Professional Documents
Culture Documents
السياسة الخارجية الروسية في آسيا الوسطى والقوقاز - 44882 - Foulabook.com -
السياسة الخارجية الروسية في آسيا الوسطى والقوقاز - 44882 - Foulabook.com -
E-KUTUB
السياسة الخارجية الروسية
في آسيا الوسطى والقوقاز
قاسم دحمان
2
السياسة الخارجية الروسية
في آسيا الوسطى والقوقاز
قاسم دحمان
إصدارات إي – كتب
لندن ،مارس 2016
3
Russian foreign policy in Central Asia and the Caucasus
By: Gasem Dahman
All Rights Reserved to the Author
Published by E-Kutub.com, 2016
ISBN: 9781780582009
*****
الطﺑﻌة اﻷولﻰ ،لﻧدن ،كاﻧون الثاﻧي -يﻧاير 2016
الﻣؤلف :قاسم دحمان
الﻧاﺷر ،E-kutub Ltd :ﺷركﺔ ﺑريطاﻧيﺔ ﻣسﺟﻠﺔ في اﻧﺟﻠﺗرا ﺑرقم7513024 :
© جميﻊ الحﻘوق محﻔوظة لﻠمؤلف
ﻻ ﺗﺟوز إﻋادة طﺑاﻋﺔ أي ﺟزء ﻣن ھذا الكﺗاب ألكﺗروﻧيا أو ﻋﻠى ورق .كﻣا ﻻ
يﺟوز اﻻقﺗﺑاس ﻣن دون اﻹﺷارة الى الﻣﺻدر.
أي ﻣﺣاولﺔ لﻠﻧسﺦ أو إﻋادة الﻧﺷر ﺗﻌرض ﺻاﺣﺑﮭا الى الﻣسؤوليﺔ القاﻧوﻧيﺔ.
إذا ﻋثرت ﻋﻠى ﻧسﺧﺔ ﻋﺑر أي وسيﻠﺔ اﺧرى ﻏير ﻣوقﻊ الﻧاﺷر (إي -ﻛﺗب) أو
ﻏوﻏل ﺑوكس ،ﻧرﺟو إﺷﻌارﻧا ﺑوﺟود ﻧسﺧﺔ ﻏير ﻣﺷروﻋﺔ ،وذلك ﺑالكﺗاﺑﺔ إليﻧا:
ekutub.info@gmail.com
يﻣكﻧك الكﺗاﺑﺔ الى الﻣؤلف ﻋﻠى الﻌﻧوان الﺗالي:
gacem069@gmail.com
4
اإلهداء:
5
شﻛر وعرفان
الﺣﻣد هلل ﺣﻣدا يﻠيق ﺑﺟالل وﺟﮭه وﻋظيم سﻠطاﻧه أن وفقﻧي إلى
ھذا الﻌﻣل ،وﻋسى أن يكون ﻋﻧده ﻣقﺑوﻻ...
إﻧه لﻣن دواﻋي ﻏﺑطﺗي وسروري أن أﺗقدم ﺑﺑالغ اﻻﻣﺗﻧان،
وﺟﻣيل الﺷكر والﻌرفان لألسﺗاذ الﻣﺣﺗرم نوري نﻌاس رئيس
قسم الﻌﻠوم السياسيﺔ ﺑﺟاﻣﻌﺔ الﺟﻠفﺔ ﻋﻠى كﻠﻣاﺗه الطيﺑﺔ الﺗي كاﻧت
وﻣا ﺗزال دافﻌا لي وأﻧيسا في ﺧطواﺗي الﻌﻠﻣيﺔ اآلﻧيﺔ واآلﺗيﺔ...
فاهلل ﻧسأل أن ﺗكون ھذه الﺧطوات ﺧالﺻﺔ لوﺟﮭه الكريم..
وهللا ﻧسأل أن ﺗكون ثﻣرﺗﮭا ﻋﻠﻣا يﻧﺗفﻊ ﺑه...
وأن ﺗكون ﺗﻠك الكﻠﻣات الطيﺑﺔ ﺻدقﺔ ﺟاريﺔ لقائﻠﮭا...
7
إﻧي رأيت أﻧه ﻻ يكﺗب إﻧسان كﺗاﺑا في يوﻣه إﻻ قال في ﻏده:
لو ﻏير ھذا لكان أﺣسن ،ولو زيد كذا لكان يسﺗﺣسن ،ولو قدم ھذا
لكان أفضل ،ولو ﺗرك ھذا لكان أﺟﻣل ،وھذا ﻣن أﻋظم الﻌﺑر،
وھو دليل ﻋﻠى اسﺗيالء الﻧقص ﻋﻠى ﺟﻣﻠﺔ الﺑﺷر.
الﻌماد اﻷصﻔهاني
الفهرس
ﻣقدﻣﺔ ....ص13
الﻔصل اﻷول ....ص19
ـ ماهية السياسة الخارجية ....ص21
ﻣفﮭوم السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ وﻣﺣدداﺗﮭا
أ ﻣفﮭوم السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ
ب الﻣفاھيم الﻣﺷاﺑﮭﺔ له
محددات السياسة الخارجية ....ص31
أ الﻣﺣددات الداﺧﻠيﺔ
ب الﻣﺣددات الﺧارﺟيﺔ
ـ دور الشخصية الﻘيادية في صنﻊ وﺗوجيه السياسة الخارجية....ص41
القيادة كﻣﺗغير في السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ
أ – ﺗﻌريف القيادة
ب – ﺧﺻائص القيادة
ج – الﺑيئﺔ الﻧفسيﺔ لﻠقائد
ـ ﻧظريات وأﻧﻣاط القيادة السياسيﺔ
أ – ﻧظريات القيادة
ب – أﻧﻣاط القيادة
ج – ﺗﺻﻧيفات أﺧرى
9
د – الﻧظام السياسي لروسيا اﻻﺗﺣاديﺔ
ھـ – ﻣﻌوقات الﻧﮭوض في روسيا
2الﻣﺣددات الﺷﺧﺻيﺔ لفالديﻣير ﺑوﺗين
أ – ﻣن ھو ﺑوﺗين
ب ﻣسيرﺗه ﻧﺣو الرئاسﺔ
ج – رئاسﺔ روسيا
د – أراء ﺑﻌض الﻣفكرين في ﺷﺧﺻيﺗه
3ﺗأثير ﺷﺧﺻيﺔ ﺑوﺗين في ﺻﻧﻊ القرار في روسيا
أ ﺻالﺣيات ﻣؤسسﺔ الرئاسﺔ
ب أولويات السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ في ﻋﮭد ﺑوﺗين
4الﺻيغﺔ الﺟديدة لﻠﻌقيدة الﻌسكريﺔ الروسيﺔ
أﺑﻌاد السياسﺔ الروسيﺔ في ﻋﮭد ﺑوﺗين
1الﺑﻌد اﻹقﻠيﻣي
أ آسيا الوسطى والقوقاز
ب الﺷراكﺔ الروسيﺔ الﺷرق آسيويﺔ
ج اﻻﺗﺣاد األورﺑي
د الﺷرق األوسط
2الﺑﻌد الدولي
10
ب – الواقﻊ اﻻقﺗﺻادي
ج راﺑطﺔ أو (كوﻣﻧويﻠث) الدول الﻣسﺗقﻠﺔ
اﻷهمية اإلسﺗراﺗيجية لﻠمنطﻘة ﺑالنسﺑة لروسيا112 ....
أھﻣيﺔ الﻣﻧطقﺔ ﻋسكريا
ب اقﺗﺻاديا
ج أﻣﻧيا
ﺗأثير الﻧزاﻋات في الﻣﻧطقﺔ ﻋﻠى السياسﺔ الروسيﺔ
أ – الﻧزاع في آسيا الوسطى
ب -الﻧزاع في القوقاز
األطﻣاع اﻹقﻠيﻣيﺔ والدوليﺔ في الﻣﻧطقﺔ
-1األطﻣاع اﻹقﻠيﻣيﺔ
أ -ﺗركيا
ب -إيران
ج -الﺻين
-2األطﻣاع الدوليﺔ
أ -الوﻻيات الﻣﺗﺣدة األﻣريكيﺔ
ب -اﻻﺗﺣاد األورﺑي
11
12
مقدمة
13
القارة الﮭﻧديﺔ وﺑاكسﺗان وأفغاﻧسﺗان ﺑاﺗﺟاه الﺟﻧوب ،والﻌﻣق
الﺣيوي اﻹيراﻧي ﺑاﺗﺟاه الﺟﻧوب الغرﺑي والﻌﻣق الﺣيوي لكاﻣل
ﻣﻧطقﺔ ﺑﺣر قزوين ﺑﻣا فيﮭا ﺗركيا ﺑاﺗﺟاه الغرب ،وھي ﻣﻧاطق
ﺗﺷكل ﻣطﻣﻌا ﻣﮭﻣا لﻠوﻻيات الﻣﺗﺣدة األﻣريكيﺔ لﻠسيطرة ﻋﻠيﮭا
وﻣﻣارسﺔ الﻧفوذ فيﮭا ،ألن في السيطرة ﻋﻠى ﻣوارد ﻣﻧطقﺔ آسيا
الوسطى إﻣكاﻧيﺔ كﺑيرة لﻠﺗﺣكم في إﻣدادات الﻧفط والغاز والﻣﻌادن
والﻣوارد الزراﻋيﺔ إلى روسيا والﺻين وﺷﺑه القارة الﮭﻧديﺔ ودول
اﻻﺗﺣاد األورﺑي وﺑﻠدان آسيا الغرﺑيﺔ .وﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى ﺑﮭذا
1
الﺷكل ﺗﻌﺗﺑر أﺣد ﻧقاط الﺻراع الﻣﮭﻣﺔ ﻋﻠى الﻣسرح الدولي".
وﺗكﻣن أھﻣيﺔ ھذه الدراسﺔ في أﻧﮭا ﺗسﻠط الضوء ﻋﻠى ﻣﻧطقﺔ
كاﻧت إلى وقت قريب ﺑﻌيدة ﻋن األﺣداث والﺗﺟاذﺑات السياسيﺔ
لﺗظﮭر فﺟأة وﺑﺻورة ﻣﻠفﺗﺔ وﺗﺗﺻدر الﻣﺷﮭد السياسي الدولي في
أﺣداث ﺟورﺟيا ،ثم في ﺗداﻋيات أﺣداث أوكراﻧيا ،وﻣا ﺗزال ﺗﻠك
األﺣداث قاﺑﻠﺔ لﻠﺗطور.
وﺗكﻣن أھﻣيﺔ ﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى والقوقاز في أﻧﮭا ﺗﻣثل" قﻠب
الﻌالم ،وﺗﺗاﺧم ﺣدودھا الﻣﺑاﺷرة ﻋددًا ﻣن الدول الكﺑرى ﻋﻠى
الﺻﻌيدين الدولي واﻹقﻠيﻣي ،فﮭي ﺗقﻊ ﺟﻧوب روسيا ،وﻏرب
الﺻين وﺷﻣال أفغاﻧسﺗان ،وﺷﻣال وﺷرق إيران ،وﺷرق ﺗركيا.
وﻣن ثم فإن ھذه الﻣﻧطقﺔ ﻣفﺗاح ھام وﻣوطئ قدم اسﺗراﺗيﺟي لﻌدد
ﻣن القوى الدوليﺔ واﻹقﻠيﻣيﺔ ،وفي ﻣقدﻣﺗﮭا الوﻻيات الﻣﺗﺣدة،
ﻻسيﻣا وأن ﻋددًا ﻣن الدول الﻣﺗاﺧﻣﺔ لﻠﻣﻧطقﺔ ﺗﻣثل ﺧﺻو ًﻣا أو
1ﻋﺑد هللا فالح ،الﺗﻧافس الدولي في آسيا الوسطى ،رسالﺔ ﻣاﺟسﺗير في
الﻌﻠوم السياسيﺔ ،ﺗقدم إلى ﻣﺟﻠس كﻠيﺔ اآلداب والﻌﻠوم ،ﺟاﻣﻌﺔ الﺷرق
األوسط ،2011 ،ص 6
14
ﻣﻧافسين لواﺷﻧطن يﺗﻌين ،وفقًا "لإلسﺗراﺗيﺟيﺔ القوﻣيﺔ لألﻣن" ،الﺗي
أﺻدرﺗﮭا الوﻻيات الﻣﺗﺣدة ﻋام 1992القضاء ﻋﻠيﮭا ،أو ﻋﻠى
األقل إضﻌافﮭا ﺣﺗى ﻻ ﺗﻣثل ﺗﺣديًا لﻠﮭيﻣﻧﺔ والسياسﺔ األﻣريكيﺔ،
وفي ﻣقدﻣﺗﮭا إيران والﺻين وروسيا ذاﺗﮭا وﻣن ثم فإن ﺗغﻠغل
الوﻻيات الﻣﺗﺣدة يﻣثل ﻋاﻣالً ھا ًﻣا في ﺗقويض ﻧفوذ ﺗﻠك الدول
الﻣﻧاوئﺔ وﻣﺣاولﺔ اﺧﺗراقﮭا ﺟغرافيًا وسياسيًا ﻣن وﺟﮭﺔ الﻧظر
األﻣريكيﺔ 1 ".ولقد كاﻧت ﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى والقوقاز ﻣﻧارة
لﻣﺧﺗﻠف الﻌﻠوم والفكر اﻹسالﻣي كﻣا كاﻧت وﻣا ﺗزال ﺷﻌوب ﺗﻠك
الﻣﻧطقﺔ ﺷﻌوﺑا ﻣسﻠﻣﺔ ،ﺗرﺑطﻧا ﺑﮭا راﺑطﺔ اﻹسالم ويدفﻌﻧا الواﺟب
في ذلك إلى ﻣﻌرفﺔ ﺣالﮭا ﺑﻌد أن ﺗﺣررت ،وﺗﺟﻠيﺔ ﺻورة واقﻌﮭا
اليوم وﻣﺣاولﺔ كسر ﺣاﺟز الﺗﻌﺗيم والﻌزلﺔ ﻋﻧﮭا ﺑﻣا أﻣكن ﻣن
وسائل ،قد يقدر لﮭذه الدراسﺔ الﻣﺗواضﻌﺔ أن ﺗكون إﺣداھا.
ﻻ ﺷك أن األھﻣيﺔ الﺟيوسياسيﺔ لﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى والقوقاز
قد ازدادت ﺑﻌد أﺣداث الﺣادي ﻋﺷر ﻣن سﺑﺗﻣﺑر ،واﺣﺗالل
الوﻻيات الﻣﺗﺣدة ،وقوات ﺣﻠف ﺷﻣال األطﻠﻧطي ألفغاﻧسﺗان ،ﺣيث
أﺻﺑﺣت الوﻻيات الﻣﺗﺣدة في ﺣاﺟﺔ ﻣاسﺔ لﮭذه الدول ﺑالﻧظر إلى
ﺟوارھا الﻣﺑاﺷر ﻣﻊ أفغاﻧسﺗان ،لﻠﺗﻣركز فيﮭا ،وﺗوفير اﻹﻣدادات
لﻠقوات األﻣريكيﺔ ،وكذلك ﻹﺣكام السيطرة والﺧﻧاق ﻋﻠى
أفغاﻧسﺗان ﻋﺑر ﺣدودھا ﻣﻊ ھذه الدول .ﺑاﻹضافﺔ إلى وﺟود دولﺗين
ﻣن دول آسيا الوسطى وھﻣا :كازاﺧسﺗان وﺗركﻣاﻧسﺗان ،إلى ﺟاﻧب
15
أذرﺑيﺟان القوقازيﺔ ﻋﻠى ﺑﺣر قزوين ،ﺣيث ﺗﻣﺗﻠك الدول الثالث
أكثر ﻣن ثﻠثي ﺷواطئه ،وﻣن الﻣﻌروف أن ﻣﻧطقﺔ ﺑﺣر قزوين
ﺗﻣثل ثاﻧي أكﺑر اﺣﺗياطي في الﻌالم ﻣن الﻧفط والغاز الطﺑيﻌي ﺑﻌد
ﻣﻧطقﺔ الﺷرق األوسط .وﻣن ثم فإن لﻠﻣﻧطقﺔ أھﻣيﺔ إسﺗراﺗيﺟيﺔ
واضﺣﺔ لﻠوﻻيات الﻣﺗﺣدة الﺗي ﺗرى في السيطرة الﻣﺑكرة ﻋﻠى
الﻣﻧطقﺔ ﺗأﻣيﻧًا لﺣاﺟاﺗﮭا الﻣسﺗقﺑﻠيﺔ ﻣن الطاقﺔ ودﻋ ًﻣا ﻻسﺗقاللﮭا
واسﺗقالل ﺣﻠفائﮭا األورﺑيين في ﻣواﺟﮭﺔ روسيا الﺗي ﺗزداد ھيﻣﻧﺗﮭا
ﻋﻠى سوق الطاقﺔ الﻌالﻣي.
وﺗسﻌى روسيا في ظل قيادة ﺑوﺗين إلى اﻧﺗﮭاج سياسﺔ ﻣغايرة
لﻣا كاﻧت ﻋﻠيه ساﺑقا ،ﺣﺗى ﺗﺗﻣكن ﻣن اسﺗﻌادة ﻣكاﻧﺗﮭا الدوليﺔ
واﻻسﺗفادة ﻣن الﻣوقﻊ الﻣﺗﻣيز والثروات الطﺑيﻌيﺔ الضﺧﻣﺔ لﻣﻧطقﺔ
آسيا الوسطى والقوقاز ،ولﺗﺗﻣكن ﻣن ﺣﻣايﺔ ﻧفسﮭا وﻣﺻالﺣﮭا ﻣن
أطﻣاع الدول الكﺑرى الﻣﻧافسﺔ لﮭا في ھذه الﻣﻧطقﺔ.
لم يكن ﻣن اليسير الﺣﺻول ﻋﻠى ﻣراﺟﻊ وكﺗاﺑات ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ
وﻣوﺟﮭﺔ في ﻣوضوع الدراسﺔ ﺣﺻرا ،وإن وﺟد ﺑﻌضﮭا ﺧاﺻﺔ
الﻣكﺗوب ﺑالﻌرﺑيﺔ أو الﻣﻧقول إليﮭا ﺑالﺗرﺟﻣﺔ فﮭو قﻠيل ﻣﺗﻧاثر في
ﻋدد ﻣن الكﺗب والﻣﺟالت والﻣواقﻊ اﻻلكﺗروﻧيﺔ .ولرﺑﻣا يرﺟﻊ
األﻣر في ذلك إلى قﻠﺔ اﻻھﺗﻣام ﺑﮭذه الﻣﻧطقﺔ أو اﻻﻧﺷغال ﺑﻣﻧطقﺔ
الﺷرق األوسط األكثر ﺣركيﺔ واألﻏﻧى ﺑالﻣسﺗﺟدات.
لكن ذلك لم يكن ﻋائقا أﻣام الرﻏﺑﺔ الﺟاﻣﺣﺔ في اﻹطالع ﻋﻠى
ﺗفاﺻيل ﺗﻠك الﻣﻧطقﺔ والسياسات الﻣﻧﺗﮭﺟﺔ ﺗﺟاھﮭا ﺧاﺻﺔ ﻣن
طرف الﺟار الروسي ،وﺑاألﺧص ﻣن ذلك في فﺗرة ﺣكم الرئيس
فالديﻣير ﺑوﺗين ،الذي يسﻌى إلى أن يﻌيد لروسيا ﻣكاﻧﺗﮭا الدوليﺔ
ودورھا الﻣساھم في ﺻﻧﻊ السياسﺔ الدوليﺔ.
16
ﺗم اﻻﻋﺗﻣاد في ھذه الدراسﺔ ﻋﻠى ﺧطﺔ ﻣن ثالثﺔ فﺻول يﻣكن
إﺟﻣالﮭا فيﻣا يﻠي:
الﻔصل اﻷول :وھو ﻣدﺧل ﻧظري ﺗم فيه الﺗطرق إلى ﻣفﮭوم
السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ والﻣفاھيم الﻣﺷاﺑﮭﺔ له ﻹزالﺔ الﻠﺑس الذي قد
يﻧﺗاب القارئ في ﻋدم الﺗفريق ﺑين ھاﺗه الﻣفاھيم ،كذلك اﺷﺗﻣل ھذا
الفﺻل ﻋﻠى ﻧقطﺗين ھاﻣﺗين ھﻣا :القيادة ﺑاﻋﺗﺑارھا ﻣﺗغيرا يﺣظى
ﺑﺑالغ الﺗأثير في ﺣقل السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ،والﻧقطﺔ الثاﻧيﺔ ھي ﻣدى
ﺗأثير وﺟود ھذا الﻣﺗغير في ﺻﻧﻊ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ
ﺧاﺻﺔ في فﺗرة ﺣكم ﺑوﺗين.
الﻔصل الثاني :وقد ﺗﻧاول ﻧظرة ﻣوﺟزة لروسيا ﻣن الﻧاﺣيﺔ
الﺟيوسياسيﺔ ،والﻣﺣددات الﺷﺧﺻيﺔ والﻌواﻣل الﺑيئيﺔ والﻧفسيﺔ
لفالديﻣير ﺑوﺗين ،ﺑاﻹضافﺔ إلى أﺑﻌاد السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ
في ﻋﮭده.
الﻔصل الثالث :وﺗﻧاول الﻣوقﻊ اﻹسﺗراﺗيﺟي لﻣﻧطقﺔ آسيا
الوسطى والقوقاز ،وﻣواردھا الطﺑيﻌيﺔ واﻻقﺗﺻاديﺔ ،وﻣدى ﺣدة
الﺗﻧافس والﺻراع الدائر ﺣولﮭا ﻣن طرف القوى الﻣﺧﺗﻠفﺔ ،كﻣا
ﺑين أھﻣيﺔ ھذه الﻣﻧطقﺔ ﺑالﻧسﺑﺔ لﺗﻠك القوى الﻣﺗﺻارﻋﺔ ﻋﻠيﮭا.
وإذا كاﻧت السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ ﺣﺗى ھذه السﻧﺔ 2014
ﺗكاد ﺗﺗسم ﺑالﺗذﺑذب واﻻكﺗفاء ﺑرد الفﻌل ،فإن الثاﺑت الوﺣيد في
األﻣور السياسيﺔ ھو ﻋدم وﺟود ثاﺑت.
قاسم دحمان
/ 05ﺷوال 1436 /ھـ
الﻣوافق لـ 2015 / 07 / 21م
17
18
الفصل األول:
روزﻧو
مفهوم السياسة الخارجية
والمفاهيم المشابهة له
21
األﺷﺧاص الذين يﻌﻣﻠون رسﻣيا في ﻣﺟال السياسﺔ ويﺗﺣدثون ﺑاسم
الدولﺔ " .1
وثالث ﺗﻠك األﺑﻌاد ھو الطاﺑﻊ الﻌﻠﻧي ﺣيث " ﺗﻧﺻرف السياسﺔ
الﺧارﺟيﺔ إلى ﺑراﻣج الﻌﻣل الﺧارﺟي الﻣﻌﻠﻧﺔ ورﺑﻣا ﺗﺑادر إلى
الذھن أن الﻣقﺻود ﺑذلك ھو أن السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ھي ﺗﻠك السياسﺔ
الﺗي "أﻋﻠﻧﮭا" ﺻاﻧﻊ ﺗﻠك السياسﺔ ،ولكن الﻌﻠﻧيﺔ ﺑﮭذا الﻣﻌﻧى ﻻ
ﺗﺷكل إﻻ ﺟزءا ﻣن الﻣقﺻود ﺑالطاﺑﻊ الﻌﻠﻧي لﻠسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ
يقﺻد ﺑﮭذا الطاﺑﻊ أن ﺑراﻣج الﻌﻣل الﺧارﺟي ھي ﺑراﻣج ﻣقﺻودة
وقاﺑﻠﺔ لﻠﻣالﺣظﺔ .فﺑراﻣج الﻌﻣل الﺧارﺟي لم ﺗﺗكون ﻋفو الﺧاطر
أو ﺑﻣﺣض الﺻدفﺔ ولكن ﺻاﻧﻌيﮭا قﺻدوا إﺗﺑاﻋﮭا لﺗﺣقيق أھداف
ﻣﻌيﻧﺔ واﻋﺗرفوا ﺑﻣسؤوليﺗﮭم ﻋﻧﮭا فال يدﺧل في ﻣﺟال السياسﺔ
الﺧارﺟيﺔ إﻻ ﺗﻠك الﺗﺻرفات الﺗي قﺻدھا ﺻاﻧﻌو السياسﺔ
الﺧارﺟيﺔ ،أﻣا ﺗﻠك الﺗي ﺟاءت ﻧﺗيﺟﺔ الﺗطور الطﺑيﻌي لألﺣداث،
والﺗفاﻋل ﻣﻊ الدول األﺧرى فإﻧﮭا ﻻ ﺗدﺧل في ﻧطاق السياسﺔ
.2
الﺧارﺟيﺔ "
يأﺗي ﺑﻌد ذلك الطاﺑﻊ اﻻﺧﺗياري والذي يقول ﻋﻧه ﺑأن السياسﺔ
الﺧارﺟيﺔ " ﺗﺗﻣيز ...ﺑﺣكم أﻧﮭا سياسﺔ ﺑﻌﻧﺻر اﻻﺧﺗيار ،ويقﺻد
ﺑاﻻﺧﺗيار أن السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ قد اﺧﺗارھا ﻣن يدﻋون ﺻﻧﻌﮭا ﻣن
ﺑين سياسات ﺑديﻠﺔ ﻣﺗاﺣﺔ ،وﺑﮭذا الﻣﻌﻧى فإن اﻻﺧﺗيار يﺷﻣل ثالثﺔ
أﺑﻌاد " 3أولﮭا أن الﺻياﻏﺔ الﺣقيقيﺔ لﻠسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ قد ﺗﻣت
ﺑﺣق ﻣن طرف ﻣن يدﻋي أﻧه قد رسم ﺗﻠك السياسﺔ وليس ﻣن
22
طرف ﻏيره ﻣن ﺧارج الﻧظام السياسي .وثاﻧيﮭا أﻧه كان ثﻣﺔ ﺑدائل
كان له أن يﺧﺗار ﺑيﻧﮭا وليس سياسﺔ وﺣيدة وﺟب ﻋﻠيه إﺗﺑاﻋﮭا.
وثالثﮭا أن لﺻاﻧﻊ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الﻣقدرة ﻋﻠى ﻣﺟارات
ﻣﺗغيرات األﻣور والﺗأقﻠم وفقﮭا في وضﻊ سياسﺗه ﻣﺗﻣاﺷيا ﻣﻊ
الﻣسﺗﺟدات وليس السير ﻣﺟﺑرا وفق الﻣسار الراھن
ﺑﻌد ذلك يكون الطاﺑﻊ الﮭدفي ويﺷرﺣه ﺑالقول أن السياسﺔ
الﺧارﺟيﺔ " ﺗﺗضﻣن ...اﺧﺗيارا لﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن األھداف وﺗﻌﺑئﺔ
ﺑﻌض الﻣوارد الﻣﺗاﺣﺔ لﺗﺣقيق ﺗﻠك األھداف ،فالسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ
ليست ﻣﺟرد رد فﻌل آلي لﻠﺑيئﺔ الﺧارﺟيﺔ ولكﻧﮭا ﺑاألساس ﻋﻣﻠيﺔ
واﻋيﺔ وﺗﻧطوي ﻋﻠى ﻣﺣاولﺔ الﺗأثير ﻋﻠى الﺑيئﺔ الﺧارﺟيﺔ ،أو ﻋﻠى
األقل الﺗأقﻠم ﻣﻊ ﺗﻠك الﺑيئﺔ ،لﺗﺣقيق ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن األھداف ،وﻣن
ثم فإﻧه ﻣن الﻌسير ﺗﺻور وﺟود سياسﺔ ﺧارﺟيﺔ ﻻ ﺗﺗضﻣن
ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن األھداف أو ﻻ ﺗضطﻠﻊ ﺑوظيفﺔ ﻣﺣددة في إطار
السياسﺔ الﻌاﻣﺔ لﻠوﺣدة الدوليﺔ ...وفي ھذا الﺻدد ﺗﻌﺗﺑر سﻠوكيات
الدولﺔ الﺧارﺟيﺔ وﻧﻣط ﺗﻌﺑئﺔ ﻣواردھا ھاﻣﺔ ﻋﻠى ﻣدى ارﺗﺑاط
الدولﺔ ﺑالﮭدف الﻣﻌﻠن".1
ويأﺗي ﺑﻌده ﺑُﻌد آﺧر يﺗﻣثل في الطاﺑﻊ الﺧارﺟي والذي يقﺻد
ﺑه أن " السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ وإن كاﻧت ﺗﺻاغ في إطار الوﺣدة
الدوليﺔ إﻻ أﻧﮭا ﺗسﻌى إلى ﺗﺣقيق أھداف إزاء وﺣدات ﺧارﺟيﺔ
2
وھذا ﻣا يﻣيز السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﻋن السياسﺔ الداﺧﻠيﺔ" .
أﻣا آﺧر ﺗﻠك األﺑﻌاد فﮭو الطاﺑﻊ الﺑرﻧاﻣﺟي والذي ﻣن ﺧالله
قﺻد إلى القول ﺑأن " :السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ظاھرة ﻣﺗﻌددة األﺑﻌاد.
23
ذلك أن ﻋﻣﻠيﺔ الﺗﺻرف في الﻣﺣيط الﺧارﺟي لﻠوﺣدة الدوليﺔ
يﺗطﻠب ﻣﻧﮭا ﺻياﻏﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن األھداف وﺗﺣديد ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن
القرارات والسﻠوكيات الﺗي ﺗﺷكل في ﻣﺟﻣوﻋﮭا السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ
لﺗﻠك الوﺣدة ،وﻣن ھﻧا فإن السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ھي ﺑرﻧاﻣج يﺷﻣل
1
ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن األﺑﻌاد الﺗي ﺗﺗفاوت في درﺟﺔ ﻋﻣوﻣيﺗﮭا".
كاﻧت ﺗﻠك ھي ﻣﺟﻣل األﺑﻌاد الﺗي ﺣاول الدكﺗور ﻣﺣﻣد السيد
سﻠيم إﺟﻣالﮭا ﻋﻧد وضﻌه ﺗﻌريفه لﻠسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الﻣذكور في
الﺑدء ،ﺣيث أﻧه اﻋﺗﺑر ھذه األﺑﻌاد ھي الزوايا الﻣﺗﻌددة والركائز
الﺗي اﺷﺗﻣﻠﺗﮭا ﻣﻌظم الﺗﻌريفات الﺗي اسﺗﻧد إليﮭا ،والﺗي ﺣاولت
ﺗوﺻيف ظاھرة السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ،وﻣن ﺗﻠك الﺗﻌريفات الﺗي
ذكرھا ھﻧالك ﺗﻌريف سيﺑورى ﻣﺟﻣوﻋﺔ األھداف واﻻرﺗﺑاطات
الﺗي ﺗﺣاول الدولﺔ ﺑواسطﺗﮭا ،ﻣن ﺧالل السﻠطات الﻣﺣددة
دسﺗوريا ،أن ﺗﺗﻌاﻣل ﻣﻊ الدول األﺟﻧﺑيﺔ ،وﻣﺷكالت الﺑيئﺔ الدوليﺔ
.2
ﺑاسﺗﻌﻣال الﻧفوذ والقوة ﺑل والﻌﻧف في ﺑﻌض األﺣيان "
وھﻧاك ﺗﻌريف فيرﻧس وسﻧايدر ﺣيث يﺻفاﻧﮭا ﺑأﻧﮭا – أي
السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ – "ﻣﻧﮭج الﻌﻣل أو ﻣﺟﻣوﻋﺔ القواﻋد أو كالھﻣا،
ﺗم اﺧﺗياره لﻠﺗﻌاﻣل ﻣﻊ ﻣﺷكﻠﺔ أو واقﻌﺔ ﻣﻌيﻧﺔ ﺣدثت فﻌال أو ﺗﺣدث
ﺣاليا ،أو يﺗوقﻊ ﺣدوثﮭا في الﻣسﺗقﺑل " .3ﺑيﻧﻣا يﻌرفﮭا الدكﺗور
ﻣازن الرﻣضاﻧي ﺑأﻧﮭا " السﻠوك الﺧارﺟي الﮭادف والﻣؤثر لﺻاﻧﻊ
القرار " .4
24
في ﺣين أن ﺗﻌريف (روزﻧو) يﺷﺗﻣل ﻋﻠى أكثر ﻣن ﺑُﻌد ﺑل يكاد
يﺟﻣل ﺗﻠك األﺑﻌاد آﻧفﺔ الذكر ﺣيث يﻌرف السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﺑالقول
ھي " :الﺗﺻرفات السﻠطويﺔ الﺗي ﺗﺗﺧذھا أو ﺗﻠﺗزم ﺑاﺗﺧاذھا
الﺣكوﻣات ،إﻣا لﻠﻣﺣافظﺔ ﻋﻠى الﺟواﻧب الﻣرﻏوﺑﺔ في الﺑيئﺔ الدوليﺔ
أو لﺗغيير الﺟواﻧب ﻏير الﻣرﻏوﺑﺔ ".1
ﻣن كل ﻣا سﺑق ذكره يﻣكن القول إﻧه ﻻ يوﺟد ﺗﻌريف ﻣوﺣد
أو ﺷاﻣل يﻣكن أن ﻧﺻف ﺑه ظاھرة السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ،وذلك
ﺑسﺑب ﺗﻌدد زوايا الﺗركيز ﻋﻧد الدارسين ،وﺻﻌوﺑﺔ ﺣﺻر كل
أﺑﻌادھا ،وھذا ﻣا يﺟﻌل ﻣﻧﮭا ظاھرة ﻣﻌقدة وﻣﺗﺷاﺑكﺔ.
ﻣن أﺟل ذلك "ﺗﻌددت الﺗﻌريفات الﺗي أﻋطيت لﻠسياسﺔ
الﺧارﺟيﺔ وذلك ﻧظرا لﺗﻌدد الﻣكوﻧات والﻌﻧاﺻر الﺗي ﺗدﺧل في
ﺗركيﺑﮭا كاألھداف والوسائل والﺗوﺟﮭات واألدوار ﻣن ﺟﮭﺔ ،وإلى
الﺗداﺧل الكﺑير ﺑيﻧﮭا وﺑين ﺑﻌض الﻣفاھيم األﺧرى" 2كالسياسﺔ
الدوليﺔ والﻌالقات الدوليﺔ والدﺑﻠوﻣاسيﺔ ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى.
ب مﻔاهيم مشاﺑهة:
1السياسة الدولية :يﻌرفﮭا ﺟوزيف س ﻧاي اﻻﺑن ﻋﻠى أﻧﮭا
" سياسﺔ ﺗﻧﺷأ في ﻏياب سياسﺔ ﻣﺷﺗركﺔ ،أو سياسﺔ ﺑين كياﻧات
ليس لﮭا ﺣاكم ﻋام ،وھكذا يطﻠق ﻋﻠى السياسﺔ الدوليﺔ ﻋادة أﻧﮭا
فوضويﺔ "أﻧاركيﺔ" وكﻣا ﺗﻌﻧي كﻠﻣﺔ " َﻣﻠكيﺔ" ﺣاكم واﺣد ﺗﻌﻧي
25
كﻠﻣﺔ "فوضويﺔ"ﻋدم وﺟود أي ﺣاكم ،وﺗﻌد السياسﺔ الدوليﺔ ﻧظاﻣا
1
لالﻋﺗﻣاد ﻋﻠى الذات.
أﻣا الدكﺗور ﺣاﻣد رﺑيﻊ فيﻌرفﮭا ﺑالقول أﻧﮭا" :الﺗفاﻋل الذي
ﻻﺑد أن يﺣدث الﺻدام والﺗﺷاﺑك الﻣﺗوقﻊ والضروري ﻧﺗيﺟﺔ
ﻻﺣﺗضان األھداف والقرارات الﺗي ﺗﺻدر ﻣن أكثر ﻣن وﺣدة
2
سياسيﺔ واﺣدة.
في ﺣين يﻌرفﮭا األسﺗاذ الدكﺗور فاضل زكي ﻣﺣﻣد ﺑأﻧﮭا " ﺗﻠك
الﻌﻣﻠيﺔ السياسيﺔ الﻣﺗفاﻋﻠﺔ الﺗي ﺗﺟري ﻋﻠى ﺻﻌيد ﻣﺣﻠي أو داﺧﻠي
والسياسﺔ الدوليﺔ ﺑكﻠﻣﺔ ﻣوﺟزة ھي ﺣﺻيﻠﺔ ﺗفاﻋل السياسات
3
الﺧارﺟيﺔ "
"إن أولئك الذين يدرسون السياسﺔ الدوليﺔ يﮭﺗﻣون أساسا ﺑأفﻌال
وردود أفﻌال ،والﺗفاﻋالت ﺑين الوﺣدات السياسيﺔ الﺗي ﺗدﻋى
الدول الوطﻧيﺔ (الدول القوﻣيﺔ) ،إذن يﺷكل الفاﻋﻠون واألھداف
واألدوات ﻣفاھيم ثالثا لﺗﻧظير السياسﺔ الدوليﺔ ،وفي رأي أﺻﺣاب
الﻧظريﺔ الواقﻌيﺔ الﺗقﻠيديﺔ لﻠسياسﺔ الدوليﺔ ﺗﻌد الدولﺔ الفﻌل الﮭام
الوﺣيد ،والدول الﻌظﻣى الﺗي ﺗﺣظى ﺑاﻻھﺗﻣام ،ولكن ھذا الﻣفﮭوم
يﺗغير ،فقد ازداد ﻋدد الدول ﺑﺷكل كﺑير ﺑﻌد الﺣرب الﻌالﻣيﺔ
الثاﻧيﺔ ...واألھم ﻣن ﻋدد الدول ھو ظﮭور فاﻋﻠين ﻣن ﻏير الدول
فﮭﻧاك ﻣثال الﺷركات الﻣﺗﻌددة الﺟﻧسيات الﺗي ﺗﺧطت الﺣدود
الدوليﺔ.
26
أﻣا فيﻣا يﺧص األھداف فإن الدول في الوقت الﺣاضر ﻻ ﺗولي
فقط ﻋﻠى أھﻣيﺔ األﻣن الﻌسكري ،ﺑل ﺗأﺧذ في الﺣسﺑان الرﺧاء
اﻻقﺗﺻادي وأﻣورا اﺟﺗﻣاﻋيﺔ أﺧرى ﻣثل ﺗﮭريب الﻣﺧدرات
واﻧﺗﺷار اﻹيدز والﺗغيرات الﺑيئيﺔ ...لكن ﺑرﻧاﻣج ﻋﻣل أﺟﻧدة
السياسﺔ الدوليﺔ أﺻﺑح أكثر ﺗﻌقيدا ﺑسﻌي الدول لﺗﺣقيق أھداف
أوسﻊ.
وأﻣا األدوات فإﻧﻧا ﻧرى أﻧﮭا في ﺣالﺔ ﺗغير ،ففي الﻧظرة الﺗقﻠيديﺔ
ﺗﻌد القوة الﻌسكريﺔ ھي األداة الوﺣيدة ذات األھﻣيﺔ في الﻌالقات
ﺑين الدول ...ولكن ﻋﻠى ﻣدى ﻧﺻف القرن الﻣاضي ﺗغير الدور
الذي ﺗقوم ﺑه ،فقد وﺟدت الﻌديد ﻣن الدول وﻻ سيﻣا الﻌظﻣى ﻣﻧﮭا
أن اسﺗﺧدام القوة لﺗﺣقيق أھدافﮭا أﺻﺑح أكثر ﺗكﻠفﺔ ﻣﻣا كان ﻋﻠيه
في الساﺑق ...وھﻧاك أيضا ﺗغييرا آﺧر طرأ ﻋﻠى دور القوة يرﺗﺑط
ﺑالقيود الداﺧﻠيﺔ ،فقد كان ھﻧاك دائﻣا ﻋﺑر الزﻣن اﺗﺟاه أﺧالقي،
فقد قام ضد اسﺗﺧدام القﻧوات القﺗاليﺔ ،وأﺧيرا ھﻧاك ﺑﻌض األﻣور
ﻻ يﻣكن أن ﺗﺣل ﻋن طريق اسﺗﺧدام القوة ،ألﻧﮭا ليست األداة
الوﺣيدة ،ألن اسﺗﺧدام اﻻﻋﺗﻣاد اﻻقﺗﺻادي الدولي أﺻﺑح دوره
1
واضﺣا وأكثر إيﺟاﺑيﺔ ﻣن الدور الذي ﺗﻠﻌﺑه القوة.
2الﻌالقات الدولية :يﻌرفﮭا ھولسﺗي ﺑأﻧﮭا "ﺟﻣيﻊ أﺷكال
الﺗفاﻋل ﺑين األﻋضاء لﻠﻣﺟﺗﻣﻌات الﻣسﺗقﻠﺔ سواء أكاﻧت ﺣكوﻣيﺔ
أو ﻏير ﺣكوﻣيﺔ " ،2ويﻌرفﮭا الدكﺗور ﻣﺣﻣد طه ﺑدوي ﺑأﻧﮭا
"ﻋالقات ﺑين وﺣدات ﺑﺷريﺔ وھي ﺗﻧﻣي الدراسات السياسيﺔ
ﺑالذات ،ذلك ﺑأن الوﺣدات الﺑﺷريﺔ أطراف الﻌالقات الدوليﺔ ھي
27
وﺣدات سياسيﺔ والﺗي ھي في ﻋالﻣﻧا الﺣديث "الدول القوﻣيﺔ "،
أﻣا ﻋﻧد ﻣاكيالن فﮭي " ﺗدرس الﻌالقات الﻣﺗفاﻋﻠﺔ في ﺗركيب ﻣﻌين
في الوﺣدات اﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ وﺑضﻣﻧﮭا دراسﺔ الظروف الﻣﻌﻧيﺔ
1
ﺑالﻌالقات الﻣﺗفاﻋﻠﺔ ".
