You are on page 1of 146

‫ﻗﺎﺳﻢ ﺩﺣﻤﺎﻥ‬

‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺮﻭﺳﻴﺔ‬


‫ﻓﻲ ﺁﺳﻴﺎ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻭﺍﻟﻘﻮﻗﺎﺯ‬

‫‪E-KUTUB‬‬
‫السياسة الخارجية الروسية‬
‫في آسيا الوسطى والقوقاز‬
‫قاسم دحمان‬
2
‫السياسة الخارجية الروسية‬
‫في آسيا الوسطى والقوقاز‬

‫قاسم دحمان‬

‫إصدارات إي – كتب‬
‫لندن‪ ،‬مارس ‪2016‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Russian foreign policy in Central Asia and the Caucasus‬‬
‫‪By: Gasem Dahman‬‬
‫‪All Rights Reserved to the Author‬‬
‫‪Published by E-Kutub.com, 2016‬‬
‫‪ISBN: 9781780582009‬‬

‫*****‬
‫الطﺑﻌة اﻷولﻰ‪ ،‬لﻧدن‪ ،‬كاﻧون الثاﻧي‪ -‬يﻧاير ‪2016‬‬
‫الﻣؤلف‪ :‬قاسم دحمان‬
‫الﻧاﺷر‪ ،E-kutub Ltd :‬ﺷركﺔ ﺑريطاﻧيﺔ ﻣسﺟﻠﺔ في اﻧﺟﻠﺗرا ﺑرقم‪7513024 :‬‬
‫© جميﻊ الحﻘوق محﻔوظة لﻠمؤلف‬
‫ﻻ ﺗﺟوز إﻋادة طﺑاﻋﺔ أي ﺟزء ﻣن ھذا الكﺗاب ألكﺗروﻧيا أو ﻋﻠى ورق‪ .‬كﻣا ﻻ‬
‫يﺟوز اﻻقﺗﺑاس ﻣن دون اﻹﺷارة الى الﻣﺻدر‪.‬‬
‫أي ﻣﺣاولﺔ لﻠﻧسﺦ أو إﻋادة الﻧﺷر ﺗﻌرض ﺻاﺣﺑﮭا الى الﻣسؤوليﺔ القاﻧوﻧيﺔ‪.‬‬
‫إذا ﻋثرت ﻋﻠى ﻧسﺧﺔ ﻋﺑر أي وسيﻠﺔ اﺧرى ﻏير ﻣوقﻊ الﻧاﺷر (إي‪ -‬ﻛﺗب) أو‬
‫ﻏوﻏل ﺑوكس‪ ،‬ﻧرﺟو إﺷﻌارﻧا ﺑوﺟود ﻧسﺧﺔ ﻏير ﻣﺷروﻋﺔ‪ ،‬وذلك ﺑالكﺗاﺑﺔ إليﻧا‪:‬‬
‫‪ekutub.info@gmail.com‬‬
‫يﻣكﻧك الكﺗاﺑﺔ الى الﻣؤلف ﻋﻠى الﻌﻧوان الﺗالي‪:‬‬
‫‪gacem069@gmail.com‬‬

‫‪4‬‬
‫اإلهداء‪:‬‬

‫أھدي ھذا الﻌﻣل الﻣﺗواضﻊ‬


‫إلى زوﺟﺗي وأﺑﻧائي‬
‫وإلى روح أﺧي الﺣﺑيب‬
‫ﺗغمده هللا ﺑواسﻊ رحمﺗه‬

‫‪5‬‬
‫شﻛر وعرفان‬

‫الﺣﻣد هلل ﺣﻣدا يﻠيق ﺑﺟالل وﺟﮭه وﻋظيم سﻠطاﻧه أن وفقﻧي إلى‬
‫ھذا الﻌﻣل‪ ،‬وﻋسى أن يكون ﻋﻧده ﻣقﺑوﻻ‪...‬‬
‫إﻧه لﻣن دواﻋي ﻏﺑطﺗي وسروري أن أﺗقدم ﺑﺑالغ اﻻﻣﺗﻧان‪،‬‬
‫وﺟﻣيل الﺷكر والﻌرفان لألسﺗاذ الﻣﺣﺗرم نوري نﻌاس رئيس‬
‫قسم الﻌﻠوم السياسيﺔ ﺑﺟاﻣﻌﺔ الﺟﻠفﺔ ﻋﻠى كﻠﻣاﺗه الطيﺑﺔ الﺗي كاﻧت‬
‫وﻣا ﺗزال دافﻌا لي وأﻧيسا في ﺧطواﺗي الﻌﻠﻣيﺔ اآلﻧيﺔ واآلﺗيﺔ‪...‬‬
‫فاهلل ﻧسأل أن ﺗكون ھذه الﺧطوات ﺧالﺻﺔ لوﺟﮭه الكريم‪..‬‬
‫وهللا ﻧسأل أن ﺗكون ثﻣرﺗﮭا ﻋﻠﻣا يﻧﺗفﻊ ﺑه‪...‬‬
‫وأن ﺗكون ﺗﻠك الكﻠﻣات الطيﺑﺔ ﺻدقﺔ ﺟاريﺔ لقائﻠﮭا‪...‬‬

‫‪7‬‬
‫إﻧي رأيت أﻧه ﻻ يكﺗب إﻧسان كﺗاﺑا في يوﻣه إﻻ قال في ﻏده‪:‬‬
‫لو ﻏير ھذا لكان أﺣسن‪ ،‬ولو زيد كذا لكان يسﺗﺣسن‪ ،‬ولو قدم ھذا‬
‫لكان أفضل‪ ،‬ولو ﺗرك ھذا لكان أﺟﻣل‪ ،‬وھذا ﻣن أﻋظم الﻌﺑر‪،‬‬
‫وھو دليل ﻋﻠى اسﺗيالء الﻧقص ﻋﻠى ﺟﻣﻠﺔ الﺑﺷر‪.‬‬

‫الﻌماد اﻷصﻔهاني‬
‫الفهرس‬
‫ﻣقدﻣﺔ‪ ....‬ص‪13‬‬
‫الﻔصل اﻷول‪ ....‬ص‪19‬‬
‫ـ ماهية السياسة الخارجية‪ ....‬ص‪21‬‬
‫ﻣفﮭوم السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ وﻣﺣدداﺗﮭا‬
‫أ ﻣفﮭوم السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‬
‫ب الﻣفاھيم الﻣﺷاﺑﮭﺔ له‬
‫محددات السياسة الخارجية‪ ....‬ص‪31‬‬
‫أ الﻣﺣددات الداﺧﻠيﺔ‬
‫ب الﻣﺣددات الﺧارﺟيﺔ‬
‫ـ دور الشخصية الﻘيادية في صنﻊ وﺗوجيه السياسة الخارجية‪....‬ص‪41‬‬
‫القيادة كﻣﺗغير في السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‬
‫أ – ﺗﻌريف القيادة‬
‫ب – ﺧﺻائص القيادة‬
‫ج – الﺑيئﺔ الﻧفسيﺔ لﻠقائد‬
‫ـ ﻧظريات وأﻧﻣاط القيادة السياسيﺔ‬
‫أ – ﻧظريات القيادة‬
‫ب – أﻧﻣاط القيادة‬
‫ج – ﺗﺻﻧيفات أﺧرى‬

‫الﻔصل الثاني‪ ....‬ص ‪53‬‬


‫صنﻊ السياسة الروسية في ظل قيادة ﺑوﺗين‪ ....‬ص‪55‬‬
‫دور ﺑوﺗين في ﺻﻧﻊ وﺗوﺟيه السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ‬
‫‪ 1‬الﻣﺣددات الﺟيوسياسيﺔ لروسيا اﻻﺗﺣاديﺔ‬
‫أ – الﻣوقﻊ والﻣساﺣﺔ‬
‫ب ﻣكوﻧات اﻻﺗﺣاد الروسي‬
‫ج – الﺗكوين اﻻﺟﺗﻣاﻋي‬

‫‪9‬‬
‫د – الﻧظام السياسي لروسيا اﻻﺗﺣاديﺔ‬
‫ھـ – ﻣﻌوقات الﻧﮭوض في روسيا‬
‫‪ 2‬الﻣﺣددات الﺷﺧﺻيﺔ لفالديﻣير ﺑوﺗين‬
‫أ – ﻣن ھو ﺑوﺗين‬
‫ب ﻣسيرﺗه ﻧﺣو الرئاسﺔ‬
‫ج – رئاسﺔ روسيا‬
‫د – أراء ﺑﻌض الﻣفكرين في ﺷﺧﺻيﺗه‬
‫‪ 3‬ﺗأثير ﺷﺧﺻيﺔ ﺑوﺗين في ﺻﻧﻊ القرار في روسيا‬
‫أ ﺻالﺣيات ﻣؤسسﺔ الرئاسﺔ‬
‫ب أولويات السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ في ﻋﮭد ﺑوﺗين‬
‫‪ 4‬الﺻيغﺔ الﺟديدة لﻠﻌقيدة الﻌسكريﺔ الروسيﺔ‬
‫أﺑﻌاد السياسﺔ الروسيﺔ في ﻋﮭد ﺑوﺗين‬
‫‪1‬الﺑﻌد اﻹقﻠيﻣي‬
‫أ آسيا الوسطى والقوقاز‬
‫ب الﺷراكﺔ الروسيﺔ الﺷرق آسيويﺔ‬
‫ج اﻻﺗﺣاد األورﺑي‬
‫د الﺷرق األوسط‬
‫‪2‬الﺑﻌد الدولي‬

‫الﻔصل الثالث‪ ....‬ص‪93‬‬


‫آسيا الوسطﻰ والﻘوقاز في ظل الصراع الدولي عﻠﻰ المنطﻘة‬
‫الخصائص الجيو سياسية لمنطﻘة آسيا الوسطﻰ والﻘوقاز‪ ....‬ص‪95‬‬
‫‪1‬الﻣﺣددات الﺟيو سياسيﺔ لﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى‬
‫أ – الﻣوقﻊ الﺟغرافي وأھﻣيﺗه‬
‫ب – الﺗركيﺑﺔ السكاﻧيﺔ لدول آسيا الوسطى‬
‫ج – الواقﻊ السياسي واﻻقﺗﺻادي‬
‫‪ 2‬الﻣﺣددات الﺟيو سياسيﺔ لﻣﻧطقﺔ القوقاز‬
‫أ – الﺟغرافيا والسكان‬

‫‪10‬‬
‫ب – الواقﻊ اﻻقﺗﺻادي‬
‫ج راﺑطﺔ أو (كوﻣﻧويﻠث) الدول الﻣسﺗقﻠﺔ‬
‫اﻷهمية اإلسﺗراﺗيجية لﻠمنطﻘة ﺑالنسﺑة لروسيا‪112 ....‬‬
‫أھﻣيﺔ الﻣﻧطقﺔ ﻋسكريا‬
‫ب اقﺗﺻاديا‬
‫ج أﻣﻧيا‬
‫ﺗأثير الﻧزاﻋات في الﻣﻧطقﺔ ﻋﻠى السياسﺔ الروسيﺔ‬
‫أ – الﻧزاع في آسيا الوسطى‬
‫ب ‪ -‬الﻧزاع في القوقاز‬
‫األطﻣاع اﻹقﻠيﻣيﺔ والدوليﺔ في الﻣﻧطقﺔ‬
‫‪ -1‬األطﻣاع اﻹقﻠيﻣيﺔ‬
‫أ‪ -‬ﺗركيا‬
‫ب‪ -‬إيران‬
‫ج‪ -‬الﺻين‬
‫‪ -2‬األطﻣاع الدوليﺔ‬
‫أ‪ -‬الوﻻيات الﻣﺗﺣدة األﻣريكيﺔ‬
‫ب‪ -‬اﻻﺗﺣاد األورﺑي‬

‫خاﺗمة‪ ....‬ص ‪139‬‬


‫المصادر والمراجﻊ‪ ....‬ص‪141‬‬

‫‪11‬‬
12
‫مقدمة‬

‫ﺗﻌﺗﺑر روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ الوريث الﺷرﻋي لالﺗﺣاد السوفييﺗي‬


‫الساﺑق ﺣيث أﻧﮭا ﺗﺣظى ﺑاﻋﺗراف القاﻧون الدولي وكذا الﻣﺟﻣوﻋﺔ‬
‫الدوليﺔ لﮭا ﺑﺗﻠك الﺗركﺔ الثقيﻠﺔ والﻣﺗﻧوﻋﺔ ﻣن ﻣساﺣﺔ ﺟغرافيﺔ‬
‫وﺗﻌداد سكاﻧي وأسﻠﺣﺔ إسﺗراﺗيﺟيﺔ وﻣكاﻧﺔ دوليﺔ ھاﻣﺔ‪ .‬وھي ﺑذلك‬
‫ﺗواﺻل ﺗﻧفيذ اﻻلﺗزاﻣات الدوليﺔ‪ ،‬ﻣن ﺣقوق وواﺟﺑات وﻣﻌاھدات‬
‫وﻣﻣﺗﻠكات وديون كﻣا ﺗﺗولى ﻣقﻌد اﻻﺗﺣاد السوفييﺗي الدائم في‬
‫ﻣﺟﻠس األﻣن‪.‬‬
‫وإذا كاﻧت روسيا قد ﺣظيت ﺑالﻧﺻيب األوفر ﻣن ﺗركﺔ اﻻﺗﺣاد‬
‫السوفييﺗي الﻣﻧﮭار فإن لدول آسيا الوسطى والقوقاز الﻣﻧﺑثقﺔ ﻋﻧه‬
‫ھي األﺧرى‪ ،‬ﻧﺻيب ﻣن ﺗﻠك الثروات ﻻ يقل أھﻣيﺔ ﻋن ذلك‪،‬‬
‫ﺗﻣثل في الﻣوقﻊ اﻻسﺗراﺗيﺟي وفي ثروة الﺑﺗرول والغاز‪ ،‬ﻣﻣا‬
‫ﺟﻌﻠﮭا ﻣﺣط أطﻣاع الكثير ﻣن القوى األﻣريكيﺔ واألورﺑيﺔ‬
‫واآلسيويﺔ‪ ،‬وھذا ﻣا أوﺟب ﻋﻠى روسيا اﻻﻧﺗﺑاه إلى أھﻣيﺔ ھذه‬
‫الﻣﻧطقﺔ الﺣيويﺔ ووضﻌﮭا ضﻣن اھﺗﻣاﻣات سياسﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ‪.‬‬
‫"ﺗكﺗسب ﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى (والقوقاز) أھﻣيﺔ كﺑيرة في‬
‫الﻧظام الدولي ﻣن الﻧاﺣيﺔ اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ والﺟيوسﺗراﺗيﺟيﺔ لدرﺟﺔ‬
‫أن وﺻفﮭا " ﺑريﺟﻧسكي" ﺑاﻋﺗﺑارھا ﺗﻣثل الﻣﺗغير الﺟيوسياسي‬
‫الذي يﻌﺗﺑر ﻣفﺗاح السيطرة ﻋﻠى الﻌالم‪ ،‬ألن ﻣن يﺗﻣركز في آسيا‬
‫الوسطى ويرسي قواﻋده سيﺗيح لﻧفسه القرب وإطاللﺔ أكثر سﮭولﺔ‬
‫وأقل ﺗكﻠفﺔ ﺑاﺗﺟاه الﻌﻣق الﺣيوي الروسي ﺑاﺗﺟاه الﺷﻣال‪ ،‬والﻌﻣق‬
‫الﺣيوي الﺻيﻧي ﺑاﺗﺟاه الﺟﻧوب الﺷرقي والﻌﻣق الﺣيوي لﺷﺑه‬

‫‪13‬‬
‫القارة الﮭﻧديﺔ وﺑاكسﺗان وأفغاﻧسﺗان ﺑاﺗﺟاه الﺟﻧوب‪ ،‬والﻌﻣق‬
‫الﺣيوي اﻹيراﻧي ﺑاﺗﺟاه الﺟﻧوب الغرﺑي والﻌﻣق الﺣيوي لكاﻣل‬
‫ﻣﻧطقﺔ ﺑﺣر قزوين ﺑﻣا فيﮭا ﺗركيا ﺑاﺗﺟاه الغرب‪ ،‬وھي ﻣﻧاطق‬
‫ﺗﺷكل ﻣطﻣﻌا ﻣﮭﻣا لﻠوﻻيات الﻣﺗﺣدة األﻣريكيﺔ لﻠسيطرة ﻋﻠيﮭا‬
‫وﻣﻣارسﺔ الﻧفوذ فيﮭا‪ ،‬ألن في السيطرة ﻋﻠى ﻣوارد ﻣﻧطقﺔ آسيا‬
‫الوسطى إﻣكاﻧيﺔ كﺑيرة لﻠﺗﺣكم في إﻣدادات الﻧفط والغاز والﻣﻌادن‬
‫والﻣوارد الزراﻋيﺔ إلى روسيا والﺻين وﺷﺑه القارة الﮭﻧديﺔ ودول‬
‫اﻻﺗﺣاد األورﺑي وﺑﻠدان آسيا الغرﺑيﺔ‪ .‬وﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى ﺑﮭذا‬
‫‪1‬‬
‫الﺷكل ﺗﻌﺗﺑر أﺣد ﻧقاط الﺻراع الﻣﮭﻣﺔ ﻋﻠى الﻣسرح الدولي"‪.‬‬
‫وﺗكﻣن أھﻣيﺔ ھذه الدراسﺔ في أﻧﮭا ﺗسﻠط الضوء ﻋﻠى ﻣﻧطقﺔ‬
‫كاﻧت إلى وقت قريب ﺑﻌيدة ﻋن األﺣداث والﺗﺟاذﺑات السياسيﺔ‬
‫لﺗظﮭر فﺟأة وﺑﺻورة ﻣﻠفﺗﺔ وﺗﺗﺻدر الﻣﺷﮭد السياسي الدولي في‬
‫أﺣداث ﺟورﺟيا‪ ،‬ثم في ﺗداﻋيات أﺣداث أوكراﻧيا‪ ،‬وﻣا ﺗزال ﺗﻠك‬
‫األﺣداث قاﺑﻠﺔ لﻠﺗطور‪.‬‬
‫وﺗكﻣن أھﻣيﺔ ﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى والقوقاز في أﻧﮭا ﺗﻣثل" قﻠب‬
‫الﻌالم‪ ،‬وﺗﺗاﺧم ﺣدودھا الﻣﺑاﺷرة ﻋددًا ﻣن الدول الكﺑرى ﻋﻠى‬
‫الﺻﻌيدين الدولي واﻹقﻠيﻣي‪ ،‬فﮭي ﺗقﻊ ﺟﻧوب روسيا‪ ،‬وﻏرب‬
‫الﺻين وﺷﻣال أفغاﻧسﺗان‪ ،‬وﺷﻣال وﺷرق إيران‪ ،‬وﺷرق ﺗركيا‪.‬‬
‫وﻣن ثم فإن ھذه الﻣﻧطقﺔ ﻣفﺗاح ھام وﻣوطئ قدم اسﺗراﺗيﺟي لﻌدد‬
‫ﻣن القوى الدوليﺔ واﻹقﻠيﻣيﺔ‪ ،‬وفي ﻣقدﻣﺗﮭا الوﻻيات الﻣﺗﺣدة‪،‬‬
‫ﻻسيﻣا وأن ﻋددًا ﻣن الدول الﻣﺗاﺧﻣﺔ لﻠﻣﻧطقﺔ ﺗﻣثل ﺧﺻو ًﻣا أو‬

‫‪ 1‬ﻋﺑد هللا فالح‪ ،‬الﺗﻧافس الدولي في آسيا الوسطى‪ ،‬رسالﺔ ﻣاﺟسﺗير في‬
‫الﻌﻠوم السياسيﺔ‪ ،‬ﺗقدم إلى ﻣﺟﻠس كﻠيﺔ اآلداب والﻌﻠوم‪ ،‬ﺟاﻣﻌﺔ الﺷرق‬
‫األوسط‪ ،2011 ،‬ص ‪6‬‬

‫‪14‬‬
‫ﻣﻧافسين لواﺷﻧطن يﺗﻌين‪ ،‬وفقًا "لإلسﺗراﺗيﺟيﺔ القوﻣيﺔ لألﻣن"‪ ،‬الﺗي‬
‫أﺻدرﺗﮭا الوﻻيات الﻣﺗﺣدة ﻋام ‪ 1992‬القضاء ﻋﻠيﮭا‪ ،‬أو ﻋﻠى‬
‫األقل إضﻌافﮭا ﺣﺗى ﻻ ﺗﻣثل ﺗﺣديًا لﻠﮭيﻣﻧﺔ والسياسﺔ األﻣريكيﺔ‪،‬‬
‫وفي ﻣقدﻣﺗﮭا إيران والﺻين وروسيا ذاﺗﮭا وﻣن ثم فإن ﺗغﻠغل‬
‫الوﻻيات الﻣﺗﺣدة يﻣثل ﻋاﻣالً ھا ًﻣا في ﺗقويض ﻧفوذ ﺗﻠك الدول‬
‫الﻣﻧاوئﺔ وﻣﺣاولﺔ اﺧﺗراقﮭا ﺟغرافيًا وسياسيًا ﻣن وﺟﮭﺔ الﻧظر‬
‫األﻣريكيﺔ‪ 1 ".‬ولقد كاﻧت ﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى والقوقاز ﻣﻧارة‬
‫لﻣﺧﺗﻠف الﻌﻠوم والفكر اﻹسالﻣي كﻣا كاﻧت وﻣا ﺗزال ﺷﻌوب ﺗﻠك‬
‫الﻣﻧطقﺔ ﺷﻌوﺑا ﻣسﻠﻣﺔ‪ ،‬ﺗرﺑطﻧا ﺑﮭا راﺑطﺔ اﻹسالم ويدفﻌﻧا الواﺟب‬
‫في ذلك إلى ﻣﻌرفﺔ ﺣالﮭا ﺑﻌد أن ﺗﺣررت‪ ،‬وﺗﺟﻠيﺔ ﺻورة واقﻌﮭا‬
‫اليوم وﻣﺣاولﺔ كسر ﺣاﺟز الﺗﻌﺗيم والﻌزلﺔ ﻋﻧﮭا ﺑﻣا أﻣكن ﻣن‬
‫وسائل‪ ،‬قد يقدر لﮭذه الدراسﺔ الﻣﺗواضﻌﺔ أن ﺗكون إﺣداھا‪.‬‬
‫ﻻ ﺷك أن األھﻣيﺔ الﺟيوسياسيﺔ لﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى والقوقاز‬
‫قد ازدادت ﺑﻌد أﺣداث الﺣادي ﻋﺷر ﻣن سﺑﺗﻣﺑر‪ ،‬واﺣﺗالل‬
‫الوﻻيات الﻣﺗﺣدة‪ ،‬وقوات ﺣﻠف ﺷﻣال األطﻠﻧطي ألفغاﻧسﺗان‪ ،‬ﺣيث‬
‫أﺻﺑﺣت الوﻻيات الﻣﺗﺣدة في ﺣاﺟﺔ ﻣاسﺔ لﮭذه الدول ﺑالﻧظر إلى‬
‫ﺟوارھا الﻣﺑاﺷر ﻣﻊ أفغاﻧسﺗان‪ ،‬لﻠﺗﻣركز فيﮭا‪ ،‬وﺗوفير اﻹﻣدادات‬
‫لﻠقوات األﻣريكيﺔ‪ ،‬وكذلك ﻹﺣكام السيطرة والﺧﻧاق ﻋﻠى‬
‫أفغاﻧسﺗان ﻋﺑر ﺣدودھا ﻣﻊ ھذه الدول‪ .‬ﺑاﻹضافﺔ إلى وﺟود دولﺗين‬
‫ﻣن دول آسيا الوسطى وھﻣا‪ :‬كازاﺧسﺗان وﺗركﻣاﻧسﺗان‪ ،‬إلى ﺟاﻧب‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد الﻧﻌﻣاﻧي‪ ،‬آسيا الوسطى والقوقاز والﺻراع القادم في الﻌالم‪ ،‬ﻣوقﻊ‬


‫الحوار المﺗمدن‪-‬الﻌدد‪ 08:07 - 14 / 10 / 2013 - 4245 :‬ﻋﻠى‬
‫الراﺑط‪http://www. ahewar. org/debat/show. art. :‬‬
‫‪asp?aid=382372‬‬

‫‪15‬‬
‫أذرﺑيﺟان القوقازيﺔ ﻋﻠى ﺑﺣر قزوين‪ ،‬ﺣيث ﺗﻣﺗﻠك الدول الثالث‬
‫أكثر ﻣن ثﻠثي ﺷواطئه‪ ،‬وﻣن الﻣﻌروف أن ﻣﻧطقﺔ ﺑﺣر قزوين‬
‫ﺗﻣثل ثاﻧي أكﺑر اﺣﺗياطي في الﻌالم ﻣن الﻧفط والغاز الطﺑيﻌي ﺑﻌد‬
‫ﻣﻧطقﺔ الﺷرق األوسط‪ .‬وﻣن ثم فإن لﻠﻣﻧطقﺔ أھﻣيﺔ إسﺗراﺗيﺟيﺔ‬
‫واضﺣﺔ لﻠوﻻيات الﻣﺗﺣدة الﺗي ﺗرى في السيطرة الﻣﺑكرة ﻋﻠى‬
‫الﻣﻧطقﺔ ﺗأﻣيﻧًا لﺣاﺟاﺗﮭا الﻣسﺗقﺑﻠيﺔ ﻣن الطاقﺔ ودﻋ ًﻣا ﻻسﺗقاللﮭا‬
‫واسﺗقالل ﺣﻠفائﮭا األورﺑيين في ﻣواﺟﮭﺔ روسيا الﺗي ﺗزداد ھيﻣﻧﺗﮭا‬
‫ﻋﻠى سوق الطاقﺔ الﻌالﻣي‪.‬‬
‫وﺗسﻌى روسيا في ظل قيادة ﺑوﺗين إلى اﻧﺗﮭاج سياسﺔ ﻣغايرة‬
‫لﻣا كاﻧت ﻋﻠيه ساﺑقا‪ ،‬ﺣﺗى ﺗﺗﻣكن ﻣن اسﺗﻌادة ﻣكاﻧﺗﮭا الدوليﺔ‬
‫واﻻسﺗفادة ﻣن الﻣوقﻊ الﻣﺗﻣيز والثروات الطﺑيﻌيﺔ الضﺧﻣﺔ لﻣﻧطقﺔ‬
‫آسيا الوسطى والقوقاز‪ ،‬ولﺗﺗﻣكن ﻣن ﺣﻣايﺔ ﻧفسﮭا وﻣﺻالﺣﮭا ﻣن‬
‫أطﻣاع الدول الكﺑرى الﻣﻧافسﺔ لﮭا في ھذه الﻣﻧطقﺔ‪.‬‬
‫لم يكن ﻣن اليسير الﺣﺻول ﻋﻠى ﻣراﺟﻊ وكﺗاﺑات ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ‬
‫وﻣوﺟﮭﺔ في ﻣوضوع الدراسﺔ ﺣﺻرا‪ ،‬وإن وﺟد ﺑﻌضﮭا ﺧاﺻﺔ‬
‫الﻣكﺗوب ﺑالﻌرﺑيﺔ أو الﻣﻧقول إليﮭا ﺑالﺗرﺟﻣﺔ فﮭو قﻠيل ﻣﺗﻧاثر في‬
‫ﻋدد ﻣن الكﺗب والﻣﺟالت والﻣواقﻊ اﻻلكﺗروﻧيﺔ‪ .‬ولرﺑﻣا يرﺟﻊ‬
‫األﻣر في ذلك إلى قﻠﺔ اﻻھﺗﻣام ﺑﮭذه الﻣﻧطقﺔ أو اﻻﻧﺷغال ﺑﻣﻧطقﺔ‬
‫الﺷرق األوسط األكثر ﺣركيﺔ واألﻏﻧى ﺑالﻣسﺗﺟدات‪.‬‬
‫لكن ذلك لم يكن ﻋائقا أﻣام الرﻏﺑﺔ الﺟاﻣﺣﺔ في اﻹطالع ﻋﻠى‬
‫ﺗفاﺻيل ﺗﻠك الﻣﻧطقﺔ والسياسات الﻣﻧﺗﮭﺟﺔ ﺗﺟاھﮭا ﺧاﺻﺔ ﻣن‬
‫طرف الﺟار الروسي‪ ،‬وﺑاألﺧص ﻣن ذلك في فﺗرة ﺣكم الرئيس‬
‫فالديﻣير ﺑوﺗين‪ ،‬الذي يسﻌى إلى أن يﻌيد لروسيا ﻣكاﻧﺗﮭا الدوليﺔ‬
‫ودورھا الﻣساھم في ﺻﻧﻊ السياسﺔ الدوليﺔ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ﺗم اﻻﻋﺗﻣاد في ھذه الدراسﺔ ﻋﻠى ﺧطﺔ ﻣن ثالثﺔ فﺻول يﻣكن‬
‫إﺟﻣالﮭا فيﻣا يﻠي‪:‬‬
‫الﻔصل اﻷول‪ :‬وھو ﻣدﺧل ﻧظري ﺗم فيه الﺗطرق إلى ﻣفﮭوم‬
‫السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ والﻣفاھيم الﻣﺷاﺑﮭﺔ له ﻹزالﺔ الﻠﺑس الذي قد‬
‫يﻧﺗاب القارئ في ﻋدم الﺗفريق ﺑين ھاﺗه الﻣفاھيم‪ ،‬كذلك اﺷﺗﻣل ھذا‬
‫الفﺻل ﻋﻠى ﻧقطﺗين ھاﻣﺗين ھﻣا‪ :‬القيادة ﺑاﻋﺗﺑارھا ﻣﺗغيرا يﺣظى‬
‫ﺑﺑالغ الﺗأثير في ﺣقل السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬والﻧقطﺔ الثاﻧيﺔ ھي ﻣدى‬
‫ﺗأثير وﺟود ھذا الﻣﺗغير في ﺻﻧﻊ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ‬
‫ﺧاﺻﺔ في فﺗرة ﺣكم ﺑوﺗين‪.‬‬
‫الﻔصل الثاني‪ :‬وقد ﺗﻧاول ﻧظرة ﻣوﺟزة لروسيا ﻣن الﻧاﺣيﺔ‬
‫الﺟيوسياسيﺔ‪ ،‬والﻣﺣددات الﺷﺧﺻيﺔ والﻌواﻣل الﺑيئيﺔ والﻧفسيﺔ‬
‫لفالديﻣير ﺑوﺗين‪ ،‬ﺑاﻹضافﺔ إلى أﺑﻌاد السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ‬
‫في ﻋﮭده‪.‬‬
‫الﻔصل الثالث‪ :‬وﺗﻧاول الﻣوقﻊ اﻹسﺗراﺗيﺟي لﻣﻧطقﺔ آسيا‬
‫الوسطى والقوقاز‪ ،‬وﻣواردھا الطﺑيﻌيﺔ واﻻقﺗﺻاديﺔ‪ ،‬وﻣدى ﺣدة‬
‫الﺗﻧافس والﺻراع الدائر ﺣولﮭا ﻣن طرف القوى الﻣﺧﺗﻠفﺔ‪ ،‬كﻣا‬
‫ﺑين أھﻣيﺔ ھذه الﻣﻧطقﺔ ﺑالﻧسﺑﺔ لﺗﻠك القوى الﻣﺗﺻارﻋﺔ ﻋﻠيﮭا‪.‬‬
‫وإذا كاﻧت السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ ﺣﺗى ھذه السﻧﺔ ‪2014‬‬
‫ﺗكاد ﺗﺗسم ﺑالﺗذﺑذب واﻻكﺗفاء ﺑرد الفﻌل‪ ،‬فإن الثاﺑت الوﺣيد في‬
‫األﻣور السياسيﺔ ھو ﻋدم وﺟود ثاﺑت‪.‬‬
‫قاسم دحمان‬
‫‪ / 05‬ﺷوال ‪ 1436 /‬ھـ‬
‫الﻣوافق لـ ‪ 2015 / 07 / 21‬م‬

‫‪17‬‬
18
‫الفصل األول‪:‬‬

‫ماهية السياسة الخارجية‬


‫‪ ...‬الﺗﺻرفات السﻠطويﺔ الﺗي ﺗﺗﺧذھا أو‬
‫ﺗﻠﺗزم ﺑاﺗﺧاذھا الﺣكوﻣات‪ ،‬إﻣا لﻠﻣﺣافظﺔ‬
‫ﻋﻠى الﺟواﻧب الﻣرﻏوﺑﺔ في الﺑيئﺔ الدوليﺔ‬
‫أو لﺗغيير الﺟواﻧب ﻏير الﻣرﻏوﺑﺔ‪.‬‬

‫روزﻧو‬
‫مفهوم السياسة الخارجية‬
‫والمفاهيم المشابهة له‬

‫أ – مﻔهوم السياسة الخارجية‪:‬‬


‫يرى الدكﺗور ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم أﻧه " يقﺻد ﺑالسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‬
‫ﺑرﻧاﻣج الﻌﻣل الﻌﻠﻧي الذي يﺧﺗاره الﻣﻣثﻠون الرسﻣيون لﻠوﺣدة‬
‫الدوليﺔ ﻣن ﺑين ﻣﺟﻣوﻋﺔ الﺑدائل الﺑرﻧاﻣﺟيﺔ الﻣﺗاﺣﺔ ﻣن أﺟل ﺗﺣقيق‬
‫أھداف ﻣﺣددة في الﻣﺣيط الﺧارﺟي‪ .‬وطﺑقا لﮭذا فإن السياسﺔ‬
‫الﺧارﺟيﺔ ﺗﻧﺻرف إلى ﻣﺟﻣوﻋﺔ أساسيﺔ ﻣن األﺑﻌاد األساسيﺔ ھي‪:‬‬
‫الواﺣديﺔ" ‪ 1‬والﺗي يقﺻد ﺑﮭا أن السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ "ﺗﻧﺻرف إلى‬
‫سياسﺔ وﺣدة دوليﺔ واﺣدة‪ ،‬أي الﺑراﻣج الﺗي ﺗﻧﺗﮭﺟﮭا ﺗﻠك الوﺣدة‬
‫إزاء الوﺣدات الدوليﺔ األﺧرى‪ .‬وھذا الﺑﻌد ھو ﻣا يﻣيز السياسﺔ‬
‫‪.2‬‬
‫الﺧارﺟيﺔ ﻋن الﻌالقات الدوليﺔ"‬
‫وأﻣا الﺑﻌد الثاﻧي فﮭو طاﺑﻊ الرسﻣيﺔ والذي يﻌرفه ﺑالقول‪ " :‬أن‬
‫السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ھي ﺗﻠك السياسﺔ الﺗي يﺻوﻏﮭا الﻣﻣثﻠون‬
‫الرسﻣيون لﻠوﺣدة الدوليﺔ أو األﺷﺧاص الﻣﺧولون ﺑاﺗﺧاذ القرارات‬
‫الﻣﻠزﻣﺔ‪ ،‬وفي الدول فإن ھؤﻻء األﺷﺧاص يﺷﻣﻠون رئيس الدولﺔ‪،‬‬
‫ورئيس الﺣكوﻣﺔ‪ ،‬ووزير الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬ووزير الدفاع‪ ،‬وﻏيرھم ﻣن‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم‪ ،‬ﺗﺣﻠيل السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬ﻣكﺗﺑﺔ الﻧﮭضﺔ الﻣﺻريﺔ‪،‬‬


‫ط‪ ،2‬القاھرة‪ ،1998 ،‬ص‪12‬‬
‫‪ 2‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص‪13‬‬

‫‪21‬‬
‫األﺷﺧاص الذين يﻌﻣﻠون رسﻣيا في ﻣﺟال السياسﺔ ويﺗﺣدثون ﺑاسم‬
‫الدولﺔ " ‪.1‬‬
‫وثالث ﺗﻠك األﺑﻌاد ھو الطاﺑﻊ الﻌﻠﻧي ﺣيث " ﺗﻧﺻرف السياسﺔ‬
‫الﺧارﺟيﺔ إلى ﺑراﻣج الﻌﻣل الﺧارﺟي الﻣﻌﻠﻧﺔ ورﺑﻣا ﺗﺑادر إلى‬
‫الذھن أن الﻣقﺻود ﺑذلك ھو أن السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ھي ﺗﻠك السياسﺔ‬
‫الﺗي "أﻋﻠﻧﮭا" ﺻاﻧﻊ ﺗﻠك السياسﺔ‪ ،‬ولكن الﻌﻠﻧيﺔ ﺑﮭذا الﻣﻌﻧى ﻻ‬
‫ﺗﺷكل إﻻ ﺟزءا ﻣن الﻣقﺻود ﺑالطاﺑﻊ الﻌﻠﻧي لﻠسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‬
‫يقﺻد ﺑﮭذا الطاﺑﻊ أن ﺑراﻣج الﻌﻣل الﺧارﺟي ھي ﺑراﻣج ﻣقﺻودة‬
‫وقاﺑﻠﺔ لﻠﻣالﺣظﺔ‪ .‬فﺑراﻣج الﻌﻣل الﺧارﺟي لم ﺗﺗكون ﻋفو الﺧاطر‬
‫أو ﺑﻣﺣض الﺻدفﺔ ولكن ﺻاﻧﻌيﮭا قﺻدوا إﺗﺑاﻋﮭا لﺗﺣقيق أھداف‬
‫ﻣﻌيﻧﺔ واﻋﺗرفوا ﺑﻣسؤوليﺗﮭم ﻋﻧﮭا فال يدﺧل في ﻣﺟال السياسﺔ‬
‫الﺧارﺟيﺔ إﻻ ﺗﻠك الﺗﺻرفات الﺗي قﺻدھا ﺻاﻧﻌو السياسﺔ‬
‫الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬أﻣا ﺗﻠك الﺗي ﺟاءت ﻧﺗيﺟﺔ الﺗطور الطﺑيﻌي لألﺣداث‪،‬‬
‫والﺗفاﻋل ﻣﻊ الدول األﺧرى فإﻧﮭا ﻻ ﺗدﺧل في ﻧطاق السياسﺔ‬
‫‪.2‬‬
‫الﺧارﺟيﺔ "‬
‫يأﺗي ﺑﻌد ذلك الطاﺑﻊ اﻻﺧﺗياري والذي يقول ﻋﻧه ﺑأن السياسﺔ‬
‫الﺧارﺟيﺔ " ﺗﺗﻣيز‪ ...‬ﺑﺣكم أﻧﮭا سياسﺔ ﺑﻌﻧﺻر اﻻﺧﺗيار‪ ،‬ويقﺻد‬
‫ﺑاﻻﺧﺗيار أن السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ قد اﺧﺗارھا ﻣن يدﻋون ﺻﻧﻌﮭا ﻣن‬
‫ﺑين سياسات ﺑديﻠﺔ ﻣﺗاﺣﺔ‪ ،‬وﺑﮭذا الﻣﻌﻧى فإن اﻻﺧﺗيار يﺷﻣل ثالثﺔ‬
‫أﺑﻌاد " ‪ 3‬أولﮭا أن الﺻياﻏﺔ الﺣقيقيﺔ لﻠسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ قد ﺗﻣت‬
‫ﺑﺣق ﻣن طرف ﻣن يدﻋي أﻧه قد رسم ﺗﻠك السياسﺔ وليس ﻣن‬

‫‪ 1‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص‪15‬‬


‫‪ 2‬ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص‪18‬‬
‫‪ 3‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص‪21‬‬

‫‪22‬‬
‫طرف ﻏيره ﻣن ﺧارج الﻧظام السياسي‪ .‬وثاﻧيﮭا أﻧه كان ثﻣﺔ ﺑدائل‬
‫كان له أن يﺧﺗار ﺑيﻧﮭا وليس سياسﺔ وﺣيدة وﺟب ﻋﻠيه إﺗﺑاﻋﮭا‪.‬‬
‫وثالثﮭا أن لﺻاﻧﻊ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الﻣقدرة ﻋﻠى ﻣﺟارات‬
‫ﻣﺗغيرات األﻣور والﺗأقﻠم وفقﮭا في وضﻊ سياسﺗه ﻣﺗﻣاﺷيا ﻣﻊ‬
‫الﻣسﺗﺟدات وليس السير ﻣﺟﺑرا وفق الﻣسار الراھن‬
‫ﺑﻌد ذلك يكون الطاﺑﻊ الﮭدفي ويﺷرﺣه ﺑالقول أن السياسﺔ‬
‫الﺧارﺟيﺔ " ﺗﺗضﻣن‪ ...‬اﺧﺗيارا لﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن األھداف وﺗﻌﺑئﺔ‬
‫ﺑﻌض الﻣوارد الﻣﺗاﺣﺔ لﺗﺣقيق ﺗﻠك األھداف‪ ،‬فالسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‬
‫ليست ﻣﺟرد رد فﻌل آلي لﻠﺑيئﺔ الﺧارﺟيﺔ ولكﻧﮭا ﺑاألساس ﻋﻣﻠيﺔ‬
‫واﻋيﺔ وﺗﻧطوي ﻋﻠى ﻣﺣاولﺔ الﺗأثير ﻋﻠى الﺑيئﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬أو ﻋﻠى‬
‫األقل الﺗأقﻠم ﻣﻊ ﺗﻠك الﺑيئﺔ‪ ،‬لﺗﺣقيق ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن األھداف‪ ،‬وﻣن‬
‫ثم فإﻧه ﻣن الﻌسير ﺗﺻور وﺟود سياسﺔ ﺧارﺟيﺔ ﻻ ﺗﺗضﻣن‬
‫ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن األھداف أو ﻻ ﺗضطﻠﻊ ﺑوظيفﺔ ﻣﺣددة في إطار‬
‫السياسﺔ الﻌاﻣﺔ لﻠوﺣدة الدوليﺔ‪ ...‬وفي ھذا الﺻدد ﺗﻌﺗﺑر سﻠوكيات‬
‫الدولﺔ الﺧارﺟيﺔ وﻧﻣط ﺗﻌﺑئﺔ ﻣواردھا ھاﻣﺔ ﻋﻠى ﻣدى ارﺗﺑاط‬
‫الدولﺔ ﺑالﮭدف الﻣﻌﻠن"‪.1‬‬
‫ويأﺗي ﺑﻌده ﺑُﻌد آﺧر يﺗﻣثل في الطاﺑﻊ الﺧارﺟي والذي يقﺻد‬
‫ﺑه أن " السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ وإن كاﻧت ﺗﺻاغ في إطار الوﺣدة‬
‫الدوليﺔ إﻻ أﻧﮭا ﺗسﻌى إلى ﺗﺣقيق أھداف إزاء وﺣدات ﺧارﺟيﺔ‬
‫‪2‬‬
‫وھذا ﻣا يﻣيز السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﻋن السياسﺔ الداﺧﻠيﺔ‪" .‬‬
‫أﻣا آﺧر ﺗﻠك األﺑﻌاد فﮭو الطاﺑﻊ الﺑرﻧاﻣﺟي والذي ﻣن ﺧالله‬
‫قﺻد إلى القول ﺑأن‪ " :‬السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ظاھرة ﻣﺗﻌددة األﺑﻌاد‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص‪23‬‬


‫‪ 2‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص‪26‬‬

‫‪23‬‬
‫ذلك أن ﻋﻣﻠيﺔ الﺗﺻرف في الﻣﺣيط الﺧارﺟي لﻠوﺣدة الدوليﺔ‬
‫يﺗطﻠب ﻣﻧﮭا ﺻياﻏﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن األھداف وﺗﺣديد ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن‬
‫القرارات والسﻠوكيات الﺗي ﺗﺷكل في ﻣﺟﻣوﻋﮭا السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‬
‫لﺗﻠك الوﺣدة‪ ،‬وﻣن ھﻧا فإن السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ھي ﺑرﻧاﻣج يﺷﻣل‬
‫‪1‬‬
‫ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن األﺑﻌاد الﺗي ﺗﺗفاوت في درﺟﺔ ﻋﻣوﻣيﺗﮭا‪".‬‬
‫كاﻧت ﺗﻠك ھي ﻣﺟﻣل األﺑﻌاد الﺗي ﺣاول الدكﺗور ﻣﺣﻣد السيد‬
‫سﻠيم إﺟﻣالﮭا ﻋﻧد وضﻌه ﺗﻌريفه لﻠسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الﻣذكور في‬
‫الﺑدء‪ ،‬ﺣيث أﻧه اﻋﺗﺑر ھذه األﺑﻌاد ھي الزوايا الﻣﺗﻌددة والركائز‬
‫الﺗي اﺷﺗﻣﻠﺗﮭا ﻣﻌظم الﺗﻌريفات الﺗي اسﺗﻧد إليﮭا‪ ،‬والﺗي ﺣاولت‬
‫ﺗوﺻيف ظاھرة السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬وﻣن ﺗﻠك الﺗﻌريفات الﺗي‬
‫ذكرھا ھﻧالك ﺗﻌريف سيﺑورى ﻣﺟﻣوﻋﺔ األھداف واﻻرﺗﺑاطات‬
‫الﺗي ﺗﺣاول الدولﺔ ﺑواسطﺗﮭا‪ ،‬ﻣن ﺧالل السﻠطات الﻣﺣددة‬
‫دسﺗوريا‪ ،‬أن ﺗﺗﻌاﻣل ﻣﻊ الدول األﺟﻧﺑيﺔ‪ ،‬وﻣﺷكالت الﺑيئﺔ الدوليﺔ‬
‫‪.2‬‬
‫ﺑاسﺗﻌﻣال الﻧفوذ والقوة ﺑل والﻌﻧف في ﺑﻌض األﺣيان "‬
‫وھﻧاك ﺗﻌريف فيرﻧس وسﻧايدر ﺣيث يﺻفاﻧﮭا ﺑأﻧﮭا – أي‬
‫السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ – "ﻣﻧﮭج الﻌﻣل أو ﻣﺟﻣوﻋﺔ القواﻋد أو كالھﻣا‪،‬‬
‫ﺗم اﺧﺗياره لﻠﺗﻌاﻣل ﻣﻊ ﻣﺷكﻠﺔ أو واقﻌﺔ ﻣﻌيﻧﺔ ﺣدثت فﻌال أو ﺗﺣدث‬
‫ﺣاليا‪ ،‬أو يﺗوقﻊ ﺣدوثﮭا في الﻣسﺗقﺑل " ‪ .3‬ﺑيﻧﻣا يﻌرفﮭا الدكﺗور‬
‫ﻣازن الرﻣضاﻧي ﺑأﻧﮭا " السﻠوك الﺧارﺟي الﮭادف والﻣؤثر لﺻاﻧﻊ‬
‫القرار " ‪.4‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص‪36‬‬


