإنــه ليعلــو‬
‫قال ‪ :‬قل ‪ ..‬أسمع ‪..‬‬ ‫ومـــا يعلـــى عليـــه ‪ ..‬وإنـــه‬
‫فقال ‪ : ‬يا أبا عمران ‪ ..‬كم‬ ‫ليحطم ما تحته ‪ ..‬وما يقــول‬
‫إلها ً تعبد اليوم ؟‬ ‫هذا بشــر ‪ ..‬ومــا يقــول هــذا‬
‫قال ‪ :‬سبعة ‪ !!..‬ستة في الرض‬ ‫بشر ‪..‬‬
‫‪ ..‬وواحدا ً في السماء ‪!!..‬‬ ‫قــالوا ‪ :‬هــذا شـــعر يـــا أبــا‬
‫قال ‪ :‬فأيهم تعد لرغبتك‬ ‫الوليد ‪ ..‬شعر ‪..‬‬
‫ورهبتك ؟‬ ‫فقال ‪ :‬والله مــا رجــل أعلــم‬
‫قال ‪ :‬الذي في السماء ‪..‬‬ ‫بالشــعار منــي ‪ ..‬ول أعلــم‬
‫فقال ‪ ‬بكل لطف ‪ :‬يا حصين‬ ‫برجــزه ول بقصــيده منــي ‪..‬‬
‫أما إنك لو أسلمت علمتك‬ ‫ول بأشعار الجن ‪ ..‬واللــه مــا‬
‫يشبه هذا الــذي يقــول شــيئا ً‬
‫كلمتين ينفعانك ‪..‬‬
‫فما كان من حصين إل أن أسلم‬ ‫من هذا ‪..‬‬
‫في مكانه فورا ً ‪..‬‬ ‫ومضــى عتبــة ينــاقش قــومه‬
‫ثم قال ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫فــي أمــر رســول اللــه ‪.. ‬‬
‫علمني الكلمتين اللتين‬ ‫صحيح أن عتبة لم يدخل فــي‬
‫وعدتني ‪..‬‬ ‫السلم ‪ ..‬لكــن نفســه لنــت‬
‫فقال ‪ : ‬قل ‪ :‬اللهم ألهمني‬ ‫للدين ‪..‬‬
‫رشدي ‪ ..‬وأعذني من شر‬ ‫فتأمل كيف أثر هذا الخلق‬
‫نفسي ‪..‬‬ ‫الرفيع ‪ ..‬ومهارة حسن‬
‫آآآه ما أروع هذا التعامل الراقي‬ ‫الستماع في عتبة مع أنه‬
‫! وشدة تأثيره في الناس عند‬ ‫من أشد العداء ‪..‬‬
‫‪32‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أنك رقم على اليمين ‪ ..‬تتعبد‬ ‫مخالطتهم ‪..‬‬
‫لله بكل شيء حتى بأخلقك ‪..‬‬ ‫وهذا التعامل السلمي‬
‫وكم صدّ أعدادا ً كبيرة من الكفار‬ ‫الدعوي يفيد في دعوة‬
‫عن الدخول في السلم‬ ‫الكفار وجذبهم إلى الخير ‪..‬‬
‫تعاملت فريق من المسلمين‬ ‫سافر أحد الشباب للدراسة‬
‫معهم ‪ ..‬فيظلمونهم عمال ً ‪..‬‬ ‫في ألمانيا فسكن في‬
‫ويغشونهم متسوقين ‪..‬‬ ‫شقة ‪ ..‬وكان يسكن أمامه‬
‫ويؤذونهم جيرانا ً ‪..‬‬ ‫شاب ألماني ‪ ،‬ليس بينهما‬
‫م نبدأ من جديد معهم ‪..‬‬ ‫فهل ّ‬ ‫علقة ‪ ،‬لكنه جاره ‪..‬‬
‫سافر اللماني فجأة ‪ ..‬وكان‬
‫إضاءة ‪..‬‬ ‫موزع الجرائد يضع الجريدة‬
‫خير الداعين من يدعو بأفعاله‬ ‫كل يوم عند بابه ‪ ..‬انتبه‬
‫قبل أقواله ‪..‬‬ ‫صاحبنا إلى كثرة الجرائد ‪..‬‬
‫سأل عن جاره ‪ ..‬فعلم أنه‬
‫الحيوانات !!‬ ‫‪.14‬‬ ‫مسافر ‪..‬‬
‫من صارت المهارات الحسنة‬ ‫م الجرائد ووضعها في درج‬ ‫َلـ ّ‬
‫ديدنه ‪ ..‬تحولت إلى طبع يخالط‬ ‫خاص ‪ ..‬وصار يجمعها كل‬
‫دمه وعقله ‪ ..‬ل ينفك عنه أبدا ً ‪..‬‬ ‫يوم ويرتبها ‪..‬‬
‫فتجده دائما ً لينا ً هينا ً رفيقا ً‬ ‫لما رجع صاحبه بعد شهرين‬
‫متحمل ً عطوفا ً ‪ ..‬مع كل أحد ‪..‬‬ ‫أو ثلثة ‪ ..‬سلم عليه وهنأه‬
‫حتى مع الحيوانات ‪ ..‬والجمادات‬ ‫بسلمة الرجوع ‪ ..‬ثم ناوله‬
‫‪..‬‬ ‫الجرائد ‪..‬وقال له ‪ :‬خشيت‬
‫كان رسول الله ‪ ρ‬في سفر ‪..‬‬ ‫أنك متابع لمقال ‪ ..‬أو‬
‫فانطلق ليقضي حاجته ‪..‬‬ ‫مشترك في مسابقة ‪..‬‬
‫حمرة معها‬ ‫فرأى بعض الصحابة ُ‬ ‫فأردت أن ل يفوتك ذلك ‪..‬‬
‫فرخان ‪ ..‬فأخذ بعضهم‬ ‫نظر الجار إليه متعجبا ً من‬
‫فرخيها ‪ ..‬فجاءت الحمرة ‪..‬‬ ‫هذا الحرص ‪ ..‬فقال ‪ :‬هل‬
‫فجعلت تحوم حولهم وترفرف‬ ‫تريد أجرا ً أو مكافأة على هذا‬
‫بجناحيها ‪..‬‬ ‫؟‬
‫فلما جاء النبي ‪ ‬ورآها ‪..‬‬ ‫قال صاحبنا ‪ :‬ل ‪ ..‬لكن ديننا‬
‫التفت إلى أصحابه وقال ‪:‬‬ ‫يأمرنا بالحسان‬
‫من فجع هذه بولدها ؟ ردوا‬ ‫إلى الجار ‪ ..‬وأنت‬
‫ولدها إليها ‪..‬‬ ‫جار فل بد من‬
‫وفي يوم آخر ‪ ..‬رأى ‪ ρ‬قرية‬ ‫الحسان إليك‬
‫ثم ما زال صاحبنا محسنا ً‬
‫نمل قد أحرقت ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬من أحرق هذه ؟‬ ‫إلى ذلك الجار ‪ ..‬حتى دخل‬
‫قال بعض أصحابه ‪ :‬أنا ‪..‬‬ ‫في السلم ‪..‬‬
‫فغضب وقال ‪ :‬ل ينبغي أن‬ ‫هذه والله هي المتعة‬
‫ُيعذب بالنار إل رب النار ‪..‬‬ ‫الحقيقية بالحياة ‪ ..‬أن تشعر‬
‫‪33‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫والبل ‪..‬‬ ‫وكان ‪ ρ‬من رأفته ‪ ..‬أنه إذا‬
‫وكانوا إذا نزلوا أثناء الطريق ‪..‬‬ ‫توضأ وأقبلت إليه هرة ‪..‬‬
‫أطلقوا البل ترعى حولهم ‪..‬‬ ‫أصغى لها الناء ‪..‬‬
‫فنزلوا منزل ً فناموا ‪ ..‬فقامت‬ ‫فتشرب ‪ ..‬ثم يتوضأ بفضلها‬
‫المرأة بالليل لتهرب منهم ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫فأقبلت إلى البل لتركب إحداها‬ ‫ومّر ‪ ρ‬يوما ً على رجل ملقيا ً‬
‫‪ ..‬فجعلت كلما أتت على بعير‬ ‫شاة على الرض ‪ ..‬وقد‬
‫رغا بأعلى صوته ‪ ..‬فتتركه خوفا ً‬ ‫وضع رجله على صفحة‬
‫من استيقاظهم ‪..‬‬ ‫عنقها ممسكا ً لها ليذبحها ‪..‬‬
‫وجعلت تمر على البل واحدا ً‬ ‫وهو يحد شفرته ‪ ..‬وهي‬
‫واحدا ً ‪..‬‬ ‫تلحظ إليه ببصرها ‪..‬‬
‫حتى أتت على العضباء ‪..‬‬ ‫فغضب ‪ ρ‬لما رآه ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫فحركتها فإذا ناقة ذلول مجرسة‬ ‫أتريد أن تميتها موتتين ؟ هل‬
‫‪ ..‬فركبتها المرأة ‪ ..‬ثم وجهتها‬ ‫حددت شفرتك قبل أن‬
‫نحو المدينة ‪ ..‬فانطلقت العضباء‬ ‫تضجعها ؟‬
‫مسرعة ‪ ..‬فلما شعرت المرأة‬ ‫ومر يوما ً برجلين يتحدثان ‪..‬‬
‫بالنجاة ‪ ..‬اشتد فرحها ‪..‬‬ ‫وقد ركب كل منهما على‬
‫فقالت ‪:‬‬ ‫بعيره ‪..‬‬
‫ي نذرا ً ‪ ..‬إن‬
‫اللهم إن لك عل ّ‬ ‫فلما رآهما رحم البعيرين ‪..‬‬
‫أنجيتني عليها أن أنحرها ‪!!..‬‬ ‫ونهى أن تتخذ الدواب‬
‫وصلت المرأة إلى المدينة ‪..‬‬ ‫كراسي ‪ ..‬يعني ل تركب‬
‫فعرف الناس ناقة النبي ‪.. ‬‬ ‫البعير إل وقت الحاجة‬
‫نزلت لمرأة في بيتها ومضوا‬ ‫فقط ‪ ..‬فإذا انتهت حاجتك‬
‫بالناقة إلى النبي ‪.. ‬‬ ‫فانزل ودعه يرتاح ‪..‬‬
‫فجاءت المرأة تطلب الناقة‬ ‫ونهى ‪ ρ‬عن وسم الدابة‬
‫لتنحرها !!‬ ‫في الوجه ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ‬بئس ما جزيتيها ‪ ..‬أو‬ ‫ومن أطرف ما ذكر ‪..‬‬
‫بئس ما جزتها ‪ ..‬إن أنجاها الله‬ ‫أنه كان للنبي ‪ ρ‬ناقة تسمى‬
‫عليها لتنحرنها !!‬ ‫العضباء ‪..‬‬
‫ثم قال ‪ " : ρ‬ل وفاء لنذر في‬ ‫ثم إن نفرا ً من المشركين‬
‫معصية الله ول فيما ل يملك ابن‬ ‫ل‬
‫أغاروا على إب ٍ‬
‫آدم " ‪.‬‬ ‫للمسلمين ‪ ..‬كانت ترعى‬
‫فلمــاذا ل تحــول مهاراتــك فــي‬ ‫في أطراف المدينة ‪..‬‬
‫التعامــــل – كــــالرفق والبشــــر‬ ‫فذهبوا بها ‪ ..‬وكانت العضباء‬
‫والكرم – إلى سجية تلزمك على‬ ‫فيها ‪..‬‬
‫جميــع أحوالــك ‪ ..‬مــع كــل شــيء‬ ‫وأسروا امرأة من المسلمين‬
‫تتعامــل معــه ‪ ..‬حــتى الجمــادات‬ ‫‪ ..‬واستاقوها معهم ‪..‬‬
‫والشجار ‪!!..‬‬ ‫وهرب المشركون ‪ ..‬بالمرأة‬
‫كان النبي ‪ ρ‬يقوم يوم الجمعة ‪..‬‬
‫‪34‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫والربح ‪..‬‬ ‫فيسند ظهره إلى جذع‬
‫القنوات الفضائية تتفنن في‬ ‫منصوب في المسجد‬
‫اصطياد الناس بتنويع البرامج‬ ‫فيخطب الناس ‪ ..‬فقالت‬
‫واختيار الساليب المتجددة ‪..‬‬ ‫امرأة من النصار ‪:‬‬
‫وتدريب مقدمي البرامج على‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬أل أجعل لك‬
‫مهارات تجذب الناس‬ ‫شيئا ً تقعد عليه ‪ ..‬فإن لي‬
‫لمتابعتها ‪..‬‬ ‫غلما ً نجارا ً ‪..‬‬
‫وقل مثل ذلك في وسائل‬ ‫قال ‪ :‬إن شئت ‪..‬‬
‫العلم المقروءة ‪ ..‬والمسموعة‬ ‫فعملت له المنبر ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فلما كان يوم الجمعة ‪ ..‬صعد‬
‫ومثله مروجو البضائع المختلفة‬ ‫النبي ‪ ρ‬على المنبر الذي‬
‫سواء كانت حلل ً أم حراما ً ‪..‬‬ ‫صنع له ‪..‬‬
‫كلهم يحرصون على إتقان‬ ‫فلما قعد ‪ ρ‬على ذلك‬
‫المهارات التي تفيدهم في‬ ‫المنبر ‪ ..‬خار الجذع كخوار‬
‫مجالهم الذي يحبونه ‪..‬‬ ‫الثور ‪ ..‬وصاحت النخلة ‪..‬‬
‫وكسب القلوب فن من الفنون‬ ‫حتى كادت أن تنشق ‪..‬‬
‫له طرقه وأساليبه ‪..‬‬ ‫وارتج المسجد ‪..‬‬
‫هب أنك دخلت مجلسا ً فيه‬ ‫فنزل النبي ‪ ρ‬فضم الجذع‬
‫أربعون رجل ً ‪ ..‬فمررت بالناس‬ ‫إليه ‪ ..‬فجعلت النخلة تئن‬
‫تصافحهم ‪..‬‬ ‫كت‬ ‫أنين الصبي الذي ُيس ّ‬
‫فالول مددت يدك إليه مسلما ً‬
‫حتى استقرت ‪..‬‬
‫فناولك طرف يده ‪ ..‬وقال ببرود‬ ‫ثم قال ‪ ) : ρ‬أما و الذي‬
‫‪ :‬أهل ً ‪ ..‬أهل ً ‪..‬‬ ‫نفس محمد بيده ‪ ..‬لو لم‬
‫والثاني كان مشغول ً بحديث‬ ‫ألتزمه لما زال هكذا إلى يوم‬
‫جانبي ‪ ..‬ففاجأته بالسلم ‪..‬‬ ‫القيامة ‪.. ( ..‬‬
‫فرد ببرود أيضا ً وصافحك دون‬
‫أن ينظر إليك ‪..‬‬ ‫إشارة ‪..‬‬
‫والثالث كان يتحدث بهاتفه ‪..‬‬ ‫الله كّرم النسان ‪ ..‬لكن ذلك‬
‫فمد يده إليك دون أن يتلفظ‬ ‫ل يفتح المجال له لضطهاد‬
‫بكلمة ترحيب ‪ ..‬أو يبدي لك أي‬ ‫بقية المخلوقات ‪..‬‬
‫اهتمام ‪..‬‬
‫أما الرابع ‪ ..‬فلما رآك مقبل ً قام‬
‫‪ 100 .15‬طريقة لكسب‬
‫مستعدا ً للسلم ‪ ..‬فلما التقت‬
‫قلوب الناس‬
‫عينك بعينه ابتسم وأظهر‬
‫كل صاحب هم يتفنن في‬
‫البشاشة بلقياك ‪..‬‬
‫صيد ما يريد ‪..‬‬
‫وصافحك بحرارة ‪ ..‬واحتفى‬
‫عاشق المال يتفنن في‬
‫بقدومك ‪ ..‬وأنت ل تعرفه ول‬
‫جمعه وتنميته ‪ ..‬ويحرص‬
‫يعرفك !!‬
‫على تعلم مهارات التجارة‬
‫ثم أكملت سلمك على الناس ‪..‬‬
‫‪35‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫في المجلس إل الرجل يتابع‬ ‫وجلست ‪..‬‬
‫برنامجا ً في التلفاز ‪ ..‬وخادما ً‬ ‫بالله عليك ! أل تشعر أن‬
‫يخدمه بالقهوة والشاي ‪..‬‬ ‫قلبك ينجذب نحو ذلك‬
‫جلست معه قليل ً ‪..‬‬ ‫الشخص ؟‬
‫فلما خرجت جعلت أتذكر حاله‬ ‫بلى ‪ ..‬ينجذب إليه ‪ ..‬وأنت ل‬
‫لما كان في وظيفته ‪ ..‬وحاله‬ ‫تعرفه ‪ ..‬ول تدري عن اسمه‬
‫الن ‪ ..‬ما الذي كان يجمع الناس‬ ‫‪ ..‬ول تعلم وظيفته ول‬
‫فيما مضى ؟‬ ‫مركزه ‪ ..‬ومع ذلك استطاع‬
‫ما الذي كان يجعلهم يلتمون‬ ‫أن يسلب قلبك ‪ ..‬ل بماله ‪..‬‬
‫عليه مؤانسين متحببين ؟!‬ ‫ول بمنصبه ‪ ..‬ول بحسبه‬
‫أدركت عندها أن الرجل لم‬ ‫ونسبه ‪ ..‬وإنما بمهارات‬
‫يكسب الناس بأخلقه ولطفه‬ ‫تعامله ‪..‬‬
‫وحسن تعامله ‪ ..‬وإنما كسبهم‬ ‫إذن القلوب ل تكسب بالقوة‬
‫بمنصبه ووجاهته وسعة‬ ‫ول بالمال ول بالجمال ول‬
‫علقاته ‪..‬‬ ‫بالوظيفة ‪ ..‬وإنما تكسب‬
‫فلما زال المنصب زالت معه‬ ‫بأقل من ذلك وأسهل ‪ ..‬ومع‬
‫المحبة ‪..‬‬ ‫ذلك فقليل من يستطيع‬
‫فخذ من صاحبنا درسا ً ‪ ..‬وتعامل‬ ‫كسبها ‪..‬‬
‫مع الناس بمهارات تجعلهم‬ ‫أذكر أن أحد طلبي في‬
‫يحبونك لشخصك ‪ ..‬يحبون‬ ‫الكلية أصيب بمرض‬
‫أحاديثك وابتسامتك ورفقك‬ ‫نفسي ‪ ..‬كان نوعا ً صعبا ً من‬
‫وحسن معشرك ‪ ..‬يحبون‬ ‫الكتئاب ‪..‬‬
‫تغاضيك عن أخطائهم ‪..‬‬ ‫ً‬
‫كان والده ضابطا يشغل‬
‫ووقوفك معهم في مصائبهم ‪..‬‬ ‫منصبا ً عاليا ً ‪ ..‬جاء مرارا ً إلى‬
‫ل تجعل قلوبهم معلقة بكرسيك‬ ‫الكلية وقابلني وتعاوّنا على‬
‫وجيبك !!‬ ‫علج ابنه ‪..‬‬
‫الذي يوفر لولده وزوجته المال‬ ‫كنت أذهب إلى بيتهم أحيانا ً‬
‫والطعام والشراب لم يكسب‬ ‫فأراه قصرا ً منيفا ً ‪ ..‬وأرى‬
‫قلوبهم ‪ ..‬وإنما كسب‬ ‫مجلس الب مليئا ً‬
‫بطونهم ‪..‬‬ ‫بالضيوف ‪ ..‬ل تكاد تجد فيه‬
‫والذي يغدق على أهله‬ ‫مكانا ً فارغا ً ‪..‬‬
‫الموال ‪ ..‬مع سوء التعامل ‪ ..‬لم‬ ‫كنت أعجب من محبة الناس‬
‫يكسب قلوبهم ‪ ..‬إنما كسب‬ ‫لهذا الرجل وإقبالهم عليه ‪..‬‬
‫جيوبهم ‪..‬‬ ‫مضت سنوات وتقاعد الب‬
‫لذلك ل تستغرب إذا وجدت شابا ً‬ ‫من منصبه ‪..‬‬
‫تقع له مشكلة فيشكوها إلى‬ ‫فذهبت إليه زائرا ً ‪ ..‬دخلت‬
‫صديق أو إمام مسجد أو‬ ‫القصر ‪ ..‬ثم دلفت إلى‬
‫مدرس ‪ ..‬ويترك أباه ‪ ..‬لن الب‬ ‫المجلس وفيه أكثر من‬
‫لم يكسب قلبه ‪ ..‬ولم يحطم‬ ‫خمسين كرسيا ً ‪ ..‬فلم أر‬
‫‪36‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫السوار بينهما ‪ ..‬بينما كسب‬
‫قرار ‪..‬‬ ‫هذا القلب مدرس أو‬
‫قدرتنا على أسر قلوب‬ ‫صديق ‪ ..‬وربما كسبه عدو‬
‫الخرين ‪ ..‬وكسب محبتهم‬ ‫حاقد !!‬
‫الصادقة ‪ ..‬تمنحنا جانبا ً كبيرا ً‬ ‫وأمر آخر مهم ‪..‬‬
‫من المتعة بالحياة ‪..‬‬ ‫أل تلحظ معي أن بعض‬
‫الناس إذا دخل مجلسا ً‬
‫أحسن النية‪ ..‬لوجه‬ ‫‪.16‬‬ ‫مزدحما ً ‪ ..‬وجعل يتلفت‬
‫الله ‪..‬‬ ‫باحثا ً عن مكان يجلس فيه ‪..‬‬
‫جعلت أتأمل أساليب تعامل‬ ‫رأيت الجالسين يتسابقون‬
‫بعض الشخاص ‪ ..‬وعشت معهم‬ ‫عليه كل يناديه ليجلس‬
‫سنين ‪ ..‬ل أذكر أني رأيت منهم‬ ‫بجانبه !‪ ..‬لماذا؟‬
‫ابتسامة ‪ ..‬بل ول حتى مجاملة‬ ‫هل دعيت يوما ً إلى عشاء ‪..‬‬
‫بضحك على طرفة ‪ ..‬أو تفاعل‬ ‫وكان بنظام ) البوفيه‬
‫مع متحدث ‪ ..‬كنت أظن أنهم‬ ‫المفتوح ( ‪ ..‬بحيث إن كل‬
‫نشئوا هكذا ول يستطيعون غيره‬ ‫شخص يأخذ طعامه في طبق‬
‫‪..‬‬ ‫ويجلس على إحدى‬
‫ثم تفاجأت برؤيتهم في مواطن‬ ‫الطاولت الدائرية ‪ ..‬ألم تر‬
‫معينة ‪ ..‬ومع بعض الناس – من‬ ‫بعض الناس ما إن يمل‬
‫الغنياء وأصحاب النفوذ تحديدا ً –‬ ‫طبقه بالطعام حتى يتهافت‬
‫يحسنون الضحك والتلطف ‪..‬‬ ‫عدد من الناس يشيرون إليه‬
‫فأدركت أنهم ما يفعلون ذلك إل‬ ‫بوجود مكان فارغ ‪ ..‬ليجلس‬
‫لمصلحة ‪ ..‬فيفوتهم بذلك أجر‬ ‫معهم ‪..‬‬
‫عظيم ‪..‬‬ ‫بينما آخر يمل طبقه بالطعام‬
‫إذن المؤمن يتعبد لله تعالى‬ ‫‪ ..‬ويتلفت ول أحد يناديه أو‬
‫بأخلقه ومهارات تعامله ‪ ..‬مع‬ ‫يقبل عليه ‪ ..‬حتى تسوقه‬
‫جميع الناس ‪ ..‬ل لجل منصب أو‬ ‫قدماه إلى إحدى‬
‫مال ‪ ..‬ول لجل أن يمدحه‬ ‫الطاولت ‪..‬‬
‫الناس ‪ ..‬ول لجل أن يزوج أو‬ ‫لماذا حرص الناس على‬
‫يسلف مال ً ‪ ..‬وإنما ليحبه الله‬ ‫الول دون الثاني ‪..‬‬
‫ويحببه إلى خلقه ‪..‬‬ ‫أل تشعر أن بعض الناس‬
‫نعم ‪ ..‬من اعتبر حسن الخلق‬ ‫تقبل عليه القلوب أينما كان‬
‫عبادة ‪ ..‬صار يتعامل بأحسن‬ ‫‪ ..‬وكأن في يده مغناطيس‬
‫المهارات مع الغني والفقير ‪..‬‬ ‫يجذبها به جذبا ً !!‬
‫والمدير والفراش ‪..‬‬ ‫عجبا ً ! كيف استطاع هؤلء‬
‫لو مررت يوما ً بعامل مسكين‬ ‫جميعا كسب الناس ؟!‬
‫يكنس الشارع ‪ ..‬ومد يده إليك ؟‬ ‫إنها طرق ذكية يستطيع بها‬
‫ودخلت يوما ً آخر على مسئول‬ ‫الشخص أن يصيد بها‬
‫كبير فمد يده ‪ ..‬هل هما‬ ‫القلوب ‪..‬‬
‫‪37‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫)‪(19‬‬
‫فيمن ل يألف ول يؤلف ( ‪..‬‬ ‫متساويان ؟ في احتفائك‬
‫وقال ‪ ) : ‬ما شيء أثقل في‬ ‫بهما ‪ ..‬وتبسمك وبشاشتك ؟‬
‫)‪(20‬‬
‫الميزان من حسن الخلق ( ‪..‬‬ ‫ل أدري !!‬
‫وقال ‪ ) : ρ‬إن الرجل ليبلغ‬ ‫أما رسول الله ‪ ε‬فكانا عنده‬
‫بحسن خلقه درجة قائم الليل‬ ‫متساويين في الحتفاء‬
‫)‪(21‬‬
‫وصائم النهار ( ‪..‬‬ ‫والنصح والشفقة ‪..‬‬
‫ومن حسن خلقه ربح في‬ ‫وما يدريك لعل من تزدريه‬
‫الدارين ‪ ..‬وإن شئت فانظر إلى‬ ‫وتتكبر عليه يكون عند الله‬
‫أم سلمة ‪.. τ‬‬ ‫خيرا ً من ملء الرض من‬
‫وقد جلست مع رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫مثل الذي تكرمه وتقبل عليه‬
‫فتذكرت الخرة وما أعد الله‬ ‫‪..‬‬
‫فيها ‪..‬‬ ‫قال ‪ ) ‬إن من أحبكم إلي‬
‫فقالت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬المرأة‬ ‫وأقربكم مني مجلسا ً يوم‬
‫يكون لها زوجان في الدنيا ‪..‬‬ ‫القيامة أحاسنكم أخلقا ً (‬
‫فإذا ماتت ‪ ..‬وماتا ‪..‬‬ ‫)‪.. (15‬‬
‫فإذا ماتت وماتا ودخلوا جميعا ً‬ ‫وقال للشج بن عبد قيس ‪:‬‬
‫إلى الجنة ‪ ..‬فلمن تكون ؟‬ ‫) إن فيك لخصلتين يحبهما‬
‫فماذا قال ؟ تكون لطولهما‬ ‫الله ورسوله ( ‪..‬‬
‫قياما ً ؟ أم لكثرهما صياما ً ؟ أم‬ ‫فما هما الخصلتان ‪ :‬قيام‬
‫لوسعهما علما ً ؟ كل ‪..‬‬ ‫الليل ! صيام النهار ؟ ‪..‬‬
‫وإنما قال ‪ :‬تكون لحسنهما‬ ‫استبشر الشج ‪ .. τ‬وقال ‪:‬‬
‫خلقا ً ‪..‬‬ ‫ما هما يا رسول الله ؟ فقال‬
‫فعجبت أم سلمة ‪ ..‬فلما رأى‬ ‫عليه الصلة والسلم ) الحلم‬
‫)‪(16‬‬
‫دهشتها قال عليه الصلة‬ ‫‪ ..‬والناة ( ‪..‬‬
‫والسلم ‪:‬‬ ‫وسئل ‪ ρ‬عن البر ؟‪..‬‬
‫ياااا أم سلمة ‪ ..‬ذهب حسن‬ ‫فقال ‪ ) :‬البر حسن‬
‫)‪(17‬‬
‫الخلق بخيري الدنيا والخرة ‪..‬‬ ‫الخلق ( ‪..‬‬
‫نعم ذهب بخيري الدنيا‬ ‫وسئل عن أكثر ما يدخل‬
‫والخرة ‪..‬‬ ‫الناس الجنة فقال ‪ ) :‬تقوى‬
‫)‪(18‬‬
‫أما خير الدنيا فهو ما يكون له‬ ‫الله وحسن الخلق ( ‪..‬‬
‫من محبة في قلوب الخلق ‪..‬‬ ‫وقال ‪ ) : ρ‬أكمل المؤمنين‬
‫وأما خير الخرة فهو ما يكون له‬ ‫إيمانا ً أحاسنهم أخلقا ً‬
‫من الجر العظيم ‪..‬‬ ‫الموطؤون أكنافا ً الذين‬
‫ومهما أكثر النسان من العمال‬ ‫يألفون ويؤلفون ول خير‬
‫الصالحات ‪ ..‬فإنها قد تفسد‬
‫) ( رواه الترمذي‬ ‫‪15‬‬

‫) ( رواه الترمذي‬ ‫‪19‬‬


‫) ( رواه أحمد‬ ‫‪16‬‬

‫) ( رواه البخاري في الدب المفرد‬ ‫‪20‬‬


‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪17‬‬

‫) ( رواه الترمذي‬ ‫‪21‬‬


‫) ( رواه الترمذي‬ ‫‪18‬‬

‫‪38‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أحسن إلى الكبير والصغير ‪..‬‬ ‫عليه إذا كان سيء الخلق ‪..‬‬
‫والغني والفقير ‪ ..‬إلى شرفاء‬ ‫ل امرأة ‪..‬‬ ‫ذكر للنبي ‪ ρ‬حا ُ‬ ‫ُ‬
‫الناس ووضعائهم ‪ ..‬وكبارهم‬ ‫وذكر له أنها تصلي وتصوم‬
‫وصغارهم ‪..‬‬ ‫وتتصدق وتفعل ‪ ..‬لكنها‬
‫فوا‬ ‫ع ُ‬‫فا ْ‬ ‫وإذا سمع قول الله ‪َ ) :‬‬ ‫تؤذي جيرانها بلسانها ‪..‬‬
‫حوا ( ‪ ..‬عفا وصفح ‪..‬‬ ‫ص َ‬
‫ف ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬ ‫) يعني سيئة الخلق ( ‪..‬‬
‫وإذا تل ‪ ) :‬وقولوا للناس‬ ‫فقال ‪ ) : ρ‬هي في‬
‫حسنا ً ( ‪ ..‬تكلم بأحسن الكلم ‪..‬‬ ‫النار ( ‪..‬‬
‫فمادام أنه ‪ ρ‬قدوتنا ‪ ..‬ومنهجه‬ ‫وقد كان النبي ‪ ρ‬السوة‬
‫جنا ‪..‬‬‫منه ُ‬ ‫الحسنة ‪..‬‬
‫تأمل حياته ‪ .. ρ‬كيف كان‬ ‫في كل خلق حميد ‪ ..‬كان‬
‫يتعامل مع الناس ‪ ..‬كيف كان‬ ‫عهم ‪..‬‬ ‫م الناس ‪ ..‬وأشج َ‬ ‫أكر َ‬
‫يعالج أخطاءهم ‪ ..‬ويتحمل أذاهم‬ ‫مهم ‪..‬‬ ‫وأحل َ‬
‫‪..‬‬ ‫كان أشدّ حياءً من العذراء‬
‫كيف كان يتعب لراحتهم ‪..‬‬ ‫في خدرها ‪..‬‬
‫وينصب لدعوتهم ‪..‬‬ ‫كان أمينا ً صادقا ً ‪ ..‬يشهد له‬
‫فيوما ً تراه يسعى في حاجة‬ ‫الكفار بذلك قبل‬
‫مسكين ‪ ..‬ويوما ً يفصل خصومة‬ ‫المؤمنين ‪ ..‬والفساقُ قبل‬
‫بين المؤمنين ‪..‬‬ ‫الصالحين ‪..‬‬
‫ويوما ً يدعو الكافرين ‪..‬‬ ‫حتى قالت خديجة ‪ τ‬أول ما‬
‫حتى كبرت سنه ‪ ..‬ورق‬ ‫نزل عليه الوحي ‪ ..‬لما رأت‬
‫عظمه ‪ ..‬ووصفت عائشة حاله‬ ‫تغير حاله ‪ ..‬قالت ‪:‬‬
‫فقالت ‪:‬‬ ‫والله ل يخزيك الله أبدا ً ‪..‬‬
‫كان أكثُر صلة النبي ‪ ρ‬بعدما‬ ‫) لمـــاذا ؟؟ ( ‪..‬‬
‫كبر جالسا ً ) لمـــاذا ؟؟ ( ‪..‬‬ ‫إنك لتصل الرحم ‪..‬‬
‫بعدما حطمه الناس ‪ ..‬نعم ‪..‬‬ ‫وتحمل الكل ‪..‬‬
‫حطمه الناس ‪..‬‬ ‫وتكسب المعدوم ‪..‬‬
‫***‬ ‫وإذا كانت النفوس كبارا ً‬ ‫وتقري الضيف ‪..‬‬
‫تعبت في مرادها الجسام‬ ‫وتعين على نوائب الحق ‪..‬‬
‫بل بلغ من حرصه ‪ ρ‬على الخلق‬ ‫وتصدق الحديث ‪..‬‬
‫الحسن ‪ ..‬أنه كان يدعو الله‬ ‫وتؤدي المانة ‪..‬‬
‫فيقول – ) اللهم كما أحسنت‬ ‫بل أثنى الله عليه ثناء نتلوه‬
‫خلقي ( )‪.. (22‬‬ ‫خْلقي فأحسن ُ‬ ‫َ‬ ‫إلى يوم القيامة ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫وكان يقول ‪ ) :‬اللهم أهدني‬ ‫) وإنك لعلى خلق عظيم ( ‪..‬‬
‫لحسن الخلق ل يهدي‬ ‫قه القرآن ‪..‬‬ ‫وكان ‪ ρ‬خل َ‬
‫لحسنها إل أنت‪ ،‬وأصرف عني‬ ‫نعم خلقه القرآن ‪ ..‬فإذا قرأ‬
‫سيئها ل يصرف عني سيئها إل‬ ‫) وأحسنوا إن الله يحب‬
‫المحسنين ( ‪ ..‬أحسن ‪ ..‬نعم‬
‫) ( رواه أحمد‬ ‫‪22‬‬

‫‪39‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫)‪(23‬‬
‫لمن وافق طباعه ‪ ..‬فلماذا ل‬ ‫أنت (‬
‫توافق طباع الجميع عند‬ ‫فنحن نحتاج إلى أن نقتدي‬
‫مجالستهم ‪ ..‬وتعامل كل واحد‬ ‫به ‪ ρ‬في أخلقه ‪..‬‬
‫بما يصلح له ليرتاح إليك ؟‬ ‫مع المسلمين لكسبهم‬
‫ذكروا أن رجل ً رأى صقرا ً يطير‬ ‫ودعوتهم ‪..‬‬
‫بجانب غراب !! فعجب ‪ ..‬كيف‬ ‫بل ومع الكافرين ليعرفوا‬
‫يطير ملك الطيور مع غراب !!‬ ‫حقيقة السلم ‪..‬‬
‫فجزم أن بينهما شيئا ً مشتركا ً‬
‫جعلهما يتوافقان ‪..‬‬ ‫إشارة ‪..‬‬
‫فجعل يتبعهما ببصره ‪ ..‬حتى‬ ‫أحسن النية ‪ ..‬لتكون‬
‫تعبا من الطيران فحطا على‬ ‫مهارات تعاملك مع الخرين‬
‫الرض فإذا كلهما أعرج !!‬ ‫عبادة تتقرب بها إلى الله ‪..‬‬
‫فإذا علم الولد أن أباه يؤثر‬
‫السكوت ول يحب كثرة الكلم ‪..‬‬ ‫طعم‬‫استعمل ال ّ‬ ‫‪.17‬‬
‫فليتعامل معه بمثل ذلك ليحبه‬ ‫المناسب !!‬
‫ويأنس بقربه ‪..‬‬ ‫الناس بطبيعتهم يتفقون‬
‫وإذا علمت الزوجة أن زوجها‬ ‫في أشياء كلهم يحبونها‬
‫يحب المزاح ‪ ..‬فلتمازحه ‪ ..‬فإن‬ ‫ويفرحون بها ‪..‬‬
‫علمت أنه ضد ذلك فلتتجنب ‪..‬‬ ‫ويتفقون في أشياء أخرى‬
‫وقل مثل ذلك عند تعامل‬ ‫كلهم يكرهونها ‪..‬‬
‫الشخص مع زملئه ‪ ..‬أو‬ ‫ويختلفون في أشياء منهم‬
‫جيرانه ‪ ..‬أو إخوانه ‪..‬‬ ‫من يفرح بها ‪ ..‬ومنهم من‬
‫ل تحسب الناس طبعا ً واحدا ً‬ ‫يستثقلها ‪..‬‬
‫فلهم‬ ‫فكل الناس يحبون التبسم‬
‫طبائع لست تحصيهن ألوان‬ ‫في وجوههم ‪ ..‬ويكرهون‬
‫أذكر أن عجوزا ً صالحة – وهي أم‬ ‫العبوس والكآبة ‪..‬‬
‫لحد الصدقاء – كانت تمدح أحد‬ ‫لكنهم إلى جانب ذلك ‪..‬‬
‫أولدها كثيرا ً ‪ ..‬وترتاح إذا زارها‬ ‫منهم من يحب المرح‬
‫أو تحدث معها ‪ ..‬مع أن بقية‬ ‫والمزاح ‪ ..‬ومنهم من‬
‫أولدها يبرون بها ويحسنون‬ ‫يستثقله ‪..‬‬
‫إليها ‪ ..‬لكن قلبها مقبل على‬ ‫منهم من يحب أن يزوره‬
‫ذاك الولد ‪..‬‬ ‫الناس ويدعونه ‪ ..‬ومنهم‬
‫كنت أبحث عن السّر ‪ ..‬حتى‬ ‫النطوائي ‪..‬‬
‫جلست معه مرة فسألته عن‬ ‫ومنهم من يحب الحاديث‬
‫ذلك ‪ ..‬فقال لي ‪ :‬المشكلة أن‬ ‫وكثرة الكلم ‪ ..‬ومنهم من‬
‫إخواني ل يعرفون طبيعة أمي ‪..‬‬ ‫يبغض ذلك ‪..‬‬
‫فإذا جلسوا معها صاروا عليها‬ ‫وكل واحد في الغالب يرتاح‬
‫ثقلء ‪..‬‬
‫فقلت له مداعبا ً ‪ :‬وهل اكتشف‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪23‬‬

‫‪40‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫في تعامله مع زوجاته كان‬ ‫معاليكم طبيعتها ‪!!..‬‬
‫يعامل كل واحدة بالسلوب الذي‬ ‫ضحك صاحبي وقال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫يصلح لها ‪..‬‬ ‫سأخبرك بالسّر ‪..‬‬
‫عائشة كانت شخصيتها‬ ‫أمي كبقية العجائز ‪ ..‬تحب‬
‫انفتاحية ‪ ..‬فكان يمزح معها ‪..‬‬ ‫الحديث حول النساء وأخبار‬
‫ويلطفها ‪..‬‬ ‫من تزوجت وطلقت ‪ ..‬وكم‬
‫ذهبت معه مرة في سفر ‪ ..‬فلما‬ ‫عدد أبناء فلنة ‪ ..‬وأيهم أكبر‬
‫قفلوا راجعين واقتربوا من‬ ‫‪ ..‬ومتى تزوج فلن فلنة ؟‬
‫المدينة ‪ ..‬قال ‪ ‬للناس ‪:‬‬ ‫وما اسم أول أولدهما ‪..‬‬
‫تقدموا عنا ‪..‬‬ ‫إلى غير ذلك من الحاديث‬
‫فتقدم الناس عنه ‪ ..‬حتى بقي‬ ‫التي أعتبرها أنا غير‬
‫مع عائشة ‪..‬‬ ‫مفيدة ‪ ..‬لكنها تجد سعادتها‬
‫وكانت جارية حديثة السن ‪..‬‬ ‫في تكرارها ‪ ..‬وتشعر بقيمة‬
‫نشيطة البدن ‪..‬‬ ‫المعلومات التي تذكرها ‪..‬‬
‫ي‬
‫فالتفت إليها ثم قال ‪ :‬تعال ْ‬ ‫لننا لن نقرأها في كتاب‬
‫حتى أسابقك ‪ ..‬فسابقته ‪..‬‬ ‫ولن نسمعها في شريط ‪..‬‬
‫وركضت وركضت ‪ ..‬حتى سبقته‬ ‫ول تجدها – قطعا ً – في‬
‫‪..‬‬ ‫شبكة النترنت !!‬
‫وبعدها بزمان ‪ ..‬خرجت معه ‪ρ‬‬ ‫فتشعر أمي وأنا أسألها عنها‬
‫في سفر ‪..‬‬ ‫أنها تأتي بما لم يأت به‬
‫بعدما كبرت وسمنت ‪ ..‬وحملت‬ ‫الولون ‪ ..‬فتفرح وتنبسط ‪..‬‬
‫اللحم وبدنت ‪..‬‬ ‫فإذا جالستها حركت فيها‬
‫فقال ‪ ρ‬للناس ‪ :‬تقدموا ‪..‬‬ ‫هذه المواضيع فابتهجت ‪..‬‬
‫فتقدموا ‪..‬‬ ‫ومضى الوقت وهي‬
‫ي حتى‬ ‫ثم قال لعائشة ‪ :‬تعال ْ‬ ‫تتحدث ‪..‬‬
‫أسابقك ‪ ..‬فسابقته ‪..‬‬ ‫وإخواني ل يتحملون سماع‬
‫فسبقها ‪..‬‬ ‫هذه الخبار ‪ ..‬فيشغلونها‬
‫فلما رأى ذلك ‪..‬‬ ‫بأخبار ل تهمها ‪ ..‬وبالتالي‬
‫جعل يضحك ويضرب بين كتفيها‬ ‫تستثقل مجلسهم ‪ ..‬وتفرح‬
‫‪ ..‬ويقول ‪ :‬هذه بتلك ‪ ..‬هذه‬ ‫بي !!‬
‫بتلك ‪..‬‬ ‫هذا كل ما هنالك ‪..‬‬
‫بينما كان يتعامل مع خديجة‬ ‫نعم أنت إذا عرفت طبيعة‬
‫تعامل ً آخر ‪ ..‬فقد كانت تكبره‬ ‫من أمامك ‪ ..‬وماذا يحب‬
‫في السن بخمس عشرة سنة ‪..‬‬ ‫وماذا يكره ‪ ..‬استطعت أن‬
‫حتى مع أصحابه ‪ ..‬كان يراعي‬ ‫تأسر قلبه ‪..‬‬
‫ذلك ‪ ..‬فلم يلبس أبا هريرة‬ ‫ومن تأمل في تعامل النبي‬
‫عباءة خالد ‪ ..‬ولم يعامل أبا بكر‬ ‫‪ .. ε‬مع الناس وجد أنه كان‬
‫كما يعامل طلحة ‪..‬‬ ‫يعامل مع كل شخص بما‬
‫وكــان يتعامــل مــع عمــر تعــامل ً‬ ‫يتناسب مع طبيعته ‪..‬‬
‫‪41‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫من قتل البعض ‪..‬‬ ‫خاصا ً ‪ ..‬ويسند إليه أشــياء ل‬
‫وكان عتبــة بــن ربيعــة مــن كبــار‬ ‫يسندها إلى غيره ‪..‬‬
‫كفار قريش ‪ ..‬ومن قادة الحرب‬ ‫انظــر إليــه ‪ ε‬وقــد خــرج مــع‬
‫‪..‬‬ ‫أصحابه إلى بدر ‪..‬‬
‫وكان ابنه أبو حذيفة بن عتبة بن‬ ‫فلما سمع بخــروج قريــش ‪..‬‬
‫ربيعــة ‪ ..‬مــع المســلمين ‪ ..‬فلــم‬ ‫عــرف أن رجــال ً مــن قريــش‬
‫يصبر أبو حذيفة ‪ ..‬بل قال ‪:‬‬ ‫سيحضــــرون إلــــى ســــاحة‬
‫أنقتــل آباءنــا وأبناءنــا وإخواننــا‬ ‫المعركــة كره ـا ً ‪ ..‬ولــن يقــع‬
‫ونـــترك العبـــاس !! واللـــه لئن‬ ‫منهــــــم قتــــــال علــــــى‬
‫لقيته للحمنه بالسيف ‪..‬‬ ‫المسلمين ‪..‬‬
‫فبلغــت كلمتـه رسـول اللــه ‪.. ε‬‬ ‫فقام ‪ ε‬في أصــحابه وقــال ‪:‬‬
‫فـــالتفت النـــبي عليـــه الصـــلة‬ ‫إني قد عرفت رجال ً من بني‬
‫والسلم ‪ ..‬فإذا حــوله أكــثر مــن‬ ‫هاشم وغيرهــم قــد أخرجــوا‬
‫ثلثمائة بطل ‪..‬‬ ‫كرهـــــا ً ‪ ..‬ل حاجـــــة لهـــــم‬
‫ً‬
‫فــوجه نظــره فــورا إلــى عمــر ‪..‬‬ ‫بقتالنا ‪..‬‬
‫ولم يلتفت إلى غيره ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫فمــن لقــي منكــم أحــدا ً مــن‬
‫يا أبا حفص ‪ ..‬أيضــرب وجــه عــم‬ ‫بني هاشم فل يقتله ‪..‬‬
‫رسول الله بالسيف ؟!‬ ‫ومــن لقــي أبــا البخــتري بــن‬
‫قال عمر ‪ :‬واللــه إنــه لول يــوم‬ ‫هشام فل يقتله ‪..‬‬
‫كناني فيــه رســول اللــه ‪ ε‬بــأبي‬ ‫ومن لقــي العبــاس بــن عبــد‬
‫حفص ‪..‬‬ ‫المطلــب عــم رســول اللــه ‪ε‬‬
‫وكــان عمــر رهــن إشــارة النــبي‬ ‫فل يقتله ‪ ..‬فــإنه إنمــا خــرج‬
‫‪ .. ε‬ويعلم أنهم في ساحة قتــال‬ ‫مستكرها ً ‪..‬‬
‫ل مجــال فيهــا للتســاهل فــي‬ ‫وقيل إن العباس كان مسلما ً‬
‫التعامــل مــع مــن يخــالف أمــر‬ ‫يكتم إسلمه ‪ ..‬وينقل أخبــار‬
‫القــــائد ‪ ..‬أو يعــــترض أمــــام‬ ‫قريش إلى رسول اللــه ‪.. ε‬‬
‫الجيش ‪..‬‬ ‫فلم يحب النــبي ‪ ε‬أن يقتلــه‬
‫فاختار عمر حل ً صارما ً فقال ‪ :‬يا‬ ‫المسلمون ‪ ..‬ولم يحب كذلك‬
‫رسول الله دعني فلضرب عنقه‬ ‫أن يظهر أمر إسلمه ‪..‬‬
‫بالسيف ‪..‬‬ ‫كـــانت هـــذه المعركـــة أول‬
‫فمنعــه النــبي ‪ .. ε‬ورأى أن هــذا‬ ‫معركــــــة تقــــــوم بيــــــن‬
‫التهديد كاف في تهدئة الوضع ‪..‬‬ ‫الفريقيـــــن ‪ ..‬المســـــلمين‬
‫كان أبو حذيفــة ‪ τ‬رجل ً صــالحا ً ‪..‬‬ ‫وكفار قريش ‪..‬‬
‫فكان بعدها يقول ‪ :‬ما أنــا بــآمن‬ ‫وكــانت نفــوس المســلمين‬
‫مـــن تلـــك الكلمـــة الـــتي قلـــت‬ ‫مشدودة ‪ ..‬فهم لم يسـتعدوا‬
‫يومئذ ‪ ..‬ول أزال منهــا خائفـا ً إل‬ ‫لقتال ‪ ..‬وســيقاتلون أقربــاء‬
‫أن تكفرهـــا عنـــي الشـــهادة ‪..‬‬ ‫وأبناء وآباء ‪..‬‬
‫فقتل يوم اليمامة شهيدا ً ‪.. τ‬‬ ‫وهذا رســول اللــه ‪ ε‬يمنعهــم‬

‫‪42‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كثير ‪ ..‬ولم تقع حروب قريبة‬ ‫هذا عمر ‪ ..‬كان ‪ ε‬يعلم بنوع‬
‫تضطرهم إلى إنفاقه ‪..‬‬ ‫العمال التي يسندها إليه ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ε‬العهد قريب ‪ ..‬والمال‬ ‫فليس المر متعلقا ً بجمع‬
‫أكثر من ذلك ‪..‬‬ ‫صدقات ‪ ..‬ول بإصلح‬
‫فقال اليهودي ‪ :‬المال والحلي‬ ‫متخاصمين ‪ ..‬ول بتعليم‬
‫قد ذهب كله ‪..‬‬ ‫جاهل ‪ ..‬وإنما هم في ساحة‬
‫فعلم النبي ‪ ε‬أنه يكذب ‪ ..‬فنظر‬ ‫قتال فكانت الحاجة إلى‬
‫‪ ε‬إلى أصحابه فإذا هم كثير بين‬ ‫الرجل الحازم المهيب أكثر‬
‫يديه ‪ ..‬وكلهم رهن إشارته ‪..‬‬ ‫منها إلى غيره ‪ ..‬لذا اختار‬
‫فالتفت إلى الزبير بن العوام‬ ‫عمر ‪ ..‬واستثاره ‪ :‬أيضرب‬
‫سه بعذاب ‪..‬‬ ‫م ّ‬‫وقال ‪ :‬يا زبير ‪ُ ..‬‬ ‫وجه عم رسول الله بالسيف‬
‫فأقبل إليه الزبير متوقدا ً ‪..‬‬ ‫؟!‬
‫فانتفض اليهودي ‪ ..‬وعلم أن‬ ‫وفي موقف آخر ‪..‬‬
‫حييا ً‬‫المر جد ‪ ..‬فقال ‪ :‬قد رأيت ُ‬ ‫يقبل النبي ‪ ε‬على خيبر ‪..‬‬
‫يطوف في خربة ها هنا ‪..‬‬ ‫ويقاتل أهلها قتال ً يسيرا ً ‪..‬‬
‫وأشار إلى بيت قديم خراب ‪..‬‬ ‫ثم يصالحهم ويدخلها ‪..‬‬
‫فذهبوا فطافوا فوجدوا المال‬ ‫واشترط عليهم أن ل يكتموا‬
‫مخبئا ً في الخربة ‪..‬‬ ‫شيئا ً من الموال ‪ ..‬ول‬
‫هذا في حاله ‪ ε‬مع الزبير ‪..‬‬ ‫يغيبوا شيئا ً ‪ ..‬ول يخبئوا‬
‫يعطي القوس باريها ‪..‬‬ ‫ذهبا ً ول فضة ‪ ..‬بل يظهرون‬
‫وكان الصحابة يتعامل بعضهم‬ ‫ذلك كله ويحكم فيه ‪..‬‬
‫مع بعض على هذا الساس ‪..‬‬ ‫ً‬
‫وتوعدهم إن كتموا شيئا أن‬
‫لما مرض رسول الله ‪ ε‬مرض‬ ‫ل ذمة لهم ول عهد ‪..‬‬
‫الموت ‪ ..‬واشتد عليه الوجع ‪..‬‬ ‫وكان حيي بن أخطب من‬
‫لم يستطع القيام ليصلي‬ ‫رؤوسهم ‪ ..‬وكان جاء من‬
‫بالناس ‪..‬‬ ‫المدينة بجلد تيس مدبوغ‬
‫فقال وهو على فراشه ‪ :‬مروا‬ ‫ومخيط ووملوء ذهبا ً وحليا ً ‪..‬‬
‫أبا بكر فليصل بالناس ‪..‬‬ ‫وقد مات حيي وترك‬
‫ً‬
‫وكان أبو بكر رجل ً رقيقا ‪ ..‬وهو‬ ‫المال ‪ ..‬فخبئوه عن رسول‬
‫صاحب رسول الله ‪ ε‬في حياته‬ ‫الله ‪.. ε‬‬
‫وبعد مماته ‪ ..‬وهو صديقه في‬ ‫فقال ‪ ε‬لعم حيي بن‬
‫الجاهلية والسلم ‪ ..‬وهو أبو‬ ‫أخطب ‪ :‬ما فعل مسك حيي‬
‫زوجة النبي ‪ ε‬عائشة ‪ ..‬وهو ‪..‬‬ ‫الذي جاء به من النضير ؟ أي‬
‫وكان يحمل في صدره جبل ً من‬ ‫الجلد المملوء ذهبا ً ‪..‬‬
‫حزن بسبب مرض النبي ‪.. ε‬‬ ‫فقال ‪ :‬أذهبته النفقات‬
‫والحروب ‪..‬‬
‫فلما أمر النبي ‪ ε‬أن يبلغوا أبا‬
‫بكر ليصلي بالناس ‪..‬‬ ‫فتفكر ‪ ε‬في الجواب ‪ ..‬فإذا‬
‫قال بعض الحاضرين عند النبي‬ ‫موت حيي قريب والمال‬

‫‪43‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قـــومكم وإذا هـــم يريـــدون أن‬ ‫‪ : ε‬إن أبا بكر رجل أسيف ‪..‬‬
‫يحتازونا مــن أصــلنا ‪ ..‬ويغصــبونا‬ ‫أي رقيق ‪ ..‬إذا قام مقامك‬
‫المر ‪..‬‬ ‫لم يستطع أن يصلي بالناس‬
‫فلما سكت أردت أن أتكلم ‪ ،‬وقد‬ ‫‪ ..‬أي من شدة التأثر‬
‫زورت فــي نفســي مقالــة قــد‬ ‫والبكاء ‪..‬‬
‫أعجبتني ‪ ،‬أريــد أن أقــدمها بيــن‬ ‫وكان النبي ‪ ε‬يعلم ذلك عن‬
‫يدي أبي بكر ‪ ..‬وكنت أداري منــه‬ ‫أبي بكر ‪ ..‬أنه رجل رقيق‬
‫دة ‪..‬‬‫ح ّ‬
‫بعض ال ِ‬ ‫يغلبه البكاء ‪ ..‬خاصة في هذا‬
‫فقال أبو بكــر ‪ :‬علــى رســلك يــا‬ ‫الموطن ‪..‬‬
‫عمر ‪..‬‬ ‫لكنه ‪ ε‬كان يشير إلى أحقية‬
‫فكرهت أن أغضبه ‪..‬‬ ‫أبي بكر بالخلفة من بعده ‪..‬‬
‫فتكلــم وهــو كــان أعلــم منــي‬ ‫يعني ‪ :‬إذا أنا غير موجود‬
‫وأوقــر ‪ ..‬فــوالله مــا تــرك مــن‬ ‫فأبو بكر يتولى المسئولية ‪..‬‬
‫كلمــة أعجبتنــي مــن تزويــري إل‬ ‫فأعاد ‪ ε‬المر ‪ :‬مروا أبا بكر‬
‫قالها في بديهته ‪ ..‬أو قال مثلها‬ ‫فليصل بالناس ‪ ..‬حتى صلى‬
‫سك َ َ‬
‫ت ‪..‬‬ ‫‪ ..‬أو أفضل منها حتى َ‬ ‫أبو بكر ‪..‬‬
‫قال أبو بكر ‪ :‬أما ما ذكرتم فيكم‬ ‫ومع رقة أبي بكر ‪ ..‬إل أنه‬
‫من خيــر فــأنتم لــه أهــل ‪ ..‬ولــن‬ ‫كان ذا هيبة ‪ ..‬وله حدة‬
‫تعرف العرب هذا المــر إل لهــذا‬ ‫غضب أحيانا ً تكسوه جلل ً ‪..‬‬
‫الحي من قريــش ‪ ..‬هــم أوســط‬
‫وكــان رفيــق دربــه عمــر ‪τ‬‬
‫العرب نسبا ً ودارا ً ‪ ..‬وقد رضــيت‬
‫يراعي ذلك منه ‪..‬‬
‫لكم أحد هذين الرجليــن فبــايعوا‬
‫انظر إليهـم جميعـا ً ‪ .. ψ‬وقـد‬
‫أيهما شئتم ‪..‬‬
‫اجتمعــوا فــي ســقيفة بنــي‬
‫وأخذ بيدي وبيــد أبــي عبيــدة بــن‬
‫ســاعدة ‪ ..‬بعــد وفــاة النــبي‬
‫الجراح وهو جالس بيننا ‪..‬‬
‫ولـــم أكـــره شـــيئا ممـــا قـــاله‬ ‫‪ .. ε‬ليتفقوا على خليفة ‪..‬‬
‫غيرهــا ‪ ..‬كــان واللــه أن أقــدم‬ ‫اجتمــــــــع المهــــــــاجرون‬
‫فتضــرب عنقــي ل يقّربنــي ذلــك‬ ‫والنصار ‪ ..‬وانطلق عمر إلى‬
‫إلى إثم ‪ ..‬أحب إلي من أن أتأمر‬ ‫أبـــي بكـــر واصـــطحبا إلـــى‬
‫على قوم فيهم أبو بكر ‪..‬‬ ‫السقيفة ‪..‬‬
‫سكت الناس ‪..‬‬ ‫قــال عمــر ‪ :‬فأتينــاهم فــي‬
‫فقــال قــائل مــن النصــار ‪ :‬أنــا‬ ‫سقيفة بني ســاعدة ‪ ..‬فلمــا‬
‫جـــذيلها المحكـــك ‪ ..‬وعـــذيقها‬ ‫جلســـــنا تشـــــهد خطيـــــب‬
‫المرجب ‪ ..‬منا أمير ومنكم أميــر‬ ‫النصــار ‪ ..‬وأثنــى علــى اللــه‬
‫يا معشر قريش ‪..‬‬ ‫بما هو له أهل ثم قال ‪:‬‬
‫قال عمر ‪ :‬فكثر اللغط وارتفعت‬ ‫أما بعد فنحــن أنصــار اللــه ‪..‬‬
‫الصـــــوات حـــــتى تخـــــوفت‬ ‫وكتيبــة الســلم ‪ ..‬وأنتــم يــا‬
‫الختلف ‪..‬‬ ‫معشـــر المهـــاجرين رهـــط‬
‫فقلت ‪ :‬ابســط يــدك يــا أبــا بكــر‬ ‫منــا ‪ ..‬وقــد دفــت دافــة مــن‬

‫‪44‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫من زوايا المسجد ‪ ..‬ثم جعل‬ ‫فبســط يــده فبــايعته ‪ ،‬ثــم‬
‫يحرك إزاره !!‬ ‫بايعه المهاجرون ‪ ،‬ثــم بــايعه‬
‫عجبا ً !! ماذا سيفعل ؟!‬ ‫النصار ‪..‬‬
‫رفع طرف إزاره من المام ثم‬ ‫نعم ‪ ..‬كل واحد من الناس‬
‫جلس بكل هدوء ‪ ..‬يبول ‪!!..‬‬ ‫له مفتاح تستطيع به فتح‬
‫عجب الصحابة ‪ ..‬وثاروا ‪ ..‬يبول‬ ‫أبواب قلبه ‪ ..‬وكسب محبته‬
‫في المسجد !!‬ ‫والتأثير عليه ‪..‬‬
‫وجعلوا يتقافزون ليتوجهوا‬ ‫وهذا تلحظه في حياة‬
‫إليه ‪ ..‬والنبي ‪ ε‬يهدئهم ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬أفلم تسمع زملء‬
‫ويسكن غضبهم ‪ ..‬ويردد ‪ :‬ل‬ ‫عملك يوما ً يقولون ‪:‬‬
‫تزرموه ‪ ..‬ل تعجلوا عليه ‪ ..‬ل‬ ‫المدير ‪ ..‬مفتاحه فلن ‪ ..‬إذا‬
‫تقطعوا عليه بوله ‪..‬‬ ‫أردتم شيئا ً فاجعلوا فلنا ً‬
‫والصحابة يلتفتون إليه ‪ ..‬وهو‬ ‫يطلبه لكم ‪ ..‬أو يقنع المدير‬
‫لعله لم يدر عنهم ‪ ..‬ل يزال‬ ‫به ‪..‬‬
‫يبول ‪..‬‬ ‫فلماذا ل تجعل مهاراتك‬
‫والنبي ‪ ε‬يرى هذا المنظر ‪..‬‬ ‫مفاتيح لقلوب الناس ‪..‬‬
‫بول في المسجد ‪ ..‬ويهدئ‬ ‫فتكون رأسا ً ل ذيل ً ‪..‬‬
‫أصحابه !!‬ ‫نعم كن متميزا ً ‪ ..‬وابحث عن‬
‫آآآه مااااا أحلمه !!‬ ‫مفتاح قلب أمك وأبيك‬
‫حتى إذا انتهى العرابي من‬ ‫وزوجتك وولدك ‪..‬‬
‫بوله ‪ ..‬وقام يشد على وسطه‬ ‫اعرف مفتاح قلب مديرك‬
‫إزاره ‪ ..‬دعاه النبي ‪ ε‬بكل‬ ‫في العمل ‪ ..‬زملئك ‪..‬‬
‫رفق ‪..‬‬ ‫ومعرفة هذه المفاتيح تفيدنا‬
‫أقبل يمشي حتى إذا وقف بين‬ ‫حتى في جعلهم يتقبلون‬
‫يديه ‪ ..‬قال له ‪ ε‬بكل رفق ‪:‬‬ ‫النصح الذي يصدر منا لهم ‪..‬‬
‫إن هذه المساجد لم تبن لهذا ‪..‬‬ ‫إذا أحسنا تقديم هذا النصح‬
‫إنما بنيت للصلة وقراءة القرآن‬ ‫بأسلوب مناسب ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فهم ليسوا سواء في‬
‫انتهى ‪ ..‬نصيحة باختصار ‪..‬‬ ‫طريقة النصح ‪ ..‬بل حتى‬
‫هم الرجل ذلك ومضى ‪..‬‬ ‫َ‬ ‫في إنكار الخطأ إذا وقع‬
‫ف ِ‬ ‫منهم ‪..‬‬
‫فلما جاء وقت الصلة أقبل ذاك‬
‫العرابي وصلى معهم ‪..‬‬ ‫وانظر إلى رسول الله ‪ε‬‬
‫كبر النبي ‪ ε‬بأصحابه مصليا ً ‪..‬‬ ‫وقد جلس يوما ً في مجلسه‬
‫المبارك يحدث أصحابه ‪..‬‬
‫فقرأ ثم ركع ‪ ..‬فلما رفع ‪ ε‬من‬
‫فبينما هم على ذلك ‪ ..‬فإذا‬
‫ركوعه قال ‪ :‬سمع الله لمن‬
‫برجل يدخل إلى المسجد ‪..‬‬
‫حمده ‪..‬‬
‫يتلفت يمينا ً ويسارا ً ‪ ..‬فبدل‬
‫فقال المأمومون ‪ :‬ربنا ولك‬
‫أن يأتي ويجلس في حلقة‬
‫الحمد ‪ ..‬إل هذا الرجل قالها‬
‫النبي ‪ .. ε‬توجه إلى زاوية‬
‫‪45‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫عن العطاس ‪ ..‬وكان مما علم‬ ‫وزاد بعدها ‪ :‬اللهم ارحمني‬
‫أصحابه أن إذا سمع المسلم‬ ‫ومحمدا ً ول ترحم معنا‬
‫أخاه عطس فحمد الله فإنه‬ ‫أحدا ً !!‬
‫يقول له ‪ :‬يرحمك الله ‪..‬‬ ‫وسمعه النبي ‪ .. ε‬فلما‬
‫حفظها معاوية ‪ ..‬وذهب بها ‪..‬‬ ‫انتهت الصلة ‪ ..‬التفت ‪ε‬‬
‫وبعد أيام جاء إلى المدينة في‬ ‫إليهم وسألهم عن القائل ‪..‬‬
‫حاجة ‪ ..‬فدخل المسجد فإذا‬ ‫فأشاروا إليه ‪..‬‬
‫النبي عليه الصلة والسلم‬ ‫فناداه النبي ‪ ε‬فلما وقف‬
‫يصلي بأصحابه ‪ ..‬فدخل معهم‬ ‫بين يديه فإذا هو العرابي‬
‫في الصلة ‪..‬‬ ‫نفسه ‪ ..‬وقد تمكن حب‬
‫فبينما هم على ذلك إذ عطس‬ ‫النبي ‪ ε‬من قلبه حتى ود لو‬
‫رجل من المصلين ‪..‬‬ ‫أن الرحمة تصيبهما دون‬
‫فما كاد يحمد الله ‪ ..‬حتى تذكر‬ ‫غيرهما ‪..‬‬
‫معاوية أنه تعلم أن المسلم إذا‬
‫فقال له ‪ ε‬معلما ً ‪ :‬لقد‬
‫عطس فقال الحمد لله ‪ ..‬فإن‬
‫تحجرت واسعا ً !! أي إن‬
‫أخاه يقول له يرحمك الله ‪..‬‬
‫رحمة الله تعالى تسعنا‬
‫فبادر معاوية العاطس قائل ً‬
‫جميعا ً وتسع الناس ‪ ..‬فل‬
‫ل ‪ :‬يرحمك الله ‪.‬‬ ‫بصوت عا ٍ‬ ‫تضيقها علي وعليك ‪..‬‬
‫فاضطرب المصلون ‪ ..‬وجعلوا‬
‫فانظر كيف ملك عليه‬
‫يلتفتون إليه منكرين ‪.‬‬
‫قلبه ‪ ..‬لنه عرف كيف‬
‫فلما رأى دهشتهم ‪ ..‬اضطرب‬
‫ُ‬ ‫يتصرف معه ‪ ..‬فهو أعرابي‬
‫مياه !!‪ ..‬ما‬ ‫وقال ‪ :‬وااااثكل أ ّ‬ ‫أقبل من باديته ‪ ..‬لم يبلغ‬
‫ي ؟ ‪..‬‬ ‫شأنكم تنظرون إل ّ‬ ‫من العلم رتبة أبي بكر‬
‫فجعلوا يضربون بأيديهم على‬
‫وعمر ‪ ..‬ول معاذ وعمار ‪..‬‬
‫أفخاذهم ليسكت ‪..‬‬
‫فل يؤاخذ كغيره ‪..‬‬
‫متونه صمت ‪..‬‬ ‫فلما رآهم يص ّ‬ ‫ً‬
‫وإن شئت فانظر أيضا إلى‬
‫فلما انتهت الصلة ‪..‬‬
‫معاوية بن الحكم ‪ .. τ‬كان‬
‫التفت ‪ ρ‬إلى الناس ‪ ..‬وقد‬
‫من عامة الصحابة ‪ ..‬لم يكن‬
‫سمع جلبتهم وأصواتهم ‪..‬‬
‫يسكن المدينة ‪ ..‬ولم يكن‬
‫وسمع صوت من تكلم ‪ ..‬لكنه‬
‫مجالسا ً للنبي عليه الصلة‬
‫صوت جديد لم يعتد عليه ‪ ..‬فلم‬
‫والسلم ‪..‬‬
‫يعرفه ‪ ..‬فسألهم ‪:‬‬
‫وإنما كان له غنم في‬
‫من المتكلم ‪ ..‬فأشاروا إلى‬
‫الصحراء يتتبع بها‬
‫معاوية ‪..‬‬
‫الخضراء ‪..‬‬
‫فدعاه النبي عليه الصلة‬
‫أقبل معاوية يوما ً إلى‬
‫والسلم إليه ‪..‬‬
‫المدينة فدخل المسجد ‪..‬‬
‫فأقبل عليه معاوية فزعا ً ل‬
‫وجلس إلى رسول الله ‪ρ‬‬
‫يدري بماذا سيستقبله ‪ ..‬وهو‬
‫وأصحابه ‪ ..‬فسمعه يتكلم‬
‫الذي أشغلهم في صلتهم ‪..‬‬
‫‪46‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫مراعيا ً أحوالهم ‪ ..‬لن الخطأ من‬ ‫وقطع عليهم خشوعهم ‪..‬‬
‫مثلهم ل يستغرب ‪..‬‬ ‫قال معاوية ‪ : τ‬فبأبي هو‬
‫أما معاذ بن جبل فقــد كــان مــن‬ ‫وأمي ‪ .. ρ‬والله ما رأيـت‬
‫أقرب الصحابة إلى رسول الله ‪ε‬‬ ‫معلما ً قبله ول بعده أحسن‬
‫‪ ..‬ومن أكثرهم حرصا ً على طلب‬ ‫تعليما ً منه ‪ ..‬والله ما كهرني‬
‫العلم ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ول ضربني ‪ ..‬ول‬
‫فكان تعامل النبي ‪ ‬مع أخطائه‬ ‫شتمني ‪..‬‬
‫مختلف ـا ً عــن تعــامله مــع أخطــاء‬ ‫وإنما قال ‪ :‬يا معاوية ‪ ..‬إن‬
‫غيره ‪..‬‬ ‫هذه الصلة ل يصلح فيها‬
‫كان معاذ يصلي مع رســول اللــه‬ ‫شيء من كلم الناس ‪ ..‬إنما‬
‫‪ ε‬العشــاء ‪ ..‬ثــم يرجــع فيصــلي‬ ‫هي التسبيح والتكبير ‪..‬‬
‫بقــومه العشــاء إمام ـا ً بهــم فــي‬ ‫وقراءة القرآن ‪ ..‬انتهى ‪..‬‬
‫مســجدهم ‪ ..‬فتكــون الصــلة لــه‬ ‫نصيحة باختصار ‪..‬‬
‫نافلة ولهم فريضة ‪..‬‬ ‫ففهمها معاوية ‪..‬‬
‫رجع معاذ ذات ليلة لقومه ودخل‬ ‫ثم ارتاحت نفسه ‪ ..‬واطمأن‬
‫مسجدهم فكبر مصليا ً بهم ‪..‬‬ ‫قلبه ‪ ..‬فجعل يسأل النبي‬
‫أقبل فتى من قومه ودخـل معـه‬ ‫عليه الصلة والسلم عن‬
‫فــي الصــلة ‪ ..‬فلمــا أتــم معــاذ‬ ‫ص أموره ‪..‬‬ ‫خوا ّ‬
‫الفاتحــة قــال " ول الضــالين "‬ ‫فقال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬إني‬
‫فقالوا " آمين " ‪..‬‬ ‫حديث عهد بجاهلية ‪ ..‬وقد‬
‫ثم افتتح معاذ سورة البقرة !!‬ ‫جاء الله بالسلم ‪ ..‬وإن منا‬
‫كــان النــاس فــي تلــك اليــام‬ ‫رجال ً يأتون الكهان ) وهم‬
‫يتعبون في العمل في مزارعهم‬ ‫الذين يدعون علم الغيب ( ‪..‬‬
‫ورعيهم دوابهم طوال النهــار ‪..‬‬ ‫يعني فسألونهم عن‬
‫ثــم ل يكــادون يصــلون العشــاء‬ ‫الغيب ‪..‬‬
‫حتى يأوون إلى فرشهم ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ρ‬فل تأتهم ‪ ..‬يعني‬
‫هــــذا الشــــاب ‪ ..‬وقــــف فــــي‬ ‫لنك مسلم ‪ ..‬والغيب ل‬
‫الصلة ‪ ..‬ومعاذ يقرأ ويقرأ ‪..‬‬ ‫يعلمه إل الله ‪..‬‬
‫فلمــــا طــــالت الصــــلة علــــى‬ ‫قال معاوية ‪ :‬ومنا رجال‬
‫الفــتى ‪ ..‬أتــم صــلته وحــده ‪..‬‬ ‫يتطيرون ) أي يتشاءمون‬
‫وخرج من المسجد وانطلــق إلــى‬ ‫بالنظر إلى الطير ( ‪..‬‬
‫بيته ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ρ‬ذاك شيء يجدونه‬
‫انتهى معاذ من الصلة ‪..‬‬ ‫في صدورهم ‪ ..‬فل يصدنهم‬
‫فقال له بعض القوم ‪ :‬يا معاذ ‪..‬‬ ‫) أي ل يمنعهم ذلك عن‬
‫فلن دخل معنا في الصلة ‪ ..‬ثم‬ ‫وجهتهم ‪ ..‬فإن ذلك ل يؤثر‬
‫خرج منها لما أطلت ‪..‬‬ ‫نفعا ً ول ضرا ً ( ‪..‬‬
‫فغضب معاذ وقــال ‪ :‬إن هــذا بــه‬ ‫هــذا تعــامله ‪ ‬مــع أعرابــي‬
‫لنفـاق ‪ ..‬لخـبرن رسـول اللـه ‪ε‬‬ ‫بــال فــي المســجد ‪ ..‬ورجــل‬
‫بالذي صنع ‪..‬‬ ‫تكلم فــي الصـلة ‪ ..‬عــاملهم‬
‫‪47‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫معاذا ً كذلك ‪..‬‬ ‫فــأبلغوا ذلــك الشــاب بكلم‬
‫فقال في آخــر كلمــه ‪ :‬وإنــي ل‬ ‫معــاذ ‪ ..‬فقــال الفــتى ‪ :‬وأنــا‬
‫أدري ما دنــدنتك ودندنــة معــاذ ‪..‬‬ ‫لخبرن رسول اللــه ‪ ε‬بالــذي‬
‫أي دعاؤكمــا الطويــل ل أعــرف‬ ‫صنع ‪..‬‬
‫مثله !!‬ ‫فغــدوا علــى رســول اللــه ‪ε‬‬
‫فقال ‪ : ε‬إني ومعاذ حول هاتين‬ ‫فــأخبره معــاذ بالــذي صــنع‬
‫ندندن ‪ ..‬يعنـي دعاؤنـا هـو فيمـا‬ ‫الفتى ‪..‬‬
‫تدعو به ‪ ..‬حول الجنة والنار ‪..‬‬ ‫فقــال الفــتى ‪ :‬يــا رســول‬
‫فقــال الشــاب ‪ :‬ولكــن ســيعلم‬ ‫اللــه ‪ ..‬يطيــل المكــث عنــدك‬
‫معاذ إذا قدم القـوم وقـد خـبروا‬ ‫ثـــم يرجـــع فيطيـــل علينـــا‬
‫أن العدو قــد أتــوا ‪ ..‬مــا أصــنع ‪..‬‬ ‫الصلة ‪ ..‬والله يا رسول الله‬
‫يعنــي فــي الجهــاد فــي ســبيل‬ ‫إنا لنتأخر عــن صــلة العشــاء‬
‫الله ‪ ..‬سيتبين لمعاذ إيماني وهو‬ ‫مما يطول بنا معاذ ‪..‬‬
‫الذي يصفني بالنفاق !‬ ‫فسأل اللــه النــبي ‪ ε‬معــاذا ً ‪:‬‬
‫فمــا لبثــوا أيام ـا ً ‪ ..‬حــتى قــامت‬ ‫ماذا تقرأ ؟!‬
‫معركــة فقاتــل فيهــا الشــاب ‪..‬‬ ‫فـإذا بمعـاذ يخـبره أنـه يقـرأ‬
‫فاستشهد ‪.. τ‬‬ ‫بــالبقرة ‪ ..‬و ‪ ..‬وجعــل يعــدد‬
‫فلما علم به ‪ .. ε‬قال لمعاذ ‪ :‬مــا‬ ‫السور الطوال ‪..‬‬
‫فعــل خصــمي وخصــمك ؟ يعنــي‬ ‫فغضب النبي ‪ ‬لما علــم أن‬
‫الذي اتهمته يا معاذ بالنفاق ‪..‬‬ ‫الناس يتــأخرون عــن الصــلة‬
‫قال معاذ ‪ :‬يا رسول الله ‪ ،‬صدق‬ ‫بســـبب الطالـــة ‪ ..‬وكيـــف‬
‫ت ‪ ..‬لقد استشهد ‪..‬‬ ‫الله وكذب ُ‬ ‫صارت الصلة ثقيلة عليهم ‪..‬‬
‫فتأمل الفرق في طبائع الرجال‬ ‫فــالتفت إلــى معــاذ وقــال ‪:‬‬
‫‪ ..‬ومقاماتهم ‪ ..‬وكيف أدى إلى‬ ‫أفتان أنت يا معاذ ‪..‬؟!‬
‫اختلف تعامل النبي ‪ ‬معهم ‪..‬‬ ‫يعنــي تريــد أن تفتــن النــاس‬
‫بل ‪ ..‬انظر إلى تعامله ‪ ‬مع‬ ‫وتبغضهم في دينهم ‪..‬‬
‫أسامة بن زيد ‪ ..‬وهو حبيب‬ ‫اقرأ بـ "السماء والطارق" ‪،‬‬
‫رسول الله ‪ .. ‬وقد تربى في‬ ‫"والســــماء ذات الــــبروج" ‪،‬‬
‫بيته ‪..‬‬ ‫"والشـــــمس وضـــــحاها" ‪،‬‬
‫بعث النبي ‪ ε‬أصحابه إلى‬ ‫"والليل إذا يغشى" ‪..‬‬
‫الحرقات من قبيلة جهينة ‪..‬‬ ‫ثم التفت ‪ ε‬إلى الفتى وقال‬
‫وكان أسامة بن زيد ‪ τ‬من ضمن‬ ‫له متلطفا ً ‪ :‬كيف تصنع أنــت‬
‫المقاتلين بالجيش ‪..‬‬ ‫يا بن أخي إذا صليت ؟‬
‫ابتدأ القتال ‪ ..‬في الصباح ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أقرأ بفاتحة الكتــاب ‪..‬‬
‫انتصر المسلمون وهرب مقاتلو‬ ‫وأسأل اللــه الجنــة ‪ ..‬وأعــوذ‬
‫العدو ‪..‬‬ ‫به من النار ‪..‬‬
‫كان من بين جيش العدو رجل‬ ‫ثــم تــذكر الفــتى أنــه يــرى‬
‫يقاتل ‪ ..‬فلما رأى أصحابه‬ ‫النبي ‪ ε‬يدعو ويكثر ‪ ..‬ويــرى‬

‫‪48‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قتله ‪..‬‬ ‫منهزمين ‪ ..‬ألقى سلحه‬
‫عادوا إلى المدينة تداعب‬ ‫وهرب ‪..‬فلحقه أسامة ومعه‬
‫قلوبهم نشوة النتصار ‪..‬‬ ‫رجل من النصار ‪ ..‬ركض‬
‫وقف أسامة بين يدي النبي ‪.. ε‬‬ ‫الرجل وركضوا خلفه ‪ ..‬وهو‬
‫وحكى له قصة المعركة ‪..‬‬ ‫يشتد فزعا ً ‪..‬‬
‫وأخبره بخبر الرجل وما كان منه‬ ‫حتى عرضت لهم شجرة‬
‫‪..‬‬ ‫فاحتمى الرجل بها ‪..‬‬
‫كان قصة المعركة تحكي انتصارا ً‬ ‫فأحاط به أسامة‬
‫للمسلمين ‪ ..‬وكان ‪ ε‬يستمع‬ ‫والنصاري ‪ ..‬ورفعا عليه‬
‫مبتهجا ً ‪..‬‬ ‫السيف ‪..‬‬
‫لكن أسامة قال ‪ .. :‬ثم قتلته ‪..‬‬ ‫فلما رأى الرجل السيفين‬
‫فتغير النبي ‪ .. ε‬وقال ‪ :‬قال ل‬ ‫س‬
‫يلتمعان فوق رأسه ‪ ..‬وأح ّ‬
‫إله إل الله ‪ ..‬ثم قتلته ؟!!‬ ‫الموت يهجم عليه ‪ ..‬انتفض‬
‫قلت ‪ :‬يا رسول الله لم يقلها‬ ‫وجعل يجمع ما تبقى من‬
‫ريقه في فمه ‪ ..‬ويردد فزعا ً‬
‫من قبل نفسه ‪ ..‬إنما قالها‬
‫فرقا من السلح ‪..‬‬ ‫‪ :‬أشهد أن ل إله إل الله ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ε‬قال ل إله إل الله ‪..‬‬ ‫وأشهد أن محمدا ً عبده‬
‫ثم قتلته !! هل شققت عن قلبه‬ ‫ورسوله ‪..‬‬
‫حتى تعلم أنه إنما قالها فرقا ً‬ ‫تحير النصاري وأسامة ‪..‬‬
‫من السلح ‪..‬‬ ‫هل أسلم الرجل فعل ً ‪ ..‬أم‬
‫أنها حيلة افتعلها ‪..‬‬
‫وجعل ‪ ε‬يحد بصره إلى أسامة‬
‫كانوا في ساحة قتال ‪..‬‬
‫ويكرر ‪ :‬قال ل إله إل الله ثم‬
‫والمور مضطربة ‪ ..‬يتلفتون‬
‫قتلته ‪ !!..‬قال ل إله إل الله ثم‬ ‫حولهم فل يرون إل أجسادا ً‬
‫قتلته ‪ !!..‬ثم قتلته ‪ !!..‬كيف لك‬
‫ممزقة‪..‬وأيدي مقطعة‪..‬قد‬
‫بل إله إل الله إذا جاءت تحاجك‬
‫اختلط بعضها ببعض ‪..‬الدماء‬
‫يوم القيامة !!‬
‫تسيل‪..‬النفوس ترتجف ‪..‬‬
‫وما زال ‪ ε‬يكرر ذلك على أسامة‬
‫الرجل بين أيديهما ينظران‬
‫‪..‬‬
‫إليه ‪ ..‬ل بد من السراع‬
‫قال أسامة ‪ :‬فما زال يكررها‬
‫باتخاذ القرار ‪ ..‬ففي أي‬
‫علي حتى وددت أني لم أكن‬
‫لحظة قد يأتي سهم طائش‬
‫أسلمت إل يؤمئذ ‪..‬‬
‫أو غير طائش ‪ ..‬فيرديهما‬
‫رأي ‪..‬‬ ‫قتيلين ‪..‬‬
‫ل تحســب النــاس نوعــا ً واحــدا ً‬
‫لم يكن هناك مجال للتفكير‬
‫فلهم‬ ‫الهادئ ‪..‬‬
‫طبائع لست‬ ‫فأما النصاري فكف‬
‫تحصيهن ألوان‬ ‫سيفه ‪..‬‬
‫وأما أسامة فظن أنها‬
‫اختر الكلم‬ ‫‪.18‬‬ ‫حيلة ‪ ..‬فضربه بالسيف حتى‬
‫‪49‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بتعامل الزواج مع زوجاتهم ‪..‬‬ ‫المناسب ‪..‬‬
‫أظننا نتفق على ذلك ‪..‬‬ ‫يتبع ما سبق أيضا ً طريقة‬
‫إذن من أساليب جذب الناس‬ ‫الكلم مع الناس ونوعية‬
‫اختيار الحاديث التي يحبونها ‪..‬‬ ‫الحاديث التي تثار معهم ‪..‬‬
‫وإثارتها ‪..‬‬ ‫فإذا جلست مع أحد فأثر‬
‫كأب له ولد متفوق ‪ ..‬من‬ ‫الحاديث المناسبة له ‪..‬‬
‫المناسب أن تسأله عنه ‪ ..‬لنه‬ ‫وهذا من طبيعة البشر ‪..‬‬
‫بل شك يفخر به ويحب أن يذكره‬ ‫فالحاديث التي تثيرها مع‬
‫دائما ً ‪..‬‬ ‫شاب تختلف عن الحاديث‬
‫أو رجل فتح دكانا ً وكسب منه‬ ‫مع الشيخ ‪..‬‬
‫أرباحا ً ‪ ..‬فمن المناسب أن‬ ‫ومع العالم تختلف عن‬
‫تسأله عن دكانه وإقبال الناس‬ ‫الجاهل ‪..‬‬
‫عليه ‪ ..‬لن هذا يفرحه ‪..‬‬ ‫ومع الزوجة تختلف عن‬
‫وبالتالي يحبك ويحب‬ ‫الخت ‪..‬‬
‫مجالستك ‪..‬‬ ‫ل أعني الختلف التام ‪..‬‬
‫وقد كان النبي ‪ ρ‬يراعي ذلك ‪..‬‬ ‫بحيث إن القصة التي تحكيها‬
‫فحديثه مع الشاب يختلف عن‬ ‫للخت ل يصح أن تحكيها‬
‫حديثه مع الشيخ ‪ ..‬أو المرأة ‪..‬‬ ‫للزوجة ! أو التي تذكرها‬
‫أو الطفل ‪..‬‬ ‫للشاب ل يصح أن يسمعها‬
‫جابر بن عبد الله ‪ τ‬الصحابي‬ ‫الشيخ !! ل ‪..‬‬
‫الجليل ‪ ..‬قتل أبوه في معركة‬ ‫وإنما أعني الختلف اليسير‬
‫أحد ‪ ..‬وخلف عنده تسع أخوات‬ ‫الذي يطرأ على أسلوب‬
‫ليس لهن عائل غيره ‪ ..‬وخلف‬ ‫عرض القصة وربما كيانها‬
‫دينا ً كثيرا ً ‪ ..‬على ظهر هذا‬ ‫كله ‪..‬‬
‫الشاب الذي ل يزال في أول‬ ‫وبالمثال يتضح المقال ‪..‬‬
‫شبابه ‪..‬‬ ‫لو جلست مع ضيوف كبار‬
‫فكان جابر دائما ً ساهم الفكر ‪..‬‬ ‫في السن جاوزت أعمارهم‬
‫دينه‬‫منشغل البال بأمر َ‬ ‫الثمانين أقبلوا زائرين لجدك‬
‫وأخواته ‪ ..‬والغرماء يطالبونه‬ ‫‪ ..‬فهل من المناسب أن‬
‫صباحا ً ومساءً ‪..‬‬ ‫تقص عليهم وأنت ضاحك‬
‫خرج جابر مع النبي ‪ ρ‬في غزوة‬ ‫مستبشر قصتك لما ذهبت‬
‫ذات الرقاع ‪ ..‬وكان لشدة فقره‬ ‫مع زملئك للبر ؟! وكيف أن‬
‫على جمل كليل ضعيف ما يكاد‬ ‫فلنا ً سجل هدفا ً أثناء لعب‬
‫يسير ‪ ..‬ولم يجد جابر ما يشتري‬ ‫الكرة ‪ ..‬وكيف ثبت الكرة‬
‫به جمل ً ‪ ..‬فسبقه الناس وصار‬ ‫برأسه ثم ضربها بركبته ‪ ..‬ل‬
‫هو في آخر القافلة ‪..‬‬ ‫شك أنه غير مناسب ‪..‬‬
‫وكان النبي ‪ ρ‬يسير في آخر‬ ‫وكذلك لو تحدثت مع أطفال‬
‫الجيش ‪ ..‬فأدرك جابرا ً وجمله‬ ‫صغار ‪ ..‬من غير المناسب‬
‫ب به دبيبا ً ‪ ..‬والناس قد‬ ‫أن تذكر لهم قصصا ً تتعلق‬
‫يد ّ‬
‫‪50‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بكرا ً في أول زواج له ‪ ..‬يتزوج‬ ‫سبقوه ‪..‬‬
‫ثيبا ً ‪..‬‬ ‫فقال النبي ‪ : ρ‬مالك يا جابر‬
‫فقال ملطفا ً لجابر ‪ :‬هل بكرا ً‬ ‫؟‬
‫تلعبها وتلعبك ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬يا رسول الله أبطأ بي‬
‫فقال جابر ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬إن‬ ‫جملي هذا ‪..‬‬
‫أبي قتل في أحد ‪ ..‬وترك تسع‬ ‫فقال النبي ‪ : ρ‬أنخه ‪..‬‬
‫ع غيري ‪..‬‬ ‫أخوات ليس لهن را ٍ‬ ‫فأناخه جابر وأناخ النبي ‪ρ‬‬
‫فكرهت أن أتزوج فتاة مثلهن‬ ‫ناقته ‪..‬‬
‫فتكثر بينهن الخلفات ‪..‬‬ ‫ثم قال ‪ :‬أعطني العصا من‬
‫فتزوجت امرأة أكبر منهن‬ ‫يدك أو اقطع لي عصا من‬
‫لتكون مثل أمهن ‪..‬‬ ‫شجرة ‪..‬فناوله جابر‬
‫هذا معنى كلم جابر ‪..‬‬ ‫العصا ‪..‬‬
‫رأى النبي ‪ ε‬أن أمامه شاب‬ ‫ك الجمل على الرض كليل ً‬ ‫بَر َ‬
‫ضحى بمتعته الخاصة لجل‬ ‫ضعيفا ً ‪..‬‬
‫أخواته ‪..‬‬ ‫فأقبل ‪ ε‬إلى الجمل وضربه‬
‫فأراد ‪ ε‬أن يمازحه بكلمات تصلح‬ ‫بالعصا شيئا ً يسيرا ً ‪..‬‬
‫للشباب ‪ ..‬فقال له ‪:‬‬ ‫فنهض الجمل يجري قد امتل‬
‫لعلنا إذا أقبلنا إلى المدينة أن‬ ‫نشاطا ً ‪ ..‬فتعلق به جابر‬
‫ننزل في صرار )‪ .. (24‬فتسمع بنا‬ ‫وركب على ظهره ‪..‬‬
‫زوجتك فتفرش لك النمارق ‪..‬‬ ‫مشى جابر بجانب النبي ‪.. ε‬‬
‫يعني وإن كنت تزوجت ثيبا ً إل‬ ‫فرحا ً مستبشرا ً ‪ ..‬وقد صار‬
‫أنها ل تزال عروسا ً تفرح بك إذا‬ ‫جمله نشيطا ً سابقا ً ‪..‬‬
‫قدمت وتبسط فراشها ‪ ..‬وتصف‬ ‫التفت ‪ ε‬إلى جابر ‪ ..‬وأراد‬
‫عليه الوسائد ‪..‬‬ ‫أن يتحدث معه ‪..‬‬
‫فتذكر جابر فقره وفقر‬ ‫فما هي الحاديث التي‬
‫أخواته ‪ ..‬فقال ‪ :‬نمارق !! والله‬
‫اختارها النبي ‪ ε‬ليثيرها مع‬
‫يا رسول الله ما عندنا نمارق ‪..‬‬
‫جابر ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ε‬إنه ستكون لكم نمارق‬ ‫جابر كان شابا ً في أول‬
‫إن شاء الله ‪..‬‬ ‫شبابه ‪..‬‬
‫ثم مشيا ‪ ..‬فأراد ‪ ε‬أن يهب‬ ‫هموم الشباب في الغالب‬
‫لجابر مال ً ‪..‬‬ ‫تدور حول الزواج ‪ ..‬وطلب‬
‫فالفت إليه وقال ‪ :‬يا جابر ‪..‬‬ ‫الرزق ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬لبيك يا رسول الله ‪..‬‬ ‫قال ‪ : ε‬يا جابر ‪ ..‬هل‬
‫فقال ‪ :‬أتبيعني جملك ؟‬ ‫تزوجت ‪..‬؟‬
‫تفكر جابر فإذا جمله هو رأس‬ ‫قال جابر ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫ماله ‪ ..‬هكذا كان وهو كليل‬ ‫قال ‪ :‬بكرا ً ‪ ..‬أم ثيبا ً ‪..‬‬
‫ضعيف ‪ ..‬فكيف وقد صار قويا ً‬
‫قال ‪ :‬بل ثيبا ً ‪..‬‬
‫فعجب النبي ‪ ε‬كيف أن شابا ً‬
‫) ( موضع على بعد ‪5‬كم من المدينة‬ ‫‪24‬‬

‫‪51‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫خذ الجمل وأعطه جابرا ً ‪..‬‬ ‫جلدا ً !!‬
‫جبذ بلل الجمل ومضى به إلى‬ ‫لكنه رأى أنه ل مجال لرد‬
‫جابر ‪ ..‬فلما وصل به إليه ‪..‬‬ ‫طلب رسول الله ‪.. ε‬‬
‫تعجب جابر ‪ ..‬هل ألغيت‬ ‫مه يا رسول‬ ‫س ْ‬‫قال جابر ‪ُ :‬‬
‫الصفقة ؟!‬ ‫الله ‪ ..‬بكم ؟‬
‫قال بلل ‪ :‬خذ الجمل يا جابر ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ε‬بدرهم !!‬
‫قال جابر ‪ :‬ما الخبر !!‪..‬‬ ‫قال جابر ‪ :‬درهم !! تغبنني‬
‫قال بلل ‪ :‬قد أمرني رسول‬ ‫يا رسول الله ‪..‬‬
‫الله ‪ ε‬أن أعطيك الجمل ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ε‬بدرهمين ‪..‬‬
‫والمال ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬تغبنني يا رسول‬
‫فرجع جابر إلى رسول الله ‪ε‬‬ ‫الله ‪..‬‬
‫وسأله عن الخبر ‪ ..‬أما تريد‬ ‫فما زال يتزايدان حتى بلغا‬
‫الجمل !!‬ ‫به أربعين درهما ً ‪ ..‬أوقية‬
‫فقال ‪ : ε‬أتراني ماكستك لخذ‬ ‫من ذهب ‪..‬‬
‫جملك ‪..‬‬ ‫فقال جابر ‪ :‬نعم ‪ ..‬ولكن‬
‫يعني أنا لم أكن أطالبك بخفض‬ ‫أشترط عليك أن أبقى عليه‬
‫السعر لجل أن آخذ الجمل وإنما‬ ‫إلى المدينة ‪..‬‬
‫لجل أن أقدر كم أعطيك من‬ ‫قال ‪ : ρ‬نعم ‪..‬‬
‫المال معونة لك على أمورك ‪..‬‬ ‫فلما وصلوا إلى المدينة ‪..‬‬
‫فما أرفع هذه الخلق ‪ ..‬يختار‬ ‫مضى جابر إلى منزله وأنزل‬
‫ما يناسب الشاب من أحاديث ‪..‬‬ ‫متاعه من على الجمل‬
‫ثم لما أراد أن يحسن إليه‬ ‫ومضى ليصلي مع النبي ‪ρ‬‬
‫ويتصدق عليه ‪ ..‬غلف ذلك‬ ‫وربط الجمل عند المسجد ‪..‬‬
‫باللطف والدب ‪..‬‬ ‫فما خرج النبي ‪ ρ‬قال‬
‫وفي أحد اليام يجلس إلى‬ ‫جابر ‪ :‬يا رسول الله هذا‬
‫النبي ‪ ε‬شاب اسمه جليبيب ‪..‬‬ ‫جملك ‪..‬‬
‫من خيار شباب الصحابة ‪ ..‬لكنه‬ ‫فقال ‪ : ρ‬يا بلل ‪ ..‬أعط‬
‫كان فقيرا ً معدما ً ‪..‬‬ ‫جابرا ً أربعين درهما ً وزده ‪..‬‬
‫وكان ‪ τ‬في وجهه دمامة ‪..‬‬ ‫فناول بلل جابرا ً أربعين‬
‫جلس يوما ً عند رسول الله ‪.. ε‬‬ ‫درهما ً وزاده ‪..‬‬
‫فما هي الحاديث التي حرص‬ ‫فحمل جابر المال ومضى به‬
‫النبي ‪ ε‬على إثارتها معه ؟ شاب‬ ‫يقلبه بين يديه ‪ ..‬متفكرا ً في‬
‫في ريعان شبابه ‪ ..‬أعزب ‪..‬‬ ‫حاله !! ماذا يفعل بهذا‬
‫هل يتحدث معه عن أنساب‬ ‫المال ؟! أيشتري به جمل ً ‪..‬‬
‫العرب والرفيع منها والوضيع ؟‬ ‫أم يبتاع به متاعا ً لبيته ‪..‬‬
‫أم يتحدث عن السواق وأحكام‬ ‫أم ‪..‬‬
‫البيوع ؟‬ ‫وفجأة التفت رسول الله ‪ε‬‬
‫ل ‪ ..‬فهذا شاب له نوع خاص من‬ ‫إلى بلل وقال ‪ :‬يا بلل ‪..‬‬

‫‪52‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قى !!‬ ‫حل ْ َ‬
‫دميم ‪ ..‬فقالت ‪َ :‬‬ ‫الحاديث يفضله على‬
‫لجليبيب ‪..‬؟ ل لعمر الله ل أزوج‬ ‫غيره ‪..‬‬
‫جليبيبا ً ‪ ..‬وقد منعناها فلنا ً‬ ‫أثار معه ‪ ε‬موضوع الزواج‬
‫وفلنا ً ‪..‬‬ ‫والحديث حوله ‪ ..‬فلطالما‬
‫فاغتم أبوها لذلك ‪ ..‬وقام ليأتي‬ ‫طرب الشباب لهذه‬
‫رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫المواضيع ‪..‬‬
‫فصاحت الفتاة من خدرها‬ ‫ثم عرض عليه رسول الله‬
‫بأبويها ‪ :‬من خطبني إليكما ؟‬ ‫التزويج ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫ً‬
‫فقال ‪ :‬إذن تجدني كاسدا ‪..‬‬
‫قالت ‪ :‬أتردان على رسول الله‬ ‫فقال ‪ :‬غير أنك عند الله‬
‫‪ ρ‬أمره ؟ ادفعاني إلى رسول‬ ‫لست بكاسد ‪..‬‬
‫الله ‪ .. ρ‬فإنه لن يضيعني ‪..‬‬ ‫فلم يزل النبي ‪ ρ‬يتحين‬
‫فكأنما جّلت عنهما ‪ ..‬واطمأّنا ‪..‬‬ ‫الفرص لتزويج جليبيب ‪..‬‬
‫فذهب أبوها إلى النبي ‪ρ‬‬ ‫حتى جاء رجل من النصار‬
‫فقال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬شأنك‬ ‫يوما ً يعرض ابنته الثيب على‬
‫وجها جليبيبا ً ‪..‬‬ ‫بها فز ّ‬ ‫رسول الله ‪ .. ρ‬ليتزوجها ‪..‬‬
‫فزوجها النبي ‪ ρ‬جليبيبا ً ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ρ‬نعم يا فلن ‪..‬‬
‫ودعا لها وقال ‪ :‬اللهم صب‬ ‫زوجني ابنتك ‪..‬‬
‫عليهما الخير صبا ً ‪ ..‬ول تجعل‬ ‫قال ‪ :‬نعم ونعمين ‪ ..‬يا‬
‫عيشهما كدا ً كدا ً ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪..‬‬
‫فلم يمض على زواجه أيام ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ρ‬إني لست أريدها‬
‫حتى خرج النبي ‪ ρ‬في غزوة ‪..‬‬ ‫لنفسي ‪..‬‬
‫وخرج معه جليبيب ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فلمن ؟!‬
‫فلما انتهى القتال ‪ ..‬وبدأ الناس‬ ‫قال ‪ :‬لجليبيب ‪..‬‬
‫يتفقد بعضهم بعضا ً ‪..‬‬ ‫قال الرجل متفاجئا ً ‪:‬‬
‫سألهم النبي ‪ : ρ‬هل تفقدون‬ ‫جليبيب !! جليبيب !! يا‬
‫من أحد قالوا ‪ :‬نفقد فلنا ً وفلنا ً‬ ‫رسول الله !! حتى استأمر‬
‫‪..‬‬ ‫أمها ‪..‬‬
‫فسكت قليل ً ثم قال ‪ :‬هل‬ ‫أتى الرجل زوجته فقال ‪ :‬إن‬
‫تفقدون من أحد ؟‬ ‫رسول الله يخطب ابنتك ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬نفقد فلنا وفلنا ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬نعم ‪ ..‬ونعمين ‪..‬‬
‫فسكت ثم قال ‪ :‬هل تفقدون‬ ‫وج رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫ز ّ‬
‫من أحد ؟‬ ‫قال ‪ :‬إنه ليس يريدها‬
‫قالوا ‪ :‬نفقد فلنا ً وفلنا ً ‪..‬‬ ‫لنفسه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ولكني أفقد جليبيبا ً ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬فلمن ؟‬
‫فقاموا يبحثون عنه ‪ ..‬ويطلبــونه‬ ‫قال ‪ :‬يريدها لجليبيب ‪..‬‬
‫في القتلــى ‪ ..‬فلــم يجــدوه فــي‬ ‫فتفاجأت المرأة أن ُتزف‬
‫ساحة القتال ‪..‬‬ ‫ابنتها إلى رجل فقير‬

‫‪53‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قال ‪ :‬إذا كنت راضية قلت ‪ :‬ل‬ ‫ثــــم وجــــدوه فــــي مكــــان‬
‫ورب محمد ) ‪ .. ( ε‬وإذا كنت‬ ‫قريب ‪ ..‬إلى جنب سبعة مــن‬
‫غضبى قلت ‪ :‬ل ورب إبراهيم )‬ ‫المشــركين قــد قتلهــم ثــم‬
‫‪.. ( ε‬‬ ‫قتلوه ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬نعم ‪ ..‬والله يا رسول‬ ‫فوقــف النــبي ‪ ρ‬ينظــر إلــى‬
‫الله ل أهجر إل اسمك ‪..‬‬ ‫جثته ‪ ..‬ثم قال ‪ :‬قتل ســبعة‬
‫فهل نراعي هذا نحن اليوم ؟‬ ‫ثم قتلــوه ‪ ..‬قتــل ســبعة ثــم‬
‫قتلوه ‪ ..‬هذا مني وأنا منه ‪..‬‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫ثم حمله رسول اللــه ‪ ρ‬علــى‬
‫تحدث مع الناس بما يستمتعون‬ ‫ســـــاعديه ‪ ..‬وأمرهـــــم أم‬
‫هم باستماعه ‪ ..‬ل بما تستمتع‬ ‫يحفروا له قبره ‪..‬‬
‫أنت بحكايته ‪..‬‬ ‫قــال أنــس ‪ :‬فمكثنــا نحفــر‬
‫القبر ‪ ..‬وجليبيب ماله ســرير‬
‫كن لطيفا ً عند أول‬ ‫‪.19‬‬ ‫غير ساعدي رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫لقاء ‪..‬‬ ‫حتى حفر له ثــم وضــعه فــي‬
‫انتشر في بعض أرياف مصر‬ ‫لحده ‪..‬‬
‫برهة من الزمن أن الرجل‬ ‫قال أنــس ‪ :‬فــوالله مــا كــان‬
‫العروس قبيل ليلة عرسه يخبئ‬ ‫في النصار أيم أنفق منها ‪..‬‬
‫في غرفته قطا ً ‪..‬‬ ‫أي تســـابق الرجـــال إليهـــا‬
‫فإذا دخل بزوجته إلى مكان‬ ‫كلهم يخطبها بعد جليبيب ‪..‬‬
‫فراش الزوجية ‪ ..‬حرك كرسيا ً‬ ‫هكذا كان ‪ ‬يختار لكل أحد‬
‫ليخرج ذلك القط ‪ ..‬فإذا خرج‬ ‫ما يناسبه من أحاديث ‪..‬‬
‫أقبل العروس يستعرض قواه‬ ‫حتى ل تمل مجالسه ‪..‬‬
‫أمام زوجته ‪ ..‬وقبض على القط‬ ‫جلس ‪ ‬يوما ً مع زوجه‬
‫المسكين ‪ ..‬ثم خنقه وعصره ‪..‬‬ ‫عائشة ‪..‬‬
‫حتى يموت بين يديه ‪!!..‬‬ ‫فما الحاديث المناسب‬
‫أتدري لماذا ؟!‬ ‫إثارتها بين الزوجين ‪..‬؟‬
‫لجل أن يطبع صورة الرعب‬ ‫هل كلمها عن غزو الروم ؟‬
‫والهيبة منه في ذهن زوجته من‬ ‫ونوع السلحة التي‬
‫أول لقاء ‪..‬‬ ‫استخدمت في القتال ؟ كل‬
‫وأذكر أني لما تخرجت من‬ ‫فليست هي أبو بكر !!‬
‫الجامعة ‪ ..‬وتعينت معيدا ً في‬ ‫أم حدثها عن فقر بعض‬
‫إحدى الكليات ‪ ..‬أوصاني معلم‬ ‫المسلمين وحاجتهم ؟ كل‬
‫قديم قائل ً ‪:‬‬ ‫فليست عثمان !!‬
‫في أول محاضرة لك عند‬ ‫إنما قال لها بعاطفة‬
‫شدّ عليهم ‪ ..‬وانظر‬ ‫الطلب ‪ُ ..‬‬ ‫الزوجية ‪ :‬إني لعرف إن‬
‫إليهم بعين حمراء !! حتى‬ ‫كانت راضية عني ‪ ..‬وإذا‬
‫يخافوا منك وتفرض قوة‬ ‫كنت غضبى ‪!! ..‬‬
‫شخصيتك من البداية ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬كيف ؟‬
‫‪54‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فلن ‪ ..‬سأدرسكم مادة كذا ‪..‬‬ ‫تذكرت هذا ‪ ..‬وأنا أكتب هذا‬
‫ولكن قبل أن أبدأ الشرح ‪..‬‬ ‫الباب ‪ ..‬فأيقنت أن من‬
‫أريدكم أن تعبئوا هذه الستمارة‬ ‫المور المقررة عند جميع‬
‫‪ ..‬دون كتابة السم ‪..‬‬ ‫الناس أن اللقاء الول في‬
‫ثم وزع عليهم استمارة تقييم‬ ‫الغالب يطبع أكثر من ‪%70‬‬
‫للمدرس ‪ ..‬فيها خمسة أسئلة ‪:‬‬ ‫من الصورة عنك ‪ ..‬وهي ما‬
‫‪ .1‬ما رأيك بأخلق‬ ‫يسمى بالصورة الذهنية ‪..‬‬
‫مدرسك ؟‬ ‫أذكر أن مجموعة من‬
‫‪ .2‬ما رأيك بطريقة شرحه‬ ‫الضباط سافروا إلى أمريكا‬
‫؟‬ ‫في دورة تدريبية ‪..‬‬
‫‪ .3‬هل يقبل الرأي‬ ‫كانت الدورة في التعامل‬
‫الخر ؟‬ ‫الوظيفي ‪..‬‬
‫‪ .4‬ما مدى رغبتك في‬ ‫في أول يوم ‪ ..‬حضروا إلى‬
‫الدراسة لديه مرة أخرى ؟‬ ‫القاعة مبكرين ‪ ..‬جعلوا‬
‫‪ .5‬هل تفرح بمقابلته‬ ‫يتحدثون ‪ ..‬ويتعارفون ‪..‬‬
‫خارج المعهد ؟‬ ‫دخل عليهم المدرس فجأة‬
‫كان أمام كل سؤال منها ‪..‬‬ ‫فسكتوا ‪ ..‬فوقعت عين‬
‫اختيارات ‪ :‬ممتاز ‪ ..‬جيد ‪..‬‬ ‫المدرس على طالب ل يزال‬
‫مقبول ‪ ..‬ضعيف ‪..‬‬ ‫متبسما ً ‪..‬‬
‫عبأ لطلب الستمارة وأعادوها‬ ‫فصرخ به ‪ :‬لماذا تضحك ؟‬
‫إليه ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬عذرا ً ‪ ..‬ما ضحكت ‪..‬‬
‫وضعها جانبا ً ‪ ..‬وبدأ يشرح تأثير‬ ‫قال ‪ :‬بلى تضحك ‪..‬‬
‫فن التعامل في الجو‬ ‫ثم جعل يؤنبه ‪ :‬أنت إنسان‬
‫الوظيفي ‪..‬‬ ‫غير جاد ‪ ..‬المفروض أن‬
‫ثم قال ‪ :‬أوه !‪ ..‬لماذا نحرم‬ ‫تعود لهلك على أول رحلة‬
‫زميلكم من الستفادة ‪..‬‬ ‫طيران ‪ ..‬ل أتشرف بتدريس‬
‫فخرج إليه ‪ ..‬وصافحه وابتسم‬ ‫مثلك ‪..‬‬
‫له ‪ ..‬وأدخله القاعة ‪..‬‬ ‫والطالب المسكين قد تلون‬
‫ثم قال ‪ :‬يبدو أنني غضبت عليك‬ ‫وجهه ‪ ..‬وجعل ينظر إلى‬
‫قبل قليل من غير سبب حقيقي‬ ‫مدرسه ‪ ..‬ويلتفت إلى‬
‫‪ ..‬لكني كنت أعاني من مشكلة‬ ‫زملئه ‪ ..‬ويحاول حفظ ما‬
‫خاصة ‪ ..‬أدت بي أن أصب‬ ‫تبقى من ماء وجهه ‪..‬‬
‫غضبي عليك ‪ ..‬فأنا أعتذر‬ ‫ثم حدق المدرس فيه النظر‬
‫إليك ‪ ..‬فأنت طالب حريص ‪..‬‬ ‫عابسا ً وأشار إلى الباب‬
‫يكفي في الدللة على حرصك‬ ‫وقال ‪ :‬أخرج ‪..‬‬
‫تركك لهلك وولدك ومجيؤك هنا‬ ‫قام الطالب مضطربا ً ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫وخرج ‪..‬‬
‫أشكرك ‪ ..‬بل أشكركم جميعا ً‬ ‫نظر المدرس إلى بقية‬
‫على حرصكم ‪ ..‬ومن أعظم‬ ‫الطلب وقال ‪ :‬أنا الدكتور‬
‫‪55‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫رسول الله ‪ ρ‬في المدينة ‪..‬‬ ‫الشرف لي أن أدرس‬
‫قدم وفد عبد القيس ‪ ..‬على‬ ‫مثلكم ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ .. ρ‬فلما رآهم وهم‬ ‫ثم تلطف معهم وضحك‬
‫على رحالهم قبل أن ينزلوا ‪..‬‬ ‫قليل ً ‪..‬‬
‫بادرهم قائل ً ‪:‬‬ ‫ثم أخذ مجموعة جديدة من‬
‫مرحبا ً بالقوم ‪ ..‬غير خزايا ‪ ..‬ول‬ ‫الستمارات وقال ‪:‬‬
‫ندامى ‪..‬‬ ‫ما دام أن زميلكم فاته تعبئة‬
‫فاستبشروا ‪ ..‬وتواثبوا من‬ ‫الستمارة فما رأيكم أن‬
‫رحالهم ‪ ..‬وأقبلوا إليه‬ ‫تعبئوها كلكم من جديد ‪..‬‬
‫يتسابقون للسلم عليه ‪..‬‬ ‫ووزع عليهم الوراق ‪..‬‬
‫ثم قالوا ‪:‬‬ ‫فعبئوها وأعادوها إليه ‪..‬‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬إن بيننا وبينك‬ ‫فأخرج الستمارات التي‬
‫هذا الحي من المشركين من‬ ‫عبئوها في البداية ‪ ..‬وأخرج‬
‫مضر ‪..‬‬ ‫الخيرة وجعل يقارن بينها ‪..‬‬
‫وإنا ل نصل إليك إل في الشهر‬ ‫فإذا الخانة الخاصة بـ ضعيف‬
‫الحرام ‪ ..‬حين يقف القتال ‪..‬‬ ‫في التعبئة الولى كلها‬
‫فحدثنا بجميل من المر ‪ ..‬إن‬ ‫مليئة ‪..‬‬
‫عملنا به دخلنا الجنة ‪ ..‬وندعو به‬ ‫أما الثانية فليس فيها‬
‫من وراءنا ‪..‬‬ ‫ضعيف ول مقبول ‪ ..‬أبدا ً ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ε‬آمركم بأربع ‪..‬‬ ‫فضحك وقال لهم ‪:‬‬
‫كان ما رأيتم دليل ً عمليا ً‬
‫وأنهاكم عن أربع ‪..‬‬
‫آمركم باليمان بالله ‪ ..‬وهل‬ ‫على تأثير التعامل السيء‬
‫تدرون ما اليمان بالله ؟‬ ‫على بيئة العمل بين المدير‬
‫قالوا ‪ :‬الله ورسوله أعلم ‪..‬‬ ‫وموظفيه ‪ ..‬وما فعلته‬
‫قال ‪ :‬شهادة أن ل إله إل الله ‪..‬‬ ‫بزميلكم كان تمثيل ً أردت أن‬
‫وإقام الصلة ‪ ..‬وإيتاء الزكاة ‪..‬‬ ‫أجريه أمامكم ‪ ..‬لكن‬
‫وأن تعطوا الخمس من‬ ‫المسكين صار ضحية ‪..‬‬
‫الغنائم ‪..‬‬ ‫فانظروا كيف تغيرت‬
‫وأنهاكم عن أربع ‪ :‬عن نبيذ في‬ ‫نظرتكم بمجرد تغير تعاملي‬
‫الدباء ‪ ..‬والنقير والحنتم ‪..‬‬ ‫معكم ‪..‬‬
‫والمزفت )‪.. (25‬‬ ‫هذا من طبيعة النسان ‪..‬‬
‫وفي موقف آخر ‪..‬‬ ‫فل بد من مراعاته ‪ ..‬خاصة‬
‫كان ‪ ε‬مسافرا ً مع أصحابه ليلة ‪..‬‬ ‫مع من تلتقي بهم لمرة‬
‫فســـاروا فـــي ليلهـــم مســـيرا ً‬ ‫واحدة فقط ‪..‬‬
‫طـــويل ً ‪ ..‬حـــتى إذا كـــان آخـــر‬ ‫كان المعلم الول ‪ ε‬يأسر‬
‫الليل ‪ ..‬نزلوا في طرف الطريق‬ ‫قلوب الناس من أول لقاء ‪..‬‬
‫ليناموا ‪..‬‬ ‫بعد فتح مكة ‪ ..‬تمكن‬
‫السلم ‪..‬‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪25‬‬ ‫وبدأت الوفود تتسابق إلى‬
‫‪56‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪.. ε‬‬ ‫فغلبتهم أعينهم حتى طلعت‬
‫فســألها عــن المــاء ‪ ..‬فحــدثته‬ ‫الشمس وارتفعت ‪..‬‬
‫بمثل الذي حدثتنا به ‪ ..‬غير أنهــا‬ ‫فكان أول من اســتيقظ مــن‬
‫شكت إليه أنها أم أيتام ‪..‬‬ ‫منامه أبو بكر ‪ ..‬ثم اســتيقظ‬
‫فتنـــاول ‪ ε‬مزادتهـــا ‪ ..‬فســـمى‬ ‫عمر ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬ومسح عليها ‪..‬‬ ‫فقعد أبو بكر عند رأسه ‪.. ε‬‬
‫ثم جعل ‪ ε‬يفرغ من قربتيها في‬ ‫فجعل يكــبر ويرفــع صــوته ‪..‬‬
‫آنيتنا ‪ ..‬فشربنا عطاشــا ً أربعيــن‬ ‫حتى استيقظ النبي ‪.. ε‬‬
‫رجل ً ‪ ..‬حتى روينا ‪..‬‬ ‫فنزل وصلى بهم الفجر ‪..‬‬
‫وملنا كل قربة معنا ‪..‬‬ ‫فلما انتهى من صلته التفت‬
‫ثم تركنا قربتيها ‪ ..‬وهما أكثر ما‬ ‫فــرأى رجل ً مــن القــوم لــم‬
‫تكون امتلءً ‪..‬‬ ‫يصل معهم ‪..‬‬
‫ثم قال ‪ : ε‬هاتوا ما عندكم ‪ ..‬أي‬ ‫فقال ‪ :‬يا فلن ‪ ..‬مــا يمنعــك‬
‫طعام ‪..‬‬ ‫أن تصلي معنا ؟‬
‫فجمع لها من كسر الخبز والتمر‬ ‫قــال ‪ :‬أصــابتني جنابــة ‪ ..‬ول‬
‫‪..‬‬ ‫ماء ‪..‬‬
‫فقــال لهــا ‪ :‬اذهــبي بهــذا معــك‬ ‫فأمره ‪ ε‬أن يتيمم بالصعيد ‪..‬‬
‫لعيالك ‪ ..‬واعلمي أنا لــم نــرزأك‬ ‫ثم صلى ‪..‬‬
‫مــن مــائك شــيئا ً ‪ ..‬غيــر أن اللــه‬ ‫ثــــــم أمــــــر ‪ ε‬أصــــــحابه‬
‫سقانا ‪..‬‬ ‫بالرتحال ‪..‬‬
‫ثـــم ركبـــت المـــرأة بعيرهـــا ‪..‬‬ ‫وليس معهم ماء ‪ ..‬فعطشوا‬
‫مستبشـــرة بمـــا حصـــلت مـــن‬ ‫عطشا ً شديدا ً ‪ ..‬ولــم يقفــوا‬
‫طعام ‪..‬‬ ‫على بئر ول ماء ‪..‬‬
‫حــتى وصــلت أهلهــا ‪ ..‬فقــالت ‪:‬‬ ‫قال عمران بن حصين ‪:‬‬
‫أتيت أسحر الناس ‪ ..‬أو هــو نــبي‬ ‫فبينما نحن نسير فــإذا نحــن‬
‫كما زعموا ‪..‬‬ ‫بــامرأة علــى بعيــر ‪ ..‬ومعهــا‬
‫فعجــب قومهــا مــن قصــتها مــع‬ ‫مزادتان ) قربتان ( ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ .. ε‬فلم يمـر عليهـم‬ ‫فقلنا لها ‪ :‬أين الماء ؟!‬
‫زمــن حــتى أســلمت وأســلموا ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬إنه ل ماء ‪..‬‬
‫)‪(26‬‬
‫فقلنا ‪ :‬كم بيــن أهلــك وبيــن‬
‫نعم ‪ ..‬أعجبت بتعامله وكرمه‬ ‫الماء ؟‬
‫معها من أول لقاء ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬يوم وليلة ‪..‬‬
‫وفي يوم أقبل رجل إلى رسول‬ ‫فقلنا ‪ :‬انطلقي إلى رســول‬
‫الله ‪ .. ε‬فسأله مال ً ‪ ..‬فأعطاه‬ ‫الله ‪.. ε‬‬
‫النبي ‪ ε‬قطيعا ً من غنم بين‬ ‫قالت ‪ :‬وما رسول الله ‪!!..‬‬
‫جبلين ‪..‬‬ ‫فسقناها معنا طمعا ً أن تدلنا‬
‫فرجع الرجل إلى قومه ‪..‬‬ ‫على الماء ‪..‬‬
‫حــتى أقبلنــا بهــا إلــى النــبي‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪26‬‬

‫‪57‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ن‬‫الرض اللينة ‪ ..‬فأنت حذر متأ ّ‬ ‫فقال ‪:‬‬
‫في الولى ‪ ..‬بينما أنت مرتاح‬ ‫يا قوم ‪ ..‬أسلموا فإن محمدا ً‬
‫مطمئن في الثانية ‪..‬‬ ‫يعطي عطاء من ل يخاف‬
‫وهكذا الناس ‪..‬‬ ‫الفاقة ‪..‬‬
‫قال ‪ ) ε‬إن الله تعالى خلق آدم‬ ‫قال أنس ‪ :‬وقد كان الرجل‬
‫من قبضة قبضها من جميع‬ ‫يجيء إلى رسول الله ‪ ε‬ما‬
‫الرض فجاء بنو آدم على قدر‬ ‫يريد إل الدنيا ‪ ..‬فما يمسي‬
‫الرض فجاء منهم ‪:‬‬ ‫حتى يكون دينه أحب إليه ‪..‬‬
‫الحمر‬ ‫•‬ ‫وأعز عليه ‪ ..‬من الدنيا وما‬
‫والبيض‬ ‫•‬ ‫فيها )‪.. (27‬‬
‫والسود‬ ‫•‬
‫وبين ذلك‬ ‫•‬ ‫اقتراح ‪..‬‬
‫والسهل‬ ‫•‬ ‫أول لقاء يطبع ‪ %70‬من‬
‫الصورة عنك ‪ ..‬فعامل كل‬
‫والحزن‬ ‫•‬
‫إنسان على أن هذا هو‬
‫والخبيث‬ ‫•‬
‫)‪(28‬‬ ‫اللقاء الول والخير‬
‫والطيب ( ‪..‬‬ ‫•‬
‫بينكما ‪..‬‬
‫فعند تعاملك مع الناس انتبه إلى‬
‫هذا – وانتبهي ‪ -‬سواء تعاملت‬
‫الناس كمعادن‬ ‫‪.20‬‬
‫مع ‪:‬‬
‫الرض ‪..‬‬
‫قريب كأب وأم وزوجة وولد ‪..‬‬
‫لو تأملت في الناس لوجدت‬
‫أو بعيد كجار وزميل وبائع ‪..‬‬
‫أن لهم طبائع كطبائع‬
‫ولعلك تلحظ أن طبائع الناس‬
‫الرض ‪..‬‬
‫تؤثر فيهم حتى عند اتخاذ‬
‫فمنم الرفيق اللين ‪ ..‬ومنهم‬
‫قراراتهم ‪..‬‬
‫الصلب الخشن ‪ ..‬ومنهم‬
‫وحتى تتيقن ذلك ‪ ..‬اعمل هذه‬
‫الكريم كالرض المنبتة‬
‫التجربة ‪:‬‬
‫الكريمة ‪ ..‬ومنهم البخيل‬
‫إذا وقعت بينك وبين زوجتك‬
‫كالرض الجدباء التي ل‬
‫مشكلة ‪ ..‬فاستشر أحد زملئك‬ ‫ً‬
‫تمسك ماءً ول تنبت كل ‪..‬‬
‫ممن تعلم أنه صلب خشن ‪ ..‬قل‬
‫إذن الناس أنواع ‪..‬‬
‫له ‪ :‬زوجتي كثيرة المشاكل‬
‫ولو تأملت لوجدت أنك عند‬
‫معي ‪ ..‬قليلة الحترام لي ‪..‬‬
‫تعاملك مع أنواع الرض‬
‫ي ‪..‬‬
‫فأشر عل ّ‬ ‫تراعي حال الرض وطبيعتها‬
‫كأني به سيقول ‪ :‬الحريم ما‬
‫‪..‬‬
‫يصلح معهن إل العين الحمراء !!‬
‫فطريقة مشيك على الرض‬
‫دقّ خشمها ! خل شخصيتك قوية‬
‫الصلبة ‪ ..‬تختلف عن‬
‫عليها !! كن رجل ً !!‬
‫طريقتك في المشي على‬
‫‪ ( ) 28‬رواه أبو داود والترمذي وقال حسن‬
‫صحيح‬ ‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪27‬‬