والﺣقيقﺔ أن ﻣﺻطﻠح الﻌالقات الدوليﺔ ھو ﻣﺻطﻠح ﺣديث
الﻧﺷأة "ألن الدولﺔ القوﻣيﺔ ھي الﻣﺻدر األساس في ﺗﻧظيﻣﮭا ،وقد
دﺧل ھذا الﻣفﮭوم إلى ﺣيز الواقﻊ الﻌﻣﻠي في القارة األورﺑيﺔ في
ﻧﮭايﺔ القرن الثاﻣن ﻋﺷر وﺷاع في أرﺟاء الﻌالم كافﺔ ﻣن ﺧالل
2
اﻻسﺗﻌﻣار األورﺑي إلى ﺣد كﺑير.
"والﻌالقات الدوليﺔ كﺣقل أكاديﻣي قد أسس (قﺑل) قراﺑﺔ أرﺑﻌين
سﻧﺔ ﻣضت " ،وقد سادت الﻧظرة إلى ھذا الﺣقل ﻋﻠى أﻧه يﺗطﻠب
كثيرا ﻣن الﻣطالب الثقافيﺔ والﻌقﻠيﺔ والﻌﻣل الﺟاد والﻣكﻧﺔ ﻣن لغات
ﻋديدة ﺑاﻹضافﺔ إلى كثير ﻣن الﺗدريب والﻧضج.
والﺣق أن الﻌالقات الدوليﺔ ﻻ ﺗﻧظر إلى الﺑيئﺔ الداﺧﻠيﺔ ،ألﻧﮭا
ﺗسير ﻋﻠى ﺧط الفﻠك الكﻠي ،أو ﻣدار الكون الﻌالﻣي ،ﺗﺟﻌل ﻣن
ﻣﺧﺗﻠف ﺻور ﺗﻧظيم الﻌالقات ﺑين الوﺣدات الدوليﺔ ﻣوضوﻋا
3
لدراسﺗﮭا"
وﻣن الﻣﻣكن ﺗوضيح الﻌالقﺔ ﺑين السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ والسياسﺔ
4
الدوليﺔ والﻌالقات الدوليﺔ في الرسم الﺑياﻧي اآلﺗي:
1ﻣﺣﻣد طه ﺑدوي ،ﻣدﺧل إلى ﻋﻠم الﻌالقات الدوليﺔ ،دار الﻧﮭضﺔ الﻌرﺑيﺔ
لﻠطﺑاﻋﺔ والﻧﺷر ،ﺑيروت ،1972 ،ص 17
2اﺣﻣد الﻧﻌيﻣي ،ﻣرﺟﻊ ساﺑق ،ص 39
3اﺣﻣد الﻧﻌيﻣي ،ﻣرﺟﻊ ساﺑق ،ص 40-39
4الﻣرﺟﻊ ﻧفسه ،ص 34
28
3الدﺑﻠوماسية :إن ﻣﺻطﻠح الدﺑﻠوﻣاسيﺔ ﻣن أكثر
الﻣﺻطﻠﺣات اﻣﺗزاﺟا وﻋالقﺔ ﺑالسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ،إذ كثيرا ﻣا
يسﺗﺧدم الدﺑﻠوﻣاسيﺔ ﺑﻣﻌﻧى واسﻊ يﺗضﻣن ﺻﻧﻊ وﺗﻧفيذ السياسﺔ
الﺧارﺟيﺔ ،أﻣا ﻣﻌﻧاھا الفﻧي ،كﻣا في ﺗﻌريف ﺟورج كيﻧان " ﻋﻣﻠيﺔ
اﻻﺗﺻال ﺑين الﺣكوﻣات ".
فالدﺑﻠوﻣاسيﺔ في الكالم الﻌام ﺗﻌﻧي دراسﺔ الوثائق إذ أﻧﮭا ﻣﺷﺗقﺔ
ﻣن الكﻠﻣﺔ اﻹﻏريقيﺔ diplomaالﺗي ﺗﻌﻧي ﺑأﻧﮭا ﻣطويﺔ ﺑﺷكل
1
ﻣﻌين.
وﻋن الدﺑﻠوﻣاسيﺔ يقول ﻣيكافيﻠﻠي في كﺗاﺑه األﻣير " أﻧه وﻻﺑد
أن يسﻣﻊ زئير األسد (الﺣرب) ﺑين الﺣين والﺣين كﻠﻣا أﺧفق
الثﻌﻠب (الدﺑﻠوﻣاسيﺔ) في ﺧطف ﻋﻧقود الﻌﻧب".
29
أﻣا الﻣفﮭوم الﻣﻌاﺻر لﻠدﺑﻠوﻣاسيﺔ فإﻧﮭا ﺗﻌﻧي الﺣرفﺔ الﻣﺑﻧيﺔ
ﻋﻠى الﺗدريب الذھﻧي الطويل والﺗﺣقيق الذي ﺗسﺗطيﻊ ﻋن طريقه
ﺗأديﺔ ﺧدﻣﺔ ﻣﻌيﻧﺔ .ويرى أ.د أﺣﻣد الﻧﻌيﻣي " أن الدﺑﻠوﻣاسيﺔ ھي
أداة ﺗﻧفيذ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ فالدﺑﻠوﻣاسي ھو الذي يقوم في ﺗﻧفيذ
الﺧطﺔ الﺗي يرسﻣﮭا رﺟل السياسيﺔ في الدولﺔ في أوقات السﻠم .إﻻ
أن ھذا ﻻ يﻌﻧي ﺑأن الدﺑﻠوﻣاسيﺔ في ﺗﻧفيذھا لﻠسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﻻ
ﺗﻠﺟأ إلى ﻧوع ﻣن الﺻراع السياسي أو آثاره " .1
لكن ثﻣﺔ ﻣظاھر يظﮭر فيﮭا اﺧﺗالف السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﻋن
الدﺑﻠوﻣاسيﺔ ﻣﻧﮭا " :أن األولى يﺟب أن ﻻ ﺗكون سريﺔ ،ﻋﻠى
اﻋﺗﺑار أن الرأي الﻌام الﻣﺣﻠي ﻻ يﻣكن اﻻرﺗﺑاط ﺑﻣﻌاھدة أو اﺗفاقيﺔ
ﻣا لم ﺗكن ﻣﻌروفﺔ ﻋﻧدھم أو يوافقون ﻋﻠيه سﻠفا ،أﻣا الثاﻧيﺔ فإﻧﮭا
ﺗﺗﺻف ﺑالسريﺔ " ...وﻣﻧﮭا أن السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﺗﻌﺗﺑر " ﺟوھرا
أساسيا لﻌالقاﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ ،ﺑيﻧﻣا الدﺑﻠوﻣاسيﺔ ھي الﻣكان الﻣﻧاسب
الﺣقيقي لﻠﻌﻣﻠيات ،ﺣيث ﺗقوم ﻋﻠى ﺗﻧفيذه السياسﺔ ...2ﺑاﻹضافﺔ
إلى أﻧه إذا كاﻧت السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﻣن رسم السياسيين والقﻧوات
الﺗﺷريﻌيﺔ ،فإن ﺗﻧفيذ ﺗﻠك السياسﺔ ھو ﻣن اﺧﺗﺻاص أﺻﺣاب
الﺧﺑرة في وزارة الﺧارﺟيﺔ ،وذلك ﻣا يوﺻف ﺑالدﺑﻠوﻣاسيﺔ.
30
محددات السياسة الخارجية:
1المحددات الداخﻠية:
أ الﻌوامل المادية:
– الجغرافيا:
ﺗﺷﻣل الﻌواﻣل الﺟغرافيﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن الﻌواﻣل الفرﻋيﺔ أھﻣﮭا
الﻣواقﻊ والﻣساﺣﺔ والﺗضاريس ،وﺗؤثر ھذه الﻌﻧاﺻر ﻋﻠى السياسﺔ
الﺧارﺟيﺔ لﻠدولﺔ ﺑﺷكل ﻏير ﻣﺑاﺷر وﺑﺷكل ﻣﺑاﺷر ،فﮭي ﺗؤثر
ﺑﺷكل ﻏير ﻣﺑاﺷر ﻣن ﺧالل ﺗأثيرھا ﻋﻠى ﻋﻧاﺻر قوة الدولﺔ الﺗي
ﺗؤثر ﺑدورھا في قدرة الدولﺔ ﻋﻠى ﺗﻧفيذ سياسﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ وﻋﻠى
ﻣركزھا الدولي .كﻣا أﻧﮭا ﺗؤثر ﺑﺷكل ﻣﺑاﺷر ﻋﻠى السياسﺔ
الﺧارﺟيﺔ إذ أﻧﮭا ﺗؤثر في ﻧوﻋيﺔ وﻣدى الﺧيارات الﻣﺗاﺣﺔ لﻠدولﺔ
في ﻣﺟال ﺻياﻏﺔ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ،ﺑل ويذھب ﺑﻌض الﺟغرافيين
ﻣن أﻧﺻار ﻣدرسﺔ " الﺣﺗﻣيﺔ الﺟغرافيﺔ "وﻋﻠى رأسﮭم راﺗزل إلى
أن الﺟغرافيا ھي الﺣقيقﺔ األساسيﺔ الﺗي ﺗﺣدد سياسﺔ الدول .1
– الموارد االقﺗصادية:
يقﺻد ﺑالﻣوارد اﻻقﺗﺻاديﺔ :الﻣوارد الطﺑيﻌيﺔ والﺑﺷريﺔ
الﻣﺗاﺣﺔ ،وﺗﺷﻣل الﻣوارد الطﺑيﻌيﺔ ،ﻣﺻادر الطاقﺔ (كالﺑﺗرول،
والفﺣم ،والغاز والﻣوارد الﻧوويﺔ ) ،والﻣﻌادن الﺧام (كالﺣديد
والقﺻدير ) والﻣوارد الغذائيﺔ (كالقﻣح) والﻣوارد الزراﻋيﺔ
(كالقطن )...والواقﻊ أن ﺗوافر ھذه الﻣوارد لﻠدولﺔ يوفر لﮭا
31
األساس الﻣادي لﻠﻧﻣو اﻻقﺗﺻادي ،ويﻣكﻧﮭا ﻣن الدﺧول في ﻋالقات
ﺧارﺟيﺔ ﻣكثفﺔ ،كﻣا أﻧه يؤثر ﻋﻠى قدرﺗﮭا في دﺧول سﺑاقات
الﺗسﻠح ،وﻋﻠى اﺧﺗيار ﻧظم ﻣﻌيﻧﺔ لﻠﺗسﻠيح ،أو إﻧﺗاج األسﻠﺣﺔ الﻧوويﺔ
أو الدﺧول في ﺣروب دوليﺔ واﻻسﺗﻣرار فيﮭا ،فﻣثل ھذه الﻣﺟاﻻت
ﺗﺗأثر إلى ﺣد ﺑﻌيد ﺑﻣدى اﻣﺗالك الدولﺔ لﻠﻣوارد اﻻقﺗﺻاديﺔ
الطﺑيﻌيﺔ...
وﺗﺷﻣل الﻣوارد الﺑﺷريﺔ السكان الﺗاﺑﻌين لﻠدولﺔ وﺧﺻائﺻﮭم
الﻣﺧﺗﻠفﺔ ﻣن ﺣيث الﺣﺟم والﺗوزيﻊ ،فﺗوافر السكان يوفر لﻠدولﺔ
أساسا ﺑﺷريا لﻠﻧﻣو اﻻقﺗﺻادي وﺑﻧاء القوة الﻌسكريﺔ .ﺧاﺻﺔ إذا
كان ﺣﺟم السكان ﻣرﺗﺑطا ﺑﺗوافر الﻣوارد الطﺑيﻌيﺔ ،وﺗوافر القدرة
الﺗكﻧولوﺟيﺔ ﻋﻠى اﻻسﺗفادة ﻣن الﺣﺟم السكاﻧي ،وﻣن ثم فإن ﺣﺟم
السكان في ﺣد ذاﺗه قد ﻻ يﻌﻧي الكثير ﺑالﻧسﺑﺔ لﻠسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ
لﻠدولﺔ إﻻ إذا كان ﻣرﺗﺑطا ﺑﻌواﻣل أﺧرى ،وﻣن ھﻧا يﺗﺣدث ﻋﻠﻣاء
السكن ﻋن " الﺣﺟم األﻣثل لﻠسكان " وھو ذلك الﺣﺟم الذي يﺗﺣقق
فيه الﺗوازن ﺑين السكان وﺑين الﻣوارد الطﺑيﻌيﺔ الﻣﺗاﺣﺔ...
ﺑاﻹضافﺔ إلى الﺣﺟم فﮭﻧاك قضيﺔ ﺗوزيﻊ السكان ﻣن ﺣيث
األﺻول الﻌرقيﺔ والديﻧيﺔ ،فقد يؤدي وﺟود أقﻠيات ﻋرقيﺔ أو ديﻧيﺔ
قويﺔ إلى الﺗأثير ﻋﻠى السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ لﻠدول ،فوﺟود األكراد في
الﻌراق ،أو الفرﻧسيين في كﻧدا أو الﻣسﻠﻣين في الفﻠﺑين يؤثر ﻋﻠى
السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ لكل ﻣن ھذه الدول.
– مسﺗوى الﺗحديث:
يقﺻد ﺑﻣسﺗوى الﺗﺣديث ﻣسﺗوى الﻣﮭارات الفﻧيﺔ والﺗﻧظيﻣيﺔ
الﻣﺗﻌﻠقﺔ ﺑقدرة الﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠى ﺗﺣويل ﻣوارده إلى أﺷكال وأﻧﻣاط
ﺟديدة ،فﻣن الواضح أن ﺗوافر الﻣوارد لﻠدولﺔ ﻻ يﻌﻧي ﺑالضرورة
32
القدرة ﻋﻠى اسﺗﻌﻣالﮭا أو ﺗﺣويﻠﮭا كﻣا ھو الﺣال في الدول الﻣﺗﺧﻠفﺔ
الﺗي ﺗﻣﺗﻠك ﺧام اليوراﻧيوم ...كﻣا أن الدول الﺗي ﺗفﺗقر إلى الﻣوارد
قد ﺗسﺗطيﻊ ﺗﻌويض ھذا الﻧقص ﻋن طريق ﺗطوير الﻣﮭارات الفﻧيﺔ
والﺗﻧظيﻣيﺔ ﺣﺗى ﺗسﺗطيﻊ ﺗﻌويض الﺣﺟم الﻣﺣدود ﻣن الﻣوارد
الﻣﺗاح واسﺗﺧداﻣه اسﺗﺧداﻣا رﺷيدا ...والواقﻊ أن اﻣﺗالك الدولﺔ
لﻠﻣﮭارات الفﻧيﺔ والﺗﻧظيﻣيﺔ يؤدي إلى إﺣداث ﺗغير كﺑير في ﻧظاﻣﮭا
اﻻقﺗﺻادي وسياسﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ ﻋﻠى ﻏرار ﻣا ﺣدث ﺑالﻧسﺑﺔ لﻠدول
األورﺑيﺔ ﻋﻧدﻣا دﺧﻠت ﻋﺻر الثورة الﺻﻧاﻋيﺔ .1
ب– الﻌوامل االجﺗماعية:
الطﺑﻘات االجﺗماعية:
يقﺻد ﺑالطﺑقات اﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ ﺷريﺣﺔ ﻣن األفراد ﺗﺣﺗل ﻣواقﻊ
ﻣﺗﺷاﺑﮭﺔ فيﻣا يﺗﻌﻠق ﺑاﻣﺗالكﮭا لﺑﻌض القيم الﺗوزيﻌيﺔ األساسيﺔ
كالثروة والسﻠطﺔ والﮭيﺑﺔ ،ويفﺗرض ﺗﺣﻠيل الطﺑقات اﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ –
ﺷأﻧه في ذلك ﺷأن ﺗﺣﻠيل أثر الﻧﺧﺑﺔ السياسيﺔ – أن الﻣﺟﺗﻣﻌات
ﺗﻧقسم إلى ﺷرائح اﺟﺗﻣاﻋيﺔ ﻣﺗﺑايﻧﺔ ،وأن ھﻧاك ﻧﻣطا ﻣن الﺗدرج
الﮭرﻣي في ﺗﺣديد ﻣوقﻊ كل ﺗﻠك الﺷرائح ﻣن الﻧظام اﻻﺟﺗﻣاﻋي،
ولكن ﺑيﻧﻣا يركز ﺗﺣﻠيل الﻧﺧﺑﺔ ﻋﻠى الدور الﺣاسم لﻠﻧﺧﺑﺔ السياسيﺔ،
فإن ﺗﺣﻠيل الطﺑقات اﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ يؤكد أن الﻣﺟﺗﻣﻊ يﻧقسم إلى طﺑقات
اﺟﺗﻣاﻋيﺔ ﻣﺗﺑايﻧﺔ ،وأن ھﻧاك طﺑقﺔ اﺟﺗﻣاﻋيﺔ ﺗسيطر ﻋﻠى ﺻﻧﻊ
السياسﺔ الﻌاﻣﺔ لﻠﻣﺟﺗﻣﻊ ،وأن ﻣن يﺻﻧﻌون ﺗﻠك السياسﺔ ھم ﺟزء
ﻣن ﺗﻠك الطﺑقﺔ أو ﻋﻠى األقل أدوات لﺗﻠك الطﺑقﺔ.كذلك فإن الطﺑقﺔ
اﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ الﻣسيطرة،ﻣن ﺧالل سيطرﺗﮭا ﻋﻠى أدوات اﻹﻋالم
وﻋﻠى األﺣزاب السياسيﺔ الرئيسيﺔ ﺗسﺗطيﻊ أن ﺗؤثر ﺑفﻌاليﺔ ﻋﻠى
33
ﻋﻣﻠيﺔ ﺻﻧﻊ القرار في األﺟﮭزة الدسﺗوريﺔ وﻣن ثم فإن ﺻاﻧﻌي
السياسات يﻣيﻠون إلى ﺻﻧﻊ السياسﺔ الﺗي ﺗﺣقق ﻣﺻالح ﺗﻠك الطﺑقﺔ
.1
اﻷحزاب السياسية:
يذھب ﺑﻌض دارسي السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ إلى اﻋﺗﺑار
األﺣزاب السياسيﺔ الﺗي ﺗﻣﻠك ﻣﻣثﻠين في السﻠطﺔ ،ذات ﺗأثير ﺑالغ
ﻋﻠى ﺗوﺟﮭات وطﺑيﻌﺔ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ،فكﻠﻣا ازداد ﻧفوذ الﺣزب
في الﺑرلﻣان أو السﻠطﺔ الﺗﻧفيذيﺔ ﻣثال ازداد ﺗأثيره ﻋﻠى السياسﺔ
الﺧارﺟيﺔ ﺧاﺻﺔ داﺧل الﻧظم الديﻣقراطيﺔ ،كذلك ﺷكل الﺗﻧظيم
الﺣزﺑي ،ﻧظام الﺣزب الواﺣد أو ﻧظام الثﻧائيﺔ ،أو الﺗﻌديديﺔ
الﺣزﺑيﺔ ،يﺣدد ظروف ﺗأثير ھذه األﺣزاب ﻋﻠى ﺻﻧاﻋﺔ القرار
الﺧارﺟي.
جماعات المصالح:
يقﺻد ﺑﺟﻣاﻋات الﻣﺻالح ﻣﺟﻣوﻋات ﻣن األفـراد ﺗﺗألف ﻣﻊ
ﺑﻌضﮭا لﺗﺣقيــق ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣﺷﺗركﺔ ،وقد ﺗكون ھذه الﺟﻣاﻋات في
ﺷكل "ﺟﻣاﻋات ﻣﺻالح ﻏير ﻣﻧظﻣﺔ" ﻣثل األقﻠيات الﻌرقيﺔ الﺗي
يﺷﺗرك أفرادھا في ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻻﻧﺗﻣاء الديﻧي أو الﻠغوي أو الﻌرقي
الﻣﺷﺗركﺔ ،وقد ﺗأﺧذ ھذه الﺟﻣاﻋات ﺷكل" ﺟﻣاﻋات الﻣﺻالح
الﻣؤسسيﺔ" ﻋﻠى سﺑيل الﻣثال "الﻌسكريين" ،وذلك ﺑﺣكم اﻧﺗﻣائﮭم
إلى ﺗﻧظيم رسﻣي داﺧل الﻣﺟﺗﻣﻊ والﺣكوﻣﺔ في إطار ﻣﮭﻧي ﻣوﺣد،
وﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣوﺣدة .كﻣا قد ﺗأﺧذ ھذه الﺟﻣاﻋات الﺷكل الثالث وھو"
ﺟﻣاﻋات الﻣﺻالح الﻣﻧظﻣﺔ" وھي ﺟﻣاﻋات ﻣﻧظﻣﺔ ﺧﺻيﺻا
34
لﻠدفاع ﻋن أﻋضائﮭا ،وﺗﺗﻣيز ھذه الﻣﻧظﻣات ﺑوﺟود كيان ﺗﻧظيﻣي
وﻧظم لالﺗﺻال الداﺧﻠي والﺧارﺟي .وأھم أﺷكالﮭا ﻧقاﺑات الﻌﻣال،
ورﺟال األﻋﻣال ،وﻧقاﺑات الﻣﮭﻧدسين واألطﺑاء والﻣﺣاﻣون...الﺦ.
ﺗﺣاول ﺟﻣاﻋات الﻣﺻالح الﺗأثير ﻋﻠى قرارات السياسـﺔ
الﺧارﺟيــﺔ الﺗي ﺗﺗﻧاسب وطﺑيﻌﺔ ﺗكويﻧﮭا وﻣﺻالﺣﮭا ﻋﻠى الرﻏم
ﻣن أن ﺟﻣاﻋات الﻣﺻالح قد ﺗﺗﺻرف في ﺑﻌض األﺣيان
كاألﺣزاب السياسيﺔ ﻋن طريق دﺧول اﻻﻧﺗﺧاﺑات ﻣن ﺧالل
ﻣرﺷﺣيﮭا ،إﻻ أن أﻧﺷطﺗﮭا في ﻣﺟال السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﻏالﺑا ﻣا
ﺗﻧﺣﺻر في ﻣﺣاولﺔ الﺗأثير ﻋﻠى السﻠطﺗين الﺗﺷريﻌيﺔ والﺗﻧفيذيﺔ،
ويﻣكﻧﻧا القول إﻧﮭا ﺗؤثر في السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﻣن ﺧالل ثالث
قﻧوات:
-المشارﻛة المﺑاشرة في عمﻠية صنﻊ السياسة الخارجية:
ﻣن ﺧالل ﻣﺷاركﺗﮭا في أﺟﮭزة ﺻﻧﻊ ﺗﻠك السياسﺔ .وﻣن أﺑرز ھذه
الﺣاﻻت ﺗﻣثيل الﻌسكريين في الﻣكﺗب السياسي لﻠﺣزب الﺷيوﻋي
السوفييﺗي.
-ﺗوجيه مصادر الﻘوة لﻠﺗأثير غير المﺑاشر في السياسة
الخارجية :ﺑﺣيث ﺗﻣﺗﻠك ﺑﻌض ﺟﻣاﻋات الﻣﺻالح ﺟزءا ﻣن
ﻣﺻادر القوة اﻻقﺗﺻاديﺔ والﻌسكريﺔ والسياسيﺔ في الﻣﺟﺗﻣﻊ،
وﻋﺑر اسﺗﻌﻣالﮭا لﮭذه القوة ﺗسﺗطيﻊ الﺗأثير في ﻣسار السياسﺔ
الﺧارﺟيﺔ.
وأﺑرز ﻣثال لذلك ھو أثر الﺟﻣاﻋﺔ الﺻﮭيوﻧيﺔ األﻣريكيﺔ في
ﺻﻧﻊ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ في الﺷرق األوسط.
جماعات المصالح ﻛجماعات وسيطة :ﺑين السﻠطﺔ السياسيﺔ
والﻣواطﻧين وﺗﺗﺣقق الوساطﺔ ﻣن ﺧالل ﺗﻌﺑير الﺟﻣاﻋات ﻋن
35
ﻣﺻالح ﻣﺣددة لﻣﺟﻣوﻋات ﻣن الﻣواطﻧين ﻋﺑر اﻻﺗﺻال ﺑﺻاﻧﻌي
السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ كﺗﻧظيم الﻣظاھرات ﻣن طرف الطالب أﻣام
الﺑيت األﺑيض اﺣﺗﺟاج ﻋﻠى الﺣرب الفيﺗﻧاﻣيﺔ.
الرأي الﻌام:
إن دور الرأي الﻌام ﻣﺣدود ،ولكﻧه ﻣوﺟــود دائﻣا ولو
ﺑدرﺟات ﻣﺗفاوﺗﺔ ﺣسب طﺑيﻌﺔ الدولﺔ ،وھو ﺑالﺗالي يﺷكل ضواﺑط
ﻋﻠى ﺻﻧاﻋﺔ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ويﺧﺗﻠف ﺗأثيره ﻣن قضيﺔ إلى
أﺧرى .كﻣا أن الدراسات في ھذا السياق ﺗﺷير إلى أن الرأي الﻌام
يفﺗقد إلى الﻣﻌﻠوﻣات الﻣطﻠوﺑﺔ ﻻﺗﺧاذ قرارات ﺧارﺟيﺔ ،وھذا ﻣا
يفقده الﺗأثير والﻣﺻداقيﺔ ﻋﻠى قرارات ﺧارﺟيﺔ ﺗﻣس قضايا
ﺣساسﺔ .وھذا ﻣا يفﺗح الﻣﺟال لﺻﻧاع القرار ﻻﻣﺗالك ﺗأثير كﺑير
ﻻﻣﺗالكﮭم الﻣﻌﻠوﻣات الكافيﺔ ،وقدرﺗﮭم ﻋﻠى إقﻧاع الرأي الﻌام
ﺑوﺟﮭات ﻧظرھم ﻋﺑر وسائل اﻻﺗﺻال الﻣوﺟﮭﺔ ،وھذا يﺣدث ﺣﺗى
داﺧل الدول األكثر اﻧفﺗاﺣا كالوﻻيات الﻣﺗﺣدة وﻣثال ذلك قدرﺗﮭا
ﻋﻠى إقﻧاع الرأي الﻌام ﺑضرورة ﺷن الﺣروب الوقائيﺔ رﻏم
الﻣﻌارضﺔ الﺷديدة داﺧل الرأي الﻌام األﻣريكي (ﺣرب أفغاﻧسﺗان
الﻌراق) .1
36
2المحددات الخارجية:
أ الﺗﻛﺗالت الدولية (النسق الدولي):
يقﺻد ﺑالﻧسق الدولي ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن الوﺣدات الدوليﺔ الﻣرﺗﺑطﺔ
ﻧﻣطيا ﻣن ﺧالل ﻋﻣﻠيﺔ الﺗفاﻋل .ويﺗضﻣن ھذا الﻧسق أرﺑﻌﺔ أﺑﻌاد
ھي :الوﺣدات الدوليﺔ ،والﺑﻧيان الدولي ،والﻣؤسسات الدوليﺔ،
والﻌﻣﻠيات السياسيﺔ ويؤثر كل ﻣن ﺗﻠك األﺑﻌاد ﻋﻠى سياسﺔ
الوﺣدات الكائﻧﺔ في الﻧسق الدولي ،فازدياد ﻋدد الوﺣدات الدوليﺔ
وظﮭور وﺣدات ﺟديدة ﻏير ﺗقﻠيديﺔ يﻧﺷئ فرﺻا وﻣﺧاطر أﻣام
الدول الﺻغيرة ،فازدياد ﻋدد ﺗﻠك الوﺣدات يﻌقد ﻣﺷكالت اﻻﺗﺻال
السياسي الدولي لﻠوﺣدات الﺻغيرة ،وإن كان ﻣن الﻣﻣكن أن يقوي
ﺷوكﺗﮭا في الﻧسق الدولي ،ﺑيﻧﻣا يؤدي ظﮭور وﺣدات ﺗقﻠيديﺔ
كالﺷركات ﻣﺗﻌددة الﺟﻧسيﺔ وﺣركات الﺗﺣرر الوطﻧي إلى ﺗﻌقيد
ﻋﻣﻠيﺔ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﺑالﻧسﺑﺔ لكثير ﻣن الدول.
أﻣا الﺑﻧيان الدولي فإﻧه أكثر أﺑﻌاد الﻧسق الدولي ﺗأثيرا ﻋﻠى
السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ويقﺻد ﺑالﺑﻧيان الدولي ﻧﻣط ﺗرﺗيب الوﺣدات
داﺧل الﻧسق ،وھو يﺗﺣدد ﻋﻠى أساس كيفيﺔ ﺗوزيﻊ الﻣقدرات ﺑين
الوﺣدات الدوليﺔ ودرﺟﺔ الﺗراﺑط ﺑين ﺗﻠك الوﺣدات ،ويﻌﺗﻣد ﺗوزيﻊ
الﻣقدرات ﻋﻠى ﻧﻣط ﺗوزيﻊ الﻣوارد وﻋﻠى ﺗوزيﻊ القيم واﻻﺗﺟاھات
السياسيﺔ لﻠوﺣدات الدوليﺔ ،ويؤدي ﺗفاﻋل ھذين الﻣﺗغيرين إلى
ﺗﺣديد ﺷكل الﺑﻧيان الدولي :أﺣادي القطﺑيﺔ أو ثﻧائي القطﺑيﺔ ،أو
ﻣﺗﻌدد األقطاب.
وﺑﺻفﺔ ﻋاﻣﺔ فإﻧه كﻠﻣا اﺗﺟه الﺑﻧيان الدولي ﻧﺣو الﺗﻌدديﺔ ﻣﻊ
وﺟود ﺻراع ﺑين الوﺣدات الدوليﺔ الرئيسيﺔ زادت ﺣريﺔ الﺣركﺔ
37
لﻠدول الﺻغيرة والﻣﺗوسطﺔ ،كﻣا ﺗﺗفاوت األﺑﻧيﺔ الدوليﺔ طﺑقا
لدرﺟﺔ الﺗراﺑط ﺑين الوﺣدات الدوليﺔ.
وكﻠﻣا زاد ھذا الﺗراﺑط زاد ﻣيل ﺗﻠك الوﺣدات إلى أقﻠﻣﺔ سياسﺗﮭا
الﺧارﺟيﺔ ﺑﻣا يﻌكس ﺗراﺑط الﻣﺻالح ﺑيﻧﻣا يزداد ﺗﻌقيد ﻋﻣﻠيﺔ ﺻﻧﻊ
السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ،وﺗﻌﺗﺑر األﺣالف الدوليﺔ إﺣدى القوى
الضاﻏطﺔ الرئيسيﺔ ﻋﻠى سياسات الدول ،فاألﺣالف الدوليﺔ ﻻ
ﺗؤثر فقط ﻋﻠى درﺟﺔ اسﺗقرار الﻧسق الدولي ،ولكﻧﮭا ﺗؤثر أيضا
ﻋﻠى سياسات الدول الﻣﺗوسطﺔ والﺻغيرة فيه ﺑسياسات ﻣﻌيﻧﺔ.
وﺗؤثر ﻣؤسسات الﻧسق الدولي ﻋﻠى السياسات الﺧارﺟيﺔ
لﻠوﺣدات الدوليﺔ ،وقد ﺗأﺧذ ھذه الﻣؤسسات ﺷكال ﺗﻧظيﻣيا أو ﺷكال
قاﻧوﻧيا فالﺗﻧظيﻣات الدوليﺔ ﺗﻌﺗﺑر أﺣد ﻣوارد السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ
لﻠدول كﻣا أﻧﮭا ﺗؤثر في ﻋﻧاﺻر اﻻﺗفاق ﺑين األﻋضاء في
الﺗﻧظيم ...وكذلك ﺗؤثر الﻣؤسسات القاﻧوﻧيﺔ الدوليﺔ ﻋﻠى السياسات
الﺧارﺟيﺔ لﻠدول ﻣن ﺣيث أﻧﮭا ﺗﺧﻠق قيودا ﻋﻠى ﺑﻌض الﺗﺻرفات
الﺧارﺟيﺔ لﻠدول .أﻣا الﺑﻌد األﺧير لﻠﻧسق الدولي فإﻧه يﺗﻣثل في
الﻌﻣﻠيات السياسيﺔ وھي ﺗﻣثل الﺟاﻧب الﺣركي ﻣن الﻧسق الدولي
فﮭذه الﻌﻣﻠيات وإن كاﻧت ﺗﻌﺑر ﻋن ﺣركﺔ الوﺣدات الدوليﺔ (أي
سياساﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ) إﻻ أن ﺗفاﻋل ﺣركات ﺗﻠك الوﺣدات يﻧﺷئ
ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن الﻌﻣﻠيات ﺷﺑه الﻣسﺗقﻠﺔ الﺗي ﺗﺻير ﺑدورھا ﻋﻧﺻرا
ضاﻏطا ﻋﻠى ﺣركﺔ الوﺣدات الدوليﺔ .1
ب المنظمات الدولية:
ﺗﻌﺗﺑر الﻣﻧظﻣات الدوليﺔ ...أداة ﺗسﺗﺧدﻣﮭا الدول لﺗﺣقيق أھداف
سياسﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ ،فالدول ﺗﻠﺟأ إلى األﻣم الﻣﺗﺣدة لﺗﺑرير ﻣطالﺑﮭا
38
وإﺣراج الدول الﻣﻌاديﺔ ،أو ﻻسﺗقطاب الدول األﺧرى األﻋضاء
إلى ﺟاﻧﺑﮭا ...وقد ﻻ يﻧﺣﺻر دور (الﻣﻧظﻣات الدوليﺔ) في السياسﺔ
الﺧارﺟيﺔ في ﻋﻣﻠيﺔ ﺗسويﺔ الﻣﻧازﻋات الدوليﺔ ،ولكﻧه يﻣﺗد إلى
كوﻧه أداة ألقﻠﻣﺔ سياسات الدول ﺑﺣيث ﺗﺻﺑح أكثر اسﺗﺟاﺑﺔ
لﻣﺗطﻠﺑات الﺗفاھم الدولي ،وقد أوضﺣت الدراسات الﺗي ﺑﺣثت أثر
الﺗﻌاﻣل ﻣﻊ (الﻣﻧظﻣات الدوليﺔ) ﻋﻠى أﻋضاء الكوﻧﺟرس
األﻣريكي أﻧه كﻠﻣا ازدادت ﺧﺑرة ھؤﻻء األﻋضاء في الﺗﻌاﻣل ﻣﻊ
(الﻣﻧظﻣات الدوليﺔ) ازداد اھﺗﻣاﻣﮭم ﺑالقضايا الﻌالﻣيﺔ وﺗأييدھم
1
لدﻋم الﺗﻧظيم الدولي في ﺗسويﺔ الﻣﻧازﻋات الدوليﺔ.
ج الشرﻛات مﺗﻌددة الجنسيات:
ﻧﺗيﺟﺔ لضﺧاﻣﺔ الﻣوارد الﺗي ﺗسيطر ﻋﻠيﮭا الﺷركات ﻣﺗﻌددة
الﺟﻧسيﺔ فإﻧﮭا أﺻﺑﺣت ﺗﻠﻌب دورا ﻣركزيا في الﻧسق الدولي
(ﺗوﺟيه السياسات الدوليﺔ) رﺑﻣا ﻋﻠى ﺣساب الدور الذي ﺗﻠﻌﺑه
ﺣكوﻣات ﺗﻠك الﺷركات ...فإﻧه ﺑفضل ﻣواردھا الﮭائﻠﺔ ،ﺗسﺗطيﻊ
الﺷركات الﻣﺗﻌددة الﺟﻧسيﺔ أن ﺗﺣﺻل ﻣن ﺣكوﻣاﺗﮭا ﻋﻠى ﺗأييد
أﻧﺷطﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ لﺣﻣايﺗﮭا ...ففي الدول اﻻﺷﺗراكيﺔ يﺻﻌب
الفﺻل ﺑين الﺷركات _ وھي ﻣﻣﻠوكﺔ لﻠدولﺔ _ وﺑين الﺣكوﻣﺔ.
وفي ﻣﺣاولﺗﮭم ﺑﻌث الﻧظريات اﻻقﺗﺻاديﺔ لالسﺗﻌﻣار
واﻻسﺗغالل اھﺗم الكﺗاب الراديكاليون ﺑالﺗزايد الﮭائل لدور
الﺷركات الﻣﺗﻌددة الﺟﻧسيﺔ في السﻧوات األﺧيرة ،األﻣر الذي يكاد
يﮭدد الكثير ﻣن الدول القوﻣيﺔ ﻣن ﺣيث الﺣﺟم والﺗأثير الﻌالﻣي...
1لويد ﺟﻧسن ،ﺗفسير السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ،ﺗرﺟﻣﺔ :ﻣﺣﻣد أﺣﻣد ﻣفﺗي وﻣﺣﻣد
السيد سﻠيم ،الﻧاﺷر ﻋﻣادة ﺷؤون الﻣكﺗﺑات ،ﺟاﻣﻌﺔ الﻣﻠك سﻌود ،الرياض
1989م .ص 193
39
ويرى الكﺗاب الﻣاركسيون الﺟدد أن الﺷركات ﺗسﺗﺗر ﺧﻠف
ﺣكوﻣاﺗﮭا لﺣﻣايﺔ أﻧﺷطﺗﮭا ﻣسﺗﻌﻣﻠﺔ ﺟﻣيﻊ أساليب الرﺷوة والضغط
السياسي ﻋﻠى ﺗﻠك الﺣكوﻣات ،وﻣن ث ّم فإﻧﮭم يرون السياسﺔ
الﺧارﺟيﺔ ﻋﻠى أﻧﮭا ﻣﺟﮭود ﺗقوم ﺑه الﺣكوﻣات لﺣﻣايﺔ ودﻋم
الﻣﺻالح اﻻقﺗﺻاديﺔ لﻠﺷركات الﻣﺗﻌددة الﺟﻧسيﺔ سواء في الداﺧل
1
أم في الﺧارج.
40
دور الشخصية القيادية
في صنع وتوجيه السياسة الخارجية
41
الﺟﻣاﻋﺔ ،وﻋﻠى ذلك فالقائد ھو ﻋضو الﺟﻣاﻋﺔ الذي يﻣارس ﺗأثيرا
1
إيﺟاﺑيا ﻋﻠى أﻋضاء الﺟﻣاﻋﺔ اآلﺧرين ".
وقد ﺗﻧوﻋت إسﮭاﻣات الﻣﺧﺗﺻين واألكادﻣيين في كﺷف ﻣالﻣح
ﻣفﮭوم القيادة فﺑالﻧسﺑﺔ لﻠﻣﺧﺗﺻين ﺑرز في ھذا الﺣقل ﺑافيالس الذي
يﻌرف القيادة ﺑأﻧﮭا " ﻋﻣﻠيﺔ سيكولوﺟيﺔ وليست ﻣركزا أو ﻣكاﻧﺔ
وقوة فﺣسب وإﻧﻣا ھي ﻣﺣﺻﻠﺔ ﺗفاﻋل اﺟﺗﻣاﻋي فيه يﺗدفق الﻧﺷاط
الﻣوﺟه الذي يكون له أثره ﻋﻠى ﻧفوس األفراد والﺟﻣاﻋات إذ يكون
لﻠقيادة رد فﻌﻠﮭا في ﻋﻣﻠيات اﻹﻧﺗاج وﻧﺟاح الﻣﺷروﻋات "...
ويظﮭر ﻣن ﺟاﻧب آﺧر كوﺑروﻣﺟو ليؤكد ﻋﻠى ﻣفﮭوم القيادة
ﻣﺣاوﻻ ﺧﻠق ﻧوع ﻣن الﺗﻣييز ﺑين"قيادة الدفﻊ وقيادة الﺟذب"...إن
كوﺑر ﻧراه يقﺗرب ﻧوﻋا ﻣا ﻣن ﻣفﮭوم ﺑافيالس وﺧاﺻﺔ ﻋﻧدﻣا ﻧﺟد
ﻣفﮭوﻣه لﻠقيادة يظﮭر ﺑأﻧه ﻣفﮭوم قيادة ﺟذب أكثر ﻣا يكون ﻣن
ﻣفﮭوم قيادة دفﻊ الذي يﻌﻧي ﺑأقل ﺻورة ﻣﻣكﻧﺔ دفﻊ الﻣﺟﻣوﻋﺔ أو
الﺟﻣاﻋﺔ إلى إﻧﺟاز ﻣﮭﻣﺔ أو ﺗﺟاوز ﻣﻌضﻠﺔ ﻣا لﺗﻧﺗﮭي الﻌﻣﻠيﺔ
ﺑﻣﺟرد ﺗﺣقيق ذلك ،ﺑل إن القائد ﺑﻧظر كوﺑر يﻣكن أن يكون ﻋاﻣل
ﺟذب لﻠﺟﻣاﻋﺔ وﺑذلك يظﮭر ﺣقيقﺔ ﻣﮭﻣﺔ ﺧالﺻﺗﮭا ضرورة وﺟود
ﻧوع ﻣن الﺗفاﻋل ﺑين القائد والﺟﻣاﻋﺔ ".