‫‪ 2‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص‪8‬‬
‫‪ 3‬ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص‪7‬‬
‫‪ 4‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص‪9‬‬

‫‪24‬‬
‫في ﺣين أن ﺗﻌريف (روزﻧو) يﺷﺗﻣل ﻋﻠى أكثر ﻣن ﺑُﻌد ﺑل يكاد‬
‫يﺟﻣل ﺗﻠك األﺑﻌاد آﻧفﺔ الذكر ﺣيث يﻌرف السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﺑالقول‬
‫ھي‪ " :‬الﺗﺻرفات السﻠطويﺔ الﺗي ﺗﺗﺧذھا أو ﺗﻠﺗزم ﺑاﺗﺧاذھا‬
‫الﺣكوﻣات‪ ،‬إﻣا لﻠﻣﺣافظﺔ ﻋﻠى الﺟواﻧب الﻣرﻏوﺑﺔ في الﺑيئﺔ الدوليﺔ‬
‫أو لﺗغيير الﺟواﻧب ﻏير الﻣرﻏوﺑﺔ "‪.1‬‬
‫ﻣن كل ﻣا سﺑق ذكره يﻣكن القول إﻧه ﻻ يوﺟد ﺗﻌريف ﻣوﺣد‬
‫أو ﺷاﻣل يﻣكن أن ﻧﺻف ﺑه ظاھرة السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬وذلك‬
‫ﺑسﺑب ﺗﻌدد زوايا الﺗركيز ﻋﻧد الدارسين‪ ،‬وﺻﻌوﺑﺔ ﺣﺻر كل‬
‫أﺑﻌادھا‪ ،‬وھذا ﻣا يﺟﻌل ﻣﻧﮭا ظاھرة ﻣﻌقدة وﻣﺗﺷاﺑكﺔ‪.‬‬
‫ﻣن أﺟل ذلك "ﺗﻌددت الﺗﻌريفات الﺗي أﻋطيت لﻠسياسﺔ‬
‫الﺧارﺟيﺔ وذلك ﻧظرا لﺗﻌدد الﻣكوﻧات والﻌﻧاﺻر الﺗي ﺗدﺧل في‬
‫ﺗركيﺑﮭا كاألھداف والوسائل والﺗوﺟﮭات واألدوار ﻣن ﺟﮭﺔ‪ ،‬وإلى‬
‫الﺗداﺧل الكﺑير ﺑيﻧﮭا وﺑين ﺑﻌض الﻣفاھيم األﺧرى" ‪ 2‬كالسياسﺔ‬
‫الدوليﺔ والﻌالقات الدوليﺔ والدﺑﻠوﻣاسيﺔ ﻣن ﺟﮭﺔ أﺧرى‪.‬‬

‫ب مﻔاهيم مشاﺑهة‪:‬‬
‫‪ 1‬السياسة الدولية‪ :‬يﻌرفﮭا ﺟوزيف س ﻧاي اﻻﺑن ﻋﻠى أﻧﮭا‬
‫" سياسﺔ ﺗﻧﺷأ في ﻏياب سياسﺔ ﻣﺷﺗركﺔ‪ ،‬أو سياسﺔ ﺑين كياﻧات‬
‫ليس لﮭا ﺣاكم ﻋام‪ ،‬وھكذا يطﻠق ﻋﻠى السياسﺔ الدوليﺔ ﻋادة أﻧﮭا‬
‫فوضويﺔ "أﻧاركيﺔ" وكﻣا ﺗﻌﻧي كﻠﻣﺔ " َﻣﻠكيﺔ" ﺣاكم واﺣد ﺗﻌﻧي‬

‫‪ 1‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص‪11‬‬


‫‪ 2‬ﻣيﻠود الﻌطري‪ ،‬السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ األﻣريكيﺔ ﺗﺟاه أﻣريكا الالﺗيﻧيﺔ في‬
‫فﺗرة ﻣا ﺑﻌد الﺣرب الﺑاردة‪ ،‬ﻣذكرة ﻣقدﻣﺔ لﻧيل ﺷﮭادة الﻣاﺟسﺗير في الﻌﻠوم‬
‫السياسيﺔ‪،‬ﺟاﻣﻌﺔ ﺑاﺗﻧﺔ‪،2008/2007،‬ص‪10‬‬

‫‪25‬‬
‫كﻠﻣﺔ "فوضويﺔ"ﻋدم وﺟود أي ﺣاكم‪ ،‬وﺗﻌد السياسﺔ الدوليﺔ ﻧظاﻣا‬
‫‪1‬‬
‫لالﻋﺗﻣاد ﻋﻠى الذات‪.‬‬
‫أﻣا الدكﺗور ﺣاﻣد رﺑيﻊ فيﻌرفﮭا ﺑالقول أﻧﮭا‪" :‬الﺗفاﻋل الذي‬
‫ﻻﺑد أن يﺣدث الﺻدام والﺗﺷاﺑك الﻣﺗوقﻊ والضروري ﻧﺗيﺟﺔ‬
‫ﻻﺣﺗضان األھداف والقرارات الﺗي ﺗﺻدر ﻣن أكثر ﻣن وﺣدة‬
‫‪2‬‬
‫سياسيﺔ واﺣدة‪.‬‬
‫في ﺣين يﻌرفﮭا األسﺗاذ الدكﺗور فاضل زكي ﻣﺣﻣد ﺑأﻧﮭا " ﺗﻠك‬
‫الﻌﻣﻠيﺔ السياسيﺔ الﻣﺗفاﻋﻠﺔ الﺗي ﺗﺟري ﻋﻠى ﺻﻌيد ﻣﺣﻠي أو داﺧﻠي‬
‫والسياسﺔ الدوليﺔ ﺑكﻠﻣﺔ ﻣوﺟزة ھي ﺣﺻيﻠﺔ ﺗفاﻋل السياسات‬
‫‪3‬‬
‫الﺧارﺟيﺔ "‬
‫"إن أولئك الذين يدرسون السياسﺔ الدوليﺔ يﮭﺗﻣون أساسا ﺑأفﻌال‬
‫وردود أفﻌال‪ ،‬والﺗفاﻋالت ﺑين الوﺣدات السياسيﺔ الﺗي ﺗدﻋى‬
‫الدول الوطﻧيﺔ (الدول القوﻣيﺔ)‪ ،‬إذن يﺷكل الفاﻋﻠون واألھداف‬
‫واألدوات ﻣفاھيم ثالثا لﺗﻧظير السياسﺔ الدوليﺔ‪ ،‬وفي رأي أﺻﺣاب‬
‫الﻧظريﺔ الواقﻌيﺔ الﺗقﻠيديﺔ لﻠسياسﺔ الدوليﺔ ﺗﻌد الدولﺔ الفﻌل الﮭام‬
‫الوﺣيد‪ ،‬والدول الﻌظﻣى الﺗي ﺗﺣظى ﺑاﻻھﺗﻣام‪ ،‬ولكن ھذا الﻣفﮭوم‬
‫يﺗغير‪ ،‬فقد ازداد ﻋدد الدول ﺑﺷكل كﺑير ﺑﻌد الﺣرب الﻌالﻣيﺔ‬
‫الثاﻧيﺔ‪ ...‬واألھم ﻣن ﻋدد الدول ھو ظﮭور فاﻋﻠين ﻣن ﻏير الدول‬
‫فﮭﻧاك ﻣثال الﺷركات الﻣﺗﻌددة الﺟﻧسيات الﺗي ﺗﺧطت الﺣدود‬
‫الدوليﺔ‪.‬‬

‫‪ 1‬أﺣﻣد الﻧﻌيﻣي‪ ،‬السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬دار زھران لﻠﻧﺷر والﺗوزيﻊ‪ ،‬ط‪،1‬‬


‫ﻋﻣان‪ ،2011 ،‬ص ‪29‬‬
‫‪ 2‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص ‪28‬‬
‫‪ 3‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص ‪33‬‬

‫‪26‬‬
‫أﻣا فيﻣا يﺧص األھداف فإن الدول في الوقت الﺣاضر ﻻ ﺗولي‬
‫فقط ﻋﻠى أھﻣيﺔ األﻣن الﻌسكري‪ ،‬ﺑل ﺗأﺧذ في الﺣسﺑان الرﺧاء‬
‫اﻻقﺗﺻادي وأﻣورا اﺟﺗﻣاﻋيﺔ أﺧرى ﻣثل ﺗﮭريب الﻣﺧدرات‬
‫واﻧﺗﺷار اﻹيدز والﺗغيرات الﺑيئيﺔ‪ ...‬لكن ﺑرﻧاﻣج ﻋﻣل أﺟﻧدة‬
‫السياسﺔ الدوليﺔ أﺻﺑح أكثر ﺗﻌقيدا ﺑسﻌي الدول لﺗﺣقيق أھداف‬
‫أوسﻊ‪.‬‬
‫وأﻣا األدوات فإﻧﻧا ﻧرى أﻧﮭا في ﺣالﺔ ﺗغير‪ ،‬ففي الﻧظرة الﺗقﻠيديﺔ‬
‫ﺗﻌد القوة الﻌسكريﺔ ھي األداة الوﺣيدة ذات األھﻣيﺔ في الﻌالقات‬
‫ﺑين الدول‪ ...‬ولكن ﻋﻠى ﻣدى ﻧﺻف القرن الﻣاضي ﺗغير الدور‬
‫الذي ﺗقوم ﺑه‪ ،‬فقد وﺟدت الﻌديد ﻣن الدول وﻻ سيﻣا الﻌظﻣى ﻣﻧﮭا‬
‫أن اسﺗﺧدام القوة لﺗﺣقيق أھدافﮭا أﺻﺑح أكثر ﺗكﻠفﺔ ﻣﻣا كان ﻋﻠيه‬
‫في الساﺑق‪ ...‬وھﻧاك أيضا ﺗغييرا آﺧر طرأ ﻋﻠى دور القوة يرﺗﺑط‬
‫ﺑالقيود الداﺧﻠيﺔ‪ ،‬فقد كان ھﻧاك دائﻣا ﻋﺑر الزﻣن اﺗﺟاه أﺧالقي‪،‬‬
‫فقد قام ضد اسﺗﺧدام القﻧوات القﺗاليﺔ‪ ،‬وأﺧيرا ھﻧاك ﺑﻌض األﻣور‬
‫ﻻ يﻣكن أن ﺗﺣل ﻋن طريق اسﺗﺧدام القوة‪ ،‬ألﻧﮭا ليست األداة‬
‫الوﺣيدة‪ ،‬ألن اسﺗﺧدام اﻻﻋﺗﻣاد اﻻقﺗﺻادي الدولي أﺻﺑح دوره‬
‫‪1‬‬
‫واضﺣا وأكثر إيﺟاﺑيﺔ ﻣن الدور الذي ﺗﻠﻌﺑه القوة‪.‬‬
‫‪ 2‬الﻌالقات الدولية‪ :‬يﻌرفﮭا ھولسﺗي ﺑأﻧﮭا "ﺟﻣيﻊ أﺷكال‬
‫الﺗفاﻋل ﺑين األﻋضاء لﻠﻣﺟﺗﻣﻌات الﻣسﺗقﻠﺔ سواء أكاﻧت ﺣكوﻣيﺔ‬
‫أو ﻏير ﺣكوﻣيﺔ " ‪ ،2‬ويﻌرفﮭا الدكﺗور ﻣﺣﻣد طه ﺑدوي ﺑأﻧﮭا‬
‫"ﻋالقات ﺑين وﺣدات ﺑﺷريﺔ وھي ﺗﻧﻣي الدراسات السياسيﺔ‬
‫ﺑالذات‪ ،‬ذلك ﺑأن الوﺣدات الﺑﺷريﺔ أطراف الﻌالقات الدوليﺔ ھي‬

‫‪ 1‬اﺣﻣد الﻧﻌيﻣي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪32-30‬‬


‫‪ 2‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص ‪42‬‬

‫‪27‬‬
‫وﺣدات سياسيﺔ والﺗي ھي في ﻋالﻣﻧا الﺣديث "الدول القوﻣيﺔ "‪،‬‬
‫أﻣا ﻋﻧد ﻣاكيالن فﮭي " ﺗدرس الﻌالقات الﻣﺗفاﻋﻠﺔ في ﺗركيب ﻣﻌين‬
‫في الوﺣدات اﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ وﺑضﻣﻧﮭا دراسﺔ الظروف الﻣﻌﻧيﺔ‬
‫‪1‬‬
‫ﺑالﻌالقات الﻣﺗفاﻋﻠﺔ "‪.‬‬
‫والﺣقيقﺔ أن ﻣﺻطﻠح الﻌالقات الدوليﺔ ھو ﻣﺻطﻠح ﺣديث‬
‫الﻧﺷأة "ألن الدولﺔ القوﻣيﺔ ھي الﻣﺻدر األساس في ﺗﻧظيﻣﮭا‪ ،‬وقد‬
‫دﺧل ھذا الﻣفﮭوم إلى ﺣيز الواقﻊ الﻌﻣﻠي في القارة األورﺑيﺔ في‬
‫ﻧﮭايﺔ القرن الثاﻣن ﻋﺷر وﺷاع في أرﺟاء الﻌالم كافﺔ ﻣن ﺧالل‬
‫‪2‬‬
‫اﻻسﺗﻌﻣار األورﺑي إلى ﺣد كﺑير‪.‬‬
‫"والﻌالقات الدوليﺔ كﺣقل أكاديﻣي قد أسس (قﺑل) قراﺑﺔ أرﺑﻌين‬
‫سﻧﺔ ﻣضت "‪ ،‬وقد سادت الﻧظرة إلى ھذا الﺣقل ﻋﻠى أﻧه يﺗطﻠب‬
‫كثيرا ﻣن الﻣطالب الثقافيﺔ والﻌقﻠيﺔ والﻌﻣل الﺟاد والﻣكﻧﺔ ﻣن لغات‬
‫ﻋديدة ﺑاﻹضافﺔ إلى كثير ﻣن الﺗدريب والﻧضج‪.‬‬
‫والﺣق أن الﻌالقات الدوليﺔ ﻻ ﺗﻧظر إلى الﺑيئﺔ الداﺧﻠيﺔ‪ ،‬ألﻧﮭا‬
‫ﺗسير ﻋﻠى ﺧط الفﻠك الكﻠي‪ ،‬أو ﻣدار الكون الﻌالﻣي‪ ،‬ﺗﺟﻌل ﻣن‬
‫ﻣﺧﺗﻠف ﺻور ﺗﻧظيم الﻌالقات ﺑين الوﺣدات الدوليﺔ ﻣوضوﻋا‬
‫‪3‬‬
‫لدراسﺗﮭا"‬
‫وﻣن الﻣﻣكن ﺗوضيح الﻌالقﺔ ﺑين السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ والسياسﺔ‬
‫‪4‬‬
‫الدوليﺔ والﻌالقات الدوليﺔ في الرسم الﺑياﻧي اآلﺗي‪:‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد طه ﺑدوي‪ ،‬ﻣدﺧل إلى ﻋﻠم الﻌالقات الدوليﺔ‪ ،‬دار الﻧﮭضﺔ الﻌرﺑيﺔ‬
‫لﻠطﺑاﻋﺔ والﻧﺷر‪ ،‬ﺑيروت‪ ،1972 ،‬ص ‪17‬‬
‫‪ 2‬اﺣﻣد الﻧﻌيﻣي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪39‬‬
‫‪ 3‬اﺣﻣد الﻧﻌيﻣي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪40-39‬‬
‫‪ 4‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص ‪34‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ 3‬الدﺑﻠوماسية‪ :‬إن ﻣﺻطﻠح الدﺑﻠوﻣاسيﺔ ﻣن أكثر‬
‫الﻣﺻطﻠﺣات اﻣﺗزاﺟا وﻋالقﺔ ﺑالسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬إذ كثيرا ﻣا‬
‫يسﺗﺧدم الدﺑﻠوﻣاسيﺔ ﺑﻣﻌﻧى واسﻊ يﺗضﻣن ﺻﻧﻊ وﺗﻧفيذ السياسﺔ‬
‫الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬أﻣا ﻣﻌﻧاھا الفﻧي‪ ،‬كﻣا في ﺗﻌريف ﺟورج كيﻧان " ﻋﻣﻠيﺔ‬
‫اﻻﺗﺻال ﺑين الﺣكوﻣات "‪.‬‬
‫فالدﺑﻠوﻣاسيﺔ في الكالم الﻌام ﺗﻌﻧي دراسﺔ الوثائق إذ أﻧﮭا ﻣﺷﺗقﺔ‬
‫ﻣن الكﻠﻣﺔ اﻹﻏريقيﺔ ‪ diploma‬الﺗي ﺗﻌﻧي ﺑأﻧﮭا ﻣطويﺔ ﺑﺷكل‬
‫‪1‬‬
‫ﻣﻌين‪.‬‬
‫وﻋن الدﺑﻠوﻣاسيﺔ يقول ﻣيكافيﻠﻠي في كﺗاﺑه األﻣير " أﻧه وﻻﺑد‬
‫أن يسﻣﻊ زئير األسد (الﺣرب) ﺑين الﺣين والﺣين كﻠﻣا أﺧفق‬
‫الثﻌﻠب (الدﺑﻠوﻣاسيﺔ) في ﺧطف ﻋﻧقود الﻌﻧب"‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻣارﺗن ﻏريفﺗش وﺗيري أوكاﻻھان‪ ،‬ﻣفاھيم أساسيﺔ في الﻌالقات الدوليﺔ‪،‬‬


‫ﻣركز الﺧﻠيج لألﺑﺣات‪ ،‬ص ‪203‬‬

‫‪29‬‬
‫أﻣا الﻣفﮭوم الﻣﻌاﺻر لﻠدﺑﻠوﻣاسيﺔ فإﻧﮭا ﺗﻌﻧي الﺣرفﺔ الﻣﺑﻧيﺔ‬
‫ﻋﻠى الﺗدريب الذھﻧي الطويل والﺗﺣقيق الذي ﺗسﺗطيﻊ ﻋن طريقه‬
‫ﺗأديﺔ ﺧدﻣﺔ ﻣﻌيﻧﺔ‪ .‬ويرى أ‪.‬د أﺣﻣد الﻧﻌيﻣي " أن الدﺑﻠوﻣاسيﺔ ھي‬
‫أداة ﺗﻧفيذ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ فالدﺑﻠوﻣاسي ھو الذي يقوم في ﺗﻧفيذ‬
‫الﺧطﺔ الﺗي يرسﻣﮭا رﺟل السياسيﺔ في الدولﺔ في أوقات السﻠم‪ .‬إﻻ‬
‫أن ھذا ﻻ يﻌﻧي ﺑأن الدﺑﻠوﻣاسيﺔ في ﺗﻧفيذھا لﻠسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﻻ‬
‫ﺗﻠﺟأ إلى ﻧوع ﻣن الﺻراع السياسي أو آثاره " ‪.1‬‬
‫لكن ثﻣﺔ ﻣظاھر يظﮭر فيﮭا اﺧﺗالف السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﻋن‬
‫الدﺑﻠوﻣاسيﺔ ﻣﻧﮭا‪ " :‬أن األولى يﺟب أن ﻻ ﺗكون سريﺔ‪ ،‬ﻋﻠى‬
‫اﻋﺗﺑار أن الرأي الﻌام الﻣﺣﻠي ﻻ يﻣكن اﻻرﺗﺑاط ﺑﻣﻌاھدة أو اﺗفاقيﺔ‬
‫ﻣا لم ﺗكن ﻣﻌروفﺔ ﻋﻧدھم أو يوافقون ﻋﻠيه سﻠفا‪ ،‬أﻣا الثاﻧيﺔ فإﻧﮭا‬
‫ﺗﺗﺻف ﺑالسريﺔ "‪ ...‬وﻣﻧﮭا أن السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﺗﻌﺗﺑر " ﺟوھرا‬
‫أساسيا لﻌالقاﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬ﺑيﻧﻣا الدﺑﻠوﻣاسيﺔ ھي الﻣكان الﻣﻧاسب‬
‫الﺣقيقي لﻠﻌﻣﻠيات‪ ،‬ﺣيث ﺗقوم ﻋﻠى ﺗﻧفيذه السياسﺔ ‪ ...2‬ﺑاﻹضافﺔ‬
‫إلى أﻧه إذا كاﻧت السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﻣن رسم السياسيين والقﻧوات‬
‫الﺗﺷريﻌيﺔ‪ ،‬فإن ﺗﻧفيذ ﺗﻠك السياسﺔ ھو ﻣن اﺧﺗﺻاص أﺻﺣاب‬
‫الﺧﺑرة في وزارة الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬وذلك ﻣا يوﺻف ﺑالدﺑﻠوﻣاسيﺔ‪.‬‬

‫‪ 1‬اﺣﻣد الﻧﻌيﻣي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪43‬‬


‫‪ 2‬اﺣﻣد الﻧﻌيﻣي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪43‬‬

‫‪30‬‬
‫محددات السياسة الخارجية‪:‬‬

‫‪1‬المحددات الداخﻠية‪:‬‬
‫أ الﻌوامل المادية‪:‬‬
‫– الجغرافيا‪:‬‬
‫ﺗﺷﻣل الﻌواﻣل الﺟغرافيﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن الﻌواﻣل الفرﻋيﺔ أھﻣﮭا‬
‫الﻣواقﻊ والﻣساﺣﺔ والﺗضاريس‪ ،‬وﺗؤثر ھذه الﻌﻧاﺻر ﻋﻠى السياسﺔ‬
‫الﺧارﺟيﺔ لﻠدولﺔ ﺑﺷكل ﻏير ﻣﺑاﺷر وﺑﺷكل ﻣﺑاﺷر‪ ،‬فﮭي ﺗؤثر‬
‫ﺑﺷكل ﻏير ﻣﺑاﺷر ﻣن ﺧالل ﺗأثيرھا ﻋﻠى ﻋﻧاﺻر قوة الدولﺔ الﺗي‬
‫ﺗؤثر ﺑدورھا في قدرة الدولﺔ ﻋﻠى ﺗﻧفيذ سياسﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ وﻋﻠى‬
‫ﻣركزھا الدولي‪ .‬كﻣا أﻧﮭا ﺗؤثر ﺑﺷكل ﻣﺑاﺷر ﻋﻠى السياسﺔ‬
‫الﺧارﺟيﺔ إذ أﻧﮭا ﺗؤثر في ﻧوﻋيﺔ وﻣدى الﺧيارات الﻣﺗاﺣﺔ لﻠدولﺔ‬
‫في ﻣﺟال ﺻياﻏﺔ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬ﺑل ويذھب ﺑﻌض الﺟغرافيين‬
‫ﻣن أﻧﺻار ﻣدرسﺔ " الﺣﺗﻣيﺔ الﺟغرافيﺔ "وﻋﻠى رأسﮭم راﺗزل إلى‬
‫أن الﺟغرافيا ھي الﺣقيقﺔ األساسيﺔ الﺗي ﺗﺣدد سياسﺔ الدول ‪.1‬‬
‫– الموارد االقﺗصادية‪:‬‬
‫يقﺻد ﺑالﻣوارد اﻻقﺗﺻاديﺔ‪ :‬الﻣوارد الطﺑيﻌيﺔ والﺑﺷريﺔ‬
‫الﻣﺗاﺣﺔ‪ ،‬وﺗﺷﻣل الﻣوارد الطﺑيﻌيﺔ‪ ،‬ﻣﺻادر الطاقﺔ (كالﺑﺗرول‪،‬‬
‫والفﺣم‪ ،‬والغاز والﻣوارد الﻧوويﺔ )‪ ،‬والﻣﻌادن الﺧام (كالﺣديد‬
‫والقﺻدير ) والﻣوارد الغذائيﺔ (كالقﻣح) والﻣوارد الزراﻋيﺔ‬
‫(كالقطن‪ )...‬والواقﻊ أن ﺗوافر ھذه الﻣوارد لﻠدولﺔ يوفر لﮭا‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم‪ .‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ .‬ص ‪150‬‬

‫‪31‬‬
‫األساس الﻣادي لﻠﻧﻣو اﻻقﺗﺻادي‪ ،‬ويﻣكﻧﮭا ﻣن الدﺧول في ﻋالقات‬
‫ﺧارﺟيﺔ ﻣكثفﺔ‪ ،‬كﻣا أﻧه يؤثر ﻋﻠى قدرﺗﮭا في دﺧول سﺑاقات‬
‫الﺗسﻠح‪ ،‬وﻋﻠى اﺧﺗيار ﻧظم ﻣﻌيﻧﺔ لﻠﺗسﻠيح‪ ،‬أو إﻧﺗاج األسﻠﺣﺔ الﻧوويﺔ‬
‫أو الدﺧول في ﺣروب دوليﺔ واﻻسﺗﻣرار فيﮭا‪ ،‬فﻣثل ھذه الﻣﺟاﻻت‬
‫ﺗﺗأثر إلى ﺣد ﺑﻌيد ﺑﻣدى اﻣﺗالك الدولﺔ لﻠﻣوارد اﻻقﺗﺻاديﺔ‬
‫الطﺑيﻌيﺔ‪...‬‬
‫وﺗﺷﻣل الﻣوارد الﺑﺷريﺔ السكان الﺗاﺑﻌين لﻠدولﺔ وﺧﺻائﺻﮭم‬
‫الﻣﺧﺗﻠفﺔ ﻣن ﺣيث الﺣﺟم والﺗوزيﻊ‪ ،‬فﺗوافر السكان يوفر لﻠدولﺔ‬
‫أساسا ﺑﺷريا لﻠﻧﻣو اﻻقﺗﺻادي وﺑﻧاء القوة الﻌسكريﺔ‪ .‬ﺧاﺻﺔ إذا‬
‫كان ﺣﺟم السكان ﻣرﺗﺑطا ﺑﺗوافر الﻣوارد الطﺑيﻌيﺔ‪ ،‬وﺗوافر القدرة‬
‫الﺗكﻧولوﺟيﺔ ﻋﻠى اﻻسﺗفادة ﻣن الﺣﺟم السكاﻧي‪ ،‬وﻣن ثم فإن ﺣﺟم‬
‫السكان في ﺣد ذاﺗه قد ﻻ يﻌﻧي الكثير ﺑالﻧسﺑﺔ لﻠسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‬
‫لﻠدولﺔ إﻻ إذا كان ﻣرﺗﺑطا ﺑﻌواﻣل أﺧرى‪ ،‬وﻣن ھﻧا يﺗﺣدث ﻋﻠﻣاء‬
‫السكن ﻋن " الﺣﺟم األﻣثل لﻠسكان " وھو ذلك الﺣﺟم الذي يﺗﺣقق‬
‫فيه الﺗوازن ﺑين السكان وﺑين الﻣوارد الطﺑيﻌيﺔ الﻣﺗاﺣﺔ‪...‬‬
‫ﺑاﻹضافﺔ إلى الﺣﺟم فﮭﻧاك قضيﺔ ﺗوزيﻊ السكان ﻣن ﺣيث‬
‫األﺻول الﻌرقيﺔ والديﻧيﺔ‪ ،‬فقد يؤدي وﺟود أقﻠيات ﻋرقيﺔ أو ديﻧيﺔ‬
‫قويﺔ إلى الﺗأثير ﻋﻠى السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ لﻠدول‪ ،‬فوﺟود األكراد في‬
‫الﻌراق‪ ،‬أو الفرﻧسيين في كﻧدا أو الﻣسﻠﻣين في الفﻠﺑين يؤثر ﻋﻠى‬
‫السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ لكل ﻣن ھذه الدول‪.‬‬
‫– مسﺗوى الﺗحديث‪:‬‬
‫يقﺻد ﺑﻣسﺗوى الﺗﺣديث ﻣسﺗوى الﻣﮭارات الفﻧيﺔ والﺗﻧظيﻣيﺔ‬
‫الﻣﺗﻌﻠقﺔ ﺑقدرة الﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠى ﺗﺣويل ﻣوارده إلى أﺷكال وأﻧﻣاط‬
‫ﺟديدة‪ ،‬فﻣن الواضح أن ﺗوافر الﻣوارد لﻠدولﺔ ﻻ يﻌﻧي ﺑالضرورة‬

‫‪32‬‬
‫القدرة ﻋﻠى اسﺗﻌﻣالﮭا أو ﺗﺣويﻠﮭا كﻣا ھو الﺣال في الدول الﻣﺗﺧﻠفﺔ‬
‫الﺗي ﺗﻣﺗﻠك ﺧام اليوراﻧيوم‪ ...‬كﻣا أن الدول الﺗي ﺗفﺗقر إلى الﻣوارد‬
‫قد ﺗسﺗطيﻊ ﺗﻌويض ھذا الﻧقص ﻋن طريق ﺗطوير الﻣﮭارات الفﻧيﺔ‬
‫والﺗﻧظيﻣيﺔ ﺣﺗى ﺗسﺗطيﻊ ﺗﻌويض الﺣﺟم الﻣﺣدود ﻣن الﻣوارد‬
‫الﻣﺗاح واسﺗﺧداﻣه اسﺗﺧداﻣا رﺷيدا‪ ...‬والواقﻊ أن اﻣﺗالك الدولﺔ‬
‫لﻠﻣﮭارات الفﻧيﺔ والﺗﻧظيﻣيﺔ يؤدي إلى إﺣداث ﺗغير كﺑير في ﻧظاﻣﮭا‬
‫اﻻقﺗﺻادي وسياسﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ ﻋﻠى ﻏرار ﻣا ﺣدث ﺑالﻧسﺑﺔ لﻠدول‬
‫األورﺑيﺔ ﻋﻧدﻣا دﺧﻠت ﻋﺻر الثورة الﺻﻧاﻋيﺔ ‪.1‬‬
‫ب– الﻌوامل االجﺗماعية‪:‬‬
‫الطﺑﻘات االجﺗماعية‪:‬‬
‫يقﺻد ﺑالطﺑقات اﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ ﺷريﺣﺔ ﻣن األفراد ﺗﺣﺗل ﻣواقﻊ‬
‫ﻣﺗﺷاﺑﮭﺔ فيﻣا يﺗﻌﻠق ﺑاﻣﺗالكﮭا لﺑﻌض القيم الﺗوزيﻌيﺔ األساسيﺔ‬
‫كالثروة والسﻠطﺔ والﮭيﺑﺔ‪ ،‬ويفﺗرض ﺗﺣﻠيل الطﺑقات اﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ –‬
‫ﺷأﻧه في ذلك ﺷأن ﺗﺣﻠيل أثر الﻧﺧﺑﺔ السياسيﺔ – أن الﻣﺟﺗﻣﻌات‬
‫ﺗﻧقسم إلى ﺷرائح اﺟﺗﻣاﻋيﺔ ﻣﺗﺑايﻧﺔ‪ ،‬وأن ھﻧاك ﻧﻣطا ﻣن الﺗدرج‬
‫الﮭرﻣي في ﺗﺣديد ﻣوقﻊ كل ﺗﻠك الﺷرائح ﻣن الﻧظام اﻻﺟﺗﻣاﻋي‪،‬‬
‫ولكن ﺑيﻧﻣا يركز ﺗﺣﻠيل الﻧﺧﺑﺔ ﻋﻠى الدور الﺣاسم لﻠﻧﺧﺑﺔ السياسيﺔ‪،‬‬
‫فإن ﺗﺣﻠيل الطﺑقات اﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ يؤكد أن الﻣﺟﺗﻣﻊ يﻧقسم إلى طﺑقات‬
‫اﺟﺗﻣاﻋيﺔ ﻣﺗﺑايﻧﺔ‪ ،‬وأن ھﻧاك طﺑقﺔ اﺟﺗﻣاﻋيﺔ ﺗسيطر ﻋﻠى ﺻﻧﻊ‬
‫السياسﺔ الﻌاﻣﺔ لﻠﻣﺟﺗﻣﻊ‪ ،‬وأن ﻣن يﺻﻧﻌون ﺗﻠك السياسﺔ ھم ﺟزء‬
‫ﻣن ﺗﻠك الطﺑقﺔ أو ﻋﻠى األقل أدوات لﺗﻠك الطﺑقﺔ‪.‬كذلك فإن الطﺑقﺔ‬
‫اﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ الﻣسيطرة‪،‬ﻣن ﺧالل سيطرﺗﮭا ﻋﻠى أدوات اﻹﻋالم‬
‫وﻋﻠى األﺣزاب السياسيﺔ الرئيسيﺔ ﺗسﺗطيﻊ أن ﺗؤثر ﺑفﻌاليﺔ ﻋﻠى‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم‪ .‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ .‬ص ‪157‬‬

‫‪33‬‬
‫ﻋﻣﻠيﺔ ﺻﻧﻊ القرار في األﺟﮭزة الدسﺗوريﺔ وﻣن ثم فإن ﺻاﻧﻌي‬
‫السياسات يﻣيﻠون إلى ﺻﻧﻊ السياسﺔ الﺗي ﺗﺣقق ﻣﺻالح ﺗﻠك الطﺑقﺔ‬
‫‪.1‬‬
‫اﻷحزاب السياسية‪:‬‬
‫يذھب ﺑﻌض دارسي السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ إلى اﻋﺗﺑار‬
‫األﺣزاب السياسيﺔ الﺗي ﺗﻣﻠك ﻣﻣثﻠين في السﻠطﺔ‪ ،‬ذات ﺗأثير ﺑالغ‬
‫ﻋﻠى ﺗوﺟﮭات وطﺑيﻌﺔ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬فكﻠﻣا ازداد ﻧفوذ الﺣزب‬
‫في الﺑرلﻣان أو السﻠطﺔ الﺗﻧفيذيﺔ ﻣثال ازداد ﺗأثيره ﻋﻠى السياسﺔ‬
‫الﺧارﺟيﺔ ﺧاﺻﺔ داﺧل الﻧظم الديﻣقراطيﺔ‪ ،‬كذلك ﺷكل الﺗﻧظيم‬
‫الﺣزﺑي‪ ،‬ﻧظام الﺣزب الواﺣد أو ﻧظام الثﻧائيﺔ‪ ،‬أو الﺗﻌديديﺔ‬
‫الﺣزﺑيﺔ‪ ،‬يﺣدد ظروف ﺗأثير ھذه األﺣزاب ﻋﻠى ﺻﻧاﻋﺔ القرار‬
‫الﺧارﺟي‪.‬‬
‫جماعات المصالح‪:‬‬
‫يقﺻد ﺑﺟﻣاﻋات الﻣﺻالح ﻣﺟﻣوﻋات ﻣن األفـراد ﺗﺗألف ﻣﻊ‬
‫ﺑﻌضﮭا لﺗﺣقيــق ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣﺷﺗركﺔ‪ ،‬وقد ﺗكون ھذه الﺟﻣاﻋات في‬
‫ﺷكل "ﺟﻣاﻋات ﻣﺻالح ﻏير ﻣﻧظﻣﺔ" ﻣثل األقﻠيات الﻌرقيﺔ الﺗي‬
‫يﺷﺗرك أفرادھا في ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻻﻧﺗﻣاء الديﻧي أو الﻠغوي أو الﻌرقي‬
‫الﻣﺷﺗركﺔ‪ ،‬وقد ﺗأﺧذ ھذه الﺟﻣاﻋات ﺷكل" ﺟﻣاﻋات الﻣﺻالح‬
‫الﻣؤسسيﺔ" ﻋﻠى سﺑيل الﻣثال "الﻌسكريين"‪ ،‬وذلك ﺑﺣكم اﻧﺗﻣائﮭم‬
‫إلى ﺗﻧظيم رسﻣي داﺧل الﻣﺟﺗﻣﻊ والﺣكوﻣﺔ في إطار ﻣﮭﻧي ﻣوﺣد‪،‬‬
‫وﻣﺻﻠﺣﺔ ﻣوﺣدة‪ .‬كﻣا قد ﺗأﺧذ ھذه الﺟﻣاﻋات الﺷكل الثالث وھو"‬
‫ﺟﻣاﻋات الﻣﺻالح الﻣﻧظﻣﺔ" وھي ﺟﻣاﻋات ﻣﻧظﻣﺔ ﺧﺻيﺻا‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ .‬ص ‪191‬‬

‫‪34‬‬
‫لﻠدفاع ﻋن أﻋضائﮭا‪ ،‬وﺗﺗﻣيز ھذه الﻣﻧظﻣات ﺑوﺟود كيان ﺗﻧظيﻣي‬
‫وﻧظم لالﺗﺻال الداﺧﻠي والﺧارﺟي‪ .‬وأھم أﺷكالﮭا ﻧقاﺑات الﻌﻣال‪،‬‬
‫ورﺟال األﻋﻣال‪ ،‬وﻧقاﺑات الﻣﮭﻧدسين واألطﺑاء والﻣﺣاﻣون‪...‬الﺦ‪.‬‬
‫ﺗﺣاول ﺟﻣاﻋات الﻣﺻالح الﺗأثير ﻋﻠى قرارات السياسـﺔ‬
‫الﺧارﺟيــﺔ الﺗي ﺗﺗﻧاسب وطﺑيﻌﺔ ﺗكويﻧﮭا وﻣﺻالﺣﮭا ﻋﻠى الرﻏم‬
‫ﻣن أن ﺟﻣاﻋات الﻣﺻالح قد ﺗﺗﺻرف في ﺑﻌض األﺣيان‬
‫كاألﺣزاب السياسيﺔ ﻋن طريق دﺧول اﻻﻧﺗﺧاﺑات ﻣن ﺧالل‬
‫ﻣرﺷﺣيﮭا‪ ،‬إﻻ أن أﻧﺷطﺗﮭا في ﻣﺟال السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﻏالﺑا ﻣا‬
‫ﺗﻧﺣﺻر في ﻣﺣاولﺔ الﺗأثير ﻋﻠى السﻠطﺗين الﺗﺷريﻌيﺔ والﺗﻧفيذيﺔ‪،‬‬
‫ويﻣكﻧﻧا القول إﻧﮭا ﺗؤثر في السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﻣن ﺧالل ثالث‬
‫قﻧوات‪:‬‬
‫‪ -‬المشارﻛة المﺑاشرة في عمﻠية صنﻊ السياسة الخارجية‪:‬‬
‫ﻣن ﺧالل ﻣﺷاركﺗﮭا في أﺟﮭزة ﺻﻧﻊ ﺗﻠك السياسﺔ‪ .‬وﻣن أﺑرز ھذه‬
‫الﺣاﻻت ﺗﻣثيل الﻌسكريين في الﻣكﺗب السياسي لﻠﺣزب الﺷيوﻋي‬
‫السوفييﺗي‪.‬‬
‫‪ -‬ﺗوجيه مصادر الﻘوة لﻠﺗأثير غير المﺑاشر في السياسة‬
‫الخارجية‪ :‬ﺑﺣيث ﺗﻣﺗﻠك ﺑﻌض ﺟﻣاﻋات الﻣﺻالح ﺟزءا ﻣن‬
‫ﻣﺻادر القوة اﻻقﺗﺻاديﺔ والﻌسكريﺔ والسياسيﺔ في الﻣﺟﺗﻣﻊ‪،‬‬
‫وﻋﺑر اسﺗﻌﻣالﮭا لﮭذه القوة ﺗسﺗطيﻊ الﺗأثير في ﻣسار السياسﺔ‬
‫الﺧارﺟيﺔ‪.‬‬
‫وأﺑرز ﻣثال لذلك ھو أثر الﺟﻣاﻋﺔ الﺻﮭيوﻧيﺔ األﻣريكيﺔ في‬
‫ﺻﻧﻊ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ في الﺷرق األوسط‪.‬‬
‫جماعات المصالح ﻛجماعات وسيطة‪ :‬ﺑين السﻠطﺔ السياسيﺔ‬
‫والﻣواطﻧين وﺗﺗﺣقق الوساطﺔ ﻣن ﺧالل ﺗﻌﺑير الﺟﻣاﻋات ﻋن‬

‫‪35‬‬
‫ﻣﺻالح ﻣﺣددة لﻣﺟﻣوﻋات ﻣن الﻣواطﻧين ﻋﺑر اﻻﺗﺻال ﺑﺻاﻧﻌي‬
‫السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ كﺗﻧظيم الﻣظاھرات ﻣن طرف الطالب أﻣام‬
‫الﺑيت األﺑيض اﺣﺗﺟاج ﻋﻠى الﺣرب الفيﺗﻧاﻣيﺔ‪.‬‬
‫الرأي الﻌام‪:‬‬
‫إن دور الرأي الﻌام ﻣﺣدود‪ ،‬ولكﻧه ﻣوﺟــود دائﻣا ولو‬
‫ﺑدرﺟات ﻣﺗفاوﺗﺔ ﺣسب طﺑيﻌﺔ الدولﺔ‪ ،‬وھو ﺑالﺗالي يﺷكل ضواﺑط‬
‫ﻋﻠى ﺻﻧاﻋﺔ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ويﺧﺗﻠف ﺗأثيره ﻣن قضيﺔ إلى‬
‫أﺧرى‪ .‬كﻣا أن الدراسات في ھذا السياق ﺗﺷير إلى أن الرأي الﻌام‬
‫يفﺗقد إلى الﻣﻌﻠوﻣات الﻣطﻠوﺑﺔ ﻻﺗﺧاذ قرارات ﺧارﺟيﺔ‪ ،‬وھذا ﻣا‬
‫يفقده الﺗأثير والﻣﺻداقيﺔ ﻋﻠى قرارات ﺧارﺟيﺔ ﺗﻣس قضايا‬
‫ﺣساسﺔ‪ .‬وھذا ﻣا يفﺗح الﻣﺟال لﺻﻧاع القرار ﻻﻣﺗالك ﺗأثير كﺑير‬
‫ﻻﻣﺗالكﮭم الﻣﻌﻠوﻣات الكافيﺔ‪ ،‬وقدرﺗﮭم ﻋﻠى إقﻧاع الرأي الﻌام‬
‫ﺑوﺟﮭات ﻧظرھم ﻋﺑر وسائل اﻻﺗﺻال الﻣوﺟﮭﺔ‪ ،‬وھذا يﺣدث ﺣﺗى‬
‫داﺧل الدول األكثر اﻧفﺗاﺣا كالوﻻيات الﻣﺗﺣدة وﻣثال ذلك قدرﺗﮭا‬
‫ﻋﻠى إقﻧاع الرأي الﻌام ﺑضرورة ﺷن الﺣروب الوقائيﺔ رﻏم‬
‫الﻣﻌارضﺔ الﺷديدة داﺧل الرأي الﻌام األﻣريكي (ﺣرب أفغاﻧسﺗان‬
‫الﻌراق) ‪.1‬‬

‫‪ 1‬ﺑولﻣكاﺣل اﺑراھيم‪ ،‬ﺗأثير ﺗﺣوﻻت وﻣﺗغيرات الﺑيئﺔ الداﺧﻠيﺔ ﻋﻠى السياسﺔ‬


‫الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ ﻧﺣو اﻻﺗﺣاد األورﺑي ﺑﻌد الﺣرب الﺑاردة‪ ،‬ﻣذكرة لﻧيل‬
‫ﺷﮭادة الﻣاﺟسﺗير في الﻌﻠوم السياسيﺔ‪ ،‬ﺟاﻣﻌﺔ ﺑاﺗﻧﺔ‪ ،2009 ،‬ص‪5‬‬