‫‪58‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ثم حدثته نفسه بالتوبة ‪ ..‬فسأل‬ ‫وبالتالي قد تثور أنت‬
‫عن أعلم أهل الرض فدلوه‬ ‫ويخرب عليك بيتك بهذه‬
‫على عابد في صومعته ‪ ..‬ل يكاد‬ ‫الكلمات ‪..‬‬
‫يفارق مصله ‪ ..‬يمضي وقته ما‬ ‫أكمل التجربة ‪..‬‬
‫بين بكاء ودعاء ‪ ..‬هين لين‬ ‫اذهب إلى صديق آخر تعرف‬
‫عاطفته جياشة ‪..‬‬ ‫أنه هين لين لطيف ‪ ..‬وقل‬
‫دخل هذا الرجل على العابد ‪..‬‬ ‫له ما قلت للول ‪..‬‬
‫وقف بين يديه ثم فجعه بقوله ‪:‬‬ ‫ستجد حتما ً أنه يقول ‪ :‬يا‬
‫أنا قتلت تسعا ً وتسعين نفسا ً ‪..‬‬ ‫أخي هذه أم عيالك ‪ ..‬وما‬
‫فهل لي من توبة ؟‬ ‫فيه زواج يخلو من مشاكل ‪..‬‬
‫هذا العابد ‪ ..‬أظنه لو قتل نملة‬ ‫اصبر عليها ‪ ..‬وحاول أن‬
‫من غير قصد لقضى بقية يومه‬ ‫تتحملها ‪ ..‬وهذه مهما صار‬
‫باكيا ً متأسفا ً ‪ ..‬فكيف سيكون‬ ‫فهي زوجتك ‪ ..‬وشريكتك‬
‫جوابه لرجل قتل بيده ‪99‬‬ ‫في الحياة ‪..‬‬
‫نفسا ً ‪..‬‬ ‫فانظر كيف صارت طبيعة‬
‫انتفض العابد ‪ ..‬ولم يتخيل ‪99‬‬ ‫الشخص تؤثر في آرائه‬
‫جثة بين يديه يمثلها هذا الرجل‬ ‫وقراراته ‪..‬‬
‫الواقف أمامه ‪..‬‬ ‫لذلك نهى النبي ‪ ε‬أن يقضي‬
‫صاح العابد ‪ :‬ل ‪ ..‬ليس لك‬ ‫القاضي بين اثنين وهو‬
‫توبة ‪ ..‬ليس لك توبة ‪..‬‬ ‫عطشان ! أو جوعان ! أو‬
‫ول تعجب أن يصدر هذا الجواب‬ ‫حابس لبول أو غائط ! لن‬
‫من عابد قليل العلم ‪ ..‬يحكم في‬ ‫هذه المور قد تغير‬
‫المور بعاطفته ‪..‬‬ ‫نفسيته ‪ ..‬وبالتالي قد تؤثر‬
‫هذا القاتل لما سمع الجواب ‪..‬‬ ‫عليه في اتخاذ قراره في‬
‫وهو الرجل الصلب الخشن ‪..‬‬ ‫الحكم ‪..‬‬
‫غضب واحمرت عيناه ‪ ..‬وتناول‬ ‫كان في المم السابقة رجل‬
‫سكينه ثم انهال طعنا ً في جسد‬ ‫سفاح !! سفاح ؟! نعم‬
‫العابد حتى مزقه ‪ ..‬ثم خرج‬ ‫سفاح ‪ ..‬لم يقتل رجل ً واحدا ً‬
‫ثائرا ً من الصومعة ‪..‬‬ ‫ول اثنين ‪ ..‬ول عشرة ‪..‬‬
‫ومضت اليام ‪ ..‬فحدثته نفسه‬ ‫وإنما قتل تسعا ً وتسعين‬
‫بالتوبة مرة أخرى ‪..‬‬ ‫نفسا ً ‪..‬‬
‫فسأل عن أعلم أهل الرض ‪..‬‬ ‫ل أدري كيف نجا من الناس‬
‫فدله الناس على رجل عالم ‪..‬‬ ‫وانتقامهم ‪ ..‬لعله كان‬
‫مضى يمشي حتى دخل على‬ ‫مخيفا ً جدا ً إلى درجة أنه ل‬
‫العالم ‪ ..‬فلما وقف بين يديه‬ ‫أحد يجرؤ على القتراب‬
‫فإذا به يرى رجل ً رزينا ً يزينه‬ ‫منه ‪ ..‬أو أنه كان يتخفى في‬
‫وقار العلم والخشية ‪..‬‬ ‫البراري والمغارات ‪ ..‬ل‬
‫فأقبل القاتل إليه سائل ً بكل‬ ‫أدري بالضبط ‪ ..‬المهم أنه‬
‫جرأة ‪ :‬إني قتلت مائة نفس !!‬ ‫ارتكب ‪ 99‬جريمة قتل !!‬
‫‪59‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فكان الحكم أن يقيسوا ما بين‬ ‫فهل لي من توبة ؟!‬
‫البلدين ‪ ..‬بلد الطاعة وبلد‬ ‫فأجابه العالم فورا ً ‪:‬‬
‫المعصية ‪ ..‬فإلى أيتهما كان‬ ‫سبحاااان الله ‪ !!..‬ومن‬
‫أقرب ‪.‬ز فإنه لها ‪..‬‬ ‫يحول بينك وبين التوبة ؟!!‬
‫وأوحى الله تعالى إلى بلد‬ ‫جواب رائع !! فعل ً من يحول‬
‫الرحمة أن تقاربي ‪ ..‬وإلى بلد‬ ‫بينه وبين التوبة ؟! فالخالق‬
‫المعصية أن تباعدي ‪ ..‬فكان‬ ‫في السماء ل تستطيع أي‬
‫أقرب إلى بلد الطاعة فأخذته‬ ‫قوة في العالم ان تحول‬
‫ملئكة الرحمة ‪..‬‬ ‫بينك وبين النابة إليه‬
‫حتى المفتين في المسائل‬ ‫والنكسار بين يديه ‪..‬‬
‫الشرعية تجد مع السف أن‬ ‫ثم قال العالم الذي كان‬
‫بعضهم تغلبه عاطفته أحيانا ً ‪..‬‬ ‫يتخذ قراراته بناء على العلم‬
‫أذكر أن أحد جيراني كان كثير‬ ‫والشرع ‪ ..‬ل بناء على‬
‫الخلفات مع زوجته ‪..‬‬ ‫طبيعته ومشاعره ‪ ..‬أو قل‬
‫اشتد الخلف يوما ً فطلقها‬ ‫على عاطفته وأحاسيسه ‪..‬‬
‫تطليقه ‪ ..‬ثم راجعها ‪..‬‬ ‫قال العالم ‪ :‬لكنك بأرض‬
‫ثم اشتد أخرى ‪ ..‬فطلقها‬ ‫سوء ‪..‬‬
‫ثانية ‪ ..‬ثم راجعها ‪..‬‬ ‫عجبا ً ! كيف علم ؟ عرف‬
‫وكنت كلما قابلته أحذره وأوصيه‬ ‫ذلك بناء على كبر الجرائم‬
‫‪ ..‬وأذكره بأبنائه الصغار ‪..‬‬ ‫كر‬ ‫من ِ‬
‫مدافع له الـ ُ‬ ‫وقلة الـ ُ‬
‫وأهمية اعتبارهم والعناية بهم ‪..‬‬ ‫عليه ‪ ..‬فعلم أن البلد أصل ً‬
‫وأكرر عليه ‪:‬‬ ‫ينتشر فيها القتل والظلم‬
‫لم يبق لك إل طلقة واحدة –‬ ‫إلى درجة أنه ل أحد ينتصر‬
‫الثالثة – فإن أوقعتها لم تحل‬ ‫للمظلوم ‪..‬‬
‫لك مراجعتها إل بعد زواجها من‬ ‫قال ‪ :‬إنك بأرض سوء ‪..‬‬
‫آخر وتطليقه لها ‪ ..‬فاتق الله ‪..‬‬ ‫فاذهب إلى بلد كذا وكذا‬
‫ول تخرب بيتك ‪..‬‬ ‫فإن بها قوما ً يعبدون الله‬
‫حتى جاءني يوما ً متغير الوجه‬ ‫فاعبد الله معهم ‪..‬‬
‫وقال ‪ :‬يا شيخ تخاصمنا‬ ‫ذهب الرجل يمشي تائبا ً‬
‫وطلقتها الثالثة !!‬ ‫منيبا ً ‪ ..‬فمات قبل أن يصل‬
‫وهذا الكلم منه ليس غريبا ً ‪..‬‬ ‫إلى البلد المقصود ‪..‬‬
‫إنما الغريب أنه قال بعدها ‪ :‬ما‬ ‫نزلت ملئكة الرحمة وملئكة‬
‫تعرف لي شيخا ً حبيبا ً يفتيني‬ ‫العذاب ‪..‬‬
‫الن أراجعها !!‬ ‫فأما ملئكة الرحمة فقالت ‪:‬‬
‫فعجبت منه ‪ ..‬ثم تأملت في‬ ‫أقبل تائبا ً منيبا ً ‪..‬‬
‫الحال فاكتشفت ما تقرر قبل‬ ‫وأما ملئكة العذاب فقالت ‪:‬‬
‫قليل أن كثيرا ً من الناس تختلف‬ ‫لم يعمل خيرا ً قط ‪..‬‬
‫آراؤهم – وربما اختياراتهم‬ ‫فبعث الله إليهم ملكا ً في‬
‫الفقهية – تأثرا ً بعاطفته‬ ‫صورة رجل ليحكم بينهم ‪..‬‬
‫‪60‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ورؤية فلن ‪ ..‬لكني مرتبط‬ ‫وطبيعته ‪..‬‬
‫بشغل هااام ‪ ..‬فبلغه سلمي ‪..‬‬ ‫وبعض الناس تعلم من‬
‫ولعلي أراه في وقت آخر ‪..‬‬ ‫طبيعته أنه شديد الحب‬
‫فأدركت أنت من معرفتك‬ ‫للمال ‪ ..‬فل تعجب إذا رأيته‬
‫بطبيعته أنه يخشى أن يجيء ‪..‬‬ ‫يذل نفسه لرباب الموال ‪..‬‬
‫فيضطر إلى أن يدعو الضيف‬ ‫يهمل أولده وبيته لجل‬
‫إلى بيته ويصنع له وليمة تكلفه‬ ‫جمعه ‪ ..‬يقتر على من‬
‫مبلغا ً وقدره ‪ !! ..‬وهو يريد‬ ‫يعول ‪ ..‬ل تعجب فهو‬
‫التوفير ‪..‬‬ ‫طماع ‪ ..‬بل إن اتخاذه‬
‫فقلت له ‪ :‬عموما ً هذا الضيف‬ ‫لقراراته وتبنيه لقناعاته‬
‫لن يبقى في البلد سيسافر بعد‬ ‫ينبني كثيرا ً على هذه‬
‫الغداء مباشرة ‪ ..‬فقال ‪ :‬آآآ ‪..‬‬ ‫الطبيعة ‪ ..‬فإذا أردت أن‬
‫إذن سأؤجل شغلي وآتي‬ ‫تتعامل معه أو تطلب منه‬
‫لرؤيته !!‬ ‫شيئا ً فضع في نفسك قبل‬
‫وبعض من تخالطهم من الناس‬ ‫أن تتكلم أنه محب للمال ‪..‬‬
‫يكون اجتماعيا ً أسريا ً ‪ ..‬يحب‬ ‫فحاول أن ل تعارض هذه‬
‫أسرته ‪ ..‬ل يصبر على‬ ‫الطبيعة فيه حتى تحصل‬
‫فراقهم ‪ ..‬اطلب منه أي شيء‬ ‫على ما تريد منه ‪..‬‬
‫إل أن يبتعد عن أولده بسفر أو‬ ‫ولن المثلة مفاتيح‬
‫نحوه ‪ ..‬فل تكلفه ما ل يطيق ‪..‬‬ ‫الفهوم ‪ ..‬خذ مثال ً ‪:‬‬
‫إلى غير ذلك من طبائع الناس ‪..‬‬ ‫نفرض أنك زرت مستشفى‬
‫يعجبني بعض الناس الذي يملك‬ ‫وقابلت مصادفة صديقا ً‬
‫فن اصطياد جميع القلوب ‪..‬‬ ‫قديما ً كان زميل ً لك أيام‬
‫فإذا سافر مع بخلء اقتصد حتى‬ ‫الجامعة ‪ ..‬فدعوته إلى‬
‫ل يحرجهم فأحبوه ‪..‬‬ ‫وليمة غداء في بيتك ‪..‬‬
‫وإن جالس عاطفيين زاد من‬ ‫فوافق ‪..‬‬
‫نسبة عاطفته فأحبوه ‪..‬‬ ‫فذهبت إلى السوق‬
‫وإن مشى مع فكاهيين مرحين‬ ‫واشتريت حاجات ثم رجعت‬
‫ضحك ومزح وجاملهم فأحبوه ‪..‬‬ ‫إلى البيت لتستعد وجعلت‬
‫يلبس لكل حالة لبوسها ‪ ..‬إما‬ ‫تتصل بعدد من زملئكم‬
‫نعيمها وإما بؤسها ‪..‬‬ ‫السابقين تدعوهم‬
‫عد بذاكرتك قليل ً معي ‪..‬‬ ‫و ُ‬ ‫لمشاركتكم الوليمة ورؤية‬
‫وانظر إلى رسول الله ‪ ‬وقد‬ ‫صاحبك ‪ ..‬من بين هؤلء‬
‫أقبل بالكتائب لفتح مكة ‪..‬‬ ‫صديق ‪ -‬من البخلء الذين‬
‫كان أبو سفيان قد خرج إلى‬ ‫استولى حب المال على‬
‫النبي ‪ ‬قبل أن يدخل مكة ‪..‬‬ ‫قلوبهم ‪ -‬اتصلت به فرحب‬
‫فأسلم ‪..‬‬ ‫وحّيا ‪ ..‬فلما أخبرته عن‬
‫في قصة طويلة ‪ ..‬الشاهد منها‬ ‫الوليمة ‪ ..‬قال ‪ :‬آآه ‪ ..‬يا‬
‫أنه لما أسلم قال العباس ‪:‬‬ ‫ليتني أستطيع الحضور‬
‫‪61‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قال ‪ :‬مالي ولسليم ‪!!..‬‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬إن أبا‬
‫ثم مرت به الثانية ‪..‬‬ ‫سفيان رجل يحب الفخر‬
‫قال ‪ :‬يا عباس من هؤلء ؟‬ ‫فاجعل له شيئا ً ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬مزينة ‪..‬‬ ‫فقال ‪ " : ρ‬نعم ‪ ..‬من دخل‬
‫قال ‪ :‬مالي ولمزينة ‪!!..‬‬ ‫دار أبي سفيان فهو آمن ‪..‬‬
‫حتى نفدت الكتائب ‪ ..‬وهو ما‬ ‫ومن أغلق عليه بابه فهو‬
‫تمر كتيبة إل سأل العباس‬ ‫آمن ‪ ..‬ومن دخل المسجد‬
‫عنها ‪..‬‬ ‫فهو آمن ‪..‬‬
‫فإذا أخبره ‪ ..‬قال ‪ :‬مالي ولبني‬ ‫فلما ذهب أبو سفيان‬
‫فلن ‪..‬‬ ‫لينصرف إلى مكة ‪..‬‬
‫حتى مر رسول الله ‪ ρ‬في كتيبته‬ ‫نظر إليه رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫الخضراء ‪ ..‬وفيها المهاجرون‬ ‫فإذا هو الذي استنفر قريشا ً‬
‫والنصار ‪ ..‬قد غطوا أجسادهم‬ ‫لحربه في بدر ‪..‬‬
‫بالحديد ‪ ..‬فل يرى منهم إل‬ ‫واستنفرها لحربه في أحد ‪..‬‬
‫عيونهم ‪..‬‬ ‫ثم استنفرها لحربه في‬
‫فقال ‪ :‬سبحان الله يا عباس !‬ ‫الخندق ‪..‬‬
‫من هؤلء ؟‬ ‫وإذا رجل قائد ‪ ..‬قد طحنته‬
‫فقال العباس ‪ :‬هذا رسول الله‬ ‫الحرب وطحنها ‪..‬‬
‫‪ ρ‬في المهاجرين والنصار ‪..‬‬ ‫وإذا هو حديث عهد بإسلم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬هذا الموت الحمر ‪ ..‬والله‬ ‫فأراد رسول الله ‪ ρ‬أن يريه‬
‫ما لحد بهؤلء من قبل ول‬ ‫قوة السلم ‪..‬‬
‫طاقة ‪..‬‬ ‫فقال ‪ " : ‬يا عباس ‪..‬‬
‫ثم قال ‪ :‬والله يا أبا الفضل لقد‬ ‫قال ‪ :‬لبيك يا رسول الله ‪..‬‬
‫أصبح ملك ابن أخيك عظيما ً !‬ ‫قال ‪ :‬احبس أبا سفيان‬
‫قال العباس ‪ :‬يا أبا سفيان ‪..‬‬ ‫بمضيق الوادي عند خطم‬
‫إنها النبوة ‪..‬‬ ‫الجبل حتى تمر به جنود الله‬
‫فقال أبو سفيان ‪ :‬فنعم إذن ‪..‬‬ ‫فيراها ‪..‬‬
‫فلما تجاوزتهم الخيل ‪ ..‬صاح به‬ ‫أي أوقفه على طريق‬
‫العباس ‪ ..‬النجاءَ إلى قومك ‪..‬‬ ‫الجيش وهو يدخل مكة ‪..‬‬
‫فمضى أبو سفيان سريعا ً إلى‬ ‫فخرج العباس بأبي‬
‫مكة ‪..‬‬ ‫سفيان ‪ ..‬حتى وقف معه‬
‫وجعل يصرخ بأعلى صوته ‪:‬‬ ‫بمضيق الوادي ‪ ..‬حيث‬
‫يا معشر قريش ‪ ..‬هذا محمد قد‬ ‫تتدفق الكتائب كالسيل إلى‬
‫جاءكم فيما ل قبل لكم به ‪..‬‬ ‫مكة ‪..‬‬
‫فمن دخل دار أبي سفيان فهو‬ ‫وجعلت الكتائب تمر عليه‬
‫آمن ‪..‬‬ ‫براياتها ‪ ..‬فلما مرت الكتيبة‬
‫قالوا ‪ :‬قاتلك الله ! وما تغني‬ ‫الولى قال ‪ :‬يا عباس من‬
‫عنا دارك ؟‬ ‫هؤلء ؟‬
‫قال ‪ :‬ومن أغلق عليه بابه فهو‬ ‫قال العباس ‪ :‬سليم ‪..‬‬
‫‪62‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فلما انتهى إلى رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫آمن ‪ ..‬ومن دخل المسجد‬
‫كلمه بما يصلح لمثله ‪..‬‬ ‫فهو آمن ‪..‬‬
‫ً‬
‫وأخبره أنه ما جاء يريد حربا ‪..‬‬ ‫فتفرق الناس إلى دورهم‬
‫إنما جاء معتمرا ً ‪ ..‬ولم يكتب‬ ‫وإلى المسجد ‪..‬‬
‫معه عهدا ً لنه يعلم أنه ليس أهل ً‬ ‫فلله در نبيه ‪ ‬كيف أثر في‬
‫لذلك ‪..‬‬ ‫نفس أبي سفيان بما يصلح‬
‫رجع مكرز إلى قريش‬ ‫له ‪..‬‬
‫فأخبرهم ‪..‬‬ ‫ومما يحسن ههنا ‪ ..‬أن‬
‫فبعثوا حليس بن علقمة ‪ ..‬سيد‬ ‫تعرف طبيعة الشخص‬
‫الحابيش ‪..‬‬ ‫ونفسيته قبل أن تتكلم‬
‫وكان الحابيش قوم من العرب‬ ‫معه ‪ ..‬فإن معرفة طبيعته ‪..‬‬
‫سكنوا مكة تعظيما ً للحرم‬ ‫وماذا يناسبه ‪ ..‬يفيدك عند‬
‫وعناية بالكعبة ‪..‬‬ ‫التعامل أو الكلم معه ‪..‬‬
‫فلما رآه رسول الله ‪ ρ‬قال ‪:‬‬ ‫في غزوة الحديبية ‪..‬‬
‫إن هذا من قوم يتألهون ‪.‬ز أي‬ ‫خرج رسول الله ‪ .. ρ‬بمن‬
‫يتعبدون ‪ ..‬فابعثوا الهدي في‬ ‫معه من المهاجرين والنصار‬
‫وجهه حتى يراه ‪..‬‬ ‫ومن لحق به من العرب ‪..‬‬
‫فلما رأى الهدي من إبل وغنم ‪..‬‬ ‫كانوا ألفا ً وأربعمائة ‪..‬‬
‫تسيل عليه من عرض الوادي‬ ‫ساقوا معهم الهدى وأحرموا‬
‫في قلئده وحباله مربوطا ً مهيئا ً‬ ‫بالعمرة ليعلم الناس أنهم‬
‫ليذبح في الحرم ‪..‬‬ ‫إنما خرجوا زائرين لهذا‬
‫قد أكل أوباره من طول الحبس‬ ‫البيت معظمين له ‪..‬‬
‫عن محله ‪ ..‬قد أضناه الجوع‬ ‫وساق ‪ ‬معه سبعين من‬
‫والعطش ‪..‬‬ ‫البل ‪ ..‬هديا ً إلى البيت‬
‫لما رأى سيد الحابيش ذلك ‪..‬‬ ‫الحرام ‪..‬‬
‫انتفض ‪ ..‬ولم يقابل رسول الله‬ ‫وصلوا مكة ‪ ..‬فمنعتهم‬
‫‪ ρ‬إعظاما ً لما رأى ‪ ..‬وكيف يمنع‬ ‫قريش من دخولها ‪..‬‬
‫المعتمرون عن البيت الحرام !!‬ ‫عسكر النبي ‪ ‬بأصحابه في‬
‫رجع إلى قريش ‪ ..‬فقال لهم‬ ‫موضع اسمه الحديبية ‪..‬‬
‫ذلك ‪ ..‬فقالوا له ‪ :‬اجلس فإنما‬ ‫جعلت قريش ترسل إليه‬
‫أنت أعرابي ل علم لك ‪..‬‬ ‫الرجل تلو الرجل للتفاوض‬
‫فغضب الحليس ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫معه ‪..‬‬
‫يا معشر قريش ‪ ..‬والله ما على‬ ‫فبعثوا إليه أول ً مكرز بن‬
‫هذا حالفناكم ‪ ..‬ول على هذا‬ ‫حفص ‪..‬‬
‫عاهدناكم ‪..‬‬ ‫كان مكرز رجل ً من قريش ‪..‬‬
‫أيصد عن بيت الله من جاءه‬ ‫لكنه ل يلتزم بعهد ول ميثاق‬
‫معظما ً له ؟‬ ‫‪ ..‬بل هو فاجر غادر ‪..‬‬
‫والذي نفس الحليس بيده ‪..‬‬ ‫فلما رآه رسول الله ‪ ρ‬مقبل ً‬
‫لتخلن بين محمد وبين ما جاء له‬ ‫قال ‪ :‬هذا رجل غادر ‪..‬‬
‫‪63‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫تخفض ما في رأسه من‬ ‫من العمرة ‪ ..‬أو لنفرن‬
‫كبرياء ‪..‬‬ ‫بالحايش نفرة رجل واحد ‪..‬‬
‫فقال عروة متأثرا ً ‪ :‬من هذا يا‬ ‫ف عنا ‪ ..‬حتى‬ ‫ه ‪ ..‬ك ُ ّ‬ ‫م ْ‬
‫قالوا ‪َ :‬‬
‫محمد ؟‬ ‫نأخذ لنفسنا ما نرضى به ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬هذا ابن أبي قحافة ‪..‬‬ ‫ثم أرادوا ‪ ..‬أن يبعثوا رجل ً‬
‫قال ‪ :‬أما والله لول يد كانت لك‬ ‫شريفا ً ‪ ..‬فاختاروا عروة بن‬
‫عندي لكفأتك بها ‪ ..‬ولكن هذه‬ ‫مسعود الثقفي ‪..‬‬
‫بهذه ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬يا معشر قريش إني‬
‫وجعل عروة يلين العبارات‬ ‫قد رأيت ما يلقى منكم من‬
‫بعدها ‪ ..‬ويكلم النبي ‪.. ρ‬ويلمس‬ ‫بعثتموه إلى محمد إذ‬
‫لحية النبي ‪ ..‬والمغيرة بن شعبة‬ ‫جاءكم ‪ ..‬من التعنيف وسوء‬
‫الثقفي واقف وراء رأس رسول‬ ‫اللفظ ‪ ..‬وقد عرفتم أنكم‬
‫الله ‪ .. ρ‬قد غطى وجهه‬ ‫والد وأني ولد ‪..‬‬
‫الحديد ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬صدقت ما أنت عندنا‬
‫فكان كلما قرب عروة يده من‬ ‫بمتهم ‪..‬‬
‫فخرج عروة ‪ ..‬وكان ملكا ً‬
‫لحية رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫قرعها شعبة بطرف السيف ‪..‬‬ ‫في قومه ‪ ..‬له شرف‬
‫ثم يمدها ثانية ‪ ..‬فيقرعها شعبة‬ ‫ومكانة ‪ ..‬وله ترفع على‬
‫بطرف السيف ‪..‬‬ ‫الناس ‪..‬‬
‫فلما مدها الثالثة ‪ ..‬قال شعبة ‪:‬‬ ‫فلما أتى رسول الله ‪ ρ‬جلس‬
‫اكفف يدك عن وجه رسول الله‬ ‫بين يديه ثم قال ‪:‬‬
‫‪ ρ‬قبل أل تصل إليك يدك ‪ ..‬أي‬ ‫يا محمد !! أجمعت أوشاب‬
‫أقطعها !!‬ ‫الناس ثم جئت بهم إلى‬
‫فقال عروة ‪ :‬ويحك ما أفظك‬ ‫بيضتك لتفضها بهم ؟‬
‫وأغلظك ! ومن هذا يا محمد ؟‬ ‫إنها قريش ‪ ..‬قد خرجت‬
‫فتبسم رسول الله ‪ .. ρ‬وقال ‪..‬‬ ‫معها العوذ المطافيل ‪ ..‬قد‬
‫هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة‬ ‫لبسوا جلود النمور ‪..‬‬
‫الثقفي ‪..‬‬ ‫يعاهدون الله ل تدخلها‬
‫فقال عروة ‪ :‬أي غدر وهل‬ ‫عليهم عنوة أبدا ً ‪ ..‬وأيم الله‬
‫غسلت سوأتك إل بالمس !‬ ‫لكأني بهؤلء قد انكشفوا‬
‫عنك غدا ً ‪..‬‬
‫ثم قام عروة من عند النبي ‪.. ρ‬‬
‫وكان أبو بكر خلف النبي‬
‫وعاد إلى قريش ‪..‬‬
‫فاسمع ما قال ‪:‬‬ ‫‪ .. ρ‬واقفا ً ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬يا معشر قريش ‪ ..‬والله‬ ‫فقال أبو بكر ‪ :‬امصص بظر‬
‫لقد رأيت كسرى وقيصر‬ ‫اللت ! أنحن ننكشف عنه ؟‬
‫والنجاشي ‪ ..‬والله ما رأيت ملكا ً‬ ‫تفاجأ ملك قومه بهذا‬
‫يعظمه أصحابه كما يعظم‬ ‫الجواب ‪ ..‬فلم يتعود على‬
‫أصحاب محمد محمدا ً ‪..‬‬ ‫مثله ‪ ..‬لكنه في الحقيقة‬
‫كان يحتاج إلى جرعة كهذه‬
‫‪64‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فمنهم من أغمض عينيه فجأة‬ ‫فوقع في قلب قريش من‬
‫وكأنه يرى الجريمة أمامه ‪..‬‬ ‫الرهبة ما لم يقع من قبل ‪..‬‬
‫ومنهم من بكى ‪..‬‬ ‫فأرسلت قريش سهيل بن‬
‫ومنهم من كان يستمع دون‬ ‫عمرو ‪..‬‬
‫أدنى تأثر وكأنه ينصت إلى‬ ‫فمضى يمشي إلى رسول‬
‫حكاية ما قبل النوم !!‬ ‫الله ‪ .. ‬فلما رآه رسول‬
‫قل مثل ذلك لو عرضت قصة‬ ‫الله ‪ .. ρ‬قال ‪ :‬سهل‬
‫حمزة ‪ τ‬لما وقع شهيدا ً في‬ ‫أمركم ‪ ..‬ثم كتبوا بينهم‬
‫معركة أحد ‪ ..‬وكيف شقوا بطنه‬ ‫صلح الحديبية ‪..‬‬
‫فأخرجوا كبده ‪ ..‬وقطعوا‬ ‫هذا جانب من معرفته ‪‬‬
‫أذنيه ‪ ..‬وجدعوا أنفه ‪ ..‬وهو‬ ‫لنواع الناس ‪ ..‬واستعمال‬
‫سيد الشهداء وأسد الله ورسوله‬ ‫المفتاح المناسب في‬
‫‪..‬‬ ‫التعامل مع كل أحد ‪..‬‬
‫وعموما ً ‪..‬‬ ‫وهذه النواع من طباع‬
‫علمتني الحياة أن الناس ل‬ ‫الناس تلحظها حتى في‬
‫يخلون من أن يوجد من بينهم‬ ‫إلقاء الكلمات أو السواليف‬
‫غليظ غبي ‪ !!..‬ل يحسن ضبط‬ ‫معهم ‪..‬‬
‫عباراته ‪ ..‬ول مجاملة‬ ‫ويمكنك أن تشاهد دليل ذلك‬
‫السامعين ‪..‬‬ ‫بنفسك ‪..‬‬
‫أذكر أن رجل ً من هذا الصنف‬ ‫حاول أن تلقي قصة مبكية‬
‫جلس مرة في مجلس عام ‪..‬‬ ‫أمام جمع من الناس ‪..‬‬
‫فذكر قصة وقعت له مع أحد‬ ‫وانظر إلى أنواع تأثرهم ‪..‬‬
‫البائعين ‪ ..‬فقال في معرض‬ ‫أذكر أني ألقيت يوما ً خطبة‬
‫حديثه ‪ :‬وهذا البائع ضخم جدا ً‬ ‫ضمنتها قصة مقتل عمر ‪.. τ‬‬
‫كأنه حمار ‪ ..‬ثم قال ‪ :‬يشبه‬ ‫ولما وصلت إلى كيفية طعن‬
‫خالد !! وأشار إلى رجل‬ ‫أبي لؤلؤة المجوسي لعمر‬
‫بجانبه !!‬ ‫ل‪:-‬‬ ‫‪ .. ‬قلت – بصوت عا ٍ‬
‫فل أدري كيف صار يشبه‬ ‫وفجأة خرج أبو لؤلؤة من‬
‫خالدا ً ‪ ..‬وهو كأنه حمار !!‬ ‫المحراب على عمر ‪ ..‬ثم‬
‫وقبل الختام ‪ ..‬هنا سؤال‬ ‫طعنه ثلث طعنات ‪..‬‬
‫كبير ‪..‬‬ ‫وقعت الولى في صدره‬
‫هل يمكنك تغيير طباعك‬ ‫والثانية في بطنه ‪..‬‬
‫لتتناسب مع طباع من‬ ‫ثم استجمع قوته وطعن‬
‫تخالطه ‪..‬؟‬ ‫بالخنجر تحت سرته ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬كان عمر ‪ τ‬مشهورا ً بين‬ ‫ثم جررررر الخنجر حتى‬
‫الناس بقوته وصرامته ‪..‬‬ ‫خرجت بعض أمعائه ‪..‬‬
‫وفي يوم من اليام ‪ ..‬اختلف‬ ‫ت وأنا أنظر في‬ ‫لحظ ُ‬
‫رجل مع زوجته ‪ ..‬وجاء يسأل‬ ‫الوجوه أن الناس تنوعوا في‬
‫عمر كيف يتعامل معها ‪..‬‬ ‫كيفية تأثرهم ‪..‬‬
‫‪65‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فلما وقف عند بيت عمر‬
‫أستاذ الرياضيات ‪..‬‬ ‫‪.21‬‬ ‫وكاد أن يطرق الباب سمع‬
‫كان يدرس مادة الرياضيات‬ ‫زوجة عمر تصرخ به ‪ ..‬وعمر‬
‫لطلب المرحلة الثانوية ‪ ..‬السنة‬ ‫ساكت ‪ ..‬لم يصرخ ‪ ..‬لم‬
‫الخيرة ‪ ..‬كان يلحظ على عدد‬ ‫يضرب ‪..‬‬
‫منهم الهمال وعدم المتابعة ‪..‬‬ ‫فولى الرجل ظهره للباب‬
‫فأراد أن يؤدبهم ‪..‬‬ ‫وكّر راجعا ً متعجبا ً ‪..‬‬
‫دخل عليهم يوما ً ‪..‬‬ ‫أحس عمر بصوت عند الباب‬
‫وأول ما استقر على كرسيه‬ ‫فخرج ونادى الرجل ‪ .. :‬ما‬
‫فاجأهم بقوله ‪ :‬كل واحد يضع‬ ‫خبرك ؟‬
‫كتابه جانبا ً ويخرج ورقة‬ ‫قال ‪ :‬يا أمير المؤمنين ‪..‬‬
‫وقلما ً !!‬ ‫جئت أشتكي إليك امرأتي‬
‫قالوا ‪ :‬لماذا يا أستاذ ؟!‬ ‫فسمعت امرأتك تصرخ بك !!‬
‫قال ‪ :‬اختبار ‪ ..‬اختبار مفاجئ ‪..‬‬ ‫فقال عمر ‪ :‬يا رجل إنها‬
‫بدأ الطلب بنوع من التذمر‬ ‫امرأتي ‪ ..‬حليلة فراشي ‪..‬‬
‫ينفذون ما طلب ‪ ..‬ويتهامسون‬ ‫وصانعة طعامي ‪ ..‬وغاسلة‬
‫باستياء ‪..‬‬ ‫ثيابي ‪ ..‬أفل أصبر منها على‬
‫كان من بينهم طالب كبير‬ ‫بعض السوء ‪..‬‬
‫الجسم صغير العقل ‪ ..‬مشاكس‬ ‫وعموما ً ‪ :‬بعض الناس ل‬
‫كثير المشاكل سريع الغضب‬ ‫علج له فل بد من التكيف‬
‫متهور ‪ ..‬صاح بأستاذه ‪:‬‬ ‫معه ‪..‬‬
‫يا أستاذ ‪ ..‬ل نريد أن نختبر ‪..‬‬ ‫ي بعض الناس من‬ ‫يشتكي إل ّ‬
‫نحن بالكاد نجيب ونحن‬ ‫شدة غضب أبيه ‪ ..‬أو بخل‬
‫مذاكرون ‪ ..‬بالله كيف إذا كنا ما‬ ‫زوجته ‪ ..‬أو ‪..‬‬
‫ذاكرنا ؟!!‬ ‫ض عليه بعض طرق‬ ‫عر ُ‬ ‫فأ َ ْ‬
‫قالها الطالب بنبرة حادة ‪..‬‬ ‫العلج فيفيدني أنه جربها‬
‫ثار المدرس وهاج ‪ ..‬وقال ‪ :‬ما‬ ‫كلها ولم تنفع ‪..‬‬
‫هو على كيفك ‪ ..‬تختبر غصبا ً‬ ‫فما الحل ‪..‬؟! الحل أن يصبر‬
‫عنك ‪ ..‬فاهم ؟! إذا ما هو‬ ‫على أخلقهم ‪ ..‬ويغمَر سيء‬
‫عاجبك اطلع ب َّرا !!!‬ ‫سِنها ‪..‬‬
‫ح َ‬‫أخلقهم في بحر َ‬
‫ثار الطالب ‪ ..‬وصاح ‪ :‬أنت اللي‬ ‫ويتكيف مع واقعه قدر‬
‫تطلع ب َّرا ‪..‬‬ ‫المستطاع ‪..‬‬
‫توجه المدرس إلى الطالب وهو‬ ‫فبعض المشاكل ليس لها‬
‫يصيح ويردد ‪ :‬يا قليل الدب ‪ ..‬يا‬ ‫حل ‪..‬‬
‫عديم التربية ‪ ..‬يا ‪ ..‬ويقترب‬
‫أكثر وأكثر ‪..‬‬ ‫نتيجة ‪..‬‬
‫نهض الطالب واقفا ً ‪ ..‬ثم ‪..‬‬ ‫معرفتك بطبيعة الشخص‬
‫كان ما كان مما لست أذكره‬ ‫الذي تخالطه تجعلك قادرا ً‬
‫فظن شرا ً ‪ ،‬ول تسأل عن‬ ‫على كسب محبته ‪..‬‬
‫‪66‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫لم يصبر الطالب المشاكس‬ ‫الخبر!!‬
‫وقال ‪ :‬أقولك ما أريد أن‬ ‫وصل المر إلى إدارة‬
‫أختبر ‪ ..‬نظر إليه المدرس‬ ‫المدرسة ‪ ..‬عوقب الطالب‬
‫وابتسم بهدوووء ‪ ..‬وقال ‪ :‬وهل‬ ‫بخصم درجتين وكتابة تعهد‬
‫ألزمتك أن تختبر ‪ ..‬أنت رجل‬ ‫‪ ..‬بالتزام الدب‬
‫ومسئول عن تصرفاتك ‪..‬‬ ‫أما المدرس فصار حديث‬
‫لم يجد الطالب ما يثير غضبه‬ ‫القاصي والداني ‪ ..‬وأصبح‬
‫أكثر ‪ ..‬فهدأ وأخرج ورقة‬ ‫مضرب المثال ‪ ..‬ومثار‬
‫وقلما ً ‪ ..‬وبدأ يكتب السئلة مع‬ ‫أحاديث الطلب في كل‬
‫زملئه ‪ ..‬ثم بعدها تمت‬ ‫المدرسة ‪ ..‬يمشي في‬
‫محاسبته على سوء أدبه عن‬ ‫ممراتها ويسمع التعليقات‬
‫طريق إدارة المدرسة ‪..‬‬ ‫والهمسات ‪ ..‬حتى انتقل‬
‫تذكرت هذه المفارقة في‬ ‫بعدها إلى مدرسة أخرى ‪..‬‬
‫القدرة على التعامل مع‬ ‫بينما مدرس آخر وقع له‬
‫المواقف وأنا أتأمل في مهارات‬ ‫الموقف نفسه لكنه أحسن‬
‫الناس على إذكاء النيران‬ ‫التصرف معه ‪..‬‬
‫وإخمادها ‪..‬‬ ‫دخل على طلبه ‪ ..‬وفاجأهم‬
‫فالتعامل مع العصبي بعصبية‬ ‫بقوله ‪ :‬أخرج ورقة وقلما ً ‪..‬‬
‫يؤدي إلى تفجر الموقف‬ ‫اختبار مفاجئ ‪..‬‬
‫واحتدام الخلف ‪..‬‬ ‫وكان من بينهم طالب كذاك‬
‫فمن المور المسلمة عند‬ ‫الطالب ‪ ..‬صاح ‪ :‬يا أستاذ !!‬
‫العقلء ‪ ..‬أن من يلقي النار‬ ‫ما هو على كيفك ‪..‬‬
‫بالنار يزدها شررا ً واحتداما ً ‪..‬‬ ‫كان المدرس جبل ً يحس‬
‫وفي الجهة المقابلة تجد أحيانا ً‬ ‫بثقل الرجل التي يحاول أن‬
‫أن من يقابل البرود – دائما ً –‬ ‫يصعد عليه !!‪ ..‬يفهم أن‬
‫ببرود ‪ ..‬ل تستقيم له المور ‪..‬‬ ‫العصبي ل يقابل بعصبية ‪..‬‬
‫فليكن رابطك مع الناس شعرة‬ ‫ابتسم ونظر إلى الطالب‬
‫معاوية ‪..‬‬ ‫وقال ‪ :‬يعني يا خالد ما تريد‬
‫فقد سئل معاوية ‪ τ‬كيف‬ ‫أن تختبر ؟‬
‫استطعت أن تحكم الناس أميرا ً‬ ‫فقال ‪ -‬صارخا ً ‪ : -‬ل ‪..‬‬
‫عشرين سنة ‪ ..‬ثم تحكمهم‬ ‫فقال المدرس بكل‬
‫خليفة عشرين سنة ؟‬ ‫هدووووء ‪ :‬خلص ‪ ..‬اللي ما‬
‫فقال ‪ :‬جعلت بيني وبينهم‬ ‫يريد يختبر نتعامل معه‬
‫شعرة ‪ ..‬أحد طرفيها في يدي‬ ‫بالنظام ‪..‬‬
‫والخر في أيديهم ‪ ..‬فإذا‬ ‫اكتبوا يا شباب ‪ :‬السؤال‬
‫شدوها من جهتهم أرخيت من‬ ‫الول ‪ :‬أوجد نتيجة هذه‬
‫جهتي حتى ل تنقطع ‪ ..‬وإذا‬ ‫المعادلة ‪ :‬س ‪ +‬ص = ع ‪+‬‬
‫أرخوا من جهتهم شددت من‬ ‫‪ .. 15‬ومضى يسوق‬
‫جهتي ‪..‬‬ ‫السئلة ‪..‬‬
‫‪67‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫المواقف بمهارة ‪ ..‬يتعامل مع‬ ‫صدق رضي الله عنه ‪ ..‬ما‬
‫زوجته ‪ ..‬أولده ‪ ..‬مديره ‪..‬‬ ‫أحكمه !!‬
‫زملئه ‪ ..‬دون أن يفقدهم ‪..‬‬ ‫أظن من المسّلمات في‬
‫وفي الحديث ‪ :‬ل يقضي‬ ‫حياتنا أنه ل يمكن أن يهنأ‬
‫)‪(30‬‬
‫‪..‬‬ ‫القاضي وهو غضبان‬ ‫بالعيش زوجان كلهما‬
‫وأمر ‪ ε‬بتدريب النفس على‬ ‫عصبي غضوب ‪ ..‬كما ل‬
‫الحلم فقال ‪ :‬إنما الحلم بالتحلم‬ ‫يمكن أن تطول علقة‬
‫)‪.. (31‬‬ ‫صاحبين كلهما كذلك ‪..‬‬
‫نعم بالتحلم ‪ ..‬يعني عند كظم‬ ‫أذكر أني ألقيت محاضرة‬
‫الغضب في المرة الولى‬ ‫في أحدى السجون ‪ ..‬وكان‬
‫ستتعب ‪ %100‬ولكن في الثانية‬ ‫قدري أن تكون المحاضرة‬
‫ستتعب ‪ %90‬ثم في الثالثة إذا‬ ‫في العنبر الخاص بمرتكبي‬
‫كظمت غضبك ستتعب ‪%80‬‬ ‫جرائم القتل ‪ ..‬لما انتهيت‬
‫وهكذا حتى تتدرب ويصبح الحلم‬ ‫من محاضرتي ‪ ..‬تفرقوا إلى‬
‫والهدوء عندك طبيعة ‪..‬‬ ‫مهاجعهم وأقبل إلي أحدهم‬
‫ومن طرائف قصص الغضب أني‬ ‫شاكرا ً ‪ ..‬وعرفني بنفسه‬
‫ذهبت يوما ً لمدينة أملج ) ‪300‬ك‬ ‫وأنه المسئول عن النشطة‬
‫جنوب جدة ( للقاء محاضرة ‪..‬‬ ‫الثقافية في العنبر ‪..‬‬
‫كان من بين الحاضرين شاب‬ ‫سألته عن سبب ارتكاب‬
‫سريع الغضب ثائر العصاب‬ ‫جريمة القتل عند أكثر هؤلء‬
‫جدا ً ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫هذا الشاب سافر مرة بسيارته‬ ‫فقال ‪ :‬الغضب ‪ ..‬الغضب ‪..‬‬
‫ولم يكن مستعجل ً فكان يمشي‬ ‫والله يا شيخ إن بعضهم قتل‬
‫ببطء ‪ ..‬كان وراءه سيارة‬ ‫لجل حفنة ريالت تخاصم‬
‫مسرعة تريده أن يفسح لها‬ ‫عليها مع عامل في بقالة أو‬
‫الطريق ‪ ..‬وهو يزداد بطئا ً‬ ‫محطة وقود ‪..‬‬
‫ويشير لهم بيده أن خففوا‬ ‫تذكرت عندها قول النبي ‪: ε‬‬
‫السرعة ‪..‬‬ ‫عة ‪..‬‬ ‫صَر َ‬‫) ليس الشديد بال ّ‬
‫ضاق صاحب السيارة الخرى‬ ‫إنما الشديد الذي يملك‬
‫بصاحبنا ذرعا ً ‪ ..‬وتعداه بسرعة‬ ‫‪..‬‬ ‫)‪(29‬‬
‫نفسه عند الغضب (‬
‫وانحرف عليه بسيارته مؤدبا ً ‪..‬‬ ‫نعم ليس البطل هو قوي‬
‫ثم مضى ‪ ..‬ولم يصب أحد منهما‬ ‫البدن الذي ما يصارع أحدا ً إل‬
‫بضرر ‪..‬‬ ‫غلبه ‪ ..‬ل ‪ ..‬فلو كان هذا هو‬
‫ثارت أعصاب صاحبنا – وهي‬ ‫مقياس البطولة لصبحت‬
‫تثور على أقل من ذلك بكثيييير‬ ‫الحيوانات والوحوش أفخر‬
‫– فزاد سرعة سيارته ‪ ..‬وأخذ‬ ‫من الدميين ‪..‬‬
‫يصرخ ويزمجر ‪ ..‬ويشير لهم‬ ‫إنما البطل هو العاقل الذي‬
‫) (‬ ‫‪30‬‬
‫يعرف كيف يتعامل مع‬
‫) (‬ ‫‪31‬‬
‫) (‬ ‫‪29‬‬

‫‪68‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫منهم ‪ ..‬اتقاء شرورهم ‪..‬‬ ‫بأضواء السيارة مرارا ً حتى‬
‫كل ذلك تصبح فيه بارعا ً إذا‬ ‫توقفوا ‪ ..‬فألقى غترته جانبا ً‬
‫عرفت طبائعهم ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وتناول قطعة حديد ‪ -‬هي‬
‫افرض أن شابا ً وقع بينه وبين‬ ‫في الصل مفك لفتح براغي‬
‫أبيه خلف ‪ ..‬اشتد الخلف حتى‬ ‫العجلت عند الحاجة ‪.. -‬‬
‫طرده أبوه من البيت ‪ ..‬حاول‬ ‫ونزل من السيارة متوجها ً‬
‫البن العودة مرارا ً لكن الب‬ ‫إليهم ‪ ..‬والغضب باٍد عليه‬
‫كان عنيدا ً مصرا ً ‪..‬‬ ‫وقطعة الحديد في يده ‪..‬‬
‫دخلت للصلح بينهما ‪ ..‬حدثت‬ ‫فإذا بالسيارة المقابلة ينزل‬
‫الب بالنصوص الشرعية ‪..‬‬ ‫منها ثلثة شباب قد ضاقت‬
‫خوفته من إثم القطيعة ‪..‬‬ ‫ملبسهم بعضلتهم ‪..‬‬
‫لم يلتفت إليك ‪ ..‬كان مشحونا ً‬ ‫وتباعدت أيديهم عن جنوبهم‬
‫غاضبا ً جدا ً ‪..‬‬ ‫من عرض أكتافهم ‪..‬‬
‫أردت أن تستعمل أساليب أخرى‬ ‫أقبلوا يركضون بانفعال إلى‬
‫للصلح ‪..‬‬ ‫صاحبنا ‪ ..‬وقد رأوه تهيأ‬
‫عرفت من طبيعة هذا الب أنه‬ ‫للقتال !!‬
‫عاطفي جدا ً ‪ ..‬جئت إليه وقلت ‪:‬‬ ‫فلما رآهم انتفض ‪ ..‬وغص‬
‫يا فلن ‪ ..‬أما ترحم ولدك ‪..‬‬ ‫بريقه ‪ ..‬وهم ينظرون إليه‬
‫يفترش الرض ‪ ..‬ويلتحف‬ ‫وإلى ما في يده ‪..‬‬
‫السماء ‪!!..‬‬ ‫فلما لحظ أنهم يحدون‬
‫أنت تأكل وتشرب ‪ ..‬والمسكين‬ ‫النظر إلى قطعة الحديد ‪..‬‬
‫يبيت طاويا ً ويصبح جائعا ً ‪..‬‬ ‫رفعها برفق وقال ‪:‬‬
‫أما تذكره إذا رفعت كسرة الخبز‬ ‫عفوا ً ‪ ..‬أردت أن أنبهكم إلى‬
‫إلى فمك ‪ ..‬أما تذكر مشيه في‬ ‫أن هذه سقطت منكم ‪!! ..‬‬
‫حر الشمس ‪..‬‬ ‫فتناولها أحدهم بانفعال ‪..‬‬
‫أما تذكر لما كنت تحمله‬ ‫وولوا إلى سيارتهم ‪ ..‬وهو‬
‫صغيرا ً ‪ ..‬وتضمه إلى صدرك ‪..‬‬ ‫يشير بيده إليهم مودعا ً ‪!!..‬‬
‫وتشمه وتقبله ‪..‬‬
‫أيرضيك أن يستجدي الناس‬ ‫معادلة ‪..‬‬
‫وأبوه حي!! ‪..‬‬ ‫عصبي ‪ +‬عصبي = انفجار‬
‫تجد أن عاطفة الب تهيج بهذا‬
‫لكلم ‪ ..‬ويقترب أكثر من نقطة‬ ‫ماذا تستفيد من‬ ‫‪.22‬‬
‫اللتقاء ‪..‬‬ ‫هذه المهارة ؟‬
‫وإن كان أبوه بخيل ً محبا ً‬ ‫كل باب له مفتاح ‪..‬‬
‫للمال ‪ ..‬قلت له ‪:‬‬ ‫والمفتاح المناسب لفتح‬
‫يا فلن أنتبه ل تورط نفسك ‪..‬‬ ‫قلوب الناس هو معرفة‬
‫أرجع الولد تحت نظرك وتصرفك‬ ‫طبائعهم ‪..‬‬
‫‪ ..‬أخشى أن يسرق أو يعتدي ‪..‬‬ ‫حل مشاكل الناس ‪..‬‬
‫فتلزمك المحكمة بسداد ما‬ ‫الصلح بينهم ‪ ..‬الستفادة‬
‫‪69‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فقط ثلثة أيام ‪ ..‬لعود أنشط‬ ‫أخذ ‪ ..‬وإصلح ما خرب ‪..‬‬
‫وأقدر ‪..‬‬ ‫فأنت أبوه على كل حال ‪..‬‬
‫وإن كان اجتماعيا ً ‪ ..‬تلحظ من‬ ‫انتبه ‪..‬‬
‫خلل تعاملته ‪ ..‬أنه حريص على‬ ‫تجد أن الب البخيل سيبدأ‬
‫السرة والعائلة ‪ ..‬قلت له ‪:‬‬ ‫يعيد موازينه من جديد ‪..‬‬
‫ي ‪ ..‬أولدي‬ ‫أريد إجازة لرى والد ّ‬ ‫وإن كان كلمك موجها ً إلى‬
‫‪ ..‬أشعر أنهم في واد وأنا في‬ ‫البن ‪ ..‬وكان جشعا ً محبا ً‬
‫واد آخر ‪ ..‬إلى غير ذلك ‪..‬‬ ‫للمال ‪..‬‬
‫أتقن هذه المهارة ‪ ..‬وستسمع‬ ‫قلت له ‪ :‬يا فلن ‪ ..‬لن‬
‫الناس غدا ً يقولون ‪ :‬ما رأينا‬ ‫ينفعك أل أبوك ‪ ..‬غدا ً‬
‫أبرع فلنا ً في القدرة على‬ ‫ستحتاج أن تتزوج ‪ ..‬من‬
‫القناع ‪!!..‬‬ ‫يسدد مهرك ؟‬
‫نتيجة ‪..‬‬ ‫لو تعطلت سيارتك من‬
‫كل إنسان له مفتاح ‪ ..‬ومعرفة‬ ‫يصلحها ؟‬
‫طبيعة النسان تدّلك على‬ ‫لو مرضت ‪ ..‬من سيحاسب‬
‫معرفة مفتاحه المناسب ‪..‬‬ ‫المستشفى ؟‬
‫مراعاة النفسيات ‪..‬‬ ‫‪.23‬‬ ‫إخوانك يستفيدون كما‬
‫تتقلب أمزجة الناس في حياتهم‬ ‫شاءوا ‪ ..‬مصروف ‪ ..‬هدايا ‪..‬‬
‫بين حزن وفرح ‪ ..‬وصحة ومرض‬ ‫وأنت جالس هكذا ‪..‬‬
‫‪ ..‬وغنى وفقر ‪ ..‬واستقرار‬ ‫ما يضرك أن تصلح ذلك كله‬
‫واضطراب ‪..‬‬ ‫بقبلة تطبعها على جبين‬
‫وبالتالي يتنوع تقبلهم لبعض‬ ‫أبيك ‪ ..‬أو كلمة أسف تهمس‬
‫النواع من التعاملت ‪ ..‬أو ردهم‬ ‫بها في أذنه ‪..‬‬
‫لها بحسب حالتهم الشعورية‬ ‫وكذلك لو دخلت للصلح بين‬
‫وقت التعامل ‪..‬‬ ‫زوجة وزوجها ‪ ..‬فعلت مثل‬
‫فقد يقبل منك النكتة والطرفة‬ ‫ذلك ‪ ..‬وفتحت باب كل واحد‬
‫ويتقبل المزاح في وقت‬ ‫منهما بالمفتاح المناسب ‪..‬‬
‫استقراره وراحة باله ‪ ..‬لكنه ل‬ ‫ومثله لو أردت إجازة من‬
‫يتقبل ذلك في وقت حزنه ‪..‬‬ ‫مديرك في العمل ‪..‬‬
‫فمن غير المناسب أن تطلق‬ ‫وعرفت أنه ل يلتفت إلى‬
‫ضحكة مدوية في عزاء ‪ !!..‬لكنها‬ ‫العواطف ول ألمور‬
‫تحتمل منك في نزهة برية ‪..‬‬ ‫الجتماعية ‪ ..‬وإنما عمل‬
‫وهذا أمر مقرر عند جميع‬ ‫) وبس ! ( ‪..‬‬
‫العقلء وليس هو المقصود‬ ‫فقلت له ‪ :‬أحتاج إلى إجازة‬
‫بحديثي هنا ‪..‬‬ ‫ثلثة أيام أجدد فيها نشاطي‬
‫إنما المقصود هو مراعاة‬ ‫‪ ..‬وأستعيد حيويتي ‪ ..‬أشعر‬
‫النفسيات والمشاعر الشخصية‬ ‫أن إنتاجيتي مع ضغط العمل‬
‫عند الحديث مع الناس أو‬ ‫تنحدر تدريجيا ً ‪ ..‬أعطني‬
‫التصرف معهم ‪..‬‬ ‫فرصة لراحة ) رأسي (‬
‫‪70‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫نتفق جميعا ً على جواب واحد‬ ‫افرض أن امرأة طلقها‬
‫نصرخ به قائلين ‪ :‬لااااا ‪..‬‬ ‫زوجها وليس لها أب ول‬
‫بل سيمتلئ قلبها حقدا ً وقهرا ً ‪..‬‬ ‫أم ‪ ..‬قد ماتا ‪ ..‬وجعلت تجمع‬
‫إذن ما الحل ؟ هل تكذب عليها ؟‬ ‫أغراضها لتعيش مع أخيها‬
‫ل ‪ ..‬ولكن تتكلم باختصار ‪ ..‬كأن‬ ‫وزوجته ‪..‬‬
‫تقول ‪ :‬والله كان عندنا بعض‬ ‫فبينما هي كذلك إذ دخلت‬
‫الشغال قضيناها ‪ ..‬ثم تصرف‬ ‫عليها جارتها في الضحى‬
‫الكلم إلى موضوع آخر تصبرها‬ ‫زائرة ‪ ..‬فرحبت المطلقة‬
‫به على كربتها ‪..‬‬ ‫بها ‪ ..‬ووضعت لها القهوة‬
‫أو افرض ‪ ..‬أن صديقين اختبرا‬ ‫والشاي ‪ ..‬فجعلت الزائرة‬
‫نهاية المرحلة الثانوية ‪ ..‬فنجح‬ ‫تبحث عن أحاديث‬
‫أحدهما وتخرج بتفوق ‪..‬‬ ‫لتؤانسها ‪ ..‬فسألتها‬
‫والثاني رسب في عدد من‬ ‫المطلقة ‪:‬‬
‫المواد ‪ ..‬أو تخرج بنسبة ضعيفة‬ ‫بالمس رأيتكم خارجين من‬
‫ل تؤهله للقبول في شيء من‬ ‫المنزل ‪..‬‬
‫الجامعات ‪..‬‬ ‫فقالت الجارة ‪ :‬إي والله ‪..‬‬
‫فهل ت ََرى من المناسب عندما‬ ‫أبو فلن أصر علي أن‬
‫يزور المتفوقُ صاحبه أن يسهب‬ ‫نتعشى خارج البيت فذهبت‬
‫في الحديث حول الجامعات التي‬ ‫معه ‪ ..‬ثم مر السوق‬
‫تم قبوله فيها ‪ ..‬والميزات التي‬ ‫واشترى لي فستانا ً لعرس‬
‫ستمنح له ‪..‬؟‬ ‫أختي ‪ ..‬ثم وقف عند محل‬
‫قطعا ً جوابنا جميعا ً ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫ذهب ونزل واشترى لي‬
‫إذن ما الحل ؟‬ ‫سوارا ً ألبسه في العرس ‪..‬‬
‫الحل أن يذكر له عموميات‬ ‫ولما رجعنا إلى البيت رأى‬
‫يخفف بها عنه ‪ ..‬كأن يشتكي‬ ‫الولد في ملل فوعدهم‬
‫من كثرة الزحام في‬ ‫آخر السبوع أن يسافر‬
‫الجامعات ‪ ..‬وقلة القبول ‪..‬‬ ‫بهم ‪..‬‬
‫وخوف كثير من المتقدمين إليها‬ ‫والمطلقة المسكينة تستمع‬
‫من عدم القبول ‪ ..‬حتى يخفف‬ ‫إلى ذلك وتتخيل حالها بعد‬
‫عن صاحبه مصابه ‪ ..‬فيرغب عند‬ ‫قليل في بيت زوجة أخيها !!‬
‫ذلك في مجالسته أكثر ‪ ..‬ويحبه‬ ‫السؤال ‪ :‬هل يناسب إثارة‬
‫ويأنس بقربه ‪ ..‬ويشعر أنه‬ ‫هذا النوع من الحاديث مع‬
‫قريب من قلبه ‪..‬‬ ‫امرأة فشلت في مشروع‬
‫وقل مثل ذلك لو التقى شابان‬ ‫الزواج ؟!!‬
‫أحدهما أبوه كريم يغدق عليه‬ ‫هل تظن أن هذا المطلقة‬
‫الموال ‪..‬‬ ‫ستزداد محبة لهذه‬
‫والخر أبوه بخيل ل يكاد يعطيه‬ ‫الجارة ؟‪ ..‬ورغبة في‬
‫ما يكفيه ‪..‬‬ ‫مجالستها دائما ً ؟‪ ..‬وفرحا ً‬
‫فمن غير المناسب أن يتحدث‬ ‫بزيارتها لها ؟‪..‬‬
‫‪71‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قالت ‪ :‬أرى سوادا ً مجتمعا ً مقبل ً‬ ‫ابن الكريم بإغداق أبيه‬
‫‪..‬‬ ‫عليه ‪ ..‬وكثرة المال لديه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬تلك الخيل ‪..‬‬ ‫و ‪..‬‬
‫قالت ‪ :‬وأرى رجل ً يسعى بين‬ ‫لن هذا النوع من الكلم‬
‫يدي ذلك السواد مقبل ً ومدبرا ً ‪..‬‬ ‫يضيق به صدر صديقه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أي بنية ذلك الوازع الذي‬ ‫ويذكره بمأساته مع أبيه ‪..‬‬
‫يأمر الخيل ويتقدم إليها ‪..‬‬ ‫ويستثقل الجلوس مع هذا‬
‫ت انتشر‬ ‫ثم قالت ‪ :‬قد والله يا أب ِ‬ ‫الصديق ويشعر ببعده عنه‬
‫السواد ‪..‬‬ ‫في همه ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬قد والله إذا ً دفعت‬ ‫لذلك نبه النبي ‪ ε‬إلى مراعاة‬
‫الخيل ووصلت مكة ‪ ..‬فأسرعي‬ ‫مشاعر الخرين‬
‫بي إلى بيتي ‪ ..‬فإنهم يقولون‬ ‫ونفسياتهم ‪ ..‬فقال ‪ :‬ل‬
‫من دخل داره فهو آمن ‪..‬‬ ‫تطيلوا النظر إلى المجذوم‬
‫فانحطت الفتاة به مسرعة من‬ ‫)‪ .. (32‬والمجذوم هو المصاب‬
‫الجبل ‪..‬‬ ‫بمرض ظاهر في جلده قد‬
‫فتلقته خيل المسلمين ‪ ..‬قبل‬ ‫جعله مشوها ً في منظره ‪..‬‬
‫أن يصل إلى بيته ‪..‬‬ ‫فمن غير المناسب أنه إذا‬
‫فأقبل أبو بكر إليه ‪..‬‬ ‫مر بقوم أن يطيلوا النظر‬
‫فاحتفى به مرحبا ً ‪..‬‬ ‫إلى جلده ‪ ..‬لن هذا يذكره‬
‫ثم أخذ بيده يقوده ‪ ..‬حتى أتى‬ ‫بمصيبته فيحزن ‪..‬‬
‫به رسول الله ‪ ρ‬في المسجد ‪..‬‬ ‫وفي موقف غاية في‬
‫فلما رآه رسول الله ‪ .. ρ‬فإذا‬ ‫المراعاة واللطف يتعامل ‪ε‬‬
‫شيخ كبير ‪ ..‬قد ضعف جسمه ‪..‬‬ ‫مع والد أبي بكر ‪.. ψ‬‬
‫ورق عظمه ‪ ..‬واقتربت منيته ‪..‬‬ ‫فإنه ‪ ε‬لما أقبل بجيوش‬
‫وإذا أبو بكر ‪ .. ‬ينظر إلى‬ ‫المسلمين إلى مكة‬
‫أبيه ‪ ..‬وقد فارقه منذ سنين ‪..‬‬ ‫لفتحها ‪..‬‬
‫وانشغل عنه بخدمة هذا الدين ‪..‬‬ ‫قال أبو قحافة أبو أبي بكر ‪ψ‬‬
‫التفت إلى أبي بكر ‪ τ‬فقال‬ ‫‪ ..‬وكان شيخا ً كبيرا ً ‪ ..‬أعمى‬
‫مطيبا ً لنفسه ‪ ..‬ومبينا ً قدره‬ ‫‪ ..‬قال لبنة له من أصغر‬
‫الرفيع عنده ‪:‬‬ ‫ولده ‪:‬‬
‫هل تركت الشيخ في بيته حتى‬ ‫أي بنية ‪ ..‬اظهري بي على‬
‫أكون أنا آتيه فيه ؟!‬ ‫جبل أبي قبيس لنظر صدق‬
‫كان أبو بكر يعلم أنهم في حرب‬ ‫ما يقولون ‪ ..‬هل جاء‬
‫‪ ..‬قائدهم رسول الله ‪ .. ‬وأن‬ ‫محمد ؟‪..‬‬
‫وقته أضيق ‪ ..‬وأشعاله أكثر من‬ ‫فأشرفت به ابنته فوق‬
‫أن يتفرغ للذهاب لبيت شيخ‬ ‫الجبل ‪ ..‬فقال ‪ :‬أي بنية ماذا‬
‫يدعوه للسلم ‪..‬‬ ‫ترين ؟‬
‫فقال أبو بكر شاكرًا‪ :‬يا رسول‬
‫الله ‪ ..‬هو أحق أن يمشي إليك ‪..‬‬ ‫) (‬ ‫‪32‬‬

‫‪72‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪ :‬اليوم يوم الملحمة ** اليوم‬ ‫من أن تمشي أنت إليه ‪..‬‬
‫تستحل الحرمة ‪..‬‬ ‫فأجلس النبي عليه الصلة‬
‫سمعته قريش فشق ذلك عليهم‬ ‫والسلم ‪ ..‬أبا قحافة بين‬
‫‪ ..‬وكبر في أنفسهم ‪ ..‬وخافوا‬ ‫يديه ‪ ..‬بكل لطف وحنان ‪..‬‬
‫أن يفنيهم بقتالهم ‪..‬‬ ‫ثم مسح على صدره ‪..‬‬
‫فعارضت امرأة رسول الله ‪ρ‬‬ ‫ثم قال ‪ :‬أسلم ‪..‬‬
‫وهو يسير ‪ ..‬فشكت إليه خوفهم‬ ‫فأشرق وجه أبي قحافة ‪..‬‬
‫من سعد ‪ ..‬وقالت ‪:‬‬ ‫وقال ‪ :‬أشهد أن ل إله إل‬
‫ي قريش‬ ‫الله ‪ ..‬وأشهد أن محمدا ً‬
‫يا نبي الهدى إليك لجائ ّ‬
‫ولت حين لجاء‬ ‫عبده ورسوله ‪..‬‬
‫حين ضاقت عليهم سعة الرض‬ ‫انتفض أبو بكر منتشيا ً‬
‫وعاداهم إله السماء‬ ‫مسرورا ً ‪ ..‬لم تسعه الدنيا‬
‫إن سعدا ً يريد قاسمة الظهـر‬ ‫فرحا ً ‪..‬‬
‫بأهل الحجون و البطحاء‬ ‫تأمل النبي ‪ ‬في وجه‬
‫خزرجي لو يستطيع من الغيـظ‬ ‫الشيخ ‪ ..‬فإذا الشيب يكسوه‬
‫رمانا بالنسر والعواء‬ ‫بياضا ً ‪ ..‬فقال ‪ : ρ‬غيروا هذا‬
‫فانهينه إنه السد السـود‬ ‫من شعره ‪ ..‬ول تقربوه‬
‫غ في الدماء‬ ‫والليث وال ٌ‬ ‫سوادا ً ‪..‬‬
‫فلئن أقحم اللواء ونادى يا حماة‬ ‫نعم كان يراعي النفسيات‬
‫اللواء أهل اللواء‬ ‫في تعامله ‪..‬‬
‫ة‬‫لتكونن بالبطاح قريش بقع َ‬ ‫بل إنه ‪ ε‬لما دخل مكة قسم‬
‫القاع في أكف الماء‬ ‫جيشه إلى كتائب ‪ ..‬وأعطى‬
‫إنه مصلت يريد لها القتل‬ ‫راية إحدى الكتائب ‪ ..‬إلى‬
‫صموت كالحية الصماء‬ ‫الصحابي البطل سعد بن‬
‫فلما سمع رسول الله ‪ .. ρ‬هذا‬ ‫عبادة ‪.. τ‬‬
‫الشعر ‪ ..‬دخله رحمة ورأفة‬ ‫كانت الراية مفخرة لمن‬
‫بهم ‪..‬‬ ‫يحملها ‪ ..‬ليس له فقط بل‬
‫وأحب أل يخيبها إذ رغبت إليه ‪..‬‬ ‫له ولقومه ‪..‬‬
‫وأحب أل يغضب سعدا ً بأخذ‬ ‫جعل سعد ينظر إلى مكة‬
‫الراية منه بعد أن شرفه بها ‪..‬‬ ‫وسكانها ‪ ..‬فإذا هم الذين‬
‫فأمر سعدا ً فناول الراية لبنه‬ ‫حاربوا رسول الله ‪.. ‬‬
‫قيس بن سعد ‪ ..‬فدخل بها‬ ‫وضيقوا عليه ‪ ..‬وصدوا عنه‬
‫مكة‪ ..‬وأبوه سعد يمشي‬ ‫الناس ‪..‬‬
‫بجانبه ‪..‬‬ ‫وإذا هم الذين قتلوا سمية‬
‫فرضيت المرأة وقريش لما رأت‬ ‫وياسر ‪ ..‬وعذبوا بلل ًُ‬
‫يد سعد خالية من الراية ‪..‬‬ ‫وخبابا ً ‪..‬‬
‫ولم يغضب سعد لنه بقي قائدا ً‬ ‫كانوا يستحقون التأديب فعل ً‬
‫لكنه أريح من عناء حمل الراية‬ ‫‪..‬‬
‫وحملها عنه ابنه ‪..‬‬ ‫هز سعد الرايية ‪ ..‬وهو يقول‬
‫‪73‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فرأى أباه ‪ ..‬نفض يده من‬ ‫فما أجمل أن نصيد عدة‬
‫دفاتره وأقبل مرحبا ً ضاحكا ‪..‬‬
‫ً‬ ‫عصافير بحجر واحد ‪..‬‬
‫وقبل يد أبيه ‪ ..‬ثم رجع إلى‬ ‫حاول أن ل تفقد أحدا ً ‪ ..‬كن‬
‫دفاتره ‪..‬‬ ‫ناجحا ً واكسب الجميع ‪ ..‬وإن‬
‫أي هؤلء الربعة سيكون أحب‬ ‫تعارضت مطالبهم ‪..‬‬
‫إلى الب ؟‬
‫أجزم أن جوابنا سيكون واحدا ً ‪:‬‬ ‫اتفاق ‪..‬‬
‫أحبهم إليه الرابع ‪..‬‬ ‫نحن نتعامل مع القلوب ‪ ..‬ل‬
‫ليس لنه يفوقهم جمال ً أو‬ ‫مع البدان ‪..‬‬
‫ذكاءً ‪ ..‬وإنما لنه أشعر أباه بأنه‬
‫إنسان مهم عنده ‪..‬‬ ‫اهتم بالخرين ‪..‬‬ ‫‪.24‬‬
‫كلما أظهرت الهتمام بالناس‬ ‫الناس عموما ً يحبون أن‬
‫أكثر ‪ ..‬كلما ازدادوا لك حيا ً‬ ‫يشعروا بقيمتهم ‪..‬‬
‫وتقديرا ً ‪..‬‬ ‫لذا تجدهم أحيانا ً يقومون‬
‫كان سيد الخلق ‪ ‬يراعي ذلك‬ ‫ببعض التصرفات ليلفتوا‬
‫في الناس ‪ ..‬يشعر كل إنسان‬ ‫النظر إليهم ‪!..‬‬
‫أن قضيته قضيته ‪ ..‬وهمه‬ ‫وقد يخترعون قصصا ً‬
‫همه ‪..‬‬ ‫وبطولت لجل أن يهتم‬
‫قام ‪ ‬على منبره يوما ً يخطب‬ ‫الناس بهم أو يعجبوا بهم‬
‫الناس ‪..‬‬ ‫أكثر ‪..‬‬
‫فدخل رجل من باب المسجد ‪..‬‬ ‫لو رجع رجل إلى بيته قادما ً‬
‫ونظر إلى رسول الله ‪ ‬ثم قال‬ ‫من عمله متعبا ً ‪ ..‬فلما دخل‬
‫‪:‬‬ ‫صالة البيت رأى أولده‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬رجل يسأل عن‬ ‫الربعة كل منهم على‬
‫دينه ‪ ..‬ما يدري ما دينه ؟!‬ ‫حال ‪..‬‬
‫فالتفت ‪ ‬إليه ‪ ..‬فإذا رجل‬ ‫أكبرهم عمره أحدى عشرة‬
‫أعرابي ‪ ..‬قد ل يكون مستعدا ً أن‬ ‫سنة ‪ ..‬يتابع برنامجا ً في‬
‫ينتظر حتى تنتهي الخطبة ‪..‬‬ ‫التلفاز ‪..‬‬
‫ويتفرغ له النبي ‪ ‬ليحدثه عن‬ ‫والثاني يأكل طعاما ً بين‬
‫دينه ‪ ..‬وقد يخرج الرجل من‬ ‫يديه ‪..‬‬
‫المسجد ول يعود إليه ‪..‬‬ ‫والثالث يعبث بألعابه ‪..‬‬
‫وقد بلغ المر عند الرجل أهمية‬ ‫والرابع يكتب في دفاتره ‪..‬‬
‫عالية ‪ ..‬لدرجة أنه يقطع الخطبة‬ ‫فسلم الب بصوت‬
‫ليسأل عن أحكام الدين !!‬ ‫مسموع ‪ ..‬السلم عليكم ‪..‬‬
‫كان ‪ ‬يفكر من وجهة نظر‬ ‫فلم يلتفت إليه أحد ‪ ..‬ذاك‬
‫الخر ل من وجهة نظره هو‬ ‫منهمك مع برنامجه ‪..‬‬
‫فقط ‪..‬‬ ‫والثاني مأخوذ بألعابه ‪..‬‬
‫نزل من على منبره الشريف ‪..‬‬ ‫والثالث مشغول بطعامه ‪..‬‬
‫ودعا بكرسي فجلس أمام‬ ‫إل الرابع ‪ ..‬فإنه لما التفت‬
‫‪74‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وأنا في ذلك أصغي إلى‬ ‫الرجل ‪ ..‬وجعل يلقنه‬
‫الظلل ‪ ..‬وطيب الثمار ‪..‬‬ ‫ويفهمه أحكام الدين ‪ ..‬حتى‬
‫فلم أزل كذلك ‪ ..‬حتى قام‬ ‫فهم ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ ρ‬غاديا ً بالغداة ‪..‬‬ ‫ثم قام من عنده ‪ ..‬ورجع‬
‫فقلت ‪ :‬أنطلق غدا إلى السوق‬ ‫إلى منبره وأكمل خطبته ‪..‬‬
‫فأشتري جهازي ‪ ..‬ثم ألحق بهم‬ ‫آآآه ما أعظمه وأحلمه ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫تربى أصحابة في مدرسته ‪..‬‬
‫فانطلقت إلى السوق من‬ ‫فكانوا يظهرون الهتمام‬
‫الغد ‪ ..‬فعسر علي بعض‬ ‫بالخرين ‪ ..‬والحتفاء بهم ‪..‬‬
‫شأني ‪ ..‬فرجعت ‪..‬‬ ‫ومشاركتهم أفراحهم‬
‫فقلت ‪ :‬أرجع غدا إن شاء الله‬ ‫وأتراحهم ‪..‬‬
‫ي بعض‬ ‫فألحق بهم ‪ ..‬فعسر عل ّ‬ ‫ومن ذلك ما فعله طلحة مع‬
‫شأني أيضا ً ‪..‬‬ ‫كعب ‪.. ‬‬
‫فقلت ‪ :‬أرجع غدا إن شاء الله ‪..‬‬ ‫كعب بن مالك ‪ ‬شيخ‬
‫فلم أزل كذلك ‪..‬‬ ‫كبير ‪ ..‬نجلس إليه ‪ ..‬بعدما‬
‫حتى مضت اليام ‪ ..‬وتخلفت عن‬ ‫كبر سنه ‪ ..‬ورق عظمه ‪..‬‬
‫رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫وكف بصره ‪..‬‬
‫فجعلت أمشي في السواق ‪..‬‬ ‫وهو يحكي ذكريات شبابه ‪..‬‬
‫وأطوف بالمدينة ‪..‬‬ ‫في تخلفه عن غزوة تبوك ‪..‬‬
‫فل أرى إل رجل ً مغموصا ً عليه‬ ‫وكانت آخر غزوة غزاها‬
‫في النفاق ‪ ..‬أو رجل ً قد عذره‬ ‫النبي ‪.. ρ‬‬
‫الله ‪..‬‬ ‫آذن النبي ‪ ρ‬الناس بالرحيل‬
‫نعم تخلف كعب في المدينة ‪..‬‬ ‫وأراد أن يتأهبوا أهبة‬
‫أما رسول الله ‪ ρ‬فقد مضى‬ ‫غزوهم ‪..‬‬
‫بأصحابه الثلثين ألفا ً ‪..‬‬ ‫وجمع منهم النفقات لتجهيز‬
‫حتى إذا وصل تبوك ‪ ..‬نظر في‬ ‫الجيش ‪ ..‬حتى بلغ عدد‬
‫وجوه أصحابه ‪ ..‬فإذا هو يفقد‬ ‫الجيش ثلثين ألفا ً ‪..‬‬
‫رجل ً صالحا ً ممن شهدوا بيعة‬ ‫وذلك حين طابت الظلل‬
‫العقبة ‪..‬‬ ‫الثمار ‪..‬‬
‫فيقول ‪ : ρ‬ما فعل كعب بن‬ ‫في حر شديد ‪ ..‬وسفر‬
‫مالك ؟!‬ ‫بعيد ‪ ..‬وعدو قوي عنيد ‪..‬‬
‫فقال رجل ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫كان عدد المسلمين كثيرا ً ‪..‬‬
‫خّلفه برداه والنظر في‬ ‫ولم تكن أسماؤهم مجموعة‬
‫عطفيه ‪..‬‬ ‫في كتاب ‪..‬‬
‫فقال معاذ بن جبل ‪ :‬بئس ما‬ ‫قال كعب ‪:‬‬
‫قلت ‪ ..‬والله يا نبي الله ما‬ ‫وأنا أيسر ما كنت ‪ ..‬قد‬
‫علمنا عليه إل خيرا ً ‪..‬‬ ‫جمعت راحلتين ‪ ..‬وأنا أقدر‬
‫فسكت رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫شيء في نفسي على‬
‫الجهاد ‪..‬‬
‫‪75‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كذب ترضى به علي ‪ ..‬ليوشكن‬ ‫قال كعب ‪:‬‬
‫الله أن يسخطك علي ‪..‬‬ ‫فلما قضى النبي ‪ ρ‬غزوة‬
‫ولئن حدثتك حديث صدق ‪ ..‬تجد‬ ‫تبوك ‪ ..‬وأقبل راجعا ً إلى‬
‫و‬‫ي فيه ‪ ..‬إني لرجو فيه عف َ‬ ‫عل ّ‬ ‫المدينة ‪ ..‬جعلت أتذكر ‪..‬‬
‫الله عني ‪..‬‬ ‫بماذا أخرج به من سخطه ‪..‬‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬والله ما كان لي‬ ‫وأستعين على ذلك بكل ذي‬
‫من عذر ‪..‬‬ ‫رأي من أهلي ‪..‬‬
‫والله ما كنت قط أقوى ‪ ..‬ول‬ ‫حتى إذا وصل المدينة ‪..‬‬
‫أيسر مني حين تخلفت عنك ‪..‬‬ ‫ت أني ل أنجو إل‬ ‫عرف ُ‬
‫ثم سكت كعب ‪..‬‬ ‫بالصدق ‪..‬‬
‫فالتفت النبي ‪ ρ‬إلى أصحابه ‪..‬‬ ‫فدخل النبي ‪ ρ‬المدينة ‪..‬‬
‫وقال ‪:‬‬ ‫فبدأ بالمسجد فصلى فيه‬
‫أما هذا ‪ ..‬فقد صدقكم‬ ‫ركعتين ‪ ..‬ثم جلس للناس ‪..‬‬
‫الحديث ‪ ..‬فقم ‪ ..‬حتى يقضي‬ ‫فجاءه المخلفون ‪ ..‬فطفقوا‬
‫الله فيك ‪..‬‬ ‫يعتذرون إليه ‪ ..‬ويحلفون‬
‫قام كعب يجر خطاه ‪ ..‬وخرج‬ ‫له ‪..‬‬
‫من المسجد ‪ ..‬مهموما ً مكروبا ً ‪..‬‬ ‫وكانوا بضعة وثمانين رجل ً ‪..‬‬
‫ل يدري ما يقضي الله فيه ‪..‬‬ ‫فقبل منهم رسول الله ‪ρ‬‬
‫فلما رأى قومه ذلك ‪ ..‬تبعه‬ ‫علنيتهم ‪ ..‬واستغفر لهم ‪..‬‬
‫رجال منهم ‪ ..‬وأخذوا يلومونه ‪..‬‬ ‫ووكل سرائرهم إلى الله ‪..‬‬
‫ويقولون ‪:‬‬ ‫وجاءه كعب بن مالك ‪ ..‬فلما‬
‫والله ما نعلمك أذنبت ذنبا ً قط‬ ‫سلم عليه ‪ ..‬نظر إليه النبي‬
‫قبل هذا ‪ ..‬إنك رجل شاعر‬ ‫سم المغضب‬ ‫سم تب ّ‬ ‫‪ .. ρ‬ثم تب ّ‬
‫أعجزت أل تكون اعتذرت إلى‬ ‫‪..‬‬
‫رسول الله ‪ ρ‬بما اعتذر إليه‬ ‫أقبل كعب يمشي إليه ‪.. ‬‬
‫المخلفون !‪ ..‬هل اعتذرت بعذر‬ ‫فلما جلس بين يديه ‪..‬‬
‫يرضى عنك فيه ‪ ..‬ثم يستغفر‬ ‫فقال له ‪ : ρ‬ما خلفك ‪ ..‬ألم‬
‫لك ‪ ..‬فيغفر الله لك ‪..‬‬ ‫تكن قد ابتعت ظهرك ؟‬
‫قال كعب ‪:‬‬ ‫يعني اشتريت دابتك ‪..‬‬
‫فلم يزالوا يؤنبونني ‪ ..‬حتى‬ ‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫هممت أن أرجع فأكذب‬ ‫قال ‪ :‬فما خلفك ؟!‬
‫نفسي ‪..‬‬ ‫فقال كعب ‪ :‬يا رسول‬
‫فقلت ‪ :‬هل لقي هذا معي‬ ‫الله ‪ ..‬إني والله لو جلست‬
‫أحد ؟‬ ‫عند غيرك من أهل الدنيا ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬نعم ‪ ..‬رجلن قال مثل ما‬ ‫لرأيت أني أخرج من سخطه‬
‫قلت ‪ ..‬فقيل لهما مثل ما قيل‬ ‫بعذر ‪ ..‬ولقد أعطيت جدل ً ‪..‬‬
‫لك ‪..‬‬ ‫ولكني والله لقد علمت ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬من هما ؟ قالوا ‪ :‬مرارة‬ ‫أني إن حدثتك اليوم حديث‬
‫بن الربيع ‪ ..‬وهلل بن أمية ‪..‬‬
‫‪76‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫علي أم ل ؟‬ ‫فإذا هما رجلن صالحان قد‬
‫ً‬
‫ثم أصلي قريبا منه ‪ ..‬فأسارقه‬ ‫شهدا بدرا ً ‪ ..‬لي فيهما‬
‫النظر ‪ ..‬فإذا أقبلت على صلتي‬ ‫أسوة ‪..‬‬
‫‪ ..‬أقبل إلي ‪..‬‬ ‫فقلــت ‪ :‬واللــه ل أرجــع إليــه‬
‫ت نحوه ‪ ..‬أعرض‬ ‫وإذا التف ّ‬ ‫فــي هــذا أبــدا ً ‪ ..‬ول أكــذب‬
‫عني ‪..‬‬ ‫نفسي ‪..‬‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫ومضت على كعب اليام ‪..‬‬ ‫ثــم مضــى كعــب ‪ .. τ‬يســير‬
‫واللم تلد اللم ‪..‬‬ ‫حزينـــا ً ‪ ..‬كســـير النفـــس ‪..‬‬
‫وهو الرجل الشريف في‬ ‫وقعد في بيته ‪..‬‬
‫قومه ‪..‬‬ ‫ض وقت ‪ ..‬حتى نهى‬ ‫فلم يم ِ‬
‫بل هو من أبلغ الشعراء ‪ ..‬عرفه‬ ‫النـــبي ‪ ρ‬النـــاس عـــن كلم‬
‫الملوك والمراء ‪..‬‬ ‫كعب وصاحبيه ‪..‬‬
‫وسارت أشعاره عند العظماء ‪..‬‬ ‫قال كعب ‪:‬‬
‫حتى تمنوا لقياه ‪..‬‬ ‫فاجتنبنا الناس ‪ ..‬وتغيروا لنا‬
‫ثم هو اليوم ‪ ..‬في المدينة ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فجعلـــــت أخـــــرج إلـــــى‬
‫بين قومه ‪ ..‬ل أحد يكلمه ‪ ..‬ول‬ ‫السوق ‪ ..‬فل يكلمني أحد ‪..‬‬
‫ينظر إليه ‪..‬‬ ‫وتنكر لنا النــاس ‪ ..‬حــتى مــا‬
‫حتى ‪ ..‬إذا اشتدت عليه الغربة ‪..‬‬ ‫هم بالذين نعرف ‪..‬‬
‫وضاقت عليه الكربة ‪ ..‬نزل به‬ ‫وتنكرت لنا الحيطان ‪ ..‬حــتى‬
‫امتحان آخر ‪:‬‬ ‫ما هي بالحيطان التي نعرف‬
‫فبينما هــو يطــوف فــي الســوق‬ ‫‪..‬‬
‫يوما ً ‪..‬‬ ‫وتنكرت لنا الرض ‪ ..‬حتى ما‬
‫إذا رجـــل نصـــراني جـــاء مـــن‬ ‫هي بالرض التي نعرف ‪..‬‬
‫الشام ‪..‬‬ ‫فأمــا صــاحباي فجلســا فــي‬
‫فإذا هو يقول ‪ :‬من يــدلني علــى‬ ‫بيوتهمـــــا يبكيـــــان ‪ ..‬جعل‬
‫كعب بن مالك ‪ ..‬؟‬ ‫يبكيــان الليــل والنهــار ‪ ..‬ول‬
‫فطفق الناس يشــيرون لــه إلــى‬ ‫يطلعــــــان رؤوســــــهما ‪..‬‬
‫كعب ‪ ..‬فأتــاه ‪ ..‬فنــاوله صــحيفة‬ ‫ويتعبدان كأنهما الرهبان ‪..‬‬
‫من ملك غسان ‪..‬‬ ‫ب القوم‬ ‫ش ّ‬‫وأما أنا فكنت أ َ‬
‫عجبا ً !! من ملك غسان ‪!!..‬‬ ‫دهم ‪ ..‬فكنت أخرج‬ ‫وأجل َ‬
‫إذن قــد وصــل خــبره إلــى بلد‬ ‫فأشهد الصلة مع المسلمين‬
‫الشــــام ‪ ..‬واهتــــم بــــه ملــــك‬ ‫‪ ..‬وأطوف في السواق ‪..‬‬
‫الغساسنة ‪ ..‬عجبا ً !! فماذا يريــد‬ ‫ول يكلمني أحد ‪..‬‬
‫الملك ؟!!‬ ‫وآتي المسجد فأدخل ‪..‬‬
‫فتح كعب الرسالة فإذا فيها ‪:‬‬ ‫وآتي رسول الله ‪ ρ‬فأسلم‬
‫" أما بعد ‪ ..‬يا كعــب بــن مالــك ‪..‬‬ ‫عليه ‪..‬‬
‫إنه بلغني أن صاحبك قــد جفــاك‬ ‫فأقول في نفسي ‪ :‬هل‬
‫وأقصاك ‪ ..‬ولســت بــدار مضــيعة‬ ‫حرك شفتيه برد السلم‬
‫‪77‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بــالفرج ‪ ..‬فــإذا الرســول يقــول‬ ‫ول هــــوان ‪ ..‬فــــالحق بنــــا‬
‫له ‪:‬‬ ‫نواسك "‪..‬‬
‫إن رســـول اللـــه ‪ ρ‬يـــأمرك أن‬ ‫فلمــا أتــم قــراءة الرســالة ‪..‬‬
‫تعتزل ُامرأتك ‪..‬‬ ‫قال ‪ : τ‬إنــا للــه ‪ ..‬قــد طمــع‬
‫قال ‪ :‬أ ُطَّلقها ‪ ..‬أم ماذا ؟‬ ‫ي أهل الكفر ‪ !!..‬هذا أيضا ً‬ ‫ف ّ‬
‫قـــال ‪ :‬ل ‪ ..‬ولكـــن اعتزلهـــا ول‬ ‫من البلء والشر ‪..‬‬
‫تقربها ‪..‬‬ ‫ثم مضى بالرسالة فورا ً إلــى‬
‫فدخل كعب على امرأته وقــال ‪:‬‬ ‫التنور ‪ ..‬فأشعله ثم أحرقهــا‬
‫الحقــي بأهلــك فكــوني عنــدهم‬ ‫فيه ‪..‬‬
‫حـــتى يقضـــي اللـــه فـــي هـــذا‬ ‫ولم يلتفت كعب إلــى إغــراء‬
‫المر ‪..‬‬ ‫الملك ‪..‬‬
‫وأرســل النــبي ‪ ρ‬إلــى صــاحبي‬ ‫فتــح لــه بــاب إلــى بلط‬ ‫نعم ُ‬
‫كعب بمثل ذلك ‪..‬‬ ‫الملوك ‪ ..‬وقصور العظماء ‪..‬‬
‫فجــاءت امــرأة هلل بــن أميــة ‪..‬‬ ‫يدعونه إلى الكرامة والصحبة‬
‫فقالت ‪:‬‬ ‫‪..‬‬
‫يــا رســول اللــه ‪ ..‬إن هلل بــن‬ ‫والمدينة من حوله تتجهمه ‪..‬‬
‫أمية شــيخ كــبير ضــعيف ‪ ..‬فهــل‬ ‫والوجوه تعبس في وجهه ‪..‬‬
‫تأذن لي أن أخدمه ‪..‬؟‬ ‫يسلم فل يرد عليه السلم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬ولكن ل يقربنك ‪..‬‬ ‫ويسأل فل يسمع الجواب ‪..‬‬
‫فقـالت المـرأة ‪ :‬يـا نـبي اللـه ‪..‬‬ ‫ومــع ذلــك لــم يلتفــت إلــى‬
‫والله ما به مــن حركــة لشــيء ‪..‬‬ ‫الكفار ‪..‬‬
‫مــا زال مكتئبــا ً ‪ ..‬يبكــي الليــل‬ ‫ولــم يفلــح الشــيطان فــي‬
‫والنهار ‪ ..‬منذ كان مــن أمــره مــا‬ ‫زعزعته ‪ ..‬أو تعبيده لشهوته‬
‫كان ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫ألقــى الرســالة فــي النــار ‪..‬‬
‫ومــــرت اليــــام ثقيلــــة علــــى‬ ‫وأحرقها ‪..‬‬
‫كعــب ‪..‬واشــتدت الجفــوة عليــه‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫‪..‬حتى صار يراجع إيمانه ‪..‬‬ ‫ومضت اليام تتلوها اليام ‪..‬‬
‫يكلم المسلمين ول يكلمونه ‪..‬‬ ‫وانقضـــى شـــهر كامـــل ‪..‬‬
‫ويســلم علــى رســول اللــه ‪ ρ‬فل‬ ‫وكعب على هذا الحال ‪..‬‬
‫يرد عليه ‪..‬‬ ‫والحصـــار يشـــتد خنـــاقه ‪..‬‬
‫فـــإلى أيـــن يـــذهب ‪ !!..‬ومـــن‬ ‫والضيق يزداد ثقله ‪..‬‬
‫يستشير !؟‬ ‫فل الرســول ‪ُ ρ‬يمضــي ‪ ..‬ول‬
‫قال كعب ‪: τ‬‬ ‫الوحي بالحكم يقضي ‪..‬‬
‫ي البلء ‪ ..‬ذهبــت‬ ‫فلمــا طــال علـ ّ‬ ‫فلما اكتملت أربعون يوما ً ‪..‬‬
‫إلــى أبــي قتــادة ‪ ..‬وهــو ابــن‬ ‫فــإذا رســول مــن النــبي ‪ρ‬‬
‫ي ‪ ..‬فإذا‬ ‫عمي ‪ ..‬وأحب الناس إل ّ‬ ‫يــأتي إلــى كعــب ‪ ..‬فيطــرق‬
‫هــــو فــــي حــــائط بســــتانه ‪..‬‬ ‫عليه الباب ‪..‬‬
‫فتسورت الجدار عليه ‪..‬‬ ‫فيخرج كعب إليه ‪ ..‬لعله جــاء‬
‫‪78‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪..‬‬ ‫ودخلت ‪ ..‬فسلمت عليه ‪..‬‬
‫فلما صلى النبي ‪ ρ‬الفجر ‪ ..‬آذن‬ ‫فوالله ما رد علي السلم ‪..‬‬
‫الناس بتوبة الله عليهم ‪..‬‬ ‫فقلت ‪ :‬أنشدك الله ‪ ..‬يــا أبــا‬
‫فانطلق الناس يبشرونهم ‪..‬‬ ‫قتادة ‪ ..‬أتعلم أني أحب اللــه‬
‫قال كعب ‪:‬‬ ‫ورسوله ؟‬
‫وكنت قد صليت الفجر على‬ ‫فسكت ‪..‬‬
‫سطح بيت من بيوتنا ‪..‬‬ ‫فقلت ‪ :‬يا أبا قتادة ‪ ..‬أتعلــم‬
‫فبينا أنا جالس على الحال التي‬ ‫أني أحب الله ورسوله ؟‬
‫ذكر الله تعالى ‪ ..‬قد ضاقت‬ ‫فسكت ‪..‬‬
‫ي‬‫علي نفسي ‪ ..‬وضاقت عل ّ‬ ‫فقلت ‪ :‬أنشدك الله ‪ ..‬يــا أبــا‬
‫الرض بما رحبت ‪..‬‬ ‫قتادة ‪ ..‬أتعلم أني أحب اللــه‬
‫ي ‪ ..‬من أن‬ ‫وما من شيء أهم إل ّ‬ ‫ورسوله ؟‬
‫ي رسو ُ‬
‫ل‬ ‫أموت ‪ ..‬فل يصلي عل ّ‬ ‫فقال ‪ :‬الله ورسوله أعلم ‪..‬‬
‫الله ‪ .. ρ‬أو يموت ‪ ..‬فأكون من‬ ‫سمع كعب هذا الجواب ‪ ..‬من‬
‫الناس بتلك المنزلة ‪ ..‬فل‬ ‫ابن عمه وأحب الناس إليه ‪..‬‬
‫يكلمني أحد منهم ‪ ..‬ول يصلي‬ ‫ل يدري أهو مؤمن أم ل ؟‬
‫ي ‪..‬‬
‫عل ّ‬ ‫فلــم يســتطع أن يتجلــد لمــا‬
‫فبينما أنا على ذلك ‪..‬‬ ‫ســـمعه ‪ ..‬وفاضـــت عينـــاه‬
‫إذ سمعت صوت صارخ ‪ ..‬على‬ ‫بالدموع ‪..‬‬
‫جبل سلع بأعلى صوته يقول ‪:‬‬ ‫ً‬
‫ثم اقتحم الحائط خارجا ‪..‬‬
‫ياااااا كعب بن مالك ! ‪ ..‬أبشر ‪..‬‬ ‫وذهب إلـى منزلـه ‪ ..‬وجلـس‬
‫فخررت ساجدا ً ‪ ..‬وعرفت أن قد‬ ‫فيه ‪..‬‬
‫جاء فرج من الله ‪..‬‬ ‫يقلب طرفه بين جدرانه ‪ ..‬ل‬
‫ي رجل على فرس ‪..‬‬ ‫وأقبل إل ّ‬ ‫زوجــة تجالســه ‪ ..‬ول قريــب‬
‫والخر صاح من فوق جبل ‪..‬‬ ‫يؤانسه ‪..‬‬
‫وكان الصوت أسرع من‬ ‫وقد مضــت عليهــم خمســون‬
‫الفرس ‪..‬‬ ‫ليلة ‪ ..‬من حين نهى النبي ‪ρ‬‬
‫فلما جاءني الذي سمعت صوته‬ ‫الناس عن كلمهم ‪..‬‬
‫ي‬‫يبشرني ‪ ..‬نزعت له ثوب ّ‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫فكسوته إياهما ببشراه ‪ ..‬والله‬ ‫وفـــي الليلـــة الخمســـين ‪..‬‬
‫ما أملك غيرهما ‪..‬‬ ‫نزلت تــوبتهم علــى النــبي ‪ρ‬‬
‫واستعرت ثوبين ‪ ..‬فلسبتهما ‪..‬‬ ‫في ثلث الليل ‪..‬‬
‫وانطلقت إلى رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫وكان ‪ ‬في بيت أم سلمة ‪..‬‬
‫فتلقاني الناس فوجا ً ‪ ..‬فوجا ً ‪..‬‬ ‫فتل اليات ‪..‬‬
‫يهنئوني بالتوبة ‪ ..‬يقولون ‪:‬‬ ‫فقالت أم سلمة ‪: τ‬‬
‫ليهنك توبة الله عليك ‪..‬‬ ‫يا نبي الله ‪ ..‬أل نبشــر كعــب‬
‫حتى دخلت المسجد ‪ ..‬فإذا‬ ‫بن مالك ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ ε‬جالس بين أصحابه‬ ‫قال ‪ :‬إذا ً يحطمكم النــاس ‪..‬‬
‫‪ ..‬فلما رأوني والله ما قام‬ ‫ويمنعونكم النوم سائر الليلة‬
‫‪79‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ذا‬‫حّتى إ ِ َ‬ ‫فوا َ‬ ‫خل ّ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ة ال ّ ِ‬ ‫الّثلث َ ِ‬ ‫ي إل طلحة بن عبيد‬ ‫منهم إل ّ‬
‫َ‬
‫ت‬
‫حب َ ْ‬‫ما َر ُ‬ ‫ض بِ َ‬ ‫م اْلْر ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ِ‬ ‫عل َي ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ضا َ‬ ‫َ‬ ‫الله ‪ ..‬قام فاعتنقني‬
‫وظَّنوا‬ ‫َ‬
‫م أن ْ ُ‬ ‫ت َ َ‬ ‫ضا َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع َلي ْ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫وهنأني ‪ ..‬ثم رجع إلى‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫هث ّ‬ ‫ه إ ِل إ ِلي ْ ِ‬ ‫ن الل ِ‬ ‫م َ‬ ‫جأ ِ‬ ‫مل َ‬ ‫نل َ‬ ‫أ ْ‬ ‫مجلسه ‪ ..‬فوالله ما أنساها‬
‫و‬
‫ه َ‬‫ه ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م ل ِي َُتوُبوا إ ِ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫َتا َ‬ ‫لطلحة ‪..‬‬
‫م ] ‪..‬‬ ‫حي ُ‬ ‫ب الّر ِ‬ ‫وا ُ‬ ‫الت ّ ّ‬ ‫فمشيت حتى وقف على‬
‫والشاهد من هذه القصة ‪ ..‬أن‬ ‫رسول الله ‪ ε‬فسلمت‬
‫طلحة ‪ τ‬لما رأى كعبا ً قام إليه‬ ‫عليه ‪..‬‬
‫واعتنقه وهنأه ‪ ..‬فزادت محبة‬ ‫وهو يبرق وجهه من السرور‬
‫كعب له ‪ ..‬حتى كان يقول بعد‬ ‫سّر استنار وجهه‬ ‫‪ ..‬وكان إذا ُ‬
‫موت طلحة ‪ ..‬وهو يحكي القصة‬ ‫‪ ..‬حتى كأنه قطعة قمر ‪..‬‬
‫بعدها بسنين ‪ :‬فوالله ل أنساها‬ ‫فلما رآني قال ‪ :‬أبشر بخير‬
‫لطلحة ‪..‬‬ ‫يوم مّر عليك منذ ولدتك أمك‬
‫وماذا فعل طلحة حتى يأسر‬ ‫‪..‬‬
‫قلب كعب ؟ فعل مهارة رائدة ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬أمن عندك يا رسول‬
‫م به ‪ ..‬شاركه فرحته ‪..‬‬ ‫اهت ّ‬ ‫الله ‪ ..‬أم من عند الله ؟‬
‫فصار له عنده حظوة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬بل من عند الله ‪..‬‬
‫الهتمام بالناس ومشاركتهم‬ ‫ثم تل اليات ‪..‬‬
‫في مشاعرهم يأسر قلوبهم ‪..‬‬ ‫فجلست بين يديه ‪..‬‬
‫لو كنت في زحمة المتحانات ‪..‬‬ ‫فقلت ‪ :‬يا رسول الله ! إن‬
‫ووصلت إلى هاتفك المحمول‬ ‫من توبتي أن أنخلع من‬
‫رسالة مكتوب فيها ‪ ..‬بشرني‬ ‫مالي صدقة إلى الله ‪ ..‬وإلى‬
‫عن امتحاناتك والله إن بالي‬ ‫رسوله ‪..‬‬
‫مشغول عليك وأدعو لك ‪،‬‬ ‫فقال ‪ :‬أمسك عليك بعض‬
‫صديقك ‪ :‬إبراهيم ‪..‬‬ ‫مالك ‪ ..‬فهو خير لك ‪..‬‬
‫أليس ستزداد محبتك لهذا‬ ‫فقلت ‪ :‬يا رسول الله ! إن‬
‫الصديق ؟ بلى ‪..‬‬ ‫الله إنما نجاني بالصدق ‪..‬‬
‫ولو كان أبوك مريضا ً في‬ ‫وإن من توبتي أل أحدث إل‬
‫المستشفى ‪ ..‬فبقيت معه في‬ ‫صدقا ً ما بقيت ‪..‬‬
‫غرفته وأنت مشغول البال‬ ‫نعم ‪ ..‬تاب الله على كعب‬
‫عليه ‪ ..‬واتصل بك صديق وسألك‬ ‫وصاحبيه ‪ ..‬وأنزل في ذلك‬
‫عنه ‪ ..‬وقال ‪ :‬تحتاج مساعدة ؟‬ ‫قرءانا ً يتلى ‪..‬‬
‫نحن في خدمتك ‪ ..‬فشكرته ‪..‬‬ ‫فقال عز وجل ‪:‬‬
‫ثم في المساء اتصل وقال ‪ :‬إذا‬ ‫ي‬‫عَلى الن ّب ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫قدْ َتا َ‬ ‫[ لَ َ‬
‫ر ال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫الهل يحتاجون أي شيء أشتريه‬ ‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫صا ِ‬ ‫واْلن ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ها ِ‬ ‫م َ‬‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫لهم ‪ ..‬فأخبرني ‪ ..‬فشكرته‬ ‫ة‬ ‫سَر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ْ‬
‫ة ال ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫سا َ‬ ‫في َ‬ ‫عوهُ ِ‬ ‫ات ّب َ ُ‬
‫ودعوت له ‪..‬‬ ‫ب‬ ‫قُلو ُ‬ ‫غ ُ‬ ‫زي ُ‬ ‫كادَ ي َ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫أل تشعر أن قلبك ينجذب إليه‬ ‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ب َ َ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫م َتا َ‬ ‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ري ٍ‬ ‫ف ِ‬
‫أكثر ‪..‬؟‬ ‫عَلى‬ ‫و َ‬ ‫م* َ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ف َر ِ‬ ‫ؤو ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫ه ْ‬‫ه بِ ِ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫‪80‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بعدها بيومين انتهت أعمالي في‬ ‫بينما لو اتصل بك آخر‬
‫جدة وذهبت إلى المطار أنتظر‬ ‫وقال ‪ :‬فلن ‪ ..‬نحن خارجون‬
‫وقت إقلع رحلتي للرياض ‪..‬‬ ‫إلى نزهة في البحر ‪ ..‬هاه‬
‫في هذه الثناء كان يمر بي عدد‬ ‫تذهب معنا ؟‬
‫من الشباب فإذا رأوني عرفوني‬ ‫فقلت ‪ :‬والله والدي مريض‬
‫وأقبلوا مسلمين وكانوا أحيانا ً‬ ‫ول أستطيع ‪..‬‬
‫من الشباب المراهقين لهم‬ ‫فبدل أن يدعو له ويعتذر أن‬
‫قصات شعر غريبة ‪ ..‬ومع ذلك‬ ‫لم يسأل عن حاله ‪ ..‬قال لك‬
‫كنت أمازحهم وأطلق التعليقات‬ ‫‪ :‬أدري أنه مريض لكن هو‬
‫عليهم تحببا ً وتلطفا ً ‪..‬‬ ‫في المستشفى وعنده‬
‫انشغلت بمكالمة هاتفية ‪ ..‬فلما‬ ‫ممرضون ولن يستفيد من‬
‫أنهيتها فإذا شاب يلبس بنطال ً‬ ‫بقائك تعال معنا استمتع‬
‫سّلما ً‬ ‫وقميصا ً ‪ ..‬يراني فيقبل م َ‬ ‫واسبح و ‪ ..‬قالها وهو‬
‫مصافحا ً ‪..‬‬ ‫يمازحك ضاحكا ً ‪ ..‬وكأن‬
‫رحبت به وقلت مازحا ً ‪ :‬ما هذه‬ ‫مرض والدك ل يعنيه ‪ ..‬كيف‬
‫الناقة ‪ ..‬أنت اليوم كأنك عريس‬ ‫ستكون نظرتك إليه ؟‬
‫‪ ..‬ونحو هذه العبارات ‪..‬‬ ‫بل شك أن قدره في قلبك‬
‫سكت الشاب قليل ً ثم قال ‪:‬‬ ‫ينخفض لنه لم يهتم‬
‫ما عرفتني ‪ ..‬أنا فلن ‪ ..‬الن‬ ‫بهمومك ‪..‬‬
‫وصلت من ألمانيا معي جثمان‬ ‫من أحرج ما وقع لي من‬
‫أبي ‪ ..‬وأنا متوجه إلى الرياض‬ ‫مواقف ‪..‬‬
‫الن على أقرب رحلة ‪..‬‬ ‫أني كنت مسافرا ً إلى جدة‬
‫في الحقيقة ‪ ..‬كأنما صب علي‬ ‫لعدة أيام ‪ ..‬كنت مشغول ً‬
‫برميل ماء بارد ‪ ..‬صرت محرجا ً‬ ‫جدا ً ‪..‬‬
‫جدا ً ‪ ..‬أبوه مات ‪ ..‬وجثمانه معه‬ ‫وصلتني رسالة خللها على‬
‫في الطائرة وأنا أمازحه وأضحك‬ ‫هاتفي من أخي سعود كتب‬
‫‪ ..‬إن هذا لشيء عجاب !!‬ ‫فيها ‪:‬‬
‫ت قليل ً ثم قلت ‪ :‬آآآآسف ‪..‬‬ ‫سك ّ‬ ‫أحسن الله عزاءك في ابن‬
‫والله ما انتبهت إليك ‪ ..‬فأنا هنا‬ ‫عمنا فلن توفي في‬
‫منذ أيام ‪ ..‬فأحسن الله عزاءك‬ ‫ألمانيا ‪..‬‬
‫وغفر لوالدك ‪..‬‬ ‫اتصلت بأخي فأخبرني أن‬
‫ت في الحقيقة معذورا ً‬ ‫وإن كن ُ‬ ‫ابن عمنا هذا ‪ -‬وهو شيخ‬
‫في عدم انتباهي إلى شخصه ‪..‬‬ ‫كبير ‪ -‬ذهب قبل يومين‬
‫فقد كنت ل أقابله إل قليل ً ‪..‬‬ ‫لعلج القلب في ألمانيا‬
‫وأراه بثوبه وغترته ‪ ..‬فلما لبس‬ ‫وتوفي أثناء إجراء العملية ‪..‬‬
‫البنطال وجاءني فجأة في زحمة‬ ‫وأن جثمانه سيصل قريبا ً‬
‫شباب من جدة ‪ ..‬لم يقع في‬ ‫إلى مطار الرياض ‪ ..‬دعوت‬
‫نفسي أنه فلن ‪..‬‬ ‫له وترحمت عليه ‪ ..‬وأنهيت‬
‫فمن الهتمام بالناس‬ ‫المكالمة ‪..‬‬
‫‪81‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قائل ً ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬رجل ل‬ ‫مشاركتهم في مشاعرهم‬
‫يدري ما دينه ! فعلمه دينه ‪..‬‬ ‫وإشعارهم أن همهم هو‬
‫فنزل النبي ‪ ε‬من منبره ‪..‬‬ ‫همك ‪ ..‬وأنك تحب الخير لهم‬
‫وتوجه إلى الرجل وطلب كرسيا ً‬ ‫‪..‬‬
‫فجلس عليه ‪ ..‬ثم جعل يتحدث‬ ‫ومن هذا المنطلق تجد أن‬
‫مع الرجل ويشرح له الدين إلى‬ ‫الشركات المتطورة يكون‬
‫أن فهم ‪ ..‬ثم عاد إلى منبره ‪..‬‬ ‫عندها إدارة للعلقات‬
‫قمة الهتمام بالناس ‪ ..‬ومن‬ ‫العامة ‪ ..‬مهمتها إرسال‬
‫يدري ربما لو أهمله لخرج الرجل‬ ‫التهاني والتبريكات في‬
‫وبقي جاهل ً بدينه إلى أن‬ ‫المناسبات ‪ ..‬وتقديم الهدايا‬
‫يموت ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ونحو ذلك ‪..‬‬
‫ولو نظرت في شمائله ‪.. ε‬‬ ‫الناس كلما أشعرتهم‬
‫لوجدت من بينها أنه كان إذا‬ ‫بقيمتهم وأظهرت الهتمام‬
‫صافحه أحد لم ينزع ‪ ε‬يده من يد‬ ‫بهم ملكت قلوبهم‬
‫المصافح ‪ ..‬حتى ينزع ذاك يده‬ ‫وأحبوك ‪..‬‬
‫أول ً ‪..‬‬ ‫خذ أمثلة سريعة من الواقع ‪:‬‬
‫وكان ‪ ε‬إذا كلمه أحد التفت إليه‬ ‫لو دخل شخص إلى مكان‬
‫مليء بالناس فلم يجد مكانا ً‬
‫جميعا ً ‪ ..‬أي التفت بوجهه‬
‫يجلس فيه ‪ ..‬فتفسحت قليل ً‬
‫وجسمه إليه يستمع وينصت ‪..‬‬
‫‪ ..‬وأوسعت له مكانا ً وقلت ‪:‬‬
‫تجربة ‪..‬‬ ‫تفضل يا فلن ‪ ..‬تعال هنا ‪..‬‬
‫الناس كلما أشعرتهم بقيمتهم‬ ‫لشعر باهتمامك وأحبك ‪..‬‬
‫وأظهرت الهتمام بهم ‪ ..‬ملكت‬ ‫أو لو كنتم في حفل عشاء ‪..‬‬
‫قلوبهم ‪ ..‬وأحبوك ‪..‬‬ ‫وأقبل يحمل طعامه يتلفت‬
‫يبحث عن طاولة فيها مكان‬
‫فارغ ‪ ..‬فجهزت له كرسيا ً‬
‫أشعرهم أنك تحب‬ ‫‪.25‬‬
‫وقلت ‪ :‬حياك اله يا فلن ‪..‬‬
‫الخير لهم ‪..‬‬
‫تفضل هنا ‪ ..‬لشعر‬
‫كلما كان قلبك مملوءا ً بالمحبة‬
‫باهتمامك أيضا ً ‪..‬‬
‫والنصح للخرين ‪ ..‬كلما صرت‬
‫عموما ً أشعر الناس بقيمتهم‬
‫صادقا ً في مهاراتك في التعامل‬
‫‪ ..‬يحبوك ‪..‬‬
‫معهم ‪..‬‬
‫وكلما أحس الناس بحبك لهم ‪..‬‬ ‫كان رسول الله ‪ ε‬يحرص‬
‫ازدادوا هم أيضا ً لك محبة وقبول ً‬ ‫على ذلك أيما حرص ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫انظر إليه وقد قام يخطب‬
‫كانت إحدى الطبيبات تمتلئ‬ ‫على منبره يوم جمعة ‪..‬‬
‫عيادتها الخاصة دائما ً‬ ‫وفجأة فإذا بأعرابي يدخل‬
‫جعات ‪..‬‬ ‫إلى المسجد ويتخطى‬
‫بالمرا ِ‬ ‫الصفوف ‪ ..‬وينظر إلى‬
‫وكانت المريضات يرغبن في‬
‫رسول الله ‪ .. ε‬ويصيح‬
‫‪82‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أبناء ‪ ..‬أو زملء وجيران ‪..‬‬ ‫المجيء إليها دائما ً وكل‬
‫ل تكتم مشاعرك نحوهم ‪ ..‬قل‬ ‫واحدة تشعر أنها صديقة‬
‫ل‬
‫لمن تحبه ‪ :‬أنا أحبك ‪ ..‬أنت غا ٍ‬ ‫خاصة لهذه الطبيبة ‪..‬‬
‫إلى قلبي ‪..‬‬ ‫كانت هذه الطبيبة تمارس‬
‫ً‬
‫حتى لو كان عاصيا قل له ‪ :‬إنك‬ ‫مهارات متعددة تسحر بها‬
‫أحب إلي من أناس كثيييير ‪..‬‬ ‫قلوب الخرين ‪..‬‬
‫ولم تكذب فهو أحب إليك من‬ ‫من ذلك ‪ ..‬أنها اتفقت مع‬
‫مليين اليهود ‪ ..‬أليس كذلك ‪..‬‬ ‫السكرتيرة أنها إذا اتصلت‬
‫كن ذكيا ً ‪..‬‬ ‫إحدى المريضات تريد أن‬
‫أذكر أني ذهبت مرة لداء العمرة‬ ‫تتحدث مع الطبيبة أو تسألها‬
‫‪ ..‬وكنت خلل طوافي وسعيي‬ ‫عن شيء يخص المرض ‪..‬‬
‫أدعو للمسلمين جميعا ً ‪..‬‬ ‫فإن السكرتيرة تسألها عن‬
‫بالحفظ والنصر والتمكين ‪..‬‬ ‫اسمها ‪ ..‬وترحب بها ‪ ..‬ثم‬
‫وربما قلت ‪ :‬اللهم اغفر لي‬ ‫تطلب منها التكرم بالتصال‬
‫واغفر لحبابي وأصحابي ‪..‬‬ ‫بعد خمس دقائق ‪..‬‬
‫وبعد انتهائي من شعائرها ‪..‬‬ ‫ثم تأخذ السكرتيرة الملف‬
‫حمدت الله على التيسير ‪..‬‬ ‫الخاص بهذه المريضة ‪..‬‬
‫ثم اكتريت فندقا ً لبيت فيه ‪..‬‬ ‫وتناوله للطبيبة ‪ ..‬فتقرأ‬
‫فلما وضعت رأسي على‬ ‫الطبيبة معلومات المرض ‪..‬‬
‫وسادتي كتبت رسالة عبر‬ ‫وتنظر إلى بطاقتها‬
‫الهاتف الجوال أقول فيها ‪:‬‬ ‫الخاصة ‪ ..‬ومعلوماتها‬
‫"الن أنهيت العمرة وتذكرت‬ ‫الكاملة بما فيها وظيفتها‬
‫أحبابي وأنت منهم فلم أنسك‬ ‫وأسماء أولدها ‪..‬‬
‫من الدعاء الله يحفظك ويوفقك‬ ‫فإذا اتصلت المريضة ‪..‬‬
‫" ‪..‬‬ ‫رحبت بها الطبيبة ‪..‬‬
‫انتهت الرسالة ‪..‬‬ ‫وسألتها عن مرضها ‪ ..‬وعن‬
‫أرسلتها إلى السماء المخزنة‬ ‫فلن ولدها الصغير ‪ ..‬وأخبار‬
‫في ذاكرة الهاتف ‪ ..‬كانت‬ ‫وظيفتها ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫خمسمائة اسم ‪..‬‬ ‫فتشعر المريضة أن هذه‬
‫لم أكن أتصور التأثير العجيب‬ ‫الطبيبة تحبها جدا ً لدرجة‬
‫لهذه الرسالة في قلوب الخرين‬ ‫أنها تحفظ أسماء أولدها‬
‫‪..‬‬ ‫وتتذكر مرضها ‪ ..‬ولم تنس‬
‫ي ‪ :‬والله إني‬ ‫منهم من أرسل إل ّ‬ ‫مكان عملها ‪ ..‬فترغب في‬
‫أبكي وأنا أقرأ رسالتك ‪..‬‬ ‫المجيء إليها دائما ً ‪..‬‬
‫أشكرك أنك ذكرتني بدعائك ‪..‬‬ ‫أرأيت أن امتلك القلوب‬
‫وآخر كتب ‪ :‬والله يا أبا عبد‬ ‫وأسرها سهل جدا ً ‪..‬‬
‫الرحمن ما أدري بم أرد عليك !‬ ‫ول بأس أن تعبر عن محبتك‬
‫ولكن جزاك الله خيرا ً ‪..‬‬ ‫للخرين بكل صراحة ‪ ..‬سواء‬
‫والثالث كتب ‪ :‬أسأل الله أن‬ ‫كانوا أبا ً أو أما ً ‪ ..‬أو زوجة أو‬
‫‪83‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وانصرف ‪..‬‬ ‫يستجيب دعاءك ‪ ..‬ونحن‬
‫بعدها بأسبوعين تفاجأت باتصال‬ ‫والله ل ننساك ‪..‬‬
‫يقول ‪ :‬هاه ما عرفتني ‪ ..‬يا‬ ‫نحن في الحقيقة نحتاج بين‬
‫شيخ أنا الذي قلت لي وجهك‬ ‫كر‬‫الفينة والخرى أن ن ُذَ ّ‬
‫وجه داعية ‪ ..‬والله لصبحن‬ ‫الناس بأننا نحبهم ‪ ..‬وأن‬
‫داعية إن شاء الله ‪ ..‬ثم صار‬ ‫كثرة مشاغل الدنيا لم تنسنا‬
‫يشرح لي مشاعره بعد تلك‬ ‫إياهم ‪..‬‬
‫الكلمات ‪..‬‬ ‫ول بأس أن يكون ذلك بمثل‬
‫أرأيت كيف يتأثر الناس بصدق‬ ‫هذه الرسائل ‪..‬‬
‫العبارة ‪ ..‬والمحبة ‪!..‬‬ ‫يمكن أن تكتب إلى أحبابك ‪:‬‬
‫أما رسول الله ‪ ε‬فقد كان ياسر‬ ‫دعوت لكم بين الذان‬
‫قلوب الناس بروعة أخلقه ‪..‬‬ ‫والقامة ‪ ..‬أو في ساعة‬
‫وقدرته على إظهار محبته‬ ‫الجمعة الخيرة ‪..‬‬
‫الصادقة لهم ‪..‬‬ ‫وإذا كانت نيتك صالحة فلن‬
‫ل‬‫كان أبو بكر وعمر ‪ ..‬أج ّ‬ ‫يكون في هذا إظهار للعمل‬
‫الصحابة ‪..‬‬ ‫أو رياء ‪ ..‬وإنما زيادة ألفة‬
‫وكانا يتنافسان في الخير‬ ‫ومحبة بين المسلمين ‪..‬‬
‫دوما ً ‪..‬‬ ‫أذكر أني ألقيت محاضرة‬
‫وكان أبو بكر يسبق غالبا ً ‪ ..‬فإن‬ ‫في مخيم دعوي صيفي في‬
‫بكر عمر للصلة وجد أبا بكر‬ ‫مدينة الطايف ‪ ..‬في جبال‬
‫سبقه ‪ ..‬وإن أطعم مسكينا ً وجد‬ ‫الشفاء وهي متنزه يجتمع‬
‫أبا بكر سبقه ‪..‬‬ ‫فيه أعداد كبيرة من‬
‫وإن صلى ليلة ‪ ..‬وجد ابا بكر‬ ‫الشباب ‪..‬‬
‫قبله ‪..‬‬ ‫كان أكثر الحاضرين هم من‬
‫وفي يوم أمر النبي ‪ ‬الناس‬ ‫الشباب الذين يظهر عليهم‬
‫بالصدقة لسد حاجة نازلة نزلت‬ ‫الخير والصلح ‪ ..‬أما الشباب‬
‫بالمسلمين ‪..‬‬ ‫الخرون فقد بقوا في‬
‫وافق ذلك الوقت أن عمر عنده‬ ‫أطراف المتنزهات ما بين‬
‫سعة من المال ‪..‬‬ ‫لهو وطرب ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬اليوم أسبق أبا بكر ‪ ..‬إن‬ ‫انتهت المحاضرة ‪..‬‬
‫سبقته يوما ً ‪..‬‬ ‫أقبل جمع من الشباب‬
‫ذهب عمر فجاء بنصف ماله ‪..‬‬ ‫يسلمون ‪..‬‬
‫فدفعه إلى رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫كان من بينهم شاب له قصة‬
‫فما أول كلمة قالها ‪ ‬لعمر لما‬ ‫شعر غريبة ويلبس بنطال‬
‫رأى المال ؟‬ ‫جينز ضيق ‪ ..‬أقبل يصافح‬
‫هل سأله عن مقدار المال ؟ أم‬ ‫ويشكر ‪ ..‬فسلمت عليه‬
‫سأله عن نوعه ذهب أم فضة ؟‬ ‫بحرارة ‪ ..‬وشكرته على‬
‫ل ‪ ..‬بل لما رأى ‪ ‬كثرة‬ ‫حضوره وهززت يده وقلت ‪:‬‬
‫المال ‪ ..‬تكلم بكلمات يستنتج‬ ‫وجهك وجه داعية ‪ ..‬تبسم‬
‫‪84‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قالوا ‪ :‬نعم ! ‪..‬‬ ‫منها عمر أنه محبوب عند‬
‫فقال ‪ : ‬إني سمعت بكاء‬ ‫رسول الله ‪.. ‬‬
‫صبي فرحمت أمه ‪!!..‬‬ ‫قال لعمر ‪ ) :‬ما أبقيت‬
‫أرأيت كيف يحب الخرين ‪..‬‬ ‫لهلك يا عمر ؟ ( ‪..‬‬
‫ويظهر لهم هذه المحبة من‬ ‫قال عمر ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫خلل تعامله ‪..‬‬ ‫أبقيت لهم مثله " ‪..‬‬
‫لست وحدك ‪..‬‬ ‫ويجلس عمر عند رسول الله‬
‫أظهر عواطفك ‪ ..‬كن صريحا ً ‪:‬‬ ‫‪ ρ‬منتشيا ً ‪ ..‬ينتظر أبا بكر ‪..‬‬
‫أنا أحبك ‪ ..‬فرحت بلقياك ‪ ..‬أنت‬ ‫ل كثير‬‫فيأتي أبو بكر ‪ τ‬بما ٍ‬
‫غال إلى قلبي ‪..‬‬ ‫فيدفعه إلى رسول الله ‪ρ‬‬
‫وعمر واقف مكانه ‪ ..‬يرى‬
‫ِاحفظ السماء ‪..‬‬ ‫‪.26‬‬ ‫العطاء ويسمع الحوار ‪..‬‬
‫وهذا من الهتمام بالناس ‪..‬‬ ‫فإذا بالنبي ‪ ‬قبل أن‬
‫ما أجمل أن تقابل شخصا ً ما في‬ ‫يلتفت إلى ما يحتاجه من‬
‫موقف عارض ‪ ..‬كلقاء عند‬ ‫مال ‪ ..‬يسأل أبا بكر ‪ ) :‬يا أبا‬
‫بنك ‪ ..‬أو في طائرة ‪ ..‬أو في‬ ‫بكر ‪ ..‬ما أبقيت لهلك ؟ ( ‪..‬‬
‫وليمة عامة ‪..‬‬ ‫نعم فهو يحب أبا بكر ‪..‬‬
‫فتتعرف على اسمه ‪ ..‬ثم تراه‬ ‫ويحب أهله ‪ ..‬ول يرضى‬
‫في موقف آخر ‪ ..‬فتقبل عليه‬ ‫بالضرر عليه ‪..‬‬
‫قائل ً ‪ :‬مرحبا ً يا فلن ‪..‬‬ ‫قال أبو بكر ‪ :‬يا رسول‬
‫ل شك أن ذلــك يطبــع فــي قلبــه‬ ‫الله ‪ ..‬أبقيت لهم الله‬
‫لك محبة وتقديرا ً ‪..‬‬ ‫ورسوله ‪ ..‬أما المال فقد‬
‫حفظك لسم الشخص الذي‬ ‫أتيت به جميعا ً ‪..‬‬
‫أمامك يشعره باهتمامك به ‪..‬‬ ‫لم يأت بنصفه ‪ ..‬ول بربعه ‪..‬‬
‫فرق بين المدرس الذي يحفظ‬ ‫وإنما أتى به كله ‪..‬‬
‫أسماء طلبه ‪ ..‬والذي ل‬ ‫فما كان من عمر ‪ τ‬إل أن‬
‫يحفظ ‪..‬‬ ‫قال ‪ ":‬ل جَرم ‪ ..‬ل سابقت‬
‫قولك للطالب ‪ :‬قم يا فلن ‪..‬‬ ‫أبا بكر أبدا ً " ‪..‬‬
‫أحسن من ‪ :‬قم يا طالب ‪..‬‬ ‫كان الناس يشعرون أنه ‪‬‬
‫حتى في الرد على الهاتف ‪..‬‬ ‫يحبهم‪..‬فكانوا يهيمون به‬
‫أيهما أحب إليك ‪ ..‬أن يجيبك من‬ ‫حبا ً ‪..‬صلى بهم ‪ ‬إحدى‬
‫تتصل به بقوله ‪ :‬نعم ‪..‬أو ألو ‪..‬‬ ‫الصلوات ‪ ..‬فكأنه عجل‬
‫أو يقول محتفيا ً ‪ :‬مرحبا ً يا‬ ‫بصلته قليل ً حتى بدت أقصر‬
‫خالد ‪ ..‬هل أبو عبد الله ‪..‬‬ ‫من مثيلتها ‪..‬‬
‫بل شك ان استماعك لسمك له‬ ‫فلما انقضت الصلة ‪ ..‬رأى ‪ε‬‬
‫في القلب رنة قبل الذن ‪..‬‬ ‫تعجب أصحابه ‪..‬‬
‫جرت العادة بعد المحاضرات‬ ‫فقال لهم ‪ :‬لعلكم عجبتم‬
‫العامة أن يزدحم علي بعض‬ ‫من تخفيفي للصلة ؟‬
‫الشباب يصافحون ويشكرون ‪..‬‬
‫‪85‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أسماء الخرين ‪..‬‬ ‫كنت أحرص على ترديد كلمة‬
‫أما أسباب عدم حفظ السماء ‪..‬‬ ‫‪ :‬السم الكريم ؟ حياك الله‬
‫فهي كثيرة ‪..‬‬ ‫من الخ ؟ ‪ ..‬أقولها لكل‬
‫منها ‪ ..‬عدم الهتمام بالشخاص‬ ‫واحد أسلم عليه لبدي له‬
‫أثناء مقابلتهم ‪..‬‬ ‫اهتمامي به ‪ ..‬فكان كل‬
‫ومنها ‪ ..‬التشاغل وقت التعارف‬ ‫واحد يجيبني مستبشرا ً ‪:‬‬
‫وعدم التركيز أثناء استماع‬ ‫أخوك زياد ‪ ..‬ابنك ياسر ‪..‬‬
‫السم ‪..‬‬ ‫وأذكر يوما ً أنه بعدما سلم‬
‫ومنها ‪ ..‬موقفك تجاه الشخص‬ ‫عدد كبير منهم ومضوا ‪ ..‬عاد‬
‫المقابل ‪..‬‬ ‫أحدهم ليسأل ‪ ..‬فأول ما‬
‫كاعتقادك بأنك لن تقابله مرة‬ ‫ي قلت له ‪ :‬حياك‬ ‫أقبل عل ّ‬
‫أخرى ‪ ..‬فتقول في نفسك ‪ :‬ل‬ ‫الله يا خالد ‪ ..‬فابتهج وقال ‪:‬‬
‫داعي لحفظ السم ‪..‬‬ ‫ما شاء الله !! تعرف‬
‫أو كان إنسانا ً بسيطا ً ل يستثير‬ ‫اسمي !!‬
‫اهتمامك ‪..‬‬ ‫الناس عموما ً يحبون‬
‫أو عندما ل تسمع السم جيدا ً‬ ‫مناداتهم بأسمائهم ‪..‬‬
‫وتشعر بحرج من طلب إعادة‬ ‫من المعروف أن الموظف‬
‫اسمه ‪..‬‬ ‫العسكري يعلق لوحة صغيرة‬
‫فهذه أسباب تجعل الناس ل‬ ‫على صدره فيها اسمه ‪..‬‬
‫يحفظون السماء ‪..‬‬ ‫فأذكر أني ألقيت محاضرة‬
‫أما العلج لحفظ السماء ‪ ..‬فله‬ ‫في إحدى المناطق‬
‫طرق ‪ ..‬منها ‪:‬‬ ‫العسكرية ‪ ..‬فازدحم أكثرهم‬
‫القتناع بأهمية تذكر السم‬ ‫مسلما ً بعد المحاضرة ‪..‬‬
‫واستشعارك أنك بسماعك له‬ ‫كان أحدهم يقترب ويبتعد ‪..‬‬
‫ستسأل عنه بعد دقائق ‪..‬‬ ‫وكأنه يريد السلم لكنه‬
‫ومنها ‪ ..‬التركيز على وجه‬ ‫يخجل من مزاحمة‬
‫الشخص أثناء الستماع إلى‬ ‫الخرين ‪..‬‬
‫اسمه ‪..‬‬ ‫التفت إليه ولمحت لوحة‬
‫حاول أن تلحظ الشخص‬ ‫اسمه ‪ ..‬فمددت يدي إليه‬
‫المقابل وطبيعة حديثه‬ ‫وقلت ‪ :‬مرحبا ً فلن !! فتغير‬
‫وابتسامته لينطبع في ذاكرتك ‪..‬‬ ‫وجهه وتعجب ‪ ..‬ومد يده‬
‫أثناء حديثك معه ناده باسمه‬ ‫مصافحا ً وهو يتبسم‬
‫مرارا ً ‪ ..‬صحيح يا فلن ‪..‬؟‬ ‫ويقول ‪ :‬هاه !! كيف عرفت‬
‫سمعت يا فلن ‪..‬؟ أنت معي يا‬ ‫اسمي ؟‬
‫فلن ‪..‬؟ وكرره أكثر من مرة ‪..‬‬ ‫فقلت ‪ :‬يا أخي الذين نحبهم‬
‫‪ ..‬لزم نعرف أسماءهم ‪..‬‬
‫باختصار ‪..‬‬ ‫فكان لهذا تأثير كبير عليه ‪..‬‬
‫أشعرني باهتمامك بي ‪..‬‬ ‫كثير من الناس يقتنع بهذا‬
‫بحفظك اسمي ‪ ..‬ونادني به ‪..‬‬ ‫ويتمنى لو استطاع حفظ‬
‫‪86‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كيف ‪..‬؟!‬ ‫لحبك ‪..‬‬
‫رأيت على صاحبك ثوبا ً جميل ً ‪..‬‬
‫انتبه له ‪ ..‬أثن عليه ‪ ..‬أسمعه‬ ‫كن لماحا ً‬ ‫‪.27‬‬
‫كلمات رنانة ‪ ..‬ما شاء الله !! ما‬ ‫قسم كبير من الشياء التي‬
‫هذا الجمال !! اليوم كأنك‬ ‫نمارسها في الحياة ‪..‬‬
‫عريس !!‬ ‫نفعلها لجل الناس ل لجل‬
‫زارك يوما ً فشممت من ثيابه‬ ‫أنفسنا ‪..‬‬
‫عطرا ً فواحا ً جميل ً ‪ ..‬أثن عليه ‪..‬‬ ‫عندما ُتدعى لوليمة عرس ‪..‬‬
‫تفاعل معه ‪ ..‬كن لماحا ً ‪ ..‬فهو‬ ‫فتلبس أحسن ثيابك ‪ ..‬إنما‬
‫ما وضع الطيب إل لجلك ‪..‬‬ ‫تفعل ذلك لجل لفت انتباه‬
‫ردد عبارات جميلة ‪ ..:‬ما هذه‬ ‫الناس وجذب إعجابهم ‪ ..‬ل‬
‫الروائح ‪ ..‬ما أحسن ذوقك ‪..‬‬ ‫لجل لفت انتباه نفسك ‪..‬‬
‫دعاك شخص لطعام ‪ ..‬أثن على‬ ‫وتفرح إذا لحظت أنهم‬
‫طعامه ‪ ..‬فإنك تعلم أن أمه أو‬ ‫ُأعجبوا بجمال هيئتك ‪ ..‬أو‬
‫زوجته أو أخته وقفت ساعات‬ ‫رونق ثيابك ‪..‬‬
‫في المطبخ لجلك ‪ ..‬أو لجل‬ ‫وعندما تؤثث مجلس ضيوفك‬
‫المدعويين عموما ً ‪ ..‬وأنت‬ ‫‪ ..‬وتتكلف في تزويقه‬
‫منهم ‪..‬‬ ‫والعناية به ‪ ..‬إنما تفعل ذلك‬
‫أو أنه على القل تعب في‬ ‫أيضا ً لجل نظر الناس ‪ ..‬ل‬
‫إحضاره من المطعم ومحل‬ ‫لجل نظر نفسك ‪ ..‬بدليل‬
‫الحلويات ‪ ..‬و ‪ ..‬فأسمعه كلمات‬ ‫أنك تعتني بغرفة استقبال‬
‫تجعله يشعر أنك ممتن له بما‬ ‫الضيوف أكثر من عنايتك‬
‫قدم لك ‪ ..‬وأن تعبه لم يذهب‬ ‫بالصالة الداخلية ‪ ..‬أو بحمام‬
‫دى ‪..‬‬
‫س َ‬
‫ُ‬ ‫أطفالك !!‬
‫دخلت بيت أحد أصدقائك – أو‬ ‫عندما تدعو أصحابك إلى‬
‫دخلتي بيت إحدى صديقاتك –‬ ‫طعام ‪ ..‬أل ترى أن زوجتك –‬
‫فرأيت أثاثا ً جميل ً ‪ ..‬فأثن على‬ ‫وربما أنت ‪ -‬تعتني بترتيب‬
‫الثاث ‪ ..‬والذوق الرفيع ‪ ) ..‬لكن‬ ‫الطعام وتنويعه أكثر من‬
‫انتبه ل تبالغ حتى ل يشعر أنه‬ ‫العادة ‪ ..‬بلى ‪ ..‬وكلما زادت‬
‫استهزاء ( ‪..‬‬ ‫أهمية هؤلء الصحاب ‪..‬‬
‫حضرت في مجلس عام ‪..‬‬ ‫زادت العناية بالطعام ‪..‬‬
‫فسمعت حمد يتكلم مع‬ ‫وكم تكون سعادتنا غامرة‬
‫الحاضرين بانطلق ‪ ..‬وقد أحيا‬ ‫عندما يثني أحد على لباسنا‬
‫المجلس ‪ ..‬وأسعد الحاضرين ‪..‬‬ ‫أو ديكورات بيوتنا ‪ ..‬أو لذة‬
‫أثن عليه ‪ ..‬خذ بيده إذا قمتم ‪..‬‬ ‫طعامنا ‪..‬‬
‫قل له ‪ :‬ما شاء الله ‪ !!..‬ما هذه‬ ‫وقد قال ‪ " : ε‬وليأت إلى‬
‫القدرات !! بصراحة ما مّلح‬ ‫الناس الذي يحب أن يأتوا‬
‫المجلس إل حضورك ‪..‬‬ ‫إليه " أي عامل الناس بما‬
‫جرب افعل ذلك ‪ ..‬فسوف‬ ‫تحب أن يعاملوك به ‪..‬‬
‫‪87‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كلهم بل شك ينتظرون منك‬ ‫يحبك ‪..‬‬
‫كلمات ‪ ..‬كن كما يتوقعون ‪..‬‬ ‫ً‬
‫رأيت موقفا جميل ً لولد مع‬
‫كان عبد المجيد ‪ -‬ابن عمي ‪-‬‬ ‫ب إليه‬ ‫ده ‪ ..‬قّر َ‬ ‫أبيه ‪ ..‬قّبل ي َ‬
‫شابا ً في المرحلة الثانوية ‪ ..‬بعد‬ ‫نعليه ‪ ..‬أثن على الولد ‪ ..‬كن‬
‫تخرجه طلب مني الذهاب معه‬ ‫لماحا ً ‪..‬‬
‫للجامعة لتسجيله فيها ‪ ..‬اتصلت‬ ‫لبس ثوبا ً جديدا ً ‪ ..‬أثن‬
‫به ذات صباح ومررت على بيته‬ ‫عليه ‪ ..‬كن لماحا ً ‪..‬‬
‫بسيارتي ليرافقني للجامعة ‪..‬‬ ‫زرت أختك ‪ ..‬رأيت عنايتها‬
‫كانت المشاعر تتزاحم في‬ ‫بأولدها ‪ ..‬كن لماحا ً ‪ ..‬أثن‬
‫قلبه ‪ ..‬فهو ينتقل إلى مرحلة‬ ‫عليها ‪..‬‬
‫جديدة ‪ ..‬ويفكر في الكلية التي‬ ‫رأيت عناية صاحبك بأولده ‪..‬‬
‫ستقبله ‪..‬‬ ‫أو روعة ترحيبه بضيوفه ‪..‬‬
‫أول ما ركب سيارتي شممت‬ ‫كن جريئا ً ‪ ..‬لماحا ً ‪ ..‬أثن‬
‫رائحة عطره ‪ ..‬كانت رائحة‬ ‫عليه ‪ ..‬أخرج ما في صدرك‬
‫نفاثة جدا ً ‪ ..‬ويبدو أنه قد أفرغ‬ ‫من العجاب به ‪..‬‬
‫العلبة كلها ذلك اليوم على‬ ‫ركبت مع شخص في سيارته‬
‫ملبسه ‪..‬‬ ‫‪ ..‬أو استأجرت تاكسي ‪..‬‬
‫بصراحة خنقني بالرائحة ‪..‬‬ ‫لحظت نظافة سيارته ‪..‬‬
‫فتحت النوافذ لتنفس ‪ ..‬شعرت‬ ‫ن قيادته ‪ ..‬كن لماحا ً ‪..‬‬ ‫حس َ‬‫ُ‬
‫أن المسكين تكلف في تزويق‬ ‫أثن عليه ‪..‬‬
‫ثيابه ‪ ..‬وتطييبها ‪..‬‬ ‫قد تقول ‪ :‬هذه أمور‬
‫ت إليه وابتسمت وقلت ‪:‬‬ ‫ثم التف ّ‬ ‫عادية ‪ ..‬صحيح لكنها‬
‫ماااا شاااااء الله !!‪ ..‬إيش‬ ‫مؤثرة ‪..‬‬
‫هالروائح الحلوة !! أخاف عميد‬ ‫لقد جربت ذلك بنفسي ‪..‬‬
‫الكلية أول ما يشم هالرائحة‬ ‫ومارست هذه المهارة مع‬
‫الحلوة يصرخ بأعلى صوته يقول‬ ‫أعداد من الناس ‪ ..‬كبارا ً‬
‫‪ :‬مقبوووووول ‪..‬‬ ‫وصغارا ً ‪ ..‬وعمال ً بسطاء ‪..‬‬
‫ل تتصور مدى السرور الذي‬ ‫ومدرسين ‪ ..‬بل مارستها مع‬
‫غطى على قلبه ‪ ..‬والبشر الذي‬ ‫أشخاص يشغلون مناصب‬
‫طفح على وجهه ‪..‬‬ ‫عليا ‪ ..‬ورأيت من تأثرهم‬
‫ي ‪ ..‬وقال بحماس ‪:‬‬ ‫التفت إل ّ‬ ‫أعاجيب ‪..‬‬
‫أشكرك يا أبا عبد الرحمن ‪..‬‬ ‫خاصة في الشياء التي‬
‫أشكرك ‪ ..‬والله إنه عطر‬ ‫ينتظرها الناس منك ‪..‬‬
‫غااال ‪ ..‬وأضعه دائما ً والناس ما‬ ‫كيف ؟‬
‫يلحظونه ‪ ..‬ثم بدأ يشمه من‬ ‫عريس ‪ ..‬رأيته بعد زواجه‬
‫طرف غترته ويقول ‪ :‬بالله عليك‬ ‫بأسبوع ‪..‬‬
‫‪ :‬ذوقي حلو ‪..‬؟!‬ ‫رجل حصل على شهادة عليا‬
‫آآآه ‪ ..‬مر على هذا الموقف أكثر‬ ‫‪..‬‬
‫من عشر سنوات ‪ ..‬فقد تخرج‬ ‫شخص سكن بيتا ً جديدا ً ‪..‬‬
‫‪88‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الرحمن يريد أن يتزوج ‪ ..‬ول‬ ‫عبد المجيد من الجامعة‬
‫يجد زوجة ‪..‬‬ ‫وتعين في وظيفة منذ‬
‫فعرض عليه أن يزوجه ‪..‬‬ ‫سنوات ‪ ..‬إل أن ذلك‬
‫فقال عبد الرحمن ‪ :‬بارك الله‬ ‫الموقف ل يزال عالقا ً في‬
‫لك في أهلك ومالك ‪ ..‬دُّلني‬ ‫أذنه ‪ ..‬ربما ذكرني به مازحا ً‬
‫على السوق ‪!!..‬‬ ‫في بعض اللقاءات ‪..‬‬
‫صحيح ‪ ..‬عبد الرحمن ترك ماله‬ ‫نعم ‪ ..‬كن لماحا ً ‪ ..‬التحكم‬
‫في مكة واستولى عليه‬ ‫بعواطف الناس وكسب‬
‫الكفار ‪..‬‬ ‫محبتهم سهل جدا ً ‪ ..‬لكننا‬
‫لكنه كان ذا عقل راجح ‪ ..‬وخبرة‬ ‫في أحيان كثيرة نغفل عن‬
‫تجارية واسعة ‪..‬‬ ‫ممارسة مهارات عادية‬
‫دله سعد على السوق ‪ ..‬فذهب‬ ‫نكسبهم بها ‪..‬‬
‫فاشترى وباع فربح ‪..‬‬ ‫ول تعجب إن قلت إن صاحب‬
‫يعني اشترى بضاعة بالجل ثم‬ ‫الخلق العظيم ‪ ‬كان‬
‫باعها حالة ‪ ..‬فصار عنده رأس‬ ‫يمارس هذه المهارات ‪..‬‬
‫مال تاجر فيه ‪..‬‬ ‫وأحسن منها ‪..‬‬
‫وكان يتقن فن البيع والشراء‬ ‫في أول سنين السلم ‪..‬‬
‫والمماكسة ‪ ..‬حتى جمع مال ً‬ ‫لما ضيق على المسلمين‬
‫فتزوج ‪..‬‬ ‫في دينهم بمكة ‪ ..‬هاجروا‬
‫ثم جاء إلى النبي عليه الصلة‬ ‫إلى المدينة ‪..‬‬
‫ع‬
‫والسلم ‪ ..‬وعليه ودْ ُ‬ ‫تركوا ديارهم وأموالهم ‪..‬‬
‫زعفران ‪ ..‬أي أثر طيب‬ ‫قدم عبد الرحمن بن عوف‬
‫نساء ‪!!..‬‬ ‫المدينة مهاجرا ً ‪ ..‬وكان في‬
‫ليس غريبا ً فهو ) عريس ( ‪..‬‬ ‫مكة تاجرا ً ممكنا ً ‪ ..‬لكنه جاء‬
‫النبي ‪ ‬طبيب النفوس ‪ ..‬كان‬ ‫المدينة فقيرا ً معدما ً ‪..‬‬
‫لماحا ً ‪ ..‬يترقب الفرص لصطياد‬ ‫كحل سريع للمشكلة ‪ ..‬آخى‬
‫القلوب ‪ ..‬أول ما رآه ‪ ..‬انتبه‬ ‫النبي ‪ ‬بين المهاجرين‬
‫لهذا التغير ‪ ..‬وجعل ينظر إلى‬ ‫والنصار ‪..‬‬
‫أثر الطيب ويقول لعبد‬ ‫آخى بين عبد الرحمن بن‬
‫الرحمن ‪ " :‬مهيم ؟ " ‪ ..‬أي ما‬ ‫عوف وبين سعد بن الربيع‬
‫الخبر ؟‬ ‫النصاري ‪..‬‬
‫ابتهج عبد الرحمن ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا‬ ‫كانت نفوسهم سليمة ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ ..‬تزوجت امرأة من‬ ‫وقلوبهم صافية ‪..‬‬
‫النصار ‪..‬‬ ‫فقال سعد لعبد الرحمن ‪:‬‬
‫ي ‪ ..‬أنا أكثر أهل‬ ‫ُ‬
‫عجب النبي ‪ .. ε‬كيف استطاع‬ ‫أي أخ ّ‬
‫أن يتزوج وهو حديث عهد بهجرة‬ ‫المدينة مال ً ‪..‬‬
‫‪!!..‬‬ ‫فأقسم مالي نصفين ‪ ..‬فخذ‬
‫فقال ‪ " :‬فما أصدقتها ؟"‬ ‫نصفه وأبق لي نصفه ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬وزن نواة من ذهب ‪..‬‬ ‫ثم خشي سعد أن عبد‬
‫‪89‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الناس صغيرا ً فهو عند الله‬ ‫فأراد ‪ ρ‬أن يزيد من فرحته ‪..‬‬
‫كبير ‪ ..‬ولكن كيف يصلي عليها‬ ‫م ولو بشاة " ‪..‬‬ ‫فقال " أول ِ ْ‬
‫وقد ماتت ودفنت ؟!‬ ‫ثم دعا له النبي ‪ .. ε‬بالبركة‬
‫قال ‪ : ρ‬دلوني على قبرها ‪..‬‬ ‫في ماله وتجارته ‪..‬‬
‫فمشوا معه حتى أوقفوه على‬ ‫فحلت البركة عليه ‪..‬‬
‫قبرها ‪ ..‬دلوه فصلى عليها ‪..‬‬ ‫قال عبد الرحمن وهو يصف‬
‫ثم قال ‪ : ‬إن هذه القبور ‪..‬‬ ‫كسبه وتجارته ‪ :‬فلقد رأيتني‬
‫مملوءة ظلمة على أهلها ‪ ..‬وإن‬ ‫ولو رفعت حجرا ً لرجوت أن‬
‫الله عز وجل ينورها لهم‬ ‫أصيب ذهبا ً وفضة ‪..‬‬
‫بصلتي عليهم ‪..‬‬ ‫وكان ‪ ε‬لماحا ً حتى مع‬
‫فبالله عليك ‪ ..‬ما هو شعور من‬ ‫الضعفاء والمساكين ‪..‬‬
‫رأوه ‪ ‬ينتبه إلى هذا العمل‬ ‫يشعرهم بقيمتهم ‪ ..‬يجعلهم‬
‫الصغير من امرأة ضعيفة ‪ ..‬كيف‬ ‫يحسون أنه منتبه لهم ‪..‬‬
‫سيكون حماسهم للقيام بمثل‬ ‫وأنهم مهمون عنده ‪ ..‬وأنه‬
‫فعلها وأعظم ‪..‬‬ ‫يقدر لهم أعمالهم التي‬
‫دعني أهمس في أذنك ‪:‬‬ ‫يقومون بها مهما كانت‬
‫نحن في مجتمع ل يقدر أحيانا ً‬ ‫متواضعة ‪..‬‬
‫مثل هذه المهارات ‪ ..‬فانتبه !!‬ ‫كرهم‬ ‫فإذا افتقدهم ‪ ..‬ذَ َ‬
‫سك فريق من‬ ‫ئ حما َ‬
‫ل يطف ْ‬ ‫مح أعمالهم ‪..‬‬ ‫بالخير ‪ ..‬وتل ّ‬
‫الثقلء الغلظ الذين مهما لمحت‬ ‫فتشجع الخرون أن يفعلوا‬
‫ما عندهم من لطائف ‪ ..‬وأثنيت‬ ‫كفعلهم ‪..‬‬
‫عليهم بالكلمات الرقيقة‬ ‫كان في المدينة امرأة‬
‫الرنانة ‪ ..‬لم يتأثروا ‪ ..‬أو ردوا‬ ‫سوداء ‪ ..‬مؤمنة صالحة ‪..‬‬
‫على تلطفك بكلمات سامجة‬ ‫كانت تكنس المسجد ‪..‬‬
‫ممجوجة ‪ ..‬ل طعم لها ‪ ..‬بل ول‬ ‫كان ‪ ‬يراها أحيانا ً ‪..‬‬
‫لون ول رائحة !!‬ ‫فيعجب بحرصها ‪..‬‬
‫ومن لطائف هؤلء ‪..‬‬ ‫مرت أيام ‪ ..‬ففقدها رسول‬
‫دعي إلى‬ ‫أن شابا ً – أعرفه – ُ‬ ‫الله ‪ .. ρ‬فسأل عنها ؟‬
‫وليمة كبيرة ‪ ..‬فيها أشخاص‬ ‫فقالوا ‪ :‬ماتت يا رسول‬
‫مهمون ‪ ..‬مر على السوق في‬ ‫الله ‪..‬‬
‫طريقه ‪ ..‬ودخل محل عطور‬ ‫فقال ‪ :‬أفل كنتم‬
‫وأظهر أنه سيشتري فجعل‬ ‫آذنتموني ‪..‬‬
‫الموظف يحتفي به ‪ ..‬ويرش‬ ‫غروا أمرها ‪ ..‬وأنها‬ ‫فص ّ‬
‫عليه من أنواع العطور ما غل‬ ‫مسكينة مغمورة ل تستحق‬
‫ثمنه وزكا ريحه ‪ ..‬ليختار من‬ ‫أن يخبر عنها رسول الله‬
‫بينها ما يناسبه ‪..‬‬ ‫‪ .. ‬وقالوا أيضا ً ‪ :‬ماتت‬
‫فلما امتلت ثياب صاحبنا طيبا ً ‪..‬‬ ‫بليل ‪ ..‬فكرهنا أن نوقظك ‪..‬‬
‫قال للبائع بلطف ‪ :‬أشكرك ‪..‬‬ ‫فحرص ‪ ‬على أن يصلي‬
‫وإن أعجبني شيء منها فقد‬ ‫عليها ‪ ..‬فعملها وإن رآه‬
‫‪90‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫العجاب بها ‪..‬‬ ‫أعود إليك ‪..‬‬
‫أما الشياء التي يستحي من‬ ‫ذهب سريعا ً إلى الوليمة‬
‫رؤيتها ‪ ..‬أو يخجل من ملحظتها‬ ‫متداركا ً رائحة العطر قبل أن‬
‫فحاول أن تتعامى عنها ‪..‬‬ ‫تزول ‪..‬‬
‫مثل ً ‪:‬‬ ‫جلس على العشاء بجانب‬
‫دخلت بيت صاحبك فرأيت‬ ‫صديقه خالد ‪ ..‬لم يلحظ‬
‫الكراسي قديمة ‪..‬‬ ‫خالد الرائحة ‪ ..‬ولم يعلق‬
‫فانتبه من أن تكون من الثقلء‬ ‫بكلمة ‪..‬‬
‫الذي ل يكفون عن تقديم‬ ‫فقال له صاحبنا باستغراب ‪:‬‬
‫اقتراحات لم تطلب منهم ‪..‬‬ ‫ما تشم رائحة عطر‬
‫انتبه من أن يفرط لسانك‬ ‫جميلة ؟!‬
‫بقول ‪ :‬لماذا ما تغير‬ ‫قال خالد ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫الكراسي ؟!‬ ‫فقال صحبنا ‪ :‬أكيد أنفك‬
‫الثريات نصفها ما يشتغل ‪!!..‬‬ ‫مسدود ‪!!..‬‬
‫لماذا ل تشتري ثريات جديدة !!‬ ‫فأجاب خالد فورا ً ‪ .. :‬لو كان‬
‫دهان الجدار قديييييم ‪ ..‬لماذا ما‬ ‫أنفي مسدودا ً ‪ ..‬ما شممت‬
‫تدهنه بألوان جديدة !!‬ ‫رائحة عرقك ‪!!..‬‬
‫يا أخي هو لم يطلب منك‬
‫اقتراحات ‪ ..‬ولست مهندس‬ ‫اعتراف ‪..‬‬
‫ديكور اتفق معك على أن‬ ‫مهما بلغ الشخص من النجاح‬
‫يستفيد من آرائك ‪ ..‬ابق‬ ‫‪ ..‬إل أنه يبقى بشرا ً يطرب‬
‫ساكتا ً ‪..‬‬ ‫للثناء ‪..‬‬
‫لعله ل يستطيع تغييرها ‪..‬‬ ‫ًًً‬
‫لعله يمر بضائقة مالية ‪..‬‬ ‫مـاحا ً‬ ‫انتبه ‪ :‬كن ل ّ‬ ‫‪.28‬‬
‫لعله ‪..‬‬ ‫للجمال فقط ‪..‬‬
‫ليس أثقل على الناس ممن‬ ‫بعض الناس يتحمس كثيرا ً‬
‫يحرجهم بالنظر إلى ما يستحون‬ ‫ن يكون لماحا ً ‪ ..‬فل يكاد‬ ‫ل ْ‬
‫منه ‪ ..‬ثم يثيره ويبدأ في‬ ‫يسكت عن الملحظة‬
‫التعليق عليه ‪..‬‬ ‫والثناء ‪..‬‬
‫ومثل ذلك ‪ ..‬لو كان ثوبه‬ ‫لكنهم قالوا قديما ً ‪ :‬الشيء‬
‫قديما ً ‪ ..‬أو مكيف سيارته‬ ‫إذا زاد عن حده ‪ ..‬انقلب إلى‬
‫متعطل ‪ ..‬قل خيرا ً أو اصمت ‪..‬‬ ‫ضده ‪..‬‬
‫ذكروا أن رجل ً زار صاحبا ً له‬ ‫ومن تعجل الشيء قبل أوانه‬
‫فوضع له خبزا ً وزيتا ً ‪..‬‬ ‫‪ ..‬عوقب بحرمانه ‪..‬‬
‫فقال الضيف ‪ :‬لو كان مع هذا‬ ‫فكن لماحا ً للشياء الجميلة‬
‫الخبز زعتر !!‬ ‫الرائعة ‪ ..‬التي يفرح‬
‫فدخل صاحب الدار وطلب من‬ ‫الشخص برؤية الناس لها ‪..‬‬
‫أهله زعترا ً للضيف فلم يجد ‪..‬‬ ‫وينتظر ثناءهم عليها ‪..‬‬
‫فخرج ليشتري ولم يكن معه‬ ‫ويطرب لسماع ألفاظ‬
‫‪91‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫والمريض يستمع إليه ويكاد أن‬ ‫مال ‪ !..‬فأبى صاحب الدكان‬
‫ينفجر ‪..‬‬ ‫أن يبيعه بالجل ‪ ..‬فرجع‬
‫فلما أنهى الزائر كلمه وأراد‬ ‫وأخذ وأخذ مطهرته ) وهي‬
‫الخروج التفت إلى المريض‬ ‫الناء الذي يضع فيه الماء‬
‫وقال ‪ :‬هاه ‪ ..‬توصيني بشيء ؟‬ ‫ليتوضأ منه ( فخرج بها‬
‫قال المريض ‪ :‬نعم ‪ ..‬إذا خرجت‬ ‫ودفعها إلى صاحب الدكان –‬
‫فل ترجع إلي ّ ‪ ..‬وإذا زرت‬ ‫رهنا ً – حتى إذا لم يسدد له‬
‫مريضا ً فل تذكر عنده الموتى ‪..‬‬ ‫قيمة الزعتر يبيع صاحب‬
‫وذكروا كذلك أن امرأة عجوزا ً‬ ‫الدكان المطهرة ويستوفي‬
‫مرضت عجوز صديقة لها ‪..‬‬ ‫الثمن لنفسه ‪..‬‬
‫فجعلت هذه العجوز تلتمس من‬ ‫ثم أخذ الزعتر ورجع به إلى‬
‫واحدا ً أن يذهبوا‬
‫أبنائها واحدا ً َ‬ ‫ضيفه ‪ ..‬فأكل ‪..‬‬
‫بها لتلك المريضة لزيارتها وهم‬ ‫فلما انتهى الضيف من‬
‫يتعللون ويعتذرون ‪..‬‬ ‫الطعام قال ‪ :‬الحمد لله‬
‫حتى رضي أحد أبنائها على‬ ‫الذي أطعمنا وسقانا ‪..‬‬
‫مضض ‪ ..‬وذهب بها بسيارته ‪..‬‬ ‫وقنعنا بما آتانا ‪..‬‬
‫فلما وصل بيت العجوز المريضة‬ ‫وه‬‫وه صاحب الدار تأ ّ‬ ‫فتأ ّ‬
‫نزلت أمه وجعل ينتظرها في‬ ‫عك الله‬ ‫الحزين وقال ‪ :‬لو قن ّ َ‬
‫سيارته ‪..‬‬ ‫بما آتاك ‪ ..‬لما كانت‬
‫دخلت الم على المريضة فإذا‬ ‫مطهرتي مرهونة !!‬
‫كن منها المرض ‪..‬‬ ‫هي قد تم ّ‬ ‫وكذلك لو زرت مريضا ً فل‬
‫فسلمت عليها ودعت لها ‪..‬‬ ‫تردد عليه ‪:‬‬
‫فلما مشت خارجة مرت ببنات‬ ‫أووووه ‪ ..‬وجهك أصفر ‪..‬‬
‫المريضة وهن يبكين في صالة‬ ‫عيناك زائغتان ‪ ..‬جلدك‬
‫البيت ‪..‬‬ ‫يابس ‪..‬‬
‫فقالت بكل براءة ‪ :‬أنا ل يتيسر‬ ‫عجبا ً !! هل أنت طبيبه ؟ قل‬
‫لي المجيء أليكن كلما أردت ‪..‬‬ ‫خيرا ً أو اصمت ‪..‬‬
‫وأمكم مريضة ويبدو لي أنها‬ ‫ذكروا أن رجل ً زار مريضا ً ‪..‬‬
‫ستموت ‪ ..‬فأحسن الله عزاءكم‬ ‫فجلس عنده قليل ً ‪ ..‬ثم‬
‫من الن ‪!!..‬‬ ‫سأله عن علته ‪ ..‬فأخبره‬
‫فانتبه يا لبيب ‪ ..‬كن لماحا ً لما‬ ‫المريض بها ‪ ..‬وكانت علة‬
‫يفرح ويسر ‪ ..‬ل لما يحزن ‪..‬‬ ‫خطيرة ‪..‬‬
‫فصرخ الزائر ‪:‬‬
‫مشكلة ‪:‬‬ ‫آآآآ ‪ ..‬هذه العلة أصابت فلنا ً‬
‫إذا اضطررت للمح سيء ‪..‬‬ ‫صاحبي فمات منها ‪..‬‬
‫كوسخ ثوبه ‪ ..‬أو رائحة سيئة ‪..‬‬ ‫وأصابت فلنا ً صديق أخي ول‬
‫فأحسن التنبيه ‪ ..‬كن لطيفا ً ذكيا ً‬ ‫يزال مقعدا ً منها أشهرا ً ثم‬
‫‪..‬‬ ‫مات ‪ ..‬وأصابت فلنا ً جار‬
‫زوج أختي ومات ‪..‬‬
‫‪92‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫المغرب ‪..‬‬ ‫ل تتدخل فيما ل‬ ‫‪.29‬‬
‫رن هاتف أحدهم ‪ ..‬كان جالسا ً‬ ‫يعنيك ‪..‬‬
‫بجانبي ‪..‬‬ ‫من حسن إسلم المرء تركه‬
‫أجاب ‪ :‬نعم ؟‬ ‫ما ل يعنيه ‪..‬‬
‫زوجته ‪ :‬ألو ‪ ..‬وينك يا حمار ؟!‬ ‫ما أجمل هذه العبارة وأنت‬
‫كان صوتها عاليا ً لدرجة أني‬ ‫تسمعها من الفم الزكي‬
‫سمعت حوارهما ‪..‬‬ ‫الطاهر ‪ ..‬فم رسول الله‬
‫قال ‪ :‬بخير ‪ ..‬الله يسلمك‬ ‫‪.. ρ‬‬
‫) !!! ( ‪..‬‬ ‫صحيح ‪ ..‬تركه ما ل يعنيه ‪..‬‬
‫) يبدو أنه كان قد وعدها أن‬ ‫كم هم ثقلء أولئك الذين‬
‫يذهب بها بعد المغرب لبيت‬ ‫يزعجونك بالتدخل فيما ل‬
‫أهلها وانشغل بنا ( ‪..‬‬ ‫يعنيهم ‪..‬‬
‫غضبت الزوجة ‪ :‬الله ل‬ ‫يشغلك إذا رأى ساعتك ‪..‬‬
‫يسلمك ‪ ..‬أنت مبسوط أنك مع‬ ‫بكم اشتريتها ‪..‬‬
‫أصحابك وأنا أنتظر ‪ ..‬والله انك‬ ‫فتقول ‪ :‬جاءتني هديه ‪..‬‬
‫ثور ) !! ( ‪..‬‬ ‫فيقول ‪ :‬هدية !! ممن ؟‬
‫قال ‪ :‬الله يرضى عليك ‪ ..‬أمّرك‬ ‫فتجيب ‪ :‬من أحد الصدقاء ‪..‬‬
‫بعد العشاء ‪..‬‬ ‫فيقول ‪ :‬صديقك في‬
‫ت أن كلمه ل يتوافق مع‬ ‫لحظ ُ‬ ‫الجامعة ‪ ..‬أم في الحارة ‪..‬‬
‫كلمها ‪ ..‬فأدركت أنه يفعل ذلك‬ ‫أم أين ؟!‬
‫لكيل يحرج نفسه ‪..‬‬ ‫فتقول ‪ :‬والله ‪ ..‬آآآ ‪..‬‬
‫انتهت مكالمته ‪ ..‬جعلت ألتفت‬ ‫صديقي في الجامعة ‪..‬‬
‫إلى الحاضرين وأتخيل أن واحدا ً‬ ‫فيقول ‪ :‬طيب ‪ ..‬ما‬
‫منهم سأله ‪:‬‬ ‫المناسبة ؟!‬
‫من كلمك ؟ وماذا يريد منك ؟‬ ‫فتقول ‪ :‬يعني ‪ ..‬مناسبة‬
‫ولماذا تغير وجهك بعد‬ ‫أيام الجامعة ‪..‬‬
‫المكالمة ‪..‬؟!!‬ ‫فيقول ‪ :‬مناسبة إيش ؟!!‬
‫مه لن أحدا ً لم‬ ‫ح َ‬‫لكن الله ر ِ‬ ‫نجاح ‪ ..‬أم كنتم في رحلة ‪..‬‬
‫يتدخل فيما ل يعنيه ‪..‬‬ ‫أو يمكن ‪ ..‬أأ ‪..‬‬
‫ومثله لو زرت مريضا ً ‪ ..‬فسألته‬ ‫ويستمر في استجوابه لك‬
‫عن مرضه ‪ ..‬فأجابك بكلمات‬ ‫على قضية تافهة ‪!!..‬‬
‫عامة ‪ :‬الحمد لله ‪ ..‬شيء‬ ‫بالله عليك أل تحدثك نفسك‬
‫بسيط ‪ ..‬مرض صغير وانتهى ‪..‬‬ ‫أن تصرخ به ‪ :‬لاااا تتدخل‬
‫أو نحرها من العبارات التي ل‬ ‫فيما ل يعنيك ‪..‬‬
‫تحمل جوابا ً صريحا ً ‪ ..‬فل تحرجه‬ ‫وقد يزداد المر سوءا ً لو‬
‫بالتدقيق عليه ‪ :‬عفوا ً ‪ ..‬يعني ما‬ ‫أحرجك بالسؤال في مجلس‬
‫هو المرض بالضبط ؟ وضح‬ ‫عام فسبب لك إحراجا ً ‪..‬‬
‫أكثر ‪ !!..‬ماذا تعني ‪ !!..‬ونحو‬ ‫أذكر أني كنت في مجلس‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫مع عدد من الزملء ‪ ..‬بعد‬
‫‪93‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫تحفيظ أو مركز صيفي‬ ‫عجبا ً !! ما الداعي‬
‫ترفيهي ‪ ..‬ويعيدهم بعد‬ ‫لحراجه ‪..‬؟ من حسن إسلم‬
‫العشاء ‪..‬‬ ‫المرء تركه ما يعنيه ‪..‬‬
‫كان عبد الرحمن في العاشرة‬ ‫يعني ‪ ..‬تنتظر أن يقول لك ‪:‬‬
‫من عمره ‪ ..‬خشيت أن يسأله‬ ‫أنا مريض بالبواسير ‪ ..‬أو‬
‫ذلك الشاب من باب الفضول‬ ‫مصاب بجرح في ‪ ..‬أو ‪..‬‬
‫أسئلة ل داعي لها ‪ ..‬ما اسم‬ ‫ما دام أنه أجاب إجابة عامة‬
‫أمك ؟ أين بيتكم ؟ كم عدد‬ ‫فل داعي للتطويل معه ‪..‬‬
‫إخوانك ؟ كم يعطيك أبوك من‬ ‫ول أعني بهذا عدم سؤال‬
‫المال ؟‬ ‫المريض عن مرضه ؟ إنما‬
‫فنبهت عبد الرحمن قائل ً ‪ :‬إذا‬ ‫أعني عدم التدقيق في‬
‫سألك سؤال ً غير مناسب ‪ ..‬فقل‬ ‫السئلة ‪..‬‬
‫له ‪ :‬قال ‪ : ε‬من حسن إسلم‬ ‫ومثله ‪ ..‬الذي ينادي طالبا ً‬
‫المرء تركه ما ل يعنيه ‪ ..‬وكررت‬ ‫أمام الناس في مجلس‬
‫عليه الحديث حتى حفظه ‪..‬‬ ‫ل‪:‬‬ ‫عام ‪ ..‬ويسأله بصوت عا ٍ‬
‫ركب عبد الرحمن وأخوه ‪ ..‬مع‬ ‫هاه يا أحمد ‪ ..‬نجحت ‪..‬‬
‫الشاب ‪ ..‬كان عبد الرحمن‬ ‫فيقول ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫مشدودا ً متهيبا ً ‪..‬‬ ‫فيسأله ‪ :‬كم نسبتك ؟ كم‬
‫قال الشباب متلطفا ً ‪ :‬حياك الله‬ ‫ترتيبك في الفصل ؟‬
‫يا عبد الرحمن ‪..‬‬ ‫إن كنت صادقا ً في اهتمامك‬
‫فأجابه بحزم ‪ :‬الله يحييك ‪..‬‬ ‫به فاسأله على انفراد بينك‬
‫طف‬ ‫أراد الشاب المسكين أن يل ّ‬ ‫وبينه ‪..‬‬
‫الجو ‪ ..‬فقال ‪ :‬الشيخ عنده‬ ‫ثم ل داعي للتدقيق ‪ ..‬كم‬
‫محاضرة اليوم ؟!‬ ‫نسبتك ‪ ..‬لماذا لم تذاكر ‪..‬‬
‫حاول الولد أن يتذكر الحديث‬ ‫لماذا لم تقبل في‬
‫فلم تسعفه ذاكرته ‪ ..‬فصرخ‬ ‫الجامعة ‪ ..‬إن كنت مستعدا ً‬
‫قائل ً ‪ :‬ل تتدخل فيما ل يعنيك !!‬ ‫لعانته فقف معه جانبا ً‬
‫قال الشاب ‪ :‬ل ‪ ..‬أقصد ‪ ..‬بل‬ ‫وحدثه بما تريد ‪ ..‬أما نشر‬
‫حتى أحضر وأستفيد ‪..‬‬ ‫غسيله أمام الناس ‪ ..‬فل ‪..‬‬
‫فظن عبد الرحمن أنه يتذاكى‬ ‫قال ‪ : ε‬من حسن إسلم‬
‫عليه ‪ :‬فأعاد الجواب ‪ :‬ل تتدخل‬ ‫المرء تركه ما ل يعنيه ‪..‬‬
‫فيما ل يعنيك ‪..‬‬ ‫لكن انتبه !! ل تعط‬
‫ً‬
‫قال الشاب ‪ :‬عفوا عبد الرحمن‬ ‫الموضوع أكبر من حجمه ‪..‬‬
‫أعني ‪..‬‬ ‫سافرت إلى المدينة النبوية‬
‫فصرخ عبد الرحمن ‪ :‬لاااا‬ ‫قبل مدة ‪ ..‬كنت مشغول ً‬
‫تتدخل فيما ل يعنيك !!‬ ‫بعدد من المحاضرات ‪..‬‬
‫ولم يزل هذا حالهما حتى‬ ‫فاتفقت مع شاب فاضل أن‬
‫رجعا !!‬ ‫يأخذ ولدي عبد الرحمن‬
‫أخبرني عبد الرحمن بالقصة‬ ‫وأخاه بعد العصر إلى حلقة‬
‫‪94‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪ -‬كما فعل الشيخ – فلما نظرت‬ ‫مفتخرا ً ‪ ..‬فضحكت وفهمته‬
‫إلى الشاشة ضحكت ‪ ..‬بل‬ ‫المر مرة أخرى ‪..‬‬
‫غرقت في الضحك ‪..‬‬
‫تدري لماذا ؟‬ ‫ورشة عمل ‪..‬‬
‫جرت عادة بعضهم أن يكتب‬ ‫مجاهدة النفس على التحرر‬
‫عبارات على شاشة الهاتف ‪..‬‬ ‫من التدخل في شئون‬
‫يكتب اسمه ‪ ..‬أو "اذكر الله" ‪..‬‬ ‫الخرين ‪ ..‬متعبة في‬
‫أو غيرها ‪..‬‬ ‫البداية ‪ ..‬لكنها مريحة في‬
‫أما صاحبي فقد كتب ‪ " :‬أرجع‬ ‫النهاية ‪..‬‬
‫الجهاز يا ملقوف " ‪..‬‬
‫كثير من الناس من هذا النوع‬ ‫‪ .30‬كيف تتعامل مع‬
‫يتدخلون في أمور الخرين‬ ‫"الملقيف " )‪ (33‬؟‬
‫الشخصية ‪..‬‬ ‫أحيانا ً يتناول بعض الناس‬
‫فمن الطبيعي أن يركب معك‬ ‫هاتفك الجوال ‪ -‬بدون‬
‫في سيارتك ثم يفتح الدرج الذي‬ ‫استئذان ‪ -‬ويقرأ الرسائل‬
‫أمامه ‪ ..‬وينظر ما بداخله ‪!!..‬‬ ‫التي فيه ‪..‬‬
‫وامرأة تفتح حقيبة امرأة أخرى‬ ‫كان صاحبي في دعوة‬
‫لتأخذ أحمر الشفاه أو ظل‬ ‫عامة ‪ ..‬وليمة عشاء عند أحد‬
‫العينين ‪..‬‬ ‫القضاة ‪ ..‬كل من في‬
‫وقد يتصل بك فيسألك أين أنت‬ ‫المجلس مشايخ فضلء ‪..‬‬
‫فتقول " طالع مشوار "‬ ‫جلس صاحبي بينهم ‪..‬‬
‫فيقول ‪ :‬أين ‪..‬؟ من معك ؟‬ ‫يتجاذب أطراف الحديث‬
‫مجموعة من الناس نخالطهم‬ ‫معهم ‪..‬‬
‫يعاملوننا بمثل هذا السلوب ‪..‬‬ ‫ضايقه وجود هاتفه الجوال‬
‫فكيف نتعامل معهم ؟‬ ‫في جيبه فأخرجه ووضعه‬
‫أهم شيء أن ل تفقده ‪ ..‬حاول‬ ‫على الطاولة التي بجانبه ‪..‬‬
‫أن تتجنب المصادمة معه ‪..‬‬ ‫كان الشيخ الذي بجانبه‬
‫حاول أن ل ) يزعل ( منك أحد ‪..‬‬ ‫متفاعل ً في الحديث معه ‪..‬‬
‫كن ذكيا ً في الخروج من‬ ‫من باب العادة أخذ الشيخ‬
‫الموقف ‪ ..‬دون أن يحدث بينك‬ ‫الهاتف الجوال ‪ ..‬رفع إليه ‪..‬‬
‫وبينه مشكلة ‪..‬‬ ‫فلما نظر إلى الشاشة تغير‬
‫ل تتساهل بكسب العداء أو‬ ‫وجهه ‪ ..‬وأرجعه مكانه ‪..‬‬
‫فقدان الصدقاء ‪ ..‬مهما كانت‬ ‫كتم صاحبي ضحكة مدوية ‪..‬‬
‫السباب ‪..‬‬ ‫لما خرج ركبت معه في‬
‫ومن أحسن الساليب للتعامل‬ ‫سيارته ‪ ..‬وقد وضع هاتفه‬
‫مع الطفيليين ‪ ..‬هو إجابة‬ ‫ي‬
‫الجوال بجانبه ‪ ..‬فرفعته إل ّ‬
‫السؤال بسؤال ‪ ..‬أو النتقال‬
‫‪ ( ) 33‬ملقيف ‪ :‬لفظة عامية ‪ ،‬جمع "‬
‫إلى موضوع آخر تماما ً لينسى‬
‫ملقوف " وهو المتدخل فيما ل يعنيه ‪..‬‬
‫سؤاله الول ‪..‬‬
‫حشري " متطفل ‪..‬‬ ‫ويسميه بعضهم " ٍ‬
‫‪95‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ألخرين ‪..‬‬ ‫فلو سألك مثل ً ‪ :‬كم مرتبك‬
‫الشهري ؟‬
‫وقفة ‪..‬‬ ‫قل له بلطف وتبسم ‪ :‬لماذا‬
‫إذا ابتليت بمتدخل فيما ل‬ ‫هل وجدت لي وظيفة مغرية‬
‫يعنيه ‪ ..‬فكن خيرا ً منه ‪ ..‬أحسن‬ ‫‪..‬‬
‫الخروج من الموقف من غير أن‬ ‫سيقول ‪ :‬ل ‪ ..‬لكن أريد أن‬
‫تجرحه ‪..‬‬ ‫أعرف ‪..‬‬
‫قل ‪ :‬المرتبات هذه اليام‬
‫ل تنتقد !!‬ ‫‪.31‬‬ ‫مشاكل ‪ ..‬ويبدو أن ذلك‬
‫ركب سيارة صاحبه ‪ ..‬فكانت‬ ‫بسبب ارتفاع أسعار البترول‬
‫أول كلمة قالها ‪ :‬ياااه !! ما‬ ‫!!‬
‫أقدم سيارتك !!‬ ‫سيقول ‪ :‬ما دخل البترول ‪..‬‬
‫ولما دخل بيته ‪ ..‬رأى الثاث‬ ‫فقل ‪ :‬البترول هو الذي‬
‫فقال ‪ :‬أووووه ‪ ..‬ما غيرت‬ ‫يتحكم فغي السعار ‪ ..‬أل‬
‫أثاثك ؟!‬ ‫تلحظ أن الحروب تقوم‬
‫ولما رأى أولده ‪ ..‬قال ‪ :‬ما شاء‬ ‫لجله ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬حلوين ‪ ..‬لكن لماذا ما‬ ‫سيقول ‪ :‬ل ‪ ..‬ليس‬
‫تلبسهم ملبس أحسن من‬ ‫صحيحا ً ‪..‬‬
‫هذه !!‬ ‫فالحروب لها أسباب‬
‫دمت له زوجته طعامه ‪..‬‬ ‫ولما ق ّ‬ ‫أخرى ‪ ..‬والهالمم اليوم‬
‫وقد وقفت المسكينة في‬ ‫مليء بالحروب ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫المطبخ ساعات ‪ ..‬رأى أنواعه‬ ‫وينسى سؤاله الول ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬ياااا الله ‪ ..‬لماذا ما‬ ‫) هاه ‪ ..‬ما رأيك ألم تخرج‬
‫طبختي رّز ؟ أوووه ‪ ..‬الملح‬ ‫من الموقف بذكاء ؟ ( ‪..‬‬
‫قليل ! لم أكن أشتهي هذا النوع‬ ‫وكذلك لو سألك عن‬
‫!!‬ ‫وظيفتك ‪..‬‬
‫دخل محل ً لبيع الفاكهة ‪ ..‬فإذا‬ ‫أو أين ستسافر ‪..‬‬
‫المحل مليء بأصناف الفواكه ‪..‬‬ ‫اسأله ‪ :‬لماذا ‪ ..‬هل ستسافر‬
‫فقال ‪ :‬عندك مانجو ؟‬ ‫معي ‪..‬‬
‫قال صاحب المحل ‪ :‬ل ‪ ..‬هذه‬ ‫سيقول ‪ :‬ل أدري!! أول‬
‫في الصيف فقط ‪..‬‬ ‫شيء أخبرني ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬عندك بطيخ ؟ قال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫قل ‪ :‬لكن إن سافرت‬
‫فتغير وجهه وقال ‪ :‬ما عندك‬ ‫معي ‪ ..‬فالتذاكر عليك ‪..‬‬
‫شيء ‪ ..‬ليش فاتح المحل !‬ ‫عندها سيدخل في موضوع‬
‫وخرج ‪..‬‬ ‫التذاكر وينسى الموضوع‬
‫ونسي أن في المحل أكثر من‬ ‫الصلي ‪..‬‬
‫أربعين نوعا ً من الفواكه ‪..‬‬ ‫وهكذا ‪ ..‬نستطيع الخروج‬
‫نعم ‪..‬‬ ‫من مثل هذه المواقف من‬
‫بعض الناس يزعجك بكثرة‬ ‫غير وقوع مشاكل بيننا وبين‬
‫‪96‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ويريدها أيضا ً أن يبقى أطفالها‬ ‫انتقاده ‪ ..‬ول يكاد أن يعجبه‬
‫نظيفين متزينين على مدى‬ ‫شيء ‪..‬‬
‫اليوم ‪..‬‬ ‫فل يرى في الطعام اللذيذ‬
‫وإن زاره ضيوف افترض أن‬ ‫إل الشعرة التي سقطت فيه‬
‫تطبخ أحسن الطعام ‪..‬‬ ‫سهوا ً ‪..‬‬
‫وإن جالسها افترض أن تحدثه‬ ‫ول في الثوب النظيف إل‬
‫بأجمل الحاديث ‪..‬‬ ‫نقطة الحبر التي سالت عليه‬
‫وكذلك هو مع أولده ‪ ..‬يريدهم‬ ‫خطئا ً ‪..‬‬
‫‪ %100‬في كل شيء ‪..‬‬ ‫ول في الكتاب المفيد إل‬
‫ومع زملئه ‪ ..‬ومع كل من‬ ‫خطئا ً مطبعيا ً وقع سهوا ً ‪..‬‬
‫يخالطه في الشارع والسوق ‪..‬‬ ‫فل يكاد يسلم أحد من‬
‫و ‪..‬‬ ‫انتقاده ‪ ..‬دائم الملحظات ‪..‬‬
‫صر أحد من هؤلء أكله‬ ‫وإن ق ّ‬ ‫يدقق على الكبيرة والصغيرة‬
‫بلسانه وأكثر عليه النتقاد وكرر‬ ‫‪..‬‬
‫الملحظات ‪ ..‬حتى يمل الناس‬ ‫أعرف أحد الناس ‪ ..‬زاملته‬
‫منه ‪ ..‬لنه ل يرى في الصفحة‬ ‫طويل ً في أيام الثانوية‬
‫البيضاء إل السودَ ‪..‬‬ ‫والجامعة ‪ ..‬ول تزال علقتنا‬
‫من كان هذا حاله عذب نفسه‬ ‫مستمرة ‪ ..‬إل أني ل ذكر أنه‬
‫في الحقيقة ‪ ..‬وكرهه أقرب‬ ‫أثنى على شيء ‪..‬‬
‫الناس إليه واستثقلوا‬ ‫أسأله عن كتاب ألفته وقد‬
‫مجالسته ‪..‬‬ ‫أثنى عليه أناس كثيرا ً وطبع‬
‫إذا أنت لم تشرب مرارا ً على‬ ‫منه مئات اللف فيقول‬
‫القذا‬ ‫ببرود ‪ :‬والله جيد ‪ ..‬ولكن‬
‫ظمئت ‪ ,‬وأي‬ ‫فيه قصة غير مناسبة ‪..‬‬
‫الناس تصفو مشاربه؟!‬ ‫وحجم الخط ما أعجبني ‪..‬‬
‫إذا كــــنت فــــي كـــل‬ ‫ونوعية الطباعة أيضا ً‬
‫المور معاتبا ً‬ ‫سيئة ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫رفـــــيقك لــــن‬ ‫وأسأله يوما ً عن أداء فلن‬
‫تلـق الـذي ستعاتبه‬ ‫في خطبته ‪ ..‬فل يكاد يذكر‬
‫قالت أمنا عائشة ‪ τ‬وهي تصف‬ ‫جانبا ً مشرقا ً ‪..‬‬
‫حال تعامله ‪ ‬معهم ‪:‬‬ ‫حتى صار أثقل علي من‬
‫ما عاب رسول الله ‪ ρ‬طعاما ً قط‬ ‫الجبل ‪ ..‬وصرت ل أسأله أبدا ً‬
‫‪ ..‬إن اشتهاه أكله وإل تركه ‪..‬‬ ‫عن رأيه في شيء لني‬
‫)‪ .. (34‬نعم ما كان يصنع مشكلة‬ ‫أعرفه سلفا ً ‪..‬‬
‫من كل شيء ‪..‬‬ ‫قل مثل ذلك فيمن يفترض‬
‫وقال أنس ‪ : τ‬والله لقد خدمت‬ ‫المثالية في جميع الناس ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ ρ‬تسع سنين ‪ ..‬ما‬ ‫فيريد من زوجته أن يكون‬
‫بيتها نظيفا ً ‪24‬ساعة ‪%100‬‬
‫‪..‬‬
‫) (‬ ‫‪34‬‬