أﻣا األكاديﻣيون فﻠم يكوﻧوا أقل ﺣظا ﻣن الﻣﺧﺗﺻين ﻋﻧدﻣا
ﺗﻧاولوا ﻣفﮭوم القيادة في دراسات وﺑﺣوث أكاديﻣيﺔ ﻣﺗﻣيزة كان
لﮭا وقﻊ كﺑير في إزاﺣﺔ ﺑﻌض ﻣالﻣح ھذا الﻣفﮭوم .وﻋﻠى سﺑيل
الﻣثال ﻻ الﺣﺻر :الﻣﺷروع الﺑﺣثي الذي قام ﺑه دورين كاﺗريت
وسﺗوﺟديل الﻠذين قاﻣا ﺑإﻋداد دراسﺔ ﺑﻌﻧوان " القيادة الﻌضويﺔ
والﺗﻧظيم " فضال ﻋن إسﮭاﻣات ألفين زاﻧدر الﺗي ﺗﻌد ﻣن الدراسات
42
الﻣﮭﻣﺔ ...ﺑاﻹضافﺔ إلى أﺑﺣاث لوين وﻣوريﻧو وأثرھﻣا في ﺗقدم
ﻣﻠﺣوظ في ﺗطوير ﻣﻧاھج دراسﺔ القيادة كظاھرة في الﺟﻣاﻋات."1
وﻣﻣا سﺑق يﻣكن القول" :إن ظاھرة القيادة ﻣن أكثر الظواھر
اﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ الﺗي ﻋﻧيت ﺑالﺑﺣث والدراسﺔ إﻻ أﻧﮭا كاﻧت وﻻ ﺗزال
ﻣن أقل الظواھر فﮭﻣا وإدراكا في ﻋﻠم السياسﺔ ،ﻣﻊ اﻹﺷارة إلى
ب ﻋﻠم السياسﺔ ﺗﻌالج ظاھرة القيادة ﻣن دون ﺗﻧاول أن كثيرا ﻣن ُكﺗ ِ
وﺗﺣﻠيل دور القيادة وﺗأثيرھا ...ويﻧظر إلى القيادة ﺑﺷكل ﻋام ﻋﻠى
أﻧﮭا ﺗﻣثل ﻋﻣﻠيﺔ ﺗفاﻋل ﺑين الﺣكام والﻣﺣكوﻣين ضﻣن إطار
يﺟﻣﻌﮭم الﺗراث واﻹديولوﺟيﺔ والﻣﺻﻠﺣﺔ الﻣﺷﺗركﺔ ،وﺑوساطﺔ
2
ﻣؤسسات ﻣﺣددة الﺗي ﻣن وظائفﮭا ﺗﻧظيم ھذه الﻌالقﺔ".
– خصائص الﻘيادة :ھﻧاك ﺧﺻائص ﻣﻌيﻧﺔ لﻠقائد السياسي
يﻣكن إيﺟازھا في:
-الشخصية الﺗسﻠطية :وھي ﺗﺗﻣيز كوﻧﮭا ﺗؤكد السيطرة
ﻋﻠى الﻣرؤوسين والﻣيل ﻧﺣو اسﺗﺧدام الﻣفاھيم الﻧﻣطيﺔ ،ﻣﻊ ﻧظرة
ثاﺑﺗﺔ لﻠﻌالم السياسي ﻋﻠى أﻧه ﻣكون ﻣن أﺻدقاء وأﻋداء،
والﺗﻌﺻب لقوﻣيﺗﮭم.
الﻌﻘل المﺗﻔﺗح والﻌﻘل المنغﻠق :وﻣن ﺻفات ﺷﺧﺻيﺔ الﻌقل
الﻣﻧغﻠق ﻧظرﺗﮭا لﻠﻌالم ﺑﻌقﻠيﺔ ﺗآﻣريﺔ وﻣيﻠﮭا إلى اسﺗﺧدام القوة ﻣﻊ
اآلﺧرين والسرﻋﺔ في اﺗﺧاذ القرارات واﻻﺑﺗﻌاد ﻋن قﺑول الﺣﻠول
الوسطى
43
ﺗحﻘيق الذات :ﺗﺗﻣيز الﺷﺧﺻيﺔ الﻣﺣققﺔ لﻠذات ﺑﻌدة ﺧﺻائص
ﻣﻧﮭا إﺷﺑاع الﺣاﺟات الطﺑيﻌيﺔ واﻹﺣساس ﺑاألﻣن واﻻﻧﺗﻣاء،
1
واﻹﺣساس ﺑاﺣﺗرام الذات.
الﻘيادة الﻛاريزمية :وھي ﻧوع ﻣن القيادة الﻣﺗﻣيزة ﺑﻣواھب
ﺷﺧﺻيﺔ ﺗﺷﺑه السﺣر والﺗي ﺗثير وﻻء وﺣﻣاسا ﺷﻌﺑيا ﺧاﺻا...
وقد قدم الﺑاﺣثون ﻣﺗغيرات ﺗﺷكل في إطارھا الﻌام ﻣﺗغيرات ﻣﮭﻣﺔ
في أداء دور القيادة الكاريزﻣيﺔ أھﻣﮭا قوة ﺷﺧﺻيﺔ القائد وﺧﺑراﺗه
السياسيﺔ والﺣزﺑيﺔ وطﻣوﺣه ،ويﻌﺗﺑر ﻣاكس فيﺑر أول ﻣن أﻋطى
ﻣﻌﻧى سياسيا ليﺷير إلى اﻹﻣكاﻧيﺔ الﺗي يﺗﻣﺗﻊ ﺑﮭا ﺷﺧص ﻣﻌين
لﻠﺗأثير في اآلﺧرين...
ويورد فيﺑر ﻧوﻋين ﻣن الكاريزﻣا:
-القيادة الكاريزﻣيﺔ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠى الﻣواھب الﺷﺧﺻيﺔ لﻠقائد.
-السﻠطﺔ الكاريزﻣيﺔ ،فإن الﻌالقﺔ ﺗﻧقطﻊ ﻋن ھذه السﻣﺔ
الﺷﺧﺻيﺔ.
ويﻣكن القول أ ن دول الﻌالم ﻋرفت القيادة الكاريزﻣيﺔ في ﺣقب
ﻣﺗفرقﺔ إﻻ أﻧﮭا ﺗﺑايﻧت ﺑين دول الغرب الﻣﺗقدم الﺗي ﺗﻣﺗاز
أوضاﻋﮭا السياسيﺔ ﺑاﻻسﺗقرار (وﻣارست) الﺗﻧظيﻣات الﺑرلﻣاﻧيﺔ
والديﻣقراطيﺔ لﻌقود طويﻠﺔ وﺑين دول الﻌالم الثالث الﺗي ﺗﻣيزت
ﺑظاھرة ﻋدم اﻻسﺗقرار السياسي.
وﻣن ھﻧا يﺑدو أن دول الﻌالم الثالث ﺗﺣﺗاج لﻠقيادة الكاريزﻣيﺔ
أكثر ﻣن دول الغرب ،ألن السﻠطﺔ الﻣﻠﮭﻣﺔ (الكاريزﻣيﺔ) كﻣا يراھا
ﻣاكس فيﺑر كوﻧﮭا ضروريﺔ ﻋﻧدﻣا ﺗﻣر الﻣﺟﺗﻣﻌات الﺗقﻠيديﺔ
44
ﺑأزﻣات ﻋﻧيفﺔ وﺗﻧﮭار فيﮭا القيم والقواﻋد السائدة في الﻣﺟﺗﻣﻊ
الﺗقﻠيدي لﺗظﮭر زﻋاﻣات ﻣن ﻧوع ﺟديد ﺗقود ﺣركﺔ الﺗطور إلى
األﻣام ھذه الزﻋاﻣات ﺗﻌد ﻣﻠﮭﻣﺔ ألﻧﮭا ﻻ ﺗﺗقيد ﺑالوضﻊ القائم وإﻧﻣا
1
ﺗسﺗوﺣي ﻣسيرة الﺗاريﺦ ﺑوﻋي ﻣكثف وإرادة قويﺔ.
وﻋن ذلك يقول فيﺑر ﻣﻌﻠال ظﮭور القيادة الكاريزﻣيﺔ " ھﻧاك
ﻣﺟﺗﻣﻌات ﺗﻌاﻧي أزﻣات ﺣادة ﺗﺟﻌل ﻣﻧﮭا ﺑيئﺔ ﺧﺻﺑﺔ وﻣالئﻣﺔ
لظﮭور واﻧﺑثاق الﻧﻣط الكاريزﻣي في القيادة فﻠقد ساد اﻻقﺗﻧاع ﺑأن
الظاھرة الكاريزﻣيﺔ ﻣا ھي إﻻ ﻧﺗاج أزﻣات ﺣادة ،ﺣيث يقود
اﻹﺣساس ﺑﺣرﻣان أﺧالقي أو ﻧفسي ﺷديد األفراد والﺟﻣاﻋات إلى
2
الﺑﺣث والسﻌي وراء القيادة الفذة" .
أﻣا في الغرب فإن الزﻋيم – في رأي فيﺑر " يظﮭر دون أن
ﺗكون له ﻣﻣيزات ﺷﺧﺻيﺔ ،وھو فرد في دولﺔ ﺗﺗكون ﻣن ﻣواطﻧين
ﻻ يﺧﺗﻠف أﺣدھم ﻋن اآلﺧر كﻣا ھو األﻣر في ﻣﺧﺗﻠف
الديﻣقراطيات اليوﻧاﻧيﺔ القديﻣﺔ ،وقد يكون زﻋيﻣا ﺣزﺑيا وﺻل إلى
3
الﺑرلﻣان ﺑﻌد أن قطﻊ ﺷوطا ﻋﻠى ساﺣﺔ الدولﺔ الدسﺗوريﺔ "
– الﺑيئة النﻔسية لﻠﻘائد:
أكد ف.ج .ﺑيﻠي أن القيادة السياسيﺔ ﻣﺣورھا قدرة القائد ﻋﻠى
اﺗﺧاذ القرارات في ﻣواﺟﮭﺔ الﻣوقف وإقﻧاع اآلﺧرين ﻣن أﻋضاء
الﻧﺧﺑﺔ السياسيﺔ والﺟﻣاھير ﺑﮭذه القرارات ،وﺑﮭذا الﻣﻌﻧي ﺗﺻير
القيادة في ﺟوھرھا ﻋﻣﻠيﺔ إقﻧاع .وﻋﻠى أساس أساليب القائد في
45
اﻹقﻧاع وسﻣاﺗه الﻧفسيﺔ والﺻورة الﺗي يكوﻧﮭا لﻧفسه ويﻧقﻠﮭا إلي
1
اآلﺧرين ﺗكون طﺑيﻌﺔ الظروف الﺗي يﻌﻣل في إطارھا.
"وﺗﺗضﻣن الﻣﺗغيرات الفرديﺔ أو الﺷﺧﺻيﺔ ﺣسب ﺷاﺑيرو
وﻣاكفون السﻣات الﺷﺧﺻيﺔ لألفراد الذين يﺻﻧﻌون السياسﺔ
الﺧارﺟيﺔ ،كذلك ﺗﻌـرف ﺑأﻧﮭا "ﻣﺟﻣوﻋﺔ الدوافﻊ الذاﺗيﺔ
والﺧﺻائص الﺷﺧﺻيﺔ لﻠقائد السياسي أو القادة السياسيين الذين
يﺻﻧﻌون السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ،وﺗﺷﻣل ھــذه السﻣات والﺧﺻائص
ﻣﻌﺗقداﺗﮭم وقيﻣﮭم وﺧﺑرﺗﮭم وﺻفاﺗﮭم وﺗكويﻧﮭم اﻻﺟﺗﻣاﻋي وكذلك
إدراكﮭم.
وقد أكد ريﺗﺷارد سﻧايدر ،وﻏيره ﻣن الﺑاﺣثين ،ﻋﻠى ﺣقيقﺔ أﻧه
ﻣﮭﻣا كاﻧت الﻌواﻣل الﻣﺣددة لﻠسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ –ﺧارﺟيﺔ أو
داﺧﻠيﺔ فإن أھﻣيﺗﮭا ﺗﺗﺣدد ﻣن ﺧالل إدراك ﺻاﻧﻌي السياسﺔ
الرسﻣيين لذا فالفﻌل الﺻادر ﻋن الدولﺔ يقوم ﺑه في الواقﻊ أﺷﺧاص
وﺑالﺗالي فﮭم واسﺗيﻌاب ھذا الفﻌل يﺗطﻠب الﻧظر إلى ﻣﺣيط ﺻﻧاﻋﺔ
القرار ﻣن ﺧالل إدراك ﺻﻧاع القــرار لﻣﺣيطﮭم – الﺧارﺟي أو
الداﺧﻠي وليس ﻣن ﺧالل الﻣراقب الﻣوضوﻋي أو الﺣيادي.
ھﻧاك ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن الﻣواقف لﺑﻌض الدارسين ،ﺗﺟﻌل ﻣن دور
ﺻاﻧﻊ القرار ﺑﻣثاﺑﺔ الدور الرئيس في ﺻﻧﻊ ﺗﻠك السياسﺔ ،ﺑﺣيث
يذھب كريسﺗوفر ھيل إلى أﻧه ﺣﺗى في الﻣﺟﺗﻣﻌات الﻣفﺗوﺣﺔ يﻣكن
لﻠﺷﺧﺻيﺔ القويﺔ لرئيس الدولﺔ ووﺟﮭات ﻧظره الﺷﺧﺻيﺔ أن ﺗفسر
ﻧسﺑﺔ كﺑيرة ﻣن السﻠوك الدولي لﻠدولﺔ " .2
46
:2نظريات وأنماط الﻘيادة السياسية:
47
كل ﻣﺗغيرات القيادة ،وھي :القائد وﻧﺷاطه في الﺟﻣاﻋﺔ ،األﺗﺑاع
(اﺗﺟاھاﺗﮭم ﺣاﺟاﺗﮭم ،ﻣﺷكالﺗﮭم) الﺟﻣاﻋﺔ ﻧفسﮭا (ﺑﻧاؤھا ،الﻌالقﺔ
ﺑين األفراد ،ﺧﺻائﺻﮭا أھدافﮭا ،)...الﻣواقف كﻣا ﺗﺣددھا الﻌواﻣل
الﻣاديﺔ وطﺑيﻌﺔ الﻌﻣل وظروفه.
نظرية الرجل الﻌظيم :يﻌد فراﻧسيس ﺟالﺗون ﻣن أوائل دﻋاة
ھذه الﻧظريﺔ الذي أكد أن ﺑﻌض الرﺟال الﻌظام يﺑرزون في
الﻣﺟﺗﻣﻊ لﻣا يﺗسﻣون ﺑه ﻣن قدرات وﻣواھب ﻋظيﻣﺔ وﺧﺻائص
ﻋﺑقريﺔ ﻏير ﻋاديﺔ ﺗﺟﻌل ﻣﻧﮭم قادة أيّا كاﻧت الﻣواقف اﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ
1
الﺗي يواﺟﮭوﻧﮭا.
ب أنماط الﻘيادة السياسية:
ﻣيز روﺟرﺑيﻠوز ﺑين األﻧﻣاط الثالث الﺗاليﺔ لﻠقيادات السياسﺔ.
الﻘيادة اﻷوﺗوقراطية:
القائد يﺻﻧﻊ كافﺔ القرارات والسياسات ويﺣدد وسائل ﺗﻧفيذھا،
ويﺻﻌب الﺗﻧﺑؤ ﺑﻣا سﺗكون السياسيات في ظل ھيﻣﻧﺔ دور القائد
في الﻌﻣﻠيﺔ السياسيﺔ وﻻ يسﻣح القائد ﺑأيﺔ ﻣﺷاركﺔ ﺣقيقيﺔ ﻣن ﺟاﻧب
الﻣﺟﺗﻣﻊ الﻣﺣكوم ولكﻧه قد يسﻣح ﺑﻣﺷاركﺔ ﺷكﻠيﺔ ھاﻣﺷيﺔ ﻹضفاء
طاﺑﻊ ﻣﺻطﻧﻊ ﻣن الﺷرﻋيﺔ ﻋﻠى اﺣﺗكاره لﻠسﻠطﺔ ،وھذا القائد
أﻧاﻧي يﻣركز الﻌالم ﺣول ذاﺗه وﻻ يﺑالي ﺑدوافﻊ وﻣطالب
الﻣﺣكوﻣين ،وقد ﺗكون ھذه القيادة ﻣثال في اﻻﺣﺗفاظ ﺑالسﻠطﺔ
واﻻسﺗﻣرار في الﺣكم ،ولكﻧﮭا ليست ﺧالقﺔ أو ﻣﺑدﻋﺔ وﻻ يﻣكﻧﮭا
أن ﺗﺧﻠق الﺷﻌور ﺑاﻻھﺗﻣام والﺗﻌاطف في الﺟﻣاﻋﺔ أو أن ﺗﺣرك
أﻋضاء الﺟﻣاﻋﺔ كفريق ﻋﻣل ﻣﺗكاﻣل ﻧﺣو ﺗﺣقيق األھداف الﻌاﻣﺔ.
48
الﻘيادة الديمﻘراطية:
القائد ﻻ يﻧفرد ﺑاﺗﺧاذ القرارات وﺻﻧﻊ السياسات ،ولكﻧه يفسح
الﻣﺟال لﻣﺷاركﺔ الﻣﺣكوﻣين ويرﺣب ﺑالﻣﻧاقﺷﺔ الﻌاﻣﺔ واقﺗراح
الﺣﻠول والﺑدائل ،ويﻣﻠك الﺗفاﻋل ﻣﻊ الﻣﺣكوﻣين واﻻسﺗﺟاﺑﺔ
لﻣطالﺑﮭم وھذه القيادة أكثر فاﻋﻠيﺔ ﻣن القيادة األوﺗوقراطيﺔ ،ألﻧﮭا
ﺧالقﺔ ﻣﺑدﻋﺔ ﺑﻧاءة ﻣﻌﺑرة ﻋن اﻻھﺗﻣام وقادرة ﻋﻠى ﺗوفير اﻹطار
اﻻﺟﺗﻣاﻋي الﻧفسي والسياسي الﻣالئم لﻠﻣﺷاركﺔ والﻌﻣل الﺟﻣاﻋي
وفي ظل ھذه القيادة ﺗﺗوفر لﻠﻣﺣكوﻣين درﺟﺔ كﺑيرة ﻣن الرضا
واﻻﺗفاق ﺣول القيم واألھداف األساسيﺔ وأولوياﺗﮭا ،ولﮭذا يﺗﺻفون
ﺑالقدرة ﻋﻠى الﺗكﺗل ﺧﻠف القيادة في ﻣواﺟﮭﺔ األزﻣات والﻣواقف
الﻣﺻيريﺔ.
الﻘيادة غير المﺗدخﻠة:
وھي الﻣﻌﺑرة ﻋن ﻣﺑدإ" دﻋه يﻌﻣل" القائد ﻻ يﺷارك ﺑدور ﺣاسم
في ﺻﻧﻊ القرارات والسياسات أو ﺗقييم وﻣﻧاقﺷﺔ الﻣﺷكالت الﻌاﻣﺔ،
ولكﻧه يكﺗفي ﺑﺗقديم ﻣا قد يطﻠب ﻣﻧه ﻣن ﻣﻌﻠوﻣات ويﺗﻣﺗﻊ أﻋضاء
الﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑقدر كﺑير ﻣن ﺣريﺔ الﺣركﺔ وﻣثل ھذه القيادة ﺗﻌﺑر ﻋن
السﻠﺑيﺔ ،ولﮭذا ﺗﺻير أقل كفاءة واﻧﺟازا ﻣن القيادة الديﻣقراطيﺔ ﺑل
1
وﻣن القيادة األوﺗوقراطيﺔ.
وفي ﻣؤلفﮭﻣا الﺻادر ﻋام 1966ﺑﻌﻧوان السياسﺔ الﻣقارﻧﺔ:
ﻣقﺗرب ﺗﻧﻣوي ﻣيز الﻌالﻣان األﻣريكياﻧﺟاﺑرييل الﻣوﻧد وج .ﺑﻧﺟﮭام
ﺑاول ﺑين ﻧﻣطين لﻠﻧظم السياسيﺔ وھﻣا ﻧﻣط الﻧظم الديﻣقراطيﺔ
1ﺟالل ﻋﺑد هللا ﻣﻌوض ،ﻋالقﺔ القيادة ﺑالظاھرة اﻹﻧﻣائيﺔ ،دراسﺔ في
الﻣﻧطقﺔ الﻌرﺑيﺔ ،رسالﺔ دكﺗوراه في الﻌﻠوم لسياسيﺔ القاھرة ،كﻠيﺔ اﻻقﺗﺻاد
والﻌﻠوم السياسيﺔ ﺑﺟاﻣﻌﺔ القاھرة ،1985 ،ص 9
49
وﻧﻣط الﻧظم الﺗسﻠطيﺔ رﻏم إﺷارﺗﮭﻣا إلي أن ﻣﻌايير ﺗﺻﻧيفﮭﻣا
ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻣا إذا كان الضﺑط السياسي يﻣارس ﻣن أﻋﻠى (الﻧﻣط
الﺗسﻠطي) أو ﻣن أسفل (الﻧﻣط الديﻣقراطي) وﻣدي ﺗوافر الﻣﻧافسﺔ
السياسيﺔ ودرﺟﺔ اسﺗقالليﺔ الﻧظام الفرﻋي الذي يﺗكون ﻣن
األﺣزاب السياسيﺔ وﺟﻣاﻋات الﻣﺻالح ووسائل اﻹﻋالم وﻏيرھا
ﻣن ﻣﻧظﻣات وأﺑﻧيﺔ الﻣﻧافسﺔ والﻣﺷاركﺔ السياسيﺔ وﻣواﺟﮭﺔ الضﺑط
السياسي ،ويﻣثل ھذان الﻧﻣطان (الديﻣقراطي والﺗسﻠطي) ﺑدايﺔ
وﻧﮭايﺔ ﺧط ﻣﺗواﺗر ويﺗﺣدد وضﻊ أي ﻧظام سياسي ﻋﻠى ھذا الﺧط
طﺑقا لﮭذه الﻣﻌايير.
ج ﺗصنيﻔات أخرى :الواقﻊ أن دراسات الﻧظم السياسيﺔ
والﺣكوﻣات الﻣقارﻧﺔ والﺗﻧﻣيﺔ السياسيﺔ ﺗﺣفل ﺑﺗﺻﻧيفات أﺧرى
لﻠقيادات السياسيﺔ اسﺗﻧادا إلي ﻣﻌيار ﻣوقف القيادة ﻣن قضاياھا
وأساليﺑﮭا وسياساﺗﮭا في الﺗﻌاﻣل ﻣﻌﮭا ،وﻣن ذلك:
– دراسﺔ ﺑول سيﺟﻣوﻧد الﺗي ﻣيزت ﺑين ثالثﺔ أﻧﻣاط لﻠقيادات
السياسيﺔ في الدول الﻧاﻣيﺔ :القيادات الﺗقﻠيديﺔ الﻣﺣافظﺔ ،القيادات
اﻹﺻالﺣيﺔ والقيادات الراديكاليﺔ
– دراسﺔ فراﻧك ﺗاﺷو الﺗي ﻣيزت ﺑين ثالثﺔ أﻧﻣاط
لﻠقيادات(الﻧﺧب) السياسيﺔ في الﺷرق ألوسط القيادات والﻧﺧب
الﺗقﻠيديﺔ الﻌاﺟزة ﻋن الﺗكيف ﻣﻊ ﻣﺗطﻠﺑات الﺗﻧﻣيﺔ القيادات والﻧﺧب
الﺗقﻠيديﺔ القادرة ﻋﻠى الﺗكيف ﻣﻊ ھذه الﻣﺗطﻠﺑات ،والقيادات
والﻧﺧب الﺣديثيﺔ اﻹﻧﻣائيﺔ الﻌﺻريﺔ.
– دراسﺔ ﻣﺣﻣد ﻋﺑد الﺑاقي ھرﻣاسي الﺗي ﻣيزت ﺑين ثالثﺔ
أﻧﻣاط لﻠقيادات السياسيﺔ في دول الﻣغرب الﻌرﺑي ﻣن ﺣيث ﻣوقفﮭا
50
ﻣن الﻣﺷكالت اﻹﻧﻣائيﺔ :القيادات الﺗﺣديثيﺔ الﻠيﺑراليﺔ ،القيادات
الﺷﻌﺑيﺔ الﺗﻌﺑويﺔ والقيادات الﺗقﻠيديﺔ.
دراسﺔ د .ﻧاديﺔ رﻣسيس فرح الﺗي ﻣيزت ﺑين ﻧﻣطين لﻠقيادات
والﻧظم الﻌرﺑيﺔ ﺣسب ﻣواقفﮭا ﻣن قضيﺔ الديﻣقراطيﺔ :الﻧﻣط
السﻠطوي الﺑيروقراطي والﻧﻣط الﺗسﻠطي الﺗقﻠيدي.
– دراسﺔ روﺑرت ويسون الﺗي ﻣيزت ﺑين أرﺑﻌﺔ أﻧﻣاط لﻠﻧظم
والقيادات السياسيﺔ وھي :الﻧﻣط اﻻﺷﺗراكي ،الﻧﻣط الديﻣقراطي
1
الﻠيﺑرالي ،الﻧﻣط الﻌسكري ،والﻧﻣط الﺗسﻠطي.
51
الفصل الثاني:
53
...كان ھﻧاك إﺣساس قوي ﺑأن رئيس الوزراء ﺑوﺗين ظل
ﻣسيطرا ﻣن وراء الكواليس.
نيﻛوالي ﻛوزهانوف
دور بوتين في صنع وتوجيه
السياسة الخارجية الروسية
56
أﻣا ﻣن ﺣيث الدياﻧﺔ فﺗﻌﺗﺑر روسيا دولﺔ ﻣﺗﻌددة األديان ،فرﻏم
إقرار الدسﺗور ﺑﻌﻠﻣاﻧيﺔ الدولﺔ إﻻ أن الﻣادة 28ﺗقر ﺑﺣريﺔ األديان
لﻠﺟﻣيﻊ ﺣيث ﺗقدر ﻧسﺑﺔ ﻣﻌﺗﻧقي الدياﻧات الﻣﺧﺗﻠفﺔ ﺑـ %40 :ﺣيث
يوﺟد ﺣوالي 9000طائفﺔ ديﻧيﺔ ﺗسيطر ﻋﻠيﮭا الطائفات الﻣسيﺣيﺔ
األرثوذكسيﺔ ﺣيث ﺗوﺟد ﺣوالي 5000كﻧيسﺔ أرثوذكسيﺔ ﺗم
إﻋادة فﺗح وﺗرﻣيم ﻣﻌظﻣﮭا ﺑﻌد سقوط اﻹﺗﺣاد السوفياﺗي ﻋﻠى
رأسﮭا كﻧيسﺔ الﻣسيح الﻣﻧقذ في ﻣوسكو ،كﻣا ﺗوﺟد ﺣوالي 150
كﻧيسﺔ كاثوليكيﺔ ،في ﺣين يﻣثل الﺑروﺗسﺗاﻧت أقﻠيﺔ ﺑـ 2 :ﻣﻠيون
ﺑروﺗسﺗاﻧﺗي أﻣا اﻹسالم فيﺷكل ثاﻧي أكﺑر دياﻧﺔ في روسيا ﺑﺣوالي
19ﻣﻠيون ﻣسﻠم وھﻧاك أكثر ﻣن 800ﻣسﺟد ﺗﺗﻣركز ﻣﻌظﻣﮭا
في ﺟﻣﮭوريات اﻻﺗﺣاد الروسي
الﻣسﻠﻣﺔ ھي :ﺑﺷكيريا ،داﻏسﺗان ،كاﺑاردا ﺑالكاريا ،أوسيﺗيا
1
الﺷﻣاليﺔ ،ﺗﺗرسﺗان أﻧغوﺷيا والﺷيﺷان.
57
1 االﺗحاد الروسي
58
د .النظام السياسي لروسيا االﺗحادية:
يﻌﺗﺑر الكرﻣﻠين ﻣقر ﻋﻣل الرئيس الروسي .وفقا لﻠدسﺗور
الروسي ،فإن روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ دولﺔ فيدراليﺔ ذات ﻧظام ﺣكم ﺷﺑه
رئاسي ،ﺣيث أن رئيس الﺟﻣﮭوريﺔ ھو رئيس الدولﺔ ،ورئيس
الوزراء ھو رئيس الﺣكوﻣﺔ وﺗﺗﻣﺣور روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ أساسا
كدولﺔ ديﻣقراطيﺔ ﺗﻣثيﻠيﺔ ﻣﺗﻌددة األﺣزاب ،ﻣﻊ ﺣكوﻣﺔ فيدراليﺔ
ﻣكوﻧﺔ ﻣن ثالثﺔ سﻠطات
-السﻠطة الﺗشريﻌية :وﺗﺗكون ﻣن الﺟﻣﻌيﺔ اﻻﺗﺣاديﺔ وھي
ذات ﻧظام ﺗﺷريﻌي ثﻧائي ،يﺗكون ﻣن ﻣﺟﻠس الدوﻣا الذي يﺗكون
ﺑدوره ﻣن 450ﻋضوا ،و 166ﻋضوا لﻠﻣﺟﻠس اﻻﺗﺣادي .وﻣن
ﺻالﺣيات السﻠطﺔ الﺗﺷريﻌيﺔ :سن القواﻧين اﻻﺗﺣاديﺔ ،الﺗﺻديق
ﻋﻠى قرار رئيس الدولﺔ ﺑﺷأن إﻋالن الﺣرب ،الﻣوافقﺔ ﻋﻠى
الﻣﻌاھدات ،كﻣا لديه قوة الﻣال وسﻠطﺔ إقالﺔ الرئيس.
-السﻠطة الﺗنﻔيذية :وﺗﺗﻣثل في رئيس الﺟﻣﮭوريﺔ وھو
رئيس أركان الﺟيش له ﺣق ﻧقض ﻣﺷاريﻊ القواﻧين قﺑل أن ﺗﺻﺑح
قواﻧين ساريﺔ الﻣفﻌول ،كﻣا يﻌين ﻣﺟﻠس الوزراء ،والضﺑاط
اآلﺧرين ،الذين يديرون ويطﺑقون القواﻧين اﻻﺗﺣاديﺔ وسياساﺗﮭا.
-السﻠطة الﻘضائية :وﺗﺗكون ﻣن الﻣﺣكﻣﺔ الدسﺗوريﺔ،
والﻣﺣكﻣﺔ الﻌﻠيا ،وﻣﺣكﻣﺔ الﺗﺣكيم الﻌﻠيا ،والﻣﺣاكم اﻻﺗﺣاديﺔ
األدﻧى ،ويﺗم ﺗﻌيين القضاة ﻣن قﺑل الﻣﺟﻠس اﻻﺗﺣادي ﺑﻧاء ﻋﻠى
ﺗوﺻيﺔ ﻣن الرئيس ،ويﻣكﻧه ﺗفسير القواﻧين وإلغاء القواﻧين الﺗي
يروﻧﮭا ﻏير دسﺗوريﺔ.
يﺗم اﻧﺗﺧاب الرئيس ﺑاﻻقﺗراع الﺷﻌﺑي الﻣﺑاﺷر لوﻻيﺔ ﻣدﺗﮭا ست
سﻧوات وھو ﻣؤھل لﻠﺣﺻول ﻋﻠى فﺗرة رئاسيﺔ ثاﻧيﺔ فقط ،وﻻ
59
يﻣكﻧه الﺣﺻول ﻋﻠى فﺗرة ثالثﺔ .وﺗﺗكون وزارات الﺣكوﻣﺔ ﻣن
رئيس ﻣﺟﻠس الوزراء وﻣساﻋديه ووزرائه ،وﻏيرھم ﻣن
األﺷﺧاص الذين يﺗم ﺗﻌييﻧﮭم ﻣن قﺑل الرئيس ﺑﻧاء ﻋﻠى ﺗوﺻيﺔ ﻣن
رئيس الوزراء في ﺣين أن ﺗﻌيين ھذا األﺧير يﺗطﻠب ﻣوافقﺔ ﻣﺟﻠس
الدوﻣا.
أﻣا األﺣزاب السياسيﺔ الرائدة في روسيا فﺗﺷﻣل :روسيا
الﻣﺗﺣدة الﺣزب الﺷيوﻋي ،والﺣزب الﻠيﺑرالي الديﻣقراطي
الروسي ،وروسيا الﻌادلﺔ .أثارت ﺗساؤﻻت الﻣراقﺑين الغرﺑيين
ﺣول الﻧظام السياسي في روسيا ،ھل يﺗوافق ﻣﻊ ﻣثيالﺗه في
الديﻣقراطيات الﻠيﺑراليﺔ الغرﺑيﺔ .وﺷكا كثير ﻣن األكاديﻣيين ﻣن
ﺻﻌوﺑﺔ ﺗﺻﻧيف الﻧظام السياسي في روسيا .وفقا لسﺗيف وايت،
أن ﺑوﺗين ﺧالل فﺗرة رئاسﺗه لروسيا قال« :ﻣن الواضح أﻧه ليس
لروسيا ﻧيﺔ ﻹﻧﺷاء "الطﺑﻌﺔ الثاﻧيﺔ" ﻣن الﻧظام السياسي األﻣيركي
أو الﺑريطاﻧي ،ﺑل الﻧظام الذي كان أقرب إلى الﺗقاليد في روسيا
1
وظروفﻧا الﺧاﺻﺔ».
60
الﺗاريﺧيﺔ الراھﻧﺔ ،وإلى ﻧقاﺷات ﻣكثفﺔ ﻋﻠى الﻣسﺗويين الرسﻣي
والﻌام ﺣول قضايا ﻣﺣوريﺔ ﻣثل :ﻣا ھي روسيا؟ أين ﺗقﻊ روسيا؟
ﻣا الذي يﻌﻧيه أن ﺗكون روسيا؟
ھذه األسئﻠﺔ ليست ﻣﺟرد أسئﻠﺔ ﻧظريﺔ فقط ،ﺑل ﺟواﺑﮭا يﺣﻣل
دﻻﻻت ھاﻣﺔ ﺟدا ،فﮭل أن روسيا دولﺔ قوﻣيﺔ ﺗسﺗﻧد إلى ﻋرقيﺔ
روسيﺔ ﻣﺣضﺔ ،أم أﻧﮭا ﺗﺣﻣل في ﺗﻌريفﮭا دﻻﻻت أكﺑر ،ثم ﻣا ھي
الﺣدود الﺣقيقيﺔ لروسيا ﺗاريﺧيا ،وﺟغرافيا ،اسﺗراﺗيﺟيا وﻋرقيا؟
ھل يﺗوﺟب ﻋﻠى الﻣرء أن يكون ﻣن الﻌرق الروسي أي روسكي
لكي يكون روسيا أم ﺑوسﻊ الﻣرء أن يكون روسيا ﻋﻠى أساس
سياسي وليس ﻋرقي أي روساﻧين ،إن الدولﺔ الروسيﺔ ﺗﺟسد
"الفكرة والﺣﻠم الروسي" سياسيا واقﺗﺻاديا وروﺣيا ،سوف يﻌاد
ﺑﻧاؤھا ﻣن ﺟديد ،وسوف ﺗﺟﻣﻊ أفضل ﻣا ﺗﺑقى ﻣن ﻣﻣﺗﻠكاﺗﮭا الﺗي
داﻣت ألف ﻋام.
-الﻔوضﻰ الحزﺑية:
ﺑدأت إرھاﺻات الﺗﻌدديﺔ الﺣزﺑيﺔ في روسيا ﻋام 1989م
ﺣيث ﺗﻌرضت قيادات الﺣزب الﺷيوﻋي لضغوطات ﻣكثفﺔ
وﻣﺗزايدة ﻣن أﺟل إﺗاﺣﺔ الﻣزيد ﻣن ﺣريﺔ الﺗﻌﺑير ،وھذا ﻣن ﺧالل
ﺗﻌديل الﻣادة 07ﻣن دسﺗور 1977م والﺗي ﺗﻧص ﻋﻠى أن:
"الﺣزب الﺷيوﻋي ھو القوة القائدة الوﺣيدة في الﺑالد" وقد ﺗم إقرار
الﺗﻌديل ﻣن طرف الﻠﺟﻧﺔ الﻣركزيﺔ لﻠﺣزب الﺷيوﻋي في فيفري
1990واضﻌﺔ ﺑذلك ﺣدّا لـ 70سﻧﺔ ﻣن ﺣكم الﺣزب الواﺣد
والﺗي سﺑقﺗﮭا ﻋقود ﻣن الﺣكم القيﺻري األوﺗوقراطي األﻣر الذي
أدى إلى فوضى ﺣزﺑيﺔ كﺑيرة ﺣيث وﺻل ﻋدد األﺣزاب قﺑيل
61
اﻻﻧﺗﺧاﺑات الﺗﺷريﻌيﺔ 1993إلى ﺣوالي 40ﺣزﺑا سياسيا دﺧﻠت
في ﺗﺣالفات ﻧﺗﺟت ﻋﻧﮭا ﻣﺟﻣوﻋات ﺣزﺑيﺔ يﻣكن أن ﻧﺻﻧفﮭا إلى:
اﻹﺻالﺣيون الراديكاليون ويﻣثﻠون أﺣزاب اليﻣين.
القوﻣيون والﻣﺣافظون والﺷيوﻋيون ويﻣثﻠون أﺣزاب اليسار.
أﺣزاب الوسط.
أﺣزاب يﻣين الوسط.
أﺣزاب يسار الوسط.
وﻣا يالﺣظ ﻋﻠى ھذه األﺣزاب ھو كثرة األﺣزاب الﻣﺟﮭريﺔ
الﺗي ﻻ ﺗﺗﻣكن ﻣن ﺟﻣﻊ الﺣ ّد األدﻧى ﻣن الﺗوقيﻌات الﺗي ﺗسﻣح لﮭا
ﺑالﻣﺷاركﺔ في اﻻﻧﺗﺧاﺑات ،كذلك كثرة األﺣزاب الﺗي ﻻ يوﺟد لﮭا
ﺗﻣثيل في ﺟﻣيﻊ األقاليم كالﺣزب الديﻣقراطي الﻠيﺑرالي ﻣثال الذي
1
له فروع في ثﻠث األقاليم الروسيﺔ فقط.
-السياسة االقﺗصادية الروسية:
ﺑﻌد األزﻣﺔ اﻻقﺗﺻاديﺔ لسﻧﺔ 1998م اسﺗرﺟﻊ اﻻقﺗﺻاد
الروسي ﻋافيﺗه ﺣيث ﺗم ﺗسﺟيل إﻧﺟازات ﻣﻌﺗﺑرة ھذا ﺑالرﻏم ﻣن
ﺑﻌض اﻻضطراﺑات الﺑﻧيويﺔ واﻻﻋﺗﻣاد الكﺑير ﻋﻠى ﺗﺻدير الﻣواد
الطاقويﺔ ،وقﻠﺔ اﻻسﺗثﻣارات الﺧارﺟيﺔ الﻣﺑاﺷرة وﻋدم وﺟود
سياسﺔ واضﺣﺔ لﻠﺗﻧويﻊ اﻻقﺗﺻادي.
-اإلسﺗراﺗيجية الروسية المرﺗﻛزة عﻠﻰ الطاقة:
ﺗم ﺗسﺟيل ارﺗفاع ﻣﻠﺣوظ ﻻﺣﺗياطي الﺻرف الروسي ﺑالﻌﻣﻠﺔ
الﺻﻌﺑﺔ ،ﺑاﻹضافﺔ إلى ﺗﺣسن ألداء الﻣؤسسات اﻻقﺗﺻاديﺔ
وارﺗفاع الدﺧل الوطﻧي الﺧام ليﺑﻠغ 6880دوﻻر/فرد ،كذلك
62
ارﺗفﻌت وﺗيرة اﻻسﺗثﻣارات الﺣكوﻣيﺔ الﺷيء الذي ﻣن ﺷأﻧه ﺧﻠق
ﺟو ﻣالئم لالسﺗثﻣار الﺧارﺟي ،أﻣا ﻋن الﻧﻣو اﻻقﺗﺻادي فقد ﺑﻠغ
سﻧﺔ 2002ﻣا يﻌادل %4.7ليقفز سﻧﺔ 2003إلى %7.3وإلى
%7.1سﻧﺔ 2004و %5.8سﻧﺔ .2005ﻣا يسﻣح ﺑالﺣديث
ﻋن الرﺟوع الروسي إلى الساﺣﺔ اﻻقﺗﺻاديﺔ الدوليﺔ ﻏير أن ھذا
الرﺟوع ﺗم ﺑفﻌل اﻻرﺗفاع الذي ﺷﮭدﺗه أسﻌار الﺑﺗرول والغاز
ﺑاﻋﺗﺑارھﻣا يﺷكالن الﻣﺻدر اﻻسﺗراﺗيﺟي في الﺻادرات ،وھذا
ﻣن ﺧالل إﻧﺗاج ﺑﻠغ 7.3ﻣﻠيون ﺑرﻣيل/يوم ﻣن أوت 2003ﻣا
ﺟﻌل روسيا ﺗﺣﺗل الﻣرﺗﺑﺔ األولى في اﻹﻧﺗاج وثاﻧي أكﺑر ﻣﺻدر
لﻠﺑﺗرول الﺧام ،الﺷيء الذي يﺻﻧف روسيا ضﻣن قائﻣﺔ الدول
الﺑﺗروليﺔ ،ھذا ﺑالﻧظر إلى اﻹدارة السياسيﺔ الﻣﻌﻠﻧﺔ لرفﻊ إﻧﺗاﺟﮭا
إلى 150ﻣﻠيون طن ﻣﻊ ﺑدايﺔ 2020واﺣﺗالل ﻣرﺗﺑﺔ الﻣﻧﺗج
والﻣﺻدر األول لﻠطاقﺔ طوال القرن الواﺣد والﻌﺷرين.
كذلك ﺗﻌﺗﻣد اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ الروسيﺔ ﻋﻠى ھذه الﻣادة الﺣيويﺔ
لﺗسديد الديون الﺧارﺟيﺔ ﺑﺣيث ﺗذھب %50ﻣن الﻣداﺧيل لﮭذا
الغرض ،كذلك ﺗرﺗكز اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ الطاقويﺔ الروسيﺔ ﻋﻠى السوق
األوروﺑيﺔ ﺣيث ﺗزوده ﺑـ %50 :ﻣن ﺣاﺟياﺗه ﻣن الﺑﺗرول كوسيﻠﺔ
لﺗﻧويﻊ الزﺑائن وﻋدم الﺑقاء ﺗﺣت رﺣﻣﺔ الزﺑون األﻣريكي.
كذلك ﺗسﺗﺣوذ روسيا ﻋﻠى %26.7ﻣن اﺣﺗياطي الغاز في
الﻌالم وﺑالﺗالي فﮭي ﺗﻌﺗﺑر أول ﻣﻧﺗج لﻠغاز في الﻌالم ﺑﻧسﺑﺔ
%22.1ﻣن اﻹﻧﺗاج الﻌالﻣي الﺷيء الذي يﻌﺗﺑر ﺑﻣثاﺑﺔ ورقﺔ
راﺑﺣﺔ ﺑالﻧسﺑﺔ لﻠسياسيين الروسيين ﺧاﺻﺔ في الوقت الذي ﺗﻌرف
فيه ﻣﻧطقﺔ الﺷرق األوسط ﺣالﺔ ﻋدم اسﺗقرار ﻣزﻣن.