‫‪36‬‬
‫‪2‬المحددات الخارجية‪:‬‬
‫أ الﺗﻛﺗالت الدولية (النسق الدولي)‪:‬‬
‫يقﺻد ﺑالﻧسق الدولي ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن الوﺣدات الدوليﺔ الﻣرﺗﺑطﺔ‬
‫ﻧﻣطيا ﻣن ﺧالل ﻋﻣﻠيﺔ الﺗفاﻋل‪ .‬ويﺗضﻣن ھذا الﻧسق أرﺑﻌﺔ أﺑﻌاد‬
‫ھي‪ :‬الوﺣدات الدوليﺔ‪ ،‬والﺑﻧيان الدولي‪ ،‬والﻣؤسسات الدوليﺔ‪،‬‬
‫والﻌﻣﻠيات السياسيﺔ ويؤثر كل ﻣن ﺗﻠك األﺑﻌاد ﻋﻠى سياسﺔ‬
‫الوﺣدات الكائﻧﺔ في الﻧسق الدولي‪ ،‬فازدياد ﻋدد الوﺣدات الدوليﺔ‬
‫وظﮭور وﺣدات ﺟديدة ﻏير ﺗقﻠيديﺔ يﻧﺷئ فرﺻا وﻣﺧاطر أﻣام‬
‫الدول الﺻغيرة‪ ،‬فازدياد ﻋدد ﺗﻠك الوﺣدات يﻌقد ﻣﺷكالت اﻻﺗﺻال‬
‫السياسي الدولي لﻠوﺣدات الﺻغيرة‪ ،‬وإن كان ﻣن الﻣﻣكن أن يقوي‬
‫ﺷوكﺗﮭا في الﻧسق الدولي‪ ،‬ﺑيﻧﻣا يؤدي ظﮭور وﺣدات ﺗقﻠيديﺔ‬
‫كالﺷركات ﻣﺗﻌددة الﺟﻧسيﺔ وﺣركات الﺗﺣرر الوطﻧي إلى ﺗﻌقيد‬
‫ﻋﻣﻠيﺔ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﺑالﻧسﺑﺔ لكثير ﻣن الدول‪.‬‬
‫أﻣا الﺑﻧيان الدولي فإﻧه أكثر أﺑﻌاد الﻧسق الدولي ﺗأثيرا ﻋﻠى‬
‫السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ويقﺻد ﺑالﺑﻧيان الدولي ﻧﻣط ﺗرﺗيب الوﺣدات‬
‫داﺧل الﻧسق‪ ،‬وھو يﺗﺣدد ﻋﻠى أساس كيفيﺔ ﺗوزيﻊ الﻣقدرات ﺑين‬
‫الوﺣدات الدوليﺔ ودرﺟﺔ الﺗراﺑط ﺑين ﺗﻠك الوﺣدات‪ ،‬ويﻌﺗﻣد ﺗوزيﻊ‬
‫الﻣقدرات ﻋﻠى ﻧﻣط ﺗوزيﻊ الﻣوارد وﻋﻠى ﺗوزيﻊ القيم واﻻﺗﺟاھات‬
‫السياسيﺔ لﻠوﺣدات الدوليﺔ‪ ،‬ويؤدي ﺗفاﻋل ھذين الﻣﺗغيرين إلى‬
‫ﺗﺣديد ﺷكل الﺑﻧيان الدولي‪ :‬أﺣادي القطﺑيﺔ أو ثﻧائي القطﺑيﺔ‪ ،‬أو‬
‫ﻣﺗﻌدد األقطاب‪.‬‬
‫وﺑﺻفﺔ ﻋاﻣﺔ فإﻧه كﻠﻣا اﺗﺟه الﺑﻧيان الدولي ﻧﺣو الﺗﻌدديﺔ ﻣﻊ‬
‫وﺟود ﺻراع ﺑين الوﺣدات الدوليﺔ الرئيسيﺔ زادت ﺣريﺔ الﺣركﺔ‬

‫‪37‬‬
‫لﻠدول الﺻغيرة والﻣﺗوسطﺔ‪ ،‬كﻣا ﺗﺗفاوت األﺑﻧيﺔ الدوليﺔ طﺑقا‬
‫لدرﺟﺔ الﺗراﺑط ﺑين الوﺣدات الدوليﺔ‪.‬‬
‫وكﻠﻣا زاد ھذا الﺗراﺑط زاد ﻣيل ﺗﻠك الوﺣدات إلى أقﻠﻣﺔ سياسﺗﮭا‬
‫الﺧارﺟيﺔ ﺑﻣا يﻌكس ﺗراﺑط الﻣﺻالح ﺑيﻧﻣا يزداد ﺗﻌقيد ﻋﻣﻠيﺔ ﺻﻧﻊ‬
‫السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬وﺗﻌﺗﺑر األﺣالف الدوليﺔ إﺣدى القوى‬
‫الضاﻏطﺔ الرئيسيﺔ ﻋﻠى سياسات الدول‪ ،‬فاألﺣالف الدوليﺔ ﻻ‬
‫ﺗؤثر فقط ﻋﻠى درﺟﺔ اسﺗقرار الﻧسق الدولي‪ ،‬ولكﻧﮭا ﺗؤثر أيضا‬
‫ﻋﻠى سياسات الدول الﻣﺗوسطﺔ والﺻغيرة فيه ﺑسياسات ﻣﻌيﻧﺔ‪.‬‬
‫وﺗؤثر ﻣؤسسات الﻧسق الدولي ﻋﻠى السياسات الﺧارﺟيﺔ‬
‫لﻠوﺣدات الدوليﺔ‪ ،‬وقد ﺗأﺧذ ھذه الﻣؤسسات ﺷكال ﺗﻧظيﻣيا أو ﺷكال‬
‫قاﻧوﻧيا فالﺗﻧظيﻣات الدوليﺔ ﺗﻌﺗﺑر أﺣد ﻣوارد السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‬
‫لﻠدول كﻣا أﻧﮭا ﺗؤثر في ﻋﻧاﺻر اﻻﺗفاق ﺑين األﻋضاء في‬
‫الﺗﻧظيم‪ ...‬وكذلك ﺗؤثر الﻣؤسسات القاﻧوﻧيﺔ الدوليﺔ ﻋﻠى السياسات‬
‫الﺧارﺟيﺔ لﻠدول ﻣن ﺣيث أﻧﮭا ﺗﺧﻠق قيودا ﻋﻠى ﺑﻌض الﺗﺻرفات‬
‫الﺧارﺟيﺔ لﻠدول‪ .‬أﻣا الﺑﻌد األﺧير لﻠﻧسق الدولي فإﻧه يﺗﻣثل في‬
‫الﻌﻣﻠيات السياسيﺔ وھي ﺗﻣثل الﺟاﻧب الﺣركي ﻣن الﻧسق الدولي‬
‫فﮭذه الﻌﻣﻠيات وإن كاﻧت ﺗﻌﺑر ﻋن ﺣركﺔ الوﺣدات الدوليﺔ (أي‬
‫سياساﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ) إﻻ أن ﺗفاﻋل ﺣركات ﺗﻠك الوﺣدات يﻧﺷئ‬
‫ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن الﻌﻣﻠيات ﺷﺑه الﻣسﺗقﻠﺔ الﺗي ﺗﺻير ﺑدورھا ﻋﻧﺻرا‬
‫ضاﻏطا ﻋﻠى ﺣركﺔ الوﺣدات الدوليﺔ ‪.1‬‬
‫ب المنظمات الدولية‪:‬‬
‫ﺗﻌﺗﺑر الﻣﻧظﻣات الدوليﺔ‪ ...‬أداة ﺗسﺗﺧدﻣﮭا الدول لﺗﺣقيق أھداف‬
‫سياسﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬فالدول ﺗﻠﺟأ إلى األﻣم الﻣﺗﺣدة لﺗﺑرير ﻣطالﺑﮭا‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص‪299‬‬

‫‪38‬‬
‫وإﺣراج الدول الﻣﻌاديﺔ‪ ،‬أو ﻻسﺗقطاب الدول األﺧرى األﻋضاء‬
‫إلى ﺟاﻧﺑﮭا‪ ...‬وقد ﻻ يﻧﺣﺻر دور (الﻣﻧظﻣات الدوليﺔ) في السياسﺔ‬
‫الﺧارﺟيﺔ في ﻋﻣﻠيﺔ ﺗسويﺔ الﻣﻧازﻋات الدوليﺔ‪ ،‬ولكﻧه يﻣﺗد إلى‬
‫كوﻧه أداة ألقﻠﻣﺔ سياسات الدول ﺑﺣيث ﺗﺻﺑح أكثر اسﺗﺟاﺑﺔ‬
‫لﻣﺗطﻠﺑات الﺗفاھم الدولي‪ ،‬وقد أوضﺣت الدراسات الﺗي ﺑﺣثت أثر‬
‫الﺗﻌاﻣل ﻣﻊ (الﻣﻧظﻣات الدوليﺔ) ﻋﻠى أﻋضاء الكوﻧﺟرس‬
‫األﻣريكي أﻧه كﻠﻣا ازدادت ﺧﺑرة ھؤﻻء األﻋضاء في الﺗﻌاﻣل ﻣﻊ‬
‫(الﻣﻧظﻣات الدوليﺔ) ازداد اھﺗﻣاﻣﮭم ﺑالقضايا الﻌالﻣيﺔ وﺗأييدھم‬
‫‪1‬‬
‫لدﻋم الﺗﻧظيم الدولي في ﺗسويﺔ الﻣﻧازﻋات الدوليﺔ‪.‬‬
‫ج الشرﻛات مﺗﻌددة الجنسيات‪:‬‬
‫ﻧﺗيﺟﺔ لضﺧاﻣﺔ الﻣوارد الﺗي ﺗسيطر ﻋﻠيﮭا الﺷركات ﻣﺗﻌددة‬
‫الﺟﻧسيﺔ فإﻧﮭا أﺻﺑﺣت ﺗﻠﻌب دورا ﻣركزيا في الﻧسق الدولي‬
‫(ﺗوﺟيه السياسات الدوليﺔ) رﺑﻣا ﻋﻠى ﺣساب الدور الذي ﺗﻠﻌﺑه‬
‫ﺣكوﻣات ﺗﻠك الﺷركات‪ ...‬فإﻧه ﺑفضل ﻣواردھا الﮭائﻠﺔ‪ ،‬ﺗسﺗطيﻊ‬
‫الﺷركات الﻣﺗﻌددة الﺟﻧسيﺔ أن ﺗﺣﺻل ﻣن ﺣكوﻣاﺗﮭا ﻋﻠى ﺗأييد‬
‫أﻧﺷطﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ لﺣﻣايﺗﮭا‪ ...‬ففي الدول اﻻﺷﺗراكيﺔ يﺻﻌب‬
‫الفﺻل ﺑين الﺷركات _ وھي ﻣﻣﻠوكﺔ لﻠدولﺔ _ وﺑين الﺣكوﻣﺔ‪.‬‬
‫وفي ﻣﺣاولﺗﮭم ﺑﻌث الﻧظريات اﻻقﺗﺻاديﺔ لالسﺗﻌﻣار‬
‫واﻻسﺗغالل اھﺗم الكﺗاب الراديكاليون ﺑالﺗزايد الﮭائل لدور‬
‫الﺷركات الﻣﺗﻌددة الﺟﻧسيﺔ في السﻧوات األﺧيرة‪ ،‬األﻣر الذي يكاد‬
‫يﮭدد الكثير ﻣن الدول القوﻣيﺔ ﻣن ﺣيث الﺣﺟم والﺗأثير الﻌالﻣي‪...‬‬

‫‪ 1‬لويد ﺟﻧسن‪ ،‬ﺗفسير السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ‪ :‬ﻣﺣﻣد أﺣﻣد ﻣفﺗي وﻣﺣﻣد‬
‫السيد سﻠيم‪ ،‬الﻧاﺷر ﻋﻣادة ﺷؤون الﻣكﺗﺑات‪ ،‬ﺟاﻣﻌﺔ الﻣﻠك سﻌود‪ ،‬الرياض‬
‫‪ 1989‬م‪ .‬ص ‪193‬‬

‫‪39‬‬
‫ويرى الكﺗاب الﻣاركسيون الﺟدد أن الﺷركات ﺗسﺗﺗر ﺧﻠف‬
‫ﺣكوﻣاﺗﮭا لﺣﻣايﺔ أﻧﺷطﺗﮭا ﻣسﺗﻌﻣﻠﺔ ﺟﻣيﻊ أساليب الرﺷوة والضغط‬
‫السياسي ﻋﻠى ﺗﻠك الﺣكوﻣات‪ ،‬وﻣن ث ّم فإﻧﮭم يرون السياسﺔ‬
‫الﺧارﺟيﺔ ﻋﻠى أﻧﮭا ﻣﺟﮭود ﺗقوم ﺑه الﺣكوﻣات لﺣﻣايﺔ ودﻋم‬
‫الﻣﺻالح اﻻقﺗﺻاديﺔ لﻠﺷركات الﻣﺗﻌددة الﺟﻧسيﺔ سواء في الداﺧل‬
‫‪1‬‬
‫أم في الﺧارج‪.‬‬

‫‪ 1‬لويد ﺟﻧسن‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪193‬‬

‫‪40‬‬
‫دور الشخصية القيادية‬
‫في صنع وتوجيه السياسة الخارجية‬

‫‪ :1‬الﻘيادة ﻛمﺗغير في السياسة الخارجية‬


‫ﺗﻌريف الﻘيادة‪":‬يدﺧل القادة في ﺧاﻧﺔ الﻌواﻣل الﻧوﻋيﺔ الﺗي‬
‫ﺗﻌد ﻣن الﻌواﻣل الﻣﮭﻣﺔ في السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬وھو دور يﻌﻧى‬
‫ﺑدراسﺗه الﺑاﺣثون في السياسات الﻣقارﻧﺔ‪ ،‬فيﺗﻧاولون في دراسﺗﮭم‬
‫ﻋﻣﻠيات ﺗطﺑيق السياسﺔ وأساليب ھذه الﻌﻣﻠيات وﻧوﻋﮭا‪.‬‬
‫ويﻌرف الدكﺗور ﺟالل ﻣﻌوض القيادة ﺑأﻧﮭا "قدرة وفاﻋﻠيﺔ‬
‫وﺑراﻋﺔ القائد السياسي ﺑﻣﻌاوﻧﺔ الﻧﺧﺑﺔ السياسيﺔ في ﺗﺣديد أھداف‬
‫الﻣﺟﺗﻣﻊ السياسي وﺗرﺗيﺑﮭا ﺗﺻاﻋديا ﺣسب أولوياﺗﮭا واﺧﺗﺑار‬
‫الوسائل الﻣالئﻣﺔ لﺗﺣقيق ھذه األھداف ﺑﻣا يﺗفق ﻣﻊ الﻣقدرات‬
‫الﺣقيقيﺔ لﻠﻣﺟﺗﻣﻊ وﺗقدير أﺑﻌاد الﻣواقف الﺗي ﺗواﺟه الﻣﺟﺗﻣﻊ واﺗﺧاذ‬
‫الﻣقررات الالزﻣﺔ لﻣواﺟﮭﺔ الﻣﺷكالت واألزﻣات الﺗي ﺗفرزھا ھذه‬
‫الﻣواقف ويﺗم ذلك في إطار ﺗفاﻋل ﺗﺣكﻣه القيم والﻣﺑادئ الﻌﻠيا‬
‫لﻠﻣﺟﺗﻣﻊ"‪.‬‬
‫في ﺣين ﻋرفﮭا الدكﺗور إسﻣاﻋيل ﺻﺑري‪ ،‬والدكﺗور ﻣﺣﻣد‬
‫ﻣﺣﻣود رﺑيﻊ في ﻣوسوﻋﺔ الﻌﻠوم السياسيﺔ ﺑأﻧﮭا "‪ ...‬الﻌﻣﻠيﺔ الﺗي‬
‫يﻣارس ﻣن ﺧاللﮭا ﻋضو الﺟﻣاﻋﺔ ﺗأثيرا إيﺟاﺑيا ﻋﻠى ﺑاقي أﻋضاء‬

‫‪41‬‬
‫الﺟﻣاﻋﺔ‪ ،‬وﻋﻠى ذلك فالقائد ھو ﻋضو الﺟﻣاﻋﺔ الذي يﻣارس ﺗأثيرا‬
‫‪1‬‬
‫إيﺟاﺑيا ﻋﻠى أﻋضاء الﺟﻣاﻋﺔ اآلﺧرين "‪.‬‬
‫وقد ﺗﻧوﻋت إسﮭاﻣات الﻣﺧﺗﺻين واألكادﻣيين في كﺷف ﻣالﻣح‬
‫ﻣفﮭوم القيادة فﺑالﻧسﺑﺔ لﻠﻣﺧﺗﺻين ﺑرز في ھذا الﺣقل ﺑافيالس الذي‬
‫يﻌرف القيادة ﺑأﻧﮭا " ﻋﻣﻠيﺔ سيكولوﺟيﺔ وليست ﻣركزا أو ﻣكاﻧﺔ‬
‫وقوة فﺣسب وإﻧﻣا ھي ﻣﺣﺻﻠﺔ ﺗفاﻋل اﺟﺗﻣاﻋي فيه يﺗدفق الﻧﺷاط‬
‫الﻣوﺟه الذي يكون له أثره ﻋﻠى ﻧفوس األفراد والﺟﻣاﻋات إذ يكون‬
‫لﻠقيادة رد فﻌﻠﮭا في ﻋﻣﻠيات اﻹﻧﺗاج وﻧﺟاح الﻣﺷروﻋات "‪...‬‬
‫ويظﮭر ﻣن ﺟاﻧب آﺧر كوﺑروﻣﺟو ليؤكد ﻋﻠى ﻣفﮭوم القيادة‬
‫ﻣﺣاوﻻ ﺧﻠق ﻧوع ﻣن الﺗﻣييز ﺑين"قيادة الدفﻊ وقيادة الﺟذب"‪...‬إن‬
‫كوﺑر ﻧراه يقﺗرب ﻧوﻋا ﻣا ﻣن ﻣفﮭوم ﺑافيالس وﺧاﺻﺔ ﻋﻧدﻣا ﻧﺟد‬
‫ﻣفﮭوﻣه لﻠقيادة يظﮭر ﺑأﻧه ﻣفﮭوم قيادة ﺟذب أكثر ﻣا يكون ﻣن‬
‫ﻣفﮭوم قيادة دفﻊ الذي يﻌﻧي ﺑأقل ﺻورة ﻣﻣكﻧﺔ دفﻊ الﻣﺟﻣوﻋﺔ أو‬
‫الﺟﻣاﻋﺔ إلى إﻧﺟاز ﻣﮭﻣﺔ أو ﺗﺟاوز ﻣﻌضﻠﺔ ﻣا لﺗﻧﺗﮭي الﻌﻣﻠيﺔ‬
‫ﺑﻣﺟرد ﺗﺣقيق ذلك‪ ،‬ﺑل إن القائد ﺑﻧظر كوﺑر يﻣكن أن يكون ﻋاﻣل‬
‫ﺟذب لﻠﺟﻣاﻋﺔ وﺑذلك يظﮭر ﺣقيقﺔ ﻣﮭﻣﺔ ﺧالﺻﺗﮭا ضرورة وﺟود‬
‫ﻧوع ﻣن الﺗفاﻋل ﺑين القائد والﺟﻣاﻋﺔ "‪.‬‬
‫أﻣا األكاديﻣيون فﻠم يكوﻧوا أقل ﺣظا ﻣن الﻣﺧﺗﺻين ﻋﻧدﻣا‬
‫ﺗﻧاولوا ﻣفﮭوم القيادة في دراسات وﺑﺣوث أكاديﻣيﺔ ﻣﺗﻣيزة كان‬
‫لﮭا وقﻊ كﺑير في إزاﺣﺔ ﺑﻌض ﻣالﻣح ھذا الﻣفﮭوم‪ .‬وﻋﻠى سﺑيل‬
‫الﻣثال ﻻ الﺣﺻر‪ :‬الﻣﺷروع الﺑﺣثي الذي قام ﺑه دورين كاﺗريت‬
‫وسﺗوﺟديل الﻠذين قاﻣا ﺑإﻋداد دراسﺔ ﺑﻌﻧوان " القيادة الﻌضويﺔ‬
‫والﺗﻧظيم " فضال ﻋن إسﮭاﻣات ألفين زاﻧدر الﺗي ﺗﻌد ﻣن الدراسات‬

‫‪ 1‬اﺣﻣد الﻧﻌيﻣي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪170‬‬

‫‪42‬‬
‫الﻣﮭﻣﺔ‪ ...‬ﺑاﻹضافﺔ إلى أﺑﺣاث لوين وﻣوريﻧو وأثرھﻣا في ﺗقدم‬
‫ﻣﻠﺣوظ في ﺗطوير ﻣﻧاھج دراسﺔ القيادة كظاھرة في الﺟﻣاﻋات‪."1‬‬
‫وﻣﻣا سﺑق يﻣكن القول‪" :‬إن ظاھرة القيادة ﻣن أكثر الظواھر‬
‫اﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ الﺗي ﻋﻧيت ﺑالﺑﺣث والدراسﺔ إﻻ أﻧﮭا كاﻧت وﻻ ﺗزال‬
‫ﻣن أقل الظواھر فﮭﻣا وإدراكا في ﻋﻠم السياسﺔ‪ ،‬ﻣﻊ اﻹﺷارة إلى‬
‫ب ﻋﻠم السياسﺔ ﺗﻌالج ظاھرة القيادة ﻣن دون ﺗﻧاول‬ ‫أن كثيرا ﻣن ُكﺗ ِ‬
‫وﺗﺣﻠيل دور القيادة وﺗأثيرھا ‪ ...‬ويﻧظر إلى القيادة ﺑﺷكل ﻋام ﻋﻠى‬
‫أﻧﮭا ﺗﻣثل ﻋﻣﻠيﺔ ﺗفاﻋل ﺑين الﺣكام والﻣﺣكوﻣين ضﻣن إطار‬
‫يﺟﻣﻌﮭم الﺗراث واﻹديولوﺟيﺔ والﻣﺻﻠﺣﺔ الﻣﺷﺗركﺔ‪ ،‬وﺑوساطﺔ‬
‫‪2‬‬
‫ﻣؤسسات ﻣﺣددة الﺗي ﻣن وظائفﮭا ﺗﻧظيم ھذه الﻌالقﺔ‪".‬‬
‫– خصائص الﻘيادة‪ :‬ھﻧاك ﺧﺻائص ﻣﻌيﻧﺔ لﻠقائد السياسي‬
‫يﻣكن إيﺟازھا في‪:‬‬
‫‪ -‬الشخصية الﺗسﻠطية‪ :‬وھي ﺗﺗﻣيز كوﻧﮭا ﺗؤكد السيطرة‬
‫ﻋﻠى الﻣرؤوسين والﻣيل ﻧﺣو اسﺗﺧدام الﻣفاھيم الﻧﻣطيﺔ‪ ،‬ﻣﻊ ﻧظرة‬
‫ثاﺑﺗﺔ لﻠﻌالم السياسي ﻋﻠى أﻧه ﻣكون ﻣن أﺻدقاء وأﻋداء‪،‬‬
‫والﺗﻌﺻب لقوﻣيﺗﮭم‪.‬‬
‫الﻌﻘل المﺗﻔﺗح والﻌﻘل المنغﻠق‪ :‬وﻣن ﺻفات ﺷﺧﺻيﺔ الﻌقل‬
‫الﻣﻧغﻠق ﻧظرﺗﮭا لﻠﻌالم ﺑﻌقﻠيﺔ ﺗآﻣريﺔ وﻣيﻠﮭا إلى اسﺗﺧدام القوة ﻣﻊ‬
‫اآلﺧرين والسرﻋﺔ في اﺗﺧاذ القرارات واﻻﺑﺗﻌاد ﻋن قﺑول الﺣﻠول‬
‫الوسطى‬

‫‪ 1‬اﺣﻣد الﻧﻌيﻣي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪171‬‬


‫‪ 2‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص ‪169‬‬

‫‪43‬‬
‫ﺗحﻘيق الذات‪ :‬ﺗﺗﻣيز الﺷﺧﺻيﺔ الﻣﺣققﺔ لﻠذات ﺑﻌدة ﺧﺻائص‬
‫ﻣﻧﮭا إﺷﺑاع الﺣاﺟات الطﺑيﻌيﺔ واﻹﺣساس ﺑاألﻣن واﻻﻧﺗﻣاء‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫واﻹﺣساس ﺑاﺣﺗرام الذات‪.‬‬
‫الﻘيادة الﻛاريزمية‪ :‬وھي ﻧوع ﻣن القيادة الﻣﺗﻣيزة ﺑﻣواھب‬
‫ﺷﺧﺻيﺔ ﺗﺷﺑه السﺣر والﺗي ﺗثير وﻻء وﺣﻣاسا ﺷﻌﺑيا ﺧاﺻا‪...‬‬
‫وقد قدم الﺑاﺣثون ﻣﺗغيرات ﺗﺷكل في إطارھا الﻌام ﻣﺗغيرات ﻣﮭﻣﺔ‬
‫في أداء دور القيادة الكاريزﻣيﺔ أھﻣﮭا قوة ﺷﺧﺻيﺔ القائد وﺧﺑراﺗه‬
‫السياسيﺔ والﺣزﺑيﺔ وطﻣوﺣه‪ ،‬ويﻌﺗﺑر ﻣاكس فيﺑر أول ﻣن أﻋطى‬
‫ﻣﻌﻧى سياسيا ليﺷير إلى اﻹﻣكاﻧيﺔ الﺗي يﺗﻣﺗﻊ ﺑﮭا ﺷﺧص ﻣﻌين‬
‫لﻠﺗأثير في اآلﺧرين‪...‬‬
‫ويورد فيﺑر ﻧوﻋين ﻣن الكاريزﻣا‪:‬‬
‫‪ -‬القيادة الكاريزﻣيﺔ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠى الﻣواھب الﺷﺧﺻيﺔ لﻠقائد‪.‬‬
‫‪ -‬السﻠطﺔ الكاريزﻣيﺔ‪ ،‬فإن الﻌالقﺔ ﺗﻧقطﻊ ﻋن ھذه السﻣﺔ‬
‫الﺷﺧﺻيﺔ‪.‬‬
‫ويﻣكن القول أ ن دول الﻌالم ﻋرفت القيادة الكاريزﻣيﺔ في ﺣقب‬
‫ﻣﺗفرقﺔ إﻻ أﻧﮭا ﺗﺑايﻧت ﺑين دول الغرب الﻣﺗقدم الﺗي ﺗﻣﺗاز‬
‫أوضاﻋﮭا السياسيﺔ ﺑاﻻسﺗقرار (وﻣارست) الﺗﻧظيﻣات الﺑرلﻣاﻧيﺔ‬
‫والديﻣقراطيﺔ لﻌقود طويﻠﺔ وﺑين دول الﻌالم الثالث الﺗي ﺗﻣيزت‬
‫ﺑظاھرة ﻋدم اﻻسﺗقرار السياسي‪.‬‬
‫وﻣن ھﻧا يﺑدو أن دول الﻌالم الثالث ﺗﺣﺗاج لﻠقيادة الكاريزﻣيﺔ‬
‫أكثر ﻣن دول الغرب‪ ،‬ألن السﻠطﺔ الﻣﻠﮭﻣﺔ (الكاريزﻣيﺔ) كﻣا يراھا‬
‫ﻣاكس فيﺑر كوﻧﮭا ضروريﺔ ﻋﻧدﻣا ﺗﻣر الﻣﺟﺗﻣﻌات الﺗقﻠيديﺔ‬

‫‪ 1‬اﺣﻣد الﻧﻌيﻣي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪169-168‬‬

‫‪44‬‬
‫ﺑأزﻣات ﻋﻧيفﺔ وﺗﻧﮭار فيﮭا القيم والقواﻋد السائدة في الﻣﺟﺗﻣﻊ‬
‫الﺗقﻠيدي لﺗظﮭر زﻋاﻣات ﻣن ﻧوع ﺟديد ﺗقود ﺣركﺔ الﺗطور إلى‬
‫األﻣام ھذه الزﻋاﻣات ﺗﻌد ﻣﻠﮭﻣﺔ ألﻧﮭا ﻻ ﺗﺗقيد ﺑالوضﻊ القائم وإﻧﻣا‬
‫‪1‬‬
‫ﺗسﺗوﺣي ﻣسيرة الﺗاريﺦ ﺑوﻋي ﻣكثف وإرادة قويﺔ‪.‬‬
‫وﻋن ذلك يقول فيﺑر ﻣﻌﻠال ظﮭور القيادة الكاريزﻣيﺔ " ھﻧاك‬
‫ﻣﺟﺗﻣﻌات ﺗﻌاﻧي أزﻣات ﺣادة ﺗﺟﻌل ﻣﻧﮭا ﺑيئﺔ ﺧﺻﺑﺔ وﻣالئﻣﺔ‬
‫لظﮭور واﻧﺑثاق الﻧﻣط الكاريزﻣي في القيادة فﻠقد ساد اﻻقﺗﻧاع ﺑأن‬
‫الظاھرة الكاريزﻣيﺔ ﻣا ھي إﻻ ﻧﺗاج أزﻣات ﺣادة‪ ،‬ﺣيث يقود‬
‫اﻹﺣساس ﺑﺣرﻣان أﺧالقي أو ﻧفسي ﺷديد األفراد والﺟﻣاﻋات إلى‬
‫‪2‬‬
‫الﺑﺣث والسﻌي وراء القيادة الفذة‪" .‬‬
‫أﻣا في الغرب فإن الزﻋيم – في رأي فيﺑر " يظﮭر دون أن‬
‫ﺗكون له ﻣﻣيزات ﺷﺧﺻيﺔ‪ ،‬وھو فرد في دولﺔ ﺗﺗكون ﻣن ﻣواطﻧين‬
‫ﻻ يﺧﺗﻠف أﺣدھم ﻋن اآلﺧر كﻣا ھو األﻣر في ﻣﺧﺗﻠف‬
‫الديﻣقراطيات اليوﻧاﻧيﺔ القديﻣﺔ‪ ،‬وقد يكون زﻋيﻣا ﺣزﺑيا وﺻل إلى‬
‫‪3‬‬
‫الﺑرلﻣان ﺑﻌد أن قطﻊ ﺷوطا ﻋﻠى ساﺣﺔ الدولﺔ الدسﺗوريﺔ "‬
‫– الﺑيئة النﻔسية لﻠﻘائد‪:‬‬
‫أكد ف‪.‬ج‪ .‬ﺑيﻠي أن القيادة السياسيﺔ ﻣﺣورھا قدرة القائد ﻋﻠى‬
‫اﺗﺧاذ القرارات في ﻣواﺟﮭﺔ الﻣوقف وإقﻧاع اآلﺧرين ﻣن أﻋضاء‬
‫الﻧﺧﺑﺔ السياسيﺔ والﺟﻣاھير ﺑﮭذه القرارات‪ ،‬وﺑﮭذا الﻣﻌﻧي ﺗﺻير‬
‫القيادة في ﺟوھرھا ﻋﻣﻠيﺔ إقﻧاع‪ .‬وﻋﻠى أساس أساليب القائد في‬

‫‪ 1‬اﺣﻣد الﻧﻌيﻣي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪185‬‬


‫‪ 2‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص ‪187‬‬
‫‪ 3‬أﺣﻣد الﻧﻌيﻣي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪186‬‬

‫‪45‬‬
‫اﻹقﻧاع وسﻣاﺗه الﻧفسيﺔ والﺻورة الﺗي يكوﻧﮭا لﻧفسه ويﻧقﻠﮭا إلي‬
‫‪1‬‬
‫اآلﺧرين ﺗكون طﺑيﻌﺔ الظروف الﺗي يﻌﻣل في إطارھا‪.‬‬
‫"وﺗﺗضﻣن الﻣﺗغيرات الفرديﺔ أو الﺷﺧﺻيﺔ ﺣسب ﺷاﺑيرو‬
‫وﻣاكفون السﻣات الﺷﺧﺻيﺔ لألفراد الذين يﺻﻧﻌون السياسﺔ‬
‫الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬كذلك ﺗﻌـرف ﺑأﻧﮭا "ﻣﺟﻣوﻋﺔ الدوافﻊ الذاﺗيﺔ‬
‫والﺧﺻائص الﺷﺧﺻيﺔ لﻠقائد السياسي أو القادة السياسيين الذين‬
‫يﺻﻧﻌون السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬وﺗﺷﻣل ھــذه السﻣات والﺧﺻائص‬
‫ﻣﻌﺗقداﺗﮭم وقيﻣﮭم وﺧﺑرﺗﮭم وﺻفاﺗﮭم وﺗكويﻧﮭم اﻻﺟﺗﻣاﻋي وكذلك‬
‫إدراكﮭم‪.‬‬
‫وقد أكد ريﺗﺷارد سﻧايدر‪ ،‬وﻏيره ﻣن الﺑاﺣثين‪ ،‬ﻋﻠى ﺣقيقﺔ أﻧه‬
‫ﻣﮭﻣا كاﻧت الﻌواﻣل الﻣﺣددة لﻠسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ –ﺧارﺟيﺔ أو‬
‫داﺧﻠيﺔ فإن أھﻣيﺗﮭا ﺗﺗﺣدد ﻣن ﺧالل إدراك ﺻاﻧﻌي السياسﺔ‬
‫الرسﻣيين لذا فالفﻌل الﺻادر ﻋن الدولﺔ يقوم ﺑه في الواقﻊ أﺷﺧاص‬
‫وﺑالﺗالي فﮭم واسﺗيﻌاب ھذا الفﻌل يﺗطﻠب الﻧظر إلى ﻣﺣيط ﺻﻧاﻋﺔ‬
‫القرار ﻣن ﺧالل إدراك ﺻﻧاع القــرار لﻣﺣيطﮭم – الﺧارﺟي أو‬
‫الداﺧﻠي وليس ﻣن ﺧالل الﻣراقب الﻣوضوﻋي أو الﺣيادي‪.‬‬
‫ھﻧاك ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن الﻣواقف لﺑﻌض الدارسين‪ ،‬ﺗﺟﻌل ﻣن دور‬
‫ﺻاﻧﻊ القرار ﺑﻣثاﺑﺔ الدور الرئيس في ﺻﻧﻊ ﺗﻠك السياسﺔ‪ ،‬ﺑﺣيث‬
‫يذھب كريسﺗوفر ھيل إلى أﻧه ﺣﺗى في الﻣﺟﺗﻣﻌات الﻣفﺗوﺣﺔ يﻣكن‬
‫لﻠﺷﺧﺻيﺔ القويﺔ لرئيس الدولﺔ ووﺟﮭات ﻧظره الﺷﺧﺻيﺔ أن ﺗفسر‬
‫ﻧسﺑﺔ كﺑيرة ﻣن السﻠوك الدولي لﻠدولﺔ " ‪.2‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص‪244‬‬


‫‪ 2‬ﺑولﻣكاﺣل اﺑراھيم‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص‪9‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ :2‬نظريات وأنماط الﻘيادة السياسية‪:‬‬

‫أ نظريات الﻘيادة‪ :‬ﺗوﺟد ﻧظريات لﺗﺣﻠيل وﺗفسير سيكولوﺟيﺔ‬


‫القيادة ﻣن أھﻣﮭا‪:‬‬
‫نظرية السمات‪ :‬ﺗؤكد ھذه الﻧظريﺔ ﻋﻠى الﺧﺻائص الذاﺗيﺔ‬
‫والﻌقﻠيﺔ واﻻﻧفﻌاليﺔ واﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ‪ ،‬ويقرر ﻣارفين ﺷو وﻏيره ﻣن‬
‫ﻋﻠﻣاء اﻻﺟﺗﻣاع أن ﻧظريﺔ السﻣات ﻻ ﺗقدم لﻠﺑاﺣثين ﺗفسيرا لظاھرة‬
‫القيادة‪.‬‬
‫إﻻ أﻧﮭا قدﻣت ﻣدى الﻌالقﺔ ﺑين ﺧﺻائص القائد والسﻣات‬
‫الﺷﺧﺻيﺔ ﺑسﺑب أن القائد له ﺻفات ﻣﻣيزة ﻣن ذكاء والﻣؤھل‬
‫الﻌﻠﻣي والﺧﺑرة ﻣا يﺟﻌﻠه يﺗﻣيز ﻋﻠى ﻏيره ﻣن أقراﻧه‪.‬‬
‫نظرية الموقف‪ :‬وھي ﻧظريﺔ ﺗقوم ﻋﻠى أساس أن ظﮭور القائد‬
‫يﺗوقف ﻋﻠى ﺗﺻرفه في ﻣواقف ﻣﻌيﻧﺔ‬
‫طﺑقا لﻠظروف الﻣﺣيطﺔ ﺑه ﺧالل الﺗفاﻋل الﻣﺑاﺷر ﺑين الﻧاس‬
‫في ﺗﻠك الﻣواقف وليس ﻧﺗيﺟﺔ لﺻفات ﻣﻌيﻧﺔ يﺗﻣيز ﺑﮭا ﺷﺧص ﻣا‪.‬‬
‫ويؤكد سﺗوﺟديل أن الفرد الذي يكون قائدا في ﻣوقف كالﺣرب قد‬
‫ﻻ يكون ﺑالضرورة قائدا في ﻣوقف آﺧر كالسﻠم‪".‬‬
‫النظرية المشﺗرﻛة‪ :‬وھي الﻧظريﺔ الﺗي ﺗرﺑط وكﻣا يؤكد ألفين‬
‫كولدﻧير ﺑين ﻧظريﺔ السﻣات وﻧظريﺔ الﻣواقف‪.‬‬
‫النظرية الوظيﻔية‪ :‬ﺗؤكد ھذه الﻧظريﺔ أن القيادة ھي ﻋﺑارة‬
‫ﻋن القيام ﺑالوظائف الﺟﻣاﻋيﺔ الﺗي ﺗساﻋد الﺟﻣاﻋﺔ ﻋﻠى ﺗﺣقيق‬
‫أھدافﮭا ﺑﺣيث يﻧظر إلى القيادة أﻧﮭا وظيفﺔ ﺗﻧظيﻣيﺔ‪.‬‬
‫الﻘيادة الﺗﻔاعﻠية‪ :‬ﺗقف ھذه الﻧظريﺔ ﻋﻠى ﺣقيقﺔ ﻣﮭﻣﺔ ﻣفادھا‬
‫أﻧﮭا ﺗؤكد وﺟود ﺗكاﻣل وﺗفاﻋل ﺑين‬

‫‪47‬‬
‫كل ﻣﺗغيرات القيادة‪ ،‬وھي‪ :‬القائد وﻧﺷاطه في الﺟﻣاﻋﺔ‪ ،‬األﺗﺑاع‬
‫(اﺗﺟاھاﺗﮭم ﺣاﺟاﺗﮭم‪ ،‬ﻣﺷكالﺗﮭم) الﺟﻣاﻋﺔ ﻧفسﮭا (ﺑﻧاؤھا‪ ،‬الﻌالقﺔ‬
‫ﺑين األفراد‪ ،‬ﺧﺻائﺻﮭا أھدافﮭا‪ ،)...‬الﻣواقف كﻣا ﺗﺣددھا الﻌواﻣل‬
‫الﻣاديﺔ وطﺑيﻌﺔ الﻌﻣل وظروفه‪.‬‬
‫نظرية الرجل الﻌظيم‪ :‬يﻌد فراﻧسيس ﺟالﺗون ﻣن أوائل دﻋاة‬
‫ھذه الﻧظريﺔ الذي أكد أن ﺑﻌض الرﺟال الﻌظام يﺑرزون في‬
‫الﻣﺟﺗﻣﻊ لﻣا يﺗسﻣون ﺑه ﻣن قدرات وﻣواھب ﻋظيﻣﺔ وﺧﺻائص‬
‫ﻋﺑقريﺔ ﻏير ﻋاديﺔ ﺗﺟﻌل ﻣﻧﮭم قادة أيّا كاﻧت الﻣواقف اﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ‬
‫‪1‬‬
‫الﺗي يواﺟﮭوﻧﮭا‪.‬‬
‫ب أنماط الﻘيادة السياسية‪:‬‬
‫ﻣيز روﺟرﺑيﻠوز ﺑين األﻧﻣاط الثالث الﺗاليﺔ لﻠقيادات السياسﺔ‪.‬‬
‫الﻘيادة اﻷوﺗوقراطية‪:‬‬
‫القائد يﺻﻧﻊ كافﺔ القرارات والسياسات ويﺣدد وسائل ﺗﻧفيذھا‪،‬‬
‫ويﺻﻌب الﺗﻧﺑؤ ﺑﻣا سﺗكون السياسيات في ظل ھيﻣﻧﺔ دور القائد‬
‫في الﻌﻣﻠيﺔ السياسيﺔ وﻻ يسﻣح القائد ﺑأيﺔ ﻣﺷاركﺔ ﺣقيقيﺔ ﻣن ﺟاﻧب‬
‫الﻣﺟﺗﻣﻊ الﻣﺣكوم ولكﻧه قد يسﻣح ﺑﻣﺷاركﺔ ﺷكﻠيﺔ ھاﻣﺷيﺔ ﻹضفاء‬
‫طاﺑﻊ ﻣﺻطﻧﻊ ﻣن الﺷرﻋيﺔ ﻋﻠى اﺣﺗكاره لﻠسﻠطﺔ‪ ،‬وھذا القائد‬
‫أﻧاﻧي يﻣركز الﻌالم ﺣول ذاﺗه وﻻ يﺑالي ﺑدوافﻊ وﻣطالب‬
‫الﻣﺣكوﻣين‪ ،‬وقد ﺗكون ھذه القيادة ﻣثال في اﻻﺣﺗفاظ ﺑالسﻠطﺔ‬
‫واﻻسﺗﻣرار في الﺣكم‪ ،‬ولكﻧﮭا ليست ﺧالقﺔ أو ﻣﺑدﻋﺔ وﻻ يﻣكﻧﮭا‬
‫أن ﺗﺧﻠق الﺷﻌور ﺑاﻻھﺗﻣام والﺗﻌاطف في الﺟﻣاﻋﺔ أو أن ﺗﺣرك‬
‫أﻋضاء الﺟﻣاﻋﺔ كفريق ﻋﻣل ﻣﺗكاﻣل ﻧﺣو ﺗﺣقيق األھداف الﻌاﻣﺔ‪.‬‬

‫‪ 1‬اﺣﻣد الﻧﻌيﻣي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪182-181‬‬

‫‪48‬‬
‫الﻘيادة الديمﻘراطية‪:‬‬
‫القائد ﻻ يﻧفرد ﺑاﺗﺧاذ القرارات وﺻﻧﻊ السياسات‪ ،‬ولكﻧه يفسح‬
‫الﻣﺟال لﻣﺷاركﺔ الﻣﺣكوﻣين ويرﺣب ﺑالﻣﻧاقﺷﺔ الﻌاﻣﺔ واقﺗراح‬
‫الﺣﻠول والﺑدائل‪ ،‬ويﻣﻠك الﺗفاﻋل ﻣﻊ الﻣﺣكوﻣين واﻻسﺗﺟاﺑﺔ‬
‫لﻣطالﺑﮭم وھذه القيادة أكثر فاﻋﻠيﺔ ﻣن القيادة األوﺗوقراطيﺔ‪ ،‬ألﻧﮭا‬
‫ﺧالقﺔ ﻣﺑدﻋﺔ ﺑﻧاءة ﻣﻌﺑرة ﻋن اﻻھﺗﻣام وقادرة ﻋﻠى ﺗوفير اﻹطار‬
‫اﻻﺟﺗﻣاﻋي الﻧفسي والسياسي الﻣالئم لﻠﻣﺷاركﺔ والﻌﻣل الﺟﻣاﻋي‬
‫وفي ظل ھذه القيادة ﺗﺗوفر لﻠﻣﺣكوﻣين درﺟﺔ كﺑيرة ﻣن الرضا‬
‫واﻻﺗفاق ﺣول القيم واألھداف األساسيﺔ وأولوياﺗﮭا‪ ،‬ولﮭذا يﺗﺻفون‬
‫ﺑالقدرة ﻋﻠى الﺗكﺗل ﺧﻠف القيادة في ﻣواﺟﮭﺔ األزﻣات والﻣواقف‬
‫الﻣﺻيريﺔ‪.‬‬
‫الﻘيادة غير المﺗدخﻠة‪:‬‬
‫وھي الﻣﻌﺑرة ﻋن ﻣﺑدإ" دﻋه يﻌﻣل" القائد ﻻ يﺷارك ﺑدور ﺣاسم‬
‫في ﺻﻧﻊ القرارات والسياسات أو ﺗقييم وﻣﻧاقﺷﺔ الﻣﺷكالت الﻌاﻣﺔ‪،‬‬
‫ولكﻧه يكﺗفي ﺑﺗقديم ﻣا قد يطﻠب ﻣﻧه ﻣن ﻣﻌﻠوﻣات ويﺗﻣﺗﻊ أﻋضاء‬
‫الﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑقدر كﺑير ﻣن ﺣريﺔ الﺣركﺔ وﻣثل ھذه القيادة ﺗﻌﺑر ﻋن‬
‫السﻠﺑيﺔ‪ ،‬ولﮭذا ﺗﺻير أقل كفاءة واﻧﺟازا ﻣن القيادة الديﻣقراطيﺔ ﺑل‬
‫‪1‬‬
‫وﻣن القيادة األوﺗوقراطيﺔ‪.‬‬
‫وفي ﻣؤلفﮭﻣا الﺻادر ﻋام ‪ 1966‬ﺑﻌﻧوان السياسﺔ الﻣقارﻧﺔ‪:‬‬
‫ﻣقﺗرب ﺗﻧﻣوي ﻣيز الﻌالﻣان األﻣريكياﻧﺟاﺑرييل الﻣوﻧد وج‪ .‬ﺑﻧﺟﮭام‬
‫ﺑاول ﺑين ﻧﻣطين لﻠﻧظم السياسيﺔ وھﻣا ﻧﻣط الﻧظم الديﻣقراطيﺔ‬

‫‪ 1‬ﺟالل ﻋﺑد هللا ﻣﻌوض‪ ،‬ﻋالقﺔ القيادة ﺑالظاھرة اﻹﻧﻣائيﺔ‪ ،‬دراسﺔ في‬
‫الﻣﻧطقﺔ الﻌرﺑيﺔ‪ ،‬رسالﺔ دكﺗوراه في الﻌﻠوم لسياسيﺔ القاھرة‪ ،‬كﻠيﺔ اﻻقﺗﺻاد‬
‫والﻌﻠوم السياسيﺔ ﺑﺟاﻣﻌﺔ القاھرة‪ ،1985 ،‬ص ‪9‬‬