‫‪97‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫خطئا ً على أحد لم يواجهه به‬ ‫علمته قال لشيء صنعته ‪:‬‬
‫وإنما يقول ‪ :‬ما بال أقوام‬ ‫لم فعلت كذا وكذا ؟ ول عاب‬
‫يفعلون كذا وكذا ‪..‬‬ ‫ي شيئا ً قط ‪ ..‬ووالله ما‬ ‫عل ّ‬
‫ك أعني واسمعي يا‬ ‫يعني ‪ :‬إيا ِ‬ ‫ف قط ‪..‬‬ ‫قال لي أ ّ‬
‫جارة ‪..‬‬ ‫هكذا كان ‪ ..‬وهكذا ينبغي أن‬
‫في يوم من الدهر أقبل ثلثة‬ ‫نكون ‪..‬‬
‫شباب متحمسين ‪ ..‬إلى المدينة‬ ‫وأنا بذلك ل أدعو إلى ترك‬
‫النبوية ‪..‬‬ ‫النصيحة أو السكوت عن‬
‫كانوا يريدون معرفة كيفية‬ ‫الخطاء ‪ ..‬ولكن ل تكن‬
‫عبادة النبي ‪ ‬وصلته ‪..‬‬ ‫مدققا ً في كل شيء ‪..‬‬
‫سألوا أزواج النبي ‪ ρ‬عن عمله‬ ‫خاصة في المور الدنيوية ‪..‬‬
‫في السر ‪..‬‬ ‫شي المور ‪..‬‬ ‫تعود أن تم ّ‬
‫فأخبرتهم زوجات النبي ‪ ρ‬أنه‬ ‫لو طرق بابك ضيف فرحبت‬
‫يصوم أحيانا ً ويفطر أحيانا ً ‪..‬‬ ‫به وأدخلته غرفة الضيوف‬
‫وينام بعضا ً من الليل ويصلي‬ ‫فلما أحضرت الشاي تناول‬
‫بعضه ‪..‬‬ ‫الفنجان ‪ ..‬فلما نظر إلى‬
‫فقال بعضهم لبعض ‪ :‬هذا‬ ‫م لم‬‫الشاي بداخله قال ‪ :‬لـ َ‬
‫رسول الله ‪ ρ‬قد غفر الله له ما‬ ‫تمل الفنجان ؟ فقلت ‪:‬‬
‫تقدم من ذنبه ‪..‬‬ ‫أزيدك ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ل ‪..‬‬
‫ثم اتخذ كل واحد منهم قرارا ً ‪!..‬‬ ‫يكفي ‪..‬‬
‫فقال أحدهم ‪ :‬أنا لن أتزوج ‪..‬‬ ‫فطلب ماء فأحضرت له‬
‫أي سأبقى عزبا ً ‪ ..‬متفرغا ً‬ ‫كأس ماء فشكرك وشربه ‪..‬‬
‫للعبادة ‪..‬‬ ‫فلما انتهى قال ‪ :‬ماؤكم‬
‫وقال الخر ‪ :‬وأنا سأصوم‬ ‫حار ‪..‬‬
‫دائما ً ‪ ..‬كل يوم ‪..‬‬ ‫ثم التفت إلى المكيف وقال‬
‫وقال الثالث ‪ :‬وأنا ل أنام‬ ‫‪ :‬مكيفكم ل يبّرد !! وجعل‬
‫الليل ‪ ..‬أي سأقوم الليل كله ‪..‬‬ ‫يشتكى الحر ‪ ..‬ثم ‪..‬‬
‫فبلغ النبي ‪ ρ‬ما قالوه ‪..‬‬ ‫أل تشعر بثقل هذا‬
‫فقام على منبره ‪ ..‬فحمد الله‬ ‫النسان ‪ ..‬وتتمنى لو يخرج‬
‫وأثنى عليه ثم قال ‪:‬‬ ‫من بيتك ول يعود ‪..‬‬
‫ما بال أقوام !! ) هكذا مبهما ً ‪،‬‬ ‫إذن الناس يكرهون‬
‫لم يقل ما بال فلن وفلن ( ‪..‬‬ ‫النتقاد ‪..‬‬
‫ما بال أقوام قالوا ‪ :‬كذا وكذا ‪..‬‬ ‫لكن إن احتجت إليه فغلفه‬
‫لكني أصلي وأنام ‪ ..‬وأصوم‬ ‫بغلف جميل ثم قدمه‬
‫وأفطر ‪ ..‬وأتزوج النساء ‪..‬‬ ‫للخرين ‪..‬‬
‫فمن رغب عن سنتي فليس‬ ‫قدمه في صورة اقتراح ‪ ..‬أو‬
‫مني )‪. (35‬‬ ‫بأسلوب غير مباشر ‪ ..‬أو‬
‫بألفاظ عامة ‪..‬‬
‫) ( متفق عليه‬ ‫‪35‬‬ ‫كان رسول الله ‪ ε‬إذا لحظ‬
‫‪98‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫المال ‪ ..‬ومنعهم للمسكينة من‬ ‫وفي يوم آخر ‪ ..‬لحظ النبي‬
‫الحرية !!‬ ‫‪ ρ‬أن رجال ً من المصلين معه‬
‫فقال لعائشة ‪ :‬ابتاعيها ‪..‬‬ ‫‪ ..‬يرفعون أبصارهم إلى‬
‫فأعتقيها ‪ ..‬فإنما الولء لمن‬ ‫السماء في أثناء صلتهم ‪..‬‬
‫أعتق ‪..‬‬ ‫وهذا خطأ فالصل أن ينظر‬
‫أي الولء لك ما دام أنك دفعت‬ ‫أحدهم إلى موضع سجوده ‪..‬‬
‫المال ‪ ..‬ول تلتفتي إلى‬ ‫فقال ‪ : ρ‬ما بال أقوام‬
‫شروطهم فهي ظالمة ‪..‬‬ ‫يرفعون أبصارهم إلى‬
‫ثم قام رسول الله ‪ ρ‬على المنبر‬ ‫السماء في صلتهم ‪..‬‬
‫فقال ‪:‬‬ ‫فلم ينتهوا عن ذلك‬
‫ما بال أقوام ) ولم يقل آل‬ ‫واستمروا يفعلونه ‪ ..‬فلم‬
‫فلن ( ‪ ..‬يشترطون شروطا ً‬ ‫يفضحهم أو يسمهم‬
‫ليست في كتاب الله ‪ ..‬من‬ ‫بأسمائهم ‪ ..‬وإنما قال ‪:‬‬
‫اشترط شرطا ً ليس في كتاب‬ ‫ن عن ذلك ‪ ..‬أو‬ ‫ه ّ‬ ‫لينت ُ‬
‫الله ‪ ..‬فليس له ‪ ..‬وإن اشترط‬ ‫‪..‬‬ ‫)‪(36‬‬
‫لتخطفن أبصارهم‬
‫مائة شرط )‪.. (38‬‬ ‫ة‬
‫وكانت بريرة جارية أم ً‬
‫وح بالعصا من بعيــد‬ ‫نعم هكذا ‪ ..‬ل ّ‬ ‫مملوكة في المدينة ‪ ..‬أرادت‬
‫ول تضرب بها ‪..‬‬ ‫أن تعتق من الرق ‪ ..‬فطلبت‬
‫فما أجمل أن تقول لزوجتك‬ ‫ذلك من سيدها ‪ ..‬فاشترط‬
‫المهملة في نظافة بيتها ‪:‬‬ ‫عليها مال ً تدفعه إليه ‪..‬‬
‫البارحة تعشينا عند صاحبي فلن‬ ‫فجاءت بريرة ‪ ..‬إلى عائشة‬
‫‪ ..‬وكان الجميع يثني على‬ ‫تلتمس منها أن تعينها‬
‫نظافة منزله ‪..‬‬ ‫بمال ‪..‬‬
‫أو تقول لولدك المهمل للصلة‬ ‫فقالت عائشة ‪ :‬إن شئت‬
‫في المسجد ‪ : ..‬أنا أعجب من‬ ‫أعطيت أهلك ثمنك ‪..‬‬
‫فلن ابن جيراننا ما نكاد نفقده‬ ‫فتعتقين ‪ ..‬لكن يكون الولء‬
‫في المسجد أبدا ً ‪!!..‬‬ ‫)‪(37‬‬
‫لي ‪..‬‬
‫يعني ‪ ..‬إياك أعني واسمعي يا‬ ‫فأخبرت الجارية أهلها فأبوا‬
‫جارة !!‬ ‫ذلك ‪ ..‬وأرادوا أن يربحوا‬
‫ويحق لك أن تسأل ‪ :‬لماذا يكره‬ ‫المرين ‪ ..‬ثمن عتقها ‪..‬‬
‫الناس النتقاد ؟‬ ‫وولءها !!‬
‫فأقول ‪ :‬لنه يشعرهم‬ ‫فسألت عائشة النبي ‪.. ρ‬‬
‫بالنقص ‪ ..‬فكل الناس يحبون‬ ‫فعجب ‪ ‬من حرصهم على‬
‫الكمال ‪..‬‬
‫‪ ( ) 36‬رواه البخاري‬
‫ذكروا أن رجل ً بسيطا ً أراد أن‬
‫‪ ( ) 37‬الولء ‪ :‬هو إذا أعتق الشححخص‬
‫يكون له شيء من التحكم ‪..‬‬
‫عبححدا ً مملوكححا ً صححار الححولء للمعتححق ‪،‬‬
‫فعمد إلى ترمسي ماء أحدهما‬ ‫بمعنححى أن المعتححق يححدخل ضححمن ورثححة‬
‫أخضر والثاني أحمر ‪ ..‬وعبأهما‬ ‫هذا العبد المملوك بعد موته ‪ ،‬فيشارك‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪38‬‬
‫أهل العبد في ورثه ‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫لضربك ‪ ..‬وأحرمك من‬ ‫بالماء البارد ‪..‬‬
‫المصروف ‪ ..‬و ‪..‬‬ ‫ثم جلس للناس في‬
‫أما الثالث فقال ‪ :‬صالح ‪ ..‬لو‬ ‫طريقهم ‪ ..‬وجعل يصيح ‪:‬‬
‫تذاكر دروسك ‪ ..‬أحسن لك من‬ ‫ماء بارد مجانا ً ‪..‬‬
‫التلفاز ‪ ..‬صح ؟!‬ ‫فكان العطشان يقبل عليه‬
‫أيهم أحسن أسلوبا ً ‪..‬؟‬ ‫ويتناول الكأس ليصب‬
‫ل شك أنه الثالث ‪ ..‬لنه قدم‬ ‫لنفسه ويشرب ‪ ..‬فإذا رآه‬
‫أمره على شكل اقتراح ‪..‬‬ ‫صاحبنا قد توجه للترمس‬
‫وكذلك في التعامل مع‬ ‫الخضر ‪..‬‬
‫زوجتك ‪ ..‬سارة ليتك تعملين‬ ‫قال له ‪ :‬ل ‪ ..‬اشرب من‬
‫شاي ‪ ..‬هند أتمنى أتغدى مبكرا ً‬ ‫الحمر ‪ ..‬فيشرب من الحمر‬
‫اليوم ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وكذلك ‪..‬‬ ‫وإذا أقبل آخر ‪ ..‬وأراد أن‬
‫عندما يخطئ إنسان ‪ ..‬عالج‬ ‫يشرب من الحمر ‪ ..‬قال‬
‫خطأه بأسلوب يجعله يشعر أن‬ ‫له ‪ :‬ل ‪ ..‬اشرب من‬
‫الفكرة فكرته هو ‪ ..‬ولدك يغيب‬ ‫الخضر ‪..‬‬
‫عن الصلة في المسجد ‪..‬‬ ‫فإذا اعترض أحدهم ‪..‬‬
‫قل له – مثل ً – ‪ :‬سعد ‪ ..‬ما تريد‬ ‫وقال ‪ :‬ما الفرق ؟!‬
‫تدخل الجنة ‪ ..‬بلى ‪ ..‬إذن حافظ‬ ‫قال ‪ :‬أنا المسئول عن الماء‬
‫على صلتك ‪..‬‬ ‫‪ ..‬يعجبك هذا النظام أو دبر‬
‫في يوم من اليام ‪ ..‬وفي خيمة‬ ‫لنفسك ماءً ‪..‬‬
‫أعرابي في الصحراء ‪..‬‬ ‫إنه شعور النسان الدائم‬
‫جعلت امرأة تتأوه تلد ‪ ..‬وزوجها‬ ‫بالحاجة إلى اعتباره‬
‫عند رأسها ينتظر خروج‬ ‫والهتمام به ‪..‬‬
‫المولود ‪..‬‬
‫اشتد المخاض بالمرأة حتى‬ ‫نحلة ‪ ..‬وذباب !!‬
‫انتهت شدتها وولدت ‪..‬‬ ‫كن نحلة تقع على الطيب‬
‫لكنها ولدت غلما ً أسود !!‬ ‫وتتجاوز الخبيث ‪ ..‬ول تك‬
‫نظر الرجل إلى نفسه ‪ ..‬ونظر‬ ‫كالذباب يتتبع الجروح !!‬
‫إلى امرأته فإذا هما أبيضان ‪..‬‬
‫ب كيف صار الغلم أسود !!‬ ‫ج َ‬‫فع ِ‬ ‫ل تكن ُأستاذي ّا ً !!‪..‬‬ ‫‪.32‬‬
‫أوقع الشيطان في نفسه‬ ‫قارن بين ثلثة آباء ‪ ..‬رأى‬
‫الوساوس ‪..‬‬ ‫كل واحد ولده جالسا ً عند‬
‫لعل هذا الولد من غيرك !!‬ ‫التلفاز في أيام‬
‫لعلها زنى بها رجل أسود‬ ‫المتحانات ‪..‬‬
‫فحملت منه !!‬ ‫فقال الول لولده ‪ :‬يا‬
‫لعل ‪..‬‬ ‫محمد ‪ ..‬ذاكر دروسك ‪..‬‬
‫اضطرب الرجل وذهب إلى‬ ‫وقال الثاني ‪ :‬ماجد ‪ ..‬إذا ما‬
‫المدينة النبوية ‪ ..‬حتى دخل على‬ ‫ذاكرت دروسك والله‬
‫‪100‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يختلف عن لونها ولون الب‬ ‫رسول الله ‪ ε‬وعنده‬
‫) الفحل ( ‪..‬‬ ‫أصحابه ‪..‬‬
‫فكر الرجل قليل ً ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬ ‫فقال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬إن‬
‫عسى أن يكون نزعه عرق ‪..‬‬ ‫امرأتي ولدت على فراشي‬
‫يعني قد يكون من أجداده من‬ ‫غلما ً أسود !! وإنا أهل بيت‬
‫هو أورق ‪ ..‬فل زال الشبه باقيا ً‬ ‫لم يكن فينا أسود قط !!‬
‫في السللة ‪ ..‬فظهر في هذا‬ ‫نظر النبي ‪ ε‬إليه ‪ ..‬وكان‬
‫الولد ‪..‬‬ ‫قادرا ً على أن يسمعه‬
‫فقال ‪ : ε‬فلعل ابنك هذا نزعه‬ ‫موعظة حول حسن الظن‬
‫عرق )‪.. (39‬‬ ‫بالخرين ‪ ..‬وعدم اتهام‬
‫سمع الرجل هذا الجواب ‪ ..‬فكر‬ ‫امرأته ‪..‬‬
‫قليل ً فإذا هو جوابه هو ‪..‬‬ ‫لكنه أراد أن يمارس معه في‬
‫والفكرة فكرته ‪ ..‬فاقتنع‬ ‫الحل أسلوبا ً آخر ‪..‬‬
‫وأيقن ‪ ..‬ومضى إلى امرأته ‪..‬‬ ‫أراد أن يجعل الرجل يحل‬
‫وفي يوم آخر ‪..‬‬ ‫مشكلته بنفسه ‪ ..‬فبدأ‬
‫جلس ‪ ε‬مع أصحابه ‪ ..‬فجعل‬ ‫يضرب له مثل ً يقرب له‬
‫يحدثهم عن أبوب الخير ‪..‬‬ ‫الجواب ‪..‬‬
‫وكان مما ذكره ‪ ..‬أن قال ‪:‬‬ ‫فما المثل المناسب له ‪..‬؟‬
‫وفي بضع أحدكم صدقة ‪..‬‬ ‫هل يضرب له مثل ً‬
‫أي وطء أحدكم امرأته له فيه‬ ‫بالشجار ؟ أم بالنخل ؟ أم‬
‫أجر ‪..‬‬ ‫فْرس والروم ؟‬ ‫بال ُ‬
‫فعجب الصحابة وقالوا ‪ :‬يا‬ ‫نظر إليه ‪ ε‬فإذا الرجل عليه‬
‫رسول الله ‪ ..‬يأتي أحدنا شهوته‬ ‫آثار البادية ‪ ..‬وإذا هو‬
‫‪ ..‬ويكون له أجر ؟!!‬ ‫مضطرب تتزاحم الفكار في‬
‫فأجابهم ‪ ε‬بجواب يشعرون به‬ ‫رأسه حول امرأته ‪..‬‬
‫أن الفكرة فكرتهم ‪ ..‬فل‬ ‫فقال له ‪ : ε‬هل لك من‬
‫يحتاجون لنقاش لقناعهم بها ‪..‬‬ ‫إبل ؟‬
‫فقال ‪ : ε‬أرأيتم لو وضعها في‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫حرام ‪ ..‬أكان عليه وزر ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فما ألوانها ؟‬
‫قالوا ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬حمر ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فكذلك لو وضعها في‬ ‫قال ‪ :‬فهل فيها أسود ؟‬
‫حلل كان له أجر ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫بل حتى أثناء الحوار مع الخر ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فيها أورق ؟‬
‫تدرج معه عند النصح في الشياء‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫التي أنتما متفقان عليها ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فأنى كان ذلك ؟!‬
‫خرج ‪ ρ‬إلى مكة معتمرا ً في ألف‬ ‫يعني ‪ :‬ما دام أنها كلها حمر‬
‫وأربعمـــــائة مـــــن أصـــــحابه ‪..‬‬ ‫ذكورا ً وإناثا ً ‪ ..‬وليس فيها‬
‫أي لون آخر ‪ ..‬فكيف ولدت‬
‫) ( رواه مسلم ‪ ،‬وابن ماجة واللفظ له‬ ‫‪39‬‬ ‫الناقة الحمراء ولدا ً أورق ‪..‬‬
‫‪101‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وكأني بهم ‪ ..‬مــا كــانوا يحلمــون‬ ‫فمنعتهم قريــش مــن دخــول‬
‫أن يظفــــروا ول بربــــع هــــذه‬ ‫مكة ‪..‬‬
‫الشروط ‪..‬‬ ‫ووقعـــــت أحـــــداث قصـــــة‬
‫كان أكثر الصــحابة متضــايقا ً مــن‬ ‫الحديبية المشهورة ‪..‬‬
‫شروط العقد ‪..‬‬ ‫فــــي آخــــر المــــر وبعــــد‬
‫لكــن أنــى لهــم أن يعترضــوا ‪..‬‬ ‫مشاورات طويلة بيــن النــبي‬
‫والذي يكتب العقد ويمضيه رجل‬ ‫‪ ρ‬وقريــش ‪ ..‬اتفقــوا علــى‬
‫ل ينطق عن الهوى ‪..‬‬ ‫صلح ‪..‬‬
‫كان عمر متحفزا ً ‪ ..‬ينظــر يمينــا ً‬ ‫كان الذي تولى التفاق على‬
‫وشــمال ً ‪ ..‬يتمنــى لــو يســتطيع‬ ‫بنود الصلح من جانب قريش‬
‫عمل شيء ‪..‬‬ ‫هو سهيل بن عمرو ‪..‬‬
‫فلم يصبر ‪..‬‬ ‫اتفــق النــبي ‪ ρ‬مــع ســهيل‬
‫وثب عمر فأتى أبــا بكــر ‪ ..‬وأراد‬ ‫على شروط ‪..‬‬
‫أن يناقشه ‪..‬‬ ‫منها ‪:‬‬
‫فمــــن حكمتــــه ‪ ..‬لــــم يبــــدأ‬ ‫أن يعود المسلمون‬ ‫•‬
‫بالعتراض ‪ ..‬وإنما بــدأ بالشــياء‬ ‫أدراجهــم إلــى المدينــة‬
‫التي هما متفقان عليها ‪..‬‬ ‫من غير عمرة ‪..‬‬
‫وجعــل يســأل أبــا بكــر أســئلة‬ ‫وأن من دخــل فــي‬ ‫•‬
‫جوابها ‪ ..‬بلى ‪ ..‬نعم ‪ ..‬صحيح ‪..‬‬ ‫الســلم مــن أهــل مكــة‬
‫فقـــال ‪ :‬يـــا أبـــا بكـــر ‪ ..‬أليـــس‬ ‫وأراد أن يهــــاجر إلــــى‬
‫برسول الله ‪..‬؟!‬ ‫المدينة فإن المســلمين‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫فــــــــي المدينــــــــة ل‬
‫قال ‪ :‬أولسنا بالمسلمين ؟!‬ ‫يقبلونه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫أمــا مــن ارتــد عــن‬ ‫•‬
‫قال ‪ :‬أوليسوا بالمشركين ؟!‬
‫إســـلمه وأراد الـــذهاب‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫إلى المشركين في مكة‬
‫قال ‪ :‬أولسنا على الحق ؟‬
‫فإنه يقبل ‪!!..‬‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫إلى غيــر ذلــك مــن الشــروط‬
‫قال ‪ :‬أوليسوا على الباطل ؟‬
‫الـــتي فـــي ظاهرهـــا أنهـــا‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫هزيمـــة للمســـلمين وإذلل‬
‫قال ‪ :‬فعلم نعطــي الدنيــة فــي‬
‫لهم ‪..‬‬
‫ديننا ؟!‬
‫كــانت قريــش فــي الواقــع‬
‫فقال أبو بكر ‪ :‬يا عمــر ‪ ..‬أليــس‬
‫خائفة من هــذا العــدد الكــبير‬
‫هو رسول الله ‪.‬؟‬
‫مــن المســلمين ‪ ..‬وتعلــم أن‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫المسلمين لو شــاءوا لفتحــوا‬
‫غْرزه ‪ ..‬فإني أشهد‬ ‫قال ‪ :‬فالزم ِ‬ ‫مكــة ‪ ..‬ولهــذا كــانت قريــش‬
‫أنه رسول الله ‪..‬‬
‫أي كن وراءه تابعا ً ل تخالفه أبدا ً‬ ‫تضـــــطر إلـــــى التلطـــــف‬
‫والمصانعة ‪..‬‬
‫‪ ..‬كمــا أن غــرزات الخيــط فــي‬
‫‪102‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كيف نستفيد أكثر من هذه‬ ‫الثوب تكون متتابعة ‪..‬‬
‫المهارة ؟‬ ‫قــال عمــر ‪ :‬وأنــا أشــهد أنــه‬
‫لو كان ولدك ل يعتني بحفظ‬ ‫رسول الله ‪..‬‬
‫القرآن ‪ ..‬وتريده أن يزداد حرصا ً‬ ‫مضى عمر ‪ ..‬حاول أن يصبر‬
‫‪..‬‬ ‫‪ ..‬فلم يستطع ‪..‬‬
‫ابدأ بالشياء التي أنتما متفقان‬ ‫فذهب إلى رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫عليها ‪ ..‬أل تريد أن يحبك الله ‪..‬‬ ‫فقــال ‪ :‬يــا رســول اللــه ‪..‬‬
‫أل تريد أن ترتقي في درجات‬ ‫ألست برسول الله ؟!‬
‫الجنة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫سيجيبك حتما ً ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫قـــــــــــال ‪ :‬أولســـــــــــنا‬
‫عندها قدم النصيحة على شكل‬ ‫بالمسلمين ‪ ..‬؟‬
‫اقتراح ‪ : ..‬إذن فلو أنك شاركت‬ ‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫في حلقة تحفيظ القرآن ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أوليسوا بالمشركين ‪..‬‬
‫ت امرأة ل‬ ‫ت ‪ :‬لو رأي ِ‬ ‫وكذلك أن ِ‬ ‫؟!‬
‫تعتني بحجابها ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫ابدئي معها بالشياء التي أنتما‬ ‫قــال ‪ :‬فعلم نعطــي الدنيــة‬
‫متفقتان عليها ‪..‬‬ ‫في ديننا ؟!‬
‫أنا أعلم أنك مسلمة ‪ ..‬وحريصة‬ ‫فقـــال ‪ : ‬أنـــا عبـــد اللـــه‬
‫على الخير ‪..‬‬ ‫ورسوله ‪ ..‬لن أخالف أمره ‪..‬‬
‫ستقول ‪ :‬صحيح ‪ ..‬الحمد لله ‪..‬‬ ‫ولن يضيعني ‪..‬‬
‫وامرأة عفيفة ‪ ..‬وتحبين الله ‪..‬‬ ‫ســــكت عمــــر ‪ ..‬ومضــــى‬
‫ستقول ‪ :‬إي والله ‪ ..‬الحمد‬ ‫الكتــاب ‪ ..‬ورجــع المســلمون‬
‫لله ‪..‬‬ ‫إلى المدينة ‪..‬‬
‫عندها قدمي النصيحة على‬ ‫ومضـــت اليـــام ‪ ..‬ونقضـــت‬
‫شكل اقتراح ‪ :‬فلو أنك اعتنيت‬ ‫قريــــش العهــــد ‪ ..‬وأقبــــل‬
‫بحجابك أكثر ‪ ..‬وحرصت على‬ ‫رســول اللــه ‪ ρ‬فاتحـا ً مكــة ‪..‬‬
‫الستر ‪..‬‬ ‫مطهــرا ً الــبيت الحــرام مــن‬
‫هكذا يمكننا أن نحصل على ما‬ ‫الصنام ‪..‬‬
‫نريد من الناس من غير أن‬ ‫وأدرك عمــر أنــه كــان فــي‬
‫يشعروا ‪..‬‬ ‫اعتراضــه حينــذاك علــى غيــر‬
‫السبيل ‪..‬‬
‫بارقة ‪..‬‬ ‫فكان ‪ ‬يقول ‪:‬‬
‫تستطيع أن تأكل العسل دون‬ ‫ما زلت أصــوم ‪ ..‬وأتصــدق ‪..‬‬
‫تحطيم الخلية ‪..‬‬ ‫وأصلي ‪ ..‬وأعتق ‪ ..‬من الذي‬
‫صــــنعت يــــومئذ ‪ ..‬مخافــــة‬
‫أمسك العصا من‬ ‫‪.33‬‬ ‫كلمي الذي تكلمته يــومئذ ‪..‬‬
‫النصف !!‬ ‫حتى رجوت أن يكون خيرا ً ‪..‬‬
‫أشكرك على اختيارك مهنة‬ ‫فلله در عمر ‪ ..‬ودر رسول‬
‫التدريس ‪ ..‬وقد آتاك الله أسلوبا ً‬ ‫الله ‪ ρ‬قبله ‪..‬‬
‫‪103‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الشرعي ‪ ..‬فل يحرصون عليه‬ ‫حسنا ً ‪ ..‬وطلبك يحبونك‬
‫ول يفهمونه ‪..‬‬ ‫كثيرا ً ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫س منهم ‪ ..‬أي ‪ :‬يرفع‬ ‫فُيختل ُ‬ ‫ولكن ‪ :‬ليتك ما تتأخر على‬
‫عنهم ‪..‬‬ ‫الدوام في الصباح ‪..‬‬
‫فقام صحابي جليل ‪ ..‬هو زياد‬ ‫أنت جميلة ‪ ..‬والبيت‬
‫بن لبيد النصاري وقال بكل‬ ‫مرتب ‪ ..‬ول أنكر أن الولد‬
‫حماس ‪:‬‬ ‫متعبون ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫يا رسول الله ‪ ،‬وكيف يختلس‬ ‫ولكن ‪ :‬أتمنى أن تهتمي‬
‫منا ؟! وقد قرأنا القرآن !‬ ‫بملبسهم أكثر ‪..‬‬
‫فوالله لنقرأنه ‪ ،‬ولنقرئنه‬ ‫هكذا كان أسلوب صالح مع‬
‫نساءنا وأبناءنا ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬يذكر الجوانب‬
‫فنظر إليه النبي ‪ .. ε‬فإذا شاب‬ ‫المشرقة عند المخطئ ثم‬
‫يتفجر حماسا ً وغيرة على‬ ‫ينبهه على أخطائه ‪ ..‬ليكون‬
‫الدين ‪ ..‬فأراد أن ينبهه على‬ ‫عادل ً ‪..‬‬
‫فهمه ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫عندما تنتقد حاول أن تذكر‬
‫ثكلتك أمك يا زياد ‪ ،‬إني كنت‬ ‫جوانب الصواب في المخطئ‬
‫لعدك من فقهاء أهل المدينة ‪..‬‬ ‫‪ ..‬قبل غيرها ‪..‬‬
‫وهذا ثناء على زياد ‪ ..‬أن يقول‬ ‫حاول دائما ً أن تشعر الذي‬
‫له رسول الله ‪ ε‬أمام الناس إنه‬ ‫أمامك أن نظرتك إليه‬
‫من فقهاء المدينة ‪ ..‬هذا ذكر‬ ‫مشرقة ‪ ..‬وأنك عندما تنبهه‬
‫لجوانب الصواب والصفحات‬ ‫على أخطائه ل يعني ذلك أنه‬
‫المشرقة لزياد ‪..‬‬ ‫سقط من عينك ‪ ..‬أو أنك‬
‫ثم قال ‪ : ε‬هذا التوراة والنجيل‬ ‫نسيت حسناته ول تذكر إل‬
‫عند اليهود والنصارى فماذا‬ ‫سيئاته ‪..‬‬
‫يغني عنهم ؟! )‪.. (40‬‬ ‫ل ‪ ..‬بل أشعره أن ملحظاتك‬
‫أي ليست العبرة يا زياد بوجود‬ ‫عليه تغوص في بحر حسناته‬
‫القرآن ‪ ..‬وإنما العبرة بقراءته‬ ‫‪..‬‬
‫ومعرفة معانيه والعمل‬ ‫كان النبي ‪ ε‬محبوبا ً بين‬
‫بأحكامه ‪..‬‬ ‫أصحابه ‪ ..‬وكان يمارس‬
‫هكذا كان تعامله رائعا ً ‪..‬‬ ‫أساليب رائعة في التعامل‬
‫وفي يوم آخر ‪ ..‬يمر ‪ ε‬ببعض‬ ‫معهم ‪..‬‬
‫قبائل العرب يدعوهم إلى‬ ‫وقف مرة بينهم ‪ ..‬فشخص‬
‫السلم ‪ ..‬وكان يختار أحسن‬ ‫ببصره إلى السماء ‪ ..‬كأنه‬
‫العبارات لجل ترغيبهم في‬ ‫يفكر أو يترقب شيئا ً ‪..‬‬
‫الستجابة له والدخول في‬ ‫ن يختلس‬ ‫ثم قال ‪ :‬هذا أوا ُ‬
‫السلم ‪..‬‬ ‫العلم من الناس ‪ ..‬حتى ل‬
‫فمر بقبيلة منهم ‪ ..‬اسمهم ‪:‬‬ ‫يقدروا منه على شيء ‪..‬‬
‫أي ‪ُ :‬يعرض الناس عن‬
‫) ( رواه الترمذي والحاكم‬ ‫‪40‬‬ ‫القرآن وتعلمه ‪ ..‬وعن العلم‬
‫‪104‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫صد له ‪..‬‬
‫تر ّ‬ ‫بنو عبد الله ‪ ..‬فدعاهم إلى‬
‫فلمــا أقبــل رســول اللــه ‪ ρ‬مــع‬ ‫الله ‪ ..‬وعرض عليهم‬
‫المســــلمين إلــــى الحديبيــــة ‪..‬‬ ‫نفسه ‪ ..‬وجعل يقول لهم ‪:‬‬
‫وأرادوا العمرة ‪..‬‬ ‫يا بني عبد الله ‪ ..‬إن الله قد‬
‫خـــرج خالـــد فـــي خيـــل مـــن‬ ‫أحسن اسم أبيكم ‪..‬‬
‫المشــركين ‪ ..‬فلقــوا النــبي ‪‬‬ ‫يعني لستم ببني عبد‬
‫وأصـــحابه بموضـــع يقـــال لـــه ‪:‬‬ ‫العزى ‪ ..‬أو بني عبد اللت ‪..‬‬
‫عسفان ‪..‬‬ ‫وإنما أنتم بنو عبد الله ‪..‬‬
‫ً‬
‫فقـام خالـد قريبـا منهـم يتحيـن‬ ‫فليس في اسمكم شرك‬
‫الفرصة ليصــيب رســول اللــه ‪‬‬ ‫فادخلوا في السلم ‪..‬‬
‫برمية سهم أو ضربة سيف ‪..‬‬ ‫بل كان من براعته ‪ ρ‬أنه كان‬
‫جعل يترصد ويترقب ‪..‬‬ ‫يرسل رســائل غيــر مباشــرة‬
‫فصلى النــبي ‪ ‬بأصــحابه صــلة‬ ‫إلــى النــاس ‪ ..‬يــذكر فيهــا‬
‫الظهـــر أمـــامهم ‪ ..‬فهمـــوا أن‬ ‫إعجابه بهم ‪ ..‬ومحبته الخيــر‬
‫يهجموا عليهم ‪ ..‬فلم يتيسر لهم‬ ‫لهــم ‪ ..‬فــإذا بلغتهــم هــذه‬
‫‪..‬‬ ‫الرسائل ‪ ..‬عملت فيهم مــن‬
‫فكـــأن النـــبي ‪ ‬علـــم بهـــم ‪..‬‬ ‫التأثير أكثر مما تعمله – رّبما‬
‫فصــلى بأصــحابه صــلة العصــر‬ ‫– الدعوة المباشرة ‪..‬‬
‫صلة الخوف ‪..‬‬ ‫كـــان خالـــد بـــن الوليـــد ‪‬‬
‫أي قسم أصحابه إلى فريقيــن ‪..‬‬ ‫بطل ً ‪ ..‬ولــــــم يكــــــن بطل ً‬
‫فريـــق يصـــلي معـــه وفريـــق‬ ‫عاديــــا ً ‪ ..‬بــــل كــــان بطل ً‬
‫يحرس ‪..‬‬ ‫مغــوارا ً ‪ ..‬يضــرب لــه ألــف‬
‫فوقــع ذلــك مــن خالــد وأصــحابه‬ ‫حساب ‪..‬‬
‫موقعــا ً ‪ ..‬وقــال فــي نفســه ‪:‬‬ ‫وكــــان النــــبي ‪ ρ‬يتشــــوق‬
‫الرجــل ممنــوع عنــا ‪ ..‬أي هنــاك‬ ‫لســـلمه ‪ ..‬لكـــن أنـــى لـــه‬
‫من يحميه ويمنع عنه الذى !!‬ ‫ذلك ‪ ..‬وخالــد مــا تــرك حرب ـا ً‬
‫ثم ارتحل ‪ ‬وأصحابه ‪ ..‬وسلكوا‬ ‫ضد المســلمين إل خاضــها ‪..‬‬
‫طريقا ً ذات اليميــن ‪ ..‬لئل يمــروا‬ ‫بل كان هو من أكــبر أســباب‬
‫بخالد وأصحابه ‪..‬‬ ‫هزيمة المسلمين في معركة‬
‫وصل ‪ ‬إلــى الحديبيــة ‪ ..‬صــالح‬ ‫أحد ‪..‬‬
‫قريشا ً على أن يعتمر في العــام‬ ‫قال فيه النــبي ‪ ρ‬يومـا ً ‪ ..‬لــو‬
‫القادم ‪ ..‬ورجع إلى المدينة ‪..‬‬ ‫جاءنــا لكرمنــاه ‪ ..‬وقــدمناه‬
‫رأى خالـــد أن قريشـــا ً ل يـــزال‬ ‫على غيره ‪..‬‬
‫شأنها ينخفض في العــرب يومــا ً‬ ‫فكيف كان تأثير ذلك ؟‬
‫بعد يوم ‪..‬‬ ‫خذ القصة من أولها ‪..‬‬
‫فقال في نفسه ‪ :‬أي شيء بقي‬ ‫كان خالد مــن أشــداء الكفــار‬
‫؟ أين أذهب ؟‬ ‫وقادتهم ‪..‬‬
‫إلى النجاشي ؟ ‪ ..‬ل ‪ ..‬فقد اتبــع‬ ‫ل يكـــاد يفـــوت فرصـــة إل‬
‫محمدا ً وأصحابه عنده آمنون ‪..‬‬ ‫حارب فيها رسول الله ‪ ‬أو‬
‫‪105‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫غيره ‪..‬‬ ‫فــأخرج إلــى هرقــل ؟‪ ..‬ل ‪..‬‬
‫استبشر الوليــد ‪ ..‬وجعــل يطلــب‬ ‫أخــــرج مــــن دينــــي إلــــى‬
‫خالــدا ً ويبحــث عنــه فــي مكــة ‪..‬‬ ‫نصــــرانية ؟‪ ..‬أو يهوديــــة ؟‬
‫فلم يجده ‪..‬‬ ‫وأقيم في عجم ؟‪..‬‬
‫فلما عزموا على الرجوع للمدينة‬ ‫فبنما خالد يفكر في شأنه ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫ويــتردد ‪ ..‬واليــام والشــهور‬
‫كتب الوليد كتابا ً إلى أخيه ‪:‬‬ ‫تمضي عليه ‪..‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيــم ‪ ..‬أمــا‬ ‫إذ جـــــاء موعـــــد عمـــــرة‬
‫بعــد ‪ ..‬فــإني لــم أر أعجــب مــن‬ ‫المســلمين ‪ ..‬فــأقبلوا إلــى‬
‫ذهـــاب رأيـــك عـــن الســـلم ‪..‬‬ ‫المدينة ‪..‬‬
‫وعقلك عقلــك ! ومثــل الســلم‬ ‫دخل ‪ ρ‬مكة معتمرا ً ‪..‬‬
‫يجهله أحد ؟‬ ‫فلـــم يحتمـــل خالـــد رؤيـــة‬
‫وقد سألني رســول اللــه ‪ ρ‬عنــك‬ ‫المسلمين محرمين ‪ ..‬فخــرج‬
‫وقال ‪ :‬أين خالد ؟ فقلت ‪ :‬يــأتي‬ ‫من مكة ‪ ..‬وغاب أياما ً أربعــة‬
‫الله به ‪..‬‬ ‫وهــي اليــام الــتي قضــاها‬
‫فقال ‪ " :‬مثله جهــل الســلم !!‬ ‫النبي ‪ ‬في مكة ‪..‬‬
‫ده مــع‬‫حـ ّ‬
‫و َ‬
‫ولو كان جعــل نكــايته َ‬ ‫قضـــى النـــبي ‪ ‬عمرتـــه ‪..‬‬
‫المسلمين ‪ ..‬كان خيرا ً له ‪ ..‬ولــو‬ ‫وجعــل ينظــر فــي طرقــات‬
‫جاءنا لكرمناه ‪ ..‬وقــدمناه علــى‬ ‫مكـــة وبيوتهـــا ‪ ..‬ويســـتعيد‬
‫غيره ‪..‬‬ ‫الذكريات ‪..‬‬
‫فاستدرك يــا أخــي مــا قــد فاتــك‬ ‫تـــذكر البطـــل خالـــد بـــن‬
‫من مواطن صالحة ‪..‬‬ ‫الوليد ‪..‬‬
‫قال خالد ‪ :‬فلما جــاءني كتــابه ‪..‬‬ ‫فالتفت إلى الوليد بن الوليد‬
‫نشطت للخروج ‪ ..‬وزادني رغبــة‬ ‫‪ ..‬وهــو أخــو خالــد ‪ ..‬وكــان‬
‫في السلم ‪..‬‬ ‫الوليــد مســلما ً قــد دخــل مــع‬
‫وســرني ســؤال رســول اللــه ‪ρ‬‬ ‫النبي ‪ ρ‬معتمرا ً ‪..‬‬
‫عني ‪..‬‬ ‫وأراد ‪ ‬أن يبعث إلــى خالــد‬
‫وأرى في النــوم كــأني فــي بلد‬ ‫رسالة غير مباشرة ‪ ..‬يرغبــه‬
‫ضيقة مجدبة ‪ ..‬فخرجت إلى بلد‬ ‫فيها بالدخول في السلم ‪..‬‬
‫خضراء واسعة ‪..‬‬ ‫قال ‪ ‬للوليد ‪ :‬أين خالد ؟‬
‫فقلت ‪ :‬إن هذه لرؤيا حق ‪..‬‬ ‫فـــوجئ الوليـــد بالســـؤال ‪..‬‬
‫فلما أجمعت الخروج إلى رسول‬ ‫وقــال ‪ :‬يــأتي اللــه بــه يــا‬
‫الله ‪ ρ‬قلت ‪:‬‬ ‫رسول الله ‪..‬‬
‫من أصاحب إلى رسول الله ‪ ρ‬؟!‬ ‫فقـــال ‪ " : ‬مثلـــه يجهـــل‬
‫فلقيت صفوان بن أمية ‪ ..‬فقلت‬ ‫الســلم !! ولــو كــان جعــل‬
‫‪:‬‬ ‫ده مع المسلمين ‪..‬‬ ‫ح ّ‬
‫و َ‬‫نكايته َ‬
‫يــا أبــا وهــب أمــا تــرى مــا نحــن‬ ‫كان خيرا ً له ‪..‬‬
‫فيه ؟ إنما نحن كأضراس يطحــن‬ ‫ثــــم قــــال ‪ :‬ولــــو جاءنــــا‬
‫بعضها بعضا ً ‪..‬‬ ‫لكرمنــاه ‪ ..‬وقــدمناه علــى‬
‫‪106‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ي ‪ ..‬فأســرع الســتجابة‬ ‫لصــاحب َ ْ‬ ‫وقد ظهر محمد على العــرب‬
‫وعزم على الخروج معي للمدينة‬ ‫والعجم ‪..‬‬
‫!‪..‬‬ ‫فلـــو قـــدمنا علـــى محمـــد‬
‫فقلت له ‪ :‬إني خرجت هذا اليوم‬ ‫واتبعناه ‪ ..‬فإن شرف محمــد‬
‫‪ ..‬وأنا أريد أن أمضي للمدينة ‪..‬‬ ‫لنا شرف ؟‬
‫وهذه راحلتي مجهــزة لــي علــى‬ ‫فأبى أشد الباء ‪ ..‬وقال ‪ :‬لو‬
‫الطريق ‪..‬‬ ‫لــم يبــق غيــري مــا اتبعتــه‬
‫قــال ‪ :‬فتواعــدنا أنــا وهــو فــي‬ ‫أبدا ً ‪..‬‬
‫موضــع يقــال لــه "يأجــج " ‪ ..‬إن‬ ‫فافترقنــــا ‪ ..‬وقلــــت فــــي‬
‫ســبقني أقــام ينتظرنــي ‪ ..‬وإن‬ ‫نفسي ‪:‬‬
‫سبقته أقمت أنتظره ‪..‬‬ ‫هذا رجل مصاب ‪ ..‬قتل أخوه‬
‫فخرجــت مــن بيــتي آخــر الليــل‬ ‫وأبوه بمعركة بدر ‪..‬‬
‫حرا ً ‪ ..‬خوفـــا ً مـــن أن تعلـــم‬ ‫ســـ َ‬
‫َ‬ ‫فلقيـــت عكرمـــة بـــن أبـــي‬
‫قريش بخروجنا ‪..‬‬ ‫جهــل ‪ ..‬فقلــت لــه مثــل مــا‬
‫فلــم يطلـع الفجـر حـتى التقينـا‬ ‫قلت لصفوان بن أمية ‪..‬‬
‫فـــي "يأجـــج" ‪ ..‬فغـــدونا حـــتى‬ ‫فقال لي مثــل مــا قــال لــي‬
‫انتهينا إلى الهدة ‪..‬‬ ‫صفوان بن أمية ‪..‬‬
‫فوجدنا عمــرو بــن العــاص علــى‬ ‫قلت ‪ :‬فــاكتم علــي خروجــي‬
‫بعيره ‪..‬‬ ‫إلى محمد ‪..‬‬
‫ً‬
‫قال ‪ :‬مرحبا بالقوم ‪ ..‬إلــى أيــن‬ ‫قال ‪ :‬ل أذكره لحد ‪.‬‬
‫مسيركم ؟‬ ‫فخرجــــت إلــــى منزلــــي ‪..‬‬
‫فقلنا ‪ :‬وما أخرجك ؟‬ ‫فأمرت براحلتي فخرجت بها‬
‫فقال ‪ :‬وما أخرجكم ؟‬ ‫‪..‬‬
‫قلنــا ‪ :‬الــدخول فــي الســلم ‪..‬‬ ‫إلــى أن لقيــت عثمــان بــن‬
‫واتباع محمد ‪.. ρ‬‬ ‫طلحة ‪ ..‬فقلت ‪:‬‬
‫قال ‪ :‬وذاك الذي أقدمني ‪.‬‬ ‫إن هــذا لــي صــديق ‪ ..‬فلــو‬
‫فاصــطحبنا جميعــا ً حــتى دخلنــا‬ ‫ذكرت له ما أرجو ‪..‬‬
‫المدينة ‪..‬‬ ‫ثم ذكرت من قتل مــن آبــائه‬
‫فأنخنا بظهر الحرة ركابنا ‪..‬‬ ‫في حربنــا مــع المســلمين ‪..‬‬
‫ف ـُأخبر بنــا رســول اللــه ‪ ρ‬فســر‬ ‫كره ‪..‬‬‫فكرهت أن أذ ّ‬
‫بنا ‪..‬‬ ‫ثم قلت ‪ :‬وما علي أن أخبره‬
‫فلبست مــن صــالح ثيــابي ‪ ..‬ثــم‬ ‫‪ ..‬وأنــا راحــل فــي ســاعتي‬
‫تــوجهت إلــى رســول اللــه ‪.. ρ‬‬ ‫هذه !‪..‬‬
‫فلقيني أخي فقال ‪:‬‬ ‫فــذكرت لــه مــا صــار أمــر‬
‫أسرع ‪ ..‬فإن رسول الله ‪ .. ρ‬قد‬ ‫قريش إليه ‪ ..‬وقلت ‪:‬‬
‫ســّر بقــدومك وهــو‬ ‫ُ‬ ‫إنما نحن بمنزلــة ثعلــب فــي‬
‫أخــبر بــك ف ُ‬
‫ينتظركم ‪..‬‬ ‫صـب عليـه ذنـوب‬ ‫جحر ‪ ..‬لـو ُ‬
‫ســير ‪ ..‬فــأقبلت إلــى‬ ‫من ماء لخرج ‪..‬‬
‫فأسرعنا ال ّ‬
‫رسول الله أمشي ‪ ..‬فلما رآنــي‬ ‫وقلــت لــه نحــوا ً ممــا قلــت‬
‫‪107‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫العصا من النصف ‪..‬‬ ‫ســم ‪ ..‬فمــا زال‬ ‫مــن بعيــد تب ّ‬
‫كن ذكيا ً ‪ ..‬ابحث عن أي حسنات‬ ‫ي حتى وقفت عليه‬ ‫يتبسم إل ّ‬
‫فيمن أمامك تغمر فيها‬ ‫‪..‬‬
‫سيئاته ‪ ..‬أحسن الظن‬ ‫فسلمت عليه بالنبوة ‪ ..‬فــرد‬
‫بالخرين ‪ ..‬ليشعروا بعدلك‬ ‫على السلم بوجه طْلق ‪..‬‬
‫معهم فيحبوك ‪..‬‬ ‫فقلت ‪ :‬إني أشــهد أن ل إلــه‬
‫إل الله ‪ ..‬وأنك رسول الله ‪..‬‬
‫لمحة ‪..‬‬ ‫فقــال ‪ " :‬الحمــد للــه الــذي‬
‫عندما يقتنع الناس أننا نلحظ‬ ‫هــداك ‪ ..‬قــد كنــت أرى لــك‬
‫حسناتهم ‪ ..‬كما نلحظ‬ ‫عقل ً ‪ ..‬رجوت أل يســلمك إل‬
‫سيئاتهم ‪ ..‬يقبلون منا‬ ‫إلى خير " ‪..‬‬
‫التوجيه ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬يا رسول اللــه ‪ ..‬إنــي‬
‫قد رأيت ما كنــت أشــهد مــن‬
‫اجعل معالجة الخطأ‬ ‫‪.34‬‬ ‫تلك المواطن عليك ‪ ..‬معاندا ً‬
‫سهلة ‪..‬‬ ‫للحق ‪ ..‬فادع الله أن يغفرها‬
‫تتنوع الخطاء التي تقع من‬ ‫لي ‪..‬‬
‫الناس كبرا ً وصغرا ً ‪..‬‬ ‫فقال ‪ " : ρ‬السلم يجب مــا‬
‫ومهما كان حجم الخطأ فإنه‬ ‫كان قبله " ‪..‬‬
‫يمكن علجه ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬علــى‬
‫نعم قد ل يفيد العلج في إصلح‬ ‫ذلك ‪ ..‬فاستغفر لي ‪..‬‬
‫ما أفسده الخطأ ‪ .. %100‬لكنه‬ ‫قال ‪ " :‬اللهم اغفر لخالد بن‬
‫وضع فيــه ‪..‬‬ ‫َ‬
‫على القل يصلح أكثر الفاسد ‪..‬‬ ‫الوليد ‪ ..‬كل ما أ ْ‬
‫عدد غير قليل من الناس ل‬ ‫من صد عن سبيل الله " ‪..‬‬
‫يسعى إلى إصلح أخطائه لشكه‬ ‫ومن يعدها كان خالد رأسا ً‬
‫في قدرته أصل ً على علجها ‪..‬‬ ‫من رؤوس هذا الدين ‪..‬‬
‫وأحيانا ً تكون طريقتنا في‬ ‫أما إسلمه فكان برسالة غير‬
‫التعامل مع الخطاء هي جزء من‬ ‫مباشرة وصلت إليه من‬
‫الخطأ نفسه ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪.. ‬‬
‫يقع ولدي في خطأ فألومه‬ ‫فما أحلمه ‪ ‬وأحكمه ‪..‬‬
‫ظم عليه الخطأ‬ ‫وأحقره وأع ّ‬ ‫فلنتبع مثل هذه المهارات‬
‫حتى يشعر بأنه سقط في بئر‬ ‫في التأثير في الناس ‪..‬‬
‫ليس له قاع !! فييأس من‬ ‫فلو رأيت شخصا ً يبيع دخانا ً‬
‫الصلح ‪ ..‬ويبقى على ما هو‬ ‫في بقالة فأردت تنبيهه ‪..‬‬
‫عليه ‪..‬‬ ‫فأثن أول ً على بقالته‬
‫وقد تقع في الخطأ زوجتي أو‬ ‫ع له بالبركة‬ ‫ونظافتها ‪ ..‬واد ُ‬
‫يقع فيه صديقي ‪..‬‬ ‫في الربح ‪ ..‬ثم نبهه على‬
‫فإذا أشعرته أنه أخطأ ولكن‬ ‫أهمية الكسب الحلل ‪..‬‬
‫الطريق لم ينقطع بعد فمعالجة‬ ‫ليشعر أنك لم تنظر إليه‬
‫الخطأ سهلة ‪ ..‬والرجوع إلى‬ ‫بمنظار أسود ‪ ..‬بل أمسكت‬
‫‪108‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فيه ‪..‬‬ ‫الحق خير من التمادي في‬
‫فلما فرغ رسول الله ‪ ρ‬من‬ ‫الباطل ‪..‬‬
‫غزوته ‪ ..‬توجه قافل ً إلى المدينة‬ ‫جاء رجل إلى النبي ‪ ρ‬يبايعه‬
‫‪ ..‬حتى إذا كان قريبا ً من المدينة‬ ‫على الهجرة ‪ ..‬وقال ‪ :‬إني‬
‫نزل منزل ً فبات به بعض الليل ‪..‬‬ ‫جئت أبايعك على الهجرة ‪..‬‬
‫ثم آذن الناس بالرحيل ‪ ..‬فبدأ‬ ‫وتركت أبوي يبكيان ‪..‬‬
‫الناس يجمعون متاعهم‬ ‫عله‬ ‫فلم يعنفه ‪ .. ε‬أو يحقر ِ‬
‫ف ْ‬
‫للرحيل ‪..‬فخرجت عائشة لبعض‬ ‫‪ ..‬أو يصغر عقله ‪ ..‬فالرجل‬
‫حاجتها ‪ ..‬وفي عنقها عقد لها‬ ‫جاء بنية صالحة ويرى أنه‬
‫فيه جزع ظفار ‪..‬‬ ‫فعل الصلح ‪..‬‬
‫فلما فرغت من حاجتها ‪ ..‬انسل‬ ‫أشعره ‪ ε‬أن معالجة الخطأ‬
‫العقد من عنقها وهي ل تدري ‪..‬‬ ‫سهلة فقال له بكل بساطة ‪:‬‬
‫فلما رجعت العسكر ‪ ..‬وأرادت‬ ‫ارجع إليهما فأضحكهما كما‬
‫الدخول في هودجها ‪ ..‬لمست‬ ‫أبكيتهما ‪.. (41)..‬‬
‫عنقها فلم تجد العقد ‪ ..‬وقد بدأ‬ ‫وانتهى المر ‪..‬‬
‫الناس في الرحيل ‪..‬‬ ‫كان ‪ ε‬يتعامل مع الناس‬
‫فرجعت سريعا ً إلى مكانها الذي‬ ‫بأساليب تربي فيهم الرغبة‬
‫قضت فيه حاجتها ‪ ..‬فأخذت‬ ‫في الخير وتشعرهم أنهم‬
‫تبحث عنه ‪ ..‬وأبطأت ‪..‬‬ ‫إلى الخير أقرب ‪ ..‬حتى وإن‬
‫وجاء القوم فحملوا هودجها‬ ‫وقعوا في أخطاء ‪..‬‬
‫وهم يظنون أنها فيه ‪..‬‬ ‫وعة ‪..‬‬‫وبين يدي حادثة مر ّ‬
‫فاحتملوه ‪ ..‬فشدوه على‬ ‫الشاهد منها آخُرها ‪ ..‬لكني‬
‫البعير ‪ ..‬ثم أخذوا برأس البعير‬ ‫سأوردها من أولها رغبة في‬
‫فانطلقوا به ‪..‬‬ ‫الفائدة ‪..‬‬
‫وسار الجيش ‪ ..‬أما عائشة فبعد‬ ‫كان رسول الله ‪ ρ‬إذا أراد أن‬
‫بحث طويل ‪ ..‬وجدت العقد ‪..‬‬ ‫يخرج سفرا ً أقرع بين‬
‫فعادت إلى مكان الجيش ‪..‬‬ ‫نسائه ‪ ..‬فأيتهن خرج‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫سهمها خرج بها معه ‪..‬‬
‫قالت عائشة ‪:‬‬ ‫فلما أراد الخروج إلى غــزوة‬
‫‪ .‬فجئت منازلهم وليس بها داع‬ ‫بنـــي المصـــطلق ‪ ..‬أقـــرع‬
‫ول مجيب ‪ ..‬قد انطلق الناس ‪..‬‬ ‫بينهن فخرج سهم عائشة ‪..‬‬
‫فتيممت منزلي الذي كنت فيه‬
‫فخرجت مع رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫وظننت أن القوم سيفقدوني‬
‫وذلك بعدما أنزل الحجاب‬
‫فيرجعون إلي ‪..‬‬
‫‪..‬وكانت تحمل في هودج ‪..‬‬
‫فتلففت بجلبابي ‪ ..‬فبينما أنا‬
‫فإذا نزلوا نزلت من‬
‫جالسة في منزلي إذ غلبتني‬
‫هودجها ‪ ..‬وقضت حاجاتها ‪..‬‬
‫عيني فنمت ‪..‬‬
‫فإذا أرادوا الرتحال ركبت‬
‫فوالله إني لمضطجعة إذ مّر بي‬
‫صفوان بن المعطل ‪..‬‬ ‫) ( في المستدرك وصحح إسناده ‪..‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪109‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف‬ ‫وكان قد تخلف عن العسكر‬
‫بي ‪ ..‬فلم يفعل ذلك بي في‬ ‫لبعض حاجاته ‪ ..‬فلم يبت مع‬
‫شكواي تلك ‪..‬‬ ‫الناس ‪..‬‬
‫بل كان إذا دخل علي وعندي‬ ‫فرأى سواد إنسان نائم ‪..‬‬
‫أمي تمرضني قال ‪ :‬كيف تيكم ؟‬ ‫فأتاني فعرفني حين رآني ‪..‬‬
‫ل يزيد على ذلك ‪..‬‬ ‫وقد كان يراني قبل أن‬
‫حتى وجدت في نفسي ‪..‬فلما‬ ‫يضرب الحجاب علينا ‪..‬‬
‫رأيت جفاءه لي قلت ‪:‬‬ ‫فلما رآني قال ‪ :‬إنا لله وإنا‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬لو أذنت لي‬ ‫إليه راجعون ‪ ..‬ظعينة رسول‬
‫فانتقلت إلى أمي فمرضتني ‪..‬‬ ‫الله ‪ ρ‬؟‬
‫قال ‪ :‬ل عليك ‪..‬‬ ‫فاستيقظت باسترجاعه حين‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫عرفني فخمرت وجهي‬
‫فانتقلت إلى أمي ول علم لي‬ ‫بجلبابي ‪..‬‬
‫بشيء مما كان ‪ ..‬حتى نقهت‬ ‫ووالله ما كلمني كلمة ‪ ..‬ول‬
‫من وجعي بعد بضع وعشرين‬ ‫سمعت منه غير استرجاعه ‪..‬‬
‫ليلة ‪..‬‬ ‫حتى أناخ راحلته ‪ ..‬فوطئ‬
‫فخرجت ليلة لبعض حاجتي‬ ‫على يديها ‪ ..‬فركبت وأخذ‬
‫ومعي أم مسطح بنت خالة أبي‬ ‫برأس البعير فانطلق سريعا ً‬
‫بكر ‪.. τ‬‬ ‫يطلب الناس ‪..‬‬
‫فوالله إنها لتمشي معي إذ‬ ‫فوالله ما أدركنا الناس وما‬
‫مرطها ‪ ..‬وسقطت‬ ‫تعثرت في ِ‬ ‫افتقدوني حتى أصبحنا ‪..‬‬
‫أو كادت ‪..‬‬ ‫فوجدناهم نازلين ‪ ..‬فبينما‬
‫فقالت ‪ :‬تعس مسطح ‪..‬‬ ‫هم كذلك ‪ ..‬إذ طلع الرجل‬
‫قلت ‪ :‬بئس لعمر الله ما قلت ‪..‬‬ ‫يقود بي البعير ‪..‬‬
‫تسبين رجل ً قد شهد بدرا ً ؟‬ ‫فقال أهل الفك ما قالوا ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬أي هنتاه ‪ ..‬أولم‬ ‫ج العسكر ‪ ..‬ووالله ما‬ ‫وارت ّ‬
‫تسمعي ما قال ؟ أوما بلغك‬ ‫أعلم بشيء من ذلك ‪..‬‬
‫الخبر يا بنت أبي بكر ‪..‬‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫قلت ‪ :‬وما الخبر ؟‬ ‫ثم قدمنا المدينة ‪ ..‬فلم‬
‫فأخبرتني بالذي كان من قول‬ ‫ألبث أن مرضت واشتكيت‬
‫أهل الفك ‪..‬‬ ‫شكوى شديدة ‪ ..‬وأنا ل‬
‫قلت ‪ :‬أوقد كان هذا ؟‬ ‫يبلغني من كلم الناس شيء‬
‫قالت ‪ :‬نعم والله لقد كان ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫فوالله ما قدرت على أن أقضي‬ ‫وقد انتهى الحديث إلى‬
‫حاجتي ورجعت ‪ ..‬فازددت مرضا ً‬ ‫ي ‪..‬‬‫رسول الله ‪ ρ‬وإلى أبو ّ‬
‫إلى مرضي ‪..‬‬ ‫وهم ل يذكرون لي منه قليل ً‬
‫فوالله ما زلت أبكي ‪ ..‬حتى‬ ‫ول كثيرا ً ‪ ..‬إل أني قد أنكرت‬
‫ظننت أن البكاء سيصدع كبدي ‪..‬‬ ‫من رسول الله ‪ ρ‬بعض‬
‫وقلت لمي ‪ :‬يغفر الله لك ‪..‬‬ ‫لطفه بي ‪..‬‬
‫‪110‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أيها الناس ما بال رجال‬ ‫تحدث الناس بما تحدثوا يه ‪..‬‬
‫يؤذونني في أهلي ‪ ..‬ويقولون‬ ‫ول تذكرين لي من ذلك شيئا ً‬
‫عليهم غير الحق ‪ ..‬والله ما‬ ‫‪..‬‬
‫علمت عليهم إل خيرا ً ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬أي بنية خففي عليك‬
‫ويقولون ذلك لرجل ‪ ..‬والله ما‬ ‫ل ما‬‫الشأن ‪ ..‬فوالله لق ّ‬
‫علمت منه إل خيرا ً ‪ ..‬ول يدخل‬ ‫كانت امرأة حسناء عند رجل‬
‫بيتا ً من بيوتي إل وهو معي ‪..‬‬ ‫يحبها ‪ ..‬ولها ضرائر إل كّثرن‬
‫فلما قال رسول الله ‪ ρ‬تلك‬ ‫‪ ..‬وكّثر الناس عليها ‪..‬‬
‫المقالة ‪..‬‬ ‫قلــت ‪ :‬ســبحان اللــه وقــد‬
‫قام أمير الوس سعد بن معاذ‬ ‫تحدث الناس بهذا ؟‬
‫فقال ‪:‬‬ ‫فبكيت تلك الليلة حتى‬
‫يا رسول الله إن يكونوا من‬ ‫أصبحت ‪ ..‬ل يرقأ لي دمع ‪..‬‬
‫الوس نكفك إياهم ‪ ..‬وإن‬ ‫ول أكتحل بنوم ‪..‬‬
‫يكونوا من إخواننا من الخزرج‬ ‫ثم أصبحت أبكي ‪..‬‬
‫فمرنا أمرك فوالله إنهم لهل‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫أن تضرب أعناقهم ‪..‬‬ ‫هذا حال عائشة ‪ ..‬تتهم‬
‫فلما سمع ذلك أمير الخزرج‬ ‫بذلك وهي الفتاة التي لم‬
‫سعد بن عبادة قام ‪ ..‬وكان رجل ً‬ ‫يتجاوز عمرها خمس عشرة‬
‫صالحا ً ‪ ..‬لكن أخذته الحمية ‪..‬‬ ‫سنة ‪..‬‬
‫قام فقال ‪ :‬كذبت لعمر الله ‪..‬‬ ‫تتهم بالزنا ‪ ..‬وهي العفيفة‬
‫ما تضرب أعناقهم ‪ ..‬أما والله‬ ‫الشريفة ‪ ..‬زوجة أطهر‬
‫ما قلت هذه المقالة إل أنك قد‬ ‫الناس ‪ ..‬التي ما كشفت‬
‫عرفت أنهم من الخزرج ؟ ولو‬ ‫سترها ‪ ..‬ول هتكت‬
‫كانوا من قومك ما قلت هذا ‪..‬‬ ‫عرضها ‪ ..‬هذا حالها تبكي‬
‫فقال أسيد بن حضير ‪ :‬كذبت‬ ‫في بيت أبويها ‪..‬‬
‫لعمر الله ‪ ..‬والله لنقتلنه ‪..‬‬ ‫أما حال رسول الله ‪ .. ρ‬فل‬
‫ولكنك منافق تجادل عن‬ ‫يبعد حزنا ً وهما ً ‪ ..‬عن عائشة‬
‫المنافقين ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫ثم ثار الناس بعضهم إلى‬ ‫فل جبريل يرسل ‪ ..‬ول‬
‫بعض ‪ ..‬حتى كادوا أن يقتتلوا ‪..‬‬ ‫القرآن ينزل ‪ ..‬ويبقى ‪ρ‬‬
‫ورسول الله ‪ ρ‬قائم على‬ ‫متحيرا ً في أمره ‪ ..‬وقد كبر‬
‫المنبر ‪ ..‬فلم يزل يخفضهم‬ ‫عليه اتهام المنافقين ‪..‬‬
‫حتى سكتوا ‪ ..‬وسكت ‪..‬‬ ‫وكلم الناس في عرضه‬
‫فلما رأى ‪ ρ‬ذلك ‪ ..‬نزل فدخل‬ ‫زوجه ‪..‬‬
‫بيته ‪..‬‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫فلما طال المر عليه ‪ ..‬قام‬
‫ولما رأى أن المر ل يمكن حله‬ ‫‪ ρ‬في الناس فخطبهم ‪..‬‬
‫من جهة عموم الناس ‪..‬‬ ‫فحمد الله ‪ ..‬وأثنى عليه ‪..‬‬
‫أراد أن يجد حل ً من جهة أهل‬ ‫ثم قال ‪:‬‬
‫‪111‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫واللم تلد اللم ‪ ..‬وهي تتقلــب‬ ‫بيته ‪ ..‬وأخص الناس به ‪..‬‬
‫علــى فــراش مرضــها ‪ ..‬ل تهنــأ‬ ‫فدعا عليا ً وأسامة بن زيد ‪..‬‬
‫بطعام ول شراب ‪..‬‬ ‫فاستشارهما ‪..‬‬
‫وقد حاول رسول الله ‪ ρ‬أن يحل‬ ‫فأما أسامة فأثنى على‬
‫المشكلة ‪ ..‬بخطبة على رؤوس‬ ‫عائشة خيرا ً وقال ‪ :‬يا‬
‫الناس فكادت أن تقع الحرب‬ ‫رسول الله ‪ ..‬أهلك وما نعلم‬
‫بين المسلمين ‪ ..‬وحاول أن‬ ‫منهم إل خيرا ً ‪ ..‬وهذا الكذب‬
‫يحلها في بيته ويسأل عليا ً وزيدا ً‬ ‫والباطل ‪..‬‬
‫‪ ..‬فلم يخرج بشيء ‪..‬‬ ‫وأما علي فإنه قال ‪ :‬يا‬
‫فلمــا رأى ذلــك ‪ ..‬أراد أن ينهــي‬ ‫رسول الله إن النساء‬
‫المر من جهة عائشة ‪..‬‬ ‫لكثير ‪ ..‬وإنك لقادر على أن‬
‫قالت رضي الله عنها ‪:‬‬ ‫تستخلف ‪ ..‬وسل الجارية‬
‫وبكيــت يــومي ذلــك ل ترقــأ لــي‬ ‫فإنها ستصدقك ‪ ..‬فدعا‬
‫دمعه ‪ ..‬ول اكتحل بنوم ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ρ‬بريرة ‪..‬‬
‫ثم بكيت ليلــتي المقبلــة ل ترقــأ‬ ‫فقـــال ‪ :‬أي بريـــرة ‪ ..‬هـــل‬
‫لي دمعه ول أكتحل بنوم ‪..‬‬ ‫رأيت مــن شــيء يريبــك مــن‬
‫وأبــواي يظنــان أن البكــاء فــالق‬ ‫عائشة ؟‬
‫كبدي ‪..‬‬ ‫فقالت بريرة ‪ :‬ل ‪ ..‬والذي‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫بعثك بالحق نبيا ً ‪..‬‬
‫فأقبل يحث الخطى إلى بيت‬ ‫والله ما أعلم إل خيرا ً ‪ ..‬وما‬
‫أبي بكر ‪..‬‬ ‫كنت أعيب على عائشة شيئا ً‬
‫فاستأذن ‪ ..‬ودخل عليها وعندها‬ ‫‪ ..‬إل أنها جارية حديثة السن‬
‫أبوها وأمها‪ ..‬وامرأة من النصار‬ ‫‪ ..‬فكنت أعجن عجيني ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فآمرها أن تحفظه فتنام‬
‫وهي أول مرة يدخل فيها بيت‬ ‫عنه ‪ ..‬فتأتي الشاة فتأكله ‪..‬‬
‫أبي بكر ‪ ..‬منذ قال الناس ما‬ ‫نعــم ‪ ..‬كيــف تــرى الجاريــة‬
‫قالوا ‪ ..‬وما رأى عائشة منذ‬ ‫علــى عائشــة ريبــة ‪ ..‬وهــي‬
‫قرابة الشهر ‪ ..‬وقد لبث شهرا ً‬ ‫الفتــاة الصــالحة الــتي رباهــا‬
‫ل يوحى إليه في شيء في شأن‬ ‫صـــديق المـــة أبـــو بكـــر ‪..‬‬
‫عائشة ‪..‬‬ ‫وتزوجها سيد ولد آدم ‪..‬‬
‫دخل ‪ ρ‬على عائشة ‪..‬‬ ‫بــل كيــف تقــع فــي ريبــة ‪..‬‬
‫فإذا طريحة الفراش ‪ ..‬وكأنها‬ ‫وهي أحب الناس إلى رسول‬
‫فرخ منتوف من شدة البكاء‬ ‫اللــه ‪ ..‬ولــم يكــن ‪ ρ‬يحــب إل‬
‫والهم ‪..‬‬ ‫طيبا ً ‪..‬‬
‫وإذا هي تبكي ‪ ..‬والمرأة تبكي‬ ‫فهي البريئة المبرأة ‪ ..‬ولكن‬
‫معها ‪ ..‬ل يملكان من المر شيئا ً‬ ‫الله يبتليها ليعظم أجرها ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫ويرفع ذكرها ‪..‬‬
‫فجلس رسول الله ‪ .. ρ‬فحمد‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫الله وأثنى عليه ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬ ‫وتمضي على عائشة اليام ‪..‬‬
‫‪112‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫إلى الله مما ذكرت أبدا ً ‪..‬‬ ‫أما بعــد يــا عائشــة فــإنه قــد‬
‫إني واللــه قــد عرفــت أنكــم قــد‬ ‫بلغني عنك كذا وكذا ‪ ..‬وذكــر‬
‫سـمعتم بهـذا حـتى اسـتقر فـي‬ ‫‪ ε‬خبر الفك ‪ ..‬وما أشيع من‬
‫أنفســـكم وصـــدقتم بـــه ‪ ..‬ولئن‬ ‫وقوعها في خطأ كــبير ‪..‬ثــم‬
‫قلت لكم إني بــريئة ‪ -‬واللــه عــز‬ ‫أراد ‪ ε‬أن يــــــبين لهــــــا أن‬
‫وجـــل يعلـــم إنـــي بـــريئة ‪ -‬ل‬ ‫النسان مهما وقع في خطــأ‬
‫تصدقوني ‪..‬‬ ‫فـــإن معالجـــة هـــذا الخطـــأ‬
‫وإن اعــترفت لكــم بــأمر ‪ -‬واللــه‬ ‫ليست صعبة ‪ ..‬فقال لها ‪:‬‬
‫يعلـــــم أنـــــي منـــــه بـــــريئة ‪-‬‬ ‫فــإن كنــت بــريئه فســيبرئك‬
‫تصدقوني ‪..‬‬ ‫الله عز وجل ‪..‬‬
‫وإني والله ل أجد لي ولكم مثل ً‬ ‫وإن كنـــت ألممـــت بـــذنب ‪..‬‬
‫إل كما قال أبو يوسف ‪ [ :‬فصبر‬ ‫فاســتغفري اللــه عــز وجــل‬
‫جميل والله المستعان على ما‬ ‫وتوبي إليه ‪ ..‬فــإن العبــد إذا‬
‫تصفون ] ‪..‬‬ ‫اعترف بذنب ثم تــاب ‪ ..‬تــاب‬
‫قالت ‪ :‬ثم تحولت فاضطجعت‬ ‫الله عليه ‪..‬‬
‫على فراشي ‪..‬‬ ‫هكــذا ‪ ..‬حــل ســهل للخطــأ –‬
‫وأنا والله أعلم أني بريئة وأن‬ ‫إن كان قد وقع – دون تعقيد‬
‫الله مبرئي ببراءتي ‪..‬‬ ‫وتطويل ‪..‬‬
‫ولكن والله ما كنت أظن أن‬ ‫قالت عائشة ‪:‬‬
‫ي يتلى ‪..‬‬ ‫ل في شأني وح ٌ‬ ‫ز َ‬
‫َين ِ‬ ‫فلمــا قضــى رســول اللــه ‪ρ‬‬
‫ولشأني كان أحقَر في نفسي‬ ‫مقالته ‪ ..‬قلــص دمعــي حــتى‬
‫ي بأمر‬ ‫من أن يتكلم الله ف ّ‬ ‫ما أحس منه قطرة ‪..‬‬
‫يتلى ‪..‬‬ ‫ي أن يجيبا عني‬ ‫وانتظرت أبو ّ‬
‫ولكن كنت أرجو أن يرى رسو ُ‬
‫ل‬ ‫رسول الله ‪ ρ‬فلم يتكلما ‪..‬‬
‫الله ‪ ρ‬في النوم رؤيا يبرئني‬ ‫فقلــت لبــي ‪ :‬أجــب عنــي‬
‫الله عز وجل بها ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ρ‬فيما قال ‪..‬‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫فقــال ‪ :‬واللــه مــا أدري مــا‬
‫فــوالله مــا بــرح رســول اللــه ‪ρ‬‬ ‫أقول لرسول الله ‪.. ! ρ‬‬
‫مجلســه ‪ ..‬ول خــرج مــن أهــل‬ ‫فقلــت لمــي ‪ :‬أجيــبي عنــي‬
‫البيت أحد ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫حــتى تغشــاه مــن اللــه مــا كــان‬
‫فقــالت ‪ :‬واللــه مــا أدري مــا‬
‫يتغشـــاه ‪ ..‬وأنـــزل اللـــه علـــى‬
‫أقول لرسول الله ‪! ρ‬‬
‫نبيه ‪..‬‬
‫وواللــه مــا أعلــم أهــل بيــت‬
‫فأما أنا حين رأيته يوحى إليه ‪..‬‬
‫دخل عليهم ما دخل علــى آل‬
‫فوالله ما فزعت ‪ ..‬وما باليت ‪..‬‬
‫أبي بكر في تلك اليام ‪..‬‬
‫قد عرفت أني بريئة ‪ ..‬وأن الله‬
‫فلمــــا اســــتعجما علــــي ‪..‬‬
‫غير ظالمي ‪..‬‬
‫استعبرت فبكيت ؟‬
‫وأما أبواي فوالذي نفس عائشة‬
‫ثم قلت ‪ :‬ل ‪ ..‬والله ل أتــوب‬
‫سّري عن رسول الله‬ ‫بيده ‪ ..‬ما ُ‬
‫‪113‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫في كبته وتعنيفه ‪ ..‬لنه قد‬ ‫‪ ρ‬حتى ظننت لتخرجن‬
‫يصل إلى درجة يشعر معها أنك‬ ‫أنفسهما ‪ ..‬فرقا ً من أن‬
‫ح بهذا الخطأ ‪..‬‬ ‫فر ٌ‬ ‫يأتي من الله تحقيق ما قال‬
‫والطبيب الناصح هو الذي يهتم‬ ‫الناس ‪..‬‬
‫بصحة مرضاه أكثر من اهتمامهم‬ ‫سّري عنه ‪ .. ρ‬فإذا هــو‬ ‫فلما ُ‬
‫هم بأنفسهم ‪..‬‬ ‫يضحك ‪ ..‬فجعل يمسح العرق‬
‫قال ‪: ρ‬‬ ‫عن وجهه ‪..‬‬
‫إنما مثلي ومثل الناس ‪ ..‬كمثل‬ ‫وكان أول كلمة تكلم بهــا أن‬
‫رجل استوقد نارا ً ‪..‬‬ ‫قال ‪:‬‬
‫فلما أضاءت ما حوله ‪ ..‬جعل‬ ‫أبشري يــا عائشــة قــد أنــزل‬
‫ش وهذه الدواب التي تقع‬ ‫فَرا ُ‬ ‫ال َ‬ ‫الله عز وجل براءتك ‪..‬‬
‫في النار يقعن فيها ‪..‬‬ ‫فقلت ‪ :‬الحمد لله ‪..‬‬
‫فجعل ينزعهن ‪ ..‬ويغلبنه‬ ‫ن‬ ‫وأنـــزل اللـــه تعـــالى ‪ [ :‬إ ِ ّ‬
‫فيقتحمن فيها !!‬ ‫ة‬ ‫ص ـب َ ٌ‬ ‫ع ْ‬ ‫ك ُ‬ ‫فـ ِ‬ ‫ءوا ِباْل ِ ْ‬ ‫جــا ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّـ ِ‬
‫كم عن النار ‪..‬‬ ‫ز ُ‬ ‫فأنا آخذٌ بح َ‬
‫ج ِ‬ ‫ل‬ ‫م بَ ْ‬ ‫شّرا ً ل َك ُ ْ‬ ‫سُبوهُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫م ل تَ ْ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫وأنتم تقحمون فيها ‪..‬‬ ‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ئ ِ‬ ‫ر ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫لا ْ‬ ‫م ل ِك ُ ّ‬ ‫خي ٌْر ل َك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫ذي‬ ‫وال ـ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ن ال ِث ْـم ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫مـ َ‬ ‫ب ِ‬ ‫س َ‬ ‫ما اكت َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫رأي ‪..‬‬ ‫ب‬ ‫ذا ٌ‬ ‫عـ َ‬ ‫ه َ‬ ‫م لـ ُ‬ ‫َ‬ ‫هـ ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ولى ك ِب ْـَرهُ ِ‬ ‫ّ‬ ‫تَ َ‬
‫أحيانا ً تكون طريقتنا في‬ ‫ه‬
‫مو ُ‬ ‫عت ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ســ ِ‬ ‫ول إ ِذْ َ‬ ‫عظيــم * َلــ ْ‬
‫التعامل مع الخطاء أكبر من‬ ‫ت‬ ‫مَنــا ُ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مُنــو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ظــ ّ‬ ‫َ‬
‫الخطأ نفسه ‪..‬‬ ‫ذا‬ ‫هـ َ‬ ‫قــاُلوا َ‬ ‫و َ‬ ‫خي ْــرا ً َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫سـ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ب ِأ َن ْ ُ‬
‫ه‬‫عل َْيــ ِ‬ ‫ءوا َ‬ ‫جا ُ‬ ‫ول َ‬ ‫ن * لَ ْ‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫ك ُ‬ ‫ف ٌ‬ ‫إِ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪.35‬‬ ‫م ي َـأُتوا‬ ‫فـإ ِذْ ل َـ ْ‬ ‫داءَ َ‬ ‫ه َ‬ ‫شـ َ‬ ‫ة ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ب ِأْرب َ َ‬
‫كما أن الناس يختلفون في‬ ‫ه‬ ‫عن ْـدَ الل ّـ ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫ف ـُأول َئ ِ َ‬ ‫ء َ‬ ‫دا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫شـ َ‬ ‫ِبال ّ‬
‫طباعهم وأشكالهم ‪ ..‬كذلك هم‬ ‫ن ] ‪..‬‬ ‫كاِذُبو َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ُ‬
‫يختلفون في وجهات نظرهم ‪..‬‬ ‫وتوعد الله أولئك بقوله ‪[ :‬‬
‫َ‬
‫وفي قناعاتهم وتصرفاتهم ‪..‬‬ ‫ع‬‫شي َ‬ ‫ن تَ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫حّبو َ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫إِ ّ‬
‫فإذا شعرت أن أحدا ً خالف‬ ‫مُنوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫في ال ّ ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫الصواب ‪ ..‬ونصحته وحاولت‬ ‫في الدّن َْيا‬ ‫م ِ‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫خرة والل ّه يعل َم َ‬
‫إصلح خطئه ولم يقتنع ‪..‬‬ ‫مل‬ ‫وأن ْت ُ ْ‬ ‫ُ َ ْ ُ َ‬ ‫واْل ِ َ ِ َ‬ ‫َ‬
‫فل تصنف اسمه من بين أعدائك‬ ‫ن ] ‪..‬‬ ‫تَ ْ ُ َ‬ ‫مو‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫‪ ..‬وخذ المور بأريحية قدر‬ ‫ثم خرج رسول الله ‪ ρ‬إلى‬
‫المستطاع ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬فخطبهم ‪ ..‬وتل‬
‫فلو حاولت إصلح خطأ عند أحد‬ ‫عليهم ما أنزل الله من‬
‫زملئك فلم يستجب ‪ ..‬فل تقلب‬ ‫القران في ذلك ‪ ..‬ثم أقام‬
‫الصداقة عداوة ‪ ..‬وإنما استمر‬ ‫حد القذف على من قذف ‪..‬‬
‫في التلطف فلعله أن يبقى‬ ‫إذن ‪ ..‬ينبغي أن تتعامل مع‬
‫على خطئه ول يزيد ‪..‬‬ ‫المخطئ على أنه مريض‬
‫وقد قيل ‪ :‬حنانيك بعض الشر‬ ‫يحتاج إلى علج ‪ ..‬ل أن تبالغ‬
‫‪114‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أياما ً ‪..‬‬ ‫أهون من بعض ‪..‬‬
‫ولكن لو رجعت مرة من صلة‬ ‫إذا تعاملت مع الناس بهذه‬
‫العصر ووجدته يلعب‬ ‫الريحية ‪ ..‬فلم تغضب على‬
‫بالكمبيوتر ‪ ..‬أو عند التلفاز ‪..‬‬ ‫كل صغيرة وكبيرة ‪ ..‬عشت‬
‫ولم يصل في المسجد ‪ ..‬فهل‬ ‫سعيدا ً ‪..‬‬
‫ستغضب كغضبك الول ؟‬ ‫قالت عائشة ‪: ‬‬
‫أظننا نتفق أن غضبنا ألول‬ ‫ما انتقم رسول‬ ‫•‬
‫سيكون أشد وأطول وأكثر تأثيرا ً‬ ‫الله ‪ ρ‬لنفسه قط ‪..‬‬
‫من غضبنا الثاني ‪..‬‬ ‫وما ضرب شيئا ً‬ ‫•‬
‫أما رسول الله ‪ ρ‬فكان غضبه لله‬ ‫قط بيده ‪ ..‬ول امرأة ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫ول خادما ً ‪ ..‬إل أن‬
‫ً‬
‫وكان يعرض النصيحة أحيانا ول‬ ‫يجاهد في سبيل الله ‪..‬‬
‫تقبل ‪ ..‬فياخذ المر بهدووووء ‪..‬‬ ‫وما نيل منه شيء‬ ‫•‬
‫فالهداية بيد الله ‪..‬‬ ‫قط ‪ ..‬فينتقم من‬
‫قدم رسول الله ‪ ‬إلى تبوك‬ ‫صاحبه ‪ ..‬إل أن ينتهك‬
‫على حدود الشام ‪..‬‬ ‫شيء من محارم الله‬
‫اقترب من مملكة الروم ‪ ..‬فبعث‬ ‫)‪(42‬‬
‫فينتقم لله ‪..‬‬
‫دحية الكلبي ‪ ‬رسول ً إلى‬ ‫إذن ‪ ..‬كان ‪ ρ‬يغضب ‪ ..‬لكنه‬
‫هرقل ملك الروم ‪..‬‬ ‫غضبه لله ‪ ..‬ل يغضب لنفسه‬
‫وصل دحية ‪ ‬إلى هرقل ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وحتى نفهم الفرق بين‬
‫دخل عليه ‪ ..‬ناوله كتاب رسول‬ ‫الغضبين ‪:‬‬
‫الله ‪.. ‬‬ ‫افرض أن ولدك الصغير‬
‫فلما أن رأى هرقل الكتاب دعا‬ ‫جاءك ذات صباح وطلب ريال ً‬
‫قسيسي الروم وبطارقتها ‪ ..‬ثم‬ ‫أو ريالين مصروفا ً‬
‫أغلق عليه وعليهم الدار فقال ‪:‬‬ ‫للمدرسة ‪ ..‬فبحثت في‬
‫" قد نزل هذا الرجل حيث‬ ‫محفظة نقودك ‪ ..‬فلم تجد‬
‫ي أن‬ ‫رأيتم ‪ ..‬وقد أرسل إل ّ‬ ‫إل فئة الخمسمائة ريال ‪..‬‬
‫يدعوني إلى ثلث خصال ‪..‬‬ ‫فأعطيتها له ‪ ..‬وقلت ‪:‬‬
‫يدعوني ‪:‬‬ ‫هذه خمسمائة ريال ‪..‬‬
‫أن أتبعه على دينه ‪..‬‬ ‫•‬ ‫اصرف منها ريالين ‪ ..‬وأرجع‬
‫أو على أن نعطيه مالنا‬ ‫•‬ ‫الباقي ‪ ..‬وأكدت عليه‬
‫على أرضنا والرض‬ ‫وكررت ‪..‬‬
‫أرضنا ‪..‬‬ ‫فلما رجع بعد الظهر فإذا‬
‫أو نلقي إليه الحرب ‪..‬‬ ‫•‬ ‫المال كله قد صرفه ‪..‬‬
‫ثم قال هرقل ‪:‬‬ ‫فماذا ستفعل ؟‪ ..‬وكيف‬
‫والله لقد عرفتم فيما تقرأون‬ ‫سيكون غضبك ‪..‬؟ قد تضرب‬
‫م‬‫من الكتب ليأخذن أرضنا ‪ ..‬فهل ّ‬ ‫وتعنف وتمنعه من مصروفه‬
‫فلنتبعه على دينه ‪ ..‬أو نعطيه‬
‫مالنا على أرضنا ‪..‬‬ ‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪42‬‬

‫‪115‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫إلى هذا الرجل ‪..‬‬ ‫فلما سمع القساوسة ذلك ‪..‬‬
‫فما سمعت من حديثه فاحفظ‬ ‫ورأوا أنه يدعوهم لترك‬
‫لي منه ثلث خصال ‪:‬‬ ‫دينهم ! غضبوا ‪ ..‬ونخروا‬
‫انظر هل يذكر‬ ‫•‬ ‫نخرة رجل واحد حتى خرجوا‬
‫صحيفته إلى التي كتب‬ ‫من برانسهم ‪ ..‬أي سقطت‬
‫بشيء ‪..‬؟‬ ‫أرديتهم من شدة الغضب‬
‫وانظر إذا قرأ كتابي‬ ‫•‬ ‫والنتفاض !!‬
‫فهل يذكر الليل ؟‬ ‫وقالوا ‪ :‬تدعونا إلى أن نذر‬
‫النصرانية ‪ ..‬أو نكون عبيدا ً‬
‫وانظر في ظهره هل‬ ‫•‬
‫به شيء يريبك ؟‬ ‫لعرابي جاء من الحجاز ‪!!.‬‬
‫مضى التنوخي كفارقا ً للشام ‪..‬‬ ‫أسقط في يد هرقل ‪..‬‬
‫حتى وصل إلى تبوك ‪..‬‬ ‫وأيقن أنه تورط بعرضه‬
‫فإذا رسول الله ‪ ‬جالس بين‬ ‫عليهم ‪..‬‬
‫ظهراني أصحابه ‪ ..‬محتبيا ً على‬ ‫وكان هؤلء القساوية لهم‬
‫الماء ‪..‬‬ ‫سطوة وجمهور قوي ‪..‬‬
‫فوقف التنوخي عليهم ‪..‬‬ ‫فعلم هرقل أنهم إن خرجوا‬
‫وقال ‪ :‬أين صاحبكم ؟‬ ‫من عنده ‪ ..‬أفسدوا عليه‬
‫قيل ‪ :‬ها هو ذا ‪..‬‬ ‫الروم ‪..‬‬
‫فأقبل يمشي حتى جلس بين‬ ‫فجعل يهدئهم ‪ ..‬ويقول ‪:‬‬
‫يديه ‪..‬‬ ‫إنما قلت ذلك لعلم صلبتكم‬
‫فناوله كتاب هرقل ‪..‬‬ ‫على أمركم ‪..‬‬
‫جره ‪..‬‬‫ح ْ‬‫فأخذه ‪ .. ‬فوضعه في ِ‬ ‫كان هرقل يعلم أن النبي ‪‬‬
‫ثم قال ‪ " :‬ممن أنت " ‪ ..‬؟‬ ‫هو الرسول الذي بشر به‬
‫قال ‪ :‬أنا أخو تنوخ ‪..‬‬ ‫عيسى ‪.. ‬‬
‫فقال ‪ " : ‬هل لك إلى السلم‬ ‫فأراد أن يتأكد من ذلك ‪..‬‬
‫‪ ..‬الحنيفية ‪ ..‬ملة أبيك‬ ‫دعا هرقل رجل ً من عرب‬
‫إبراهيم ؟‬ ‫قبيلة "تجيب" ‪ ..‬كان من‬
‫كان ‪ ‬راغبا ً في دخول هذا‬ ‫نصارى العرب ‪..‬‬
‫الرجل في السلم ‪..‬‬ ‫وقال له ‪:‬‬
‫ادع لي رجل ً حافظا ً‬
‫في الحقيقة لم يكن هناك ما‬
‫يمنع التنوخي من اتباع الحق ‪..‬‬ ‫ي اللسان ‪..‬‬ ‫للحديث ‪ ..‬عرب ّ‬
‫إل التعصب لدين قومه ‪..‬‬ ‫أبعثه إلى هذا الرجل بجواب‬
‫فحسب !!‬ ‫كتابه ‪..‬‬
‫فقال التنوخي بكل صراحة ‪:‬‬ ‫مضى ذاك التجيبي ‪ ..‬وجاء‬
‫إني رسول قوم ‪ ..‬وعلى دين‬ ‫برجل من بني تنوخ ‪ ..‬من‬
‫قومي ‪ ..‬ل أرجع عنه حتى أرجع‬ ‫نصارى العرب ‪..‬‬
‫إليهم ‪..‬‬ ‫دفع هرقل كتابا ً لهذا‬
‫فما رأى ‪ ‬هذا التعصب ‪ ..‬لم‬ ‫التنوخي ليوصله لرسول الله‬
‫يغضب ‪ ..‬ولم يعمل مشكلة ‪..‬‬ ‫‪ .. ‬وقال له ‪ :‬اذهب بكتابي‬
‫‪116‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فانتبه التنوخي أن هذه الثانية‬ ‫وإنما ضحك وقال ‪:‬‬
‫التي أمره هرقل بترقبها ‪..‬‬ ‫" إنك ل تهدي من أحببت‬
‫فأخذ سهما ً من جعبته فكتبه في‬ ‫ولكن الله يهدي من يشاء‬
‫جلد سيفه ‪..‬‬ ‫وهو أعلم بالمهتدين " ‪..‬‬
‫فلما أن فرغ معاوية من قراءة‬ ‫ثم قال ‪ ‬بكل هدوء ‪:‬‬
‫الكتاب ‪..‬‬ ‫يا أخا تنوخ ‪..‬‬
‫التفت ‪ ‬إلى التنوخي ‪ ..‬الذي‬ ‫إني كتبت بكتاب‬ ‫•‬
‫لم يقبل النصح ‪ ..‬ولم يدخل في‬ ‫إلى كسرى فمزقه‬
‫الدين ‪ ..‬وقال له متلطفا ً ‪:‬‬ ‫والله ممزقه وممزق‬
‫إن لك حقا ً وإنك لرسول ‪ ..‬فلو‬ ‫ملكه ‪..‬‬
‫وجدت عندنا جائزة جوزناك‬ ‫وكتبت إلى‬ ‫•‬
‫ملون ‪..‬‬ ‫مر ِ‬
‫فر ُ‬ ‫س ْ‬‫بها ‪ ..‬إنا ِ‬ ‫النجاشي بصحيفة‬
‫يعني أتمنى أن أعطيك هدية ‪..‬‬ ‫فخرقها والله مخرق‬
‫لكننا كما ترانا مسافرين‬ ‫ملكه ‪..‬‬
‫جالسين على الرمال !!‬ ‫وكتبت إلى صاحبك‬ ‫•‬
‫فقال عثمان ‪ : ‬أنا أجوزه يا‬ ‫بصحيفة فأمسكها ‪..‬‬
‫رسول الله ‪..‬‬ ‫فلن يزال الناس يجدون‬
‫ثم قام عثمان ففتح رحله ‪..‬‬ ‫منه بأسا ً ما دام في‬
‫فأتى بحلة ولباس فوضعها في‬ ‫العيش خير " ‪..‬‬
‫حجر التنوخي ‪..‬‬ ‫تذكر التنوخي وصية‬
‫ثم قال ‪ ρ‬الكريم ‪ " :‬أيكم ينزل‬ ‫هرقل ‪ ..‬وقال في نفسه ‪:‬‬
‫هذا الرجل ؟ " ‪ ..‬يعني يقوم‬ ‫هذه إحدى الثلث التي‬
‫بحق ضيافته !!‬ ‫أوصاني بها صاحبي ‪..‬‬
‫فقال فتى من النصار ‪ :‬أنا ‪..‬‬ ‫فخشي أن ينساها ‪ ..‬فأخذ‬
‫فقام النصاري وقام التنوخي‬ ‫سهما ً من جعبته فكتبها في‬
‫يمشي معه ‪ ..‬وباله مشغول‬ ‫جنب سيفه ‪..‬‬
‫بالمر الثالث الذي أمره هرقل‬ ‫ثم إن رسول الله ‪ ‬ناول‬
‫أن يتأكد له منه ‪ ..‬وهو خاتم‬ ‫الصحيفة رجل ً عن يساره ‪..‬‬
‫النبوة بين كتفي النبي ‪.. ‬‬ ‫فقال التنوخي ‪ :‬من صاحب‬
‫مشى التنوخي خطوات ‪ ..‬وفجأة‬ ‫كتابكم الذي يقرأ لكم ؟‬
‫‪ ..‬إذا برسول الله ‪ ‬يصيح به ‪:‬‬ ‫قالوا ‪ :‬معاوية ‪..‬‬
‫" تعال يا أخا تنوخ " ‪!!..‬‬ ‫بدأ معاوية ‪ ‬يقرأ ‪ ..‬فإذا‬
‫ً‬
‫فأقبل التنوخي يهوي مسرعا ‪..‬‬ ‫هرقل قد كتب إلى النبي‬
‫حتى قام بين يدي النبي ‪.. ‬‬ ‫‪:‬‬
‫فحل ‪ ‬حبوته ‪ ..‬ثم أسقط‬ ‫تدعوني إلى جنة عرضها‬
‫رداءه عن ظهره ‪ ..‬فانكشف‬ ‫السموات والرض أعدت‬
‫ظهره للتنوخي ‪ ..‬فقال ‪" : ‬‬ ‫للمتقين !! فأين النار ؟‬
‫هاهنا امض لما أمرت به " ‪..‬‬ ‫فقال ‪ " : ρ‬سبحان الله ‍‍!‬
‫قال التنوخي ‪ :‬فنظرت في‬ ‫أين الليل إذا جاء النهار " ‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ولي حميم ( ‪..‬‬ ‫ظهره ‪ ..‬فإذا أنا بخاتم في‬
‫وبعض الناس ل حل له ول‬ ‫موضع غضون الكتف مثل‬
‫)‪(43‬‬
‫إصلح إل أن تتعامل معه بما هو‬ ‫الحجمة الضخمة ‪..‬‬
‫عليه ‪ ..‬فتصبر عليه أو تفارقه ‪..‬‬
‫ذكر أن أشعب سافر مع رجل‬ ‫ُ‬ ‫فكرة ‪..‬‬
‫من التجار ‪ ..‬وكان هذا الرجل‬ ‫المقصود أن يدرك الناس‬
‫يقوم بكل شيء من خدمة‬ ‫أخطاءهم ‪ ..‬وليس شرطا ً أن‬
‫وإنزال متاع وسقي دواب ‪..‬‬ ‫يصححوها أمامك ‪ ..‬فل‬
‫حتى تعب وضجر ‪..‬‬ ‫تغضب ‪..‬‬
‫وفي طريق رجوعهما ‪ ..‬نزل‬
‫للغداء ‪..‬‬ ‫قابل الساءة‬ ‫‪.36‬‬
‫فأناخا بعيريهما ونزل ‪ ..‬فأما‬ ‫بالحسان ‪..‬‬
‫أشعب فتمدد على الرض ‪..‬‬ ‫عندما تتعامل مع الناس‬
‫وأما صاحبه فوضع الفرش ‪..‬‬ ‫فإنهم يعاملونك في الغالب‬
‫وأنزل المتاع ‪..‬‬ ‫هم ‪ ..‬ل‬ ‫على ما يريدون ُ‬
‫ثم التفت إلى أشعب وقال ‪ :‬قم‬ ‫على ما تريد أنت ‪..‬‬
‫اجمع الحطب وأنا أقطع‬ ‫فليس كل من قابلته‬
‫اللحم ‪..‬‬ ‫ببشاشة بادلك بشاشة‬
‫فقال أشعب ‪ :‬أنا والله متعب‬ ‫مثلها ‪ ..‬فبعضهم قد يغضب‬
‫من طول ركوب الدابة ‪ ..‬فقام‬ ‫ويسيء الظن ويسألك ‪ :‬مم‬
‫الرجل وجمع الحطب ‪..‬‬ ‫تضحك ؟!‬
‫ثم قال ‪ :‬يا أشعب ! قم أشعل‬ ‫ول كل من أهديت له هدية ‪..‬‬
‫الحطب ‪ ..‬فقال ‪ :‬يؤذيني‬ ‫رد لك مثلها ‪ ..‬فبعضهم قد‬
‫الدخان في صدري إن اقتربت‬ ‫تهدي إليه ثم يغتابك في‬
‫منه ‪ ..‬فأشعلها الرجل ‪..‬‬ ‫المجالس ويتهمك بالسفه‬
‫ثم قال ‪ :‬يا أشعب ! قم أمسك‬ ‫وتضييع المال ‪!!..‬‬
‫علي لقطع اللحم ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫ول كل من تفاعلت معه في‬
‫أخشى أن تصيب السكين يدي ‪..‬‬ ‫كلمه ‪ ..‬أو أثنيت عليه‬
‫فقطع الرجل اللحم وحده ‪..‬‬ ‫وتلطفت معه في عباراتك‬
‫ثم قال ‪ :‬يا أشعب ! قم ضع‬ ‫قابلك بمثلها ‪..‬‬
‫اللحم في القدر واطبخ‬ ‫فإن الله قسم الخلق كما‬
‫الطعام ‪ ..‬فقال ‪ :‬يتعبني كثرة‬ ‫قسم الرزاق ‪..‬‬
‫النظر إلى الطعام قبل‬ ‫والمنهج الرباني هو ‪ ) :‬ول‬
‫نضوجه ‪..‬‬ ‫تستوي الحسنة ول السيئة‬
‫فتولى الرجل الطبخ والنفخ ‪..‬‬ ‫ادفع بالتي هي أحسن فإذا‬
‫حتى جهز الطعام وقد تعب ‪..‬‬ ‫الذي بينك وبينه عداوة كأنه‬
‫فاضجع على الرض ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا‬
‫‪( ) 43‬في مسند أحمد ‪ ..‬بإسناد قال‬
‫أشعب ! قم جهز سفرة‬
‫فيه ابن كثير ل بأس به ‪ ..‬سيرة ابن‬
‫الطعام ‪ ..‬وضع الطعام في‬
‫كثير ‪. 4/27‬‬
‫‪118‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫العرابي إلى البيت فقال له ‪:‬‬ ‫الصحن ‪..‬‬
‫إنك جئتنا فسألتنا فأعطيناك ‪..‬‬ ‫فقال أشعب ‪ :‬جسمي ثقيل‬
‫فقلت ما قلت ‪..‬‬ ‫ول أنشط لذلك ‪..‬‬
‫ثم زاده ‪ ρ‬شيئا ً من مال وجده‬ ‫فقام الرجل وجهز الطعام‬
‫في بيته ‪..‬‬ ‫ووضعه على السفرة ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬أحسنت إليك ؟‬ ‫ثم قال ‪ :‬يا أشعب ! قم‬
‫فقال العرابي ‪ :‬نعم فجزاك‬ ‫شاركني في أكل الطعام ‪..‬‬
‫الله من أهل وعشيرة خيرا ً ‪..‬‬ ‫فقال أشعب ‪ :‬قد استحييت‬
‫فأعجبه ‪ ρ‬هذا الرضى منه ‪..‬‬ ‫والله من كثيرة اعتذاري وها‬
‫لكنه خشي أن يبقى في قلوب‬ ‫أنا أطيعك الن ‪ ..‬ثم قام‬
‫أصحابه على الرجل شيء ‪..‬‬ ‫وأكل !!‬
‫فيراه أحدهم في طريق أو‬ ‫فقد تلقي من الناس من‬
‫سوق ‪ ..‬فل يزال حاقدا ً عليه ‪..‬‬ ‫هو مثل أشعب ‪ ..‬فل‬
‫ل ما في‬‫فأراد أن يس ّ‬ ‫تحزن ‪ ..‬وكن جبل ً ‪..‬‬
‫صدورهم ‪..‬‬ ‫كان المربي الول ‪ ε‬يتعامل‬
‫فقال له ‪ : ε‬إنك كنت جئتنا‬ ‫مع الناس بعقله ل‬
‫فأعطيناك ‪ ..‬فقلت ما قلت ‪..‬‬ ‫بعاطفته ‪ ..‬كان يتحمل‬
‫وفي نفس أصحابي عليك من‬ ‫أخطاء الخرين ويرفق‬
‫ذلك شيء ‪ ..‬فإذا جئت فقل بين‬ ‫بهم ‪..‬‬
‫أيديهم ما قلت بين يدي ‪ ..‬حتى‬ ‫وانظر إليه ‪ ρ‬وقد جلس في‬
‫يذهب عن صدورهم ‪..‬‬ ‫مجلس مبارك يحيط به‬
‫فلما جاء العرابي ‪ ..‬قال ‪ : ε‬إن‬ ‫أصحابه ‪..‬‬
‫صاحبكم كان جاءنا فسألنا‬ ‫فيأتيه أعرابي يستعينه في‬
‫فأعطيناه فقال ما قال ‪ ..‬وإنا‬ ‫دية قتيل ‪ ..‬قد قتل ‪ -‬هو أو‬
‫قد دعوناه فأعطيناه ‪ ..‬فزعم‬ ‫غيره ‪-‬رجل ً ‪ ..‬فأقبل يريد‬
‫أنه قد رضي ‪..‬‬ ‫من النبي ‪ ‬أن يعينه‬
‫ثم التفت إلى العرابي وقال ‪:‬‬ ‫بمال ‪ ..‬يؤديه إلى أولياء‬
‫أكذاك ؟‬ ‫المقتول ‪..‬‬
‫قال العرابي ‪ :‬نعم فجزاك الله‬ ‫فأعطاه رسول الله ‪ε‬‬
‫من أهل وعشيرة خيرا ً ‪..‬‬ ‫شيئا ً ‪ ..‬ثم قال تلطفا ً معه ‪:‬‬
‫فلما هم العرابي أن يخرج إلى‬ ‫أحسنت إليك ؟‬
‫أهله ‪..‬‬ ‫قال العرابي ‪ :‬ل ‪ ..‬ل‬
‫أراد ‪ ρ‬أن يعطي أصحابه درسا ً‬ ‫أحسنت ول أجملت ‪..‬‬
‫في كسب القلوب ‪ ..‬فقال‬ ‫فغضب بعض المسلمين‬
‫لهم ‪:‬‬ ‫وهموا أن يقوموا إليه ‪..‬‬
‫إن مثلي ومثل هذا العرابي‬ ‫فأشار النبي ‪ ε‬إليهم أن‬
‫كمثل رجل كانت له ناقة‬ ‫كفوا ‪..‬‬
‫فشردت عليه ‪ ..‬فاتبعها‬ ‫ثم قام ‪ ε‬إلى منزله ‪ ..‬ودعا‬

‫‪119‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قال ‪ :‬ماذا كنت تحدث به‬ ‫الناس ‪ ..‬يعني يركضون‬
‫نفسك ؟‬ ‫وراءها ليمسكوها ‪ ..‬وهي‬
‫قال ‪ :‬لشيء ‪ ..‬كنت أذكر‬ ‫تهرب منهم فزعا ً ‪ ..‬ولم‬
‫الله ‪!!..‬‬ ‫يزيدوها إل نفورا ً ‪ ..‬فقال‬
‫فضحك النبي ‪ .. ρ‬ثم قال ‪:‬‬ ‫صاحب الناقة ‪:‬‬
‫أستغفر الله ‪..‬‬ ‫خلوا بيني وبين ناقتي ‪..‬‬
‫قال فضالة ‪ : ..‬ثم وضع رسول‬ ‫فأنا أرفق بها وأعلم بها ‪..‬‬
‫الله ‪ ρ‬يده على صدري ‪ ..‬فسكن‬ ‫فتوجه إليها صاحب الناقة‬
‫قلبي ‪..‬‬ ‫فأخذ لها من قشام الرض ‪..‬‬
‫فوالله ما رفع رسول الله ‪ ρ‬يده‬ ‫ودعاها ‪..‬‬
‫عن صدري ‪..‬‬ ‫حتى جاءت واستجابت ‪..‬‬
‫حتى ما خلق الله شيء أحب إلي‬ ‫وشد عليها رحلها ‪ ..‬واستوى‬
‫منه ‪..‬‬ ‫عليها ‪..‬‬
‫ثم رجع فضالة إلى أهله ‪ ..‬فمر‬ ‫ولو أني أطعتكم حيث قال‬
‫بامرأة كان يجالسها ‪ ..‬ويتحدث‬ ‫ما قال ‪ ..‬دخل النار ‪..‬‬
‫إليها ‪..‬‬ ‫يعني لو طردتموه ‪ ..‬لعله‬
‫فلما رأته ‪ ..‬قالت ‪ :‬هلم إلى‬ ‫يرتدّ عن الدين ‪ ..‬فيدخل‬
‫)‪(44‬‬
‫الحديث ‪..‬‬ ‫النار ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬ل ‪ ..‬ثم قال ‪..‬‬ ‫وما كان الرفق في شيء إل‬
‫قالت هلم إلى الحديث فقلت ل‬ ‫زانه ‪ ..‬وما نزع من شيء إل‬
‫** يأبى عليك الله و السلم‬ ‫شانه ‪.‬‬
‫لو ما رأيت محمدا ً وقبيله **‬ ‫) ول تستوي الحسنة ول‬
‫م‬‫سر الصنا ُ‬‫بالفتح يوم تك ّ‬ ‫السيئة ادفع بالتي هي‬
‫لرأيت دين الضحى بينا **‬ ‫أحسن فإذا الذي بينك وبينه‬
‫والشرك يغشى وجهه الظلم‬ ‫عداوة كأنه ولي حميم ( ‪..‬‬
‫وكان فضالة بعدها مــن صــالحي‬ ‫ذكر أنه ‪ ρ‬لما فتح مكة ‪..‬‬ ‫ُ‬
‫المسلمين ‪..‬‬ ‫جعل يطوف بالبيت ‪..‬‬
‫كان ‪ ‬يملك قلوب الناس‬ ‫فأقبل فضالة بن عمير ‪..‬‬
‫بالعفو عنهم ‪ ..‬يتحمل الذى في‬ ‫رجل يظهر السلم ‪..‬‬
‫سبيل التأثير فيهم ‪ ..‬وجرهم‬ ‫فجعل يطوف خلف النبي ‪‬‬
‫إلى الخير ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ينتظر منه غفلة ‪..‬‬
‫كان أبو طالب يكف عن النبي ‪‬‬ ‫ليقتله ‪!!..‬‬
‫كثيرا ً من أذى قريش ‪..‬‬ ‫فلما دنا من النبي ‪.. ‬‬
‫فلما مــات أبــو طــالب ‪ ..‬ضــيقت‬ ‫انتبه ‪ ‬إليه ‪ ..‬فالتفت إليه‬
‫قريش كثيرا ً على النــبي ‪ ‬فــي‬ ‫وقال ‪ :‬أفضالة !!‬
‫مكة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬فضالة يا‬
‫ونالت من الذى ما لم تكن نالته‬ ‫رسول الله ‪..‬‬
‫منه في حياة عمه أبي طالب ‪..‬‬ ‫‪ ( ) 44‬والحديث رواه البزار وفي‬
‫فجعل ‪ ‬يفكــر فــي مكــان آخــر‬ ‫سنده مقال ‪..‬‬
‫‪120‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ي ‪..‬‬
‫فعلتم ‪ ..‬فاكتموا عل ّ‬ ‫يلجأ إليه ‪ ..‬يجد فيــه النصــرة‬
‫فلــم يفعلــوا ‪ ..‬بــل أغــروا بــه‬ ‫والتأييد ‪..‬‬
‫ســفهاءهم وعبيــدهم ‪ ..‬فجعلــوا‬ ‫فخرج إلــى الطــائف يلتمــس‬
‫يركضون وراء رســول اللــه ‪.. ‬‬ ‫مــن قبيلــة ثقيــف النصــرة‬
‫يسبونه ويصيحون به ‪..‬‬ ‫والمنعة ‪..‬‬
‫وقــد اصــطفوا صــفين ‪ ..‬وهــو‬ ‫دخل الطائف ‪..‬‬
‫يســرع الخطــى بينهــم ‪ ..‬وكلمــا‬ ‫فتوجه إلى ثلثــة رجــال هــم‬
‫رفع رجل ً رضخوها بالحجارة ‪..‬‬ ‫سادة ثقيف وأشرافهم ‪..‬‬
‫وهـــو ‪ ‬يحـــاول ‪ ..‬أن يســـرع‬ ‫وهم أخوة ثلثة ‪:‬‬
‫فيخطاه ليتقي ما يرمونه به من‬ ‫عبد ياليل بن عمرو ‪..‬‬
‫حجارة ‪..‬‬ ‫وأخوه مسعود ‪..‬‬
‫وجعلــت قــدماه الشــريفتان ‪‬‬ ‫وحبيب ‪..‬‬
‫تسيلن بالدماء ‪..‬‬ ‫جلــس اليهــم ‪ ..‬دعــاهم إلــى‬
‫وهــــو الكهــــل الــــذي جــــاوز‬ ‫الله ‪ ..‬كلمهم لما جــاءهم لــه‬
‫الربعين ‪..‬‬ ‫من نصــرته علــى الســلم ‪..‬‬
‫فأبعــــد عنهــــم ‪ ..‬ومشــــى ‪..‬‬ ‫والقيام معه على من خــالفه‬
‫ومشى ‪..‬‬ ‫من قومه ‪..‬‬
‫حــتى جلــس فــي موضــع آمــن‬ ‫فكان ردهم بذيئا ً !!‬
‫يستريح ‪ ..‬تحت ظل نخلة ‪..‬‬ ‫أما أحدهم فقال ‪ :‬أنا أمــرط‬
‫وهـــو منشـــغل البـــال ‪ ..‬كيـــف‬ ‫ثياب الكعبــة ‪ ..‬إن كــان اللــه‬
‫ستســــتقبله قريــــش ‪ ..‬كيــــف‬ ‫أرسلك !!‬
‫سيدخل مكة ‪..‬‬ ‫وقال الخــر ‪ :‬أمــا وجــد اللــه‬
‫فرفع طرفه إلى السماء وقال ‪:‬‬ ‫أحدا ً يرسله غيرك ؟!‬
‫اللهم اليك أشكو ضعف قوتي ‪..‬‬ ‫وجعل الثالث يبحث متحــذلقا ً‬
‫وقلــة حيلــتي ‪ ..‬وهــواني علــى‬ ‫عن عبارة يــرد بهــا ‪ ..‬حــرص‬
‫الناس ‪..‬‬ ‫على أن تكون أبلــغ مــن كلم‬
‫يا أرحم الراحمين ‪..‬‬ ‫صاحبيه ‪..‬‬
‫أنــت رب المستضــعفين ‪ ..‬وأنــت‬ ‫فقــال ‪ :‬واللــه ل أرد عليــك‬
‫ربي ‪ ..‬إلى من تكلني ! إلى بعيد‬ ‫أبدا ً ‪ ..‬لئن كنــت رســول ً مــن‬
‫يتجهمني ‪ ..‬أم إلــى عــدو ملكتــه‬ ‫الله كما تقول ‪ ..‬لنت أعظم‬
‫أمري !‬ ‫خطـــرا ً مـــن أن أرد عليـــك‬
‫إن لم يكــن بــك غضــب علــي فل‬ ‫الكلم ‪ ..‬ولئن كنـــت تكـــذب‬
‫أبالي ‪ ..‬ولكن عافيتك هي أوسع‬ ‫على اللــه ‪ ..‬فمــا ينبغــي لــي‬
‫لي ‪..‬‬ ‫أن أكلمك ‪..‬‬
‫أعوذ بنور وجهك الــذي أشــرقت‬ ‫فقــام ‪ ‬مــن عنــدهم وقــد‬
‫له الظلمات ‪ ..‬وصــلح عليــه أمــر‬ ‫يئس من خير ثقيف ‪..‬‬
‫الدنيا والخرة ‪..‬‬ ‫وخشي أن تعلم قريش أنهم‬
‫مــن أن تنــزل بــي غضــبك ‪ ..‬أو‬ ‫ردوه ‪ ..‬فيزدادون أذى له ‪..‬‬
‫ي سخطك ‪..‬‬ ‫تحل عل ّ‬ ‫فقــال لهــم ‪ :‬إن فعلتــم مــا‬
‫‪121‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم‬ ‫لك العتبى حتى ترضى ‪ ..‬ول‬
‫وإن هدموا مجدي بنيت لهم‬ ‫حول ول قوة ال بك ‪..‬‬
‫مجدا ً‬ ‫فبينما هو كذلك ‪ ..‬فإذ‬
‫وليسوا إلى نصري سراعا ً وإن‬ ‫بسحابة تظله ‪.. ‬‬
‫هم‬ ‫وإذا فيها جبريل عليه‬
‫دعوني إلى نصر أتيتهم شدا ً‬ ‫السلم ‪ ..‬فناداه ‪:‬‬
‫ول أحمل الحقد القديم عليهم‬ ‫يا محمد ‪ ..‬إن الله قد سمع‬
‫وليس رئيس القوم من يحمل‬ ‫قول قومك لك ‪ ..‬وما ردوا‬
‫الحقد‬ ‫عليك ‪ ..‬وقد بعث لك ملك‬
‫الجبال لتأمره بما شئت‬
‫أقنعه بخطئه ليقبل‬ ‫‪.37‬‬ ‫فيهم ‪..‬‬
‫النصح ‪..‬‬ ‫وقبل أن ينطق ‪ ‬بكلمة ‪..‬‬
‫بعض الناس يشغل الخرين‬ ‫ناداه ملك الجبال ‪ ..‬السلم‬
‫بكثرة التوجيهات والملحظات‬ ‫عليك يا رسول الله ‪..‬‬
‫حتى يوصلهم إلى مرحلة الملل‬ ‫يا محمد ‪ ..‬إن الله قد سمع‬
‫والستثقال ‪..‬‬ ‫قول قومك لك ‪ ..‬وأنا ملك‬
‫خاصة إذا كانت النصائح‬ ‫الجبال ‪ ..‬قد بعثني اليك ربك‬
‫والتوجيهات مبنية على آراء‬ ‫لتأمرني ما شئت ‪..‬‬
‫وأمزجة شخصية ‪..‬‬ ‫ثم قبل أن ينطق ‪ ‬أو يختار‬
‫كمن ينصحك بعد وليمة دعوت‬ ‫‪..‬‬
‫الناس إليها وتعبت في إعدادها‬ ‫جعل ملك الجبال يعرض‬
‫وتعب معك أهلك ومالك ! ثم‬ ‫عليه ‪ ..‬ويقول ‪:‬‬
‫يقول لك هذا الناصح ‪ :‬يا أخي‬ ‫إن شئت تطبق عليهم‬
‫الوليمة ما كانت مناسبة ‪..‬‬ ‫الخشبين ‪ ..‬وهما جبلن‬
‫وتعبك ذهب هدرا ً ‪ ..‬وكنت أظن‬ ‫عظيمان في جانبي مكة ‪..‬‬
‫أنها ستكون بمستوى أعلى من‬ ‫وجعل ملك الجبال ينتظر‬
‫هذا ‪ ..‬فتقول لماذا ؟ فيقول ‪:‬‬ ‫المر ‪..‬‬
‫يا أخي أكثر اللحم كان مشويا ً ‪..‬‬ ‫فإذا به ‪ ‬يطأ على حظوظ‬
‫وأنا أحب اللحم المسلوق !!‬ ‫النفس ‪ ..‬وشهوة النتقام ‪..‬‬
‫والسلطات كانت حامضة بسبب‬ ‫ويقول ‪:‬‬
‫اللليمون ‪ ..‬وأنا ل أحب ذلك ‪..‬‬ ‫بل ‪ ..‬أستأني بهم ‪ ..‬فإني‬
‫وكذلك الحلويات كانت مزينة‬ ‫أرجو أن يخرج الله من‬
‫بالكريمة ‪ ..‬وهذا يجعل طعمها‬ ‫أصلبهم من يعبد الله ل‬
‫غير مقبول ‪..‬‬ ‫يشرك به شيئا ً ‪..‬‬
‫ثم يقول لك ‪ :‬وعموما ً أكثر‬
‫الناس أيضا ً تضايقوا ‪ ..‬وما أكلوا‬ ‫كن بطل ً ‪..‬‬
‫إل مجاملة ‪ ..‬أو لنهم اضطروا‬ ‫وإن الذي بيني وبين بني‬
‫إليه ‪..‬‬ ‫أبي‬
‫فقطعا ً ‪ ..‬أنت هنا ستنظر إلى‬ ‫وبين بني عمي لمختلف جدا ً‬
‫‪122‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يقتنع الذي أمامك بخطئه ‪..‬‬ ‫هذا الناصح نظرة ازدراء‬
‫كان في عهده ‪ ε‬امرأة من بني‬ ‫وإعراض ‪ ..‬ولن تقبل منه‬
‫مخزوم تستلف المتاع من‬ ‫نصيحته ؛ لنها مبنية على‬
‫النساء ‪ ..‬وتتغافل عن رده فإذا‬ ‫آراء وأمزجة شخصية ‪!!..‬‬
‫سألوها عنه جحدته ‪ ..‬وأنكرت‬ ‫قل مثل ذلك فيمن ينصح‬
‫أنها أخذت شيئا ً ‪..‬‬ ‫آخر حول طريقة تعامله مع‬
‫حتى زاد أذاها في الجحد‬ ‫أولده ‪ ..‬أو مع زوجته ‪ ..‬أو‬
‫والسرقة فرفع أمرها إلى‬ ‫طريقة بنائه لبيته ‪ ..‬أو نوع‬
‫رسول الله ‪ .. ε‬فقضى فيها أن‬ ‫سيارته ‪ ..‬بناء على ذوقه‬
‫تقطع يدها ‪..‬‬ ‫الخاص ‪..‬‬
‫فشق على قريش أن تقطع‬ ‫ً‬
‫انتبه دائما أن تكون هذه‬
‫يدها وهي من قبيلة من كبار‬ ‫النصائح والنتقادات مبنية‬
‫قبائل قريش ‪..‬‬ ‫على مجرد أمزجة شخصية ‪..‬‬
‫فأرادوا أن يكلموا النبي ‪ε‬‬ ‫نعم لو طلب رأيك ‪ ..‬أبده له‬
‫ليخفف هذا الحكم إلى حكم آخر‬ ‫واعرضه عليه ‪ ..‬أما أن تتكلم‬
‫‪ ..‬كجلد أو غرامة مال ‪ ..‬أو نحو‬ ‫معه وتنصح كما تنصح‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫المخطئ ‪ ..‬فل ‪..‬‬
‫وكلما توجه رجل منهم لنقاش‬ ‫وأحيانا ً ‪ ..‬المنصوح ل يشعر‬
‫النبي ‪ ε‬في هذا المر ‪ ..‬تردد‬ ‫أنه مخطئ فل بد أن تكون‬
‫ورجع ‪..‬‬ ‫حجتك قوية عند نصحه ‪..‬‬
‫فقالوا لن يجترئ على رسول‬ ‫جلس أعرابي صلف مع قوم‬
‫صالحين ‪ ..‬فتكلموا حول بر‬
‫ب‬ ‫الله ‪ ε‬إل أسامة بن زيد ‪ِ ..‬‬
‫ح ّ‬
‫الوالدين ‪ ..‬والعرابي‬
‫حّبه ‪ ..‬تربى‬ ‫رسول الله ‪ ε‬وابن ِ‬ ‫يسمع ‪..‬‬
‫هو وأبوه في بيت النبي ‪ ε‬حتى‬ ‫فالتفت إليه أحدهم وقال ‪:‬‬
‫صار كولده ‪..‬‬ ‫يا فلن ‪ ..‬كيف برك بأمك ‪..‬‬
‫فكلموا أسامة ‪..‬‬ ‫فقال العرابي ‪ :‬أنا بها‬
‫أقبل أسامة إلى رسول الله ‪.. ε‬‬ ‫بار ‪..‬‬
‫فرحب به وأجلسه عنده ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ما بلغ من برك بها ؟‬
‫جعل أسامة يكلم النبي ‪ε‬‬ ‫قال ‪ :‬والله ما قرعتها‬
‫ليخفف الحكم ‪ ..‬ويبين أن هذه‬ ‫بسوط قط !!‬
‫المرأة من أشراف الناس ‪..‬‬ ‫يعني إن احتاج إلى ضربها ‪..‬‬
‫وأسامة يواصل الكلم والنبي ‪‬‬ ‫ضربها بيده أو عمامته ‪ ..‬أما‬
‫يستمع ‪ ..‬كان أسامة يحاول‬ ‫السوط فل يضربها به ‪ ..‬من‬
‫إقناع النبي ‪ ε‬برأيه ‪..‬‬ ‫شدة البّر!!‬
‫نظر النبي ‪ ε‬إلى أسامة ‪ ..‬فإذا‬ ‫فالمسكين ما كان ميزان‬
‫هو يحاول ويناقش ‪ ..‬بكل قناعة‬ ‫الخطأ والصواب عنده‬
‫‪ ..‬ول يدري أنه يطلب منه ما ل‬ ‫مستقيما ً ‪..‬‬
‫يجوز ‪!!..‬‬ ‫فكن رفيقا ً لطيفا ً ‪ ..‬حتى‬
‫‪123‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫رسول الله ‪ ‬إلى الحرقات من‬ ‫فتغير النبي وغضب ‪ ε‬وكان‬
‫جهينة ‪..‬‬ ‫أول كلمة قالها أن بين له‬
‫فهزمناهم وخرجنا في آثارهم ‪..‬‬ ‫خطأه فقال ‪:‬‬
‫فلحقت أنا ورجل من النصار‬ ‫أتشفع في حد من حدود الله‬
‫رجل ً منهم ‪..‬‬ ‫يا أسامة ؟‬
‫فلذ منا بشجرة ‪..‬‬ ‫فكأنه يبين سبب غضبه‬
‫فلما أدركناه ‪ ..‬ورفعنا عليه‬ ‫لسامة ‪ ..‬وأن حدود الله‬
‫السيف ‪ ..‬قال ‪ :‬ل إله إل الله ‪..‬‬ ‫تعالى التي أوجب على‬
‫فأما صاحبي النصاري فخفض‬ ‫عباده إقامتها ل تجوز‬
‫سيفه ‪..‬‬ ‫الشفاعة فيها ‪..‬‬
‫وأما أنا فظننت أنه يقولها فرقا ً‬ ‫فانتبه أسامة ‪ ..‬وقال فورا ً ‪:‬‬
‫من السلح ‪ ..‬فحملت عليه‬ ‫استغفر لي يا رسول الله ‪..‬‬
‫فقتلته ‪..‬‬ ‫فلما كان الليل ‪ ..‬قام ‪‬‬
‫فعرض في نفسي من أمره‬ ‫فخطب في الناس وأثنى‬
‫شيء ‪ ..‬فأتيت النبي ‪.. ‬‬ ‫على الله بما هو أهله ‪ ..‬ثم‬
‫فأخبرته ‪..‬‬ ‫قال ‪:‬‬
‫فقال لي ‪ :‬أقال ل إله إل الله ‪..‬‬ ‫" أما بعد ‪ ..‬فإنما أهلك‬
‫ثم قتلته ؟!‬ ‫الذين من قبلكم ‪:‬‬
‫ل‬‫قب َ ِ‬
‫قلت ‪ :‬إنه لم يقلها من ِ‬ ‫أنهم كانوا إذا سرق فيهم‬
‫نفسه ‪ ..‬إنما قالها فرقا ً من‬ ‫الشريف تركوه ‪ ..‬وإذا سرق‬
‫السلح ‪..‬‬ ‫فيهم الضعيف ‪ ..‬أقاموا‬
‫فأعاد علي ‪ :‬أقال ل إله إل‬ ‫عليه الحد ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬ثم قتلته ؟!‬ ‫وإني والذي نفسي بيده ‪..‬‬
‫فهل شققت عن قلبه ‪ ..‬حتى‬ ‫لو أن فاطمة بنت محمد‬
‫تعلم أنه إنما قالها فرقا ً من‬ ‫سرقت لقطعت يدها ‪"..‬‬
‫السلح ‪..‬‬ ‫ثم أمر بتلك المرأة التي‬
‫سكت أسامة ‪ ..‬فهو لم يشق‬ ‫سرقت فقطعت يدها ‪..‬‬
‫عن قلب الرجل فعل ً ‪ !!..‬لكنه‬ ‫قالت عائشة ‪ : ‬فحسنت‬
‫كان في ساحة حرب ‪ ..‬والرجل‬ ‫توبتها بعدُ ‪ ..‬وتزوجت ‪..‬‬
‫مقاتل !!‬ ‫وكانت تأتيني بعد ذلك ‪..‬‬
‫فأعاد عليه ‪ ‬السؤال‬ ‫فأرفع حاجتها إلى رسول‬
‫مستنكرا ً ‪ :‬أقال ل إله إل الله ‪..‬‬ ‫الله ‪.. (45) ‬‬
‫ثم قتلته ؟!‬ ‫أسامة ‪ ‬له مواقف متعددة‬
‫يا أسامة قتلت رجل ً بعد أن قال‬ ‫مع رسول الله ‪ .. ‬كلها‬
‫ل إله إل الله !! كيف تصنع بل‬ ‫تفيض بالرحمة والتعامل‬
‫إله إل الله يوم القيامة ؟!‬ ‫الراقي ‪..‬‬
‫فما زال يقول ذلك حتى وددت‬ ‫قال أسامة بن زيد ‪ :‬بعثنا‬
‫)‪(46‬‬
‫إني لم أكن أسلمت إل يومئذ‬
‫) ( متفق عليه‬ ‫‪46‬‬
‫) ( متفق عليه‬ ‫‪45‬‬