63
أﻋﻠن الرئيس ﺑوﺗين ﺑﺗاريﺦ 16ﻣاي " :2003ﺗطوير الرواﺑط
اﻻقﺗﺻاديﺔ ﻣﻊ دول كوﻣﻧويﻠث الدول الﻣسﺗقﻠﺔ ﺣيث يسﻌى ﺑوﺗين
إلى ﺗﺣويل األوراق الراﺑﺣﺔ اﻻقﺗﺻاديﺔ إلى ﻣكاسب دﺑﻠوﻣاسيﺔ
ﻏير أن ھذا اﻻﻋﺗﻣاد الﻣفرط ﻋﻠى الطاقﺔ قد ﺗكون له ﻋواقب
وﺧيﻣﺔ كﻣا يﺣﻣل ﻣﺻاﻋب كثيرة ﻋﻠى رأسﮭا قدم الﻣﻧﺷآت
الﺑﺗروليﺔ الﺗي ﺗسﺗدﻋي ﺻياﻧﺔ ﻣسﺗﻣرة ،و ﻋدم الﺟدوى
اﻻقﺗﺻاديﺔ في الﻌديد ﻣن الﺣقول الﺑﺗروليﺔ والغازيﺔ وﻧقص في
ھياكل وأﻧاﺑيب ﻧقل الﺑﺗرول .ﺑاﻹضافﺔ إلى ﺑﻌد الﻣسافﺔ ﺑين ﻣراكز
اﻻسﺗﺧراج وﻣواﻧئ الﺗﺻدير ،وﺗأثر الﺧزيﻧﺔ الﻌﻣوﻣيﺔ ﺑﺗقﻠﺑات
أسﻌار الﺑﺗرول ،األﻣر الذي يفرض ﻋﻠى روسيا اﻻھﺗﻣام
ﺑالقطاﻋات األﺧرى ﻣن أﺟل ﺟﻠب اﻻسﺗثﻣارات الﺧارﺟيﺔ
الﻣﺑاﺷرة ﺣيث ﺗركز الﺣكوﻣﺔ الروسيﺔ ﻋﻠى ﻣﺣورين اثﻧين ﻣﮭﻣين
ھﻣا:
-1إﺻالح القطاع الﻣﺻرفي.
2ﻣﺣارﺑﺔ اآلثار السﻠﺑيﺔ لﻠﺑيروقراطيﺔ اﻻقﺗﺻاديﺔ الﺧاﻧقﺔ.
وفي ھذا اﻹطار يﻣكن القول ﺑأن ﻋدم ﺗوفر آليات ﻣﻌيﻧﺔ لﺗﺷﺟيﻊ
ﺗدﻋيم الﻣؤسسات الﺻغيرة والﻣﺗوسطﺔ يﺑقى ﻣن أھم الﻌواﻣل
الﻣﻌيقﺔ الﺗي ﺗقف في وﺟه الرﺟوع الكاﻣل لروسيا إلى الواﺟﮭﺔ
1
اﻻقﺗﺻاديﺔ الﻌالﻣيﺔ.
64
:2المحددات الشخصية لﻔالديمير ﺑوﺗين.
أ من هو فالديمير ﺑوﺗين:
ھو الرئيس الﺣالي لﺟﻣﮭوريﺔ روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ .ولد في 7
ﺗﺷرين األول (أكﺗوﺑر) ﻋام 1952في ليﻧيﻧغراد (ساﻧت
ﺑطرسﺑورغ ﺣالياً) ﺧريج كﻠيﺔ الﺣقوق ﻣن ﺟاﻣﻌﺔ لﻧيﻧغراد في ﻋام
،1975وأدى ﺧدﻣﺗه الﻌسكريﺔ في ﺟﮭاز أﻣن الدولﺔ .وﻋﻣل في
ﺟﻣﮭوريﺔ ألﻣاﻧيا الﺷرقيﺔ ﺑالفﺗرة ﻣن .1990 – 1985ﺗولى
ﻣﻧﺻب ﻣساﻋد رئيس ﺟاﻣﻌﺔ ليﻧيﻧغراد لﻠﺷؤون الﺧارﺟيﺔ ﻣﻧذ ﻋام
،1990ثم أﺻﺑح ﻣسﺗﺷارا لرئيس ﻣﺟﻠس ﻣديﻧﺔ ليﻧيﻧغراد .ﺗولى
ﻣﻧﺻب رئاسﺔ لﺟﻧﺔ اﻻﺗﺻاﻻت الﺧارﺟيﺔ في ﺑﻠديﺔ ساﻧت
ﺑطرسﺑورغ (ليﻧيﻧغراد ساﺑقا) ﻣﻧذ يوﻧيو .1991وفي الوقت ﻧفسه
ﺗولى ﻣﻧﺻب الﻧائب األول لرئيس ﺣكوﻣﺔ ﻣديﻧﺔ ساﻧت
ﺑطرسﺑورغ ﻣﻧذ ﻋام .1994
ب – مسيرﺗه نحو الرئاسة:
أﺻﺑح ﻧائﺑا لﻣدير الﺷؤون اﻹداريﺔ في الرئاسﺔ الروسيﺔ ﻣﻧذ
أﻏسطس .1996ثم أﺻﺑح ﻧائﺑا لﻣدير ديوان الرئيس الروسي
ورئيسا ﻹدارة الرقاﺑﺔ الﻌاﻣﺔ في الديوان ﻣﻧذ ﻣارس 1997وفي
ﻣايو 1998أﺻﺑح ﻧائﺑا أول لﻣدير ديوان الرئيس الروسي .وﻋين
في يوليو 1998ﻣديرا لﺟﮭاز األﻣن الفيدرالي في روسيا
اﻻﺗﺣاديﺔ .وﺗولى في الوقت ﻧفسه ﻣﻧﺻب أﻣين ﻣﺟﻠس األﻣن في
روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ ﻣﻧذ ﻣارس .1999وفي أﻏسطس 1999أﺻﺑح
رئيسا ً لﺣكوﻣﺔ روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ وذلك ﺑاﺧﺗيار ﻣن الرئيس ﺑوريس
يﻠﺗسن .ﺗولى اﺧﺗﺻاﺻات رئيس روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ ﺑالوكالﺔ ﻣﻧذ
31ديسﻣﺑر 1999ﺑﻌد اسﺗقالﺔ الرئيس ﺑوريس يﻠﺗسن .واﻧﺗﺧب
65
في 26ﻣارس 2000رئيسا لروسيا اﻻﺗﺣاديﺔ .وﺗولى ﻣﻧﺻﺑه
في 7ﻣايو .2000وأﻋيد اﻧﺗﺧاﺑه لﻠرئاسﺔ في 14ﻣارس 2004
وﺷغل ﻣﻧذ 8ﻣايو ﻋام 2008ﻣﻧﺻب رئيس وزراء روسيا
اﻻﺗﺣاديﺔ.
ج رئاسة روسيا:
سا لﺟﻣﮭوريﺔ روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ في أﻋيد اﻧﺗﺧاﺑه لفﺗرة ثالثﺔ رئي ً
4ﻣارس 2012وﺑﻌد فرز % 88.06ﻣن األﺻوات ﺗﺑين
ﺣﺻوله ﻋﻠى % 64.72ﻣن األﺻوات ،وھو ﻣا ﻻ يﺟﻌل ھﻧاك
ﺣاﺟﺔ إلى ﺟولﺔ ثاﻧيﺔ ﻣن اﻻﻧﺗﺧاﺑات ﺣيث يﺷﺗرط القاﻧون ﺣﺻول
الفائز ﻋﻠى أكثر ﻣن % 50لﻠفوز ﺑاﻻﻧﺗﺧاﺑات ﻣن الﻣرﺣﻠﺔ
األولى .وكاﻧت ﺟﮭات ﻣن الﻣﻌارضﺔ قد اﺗﮭﻣﺗه ﺑﺗزوير اﻻﻧﺗﺧاﺑات
وﺧرﺟت ﻋﻠى إثرھا ﻣظاھرات ﻋدة .كﻣا ﺣﺻل ﻋﻠى الﻣركز
ﺗأثيرا
ً األول في قائﻣﺔ ﻣﺟﻠﺔ فوريس ألكثر الﺷﺧﺻيات الﻌالﻣيﺔ
1
ﻋام .2013
د آراء ﺑﻌض المﻔﻛرين في شخصيﺗه:
يقول نيﻛوالي ﻛوزهانوف ﻋﻧه " :يؤﻣن ﺑﻌض الﻣﺣﻠﻠين ﺑأن
ﻋودة ﺑوﺗين إلى الرئاسﺔ في الساﺑﻊ ﻣن أيار /ﻣايو سوف ﺗقود ﺣﺗﻣا ً
إلى ﺗقويﺔ ﻣوقف ﻣوسكو ﺣول قضيﺗين رئيسﺗين :الﺑرﻧاﻣج الﻧووي
اﻹيراﻧي والﺗدﺧل الﻌسكري الﻣﺣﺗﻣل في سوريا .إن السيﻧاريو
األسوأ الﻣطروح ﺣﺗى اآلن يدل ضﻣﻧيا ً ﻋن وﺟود ﺗﺣالف ﺷيطاﻧي
ﻣﻊ طﮭران ووﺟود دﻋم ﻣﻌﻧوي وﻋسكري وسياسي كاﻣل لﻧظام
ﺑﺷار األسد في دﻣﺷق .وﺗﻌود ﺟذور ﻣثل ھذه الﺗكﮭﻧات إلى
الﺗﺻور الﺷائﻊ ﺑأن ﺑوﺗين ھو ﻣن الﻣﺗﺷددين ،واﻻفﺗراض ﺑأن
66
ﻋالقاﺗه الﻣﺗوﺗرة ﻣﻊ الغرب ھي ﻧﺗاج ﻋﻣﻠه ضاﺑطا ً ساﺑقا ً في ﺟﮭاز
اﻻسﺗﺧﺑارات السوفيﺗيﺔ كي ﺟي ﺑي والذي ﻻ يزال يسﻌى إلى
اسﺗﻌادة ﻣكاﻧﺔ ﺑالده ﺑﻌد ھزيﻣﺔ اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي في "الﺣرب
الﺑاردة" .ويﺑدو أن ھذه الﺗوقﻌات السﻠﺑيﺔ ﻣﺑالغ فيﮭا .ففي الساﺑﻊ
ﻣن آذار /ﻣارس طرح الﺻﺣفيون ﻋﻠى ﺑوﺗين أسئﻠﺔ ﻋﻣا إذا كان
وﺻوله لﻠرئاسﺔ سيغير ﻧﮭج ﻣوسكو ﺗﺟاه إيران وسوريا .فكاﻧت
اﻹﺟاﺑﺔ الﻣوﺟزة والﺗأكيديﺔ الﺗي قالﮭا ﺑأسﻠوﺑه الﻣقﺗضب الﻣﻌﮭود
"ﻻ".
أﻋﻠن ﺑوﺗين ﻋدة ﻣرات أثﻧاء ﺗوليه ﻣﻧﺻب رئيس الوزراء ﺗﺣت
قيادة ديﻣﺗري ﻣيدفيديف ﺑأن الرئيس ھو ﻣن يقرر سياسﺔ روسيا
الﺧارﺟيﺔ وليس رئيس الوزراء .والواقﻊ أن ﻣيدفيديف ﺑدا وكأﻧه
يﺗﻣﺗﻊ ﺑﺣريﺔ الﺗﺻرف ﺧالل ﺗوليه الﻣﻧﺻب ،ﺣيث اﺗﺑﻊ ﻧﮭﺟا ً
ليﺑراليا ً إلى ﺣد ﻣا ﺗﻣيز ﺑإﻋادة ﺗرﺗيب الﻌالقات األﻣريكيﺔ الروسيﺔ
وﺗﺣقيق درﺟﺔ ﻣن الﺗقارب ﻣﻊ الدول األوروﺑيﺔ والﺗوﺻل إلى
ﺗسويﺔ ﻣﻊ الغرب ﺑﺧﺻوص ليﺑيا فضالً ﻋن الفﺗور الﺷديد في
الﻌالقات ﻣﻊ طﮭران .وقد ﺗﻧاقض ذلك ﺑﺷكل ﺣاد ﻣﻊ فﺗرات ﺑوﺗين
الرئاسيﺔ الﺗي ﻧﺗذكر ﻣﻧﮭا ﺟيدا ً زيادة ﺣدة الﺗوﺗرات ﻣﻊ واﺷﻧطن
والﺗﺣسن الكﺑير في الﺣوار الروسي اﻹيراﻧي في الفﺗرة 2007
.2008وﻋﻠى الرﻏم ﻣن كل ذلك ،كان ھﻧاك إﺣساس قوي ﺑأن
1
رئيس الوزراء ﺑوﺗين ظل ﻣسيطرا ً ﻣن وراء الكواليس".
67
:3ﺗأثير شخصية ﺑوﺗين في صنﻊ الﻘرار في روسيا:
أ ـ صالحيات مؤسسة الرئاسة:
ُ
أﺑرزھا ﺗﺗسم ﻣؤسسﺔ الرئاسﺔ في روسيا ﺑﺻالﺣيات واسﻌﺔ،
إﻋالن الﺣرب والسﻠم ،يﻣﻧﺣﮭا الدسﺗور لﻠرئيس الﺣائز ﻋﻠى ُ
األﻏﻠﺑيﺔ في اقﺗراع ﻋام كان يﺟري كل أرﺑﻊ سﻧوات ﻣﻧذ ﺗولي
أول رئيس في روسيا ﺑوريس يﻠﺗسين الﻣﻧﺻب وﺣﺗى اﻻﻧﺗﺧاﺑات
الرئاسيﺔ األﺧيرة الﺗي ﺗﻣﻧح الرئيس وﻻيﺔ ﺗﻣﺗد لست سﻧوات ،ﻣﻊ
ﺑرلﻣان ﺗﺗﺣدد دورﺗه ﺑﺧﻣس سﻧوات.فالرئيس يﻣﺗﻠك ﺻالﺣيﺔ
إﻋالن الﺣرب ،والﺗﻌﺑئﺔ الﻌاﻣﺔ،وﺣل الﺑرلﻣان ،وﺗﻌيين رئيس
الوزراء وﺣكوﻣﺗه ،ويﺗولى الرئيس ﻣﻠف السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ،
والﻣﺻادقﺔ ﻋﻠى اﻧﺗﺧاﺑات ﺣكام األقاليم وﺟﻣﮭوريات الﺣكم الذاﺗي
في روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ .وﺗﺷﻣل ﺻالﺣيات الرئيس إﻋالن الﻌفو
وﻣﻧح األوسﻣﺔ والﺟوائز وﻏيرھا ﻣن الﺻالﺣيات ﺑﻣا في ذلك
ﺗرﺷيح كﺑار ﻣوظفي الدولﺔ ورؤساء الﻣؤسسات أو إﻋفائﮭم ﻣن
1
ﻣﻧاﺻﺑﮭم.
لم يرفض ﺑوﺗين ﺑﺷكل كاﻣل ﻣطﻠقا ً فكرة أن الﻌديد ﻣن قرارات
السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﺟاءت في الواقﻊ ﻣن ﺧالل ﻣﺷاركﺗه الﺻريﺣﺔ.
ففي آذار /ﻣارس ﻋﻠى سﺑيل الﻣثال ،ﻋﻧدﻣا قال إﻧه لن يغير ﻣسار
روسيا ﺑﺷأن إيران وسوريا ،ذكر كذلك أﻧه رﻏم أن الرئيس يقرر
السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ،إﻻ أن ھﻧاك ﻣسائل رئيسيﺔ ﺗﺧضﻊ لﻠﻣﻧاقﺷﺔ
داﺧل ﻣﺟﻠس األﻣن .وأضاف أﻧه وﻣيدفيديف يﺗفقان ﺣول القضايا
الرئيسيﺔ رﻏم وﺟود ﺑﻌض اﻻﺧﺗالفات.
68
ﺣﺗى في ظل ﺷغل ﺑوﺗين لﻣﻧﺻب رئيس الوزراء فإﻧه سﻌى
إلى السيطرة الرسﻣيﺔ ﻋﻠى أيﺔ قضايا سياسيﺔ ﺗقﻊ ضﻣن ﻧطاقه
القاﻧوﻧي .وقد كان ذلك ھو الوضﻊ ﻣﻊ ﻣﺣطﺔ ﺑوﺷﮭر الﻧوويﺔ
ووﺟود ﻋﻣالق الﺻﻧاﻋﺔ الﻧوويﺔ الروسي روساﺗوم في إيران.
وكان رئيس الﺷركﺔ سيرﻏي كيريﻧكو يرفﻊ ﺗقارير ﺷﺧﺻيﺔ إلى
ﺑوﺗين ﺑﺷأن إﻧﺷاء ﻣﺣطﺔ ﺑوﺷﮭر ،وفي ﺗﺷرين الثاﻧي /ﻧوفﻣﺑر
،2011ﺗﻠقى ﻣوافقﺔ رئيس الوزراء لالسﺗﻣرار في الﺗﻌاون ﻣﻊ
إيران في ﻣﺷاريﻊ ﻧوويﺔ أﺧرى.
أكثر ﻣن ذلك فقد كان الالﻋﺑون الرئيسيون الﻣسؤولون ﻋن
ﺻياﻏﺔ وﺗﻧفيذ سياسﺔ روسيا الﺧارﺟيﺔ أثﻧاء فﺗرة وﻻيﺔ ﻣيدفيديف
ُﻣﻌيﻧين ﻣن قﺑل ﺑوﺗين .وقد ﺷﻣل ذلك الﻣساﻋد الرئاسي الذي يﺗﻣﺗﻊ
ﺑﻧفوذ كﺑير سيرﻏي ﺑريﺧودكو ،ووزير الﺧارﺟيﺔ سيرﻏي
ﻻفروف ورئيس ھيئﺔ اﻻسﺗﺧﺑارات الﺧارﺟيﺔ ﻣيﺧائيل فرادكوف
وﻏيرھم ﻣن الالﻋﺑين الكﺑار في السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ .1
ب ـ أولويات السياسة الخارجية الروسية في عهد ﺑوﺗين:
1المرحﻠة اﻷولﻰ ( )2004 2000فﺗرة عهدﺗه اﻷولﻰ:
لقد ﺑدأت ﻣالﻣﺣﮭا ﺑالظﮭور ﺣﺗى قﺑل ﺗﻌيين ﺑوﺗن رئيسا ،ﺣيث
أولى اھﺗﻣاﻣا كﺑيرا ﺑﺗطوير ﻋالقﺔ روسيا ﻣﻊ الغرب ﻣﻌﺗﻣدا ﺑذلك
ﺧيار اﻻسﺗﻣراريﺔ ﻣﻊ دﺑﻠوﻣاسيﺔ يﻠﺗسين ﺣيث كان يدﻋو كﺑار
الﻣسؤولين الغرﺑيين أﻣثال الﻠورد ﺟورج روﺑرﺗسون األﻣين الﻌام
لﺣﻠف الﻧيﺗو ساﺑقا في ﻣﺣاولﺔ ﺗﮭدف إلى إﻋادة إﺣياء الﻌالقات ﻣﻊ
ھذا الﺣﻠف وھذا ﻋﻠى الرﻏم ﻣن ﻣﻌارضﺔ الﺟيش لﮭذا الﺗقارب،
كذلك دﻋا رئيس الوزراء الﺑريطاﻧي األسﺑق ﺗوﻧي ﺑﻠير إلى سان
69
ﺑطرسﺑرغ وأقﻧﻌه ﺑﻧيﺗه في إقاﻣﺔ ﻋالقات أكثر دفئا ﺑين روسيا
والغرب وإلى إﻋادة ﺑﻧاء ﺟسور الثقﺔ الﺗي ھدﻣﺗﮭا طائرات ﺣﻠف
األطﻠسي ﻣﻊ ھﺟوﻣﮭا ﻋﻠى كوسوفو 1999م.
ھذا وقد سﻌى الﺧطاب الرسﻣي إلى الﺗرويج لفكرة "الﻌالم
ﻣﺗﻌدد األقطاب" الﺗي ﺟاء ﺑﮭا يفغيﻧي ﺑريﻣاكوف ﻣﻊ ﻣراﻋاة ﻋدم
إثارة ﺗوﺗرات ﻣﻊ الغرب ،ﺧاﺻﺔ وأن الﺑالد ﺧرﺟت لﺗوھا ﻣن
أﺻﻌب األزﻣات اﻻقﺗﺻاديﺔ لفﺗرة ﻣا ﺑﻌد اﻻﺗﺣاد السوفياﺗي وھي
"أزﻣﺔ "1998الﺗي ﺷﮭدت اﻧﮭيارا رھيﺑا ﺗﺑﻌه اﻧﺧفاض لألسﮭم
الروسيﺔ واﻧﮭيار سﻌر ﺻرف الروﺑل ﺣيث كان 1دوﻻر=
5400روﺑل وﻣا ﺗﺑﻊ ذلك ﻣن ﺑطالﺔ وﺗدھور لﻣسﺗوى الﻣﻌيﺷﺔ
وﻋﺟز في الﻣيزاﻧيﺔ…الﺦ ،ﺑﻣا ﻻ يسﻣح لروسيا ﺑارﺗكاب أي
أﺧطاء في سياسﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ وأكثر ﻣن ذلك السﻌي لﻌدم الدﺧول
في ﺻراع ﻣﻊ أي ﻣن الدول الغرﺑيﺔ.
2المرحﻠة الثانية ( )2008 2004فﺗرة الﻌهدة الثانية:
ظﮭرت ﻣالﻣﺣﮭا ﻣﻊ إﻋادة ﺗﻧﺻيب ﺑوﺗين لﻠﻣرة الثاﻧيﺔ ﻋﻠى
رأس ھرم السﻠطﺔ في روسيا ﺑﻌد اﻧﺗﺧاﺑات الـ 14آذار 2004
الﺗي ﺷارك فيﮭا % 64.3ﻣن الﻧاﺧﺑين فاز ﺧاللﮭا ﺑوﺗين ﺑـ:
% 71.2ﻣن األﺻوات ﻣظﮭرة ﺑذلك دﻋﻣا ﺷﻌﺑيا قويا لﺑوﺗين
وسياسﺗه.
وقد ﺗﻣيزت الﻌﮭدة الثاﻧيﺔ ﻣن ﺣكم ﺑوﺗين ﺑﺗدھور الﻌالقات ﺑين
روسيا والدول الغرﺑيﺔ ﺑﺻفﺔ ﻋاﻣﺔ وﻣﻊ الو.م.أ ﻋﻠى وﺟه
الﺧﺻوص ولﻌل ذلك يرﺟﻊ إلى ﺗﺷاﺑك الﻌديد ﻣن الﻌواﻣل
والظروف كالﺗﻧاقضات الواضﺣﺔ داﺧل الﻣﺟﺗﻣﻌات الغرﺑيﺔ فيﻣا
يﺧص ﻣسألﺔ دﻋم روسيا واﻋﺗﺑارھا دولﺔ ﻏريﺑﺔ ،وﺧيﺑﺔ أﻣل
70
ﻣوسكو ﺑﺷأن ﻣدى ﺻدق ﻧوايا الﻌواﺻم الغرﺑيﺔ في ﻣرافقﺔ ودﻋم
الﺗﺣوﻻت في روسيا ،وكذا الﺣرب األﻣريكيﺔ في الﻌراق ،والقﻠق
األﻣريكي الرسﻣي ﻣن ﺗﻧاﻣي القوة الروسيﺔ واﻧﺗﮭاكﮭا لﺣقوق
الﻣﻠكيﺔ الﺧاﺻﺔ ،واﺗﺑاﻋﮭا سياسات ﺣﻣائيﺔ ﺣيث اﺗﮭم ﺑوﺗين ﺑأﻧه
رئيس ﺷيوﻋي ﺑثوب ليﺑرالي ،وﻣﻌاد لالقﺗﺻاد الﺣر.
ولﻌل ﻣا زاد الطين ﺑﻠﺔ ھو اﺗﮭام السيﻧاﺗور األﻣريكي ﺟون
ﻣاكين وﻋضو الكوﻧغرس ﺗوم ﻻﻧﺗوس لروسيا في ﺧريف 2003
ﻋﻠى أﻧﮭا" :ﻧظام اسﺗﺑدادي ﺗسﻠطي" كذلك الﺗﺻريﺣات الﺗي أطﻠقﮭا
كاﺗب الدولﺔ لﻠﺧارﺟيﺔ كولين ﺑاول في 26كاﻧون الثاﻧي 2004
والﺗي ﻧﺷرﺗﮭا ﺻﺣيفﺔ إزفيسﺗيا الروسيﺔ ﺣيث ﺻرح ﺑﻣايﻠي" :لقد
ﺟﻌﻠﺗﻧا ﺑﻌض الﺗطورات في الﺣياة السياسيﺔ الروسيﺔ وفي سياسﺗﮭا
الﺧارﺟيﺔ ﻧﻌيد ﺣساﺑاﺗﻧا ﻣن ﺟديد إن الﻧظام الديﻣقراطي في
روسيا ،كﻣا يﺑدو لﻧا لم يﺣقق ﺑﻌد الﺗوازن الضروري ﺑين السﻠطات
الﺗﻧفيذيﺔ والﺗﺷريﻌيﺔ والقضائيﺔ ،كﻣا أن السﻠطﺔ ﻣا ﺗزال ﻏير
ﻣﻠﺗزﻣﺔ ﺑﺷكل كاﻣل ﺑالﻣﻌايير القاﻧوﻧيﺔ ،أﻣا األطراف األساسيﺔ في
الﻣﺟﺗﻣﻊ الﻣدﻧي الروسي ﻣن وسائل إﻋالم وأﺣزاب سياسيﺔ فﮭي
ليست ﻣسﺗقرة وﻻ ﻣسﺗقﻠﺔ إلى ﺣد اآلن ،وﻧﺣن قﻠقون إزاء سياسﺔ
روسيا الداﺧﻠيﺔ في الﺷيﺷان ،ﺑاﻹضافﺔ إلى سياسﺗﮭا ﺗﺟاه ﺟيراﻧﮭا
الذين كاﻧوا ذات يوم ﺟزءا ﻣن اﻻﺗﺣاد السوفياﺗي" .ولﻌل كل ھذه
الﺗوﺗرات ﺗم أﺧذھا ﺑﻌين اﻻﻋﺗﺑار أثﻧاء وضﻊ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ
الﺟديدة لروسيا ،وكان ذلك في اﺟﺗﻣاع لﻠرئيس ﺑوﺗين ﻣﻊ السفراء
الروس في كل الﻌالم ﺑﺗاريﺦ 12ﺗﻣوز 2004وضﻊ فيه
اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ الروسيﺔ في السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ،ھذه اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ
ﺗضﻣﻧت 5ﻧقاط أساسيﺔ وھي:
71
اﻋﺗﻣاد السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ كأداة ﻣن أدوات ﺗطوير الﺑالد.
أولويﺔ الﻌالقات ﻣن دول الﺧارج القريب.
الﺣرص ﻋﻠى إقاﻣﺔ ﻋالقات ﻣﺗوازﻧﺔ ﻣﻊ أوروﺑا وﺣﻠف الﻧيﺗو.
الﺣاﺟﺔ إلى الﺷراكﺔ ﻣﻊ الو.م.أ.
الﺑدء ﺑالﺗﻌاون ﻣﻊ الدول الواقﻌﺔ في الساﺣل اآلسياوي ﻣن
الﻣﺣيط الﮭادي ﺑﮭدف ﺗطوير سيﺑريا.
ھذه الﻧقاط الﺧﻣس ﺗﺣﻣل في طياﺗﮭا الﻌديد ﻣن الدﻻﻻت ﺣيث
أﺻﺑﺣت السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ في ﻋﮭد ﺑوﺗين أكثر ﺗﺣديدا ووضوﺣا،
ﻣن ﺧالل:
ﺗراﺟﻊ الكرﻣﻠن ﻋن فكرة اﻻﻧدﻣاج في الﻣﺟﻣﻊ األوروﺑي ﻋﻠى
األقل في الﻣدى القريب.
– الﺗﺣرر ﻣن ﻋقدة الﮭويﺔ الﻣﺗﻣثﻠﺔ في اﻻﻧﺗﻣاء الروسي ھل
يكون ضﻣن الﺣضارة الغرﺑيﺔ أم الﺷرقيﺔ.
– الﻠﺟوء إلى سياسﺔ أكثر واقﻌيﺔ ﺗﺣاول إﺣداث ﺗوازن ﺑين
الطﻣوﺣات الكﺑيرة لروسيا وإﻣكاﻧاﺗﮭا الﺗي ﺗﺑقى ﻣﺣدودة.
– ﻣﺣاولﺔ اﻻﺑﺗﻌاد ﻋن فكرة الﻣواﺟﮭﺔ ﻣﻊ الغرب وﺗكثيف
الﺟﮭود الراﻣيﺔ إلى ضﻣان دور ﻣﮭيﻣن لروسيا ﻋﻠى ﺧارﺟﮭا
القريب .1
3المرحﻠة الثالثة ( )2014 2012فﺗرة الﻌهدة الثالثة:
يﻣكن القول إن أھم أھداف السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ في ھذه
الﻣرﺣﻠﺔ ﺗﺗﻣثل فيﻣا يﻠي:
72
ـ إضفاء الطاﺑﻊ القوﻣي ﻋﻠى السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ،
والﺗأكيد ﻋﻠى ضرورة اسﺗرداد روسيا الﻣكاﻧﺔ الﺗي افﺗقدﺗﮭا ﻣﻧذ
قياﻣﮭا ،وإﻧﮭاء اﻻﻧفراد األﻣريكي ﺑﻣوقﻊ القﻣﺔ .وﺣسب رؤيﺔ
القيادة الروسيﺔ ،فيﺟب إﺗﺑاع ﺧطﺔ إسﺗراﺗيﺟيﺔ وﻋقالﻧيﺔ ﺗفضي
إلى إﺣالل الﺗﻌدديﺔ القطﺑيﺔ ﻣﺣل ھذا اﻻﻧفراد ،وﻋﻠى ﻧﺣو يﺗﻧاسب
أكثر واﺗﺟاھات الﻌالم الﺟديد.
ـ السﻌي إلى ﻋالقات ﻣﺗﻣيزة وﺗﻌاون إسﺗراﺗيﺟي ﻣﻊ أﺻدقاء
اﻻﺗﺣاد السوفييﺗي الساﺑقين ﻻ سيﻣا الﮭﻧد وإيران والﺻين.
ـ اﻻﺗفاق ﻣﻊ دول الﺟوار اﻹقﻠيﻣي ﺣول كيفيﺔ إقرار السالم
واﻻسﺗقرار في الﻣﻧطقﺔ.
ـ الواقﻌيﺔ في الﺗفكير ،وزيادة الﺗﻌاون وﺗﻌزيز الﻌالقات ﻣﻊ
كوﻣﻧولث الدول الﻣسﺗقﻠﺔ.
ـ السﻌي إلى ﺗﻌزيز الﻧفوذ الروسي في الفضاء السياسي لالﺗﺣاد
السوفييﺗي الساﺑق.
ـ ﻣﻧﻊ اﻧﺗﺷار الﺻراﻋات السياسيﺔ والﻌسكريﺔ الﻣؤديﺔ لﻌدم
اﻻسﺗقرار ﺑآسيا الوسطى.
ـ ﺗﻌزيز الديﻣقراطيﺔ في روسيا
وكان ﻣن أھم الﺧطوات الﺗي اﺗﺧذھا ﺑوﺗين لﺗقويﺔ سياسﺔ ﺑالده
الﺧارﺟيﺔ في ﻣواﺟﮭﺔ القوى الﻌالﻣيﺔ الكﺑرى األﺧرى اﻧدﻣاج
روسيا في الﻌديد ﻣن ﻧﺷاطات السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﻣثل ﻣﺟﻣوﻋﺔ
الدول الﺻﻧاﻋيﺔ الثﻣاﻧي الكﺑرى وﻣﻧﺗدى آسيا ﺑاسيفيك لﻠﺗﻌاون
73
اﻻقﺗﺻادي ،وراﺑطﺔ األﻣم لﺟﻧوب ﺷرق آسيا ،وﻣؤﺗﻣرات القﻣﺔ
1
الروسيﺔ ﻣﻊ اﻻﺗﺣاد األوروﺑي ...إلﺦ.
74
الدولي ،ﺑاﻹضافﺔ إلى اقﺗراب الﺑﻧى الﻌسكريﺔ الﺗﺣﺗيﺔ لﻠدول
األﻋضاء في الﻧاﺗو ﻣن الﺣدود الروسيﺔ ﺑﻣا في ذلك ﻋن طريق
ﺗوسيﻊ الﺣﻠف الﻣسﺗقﺑﻠي.
وضم ﻧص الﻌقيدة الﻌسكريﺔ الروسيﺔ الﺟديدة إلى األﺧطار
الﻌسكريﺔ الﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ﻋﻠى روسيا ،إقاﻣﺔ وﻧﺷر ﻣﻧظوﻣﺔ الدفاع
الﺻاروﺧي في أوروﺑا ،والﺗي ﺗقوض اﻻسﺗقرار الﻌالﻣي وﺗﻧﺗﮭك
ﻣيزان القوة الﺻاروﺧيﺔ والﻧوويﺔ القائم وﺗﺣقيق ﻋقيدة "الضرﺑﺔ
الﻌالﻣيﺔ" والسﻌي إلى ﻧﺻب األسﻠﺣﺔ في الفضاء وأيضا ﻧﺷر
ﻣﻧظوﻣات أسﻠﺣﺔ إسﺗراﺗيﺟيﺔ ﻏير ﻧوويﺔ فائقﺔ الدقﺔ.
وﻣن ﺑين األﺧطار الﻌسكريﺔ الﺗي أكدت ﻋﻠيﮭا الﻌقيدة الﻌسكريﺔ
الروسيﺔ ﻣﺟددا ﻧﺷر وزيادة القوات األﺟﻧﺑيﺔ في الدول والﻣياه
الﻣﺟاورة " ،ﺑﮭدف الضغط السياسي والﻌسكري ﻋﻠى روسيا"،
ﻋالوة ﻋﻠى ذلك ضﻣت قائﻣﺔ األﺧطار الﻌسكريﺔ الﺧارﺟيﺔ ﻋﻠى
روسيا ،اسﺗﺧدام القوة الﻌسكريﺔ في أراضي دول الﺟوار في
اﻧﺗﮭاك لقواﻋد القاﻧون الدولي ،وظﮭور ﺑؤر لﻠﻧزاﻋات الﻌسكريﺔ
ھﻧاك وﺗﺻﻌيدھا ،وأيضا إقاﻣﺔ أﻧظﻣﺔ في الدول الﻣﺟاورة ﺗكون
سياسﺗﮭا ﻣﮭددة لﻠﻣﺻالح الروسيﺔ .وﺗضﻣﻧت الﻧسﺧﺔ الﺟديدة
لﻠﻌقيدة الﻌسكريﺔ الروسيﺔ ﻣن ﺑين األﺧطار الﺧارﺟيﺔ أيضا
"الﻣطالﺑﺔ ﺑأراضي ﻣن روسيا وﻣن ﺣﻠفائﮭا ،والﺗدﺧل في ﺷؤوﻧﮭم
الداﺧﻠيﺔ".
اﺣﺗوت الوثيقﺔ الﺟديدة أيضا ﻋﻠى 14ﺧطرا ﻋسكريا ﺧارﺟيا
أساسيا ﻋﻠى روسيا ،ﺑﻣا في ذلك ﻧﺷاطات أﺟﮭزة اﻻسﺗﺧﺑارات
والﻣﻧظﻣات األﺟﻧﺑيﺔ الﻣﺧرﺑﺔ ،والﺗﮭديدات الﻣﺗﺻاﻋدة لﻠﺗطرف
75
واﻹرھاب في ظروف ﻋدم كفايﺔ الﺗﻌاون الدولي في ھذا الﻣﺟال،
وأيضا اﻧﺗﺷار أسﻠﺣﺔ الدﻣار الﺷاﻣل والﺻواريﺦ وﺗقﻧياﺗﮭا.
76
دول أﻋضاء الﻣؤسسات الدوليﺔ الﺗاليﺔ :وفي ﻣقدﻣﺗﮭا ﻣﻧظﻣﺔ
ﻣﻌاھدة األﻣن الﺟﻣاﻋي وراﺑطﺔ الدول الﻣسﺗقﻠﺔ وﻣﻧظﻣﺔ ﺷﻧغﮭاي
لﻠﺗﻌاون وكذلك األﻣم الﻣﺗﺣدة ﺑاﻹضافﺔ إلى الﮭيئات الدوليﺔ
واﻹقﻠيﻣيﺔ األﺧرى.
ويﺗﻣثل الﺗﻌاون ﺑيﻧﮭا وﺑين روسيا في إﺷراك قواﺗﮭا الﻣسﻠﺣﺔ
في اﻹﺷراف ﻋﻠى ﻋﻣﻠيات ﺣفظ السالم الﻣﺧﺗﻠفﺔ وﺗﻧسيق الﺟﮭود
الﮭادفﺔ إلى إﻧﺷاء وﺗﻧفيذ ﻣﺷاريﻊ في ﻣﺟال ﺗطوير القوات الﻣسﻠﺣﺔ
الوطﻧيﺔ وضﻣان األﻣن واﻻسﺗقرار في الﻌالم.
- 1ﺑوﺗين يﺻدق ﻋﻠى الﺻيغﺔ الﺟديدة لﻠﻌقيدة الﻌسكريﺔ الروسيﺔ ،ﺗقرير
لقﻧاة روسيا اليوم ،ﺗاريﺦ الﻧﺷر| GMT 13:33 | 2014 .12 .26:
ﻋﻠى الراﺑط http://arabic. rt. com/news/769202 /
77
القوى الﻌالﻣيﺔ ،كﻣا ﺗﻣثل ھذه الﻣﻧطقﺔ «الﺑطن الرﺧو» ﺑﺗﻌﺑير
ﺑرﺟيﻧسكي في األﻣن القوﻣي الروسي وﺑاﻋﺗﺑار ھذه الدول ھي
ﺟﻣﮭوريات سوفيﺗيﺔ ساﺑقا فإن اسﺗﻌادة الﻧفوذ الروسي فيﮭا ﻣث ّل
أولويﺔ ﺷديدة ﻋﻠى رأس أولويات السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ ،ألن
ﻣوسكو اﻋﺗﺑرﺗﮭا ﺗقﻊ ضﻣن الدائرة الﺣﻣراء لﻣﺻالﺣﮭا القوﻣيﺔ
وﺑسﺑب الﻣزايا اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ واﻻقﺗﺻاديﺔ والسياسيﺔ لﮭذه الﻣﻧطقﺔ.
فقد رﺷﺣت ﺑأﻧﮭا سﺗكون ساﺣﺔ لﺣرب ﺑاردة ﺟديدة وقد ﺗكون
ساﺧﻧﺔ ﺑين الدول الكﺑرى وﻋﻠى رأسﮭا الوﻻيات الﻣﺗﺣدة األﻣريكيﺔ
وروسيا ﺧاﺻﺔ ﻣﻊ الفراغ اﻻسﺗراﺗيﺟي والﺗﺣوﻻت اﻹقﻠيﻣيﺔ في
ھذه الﻣﻧطقﺔ ،فقد أطﻠق دارسو اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ ﻋﻠى ھذا الﺗﻧافس
ﺑالﻣﺑاراة الكﺑرى الﺟديدة ،فﺑﻌد أﺣداث 11سﺑﺗﻣﺑر 2001ﻏدت
أسيا الوسطى ﺟزأ ﻣن ﺧريطﺔ القواﻋد الﻌسكريﺔ األﻣريكيﺔ
الرئيسﺔ في الﻌالم ،فأقاﻣت ﺧﻣسﺔ قواﻋد ﻋسكريﺔ في كل ﻣن:
قرﻏيزيا وطاﺟيكسﺗان وﺗركﻣاﻧيسﺗان في إطار ﻋسكرة الﻣﻧطقﺔ
لﻣﺣاﺻرة الﻧفوذ الروسي ،وھذا ﻣا يقﻠق روسيا إسﺗراﺗيﺟيا كﻣا أن
روسيا ﺗﻧظر إلى ﻧفط ﺑﺣر قزوين وأسيا الوسطى كﻣﺧزون
اسﺗراﺗيﺟي لالسﺗثﻣارات لﺷركاﺗﮭا وإﺣكام السيطرة ﻋﻠى ﻣﻧافذ
الﻧقل والﺗوسيﻊ.
ب الشراﻛة الروسية – الشرق آسيوية:
يركز الﺗوﺟه الروسي ﻧﺣو أسيا الﺷرقيﺔ ﻋﻠى أوليﺗين :األولى
ﺗقﻠيديﺔ وﺗﺗﻣثل في ﺗأﻣين ﺑواﺑﺗﮭا الﺷرقيﺔ في الﺷرق األقﺻى
الﻣﻣﺗدة إلى ﺟزر الياﺑان ،أﻣا الثاﻧيﺔ فﺗﺣاول إﺣالل ﺗﻌدديﺔ قطﺑيﺔ
في ھذه الﻣﻧطقﺔ؛ لﺗفادي ھيﻣﻧﺔ ﺻيﻧيﺔ أو ياﺑاﻧيﺔ ﺗﮭدد الﻣﺻالح
الروسيﺔ ،ﺣﺗى وإن كان ذلك ﻣن ﺧالل دﻋم الوﺟود األﻣريكي
78
الﻣﺣدود في الﻣﻧطقﺔ .وﻣن أﺟل ھذا الﮭدف ﻋﻣﻠت الدﺑﻠوﻣاسيﺔ
الروسيﺔ ﻋﻠى رﺑط ﺟسور الﺗﻌاون والﺷراكﺔ ﻣﻊ القوى اﻹقﻠيﻣيﺔ
الﺑارزة في الﻣﻧطقﺔ ﻋﻠى ﻏرار الﺻين والياﺑان والﮭﻧد.