‫‪49‬‬
‫وﻧﻣط الﻧظم الﺗسﻠطيﺔ رﻏم إﺷارﺗﮭﻣا إلي أن ﻣﻌايير ﺗﺻﻧيفﮭﻣا‬
‫ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻣا إذا كان الضﺑط السياسي يﻣارس ﻣن أﻋﻠى (الﻧﻣط‬
‫الﺗسﻠطي) أو ﻣن أسفل (الﻧﻣط الديﻣقراطي) وﻣدي ﺗوافر الﻣﻧافسﺔ‬
‫السياسيﺔ ودرﺟﺔ اسﺗقالليﺔ الﻧظام الفرﻋي الذي يﺗكون ﻣن‬
‫األﺣزاب السياسيﺔ وﺟﻣاﻋات الﻣﺻالح ووسائل اﻹﻋالم وﻏيرھا‬
‫ﻣن ﻣﻧظﻣات وأﺑﻧيﺔ الﻣﻧافسﺔ والﻣﺷاركﺔ السياسيﺔ وﻣواﺟﮭﺔ الضﺑط‬
‫السياسي‪ ،‬ويﻣثل ھذان الﻧﻣطان (الديﻣقراطي والﺗسﻠطي) ﺑدايﺔ‬
‫وﻧﮭايﺔ ﺧط ﻣﺗواﺗر ويﺗﺣدد وضﻊ أي ﻧظام سياسي ﻋﻠى ھذا الﺧط‬
‫طﺑقا لﮭذه الﻣﻌايير‪.‬‬
‫ج ﺗصنيﻔات أخرى‪ :‬الواقﻊ أن دراسات الﻧظم السياسيﺔ‬
‫والﺣكوﻣات الﻣقارﻧﺔ والﺗﻧﻣيﺔ السياسيﺔ ﺗﺣفل ﺑﺗﺻﻧيفات أﺧرى‬
‫لﻠقيادات السياسيﺔ اسﺗﻧادا إلي ﻣﻌيار ﻣوقف القيادة ﻣن قضاياھا‬
‫وأساليﺑﮭا وسياساﺗﮭا في الﺗﻌاﻣل ﻣﻌﮭا‪ ،‬وﻣن ذلك‪:‬‬
‫– دراسﺔ ﺑول سيﺟﻣوﻧد الﺗي ﻣيزت ﺑين ثالثﺔ أﻧﻣاط لﻠقيادات‬
‫السياسيﺔ في الدول الﻧاﻣيﺔ‪ :‬القيادات الﺗقﻠيديﺔ الﻣﺣافظﺔ‪ ،‬القيادات‬
‫اﻹﺻالﺣيﺔ والقيادات الراديكاليﺔ‬
‫– دراسﺔ فراﻧك ﺗاﺷو الﺗي ﻣيزت ﺑين ثالثﺔ أﻧﻣاط‬
‫لﻠقيادات(الﻧﺧب) السياسيﺔ في الﺷرق ألوسط القيادات والﻧﺧب‬
‫الﺗقﻠيديﺔ الﻌاﺟزة ﻋن الﺗكيف ﻣﻊ ﻣﺗطﻠﺑات الﺗﻧﻣيﺔ القيادات والﻧﺧب‬
‫الﺗقﻠيديﺔ القادرة ﻋﻠى الﺗكيف ﻣﻊ ھذه الﻣﺗطﻠﺑات‪ ،‬والقيادات‬
‫والﻧﺧب الﺣديثيﺔ اﻹﻧﻣائيﺔ الﻌﺻريﺔ‪.‬‬
‫– دراسﺔ ﻣﺣﻣد ﻋﺑد الﺑاقي ھرﻣاسي الﺗي ﻣيزت ﺑين ثالثﺔ‬
‫أﻧﻣاط لﻠقيادات السياسيﺔ في دول الﻣغرب الﻌرﺑي ﻣن ﺣيث ﻣوقفﮭا‬

‫‪50‬‬
‫ﻣن الﻣﺷكالت اﻹﻧﻣائيﺔ‪ :‬القيادات الﺗﺣديثيﺔ الﻠيﺑراليﺔ‪ ،‬القيادات‬
‫الﺷﻌﺑيﺔ الﺗﻌﺑويﺔ والقيادات الﺗقﻠيديﺔ‪.‬‬
‫دراسﺔ د‪ .‬ﻧاديﺔ رﻣسيس فرح الﺗي ﻣيزت ﺑين ﻧﻣطين لﻠقيادات‬
‫والﻧظم الﻌرﺑيﺔ ﺣسب ﻣواقفﮭا ﻣن قضيﺔ الديﻣقراطيﺔ‪ :‬الﻧﻣط‬
‫السﻠطوي الﺑيروقراطي والﻧﻣط الﺗسﻠطي الﺗقﻠيدي‪.‬‬
‫– دراسﺔ روﺑرت ويسون الﺗي ﻣيزت ﺑين أرﺑﻌﺔ أﻧﻣاط لﻠﻧظم‬
‫والقيادات السياسيﺔ وھي‪ :‬الﻧﻣط اﻻﺷﺗراكي‪ ،‬الﻧﻣط الديﻣقراطي‬
‫‪1‬‬
‫الﻠيﺑرالي‪ ،‬الﻧﻣط الﻌسكري‪ ،‬والﻧﻣط الﺗسﻠطي‪.‬‬

‫‪ 1‬ﺟالل ﻋﺑد هللا ﻣﻌوض‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪.9‬‬

‫‪51‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫صنع السياسة الروسية‬


‫في ظل قيادة بوتين‬

‫‪53‬‬
‫‪ ...‬كان ھﻧاك إﺣساس قوي ﺑأن رئيس الوزراء ﺑوﺗين ظل‬
‫ﻣسيطرا ﻣن وراء الكواليس‪.‬‬

‫نيﻛوالي ﻛوزهانوف‬
‫دور بوتين في صنع وتوجيه‬
‫السياسة الخارجية الروسية‬

‫‪ 1‬المحددات الجيو سياسية لروسيا االﺗحادية‪.‬‬


‫أ الموقﻊ والمساحة‬
‫ﺗُﻌ ّد روسيا أكﺑر دولﺔ في الﻌالم ﻣن ﺣيث الﻣساﺣﺔ‪ ،‬إذ ﺗﺑﻠغ‬
‫ﻣساﺣﺗﮭا ‪17،075،400‬كم‪ ،²‬وھي ﺗقريﺑًا ضﻌف ﻣساﺣﺔ كﻧدا‬
‫ثاﻧي دولﺔ ﻣن ﺣيث الﻣساﺣﺔ وﺗسﺗغرق رﺣﻠﺔ ﺑالقطار ﺑين ﻣوسكو‬
‫في الغرب وﻣيﻧاء فالديفسﺗوك في الﺷرق سﺑﻌﺔ أيام ﺗﻣر ﺧاللﮭا‬
‫ﻋﺑر ثﻣاﻧيﺔ ﻣن أقاليم الﺗوقيت‪ .‬ﺗقﻊ روسيا ﺑين ﺧطي ﻋرض ‪°41‬‬
‫و‪ °82‬ﺷﻣاﻻ‪ ،‬وﺧطي طول ‪ °19‬ﺷرقا و‪ °169‬ﻏرﺑا‪ .‬ﺗﻣثل‬
‫روسيا ﺟسرا ﺑين قارﺗي أوروﺑا وآسيا‪ .‬إذ يﺣدھا ﻣن الﺷرق ﺑﺣر‬
‫ﺑيرﻧغ وﺑﺣر أﺧوﺗسك وﺑﺣر الياﺑان‪ ،‬وھذه الﺑﺣار الثالثﺔ ﺗﺗفرع‬
‫ﻣن الﻣﺣيط الﮭادئ‪ .‬وﻣن الغرب ﺗﺣدھا ﺑيالروسيا (روسيا‬
‫الﺑيضاء)‪ ،‬ﻻﺗفيا إسﺗوﻧيا‪ ،‬ﺧﻠيج فﻧﻠﻧدا‪ ،‬والﻧرويج‪ ،‬ويقﻊ إقﻠيم‬
‫كاليﻧﻧغراد الروسي ﺑين ليﺗواﻧيا وﺑولﻧدا‪ .‬ﺑيﻧﻣا يﺣدھا ﻣن الﺷﻣال‬
‫ﺑﺣر ﺑارﻧﺗس‪ ،‬ﺑﺣر كارا‪ ،‬ﺑﺣر ﻻﺑﺗيف‪ ،‬ﺑﺣر ﺷرق سيﺑريا‪ ،‬وﺑﺣر‬
‫ﺗﺷوكوﺗكا‪ ،‬وﺟﻣيﻊ ھذه الﺑﺣار ﺗﺗفرع ﻣن الﻣﺣيط الﻣﺗﺟﻣد الﺷﻣالي‪.‬‬
‫أﻣا ﻣن الﺟﻧوب فﺗﺣدھا الﺻين‪ ،‬ﻣﻧغوليا كازاﺧسﺗان أذرﺑيﺟان‪،‬‬
‫ﺟورﺟيا والﺑﺣر األسود‪ .‬ﺑيﻧﻣا ﺗﺟاورھا ﻣن أقﺻى الﺟﻧوب‬
‫الﺷرقي كوريا الﺷﻣاليﺔ‪.‬‬
‫ب مﻛونات االﺗحاد الروسي‪:‬‬
‫يﺗألف اﻹﺗﺣاد الروسي ﻣن ‪ 83‬كياﻧا فدراليا‪ 21 :‬ﺟﻣﮭوريﺔ‬
‫ﻣﻌظﻣﮭا ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑاسﺗقالل ذاﺗي في ﺷئوﻧﮭا الداﺧﻠيﺔ‪ .‬وﻏالﺑا ً ﻣا ﺗﻣثل‬
‫كل ﺟﻣﮭوريﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻋرقيﺔ واﺣدة أو أكثر‪ .‬و‪ 46‬إقﻠيﻣا‪ ،‬و‪9‬‬
‫ﻣقاطﻌات‪ ،‬و‪ 4‬ﻣﻧاطق ذات ﺣكم ذاﺗي‪ ،‬وﻣديﻧﺗين فدراليﺗين‪.1‬‬
‫ج الﺗﻛوين االجﺗماعي‪:‬‬
‫ﺗﻌﺗﺑر روسيا دولﺔ ﻣﺗﻌددة القوﻣيات‪ ،‬وقد كرس ذلك الدسﺗور‬
‫ﺣيث ﺟاء في ﻣقدﻣﺗه ﻣا يﻠي‪" :‬ﻧﺣن ﺷﻌب روسيا الفدراليﺔ الﻣﺗﻌددة‬
‫القوﻣيات "وﺑﺣسب الﻧﺗائج األوليﺔ لﺗﻌداد السكان ﻋام ‪2010‬‬
‫وﺻل ﻣﺟﻣوع السكان إلى ‪ 142،905،208‬ﻧسﻣﺔ‪ .‬ﺣيث ﺗﻌﺗﺑر‬
‫ﺧاﻣس أكﺑر دولﺔ ﻣن ﺣيث ﻋدد السكان في الﻌالم‪ ،‬كﻣا يﻧﺗﻣي‬
‫سكاﻧﮭا إلى ‪ 130‬ﺟﻣاﻋﺔ ﻋرقيﺔ‪ ،‬ﻣﺧﺗﻠفﺔ يﺷكل الروس (روسكي)‬
‫أرﺑﻊ أﺧﻣاس السكان أي ﻣا يقارب ‪ 130‬ﻣﻠيون أﻣا الﺧﻣس الﻣﺗﺑقي‬
‫فيﻧﺗﻣي أفراده إلى قوﻣيات وأﻋراق أﺧرى أھﻣﮭا‪ :‬الﺗﺗر ‪ 5‬ﻣﻠيون‬
‫ﻧسﻣﺔ األوكراﻧيون ‪ 4‬ﻣﻠيون‪ ،‬الﺷوفاﺷيون ‪ 1.7‬ﻣﻠيون‪ ،‬اليﮭود‬
‫‪ 1.7‬ﻣﻠيون‪ ،‬الﺑﺷكيريون ‪ 1.3‬ﻣﻠيون…الﺦ‪ .‬ويﻌيش ﻏالﺑيﺔ‬
‫السكان الروس في الﻣدن ﺑﻧسﺑﺔ ﺗقدر ﺑـ ‪ %73‬وأكﺑر الﻣدن‬
‫الروسيﺔ ھي‪ :‬ﻣوسكو‪ ،‬سان ﺑطرسﺑرغ ﻧيزﻧي‪ ،‬ﻧوفو ﻏورود‬
‫‪2‬‬
‫ﻧفوسيﺑرسكي‪ ،‬وﺑاكﺗرﻧﺑرع‪.‬‬

‫‪ 1‬روسيا‪http://ar. wikipedia. org/wiki/‬‬


‫‪ 2‬ﺻاﺑر آيت ﻋﺑد السالم‪ ،‬الﺗوﺟﮭات الكﺑرى لالسﺗراﺗيﺟيﺔ الروسيﺔ ﺑﻌد‬
‫الﺣرب الﺑاردة‪ ،‬ﻣدوﻧﺔ ﺟسور الدراسات الدوليﺔ‪،2012/04/12 ،‬‬

‫‪56‬‬
‫أﻣا ﻣن ﺣيث الدياﻧﺔ فﺗﻌﺗﺑر روسيا دولﺔ ﻣﺗﻌددة األديان‪ ،‬فرﻏم‬
‫إقرار الدسﺗور ﺑﻌﻠﻣاﻧيﺔ الدولﺔ إﻻ أن الﻣادة ‪ 28‬ﺗقر ﺑﺣريﺔ األديان‬
‫لﻠﺟﻣيﻊ ﺣيث ﺗقدر ﻧسﺑﺔ ﻣﻌﺗﻧقي الدياﻧات الﻣﺧﺗﻠفﺔ ﺑـ‪ %40 :‬ﺣيث‬
‫يوﺟد ﺣوالي ‪ 9000‬طائفﺔ ديﻧيﺔ ﺗسيطر ﻋﻠيﮭا الطائفات الﻣسيﺣيﺔ‬
‫األرثوذكسيﺔ ﺣيث ﺗوﺟد ﺣوالي ‪ 5000‬كﻧيسﺔ أرثوذكسيﺔ ﺗم‬
‫إﻋادة فﺗح وﺗرﻣيم ﻣﻌظﻣﮭا ﺑﻌد سقوط اﻹﺗﺣاد السوفياﺗي ﻋﻠى‬
‫رأسﮭا كﻧيسﺔ الﻣسيح الﻣﻧقذ في ﻣوسكو‪ ،‬كﻣا ﺗوﺟد ﺣوالي ‪150‬‬
‫كﻧيسﺔ كاثوليكيﺔ‪ ،‬في ﺣين يﻣثل الﺑروﺗسﺗاﻧت أقﻠيﺔ ﺑـ‪ 2 :‬ﻣﻠيون‬
‫ﺑروﺗسﺗاﻧﺗي أﻣا اﻹسالم فيﺷكل ثاﻧي أكﺑر دياﻧﺔ في روسيا ﺑﺣوالي‬
‫‪ 19‬ﻣﻠيون ﻣسﻠم وھﻧاك أكثر ﻣن ‪ 800‬ﻣسﺟد ﺗﺗﻣركز ﻣﻌظﻣﮭا‬
‫في ﺟﻣﮭوريات اﻻﺗﺣاد الروسي‬
‫الﻣسﻠﻣﺔ ھي‪ :‬ﺑﺷكيريا‪ ،‬داﻏسﺗان‪ ،‬كاﺑاردا ﺑالكاريا‪ ،‬أوسيﺗيا‬
‫‪1‬‬
‫الﺷﻣاليﺔ‪ ،‬ﺗﺗرسﺗان أﻧغوﺷيا والﺷيﺷان‪.‬‬

‫‪1:38pm‬ﻋﻠى الراﺑط ‪http://internationalstudiesbridges.‬‬


‫‪blogspot. com/blog-post_3335. html‬‬
‫‪ 1‬روسيا‪http://ar. wikipedia. org/wiki/‬‬

‫‪57‬‬
1 ‫االﺗحاد الروسي‬

http://ar. wikipedia. org/wiki/‫ روسيا‬1

58
‫د‪ .‬النظام السياسي لروسيا االﺗحادية‪:‬‬
‫يﻌﺗﺑر الكرﻣﻠين ﻣقر ﻋﻣل الرئيس الروسي‪ .‬وفقا لﻠدسﺗور‬
‫الروسي‪ ،‬فإن روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ دولﺔ فيدراليﺔ ذات ﻧظام ﺣكم ﺷﺑه‬
‫رئاسي‪ ،‬ﺣيث أن رئيس الﺟﻣﮭوريﺔ ھو رئيس الدولﺔ‪ ،‬ورئيس‬
‫الوزراء ھو رئيس الﺣكوﻣﺔ وﺗﺗﻣﺣور روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ أساسا‬
‫كدولﺔ ديﻣقراطيﺔ ﺗﻣثيﻠيﺔ ﻣﺗﻌددة األﺣزاب‪ ،‬ﻣﻊ ﺣكوﻣﺔ فيدراليﺔ‬
‫ﻣكوﻧﺔ ﻣن ثالثﺔ سﻠطات‬
‫‪ -‬السﻠطة الﺗشريﻌية‪ :‬وﺗﺗكون ﻣن الﺟﻣﻌيﺔ اﻻﺗﺣاديﺔ وھي‬
‫ذات ﻧظام ﺗﺷريﻌي ثﻧائي‪ ،‬يﺗكون ﻣن ﻣﺟﻠس الدوﻣا الذي يﺗكون‬
‫ﺑدوره ﻣن ‪ 450‬ﻋضوا‪ ،‬و‪ 166‬ﻋضوا لﻠﻣﺟﻠس اﻻﺗﺣادي‪ .‬وﻣن‬
‫ﺻالﺣيات السﻠطﺔ الﺗﺷريﻌيﺔ‪ :‬سن القواﻧين اﻻﺗﺣاديﺔ‪ ،‬الﺗﺻديق‬
‫ﻋﻠى قرار رئيس الدولﺔ ﺑﺷأن إﻋالن الﺣرب‪ ،‬الﻣوافقﺔ ﻋﻠى‬
‫الﻣﻌاھدات‪ ،‬كﻣا لديه قوة الﻣال وسﻠطﺔ إقالﺔ الرئيس‪.‬‬
‫‪ -‬السﻠطة الﺗنﻔيذية‪ :‬وﺗﺗﻣثل في رئيس الﺟﻣﮭوريﺔ وھو‬
‫رئيس أركان الﺟيش له ﺣق ﻧقض ﻣﺷاريﻊ القواﻧين قﺑل أن ﺗﺻﺑح‬
‫قواﻧين ساريﺔ الﻣفﻌول‪ ،‬كﻣا يﻌين ﻣﺟﻠس الوزراء‪ ،‬والضﺑاط‬
‫اآلﺧرين‪ ،‬الذين يديرون ويطﺑقون القواﻧين اﻻﺗﺣاديﺔ وسياساﺗﮭا‪.‬‬
‫‪ -‬السﻠطة الﻘضائية‪ :‬وﺗﺗكون ﻣن الﻣﺣكﻣﺔ الدسﺗوريﺔ‪،‬‬
‫والﻣﺣكﻣﺔ الﻌﻠيا‪ ،‬وﻣﺣكﻣﺔ الﺗﺣكيم الﻌﻠيا‪ ،‬والﻣﺣاكم اﻻﺗﺣاديﺔ‬
‫األدﻧى‪ ،‬ويﺗم ﺗﻌيين القضاة ﻣن قﺑل الﻣﺟﻠس اﻻﺗﺣادي ﺑﻧاء ﻋﻠى‬
‫ﺗوﺻيﺔ ﻣن الرئيس‪ ،‬ويﻣكﻧه ﺗفسير القواﻧين وإلغاء القواﻧين الﺗي‬
‫يروﻧﮭا ﻏير دسﺗوريﺔ‪.‬‬
‫يﺗم اﻧﺗﺧاب الرئيس ﺑاﻻقﺗراع الﺷﻌﺑي الﻣﺑاﺷر لوﻻيﺔ ﻣدﺗﮭا ست‬
‫سﻧوات وھو ﻣؤھل لﻠﺣﺻول ﻋﻠى فﺗرة رئاسيﺔ ثاﻧيﺔ فقط‪ ،‬وﻻ‬

‫‪59‬‬
‫يﻣكﻧه الﺣﺻول ﻋﻠى فﺗرة ثالثﺔ‪ .‬وﺗﺗكون وزارات الﺣكوﻣﺔ ﻣن‬
‫رئيس ﻣﺟﻠس الوزراء وﻣساﻋديه ووزرائه‪ ،‬وﻏيرھم ﻣن‬
‫األﺷﺧاص الذين يﺗم ﺗﻌييﻧﮭم ﻣن قﺑل الرئيس ﺑﻧاء ﻋﻠى ﺗوﺻيﺔ ﻣن‬
‫رئيس الوزراء في ﺣين أن ﺗﻌيين ھذا األﺧير يﺗطﻠب ﻣوافقﺔ ﻣﺟﻠس‬
‫الدوﻣا‪.‬‬
‫أﻣا األﺣزاب السياسيﺔ الرائدة في روسيا فﺗﺷﻣل‪ :‬روسيا‬
‫الﻣﺗﺣدة الﺣزب الﺷيوﻋي‪ ،‬والﺣزب الﻠيﺑرالي الديﻣقراطي‬
‫الروسي‪ ،‬وروسيا الﻌادلﺔ‪ .‬أثارت ﺗساؤﻻت الﻣراقﺑين الغرﺑيين‬
‫ﺣول الﻧظام السياسي في روسيا‪ ،‬ھل يﺗوافق ﻣﻊ ﻣثيالﺗه في‬
‫الديﻣقراطيات الﻠيﺑراليﺔ الغرﺑيﺔ‪ .‬وﺷكا كثير ﻣن األكاديﻣيين ﻣن‬
‫ﺻﻌوﺑﺔ ﺗﺻﻧيف الﻧظام السياسي في روسيا‪ .‬وفقا لسﺗيف وايت‪،‬‬
‫أن ﺑوﺗين ﺧالل فﺗرة رئاسﺗه لروسيا قال‪« :‬ﻣن الواضح أﻧه ليس‬
‫لروسيا ﻧيﺔ ﻹﻧﺷاء "الطﺑﻌﺔ الثاﻧيﺔ" ﻣن الﻧظام السياسي األﻣيركي‬
‫أو الﺑريطاﻧي‪ ،‬ﺑل الﻧظام الذي كان أقرب إلى الﺗقاليد في روسيا‬
‫‪1‬‬
‫وظروفﻧا الﺧاﺻﺔ»‪.‬‬

‫هـ مﻌوقات النهوض في روسيا‪:‬‬


‫‪ -‬أزمة الهوية والﺑحث عن دور جديد لروسيا‪:‬‬
‫إن ﺻدﻣﺔ اﻧﮭيار اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي وﺑاألﺧص الﺗفﺗت الﻣذھل‪،‬‬
‫السريﻊ وﻏير الﻣﺗوقﻊ لإلﻣﺑراطوريﺔ السوفيﺗيﺔ أدى إلى ﻣوﺟﺔ‬
‫كﺑيرة ﻣن اﻻﻧﺗقاد الذاﺗي في روسيا وإلى ﺟدال واسﻊ ﺣول ﻣا‬
‫يﻧﺑغي أن يكون ﻋﻠيه الﺗﻌريف الذاﺗي الروسي في الﻣرﺣﻠﺔ‬

‫‪ 1‬روسيا‪http://ar. wikipedia. org/wiki/‬‬

‫‪60‬‬
‫الﺗاريﺧيﺔ الراھﻧﺔ‪ ،‬وإلى ﻧقاﺷات ﻣكثفﺔ ﻋﻠى الﻣسﺗويين الرسﻣي‬
‫والﻌام ﺣول قضايا ﻣﺣوريﺔ ﻣثل‪ :‬ﻣا ھي روسيا؟ أين ﺗقﻊ روسيا؟‬
‫ﻣا الذي يﻌﻧيه أن ﺗكون روسيا؟‬
‫ھذه األسئﻠﺔ ليست ﻣﺟرد أسئﻠﺔ ﻧظريﺔ فقط‪ ،‬ﺑل ﺟواﺑﮭا يﺣﻣل‬
‫دﻻﻻت ھاﻣﺔ ﺟدا‪ ،‬فﮭل أن روسيا دولﺔ قوﻣيﺔ ﺗسﺗﻧد إلى ﻋرقيﺔ‬
‫روسيﺔ ﻣﺣضﺔ‪ ،‬أم أﻧﮭا ﺗﺣﻣل في ﺗﻌريفﮭا دﻻﻻت أكﺑر‪ ،‬ثم ﻣا ھي‬
‫الﺣدود الﺣقيقيﺔ لروسيا ﺗاريﺧيا‪ ،‬وﺟغرافيا‪ ،‬اسﺗراﺗيﺟيا وﻋرقيا؟‬
‫ھل يﺗوﺟب ﻋﻠى الﻣرء أن يكون ﻣن الﻌرق الروسي أي روسكي‬
‫لكي يكون روسيا أم ﺑوسﻊ الﻣرء أن يكون روسيا ﻋﻠى أساس‬
‫سياسي وليس ﻋرقي أي روساﻧين‪ ،‬إن الدولﺔ الروسيﺔ ﺗﺟسد‬
‫"الفكرة والﺣﻠم الروسي" سياسيا واقﺗﺻاديا وروﺣيا‪ ،‬سوف يﻌاد‬
‫ﺑﻧاؤھا ﻣن ﺟديد‪ ،‬وسوف ﺗﺟﻣﻊ أفضل ﻣا ﺗﺑقى ﻣن ﻣﻣﺗﻠكاﺗﮭا الﺗي‬
‫داﻣت ألف ﻋام‪.‬‬
‫‪ -‬الﻔوضﻰ الحزﺑية‪:‬‬
‫ﺑدأت إرھاﺻات الﺗﻌدديﺔ الﺣزﺑيﺔ في روسيا ﻋام ‪1989‬م‬
‫ﺣيث ﺗﻌرضت قيادات الﺣزب الﺷيوﻋي لضغوطات ﻣكثفﺔ‬
‫وﻣﺗزايدة ﻣن أﺟل إﺗاﺣﺔ الﻣزيد ﻣن ﺣريﺔ الﺗﻌﺑير‪ ،‬وھذا ﻣن ﺧالل‬
‫ﺗﻌديل الﻣادة ‪ 07‬ﻣن دسﺗور ‪1977‬م والﺗي ﺗﻧص ﻋﻠى أن‪:‬‬
‫"الﺣزب الﺷيوﻋي ھو القوة القائدة الوﺣيدة في الﺑالد" وقد ﺗم إقرار‬
‫الﺗﻌديل ﻣن طرف الﻠﺟﻧﺔ الﻣركزيﺔ لﻠﺣزب الﺷيوﻋي في فيفري‬
‫‪ 1990‬واضﻌﺔ ﺑذلك ﺣدّا لـ ‪ 70‬سﻧﺔ ﻣن ﺣكم الﺣزب الواﺣد‬
‫والﺗي سﺑقﺗﮭا ﻋقود ﻣن الﺣكم القيﺻري األوﺗوقراطي األﻣر الذي‬
‫أدى إلى فوضى ﺣزﺑيﺔ كﺑيرة ﺣيث وﺻل ﻋدد األﺣزاب قﺑيل‬

‫‪61‬‬
‫اﻻﻧﺗﺧاﺑات الﺗﺷريﻌيﺔ ‪ 1993‬إلى ﺣوالي ‪ 40‬ﺣزﺑا سياسيا دﺧﻠت‬
‫في ﺗﺣالفات ﻧﺗﺟت ﻋﻧﮭا ﻣﺟﻣوﻋات ﺣزﺑيﺔ يﻣكن أن ﻧﺻﻧفﮭا إلى‪:‬‬
‫اﻹﺻالﺣيون الراديكاليون ويﻣثﻠون أﺣزاب اليﻣين‪.‬‬
‫القوﻣيون والﻣﺣافظون والﺷيوﻋيون ويﻣثﻠون أﺣزاب اليسار‪.‬‬
‫أﺣزاب الوسط‪.‬‬
‫أﺣزاب يﻣين الوسط‪.‬‬
‫أﺣزاب يسار الوسط‪.‬‬
‫وﻣا يالﺣظ ﻋﻠى ھذه األﺣزاب ھو كثرة األﺣزاب الﻣﺟﮭريﺔ‬
‫الﺗي ﻻ ﺗﺗﻣكن ﻣن ﺟﻣﻊ الﺣ ّد األدﻧى ﻣن الﺗوقيﻌات الﺗي ﺗسﻣح لﮭا‬
‫ﺑالﻣﺷاركﺔ في اﻻﻧﺗﺧاﺑات‪ ،‬كذلك كثرة األﺣزاب الﺗي ﻻ يوﺟد لﮭا‬
‫ﺗﻣثيل في ﺟﻣيﻊ األقاليم كالﺣزب الديﻣقراطي الﻠيﺑرالي ﻣثال الذي‬
‫‪1‬‬
‫له فروع في ثﻠث األقاليم الروسيﺔ فقط‪.‬‬
‫‪ -‬السياسة االقﺗصادية الروسية‪:‬‬
‫ﺑﻌد األزﻣﺔ اﻻقﺗﺻاديﺔ لسﻧﺔ ‪1998‬م اسﺗرﺟﻊ اﻻقﺗﺻاد‬
‫الروسي ﻋافيﺗه ﺣيث ﺗم ﺗسﺟيل إﻧﺟازات ﻣﻌﺗﺑرة ھذا ﺑالرﻏم ﻣن‬
‫ﺑﻌض اﻻضطراﺑات الﺑﻧيويﺔ واﻻﻋﺗﻣاد الكﺑير ﻋﻠى ﺗﺻدير الﻣواد‬
‫الطاقويﺔ‪ ،‬وقﻠﺔ اﻻسﺗثﻣارات الﺧارﺟيﺔ الﻣﺑاﺷرة وﻋدم وﺟود‬
‫سياسﺔ واضﺣﺔ لﻠﺗﻧويﻊ اﻻقﺗﺻادي‪.‬‬
‫‪ -‬اإلسﺗراﺗيجية الروسية المرﺗﻛزة عﻠﻰ الطاقة‪:‬‬
‫ﺗم ﺗسﺟيل ارﺗفاع ﻣﻠﺣوظ ﻻﺣﺗياطي الﺻرف الروسي ﺑالﻌﻣﻠﺔ‬
‫الﺻﻌﺑﺔ‪ ،‬ﺑاﻹضافﺔ إلى ﺗﺣسن ألداء الﻣؤسسات اﻻقﺗﺻاديﺔ‬
‫وارﺗفاع الدﺧل الوطﻧي الﺧام ليﺑﻠغ ‪ 6880‬دوﻻر‪/‬فرد‪ ،‬كذلك‬

‫‪ 1‬ﺻاﺑر آيت ﻋﺑد السالم‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪3‬‬

‫‪62‬‬
‫ارﺗفﻌت وﺗيرة اﻻسﺗثﻣارات الﺣكوﻣيﺔ الﺷيء الذي ﻣن ﺷأﻧه ﺧﻠق‬
‫ﺟو ﻣالئم لالسﺗثﻣار الﺧارﺟي‪ ،‬أﻣا ﻋن الﻧﻣو اﻻقﺗﺻادي فقد ﺑﻠغ‬
‫سﻧﺔ ‪ 2002‬ﻣا يﻌادل ‪ %4.7‬ليقفز سﻧﺔ ‪ 2003‬إلى ‪ %7.3‬وإلى‬
‫‪ %7.1‬سﻧﺔ ‪ 2004‬و‪ %5.8‬سﻧﺔ ‪ .2005‬ﻣا يسﻣح ﺑالﺣديث‬
‫ﻋن الرﺟوع الروسي إلى الساﺣﺔ اﻻقﺗﺻاديﺔ الدوليﺔ ﻏير أن ھذا‬
‫الرﺟوع ﺗم ﺑفﻌل اﻻرﺗفاع الذي ﺷﮭدﺗه أسﻌار الﺑﺗرول والغاز‬
‫ﺑاﻋﺗﺑارھﻣا يﺷكالن الﻣﺻدر اﻻسﺗراﺗيﺟي في الﺻادرات‪ ،‬وھذا‬
‫ﻣن ﺧالل إﻧﺗاج ﺑﻠغ ‪7.3‬ﻣﻠيون ﺑرﻣيل‪/‬يوم ﻣن أوت ‪ 2003‬ﻣا‬
‫ﺟﻌل روسيا ﺗﺣﺗل الﻣرﺗﺑﺔ األولى في اﻹﻧﺗاج وثاﻧي أكﺑر ﻣﺻدر‬
‫لﻠﺑﺗرول الﺧام‪ ،‬الﺷيء الذي يﺻﻧف روسيا ضﻣن قائﻣﺔ الدول‬
‫الﺑﺗروليﺔ‪ ،‬ھذا ﺑالﻧظر إلى اﻹدارة السياسيﺔ الﻣﻌﻠﻧﺔ لرفﻊ إﻧﺗاﺟﮭا‬
‫إلى ‪ 150‬ﻣﻠيون طن ﻣﻊ ﺑدايﺔ ‪ 2020‬واﺣﺗالل ﻣرﺗﺑﺔ الﻣﻧﺗج‬
‫والﻣﺻدر األول لﻠطاقﺔ طوال القرن الواﺣد والﻌﺷرين‪.‬‬
‫كذلك ﺗﻌﺗﻣد اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ الروسيﺔ ﻋﻠى ھذه الﻣادة الﺣيويﺔ‬
‫لﺗسديد الديون الﺧارﺟيﺔ ﺑﺣيث ﺗذھب ‪ %50‬ﻣن الﻣداﺧيل لﮭذا‬
‫الغرض‪ ،‬كذلك ﺗرﺗكز اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ الطاقويﺔ الروسيﺔ ﻋﻠى السوق‬
‫األوروﺑيﺔ ﺣيث ﺗزوده ﺑـ‪ %50 :‬ﻣن ﺣاﺟياﺗه ﻣن الﺑﺗرول كوسيﻠﺔ‬
‫لﺗﻧويﻊ الزﺑائن وﻋدم الﺑقاء ﺗﺣت رﺣﻣﺔ الزﺑون األﻣريكي‪.‬‬
‫كذلك ﺗسﺗﺣوذ روسيا ﻋﻠى ‪ %26.7‬ﻣن اﺣﺗياطي الغاز في‬
‫الﻌالم وﺑالﺗالي فﮭي ﺗﻌﺗﺑر أول ﻣﻧﺗج لﻠغاز في الﻌالم ﺑﻧسﺑﺔ‬
‫‪ %22.1‬ﻣن اﻹﻧﺗاج الﻌالﻣي الﺷيء الذي يﻌﺗﺑر ﺑﻣثاﺑﺔ ورقﺔ‬
‫راﺑﺣﺔ ﺑالﻧسﺑﺔ لﻠسياسيين الروسيين ﺧاﺻﺔ في الوقت الذي ﺗﻌرف‬
‫فيه ﻣﻧطقﺔ الﺷرق األوسط ﺣالﺔ ﻋدم اسﺗقرار ﻣزﻣن‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫أﻋﻠن الرئيس ﺑوﺗين ﺑﺗاريﺦ ‪ 16‬ﻣاي ‪" :2003‬ﺗطوير الرواﺑط‬
‫اﻻقﺗﺻاديﺔ ﻣﻊ دول كوﻣﻧويﻠث الدول الﻣسﺗقﻠﺔ ﺣيث يسﻌى ﺑوﺗين‬
‫إلى ﺗﺣويل األوراق الراﺑﺣﺔ اﻻقﺗﺻاديﺔ إلى ﻣكاسب دﺑﻠوﻣاسيﺔ‬
‫ﻏير أن ھذا اﻻﻋﺗﻣاد الﻣفرط ﻋﻠى الطاقﺔ قد ﺗكون له ﻋواقب‬
‫وﺧيﻣﺔ كﻣا يﺣﻣل ﻣﺻاﻋب كثيرة ﻋﻠى رأسﮭا قدم الﻣﻧﺷآت‬
‫الﺑﺗروليﺔ الﺗي ﺗسﺗدﻋي ﺻياﻧﺔ ﻣسﺗﻣرة‪ ،‬و ﻋدم الﺟدوى‬
‫اﻻقﺗﺻاديﺔ في الﻌديد ﻣن الﺣقول الﺑﺗروليﺔ والغازيﺔ وﻧقص في‬
‫ھياكل وأﻧاﺑيب ﻧقل الﺑﺗرول‪ .‬ﺑاﻹضافﺔ إلى ﺑﻌد الﻣسافﺔ ﺑين ﻣراكز‬
‫اﻻسﺗﺧراج وﻣواﻧئ الﺗﺻدير‪ ،‬وﺗأثر الﺧزيﻧﺔ الﻌﻣوﻣيﺔ ﺑﺗقﻠﺑات‬
‫أسﻌار الﺑﺗرول‪ ،‬األﻣر الذي يفرض ﻋﻠى روسيا اﻻھﺗﻣام‬
‫ﺑالقطاﻋات األﺧرى ﻣن أﺟل ﺟﻠب اﻻسﺗثﻣارات الﺧارﺟيﺔ‬
‫الﻣﺑاﺷرة ﺣيث ﺗركز الﺣكوﻣﺔ الروسيﺔ ﻋﻠى ﻣﺣورين اثﻧين ﻣﮭﻣين‬
‫ھﻣا‪:‬‬
‫‪ -1‬إﺻالح القطاع الﻣﺻرفي‪.‬‬
‫‪ 2‬ﻣﺣارﺑﺔ اآلثار السﻠﺑيﺔ لﻠﺑيروقراطيﺔ اﻻقﺗﺻاديﺔ الﺧاﻧقﺔ‪.‬‬
‫وفي ھذا اﻹطار يﻣكن القول ﺑأن ﻋدم ﺗوفر آليات ﻣﻌيﻧﺔ لﺗﺷﺟيﻊ‬
‫ﺗدﻋيم الﻣؤسسات الﺻغيرة والﻣﺗوسطﺔ يﺑقى ﻣن أھم الﻌواﻣل‬
‫الﻣﻌيقﺔ الﺗي ﺗقف في وﺟه الرﺟوع الكاﻣل لروسيا إلى الواﺟﮭﺔ‬
‫‪1‬‬
‫اﻻقﺗﺻاديﺔ الﻌالﻣيﺔ‪.‬‬

‫‪ 1‬ﺻاﺑر آيت ﻋﺑد السالم‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪6‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ :2‬المحددات الشخصية لﻔالديمير ﺑوﺗين‪.‬‬
‫أ من هو فالديمير ﺑوﺗين‪:‬‬
‫ھو الرئيس الﺣالي لﺟﻣﮭوريﺔ روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ‪ .‬ولد في ‪7‬‬
‫ﺗﺷرين األول (أكﺗوﺑر) ﻋام ‪ 1952‬في ليﻧيﻧغراد (ساﻧت‬
‫ﺑطرسﺑورغ ﺣالياً) ﺧريج كﻠيﺔ الﺣقوق ﻣن ﺟاﻣﻌﺔ لﻧيﻧغراد في ﻋام‬
‫‪ ،1975‬وأدى ﺧدﻣﺗه الﻌسكريﺔ في ﺟﮭاز أﻣن الدولﺔ‪ .‬وﻋﻣل في‬
‫ﺟﻣﮭوريﺔ ألﻣاﻧيا الﺷرقيﺔ ﺑالفﺗرة ﻣن ‪ .1990 – 1985‬ﺗولى‬
‫ﻣﻧﺻب ﻣساﻋد رئيس ﺟاﻣﻌﺔ ليﻧيﻧغراد لﻠﺷؤون الﺧارﺟيﺔ ﻣﻧذ ﻋام‬
‫‪ ،1990‬ثم أﺻﺑح ﻣسﺗﺷارا لرئيس ﻣﺟﻠس ﻣديﻧﺔ ليﻧيﻧغراد‪ .‬ﺗولى‬
‫ﻣﻧﺻب رئاسﺔ لﺟﻧﺔ اﻻﺗﺻاﻻت الﺧارﺟيﺔ في ﺑﻠديﺔ ساﻧت‬
‫ﺑطرسﺑورغ (ليﻧيﻧغراد ساﺑقا) ﻣﻧذ يوﻧيو ‪ .1991‬وفي الوقت ﻧفسه‬
‫ﺗولى ﻣﻧﺻب الﻧائب األول لرئيس ﺣكوﻣﺔ ﻣديﻧﺔ ساﻧت‬
‫ﺑطرسﺑورغ ﻣﻧذ ﻋام ‪.1994‬‬
‫ب – مسيرﺗه نحو الرئاسة‪:‬‬
‫أﺻﺑح ﻧائﺑا لﻣدير الﺷؤون اﻹداريﺔ في الرئاسﺔ الروسيﺔ ﻣﻧذ‬
‫أﻏسطس ‪ .1996‬ثم أﺻﺑح ﻧائﺑا لﻣدير ديوان الرئيس الروسي‬
‫ورئيسا ﻹدارة الرقاﺑﺔ الﻌاﻣﺔ في الديوان ﻣﻧذ ﻣارس ‪ 1997‬وفي‬
‫ﻣايو ‪ 1998‬أﺻﺑح ﻧائﺑا أول لﻣدير ديوان الرئيس الروسي‪ .‬وﻋين‬
‫في يوليو ‪ 1998‬ﻣديرا لﺟﮭاز األﻣن الفيدرالي في روسيا‬
‫اﻻﺗﺣاديﺔ‪ .‬وﺗولى في الوقت ﻧفسه ﻣﻧﺻب أﻣين ﻣﺟﻠس األﻣن في‬
‫روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ ﻣﻧذ ﻣارس ‪ .1999‬وفي أﻏسطس ‪ 1999‬أﺻﺑح‬
‫رئيسا ً لﺣكوﻣﺔ روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ وذلك ﺑاﺧﺗيار ﻣن الرئيس ﺑوريس‬
‫يﻠﺗسن‪ .‬ﺗولى اﺧﺗﺻاﺻات رئيس روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ ﺑالوكالﺔ ﻣﻧذ‬
‫‪ 31‬ديسﻣﺑر ‪ 1999‬ﺑﻌد اسﺗقالﺔ الرئيس ﺑوريس يﻠﺗسن‪ .‬واﻧﺗﺧب‬

‫‪65‬‬
‫في ‪ 26‬ﻣارس ‪ 2000‬رئيسا لروسيا اﻻﺗﺣاديﺔ‪ .‬وﺗولى ﻣﻧﺻﺑه‬
‫في ‪ 7‬ﻣايو ‪ .2000‬وأﻋيد اﻧﺗﺧاﺑه لﻠرئاسﺔ في ‪ 14‬ﻣارس ‪2004‬‬
‫وﺷغل ﻣﻧذ ‪ 8‬ﻣايو ﻋام ‪ 2008‬ﻣﻧﺻب رئيس وزراء روسيا‬
‫اﻻﺗﺣاديﺔ‪.‬‬
‫ج رئاسة روسيا‪:‬‬
‫سا لﺟﻣﮭوريﺔ روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ في‬ ‫أﻋيد اﻧﺗﺧاﺑه لفﺗرة ثالثﺔ رئي ً‬
‫‪ 4‬ﻣارس ‪ 2012‬وﺑﻌد فرز ‪ % 88.06‬ﻣن األﺻوات ﺗﺑين‬
‫ﺣﺻوله ﻋﻠى ‪ % 64.72‬ﻣن األﺻوات‪ ،‬وھو ﻣا ﻻ يﺟﻌل ھﻧاك‬
‫ﺣاﺟﺔ إلى ﺟولﺔ ثاﻧيﺔ ﻣن اﻻﻧﺗﺧاﺑات ﺣيث يﺷﺗرط القاﻧون ﺣﺻول‬
‫الفائز ﻋﻠى أكثر ﻣن ‪ % 50‬لﻠفوز ﺑاﻻﻧﺗﺧاﺑات ﻣن الﻣرﺣﻠﺔ‬
‫األولى‪ .‬وكاﻧت ﺟﮭات ﻣن الﻣﻌارضﺔ قد اﺗﮭﻣﺗه ﺑﺗزوير اﻻﻧﺗﺧاﺑات‬
‫وﺧرﺟت ﻋﻠى إثرھا ﻣظاھرات ﻋدة‪ .‬كﻣا ﺣﺻل ﻋﻠى الﻣركز‬
‫ﺗأثيرا‬
‫ً‬ ‫األول في قائﻣﺔ ﻣﺟﻠﺔ فوريس ألكثر الﺷﺧﺻيات الﻌالﻣيﺔ‬
‫‪1‬‬
‫ﻋام ‪.2013‬‬
‫د آراء ﺑﻌض المﻔﻛرين في شخصيﺗه‪:‬‬
‫يقول نيﻛوالي ﻛوزهانوف ﻋﻧه‪ " :‬يؤﻣن ﺑﻌض الﻣﺣﻠﻠين ﺑأن‬
‫ﻋودة ﺑوﺗين إلى الرئاسﺔ في الساﺑﻊ ﻣن أيار‪ /‬ﻣايو سوف ﺗقود ﺣﺗﻣا ً‬
‫إلى ﺗقويﺔ ﻣوقف ﻣوسكو ﺣول قضيﺗين رئيسﺗين‪ :‬الﺑرﻧاﻣج الﻧووي‬
‫اﻹيراﻧي والﺗدﺧل الﻌسكري الﻣﺣﺗﻣل في سوريا‪ .‬إن السيﻧاريو‬
‫األسوأ الﻣطروح ﺣﺗى اآلن يدل ضﻣﻧيا ً ﻋن وﺟود ﺗﺣالف ﺷيطاﻧي‬
‫ﻣﻊ طﮭران ووﺟود دﻋم ﻣﻌﻧوي وﻋسكري وسياسي كاﻣل لﻧظام‬
‫ﺑﺷار األسد في دﻣﺷق‪ .‬وﺗﻌود ﺟذور ﻣثل ھذه الﺗكﮭﻧات إلى‬
‫الﺗﺻور الﺷائﻊ ﺑأن ﺑوﺗين ھو ﻣن الﻣﺗﺷددين‪ ،‬واﻻفﺗراض ﺑأن‬