‫‪124‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كان يستطيع أن يعظه بآيات‬ ‫‪..‬‬
‫يقرؤها عليه ‪ ..‬أو نصيحة‬ ‫فتأمل كيف تدرج معه ببيان‬
‫مختصرة يحرك بها اليمان في‬ ‫الخطأ وإقناعه به ‪ ..‬ثم‬
‫قلبه ‪ ..‬لكنه ‪ ‬سلك أسلوبا ً آخر‬ ‫وعظه ونصحه ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫ولجل أن يقتنع المنصوح‬
‫قال له ‪ ‬بكل هدوء ‪ :‬أترضاه‬ ‫بما تقول ‪ ..‬ناقشه بأفكاره‬
‫لمك ؟‬ ‫ومبادئه هو قدر‬
‫فانتفض الشاب وقد مّر في‬ ‫المستطاع ‪..‬‬
‫خاطره أن أمه تزني ‪ ..‬فقال ‪ :‬ل‬ ‫نعم فكر من وجهة نظره ‪..‬‬
‫‪ ..‬ل أرضاه لمي ‪..‬‬ ‫بينما رسول الله ‪ ‬في‬
‫فقال له ‪ ‬بكل هدوء ‪ :‬كذلك‬ ‫مجلسه المبارك ‪ ..‬يحيط به‬
‫الناس ل يرضونه لمهاتهم ‪..‬‬ ‫أصحابه ألطهار ‪..‬‬
‫ثم فاجأه سائل ً ‪ :‬أترضاه‬ ‫إذ دخل شاب إلى المسجد‬
‫لختك ؟!‬ ‫وجعل يتلتفت يمينا ً وشمال ً‬
‫فانتفض الشاب أخرى ‪ ..‬وقد‬ ‫كأنه يبحث عن أحد ‪..‬‬
‫تخيل أخته العفيفة تزني ‪..‬‬ ‫وقعت عيناه على رسول‬
‫وقال مبادرا ً ‪ :‬ل ‪ ..‬ل أرضاه‬ ‫الله ‪ .. ‬فأقبل يمشي‬
‫لختي ‪..‬‬ ‫إليه ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ‬كذلك الناس ل‬ ‫كان المتوقع أن يجلس‬
‫يرضونه لخواتهم ‪..‬‬ ‫الشاب في الحلقة ويستمع‬
‫ثم سأله ‪ :‬أترضاه لعمتك ؟!‬ ‫إلى الذكر ‪ ..‬لكنه لم‬
‫أترضاه لخالتك ؟!‬ ‫يفعل ‪!..‬‬
‫والشاب يردد ‪ :‬ل ‪ ..‬ل ‪..‬‬ ‫إنما نظر الشاب إلى رسول‬
‫فقال ‪ : ‬فأحب للناس ما تحب‬ ‫الله ‪ ‬وأصحابه حوله ‪ ..‬ثم‬
‫لنفسك ‪ ..‬واكره للناس ما تكره‬ ‫قال بكل جرأة ‪:‬‬
‫لنفسك ‪..‬‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬ائذن لي‬
‫أدرك الشاب عند ذلك أنه كان‬ ‫بـ ‪ ..‬بطلب العلم ؟!‬
‫مخطئا ً ‪ ..‬فقال بكل خضوع ‪:‬‬ ‫ل ‪ ..‬لم يقلها ‪ ..‬ويا ليته‬
‫ع الله أن‬‫يا رسول الله ‪ ..‬اد ُ‬ ‫قالها ‪..‬‬
‫يطهر قلبي ‪..‬‬ ‫ائذن لي بالجهاد ‪ ..‬ل ‪ ..‬ويا‬
‫فدعاه ‪ .. ‬فجعل الشاب‬ ‫ليته قالها ‪..‬‬
‫يقترب ‪ ..‬ويقترب ‪ ..‬حتى جلس‬ ‫أتدري ماذا قال ؟‬
‫بين يديه ‪ ..‬ثم وضع يده على‬ ‫قال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬ائذن‬
‫صدره ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫لي بالزنا ‪..‬‬
‫اللهم اهد قلبه ‪ ..‬واغفر ذنبه ‪..‬‬ ‫عجبا ً !! هكذا بكل‬
‫وحصن فرجه ‪..‬‬ ‫صراحة ؟!!‬
‫فخرج الشاب وهو يقول ‪ :‬والله‬ ‫نعم ‪ ..‬هكذا ‪ :‬ائذن لي‬
‫لقد دخلت على رسول الله ‪.. ‬‬ ‫بالزنا ‪..‬‬
‫ي من الزنا ‪..‬‬ ‫وما شيء أحب إل ّ‬ ‫نظر النبي ‪ ‬إلى الشاب ‪..‬‬
‫‪125‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ليس الغبي بسيد في قومه ‪00‬‬ ‫وخرجت من عنده وما شيء‬
‫لكن سيد قومه المتغابي‬ ‫ي من الزنا ‪..‬‬
‫أبغض إل ّ‬
‫والملوم يعتبر اللوم سهما ً حادا ً‬ ‫ثم انظر إلى استعمال‬
‫يوجه إليه ‪ ..‬لنه يشعره‬ ‫العواطف ‪ ..‬دعاه ‪ ..‬وضع‬
‫بنقصه ‪..‬‬ ‫يده على صدره ‪ ..‬دعا له ‪..‬‬
‫هذا أول ً ‪..‬‬ ‫يعني استعمل جميع‬
‫ثانيا ً ‪ :‬تجنب النصح في المل‬ ‫الساليب لصلح من‬
‫قدر المستطاع ‪..‬‬ ‫أمامه ‪ ..‬بعدما جعله يقتنع‬
‫تغمدني بنصحك في انفرادي ‪..‬‬ ‫بشناعة الفعل ليتركه عن‬
‫وجنبني النصيحة في الجماعة‬ ‫قناعة ‪ ..‬فل يفعله أبدا ً ‪ ..‬ل‬
‫فإن النصح بين الناس نوع ‪..‬‬ ‫أمامه ول خلفه ‪..‬‬
‫من التوبيخ ل أرضى استماعه‬
‫بل ‪ ..‬إذا انتشر خطأ معين ‪..‬‬ ‫قاعدة ‪..‬‬
‫واضطررت إلى النصح العام ‪..‬‬ ‫إذا شعر المخطئ ببشاعة‬
‫فاعمل بقاعدة ‪ :‬ما بال أقوام‬ ‫خطئه اقتنع بحاجته للنصيحة‬
‫يفعلون كذا وكذا ‪ ..‬كما تقدم‬ ‫‪ ..‬وصار قبوله أكثر ‪..‬‬
‫معنا ‪..‬‬ ‫وقناعته أكبر ‪..‬‬
‫إذن ‪ ..‬اللوم كالسوط الذي يجلد‬
‫به اللئم ظهر الملوم ‪..‬‬ ‫ل تلمني !! انتهى‬ ‫‪.38‬‬
‫وبعض الناس ينفر الخرين إما‬ ‫المر ‪ ..‬؟‬
‫بكثرة لومه ‪ ..‬أو بلومه على‬ ‫يظن بعض الناس أنه عندما‬
‫أمور انتهت ول يقدم اللوم أو‬ ‫يلوم الخرين على أخطائهم‬
‫يؤخر فيها شيئا ً ‪..‬‬ ‫التي ربما تكون ل ترى إل‬
‫أذكر أن رجل ً فقيرا ً ‪ ..‬تغرب عن‬ ‫بالمجهر ‪..‬‬
‫أهله إلى بلد آخر ‪ ..‬واشتغل‬ ‫يظن أنه يتقرب منهم‬
‫سائق شاحنة ‪ ..‬كان في أحد‬ ‫أكثر ‪ ..‬أو أنه يقوي شخصيته‬
‫اليام متعبا ً لكنه ركب الشاحنة‬ ‫بذلك ‪..‬‬
‫ومضى بها في طريق طويل‬ ‫والحق أنه ليس الذكاء‬
‫بين مدينتين ‪..‬‬ ‫والفطنة أن تستطيع‬
‫غلبه النوم أثناء الطريق ‪..‬‬ ‫اللوم ‪ ..‬وإنما هو أن تتجنبه‬
‫فجعل يصارعه وأسرع قليل ً ‪..‬‬ ‫قدر المستطاع ‪ ..‬وتسعى‬
‫فتجاوز سيارة أمامه دون أن‬ ‫إلى إصلح الشخاص‬
‫ينتبه إلى الطريق فإذا أماه‬ ‫بأساليب ل تجرح ‪ ..‬ول تحرج‬
‫سيارة صغيره فيها ثلثة‬ ‫‪..‬‬
‫أشخاص ‪ ..‬حاول أن يتفاداها ‪..‬‬ ‫أحيانا ً تحتاج في بعض المور‬
‫لم يستطع ‪ ..‬فاصطدم بها وجها ً‬ ‫أن تتعامى ‪ ..‬خاصة الشياء‬
‫لوجه ‪..‬‬ ‫الدنيوية ‪ ..‬والحقوق‬
‫ثار الغبار ‪ ..‬وجعل المارة‬ ‫الخاصة ‪..‬‬
‫يوقفون سياراتهم ويتفرجون‬
‫‪126‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫نظره ‪..‬‬ ‫على الحادث ‪..‬‬
‫فأحيانا ً لو كنت مكانه قد تقع‬ ‫نزل سائق الشاحنة ‪ ..‬ونظر‬
‫في خطأ أكبر من خطئه ‪..‬‬ ‫إلى السيارة المصدومة ‪..‬‬
‫كان رسول الله ‪ ‬يراعي ذلك‬ ‫وإلى من بداخلها فإذا هم‬
‫كثيرا ً ‪..‬‬ ‫موتى ‪..‬‬
‫لما انصرف ‪ ρ‬من خيبر‪ ..‬أطالوا‬ ‫أنزلهم الناس واتصلوا‬
‫المسير حتى تعبوا ‪..‬‬ ‫بالسعاف ‪..‬‬
‫فلما أقبل الليل ‪ ..‬نزلوا في‬ ‫قعد سائق الشاحنة ينتظر‬
‫موضع في الطريق ليناموا ‪..‬‬ ‫ووصول السعاف ‪ ..‬ويفكر‬
‫فقال ‪ : ρ‬من رجل يحفظ علينا‬ ‫فيما سيحصل له بعد الحادث‬
‫الفجر لعلنا ننام ؟‬ ‫من سجن ودية ‪ ..‬ويفكر في‬
‫كان بلل ‪ ‬متحمسا ً فقال ‪ :‬أنا‬ ‫أولده الصغار ‪ ..‬وزوجته ‪..‬‬
‫يا رسول الله أحفظه عليك ؟‬ ‫مسكين ‪ ..‬هموم انهدت عليه‬
‫فاضطجع رسول الله ‪ .. ρ‬ونزل‬ ‫كالجبال ‪!!..‬‬
‫الناس فناموا ‪..‬‬ ‫جعل الناس يمرون به‬
‫وقام بلل يصلي حتى تعب ‪..‬‬ ‫ويلومونه ‪..‬‬
‫وقد كان متعبا ً من طول الطريق‬ ‫عجبا ً ‪ !!..‬أهذا وقت اللوم ‪..‬‬
‫قبل ذلك ‪..‬‬ ‫أل يمكن أن يؤجل قليل ً ؟‬
‫فقعد واستند إلى بعيره‬ ‫قال أحدهم ‪ :‬لماذا تسرع ؟‬
‫مستريحا ً ‪ ..‬واستقبل الفجر‬ ‫هذه عواقب السرعة ‪..‬‬
‫يرمقه ‪ ..‬فغلبته عينه ‪..‬‬ ‫وقال آخر ‪ :‬أكيد أنك كنت‬
‫فناااام ‪..‬‬ ‫نعسان ومع ذلك استمريت‬
‫كان الجميع في تعب شديد ‪..‬‬ ‫في القيادة ‪ !..‬لم توقف‬
‫فطال نومه ونومهم ‪ ..‬ومضى‬ ‫سيارتك وتنام ‪..‬؟‬
‫الليل ‪ ..‬وطلع لصبح ‪ ..‬والكل‬ ‫وقال ثالث ‪ :‬المفروض أن‬
‫نيام ‪ ..‬ولم يوقظهم إل حر‬ ‫مثلك ل تصرف لهم رخص‬
‫الشمس ‪..‬‬ ‫قيادة !!‬
‫كانوا يقولون هذه العبارات‬
‫ب‬‫استيقظ رسول الله ‪ .. ρ‬وه ّ‬
‫الناس من نومهم ‪ ..‬فلما رأوا‬ ‫بأسلوب حاد ‪ ..‬فيه تعنيف‬
‫الشمس اضطربوا ‪ ..‬وكثر‬ ‫وصراخ ‪..‬‬
‫كان الرجل واجما ً ‪ ..‬جالسا ً‬
‫لغطهم ‪..‬‬
‫على صخرة ساكتا ً ‪ ..‬متكئا ً‬
‫الكل ينظر إلى بلل ‪..‬‬
‫برأسه على يديه ‪..‬‬
‫التفت ‪ ρ‬إلى بلل وقال ‪ :‬ماذا‬
‫وفجأة هوى على جنبه ‪..‬‬
‫صنعت بنا يا بلل ؟‬
‫و ‪ ..‬و ‪ ..‬مااات ‪..‬‬
‫فأجاب بلل بجواب مختصر ‪..‬‬
‫قتلوه بلومهم ‪ ..‬ولو صبروا‬
‫لكنه موضح للواقع تماما ً ‪..‬‬
‫قليل ً لكان خيرا ً له ولهم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬أخذ‬
‫ضع نفسك موضع الملوم‬
‫بنفسي الذي أخذ بنفسك ‪..‬‬
‫‪..‬المخطئ ‪ ..‬وفكر من وجهة‬
‫‪127‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫إليهم ‪ ..‬فلم يزل يحث الناس‬ ‫يعني أنا بشر ‪ ..‬حاولت أن‬
‫حتى جمع ثلثة آلف ‪..‬‬ ‫أقاوم النوم ‪ ..‬فلم‬
‫فزودهم بما وجد من سلح‬ ‫أستطع ‪ ..‬غلبني النوم كما‬
‫وعتاد ‪..‬‬ ‫غلبكم !!‬
‫قال لهم ‪ :‬أميركم زيد بن‬ ‫فقال ‪ : ‬صدقت ‪ ..‬وسكت‬
‫حارثة ‪..‬‬ ‫عنه ‪..‬‬
‫فإن أصيب زيد ‪ ..‬فجعفر بن أبي‬ ‫نعم فما فائدة اللوم هنا ‪..‬‬
‫طالب على الناس ‪..‬‬ ‫فلما رأى ‪ ρ‬اضطراب‬
‫فإن أصيب جعفر فعبد الله بن‬ ‫الناس ‪ ..‬قال ‪ : ρ‬ارتحلوا ‪..‬‬
‫رواحة ‪..‬‬ ‫فارتحلوا ‪ ..‬فمشى شيئا ً‬
‫وخرج معهم ‪ ρ‬يودعهم ‪..‬‬ ‫يسيرا ً ‪..‬‬
‫وخرج الناس يودعون الجيش ‪..‬‬ ‫ثم نزل ونزلوا ‪ ..‬فتوضأ‬
‫ويقولون ‪ :‬صحبكم الله ودفع‬ ‫وتوضئوا ‪..‬‬
‫عنكم وردكم إلينا صالحين ‪..‬‬ ‫ثم صلى بالناس ‪..‬‬
‫كان عبد الله بن رواحة مشتاقا ً‬ ‫فلما سلم ‪ ..‬أقبل على‬
‫إلى الشهادة ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫الناس فقال ‪:‬‬
‫ة‬
‫لكنني أسأل الرحمن مغفر ً‬ ‫إذا نسيتم الصلة ‪ ..‬فصلوها‬
‫ة ذات فرغ تقذف الزبدا‬ ‫وضرب ً‬ ‫إذا ذكرتموها ‪..‬‬
‫أو طعنة بيدي حران مجهزة‬ ‫فلله دره ما أعقله وأحكمه‬
‫بحربة تنفذ الحشاء والكبدا‬ ‫‪.. ‬‬
‫حتى يقال إذا مروا على جدثي‬ ‫كان مدرسة لكل قائد ‪..‬‬
‫وقد رشدا‬ ‫ز َ‬
‫ياأرشد الله من غا ٍ‬ ‫ليس مثل بعض الرؤساء‬
‫ثم مضى الجيش حتى نزلوا‬ ‫اليوم ل تكاد عصا اللوم‬
‫"معان" من أرض الشام ‪..‬‬ ‫والتقريع تنزل من يده ‪..‬‬
‫فبلغهم أن هرقل ملك الروم قد‬ ‫بل كان ‪ ‬يضع نفسه مكان‬
‫نزل من أرض البلقاء في مائة‬ ‫من تحته ويفكر بعقولهم ‪..‬‬
‫ألف من الروم ‪..‬‬ ‫ويتعامل مع القلوب قبل‬
‫وانضم إليه من القبائل حوله‬ ‫الجساد ‪..‬‬
‫مائة ألف ‪ ..‬فصار جيش الروم‬ ‫يعلم أنهم بشر ‪ ..‬وليسوا‬
‫مائتي ألف ‪..‬‬ ‫آلت !!‬
‫فلما تيقن المسلمون من ذلك ‪..‬‬ ‫في السنة الثامنة من‬
‫أقاموا في "معان" ليلتين‬ ‫الهجرة ‪..‬‬
‫ينظرون في أمرهم ‪..‬‬ ‫جمع الروم جيشا ً ‪ ..‬وأقبل‬
‫فقال بعضهم ‪ :‬نكتب إلى رسول‬ ‫من جهة الشام ‪ ..‬لقتال‬
‫الله ‪ ρ‬نخبره بعدد عدونا ‪..‬‬ ‫النبي ‪ ρ‬وأصحابه ‪..‬‬
‫فإما أن يمدنا بالرجال ‪..‬‬ ‫وقيل إنه ‪ ρ‬جمع جيشا ً‬
‫أو يأمرنا بما يشاء فنمضي له ‪..‬‬ ‫لغزوهم ابتداءً ‪..‬‬
‫وكثر كلم الناس في ذلك ‪..‬‬ ‫بدأ ‪ ρ‬يجهز جيشا ً لرساله‬
‫فقام عبد الله بن رواحة ‪ ..‬ثم‬
‫‪128‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫طيبة وبارد شرابها‬ ‫صاح بالناس وقال ‪:‬‬
‫والروم روم قد دنا عذابها‬ ‫يا قوم ‪ ..‬والله إن التي‬
‫كافرة بعيدة أنسابها‬ ‫تكرهون هي التي خرجتم‬
‫علي إن لقيتها ضرابها‬ ‫تطلبون ‪ ..‬الشهادة في‬
‫أن جعفر أخذ اللواء بيمينه‬ ‫سبيل الله ‪ ..‬تفرون منها !!‬
‫فقطعت ‪..‬‬ ‫وما نقاتل الناس بعدد ول‬
‫فأخذ اللواء بشماله فقطعت ‪..‬‬ ‫قوة ول كثرة ‪ ..‬ما نقاتلهم‬
‫فاحتضنه بعضديه حتى قتل وهو‬ ‫إل بهذا الدين الذي أكرمنا‬
‫ابن ثلث وثلثين سنة ‪..‬‬ ‫الله به ‪ ..‬فانطلقوا فإنما‬
‫قال ابن عمر ‪ :‬وقفت على‬ ‫هي إحدى الحسنيين ‪ ..‬إما‬
‫جعفر يومئذ ‪ ..‬وهو قتيل ‪..‬‬ ‫ظهور وإما شهادة ‪..‬‬
‫فعددت به خمسين بين طعنة‬ ‫فمضى الناس ‪ ..‬يسيرون ‪..‬‬
‫وضربة ليس منها شيء في‬ ‫حتى إذا دنوا من جيش‬
‫دبره ‪..‬‬ ‫الروم ‪ ..‬في موقعة "مؤتة"‬
‫فأثابه الله بذلك جناحين في‬ ‫فإذا أعداد عظيمة ل قبل‬
‫الجنة يطير بهما حيث يشاء ‪..‬‬ ‫لحد بها ‪..‬‬
‫إن رجل ً من الروم ضربه يومئذ‬ ‫قال أبو هريرة ‪ : τ‬شهدت‬
‫ضربة فقطعته نصفين ‪..‬‬ ‫يوم مؤتة ‪ ..‬فلما دنا منا‬
‫فلما قتل جعفر ‪ ..‬أخذ عبد الله‬ ‫المشركون ‪ ..‬رأينا ما ل قبل‬
‫بن رواحة الراية ‪..‬‬ ‫لحد به من العدة ‪ ..‬والسلح‬
‫ثم تقدم بها وهو على فرسه ‪..‬‬ ‫‪ ..‬والكراع ‪ ..‬والديباج ‪..‬‬
‫فجعل يستنزل نفسه ‪ ..‬ويتردد‬ ‫والحرير ‪ ..‬والذهب ‪..‬‬
‫بعض التردد ‪ ..‬ويقول ‪:‬‬ ‫فبرق بصري ‪..‬‬
‫أقسمت يا نفس لتنزلنه‬ ‫فقال لي ثابت بن أرقم ‪ :‬يا‬
‫لتنزلن أو لتكرهنه‬ ‫أبا هريرة ‪ ..‬كأنك ترى‬
‫إن أجلب الناس وشدوا الرنة‬ ‫جموعا ً كثيرة ؟‬
‫مالي أراك تكرهين الجنة‬ ‫قلت ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫ثم قال ‪:‬‬ ‫قال ‪ :‬إنك لم تشهد بدرا ً‬
‫يا نفس إل تقتلي تموتي‬ ‫معنا ‪ ..‬إنا لم ننصر بالكثرة ‪..‬‬
‫هذا حمام الموت قد صليت‬ ‫ثم التقى الناس فاقتتلوا ‪..‬‬
‫إن‬ ‫وما تمنيت فقد أعطيت‬ ‫فقاتل زيد بن حارثة براية‬
‫تفعلي فعلهما هديت‬ ‫رسول الله ‪ ρ‬حتى كثرت‬
‫ثم نزل ‪ ..‬فلما نزل أتاه ابن عم‬ ‫عليه الرماح وسقط صريعا ً‬
‫له بعرق من لحم ‪..‬‬ ‫شهيدا ً ‪.. ‬‬
‫شد بهذا صلبك ‪ ..‬فإنك قد لقيت‬ ‫فأخذ الراية جعفر بكل‬
‫في أيامك هذه ما لقيت ‪..‬‬ ‫بطولة ‪ ..‬فاقتحم عن فرس‬
‫فأخذه من يده فانتهش منه‬ ‫له شقراء فجعل يقاتل‬
‫نهشة ‪ ..‬ثم سمع الحطمة في‬ ‫القوم ‪ ..‬وهو يقول ‪:‬‬
‫ناحية الناس ‪..‬‬ ‫يا حبذا الجنة واقـترابها‬
‫‪129‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫إلى يساره ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬وأنت في الدنيا !‬
‫وأمر من في الميسرة أن‬ ‫فألقاه من يده ‪ ..‬ثم أخذ‬
‫يذهبوا للميمنة ‪..‬‬ ‫سيفه ثم تقدم ‪..‬‬
‫فلما ابتدأ القتال ‪ ..‬وأقبل الروم‬ ‫فقاتل حتى قتل ‪.. τ‬‬
‫‪..‬‬ ‫فوقعت الراية ‪ ..‬واضطرب‬
‫فإذا كل سرية منهم ترى رايات‬ ‫المسلمون ‪ ..‬وابتهج‬
‫جديدة ‪ ..‬ووجوها ً جديدة ‪..‬‬ ‫الكافرون ‪..‬‬
‫فاضطرب الروم ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬قد‬ ‫والراية تطؤها الخيل ‪..‬‬
‫جاءهم في الليل مدد ‪ ..‬فرعبوا‬ ‫ويغلوها الغبار ‪..‬‬
‫في القتال ‪..‬‬ ‫فأقبل البطل ثابت بن‬
‫فقتل المسلمون منهم مقتلة‬ ‫أرقم ‪..‬‬
‫عظيمة ‪ ..‬ولم يقتل من‬ ‫ثم رفعها ‪ ..‬وصاح ‪..‬‬
‫المسلمين إل اثنا عشر رجل ً ‪..‬‬ ‫يا معاشر المسلمين ‪ ..‬هذه‬
‫وانسحب خالد بالجيش ‪ ..‬آخر‬ ‫الراية ‪ ..‬فاصطلحوا على‬
‫النهار من ساحة القتال ‪ ..‬ثم‬ ‫رجل منكم ‪..‬‬
‫واصل مسيره نحو المدينة ‪..‬‬ ‫فتصايح من سمعه وقالوا ‪:‬‬
‫فلما أقبلوا إلى المدينة ‪..‬‬ ‫أنت ‪ ..‬أنت ‪..‬‬
‫لقيهم الصبيان يتراكضون إليهم‬ ‫قال ‪ :‬ما أنا بفاعل ‪..‬‬
‫‪ ..‬ولقيتهم النساء ‪..‬‬ ‫فأشاروا إلى خالد بن‬
‫فجعلوا يحثون التراب في وجوه‬ ‫الوليد ‪..‬‬
‫الجيش ‪ ..‬ويقولون ‪:‬‬ ‫فلما أخذ الراية ‪ ..‬قاتل بقوة‬
‫يا فرار ‪ ..‬فررتم في سبيل‬ ‫‪ ..‬حتى إنه كان يقول ‪:‬‬
‫الله ‪..‬‬ ‫لقد اندقّ في يدي يوم مؤتة‬
‫فلما سمع النبي ‪ ρ‬ذلك ‪..‬‬ ‫تسعة أسياف ‪ ،‬فما بقي في‬
‫علم أنهم لم يكن أمامهم إل‬ ‫يدي إل صفيحة يمانية ‪..‬‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫ثم انحاز خالد بالجيش ‪..‬‬
‫وأنهم فعلوا ما بوسعهم ‪..‬‬ ‫وانحاز الروم إلى معسكرهم‬
‫فقال ‪ ρ‬مدافعا ً عنهم ‪:‬‬ ‫‪..‬‬
‫ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار ‪..‬‬ ‫خشي خالد أن يرجع بالجيش‬
‫إن شاء الله عز وجل " ‪.‬‬ ‫إلى المدينة من ليلته ‪..‬‬
‫نعم انتهى المر ‪ ..‬وهم أبطال‬ ‫فيتبعهم الروم ‪..‬‬
‫ماقصروا ‪ ..‬لكنهم بشر والمر‬ ‫فلما أصبحوا ‪ ..‬غير خالد‬
‫كان فوق طاقتهم ‪..‬‬ ‫مواقع الجيش ‪..‬‬
‫إذن الصلة على الميت‬ ‫فجعل مقدمة الجيش ‪ ..‬في‬
‫الحاضر ‪ ..‬أحيانا ً انتهى المر فل‬ ‫المؤخرة ‪..‬‬
‫فائدة من اللوم ‪..‬‬ ‫وجعل مؤخرة الجيش مقدمة‬
‫ً‬
‫كان هذا منهجه ‪ ‬دائما ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫لما سمع الكفار برسول الله ‪ρ‬‬ ‫ومن كانوا يقاتلون في يمين‬
‫قادما ً بجيشه إلى مكة فاتحا ً ‪..‬‬ ‫الجيش ‪ ..‬أمرهم بالنتقال‬
‫‪130‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫هذا سلح كامل وأله‬ ‫دخلهم الرعب ‪..‬‬
‫وذو غرارين سريع السلة‬ ‫فأرسل إليهم رسول الله ‪ρ‬‬
‫ثم خرج من عندها ‪ ..‬إلى موقع‬ ‫من يقول لهم ‪:‬‬
‫"الخندمة" ‪ ..‬حيث اجتمع أصحابه‬ ‫من دخل داره‬ ‫•‬
‫‪..‬‬ ‫وأغلق عليه بابه فهو‬
‫فما هو إل أن لقيهم‬ ‫آمن ‪..‬‬
‫المسلمون ‪ ..‬يتقدمهم سيف‬ ‫ومن دخل المسجد‬ ‫•‬
‫الله خالد بن الوليد ‪..‬‬ ‫فعو آمن ‪..‬‬
‫فابتدأ القتال ‪ ..‬وصال‬ ‫ومن دخل دار أبي‬ ‫•‬
‫البطال ‪..‬‬ ‫سفيان فهو آمن ‪..‬‬
‫فقتل في لحظة واحدة ‪ ..‬أكثر‬ ‫فبدأ الناس يفرون من بين‬
‫من اثني عشر أو ثلثة عشر ‪..‬‬
‫يديه ‪.. ρ‬‬
‫من الكفار ‪..‬‬
‫فاجتمع بعض فرسان قريش‬
‫فلما رأى حماس بن قيس‬
‫‪ ..‬وأردوا أن يحاربوا ‪ ..‬فأبى‬
‫ذلك ‪..‬‬
‫عليهم قومهم ‪..‬‬
‫التفت إلى صفوان وعكرمة ‪..‬‬
‫فاجتمع نفر منهم في مكان‬
‫فإذا هما يفران إلى بيوتهما ‪..‬‬
‫يقال له الخندمة ‪..‬‬
‫فانهزم معهم ‪ ..‬وذهب يعدو إلى‬
‫اجتمع صفوان بن أمية ‪..‬‬
‫بيته ‪ ..‬فدخله سريعا ً ‪..‬‬
‫وعكرمة بن أبي جهل ‪..‬‬
‫وأخذ يصيح بامرأته فزعا ً ‪:‬‬
‫وسهيل بن عمرو ‪..‬‬
‫أغلقي علي بابي ‪ ..‬فإنهم‬
‫وجمعوا ناسا ً معهم بالخندمة‬
‫يقولون من دخل داره وأغلق‬
‫ليقاتلوا ‪..‬‬
‫بابه فهو آمن ‪!!..‬‬
‫وكان حماس بن قيس ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬فأين ما كنت تقول ؟‬
‫يعد سلحا ً قبل قدوم النبي‬
‫أن تهزمهم ‪ ..‬وتخدمني‬
‫‪ .. ‬ويصلحه ‪..‬‬
‫بعضهم ‪!!..‬‬
‫فقالت له امرأته ‪ :‬لماذا تعد‬
‫فقال ‪:‬‬
‫ما أرى ؟‬
‫إنك لو شهدت يوم الخندمة إذ‬
‫قال ‪ :‬لمحمد وأصحابه ‪!!..‬‬
‫فر صفوان وفر عكرمة‬
‫كانت امرأته تعلم بقوة‬
‫وأبو يزيد قائم كالمؤتمة‬
‫المسلمين ‪ ..‬فقالت ‪ :‬والله‬
‫واستقبلتهم بالسيوف المسلمة‬
‫ما أرى يقوم لمحمد‬
‫يقطعن كل ساعد وجمجمة‬
‫وأصحابه شيء !‬
‫ضربا ً فل يسمع إل غمغمة‬
‫قال ‪ :‬والله إني لرجو أن‬
‫لم‬ ‫لهم نهيت خلفنا وهمهمة‬
‫أخدمك بعضهم ‪ ..‬يعين ياسر‬
‫تنطقي في اللوم أدنى كلمة‬
‫بعضهم ويجيء بهم إليها‬
‫صحيح ‪ ..‬لو رأت امرأته ما رأى‬
‫خدما ً ‪..‬‬
‫من شدة القتال ‪ ..‬ما نطقت‬
‫ثم قال مفتخرا ً ‪:‬‬
‫في لومه كلمة ‪..‬‬
‫إن يقبلوا اليوم فما لي علة‬
‫وفي موقف آخر ‪..‬‬
‫‪131‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فأرسل إلى خالد ليأتيه ‪..‬‬ ‫لما دخل النبي ‪ .. ‬مكة‬
‫فأتاه ‪ ..‬فقال ‪ " : ‬ألم أنهك‬ ‫فاتحا ً ‪ ..‬فقد كان يعلم‬
‫عن القتل ؟ "‬ ‫عظمة البلد الحرام ‪ ..‬فقاتل‬
‫فعجب خالد وقال ‪ :‬يا رسول‬ ‫قتال ً يسيرا ً ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬جاءني فلن فأمرني أن‬ ‫ثم قال ‪ :‬إن الله حرم هذا‬
‫أقتل من قدرت عليه ‪..‬‬ ‫البلد يوم خلق السموات‬
‫فأرسل النبي ‪ ρ‬إلى ذاك‬ ‫ل لي‬ ‫والرض ‪ ..‬وإنما ح ّ‬
‫الرجل ‪ ..‬فجاء ورأى خالدا ً ‪..‬‬ ‫ساعة من نهار " ‪..‬‬
‫فقال له ‪ " : ‬ألم أقل يرفع‬ ‫فقيل له ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫يده من القتل ؟ "‬ ‫أنت تنهى عن القتل ‪ ..‬وهذا‬
‫فأدرك الرجل خطأه ‪ ..‬لكن المر‬ ‫خالد بن الوليد في كتيبته ‪..‬‬
‫انتهى ‪ ..‬فقال ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫يقتل من لقيه من‬
‫ت أمرا ً ‪ ..‬وأراد الله أمرا ً ‪..‬‬ ‫أرد ّ‬ ‫المشركين ؟‬
‫فكان أمُر الله فوق أمرك ‪ ..‬وما‬ ‫فقال ‪ " : ρ‬قم يا فلن ‪..‬‬
‫ت إل الذي كان ‪..‬‬ ‫استطع ُ‬ ‫فأت خالد بن الوليد ‪ ..‬فقل‬
‫فسكت عنه النبي ‪ ρ‬وما ردّ عليه‬ ‫له ‪ :‬فليرفع يده من القتل‬
‫شيئا ً ‪..‬‬ ‫"‪.‬‬
‫من تأمل في مسيرة الحياة ‪..‬‬ ‫هذا الرجل يعلم أنهم الن‬
‫وجد هذا المر ظاهرا ً ‪..‬‬ ‫يعيشون حالة حرب ‪ ..‬وأن‬
‫أحيانا ً يكون الشخص قد فعل‬ ‫النبي ‪ ‬أمرهم قريشا ً‬
‫أحسن ما يستطيع ‪..‬‬ ‫بالبقاء في بيوتهم لئل‬
‫ركبت مع أحد الشباب في‬ ‫يقتلوا ‪ ..‬فمن كان في غير‬
‫سيارته ‪ ..‬فإذا قيادته جيدة ‪..‬‬ ‫بيته استحق المقاتلة ‪..‬‬
‫وكنت أعلم أنه وقع له حادث‬ ‫ففهم من قول النبي ‪: ρ‬‬
‫تصادم قبل اسبوع ‪..‬‬ ‫يرفع يده من القتل ‪ ..‬أي‬
‫فسألته ‪ :‬ألحظ أن قيادتك جيدة‬ ‫يقتل كل من وقف أمامه ‪..‬‬
‫‪ ..‬فلماذا صدمت قبل أسبوع ؟!‬ ‫حتى يرفع يده بالسيف لنه‬
‫قال ‪ :‬كان ل بد أن أصدم !!‬ ‫ل يجد من يقتل ‪!!..‬‬
‫قلت عجبا ً !!‬ ‫فأتى الرجل خالدا ً فصاح‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬كان ل بد أن‬ ‫به ‪ :‬يا خالد ‪ ..‬إن رسول الله‬
‫أصدم ‪ ..‬أتدري لماذا ؟‬ ‫‪ .. ρ‬يقول ‪ :‬اقتل من قدرت‬
‫قلت ‪ :‬لماذا ؟!‬ ‫عليه !‬
‫قال ‪:‬‬ ‫فقتل خالد سبعين إنسانا ً ‪..‬‬
‫أقبلت بسيارتي على جسر ‪..‬‬ ‫فأتي رجل النبي ‪ .. ρ‬قال ‪:‬‬
‫وكنت مسرعا ً ‪..‬‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬هذا خالد‬
‫فلما نزلت منه فإذا السيارات‬ ‫يقتل ‪..‬‬
‫أمامي متوقفة صفوفا ً ‪..‬‬ ‫فعجب النبي ‪ .. ρ‬كيف يقتل‬
‫ل أدري ما السبب ‪ ..‬حادث في‬ ‫وقد نهاه ‪..‬؟!‬
‫المام ‪ ..‬أو نقطة تفتيش ‪ ..‬ل‬
‫‪132‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كان واضحا ً من نبرة صوته لما‬ ‫أدري ‪ ..‬المهم أني تفاجات‬
‫اتصل بي ‪ ..‬أنه كن غضبانا ً يكتم‬ ‫بها ‪..‬‬
‫غيظه قدر المستطاع ‪..‬‬ ‫كان أمامي أربعة مسارات‬
‫ليست هذه هي النبرة التي‬ ‫كلها مليئة بالسيارات ‪..‬‬
‫تعودت عليها من فهد ‪..‬‬ ‫وكنت مخيرا ً بين أن أنحرف‬
‫شعرت أن عنده شيئا ً ‪..‬‬ ‫عنها كلها وأسقط من فوق‬
‫بدأ كلمه ‪ ..‬متحدثا ً عن الفتن‬ ‫الجسر ‪ ..‬أو أمسك فرامل‬
‫وتعرض الناس لها ‪..‬‬ ‫بأقوى ما أستطيع وعندها‬
‫ثم احتدت النبرة ‪ ..‬وجعل يكرر ‪:‬‬ ‫ستلعب بي السيارة في‬
‫أنت داعية ‪ ..‬وطالب علم ‪..‬‬ ‫الطريق ‪..‬‬
‫وأفعالك محسوبة عليك ‪..‬‬ ‫أو الختيار الثالث ‪ ..‬وهو‬
‫قلت ‪ :‬أبا عبد الله ليتك تدخل‬ ‫أهونها ‪..‬‬
‫في الموضوع مباشرة ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬وما هو ؟!‬
‫قال ‪ :‬المحاضرة لتي ألقيتها‬ ‫قال ‪ :‬أن أصدم إحدى‬
‫في ‪ ..‬وقلت ‪..‬‬ ‫السيارات الربع الواقفة‬
‫تعجبت ‪ ..‬قلت ‪ :‬متى كان ذلك ؟‬ ‫أمامي ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬قبل ثلثة أسابيع ‪..‬‬ ‫ضحكت ‪ ..‬وقلت ‪ ..‬هاه وماذا‬
‫قلت ‪ :‬لم أذهب لتلك المنطقة‬ ‫فعلت ؟‬
‫منذ سنة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬خففت سرعتي قدر‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪ ..‬وتحدثت عن كذا ‪..‬‬ ‫استطاعتي ‪ ..‬واخترت‬
‫ثم تبين لي أن صاحبي ‪ ..‬بلغته‬ ‫أرخص السيارات التي‬
‫إشاعة فصدقها ‪ ..‬وبنى على‬ ‫أمامي ‪ ..‬و ‪ ..‬و ‪ ..‬صدمتها ‪..‬‬
‫أساسها مناصحته ‪ ..‬وموقفه ‪..‬‬ ‫فكرت فيما قال ‪ ..‬فرأيت‬
‫وكلمه ‪..‬‬ ‫أنه ل يستحق اللوم كثيرا ً ‪..‬‬
‫صحيح أنني ل أزال أحبه ‪ ..‬لكن‬ ‫وذلك أن الختيارات التي‬
‫نظرتي إليه قصرت ‪ ..‬لنني‬ ‫كانت أمامه محدودة ‪..‬‬
‫اكتشفت أنه متسرع ‪ ..‬ومثل ما‬ ‫يعني بعض المشاكل ليس‬
‫جة ( ‪!!..‬‬ ‫يقولون ) يطير في الع ّ‬ ‫لها حل ‪ ..‬شخص أبوه‬
‫كم هم أولئك الذين يبنون‬ ‫عصبي ‪ ..‬نصحه بجميع‬
‫مواقفهم ونظراتهم على‬ ‫الساليب ‪ ..‬ما نفع ‪ ..‬ماذا‬
‫إشاعات ‪..‬‬ ‫يفعل ؟‬
‫قليل منهم من يأتيك مناصحا ً ‪..‬‬
‫ليكتشف بعدها أنه كان يجري‬ ‫لفتة ‪..‬‬
‫وراء إشاعة ‪..‬‬ ‫ضع نفسك موضع الملوم‬
‫وكثير منهم من تنطبع هذه‬ ‫وفكر من وجهة نظره ‪ ..‬ثم‬
‫ون على‬ ‫الشاعة في قلبه ‪ ..‬ويك ّ‬ ‫احكم عليه ‪..‬‬
‫أساسه تصوره عنك ‪ ..‬وهي‬
‫كذبة ‪..‬‬ ‫تأكد من الخطأ‬ ‫‪.39‬‬
‫أحيانا ً يشاع أن فلنا ً فعل كذا‬ ‫قبل النصيحة ‪..‬‬
‫‪133‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فبينما رسول الله ‪ ρ‬مع أصحابه‬ ‫وكذا ‪..‬‬
‫دف ‪..‬‬ ‫يوما ً ‪ ..‬إذ جاء وفد ال ّ‬
‫ص ِ‬ ‫فلجل أن تحتفظ بقدرك‬
‫وهم بضعة عشر راكبا ‪ ..‬فأقبلوا‬ ‫عنده ‪ ..‬تأكد من الخبر قبل‬
‫إلى مجلس النبي ‪ .. ρ‬فجلسوا و‬ ‫الكلم عنه ‪..‬‬
‫لم يسلموا ‪..‬‬ ‫وهذا منهج النبي ‪.. ‬‬
‫فسألهم ‪ " :‬أمسلمون أنتم ؟ "‬ ‫أتى رجل إلى النبي ‪.. ρ‬‬
‫قالوا ‪ :‬نعم ‪ ..‬قال ‪ " :‬فهل‬ ‫فنظر النبي ‪ ‬إليه ‪..‬‬
‫سلمتم ؟ " ‪..‬‬ ‫فإذا رجل رث الهيئة ‪ ..‬مغبر‬
‫فقاموا قياما ً فقالوا ‪ :‬السلم‬ ‫الشعر ‪ ..‬فأراد ‪ ρ‬أن ينصحه‬
‫عليك أيها النبي ورحمة الله‬ ‫ليصلح من هيئته ‪ ..‬لكنه‬
‫وبركاته ‪..‬‬ ‫خشي أن يكون الرجل فقيرا ً‬
‫فقال ‪ " :‬وعليكم السلم ‪..‬‬ ‫أصل ً ‪ ..‬ليس ذا مال ‪..‬‬
‫اجلسوا " ‪ ..‬فجلسوا ثم سألوه ‪ρ‬‬ ‫فقال له ‪ :‬هل لك من مال ؟‬
‫عن أوقات الصلوات ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫وفي عهد عمر ‪ .. ‬توسعت‬ ‫قال ‪ :‬من أي المال ‪..‬؟‬
‫بلد السلم ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬من كل المال ‪ ..‬من‬
‫فعين عمر سعد بن أبي وقاص‬ ‫البل ‪ ..‬والرقيق ‪..‬‬
‫أميرا ً على الكوفة ‪..‬‬ ‫والخيل ‪ ..‬والغنم ‪..‬‬
‫كان أهل الكوفة حينذاك‬ ‫قال ‪ :‬فإذا آتاك الله مال ً ‪..‬‬
‫مشاغبين على ولتهم ‪..‬‬ ‫فلُير عليك ‪..‬‬
‫أرسل نفر منهم رسالة إلى‬ ‫ثم قال ‪ :‬تنتج إبل قومك‬
‫الخليفة عمر ‪ .. ‬يشتكون إليه‬ ‫صحاح آذانها ‪ ..‬فتعمد إلى‬
‫من سعد ‪..‬‬ ‫الموسى ‪ ..‬فتقطع آذانها ‪..‬‬
‫وذكروا عيوبا ً كثيرة ‪ ..‬حتى إنهم‬ ‫فتقول ‪ :‬هذه بحيرة ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬ول يحسن أن يصلي !!‬ ‫وتشقها ‪ ..‬أو تشق‬
‫فلما قرأ عمر الكتاب ‪ ..‬لم‬ ‫جلودها ‪..‬‬
‫يتسرع باتخاذ قرار ‪ ..‬ول كتابة‬ ‫وتقول ‪:‬هذه صرم ‪..‬‬
‫نصيحة ‪..‬‬ ‫فتحرمها عليك وعلى‬
‫وإنما أرسل محمد بن مسلمة‬ ‫أهلك ‪..‬‬
‫إلى الكوفة معه كتاب إلى‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫سعد ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فإن ما أعطاك الله لك‬
‫)‪(47‬‬
‫وأمره أن يسير مع سعد ويسأل‬ ‫حل ‪ ..‬موسى الله أحد ‪..‬‬
‫الناس عنه ‪..‬‬ ‫وفي عام الوفود ‪ ..‬كان‬
‫جعل محمد بن مسلمة يصلي مع‬ ‫ً‬
‫بعض الناس يأتي مسلما ‪..‬‬
‫سعد في المساجد ‪ ..‬ويسأل‬ ‫ويبايع النبي ‪ .. ρ‬وبعضهم‬
‫الناس عن سعد ‪..‬‬ ‫يأتي كافرا ً ‪ ..‬ويسلم أو‬
‫ولم يدع مسجد إل سأل عنه ‪..‬‬ ‫يعاهد ‪..‬‬
‫ول يذكرون عن سعد إل‬
‫معروفا ً ‪..‬‬ ‫) ( أخرجه الحاكم وصحح إسناده ‪.‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪134‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وطال عمره حتى مل من‬ ‫حتى دخل مسجدا ً لبني عبس‬
‫حياته ‪ ..‬واشتد فقره ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫فكان يجلس وسط الطريق‬ ‫فقام محمد بن مسلمة ‪..‬‬
‫يسأل الناس ‪ ..‬وقد سقط‬ ‫وسأل الناس عن أميرهم‬
‫حاجباه على عينيه من شدة‬ ‫سعد ؟؟‬
‫الكبر ‪ ..‬فإذا مرت به النساء مد‬ ‫فأثنوا عليه خيرا ً ‪..‬‬
‫يده يغمزهن ويتعرض لهن ‪..‬‬ ‫فقال محمد ‪ :‬أنشدكم‬
‫فكان الناس يصيحون به ‪..‬‬ ‫بالله ‪ ..‬هل تعلمون منه غير‬
‫ويسبونه ‪ ..‬فيقول ‪:‬‬ ‫ذلك ؟‬
‫وماذا أفعل !! شيخ كبير‬ ‫قالوا ‪ :‬ل نعلم إل خيرا ً ‪..‬‬
‫مفتون ‪ ..‬أصابتني دعوة الرجل‬ ‫فكرر عليهم السؤال ‪..‬‬
‫الصالح سعد بن أبي وقاص ‪..‬‬ ‫عندها قام رجل في آخر‬
‫المسجد ‪ ..‬اسمه أسامة بن‬
‫حديث ‪..‬‬ ‫قتادة ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫بئس مطية الرجل زعموا ‪..‬‬ ‫أما إذ نشدتنا بالله ‪ ..‬فاسمع‬
‫وكفى بالمرء إثما ً أن يحدث بكل‬ ‫‪:‬‬
‫ما سمع ‪..‬‬ ‫ً‬
‫إن سعدا كان ل يسير‬
‫بالسوية ‪ ..‬ول يعدل في‬
‫اجلدني برفق !!‬ ‫‪.40‬‬ ‫القضية ‪..‬‬
‫م‬
‫ل يعني ما تقــدم مــن كلم عــد ُ‬ ‫فعجب سعد وقال ‪ :‬أنا كذلك‬
‫اللوم أبدا ً ‪..‬‬ ‫؟‬
‫بلــى ‪ ..‬فقــد تحتــاج فــي أحيــان‬ ‫قال الرجل نعم ‪..‬‬
‫متكـــررة أن تلـــوم الخريـــن ‪..‬‬ ‫فقال سعد ‪ :‬أما والله‬
‫ولدك ‪ ..‬زوجتك ‪ ..‬صديقك ‪..‬‬ ‫لدعون بثلث ‪:‬‬
‫لكـــن يمكـــن تـــأجيله قليل ً ‪ ..‬أو‬ ‫اللهم إن كان عبدك هذا‬
‫استخدام أساليب أخف ‪..‬‬ ‫كاذبا ً ‪ ..‬وقد قام رياء‬
‫دع الملوم يحتفظ بماء وجهه ‪..‬‬ ‫وسمعة ‪..‬‬
‫بعدما فتح ‪ ‬مكة ‪ ..‬وقد قوي‬ ‫اللهم فـ ‪:‬‬
‫شأنه عند العرب ‪..‬‬ ‫أطل عمره ‪..‬‬ ‫•‬
‫وكثر الداخلون في السلم ‪..‬‬ ‫وأطل فقره ‪..‬‬ ‫•‬
‫غزا ‪ ‬بالناس حنينا ً ‪ ..‬فجاء‬ ‫وعرضه للفتن ‪..‬‬ ‫•‬
‫المشركون بأحسن صفوف ‪..‬‬ ‫ثم خرج سعد من المسجد ‪..‬‬
‫فصفت الخيل ‪..‬‬ ‫ومضى إلى لمدينة ومات‬
‫ثم صفت المقاتلة ‪ ..‬ثم صفت‬ ‫بعدها بسنوات ‪..‬‬
‫النساء من وراء ذلك ‪..‬‬ ‫أما ذلك الرجل فل زالت‬
‫ثم صفت الغنم ‪ ..‬ثم النعم ‪..‬‬ ‫دعوة سعد تلحقه ‪..‬‬
‫والمسلمون بشر كثير ‪ ..‬قد‬ ‫حتى كبرت سنه ‪ ..‬ورق‬
‫بلغوا اثني عشر ألفا ً ‪..‬‬ ‫عظمه ‪ ..‬واحدودب ظهره ‪..‬‬
‫وكان المشركون قد سبقوا إلى‬
‫‪135‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫متى صار فيؤكم وأنتم لم‬ ‫وادي حنين ‪ ..‬واختبأت‬
‫تقاتلوا ‪..‬‬ ‫كتائب منهم في جانبيه بين‬
‫كيف تطلبون من الغنيمة ‪ ..‬وهو‬ ‫الصخور ‪..‬‬
‫الذي كان يصرخ بكم لتعودوا‬ ‫فما هو إل أن ابتدأ القتال ‪..‬‬
‫وأنتم ل تستجيبون ‪!!..‬‬ ‫ودخلت جموع المسلمين في‬
‫لكنه ‪ ρ‬لم يكن يدقق على مثل‬ ‫الوادي ‪..‬‬
‫هذا ‪ ..‬فالدنيا ل تساوي عنده‬ ‫حتى تفجر عليهم الكفار من‬
‫شيئا ً ‪..‬‬ ‫كل جانب ‪ ..‬واضطرب الناس‬
‫جعلوا يتبعونه ويرددون ‪ :‬اقسم‬ ‫‪..‬‬
‫علينا فيئنا ‪..‬‬ ‫وجعلت خيل المسلمين ‪..‬‬
‫حتى تزاحموا عليه ‪ ..‬وضيقوا‬ ‫تلوذ خلف ظهورهم ‪ ..‬فلم‬
‫الطريق بين يديه ‪..‬‬ ‫يلبثوا أن انكشفت خيلهم ‪..‬‬
‫واضطروه إلى شجرة ‪ ..‬فمّر من‬ ‫ل من فّر العراب ‪..‬‬ ‫وكان أو ُ‬
‫شدة الزحام ملصقا ً لها ‪..‬‬ ‫وتسلط الكفار وظهروا ‪..‬‬
‫فتعلق رداؤه بأغصانها ‪ ..‬حتى‬ ‫فالتفت رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫سقط عن منكبيه ‪ ..‬وصار بطنه‬ ‫فإذا الجموع تفر ‪ ..‬والدماء‬
‫وظهره مكشوفا ً ‪..‬‬ ‫تسيل ‪ ..‬والخيل يضرب‬
‫فلم يغضب ‪ ..‬وإنما التفت إليهم‬ ‫بعضها في بعض ‪..‬‬
‫وقال ‪ ..‬بكل هدووووء ‪:‬‬ ‫فجعل يأمر العباس بأن‬
‫أيها الناس ‪ ..‬ردوا علي ردائي ‪..‬‬ ‫ينادي ‪ :‬يا للمهاجرين يا‬
‫فوالذي نفسي بيده لو كان لي‬ ‫للنصار ؟‬
‫عدد شجر تهامة ‪َ ..‬نعما ً لقسمته‬ ‫فرجعوا حتى ثبت ‪ ρ‬في‬
‫عليكم ‪..‬‬ ‫ثمانين أو مائة رجل ‪..‬‬
‫ثم ل تجدوني بخيل ‪ ..‬ول‬ ‫ثم نصر الله المسلمين ‪..‬‬
‫جبانا ً ‪ ..‬ول كذابا ً ‪..‬‬ ‫وانتهى القتال ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬لنه لو كان بخيل ً لمسك‬ ‫وجمعت الغنائم بين يدي‬
‫الموال لنفسه ‪..‬‬ ‫النبي ‪.. ‬‬
‫ولو كان جبانا ً لفّر مع الفارين ‪..‬‬ ‫فإذا الذين فروا من‬
‫ولو كان كذابا ً لما نصره رب‬ ‫القتال ‪ ..‬وخافوا من الرماح‬
‫العالمين ‪..‬‬ ‫والنبال ‪..‬‬
‫مواقفه ‪ ‬الرائعة كثيرة ‪..‬‬ ‫هم أول من اجتمع على‬
‫كان ‪ ‬يمشي مع بعض‬ ‫رسول الله ‪ .. ρ‬يريد‬
‫أصحابه ‪ ..‬فمر بامرأة تبكي عند‬ ‫الغنائم ‪..‬‬
‫قبر ‪ ..‬على صبي لها ‪..‬‬ ‫تعلقت العراب ‪ ..‬برسول‬
‫فقال لها ‪ : ‬اتقي الله‬ ‫الله ‪ ρ‬يقولون له ‪:‬‬
‫واصبري ‪..‬‬ ‫اقسم علينا فيئنا ‪ ..‬اقسم‬
‫وكانت المرأة باكية مهمومة ‪..‬‬ ‫علينا فيئنا ‪ ..‬يريدون الغنائم‬
‫فلم تعرف النبي ‪ .. ‬فقالت ‪:‬‬ ‫‪..‬‬
‫إليك عني ‪ ..‬وما تبالي أنت‬ ‫عجبا ً ‪ !!..‬يقسم فيئكم ‪..‬‬
‫‪136‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كان المسكين يعذب نفسه كثيرا ً‬ ‫بمصيبتي ‪..‬؟!‬
‫لنه يطالب الناس بالمثالية‬ ‫فسكت النبي ‪ .. ‬وذهب‬
‫التامة ‪ ..‬دائما ً تجده متضايقا ً من‬ ‫وتركها ‪ ..‬فقد أدى ما‬
‫زوجته ‪..‬‬ ‫عليه ‪..‬‬
‫كسرت الصحن الجديد ‪..‬‬ ‫وأدرك أن المرأة الن في‬
‫نسيت كنس الصالة ‪..‬‬ ‫وضع نفسي قد ل يناسب أن‬
‫أحرقت ثوبي الجديد بالمكواة ‪..‬‬ ‫يزاد عليها في النصح أكثر‬
‫وأولده ‪ ..‬خالد إلى الن لم‬ ‫مما سمعت ‪..‬‬
‫يحفظ جدول الضرب ‪..‬‬ ‫التفت بعض الصحابة إليها‬
‫وسعد ‪ ..‬لم يظفر بتقدير‬ ‫وقالوا ‪ :‬هذا رسول الله‬
‫ممتاز ‪..‬‬ ‫‪!!.. ‬‬
‫وسارة ‪ ..‬وهند ‪..‬‬ ‫فندمت المرأة على ما‬
‫هذا حاله في بيته ‪..‬‬ ‫قالت ‪ ..‬وقامت تحاول أن‬
‫أما بين زملئه ‪ ..‬فأعظم ‪ ..‬أبو‬ ‫تلحق بالنبي ‪ .. ‬حتى‬
‫عبد الله قصدني لما ذكر قصة‬ ‫وصلت بيته ‪..‬‬
‫البخيل ‪!..‬‬ ‫فلم تجد على بابه بوابين ‪..‬‬
‫والبارحة أبو أحمد يعنيني لما‬ ‫فقالت معتذرة ‪ :‬يا رسول‬
‫تكلم عن السيارات القديمة ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬لم أعرفك ‪ ..‬الن‬
‫نعم يقصد سيارتي ‪ ..‬نعم ‪ ..‬كان‬ ‫أصبر ‪..‬‬
‫ي ‪..‬‬
‫ينظر إل ّ‬ ‫فقال إنما الصبر عند‬
‫)‪(48‬‬
‫إلى آخر مواقف وتفكيرات هذا‬ ‫الصدمة الولى ‪..‬‬
‫الرجل المسكين ‪..‬‬
‫قديما ً قالوا في المثل ‪ :‬إن‬ ‫اقتل برفق ‪..‬‬
‫أطاعك الزمان وإل فأطعه ‪..‬‬ ‫إن الله كتب الحسان على‬
‫أذكر أن أعرابيا ً ‪ -‬من أصدقائي ‪-‬‬ ‫كل شيء ‪ ..‬فإذا قتلتم‬
‫كان يردد مثل ً حفظه من جده ‪..‬‬ ‫فأحسنوا القتلة ‪ ..‬وإذا‬
‫كان يسمعني إياه كثيرا ً إذا بدأت‬ ‫ذبحتم فأحسنوا الذبح ‪..‬‬
‫أتفلسف عليه ببعض‬ ‫وليحد أحدكم شفرته ‪..‬‬
‫المعلومات ‪ ..‬فكان يخرج زفيرا ً‬ ‫وليرح ذبيحته ‪ ..‬حديث رواه‬
‫طوييييل ً من صدره ثم يقول ‪:‬‬ ‫مسلم‬
‫ياااا شيخ ‪ ..‬اليد اللي ما تقدر‬
‫تلويها صافحها ‪!!..‬‬ ‫فّر من المشاكل !!‬‫ِ‬ ‫‪.41‬‬
‫وإذا تفكرت في هذا وجدته‬ ‫أظنه لو أجرى تحليل ً في‬
‫صحيحا ً ‪ ..‬فنحن إذا لم نعود‬ ‫مستشفى بدائي لكتشف‬
‫أنفسنا على التسامح وتمشية‬ ‫في جسمه عشرة أنواع من‬
‫المور ‪ ..‬أو بمعنى آخر‬ ‫المراض ‪ ..‬أهونها الضغط‬
‫التغابي ‪ ..‬وعدم الغراق في‬ ‫والسكر ‪..‬‬
‫التفسيرات والظنون ‪ ..‬وإل‬
‫فسوف نتعب كثيرا ً ‪..‬‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪48‬‬

‫‪137‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وقد كان منهج النبي ‪.. ρ‬‬ ‫ليس الغبي بسيد في‬
‫التسامح عموما ً ‪ ..‬فكان يستمتع‬ ‫قومه ‪ ..‬لكن سيد قومه‬
‫بحياته ‪..‬‬ ‫المتغابي‬
‫كان يدخل ‪ ‬على أهله‬ ‫وأذكر أن شابا ً متحمسا ً أقبل‬
‫أحيانا ً ‪ ..‬في الضحى ‪ ..‬وهو‬ ‫إلى شيخه يريده أن يساعده‬
‫جائع ‪ ..‬فيسألهم ‪ :‬هل عندكم‬ ‫في اختيار زوجة تكون‬
‫من شيء ‪ ..‬عندكم طعام ‪..‬‬ ‫رفيقة دربه حتى الممات ‪..‬‬
‫فيقولون ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫فقال الشيخ ‪ :‬ما هي‬
‫فيقول ‪ : ‬إني إذا صائم ‪..‬‬ ‫الصفات التي ترغب وجودها‬
‫ولم يكن يصنع لجل ذلك‬ ‫في زوجتك ؟‬
‫م لم‬ ‫مشاكل ‪ ..‬ما كان يقول ‪ :‬ل ِ َ‬ ‫فقال ‪ :‬منظرها جميل ‪..‬‬
‫تصنعوا طعاما ً ‪ِ ..‬لم لم تخبروني‬ ‫وقوامها طويل ‪ ..‬وشعرها‬
‫لشتري ‪ ..‬إني إذا صائم ‪..‬‬ ‫حرير‪ ..‬ورائحتها عبير ‪..‬‬
‫)‪(49‬‬
‫وانتهى المر ‪..‬‬ ‫لذيذة الطعام ‪ ..‬عذبة‬
‫وكان في تعامله مع الناس ‪..‬‬ ‫الكلم ‪ ..‬إن نظرت إليها‬
‫يتعامل بكل سماحة ‪..‬‬ ‫سرتني ‪ ..‬وإن غبت عنها‬
‫قال كلثوم بن الحصين ‪ ..‬كان‬ ‫حفظتني ‪ ..‬ل تخالف لي‬
‫من خيار الصحابة ‪..‬‬ ‫أمرا ً ‪ ..‬ول أخشى منها‬
‫قال ‪ :‬غزوت مع رسول الله ‪ρ‬‬ ‫شرا ً ‪ ..‬لها دين يرفعها ‪..‬‬
‫غزوة تبوك ‪ ..‬فسرت ذات ليلة‬ ‫وحكمة تنفعها ‪..‬‬
‫معه ونحن بوادي "الخضر" ‪..‬‬ ‫وراح يسرد من صفات‬
‫أطالوا المشي ‪ ..‬فجعل يغلبه‬ ‫الكمال المتفرقة في النساء‬
‫النعاس ‪..‬‬ ‫ويجمعها في امرأة واحدة ‪..‬‬
‫وجعلت ناقته تقترب من ناقة‬ ‫فلما أكثر على الشيخ ‪ ..‬قال‬
‫النبي ‪ .. ‬ويستيقظ فجأة ‪..‬‬ ‫له ‪ :‬يا ولدي ‪ ..‬عندي‬
‫فيبعدها ‪ ..‬خوفا ً من أن يصيب‬ ‫طلبك ‪..‬‬
‫رحل ناقته رجل النبي ‪.. ‬‬ ‫قال ‪ :‬أين ؟ قال ‪ :‬في الجنة‬
‫حتى غلبته عينه في بعض‬ ‫بإذن الله ‪ ..‬أما في الدنيا‬
‫الطريق ‪ ..‬فزاحمت راحلته‬ ‫فعود نفسك التسامح ‪..‬‬
‫راحلة النبي ‪ .. ‬وضرب رحله‬ ‫نعم في الدنيا عود نفسك‬
‫رجل النبي ‪ .. ‬فآلمه ‪..‬‬ ‫التسامح ‪ ..‬ل تعذب نفسك‬
‫فقال النبي ‪ ‬من حر ما يجد ‪:‬‬ ‫بالبحث عن مشاكل‬
‫س"‬ ‫"ح ّ‬ ‫لثارتها ‪ ..‬والنقاش حولها ‪..‬‬
‫فاستيقظ كلثوم ‪ ..‬فاضطرب‬ ‫فيوما ً تصرخ في وجه جليس‬
‫وقال ‪:‬‬ ‫‪ :‬أنت تقصدني بكلمك ؟‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬استغفر لي ‪..‬‬ ‫ويوما ً في وجه ولدك ‪ :‬أنت‬
‫سْر ‪..‬‬ ‫فقال ‪ ‬بكل سماحة ‪ِ :‬‬ ‫تريد أن تحزنني بكسلك ؟‬
‫ويوما ً في وجه زوجتك ‪ :‬أنت‬
‫تتعمدين إهمال بيتك ؟ ‪...‬‬
‫) ( رواه أبو داود ‪ -‬صحيح‬ ‫‪49‬‬

‫‪138‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فدخل إلى المسجد طفلن ‪..‬‬ ‫سْر ‪..‬‬
‫ِ‬
‫الحسن والحسين ‪ ..‬ابنا فاطمة‬ ‫سْر ‪ ..‬ولم يعمل قضية‬ ‫نعم ‪ِ :‬‬
‫‪.. ‬‬ ‫‪ ..‬لماذا تضايقني ؟ الطريق‬
‫فأقبل إلى جدهما رسول الله ‪‬‬ ‫واسع ! ما الذي جاء بك‬
‫‪ ..‬وهو يصلي ‪..‬‬ ‫بجانبي ؟! ل ‪ ..‬لم يتعب‬
‫فكان إذا سجد ‪ ..‬وثب الحسن‬ ‫نفسه ‪ ..‬ضربة رجل ‪..‬‬
‫والحسين على ظهره ‪..‬‬ ‫وانتهت ‪..‬‬
‫فإذا أراد ‪ ‬أن يرفع رأسه ‪..‬‬ ‫ً‬
‫كان هذا أسلوبه ‪ ‬دائما ‪..‬‬
‫تناولهما بيديه من خلفه تناول ً‬ ‫جلس يوما ً بين أصحابه ‪..‬‬
‫رفيقا ً ‪..‬‬ ‫فأقبلت إليه امرأة ببردة ‪..‬‬
‫ووضعهما عن ظهره ‪ ..‬فجلسا‬ ‫قطعة قماش ‪..‬‬
‫جانبا ً ‪..‬‬ ‫فقالت ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫فإذا عاد لسجوده ‪ ..‬عادا فوثبا‬ ‫إني نسجت هذه بيدي ‪..‬‬
‫على ظهره ‪..‬‬ ‫أكسوكها ‪..‬‬
‫حتى قضى ‪ ‬صلته ‪..‬‬ ‫فأخذها النبي ‪ .. ‬وكان‬
‫فأخذهما بكل رفق ‪ ..‬وأقعدهما‬ ‫محتاجا ً إليها ‪..‬‬
‫على فخذيه ‪..‬‬ ‫وقام ودخل بيته ‪..‬‬
‫فقام أبو هريرة ‪ .. ‬فقال ‪ :‬يا‬ ‫فلبسها ‪ ..‬ثم خرج إلى‬
‫دهما ‪..‬؟ يعني‬ ‫رسول الله ‪ ..‬أر ّ‬ ‫أصحابه وهي إزاره ‪..‬‬
‫أعيدهما لمهما ‪..‬؟‬ ‫فقال رجل من القوم ‪ :‬يا‬
‫فلم يعجل ‪ ‬عليهما ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ..‬اكسنيها ‪..‬‬
‫ثم لبث قليل ً ‪ ..‬فبرقت برقة من‬ ‫فقال ‪ : ‬نعم ‪..‬‬
‫السماء ‪..‬‬ ‫ثم رجع ‪ .. ‬فخلعها‬
‫فقال لهما ‪ : ‬الحقا بأمكما ‪..‬‬ ‫وطواها ‪ ..‬ولبس إزارا ً قديما ً‬
‫)‪(51‬‬
‫فقاما فدخل على أمهما ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وفي يوم آخر ‪..‬‬ ‫ثم أرسل بها إلى الرجل ‪..‬‬
‫خرج النبي عليه ‪ .. ‬على‬ ‫فقال الناس للرجل ‪ :‬ما‬
‫أصحابه في إحدى صلتي الظهر‬ ‫أحسنت ‪ ..‬سألته إياها وقد‬
‫أو العصر ‪..‬‬ ‫علمت أنه ل يرد سائل ً ؟!‬
‫وهو حامل الحسن أو الحسين ‪..‬‬ ‫فقال الرجل ‪ :‬والله ما‬
‫فتقدم إلى موضع صلته ‪..‬‬ ‫سألته ‪ ..‬إل لتكون كفني‬
‫فوضعه ‪ ..‬ثم كبر مصليا ً‬ ‫يوم أموت ‪..‬‬
‫بالناس ‪..‬‬ ‫فلما مات الرجل ‪ ..‬كفنه‬
‫فسجد رسول الله ‪ ‬سجدة ‪..‬‬ ‫أهله فيها )‪.. (50‬‬
‫أطالها ‪ ..‬حتى خشي عليه‬ ‫ما أجمل احتواء الناس بهذه‬
‫أصحابه أن يكون قد أصابه شيء‬ ‫التعاملت ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫قام ‪ ‬يوما ً يؤم أصحابه في‬
‫صلة العشاء ‪..‬‬
‫‪ ( ) 51‬رواه أحمد وقال الهيثمحي ‪ :‬رجحاله‬
‫ثقات‬ ‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪50‬‬

‫‪139‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ما هي عليه ‪..‬‬ ‫ثم رفع من سجوده ‪..‬‬
‫وفي رحلة الحج ‪..‬‬ ‫وبعد انتهاء الصلة ‪ ..‬سأله‬
‫خرج ‪ ‬مع أصحابه ‪ ..‬فنزلوا‬ ‫أصحابه ‪ ..‬قالوا ‪ :‬يا رسول‬
‫منزل ً ‪ ..‬فذهب النبي ‪ ‬فقضى‬ ‫الله ‪ ..‬لقد سجدت في‬
‫حاجته ‪..‬‬ ‫صلتك هذه سجدة ما كنت‬
‫ثم جاء إلى حوض ماء فتوضأ‬ ‫تسجدها ‪ !!..‬أشيء أمرت‬
‫منه ‪..‬‬ ‫به ؟ أو كان يوحى إليك ؟‬
‫ثم قام ‪ ‬ليصلي ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ‬كل ذلك لم‬
‫جاء جابر بن عبد الله ‪.. ‬‬ ‫يكن ‪ ..‬ولكن ابني ارتحلني ‪..‬‬
‫فوقف عن يسار رسول الله‬ ‫فكرهت أن أعجله ‪ ..‬حتى‬
‫‪ .. ‬وكّبر مصليا ً معه ‪..‬‬ ‫يقضي حاجته ‪.. (52) ..‬‬
‫فأخذ النبي ‪ ‬بيده ‪ ..‬فأداره‬ ‫ودخل ‪ ‬يوما ً على أم هانئ‬
‫حتى أقامه عن يمينه ‪..‬‬ ‫بنت أبي طالب ‪ .. ‬وكان‬
‫ومضيا في صلتهما ‪..‬‬ ‫جائعا ً ‪..‬‬
‫فجاء جبار بن صخر ‪.. ‬‬ ‫فقال ‪ :‬هل عندك من طعام‬
‫فتوضأ ‪..‬‬ ‫نأكله ؟‬
‫ثم أقبل فقام عن يسار رسول‬ ‫فقالت ‪ :‬ليس عندي إل كسر‬
‫الله ‪.. ‬‬ ‫يابسة ‪ ..‬وإني لستحي أن‬
‫فأخذ ‪ ‬بأيديهما جميعا ً – بكل‬ ‫أقدمها إليك ‪..‬‬
‫هدوء ‪ -‬فدفعهما حتى أقامهما‬ ‫فقال ‪ :‬هلمي بهن ‪..‬‬
‫خلفه )‪.. (54‬‬ ‫فأتته بهن ‪ ..‬فكسرهن في‬
‫وفي يوم كان ‪ ‬جالسا ً ‪..‬‬ ‫ماء ‪ ..‬وجاءت بملح فذرته‬
‫فأقلبت إليه أم قيس بنت‬ ‫عليه ‪..‬‬
‫محصن بابن لها حديث الولدة ‪..‬‬ ‫فجعل ‪ .. ‬يأكل هذا الخبز‬
‫ليحنكه ويدعو له ‪..‬‬ ‫مخلوطا ً بالماء ‪..‬‬
‫فأخذه ‪ ‬فجعله في حجره ‪..‬‬ ‫فالتفت إلى أم هانئ وقال ‪:‬‬
‫فلم يلبث الصغير أن بال في‬ ‫هل من إدام ؟‬
‫حجر النبي ‪ .. ‬وبلل ثيابه‬ ‫فقالت ‪ :‬ما عندي يا رسول‬
‫بالبول ‪..‬‬ ‫ل" ‪..‬‬ ‫الله إل شيء من "خ ّ‬
‫فلم يزد النبي ‪ ‬على أن دعا‬ ‫فقال ‪ :‬هلميه ‪..‬‬
‫بماء فنضحه على أثر البول‬ ‫فجاءته به ‪ ..‬فصبه على‬
‫)‪.. (55‬‬ ‫طعامه ‪ ..‬فأكل منه ‪..‬‬
‫وانتهى المر ‪ ..‬لم يغضب ‪ ..‬ولم‬ ‫ثم حمد الله عز وجل ‪ ..‬ثم‬
‫يعبس ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم الدام الخل )‪.. (53‬‬
‫فلماذا نعذب نحن أنفسنا ونصنع‬ ‫نعم ‪ ..‬كان يعيش حياته كما‬
‫من الحبة قبة ‪ ..‬ليس شرطا ً أن‬ ‫هي ‪ ..‬يتقبل المور بحسب‬
‫يكون كل ما يقع حولك مرضيا ً‬
‫‪ ( ) 52‬الحاكم في المستدرك‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪54‬‬
‫‪ ( ) 53‬رواه الطبراني في الوسط ‪،‬‬
‫) (‬ ‫‪55‬‬
‫وأصله في الصحيحين‬
‫‪140‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫نعم ل تتصيد الخطاء ‪ ..‬وتتبع‬ ‫لك ‪.. %100‬‬
‫العورات ‪ ..‬كن سمحا ً ‪..‬‬ ‫ً‬
‫وإن تجد عيبا فسدّ الخلل‬
‫وكان ‪ ‬حريصا ً على عدم إثارة‬ ‫جل من ل عيب فيه وعل‬
‫المشكلت أصل ً ‪..‬‬ ‫بعض الناس يحرق أعصابه ‪..‬‬
‫في مجلس هادئ مع بعض‬ ‫ويكبر القضايا ‪ ..‬وبعض الباء‬
‫أصحابه ‪ ..‬صفت فيه النفوس ‪..‬‬ ‫والمهات كذلك ‪ ..‬وربما‬
‫واطمأنت القلوب ‪ ..‬قال ‪‬‬ ‫بعض المدرسين والمدرسات‬
‫لصحابه ‪:‬‬ ‫كذلك ‪..‬‬
‫أل ل يبلغني أحد منكم عن أحد‬ ‫ول تفتش عن الخطاء‬
‫من أصحابي شيئا ً ‪ ..‬فإني أحب‬ ‫الخفية ‪..‬‬
‫أن أخرج إليكم وأنا سليم‬ ‫وكن سمحا في قبول أعذار‬ ‫ً‬
‫الصدر ‪.. (57) ..‬‬ ‫الخرين ‪ ..‬خاصة من‬
‫ل تعذب نفسك ‪..‬‬ ‫يعتذرون إليك حفاظا ً على‬
‫ل تثر على نفسك الغبار ما دام‬ ‫محبتهم معك ‪ ..‬ل لجل‬
‫ساكنا ً ‪ ..‬وإن ثار فسدّ أنفك‬ ‫مصالح شخصية ‪..‬‬
‫مك ‪ ..‬واستمتع بحياتك ‪..‬‬ ‫ب ِك ُ ّ‬ ‫اقبل معاذير من يأتيك‬
‫معتذرا ً‬
‫اعترف بخطئك ‪ ..‬ل‬ ‫‪.42‬‬ ‫إن بّر عندك‬
‫تكابر ‪..‬‬ ‫فيما قال أو فجرا‬
‫كثير من المشاكل التي ربما‬ ‫فقد أطاعك من يرضيك‬
‫تستمر العداوة بسببها ‪ ..‬سنة‬ ‫ظاهره‬
‫وسنتين ‪ ..‬وربما العمر كله ‪..‬‬ ‫وقد أجّلك‬
‫يكون حلها أن يقول أحدهما‬ ‫من يعصيك مستترا ً‬
‫للخر ‪ :‬أنا أخطأت ‪ ..‬وأعتذر ‪..‬‬ ‫وانظر إلى رسول الله ‪.. ‬‬
‫موعد أخلفته ‪ ..‬أو مزحة‬ ‫وقد رقى منبره يوما ً ‪..‬‬
‫ثقيلة ‪..‬أو كلمة نابية ‪ ..‬سارع‬ ‫وخطب بأصحابه فرفع صوته‬
‫إلى إطفاء شرارها قبل أن‬ ‫حتى أسمع النساء العواتق‬
‫تضطرم النار بسببها ‪..‬‬ ‫في خدورها داخل‬
‫ي ‪ ..‬ما‬
‫أنا آسف ‪ ..‬حقك عل ّ‬ ‫بيوتهن ‪!!..‬‬
‫يصير خاطرك إل طيب ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ‬يا معشر من آمن‬
‫ما أجمل أن نتواضع ونسمع‬ ‫بلسانه ولم يدخل اليمان‬
‫الناس هذه العبارات ‪..‬‬ ‫إلى قلبه ‪ ..‬ل تغتابوا‬
‫وقعت خصومة بين أبي ذر وبلل‬ ‫المسلمين ‪ ..‬ول تتبعوا‬
‫‪ ..‬رضي الله عنهما ‪ ..‬وهما‬ ‫عوراتهم ‪..‬فإنه من يتبع‬
‫صحابيان ‪ ..‬لكنهما بشر ‪..‬‬ ‫عورة أخيه ‪ ..‬يتبع الله عورته‬
‫فغضب أبو ذر ‪ ..‬وقال لبلل ‪ :‬يا‬ ‫‪ ..‬ومن يتبع الله عورته ‪..‬‬
‫ابن السوداء ‪..‬‬ ‫يفضحه ولو في جوف بيته ‪..‬‬
‫)‪.. (56‬‬
‫) ( أخرجه أبو داود ‪ ،‬صحيح ‪.‬‬ ‫‪57‬‬
‫) ( أخرجه أبو يعلى ‪ ،‬صحيح ‪.‬‬ ‫‪56‬‬

‫‪141‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫محاورة ‪ ..‬فأغضب أبو بكر‬ ‫فشكاه بلل إلى رسول الله‬
‫عمَر ‪..‬‬ ‫‪.. ‬‬
‫فانصرف عنه عمُر مغضبا ً ‪..‬‬ ‫فدعاه النبي ‪ ‬فقال ‪:‬‬
‫فلما رأى أبو بكر ذلك ‪ ..‬ندم ‪..‬‬ ‫أساببت فلنا ً ؟‬
‫وخشي أن يتطور المر ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫فانطلق يتبع عمر ‪ ..‬ويقول ‪:‬‬ ‫قال ‪ :‬فهل ذكرت أمه ؟‬
‫استغفر لي يا عمر ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬من يسابب الرجال ‪..‬‬
‫وعمر ل يلتفت إليه ‪ ..‬وأبو بكر‬ ‫ذكر أبوه وأمه يا رسول‬ ‫ُ‬
‫يعتذر ‪ ..‬ويمشي وراءه حتى‬ ‫الله ‪..‬‬
‫وصل عمر إلى بيته ‪ ..‬وأغلق‬ ‫فقال ‪ : ‬إنك امرؤ فيك‬
‫بابه في وجهه ‪..‬‬ ‫جاهلية ‪..‬‬
‫فمضى أبو بكر إلى رسول الله‬ ‫فتغير أبو ذر ‪ ..‬وقال ‪ :‬على‬
‫‪.. ‬‬ ‫ساعتي من الكبر ‪..‬؟‬
‫فلما رآه النبي ‪ ‬مقبل ً من بعيد‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫‪ ..‬رآه متغيرا ً ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫ثم أعطاه النبي ‪ ‬منهجا ً‬
‫أما صاحبكم هذا فقد غامر ‪..‬‬ ‫يتعامل به مع من هم أقل‬
‫جلس أبو بكر ساكتا ً ‪..‬‬ ‫منه فقال ‪:‬‬
‫فلم تمض لحظات ‪ ..‬حتى ندم‬ ‫إنما هم إخوانكم ‪ ..‬جعلهم‬
‫عمر على ما كان منه ‪ ..‬وكانت‬ ‫الله تحت أيديكم ‪ ..‬فمن كان‬
‫قلوبهم بيضاء ‪..‬‬ ‫أخوه تحت يده ‪ ..‬فليطعمه‬
‫فأقبل إلى مجلس رسول الله‬ ‫من طعامه ‪ ..‬وليلبسه من‬
‫‪ .. ‬فسلم وجلس بجانب النبي‬ ‫لباسه ‪ ..‬ول يكلفه ما‬
‫‪ .. ‬وقص عليه الخبر ‪..‬‬ ‫يغلبه ‪ ..‬فإن كلفه ما يغلبه‬
‫وحكى كيف أعرض عن أبي بكر‬ ‫فليعنه عليه ‪..‬‬
‫ولم يقبل اعتذاره ‪..‬‬ ‫فماذا فعل أبو ذر ‪ ‬؟!‬
‫فغضب رسول الله ‪.. ‬‬ ‫مضى أبو ذر حتى لقي‬
‫فلما رأى أبو بكر غضبه ‪ ..‬جعل‬ ‫بلل ً ‪ ..‬ثم اعتذر ‪ ..‬وقعد‬
‫يقول ‪ :‬والله يا رسول الله ‪..‬‬ ‫على الرض ‪ ..‬بين يدي‬
‫لنا كنت أظلم ‪ ..‬أنا كنت‬ ‫بلل ‪ ..‬ثم جعل يقرب من‬
‫أظلم ‪..‬‬ ‫الرض حتى وضع خده على‬
‫وجعل يدافع عن عمر ويعتذر‬ ‫التراب وقال ‪ :‬يا بلل ‪ ..‬طأ‬
‫)‪(58‬‬
‫له ‪..‬‬ ‫برجلك على خدي ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ‬هل أنتم تاركون لي‬ ‫هكذا كان الصحابة ‪ ‬في‬
‫صاحبي ؟ هل أنتم تاركون لي‬ ‫حرصهم على إطفاء نار‬
‫صاحبي ؟ إني قلت ‪ :‬يأيها‬ ‫العداوة قبل اشتعالها ‪ ..‬فإن‬
‫الناس إني رسول الله إليكم‬ ‫اشتعلت منعوها من‬
‫جميعا ً ‪ ..‬فقلتم ‪ :‬كذبت ‪ ..‬وقال‬ ‫المتداد ‪..‬‬
‫أبو بكر ‪ :‬صدقت )‪.. (59‬‬ ‫وقعت بين أبي بكر وعمر ‪‬‬
‫) ( البخاري‬ ‫‪59‬‬ ‫) ( رواه مسلم مختصرا ً‬ ‫‪58‬‬

‫‪142‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الموقف ‪ ..‬وإطفاء النار ‪..‬‬ ‫وانتبه أن تكون ممن يصلح‬
‫وأخيرا ً ‪ ..‬إذا أردت أن يقبل‬ ‫الناس ويفسد نفسه ‪ ..‬يدور‬
‫الناس منك ملحظتك ‪ ..‬ونصحك‬ ‫بها كما يدور الحمار في‬
‫‪ ..‬أيا ً كانوا ‪ ..‬زوجة ‪ ..‬ولدا ً ‪..‬‬ ‫الرحى ‪..‬‬
‫أختا ً ‪..‬‬ ‫فإذا كنت في موضع توجيه‬
‫فكن أنت متقبل ً للنصح أصل ً ‪..‬‬ ‫أو اقتداء ‪ ..‬كمدرس مع‬
‫غير متكبر عنه ‪..‬‬ ‫طلبه ‪ ..‬وأب مع أولده ‪ ..‬أو‬
‫كان كثيرا ً ما يقول لها ‪ :‬اعتن‬ ‫أم ‪ ..‬وكذلك الزوجان مع‬
‫بأولدك أكثر ‪ ..‬اطبخي جيدا ً ‪..‬‬ ‫بعضهما ‪..‬‬
‫إلى متى أقول ‪ :‬رتبي غرفة‬ ‫وزع عمر ‪ ‬ثيابا ً على الناس‬
‫النوم ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فنال كل واحد قطعة‬
‫وكانت تردد دائما ً بكل أريحية ‪:‬‬ ‫قماش تكفيه إزارا ً أو رداءً ‪..‬‬
‫أبشر ‪ ..‬إن شاء الله ‪ ..‬أمرك ‪..‬‬ ‫ثم قام يخطب الناس يوم‬
‫قالت له يوما ً – ناصحة ‪ : -‬الولد‬ ‫الجمعة ‪..‬‬
‫في أيام اختبارات ويحتاجون‬ ‫فقال في أول خطبته ‪ :‬إن‬
‫وجودك بينهم ‪ ..‬فل تتأخر إذا‬ ‫الله كتب لي عليكم السمع‬
‫خرجت لصحابك ‪ ..‬فما كاد‬ ‫والطاعة ‪..‬‬
‫يسمع منها ذلك حتى صاح بها ‪:‬‬ ‫فقام رجل من القوم‬
‫لست متفرغا ً لهم ‪ ..‬أتأخر أو ل‬ ‫وقال ‪ :‬ل سمع لك ول طاعة‬
‫أتأخر ‪ ..‬ليس شغلك ‪ ..‬ليس لك‬ ‫‪..‬‬
‫ي ‪..‬‬
‫دخل ف ّ‬ ‫فقال عمر ‪ :‬لمه ؟‬
‫فبالله عليك قل لي ‪ :‬كيف‬ ‫قال ‪ :‬لنك قسمت علينا ثوبا ً‬
‫تريدها أن تقبل منه نصحا ً بعد‬ ‫‪ ..‬ثوبا ً ‪ ..‬وأنت تلبس ثوبين‬
‫ذلك !!‬ ‫جديدين ‪..‬‬
‫وأخيرا ً ‪..‬‬ ‫أي إزارك ورداؤك ‪ ..‬كلهما‬
‫الذكي ‪ ..‬هو الذي يسد الفتحات‬ ‫نلحظ أنه جديد ‪..‬‬
‫في جداره حتى ل يستطيع‬ ‫فقال عمر ‪ :‬قم يا عبد الله‬
‫الناس أن يسترقوا النظر ‪..‬‬ ‫بن عمر ‪ ..‬فقام ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫بمعنى ‪ :‬أن ل تفتح مجال ً لشك‬ ‫ألست دفعت لي ثوبك‬
‫الناس فيك ‪..‬‬ ‫لخطب به ‪..‬؟‬
‫أذكر أن إحدى الجمعيات الدعوية‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫استدعت مجموعة من الدعاة‬ ‫فقعد الرجل وقال ‪ :‬الن‬
‫لعقد محاضرات في ألبانيا ‪..‬‬ ‫نسمع ونطيع ‪ ..‬وانتهت‬
‫كان رئيس المراكز الدعوية في‬ ‫المشكلة ‪..‬‬
‫ألبانيا حاضرا ً الجتماع ‪..‬‬ ‫ي ‪ ..‬أنا‬
‫عزيزي ل تعجل عل ّ‬
‫نظرنا إليه ‪ ..‬فإذا ليس في خديه‬ ‫معك أن أسلوب الرجل لما‬
‫شعرة واحدة ‪..‬‬ ‫اعترض على عمر ‪ ..‬غير‬
‫فنظر بعضنا إلى بعض‬ ‫مناسب ‪ ..‬لكن العجب هو‬
‫مستغربا ً ‪ !!..‬فقد جرت العادة‬ ‫من قدرة عمر على استيعاب‬
‫‪143‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫شجاعة ‪..‬‬ ‫أن يكون الداعية ملتزما ً‬
‫ليست الشجاعة أن تصر على‬ ‫بهدي رسول الله ‪ ‬معفيا ً‬
‫خطئك ‪ ..‬وإنما أن تعترف به ‪..‬‬ ‫لحيته ‪ ..‬ولو بعضها ‪ ..‬فكيف‬
‫ول تكرره مرة أخرى ‪..‬‬ ‫برئيس الدعاة ؟!‬
‫فلما ابتدأ الجتماع قال لنا‬
‫مفاتيح الخطاء!‬ ‫‪.43‬‬ ‫ضاحكا ً ‪ :‬يا جماعة ‪ ..‬أنا أمرد‬
‫التعامل مع الخطاء فن ‪ ..‬فلكل‬ ‫‪ ..‬أصل ً ل ينبت لي لحية ‪ ..‬ل‬
‫باب مفتاح ‪ ..‬وللقلوب دروب ‪..‬‬ ‫تعملوا لي محاضرة إذا‬
‫إذا وقع أحد في خطأ كبير ‪..‬‬ ‫انتهينا ‪..‬‬
‫وانتشر خبره في الناس ‪ ..‬وبدأ‬ ‫تبسمنا وشكرناه ‪..‬‬
‫الناس يترقبون ماذا تفعل‬ ‫وإن شئت فارحل معي إلى‬
‫فأشغلهم بشيء ‪ ..‬حتى يكون‬ ‫المدينة ‪ ..‬وانظر إلى رسول‬
‫عندك وقت لدراسة المر ‪ ..‬حتى‬ ‫الله ‪ ‬وقد كان معتكفا ً في‬
‫ل يتجّرأ أحد على مثل فعله ‪ ..‬أو‬ ‫مسجده في ليالي رمضان ‪..‬‬
‫يتعودوا على مثل هذا الخطأ ‪..‬‬ ‫فأقبلت إليه زوجه صفية‬
‫خرج ‪ ‬مع أصحابه في غزوة‬ ‫بنت حيي ‪ ‬زائرة ‪..‬‬
‫بني المصطلق ‪..‬‬ ‫فمكثت عنده قليل ً ‪..‬‬
‫وأثناء رجوعهم ‪ ..‬نزلوا‬ ‫ثم قامت لتعود لبيتها ‪..‬‬
‫يستريحون ‪..‬‬ ‫فلم يشأ النبي ‪ ‬أن تعود‬
‫فأرسل المهاجرون غلما ً لهم‬ ‫في ظلمة الليل وحدها ‪..‬‬
‫اسمه ‪ :‬جهجاه بن مسعود ‪..‬‬ ‫فقام معها ليوصلها ‪..‬‬
‫ليستقي لهم من البئر ماءً ‪..‬‬ ‫فمشى معها في الطريق ‪..‬‬
‫وأرسل النصار غلما ً لهم اسمه‬ ‫فمر به رجلن من النصار ‪..‬‬
‫‪ :‬سنان بن وبر الجهني ‪..‬‬ ‫فلما رأيا النبي ‪ ‬والمرأة‬
‫ليستقي لهم أيضا ً ‪..‬‬ ‫معه ‪ ..‬أسرعا ‪..‬‬
‫فازدحم الغلمان على الماء ‪..‬‬ ‫فقال ‪ ‬لهما ‪ :‬على‬
‫فكسع أحدهما صاحبه ‪ ..‬أي‬ ‫رسلكما إنها صفية بنت حيي‬
‫ضربه على مؤخرته ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫فصرخ الجهني ‪ :‬يااااا معشر‬ ‫فقال ‪ :‬سبحان الله يا رسول‬
‫النصار ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬أي ‪ :‬أُيعقل أن نشك‬
‫وصرخ جهجاه ‪ :‬يااااا معشر‬ ‫فيك أن يكون معك امرأة‬
‫المهاجرين ‪..‬‬ ‫أجنبية عنك ‪!!..‬‬
‫فثار النصار ‪ ..‬وثار‬ ‫فقال ‪ : ‬إن الشيطان‬
‫المهاجرون ‪..‬‬ ‫يجري من النسان مجرى‬
‫واشتد الخلف ‪ ..‬والقوم‬ ‫الدم ‪ ..‬وإني خشيت أن‬
‫قادمون من حرب ‪ ..‬ول يزالون‬ ‫يقذف في قلوبكما شرا ً ‪..‬‬
‫بسلحهم !!‬ ‫أو قال شيئا ً ‪.. (60) ..‬‬
‫فانطلق ‪ .. ‬حتى اطفأ ما‬
‫بينهم ‪..‬‬ ‫) ( متفق عليه‬ ‫‪60‬‬

‫‪144‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قومه النصار ‪ ..‬أسلم من أن‬ ‫فتحركت الفاعي ‪..‬‬
‫يقتله رجل من المهاجرين ‪..‬‬ ‫غضب عبد الله بن أبي بن‬
‫ففقال عمر ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫سلول ‪ ..‬وعنده رهط من‬
‫من مر به عباد ابن بشر‬ ‫قومه النصار ‪..‬‬
‫النصاري فليقتله ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬أوقد فعلوها!! قد‬
‫لكن رسول الله كان أحكم ‪..‬‬ ‫نافرونا ‪ ..‬وكاثرونا في بلدنا‬
‫فهم قادمون من حرب ‪..‬‬ ‫دنا وجلبيب‬ ‫‪ ..‬والله ما أع ّ‬
‫والناس بسلحهم ‪ ..‬والنفوس‬ ‫قريش هذه ‪ ..‬إل كما قال‬
‫مشحونة ‪ ..‬وليس من المناسب‬ ‫من كلبك يأكلك ‪..‬‬ ‫سـ ّ‬
‫الول ‪َ :‬‬
‫إثارتهم أكثر ‪..‬‬ ‫وع كلبك يتبعك !!‬ ‫وج ّ‬
‫فقال ‪ : ‬فكيف يا عمر اذا‬ ‫ثم قال الخبيث ‪ :‬أما والله‬
‫تحدث الناس أن محمدا ً يقتل‬ ‫لئن رجعنا الى المدينة ‪..‬‬
‫أصحابه ؟!‬ ‫ل ‪..‬‬‫ليخرجن العّز منها الذ ّ‬
‫ل يا عمر ‪ ..‬ولكن آذن الناس‬ ‫ثم أقبل على من حضره من‬
‫بالرحيل ‪..‬‬ ‫قومه فقال ‪ :‬هذا ما فعلتم‬
‫و‬
‫وكان الناس قد نزلوا للت ّ‬ ‫بأنفسكم ‪ ..‬أحللتموهم‬
‫واستظلوا ‪ ..‬فكيف يأمرهم‬ ‫بلدكم ‪ ..‬وقاسمتموهم‬
‫بالرحيل ‪ ..‬في شدة الحر‬ ‫أموالكم ‪ ..‬أما والله لو‬
‫والشمس ‪..‬‬ ‫أمسكتم عنهم ما بأيديكم ‪..‬‬
‫ولم تكن عادته ‪ ‬أن يرتحل في‬ ‫لتحولوا إلى غير داركم ‪..‬‬
‫شدة الحر ‪..‬‬ ‫وجعل الخبيث يهدد‬
‫ارتحل الناس ‪..‬‬ ‫ويتوعد ‪ ..‬والذين عنده من‬
‫وبلغ عبد الله بن سلول أن‬ ‫أنصاره المنافقين ‪ ..‬يؤيدونه‬
‫رسول الله ‪ .. ‬أخبره زيد بن‬ ‫ويشجعونه ‪..‬‬
‫أرقم بما سمع منه ‪..‬‬ ‫كان من بين الجالسين غلم‬
‫فأقبل ابن سلول إلى رسول‬ ‫صغير ‪ ..‬اسمه زيد ابن‬
‫الله ‪ .. ‬وجعل يحلف بالله ‪..‬‬ ‫أرقم ‪..‬‬
‫ما قلت ‪ ..‬ول تكلمت به ‪ ..‬كذب‬ ‫فمضى إلى رسول الله ‪‬‬
‫ي الغلم ‪..‬‬‫عل ّ‬ ‫فأخبره الخبر ‪..‬‬
‫وكان ابن سلول رئيسا ً في‬ ‫وكان عمر بن الخطاب‬
‫قومه ‪ ..‬شريفا عظيما ‪..‬‬ ‫جالسا ً عند النبي ‪.. ‬‬
‫فقال النصار ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫فثار ‪ ..‬كيف يجرؤ هذا‬
‫م في‬ ‫وه َ‬‫عسى أن يكون الغلم أ ْ‬ ‫المنافق على رسول الله ‪‬‬
‫حديثه ‪ ..‬ولم يحفظ ما قال‬ ‫بهذا السلوب القبيح ‪..‬‬
‫الرجل ‪..‬‬ ‫ورأى عمر أن قتل الفعى‬
‫وجعلوا يدافعون عن ابن‬ ‫أولى من قطع ذيلها ‪ ..‬ورأى‬
‫سلول ‪..‬‬ ‫أن قتل ابن سلول ‪ ..‬يقضي‬
‫فأقبل سيد من سادة النصار ‪..‬‬ ‫على الفتنة في مهدها ‪..‬‬
‫أسيد بن حضير ‪ ..‬فحياه بتحية‬ ‫ولكن أن يقتله رجل من‬
‫‪145‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يتربصون بهم ‪..‬‬ ‫النبوة وسلم عليه ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫فشعر ‪ ‬أن الجيش بدأ‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬والله لقد‬
‫ينقسم ‪ ..‬فأراد أن يشغلهم عن‬ ‫رحت في ساعة منكرة ‪ ..‬ما‬
‫المشكلة ‪ ..‬وعن النقاش فيها ‪..‬‬ ‫كنت تروح في مثلها !!‬
‫لنهم يزيدون أوارها ‪..‬‬ ‫فالتفت إليه ‪ ‬وقال ‪ :‬أو ما‬
‫ويشعلون الفتنة بين المهاجرين‬ ‫بلغك ما قال صاحبكم ؟‬
‫والنصار ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أي صاحب يا رسول‬
‫وصار الناس يترقبون متى‬ ‫الله ؟‬
‫ينزلون حتى يجتمع بعضهم إلى‬ ‫قال ‪ :‬عبد الله بن أبي ‪..‬‬
‫بعض ويتحدثوا في المر ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬وما قال ؟‬
‫فمشى ‪ ‬بالناس يومهم ذلك‬ ‫قال ‪ :‬زعم أنه ان رجع الى‬
‫والشمس فوقهم ‪ ..‬ومشى‬ ‫المدينة أخرج العّز منها‬
‫ومشى حتى غابت الشمس ‪..‬‬ ‫الذ ّ‬
‫ل ‪..‬‬
‫فظن الناس أنهم سينزلون‬ ‫فثار أسيد وقال ‪ :‬فأنت‬
‫للصلة ويرتاحون ‪ ..‬فلم ينزل‬ ‫والله يا رسول الله تخرجه‬
‫إل دقائق معدودات ‪ ..‬صلوا ثم‬ ‫إن شئت ‪ ..‬هو والله‬
‫أمرهم فارتحلوا ‪ ..‬وواصل‬ ‫الذليل ‪ ..‬وأنت العزيز ‪..‬‬
‫المشي ليلتهم حتى أصبح ‪..‬‬ ‫ثم قال أسيد مخففا ً على‬
‫ثم نزل فصلى الفجر ‪ ..‬ثم‬ ‫رسول الله ‪: ‬‬
‫أمرهم فارتحلوا ‪..‬‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬ارفق ‪ ..‬لقد‬
‫ومشوا صباحهم حتى تعبوا ‪..‬‬ ‫جاءنا الله بك وإن قومه‬
‫وآذتهم الشمس ‪..‬‬ ‫لينظمون له الخرز‬
‫فلما شعر أن الرهاق والتعب‬ ‫ليتوجوه ‪ ..‬فإنه ليرى أنك قد‬
‫سيطر عليهم ‪ ..‬فليس فيهم‬ ‫استلبته ملكا ً ‪..‬‬
‫جهد للكلم ‪..‬‬ ‫فسكت النبي ‪ .. ‬ومضى‬
‫أمرهم فنزلوا ‪ ..‬فما كادت‬ ‫براحلته ‪ ..‬والناس منهم من‬
‫أجسادهم تمس الرض ‪ ..‬حتى‬ ‫يجمع متاعه ‪ ..‬ومنهم من‬
‫وقعوا نياما ‪..‬‬ ‫يرحل راحلته ‪..‬‬
‫وإنما فعل ذلك ليشغل الناس‬ ‫وجعلت الحادثة تنتشر ‪..‬‬
‫عما حدث ‪..‬‬ ‫وصارت أحاديث الجيش ‪.. :‬‬
‫ثم أيقظهم ‪ ..‬وارتحل بهم ‪..‬‬ ‫لماذا ارتحلنا في هذا‬
‫وواصل حتى دخل المدينة ‪..‬‬ ‫الوقت ‪ ..‬ماذا قال ؟ كيف‬
‫وتفرق الناس في بيوتهم عند‬ ‫تعامل معه ؟ صدق ابن‬
‫أهليهم ‪..‬‬ ‫سلول ‪ ..‬ل بل كذب ‪..‬‬
‫وأنزل الله تعالى سورة‬ ‫وبدأت الشائعات تزيد ‪..‬‬
‫المنافقين ‪:‬‬ ‫قص ‪..‬‬ ‫والكلم يزاد فيه وُين َ‬
‫قوا‬ ‫ف ُ‬‫ن َل ُتن ِ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬‫ه ُ‬
‫) ُ‬ ‫واضطرب الجيش ‪ ..‬وهم‬
‫حّتى‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫سو ِ‬ ‫عندَ َر ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عَلى َ‬ ‫َ‬ ‫في طريقهم من قتال ‪..‬‬
‫ت‬
‫وا ِ‬‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫خَزائ ِ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬
‫ضوا َ‬ ‫ف ّ‬ ‫َين َ‬ ‫ويمرون بقبائل أعداء‬
‫‪146‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ن َل‬ ‫ْ َ‬
‫يجوز أن يقال إن الله يشفع عند‬ ‫قي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ول َك ِ ّ‬‫ض َ‬ ‫والْر ِ‬ ‫َ‬
‫خلقه ‪ ..‬بل يأمرهم جل جلله ‪..‬‬ ‫ن لِئن‬ ‫َ‬ ‫قولو َ‬ ‫ُ‬ ‫ن * يَ ُ‬ ‫هو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف َ‬ ‫يَ ْ‬
‫لنه أعلى وأرفع ‪..‬‬ ‫ن‬ ‫ج ّ‬ ‫ر َ‬‫خ ِ‬ ‫ة ل َي ُ ْ‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬‫عَنا إ َِلى ال ْ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ّر َ‬
‫فقال ‪ : ‬ويحك !! أتدري ما‬ ‫عّزةُ‬ ‫ه ال ْ ِ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ها اْلذَ ّ‬ ‫َ‬
‫اْل َ‬
‫ل َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫عّز ِ‬
‫تقول ؟!!‬ ‫ن‬ ‫ول َك ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫ول ِل ْ ُ‬‫ه َ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫ول َِر ُ‬ ‫َ‬
‫ثم جعل ‪ ‬يقدس الله ‪..‬‬ ‫ن ( ‪..‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل ُ‬‫َ‬ ‫ن ل يَ ْ‬ ‫َ‬ ‫قي َ‬ ‫ف ِ‬‫مَنا ِ‬ ‫ال ُ‬ ‫ْ‬
‫ويردد ‪ ..‬سبحااان الله ‪..‬‬ ‫فقرأها رسول الله ‪ .. ‬ثم‬
‫سبحااان الله ‪..‬‬ ‫أخذ بأذن الغلم زيد بن أرقم‬
‫عرف ذلك‬ ‫فما زال يسبح حتى ُ‬ ‫‪ ..‬وقال ‪ :‬هذا الذي أوفى‬
‫في وجوه أصحابه ‪..‬‬ ‫لله بأذنه ‪..‬‬
‫ثم قال ‪:‬‬ ‫وبدأ الناس يسبون ابن‬
‫ع بالله‬ ‫سَتشف ُ‬ ‫ويحك !! إنه ل ي ُ ْ‬ ‫سلول ‪ ..‬ويلومونه ‪..‬‬
‫ن الله‬ ‫على أحد من خلقه ‪ ..‬شأ ُ‬ ‫فالتفت ‪ ‬إلى عمر وقال ‪:‬‬
‫أعظم من ذلك ‪..‬‬ ‫أرأيت يا عمر ‪ ..‬لو قتلته يوم‬
‫ويحك !! أتدري ما الله ؟! إن‬ ‫ذكرت ذلك ‪ ..‬لرعدت له‬
‫عرشه على سماواته لهكذا ‪..‬‬ ‫أنوف لو أمرتها اليوم بقتله‬
‫وقال بأصابعه مثل القبة عليه ‪..‬‬ ‫لقتلته ‪..‬‬
‫وإنه ليئط به أطيط الرحل‬ ‫ثم سكت عنه ‪ .. ‬فلم‬
‫بالراكب ‪.. (61) ..‬‬ ‫يتعرض له بشيء ‪..‬‬
‫ولكن إذا وقع الخطأ من‬ ‫وأحيانا ً إذا وقع الخطأ أمام‬
‫الشخص لوحده قد يكون هناك‬ ‫الناس قد تحتاج أن تنكر‬
‫شيء من اللين ‪..‬‬ ‫عليه بأسلوب مناسب ‪ ..‬وإن‬
‫أتى رسول الله ‪ ρ‬إلى بيت‬ ‫كان أمام الناس ‪..‬‬
‫عائشة ‪ τ‬في ليلتها ‪..‬‬ ‫بينما رسول الله ‪ ‬جالسا ً‬
‫فوضع نعليه من رجليه ‪ ..‬ووضع‬ ‫يوما ً مع أصحابه ‪ ..‬وكانوا‬
‫رداءه ‪ ..‬واضطجع على‬ ‫في أيام قحط ‪ ..‬واحتباس‬
‫فراشه ‪..‬‬ ‫مطر ‪ ..‬وقلة زرع ‪..‬‬
‫فلبث كذلك ‪ ..‬حتى ظن أن‬ ‫إذ أتاه أعرابي فقال ‪:‬‬
‫عائشة قد رقدت ‪..‬‬ ‫يا رسول الله جهدت النفس‬
‫فقام من على فراشه ‪ ..‬ولبس‬ ‫‪ ..‬وضاعت العيال ‪ ..‬ونهكت‬
‫رداءه ونعليه ‪ ..‬رويدا ً ‪..‬‬ ‫الموال ‪ ..‬وهلكت النعام ‪..‬‬
‫ثم فتح الباب رويدا ً ‪ ..‬وخرج ‪..‬‬ ‫فاستسق الله لنا ‪ ..‬فإنا‬
‫وأغلقه رويدا ً ‪..‬‬ ‫نستشفع بك على الله ‪..‬‬
‫فلما رأت عائشة ذلك ‪ ..‬دخلتها‬ ‫ونستشفع بالله عليك ‪..‬‬
‫غْيرةُ النساء ‪ ..‬وخشيت أنه ذهب‬ ‫َ‬ ‫فتغير رسول الله ‪ .. ‬لما‬
‫إلى بعض نسائه ‪..‬‬ ‫سمعه يقول نستشفع بالله‬
‫فقامت ‪ ..‬ولبست درعها ‪..‬‬ ‫عليك ‪..‬‬
‫فالشفاعة والواسطة تكون‬
‫) ( رواه أبو داود‬ ‫‪61‬‬
‫من الدنى إلى العلى ‪ ..‬فل‬
‫‪147‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فسها ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫صوت ن َ َ‬ ‫وخمارها ‪ ..‬وانطلقت في‬
‫مالك يا عائش ‪ ..‬حشيا ً رابية ‪..‬‬ ‫إثره ‪ ..‬تمشي وراءه ‪ ..‬دون‬
‫قالت ‪ :‬ل شيء ‪..‬‬ ‫أن يشعر بها ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬لتخبرني ‪ ..‬أو ليخبرني‬ ‫فانطلق ‪ .. ρ‬يمشي في‬
‫اللطيف الخبير ‪..‬‬ ‫ظلمة الليل ‪ ..‬حتى جاء‬
‫فأخبرته بالخبر ‪ ..‬وأنها غارت‬ ‫مقبرة البقيع ‪..‬‬
‫عليه ‪ ..‬فانطلقت تنظر أين‬ ‫فوقف عندها ‪ ..‬ينظر إلى‬
‫يذهب ‪..‬‬ ‫قبور أصحابه ‪ ..‬الذين عاشوا‬
‫ت‬‫فقال ‪ : ρ‬أنت الذي رأي ُ‬ ‫عابدين ‪ ..‬وماتوا مجاهدين ‪..‬‬
‫أمامي ؟‬ ‫واجتمعوا تحت الثرى ‪..‬‬
‫قالت ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫ليرضى عنهم من يعلم السّر‬
‫فدفعها في صدرها ‪ ..‬دفعة ‪..‬‬ ‫وأخفى ‪..‬‬
‫ثم قال ‪:‬‬ ‫أخذ ‪ ρ‬ينظر إلى قبورهم ‪..‬‬
‫أظننت أن يحيف الله عليك‬ ‫ويتذكر أحوالهم ‪..‬‬
‫ورسوله ‪..‬‬ ‫ثم رفع يديه فدعا لهم ‪ ..‬ثم‬
‫فقالت عائشة ‪ :‬مهما يكتم ِ‬ ‫أخذ ينظر إلى القبور ‪ ..‬ثم‬
‫س ‪ ..‬يعلمه الله عز وجل ‪..‬؟‬ ‫النا ُ‬ ‫رفع يديه ثانية فدعا لهم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬ثم قال ‪ ρ‬مبينا ً لها‬ ‫ثم لبث مليا ً ‪ ..‬ثم رفعها‬
‫خبر خروجه ‪:‬‬ ‫فاستغفر لهم ‪..‬‬
‫إن جبريل عليه السلم ‪ ..‬أتاني‬ ‫وأطال القيام ‪ ..‬وعائشة‬
‫حين رأيت ‪ ..‬ولم يكن يدخل‬ ‫تنظر إليه من بعيد ‪..‬‬
‫عليك وقد وضعت ثيابك ‪..‬‬ ‫ثم التفت ‪ ρ‬وراءه راجعا ً ‪..‬‬
‫فناداني ‪ ..‬فأخفى منك فأجبته‬ ‫فلما رأت ذلك عائشة ‪..‬‬
‫وأخفيته منك ‪ ..‬وظننت أنك قد‬ ‫انحرفت إلى ورائها راجعة ‪..‬‬
‫رقدت ‪ ..‬فكرهت أن أوقظك ‪..‬‬ ‫خشية أن يشعر بها ‪..‬‬
‫وخشيت أن تستوحشي ‪..‬‬ ‫فأسرع ‪ ρ‬مشيه ‪ ..‬فأسرعت‬
‫فأمرني أن آتي أهل البقيع‬ ‫عائشة ‪..‬‬
‫فأستغفَر لهم ‪.. (62) ..‬‬ ‫ت ‪..‬‬‫فهرول ‪ ..‬فهرول ْ‬
‫نعم ‪ ..‬كان ‪ .. ρ‬سهل ً لـّينا ً ل‬ ‫فأحضَر – أي جرى مسرعا ً ‪-‬‬
‫يكبر الخطاء ‪..‬‬ ‫ت وجرت ‪..‬‬ ‫فأحضر ْ‬
‫بل كان يرددها في الناس‬ ‫حتى سبقته إلى البيت‬
‫ويقول ‪:‬‬ ‫فدخلت ‪..‬‬
‫كما عند مسلم ‪ :‬ل يفرك مؤمن‬ ‫ونزعت درعها وخمارها ‪..‬‬
‫مؤمنة ‪ ..‬إن كره منها خلقا ً ‪..‬‬ ‫وأقبلت إلى فراشها‬
‫رضي منها آخر ‪..‬‬ ‫فاضطجعت عليه ‪ ..‬كهيئة‬
‫أي ل يبغضها بغضا ً تاما ً ‪ ..‬لجل‬ ‫فسها يتردد في‬ ‫النائمة ‪ ..‬ون َ‬
‫ع يلزمها ‪..‬‬ ‫خلق عندها ‪ ..‬أو طب ٍ‬ ‫صدرها ‪..‬‬
‫فدخل ‪ ρ‬البيت ‪ ..‬فسمع‬
‫) ( رواه النسائي بسند جيد‬ ‫‪62‬‬

‫‪148‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫تظنه أعقلهم ‪ ..‬وقل ‪ :‬يا‬ ‫بل يغفر سيئتها لحسنتها ‪..‬‬
‫فلن ‪ ..‬بلغني أنكم‬ ‫فإذا رأى خطأها تذكر‬
‫ستسافرون ‪ ..‬وأنت أعقلهم ‪..‬‬ ‫صوابها ‪ ..‬وإذا شاهد سوءها‬
‫وتعلم أن هذا البلد ل يسلم‬ ‫تذكر حسنها ‪..‬‬
‫المسافر إليه من البليا‬ ‫ويتغاضى عما يكرهه من‬
‫والفتن ‪ ..‬وقد يعود مريضا ً أو‬ ‫خلقها ‪ ..‬وما ل يرضاه من‬
‫مبتلى ‪ ..‬فما رأيك أن تكسب‬ ‫تعاملها ‪..‬‬
‫أجرهم ‪ ..‬وتقترح عليهم أن‬ ‫إضاءة ‪..‬‬
‫يسافروا إلى بلد آخر ‪..‬‬ ‫ليس اللوم على من ل يقبل‬
‫تستمتعون فيه بالنهار‬ ‫النصيحة ‪ ..‬وإنما على من‬
‫والبحار ‪ ..‬واللعب والنس ‪ ..‬من‬ ‫يقدمها بأسلوب غير مناسب‬
‫غير معصية ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫ل شك أنه إذا سمع منك هذا‬
‫الكلم بالسلوب الحسن ‪..‬‬ ‫كك الحزمة ‪!!..‬‬ ‫فـ ّ‬
‫‪َ .44‬‬
‫سيقل حماسه إلى النصف ‪..‬‬ ‫إذا كان الخطأ واقعا ً من‬
‫اذهب إلى آخر ‪ ..‬وقل له مثل‬ ‫مجموعة ‪ ..‬فالصل أن‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫تنصحهم وهم مجتمعون ‪..‬‬
‫ثم قل للثالث مثله ‪..‬‬ ‫ولكن قد تحتاج أحيانا ً أن‬
‫دون أن يشعر كل منهم بحديثك‬ ‫تفكك الحزمة ‪ ..‬أعني ‪..‬أن‬
‫لصاحبه ‪..‬‬ ‫تكلم كل واحد علىا حدة ‪..‬‬
‫جع‬
‫فتجد أنهم إذا اجتمعوا ‪ ..‬وتش ّ‬ ‫وتنصحه ‪.‬‬
‫أحدهم واقترح تغيير البلد ‪..‬‬ ‫مثال ‪ :‬مررت بمجلس‬
‫وجد من يعاونه ‪..‬‬ ‫منزلكم ‪ ..‬وسمعت أخاك‬
‫أو لو اكتشفت يوما ً أن أولدك‬ ‫يتحدث مع أصدقائه – وكانوا‬
‫يجتمعون في غرفة أحدهم ‪..‬‬ ‫ضيوفا ً عنده – ويخططون أن‬
‫وينظرون إلى شريط فيديو‬ ‫يسافروا إلى بلد كذا ‪ ..‬وهذا‬
‫خليع ‪ ..‬أو مقاطع ) بلوتوث (‬ ‫البلد ل يسلم من يذهب إليه‬
‫فيها صور خليعة ‪ ..‬أو نحو‬ ‫غالبا ً من التعرض للمحرمات‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫الكبار ‪ ..‬كالزنا وشرب الخمر‬
‫فقد يكون من المناسب أن‬ ‫‪..‬‬
‫تنصح كل ً منهم على حدة ‪ ..‬لكيل‬ ‫أردت أن تنصح ‪..‬‬
‫تأخذهم العزة بالثم ‪..‬‬ ‫من الساليب أن تدخل‬
‫هل لهذا شاهد من السيرة ؟‬ ‫عليهم وتنصحهم بكلمتين ‪..‬‬
‫نعم ‪..‬‬ ‫وتخرج ‪ ..‬لكن نتيجة ذلك قد‬
‫لما اشتد الخلف بين رسول الله‬ ‫ل تكون ناجحة كثيرا ً ‪..‬‬
‫‪ ρ‬وبين قريش ‪..‬‬ ‫فما رأيك أن تفكك الحزمة ‪..‬‬
‫اجتمعت قريش وقاطعت النبي‬ ‫وتكسر كل عود على حدة ‪..‬‬
‫وجميع أقاربه من بني هاشم ‪..‬‬ ‫كيف ؟!‬
‫وكتبت صحيفة أن بني هاشم ل‬ ‫إذا تفرقوا اجلس مع من‬
‫‪149‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫عن قطيعتنا وانزلوا عنها ‪..‬‬ ‫ُيشترى منهم ‪ ..‬ول ُيباع‬
‫وإن كان كاذبا ً ‪ ..‬دفعت إليكم‬ ‫وجون ‪ ..‬ول‬ ‫عليهم ‪ ..‬ول ُيز ّ‬
‫ابن أخي فافعلوا به ما شئتم ‪..‬‬ ‫وج منهم ‪..‬‬ ‫ُيتز ّ‬
‫فقال القوم ‪ :‬قد رضينا ‪..‬‬ ‫حبس النبي ‪ ‬مع أصحابه‬ ‫و ُ‬
‫فتعاقدوا على ذلك ‪..‬‬ ‫في واٍد غير ذي زرع ‪..‬‬
‫ثم نظروا فإذا هي كما قال‬ ‫واشتدت الكربة على‬
‫رسول الله ‪ .. ρ‬فزادهم ذلك‬ ‫الصحابة حتى أكلوا الشجر ‪..‬‬
‫شرا ً ‪..‬‬ ‫بل مضى أحدهم يوما ً‬
‫وظل بنو هاشم وبنو المطلب‬ ‫ليبول ‪ ..‬فسمع صوتا ً تحته ‪..‬‬
‫في واديهم ‪ ..‬حتى كادوا أن‬ ‫فنظر فإذا قطعة من جلد‬
‫يهلكوا ‪..‬‬ ‫بعير ‪ ..‬فأخذها ‪ ..‬وغسلها‬
‫وكان من كفار قريش رجال‬ ‫وشواها بالنار ‪ ..‬ثم‬
‫رحماء ‪..‬‬ ‫فّتـَتـتها ‪ ..‬وخلطها بالماء ‪..‬‬
‫منهم ‪ :‬هشام بن عمرو ‪ ..‬وكان‬ ‫ون بها ثلثة‬ ‫وجعل يتم ّ‬
‫ذا شرف في قومه ‪..‬‬ ‫أيام !!‬
‫فكان يأتي بالبعير قد حمله‬ ‫فقال ‪ ‬يوما ً لعمه أبي‬
‫طعاما ً ‪ ..‬وبنو هاشم وبنو‬ ‫طالب – وكان محبوسا ً معهم‬
‫المطلب في الشعب ليل ً ‪..‬‬ ‫في الشعب ‪: -‬‬
‫حتى إذا بلغ به فم الشعب ‪..‬‬ ‫يا عم إن الله قد سلط‬
‫خلع خطامه من رأسه ثم ضرب‬ ‫ال ََرضة على صحيفة‬
‫على جنبه فدخل الشعب‬ ‫قريش ‪ ..‬فلم تدع فيها اسما ً‬
‫عليهم ‪..‬‬ ‫هو لله إل أثبتته فيها ‪..‬‬
‫ومضت اليام ورأى هشام ‪ ..‬أنه‬ ‫ونفت منها الظلم والقطيعة‬
‫ل طاقة له بإطعامهم كل ليلة ‪..‬‬ ‫والبهتان ‪..‬‬
‫وهم كثير ‪..‬‬ ‫أي إن دابة الرضة أكلت‬
‫فقرر أن يسعى لنقض الصحيفة‬ ‫صحيفة قريشس فلم يبق‬
‫الظالمة ‪ ..‬ولكن أنى له ذلك‬ ‫منها إل عبارة ‪ :‬باسمك‬
‫وقريش قد أجمعت عليها ‪..‬‬ ‫اللهم !!‬
‫فاتبع أسلوب تفكيك الحزمة ‪..‬‬ ‫فعجب أبو طالب وقال ‪:‬‬
‫مشى إلى زهير بن أبي أمية ‪..‬‬ ‫أربك أخبرك بهذا ؟ قال ‪:‬‬
‫وكانت أمه عاتكة بنت عبد‬ ‫نعم ‪..‬‬
‫المطلب ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فوالله ما يدخل عليك‬
‫فقال ‪ :‬يا زهير أرضيت أن تأكل‬ ‫أحد ‪ ..‬حتى أخبر قريشا ً‬
‫الطعام وتلبس الثياب وتنكح‬ ‫بذلك ‪..‬‬
‫النساء ‪ ..‬وأخوالك حيث علمت ؟‬ ‫ثم خرج إلى قريش فقال ‪:‬‬
‫ل يباع لهم ول يبتاع منهم ‪ ..‬ول‬ ‫يا معشر قريش ‪ ..‬إن ابن‬
‫ح إليهم ؟!‬ ‫كحون ول ُينك ُ‬ ‫ي ُن َ ّ‬ ‫أخي قد أخبرني بكذا وكذا ‪..‬‬
‫أما إني أحلف بالله لو كانوا‬ ‫م صحيفتكم ‪..‬‬ ‫فهل ّ‬
‫أخوال أبي الحكم بن هشام ‪- ..‬‬ ‫فإن كانت كما قال فانتهوا‬
‫‪150‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قال ‪ :‬زهير بن أبي أمية‬ ‫يعني أبا جهل ‪ ..‬وكان‬
‫والمطعم بن عدي وأنا معك ‪..‬‬ ‫أشدهم عداوة للمؤمنين‬
‫قال ‪ :‬أبغنا خامسا ً ‪..‬‬ ‫وتعصبا ً للمقاطعة ‪ – ..‬ما‬
‫فذهب هشام إلى زمعة بن‬ ‫تركهم على هذا لحال ‪..‬‬
‫السود ‪ ..‬فكلمه وذكر له‬ ‫قال ‪ :‬ويحك يا هشام ‪..‬‬
‫قرابتهم وحقهم ‪..‬‬ ‫فماذا أصنع ؟‬
‫فقال له ‪ :‬وهل على هذا المر‬ ‫إنما أنا رجل واحد والله لو‬
‫الذي تدعوني إليه من أحد ؟‬ ‫كان معي رجل آخر لقمت‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬فلن وفلن ‪..‬‬ ‫في نقضها ‪..‬‬
‫فاتفقوا جميعا ً على هذا الرأي ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬قد وجدت رجل ً ‪..‬‬
‫وتوعدوا عند "حطم الحجون "‬ ‫قال ‪ :‬من هو ؟‬
‫ليل ً بأعلى مكة ‪ ..‬فاجتمعوا‬ ‫قال ‪ :‬أنا ‪..‬‬
‫هنالك ‪..‬‬ ‫قال زهير ‪ :‬أبغنا ثالثا ً ‪..‬‬
‫وأجمعوا أمرهم وتعاقدوا على‬ ‫قال هشام ‪ :‬فاكتم عني ‪..‬‬
‫القيام في الصحيفة حتى‬ ‫فذهب إلى المطعم بن عدي‬
‫ينقضوها ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وكان رجل ً عاقل ً ‪ ..‬فقال‬
‫وقال زهير ‪ :‬أنا أبدؤكم فأكون‬ ‫له ‪ :‬يا مطعم ‪ ..‬أرضيت أن‬
‫أول من يتكلم ‪ ..‬ثم تقموا أنتم‬ ‫يهلك بطنان من بني عبد‬
‫فتتكلمون ‪..‬‬ ‫مناف ‪ ..‬وأنت شاهد على‬
‫فلما أصبحوا غدوا إلى‬ ‫ذلك ‪ ..‬موافق لقريش‬
‫مجالسهم حول الكعبة ‪ ..‬حيث‬ ‫فيه ؟!‬
‫يجتمع الناس ويتبايعون ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ويحك فماذا أصنع ؟‬
‫وغدا زهير بن أبي أمية عليه‬ ‫إنما أنا رجل واحد ‪..‬‬
‫حلة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬وجدت لك ثانيا ً ‪..‬‬
‫فطاف بالبيت سبعا ً ‪ ..‬ثم أقبل‬ ‫قال ‪ :‬من ؟ قال ‪ :‬أنا ‪..‬‬
‫على الناس وصرخ ‪:‬‬ ‫قال ‪ :‬أبغنا ثالثا ً ‪.‬‬
‫ياااا أهل مكة أنأكل الطعام ‪..‬؟‬ ‫قال ‪ :‬قد فعلت ‪ ..‬قال ‪ :‬من‬
‫ونلبس الثياب ‪..‬؟ وبنو هاشم‬ ‫هو ؟‬
‫هلكي !! ل يباع لهم ول يبتاع‬ ‫قال ‪ :‬زهير بن أبي أمية ‪..‬‬
‫منهم ‪ ..‬والله ل أقعد حتى تشق‬ ‫قال ‪ :‬أبغنا رابعا ً ‪..‬‬
‫هذه الصحيفة القاطعة‬ ‫قال ‪ :‬فاكتم عني ‪..‬‬
‫الظالمة ‪..‬‬ ‫فذهب إلى أبي البختري بن‬
‫فصرخ أبو جهل ‪..‬وكان في‬ ‫هشام ‪ ..‬فقال له ما قال‬
‫مجلس مع أصحابه ‪ ..‬قال ‪:‬‬ ‫لصاحبيه ‪..‬‬
‫كذبت ‪ ..‬والله ل تشق ‪..‬‬ ‫فتحمس لذلك ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫فقام زمعة بن السود وصرخ ‪:‬‬ ‫وهل تجد أحدا يعين على هذا‬
‫بل أنت والله أكذب ‪ ..‬ما رضينا‬ ‫؟‬
‫كتابتها حين كتبت ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫فالتفت إليه أبو جهل ليرد‬ ‫قال ‪ :‬من هو ؟‬
‫‪151‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ووضعناها في القدر ‪ ..‬تمهيدا ً‬ ‫عليه ‪ ..‬ففاجأه البخترى‬
‫لطبخها ‪ ..‬ولم نشعل النار بعد ‪..‬‬ ‫قائما ً يقول ‪ :‬صدق زمعة ‪..‬‬
‫وانشغلنا بنصب الخيمة ‪..‬‬ ‫ل نرضى ما كتب فيها ول‬
‫وترتيب الغراض ‪..‬‬ ‫نقر به ‪..‬‬
‫تحركت الشهامة في أبي خالد –‬ ‫فالتفت أبو جهل إلى‬
‫ويا ليتها لم تفعل ‪ -‬فقام وتوجه‬ ‫البخنري ‪..‬‬
‫إلى القدر ‪ ..‬فرأى اللحم ‪..‬‬ ‫فإذا بالمطعم بن عدى يصرخ‬
‫فأدرك أن أول شيء سنفعله هو‬ ‫‪ :‬صدقتما وكذب من قال‬
‫أن نصب الماء على اللحم ‪..‬‬ ‫غير ذلك ‪ ..‬نبرأ إلى الله‬
‫فتوجه إلى الغراض في‬ ‫منها ومما كتب فيها ‪..‬‬
‫السيارة ‪ ..‬وجعل يتلمس‬ ‫وقام هشام بن عمرو وقال‬
‫الغراض ‪ ..‬مولد كهرباء ‪..‬‬ ‫مثل قولهم ‪..‬‬
‫أسلك ‪ ..‬مصابيح ‪ ..‬أربع‬ ‫فتحير أبو جهل ‪ ..‬وسكت‬
‫مطارات بلستيك فيها ماء ‪..‬‬ ‫ضي‬ ‫هنية ثم قال ‪ :‬هذا أمر ُ‬
‫ق ِ‬
‫وبنزين ‪ ..‬وأغراض أخرى ‪..‬‬ ‫بليل ‪ ..‬تشوور فيه بغير هذا‬
‫فالتقط أقرب مطارة إليه ‪..‬‬ ‫المكان ‪..‬‬
‫وأقبل بها مبتهجا ً إلى القدر ‪..‬‬ ‫ثم انطلق المطعم بن عدي‬
‫وأفرغ نصفها فيه ‪..‬‬ ‫إلى الكعبة ‪ ..‬وتوجه إلى‬
‫لمحه أحدنا ‪ ..‬فصرخ به ‪ ..‬ل ‪ ..‬ل‬ ‫الصحفية ليشقها ‪ ..‬فوجد‬
‫‪ ..‬أبو خالد ‪..‬‬ ‫دابة الرضة قد أكلتها ‪ ..‬إل‬
‫وهو يردد ‪ :‬خلوني أشتغل ‪..‬‬ ‫باسمك اللهم ‪..‬‬
‫خلوني ‪..‬‬
‫ً‬
‫فسحبنا المطارة منه فورا ‪..‬‬ ‫كن ذكيا ً ‪..‬‬
‫وغرقنا في الضحك الذي يغالبه‬ ‫الطبيب الحاذق يتلمس أول ً‬
‫البكاء ‪..‬‬ ‫بأصابعه ‪ ..‬فيختار الموضع‬
‫لننا اكتشفنا أنها مطارة‬ ‫المناسب قبل غرز البرة ‪..‬‬
‫البنزين ‪ ..‬وليست مطارة‬
‫الماء ‪!!..‬‬ ‫جلد الذات !!‬ ‫‪.45‬‬
‫وتغدينا على خبز وشاي ‪..‬‬ ‫من الذكريات ‪..‬‬
‫لم تفسد الرحلة ‪ ..‬بل كانت من‬ ‫أنا خرجنا مرة للبر ‪ ..‬وكان‬
‫أمتع الرحلت ‪..‬‬ ‫معنا أبو خالد ‪ ..‬صديق لنا‬
‫ولماذا نعذب أنفسنا بأمر قد‬ ‫نظره ضعيف جدا ً ‪..‬‬
‫انتهى ‪..‬‬ ‫كنا نخدمه ‪ ..‬نقرب إليه الماء‬
‫وأذكر أيضا ً ‪:‬‬ ‫‪ ..‬التمر ‪ ..‬القهوة ‪ ..‬وهو‬
‫لما كنت في الثانوية خرجت مع‬ ‫يردد ‪ :‬ل بد أن أساعدكم ‪..‬‬
‫بعض الزملء في رحلة ‪..‬‬ ‫أريد أن أشتغل معكم ‪..‬‬
‫تعطلت بطارية إحدى‬ ‫كلفوني بأي عمل ‪..‬‬
‫السيارات ‪..‬‬ ‫ونحن ننهاه عن ذلك ‪..‬‬
‫أقبلنا بسيارة أخرى وأوقفاناها‬ ‫ذبحنا شاة معنا ‪ ..‬وقطعناها‬
‫‪152‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫حسنا ً ‪ ..‬ووضعت فوق رأسك‬ ‫أمامها لنوصل ببطاريتها‬
‫غترة وعقال ً ‪ ..‬حتى صرت أجمل‬ ‫البطارية المتعطلة ‪..‬‬
‫من العريس !!‬ ‫أقبل طارق ووقف بين‬
‫وبدأت تصافح الناس واحدا ً‬ ‫السيارتين ‪ ..‬وشبك السلك‬
‫واحدا ً ‪ ..‬وفجأة أقبل طفل من‬ ‫في بطارية السيارة‬
‫ورائك ‪ ..‬وتعلق بطرف غترتك ‪..‬‬ ‫الولى ‪ ..‬ثم شبكها في‬
‫وسحبها فسقطت الغترة‬ ‫البطارية المتعطلة ‪ ..‬ثم‬
‫والعقال ‪ ..‬والطاقية ‪ ..‬وصار‬ ‫أشار لحد الشباب ‪ ..‬شغل‬
‫شكلك مضحكا ً ‪..‬‬ ‫السيارة ‪..‬‬
‫كيف تتصرف؟‬ ‫ركب صاحبنا ‪ ..‬وكان ناقل‬
‫كثير منا يتعامل مع هذه‬ ‫الحركة ) القير ( على رقم‬
‫المشكلة بأسلوب هو ليس حل ً‬ ‫واحد ‪ ..‬فما إن شغل‬
‫لها ‪..‬‬ ‫السيارة حتى قفزت السيارة‬
‫يركض وراء الصغير ‪ ..‬يصرخ ‪..‬‬ ‫إلى المام وصكت ركبتي‬
‫يسب ‪ ..‬يلعن ‪..‬‬ ‫طارق بين صدامي‬
‫والنتيجة ‪ :‬أنه حقق ما كان‬ ‫السيارتين ‪ ..‬ووقع على‬
‫يريده الطفل من جذب انتباه ‪..‬‬ ‫الرض مصابا ً ‪..‬‬
‫وضجة ‪ ..‬وأضحك الناس عليه ‪..‬‬ ‫وصاحبنا في السيارة يردد ‪:‬‬
‫وربما صوره بعضهم وصار‬ ‫أشغل مرة ثانية ؟!!‬
‫بلوتوثا ً يتناقلونه ‪!!..‬‬ ‫أبعدنا السيارتين ‪ ..‬وساعدنا‬
‫أنت هنا – حقيقة – ل تعذب‬ ‫طارق على المشي ‪ ..‬كان‬
‫الطفل إنما تعذب نفسك ‪..‬‬ ‫يعرج ويتألم من ركبتيه‬
‫أو افرض أنك ‪..‬‬ ‫بشدة ‪..‬‬
‫لبست ثوبا ً جديدا ً ‪ ..‬ربما لم‬ ‫لكنه أعجبني أنه لم يزد ألمه‬
‫تسدد قيمته بعد ‪..‬‬ ‫ب ‪ ..‬أو توبيخ ‪..‬‬ ‫بصراخ أو س ّ‬
‫وذهبت إلى شركة لتقدم على‬ ‫بل ابتسم وأظهر الرضى ‪..‬‬
‫وظيفة ‪..‬‬ ‫وما فائدة الصراخ ؟ والمر‬
‫مررت بأحد البواب كان مدهونا ً‬ ‫قد انتهى ‪ ..‬وصاحبنا أدرك‬
‫و ‪ ..‬وبجانبه لوحة‬ ‫بالطلء للت ّ‬ ‫خطأه ‪..‬‬
‫تحذيرية لم تنتبه لها ‪..‬‬ ‫إذا أردت أن تستمتع‬
‫وفجأة مسحت نصف الطلء‬ ‫بحياتك ‪ ..‬فاعمل بهذه‬
‫بثوبك ‪ ..‬وطفق عامل الطلء‬ ‫القاعدة ‪:‬‬
‫يصرخ بك سابا ً غضبابا ً ‪..‬‬ ‫ل تهتم بصغائر المور ‪..‬‬
‫كيف تتعامل مع هذه المشكلة ؟‬ ‫نحن أحيانا ً نعذب أنفسنا ‪..‬‬
‫نحن في كثير من الحيان أيضا ً‬ ‫ونجلدها ‪..‬‬
‫نتعامل معها بأسلوب ليس حل ً‬ ‫ونضيق ونتألم ‪ ..‬واللم ل‬
‫لها ‪..‬‬ ‫يحل المشكلة ‪..‬‬
‫م لم‬ ‫ب العامل ‪ ..‬ل ِ َ‬ ‫نثور ‪ ..‬نس ّ‬ ‫افرض أنك دخلت إلى حفل‬
‫تضع لوحة واضحة ‪ ..‬فيرد عليك‬ ‫عرس ‪ ..‬وقد لبست ثوبا ً‬
‫‪153‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يوم عاد ‪ ‬إلى المدينة ‪ ..‬وقد‬ ‫بغضب ‪ ..‬وقد تكون النتيجة‬
‫نقص سبعون من أصحابه ‪..‬‬ ‫أن تتلطخ بتراب الرض أكثر‬
‫فرأى النساء الرامل والطفال‬ ‫مما تلطخت بطلء الباب !!‬
‫اليتامى ‪ ..‬يبحثون عن أحبابهم‬ ‫على رسلك ‪ ..‬تدري أنت‬
‫وآبائهم ‪..‬‬ ‫الن ماذا تفعل ؟! إنك تعذب‬
‫فعل ً ‪ ..‬كان ذلك اليوم قاسيا ً ‪..‬‬ ‫نفسك ‪ ..‬تجلد ذاتك ‪..‬‬
‫كانت عائشة تنتظر الجواب ‪..‬‬ ‫وقل مثل ذلك لو تزينت‬
‫فقال ‪: ‬‬ ‫وذهبت خاطبا ً ‪ ..‬فمرت بك‬
‫ما لقيت من قومك كان أشد منه‬ ‫سيارة وأنت خارج من‬
‫‪..‬‬ ‫البيت ‪ ..‬ورشت عليك من‬
‫يوم العقبة ‪ ..‬إذ عرضت‬ ‫ماء كان مجتمعا ً على‬
‫نفسي ‪..‬‬ ‫الرض ‪ ..‬هل ستعذب نفسك‬
‫ثم ذكر لها قصة استنصاره بأهل‬ ‫فتصرخ وتزعق بالسيارة‬
‫الطائف ‪ ..‬وتكذيبهم له ‪ ..‬ورمي‬ ‫وركابها ‪ ..‬وهي قد وّلتك‬
‫سفهائهم له بالحجارة حتى‬ ‫ظهرها ‪..‬‬
‫أدموا قدميه ‪.. (63) ..‬‬ ‫وكذلك ‪..‬‬
‫ومع وجود هذه اللم في تاريخ‬ ‫ً‬
‫ل داعي لنتذكر دائما اللم‬
‫حياته ‪ .. ‬إل أنه كان ل يسمح‬ ‫التي مستنا في حياتنا ‪..‬‬
‫لها أن تنغص عليه استمتاعه‬ ‫محمد ‪ ‬مرت به لحظات‬
‫بالحياة ‪..‬‬ ‫حزينة في حياته ‪..‬‬
‫ل تستحق اللتفات إليها ‪ ..‬وقد‬ ‫حتى جلس يوما ً مع زوجه‬
‫مضت آلمها وبقيت حسناتها ‪..‬‬ ‫الحنون عائشة ‪ .. ‬في‬
‫م ‪..‬‬
‫إذن ل تقتل نفسك باله ّ‬ ‫لحظة ساكنة ‪ ..‬فسألته ‪:‬‬
‫وكذلك ل تقتل الناس بالهم‬ ‫هل أتى عليك يوم أشد عليك‬
‫واللوم ‪..‬‬ ‫من يوم أحد ؟‬
‫ً‬
‫نحن أحيانا نتعامل مع بعض‬ ‫مّرت تلك المعركة في ذاكرة‬
‫المشاكل بأساليب هي في‬ ‫النبي ‪.. ‬‬
‫الحقيقة ليست حل ً لها ‪..‬‬ ‫آآآه ‪ ..‬ما أقسى ذلك اليوم ‪..‬‬
‫كان الحنف بن قيس سيد بني‬ ‫قتل عمه حمزة وهو من‬ ‫يوم ُ‬
‫تميم ‪..‬‬ ‫أحب الناس إليه ‪..‬‬
‫لم يكن ساد قومه بقوة جسد ‪..‬‬ ‫يوم وقف ينظر إلى عمه‬
‫ول كثرة مال ‪ ..‬ول ارتفاع نسب‬ ‫جدع‬ ‫وقرة عينه ‪ ..‬وقد ُ‬
‫‪..‬‬ ‫أنفه ‪ ..‬وقطعت أذناه ‪..‬‬
‫وإنما سادهم بالحلم والعقل ‪..‬‬ ‫مّزق‬‫ق بطنه ‪ ..‬و ُ‬ ‫و ُ‬
‫ش ّ‬
‫حقد عليه قوم ‪..‬‬ ‫جسده ‪..‬‬
‫فأقبلوا إلى سفيه من‬ ‫يوم كسرت أسنانه ‪.. ‬‬
‫سفهائهم وقالوا له ‪:‬‬ ‫جرح وجهه ‪ ..‬وسالت منه‬ ‫و ُ‬
‫هذه ألف درهم على أن تذهب‬ ‫الدماء ‪..‬‬
‫يوم قتل أصحابه بين يديه ‪..‬‬
‫‪.‬‬ ‫) ( تقدمت القصة كاملة ص‬ ‫‪63‬‬