فالﻧسﺑﺔ لﻠﮭﻧد ارﺗكز الﺗﻌاون ﻋﻠى الﻣﺟال الﻌسكري وأقاﻣت
اﺗفاق ﺷراكﺔ إسﺗراﺗيﺟيﺔ ﻣﻊ روسيا ﺑﻌد زيارة ﺑوﺗين لﮭا ﻋام
2000لﻣدة ﻋﺷر سﻧوات ،أﻣا فيﻣا يﺧص الﺻين فإن روسيا
سﻌت إلى إزالﺔ ﺗوﺗرات الﺣرب الﺑاردة والﻌﻣل ﻣﻊ الﺻين ﻹقاﻣﺔ
ﻧظام ﻣﺗﻌدد األقطاب ،فوقﻌت ﻣﻌﮭا اﺗفاقيﺔ الﺷراكﺔ اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ
واﺷﺗﻣﻠت ﻋﻠى ﻣﺧﺗﻠف الﻣﺟاﻻت الﻌسكريﺔ واﻻقﺗﺻاديﺔ والﻌﻠﻣيﺔ
وأكثر ﻣا يظﮭر الﺣرص الروسي ﻋﻠى ﺗطوير الﻌالقات
اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ ﻣﻊ أقطاب ﻣﻧطقﺔ ﺷرق وﺟﻧوب ﺷرق أسيا ھو
إﻋالن ﺑوﺗين ﻋن ﻣفﮭوم الﻣثﻠث اﻻسﺗراﺗيﺟي ﺑين الﺻين والﮭﻧد
وروسيا ،وضرورة ﺗطوير ﻣفﮭوم ﺟديد لألﻣن يقوم ﻋﻠى الزﻋاﻣﺔ
الﻣﺗﻌددة األقطاب.
أﻣا ﺑالﻧسﺑﺔ لﻠياﺑان فﻣﻧذ الﺗسﻌيﻧيات اھﺗﻣت روسيا ﺑﮭذا الﻌﻣالق
اﻻقﺗﺻادي الذي يقف قرب ﺣدود روسيا الﺷرقيﺔ وذلك ﺑإقاﻣﺔ
ﺗﻌاون ﻣثﻣر ﻣﻌه وﻣﺣاولﺔ ﺗﺟاوز الﺧالفات الﺗاريﺧيﺔ والﻧزاﻋات
الﺣدوديﺔ وﻣن ﺟﻣﻠﺔ اﻻﺗفاقيات الﻣوقﻌﺔ ﺑين الطرفيين والﻧاﺗﺟﺔ ﻣن
ﻣﺣاوﻻت الﺗقارب ﻧذكر:
-ﺗﻌﮭد روسيا ﺑسﺣب قواﺗﮭا ﻣن ﺟزر الكوريل.
-الﺗﻌاون في ﻣيدان األﻣن وﺗفكيك روسيا ألسﻠﺣﺗﮭا الﻧوويﺔ
في ﺑﺣر الياﺑان.
79
والﻧقل الطاقﺔ قطاع في اﻻقﺗﺻادي -الﺗﻌاون
1
واﻻﺗﺻاﻻت..الﺦ.
ج االﺗحاد اﻷورﺑي:
ﺑاﻋﺗﺑار أوروﺑا كاﻧت ﻣسرح الﺗﺟاذب ﺑين اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي
والوﻻيات الﻣﺗﺣدة األﻣريكيﺔ إﺑان فﺗرة الﺣرب الﺑاردة فإن أﺟواء
ﺗﻠك الفﺗرة ﺧيﻣت ﻋﻠى الﻌالقات الروسيﺔ األوروﺑيﺔ ﺑﻌد ﻧﮭايﺗﮭا،
فﺑﻌد اﻧﮭيار اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي وﺑروز الﺗرﺗيﺑات األﻣﻧيﺔ الﺟديدة في
أوروﺑا وأوروﺑا الﺷرقيﺔ ،ﺧضﻌت ھذه الﻣسائل إلى إﻋادة فﺣص،
وكاﻧت ﻧقطﺔ الﺧالف الرئيسﺔ في ھذه الﺗرﺗيﺑات ھي ﻣسﺗقﺑل الﻧاﺗو
وﺣدود ﺗوسيﻌه ﺑين ﻣﻌارضﺔ روسيا لﺗوسيﻌه إلى ﺣدودھا الغرﺑيﺔ
واﻋﺗﺑار ذلك ﺧطا أﺣﻣرا في أﻣﻧﮭا القوﻣي ،وﺑين الرﻏﺑﺔ األوروﺑيﺔ
في ضم دول ﺟديدة وﺧاﺻﺔ دول أوروﺑا الﺷرقيﺔ ھذا الﺗﺟاذب
ﺗوج ﺑﻌقد اﺗفاقيﺔ ﺑين روسيا وﺣﻠف الﻧاﺗو في ﺟاﻧفي 1994
ويﺗﻌﻠق ﺑﺑرﻧاﻣج الﺷراكﺔ ﻣن أﺟل السالم.لكن ھذه اﻻﺗفاقيﺔ لم ﺗﺑدد
الﻣﺧاوف األﻣﻧيﺔ لروسيا فظﮭرت ﻣﻌارضﺔ داﺧﻠيﺔ قويﺔ ﺗﻌارض
إي ﻣﺷروع لﺗوسيﻊ الﻧاﺗو .فقاﻣت روسيا ﺑطرح فكرة إﻋادة ﺑﻧاء
ﻣﻧظﻣﺔ األﻣن والﺗﻌاون في أوروﺑا كﻣفﺗاح لألﻣن األوروﺑي
واقﺗرح الرئيس يﻠﺗسن ﺗﻌويض الﺣرب الﺑاردة ﺑالسالم الﺑارد.
لكن ھذه الﻣﺑادرات لم ﺗقدم ﺟديدا ﻋﻠى ﺻﻌيد الواقﻊ الﻌﻣﻠي
فاسﺗﻣر الﻧاﺗو في ﻣﺧطط ﺗوسﻌه رﻏم الﻣﻌارضﺔ الروسيﺔ ﺑضﻣه
1راﺑح زﻏوﻧي ولزھر وﻧاسي ،ﺻﻧﻊ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ لفﺗرة ﻣا
ﺑﻌد الﺣرب الﺑاردة،ﺑﺣث ﻣقدم في ﻣقياس،قسم الﻌﻠوم السياسيﺔ،فرع
ﻣاﺟسﺗير ﻋالقات دوليﺔ،ﺟاﻣﻌﺔ ﺑاﺗﻧﺔ ،2007 /2006ص22
80
لﺑﻠدان ﺟديدة ﻣن أوروﺑا الﺷرقيﺔ ﺑسﺑب الدﻋم األﻣريكي ،فواﺷﻧطن
لم ﺗكن ﺗﺑﺣث ﻋن أﻣن أوروﺑي ﻣﺷﺗرك ﺑقدر ﻣا كاﻧت ﺗﺑﺣث ﻋن
فرض رقاﺑﺔ ﻋﻠى ھذه الﻣﻧطقﺔ لﻣراقﺑﺔ الطﻣوﺣات الروسيﺔ وﻣﻣا
أضﻌف القدرة الروسيﺔ ﻋﻠى فرض رؤيﺗﮭا ھي أوضاﻋﮭا الداﺧﻠيﺔ
الﺑالغﺔ الضﻌف وكذلك سيطرة اﻻﺗﺟاه الﻠيﺑرالي الﻣدﻋوم ﻣن
الغرب ﻋﻠى ھيكل ﺻﻧﻊ واﺗﺧاذ القرار في روسيا.
ﻣﻊ وﺻول ﺑوﺗين إلى سدة الﺣكم واﻋﺗﻣاده لﻠغﺔ الﻣﺻالح
اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ لروسيا اسﺗطاع ﺗﺣريك الﻣياه الراكدة في الﻌالقات
األﻣﻧيﺔ ﻣﻊ أوروﺑا .وﺑدت الﺑراﻏﻣاﺗيﺔ واضﺣﺔ في سﻠوك روسيا
الﺧارﺟي ،فﻠم ﺗﻌارض ﺗوسيﻊ الﻧاﺗو ﺷرقا إﻻ ﺑﻣقدار اقﺗراﺑه ﻣن
الدوائر الﺣﻣراء في أﻣﻧﮭا القوﻣي في دول الﺑﻠطيق وﺟﻣﮭوريات
اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي الساﺑق .فﺑﺗاريﺦ 2002/ 05 / 28اﺗفقت روسيا
ﻣﻊ الﻧاﺗو ﻋﻠى ﻣﻌاھدة أﻣﻧيﺔ ﺗﺻﺑح روسيا ﺑﻣوﺟﺑﮭا ﻋضوا له ﺣق
الﺗﺻويت في الﻣﺟﻠس ﻣﻊ 19ﻋضوا أﺧر ،وﺗﮭدف روسيا ﻣن
ﺧالل ھذه اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ في إطار ﻣﺟﻠس روسياالﻧاﺗو إلى إﻧﺷاء
آليﺔ ﻣﺷﺗركﺔ لدﻋم السالم األورو أطﻠسي ﺣيث ﺗوﺟد الﻣﺻالح
الﻣﺷﺗركﺔ ،ﻣﺣارﺑﺔ اﻹرھاب وﻋﻣﻠيات ﺣفظ السالم.
وإﺟﻣاﻻ فإن الﻌالقات الروسيﺔ األورﺑيﺔ ﺧضﻌت لﻣﺑدأ الﺗﻌاون
الﺣذر الﻣﺗﻧاﻏم ﻣﻊ لغﺔ الﻣﺻالح اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ ،كﻣا أﻧﮭا وقﻌت
ﺗﺣت ﺗأثير الﺗقاطﻊ اﻻسﺗراﺗيﺟي األﻣريكي –األوروﺑي –
الروسي ،فاسﺗطاﻋت روسيا ﺷق الﺻف األورﺑي والﻠﻌب ﻋﻠى
وﺗر اﻻﺧﺗالفات األوروﺑيﺔ األطﻠسيﺔ واسﺗثﻣار ذلك في ﺗوسيﻊ
ﺣدود أﻣﻧﮭا وﻣﺻالﺣﮭا (ﻣﺣور ﻣوسكو – ﺑرلين – ﺑاريس) .أﻣا
الﺗﺧوف الروسي ﻣن ﺗوسيﻊ الﻧاﺗو والذي ﺗثيره ﻣوسكو في ﺟﻣيﻊ
81
لقاءاﺗﮭا ﻣﻊ األورﺑيين ،وإن كاﻧت ﺣدة إثارﺗه ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺣسب
اﻹدارات الروسيﺔ الﻣﺗﻌاقﺑﺔ ،فيﺟد ﺗفسيره في فرضيﺔ واقﻌيﺔ
ﺑسيطﺔ ھي الﻣأزق األﻣﻧي ،فﻠﻣا كاﻧت ﻣوسكو ﺗﺷﻌر ﺑﺗﮭديد ﻧسﺑي
ألﻣﻧﮭا القوﻣي ﻣقارﻧﺔ ﺑﻣا كاﻧت ﻋﻠيه ﺧالل الﺣرب الﺑاردة
أﺻﺑﺣت ﻣدفوﻋﺔ لﻣوازﻧﺔ الﺗﺣدي الذي يفرضه ﺗوسيﻊ الﻧاﺗو
1
ﻻسﺗرﺟاع أﻣﻧﮭا.
د – الشرق اﻷوسط:
الصراع الﻌرﺑي اإلسرائيﻠي:
ﺗﺑدي روسيا ﺗﺧوفﮭا ﻣن ﺟﻣود األوضاع الﺣاليﺔ ﻋﻠى الﻣسار
الفﻠسطيﻧي اﻹسرائيﻠي وﻣن ثﻣﺔ اﺣﺗﻣاليﺔ ﻧﺷوب ﺣرب ﺑين
إسرائيل وﺟيراﻧﮭا الﻌرب ،وﺧاﺻﺔ ﺑين ﺣزب هللا الﻠﺑﻧاﻧي
وإسرائيل ،أو كاﻧﻌكاس لﺗدھور األوضاع في سوريا ،فالﺣرب في
ﻣﻧطقﺔ الﺷرق األوسط...لم ﺗفﻠح في إيﺟاد ﺣل لﻠﺻراع الﻌرﺑي
اﻹسرائيﻠي طوال الﻌقود الﻣاضيﺔ ،وھي لن ﺗفﻠح في ھذا ﺧالل
الفﺗرة القادﻣﺔ...
...ويﺗﻣﺣور الﻣوقف الروسي ﺗﺟاه الوضﻊ في الﻣﻧطقﺔ
ﺑاألساس ﻋﻠى الﻣواقف السوفيﺗيﺔ الﻣﻌﻠﻧﺔ ﻣﻧذ وقت ﺑﻌيد والﻣرﺗكزة
ﻋﻠى القرار 242وﺣق الﺷﻌب الفﻠسطيﻧي في دولﺗه الﻣسﺗقﻠﺔ ...
ورفض الﻣﻣارسات اﻻسﺗيطاﻧيﺔ اﻹسرائيﻠيﺔ .وقد ﻋﺑر ﻋن ھذا
الرئيس ﺑوﺗين في زيارﺗه األﺧيرة إلى إسرائيل واألراضي
الفﻠسطيﻧيﺔ ،ﺣيث ﺻرح أن اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي اﻋﺗرف ﺑالدولﺔ
الفﻠسطيﻧيﺔ ﻣﻧذ 25ﻋاﻣا وأﻧه ﻻ ﺗغير في السياسﺔ الروسيﺔ في
ھذا اﻹطار والﺟدير ﺑالذكر أن ھذه السياسﺔ الروسيﺔ لم ﺗﺗطرق
82
إلى الﻌالقات الروسيﺔ اﻹسرائيﻠيﺔ الﺗي ﺗزداد ﺗوطدا في اآلوﻧﺔ
األﺧيرة رﻏم اﻻﺧﺗالفات السياسيﺔ ﺑين الﻣواقف السياسيﺔ لكل
ﻣﻧﮭﻣا ،فزيارة ﺑوﺗين األﺧيرة ﻹسرائيل ﺣﻣﻠت ﻣﻌﮭا افﺗﺗاح ﻣقر
لﺷركﺔ "ﻏازﺑروم"الروسيﺔ في ﺗل أﺑيب ،وﻣﻧح اﻣﺗيازات لﻠﺗﻧقيب
ﻋن الغاز لﮭا كﻣا أن الﻌالقات الﻌسكريﺔ ﺑين الﺑﻠدين في ﻣﺟال
الﺗقﻧيات الﻌسكريﺔ الﻣﺗقدﻣﺔ وﺑﺧاﺻﺔ ﻣﺟال الطائرات ﺑدون طيار
.1
ﺗزداد رسوﺧا
– سوريا:
فﺷﻠت السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ ﺣﺗى اآلن وﻣﻧذ اﻧدﻻع
األزﻣﺔ في ﻣارس 2011في ﺑﻠورة إسﺗراﺗيﺟيﺔ واضﺣﺔ لﻠﺗﻌاﻣل
ﻣﻊ األزﻣﺔ ،ﺑﻣا يﺣفظ ﻣﺻالﺣﮭا ،ويﺣقق أھدافﮭا ...فقد اقﺗﺻرت
ﻣواقف ﻣوسكو ...ﻋﻠى ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن الﺧطوات الدﺑﻠوﻣاسيﺔ الﺗي
ﺗﻣثل في ﻣﺟﻣﻠﮭا ردود أفﻌال ﻋﻠى الﻣواقف الغرﺑيﺔ الﻣضادة لﻧظام
األسد ...وﻋدم ﻣﻣارسﺔ ﻣوسكو ﺣﺗى اآلن ألي ضغوط ﺣقيقيﺔ
وواقﻌيﺔ ﻋﻠى الﻧظام السوري ...ﺑاﻹضافﺔ إلى فﺷل السياسﺔ
الروسيﺔ في ﻣد ﺟسور الﻌالقﺔ ﺑين الﻣﻌارضﺔ وﻣوسكو ،أو ﺑين
الﻣﻌارضﺔ والﻧظام ...ويﻌﺑر ھذا ﻋن ﻏياب الرؤيﺔ الروسيﺔ
لﻠﺣوار ﻣﻊ الدول الفاﻋﻠﺔ في األزﻣﺔ السوريﺔ وﺑﺧاﺻﺔ ﺗركيا ودول
الﺧﻠيج وﺟاﻣﻌﺔ الدول الﻌرﺑيﺔ ،ورﻏم أن روسيا ﻻ ﺗﺗﺣﻣل وﺣدھا
ﻣسؤوليﺔ ﻏياب الﺗفاھم ﻣﻊ ھذه الﺟﮭات ﺣول سوريا ،إﻻ أﻧﮭا لم
ﺗﺑذل ﻣا يكفي ﻣن الﺟﮭد لﺗقريب وﺟﮭات الﻧظر ﺑين الطرفين.
83
ورﺑﻣا يرﺟﻊ ھذا ألسﺑاب ﻣوضوﻋيﺔ ﻣﻧﮭا أن الوﻻيات الﻣﺗﺣدة
األﻣريكيﺔ ﺗﻠﻌب دورا في ﺗﻌطيل أي ﻣﺣاولﺔ لﻠﺗقارب في وﺟﮭات
الﻧظر ﺑين روسيا وھذه الدول ،وكذلك يرﺟﻊ ذلك إلى ارﺗﺑاط
السياسﺔ الروسيﺔ ﺗﺟاه سوريا ﺑاسﺗﺣقاقات داﺧﻠيﺔ روسيﺔ .فقد
ﻣثﻠت األزﻣﺔ السوريﺔ لروسيا فرﺻﺔ لﺗقديم ﻧفسﮭا كقوة ﻋظﻣى
ليس ﻣن ﺧالل ﺗﺻديﮭا لﻠغرب فﺣسب ،وإﻧﻣا أيضا في ﻣقدرﺗﮭا
ﻋﻠى ﺣﺷد ﺗأييد الﺻين لﻣواقفﮭا.
وإﺟﻣاﻻ يﻣكن القول إن اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ الروسيﺔ الﺣاليﺔ ﺗﺟاه
سوريا ﺗقوم ﻋﻠى ثالثﺔ ركائز أساسيﺔ ھي:
-الﻌﻣل في الﻣﺟال الدولي لﻣﻧﻊ الوﻻيات الﻣﺗﺣدة األﻣريكيﺔ
وﺣﻠفاءھا ﻣن ﺗكرار السيﻧاريو الﻠيﺑي ﻋﻠى األرض السوريﺔ،
وﺗﺟريد أي ﺗدﺧل ﺧارﺟي ﻣن ﺷرﻋيﺗه.
-اﻻسﺗﻣرار في الﺣفاظ ﻋﻠى ﻋالقات وطيدة ﻣﻊ الﻧظام
السوري ،ﻣﻊ ﺗﺟﻧب ضغوط ﻋﻧيفﺔ ﻋﻠى الﻧظام السوري لﻠقيام
ﺑﺧطوات إﺻالﺣيﺔ ،واﻻكﺗفاء ﺑاألساليب الدﺑﻠوﻣاسيﺔ ﻣﻊ ﻣواﺻﻠﺔ
ﺗﻧﺷيط الﻌالقات اﻻقﺗﺻاديﺔ والسياسيﺔ ﻣﻊ الﻧظام.
-السﻌي لﻠﺗرويج لﺣل األزﻣﺔ السوريﺔ ﻋن طريق األطراف
الفاﻋﻠﺔ في سوريا سواء ﻣن الﻣﻌارضﺔ أو الﻧظام ،وﺗطوير
1
ﻋالقات ﻣﺗوازﻧﺔ ﻣﻊ الﻣﻌارضﺔ السوريﺔ في الوقت ذاﺗه.
وﻻ ﺗوﺟد ﺣاليا ً أي ﻣكاسب واضﺣﺔ ﺗُﺑرر ﺗﺣالف روسيا ﻣﻊ
طﮭران أو دﻣﺷق .لكن كالً ﻣن ﻣيدفيديف وﺑوﺗين يدرك أن الﺑالد
سوف ﺗدفﻊ ثﻣﻧا ً ﺑاھظا ً يﺗﻣثل في الضرر الذي سيﻠﺣق ﺑسﻣﻌﺗﮭا
84
الدوليﺔ لو أﻧﮭا ﺣادت ﻋن اﻹﺟﻣاع ﺑﺷأن ﺗﻠك األﻧظﻣﺔ .لقد أﻣضت
ﻣوسكو سﻧوات في ﺑﻧاء رواﺑط قويﺔ ﻣﻊ الوﻻيات الﻣﺗﺣدة واﻻﺗﺣاد
األوروﺑي والدول الﻌرﺑيﺔ (ﻻ سيﻣا "ﻣﺟﻠس الﺗﻌاون الﺧﻠيﺟي")،
وأي ﻣن الزﻋيﻣين ليس ﻣسﺗﻌدا ً لﻠﺗضﺣيﺔ ﺑالﻌالقات السياسيﺔ
واﻻقﺗﺻاديﺔ الﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ﻣﻊ ھذه الﺑﻠدان ألﺟل آيﺔ هللا ﺧاﻣﻧئي أو
1
األسد.
وفي الواقﻊ أن ﺑﻌض الﺗﺣركات الروسيﺔ األﺧيرة قد أثﺑﺗت
ﺑالفﻌل أن روسيا ﺗريد أن ﺗكون ﻻﻋﺑا ً ﺟﻣاﻋيا ً وليس دولﺔ ﻣﻧﺑوذة.
ففي ﻣﻧﺗﺻف ﻧيسان /أﺑريل ،أثﻧاء ﻣﺣادثات الدول الﺧﻣس دائﻣﺔ
الﻌضويﺔ في ﻣﺟﻠس األﻣن +ألﻣاﻧيا في اسطﻧﺑول ،أظﮭر
الﻣسؤولون الروس اسﺗﻌدادھم لﻠﺗﻌاون لﺣل الﻣسألﺔ الﻧوويﺔ
اﻹيراﻧيﺔ .كﻣا أن اﻹﺟراءات الروسيﺔ األﺧيرة ﻋﻠى الﺟﺑﮭﺔ
السوريﺔ ﻣثل اﻧﺗقاد اﻻسﺗﺧدام الﻣفرط لﻠقوة ﻣن ﺟاﻧب األسد وﺣث
الﻣﺷيﺧات الﺧﻠيﺟيﺔ ﻋﻠى ﺑدء ﺣوار ﺑﺷأن األزﻣﺔ واسﺗضافﺔ
ﺷﺧﺻيات ﻣن الﻣﻌارضﺔ السوريﺔ في ﻣوسكو ودﻋم ﻣﺑادرة وقف
إطالق الﻧار الﺗي طرﺣﮭا كوفي ﻋﻧان ﺑرﻋايﺔ األﻣم الﻣﺗﺣدة كﻠﮭا
أﻣور ﺗظﮭر أن ﻣوسكو ﻻ ﺗريد الﺗﺣالف الكاﻣل ﻣﻊ دﻣﺷق وأﻧﮭا
ﺗﺗوقﻊ ﺗقديرا ً دوليا ً لﮭذا اﻻﻣﺗﻧاع.
واألسﺑاب الﺗي ﺗدفﻊ ﻣوسكو إلى ﻋدم ﺗقديم الدﻋم الكاﻣل
لﻠﺗﺣالف الغرﺑي ضد سوريا وإيران ﻋﻣﻠيﺔ ﺗﻣاﻣا ً ،وﻻ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠى
الﺗفضيالت الﺷﺧﺻيﺔ لﻠرئيس .وﺑالﻧظر إلى الﻧﺗائج في الﻌراق
وليﺑيا ،أدركت روسيا أن سقوط الﺷركاء القداﻣى سوف يؤدي
ﺣﺗﻣا ً إلى ﺧسارة الﻧفوذ اﻻقﺗﺻادي والسياسي في الﺑﻠدان
85
الﻣذكورة .وسواء ظﻠت روسيا ﺧارج الﻧزاع (كﻣا ھو الﺣال في
الﻌراق) أو ساﻋدت ﺑﺷكل ﻣﺧفي ﻋﻠى اﻹطاﺣﺔ ﺑﺣﻠفائﮭا القداﻣى
(كﻣا ھو الﺣال في ليﺑيا ،ﺣيث كاﻧت ﻣوسكو أول ﺣكوﻣﺔ ﺗوقف
ﺻادرات الﻣﻌدات الﻌسكريﺔ إلى القذافي) فإن الﻧﺗيﺟﺔ سﺗظل كﻣا
ھي :لقد أُرﻏﻣت روسيا ﻋﻠى ﻣغادرة الﺑﻠدان الﺗي ﺗم ﺗﺣريرھا ﻣن
الﺣكام الﻣسﺗﺑدين.
وﻣن ثم ،فإﻧه في ظل ﻋدم وﺟود ضﻣاﻧات قويﺔ ﺑﺷأن ﺗأﻣين
ﻣﺻالﺣﮭا ،ﺗقاﺗل روسيا ﻣن أﺟل اﻻﺣﺗفاظ ﺑسوريا (إﺣدى ﻣﺣطاﺗﮭا
األﺧيرة في الﺷرق األوسط الﻌرﺑي) ﻣﻊ ﺣﻣايﺔ إيران ﻣن اﺣﺗﻣال
ﺷن ھﺟﻣات ﻋسكريﺔ ....وﻣن الﻣرﺟح أن يﻣر ﻣوقف روسيا ﺗﺟاه
سوريا وإيران وإن سطﺣيا ً ﻋﻠى األقل ﺑﺗغيرات سﻠﺑيﺔ ﻣﻌيﻧﺔ.....
إن الضﻣاﻧات الﻣالئﻣﺔ الﺗي ﺗﺣفظ ﻣﺻالح روسيا في سوريا
وإيران إلى ﺟاﻧب اﺗﺑاع ﻣﻧﮭج ﻏير قائم ﻋﻠى الﻣواﺟﮭﺔ ﻋﻧد إﺟراء
الﺣوار ﻣن الﻣرﺟح أن يُﺣدث أكﺑر قدر ﻣن الﺗأثير اﻹيﺟاﺑي ﻋﻠى
1
ﻣوسكو.
:2الﺑﻌد الدولي.
ﻋﻧدﻣا ﺟاء ﺑوﺗين إلى السﻠطﺔ في يﻧاير سﻧﺔ ،2000سﻌى إلى
ﺗﻌﻣيق الﺗوﺟه األوراسي في سياسﺔ روسيا الﺧارﺟيﺔ ففي يوﻧيو
سﻧﺔ ـ ،2000قدم ﻋدة ﻣﺑادئ لسياسﺔ روسيا الﺧارﺟيﺔ ﻋرفت
ﺑاسم "ﻣﺑدأ ﺑوﺗين" وفى ﻣقدﻣﺔ ﺗﻠك الﻣﺑادئ الﺗركيز ﻋﻠى ﺑراﻣج
اﻹﺻالح الداﺧﻠي ﻋﻠى ﺣساب السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ،وھى الفكرة
86
الﺗي سﻣاھا ﺑﻌض الدارسين ﺑأن "األھداف الداﺧﻠيﺔ ﺗﻠغى أھداف
السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ" ﻣن ﻧاﺣيﺔ أﺧرى ،فإن ﻣﺑدأ ﺑوﺗين
ركز ﻋﻠى ﺗطوير دور روسيا في ﻋالم ﻣﺗﻌدد األقطاب ﻻ يﺧضﻊ
لﮭيﻣﻧﺔ قوة ﻋظﻣى واﺣدة ،والﻌﻣل ﻋﻠى اسﺗﻌادة دور روسيا في
آسيا والﺷرق األوسط ﺑﺷكل ﺗدريﺟي ،وﻋدم السﻣاح لﻠغرب
ﺑﺗﮭﻣيش الدور الروسي في الﻌالقات الدوليﺔ وقد أضاف ﻣﺑدأ ﺑوﺗين
ثالثﺔ ﻋﻧاﺻر ﺟديدة لﻠسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ ،أولﮭا :إﻧه إذا
اسﺗﻣر ﺗوسﻊ ﺣﻠف األطﻠﻧطي ﺷرقا ﻣن روسيا فسﺗسﻌى إلى دﻋم
الﺗراﺑط ﺑين دول اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي الساﺑق لﺣﻣايﺔ ﻣﻧطقﺔ دفاﻋﮭا
األول ،ثاﻧيﮭا :إن روسيا ﺗﻌارض ﻧظام القطﺑيﺔ األﺣاديﺔ ،ولكﻧﮭا
سﺗﻌﻣل ﻣﻊ الوﻻيات الﻣﺗﺣدة في ﻋدة قضايا ﻣثل الﺣد ﻣن الﺗسﻠح
وﺣقوق اﻹﻧسان وﻏيرھا ...وأﺧيرا :فإن روسيا سﺗﻌﻣل ﻋﻠى دﻋم
ﺑيئﺗﮭا األﻣﻧيﺔ في الﺷرق ﻋن طريق ﺗقويﺔ ﻋالقاﺗﮭا ﻣﻊ الﺻين
والﮭﻧد والياﺑان.
وقد اﻧﺗقد الرئيس ﺑوﺗين السياسﺔ األﻣريكيﺔ األﺣاديﺔ
واﻻﻧفراديﺔ ،وطالب ﺑإﻧﺷاء ﻧظام ﻋالﻣي ديﻣقراطي أي ﻣﺗﻌدد
األقطاب وﺑﺗقويﺔ دور القاﻧون الدولي ...كﻣا اﻧﺗقد "الﮭيﻣﻧﺔ
اﻻﺣﺗكاريﺔ" األﻣريكيﺔ ﻋﻠى السياسﺔ الدوليﺔ وﻣيل الوﻻيات
الﻣﺗﺣدة إلى اﻻسﺗﻌﻣال الﻣفرط لﻠقوة الﻌسكريﺔ في ﺗﻠك السياسﺔ...
وقدم ﺑوﺗين ﻣﺑادرات لﺣظر ﻧﺷر أسﻠﺣﺔ الدﻣار الﺷاﻣل في الفضاء
الﺧارﺟي ،وإﻧﺷاء ﻣراكز دوليﺔ لﺗﺧﺻيب اليوراﻧيوم ...وﻋارض
ﺑوﺗين إﻧﺷاء الوﻻيات الﻣﺗﺣدة لﻠدرع الﺻاروﺧيﺔ والﻣﺣطﺔ
الراداريﺔ في ﺑولﻧدا وﺟﻣﮭوريﺔ الﺗﺷيك ﺣيث اﻋﺗﺑر أن الدرع
والﻣﺣطﺔ ليسﺗا ﻣوﺟﮭﺗين ضد إيران ،وإﻧﻣا ضد روسيا ذاﺗﮭا وردا
87
ﻋﻠى الﻣﺷروع األﻣريكي أﻋﻠن في ﺧطاﺑه السﻧوي أﻣام الﺟﻣﻌيﺔ
اﻻﺗﺣاديﺔ الروسيﺔ في 26أﺑريل سﻧﺔ 2007ﻋزم روسيا ﺗﺟﻣيد
ﻋضويﺗﮭا في ﻣﻌاھدة األسﻠﺣﺔ الﺗقﻠيديﺔ في أوروﺑا سﻧﺔ ...1999
ﺣﺗى ﺗقوم دول ﺣﻠف األطﻠﻧطي ﺑالﺗﺻديق ﻋﻠيﮭا وﺗطﺑيقﮭا ،ﻣﺷيرا
إلى أن روسيا ﺗفﻌل ذلك ﻣن طرف واﺣد كﻣا أن الدول الﺟديدة
في ﺣﻠف األطﻠﻧطي لم ﺗوقﻊ اﻻﺗفاقيﺔ ،ﻣﻣا يﮭدد األﻣن القوﻣي
الروسي وفى 13يوليو سﻧﺔ ،2007وقﻊ ﺑوﺗين قاﻧوﻧا يﻧص ﻋﻠى
أن ظروفا اسﺗثﻧائيﺔ ﺗﺣﺗم ﺗﺟﻣيد ﺗطﺑيق اﻻﺗفاقيﺔ ...وفى ﺗطور
ﻣفاﺟئ ،اقﺗرح ﺑوﺗين في 7يوﻧيو سﻧﺔ 2007ﻋﻠى الوﻻيات
الﻣﺗﺣدة الﻣﺷاركﺔ في اسﺗﻌﻣال الرادار الروسي الﻣوﺟود في ﺟاﺑاﻻ
في أذرﺑيﺟان ﻣﻧذ الﻌﮭد السوفيﺗي ،ﻣﻣا يﻌﻧى أن الوﻻيات الﻣﺗﺣدة
لن ﺗكون ﺑﺣاﺟﺔ إلى ﺑﻧاء ﺻواريﺦ اﻋﺗراضيﺔ في ﺑولﻧدا ﻣﻊ فﺗح
الﺑاب أﻣام ﻣﺷاركﺔ دول أوروﺑيﺔ أﺧرى في الﻣﺷروع والﮭدف ﻣن
اﻻقﺗراح ھو اﺧﺗﺑار الﻧوايا األﻣريكيﺔ...
و في يوليو سﻧﺔ ،2007دﺧﻠت روسيا في ﻣﻧافسﺔ ﻣﻊ الوﻻيات
الﻣﺗﺣدة لﺗأكيد ﺣقوق السيادة ﻋﻠى الﻣوارد الﻧفطيﺔ في أقﺻى
ﺷﻣالي الﻣﺣيط الﻣﺗﺟﻣد الﺷﻣالي ففي ھذا الﺷﮭر ،أرسﻠت الوﻻيات
الﻣﺗﺣدة ﺑﻌثﺔ ﻋﻠﻣيﺔ إلى ﺗﻠك الﻣﻧطقﺔ لﺑﺣث ﻣا سﻣﺗه "الفوھات
الﻣائيﺔ الﺣراريﺔ" في الﻣﻧطقﺔ وقد ﺷككت روسيا في ھذا الﮭدف
وأرسﻠت ﺑﻌثﺔ أكﺑر إلى الﻣﻧطقﺔ ﺑدﻋوى ﺗﻌيين ﺣدود الﺟرف
القاري الروسي وإثﺑات أﻧه يﺗﺻل ﺑاألراضي الروسيﺔ وقاﻣت
الﺑﻌثﺔ الروسيﺔ ﺑوضﻊ الﻌﻠم الروسي في أﻣاكن ﻣﺗﻌددة ﻣن الﻣﻧطقﺔ
ﻹثﺑات سيادة روسيا ﻋﻠيﮭا ،وھو ﻣا أدى إلى اﺣﺗﺟاج أﻣريكي...
وقد سﻌت روسيا إلى ﺗقﻠيص الﻧفوذ األﻣريكي في آسيا الوسطى،
88
وطالﺑت الوﻻيات الﻣﺗﺣدة ﺑسﺣب قواﻋدھا الﻌسكريﺔ في
أوزﺑكسﺗان وقيرﻏيزسﺗان ،وﺑالفﻌل ﻧﺟﺣت ﻣن ﺧالل ﻋالقاﺗﮭا
الﺟديدة ﻣﻊ أوزﺑكسﺗان في إﻧﮭاء الوﺟود الﻌسكري األﻣريكي في
ﺗﻠك الدول.
كﻣا سﻌت روسيا إلى ﺑﻧاء ﻣﺷاركﺔ إسﺗراﺗيﺟيﺔ ﻣؤسسيﺔ ﻣﻊ
الﺻين في إطار ﻣﻧظﻣﺔ ﺷﻧغﮭاي لﻠﺗﻌاون والﺗي ﺗضم دول آسيا
الوسطى ﻋدا ﺗركﻣاﻧسﺗان ،وﺷﻣل ذلك ﻣﺷاركﺔ ﻧفطيﺔ لﻣد ﺧطوط
ﻧقل الﻧفط الروسي ﻣن سيﺑيريا إلى الﺻين ،ﻣﻊ السﻌي إلى إﻋطاء
الﻣﻧظﻣﺔ ﺑﻌدا ﻋسكريا ففي أﻏسطس سﻧﺔ ،2007أﻋﻠن الﺟﻧرال
ﺑالويفسكي رئيس األركان الروسي ،ضرورة أن يﺗم اسﺗكﻣال
الﺗﻌاون اﻻقﺗﺻادي ﺑين الدول األﻋضاء في ﻣﻧظﻣﺔ ﺷﻧغﮭاي
لﻠﺗﻌاون ﺑﺗﻧسيق ﻋسكري يﺷﻣل ﺑﻠورة ﻋقيدة ﻋسكريﺔ ﻣﺷﺗركﺔ،
وھو األﻣر الذي ﺗﺗﺣفظ ﻋﻠيه الﺻين .سﻌت روسيا أيضا إلى إﻋادة
ﺗقويﺔ ﻋالقاﺗﮭا ﻣﻊ دول كوﻣﻧولث (راﺑطﺔ) الدول الﻣسﺗقﻠﺔ ،ﻣن
ﺧالل ﻋدة أساليب ،ﺑﻣا فيﮭا الدﺑﻠوﻣاسيﺔ "القسريﺔ" ،ﺧاﺻﺔ لدى
الدول ذات الﺗوﺟه األﻣريكي في سياسﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ وﻋﻠى األﺧص
ﺟورﺟيا فقد ﻧﺟﺣت في إﻋادة دول آسيا الوسطى إلى ﺣظيرة الﻧفوذ
الروسي ﻣن ﺧالل دﻋم ﻧظﻣﮭا ضد الﺣركات السياسيﺔ اﻹسالﻣيﺔ
الﻣﺣﻠيﺔ الﻣﻌارضﺔ وضغطت ﻋﻠى ﺟورﺟيا ﺗﺣت ﺣكم ساكاﺷفيﻠي
ذي الﺗوﺟه األﻣريكي ،ﻣن ﺧالل دﻋم الﺣركﺔ اﻻﻧفﺻاليﺔ في
أﺑﺧازيا ،وطرد الﺟورﺟيين الﻣقيﻣين في روسيا ووقف الواردات
ﻣن ﺟورﺟيا ،واﻹقالل ﻣن ﻣد ﺟورﺟيا ﺑالﻧفط والغاز الطﺑيﻌي ھذا
ﺑاﻹضافﺔ إلى ﻣﺷروﻋات الﺗكاﻣل ﻣﻊ ﺑﻌض دول الكوﻣﻧولث ﻣثل
ﺑيالروسيا .ﻣن ﻧاﺣيﺔ أﺧرى قاﻣت روسيا ﺑﺗقويﺔ ﻋالقاﺗﮭا
89
الﻣؤسسيﺔ األﻣﻧيﺔ واﻻقﺗﺻاديﺔ ﺑدول الكوﻣﻧولث ففي 7يوليو سﻧﺔ
2002ﺗم إﻧﺷاء ﻣﻧظﻣﺔ ﻣﻌاھدة األﻣن الﺟﻣاﻋي ﺑﻣوﺟب ﻣيثاق
كيﺷﻧاو ،وﺗضم روسيا وﻣولدوفيا ،وأوزﺑكسﺗان ،وأرﻣيﻧيا،
وكازاﺧسﺗان ،وقيرﻏيزسﺗان وطاﺟيكسﺗان وأذرﺑيﺟان وكان قد ﺗم
إﻧﺷاء "الﺟﻣاﻋﺔ اﻻقﺗﺻاديﺔ األوراسيﺔ" في 10أكﺗوﺑر سﻧﺔ
2000وﺗضم روسيا ،وﺑيالروسيا ،وكازاﺧسﺗان ،وطاﺟيكسﺗان،
وأوزﺑكسﺗان وقيرﻏيزسﺗان ،ولكل ﻣن الﻣﻧظﻣﺔ والﺟﻣاﻋﺔ أﻣاﻧﺔ
ﻋاﻣﺔ في ﻣوسكو ،ﺑيد أن ﺗﺟارة روسيا ﻣﻊ دول الكوﻣﻧولث ﺗﺗراﺟﻊ
ﺑاطراد ووﺻﻠت إلى ﻧﺣو %20فقط ﻣن الﺗﺟارة الﺧارﺟيﺔ
الروسيﺔ ،ﻣقاﺑل %52ﻣﻊ الدول الغرﺑيﺔ.