‫‪ 1‬فالديﻣير_ﺑوﺗين‪http://ar. wikipedia. org/wiki /‬‬

‫‪66‬‬
‫ﻋالقاﺗه الﻣﺗوﺗرة ﻣﻊ الغرب ھي ﻧﺗاج ﻋﻣﻠه ضاﺑطا ً ساﺑقا ً في ﺟﮭاز‬
‫اﻻسﺗﺧﺑارات السوفيﺗيﺔ كي ﺟي ﺑي والذي ﻻ يزال يسﻌى إلى‬
‫اسﺗﻌادة ﻣكاﻧﺔ ﺑالده ﺑﻌد ھزيﻣﺔ اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي في "الﺣرب‬
‫الﺑاردة"‪ .‬ويﺑدو أن ھذه الﺗوقﻌات السﻠﺑيﺔ ﻣﺑالغ فيﮭا‪ .‬ففي الساﺑﻊ‬
‫ﻣن آذار‪ /‬ﻣارس طرح الﺻﺣفيون ﻋﻠى ﺑوﺗين أسئﻠﺔ ﻋﻣا إذا كان‬
‫وﺻوله لﻠرئاسﺔ سيغير ﻧﮭج ﻣوسكو ﺗﺟاه إيران وسوريا‪ .‬فكاﻧت‬
‫اﻹﺟاﺑﺔ الﻣوﺟزة والﺗأكيديﺔ الﺗي قالﮭا ﺑأسﻠوﺑه الﻣقﺗضب الﻣﻌﮭود‬
‫"ﻻ"‪.‬‬
‫أﻋﻠن ﺑوﺗين ﻋدة ﻣرات أثﻧاء ﺗوليه ﻣﻧﺻب رئيس الوزراء ﺗﺣت‬
‫قيادة ديﻣﺗري ﻣيدفيديف ﺑأن الرئيس ھو ﻣن يقرر سياسﺔ روسيا‬
‫الﺧارﺟيﺔ وليس رئيس الوزراء‪ .‬والواقﻊ أن ﻣيدفيديف ﺑدا وكأﻧه‬
‫يﺗﻣﺗﻊ ﺑﺣريﺔ الﺗﺻرف ﺧالل ﺗوليه الﻣﻧﺻب‪ ،‬ﺣيث اﺗﺑﻊ ﻧﮭﺟا ً‬
‫ليﺑراليا ً إلى ﺣد ﻣا ﺗﻣيز ﺑإﻋادة ﺗرﺗيب الﻌالقات األﻣريكيﺔ الروسيﺔ‬
‫وﺗﺣقيق درﺟﺔ ﻣن الﺗقارب ﻣﻊ الدول األوروﺑيﺔ والﺗوﺻل إلى‬
‫ﺗسويﺔ ﻣﻊ الغرب ﺑﺧﺻوص ليﺑيا فضالً ﻋن الفﺗور الﺷديد في‬
‫الﻌالقات ﻣﻊ طﮭران‪ .‬وقد ﺗﻧاقض ذلك ﺑﺷكل ﺣاد ﻣﻊ فﺗرات ﺑوﺗين‬
‫الرئاسيﺔ الﺗي ﻧﺗذكر ﻣﻧﮭا ﺟيدا ً زيادة ﺣدة الﺗوﺗرات ﻣﻊ واﺷﻧطن‬
‫والﺗﺣسن الكﺑير في الﺣوار الروسي اﻹيراﻧي في الفﺗرة ‪2007‬‬
‫‪ .2008‬وﻋﻠى الرﻏم ﻣن كل ذلك‪ ،‬كان ھﻧاك إﺣساس قوي ﺑأن‬
‫‪1‬‬
‫رئيس الوزراء ﺑوﺗين ظل ﻣسيطرا ً ﻣن وراء الكواليس"‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻧيكوﻻي كوزھاﻧوف‪ ،‬السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ ﺑﻌد ﻋودة ﺑوﺗين‪ ،‬ﻣقال‬


‫ﻋﻠى الراﺑط ‪http://www. washingtoninstitute.‬‬
‫‪org/ar/policy-analysis/view/russian-foreign-policy-‬‬
‫‪after-putins-return‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ :3‬ﺗأثير شخصية ﺑوﺗين في صنﻊ الﻘرار في روسيا‪:‬‬
‫أ ـ صالحيات مؤسسة الرئاسة‪:‬‬
‫ُ‬
‫أﺑرزھا‬ ‫ﺗﺗسم ﻣؤسسﺔ الرئاسﺔ في روسيا ﺑﺻالﺣيات واسﻌﺔ‪،‬‬
‫إﻋالن الﺣرب والسﻠم‪ ،‬يﻣﻧﺣﮭا الدسﺗور لﻠرئيس الﺣائز ﻋﻠى‬ ‫ُ‬
‫األﻏﻠﺑيﺔ في اقﺗراع ﻋام كان يﺟري كل أرﺑﻊ سﻧوات ﻣﻧذ ﺗولي‬
‫أول رئيس في روسيا ﺑوريس يﻠﺗسين الﻣﻧﺻب وﺣﺗى اﻻﻧﺗﺧاﺑات‬
‫الرئاسيﺔ األﺧيرة الﺗي ﺗﻣﻧح الرئيس وﻻيﺔ ﺗﻣﺗد لست سﻧوات‪ ،‬ﻣﻊ‬
‫ﺑرلﻣان ﺗﺗﺣدد دورﺗه ﺑﺧﻣس سﻧوات‪.‬فالرئيس يﻣﺗﻠك ﺻالﺣيﺔ‬
‫إﻋالن الﺣرب‪ ،‬والﺗﻌﺑئﺔ الﻌاﻣﺔ‪،‬وﺣل الﺑرلﻣان‪ ،‬وﺗﻌيين رئيس‬
‫الوزراء وﺣكوﻣﺗه‪ ،‬ويﺗولى الرئيس ﻣﻠف السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪،‬‬
‫والﻣﺻادقﺔ ﻋﻠى اﻧﺗﺧاﺑات ﺣكام األقاليم وﺟﻣﮭوريات الﺣكم الذاﺗي‬
‫في روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ‪ .‬وﺗﺷﻣل ﺻالﺣيات الرئيس إﻋالن الﻌفو‬
‫وﻣﻧح األوسﻣﺔ والﺟوائز وﻏيرھا ﻣن الﺻالﺣيات ﺑﻣا في ذلك‬
‫ﺗرﺷيح كﺑار ﻣوظفي الدولﺔ ورؤساء الﻣؤسسات أو إﻋفائﮭم ﻣن‬
‫‪1‬‬
‫ﻣﻧاﺻﺑﮭم‪.‬‬
‫لم يرفض ﺑوﺗين ﺑﺷكل كاﻣل ﻣطﻠقا ً فكرة أن الﻌديد ﻣن قرارات‬
‫السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﺟاءت في الواقﻊ ﻣن ﺧالل ﻣﺷاركﺗه الﺻريﺣﺔ‪.‬‬
‫ففي آذار‪ /‬ﻣارس ﻋﻠى سﺑيل الﻣثال‪ ،‬ﻋﻧدﻣا قال إﻧه لن يغير ﻣسار‬
‫روسيا ﺑﺷأن إيران وسوريا‪ ،‬ذكر كذلك أﻧه رﻏم أن الرئيس يقرر‬
‫السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬إﻻ أن ھﻧاك ﻣسائل رئيسيﺔ ﺗﺧضﻊ لﻠﻣﻧاقﺷﺔ‬
‫داﺧل ﻣﺟﻠس األﻣن‪ .‬وأضاف أﻧه وﻣيدفيديف يﺗفقان ﺣول القضايا‬
‫الرئيسيﺔ رﻏم وﺟود ﺑﻌض اﻻﺧﺗالفات‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻣؤسسﺔ الرئاسﺔ الروسيﺔ ﺻالﺣيات واسﻌﺔ لﺻﻧﻊ القرار‪ ،‬ﺗقرير لقﻧاة‬


‫روسيا اليوم ﻋﻠى الراﺑط ‪http://arabic. rt. com/news/584713-‬‬

‫‪68‬‬
‫ﺣﺗى في ظل ﺷغل ﺑوﺗين لﻣﻧﺻب رئيس الوزراء فإﻧه سﻌى‬
‫إلى السيطرة الرسﻣيﺔ ﻋﻠى أيﺔ قضايا سياسيﺔ ﺗقﻊ ضﻣن ﻧطاقه‬
‫القاﻧوﻧي‪ .‬وقد كان ذلك ھو الوضﻊ ﻣﻊ ﻣﺣطﺔ ﺑوﺷﮭر الﻧوويﺔ‬
‫ووﺟود ﻋﻣالق الﺻﻧاﻋﺔ الﻧوويﺔ الروسي روساﺗوم في إيران‪.‬‬
‫وكان رئيس الﺷركﺔ سيرﻏي كيريﻧكو يرفﻊ ﺗقارير ﺷﺧﺻيﺔ إلى‬
‫ﺑوﺗين ﺑﺷأن إﻧﺷاء ﻣﺣطﺔ ﺑوﺷﮭر‪ ،‬وفي ﺗﺷرين الثاﻧي‪ /‬ﻧوفﻣﺑر‬
‫‪ ،2011‬ﺗﻠقى ﻣوافقﺔ رئيس الوزراء لالسﺗﻣرار في الﺗﻌاون ﻣﻊ‬
‫إيران في ﻣﺷاريﻊ ﻧوويﺔ أﺧرى‪.‬‬
‫أكثر ﻣن ذلك فقد كان الالﻋﺑون الرئيسيون الﻣسؤولون ﻋن‬
‫ﺻياﻏﺔ وﺗﻧفيذ سياسﺔ روسيا الﺧارﺟيﺔ أثﻧاء فﺗرة وﻻيﺔ ﻣيدفيديف‬
‫ُﻣﻌيﻧين ﻣن قﺑل ﺑوﺗين‪ .‬وقد ﺷﻣل ذلك الﻣساﻋد الرئاسي الذي يﺗﻣﺗﻊ‬
‫ﺑﻧفوذ كﺑير سيرﻏي ﺑريﺧودكو‪ ،‬ووزير الﺧارﺟيﺔ سيرﻏي‬
‫ﻻفروف ورئيس ھيئﺔ اﻻسﺗﺧﺑارات الﺧارﺟيﺔ ﻣيﺧائيل فرادكوف‬
‫وﻏيرھم ﻣن الالﻋﺑين الكﺑار في السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ ‪.1‬‬
‫ب ـ أولويات السياسة الخارجية الروسية في عهد ﺑوﺗين‪:‬‬
‫‪ 1‬المرحﻠة اﻷولﻰ (‪ )2004 2000‬فﺗرة عهدﺗه اﻷولﻰ‪:‬‬
‫لقد ﺑدأت ﻣالﻣﺣﮭا ﺑالظﮭور ﺣﺗى قﺑل ﺗﻌيين ﺑوﺗن رئيسا‪ ،‬ﺣيث‬
‫أولى اھﺗﻣاﻣا كﺑيرا ﺑﺗطوير ﻋالقﺔ روسيا ﻣﻊ الغرب ﻣﻌﺗﻣدا ﺑذلك‬
‫ﺧيار اﻻسﺗﻣراريﺔ ﻣﻊ دﺑﻠوﻣاسيﺔ يﻠﺗسين ﺣيث كان يدﻋو كﺑار‬
‫الﻣسؤولين الغرﺑيين أﻣثال الﻠورد ﺟورج روﺑرﺗسون األﻣين الﻌام‬
‫لﺣﻠف الﻧيﺗو ساﺑقا في ﻣﺣاولﺔ ﺗﮭدف إلى إﻋادة إﺣياء الﻌالقات ﻣﻊ‬
‫ھذا الﺣﻠف وھذا ﻋﻠى الرﻏم ﻣن ﻣﻌارضﺔ الﺟيش لﮭذا الﺗقارب‪،‬‬
‫كذلك دﻋا رئيس الوزراء الﺑريطاﻧي األسﺑق ﺗوﻧي ﺑﻠير إلى سان‬

‫‪ 1‬ﻧيكوﻻي كوزھاﻧوف‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪،‬ص‪2‬‬

‫‪69‬‬
‫ﺑطرسﺑرغ وأقﻧﻌه ﺑﻧيﺗه في إقاﻣﺔ ﻋالقات أكثر دفئا ﺑين روسيا‬
‫والغرب وإلى إﻋادة ﺑﻧاء ﺟسور الثقﺔ الﺗي ھدﻣﺗﮭا طائرات ﺣﻠف‬
‫األطﻠسي ﻣﻊ ھﺟوﻣﮭا ﻋﻠى كوسوفو ‪1999‬م‪.‬‬
‫ھذا وقد سﻌى الﺧطاب الرسﻣي إلى الﺗرويج لفكرة "الﻌالم‬
‫ﻣﺗﻌدد األقطاب" الﺗي ﺟاء ﺑﮭا يفغيﻧي ﺑريﻣاكوف ﻣﻊ ﻣراﻋاة ﻋدم‬
‫إثارة ﺗوﺗرات ﻣﻊ الغرب‪ ،‬ﺧاﺻﺔ وأن الﺑالد ﺧرﺟت لﺗوھا ﻣن‬
‫أﺻﻌب األزﻣات اﻻقﺗﺻاديﺔ لفﺗرة ﻣا ﺑﻌد اﻻﺗﺣاد السوفياﺗي وھي‬
‫"أزﻣﺔ ‪ "1998‬الﺗي ﺷﮭدت اﻧﮭيارا رھيﺑا ﺗﺑﻌه اﻧﺧفاض لألسﮭم‬
‫الروسيﺔ واﻧﮭيار سﻌر ﺻرف الروﺑل ﺣيث كان ‪ 1‬دوﻻر=‬
‫‪ 5400‬روﺑل وﻣا ﺗﺑﻊ ذلك ﻣن ﺑطالﺔ وﺗدھور لﻣسﺗوى الﻣﻌيﺷﺔ‬
‫وﻋﺟز في الﻣيزاﻧيﺔ…الﺦ‪ ،‬ﺑﻣا ﻻ يسﻣح لروسيا ﺑارﺗكاب أي‬
‫أﺧطاء في سياسﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ وأكثر ﻣن ذلك السﻌي لﻌدم الدﺧول‬
‫في ﺻراع ﻣﻊ أي ﻣن الدول الغرﺑيﺔ‪.‬‬
‫‪ 2‬المرحﻠة الثانية (‪ )2008 2004‬فﺗرة الﻌهدة الثانية‪:‬‬
‫ظﮭرت ﻣالﻣﺣﮭا ﻣﻊ إﻋادة ﺗﻧﺻيب ﺑوﺗين لﻠﻣرة الثاﻧيﺔ ﻋﻠى‬
‫رأس ھرم السﻠطﺔ في روسيا ﺑﻌد اﻧﺗﺧاﺑات الـ ‪ 14‬آذار ‪2004‬‬
‫الﺗي ﺷارك فيﮭا ‪ % 64.3‬ﻣن الﻧاﺧﺑين فاز ﺧاللﮭا ﺑوﺗين ﺑـ‪:‬‬
‫‪ % 71.2‬ﻣن األﺻوات ﻣظﮭرة ﺑذلك دﻋﻣا ﺷﻌﺑيا قويا لﺑوﺗين‬
‫وسياسﺗه‪.‬‬
‫وقد ﺗﻣيزت الﻌﮭدة الثاﻧيﺔ ﻣن ﺣكم ﺑوﺗين ﺑﺗدھور الﻌالقات ﺑين‬
‫روسيا والدول الغرﺑيﺔ ﺑﺻفﺔ ﻋاﻣﺔ وﻣﻊ الو‪.‬م‪.‬أ ﻋﻠى وﺟه‬
‫الﺧﺻوص ولﻌل ذلك يرﺟﻊ إلى ﺗﺷاﺑك الﻌديد ﻣن الﻌواﻣل‬
‫والظروف كالﺗﻧاقضات الواضﺣﺔ داﺧل الﻣﺟﺗﻣﻌات الغرﺑيﺔ فيﻣا‬
‫يﺧص ﻣسألﺔ دﻋم روسيا واﻋﺗﺑارھا دولﺔ ﻏريﺑﺔ‪ ،‬وﺧيﺑﺔ أﻣل‬

‫‪70‬‬
‫ﻣوسكو ﺑﺷأن ﻣدى ﺻدق ﻧوايا الﻌواﺻم الغرﺑيﺔ في ﻣرافقﺔ ودﻋم‬
‫الﺗﺣوﻻت في روسيا‪ ،‬وكذا الﺣرب األﻣريكيﺔ في الﻌراق‪ ،‬والقﻠق‬
‫األﻣريكي الرسﻣي ﻣن ﺗﻧاﻣي القوة الروسيﺔ واﻧﺗﮭاكﮭا لﺣقوق‬
‫الﻣﻠكيﺔ الﺧاﺻﺔ‪ ،‬واﺗﺑاﻋﮭا سياسات ﺣﻣائيﺔ ﺣيث اﺗﮭم ﺑوﺗين ﺑأﻧه‬
‫رئيس ﺷيوﻋي ﺑثوب ليﺑرالي‪ ،‬وﻣﻌاد لالقﺗﺻاد الﺣر‪.‬‬
‫ولﻌل ﻣا زاد الطين ﺑﻠﺔ ھو اﺗﮭام السيﻧاﺗور األﻣريكي ﺟون‬
‫ﻣاكين وﻋضو الكوﻧغرس ﺗوم ﻻﻧﺗوس لروسيا في ﺧريف ‪2003‬‬
‫ﻋﻠى أﻧﮭا‪" :‬ﻧظام اسﺗﺑدادي ﺗسﻠطي" كذلك الﺗﺻريﺣات الﺗي أطﻠقﮭا‬
‫كاﺗب الدولﺔ لﻠﺧارﺟيﺔ كولين ﺑاول في ‪ 26‬كاﻧون الثاﻧي ‪2004‬‬
‫والﺗي ﻧﺷرﺗﮭا ﺻﺣيفﺔ إزفيسﺗيا الروسيﺔ ﺣيث ﺻرح ﺑﻣايﻠي‪" :‬لقد‬
‫ﺟﻌﻠﺗﻧا ﺑﻌض الﺗطورات في الﺣياة السياسيﺔ الروسيﺔ وفي سياسﺗﮭا‬
‫الﺧارﺟيﺔ ﻧﻌيد ﺣساﺑاﺗﻧا ﻣن ﺟديد إن الﻧظام الديﻣقراطي في‬
‫روسيا‪ ،‬كﻣا يﺑدو لﻧا لم يﺣقق ﺑﻌد الﺗوازن الضروري ﺑين السﻠطات‬
‫الﺗﻧفيذيﺔ والﺗﺷريﻌيﺔ والقضائيﺔ‪ ،‬كﻣا أن السﻠطﺔ ﻣا ﺗزال ﻏير‬
‫ﻣﻠﺗزﻣﺔ ﺑﺷكل كاﻣل ﺑالﻣﻌايير القاﻧوﻧيﺔ‪ ،‬أﻣا األطراف األساسيﺔ في‬
‫الﻣﺟﺗﻣﻊ الﻣدﻧي الروسي ﻣن وسائل إﻋالم وأﺣزاب سياسيﺔ فﮭي‬
‫ليست ﻣسﺗقرة وﻻ ﻣسﺗقﻠﺔ إلى ﺣد اآلن‪ ،‬وﻧﺣن قﻠقون إزاء سياسﺔ‬
‫روسيا الداﺧﻠيﺔ في الﺷيﺷان‪ ،‬ﺑاﻹضافﺔ إلى سياسﺗﮭا ﺗﺟاه ﺟيراﻧﮭا‬
‫الذين كاﻧوا ذات يوم ﺟزءا ﻣن اﻻﺗﺣاد السوفياﺗي"‪ .‬ولﻌل كل ھذه‬
‫الﺗوﺗرات ﺗم أﺧذھا ﺑﻌين اﻻﻋﺗﺑار أثﻧاء وضﻊ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‬
‫الﺟديدة لروسيا‪ ،‬وكان ذلك في اﺟﺗﻣاع لﻠرئيس ﺑوﺗين ﻣﻊ السفراء‬
‫الروس في كل الﻌالم ﺑﺗاريﺦ ‪ 12‬ﺗﻣوز ‪ 2004‬وضﻊ فيه‬
‫اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ الروسيﺔ في السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬ھذه اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ‬
‫ﺗضﻣﻧت ‪ 5‬ﻧقاط أساسيﺔ وھي‪:‬‬

‫‪71‬‬
‫اﻋﺗﻣاد السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ كأداة ﻣن أدوات ﺗطوير الﺑالد‪.‬‬
‫أولويﺔ الﻌالقات ﻣن دول الﺧارج القريب‪.‬‬
‫الﺣرص ﻋﻠى إقاﻣﺔ ﻋالقات ﻣﺗوازﻧﺔ ﻣﻊ أوروﺑا وﺣﻠف الﻧيﺗو‪.‬‬
‫الﺣاﺟﺔ إلى الﺷراكﺔ ﻣﻊ الو‪.‬م‪.‬أ‪.‬‬
‫الﺑدء ﺑالﺗﻌاون ﻣﻊ الدول الواقﻌﺔ في الساﺣل اآلسياوي ﻣن‬
‫الﻣﺣيط الﮭادي ﺑﮭدف ﺗطوير سيﺑريا‪.‬‬
‫ھذه الﻧقاط الﺧﻣس ﺗﺣﻣل في طياﺗﮭا الﻌديد ﻣن الدﻻﻻت ﺣيث‬
‫أﺻﺑﺣت السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ في ﻋﮭد ﺑوﺗين أكثر ﺗﺣديدا ووضوﺣا‪،‬‬
‫ﻣن ﺧالل‪:‬‬
‫ﺗراﺟﻊ الكرﻣﻠن ﻋن فكرة اﻻﻧدﻣاج في الﻣﺟﻣﻊ األوروﺑي ﻋﻠى‬
‫األقل في الﻣدى القريب‪.‬‬
‫– الﺗﺣرر ﻣن ﻋقدة الﮭويﺔ الﻣﺗﻣثﻠﺔ في اﻻﻧﺗﻣاء الروسي ھل‬
‫يكون ضﻣن الﺣضارة الغرﺑيﺔ أم الﺷرقيﺔ‪.‬‬
‫– الﻠﺟوء إلى سياسﺔ أكثر واقﻌيﺔ ﺗﺣاول إﺣداث ﺗوازن ﺑين‬
‫الطﻣوﺣات الكﺑيرة لروسيا وإﻣكاﻧاﺗﮭا الﺗي ﺗﺑقى ﻣﺣدودة‪.‬‬
‫– ﻣﺣاولﺔ اﻻﺑﺗﻌاد ﻋن فكرة الﻣواﺟﮭﺔ ﻣﻊ الغرب وﺗكثيف‬
‫الﺟﮭود الراﻣيﺔ إلى ضﻣان دور ﻣﮭيﻣن لروسيا ﻋﻠى ﺧارﺟﮭا‬
‫القريب ‪.1‬‬
‫‪ 3‬المرحﻠة الثالثة (‪ )2014 2012‬فﺗرة الﻌهدة الثالثة‪:‬‬
‫يﻣكن القول إن أھم أھداف السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ في ھذه‬
‫الﻣرﺣﻠﺔ ﺗﺗﻣثل فيﻣا يﻠي‪:‬‬

‫‪ 1‬ﺻاﺑر آيت ﻋﺑد السالم‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص‪5‬‬

‫‪72‬‬
‫ـ إضفاء الطاﺑﻊ القوﻣي ﻋﻠى السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ‪،‬‬
‫والﺗأكيد ﻋﻠى ضرورة اسﺗرداد روسيا الﻣكاﻧﺔ الﺗي افﺗقدﺗﮭا ﻣﻧذ‬
‫قياﻣﮭا‪ ،‬وإﻧﮭاء اﻻﻧفراد األﻣريكي ﺑﻣوقﻊ القﻣﺔ‪ .‬وﺣسب رؤيﺔ‬
‫القيادة الروسيﺔ‪ ،‬فيﺟب إﺗﺑاع ﺧطﺔ إسﺗراﺗيﺟيﺔ وﻋقالﻧيﺔ ﺗفضي‬
‫إلى إﺣالل الﺗﻌدديﺔ القطﺑيﺔ ﻣﺣل ھذا اﻻﻧفراد‪ ،‬وﻋﻠى ﻧﺣو يﺗﻧاسب‬
‫أكثر واﺗﺟاھات الﻌالم الﺟديد‪.‬‬
‫ـ السﻌي إلى ﻋالقات ﻣﺗﻣيزة وﺗﻌاون إسﺗراﺗيﺟي ﻣﻊ أﺻدقاء‬
‫اﻻﺗﺣاد السوفييﺗي الساﺑقين ﻻ سيﻣا الﮭﻧد وإيران والﺻين‪.‬‬
‫ـ اﻻﺗفاق ﻣﻊ دول الﺟوار اﻹقﻠيﻣي ﺣول كيفيﺔ إقرار السالم‬
‫واﻻسﺗقرار في الﻣﻧطقﺔ‪.‬‬
‫ـ الواقﻌيﺔ في الﺗفكير‪ ،‬وزيادة الﺗﻌاون وﺗﻌزيز الﻌالقات ﻣﻊ‬
‫كوﻣﻧولث الدول الﻣسﺗقﻠﺔ‪.‬‬
‫ـ السﻌي إلى ﺗﻌزيز الﻧفوذ الروسي في الفضاء السياسي لالﺗﺣاد‬
‫السوفييﺗي الساﺑق‪.‬‬
‫ـ ﻣﻧﻊ اﻧﺗﺷار الﺻراﻋات السياسيﺔ والﻌسكريﺔ الﻣؤديﺔ لﻌدم‬
‫اﻻسﺗقرار ﺑآسيا الوسطى‪.‬‬
‫ـ ﺗﻌزيز الديﻣقراطيﺔ في روسيا‬
‫وكان ﻣن أھم الﺧطوات الﺗي اﺗﺧذھا ﺑوﺗين لﺗقويﺔ سياسﺔ ﺑالده‬
‫الﺧارﺟيﺔ في ﻣواﺟﮭﺔ القوى الﻌالﻣيﺔ الكﺑرى األﺧرى اﻧدﻣاج‬
‫روسيا في الﻌديد ﻣن ﻧﺷاطات السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ ﻣثل ﻣﺟﻣوﻋﺔ‬
‫الدول الﺻﻧاﻋيﺔ الثﻣاﻧي الكﺑرى وﻣﻧﺗدى آسيا ﺑاسيفيك لﻠﺗﻌاون‬

‫‪73‬‬
‫اﻻقﺗﺻادي‪ ،‬وراﺑطﺔ األﻣم لﺟﻧوب ﺷرق آسيا‪ ،‬وﻣؤﺗﻣرات القﻣﺔ‬
‫‪1‬‬
‫الروسيﺔ ﻣﻊ اﻻﺗﺣاد األوروﺑي‪ ...‬إلﺦ‪.‬‬

‫‪ 4‬الصيغة الجديدة لﻠﻌﻘيدة الﻌسﻛرية الروسية‪:‬‬


‫‪ -‬ﺗﻌريف الﻌﻘيدة الﻌسﻛرية‪:‬‬
‫ﺗقدم الﻌقيدة الﻌسكريﺔ الﻣفﮭوم األساسي الﻌام ألﻣن الدولﺔ‬
‫الﻣﻌﻧيﺔ‪ ،‬كﻣا ﺗسﻌى إلى ﺻياﻏﺔ أھداف وﻣﮭام السياسﺔ الﻌسسكريﺔ‬
‫لﻠدولﺔ‪ ،‬وﺗﺣديد الﻣﺻالح ذات األولويﺔ‪ ،‬والﺗﻌﺑير ﻋن ﻣواقفﮭا في‬
‫قضايا الﺣرب وﻣﺟاﻻت اسﺗﺧدام القوة الﻌسكريﺔ وﺻياﻏﺔ الﻣﮭام‬
‫القﺗاليﺔ الﻣوكﻠﺔ إلى قوات الدولﺔ في زﻣن الﺣرب أو السﻠم‬
‫وﺗﺷﺧيص طﺑيﻌﺔ الﺗﮭديدات الﻌسكريﺔ الفﻌﻠيﺔ والﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ضد‬
‫الدولﺔ‪ ،‬وطﺑيﻌﺔ الﺣرب الﻣسﺗقﺑﻠيﺔ الﺗي يﻣكن أن ﺗﻧﺧرط فيﮭا‬
‫الدولﺔ‪ ،‬ﻋالوة ﻋن ﺗوﺻيف األساليب الﺗي يﻣكن ﻣن ﺧاللﮭا ﺻ ّد‬
‫أي ﻋدوان ﺑالوسائل الﻌسكريﺔ ووضﻊ الﻣفاھيم الﺟديدة‬
‫لالسﺗراﺗيﺟيات الﻌسكريﺔ‪ ،‬وﺗوﺟيﮭات إﻋداد الدولﺔ ألﻏراض‬
‫الدفاع ﻋن إقﻠيم الدولﺔ وسالﻣﺔ ﺗراﺑﮭا‪.‬‬
‫ﺻادق الرئيس الروسي فالديﻣير ﺑوﺗين الﺟﻣﻌﺔ ‪ 26‬ديسﻣﺑر‬
‫‪ 2014‬ﻋﻠى الﺻيغﺔ الﺟديدة لﻠﻌقيدة الﻌسكريﺔ الروسيﺔ والﺗي‬
‫ﺗﻌﺗﺑر ﺣﺷد القدرات الﻌسكريﺔ لﻠﻧاﺗو ﻣن أھم األﺧطار الﺧارﺟيﺔ‪.‬‬
‫وأضيف أيضا إلى ھذه األﺧطار أﺧذ ﺣﻠف ﺷﻣال األطﻠسي ﻋﻠى‬
‫ﻋاﺗقه "وظائف ﻋﻠى ﻧطاق ﻋالﻣي"‪ ،‬يﺗم ﺗﻧفيذھا في اﻧﺗﮭاك لﻠقاﻧون‬

‫‪ 1‬أﺣﻣد ﻋﺑد هللا الطﺣاوي‪ ،‬اسﺗﻌادة الدور‪ :‬الﻣﺣددات الداﺧﻠيﺔ والدوليﺔ‬


‫لﻠسياسﺔ الروسيﺔ‪ ،‬الﻣركز الﻌرﺑي لﻠﺑﺣوث والدراسات‪ ،‬الراﺑط‪:‬‬
‫‪http://www. acrseg. org/16360‬‬

‫‪74‬‬
‫الدولي‪ ،‬ﺑاﻹضافﺔ إلى اقﺗراب الﺑﻧى الﻌسكريﺔ الﺗﺣﺗيﺔ لﻠدول‬
‫األﻋضاء في الﻧاﺗو ﻣن الﺣدود الروسيﺔ ﺑﻣا في ذلك ﻋن طريق‬
‫ﺗوسيﻊ الﺣﻠف الﻣسﺗقﺑﻠي‪.‬‬
‫وضم ﻧص الﻌقيدة الﻌسكريﺔ الروسيﺔ الﺟديدة إلى األﺧطار‬
‫الﻌسكريﺔ الﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ﻋﻠى روسيا‪ ،‬إقاﻣﺔ وﻧﺷر ﻣﻧظوﻣﺔ الدفاع‬
‫الﺻاروﺧي في أوروﺑا‪ ،‬والﺗي ﺗقوض اﻻسﺗقرار الﻌالﻣي وﺗﻧﺗﮭك‬
‫ﻣيزان القوة الﺻاروﺧيﺔ والﻧوويﺔ القائم وﺗﺣقيق ﻋقيدة "الضرﺑﺔ‬
‫الﻌالﻣيﺔ" والسﻌي إلى ﻧﺻب األسﻠﺣﺔ في الفضاء وأيضا ﻧﺷر‬
‫ﻣﻧظوﻣات أسﻠﺣﺔ إسﺗراﺗيﺟيﺔ ﻏير ﻧوويﺔ فائقﺔ الدقﺔ‪.‬‬
‫وﻣن ﺑين األﺧطار الﻌسكريﺔ الﺗي أكدت ﻋﻠيﮭا الﻌقيدة الﻌسكريﺔ‬
‫الروسيﺔ ﻣﺟددا ﻧﺷر وزيادة القوات األﺟﻧﺑيﺔ في الدول والﻣياه‬
‫الﻣﺟاورة‪ " ،‬ﺑﮭدف الضغط السياسي والﻌسكري ﻋﻠى روسيا"‪،‬‬
‫ﻋالوة ﻋﻠى ذلك ضﻣت قائﻣﺔ األﺧطار الﻌسكريﺔ الﺧارﺟيﺔ ﻋﻠى‬
‫روسيا‪ ،‬اسﺗﺧدام القوة الﻌسكريﺔ في أراضي دول الﺟوار في‬
‫اﻧﺗﮭاك لقواﻋد القاﻧون الدولي‪ ،‬وظﮭور ﺑؤر لﻠﻧزاﻋات الﻌسكريﺔ‬
‫ھﻧاك وﺗﺻﻌيدھا‪ ،‬وأيضا إقاﻣﺔ أﻧظﻣﺔ في الدول الﻣﺟاورة ﺗكون‬
‫سياسﺗﮭا ﻣﮭددة لﻠﻣﺻالح الروسيﺔ‪ .‬وﺗضﻣﻧت الﻧسﺧﺔ الﺟديدة‬
‫لﻠﻌقيدة الﻌسكريﺔ الروسيﺔ ﻣن ﺑين األﺧطار الﺧارﺟيﺔ أيضا‬
‫"الﻣطالﺑﺔ ﺑأراضي ﻣن روسيا وﻣن ﺣﻠفائﮭا‪ ،‬والﺗدﺧل في ﺷؤوﻧﮭم‬
‫الداﺧﻠيﺔ"‪.‬‬
‫اﺣﺗوت الوثيقﺔ الﺟديدة أيضا ﻋﻠى ‪ 14‬ﺧطرا ﻋسكريا ﺧارﺟيا‬
‫أساسيا ﻋﻠى روسيا‪ ،‬ﺑﻣا في ذلك ﻧﺷاطات أﺟﮭزة اﻻسﺗﺧﺑارات‬
‫والﻣﻧظﻣات األﺟﻧﺑيﺔ الﻣﺧرﺑﺔ‪ ،‬والﺗﮭديدات الﻣﺗﺻاﻋدة لﻠﺗطرف‬

‫‪75‬‬
‫واﻹرھاب في ظروف ﻋدم كفايﺔ الﺗﻌاون الدولي في ھذا الﻣﺟال‪،‬‬
‫وأيضا اﻧﺗﺷار أسﻠﺣﺔ الدﻣار الﺷاﻣل والﺻواريﺦ وﺗقﻧياﺗﮭا‪.‬‬

‫أهم المخاطر الداخﻠية‪ .‬اﻷعمال اإلرهاﺑية الهادفة إلﻰ زعزعة‬


‫االسﺗﻘرار في روسيا‪:‬‬
‫وأكدت الﻌقيدة الﻌسكريﺔ أن أيﺔ ﻣﻣارسات إرھاﺑيﺔ ﺗسﺗﮭدف‬
‫زﻋزﻋﺔ اسﺗقرار األوضاع في الﺑالد ﺗﺷكل ﺧطرا ﻋسكريا داﺧﻠيا‬
‫رئيسيا لروسيا اﻻﺗﺣاديﺔ‪.‬‬
‫وﺗﻌدد الوثيﻘة من ﺗﻠك الممارسات‪ :‬أﻧﺷطﺔ ﺗسﺗﮭدف ﺗغيير‬
‫الﻧظام الدسﺗوري في اﻻﺗﺣاد الروسي ﺑﺷكل قسري وزﻋزﻋﺔ‬
‫اسﺗقرار الوضﻊ السياسي الداﺧﻠي واﻻﺟﺗﻣاﻋي وﻋﻣل اﺧﺗالل في‬
‫آليﺔ السﻠطﺔ والﻣﻧﺷآت الدوليﺔ والﻌسكريﺔ والﺑﻧيﺔ الﺗﺣﺗيﺔ‬
‫لﻠﻣﻌﻠوﻣات الﺗاﺑﻌﺔ لالﺗﺣاد الروسي"‪ ،‬ﺑاﻹضافﺔ إلى "أﻋﻣال‬
‫الﻣﻧظﻣات اﻹرھاﺑيﺔ واألفراد الﺗي ﺗﮭدف إلى ﺗقويض سيادة الدولﺔ‬
‫ووﺣدﺗﮭا وسالﻣﺔ أراضيﮭا"‪ .‬وﺗم في الوثيقﺔ كذلك اﻹﺷارة إلى‬
‫األﻧﺷطﺔ الﺗي ﺗﺷﻣل الﺗأثير اﻹﻋالﻣي ﻋﻠى الﻣواطﻧين وﺑالدرﺟﺔ‬
‫األولى ﻋﻠى الﺷﺑاب‪ ،‬والﺗي ﺗﮭدف إلى ﺗقويض األسس الﺗاريﺧيﺔ‬
‫والروﺣيﺔ والوطﻧيﺔ فيﻣا يﺧص ﺣﻣايﺔ الﺑﻠد األم ﺑاﻹضافﺔ إلى‬
‫األﻋﻣال الﮭادفﺔ إلى إثارة الﺗوﺗر الﻌرقي واﻻﺟﺗﻣاﻋي والﺗﻣييز‬
‫الﻌﻧﺻري وإﺷﻌال ﻧار الكراھيﺔ الديﻧيﺔ واﻹثﻧيﺔ أو اﻻﻋﺗداء‪ .‬كﻣا‬
‫ﺣددت الﻌقيدة أولويات أساسيﺔ لﻠسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الﻌسكريﺔ‬
‫الروسيﺔ‪.‬‬
‫وﺣسب الوثيقﺔ‪ ،‬فإن روسيا ﺗﺗﻌاون ﻣﻊ ﻋدة دول ﻣﻧفردة وھي‬
‫ﺑيالروس وأﺑﺧازيا وأوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ ﺑاﻹضافﺔ إلى الﺗﻌاﻣل ﻣﻊ‬

‫‪76‬‬
‫دول أﻋضاء الﻣؤسسات الدوليﺔ الﺗاليﺔ‪ :‬وفي ﻣقدﻣﺗﮭا ﻣﻧظﻣﺔ‬
‫ﻣﻌاھدة األﻣن الﺟﻣاﻋي وراﺑطﺔ الدول الﻣسﺗقﻠﺔ وﻣﻧظﻣﺔ ﺷﻧغﮭاي‬
‫لﻠﺗﻌاون وكذلك األﻣم الﻣﺗﺣدة ﺑاﻹضافﺔ إلى الﮭيئات الدوليﺔ‬
‫واﻹقﻠيﻣيﺔ األﺧرى‪.‬‬
‫ويﺗﻣثل الﺗﻌاون ﺑيﻧﮭا وﺑين روسيا في إﺷراك قواﺗﮭا الﻣسﻠﺣﺔ‬
‫في اﻹﺷراف ﻋﻠى ﻋﻣﻠيات ﺣفظ السالم الﻣﺧﺗﻠفﺔ وﺗﻧسيق الﺟﮭود‬
‫الﮭادفﺔ إلى إﻧﺷاء وﺗﻧفيذ ﻣﺷاريﻊ في ﻣﺟال ﺗطوير القوات الﻣسﻠﺣﺔ‬
‫الوطﻧيﺔ وضﻣان األﻣن واﻻسﺗقرار في الﻌالم‪.‬‬

‫روسيا ﺗحﺗﻔظ ﺑحق اسﺗخدام السالح النووي ضد أي عدوان‪:‬‬


‫وﺣسب ﺑﻧود الﻌقيدة الﻌسكريﺔ الﺟديدة فإن روسيا ﺗﺣﺗفظ ﺑﺣق‬
‫اسﺗﺧدام السالح الﻧووي كرد ﻋﻠى اسﺗﺧدام ھذا السالح أو أي ﻧوع‬
‫ﻣن أسﻠﺣﺔ الدﻣار الﺷاﻣل ضدھا أو ضد ﺣالفائﮭا‪ .‬كﻣا يﺣق لروسيا‬
‫اسﺗﺧدام السالح الﻧووي لدى اسﺗﮭدافﮭا ﺑأسﻠﺣﺔ ﺗقﻠيديﺔ في ﺣال‬
‫ھدد ذلك وﺟود الدولﺔ‪ .‬وقرار اسﺗﺧدام األسﻠﺣﺔ الﻧوويﺔ يﻌود‬
‫‪1‬‬
‫لﻠرئيس الروسي‪.‬‬
‫‪ -‬أﺑﻌاد السياسة الروسية في عهد ﺑوﺗين‪.‬‬
‫‪ :1‬الﺑﻌد اإلقﻠيمي‪.‬‬
‫أ آسيا الوسطﻰ والﻘوقاز‪:‬‬
‫لقد أﺻﺑﺣت ﻣﻧطقﺔ أسيا الوسطى والقوقاز ساﺣﺔ ﺗﻧافس‬
‫اسﺗراﺗيﺟي واقﺗﺻادي ﺑﻌد سقوط اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي ﺑين ﻣﺧﺗﻠف‬

‫‪- 1‬ﺑوﺗين يﺻدق ﻋﻠى الﺻيغﺔ الﺟديدة لﻠﻌقيدة الﻌسكريﺔ الروسيﺔ‪ ،‬ﺗقرير‬
‫لقﻧاة روسيا اليوم‪ ،‬ﺗاريﺦ الﻧﺷر‪| GMT 13:33 | 2014 .12 .26:‬‬
‫ﻋﻠى الراﺑط ‪http://arabic. rt. com/news/769202 /‬‬

‫‪77‬‬
‫القوى الﻌالﻣيﺔ‪ ،‬كﻣا ﺗﻣثل ھذه الﻣﻧطقﺔ «الﺑطن الرﺧو» ﺑﺗﻌﺑير‬
‫ﺑرﺟيﻧسكي في األﻣن القوﻣي الروسي وﺑاﻋﺗﺑار ھذه الدول ھي‬
‫ﺟﻣﮭوريات سوفيﺗيﺔ ساﺑقا فإن اسﺗﻌادة الﻧفوذ الروسي فيﮭا ﻣث ّل‬
‫أولويﺔ ﺷديدة ﻋﻠى رأس أولويات السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ‪ ،‬ألن‬
‫ﻣوسكو اﻋﺗﺑرﺗﮭا ﺗقﻊ ضﻣن الدائرة الﺣﻣراء لﻣﺻالﺣﮭا القوﻣيﺔ‬
‫وﺑسﺑب الﻣزايا اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ واﻻقﺗﺻاديﺔ والسياسيﺔ لﮭذه الﻣﻧطقﺔ‪.‬‬
‫فقد رﺷﺣت ﺑأﻧﮭا سﺗكون ساﺣﺔ لﺣرب ﺑاردة ﺟديدة وقد ﺗكون‬
‫ساﺧﻧﺔ ﺑين الدول الكﺑرى وﻋﻠى رأسﮭا الوﻻيات الﻣﺗﺣدة األﻣريكيﺔ‬
‫وروسيا ﺧاﺻﺔ ﻣﻊ الفراغ اﻻسﺗراﺗيﺟي والﺗﺣوﻻت اﻹقﻠيﻣيﺔ في‬
‫ھذه الﻣﻧطقﺔ‪ ،‬فقد أطﻠق دارسو اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ ﻋﻠى ھذا الﺗﻧافس‬
‫ﺑالﻣﺑاراة الكﺑرى الﺟديدة‪ ،‬فﺑﻌد أﺣداث ‪ 11‬سﺑﺗﻣﺑر ‪ 2001‬ﻏدت‬
‫أسيا الوسطى ﺟزأ ﻣن ﺧريطﺔ القواﻋد الﻌسكريﺔ األﻣريكيﺔ‬
‫الرئيسﺔ في الﻌالم‪ ،‬فأقاﻣت ﺧﻣسﺔ قواﻋد ﻋسكريﺔ في كل ﻣن‪:‬‬
‫قرﻏيزيا وطاﺟيكسﺗان وﺗركﻣاﻧيسﺗان في إطار ﻋسكرة الﻣﻧطقﺔ‬
‫لﻣﺣاﺻرة الﻧفوذ الروسي‪ ،‬وھذا ﻣا يقﻠق روسيا إسﺗراﺗيﺟيا كﻣا أن‬
‫روسيا ﺗﻧظر إلى ﻧفط ﺑﺣر قزوين وأسيا الوسطى كﻣﺧزون‬
‫اسﺗراﺗيﺟي لالسﺗثﻣارات لﺷركاﺗﮭا وإﺣكام السيطرة ﻋﻠى ﻣﻧافذ‬
‫الﻧقل والﺗوسيﻊ‪.‬‬
‫ب الشراﻛة الروسية – الشرق آسيوية‪:‬‬
‫يركز الﺗوﺟه الروسي ﻧﺣو أسيا الﺷرقيﺔ ﻋﻠى أوليﺗين‪ :‬األولى‬
‫ﺗقﻠيديﺔ وﺗﺗﻣثل في ﺗأﻣين ﺑواﺑﺗﮭا الﺷرقيﺔ في الﺷرق األقﺻى‬
‫الﻣﻣﺗدة إلى ﺟزر الياﺑان‪ ،‬أﻣا الثاﻧيﺔ فﺗﺣاول إﺣالل ﺗﻌدديﺔ قطﺑيﺔ‬
‫في ھذه الﻣﻧطقﺔ؛ لﺗفادي ھيﻣﻧﺔ ﺻيﻧيﺔ أو ياﺑاﻧيﺔ ﺗﮭدد الﻣﺻالح‬
‫الروسيﺔ‪ ،‬ﺣﺗى وإن كان ذلك ﻣن ﺧالل دﻋم الوﺟود األﻣريكي‬