‫‪154‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫مضى الرجل إليه ‪ :‬واقترب من‬ ‫إلى سيد بني تميم ‪..‬‬
‫حارثة ‪ ..‬فإذا عينا حارثة تلتمع‬ ‫الحنف بن قيس ‪ ..‬فتلطمه‬
‫شررا ً ‪..‬‬ ‫على وجهه ‪..‬‬
‫وقف السفيه عليه ‪ ..‬ورفع يده‬ ‫مضى السفيه ‪ ..‬فإذا الحنف‬
‫ولطمه على وجهه ‪ ..‬فما كادت‬ ‫جالس مع رجال ‪ ..‬محتبيا ً‬
‫يده تفارق خده حتى التقط‬ ‫بكل رزانة ‪ ..‬قد ضم ركبتيه‬
‫حارثة سيفه ‪ ..‬وقطع يده ‪!!..‬‬ ‫إلى صدره ‪ ..‬وجعل يحدث‬
‫وقديما ً قيل ‪ :‬الفائز هو الذي‬ ‫قومه ‪..‬‬
‫يضحك في النهاية !!‬ ‫اقترب السفيه منه ‪ ..‬ودنا ‪..‬‬
‫د‬
‫ودنا ‪ ..‬فلما وقف عنده ‪ ..‬م ّ‬
‫قناعة ‪..‬‬ ‫الحنف إليه رأسه ظانا ً أنه‬
‫التعامل مع المشكلة بأساليب‬ ‫سيسّر إليه بشيء ‪..‬‬
‫ليست حل ً لها ‪ ..‬يعذبك ‪ ..‬ول‬ ‫فإذا بالسفيه يرفع يده‬
‫يحل المشكلة !!‬ ‫ويلطم الحنف على وجهه‬
‫لطمة كادت تمزق خده !!‬
‫مشاكل ليس لها حل ‪..‬‬ ‫‪.46‬‬ ‫نظر الحنف إليه ‪ ..‬ولم يح ّ‬
‫ل‬
‫كم ترى من الناس غاضبا ً وهو‬ ‫حبوته ‪ ..‬وقال بكل‬
‫يقود سيارته ‪..‬‬ ‫هدوووء ‪:‬‬
‫وربما ضرب بيديه على‬ ‫لماذا لطمتني ؟!!‬
‫مقودها ‪ ..‬وردد ‪ ..‬أوووه دائما ً‬ ‫قال ‪ :‬قوم أعطوني ألف‬
‫زحمة ‪ ..‬زحمة ‪..‬‬ ‫درهم على أن ألطم سيد‬
‫أو قد تراه يمشي في الطريق ‪..‬‬ ‫بني تميم ‪..‬‬
‫ول يحتمل أن يكلمه أحد ‪ ..‬بل‬ ‫فقال الحنف ‪ ..‬آآآه ‪ ..‬ما‬
‫متضايق أشد الضيق ‪ ..‬ويردد ‪:‬‬ ‫صنعت شيئا ً ‪..‬‬
‫أوووف حررر شديييد ‪!!..‬‬ ‫لست سيد بني تميم ‪!..‬‬
‫وربما كنت زميل ً له في مكتب‬ ‫قال ‪ :‬عجبا ً !! فأين سيد بني‬
‫واحد ‪ ..‬تبتلى برؤيته كل يوم ‪..‬‬ ‫تميم ‪..‬‬
‫ويشغلك كلما جلس ‪ " ..‬ياخي‬ ‫قال ‪ :‬هل ترى ذاك الرجل‬
‫العمل كثييير ‪ ..‬أوووه إلى متى‬ ‫الجالس وحده ‪ ..‬وسيفه‬
‫ما يزيدون رواتبنا " ‪ ..‬ويدخل‬ ‫بجانبه ؟‬
‫عابسا ً ‪ ..‬ويخرج ساخطا ً ‪..‬‬ ‫وأشار إلى رجل اسمه حارثة‬
‫وربما أكثر التشكي من آلم بدنه‬ ‫بن قدامة ‪ ..‬امتل غضبا ً‬
‫‪ ..‬أو إعاقة ولده ‪..‬‬ ‫سم غضبه‬ ‫وغيظا ً ‪ ..‬لو ُ‬
‫ق ّ‬
‫ل بد أن نقتنع جميعا ً أننا تواجهنا‬ ‫ة لكفاهم ‪..‬‬ ‫على أم ٍ‬
‫في حياتنا مشاكل ليس لها‬ ‫قال ‪ :‬نعم أراه ‪ ..‬الجالس‬
‫حل ‪ ..‬فل بد أن نتعامل معها‬ ‫هناك ‪..‬‬
‫بأريحية ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فاذهب والطمه‬
‫قال ‪ :‬السماء كئيبة وتجهما ***‬ ‫لطمة ‪ ..‬فذاك سيد بني‬
‫قلت ‪ :‬ابتسم ‪ ،‬يكفي التجهم‬ ‫تميم ‪..‬‬
‫‪155‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪..‬‬ ‫في السما!‬
‫نعم استمتع بحياتك ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬الصبا ولى ! فقلت‬
‫انتبه أن تكون ظروفك مؤثرة‬ ‫له ‪ :‬ابتسم ***‬
‫على سلوكك ‪ ..‬في عملك ‪..‬‬ ‫لن يرجع السف الصبا‬
‫أولدك ‪ ..‬زملئك ‪..‬‬ ‫المتصرما‬
‫فما ذنبهم أن يتعذبوا بأمور‬ ‫قال ‪ :‬التي كانت سمائي‬
‫ليس هم طرفا ً فيها ‪ ..‬ول‬ ‫في الهوى ***‬
‫يملكون حلها ؟‬ ‫صارت لنفسي في الغرام‬
‫ل تجعلهم إذا رأوك ‪ ..‬أو‬ ‫جهنما‬
‫ذكروك ‪ .‬ذكروا معك الهم‬ ‫خانت عهودي بعدما ملكتها‬
‫والحزن ‪..‬‬ ‫***‬
‫لذا نهى ‪ ‬عن النياحة على‬ ‫قلبي فكيف أطيق أن‬
‫الميت ‪ ..‬والصراخ ‪ ..‬وشق‬ ‫أتبسما‬
‫الجيب ‪ ..‬وحلق الشعر ‪ ..‬و ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬ابتسم واطرب فلو‬
‫لماذا ؟‬ ‫قارنتها ***‬
‫لن التعامل مع الموت يكون‬ ‫قضيت عمرك كله متألما‬
‫بتغسيل الميت وتكفينه والصلة‬ ‫قال ‪ :‬العدى حولي علت‬
‫عليه ودفنه ‪ ..‬والدعاء له ‪..‬‬ ‫صيحاتهم ***‬
‫سّر والعداء حولي في‬ ‫َُ‬
‫أما الصراخ والعويل فل ينفع‬ ‫أأ َ‬
‫شيئا ً ‪ ..‬سوى أنه يقلب متعة‬ ‫الحمى‬
‫الحياة إلى أحزان ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬ابتسم ‪ ،‬لم يطلبوك‬
‫مشى المعافى بن سليمان مع‬ ‫بذمهم ***‬
‫صاحب له ‪ ..‬فالتفت إليه صاحبه‬ ‫لو لم تكن منهم أج ّ‬
‫ل‬
‫عابسا ً وقال ‪ :‬ما أشد البرد‬ ‫وأعظما!‬
‫اليوم ؟‬ ‫قال ‪ :‬الليالي جرعتني‬
‫فقال المعافى ‪ :‬أستدفأت‬ ‫علقما ً ***‬
‫الن ؟‬ ‫قلت ‪ :‬ابتسم ولئن جرعت‬
‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫العلقما‬
‫قال ‪ :‬فماذا استفدت من الذم ؟‬ ‫مَرّنـما ً‬‫فلعل غيرك إن رآك ُ‬
‫لو سّبحت لكان خيرا ً لك ‪..‬‬ ‫***‬
‫عش حياتك ‪..‬‬ ‫طرح الكآبة خلفه وترنما‬
‫ل تنقب عن المشكلت ‪ ..‬ول‬ ‫أتراك تغنم بالترنم درهما ً‬
‫تدقق في صغائر المور ‪ ..‬وإنما‬ ‫***‬
‫استمتع بحياتك ‪..‬‬ ‫أم أنت تخسر بالبشاشة‬
‫مغنما ً‬
‫ل تقتل نفسك‬ ‫‪.47‬‬ ‫فاضحك فإن الشهب تضحك‬
‫بالهم ‪..‬‬ ‫والدجى ***‬
‫)‪(64‬‬
‫متلطم ولذا نحب النجما‬
‫ديوانه ص ‪656‬‬ ‫) ( أبيحات ليليححا أبحو ماضححي محن‬ ‫‪64‬‬

‫‪156‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أذكر أني قبل فترة ‪ ..‬ذهبت إلى‬ ‫كان أحد طلبي في‬
‫المدينة النبوية ‪..‬‬ ‫الجامعة ‪..‬‬
‫التقيت بخالد ‪ ..‬قال لي ‪ :‬ما‬ ‫غاب أسبوعا ً كامل ً ‪ ..‬ثم‬
‫رأيك أن نزور الدكتور ‪ :‬عبد‬ ‫لقيته فسألته ‪ :‬سلمات ‪..‬‬
‫الله ‪..‬‬ ‫سعد ‪..‬؟‬
‫قلت ‪ :‬لماذا ‪ ..‬ما الخبر ؟‬ ‫قال ‪ :‬ل شيء ‪ ..‬كنت‬
‫قال ‪ :‬نعزيه ‪..‬‬ ‫مشغول ً قليل ً ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬نعزيه ؟!!‬ ‫كان الحزن واضحا ً عليه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬ذهب ولده الكبير‬ ‫قلت ‪ :‬ما الخبر ؟‬
‫بالعائلة كلها لحضور حفل عرس‬ ‫قال ‪ :‬كان ولدي مريضا ً ‪..‬‬
‫في مدينة مجاورة ‪ ..‬وبقي هو‬ ‫عنده تليف في الكبد ‪..‬‬
‫في المدينة لرتباطه بالجامعة ‪..‬‬ ‫وأصابه قبل أيام تسمم في‬
‫وفي أثناء عودتهم وقع لهم‬ ‫الدم ‪ ..‬وتفاجأت أمس أن‬
‫ً‬
‫حادث مروع ‪ ..‬فماتوا جميعا ‪..‬‬ ‫التسمم تسلل إلى الدماغ ‪..‬‬
‫أحدى عشر نفسا ً !!‬ ‫قلت ‪ :‬ل حول ول قوة إل‬
‫كان الدكتور رجل ً صالحا ً قد‬ ‫بالله ‪ ..‬اصبر ‪ ..‬وأسأل الله‬
‫جاوز الخمسين ‪ ..‬لكنه على كل‬ ‫أن يشفيه ‪..‬‬
‫حال ‪ ..‬بشر ‪ ..‬له مشاعر‬ ‫وإن قضى الله عليه‬
‫وأحاسيس ‪..‬‬ ‫بشيء ‪ ..‬فأسأل الله أن‬
‫في صدره قلب ‪ ..‬وله عينان‬ ‫يجعله شافعا ً لك يوم القيامة‬
‫تبكيان ‪ ..‬ونفس تفرح وتحزن ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫تلقى الخبر المفزع ‪ ..‬صلى‬ ‫قال ‪ :‬شافع ؟ يا شيخ ‪..‬‬
‫عليهم ‪ ..‬ثم وسدهم في التراب‬ ‫الولد ليس صغيرا ً ‪..‬‬
‫بيديه ‪ ..‬إحدى عشر نفسا ً ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬كم عمره ؟‬
‫صار يطوف في بيته حيران ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬سبع عشرة سنة ‪..‬‬
‫يمر بألعاب متناثرة ‪ ..‬قد مضى‬ ‫قلت ‪ :‬الله يشفيه ‪ ..‬ويبارك‬
‫عليها أيام لم تحرك ‪ ..‬لن خلود‬ ‫لك في إخوانه ‪..‬‬
‫وسارة اللتان كانتا تلعبان بها ‪..‬‬ ‫فخفض رأسه وقال ‪ :‬يا شيخ‬
‫ماتتا ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ليس له إخوان ‪ ..‬لم أ ُْرزق‬
‫يأوي إلى فراشه ‪ ..‬لم يرتب ‪..‬‬ ‫بغير هذا الولد ‪ ..‬وقد أصابه‬
‫لن أم صالح ‪ ..‬ماتت ‪..‬‬ ‫ما ترى ‪..‬‬
‫يمر بدراجة ياسر ‪ ..‬لم تتحرك ‪..‬‬ ‫قلت له ‪ :‬سعد ‪ ..‬بكل‬
‫لن الذي كان يقودها ‪ ..‬مااات ‪..‬‬ ‫اختصار ‪ ..‬ل تقتل نفسك‬
‫يدخل غرف ابنته الكبرى ‪ ..‬يرى‬ ‫بالهم ‪ ..‬لن يصيبنا إل ما‬
‫حقائب عرسها مصفوفة ‪..‬‬ ‫كتب الله لنا ‪..‬‬
‫وملبسها مفروشة على‬ ‫ثم خففت عنه مصابه‬
‫سريرها ‪ ..‬ماتت ‪ ..‬وهي ترتب‬ ‫وذهبت ‪..‬‬
‫ألوانها وتنسقها ‪..‬‬ ‫نعم ل تقتل نفسك بالهم ‪..‬‬
‫سبحان من صّبره ‪ ..‬وثبت‬ ‫فالهم ل يخفف المصيبة ‪..‬‬
‫‪157‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫حاربني الزمن‬ ‫قلبه ‪..‬‬
‫إن لم تقم بالعبء أنت فمن‬ ‫كان الضيوف يأتون ‪ ..‬معهم‬
‫يقوم به إذن‬ ‫قهوتهم ‪ ..‬لنه ل أحد عنده‬
‫يخدم أو ُيعين ‪..‬‬
‫إضاءة‬ ‫العجيب أنك إذا رأيت الرجل‬
‫عش حياتك بما بين يدك من‬ ‫في العزاء ‪ ..‬حسبت أنه أحد‬
‫معطيات ‪ ..‬لتسعد‬ ‫المعزين ‪ ..‬وأن المصاب‬
‫غيره ‪..‬‬
‫ارض بما قسم الله لك‬ ‫‪.48‬‬ ‫كان يردد ‪ ..‬إنا لله وإنا إليه‬
‫‪..‬‬ ‫راجعون ‪ ..‬لله ما أخذ وله ما‬
‫كنت في رحلة إلى أحد البلدان‬ ‫أعطى ‪ ..‬وكل شيء عنده‬
‫للقاء عدد من المحاضرات ‪..‬‬ ‫بأجل مسمى ‪..‬‬
‫كان ذلك البلد مشهورا ً بوجود‬ ‫وهذا هو قمة العقل ‪ ..‬فلو‬
‫مستشفى كبير للمراض العقلية‬ ‫لم يفعل ذلك ‪ ..‬لمات هما ً ‪..‬‬
‫‪..‬أو كما يسميه الناس‬ ‫أعرف أحد الناس أراه دائما ً‬
‫"مستشفى المجانين" ‪..‬‬ ‫سعيد ‪ ..‬وإذا تأملت حاله‬
‫ألقيت محاضرتين صباحا ً ‪..‬‬ ‫وجدت ‪:‬‬
‫وخرجت وقد بقي على أذان‬ ‫وظيفته متواضعة‬
‫الظهر ساعة ‪..‬‬ ‫بيته وضيق ‪ ..‬إيجار ‪..‬‬
‫كان معي عبد العزيز ‪ ..‬رجل من‬ ‫سيارته قديمة ‪..‬‬
‫أبرز الدعاة ‪..‬‬ ‫أولده كثيرون ‪..‬‬
‫التفت إليه ونحن في السيارة ‪..‬‬ ‫ومع ذلك كان دائم‬
‫قلت ‪ :‬عبد العزيز ‪ ..‬هناك مكان‬ ‫ً‬
‫البتسامة ‪ ..‬محبوبا ‪ ..‬يعيش‬
‫أود أن أذهب إليه ما دام في‬ ‫حياته ‪..‬‬
‫الوقت متسع ‪..‬‬ ‫صحيح ‪ ..‬ل يقتل نفسه‬
‫قال ‪ :‬أين ؟ صاحبك الشيخ عبد‬ ‫بالهم ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬مسافر ‪ ..‬والدكتور أحمد‬ ‫ول تكــثر التشــكي‪..‬فيمّلــك‬
‫اتصلت به ولم يجب ‪ ..‬أو تريد‬ ‫الناس‪..‬‬
‫أن نمر المكتبة التراثية ‪ ..‬أو ‪..‬‬ ‫عنده ولد معوق ‪ ..‬ولدي‬
‫قلت ‪ :‬كل ‪ ..‬بل ‪ :‬مستشفى‬ ‫مريض ‪ ..‬ضايق صدري ‪ ..‬يا‬
‫المراض العقلية ‪..‬‬ ‫أخي مسكين ولدي ‪ ..‬خلص‬
‫قال ‪ :‬المجانين !! قلت ‪:‬‬ ‫فهمنا ‪..‬‬
‫المجانين ‪..‬‬ ‫راتبي قليل ‪..‬‬
‫فضحك وقال مازحا ً ‪ :‬لماذا ‪..‬‬ ‫امرأة مع زوجها ‪ :‬بيتنا قديم‬
‫تريد أن تتأكد من عقلك ‪..‬‬ ‫‪ ..‬سيارتنا متهالكة ‪ ..‬ثيابي‬
‫قلت ‪ :‬ل ‪ ..‬ولكن نستفيد ‪..‬‬ ‫ليست على الموضة ‪..‬‬
‫نعتبر ‪ ..‬نعرف نعمة الله علينا ‪..‬‬ ‫أفنيت يا مسكين عمرك‬
‫سكت عبد العزيز يفكر في‬ ‫بالتأوه والحزن‬
‫حالهم ‪ ..‬شعرت أنه حزين ‪..‬‬ ‫وظللت مكتوف اليدين تقول‬
‫‪158‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫حاولت أن أسرق النظر داخل‬ ‫كان عبد العزيز عاطفيا ً أكثر‬
‫الغرفة ‪ ..‬فإذا جدرانها وأرضها‬ ‫من اللزم ‪..‬‬
‫باللون البني ‪..‬‬ ‫أخذني بسيارته إلى هناك ‪..‬‬
‫سألت الطبيب ‪ :‬ما هذا ؟!!‬ ‫أقبلنا على مبنى‬
‫قال ‪ :‬مجنون ‪..‬‬ ‫كالمغارة‪..‬الشجار تحيط به‬
‫شعرت أنه يسخر من سؤالي ‪..‬‬ ‫من كل جانب‪..‬كانت الكآبة‬
‫فقلت ‪ :‬أدري أنه مجنون ‪ ..‬لو‬ ‫ظاهرة عليه‪..‬‬
‫كان عاقل ً لما رأيناه هنا ‪ ..‬لكن‬ ‫قابلنا أحد الطباء ‪ ..‬رحب بنا‬
‫ما قصته ؟‬ ‫ثم أخذنا في جولة في‬
‫فقال ‪ :‬هذا الرجل إذا رأى جدارا ً‬ ‫المستشفى ‪..‬‬
‫‪ ..‬ثار وأقبل يضربه بيده ‪ ..‬وتارة‬ ‫أخذ الطبيب يحدثنا عن‬
‫يضربه برجله ‪ ..‬وأحيانا ً برأسه ‪..‬‬ ‫مآسيهم ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬
‫فيوما ً تتكسر أصابعه ‪ ..‬ويوما ً‬ ‫وليس الخبر كالمعاينة ‪..‬‬
‫تكسر رجله ‪ ..‬ويوما ً يشج‬ ‫دلف بنا إلى أحد الممرات ‪..‬‬
‫رأسه ‪ ..‬ويوما ً ‪ ..‬ولم نستطع‬ ‫سمعت أصواتا ً هنا وهناك ‪..‬‬
‫علجه ‪ ..‬فحبسناه في غرفة كما‬ ‫كانت غرف المرضى موزعة‬
‫ترى ‪ ..‬جدرانها وأرضها مبطنة‬ ‫على جانبي الممر ‪..‬‬
‫بالسفنج ‪ ..‬فيضرب كما يشاء ‪..‬‬ ‫مررنا بغرفة عن يميننا ‪..‬‬
‫ثم سكت الطبيب ‪ ..‬ومضى‬ ‫نظرت داخلها فإذا أكثر من‬
‫أمامنا ماشيا ً ‪..‬‬ ‫عشرة أسرة فارغة ‪ ..‬إل‬
‫أما أنا وصاحبي عبد العزيز ‪..‬‬ ‫واحدا ً منها قد انبطح عليه‬
‫فظللنا واقفين نتمتم ‪ :‬الحمد‬ ‫رجل ينتفض بيديه ورجليه ‪..‬‬
‫لله الذي عافانا مما ابتلك به‬ ‫ت إلى الطبيب وسألته ‪:‬‬ ‫التف ّ‬
‫ثم مضينا نسير بين غرف‬ ‫ما هذا !!‬
‫المرضى ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬هذا مجنون ‪ ..‬ويصاب‬
‫حتى مررنا على غرفة ليس‬ ‫بنوبات صرع ‪ ..‬تصيبه كل‬
‫فيها أسرة ‪ ..‬وإنما فيها أكثر‬ ‫خمس أو ست ساعات ‪..‬‬
‫من ثلثين رجل ً ‪ ..‬كل واحد‬ ‫قلت ‪ :‬ل حول ول قوة إل‬
‫منهم على حال ‪ ..‬هذا يؤذن ‪..‬‬ ‫بالله ‪ ..‬منذ متى وهو على‬
‫وهذا يغني ‪ ..‬وهذا يتلفت ‪..‬‬ ‫هذا الحال ؟‬
‫وهذا يرقص ‪..‬‬ ‫قال ‪:‬منذ أكثر من عشر‬
‫ُ‬
‫وإذا من بينهم ثلثة قد أجلسوا‬ ‫سنوات ‪..‬كتمت عبرة في‬
‫على كراسي ‪ ..‬وربطت أيديهم‬ ‫نفسي ‪ ..‬ومضيت ساكتا ً ‪..‬‬
‫وأرجلهم ‪ ..‬وهم يتلفتون حولهم‬ ‫بعد خطوات مشيناها ‪..‬‬
‫‪ ..‬ويحاولون التفلت فل‬ ‫مررنا على غرفة أخرى ‪..‬‬
‫يستطيعون ‪..‬‬ ‫بابها مغلق ‪ ..‬وفي الباب‬
‫تعجبت وسألت الطبيب ‪ :‬ما‬ ‫فتحة يطل من خللها رجل‬
‫هؤلء ؟ ولماذا ربطتموهم دون‬ ‫من الغرفة ‪ ..‬ويشير لنا‬
‫الباقين ؟‬ ‫إشارات غير مفهومة ‪..‬‬
‫‪159‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫لكن الشيء الغريب الذي جعلني‬ ‫فقال ‪ :‬هؤلء إذا رأوا شيئا ً‬
‫أفزع ‪ ..‬بل أثور ‪ ..‬هو أن الرجل‬ ‫أمامهم اعتدوا عليه ‪..‬‬
‫كان عاريا ً تماما ً ليس عليه من‬ ‫يكسرون النوافذ ‪..‬‬
‫اللباس ول ما يستر العورة‬ ‫والمكيفات ‪ ..‬والبواب ‪..‬‬
‫المغلظة ‪..‬‬ ‫لذلك نحن نربطهم على هذا‬
‫تغير وجهي ‪ ..‬وامتقع لوني ‪..‬‬ ‫الحال ‪ ..‬من الصباح إلى‬
‫والتفت إلى الطبيب فورا ً ‪..‬‬ ‫المساء ‪..‬‬
‫فلما رأى حمرة عيني ‪..‬‬ ‫قلت وأنا أدافع عبرتي ‪ :‬منذ‬
‫قال لي ‪ ..‬هدئ من غضبك ‪..‬‬ ‫متى وهم على هذا الحال ؟‬
‫سأشرح لك حاله ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬هذا منذ عشر‬
‫هذا الرجل كلما ألبسناه ثوبا ً‬ ‫سنوات ‪ ..‬وهذا منذ سبع ‪..‬‬
‫عضه بأسنانه وقطعه ‪ ..‬وحاول‬ ‫وهذا جديد ‪ ..‬لم يمض له إل‬
‫بلعه ‪ ..‬وقد نلبسه في اليوم‬ ‫خمس سنين !!‬
‫الواحد أكثر من عشرة ثياب ‪..‬‬ ‫خرجت من غرفتهم ‪ ..‬وأنا‬
‫وكلها على مثل هذا الحال ‪..‬‬ ‫أتفكر في حالهم ‪ ..‬وأحمد‬
‫فتركناه هكذا صيفا ً وشتاءً ‪..‬‬ ‫الله الذي عافاني مما‬
‫والذين حوله مجانين ل يعقلون‬ ‫ابتلهم ‪..‬‬
‫حاله ‪..‬‬ ‫سألته ‪ :‬أين باب الخروج من‬
‫خرجت من هذه الغرفة ‪ ..‬ولم‬ ‫المستشفى ؟‬
‫أستطع أن أتحمل أكثر ‪ ..‬قلت‬ ‫قال ‪ :‬بقي غرفة واحدة ‪..‬‬
‫للطبيب ‪ :‬دلني على الباب ‪..‬‬ ‫لعل فيها عبرة جديدة ‪..‬‬
‫للخروج ‪..‬‬ ‫تعال ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬بقي بعض القسام ‪..‬‬ ‫وأخذ بيدي إلى غرفة‬
‫قلت ‪ :‬يكفي ما رأيناه ‪..‬‬ ‫كبيرة ‪ ..‬فتح الباب ودخل ‪..‬‬
‫مشى الطبيب ومشيت بجانبه ‪..‬‬ ‫وجرني معه ‪..‬‬
‫وجعل يمر في طريقه بغرف‬ ‫كان ما في الغرفة شبيها ً‬
‫المرضى ‪ ..‬ونحن ساكتان ‪..‬‬ ‫بما رأيته في غرفة سابقة ‪..‬‬
‫ي وكأنه تذكر‬ ‫وفجأة التفت إل ّ‬ ‫مجموعة من المرضى ‪ ..‬كل‬
‫شيئا ً نسيه ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫منهم على حال ‪ ..‬راقص ‪..‬‬
‫يا شيخ ‪ ..‬هنا رجل من كبار‬ ‫ونائم ‪..‬‬
‫التجار ‪ ..‬يملك مئات المليين ‪..‬‬ ‫و ‪ ..‬و ‪ ..‬عجبا ً ماذا أرى ؟؟‬
‫أصابه لوثة عقلية فأتى به‬ ‫رجل جاوز عمره‬
‫أولده وألقوه هنا منذ سنتين ‪..‬‬ ‫الخمسين ‪ ..‬اشتعل رأسه‬
‫وهنا رجل آخر كان مهندسا ً في‬ ‫شيبا ً ‪ ..‬وجلس على الرض‬
‫شركة ‪ ..‬وثالث كان ‪..‬‬ ‫القرفصاء ‪ ..‬قد جمع جسمه‬
‫ومضى الطبيب يحدثني بأقوام‬ ‫بعضه على بعض ‪ ..‬ينظر‬
‫ذلوا بعد عز ‪ ..‬وآخرين افتقروا‬ ‫إلينا بعينين زائغتين ‪..‬‬
‫بعد غنى ‪ ..‬و ‪..‬‬ ‫يتلفت بفزع ‪..‬‬
‫أخذت أمشي بين غرف المرضى‬ ‫كل هذا طبيعي ‪..‬‬
‫‪160‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫صوتك ‪ :‬الحممممد لله ‪..‬‬ ‫متفكرا ً ‪..‬‬
‫وكذلك كان الصحابة الكرام ‪.. ‬‬ ‫سبحان من قسم الرزاق‬
‫بعث رسول الله ‪ .. ρ‬عمرو بن‬ ‫بين عباده ‪..‬‬
‫العاص ‪ τ‬جهة الشام ‪ ..‬في‬ ‫يعطي من يشاء ‪ ..‬ويمنع من‬
‫غزوة ذات السلسل ‪..‬‬ ‫يشاء ‪..‬‬
‫فلما صار إلى هناك رأى كثرة‬ ‫قد يرزق الرجل مال ً وحسبا ً‬
‫عدوه ‪..‬‬ ‫ونسبا ً ومنصبا ً ‪ ..‬لكنه يأخذ‬
‫فبعث إلى رسول الله ‪ ρ‬يستمده‬ ‫منه العقل ‪ ..‬فتجده من أكثر‬
‫الناس مال ً ‪ ..‬وأقواهم جسدا ً‬
‫‪..‬‬
‫فبعث إليه ‪ ρ‬أبا عبيدة بن الجراح‬ ‫‪ ..‬لكنه مسجون في‬
‫‪ ..‬أميرا ً على مدد ‪ ..‬فيه‬ ‫مستشفى المجانين ‪..‬‬
‫وقد يرزق آخر حسبا ً‬
‫المهاجرون الولون ‪ ..‬وفيهم‬
‫رفيعا ً ‪ ..‬ومال ً وفيرا ً ‪..‬‬
‫أبو بكر وعمر ‪ ..‬وقال ‪ ρ‬لبي‬
‫وعقل ً كبيرا ً ‪ ..‬لكنه يسلب‬
‫عبيدة حين وجهه ‪ :‬ل تختلفا ‪..‬‬ ‫منه الصحة ‪ ..‬فتجده مقعدا ً‬
‫فخرج أبو عبيدة ‪..‬‬
‫على سريره ‪ ..‬عشرين أو‬
‫حتى إذا قدم على عمرو قال له‬
‫ثلثين سنة ‪ ..‬ما أغنى عنه‬
‫عمرو ‪ :‬إنما جئت مددا ً لي ‪..‬‬
‫ماله وحسبه ‪!!..‬‬
‫فقال له أبو عبيدة ‪ :‬ل ولكن‬
‫ومن الناس من يؤتيه الله‬
‫على ما أنا عليه وأنت على ما‬
‫صحة وقوة وعقل ً ‪ ..‬لكنه‬
‫أنت عليه ‪..‬‬
‫يمنعه المال فتراه يشتغل‬
‫وكان أبو عبيدة رجل ً لينا ً سهل ً ‪..‬‬
‫حمال أمتعة في سوق أو‬
‫هينا ً عليه أمر الدنيا ‪..‬‬
‫تراه معدما ً فقيرا ً يتنقل بين‬
‫فقال له عمرو ‪ :‬بل أنت‬
‫الحرف المتواضعة ل يكاد‬
‫مددي ‪..‬‬
‫يجد ما يسد به رمقه ‪..‬‬
‫فقال له أبو عبيدة ‪ :‬يا عمرو إن‬
‫ومن الناس من يؤتيه ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ .. ρ‬قد قال لي ‪:‬‬
‫ويحرمه ‪ ..‬وربك يخلق ما‬
‫ل تختلفا ‪ ..‬وإنك إن عصيتني‬
‫يشاء ويختار ‪ ..‬ما كان لهم‬
‫أطعتك ‪..‬‬
‫الخيرة ‪..‬‬
‫فقال له عمرو‪ :‬فإني أمير عليك‬
‫فكان حريا ً بكل مبتلى أن‬
‫‪ ..‬وإنما أنت مدد لي ‪..‬‬
‫يعرف هدايا الله إليه قبل أن‬
‫قال ‪ :‬فدونك ‪..‬‬
‫يعد مصائبه عليه ‪ ..‬فإن‬
‫فتقدم ‪ ..‬عمرو بن العاص ‪τ‬‬ ‫حرمك المال فقد أعطاك‬
‫فصلى بالناس ‪..‬‬ ‫الصحة ‪ ..‬وإن حرمك منها ‪..‬‬
‫وبعد الغزوة ‪ ..‬كان أول من‬ ‫فقد أعطاك العقل ‪ ..‬فإن‬
‫وصل المدينة ‪ ..‬عوف بن مالك ‪τ‬‬ ‫فاتك ‪ ..‬فقد أعطاك السلم‬
‫‪..‬‬ ‫‪ ..‬هنيئا ً لك أن تعيش عليه‬
‫فمضى إلى رسول ‪.. ρ‬‬ ‫وتموت عليه ‪..‬‬
‫فلما رآه ‪ ..‬قال له ‪.. ρ‬‬ ‫فقل بملء فيك الن بأعلى‬
‫‪161‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ثم ذكرت إن رسول الله ‪ ‬ما‬ ‫أخبرني ‪..‬‬
‫زوج بناته بأكثر من خمسمائة‬ ‫فأخبره عن الغزوة ‪ ..‬وما‬
‫درهم ‪ ..‬ثم رفعت صوتي قائل ً ‪:‬‬ ‫كان بين أبي عبيدة وعمرو‬
‫يعني بناتكم أحسن من بنات‬ ‫بن العاص ‪..‬‬
‫النبي ‪ ‬؟!!‬ ‫فقال ‪ : ρ‬يرحم الله أبا‬
‫مسن من طرف‬ ‫فصرخ رجل ُ‬ ‫عبيدة بن الجراح ‪..‬‬
‫الصف قائل ً ‪ :‬إيش فيهم بناتنا ؟‬ ‫نعم ‪ ..‬يرحم الله أبا عبيدة‬
‫فثار آخر وقال ‪ :‬يتكلم على‬ ‫‪.. ‬‬
‫بناتنا !!‬ ‫فكرة ‪..‬‬
‫ونهض الثالث جاثيا ً على ركبتيه‬ ‫انظر للجوانب المشرقة من‬
‫وقال ‪ :‬أوووه تتكلم على‬ ‫حياتك ‪ ..‬قبل أن تنظر‬
‫بناتنا ؟!!‬ ‫للمظلمة ‪ ..‬لتكون أسعد ‪..‬‬
‫كنت في حال ل أحسد عليه ‪..‬‬
‫وكنت في أوائل طريق‬ ‫كن جبل ً ‪..‬‬ ‫‪.49‬‬
‫الدعوة ‪ ..‬وحديث التخرج من‬ ‫في بداية سلوكي في طريق‬
‫الجامعة ‪..‬‬ ‫الدعوة ‪ ..‬دعيت للقاء‬
‫ً‬
‫بقيت ساكتا لم أنبس ببنت شفة‬ ‫محاضرة في إحدى القرى ‪..‬‬
‫‪ ..‬نظرت إلى الول لما تكلم‬ ‫استقبلني المسئول عن‬
‫وتبسمت ‪ ..‬فلما تكلم الثاني ‪..‬‬ ‫الدعوة هناك ‪ ..‬ركبت‬
‫نظرت إليه أيضا ً وتبسمت ‪..‬‬ ‫سيارته ‪ ..‬كانت قديمة‬
‫وكذلك الثالث ‪..‬‬ ‫متهالكة ‪..‬‬
‫كان بعض الشباب في آخر‬ ‫تحدثت معه ‪ ..‬أخبرني أنه‬
‫المسجد يتضاحكون ‪ ..‬وبعضهم‬ ‫حديث عهد بزواج ‪..‬‬
‫قاموا وقوفا ً ينظرون ‪ ..‬وكأني‬ ‫ي من غلء‬ ‫ثم اشتكى إل ّ‬
‫بهم يقولون ‪ :‬وقف حمار الشيخ‬ ‫المهور في قريتهم ‪ ..‬حتى‬
‫في العقبة !!‬ ‫إنه لم يستطع أن يشتري‬
‫لما رأوا هدوئي ‪ ..‬هدؤوا ‪ ..‬ثم‬ ‫سيارة جديدة ‪ ..‬أو على‬
‫قام أحدهم وقال ‪ :‬يا جماعة ‪..‬‬ ‫القل أحسن من سيارته ‪..‬‬
‫خلوا الشيخ يوضح قصده ‪..‬‬ ‫دعوت له بالتوفيق ‪..‬‬
‫فسكتوا ‪ ..‬فشكرت له عمله ‪..‬‬ ‫ثم دخلت وألقيت‬
‫ثم اعتذرت وأثنيت عليهم –‬ ‫المحاضرة ‪ ..‬وفي آخرها ‪..‬‬
‫وعلى بناتهم ‪ -‬ووضحت‬ ‫ي السئلة ‪ ..‬وكان‬ ‫قرئت عل ّ‬
‫مرادي ‪..‬‬ ‫من بينها سؤال عن غلء‬
‫عند تعاملك مع الناس ‪ ..‬أنت‬ ‫المهور ‪..‬‬
‫في الحقيقة تصنع شخصيتك ‪..‬‬ ‫ففرحت به وقلت ‪ :‬جاءك يا‬
‫وتبني في عقولهم تصورات‬ ‫مهنا ما تتمنا !!‬
‫عنك ‪ ..‬يبنون على أساسها‬ ‫وانطلقت أتكلم عن غلء‬
‫أساليب تعاملهم معك ‪..‬‬ ‫المهور وتأثيره على الشباب‬
‫واحترامهم لك ‪..‬‬ ‫والفتيات ‪..‬‬
‫‪162‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وإخوانهم يوم بدر ‪..‬‬ ‫تأكد أن الشجار الثابتة ل‬
‫فكلموا أبا سفيان ومن كانت له‬ ‫تقتلعها الرياح ‪ ..‬مهما‬
‫في تلك العير من قريش‬ ‫اشتدت ‪ ..‬وإنما النصر صبر‬
‫تجارة ‪..‬‬ ‫ساعة ‪..‬‬
‫فقالوا ‪ :‬يا معشر قريش ‪ ..‬إن‬ ‫كلما زاد عقلك ‪ ..‬قل‬
‫محمدا ً قد وتركم وقتل‬ ‫جهلك ‪ ..‬وإذا زاد قدرك ‪..‬‬
‫خياركم ‪ ..‬فأعينونا بهذا المال‬ ‫قل غضبك ‪..‬‬
‫ً‬
‫على حربه لعلنا ندرك منه ثأرا ‪..‬‬ ‫كالبحر ل يحركه أي شيء ‪..‬‬
‫ففعلوا ‪..‬‬ ‫ويا جبل ما تهزك ريح ‪!..‬‬
‫وقد قال الله فيهم ‪ " :‬إن الذين‬ ‫بل إنك لو استثارك شخص‬
‫كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا‬ ‫ما ‪ ..‬في مجلس ‪ ..‬أو بيت ‪..‬‬
‫عن سبيل الله فسينفقونها ثم‬ ‫أو قناة فضائية ‪ ..‬أو‬
‫تكون عليهم حسرة ثم يغلبون‬ ‫محاضرة عامة ‪..‬‬
‫والذين كفروا إلى جهنم‬ ‫ً‬
‫فإنك إذا بقيت هادئا لم‬
‫يحشرون " ‪.‬‬ ‫تغضب ولم تثر ‪ ..‬مال الناس‬
‫فخرجت قريش ‪ ..‬بحدها‬ ‫معك ضده ‪..‬‬
‫وحديدها ‪ ..‬وجدها وأحابيشها ‪..‬‬ ‫كان أبو سفيان بن حرب‬
‫وخرج معها من تابعها من بني‬ ‫مقبل ً بقافلة تجارة من‬
‫كنانة وأهل تهامة ‪ ..‬وخرجوا‬ ‫الشام ‪ ..‬فخرج إليهم‬
‫معهم بالنساء لئل يفر الرجال‬ ‫المسلمون لقتالهم ‪..‬‬
‫من القتال ‪..‬‬ ‫ففر أبو سفيان بالقافلة ‪..‬‬
‫فخرج أبو سفيان بزوجته هند‬ ‫وأرسل إلى قريش فخرجت‬
‫بنت عتبة ‪..‬‬ ‫بجيش عرمرم ‪..‬‬
‫وخرج عكرمة بن أبي جهل‬ ‫ووقعت معركة بدر بين‬
‫بزوجته أم حكيم بنت الحارث ‪..‬‬ ‫المسلمين وقريش ‪..‬‬
‫وخرج الحارث بن هشام بفاطمة‬ ‫وانتصر المسلمون ‪..‬‬
‫بنت الوليد بن المغيرة ‪..‬‬ ‫قتل من كفار قريش‬
‫فأقبل الكفار ‪ ..‬حتى نزلوا على‬ ‫سر منهم‬ ‫ُ‬
‫سبعون ‪ ..‬وأ ِ‬
‫شفير الوادي مقابل المدينة ‪..‬‬ ‫سبعون ‪..‬‬
‫فلما سمع بهم رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫رجع من تبقى من جيش‬
‫استشار أصحابه ‪ ..‬ما رأيكم ‍‬
‫؟‬ ‫قريش ‪ ..‬وهم جرحى ‪..‬‬
‫نبقى في المدينة فإذا دخلوها‬ ‫وجوعى ‪..‬‬
‫علينا ‪..‬‬ ‫ثم وصل أبو سفيان بقافلته‬
‫فقال له ناس لم يكونوا شهدوا‬ ‫إلى مكة ‪..‬‬
‫بدرا ً ‪ :‬نخرج يا رسول الله إليهم‬ ‫فمشى عبد الله بن أبي‬
‫نقاتلهم بـ "أحد" ‪..‬‬ ‫ربيعة وعكرمة بن أبي جهل‬
‫ورجوا أن يصيبهم من الفضيلة‬ ‫وصفوان ابن أمية ‪..‬‬
‫ما أصاب أهل بدر ‪..‬‬ ‫في رجال من قريش ممن‬
‫فما زالوا برسول الله ‪ ρ‬حتى‬ ‫أصيب آباؤهم وأبناؤهم‬
‫‪163‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بها غيرك يا محمد لضربت بها‬ ‫لبس أداة الحرب ‪..‬‬
‫وجهك ‪..‬‬ ‫ثم ندموا ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬يا‬
‫فابتدره القوم ‪..‬‬ ‫رسول الله أقم ‪ ..‬فالرأي‬
‫فقال النبي ‪: ‬‬ ‫رأيك ‪..‬‬
‫" ل تقتلوه ‪ ..‬فهذا العمى ‪..‬‬ ‫فقال لهم ‪ :‬ما ينبغي لنبي‬
‫أعمى القلب ‪ ..‬أعمى البصر ‪" ..‬‬ ‫أن يضع أداته بعد ما لبسها‬
‫ومضى رسول الله ‪ .. ρ‬ولم‬ ‫حتى يحكم الله بينه وبين‬
‫يلتفت إلى ذلك المنافق ‪..‬‬ ‫عدوه ‪..‬‬
‫نعم ‪..‬‬ ‫فلما نزل أبو سفيان‬
‫لو كل كلب عوى ألقمته حجرا ً‬ ‫والمشركون بأصل أحد فرح‬
‫لصبح الصخر‬ ‫المسلمون الذين لم يشهدوا‬
‫مثقال ً بدينار‬ ‫بدرا ً بقدوم العدو عليهم ‪..‬‬
‫والكلب تنبح ‪ ..‬والقافلة‬ ‫وقالوا ‪ :‬قد ساق الله علينا‬
‫تسييييير ‪..‬‬ ‫أمنيتنا ‪..‬‬
‫قناعة ‪..‬‬ ‫ثم قال النبي ‪ ρ‬لصحابه ‪:‬‬
‫الرياح ل تحرك الجبال ‪ ..‬لكنها‬ ‫" من رجل يخرج بنا على‬
‫تلعب بالرمال ‪ ..‬وتشكلها كما‬ ‫القوم من كثب ـ أي من‬
‫تشاء ‪..‬‬ ‫قريب ـ من طريق ل يمر بنا‬
‫عليهم " ؟‬
‫ل تلعنه ‪ ..‬إنه يشرب‬ ‫‪.50‬‬ ‫فقال رجل من بني حارثة‬
‫خمرا ً ‪!!..‬‬ ‫بن الحارث اسمه أبو خيثمة ‪:‬‬
‫أكثر الناس الذين نخالطهم‬ ‫أنا يا رسول الله ‪..‬‬
‫مهما بلغ من السوء ‪ ..‬إل أنه ل‬ ‫فسلك به في أرض بني‬
‫يخلو من خير وإن كان قليل ً ‪..‬‬ ‫حارثة وبين أموالهم‬
‫فلو استطعنا أن نعثر على‬ ‫ومزارعهم ‪..‬‬
‫مفتاح الخير لكان حسنا ً ‪..‬‬ ‫حتى سلك به في مال لرجل‬
‫اشتهر عن بعض المجرمين ‪..‬‬ ‫اسمه ‪ :‬مربع ابن قيظي ‪..‬‬
‫أنه كان يسطو على بيوت الناس‬ ‫وكان رجل ً منافقا ً ضرير‬
‫ويسرق أموالهم ‪ ..‬لينفق بعضها‬ ‫البصر ‪..‬‬
‫على ضعفاء وأيتام !! أو يبني‬ ‫س رسول الله‬ ‫ح ّ‬ ‫فلما سمع ِ‬
‫بها مساجد !!‬ ‫‪ .. ρ‬ومن معه من المسلمين‬
‫ً‬
‫أو كالتي ترى أيتاما جوعى‬ ‫‪..‬‬
‫فتزني لتحصل مال ً تسد به‬ ‫قام يحثي في وجوههم‬
‫جوعهم ‪..‬‬ ‫التراب ‪ ..‬ويقول ‪ :‬إن كنت‬
‫بنى مسجدا لله من غير حله **‬ ‫ً‬ ‫رسول الله فإني ل أحل لك‬
‫فكان بحمد‬ ‫أن تدخل في حائطي ‪..‬‬
‫الله غير موفق‬ ‫ثم أخذ الخبيث حفنة من‬
‫كمطعمة اليتام من كدّ عرضها !‬ ‫التراب في يده ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬
‫**‬ ‫والله لو أعلم أني ل أصيب‬
‫‪164‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فن ‪..‬‬ ‫لك الويل‬
‫قبل أن تبدأ في نزع شجرة‬ ‫ل تزني ول تتصدقي‬
‫الشر في الخرين ‪ ..‬ابحث عن‬ ‫وكم من حامل سكين‬
‫شجرة الخير واسقها ‪..‬‬ ‫ليطعن بها ‪ ..‬فاستعطفه‬
‫طفل أو امرأة فرق قلبه ‪..‬‬
‫إذا لم يكن ما تريد‬ ‫‪.51‬‬ ‫وألقى سكينه عنه ‪..‬‬
‫فأرد ما يكون ‪!!..‬‬ ‫إذن عامل الناس جميعا ً بما‬
‫ملزما فاستمتع ‪ ..‬هكــذا‬ ‫ما دمت ُ‬ ‫تعلم فيهم من خير ‪ ..‬قبل‬
‫كنت أقول لشاب أصــيب بمــرض‬ ‫أن تسيء الظن بهم ‪..‬‬
‫الســكر ‪ ..‬فكــان يشــرب الشــاي‬ ‫محمد ‪ .. ‬بلغ من خلقه أنه‬
‫مـــن غيـــر ســـكر ‪ ..‬ويتأســـف‬ ‫كان يلتمس المعاذير‬
‫لحاله ‪..‬‬ ‫للمخطئين ‪ ..‬ويحسن الظن‬
‫كنت أقول لــه ‪ :‬هــل إذا تأســفت‬ ‫بالمذنبين ‪ ..‬وكان إذا قابل‬
‫وحزنــت أثنــاء شــربك الشــاي ‪..‬‬ ‫عاصيا ً ينظر فيه إلى جوانب‬
‫هل تنقلب المرارة حلوة ‪..‬‬ ‫اليمان قبل جوانب الشهوة‬
‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫والعصيان ‪..‬‬
‫قلــــت ‪ :‬مــــا دمــــت ملزمــــا ً ‪..‬‬ ‫ما كان يسيء الظن بأحد ‪..‬‬
‫فاستمتع ‪..‬‬ ‫يعاملهم كأنهم أولده‬
‫ً‬
‫أعني لن تأتي الدنيا دائما على‬ ‫وإخوانه ‪ ..‬يحب لهم الخير‬
‫ما نحب ‪..‬‬ ‫كما يحبه لنفسه ‪..‬‬
‫وهذا يقع في حياتنا كثيرا ً ‪..‬‬ ‫كان رجل في عهد النبي ‪‬‬
‫سيارتك قديمة ‪ ..‬مكيف ل‬ ‫قد ابتلي بشرب الخمر ‪..‬‬
‫ي به يوما ً إلى رسول‬ ‫ُ‬
‫يشتغل ‪ ..‬مراتب ممزقة ‪ ..‬ول‬ ‫فأت َ‬
‫تستطيع حاليا ً تغييرها ‪ ..‬ما‬ ‫جلد ‪..‬‬‫الله ‪ ‬فأمر به ف ُ‬
‫الحل ؟‬ ‫ثم مرت أيام ‪ ..‬فشرب خمرا ً‬
‫تقدمت للدراسة بالجامعة ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فجيء به أخرى فجلد ‪..‬‬
‫فقبلت في كلية ل ترغب في‬ ‫ومرت أيام ‪ ..‬ثم جيء به قد‬
‫الدراسة فيها ‪ ..‬حاولت تعديل‬ ‫شرب خمرا ً ‪ ..‬فجلد ‪..‬‬
‫الحال فلم تستطع ‪ ..‬فاضطررت‬ ‫فلما ولى خارجا ً ‪ ..‬قال رجل‬
‫لمواصلة الدراسة ‪ ..‬وأكملت‬ ‫من الصحابة ‪:‬‬
‫سنتين وثلث ‪ ..‬فما الحل ؟‬ ‫لعنه الله ‪ ..‬ما أكثر ما يؤتى‬
‫تقدمت لوظيفة فلم تقبل ‪..‬‬ ‫به !!‬
‫وقبلت في أخرى ‪ ..‬وبدأت‬ ‫فالتفت إليه ‪ .. ‬وقد تغير‬
‫دوامك فيها ‪ ..‬فما الحل؟‬ ‫وجهه فقال له ‪ :‬ل تلعنه ‪..‬‬
‫خطبت فتاتا ً فرفضت ‪..‬‬ ‫فوالله ما علمت أنه يحب‬
‫)‪(65‬‬
‫وتزوجت آخر ‪ ..‬ما الحل ؟‬ ‫الله ورسوله ‪..‬‬
‫كثير من الناس يجعل الحل هو‬
‫الكتئاب الدائم ‪ ..‬والتأفف من‬
‫واقعه ‪ ..‬وكثرة التشكي إلى من‬ ‫) ( متفق عليه‬ ‫‪65‬‬

‫‪165‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فأمرهم ‪ ..‬أن يجمعوا ما عندهم‬ ‫عرف ومن لم يعرف ! وهذا‬
‫من طعام ‪..‬‬ ‫ل يرد إليه رزقا ً فاته ‪ ..‬ول‬
‫وفرش رداءه ‪ ..‬وصار الرجل‬ ‫يعجل برزق لم يكتب له ‪..‬‬
‫يأتي بالتمرة ‪ ..‬والتمرتين ‪..‬‬ ‫إذن ما الحل ؟‬
‫وكسرة الخبز ‪ ..‬وكلها تجتمع‬ ‫العاقل فهو الذي يتكيف مع‬
‫فوق هذا الرداء ‪ ..‬ثم أكلوا ‪..‬‬ ‫واقعه كيفما كان ‪ ..‬مادام ل‬
‫وهم مستمتعون ‪..‬‬ ‫يستطيع التغيير إلى الحسن‬
‫‪..‬‬
‫لمحة ‪..‬‬ ‫أحد أصدقائي كان يشرف‬
‫مـــا كـــل مـــا يتمنـــى المـــرء‬ ‫على بناء مسجد ‪..‬‬
‫يدركه ‪..‬‬ ‫فضاقت بهم النفقة ‪..‬‬
‫تجري الرياح‬ ‫فتوجهوا إلى أحد التجار‬
‫بما ل تشتهي السفن‬ ‫للستعانة به في إكمال‬
‫البناء ‪..‬‬
‫نختلف ونحن إخوان !‬ ‫‪.52‬‬ ‫فتح لهم الباب ‪ ..‬جلس‬
‫ذكــر أن الشــافعي رحمــه اللــه‬ ‫ُ‬ ‫معهم قليل ً ‪ ..‬وأعطاهم ما‬
‫تناظر يوما ً مع أحد العلماء حــول‬ ‫تيسر ‪ ..‬ثم أخرج دواء من‬
‫مسألة فقهية عويصة ‪..‬‬ ‫جيبه وجعل يتناوله ‪..‬‬
‫فاختلفا ‪ ..‬وطال الحوار ‪ ..‬حتى‬ ‫قال له أحدهم ‪ :‬سلمات ‪..‬‬
‫علت أصواتهما ‪..‬‬ ‫عسى ما شر !!‬
‫ولم يستطع أحدهما أن يقنع‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬هذه حبوب منومة‬
‫صاحبه ‪..‬‬ ‫‪ ..‬منذ عشر سنين ل أنام إل‬
‫وكأن الرجل تغير وغضب ‪..‬‬ ‫بها ‪..‬‬
‫ووجد في نفسه ‪..‬‬ ‫دعوا له ‪ ..‬وخرجوا ‪..‬‬
‫فلما انتهى المجلس وتوجها‬ ‫فمروا على حفريات وأعمال‬
‫للخروج ‪ ..‬التفت الشافعي إلى‬ ‫طرق عند مخرج المدينة ‪..‬‬
‫صاحبه ‪ ..‬وأخذ بيده وقال ‪:‬‬ ‫وقد وضع عندها أنوار تعمل‬
‫أل يصح أن نختلف ونبقى إخوانا ً‬ ‫بمولد كهربائي قد مل الدنيا‬
‫‪!..‬‬ ‫ضجيجا ً ‪..‬‬
‫وجلس بعض علماء الحديث‬ ‫ليس هذا هو الغريب ‪..‬‬
‫يوما ً ‪ ..‬عند الخليفة ‪..‬‬ ‫الغريب أن حارس المولد هو‬
‫فتكلم رجل في المجلس بحديث‬ ‫عامل فقير قد افترش‬
‫‪..‬‬ ‫قصاصات جرائد ‪ ..‬ونااااام ‪..‬‬
‫فاستغرب العالم منه ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫نعم ‪ ..‬عش حياتك ‪ ..‬ل وقت‬
‫ما هذا الحديث !! من أين جئت‬ ‫م ‪ ..‬تعامل مع‬ ‫فيها ِلله ّ‬
‫به ؟ تكذب على رسول الله ‪ ‬؟‬ ‫المعطيات التي بين يديك ‪..‬‬
‫فقال الرجل ‪ :‬بل هذا حديث ‪..‬‬ ‫خرج ‪ ‬مع أصحابه في‬
‫ثابت ‪..‬‬ ‫ل طعامهم ‪..‬‬ ‫غزوة فق ّ‬
‫قال العالم ‪ :‬ل ‪ ..‬هذا حديث لم‬ ‫وتعبوا ‪..‬‬
‫‪166‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫***‬ ‫نسمع به ‪ ..‬ولم نحفظه ‪..‬‬
‫فنحورنا‬ ‫وكان في المجلس وزير‬
‫بدمائنا تتخضب‬ ‫عاقل ‪..‬‬
‫أو كان يتعب خيله في باطل ***‬ ‫فالتفت إلى العالم وقال‬
‫فخيولنا يوم‬ ‫بهدوء ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬هل‬
‫الصبيحة تتعب‬ ‫حفظت جمييييع أحاديث‬
‫ريح العبير لكم ونحن عبيرنا ***‬ ‫النبي ‪.. ‬؟‬
‫رهج السنابك‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫والغبار الطيب‬ ‫قال ‪ :‬فهل حفظت نصفها ؟‬
‫ولقد أتانا من مقال نبينا ***‬ ‫قال ‪ :‬ربما ‪..‬‬
‫قول صحيح‬ ‫فقال ‪ :‬فاعتبر هذا الحديث‬
‫صادق ل يكذب‬ ‫من النصف الذي لم‬
‫ل يستوي وغبار خيل الله في‬ ‫تحفظه ‪..‬‬
‫***‬ ‫وانتهت المشكلة ‪..‬‬
‫أنف امريء‬ ‫كان الفضيل بن عياض وعبد‬
‫ودخان نار تلهب‬ ‫الله بن المبارك صاحبين ل‬
‫هذا كتاب الله ينطق بيننا ***‬ ‫يفترقان ‪..‬‬
‫ليس الشهيد‬ ‫وكانا عالمين زاهدين ‪..‬‬
‫بميت ل يكذب‬ ‫ن لعبد الله بن المبارك‬ ‫ع ّ‬
‫ثم قال ‪:‬‬ ‫فخرج للقتال والرباط في‬
‫إن من عباد من فتح الله في‬ ‫الثغور ‪..‬‬
‫الصيام ‪ ..‬فيصوم ما ل يصومه‬ ‫وبقي الفضيل بن عياض‬
‫غيره ‪ ..‬ومنهم من فتح له في‬ ‫في الحرم يصلي ويتعبد ‪..‬‬
‫قراءة القرآن ‪ ..‬ومنهم من فتح‬ ‫وفي يوم رق فيه القلب ‪..‬‬
‫له في طلب العلم ‪ ..‬ومنهم من‬ ‫وأسبلت الدمعة ‪..‬‬
‫فتح في الجهاد ‪ ..‬ومنهم من‬ ‫كتب الفضيل إلى ابن‬
‫فتح له في قيام الليل ‪..‬‬ ‫المبارك كتابا ً يدعوه فيه إلى‬
‫وليس ما أنت عليه بأفضل مما‬ ‫المجيء والتعبد في الحرم ‪..‬‬
‫أنا عليه ‪..‬‬ ‫والشتغال بالذكر وقراءة‬
‫وما أنا عليه ‪ ..‬ليس بأفضل مما‬ ‫القرآن ‪..‬‬
‫أنت عليه ‪..‬‬ ‫فلما قرأ ابن المبارك الكتاب‬
‫وكلنا على خير ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وهكذا كان منهج الصحابة ‪..‬‬ ‫أخذ رقعة وكتب إلى الفضيل‬
‫اجتمع الكفار وتألبوا لحرب‬ ‫‪:‬‬
‫المسلمين في المدينة ‪ ..‬وجاؤوا‬ ‫يا عابد الحرمين لو أبصرتنا‬
‫في جيش لم تشهد العرب مثله‬ ‫***‬
‫كثرة وعتادا ً ‪..‬‬ ‫لعلم‬
‫فحفر المسلمون خندقا ً لم‬ ‫ت أنك في العبادة تلعب‬
‫يستطع الكفار أن يتجاوزوه‬ ‫من كان يخضب خده بدموعه‬
‫‪167‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بني قريظة ‪ ..‬فإني عامد إليهم‬ ‫لدخول المدينة ‪..‬‬
‫فمزلزل بهم ‪..‬‬ ‫فعسكر الكفار وراء‬
‫فأمر رسول الله ‪ ρ‬مؤذنا ً فأذن‬ ‫الخندق ‪..‬‬
‫في الناس ‪:‬‬ ‫وكان في المدينة قبيلة بني‬
‫" من كان سامعا ً مطيعا ً ‪ ..‬فل‬ ‫قريظة ‪ ..‬وهم يهود‬
‫يصلين العصر إل في بني‬ ‫يتربصون بالمؤمنين ‪..‬‬
‫قريظة " ‪..‬‬ ‫فأقبلوا إلى الكفار يمدونهم‬
‫فتسابق الناس إلى سلحهم ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ويعيثون في المدينة‬
‫وسمعوا وأطاعوا ‪ ..‬ومضوا إلى‬ ‫فسادا ً ونهبا ً ‪..‬‬
‫ديار بني قريظة ‪..‬‬ ‫وقد انشغل المسلمون عنهم‬
‫فدخل عليهم وقت العصر وهم‬ ‫بالرباط عند الخندق ‪..‬‬
‫في الطريق ‪..‬‬ ‫ومضت اليام عصيبة ‪ ..‬حتى‬
‫فقال بعضهم ل نصلي العصر إل‬ ‫أرسل الله على الكفار ريحا ً‬
‫في بني قريظة ‪..‬‬ ‫وجنودا ً ‪ ..‬من عنده فتمزق‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬بل نصلي لم يرد‬ ‫جيشهم ‪ ..‬وانقلبوا خائبين ‪..‬‬
‫منا ذلك ‪ ..‬يعني إنما أراد‬ ‫يجرون أذيال هزيمتهم في‬
‫السراع إليهم ‪..‬‬ ‫ظلمة الليل ‪..‬‬
‫فصلوا العصر وأكملوا‬ ‫فلما أصبح رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫مسيرهم ‪..‬‬ ‫انصرف عن الخندق راجعا ً‬
‫وأخرها الخرون ‪ ..‬حتى وصلوا‬ ‫إلى المدينة ‪..‬‬
‫بني قريظة ‪ ..‬فصلوها ‪..‬‬ ‫ووضع المسلمون السلح ‪..‬‬
‫فذكر ذلك للنبي ‪ ρ‬فلم يعنف‬ ‫ورجعوا إلى بيوتهم ‪..‬‬
‫واحدا ً من الفريقين ‪..‬‬ ‫ودخل رسول الله ‪ ρ‬بيته ‪..‬‬
‫فحاصرهم النبي ‪ .. ρ‬حتى نصره‬ ‫ووضع السلح واغتسل ‪..‬‬
‫الله عليهم ‪..‬‬ ‫فلما كانت الظهر ‪ ..‬جاءه‬
‫جبريل ‪..‬‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫فنادى رسول الله ‪ .. ρ‬من‬
‫ليست الغاية أن نتفق ‪ ..‬لكن‬ ‫خارج البيت ‪..‬‬
‫الغاية أن ل نختلف ‪..‬‬ ‫فقام رسول الله ‪ ρ‬فزعا ً ‪..‬‬
‫فقال له جبريل عليه السلم‬
‫الرفق ‪ ..‬إل زانه ‪..‬‬ ‫‪.53‬‬ ‫‪ :‬أوقد وضعت السلح يا‬
‫يتكرر على ألسنتنا كثيرا ً عندما‬ ‫رسول الله ؟‬
‫نعجب بشخص ما ‪ ..‬أن نصفه‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫قائلين ‪:‬‬ ‫قال جبريل ‪ :‬ما وضعت‬
‫فلن رزين ‪ ..‬فلن ثقيل ‪ ..‬فلن‬ ‫الملئكة السلح بعد ‪ ..‬وما‬
‫راكد ‪..‬‬ ‫رجعت الن إل من طلب‬
‫وإذا أردنا مذمة شخص قلنا ‪:‬‬ ‫القوم ‪ ..‬طلبناهم حتى بلغنا‬
‫فلن عجول ‪ ..‬فلن خفّيف ‪..‬‬ ‫حمراء السد ‪..‬‬
‫أما رسول الله ‪ ‬فيقول ‪ :‬ما‬ ‫إن الله يأمرك بالمسير إلى‬
‫‪168‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫)‪(68‬‬
‫سواه ‪..‬‬ ‫كان الرفق في شيء إل‬
‫الرفيق ‪ ..‬الهين اللين ‪ ..‬محبوب‬ ‫زانه ‪ ..‬وما نزع من شيء إل‬
‫)‪(66‬‬
‫عند الناس ‪ ..‬تطمئن إليه‬ ‫شانه ‪..‬‬
‫النفوس ‪ ..‬وتثق فيه ‪..‬‬ ‫هل تستطيع تحريك طن‬
‫خاصة إذا صاحب ذلك وزن‬ ‫الحديد بأصبع ؟‬
‫للكلم ‪ ..‬وقدرة على التعامل‬ ‫نعم ‪ :‬إذا أحضرت رافعة ‪..‬‬
‫الرائع ‪..‬‬ ‫ثم ربطته برفق ‪ ..‬وأحكمت‬
‫من أشهر طلب علماء الحنفية‬ ‫ربطه ‪..‬‬
‫المام أبو يوسف القاضي ‪..‬‬ ‫ثم رفعته ‪ ..‬فإذا تعلق في‬
‫هو أشهر طلب أبي حنيفة ‪..‬‬ ‫الهواء ‪ ..‬حركه بأصغر‬
‫كان أبو يوسف في صغره فقيرا ً‬ ‫أصابعك ‪..‬‬
‫‪ ..‬وكان أبوه يمنعه من حضور‬ ‫اتفق صديقان على أن‬
‫درس أبي حنيفة ‪ ..‬ويأمره‬ ‫يتقدما لرجل لخطبة ابنتيه ‪..‬‬
‫بالذهاب للسوق لتكسب ‪..‬‬ ‫كانت إحداهما أكبر من‬
‫كان أبو حنيفة حريصا ً عليه ‪..‬‬ ‫الخرى ‪..‬‬
‫وإذا غاب عاتبه ‪..‬‬ ‫قال أحدهما للخر ‪ :‬أنا آخذ‬
‫ً‬
‫فاشتكى أبو يوسف يوما إلى‬ ‫الصغيرة ‪ ..‬وأنت تأخذ‬
‫أبي حنيفة حاله مع والده ‪..‬‬ ‫الكبيرة ‪..‬‬
‫فاستدعى أبو حنيفة والد أبي‬ ‫فصاح صاحبه ‪ :‬لاااا ‪ ..‬بل‬
‫يوسف وسأله ‪ :‬كم يكسب الولد‬ ‫أنت خذ الكبيرة ‪ ..‬وأنا آخذ‬
‫كل يوم ؟‬ ‫الصغيرة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬درهمان ‪..‬‬ ‫فقال الول ‪ :‬طيب ‪ ..‬أنت‬
‫قال ‪ :‬أنا أعطيك الدرهمين ‪..‬‬ ‫تأخذ الصغيرة ‪ ..‬وأنا آخذ‬
‫ودعه يطلب العلم ‪..‬‬ ‫التي أصغر منها ‪..‬‬
‫فلزم أبو يوسف شيخه سنين ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬موافق ‪!!..‬‬
‫فلما بلغ أبو يوسف سن الشباب‬ ‫ولم يدرك أن صاحبه ما غير‬
‫‪ ..‬ونبغ على أقرانه ‪ ..‬أصابه‬ ‫قراره ‪ ..‬سوى أنه غير‬
‫مرض أقعده ‪..‬‬ ‫أسلوب الكلم برفق ‪..‬‬
‫فزاره أبو حنيفة ‪ ..‬وكان المرض‬ ‫وفي الحديث ‪ :‬إذا أراد الله‬
‫شديدا ً متمكنا ً منه ‪ ..‬فلما رآه أبو‬ ‫بأهل بيت خيرا ً أدخل عليهم‬
‫حنيفة حزن ‪ ..‬وخاف عليه‬ ‫الرفق ‪ ..‬وإذا أراد الله بأهل‬
‫الهلك ‪..‬‬ ‫بيت شرا ً ‪ ..‬نزع منهم الرفق‬
‫وخرج وهو يكلم نفسه قائل ً ‪:‬‬ ‫)‪(67‬‬
‫‪..‬‬
‫آآآه يا أبا يوسف ‪ ..‬لقد كنت‬ ‫وفيه ‪ :‬إن الله رفيق يحب‬
‫أرجوك للناس من بعدي !!‬ ‫الرفق ‪ ..‬ويعطي على الرفق‬
‫ومضى أبو حنيفة يجر خطاه‬ ‫ما ل يعطي على العنف ‪..‬‬
‫حزينا ً إلى حلقته وطلبه ‪..‬‬ ‫وما ل يعطي على ما‬
‫ومضت يومان ‪ ..‬فشفي أبو‬
‫) (‬ ‫‪66‬‬

‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪68‬‬


‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪67‬‬

‫‪169‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الجالس هناك ‪ ..‬يعني أبا يوسف‬ ‫يوسف ‪ ..‬واغتسل ولبس‬
‫‪ ..‬فقل له ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬عندي‬ ‫ثيابه ليذهب لدرس شيخه ‪..‬‬
‫مسألة ‪..‬‬ ‫فسأله من حوله ‪ :‬إلى أين‬
‫فسيفرح بك ويسألك عن‬ ‫تذهب ؟‬
‫مسألتك ‪ ..‬فما جلس إل‬ ‫قال ‪ :‬إلى درس الشيخ ‪..‬‬
‫ليسأل !!‬ ‫قالوا ‪ :‬إلى الن تطلب العلم‬
‫فقل له ‪ :‬رجل دفع ثوبا ً له إلى‬ ‫؟ أنت قد اكتفيت ‪ ..‬أما بلغك‬
‫خياط ليقصره ‪ ..‬فلما جاءه بعد‬ ‫ما قال فيك الشيخ ؟‬
‫أيام يريد ثوبه جحده الخياط ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬وما قال ؟!‬
‫وأنكر أنه أخذ منه ثوبا ً ‪ ..‬فذهب‬ ‫قالوا ‪ :‬قد قال ‪ :‬كنت‬
‫الرجل إلى الشرطة فاشتكاه‬ ‫أرجوك للناس من بعدي ‪..‬‬
‫فأقبلوا واستخرجوا الثوب من‬ ‫أي أنك قد حصلت كل علم‬
‫الدكان ‪..‬‬ ‫أبي حنيفة ‪ ..‬فلو مات‬
‫والسؤال ‪ :‬هل يستحق الخياط‬ ‫الشيخ اليوم جلست مكانه ‪..‬‬
‫أجرة تقصير الثوب أم ل يستحق‬ ‫فأعجب أبو يوسف بنفسه ‪..‬‬
‫؟‬ ‫ومضى إلى المسجد ورأى‬
‫فإن أجابك وقال ‪ :‬يستحق ‪..‬‬ ‫حلقة أبي حنيفة في‬
‫فقل له ‪ :‬أخطأت ‪..‬‬ ‫ناحية ‪ ..‬فجلس في الناحية‬
‫وإن قال ‪ :‬ل يستحق ‪ ..‬فقل‬ ‫الخرى ‪ ..‬وبدأ يدرس ويفتي‬
‫له ‪ :‬أخطأت ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫فرح الطالب بهذه المسألة‬ ‫التفت أبو حنيفة إلى الحلقة‬
‫المشكلة ‪ ..‬ومضى على أبي‬ ‫الجديدة ‪ ..‬فسأل ‪ :‬حلقة من‬
‫يوسف وقال ‪ :‬يا شيخ ‪..‬‬ ‫هذه ؟‬
‫مسألة ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬هذا أبو يوسف ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ما مسألتك ؟‬ ‫شفي من مرضه ؟!‬ ‫قال ‪ُ :‬‬
‫قال ‪ :‬رجل دفع ثوبا ً إلى‬ ‫قالوا ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫خياط ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فلم لم يأت إلى‬
‫فأجاب أبو يوسف على الفور‬ ‫درسنا ؟!‬
‫قائل ً ‪ :‬نعم يستحق الجرة ‪ ..‬ما‬ ‫قالوا ‪ :‬حدثوه بما قلت ‪..‬‬
‫دام أتم العمل ‪..‬‬ ‫فجلس يدرس الناس‬
‫ت ‪..‬‬
‫فقال السائل ‪ :‬أخطأ َ‬ ‫واستغنى عنك ‪..‬‬
‫فعجب أبو يوسف ‪ ..‬وتأمل في‬ ‫ففكر أبو حنيفة كيف يتعامل‬
‫المسألة أكثر ‪ ..‬ثم قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ل‬ ‫مع الموقف برفق ‪ ..‬وجعل‬
‫يستحق الجرة ‪..‬‬ ‫يفكر ثم قال ‪:‬‬
‫فقال السائل ‪ :‬أخطأت ‪..‬‬ ‫شر‬‫يأبى أبو يوسف إل أن نق ّ‬
‫فنظر أبو يوسف إليه ‪ ..‬ثم سأله‬ ‫له العصا!!‬
‫‪ :‬بالله من أرسلك ‪..‬‬ ‫ثم التفت إلى أحد طلبه‬
‫فأشار إلى أبي حنيفة ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫الجالسين وقال ‪:‬‬
‫أرسلني الشيخ ‪..‬‬ ‫يا فلن ‪ ..‬اذهب إلى الشيخ‬
‫‪170‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫سواقة السيارة ‪ ..‬في‬ ‫فقام أبو يوسف من مجلسه‬
‫التدريس ‪ ..‬في البيع والشراء ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ومضى حتى وقف على‬
‫وإن كان المرء قد يحتاج الشدة‬ ‫حلقة أبي حنيفة وقال ‪ :‬يا‬
‫أحيانا ً ‪ ..‬حتى في النصح ‪ ..‬وهذا‬ ‫شيخ ‪ ..‬مسألة ‪..‬‬
‫هو الحكمة في النصيحة ‪ ..‬وهي‬ ‫فلم يلتفت أبو حنيفة إليه ‪..‬‬
‫وضع المور في مواضعها ‪..‬‬ ‫فأقبل أبو يوسف حتى جثى‬
‫وقد كان غضبه ‪ ρ‬دائما ً – إن‬ ‫على ركبتيه بين يدي‬
‫غضب – في المور الدينية ‪..‬‬ ‫الشيخ ‪ ..‬وقال بكل أدب ‪ :‬يا‬
‫فما غضب رسول الله ‪ ‬لنفسه‬ ‫شيخ ‪ ..‬مسألة ‪..‬‬
‫قط ‪ ..‬إل أن تنتهك حرمة من‬ ‫قال ‪ :‬ما مسألتك ؟‬
‫محارم الله ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬تعرفها ‪..‬‬
‫قابل عمر بن الخطاب ‪ ‬يوما ً‬ ‫قال ‪ :‬مسألة الخياط والثوب‬
‫رجل ً من اليهود ‪..‬‬ ‫؟‬
‫فأطلعه على كلم في التوراة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫فأعجبه ‪ ..‬فأمره فنسخه له ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬اذهب وأجب ‪.‬ز ألست‬
‫ثم جاء عمر بهذه الصحيفة من‬ ‫شيخا ً ‪..‬‬
‫التوراة إلى رسول الله ‪.. ‬‬ ‫قال ‪ :‬الشيخ أنت ‪..‬‬
‫فقرأها عليه ‪..‬‬ ‫فقال ابو حنيفة ‪ :‬ننظر في‬
‫فلحظ النبي ‪ ‬أن عمر معجب‬ ‫مقدار تقصير الخياط‬
‫بما معه ‪ ..‬وأن التلقي عن‬ ‫للثوب ‪ ..‬فإن كان قصره‬
‫فتح‬‫الديانات السابقة ‪ ..‬إن ُ‬ ‫على مقاس الرجل ‪..‬‬
‫المجال له ‪ ..‬اختلط ذلك بالقرآن‬ ‫فمعنى ذلك أنه قام بالعمل‬
‫‪ ..‬والتبس المر على الناس ‪..‬‬ ‫كامل ً ‪ ..‬ثم بدا له أن يجحد‬
‫وكيف يفعل عمر ذلك ‪..‬‬ ‫الثوب ‪ ..‬فيكون قام بالعمل‬
‫وينسخ ‪ ..‬ويكتب ‪ ..‬دون استئذان‬ ‫لجل الرجل ‪ ..‬فيستحق‬
‫النبي ‪!! ‬‬ ‫عليه الجرة ‪..‬‬
‫فغضب ‪ .. ‬وقال ‪ :‬أمتهوكون‬ ‫وإن كان قصره على مقاس‬
‫فيها يا ابن الخطاب ؟! أي‬ ‫نفسه ‪ ..‬فمعنى ذلك أنه قام‬
‫كون في شريعتي ‪..‬‬ ‫شا ّ‬ ‫بالعمل لجل نفسه ‪ ..‬فل‬
‫والذي نفسي بيده لقد جئتكم‬ ‫يستحق على ذلك أجرة ‪..‬‬
‫بها بيضاء نقية ‪ ..‬ل تسألوهم‬ ‫فقبل أبو يوسف رأس أبي‬
‫عن شيء ‪ ..‬فيخبروكم بحق‬ ‫حنيفة ‪ ..‬ولزمه حتى مات‬
‫فتكذبوا به ‪ ..‬أو بباطل فتصدقوا‬ ‫أبو حنيفة ‪ ..‬ثم قعد أبو‬
‫به ‪ ..‬والذي نفسي بيده لو أن‬ ‫يوسف للناس من بعده ‪..‬‬
‫موسى حيا ً ما وسعه إل أن‬ ‫فلو استعمل الزوجان الرفق‬
‫يتبعني ‪.. (69) ..‬‬ ‫مع بعضهما ‪..‬‬
‫والله يا معشر قريش لقد جئتكم‬ ‫وكذلك البوان ‪..‬‬
‫والمدراء ‪ ..‬والمدرسون ‪..‬‬
‫نستعمل الرفق دائما ً ‪ ..‬في‬
‫) ( رواه أحمد وأبو يعلى والبزار‬ ‫‪69‬‬

‫‪171‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فلما سمع القوم هذا التهديد ‪..‬‬ ‫بالذبح ‪..‬‬
‫الذبح ‪ ..‬وهو الصادق المين ‪..‬‬ ‫في أوائل بعثة النبي ‪.. ‬‬
‫انتفضوا ‪ ..‬حتى ما منهم من‬ ‫كان ‪ ‬يأتي عند الكعبة‬
‫رجل إل وكأنما على رأسه طائر‬ ‫وقريش في مجالسهم ‪..‬‬
‫وقع ‪ ..‬حتى أن أشدهم عليه‬ ‫ويصلي ‪ ..‬ول يلتفت إليهم ‪..‬‬
‫ليتلطف معه ‪ ..‬وصاروا‬ ‫وكانوا يؤذونه بأنواع الذى ‪..‬‬
‫يقولون ‪ :‬انصرف أبا القاسم‬ ‫وهو صابر ‪..‬‬
‫راشدا ‪ ..‬فما كنت جهول ً ‪..‬‬ ‫وفي يوم ‪..‬‬
‫فانصرف رسول الله ‪ ‬عنهم ‪..‬‬ ‫اجتمع أشرافهم في‬
‫نعم ‪..‬‬ ‫الحجر ‪ ..‬فذكروا رسول الله‬
‫إذا قيل ‪ :‬حلم ‪ ،‬قل ‪ :‬فللحلم‬ ‫‪ ‬فقالوا ‪:‬‬
‫موضع **‬ ‫ما رأينا مثل ما صبرنا عليه‬
‫وحلم الفتى‬ ‫ه‬
‫ف َ‬‫من هذا الرجل قط ‪ ..‬س ّ‬
‫في غير موضعه جهل‬ ‫أحلمنا ‪ ..‬وشتم آباءنا ‪..‬‬
‫وإن كان المتتبع لسيرة النبي ‪ρ‬‬ ‫وعاب ديننا ‪ ..‬وفرق جماعتنا‬
‫يجد أنه كان يغلب الرفق دائما ً ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وسب آلهتنا ‪ ..‬وصرنا منه‬
‫انتبه !! ليس الضعف والجبن ‪..‬‬ ‫على أمر عظيم ‪..‬‬
‫وإنما الرفق ‪..‬‬ ‫فبينما هم في ذلك ‪ ..‬إذ‬
‫ومن مواقف الرفق ‪:‬‬ ‫طلع رسول الله ‪ .. ‬فأقبل‬
‫أنه بعد وقعة بدر بشهر ‪ ..‬أراد‬ ‫يمشي حتى استلم الركن ‪..‬‬
‫أبو العاص زوج زينب بنت النبي‬ ‫ثم مر بهم طائفا ً بالبيت ‪..‬‬
‫‪ ‬أن يرسلها إلى المدينة عند‬ ‫فغمزوه ببعض القول ‪..‬‬
‫أبيها ‪..‬‬ ‫فتغير وجه رسول الله ‪.. ‬‬
‫فبعث رسول الله ‪ ρ‬زيد بن‬ ‫فرفق بهم ‪ ..‬وسكت‬
‫حارثة ‪ ..‬ورجل ً من النصار ‪..‬‬ ‫عنهم ‪ ..‬ومضى ‪..‬‬
‫فقال ‪:‬كونا ببطن يأجح حتى‬ ‫فلما مر بهم الثانية ‪..‬‬
‫تمر بكما زينب فتصحباها‬ ‫غمزوه بمثلها ‪..‬‬
‫فتأتياني بها ‪..‬‬ ‫فتغير وجهه أيضا ً ‪ ..‬فسكت‬
‫فخرجا مكانهما ‪..‬‬ ‫عنهم ‪ ..‬ومضى في‬
‫فأمرها أبو العاص بالتجهز ‪..‬‬ ‫طوافه ‪..‬‬
‫فبدأت في جمع متاعها ‪..‬‬ ‫فمر بهم الثالثة ‪ ..‬فغمزوه‬
‫فبينا هي تتجهز ‪ ..‬لقيتها هند‬ ‫بمثلها ‪..‬‬
‫بنت عتبة ‪ ..‬زوجة أبي سفيان ‪..‬‬ ‫فرأى أن الرفق ل يصلح مع‬
‫فقالت ‪ :‬يا ابنة محمد ‪ ..‬ألم‬ ‫أمثال هؤلء ‪ ..‬فوقف عليهم‬
‫يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك‬ ‫وقال ‪:‬‬
‫؟‬ ‫أتسمعون يا معشر قريش !!‬
‫قالت ‪ :‬ما أردت ذلك ‪..‬‬ ‫أما والذي نفسي بيده لقد‬
‫فقالت ‪ :‬أي ابنة عم ‪ ..‬أن أردت‬ ‫جئتكم بالذبح ‪ ..‬ووقف‬
‫أن تفعلي ‪..‬‬ ‫أمامهم ‪..‬‬
‫‪172‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وضعت فيه سهما ‪ ..‬وكان‬ ‫فإن كان لك حاجة بمتاع مما‬
‫راميا ً ‪ ..‬فتكركر الناس عنه‬ ‫يرفق بك في سفرك ‪ ..‬أو‬
‫وتراجعوا ‪..‬‬ ‫بمال تتبلغين به إلى أبيك ‪..‬‬
‫وأخذوا ينظرون إليه من بعيد ‪..‬‬ ‫فإن عندي حاجتك فل‬
‫ل هو يقدر على الذهاب ‪ ..‬ول‬ ‫تضطني مني ‪ ..‬أي ل تخجلي‬
‫هم يجترئون على القتراب‬ ‫‪..‬‬
‫منه ‪..‬‬ ‫فإنه ل يدخل بين النساء ما‬
‫حتى بلغ أبا سفيان أن زينب‬ ‫بين الرجال ‪..‬‬
‫خرجت إلى أبيها ‪..‬‬ ‫قالت زينب ‪ :‬والله ما أراها‬
‫فأقبل في جلة جمع من‬ ‫قالت ذلك إل لتفعل ‪..‬‬
‫قريش ‪ ..‬فلما رأى كنانة قد‬ ‫ولكني خفتها فأنكرت أن‬
‫تجهز بنبله ‪ ..‬ورأى القوم قد‬ ‫أكون أريد ذلك ‪..‬‬
‫استوفزوا لقتاله ‪..‬‬ ‫دم‬‫فلما أتمت جهازها ‪ ..‬ق ّ‬
‫صاح به وقال ‪:‬‬ ‫إليها أخو زوجها كنانة بن‬
‫يا أيها الرجل ‪ ..‬كف عنا نبلك‬ ‫الربيع بعيرا ً ‪..‬‬
‫حتى نكلمك ‪..‬‬ ‫فركبته و أخذ قوسه و كنانته‬
‫فكف نبله ‪ ..‬فأقبل أبو سفيان‬ ‫‪..‬‬
‫حتى وقف عليه ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫ثم خرج بها نهارا ً يقود بها و‬
‫إنك لم تصب ‪ ..‬خرجت بالمرأة‬ ‫هي في هودج لها ‪..‬‬
‫على رؤوس الناس علنية ‪..‬‬ ‫فرآها الناس ‪ ..‬و تحدث‬
‫وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا في‬ ‫بذلك رجال من قريش ‪..‬‬
‫بدر ‪ ..‬و ما دخل علينا من‬ ‫كيف تخرج إليه ابنته وقد‬
‫محمد ‪ ..‬قتل أشرافنا ‪ ..‬ورمل‬ ‫فعل بنا ما فعل في بدر ‪..‬‬
‫نساءنا ‪..‬‬ ‫فخرجوا في طلبها حتى‬
‫فإذا رآك الناس ‪.‬ز وتسامعت‬ ‫أدركوها بذي طوى ‪..‬‬
‫القبائل ‪ ..‬أنك خرجت بابنته‬ ‫وكان أول من سبق إليها‬
‫علنية ‪ ..‬على رؤوس الناس من‬ ‫هبار بن السود ‪ ..‬فروعها‬
‫بين أظهرنا ‪..‬‬ ‫بالرمح و هي في الهودج ‪..‬‬
‫أن ذلك عن ذل أصابنا ‪ ..‬وأن‬ ‫فقيل ‪ :‬إنها كانت حامل ً‬
‫ذلك ضعف منا ووهن ‪..‬‬ ‫ففزعت ‪ ..‬وطرحت ولدها ‪..‬‬
‫ولعمري مالنا بحبسها من أبيها‬ ‫وأقبل الكفار يتسابقون‬
‫من حاجة ‪ ..‬ومالنا من ثأر‬ ‫إليها ‪ ..‬وعهم السلح ‪..‬‬
‫عليها ‪..‬‬ ‫وهي ليس معها إل أخو‬
‫ولكن ارجع بالمرأة ‪ ..‬حتى إذا‬ ‫زوجها كنانة ‪..‬‬
‫هدأت الصوات ‪ ..‬وتحدث الناس‬ ‫فلما رأى ذلك ‪..‬‬
‫أن قد رددناها ‪..‬‬ ‫وبرك على الرض ‪ ..‬ثم نثر‬
‫سّلها سرا ً ‪ ..‬وألحقها بأبيها ‪..‬‬ ‫ف ُ‬ ‫كنانته وصف رماحه بين يديه‬
‫فلما سمع كنانة ذلك ‪ ..‬اقتنع‬ ‫‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬
‫به ‪ ..‬وعاد بها ‪..‬‬ ‫و الله ل يدنو مني رجل إل‬
‫‪173‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كنت أتمنى أن يكون تصرفه غير‬ ‫فأقامت ليالي في مكة ‪..‬‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫حتى إذا هدأت الصوات ‪..‬‬
‫دخل إلى البقالة ‪ ..‬فقال له‬ ‫خرج بها ليلة من الليالي ‪..‬‬
‫العامل البسيط ‪ :‬الحمد لله ‪..‬‬ ‫فمشى بها ‪..‬‬
‫جاءتني رسالة من أهلي ‪ ..‬لم‬ ‫حتى أسلمها إلى زيد بن‬
‫يتفاعل ‪..‬‬ ‫حارثة وصاحبه ‪..‬‬
‫هل سأل نفسه لماذا أخبره أصل ً‬ ‫فقدما بها ليل ً على رسول‬
‫‪ ..‬ليشاركه فرحته ‪..‬‬ ‫الله ‪.. ρ‬‬
‫زار أحد زملئه ‪ ..‬فوضع له‬
‫القهوة والشاي ‪ ..‬ثم دخل البيت‬ ‫وحي ‪..‬‬
‫وجاء بطفله الول حديث لولده‬ ‫ما كان الرفق في شيء إل‬
‫‪ ..‬قد لفه في مهاده ‪ ..‬ولو‬ ‫زانه ‪ ..‬وما نزع من شيء إل‬
‫استطاع أن يلفه بجفون عينيه‬ ‫شانه ‪..‬‬
‫لفعل ‪ ..‬ثم وقف به بين يديه‬
‫وقال ‪ :‬ما رأيك في هذا‬ ‫بين الحي ‪..‬‬ ‫‪.54‬‬
‫البطل ؟‬ ‫والميت ‪..‬‬
‫فنظر إليه ببرود ‪ ..‬وقال ‪ ..‬ما‬ ‫كان ثقيل ً على الناس ‪..‬‬
‫شاء الله ‪ ..‬الله يخلي لك إياه ‪..‬‬ ‫على زملئه ‪ ..‬جيرانه ‪..‬‬
‫ثم رفع فنجال الشاي ليشرب ‪..‬‬ ‫إخوانه ‪ ..‬حتى على أولده ‪..‬‬
‫كان المنتظر أن يتفاعل أكثر ‪..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬كان ثقيل الدم ‪..‬‬
‫يأخذ الغلم بين يديه ‪ ..‬يقبله ‪..‬‬ ‫طالما سمعهم مرارا ً يقولون‬
‫يمدح جماله ‪ ..‬وصحته ‪..‬‬ ‫‪ :‬يا أخي ما عندك مشاعر !!‬
‫لكن صاحبنا كان ) غبيا ً ( ‪..‬‬ ‫لم يكن يتفاعل معهم أبدا ً ‪..‬‬
‫عندما تتعامل مع الناس ‪ ..‬قس‬ ‫أتاه ولده يوما ً فرحا ً‬
‫المور بأهميتها عندهم ‪ ..‬ل‬ ‫وح بدفتر‬ ‫مستبشرا ً ‪ ..‬يل ّ‬
‫عندك أنت ‪..‬‬ ‫الواجب وقد وقع المدرس‬
‫فكلمة "ممتاز" بالنسبة لولدك‬ ‫فيه كلمة " ممتاز " ‪ ..‬لم‬
‫أغلى عنده من شهادة الدكتوراه‬ ‫يلتفت الب إليه ‪ ..‬وإنما قال‬
‫عند الدكتور ‪..‬‬ ‫‪ :‬طيب ‪ ..‬عادي ‪ ..‬والله لو‬
‫وهذا المولود عند صاحبك أغلى‬ ‫أنك جايب شهادة‬
‫عنده من الدنيا ‪ ..‬كلما رآه ودّ أن‬ ‫الدكتوراه !!‬
‫يشق قلبه ويسكنه فيه ‪ ..‬أفل‬ ‫كان المنتظر غير ذلك ‪..‬‬
‫يستحق منك حبك لصاحبك أن‬ ‫طالب عنده في الفصل ‪..‬‬
‫تشاركه ولو بعض شعوره ‪..‬‬ ‫كان خفيف الدم ‪ ..‬لحظ‬
‫أحيانا ً يكون بعض الناس‬ ‫ثقل الدرس ) والمدرس !!(‬
‫متحمسا ً لشيء معين ‪..‬‬ ‫و بنكتة أطلقها ‪..‬‬ ‫فلطف الج ّ‬
‫لذلك تجد الذين ل يتفاعلون مع‬ ‫فلم تتحرك تعابير وجه‬
‫الناس يشتكي أحدهم دائما ً ‪..‬‬ ‫المدرس وإنما قال ‪:‬‬
‫لماذا أولدي ل يحبون‬ ‫تستخف دمك ؟!‬
‫‪174‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪.. ‬‬ ‫) السوالف ( معي ‪..‬‬
‫فرآهم يحفرون بأيديهم راضين‬ ‫فنقول ‪ :‬لنهم يحكون لك‬
‫مستبشرين ‪..‬‬ ‫النكتة فل تتفاعل ‪ ..‬ويروون‬
‫فلما رأوا رسول الله ‪ ‬قالوا ‪:‬‬ ‫قصصهم في مدارسهم ‪..‬‬
‫نحن الذين بايعوا محمدا ً ***‬ ‫وكأنهم يكلمون جدارا ً ‪..‬‬
‫على الجهاد ما بقينا أبدا‬ ‫حتى ذكر لك شخص قصة ‪..‬‬
‫فقال مجيبا ً لهم ‪:‬‬ ‫أنت تعرفها ‪ ..‬فل مانع من‬
‫اللهم إن العيش عيش الخرة ‪،‬‬ ‫التفاعل معه ‪..‬‬
‫فاغفر للنصار والمهاجرة ‪..‬‬ ‫قال عبد الله ابن المبارك ‪:‬‬
‫ويستمر تفاعله معهم ‪ ..‬طوال‬ ‫والله إن الرجل ليحدثني‬
‫اليام ‪..‬‬ ‫بالحديث وأنا أعرفه من قبل‬
‫فسمعهم وقد علهم الغبار ‪..‬‬ ‫أن تلده أمه فأسمعه منه ‪..‬‬
‫وهم يرددون ‪:‬‬ ‫وكأني أول مرة أسمعه ‪..‬‬
‫ول‬ ‫والله لول الله ما اهتدينا‬ ‫ما أجمل هذه المهارة ‪..‬‬
‫تصدقنا ول صلينا‬ ‫قبيل معركة الخندق ‪..‬‬
‫وثبت‬ ‫فأنزلن سكينة علينا‬ ‫عمل المسلمون في حفر‬
‫القدام إن لقينا‬ ‫الخندق حتى أحكموه ‪..‬‬
‫إذا‬ ‫إن اللى قد بغوا علينا‬ ‫وكان من بينهم رجل اسمه‬
‫أرادوا فتنة أبينا‬ ‫جعيل ‪ ..‬فغيره النبي ‪ ‬إلى‬
‫فكان يرفع صوته متفاعل ً معهم‬ ‫عمرو ‪..‬‬
‫قائل ً ‪ :‬أبينا ‪ ..‬أبينا ‪.‬‬ ‫فكان الصحابة يشتغلون ‪..‬‬
‫وكان ‪ ‬إذا مازحه أحد تفاعل‬ ‫ويعملون ‪..‬‬
‫معه ‪ ..‬وضحك وتبسم ‪..‬‬ ‫ويرددون قائلين ‪:‬‬
‫دخل عليه عمر وهو ‪ ρ‬غضبان‬ ‫سماه من بعد جعيل عمرا ً‬
‫على نسائه ‪ ..‬لما أكثرن عليه‬ ‫***‬
‫مطالبته بالنفقة ‪ ..‬فقال عمر ‪:‬‬ ‫وكان‬
‫َ‬ ‫للبائس يوما ً ظهرا ً‬
‫وك ُّنا‬ ‫و َرأي َْتنا َ‬ ‫ه ‪ ..‬ل َ ْ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫َيا َر ُ‬
‫ساءَ ‪..‬‬ ‫ب الن ّ َ‬ ‫غل ِ ُ‬ ‫ش ‪ ..‬ن َ ْ‬ ‫قَري ْ ٍ‬ ‫شَر ُ‬ ‫ع َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫فكانوا إذا قالوا ‪ :‬عمروا ً ‪..‬‬
‫دنا امرأُته‬ ‫فكنا إذا سألت أح َ‬ ‫قال معهم رسول الله ‪: ρ‬‬
‫ة قام إليها فوجأ عنقها ‪..‬‬ ‫نفق ً‬ ‫عمروا ً ‪..‬‬
‫م‬
‫و ٌ‬ ‫ق ْ‬‫ذا َ‬ ‫ة إِ َ‬‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬‫مَنا ال ْ َ‬ ‫د ْ‬‫ق ِ‬‫ما َ‬ ‫فل َ ّ‬‫َ‬ ‫وإذا قالوا ‪ :‬ظهرا ً ‪ ..‬قال‬
‫م ‪ ..‬فطفق‬ ‫ه ْ‬‫ؤ ُ‬ ‫سا ُ‬‫م نِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫غل ِب ُ ُ‬
‫تَ ْ‬ ‫لهم ‪ :‬ظهرا ً ‪..‬‬
‫نساؤنا يتعلمن من نسائهم ‪..‬‬ ‫فيتحمسون أكثر ‪..‬‬
‫ي ‪ .. ρ‬ثم زاد عمر‬ ‫م الن ّب ِ ّ‬ ‫س َ‬ ‫فت َب َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ويشعرون أنه معهم ‪..‬‬
‫الكلم ‪ ..‬فازداد تبسم النبي ‪.. ρ‬‬ ‫والله لول الله ما اهتدينا ‪..‬‬
‫وتقرأ في أحاديث أنه تبسم‬ ‫ولما أقبل الليل عليهم اشتد‬
‫حتى بدت نواجذه ‪..‬‬ ‫البرد ‪..‬‬
‫وكان ‪ ‬يتعامل مع أنواع من‬ ‫واستمروا يحفرون ‪..‬‬
‫الناس ل يقدرون التعامل‬ ‫فخرج عليهم رسول الله‬
‫‪175‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫البركة ‪ ..‬فنادت من وراء‬ ‫الراقي ‪ ..‬ول يتفاعلون‬
‫الستر ‪ :‬أفضل لمكما ‪ ..‬أي أبقيا‬ ‫معه ‪ ..‬بل ينغلقون‬
‫لها منه ‪..‬‬ ‫ويتعجلون ‪..‬‬
‫)‪(70‬‬
‫‪..‬‬ ‫فأفضل لها منه طائفة ‪..‬‬ ‫ومع ذلك كان يصبر عليهم ‪..‬‬
‫إذن كان لطيف المعشر ‪ ..‬أنيس‬ ‫كان ‪ .. ρ‬يوما ً نازل ً بموضع‬
‫المجلس ‪ ..‬متحمل ً ‪ ..‬ل يعمل‬ ‫يقال له "الجعرانة " بين مكة‬
‫قضية وخلفا ً من كل شيء ‪..‬‬ ‫والمدينة ‪..‬‬
‫جلس ‪ ‬يوما ً مع عائشة ‪..‬‬ ‫ومعه بلل ‪ ..‬فجاءه ‪ρ‬‬
‫فأخذت تحدثه بأحاديث نساء ‪..‬‬ ‫أعرابي يبدو أنه كان قد‬
‫وهو يتفاعل معها ‪..‬‬ ‫طلب من النبي ‪ ‬حاجة‬
‫وهي تفصل الكلم وتطيل ‪..‬‬ ‫فوعده بها ولم تتيسر بعد ‪..‬‬
‫وهو على كثرة مشاغله يستمع‬ ‫وكان العرابي مستعجل ً ‪..‬‬
‫ويتفاعل ويعلق ‪..‬‬ ‫فقال ‪:‬‬
‫حتى قضت حديثها ‪..‬‬ ‫يا محمد ‪ ..‬أل تنجز لي ما‬
‫فحدثته أنه جلست إحدى عشــرة‬ ‫وعدتني ؟‬
‫امـــرأة – فـــي أيـــام الجاهليـــة ‪-‬‬ ‫فقال له ‪ ‬متلطفا ً ‪:‬‬
‫فتعاهدن وتعاقــدن أن ل يكتمــن‬ ‫أبشر ‪..‬‬
‫من أخبار أزواجهن شيئا ً ‪..‬‬ ‫وهل هناك كلمة أرق‬
‫فجعلــن يتــذاكرن أزواجهــن بمــا‬ ‫منها ‪!!..‬‬
‫فيهم ول يكذبن !!‬ ‫فقال العرابي بكل صلفة ‪:‬‬
‫قالت الولى ‪:‬‬ ‫قد أكثرت علي من أبشر !‬
‫زوجي لحم جمل غث علــى رأس‬ ‫فغضب النبي ‪ ‬من‬
‫جبل ‪..‬‬ ‫عبارته ‪ ..‬لكنه كتم غيظه ‪..‬‬
‫ل ســـهل فيرتقـــى ول ســـمين‬ ‫والتفت إلى أبي موسى‬
‫فينتقل ‪..‬‬ ‫وبلل وكانا جالسين‬
‫) تشــبه زوجهــا بالجبــل الــوعر‬ ‫بجانبه ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫الــذي وضــعوا فــوقه لحــم جمــل‬ ‫رد البشرى فاقبل أنتما ‪..‬‬
‫كبير غير جيد ‪ ..‬فل يحــرص أحــد‬ ‫فاستبشرا ‪..‬‬
‫للوصـول إليـه لصـعوبة الوصـول‬ ‫ثم دعا ‪ ‬بقدح فيه ماء‬
‫إليــه ‪ ..‬وهــو ل يســتحق التعــب‬ ‫ج‬‫فغسل يديه ووجهه فيه وم ّ‬
‫لجله ‪ ..‬أي ‪ :‬لسوء خلقة ‪ ..‬وأنــه‬ ‫فيه ‪..‬‬
‫يتكبر ‪ ..‬مــع أنــه ليــس عنــده مــا‬ ‫ثم قال ‪ :‬اشربا منه وأفرغا‬
‫يتكبر بسببه فهو بخيل فقير ( ‪..‬‬ ‫على وجوهكما ونحوركما‬
‫قالت الثانية ‪:‬‬ ‫وأبشرا ‪ ..‬أي ببركة هذا الماء‬
‫زوجي ل أبث خبره ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫إني أخاف أن ل أذره ‪..‬‬ ‫فأخذا القدح ففعل ‪..‬‬
‫إن أذكره أذكر عجره وبجره ‪..‬‬ ‫وكانت أم سلمة ‪ ‬قريبة‬
‫) أي ‪ :‬زوجهـــا كـــثير العيـــوب ‪..‬‬ ‫منهم ‪ ..‬جالسة وراء ستار ‪..‬‬
‫) (‬ ‫‪70‬‬ ‫فأرادت أن ل تفوتها‬
‫‪176‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫المعــروف وهــو كريــم نشــيط ‪..‬‬ ‫وتخشى إذا ذكرت ما فيه أن‬
‫وغــذا خــرج مــن الــبيت وخــالط‬ ‫يبلغه ذلك فيطلقهــا ‪ ..‬وهــي‬
‫الناس فهو أسد لشجاعته ‪ ..‬وهو‬ ‫متعلقة به بسبب أولدها ‪..‬‬
‫ح ل يدقق فـي السـؤال‬ ‫أيضا ً سم ٌ‬ ‫جــر‬
‫ع َ‬‫لكنها لم تمدحه فإن له ُ‬
‫عـــــن مـــــا يأخـــــذه أهلـــــه أو‬ ‫جــر !! والعجــر ‪ :‬أن تنعقــد‬ ‫وب ُ َ‬
‫يصرفونه ‪(..‬‬ ‫العــروق فــي الجســد حــتى‬
‫قالت السادسة ‪:‬‬ ‫تصير منتفخة ‪ ..‬فتؤلم ‪..‬‬
‫ف ‪..‬‬‫زوجي إن أكل ل ّ‬ ‫جــر انتفــاخ عــروق فــي‬ ‫والب ُ َ‬
‫ف ‪..‬‬ ‫وإن شرب اشت ّ‬ ‫البطن ‪(!! ..‬‬
‫ف ‪..‬‬ ‫وإن اضطجع الت ّ‬ ‫قالت الثالثة ‪:‬‬
‫ث ‪..‬‬‫ف ‪ ..‬ليعلم الب ّ‬ ‫ول ُيوِلج الك ّ‬ ‫شّنق ‪..‬‬ ‫ع َ‬ ‫زوجي ال َ‬
‫)أي ‪ :‬إن زوجها يكثر الكل حتى‬ ‫إن أنطق أطلق ‪..‬‬
‫يلفه لفا ً فل يبقي لهــم شــيئا ً ‪..‬‬ ‫وإن أسكت ُأعّلق ‪..‬‬
‫فه شــفا ً ‪ ..‬يشــربه‬ ‫والشراف يش ّ‬ ‫ســـنان‬ ‫وهـــو علـــى حـــد ال ّ‬
‫ف باللحــاف‬ ‫كلــه ‪ ..‬وإذا نــام التــ ّ‬ ‫مذَّلق ‪..‬‬ ‫الـ ُ‬
‫ولــم يــدع لزوجتــه شــيئا ً ‪ ..‬وإذا‬ ‫) أي ‪ :‬زوجها طويل قبيح ‪..‬‬
‫حزنــت لــم يقــرب كفــه إليهــا أو‬ ‫ســيء الخلــق ‪ ..‬ول يتســامح‬
‫يلطفهــــــا ليعلــــــم ســــــبب‬ ‫معهــا بــل علــى مثــل حــد‬
‫حزنها ‪.. ( ..‬‬ ‫الســـيف !! فهـــي مهـــددة‬
‫قالت السابعة ‪:‬‬ ‫بـــالطلق كـــل لحظـــة ‪ ..‬ل‬
‫زوجي غياياء أو عياياء ) أي غبي‬ ‫يحتمـــل كلمهـــا ‪ ..‬ومـــتى‬
‫!! (‬ ‫اشتكت إليــه شــيئا ً طلقهــا ‪..‬‬
‫طباقاء ) أحمق !(‬ ‫ول يعاملها معاملة الزواج ‪..‬‬
‫كــل داء لــه داء ) جميــع العيــوب‬ ‫فهي عنده كالمعلقة ( ‪..‬‬
‫فيه !(‬ ‫قالت الرابعة ‪:‬‬
‫إن حـــدثته ســـبك ‪ ) ..‬ل يقبـــل‬ ‫ل ِتهامة ‪..‬‬ ‫زوجي كـ َلـْيـ ِ‬
‫حــديثا ً ول مؤانســة ‪ .‬بــل يســب‬ ‫قٌر ‪..‬‬‫حٌر ول َ‬ ‫ل َ‬
‫ويلعن دوما ً ( ‪..‬‬ ‫ول مخافة ول سآمة ‪..‬‬
‫جك ) ضـــرب‬ ‫وإن مـــازحته ‪ :‬شـــ ً‬ ‫) ليــل تهامــة ل ريــاح فيــه‬
‫رأسك فجرحه !( ‪..‬‬ ‫فيطيــب لهلــه ‪ ..‬فوصــفت‬
‫أو فًلــــــك ) ضــــــرب الجلــــــد‬ ‫زوجهـــا بجميـــل العشـــرة ‪..‬‬
‫فجرحه ( ‪..‬‬ ‫واعتـــدال الخلق ‪ ..‬فل أذى‬
‫ك ‪ ) ..‬يضــرب كــل‬ ‫أو جمــع كل ّ ل ـ ِ‬ ‫عنده ( ‪..‬‬
‫المواضع الرأس والجسد ! ( ‪..‬‬ ‫قالت الخامسة ‪:‬‬
‫قالت الثامنة ‪:‬‬ ‫هد ‪..‬‬‫فـ ِ‬‫زوجي إن دخل َ‬
‫زوجــي ‪ ..‬المــس مــس أرنــب ‪..‬‬ ‫سد ‪..‬‬ ‫َ‬
‫وإن خرج أ ِ‬
‫) أي ناعم رقيق ( ‪..‬‬ ‫هد ‪..‬‬‫عـ ِ‬
‫ول يسأل عما َ‬
‫والريح ريح زرنب ‪ ) ..‬وهو نبــات‬ ‫) أي ‪ :‬إذا دخـــل بيتـــه صـــار‬
‫طيب الرائحة ( ‪..‬‬ ‫كالفهــــد وهــــو الحيــــوان‬
‫‪177‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أنـــه ســـيهلك بعضـــهن ذبحـــا ً‬ ‫وأنـا اغلبـه والنـاس يغلـب ‪..‬‬
‫للضيوف ( ‪..‬‬ ‫) أي سهل معهــا ينصــاع لمــا‬
‫قالت الحادية عشرة ‪:‬‬ ‫تريـــد ‪ ..‬لكنـــه بطـــل يغلـــب‬
‫زوجــي أبــو زرع ؟! ) اســمه أبــو‬ ‫النــاس وشخصــيته أمــامهم‬
‫زرع ( ‪..‬‬ ‫قوية ( ‪..‬‬
‫فما أبو زرع ‪..‬‬ ‫قالت التاسعة ‪:‬‬
‫أناس من حلي أذني ‪ ) ..‬ألبســها‬ ‫زوجي رفيع النجــاد ‪ ) ..‬بيتــه‬
‫الحلي والذهب ( ‪..‬‬ ‫واسع مفتوح للضيوف ( ‪..‬‬
‫ومل مــــن شــــحم عضــــدي ‪..‬‬ ‫عظيــــم الرمــــاد ‪ ) ..‬كــــثير‬
‫) سمنت عنده ( ‪..‬‬ ‫إشــــعال النــــار اســــتقبال ً‬
‫وبجحني فبجحت إلى نفسي ‪) ..‬‬ ‫للضيوف وطبخا ً لهم ( ‪..‬‬
‫مدحني حتى أعجبت بنفسي ( ‪..‬‬ ‫قريــب الــبيت مــن النــاد ‪..‬‬
‫ق ‪) ..‬‬ ‫ش ّ‬
‫وجدني في أهل غنيمة ب ِ‬ ‫) المجلس الذي يجلــس فيــه‬
‫كان اهلهــا فقــراء ل يملكــون إل‬ ‫مـــع أصـــحابه وهـــو النـــادي‬
‫غنيمات ( ‪..‬‬ ‫قريب من بيته لحرصــه علــى‬
‫فجعلني في أهل صهيل وأطيط‬ ‫أهله ( ‪..‬‬
‫) نقلهــا إلــى بيــت فيــه خيــل‬ ‫ل يشــبع ليلــه يضــاف ‪ ) ..‬ل‬
‫وإبل ( ‪..‬‬ ‫يأكل كثيرا ً عند الناس ( ‪..‬‬
‫ودائس ومنق ) أي دواب كثيرة (‬ ‫خــاف ‪ ) ..‬إذا‬ ‫ول ينــام ليلــة ي ُ َ‬
‫‪..‬‬ ‫كان هناك خطــر بالليــل مــن‬
‫فعنده أقول فل أقبح ‪ ) ..‬تتكلــم‬ ‫عــــدو أو غيــــره ‪ ..‬يظــــل‬
‫بما شاءت ول ينتقد كلمها ( ‪..‬‬ ‫مســـــــــتيقظا ً يحـــــــــرس‬
‫وأرقــد فأتصــبح ‪ ) ..‬تشــبع نوم ـا ً‬ ‫ويراقب ( ‪..‬‬
‫إلى الصباح ‪ ..‬لكثرة الخدم ( ‪..‬‬ ‫قالت العاشرة ‪:‬‬
‫وأشــــرب فأتقنــــح ‪ ) ..‬جميــــع‬ ‫زوجي مالك ‪..‬‬
‫الشربة عندها ‪ ..‬تروى منها ( ‪..‬‬ ‫وما مالك ؟! ‪..‬‬
‫أم أبـــي زرع ؟! فمـــا أم أبـــي‬ ‫مالك خير من ذلك ‪..‬‬
‫زرع !!‬ ‫له إبل كثيرات المبارك ‪..‬‬
‫عكومها رداح ‪ ) ..‬سمينة جميلة (‬ ‫قليلت المسارح ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫ن‬ ‫وإذا سمعن المزهــر ‪ ..‬أيق ـ ّ‬
‫وبيتها فساح ‪ ) ..‬بيتها واسع ( ‪..‬‬ ‫أنهن هوالك ‪..‬‬
‫ابن أبي زرع ؟! فما بن أبي زرع‬ ‫) زوجها اسمه مالك ‪ ..‬مهمــا‬
‫!!‬ ‫وصــفته لــن تحيــط بأوصــافه‬
‫مضجعه كمسل شــطبة ‪ ) ..‬ينــام‬ ‫الجميلة ‪ ..‬إبلــه دائم ـا ً قريبــة‬
‫نوما ً رفيقا ً بأدب ( ‪..‬‬ ‫منه وقل ما تسرح أي تــذهب‬
‫ويشبعه ذراع الجفرة ‪ ) ..‬ل يأكل‬ ‫للرعي ‪..‬لتكون جاهة للحلــب‬
‫كثيرا ً ( ‪..‬‬ ‫منها ونحرها للضيوف ‪ ..‬وإذا‬
‫بنت أبــي زرع ؟! فمــا بنــت أبــي‬ ‫سمعت افبــل صــوت المزهــر‬
‫زرع !!‬ ‫هز ‪ ..‬علمت‬ ‫حدّ وتج ّ‬ ‫السكين ت ُ َ‬
‫‪178‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وأعطاني من كل رائحة زوجــا ً ‪..‬‬ ‫طوع أبيها وطوع أمها ‪..‬‬
‫) أكثر لها من الطياب ويعطيهــا‬ ‫وملـــــــــء كســـــــــائها ‪..‬‬
‫اثنين مــن كــل شــيء لتســتعمل‬ ‫) متسترة ( ‪..‬‬
‫وتهدي إن شاءت ( ‪..‬‬ ‫وغيــــظ جارتهــــا ‪ ) ..‬تغــــار‬
‫وقال ‪ :‬كلي أم زرع ‪..‬‬ ‫جاراتهــا مــن جمالهــا ولــذة‬
‫وميــري أهلــك ‪ ) ..‬أهــدي لهلــك‬ ‫عيشها ( ‪..‬‬
‫وأعطيهم ( ‪..‬‬ ‫جارية أبي زرع ؟! فما جارية‬
‫ثم قالت ‪:‬‬ ‫أبي زرع !! ) الخادمة !! (‬
‫فلو جمعت كل شيء أعطانيه ‪..‬‬ ‫ل تبــث حــديثنا تبثيثــا ً ‪ ) ..‬ل‬
‫ما بلغ أصغر آنية أبــي زرع ‪ ) ..‬ل‬ ‫تنشر أسرار البيت ( ‪..‬‬
‫يزال قلبها معلقا ً بــأبي زرع ‪!!..‬‬ ‫ً‬
‫ول تنفث ميرتنا تنفيثا ‪ ) ..‬ل‬
‫ما الحب إل للحبيب الول (‬ ‫تبدد طعام البيت وتعبث به (‬
‫كان ‪ ‬يستمع بكل غنصات إلــى‬ ‫‪..‬‬
‫عائشة وهي تحدثه ‪ ..‬ولم يظهــر‬ ‫ً‬
‫ول تمل بيتنا تعشيشــا ‪ ) ..‬ل‬
‫لهــا ضــجرا ً ول ملل ً ‪ ..‬مــع تعبــه‬ ‫تهمل البيت فيمتل بالوساخ‬
‫وكثرة مشاغله ‪ ..‬وتراكم همومه‬ ‫( ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫ثم قالت ‪:‬‬
‫حـــتى إذا انتهـــت عائشـــة مـــن‬ ‫خـــرج أبـــو زرع والوطـــاب‬
‫حديثها ‪:‬‬ ‫تمخــض ‪ ) ..‬خــرج مــن بيتــه‬
‫قال ‪ : ε‬كنـت لـك كـأبي زرع لم‬ ‫يوما ً في وقت ربيع ( ‪..‬‬
‫زرع ‪..‬‬ ‫فلقى امرأة معها ولدان لهــا‬
‫إذن ‪ ..‬اتفقنا ‪ ..‬على أهمية‬ ‫كالفهــــدين ‪ ) ..‬رأى امــــرأة‬
‫إظهار اللطف والهتمام بالناس‬ ‫جالسة حولها طفلن جميلن‬
‫‪..‬‬ ‫قويا البنية ( ‪..‬‬
‫فإذا جاءك ولدك متزينا ً بثوب‬ ‫يلعبــان مــن تحــت خصــرها‬
‫جميل ‪ ..‬ما رأيك يا أبي ؟ ‪..‬‬ ‫برمـــــــانتين ‪ ) ..‬يلعبـــــــان‬
‫تفاعل ‪..‬‬ ‫بثدييها ( ‪..‬‬
‫ابنتك ‪ ..‬زوجتك ‪..‬‬ ‫فطلقني ونكحها ‪ ) ..‬أعجبته‬
‫زوجك ‪ ..‬ولدك ‪ ..‬زميلتك ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فطلق أم زرع وتزوجهـا !!‬
‫كل من تخالطهم كن حيا ً‬ ‫( ‪..‬‬
‫متفاعل ً ‪..‬‬ ‫فنكحــت بعــده رجل ســريا ً ‪..‬‬
‫أحيانا ً تكون ناسيا ً الموضوع ‪..‬‬ ‫) تزوجــــــــــت ام زرع رجل ً‬
‫قال لك – مثل ً ‪ : -‬أبشرك الوالد‬ ‫كريما ً ( ‪..‬‬
‫شفي من مرضه ‪ ..‬فل تقل ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ركــب شــريا ً ‪ ) ..‬ركــب خيل ً‬
‫أصل ً ‪ ..‬متى مرض ؟!!‬ ‫سابقا ً ( ‪..‬‬
‫أو ‪ :‬أخي خرج من السجن ‪ ..‬ل‬ ‫وأخذ خطيا ً ‪..‬‬
‫تقل ‪ :‬والله ما دريت أصل ً أنه‬ ‫وأراح علـــي نعمـــا ً ثريـــا ً ‪..‬‬
‫دخل السجن ‪..‬‬ ‫) أكرمهــــا وأهــــداها لنــــه‬
‫وأخيرا ً ‪ ..‬يا جماعة ‪..‬‬ ‫ثري ( ‪..‬‬
‫‪179‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ولكن أنــت ضــيفي ‪ ..‬فلكرامتــك‬ ‫التشجيع والتفاعل ينفع‬
‫قــد وهبتــه لــك ‪ ..‬وأطلــق الغلم‬ ‫حتى مع الحيوانات ‪..‬‬
‫من قيده ‪..‬‬ ‫قال أبو بكر الرقي ‪:‬‬
‫فاشـــتقت إلـــى ســـماع هـــذا‬ ‫كنت بالبادية ‪..‬‬
‫الصوت ‪..‬‬ ‫فــوافيت قبيلــة مــن قبــائل‬
‫فلما أصبحنا أمره أن يحدو علــى‬ ‫العـــرب ‪ ..‬فأضـــافني رجـــل‬
‫جمل يستقى الماء من بئر هناك‬ ‫منهم وأدخلني خباءه ‪..‬‬
‫‪ ..‬لينشط الجمل للعمل ‪..‬‬ ‫فرأيت في الخباء عبدا أسود‬
‫فانطلق الغلم بصوت حسن ‪..‬‬ ‫جمــال‬ ‫مقيدا ً بقيــد ‪ ..‬ورأيــت ِ‬
‫فلما رفع صوته ‪..‬‬ ‫قد ماتت بين يدي البيت ‪..‬‬
‫سمعه الجمل فهام وهاج ونسي‬ ‫وقــد بقــى منهــا جمــل وهــو‬
‫نفسه ‪ ..‬حتى قطع حباله ‪..‬‬ ‫ناحل ذابل كأنه ينزع روحه ‪..‬‬
‫ووقعت أنا على وجهي من‬ ‫فقال لي الغلم ‪ :‬أنت ضيف‬
‫حسن الصوت ‪ ..‬فما أظن أني‬ ‫ي‬‫‪ ..‬ولــك حــق ‪ ..‬فتشــفع ف ـ ّ‬
‫سمعت قط صوتا ً أطيب منه ‪..‬‬ ‫إلــى مــولي ‪ ..‬فــإنه مكــرم‬
‫)‪(71‬‬
‫لضــيفه ‪ ..‬فل يــرد شــفاعتك‬
‫طور نفسك بالتدريب ‪..‬‬ ‫في هذا القدر ‪ ..‬فعساه يحل‬
‫كن حيا ً ل ميتا ً ‪ ..‬تفاعل‬ ‫القيد عني ‪..‬‬
‫بكلمك ‪ ..‬بتعبيرات وجهك ‪..‬‬ ‫فســكت عنــه ‪ ..‬ولــم أدر مــا‬
‫حتى يأنس الخرون بك ‪..‬‬ ‫جرمه ‪..‬‬
‫فلمـــا أحضـــروا الطعـــام ‪..‬‬
‫اجعل لسانك عذبا ً ‪..‬‬ ‫‪.55‬‬ ‫امتنعت ‪ ..‬وقلت ‪:‬‬
‫ل تخلو حياتنا من مواقف نحتاج‬ ‫ل آكل ‪ ..‬مــا لــم أشــفع فــي‬
‫فيها إلى تقديم توجيهات‬ ‫هذا العبد ‪..‬‬
‫ونصائح للخرين ‪..‬‬ ‫فقال الســيد ‪ :‬إن هـذا العبـد‬
‫الولد ‪ ..‬الزوج ‪ ..‬الصديق ‪ ..‬الجار‬ ‫ع‬
‫ك جميــ َ‬ ‫قد أفقرني ‪ ..‬وأهَلــ َ‬
‫‪ ..‬البوين ‪..‬‬ ‫مالي ‪..‬‬
‫تختلف نهايات النصائح ‪..‬‬ ‫فقلت ‪ :‬ماذا فعل ؟!‬
‫ً‬
‫فقال ‪ :‬إن لــه صــوتا ً طيبـا ً ‪..‬‬
‫باختلف بداياتها ‪..‬‬
‫أعني ‪ :‬إن كانت البداية بأسلوب‬ ‫وإني كنت أعيش من ظهــور‬
‫مناسب ‪ ..‬ومدخل لطيف ‪..‬‬ ‫ملهـــا‬ ‫هـــذه الجمـــال ‪ ..‬فح ّ‬
‫انتهت كذلك ‪..‬‬ ‫أحمال ً ثقال ً ‪..‬‬
‫وإن كانت بأسلوب جاف ‪..‬‬ ‫وكان ينشــد الشــعار ويحــدو‬
‫ومدخل عنيف ‪ ..‬انتهت كذلك ‪..‬‬ ‫بهـا ‪ ..‬حـتى قطعــت مســيرة‬
‫عندما ننصح الناس ‪ ..‬فنحن في‬ ‫ثلثة أيام في ليلة واحدة من‬
‫الواقع نتعامل مع قلوبهم ‪ ..‬ل‬ ‫طيب نغمته ‪..‬‬
‫أجسادهم ‪..‬‬ ‫فلما حطت أحمالها ‪ ..‬مــاتت‬
‫كلهــــا ‪ ..‬إل هــــذا الجمــــل‬
‫الواحد ‪..‬‬
‫) ( إحياء علوم الدين ‪2/275‬‬ ‫‪71‬‬

‫‪180‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الليل ‪..‬‬ ‫لذلك تجد بعض البناء يتقبل‬
‫فما دعاه وقال ‪ :‬يا عبد الله قم‬ ‫من أمه ول يتقبل من أبيه ‪..‬‬
‫الليل ‪..‬‬ ‫أو العكس ‪..‬‬
‫وإنما قدم النصيحة على شكل‬ ‫والطلب يتقبلون من مدرس‬
‫اقتراح ‪ ..‬وقال ‪ :‬نعم الرجل عبد‬ ‫‪ ..‬دون الخر ‪..‬‬
‫الله لو كان يقوم الليل ‪..‬‬ ‫وأول البراعة في النصيحة ‪..‬‬
‫وفي رواية قال ‪ :‬يا عبد الله ل‬ ‫أن ل تكثر منها وتدقق على‬
‫تكن مثل فلن ‪ ..‬كان يقوم‬ ‫كل صغير وكبير ‪ ..‬حتى ل‬
‫الليل ‪..‬‬ ‫يشعر الخرون أنك مراقب‬
‫بل إن استطعت أن تلفت نظره‬ ‫لحركاتهم وسكناتهم ‪..‬‬
‫إلى الخطاء من حيث ل يشعر‬ ‫فتثقل عليهم ‪..‬‬
‫فهو أولى ‪..‬‬ ‫ليس الغبي بسيد في قومه‬
‫عطس رجل عند عبد الله بن‬ ‫*** لكن سيد قومه المتغابي‬
‫المبارك ‪ ..‬فلم يقل الحمد لله ‪..‬‬ ‫وإن استطعت أن تقدم‬
‫فقال عبد الله ‪ :‬ماذا يقول‬ ‫انصيحة على شكل اقتراح ‪..‬‬
‫العاطس إذا عطس ؟ قال ‪:‬‬ ‫فافعل ‪..‬‬
‫الحمد لله ‪ ..‬فقال ‪ :‬عبد الله ‪:‬‬ ‫لو قللت الملح في الطعام ‪..‬‬
‫يرحمك الله ‪..‬‬ ‫لكان أحسن ‪..‬‬
‫وكان رسول الله ‪ ρ‬كذلك ‪..‬‬ ‫لو تغير ملبسك بثياب أجمل‬
‫كان إذا انصرف من صلة‬ ‫‪..‬‬
‫العصر ‪ ..‬دخل على نسائه واحدة‬ ‫لو ما تتأخر عن مدرستك‬
‫واحدة ‪..‬‬ ‫مرة أخرى ‪ ..‬أفضل ‪..‬‬
‫فيدنو من إحداهن ‪ ..‬ويتحدث‬ ‫ما رأيك لو فعلت كذا ‪..‬‬
‫معها ‪..‬‬ ‫أقترح عليك كذا وكذا ‪..‬‬
‫فدخل على زينب بمن جحش ‪..‬‬ ‫أحسن من قولك ‪..‬‬
‫فوجد عندها عسل ً ‪ ..‬وكان ‪ρ‬‬ ‫يا قليل الدب ‪ ..‬كم مرة‬
‫يحب العسل والحلواء ‪..‬‬ ‫قلت لك ‪ ..‬أنت ما تفهم ‪..‬‬
‫فاحتبس عندها أكثر ما كان‬ ‫إلى متى أعلمك ؟!!‬
‫يحتبس عند غيرها ‪..‬‬ ‫اجعله يحتفظ بماء وجهه ‪..‬‬
‫فغارت عائشة وحفصة ‪..‬‬ ‫ويشعر بقيمته حتى وهو‬
‫وتواصتا من دخل عليها تقول له‬ ‫مخطئ ‪..‬‬
‫‪:‬‬ ‫لن المقصود علج أخطائه ل‬
‫أجد منك ريح مغافير ‪ ..‬وهو‬ ‫النتقام منه أوإهانته ‪..‬‬
‫شراب حلو يشبه العسل ‪ ..‬ولكن‬ ‫يعني يا جماعة ‪ ..‬بالعبارة‬
‫له رائحة سيئة ‪..‬‬ ‫الصريحة ‪:‬‬
‫وكان ‪ ρ‬يشتد عليه أن يوجد منه‬ ‫ل أحد يحب أن يتلقى‬
‫الريح من بدنه أو فمه ‪ ..‬لنه‬ ‫الوامر ‪..‬‬
‫يناجي جبريل ‪ ..‬ويناجي‬ ‫أراد ‪ ‬يوما ً أن يوجه عبد‬
‫الناس ‪..‬‬ ‫الله بن عمر للتعبد بصلة‬
‫‪181‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وبعد أيام جاءه صاحبه يستعير‬ ‫فلما دخل على حفصة ‪..‬‬
‫منه كتابا ً آخر ‪ ..‬فأعطاه الكتاب‬ ‫سألته ماذا أكل ؟‬
‫في طبق ‪!!..‬‬ ‫فقال ‪ :‬شربت عسل ً عند‬
‫فقال الرجل ‪ :‬إنما أريد‬ ‫زينب ‪..‬‬
‫الكتاب ‪ ..‬فما بال الطبق ؟!‬ ‫فقالت ‪ :‬إني أجد منك ريح‬
‫فقال ‪ :‬الكتاب لتقرأ فيه ‪..‬‬ ‫مغافير ‪..‬‬
‫والطبق لتحمل عليه طعامك !!‬ ‫فقال ‪ :‬ل بل شربت عسل ً ‪..‬‬
‫فأخذ الكتاب ‪ ..‬ومضى ‪ ..‬فقد‬ ‫ولن أعود له ‪..‬‬
‫وصلت الرسالة ‪..‬‬ ‫ثم قام ودخل على عائشة ‪..‬‬
‫وأذكر أن أن أحدهم كان يعود‬ ‫فقالت له عائشة مثل ذلك ‪..‬‬
‫إلى بيته ليل ً ‪ ..‬وينزع ثوبه ‪..‬‬ ‫ومضت اليام ‪ ..‬وكشف الله‬
‫يعلقه على الشماعة ‪ ..‬وينام ‪..‬‬ ‫له القضية كلها ‪..‬‬
‫فتأتي زوجته ‪ ..‬وتفتح محفظة‬ ‫وبعد أيام ‪ ..‬أسر إلى حفصة‬
‫النقود ‪ ..‬ثم تأخذ الصرف‬ ‫‪ ‬حديثا ً ‪ ..‬فأظهرته ‪..‬‬
‫الموجود ‪ ..‬من فئة الريال ‪..‬‬ ‫فدخل عليها يوما ً ‪ ..‬وعندها‬
‫والخمسة ‪..‬‬ ‫الشفاء بنت عبد الله ‪..‬‬
‫ً‬
‫فإذا استيقظ صباحا وذهب إلى‬ ‫وكانت صحابية تتعلم‬
‫عمله ‪ ..‬واحتاج أن يحاسب في‬ ‫الطب ‪ ..‬وتعالج الناس ‪..‬‬
‫بقالة ونحوها ‪ ..‬لم يجد صرفا ً ‪..‬‬ ‫فقال ‪ ‬للشفاء ‪ :‬أل‬
‫فراقبها ‪ ..‬حتى فهم القضية ‪..‬‬ ‫تعلمين هذه رقية النملة كما‬
‫فرجع إلى بيته يوما ً ‪ ..‬وقد جعل‬ ‫علمتيها الكتابة ‪..‬‬
‫في جيبه ضفدعا ً ‪..‬‬ ‫ورقية النملة كلم كانت‬
‫ونزع ثوبه كالعادة ‪ ..‬واضطجع‬ ‫نساء العرب تقوله ‪ ..‬يعلم‬
‫كهيئة النائم ‪ ..‬وأخذ يشخر ‪..‬‬ ‫كل من سمعه أنه كلم ل‬
‫وهو يراقب الثوب ‪..‬‬ ‫يضر ول ينفع ‪..‬‬
‫فأقبلت زوجته لتأخذ ما‬ ‫ورقية النملة التي كانت‬
‫يتيسر ‪..‬كالعادة !!‬ ‫تعرف بينهن أن يقال ‪:‬‬
‫أقبلت إلى الثوب تمشي‬ ‫العروس تحتفل ‪ ..‬وتختضب‬
‫رويدا ً ‪ ..‬أدخلت يدها بهدوووء ‪..‬‬ ‫وتكتحل ‪ ..‬وكل شيء تفتعل‬
‫فلمست الضفدع ‪ ..‬فتحرك فجأة‬ ‫‪ ..‬غير أن ل تعصي الرجل ‪..‬‬
‫‪ ..‬فصرخت ‪ :‬آآآآه‪ ..‬يدي ‪..‬‬ ‫فأراد ‪ ρ‬بهذا المقال تأنيب‬
‫ففتح الزوج عينيه ‪ ..‬وقال ‪ :‬وأنا‬ ‫حفصة والتأديب لها‬
‫‪ ..‬آآآه ‪ ..‬جيبي ‪..‬‬ ‫تعريضا ً ‪ ..‬بأن تردد جملة ‪:‬‬
‫ليتنا نستعمل هذا السلوب ‪..‬‬ ‫غير أن ل تعصي الرجل ‪..‬‬
‫مع جميع الناس ‪..‬‬ ‫أحد السلف استلف منه رجل‬
‫أولدنا إذا وقعوا في أخطاء ‪..‬‬ ‫كتابا ً ‪ ..‬فرده إليه بعد أيام‬
‫ومع طلبنا ‪..‬‬ ‫وعليه آثار طعام ‪ ..‬كأنه‬
‫نايف أحد الصدقاء ‪ ..‬كان له أم‬ ‫حمل عليه خبزا ً أو عنبا ً ‪..‬‬
‫صالحة ‪ ..‬ل ترضى ن يبقى في‬ ‫فسكت صاحب الكتاب ‪..‬‬
‫‪182‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أن يعلم ‪..‬‬ ‫البيت صور أبدا ً ‪ ..‬لن‬
‫كانت الخمر في أول السلم لم‬ ‫الملئكة ل تدخل بيتا ً فيه‬
‫تحرم بعد ‪..‬‬ ‫كلب ول صورة ‪..‬‬
‫وفي يوم أقبل عامر بن ربيعة ‪..‬‬ ‫كان عندها طقلة صغيرة ‪..‬‬
‫الصحابي الجليل ‪..‬‬ ‫عندها ألعاب متنوعة ‪ ..‬إل‬
‫من سفر ‪ ..‬فأهدى لرسول الله‬ ‫دمى ‪ ..‬العرائس ‪..‬‬ ‫ال ّ‬
‫‪ ρ‬راوية خمر ‪ ..‬جرة كاملة‬ ‫دمية ‪..‬‬ ‫أهدت إليها خالتها ُ‬
‫مملوءة خمرا ً ‪..‬‬ ‫عروسة ‪ ..‬وقالت لها ‪:‬‬
‫نظر النبي ‪ ‬إلى الخمر‬ ‫العبي بها في غرفتك ‪..‬‬
‫مستغربا ً ‪ ..‬والتفت إلى عامر بن‬ ‫واحذري أن تراها أمك ‪..‬‬
‫ربيعة ‪ ..‬وقال ‪ :‬أما علمت أنها‬ ‫وبعد يومين ‪ ..‬علمت الم ‪..‬‬
‫قد حرمت ‪..‬؟‬ ‫فأرادت أن تقدم النصيحة‬
‫قال ‪ :‬حرمت ؟! ل ‪ ..‬ما علمت يا‬ ‫بأسلوب مناسب ‪..‬‬
‫رسول الله ‪..‬‬ ‫جلسوا على الطعام ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فإنها قد حرمت ‪..‬‬ ‫فقالت أم نايف ‪ :‬يا‬
‫فحملها عامر ‪ ..‬فأسّر إليه‬ ‫أولد ‪ !!..‬من يومين ‪ ..‬وأنا‬
‫بعضهم بأن يبيعها ‪..‬‬ ‫أشعر أن البيت ليس فيه‬
‫فسمعه النبي ‪ ‬فقال ‪ :‬ل ‪ ..‬إن‬ ‫ملئكة !! ل أدري لماذا‬
‫الله إذا حرم شيئا ً ‪ ..‬حرم ثمنه ‪..‬‬ ‫خرجت ‪ ..‬ل حول ول قوة إل‬
‫فأخذها ‪ ‬فاهراقها على‬ ‫بالله ‪..‬‬
‫)‪(72‬‬
‫التراب ‪..‬‬ ‫والبنت الصغيرة تسمع وهي‬
‫وانتبه أن تمدح نفسك وأنت‬ ‫ساكته ‪..‬‬
‫تنصح ‪ ..‬فترفع نفسك وتسحب‬ ‫وبعد الغداء رجعت الصغيرة‬
‫المنصوح إلى القاع ‪ ..‬ل أحد‬ ‫إلى غرفتها ‪ ..‬فإذا بين يديها‬
‫يرضى بذلك ‪..‬‬ ‫ألعاب كثيرة ‪ ..‬والعروسة‬
‫ل‪ .. -‬إذا نصح‬‫بعض الباء – مث ً‬ ‫من بينها ‪ ..‬فالتقطتها ‪..‬‬
‫ولده بدأ يذكر أمجاده ‪..‬أنا كنت‬ ‫وجاءت بها إلى الم وقال ‪:‬‬
‫وكنت ‪ ..‬ولعل الولد يعلم تاريخ‬ ‫ماما ‪ ..‬هذه التيطردت‬
‫والده ‪!!..‬‬ ‫الملئكة ‪ ..‬افعلي بها‬
‫ماشئت !!‬
‫باختصار ‪..‬‬ ‫يعني دع المنصوح يحتفظ‬
‫الكلمة الطيبة ‪ ..‬صدقة ‪..‬‬ ‫بماء وجهه ‪ ..‬ويمكن أن‬
‫تأكل العسل من غير أن‬
‫‪ .56‬اختصر ‪ ..‬ول تجادل ‪..‬‬ ‫تحطم الخلية ‪..‬‬
‫يقولون ‪ :‬إن الناصح كالجلد ‪..‬‬ ‫ل تنصحه كأنه قد كفر بفعله‬
‫وبقدر مهارة الجلد في الجلد ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫يبقى اللم ‪..‬‬ ‫بل وأحسن الظن به ‪..‬‬
‫واعتبر أنه وقع في الخطأ‬
‫من غير قصد ‪ ..‬أو من غير‬
‫) ( رواه الطبراني‬ ‫‪72‬‬

‫‪183‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يا عمر ‪ ..‬إنك رجل قوي ‪ ..‬فل‬ ‫أقول ‪ :‬مهارة الجلد ‪ ..‬ل‬
‫تزاحمن عند الحجر ‪..‬‬ ‫قوة الجلد !!‬
‫وكذلك كان العقلء بعده ‪..‬‬ ‫فالجلد العنيف الذي يضرب‬
‫لقي أبو هريرة ‪ ‬الفرزدق‬ ‫بقوة ‪ ..‬يتألم المضروب‬
‫الشاعر فقال ‪:‬‬ ‫وقت وقوع السياط ‪ ..‬ثم ما‬
‫يا ابن أخي إني أرى قدميك‬ ‫يلبث حتى ينساها ‪..‬‬
‫صغيرتين ‪ ..‬ولن تعدم لهما‬ ‫أما الجلد الستاذ في صنعته‬
‫موضعا في الجنة ‪..‬‬ ‫‪..‬فقد ل يضرب بقوة ‪ ..‬لكنه‬
‫يعني فاعمل لها ‪ ..‬ودع عنك‬ ‫يعلم أن يوقع السوط ‪..‬‬
‫قذف لمحصنات في شعرك ‪..‬‬ ‫كذلك الناصح ‪ ..‬ليست العبرة‬
‫وعمر ‪ .. ‬كان على فراش‬ ‫بكثرة الكلم ‪ ..‬ول طول‬
‫الموت ‪ ..‬فجعلوا الناس يثنون‬ ‫النصيحة ‪..‬‬
‫عليه ‪..‬‬ ‫وإنما بأسلوب الناصح ‪..‬‬
‫وجاء شاب فقال ‪ :‬أبشر يا أمير‬ ‫فاختصر قدر المستطاع ‪..‬‬
‫المؤمنين ببشرى الله لك من‬ ‫إذا أردت أن تنصحه فل تلق‬
‫صحبة رسول الله ‪ .. ‬وقدم‬ ‫عليه محاضرة ‪!!..‬‬
‫في السلم ما قد علمت ‪ ..‬ثم‬ ‫خاصة إذا كان المر متفقا ً‬
‫وِليت فعدلت ‪ ..‬ثم شهادة ‪..‬‬ ‫َ‬ ‫عليه ‪ ..‬كمن تنصحه عن‬
‫فقال عمر ‪ :‬وددت أن ذلك‬ ‫الغضب ‪ ..‬أو شرب الخمر ‪..‬‬
‫كفاف ل علي ول لي ‪..‬‬ ‫أو ترك الصلة ‪ ..‬أو عقوق‬
‫فلما أدبر الشاب ‪ ..‬فإذا إزاره‬ ‫الوالدين ‪ ..‬الخ ‪..‬‬
‫يمس الرض ‪ ..‬مسبل ‪..‬‬ ‫تأملت النصائح النبوية‬
‫فأراد عمر ‪ ‬أن يقدم النصيحة‬ ‫الشخصية المباشرة ‪..‬‬
‫للشاب ‪..‬‬ ‫فوجدتها ل تزيد الواحدة‬
‫فقال ‪ :‬ردوا علي الغلم ‪..‬‬ ‫منها عن سطر واحد ‪ ..‬أو‬
‫فلما وقف الشاب بين يديه ‪..‬‬ ‫سطرين ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬يا بن أخي ‪ ..‬ارفع ثوبك ‪..‬‬ ‫اسمع ‪ :‬يا علي ‪ ..‬ل تتبع‬
‫فإنه أنقى لثوبك ‪ ..‬وأتقى لربك‬ ‫النظرة النظرة ‪ ..‬فإن لك‬
‫)‪.. (73‬‬ ‫الولى وليست لك الثانية ‪..‬‬
‫انتهى ‪ ..‬باختصار ‪ ..‬الرسالة‬ ‫انتهى ‪ ..‬نصيحة باختصار ‪..‬‬
‫وصلت ‪..‬‬ ‫يا عبد الله بن عمر ‪ ..‬كن‬
‫واترك الجدال قدر المستطاع ‪..‬‬ ‫في الدنيا كأنك غريب ‪ ..‬أو‬
‫خاصة إذا شعرت أن الذي أمامك‬ ‫عابر سبيل ‪..‬‬
‫يكابر ‪ ..‬فالمقصود إيصال‬ ‫انتهى ‪..‬‬
‫النصيحة إليه ‪..‬‬ ‫يا معاذ ‪ ..‬والله إني أحبك ‪..‬‬
‫وقد ذم الله الجدال ‪ ) :‬ما‬ ‫فل تدعن في دبر كل صلة‬
‫ضربوه لك إل جدل ً ( ‪..‬‬ ‫أن تقول ‪ :‬اللهم أعني على‬
‫وقال ‪ : ‬ما ضل قوم بعد هدى‬ ‫ذكرك ‪ ..‬وشكرك ‪ ..‬وحسن‬
‫عبادتك ‪..‬‬
‫) ( البخاري‬ ‫‪73‬‬