سﻌت روسيا إلى اﻻضطالع ﺑدور أقوى في ﻣﻧطقﺔ الﺷرق
األوسط ،وﺗﺣول ﺑوﺗين ﻣن سياسﺔ الﺣياد السﻠﺑي إزاء قضايا
الﻣﻧطقﺔ إلى سياسﺔ الﻣﺑادرات وﺗﻣثل ذلك في زيارة ﺑوﺗين لﻠﺷرق
األوسط في فﺑراير سﻧﺔ 2007زار ﺧاللﮭا السﻌوديﺔ ،وقطر،
واألردن وأﻋﻠن ﻣن ﺧاللﮭا أن ﻏزو الﻌراق ھو "ﻧﻣوذج
لﻠﺗﺻرفات األﻣريكيﺔ الفرديﺔ الﺗي ﺗزيد األﻣور سوءا" ودﻋا إلى
ﻋقد ﻣؤﺗﻣر إقﻠيﻣي ﻣوسﻊ لﻠﺷرق األوسط في إﺷارة إلى اﺷﺗراك
سوريا وإيران في ﺣل ﻣﺷكالت الﻣﻧطقﺔ.1
وفي سياق ﺑﺣثﮭا ﻋن إسﺗراﺗيﺟيﺔ لﻠﺗأھيل اﻻقﺗﺻادي وإﻋادة
ﺑﻧاء اقﺗﺻادھا اﺗﺑﻌت روسيا الوﺻفﺔ الغرﺑيﺔ كطريق لﻠﺗﻧﻣيﺔ
90
اﻻقﺗﺻاديﺔ وﻧظرا لﻠدور الذي ﺗﻠﻌﺑه أوروﺑا كان اﻻھﺗﻣام الروسي
ﻣﻧﺻﺑا ﻋﻠى دفﻊ الرواﺑط اﻻقﺗﺻاديﺔ ﺑيﻧﮭا وﺑين أوروﺑا قدﻣا في
اﺗﺟاه الﺗﻌاون والﺷراكﺔ .ففي ﺟوان 1994وقﻌت روسيا اﺗفاق
الﺷراكﺔ والﺗﻌاون ﻣﻊ أوروﺑا الذي ﺗﻣﺣور ﺣول آليات الﺗﺟارة
وسﺑل ﺗدﻋيﻣﮭا فﺑدأت الﻣساﻋدات الفﻧيﺔ واﻻقﺗﺻاديﺔ والقروض
الﻣاليﺔ ﺗأﺧذ طريقﮭا إلى اﻻقﺗﺻاد الروسي ،لكن ضﻌف الرقاﺑﺔ
الداﺧﻠيﺔ واسﺗﺷراء الفساد في ﻣفاﺻل الدولﺔ الروسيﺔ لم يﻌط أيﺔ
ﻧﺗائج ﻣرﻏوﺑﺔ لﮭذا الﺗﻌاون ،كﻣا أن الﻣساﻋدات األوروﺑيﺔ كاﻧت
ﻣقروﻧﺔ ﺑﻣﺷروطيﺔ سياسيﺔ ﻣثل رﺑط القروض الﻣاليﺔ ﺑﺣقوق
اﻹﻧسان .وﻣﻊ ﻣﺟيء ﺑوﺗين ﻋام 1999أﺧذ الﺗﻌاون اﻻقﺗﺻادي
األوروﺑي الروسي أﺑﻌاد أﺧرى ﻧﺣو ﺗقويﺔ الﻌالقات ودﻋم الﺗكاﻣل
اﻻقﺗﺻادي ،وأﻋﻠن ﺑوﺗين ﻋﻠى فكرة إﻧﺷاء أوروﺑا كﺑرى دون
ﺣدود فاﺻﻠﺔ ،كﻣا ألﻣح إلى أن روسيا ﺗطﻣح أن ﺗكون ﻋضوا في
اﻻﺗﺣاد األورﺑي في ﻏضون 10سﻧوات قادﻣﺔ .فقد ﺷكل الﻣﻧفذ
األوروﺑي فضاء لروسيا لﻠﺗﺣرر ﺟزئيا ﻣن الضغوط األﻣريكيﺔ
في ھذا الﻣﺟال ،وﻣن أھم األوراق الﺗي ﺗوظفﮭا روسيا في لﻌﺑﺔ
الﻣﺻالح اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ ورقﺔ الطاقﺔ ﺑاﻋﺗﺑار روسيا ﻣن أھم
ﻣوردي الطاقﺔ ألوروﺑا ،ھذا الﻧفوذ الروسي الﻣﺗزايد في سوق
الﻧفط الﻌالﻣي والسوق األوروﺑيﺔ ﻣﻧح روسيا ھاﻣﺷا ﺗفاوضيا
1
واسﻌا ﺣول ﻧقاط ﺧالف إسﺗراﺗيﺟيﺔ ﻣﻊ أوروﺑا.
91
الفصل الثالث:
93
روسيا ھي أضﻌف ﺑكثير ﻣن أن ﺗﻌيد
ھيﻣﻧﺗﮭا اﻻﻣﺑرياليﺔ ﻋﻠى آسيا الوسطى،
ولكﻧﮭا أقوى ﺑكثير ﻣن إﻣكاﻧيﺔ إﺧراﺟﮭا
ﻣﻧﮭا.
ﺑريجنسﻛي
الخصائص الجيو سياسية
لمنطقة آسيا الوسطى والقوقاز:
95
الﺻين ﻣﺟاورة لطاﺟيكسﺗان وﺗركﻣاﻧسﺗان كﻣا ﺗﺟاور إيران
ﺗركﻣاﻧسﺗان ،ووفقا لدائرة الﻣﻌارف الﺑريطاﻧيﺔ فالﻣﻧطقﺔ ﻋﺑارة
ﻋن ﺑﺣر داﺧﻠي ﻋظيم ،أي أﻧﮭا ﻣساﺣﺔ قاريﺔ واسﻌﺔ لكﻧﮭا ﺣﺑيسﺔ،
وھو األﻣر الذي يﺟﻌل دولﮭا أكثر ﺗأثرا ﺑظروف وأوضاع الدول
الﻣﺣيطﺔ ﺑﮭا والﺗي ﺗﻣثل ﺑالﻧسﺑﺔ لﮭا ﻣﻌﺑرا إلى الﺑﺣار الﻣفﺗوﺣﺔ.
كﻣا أن ﻣوقﻌﮭا الﮭام يرﺑط ﺑين آسيا وأورﺑا وﻣﻧطقﺔ الﺷرق األوسط
ﺣيث ﺗوﺻف ﺑأﻧﮭا ﺣﻠقﺔ وﺻل ﺑين الﺷرق والغرب وﺟسر يرﺑط
1
ﺑين أورﺑا وآسيا أو ﺑين الﻣسيﺣيﺔ واﻹسالم.
96
دول آسيا الوسطﻰ
97
الﺗرﻛيﺑة السﻛانية لدول آسيا الوسطﻰ:
يﺑدو ﺟﻠيا وواضﺣا ...الضﻌف الديﻣغرافي في الﻣﻧطقﺔ
ﻣقارﻧﺔ ﺑغيرھا ﻣن الﺗﺟﻣﻌات السكاﻧيﺔ في آسيا إﻧﮭا ﻣسكوﻧﺔ
ﺑﺣوالي 55ﻣﻠيون ساكن ،فﮭي أي ھذه الﺟﻣﮭوريات الﺧﻣس ﻣن
آسيا الوسطى يق ّل ﻋدد سكاﻧﮭا ﻋن ﻋدد سكان ﺟارﺗﮭا إيران الﺗي
ﺗُﻌد وﺣدھا ﻣا يقارب 65ﻣﻠيون قاطن ،ﻣن وﺟﮭﺔ ﻧظر أھﻣيﺔ
السكان في كل دولﺔ ،ﺗﺑدو أوزﺑكسﺗان ﺑسكاﻧﮭا الﺑالغين 23ﻣﻠيوﻧا
الﺑﻠد األكثر سكاﻧا ،ﺗﻠيﮭا كازاﺧسﺗان الﺗي ﺗﻌد 16ﻣﻠيوﻧا وﻋدد
سكان الدول الثالث األﺧرى يﺗراوح ﺑين 4و 7ﻣاليين ساكن،
وإذا قارﻧا الﻣﻧطقﺔ ﻣﻊ ﺟيراﻧﮭا القريﺑين (إيران ،روسيا ،ﺑاكسﺗان
الﮭﻧد ،الﺻين) يﺑدو واضﺣا أﻧه ﻋﻠى الﺻﻌيد الديﻣغرافي ﺗﺑدو آسيا
الوسطى كفراغ ﺣقيقي ﻣﺣاط ﺑﺑقاع ﻣﻣﺗﻠئﺔ.
ويﻌﺗﻧق أﻏﻠﺑيﺔ سكان آسيا الوسطى الدياﻧﺔ اﻹسالﻣيﺔ ،واﻧﺗﺷر
اﻹسالم في ھذه الﻣﻧاطق ﺑوسائل ﺷﺗى ﻣﻧﮭا ﺗأثير الفﺗوﺣات األولى
في ﺻدر اﻹسالم ...فضال ﻋن الﺗﺟار الﻣسﻠﻣين ﻋﻠى طول اﻣﺗداد
ﻧﮭر الفولغا أو ﻣا يﻌرف ﺑطريق الفراء الﻣﻣﺗد ﻣن الﺟﻧوب ﻧﺣو
الﺷﻣال ،أو الطريق ﻧﺣو الﺻين أو ﻣا يﻌرف ﺑطريق الﺣرير
الﻣﻣﺗد ﻣن الﺷرق إلى الغرب ،وﺗدرك دول آسيا أﻧﮭا دول إسالﻣيﺔ
وأﻧﮭا قريﺑﺔ ﻣن الﺷرق األوسط كﻣا أن لﮭا ﻋالقات ثقافيﺔ وديﻧيﺔ
قويﺔ ﻣﻊ الدول الﻌرﺑيﺔ .كﻣا ﺗﺗﻣيز ھذه الﻣﻧطقﺔ ﺑﺗفوق الﻌﻧﺻرين
الﺗركي واﻹيراﻧي ،ويﺑرز ذلك في كون الﻠغات الﻣﺗداولﺔ ھي
الﺗركيﺔ والفارسيﺔ إلى ﺟاﻧب الﻠغﺔ الروسيﺔ.
98
الواقﻊ السياسي واالقﺗصادي:
يﻌﺗﺑر ﺑروز ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣكوﻧﺔ ﻣن ﺧﻣس دول ﻣسﺗقﻠﺔ ﻋﻠى
الساﺣﺔ الدوليﺔ ...دفﻌﺔ واﺣدة وفي ﻣﺟال ﺟغرافي ﻣوﺣد ﺣدثا
فريدا يﺗﺟاوز في أﺑﻌاده الﻣﺧﺗﻠفﺔ إطار الﻣﺟال اﻹقﻠيﻣي .ﺣيث ﺗقﻊ
ھذه الﺑﻠدان ﻣن الﻧاﺣيﺔ الﺟغرافيﺔ في ﻧقطﺔ الﺗقاء ﺣضارات ﻋريقﺔ
ﻋدة ،ﺗﺗوسط ﻣا ﺑين الﺷرق والغرب إﺣدى طرق الﺗﺑادل الﺗاريﺧيﺔ
ﺑين آسيا وأورﺑا وﺑالﺗالي ﺗقﻊ في قﻠب الﻣﺟال الﺟغرافي الواسﻊ
الﻣﺻطﻠح ﻋﻠى ﺗسﻣيﺗه أوراسيا ،كﻣا أﻧﮭا ﺗفﺻل ﺑين روسيا ﺷﻣاﻻ
وﻣﺟال الﺷرق األوسط وﺷﺑه القارة الﮭﻧديﺔ ﺟﻧوﺑا ،وھي ﺑذلك
ﺗﻌﺗﺑر الﻣﻧطقﺔ الوسطيﺔ لإلﻣﺑراطوريات والﻣﺗﺣكﻣﺔ ﺑقﻠب الﻌالم.
وﻣا ﻣن ﺷك أن دول آسيا الوسطى ﻏﻧيﺔ ﺑكثير ﻣن الﻣوارد
األوليﺔ الضروريﺔ لﻠﺗطور والﺗقدم كالﻧفط والقطن والﺣرير
الطﺑيﻌي والذھب والفراء الطﺑيﻌي ،فضال ﻋن اﺣﺗياطياﺗﮭا ﻣن
الغاز الطﺑيﻌي والفﺣم والﻣﻌادن الﺣديديﺔ ﻣثل الﻧﺣاس والزﻧك
والفضﺔ لكن ھذه الﺟﻣﮭوريات ﺗﺑقى ﻣﻊ ذلك فقيرة وﺗﻌاﻧي ﻣن
ﻣﺷكالت ﺗﻧﻣيﺔ وﺗطور أكثر ﻣن الﺟﻣﮭوريات السوفياﺗيﺔ األﺧرى،
ويﻌود السﺑب في ذلك إلى وقوﻋﮭا ﺗﺣت اﻻسﺗﻌﻣار األورﺑي ،ثم
ﻣﻌاﻧاﺗﮭا ﻣن آثار ﺑرﻧاﻣج اﻹﺗﺣاد السوفيﺗي لإلﺻالح اﻻقﺗﺻادي
1
وﺗﺣرير األسﻌار ﻣﻣا فاقم ﻣن ﻣﺷاكﻠﮭا اﻻقﺗﺻاديﺔ.
وﻋقب ﺗفكك اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي ،وﺧالل ﺣقﺑﺔ الﺗسﻌيﻧيات،
ﺷﮭدت ﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى والقوقاز ﺗراﺟﻌًا واض ًﺣا لروسيا في
1ﻣﺣﻣد رضا ﺟﻠيﻠي وﺗيري كيﻠيز ،ﺟيو سياسيﺔ آسيا الوسطى ،ﺗرﺟﻣﺔ:
ﻋﻠي ﻣقﻠد ،ﻣﻧﺷورات دار اﻻسﺗقالل لﻠثقافﺔ والﻌﻠوم القاﻧوﻧيﺔ ،ط ،1ﺑيروت
،2001ص6-5
99
ﻣواﺟﮭﺔ ﻧﻣو ﻣﺗزايد في الﻧفوذ األﻣريكي ،فقد رأت القيادة الروسيﺔ
آﻧذاك أن الﺟﻣﮭوريات اﻹسالﻣيﺔ السوفيﺗيﺔ في آسيا الوسطى
والقوقاز ﺗﻣثل ﻋﺑئًا ﻋﻠى روسيا ،وﺑدا وكأن روسيا ﺗريد أن ﺗﺗﻧﺻل
ﻣن ﻋالقاﺗﮭا الﺗي داﻣت قروﻧًا ﻣﻊ ھذه الﻣﻧطقﺔ ،وكاﻧت ﺗأﻣل أن
يكون الكوﻣﻧولث ﺗﺟﻣﻌًا يضم الدول السالفيﺔ الثالث :روسيا
وأوكراﻧيا وﺑﻠوروسيا ،ويﺗﺟه ﻏرﺑًا ليضم دول ﺷرق ووسط أورﺑا.
وﺑالفﻌل اﺟﺗﻣﻊ قادة الدول الثالث وأﻋﻠﻧوا قيام كوﻣﻧولث الدول
الﻣسﺗقﻠﺔ في 8ديسﻣﺑر ،1991وﺟﻌﻠوا ﻣن ﻣيﻧسك ﻋاﺻﻣﺔ
ﺑﻠوروسيا الﻣقر الرئيس له .إﻻ أن الكوﻣﻧولث لم يﺗﺟه ﻏرﺑًا ،وإﻧﻣا
اﺗﺟه ﺷرقًا ،واﺗسﻊ ليضم ﺟﻣﮭوريات اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي الساﺑق،
فيﻣا ﻋدا دول الﺑﻠطيق الثالث ،وذلك لﻌدة أسﺑاب كان ﻣن أھﻣﮭا
إﺻرار دول آسيا الوسطى ﻋﻠى اﻻﻧضﻣام إليه ،وﺷﺟﺑﮭم الدول
الثالث ﻻﻧفرادھم ﺑﮭذه الﻣﺑادرة .وﻣن ثم كان اﻻﺟﺗﻣاع الﺗأسيسي
لﻠكوﻣﻧولث في آلﻣأﺗا ﻋاﺻﻣﺔ كازاﺧسﺗان في 21ديسﻣﺑر ،1991
وﺣضرﺗه إﺣدى ﻋﺷرة دولﺔ ﻣن ﺟﻣﮭوريات اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي
الساﺑق .وفي ديسﻣﺑر 1993اﻧضﻣت ﺟورﺟيا إلى الكوﻣﻧولث،
وذلك ﺑﻌد إﻋالن الرئيس الﺟورﺟي إدوارد ﺷيفرﻧادزة ،في أكﺗوﺑر
،1993رﻏﺑﺔ ﺑالده في اﻻﻧضﻣام إلى الكوﻣﻧولث ،ليﺻل ﻋدد
أﻋضائه إلى اثﻧﺗي ﻋﺷرة دولﺔ.
ورﻏم ھذا اسﺗﻣر ﺗراﺟﻊ دول آسيا الوسطى والقوقاز في
أولويات السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ .كﻣا ﺗﺧﻠفت روسيا ﻋن
الوﻻيات الﻣﺗﺣدة وﻏيرھا ﻣن الدول الﺗي سارﻋت إلى إقاﻣﺔ
ﻋالقات دﺑﻠوﻣاسيﺔ رسﻣيﺔ ﻣﻊ ھذه الدول ﺑل ولم ﺗﺑذل روسيا الﺟﮭد
الالزم لﺣﻣايﺔ الروس والﻣﺗﺣدثين ﺑالروسيﺔ في ھذه الدول،
100
واسﺗغاللﮭم كﻌاﻣل ﺗواﺻل ھام ﺑين روسيا وھذه الدول .فﮭﻧاك 25
ﻣﻠيون روسي ﻣﻧﺗﺷرون في ﺟﻣﮭوريات اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي الساﺑق
ويﻣثﻠون ﻧسﺑﺔ يﻌﺗد ﺑﮭا ﻣن سكان ﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى
والقوقاز .1
ﺑالرﻏم ﻣن ذلك ﻻ زالت دول وسط آسيا ﻣﻌﺗﻣدة في ﻣﺑادﻻﺗﮭا
الﺗﺟاريﺔ وﻋالقاﺗﮭا اﻻقﺗﺻاديﺔ ﻣﻊ روسيا وھو ﺗﺑادل ﻏير ﻣﺗكافئ
ﺑين الﻣركز الروسي وأﻋضاء راﺑطﺔ الدول الﻣسﺗقﻠﺔ ،أﺑقى ﻋﻠى
راﺑطﺔ الﺗﺑﻌيﺔ ﻣن ﺧالل إﺑقاء سيطرﺗﮭا ﻋﻠى ﺗﺻدير ﻣوارد الﺑالد
ﻣن الﻧفط والغاز.
وﺗﺟد دول وسط آسيا ﺻﻌوﺑﺔ في دﺧول السوق الﻌالﻣي،
وﺗفضيﻠﮭا اﻻﻋﺗﻣاد ﻋﻠى الﺗﺑادل الﺗﺟاري الداﺧﻠي ﺗأثرا ﺑاألﻧظﻣﺔ
الﺗي ﺣكﻣﺗﮭا والﺗي سﻌت إلى فك اﻻرﺗﺑاط ﺑالسوق الرأسﻣالي
الﻌالﻣي .2
101
المساحة عدد السﻛان
ﻧظام الﺣكم الﻠغﺔ 2 الﻌاﺻﻣﺔ الدولﺔ
ﻛم (مﻠيون نسمة)
1
ﺟﻣﮭوري ﺗركﻣاﻧيﺔ
488.1 5.1 ﻋﺷق آﺑاد ﺗركﻣاﻧسﺗان
رئاسي وروسيﺔ
102
ﺟﻣﮭوري أوزﺑكيﺔ
447.4 27.6 طﺷقﻧد أوزﺑكسﺗان
رئاسي وروسيﺔ
ﺟﻣﮭوري قيرﻏيزيﺔ
199.9 5.6 ﺑﺷكيك قيرﻏزسﺗان
رئاسي وروسيﺔ
الﺗﻛوين السياسي لجمهوريات آسيا الوسطﻰ
ﺟﻣﮭوري طاﺟيكيﺔ
143.1 7.2 دوﺷﻧﺑه طاﺟيكسﺗان
رئاسي وروسيﺔ
103
2المحددات الجيو سياسية لمنطﻘة الﻘوقاز
الموقﻊ الجغرافي:
ي يقﻊ ﺑين الﺑﺣر األسود في الغرب وﺑﺣر القوقاز إقﻠيم ﺟﺑﻠ ٌّ
قزوين في الﺷرق ،وﺗﺗقاسم اﻹقﻠيم أرﺑﻊ دول ھي :روسيا،
وﺟورﺟيا ،وأذرﺑيﺟان ،وأرﻣيﻧيا .وقد ﺻار اﻹقﻠيم ﻋﺑر الﻌﺻور
ﻣسارا ھا ًّﻣا ﻻﻧﺗقال الثقافات ﻣن الﺟﻧوب ،ﺣيث ﺣضارات الﮭالل ً
الﺧﺻيب إلى الﺷﻣال (الﺣضارة الروسيﺔ) ،وإلى الغرب
(ﺣضارات ﺷرق أورﺑا) ،وكذلك إلى الﺷرق (آسيا الوسطى).
ورﻏم أن اﻹقﻠيم ﺑﻣوقﻌه ھذا يﻣثل ﺣضارة أوروآسيويﺔ ،فإن
الﺗأثير الثقافي اآلسيوي أكثر وضو ًﺣا فيه.
وﺗﻣﺗد ﺟﺑال القوقاز ﺑﺻفﺔ ﻋاﻣﺔ ﻣن الﺷﻣال الغرﺑي إلى
الﺟﻧوب الﺷرقي ،ﻣؤلفﺔ ﻣن سﻠسﻠﺗي ﺟﺑال القوقاز الكﺑرى في
الﺷﻣال ،والقوقاز الﺻغرى في الﺟﻧوب .ويﺗسم القوقاز ﺑﺗﻧوع
ﻣﻌﺑرا أرضيا ﻣرتً ﻋرقي كﺑير ،وھو أﻣر راﺟﻊ إلى كون اﻹقﻠيم
ﻋﺑره ﻣوﺟات ﺑﺷريﺔ ﻋديدة ﺗﺣركت ﺑين آسيا وأوروﺑا وأفريقيا..
ﻋا لغويًّا ﺷديدًا ،يﻧدر أن ﻧﺟد لهواسﺗﺗﺑﻊ ذلك الﺗﻧوع الﻌرقي ﺗﻧو ً
ﻣثيالً في ﺑقﻌﺔ ﻣن األرض لﮭا ﺗﻠك الﻣساﺣﺔ الﺻغيرة.
السﻛان:
ويقطن القوقاز أكثر ﻣن 50ﺷﻌﺑًا يﺗﺣدثون ﺑﻠغات ﻣﺧﺗﻠفﺔ
ولﮭﺟات ﻣﺗﻧوﻋﺔ ،وقد أﺻاب كثير ﻣن الرﺣالﺔ الﻌرب الذين ﺟاﺑوا
كثيرا ﻣن الﻣﻌﻠوﻣات الﺗي ﻋرفﮭا الﻌالم ﻋن القوقاز اﻹقﻠيم ودوﻧوا ً
فيﻣا ﺑﻌد ﺣيﻧﻣا أطﻠقوا ﻋﻠى اﻹقﻠيم ﻣسﻣى "ﺟﺑل األلسن" في إﺷارة
ﺑﻠيغﺔ إلى الﺗﻧوع الكﺑير في لغات اﻹقﻠيم .وﺗﻣثل سواﺣل الﺑﺣر
104
األسود وسﮭول األوديﺔ أكثر ﻣﻧاطق الﺗركز السكاﻧي ،ﺑسﺑب
الﻧﺷاط الزراﻋي الكثيف ،كﻣا أن سفوح الﺟﺑال ﺗﺣوي ھي األﺧرى
أﻋدادا ً كﺑيرة ﻣن السكان ...وﻋﻠى الﻧقيض ﺗﺷﮭد األقاليم األلﺑيﺔ
1
ﺗﺑﻌثرا سكاﻧيًّا.
ً الﻣرﺗفﻌﺔ
ويﻧقسم القوقاز إلى قسﻣين :القوقاز الﺟﻧوﺑي ،والقوقاز الﺷﻣالي
الذي يﻌرف ﺑالقوقاز الروسي وھو ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن الﺟﻣﮭوريات
الﺻغيرة الﺗي ﺗﺷكل ﺟزءا ﻣن روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ ،وھي :داﻏسﺗان،
الﺷيﺷان أﻧﺟوﺷيا أوسيﺗيا الﺷﻣاليﺔ ،أديغيا ،كﺑارديﻧو ﺑﻠكاري ،قرة
ﺷاي ﺷركسيا.
يﺣد دول القوقاز ﻣن الﺷﻣال روسيا ،وﻣن الﺟﻧوب إيران ،وﻣن
الﺟﻧوب الغرﺑي ﺗركيا ،وﻣن الﺷرق داﻏسﺗان (روسيا) وﺑﺣر
قزوين ،وﻣن الغرب الﺑﺣر األسود .ويﺑﻠغ ﻋدد سكان ﻣﻧطقﺔ
القوقاز ﻣا يقارب 20ﻣﻠيون ﻧسﻣﺔ ،وﺗﺑﻠغ ﻣساﺣﺔ الﻣﻧطقﺔ ﺣوالي
2
600ألف كيﻠو ﻣﺗر ﻣرﺑﻊ.
105
الﻣﺣﻠيﺔ ھي الطاقﺔ الكﮭرﻣائيﺔ .ﺗوﺟد في الﺑالد كﻣيات ﺻغيرة ﻣن
الفﺣم والغاز والﺑﺗرول لكن لم يﺟر اسﺗثﻣارھا ﺣﺗى اآلن.
ثﻠثا أذرﺑيﺟان ﻏﻧي ﺑالﻧفط والغاز الطﺑيﻌي .ﺗﻣﺗﻠك ﻣﻧطقﺔ
القوقاز الﺻغرى أﻏﻠب ﻣﺧزون الﺑالد ﻣن الذھب الفضﺔ الﺣديد
الﻧﺣاس الﺗيﺗاﻧيوم الكروم الﻣﻧغﻧيز الكوﺑالت والﻣوليﺑدﻧوم
والﺧاﻣات الﻣركب واﻹثﻣد .في سﺑﺗﻣﺑر ،1994ﺗم ﺗوقيﻊ ﻋقد
لﻣدة 30ﻋاﻣا ً ﺑين ﺷركﺔ الﻧفط الﺣكوﻣيﺔ لﺟﻣﮭوريﺔ أذرﺑيﺟان
(سوكار) و 13ﻣن ﺷركات الﻧفط ﻣن ﺑيﻧﮭا أﻣوكو وﺑي ﺑي
وإكسون ﻣوﺑيل ولوك أويل وﺷﺗات أويل .لكون ﺷركات الﻧفط
الغرﺑيﺔ قادرة ﻋﻠى اﻻسﺗفادة ﻣن ﺣقول الﻧفط في الﻣياه الﻌﻣيقﺔ
الﺗي لم يسﺗطﻊ السوفيات الوﺻول إليﮭا ،ﺗﻌﺗﺑر أذرﺑيﺟان واﺣدة
ﻣن أھم الﻣواقﻊ في الﻌالم لﻠﺗﻧقيب ﻋن الﻧفط .في الوقت ﻧفسه ﺗم
ﺗأسيس ﺻﻧدوق الﻧفط الﺣكوﻣي ﺑوﺻفه ﺻﻧدوقا ﻣن ﺧارج
الﻣيزاﻧيﺔ لضﻣان اسﺗقرار اﻻقﺗﺻاد الكﻠي والﺷفافيﺔ في إدارة
ﻋائدات الﻧفط والﺣفاظ ﻋﻠى الﻣوارد لألﺟيال الﻣقﺑﻠﺔ.
ﺗﻧدﻣج ﺟورﺟيا ﺑﺻورة ﻣﺗزايدة في ﺷﺑكﺔ الﺗﺟارة الﻌالﻣيﺔ:
ﺣيث ﺷكﻠت الواردات والﺻادرات في ﻋام 2006ﻣا ﻧسﺑﺗه ٪10
و ٪18ﻣن الﻧاﺗج الﻣﺣﻠي اﻹﺟﻣالي ﻋﻠى الﺗوالي .ﺗﺷﻣل واردات
ﺟورﺟيا الرئيسيﺔ الغاز الطﺑيﻌي والﻣﻧﺗﺟات الﻧفطيﺔ ،واآلﻻت
وقطﻊ الغيار ،وﻣﻌدات الﻧقل.
ﺗﺗﺣول ﺟورﺟيا ﺣاليا ً إلى ﻣﻌﺑر دولي ﻣن ﺧالل ﻣيﻧائي ﺑاﺗوﻣي
وﺑوﺗي ،كﻣا أن ﺧط أﻧاﺑيب الﻧفط ﻣن ﺑاكو يﻣر ﻣن ﺗﺑﻠيسي إلى
ﺟيﮭان ﺧط أﻧاﺑيب ﺑاكو -ﺗﺑيﻠيسي -ﺟيﮭان ( ،)BTCواﻧﺑوب ﻏاز
ﻣواز ،ﺧط أﻧاﺑيب ﺟﻧوب القوقاز.
106
ﺗﺗزايد أھﻣيﺔ القطاع السياﺣي في اﻻقﺗﺻاد الﺟورﺟي .ﺣيث
ﺟﻠب ﻣا يقرب ﻣن ﻣﻠيون سائح 313ﻣﻠيون دوﻻر لﮭذا الﺑﻠد في
.2006وفقا لﻠﺣكوﻣﺔ ،يوﺟد 103ﻣﻧﺗﺟﻌات في ﻣﻧاطق ﻣﻧاﺧيﺔ
ﻣﺧﺗﻠفﺔ في ﺟورﺟيا .ﺗﺷﻣل ﻣراكز الﺟذب السياﺣيﺔ أكثر ﻣن
2000ﻣن اليﻧاﺑيﻊ الﻣﻌدﻧيﺔ ،وأكثر ﻣن 12،000ﻣن الﻣﻌالم
الﺗاريﺧيﺔ والثقافيﺔ أرﺑﻌﺔ ﻣﻧﮭا ﻣﺻﻧفﺔ ﻣن قﺑل اليوﻧسكو ﻋﻠى أﻧﮭا
ﻣواقﻊ الﺗراث الﻌالﻣي .1
107
1
دول الﻘوقاز المساحة والسﻛان
21سﺑﺗﻣﺑر
1991 // 29.743 3.250.000 أرﻣيﻧيا
30أﻏسطس
1991 // 86.600 7.953.438 أذرﺑيﺟان
القوقاز
// 400.000 3.835.000 الروسي
108
اﺣﺗياطيات ﺑﻌض دول آسيا الوسطى والقوقاز ﻣن الﻧفط والغاز
1
109
:3راﺑطة أو (ﻛومنولث) الدول المسﺗﻘﻠة:
كوﻣﻧولث الدول الﻣسﺗقﻠﺔ راﺑطﺔ ﺗﺗكون ﻣن 12دولﺔ كاﻧت
ﺗكون في الساﺑق ﺟﻣﮭوريات اﻻﺗﺣاد السوفييﺗي .وھذه الدول ِّ
األﻋضاء ھي :أرﻣيﻧيا ،وأذرﺑيﺟان ،وﺟورﺟيا ،وروسيا الﺑيضاء،
وكازاﺧسﺗان وقيرﻏزسﺗان وﻣولدوفا ،وروسيا ،وطاﺟكسﺗان،
وﺗركﻣاﻧسﺗان ،وأوكراﻧيا ،وأوزﺑكسﺗان وﻋاﺻﻣﺔ الراﺑطﺔ ھي
ﻣيﻧسك في روسيا الﺑيضاء.
كان اﻻﺗﺣاد السوفييﺗي (الساﺑق) يﺗكون ﻣن 15ﺟﻣﮭوريﺔ.
وفي ﻋام 1991م ﺑدأت الﺟﻣﮭوريات في إﻋالن اسﺗقاللﮭا ،وﺑدأ
اﻻﺗﺣاد السوفييﺗي يﻧقسم إلى أﺟزاء .وكوﻧت اﻹثﻧﺗا ﻋﺷرة
ﺟﻣﮭوريﺔ كوﻣﻧولث الدول الﻣسﺗقﻠﺔ في ديسﻣﺑر ﻣن الﻌام ﻧفسه،
في وقت قﺻير قﺑل أن يﺧﺗفي اﻻﺗﺣاد السوفييﺗي.
والثالث ﺟﻣﮭوريات الساﺑقﺔ الﺗي لم ﺗﻧضم إلى الﻣﻧظﻣﺔ ھي:
أسﺗوﻧيا ،وﻻﺗفيا ،وليﺗواﻧيا .وﺗكون كوﻣﻧولث الدول لﻌدة أسﺑاب
ﻣﻧﮭا ،أرادة الكثير ﻣن الدول األﻋضاء الﻣﺣافظﺔ ﻋﻠى الرواﺑط
اﻻقﺗﺻاديﺔ الﺗي كاﻧت ﺑيﻧﮭا كﺟﻣﮭوريات سوفييﺗيﺔ ساﺑقﺔ ،فﻌﻣﻠوا
ﻋﻠى ﺑﻧاء قوة ﻋسكريﺔ ﻣﺷﺗركﺔ ﺗسﺗطيﻊ ﺻياﻧﺔ اسﺗقالل أراضي
ضا أن
كل دولﺔ في ھذه الﻣﻧظﻣﺔ .وكان اﻋﺗقاد أﻋضاء الﻣﻧظﻣﺔ أي ً
الكوﻣﻧولث رﺑﻣا يطﻣئن ﺑقيﺔ دول الﻌالم ﺑأن أسﻠﺣﺔ اﻻﺗﺣاد
السوفييﺗي (الساﺑق) الﻧوويﺔ سوف ﺗﺑقى ﺗﺣت سيطرة قيادة واﺣدة.
وفﻌالً وضﻌت األسﻠﺣﺔ ﺗﺣت سيطرة الﻣﻧظﻣﺔ .وﻋﻠى الرﻏم ﻣن
أن ھذه الﻣﻧظﻣﺔ كاﻧت ﺗﮭدف إلى ﻣساﻋدة الﺟﻣﮭوريات الساﺑقﺔ
ﻋﻠى اﻻسﺗﻣرار في الﻌﻣل الﻣﺷﺗرك ،إﻻ أﻧﮭم سرﻋان ﻣا ﺑدأوا في
الﻧزاع ﺣول ﻣوضوﻋات ﻣﺧﺗﻠفﺔ.
110
لقد ھدف كوﻣﻧولث الدول الﻣسﺗقﻠﺔ في األساس إلى ﺗكوين قوة
ﻋسكريﺔ واﺣدة لكل أﻋضائه ،إﻻ أن كالً ﻣن أذرﺑيﺟان وروسيا
الﺑيضاء وكازاﺧسﺗان وروسيا وأوكراﻧيا قررت أن ﺗﻧﺷئ قواﺗﮭا
الﻣسﻠﺣﺔ الﺧاﺻﺔ ﺑﮭا ...ورفض ﻣﻌظم أﻋضاء كوﻣﻧولث الدول
الﻣسﺗقﻠﺔ فكرة روسيا ﻹﻧﺷاء سوق اقﺗﺻاديﺔ ﻣﺷﺗركﺔ يسﺗﻣر فيﮭا
الروﺑل ـ الوﺣدة الﻧقديﺔ السوفييﺗيﺔ ـ في الﺗداول .وﺑدﻻً ﻣن ذلك
فإﻧﮭا اﺧﺗارت أن ﺗﻧﺷئ ﻋﻣالﺗﮭا الﺧاﺻﺔ ﺑﮭا.
ويﻌﺗقد الﺧﺑراء أن الكثير ﻣن ﻣﺷكالت ھذه الﻣﻧظﻣﺔ ﺗﻧﺷأ ﻣن
ﻋدم وﺟود ھدف واضح .وﺗرى روسيا أن كوﻣﻧولث الدول
الﻣسﺗقﻠﺔ يﺟب أن ﺗسﺗﻣر .ولكن األﻋضاء اآلﺧرين يﻌﺑرون ﻋن
ﺧوفﮭم ﻣن أن روسيا ـ ﺑﺣﺟﻣﮭا وقوﺗﮭا الكﺑيرة ـ سوف ﺗسيطر
ﻋﻠى ھذه الﻣﻧظﻣﺔ ويرى ﺑﻌض األﻋضاء أن كوﻣﻧولث الدول
الﻣسﺗقﻠﺔ اﺗﺣاد ﻣؤقت يساﻋد فقط الﺟﻣﮭوريات الساﺑقﺔ ﻋﻠى
اﻻسﺗقالل الﺣقيقي .وﻻ يﻣﻠك كوﻣﻧولث الدول الﻣسﺗقﻠﺔ ﻣيثاقًا
ضا سﻠطﺔ ﺣاكﻣﺔ ﺗﺗﺧذ يوضح واﺟﺑاﺗه وسﻠطاﺗه ،ويﻧقﺻه أي ً
القرارات وﺗﺗﻌاﻣل ﻣﻊ الﻧزاﻋات .ويﺗساءل الكثير ﻣن الﻧاس في
1
الدول األﻋضاء ﻋن ﺟدواھا.
111
األهمية اإلستراتيجية لمنطقة آسيا
الوسطى والقوقاز بالنسبة لروسيا
112
واﻹرھاب .وﺗﺷارك ﻣﻧظﻣﺔ راﺑطﺔ الدول الﻣسﺗقﻠﺔ ،في قوات ﺣفظ
1
السالم الﺗاﺑﻌﺔ لألﻣم الﻣﺗﺣدة.
وفي ﻧظر الكثير ﻣن الﻣﺣﻠﻠين الروس أن الدفاع ﻋن الﺣدود
الﺧارﺟيﺔ لﻣﻧظﻣﺔ الدول الﻣسﺗقﻠﺔ يﺷكل الﺧط األول لﻠدفاع ﻋن
روسيا ﺑالذات .إن آسيا الوسطى ﺗﻌﺗﺑر ﺑالﺗالي كﺣﻠقﺔ ﻣﮭﻣﺔ في
ﻣﺣيط األﻣن الروسي ،ولﮭذا ﺷددت ﻣوسكو ﻋﻠى ﻣﺗاﺑﻌﺔ الرواﺑط
الﻌسكريﺔ ﻣﻊ الﺟﻣﮭوريات الﺟديدة في آسيا الوسطى ،ولكن
ﻧﺟاﺣﮭا في ھذا الﻣﺟال ﻣﺑﺗور ،فإذا كاﻧت أﻣﻧت ﺣضورا ﻋسكريا
في كازاﺧسﺗان وفي قيرﻏيزسﺗان وفي طاﺟيكسﺗان ،إﻻ أن
أوزﺑاكسﺗان الﺗي ﺗأﻣل ﺑﻣطاﻣح إقﻠيﻣيﺔ في آسيا الوسطى قد
رفضت ﻣن ﺟﮭﺗﮭا إقاﻣﺔ قواﻋد روسيﺔ فوق أراضيﮭا في ﺣين أن
ﺗركﻣاﻧسﺗان ﻻ ﺗؤوي إﻻ ﺣراس ﺣدود.
وﺗﮭﺗم روسيا ﺑﺷكل ﺧاص لﻌالقاﺗﮭا ﺑكازاﺧسﺗان ففي ﻧظر
ﻣوسكو أن األراضي الكازاﺧيﺔ ﺗﻠﻌب دورا ﻣﮭﻣا ﺟدا في الدفاع
ﻋن األرض الروسيﺔ ،إذ يﺷكل ھذا الﺑﻠد ﺑالفﻌل ﻣﻧطقﺔ ﻋازلﺔ
وﻧوﻋا ﻣن الﺗرس اﻹسﺗراﺗيﺟي ﻣﺧﺻص لﺣﻣايﺔ األرض الروسيﺔ
في ﺣالﺔ ﻋدم اﻻسﺗقرار في آسيا الوسطى ،وأيضا في اﺣﺗﻣاليﺔ
ﺗدھور الﻌالقات ﻣﻊ الﺻين ...إن وﺟود ﻣوسكو في كازاﺧسﺗان
يفي ﺑاﺣﺗياﺟات روسيا في الوﺻول إلى ﺑﻌض الﻣﻧﺷآت
اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ ...الﻣﻌﺗﺑرة كأساسيﺔ لﻣراقﺑﺔ إطالق ﺻواريﺦ
ﻣﺣﺗﻣل آﺗيﺔ ﻣن الﺟﻧوب أو ﻣن الﺻين ويﻌﺗقد الﻌديد ﻣن الﻣفكرين
الروس أن إقاﻣﺔ ﺧد ﺟديد دفاﻋي ﻋﻠى طول الﺣدود الكازاﺧيﺔ ﻻ
يﻣكن ﺗﺣقيقه ﺑسﺑب طوله ...والﺗكﻠفﺔ الضﺧﻣﺔ الﺗي لن يﺗﺣﻣﻠﮭا
113
اﻻقﺗﺻاد الروسي الﻣﺗﻌثر ...وإن ھذا الوضﻊ يقﺗضي اﻹﺑقاء ﻋﻠى
1
ﺗﻌاون ﻋسكري ﻣﺗين ﻣﻊ أسﺗاﻧا.
ب اقﺗصاديا:
ﺗﻣثل ﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى السوق الرئيس لﻠﻧفط والغاز الروسي
ﺑالﻧسﺑﺔ لﻠدول األورﺑيﺔ ﺣيث ﺗقوم روسيا ﺑإﻣدادھا ﺑـ %27ﻣن
اﺣﺗياﺟاﺗﮭا ﻣن الﻧفط ،وأكثر ﻣن %50ﻣن اﺣﺗياﺟاﺗﮭا ﻣن الغاز،
وأھﻣﮭا ألﻣاﻧيا الﺗي ﺗﻌﺗﺑر روسيا أكﺑر ُﻣﺻدر لﻠﻧفط ولﻠغاز
ضا الﺟزء الﺷرقي ﻣن أورﺑا ،ﺣيث كان اﻻﺗﺣاد الطﺑيﻌي إليﮭا ،وأي ً
السوفيﺗي يﻣد دول أورﺑا الﺷرقيﺔ ﺑأكثر ﻣن ثﻠثي اسﺗﮭالكﮭا ﻣن
كثيرا ﻋن ﻣثيﻠﺗﮭا
ً الﻧفط ،و %80ﻣن وارداﺗﮭا ﻣﻧه ،وﺑأسﻌار ﺗقل
في السوق الﻌالﻣيﺔ .وﻣا زالت ھذه الدول ﺗﻌﺗﻣد اﻋﺗﻣادًا أساسيًا
ﻋﻠى روسيا في الﺣﺻول ﻋﻠى اﺣﺗياﺟاﺗﮭا ﻣن الﻧفط والغاز
الطﺑيﻌي .وﻣن الﻣﺗوقﻊ أن يغطي الغاز الروسي في ﻋام 2020
ﺣوالي 70%ﻣن اﺣﺗياﺟات القارة األورﺑيﺔ.
إزاء ھذا الﻧفوذ الﻧفطي الﻣﺗزايد لروسيا في سوق الطاقﺔ
وﻧظرا
ً الﻌالﻣي ﺧاﺻﺔ األسواق األورﺑيﺔ ،وﺑدرﺟﺔ أقل األﻣريكيﺔ،
ألن ﻣوارد الطاقﺔ ﻣن ﻧفط وﻏاز طﺑيﻌي ليست ﻣﺟرد سﻠﻊ ﺗﺟاريﺔ،
ولكن ﻣوارد إسﺗراﺗيﺟيﺔ ﺟيوسياسيﺔ ،فقد أثار ذلك ﻣﺧاوف
الوﻻيات الﻣﺗﺣدة ﻣن اسﺗﺧدام إﻣدادات الﻧفط كسالح سياسي ﻣن
2
ﺟاﻧب روسيا في ﻣواﺟﮭﺔ أورﺑا والوﻻيات الﻣﺗﺣدة.