‫‪78‬‬
‫الﻣﺣدود في الﻣﻧطقﺔ‪ .‬وﻣن أﺟل ھذا الﮭدف ﻋﻣﻠت الدﺑﻠوﻣاسيﺔ‬
‫الروسيﺔ ﻋﻠى رﺑط ﺟسور الﺗﻌاون والﺷراكﺔ ﻣﻊ القوى اﻹقﻠيﻣيﺔ‬
‫الﺑارزة في الﻣﻧطقﺔ ﻋﻠى ﻏرار الﺻين والياﺑان والﮭﻧد‪.‬‬
‫فالﻧسﺑﺔ لﻠﮭﻧد ارﺗكز الﺗﻌاون ﻋﻠى الﻣﺟال الﻌسكري وأقاﻣت‬
‫اﺗفاق ﺷراكﺔ إسﺗراﺗيﺟيﺔ ﻣﻊ روسيا ﺑﻌد زيارة ﺑوﺗين لﮭا ﻋام‬
‫‪ 2000‬لﻣدة ﻋﺷر سﻧوات‪ ،‬أﻣا فيﻣا يﺧص الﺻين فإن روسيا‬
‫سﻌت إلى إزالﺔ ﺗوﺗرات الﺣرب الﺑاردة والﻌﻣل ﻣﻊ الﺻين ﻹقاﻣﺔ‬
‫ﻧظام ﻣﺗﻌدد األقطاب‪ ،‬فوقﻌت ﻣﻌﮭا اﺗفاقيﺔ الﺷراكﺔ اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ‬
‫واﺷﺗﻣﻠت ﻋﻠى ﻣﺧﺗﻠف الﻣﺟاﻻت الﻌسكريﺔ واﻻقﺗﺻاديﺔ والﻌﻠﻣيﺔ‬
‫وأكثر ﻣا يظﮭر الﺣرص الروسي ﻋﻠى ﺗطوير الﻌالقات‬
‫اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ ﻣﻊ أقطاب ﻣﻧطقﺔ ﺷرق وﺟﻧوب ﺷرق أسيا ھو‬
‫إﻋالن ﺑوﺗين ﻋن ﻣفﮭوم الﻣثﻠث اﻻسﺗراﺗيﺟي ﺑين الﺻين والﮭﻧد‬
‫وروسيا‪ ،‬وضرورة ﺗطوير ﻣفﮭوم ﺟديد لألﻣن يقوم ﻋﻠى الزﻋاﻣﺔ‬
‫الﻣﺗﻌددة األقطاب‪.‬‬
‫أﻣا ﺑالﻧسﺑﺔ لﻠياﺑان فﻣﻧذ الﺗسﻌيﻧيات اھﺗﻣت روسيا ﺑﮭذا الﻌﻣالق‬
‫اﻻقﺗﺻادي الذي يقف قرب ﺣدود روسيا الﺷرقيﺔ وذلك ﺑإقاﻣﺔ‬
‫ﺗﻌاون ﻣثﻣر ﻣﻌه وﻣﺣاولﺔ ﺗﺟاوز الﺧالفات الﺗاريﺧيﺔ والﻧزاﻋات‬
‫الﺣدوديﺔ وﻣن ﺟﻣﻠﺔ اﻻﺗفاقيات الﻣوقﻌﺔ ﺑين الطرفيين والﻧاﺗﺟﺔ ﻣن‬
‫ﻣﺣاوﻻت الﺗقارب ﻧذكر‪:‬‬
‫‪ -‬ﺗﻌﮭد روسيا ﺑسﺣب قواﺗﮭا ﻣن ﺟزر الكوريل‪.‬‬
‫‪ -‬الﺗﻌاون في ﻣيدان األﻣن وﺗفكيك روسيا ألسﻠﺣﺗﮭا الﻧوويﺔ‬
‫في ﺑﺣر الياﺑان‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫والﻧقل‬ ‫الطاقﺔ‬ ‫قطاع‬ ‫في‬ ‫اﻻقﺗﺻادي‬ ‫‪ -‬الﺗﻌاون‬
‫‪1‬‬
‫واﻻﺗﺻاﻻت‪..‬الﺦ‪.‬‬

‫ج االﺗحاد اﻷورﺑي‪:‬‬
‫ﺑاﻋﺗﺑار أوروﺑا كاﻧت ﻣسرح الﺗﺟاذب ﺑين اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي‬
‫والوﻻيات الﻣﺗﺣدة األﻣريكيﺔ إﺑان فﺗرة الﺣرب الﺑاردة فإن أﺟواء‬
‫ﺗﻠك الفﺗرة ﺧيﻣت ﻋﻠى الﻌالقات الروسيﺔ األوروﺑيﺔ ﺑﻌد ﻧﮭايﺗﮭا‪،‬‬
‫فﺑﻌد اﻧﮭيار اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي وﺑروز الﺗرﺗيﺑات األﻣﻧيﺔ الﺟديدة في‬
‫أوروﺑا وأوروﺑا الﺷرقيﺔ‪ ،‬ﺧضﻌت ھذه الﻣسائل إلى إﻋادة فﺣص‪،‬‬
‫وكاﻧت ﻧقطﺔ الﺧالف الرئيسﺔ في ھذه الﺗرﺗيﺑات ھي ﻣسﺗقﺑل الﻧاﺗو‬
‫وﺣدود ﺗوسيﻌه ﺑين ﻣﻌارضﺔ روسيا لﺗوسيﻌه إلى ﺣدودھا الغرﺑيﺔ‬
‫واﻋﺗﺑار ذلك ﺧطا أﺣﻣرا في أﻣﻧﮭا القوﻣي‪ ،‬وﺑين الرﻏﺑﺔ األوروﺑيﺔ‬
‫في ضم دول ﺟديدة وﺧاﺻﺔ دول أوروﺑا الﺷرقيﺔ ھذا الﺗﺟاذب‬
‫ﺗوج ﺑﻌقد اﺗفاقيﺔ ﺑين روسيا وﺣﻠف الﻧاﺗو في ﺟاﻧفي ‪1994‬‬
‫ويﺗﻌﻠق ﺑﺑرﻧاﻣج الﺷراكﺔ ﻣن أﺟل السالم‪.‬لكن ھذه اﻻﺗفاقيﺔ لم ﺗﺑدد‬
‫الﻣﺧاوف األﻣﻧيﺔ لروسيا فظﮭرت ﻣﻌارضﺔ داﺧﻠيﺔ قويﺔ ﺗﻌارض‬
‫إي ﻣﺷروع لﺗوسيﻊ الﻧاﺗو‪ .‬فقاﻣت روسيا ﺑطرح فكرة إﻋادة ﺑﻧاء‬
‫ﻣﻧظﻣﺔ األﻣن والﺗﻌاون في أوروﺑا كﻣفﺗاح لألﻣن األوروﺑي‬
‫واقﺗرح الرئيس يﻠﺗسن ﺗﻌويض الﺣرب الﺑاردة ﺑالسالم الﺑارد‪.‬‬
‫لكن ھذه الﻣﺑادرات لم ﺗقدم ﺟديدا ﻋﻠى ﺻﻌيد الواقﻊ الﻌﻣﻠي‬
‫فاسﺗﻣر الﻧاﺗو في ﻣﺧطط ﺗوسﻌه رﻏم الﻣﻌارضﺔ الروسيﺔ ﺑضﻣه‬

‫‪ 1‬راﺑح زﻏوﻧي ولزھر وﻧاسي‪ ،‬ﺻﻧﻊ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ لفﺗرة ﻣا‬
‫ﺑﻌد الﺣرب الﺑاردة‪،‬ﺑﺣث ﻣقدم في ﻣقياس‪،‬قسم الﻌﻠوم السياسيﺔ‪،‬فرع‬
‫ﻣاﺟسﺗير ﻋالقات دوليﺔ‪،‬ﺟاﻣﻌﺔ ﺑاﺗﻧﺔ ‪ ،2007 /2006‬ص‪22‬‬

‫‪80‬‬
‫لﺑﻠدان ﺟديدة ﻣن أوروﺑا الﺷرقيﺔ ﺑسﺑب الدﻋم األﻣريكي‪ ،‬فواﺷﻧطن‬
‫لم ﺗكن ﺗﺑﺣث ﻋن أﻣن أوروﺑي ﻣﺷﺗرك ﺑقدر ﻣا كاﻧت ﺗﺑﺣث ﻋن‬
‫فرض رقاﺑﺔ ﻋﻠى ھذه الﻣﻧطقﺔ لﻣراقﺑﺔ الطﻣوﺣات الروسيﺔ وﻣﻣا‬
‫أضﻌف القدرة الروسيﺔ ﻋﻠى فرض رؤيﺗﮭا ھي أوضاﻋﮭا الداﺧﻠيﺔ‬
‫الﺑالغﺔ الضﻌف وكذلك سيطرة اﻻﺗﺟاه الﻠيﺑرالي الﻣدﻋوم ﻣن‬
‫الغرب ﻋﻠى ھيكل ﺻﻧﻊ واﺗﺧاذ القرار في روسيا‪.‬‬
‫ﻣﻊ وﺻول ﺑوﺗين إلى سدة الﺣكم واﻋﺗﻣاده لﻠغﺔ الﻣﺻالح‬
‫اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ لروسيا اسﺗطاع ﺗﺣريك الﻣياه الراكدة في الﻌالقات‬
‫األﻣﻧيﺔ ﻣﻊ أوروﺑا‪ .‬وﺑدت الﺑراﻏﻣاﺗيﺔ واضﺣﺔ في سﻠوك روسيا‬
‫الﺧارﺟي‪ ،‬فﻠم ﺗﻌارض ﺗوسيﻊ الﻧاﺗو ﺷرقا إﻻ ﺑﻣقدار اقﺗراﺑه ﻣن‬
‫الدوائر الﺣﻣراء في أﻣﻧﮭا القوﻣي في دول الﺑﻠطيق وﺟﻣﮭوريات‬
‫اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي الساﺑق‪ .‬فﺑﺗاريﺦ ‪ 2002/ 05 / 28‬اﺗفقت روسيا‬
‫ﻣﻊ الﻧاﺗو ﻋﻠى ﻣﻌاھدة أﻣﻧيﺔ ﺗﺻﺑح روسيا ﺑﻣوﺟﺑﮭا ﻋضوا له ﺣق‬
‫الﺗﺻويت في الﻣﺟﻠس ﻣﻊ ‪ 19‬ﻋضوا أﺧر‪ ،‬وﺗﮭدف روسيا ﻣن‬
‫ﺧالل ھذه اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ في إطار ﻣﺟﻠس روسياالﻧاﺗو إلى إﻧﺷاء‬
‫آليﺔ ﻣﺷﺗركﺔ لدﻋم السالم األورو أطﻠسي ﺣيث ﺗوﺟد الﻣﺻالح‬
‫الﻣﺷﺗركﺔ‪ ،‬ﻣﺣارﺑﺔ اﻹرھاب وﻋﻣﻠيات ﺣفظ السالم‪.‬‬
‫وإﺟﻣاﻻ فإن الﻌالقات الروسيﺔ األورﺑيﺔ ﺧضﻌت لﻣﺑدأ الﺗﻌاون‬
‫الﺣذر الﻣﺗﻧاﻏم ﻣﻊ لغﺔ الﻣﺻالح اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ‪ ،‬كﻣا أﻧﮭا وقﻌت‬
‫ﺗﺣت ﺗأثير الﺗقاطﻊ اﻻسﺗراﺗيﺟي األﻣريكي –األوروﺑي –‬
‫الروسي‪ ،‬فاسﺗطاﻋت روسيا ﺷق الﺻف األورﺑي والﻠﻌب ﻋﻠى‬
‫وﺗر اﻻﺧﺗالفات األوروﺑيﺔ األطﻠسيﺔ واسﺗثﻣار ذلك في ﺗوسيﻊ‬
‫ﺣدود أﻣﻧﮭا وﻣﺻالﺣﮭا (ﻣﺣور ﻣوسكو – ﺑرلين – ﺑاريس)‪ .‬أﻣا‬
‫الﺗﺧوف الروسي ﻣن ﺗوسيﻊ الﻧاﺗو والذي ﺗثيره ﻣوسكو في ﺟﻣيﻊ‬

‫‪81‬‬
‫لقاءاﺗﮭا ﻣﻊ األورﺑيين‪ ،‬وإن كاﻧت ﺣدة إثارﺗه ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺣسب‬
‫اﻹدارات الروسيﺔ الﻣﺗﻌاقﺑﺔ‪ ،‬فيﺟد ﺗفسيره في فرضيﺔ واقﻌيﺔ‬
‫ﺑسيطﺔ ھي الﻣأزق األﻣﻧي‪ ،‬فﻠﻣا كاﻧت ﻣوسكو ﺗﺷﻌر ﺑﺗﮭديد ﻧسﺑي‬
‫ألﻣﻧﮭا القوﻣي ﻣقارﻧﺔ ﺑﻣا كاﻧت ﻋﻠيه ﺧالل الﺣرب الﺑاردة‬
‫أﺻﺑﺣت ﻣدفوﻋﺔ لﻣوازﻧﺔ الﺗﺣدي الذي يفرضه ﺗوسيﻊ الﻧاﺗو‬
‫‪1‬‬
‫ﻻسﺗرﺟاع أﻣﻧﮭا‪.‬‬
‫د – الشرق اﻷوسط‪:‬‬
‫الصراع الﻌرﺑي اإلسرائيﻠي‪:‬‬
‫ﺗﺑدي روسيا ﺗﺧوفﮭا ﻣن ﺟﻣود األوضاع الﺣاليﺔ ﻋﻠى الﻣسار‬
‫الفﻠسطيﻧي اﻹسرائيﻠي وﻣن ثﻣﺔ اﺣﺗﻣاليﺔ ﻧﺷوب ﺣرب ﺑين‬
‫إسرائيل وﺟيراﻧﮭا الﻌرب‪ ،‬وﺧاﺻﺔ ﺑين ﺣزب هللا الﻠﺑﻧاﻧي‬
‫وإسرائيل‪ ،‬أو كاﻧﻌكاس لﺗدھور األوضاع في سوريا‪ ،‬فالﺣرب في‬
‫ﻣﻧطقﺔ الﺷرق األوسط‪...‬لم ﺗفﻠح في إيﺟاد ﺣل لﻠﺻراع الﻌرﺑي‬
‫اﻹسرائيﻠي طوال الﻌقود الﻣاضيﺔ‪ ،‬وھي لن ﺗفﻠح في ھذا ﺧالل‬
‫الفﺗرة القادﻣﺔ‪...‬‬
‫‪ ...‬ويﺗﻣﺣور الﻣوقف الروسي ﺗﺟاه الوضﻊ في الﻣﻧطقﺔ‬
‫ﺑاألساس ﻋﻠى الﻣواقف السوفيﺗيﺔ الﻣﻌﻠﻧﺔ ﻣﻧذ وقت ﺑﻌيد والﻣرﺗكزة‬
‫ﻋﻠى القرار ‪ 242‬وﺣق الﺷﻌب الفﻠسطيﻧي في دولﺗه الﻣسﺗقﻠﺔ ‪...‬‬
‫ورفض الﻣﻣارسات اﻻسﺗيطاﻧيﺔ اﻹسرائيﻠيﺔ‪ .‬وقد ﻋﺑر ﻋن ھذا‬
‫الرئيس ﺑوﺗين في زيارﺗه األﺧيرة إلى إسرائيل واألراضي‬
‫الفﻠسطيﻧيﺔ‪ ،‬ﺣيث ﺻرح أن اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي اﻋﺗرف ﺑالدولﺔ‬
‫الفﻠسطيﻧيﺔ ﻣﻧذ ‪ 25‬ﻋاﻣا وأﻧه ﻻ ﺗغير في السياسﺔ الروسيﺔ في‬
‫ھذا اﻹطار والﺟدير ﺑالذكر أن ھذه السياسﺔ الروسيﺔ لم ﺗﺗطرق‬

‫‪ 1‬راﺑح زﻏوﻧي ولزھر وﻧاسي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪26-25‬‬

‫‪82‬‬
‫إلى الﻌالقات الروسيﺔ اﻹسرائيﻠيﺔ الﺗي ﺗزداد ﺗوطدا في اآلوﻧﺔ‬
‫األﺧيرة رﻏم اﻻﺧﺗالفات السياسيﺔ ﺑين الﻣواقف السياسيﺔ لكل‬
‫ﻣﻧﮭﻣا‪ ،‬فزيارة ﺑوﺗين األﺧيرة ﻹسرائيل ﺣﻣﻠت ﻣﻌﮭا افﺗﺗاح ﻣقر‬
‫لﺷركﺔ "ﻏازﺑروم"الروسيﺔ في ﺗل أﺑيب‪ ،‬وﻣﻧح اﻣﺗيازات لﻠﺗﻧقيب‬
‫ﻋن الغاز لﮭا كﻣا أن الﻌالقات الﻌسكريﺔ ﺑين الﺑﻠدين في ﻣﺟال‬
‫الﺗقﻧيات الﻌسكريﺔ الﻣﺗقدﻣﺔ وﺑﺧاﺻﺔ ﻣﺟال الطائرات ﺑدون طيار‬
‫‪.1‬‬
‫ﺗزداد رسوﺧا‬
‫– سوريا‪:‬‬
‫فﺷﻠت السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ ﺣﺗى اآلن وﻣﻧذ اﻧدﻻع‬
‫األزﻣﺔ في ﻣارس ‪ 2011‬في ﺑﻠورة إسﺗراﺗيﺟيﺔ واضﺣﺔ لﻠﺗﻌاﻣل‬
‫ﻣﻊ األزﻣﺔ‪ ،‬ﺑﻣا يﺣفظ ﻣﺻالﺣﮭا‪ ،‬ويﺣقق أھدافﮭا‪ ...‬فقد اقﺗﺻرت‬
‫ﻣواقف ﻣوسكو‪ ...‬ﻋﻠى ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن الﺧطوات الدﺑﻠوﻣاسيﺔ الﺗي‬
‫ﺗﻣثل في ﻣﺟﻣﻠﮭا ردود أفﻌال ﻋﻠى الﻣواقف الغرﺑيﺔ الﻣضادة لﻧظام‬
‫األسد‪ ...‬وﻋدم ﻣﻣارسﺔ ﻣوسكو ﺣﺗى اآلن ألي ضغوط ﺣقيقيﺔ‬
‫وواقﻌيﺔ ﻋﻠى الﻧظام السوري‪ ...‬ﺑاﻹضافﺔ إلى فﺷل السياسﺔ‬
‫الروسيﺔ في ﻣد ﺟسور الﻌالقﺔ ﺑين الﻣﻌارضﺔ وﻣوسكو‪ ،‬أو ﺑين‬
‫الﻣﻌارضﺔ والﻧظام‪ ...‬ويﻌﺑر ھذا ﻋن ﻏياب الرؤيﺔ الروسيﺔ‬
‫لﻠﺣوار ﻣﻊ الدول الفاﻋﻠﺔ في األزﻣﺔ السوريﺔ وﺑﺧاﺻﺔ ﺗركيا ودول‬
‫الﺧﻠيج وﺟاﻣﻌﺔ الدول الﻌرﺑيﺔ‪ ،‬ورﻏم أن روسيا ﻻ ﺗﺗﺣﻣل وﺣدھا‬
‫ﻣسؤوليﺔ ﻏياب الﺗفاھم ﻣﻊ ھذه الﺟﮭات ﺣول سوريا‪ ،‬إﻻ أﻧﮭا لم‬
‫ﺗﺑذل ﻣا يكفي ﻣن الﺟﮭد لﺗقريب وﺟﮭات الﻧظر ﺑين الطرفين‪.‬‬

‫‪ 1‬الﻣﺻالح الروسيﺔ في الﺷرق األوسط‪ ،‬ﻣوقﻊ روسيا اليوم‪2012/6/19 ،‬‬


‫‪/http://arabic. rt.‬‬
‫‪com/news_all_news/analytics/68941‬‬

‫‪83‬‬
‫ورﺑﻣا يرﺟﻊ ھذا ألسﺑاب ﻣوضوﻋيﺔ ﻣﻧﮭا أن الوﻻيات الﻣﺗﺣدة‬
‫األﻣريكيﺔ ﺗﻠﻌب دورا في ﺗﻌطيل أي ﻣﺣاولﺔ لﻠﺗقارب في وﺟﮭات‬
‫الﻧظر ﺑين روسيا وھذه الدول‪ ،‬وكذلك يرﺟﻊ ذلك إلى ارﺗﺑاط‬
‫السياسﺔ الروسيﺔ ﺗﺟاه سوريا ﺑاسﺗﺣقاقات داﺧﻠيﺔ روسيﺔ‪ .‬فقد‬
‫ﻣثﻠت األزﻣﺔ السوريﺔ لروسيا فرﺻﺔ لﺗقديم ﻧفسﮭا كقوة ﻋظﻣى‬
‫ليس ﻣن ﺧالل ﺗﺻديﮭا لﻠغرب فﺣسب‪ ،‬وإﻧﻣا أيضا في ﻣقدرﺗﮭا‬
‫ﻋﻠى ﺣﺷد ﺗأييد الﺻين لﻣواقفﮭا‪.‬‬
‫وإﺟﻣاﻻ يﻣكن القول إن اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ الروسيﺔ الﺣاليﺔ ﺗﺟاه‬
‫سوريا ﺗقوم ﻋﻠى ثالثﺔ ركائز أساسيﺔ ھي‪:‬‬
‫‪ -‬الﻌﻣل في الﻣﺟال الدولي لﻣﻧﻊ الوﻻيات الﻣﺗﺣدة األﻣريكيﺔ‬
‫وﺣﻠفاءھا ﻣن ﺗكرار السيﻧاريو الﻠيﺑي ﻋﻠى األرض السوريﺔ‪،‬‬
‫وﺗﺟريد أي ﺗدﺧل ﺧارﺟي ﻣن ﺷرﻋيﺗه‪.‬‬
‫‪ -‬اﻻسﺗﻣرار في الﺣفاظ ﻋﻠى ﻋالقات وطيدة ﻣﻊ الﻧظام‬
‫السوري‪ ،‬ﻣﻊ ﺗﺟﻧب ضغوط ﻋﻧيفﺔ ﻋﻠى الﻧظام السوري لﻠقيام‬
‫ﺑﺧطوات إﺻالﺣيﺔ‪ ،‬واﻻكﺗفاء ﺑاألساليب الدﺑﻠوﻣاسيﺔ ﻣﻊ ﻣواﺻﻠﺔ‬
‫ﺗﻧﺷيط الﻌالقات اﻻقﺗﺻاديﺔ والسياسيﺔ ﻣﻊ الﻧظام‪.‬‬
‫‪ -‬السﻌي لﻠﺗرويج لﺣل األزﻣﺔ السوريﺔ ﻋن طريق األطراف‬
‫الفاﻋﻠﺔ في سوريا سواء ﻣن الﻣﻌارضﺔ أو الﻧظام‪ ،‬وﺗطوير‬
‫‪1‬‬
‫ﻋالقات ﻣﺗوازﻧﺔ ﻣﻊ الﻣﻌارضﺔ السوريﺔ في الوقت ذاﺗه‪.‬‬
‫وﻻ ﺗوﺟد ﺣاليا ً أي ﻣكاسب واضﺣﺔ ﺗُﺑرر ﺗﺣالف روسيا ﻣﻊ‬
‫طﮭران أو دﻣﺷق‪ .‬لكن كالً ﻣن ﻣيدفيديف وﺑوﺗين يدرك أن الﺑالد‬
‫سوف ﺗدفﻊ ثﻣﻧا ً ﺑاھظا ً يﺗﻣثل في الضرر الذي سيﻠﺣق ﺑسﻣﻌﺗﮭا‬

‫‪ 1‬الﻣﺻالح الروسيﺔ في الﺷرق األوسط‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص‪2‬‬

‫‪84‬‬
‫الدوليﺔ لو أﻧﮭا ﺣادت ﻋن اﻹﺟﻣاع ﺑﺷأن ﺗﻠك األﻧظﻣﺔ‪ .‬لقد أﻣضت‬
‫ﻣوسكو سﻧوات في ﺑﻧاء رواﺑط قويﺔ ﻣﻊ الوﻻيات الﻣﺗﺣدة واﻻﺗﺣاد‬
‫األوروﺑي والدول الﻌرﺑيﺔ (ﻻ سيﻣا "ﻣﺟﻠس الﺗﻌاون الﺧﻠيﺟي")‪،‬‬
‫وأي ﻣن الزﻋيﻣين ليس ﻣسﺗﻌدا ً لﻠﺗضﺣيﺔ ﺑالﻌالقات السياسيﺔ‬
‫واﻻقﺗﺻاديﺔ الﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ﻣﻊ ھذه الﺑﻠدان ألﺟل آيﺔ هللا ﺧاﻣﻧئي أو‬
‫‪1‬‬
‫األسد‪.‬‬
‫وفي الواقﻊ أن ﺑﻌض الﺗﺣركات الروسيﺔ األﺧيرة قد أثﺑﺗت‬
‫ﺑالفﻌل أن روسيا ﺗريد أن ﺗكون ﻻﻋﺑا ً ﺟﻣاﻋيا ً وليس دولﺔ ﻣﻧﺑوذة‪.‬‬
‫ففي ﻣﻧﺗﺻف ﻧيسان‪ /‬أﺑريل‪ ،‬أثﻧاء ﻣﺣادثات الدول الﺧﻣس دائﻣﺔ‬
‫الﻌضويﺔ في ﻣﺟﻠس األﻣن ‪ +‬ألﻣاﻧيا في اسطﻧﺑول‪ ،‬أظﮭر‬
‫الﻣسؤولون الروس اسﺗﻌدادھم لﻠﺗﻌاون لﺣل الﻣسألﺔ الﻧوويﺔ‬
‫اﻹيراﻧيﺔ‪ .‬كﻣا أن اﻹﺟراءات الروسيﺔ األﺧيرة ﻋﻠى الﺟﺑﮭﺔ‬
‫السوريﺔ ﻣثل اﻧﺗقاد اﻻسﺗﺧدام الﻣفرط لﻠقوة ﻣن ﺟاﻧب األسد وﺣث‬
‫الﻣﺷيﺧات الﺧﻠيﺟيﺔ ﻋﻠى ﺑدء ﺣوار ﺑﺷأن األزﻣﺔ واسﺗضافﺔ‬
‫ﺷﺧﺻيات ﻣن الﻣﻌارضﺔ السوريﺔ في ﻣوسكو ودﻋم ﻣﺑادرة وقف‬
‫إطالق الﻧار الﺗي طرﺣﮭا كوفي ﻋﻧان ﺑرﻋايﺔ األﻣم الﻣﺗﺣدة كﻠﮭا‬
‫أﻣور ﺗظﮭر أن ﻣوسكو ﻻ ﺗريد الﺗﺣالف الكاﻣل ﻣﻊ دﻣﺷق وأﻧﮭا‬
‫ﺗﺗوقﻊ ﺗقديرا ً دوليا ً لﮭذا اﻻﻣﺗﻧاع‪.‬‬
‫واألسﺑاب الﺗي ﺗدفﻊ ﻣوسكو إلى ﻋدم ﺗقديم الدﻋم الكاﻣل‬
‫لﻠﺗﺣالف الغرﺑي ضد سوريا وإيران ﻋﻣﻠيﺔ ﺗﻣاﻣا ً‪ ،‬وﻻ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠى‬
‫الﺗفضيالت الﺷﺧﺻيﺔ لﻠرئيس‪ .‬وﺑالﻧظر إلى الﻧﺗائج في الﻌراق‬
‫وليﺑيا‪ ،‬أدركت روسيا أن سقوط الﺷركاء القداﻣى سوف يؤدي‬
‫ﺣﺗﻣا ً إلى ﺧسارة الﻧفوذ اﻻقﺗﺻادي والسياسي في الﺑﻠدان‬

‫‪ 1‬ﻧيكوﻻي كوزھاﻧوف‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪،‬ص‪2‬‬

‫‪85‬‬
‫الﻣذكورة‪ .‬وسواء ظﻠت روسيا ﺧارج الﻧزاع (كﻣا ھو الﺣال في‬
‫الﻌراق) أو ساﻋدت ﺑﺷكل ﻣﺧفي ﻋﻠى اﻹطاﺣﺔ ﺑﺣﻠفائﮭا القداﻣى‬
‫(كﻣا ھو الﺣال في ليﺑيا‪ ،‬ﺣيث كاﻧت ﻣوسكو أول ﺣكوﻣﺔ ﺗوقف‬
‫ﺻادرات الﻣﻌدات الﻌسكريﺔ إلى القذافي) فإن الﻧﺗيﺟﺔ سﺗظل كﻣا‬
‫ھي‪ :‬لقد أُرﻏﻣت روسيا ﻋﻠى ﻣغادرة الﺑﻠدان الﺗي ﺗم ﺗﺣريرھا ﻣن‬
‫الﺣكام الﻣسﺗﺑدين‪.‬‬
‫وﻣن ثم‪ ،‬فإﻧه في ظل ﻋدم وﺟود ضﻣاﻧات قويﺔ ﺑﺷأن ﺗأﻣين‬
‫ﻣﺻالﺣﮭا‪ ،‬ﺗقاﺗل روسيا ﻣن أﺟل اﻻﺣﺗفاظ ﺑسوريا (إﺣدى ﻣﺣطاﺗﮭا‬
‫األﺧيرة في الﺷرق األوسط الﻌرﺑي) ﻣﻊ ﺣﻣايﺔ إيران ﻣن اﺣﺗﻣال‬
‫ﺷن ھﺟﻣات ﻋسكريﺔ‪ ....‬وﻣن الﻣرﺟح أن يﻣر ﻣوقف روسيا ﺗﺟاه‬
‫سوريا وإيران وإن سطﺣيا ً ﻋﻠى األقل ﺑﺗغيرات سﻠﺑيﺔ ﻣﻌيﻧﺔ‪.....‬‬
‫إن الضﻣاﻧات الﻣالئﻣﺔ الﺗي ﺗﺣفظ ﻣﺻالح روسيا في سوريا‬
‫وإيران إلى ﺟاﻧب اﺗﺑاع ﻣﻧﮭج ﻏير قائم ﻋﻠى الﻣواﺟﮭﺔ ﻋﻧد إﺟراء‬
‫الﺣوار ﻣن الﻣرﺟح أن يُﺣدث أكﺑر قدر ﻣن الﺗأثير اﻹيﺟاﺑي ﻋﻠى‬
‫‪1‬‬
‫ﻣوسكو‪.‬‬
‫‪ :2‬الﺑﻌد الدولي‪.‬‬
‫ﻋﻧدﻣا ﺟاء ﺑوﺗين إلى السﻠطﺔ في يﻧاير سﻧﺔ ‪ ،2000‬سﻌى إلى‬
‫ﺗﻌﻣيق الﺗوﺟه األوراسي في سياسﺔ روسيا الﺧارﺟيﺔ ففي يوﻧيو‬
‫سﻧﺔ ـ ‪ ،2000‬قدم ﻋدة ﻣﺑادئ لسياسﺔ روسيا الﺧارﺟيﺔ ﻋرفت‬
‫ﺑاسم "ﻣﺑدأ ﺑوﺗين" وفى ﻣقدﻣﺔ ﺗﻠك الﻣﺑادئ الﺗركيز ﻋﻠى ﺑراﻣج‬
‫اﻹﺻالح الداﺧﻠي ﻋﻠى ﺣساب السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬وھى الفكرة‬

‫‪ 1‬ﻧيكوﻻي كوزھاﻧوف‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص‪2‬‬

‫‪86‬‬
‫الﺗي سﻣاھا ﺑﻌض الدارسين ﺑأن "األھداف الداﺧﻠيﺔ ﺗﻠغى أھداف‬
‫السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ" ﻣن ﻧاﺣيﺔ أﺧرى‪ ،‬فإن ﻣﺑدأ ﺑوﺗين‬
‫ركز ﻋﻠى ﺗطوير دور روسيا في ﻋالم ﻣﺗﻌدد األقطاب ﻻ يﺧضﻊ‬
‫لﮭيﻣﻧﺔ قوة ﻋظﻣى واﺣدة‪ ،‬والﻌﻣل ﻋﻠى اسﺗﻌادة دور روسيا في‬
‫آسيا والﺷرق األوسط ﺑﺷكل ﺗدريﺟي‪ ،‬وﻋدم السﻣاح لﻠغرب‬
‫ﺑﺗﮭﻣيش الدور الروسي في الﻌالقات الدوليﺔ وقد أضاف ﻣﺑدأ ﺑوﺗين‬
‫ثالثﺔ ﻋﻧاﺻر ﺟديدة لﻠسياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ‪ ،‬أولﮭا‪ :‬إﻧه إذا‬
‫اسﺗﻣر ﺗوسﻊ ﺣﻠف األطﻠﻧطي ﺷرقا ﻣن روسيا فسﺗسﻌى إلى دﻋم‬
‫الﺗراﺑط ﺑين دول اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي الساﺑق لﺣﻣايﺔ ﻣﻧطقﺔ دفاﻋﮭا‬
‫األول‪ ،‬ثاﻧيﮭا‪ :‬إن روسيا ﺗﻌارض ﻧظام القطﺑيﺔ األﺣاديﺔ‪ ،‬ولكﻧﮭا‬
‫سﺗﻌﻣل ﻣﻊ الوﻻيات الﻣﺗﺣدة في ﻋدة قضايا ﻣثل الﺣد ﻣن الﺗسﻠح‬
‫وﺣقوق اﻹﻧسان وﻏيرھا‪ ...‬وأﺧيرا‪ :‬فإن روسيا سﺗﻌﻣل ﻋﻠى دﻋم‬
‫ﺑيئﺗﮭا األﻣﻧيﺔ في الﺷرق ﻋن طريق ﺗقويﺔ ﻋالقاﺗﮭا ﻣﻊ الﺻين‬
‫والﮭﻧد والياﺑان‪.‬‬
‫وقد اﻧﺗقد الرئيس ﺑوﺗين السياسﺔ األﻣريكيﺔ األﺣاديﺔ‬
‫واﻻﻧفراديﺔ‪ ،‬وطالب ﺑإﻧﺷاء ﻧظام ﻋالﻣي ديﻣقراطي أي ﻣﺗﻌدد‬
‫األقطاب وﺑﺗقويﺔ دور القاﻧون الدولي‪ ...‬كﻣا اﻧﺗقد "الﮭيﻣﻧﺔ‬
‫اﻻﺣﺗكاريﺔ" األﻣريكيﺔ ﻋﻠى السياسﺔ الدوليﺔ وﻣيل الوﻻيات‬
‫الﻣﺗﺣدة إلى اﻻسﺗﻌﻣال الﻣفرط لﻠقوة الﻌسكريﺔ في ﺗﻠك السياسﺔ‪...‬‬
‫وقدم ﺑوﺗين ﻣﺑادرات لﺣظر ﻧﺷر أسﻠﺣﺔ الدﻣار الﺷاﻣل في الفضاء‬
‫الﺧارﺟي‪ ،‬وإﻧﺷاء ﻣراكز دوليﺔ لﺗﺧﺻيب اليوراﻧيوم‪ ...‬وﻋارض‬
‫ﺑوﺗين إﻧﺷاء الوﻻيات الﻣﺗﺣدة لﻠدرع الﺻاروﺧيﺔ والﻣﺣطﺔ‬
‫الراداريﺔ في ﺑولﻧدا وﺟﻣﮭوريﺔ الﺗﺷيك ﺣيث اﻋﺗﺑر أن الدرع‬
‫والﻣﺣطﺔ ليسﺗا ﻣوﺟﮭﺗين ضد إيران‪ ،‬وإﻧﻣا ضد روسيا ذاﺗﮭا وردا‬

‫‪87‬‬
‫ﻋﻠى الﻣﺷروع األﻣريكي أﻋﻠن في ﺧطاﺑه السﻧوي أﻣام الﺟﻣﻌيﺔ‬
‫اﻻﺗﺣاديﺔ الروسيﺔ في ‪ 26‬أﺑريل سﻧﺔ ‪ 2007‬ﻋزم روسيا ﺗﺟﻣيد‬
‫ﻋضويﺗﮭا في ﻣﻌاھدة األسﻠﺣﺔ الﺗقﻠيديﺔ في أوروﺑا سﻧﺔ ‪...1999‬‬
‫ﺣﺗى ﺗقوم دول ﺣﻠف األطﻠﻧطي ﺑالﺗﺻديق ﻋﻠيﮭا وﺗطﺑيقﮭا‪ ،‬ﻣﺷيرا‬
‫إلى أن روسيا ﺗفﻌل ذلك ﻣن طرف واﺣد كﻣا أن الدول الﺟديدة‬
‫في ﺣﻠف األطﻠﻧطي لم ﺗوقﻊ اﻻﺗفاقيﺔ‪ ،‬ﻣﻣا يﮭدد األﻣن القوﻣي‬
‫الروسي وفى ‪ 13‬يوليو سﻧﺔ ‪ ،2007‬وقﻊ ﺑوﺗين قاﻧوﻧا يﻧص ﻋﻠى‬
‫أن ظروفا اسﺗثﻧائيﺔ ﺗﺣﺗم ﺗﺟﻣيد ﺗطﺑيق اﻻﺗفاقيﺔ‪ ...‬وفى ﺗطور‬
‫ﻣفاﺟئ‪ ،‬اقﺗرح ﺑوﺗين في ‪ 7‬يوﻧيو سﻧﺔ ‪ 2007‬ﻋﻠى الوﻻيات‬
‫الﻣﺗﺣدة الﻣﺷاركﺔ في اسﺗﻌﻣال الرادار الروسي الﻣوﺟود في ﺟاﺑاﻻ‬
‫في أذرﺑيﺟان ﻣﻧذ الﻌﮭد السوفيﺗي‪ ،‬ﻣﻣا يﻌﻧى أن الوﻻيات الﻣﺗﺣدة‬
‫لن ﺗكون ﺑﺣاﺟﺔ إلى ﺑﻧاء ﺻواريﺦ اﻋﺗراضيﺔ في ﺑولﻧدا ﻣﻊ فﺗح‬
‫الﺑاب أﻣام ﻣﺷاركﺔ دول أوروﺑيﺔ أﺧرى في الﻣﺷروع والﮭدف ﻣن‬
‫اﻻقﺗراح ھو اﺧﺗﺑار الﻧوايا األﻣريكيﺔ‪...‬‬
‫و في يوليو سﻧﺔ ‪ ،2007‬دﺧﻠت روسيا في ﻣﻧافسﺔ ﻣﻊ الوﻻيات‬
‫الﻣﺗﺣدة لﺗأكيد ﺣقوق السيادة ﻋﻠى الﻣوارد الﻧفطيﺔ في أقﺻى‬
‫ﺷﻣالي الﻣﺣيط الﻣﺗﺟﻣد الﺷﻣالي ففي ھذا الﺷﮭر‪ ،‬أرسﻠت الوﻻيات‬
‫الﻣﺗﺣدة ﺑﻌثﺔ ﻋﻠﻣيﺔ إلى ﺗﻠك الﻣﻧطقﺔ لﺑﺣث ﻣا سﻣﺗه "الفوھات‬
‫الﻣائيﺔ الﺣراريﺔ" في الﻣﻧطقﺔ وقد ﺷككت روسيا في ھذا الﮭدف‬
‫وأرسﻠت ﺑﻌثﺔ أكﺑر إلى الﻣﻧطقﺔ ﺑدﻋوى ﺗﻌيين ﺣدود الﺟرف‬
‫القاري الروسي وإثﺑات أﻧه يﺗﺻل ﺑاألراضي الروسيﺔ وقاﻣت‬
‫الﺑﻌثﺔ الروسيﺔ ﺑوضﻊ الﻌﻠم الروسي في أﻣاكن ﻣﺗﻌددة ﻣن الﻣﻧطقﺔ‬
‫ﻹثﺑات سيادة روسيا ﻋﻠيﮭا‪ ،‬وھو ﻣا أدى إلى اﺣﺗﺟاج أﻣريكي‪...‬‬
‫وقد سﻌت روسيا إلى ﺗقﻠيص الﻧفوذ األﻣريكي في آسيا الوسطى‪،‬‬

‫‪88‬‬
‫وطالﺑت الوﻻيات الﻣﺗﺣدة ﺑسﺣب قواﻋدھا الﻌسكريﺔ في‬
‫أوزﺑكسﺗان وقيرﻏيزسﺗان‪ ،‬وﺑالفﻌل ﻧﺟﺣت ﻣن ﺧالل ﻋالقاﺗﮭا‬
‫الﺟديدة ﻣﻊ أوزﺑكسﺗان في إﻧﮭاء الوﺟود الﻌسكري األﻣريكي في‬
‫ﺗﻠك الدول‪.‬‬
‫كﻣا سﻌت روسيا إلى ﺑﻧاء ﻣﺷاركﺔ إسﺗراﺗيﺟيﺔ ﻣؤسسيﺔ ﻣﻊ‬
‫الﺻين في إطار ﻣﻧظﻣﺔ ﺷﻧغﮭاي لﻠﺗﻌاون والﺗي ﺗضم دول آسيا‬
‫الوسطى ﻋدا ﺗركﻣاﻧسﺗان‪ ،‬وﺷﻣل ذلك ﻣﺷاركﺔ ﻧفطيﺔ لﻣد ﺧطوط‬
‫ﻧقل الﻧفط الروسي ﻣن سيﺑيريا إلى الﺻين‪ ،‬ﻣﻊ السﻌي إلى إﻋطاء‬
‫الﻣﻧظﻣﺔ ﺑﻌدا ﻋسكريا ففي أﻏسطس سﻧﺔ ‪ ،2007‬أﻋﻠن الﺟﻧرال‬
‫ﺑالويفسكي رئيس األركان الروسي‪ ،‬ضرورة أن يﺗم اسﺗكﻣال‬
‫الﺗﻌاون اﻻقﺗﺻادي ﺑين الدول األﻋضاء في ﻣﻧظﻣﺔ ﺷﻧغﮭاي‬
‫لﻠﺗﻌاون ﺑﺗﻧسيق ﻋسكري يﺷﻣل ﺑﻠورة ﻋقيدة ﻋسكريﺔ ﻣﺷﺗركﺔ‪،‬‬
‫وھو األﻣر الذي ﺗﺗﺣفظ ﻋﻠيه الﺻين‪ .‬سﻌت روسيا أيضا إلى إﻋادة‬
‫ﺗقويﺔ ﻋالقاﺗﮭا ﻣﻊ دول كوﻣﻧولث (راﺑطﺔ) الدول الﻣسﺗقﻠﺔ‪ ،‬ﻣن‬
‫ﺧالل ﻋدة أساليب‪ ،‬ﺑﻣا فيﮭا الدﺑﻠوﻣاسيﺔ "القسريﺔ"‪ ،‬ﺧاﺻﺔ لدى‬
‫الدول ذات الﺗوﺟه األﻣريكي في سياسﺗﮭا الﺧارﺟيﺔ وﻋﻠى األﺧص‬
‫ﺟورﺟيا فقد ﻧﺟﺣت في إﻋادة دول آسيا الوسطى إلى ﺣظيرة الﻧفوذ‬
‫الروسي ﻣن ﺧالل دﻋم ﻧظﻣﮭا ضد الﺣركات السياسيﺔ اﻹسالﻣيﺔ‬
‫الﻣﺣﻠيﺔ الﻣﻌارضﺔ وضغطت ﻋﻠى ﺟورﺟيا ﺗﺣت ﺣكم ساكاﺷفيﻠي‬
‫ذي الﺗوﺟه األﻣريكي‪ ،‬ﻣن ﺧالل دﻋم الﺣركﺔ اﻻﻧفﺻاليﺔ في‬
‫أﺑﺧازيا‪ ،‬وطرد الﺟورﺟيين الﻣقيﻣين في روسيا ووقف الواردات‬
‫ﻣن ﺟورﺟيا‪ ،‬واﻹقالل ﻣن ﻣد ﺟورﺟيا ﺑالﻧفط والغاز الطﺑيﻌي ھذا‬
‫ﺑاﻹضافﺔ إلى ﻣﺷروﻋات الﺗكاﻣل ﻣﻊ ﺑﻌض دول الكوﻣﻧولث ﻣثل‬
‫ﺑيالروسيا‪ .‬ﻣن ﻧاﺣيﺔ أﺧرى قاﻣت روسيا ﺑﺗقويﺔ ﻋالقاﺗﮭا‬