‫‪184‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كأن تقول ‪ :‬صحيح ‪ ..‬وأنا معك‬ ‫كانوا عليه ‪ ..‬إل أوتوا‬
‫أن النسان يفقد أعصابه غصبا ً‬ ‫الجدل ‪..‬‬
‫عنه ‪..‬‬ ‫وقال ‪ :‬أنا زعيم لبيت في‬
‫وأثن عليه ‪ ..‬ثم قل ‪ :‬ولكن ‪..‬‬ ‫ربض الجنة لمن ترك الجدال‬
‫ً‬
‫ثم انسف كلمه إن كان خاطئا ‪..‬‬ ‫وإن كان محقا ً ‪..‬‬
‫أحيانا ً يقتنع الشخص‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫بالفكرة ‪ ..‬لكن أكثر النفوس‬
‫نبه على الخطأ ‪ ..‬ول تلق‬ ‫فيها أنفة وكبر ‪..‬‬
‫محاضرة ‪..‬‬ ‫) وجحدوا بها واستيقنتها‬
‫أنفسهم ظلما ً وعلوا ً ( ‪..‬‬
‫ل تبال بكلم الخلق ‪..‬‬ ‫‪.57‬‬ ‫فالغاية عندك أنت أصل ً أن‬
‫أعجبتني عبارة رددها ابني عبد‬ ‫يعرف الخطأ ليتجنبه في‬
‫الرحمن يوما ً ‪ ..‬وأظنه في ذلك‬ ‫المرة القادمة ‪ ..‬وليس‬
‫السن لم يكن يفقه معناها‪..‬‬ ‫الغاية أن تنتصر أنت عليه ‪..‬‬
‫عش‬ ‫كان يقول ‪ :‬طّنش ت ِ‬ ‫فلستما في حلبة مصارعة ‪..‬‬
‫عش ‪!!..‬‬ ‫َتـْنـَتـ ِ‬ ‫دخل النبي ‪ ‬على علي‬
‫تأملت في هذه العبارة وأنا‬ ‫وفاطمة ‪ .. ‬ليل ً ‪..‬‬
‫ألحظ حولي انتقادات الناس ‪..‬‬ ‫فقال لهما ‪ :‬أل تصليان ‪..‬‬
‫وآراءهم ‪ ..‬وأحاديثهم ‪..‬‬ ‫أي أل تقوما الليل ‪..‬‬
‫فوجدت أن الناس في كلمهم‬ ‫فقال علي ‪ :‬أنفسنا بيد‬
‫وذمهم لنا يتنوعون ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬متى شاء أن يبعثنا ‪..‬‬
‫فيهم الناصح الصادق الذي ل‬ ‫بعثنا ‪..‬‬
‫يتقن فن النصيحة ‪ ..‬وبالتالي‬ ‫فولهما النبي ‪ ‬ظهره ‪..‬‬
‫يحزنك بأسلوب نصحه أكثر مما‬ ‫ومضى وهو يضرب بيده‬
‫يفرحك ‪..‬‬ ‫على فخذه ويقول ‪ :‬وكان‬
‫وفيهم الحاسد ‪ ..‬الذي يقصد‬ ‫النسان أكثر شيء جدل ً ‪..‬‬
‫حزنك وهمك ‪..‬‬ ‫)‪.. (74‬‬
‫وفيهم قليل الخبرة ‪ ..‬الذي‬ ‫وأحيانا ً قد يذكر المنصوح ‪..‬‬
‫يهذي بما ل يدري ‪ ..‬ولو سكت‬ ‫كلما ً يعتذر به ‪ ..‬وهو ليس‬
‫لكان خيرا ً له ‪..‬‬ ‫عذرا ً مقنعا ً لكنه يقوله‬
‫وفيهم من طبيعته النتقاد‬ ‫‪..‬ليحفظ ماء وجهه ‪..‬‬
‫أصل ً ‪ ..‬فهو ينظر للحياة بنظارة‬ ‫فكن سمحا ً ‪..‬‬
‫سوداء ‪..‬‬ ‫ول تغلق عليه البواب بل‬
‫وقديما ً قيل ‪ :‬لو اتحدت الذواق‬ ‫أبقها مفتوحة أمامه وأنت‬
‫لبارت السلع ‪..‬‬ ‫تنصح ‪..‬‬
‫ذكروا أن جحا ركب على حمار ‪..‬‬ ‫وحتى لو تكلم بكلم‬
‫وولده يمشي بجانبه ‪..‬‬ ‫خاطئ ‪ ..‬فيمكن أن تعالج‬
‫فمروا بناس ‪ ..‬فقال الناس ‪:‬‬ ‫خطأه من حيث ل يشعر ‪..‬‬
‫انظروا لهذا الب الغليظ يركب‬ ‫) (‬ ‫‪74‬‬

‫‪185‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ولو غاب عنهم بين خافيتي نسر‬ ‫مرتاحا ً ‪ ..‬ويدع ولده يمشي‬
‫‪..‬‬ ‫في الشمس ‪..‬‬
‫بعض الناس ‪ ..‬ل يفكر في رأيه‬ ‫سمعهم جحا ‪ ..‬فأوقف‬
‫قبل أن يطرحه ‪..‬‬ ‫الحمار ‪ ..‬ونزل ‪ ..‬وأركب‬
‫يأتيك بعدما تتزوج ‪ ..‬ويقول ‪..‬‬ ‫ولده ‪..‬‬
‫ليش تخطب فلنة ؟‬ ‫ثم مشيا ‪ ..‬وجحا يشعر بنوع‬
‫وكأني بك ‪ ..‬تتمنى أن تصرخ‬ ‫من الزهو ‪..‬‬
‫في وجهه وتقول ‪ :‬يا أخي‬ ‫فمرا بقوم آخرين ‪ ..‬فقال‬
‫تزوجت ‪ ..‬خلص ‪ ..‬انتهى‬ ‫أحدهم ‪ :‬انظروا إلى هذا‬
‫الموضوع ‪ ..‬ما أحد طلب منك‬ ‫البن العاق ‪ ..‬يركب ويدع‬
‫اقتراحات ‪..‬‬ ‫أباه يمشي في الشمس ‪..‬‬
‫أو يأتيك وقد بعت سيارتك ‪..‬‬ ‫سمعهم جحا ‪..‬‬
‫فيقول ‪ ..‬ليتك أخبرتني ‪ ..‬فلن‬ ‫فأوق الحمار ‪ ..‬ثم ركب مع‬
‫كان سيعطيك أكثر ‪..‬‬ ‫ولده ‪ ..‬ليتقو كلم الناس‬
‫يا أخي ‪ ..‬بس !! الرجال باع‬ ‫وانتقاداتهم ‪..‬‬
‫سيارته ‪ ..‬خلص وانتهى ‪ ..‬ل‬ ‫فمرا بقوم ‪ ..‬فقالوا ‪:‬‬
‫تشغله باللتفات وراءه !!‬ ‫انظروا إلى هذين‬
‫وعموما ً ‪..‬‬ ‫الغليظين ‪ ..‬ل يرحمون‬
‫ليس يخلو المرء من ضد ولو **‬ ‫الحيوان ‪..‬‬
‫طلب العزلة في‬ ‫فنزل جحا ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا ولدي‬
‫رأس جبل ‪!!..‬‬ ‫‪ ..‬انزل ‪..‬‬
‫فل تعذب نفسك ‪..‬‬ ‫فنزل الولد وجعل يمشي‬
‫بجانب أبيه ‪ ..‬والحمار ليس‬
‫تجربة ‪..‬‬ ‫فوقه أحد ‪..‬‬
‫قال أحد السلف ‪ :‬من جعل دينه‬ ‫فمرا بقوم ‪ ..‬فقالوا ‪:‬‬
‫عرضة للخصومات ‪ ..‬أكثر التنقل‬ ‫انظروا إلى هذين السفيهين‬
‫!!‬ ‫‪ ..‬يمشيان والحمار فارغ ‪..‬‬
‫وهل خلق الحمار إل‬
‫ابتسم ‪ ..‬ثم ابتسم ‪..‬‬ ‫‪.58‬‬ ‫لُيركب ‪..‬‬
‫ثم ابتسـ ‪ ..‬ثم أبتـ ‪..‬‬ ‫فصرخ جحا وجّر ولده معه ‪..‬‬
‫أعرفه منذ سنين ‪ ..‬فهو أحد‬ ‫ودخل تحت الحمار ‪ ..‬وحمله‬
‫زملئي في عملي ‪ ..‬على كل‬ ‫‪!!..‬‬
‫حال ‪..‬‬ ‫ولو رأيت جحا وقتها لقلت‬
‫لكن هل تصدق أنني إلى الن ل‬ ‫له ‪ :‬يا حبيب القلب ‪ ..‬افعل‬
‫أدري هل نبتت له أسنان أم ل !!‬ ‫ما تشاء ‪ ..‬ول تبال بكلم‬
‫دائم التجهم ‪ ..‬والعبوس ‪..‬‬ ‫الخلق ‪ ..‬فرضا الناس غاية ل‬
‫وكأنه إذا ابتسم نقص عمره ‪..‬‬ ‫تدرك ‪..‬‬
‫ل ماله !!‬‫أو ق ّ‬ ‫ومن الذي ينجــو مــن النــاس‬
‫قال جرير بن عبد الله البجلي ‪:‬‬ ‫سالما ً‬
‫‪186‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قال أنس ‪ :‬حتى نظرت إلى‬ ‫ما رآني رسول الله ‪ ‬إل‬
‫صفحة عاتق رسول الله ‪ .. ρ‬قد‬ ‫تبسم في وجهي ‪..‬‬
‫أثرت بها حاشية الُبرد من شدة‬ ‫البتسامة أنواع ‪ ..‬ومراتب ‪..‬‬
‫جبذته ‪..‬‬ ‫فمنها البشاشة الدائمة ‪ ..‬أن‬
‫فماذا يريد هذا الرجل ؟! لعل‬ ‫يكون وجهك صبوحا ً مبتهجا ً‬
‫بيته يحترق وأقبل يريد معونة ‪..‬‬ ‫دائما ً ‪..‬‬
‫أو أحاطت بهم غارة من‬ ‫فلو كنت مدرسا ً ودخلت‬
‫المشركين ‪..‬‬ ‫الفصل على طلبك ‪..‬‬
‫اسمع ماذا يريد ‪ ..‬قال ‪ :‬يا محمد‬ ‫فالقهم بوجه بشوش ‪..‬‬
‫‪ ) ..‬لحظ لم يقل ‪ :‬يا رسول‬ ‫ركبت طائرة ‪ ..‬ومشيت في‬
‫الله ( ‪..‬‬ ‫الممر والناس ينظرون‬
‫مر لي من مال‬ ‫قال ‪ :‬يا محمد ‪ُ ..‬‬ ‫إليك ‪ ..‬كن بشوشا ً ‪..‬‬
‫الله الذي عندك ‪ ..‬فالتفت‬ ‫دخلت بقالة ‪ ..‬أو محطة‬
‫رسول الله ‪ .. ρ‬ثم ضحك ‪ ..‬ثم‬ ‫وقود ‪ ..‬مددت له الحساب ‪..‬‬
‫أمر له بعطاء ‪..‬‬ ‫ابتسم ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬كان ‪ ρ‬بطل ً ل تستفزه‬ ‫في المجلس ‪ ..‬ودخل شخص‬
‫مثل هذه التصرفات ‪ ..‬ول‬ ‫وسلم بصوت عال ‪ ..‬ومر‬
‫يعاقب أو تثور أعصابه على‬ ‫بنظره على الجالسين ‪..‬‬
‫التافهات ‪..‬‬ ‫ابتسم ‪..‬‬
‫كان واسع البطان ‪ ..‬قويا ً يضبط‬ ‫دخلت على مجموعة ‪..‬‬
‫أعصابه ‪ ..‬دائم البتسامة حتى‬ ‫وصافحتهم ‪ ..‬ابتسم ‪..‬‬
‫في أحلك الظروف ‪ ..‬يفكر في‬ ‫وعموما ً ‪ :‬البتسامة لها من‬
‫عواقب المور قبل أن يفعلها ‪..‬‬ ‫التأثير الكبير في امتصاص‬
‫وماذا يفيد لو أنه صرخ بالرجل‬ ‫الغضب والشك والتردد ‪ ..‬ما‬
‫أو طرده ‍!‬ ‫ل يشاركها غيرها ‪..‬‬
‫هل سيشفى جرح عنقه ! أو‬ ‫البطل هو الذي يستطيع‬
‫يصلح أدب الرجل ! كل ‪..‬‬ ‫التغلب على عواطفه ‪..‬‬
‫إذن ليس مثل الصبر والتحمل ‪..‬‬ ‫والتبسم ‪..‬‬
‫نعم بعض المور نثور لها‬ ‫كان أنس بن مالك ‪ ‬يمشي‬
‫ونغضب ‪ ..‬وعلجها شيء آخر‬ ‫مع النبي ‪ ρ‬يومًا‪ ..‬والنبي ‪‬‬
‫تماما ً ‪..‬‬ ‫عليه ُبرد نجراني غليظ‬
‫وصدق ‪ ‬لما قال ‪ :‬ليس‬ ‫الحاشية ‪..‬‬
‫الشديد بالصرعة ‪ ..‬إنما الشديد‬ ‫فلحقهما أعرابي ‪..‬‬
‫الذي يملك نفسه عند الغضب ‪..‬‬ ‫أقبل هذا العرابي يجري‬
‫كان النبي الكريم ‪ .. ‬يجذب‬ ‫وراء النبي ‪ ‬يريد أن يلحق‬
‫الناس بالتبسم والبشاشة ‪..‬‬ ‫به ‪ ..‬حتى إذا اقترب منه ‪..‬‬
‫خرجو إلى غزوة خيبر ‪ ..‬وفي‬ ‫جبذه بردائه جبذة شديدة ‪..‬‬
‫أثناء القتال ‪..‬‬ ‫فتحرك الرداء بعنف على‬
‫وقع من حصن اليهود جراب فيه‬ ‫رقبة النبي ‪.. ρ‬‬
‫‪187‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫عليهم ‪..‬‬ ‫شحم ‪ ..‬قربة كاملة مملوءة‬
‫ً‬
‫جاءني يوما ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫سمنا ً ‪..‬‬
‫يا دكتور ‪ ..‬زملئي يغضبون مني‬ ‫حمله عبد الله بن مغفل ‪‬‬
‫دائما ً ‪ ..‬ل يتحملون مزحي ‪..‬‬ ‫على عاتقه فرحا ً ومضى به‬
‫قلت في نفسي ‪ :‬أنا ل أحتملك‬ ‫إلى رحله وأصحابه ‪..‬‬
‫ساكتا ً ‪ ..‬فكيف أحتملك‬ ‫فلقيه الرجل المسئول عن‬
‫متكلما ً ‪..‬؟! خاصة إذا كنت‬ ‫جمع الغنائم وترتيبها ‪..‬‬
‫تستخف دمك وتمزح ‪!..‬‬ ‫فجذب الجراب إليه ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫سألته ‪ :‬لماذا ل يحتملون‬ ‫ت هذا نقسمه بين‬ ‫ها ِ‬
‫مزحك ؟! أعطني مثال ً ‪..‬‬ ‫المسلمين ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬عطس أحدهم فقلت ‪:‬‬ ‫فتعلق به عبد الله ‪ :‬ل‬
‫ت ( ‪..‬‬ ‫الله يلعنك ‪ ) ..‬ثم سك ّ‬ ‫والله ‪ ..‬ل أعطيكه ‪ ..‬أنا‬
‫فلما غضب ‪ ..‬أكملت قائل ً ‪ :‬يا‬ ‫أصبته ‪..‬‬
‫إبليس ‪ ..‬ويرحمك يا فلن ‪!!..‬‬ ‫قال ‪ :‬بلى ‪ ..‬وجعل يتجاذبا‬
‫مسكين كان يظن نفسه بذلك ‪..‬‬ ‫الجراب ‪..‬‬
‫خفيف الدم!!‬ ‫فمر بهما رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫الناس مهما قبلوا مزاحك‬ ‫فرآهما ‪ ..‬وهما يتجاذبان‬
‫ومداعباتك ‪ ..‬إل أنه تبقى هناك‬ ‫الجراب ‪..‬‬
‫خطوط حمراء ل يحبون أن‬ ‫فتبسم ‪ ρ‬ضاحكا ً ‪ ..‬ثم قال‬
‫تتعداها ‪..‬‬ ‫لصاحب المغانم ‪:‬‬
‫خاصة إذا كان ذلك أمام‬ ‫ل أبالك ‪ ..‬خل بينه وبينه ‪..‬‬
‫الخرين ‪..‬‬ ‫فتركه ‪ ..‬فانطلق به عبد الله‬
‫بعض الناس ل يراعي ذلك ‪..‬‬ ‫إلى رحله وأصحابه ‪ ..‬فأكلوه‬
‫فتجد أنه يعتدي على حاجاتهم ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫فمثل ً من باب ) الميانة ( يأخذ‬ ‫وأخيرا ‪ ..‬تبسمك في وجه‬ ‫ً‬
‫هاتفك الجوال ويتصل به كما‬ ‫أخيك صدقة ‪..‬‬
‫يريد ‪ ..‬أو ربما أرسل رسائل‬ ‫قال لي ‪:‬‬
‫إلى أشخاص أنت ل ترغب أن‬ ‫فلن سحرني بأخلقه ‪..‬‬
‫يظهر رقم هاتفك عندهم ‪..‬‬ ‫حتى تعلقت به نفسي ‪..‬‬
‫أو يأخذ سيارتك بغير إذنك ‪ ..‬أو‬ ‫قلت ‪ :‬لم ؟! قال ‪ :‬دائما ً‬
‫يحرجك بطلبها حتى تأذن على‬ ‫بشوش ‪ ..‬وما رآني إل تبسم‬
‫مضض ‪..‬‬ ‫!!‬
‫أو تجد مجموعة طلب في‬
‫يسكنون في شقة واحدة ‪..‬‬ ‫الخطوط الحمر ‪..‬‬ ‫‪.59‬‬
‫يستيقظ أحدهم ليذهب إلى‬ ‫كان من طلبي في‬
‫جامعته ‪ ..‬فيجد أن معطفه لبسه‬ ‫الجامعة‪..‬‬
‫فلن ‪ ..‬وحذاءه في رجل فلن ‪..‬‬ ‫كان واسع الثقافة ‪ ..‬حريصا ً‬
‫ومن تعدي الخطوط الحمراء أنك‬ ‫على تكوين علقات مع‬
‫‪ ..‬تجد بعض الناس يحرج صاحبه‬ ‫الناس ‪ ..‬لكنه كان ثقيل الدم‬
‫‪188‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫إل الله وأشهد أن محمدا ً رسول‬ ‫بمزحة ثقيلة أو سؤال محرج‬
‫الله ‪..‬‬ ‫في مجلس عام ‪..‬‬
‫فلما سمعوا منه ذلك ‪..‬‬ ‫والشخص مهما بلغ من‬
‫صاحوا ‪ ..‬وثاروا أن يتركوا‬ ‫المحبة لك ‪ ..‬إل أنه يبقى‬
‫آلهتهم ‪..‬‬ ‫بشرا ً يرضى ويغضب ‪..‬‬
‫ورموه بالنبل من كل جهة ‪..‬‬ ‫ويفرح ويسخط ‪..‬‬
‫حتى وقع صريعا ً ‪.. τ‬‬ ‫لما أقبل رسول الله ‪ ρ‬إلى‬
‫فأقبل إليه أبناء عمه ‪ ..‬وهو‬ ‫المدينة راجعا ً من تبوك ‪..‬‬
‫ينازع الموت ‪..‬‬ ‫قدم عليه في ذلك الشهر‬
‫وقال ‪ :‬يا عروة ‪ :‬ما ترى في‬ ‫عروة بن مسعود الثقفي ‪..‬‬
‫دمك ؟‬ ‫وكان سيدا ً جليل القدر ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬كرامة أكرمني الله بها ‪..‬‬ ‫رفيع المكانة عند قومه‬
‫وشهادة ساقها الله إلي ‪..‬‬ ‫ثقيف ‪..‬‬
‫ي إل ما في الشهداء‬ ‫فليس ف ّ‬ ‫فأدرك النبي ‪ ‬قبل أن‬
‫الذين قتلوا مع رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫يصل إلى المدينة ‪..‬‬
‫فل تقتتلوا لجلي ‪ ..‬ول تأخذوا‬ ‫فأسلم ‪..‬‬
‫بثأري من أحد ‪..‬‬ ‫وسأله أن يرجع إلى قومه‬
‫فقيل إن النبي ‪ .. ‬لما بلغه‬ ‫فيدعوهم إلى السلم ‪..‬‬
‫خبر مقتله ‪..‬‬ ‫فخاف عليه ‪ ..‬وقال له ‪:‬‬
‫قال فيه ‪ :‬إن مثله في قومه ‪..‬‬ ‫إنهم قاتلوك ‪..‬‬
‫كمثل صاحب ياسين في‬ ‫وعرف ‪ ρ‬أن قبيلة ثقيف‬
‫قومه ‪.. τ ..‬‬ ‫فيهم نخوة المتناع ‪..‬‬
‫فانتبه ! الناس لهم أحاسيس‬ ‫والصرامة في التعامل ‪..‬‬
‫مهما بلغت في القرب منهم ‪..‬‬ ‫حتى لو كان مع رئيسهم ‪..‬‬
‫وإن كانوا في منزلة الخ‬ ‫فقال عروة ‪ :‬يا رسول‬
‫والولد ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬أنا أحب إليهم من‬
‫لذا نبه النبي ‪ ‬على ذلك ‪..‬‬ ‫أبكارهم ‪ ..‬وأبصارهم ‪..‬‬
‫فنهى عن ترويع المؤمن ‪..‬‬ ‫وكان محببا ً مطاعا ً فيهم ‪..‬‬
‫كان ‪ ‬يوما ً يسير مع أصحابه ‪..‬‬ ‫فخرج يدعو قومه إلى‬
‫وكان كل واحد منهم معه‬ ‫السلم رجاء أن ل‬
‫متاعه ‪ ..‬سلحه ‪ ..‬فراشه ‪..‬‬ ‫يخالفوه ‪ ..‬لعظم منزلته‬
‫طعامه ‪..‬‬ ‫فيهم ‪..‬‬
‫نزلوا منزل ً ‪ ..‬فنام رجل منهم ‪..‬‬ ‫فلما وصل إلى ديار قومه ‪..‬‬
‫فأقبل صاحبه إلى حبل معه‬ ‫رقى على مرتفع وصاح بهم‬
‫فأخذه ‪ ..‬مازحا ً ‪..‬‬ ‫حتى اجتمعوا ‪ ..‬وهو سيدهم‬
‫فاستيقظ الرجل ‪ ..‬فوجد متاعه‬ ‫‪..‬‬
‫ناقصا ً ‪ ..‬ففزع ‪ ..‬وأخذ يبحث‬ ‫فدعاهم إلى السلم ‪..‬‬
‫عن حبله ‪..‬‬ ‫وأظهر لهم أنه أسلم ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ‬ل يحل لمسلم أن‬ ‫وجعل يردد ‪ :‬أشهد أن ل إله‬
‫‪189‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ومن اللطائف أن أحدهم سئل ‪:‬‬ ‫‪..‬‬ ‫)‪(75‬‬‫يروع مسلما ً‬
‫من الثنين ؟ فأشار إلى‬ ‫وفي يوم آخر ‪..‬‬
‫شفتيه ‪ ..‬وقال ‪ :‬هذان !!‬ ‫كانوا يسيرون مع النبي ‪‬‬
‫ل أذكر أني همست في أذن أحد‬ ‫في مسير ‪..‬‬
‫من الناس بسّر ‪ ..‬واستأمنته‬ ‫فنعس رجل وهو على‬
‫إياه ‪ ..‬ثم فاجأني قائل ً ‪ :‬يا‬ ‫راحلته ‪..‬‬
‫محمد ‪ ..‬اسمح لي ل أستطيع أن‬ ‫فغافله صاحبه وانتزع سهما ً‬
‫أكتمه ‪..‬‬ ‫من كنانته ‪..‬‬
‫بل كل شخص يضرب بيده صدره‬ ‫فشعر الرجل بمن يعبث‬
‫‪ ..‬ويقول ‪ :‬والله لو وضعوا‬ ‫بسلحه ‪ ..‬فانتبه فزعا ً‬
‫الشمس في يميني ‪ ..‬والقمر‬ ‫مذعورا ً ‪..‬‬
‫في شمالي ‪ ..‬أو السيف على‬ ‫فقال ‪ : ‬ل يحل لرجل أن‬
‫رقبتي ‪ ..‬على أن أخبر بسرك ‪..‬‬ ‫)‪(76‬‬
‫يروع مسلما ً ‪..‬‬
‫ما أخبرت !!‬ ‫ومثله الذي يمزح فيراك‬
‫ثم إذا اطمأننت ووثقت ‪..‬‬ ‫أوقفت سيارتك عند بقالة –‬
‫وكشفت له أسرارك ‪ ..‬تصّبر‬ ‫مثل ً ‪ -‬وهي تشتغل فيأتي‬
‫شهرين أو ثلثة ‪ ..‬ثم حدث به ‪..‬‬ ‫ويقودها ‪ ..‬ويوهمك أنها‬
‫فل يزال ُيتناقل حتى يصلك ‪..‬‬ ‫سرقت ‪ ..‬مازحًا‪..‬‬
‫فوجدت أن سرك ل ينبغي أن‬ ‫قد يجاملك صاحبك ويضحك‬
‫يجاوز شفتيك ‪ ..‬فل تكلف‬ ‫أحيانا ً على مزحة مروعة ‪..‬‬
‫الناس ما ل يطيقون ‪..‬‬ ‫لكنه متألم ‪..‬‬
‫إذا ضاق صدر المرء عن سر‬ ‫ولربما صبر الحليم على‬
‫نفسه‬ ‫الذى‬
‫فصدر الذي‬ ‫وفؤاده‬
‫يستودع السر أضيق‬ ‫من حره يتأوه‬
‫جربت كثيرا ً من الناس ‪..‬‬ ‫ولربما شكل الحليم لسانه‬
‫فوجدتهم كذلك ‪..‬‬ ‫حذر‬
‫والمشكلة أنك تأتيهم على‬ ‫الكلم وإنه لمفوه‬
‫سبيل الستشارة ‪ ..‬فيشيرون‬
‫عليك ‪ ..‬ثم يفضحون سرك ‪..‬‬ ‫وجهة نظر ‪..‬‬
‫فيسقطون من عينك ‪..‬‬ ‫كل ما زاد عن حده ‪ ..‬انقلب‬
‫ويصبحون من أبغض الناس إليك‬ ‫ضده ‪ ..‬وكم مزحة انتهت‬
‫‪..‬‬ ‫شجارا ً !!‬
‫ومن أعجب ما في التاريخ ‪..‬‬
‫أنه قبل معركة بدر ‪..‬‬ ‫حفظ السر ‪..‬‬ ‫‪.60‬‬
‫لما سمع النبي ‪ .. ‬بقافلة‬ ‫ر جاوز‬‫اشتهر قديما ً ‪ :‬كل س ٍ‬
‫قريش مقبلة وأراد قتالها ‪..‬‬ ‫الثنين ‪ ..‬شاع ‪..‬‬
‫خرج ‪ ρ‬إليها مع أصحابه ‪ ..‬فلما‬ ‫) ( رواه أبو داود‬ ‫‪75‬‬

‫شعر بهم أبو سفيان ‪ ..‬استأجر‬ ‫) ( رواه الطبراني وغيره‬ ‫‪76‬‬

‫‪190‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أعلى الجبل ‪ ..‬فأقبلت تهوي من‬ ‫رجل ً اسمه ضمضم بن عمرو‬
‫فوق الجبل ‪ ..‬حتى إذا كانت‬ ‫الغفاري ‪ ..‬وقال اذهب‬
‫بأسفل الجبل تكسرت ‪..‬‬ ‫وأخبر قريشا ً بالخبر ‪..‬‬
‫فما بقي بيت من بيوت مكة إل‬ ‫فمضى ضمضم ‪ ..‬مسرعا ً‬
‫دخلته كسرة من الصخرة ‪..‬‬ ‫إلى مكة ‪ ..‬كان وصوله مكة‬
‫فاضطرب العباس وقال ‪ :‬والله‬ ‫يحتاج أن يسير أياما ً ‪..‬‬
‫إن هذه لرؤيا !‬ ‫وأهل مكة ل يدرون عن‬
‫ثم خشي أن تنتشر فيصيبه‬ ‫شيء من ذلك ‪..‬‬
‫أذى ‪ ..‬فقال لها محذرا ً ‪ :‬وأنت‬ ‫وفي ليلة من الليالي رأت‬
‫فاكتميها ل تذكريها لحد ‪..‬‬ ‫عاتكة بنت عبد المطلب ‪..‬‬
‫ثم خرج العباس منشغل البال‬ ‫رؤيا أفزعتها ‪ ..‬فلما أصبحت‬
‫بأمر هذه الرؤيا ‪ ..‬فلقي الوليد‬ ‫بعثت إلى أخيها العباس بن‬
‫بن عتبة وسط الطريق ‪ ..‬وكان‬ ‫عبد المطلب ‪ ..‬فقالت له ‪:‬‬
‫له صديقا ً ‪..‬‬ ‫يا أخي ‪ ..‬والله لقد رأيت‬
‫فحدثه بالرؤيا ‪ ..‬وقال له ‪:‬‬ ‫الليلة رؤيا أفظعتني ‪..‬‬
‫اكتمها ‪ ..‬فل تخبر بها أحدا ً ‪..‬‬ ‫وتخوفت أن يدخل على‬
‫فمضى الوليد ‪..‬‬ ‫قومك منها شر ومصيبة ‪..‬‬
‫فلقي ابنه عتبة فحدثه بها ‪..‬‬ ‫ي ما أحدثك ‪ ..‬ول‬ ‫فاكتم عل ّ‬
‫ثم لم يمض سويعات ‪..‬‬ ‫تحدث به أحدا ً ‪..‬‬
‫حتى حدث بها عتبة ‪ ..‬ثم تناقلها‬ ‫قال لها ‪ :‬نعم ‪ ..‬وما رأيت ؟‬
‫الناس ‪ ..‬وفشا الحديث بها في‬ ‫قالت ‪ :‬رأيت راكبا ً أقبل‬
‫أهل مكة ‪ ..‬حتى تحدثت بها‬ ‫على بعير ‪ ..‬حتى وقف‬
‫قريش في مجالسها ‪..‬‬ ‫بوادي "البطح" ‪ ..‬ثم صرخ‬
‫وفي الضحى ذهب العباس‬ ‫بأعلى صوته ‪ :‬أل انفروا يا‬
‫ليطوف بالكعبة ‪..‬‬ ‫آل غدر إلى مصارعكم في‬
‫هط‬ ‫فإذا أبو جهل جالس في َر ْ‬ ‫ثلث ‪!..‬‬
‫من قريش ‪ ..‬في ظل الكعبة ‪..‬‬ ‫فأرى الناس قد اجتمعوا إليه‬
‫يتحدثون برؤيا عاتكة !!‬ ‫‪ ..‬ثم مضى فدخل المسجد‬
‫س‬
‫فلما رأى أبو جهل العبا َ‬ ‫والناس يتبعونه ‪..‬‬
‫قال ‪:‬‬ ‫فبينما هم حوله ‪ ..‬إذ صعد به‬
‫يا أبا الفضل ‪ ..‬إذا فرغت من‬ ‫بعيره فوق الكعبة ‪ ..‬ثم صرخ‬
‫طوافك فأقبل إلينا ‪..‬‬ ‫بمثلها ‪ :‬انفروا يا آل غدر‬
‫فلما أقبل إليه العباس وجلس‬ ‫إلى مصارعكم في ثلث ‪..‬‬
‫معهم ‪..‬‬ ‫ثم صعد به بعيره على رأس‬
‫قال له أبو جهل ‪ :‬يا بني عبد‬ ‫جبل أبي قبيس ‪ ..‬فصرخ‬
‫المطلب ‪ ..‬متى حدثت فيكم‬ ‫بمثلها ‪:‬‬
‫هذه النبية ؟‬ ‫انفروا يا آل غدر إلى‬
‫قال ‪ :‬وما ذاك ؟‬ ‫مصارعكم في ثلث ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬تلك الرؤيا التي رأت‬ ‫ثم أخذ صخرة فقذفها من‬
‫‪191‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فإذا بأبي جهل يخرج من باب‬ ‫عاتكة ‪..‬‬
‫المسجد يشتد مسرعا ً ‪..‬‬ ‫قال العباس ‪ :‬وما رأت ؟‬
‫فعجب العباس من سرعته ‪!!..‬‬ ‫قال ‪ :‬يا بني عبد المطلب ‪..‬‬
‫فقد كان مستعدا ً لخصومة‬ ‫أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم‬
‫وعراك ‪ ..‬فقال العباس في‬ ‫حتى تتنبأ نساؤكم ؟‬
‫نفسه ‪ :‬ماله لعنه الله ؟! أك ّ‬
‫ل‬ ‫قد زعمت عاتكة في رؤياها‬
‫ف مني أن أشاتمه ؟!‬ ‫هذاخو ٌ‬ ‫أنه قال ‪ :‬انفروا في ثلث ‪..‬‬
‫وإذا أبو جهل قد سمع صوت‬ ‫فسننتظر بكم ثلثة أيام ‪..‬‬
‫ضمضم بن عمرو الغفاري الذي‬ ‫فإن يك حقا ً ما تقول ‪..‬‬
‫أرسله أبو سفيان ليستعين‬ ‫فسيكون ‪..‬‬
‫بأهل مكة ‪..‬‬ ‫وإن تمض الثلث ولم يكن‬
‫وإذا ضمضم يصرخ في الوادي‬ ‫من ذلك شئ نكتب عليكم‬
‫واقفا ً على بعيره ‪..‬‬ ‫كتابا ً أنكم أكذب أهل بيت‬
‫قد جدع أنف بعيره ‪ ..‬والدم‬ ‫العرب ‪..‬‬
‫يسيل على وجه البعير ‪..‬‬ ‫فاضطرب العباس ‪ ..‬وما رد‬
‫وقد شق ضمضم قميصه وهو‬ ‫عليه شيئا ً ‪ ..‬وجحد الرؤيا ‪..‬‬
‫يقول ‪ :‬يا معشر قريش اللطيمة‬ ‫وأنكر أن تكون رأت شيئا ً ‪..‬‬
‫‪ ..‬اللطيمة ‪..‬‬ ‫ثم تفرقوا ‪..‬‬
‫أموالكم مع أبي سفيان قد‬ ‫فلما أقبل العباس إلى‬
‫عرض لها محمد في أصحابه ل‬ ‫بيته ‪..‬‬
‫أرى أن تدركوها ‪..‬‬ ‫لم تبق امرأة من بني عبد‬
‫ثم صاح بأعلى صوته ‪ :‬الغوث ‪..‬‬ ‫المطلب ‪ ..‬إل جاءت إليه‬
‫الغوث ‪..‬‬ ‫غاضبة ‪ ..‬تقول ‪ :‬أقررتم‬
‫عندها تجهزت قريش وخرجت ‪..‬‬ ‫لهذا الفاسق الخبيث أن يقع‬
‫وكان من أمرها في معركة بدر‬ ‫في رجالكم ‪ ..‬ثم قد تناول‬
‫ما كان ‪..‬‬ ‫النساء وأنت تسمع ‪ ..‬أما‬
‫فتأمل كيف انتشر السر في‬ ‫فيكم حمية ‪..‬‬
‫لمحة عين ‪ ..‬مع قوة الحرص‬ ‫فاحتمى العباس ‪ ..‬وثار ‪..‬‬
‫وشدة الستئمان ‪!!..‬‬ ‫وقال ‪ :‬والله ‪ ..‬لئن عاد أبو‬
‫ومن نشر السر أيضا ً ‪..‬‬ ‫جهل إلى مثل كلمه ‪..‬‬
‫أن عمر ‪ ‬لما أسلم ‪ ..‬أراد أن‬ ‫لفعلن وأفعلن ‪..‬‬
‫ينشر الخبر ‪..‬‬ ‫فلما كان اليوم الثالث ‪ ..‬من‬
‫فأقبل إلى رجل منهم ‪ ..‬هو‬ ‫رؤيا عاتكة ‪..‬‬
‫أعظمهم نشرا ً للشاعة ‪..‬‬ ‫ذهب العباس إلى المسجد ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬يا فلن ‪ ..‬إني محدثك‬ ‫وهو مغضب ‪..‬‬
‫ر ‪ ..‬فاكتم عني ‪!..‬‬ ‫بس ٍ‬ ‫فلما دخل المسجد رأى أبا‬
‫قال ‪ :‬ما سرك ؟‬ ‫جهل ‪ ..‬فمشي نحوه‬
‫قال ‪ :‬أشعرت أني قد أسلمت ‪..‬‬ ‫يتعرضه ليعود لبعض ما قال‬
‫فانتبه ‪ ..‬ل تخبر أحدا ً ‪..‬‬ ‫فيقع به ‪..‬‬
‫‪192‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫)‪(77‬‬
‫القرآن‬ ‫جبريل كان يعارضني‬ ‫ثم تولى عنه عمر ‪..‬‬
‫كل سنة مرة وإنه عارضني‬ ‫فما كاد يغيب عنه ‪ ..‬حتى‬
‫العام مرتين ‪ ..‬ول أراه إل حضر‬ ‫جعل الرجل يطوف بالناس‬
‫أجلي ‪ ..‬وإنك أول أهل بيتي‬ ‫ت أن عمر‬ ‫ويردد ‪ :‬أعلم َ‬
‫لحاقا ً بي ‪ ..‬فبكيت ‪..‬‬ ‫ت أن عمر‬ ‫أسلم ‪ !!..‬أعلم َ‬
‫فقال ‪ :‬أما ترضين أن تكوني‬ ‫أسلم ‪!!..‬‬
‫سيدة نساء أهل الجنة ‪ ..‬أو نساء‬ ‫عجبا ً !! وكالة أنباء متنقلة ‪..‬‬
‫المؤمنين ‪ ..‬فضحكت لذلك ‪..‬‬ ‫وفي يوم من اليام بعث‬
‫النبي ‪ ‬أنسا ً ‪ ‬في‬
‫قالوا ‪..‬‬ ‫حاجة ‪..‬‬
‫من عرف سرك أسرك ‪..‬‬ ‫فمّر بأمه ‪ ..‬فسألته ‪ ..‬إلى‬
‫ماذا أرسلك النبي ‪ ‬؟‬
‫قضاء الحاجات ‪..‬‬ ‫‪.61‬‬ ‫فقال ‪ :‬والله ‪ ..‬ما كنت‬
‫ت في دراسة‬ ‫لما بدأ ُ‬ ‫لفشي سّر رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫الماجستير ‪ ..‬اطلعت على عدد‬ ‫هكذا كان أنس وهو صغير ‪..‬‬
‫أوسع من كتب الفرق‬ ‫في شدة حفظه للسر ‪..‬‬
‫والطوائف ‪..‬‬ ‫وأنى لك اليوم أن تجد مثل‬
‫من بين هذه المذاهب ‪ ..‬المذهب‬ ‫أنس ‪..‬‬
‫البراجماتي ‪bragmatizem ..‬‬ ‫قالت عائشة ‪.. τ‬‬
‫وترجمته بالعربية ‪ :‬المذهب‬ ‫أقبلت فاطمة تمشي ‪ ..‬كأن‬
‫النفعي ‪..‬‬ ‫مشيتها مشية النبي ‪.. ρ‬‬
‫لما تبحرت في دراسة هذا‬ ‫فقال النبي ‪ : ρ‬مرحبا ً بابنتي‬
‫المذهب أدركت لماذا كنا نسمع‬ ‫‪ ..‬ثم أجلسها عن يمينه ‪ -‬أو‬
‫في أوروبا وأمريكا ‪ ..‬أنه في‬ ‫عن شماله ‪.. -‬‬
‫كثير من الحيان يهجر البن أباه‬ ‫ً‬
‫ثم أسّر إليها حديثا ‪..‬‬
‫‪ ..‬وإذا قابله في مطعم فكل‬ ‫فبكت ‪..‬‬
‫واحد منهما يحاسب عن نفسه ‪..‬‬ ‫فقلت لها ‪ :‬لم تبكين ‪..‬‬
‫فعل ً ‪ ..‬مادام أني لن أستفيد‬ ‫ثم أسّر إليها حديثا ً ‪..‬‬
‫منك فلماذا أخدمك ؟!‬ ‫فضحكت فقلت ‪:‬‬
‫لماذا أنفق مالي ؟! واصرف‬ ‫ما رأيت كاليوم ‪ ..‬فرحا ً‬
‫وقتي ؟! وأبذل جهدي ؟! دون‬ ‫أقرب من حزن ‪..‬‬
‫مردود مادي يعود علي ‪..‬‬ ‫فسألت فاطمة عما قال لها‬
‫السلم قلب هذا الميزان ‪..‬‬ ‫النبي ‪ ‬؟‬
‫فقال الله ) وأحسنوا إن الله‬ ‫فقالت ‪ :‬ما كنت لفشي سر‬
‫يحب المحسنين ( ‪.‬‬ ‫رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫وقال ‪ ) : ‬لئن امشي مع اخي‬ ‫حتى قبض النبي ‪.. ρ‬‬
‫في حاجة حتى أثبتها له ‪ ..‬أحب‬ ‫فسألتها ؟‬
‫ي ‪ :‬إن‬ ‫فقالت ‪ :‬أسر إل ّ‬
‫) ( يعارضه القرآن ‪ :‬يراجع القرآن معه ‪.‬‬ ‫‪77‬‬

‫‪193‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫رداء ‪..‬‬ ‫ي من أن أعتكف في‬ ‫إل ّ‬
‫فلمــا رأى رســول اللــه ‪ ρ‬الــذي‬ ‫ً‬
‫مسجدي هذا شهرا ( ‪..‬‬
‫بهم من الجهد والعري والجوع ‪..‬‬ ‫ومن كان في حاجة أخيه ‪..‬‬
‫تغير وجهه ‪..‬‬ ‫كان الله في حاجته ‪..‬‬
‫ثم قام ‪ ..‬فدخل بيته ‪ ..‬فلم يجد‬ ‫وكان ‪ ‬يمشي في الطريق‬
‫شيئا ً يتصدق به عليهم ‪..‬‬ ‫فتوقفه الجارية وتقول ‪ :‬لي‬
‫فخــرج ‪ ..‬ودخــل بيتــه الخــر ‪..‬‬ ‫إليك حاجة ‪ ..‬فيقف معها‬
‫وخرج ‪ ..‬يبحــث ‪ ..‬يلتمــس شــيئا ً‬ ‫حتى يسمع حاجة ‪ ..‬وقد‬
‫لهم ‪ ..‬فلم يجد ‪..‬‬ ‫يمضي معها إلى بيت سيدها‬
‫ثــم راح إلــى المســجد ‪ ..‬فصــلى‬ ‫ليقضيها لها ‪..‬‬
‫الظهر ‪ ..‬ثم صعد منبره ‪..‬‬ ‫بل كان ‪ ρ‬يخالط الناس‬
‫فحمد الله وأثنى عليه ‪ ..‬ثم قال‬ ‫ويصبر على أذاهم ‪..‬‬
‫‪:‬‬ ‫كان يعاملهم بنفس‬
‫أما بعد ‪ ..‬فـإن اللــه عـز وجــل ‪..‬‬ ‫رحيمة ‪ ..‬وعين دامعة ‪..‬‬
‫س‬ ‫َ‬
‫ها الّنــا ُ‬ ‫أنزل في كتابه ‪َ ) :‬يا أي ّ َ‬ ‫ولسان داع ‪ ..‬وقلب‬
‫ن‬ ‫مــ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫كــ ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م اّلــ ِ‬ ‫كــ ُ‬ ‫قــوا َرب ّ ُ‬ ‫ات ّ ُ‬ ‫عطوف ‪..‬‬
‫هــا‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬‫هــا َز ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫خل َ َ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫حدَ ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ف ٍ‬ ‫نَ ْ‬ ‫كان يشعر أنه هو وهم ‪..‬‬
‫ســاءً‬ ‫ون ِ َ‬ ‫جــال ً ك َِثيــرا ً َ‬ ‫ر َ‬ ‫مــا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ث ِ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫َ‬ ‫جسد واحد ‪ ..‬يشعر بفقر‬
‫ه‬ ‫ن ب ِـ ِ‬ ‫ُ‬
‫ســاءَلو َ‬ ‫ذي ت َ َ‬ ‫ه ال ـ ِ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قــوا الل ـ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫الفقير ‪ ..‬وحزن الحزين ‪..‬‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫علي ْكــ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه كــا َ‬ ‫ن اللــ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫حــا َ‬ ‫والْر َ‬ ‫َ‬ ‫ومرض المريض ‪ ..‬وحاجة‬
‫قيبا ( ‪..‬‬ ‫ً‬ ‫َر ِ‬ ‫المحتاج ‪..‬‬
‫ثم قرأ ‪..‬‬ ‫انظــر إليــه ‪ .. ρ‬وقــد جلــس‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫قــوا الل ّ ـ َ‬ ‫من ُــوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫) َيا أي ّ َ‬ ‫في مسجده يحدث أصحابه ‪..‬‬
‫د‬ ‫غــ ٍ‬ ‫ت لِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫قــدّ َ‬ ‫مــا َ‬ ‫س َ‬ ‫فــ ٌ‬ ‫ظــْر ن َ ْ‬ ‫ول ْت َن ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫فــإذا بــه يــرى ســوادا ً مقبل ً‬
‫مــا‬ ‫خِبيــٌر ب ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ن اللــ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ّ‬
‫قــوا اللــ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫عليه من بعيد ‪..‬‬
‫ن ( ‪..‬‬ ‫ملو َ‬ ‫ُ‬ ‫ع َ‬ ‫تَ ْ‬ ‫نظر إليهم ‪ ..‬فــإذا هــم قــوم‬
‫وجعل يتلوا اليات والمــواعظ ‪..‬‬ ‫فقـــراء أقبلـــوا عليـــه مـــن‬
‫ثم صاح بهم ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫مضر ‪ ..‬من قبل نجد ‪..‬‬
‫تصــدقوا قبــل أن ل تصــدقوا ‪..‬‬ ‫ومن شدة فقرهم قد اجتابوا‬
‫تصــدقوا قبــل أن يحــال بينكــم‬ ‫النمار ‪..‬‬
‫وبين الصدقة ‪..‬‬ ‫يعنــي يملــك أحــدهم قطعــة‬
‫تصــدق امــرؤ مــن دينــاره ‪ ..‬مــن‬ ‫قمــاش فل يجــد ثمــن البــرة‬
‫درهمــــه ‪ ..‬مــــن بــــره ‪ ..‬مــــن‬ ‫والخيــط ‪ ..‬فيخــرق القمــاش‬
‫شـــعيره ‪ ..‬ول يحقـــرن أحـــدكم‬ ‫من وسـطه ثــم يخـرج رأســه‬
‫شيئا ً من الصدقة ‪ ..‬وجعــل يعــدد‬ ‫ويسدل باقيه على جسده ‪..‬‬
‫أنواع الصدقات حتى قال ‪:‬‬ ‫أقبلــوا قــد اجتــابوا النمــار ‪..‬‬
‫ولو بشق تمرة ‪..‬‬ ‫وتقلــدوا الســيوف ‪ ..‬وليــس‬
‫فقــام رجــل مــن النصــار بصــرة‬ ‫عليهم أزر ول شيء غيُرها ‪..‬‬
‫في كفه ‪ ..‬فناولهـا رســول اللـه‬ ‫ل عمامـــة ول ســـراويل ول‬
‫‪194‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ول شكورا ً ‪..‬‬ ‫‪ ρ‬وهو على منبره ‪..‬‬
‫أحسن إلى الناس تستعبد‬ ‫فقبضـــها رســـول اللـــه ‪ρ‬‬
‫قلوبهم‬ ‫يعرف السرور في وجهه ‪..‬‬
‫فطالما‬ ‫وقـــال ‪ :‬مـــن ســـن ســـنة‬
‫استعبد النسان إحسان‬ ‫حسنة ‪ ..‬فعمل بهــا كــان لــه‬
‫رؤية ‪..‬‬ ‫أجرها ‪ ..‬ومثل أجر من عمــل‬
‫من عاش لغيره فسيعيش‬ ‫بهــا ل ينقــص مــن أجــورهم‬
‫متعبا ً ‪ ..‬لكنه سيحيا كبيرا ً ‪..‬‬ ‫شيء ‪..‬‬
‫ويموت كبيرا ً ‪..‬‬ ‫ومـــن ســـن ســـنة ســـيئة ‪..‬‬
‫فعمل بها ‪ ..‬كان عليه وزرها‬
‫ل تتكلف ما ل تطيق !!‬ ‫‪.62‬‬ ‫‪ ..‬ومثل وزر من عمل بهــا ل‬
‫كان صاحبي من خيار الناس ‪..‬‬ ‫ينقص من أوزارهم شيء ‪..‬‬
‫خلقا ً ‪ ..‬ودينا ً ‪ ..‬وعقل ً ‪..‬‬ ‫فقام الناس ‪ ..‬فتفرقوا إلى‬
‫كان إمام مسجد بجانب بيته ‪..‬‬ ‫بيوتهم ‪ ..‬وجاءوا بصدقات ‪..‬‬
‫لكني كنت أسمع ذمه على‬ ‫فمــن ذي دينــار ‪ ..‬ومــن ذي‬
‫ألسنة أناس كثيرين ‪..‬‬ ‫درهم ‪..‬‬
‫كنت أتعجب من ذلك ‪ ..‬ول أجد‬ ‫ومـــن ذي تمـــر ‪ ..‬ومـــن ذي‬
‫له جوابا ً ‪..‬‬ ‫ثياب ‪..‬‬
‫حتى جاءني يوما ً جاره ‪ ..‬قال ‪:‬‬ ‫حـــتى اجتمـــع بيـــن يـــديه ‪ρ‬‬
‫يا شيخ ‪ ..‬صاحبك ‪ ..‬ل يصلي‬ ‫كومان ‪ ..‬كــوم مــن طعــام ‪..‬‬
‫بنا ‪ ..‬ول معنا !!‬ ‫وكوم من ثياب ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬لم ؟!!‬ ‫فلما رأى ‪ ρ‬ذلك تهلل وجهه‬
‫قال ‪ :‬ل أدري ‪ ..‬لكنه هو‬ ‫حتى كأنه فلقة من قمر ‪..‬‬
‫المام ‪ ..‬ومع ذلك يغيب كثييييرا ً‬ ‫ثم قسمه بين الفقراء ‪..‬‬
‫عن المسجد ‪..‬‬ ‫رواه مسلم ‪..‬‬
‫فجعلت ألتمس له العذار ‪..‬‬ ‫ولما سئلت عائشة عن حاله‬
‫فقلت ‪ :‬لعله مشغول بأمر‬ ‫‪ ‬في بيته ‪ ..‬قالت ‪:‬‬
‫ضروري ‪ ..‬لعله غير موجود‬ ‫كان يكون في حاجة أهله ‪..‬‬
‫بالبيت ‪..‬‬ ‫أو في مهنة أهله ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬يا شييييخ ‪ ..‬سيارته‬ ‫أفل تجعل من طرق دخولك‬
‫واقفة عند الباب ‪ ..‬وأنا متأكد‬ ‫إلى قلوب الناس ‪ ..‬قضاء‬
‫أنه في بيته ‪..‬‬ ‫حاجاتهم ‪..‬‬
‫جعلت أتقصى السبب لنصح‬ ‫احتاج شخص إلى‬
‫صاحبي ‪..‬‬ ‫مستشفى ‪ ..‬فأوصلته إليه ‪..‬‬
‫حتى وجدت السبب ‪..‬‬ ‫استعان بك في مشكلة‬
‫الرجل بحكم إمامته للمسجد ‪..‬‬ ‫فأعنته عليها ‪..‬‬
‫يأتي إليه الناس ويلتمسون منه‬ ‫يراك تقضي حاجته ‪ ..‬وتقف‬
‫العانة في حاجاتهم ‪..‬‬ ‫معه في كربته ‪ ..‬وهو يعلم‬
‫هذا عليه دين يريد أن يبحث له‬ ‫أنك ل ترجو من ذلك جزاء‬
‫‪195‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ويردد ‪ :‬طيب لماذا تعدني ‪..‬‬ ‫عمن يسدده ‪..‬‬
‫لماذا تجعلني أبني المال‬ ‫وهذا متخرج من الثانوية‬
‫عليك ‪..‬‬ ‫ويريد شفاعة لدخول‬
‫والثاني يقول ‪ :‬لم أكلم إل‬ ‫الجامعة ‪..‬‬
‫أنت ‪ ..‬وتركت غيرك لما وعدتني‬ ‫وهذا مريض يريد إعانته على‬
‫‪..‬‬ ‫دخول المستشفى‬
‫لما عرفت حاله ‪ ..‬أيقنت أنه‬ ‫الفلني ‪..‬‬
‫حفر لنفسه حفرة ‪ ..‬ثم تردى‬ ‫وهذا عنده بنات كبار ويريد‬
‫فيها ‪..‬‬ ‫لهن أزواج ‪..‬‬
‫سمعته مرة يعتذر من أحدهم ‪..‬‬ ‫وهذا عليه أيجار لبيته لم‬
‫ويقول ‪:‬‬ ‫يسدده ‪..‬‬
‫آسف ‪ ..‬لم أستطع أن أفعل‬ ‫وهذا أعطاه ورقة استفتاء‬
‫شيئا ً في موضوعك ‪..‬‬ ‫في طلق ليذهب بها‬
‫وذاك يقول بكل قوة ‪ :‬طيب‬ ‫للمفتي العام ‪..‬‬
‫ي ‪ ..‬ليتك‬ ‫أنت ضيعت الوقت عل ّ‬ ‫وهذا ‪..‬‬
‫أخبرتني من قبل ‪..‬‬ ‫وهو رجل عادي ليس له‬
‫تذكرت عندها قول الحكيم ‪:‬‬ ‫قدرات كبيرة ول علقات‬
‫العتذار في البداية خير من‬ ‫الواسعة ‪ ..‬ول وجاهة‬
‫العتذار في النهاية ‪..‬‬ ‫متمّيزة ‪..‬‬
‫ما أجمل أن يعرف المرء‬ ‫وكان المسكين يغلبه الحياء‬
‫قدراته ‪ ..‬ويتحرك في حدود‬ ‫والخجل من كل أحد ‪ ..‬فل‬
‫الدائرة المرسومة حوله ‪..‬‬ ‫يقدر أن يعتذر من أحد أبدا ً ‪..‬‬
‫ولقد جربت ذلك بنفسي ‪..‬‬ ‫بل يأخذ معروض هذا ويعده‬
‫أذكر أني ألقيت محاضرة في‬ ‫بسداد دينه ‪..‬‬
‫أحد المجمعات العسكرية‬ ‫ويكتب رقم هاتف الثاني ‪..‬‬
‫بالرياض ‪..‬‬ ‫ويعده أن يقبل في‬
‫وبعدها جاءني أحدهم وقال ‪ :‬يا‬ ‫الجامعة ‪..‬‬
‫شيخ أريدك في موضوع ضروري‬ ‫ويقول للثالث ‪ :‬تعال بعد‬
‫جدا ً ‪..‬‬ ‫يومين وتجد ورقة دخول‬
‫قلت ‪ :‬تفضل ‪ ..‬ما هو ؟‬ ‫المستشفى جاهزة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ما يصلح أن أذكره‬ ‫وهكذا دواليك ‪..‬‬
‫الن ‪ ..‬ل بدّ أن أقابلك في وقت‬ ‫فيأتونه على الموعد ‪..‬‬
‫واسع ‪..‬‬ ‫ويعتذر ‪ ..‬ويعطيهم مواعيد‬
‫ظم حجم الموضوع وأنا‬ ‫ع ّ‬ ‫جعل ي ُ َ‬ ‫أخرى ‪..‬‬
‫أستمع له بلطف ‪ ..‬لكني قد‬ ‫حتى صار يتهرب منهم ‪ ..‬ول‬
‫علمتني الحياة أن أكثر الناس‬ ‫يرد على هاتفه ‪ ..‬بل وأحيانا ً‬
‫يعطون المور أكبر من‬ ‫ل يخرج من بيته ‪!!..‬‬
‫حجمها ‪ ..‬وصاحب الحاجة‬ ‫وصار من يلقاه منهم ‪ ..‬إن‬
‫مجنون بها حتى تقضى ‪..‬‬ ‫وجده ‪ ..‬يسبه ويصرخ به ‪..‬‬
‫‪196‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قلت ‪ :‬لااا أقدر ‪..‬‬ ‫قال لي ‪ :‬أظن لك محاضرة‬
‫فناولني الورقة التي في يده ‪..‬‬ ‫غدا ً في مدينة كذا ‪ ..‬وهي‬
‫وقال ‪ :‬طيب ‪ ..‬يا شيخ خذ هذه‬ ‫مدينة على بعد ‪200‬كم من‬
‫الورقة فيها أرقام هواتفنا ‪ ..‬إذا‬ ‫الرياض ‪..‬‬
‫وجدت له وظيفة فاتصل بنا ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬صحيح ‪..‬‬
‫أدركت أنه يريد أن يربطني‬ ‫قال ‪ :‬سآتي إليك هناك ‪..‬‬
‫بحبل أمل ‪ ..‬وسيظل ينتظر‬ ‫وأقابلك بعد المحاضرة ‪..‬‬
‫التصال ‪..‬‬ ‫تعجبت من حرصه ‪..‬‬
‫فقلت ‪ :‬بل دع الورقة معك ‪..‬‬ ‫وفعل ً ‪ ..‬خرجت بعد‬
‫وخذ رقمي أنت ‪ ..‬وإن وجدت له‬ ‫المحاضرة فخرج الرجل‬
‫وظيفة فاتصل بي ‪ ..‬لعلي أن‬ ‫وراءي مسعا ً حافي القدمين‬
‫أكتب لك شفاعة للمسئول‬ ‫‪ ..‬يحمل ورقة صغيرة في‬
‫فيها ‪..‬‬ ‫يده ‪..‬‬
‫سكت الرجل قليل ً ‪ ..‬انتظرت أن‬ ‫ً‬
‫وقفت معه جانبا ‪ ..‬قلت ‪:‬‬
‫يودعني ‪..‬‬ ‫تفضل ‪ ..‬شكر الله حرصك ‪..‬‬
‫لكني تفاجأت أنه قال لي ‪ :‬بيض‬ ‫ما حاجتك ؟‬
‫الله وجهك ‪ ..‬والله يا شيخ ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬عندي أخ‬
‫سبق أن كلمت المير فلن في‬ ‫يحمل الشهادة البتدائية ‪..‬‬
‫موضوع أخي منذ سنة ‪ ..‬فأخذ‬ ‫وأريدك أن تدبر له وظيفة ‪..‬‬
‫الورقة ‪ ..‬ولم يتصل بي إلى‬ ‫قلت ‪ :‬بس ؟!!‬
‫الن ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬بس ؟!!‬
‫ومرة كلمت اللواء فلن ‪ ..‬فأخذ‬ ‫كان الرجل متحمسا ً ‪..‬‬
‫الورقة أيضا ً ‪ ..‬ولم يتصل ولم‬ ‫ومنظره يثير الشفقة ‪..‬‬
‫يهتم ‪ ..‬هؤلء أناس ما يهتمون‬ ‫ويبدو أن أخاه يمر بظروف‬
‫بالضعفاء ‪ ..‬الله ينتقم منهم ‪..‬‬ ‫صعبة فعل ً ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬وبدأ يدعو عليهم ‪..‬‬ ‫أيقنت أني لو وعدته سأخلف‬
‫فقلت في نفسي ‪ ..‬الحمد لله ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فنحن في زمن ل يكاد‬
‫لو أخذت الورقة لصرت ثالثهم ‪..‬‬ ‫حامل البكالوريوس أن يجد‬
‫نعم ‪ ..‬العتذار في البداية خير‬ ‫وظيفة ‪ ..‬فضل ً عن حامل‬
‫من إخلف الوعد ‪..‬‬ ‫البتدائية ‪ ..‬وأنا أعرف حدود‬
‫ما أجمل أن نكون صرحاء مع‬ ‫قدراتي ‪..‬‬
‫الخرين ‪ ..‬عارفين لحدود‬ ‫قلت ‪ :‬يا أخي ‪ ..‬والله أتمنى‬
‫قدراتنا ‪..‬‬ ‫أن أساعدك ‪ ..‬وأخوك‬
‫أحيانا ً عند خروجك من البيت ‪..‬‬ ‫أخي ‪ ..‬وأنا أتألم له كما‬
‫تصرخ بك زوجتك ‪..‬‬ ‫تتألم ‪..‬‬
‫أحضر معك حليبا ً ‪ ..‬وسكرا ً ‪..‬‬ ‫لكني ل أستطيع مساعدتك‬
‫وحفائظ ‪ ..‬وعشاء ‪..‬‬ ‫أبدا ً ‪ ..‬أتمنى أن تتكرم عل ّ‬
‫ي‬
‫فانتبه ‪ ..‬ل تردد ‪ :‬طيب ‪..‬‬ ‫وتعفيني ‪..‬‬
‫طيب ‪ ..‬وإنما اصرخ بها أنت‬ ‫قال ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬حاول ‪..‬‬
‫‪197‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الصيانة ‪ ..‬وقال ‪ :‬ل تؤخرها‬ ‫أيضا ً وقل ‪:‬‬
‫علينا ‪..‬‬ ‫مااااااا أقدر ‪ !! ..‬فهي خير‬
‫قال ‪ :‬طيب ضعها بأسلوب‬ ‫من العتذار عند العودة ‪..‬‬
‫مناسب ‪..‬‬ ‫ضاق وقتي ‪ ..‬أقفلت‬
‫قال ‪ :‬مناسب ‪ ..‬غير مناسب ‪..‬‬ ‫المحلت ‪ ..‬نسيت ‪..‬‬
‫المهم خلصها بسرعة ‪..‬‬ ‫وكذلك مع زملئك ‪..‬‬
‫تشاتما ‪ ..‬حتى ارتفعت‬ ‫وإخوانك ‪..‬‬
‫أصواتهما ‪..‬‬ ‫أرجو أن تكون الفكرة وصلت‬
‫ومضى السكرتير إلى مكتبه ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫بعد ساعتين أقبل أحد‬
‫الموظفين الصغار في‬ ‫تجربة ‪..‬‬
‫الصيانة ‪ ..‬إلى رئيسه وقال ‪:‬‬ ‫العتذار في البداية ‪ ..‬خير‬
‫سأذهب لخذ أولدي من‬ ‫من العتذار في النهاية ‪..‬‬
‫المدرسة وأعود ‪..‬‬
‫صرخ الرئيس ‪ :‬وأنت كل يوم‬ ‫من ركل القطة ؟!‬ ‫‪.63‬‬
‫تخرج ‪..‬‬ ‫قبل أن تجيب على‬
‫قال ‪ :‬هذا حالي من عشر‬ ‫السؤال ‪ ..‬اسمع القصة‬
‫سنوات ‪ ..‬أول مرة تعترض‬ ‫كاملة ‪..‬‬
‫ي ‪..‬‬‫عل ّ‬ ‫كان يعمل سكرتيرا ً لمدير‬
‫قال ‪ :‬أنت ما يصلح معك إل‬ ‫سيء الخلق ‪ ..‬ل يطبق‬
‫العين الحمراء ‪ ..‬ارجع لمكتبك ‪..‬‬ ‫مهارة واحدة من مهارات‬
‫مضى المسكين إلى مكتبه ‪..‬‬ ‫التعامل مع الناس ‪..‬‬
‫وتولى أحد المدرسين‬ ‫كان هذا المدير يراكم‬
‫إيصالهم ‪ ..‬لما طال وقوفهم‬ ‫العمال على نفسه ‪..‬‬
‫في الشمس ‪..‬‬ ‫ويحملها ما ل تطيق ‪..‬‬
‫عاد هذا الموظف إلى بيته‬ ‫صاح بسكرتيره يوما ً ‪..‬‬
‫غاضبا ً ‪ ..‬فأقبل إليه ولده‬ ‫فدخل ووقف بين يديه ‪..‬‬
‫الصغير معه لعبة ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫م ‪ ..‬تفضل ؟‬ ‫س ْ‬
‫قال ‪َ :‬‬
‫بابا ‪ ..‬هذه أعطانيها المدرس‬ ‫صرخ به ‪ :‬اتصلت بهاتف‬
‫لنني ‪..‬‬ ‫مكتبك ‪ ..‬ولم ترد ‪..‬‬
‫صاح به الب ‪ :‬اذهب لمك ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬كنت في المكتب‬
‫ودفعه بيده ‪..‬‬ ‫المجاور ‪ ..‬آسف ‪..‬‬
‫مضى الطفل باكيا ً ‪ ..‬فأقبلت‬ ‫قال بضجر ‪ :‬كل مرة‬
‫إليه قطته الجميلة تتمسح‬ ‫آسف ‪ ..‬آسف ‪ ..‬خذ هذه‬
‫برجليه كالعادة ‪ ..‬فركلها برجله‬ ‫الوراق ‪ ..‬ناولها لرئيس‬
‫فضربت بالجدار ‪..‬‬ ‫قسم الصيانة ‪ ..‬وعد بسرعة‬
‫السؤال ‪ :‬من ركل القطة ؟‬ ‫‪..‬‬
‫أظنك ‪ ..‬تبتسم ‪ ..‬وتقول ‪:‬‬ ‫مضى متضجرا ً ‪ ..‬وألقاها‬
‫المدير ‪..‬‬ ‫على مكتب رئيس قسم‬
‫‪198‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وانصياع الناس لرسول الله ‪.. ε‬‬ ‫صحيح المدير ‪..‬‬
‫ركب ناقته مع بعض أصحابه‬ ‫ن توزيع‬ ‫لماذا ل نتعلم ف ّ‬
‫ومضى إلى رسول الله ‪.. ε‬‬ ‫الدوار ‪..‬‬
‫دخل المسجد على رسول الله ‪ε‬‬ ‫والشياء التي ل نقدر عليها‬
‫وهو بين أصحابه الكرام ‪..‬‬ ‫نقول بكل شجاعة ‪ ..‬هذه‬
‫فلما وقف بين يدي النبي عليه‬ ‫ليست في أيدينا ‪ ..‬ل نقدر ‪..‬‬
‫الصلة والسلم قال ‪ :‬يا محمد‬ ‫خاصة أن تصرفاتك قد‬
‫خالني ‪ ..‬أي قف معي على‬ ‫يتعدى ضررها إلى أقوام لم‬
‫انفراد ‪..‬‬ ‫يكونوا طرفا ً في المشكلة‬
‫وكان ‪ ε‬حذرا ً من أمثال هؤلء ‪..‬‬ ‫أصل ً ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬ل والله حتى تؤمن بالله‬ ‫وانتبه أن يستثيرك‬
‫وحده ‪..‬‬ ‫الخرون ‪ ..‬ويحرجونك‬
‫فقال ‪ :‬يا محمد خالني ‪..‬‬ ‫فتضطر لوعود ‪ ..‬قد ل‬
‫تستطيع تنفيذها ‪..‬‬
‫فأبى النبي ‪ .. ε‬فل زال يكرر ‪..‬‬
‫انتقل معي إن شئت إلى‬
‫مك ‪ ..‬يا‬ ‫يا محمد قم معي أكل ْ‬ ‫المدينة ‪ ..‬وانظر إلى رسول‬
‫مك ‪..‬‬ ‫محمد قم معي أكل ْ‬
‫الله ‪ ε‬وقد جلس في مجلسه‬
‫حتى قام معه رسول الله ‪.. ε‬‬
‫المبارك ‪ ..‬بعدما انتشر‬
‫فاجتر عامر إليه أحد أصحابه‬
‫حد رب‬ ‫و ّ‬
‫الدين ‪ ..‬و ُ‬
‫اسمه إربد ‪ ..‬وقال ‪ :‬إني‬
‫العالمين ‪..‬‬
‫سأشغل عنك وجهه فإذا فعلت‬
‫جعل رؤساء القبائل يأتون‬
‫ذلك فاضربه بالسيف ‪ ..‬فجعل‬
‫إليه مذعنين مؤمنين ‪..‬‬
‫إربد يده على سيفه واستعد ‪..‬‬
‫ومنهم من كانوا يأتون‬
‫فانفرد الثنان إلى الجدار ‪..‬‬
‫صاغرين حاقدين ‪..‬‬
‫ووقف معهما رسول الله ‪ ε‬يكلم‬
‫وفي يوم أقبل رئيس من‬
‫عامرا ً ‪ ..‬وقبض أربد بيده على‬
‫رؤساء العرب ‪ ..‬له في‬
‫السيف ‪ ..‬فكلما أراد أن يسله‬
‫قومه ملك ومنعه ‪..‬‬
‫يبست يده ‪ ..‬فلم يستطع سل‬
‫أقبل عامر بن الطفيل ‪..‬‬
‫السيف ‪..‬‬
‫وكان قومه يقولون له لما‬
‫وجعل عامر يشاغل رسول الله‬
‫رأوا انتشار السلم ‪ :‬يا‬
‫‪ .. ε‬وينظر إلى إربد ‪ ..‬وإربد‬ ‫عامر إن الناس قد أسلموا‬
‫جامد ل يتحرك ‪..‬‬ ‫فأسلم ‪ ..‬وكان متكبرا ً‬
‫فالتفت ‪ ε‬فرأى أربد وما‬ ‫كتغطرسا ً ‪..‬‬
‫يصنع ‪..‬‬ ‫فكان يقول لهم ‪ :‬والله لقد‬
‫فقال ‪ :‬يا عامر بن الطفيل ‪..‬‬ ‫كنت أقسمت أل أموت حتى‬
‫أسلم ‪..‬‬ ‫ع‬‫تمّلكني العرب عليهم وتتب َ‬
‫فقال عامر ‪ :‬يا محمد ما تجعل‬ ‫عقبي ‪ ..‬فأنا أتبع عقب هذا‬
‫لي إن أسلمت ؟‬ ‫الفتى من قريش !!‬
‫فقال ‪ ε‬لك ما للمسلمين وعليك‬ ‫ثم لما رأى تمكن السلم ‪..‬‬
‫‪199‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فلم يجد مأوى آخر ‪ ..‬فنزل عن‬ ‫ما عليهم ‪..‬‬
‫فرسه مضطرا ً ونام في بيتها ‪..‬‬ ‫قال عامر ‪ :‬أتجعل لي الملك‬
‫فاخذته غدة وانتفاخ في حلقه‬ ‫من بعدك إن أسلمت ؟‬
‫كما يظهر في أعناق البل‬ ‫لم يشأ النبي ‪ ‬أن يعد‬
‫فيقتُلها ‪ ..‬ففزع واضطرب ‪..‬‬ ‫عامرا ً بوعد قد ل يتحقق ‪..‬‬
‫وجعل يتلمس الورم ويقول ‪:‬‬ ‫فكان صريحا ً جريئا ً معه ‪..‬‬
‫غدة كغدة البعير ‪ ..‬وموت في‬ ‫وقال ‪ :‬ليس ذلك لك ول‬
‫بيت سلولية ‪..‬‬ ‫لقومك ‪..‬‬
‫أي ‪ :‬ل موت يشّرف ‪ ..‬ول مكان‬ ‫فخفف عامر الطلب قليل ً ‪..‬‬
‫يشّرف ‪..‬‬ ‫وقال ‪ :‬أسلم على أن لي‬
‫كان يتمنى أن يموت في ساحة‬ ‫الوبر ولك المدر ‪ ..‬أي أكون‬
‫قتال ‪ ..‬بسيوف البطال ‪ ..‬فإذا‬ ‫ملكا ً على البادية وأنت على‬
‫به يموت بمرض حيوانات ‪ ..‬في‬ ‫الحاضرة ‪..‬‬
‫بيت فاجرة !!‬ ‫ً‬
‫فإذا به ‪ .. ‬أيضا ل يريد أن‬
‫تبا ً ‪ ..‬للذل والمهانة ‪..‬‬ ‫يلزم نفسه بوعود ‪ ..‬ل يدري‬
‫فأخذ يصيح بهم ‪ :‬قربوا‬ ‫تتحقق أم ل ‪ ..‬فقال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫فرسي ‪..‬‬ ‫عندها غضب عامر وتغير‬
‫فقربوه ‪ ..‬فوثب على فرسه ‪..‬‬ ‫وجهه ‪ ..‬وصاح بأعلى‬
‫وأخذ رمحه ‪ ..‬وصار يجول به‬ ‫صوته ‪:‬‬
‫الفرس ‪..‬‬ ‫والله يا محمد ‪ ..‬لملنها‬
‫وهو يصيح من شدة اللم ‪..‬‬ ‫عليك خيل ً جردا ً ‪ ..‬ورجال ً‬
‫ويتحسس عنقه بيده ويقول ‪:‬‬ ‫مردا ً ‪ ..‬ولربطن بكل نخلة‬
‫غدة كغدة البعير وموت في بيت‬ ‫فرسا ً ‪..‬‬
‫سلولية ‪..‬‬ ‫ولغزوك بغطفان بألف‬
‫فلم تزل تلك حاله يدور به‬ ‫أشقر وألف شقراء ‪..‬‬
‫فرسه ‪ ..‬حتى سقط عن فرسه‬ ‫ثم خرج يزبد ويرعد ‪..‬‬
‫ميتا ً ‪..‬‬ ‫فجعل ‪ ‬ينظر إليه وهو‬
‫تركه أصحابه ‪ ..‬ورجعوا إلى‬ ‫ل ‪..‬‬ ‫مو ّ‬
‫قومهم ‪..‬‬ ‫ثم رفع ‪ ε‬بصره إلى السماء‬
‫فلما دخلوا ديارهم ‪ ..‬أقبل‬ ‫وقال ‪ :‬اللهم اكفني‬
‫الناس إلى إربد يسألونه ‪ :‬ما‬ ‫د قومه ‪..‬‬ ‫ه ِ‬‫عامرا ً ‪ ..‬وا ْ‬
‫وراءك يا أربد ؟‬ ‫خرج عامر مع أصحابه حتى‬
‫فقال ‪ :‬ل شيء ‪ ..‬والله لقد‬ ‫إذا فارق المدينة ‪ ..‬تعب من‬
‫دعانا محمد إلى عبادة شيء ‪..‬‬ ‫المسير ‪ ..‬فصادف امرأة من‬
‫لوددت لو أنه عندي الن فأرميه‬ ‫قومه يقال لها سلولية‬
‫بالنبل حتى أقتله ‪..‬‬ ‫وكانت في خيمة لها ‪..‬‬
‫فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين‬ ‫وكانت امرأة فاجرة ‪ ..‬يذمها‬
‫معه جمل له ليبيعه ‪ ..‬فأرسل‬ ‫الناس ويتهمون من دخل‬
‫الله عليه وعلى جمله صاعقة‬ ‫بيتها ‪..‬‬
‫‪200‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فاطمة بنت محمد ‪ ..‬سليني من‬ ‫فأحرقتهما ‪..‬‬
‫مالي ما شئت ‪ ..‬فإني ل أغني‬ ‫وأنزل الله عز وجل في حال‬
‫عنك من الله شيئا ً ‪..‬‬ ‫ما‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫عامر وأربد ‪ " :‬الل ّ ُ‬
‫وأخيرا ً ‪..‬‬ ‫ل كُ ّ ُ‬
‫ض‬
‫غي ُ‬ ‫ما ت َ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ل أنَثى َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫مع التأكيد على أهمية عدم‬ ‫ء‬
‫ي ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ش ْ‬ ‫دادُ َ‬ ‫ما ت َْز َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫حا ُ‬ ‫الْر َ‬
‫اللتزام بالشيء إل وأنت قادر‬ ‫ر*‬ ‫دا ٍ‬ ‫ق َ‬ ‫م ْ‬ ‫عندَهُ ب ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫عليه ‪ ..‬إل أنه ينبغي عند‬ ‫ة ال ْك َِبيُر‬ ‫هادَ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫وال ّ‬ ‫ب َ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫عال ِ ُ‬ ‫َ‬
‫العتذار أن نستعمل أسلوبا ً ذكيا ً‬ ‫ل*‬ ‫عا ِ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ال ُ‬ ‫ْ‬
‫‪..‬‬ ‫ل‬‫و َ‬ ‫سّر ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫من ُ‬
‫ق ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫واء ّ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫فمثل ً ‪ :‬جاء إليك لتبحث لخيه‬ ‫و‬
‫ه َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫هَر ب ِ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫من َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫عن وظيفة ‪ ..‬لن أباك مسئول‬ ‫ب‬ ‫ر ٌ‬ ‫سا ِ‬ ‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫ف ِباللي ْ ِ‬ ‫ّ‬ ‫خ ٍ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫كبير ‪ ..‬أو أخاك ‪ ..‬أو أنت ‪..‬‬ ‫ر*‬ ‫ها ِ‬ ‫ِبالن ّ َ‬
‫فاعتذر بأسلوب يحفظ ماء‬ ‫ه‬
‫ن ي َدَي ْ ِ‬ ‫من ب َي ْ ِ‬ ‫ت ّ‬ ‫قَبا ٌ‬ ‫ع ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ُ‬ ‫لَ ُ‬
‫وجهه ويجعله يشعر أنك تشاركه‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫خل ْ ِ‬
‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ظون َ ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫الهم ‪ ..‬قل – مثل ً ‪: -‬‬ ‫ما ب ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وم ٍ‬ ‫ق ْ‬ ‫غي ُّر َ‬
‫َ‬
‫ه ل يُ َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫الل ِ‬
‫يا فلن ‪ ..‬أنا أشعر بمعاناتك ‪..‬‬ ‫ذا‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ما ب ِأن ْ ُ‬ ‫غي ُّروا ْ َ‬ ‫حّتى ي ُ َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫وأخوك أعتبره أخي ‪ ..‬ولئن كان‬ ‫د‬
‫مَر ّ‬ ‫فل َ َ‬ ‫ءا َ‬ ‫سو ً‬ ‫وم ٍ ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫أَرادَ الل ُ‬
‫إخواني خمسة فهو السادس ‪..‬‬ ‫ل‬ ‫وا ٍ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫هم ّ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫لَ ُ‬
‫لكن المشكلة أنني ل أستطيع‬ ‫*‬
‫أن أفعل شيئا ً الن ‪..‬‬ ‫فا‬ ‫و ً‬ ‫خ ْ‬ ‫م الب َْرقَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ريك ُ ُ‬ ‫ذي ي ُ ِ‬ ‫و ال ِ‬ ‫ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫فاعذرني ‪ ..‬وأسأل الله أن‬ ‫ب‬ ‫حا َ‬ ‫س َ‬ ‫شىءُ ال ّ‬ ‫وي ُن ْ ِ‬ ‫عا َ‬ ‫م ً‬ ‫وط َ َ‬ ‫َ‬
‫يوفق أخاك ‪..‬‬ ‫الثقال *‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫مع بتسامة لطيفة ‪ ..‬وتعبيرات‬ ‫ه‬
‫د ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫عدُ ب ِ َ‬ ‫ح الّر ْ‬ ‫سب ّ ُ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫َ‬
‫وجه مناسبة ‪..‬‬ ‫ل‬‫س ُ‬ ‫وي ُْر ِ‬ ‫ه َ‬ ‫خيفت ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ملئ ِك ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وال َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫فكأنك بهذا الرد الجميل قضيت‬ ‫من‬ ‫ها‬
‫ّ َ ِ َ ُ ِ ُ ِ َ َ‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫صي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ع‬ ‫وا‬ ‫ص‬ ‫ال‬
‫له ما يريد ‪ ..‬أليس كذلك ‪..‬؟‬ ‫ه‬ ‫ّ‬
‫في الل ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫جاِدُلو َ‬ ‫م يُ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫شاء َ‬ ‫يَ َ‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫ل*‬ ‫حا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ديدُ ال ْ ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫كن صريحا ً مع نفسك ‪ ..‬جريئا ً‬ ‫ن‬ ‫عو‬
‫َ ّ َ ِ َ َ ْ ُ َ‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫ق‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫لَ ُ َ ْ َ ُ‬
‫ة‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫د‬ ‫ه‬
‫مع الناس ‪ ..‬واعرف قدراتك‬ ‫هم‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫جيُبو َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ه ل َ يَ ْ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ِ‬
‫والتزم بحدودها ‪..‬‬ ‫ه إ َِلى‬ ‫في ْ ِ‬ ‫ط كَ ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ء إ ِل ّ ك ََبا ِ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫بِ َ‬
‫ه‬
‫غ ِ‬ ‫و ب َِبال ِ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ُ‬ ‫و َ‬ ‫فاهُ َ‬ ‫غ َ‬ ‫ماء ل ِي َب ْل ُ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫‪ .64‬الـتـواضـع ‪..‬‬ ‫في‬ ‫ن إ ِل ّ ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫كا ِ‬ ‫عاء ال ْ َ‬ ‫ما دُ َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫كنت في مجلس فيه عدد من‬ ‫ل " ‪..‬‬ ‫ضل ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الوجهاء ‪..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬ل تلتزم إل بما تثق‬
‫فتحدث أحد من رآه استغنى !‬ ‫أنه يمكنك الوفاء به ‪ ..‬بعون‬
‫وقال في أثناء حديثه ‪:‬‬ ‫الله ‪..‬‬
‫د‬
‫‪ ..‬ومررت بأحد العمال ‪ ..‬فم ّ‬ ‫قام ‪ ‬مرة خطيبا ً في‬
‫يده ليصافحني ‪ ..‬فترددت ثم‬ ‫الناس ‪ ..‬فتكلم عن الخرة‬
‫مددت يدي وصافحته ‪..‬‬ ‫وأحوالها ‪ ..‬ثم صاح قائل ً ‪ :‬يا‬
‫‪201‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫مجنون ‪ ..‬ساحر ‪ ..‬كاهن ‪ ..‬كذاب‬ ‫ثم قال ‪ :‬مع أني ل أعطي‬
‫‪..‬‬ ‫يدي لي أحد ‪..‬‬
‫وهو اليوم يدخلها قائدا ً عزيزا ً ‪..‬‬ ‫ما شاء الله يقول ‪ :‬ل أعطي‬
‫ممكنا ً ‪ ..‬قد أذل الله أهلها بين‬ ‫يدي لي أحد ‪..‬‬
‫يديه ‪..‬‬ ‫أما رسول الله ‪ .. ρ‬فكانت‬
‫فكيف كان شعوره وهو داخل ؟‬ ‫المة المملوكة الضعيفة ‪..‬‬
‫قال عبد الله بن أبي بكر ‪:‬‬ ‫تلقاه في وسط الطريق ‪..‬‬
‫لما وصل رسول الله ‪ ‬إلى ذي‬ ‫فتشتكي إليه من ظلم أهلها‬
‫طوى ‪ ..‬وقف على راحلته‬ ‫‪ ..‬أو كثرة شغلها ‪ ..‬فيجعل‬
‫معتجرا ً بقطعة برد حمراء ‪..‬‬ ‫يده في يدها ‪ ..‬فينطلق‬
‫وأن رسول الله ‪ ‬ليضع رأسه‬ ‫معها إلى أهلها ليشفع لها ‪..‬‬
‫تواضعا ً لله ‪ ..‬حين رأى ما أكرمه‬ ‫وكان يقول ‪ :‬ل يدخل الجنة‬
‫الله به من الفتح ‪ ..‬حتى إن‬ ‫من كان في قلبه مثقال ذرة‬
‫عثنونه ) طرف لحيته ( ليكاد‬ ‫من كبر ‪..‬‬
‫يمس واسطة الرحل ‪..‬‬ ‫كم سمعنا الناس يرددون ‪:‬‬
‫وقال أنس ‪ :‬دخل رسول الله ‪‬‬ ‫يا أخي ‪ ..‬فلن متكبر ‪..‬‬
‫مكة يوم الفتح وذقنه على‬ ‫فلن "شايف نفسه " ‪..‬‬
‫راحلته متخشعا ً ‪..‬‬ ‫وتسأله ‪ :‬لماذا لم تستعن‬
‫وقال ابن مسعود ‪ :‬أقبل رجل‬ ‫بجارك في كذا ؟ فيقول ‪:‬‬
‫إلى رسول الله ‪ ‬فكلمه في‬ ‫فلن متكبر علينا ‪ ..‬ما‬
‫شيء ‪ ..‬فأخذته الرعدة ‪..‬‬ ‫يعطينا وجه !!‬
‫فقال ‪ : ‬هون عليك ‪ ..‬فإنما‬ ‫كم هم مبغوضون أولئك‬
‫أنا ابن امرأة من قريش تأكل‬ ‫الذين يتكبرون على الناس ‪..‬‬
‫القديد ‪ ) ..‬اللحم الـمجفف ( ‪..‬‬ ‫ويعاملونهم باستعلء ‪..‬‬
‫وكان ‪ ‬يقول ‪ :‬أجلس كما‬ ‫كم هو منبوذ ‪ ..‬ذاك الذي‬
‫يجلس العبد ‪ ..‬وآكل كما يأكل‬ ‫يطغى أن رآه استغنى ‪..‬‬
‫العبد ‪..‬‬ ‫ذاك الذي يصعر خده للناس‬
‫نعم ‪..‬‬ ‫ويمشي في الرض مرحا ً ‪..‬‬
‫تواضع تكن كالنجم لح لناظر‬ ‫ذاك الذي يتكبر على‬
‫على‬ ‫العمال ‪ ..‬والخدام ‪..‬‬
‫صفحات الماء وهو رفيع‬ ‫والفقراء ‪..‬‬
‫ك كالدخان يعلو بنفسه‬ ‫ول ت ُ‬ ‫يتكبر عن محادثتهم ‪..‬‬
‫على طبقات‬ ‫ومصافحتهم ‪..‬‬
‫و وهو رفيع‬ ‫الج ّ‬ ‫ومجالستهم ‪..‬‬
‫باختصار ‪..‬‬ ‫لما دخل ‪ ‬مكة فاتحا ً ‪..‬‬
‫من تواضع لله رفعه ‪ ..‬وما زاد‬ ‫جعل يمر بطرقات مكة التي‬
‫الله عبدا ً بالتواضع إل عزا ً ‪..‬‬ ‫طالما أوذي فيها ‪..‬‬
‫واسُتهزئ به ‪..‬‬
‫العبادة الخفية ‪..‬‬ ‫‪.65‬‬ ‫كم سمع في طرقاتها ‪ ..‬يا‬
‫‪202‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪ ..‬وأمراء ‪ ..‬ومشهورين ‪ ..‬أن‬ ‫قبل عشر سنوات ‪ ..‬في‬
‫ينالوا في قلوب الناس من‬ ‫أيام ربيع ‪ ..‬وفي ليلة باردة‬
‫المحبة مثل ما نال ‪..‬‬ ‫كنت في البر مع أصدقاء ‪..‬‬
‫ولكن هيهاااات ‪..‬‬ ‫تعطلت إحدى السيارات ‪..‬‬
‫أأبيت سهران الدجى ‪ ..‬وتبيته‬ ‫فاضطررنا إلى المبيت في‬
‫*** نوما ً ! وتبغي بعد ذاك‬ ‫العراء ‪..‬‬
‫لحاقي ؟‬ ‫أذكر أنا أشعلنا نارا ً تحلقنا‬
‫نعم ‪ ) ..‬إن الذين آمنوا وعملوا‬ ‫حولها ‪ ..‬وما أجمل أحاديث‬
‫الصالحات سيجعل لهم الرحمن‬ ‫الشتاء في دفء النار ‪..‬‬
‫ودا ً ( ‪ ..‬أي يجعل لهم محبة في‬ ‫ُ‬ ‫طال مجلسنا فلحظت أحد‬
‫قلوب الخلق ‪..‬‬ ‫ل من بيننا ‪..‬‬ ‫الخوة انس ّ‬
‫إذا أحبك الله جعل لك القبول‬ ‫كان رجل ً صالحا ً ‪ ..‬كانت له‬
‫في الرض ‪..‬‬ ‫عبادات خفية ‪..‬‬
‫قال ‪ : ε‬إن الله إذا أحب عبدا ً‬ ‫كنت أراه يتوجه إلى صلة‬
‫نادى جبريل ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫الجمعة مبكرا ً ‪ ..‬بل أحيانا ً‬
‫إني قد أحببت فلنا ً فأحبه ‪..‬‬ ‫وباب الجامع لم يفتح‬
‫قال ‪ :‬فيحبه جبريل ‪..‬‬ ‫بعد ‪!!..‬‬
‫ثم ُينادى في أهل السماء ‪ :‬إن‬ ‫قام وأخذ إناءً من ماء ‪..‬‬
‫الله يحب فلنا ً فأحبوه ‪..‬‬ ‫ظننت أنه ذهب ليقضي‬
‫فيحبه أهل السماء ‪..‬‬ ‫حاجته ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ثم تنزل له المحبة في‬ ‫أبطأ علينا ‪ ..‬فقمت‬
‫أهل الرض ‪..‬‬ ‫أترقبه ‪ ..‬فرأيته بعيدا ً عنا ‪..‬‬
‫فذلك قول الله " إن الذين آمنوا‬ ‫قد لف جسده برداء من شدة‬
‫وعملوا الصالحات سيجعل لهم‬ ‫البرد وهو ساجد على التراب‬
‫ودّا ً " ‪..‬‬
‫الرحمن ُ‬ ‫‪ ..‬في ظلمة ‪ ..‬يتملق ربه‬
‫وإذا أبغض الله عبدا ً ‪ ..‬نادى‬ ‫ويتحبب إليه ‪..‬‬
‫جبريل ‪ :‬إني أبغضت فلنا ً‬ ‫أيقنت أن لهذه العبادة‬
‫فأبغضه ‪ ..‬فيبغضه جبريل ‪ ..‬ثم‬ ‫عزا ً في الدنيا قبل‬ ‫الخفية ‪ِ ..‬‬
‫ُينادى في أهل السماء ‪ :‬إن الله‬ ‫الخرة ‪..‬‬
‫يبغض فلنا ً فأبغضه ‪..‬‬ ‫مضت السنوات ‪..‬‬
‫فيبغضه أهل السماء ‪..‬‬ ‫وأعرفه اليوم ‪ ..‬قد وضع‬
‫ثم تنزل له البغضاء في‬ ‫الله له القبول في الرض ‪..‬‬
‫الرض ‪.. (78) ..‬‬ ‫له مشاركات في الدعوة ‪..‬‬
‫قال الزبير بن العوام ‪ : ‬من‬ ‫وهداية الناس ‪..‬‬
‫استطاع منكم أن يكون له خبيئة‬ ‫إذا مشى في السوق أو‬
‫من عمل صالح فليفعل ‪..‬‬ ‫المسجد ‪ ..‬رأيت الصغار قبل‬
‫والعبادة الخفية أنواع ‪..‬‬ ‫الكبار يتسابقون إليه ‪..‬‬
‫مصافحين ‪ ..‬ومحبين ‪..‬‬
‫‪ ( ) 78‬رواه البخاري ومسلم ‪ ،‬والترمذي‬
‫كم يتمنى الكثيرون من تجار‬
‫واللفظ له ‪.‬‬
‫‪203‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ومنها ‪ ..‬صدقة السر ‪ ..‬فصدقة‬ ‫منها ‪ ..‬الحفاظ على صلة‬
‫السّر تطفئ غضب الرب ‪..‬‬ ‫الليل ‪ ..‬ولو ركعة واحدة‬
‫كان أبو بكر ‪ τ‬إذا صلى الفجر‬ ‫وترا ً كل ليلة ‪ ..‬تصليها بعد‬
‫خرج إلى الصحراء ‪ ..‬فاحتبس‬ ‫العشاء مباشرة ‪ ..‬أو قبل أن‬
‫فيها شيئا ً يسيرا ً ‪ ..‬ثم عاد إلى‬ ‫تنام ‪ ..‬أو قبل الفجر ‪..‬‬
‫المدينة ‪..‬‬ ‫لتكتب عند الله من قوام‬
‫فعجب عمر ‪ τ‬من خروجه ‪..‬‬ ‫الليل ‪..‬‬
‫فتبعه يوما ً خفية بعدما صلى‬ ‫قال ‪ : ‬إن الله وتر يحب‬
‫الفجر ‪..‬‬ ‫الوتر ‪ ..‬فأوتروا يا أهل‬
‫فإذا أبو بكر يخرج من المدينة‬ ‫القرآن ‪..‬‬
‫ويأتي على خيمة قديمة في‬ ‫ومنها ‪ ..‬السعي في الصلح‬
‫الصحراء ‪ ..‬فاختبأ له عمر خلف‬ ‫بين الناس ‪ ..‬بين الزملء‬
‫صخرة ‪..‬‬ ‫المتخاصمين ‪ ..‬بين‬
‫فلبث أبو بكر في الخيمة شيئا ً‬ ‫الجيران ‪ ..‬بين الزوجين ‪..‬‬
‫يسيرا ً ‪ ..‬ثم خرج ‪..‬‬ ‫قال ‪ : ‬ال أخبركم بأفضل‬
‫فخرج عمر من وراء صخرته‬ ‫من درجة الصلة والصيام‬
‫ودخل الخيمة ‪ ..‬فإذا فيها امرأة‬ ‫والصدقة ؟‬
‫ضعيفة عمياء ‪ ..‬وعندها صبية‬ ‫قالوا ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫صغار ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬إصلح ذات البين ‪..‬‬
‫فسألها عمر ‪ :‬من هذا الذي‬ ‫وفساد ذات البين هي‬
‫)‪(79‬‬
‫يأتيكم ‪..‬‬ ‫الحالقة‬
‫فقالت ‪ :‬ل أعرفه ‪ ..‬هذا رجل‬ ‫ومنها الكثار من ذكر الله ‪..‬‬
‫من المسلمين ‪ ..‬يأتينا كل صباح‬ ‫فإن من أحب شيئا ً أكثر من‬
‫‪ ..‬منذ كذا وكذا ‪..‬‬ ‫ذكره ‪..‬‬
‫قال فماذا يفعل ‪ :‬قالت ‪ :‬يكنس‬ ‫وفي الحديث ‪ ..‬قال ‪ : ‬أل‬
‫بيتنا ‪ ..‬ويعجن عجيننا ‪ ..‬ويحلب‬ ‫أنبئكم بخير أعمالكم ‪..‬‬
‫داجننا ‪ ..‬ثم يخرج ‪..‬‬ ‫وأزكاها عند مليككم ‪..‬‬
‫فخرج عمر وهو يقول ‪ :‬لقد‬ ‫وأرفعها في درجاتكم ‪..‬‬
‫أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا‬ ‫وخير لكم من إعطاء الذهب‬
‫بكر ‪ ..‬لقد أتعبت الخلفاء من‬ ‫والورق ‪ ..‬وخير لكم من أن‬
‫بعدك يا أبا بكر ‪..‬‬ ‫تلقوا عدوكم فتضربوا‬
‫* * * * * * * *‬ ‫أعناقهم ويضربوا‬
‫ولم يكن عمر ‪ τ‬بعيدا ً في تعبده‬ ‫أعناقكم ‪..‬؟‬
‫وإخلصه عن أبي بكر ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬بلى ‪ ..‬وما ذاك يا‬
‫فقد رآه طلحة بن عبيد الله ‪..‬‬ ‫رسول الله ؟‬
‫خرج في سواد الليل ‪ ..‬فدخل‬ ‫قال ‪ :‬ذكر الله عز وجل‬
‫بيتا ً ثم ‪ ..‬خرج منه ودخل بيتا ً‬ ‫)‪.. (80‬‬
‫) ( رواه أحمد وغيره ‪.‬‬ ‫‪79‬‬

‫صحيح ‪.‬‬ ‫) ( رواه أحمد والترمذي وغيرهما ‪،‬‬ ‫‪80‬‬

‫‪204‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫امرأته معها متاعا ً ‪ ..‬وحمل هو‬ ‫آخر ‪ ..‬فعجب طلحة ‪ ..‬ماذا‬
‫جرابا ً فيه طعام ‪ ..‬وقدرا ً وحطبا ً‬ ‫يفعل عمر في هذه‬
‫‪ ..‬ومضى إلى الرجل ‪..‬‬ ‫البيوت !!‬
‫ودخلت امرأة عمر على المرأة‬ ‫فلما أصبح طلحة ذهب إلى‬
‫في خيمتها ‪..‬‬ ‫البيت الول‪..‬فإذا عجوز‬
‫وقعد هو عند الرجل ‪ ..‬فأشعل‬ ‫عمياء مقعدة‪..‬‬
‫النار وأخذ ينفخ الحطب ‪..‬‬ ‫فقال لها ‪ :‬ما بال هذا‬
‫ويصنع الطعام ‪ ..‬والدخان يتخلل‬ ‫الرجل يأتيك ؟‬
‫لحيته ‪ ..‬والرجل قاعد ينظر‬ ‫قالت ‪ :‬إنه يتعاهدني منذ كذا‬
‫إليه ‪..‬‬ ‫وكذا ‪ ..‬يأتيني بما يصلحني‬
‫فبينما هو على ذلك ‪ ..‬إذ صاحت‬ ‫ويخرج عني الذى ‪..‬‬
‫امرأته من داخل الخيمة ‪ ..‬يا‬ ‫فخرج طلحة وهو يقول‪:‬‬
‫أمير المؤمنين ‪ ..‬بشر صاحبك‬ ‫ت‬
‫ثكلتك أمك يا طلحة‪..‬أعثرا ُ‬
‫بغلم ‪..‬‬ ‫عمَر تتبع؟‬
‫فلما سمع الرجل ‪ ..‬أمير‬ ‫* * * * * * * *‬
‫المؤمنين ‪ ..‬فزع وقال ‪ :‬أنت‬ ‫وخرج مرة ‪ τ‬إلى ضواحي‬
‫عمر بن الخطاب ‪ ..‬قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫المدينة ‪ ..‬فإذا برجل عابر‬
‫فاضطرب الرجل ‪ ..‬وجعل‬ ‫سبيل نازل وسط الطريق ‪..‬‬
‫يتنحى عن عمر‪ ..‬فقال له عمر ‪:‬‬ ‫وقد نصب خيمة قديمة ‪..‬‬
‫مكانك ‪..‬‬ ‫ب‬‫وقعد عند بابها ‪ ..‬مضطر َ‬
‫ثم حمل عمر القدر ‪ ..‬وقربه‬ ‫الحال ‪ ..‬فسأله عمر ‪ :‬من‬
‫إلى الخيمة وصاح بامرأته ‪..‬‬ ‫الرجل ؟‬
‫أشبعيها ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬من أهل البادية ‪..‬‬
‫فأكلت المرأة من الطعام ‪ ..‬ثم‬ ‫جئت إلى أمير المؤمنين‬
‫أخرجت باقي الطعام خارج‬ ‫أصيب من فضله ‪..‬‬
‫الخيمة ‪..‬‬ ‫فسمع عمر أنين امرأة داخل‬
‫فقام عمر فأخذه فوضعه بين‬ ‫الخيمة ‪ ..‬فسأله عنه ؟‬
‫يدي الرجل ‪ ..‬وقال له ‪ :‬كل ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬انطلق رحمك الله‬
‫فإنك قد سهرت من الليل ‪..‬‬ ‫لحاجتك ‪..‬‬
‫ثم نادى عمر امرأته فخرجت‬ ‫قال عمر ‪ :‬هذا من حاجتي ‪..‬‬
‫إليه ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬امرأتي في الطلق ‪-‬‬
‫فقال للرجل ‪ :‬إذا كان من‬ ‫يعني تلد ‪ -‬وليس عندي مال‬
‫الغد ‪ ..‬فأتنا نأمر لك بما يصلحك‬ ‫ول طعام ول أحد ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فرجع عمر إلى بيته‬
‫* * * * * * * *‬ ‫سريعا ً ‪ ..‬فقال لمرأته أم‬
‫وكان علي بن الحسين يحمل‬ ‫كلثوم بنت علي ‪ :‬هل لك‬
‫جراب الخبز على ظهره‬ ‫في خير ساقه الله إليك ؟‬
‫بالليل ‪ ..‬فيتصدق بها‪..‬ويقول ‪:‬‬ ‫قالت ‪ :‬وما ذاك ‪ ..‬فأخبرها‬
‫إن صدقة السر تطفىء غضب‬ ‫بخبر الرجل ‪ ..‬فحملت‬
‫‪205‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الخرين تحبك ‪ ..‬إنما الغاية أن‬ ‫الرب ‪..‬‬
‫تحبك بواطنهم أيضا ً ‪..‬‬ ‫فلما مات وجدوا في ظهره‬
‫آثار سواد ‪ ..‬فقالوا ‪ :‬هذا‬
‫أخرجهم من الحفرة ‪..‬‬ ‫‪.66‬‬ ‫ظهر حمال ‪ ..‬وما علمناه‬
‫ألم يقع مرة أن أحرجك شخص‬ ‫اشتغل حمال ً ‪..‬‬
‫في مجلس عام بكلمة جارحة ‪..‬‬ ‫فانقطع الطعام عن مائة‬
‫أو ربما سخر منك ‪ ..‬بأي شيء‬ ‫بيت في المدينة ‪ ..‬من بيوت‬
‫وإن كان صغيرا ً ‪ ..‬بلباسك أو‬ ‫الرامل واليتام ‪ ..‬كان‬
‫كلمك ‪ ..‬أو أسلوبك ‪..‬‬ ‫يأتيهم طعامهم بالليل ‪ ..‬ل‬
‫فدافع عنك شخص ما ‪ ..‬فشعرت‬ ‫يدرون من يحضره إليهم ‪..‬‬
‫بامتنان عظيم له ‪ ..‬لنه كأنما‬ ‫فعلموا أنه الذي ينفق عليهم‬
‫أمسك بطرف ثوبك عندما دفعك‬ ‫‪..‬‬
‫غيرك إلى هاوية ‪..‬‬ ‫وصام أحد السلف عشرين‬
‫مارس هذه المهارة مع‬ ‫سنة ‪ ..‬يصوم يوما ً ويفطر‬
‫الخرين ‪ ..‬وسترى لها تأثيرا ً‬ ‫يوما ً ‪ ..‬وأهله ل يدرون‬
‫ساحرا ً ‪..‬‬ ‫عنه ‪ ..‬كان له دكان يخرج‬
‫لو دخلت على شخص وأقبل‬ ‫إليه إذا طلعت الشمس‬
‫ولده يحمل طبقا ً في طعام ‪..‬‬ ‫ويأخذ معه فطوره وغداءه ‪..‬‬
‫لكنه استعجل قليل ً ‪ ..‬فكاد أن‬ ‫فإذا كان يوم صومه تصدق‬
‫يقع الطبق على الرض ‪..‬‬ ‫بالطعام ‪ ..‬وإذا كان يوم‬
‫فانطلق الب عليه ثائرا ً ‪ ..‬لماذا‬ ‫فطره أكله ‪..‬‬
‫العجلة ؟ كم مرة أعلمك ؟ ‪..‬‬ ‫فإذا غربت الشمس ‪ ..‬رجع‬
‫فاحمّر وجه الولد واصفّر ‪..‬‬ ‫إلى أهله وتعشى معهم ‪..‬‬
‫فقلت أنت ‪ :‬ل ‪ ..‬بل فلن‬ ‫نعم ‪ ..‬كانوا يستشعرون‬
‫جل ‪ ..‬ما شاء الله عليه‬ ‫بطل ‪ ..‬ر ُ‬ ‫العبودية لله في جميع‬
‫يحمل كل هذا لوحده ‪ ..‬ولعله‬ ‫أحوالهم ‪..‬‬
‫استعجل لن فيه أغراض أخرى‬ ‫هم المتقون ‪ ..‬والله يقول ‪:‬‬
‫أيضا ً ‪..‬‬ ‫فاًزا *‬ ‫م َ‬‫ن َ‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ن ل ِل ْ ُ‬‫{ إِ ّ‬
‫َ‬
‫أي امتنان سيشعر به الغلم‬ ‫ب‬‫ع َ‬ ‫وك َ َ‬
‫وا ِ‬ ‫عَناًبا * َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫دائ ِ َ‬‫ح َ‬‫َ‬
‫قا * لّ‬ ‫ها ً‬ ‫سا ِد َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لك ‪..‬‬ ‫وكأ ً‬ ‫أت َْراًبا * َ‬
‫هذا مع الصغار ‪ ..‬فما بالك مع‬ ‫وَل ك ِ ّ‬
‫ذاًبا‬ ‫وا َ‬ ‫غ ً‬ ‫ها ل َ ْ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬‫س َ‬ ‫يَ ْ‬
‫الكبار ‪..‬‬ ‫ساًبا‬ ‫ح َ‬ ‫طاء ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ك َ‬ ‫من ّرب ّ َ‬ ‫جَزاء ّ‬ ‫* َ‬
‫لو أثنيت على زميل في‬ ‫} ‪..‬‬
‫اجتماع ‪ ..‬بعدما صبوا عليه وابل ً‬ ‫فاطلب محبة الخالق ‪ ..‬وهو‬
‫من اللوم ‪..‬‬ ‫يتكفل بزرع محبتك في‬
‫أو أثنيت على أحد إخوانك ‪..‬‬ ‫قلوب خلقه ‪..‬‬
‫بعدما انكب الراد السرة عليه‬
‫معاتبين ‪..‬‬ ‫إضاءة ‪..‬‬
‫شاب أحرجه شخص بسؤال أمام‬ ‫ليس الغاية أن تكون ظواهر‬
‫‪206‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫شْر يا فلن ‪ ..‬كم‬ ‫الناس ‪ :‬ب َ ّ‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫نسبتك في الجامعة ؟!‬
‫كسب محبة الناس فرص‬ ‫بالله عليك ‪ ..‬هل هذا سؤال‬
‫يقتنصها الذكياء ‪..‬‬ ‫يسأله عاقل أمام الناس ؟!!‬
‫فانقلب وجه الشاب‬
‫الهتمام بالمظهر ‪..‬‬ ‫‪.67‬‬ ‫متلونا ً ‪ ..‬فأنقذته قائل ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كان أبو حنيفة جالسا يوما بين‬ ‫بلطف ‪ :‬ليش يا أبا فلن ‪..‬‬
‫طلبه في المسجد يدرس ‪..‬‬ ‫ستزوجه ؟!! أو عندك‬
‫وكان به ألم في ركبته ‪ ..‬وقد‬ ‫وظيفة له ؟ أو ‪..‬‬
‫مد رجله ‪ ..‬واتكأ على جدار ‪..‬‬ ‫فضحكوا وُنسي السؤال ‪..‬‬
‫في هذه الثناء ‪ ..‬أقبل رجل‬ ‫و معدله‬ ‫أو لو عاتبه على دن ّ‬
‫عليه لباس حسن ‪ ..‬وعمامة‬ ‫الدراسي ‪ ..‬فقلت ‪ :‬يا أخي‬
‫حسنة ‪ ..‬ومظهر مهيب ‪ ..‬كان‬ ‫ل تلمه ‪ ..‬تخصصه صعب ‪..‬‬
‫وقورا ً في مشيته ‪ ..‬جليل ً في‬ ‫لكن سيشد حيله إن شاء الله‬
‫خطوته ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫أفسح له لطلب حتى جلس‬ ‫كسب محبة الناس فرص‬
‫بجانب أبي حنيفة ‪..‬‬ ‫يقتنصها الذكياء ‪..‬‬
‫فلما رأى ابو حنيفة مظهره ‪..‬‬ ‫إذا هبت رياحك فاغتنمها ***‬
‫ورزانته ‪ ..‬ورتابة هيئته ‪,,‬‬ ‫فإن لكل خافقة سكون‬
‫استحى من طريقة جلسته وثنى‬ ‫كان عبد الله بن مسعود ‪.. τ‬‬
‫رجله ‪ ..‬وتحمل ألم ركبته‬ ‫يمشي مع النبي ‪.. ρ‬‬
‫لجله ‪..‬‬ ‫فمرا بشجرة فأمره النبي‬
‫استمر أبو حنيفة في درسه‬ ‫أن يصعدها ويحتّز له عودا ً‬
‫والرجل يسمع ‪..‬‬ ‫يتسوك به ‪..‬‬
‫فلما انتهى من الدرس ‪..‬‬ ‫فرقى ابن مسعود وكان‬
‫بدأ الطلب يسألون ‪ ..‬فرفع ذلك‬ ‫خفيفا ً ‪ ..‬نحيل الجسم ‪..‬‬
‫الرجل يده ليسأل ‪..‬‬ ‫فأخذ يعالج العود لقطعه ‪..‬‬
‫التفت إليه الشيخ ‪ ..‬وقال ‪ :‬ما‬ ‫فأتت الريح فحركت ثوبه‬
‫سؤالك ؟‬ ‫وكشفت ساقيه ‪ ..‬فإذا هما‬
‫فقال ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬متى وقت‬ ‫ساقان دقيقتان صغيرتان ‪..‬‬
‫صلة المغرب ؟‬ ‫فضحك القوم من دقة‬
‫قال ‪ :‬إذا غربت الشمس ‪!! ..‬‬ ‫ساقيه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬وإذا جاء الليل والشمس‬ ‫م تضحكون‬ ‫فقال النبي ‪ : ρ‬م ّ‬
‫لم تغرب ‪ ..‬فماذا نفعل ؟!‬ ‫؟! ‪ ..‬من دقة ساقيه ؟!‬
‫فقال أبو حنيفة ‪ :‬آن لبي‬ ‫والذي نفسي بيده إنهما‬
‫حنيفة أن يمد رجليه ‪ ..‬ومد‬ ‫أثقل في الميزان من أحد ‪..‬‬
‫رجله كما كانت ‪..‬‬ ‫)‪(81‬‬

‫وسكت عن هذا السؤال‬


‫المتناقض !!‪ ..‬إذ كيف يأتي‬ ‫) ( رواه أحمد وأبو يعلى وغيرهما‬ ‫‪81‬‬

‫‪207‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ورائحته ‪..‬‬ ‫الليل والشمس لم تغرب ؟!!‬
‫وكان يحب الطيب ‪..‬‬ ‫يقولون إن النظرة الولى‬
‫قال أنس ‪ : ‬كان رسول الله ‪ρ‬‬ ‫ون في ذهن المقابل‬ ‫إليك تك ّ‬
‫‪ ..‬أزهر اللون كأن عرقه‬ ‫أكثر من ‪ %70‬من تصوره‬
‫اللؤلؤ ‪ ..‬إذا مشا تكفأ ‪..‬‬ ‫عنك ‪..‬‬
‫وما مسست ديباجا ً ول حريرا ً‬ ‫ويبدو أنه عند التأمل ستجد‬
‫ألين من كف رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫أن النظرة الولى تكون أكثر‬
‫ول شممت مسكا ً ول عنبرا ً‬ ‫من ‪ %95‬عنك ‪ ..‬حتى‬
‫أطيب من رائحة النبي ‪.. ρ‬‬ ‫تتكلم ‪ ..‬أو تعّرف بنفسك ‪..‬‬
‫ة كأنما أخرجت‬ ‫ده مطيب ً‬ ‫وكانت ي ُ‬ ‫ولو مشيت في ممر في‬
‫من جؤنة عطار ‪..‬‬ ‫مستشفى أو شركة وبجانبك‬
‫وكان ‪ .. ρ‬يعرف بريح الطيب‬ ‫شخص عليه ثياب حسنة ‪..‬‬
‫إذا أقبل ‪..‬‬ ‫وعليه وقار في مشيته ‪..‬‬
‫لرأيت أنك – ربما ل شعوريا ً‬
‫وقال أنس ‪ ) ‬كان رسول الله‬
‫– إذا وصلت إلى باب في‬
‫‪ ρ‬ل يرد الطيب ( ‪..‬‬
‫ت إليه وقلت له ‪:‬‬ ‫الممر التف ّ‬
‫قال أنس ‪ :‬ما مسست حريرا ً ول‬
‫تفضل ‪ ..‬طال عمرك !!‬
‫ديباجا ً ألين من كف رسول الله‬
‫ولو ركبت سيارة أحد‬
‫‪.. ‬‬
‫أصدقائك فرأيتها فوضى ‪..‬‬
‫وكان ‪ ρ‬أحسن الناس وجها ً ‪..‬‬
‫هنا فردة حذاء مرمي ‪ ..‬وهنا‬
‫كان وجهه مستنيرا ً كالشمس ‪..‬‬
‫روق شاورما ‪ ..‬وهما‬
‫سّر استنـار وجهه ‪..‬‬ ‫وكان إذا ُ‬ ‫منديل ‪ ..‬وأشرطة كاسيت‬
‫حتى كأن وجهه قطعة قمر ‪..‬‬
‫متناثرة ‪..‬‬
‫قال جابر بن سمرة رأيت رسول‬
‫لكونت فكرة عن الشخص‬
‫الله ‪ ρ‬في ليلة مضيئة مقمرة ‪..‬‬ ‫مباشرة أنه فوضوي ‪ ..‬غير‬
‫فجعلت أنظر إلى رسول الله ‪ρ‬‬ ‫مبال بالترتيب ‪..‬‬
‫وإلى القمر ‪ ..‬وعليه حلة‬ ‫وكذلك في لباس الناس ‪..‬‬
‫حمراء ‪ ..‬فإذا هو عندي أحسن‬ ‫ومظهرهم العام ‪..‬‬
‫من القمر ‪..‬‬ ‫والذي أعنيه هنا هو الهتمام‬
‫وكان يأمر المسلمين بذلك يأمر‬ ‫بالمظهر ل السراف في‬
‫المسلمين بمراعاة المظهر ‪..‬‬ ‫اللباس أو السيارة ‪ ..‬أو‬
‫عن أبي الحوص عن أبيه ‪.. ‬‬ ‫الثاث ‪ ..‬أوغيرها ‪..‬‬
‫ي ثوب‬ ‫قال ‪ :‬أتيت النبي ‪ ρ‬وعل ّ‬ ‫كان رسول الله ‪ ‬يعتني‬
‫دون ) أي ردئ ( ‪..‬‬ ‫بهذه النواحي كثيرا ً ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ρ‬ألك مال ؟ قلت ‪:‬‬ ‫فكان له حلة حسنة يلبسها‬
‫نعم ‪..‬‬ ‫في العيدين والجمعة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬من أي المال ؟ قلت ‪ :‬من‬ ‫وكانت له حلة يلبسها في‬
‫البل والبقر والغنم والخيل‬ ‫استقبال الوفود ‪..‬‬
‫والرقيق ‪..‬‬ ‫كان يعتني بمظهره‬
‫‪208‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أننا اضطررنا أن نجعل فيه‬ ‫فقال ‪ : ρ‬فإذا آتاك الله مال ً‬
‫امتحانا ً لزحمة المواد ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فُليَر أثُر نعمة الله عليك‬
‫بعد مضي ربع ساعة من بداية‬ ‫وكرامِته ‪..‬‬
‫المتحان ‪ ..‬أقبل أحد الطلب‬ ‫وقال ‪ ) : ρ‬من أنعم الله‬
‫متأخرا ً ‪ ..‬كان المسكين يبدو‬ ‫عليه نعمة ‪ ..‬فإن الله يحب‬
‫عليه الضطراب الشديد ‪..‬‬ ‫أن يرى أثر نعمته على‬
‫قلت له ‪ :‬عفوا ً ‪ ..‬أتيت متأخرا ً‬ ‫عبده ( ‪.‬‬
‫ولن أسمح لك بدخول‬ ‫وعن جابر بن عبدالله ‪‬‬
‫المتحان ‪..‬‬ ‫قال ‪:‬‬
‫فبدأ يرجوني أن أسمح له ‪..‬‬ ‫أتانا رسول الله ‪ .. ρ‬زائرا ً‬
‫قلت ‪ :‬ما الذي أخرك ؟!‬ ‫في منزلنا فرأى رجل ً شعثا ً‬
‫قال ‪ :‬والله يا دكتور ‪ ..‬راحت‬ ‫قد تفرق شعره ‪..‬‬
‫علي نومة !!‬ ‫فقال ‪ :‬أما كان يجد هذا ما‬
‫أعجبني صدقه ‪ ..‬وقلت تفضل ‪..‬‬ ‫ُيسكن به شعره ؟‬
‫فدخل وامتحن ‪..‬‬ ‫ورأى رجل ً آخر وعليه ثياب‬
‫بعده بدقائق أقبل طالب آخر ‪..‬‬ ‫وسخة فقال ‪ :‬أما كان هذا‬
‫قلت ‪ :‬ما أخرك ؟‬ ‫يجد ماء يغسل به ثوبه ؟ ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬يا دكتور والله الطريق‬ ‫وقال ‪ ) :‬من كان له شعر‬
‫زححححمة ‪ ..‬تعرف الناس في‬ ‫فليكرمه ( ‪..‬‬
‫الصباح طالعين لدواماتهم ‪ ..‬هذا‬ ‫وكان يحّرص على حسن‬
‫رايح جامعته ‪ ..‬وهذا لشركته ‪..‬‬ ‫السمت ‪ ..‬وجمال الشكل ‪..‬‬
‫وهذا ‪..‬‬ ‫واللباس ‪ ..‬وطيب الرائحة ‪..‬‬
‫ي ليقنعني أن‬ ‫وجعل يعدد عل ّ‬ ‫وكان يردد في الناس قائل ً ‪:‬‬
‫الطريق زحمة ‪..‬‬ ‫) إن الله جميل يحب الجمال‬
‫ونسي المسكين أن اليوم إجازة‬ ‫( )‪.. (82‬‬
‫للموظفين ‪ ..‬وربما ليس في‬
‫الطرق إل طلبنا !!‬ ‫تجربة ‪..‬‬
‫قلت له ‪ :‬يعني الشوارع زحمة ‪..‬‬ ‫النظرة الولى إليك تطبع‬
‫والسيارات تمل الطرق ؟‬ ‫في ذهن المقابل ‪ %70‬من‬
‫قال ‪ :‬إي والله يا دكتور كأنك‬ ‫تصوره عنك ‪..‬‬
‫ترى ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬يا شاطر !! إذا أردت أن‬ ‫‪ .68‬الصدق ‪..‬‬
‫تكذب فاضبط الكذبة ‪ ..‬يا أخي‬ ‫أذكر أني كنت أراقب على‬
‫اليوم خمييييس ‪ ..‬يعني ما فيه‬ ‫الطلب يوما ً في قاعة‬
‫دوامات ‪ ..‬من أين جاءت الزحمة‬ ‫المتحان ‪ ..‬وكان المتحان‬
‫؟!!‬ ‫يوم خميس ‪ ..‬ومع أن يوم‬
‫قال ‪ :‬آه يا دكتور ‪ ..‬نسيت ‪" ..‬‬ ‫الخميس هو إجازة أصل ً إل‬
‫بنشر علي الكفر " ‪ ..‬أي تعطلت‬
‫إحدى إطارات السيارة فوقف‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪82‬‬

‫‪209‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫)‪(85‬‬
‫كذبة‬ ‫لصلحها ‪!!..‬‬
‫وكان ‪ ‬إذا اطلع على أحد من‬ ‫كان المسكين مضطربا ً‬
‫أهل بيته كذب كذبة ‪ ..‬لم يزل‬ ‫متورطا ً ‪ ..‬فضحكت ودخل‬
‫معرضا ً عنه ‪..‬‬ ‫ليمتحن ‪..‬‬
‫في كثير من الحيان يندفع‬ ‫نعم ‪ ..‬ما أقبح أن يكتشف‬
‫بعض الناس إلى الكذب ‪ ..‬لجل‬ ‫الناس أنك تكذب عليهم ‪..‬‬
‫إظهار أنفسهم بصورة أكبر من‬ ‫الكذب ينفر الناس عنك ‪..‬‬
‫الحقيقة ‪..‬‬ ‫ويفقدك المصداقية‬
‫فتجده يكذب في بطولت‬ ‫عندهم ‪..‬‬
‫يؤلفها ‪ ..‬ومواقف يخترعها ‪..‬‬ ‫ويجعلهم ل يثقون فيك ‪..‬‬
‫أو يزيد في القصص ‪..‬‬ ‫فلو وقعت لحدهم مشكلة ‪..‬‬
‫ليمّلحها ‪..‬‬ ‫فلن يشكوها إليك ‪..‬‬
‫أو يدعي أشياء عنده ‪ ..‬وهو‬ ‫ولو تكلمت بشيء لن‬
‫كاذب ‪ ..‬فيتشبع بما لم يعط ‪..‬‬ ‫يسمعوه بتقبل ‪..‬‬
‫أو تجد الكذاب يعد ويخلف ‪..‬‬ ‫قال ‪ : ‬يطبع المؤمن على‬
‫أو يتورط بأمور ‪ ..‬فيختلق‬ ‫الخلل كلها إل الخيانة‬
‫أعذارا ً متنوعة ‪ ..‬وسرعان ما‬ ‫)‪(83‬‬
‫والكذب‬
‫يكتشف الناس كذبه فيها ‪..‬‬ ‫وسئل ‪ .. ‬فقيل له ‪ :‬يا‬
‫وقف أحد العلماء أمام السلطان‬ ‫رسول الله ‪ ..‬أيكون المؤمن‬
‫‪ ..‬فشهد على شيء ‪..‬‬ ‫جبانا ً ؟‬
‫فقال السلطان ‪ :‬كذبت ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫فصاح العالم ‪ :‬أعوذ بالله ‪..‬‬ ‫فقيل ‪ :‬أيكون المؤمن‬
‫والله لو نادى مناٍد من السماء ‪:‬‬ ‫بخيل ً ؟‬
‫ل الكذب ‪ ..‬لما‬‫إن الله أح ّ‬ ‫فقال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫كذبت ‪ ..‬فكيف وهو حرام !!‬ ‫فقيل ‪ :‬أيكون المؤمن‬
‫كذابا ً ؟‬
‫)‪(84‬‬
‫حقيقة ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫الكذب لون واحد كله أسود ‪..‬‬ ‫وقال عبد الله بن عامر ‪: ‬‬
‫دعتني أمي يوما ً ‪ ..‬ورسول‬
‫الشجاعة ‪..‬‬ ‫‪.69‬‬ ‫الله ‪ ‬قاعد في بيتنا ‪..‬‬
‫قال لي بعدما خرجنا من الوليمة‬ ‫فقالت ‪:‬‬
‫‪ :‬تصدق كنت أعرف اسم‬ ‫ها ‪ ..‬تعال أعطيك ‪..‬‬
‫الصحابي الذي تكلمتم عنه ‪..‬‬ ‫فقال لها رسول الله ‪: ‬‬
‫قلت ‪ :‬عجبا ً !! ليش ما ذكرته ‪..‬‬ ‫وما أردت أن تعطيه ؟‬
‫وقد رأيتنا متحيرين ؟!‬ ‫قالت ‪ :‬أعطيه تمرا ً ‪..‬‬
‫خفض رأسه وقال ‪ :‬خجلت‬ ‫فقال لها ‪ :‬أما إنك لو لم‬
‫أتكلم ‪..‬‬ ‫تعطيه شيئا ً ‪ ..‬كتبت عليك‬
‫) ( رواه أحمد وأبو يعلى وغيرهما‬ ‫‪83‬‬