ﺑاﻹضافﺔ إلى سﻌى روسيا إلى السيطرة ﻋﻠى ﺷﺑكات ﻧقل
الطاقﺔ الﺗي ﺗﻣثل ﺑدائل ﻣﺣﺗﻣﻠﺔ لﻠطاقﺔ الروسيﺔ ﺑالﻧسﺑﺔ ألسواقﮭا،
114
ﻻسيﻣا أورﺑا ،ﻣن ﺧالل الﺷراكﺔ واﻻسﺗثﻣارات الﻣﺷﺗركﺔ .ففي
ﻣايو ،2007قام الرئيس ﺑوﺗين ﺑﺟولﺔ في آسيا الوسطى ﺷﻣﻠت
كالً ﻣن كازاﺧسﺗان وﺗركﻣاﻧسﺗان ،ركز ﺧاللﮭا ﻋﻠى الﺗﻌاون في
ﻣﺟال اسﺗﺧراج وﺗﺻدير الﻧفط والغاز ﻣن آسيا الوسطى .فﺗم ﺗوقيﻊ
اﺗفاقيﺔ ﻣﻊ الرئيس الكازاﺧي ﻧزارﺑاييف ،لزيادة كﻣيات الﻧفط
الكازاﺧي الﻣﺻدرة ﻋﺑر روسيا إلى أورﺑا .وأكد ﻧزارﺑايف اھﺗﻣام
ﺑالده ﺑﻣﺷروع ﺧط أوديسا ﺑرودي ﺟادﻧسك ،ﺑين أوكراﻧيا وﺑﺣر
الﺑﻠطيق ،لكن ﺑﺷرط إﺷراك الﺟﮭات الروسيﺔ الﻣﻌﻧيﺔ ﺑﮭذا
دورا لﻠﻣﺷروع كﺷﺑكﺔ اﺣﺗياطيﺔ لﻧقل
الﻣﺷروع .األﻣر الذي يرﺟح ً
سا
الﻧفط الكازاﺧي والروسي إلى األسواق الﺧارﺟيﺔ وليس ﻣﻧاف ً
لﻠﺧطوط الروسيﺔ .أﻋقب ذلك ﺗوقيﻊ ﺑوﺗين ﻻﺗفاقيﺔ ﻣﻊ الرئيس
الﺗركﻣاﻧي ،ﺑيردي ﻣﺣﻣودوف لﻣد ﺧط ﻏاز ﺟديد ﻣن ﺗركﻣاﻧسﺗان
إلى أورﺑا ﻋﺑر األراضي الروسيﺔ ﻧﺣو ﺑﻠغاريا واليوﻧان .وأكد
ﻣﺣﻣودوف أﻧه سيﻣضي قد ًﻣا ﻧﺣو ﺑﻧاء ﻋالقات أوسﻊ ﻣﻊ روسيا،
وﺗﺣديدًا في ﻣﺟال ﺗﺻدير الغاز .ويﺗضﻣن ذلك ﺷراء روسيا لﻠغاز
كثيرا ﻋن أسﻌار ﺑيﻊ الغاز الروسي ً الﺗركﻣاﻧي ﺑأسﻌار ﺗقل
1
ألورﺑا.
وﺧالل الﻠقاء الذي ﺟﻣﻊ الرئيس الروسي ديﻣﺗري ﻣيدفيديف
في ﺗركﻣاﻧسﺗان ﻣﻊ رؤساء كل ﻣن أذرﺑيﺟان وكازاﺧسﺗان
وﺗركﻣاﻧسﺗان ،وھي الدول الﻣطﻠﺔ ﻋﻠى ﺑﺣر قزوين ،وﺗﻣﺗﻠك ﻣﻊ
روسيا %87ﻣن ﺷواطئه ﺣيث ثاﻧي أكﺑر اﺣﺗياطي ﻧفطي في
الﻌالم ﺑﻌد ﻣﻧطقﺔ الﺧﻠيج الﻌرﺑي اﺗفقت الدول األرﺑﻊ ﻋﻠى الﺗﻧسيق
والﺗﻌاون في ﻣﺟال الطاقﺔ ،واسﺗغالل ثروات ﺑﺣر قزوين .كﻣا
115
وقﻌت روسيا وﺗركﻣاﻧسﺗان ﻋﻠى ھاﻣش الﻠقاء في 13سﺑﺗﻣﺑر
2009اﺗفاقيﺔ ﺗﻌاون ﺑين وكالﺔ اسﺗﺧدام الﻣوارد الﮭيدروكرﺑوﻧيﺔ
الﺗركﻣاﻧيﺔ وﺷركﺔ إيﺗيرا الروسيﺔ وذلك ﻻسﺗغالل ﺣقل الﻧفط
والغاز في الﻣﻧطقﺔ رقم 21لﻠقطاع الﺗركﻣاﻧي ﻋﻠى ﺑﺣر قزوين.
1
ج – أمنيا:
لقد لﺧص ﺑريﺟﻧسكي ﺑﺻواﺑيﺔ وضﻊ روسيا في آسيا الوسطى
ﺑقوله" :روسيا ھي أضﻌف ﺑكثير ﻣن أن ﺗسﺗطيﻊ إﻋادة فرض
سيطرﺗﮭا اﻹﻣﺑرياليﺔ ،ولكﻧﮭا أقوى ﺑكثير ﻣن إﻣكاﻧيﺔ إﺧراﺟﮭا ﻣﻧﮭا
2
"
ولفﺗرة طويﻠﺔ ﺑقيت ﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى ﻣﺟاﻻ ﻣغﻠقا ﺑﻌيدا ﻋن
الﻣﻧافسﺔ ﺑين القوى ﺑﺣكم الﮭيﻣﻧﺔ الﻣطﻠقﺔ الﺗي ﺑسطﺗﮭا
اﻹﻣﺑراطوريﺔ الروسيﺔ ثم اﻹﺗﺣاد السوفيﺗي ﻋﻠى ھذا الﻣﺟال
الواسﻊ ،إﻻ أن اﻧﮭيار اﻹﺗﺣاد السوفيﺗي أدى ﻣﺑاﺷرة إلى اﻧﺑﻌاث
ھذه الﻣﻧطقﺔ ،وكان لذالك ﺗأثير ﻣﺑاﺷر ﻋﻠى واقﻊ ﻋالقات القوة
فيﮭا ،إذ سرﻋان ﻣا فﺗح الﻣﺟال أﻣام طﻣوﺣات القوى الﻣﺟاورة:
ﺗركيا – إيران – الﺻين ،وﻏير الﻣﺟاورة :الوﻻيات الﻣﺗﺣدة ،في
الوقت الذي ﺗﺣاول فيه روسيا اﻹﺑقاء ﻋﻠى ﻧفوذھا القوي،
ﺧﺻوﺻا ﺑإﻋادة ھيكﻠﺔ ﻋالقاﺗﮭا ﻣﻊ الﻣﻧطقﺔ ﻋﻠى أسس ﺟديدة
ﺗكفل لﮭا اﻻسﺗقالل السياسي ﻣﻊ ﺑقائﮭا ﺣزاﻣا أﻣﻧيا وﻣﺟاﻻ ﺣيويا
ﺧاضﻌا لﮭيﻣﻧﺗﮭا.
116
لقد ﺗﻣسكت دول آسيا الوسطى ﺑوﺣدة ﺟيش اﻹﺗﺣاد السوفيﺗي
في إطار الكوﻣﻧويﻠث الﺟديد ،وقيادة ﻋسكريﺔ ﻣوﺣدة لﮭذا الﺟيش،
ويﻌود السﺑب في ذلك إلى الﺧوف ﻣن ﺗكويﻧاﺗﮭا الﻌرقيﺔ الﺧاﺻﺔ
ووﺟود ﻋدد كﺑير ﻣن الروس ﺑين سكاﻧﮭا ،وﻣن ﺟﮭﺔ ثاﻧيﺔ فإن ﻣا
أفرزه اﻹﺗﺣاد السوفيﺗي الساﺑق ﻣن ﺗقاسم ﺟغرافي وسياسي ﺑين
ﻣﺧﺗﻠف الدول الواقﻌﺔ (في ﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى والقوقاز) وﻋﻠى
ﺑﺣر قزوين ورسم الﺣدود ﺑﺷكل يﻣﻧﻊ ويقﻠص قدرة كل دولﺔ ﻋﻠى
ﺗﺣقيق سيطرﺗﮭا السياسيﺔ.
وقد ﻋقدت دول الكوﻣﻧويﻠث ست اﺗفاقيات فيﻣا ﺑيﻧﮭا لﻣﻌالﺟﺔ
القضايا األﻣﻧيﺔ الﺣيويﺔ الﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﺗرﺗيﺑات ﻣا ﺑﻌد اﻧﮭيار اﻹﺗﺣاد
السوفيﺗي ،وﺗﺗﺻل ﺑالسيطرة ﻋﻠى األسﻠﺣﺔ الﻧوويﺔ واألﺑﺣاث
الﻧوويﺔ والقوات الﻣسﻠﺣﺔ وقوات الﺣدود والقوات اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ،
وﺗﺟاوز ذلك إلى اﻻﺗفاق ﻋﻠى ﺗرﺗيﺑات ﺟديدة لﺑﻧاء ﻧظام أﻣن
ﻣﺷﺗرك...
117
ﻋﻠى ﻣا ﺑين 20ألفا إلى 100ألف ضﺣيﺔ وﺷرد ...اآلﻻف داﺧل
الﺑالد وﺧارﺟﮭا.
وفي كاﻧون أول سﻧﺔ 1996ﺣﺻﻠت ﻣفاوضات سالم ﺗﺣت
رﻋايﺔ روسيا وإيران أدت إلى ﻋقد اﺗفاق ﻋام ...يﺗﻧاول إقرار
السالم ﺑين الﺣكوﻣﺔ الطاﺟيكيﺔ والﻣﻌارضﺔ ...ﻋﻠى إثره ﺗﺷكﻠت
لﺟﻧﺔ ﻣﺻالﺣﺔ وطﻧيﺔ كﻠفت ﺑاﻻھﺗﻣام ﺑﻣﺷكﻠﺔ الالﺟئين ،وﺑﺗسريح
الﻣقاﺗﻠين ﻣن الﻣﻌارضﺔ ...ودﻣﺟﮭم في الﮭيكﻠيات الﺣكوﻣيﺔ،
وكذلك ﺑﺗﺷكيل ﺣكوﻣﺔ ﺟديدة.
لكن ھذا اﻻﺗفاق لم يﻌد السﻠم لطاﺟيكسﺗان ﺑسﺑب ﻋدم الﺗزام
ﺑﻌض القادة الﻌسكريين لﻠﻣﻌارضﺔ ﺑه ﻣﻣا أوﺟد الكثير ﻣن الﻣﻧاطق
الﺧارﺟﺔ ﻋن سيطرة الﺣكوﻣﺔ والﺧاضﻌﺔ لﻠﻣسﻠﺣين الﺗاﺑﻌين
لﻠﻣﻌارضﺔ أو السﻠطﺔ.
رﻏم كل ھذه الﻣﺻاﻋب فإن ﻋﻣﻠيﺔ ﺗقاسم السﻠطﺔ ﻣﻊ الﻣﻌارضﺔ
يدﺧل ﻧوﻋا ﻣن الﺗﻌدديﺔ في الﻧظام السياسي الطاﺟيكي،
فطاﺟيكسﺗان ھي الدولﺔ الوﺣيدة في آسيا الوسطى ﺣيث يوﺟد
ﺣزب إسالﻣي ﻣﻌارض ﺑﺻورة قاﻧوﻧيﺔ ...ﺑاﻹضافﺔ إلى وﺟود
أﺣد القادة الﻌسكريين لﻠﻣﻌارضﺔ ﻋﻠى رأس إﺣدى الوزارات،
وھذا ليس ﺑالﺷيء القﻠيل ﺑالﻣقارﻧﺔ ﻣﻊ الوضﻊ في ﺑقيﺔ
الﺟﻣﮭوريات األﺧرى آلسيا الوسطى.
ب – النزاع في الﻘوقاز:
ﺑاﻻﻧطالق ﻣن الوضﻊ الراھن لﻠﺻراﻋات يﺟب وضﻊ
الﻣﺟاﺑﮭﺔ الروسيﺔ الﺷيﺷاﻧيﺔ ﻋﻠى رأس القائﻣﺔ ألن الﺣرب...
الﺷيﺷاﻧيﺔ ھي ﺧﺻوﺻيﺔ ﺟدا ألن لﮭا ﻣظاھر ﺣرب الﺗﺣرير
الوطﻧي ولﮭا ﻣظﮭر الﺻراع اﻹثﻧي والﻧزاع ﻋﻠى األرض ،وھي
118
ﺑﺻورة ﺧاﺻﺔ أﻋادت الﻧظر والﺑﺣث في الﺣدود الدوليﺔ لروسيا
وھو أﻣر ﻏير ﻣقﺑول في ﻧظر ﻣوسكو.
...وقد ھدأت اليوم ﺑاﻹﺟﻣال الﻣﺟاﺑﮭات الﻣسﻠﺣﺔ الﺗي
الﺗﮭﺑت ﻣﻧذ ﻧﮭايﺔ ﻋقد الثﻣاﻧيﻧات ﺣﺗى ﻣﻧﺗﺻف الﺗسﻌيﻧات ،ولكن
وقف إطالق الﻧار ...ﻻ ﻧﺗيﺟﺔ له ،إذ يوﺟد ﻧظريا في كل لﺣظﺔ
ﺧطر ﻣﻌاودة الﻣﻌارك وﻣن ﺑين ھذه األﺧيرة يﻣكن اﻹﺷارة إلى
الﺻراع الﻣسﻠح ﺑين أرﻣيﻧيا وأذرﺑيﺟان (.)19881994
الﺻراع األول يدور ﺣول ﻣﺷكﻠﺔ كاراﺑاخ الﻌﻠيا ،وھي قطاع
أرﻣﻧي واقﻊ في األراضي األذريﺔ ،ويطالب ﺑإلﺣاقه ﺑأرﻣيﻧيا أو
ﺑاﻻسﺗقالل ...وھو اآلن ﺗﺣت السيطرة األرﻣيﻧيﺔ .وﻣﻧذ وقف
إطالق الﻧار سﻧﺔ 1994ساد ھدوء ﻧسﺑي ولكن كل ﺟﮭود
الﻣﺟﻣوﻋﺔ الدوليﺔ إيﺟاد ﺣل لﮭذا الﺻراع ﺑقيت ﺑدون ﻧﺗيﺟﺔ.
أﻣا الﺻراﻋات في ﺟورﺟيا ...فﮭي ﻻ ﺗقﻊ ﺑين دولﺗين
قوقازيﺗين ،وأكثر ھذه الﺻراﻋات أھﻣيﺔ ھو ﺻراع أﺑﺧازيا...
وﻣﻧذ اسﺗقالل ﺟورﺟيا طالب األﺑﺧاز (وھم يﺷكﻠون %18ﻣن
سكان ﺟورﺟيا) ﺑإلﺣاقﮭم ﺑروسيا ﻣﻣا أدى إلى ﺗﺻاﻋد الﺻراع
ﺑين اﻹثﻧيات وإلى ﺗدﺧل القوات الﺟيورﺟيﺔ في آب .1992
ودﻋﻣت روسيا األﺑﺧاز فألﺣقوا ھزيﻣﺔ ﻣﻧكرة ﺑالﺟيورﺟيين
فاضطروا لﻣغادرة أﺑﺧازيا ﺑﻌدھا ﺣﻠت قوات ﺣفظ السالم
(ﻣﻌظﻣﮭا ﻣن الروس) ﺗﺣت رﻋايﺔ األﻣم الﻣﺗﺣدة لﻠﺣفاظ ﻋﻠى
1
وقف إطالق الﻧار.
119
...إﻻ أن وقف إطالق الﻧار ﺑقى ھﺷا ،وفى 12ﻧوفﻣﺑر
،2006أﺟرت أوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ اسﺗفﺗاء أقرت فيه الغالﺑيﺔ
الساﺣقﺔ الﻣوافقﺔ ﻋﻠى اﻻسﺗقالل وطﻠب اﻻﻧضﻣام إلى روسيا
اﻻﺗﺣاديﺔ كﻣا ﺟرت اﻧﺗﺧاﺑات رئيس الﺟﻣﮭوريﺔ في اليوم ﻧفسه
والﺗي فاز فيﮭا إدوارد كوكويﺗا ﻣﺗفوقا ﻋﻠى ﻣﻧافسه الذي ﺣاولت
ﺗﺑﻠيسي (ﺟورﺟيا) ﺗﻣرير ﺗرﺷيﺣه ھﻧاك وفي أوائل ﻣارس
،2008ﺗقدم الﺑرلﻣان األﺑﺧازي ﺑطﻠب لالﻋﺗراف ﺑاسﺗقالل اﻹقﻠيم
واﻻﻧضﻣام لألﻣم الﻣﺗﺣدة والﺑرلﻣان الروسي وﻣﻧظﻣﺔ األﻣن
والﺗﻌاون في أوروﺑا وﻋﻧدﻣا قدﻣت ﺟورﺟيا ﻋرضا ألﺑﺧازيا
وأوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ ﺑﻌودة اﻻﻧدﻣاج في ﺟورﺟيا ﻣقاﺑل ﺣﺻول
اﻹقﻠيﻣين ﻋﻠى الﺣكم الذاﺗي ،رفض قادة اﻹقﻠيﻣين وﺻرﺣوا ﺑأﻧﮭم
لن يقﺑﻠوا أي ﻋرض ﻻ يﻌﺗرف ﺑاسﺗقالل اﻹقﻠيﻣين ،وﺗﺑﻊ ذلك
إﻋالن روسيا في 16أﺑريل 2008أﻧﮭا سﺗﻌﺗرف ﺑالﻣؤسسات
والﮭيئات الﺗﺟاريﺔ في أﺑﺧازيا وأوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ ،في ﺧطوة
اﻋﺗﺑرﺗﮭا ﺟورﺟيا ﻣقدﻣﺔ لضم روسيا لإلقﻠيﻣين وفى ﻣايو ،2008
أﻋﻠن الرئيس األﺑﺧازي ،أﻧه يريد ﻋقد ﻣﻌاھدة ﻋسكريﺔ ﻣﻊ روسيا
ﺷﺑيﮭﺔ ﺑالﻣﻌاھدة األﻣﻧيﺔ ﺑين الوﻻيات الﻣﺗﺣدة وﺗايوان لدﻋم األﻣن
فى ﺑالده ،ﻣﺑديا اسﺗﻌداده ﻹقاﻣﺔ قاﻋدة ﻋسكريﺔ روسيﺔ في اﻹقﻠيم
في إطار ھذه الﻣﻌاھدة وﺗﺻاﻋدت الﻣﺧاوف ﻣن ﺗﺣول الﺗوﺗر إلى
ﻧزاع ﻣسﻠح ﺑﻌد أن اﺗﮭﻣت ﺟورﺟيا روسيا ﺑإسقاط طائرة اسﺗطالع
ﺟورﺟيﺔ ﺑدون طيار فوق أﺑﺧازيا ،وﻣن ثم طالﺑت ﺟورﺟيا اﻻﺗﺣاد
األوروﺑي ﺑإرسال قوة ﺣفظ سالم أوروﺑيﺔ إلى أﺑﺧازيا لﺗﺣل ﻣﺣل
القوة الروسيﺔ الﺗي اﻋﺗﺑرﺗﮭا ﺟورﺟيا ﻏير ﺣياديﺔ .في الﻣقاﺑل
اﺗﮭﻣت روسيا ﺟورﺟيا ﺑأﻧﮭا ﺗﻌزز قواﺗﮭا في ﻣﻧطقﺔ الﻧزاع
120
اسﺗﻌدادا لﻣﮭاﺟﻣﺔ أﺑﺧازيا وقاﻣت ﻣوسكو في 29أﺑريل 2008
ﺑزيادة ﻋدد قوات ﺣفظ السالم الروسيﺔ في أﺑﺧازيا وأوسيﺗيا
الﺟﻧوﺑيﺔ كﻣا زودت ﻣﻌظم سكاﻧﮭﻣا (أوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ 70ألف
ﻧسﻣﺔ ،وأﺑﺧازيا 200ألف ﻧسﻣﺔ) ﺑﺟوازات سفر روسيﺔ ،ثم
أﺧذت ﺗﻌﻠن أﻧﮭا سﺗﺣﻣي ﻣواطﻧيﮭا في اﻹقﻠيﻣين في ﺣالﺔ ﺣدوث
أي ﺗﺻﻌيد ﻣن قﺑل ﺟورﺟيا وﺧالل السﻧوات األﺧيرة ،دأﺑت
ﻣوسكو ﻋﻠى اﺗﮭام ﺟورﺟيا ﺑالﺗغاضى ﻋن ﺗواﺟد ﻋدد ﻣن الﻣقاﺗﻠين
الﺷيﺷاﻧيين ﻋﻠى أراضيﮭا وقياﻣﮭم ﺑﺷن ھﺟﻣات اﻧطالقا ﻣن
األراضي الﺟورﺟيﺔ.
وفي الثاﻣن ﻣن أﻏسطس 2008وﺑﻣﺟرد أن ﺑدأت طائرات
وﻣدفﻌيﺔ ودﺑاﺑات ﺟورﺟيا ھﺟوﻣﮭا الﻣفاﺟيء في أوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ،
ـ ﺣاول الكرﻣﻠين اﻻﺗﺻال ھاﺗفيا ﺑرئيس ﺟورﺟيا ساكﺷفيﻠى الذي
كان ﻻ يرد وطوال ذلك الوقت ،قاﻣت ھيئﺔ األركان الﻣﺷﺗركﺔ
الروسيﺔ ﺑﻣﻧﻊ قوة ﺣفظ السالم الروسيﺔ ﻣن الرد ﻋﻠى الﻧيران...
وﺑدأت القوات الروسيﺔ ﻣساﻋدة السكان الﻣدﻧيين في ﻋاﺻﻣﺔ
أوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ ـ الذين فاﺟأھم الﮭﺟوم الكاسح الﺟورﺟي،
وﻣﻌظﻣﮭم يﺣﻣﻠون ﺟواز السفر الروسي.
وقد أﻧﮭت روسيا ﺧﻣسﺔ أيام ﻣن الﺣرب ﺑإﺣكام سيطرﺗﮭا ﻋﻠى
إقﻠيﻣي أوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ وأﺑﺧازيا الﻣﻧﺷقين ﻋن ﺟورﺟيا ﺑﻣساﺣﺔ
كﻠيﺔ ﺗﺑﻠغ 4800ﻣيل ﻣرﺑﻊ ،ﺑل وﺣرﻣان ﺟورﺟيا ﻣن رأسي
ﺟسر في ھذه الﻣﻧطقﺔ اﻻﻧفﺻاليﺔ كﻣا في الﺟيب اﻻﻧفﺻالي اآلﺧر
الﻣوالى لروسيا ،أﺑﺧازيا ،والقضاء ﻋﻠى كل أﻣل لﺗﺑﻠيسي في
اسﺗﻌادة السيطرة ﻋﻠى كل أراضى الﺑالد يوﻣا ﻣا ،إذ ﻧﺟح الكرﻣﻠين
في فرض ﻣﻧطقﺔ ﻋازلﺔ ﺣول أوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ وأﺑﺧازيا ﺗﻣﻧﻊ كل
121
القوات الﺟورﺟيﺔ ﻣن دﺧولﮭا ،وفى الوقت ذاﺗه ﻧﺟح في الﺣﺻول
ﻋﻠى ضﻣاﻧات ﺑأن ﺟورﺟيا لن ﺗﻠﺟأ إلى القوة ﻣرة أﺧرى ﻻسﺗﻌادة
األراضي الﺗي فقدﺗﮭا ،كﻣا أن ﻣوسكو سﺗكون ﻣطﻣئﻧﺔ إلى أن
ھيﻣﻧﺗﮭا ﻋﻠى أوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ وأﺑﺧازيا لن ﺗكون ﻣوضﻊ اﺧﺗﺑار
1
ﻣرة أﺧرى في الﻣسﺗقﺑل.
122
ﺑﻣواﺟﮭﺔ ﻣوﺟﺔ الﺣركات الديﻧيﺔ اﻹسالﻣيﺔ الﻣﻧاھضﺔ لﻠسيطرة
الروسيﺔ ،الﻣرﺗﺑطﺔ في اﻹدراك الروسي ﺑﺗﺟرﺑﺗي أفغاﻧسﺗان
والﺷيﺷان .وﻣن ﺑين ﻣا ﺗﮭدف إليه الطﺑقﺔ الﺣاكﻣﺔ الﺗركيﺔ إﺣداث
ريﻊ اسﺗراﺗيﺟي ﺟديد يﺟﻌل ﺗركيا ھي رأس الﺣرﺑﺔ لﻠغرب ﺗﺟاه
القوقاز وآسيا الوسطى ،ﺑﻌد أن كاﻧت ﺗﻠﻌب ھذا الدور ﺗﺟاه اﻻﺗﺣاد
السوفيﺗي ساﺑقا ً ،وﺑالﺗالي ﺗﺑرھن أﻧقرة ﻣن ﺟديد ﻋﻠى دورھا
اﻻسﺗراﺗيﺟي ،وﺗﺣافظ ﻋﻠى ﺗدفق الﻣساﻋدات إليﮭا ،كﻣا ﺗسرع ﻣن
اﻻﻧدﻣاج في السياسﺔ واﻻقﺗﺻاد الغرﺑيين .
وﺗﺟدر اﻹﺷارة أيضا إلى أن اﻻﺧﺗراق السريﻊ الذي قاﻣت ﺑه
ﺗركيا في ھذه الﻣﻧطقﺔ لم يكن ليﺗم ﺑسﮭولﺔ دون الﻣساﻧدة األﻣريكيﺔ
ﻏير الﻣﺷروطﺔ لﺗركيا لﺗكون قوة اسﺗقرار في الﻣﻧطقﺔ وﻋاﻣالً
ﻣوازﻧا ً ﻹيران .وفي ھذا السياق يﻧدرج القرار األﻣريكي في ﺷﺑاط
(فﺑراير) 1992ﺑاﻻﻋﺗﻣاد ﻋﻠى ﺗركيا لﺗﻧظيم ﻋﻣﻠيﺔ «إﻋادة
األﻣل» لﻣساﻋدة الﺟﻣﮭوريات اﻻﺷﺗراكيﺔ الساﺑقﺔ ﺑآسيا الوسطى
والقوقاز ،وھو ﻣا دفﻊ ﺑإيران لﺗﺻف ﺗركيا ﺑأﻧﮭا ﻋﻣيل لﻠوﻻيات
الﻣﺗﺣدة األﻣريكيﺔ يسﻌى إلى فرض ﻧﻣوذج ﻏرﺑي ﻋﻠى
ﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى ﺑﮭدف ﻣﺣو ﺷﺧﺻيﺗﮭا اﻹسالﻣيﺔ كﻣا
ﺗﻣيز ﺗﺣرك ﺗركيا اﻹقﻠيﻣي ﺑطرح ﻣﺷروﻋات ﻣوازيﺔ وﻣﻣاثﻠﺔ
لﻠﻣﺷروﻋات اﻹيراﻧيﺔ .فقد دﻋت ﺗركيا في ﺗﺷرين األول (أكﺗوﺑر)
1992إلى ﻣؤﺗﻣرات قﻣﺔ لﻠدول ذات األﻏﻠﺑيﺔ الﺗركيﺔ في آسيا
الوسطى والقوقاز .كﻣا سارﻋت إلى إﻧﺷاء ﻣﻧطقﺔ الﺗﻌاون
اﻻقﺗﺻادي لﻠﺑﺣر األسود في ﺣزيران (يوﻧيو ) 1992ﺑاسطﻧﺑول،
وﺗضم الدول الﻣطﻠﺔ ﻋﻠى الﺑﺣر األسود ،إضافﺔ إلى ثالث دول
ﻏير ﻣطﻠﺔ ﻋﻠيه ،وھي ألﺑاﻧيا وأرﻣيﻧيا وأذرﺑيﺟان.
123
وفي الﻣﺟال اﻻقﺗﺻادي أقاﻣت أﻧقرة وكالﺔ ﺗﻌاون ﻣﺧﺻﺻﺔ
لﺗسﮭيل الﻣﺑادﻻت ﻣﻊ دول الﻣﻧطقﺔ ،إن الوكالﺔ الﺗركيﺔ لﻠﺗﻌاون
الﺗقﻧي واﻻقﺗﺻادي ﺗيكا الﻣؤسسﺔ سﻧﺔ 1992ﻣﮭﻣﺗﮭا الﺗﻧسيق ﺑين
الﻧﺷاطات الﺧاﺻﺔ والﻌاﻣﺔ في ﻣادة الﺗﻧﻣيﺔ في آسيا الوسطى .ﺗقدم
ھذه الوكالﺔ ﻣساﻋدة لﻠدول الﺟديدة في القطاﻋات األكثر ﺗﻧوﻋا،
وھي قد ساھﻣت فﻌال في ﺗطوير ﻧظام ﻣﺻرفي ،وفي ﺗدريب
كوادر ﺗسﺗطيﻊ الﻌﻣل ضﻣن اقﺗﺻاد السوق ،وفي إﻧﺷاء اﺗﺣاد
ﻏرف الﺗﺟارة ...وفي اﺗﺣاد الﺑﻠدان الﻣﺗكﻠﻣﺔ ﺑالﺗركيﺔ ،وﻋﻠى إقاﻣﺔ
ﺷﺑكات ﻣﻌﻠوﻣاﺗيﺔ ،وﻋﻠى ﺑث ﺑراﻣج ﺗﻠفزيوﻧيﺔ...
إن ھدف أﻧقرة ھو ﺗﺷﺟيﻊ اﻻسﺗقالل اﻻقﺗﺻادي لﺟﻣﮭوريات
آسيا الوسطى ﺑفضل ﺗطوير اقﺗﺻادھا الوطﻧي وإقاﻣﺔ أسس
ضروريﺔ ﻻقﺗﺻاد السوق .وھكذا ﻋقدت ﺗركيا أكثر ﻣن 350
اﺗفاقا ﻣﻊ ھذه الﺟﻣﮭوريات في الﻣﺟاﻻت اﻻقﺗﺻاديﺔ والثقافيﺔ
والﺗرﺑويﺔ ،واﻻﺗﺻاﻻت والﻧقل ،والﻣساﻋدة الﺗقﻧيﺔ والﺗدريب،
وقدﻣت الﺣكوﻣﺔ الﺗركيﺔ ﻣساﻋدة إﻧساﻧيﺔ لﺑﻌض الدول ،وسﮭﻠت
ﻣﺟيء الطالب ﻣن الﻣﻧطقﺔ إلى ﺗركيا ﺑواسطﺔ ﻣساﻋدات دراسيﺔ
ووضﻌت ﺗﺣت ﺗﺻرف الﻣﺻدرين األﺗراك ﺧطوط اﻋﺗﻣادات
ﻣﺻرفيﺔ.
وقد أظﮭر القطاع الﺧاص الﺗركي ﺣيويﺔ ﻣﺷﮭودة في ﻣﺟاﻻت
ﻣثل الﺑﻧاء والفﻧادق والﻣطاﻋم والﺗوزيﻊ ﺑالﺟﻣﻠﺔ واألﻏذيﺔ
الزراﻋيﺔ والكﮭرﺑاء والﻣﻌﻠوﻣاﺗيﺔ واﻻﺗﺻاﻻت السﻠكيﺔ وﺻﻧاﻋﺔ
الﺟﻠد.
وفي سﻧﺔ 1998ﺑﻠغ ﻋدد الﻣﺷاريﻊ الﺗركيﺔ الزراﻋيﺔ في
ﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى وأذرﺑيﺟان القوقازيﺔ ﺣوالي 4000
124
ﻣؤسسﺔ .والﺗوظيفات في الﻣﻧطقﺔ ﻣﮭﻣﺔ أيضا ألن الﻣقاولين
األﺗراك وظفوا فيﮭا 8.4ﻣﻠيار دوﻻر.
وﻋﻠى الﺻﻌيد الثقافي اسﺗقﺑﻠت ﺗركيا 7000طالب ﻣن ﺑﻠدان
آسيا الوسطى وفﺗﺣت الﻌديد ﻣن الﻣراكز الثقافيﺔ والﻣدارس في
ھذه الﺑﻠدان ...وﺗﻠﻌب ھذه الﻣدارس دورا ﻣﮭﻣا في ﺗثقيف الﻧﺧب
الﺟديدة ،وكذلك أقيﻣت ﺟاﻣﻌات ﺟديدة ﺑالﺗﻌاون ﻣﻊ دول الﻣﻧطقﺔ.
وﻧظرا لﻠدور الﻣﮭم لﮭذه الﻣﻧﺷآت في ﺗثقيف الﻧﺧب في آسيا
الوسطى سوف ﺗرى ﺗركيا أن ﻧفوذھا يﺗزايد ﺑدون ﺷك في
1
الﻣسﺗقﺑل.
ب – إيـــران:
ﺑاﻹضافﺔ إلى الﺣدود الﻣﺷﺗركﺔ واﻧﺗﺷار الﻣذھب الﺷيﻌي.
ﺗﺗﺧوف إيران ﻣن إﺣياء الﻣطالب الﺗاريﺧيﺔ ﺑﺗوﺣيد الﺷﻌب
األذري ،ولذا اﺗسم ﺗﺣركﮭا ﺑرفض الطرح الﺗاريﺧي ﺣول ﺗقسيم
أذرﺑيﺟان (الكﺑرى) ،وﺗغﻠيب الﺑﻌد الﻣذھﺑي الديﻧي ﻋﻠى الﺑﻌد
القوﻣي ،والﺗدﺧل الدﺑﻠوﻣاسي ﻣن أﺟل ﺗسويﺔ الﻧزاﻋات ،وﻻ سيﻣا
الﻧزاع ﺑين أرﻣيﻧيا وأذرﺑيﺟان ،والدﻋم الﻣالي لﻠﻌديد ﻣن الﻣﻧظﻣات
الثقافيﺔ واﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ وﺣﺗى السياسيﺔ الﻌاﻣﻠﺔ في أذرﺑيﺟان ،ﺣﺗى
إن سﻠطات ﺑاكو اﺗﮭﻣت إيران ﺑالﻌﻣل ﻋﻠى فرض الﻧﻣوذج
السياسي اﻹيراﻧي .
وفي ﻣقاﺑل ھذا الﻣوقف وﺟدت الﻣساﻋي اﻹيراﻧي قﺑوﻻً واسﻌا ً
لدى سﻠطات إقﻠيم ﻧاﺧيﺗﺷيفان األذري الذي يﻣﺗﻣﺗﻊ ﺑوضﻊ ﺧاص،
ﺣيث ﺗوافد إليه الﻌديد ﻣن الﺑﻌثات الديﻧيﺔ اﻹيراﻧيﺔ ،كﻣا قاﻣت
طﮭران ﺑﺗرﺗيب إقاﻣﺔ الالﺟئين ﻣن ﻣﻧطقﺔ الﻣﻌارك ﺑإقﻠيم كاراﺑاخ،
125
ﺗﺣت إﺷراف الﮭالل األﺣﻣر اﻹيراﻧي ،وﺗطوير الﻣواﺻالت
الﺑريﺔ ﻋﺑر الﺣدود ،وفﺗح ﻣﻣر ﻋﺑر أراضيﮭا ﺑين أذرﺑيﺟان وإقﻠيم
ﻧاﺧيﺗﺷيفان .
وألن وﺟود أقﻠيﺔ قويﺔ ﻣن األذريين ﺷﻣال الﺑالد أﻣر يﺧيف
إيران كثيرا ً ،فقد اﻋﺗرفت ﺑأذرﺑيﺟان ﻣﺗأﺧرة ﺟدا ً كﻣا أن إيران
ﺗﺣافظ ﻋﻠى ﻋالقات ﺟيدة ﻣﻊ أرﻣيﻧيا ذات األﻏﻠﺑيﺔ الﻣسيﺣيﺔ
الساﺣقﺔ ٪ 94ﻣن ﺑاب الضغط ﻋﻠى أذرﺑيﺟان.1
أﻣا الﺗﺣرك اﻹيراﻧي ﺗﺟاه ﺟﻣﮭوريات القوقاز وآسيا الوسطى
فيﻧقسم إلى قسﻣين األول الﺗﺣرك اﻹيراﻧي في اﺗﺟاه ﺟﻣﮭوريات
القوقاز وﺗأﺗي ﺟﻣﮭوريﺔ أذرﺑيﺟان الﻣسﺗقﻠﺔ في ﻣقدﻣﺔ اﻻھﺗﻣاﻣات
اﻹيراﻧيﺔ ﻻﻋﺗﺑارات أساسيﺔ ﺗﻣس ﺑالوﺣدة اﻹيراﻧيﺔ وأھﻣﮭا:
الﺗداﺧل اﻹثﻧي ،إذ يوﺟد ﻧﺣو 6ﻣاليين أذري في إيران٪ 60 ،
ﻣﻧﮭم ﻻ يﺗكﻠﻣون الفارسيﺔ
وﺑالسياسﺔ الذرائﻌيﺔ ﻧفسﮭا ﺗطﻣح طﮭران إلى ﺟﻌل ﻣﻧفذا ً
اسﺗراﺗيﺟيا ً لﻠﻧفط والغاز اﻹيراﻧيين ﻋﺑر الﺑﺣر األسود ﻧﺣو أوروﺑا.
وقد ﺷرﻋت في ﺗﻣويل ﺗوسيﻊ ﻣيﻧاء ﺑوﺗي ﻋﻠى الﺑﺣر األسود،
وﺗﺣديث الﻣﺻفاة الﺟورﺟيﺔ في ﺑاطوﻣي ،إضافﺔ إلى اﺣﺗﻣال
ﺗﻣويل إيران لﻣﺷروع ﺧط أﻧﺑوب الغاز والﻧفط ،وإﻧﺟاز طريق
ﺑري ﺑين الﺑﻠدين ﻋﺑر أذرﺑيﺟان .وقد الﺗزﻣت طﮭران ﺑﺗﻣوين
ﺟورﺟيا ﺑرﺑﻊ ﺣاﺟاﺗﮭا ﻣن الغاز وﺗزويد ﻣﺻﻧﻊ طائرات سوﺧوي
قرب الﻌاﺻﻣﺔ ﺗﺑيﻠيسي ﺑاأللﻣﻧيوم اﻹيراﻧي ﻣقاﺑل الﺗزام ﺟورﺟيا
ﺑﺑيﻊ طائرات ﺣرﺑيﺔ ﻹيران.
126
والثاﻧي الﺗﺣرك اﻹيراﻧي ﺗﺟاه ﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى،
ﻣقارﻧﺔ ﺑﺟﻣﮭوريات القوقاز ،ﺗﺗوافر لطﮭران إﻣكاﻧيات ﺗﺣرك
أﺣسن ﺗﺟاه ﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى أھﻣﮭا :ﻋاﻣل الﺟغرافيا الذي
يفرض إيران كأقرب طريق ﻧﺣو ﻣياه الﺧﻠيج الﻌرﺑي لﺗطوير
الﻣﺑادﻻت ﻣﻊ الﻌالم الﺧارﺟي .ﺑاﻹضافﺔ إلى ﺗفوق اﻧﺗﺷار اﻹسالم،
وأھﻣيﺔ األقﻠيات الفارسيﺔ ،والرواﺑط الثقافيﺔ الﻌريقﺔ ،والﺣدود
الطويﻠﺔ الﻣﺷﺗركﺔ ﻣﻊ ﺗركﻣاﻧسﺗان ،وإﻣكاﻧيﺔ الوﺻول إلى
كازاﺧسﺗان ﻋﺑر ﺑﺣر قزوين. 1
في ھذا اﻹطار ،ﺗدرك طﮭران ﻣدى أھﻣيﺔ الﺗﻧﻣيﺔ في ﺣفظ
اﻻسﺗقرار ﻋﻠى الﺣدود الﺷﻣاليﺔ .ولذلك ﺗﻌﻣل ﺑثﺑات ﻋﻠى إقاﻣﺔ
رواﺑط اقﺗﺻاديﺔ ﻣﺗيﻧﺔ أھﻣﮭا :رﺑط ﺷﺑكات السكك الﺣديديﺔ
لﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى ﺑﻣديﻧﺔ ﻣﺷﮭد في إيران ،وھو الﻣﺷروع
الذي سيفك ﻋزلﺔ ﺗﻠك الﺟﻣﮭوريات ،ويوفر لﮭا ﻣﺧرﺟا ً ﺑريا ً
ﻣﺑاﺷرا ً إلى ﻣياه الﺧﻠيج الﻌرﺑي ،كﻣا يكسر ﻋزلﺔ طﮭران دوليا ً،
ويﺟﻌﻠﮭا ﺣﻠقﺔ ﻣركزيﺔ في الﻣﺣاور اﻻقﺗﺻاديﺔ الﺗي ﺗقام
ﺑالﻣﻧطقﺔ .
وﺗأﺗي ﺟﻣﮭوريﺔ ﺗركﻣاﻧسﺗان في ﻣقدﻣﺔ الطﻣوﺣات اﻹقﻠيﻣيﺔ
اﻹيراﻧيﺔ ،إذ افﺗﺗﺣت في ﻋﺷق أﺑاد أول سفارة ﻹيران في آسيا
الوسطى .ويرﺟﻊ ھذا اﻻھﺗﻣام إلى ﻋواﻣل ﻋدة ،أھﻣﮭا :الﺣدود
الﻣﺷﺗركﺔ الطويﻠﺔ ،ووﺟود ﻧﺣو ﻣﻠيوﻧي ﻧسﻣﺔ ﻣن الﺗركﻣان في
إيران ،أي ﻣا يﻌادل ﻧﺻف سكان ﺗركﻣاﻧسﺗان وﺑالﺗالي فﮭي ﺗطرح
ﺗقريﺑا ً اﻹﺷكال ﻧفسه الذي ﺗطرﺣه ﺟﻣﮭوريﺔ أذرﺑيﺟان ﻹيران ،إذ
ﺗﻌﺗﺑر ﻣﺟاﻻً ﺣيويا ً ،وﻣﺻدر قﻠق في الوقت ﻧفسه .