‫‪89‬‬
‫الﻣؤسسيﺔ األﻣﻧيﺔ واﻻقﺗﺻاديﺔ ﺑدول الكوﻣﻧولث ففي ‪ 7‬يوليو سﻧﺔ‬
‫‪ 2002‬ﺗم إﻧﺷاء ﻣﻧظﻣﺔ ﻣﻌاھدة األﻣن الﺟﻣاﻋي ﺑﻣوﺟب ﻣيثاق‬
‫كيﺷﻧاو‪ ،‬وﺗضم روسيا وﻣولدوفيا‪ ،‬وأوزﺑكسﺗان‪ ،‬وأرﻣيﻧيا‪،‬‬
‫وكازاﺧسﺗان‪ ،‬وقيرﻏيزسﺗان وطاﺟيكسﺗان وأذرﺑيﺟان وكان قد ﺗم‬
‫إﻧﺷاء "الﺟﻣاﻋﺔ اﻻقﺗﺻاديﺔ األوراسيﺔ" في ‪ 10‬أكﺗوﺑر سﻧﺔ‬
‫‪ 2000‬وﺗضم روسيا‪ ،‬وﺑيالروسيا‪ ،‬وكازاﺧسﺗان‪ ،‬وطاﺟيكسﺗان‪،‬‬
‫وأوزﺑكسﺗان وقيرﻏيزسﺗان‪ ،‬ولكل ﻣن الﻣﻧظﻣﺔ والﺟﻣاﻋﺔ أﻣاﻧﺔ‬
‫ﻋاﻣﺔ في ﻣوسكو‪ ،‬ﺑيد أن ﺗﺟارة روسيا ﻣﻊ دول الكوﻣﻧولث ﺗﺗراﺟﻊ‬
‫ﺑاطراد ووﺻﻠت إلى ﻧﺣو ‪ %20‬فقط ﻣن الﺗﺟارة الﺧارﺟيﺔ‬
‫الروسيﺔ‪ ،‬ﻣقاﺑل ‪ %52‬ﻣﻊ الدول الغرﺑيﺔ‪.‬‬
‫سﻌت روسيا إلى اﻻضطالع ﺑدور أقوى في ﻣﻧطقﺔ الﺷرق‬
‫األوسط‪ ،‬وﺗﺣول ﺑوﺗين ﻣن سياسﺔ الﺣياد السﻠﺑي إزاء قضايا‬
‫الﻣﻧطقﺔ إلى سياسﺔ الﻣﺑادرات وﺗﻣثل ذلك في زيارة ﺑوﺗين لﻠﺷرق‬
‫األوسط في فﺑراير سﻧﺔ ‪ 2007‬زار ﺧاللﮭا السﻌوديﺔ‪ ،‬وقطر‪،‬‬
‫واألردن وأﻋﻠن ﻣن ﺧاللﮭا أن ﻏزو الﻌراق ھو "ﻧﻣوذج‬
‫لﻠﺗﺻرفات األﻣريكيﺔ الفرديﺔ الﺗي ﺗزيد األﻣور سوءا" ودﻋا إلى‬
‫ﻋقد ﻣؤﺗﻣر إقﻠيﻣي ﻣوسﻊ لﻠﺷرق األوسط في إﺷارة إلى اﺷﺗراك‬
‫سوريا وإيران في ﺣل ﻣﺷكالت الﻣﻧطقﺔ‪.1‬‬
‫وفي سياق ﺑﺣثﮭا ﻋن إسﺗراﺗيﺟيﺔ لﻠﺗأھيل اﻻقﺗﺻادي وإﻋادة‬
‫ﺑﻧاء اقﺗﺻادھا اﺗﺑﻌت روسيا الوﺻفﺔ الغرﺑيﺔ كطريق لﻠﺗﻧﻣيﺔ‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم‪ ،‬الﺗﺣوﻻت الكﺑرى فى السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ‪،‬‬


‫الﻣﺻدر‪ :‬السياسﺔ الدوليﺔ ﻣوقﻊ ﺟريدة األھرام ﺑﺗاريﺦ ‪1‬اكﺗوﺑر ‪2007‬‬
‫ﻋﻠى الراﺑط ‪http://digital. ahram. org. eg/articles.‬‬
‫‪aspx?Serial=221968&eid=306‬‬

‫‪90‬‬
‫اﻻقﺗﺻاديﺔ وﻧظرا لﻠدور الذي ﺗﻠﻌﺑه أوروﺑا كان اﻻھﺗﻣام الروسي‬
‫ﻣﻧﺻﺑا ﻋﻠى دفﻊ الرواﺑط اﻻقﺗﺻاديﺔ ﺑيﻧﮭا وﺑين أوروﺑا قدﻣا في‬
‫اﺗﺟاه الﺗﻌاون والﺷراكﺔ‪ .‬ففي ﺟوان ‪ 1994‬وقﻌت روسيا اﺗفاق‬
‫الﺷراكﺔ والﺗﻌاون ﻣﻊ أوروﺑا الذي ﺗﻣﺣور ﺣول آليات الﺗﺟارة‬
‫وسﺑل ﺗدﻋيﻣﮭا فﺑدأت الﻣساﻋدات الفﻧيﺔ واﻻقﺗﺻاديﺔ والقروض‬
‫الﻣاليﺔ ﺗأﺧذ طريقﮭا إلى اﻻقﺗﺻاد الروسي‪ ،‬لكن ضﻌف الرقاﺑﺔ‬
‫الداﺧﻠيﺔ واسﺗﺷراء الفساد في ﻣفاﺻل الدولﺔ الروسيﺔ لم يﻌط أيﺔ‬
‫ﻧﺗائج ﻣرﻏوﺑﺔ لﮭذا الﺗﻌاون‪ ،‬كﻣا أن الﻣساﻋدات األوروﺑيﺔ كاﻧت‬
‫ﻣقروﻧﺔ ﺑﻣﺷروطيﺔ سياسيﺔ ﻣثل رﺑط القروض الﻣاليﺔ ﺑﺣقوق‬
‫اﻹﻧسان‪ .‬وﻣﻊ ﻣﺟيء ﺑوﺗين ﻋام ‪ 1999‬أﺧذ الﺗﻌاون اﻻقﺗﺻادي‬
‫األوروﺑي الروسي أﺑﻌاد أﺧرى ﻧﺣو ﺗقويﺔ الﻌالقات ودﻋم الﺗكاﻣل‬
‫اﻻقﺗﺻادي‪ ،‬وأﻋﻠن ﺑوﺗين ﻋﻠى فكرة إﻧﺷاء أوروﺑا كﺑرى دون‬
‫ﺣدود فاﺻﻠﺔ‪ ،‬كﻣا ألﻣح إلى أن روسيا ﺗطﻣح أن ﺗكون ﻋضوا في‬
‫اﻻﺗﺣاد األورﺑي في ﻏضون ‪ 10‬سﻧوات قادﻣﺔ‪ .‬فقد ﺷكل الﻣﻧفذ‬
‫األوروﺑي فضاء لروسيا لﻠﺗﺣرر ﺟزئيا ﻣن الضغوط األﻣريكيﺔ‬
‫في ھذا الﻣﺟال‪ ،‬وﻣن أھم األوراق الﺗي ﺗوظفﮭا روسيا في لﻌﺑﺔ‬
‫الﻣﺻالح اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ ورقﺔ الطاقﺔ ﺑاﻋﺗﺑار روسيا ﻣن أھم‬
‫ﻣوردي الطاقﺔ ألوروﺑا‪ ،‬ھذا الﻧفوذ الروسي الﻣﺗزايد في سوق‬
‫الﻧفط الﻌالﻣي والسوق األوروﺑيﺔ ﻣﻧح روسيا ھاﻣﺷا ﺗفاوضيا‬
‫‪1‬‬
‫واسﻌا ﺣول ﻧقاط ﺧالف إسﺗراﺗيﺟيﺔ ﻣﻊ أوروﺑا‪.‬‬

‫‪ 1‬راﺑح زﻏوﻧي ولزھر وﻧاسي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص‪27‬‬

‫‪91‬‬
‫الفصل الثالث‪:‬‬

‫آسيا الوسطى والقوقاز‬


‫في ظل الصراع الدولي على المنطقة‬

‫‪93‬‬
‫روسيا ھي أضﻌف ﺑكثير ﻣن أن ﺗﻌيد‬
‫ھيﻣﻧﺗﮭا اﻻﻣﺑرياليﺔ ﻋﻠى آسيا الوسطى‪،‬‬
‫ولكﻧﮭا أقوى ﺑكثير ﻣن إﻣكاﻧيﺔ إﺧراﺟﮭا‬
‫ﻣﻧﮭا‪.‬‬
‫ﺑريجنسﻛي‬
‫الخصائص الجيو سياسية‬
‫لمنطقة آسيا الوسطى والقوقاز‪:‬‬

‫‪ -1‬المحددات الجيو سياسية لمنطﻘة آسيا الوسطﻰ‪.‬‬


‫الموقﻊ الجغرافي‪:‬‬
‫ﺗضم ﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى كال ﻣن‪ :‬ﺗركﻣاﻧسﺗان‪،‬‬
‫وأوزﺑكسﺗان‪ ،‬وكازاﺧسﺗان وطاﺟيكسﺗان وكيرﻏيزسﺗان وﺗقﻊ ھذه‬
‫الﺑﻠدان ﻣن الﻧاﺣيﺔ الﺟﻌرافيﺔ في ﻧقطﺔ الﺗقاء ﺣضارات ﻋريقﺔ‬
‫ﻋدة‪ ،‬إذ ﺗﺗوسط ﻣا ﺑين الﺷرق والغرب إﺣدى طرق الﺗﺑادل‬
‫الﺗﺟاري الﺗاريﺧيﺔ ﺑين آسيا وأورﺑا‪ ،‬وﺑالﺗالي فﮭي ﺗقﻊ ﺑين قﻠب‬
‫الﻣﺟال الﺟغرافي الواسﻊ الﻣﺻطﻠح ﻋﻠى ﺗسﻣيﺗه أوراسيا‪.‬‬
‫ﺗﺑﻠغ ﻣساﺣﺔ آسيا الوسطى (‪)399.440.0‬كم‪ 2‬وھي‬
‫ﺑذلك ﺗﺷكل ﻧسﺑﺔ ‪ % 8.3‬ﻣن ﻣساﺣﺔ القارة اآلسياويﺔ الﺑالغﺔ‬
‫(‪)47.650.000‬كم‪ 2‬وﺗﺗوزع ھذه الﻣساﺣﺔ ﺑين األقطار الﺗي‬
‫ﺗﺷكل الكيان السياسي لﮭذا الﺟزء ﻣن القارة ويﺣده ﻣن الﺷﻣال‬
‫روسيا وﻣن الﺟﻧوب إيران وأفغاﻧسﺗان وﺑاكسﺗان وﻣن الﺷرق‬
‫‪1‬‬
‫الﺻين وﻣن الغرب ﺑﺣر قزوين‪.‬‬
‫أهمية الموقﻊ الجغرافي‪:‬‬
‫ﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى ﻋﺑارة ﻋن كﺗﻠﺔ ﻣن ﺟغرافيﺔ واﺣدة‪،‬‬
‫ففي الﺷﻣال ﺗقﻊ روسيا ﻣﺟاورة لكازاﺧسﺗان وإلى الﺷرق ﺗقﻊ‬

‫‪ 1‬ﻋﺑد هللا فالح‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪22‬‬

‫‪95‬‬
‫الﺻين ﻣﺟاورة لطاﺟيكسﺗان وﺗركﻣاﻧسﺗان كﻣا ﺗﺟاور إيران‬
‫ﺗركﻣاﻧسﺗان‪ ،‬ووفقا لدائرة الﻣﻌارف الﺑريطاﻧيﺔ فالﻣﻧطقﺔ ﻋﺑارة‬
‫ﻋن ﺑﺣر داﺧﻠي ﻋظيم‪ ،‬أي أﻧﮭا ﻣساﺣﺔ قاريﺔ واسﻌﺔ لكﻧﮭا ﺣﺑيسﺔ‪،‬‬
‫وھو األﻣر الذي يﺟﻌل دولﮭا أكثر ﺗأثرا ﺑظروف وأوضاع الدول‬
‫الﻣﺣيطﺔ ﺑﮭا والﺗي ﺗﻣثل ﺑالﻧسﺑﺔ لﮭا ﻣﻌﺑرا إلى الﺑﺣار الﻣفﺗوﺣﺔ‪.‬‬
‫كﻣا أن ﻣوقﻌﮭا الﮭام يرﺑط ﺑين آسيا وأورﺑا وﻣﻧطقﺔ الﺷرق األوسط‬
‫ﺣيث ﺗوﺻف ﺑأﻧﮭا ﺣﻠقﺔ وﺻل ﺑين الﺷرق والغرب وﺟسر يرﺑط‬
‫‪1‬‬
‫ﺑين أورﺑا وآسيا أو ﺑين الﻣسيﺣيﺔ واﻹسالم‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻋﺑد هللا فالح‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪34‬‬

‫‪96‬‬
‫دول آسيا الوسطﻰ‬

‫الﻣﺻدر ‪ :‬قرص ﻣضغوط األطﻠس الﻌرﺑي‪ ،‬لﺑﻧان‪ ،‬ﻣركز الﺗﻌريب‬


‫والﻧﺷر‪1997،‬‬

‫‪97‬‬
‫الﺗرﻛيﺑة السﻛانية لدول آسيا الوسطﻰ‪:‬‬
‫يﺑدو ﺟﻠيا وواضﺣا‪ ...‬الضﻌف الديﻣغرافي في الﻣﻧطقﺔ‬
‫ﻣقارﻧﺔ ﺑغيرھا ﻣن الﺗﺟﻣﻌات السكاﻧيﺔ في آسيا إﻧﮭا ﻣسكوﻧﺔ‬
‫ﺑﺣوالي ‪ 55‬ﻣﻠيون ساكن‪ ،‬فﮭي أي ھذه الﺟﻣﮭوريات الﺧﻣس ﻣن‬
‫آسيا الوسطى يق ّل ﻋدد سكاﻧﮭا ﻋن ﻋدد سكان ﺟارﺗﮭا إيران الﺗي‬
‫ﺗُﻌد وﺣدھا ﻣا يقارب ‪ 65‬ﻣﻠيون قاطن‪ ،‬ﻣن وﺟﮭﺔ ﻧظر أھﻣيﺔ‬
‫السكان في كل دولﺔ‪ ،‬ﺗﺑدو أوزﺑكسﺗان ﺑسكاﻧﮭا الﺑالغين ‪ 23‬ﻣﻠيوﻧا‬
‫الﺑﻠد األكثر سكاﻧا‪ ،‬ﺗﻠيﮭا كازاﺧسﺗان الﺗي ﺗﻌد ‪ 16‬ﻣﻠيوﻧا وﻋدد‬
‫سكان الدول الثالث األﺧرى يﺗراوح ﺑين ‪ 4‬و‪ 7‬ﻣاليين ساكن‪،‬‬
‫وإذا قارﻧا الﻣﻧطقﺔ ﻣﻊ ﺟيراﻧﮭا القريﺑين (إيران‪ ،‬روسيا‪ ،‬ﺑاكسﺗان‬
‫الﮭﻧد‪ ،‬الﺻين) يﺑدو واضﺣا أﻧه ﻋﻠى الﺻﻌيد الديﻣغرافي ﺗﺑدو آسيا‬
‫الوسطى كفراغ ﺣقيقي ﻣﺣاط ﺑﺑقاع ﻣﻣﺗﻠئﺔ‪.‬‬
‫ويﻌﺗﻧق أﻏﻠﺑيﺔ سكان آسيا الوسطى الدياﻧﺔ اﻹسالﻣيﺔ‪ ،‬واﻧﺗﺷر‬
‫اﻹسالم في ھذه الﻣﻧاطق ﺑوسائل ﺷﺗى ﻣﻧﮭا ﺗأثير الفﺗوﺣات األولى‬
‫في ﺻدر اﻹسالم‪ ...‬فضال ﻋن الﺗﺟار الﻣسﻠﻣين ﻋﻠى طول اﻣﺗداد‬
‫ﻧﮭر الفولغا أو ﻣا يﻌرف ﺑطريق الفراء الﻣﻣﺗد ﻣن الﺟﻧوب ﻧﺣو‬
‫الﺷﻣال‪ ،‬أو الطريق ﻧﺣو الﺻين أو ﻣا يﻌرف ﺑطريق الﺣرير‬
‫الﻣﻣﺗد ﻣن الﺷرق إلى الغرب‪ ،‬وﺗدرك دول آسيا أﻧﮭا دول إسالﻣيﺔ‬
‫وأﻧﮭا قريﺑﺔ ﻣن الﺷرق األوسط كﻣا أن لﮭا ﻋالقات ثقافيﺔ وديﻧيﺔ‬
‫قويﺔ ﻣﻊ الدول الﻌرﺑيﺔ‪ .‬كﻣا ﺗﺗﻣيز ھذه الﻣﻧطقﺔ ﺑﺗفوق الﻌﻧﺻرين‬
‫الﺗركي واﻹيراﻧي‪ ،‬ويﺑرز ذلك في كون الﻠغات الﻣﺗداولﺔ ھي‬
‫الﺗركيﺔ والفارسيﺔ إلى ﺟاﻧب الﻠغﺔ الروسيﺔ‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫الواقﻊ السياسي واالقﺗصادي‪:‬‬
‫يﻌﺗﺑر ﺑروز ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣكوﻧﺔ ﻣن ﺧﻣس دول ﻣسﺗقﻠﺔ ﻋﻠى‬
‫الساﺣﺔ الدوليﺔ‪ ...‬دفﻌﺔ واﺣدة وفي ﻣﺟال ﺟغرافي ﻣوﺣد ﺣدثا‬
‫فريدا يﺗﺟاوز في أﺑﻌاده الﻣﺧﺗﻠفﺔ إطار الﻣﺟال اﻹقﻠيﻣي‪ .‬ﺣيث ﺗقﻊ‬
‫ھذه الﺑﻠدان ﻣن الﻧاﺣيﺔ الﺟغرافيﺔ في ﻧقطﺔ الﺗقاء ﺣضارات ﻋريقﺔ‬
‫ﻋدة‪ ،‬ﺗﺗوسط ﻣا ﺑين الﺷرق والغرب إﺣدى طرق الﺗﺑادل الﺗاريﺧيﺔ‬
‫ﺑين آسيا وأورﺑا وﺑالﺗالي ﺗقﻊ في قﻠب الﻣﺟال الﺟغرافي الواسﻊ‬
‫الﻣﺻطﻠح ﻋﻠى ﺗسﻣيﺗه أوراسيا‪ ،‬كﻣا أﻧﮭا ﺗفﺻل ﺑين روسيا ﺷﻣاﻻ‬
‫وﻣﺟال الﺷرق األوسط وﺷﺑه القارة الﮭﻧديﺔ ﺟﻧوﺑا‪ ،‬وھي ﺑذلك‬
‫ﺗﻌﺗﺑر الﻣﻧطقﺔ الوسطيﺔ لإلﻣﺑراطوريات والﻣﺗﺣكﻣﺔ ﺑقﻠب الﻌالم‪.‬‬
‫وﻣا ﻣن ﺷك أن دول آسيا الوسطى ﻏﻧيﺔ ﺑكثير ﻣن الﻣوارد‬
‫األوليﺔ الضروريﺔ لﻠﺗطور والﺗقدم كالﻧفط والقطن والﺣرير‬
‫الطﺑيﻌي والذھب والفراء الطﺑيﻌي‪ ،‬فضال ﻋن اﺣﺗياطياﺗﮭا ﻣن‬
‫الغاز الطﺑيﻌي والفﺣم والﻣﻌادن الﺣديديﺔ ﻣثل الﻧﺣاس والزﻧك‬
‫والفضﺔ لكن ھذه الﺟﻣﮭوريات ﺗﺑقى ﻣﻊ ذلك فقيرة وﺗﻌاﻧي ﻣن‬
‫ﻣﺷكالت ﺗﻧﻣيﺔ وﺗطور أكثر ﻣن الﺟﻣﮭوريات السوفياﺗيﺔ األﺧرى‪،‬‬
‫ويﻌود السﺑب في ذلك إلى وقوﻋﮭا ﺗﺣت اﻻسﺗﻌﻣار األورﺑي‪ ،‬ثم‬
‫ﻣﻌاﻧاﺗﮭا ﻣن آثار ﺑرﻧاﻣج اﻹﺗﺣاد السوفيﺗي لإلﺻالح اﻻقﺗﺻادي‬
‫‪1‬‬
‫وﺗﺣرير األسﻌار ﻣﻣا فاقم ﻣن ﻣﺷاكﻠﮭا اﻻقﺗﺻاديﺔ‪.‬‬
‫وﻋقب ﺗفكك اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي‪ ،‬وﺧالل ﺣقﺑﺔ الﺗسﻌيﻧيات‪،‬‬
‫ﺷﮭدت ﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى والقوقاز ﺗراﺟﻌًا واض ًﺣا لروسيا في‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد رضا ﺟﻠيﻠي وﺗيري كيﻠيز‪ ،‬ﺟيو سياسيﺔ آسيا الوسطى‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ‪:‬‬
‫ﻋﻠي ﻣقﻠد‪ ،‬ﻣﻧﺷورات دار اﻻسﺗقالل لﻠثقافﺔ والﻌﻠوم القاﻧوﻧيﺔ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﺑيروت‬
‫‪ ،2001‬ص‪6-5‬‬

‫‪99‬‬
‫ﻣواﺟﮭﺔ ﻧﻣو ﻣﺗزايد في الﻧفوذ األﻣريكي‪ ،‬فقد رأت القيادة الروسيﺔ‬
‫آﻧذاك أن الﺟﻣﮭوريات اﻹسالﻣيﺔ السوفيﺗيﺔ في آسيا الوسطى‬
‫والقوقاز ﺗﻣثل ﻋﺑئًا ﻋﻠى روسيا‪ ،‬وﺑدا وكأن روسيا ﺗريد أن ﺗﺗﻧﺻل‬
‫ﻣن ﻋالقاﺗﮭا الﺗي داﻣت قروﻧًا ﻣﻊ ھذه الﻣﻧطقﺔ‪ ،‬وكاﻧت ﺗأﻣل أن‬
‫يكون الكوﻣﻧولث ﺗﺟﻣﻌًا يضم الدول السالفيﺔ الثالث‪ :‬روسيا‬
‫وأوكراﻧيا وﺑﻠوروسيا‪ ،‬ويﺗﺟه ﻏرﺑًا ليضم دول ﺷرق ووسط أورﺑا‪.‬‬
‫وﺑالفﻌل اﺟﺗﻣﻊ قادة الدول الثالث وأﻋﻠﻧوا قيام كوﻣﻧولث الدول‬
‫الﻣسﺗقﻠﺔ في ‪ 8‬ديسﻣﺑر ‪ ،1991‬وﺟﻌﻠوا ﻣن ﻣيﻧسك ﻋاﺻﻣﺔ‬
‫ﺑﻠوروسيا الﻣقر الرئيس له‪ .‬إﻻ أن الكوﻣﻧولث لم يﺗﺟه ﻏرﺑًا‪ ،‬وإﻧﻣا‬
‫اﺗﺟه ﺷرقًا‪ ،‬واﺗسﻊ ليضم ﺟﻣﮭوريات اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي الساﺑق‪،‬‬
‫فيﻣا ﻋدا دول الﺑﻠطيق الثالث‪ ،‬وذلك لﻌدة أسﺑاب كان ﻣن أھﻣﮭا‬
‫إﺻرار دول آسيا الوسطى ﻋﻠى اﻻﻧضﻣام إليه‪ ،‬وﺷﺟﺑﮭم الدول‬
‫الثالث ﻻﻧفرادھم ﺑﮭذه الﻣﺑادرة‪ .‬وﻣن ثم كان اﻻﺟﺗﻣاع الﺗأسيسي‬
‫لﻠكوﻣﻧولث في آلﻣأﺗا ﻋاﺻﻣﺔ كازاﺧسﺗان في ‪ 21‬ديسﻣﺑر ‪،1991‬‬
‫وﺣضرﺗه إﺣدى ﻋﺷرة دولﺔ ﻣن ﺟﻣﮭوريات اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي‬
‫الساﺑق‪ .‬وفي ديسﻣﺑر ‪ 1993‬اﻧضﻣت ﺟورﺟيا إلى الكوﻣﻧولث‪،‬‬
‫وذلك ﺑﻌد إﻋالن الرئيس الﺟورﺟي إدوارد ﺷيفرﻧادزة‪ ،‬في أكﺗوﺑر‬
‫‪ ،1993‬رﻏﺑﺔ ﺑالده في اﻻﻧضﻣام إلى الكوﻣﻧولث‪ ،‬ليﺻل ﻋدد‬
‫أﻋضائه إلى اثﻧﺗي ﻋﺷرة دولﺔ‪.‬‬
‫ورﻏم ھذا اسﺗﻣر ﺗراﺟﻊ دول آسيا الوسطى والقوقاز في‬
‫أولويات السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ‪ .‬كﻣا ﺗﺧﻠفت روسيا ﻋن‬
‫الوﻻيات الﻣﺗﺣدة وﻏيرھا ﻣن الدول الﺗي سارﻋت إلى إقاﻣﺔ‬
‫ﻋالقات دﺑﻠوﻣاسيﺔ رسﻣيﺔ ﻣﻊ ھذه الدول ﺑل ولم ﺗﺑذل روسيا الﺟﮭد‬
‫الالزم لﺣﻣايﺔ الروس والﻣﺗﺣدثين ﺑالروسيﺔ في ھذه الدول‪،‬‬

‫‪100‬‬
‫واسﺗغاللﮭم كﻌاﻣل ﺗواﺻل ھام ﺑين روسيا وھذه الدول‪ .‬فﮭﻧاك ‪25‬‬
‫ﻣﻠيون روسي ﻣﻧﺗﺷرون في ﺟﻣﮭوريات اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي الساﺑق‬
‫ويﻣثﻠون ﻧسﺑﺔ يﻌﺗد ﺑﮭا ﻣن سكان ﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى‬
‫والقوقاز ‪.1‬‬
‫ﺑالرﻏم ﻣن ذلك ﻻ زالت دول وسط آسيا ﻣﻌﺗﻣدة في ﻣﺑادﻻﺗﮭا‬
‫الﺗﺟاريﺔ وﻋالقاﺗﮭا اﻻقﺗﺻاديﺔ ﻣﻊ روسيا وھو ﺗﺑادل ﻏير ﻣﺗكافئ‬
‫ﺑين الﻣركز الروسي وأﻋضاء راﺑطﺔ الدول الﻣسﺗقﻠﺔ‪ ،‬أﺑقى ﻋﻠى‬
‫راﺑطﺔ الﺗﺑﻌيﺔ ﻣن ﺧالل إﺑقاء سيطرﺗﮭا ﻋﻠى ﺗﺻدير ﻣوارد الﺑالد‬
‫ﻣن الﻧفط والغاز‪.‬‬
‫وﺗﺟد دول وسط آسيا ﺻﻌوﺑﺔ في دﺧول السوق الﻌالﻣي‪،‬‬
‫وﺗفضيﻠﮭا اﻻﻋﺗﻣاد ﻋﻠى الﺗﺑادل الﺗﺟاري الداﺧﻠي ﺗأثرا ﺑاألﻧظﻣﺔ‬
‫الﺗي ﺣكﻣﺗﮭا والﺗي سﻌت إلى فك اﻻرﺗﺑاط ﺑالسوق الرأسﻣالي‬
‫الﻌالﻣي ‪.2‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد الﻧﻌﻣاﻧي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص‪1‬‬


‫‪ 2‬ﻣﺣﻣد رضا ﺟﻠيﻠي وﺗيري كيﻠيز‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪3‬‬

‫‪101‬‬
‫المساحة‬ ‫عدد السﻛان‬
‫ﻧظام الﺣكم‬ ‫الﻠغﺔ‬ ‫‪2‬‬ ‫الﻌاﺻﻣﺔ‬ ‫الدولﺔ‬
‫ﻛم‬ ‫(مﻠيون نسمة)‬
‫‪1‬‬

‫ﺟﻣﮭوري‬ ‫كزﺧيﺔ‬ ‫‪2.724.9‬‬


‫‪16.2‬‬ ‫أسﺗاﻧا‬ ‫كازاﺧسﺗان‬
‫رئاسي‬ ‫وروسيﺔ‬ ‫‪00‬‬

‫ﺟﻣﮭوري‬ ‫ﺗركﻣاﻧيﺔ‬
‫‪488.1‬‬ ‫‪5.1‬‬ ‫ﻋﺷق آﺑاد‬ ‫ﺗركﻣاﻧسﺗان‬
‫رئاسي‬ ‫وروسيﺔ‬

‫‪102‬‬
‫ﺟﻣﮭوري‬ ‫أوزﺑكيﺔ‬
‫‪447.4‬‬ ‫‪27.6‬‬ ‫طﺷقﻧد‬ ‫أوزﺑكسﺗان‬
‫رئاسي‬ ‫وروسيﺔ‬

‫ﺟﻣﮭوري‬ ‫قيرﻏيزيﺔ‬
‫‪199.9‬‬ ‫‪5.6‬‬ ‫ﺑﺷكيك‬ ‫قيرﻏزسﺗان‬
‫رئاسي‬ ‫وروسيﺔ‬
‫الﺗﻛوين السياسي لجمهوريات آسيا الوسطﻰ‬

‫ﺟﻣﮭوري‬ ‫طاﺟيكيﺔ‬
‫‪143.1‬‬ ‫‪7.2‬‬ ‫دوﺷﻧﺑه‬ ‫طاﺟيكسﺗان‬
‫رئاسي‬ ‫وروسيﺔ‬

‫‪ 1‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص ‪3‬‬


1
‫دول الﻘوقاز‬

http://ar. wikipedia. org/wiki/ 1

103
‫‪ 2‬المحددات الجيو سياسية لمنطﻘة الﻘوقاز‬

‫الموقﻊ الجغرافي‪:‬‬
‫ي يقﻊ ﺑين الﺑﺣر األسود في الغرب وﺑﺣر‬ ‫القوقاز إقﻠيم ﺟﺑﻠ ٌّ‬
‫قزوين في الﺷرق‪ ،‬وﺗﺗقاسم اﻹقﻠيم أرﺑﻊ دول ھي‪ :‬روسيا‪،‬‬
‫وﺟورﺟيا‪ ،‬وأذرﺑيﺟان‪ ،‬وأرﻣيﻧيا‪ .‬وقد ﺻار اﻹقﻠيم ﻋﺑر الﻌﺻور‬
‫ﻣسارا ھا ًّﻣا ﻻﻧﺗقال الثقافات ﻣن الﺟﻧوب‪ ،‬ﺣيث ﺣضارات الﮭالل‬ ‫ً‬
‫الﺧﺻيب إلى الﺷﻣال (الﺣضارة الروسيﺔ)‪ ،‬وإلى الغرب‬
‫(ﺣضارات ﺷرق أورﺑا)‪ ،‬وكذلك إلى الﺷرق (آسيا الوسطى)‪.‬‬
‫ورﻏم أن اﻹقﻠيم ﺑﻣوقﻌه ھذا يﻣثل ﺣضارة أوروآسيويﺔ‪ ،‬فإن‬
‫الﺗأثير الثقافي اآلسيوي أكثر وضو ًﺣا فيه‪.‬‬
‫وﺗﻣﺗد ﺟﺑال القوقاز ﺑﺻفﺔ ﻋاﻣﺔ ﻣن الﺷﻣال الغرﺑي إلى‬
‫الﺟﻧوب الﺷرقي‪ ،‬ﻣؤلفﺔ ﻣن سﻠسﻠﺗي ﺟﺑال القوقاز الكﺑرى في‬
‫الﺷﻣال‪ ،‬والقوقاز الﺻغرى في الﺟﻧوب‪ .‬ويﺗسم القوقاز ﺑﺗﻧوع‬
‫ﻣﻌﺑرا أرضيا ﻣرت‬‫ً‬ ‫ﻋرقي كﺑير‪ ،‬وھو أﻣر راﺟﻊ إلى كون اﻹقﻠيم‬
‫ﻋﺑره ﻣوﺟات ﺑﺷريﺔ ﻋديدة ﺗﺣركت ﺑين آسيا وأوروﺑا وأفريقيا‪..‬‬
‫ﻋا لغويًّا ﺷديدًا‪ ،‬يﻧدر أن ﻧﺟد له‬‫واسﺗﺗﺑﻊ ذلك الﺗﻧوع الﻌرقي ﺗﻧو ً‬
‫ﻣثيالً في ﺑقﻌﺔ ﻣن األرض لﮭا ﺗﻠك الﻣساﺣﺔ الﺻغيرة‪.‬‬
‫السﻛان‪:‬‬
‫ويقطن القوقاز أكثر ﻣن ‪ 50‬ﺷﻌﺑًا يﺗﺣدثون ﺑﻠغات ﻣﺧﺗﻠفﺔ‬
‫ولﮭﺟات ﻣﺗﻧوﻋﺔ‪ ،‬وقد أﺻاب كثير ﻣن الرﺣالﺔ الﻌرب الذين ﺟاﺑوا‬
‫كثيرا ﻣن الﻣﻌﻠوﻣات الﺗي ﻋرفﮭا الﻌالم ﻋن القوقاز‬ ‫اﻹقﻠيم ودوﻧوا ً‬
‫فيﻣا ﺑﻌد ﺣيﻧﻣا أطﻠقوا ﻋﻠى اﻹقﻠيم ﻣسﻣى "ﺟﺑل األلسن" في إﺷارة‬
‫ﺑﻠيغﺔ إلى الﺗﻧوع الكﺑير في لغات اﻹقﻠيم‪ .‬وﺗﻣثل سواﺣل الﺑﺣر‬

‫‪104‬‬
‫األسود وسﮭول األوديﺔ أكثر ﻣﻧاطق الﺗركز السكاﻧي‪ ،‬ﺑسﺑب‬
‫الﻧﺷاط الزراﻋي الكثيف‪ ،‬كﻣا أن سفوح الﺟﺑال ﺗﺣوي ھي األﺧرى‬
‫أﻋدادا ً كﺑيرة ﻣن السكان‪ ...‬وﻋﻠى الﻧقيض ﺗﺷﮭد األقاليم األلﺑيﺔ‬
‫‪1‬‬
‫ﺗﺑﻌثرا سكاﻧيًّا‪.‬‬
‫ً‬ ‫الﻣرﺗفﻌﺔ‬
‫ويﻧقسم القوقاز إلى قسﻣين‪ :‬القوقاز الﺟﻧوﺑي‪ ،‬والقوقاز الﺷﻣالي‬
‫الذي يﻌرف ﺑالقوقاز الروسي وھو ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن الﺟﻣﮭوريات‬
‫الﺻغيرة الﺗي ﺗﺷكل ﺟزءا ﻣن روسيا اﻻﺗﺣاديﺔ‪ ،‬وھي‪ :‬داﻏسﺗان‪،‬‬
‫الﺷيﺷان أﻧﺟوﺷيا أوسيﺗيا الﺷﻣاليﺔ‪ ،‬أديغيا‪ ،‬كﺑارديﻧو ﺑﻠكاري‪ ،‬قرة‬
‫ﺷاي ﺷركسيا‪.‬‬
‫يﺣد دول القوقاز ﻣن الﺷﻣال روسيا‪ ،‬وﻣن الﺟﻧوب إيران‪ ،‬وﻣن‬
‫الﺟﻧوب الغرﺑي ﺗركيا‪ ،‬وﻣن الﺷرق داﻏسﺗان (روسيا) وﺑﺣر‬
‫قزوين‪ ،‬وﻣن الغرب الﺑﺣر األسود‪ .‬ويﺑﻠغ ﻋدد سكان ﻣﻧطقﺔ‬
‫القوقاز ﻣا يقارب ‪ 20‬ﻣﻠيون ﻧسﻣﺔ‪ ،‬وﺗﺑﻠغ ﻣساﺣﺔ الﻣﻧطقﺔ ﺣوالي‬
‫‪2‬‬
‫‪ 600‬ألف كيﻠو ﻣﺗر ﻣرﺑﻊ‪.‬‬

‫الواقﻊ االقﺗصادي‪ :‬ﺗﻧﺗج الﻣﻧاﺟم األرﻣﻧيﺔ الﻧﺣاس والزﻧك‬


‫والذھب والرﺻاص‪ .‬ﺑيﻧﻣا ﺗﻧﺗج الغالﺑيﺔ الﻌظﻣى ﻣن الطاقﺔ ﻣن‬
‫الوقود الﻣسﺗورد ﻣن روسيا‪ ،‬ﺑﻣا في ذلك الغاز والوقود الﻧووي‬
‫(لﻣﺣطﺗﮭا الوﺣيدة لﻠطاقﺔ الﻧوويﺔ)‪ .‬الﻣﺻدر الرئيسي لﻠطاقﺔ‬

‫‪ 1‬د‪ .‬راﻏب السرﺟاﻧي‪ ،‬ﺗاريﺦ اﻹسالم في القوقاز‪ ،‬ﻣوقﻊ قﺻﺔ اﻹسالم‪:‬‬


‫ﺑﺗاريﺦ ‪ 1 :47pm،2012/04/02‬ﻋﻠى الراﺑط ‪:‬‬
‫‪http://islamstory. com/ar‬‬
‫‪http://ar. wikipedia. org/wiki/ 2‬‬

‫‪105‬‬
‫الﻣﺣﻠيﺔ ھي الطاقﺔ الكﮭرﻣائيﺔ‪ .‬ﺗوﺟد في الﺑالد كﻣيات ﺻغيرة ﻣن‬
‫الفﺣم والغاز والﺑﺗرول لكن لم يﺟر اسﺗثﻣارھا ﺣﺗى اآلن‪.‬‬
‫ثﻠثا أذرﺑيﺟان ﻏﻧي ﺑالﻧفط والغاز الطﺑيﻌي‪ .‬ﺗﻣﺗﻠك ﻣﻧطقﺔ‬
‫القوقاز الﺻغرى أﻏﻠب ﻣﺧزون الﺑالد ﻣن الذھب الفضﺔ الﺣديد‬
‫الﻧﺣاس الﺗيﺗاﻧيوم الكروم الﻣﻧغﻧيز الكوﺑالت والﻣوليﺑدﻧوم‬
‫والﺧاﻣات الﻣركب واﻹثﻣد‪ .‬في سﺑﺗﻣﺑر ‪ ،1994‬ﺗم ﺗوقيﻊ ﻋقد‬
‫لﻣدة ‪ 30‬ﻋاﻣا ً ﺑين ﺷركﺔ الﻧفط الﺣكوﻣيﺔ لﺟﻣﮭوريﺔ أذرﺑيﺟان‬
‫(سوكار) و‪ 13‬ﻣن ﺷركات الﻧفط ﻣن ﺑيﻧﮭا أﻣوكو وﺑي ﺑي‬
‫وإكسون ﻣوﺑيل ولوك أويل وﺷﺗات أويل‪ .‬لكون ﺷركات الﻧفط‬
‫الغرﺑيﺔ قادرة ﻋﻠى اﻻسﺗفادة ﻣن ﺣقول الﻧفط في الﻣياه الﻌﻣيقﺔ‬
‫الﺗي لم يسﺗطﻊ السوفيات الوﺻول إليﮭا‪ ،‬ﺗﻌﺗﺑر أذرﺑيﺟان واﺣدة‬
‫ﻣن أھم الﻣواقﻊ في الﻌالم لﻠﺗﻧقيب ﻋن الﻧفط‪ .‬في الوقت ﻧفسه ﺗم‬
‫ﺗأسيس ﺻﻧدوق الﻧفط الﺣكوﻣي ﺑوﺻفه ﺻﻧدوقا ﻣن ﺧارج‬
‫الﻣيزاﻧيﺔ لضﻣان اسﺗقرار اﻻقﺗﺻاد الكﻠي والﺷفافيﺔ في إدارة‬
‫ﻋائدات الﻧفط والﺣفاظ ﻋﻠى الﻣوارد لألﺟيال الﻣقﺑﻠﺔ‪.‬‬
‫ﺗﻧدﻣج ﺟورﺟيا ﺑﺻورة ﻣﺗزايدة في ﺷﺑكﺔ الﺗﺟارة الﻌالﻣيﺔ‪:‬‬
‫ﺣيث ﺷكﻠت الواردات والﺻادرات في ﻋام ‪ 2006‬ﻣا ﻧسﺑﺗه ‪٪10‬‬
‫و‪ ٪18‬ﻣن الﻧاﺗج الﻣﺣﻠي اﻹﺟﻣالي ﻋﻠى الﺗوالي‪ .‬ﺗﺷﻣل واردات‬
‫ﺟورﺟيا الرئيسيﺔ الغاز الطﺑيﻌي والﻣﻧﺗﺟات الﻧفطيﺔ‪ ،‬واآلﻻت‬
‫وقطﻊ الغيار‪ ،‬وﻣﻌدات الﻧقل‪.‬‬
‫ﺗﺗﺣول ﺟورﺟيا ﺣاليا ً إلى ﻣﻌﺑر دولي ﻣن ﺧالل ﻣيﻧائي ﺑاﺗوﻣي‬
‫وﺑوﺗي‪ ،‬كﻣا أن ﺧط أﻧاﺑيب الﻧفط ﻣن ﺑاكو يﻣر ﻣن ﺗﺑﻠيسي إلى‬
‫ﺟيﮭان ﺧط أﻧاﺑيب ﺑاكو‪ -‬ﺗﺑيﻠيسي ‪ -‬ﺟيﮭان (‪ ،)BTC‬واﻧﺑوب ﻏاز‬
‫ﻣواز‪ ،‬ﺧط أﻧاﺑيب ﺟﻧوب القوقاز‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫ﺗﺗزايد أھﻣيﺔ القطاع السياﺣي في اﻻقﺗﺻاد الﺟورﺟي‪ .‬ﺣيث‬
‫ﺟﻠب ﻣا يقرب ﻣن ﻣﻠيون سائح ‪ 313‬ﻣﻠيون دوﻻر لﮭذا الﺑﻠد في‬
‫‪ .2006‬وفقا لﻠﺣكوﻣﺔ‪ ،‬يوﺟد ‪ 103‬ﻣﻧﺗﺟﻌات في ﻣﻧاطق ﻣﻧاﺧيﺔ‬
‫ﻣﺧﺗﻠفﺔ في ﺟورﺟيا‪ .‬ﺗﺷﻣل ﻣراكز الﺟذب السياﺣيﺔ أكثر ﻣن‬
‫‪ 2000‬ﻣن اليﻧاﺑيﻊ الﻣﻌدﻧيﺔ‪ ،‬وأكثر ﻣن ‪ 12،000‬ﻣن الﻣﻌالم‬
‫الﺗاريﺧيﺔ والثقافيﺔ أرﺑﻌﺔ ﻣﻧﮭا ﻣﺻﻧفﺔ ﻣن قﺑل اليوﻧسكو ﻋﻠى أﻧﮭا‬
‫ﻣواقﻊ الﺗراث الﻌالﻣي ‪.1‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬راﻏب السرﺟاﻧي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ﻋﻠى الراﺑط ‪:‬‬


‫‪http://islamstory. com/ar‬‬

‫‪107‬‬
‫‪1‬‬
‫دول الﻘوقاز المساحة والسﻛان‬

‫ﺗاريﺦ‬ ‫ﻧظام‬ ‫الﻣساﺣﺔ كم‪2‬‬ ‫ﻋدد السكان‬


‫اﻻسﺗقالل‬ ‫الﺣكم‬ ‫(ﻣﻠيون ﻧسﻣﺔ)‬ ‫الدولﺔ‬

‫أيار‬ ‫‪26‬‬ ‫ﺟﻣﮭوري‬


‫‪1991‬‬ ‫رئاسي‬ ‫‪69.700‬‬ ‫‪4.436.400‬‬ ‫ﺟورﺟيا‬

‫‪21‬سﺑﺗﻣﺑر‬
‫‪1991‬‬ ‫‪//‬‬ ‫‪29.743‬‬ ‫‪3.250.000‬‬ ‫أرﻣيﻧيا‬

‫‪30‬أﻏسطس‬
‫‪1991‬‬ ‫‪//‬‬ ‫‪86.600‬‬ ‫‪7.953.438‬‬ ‫أذرﺑيﺟان‬

‫القوقاز‬
‫‪//‬‬ ‫‪400.000‬‬ ‫‪3.835.000‬‬ ‫الروسي‬

‫‪http://ar. wikipedia. org/wiki/ 1‬‬

‫‪108‬‬
‫اﺣﺗياطيات ﺑﻌض دول آسيا الوسطى والقوقاز ﻣن الﻧفط والغاز‬
‫‪1‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد رضا ﺟﻠيﻠي و ﺗيري كيﻠيز‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪158‬‬