‫) ( رواه أبو داود‬ ‫‪85‬‬


‫) ( مالك في المؤطأ‬ ‫‪84‬‬

‫‪210‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أو ربما رفع أحدهم ضغطك‬ ‫قلت في نفسي ‪ :‬تبا ً‬
‫بقوله ‪ :‬أستحي أبتسم ‪ ..‬أخجل‬ ‫جبن ‪..‬‬ ‫لل ُ‬
‫أثني عليه ‪..‬‬ ‫وآخر كان يدرس في السنة‬
‫أخاف يقولون يجامل ‪ ..‬يستخف‬ ‫الخيرة من الثانوية ‪..‬‬
‫دمه ‪..‬‬ ‫التقيت به يوما ً فقال لي ‪:‬‬
‫أسمع هذه التصرفات كثيرا ً ‪..‬‬ ‫قبل يومين دخلت الفصل ‪..‬‬
‫فأتمنى أن أصرخ فيهم ‪ :‬يا‬ ‫فرأيت الطلب واجمين ‪..‬‬
‫جبناااااء ‪ ..‬إلى متى ؟!‬ ‫والمدرس جالس على‬
‫الجبان ل يبني مجدا ً ‪ ..‬هو صفر‬ ‫كرسيه ‪ ..‬بدون شرح ‪..‬‬
‫على الشمال دائما ً ‪..‬‬ ‫جلست وسألت الذي‬
‫جـْبنه‬ ‫حف بـ ُ‬ ‫إن حضر مجلسا ً تل ّ‬ ‫بجانبي ‪ :‬ما الخبر ؟!‬
‫ولم يشارك برأي ‪ ..‬أو ينطق‬ ‫قال ‪ :‬زميلنا عساف مات‬
‫بكلمة ‪..‬‬ ‫البارحة ‪..‬‬
‫وإن ذكروا نكتة ضحكوا‬ ‫كان في الفصل عدد من‬
‫وعّلقوا ‪ ..‬ولم يستطع أن يزيد‬ ‫أصدقاء عساف ‪ ..‬تاركون‬
‫على أن خفض رأسه وتبسم ‪..‬‬ ‫للصلة ‪ ..‬والغون في عدد‬
‫وإن حضر مجلسا ً ‪ ..‬لم ينتبه أحد‬ ‫من المحرمات ‪..‬‬
‫لوجوده ‪..‬‬ ‫كان تأثير الخبر عليهم‬
‫والعظم من ذلك إن كان أبا ً ‪..‬‬ ‫واضحا ً ‪ ..‬حدثتني نفسي أن‬
‫أو زوجا ً ‪ ..‬أو مديرا ً ‪..‬‬ ‫ألقي عليهم كلمة وعظية‬
‫أو حتى زوجة أو أما ً ‪..‬‬ ‫أحثهم فيها على الصلة ‪..‬‬
‫الناس يكرهون الجبان ‪ ..‬وليس‬ ‫وبر الولدين ‪ ..‬وإصلح‬
‫له قدر ‪..‬‬ ‫النفس ‪..‬‬
‫فعود نفسك على الشجاعة في‬ ‫قلت له ‪ :‬ممتااااز ‪ ..‬هل‬
‫اللقاء ‪..‬‬ ‫فعلت ؟‬
‫الشجاعة في النصح ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬بصراحة ‪ ..‬ل ‪..‬‬
‫الشجاعة في تطبيق مهارات‬ ‫خجلت ‪..‬‬
‫التعامل مع الناس ‪..‬‬ ‫سكت ‪ ..‬وكظمت غيظي وأنا‬
‫أقول في نفسي ‪ :‬تبا ً‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫جْبن ؟!!‬‫للـ ُ‬
‫ود نفسك ودربها ‪ ..‬وإنما‬‫ع ّ‬ ‫امرأة تسألها ‪ :‬لماذا لم‬
‫النصر ‪ :‬صبر ساعة ‪..‬‬ ‫تصارحي زوجك بالموضوع ؟‬
‫فتقول ‪ :‬أستحي !! خفت‬
‫الثبات على المبادئ ‪..‬‬ ‫‪.70‬‬ ‫يزعل !! خفت يهجرني ‪..‬‬
‫كلما كانت شخصية الشخص‬ ‫خفت ‪..‬‬
‫أقوى ‪ ..‬وثباته على مبادئه‬ ‫م لم تخبر‬ ‫شاب تسأله ‪ :‬لـ َ‬
‫أشد ‪ ..‬كان أهم في الحياة ‪..‬‬ ‫أباك بالمشكلة قبل أن‬
‫أحينا ً يكون من مبادئك عدم أخذ‬ ‫تتفاقم ؟!‬
‫الرشوة ‪ ..‬مهما مّلحوا‬ ‫فيقول ‪ :‬أخاف ‪ ..‬ما أتجرأ ‪..‬‬
‫‪211‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وتعظيمه عن آبائهم ‪ ..‬اسمه "‬ ‫أسماءها ‪ ..‬بخشيش ‪..‬‬
‫الربة " ‪ ..‬ويصفونه بـ " الطاغية‬ ‫هدية ‪ ..‬عمولة ‪..‬‬
‫" ‪ ..‬وينسجون حوله القصص‬ ‫زوجة يكون من مبادئها ‪..‬‬
‫والحكايات للدللة على قوته ‪..‬‬ ‫عدم الكذب على زوجها ‪..‬‬
‫فسألوه عن " الربة " ما هو‬ ‫مهما زينوه لها ‪ ..‬تمشية‬
‫صانع بها ؟‬ ‫حال ‪ ..‬كذب أبيض ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬اهدموها ‪..‬‬ ‫من المبادئ ‪ ..‬عدم تكوين‬
‫ففزعوا ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬هيهات ‪ ..‬لو‬ ‫علقات محرمة مع الجنس‬
‫تعلم الربة أنك تريد أن تهدمها ‪..‬‬ ‫الخر ‪ ..‬عدم شرب الخمر ‪..‬‬
‫قتلت أهلها !!‬ ‫شخص ل يدخن ‪ ..‬جلس مع‬
‫ً‬
‫وكان عمر حاضرا ‪ ..‬فعجب من‬ ‫أصحابه ‪ ..‬ليثبت على‬
‫خوفهم من هدم صنم ‪..‬‬ ‫مبادئه ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬ويحكم يا معشر ثقيف !!‬ ‫الشخص الثابت على مبادئه‬
‫ما أجهلكم !! إنما الربة حجر ‪..‬‬ ‫وإن انتقدته أصحابه أحيانا ً ‪..‬‬
‫فغضبوا ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬إنا لم نأتك يا‬ ‫واتهموه بعدم المرونة ‪ ..‬إل‬
‫ابن الخطاب ‪..‬‬ ‫أن مشاعرهم الداخلية تؤمن‬
‫فسكت عمر ‪..‬‬ ‫أنها أمام بطل ‪..‬‬
‫فقالوا ‪ :‬نشترط أن تدع لنا‬ ‫فتجد أن أكثرهم يلجأ إليه‬
‫الطاغية ثلث سنين ‪ ..‬ثم تهدمه‬ ‫ويشعر بأهميته أكثر ن‬
‫بعدها إن شئت ‪..‬‬ ‫غيره ‪..‬‬
‫فرأى النبي ‪ ‬أنهم يساومونه‬ ‫وليش هذا خاصا ً بأحد‬
‫على أمر في العقيدة !! هو‬ ‫الجنسين دون الخر ‪ ..‬بل‬
‫أصل من أصول السلم ‪ ..‬فما‬ ‫الرجال والنساء في ذلك‬
‫دام أنهم سيسلمون ‪ ..‬فما‬ ‫سواء ‪..‬‬
‫الداعي للتعلق بالصنم ‪!! ..‬‬ ‫فاثبت على مبادئك ول تقدم‬
‫فقال ‪ : ‬ل ‪..‬‬ ‫تنازلت ‪ ..‬عندها سيرضخ‬
‫قالوا ‪ :‬فدعه سنتين ‪ ..‬ثم اهدمه‬ ‫الناس لها ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫لما ظهر السلم في الناس‬
‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫جعلت لقبائل تفد إلى‬
‫قالوا ‪ :‬فدعه سنة واحدة ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪.. ‬‬
‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫فجاء وفد قبيلة ثقيف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قالوا ‪ :‬فدعه شهرا واحدا !!‬ ‫وكانوا بضعة عشر رجل ً ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫فلما قدموا أنزلهم رسول‬
‫فلما رأوا أنه لم يستجب لهم‬ ‫الله ‪ ‬المسجد ليسمعوا‬
‫في ذلك ‪ ..‬فالمسألة شرك‬ ‫القرآن ‪..‬‬
‫وإيمان ‪ ..‬ل مجال فيها‬ ‫فسألوه ‪ :‬عن الربا والزنا‬
‫للمفاوضة !!‬ ‫والخمر ؟‬
‫قالوا ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬فتو ّ‬
‫ل‬ ‫فحرم عليهم ذلك كله ‪..‬‬
‫أنت هدمها ‪ ..‬أما نحن فإنا لن‬ ‫وكان لهم صنم ورثوا عبادته‬
‫‪212‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وفرحوا ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬أبعد الله‬ ‫نهدمها أبدا ً ‪..‬‬
‫المغيرة ‪ ..‬قتلته الربة ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ‬سأبعث إليكم من‬
‫ثم التفتوا إلى بقية الصحابة‬ ‫يكفيكم هدمها ‪..‬‬
‫وقالوا ‪:‬‬ ‫فقالوا ‪ :‬والصلة ‪ ..‬ل نريد‬
‫من شاء منكم فليقترب ‪..‬‬ ‫أن نصلي ‪ ..‬فإننا نأنف أن‬
‫عندها قام المغيرة ضاحكا ً ‪..‬‬ ‫تعلو إست الرجل رأسه !!‬
‫وقال ‪:‬‬ ‫فقال ‪ : ‬أما كسر أصنامكم‬
‫ويحكم يا معشر ثقيف ‪ ..‬إنما‬ ‫بأيديكم فسنعفيكم من‬
‫هي لكاع ) أي مزحة ( ‪ ..‬وهذا‬ ‫ذلك ‪..‬‬
‫صنم ‪ ..‬حجارة ومدر ‪ ..‬فاقبلوا‬ ‫وأما الصلة ‪ ..‬فل خير في‬
‫عافية الله واعبدوه ‪..‬‬ ‫دين ل صلة فيه ‪!!..‬‬
‫ثم أقبل يهدم الصنم ‪ ..‬والناس‬ ‫فقالوا ‪ :‬سنؤتيكها ‪ ..‬وإن‬
‫معه ‪ ..‬فما زالوا يهدمونها حجرا ً‬ ‫كانت دناءة ‪..‬‬
‫حجرا ً ‪ ..‬حتى سووها بالرض ‪..‬‬ ‫فكاتبوه على ذلك ‪..‬‬
‫وذهبوا إلى قومهم ‪..‬‬
‫ي ‪..‬‬
‫حـ ْ‬
‫و ْ‬ ‫ودعوهم إلى السلم ‪..‬‬
‫"من طلب رضا الناس بسخط‬ ‫فأسلموا على مضض ‪..‬‬
‫الله سخط الله عليه وأسخط‬ ‫ثم قدم عليهم رجال من‬
‫عليه الناس ‪ ،‬ومن طلب رضا‬ ‫أصحاب رسول الله ‪ ‬لهدم‬
‫الله بسخط الناس رضي الله‬ ‫الصنم ‪..‬‬
‫عنه وأرضى عنه الناس "‬ ‫فيهم خالد بن الوليد ‪..‬‬
‫والمغيرة بن شعبة‬
‫‪ .71‬إغراءات ‪..‬‬ ‫الثقفي ‪..‬‬
‫قرأت أن شابا ً مسلما ً في‬ ‫فتوجه الصحابة إلى الصنم ‪..‬‬
‫بريطانيا ‪ ..‬اطلع على قرأ إعلن‬ ‫ففزعت ثقيف ‪ ..‬وخرج‬
‫لحدى الشركات حول حاجتها‬ ‫الرجال والنساء والصبيان ‪..‬‬
‫إلى موظفين يعملون في‬ ‫وجعلوا يرقبون الصنم ‪..‬‬
‫الحراسات ‪..‬‬ ‫وقد وقع في قلوبهم أنه لن‬
‫أقبل إلى اللجنة المختصة‬ ‫ينهدم ‪ ..‬وأن الصنم سيمنع‬
‫بمقابلة المتقدمين ‪ ..‬فإذا جمع‬ ‫نفسه ‪..‬‬
‫كبير من الشباب ‪ ..‬ما بين‬ ‫فقام المغيرة بن شعبة ‪..‬‬
‫مسلمين وغير مسلمين ‪..‬‬ ‫فأخذ الفأس ‪ ..‬والتفت إلى‬
‫كلما خرج شخص من المقابلة‬ ‫الصحابة الذين معه وقال ‪:‬‬
‫سأله الواقفون ‪ ..‬عن ماذا‬ ‫والله لضحكنكم من‬
‫سألوك ؟ وبماذا أجبت ؟‬ ‫ثقيف !!‬
‫كان من أهم أسئلتهم ‪ :‬كم كأسا ً‬ ‫ثم اقبل إلى الصنم ‪..‬‬
‫تشرب من الخمر يوميا ً ؟!‬ ‫فضرب الصنم بالفأس ‪ ..‬ثم‬
‫جاء دور صاحبنا ‪ ..‬فدخل ‪..‬‬ ‫سقط وجعل يرفس برجله ‪..‬‬
‫وتتابعت عليه السئلة ‪ ..‬حتى‬ ‫فصاحت ثقيف ‪ ..‬وارتجوا ‪..‬‬
‫‪213‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بها ‪ ..‬وإن كثرت الغراءات ‪..‬‬ ‫سألوه ‪ :‬كم تشرب من‬
‫إذا مشيت على الصحيح ‪..‬‬ ‫الخمر ؟‬
‫والتزمت بالصراط المستقيم ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬أنا ل أشرب الخمر ‪..‬‬
‫فأصحاب المبادئ الخرى لن‬ ‫قالوا ‪ :‬لماذا !! هل أنت‬
‫يتركوك ‪..‬‬ ‫مريض ؟!‬
‫فعدم قبولك للرشوة يغضب‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬لكني مسلم ‪..‬‬
‫زملءك المرتشين ‪..‬‬ ‫والخمر حرام ‪..‬‬
‫وامتنعاك عن الزنا ‪ ..‬يغضب‬ ‫قالوا ‪ :‬يعني ل تشربها حتى‬
‫الفاعلين !!‬ ‫في عطلة آخر السبوع ؟!!‬
‫ذكر أن عمر بن الخطاب ‪ ‬كان‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫س ليلة من الليالي ‪..‬‬ ‫ع ّ‬
‫ي ِ‬ ‫فنظر بعضهم إلى بعض‬
‫يراقب وينظر ‪..‬‬ ‫متعجبين ‪..‬‬
‫فمر بأحد البيوت في ظلمة‬ ‫فلما ظهرت النتائج ‪ ..‬فإذا‬
‫الليل ‪ ..‬فسمع فيه رجال‬ ‫اسمه في أوائل‬
‫سكارى ‪ ..‬فكره أن يطرق‬ ‫المقبولين ‪..‬‬
‫عليهم الباب ليل ً ‪ ..‬وخشي أن‬ ‫بدأ عمله معهم ‪ ..‬ومضى‬
‫يكون ظنه خاطئا ً ‪ ..‬وأراد أن‬ ‫عليه أشهر ‪..‬‬
‫يتثبت من المر ‪..‬‬ ‫وفي يوم لقي أحد‬
‫فتناول كسرة فحم من على‬ ‫المسئولين في تلك المقابلة‬
‫الرض ‪ ..‬ووضع بها علمة على‬ ‫وسأله ‪ :‬لماذا كنتم تكررون‬
‫الباب ‪ ..‬ومضى ‪..‬‬ ‫سؤالي عن الخمر ؟!‬
‫سمع صاحب الدار صوتا ً عن‬ ‫فقال ‪ :‬لن الوظيفة‬
‫الباب ‪ ..‬فخرج ‪ ..‬فرأى‬ ‫المطلوبة هي في الحراسات‬
‫العلمة ‪ ..‬ورأى ظهر عمر‬ ‫‪ ..‬وكلما توظف فيها شاب ‪..‬‬
‫موليا ً ‪ ..‬ففهم القصة ‪..‬‬ ‫فوجئنا به يشرب الخمر‬
‫فكان الصل أن يمسح العلمة‬ ‫ويسكر ‪ ..‬فيضيع مكانه ‪..‬‬
‫وينتهي المر ‪ ..‬لكنن الرجل لم‬ ‫ويهجم على الشركة من‬
‫يفعل ذلك ‪!!..‬‬ ‫يسرقها ‪ ..‬فلما وجدناك ل‬
‫وإنما أخذ كسرة الفحم وأقبل‬ ‫تشرب الخمر عرفنا أننا‬
‫إلى بيوت جيرانه ‪ ..‬وجعل يرسم‬ ‫وقعنا على مبتغانا ‪..‬‬
‫على أبوابها علمات !!‬ ‫فوظفناك هنا !!‬
‫وكأنه يريد أن ينزل الناس إلى‬ ‫ما أجمل الثبات على‬
‫مستواه ‪ ..‬ويكونون مثله ‪ ..‬ول‬ ‫المبادئ وإن كثرت‬
‫يريد أن يرتفع إلى‬ ‫الغراءات ‪..‬‬
‫مستواهم ‪!!..‬‬ ‫المشكلة أننا نعيش في‬
‫وفي المثل ‪ :‬ودت الزانية لو أن‬ ‫ل أن تجد فيها‬ ‫مجتمعات ق ّ‬
‫النساء كلهن زنين ‪..‬‬ ‫من يتمسك مبادئه ‪ ..‬يعيش‬
‫من التجارب في حياتنا ‪ ..‬أن تجد‬ ‫من أجلها ويموت من‬
‫زوجة كثيرة الكذب على‬ ‫أجلها ‪ ..‬ويثبت على اللتزام‬
‫‪214‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫مبادئك ‪..‬‬ ‫زوجها ‪ ..‬تربت على ذلك ‪..‬‬
‫وتعودت عليه ‪ ..‬فإذا رأت‬
‫قال تعالى ‪:‬‬ ‫من تنكر عليها ‪ ..‬وتنصحها‬
‫" فل تطع المكذبين * ودوا لو‬ ‫بالصدق ‪ ..‬حاولت أن تجرها‬
‫تدهن فيدهنون "‬ ‫إلى مستنقعها ‪ ..‬فكررت‬
‫عليها ‪ :‬الرجال ما يصلح‬
‫العفو عن الخرين ‪..‬‬ ‫‪.72‬‬ ‫معهم إل كذا ‪ ..‬ما تمشي‬
‫ل تخلو الحياة من عثرات تصيبنا‬ ‫أمورك معه إل بالكذب ‪..‬‬
‫من الناس ‪..‬‬ ‫فل تزال بها حتى تتنازل عن‬
‫فهذه مزحة ثقيلة ‪ ..‬وتلك كلمة‬ ‫مبادئه وتتغير ‪ ..‬أو ربما‬
‫نابية ‪ ..‬وتعدّ على حاجات‬ ‫تثبت ‪ ..‬ولعلها ‪..‬‬
‫شخصية ‪..‬‬ ‫وقل مثل ذلك في مسئول‬
‫خصومة بين اثنين في مجلس ‪..‬‬ ‫حسن الخلق مع موظفيه ‪..‬‬
‫أو اختلف في وجهات نظر ‪ ..‬أو‬ ‫ويرى أن هذا مما يفيد‬
‫آراء ‪..‬‬ ‫العمل ‪ ..‬ويزرث الراحة في‬
‫وبعضنا يكبر الموضوع في‬ ‫قلوبهم ‪ ..‬ويزيد النتاج ‪..‬‬
‫نفسه ‪ ..‬وليس عنده استعداد‬ ‫فيلقاه مسئول سيء‬
‫للعفو أو النسيان ‪..‬‬ ‫قَبل‬ ‫الخلق ‪ ..‬مبغوض من ِ‬
‫أو ربما لم يملك استعدادا ً لقبول‬ ‫موظفيه ‪ ..‬فيحسده – ربما –‬
‫أعذار الخرين والعفو عنهم ‪..‬‬ ‫أو يريد أن يقنعه بأسلوب‬
‫بعض الناس يعذب نفسه بعدم‬ ‫آخر في التعامل ‪ ..‬فيقول‬
‫عفوه ‪ ..‬يمل صدره بأحقاد‬ ‫له ‪ :‬ل تفعل كذا ‪ ..‬وافعل‬
‫تشغله تعذبه ‪..‬‬ ‫كذا ‪ ..‬ول تبتسم ‪ ..‬ول ‪..‬‬
‫ولله در الحسد ما أعدله ‪ ..‬بدأ‬ ‫أو صاحب بقالة ل يبيع‬
‫بصاحبه فقتله ‪..‬‬ ‫السجائر ‪ ..‬فيحول أن‬
‫فل تعذب نفسك ‪ ..‬هناك أشياء‬ ‫يقنعه ‪..‬‬
‫ل يمكن أن تعاقب عليها ‪..‬‬ ‫فكن بطل ً واثبت على‬
‫س الماضي ‪ ..‬وعش حياتك ‪..‬‬ ‫ِان َ‬ ‫مبادئك ‪ ..‬وقل بأعلى صوتك‬
‫لما دخل رسول الله ‪ ‬مكة‬ ‫‪ :‬لااااا ‪ ..‬مهما أغروك ‪..‬‬
‫فاتحا ً ‪ ..‬واطمأن الناس ‪..‬‬ ‫وقديما ً حاول الكفار مع‬
‫خرج حتى جاء الكعبة فطاف بها‬ ‫رسول الله ‪ ‬أن يتنازل عن‬
‫سبعا ً على راحلته ‪..‬‬ ‫مبادئه ‪ ..‬فقال الله له ‪:‬‬
‫فلما قضى طوافه ‪ ..‬دعا عثمان‬ ‫دهن‬ ‫) ودوا لو ت ُ ْ‬
‫بن طلحة فأخذ منه مفتاح‬ ‫فيدهنون ( ‪..‬‬
‫الكعبة ‪ ..‬ففتحت له فدخلها ‪..‬‬ ‫يعني أنهم ل مبادئ عندهم‬
‫فرأى فيه صور الملئكة وغيرهم‬ ‫أصل ً ليحافظوا عليها ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫وبالتالي ل مانع عندهم من‬
‫ورأى إبراهيم عليه السلم‬ ‫التنازل عن مبادئهم ‪..‬‬
‫مصورا ً في يده الزلم يستقسم‬ ‫فانتبه أن يغروك بترك‬
‫‪215‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫سدانة البيت ‪ ..‬وسقاية الحاج ‪..‬‬ ‫بها ‪..‬‬
‫ثم جعل يقرر بعض الحكام‬ ‫فقال ‪ : ‬قاتلهم الله ‪..‬‬
‫الشرعية فقال ‪:‬‬ ‫جعلوا شيخنا يستقسم‬
‫أ ََل وقتيل الخطأ شبه العمد‬ ‫بالزلم !! ما شأن ابراهيم‬
‫بالسوط والعصا ‪ ..‬ففيه الدية‬ ‫والزلم ؟!‬
‫مغلظة مائة من البل ‪ ..‬أربعون‬ ‫ما كان إبراهيم يهوديا ً ول‬
‫منها في بطونها أولدها ‪..‬‬ ‫نصرانيا ً ولكن كان حنيفا ً‬
‫ثم نظر إلى رؤوس قريش‬ ‫مسلما ً وما كان من‬
‫وساداتها ‪ ..‬فصاح بهم ‪:‬‬ ‫المشركين ‪..‬‬
‫يا معشر قريش ‪ ..‬إن الله قد‬ ‫ثم أمر ‪ ‬بتلك الصور كلها‬
‫أذهب عنكم نخوة الجاهلية ‪..‬‬ ‫فطمست ‪..‬‬
‫ظمها بالباء ‪..‬‬ ‫وتع ّ‬ ‫ثم وجد فيها حمامة من‬
‫الناس من آدم ‪ ..‬وآدم من‬ ‫عيدان فكسرها بيده ‪ ..‬ثم‬
‫تراب ‪..‬‬ ‫طرحها ‪..‬‬
‫س إ ِّنا‬ ‫َ‬
‫ها الّنا ُ‬ ‫ثم تل " َيا أي ّ َ‬ ‫ثم وقف على باب الكعبة ‪..‬‬
‫ُ‬ ‫خل َ ْ‬
‫وأنَثى‬ ‫ر َ‬ ‫من ذَك َ ٍ‬ ‫كم ّ‬ ‫قَنا ُ‬ ‫َ‬ ‫وقد اجتمع له الناس في‬
‫قَبائ ِ َ‬
‫ل‬ ‫و َ‬ ‫عوًبا َ‬ ‫ش ُ‬ ‫م ُ‬ ‫علَناك ُ ْ‬‫ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫المسجد مسلمين والكفار‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫عاَر ُ‬
‫عندَ الل ِ‬ ‫م ِ‬ ‫مك ْ‬ ‫ن أكَر َ‬ ‫فوا إ ِ ّ‬ ‫ل ِت َ َ‬ ‫ينظرون إليه ‪..‬‬
‫خِبيٌر "‬ ‫م َ‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫قاك ُ ْ‬ ‫أ َت ْ َ‬ ‫ثم صلى ركعتين ثم انصرف‬
‫ثم جعل يتأمل في وجوه‬ ‫إلى زمزم ‪ ..‬فاطلع فيها ‪..‬‬
‫الكفار ‪..‬‬ ‫ودعا بماء فشرب منها‬
‫وهو في عزه وملكه عند‬ ‫وتوضأ ‪..‬‬
‫الكعبة ‪ ..‬وهم في ذلهم‬ ‫والناس يبتدرون وضوءه ‪..‬‬
‫وضعفهم ‪..‬‬ ‫والمشركون يتعجبون من‬
‫في مكان طالما كذبوه فيه ‪..‬‬ ‫ذلك ‪ ..‬ويقولون ‪ :‬ما رأينا‬
‫وأهانوه ‪ ..‬وألقوا الوساخ على‬ ‫ملكا ً قط ول سمعنا به مثل‬
‫رأسه وهو ساجد ‪..‬‬ ‫هذا ‪..‬‬
‫وكفار قريش بين يديه ‪..‬‬ ‫ثم أقبل إلى مقام إبراهيم‬
‫مهزومين ‪ ..‬أذلء ‪ ..‬صاغرين ‪..‬‬ ‫فأخره عن الكعبة ‪ ..‬وكان‬
‫ثم قال ‪ :‬يا معشر قريش ‪ ..‬ما‬ ‫ملصقا بها ‪..‬‬
‫ترون أني فاعل فيكم ؟‬ ‫ثم قام ‪ ‬على باب الكعبة‬
‫فانتنفضوا ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬تفعل بنا‬ ‫فقال ‪:‬‬
‫خيرا ً ‪ ..‬أنت أخ كريم ‪ ..‬وابن أخ‬ ‫ل إله إل الله ‪ ..‬وحده ل‬
‫كريم ‪..‬‬ ‫شريك له ‪ ..‬صدق وعده ‪..‬‬
‫عجبا ً !! هل نسوا ما كانوا‬ ‫ونصر عبده ‪ ..‬وهزم الحزاب‬
‫يفعلونه بهذا الخ الكريم ‪ ..‬أين‬ ‫وحده ‪..‬‬
‫سبكم ‪ :‬مجنون ‪ ..‬ساحر ‪ ..‬كاهن‬ ‫أل كل مأثرة ‪ ..‬أو دم ‪ ..‬أو‬
‫؟!‬ ‫دعى ‪ ..‬فهو موضوع‬ ‫مال ي ُ ّ‬
‫ما دام أخا ً كريما ً ‪ ..‬وأبوه أخ‬ ‫تحت قدمي هاتين ‪ ..‬إل‬
‫‪216‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كان يستطيع أن ينزل بهم‬ ‫كريم !! فلماذا حاربتموه ؟!‬
‫أقسى أنواع العقوبة ‪ ..‬فهم‬ ‫أين تعذيبكم للمسلمين‬
‫أعداء محاربون ‪ ..‬معتدون ‪..‬‬ ‫الضعفاء ‪..‬‬
‫خونة ‪..‬‬ ‫هذا بلل واقف ‪ ..‬وآثار‬
‫نعم خونة ‪ ..‬خانوا صلح‬ ‫التعذيب ل تزال في‬
‫الحديبية ‪ ..‬واعتدوا ‪..‬‬ ‫ظهره ‪..‬‬
‫كانوا مجرمين ‪ ..‬متحيرين ‪ ..‬ل‬ ‫وتلك نخلة قريبة قتلت‬
‫يدرون ماذا سُيفعل بهم ‪..‬‬ ‫عندها أمية ‪ ..‬وزوجها‬
‫فإذا به ‪ ‬يدوس على الحقاد ‪..‬‬ ‫ياسر ‪ ..‬وهذا ابنهما عمار مع‬
‫ويحلق بهمته عااااليا ً ‪..‬‬ ‫المسلمين يشهد ‪..‬‬
‫ويقول كلمة يهتف بها التاريخ ‪:‬‬ ‫أين حبسكم له مع‬
‫اذهبوا ‪ ..‬فأنتم الطلقاء ‪..‬‬ ‫المسلمين الضعفاء ‪ ..‬ثلث‬
‫فينطلقون ‪ ..‬مستبشرين ‪ ..‬تكاد‬ ‫سنين في شعب بني عامر ‪..‬‬
‫أرجلهم تطير من الفرح ‪..‬‬ ‫حتى أكلوا ورق الشجر من‬
‫أحقا ً عفا عنا ؟!!‬ ‫شدة الجوع ‪..‬؟!! ما رحمتم‬
‫ثم تلفت ‪ ‬ينظر حول الكعبة ‪..‬‬ ‫بكاء الصغير ‪ ..‬ول أنين‬
‫فإذا ثلثمائة وستون صنما ً ‪..‬‬ ‫الشيخ الكبير ‪ ..‬ول حامل ً ول‬
‫تعبد من دون الله ‪ ..‬عند بيته‬ ‫مرضعا ً !!‬
‫ظم ‪!!..‬‬‫المع ّ‬ ‫أين حربكم له في بدر ‪..‬‬
‫فجعل ‪ ‬يضربها بيده الكريمة ‪..‬‬ ‫وأحد ‪ ..‬وتحزبكم عليه في‬
‫فتهوي ‪ ..‬وهو يقول ‪:‬‬ ‫الخندق ؟‬
‫جاء الحق ‪ ..‬وزهق الباطل ‪ ..‬جاء‬ ‫أين منعكم له من دخول مكة‬
‫الحق ‪ ..‬وما يبدئ الباطل وما‬ ‫معتمرا ً ‪ ..‬لما جاءكم قبل‬
‫يعيد ‪..‬‬ ‫سنين ‪ ..‬وتركتموه محبوسا ً‬
‫عدد من كفار قريش العتاة‬ ‫في الحديبية ‪ ..‬ممنوعًامن‬
‫البغاة ‪ ..‬الذين لهم تاريخ أسود‬ ‫دخول مكة ؟‬
‫مع المسلمين ‪ ..‬فروا من مكة‬ ‫أين صدكم لعمه أبي طالب‬
‫قبل دخول النبي ‪ ‬وأصحابه‬ ‫عن السلم وهو على فراش‬
‫إليها ‪..‬‬ ‫الموت ؟‬
‫منهم صفوان بن أمية ‪..‬‬ ‫أين ‪..‬؟ أين ‪..‬؟ شريط‬
‫فإنه فر منها هاربا ً ‪ ..‬وقد تحير‬ ‫طويييييل من الذكريات‬
‫أين يذهب ‪..‬‬ ‫المؤلمة يمر أمام ناظريه‬
‫فمضى إلى جدة ليركب منها‬ ‫‪.. ‬‬
‫إلى اليمن ‪..‬‬ ‫ليس هو فقط ‪ ..‬بل أمام‬
‫فلما رأى الناس عفو رسول‬ ‫ناظري أبي بكر وعمر ‪..‬‬
‫الله ‪ .. ‬ونسيانه للماضي‬ ‫وعثمان وعلي ‪ ..‬وبلل‬
‫الليم ‪..‬‬ ‫وعمر ‪ ..‬فكل واحد من هؤلء‬
‫جاء عمير بن وهب إلى رسول‬ ‫‪ ..‬له مع قريش قصة‬
‫الله ‪ ‬فقال ‪:‬‬ ‫حزينة ‪..‬‬
‫‪217‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫حتى وصل إلى مكة ‪ ..‬فمضى به‬ ‫يا نبي الله إن صفوان بن‬
‫عمير حتى وقف به على رسول‬ ‫أمية سيد قومه ‪ ..‬وقد خرج‬
‫الله ‪.. ρ‬‬ ‫هاربا ً منك ‪ ..‬ليقذف نفسه‬
‫منه ‪ ..‬صلى‬ ‫ّ‬
‫فقال صفوان ‪ :‬إن هذا يزعم‬ ‫في البحر ‪ ..‬فأ ّ‬
‫أنك قد أمنتني ‪..‬‬ ‫الله عليك ‪..‬‬
‫قال ‪ : ‬صدق ‪..‬‬ ‫قال ‪ ρ‬بكل بساطة ‪ :‬هو آمن‬
‫قال صفوان ‪ :‬أما دخولي في‬ ‫‪..‬‬
‫السلم ‪ ..‬فاجعلني بالخيار فيه‬ ‫قال عمير ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫شهرين ‪..‬‬ ‫فأعطني آية يعرف بها‬
‫فقال ‪ : ρ‬أنت بالخيار فيه أربعة‬ ‫أمانك ‪ ..‬فأعطاه رسول الله‬
‫أشهر ‪..‬‬ ‫‪ ρ‬عمامته التي دخل فيها‬
‫ثم أسلم صفوان بعد ذلك ‪..‬‬ ‫مكة ‪ ..‬حتى إذا رآها‬
‫ما أجمل العفو عن الناس ‪..‬‬ ‫صفوان ‪ ..‬عرفها فوثق في‬
‫ونسيان الماضي الليم ‪ ..‬هذا‬ ‫صدق عمير ‪..‬‬
‫خلق بل شك ل يستطيعه إل‬ ‫خرج بها عمير حتى أدركه ‪..‬‬
‫العظماء ‪ ..‬الذين يترفعون‬ ‫وهو يريد أن يركب في‬
‫بأخلقهم عن سفالة النتقام ‪..‬‬ ‫البحر ‪..‬‬
‫والحقد ‪ ..‬وشفاء الغيظ ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬يا صفوان ‪ ..‬فداك‬
‫فالحياة قصيرة ‪ -‬على كل حال ‪-‬‬ ‫أبي وأمي ‪ ..‬الله ‪ ..‬الله في‬
‫‪ ..‬نعم هي أقصر من أن ندنسها‬ ‫نفسك أن تهلكها ‪ ..‬فهذا‬
‫بحقد وضغينة ‪..‬‬ ‫أمان من رسول الله ‪ ρ‬قد‬
‫حتى في الحاجات الخاصة ‪..‬‬ ‫جئتك به ‪..‬‬
‫كان ‪ ‬هينا ً لينا ً ‪..‬‬ ‫فقال صفوان ‪ :‬ويحك ‪..‬‬
‫قال المقداد بن السود ‪: τ‬‬ ‫أغرب عني فل تكلمني ‪..‬‬
‫قدمت المدينة أنا وصاحبان‬ ‫فإنك كذاب ‪ ..‬وكان خائفا ً‬
‫لي ‪..‬‬ ‫من مغبة ما كان فعله‬
‫فتعرضنا للناس فلم يضفنا‬ ‫بالمسلمين ‪..‬‬
‫أحد ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أي صفوان ‪ ..‬فداك‬
‫فأتينا إلى النبي ‪ .. ρ‬فذكرنا‬ ‫أبي وأمي ‪ ..‬رسول الله ‪..‬‬
‫له ‪ ..‬فأضافنا في منزل وعنده‬ ‫أفضل الناس ‪ ..‬وأبر‬
‫أربع أعنز ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬وأحلم الناس‬
‫فقال ‪ :‬احلبهن يا مقداد ‪..‬‬ ‫‪..‬وخير الناس ‪ ..‬وهو ابن‬
‫وجزئهن أربعة أجزاء ‪ ..‬وأعط‬ ‫فه‬‫عمك ‪ ..‬عّزه عزك ‪ ..‬وشر ُ‬
‫كل إنسان جزءا ً فكنت أفعل ذلك‬ ‫كه ملكك ‪..‬‬ ‫شرفك ‪ ..‬ومل ُ‬
‫‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬إني أخافه على‬
‫فكان المقداد كل مساء ‪ ..‬يحلب‬ ‫نفسي ‪..‬‬
‫فيشرب هو وصاحباه ‪ ..‬ويبقى‬ ‫قال ‪ :‬هو أحلم من ذاك‬
‫جزء النبي عليه الصلة‬ ‫وأكرم ‪..‬‬
‫والسلم ‪ ..‬فإن كان موجودا ً‬ ‫فرجع صفوان معه ‪..‬‬
‫‪218‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫َأغتنم دعوة النبي عليه الصلة‬ ‫شربه ‪ ..‬وإن كان غائبا ً‬
‫والسلم ‪..‬‬ ‫حفظوه له حتى يرجع ‪..‬‬
‫قام فأخذ الشفرة السكين ‪..‬‬ ‫وفي ليلة من الليالي ‪ ..‬تأخر‬
‫فدنا إلى العنز ‪ ..‬ليذبح‬ ‫النبي ‪ ρ‬في المجيء إليهم ‪..‬‬
‫إحداها ‪ ..‬ليطعم النبي ‪.. ρ‬‬ ‫واضطجع المقداد على‬
‫فجعل يجسهن ينظر أيتهن‬ ‫فراشه ‪ ..‬فقال في نفسه ‪:‬‬
‫أسمن ليذبحها ‪..‬‬ ‫إن النبي ‪ .. ρ‬قد أتى أهل‬
‫فوقعت يده على ضرع إحداهن‬ ‫بيت من النصار ‪ ..‬فأطعموه‬
‫فإذا هي حافل ‪ ..‬مليئة باللبن ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫ونظر إلى الخرى فإذا هي‬ ‫فلو قمت فشربت هذه‬
‫حافل ‪..‬‬ ‫الشربة ‪..‬‬
‫فنظرت فإذا هي كلهن حفل ‪..‬‬ ‫فلم تزل به نفسه حتى قام‬
‫فحلب في إناء كبير ‪ ..‬فمله‬ ‫فشربها ‪ ..‬ولم يبق للنبي ‪ρ‬‬
‫حتى علت رغوته ‪..‬‬ ‫شيئا ً ‪..‬‬
‫ثم أتى به النبي ‪ .. ρ‬فقال ‪:‬‬ ‫قال المقداد ‪ :‬فلما دخل في‬
‫اشرب ‪..‬‬ ‫بطني وتقار ‪ ..‬أخذني ما‬
‫فلما رأى رسول الله ‪ ρ‬كثرة‬ ‫قدم وما حدث ‪..‬‬
‫اللبن ‪ ..‬قال ‪:‬‬ ‫فقلت ‪ :‬يجيء الن النبي ‪ρ‬‬
‫أما شربتم شرابكم الليلة يا‬ ‫جائعا ً ‪..‬ظمآنا ً ‪ ..‬فل يرى في‬
‫مقداد ؟‬ ‫القدح شيئا ً ‪ ..‬فيدعو علي ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬اشرب يا رسول الله ‪..‬‬ ‫فسجيت ثوبا ً على وجهي ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬ما الخبر يا مقداد ؟‬ ‫يعني من الهم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬اشرب ثم الخبر ‪ ..‬فشرب‬ ‫فلما مضى بعض الليل ‪..‬‬
‫النبي ‪ ‬ثم ناول القدح للمقداد‬ ‫وجاء النبي ‪ .. ρ‬فسلم‬
‫‪ ..‬فقال المقداد ‪ :‬اشرب يا‬ ‫تسليمة تسمع اليقظان ‪..‬‬
‫رسول الله ‪..‬فشرب ثم ناوله‬ ‫ول توقظ النائم ‪..‬‬
‫القدح ‪ ..‬قال ‪ :‬اشرب يا رسول‬ ‫والمقداد على فراشه ‪..‬‬
‫الله ‪..‬‬ ‫ينظر إليه ‪ ..‬فأقبل ‪ ρ‬إلى‬
‫قال المقداد ‪ ..‬فلما عرفت أن‬ ‫إنائه ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ ρ‬قد روي ‪..‬‬ ‫ً‬
‫فكشف عنه فلم ير شيئا ‪..‬‬
‫وأصابتني دعوته ‪..‬‬ ‫فرفع بصره إلى السماء ‪..‬‬
‫ضحكت حتى ألقيت إلى‬ ‫ففزع المقداد ‪ ..‬وقال ‪ :‬الن‬
‫الرض ‪..‬‬ ‫ي ‪..‬‬‫يدعو عل ّ‬
‫فقال رسول الله ‪ :‬إحدى سوآتك‬ ‫فتسمع ماذا يقول ‪ ..‬فإذا به‬
‫يا مقداد ! ‪.‬‬ ‫‪ .. ρ‬يقول ‪:‬‬
‫فقلت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬إنك قد‬ ‫اللهم اسق من سقاني ‪..‬‬
‫أبطأت علينا الليلة ‪ ..‬وكنت‬ ‫وأطعم من أطعمني ‪..‬‬
‫جائعا ً فقلت في نفسي لعل‬ ‫فلما سمع المقداد ذلك ‪..‬‬

‫‪219‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يهدي هدية ‪ ..‬ول يكاد يعتني‬ ‫رسول الله ‪ ρ‬قد تعشى عند‬
‫بجمال مظهره ‪ ..‬ول يهتم بزكاء‬ ‫بعض النصار ‪ ..‬وقص عليه‬
‫برائحته ‪ ..‬توفيرا ً للمال ‪ ..‬ورضا ً‬ ‫القصة كلها ‪ ..‬وكيف أن‬
‫بالدون ‪..‬‬ ‫العنز حلبت في ليلة واحدة‬
‫أما الكريم فهو مفضال على‬ ‫مرتين ‪ ..‬على غير العادة ‪..‬‬
‫أصحابه ‪ ..‬قريب من أحبابه ‪ ..‬إن‬ ‫كان من أمري كذا ‪ ..‬فصنعت‬
‫اشتاقوا للجتماع والنس ففي‬ ‫كذا وكذا ‪..‬‬
‫بيته ‪ ..‬وإن نقص على أحدهم‬ ‫فقال ‪ :‬ما كانت هذه إل‬
‫شيء تفضل عليه به ‪ ..‬فيأسر‬ ‫رحمة الله ‪ ..‬أل كنت آذنتي‬
‫نفوسهم بكرمه ‪ ..‬ويستعبد‬ ‫توقظ صاحبيك هذين‬
‫قلوبهم بإحسانه ‪..‬‬ ‫فيصيبان منها ‪..‬‬
‫أحسن إلى الناس تستعبد‬ ‫فقلت ‪ :‬والذي بعثك بالحق‬
‫قلوبهم‬ ‫ما أبالي إذا أصبَتها ‪..‬‬
‫فطالما استعبد‬ ‫وأصبُتها معك من أصابها من‬
‫النسان إحسان‬ ‫الناس ‪..‬‬
‫وينبغي عند إكرام غيرك أن‬ ‫وجهة نظر ‪..‬‬
‫تكون نيتك حسنة ‪ ..‬للتآلف مع‬ ‫الحياة أخذ وعطاء ‪..‬‬
‫إخوانك المسلمين ‪ ..‬وكسب‬ ‫فاجعل عطاءك أكثر من‬
‫مودتهم ‪ ..‬والتقرب إلى الله‬
‫أخذك ‪..‬‬
‫بالحسان إليهم ‪ ..‬ل لجل‬
‫شهرة أو رئاسة أو كسب‬ ‫‪ .73‬الكرم ‪..‬‬
‫مديحهم وثنائهم ‪..‬‬ ‫قال لهم ‪ :‬من سيدكم ؟‬
‫قال ‪ : ε‬أول من تسعر بهم النار‬ ‫قالوا ‪ :‬سيدنا فلن ‪ ..‬على‬
‫ثلثة ‪ ..‬وذكر منهم رجل ً كان‬ ‫خله ‪..‬‬ ‫أننا نب ّ‬
‫ُ‬
‫فقال ‪ :‬وأي داء أدوأ من‬
‫ينفق ليقال جواد أي كريم ‪..‬‬
‫فلم يعمل ابتغاء وجه الخالق‬ ‫البخل ؟!! بل سيدكم البيض‬
‫وإنما ابتغى وجه المخلوق ‪..‬‬ ‫الجعد فلن ‪..‬‬
‫رياءً وسمعة ‪..‬‬ ‫هكذا جرى النقاش بين‬
‫وإليك الحديث كامل ً ‪:‬‬ ‫إحدى القبائل وبين رسول‬
‫قال سفيان ‪:‬‬ ‫الله ‪ ε‬لما أسلموا فسألهم‬
‫دخلت المدينة ‪ ..‬فإذا أنا برجل‬ ‫عن سيدهم ليقره عليهم‬
‫قد اجتمع الناس عليه ‪..‬‬ ‫بعد إسلمهم أو يغيره ‪..‬‬
‫فقلت ‪ :‬من هذا ؟‬ ‫نعم وأي داء أدوأ من‬
‫قالوا ‪ :‬أبو هريرة ‪..‬‬ ‫البخل ‪..‬‬
‫فدنوت منه حتى قعدت بين يديه‬ ‫ما أقبح البخل وما أعرض‬
‫‪ ..‬وهو يحدث الناس ‪..‬‬ ‫الناس عنه ‪ ..‬وما أثقله‬
‫فلما سكت وخل ‪ ..‬قلت ‪:‬‬ ‫عليهم ‪..‬‬
‫أنشدك الله ‪ ..‬بحق وحق ‪ ..‬لما‬ ‫ل يكاد يقيم في بيته وليمة‬
‫حدثتني حديثا سمعته من رسول‬ ‫يتحبب بها إليهم ‪ ..‬ول يكاد‬
‫‪220‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الليل وآناء النهار ‪..‬‬ ‫الله ‪ .. ‬وعلمته ‪..‬‬
‫فيقول الله له ‪ :‬كذبت ‪..‬‬ ‫فقال أبو هريرة ‪ :‬أفعل ‪..‬‬
‫وتقول الملئكة له ‪ :‬كذبت ‪..‬‬ ‫لحدثنك حديثا ً حدثنيه رسول‬
‫فيقول الله عز وجل ‪ :‬أردت أن‬ ‫الله ‪ .. ‬عقلته وعلمته ‪..‬‬
‫يقال ‪ :‬فلن قارىء ‪ ..‬فقد‬ ‫ثم نشغ أبو هريرة نشغة‬
‫قيل ‪..‬‬ ‫) شهق ( ‪ ..‬فمكث قليل ً ‪..‬‬
‫ويؤتى بصاحب المال فيقول ‪:‬‬ ‫ثم أفاق ‪..‬‬
‫ألم أوسع عليك حتى لم أدعك‬ ‫فقال ‪ :‬لحدثنك حديثا ً‬
‫تحتاج إلى أحد ؟‬ ‫حدثنيه رسول الله ‪ .. ‬وأنا‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫وهو في هذا البيت ‪ ..‬ليس‬
‫قال ‪ :‬فماذا عملت فيما آتيتك ؟‬ ‫فيه أحد غيري وغيره ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬كنت أصل الرحم ‪..‬‬ ‫ثم نشغ أبو هريرة نشغة‬
‫وأتصدق ‪..‬‬ ‫أخرى ‪ ..‬فمكث بذلك ‪ ..‬ثم‬
‫فيقول الله ‪ :‬كذبت ‪..‬‬ ‫أفاق ‪ ..‬ومسح وجهه ‪..‬‬
‫وتقول الملئكة ‪ :‬كذبت ‪..‬‬ ‫فقال ‪:‬‬
‫ويقول الله ‪ :‬بل أردت أن‬ ‫أفعل ‪ ..‬لحدثنك بحديث‬
‫يقال ‪ :‬فلن جواد ‪ ..‬فقد قيل‬ ‫حدثنيه رسول الله ‪ .. ‬وأنا‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫وهو في هذا البيت ‪ ..‬ليس‬
‫ويؤتى بالرجل الذي قتل في‬ ‫فيه أحد غيري وغيره ‪..‬‬
‫سبيل الله ‪ ..‬فيقال له ‪ :‬فيم‬ ‫ثم نشغ أبو هريرة نشغة‬
‫قتلت ؟‬ ‫أخرى ‪ ..‬ثم مال خاّرا ً على‬
‫فيقول ‪ :‬أمرت بالجهاد في‬ ‫وجهه ‪ ..‬وأسندته طويل ً ‪..‬‬
‫سبيلك ‪ ..‬فقاتلت حتى قتلت ‪..‬‬ ‫ثم أفاق ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫فيقول الله ‪ :‬كذبت ‪..‬‬ ‫حدثني رسول الله ‪: ‬‬
‫وتقول الملئكة له ‪ :‬كذبت ‪..‬‬ ‫إن الله عز وجل إذا كان يوم‬
‫ويقول الله ‪ :‬بل أردت أن‬ ‫القيامة ‪ ..‬نزل إلى العباد‬
‫يقال ‪ :‬فلن جريء ‪ ..‬فقد قيل‬ ‫ليقضي بينهم ‪ ..‬وكل أمة‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫جاثية ‪..‬‬
‫ثم ضرب رسول الله ‪ ‬على‬ ‫فأول من يدعو به ‪ :‬رجل‬
‫ركبتي فقال ‪:‬‬ ‫جمع القرآن ‪ ..‬ورجل يقتل‬
‫يا أبا هريرة ‪ ..‬أولئك الثلثة أول‬ ‫في سبيل الله ‪ ..‬ورجل كثير‬
‫خلق الله تسعر بهم النار يوم‬ ‫المال ‪..‬‬
‫القيامة )‪.. (86‬‬ ‫فيقول الله للقارىء ‪ :‬ألم‬
‫فإذا أحسنت النية في كرمك‬ ‫أعلمك ما أنزلت على‬
‫فأبشر بالخير ‪..‬‬ ‫رسولي ؟‬
‫وأولى من تحسن إليهم ليحبوك‬ ‫قال ‪ :‬بلى يا رب ‪..‬‬
‫ويكرموك ‪ ..‬أهل بيتك ‪ ..‬الم ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فماذا عملت فيما‬
‫الب ‪ ..‬الزوجة ‪ ..‬الولد ‪ ..‬ثم‬ ‫علمت ؟‬
‫) ( رواه الترمذي والحاكم ‪ ،‬وهو صحيح‬ ‫‪86‬‬
‫قال ‪ :‬كنت أقوم به آناء‬
‫‪221‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪..‬‬ ‫القرب قالقرب ‪ ..‬ابدأ‬
‫ثم مّر بي أبو القاسم ‪.. ρ‬‬ ‫بنفسك ثم بمن تعول ‪..‬‬
‫فتبسم حين رآني ‪ ..‬وعرف ما‬ ‫وكفى بالمرء إثما ً أن يضيع‬
‫في وجهي وما في نفسي ‪..‬‬ ‫من يعول ‪..‬‬
‫ثم قال ‪ :‬أبا هر ‪ ..‬قلت ‪ :‬لبيك يا‬ ‫ول بد من التفريق بين‬
‫ق ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ..‬قال ‪ :‬ا ِل ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫الكرم والسراف ‪..‬‬
‫ومضى ‪ ..‬فاتبعته ‪ ..‬فدخل ‪..‬‬ ‫دلف رجل في شارع قديم‬
‫فاستأذن ‪ ..‬فأذن لي ‪..‬‬ ‫فمر ببيت متهالك ‪ ..‬فإذا‬
‫فدخلت ‪..‬‬ ‫فتاة صغيرة قد جلست على‬
‫فوجد لبنا ً في قدح ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫عتبة الباب بثياب رثة ‪..‬‬
‫من أين هذا اللبن ؟‬ ‫وهيئة فقيرة ‪ ..‬فسألها ‪:‬‬
‫قالوا ‪ :‬أهداه لك فلن ‪ ..‬أو‬ ‫من أنت ؟‬
‫فلنة ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬أنا ابنة حاتم‬
‫قال ‪ :‬أبا هر ‪ ..‬قلت ‪ :‬لبيك يا‬ ‫الطائي ‪..‬‬
‫رسول الله ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬عجبا ً !! ابنة حاتم‬
‫ق أهل الصفة ‪..‬‬ ‫ح ْ‬ ‫قال ‪ :‬ا ِل ْ َ‬ ‫الطائي الكريم الجواد ‪..‬‬
‫فادعهم لي ‪..‬‬ ‫على هذا الحال ؟!!‬
‫قال ‪ :‬وأهل الصفة أضياف‬ ‫فقالت ‪ :‬كرم أبي صيرنا إلى‬
‫السلم ‪ ..‬ل يأوون إلى أهل ول‬ ‫ما ترى !!‬
‫إلى مال ‪ ..‬إذا أتته صدقة بعث‬ ‫كان رسول الله ‪ ‬أكرم‬
‫بها إليهم ولم يتناول منها‬ ‫الناس ‪ ..‬ولم يكن جشعا ً‬
‫شيئا ً ‪ ..‬وإذا أتته هدية أرسل‬ ‫ينظر في مصلحة نفسه ول‬
‫إليهم ‪ ..‬وأصاب منها وأشركهم‬ ‫يلتفت إلى غيره ‪..‬‬
‫فيها ‪ ..‬فساءني ذلك ‪..‬‬ ‫كل ‪..‬‬
‫وقلت ‪ :‬وما هذا اللبن في أهل‬ ‫قال ابو هريرة ‪: τ‬‬
‫الصفة !! كنت أحق أن أصيب‬ ‫والله الذي ل إله إل هو إن‬
‫من هذا اللبن شربة أتقوى‬ ‫كنت لعتمد على الرض من‬
‫بها ‪ ..‬فإذا جاءوا ‪ ..‬أمرني ‪..‬‬ ‫الجوع ‪ ..‬وإن كنت لشد‬
‫فكنت أنا أعطيهم ‪ ..‬وما عسى‬ ‫الحجر على بطني من الجوع‬
‫أن يبلغني من هذا اللبن ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫ولم يكن من طاعة الله ‪..‬‬ ‫ولقد قعدت يوما ً على‬
‫وطاعة رسوله بدٌ ‪ ..‬فأتيتهم ‪..‬‬ ‫طريقهم الذي يخرجون‬
‫فدعوتهم ‪..‬‬ ‫منه ‪ ..‬فمر أبو بكر ‪ ..‬فسألته‬
‫فأقبلوا ‪ ..‬فأذن لهم ‪ ..‬وأخذوا‬ ‫عن آية من كتاب الله ‪ ..‬ما‬
‫مجالسهم من البيت ‪ ..‬فقال ‪ :‬يا‬ ‫سألته إل ليستتبعني ‪ ..‬فلم‬
‫أبا هر ‪..‬‬ ‫يفعل ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬لبيك يا رسول الله ‪ ..‬قال‬ ‫ثم مّر عمر ‪ ..‬فسألته عن آية‬
‫‪ :‬خذ ‪ ..‬فأعطهم ‪..‬‬ ‫من كتاب الله ‪ ..‬ما سألته إل‬
‫فأخذت القدح ‪ ..‬فجعلت أعطيه‬ ‫ليستتبعني ‪ ..‬فمر فلم يفعل‬
‫‪222‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أولدي ‪..‬‬ ‫ل فيشرب حتى يروى ‪..‬‬ ‫الرج َ‬
‫ً‬
‫كان أحد السلف عالما ‪ ..‬لكنه‬ ‫ي القدح ‪..‬‬ ‫ثم يرد عل ّ‬
‫كان فقيرا ً ‪..‬‬ ‫فأعطيه الخر ‪ ..‬فيشرب‬
‫فكان طلبه يهدون إليه بين‬ ‫حتى يروى ‪ ..‬ثم يرد علي‬
‫فترة وأخرى ‪ ..‬أنواعا ً من الهدايا‬ ‫القدح ‪ ..‬فأعطيه الخر‬
‫‪ ..‬تمر ‪ ..‬دقيق ‪..‬‬ ‫فيشرب حتى يروى ‪ ..‬ثم يرد‬
‫وكان الطالب إذا أهدى إليه ‪..‬‬ ‫علي القدح ‪..‬‬
‫لم يزل الشيخ مكرما ً مقبل ً عليه‬ ‫حتى انتهيت إلى النبي ‪.. ρ‬‬
‫‪ ..‬ما دامت هديته باقية ‪..‬‬ ‫وقد روي القوم كلهم ‪..‬‬
‫فإذا انتهت ‪ ..‬رجع إلى طبعه‬ ‫فأخذ القدح فوضعه على يده‬
‫الول ‪..‬‬ ‫ي فتبسم فقال ‪:‬‬ ‫‪ ..‬فنظر إل ّ‬
‫ففكر أحد طلبه بهدية يحملها‬ ‫أبا هر ‪ ..‬قلت ‪ :‬لبيك يا‬
‫إلى الشيخ ‪ ..‬تكون معقولة‬ ‫رسول الله ‪ ..‬قال ‪:‬‬
‫الثمن ‪ ..‬وتطول مدة بقائها ‪..‬‬ ‫بقيت أنا وأنت ؟ قلت ‪:‬‬
‫فأهدى إليه كيس ملح ‪..‬‬ ‫صدقت يا رسول الله ‪..‬‬
‫ولو استشرتني في هديتين‬ ‫قال ‪ :‬اقعد فاشرب ‪..‬‬
‫ستهدي إحداهما إلى صديق ‪..‬‬ ‫فقعدت فشربت ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫أولهما زجاجة عطر رائع ‪ ..‬ثمين‬ ‫اشرب ‪ ..‬فشربت ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فما زال يقول ‪ :‬اشرب ‪..‬‬
‫أو ساعة حائطية تكتب عليها‬ ‫حتى قلت ‪ :‬ل ‪ ..‬والذي بعثك‬
‫إهداءً باسمه ‪..‬‬ ‫بالحق ‪ ..‬ما أجد له مسلكا ً ‪..‬‬
‫لخترت الساعة ‪ ..‬لنها يطول‬ ‫قال ‪ :‬فأرني ‪ ..‬فأعطيته‬
‫بقاؤها ‪ ..‬ويراها دائما ً ‪..‬‬ ‫القدح ‪ ..‬فحمد الله‬
‫وأذكر أن أحد طلبي أهديته‬ ‫مى ‪ ..‬وشرب الفضلة ‪..‬‬ ‫وس ّ‬
‫ساعة حائطية فيها إهداء باسمه‬ ‫)‪(87‬‬

‫‪..‬‬ ‫وللكرم أسرار ‪..‬‬


‫وتخرج من الكلية ‪ ..‬ومرت‬ ‫أحيانا ً ل تتكرم على الشخص‬
‫السنين ‪..‬‬ ‫مباشرة ‪ ..‬وإنما تتكرم على‬
‫ثم زرت إحدى المدن فتفاجأت‬ ‫من يحبهم ‪ ..‬فيحبك ‪..‬‬
‫به يحضر المحاضرة ويدعوني‬ ‫ً‬
‫زارني أحد الصدقاء يوما ‪..‬‬
‫إلى بيته ‪..‬‬ ‫وكان يحمل كيسا ً فيه عدد‬
‫فلما دخلت مجلس الضيوف فإذا‬ ‫من الحلويات واللعاب ‪..‬‬
‫به يشير إلى الساعة معلقة على‬ ‫أظنها لم تكلفه بضعة ريالت‬
‫الحائط ‪ ..‬ويقول ‪ :‬هذه أغلى‬ ‫‪ ..‬وضعها بجانب الباب لما‬
‫هدية عندي ‪..‬‬ ‫دخل ‪ ..‬وقال ‪ :‬هذه للولد ‪..‬‬
‫وقد مر على تخرجه سبع‬ ‫فرح بها الصغار ‪ ..‬وفرحت‬
‫سنين ‪..‬‬ ‫بها أنا لنه أشعرني أنه يحب‬
‫بقي أن تعلم أن هذه الساعة لم‬ ‫إدخال السرور على‬
‫تكلف إل شيئا ً يسيرا ً ‪ ..‬لكن‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪87‬‬

‫‪223‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫عزهم ‪ ..‬وفرحهم بمصائبهم ‪..‬‬ ‫قيمتها المعنوية أعلى‬
‫هم أيضا ً مفلسون ‪..‬‬ ‫وأكبر ‪..‬‬
‫وانظر إلى رسول الله ‪ .. ‬وقد‬
‫جلس مع أصحابه يوما ً فقال‬ ‫وجهة نظر ‪..‬‬
‫لهم ‪:‬‬ ‫كسب قلوب الناس فرص قد‬
‫أتدرون ما المفلس ؟‬ ‫ل تتكرر‬
‫قالوا ‪ :‬المفلس فينا من ل‬
‫درهم له ول متاع ‪..‬‬ ‫كف الذى ‪..‬‬ ‫‪.74‬‬
‫فقال ‪ :‬إن المفلس من أمتي‬ ‫كان الناس يبغضونه ‪..‬‬
‫يأتي يوم القيامة بصلة ‪..‬‬ ‫ما يكاد أحد يسلم من أذاه ‪..‬‬
‫وصيام ‪ ..‬وزكاة ‪ ..‬ويأتي قد‬ ‫إن سلمت من يده فلن‬
‫شتم هذا ‪ ..‬وقذف هذا ‪ ..‬وأكل‬ ‫تسلم من لسانه ‪ ..‬وإن فاته‬
‫مال هذا ‪ ..‬وسفك دم هذا ‪..‬‬ ‫أن يجلدك بسوط لسانه في‬
‫وضرب هذا ‪..‬‬ ‫حضرتك فلن يفوته أن‬
‫فيعطى هذا من حسناته ‪ ..‬وهذا‬ ‫يجلدك في غيبتك ‪..‬‬
‫من حسناته ‪ ..‬فإن فنيت‬ ‫فعل ً ‪ ..‬كان رجل ً مكروها ً ‪..‬‬
‫حسناته قبل أن يقضى ما‬ ‫أثقل على الناس من صم‬
‫عليه ‪ ..‬أخذ من خطاياهم‬ ‫الجبال الراسيات ‪..‬‬
‫فطرحت عليه ‪ ..‬ثم طرح في‬ ‫وإذا تأملت في أحوال الناس‬
‫النار )‪.. (88‬‬ ‫فسوف تصل إلى يقين بأنه‬
‫لذا كان يتجنب ‪ ‬أذى الناس‬ ‫ل يؤذي غالبا ً إل من كان‬
‫بشتى أشكاله ‪..‬‬ ‫عنده نعمة تفوق من‬
‫قالت عائشة ‪ : ‬ما ضرب‬ ‫يقابله ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ ‬شيئا ً قط بيده ‪..‬‬ ‫فالقوي يتجرأ على إيذاء‬
‫ول امرأة ‪ ..‬ول خادما ً ‪ ..‬إل أن‬ ‫الضعيف ‪ ..‬يدفعه بيده ‪ ..‬أو‬
‫يجاهد في سبيل الله ‪ ..‬وما نيل‬ ‫قر‬‫يركله برجله ‪ ..‬يضرب ويح ّ‬
‫منه شيء قط فينتقم من‬ ‫‪ ..‬فيصير أسدا ً عليه لكنه في‬
‫صاحبه ‪ ..‬إل أن ينتهك شيء من‬ ‫الحروب نعامة !!‬
‫محارم الله ‪ ..‬فينتقم لله عز‬ ‫والغني يتعدى على‬
‫وجل )‪.. (89‬‬ ‫الفقير ‪ ..‬فيهينه في‬
‫وعموما ً ‪ ..‬من استعمل هذه‬ ‫المجالس ‪ ..‬يقاطعه في‬
‫النعم لذى الناس أبغضوه ‪ ..‬وقد‬ ‫كلمه ‪..‬‬
‫يبتليه الله في دنياه قبل‬ ‫أما صاحب المنصب والجاه ‪..‬‬
‫أخراه ‪ ..‬فيشفي صدورهم ‪..‬‬ ‫فله حظ كبير من ذلك ‪..‬‬
‫أذكر أن أحد الصدقاء من طلبة‬ ‫وقل مثل ذلك فيمن جعل‬
‫العلم وحفظة القرآن ‪ ..‬كان‬ ‫الله نسبه رفيعا ً ‪..‬‬
‫رجل ً صالحا ً ‪ ..‬يأتيه بعض الناس‬ ‫وهؤلء في الحقيقة ‪..‬‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪88‬‬ ‫إضافة إلى بغض الناس‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪89‬‬ ‫لهم ‪ ..‬وتمنيهم زوال‬
‫‪224‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أحدا ً في ماله فمنعته حقه ‪ ..‬أو‬ ‫أحيانا ً يقرأ عليهم شيئا ً من‬
‫غير ذلك ‪ ..‬فإن كان هناك شيء‬ ‫القرآن كرقية شرعية ‪ ..‬وقد‬
‫من ذلك فسارع إلى التوبة مما‬ ‫شفى الله تعالى على يده‬
‫جنيت ‪ ..‬وأعد الحقوق إلى أهلها‬ ‫من شاء ‪..‬‬
‫‪ ..‬واستغفر الله مما مضى ‪..‬‬ ‫ً‬
‫دخل عليه يوما من اليام‬
‫التاجر لم يرق له كلمي ‪ ..‬وقال‬ ‫رجل تبدو عليه علمات‬
‫‪ -‬بكبر ‪ : -‬أبدا ً ‪ ..‬ما ظلمت‬ ‫الثراء ‪ ..‬جلس بين يدي‬
‫د على شيء من‬ ‫أحدا ً ‪ ..‬ولم أعت ِ‬ ‫الشيخ وقال ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬أنا‬
‫حقوق الناس ‪ ..‬وأشكرك على‬ ‫عندي آلم في يدي اليسرى‬
‫نصيحتك ‪ ..‬وخرج ‪..‬‬ ‫تكاد تقتلني ‪ ..‬ل أنام في‬
‫مرت أيام وغاب الرجل عني ‪..‬‬ ‫ليل ‪ ..‬ول أرتاح في نهار ‪..‬‬
‫خشيت أن يكون وجد علي في‬ ‫ذهبت إلى عدد كبير من‬
‫ي فهي‬ ‫نفسه ‪ ..‬ولكن ل عل ّ‬ ‫الطباء ‪ ..‬أجروا لي‬
‫نصيحة أسديتها إليه ‪ ..‬تفاجأت‬ ‫الفحوصات ‪ ..‬عملوا‬
‫به يوما ً في مكان ما ‪ ..‬لقيني‬ ‫تمارين ‪ ..‬ما فيه فائدة‬
‫ي مسلما ً مسرورا ً ‪..‬‬ ‫فأقبل إل ّ‬ ‫أبدا ً ‪..‬‬
‫سألته ‪ :‬هاه ‪ ..‬ما الخبار ؟‬ ‫اللم يزيد ويشتد حتى‬
‫قال ‪ :‬الحمد لله ‪ ..‬الن يدي‬ ‫انقلبت حياتي عذابا ً ‪..‬‬
‫بخير ‪ ..‬بغير طب ول علج !!‬ ‫يا شيخ ‪ ..‬أنا تاجر وعندي‬
‫قلت ‪ :‬كيف ؟‬ ‫عدد من المؤسسات‬
‫قال ‪ :‬لما خرجت من عندك ‪..‬‬ ‫والشركات ‪ ..‬فأخشى أن‬
‫جعلت أفكر في نصيحتك ‪..‬‬ ‫أكون أصبت بعين حاسدة ‪..‬‬
‫وأستعيد شريط ذكرياتي في‬ ‫أو وضع لي أحد الشرار‬
‫ذهني ‪ ..‬وأفكر !! ترى هل‬ ‫سحرا ً ‪..‬‬
‫ظلمت أحدا ً ؟! هل أكلت حق‬ ‫قال الشيخ ‪ :‬قرأت عليه‬
‫أحد ؟! فتذكرت أني قبل سنوات‬ ‫سورة الفاتحة ‪ ..‬وآية‬
‫لما كنت أبني قصري ‪ ..‬كان‬ ‫الكرسي ‪ ..‬وسورة الخلص‬
‫بجانبه أرض رغبت في ضمها‬ ‫والمعوذتين ‪..‬‬
‫إليه ليكون أجمل ‪ ..‬كانت الرض‬ ‫لم يظهر عليه تأثر ‪ ..‬خرج‬
‫ملكا ً لمرأة أرملة توفي زوجها‬ ‫من عندي شاكرا ً ‪..‬‬
‫وخّلف أيتاما ً ‪..‬‬ ‫ي بعد أيام يشكو‬ ‫رجع إل ّ‬
‫أردتها أن تبيع الرض فأبت ‪..‬‬ ‫اللم نفسه ‪ ..‬قرأت عليه ‪..‬‬
‫وقالت ‪ :‬وماذا أفعل بقيمة‬ ‫ذهب ورجع ‪ ..‬وقرأت عليه ‪..‬‬
‫الرض ‪ ..‬بل تبقى لهؤلء اليتام‬ ‫لم يظهر عليه أي تحسن ‪..‬‬
‫حتى يكبروا ‪ ..‬أخشى أن أبيعها‬ ‫قلت له لما اشتد عليه اللم ‪:‬‬
‫ويتشتت المال ‪..‬‬ ‫قد يكون ما أصابك هو‬
‫أرسلت إليها مرارا ً لشرائها ‪..‬‬ ‫عقوبة على شيء فعلته ‪..‬‬
‫وهي تأبى علي ذلك ‪..‬‬ ‫من ظلم أحد الضعفاء ‪ ..‬أو‬
‫قلت ‪ :‬فماذا فعلت ؟‬ ‫أكل حقوقهم ‪ ..‬أو ظلمت‬
‫‪225‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قال ‪ :‬انتزعت الرض منها‬
‫ل للعداوات ‪..‬‬ ‫‪.75‬‬ ‫بطرقي الخاصة ‪..‬‬
‫تجد أن الناس عند التعامل معهم‬ ‫قلت ‪ :‬طرقك الخاصة !!‬
‫لهم طبائع ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬علقاتي‬
‫منهم الغضوب ومنهم البارد ‪..‬‬ ‫الواسعة ‪ ..‬ومعارفي ‪..‬‬
‫ومنهم الذكي ومنهم الغبي ‪..‬‬ ‫استخرجت ترخيصا ً ببناء‬
‫والمتعلم والجاهل ‪..‬‬ ‫الرض وضممتها إلى‬
‫ومنهم حسن الظن وسيء‬ ‫أرضي ‪..‬‬
‫الظن ‪ ..‬و ‪:‬‬ ‫قلت ‪ :‬وأم اليتام ؟!!‬
‫من عامل الناس لقى منهم‬ ‫قال ‪ :‬سمعت بما حصل‬
‫نصبا ً ‪..‬‬ ‫لرضها فكانت تأتي وتصرخ‬
‫سهم‬ ‫و َ‬‫س ْ‬
‫فإن َ‬ ‫بالعمال الذين يعملون‬
‫ي وطغيان‬ ‫بـغ ٌ‬ ‫لتمنعهم من البناء ‪ ..‬وهم‬
‫فالظالم يغفل عن ظلمه ويرى‬ ‫يضحكون منها يظنونها‬
‫أنه أعدل الناس ‪..‬‬ ‫مجنونة ‪ ..‬وفي الواقع أنني‬
‫والغبي يرى أنه أذكى الناس ‪..‬‬ ‫أنا المجنون ليس هي ‪..‬‬
‫والخرق السفيه ‪ ..‬يرى أنه‬ ‫كانت تبكي وترفع يديها إلى‬
‫حكيم زمانه ‪..‬‬ ‫السماء ‪ ..‬هذا ما رأيته بعيني‬
‫أذكر لما كنت شابا ً – وأظنني ل‬ ‫‪ ..‬ولعل دعاءها في ظلمة‬
‫أزال كذلك – أعني لما كنت في‬ ‫الليل كان أعظم ‪..‬‬
‫أوائل الدراسة الثانوية ‪ ..‬أقبل‬ ‫قلت ‪ :‬هاه ‪ ..‬أكمل ‪..‬‬
‫علينا ضيف ثقيل ‪ ..‬ل أدري هل‬ ‫قال ‪ :‬رحت أسأل وأبحث‬
‫أكمل دراسته البتدائية أم ل ؟‬ ‫عنها ‪ ..‬حتى عثرت عليها ‪..‬‬
‫لكن الذي أجزم به أنه يقرأ‬ ‫فبكيت واعتذرت ‪ ..‬ول زلت‬
‫ويكتب ‪..‬‬ ‫بها حتى قبلت مني تعويضا ً‬
‫وكنت مشغول ً وقت دخوله‬ ‫عن تلك الرض ‪ ..‬ودعت لي‬
‫بمسألة شرعية لم أجد لها جوابا ً‬ ‫وسامحتني ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فوالله ما إن خفضت يديها ‪..‬‬
‫وضعت له ما يوضع للضيف من‬ ‫حتى دبت العافية في‬
‫قرى ‪ ..‬ثم تناولت الهاتف‬ ‫ِ‬ ‫بدني ‪..‬‬
‫وجعلت أكرر التصال بالشيخ‬ ‫ثم أطرق التاجر برأسه قليل ً‬
‫ابن باز رحمه الله لسؤاله‬ ‫‪ ..‬ثم رفعه وقال ‪ :‬ونفعني‬
‫عنها ‪..‬‬ ‫دعاؤها – بإذن الله – نفعا ً‬
‫لم أجد الشيخ ‪..‬‬ ‫عجز عنه طب الطباء ‪..‬‬
‫رآني صاحبي منشغل ً إلى هذا‬
‫الحد ‪ ..‬فسألني ‪ :‬بمن تتصل ‪..‬‬ ‫قالوا ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬بالشيخ ابن باز ‪ ..‬عندي‬ ‫نامت عيونك والمظلوم‬
‫استفتاء مهم ‪..‬‬ ‫منتبه*يدعو عليك وعين الله‬
‫فبادرني قائل ً بكل ثقة ‪ :‬سبحان‬ ‫لم تنم‬
‫‪226‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫تعبيرها ؟!‬ ‫الله ‪ ..‬ابن باز ‪ ..‬وأنا‬
‫فتغير المعبر لما سمعها ‪..‬‬ ‫موجود ؟!! ) لول الحياء‬
‫وجعل يردد ‪ :‬أعوذ بالله ‪ ..‬أعوذ‬ ‫لجعلت بقية الكتاب علمات‬
‫بالله ‪ ..‬تمضي عليك السنين ‪..‬‬ ‫تعجب !! (‬
‫ويموت أولدك وأهلك جميعا ً ‪..‬‬ ‫تجد من الناس كثيرين‬
‫وتبقى في ملكك وحدك ‪..‬‬ ‫كذلك ‪ ..‬فتحمل ثقلهم ‪..‬‬
‫فصاح الملك ‪ ..‬وغضب ‪ ..‬وسب‬ ‫وعاملهم بلطف ‪ ..‬واكسبهم‬
‫ولعن ‪ ..‬وأمر بالمعبر أن يسحب‬ ‫‪..‬‬
‫ويجلد ‪..‬‬ ‫حاول بقدر استطاعتك أن ل‬
‫ثم دعا بمعبر آخر ‪ ..‬وقص عليه‬ ‫تكسب عداوات ‪..‬‬
‫الرؤيا ‪ ..‬وسأله عن تعبيرها ‪..‬‬ ‫فلم تبعث عليهم وكيل ً ‪..‬‬
‫فاستهل ذاك المعبر ‪ ..‬وتبسم ‪..‬‬ ‫أنقذ ما يمكن إنقاذه ‪ ..‬ول‬
‫وأظهر البشاشة ‪ ..‬وقال ‪ :‬أبشر‬ ‫تعذب نفسك ‪..‬‬
‫‪ ..‬خير ‪ ..‬خير ‪ ..‬أيها الملك ‪..‬‬ ‫خاطرة ‪..‬‬
‫هذا معناه أنك سيطول عمرك‬ ‫الحياة اقصر من أن تشغلها‬
‫جدا ً ‪ ..‬حتى تكون آخر أهلك موتا ً‬ ‫باكتساب عداوات‬
‫‪ ..‬وتبقى طول عمرك ملكا ً ‪..‬‬
‫فاستبشر الملك وأمر له‬ ‫اللسان ‪ ..‬ملك !!‬ ‫‪.76‬‬
‫بالعطيات ‪ ..‬وبقي راضيا ً‬ ‫تأملت فيما يحدث التباغض‬
‫عليه ‪ ..‬ساخطا ً على الخر !!‬ ‫والشقاق بين الناس ‪..‬‬
‫مع أنك لو تأملت لوجدت أن‬ ‫ويجعل بعضهم أثقل من‬
‫التعبيرين متماثلن متطابقان ‪..‬‬ ‫الجبل على الخرين ‪ ..‬فل‬
‫لكن الول عبر بأسلوب والخر‬ ‫يحبون رؤيته ول مجالسته ‪..‬‬
‫عبر بأسلوب آخر ‪..‬‬ ‫ول السفر معه ‪ ..‬ول حضور‬
‫وليمة هو مدعو إليها ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬اللسان سيد العضاء ‪..‬‬ ‫وجدت أن أكثر يوصل‬
‫وفي الحديث ‪ ..‬قال ‪: ‬‬ ‫الشخص إلى هذا المستوى‬
‫إذا أصبح ابن آدم فإن العضاء‬ ‫البغيض هو اللسان ‪..‬‬
‫كلها تكفر اللسان ‪ ..‬فتقول ‪:‬‬ ‫فكم من خصومات وقعت‬
‫اتق الله فينا ‪ ..‬فإنما نحن بك ‪..‬‬ ‫بين إخوان ‪ ..‬وأزواج ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫فإن استقمت استقمنا ‪ ..‬وإن‬ ‫بسبب مسبة أو غيبة أو شتم‬
‫اعوججت اعوججنا ‪.. (90) ..‬‬ ‫‪!!..‬‬
‫نعم ‪ ..‬والله إنه لسيد ‪..‬‬ ‫لسان الفتى نصف ونصف‬
‫سيد في خطبة الجمعة ‪ ..‬وسيد‬ ‫فؤاده ‪ ..‬فلم يبق إل صورة‬
‫في الصلح بين الناس ‪ ..‬وسيد‬ ‫اللحم والدم‬
‫في التسويق ‪ ..‬وسيد في‬ ‫ذكر أن ملكا ً معظما ً رأى في‬ ‫ُ‬
‫المحاماة ‪..‬‬ ‫منامه أن أسنانه تساقطت ‪..‬‬
‫ول يعني هذا أنه إذا فقده‬ ‫فاستدعى أحد المعبرين ‪..‬‬
‫) ( رواه أحمد والترمذي‬ ‫‪90‬‬ ‫وقص عليه الرؤيا وسأله عن‬
‫‪227‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الله ‪..‬‬ ‫النسان ‪ ..‬انتهت حياته ‪..‬‬
‫كان الذي عن يمينه – وعلمت‬ ‫كل بل صاحب الهمة يبقى‬
‫ي‬
‫بعدها أن اسمه أحمد ‪ -‬ينظر إل ّ‬ ‫بطل ً ‪..‬‬
‫مبتسما ً ‪ ..‬فمددت يدي إليه‬ ‫لم يكن أبو عبد الله يختلف‬
‫مصافحا ً ‪..‬‬ ‫كثيرا ًُ عن بقية أصدقائي ‪..‬‬
‫فقال لي أبو عبد الله ‪ -‬وأشار‬ ‫لكنه – والله يشهد – من‬
‫إلى العمى ‪: -‬‬ ‫أحرصهم على الخير ‪..‬‬
‫سلم أيضا ً على فايز ‪ ..‬قلت ‪:‬‬ ‫له عدة نشاطات دعوية من‬
‫السلم عليكم ‪ ..‬فايز ‪..‬‬ ‫أبرزها ما يقوم به أثناء عمله‬
‫فقال أبو عبد الله ‪ :‬أمسك‬ ‫‪ ..‬فهو يعمل مترجما في‬
‫يده ‪ ..‬هو ل يسمعك ول يراك ‪..‬‬ ‫معهد الصم البكم ‪.‬‬
‫جعلت يدي في يده ‪ ..‬فشدني‬ ‫اتصل بي يوما وقال ‪ :‬ما‬
‫وهز يدي ‪..‬‬ ‫رأيك أن أحضر إلى مسجدك‬
‫دخل الجميع المسجد ‪ ..‬وبعد‬ ‫اثنين من منسوبي معهد‬
‫الصلة جلس أبو عبد الله على‬ ‫الصم للقاء كلمة على‬
‫الكرسي وعن يكينه أحمد ‪..‬‬ ‫المصلين ‪..‬‬
‫وعن يساره فايز ‪..‬‬ ‫تعجبت !! وقلت ‪ :‬صم‬
‫كان الناس ينظرون مندهشين ‪..‬‬ ‫يلقون كلمة على ناطقين ؟‬
‫لم يتعودوا أن يجلس على‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬وليكن مجيئنا‬
‫كرسي المحاضرات أصم ‪..‬‬ ‫يوم الحد ‪..‬‬
‫التفت أبو عبد الله إلى أحمد‬ ‫انتظرت يوم الحد بفارغ‬
‫وأشار إليه ‪..‬‬ ‫الصبر ‪..‬‬
‫فبدأ أحمد يشير بيديه ‪ ..‬والناس‬ ‫وجاء الموعد ‪..‬‬
‫ينظرون ‪ ..‬لم يفهموا شيئا ً ‪..‬‬ ‫وقفت عند باب المسجد‬
‫فأشرت إلى أبي عبد الله ‪..‬‬ ‫أنتظر ‪..‬‬
‫فاقترب إلى مكبر الصوت‬ ‫فإذا بأبي عبد الله يقبل‬
‫وقال ‪:‬‬ ‫بسيارته ‪..‬‬
‫أحمد يحكي لكم قصة هدايته ‪..‬‬ ‫وقف قريبا ً من الباب ‪ ..‬نزل‬
‫ويقول لكم ‪ ..‬ولدت أصم ‪..‬‬ ‫ومعه رجلن ‪..‬‬
‫ونشأت في جدة ‪ ..‬وكان أهلي‬ ‫أحدهما كان يمشي بجانبه ‪..‬‬
‫ي ‪..‬‬‫يهملونني ‪ ..‬ل يلتفتون إل ّ‬ ‫والثاني قد أمسكه أبو عبد‬
‫كنت أرى الناس يذهبون إلى‬ ‫الله يقوده بيده ‪..‬‬
‫المسجد ‪ ..‬ول أدري لماذا ! أرى‬ ‫نظرت إلى الول فإذا هو‬
‫أبي أحيانا ً يفرش سجادته ويركع‬ ‫أصم أبكم ‪ ..‬ل يسمع ول‬
‫ويسجد ‪ ..‬ول أدري ماذا يفعل ‪..‬‬ ‫يتكلم ‪ ..‬لكنه يرى ‪..‬‬
‫وإذا سألت أهلي عن شيء ‪..‬‬ ‫والثاني أصم ‪ ..‬أبكم ‪..‬‬
‫احتقروني ولم يجيبوني ‪..‬‬ ‫أعمى ‪ ..‬ل يسمع ول يتكلم‬
‫ثم سكت أبو عبد الله والتفت‬ ‫ول يرى ‪..‬‬
‫إلى أحمد وأشار له ‪..‬‬ ‫مددت يدي وصافحت أبا عبد‬
‫‪228‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ضرب أبو عبد الله بأصابعه على‬ ‫فواصل أحمد حديثه ‪ ..‬وأخذ‬
‫ركبة فايز ‪..‬‬ ‫يشير بيديه ‪ ..‬ثم تغير‬
‫فانطلق فايز كالسهم ‪ ..‬وألقى‬ ‫وجهه ‪ ..‬وكأنه تأثر ‪..‬‬
‫كلمة مؤثرة ‪..‬‬ ‫خفض أبو عبد الله رأسه ‪..‬‬
‫تدري كيف ألقاها ؟‬ ‫ثم بكى أحمد ‪ ..‬وأجهش‬
‫بالكلم ؟ كل ‪ ..‬فهو أبكم ‪ ..‬ل‬ ‫بالبكاء ‪..‬‬
‫يتكلم ‪..‬‬ ‫تأثر كثير من الناس ‪ ..‬ل‬
‫بالشارة ؟ كل ‪ ..‬فهو أعمى ‪..‬‬ ‫يدرون لماذا يبكي ‪..‬‬
‫لم يتعلم لغة الشارة ‪..‬‬ ‫واصل حديثه وإشاراته‬
‫ألقى الكلمة بـ ) اللمس ( ‪ ..‬نعم‬ ‫بتأثر ‪ ..‬ثم توقف ‪..‬‬
‫باللمس ‪ ..‬يجعل أبو عبد الله‬ ‫فقال أبو عبد الله ‪ :‬أحمد‬
‫) المترجم ( يده بين يدي فايز ‪..‬‬ ‫يحكي لكم الن فترة التحول‬
‫فيلمسه فايز لمسات معينة ‪..‬‬ ‫في حياته ‪ ..‬وكيف أنه عرف‬
‫يفهم منها المترجم مراده ‪ ..‬ثم‬ ‫الله والصلة بسبب شخص‬
‫يمضي يحكي لنا ما فهمه من‬ ‫في الشارع عطف عليه‬
‫فايز ‪ ..‬وقد يستغرق ذلك ربع‬ ‫وعلمه ‪ ..‬وكيف أنه لما بدأ‬
‫ساعة ‪..‬‬ ‫يصلي شعر بقدر قربه من‬
‫وفايز ساكن هادئ ل يدري هل‬ ‫الله ‪ ..‬وتخيل الجر العظيم‬
‫انتهى المترجم أم ل ‪ ..‬لنه ل‬ ‫لبلئه ‪ ..‬وكيف أنه ذاق حلوة‬
‫يسمع ول يرى ‪..‬‬ ‫اليمان ‪..‬‬
‫فإذا انتهى المترجم من كلمه ‪..‬‬ ‫ومضى أبو عبد الله يحكي لنا‬
‫ضرب ركبة فايز ‪ ..‬فيمد فايز‬ ‫بقية قصة أحمد ‪..‬‬
‫يديه ‪..‬‬ ‫كان أكثر الناس مشدودا ً‬
‫فيضع المترجم يده بين يديه ‪..‬‬ ‫متأثرا ً ‪..‬‬
‫ثم يلمسه فايز للمسات أخر ‪..‬‬ ‫لكني كنت منشغل ً ‪ ..‬أنظر‬
‫ظل الناس يتنقلون بأعينهم بين‬ ‫إلى أحمد تارة ‪ ..‬وإلى فايز‬
‫فايز والمترجم ‪ ..‬بين عجب تارة‬ ‫تارة أخرى ‪ ..‬وأقول في‬
‫‪ ..‬وإعجاب أخرى ‪..‬‬ ‫نفسي ‪ ..‬هاهو أحمد يرى‬
‫وجعل فايز يحث الناس على‬ ‫ويعرف لغة الشارة ‪ ..‬وأبو‬
‫التوبة ‪ ..‬كان أحيانا ً يمسك‬ ‫عبد الله يتفاهم معه‬
‫أذنيه ‪ ..‬وأحيانا ً لسانه ‪ ..‬وأحيانا ً‬ ‫بالشارة ‪ ..‬ترى كيف‬
‫يضع كفيه على عينيه ‪..‬‬ ‫سيتفاهم مع فايز ‪ ..‬وهو ل‬
‫فإذا هو يأمر الناس بحفظ‬ ‫يرى ول يسمع ول يتكلم ‪!!..‬‬
‫السماع والبصار عن الحرام ‪..‬‬ ‫انتهى أحمد من كلمته ‪..‬‬
‫كنت أنظر إلى الناس ‪ ..‬فأرى‬ ‫ومضى يمسح بقايا دموعه ‪..‬‬
‫بعضهم يتمتم ‪ :‬سبحان الله ‪..‬‬ ‫التفت أبو عبد الله إلى‬
‫وبعضهم يهمس إلى الذي بجانبه‬ ‫فايز ‪..‬‬
‫‪ ..‬وبعضهم يتابع بشغف ‪..‬‬ ‫قلت في نفسي ‪ :‬هه ؟؟‬
‫وبعضهم يبكي ‪..‬‬ ‫ماذا سيفعل ؟!!‬
‫‪229‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ورئيس ومرؤوس ‪..‬وأمير‬ ‫أما أنا فقد ذهبت بعيييييدا ً ‪..‬‬
‫ومأمور ‪..‬‬ ‫أخذت أقارن بين قدراته‬
‫يسلم عليه الغنياء والفقراء ‪..‬‬ ‫وقدراتهم ‪ ..‬ثم أقارن بين‬
‫والشرفاء والوضعاء ‪ ..‬والجميع‬ ‫خدمته للدين وخدمتهم ‪..‬‬
‫عنده سواء ‪..‬‬ ‫الهم الذي يحمله رجل أعمى‬
‫كنت أقول في نفسي ليت بعض‬ ‫أصم أبكم ‪ ..‬لعله يعدل الهم‬
‫النفعيين مثلك يا فايز ‪..‬‬ ‫الذي يحمله هؤلء جميعا ً ‪..‬‬
‫أخذ أبو عبد الله بيد فايز ‪..‬‬ ‫والناس ألف منهم كواحد **‬
‫ومضى به خارجا ً من المسجد ‪..‬‬ ‫وواحد كاللف إن أمر عنا‬
‫أخذت أمشي بجانبهما ‪ ..‬وهما‬ ‫رجل محدود القدرات ‪ ..‬لكنه‬
‫متوجهان للسيارة ‪..‬‬ ‫يحترق في سبيل خدمة هذا‬
‫والمترجم وفايز يتمازحان في‬ ‫الدين ‪ ..‬يشعر أنه جندي من‬
‫سعادة غامرة ‪..‬‬ ‫جنود السلم ‪ ..‬مسئول عن‬
‫آآآه ما أحقر الدنيا ‪..‬‬ ‫كل عاص ومقصر ‪..‬‬
‫كم من أحد لم يصب بربع‬ ‫كان يحرك يديه بحرقة ‪..‬‬
‫مصابك يا فايز ولم يستطع أن‬ ‫وكأنه يقول يا تارك الصلة‬
‫ينتصر على الضيق والحزن ‪..‬‬ ‫إلى متى ‪..‬؟ يا مطلق البصر‬
‫أين أصحاب المراض المزمنة ‪..‬‬ ‫في الحرام إلى متى ‪..‬؟ يا‬
‫فشل كلوي ‪ ..‬شلل ‪ ..‬جلطات ‪..‬‬ ‫واقعا ً في الفواحش ؟ يا آكل ً‬
‫سكري ‪ ..‬إعاقات ‪..‬‬ ‫للحرام ؟ بل يا واقعا ً في‬
‫لماذا ل يستمتعون‬ ‫الشرك ؟‬
‫بحياتهم‪..‬ويتكيفون مع‬ ‫كلكم إلى متى ‪ ..‬أما يكفي‬
‫واقعهم ‪..‬‬ ‫حرب العداء لديننا ‪..‬‬
‫ما أجمل أن يبتلي الله عبده ثم‬ ‫فتحاربونه أنتم أيضا ً !!‬
‫ينظر إلى قلبه فيراه شاكرا ً‬ ‫كان المسكين يتلون وجهه‬
‫راضيا ً محتسبا ً ‪..‬‬ ‫ويعتصر ليستطيع إخراج ما‬
‫مرت اليام ‪ ..‬ول تزال صورة‬ ‫في صدره ‪..‬‬
‫فايز مرسومة أمام ناظري ‪..‬‬ ‫تأثر الناس كثيرا ً ‪ ..‬لم ألتفت‬
‫حقيقة ‪..‬‬ ‫إليهم ‪ ..‬لكني سمعت بكاء‬
‫النسان ل لحمه يؤكل ‪ ..‬ول‬ ‫وتسبيحات ‪..‬‬
‫جلده يلبس ‪ ..‬فماذا فيه غير‬ ‫انتهى فايز من كلمته ‪..‬‬
‫حلوة اللسان !!‬ ‫وقام ‪ ..‬يمسك ابو عبد الله‬
‫بيده ‪ ..‬تزاحم الناس عليه‬
‫يسلمون ‪..‬‬
‫اضبط لسانك ‪..‬‬ ‫‪.77‬‬
‫كنت أراه يسلم على‬
‫إن الرجل ليتكلم بالكلمة من‬
‫الناس ‪ ..‬وأحس أنه يشعر أن‬
‫سخط الله ل يلقي لها بال ً يكتب‬
‫الناس عنده سواسيه ‪..‬‬
‫الله عليه بها سخطه إلى يوم‬
‫يسلم على الجميع ‪ ..‬ل‬
‫يلقاه ‪..‬‬
‫يفرق بين ملك ومملوك ‪..‬‬
‫‪230‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫عن أراض لجدادهم بالقرية ‪..‬‬ ‫هكذا حذر النبي ‪ ε‬الناس من‬
‫فثار خلف بين اثنين منهم حول‬ ‫إطلق الكلم على عواهنه ‪..‬‬
‫أحد الراضي يملكها أحدهما‬ ‫دون النظر في العواقب ‪..‬‬
‫وادعى الخر أنها لجده ‪..‬‬ ‫عدم ضبط اللسان قد يؤدي‬
‫اشتد بينهما النقاش حتى قال‬ ‫إلى المهالك ‪..‬‬
‫مالك الرض لصاحبه ‪ :‬والله لن‬ ‫احفظ لسانك أيها النسان‬
‫رأيتك قريبا ً من أرضي لفرغن‬ ‫ل يلدغنك‬
‫هذا في رأسك ‪..‬‬ ‫إنـه ثـعبان‬
‫ثم تناول بندقية الصيد التي‬ ‫كم في المقابر من قتيل‬
‫بجانبه ووجهها أعلى من رأس‬ ‫لسانه‬
‫صاحبه بمترين أو ثلثة ثم أطلق‬ ‫كانت تهاب‬
‫منها رصاصة ‪..‬‬ ‫لقاءه الشجعان‬
‫ثار الرجلن وكادا أن يقتتل ‪..‬‬ ‫كم من امرأة طلقها زوجها‬
‫لكن أصحابهما هدؤوهما‬ ‫بسبب اللسان ‪ ..‬يختلف‬
‫وتفرقوا إلى بيوتهم ‪..‬‬ ‫معها ‪ ..‬فتردد قائلة له ‪:‬‬
‫لم يستطع الرجل الذي أطلق‬ ‫طلقني ‪ ..‬أتحداك تطلقني ‪..‬‬
‫عليه الرصاص أن ينام من شدة‬ ‫إن كنت رجل ً طلقني ‪..‬‬
‫الغيظ ‪ ..‬فما كاد أن يصبح حتى‬ ‫فيأمرها بالسكوت ‪ ..‬يصرخ‬
‫كان قد أجمع أن يشفي غيظه‬ ‫بها ‪ ..‬ينهرها ‪ ..‬يشتد المر‬
‫من صاحبه ‪ ..‬فحمل سلحا ً من‬ ‫بينهما ‪ ..‬فينهدم البناء ‪..‬‬
‫نوع " كلشينكوف " ومضى‬ ‫ويطلقها ‪..‬‬
‫يبحث عن صاحبه ‪ ..‬حتى رآه‬ ‫لذا أمر ‪ ε‬الشخص إذا غضب‬
‫في سيارته عند مدرسة بنات ‪..‬‬ ‫أن يسكت ‪ ..‬نعم يسكت ‪..‬‬
‫كان صاحبه متقاعدا ً من وظيفته‬ ‫لنه إن لم يضبط لسانه ‪..‬‬
‫ويعمل سائقا لسيارة خاصة‬ ‫أرداه في المهالك ‪..‬‬
‫لنقل المدرسات ‪ ..‬وقد أوقف‬ ‫يموت الفتى من زلة بلسانه‬
‫سيارته عند باب المدرسة‬ ‫وليس‬
‫وجلس داخلها ينتظر خروجهن ‪..‬‬ ‫يموت المرء من زلة الرجل‬
‫وبجانبه مجموعة من السيارات‬ ‫أذكر أني دخلت قبل فترة‬
‫تشبه سيارته كلها مخصصة‬ ‫في مشكلة بين عائلتين‬
‫لنقل المدرسات أو الطالبات ‪..‬‬ ‫للصلح بينهما ‪..‬‬
‫اختبأ الرجل خلق شجرة بعيدة‬ ‫وقصة الخلف ‪ :‬أن رجل ً‬
‫لئل ينتبه إليه ‪ ..‬وكان ضعيف‬ ‫عاقل ً كبيرا ً في السن أظنه‬
‫البصر ‪ ..‬ووجه سلحه إلى‬ ‫قد تجاوز الستين من‬
‫السائق ‪ ..‬وحاول جاهدا ً أن‬ ‫عمره ‪ ..‬خرج في نزهة صيد‬
‫يسدد الطلقة إلى رأسه ‪ ..‬ثم‬ ‫مع مجموعة من أصدقائه ‪..‬‬
‫ضغط على الزناد ‪ ..‬ودوى صوت‬ ‫وسنهم جميعا ً متقارب ‪..‬‬
‫الرصاص وانطلقت ثلث‬ ‫دارت بينهم الحاديث‬
‫رصاصات واستقرت في رأس‬ ‫وذكريات الصبا ‪ ..‬ثم تكلموا‬
‫‪231‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الشرعي بإقامة حد القتل‬ ‫السائق ‪ ..‬ثار الناس‬
‫عليه ‪..‬‬ ‫واضطربوا ‪ ..‬وفزعت‬
‫وصدق أبو بكر لما قال ‪ :‬ما‬ ‫الطالبات ‪ ..‬وارتفع‬
‫شيء أحوج إلى طول سجن من‬ ‫الصراخ ‪..‬‬
‫لسان ‪..‬‬ ‫واجتمع الشرطة ‪ ..‬وأحاطوا‬
‫ل أنس خبر ذلك الخليفة الذي‬ ‫بالمنطقة ‪ ..‬والرجل قد‬
‫جلس يوما ً مع نديمه ‪ ..‬يضاحكه‬ ‫هشمت الطلقات جمجمته ‪..‬‬
‫ويمازحه ‪ ..‬فلعب الشيطان‬ ‫ومات ‪..‬‬
‫برؤوسهما فشربا خمرا ً ‪ ..‬فلما‬ ‫أما القاتل فقد توجه بكل‬
‫غابت العقول ‪ ..‬وسيطرت أم‬ ‫هدووووء إلى مخفر‬
‫الخبائث ‪ ..‬وصار الواحد منهما‬ ‫الشرطة وأخبرهم بالقصة ‪..‬‬
‫أضل من الحمار ‪..‬‬ ‫وقال ‪ :‬أنا قتلت فلنا ً ‪..‬‬
‫التفت الخليفة إلى حاجبه وأشار‬ ‫والن قد شفيت صدري‬
‫له إلى النديم وقال ‪ :‬اقتلوه ‪..‬‬ ‫فاقتلوني أو أحرقوني أو‬
‫وكان الخليفة إذا أمر أمرا ً لم‬ ‫اسجنوني ‪ ..‬افعلوا‬
‫جع فيه ‪..‬‬ ‫يرا َ‬ ‫ماشئتم ‪..‬‬
‫فانطلق الحاجب إلى النديم وتله‬ ‫أدخلوه إلى غرفة‬
‫برجليه ‪ ..‬وهو يصرخ ‪..‬‬ ‫التوقيف ‪ ..‬وخرج الضابط‬
‫ويستغيث بالخليفة ‪ ..‬والخليفة‬ ‫لمعاينة مكان الحادث ‪ ..‬فلما‬
‫يضحك ويردد ‪ :‬اقتلوه ‪..‬‬ ‫اطلع على بطاقة المقتول‬
‫اقتلوه ‪..‬‬ ‫فإذا المفاجأة الكبرى !! إذا‬
‫فقتلوه ‪ ..‬وألقوه في بئر‬ ‫بالقتيل ليس هو صاحبه‬
‫مهجورة ‪..‬‬ ‫الذي أراد أن يشفي صدره‬
‫فلما أصبح الخليفة ‪ ..‬اشتاق إلى‬ ‫منه وإنما هو شخص آخر‬
‫من يؤانسه ‪ ..‬فقال ‪ :‬ادعوا لي‬ ‫ليس له دخل بالقضية ‪..‬‬
‫نديمي فلن ‪..‬‬ ‫فأقبل الضابط يمشي‬
‫قالوا ‪ :‬قتلناه !! قال ‪:‬‬ ‫بسرعة ‪ ،‬والرجل المسن‬
‫قتلتموه ؟!! من قتله ؟!‬ ‫المقصود بالقتل يمشي‬
‫ولماذا ؟ ومن أمركم ؟! وجعل‬ ‫بجانبه ‪ ..‬حتى أدخله مخفر‬
‫يدافع عبراته ‪..‬‬ ‫الشرطة وأوقفه أمام‬
‫فقالوا ‪ :‬أنت أمرتنا البارحة ‪..‬‬ ‫الزنزانة ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا فلن !‬
‫وأخبروه بالقصة ‪..‬‬ ‫أتدعي أنك قتلت هذا ؟!‬
‫فسكت ‪ ..‬وخفض رأسه متندما ً‬ ‫الرصاص أصاب شخصا ً‬
‫ثم قال ‪ :‬رب كلمة قالت‬ ‫آخر !!‬
‫لصاحبها دعني ‪..‬‬ ‫فصرخ المسكين وأصابه‬
‫أعود وأقول ‪ :‬كم من شخص‬ ‫حالة هستيرية ‪ ..‬ثم أغمي‬
‫نفر الناس عن شخصه ‪..‬‬ ‫عليه ومكث في غيبوبة‬
‫وبغضهم في نفسه ‪ ..‬وجر إلى‬ ‫أياما ً ‪ ..‬ثم شفي وأدخل‬
‫نفسه الويلت بسبب عدم‬ ‫السجن وحكم عليه القاضي‬
‫‪232‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وإذا شيخ كبير أعمى يقف متعبا ً‬ ‫ضبطه للسانه ‪..‬‬
‫في يده اليمنى طفل صغير ‪..‬‬ ‫قال ابن الجوزي ‪:‬‬
‫وفي الخرى ورقة مراجعة‬ ‫ومن العجب أن من الناس‬
‫ينتظر أن يحوله الموظف إلى‬ ‫من يقوى على التحرز من‬
‫الطبيب ‪..‬‬ ‫أكل الحرام ‪ ..‬ومن الزنا ‪..‬‬
‫وإذا بجانبه عجوز كبيرة بيدها‬ ‫والسرقة ‪ ..‬لكنه ل يقوى‬
‫طفلة تبكي وقد تمكنت الحمى‬ ‫على أن يتحرز من حركة‬
‫من جسدها ‪ ..‬وتنتظر أيضا ً‬ ‫لسانه ‪ ..‬فيتكلم في أعراض‬
‫الموظف أن يفرغ من قراءة‬ ‫الناس ‪ ..‬ول يقدر على منع‬
‫أخبار ناديه المفضل ليحولها‬ ‫نفسه من ذلك ‪..‬‬
‫لطبيب الطفال ‪..‬‬
‫لما رأيت هذا المنظر ثارت‬ ‫عجيبة ‪..‬‬
‫أعصابك – ول نلومك على ذلك –‬ ‫الحيوان لسانه طويل ول‬
‫فصرخت بالموظف ‪ :‬هيه !! أنت‬ ‫ينطق ‪ ..‬والنسان لسانه‬
‫جالس في مستشفى أو في ‪...‬‬ ‫قصير ول يصمت !!‬
‫ما تخاف الله ؟!! المرضى يئنون‬
‫من اللم وأنت تقرأ جريدة !! ل‬ ‫المفتاح ‪..‬‬ ‫‪.78‬‬
‫وتدخن أيضا ً !! والله عجب ‪..‬‬ ‫المدح ‪ ..‬هو مفتاح القلوب ‪..‬‬
‫مثلك ما يربيه إل شكوى لمدير‬ ‫نعم ‪ ..‬من أجمل مهارات‬
‫المستشفى ‪ ..‬أو المفروض أن‬ ‫الكلم أن تكون مبدعا ً في‬
‫تفصل من عملك ‪..‬‬ ‫تعويد نفسك على اكتشاف‬
‫وبدأت تهيل هذه العبارات‬ ‫صواب الخرين ‪ ..‬ومدحهم‬
‫كالبرق عليه ‪..‬‬ ‫والثناء عليهم به ‪ ..‬قبل‬
‫هب أنه ‪ ..‬لم يرد عليك ‪ ..‬ولم‬ ‫النتباه إلى خطئهم ‪..‬‬
‫يقابل صراخك بصراخ ‪..‬‬ ‫ويتأكد ذلك عندما تريد أن‬
‫هب فعل ً أنه ألقى جريدته ‪..‬‬ ‫تنبه شخصا ً إلى خطأ ما ‪..‬‬
‫وأنهى تحويل المرضى إلى‬ ‫كثير من الناس يرد النصيحة‬
‫الطباء ‪..‬‬ ‫ل لجل تكبره عنها ‪ ..‬أو‬
‫هل تعتبر نفسك نجحت في حل‬ ‫عدم اقتناعه بخطئه ‪ ..‬وإنما‬
‫المشكلة ‪ ..‬كل ‪ ..‬أنت هنا‬ ‫لن الناصح لم يسلك‬
‫عالجت الموقف لكنك لم تعالج‬ ‫الطريق الصحيح لتقديم‬
‫المشكلة ‪ ..‬لنه وإن استجاب‬ ‫النصيحة ‪..‬‬
‫إليك الن إل أنه سيعود إلى‬ ‫هب أنك ذهبت إلى‬
‫تصرفه المشين غدا ً وبعد غ ٍ‬
‫د ‪..‬‬ ‫مستشفى حكومي لعلج ‪..‬‬
‫إذن كيف أتصرف ؟!!‬ ‫فلما أقبلت إلى موظف‬
‫تعال إليه واكظم غيظك ‪..‬‬ ‫الستقبال فإذا وراء الزجاج‬
‫تعامل مع الموقف بعقل ل‬ ‫شاب مراهق يقلب جريدة‬
‫بعاطفة ‪ ..‬ل تدع المناظر‬ ‫بين يديه ‪ ..‬وبيده سيجاره ‪..‬‬
‫المؤذية تؤثر في تصرفاتك ‪..‬‬ ‫غير مبال بما حوله ‪..‬‬
‫‪233‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أول مرة أراك ومع ذلك فقد‬ ‫ابتسم – وإن كنت مغضبا ً ‪،‬‬
‫دخلت إلى قلبي ‪ ..‬ل أدري كيف‬ ‫وإن كانت البتسامة صفراء‬
‫ي من آلف‬ ‫!! والله إنك أحب إل ّ‬ ‫ل مشكلة ‪ ،‬ابتسم – وقل ‪:‬‬
‫الناس ‪ ) ..‬وفعل ً أنت صادق فهو‬ ‫السلم عليكم ‪..‬‬
‫مسلم أحب إليك حتما ً من‬ ‫سيقول وهو ينظر إلى لعبه‬
‫مليين غير المسلمين ( ‪..‬‬ ‫المفضل ‪ :‬عليكم السلم ‪..‬‬
‫سيفرح ويشكر لك لطفك ‪..‬‬ ‫انتظر لحظة ‪..‬‬
‫فقل ‪ :‬وعندي كلمات أود أن‬ ‫قل أي كلمة تجعله يلتفت‬
‫تسمعها لكني أخاف أن‬ ‫إليك ‪ ..‬كأن تقول ‪ :‬كيف‬
‫تغضبك ‪..‬‬ ‫الحال ؟ ‪ ..‬مساك الله بالخير‬
‫سيقول ‪ :‬ل ‪ ..‬ل ‪ ..‬تفضل ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫عندها قدم له النصيحة ‪ ..‬أنت‬ ‫سيرفع رأسه ‪ -‬حتما ً – إليك‬
‫ن الله عليك بهذه‬ ‫قد م ّ‬ ‫ويقول ‪ :‬الحمد لله بخير ‪..‬‬
‫الوظيفة ‪ ..‬وفي واجهة‬ ‫في هذه المرحلة تكون قد‬
‫المستشفى ‪ ..‬وأنت قدوة‬ ‫قطعت نصف المشوار ‪..‬‬
‫لغيرك ‪ ..‬فليتك تتلطف قليل ً مع‬ ‫تلطف إليه بأي عبارة تمدحه‬
‫المراجعين ‪ ..‬وتهتم بهم ‪ ..‬لعل‬ ‫بها ‪ ..‬قل له مثل ً ‪ :‬تصدق !‬
‫دعوة صالحة ترفع لك في ظلمة‬ ‫المفروض مثلك ما يعمل‬
‫الليل من فم عجوز عابدة ‪ ..‬أو‬ ‫في استقبال مستشفى ‪..‬‬
‫شيخ زاهد ‪..‬‬ ‫سيتغير ويقول ‪ :‬لماذا ؟‬
‫أجزم أنه سيخفض رأسه وأنت‬ ‫قل ‪ :‬لن هذا الوجه المنير‬
‫تتكلم ‪ ..‬ويردد ‪ :‬أشكرك ‪ ..‬جزاك‬ ‫إذا رآه المريض زال مرضه‬
‫الله خيرا ً ‪..‬‬ ‫فل يحتاج إلى طبيب ‪..‬‬
‫وكذلك استعمل هذه الساليب‬ ‫سيبتسم متعجبا ً من جرأتك –‬
‫مع كل شخص تعالج سلوكه ‪..‬‬ ‫يا بطل ‪ .. -‬وتنبلج‬
‫مثل شخص يتهاون بالصلة ‪ ..‬أو‬ ‫أساريره ‪..‬‬
‫أب يهمل بناته فيتكشفن ‪..‬‬ ‫وقد صار الن مهيئا ً لقبول‬
‫ويتساهلن بالحجاب ‪..‬‬ ‫لنصيحة ‪ ..‬ويقول ‪ :‬ماذا‬
‫أو شاب عاق لوالديه ‪..‬‬ ‫عندك ؟‬
‫لجل أن يقبلوا منك ل بد أن‬ ‫عندها قل ‪ :‬يا أخي الحبيب‬
‫تمارس المهارات المناسبة ‪..‬‬ ‫ترى هذا الشيخ الكبير ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬استخدم العبارات‬ ‫وهذه العجوز المسكينة ‪..‬‬
‫اللطيفة في إصلح خطأ الخر ‪..‬‬ ‫ليتك تنهي لهما إجراءات‬
‫كن مؤدبا ً ‪ ..‬محترما ً لرأيه ‪..‬‬ ‫الدخول على الطبيب ‪..‬‬
‫قل له ‪ :‬أنا ما أنصحك إل لني‬ ‫سيتناول أوراقهما ‪..‬‬
‫أعلم ‪ ..‬أنك تقبل النصح ‪..‬‬ ‫ويحولهما للطبيب ‪ ..‬ثم‬
‫وفي التنزيل العزيز يقول الله ‪:‬‬ ‫يتناول ورقتك ‪ ..‬فإذا انتهى‬
‫) إذا ناجيتم الرسول فقدموا‬ ‫منك وسلمك الورقة ‪..‬‬
‫بين يدي نجواكم صدقة ( ‪..‬‬ ‫فقل له ‪ :‬سبحان الله ‪ ..‬هذه‬
‫‪234‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫والصلولت والطيبات ‪ ،‬السلم‬ ‫وقد كان المربي الحكيم ‪ε‬‬
‫عليك أيها النبي ورحمة الله‬ ‫يستعمل طرقا ً ومهارات‬
‫وبركاته ‪..‬‬ ‫تجعل من يعدل سلوكهم ل‬
‫ومضت السنين ومات رسول‬ ‫يملكون إل أن يقبلوا منه ‪..‬‬
‫الله ‪ .. ε‬فكان عبد الله يفخر‬ ‫أراد يوما ً أن يعلم معاذ بن‬
‫بذلك ويقول ‪ :‬علمني رسول‬ ‫جبل ذكرا ً يقوله بعد‬
‫الله ‪ ε‬التشهد وكفي بين‬ ‫الصلة ‪..‬‬
‫كفيه ‪..‬‬ ‫فأقبل إلى معاذ وقال ‪ :‬يا‬
‫وفي يوم آخر لحظ ‪ ε‬أن عمر ‪τ‬‬ ‫معاذ ‪ ..‬والله إني أحبك ‪ ..‬فل‬
‫إذا طاف بالكعبة وحاذى الحجر‬ ‫تدعن في دبر كل صلة أن‬
‫السود ‪ ..‬زاحم الناس وقبله ‪..‬‬ ‫تقول ‪ :‬اللهم أعني على‬
‫وكان صلبا ً قوي البدن ‪ ..‬وربما‬ ‫ذكرك وشكرك وحسن‬
‫زاحم الضعفاء ‪..‬‬ ‫عبادتك ‪..‬‬
‫فأراد ‪ ε‬أن يعدل سلوكه ‪ ..‬فقال‬ ‫بالله عليك ‪ ..‬ما علقة‬
‫– على سبيل التهيئة لقبول‬ ‫المقطع الول من الكلم‬
‫النصيحة ‪ : -‬يا عمر إنك رجل‬ ‫"والله إني أحبك " بالمقطع‬
‫قوي ‪..‬‬ ‫الثاني " ل تدعن أن تقول‬
‫فرح عمر بهذا الثناء ‪ ..‬فقال ‪: ε‬‬ ‫اللهم أعني على ذكرك "‪..‬‬
‫فل تزاحمن عند الحجر ‪..‬‬ ‫قد يكون النسب لقوله إني‬
‫ومرة أراد أن ينصح ابن عمر‬ ‫أحبك أن يقول بعدها وأريد‬
‫بقيام الليل ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫أن أزوجك ابنتي – مثل ً – أو‬
‫نعم الرجل عبد الله لو كان‬ ‫أعطيك مال ً ‪ ..‬أو أدعوك إلى‬
‫يقوم الليل ‪ ..‬وفي رواية قال ‪:‬‬ ‫طعام ‪..‬‬
‫يا عبد الله ل تكن مثل فلن ‪..‬‬ ‫ولكن أن يتبع خبر المحبة‬
‫كان يقوم الليل ‪..‬‬ ‫تعليمه ذكرا ً من أذكار الصلة‬
‫ل تكن مثل فلن ‪ ..‬كان يقوم‬ ‫‪ !!..‬فهذا يحتاج إلى تأمل ‪..‬‬
‫الليل ‪ ..‬فترك قيام الليل ‪..‬‬ ‫أتدري ما موقع قوله ‪" :‬‬
‫والله إني أحبك " ؟ إنه‬
‫نعم ‪ ..‬كان ‪ ε‬يستعمل هذا‬
‫التهيئة لقبول النصيحة ‪..‬‬
‫السلوب الرائع مع جميع‬
‫فإذا ارتاحت نفس معاذ‬
‫الناس ‪ ..‬ومع الوجهاء خاصة ‪..‬‬
‫واستبشر ‪ ،‬أعطاه‬
‫في بداية بعثة النبي ‪ .. ε‬كان‬
‫النصيحة ‪..‬‬
‫الناس ما بين مقبل ومدبر ‪..‬‬
‫وفي موقف آخر ‪ ..‬قبض ‪ε‬‬
‫وكان رجل في المدينة اسمه‬
‫سويد بن الصامت وكان رجل ً‬ ‫يد عبد الله بن مسعود بيده‬
‫شريفا ً في قومه ‪ ..‬عاقل ً شاعرا ً‬ ‫اليمنى ‪ ،‬ثم وضع يده‬
‫اليسرى فوقها ‪ ،‬كنوع من‬
‫‪ ..‬يحفظ كلم الحكماء ‪ ..‬حتى‬
‫العطف والتهيئة ‪ ،‬ثم قال ‪:‬‬
‫قيل إنه كان يحفظ كل ما روي‬
‫يا عبد الله ‪ ..‬إذا جلست في‬
‫عن لقمان الحكيم ‪..‬‬
‫التشهد فقل ‪ :‬التحيات لله‬
‫‪235‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫معه ‪ ..‬وقال ‪ : ρ‬اعرضها علي ‪..‬‬ ‫حتى بلغ من إعجاب الناس‬
‫فشرع سويد يقرأ ما يحفظ من‬ ‫به أنهم كانوا يسمونه ‪:‬‬
‫مه ‪ ..‬ورسول‬ ‫حك َ ِ‬
‫كلم لقمان و ِ‬ ‫الكامل ‪ ..‬لجلده وشعره ‪..‬‬
‫الله ‪ ε‬يستمع إليه بكل‬ ‫وشرفه ونسبه ‪ ..‬وهو الذي‬
‫هدوووء ‪..‬‬ ‫يقول ‪:‬‬
‫فلما انتهى سويد ‪ ..‬قال ‪ ε‬له ‪:‬‬ ‫أل رب من تدعو صديقا ً ولو‬
‫إن هذا لكلم حسن ‪..‬‬ ‫ترى‬
‫ثم قال ‪ -‬مشوقا ً لسويد ‪: -‬‬ ‫مقالته‬
‫والذي معي أفضل من هذا ‪..‬‬ ‫بالغيب ساءك ما يفري‬
‫قرآن أنزله الله تعالى علي ‪..‬‬ ‫مقالته كالشهد ما كان‬
‫شاهدا ً‬
‫هو هدى ونور ‪..‬‬
‫ثم تل عليه رسول الله ‪ ρ‬القرآن‬ ‫وبالغيب‬
‫‪ ..‬ودعاه إلى السلم ‪ ..‬وسويد‬ ‫مأثور على ثغرة النحر‬
‫يسرك باديه وتحت أديمه‬
‫يستمع منصتا ً ‪ ..‬فلما فرغ ‪ ε‬من‬
‫نميمة غش‬
‫كلمه ‪ ..‬ظهر على سويد‬
‫تبتري عقب الظهر‬
‫التأثر ‪ ..‬وقال ‪ :‬إن هذا لقول‬
‫تبين لك العينان ما هو كاتم‬
‫حسن ‪..‬‬
‫من الغل‬
‫ثم انصرف سويد عن النبي ‪.. ε‬‬
‫والبغضاء بالنظر الشزر‬
‫ول يزال متأثرا ً بما سمع ‪..‬‬ ‫قدم سويد بن الصامت يوما ً‬
‫فقدم المدينة على قومه ‪ ..‬فلم‬
‫إلى مكة حاجا ً ‪ ..‬أو معتمرا ً ‪..‬‬
‫يلبث أن وقع قتال بين قبيلتي‬
‫فتحدث الناس بدخوله مكة ‪..‬‬
‫الوس والخزرج ‪ ..‬وكان من‬
‫وأقبلوا لرؤيته ‪ ..‬فسمع‬
‫قبيلة الوس فقتلته الخزرج ‪..‬‬
‫النبي ‪ ε‬به فأقبل عليه ‪..‬‬
‫وذلك قبل أن يهاجر النبي ‪ε‬‬
‫فدعاه إلى الله ‪ ..‬وإلى‬
‫إلى المدينة ‪ ..‬ول يدرى هل‬
‫السلم ‪ ..‬وجعل يحدثه‬
‫أسلم أم ل ؟ وإن كان رجل من‬
‫بالتوحيد والرسالة وأنه نبي‬
‫قومه ليقولون ‪ :‬إنا لنراه قد‬
‫يوحى إليه قرآن ‪ ..‬وأن هذا‬
‫قتل وهو مسلم ‪..‬‬
‫القرآن هو كلم الله تعالى ‪..‬‬
‫فيه عبر وأحكام ‪..‬‬
‫باختصار ‪..‬‬ ‫فقال له سويد ‪ :‬فلعل الذي‬
‫أسرف في المديح ‪ ..‬واقتصد‬ ‫معك مثل الذي معي ؟‬
‫في النقد ‪..‬‬ ‫فقال له رسول الله ‪ : ρ‬ما‬
‫الرصيد العاطفي‬ ‫‪.79‬‬ ‫الذي معك ؟‬
‫تصورات الناس عنا نحن الذين‬ ‫قال ‪ :‬معي مجلة لقمان ‪-‬‬
‫نصنعها ‪..‬‬ ‫يعني حكمة لقمان ‪.. -‬‬
‫فلو لقيك شخص في السوق‬ ‫فلم يعنفه ‪ ε‬أو يحقره ‪- ..‬‬
‫فعبس في وجهك ‪..‬‬ ‫مع أنه يضاهي كلم الله‬
‫ثم لقيك في بقالة ‪ ..‬فعبس في‬ ‫بكلم البشر ‪ .. -‬وإنما تلطف‬
‫‪236‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫محبة لك واحتراما ً ‪ ..‬ثم تتولى‬ ‫وجهك أيضا ً ‪..‬‬
‫بعد ذلك زيادة رصيدك العاطفي‬ ‫ثم صادفته في عرس ‪..‬‬
‫أو السحب منه ‪..‬‬ ‫فلقيك عابسا ً ‪ ..‬لرسمت عنه‬
‫فكل ابتسامة تقابله بها ‪ ..‬تزيد‬ ‫صورة قاتمة في مخيلتك ‪..‬‬
‫من رصيدك العاطفي عنده ‪..‬‬ ‫فإذا رأيت صورته أو سمعت‬
‫وكل هدية ‪ ..‬تزيد رصيدك‬ ‫اسمه في مكان تبادر إلى‬
‫العاطفي ‪..‬‬ ‫ذهنك ذاك الوجه العابس ‪..‬‬
‫وكل مجاملة ‪ ..‬تزيد رصيدك‬ ‫ولو لقيك شخص بابتسامة‬
‫العاطفي ‪..‬‬ ‫في موقف ‪ ..‬ثم ابتسم في‬
‫وكل إهانة تقع منك له ‪ ..‬أو‬ ‫لقاء آخر ‪ ..‬وثالث ‪ ..‬لنطبع‬
‫مسبة ‪ ..‬أو شتم ‪ ..‬فإنك تسحب‬ ‫في ذهنك عنه صورة مشرقة‬
‫من رصيدك العاطفي ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وبالتالي إذا كان رصيدك‬ ‫هذا فيمن ل يكون بينك‬
‫العاطفي عنده كثيرا ً ‪ ..‬ووقعت‬ ‫وبينه علقة دائمة وإنما هي‬
‫يوما ً ما في موقف أغاظه‬ ‫لقاءات عابرة ‪..‬‬
‫فسحبت من رصيدك العاطفي‬ ‫أما الشخاص الذي نلقاهم‬
‫مقدارا ً معينا ً ‪ ..‬فإن هذا لن يؤثر‬ ‫دائما ً كزوجة وأولد ‪ ..‬وزملء‬
‫كثيرا ً لن رصيدك العاطفي‬ ‫في مكتب ‪ ..‬وجيران في‬
‫عنده كثير ‪..‬‬ ‫حارة ‪ ..‬فإن تعاملنا معهم‬
‫وإذا الحبيب أتى بذنب واحد‬ ‫لن يكون بأسلوب واحد دائما ً‬
‫جاءت‬ ‫‪ ..‬نعم هم سيروننا ضاحكين‬
‫محاسنه بألف شفيع‬ ‫لطيفين ‪ ..‬لكنهم حتما ً‬
‫أما إن لم يكن عنده لك رصيد‬ ‫سيروننا تارة غاضبين ‪..‬‬
‫عاطفي وجعلت تسحب من‬ ‫وتارة عابسين ‪ ..‬أو‬
‫الرصيد وليس فيه شيء أصل ً ‪..‬‬ ‫مخاصمين ‪ ..‬أو شاتمين ‪..‬‬
‫فإن حسابك عنده سيكون‬ ‫لننا بشر ‪..‬‬
‫بالناقص !! وبالتالي قد يقع في‬ ‫وبالتالي فإن محبتهم لنا‬
‫قلبه لك كره ‪ ..‬أو استثقال ‪..‬‬ ‫تتحدد على حسب طغيان‬
‫لنك تسحب من رصيدك‬ ‫حسناتنا عندهم أو سيئاتنا ‪..‬‬
‫العاطفي ول تودع ‪..‬‬ ‫أو قل بعبارة أخرى ‪ :‬تتحدد‬
‫ألم تسمع يوما ً عن زوجة طلقها‬ ‫محبتهم لنا بحسب مقدار‬
‫زوجها ‪ ..‬فإذا سئلت عن سبب‬ ‫الرصيد العاطفي الذي في‬
‫الطلق قالت ‪ :‬السبب تافه ‪..‬‬ ‫حسابنا عندهم ‪..‬‬
‫طلب مني الذهاب معه لزيارة‬ ‫كيف ؟!‬
‫أخته فرفضت ‪ ..‬فغضب وجعل‬ ‫عندما يقع لك موقف جميل‬
‫يسبني ويشتمني ثم طلقني !!‬ ‫مع إنسان فإنك تضيف إلى‬
‫ولو تأملت بذكاء في سبب‬ ‫سجل ذكرياته ذكرى جميلة‬
‫الطلق ‪ ..‬لما وجدت السبب هو‬ ‫عنك ‪ ..‬أو بعبارة أخرى تفتح‬
‫هذا الموقف التافه ‪ ..‬وإنما هذا‬ ‫لك في قلبه حسابا ً تودع فيه‬
‫‪237‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وهو يحتمل ويحتمل ‪ ..‬حتى جاء‬ ‫الموقف هو القشة التي‬
‫هذا الموقف فقصم ظهر‬ ‫قصمت ظهر البعير ‪..‬‬
‫البعير ‪..‬‬ ‫ذكر أن رجل ً كان له‬‫فقد ُ‬
‫ولو أنها اعتنت بكثرة اليداع في‬ ‫جمل جلد قوي ‪ ..‬فأراد‬
‫رصيدها العاطفي ‪ ..‬من حسن‬ ‫سفرا ً ‪ ..‬فجعل يحمل متاعه‬
‫لقاء له ‪ ..‬وتغنج ودلل ‪ ..‬وتحبب‬ ‫عليه ‪ ..‬ويربطه على‬
‫إليه ‪ ..‬وممازحة وخفة ظل ‪..‬‬ ‫ظهره ‪ ..‬والجمل متماسك ‪..‬‬
‫وعناية بطعامه ولباسه ‪..‬‬ ‫حتى كوم على ظهره ما‬
‫واحترام لرأيه ‪ ..‬لصار رصيدها‬ ‫يحمله أربعة جمال ‪ ..‬فبدأ‬
‫العاطفي كبيرا ً ‪ ..‬وملكت‬ ‫البعير يهتز من ثقل الحمل‬
‫مليارات في قلبه ‪ ..‬وبالتالي لن‬ ‫والناس يصيحون بالرجل ‪:‬‬
‫يضر لو وقع موقف سحبت به‬ ‫يكفي ما حملت عليه ‪ ..‬فأخذ‬
‫من رصيدها العاطفي ‪..‬‬ ‫حزمة من تبن وقال ‪ :‬هذه‬
‫وقل مثل ذلك في الطالب‬ ‫خفيفة وهي آخر المتاع ‪..‬‬
‫المشاكس الذي يقع منه موقف‬ ‫فلما طرحها على ظهره‬
‫صغير فيغضب المدرس غضبا ً‬ ‫سقط البعير على الرض ‪..‬‬
‫شديدا ً ‪ ..‬وقد يضربه ويطرده‬ ‫فقيل ‪ :‬قشة قصمت ظهر‬
‫من الفصل ‪ ..‬و ‪ ..‬ثم يقول‬ ‫بعير !!‬
‫الطالب أنا ما فعلت شيئا ً هي‬ ‫ولو تفكرت لرأيت أن القشة‬
‫مجرد نكتة أطلقتها من غير‬ ‫مظلومة فليست هي التي‬
‫استئذان ‪ ..‬ول ينتبه إلى أن هذه‬ ‫قصمت ظهر البعير وإنما‬
‫النكتة هي القشة التي قصمت‬ ‫انقصم ظهر البعير بسبب‬
‫ظهر البعير ‪..‬‬ ‫تراكمات كبار صبر البعير‬
‫قل مثله في زملء تخاصموا ‪..‬‬ ‫على أولها ‪ ..‬وصبر ‪..‬‬
‫أو جيران تنازعوا ‪..‬‬ ‫وصبر ‪ ..‬حتى لم يطق‬
‫إذن ‪ ..‬نحن نحتاج دائما ً إلى نودع‬ ‫صبرا ً ‪ ..‬فانقصم ظهره‬
‫في قلب كل واحد نلقاه رصيدا ً‬ ‫بشيء صغير ‪..‬‬
‫عاطفيا ً ‪..‬‬ ‫وهكذا المرأة التي طلقها‬
‫الزوج يتحين الفرص ليودع في‬ ‫زوجها ‪ ..‬أجزم أن السبب‬
‫قلب زوجته ‪ ..‬ويسجل نقاطا ً‬ ‫ليس هو تركها زيارة أخته‬
‫أكثر وأكثر ‪..‬‬ ‫فحسب ‪ ..‬وإنما تراكمات‬
‫والزوجة تحتاج أيضا ً ‪..‬‬ ‫قبله ‪ ..‬من عصيان‬
‫والولد يحتاج أن يودع في قلب‬ ‫لطلباته ‪ ..‬عدم تحقيق‬
‫والده ‪..‬‬ ‫لرغباته ‪ ..‬عدم تحببها إليه ‪..‬‬
‫والمدرس مع طلبه ‪ ..‬والخ مع‬ ‫تكبرها عليه ‪ ..‬عدم احترام‬
‫أخيه ‪..‬‬ ‫رأيه ‪ ..‬فهي تسحب دوما ً من‬
‫بل حتى المدير مع من هم تحت‬ ‫رصيدها العاطفي عنده دون‬
‫إدارته ‪ ..‬يحتاج إلى ذلك ‪..‬‬ ‫أن تودع فيه شيئا ً ‪ ..‬وتجرح‬
‫ول تداوي ‪..‬‬
‫‪238‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫مسكينة صارت متيمة بحبه ‪..‬‬ ‫باختصار ‪..‬‬
‫عالقة بشراكه ‪ ..‬ومن العجب أنه‬ ‫وإذا الحبيب أتى بذنب واحد‬
‫لم يكن يملك سيارة فارهة‬ ‫جاءت محاسنه بألف شفيع‬
‫يغريهن بركوبها ‪ ..‬ولم تكن‬
‫جيبه مليئة بالمال ليغدق عليهن‬ ‫الساحر ‪..‬‬ ‫‪.80‬‬
‫الهدايا ‪..‬‬ ‫الكلم ببلش ‪ ..‬يا أخي‬
‫ول تظنن أنه أوتي وسامة أو‬ ‫معنا كلمة حلوة ‪..‬‬ ‫س ّ‬
‫َ‬
‫جمال ً ‪ ..‬كل ‪ ..‬فإني أسأل الله‬ ‫هكذا بدأت المسكينة تعاتب‬
‫لك أن ل تبتلى بالنظر إلى‬ ‫زوجها ‪..‬‬
‫وجهه !!‬ ‫صحيح هو ما قصر معها في‬
‫لكنه كان يغلق فمه على‬ ‫طعام ول لباس ‪ ..‬ولكنه لم‬
‫لسان ‪ ..‬لو تكلم مع حجر‬ ‫يكن يسحرها بمعسول‬
‫لفلقه ‪ ..‬ولو سمعه نهر‬ ‫الكلم ‪!! ..‬‬
‫فقه ‪..‬‬ ‫لد ّ‬ ‫يجمع العقلء أن أهم صفات‬
‫فكان يصطاد الفتيات بلسانه‬ ‫البائع الماهر أن يكون‬
‫اصطيادا ً ‪ ..‬بل يسحرهن‬ ‫ساحرا ً في كلمه ‪ ..‬فيردد ‪:‬‬
‫سحرا ً ‪..‬‬ ‫من عيوني ‪ ..‬تفضل ‪ ..‬خل‬
‫وحديثها السحر الحلل لو أنه‬ ‫الحساب علينا ‪ ..‬تعبك‬
‫لم يجن قتل‬ ‫راحة ‪..‬‬
‫المسلم المتحرز‬ ‫وتزيد قيمة البائع كلما زادت‬
‫إن طال لم يملل وإن هي‬ ‫عباراته جمال ً ‪ ..‬فإن أضاف‬
‫أوجزت‬ ‫إلى حسن العبارة جودة في‬
‫ود المحدث‬ ‫وصف السلعة ‪ ..‬وقدرة على‬
‫أنها لم توجز‬ ‫إقناع الزبون بالشراء ‪ ..‬صار‬
‫أقبل يوما ً إلى رسول الله ‪‬‬ ‫قد اكتسب نورا ً على نور ‪..‬‬
‫ة رجال سادة في قومهم ‪..‬‬ ‫ثلث ُ‬ ‫ويجمع المجربون أن من أهم‬
‫قيس بن عاصم ‪ ..‬والزبرقان بن‬ ‫صفات السكرتير أن يكون‬
‫بدر ‪ ..‬وعمرو بن الهتم ‪..‬‬ ‫لسانه عذبا ً ‪ ..‬وعباراته‬
‫وكلهم من قبيلة تميم ‪..‬‬ ‫حلوة ‪ ..‬فيطرب السماع‬
‫فبدؤوا يتفاخرون ‪..‬‬ ‫م ‪ ..‬أبشر ‪ ..‬نحن‬ ‫س ْ‬
‫بقوله ‪َ :‬‬
‫فقال الزبرقان ‪ :‬يا رسول‬ ‫دامينك ( ‪..‬‬ ‫)خ ّ‬
‫الله ‪ ..‬أنا سيد تميم ‪ ..‬والمطاع‬ ‫وربما شغفت زوجة بزوجها‬
‫فيهم ‪ ..‬والمجاب فيهم ‪..‬‬ ‫حبا ً ‪ ..‬وهو كثير البخل قليل‬
‫أمنعهم من الظلم ‪ ..‬فآخذ لهم‬ ‫الجمال ‪ ..‬لكنه يسحرها‬
‫بحقوقهم ‪..‬‬ ‫بعباراته ‪..‬‬
‫ثم أشار إلى السيد الخر عمرو‬ ‫أذكر أن شابا ً مراهقا ً كان‬
‫بن الهتم ‪ ..‬وقال ‪ :‬وهذا يعلم‬ ‫مغرما ً بمغازلة الفتيات ‪..‬‬
‫ذاك ‪..‬‬ ‫وكان له قدرة عجيبة على‬
‫فأثنى عمرو عليه وقال ‪ :‬والله‬ ‫اليقاع بهن ‪ ..‬وكم من‬
‫‪239‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫خدمنا أناسا ً ما يساوون أثر‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬إنه لشديد‬
‫رجليك ‪..‬‬ ‫العارضة ‪ ..‬مانع لجانبه ‪..‬‬
‫مارس هذا السلوب الذي يدغدغ‬ ‫مطاع في ناديه ‪..‬‬
‫المشاعر ‪ ..‬مع أمك ‪ ..‬نعم‬ ‫ثم سكت عمرو ‪..‬‬
‫أسمعها كلمات رقيقة لينة ‪..‬‬ ‫فغضب الزبرقان ‪ ..‬وودّ لو‬
‫مع أبيك ‪ ..‬زوجتك ‪ ..‬أولدك ‪..‬‬ ‫لن عمروا ً زاد في الثناء ‪..‬‬
‫زملئك ‪..‬‬ ‫وظن أنه حسده على سيادته‬
‫فهذا السلوب ل يخسرك‬ ‫‪..‬‬
‫شيئا ً ‪ ..‬وتسحر به الخرين ‪..‬‬ ‫فقال الزبرقان ‪ :‬والله يا‬
‫وتزيل ما في نفوسهم ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ..‬لقد علم ما‬
‫وانظر إلى حال النصار ‪ ψ‬بعد‬ ‫قال ‪ ..‬وما منعه أن يتكلم به‬
‫معركة حنين ‪..‬‬ ‫إل الحسد ‪..‬‬
‫النصار الذين قاتلوا مع النبي ‪τ‬‬ ‫فغضب عمرو ‪ ..‬وقال ‪ :‬أنا‬
‫في بدر ثم قتلوا في أحد ‪..‬‬ ‫أحسدك ؟!! فوالله إنك لئيم‬
‫وحوصروا في الخندق ‪ ..‬ول‬ ‫الخال ‪ ..‬حديث المال ‪..‬‬
‫زالوا معه يقاتلون وُيقَتلون ‪..‬‬ ‫أحمق الموالد ‪ ..‬مضيع في‬
‫حتى فتحوا معه مكة ‪ ..‬ثم مضوا‬ ‫العشيرة ‪ ..‬والله يا رسول‬
‫إلى معركة حنين ‪..‬‬ ‫الله لقد صدقت فيما قلت‬
‫ففي الصحيحين ‪..‬‬ ‫أول ً ‪ ..‬وما كذبت فيما قلت‬
‫أن القتال اشتد أول المعركة ‪..‬‬ ‫آخرا ً ‪ ..‬لكني رجل رضيت‬
‫وانكشف الناس عن رسول‬ ‫ن ما علمت ‪..‬‬ ‫فقلت أحس َ‬
‫الله ‪ ..‬فإذا الهزيمة تلوح أمام‬ ‫ح ما‬
‫ت أقب َ‬ ‫وغضبت فقل ُ‬
‫المسلمين ‪..‬‬ ‫وجدت ‪ ..‬ووالله لقد صدقت‬
‫فالتفت ‪ ε‬إلى أصحابه ‪ ..‬فإذا‬ ‫في المرين جميعا ً ‪..‬‬
‫هم يفرون من بين يديه ‪..‬‬ ‫فعجب ‪ ‬من سرعة حجته ‪..‬‬
‫فصاح بالنصار ‪..‬‬ ‫وقوة بيانه ‪ ..‬ومهارات‬
‫يا معشر النصار ‪ ..‬فقالوا ‪:‬‬ ‫لسانه ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬إن من البيان لسحرا ً‬
‫لبيك يا رسول الله ‪..‬‬
‫وعادوا إليه ‪ ..‬وصفوا بين‬ ‫‪ ..‬إن من البيان لسحرا ً )‪.. (91‬‬
‫يديه ‪..‬‬ ‫فكن مبدعا ً في مهارات‬
‫ول زالوا يدفعون العدو‬ ‫لسانك ‪ ..‬فلو قال لك ‪:‬‬
‫بسيوفهم ‪ ..‬ويفدون رسول الله‬ ‫ناولني القلم ‪ ..‬قل ‪ :‬من‬
‫‪ ε‬بنحورهم ‪ ..‬حتى فر الكفار‬ ‫عيوني ‪ ..‬تفضل ‪..‬‬
‫وانتصر المسلمون ‪..‬‬ ‫ولو قال ‪ ..‬لكن يا فلن‬
‫وبعدما انتهت المعركة‪ ..‬وجمعت‬ ‫عندي طلب ‪ :‬اطلب‬
‫م ‪..‬‬‫س ْ‬‫عيوني ‪َ ..‬‬
‫الغنائم بين يدي النبي ‪.. ε‬‬
‫أريد منك خدمة ‪ :‬تفضل ‪..‬‬
‫أخذوا ينظرون إليها ‪..‬‬
‫وأحدهم يتذكر أولده الجوعى ‪..‬‬ ‫‪ ( ) 91‬رواه الحاكم في المستدرك ‪،‬‬
‫وأصله في الصحيحين‬
‫‪240‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الله ‪..‬‬ ‫وأهَله الفقرا ‪ ..‬ويرجو أن‬
‫فحمد الله وأثنى عليه ‪ ..‬ثم قال‬ ‫يناله من هذه الغنائم شيء‬
‫‪ :‬يا معشر النصار ‪ ..‬ما قالة‬ ‫يوسع به عليهم ‪..‬‬
‫بلغتني عنكم ؟‬ ‫فبينما هم على ذلك ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬أما رؤساؤنا يا رسول‬ ‫فإذا برسول الله ‪ .. ε‬يدعو‬
‫الله فلم يقولوا شيئا وأما ناس‬ ‫القرع بن حابس ‪ -‬ما أسلم‬
‫منا حديثة أسنانهم فقالوا يغفر‬ ‫إل قبل أيام في فتح مكة ‪..‬‬
‫الله لرسول الله يعطي قريش‬ ‫فيعطيه مائة من البل ‪ ..‬ثم‬
‫ويتركنا وسيوفنا تقطر من‬ ‫يدعو أبا سفيان ويعطيه‬
‫دمائهم ‪..‬‬ ‫مائة من البل ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ε‬يا معشر النصار ‪ ..‬ألم‬ ‫ول يزال يقسم النعم ‪ ..‬بين‬
‫تكونوا ضلل ً فهداكم الله بي ‪..‬‬ ‫أقوام ‪ ..‬ما بذلوا بذل‬
‫قالوا ‪ :‬بلى ولله ورسوله ‪..‬‬ ‫النصار ‪ ..‬ول جاهدوا‬
‫المنة الفضل ‪..‬‬ ‫جهادهم ‪ ..‬ول ضحوا‬
‫قال ‪ :‬ألم تكونوا عالة فأغناكم‬ ‫تضحيتهم ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬وأعداءً فألف بين‬ ‫فلما رأى النصار ذلك ‪..‬‬
‫قلوبكم ‪..‬‬ ‫قال بعضهم لبعض ‪ :‬يغفر‬
‫قالوا ‪ :‬بلى ولله ورسوله ‪..‬‬ ‫الله لرسول الله ‪ ..‬يعطي‬
‫المنة الفضل ‪..‬‬ ‫قريشا ً ويتركنا ‪ ..‬وسيوفنا‬
‫ثم سكت رسول الله ‪.. ε‬‬ ‫تقطر من دمائهم ‪..‬‬
‫وسكتوا ‪ ..‬وانتظَر ‪ ..‬وانتظروا ‪..‬‬ ‫فلما رأى سيدهم سعد بن‬
‫فقال ‪ :‬أل تجيبوني يا معشر‬ ‫عبادة ‪ τ‬ذلك ‪ ..‬دخل على‬
‫النصار ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ .. ε‬فقال ‪:‬‬
‫قالوا ‪ :‬وبماذا نجيبك يا رسول‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬إن أصحابك‬
‫الله ‪ ..‬ولله ولرسوله المنة‬ ‫من النصار وجدوا عليك في‬
‫والفضل ‪..‬‬ ‫أنفسهم ‪ ..‬قال ‪ :‬وما‬
‫قال ‪ :‬أما والله لو شئتم‬ ‫ذاك ؟!!‬
‫دقتم ‪..‬‬ ‫ص ّ‬ ‫دقتم ول ُ‬ ‫ص َ‬
‫لقلتم ‪ ..‬فل َ‬ ‫قال ‪ :‬لما صنعت في هذا‬
‫لو شئتم لقلتم ‪ :‬أتيتنا مكذبا ً‬ ‫الفئ الذي أصبت ‪ ..‬قسمت‬
‫فصدقناك ‪ ..‬ومخذول ً‬ ‫في قومك ‪ ..‬وأعطيت عطايا ً‬
‫فنصرناك ‪ ..‬وطريدا ً فآويناك ‪..‬‬ ‫عظاما ً ‪ ..‬في قبائل العرب ‪..‬‬
‫وعائل ً فواسيناك ‪..‬‬ ‫ولم يكن في النصار منه‬
‫ثم قال ‪ :‬يا معشر النصار ‪..‬‬ ‫شئ ‪..‬‬
‫أوجدتم على رسول الله في‬ ‫فقال ‪ : ε‬فأين أنت من ذلك‬
‫أنفسكم ‪ ..‬في لعاعة من‬ ‫يا سعد ؟‬
‫الدنيا ‪ ..‬تألفت بها قوما ً‬ ‫قال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬ما أنا‬
‫ليسلموا ‪ ..‬ووكلتم الى إسلمكم‬ ‫إل امرؤ من قومي ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬فاجمع لي قومك‪..‬‬
‫إن قريشا ً حديثوا عهد بجاهلية‬ ‫فلما اجتمعوا ‪ ..‬أتاهم رسول‬
‫‪241‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فخرج يبحث عن عمل ‪ ..‬أي‬ ‫ومصيبة ‪ ..‬وإني أردت أن‬
‫عمل ‪..‬‬ ‫أجبرهم ‪ ..‬وأتألفهم ‪..‬‬
‫أقبل على مزرعة لحد الفلحين‬ ‫أل ترضون يا معشر‬
‫الضعفاء الذين ذاقوا من إذلله‬ ‫النصار ‪ ..‬أن يذهب الناس‬
‫قديما ً ‪ ..‬دخل عليه ‪ ..‬وقال بكل‬ ‫بالشاة والبعير ‪ ..‬وترجعون‬
‫مذلة ‪ :‬هل أجد عنك عمل ً ‪..‬‬ ‫برسول الله ‪ ε‬إلى بيوتكم ‪..‬‬
‫أقطف الثمر ‪ ..‬أو أنقي‬ ‫لو سلك الناس واديا ً أو شعبا ً‬
‫الحبوب ‪ ..‬أو أقلم الشجار ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وسلكت النصار واديا ً أو‬
‫أو ‪..‬‬ ‫شعبا ً ‪ ..‬لسلكت وادي‬
‫فثار المزارع في وجهه وقال ‪:‬‬ ‫النصار ‪ ..‬أو شعب‬
‫أنت تعمل عندي !! أنت المتكبر‬ ‫النصار ‪..‬‬
‫المتغطرس ‪ ..‬الحمد لله أن‬ ‫فوالذي نفس محمد بيده ‪..‬‬
‫استجاب دعاءنا عليك وأذلك ‪..‬‬ ‫إنه لول الهجرة ‪ ..‬لكنت‬
‫ثم طرده من بستانه ‪..‬‬ ‫امرءا ً من النصار ‪ ..‬اللهم‬
‫مضى يجر قدمي خيبته ‪ ..‬حتى‬ ‫ارحم النصار ‪ ..‬وأبناء‬
‫دخل بستانا ً آخر ‪ ..‬فإذا بفلح له‬ ‫النصار ‪ ..‬وأبناء أبناء‬
‫معه ذكريات أليمة ‪ ..‬فطرده كما‬ ‫النصار ‪..‬‬
‫طرده الول ‪..‬‬ ‫فبكى القوم حتى أخضلوا‬
‫مضى الباشا ) !! ( المسكين ل‬ ‫لحاهم ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬رضينا‬
‫يلوي على شيء ‪ ..‬ول يريد أن‬ ‫سما ً وحظًا‪..‬‬ ‫برسول الله َ‬
‫ق ْ‬
‫يرجع إلى أولده خاليا ً ‪..‬‬ ‫ثم انصرف رسول الله‬
‫مر على مزرعة لفلح ثالث ‪..‬‬ ‫وتفرقوا ‪..‬‬
‫فدخل ليجرب حظه معه ‪..‬‬ ‫بل إنك بالعبارات الجميلة‬
‫رآه الفلح فانبهر ‪ ..‬وقد ذاق‬ ‫تستطيع أن تخدر الناس‬
‫أيضا ً من إذلله من قبل ‪ ..‬قال‬ ‫أحيانا ً ‪..‬‬
‫الباشا ‪ :‬أنا أبحث عن عمل ‪..‬‬ ‫ذكر أنه كان في صعيد مصر‬
‫أولدي جوعى ‪..‬‬ ‫رجل غني متسلط يسمونه "‬
‫فأراد الفلح أن يذله ‪ ..‬وأن‬ ‫الباشا " كان يملك فدادين‬
‫ينتقم منه بأسلوب ذكي ‪..‬‬ ‫من المزارع ‪ ..‬كان‬
‫فقال له ‪ :‬أهل ً أيها الباشا !!‬ ‫متغطرسا ً يمارس أصناف‬
‫نورت بستاني !! من مثلي اليوم‬ ‫الذلل على المزارعين‬
‫الباشا الكبير يدخل أرضي !!‬ ‫الصغار ‪..‬‬
‫أنت الباشا الكبير ‪ ..‬أنت الباشا‬ ‫دارت الزمان دورته فأصاب‬
‫الوجيه !! أنت ‪..‬‬ ‫أرضه ما أتلفها ‪ ..‬فأصبح‬
‫دره بهذه العبارات ‪..‬‬ ‫وجعل يخ ّ‬ ‫فقيرا ً بعد غنى ‪ ..‬كسيرا ً‬
‫حتى صار الباشا منوما ً تنويما ً‬ ‫جاع أولده وهو ليس عنده‬
‫مغناطيسيا ً !!‬ ‫مصدر يتكسب منه ‪ ..‬ول‬
‫ثم قال الفلح ‪ :‬مرحبا ً وأهل ً ‪..‬‬ ‫يعرف صنعة غير الزراعة ‪..‬‬
‫عندي عمل ‪ ..‬لكني ل أدري هل‬ ‫لكن أرضه تالفة ‪..‬‬
‫‪242‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فلما انتهى فك الفلح عنه‬ ‫يناسبك أم ل ؟‬
‫الحبال ‪ ..‬وهو يقول ‪ :‬والله‬ ‫قال الباشا ‪ :‬وما هو ؟‬
‫شغلك جميل يا باشا ‪ ..‬هذا‬ ‫قال ‪ :‬اليوم سوف أحرث‬
‫أحسن يوم مر علي يا باشا ‪..‬‬ ‫الرض ‪ ..‬وعندي محراث‬
‫ثم بضع جنيهات ‪ ..‬ومضى‬ ‫يجره ثوران ‪ ..‬ثور أبيض‬
‫الباشا إلى بيته ‪..‬‬ ‫وثور أسود ‪ ..‬والثور السود‬
‫دخل على أولده ‪ ..‬وقد تقرحت‬ ‫اليوم مريض ول يستطيع أن‬
‫كتفاه ‪ ..‬وسالت الدماء من‬ ‫يعمل ‪ ..‬والثور البيض ل‬
‫أسفل قدميه ‪ ..‬والعرق يغرق‬ ‫يطيق جر الحراثة وحده ‪..‬‬
‫ثيابه ‪ ..‬و ‪ ..‬لكنه ل يزال منتشيا ً‬ ‫فأريدك أن تقوم اليوم‬
‫مخدرا ً ‪..‬‬ ‫بوظيفة الثور السود ‪..‬‬
‫سأله أولده ‪ :‬هاه ‪ ..‬هل وجدت‬ ‫فأنت قوي أيها الباشا ‪ ..‬أنت‬
‫عمل ً ‪..‬‬ ‫قائد ‪ ..‬أنت رئيس ‪ ..‬تسير‬
‫فقال ‪ -‬بكل فخر ‪ : -‬نعم ‪ ..‬أنا‬ ‫في المام دائما ً ‪..‬‬
‫الباشا ‪ ..‬كيف ل أجد عمل ً ‪..‬‬ ‫توجه الباشا بكل كبرياء إلى‬
‫فقالوا ‪ :‬فماذا اشتغلت ؟!‬ ‫الحراثة ‪ ..‬ووقف بجانب‬
‫فقال ‪ :‬اشتغلت ‪ ..‬هاه !!‬ ‫الثور البيض ‪ ..‬أقبل‬
‫اشتغلت !!‬ ‫المزارع إليه وبدأ بالثور‬
‫وبدأ يصحو من تخديره ‪ ..‬ويدرك‬ ‫البيض وربطه بالحبال ليجر‬
‫ما أصابه ‪..‬‬ ‫المحراث ‪ ..‬ثم توجه إلى‬
‫قال ‪ :‬اشتغلت ثورا ً !!!‬ ‫الباشا وهو يردد قائل ً ‪ :‬يا‬
‫أحسن باشا في العالم ‪ ..‬يا‬
‫قرار ‪..‬‬ ‫قوي ‪ ..‬يا بطل ‪ ..‬والباشا‬
‫اختر أطيب الكلم كما تختار‬ ‫يتلفت في زهو ‪ ..‬ثم ربط‬
‫أطيب الثمر ‪..‬‬ ‫الحبال في كتفي الباشا ‪..‬‬
‫وركب هو على الحراثة معه‬
‫فليسعد النطق إن لم‬ ‫‪.81‬‬ ‫السوط !! وصاح ‪ :‬امش ‪..‬‬
‫تسعد الحال !!‬ ‫وضرب ظهر الثور فتحرك ‪..‬‬
‫من أحرج المواقف أن يقصدك‬ ‫وتحرك الباشا يجر‬
‫صاحب حاجة ‪ ..‬ثم يرجع خائبا ً‬ ‫المحراث ‪ ..‬والفلح يردد ‪:‬‬
‫غير مقضية حاجته ‪..‬‬ ‫جميل يا باشا ‪ ..‬ممتاز يا‬
‫نعم قضاء حاجات الناس طاعة‬ ‫ملك ‪ ..‬ويضرب ظهر الثور ‪..‬‬
‫عظيمة ‪ ..‬ولو لم يكن فيها إل‬ ‫ويصيح أقوى يا باشا ‪..‬‬
‫قوله ‪ : ε‬لئن أمشي مع أخي‬ ‫أحسن يا باشا ‪..‬‬
‫في حاجة حتى أثبتها له ‪ ،‬أحب‬ ‫والباشا المسكين لم يتعود‬
‫إلي من أن أعتكف في مسجدي‬ ‫على ذلك ‪ ..‬لكنه كان يجر‬
‫هذا شهرا ً " )‪ (92‬لكفى في‬ ‫بكل قوته ‪ ..‬من الصباح حتى‬
‫غابت الشمس ‪ ..‬وكأنه غائب‬
‫العقل ‪..‬‬
‫) (‬ ‫‪92‬‬