127
كذلك اﻧﺗﻌﺷت الﻌالقات اﻹيراﻧيﺔ ﻣﻊ ﺟﻣﮭوريﺔ أوزﺑكسﺗان
ﻣﺑاﺷرة ﺑﻌد اﻧﮭيار اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي .وﻣﻣا ساﻋد ﻋﻠى ذلك الﻣكاﻧﺔ
الﻣﺗﻣيزة الﺗي ﺑقيت ﺗﺣظى ﺑﮭا الثقافﺔ الفارسيﺔ في أوزﺑكسﺗان ﺣيث
ﺗقﻊ ﻣديﻧﺗا سﻣرقﻧد وﺑﺧارى أھم ﻣدن الثقافﺔ الفارسيﺔ في آسيا
الوسطى. 1
أﻣا ﺟﻣﮭوريﺔ طاﺟيكسﺗان فقد اكﺗسﺑت أھﻣيﺔ ﺧاﺻﺔ في إطار
الطﻣوﺣات السياسيﺔ اﻹيراﻧيﺔ ،ﺑسﺑب اﻧﺗﺷار اﻹسالم فيﮭا دون
ﻣﻧازع ،واألﺻول الفارسيﺔ ألﻏﻠﺑيﺔ سكان طاﺟيكسﺗان ﻣقارﻧﺔ ﻣﻊ
ﺑقيﺔ الﺟﻣﮭوريات واﻻﻧﺗﺷار الواسﻊ لﻠغﺔ الفارسيﺔ ،وﺗﺧوف
الطاﺟيك ذوي األﺻول الفارسيﺔ ﻣن سيطرة األﻏﻠﺑيﺔ ذات
األﺻول الﺗركيﺔ في ﻣﺟال آسيا الوسطى .
وﻋكس ﺗﺣركﮭا الديﻧي الﻧﺷط في أذرﺑيﺟان ،اﺗسﻣت سياسﺔ
إيران ﺗﺟاه طاﺟيكسﺗان ﺑالواقﻌيﺔ والﺣذر ﻣن ﺗﻧاﻣي الﻣطالب
السياسيﺔ لﺑﻌض األطراف الداﻋيﺔ إلى إقاﻣﺔ «طاﺟيكسﺗان كﺑرى»
ﺗﻣﺗد ﻣن كاﺑول إلى ﺑﺧارى .وفضﻠت إيران دور الﺣكم في
الﺻراﻋات السياسيﺔ الداﺧﻠيﺔ ،وﻋقب سقوط الﺣكوﻣﺔ اﻻئﺗالفيﺔ
لإلسالﻣيين والديﻣقراطيين ﻋام ،1992كاﻧت طﮭران سﺑاقﺔ إلى
اﻻﻋﺗراف ﺑالﺣكوﻣﺔ الﺷيوﻋيﺔ الﺟديدة في دوﺷﻣﺑي .أﻣا ﺑالﻧسﺑﺔ
لﻠﺗﻌاون اﻹقﻠيﻣي فقد ﺷرﻋت إيران وﺗركيا ﺑﺣﻣاس واضح في
الﻌﻣل ﻋﻠى ادﻣاج ﻋالقاﺗﮭﻣا الثﻧائيﺔ ﺑالﺟﻣﮭوريات الﻣسﺗقﻠﺔ في
أطر ﺗﻌاون إقﻠيﻣي ﺗسﺗطيﻌان ﻣن ﺧاللﮭا ھيكﻠﺔ الﻣﺟال الﻣﺟاور
في ﻣﻧظﻣات ﺗﻌاون إقﻠيﻣي ،وﺻوغ الﻣﺣﺗوى السياسي والﺗوﺟه
128
الﺧارﺟي لﻠﺗﻧظيم اﻹقﻠيﻣي الﻣقﺗرح .وﺣول الﻣﺑادرات اﻹقﻠيﻣيﺔ
اﻹيراﻧيﺔ فقد ﺗم إﺣياء ﻧﺷاط ﻣﻧظﻣﺔ الﺗﻌاون اﻻقﺗﺻادي الﺗي أﻧﺷئت
ﻋام ،1985وﺗضم ﺗركيا وإيران وﺑاكسﺗان وقد ﻋﻣﻠت طﮭران
ﻋﻠى اﻧضﻣام أذرﺑيﺟان وﺗركﻣاﻧسﺗان وأوزﺑكسﺗان وطاﺟيكسﺗان
وكيرﺟيسﺗان .ويﺗطﻠﻊ القادة اﻹيراﻧيون إلى أن ﺗﺻﺑح ھذه الﻣﻧظﻣﺔ
سوقا ً إسالﻣيﺔ كﺑيرة ﺗضم 250ﻣﻠيون ﻧسﻣﺔ ﻋﻠى ﻣساﺣﺔ 4
ﻣاليين كيﻠوﻣﺗر ﻣرﺑﻊ .وﺗأسيس ﻣﺟﻠس الﺗﻌاون لﺑﺣر قزوين في
ﻧيسان أﺑريل ،1992ﺑﮭدف ﺗسﮭيل الﻣﺑادﻻت الﺗﺟاريﺔ والﻣالﺣﺔ
وﺗطوير الﻣواﻧئ والﺗﻧقيب واسﺗغالل الﻣوارد الﺑﺣريﺔ .إضافﺔ إلى
ﺗأسيس ﻣﻧظﻣﺔ ثقافيﺔ إقﻠيﻣيﺔ لﻠﺷﻌوب الﻧاطقﺔ ﺑالفارسيﺔ ،ﺗضم
إيران وطاﺟيكسﺗان وﺑﻌض الﻣﺟﻣوﻋات ﻣن الفﺻائل األفغاﻧيﺔ .
وﺗﺣقق ھذه الﻣﺑادرات ﻹيران ﻣكاسب ﻋدة ،أھﻣﮭا ﻣﻧافسﺔ
الﺗطﻠﻌات الطوراﻧيﺔ لﺗركيا والداﻋيﺔ إلى ﺗﺟﻣيﻊ الﺷﻌوب الﺗركيﺔ،
وفﺗح الﻣﺟال لﻠﺟﻣﮭوريات ذات األﻏﻠﺑيﺔ الﻣسﻠﻣﺔ لﻠﺧروج ﺗدريﺟيا ً
ﻣن دائرة الﻧفوذ الروسي والﺗﺧفيف ﻣن ﺣدة الﺗطﻠﻌات القوﻣيﺔ
الﻌاﺑرة لﻠﺣدود ،وﺗقﻠيص ﺗدﺧل القوى الﻣﻌاديﺔ في الﻣﻧطقﺔ
وﺧاﺻﺔ اﺣﺗﻣاﻻت ﺗوسﻊ الﻧاﺗو فيﮭا.
كذلك ھﻧاك ﻣﺷروع إيراﻧي لﻧقل الغاز ﻋﺑر أراضي كل ﻣن
ﺗركيا وﺑﻠغاريا وروﻣاﻧيا والﻣﺟر ،وﺻوﻻً إلى الﻧﻣسا ،ﺗﺑﻠغ قدرﺗه
اﻻسﺗيﻌاﺑيﺔ الﻣﻌﻠﻧﺔ 30ﻣﻠيار م 3في السﻧﺔ ،وﻣن الﻣﻧﺗظر ﺑدء
الﻌﻣل ﺑه ﺑﺣﻠول ﻋام ،2011إﻻ أن ﺗطورات قضيﺔ الﺑرﻧاﻣج
1
الﻧووي اﻹيراﻧي قد ﺗؤثر ﻋﻠى ھذا الﻣﺷروع.
129
ج – الصـين:
لقد أثﻣر الﺗﻌاون الروسي الﺻيﻧي إلى اﻻھﺗﻣام ﺑﺗفﻌيل ﻣﻧظﻣﺔ
ﺷﻧغﮭاي لﻠﺗﻌاون اﻹقﻠيﻣي الﺗي ﺗضم ﺑاﻹضافﺔ إلى روسيا والﺻين
كال ﻣن كازاﺧسﺗان وأوزﺑاكسﺗان وقيرﻏيزسﺗان وطاﺟيكسﺗان
ﺑاﻹضافﺔ إلى إيران وﻣﻧغوليا وﺑاكسﺗان والﮭﻧد كﻣراقﺑين ...وكذلك
ﻣﻌاھد الدفاع الﻣﺷﺗرك ضد اﻹرھاب الدولي والﺗطرف الديﻧي
والﺣركات اﻻﻧفﺻاليﺔ ،وﺗﻌﮭدت الﺻين وروسيا ﺑﻣساﻋدة دول
آسيا الوسطى في ﻣواﺟﮭﺔ ﻣﺷاكﻠﮭا الﻣﺗﻌﻠقﺔ ﺑاﻹرھاب والﺗدﺧل
األﻣريكي ...ويﺑرر اھﺗﻣام الﺻين ﺑﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى والقوقاز
ﺗﺧوفﮭا ﻣن ﺗﻧاقص ﻣﺻادر إﻣداد الطاقﺔ لﮭا ،ﻣﻣا دفﻌﮭا إلى ﺗﻧويﻊ
اﻋﺗﻣادھا ﻋﻠى ﻣﺻادر ﺑديﻠﺔ أھﻣﮭا سيﺑيريا الروسيﺔ ،وﻧفط
كازاﺧسﺗان ﻣﻣا يﺟﻌل ﻧفط آسيا الوسطى وﺑﺣر قزوين أھم
الﻣﺻادر الﺗي ﺗﻌول ﻋﻠيﮭا ﺑكين لﺗغذيﺔ ﺻﻧاﻋﺗﮭا الﻣﺗزايدة ،ولقد
ﻧﺟﺣت الﺻين في ﺗثﺑيت أقداﻣﮭا في ﻏرﺑي كازاﺧسﺗان ﻋﻧدﻣا
قاﻣت ﺑاسﺗثﻣار ثالثﺔ ﺣقول رئيسيﺔ ،وﺗوقيﻊ ﻋدة اﺗفاقيات لﻣد ﺧط
أﻧاﺑيب يﻧقل الﻧفط ﻣن قزوين إلى إقﻠيم ﺷيﻧغياﻧغ في ﻏرﺑي الﺻين
وﻣﻧه إلى ﺷيﻧغﮭاي .ويﻣثل الﺗﺣدي األكﺑر لﻠﺻين في آسيا الوسطى
1
في الﺣضور الﻣﺗﻧاﻣي لﺷركات الﻧفط األﻣريكيﺔ.
وقد سﺟﻠت الﺻين ﻣﻊ آسيا الوسطى ﻧوﻋا ﻣن الﻧﺟاح في
الﻣﺟال اﻻقﺗﺻادي ...إﻻ أن ﺗﻠك الﻣﺑادﻻت ﻻ ﺗﻣثل إﻻ ﺟزءا
ضئيال ﻣن ﻣﺟﻣوع ﻣﺑادﻻت الﺻين ﻣﻊ الﻌالم ،فقد وﺻﻠت ﺗﻠك
الﻣﺑادﻻت إلى 955ﻣﻠيون دوﻻر ﻣن أﺻل ﻣﺑﻠغ إﺟﻣالي ﺗﺑادلي
ﻣقدر ﺑـ323 :ﻣﻠيار دوﻻر .ﺑل ﺣﺟم الﺗﺑادل الﺗﺟاري ﻣﻊ فيدراليﺔ
130
روسيا ﺑﻠغ 5.5ﻣﻠيار دوﻻر ،ويﻌود سﺑب ضﻌف ھذا الﺗﺑادل ﺑين
الﺻين ودول آسيا الوسطى ﺑالدرﺟﺔ األولى إلى ضﻌف
اقﺗﺻاديات ﺗﻠك الدول.
وﻣن أﺟل ﺗﺣسين الﺷروط وزيادة الﻣﺑادﻻت ﻣﻊ آسيا الوسطى
قاﻣت الﺻين ﺑﺗقويﺔ الﺑﻧيﺔ الﺗﺣﺗيﺔ لﻠﻧقل ضﻣن ﺧططﮭا الﺧﻣسيﺔ
وكذلك اﻻﺗﺻاﻻت الﮭاﺗفيﺔ...كﻣا قاﻣت السﻠطات الﺻيﻧيﺔ ﺑفﺗح
الﻣدن الﺣدوديﺔ...وفﺗح اثﻧي ﻋﺷرة ﻧقطﺔ ﺣدوديﺔ لﻠﻌﺑور 1.كﻣا
أﻧﺷأت الكثير ﻣن ﺧطوط السكﺔ الﺣديديﺔ الﺗي ﺗرﺑطﮭا ﺑكل ﻣن
كازاﺧسﺗان وأوزﺑكسﺗان وكيرﻏيزسﺗان وﻣﻧﮭا ﻣا يﻣﺗد إلى
2
ﺑاكسﺗان والﮭﻧد ﺷرقا ،وﺑﻌضﮭا يﺗﺟه ﻏرﺑا إلى أورﺑا.
– 2اﻷطماع الدولية:
أ الواليات المﺗحدة اﻷمريﻛية:
عسﻛريا:
كاﻧت الوﻻيات الﻣﺗﺣدة ﻣن أوائل الدول الﺗي أﺑدت اھﺗﻣا ًﻣا
واض ًﺣا ﺑﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى والقوقاز ﺑﻣﺟرد اسﺗقالل ھذه الدول
ﻋن اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي ،وﺗفكك األﺧير ﻋام .1991وقد ﺗرﺟﻣت
واﺷﻧطن ھذا اﻻھﺗﻣام في الﺷكل الﺗالي:
ﺗﻌزيز إقصاء دول المنطﻘة عن روسيا ،ودمجها في
المؤسسات الغرﺑية:
131
وذلك ﻣن ﺧالل دﻣج دول الﻣﻧطقﺔ في الﻣؤسسات الغرﺑيﺔ
األﻣﻧيﺔ ﻋﻠى وﺟه الﺧﺻوص ،وأھﻣﮭا ﺣﻠف ﺷﻣال األطﻠﻧطي
وﻣﻧظﻣﺔ األﻣن والﺗﻌاون األورﺑي .ففي يﻧاير 1992اﻧضﻣت
الﺟﻣﮭوريات اﻹسالﻣيﺔ السوفيﺗيﺔ الساﺑقﺔ في آسيا الوسطى
والقوقاز إلى ﻣﻧظﻣﺔ األﻣن والﺗﻌاون األورﺑي .وفي قﻣﺔ ﺣﻠف
ﺷﻣال األطﻠﻧطى في أكﺗوﺑر 1993ﺑألﻣاﻧيا اقﺗرﺣت الوﻻيات
الﻣﺗﺣدة ﺗدﺷين ﺑرﻧاﻣج الﺷراكﺔ ﻣن أﺟل السالم ﻹقاﻣﺔ ﻋالقات
ﺗﻌاوﻧيﺔ ﻣكثفﺔ ﻣﻊ ﺟﻣﮭوريات اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي الساﺑق في ﻣﺟال
ﺣفظ األﻣن والسﻠم في الﻣﻧطقﺔ ،والﺗﻌاون لﻣواﺟﮭﺔ الﺗﮭديدات
ﺑالﻣﻧطقﺔ1 .وقد ﺑدأ الﺑرﻧاﻣج في يﻧاير ،1994واﻧضﻣت
ﻋا ﻋﻠى الﻧﺣوﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى والقوقاز اﻹسالﻣيﺔ ﺗﺑا ً
الﺗالي :كازاﺧسﺗان (ﻣايو ،)1994ﺗركﻣاﻧسﺗان (ﻣايو ،)1994
أذرﺑيﺟان (ﻣايو ،)1994قيرﻏيزسﺗان (يوﻧيو )1994
أوزﺑكسﺗان (يوليو ،)1994طاﺟيكسﺗان (فﺑراير .) 2002
132
األذريﺔ ،وإﻣداد أذرﺑيﺟان وﻋدد ﻣن دول الﻣﻧطقﺔ ﺑﺑﻌض الﻣﻌدات
الﻌسكريﺔ .يضاف إلى ھذا ﺗقديم الﻣﻌوﻧات الﻌسكريﺔ لدول
الﻣﻧطقﺔ ،والﺗي قُدرت ﺑﺣوالي 6،1ﻣﻠيار دوﻻر ﺧالل الفﺗرة ﻣن
.2000 -1998
وﻋقب أﺣداث 11سﺑﺗﻣﺑر ،وفي إطار ﺣرﺑﮭا ﻋﻠى اﻹرھاب
واﺣﺗاللﮭا ألفغاﻧسﺗان ذات الﺟوار الﺟغرافي الﻣﺑاﺷر لﻣﻧطقﺔ آسيا
الوسطى والقوقاز ،أُﺗيﺣت الفرﺻﺔ لﻠوﻻيات الﻣﺗﺣدة ﻹقاﻣﺔ قواﻋد
ﻋسكريﺔ في الﻣﻧطقﺔ ،وھو الﮭدف الذي طالﻣا سﻌت لﺗﺣقيقه.
وﺗضﻣن ذلك قاﻋدﺗين أساسيﺗين ھﻣا:
133
قاعدة ماناس في قرغيزسﺗان :
في ديسﻣﺑر 2001وقﻌت الوﻻيات الﻣﺗﺣدة ﻣﻊ قرﻏيزسﺗان
اﺗفاقًا لﺑﻧاء قاﻋدة ﻋسكريﺔ ﺑﻣساﺣﺔ 129ألفًا و 500ﻣﺗر ﻣرﺑﻊ،
وﺗسﺗوﻋب ثالثﺔ آﻻف ﺟﻧدي ،وﻋددًا ﻏير ﻣﺣدد ﻣن طائرات ﺣﻠف
ﺷﻣال األطﻠﻧطي .وذلك ﻣقاﺑل إيﺟار سﻧوي ﺑقيﻣﺔ 150ﻣﻠيون
دوﻻر ،ﺣسب ﺑيان ﺻادر ﻋن السفارة األﻣيركيﺔ في ﺑﺷكيك .وقد
كيﻠوﻣﺗرا ﻣن ﺑيﺷكيك
ً ﺗم ﺑالفﻌل إقاﻣﺔ القاﻋدة ﻋﻠى ﺑﻌد ﻧﺣو 30
كيﻠوﻣﺗرا
ً كيﻠوﻣﺗرا ﻣن الﺣدود الﺻيﻧيﺔ و640
ً الﻌاﺻﻣﺔ ،و480
ﻣن الﺣدود األفغاﻧيﺔ .وﺗﺗﻣيز القاﻋدة ﺑطول ﻣدرﺟﮭا الﺑالغ 4270
ﻣﺗرا ،ويﻌد الﻣدرج األطول في الﺑالد .ويﻣكن لﻠقاﻋدة اسﺗقﺑال ً
طائرات الﺷﺣن األﻣيركيﺔ طراز سي 5ﺟالكسي ،وكذلك
طائرات 747والرﺣالت الدوليﺔ .وﺗﺣﺗاج الطائرات إلى 90
دقيقﺔ اﻧطالقًا ﻣن قاﻋدة ﻣاﻧاس إلى ﻣسرح الﻌﻣﻠيات الﻌسكريﺔ في
أفغاﻧسﺗان .ويسﺗﺧدم قراﺑﺔ 1500ﺟﻧدي أﻣيركي ،ﻏالﺑيﺗﮭم ﻣن
سالح الﺟو القاﻋدة في ﻋﻣﻠيات اﻹﺣالل واﻻسﺗﺑدال ،وإﻋادة
الﺗزود ﺑالوقود ،فضالً ﻋن ﺷﺣن الﻣؤن إلى القوات األﻣيركيﺔ
1
الﻣوﺟودة في أفغاﻧسﺗان.
اقﺗصاديا:
ﺗقﻊ دولﺗان ﻣن دول آسيا الوسطى ،وھﻣا :كازاﺧسﺗان
وﺗركﻣاﻧسﺗان ،إلى ﺟاﻧب أذرﺑيﺟان القوقازيﺔ ﻋﻠى ﺑﺣر قزوين،
وﺗﻣﺗﻠك الدول الثالث أكثر ﻣن ثﻠثي ﺷواطئه ،وﻣن الﻣﻌروف أن
ﻣﻧطقﺔ ﺑﺣر قزوين ﺗﻣثل ثاﻧي أكﺑر اﺣﺗياطي في الﻌالم ﻣن الﻧفط
134
والغاز الطﺑيﻌي ﺑﻌد ﻣﻧطقﺔ الﺷرق األوسط رﻏم ﺗفاوت ﺗقديرات
ھذا اﻻﺣﺗياطي ( 200ﻣﻠيار ﺑرﻣيل وفق ﺗقديرات أوليﺔ ﻣطﻠﻊ
الﺗسﻌيﻧيات ،إلى 33ﻣﻠيار ﺑرﻣيل ،وفق ﺗقديرات ﻋام .)2003
وﻣن ثم فإن لﻠﻣﻧطقﺔ أھﻣيﺔ إسﺗراﺗيﺟيﺔ واضﺣﺔ لﻠوﻻيات الﻣﺗﺣدة
الﺗي ﺗرى في السيطرة الﻣﺑكرة ﻋﻠى الﻣﻧطقﺔ ﺗأﻣيﻧًا لﺣاﺟاﺗﮭا
الﻣسﺗقﺑﻠيﺔ ﻣن الطاقﺔ في الﻣسﺗقﺑل ،ودﻋ ًﻣا ﻻسﺗقاللﮭا واسﺗقالل
ﺣﻠفائﮭا األورﺑيين في ﻣواﺟﮭﺔ روسيا الﺗي ﺗزداد ھيﻣﻧﺗﮭا ﻋﻠى
1
سوق الطاقﺔ الﻌالﻣي.
وقد ﻧﺷطت الﺷركات األﻣريكيﺔ في اﻻسﺗثﻣار في قطاع الﻧفط
ﺑدول الﻣﻧطقﺔ ،ففي ﻋام 1994ﺗم إﺑرام اﺗفاق ﺑين الوﻻيات
الﻣﺗﺣدة وأذرﺑيﺟان ،واسﺗأثرت الﺷركات األﻣريكيﺔ ﺑﻣقﺗضاه
ﺑﺣوالي %40ﻣن أسﮭم ﺷركﺔ أذرﺑيﺟان الدوليﺔ الﻌاﻣﻠﺔ في ﻣﺟال
الﻧفط .وﻋﻠى ﻣدى ﻋقد الﺗسﻌيﻧيات اسﺗأثرت الﺷركات األﻣريكيﺔ
ﺑـ %38ﻣن قيﻣﺔ الﻌقود الﺗي أﺑرﻣﺗﮭا أذرﺑيﺟان في ﻣﺟال الﻧفط،
في ﺣين ﺣﺻﻠت الﺷركات الﺑريطاﻧيﺔ ﻋﻠى %17والﺷركﺔ
الﻧرويﺟيﺔ ﻋﻠى %8في ﺣين لم ﺗﺣﺻل الﺷركﺔ الروسيﺔ لوك
أويل سوى ﻋﻠى %10ﻣن قيﻣﺔ الﻌقود ولﮭذا دﻻﻻﺗه السياسيﺔ
واﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ .كﻣا قاﻣت ﺷركﺔ ﺷيفرون األﻣريكيﺔ لﻠﺑﺗرول
ﺑاسﺗثﻣار ﻋﺷرة ﻣاليين دوﻻر في قطاع الﻧفط في كازاﺧسﺗان
ﻣطﻠﻊ الﺗسﻌيﻧيات.
يضاف إلى ھذا ﺗقديم الﻣساﻋدات لﮭذه الدول ﺑﮭدف الﺗﺣوﻻت
السياسيﺔ واﻻقﺗﺻاديﺔ ﺑﮭا .وقد قدرت الﻣساﻋدات األﻣريكيﺔ لدول
الﻣﻧطقﺔ ﻋام 2006ﺑـ :قرﻏيزسﺗان 32ﻣﻠيون دوﻻر ،أذرﺑيﺟان
135
28ﻣﻠيون دوﻻر طاﺟيكسﺗان 22ﻣﻠيون دوﻻر ،كازاﺧسﺗان 19
ﻣﻠيون دوﻻر ،أوزﺑكسﺗان 15ﻣﻠيون دوﻻر ﺗركﻣاﻧسﺗان 5ﻣاليين
1
دوﻻر.
ب االﺗحاد اﻷورﺑي:
ﻣرارا ﻋزﻣه ﺗقﻠيص دور ﺷركﺔ ﻏاز ً أﻋﻠن اﻻﺗﺣاد األورﺑي
ﺑروم الروسيﺔ في إﻣداد أورﺑا ﺑالغاز ﻣن ﺧالل الﻠﺟوء إلى ﻣﺻادر
أﺧرى ﻣن آسيا الوسطى والقوقاز وإيران .وﺗﻌﺗﺑر أذرﺑيﺟان أقوى
الﻣﻧافسين لروسيا وذلك ﻣن ﺧالل ﺧط أﻧاﺑيب الغاز ﺑاكو– ﺗﺑﻠيسي
– ﺟيﮭان لﻧقل ليس فقط الغاز األذري ،ولكن الكازاﺧي
ضا َ إلى ﻣيﻧاء ﺟيﮭان الﺗركي ،وﻣﻧه إلى أورﺑا ،وقد
والﺗركﻣاﻧي أي ً
أﻧﺷئ ھذا الﺧط ﺑدﻋم أﻣريكي واضح رﻏم الﻣﻌارضﺔ الروسيﺔ
ضا ﻣﺷروع ﻧاﺑوكو ،وھو ﺗﺻور ﻣسﺗقﺑﻠي يقدر له أن القويﺔ له .أي ً
يﻧقل الغاز الﻣﻧﺗج في ﺟﻣﮭوريﺔ أذرﺑيﺟان وﺟﻣﮭوريات آسيا
2
الوسطى ﻋﺑر ﺗركيا ،إلى كل ﻣن وسط وﻏرب أورﺑا
إن الدول األﻋضاء في اﻻﺗﺣاد األورﺑي ﺗﺷكل الﻣﻣول األساسي
فيﻣا يﺗﻌﻠق ﺑالرأسﻣال والﺧﺑرة الﻌﻣﻠيﺔ وأيضا ﺑالﺧدﻣات
والﺗكﻧولوﺟيا الضروريﺔ ﻻسﺗقالل ﻣوارد ﺟﻣﮭوريات آسيا
الوسطى ،واﻻﺗﺣاد األورﺑي ھو أيضا ﻣﺻدر الدﻋم والﻌون لﻠﺑﻠدان
األكثر فقرا ،ﻣثل كيرﻏيزسﺗان وطاﺟيكسﺗان (ﻋن طريق الﻣكﺗب
اﻹﻧساﻧي لﻠﻣﺟﻣوﻋﺔ األورﺑيﺔ .)ECHO
136
وﻋﻠى الﺻﻌيد اﻻقﺗﺻادي أﺻﺑﺣت دول اﻻﺗﺣاد األورﺑي
ﺷركاء ﻣﮭﻣين ﺑالﻧسﺑﺔ إلى ﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى ولدول
اﻻﺗﺣاد ﻣﺻالح ﻣﺗﻧوﻋﺔ ،فقد دﺧﻠت ﺷركاﺗﮭا الﺑﺗروليﺔ في
الﻣﺷاريﻊ الطاقويﺔ في الﻣﻧطقﺔ ،ولكي يﻧﻣي الﻣﺑادﻻت ﻋﻣد اﻻﺗﺣاد
األورﺑي إلى فك ﻋزلﺔ دول الﻣﻧطقﺔ ﺑواسطﺔ ﺑرﻧاﻣج ﻣﻣر الﻧقل
ﺑين أورﺑا والقوقاز الذي أطﻠق أثﻧاء ﻣؤﺗﻣر ﺑروكسل سﻧﺔ 1993
وﺗم ﺗوسيﻊ الﺑرﻧاﻣج الذي طﺑق ﻋﻧد اﻧطالقه ﻋﻠى الﺟﻣﮭوريات
الﺧﻣس في آسيا الوسطى وﻋﻠى ﺟﻣﮭوريات القوقاز الثالث وﺷﻣل
ﻣﻧغوليا وأوكراﻧيا .وكان الﻣطﻠوب إﻋادة ﺗأھيل وﺗطوير ﺷﺑكات
الطرق والﻣياه والسكك الﺣديديﺔ والﻣرافئ وأﻧاﺑيب الﻧفط وﻣﻣرات
الطيران .وكان الﮭدف الﻣﺑﺗغى ھو ﺗسﮭيل اﻧفﺗاح الدول الﻣسﺗقﻠﺔ
ﺣديثا ورﺑطﮭا ﺑﺑقيﺔ الﻌالم ﺑواسطﺔ طرق وﺻول ﺗﺗﺟﻧب ﺑآن واﺣد
ﻣول اﻻﺗﺣادأراضي روسيا وأراضي إيران ،وفي سﻧﺔ ّ 1999
األورﺑي 22دراسﺔ في الﻣساﻋدة الﺗقﻧيﺔ و 5ﻣﺷاريﻊ ﺗوظيفيﺔ
ﺑﻣﺑﻠغ 50ﻣﻠيون ،وقد أﻋيد ﺗأكيد ﺗﻌﮭد اﻻﺗﺣاد والﺗزاﻣه ﺗﺟاه آسيا
الوسطى والقوقاز أثﻧاء ﻣؤﺗﻣر ﺑاكو الذي ﻋقد في أيﻠول 1998
وﺑﮭذه الﻣﻧاسﺑﺔ ﺗم ﻋقد اﺗفاق ﻣﺗﻌدد األطراف ﻣدﺗه ﻋﺷر سﻧوات
يﮭدف إلى زيادة ﺗطوير ﻣﺷروع ﺗراسيكا .ﺑاﻹضافﺔ إلى ﺗطﺑيق
ﺑرﻧاﻣج (ﺗاسيس) والذي يﺗﻌﻠق ﺑﺗﺷكيل وﺗطوير إدارة ﻋﻣل فضﻠى
لﻠﻣوارد الطﺑيﻌيﺔ وﺗسﮭيل اﻻﻧﺗقال إلى اقﺗﺻاد السوق.
وقد دﻋيت دول آسيا الوسطى في ﻋالقاﺗﮭا ﻣﻊ الغرب في آذار
1992إلى اﻻﻧضﻣام إلى ﻣﺟﻠس الﺗﻌاون في ﺣﻠف ﺷﻣال األطﻠسي
137
وﺑاسﺗثﻧاء طاﺟيكسﺗان فقد اﻧضﻣت كل ﺑﻠدان آسيا الوسطى
1
إلى"الزﻣالﺔ ﻣن أﺟل السالم".
وفي ﺧطوة أﺧرى قرر الﻣﺟﻠس الوزاري لﻣﻧظﻣﺔ األﻣن
والﺗﻌاون في أورﺑا في 30كاﻧون الثاﻧي قﺑول الﺟﻣﮭوريات
الﺧارﺟﺔ ﻣن اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي الساﺑق...وھي فكرة دﻋﻣﺗﮭا روسيا
ﺑقوة فقد اﻋﺗﺑرت أن ﻣثل ھذا القﺑول ﻣن ﺷأﻧه أن يﻌزز ﺗﻣاسك
اﺗﺣاد الدول الﻣسﺗقﻠﺔ الﻧاﺷئﺔ .وأن يﺧضﻊ دول اﻻﺗﺣاد ﻻلﺗزاﻣات
الﻣﻧظﻣﺔ (ﺣقوق اﻹﻧسان ،دولﺔ القاﻧون ،اقﺗﺻاد السوق ،ﺷفافيﺔ
الﻧﺷاطات الﻌسكريﺔ ﻧزع الﺗسﻠح )...وﺑﻌد ﺣل ﻣسألﺔ القﺑول،
أرسﻠت ﻣﻧظﻣﺔ األﻣن والﺗﻌاون األورﺑيﺔ لﺟﻧﺔ ﻣراقﺑين في 1992
إلى ﺗركﻣاﻧسﺗان وأوزﺑكسﺗان وطاﺟيكسﺗان ﺗﺑﻌﺗﮭا لﺟﻧﺔ أﺧرى في
ﻧيسان إلى كازاﺧسﺗان وقيرﻏيزسﺗان ...وأﺻﺑﺣت الﻣﻧظﻣﺔ ﺑﻌد
ذلك ﺗﻣﺗﻠك لﺟﻧﺔ في طاﺟيكسﺗان وﻣكﺗﺑا إقﻠيﻣيا لالﺗﺻال ﺑآسيا
الوسطى ﻣركزه أوزﺑكسﺗان وﻣراكز لﻠﻣﻧظﻣﺔ في كازاﺧسﺗان
2
وقيرﻏيزسﺗان وﺗركﻣاﻧسﺗان.
138
خاتمة
139
ارﺗفاع أسﻌار الﻧفط ويوضح ﺗقرير الﺗﻧﻣيﺔ الﺑﺷريﺔ لسﻧﺔ 2006
أن روسيا قد أﺻﺑﺣت أﻋﻠى دول الكوﻣﻧولث في الﺗﻧﻣيﺔ
الﺑﺷريﺔ،كذلك فالﺗوﺟه األورو ـ أطﻠﻧطي لﻠرئيس ﺑوﺗين يﺣظى
ﺑدﻋم الرأي الﻌام الروسي إلى ﺣد ﺑﻌيد وفى اسﺗطالع لﻠرأي الﻌام
الروسي ،ﻋﺑر %52ﻣن الروس ﻋن رﻏﺑﺗﮭم في ﻋودة ﺑوﺗين
إلى رئاسﺔ الدولﺔ سﻧﺔ ...2012كذلك فإن رد فﻌل روسيا ﺗﺟاه
ﻣﺷروع الدرع الﺻاروﺧيﺔ األﻣريكيﺔ سيﺣدد ـ إلى ﺣد كﺑير ـ
ﻣسﺗقﺑل الدور الروسي في السياسﺔ الدوليﺔ .1
140
المصادر والمراجع
ﻛﺗب:
أ.د أﺣﻣد الﻧﻌيﻣي ،السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ،دار زھران لﻠﻧﺷر
الﺗوزيﻊ ،ط ،1ﻋﻣان2011،
د .اسﻣاﻋيل ﻋﺑد الفﺗاح ﻋﺑد الكافي ،الﻣوسوﻋﺔ الﻣيسرة
لﻠﻣﺻطﻠﺣات السياسيﺔ.
د .ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم ،ﺗﺣﻠيل السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ،ﻣكﺗﺑﺔ
الﻧﮭضﺔ الﻣﺻريﺔ ،ط ،2ﻣﺻر .1998
لويد ﺟﻧسن ،ﺗفسير السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ،ﺗرﺟﻣﺔ :د .ﻣﺣﻣد
أﺣﻣد ﻣفﺗي ود .ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم ،الﻧاﺷر ﻋﻣادة ﺷؤون
الﻣكﺗﺑات ،ﺟاﻣﻌﺔ الﻣﻠك سﻌود ،الرياض 1989م.
ﻣارﺗن ﻏريفﺗش وﺗيري أوكاﻻھان ،ﻣفاھيم أساسيﺔ في
الﻌالقات الدوليﺔ ،ﻣركز الﺧﻠيج لألﺑﺣات.
ﻣﺣﻣد رضا ﺟﻠيﻠي وﺗيري كيﻠيز ،ﺟيوسياسيﺔ آسيا الوسطى،
ﺗرﺟﻣﺔ د .ﻋﻠي ﻣقﻠد ،ﻣﻧﺷورات دار اﻻسﺗقالل لﻠثقافﺔ والﻌﻠوم
القاﻧوﻧيﺔ ،ط ،1ﺑيروت2001 ،
ﻣﺣﻣد طه ﺑدوي ،ﻣدﺧل إلى ﻋﻠم الﻌالقات الدوليﺔ ،دار
الﻧﮭضﺔ الﻌرﺑيﺔ لﻠطﺑاﻋﺔ والﻧﺷر ،ﺑيروت.1972 ،
رسائل واطروحات:
أ .ﺑولﻣكاﺣل اﺑراھيم ،ﺗأثير ﺗﺣوﻻت وﻣﺗغيرات الﺑيئﺔ الداﺧﻠيﺔ
ﻋﻠى السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ ﻧﺣو اﻻﺗﺣاد األورﺑي ﺑﻌد الﺣرب
141
الﺑاردة ،ﻣذكرة لﻧيل ﺷﮭادة الﻣاﺟسﺗير في الﻌﻠوم السياسيﺔ ،ﺟاﻣﻌﺔ
ﺑاﺗﻧﺔ.2009 ،
أ .ﻣيﻠود الﻌطري ،السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ األﻣريكيﺔ ﺗﺟاه أﻣريكا
الالﺗيﻧيﺔ في فﺗرة ﻣا ﺑﻌد الﺣرب الﺑاردة ،ﻣذكرة ﻣقدﻣﺔ لﻧيل ﺷﮭادة
الﻣاﺟسﺗير في الﻌﻠوم السياسيﺔ ،ﺟاﻣﻌﺔ ﺑاﺗﻧﺔ.2008/2007،
ﺟالل ﻋﺑد هللا ﻣﻌوض ،ﻋالقﺔ القيادة ﺑالظاھرة اﻹﻧﻣائيﺔ،
دراسﺔ في الﻣﻧطقﺔ الﻌرﺑيﺔ ،رسالﺔ دكﺗوراه في الﻌﻠوم السياسيﺔ،
كﻠيﺔ اﻻقﺗﺻاد والﻌﻠوم السياسيﺔ ﺑﺟاﻣﻌﺔ القاھرة.1985 ،
راﺑح زﻏوﻧي ولزھر وﻧاسي ،ﺻﻧﻊ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ
الروسيﺔ لفﺗرة ﻣا ﺑﻌد الﺣرب الﺑاردة ،ﺑﺣث ﻣقدم في ﻣقياس الﻌﻠوم
السياسيﺔ ،فرع ﻣاﺟسﺗير ﻋالقات دوليﺔ ،ﺟاﻣﻌﺔ ﺑاﺗﻧﺔ
.2007/2006
ﻋﺑد هللا فالح ،الﺗﻧافس الدولي في آسيا الوسطى ،رسالﺔ
ﻣاﺟسﺗير في الﻌﻠوم السياسيﺔ ،ﺗقدم إلى ﻣﺟﻠس كﻠيﺔ اآلداب
والﻌﻠوم ،ﺟاﻣﻌﺔ الﺷرق األوسط.2011،
ﻋﺑد الﻧاﺻر سرور ،الﺻراع اﻻسﺗراﺗيﺟي األﻣريكيالروسي
في آسيا الوسطى وﺑﺣر قزوين ،ﻣﺟﻠﺔ ﺟاﻣﻌﺔ األزھر ﺑغزة ،سﻠسﻠﺔ
الﻌﻠوم اﻹﻧساﻧيﺔ ،الﻣﺟﻠد ،11الﻌدد.2009 ،،B1
مواقﻊ الﻛﺗرونية:
أﺣﻣد ﻋﺑد هللا الطﺣاوي ،اسﺗﻌادة الدور:الﻣﺣددات الداﺧﻠيﺔ
والدوليﺔ لﻠسياسﺔ الروسيﺔ ،الﻣركز الﻌرﺑي لﻠﺑﺣوث والدراسات،
الراﺑطhttp://www.acrseg.org/16360 :
142
أﺣﻣد دياب ،الﻧزاع في القوقاز ﺣساﺑات ﺧاطئﺔ وﺗداﻋيات
إقﻠيﻣيﺔ ﺧطيرة ،الﻣﺻدر :السياسﺔ الدوليﺔ 2008/10/01 ،ﻋﻠى
الراﺑط:
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Seri
eid=35&al=222195
د .ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم ،الﺗﺣوﻻت الكﺑرى فى السياسﺔ
الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ ،الﻣﺻدر :السياسﺔ الدوليﺔ ﻣوقﻊ ﺟريدة
األھرام ﺑﺗاريﺦ 1اكﺗوﺑر2007
ﻋﻠى الراﺑط
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Seri
al=221968&eid=306
د .راﻏب السرﺟاﻧي ،ﺗاريﺦ اﻹسالم في القوقاز ،ﻣوقﻊ:
قﺻﺔ اﻹسالم ﺑﺗاريﺦ pm47: 1،2012/04/02:ﻋﻠى الراﺑط:
http://islamstory.com/ar
ﺻاﺑر آيت ﻋﺑد السالم ،الﺗوﺟﮭات الكﺑرى لإلسﺗراﺗيﺟيﺔ
الروسيﺔ ﺑﻌد الﺣرب الﺑاردة ،ﻣدوﻧﺔ ﺟسور لﻠدراسات الدوليﺔ:
pm 1:38،/04/122012ﻋﻠى الراﺑط
http://internationalstudiesbridges.blogspot.co
m/blogpost_3335.html
143
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?a
id=382372
ﻣوقﻊ قﻧاة روسيا اليوم ﻋﻠى الراﺑط
http://arabic.rt.com/news/584713
السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ ﺑﻌد ﻋودة،ﻧيكوﻻي كوزھاﻧوف
ﻣقال ﻋﻠى الراﺑط،ﺑوﺗين
http://www.washingtoninstitute.org/ar/policya
nalysis/view/russianforeignpolicyafterputinsr
eturn
http://ar.wikipedia.org/wiki /
144
ﻳﺴﺘﻌﺮﺽ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﺳﺲ ﻭﻣﺤﺪﺩﺍﺕ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺮﻭﺳﻴﺔ ﻓﻲ
ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ
ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ.
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ
ﻻ ﻳﺒﺪﻭ ﻣﻠﺘﻬﺒﺎ ،ﺃﻭ ﻣﺘﻔﺠﺮﺍ،
ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﻲ ﺍﻟﺮﻭﺳﻴﺔ ﻟﻠﺪﻓﺎﻉ
ﻋﻦ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﺍﻥ
ﺁﺳﻴﺎ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻭﺍﻟﻘﻮﻗﺎﺯ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﻘﺮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﺼﻴﺮ ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻞ
ﺭﻭﺳﻴﺎ ﻛﻘﻮﺓ ﻋﻈﻤﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ.
ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ،ﻓﺎﻥ ﻓﻬﻢ ﻃﺒﻴﻌﺔ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺮﻭﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،ﺗﺤﺪﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ
ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻗﺔ ،ﺳﺒﻞ ﻓﻬﻢ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﺮﻭﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﺳﺮﻩ.
ﻭﻟﻘﺪ ﻗﺪﻡ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ،ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ
ﺫﻱ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺼﺮﻓﺔ،
ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ.
UU