‫‪243‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪ ..‬وعندي بعض الظروف تمنعني‬ ‫فضلها ‪..‬‬
‫من إحضارها ‪ ..‬و ‪..‬‬ ‫لكن بعض الحاجات يصعب‬
‫ولو دعاك إلى وليمة وأردت أن‬ ‫قضاؤها ‪ ..‬فليس كل من‬
‫تعتذر وخشيت أن يجد في نفسه‬ ‫طلب منك أن تسلفه مال ً‬
‫عليك ‪ ..‬فقدم مقدمات ‪ ..‬قل –‬ ‫قدرت على إعطائه ‪..‬‬
‫مثل ً – أنا ما أعتبرك إل كواحد‬ ‫ول كل من طلب منك‬
‫من إخواني ‪ ..‬وأنت من أغلى‬ ‫مرافقته في سفر قدرت‬
‫الناس إلى قلبي ‪ ..‬لكني‬ ‫على تلبية طلبه ‪..‬‬
‫مشغول الليلة ‪..‬‬ ‫ول كل من طلب حاجة معك‬
‫وأنت لم تكذب فقد يكون شغلك‬ ‫كقلم أو ساعة أو غيرها ‪..‬‬
‫هذا جلسة مع أولدك ‪ ..‬أو قراءة‬ ‫استطعت إعطاءها له ‪..‬‬
‫في كتاب ‪ ..‬أو نوم !! فهي كلها‬ ‫والمشكلة أن أكثر الناس إذا‬
‫أشغال ‪..‬‬ ‫ب حاجاتهم وجدوا‬ ‫لم تل ّ‬
‫وقد كان محمد ‪ ε‬يملك الناس‬ ‫عليك في أنفسهم ‪ ..‬وقد‬
‫بأخلق يأسر بها قلوبهم ‪..‬‬ ‫يذمونك في المجالس ‪..‬‬
‫انظر إليه عليه السلم ‪ ..‬وقد‬ ‫ويتهمونك تارة بالبخل ‪..‬‬
‫جلس مع أصحابه الكرام ‪..‬‬ ‫وتارة بالنانية ‪ ..‬وتارة ‪..‬‬
‫ت الحرام ‪..‬‬ ‫فحدثهم عن البي ِ‬ ‫إذن ما العمل ؟!‬
‫ل العمرة والحرام ‪..‬‬ ‫وفض ِ‬ ‫كن ماهرا ً في الخروج من‬
‫فطارت أفئدتهم شوقا ً إلى ذاك‬ ‫الموقف ‪ ..‬فإذا طلب منك‬
‫المقام ‪..‬‬ ‫أحد شيئا ً ولم تستطع قضاءه‬
‫فأمرهم بالتجهز للرحيل إليه ‪..‬‬ ‫فعلى القل رده بعبارات‬
‫وحثهم على التسابق عليه ‪..‬‬ ‫جميلة ‪ ..‬كما قال ‪:‬‬
‫فما لبثوا أن تجهزوا ‪ ..‬وحملوا‬ ‫ل خيل عندك تهديها ول مال‬
‫سلحهم وتحرزوا ‪..‬‬ ‫*** فليسعد النطق إن لم‬
‫فخرج ‪ ε‬مع ألف وأربعمائة من‬ ‫تسعد الحال‬
‫أصحابه ‪ ..‬مهلين بالعمرة‬ ‫فلو علم شخص بأنك‬
‫ملبين ‪ ..‬يتسابقون إلى البلد‬ ‫ستسافر إلى مدينة معينة ‪..‬‬
‫المين ‪..‬‬ ‫فحاءك وقال ‪ :‬أريدك أن‬
‫فلما اقتربوا من جبال مكة ‪..‬‬ ‫تشتري لي حاجة من المدينة‬
‫بركت القصواء ‪ -‬ناقة النبي عليه‬ ‫التي أنت مسافر إليها ‪..‬‬
‫السلم ‪ .. -‬فحاول أن يبعثها‬ ‫وأنت ل رغبة لك في قضاء‬
‫لتسير ‪ ..‬فأبت عليه ‪..‬‬ ‫حاجته لي سبب ‪ ..‬فكيف‬
‫فقال الناس ‪ :‬خلت القصواء ‪..‬‬ ‫تجيب ؟‬
‫) أي عصت ( فقال ‪: ε‬‬ ‫فليسعد النطق إن لم تسعد‬
‫ما خلت القصواء ‪ ..‬وما ذاك لها‬ ‫الحال ‪ ..‬قل له ‪ :‬والله يا‬
‫بخلق ‪ ..‬ولكن حبسها حابس‬ ‫فلن أخدمك بعيوني ‪ ..‬وأنت‬
‫الفيل ) يعني فيل أبرهة لما‬ ‫ي من أناس كثير ‪..‬‬ ‫أحب إل ّ‬
‫أقبل به مع جيش من اليمن‬ ‫لكني أخشى أن يضيق وقتي‬
‫‪244‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بن عمرو ‪ ..‬وكان قد أسلم‬ ‫يريد هدم الكعبة فحبسهم‬
‫فعذبه أبوه وحبسه ‪ ..‬فلما سمع‬ ‫الله عن ذلك ( ‪..‬‬
‫بالمسلمين ‪ ..‬تفلت من الحبس‬ ‫ثم قال ‪ : J‬والذي نفسي‬
‫وأقبل يجر قيوده ‪ ..‬تسيل‬ ‫بيده ل يسألوني خطة‬
‫جراحه دما ً ‪ ..‬وتفيض عيونه دمعا ً‬ ‫يعظمون فيها حرمات الله ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫إل أعطيتهم إياها ‪..‬‬
‫ثم رمى بجسده المتهالك بين‬ ‫ثم زجرها فوثبت ‪ ..‬فتوجه‬
‫يدي النبي ‪.. ε‬والمسلمون‬ ‫إلى مكة ‪ ..‬حتى نزل‬
‫ينظرون إليه ‪..‬‬ ‫بالحديبية قريبا ً من مكة ‪..‬‬
‫فلما رآه سهيل ‪ ..‬غضب !! كيف‬ ‫فتسامع به كفار قريش ‪..‬‬
‫تفلت هذا الفتى من حبسه ‪ ..‬ثم‬ ‫فخرج إليه كبارهم ليردوه‬
‫صاح بأعلى صوته ‪ :‬هذا يا محمد‬ ‫عن مكة ‪ ..‬فأبى إل أن‬
‫أول من أقاضيك عليه أن ترده‬ ‫يدخلها معتمرا ً ‪..‬‬
‫إلي ‪..‬‬ ‫فما زالت البعوث بينه وبين‬
‫فقال ‪ : ε‬إنا لم نقض الكتاب بعد‬ ‫قريش‪..‬حتى أقبل عليه‬
‫‪..‬‬ ‫سهيل بن عمرو ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فوالله إذا ً ل أصالحك على‬ ‫فصالح النبي ‪ ε‬على أن‬
‫شيء أبدا ً ‪..‬‬ ‫يعودوا إلى‬
‫فقال ‪ : ε‬فأجزه لي ‪ ..‬قال ‪ :‬ما‬ ‫المدينة‪..‬ويعتمروا في العام‬
‫أنا بمجيزه لك ‪ ..‬قال ‪ :‬بلى‬ ‫القادم‪..‬‬
‫فافعل ‪ ..‬قال ‪ :‬ما أنا بفاعل ‪..‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ثم كتبوا بينهم صلحا عاما ‪..‬‬
‫فسكت النبي ‪ .. ε‬وقام سهيل‬ ‫وفيه ‪:‬‬
‫سريعا ً إلى ولده يجره بقيوده ‪..‬‬ ‫اشترط سهيل ‪ :‬أنه ل يخرج‬
‫وأبو جندل يصيح ويستغيث‬ ‫من مكة مسلم مستضعف‬
‫بالمسلمين ‪ ..‬يقول ‪:‬‬ ‫يريد المدينة ‪ ..‬إل ُردّ إلى‬
‫أي معشر المسلمين أرد إلى‬ ‫مكة ‪ ..‬أما من خرج من‬
‫المدينة وجاء إلى مكة مرتدا ً‬
‫المشركين وقد جئت مسلما ً ‪..‬‬
‫أل ترون ما قد لقيت من العذاب‬ ‫إلى الكفر ‪ ..‬فُيقبل في مكة‬
‫‪ ..‬ول زال يستغيث بهم حتى‬ ‫‪..‬‬
‫غاب عنهم ‪..‬‬ ‫فقال المسلمون ‪ :‬سبحان‬
‫والمسلمون تذوب أفئدتهم حزنا ً‬ ‫الله !! من جاءنا مسلما ً نرده‬
‫عليه ‪ ..‬فتى في ريعان‬ ‫إلى الكافرين !! كيف نرده‬
‫الشباب ‪ُ ..‬يشدد عليه العذاب ‪..‬‬ ‫إلى المشركين وقد جاء‬
‫وينقل من العيش الرغيد ‪ ..‬إلى‬ ‫مسلما ً ‪ ..‬فبينما هم كذلك إذ‬
‫البلء الشديد ‪..‬‬ ‫أقبل عليهم ‪ ..‬شاب يسير‬
‫وهو ابن سيد من‬ ‫على الرمضاء ‪ ..‬يرفل في‬
‫السادات‪..‬طالما تنعم‬ ‫قيوده ‪ ..‬وهو يصيح ‪ :‬يا‬
‫بالملذات‪..‬وتلذذ بالشهوات ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ..‬فنظروا إليه ‪..‬‬
‫ثم يجر أمام المسلمين‬ ‫فإذا هو أبو جندل ولد سهيل‬
‫‪245‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يصيحان ‪ ..‬يا محمد ‪ ..‬رده إلينا ‪..‬‬ ‫بقيوده ‪ ..‬ليعاد إلى سجنه‬
‫العهدُ الذي جعلت لنا ‪ ..‬فتذكر‬ ‫وحديده ‪..‬‬
‫النبي ‪ ε‬عهده لقريش أن يرد‬ ‫وهم ل يملكون له شيئا ً ‪..‬‬
‫إليهم من يأتيه من مكة ‪ ..‬فأشار‬ ‫مضى أبو جندل إلى مكة‬
‫إلى أبي بصير ‪ ..‬أن يخرج من‬ ‫وحيدا ً ‪ ..‬يسأل ربع الثبات‬
‫المدينة ‪ ..‬فخرج معهما أبو بصير‬ ‫على الدين ‪ ..‬والعصمة‬
‫‪ ..‬فلما جاوزا المدينة ‪ ..‬نزل‬ ‫واليقين ‪ ..‬أما المسلمون‬
‫لطعام ‪ ..‬وجلس أحدهما عند‬ ‫فقد رجعوا مع رسول الله ‪ε‬‬
‫أبي بصير ‪..‬‬ ‫إلى المدينة ‪ ..‬وهم في حنق‬
‫وغاب الخر ليقضي حاجته ‪..‬‬ ‫شديد على الكافرين ‪..‬‬
‫فأخرج القاعد عند أبي بصير‬ ‫وحزن على المسلمين‬
‫سيفه ‪ ..‬ثم أخذ يهزه ‪ ..‬ويقول‬ ‫المستضعفين ‪ ..‬ثم اشتد‬
‫مستهزءا ً بأبي بصير ‪ :‬لضربن‬ ‫العذاب على الضعفاء في‬
‫بسيفي هذا في الوس والخزرج‬ ‫مكة ‪ ..‬حتى لم يطيقوا له‬
‫يوما ً إلى الليل ‪..‬‬ ‫احتمال ً ‪..‬‬
‫فقال له أبو بصير ‪ :‬والله إني‬ ‫فبدأ أبو جندل ‪ ..‬وصاحبه أبو‬
‫لرى سيفك هذا يا فلن جيدا ً ‪..‬‬ ‫بصير ‪ ..‬والمستضعفون في‬
‫فقال ‪ :‬أجل والله إنه لجيد لقد‬ ‫مكة ‪ ..‬يحاولون التفلت من‬
‫جربت به ‪ ..‬ثم جربت ‪ ..‬فقال‬ ‫قيودهم ‪..‬‬
‫أبو بصير ‪ :‬أرني أنظر إليه ‪..‬‬ ‫حتى استطاع أبو بصير ‪ τ‬أن‬
‫فناوله إياه ‪ ..‬فما كاد السيف‬ ‫يهرب من حبسه ‪ ..‬فمضى‬
‫يستقر في يده ‪ ..‬حتى رفعه ثم‬ ‫من ساعته إلى المدينة ‪..‬‬
‫هوى به على رقبة الرجل فأطار‬ ‫يحمله الشوق ‪ ..‬ويحدوه‬
‫رأسه ‪ ..‬فلما رجع الخر من‬ ‫المل ‪ ..‬في صحبة النبي ‪ε‬‬
‫حاجته ‪..‬‬ ‫وأصحابه ‪ ..‬مضى يطوي‬
‫رأى جسد صاحبه ممزقا ً ‪..‬‬ ‫قفار الصحراء ‪ ..‬تحترق‬
‫مجندل ً ممزقا ً ‪ ..‬ففزع ‪ ..‬وفّر‬ ‫قدماه على الرمضاء ‪..‬‬
‫حتى أتى المدينة ‪ ..‬فدخل‬ ‫حتى وصل المدينة ‪ ..‬فتوجه‬
‫المسجد يعدو ‪..‬‬ ‫إلى مسجدها ‪ ..‬فبينما النبي‬
‫فلما رآه ‪ ε‬مقبل ً ‪ ..‬فزعا ً ‪..‬‬ ‫‪ ε‬في المسجد مع أصحابه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬لقد رأى هذا ذعرا ً ‪..‬‬ ‫إذ دخل عليهم أبو بصير ‪..‬‬
‫فلما وقف بين يديه ‪ ε‬صاح من‬ ‫عليه أثُر العذاب ‪ ..‬ووعثاءُ‬
‫قِتل والله‬ ‫شدة الفزع ‪ ..‬قال ‪ُ :‬‬ ‫السفر ‪ ..‬وهو أشعث أغبر ‪..‬‬
‫صاحبي ‪ ..‬وإني لمقتول ‪..‬‬ ‫فما كاد يلتقط أنفاسه ‪..‬‬
‫فلم يلبث أن دخل عليهم أبو‬ ‫حتى أقبل رجلن من كفار‬
‫بصير ‪ ..‬تلتمع عيناه شررا ً ‪..‬‬ ‫قريش فدخل المسجد ‪..‬‬
‫والسيف في يده يقطر دما ً ‪..‬‬ ‫فلما رآهما أبو بصير ‪ ..‬فزع‬
‫فقال ‪:‬‬ ‫واضطرب ‪ ..‬وعادت إليه‬
‫يا نبي الله ‪ ..‬قد أوفى الله‬ ‫صورة العذاب ‪ ..‬فإذا هما‬
‫‪246‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فاحتار أين يذهب ‪ ..‬ففي مكة‬ ‫ذمتك ‪ ..‬قد رددتني إليهم ثم‬
‫عذاب وقيود ‪ ..‬وفي المدينة‬ ‫أنجاني الله منهم ‪ ..‬فضمني‬
‫مواثيق وعهود ‪..‬‬ ‫إليكم ‪ ..‬قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫فمضى إلى سيف البحر قريبا ً‬ ‫فصاح أبو بصير بأعلى صوته‬
‫من جدة ‪ ..‬فنزل هناك ‪ ..‬في‬ ‫‪ ..‬قال ‪ :‬أو ‪ ..‬يا رسول‬
‫صحراء قاحلة ‪ ..‬ل أنيس فيها‬ ‫الله ‪ ..‬أعطني رجال ً أفتح لك‬
‫ول جليس ‪..‬‬ ‫مكة ‪..‬‬
‫فتسامع به المسلمون‬ ‫فأعجب النبي ‪ ε‬بشجاعته ‪..‬‬
‫المستضعفون بمكة ‪ ..‬فعلموا‬ ‫لكنه ل يستطيع أن ينفذ له‬
‫أنه باب فرج انفتح لهم ‪..‬‬ ‫طلبه فبينه وبين أهل مكة‬
‫فالمسلمون في المدينة ل‬ ‫عهد ‪..‬‬
‫يقبلونهم ‪ ..‬والكفار في مكة‬ ‫لكنه ‪ ε‬أراد أن يرده بلطف ‪..‬‬
‫يعذبونهم ‪..‬‬ ‫فليسعد النطق إن لم يسعد‬
‫فتفلت أبو جندل من قيوده ‪..‬‬ ‫الحال ‪..‬‬
‫فلحق بأبي بصير ‪ ..‬ثم جعل‬ ‫التفت ‪ ε‬إلى أصحابه وقال‬
‫المسلمون يتوافدون إليه في‬ ‫مادحا ً لبي بصير ‪ :‬ويل‬
‫مكانه ‪ ..‬حتى كثر عددهم ‪..‬‬ ‫عر حرب لو كان‬ ‫أمه !! مس ّ‬
‫واشتدت قوتهم ‪..‬‬ ‫معه رجال ‪..‬‬
‫فجعلت ل تمر بهم قافلة تجارة‬ ‫فكانت هذه الكلمات بمثابة‬
‫لقريش ‪ ..‬إل اعترضوا لها ‪..‬‬ ‫التخفيف والعتذار من أبي‬
‫فلما كثر ذلك على قريش ‪..‬‬ ‫بصير ‪..‬‬
‫أرسلوا إلى النبي ‪ ε‬ناشدونه‬ ‫وظل أبو بصير واقفا ً عند‬
‫بالله أن يضمهم إليه ‪ ..‬فأرسل‬ ‫باب المسجد ينتظر إذن‬
‫النبي ‪ ε‬إليهم أن يأتوا المدينة ؟‬ ‫النبي ‪ ε‬له بالمكوث في‬
‫فلما وصل إليهم الكتاب ‪..‬‬ ‫المدينة ‪..‬‬
‫استبشروا وفرحوا ‪..‬‬ ‫لكنه ‪ ε‬تذكر عهده مع قريش‬
‫لكن أبا بصير كان قد ألم به‬ ‫فأمر أبا بصير بالخروج من‬
‫مرض الموت ‪ ..‬وهو يردد قائل ً ‪:‬‬ ‫المدينة ‪ ..‬فسمع أبو بصير‬
‫ربي العلي الكبر من ينصر الله‬ ‫وأطاع ‪..‬‬
‫فسوف ينصر ‪..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬وما حمل في نفسه‬
‫فلما دخلوا عليه وأخبروه أن‬ ‫على الدين ‪ ..‬ول انقلب‬
‫النبي ‪ ε‬أذن لهم بسكنى المدينة‬ ‫عدوا ً للمسلمين ‪..‬‬
‫‪ ..‬وأن غربتهم انتهت ‪..‬‬ ‫فهو يرجو ما عند الحليم‬
‫وحاجتهم قضيت ‪ ..‬ونفوسهم‬ ‫الكريم ‪ ..‬من الثواب العظيم‬
‫أمنت ‪..‬‬ ‫‪ ..‬الذي من أجله ترك أهله ‪..‬‬
‫فاستبشر أبو بصير ‪ ..‬ثم قال‬ ‫وفارق ولده ‪ ..‬وأتعب‬
‫وهو يصارع الموت ‪ :‬أروني‬ ‫نفسه ‪ ..‬وعذب جسده ‪..‬‬
‫كتاب رسول الله ‪ .. ε‬فناولوه‬ ‫خرج أبو بصير من المدينة ‪..‬‬
‫إياه ‪..‬‬
‫‪247‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫من مهارات الكلم ‪..‬‬ ‫فأخذه فقبله ‪ ..‬ثم جعله‬
‫فلما تعبت قالت له ‪ :‬وأنت ماذا‬ ‫على صدره ‪ ..‬وقال ‪ :‬أشهد‬
‫تتمنى ؟!‬ ‫أن ل إله إل الله ‪ ..‬وأشهد‬
‫فنظر إلى السقف طويل ً ثم‬ ‫أن محمدا ً رسول الله ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أتمنى أن ينطلق جذع من‬ ‫أشهد أن ل إله إل الله ‪..‬‬
‫هذا السقف ويقع على رأسك‬ ‫وأشهد أن محمدا ً رسول الله‬
‫فيقسمه نصفين ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ثم شهق ومات ‪..‬‬
‫فرحم الله أبا بصير ‪ ..‬وصلى‬
‫حديث ‪..‬‬ ‫على نبي الرحمة وسلم‬
‫سألوه ‪ : ‬ما أكثر ما يدخل‬ ‫تسليما ً كثيرا ً ‪..‬‬
‫الناس النار ؟ فقال ‪ :‬هذا‬ ‫ومن السعاد بالنطق‬
‫وهذا ‪ ..‬يعني الفرج واللسان‬ ‫والسحر بالكلم ‪ ..‬أن تراعي‬
‫من معك إذا جاملك ‪..‬‬
‫الدعاء ‪..‬‬ ‫‪.82‬‬ ‫وتتلطف معه ‪..‬‬
‫ل أعني هنا الكلم عن فضل‬ ‫ذكر أن امرأة فقيرة‬
‫الدعاء ‪ ..‬وآدابه وشروط‬ ‫اضطجعت بجانب زوجها‬
‫إجابته ‪..‬‬ ‫على فراش عتيق ‪ ..‬في‬
‫فهذا ليس له علقة مباشرة بما‬ ‫كوخ قديم ‪ ..‬جدرانه‬
‫نناقشه هنا وهو مهارات‬ ‫مرقعة ‪ ..‬وسقفه من جذوع‬
‫التعامل مع الناس ‪..‬‬ ‫النخل ‪..‬‬
‫وإنما أعني ‪ :‬كيف تجعل الدعاء‬ ‫فجالت ببصرها تنظر إلى‬
‫مهارة في كسب الناس ؟‬ ‫كزت‬ ‫جدران بيتها ‪ ..‬ثم ر ّ‬
‫ً‬
‫ومن ذلك أن تدعو الله أيضا أن‬ ‫بصرها إلى السقف ‪..‬‬
‫يهديك إلى أحسن الخلق ‪ ..‬كما‬ ‫وسرحت بفكرها بعيدا ً ‪ ..‬ثم‬
‫كان الحبيب ‪ ε‬يدعو قائل ً ‪:‬‬ ‫قالت ‪:‬‬
‫)اللهم لك الحمد ‪ ..‬ل إله إل‬ ‫تدري ماذا أتمنى ؟‬
‫أنت ‪ ..‬سبحانك وبحمدك ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬هاه !! ماذا تتمنين ؟‬
‫قالت ‪ :‬أتمنى أن نملك بيتا ً‬
‫ظلمت نفسي ‪ ..‬واعترفت‬
‫بذنبي ‪..‬‬ ‫كبيرا ً تسعد فيه مع أولدك ‪..‬‬
‫فاغفر لي ذنوبي ‪ ..‬ل يغفر‬ ‫وتدعو إليه أصدقاءك ‪..‬‬
‫الذنوب إل أنت ‪..‬‬ ‫ونملك سيارة فارهة ‪ ..‬ترتاح‬
‫اهدني لحسن الخلق ‪ ..‬ل‬ ‫إذا سقتها ‪ ..‬ويزيد راتبك‬
‫يهدي لحسنها إل أنت ‪..‬‬ ‫ضعفين حتى تسدد ديونك ‪..‬‬
‫واصرف عني سيئها ‪ ..‬إنه ل‬ ‫و ‪ ..‬ومضت المسكينة تسرد‬
‫يصرف سيئها إل أنت ‪..‬‬ ‫له بحماس أسباب السعادة‬
‫لبيك وسعديك والخير‬ ‫التي تتمناها له ‪..‬‬
‫)‪(93‬‬
‫بيديك ‪.. ( ..‬‬ ‫والرجل غارق في أحلم‬
‫خيبته ‪ ..‬يائس من صلح‬
‫حاله ‪ ..‬ل يملك أية مهارة‬
‫) ( أخرجه أبو عوانة‬ ‫‪93‬‬

‫‪248‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫النافذة التي خلفنا المعتمرين‬ ‫نعود إلى أصل كلمنا ‪ ..‬كيف‬
‫والطائفين خلفنا على الهواء‬ ‫تجعل الدعاء مهارة في‬
‫مباشرة ‪..‬‬ ‫كسب قلوب الناس ‪..‬؟‬
‫كان المنظر مهيبا ً ‪ ..‬والكلم‬ ‫الناس عموما ً يحبون الدعاء‬
‫مؤثرا ً ‪ ..‬حتى إن مقدم البرنامج‬ ‫لهم ‪ ..‬حتى عند السلم‬
‫رق قلبه وبكى أثناء الحلقة ‪..‬‬ ‫عليهم ولقائهم يفرحون إن‬
‫كان الجو إيمانيا ً ‪ ..‬ما أفسده‬ ‫دعوت لهم ‪..‬‬
‫علينا إل أحد المصورين !! كان‬ ‫فمع قولك ‪ :‬كيف الحال وما‬
‫يمسك كاميرا التصوير بيد ‪..‬‬ ‫الخبار ؟ أضف إليها ‪ :‬الله‬
‫واليد الثانية فيها سيجارة ‪..‬‬ ‫يحرسك ‪ ..‬الله يجعلك مباركا ً‬
‫وكأنه يريد أن ل تضيع عليه‬ ‫‪ ..‬الله يثبت قلبك ‪..‬‬
‫لحظة من ليل رمضان إل وقد‬ ‫ول تكن عبارات دعائك‬
‫أشبع رئتيه سيجارا ً !!‬ ‫مستهلكة أو اعتيادية مثل ‪:‬‬
‫أزعجني هذا كثيرا ً ‪ ..‬وخنقني‬ ‫الله يوفقك ‪ ..‬الله‬
‫وصاحبي الدخان ‪ ..‬لكن لم يكن‬ ‫يحفظك ‪ ..‬نعم هي دعاء‬
‫بد من الصبر ‪ ..‬فاللقاء مباشر ‪..‬‬ ‫حسن لكن السامع اعتاد‬
‫وما حيلة المضطر إل ركوبها !!‬ ‫عليه حتى لم يعد يرن في‬
‫مضت ساعة كاملة ‪ ..‬وانتهى‬ ‫أذنه عند سماعه ‪..‬‬
‫اللقاء بسلم ‪..‬‬ ‫وإن قابلت أحدا ً معه‬
‫ي المصور ‪ -‬والسيجارة‬ ‫أقبل إل ّ‬ ‫أولده ‪ ..‬فادع لهم وهو‬
‫في يده ‪ -‬شاكرا ً مثنيا ً ‪ ..‬فشددت‬ ‫يسمع ‪ ..‬الله يقر بهم‬
‫على يده وقلت ‪ ..‬وأنت أيضا ً‬ ‫عينك ‪ ..‬الله يجمع شملكم ‪..‬‬
‫أشكرك على مشاركتك في‬ ‫الله يرزقك برهم ‪ ..‬ونحو‬
‫تصوير البرامج الدينية ‪ ..‬ولي‬ ‫ذلك ‪..‬‬
‫إليك كلمة لعلك تقبلها ‪ ..‬قال ‪:‬‬ ‫أنا أحكي هذا عن تجربة ‪..‬‬
‫تفضل ‪ ..‬تفضل ‪..‬‬ ‫لقد جربته كثيرا ً كثيرا ً ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬الدخان والسجا ‪..‬‬ ‫فرأيته يسلب قلوب الناس‬
‫فقاطعني ‪ :‬ل تنصحني ‪ ..‬والله‬ ‫سلبا ً ‪..‬‬
‫ما فيه فائدة يا شيخ ‪..‬‬ ‫دعيت في ليلة من ليالي‬
‫قلت ‪ :‬طيب اسمع مني ‪ ..‬أنت‬ ‫شهر رمضان قبل سنتين‬
‫تعلم أن السجاير حرام وأن الله‬ ‫إلى لقاء مباشر في إحدى‬
‫يقول ‪ ..‬فقاطعني مرة أخرى ‪:‬‬ ‫القنوات الفضائية ‪..‬‬
‫يا شيخ ل تضع وقتك ‪ ..‬أنا مضى‬ ‫كان اللقاء حول أحوال‬
‫لي أكثر من أربعين سنة وأنا‬ ‫العبادة في رمضان ‪ ..‬وكان‬
‫أدخن ‪ ..‬الدخان يجري في‬ ‫انعقاد اللقاء في مكة‬
‫عروقي ‪ ..‬ما فيه فااائدة ‪ ..‬كان‬ ‫المكرمة في غرفة بأحد‬
‫غيرك أشطر !!‬ ‫الفنادق مطلة على الحرم ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬يعني ما فيه فائدة ؟!!‬ ‫كنا نتحدث عن رمضان ‪..‬‬
‫فأحرج مني وقال ‪ :‬ادع لي ‪..‬‬ ‫والمشاهدون يرون من خلل‬
‫‪249‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫إلى مقر تلك القناة للقاء مباشر‬ ‫ادع لي ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فأمسكت يده وقلت ‪ :‬تعال‬
‫فلما دخلت المبنى فإذا برجل‬ ‫معي ‪..‬‬
‫ي ثم ‪ ..‬يسلم‬‫بدين يقبل عل ّ‬ ‫قلت تعال ننظر إلى‬
‫علي بحرارة ‪ ..‬ويقبل رأسي ‪..‬‬ ‫الكعبة ‪..‬‬
‫وينحني على يدي ليقبلها ‪ ..‬وهو‬ ‫فوقفنا عند النافذة المطلة‬
‫متأثر جدا ً ‪..‬‬ ‫على الحرم ‪ ..‬فإذا كل شبر‬
‫فقلت له ‪ :‬شكر الله لطفك ‪..‬‬ ‫فيه مليء بالناس ‪ ..‬ما بين‬
‫وأدبك ‪ ..‬وأقدر لك محبتك ‪..‬‬ ‫راكع وساجد ‪ ..‬ومعتمر وباك‬
‫لكن اسمح لي فأنا لم أعرفك ‪..‬‬ ‫‪ ..‬كان المنظر فعل ً مؤثرا ً ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬هل تذكر المصور الذي‬ ‫قلت ‪ :‬هل ترى هؤلء ؟‬
‫نصحته قبل سنتين ليترك‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫التدخين ؟!‬ ‫قلت ‪ :‬جاؤوا من كل مكان ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫بيض وسود ‪ ..‬عرب‬
‫قال ‪ :‬أنا هو ‪ ..‬والله يا شيخ إني‬ ‫وأعاجم ‪ ..‬أغنياء وفقراء‬
‫لم سيجارة في فمي منذ تلك‬ ‫‪..‬كلهم يدعون الله أن يتقبل‬
‫اللحظة ‪..‬‬ ‫منهم ويغفر لهم ‪..‬‬
‫ما أجمل الذكريات إذا كانت‬ ‫قال ‪ :‬صحيح ‪ ..‬صحيح ‪..‬‬
‫سارة ‪..‬‬ ‫قلت أفل تتمنى أن يعطيك‬
‫في موسم الحج قبل ثلث‬ ‫الله ما يعطيهم ؟ قال ‪ :‬بلى‬
‫سنوات ‪ ..‬ذهبت للقاء كلمة في‬ ‫‪..‬‬
‫إحدى حملت الحج الكبرى في‬ ‫قلت ‪ :‬ارفع يديك ‪ ..‬وسأدعو‬
‫صلة العصر ‪..‬‬ ‫لك ‪.‬ز أمن على دعائي ‪..‬‬
‫بعد الكلمة ازدحم الناس يسألون‬ ‫رفعت يدي وقلت ‪ :‬اللهم‬
‫ويسلمون ‪ ..‬حاولت التخلص‬ ‫اغفر له ‪ ..‬قال ‪ :‬آمين ‪..‬‬
‫السريع لرتباطي بمحاضرة‬ ‫قلت ‪ :‬اللهم ارفع درجته‬
‫بعدهم فورا ً في حملة أخرى ‪..‬‬ ‫واجمعه مع أحبابه في‬
‫لحظت من بينهم شاب يقدم‬ ‫الجنة ‪ ..‬اللهم ‪..‬‬
‫ح أن‬‫رجل ً ويؤخر أخرى ‪ ..‬مست ٍ‬ ‫ول زلت أدعو حتى رق قلبه‬
‫يزاحم الناس ‪..‬‬ ‫وبكى ‪ ..‬وأخذ يردد ‪ :‬آمين ‪..‬‬
‫التفت إليه ‪ ..‬ومددت يدي نحوه‬ ‫آمين ‪..‬‬
‫فصافحني ‪ ..‬ثم سألته في‬ ‫فلما أردت أن أختم الدعاء ‪..‬‬
‫وسط الزحام ‪ : ..‬عندك سؤال ؟‬ ‫قلت ‪ :‬اللهم إن ترك‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫التدخين فاستجب هذا الدعاء‬
‫ي والناس‬ ‫فجررته إل ّ‬ ‫وإن لم يتركه فاحرمه منه ‪..‬‬
‫مزدحمون ‪ ..‬حتى اقترب ‪..‬‬ ‫فانفجر الرجل باكيا ً ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬ما سؤالك ؟‬ ‫وغطى وجهه بيديه وخرج‬
‫فقال وهو مستعجل ‪ :‬ذهبت‬ ‫من الغرفة ‪..‬‬
‫لرمي الجمرات ‪ ..‬معي جدتي‬ ‫مضت عدة شهور ‪ ..‬فدعيت‬
‫‪250‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫هززت يده مشجعا ً ‪ ..‬ومضيت ‪..‬‬ ‫وأختي ‪ ..‬وكان زحاما ً‬
‫وقد أيقنت أن الدعاء للناس في‬ ‫شديدا ً ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫وجوههم ‪ ..‬وهم يسمعون ‪..‬‬ ‫انتهى من سؤاله ‪ ..‬فأجبته‬
‫ربما يكون أكثر تأثيرا ً من النصح‬ ‫عليه ‪..‬‬
‫المباشر ‪..‬‬ ‫شممت منه خلل ذلك رائحة‬
‫ومثله لو رأيت شابا ً بارا ً بأبيه ‪..‬‬ ‫دخان ‪ ..‬فتبسمت وسألته ‪:‬‬
‫فقلت له ‪ :‬جزاك الله ‪ ..‬الله‬ ‫تدخن ؟‬
‫يوفقك ‪ ..‬الله يجعل أولدك‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫بارين بك ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬أسأل الله أن يغفر‬
‫بل شك أن هذا الدعاء سيكون‬ ‫لك ‪ ..‬ويتقبل حجك ‪ ..‬إن‬
‫دافعا ً له أكثر ‪..‬‬ ‫تركت التدخين من هذه‬
‫كان النبي الكريم ‪ ..‬عليه أفضل‬ ‫اللحظة ‪..‬‬
‫الصلة والتسليم ‪ ..‬مبدعا ً في‬ ‫سكت الشاب ‪ ..‬كان واضحا ً‬
‫استعمال الدعاء لدعوة الناس‬ ‫من وجهه أنه تأثر بالكلم ‪..‬‬
‫وكسبهم والتأثير فيهم‬ ‫مضت ثمانية أشهر ‪..‬‬
‫لتقريبهم للدين ‪..‬‬ ‫فذهبت للقاء محاضرة في‬
‫كان الطفيل بن عمرو سيدا ً‬ ‫إحدى المدن ‪..‬‬
‫مطاعا ً في قبيلته دوس ‪..‬‬ ‫أقبلت إلى المسجد ‪ ..‬فإذا‬
‫قدم مكة يوما ً في حاجة ‪ ..‬فلما‬ ‫شاب وقور ينتظرني عند‬
‫دخلها ‪ ..‬رآه أشراف قريش ‪..‬‬ ‫بابه ‪ ..‬تفاجأت به لما‬
‫فأقبلوا عليه ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬من أنت‬ ‫ي متحمسا ً‬ ‫رآني ‪ ..‬يقبل عل ّ‬
‫؟ قال ‪ :‬أنا الطفيل بن عمرو ‪..‬‬ ‫ويسلم بحرارة ‪..‬‬
‫سيد دوس ‪..‬‬ ‫لم أعرفه ‪ ..‬لكني بادلته‬
‫فقالوا ‪ :‬إن ههنا رجل في مكة‬ ‫السلم والترحيب ‪..‬‬
‫يزعم أنه نبي ‪ ..‬فاحذر أن‬ ‫قال ‪ :‬هل عرفتني ‪..‬‬
‫تجلس معه أو تسمع كلمه ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬أشكر لك لطفك ‪..‬‬
‫فإنه ساحر ‪ ..‬إن استمعت إليه‬ ‫ومحبتك ‪ ..‬لكني لم‬
‫ذهب بعقلك ‪..‬‬ ‫أعرفك ‪..‬‬
‫قال الطفيل ‪ :‬فو الله ما زالوا‬ ‫قال ‪ :‬هل تذكر الشاب‬
‫بي يخوفونني منه ‪ ..‬حتى‬ ‫المدخن الذي قابلته في‬
‫أجمعت أل أسمع منه شيئا ً ‪ ..‬ول‬ ‫الحج ‪ ..‬ونصحته بترك‬
‫ي‬ ‫أكلمه ‪ ..‬بل حشوت في أذن ّ‬ ‫التدخين ؟‬
‫كرسفا ‪ -‬وهو القطن – خوفا ً‬ ‫قلت ‪ :‬نعم ‪ ..‬نعم ‪..‬‬
‫من أن يبلغني شيء من قوله ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أنا هو ‪ ..‬أبشرك ولله‬
‫وأنا ماّر به ‪..‬‬ ‫الحمد أني ما وضعت‬
‫قال الطفيل ‪ :‬فغدوت إلى‬ ‫السيجارة في فمي منذ تلك‬
‫المسجد ‪ ..‬فإذا رسول الله ‪ρ‬‬ ‫اللحظة ‪ ..‬تركت التدخين ‪..‬‬
‫قائم يصلي عند الكعبة ‪..‬‬ ‫فصلحت كثير من أمور‬
‫فقمت منه قريبا ً ‪ ..‬فأبى الله إل‬ ‫حياتي ‪..‬‬
‫‪251‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫حياته التي عاشها ‪ ..‬أمواله التي‬ ‫أن يسمعني بعض قوله ‪..‬‬
‫جمعها ‪ ..‬أهله ‪ ..‬ولده ‪..‬‬ ‫فسمعت كلما ً حسنا ً ‪..‬‬
‫جيرانه ‪ ..‬خلنه ‪ ..‬كل هذا‬ ‫فقلت في نفسي ‪ :‬واثكل‬
‫سيضطرب ‪..‬‬ ‫أمي ! والله إني لرجل‬
‫سكت الطفيل ‪ ..‬يفكر ‪ ..‬يوازن‬ ‫ي‬ ‫لبيب ‪ ..‬ما يخفى عل ّ‬
‫بين دنياه وآخرته ‪..‬‬ ‫ن من القبيح ‪ ..‬فما‬ ‫الحس ُ‬
‫وفجأة إذا به يضرب بدنياه عرض‬ ‫يمنعني أن أسمع من هذا‬
‫الحائط ‪..‬‬ ‫الرجل ما يقول ‪ ..‬فإن كان‬
‫نعم سوف يستقيم على‬ ‫الذي به حسنا ً قبلته ‪ ..‬وإن‬
‫الدين ‪ ..‬وليرض من يرضى ‪..‬‬ ‫كان قبيحا ً تركته ‪ ..‬فمكثت‬
‫وليسخط من يسخط ‪ ..‬وماذا‬ ‫حتى قضى صلته ‪ ..‬فلما‬
‫يكون أهل الرض ‪ ..‬إذا رضي‬ ‫قام منصرفا ً إلى بيته‬
‫أهل السماء ‪..‬‬ ‫تبعته ‪..‬‬
‫ماله ورزقه بيد من في‬ ‫حتى إذا دخل بيته دخلت‬
‫السماء ‪ ..‬صحته وسقمه بيد من‬ ‫عليه ‪ ..‬فقلت ‪ :‬يا محمد ‪..‬‬
‫في السماء ‪ ..‬منصبه وجاهه بيد‬ ‫إن قومك قالوا لي كذا‬
‫من في السماء ‪ ..‬بل حياته‬ ‫وكذا ‪..‬‬
‫وموته بيد من في السماء ‪..‬‬ ‫ووالله ما برحوا يخوفونني‬
‫فإذا رضي أهل السماء ‪ ..‬فل‬ ‫منك حتى سددت أذني‬
‫عليه ما فاته من الدنيا ‪..‬‬ ‫بكرسف لئل أسمع قولك ‪..‬‬
‫إذا أحبه الله ‪ ..‬فلبيغضه بعدها‬ ‫وقد سمعت منك قول ً‬
‫من شاء ‪ ..‬وليتنكر له من شاء ‪..‬‬ ‫حسنا ً ‪ ..‬فاعرض عل ّ‬
‫ي‬
‫وليستهزئ به من شاء ‪..‬‬ ‫أمرك ‪..‬‬
‫فليتك تحلو والحياة مريرة‬ ‫فابتهج النبي عليه الصلة‬
‫وليتك ترضى‬ ‫والسلم ‪ ..‬وفرح ‪..‬وعرض‬
‫والنام غضاب‬ ‫السلم على الطفيل ‪ ..‬وتل‬
‫وليت الذي بيني وبينك عامر‬ ‫عليه القرآن ‪ ..‬فتفكر‬
‫وبيني وبين‬ ‫الطفيل في حاله ‪ ..‬فإذا كل‬
‫العالمين خراب‬ ‫يوم يعيشه يزيده من الله‬
‫إذا صح منك الود فالكل هين‬ ‫بعدا ً ‪..‬‬
‫وكل الذي فوق‬ ‫وإذا هو يعبد حجرا ً ‪ ..‬ل‬
‫التراب تراب‬ ‫يسمع دعاءه إذا دعاه ‪ ..‬ول‬
‫نعم ‪ ..‬أسلم الطفيل في‬ ‫يجيب نداءه إذا ناداه ‪ ..‬وهذا‬
‫مكانه ‪ ..‬وشهد شهادة الحق ‪..‬‬ ‫الحق قد تبين له ‪..‬‬
‫ثم ارتفعت همته ‪ ..‬فقال ‪ :‬يا‬ ‫ثم بدأ الطفيل يتفكر في‬
‫نبي الله ‪ ..‬إني امرؤ مطاع في‬ ‫عاقبة إسلمه ‪..‬‬
‫قومي ‪ ..‬وإني راجع إليهم‬ ‫كيف يغير دينه ودين‬
‫وداعيهم إلى السلم ‪..‬‬ ‫آبائه !!‪ ..‬ماذا سيقول الناس‬
‫ثم خرج الطفيل من مكة ‪..‬‬ ‫عنه ؟!‬
‫‪252‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وذو الشرى صنم عندهم يعبدونه‬ ‫مسرعا ً إلى قومه ‪ ..‬حامل ً‬
‫‪ ..‬وكانوا يرون أن من ترك‬ ‫م هذا الدين ‪..‬‬ ‫ه ّ‬
‫عبادته أصابه أو أصاب ولده بأذى‬ ‫يصعد به جبل ‪ ..‬وينزل به‬
‫‪..‬‬ ‫واد ‪..‬‬
‫فقال الطفيل ‪ :‬اذهبي ‪ ..‬أنا‬ ‫حتى وصل ديار قومه ‪ ..‬فلما‬
‫ضامن لك أن ل يضرهم ذو‬ ‫دخلها ‪ ..‬أقبل إليه أبوه ‪..‬‬
‫الشرى ‪..‬‬ ‫وكان شيخا ً كبيرا ً ‪..‬‬
‫فذهبت فاغتسلت ‪ ..‬ثم عرض‬ ‫فقال الطفيل ‪ :‬إليك عني يا‬
‫عليها السلم فأسلمت ‪..‬‬ ‫أبت ‪ ..‬فلست منك ولست‬
‫ثم جعل الطفيل يطوف في‬ ‫مني ‪..‬‬
‫قومه ‪ ..‬يدعوهم إلى السلم‬ ‫قال ‪ :‬ولم يا بني ؟ قال ‪:‬‬
‫بيتا ً بيتا ً ‪ ..‬ويقبل عليهم في‬ ‫أسلمت وتابعت دين محمد ‪ρ‬‬
‫نواديهم ‪ ..‬ويقف عليهم في‬ ‫‪..‬‬
‫طرقاتهم ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أي بني ديني دينك ‪..‬‬
‫وا إل عبادة الصنام ‪..‬‬ ‫َ‬
‫لكنهم أب َ ْ‬ ‫قال ‪ :‬فاذهب فاغتسل‬
‫فغضب الطفيل ‪ ..‬وذهب إلى‬ ‫وطهر ثيابك ‪ ..‬ثم ائتني‬
‫مكة ‪..‬‬ ‫حتى أعلمك مما علمت ‪..‬‬
‫فأقبل على رسول الله ‪ ρ‬فقال‬ ‫فذهب أبوه واغتسل وطهر‬
‫‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬إن دوسا ً قد‬ ‫ثيابه ‪ ..‬ثم جاء فعرض عليه‬
‫عصت وأبت ‪ ..‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫السلم فأسلم ‪..‬‬
‫فادع الله عليهم ‪..‬‬ ‫ثم مشى الطفيل إلى بيته ‪..‬‬
‫فتغير وجه النبي عليه الصلة‬ ‫فأتته زوجته مرحبة ‪..‬‬
‫والسلم ‪ ..‬ورفع يديه إلى‬ ‫فقال ‪ :‬إليك عني ‪ ..‬فلست‬
‫السماء ‪..‬‬ ‫منك ولست مني ‪..‬‬
‫فقال الطفيل في نفسه ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬ولم ؟ بأبي أنت‬
‫وس ‪..‬‬ ‫هلكت د ْ‬ ‫وأمي ‪..‬‬
‫فإذا بالرحيم الشفيق ‪ .. ρ‬يقول‬ ‫قال ‪ :‬فّرق بيني وبينك‬
‫‪ " :‬اللهم اهد دوسا ً ‪ ..‬اللهم اهد‬ ‫السلم ‪ ..‬وتابعت دين محمد‬
‫دوسا ً ‪..‬‬ ‫‪.. ρ‬‬
‫ثم التفت إلى الطفيل وقال ‪:‬‬ ‫قالت ‪ :‬فديني دينك ‪..‬‬
‫عهم ‪..‬‬ ‫ارجع إلى قومك ‪ ..‬فاد ُ‬ ‫قال ‪ :‬فقلت فاذهبي‬
‫وارفق بهم ‪..‬‬ ‫فتطهري ‪ ..‬ثم ارجعي‬
‫فرجع إليهم ‪ ..‬فلم يزل بهم ‪..‬‬ ‫ي ‪ ..‬فوّاته ظهرها ذاهبة ‪..‬‬ ‫إل ّ‬
‫حتى أسلموا ‪..‬‬ ‫ثم خافت من صنمهم أن‬
‫نعم ‪ ..‬ما أحسن قرع أبواب‬ ‫يعاقبها في أولدها إن‬
‫السماء ‪..‬‬ ‫تركت عبادته ‪..‬‬
‫ليس الطفيل وقومه فقط ‪..‬‬ ‫فرجعت إليه وقالت ‪ :‬بأبي‬
‫وإنما غيرهم كثير ‪..‬‬ ‫أنت وأمي ‪ ..‬أما تخشى على‬
‫كان المسلمون في بداية الدعوة‬ ‫الصبية من ذي الشرى ‪ ..‬؟‬
‫‪253‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أنفه ‪..‬‬ ‫النبوية قلة ‪ ..‬لم يتعدوا‬
‫وجاء بنو تيم قبيلة أبي بكر ‪..‬‬ ‫ثمانية وثلثين رجل ‪..‬‬
‫يتعادون ‪..‬‬ ‫ح أبو بكر يوما ً على‬ ‫فألـ ّ‬
‫وأبعدوا الناس عن أبي بكر ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ε‬في الظهور‬
‫وحملوه في ثوب حتى أدخلوه‬ ‫أمام الناس بالدعوة ولجهر‬
‫منزله ‪..‬‬ ‫بالسلم ‪..‬‬
‫وهم ل يشكون أنه ميت ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ‬يا أبا بكر ‪ ..‬إنا‬
‫ثم رجع قومه بنو تيم ‪ ..‬فدخلوا‬ ‫قليل ‪..‬‬
‫المسجد ‪ ..‬وجعلوا يصرخون في‬ ‫كان أبو بكر ‪ ‬متحمسا ً ‪..‬‬
‫المشركين ‪ ..‬يقولون ‪:‬‬ ‫ح على رسول‬ ‫فلم يزل يل ّ‬
‫والله لئن مات أبو بكر لنقتلن‬ ‫الله ‪ ε‬حتى اجتمعوا‬
‫عتبة بن ربيعة ‪..‬‬ ‫فخرجوا ‪ ..‬يتقدمهم رسول‬
‫ثم رجعوا الى أبي بكر ‪ ..‬وهو‬ ‫الله ‪.. ‬‬
‫مغمى عليه ‪ ..‬ليدرون ‪ ..‬حي أو‬ ‫توجهوا إلى المسجد ‪..‬‬
‫ميت !!‬ ‫تفرقوا في نواحي‬
‫ظل أبو قحافة والد أبي بكر ‪..‬‬ ‫المسجد ‪ ..‬كل رجل في‬
‫مع قومه ‪ ..‬واقفين عند أبي بكر‬ ‫عشيرته ‪..‬‬
‫‪ ..‬يكلمونه ‪ ..‬فل يجيبهم ‪..‬‬ ‫وقام أبو بكر في الناس‬
‫وأمه تبكي عند رأسه ‪..‬‬ ‫خطيبا ً ‪ ..‬يدعو إلى‬
‫فلما كان آخر النهار ‪ ..‬فتح‬ ‫السلم ‪ ..‬ويذم آلهتهم ‪..‬‬
‫عينيه ‪ ..‬فكان أول كلمة قالها ‪:‬‬ ‫وثار المشركون على‬
‫ما فعل رسول الله ‪ .. ε‬؟!‬ ‫المسلمين ‪ ..‬فضربوهم في‬
‫رضي الله عن أبي بكر ‪ ..‬كان‬ ‫نواحي المسجد ضربا ً‬
‫يهيم برسول الله ‪ ‬حبا ً ‪..‬‬ ‫شديدا ً ‪..‬‬
‫يخاف عليه أكثر مما يخاف على‬ ‫كان المشركون كثير ‪..‬‬
‫نفسه ‪..‬‬ ‫فتفرق المسلمون ‪..‬‬
‫كان كل من حوله ‪ ..‬أبوه أمه ‪..‬‬ ‫أقبل جمع منهم إلى أبي‬
‫قومه ‪ ..‬مشركين ‪..‬‬ ‫بكر ‪ ..‬وضربوه ضربا ً‬
‫فغضبوا ‪ ..‬وجعلوا يسبون رسول‬ ‫شديدا ً ‪..‬‬
‫الله ‪.. ‬‬ ‫فوقع على الرض في شدة‬
‫ثم قاموا ‪ ..‬وقالوا لم أبي بكر ‪:‬‬ ‫الرمضاء ‪..‬‬
‫أطعميه شيئا ً أو اسقيه ‪..‬‬ ‫فدنا منه الفاسق عتبة بن‬
‫فجعلت أمه تلح عليه ‪..‬‬ ‫ربيعة ‪ ..‬فجعل يضربه بنعلين‬
‫وهو يردد قائل ً ‪ :‬ما فعل رسول‬ ‫مخصوفين ‪ ..‬ويفركهما على‬
‫الله ‪.. ε‬؟‬ ‫وجهه ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬والله مالي علم‬ ‫ثم قام على بطن أبي بكر ‪..‬‬
‫بصاحبك ‪..‬‬ ‫حتى سالت الدماء من وجه‬
‫فقال ‪ :‬اذهبي إلى أم جميل‬ ‫أبي بكر ‪ ..‬وتمزق لحم وجهه‬
‫بنت الخطاب ‪ ..‬فسليها عنه ‪..‬‬ ‫‪ ..‬حتى ما يعرف فمه من‬
‫‪254‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أرى رسول الله ‪ ‬بعيني ‪..‬‬ ‫وكانت أم جميل مسلمة‬
‫فانتظرتا ‪ ..‬حتى إذا هدأ‬ ‫تكتم إسلمها ‪..‬‬
‫الناس ‪ ..‬خرجتا به يتكيء عليهما‬ ‫خرجت أمه حتى جاءت أم‬
‫‪ .‬فذهبتا به إلى بيت أبي‬ ‫جميل ‪ ..‬فقالت ‪ :‬إن أبا بكر‬
‫الرقم ‪..‬‬ ‫يسألك عن محمد بن عبد‬
‫حتى أدخلتاه على رسول الله‬ ‫الله ‪..‬‬
‫‪.. ε‬‬ ‫فقالت ‪ :‬ما أعرف أبا بكر ‪..‬‬
‫فلما دخل فإذا وجه جريح ‪..‬‬ ‫ول محمد بن عبد الله ‪ ..‬لكن‬
‫ودماء تسيل ‪ ..‬وثياب ممزقة ‪..‬‬ ‫أتحبين أن أمضي معك إلى‬
‫فرآه رسول الله ‪ .. ‬فأكب‬ ‫ابنك ؟‬
‫عليه النبي ‪ ‬يقبله ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫وأكب عليه المسلمون يقبلونه ‪..‬‬ ‫فمضت معها ‪ ..‬حتى دخلت‬
‫ورقّ له رسول الله ‪ ε‬رقة‬ ‫على أبي بكر ‪ ..‬فوجدته‬
‫شديدة ‪ ..‬حتى ظهر التأثر على‬ ‫صريعا ً دنفا ً ‪ ..‬ممزق‬
‫وجهه الشريف ‪.. ‬‬ ‫الوجه ‪ ..‬مرهق الجسد ‪..‬‬
‫فأراد أبو بكر أن يخفف عليه ‪..‬‬ ‫فلما رأته أم جميل صاحت ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬بأبي وأمي يا رسول‬ ‫وقالت ‪:‬‬
‫الله ‪ ..‬ليس من بأس ‪ ..‬إل ما‬ ‫والله إن قوما ً نالوا هذا منك‬
‫نال الفاسق من وجهي ‪..‬‬ ‫لهل فسق وكفر ‪ ..‬وإني‬
‫ثم قال أبو بكر ‪ ..‬البطل الذي‬ ‫لرجو أن ينتقم الله لك‬
‫يحمل هم الدعوة ‪ ..‬ويحسن‬ ‫منهم ‪..‬‬
‫استثمار المواقف ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فما فعل رسول الله ‪ε‬‬
‫كان جريحا ً ‪ ..‬جائعا ً عطشانا ً ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫ومع ذلك ‪ ..‬قال ‪ :‬يا رسول‬ ‫وكانت أم أبي بكر بجانبها ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬هذه أمي برة بوالديها ‪..‬‬ ‫فخافت أم جميل أن يفضح‬
‫وأنت مبارك ‪ ..‬فادعها الى الله‬ ‫أمر إسلمها ‪ ..‬فيؤذونها ‪..‬‬
‫عز وجل ‪ ..‬وادع الله لها ‪..‬‬ ‫فقالت ‪ :‬يا أبا بكر ‪ ..‬هذه‬
‫عسى الله أن يستنقذها بك من‬ ‫أمك تسمع ‪..‬‬
‫النار ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فل شيء عليك فيها ‪..‬‬
‫فدعا لها رسول الله ‪ .. ε‬ثم‬ ‫قالت ‪ :‬أبشر ‪ ..‬فرسول الله‬
‫دعاها الى الله عز وجل ‪..‬‬ ‫‪ .. ‬سالم صالح ‪..‬‬
‫فأسلمت فورا ً في مكانها ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فأين هو ؟‬
‫كان الدعاء أصل ً من الصول‬ ‫قالت ‪ :‬في دار أبي‬
‫التي يتعاملون بها ‪..‬‬ ‫الرقم ‪..‬‬
‫أسلم أبو هريرة ‪.. ‬‬ ‫فقالت أمه ‪ :‬قد علمت خبر‬
‫وبقيت أمه كافرة ‪..‬‬ ‫صاحبك ‪ ..‬فقم فأكل‬
‫كان يدعوها إلى السلم‬ ‫طعاما ً ‪ ..‬أو اشرب ‪..‬‬
‫فتأبى ‪..‬‬ ‫ي أن ل‬ ‫قال ‪ :‬فإن لله عل ّ‬
‫ح فأسمعته‬ ‫فدعاها يوما ً ‪ ..‬وألـ ّ‬ ‫أذوق طعاما ً أو شرابا ‪ ..‬حتى‬
‫ً‬
‫‪255‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫إضاءة ‪..‬‬ ‫في رسول الله ‪ ‬ما يكره ‪..‬‬
‫) وقال ربكم ادعوني أستجب‬ ‫فضاق صدر أبي هريرة بذلك‬
‫لكم (‬ ‫‪ ..‬وذهب إلى رسول الله ‪‬‬
‫وهو يبكي ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫الترقيع !!‬ ‫‪.83‬‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬إني كنت‬
‫أحيانا ً عند ممارستنا لبعض‬ ‫أدعو أمي إلى السلم‬
‫المهارات مع الخرين نكتشف‬ ‫فتأبى علي ‪ ..‬وإني دعوتها‬
‫بأننا أخطأنا تقدير المهارة‬ ‫اليوم فأسمعتني فيك ما‬
‫المناسبة للشخص ‪ ..‬أو قد نكون‬ ‫أكره ‪ ..‬فادع الله يا رسول‬
‫وضعناها في غير موضعها ‪..‬‬ ‫الله أن يهدي أم أبي هريرة‬
‫مثل من رأى شابا ً وسيما ً ‪..‬‬ ‫إلى السلم ‪..‬‬
‫فأراد أن يمارس معه مهارة "‬ ‫فدعا لها رسول الله ‪.. ‬‬
‫كن لماحا ً " فقال له ‪ :‬ما شاء‬ ‫فرجع أبو هريرة إلى أمه ‪..‬‬
‫الله ما هذه الثياب الجميلة‬ ‫فلما كان على الباب ‪ ..‬فإذا‬
‫والرونق البهي والوجه‬ ‫هو مغلق ‪ ..‬فحركه ليدخل ‪..‬‬
‫المسفر ‪ ..‬ثم بدل أن يقول ‪ :‬ما‬ ‫فإذا بأمه تفتح له الباب ‪..‬‬
‫أسعد زوجتك بك‪ ..‬قال ‪ :‬يا ليتك‬ ‫وتقول ‪ :‬أشهد أن ل إله إل‬
‫بنتا ً حتى أتزوجك !!!‬ ‫الله ‪ ..‬وأن محمدا ً رسول‬
‫مزحة ثقييييلة جدا ً ‪ ..‬أليس‬ ‫الله ‪..‬‬
‫كذلك ؟!‬ ‫فرجع أبو هريرة إلى رسول‬
‫قال أحد الزملء ‪:‬‬ ‫الله ‪ ‬وهو يبكي من‬
‫في الجامعة كان لدي طالب بليد‬ ‫الفرح ‪..‬‬
‫لكن الله تعالى عوضه عن بلدته‬ ‫وجعل يقول ‪ :‬أبشر يا‬
‫بشيء من الوسامة ‪ ..‬وكان‬ ‫رسول الله ‪ ..‬قد استجاب‬
‫يجلس في آخر القاعة دائما ً ‪..‬‬ ‫الله دعوتك ‪ ..‬وهدى الله أم‬
‫ويسرح بفكره بعييييدا ً ‪..‬‬ ‫أبي هريرة إلى السلم ‪..‬‬
‫كنت أطلب منه دائما ً أن يجلس‬ ‫ثم قال أبو هريرة ‪ :‬يا‬
‫في المام ليتابع ‪ ..‬وهو يتغافل‬ ‫رسول الله ‪ ..‬أدع الله أن‬
‫عن ذلك ‪ ..‬كنت أتجنب إحراجه‬ ‫يحببني وأمي إلى عباده‬
‫أو إحراج غيره من الطلب فهم‬ ‫المؤمنين ‪ ..‬ويحببهم إلينا ‪..‬‬
‫كبار في المرحلة الجامعية ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ‬اللهم حبب عبيدك‬
‫دخلت يوما ً فإذا هو منشغل آخر‬ ‫هذا وأمه إلى عبادك‬
‫القاعة كعادته ‪ ..‬فلما جلست‬ ‫المؤمنين ‪ ..‬وحببهم‬
‫على الكرسي قلت له ‪ :‬يا عبد‬ ‫إليهما ‪..‬‬
‫المحسن ‪ ..‬تعال في المام ‪..‬‬ ‫قال أبو هريرة ‪ :‬فما على‬
‫فقال ‪ :‬يا دكتور مكاني مناسب‬ ‫الرض مؤمن ول مؤمنة ‪..‬‬
‫)‪(94‬‬
‫وسأنتبه معك ‪..‬‬ ‫إل وهو يحبني وأحبه ‪..‬‬
‫فقلت ‪ " :‬يا أخي اقترب قليل ً‬
‫خلنا نشوف خدودك الحلوة " ‪..‬‬ ‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪94‬‬

‫‪256‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كلمة منك ‪ ..‬أو تضايق من‬ ‫التفت بعض الطلب إليه‬
‫ً‬
‫تصرف معين فسارع فورا إلى‬ ‫معلقين ‪ ..‬فانقلب وجهه‬
‫مداواة الجرح قبل أن يلتهب ‪..‬‬ ‫أحمر ‪..‬‬
‫باستعمال أي مهارة أخرى‬ ‫شعرت أني وقعت في حفرة‬
‫مناسبة ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فقلت ‪ -‬مرقعا ً ‪ " : -‬الله يا‬
‫كيف ؟!‬ ‫هي بتنبسط البنت اللي‬
‫خذ مثال ً ‪..‬‬ ‫بتتزوجك ‪ ..‬أما هؤلء‬
‫كانت مكة قبل أن يفتحها‬ ‫فسيتعبون ليجدوا من توافق‬
‫المسلمون تحت قبضة كفار‬ ‫على الزواج بهم !!"‪..‬‬
‫قريش ‪..‬‬ ‫ثم بدأت في شرح الدرس‬
‫وكانوا قد ضيقوا على‬ ‫فورا ً دون أن أترك فرصة‬
‫المسلمين المستضعفين فيها ‪..‬‬ ‫لحد ليفكر في الموقف‬
‫وسيطروا على أبناء المسلمين‬ ‫أصل ً ‪ ..‬تبسم الطالب‬
‫الذين هاجروا ولم يستطيعوا‬ ‫وانبلجت أساريره وجلس‬
‫أخذ أبنائهم معهم ‪..‬‬ ‫في المقدمة ‪..‬‬
‫فعل ً كانت حال المسلمين‬ ‫وإن كانت هذه الخطاء قد‬
‫عصيبة ‪..‬‬ ‫تقع في بداية التدرب على‬
‫أقبل النبي ‪ ε‬إلى مكة معتمرا ً‬ ‫ممارسة المهارات لكنها‬
‫فردته قريش ‪ ..‬وكان ما كان‬ ‫سرعان ما تزول ‪..‬‬
‫من قصة الحديبية ‪ ..‬وكتب ‪ε‬‬ ‫وأحيانا ً يكون تصرفك‬
‫بينه وبين قريش صلحا ً ‪ ..‬واتفق‬ ‫المحرج للخرين أو المحزن‬
‫نعهم أن يرجع إلى المدينة من‬ ‫لهم ليس خاطئا ً ‪ ..‬لكن‬
‫غير عمرة على أن يأتي في‬ ‫الموقف يفرضه علينا ‪..‬‬
‫العام القادم ويعتمر ‪..‬‬ ‫مثل أن يختلف اثنان من‬
‫ومضى ‪ ε‬إلى المدينة ‪..‬‬ ‫زملئك ‪ ..‬فترى أن الحق مع‬
‫وبعد سنة أقبل ‪ ε‬مع الصحابة‬ ‫أحدهما فتقف معه ‪..‬وقد‬
‫محرمين ملبين ‪ ..‬ودخلوا مكة ‪..‬‬ ‫تعاتب الخر ‪..‬‬
‫واعتمروا ‪..‬‬ ‫أو قد يقع ذلك بين اثنين من‬
‫أولدك أو طلبك أو‬
‫لبث ‪ ε‬فيها أربعة أيام ‪ ..‬فلما‬
‫جيرانك ‪ ..‬أو غيرهم ‪..‬‬
‫توجه خارجا ً منها إلى المدينة‬
‫فما الحل ؟ هل نسمح لهذه‬
‫تبعته طفلة صغيرة هي ابنة‬
‫المواقف أن تفقدنا الناس‬
‫حمزة ‪ .. τ‬وكان قد قتل في‬
‫واحدا ً تلو الخر ‪ ..‬ونحن‬
‫معركة أحد ‪ ..‬وبقيت ابنته يتيمة‬
‫نتعب في استقطابهم‬
‫في مكة ‪..‬‬
‫والتحبب إليهم ‪..‬‬
‫أخذت الصغيرة تنادي رسول الله‬
‫كل ‪..‬‬
‫‪.. ρ‬‬ ‫إذن ما التصرف الصحيح ؟‬
‫تقول ‪ :‬يا عم يا عم ‪..‬‬ ‫الجواب ‪ :‬أنك إذا أحسست‬
‫وكان علي يسير بجانب النبي ‪ε‬‬ ‫أن أحدا ً ضاق صدره من‬
‫‪257‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بين يديه عدة أبواب للهرب ‪..‬‬ ‫مع زوجته فاطمة بنت‬
‫منها أن يدخل في موضوع آخر‬ ‫رسول الله ‪.. ε‬‬
‫مباشرة –لئل يترك للسامع‬ ‫فتناولها علي ‪ τ‬فأخذ بيدها‬
‫فرصة ليفكر في الجملة‬ ‫وناولها لفاطمة وقال ‪:‬‬
‫الجارحة التي سمعها منه –‬ ‫دونك ابنة عمك ‪..‬‬
‫فيقول مثل ً ‪ :‬الله يرزقك حورية‬ ‫فحملتها فاطمة ‪..‬‬
‫أجمل منك ‪ ..‬قل ‪ :‬آمين ‪..‬‬ ‫فلما رآها زيد ‪ .. τ‬تذكر أن‬
‫أو يطرح موضوعا ً بعيدا ً تماما ‪..‬‬
‫ً‬
‫رسول الله ‪ ε‬قد آخى بينه‬
‫كأن يسأله عن أخيه المسافر ‪..‬‬ ‫وبين حمزة لما هاجر إلى‬
‫أو سيارته الجديدة ‪ ..‬أو نحوها ‪..‬‬ ‫المدينة ‪ ..‬فأقبل زيد إليها‬
‫لئل يترك له أو لغيره من‬ ‫ليأخذها وهو يقول ‪ :‬بنت‬
‫السامعين حوله أي فرصة‬ ‫أخي ‪ ..‬أنا أحق بها ‪..‬‬
‫للوقوع في الحرج ‪..‬‬ ‫فأقبل جعفر وقال ‪ :‬ابنة‬
‫عمي وخالتها تحتي ‪ ..‬يعني‬
‫تجربة ‪..‬‬ ‫أسماء بنت عميس زوجته ‪..‬‬
‫ليس العيب أن تخطئ إنما‬ ‫وأنا أحق بها ‪..‬‬
‫الخطأ أن تصر عليه‬ ‫فقال علي ‪ :‬أنا أخذتها وهي‬
‫ابنة عمي ‪..‬‬
‫انظر بعينين ‪..‬‬ ‫‪.84‬‬ ‫فلما رأى ‪ ε‬اختلفهم ‪..‬‬
‫نحن نبدع في أحيان كثيرة في‬ ‫قضى بها لخالتها ودفعها‬
‫رؤية أخطاء الناس وملحظتها ‪..‬‬ ‫إلى جعفر ليكفلها ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫وربما في تنبيههم عليها ‪..‬‬ ‫" الخالة بمنزلة الم " ‪..‬‬
‫ولكننا قلما نبدع في رؤية الخير‬ ‫ثم خشي ‪ ε‬أن يجد علي أو‬
‫الذي عندهم ‪ ..‬والنتباه إلى‬ ‫زيد في نفسيهما ‪ ..‬لما‬
‫الصواب الذي يمارسونه ‪..‬‬ ‫نزعها منهما ‪..‬‬
‫لنمدحهم به ‪..‬‬ ‫فقال مواسيا ً لعلي ‪ " :‬أنت‬
‫قل ذلك في المدرس مع‬ ‫مني و أنا منك " ‪..‬‬
‫طلبه ‪ ..‬فكل المدرسين يذمون‬ ‫وقال لزيد ‪ " :‬أنت أخونا و‬
‫الطالب البليد المهمل في‬ ‫مولنا " ‪..‬‬
‫واجباته ‪ ..‬الكسول المتأخر في‬ ‫ثم التفت إلى جعفر وقال ‪:‬‬
‫الحضور دائما ً ‪ ..‬لكن قليل ً منهم‬ ‫" أشبهت خلقي وخلقي " ‪..‬‬
‫من يمدح الطالب المجد ‪ ..‬الذي‬ ‫فانظر كيف كان ‪ ε‬حكيما ً‬
‫يحضر مبكرا ً وخطه حسن‬
‫ماهرا ً في غسل قلوب‬
‫وكلمه جيد ‪..‬‬
‫الخرين وكسب محبتهم ‪..‬‬
‫كثيرا ً ما ننبه أولدنا إلى‬
‫طيب ما رأيك أن نعود إلى‬
‫أخطائهم ‪ ..‬لكنهم يحسنون ول‬
‫قصة صاحبنا الذي قال ‪ :‬يا‬
‫ننتبه إل قليل ً ‪..‬‬
‫مما يجعلنا أحيانا ً نفوت فرصا ً‬ ‫ليتك بنتا ً حتى أتزوجك !!‬
‫كيف يرقع ما خّرق ؟!!‬
‫كثيرة كنا من خللها نستطيع أن‬
‫‪258‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫من عامة الصحابة ‪ ..‬لم يتميز‬ ‫ننفذ إلى قلوب الناس ‪..‬‬
‫بعلم كما تميز أبو بكر ‪ ..‬ول‬ ‫فمن أبدع مهارات الكلم ‪..‬‬
‫بشجاعة كما تميز عمر ‪ ..‬ول‬ ‫أن تمتدح الخير الذي عند‬
‫بقوة حفظ كأبي هريرة ‪ ..‬لكن‬ ‫الناس ‪..‬‬
‫قلبه كان مملوءا ً إيمانا ً ‪ ..‬وكان‬ ‫كان قوم أبي موسى‬
‫‪ ε‬يلحظ ذلك فيه ‪..‬‬ ‫الشعري ‪ τ‬لهم اهتمام‬
‫فبينما النبي ‪ ‬جالسا ً يوما ً ‪..‬‬ ‫بتلوة القرآن وحفظه ‪..‬‬
‫إذ جيء إليه بمال فجعل يقسمه‬ ‫وربما فاقوا كثيرا ً من‬
‫بين بعض أصحابه ‪..‬‬ ‫الصحابة في كثرة تلوته‬
‫فأعطى رجال ً ‪ ..‬وترك رجال ً ‪..‬‬ ‫وتحسين الصوت به ‪..‬‬
‫فكأن الذين تركهم وجدوا في‬ ‫فرافقوا النبي ‪ ‬يوما ً في‬
‫أنفسهم ‪ ..‬وعتبوا ‪ ..‬لماذا لم‬ ‫سفر ‪..‬‬
‫يعطنا ‪..‬‬ ‫فلما أصبح الناس ‪..‬‬
‫فلما علم ‪ ‬بذلك ‪ ..‬قام أمام‬ ‫واجتمعوا قال عليه الصلة‬
‫الناس ‪ ..‬فحمد الله تعالى ثم‬ ‫والسلم ‪:‬‬
‫أثنى عليه ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬ ‫إني لعرف أصوات رفقة‬
‫أما بعد ‪ ..‬فوالله إني لعطي‬ ‫الشعريين بالقرآن حين‬
‫الرجل ‪ ..‬وأدع الرجل ‪ ..‬والذي‬ ‫يدخلون بالليل ‪ ..‬وأعرف‬
‫ي من الذي ُأعطي ‪..‬‬ ‫ب إل ّ‬‫أدع أح ّ‬ ‫منازلهم ‪ ..‬من أصواتهم‬
‫ولكني أعطي أقواما ً لما أرى‬ ‫بالقرآن بالليل ‪ ..‬وإن كنت‬
‫في قلوبهم من الجزع والهلع ‪..‬‬ ‫لم أر منازلهم حين نزلوا‬
‫ل أقواما ً إلى ما جعل الله‬ ‫وأ َك ِ ُ‬ ‫بالنهار ‪.. (95)..‬‬
‫في قلوبهم من الخير ‪ ..‬منهم ‪:‬‬ ‫فكأنك بألشعريين وهم‬
‫عمرو بن تغلب ‪..‬‬ ‫يستمعون هذا لثناء أمام‬
‫فلما سمع عمرو بن تغلب هذا‬ ‫الناس يتوقدون حرصا ً بعدها‬
‫الثناء على المل ‪ ..‬طار فرحا ً ‪..‬‬ ‫على الخير ‪..‬‬
‫وكان يحدث بهذا الحديث‬ ‫وفي ذات صباح ‪ ..‬لقي‬
‫بعدها ‪ ..‬ويقول ‪ :‬فوالله ما أحب‬ ‫النبي ‪ ‬أبا موسى ‪ ..‬فقال‬
‫أن لي بكلمة رسول الله ‪ ‬حمر‬ ‫له ‪:‬‬
‫النعم )‪.. (97‬‬ ‫لو رأيتني البارحة وأنا‬
‫وفي يوم آخر ‪..‬‬ ‫أستمع لقراءتك ‪ ..‬لقد‬
‫أقبل أبو هريرة ‪ .. ‬فسأل‬ ‫أوتيت من مزامير آل داود ‪..‬‬
‫النبي ‪ .. ‬قائل ً ‪ :‬من أسعد‬ ‫فقال أبو موسى ‪ :‬لو علمت‬
‫الناس بشفاعتك يوم القيامة ‪..‬‬ ‫أنك تستمع لقراءتي ‪..‬‬
‫فقال ‪ - ‬مشجعا ً – ‪ :‬لقد كنت‬ ‫لحبرتها لك تحبيرا ً )‪.. (96‬‬
‫أظن أن ل أحد يسأل عن هذا‬ ‫وكان عمرو بن تغلب ‪ τ‬رجل ً‬
‫قبلك ‪ ..‬لما رأيت من حرصك‬
‫) ( متفق عليه‬ ‫‪95‬‬

‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪97‬‬


‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪96‬‬

‫‪259‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فسكت النبي ‪.. ‬‬ ‫على العلم ‪..‬‬
‫فأعاد الرجل السؤال ‪ ..‬من‬ ‫أسعد الناس بشفاعتي يوم‬
‫هؤلء يا رسول الله ؟‬ ‫القيامة ‪ ..‬من قال ‪ :‬ل إله‬
‫فلم يرد عليه ‪..‬‬ ‫إل الله خالصا ً من قلبه ‪..‬‬
‫فأعاد ‪ ..‬من هؤلء يا رسول الله‬ ‫وسلمان الفارسي ‪ ..‬كان‬
‫؟‬ ‫من خيار الصحابة ‪..‬‬
‫فلتفت النبي ‪ ‬إلى سلمان ‪..‬‬ ‫لم يكن من العرب ‪ ..‬بل كان‬
‫ثم وضع يده عليه وقال ‪ :‬لو كان‬ ‫ابنا ً لحد كبار فارس ‪ ..‬وكان‬
‫اليمان عند الثريا ‪ ..‬لناله رجال‬ ‫أبوه يحبه ويقربه ‪ ..‬لدرجة‬
‫من هؤلء )‪.. (98‬‬ ‫أنه كان يحبسه في البيت‬
‫خوفا ً عليه ‪..‬‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫أدخل الله اليمان في قلب‬
‫تفاءل وأحسن الظن بالناس‬ ‫سلمان ‪.. ‬‬
‫‪..‬وشجعهم ‪..‬لينطلقوا أكثر‬ ‫خرج من بيت أبيه ‪..‬‬
‫سافر إلى الشام باحثا ً عن‬
‫فن الستماع ‪..‬‬ ‫‪.85‬‬ ‫الحق ‪ ..‬احتال بعض الناس‬
‫مهارات جذب الناس وكسب‬ ‫عليه وباعوه إلى يهودي‬
‫قلوبهم ‪ ..‬بعضها يكون بفعل‬ ‫على أنه عبد مملوك ‪..‬‬
‫الشيء ‪ ..‬وبعضها يكون بتركه ‪..‬‬ ‫وحصلت له قصة طوييييلة ‪..‬‬
‫فالبتسامة تجذب ‪ ..‬كما أن ترك‬ ‫حتى وصل إلى رسول الله‬
‫العبوس يجذبهم ‪..‬‬ ‫‪.. ‬‬
‫والحاديث الجميلة والنكات‬ ‫فكان النبي ‪ ‬يقدر له‬
‫واللطائف تجذب الناس ‪ ..‬كما‬ ‫ذلك ‪..‬‬
‫أن الستماع إليهم والتفاعل مع‬ ‫فبينما كان ‪ ‬جالسا ً بين‬
‫أحاديثهم ‪ ..‬يجذبهم ‪..‬‬ ‫أصحابه يوما ً ‪ ..‬إذا أنزلت‬
‫فما رأيك أن أتكلم معك هنا‬ ‫عليه سورة الجمعة ‪..‬‬
‫عن ‪ :‬الهدووووء الجذاب !!‬ ‫فجعل ‪ ‬يقرؤها على‬
‫نعم ‪ ..‬بعض الناس ل يتكلم‬ ‫أصحابه ‪ ..‬وهم يستمعون ‪..‬‬
‫كثيرا ً ‪ ..‬ول تكاد تسمع صوته‬ ‫ث‬
‫ع َ‬ ‫ذي ب َ َ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وهو يقرأ ‪ُ " :‬‬
‫ُ‬
‫في المجالس والمتجمعات ‪..‬‬ ‫م‬‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫سوًل ّ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫مّيي َ‬ ‫في اْل ّ‬ ‫ِ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫وي َُز ّ‬ ‫ي َت ُْلو َ َ‬
‫بل لو راقبته في جلسة أو نزهة‬ ‫كي ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م آَيات ِ ِ‬ ‫ه ْ‬
‫علي ْ ِ‬
‫‪ ..‬لرأيته ل يتحرك منه إل رأسه‬ ‫ة‬‫م َ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫م ال ْك َِتا َ‬ ‫ه ُ‬ ‫م ُ‬ ‫عل ّ ُ‬
‫وي ُ َ‬ ‫َ‬
‫وعيناه ‪ ..‬نعم قد يتحرك فمه‬ ‫في‬ ‫َ‬
‫لل ِ‬ ‫قب ْ ُ‬ ‫من َ‬ ‫وِإن كاُنوا ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أحيانا ً بالتبسم ‪ ..‬ل بالكلم !!‬ ‫ن"‬ ‫َ‬
‫مِبي ٍ‬ ‫ل ّ‬ ‫ضل ٍ‬ ‫َ‬
‫ومع ذلك يحبه الناس ‪..‬‬ ‫م‬
‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫وآ َ‬ ‫فلما قرأ ‪َ " :‬‬
‫ويأنسون بمجالسته ‪..‬‬ ‫زيُز‬ ‫ع ِ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قوا ب ِ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ي َل ْ َ‬ ‫لَ ّ‬
‫تدري لماذا ؟!‬ ‫م " ‪..‬‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫قال رجل من الصحابة ‪ :‬من‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪98‬‬
‫هؤلء يا رسول الله ؟‬
‫‪260‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫م شفتيه متعجبا ً ‪..‬‬ ‫وتارة يض ّ‬ ‫لنه يمارس الهدووووء‬
‫وربما ردد ‪ :‬عجيب ‪ ..‬سبحان‬ ‫الجذااااب ‪..‬‬
‫الله ‪..‬‬ ‫فن الستماع له مهارات‬
‫أي هؤلء ستكون راغبا ً دائما ً في‬ ‫متعددة ‪ ..‬بل حدثني أحد‬
‫مجالسته ‪ ..‬وتفرح بزيارته ‪..‬‬ ‫المهتمين أنه حضر أكثر من‬
‫وتنبلج أساريرك في الحديث‬ ‫خمس عشرة دورة تدريبية‬
‫معه ‪..‬؟ ل أشك أنه الخير ‪..‬‬ ‫في مهارات الستماع ‪!!..‬‬
‫إذن جذب قلوب الناس ‪ ..‬ل‬ ‫قارن بين اثنين ‪:‬‬
‫يكون فقط بإسماعهم ما يحبون‬ ‫رجل إذا تكلمت بين يديه‬
‫‪ ..‬بل وبالستماع منهم لما‬ ‫بقصة وقعت لك ‪ ..‬قاطعك‬
‫يحبون !!‬ ‫في أولها وقال ‪ :‬وأنا أيضا ً‬
‫أذكر أن أحد الدعاة البارزين‬ ‫وقع لي شيء مشابه ‪..‬‬
‫ممن أوتي منطقا ً ولسانا ً ‪ ..‬كان‬ ‫فتقول ‪ :‬له اصبر حتى أكمل‬
‫يتنقل متحدثا ً دائما ً ‪ ..‬ما بين‬ ‫‪..‬‬
‫منبر جمعة ‪ ..‬وكرسي فتوى ‪..‬‬ ‫فيسكت قليل ً ‪ ..‬فإذا‬
‫ومحاضرة في جامعة ‪ ..‬فهو‬ ‫انسجمت في قصتك ‪..‬‬
‫دائما ً يتكلم ‪ ..‬ويتكلم ‪..‬‬ ‫قاطعك قائل ً ‪ :‬صحيح ‪..‬‬
‫ويتكلم ‪..‬‬ ‫صحيح ‪ ..‬نفس القصة التي‬
‫وكان الناس يرونه على المنابر‬ ‫وقعت لي وهو أنني ذات‬
‫والقنوات الفضائية ويحبونه‬ ‫مرة ذهبت ‪..‬‬
‫ويرغبون في استماع حديثه ‪..‬‬ ‫فتقول له ‪ :‬أخي انتظر ‪..‬‬
‫إل زوجته ‪ ..‬فهو معها في البيت‬ ‫فيسكت ‪ ..‬ثم ما يصبر‬
‫دائما ً ‪ ..‬ول يكاد يستمع منها‬ ‫فيقاطعك قائل ً ‪ :‬عجل ‪..‬‬
‫حديثا ً أو قصة ‪ ..‬بل على عادته‬ ‫عجل ‪..‬‬
‫يتكلم ‪ ..‬ويتكلم ‪..‬‬ ‫هذا الول ‪..‬‬
‫كانت كثيرة التذمر منه دون أن‬ ‫الثاني ‪..‬‬
‫ينتبه إلى سبب ذلك ‪..‬‬ ‫كان وأنت تتحدث معه أو‬
‫كان كل الناس يكرمونه‬ ‫معهم ‪ ..‬يتلفت يمينا ً ويسارا ً‬
‫ويمدحونه إل هي ‪ ..‬فقرر أن‬ ‫‪ ..‬وقد يخرج جهاز هاتفه من‬
‫يصطحبها معه يوما ً إلى إحدى‬ ‫جيبه ‪ ..‬ويكتب رسالة أو‬
‫محاضراته لترى ما لم تر ‪..‬‬ ‫يقرأ شيئا ً من الرسائل ‪ ..‬أو‬
‫قال لها يوما ً ‪ :‬ترافقيني ؟‬ ‫من يدري لعله يلعب باللعاب‬
‫قالت ‪ :‬إلى أين ؟‬ ‫اللكترونية الموجودة فيه !!‬
‫قال ‪ :‬محاضرة لحد الدعاة ‪..‬‬ ‫أما الثالث ‪ ..‬فيملك مهارات‬
‫نستفيد منها ‪..‬‬ ‫الستماع ‪ ..‬تجد أنك تتحدث‬
‫ركبت معه في سيارته ‪..‬‬ ‫وقد ركز عينيه برفق ينظر‬
‫مشيا ‪ ..‬وقفا عند المسجد ‪..‬‬ ‫إليك ‪ ..‬وتشعر بمتابعته ‪..‬‬
‫كانت الجماهير غفيرة ‪ ..‬كلهم‬ ‫فهو تارة يهز رأسه‬
‫جاؤوا يستمعون إلى هذا‬ ‫موافقا ً ‪ ..‬وتارة يتبسم ‪..‬‬
‫‪261‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ملحظة ‪..‬‬ ‫المحاضر الفذ ‪..‬‬
‫في أوائل بعثة النبي ‪ .. ε‬كان‬ ‫دخلت هي إلى قسم‬
‫عدد المسلمين قليل ً ‪ ..‬وكان‬ ‫النساء ‪ ..‬ودخل هو وسط‬
‫الكفار يكذبونه ونفرون الناس‬ ‫جمهرة الناس واعتلى‬
‫عنه ‪ ..‬ويشيعون أنه ‪ ε‬كاهن‬ ‫الكرسي وبدأ محاضرته ‪..‬‬
‫وكذاب ‪ ..‬وربما أشاعوا أنه‬ ‫كان الناس ينصتون‬
‫مجنون أو ساحر ‪..‬‬ ‫معجبين ‪ ..‬حتى زوجته يبدو‬
‫في يوم من اليام قدم إلى مكة‬ ‫أنها كانت معجبة ‪!..‬‬
‫رجل اسمه ضماد ‪ ..‬وهو حكيم‬ ‫انتهت المحاضرة ‪ ..‬خرج إلى‬
‫له علم بالطب والعلج ‪ ..‬يعالج‬ ‫سيارته وسط نشوة‬
‫المجنون والمسحور ‪..‬‬ ‫النجاح ‪ ..‬وأقبلت زوجته‬
‫فلما خالط الناس سمع سفهاء‬ ‫وركبت السيارة بجانبه ‪..‬‬
‫الكفار يقولون عن رسول الله ‪ε‬‬ ‫لم يدع لها فرصة ‪ ..‬بدأ‬
‫‪ :‬جاء المجنون ‪ ..‬ورأينا المجنون‬ ‫يتكلم فورا ً عن زحمة‬
‫‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬وجمال المسجد ‪..‬‬
‫فقال ضماد ‪ :‬أين هذا الرجل ؟‬ ‫و ‪ ..‬ثم سألها ‪ :‬ما رأيك في‬
‫لعل الله أن يشفيه على يدي ؟‬ ‫المحاضرة ؟‬
‫فدله الناس على رسول الله‬ ‫فقالت ‪ :‬كانت جميلة‬
‫‪.. ε‬‬ ‫ومؤثرة ‪ ..‬ولكن من‬
‫فلما لقيه ‪ ..‬قال ضماد ‪ :‬يا‬ ‫المحاضر ؟‬
‫محمد ‪ ..‬إني أرقى من هذه‬ ‫قال ‪ :‬عجبا ً لم تعرفي‬
‫الرياح ‪ ..‬وإن الله يشفي على‬ ‫صوته ‪ ..‬قالت ‪ :‬مع زحمة‬
‫يدي من شاء ‪ ..‬فهلم أعالجك ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬وضعف سماعات‬
‫وجعل يتكلم عن علجه‬ ‫الصوت لم أنتبه كثيرا ً ‪..‬‬
‫وقدراته ‪..‬‬ ‫فقال – منتشيا ً ‪ : -‬أنا ‪ ..‬أنا‬
‫المحاضر ‪..‬‬
‫والنبي ‪ ε‬ينصت إليه ‪ ..‬وذاك‬
‫فقالت ‪ :‬آآآ ‪ ..‬وأنا أقول في‬
‫يتكلم ‪ ..‬والنبي ‪ ε‬ينصت ‪..‬‬
‫نفسي طوال جلوسي ‪ :‬ما‬
‫أتدري ينصت إلى ماذا ؟ ينصت‬
‫أكثر كلمه ‪..‬‬
‫إلى كلم رجل كافر جاء ليعالجه‬
‫إذن ‪ ..‬الستماع إلى الناس‬
‫من مرض الجنون !!‬
‫فن ومهارة ‪..‬‬
‫آآآه ما أحكمه ‪.. ε‬‬ ‫بعض الناس ينسى أن الله‬
‫حتى إذا انتهى ضماد من‬ ‫جعل لك فما ً واحدا ً وأذنين ‪..‬‬
‫كلمه ‪..‬‬ ‫ليستمع أكثر مما تكلم ‪..‬‬
‫قال ‪ ε‬بكل هدوووء ‪ :‬إن الحمد‬ ‫وأظنه لو استطاع لقلب‬
‫لله ‪ ..‬نحمده ونستعينه ‪ ..‬من‬ ‫المعادلة ‪ ..‬من شدة محبته‬
‫يهده الله فل مضل له ومن‬ ‫للحديث ‪..‬‬
‫يضلل فل هادي له ‪ ..‬وأشهد أن‬ ‫فعود نفسك على النصات ‪..‬‬
‫ل إله إل الله وحده ل شريك‬ ‫حتى لو كان لك على الكلم‬
‫‪262‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫براعتنا في الستماع إلى‬ ‫له ‪..‬‬
‫الخرين ‪ ..‬تجعلهم بارعين في‬ ‫فانتفض ضماد وقال ‪ :‬أعد‬
‫محبتنا والستئناس بنا ‪..‬‬ ‫علي كلماتك هؤلء ‪..‬‬
‫فأعادها ‪ ε‬عليه ‪..‬‬
‫فن الحوار ‪..‬‬ ‫‪.86‬‬ ‫فقال ضماد ‪ :‬والله لقد‬
‫أل تذكر يوما ً من الدهر أنك‬ ‫سمعت قول الكهنة ‪ ،‬وقول‬
‫جلست في مكان فاحتد الحوار‬ ‫السحرة ‪ ،‬وقول الشعراء ‪،‬‬
‫بينك وبين شخص ما ‪ ..‬فبقي‬ ‫فما سمعت مثل هؤلء‬
‫في نفسك عليه بغض أو غضب‬ ‫الكلمات ‪ ..‬فلقد بلغن‬
‫أياما ً ‪..‬‬ ‫ناعوس البحر ‪..‬‬
‫أو لعلك تذكر جدال ً حصل بين‬ ‫فهلم يدك أبايعك على‬
‫اثنين – وقد يكون في قضية‬ ‫السلم ‪..‬‬
‫تافهة – وأنت تنظر إليهما وقد‬ ‫فبسط النبي ‪ ε‬يده ‪ ..‬وأخذ‬
‫ارتفعت الصوات واحمرت‬ ‫ضماد يخلع ثوب الكفر ويردد‬
‫العيون ‪ ..‬ثم تفرقا ‪ ..‬واسثقل‬ ‫‪ :‬أشهد أن ل إله إل الله‬
‫كل منهما صاحبه بعدها ‪..‬‬ ‫وأشهد أن محمدا ً عبده‬
‫إذن نحن نتعب في جذب بعض‬ ‫ورسوله ‪..‬‬
‫الناس إلينا بممارسة مهارات‬ ‫فعلم ‪ ε‬أن له عند قومه‬
‫متنوعة ‪ ..‬ثم نفرقهم عنا‬ ‫شرفا ً ‪ ..‬فقال له ‪ :‬وعلى‬
‫بموقف ل نحسن التصرف فيه ‪..‬‬ ‫قومك ؟ أي تدعوهم إلى‬
‫ومن ذلك عدم إتقان فن‬ ‫السلم ؟‬
‫الحوار ‪..‬‬ ‫فقال ضماد ‪ :‬وعلى‬
‫المحاور كالذي يصعد جبل ً‬ ‫قومي ‪ ..‬ثم ذهب إلى قومه‬
‫وعرا ً ‪ ..‬ينبغي أن يعتني بموضع‬ ‫هاديا ً داعيا ً ‪..‬‬
‫يده وموضع رجله ‪ ..‬فتجد صاعد‬ ‫إذن لتكون مستمعا ً ماهرا ً ‪:..‬‬
‫الجبل ينظر إلى الصخرة التي‬ ‫أنصت ‪ ..‬هز رأسك متابعا ً ‪..‬‬
‫يريد أن يتعلق بها ‪ ..‬ويفحصها‬ ‫تفاعل بتعابير وجهك‬
‫بنظره ويتأمل في قوة ثباتها‬ ‫كتقطيب الجبين حينا ً ‪..‬‬
‫قبل أن يضع عليها قبضته ‪..‬‬ ‫ورفع الحاجبين حينا ً آخر ‪..‬‬
‫وكذلك في الصخرة التي يثبت‬ ‫والتبسم ‪ ..‬وتحريك الشفتين‬
‫عليها قدمه ‪ ..‬ثم إذا أراد أن‬ ‫بتعجب ‪..‬‬
‫يرفع قدمه عن صخرة نظر إلى‬ ‫وانظر إلى أثر ذلك فيمن‬
‫الصخرة قبل أن يغادرها خشية‬ ‫يتكلم معك ‪ ..‬سواء كان‬
‫أن ل يحسن رفع رجله من عليها‬ ‫صغيرا ً أو كبيرا ً ‪..‬‬
‫فتهوي به ‪..‬‬ ‫ستجد أنه يركز نظره‬
‫لن أطيل عليك الكلم ‪ ..‬فخيره‬ ‫عليك ‪ ..‬ويقبل بقلبه إليك ‪..‬‬
‫ما قل ودل ‪..‬‬
‫الدخول في حوار أو جدال أمر‬ ‫نتيجة ‪..‬‬
‫غير محمود ‪ ..‬ولعلك توافقني‬
‫‪263‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فلما رأى العباس ‪ .. τ‬ذلك ‪..‬‬ ‫أن أكثر من ‪ %90‬من‬
‫قال ‪ :‬واصباح قريش ! والله‬ ‫الحوارات والمجادلت غير‬
‫لئن دخل رسول الله ‪ ρ‬مكة‬ ‫مفيدة ‪..‬‬
‫عنوة أي بالقوة ‪ ..‬قبل أن يأتوه‬ ‫فحاول تجنب الجدال قدر‬
‫فيستأمنوه ‪ ..‬إنه لهلك قريش‬ ‫المستطاع ‪ ..‬ول تغضب إذا‬
‫إلى آخر الدهر ‪..‬‬ ‫اعترض عليك أحد أو‬
‫فقام العباس ‪ ..‬فاستأذن النبي‬ ‫جادلك ‪ ..‬خذ المر بأريحية‬
‫عليه الصلة والسلم ‪..‬‬ ‫قدر المستطاع ول تعذب‬
‫فأذن له ‪ ..‬فركب على بغلة‬ ‫نفسك بالتفكير في نية‬
‫رسول الله ‪ ρ‬البيضاء ‪..‬‬ ‫المعترض ‪ ..‬وماذا يقصد ‪..‬‬
‫ومضى يمشي بها ‪..‬‬ ‫ولماذا أحرجني أمامهم ‪ ..‬ل‬
‫وأبو سفيان في أصحابه ‪..‬‬ ‫تقتل نفسك بالهم ‪..‬‬
‫يقترب وينظر إلى نيران‬ ‫وتعامل مع الموقف‬
‫المسلمين ‪ ..‬ويقول ‪:‬‬ ‫بهدووووء ‪ ..‬فالرياح ل تهز‬
‫ما رأيت كالليلة نيرانا ً قط ول‬ ‫إل الصخور الصغيرة ‪ ..‬فكن‬
‫عسكرا ً ‪ ..‬ما أعظم هذا ‪ ..‬من‬ ‫جبل ً ‪..‬‬
‫ترى هؤلء ‪..‬؟‬ ‫لما قدم النبي ‪ ρ‬إلى مكة‬
‫فقال صاحبه ‪ :‬هذه والله خزاعة‬ ‫فاتحا ً ‪ ..‬بعدما نقضت قريش‬
‫حمشتها الحرب ‪..‬‬ ‫العهد ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬خزاعة أذل وأقل من أن‬ ‫كان ‪ .. ρ‬قد دعا الله أن‬
‫تكون هذه نيرانها وعسكرها ‪..‬‬ ‫يعمي عنه قريش ‪..‬‬
‫فبينما العباس يسير على‬ ‫ليبغتهم ‪ ..‬قبل أن يستعدوا‬
‫البغلة ‪..‬‬ ‫للقتال ‪..‬‬
‫إذا بأبي سفيان وأصحابه ‪ ..‬قد‬ ‫فلما أقبل النبي عليه الصلة‬
‫قبضت عليهم خيل المؤمنين ‪..‬‬ ‫والسلم ‪ ..‬إلى مكة نزل‬
‫فأقبل أبو سفيان فزعا ً ‪..‬‬ ‫قريبا ً منها ‪..‬‬
‫فركب خلف العباس ‪..‬‬ ‫ولم تعلم قريش بشيء ‪..‬‬
‫وجعل أصحابه يتبعونه فزعين ‪..‬‬ ‫ولكنهم كانوا يتوجسون‬
‫والمؤمنون خلفهم ‪..‬‬ ‫ويترقبون ‪..‬‬
‫فجعل العباس يسرع بأبي‬ ‫فخرج في تلك الليلة التي‬
‫سفيان ‪ ..‬إلى رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫نزل فيها النبي عليه الصلة‬
‫وكلما مر بنار من نيران‬ ‫والسلم ‪ ..‬أبو سفيان في‬
‫المسلمين ‪ ..‬قالوا ‪ :‬من هذا ؟‬ ‫نفر معه يتجسسون‬
‫فإذا رأوا بغلة رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫الخبار ‪ ..‬وينظرون هل‬
‫ورأوا العباس عليها ‪..‬‬ ‫يجدون خبرا ً ‪ ..‬أو يسمعون‬
‫قالوا ‪ :‬عم رسول الله ‪ .. ρ‬على‬ ‫به ‪..‬‬
‫وجعل النبي عليه الصلة‬
‫بغلة رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫والسلم ‪ ..‬يترقب الصبح‬
‫والعباس يسرع بها ‪ ..‬يخاف أن‬
‫ليغير على قريش ‪..‬‬
‫‪264‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كان من قرابتك ‪ ..‬ما قلت هذا ‪..‬‬ ‫يفطنوا لبي سفيان ‪..‬‬
‫ولكنك قد عرفت أنه من رجال‬ ‫فيقتله أحد قبل أن يؤمنه‬
‫بني عبد مناف ‪..‬‬ ‫النبي عليه الصلة‬
‫فشعر عمر أنه سيدخل في‬ ‫والسلم ‪..‬‬
‫جدال ل يتناسب مع الحال الذي‬ ‫حتى مر بنار عمر بن‬
‫هم فيه ‪ ..‬ثم ما الفائدة‬ ‫الخطاب ‪ τ‬فقال ‪ :‬من هذا ؟‬
‫المرجوة من النقاش في مسألة‬ ‫وقام إليهم ‪ ..‬فلما رأى أبا‬
‫لو كان من بني كعب رغب في‬ ‫سفيان على عجز الدابة ‪..‬‬
‫إسلمه أما من غيرهم فل‬ ‫صاح بالناس قال ‪ :‬أبو‬
‫يهمه !!‬ ‫سفيان عدو الله ! ‪ ..‬الحمد‬
‫قال عمر بكل هدووووء ‪ :‬مهل ً يا‬ ‫لله الذي أمكن منك بغير‬
‫عباس ‪ ..‬مهل ً ‪..‬‬ ‫عقد ول عهد ‪..‬‬
‫فوالله لسلمك يوم أسلمت ‪..‬‬ ‫فمنعه العباس ‪..‬‬
‫كان أحب إلي من إسلم أبي‬ ‫ثم ذهب عمر يشتد ‪ ..‬نحو‬
‫الخطاب لو أسلم !‬ ‫رسول الله ‪ .. ρ‬والعباس‬
‫لني قد عرفت أن إسلمك ‪..‬‬ ‫يسرع بالدابة ‪ ..‬حتى‬
‫كان أحب إلى رسول الله ‪ ρ‬من‬ ‫سبقه ‪ ..‬فلما وصل إلى‬
‫إسلم الخطاب ‪..‬‬ ‫موضع النبي ‪ .. ρ‬اقتحم‬
‫فلما سمع العباس ‪ τ‬ذلك‬ ‫العباس عن البغلة سريعا ً ‪..‬‬
‫سكت ‪..‬‬ ‫فدخل على رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫انتهى الحوار ‪ ..‬مع أنه كان في‬ ‫فدخل عليه عمر ‪..‬‬
‫إمكان عمر أن يطيله ويزيده ‪..‬‬ ‫وجعل يقول ‪ :‬يا رسول‬
‫فيقول ‪ :‬ماذا تقصد ؟!! هل‬ ‫الله ‪ ..‬هذا أبو سفيان ‪ ..‬قد‬
‫تتهم نيتي ؟! هل تعلم ما في‬ ‫أمكن الله منه بغير عقد ول‬
‫قلبي ؟! لماذا تثير النعرة‬ ‫عهد ‪ ..‬فدعني فلضرب‬
‫القبلية ؟!‬ ‫عنقه ؟ ‪..‬‬
‫كل لم يقل ذلك ‪ ..‬فهم جميعا ً‬ ‫فقال العباس ‪ :‬يا رسول‬
‫كانوا أرفع من أن ينزغ‬ ‫الله ‪ ..‬إني قد أجرته ‪..‬‬
‫الشيطان بينهم ‪..‬‬ ‫ثم جلس إلى رسول الله‬
‫سكت عمر والعباس ‪ ..‬وأبو‬ ‫‪ .. ρ‬فأخذ برأسه ‪ ..‬وجعل‬
‫سفيان واقف ينتظر أن يأمر‬ ‫يناجيه في أذنه ‪..‬‬
‫النبي ‪ ε‬فيه بشيء ‪..‬‬ ‫وعمر يردد يا رسول الله ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ρ‬اذهب به يا عباس إلى‬ ‫اضرب عنقه ‪..‬‬
‫رحلك فإذا أصبحت فأتني به ‪..‬‬ ‫فلما أكثر عمر في شأنه ‪..‬‬
‫فذهب به العباس ‪ ..‬إلى‬ ‫التفت إليه العباس وقال ‪:‬‬
‫خيمته ‪..‬‬ ‫مهل ً يا عمر ! فوالله أن لو‬
‫فبات عنده ‪ ..‬فلما أصبح أبو‬ ‫كان من رجال بني عدي بن‬
‫سفيان صبيحة تلك الليلة ‪..‬‬ ‫كعب ‪ ..‬ما قلت هذا ‪ ..‬أي لو‬
‫ورأى الناس يجنحون للصلة ‪..‬‬
‫‪265‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فقال له العباس ‪ :‬ويحك أسلم‬ ‫وينتشرون في استعمال‬
‫واشهد أن ل إله إل الله ‪ ..‬وأن‬ ‫الطهارة ‪ ..‬خاف ‪ ..‬وقال‬
‫محمد رسول الله قبل أن تضرب‬ ‫للعباس ‪ :‬ما بالهم ؟‬
‫عنقك ؟‬ ‫قال ‪ :‬إنهم قد سمعوا النداء‬
‫فسكت قليل ً ثم قال ‪ :‬أشهد ‪..‬‬ ‫فهم ينتشرون للصلة ‪..‬‬
‫فسر النبي عليه الصلة والسلم‬ ‫فلما حضرت الصلة ‪..‬‬
‫‪ ..‬سرورا ً عظيما ً ‪..‬‬ ‫ورآهم يركعون بركوعه ‪..‬‬
‫فقال العباس ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫ويسجدون بسجوده ‪..‬‬
‫إن أبا سفيان رجل يحب الفخر‬ ‫أقبل عليه العباس بعدما‬
‫فاجعل له شيئا ً ‪..‬‬ ‫صلى ‪ ..‬ليمضي به إلى‬
‫فقال ‪ " : ρ‬نعم ‪ ..‬من دخل دار‬ ‫رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫أبي سفيان فهو آمن " ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬يا عباس ما يأمرهم‬
‫فقال أبو سفيان ‪:‬‬ ‫بشيء إل فعلوه ؟‬
‫فأنشد أبو سفيان ‪ τ‬بين يدي‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬والله لو أمرهم‬
‫رسول الله ‪ .. ρ‬أبياتا ً ‪ ..‬يعتذر‬ ‫بترك الطعام والشراب‬
‫إليه مما كان مضى منه ‪..‬‬ ‫لطاعوه ‪..‬‬
‫لعمرك إني يوم أحمل راية‬ ‫فقال أبو سفيان ‪ :‬يا‬
‫لتغلب خيل‬ ‫عباس ‪ ..‬ما رأيت كالليلة ‪..‬‬
‫اللت خيل محمد‬ ‫ول ملك كسرى وقيصر !‬
‫لكالمدلج الحيران أظلم ليله‬ ‫فلما انقضت الصلة ‪ ..‬غدا‬
‫فهذا أواني‬ ‫به إلى رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫حين أهدي و أهتدي‬ ‫فلما رآه ‪ ρ‬قال ‪:‬‬
‫هداني هاد غير نفسي و نالني‬ ‫" ويحك يا أبا سفيان ‪ ..‬ألم‬
‫مع الله من‬ ‫يأن لك أن تعلم أنه ل إله إل‬
‫طردت كل مطرد‬ ‫الله ؟‬
‫أصد و أنأى جاهدا ً عن محمد‬ ‫فقال ‪ :‬بأبي أنت وأمي ! ما‬
‫وأدعى و إن‬ ‫أحلمك وأكرمك وأوصلك !‬
‫لم أنتسب من محمد‬ ‫والله لقد ظننت أن لو كان‬
‫فقيل إنه حين قال ‪ :‬ونالني ‪..‬‬ ‫ه غيره لغنى‬ ‫لي مع الله إل ٌ‬
‫مع الله من طردت كل مطرد ‪..‬‬ ‫عني شيئًا!‬
‫ضرب رسول الله ‪ ρ‬بيده في‬ ‫فقال ‪ : ρ‬ويحك يا أبا سفيان‬
‫صدره وقال ‪ " :‬أنت طردتني كل‬ ‫ألم يأن لك أن تعلم أني‬
‫مطرد " ‪..‬‬ ‫رسول الله ؟‬
‫فقال أبو سفيان ‪ :‬بأبي أنت‬
‫فكرة ‪..‬‬ ‫وأمي ما أحلمك وأكرمك‬
‫ليس الذكاء أن تنتصر عند‬ ‫وأوصلك !‬
‫الجدال ‪ ..‬وإنما الذكاء أن ل‬ ‫أما هذه والله فإن في‬
‫تدخل في الجدال أصل ً ‪..‬‬ ‫النفس منها حتى الن‬
‫شيئا ً !‬
‫‪266‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يغلق البواب على المعترض‬
‫قبل أن يشعره باعتراضه ‪..‬‬ ‫اقطع الطريق على‬ ‫‪.87‬‬
‫أذكر أن شيخا ً كبير السن جلس‬ ‫المعترضين ‪..‬‬
‫في مجلس فتكلم عن حادثة‬ ‫من أكثر ما يوغر صدور بعض‬
‫خصومة رآها بين اثنين في‬ ‫الناس على بعض ما يجنيه‬
‫محطة وقود ‪ ..‬وكيف أن‬ ‫اللسان من مفاسد ‪..‬‬
‫شجارهما زاد واشتد حتى حمل‬ ‫ومن ذلك استعجال بعض‬
‫إلى مخفر الشرطة ‪..‬‬ ‫الناس بالعتراض على‬
‫فقفز أحد الجالسين – من‬ ‫الحديث ومقاطعة المتكلم‬
‫الثرثارين – مشاركا ً في القصة‬ ‫و ونظر ‪ ..‬فيثور عند‬ ‫دون تر ّ‬
‫فقال ‪ :‬نعم صحيح ‪ ..‬وحصل‬ ‫ذلك جدال عقيم يوغر‬
‫بينهما كذا ‪ ..‬وفلن هو المخطئ‬ ‫الصدور ويفسد النفوس ‪..‬‬
‫‪ ..‬وبدأ يذكر تفاصيل لم تحدث ‪..‬‬ ‫لن تستطيع إصلح جميع‬
‫فالتفت إليه الشيخ وكأني به‬ ‫الناس وتأديبهم بالداب‬
‫يكاد ينفجر ‪ ..‬لكنه تماسك وقال‬ ‫الشرعية ‪ ..‬أو تدريبهم على‬
‫بكل هدووووء ‪:‬‬ ‫مهارات متميزة ‪..‬‬
‫أنت هل حضرت الحادثة ؟ قال ‪:‬‬ ‫ودعنا نتجاوز مرحلة التنظير‬
‫ل‬ ‫التي تحلو لبعض الناس أن‬
‫قال ‪ :‬فهل حدثك أحد ممن‬ ‫يدندن عليها دائما ً بقوله ‪:‬‬
‫حضروها ؟ قال ‪ :‬ل‬ ‫المفروض الناس يفعلون‬
‫قال ‪ :‬فهل اطلعت على محاضر‬ ‫كذا ‪ ..‬والمفروض يتعودون‬
‫التحقيق ؟ قال ‪ :‬ل‬ ‫على كذا ‪ ..‬دعك من هذا ‪..‬‬
‫عندها صاح الشيخ وقال ‪ :‬طيب‬ ‫وأدّ الصلة على الميت‬
‫يا ‪ ...‬كيف تكذبني وأنت ل تدري‬ ‫الحاضر – كما يقال ‪.. -‬‬
‫عن شيء !!‬ ‫أعني أننا ينبغي عند تعاملنا‬
‫فأعجبتني مقدماته قبل‬ ‫مع الخطاء أن ل ننشغل‬
‫اعتراضه ‪..‬‬ ‫ببحث ما يجب على الخرين‬
‫ولو أنه اعترض دون أن يذكر‬ ‫أن يفعلوه بل ماذا يجب‬
‫مقدمات يغلق بها البواب على‬ ‫علينا نحن أن نفعله ‪..‬‬
‫صاحبه ‪ ..‬لكان لصاحبه مجال‬ ‫عندما تريد أن تتكلم بشيء‬
‫واسع للخروج من الموقف ولو‬ ‫غريب قد يستعجل الخرون‬
‫بالكذب ‪..‬‬ ‫العتراض عليه ‪ ..‬ينبغي‬
‫فنحن أحيانا ً نحتاج عندما نريد‬ ‫عليك أن تغلق عليهم أبواب‬
‫أن نقرر أشياء أن نقدم‬ ‫العتراض بمقدمات تجيبهم‬
‫بمقدمات نقنع بها المخالفين‬ ‫فيها عن أسئلتهم قبل أن‬
‫قبل أن يعترضوا ‪..‬‬ ‫يطرحوها ‪ ..‬بل وتزيل بها‬
‫لما خرجت قريش لقتال النبي ‪ε‬‬ ‫استغرابهم قبل أن يتكلموا‬
‫وأصحابه في بدر ‪ ..‬كان بعض‬ ‫به ‪..‬‬
‫العقلء فيها ل يريدون‬ ‫وبعض الناس يحسن فعل ً أن‬
‫‪267‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫والله لئن لقيته للحمنه بالسيف‬ ‫الخروج ‪ ..‬لكن قومهم‬
‫‪..‬‬ ‫أكرهوهم عليه ‪..‬‬
‫فبلغت الكلمة رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫فعلم النبي ‪ ε‬بهم ‪ ..‬وتأكد‬
‫فالتفت إلى عمر فقال ‪ " :‬يا أبا‬ ‫أنهم وإن حضروا المعركة‬
‫حفص " ‪..‬‬ ‫فلن يقع منهم قتال‬
‫قال عمر ‪ :‬والله إنه لول يوم‬ ‫للمسلمين ‪..‬‬
‫كناني فيه رسول الله ‪ ρ‬بأبي‬ ‫فلما اقترب ‪ ε‬من ميدان‬
‫حفص ‪..‬‬ ‫المعركة ‪ ..‬أراد أن ينبه‬
‫قال ‪ ρ‬يا أبا حفص ‪ ) :‬أيضرب‬ ‫أصحابه لذلك ‪ ..‬وأن ينهاهم‬
‫وجه عم رسول الله بالسيف ! (‬ ‫عن قتلهم ‪ ..‬لكنه يعلم أنه‬
‫‪..‬‬ ‫سيقع في قلوب بعض‬
‫فاستبشع ذلك ‪ ..‬وانتفض ‪..‬‬ ‫الناس سؤال ‪ :‬كيف ل‬
‫كيف يرد أمر رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫نقتلهم وهم خرجوا‬
‫أليس مسلما ً ‪ ..‬فصاح قال ‪:‬‬ ‫لحربنا !! لماذا استثنى‬
‫يا رسول الله دعني فلضرب‬ ‫هؤلء بالذات ؟!‬
‫عنقه بالسيف ‪ ..‬فوالله لقد‬ ‫فقدم مقدمة أزال بها‬
‫نافق ‪..‬‬ ‫العتراضات ثم ذكر‬
‫فندم أبو حذيفة ‪ .. ψ‬على ما‬ ‫التوجيه ‪ ..‬قام ‪ ε‬في أصحابه‬
‫تكلم به ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫وقال ‪ :‬إني قد عرفت أن‬
‫ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي‬ ‫رجال ً من بني هاشم‬
‫قلت يومئذ ‪ ..‬و ل أزال منها‬ ‫وغيرهم قد أخرجوا كرها ً ل‬
‫خائفا ً إل أن تكفرها عني‬ ‫حاجة لهم بقتالنا ‪..‬‬
‫الشهادة ‪..‬‬ ‫انتهى هذه مقدمة ‪..‬‬
‫فقتل يوم اليمامة شهيدا ً ‪.. ψ‬‬ ‫ثم قال ‪ :‬فمن لقي منكم‬
‫أحدا ً من بني هاشم فل‬
‫نصيحة ‪..‬‬ ‫يقتله ‪..‬‬
‫كن ذكيا ً وتغدّ بهم قبل أن‬ ‫ومن لقي أبا البختري بن‬
‫يتعشوا بك !‬ ‫هشام بن الحارث بن أسد‬
‫فل يقتله ‪..‬‬
‫انتظر ‪ ..‬ل تعترض ‪!!..‬‬ ‫‪.88‬‬ ‫ومن لقي العباس بن عبد‬
‫أذكر أن محاضرا ً كان يتكلم عن‬ ‫المطلب ‪ ..‬عم رسول الله ‪ρ‬‬
‫فن الحوار ‪..‬‬ ‫فل يقتله ‪..‬‬
‫فعرض شيئا ً من قصة يوسف‬ ‫فإنه إنما خرج مستكرها ‪..‬‬
‫عليه السلم ‪..‬‬ ‫فمضى الصحابة على ذلك ‪..‬‬
‫فلما وصل إلى قوله تعالى‬ ‫وبدؤوا يتحدثون في‬
‫) ودخل معه السجن فتيان قال‬ ‫مجالسهم بذلك ‪..‬‬
‫أحدهما إني أراني أعصر خمرا ً‬ ‫فقال أبو حذيفة بن عتبة بن‬
‫وقال الخر إني أراني أحمل‬ ‫ربيعة ‪ :‬أنقتل آباءنا وأبناءنا‬
‫وإخواننا ونترك العباس ‪..‬‬
‫‪268‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أذكر أن أخي الصغر سعود لما‬ ‫فوق رأسي خبزا ً تأكل الطير‬
‫كان طفل ً في السابعة ‪ ..‬دخل‬ ‫منه ( ‪..‬‬
‫المسجد لصلة العشاء ‪ ..‬ويبدو‬ ‫جعل يتأمل في الحاضرين‬
‫أنه كان مستعجل ً وتأخر المام‬ ‫ثم سألهم ‪:‬‬
‫في المجيء لقامة الصلة ‪..‬‬ ‫ودخل معه السجن فتيان ؟!‬
‫فلما ضاق بذلك ذرعا ً توجه نحو‬ ‫أيهما دخل قبل الخر ‪..‬‬
‫المؤذن وكان شيخا ً كبيرا ً ضعيف‬ ‫يوسف أم الفتيان ؟‬
‫السمع ووقف خلفه ‪ ..‬ثم قال‬ ‫فصاح أحدهم ‪ :‬يوسف ‪..‬‬
‫محاول ً تغيير صوته ‪ :‬أقم‬ ‫فصاح آخر ‪ :‬ل ‪ ..‬ل ‪..‬‬
‫الصلة ‪ ..‬وكان قد قبض على‬ ‫الفتيان ‪..‬‬
‫طرف أنفه بيده ‪..‬‬ ‫فانطلق ثالث ‪ :‬ل ‪ ..‬ل ‪ ..‬بل‬
‫ثم ولى هاربا ً ‪..‬‬ ‫يوسف ‪ ..‬يوسف ‪..‬‬
‫أما المؤذن فما كاد يسمع ذلك‬ ‫فاستذكى رابع وقال ‪ :‬دخلوا‬
‫حتى تحرك ناهضا ً ليقيم‬ ‫مع بعض !!‬
‫الصلة ‪ ..‬فنبهه بعض المأمومين‬ ‫وتكلم خامس ‪ ..‬وارتفع‬
‫‪ ..‬فجلس ‪..‬‬ ‫اللغط ‪ ..‬حتى ضاع الموضوع‬
‫كان موقفا ً طريفا ‪ ..‬لكني لم‬
‫ً‬ ‫الساسي ‪..‬‬
‫أورده لطرافته ‪..‬‬ ‫ويبدو أن المحاضر قصد ذلك‬
‫وإنما لني جلست بعدها في‬ ‫‪..‬‬
‫مجلس فذكر أحد الجالسين‬ ‫فجعل يتأمل وجوههم ‪..‬‬
‫القصة وقال في أثنائها ‪ :‬وكان‬ ‫والوقت يمضي ‪..‬‬
‫سعود مستعجل ً لنه سيذهب إلى‬ ‫ثم ابتسم ابتسامة عريضة ‪..‬‬
‫البحر مع أبيه _ مع العلم بأن‬ ‫وأشار لهم بخفض الصوات‬
‫الرياض في صحراء ول تقع على‬ ‫وقال ‪:‬‬
‫ساحل بحر ‪ .. -‬فتحيرت هل‬ ‫وما المشكلة !! دخل قبلهم‬
‫أفسد عليه قصته وأعترض ‪ ..‬أم‬ ‫أو دخلوا قبله !! هل تستحق‬
‫أن المعلومة غير مؤثرة في‬ ‫المسألة كل هذا الخلف ؟!‬
‫ع للعتراض‬ ‫القصة فل دا ٍ‬ ‫فعل ً ‪ ..‬لو تأملت واقعنا‬
‫واكتساب العداوات ‪ ..‬فآثرت‬ ‫لوجدت أننا في أحيان كثيرة‬
‫الثاني وسكت ‪..‬‬ ‫نكون ثقلء على الخرين‬
‫وأحيانا ً قد تعترض على شيء‬ ‫بكثرة اعتراضنا على ما‬
‫أنت غير فاهمه أصل ً ‪..‬‬ ‫يقولون فيكون أحدهم‬
‫لعل له عذرا ً وأنت تلوم ‪..‬‬ ‫متحمسا ً في قصة يحكيها ‪..‬‬
‫كان زياد لطيفا ً حريصا ً على‬ ‫ثم يفاجأ بمن يعترض‬
‫نصح الناس ‪..‬‬ ‫ويفسد عليه متعة الحديث‬
‫وقف يوما ً عند إشارة مرور فإذا‬ ‫بالعتراض على أشياء ل‬
‫به يسمع صوتا ً عاليا ً لغاني‬ ‫تؤثر في القصة شيئا ً ‪..‬‬
‫غربية ‪ ..‬تحير من أين هذا‬ ‫نعم ‪ ..‬ل تكن ثقيل ً تعترض‬
‫الصوت ‪ ..‬وأخذ يتلفت يبحث عن‬ ‫على كل شيء ‪..‬‬
‫‪269‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بلطف ‪ :‬يا أخي ‪ ..‬لو سمحت ‪..‬‬ ‫مصدره ‪ ..‬فإذا هو من‬
‫هيه ‪..‬‬ ‫السيارة المجاورة له ‪..‬‬
‫لم يرد عليه الرجل ولم يلتفت ‪..‬‬ ‫وإذا صاحبها قد زاد صوت‬
‫رفع صوته ‪ :‬هيه ‪ ..‬هيه ‪ ..‬لو‬ ‫المذياع إلى أعلى درجاته ‪..‬‬
‫سمحت ‪ ..‬يا أخي ‪ ..‬اسمع ‪..‬‬ ‫حتى أسمع البعيد‬
‫وصل الرجل سيارته وركبها ‪..‬‬ ‫والقريب ‪..‬‬
‫ولم يلتفت ‪..‬‬ ‫جعل صاحبي يضرب على‬
‫نزل زياد وقد غضب وأقبل‬ ‫منبه سيارته ويحاول أن ينبه‬
‫إليه ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا أخي ‪ ..‬الله‬ ‫ذاك الرجل إلى خفض صوت‬
‫يهديك ‪ ..‬ما تسمع ‪..‬‬ ‫مذياعه ‪ ..‬لكن الرجل ل‬
‫نظر الرجل إليه وابتسم وشغل‬ ‫يلتفت ول يرد ‪ ..‬يبدوا أنه‬
‫سيارته ‪ ..‬فاشتغل المذياع‬ ‫لشدة انسجامه مع ما يسمع‬
‫مباشرة بصوت مزعج جدا ً ‪..‬‬ ‫صار ل يدري عما حوله ‪..‬‬
‫فثار زياد ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا أخي حرام‬ ‫حاول زياد أن يتبين وجه‬
‫عليك ‪ ..‬أزعجت الناس ‪ ..‬تريد‬ ‫السائق الذي أسدل غترته‬
‫تسمع الغاني اسمعها لوحدك ‪..‬‬ ‫على جانبي وجهه ‪ ..‬وبعد‬
‫بدل ما تسمع قرآن تسمع‬ ‫جهد رآه فإذا لحيته تمل‬
‫ن ؟!‬‫أغا ٍ‬ ‫وجهه !!‬
‫فجعل الرجل يزيد ابتسامته ‪..‬‬ ‫ازداد العجب ‪ ..‬شخص بهذه‬
‫والغاني بأعلى صوت ‪..‬‬ ‫الهيئة بدل أن يستمع إلى‬
‫ثار زياد أكثر ‪ ..‬وجعل وجهه‬ ‫القرآن يستمع الغاني !! ل‬
‫يحمّر ‪ ..‬وصار يرفع صوته‬ ‫ل أيضا ً !!‬ ‫وبصوت عا ٍ‬
‫ليسمعه ‪..‬‬ ‫أضاءت الشارة خضراء ‪..‬‬
‫فلما رأى الرجل أن المر وصل‬ ‫ومشى الجميع ‪..‬‬
‫إلى هذا الحد ‪ ..‬جعل يشير بيديه‬ ‫أصّر زياد على مناصحة‬
‫إلى أذنيه وينفضهما ‪..‬‬ ‫الرجل فجعل يمشي‬
‫ثم أخرج دفترا ً صغيرا ً من جيبه‬ ‫وراءه ‪ ..‬وقف الرجل عند‬
‫ومكتوب على أول ورقة منه ‪:‬‬ ‫دكان ‪ ..‬ونزل ليشتري منه‬
‫أنا رجل أصم ل أسمع ‪ ..‬فضل ً‬ ‫حاجة ‪..‬‬
‫اكتب ما تريد !!‬ ‫أوقف زياد سيارته وراءه‬
‫وصار يتأمله وهو يمشي‬
‫لمحة ‪..‬‬ ‫فإذا الثوب قصير ‪ ..‬واللحية‬
‫قال الله تعالى ‪" :‬وكان النسان‬ ‫تمل عارضيه ‪..‬‬
‫عجول ً " فانتبه ل تغلب عجلتك‬ ‫تسابقت إلى قلبه الوساوس‬
‫تؤدتك ‪..‬‬ ‫‪ ..‬أظنه نزل ليخرج الن‬
‫بعلبة سجائر !!‬
‫قبل نجواكم ‪..‬‬ ‫‪.89‬‬ ‫خرج الرجل فإذا في يده‬
‫صدقة ‪..‬‬ ‫مجلة إسلمية !!‬
‫الطلبات الكبيرة تحتاج إلى‬ ‫لم يصبر زياد ‪ ..‬وأخذ ينادي‬
‫‪270‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫إلى نزهة ‪..‬‬ ‫تهيئة المطلوب منه قبل‬
‫فتقول ‪ :‬بسرعة ‪ ..‬بسرعة ‪..‬‬ ‫طلبها ‪ ..‬لئل يسارع إلى‬
‫المطبخ ‪ ..‬المطبخ ‪ ..‬عندي رجال‬ ‫الرفض ‪..‬‬
‫سيأتون ‪ ..‬ل تتأخري بالغداء ‪..‬‬ ‫وهذا عام في الطلبات‬
‫وانتبهي أثناء إعداده ‪ ..‬و ‪..‬‬ ‫الشفهية والمكتوبة ‪..‬‬
‫ومثله لو أردت أن تطلب إجازة‬ ‫فلو أردت أن تكتب إلى غني‬
‫من مديرك ‪..‬‬ ‫تطلب منه حاجة ‪ ..‬لناسب‬
‫أو تخبر أمك أو أباك بخبر ‪..‬‬ ‫أن تكتب قبل حاجتك شيئا ً‬
‫وقد قرأت في سيرة النبي‬ ‫من الثناء على جوده وكرمه‬
‫الكرم ‪ .. ε‬ما يدل على ذلك ‪..‬‬ ‫ومحبته للخير ‪ ..‬ثم بعد ذلك‬
‫كان النبي ‪ ρ‬قد رضع في صغره‬ ‫تكتب حاجتك ‪..‬‬
‫قريبا ً من ديار هوازن ‪ ..‬وكان‬ ‫ومثله لو أردت حاجة من‬
‫يرجو أن يسلموا ‪..‬‬ ‫أبيك أو أخيك أو – من يدري‬
‫فبلغه ‪ ..‬أن هوازن قد جمعت‬ ‫ربما – زوجتك ‪ ..‬يناسب أن‬
‫جموعها ‪ ..‬فخرج إليهم ‪..‬‬ ‫تقدم قبلها بمقدمة ‪..‬‬
‫وقاتلهم ‪..‬‬ ‫فلو دعوت نفرا ً من‬
‫فنصر الله نبيه ‪ ρ‬عليهم ‪..‬‬ ‫أصدقائك إلى مأدبة غداء ‪..‬‬
‫فساق الغنائم ‪..‬‬ ‫وأردت أن تخبر زوجتك لتعد‬
‫فأقبل بعضهم إلى رسول الله ‪ρ‬‬ ‫الطعام وتهيئ البيت ‪..‬‬
‫‪ ..‬وهو نازل بالجعرانة ‪..‬‬ ‫لناسب أن تقول قبل ذلك ‪..‬‬
‫وقد قتل من قتل من رجالهم ‪..‬‬ ‫بصراحة طعامك لذيذ ‪..‬‬
‫جميع أصدقائي يفرحون إذا‬
‫وجعل رسول الله ‪ ρ‬النساء‬
‫دعوتهم لجل أن يأكلوا من‬
‫والطفال في مكان ‪..‬‬
‫عمل يدك ‪ ..‬تصدقين !! لقد‬
‫فقام منهم خطيبهم زهير بن‬
‫أكلت في أرقى المطاعم ‪..‬‬
‫صرد فقال ‪:‬‬
‫وما ذقت لذة كلذة طعامك‬
‫يا رسول الله إنما في الحظائر‬
‫أبدا ً ‪ ..‬وبصراحة رأيت‬
‫من السبايا خالتك ‪..‬‬
‫البارحة صديقا ً لي جاء من‬
‫وحواضنك ‪ ..‬اللتي كن‬
‫سفر ‪ ..‬ومن باب المجاملة‬
‫يكفلنك ‪..‬‬
‫قلت له تغد معي غدا ً ‪..‬‬
‫ولو أنا ملحنا لبن أبي شمر ‪..‬‬
‫فتفاجأت به أن وافق ‪!!..‬‬
‫أو النعمان بن المنذر ‪..‬‬
‫فدعوت معه بعض‬
‫ثم أصابنا منهما مثل الذي‬
‫الصدقاء ‪ ..‬فليتك تعملين‬
‫أصابنا منك ‪ ..‬رجونا عائدتهم‬
‫لنا طعاما ً ‪..‬‬
‫وعطفهم ‪..‬‬
‫هذا السلوب أحسن من‬
‫وأنت رسول الله خير المكفولين‬
‫صراخك إذا دخلت بيتك ‪ :‬يا‬
‫‪ ..‬ثم أنشأ يقول ‪:‬‬
‫فلنة ‪ ..‬فلنة ‪..‬‬
‫امنن علينا رسول الله في كرم‬
‫فتجيبك ‪ :‬لبيك ‪ ..‬أنا قادمة ‪..‬‬
‫فإنك المرء‬
‫وهي تظن أنك ستدعوها‬
‫‪271‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫نحن ندخل في عقد محمد‬ ‫نرجوه و ننتظر‬
‫وعهده ‪..‬‬ ‫امنن على نسوة قد كنت‬
‫وتواثبت بنو بكر وقالوا ‪ :‬نحن‬ ‫ترضعها‬
‫ندخل في عقد قريش‬ ‫إذ فوك‬
‫وعهدهم ‪..‬‬ ‫تملؤه من محضها الدرر‬
‫وكان بين هذين الحيين دماء‬ ‫ل تجعلنا كمن شالت نعامته‬
‫وقتال ‪..‬‬ ‫و استبق‬
‫واشتدت ضغينة قريش على‬ ‫منا فإنا معشر زهر‬
‫خزاعة ‪ ..‬لكنهم خافوا أن‬ ‫إنا لنشكر آلء و إن كفرت‬
‫يصيبوهم بشيء فينتصر لهم‬ ‫وعندنا بعد‬
‫النبي ‪.. ρ‬‬ ‫هذا اليوم مدخر‬
‫فلما مضى من هدنة الحديبية ‪..‬‬ ‫وقد أدب الله المؤمنين ‪..‬‬
‫َ‬
‫نحو السبعة أو الثمانية عشر‬ ‫مُنوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ها ال ّ ِ‬ ‫فقال ‪َ ":‬يا أي ّ َ‬
‫شهرا ً ‪..‬‬ ‫موا‬ ‫قدّ ُ‬ ‫ف َ‬‫ل َ‬ ‫سو َ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫جي ْت ُ ُ‬
‫ذا َنا َ‬‫إِ َ‬
‫وثب بنو بكر على خزاعة ‪ ..‬ليل ً‬ ‫ة"‬‫ق ً‬‫صدَ َ‬
‫م َ‬ ‫واك ُ ْ‬ ‫ج َ‬‫ي نَ ْ‬
‫ن ي َدَ ْ‬ ‫ب َي ْ َ‬
‫بماء يقال له الوتير ‪ ..‬وهو‬ ‫)‪.. (99‬‬
‫قريب من مكة ‪ ..‬وطلبوا العانة‬ ‫وكانت العرب ‪ ..‬إذا أرادت أن‬
‫من قريش ‪..‬‬ ‫تستنجد بأحد ‪ ..‬أو تطلب‬
‫فقالت قريش ‪ :‬ما يعلم بنا‬ ‫عونه ‪ ..‬أول ما تلجأ إلى‬
‫محمد وهذا الليل وما يرانا من‬ ‫الكلم والشعار ‪ ..‬فتحدث‬
‫أحد ‪..‬‬ ‫في النفوس مال تفعله‬
‫فأعانوهم عليهم بالكراع‬ ‫السيوف ‪..‬‬
‫والسلح ‪ ..‬وقاتلوهم معهم ‪..‬‬ ‫لما أقبل رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫ففزعت خزاعة ‪..‬‬ ‫يريد العمرة ‪ ..‬خافت‬
‫وقتل من قتل من رجالهم‬ ‫قريش ‪..‬‬
‫ونسائهم وذراريهم ‪..‬‬ ‫وكاد النبي ‪ ρ‬أن يقاتلهم ‪..‬‬
‫فلما رأى رجل منهم وهو عمرو‬ ‫لول أنهم ‪ ..‬ألحوا عليه حتى‬
‫بن سالم ‪ ..‬ما حل بقومه ‪..‬‬ ‫كتب بينه وبينهم ‪ ..‬هدنة‬
‫ركب بعيره ‪ ..‬وهرب من يد‬ ‫لمدة عشر سنوات ‪ ..‬وقف‬
‫قريش ‪..‬‬ ‫للقتال ‪..‬‬
‫حتى قدم على رسول الله ‪ ρ‬في‬ ‫وكان في صلح الحديبية ‪..‬‬
‫المدينة ‪..‬‬ ‫لما كتب ‪ ..‬أنه من شاء من‬
‫فدخلها فزعا ً ‪ ..‬مصابا ً مكروبا ً ‪..‬‬ ‫القبائل أن يدخل في عقد‬
‫ثم أقبل إلى المسجد ‪ ..‬عليه أثر‬ ‫محمد وعهده دخل ومن شاء‬
‫الطريق ووعثاء السفر ‪..‬‬ ‫أن يدخل في عقد قريش‬
‫ووقف بين يدي رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫وعهدهم دخل ‪..‬‬
‫فقال ‪:‬‬ ‫فتواثبت خزاعة وقالوا ‪:‬‬
‫يا رب إني ناشد محمدا ً‬
‫حلف أبيه وأبينا‬ ‫) ( سورة المجادلة ) ‪.. ( 12‬‬ ‫‪99‬‬

‫‪272‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ورسول الله ‪ ..ρ‬قد اشتد غضبه‬ ‫التلدا‬
‫على قريش لخيانتهم ‪ ..‬فكان‬ ‫وْلدا ً وكنا والدا ً‬ ‫قد كنتم ِ‬
‫يتجهز ويقول ‪ :‬كأنكم بأبي‬ ‫ثمت أسلمنا‬
‫سفيان قد جاءكم يشد في‬ ‫فلم ننزع يدا‬
‫العقد ويزيد في المدة " ‪.‬‬ ‫ً‬
‫فانصر رسول الله نصرا أبدا‬
‫ثم أقبل نفر من خزاعة آخرين‬ ‫وادع عباد الله‬
‫إلى رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫يأتوا مددا‬
‫فيهم بديل بن ورقاء ‪ ..‬حتى‬ ‫فيهم رسول الله قد تجردا‬
‫إن سيما خسفا ً‬
‫قدموا على رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫فأخبروه بما أصيب منهم ‪..‬‬ ‫وجهه تربدا‬
‫ومظاهرة قريش بني بكر عليهم‬ ‫في فيلق كالبحر يجري‬
‫‪..‬‬ ‫مزبدا‬
‫إن قريشا ً‬
‫فوعدهم النبي ‪ ρ‬بالنصر ‪ ..‬وقال‬
‫لهم ‪ " :‬ارجعوا فتفرقوا في‬ ‫أخلفوك الموعدا‬
‫قضوا ميثاقك المؤكدا‬ ‫ون ّ‬
‫البلدان " ‪ ..‬وخشي أن تعلم‬
‫قريش بخبرهم معه ‪..‬‬ ‫وجعلوا لي في‬
‫كداء رصدا ً‬
‫فتقاتلهم ‪ ..‬قبل وصوله إليهم ‪..‬‬
‫فانصرفوا راجعين إلى ديارهم ‪..‬‬ ‫وزعموا أن لست أدعوأحدا‬
‫فلقوا أبا سفيان بعسفان ‪ ..‬قد‬ ‫فهم أذل وأقل‬
‫عددا ً‬
‫بعثته قريش إلى رسول الله‬
‫هم بيتونا بالوتير هجدا‬
‫‪.. ρ‬‬ ‫وقتلونا ركعا ً‬
‫يشد العقد ويزيد في المدة ‪..‬‬
‫وسجدا‬
‫وقد رهبوا أن يكون بلغه ما‬
‫فعلوا ‪..‬‬ ‫فلما سمع النبي ‪ ρ‬هذا‬
‫فلما لقي أبو سفيان بديل ً ‪..‬‬ ‫الكلم ‪ ..‬والشعر ‪ ..‬والنداء ‪..‬‬
‫خشي أن يكون أقبل من عند‬ ‫انتفض ‪ ..‬وغضب ‪..‬‬
‫وقال ‪ " :‬نصرت يا عمرو بن‬
‫رسول الله ‪ .. ρ‬فقال ‪ :‬من أين‬
‫سالم " ‪..‬‬
‫أقبلت يا بديل ؟‬
‫ثم قام ‪ ..‬مسرعا ً ‪ ..‬وأمر‬
‫فقال بديل ‪ :‬سرت في خزاعة‬
‫الناس بالتجهز للخروج‬
‫في هذا الساحل في بطن هذا‬
‫للقتال ‪..‬‬
‫الوادي ‪..‬‬
‫ففزع الناس يتجهزون ‪..‬‬
‫فسكت أبو سفيان ‪..‬‬
‫وهم ل يعلمون أين سيكون‬
‫فلما جاوزه بديل ‪..‬أقبل أبو‬
‫القتال ‪..‬‬
‫سفيان إلى مبرك ناقة بديل ‪..‬‬
‫فأخذ من بعرها ففته بيده ‪..‬‬ ‫وقد خشي ‪ ρ‬أن يخبر‬
‫فرأى فيه نوى التمر ‪ ..‬فعلم أن‬ ‫بوجهته ‪ ..‬فيصل الخبر إلى‬
‫الناقة كانت بالمدينة ‪ ..‬فهم‬ ‫قريش ‪ ..‬وسأل الله أن‬
‫الذين يطعمون دوابهم نوى‬ ‫يعمي على قريش خبره‬
‫حتى يبغتهم في بلدهم ‪..‬‬
‫‪273‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فقال أبو بكر ‪ :‬جواري في جوار‬ ‫التمر ‪ ..‬فقال أبو سفيان ‪:‬‬
‫رسول الله ‪ .. ρ‬ول أمنع أحدا ً‬ ‫أحلف بالله لقد جاء بديل‬
‫منه ‪ ..‬وأما أنا فوالله لو وجدت‬ ‫محمدا ً ‪..‬‬
‫الذر تقاتلكم لعنتها عليكم ‪..‬‬ ‫ثم مضى أبو سفيان ‪..‬‬
‫فخرج أبو سفيان ‪ ..‬فأتى عمر‬ ‫حتى وصل المدينة ‪ ..‬فتوجه‬
‫بن الخطاب فكلمه ‪ ..‬فقال عمر‬ ‫إلى بيت ابنته أم حبيبة زوج‬
‫بن الخطاب ‪ :‬أنا أشفع لكم عند‬ ‫رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫رسول الله ‪ ρ‬؟‬ ‫فلما دخل أقبل ليجلس على‬
‫بل ما كان من حلفنا جديدا ً‬ ‫فراش رسول الله ‪.. ρ‬‬
‫فأخلقه الله ‪..‬‬ ‫فطوته من تحته ‪..‬‬
‫وما كان منه مثبتا ً فقطعه‬ ‫فقال ‪ :‬يا بنية ما أدري‬
‫الله ‪..‬‬ ‫أرغبت بي عن هذا‬
‫وما كان منه مقطوعا ً فل وصله‬ ‫الفراش ‪ ..‬أو رغبت به‬
‫الله !‬ ‫عني ؟‬
‫فلما سمع أبو سفيان ذلك ‪..‬‬ ‫فقالت ‪ :‬بل هو فراش‬
‫طم ‪..‬‬ ‫تغير ‪ ..‬فكأنما ل ُ ِ‬ ‫رسول الله ‪ ρ‬وأنت مشرك‬
‫فخرج أبو سفيان وهو يقول ‪:‬‬ ‫نجس ‪ ..‬فلم أحب أن تجلس‬
‫جزيت من ذي رحم شرا ً ‪..‬‬ ‫على فراشه ‪..‬‬
‫فلما يئس مما عندهم دخل على‬ ‫فعجب منها ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا بنية‬
‫علي ‪ ..‬فقال له ‪:‬‬ ‫والله لقد أصابك بعدي شر !‬
‫يا علي أنت أقربهم بي نسبا ً ‪..‬‬ ‫ثم مضى أبو سفيان إلى‬
‫فاشفع لي إلى رسول الله ‪.. ρ‬‬ ‫رسول الله ‪ .. ρ‬فقال ‪ :‬يا‬
‫فقال له علي ‪ :‬يا أبا سفيان ‪..‬‬ ‫محمد اشدد العقد وزدنا في‬
‫إنه ليس أحد من أصحاب رسول‬ ‫المدة ‪..‬‬
‫الله ‪ ρ‬يفتات على رسول الله ‪ρ‬‬ ‫فقال ‪ : ρ‬ولذلك قدمت ؟‬
‫بجوار ‪ ..‬أي ل يستطيع أحد‬ ‫هل كان من حدث قبلكم ؟!‬
‫منعه عن أحد إن أراده ‪ ..‬فهو ل‬ ‫قال ‪ :‬معاذ الله ! نحن على‬
‫ينطق عن الهوى ‪..‬‬ ‫عهدنا وصلحنا يوم الحديبية‬
‫وأنت سيد قريش ‪ ..‬وأكبرها ‪..‬‬ ‫ل نغير ول نبدل ‪..‬‬
‫وأمنعها ‪ ..‬فأجر بين عشيرتك ‪..‬‬ ‫فسكت عنه النبي ‪ .. ρ‬فكرر‬
‫وامنع نفسك ‪ ..‬يعني ‪ :‬صح‬ ‫عليه أبو سفيان ‪ ..‬ورسول‬
‫بالناس إني قد منعت نفسي‬ ‫الله ‪ ρ‬ل يجيبه ‪..‬‬
‫‪..‬ثم الحق بأرضك ‪..‬‬ ‫فخرج من عند رسول الله‬
‫قال أبو سفيان ‪ :‬أو ترى ذلك‬ ‫‪.. ρ‬‬
‫يغني عني شيئا ً ‪..‬‬ ‫وأتى أبا بكر فقال ‪ :‬اشفع‬
‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ولكن هو رأي أراه ‪..‬‬ ‫لي عند محمد ‪ ..‬أن يجدد‬
‫فخرج أبو سفيان إلى الناس‬ ‫العقد ‪ ..‬ويزيد في المدة ‪..‬‬
‫في المدينة ثم صاح ‪..‬‬ ‫أو امنعني وقومي ‪..‬‬
‫أل إني قد أجرت بين الناس ‪..‬‬
‫‪274‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فقالت ‪:‬‬ ‫ول والله ما أظن أن‬
‫قبحك الله من وافد قوم ! فما‬ ‫يخفرني أحد ‪..‬‬
‫جئت بخير ‪..‬‬ ‫فقام أبو سفيان في‬
‫ثم أقبل رسول الله ‪ .. ρ‬إلى‬ ‫المسجد فقال ‪ :‬أيها الناس‬
‫مكة فاتحا ً ‪..‬‬ ‫إني قد أجرت بين الناس ‪..‬‬
‫ثم ركب بعيره فانطلق إلى‬
‫م ‪..‬‬
‫‪ ..‬بالشارة يفه ُ‬ ‫مكة ‪..‬‬
‫اللقمة الكبيرة تحتاج لمضغ جيد‬ ‫فلما أن قدم على قريش‬
‫قبل ابتلعها‬ ‫قالوا ‪ :‬ما وراءك ؟‬
‫هل جئت بكتاب من محمد أو‬
‫ليس مهما ً أن تنجح‬ ‫‪.90‬‬ ‫عهد ؟‬
‫دائما ً ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ل والله لقد أبى‬
‫كان فهد يمشي مع صاحبه ‪-‬‬ ‫علي ‪..‬‬
‫العنيد المكابر ‪ -‬في صحراء‬ ‫وقد تتبعت أصحابه فما رأيت‬
‫فرأيا سوادا ً رابضا ً على‬ ‫قوما ً لملك عليهم أطوع‬
‫التراب ‪ ..‬تخفيه الريح تارة‬ ‫منهم له ‪..‬‬
‫وتظهره تارة ‪..‬‬ ‫ً‬
‫ولقد جئت محمدا فكلمته ‪..‬‬
‫التفت فهد إلى صاحبه وسأله ‪:‬‬ ‫فوالله ما رد علي شيئا ً ‪..‬‬
‫تتوقع ‪ ..‬ما هذا ؟!‬ ‫ثم جئت ابن أبي قحافة‬
‫فقال صاحبه ‪ :‬هذه عنز !!‬ ‫ً‬
‫فوالله ما وجدت فيه خيرا ‪..‬‬
‫قال فهد ‪ :‬بل غراب ‪..‬‬ ‫ثم جئت عمر فوجدته أعدى‬
‫قال صاحبه ‪ :‬أقول لك ‪ :‬عنز ‪..‬‬ ‫عدو‪..‬‬
‫يعني عنز ‪..‬‬ ‫ً‬
‫ثم جئت عليا فوجدته ألين‬
‫قال فهد ‪ :‬طيب نقترب‬ ‫القوم ‪..‬‬
‫ونتأكد ‪..‬‬ ‫وقد أشار علي بأمر‬
‫اقتربا ‪ ..‬وجعل يركزان النظر‬ ‫صنعته ‪ ..‬فوالله ما أدري هل‬
‫أكثر وأكثر ‪..‬‬ ‫يغني عنا شيئا ً أم ل ؟‬
‫كان واضحا ً أن الذي أمامهما‬ ‫قالوا ‪ :‬بماذا أمرك ؟‬
‫غراب !!‬ ‫قال ‪ :‬أمرني أن أجير بين‬
‫قال فهد ‪ :‬يا أخي ‪ ..‬والله غراب‬ ‫الناس ففعلت ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬هل أجاز ذلك محمد ؟‬
‫هز صاحبه رأسه بكل حزام‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫وقال ‪ :‬عنـززززز‬ ‫قالوا ‪ :‬ويحك ما زادك الرجل‬
‫سكت فهد ‪ ..‬واقتربا أكثر ‪..‬‬ ‫على أن لعب بك ‪ ..‬فما يغني‬
‫فشعر الغراب باقترابهما فطااار‬ ‫عنا ما قلت ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬ل والله ما وجدت‬
‫فصاح فهد ‪ :‬الله أكبر ‪ ..‬غراب ‪..‬‬ ‫غير ذلك ‪..‬‬
‫أرأيت غراب ‪ ..‬طار ‪..‬فقال‬ ‫فاغتم أبو سفيان ‪ ..‬ودخل‬
‫صاحبه ‪ :‬عننننـز ‪ ..‬لو طار !!‬ ‫على امرأته فحدثها الحديث‬
‫‪275‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الجناس والجنسيات ‪ ..‬فرأيت‬ ‫لماذا أوردت هذه القصة ؟‬
‫آثارها ‪..‬‬ ‫أوردتها لجل أن أبين ‪ :‬أن‬
‫والله إني لك ناصح ‪..‬‬ ‫هذه المهارات التي تقدمت‬
‫باختصار ‪..‬‬ ‫فيما مضى من صفحات ‪..‬‬
‫هل أنت جاد في التغيير ؟‬ ‫تصلح مع الناس عموما ً ‪..‬‬
‫لكن مع ذلك يبقى أن بعض‬
‫كن بطل ً وابدأ الن‬ ‫‪.91‬‬ ‫الناس مهما مارست معه‬
‫أذكر أني ألقيت دورة في‬ ‫مهارات ل يتفاعل معك ‪..‬‬
‫مهارات التعامل مع الناس ‪..‬‬ ‫فلو مارست معه مهارة‬
‫كان عبد العزيز من بين‬ ‫اللمح ‪ ..‬فقلت ‪ :‬ما شاء الله‬
‫الحضور ‪ ..‬كان تأثره واضحا ً ‪..‬‬ ‫ما أجمل ثيابك ‪ ..‬كأنك‬
‫لحظته يكتب كل شاردة وواردة‬ ‫عريس ‪ ..‬وأنت تتوقع منه أن‬
‫‪..‬‬ ‫يتبسم ويشكرك على لطفك‬
‫مضت أيام الدورة الثلثة ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فإنه ل يفعل ذلك ‪ ..‬وإنما‬
‫وتفرقنا ‪..‬‬ ‫ينظر إليك شزرا ً ‪ ..‬ويقول ‪:‬‬
‫بعدها بشهر ألقيت الدورة‬ ‫طيب ‪ ..‬طيب ‪ ..‬ل تجامل ‪..‬‬
‫نفسها مرة أخرى ‪ ..‬فلما نظرت‬ ‫ل تستخف دمك ‪ ..‬ونحو ذلك‬
‫إلى الحضور ‪ ..‬فإذا عبد العزيز‬ ‫من العبارات السامجة التي‬
‫يجلس في الصف الول !!‬ ‫تدل على عدم خبرته في‬
‫تملكني العجب !! لماذا يحضرها‬ ‫التعامل مع الناس ‪..‬‬
‫مرة أخرى وهو يعلم أني سأعيد‬ ‫ومثله المرأة التي قد‬
‫الكلم نفسه !‬ ‫تمارس مع زوجها مهارات ‪..‬‬
‫لما أذن للصلة ‪ ..‬أخذته ومشيت‬ ‫كمهارة التفاعل مثل ً ‪..‬‬
‫به جانبا ً ‪ ..‬وسألته ‪ :‬عبد‬ ‫فيحكي نكتة باردة ‪..‬‬
‫العزيز ‪ ..‬لماذا تحضر مرة‬ ‫فتتفاعل معه ضاحكة ‪..‬‬
‫أخرى ‪ ..‬وأنت تعلم أني سأعيد‬ ‫فيقول ‪ :‬طيب ‪ ..‬ل تغصبي‬
‫الكلم نفسه ‪ !! ..‬والمذكرة‬ ‫نفسك على الضحك ؟!!‬
‫التي بين يديك هي نفسها‬ ‫إذا واجهت هذه النوعيات‬
‫المذكرة السابقة !! والشهادة‬ ‫من الناس فاعلم أنهم ل‬
‫التي ستحصل عليها هي‬ ‫يمثلون المجتمع ‪..‬‬
‫الشهادة نفسها !! يعني لن‬ ‫ولقد جربت هذه المهارات‬
‫تستفيد شيئا ً ‪..‬‬ ‫بنفسي ‪ ..‬نعم والله جربتها‬
‫فقال لي ‪ :‬تصدق !! والله إن‬ ‫بنفسي فرأيت آثارها في‬
‫أصحابي وزملئي يقولون لي ‪:‬‬ ‫الناس ‪ ..‬كبارا ً وصغارا ً ‪..‬‬
‫يا عبد العزيز أنت تغيرت في‬ ‫بسطاء وأذكياء ‪ ..‬وأصحاب‬
‫تعاملك معنا منذ شهر ‪..‬‬ ‫مناصب عليا ‪ ..‬وطلب عندي‬
‫ففكرت في ذلك فإذا أنا أطبق‬ ‫في الكلية ‪ ..‬ومع أولدي ‪..‬‬
‫ما تعلمته من مهارات في‬ ‫فرأيت لها أعاجيب ‪..‬‬
‫الدورة السابقة ‪ ..‬فجئت لحضر‬ ‫بل جربتها مع مختلف‬
‫‪276‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.arefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الدورة مرة أخرى لتأكيد ما‬
‫تعلمته من مهارات ‪..‬‬
‫إذا كنت جادا ً في التغيير‬
‫فكن بطل ً وابدأ الآآآن ‪..‬‬

‫‪277‬‬

You might also like