‫‪109‬‬
‫‪ :3‬راﺑطة أو (ﻛومنولث) الدول المسﺗﻘﻠة‪:‬‬
‫كوﻣﻧولث الدول الﻣسﺗقﻠﺔ راﺑطﺔ ﺗﺗكون ﻣن ‪ 12‬دولﺔ كاﻧت‬
‫ﺗكون في الساﺑق ﺟﻣﮭوريات اﻻﺗﺣاد السوفييﺗي‪ .‬وھذه الدول‬ ‫ِّ‬
‫األﻋضاء ھي‪ :‬أرﻣيﻧيا‪ ،‬وأذرﺑيﺟان‪ ،‬وﺟورﺟيا‪ ،‬وروسيا الﺑيضاء‪،‬‬
‫وكازاﺧسﺗان وقيرﻏزسﺗان وﻣولدوفا‪ ،‬وروسيا‪ ،‬وطاﺟكسﺗان‪،‬‬
‫وﺗركﻣاﻧسﺗان‪ ،‬وأوكراﻧيا‪ ،‬وأوزﺑكسﺗان وﻋاﺻﻣﺔ الراﺑطﺔ ھي‬
‫ﻣيﻧسك في روسيا الﺑيضاء‪.‬‬
‫كان اﻻﺗﺣاد السوفييﺗي (الساﺑق) يﺗكون ﻣن ‪ 15‬ﺟﻣﮭوريﺔ‪.‬‬
‫وفي ﻋام ‪1991‬م ﺑدأت الﺟﻣﮭوريات في إﻋالن اسﺗقاللﮭا‪ ،‬وﺑدأ‬
‫اﻻﺗﺣاد السوفييﺗي يﻧقسم إلى أﺟزاء‪ .‬وكوﻧت اﻹثﻧﺗا ﻋﺷرة‬
‫ﺟﻣﮭوريﺔ كوﻣﻧولث الدول الﻣسﺗقﻠﺔ في ديسﻣﺑر ﻣن الﻌام ﻧفسه‪،‬‬
‫في وقت قﺻير قﺑل أن يﺧﺗفي اﻻﺗﺣاد السوفييﺗي‪.‬‬
‫والثالث ﺟﻣﮭوريات الساﺑقﺔ الﺗي لم ﺗﻧضم إلى الﻣﻧظﻣﺔ ھي‪:‬‬
‫أسﺗوﻧيا‪ ،‬وﻻﺗفيا‪ ،‬وليﺗواﻧيا‪ .‬وﺗكون كوﻣﻧولث الدول لﻌدة أسﺑاب‬
‫ﻣﻧﮭا‪ ،‬أرادة الكثير ﻣن الدول األﻋضاء الﻣﺣافظﺔ ﻋﻠى الرواﺑط‬
‫اﻻقﺗﺻاديﺔ الﺗي كاﻧت ﺑيﻧﮭا كﺟﻣﮭوريات سوفييﺗيﺔ ساﺑقﺔ‪ ،‬فﻌﻣﻠوا‬
‫ﻋﻠى ﺑﻧاء قوة ﻋسكريﺔ ﻣﺷﺗركﺔ ﺗسﺗطيﻊ ﺻياﻧﺔ اسﺗقالل أراضي‬
‫ضا أن‬
‫كل دولﺔ في ھذه الﻣﻧظﻣﺔ‪ .‬وكان اﻋﺗقاد أﻋضاء الﻣﻧظﻣﺔ أي ً‬
‫الكوﻣﻧولث رﺑﻣا يطﻣئن ﺑقيﺔ دول الﻌالم ﺑأن أسﻠﺣﺔ اﻻﺗﺣاد‬
‫السوفييﺗي (الساﺑق) الﻧوويﺔ سوف ﺗﺑقى ﺗﺣت سيطرة قيادة واﺣدة‪.‬‬
‫وفﻌالً وضﻌت األسﻠﺣﺔ ﺗﺣت سيطرة الﻣﻧظﻣﺔ‪ .‬وﻋﻠى الرﻏم ﻣن‬
‫أن ھذه الﻣﻧظﻣﺔ كاﻧت ﺗﮭدف إلى ﻣساﻋدة الﺟﻣﮭوريات الساﺑقﺔ‬
‫ﻋﻠى اﻻسﺗﻣرار في الﻌﻣل الﻣﺷﺗرك‪ ،‬إﻻ أﻧﮭم سرﻋان ﻣا ﺑدأوا في‬
‫الﻧزاع ﺣول ﻣوضوﻋات ﻣﺧﺗﻠفﺔ‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫لقد ھدف كوﻣﻧولث الدول الﻣسﺗقﻠﺔ في األساس إلى ﺗكوين قوة‬
‫ﻋسكريﺔ واﺣدة لكل أﻋضائه‪ ،‬إﻻ أن كالً ﻣن أذرﺑيﺟان وروسيا‬
‫الﺑيضاء وكازاﺧسﺗان وروسيا وأوكراﻧيا قررت أن ﺗﻧﺷئ قواﺗﮭا‬
‫الﻣسﻠﺣﺔ الﺧاﺻﺔ ﺑﮭا‪ ...‬ورفض ﻣﻌظم أﻋضاء كوﻣﻧولث الدول‬
‫الﻣسﺗقﻠﺔ فكرة روسيا ﻹﻧﺷاء سوق اقﺗﺻاديﺔ ﻣﺷﺗركﺔ يسﺗﻣر فيﮭا‬
‫الروﺑل ـ الوﺣدة الﻧقديﺔ السوفييﺗيﺔ ـ في الﺗداول‪ .‬وﺑدﻻً ﻣن ذلك‬
‫فإﻧﮭا اﺧﺗارت أن ﺗﻧﺷئ ﻋﻣالﺗﮭا الﺧاﺻﺔ ﺑﮭا‪.‬‬
‫ويﻌﺗقد الﺧﺑراء أن الكثير ﻣن ﻣﺷكالت ھذه الﻣﻧظﻣﺔ ﺗﻧﺷأ ﻣن‬
‫ﻋدم وﺟود ھدف واضح‪ .‬وﺗرى روسيا أن كوﻣﻧولث الدول‬
‫الﻣسﺗقﻠﺔ يﺟب أن ﺗسﺗﻣر‪ .‬ولكن األﻋضاء اآلﺧرين يﻌﺑرون ﻋن‬
‫ﺧوفﮭم ﻣن أن روسيا ـ ﺑﺣﺟﻣﮭا وقوﺗﮭا الكﺑيرة ـ سوف ﺗسيطر‬
‫ﻋﻠى ھذه الﻣﻧظﻣﺔ ويرى ﺑﻌض األﻋضاء أن كوﻣﻧولث الدول‬
‫الﻣسﺗقﻠﺔ اﺗﺣاد ﻣؤقت يساﻋد فقط الﺟﻣﮭوريات الساﺑقﺔ ﻋﻠى‬
‫اﻻسﺗقالل الﺣقيقي‪ .‬وﻻ يﻣﻠك كوﻣﻧولث الدول الﻣسﺗقﻠﺔ ﻣيثاقًا‬
‫ضا سﻠطﺔ ﺣاكﻣﺔ ﺗﺗﺧذ‬ ‫يوضح واﺟﺑاﺗه وسﻠطاﺗه‪ ،‬ويﻧقﺻه أي ً‬
‫القرارات وﺗﺗﻌاﻣل ﻣﻊ الﻧزاﻋات‪ .‬ويﺗساءل الكثير ﻣن الﻧاس في‬
‫‪1‬‬
‫الدول األﻋضاء ﻋن ﺟدواھا‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد رضا ﺟﻠيﻠي وﺗيري كيﻠيز‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪161-158‬‬

‫‪111‬‬
‫األهمية اإلستراتيجية لمنطقة آسيا‬
‫الوسطى والقوقاز بالنسبة لروسيا‬

‫‪ :1‬أهمية المنطﻘة عسﻛريا واقﺗصاديا وأمنيا‪:‬‬


‫أ عسﻛريا‪:‬‬
‫ﺗﻌﺗﺑر روسيا الﻣﻧطقﺔ ﺣديقﺗﮭا الﺧﻠفيﺔ‪ ،‬وﻣﻧطقﺔ ﻧفوذھا‬
‫الﺣﺻري‪ .‬ﺣيث ﺧضﻌت الﻣﻧطقﺔ لﻠسيطرة الروسيﺔ ﻣﻧذ القرن‬
‫الﺗاسﻊ ﻋﺷر‪ .‬وقد ﺧرﺟت أذرﺑيﺟان ﻣن الﺣظيرة الروسيﺔ ﻋام‬
‫‪ ،1994‬ﺑيﻧﻣا ﺷﮭدت قرﻏزيسﺗان ﺻراﻋا ً ﻋﻠى الﻧفوذ ﺑين‬
‫الوﻻيات الﻣﺗﺣدة وروسيا أسفر ﻋن فوز روسيا وﺗﺻفيﺔ القاﻋدة‬
‫األﻣريكيﺔ في ﻋام ‪ ،2010‬ﺑيﻧﻣا ﺷددت روسيا ﻣن قﺑضﺗﮭا ﻋﻠى‬
‫طاﺟيكسﺗان‪ ،‬ودﻋﻣت ﻋالقاﺗﮭا ﻣﻊ كازﺧسﺗان وﺗركﻣﻧسﺗان‪،‬‬
‫وﺗأرﺟﺣت ﻋالقﺗﮭا ﻣﻊ أوزﺑكسﺗان‪ .‬ويزداد الﺻراع ﺣدة ﻣﻊ‬
‫اقﺗراب ﻣوﻋد اﻧسﺣاب قوات الﻧاﺗو ﻣن أفغاﻧسﺗان‪ ،‬واسﺗﻌداد‬
‫روسيا لﻣلء الفراغ‪1.‬‬
‫وﻣن أﺟل كل ذلك ﺗم ﺗأسيس راﺑطﺔ الدول الﻣسﺗقﻠﺔ‪ :‬وھي‪...‬‬
‫ليست ﻣﺟرد ﺗﻧظيم رﻣزي ﺑﺣت وإﻧﻣا ﻣﻧظﻣﺔ ﺗﺗﺣد ﺑﺗﻌاون ﻣﺗﻣيز‬
‫وﺗﺷﻣل ﻣﺟاﻻت الﺗﺟارة والﺗﻣويل والقواﻧين‪ ،‬واألﻣن‪ .‬كﻣا أﻧﮭا‬
‫ﺗﻌزز الﺗﻌاون في ﻣﺟال الديﻣقراطيﺔ وﻣكافﺣﺔ الﺗﮭريب‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد الﻧﻌﻣاﻧي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق ص‪2‬‬

‫‪112‬‬
‫واﻹرھاب‪ .‬وﺗﺷارك ﻣﻧظﻣﺔ راﺑطﺔ الدول الﻣسﺗقﻠﺔ‪ ،‬في قوات ﺣفظ‬
‫‪1‬‬
‫السالم الﺗاﺑﻌﺔ لألﻣم الﻣﺗﺣدة‪.‬‬
‫وفي ﻧظر الكثير ﻣن الﻣﺣﻠﻠين الروس أن الدفاع ﻋن الﺣدود‬
‫الﺧارﺟيﺔ لﻣﻧظﻣﺔ الدول الﻣسﺗقﻠﺔ يﺷكل الﺧط األول لﻠدفاع ﻋن‬
‫روسيا ﺑالذات‪ .‬إن آسيا الوسطى ﺗﻌﺗﺑر ﺑالﺗالي كﺣﻠقﺔ ﻣﮭﻣﺔ في‬
‫ﻣﺣيط األﻣن الروسي‪ ،‬ولﮭذا ﺷددت ﻣوسكو ﻋﻠى ﻣﺗاﺑﻌﺔ الرواﺑط‬
‫الﻌسكريﺔ ﻣﻊ الﺟﻣﮭوريات الﺟديدة في آسيا الوسطى‪ ،‬ولكن‬
‫ﻧﺟاﺣﮭا في ھذا الﻣﺟال ﻣﺑﺗور‪ ،‬فإذا كاﻧت أﻣﻧت ﺣضورا ﻋسكريا‬
‫في كازاﺧسﺗان وفي قيرﻏيزسﺗان وفي طاﺟيكسﺗان‪ ،‬إﻻ أن‬
‫أوزﺑاكسﺗان الﺗي ﺗأﻣل ﺑﻣطاﻣح إقﻠيﻣيﺔ في آسيا الوسطى قد‬
‫رفضت ﻣن ﺟﮭﺗﮭا إقاﻣﺔ قواﻋد روسيﺔ فوق أراضيﮭا في ﺣين أن‬
‫ﺗركﻣاﻧسﺗان ﻻ ﺗؤوي إﻻ ﺣراس ﺣدود‪.‬‬
‫وﺗﮭﺗم روسيا ﺑﺷكل ﺧاص لﻌالقاﺗﮭا ﺑكازاﺧسﺗان ففي ﻧظر‬
‫ﻣوسكو أن األراضي الكازاﺧيﺔ ﺗﻠﻌب دورا ﻣﮭﻣا ﺟدا في الدفاع‬
‫ﻋن األرض الروسيﺔ‪ ،‬إذ يﺷكل ھذا الﺑﻠد ﺑالفﻌل ﻣﻧطقﺔ ﻋازلﺔ‬
‫وﻧوﻋا ﻣن الﺗرس اﻹسﺗراﺗيﺟي ﻣﺧﺻص لﺣﻣايﺔ األرض الروسيﺔ‬
‫في ﺣالﺔ ﻋدم اﻻسﺗقرار في آسيا الوسطى‪ ،‬وأيضا في اﺣﺗﻣاليﺔ‬
‫ﺗدھور الﻌالقات ﻣﻊ الﺻين‪ ...‬إن وﺟود ﻣوسكو في كازاﺧسﺗان‬
‫يفي ﺑاﺣﺗياﺟات روسيا في الوﺻول إلى ﺑﻌض الﻣﻧﺷآت‬
‫اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ‪ ...‬الﻣﻌﺗﺑرة كأساسيﺔ لﻣراقﺑﺔ إطالق ﺻواريﺦ‬
‫ﻣﺣﺗﻣل آﺗيﺔ ﻣن الﺟﻧوب أو ﻣن الﺻين ويﻌﺗقد الﻌديد ﻣن الﻣفكرين‬
‫الروس أن إقاﻣﺔ ﺧد ﺟديد دفاﻋي ﻋﻠى طول الﺣدود الكازاﺧيﺔ ﻻ‬
‫يﻣكن ﺗﺣقيقه ﺑسﺑب طوله‪ ...‬والﺗكﻠفﺔ الضﺧﻣﺔ الﺗي لن يﺗﺣﻣﻠﮭا‬

‫‪ 1‬اﺗﺣاد_الدول_الﻣسﺗقﻠﺔ‪http://ar. wikipedia. org/wiki‬‬

‫‪113‬‬
‫اﻻقﺗﺻاد الروسي الﻣﺗﻌثر‪ ...‬وإن ھذا الوضﻊ يقﺗضي اﻹﺑقاء ﻋﻠى‬
‫‪1‬‬
‫ﺗﻌاون ﻋسكري ﻣﺗين ﻣﻊ أسﺗاﻧا‪.‬‬
‫ب اقﺗصاديا‪:‬‬
‫ﺗﻣثل ﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى السوق الرئيس لﻠﻧفط والغاز الروسي‬
‫ﺑالﻧسﺑﺔ لﻠدول األورﺑيﺔ ﺣيث ﺗقوم روسيا ﺑإﻣدادھا ﺑـ ‪ %27‬ﻣن‬
‫اﺣﺗياﺟاﺗﮭا ﻣن الﻧفط‪ ،‬وأكثر ﻣن ‪ %50‬ﻣن اﺣﺗياﺟاﺗﮭا ﻣن الغاز‪،‬‬
‫وأھﻣﮭا ألﻣاﻧيا الﺗي ﺗﻌﺗﺑر روسيا أكﺑر ُﻣﺻدر لﻠﻧفط ولﻠغاز‬
‫ضا الﺟزء الﺷرقي ﻣن أورﺑا‪ ،‬ﺣيث كان اﻻﺗﺣاد‬ ‫الطﺑيﻌي إليﮭا‪ ،‬وأي ً‬
‫السوفيﺗي يﻣد دول أورﺑا الﺷرقيﺔ ﺑأكثر ﻣن ثﻠثي اسﺗﮭالكﮭا ﻣن‬
‫كثيرا ﻋن ﻣثيﻠﺗﮭا‬
‫ً‬ ‫الﻧفط‪ ،‬و‪ %80‬ﻣن وارداﺗﮭا ﻣﻧه‪ ،‬وﺑأسﻌار ﺗقل‬
‫في السوق الﻌالﻣيﺔ‪ .‬وﻣا زالت ھذه الدول ﺗﻌﺗﻣد اﻋﺗﻣادًا أساسيًا‬
‫ﻋﻠى روسيا في الﺣﺻول ﻋﻠى اﺣﺗياﺟاﺗﮭا ﻣن الﻧفط والغاز‬
‫الطﺑيﻌي‪ .‬وﻣن الﻣﺗوقﻊ أن يغطي الغاز الروسي في ﻋام ‪2020‬‬
‫ﺣوالي ‪70%‬ﻣن اﺣﺗياﺟات القارة األورﺑيﺔ‪.‬‬
‫إزاء ھذا الﻧفوذ الﻧفطي الﻣﺗزايد لروسيا في سوق الطاقﺔ‬
‫وﻧظرا‬
‫ً‬ ‫الﻌالﻣي ﺧاﺻﺔ األسواق األورﺑيﺔ‪ ،‬وﺑدرﺟﺔ أقل األﻣريكيﺔ‪،‬‬
‫ألن ﻣوارد الطاقﺔ ﻣن ﻧفط وﻏاز طﺑيﻌي ليست ﻣﺟرد سﻠﻊ ﺗﺟاريﺔ‪،‬‬
‫ولكن ﻣوارد إسﺗراﺗيﺟيﺔ ﺟيوسياسيﺔ‪ ،‬فقد أثار ذلك ﻣﺧاوف‬
‫الوﻻيات الﻣﺗﺣدة ﻣن اسﺗﺧدام إﻣدادات الﻧفط كسالح سياسي ﻣن‬
‫‪2‬‬
‫ﺟاﻧب روسيا في ﻣواﺟﮭﺔ أورﺑا والوﻻيات الﻣﺗﺣدة‪.‬‬
‫ﺑاﻹضافﺔ إلى سﻌى روسيا إلى السيطرة ﻋﻠى ﺷﺑكات ﻧقل‬
‫الطاقﺔ الﺗي ﺗﻣثل ﺑدائل ﻣﺣﺗﻣﻠﺔ لﻠطاقﺔ الروسيﺔ ﺑالﻧسﺑﺔ ألسواقﮭا‪،‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد رضا ﺟﻠيﻠي و ﺗيري كيﻠيز‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪94‬‬


‫‪ 2‬ﻣﺣﻣد الﻧﻌﻣاﻧي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق ص‪2‬‬

‫‪114‬‬
‫ﻻسيﻣا أورﺑا‪ ،‬ﻣن ﺧالل الﺷراكﺔ واﻻسﺗثﻣارات الﻣﺷﺗركﺔ‪ .‬ففي‬
‫ﻣايو ‪ ،2007‬قام الرئيس ﺑوﺗين ﺑﺟولﺔ في آسيا الوسطى ﺷﻣﻠت‬
‫كالً ﻣن كازاﺧسﺗان وﺗركﻣاﻧسﺗان‪ ،‬ركز ﺧاللﮭا ﻋﻠى الﺗﻌاون في‬
‫ﻣﺟال اسﺗﺧراج وﺗﺻدير الﻧفط والغاز ﻣن آسيا الوسطى‪ .‬فﺗم ﺗوقيﻊ‬
‫اﺗفاقيﺔ ﻣﻊ الرئيس الكازاﺧي ﻧزارﺑاييف‪ ،‬لزيادة كﻣيات الﻧفط‬
‫الكازاﺧي الﻣﺻدرة ﻋﺑر روسيا إلى أورﺑا‪ .‬وأكد ﻧزارﺑايف اھﺗﻣام‬
‫ﺑالده ﺑﻣﺷروع ﺧط أوديسا ﺑرودي ﺟادﻧسك‪ ،‬ﺑين أوكراﻧيا وﺑﺣر‬
‫الﺑﻠطيق‪ ،‬لكن ﺑﺷرط إﺷراك الﺟﮭات الروسيﺔ الﻣﻌﻧيﺔ ﺑﮭذا‬
‫دورا لﻠﻣﺷروع كﺷﺑكﺔ اﺣﺗياطيﺔ لﻧقل‬
‫الﻣﺷروع‪ .‬األﻣر الذي يرﺟح ً‬
‫سا‬
‫الﻧفط الكازاﺧي والروسي إلى األسواق الﺧارﺟيﺔ وليس ﻣﻧاف ً‬
‫لﻠﺧطوط الروسيﺔ‪ .‬أﻋقب ذلك ﺗوقيﻊ ﺑوﺗين ﻻﺗفاقيﺔ ﻣﻊ الرئيس‬
‫الﺗركﻣاﻧي‪ ،‬ﺑيردي ﻣﺣﻣودوف لﻣد ﺧط ﻏاز ﺟديد ﻣن ﺗركﻣاﻧسﺗان‬
‫إلى أورﺑا ﻋﺑر األراضي الروسيﺔ ﻧﺣو ﺑﻠغاريا واليوﻧان‪ .‬وأكد‬
‫ﻣﺣﻣودوف أﻧه سيﻣضي قد ًﻣا ﻧﺣو ﺑﻧاء ﻋالقات أوسﻊ ﻣﻊ روسيا‪،‬‬
‫وﺗﺣديدًا في ﻣﺟال ﺗﺻدير الغاز‪ .‬ويﺗضﻣن ذلك ﺷراء روسيا لﻠغاز‬
‫كثيرا ﻋن أسﻌار ﺑيﻊ الغاز الروسي‬ ‫ً‬ ‫الﺗركﻣاﻧي ﺑأسﻌار ﺗقل‬
‫‪1‬‬
‫ألورﺑا‪.‬‬
‫وﺧالل الﻠقاء الذي ﺟﻣﻊ الرئيس الروسي ديﻣﺗري ﻣيدفيديف‬
‫في ﺗركﻣاﻧسﺗان ﻣﻊ رؤساء كل ﻣن أذرﺑيﺟان وكازاﺧسﺗان‬
‫وﺗركﻣاﻧسﺗان‪ ،‬وھي الدول الﻣطﻠﺔ ﻋﻠى ﺑﺣر قزوين‪ ،‬وﺗﻣﺗﻠك ﻣﻊ‬
‫روسيا ‪ %87‬ﻣن ﺷواطئه ﺣيث ثاﻧي أكﺑر اﺣﺗياطي ﻧفطي في‬
‫الﻌالم ﺑﻌد ﻣﻧطقﺔ الﺧﻠيج الﻌرﺑي اﺗفقت الدول األرﺑﻊ ﻋﻠى الﺗﻧسيق‬
‫والﺗﻌاون في ﻣﺟال الطاقﺔ‪ ،‬واسﺗغالل ثروات ﺑﺣر قزوين‪ .‬كﻣا‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد الﻧﻌﻣاﻧي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق ص‪2‬‬

‫‪115‬‬
‫وقﻌت روسيا وﺗركﻣاﻧسﺗان ﻋﻠى ھاﻣش الﻠقاء في ‪ 13‬سﺑﺗﻣﺑر‬
‫‪ 2009‬اﺗفاقيﺔ ﺗﻌاون ﺑين وكالﺔ اسﺗﺧدام الﻣوارد الﮭيدروكرﺑوﻧيﺔ‬
‫الﺗركﻣاﻧيﺔ وﺷركﺔ إيﺗيرا الروسيﺔ وذلك ﻻسﺗغالل ﺣقل الﻧفط‬
‫والغاز في الﻣﻧطقﺔ رقم ‪ 21‬لﻠقطاع الﺗركﻣاﻧي ﻋﻠى ﺑﺣر قزوين‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫ج – أمنيا‪:‬‬
‫لقد لﺧص ﺑريﺟﻧسكي ﺑﺻواﺑيﺔ وضﻊ روسيا في آسيا الوسطى‬
‫ﺑقوله‪" :‬روسيا ھي أضﻌف ﺑكثير ﻣن أن ﺗسﺗطيﻊ إﻋادة فرض‬
‫سيطرﺗﮭا اﻹﻣﺑرياليﺔ‪ ،‬ولكﻧﮭا أقوى ﺑكثير ﻣن إﻣكاﻧيﺔ إﺧراﺟﮭا ﻣﻧﮭا‬
‫‪2‬‬
‫"‬
‫ولفﺗرة طويﻠﺔ ﺑقيت ﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى ﻣﺟاﻻ ﻣغﻠقا ﺑﻌيدا ﻋن‬
‫الﻣﻧافسﺔ ﺑين القوى ﺑﺣكم الﮭيﻣﻧﺔ الﻣطﻠقﺔ الﺗي ﺑسطﺗﮭا‬
‫اﻹﻣﺑراطوريﺔ الروسيﺔ ثم اﻹﺗﺣاد السوفيﺗي ﻋﻠى ھذا الﻣﺟال‬
‫الواسﻊ‪ ،‬إﻻ أن اﻧﮭيار اﻹﺗﺣاد السوفيﺗي أدى ﻣﺑاﺷرة إلى اﻧﺑﻌاث‬
‫ھذه الﻣﻧطقﺔ‪ ،‬وكان لذالك ﺗأثير ﻣﺑاﺷر ﻋﻠى واقﻊ ﻋالقات القوة‬
‫فيﮭا‪ ،‬إذ سرﻋان ﻣا فﺗح الﻣﺟال أﻣام طﻣوﺣات القوى الﻣﺟاورة‪:‬‬
‫ﺗركيا – إيران – الﺻين‪ ،‬وﻏير الﻣﺟاورة‪ :‬الوﻻيات الﻣﺗﺣدة‪ ،‬في‬
‫الوقت الذي ﺗﺣاول فيه روسيا اﻹﺑقاء ﻋﻠى ﻧفوذھا القوي‪،‬‬
‫ﺧﺻوﺻا ﺑإﻋادة ھيكﻠﺔ ﻋالقاﺗﮭا ﻣﻊ الﻣﻧطقﺔ ﻋﻠى أسس ﺟديدة‬
‫ﺗكفل لﮭا اﻻسﺗقالل السياسي ﻣﻊ ﺑقائﮭا ﺣزاﻣا أﻣﻧيا وﻣﺟاﻻ ﺣيويا‬
‫ﺧاضﻌا لﮭيﻣﻧﺗﮭا‪.‬‬

‫‪ 1‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص‪2‬‬


‫‪ 2‬ﻣﺣﻣد رضا ﺟﻠيﻠي وﺗيري كيﻠيز‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪106‬‬

‫‪116‬‬
‫لقد ﺗﻣسكت دول آسيا الوسطى ﺑوﺣدة ﺟيش اﻹﺗﺣاد السوفيﺗي‬
‫في إطار الكوﻣﻧويﻠث الﺟديد‪ ،‬وقيادة ﻋسكريﺔ ﻣوﺣدة لﮭذا الﺟيش‪،‬‬
‫ويﻌود السﺑب في ذلك إلى الﺧوف ﻣن ﺗكويﻧاﺗﮭا الﻌرقيﺔ الﺧاﺻﺔ‬
‫ووﺟود ﻋدد كﺑير ﻣن الروس ﺑين سكاﻧﮭا‪ ،‬وﻣن ﺟﮭﺔ ثاﻧيﺔ فإن ﻣا‬
‫أفرزه اﻹﺗﺣاد السوفيﺗي الساﺑق ﻣن ﺗقاسم ﺟغرافي وسياسي ﺑين‬
‫ﻣﺧﺗﻠف الدول الواقﻌﺔ (في ﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى والقوقاز) وﻋﻠى‬
‫ﺑﺣر قزوين ورسم الﺣدود ﺑﺷكل يﻣﻧﻊ ويقﻠص قدرة كل دولﺔ ﻋﻠى‬
‫ﺗﺣقيق سيطرﺗﮭا السياسيﺔ‪.‬‬
‫وقد ﻋقدت دول الكوﻣﻧويﻠث ست اﺗفاقيات فيﻣا ﺑيﻧﮭا لﻣﻌالﺟﺔ‬
‫القضايا األﻣﻧيﺔ الﺣيويﺔ الﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﺗرﺗيﺑات ﻣا ﺑﻌد اﻧﮭيار اﻹﺗﺣاد‬
‫السوفيﺗي‪ ،‬وﺗﺗﺻل ﺑالسيطرة ﻋﻠى األسﻠﺣﺔ الﻧوويﺔ واألﺑﺣاث‬
‫الﻧوويﺔ والقوات الﻣسﻠﺣﺔ وقوات الﺣدود والقوات اﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ‪،‬‬
‫وﺗﺟاوز ذلك إلى اﻻﺗفاق ﻋﻠى ﺗرﺗيﺑات ﺟديدة لﺑﻧاء ﻧظام أﻣن‬
‫ﻣﺷﺗرك‪...‬‬

‫‪ :2‬ﺗأثير النزاعات في المنطﻘة عﻠﻰ السياسة الروسية‪:‬‬


‫أ – النزاع في آسيا الوسطﻰ‪:‬‬
‫ﺗﻌرضت طاﺟيكسﺗان لكارثﺔ ﺣرب أھﻠيﺔ وقﻌت ﺑين فئﺗين‪...‬‬
‫(ھﻣا اﻹسالﻣيون والﺷيوﻋيون الﺟدد) الذين يﺗﻣﺗﻌون ﺑدﻋم روسيا‬
‫وأوزﺑكسﺗان ووقﻌت ﻣرﺣﻠﺔ الﻣﻌارك الﺷديدة ﺑين أيار وكاﻧون‬
‫أول سﻧﺔ ‪ 1992‬واﻧﺗﮭت الﺣرب ﺑاﻧﺗﺻار الﺷيوﻋيين الﺟدد‪...‬‬
‫وكاﻧت اﻧﺗﮭاكات ﺣقوق اﻹﻧسان أثﻧاء الﺻراع ﺧطيرة وﻣﺗسﻌﺔ‪...‬‬
‫ودفﻊ الﺷﻌب الطاﺟيكي ضريﺑﺔ ثقيﻠﺔ في الﺻراع‪ ،‬وقضت الﺣرب‬

‫‪117‬‬
‫ﻋﻠى ﻣا ﺑين ‪ 20‬ألفا إلى ‪ 100‬ألف ضﺣيﺔ وﺷرد‪ ...‬اآلﻻف داﺧل‬
‫الﺑالد وﺧارﺟﮭا‪.‬‬
‫وفي كاﻧون أول سﻧﺔ ‪ 1996‬ﺣﺻﻠت ﻣفاوضات سالم ﺗﺣت‬
‫رﻋايﺔ روسيا وإيران أدت إلى ﻋقد اﺗفاق ﻋام‪ ...‬يﺗﻧاول إقرار‬
‫السالم ﺑين الﺣكوﻣﺔ الطاﺟيكيﺔ والﻣﻌارضﺔ‪ ...‬ﻋﻠى إثره ﺗﺷكﻠت‬
‫لﺟﻧﺔ ﻣﺻالﺣﺔ وطﻧيﺔ كﻠفت ﺑاﻻھﺗﻣام ﺑﻣﺷكﻠﺔ الالﺟئين‪ ،‬وﺑﺗسريح‬
‫الﻣقاﺗﻠين ﻣن الﻣﻌارضﺔ‪ ...‬ودﻣﺟﮭم في الﮭيكﻠيات الﺣكوﻣيﺔ‪،‬‬
‫وكذلك ﺑﺗﺷكيل ﺣكوﻣﺔ ﺟديدة‪.‬‬
‫لكن ھذا اﻻﺗفاق لم يﻌد السﻠم لطاﺟيكسﺗان ﺑسﺑب ﻋدم الﺗزام‬
‫ﺑﻌض القادة الﻌسكريين لﻠﻣﻌارضﺔ ﺑه ﻣﻣا أوﺟد الكثير ﻣن الﻣﻧاطق‬
‫الﺧارﺟﺔ ﻋن سيطرة الﺣكوﻣﺔ والﺧاضﻌﺔ لﻠﻣسﻠﺣين الﺗاﺑﻌين‬
‫لﻠﻣﻌارضﺔ أو السﻠطﺔ‪.‬‬
‫رﻏم كل ھذه الﻣﺻاﻋب فإن ﻋﻣﻠيﺔ ﺗقاسم السﻠطﺔ ﻣﻊ الﻣﻌارضﺔ‬
‫يدﺧل ﻧوﻋا ﻣن الﺗﻌدديﺔ في الﻧظام السياسي الطاﺟيكي‪،‬‬
‫فطاﺟيكسﺗان ھي الدولﺔ الوﺣيدة في آسيا الوسطى ﺣيث يوﺟد‬
‫ﺣزب إسالﻣي ﻣﻌارض ﺑﺻورة قاﻧوﻧيﺔ‪ ...‬ﺑاﻹضافﺔ إلى وﺟود‬
‫أﺣد القادة الﻌسكريين لﻠﻣﻌارضﺔ ﻋﻠى رأس إﺣدى الوزارات‪،‬‬
‫وھذا ليس ﺑالﺷيء القﻠيل ﺑالﻣقارﻧﺔ ﻣﻊ الوضﻊ في ﺑقيﺔ‬
‫الﺟﻣﮭوريات األﺧرى آلسيا الوسطى‪.‬‬
‫ب – النزاع في الﻘوقاز‪:‬‬
‫ﺑاﻻﻧطالق ﻣن الوضﻊ الراھن لﻠﺻراﻋات يﺟب وضﻊ‬
‫الﻣﺟاﺑﮭﺔ الروسيﺔ الﺷيﺷاﻧيﺔ ﻋﻠى رأس القائﻣﺔ ألن الﺣرب‪...‬‬
‫الﺷيﺷاﻧيﺔ ھي ﺧﺻوﺻيﺔ ﺟدا ألن لﮭا ﻣظاھر ﺣرب الﺗﺣرير‬
‫الوطﻧي ولﮭا ﻣظﮭر الﺻراع اﻹثﻧي والﻧزاع ﻋﻠى األرض‪ ،‬وھي‬

‫‪118‬‬
‫ﺑﺻورة ﺧاﺻﺔ أﻋادت الﻧظر والﺑﺣث في الﺣدود الدوليﺔ لروسيا‬
‫وھو أﻣر ﻏير ﻣقﺑول في ﻧظر ﻣوسكو‪.‬‬
‫‪ ...‬وقد ھدأت اليوم ﺑاﻹﺟﻣال الﻣﺟاﺑﮭات الﻣسﻠﺣﺔ الﺗي‬
‫الﺗﮭﺑت ﻣﻧذ ﻧﮭايﺔ ﻋقد الثﻣاﻧيﻧات ﺣﺗى ﻣﻧﺗﺻف الﺗسﻌيﻧات‪ ،‬ولكن‬
‫وقف إطالق الﻧار‪ ...‬ﻻ ﻧﺗيﺟﺔ له‪ ،‬إذ يوﺟد ﻧظريا في كل لﺣظﺔ‬
‫ﺧطر ﻣﻌاودة الﻣﻌارك وﻣن ﺑين ھذه األﺧيرة يﻣكن اﻹﺷارة إلى‬
‫الﺻراع الﻣسﻠح ﺑين أرﻣيﻧيا وأذرﺑيﺟان (‪.)19881994‬‬
‫الﺻراع األول يدور ﺣول ﻣﺷكﻠﺔ كاراﺑاخ الﻌﻠيا‪ ،‬وھي قطاع‬
‫أرﻣﻧي واقﻊ في األراضي األذريﺔ‪ ،‬ويطالب ﺑإلﺣاقه ﺑأرﻣيﻧيا أو‬
‫ﺑاﻻسﺗقالل‪ ...‬وھو اآلن ﺗﺣت السيطرة األرﻣيﻧيﺔ‪ .‬وﻣﻧذ وقف‬
‫إطالق الﻧار سﻧﺔ ‪ 1994‬ساد ھدوء ﻧسﺑي ولكن كل ﺟﮭود‬
‫الﻣﺟﻣوﻋﺔ الدوليﺔ إيﺟاد ﺣل لﮭذا الﺻراع ﺑقيت ﺑدون ﻧﺗيﺟﺔ‪.‬‬
‫أﻣا الﺻراﻋات في ﺟورﺟيا‪ ...‬فﮭي ﻻ ﺗقﻊ ﺑين دولﺗين‬
‫قوقازيﺗين‪ ،‬وأكثر ھذه الﺻراﻋات أھﻣيﺔ ھو ﺻراع أﺑﺧازيا‪...‬‬
‫وﻣﻧذ اسﺗقالل ﺟورﺟيا طالب األﺑﺧاز (وھم يﺷكﻠون‪ %18‬ﻣن‬
‫سكان ﺟورﺟيا) ﺑإلﺣاقﮭم ﺑروسيا ﻣﻣا أدى إلى ﺗﺻاﻋد الﺻراع‬
‫ﺑين اﻹثﻧيات وإلى ﺗدﺧل القوات الﺟيورﺟيﺔ في آب ‪.1992‬‬
‫ودﻋﻣت روسيا األﺑﺧاز فألﺣقوا ھزيﻣﺔ ﻣﻧكرة ﺑالﺟيورﺟيين‬
‫فاضطروا لﻣغادرة أﺑﺧازيا ﺑﻌدھا ﺣﻠت قوات ﺣفظ السالم‬
‫(ﻣﻌظﻣﮭا ﻣن الروس) ﺗﺣت رﻋايﺔ األﻣم الﻣﺗﺣدة لﻠﺣفاظ ﻋﻠى‬
‫‪1‬‬
‫وقف إطالق الﻧار‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد رضا ﺟﻠيﻠي وﺗيري كيﻠيز‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪259-254‬‬

‫‪119‬‬
‫‪ ...‬إﻻ أن وقف إطالق الﻧار ﺑقى ھﺷا‪ ،‬وفى ‪ 12‬ﻧوفﻣﺑر‬
‫‪ ،2006‬أﺟرت أوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ اسﺗفﺗاء أقرت فيه الغالﺑيﺔ‬
‫الساﺣقﺔ الﻣوافقﺔ ﻋﻠى اﻻسﺗقالل وطﻠب اﻻﻧضﻣام إلى روسيا‬
‫اﻻﺗﺣاديﺔ كﻣا ﺟرت اﻧﺗﺧاﺑات رئيس الﺟﻣﮭوريﺔ في اليوم ﻧفسه‬
‫والﺗي فاز فيﮭا إدوارد كوكويﺗا ﻣﺗفوقا ﻋﻠى ﻣﻧافسه الذي ﺣاولت‬
‫ﺗﺑﻠيسي (ﺟورﺟيا) ﺗﻣرير ﺗرﺷيﺣه ھﻧاك وفي أوائل ﻣارس‬
‫‪ ،2008‬ﺗقدم الﺑرلﻣان األﺑﺧازي ﺑطﻠب لالﻋﺗراف ﺑاسﺗقالل اﻹقﻠيم‬
‫واﻻﻧضﻣام لألﻣم الﻣﺗﺣدة والﺑرلﻣان الروسي وﻣﻧظﻣﺔ األﻣن‬
‫والﺗﻌاون في أوروﺑا وﻋﻧدﻣا قدﻣت ﺟورﺟيا ﻋرضا ألﺑﺧازيا‬
‫وأوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ ﺑﻌودة اﻻﻧدﻣاج في ﺟورﺟيا ﻣقاﺑل ﺣﺻول‬
‫اﻹقﻠيﻣين ﻋﻠى الﺣكم الذاﺗي‪ ،‬رفض قادة اﻹقﻠيﻣين وﺻرﺣوا ﺑأﻧﮭم‬
‫لن يقﺑﻠوا أي ﻋرض ﻻ يﻌﺗرف ﺑاسﺗقالل اﻹقﻠيﻣين‪ ،‬وﺗﺑﻊ ذلك‬
‫إﻋالن روسيا في ‪ 16‬أﺑريل ‪ 2008‬أﻧﮭا سﺗﻌﺗرف ﺑالﻣؤسسات‬
‫والﮭيئات الﺗﺟاريﺔ في أﺑﺧازيا وأوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ‪ ،‬في ﺧطوة‬
‫اﻋﺗﺑرﺗﮭا ﺟورﺟيا ﻣقدﻣﺔ لضم روسيا لإلقﻠيﻣين وفى ﻣايو ‪،2008‬‬
‫أﻋﻠن الرئيس األﺑﺧازي‪ ،‬أﻧه يريد ﻋقد ﻣﻌاھدة ﻋسكريﺔ ﻣﻊ روسيا‬
‫ﺷﺑيﮭﺔ ﺑالﻣﻌاھدة األﻣﻧيﺔ ﺑين الوﻻيات الﻣﺗﺣدة وﺗايوان لدﻋم األﻣن‬
‫فى ﺑالده‪ ،‬ﻣﺑديا اسﺗﻌداده ﻹقاﻣﺔ قاﻋدة ﻋسكريﺔ روسيﺔ في اﻹقﻠيم‬
‫في إطار ھذه الﻣﻌاھدة وﺗﺻاﻋدت الﻣﺧاوف ﻣن ﺗﺣول الﺗوﺗر إلى‬
‫ﻧزاع ﻣسﻠح ﺑﻌد أن اﺗﮭﻣت ﺟورﺟيا روسيا ﺑإسقاط طائرة اسﺗطالع‬
‫ﺟورﺟيﺔ ﺑدون طيار فوق أﺑﺧازيا‪ ،‬وﻣن ثم طالﺑت ﺟورﺟيا اﻻﺗﺣاد‬
‫األوروﺑي ﺑإرسال قوة ﺣفظ سالم أوروﺑيﺔ إلى أﺑﺧازيا لﺗﺣل ﻣﺣل‬
‫القوة الروسيﺔ الﺗي اﻋﺗﺑرﺗﮭا ﺟورﺟيا ﻏير ﺣياديﺔ‪ .‬في الﻣقاﺑل‬
‫اﺗﮭﻣت روسيا ﺟورﺟيا ﺑأﻧﮭا ﺗﻌزز قواﺗﮭا في ﻣﻧطقﺔ الﻧزاع‬

‫‪120‬‬
‫اسﺗﻌدادا لﻣﮭاﺟﻣﺔ أﺑﺧازيا وقاﻣت ﻣوسكو في ‪ 29‬أﺑريل ‪2008‬‬
‫ﺑزيادة ﻋدد قوات ﺣفظ السالم الروسيﺔ في أﺑﺧازيا وأوسيﺗيا‬
‫الﺟﻧوﺑيﺔ كﻣا زودت ﻣﻌظم سكاﻧﮭﻣا (أوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ ‪ 70‬ألف‬
‫ﻧسﻣﺔ‪ ،‬وأﺑﺧازيا ‪ 200‬ألف ﻧسﻣﺔ) ﺑﺟوازات سفر روسيﺔ‪ ،‬ثم‬
‫أﺧذت ﺗﻌﻠن أﻧﮭا سﺗﺣﻣي ﻣواطﻧيﮭا في اﻹقﻠيﻣين في ﺣالﺔ ﺣدوث‬
‫أي ﺗﺻﻌيد ﻣن قﺑل ﺟورﺟيا وﺧالل السﻧوات األﺧيرة‪ ،‬دأﺑت‬
‫ﻣوسكو ﻋﻠى اﺗﮭام ﺟورﺟيا ﺑالﺗغاضى ﻋن ﺗواﺟد ﻋدد ﻣن الﻣقاﺗﻠين‬
‫الﺷيﺷاﻧيين ﻋﻠى أراضيﮭا وقياﻣﮭم ﺑﺷن ھﺟﻣات اﻧطالقا ﻣن‬
‫األراضي الﺟورﺟيﺔ‪.‬‬
‫وفي الثاﻣن ﻣن أﻏسطس ‪ 2008‬وﺑﻣﺟرد أن ﺑدأت طائرات‬
‫وﻣدفﻌيﺔ ودﺑاﺑات ﺟورﺟيا ھﺟوﻣﮭا الﻣفاﺟيء في أوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ‪،‬‬
‫ـ ﺣاول الكرﻣﻠين اﻻﺗﺻال ھاﺗفيا ﺑرئيس ﺟورﺟيا ساكﺷفيﻠى الذي‬
‫كان ﻻ يرد وطوال ذلك الوقت‪ ،‬قاﻣت ھيئﺔ األركان الﻣﺷﺗركﺔ‬
‫الروسيﺔ ﺑﻣﻧﻊ قوة ﺣفظ السالم الروسيﺔ ﻣن الرد ﻋﻠى الﻧيران‪...‬‬
‫وﺑدأت القوات الروسيﺔ ﻣساﻋدة السكان الﻣدﻧيين في ﻋاﺻﻣﺔ‬
‫أوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ ـ الذين فاﺟأھم الﮭﺟوم الكاسح الﺟورﺟي‪،‬‬
‫وﻣﻌظﻣﮭم يﺣﻣﻠون ﺟواز السفر الروسي‪.‬‬
‫وقد أﻧﮭت روسيا ﺧﻣسﺔ أيام ﻣن الﺣرب ﺑإﺣكام سيطرﺗﮭا ﻋﻠى‬
‫إقﻠيﻣي أوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ وأﺑﺧازيا الﻣﻧﺷقين ﻋن ﺟورﺟيا ﺑﻣساﺣﺔ‬
‫كﻠيﺔ ﺗﺑﻠغ ‪4800‬ﻣيل ﻣرﺑﻊ‪ ،‬ﺑل وﺣرﻣان ﺟورﺟيا ﻣن رأسي‬
‫ﺟسر في ھذه الﻣﻧطقﺔ اﻻﻧفﺻاليﺔ كﻣا في الﺟيب اﻻﻧفﺻالي اآلﺧر‬
‫الﻣوالى لروسيا‪ ،‬أﺑﺧازيا‪ ،‬والقضاء ﻋﻠى كل أﻣل لﺗﺑﻠيسي في‬
‫اسﺗﻌادة السيطرة ﻋﻠى كل أراضى الﺑالد يوﻣا ﻣا‪ ،‬إذ ﻧﺟح الكرﻣﻠين‬
‫في فرض ﻣﻧطقﺔ ﻋازلﺔ ﺣول أوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ وأﺑﺧازيا ﺗﻣﻧﻊ كل‬

‫‪121‬‬
‫القوات الﺟورﺟيﺔ ﻣن دﺧولﮭا‪ ،‬وفى الوقت ذاﺗه ﻧﺟح في الﺣﺻول‬
‫ﻋﻠى ضﻣاﻧات ﺑأن ﺟورﺟيا لن ﺗﻠﺟأ إلى القوة ﻣرة أﺧرى ﻻسﺗﻌادة‬
‫األراضي الﺗي فقدﺗﮭا‪ ،‬كﻣا أن ﻣوسكو سﺗكون ﻣطﻣئﻧﺔ إلى أن‬
‫ھيﻣﻧﺗﮭا ﻋﻠى أوسيﺗيا الﺟﻧوﺑيﺔ وأﺑﺧازيا لن ﺗكون ﻣوضﻊ اﺧﺗﺑار‬
‫‪1‬‬
‫ﻣرة أﺧرى في الﻣسﺗقﺑل‪.‬‬

‫اﻷطماع اإلقﻠيمية والدولية في المنطﻘة‬


‫‪ – 1‬اﻷطماع اإلقﻠيمية‪:‬‬
‫أ ﺗـرﻛــيـا‪:‬‬
‫ﺗﺟدر اﻹﺷارة إلى ﻧﺟاح الﻣساﻋي الﺗركيﺔ في ﺗﻧظيم‬
‫الﻣؤﺗﻣر الثاﻧي لﻠﺷﻌوب الﺗركيﺔ لالﺗﺣاد السوفيﺗي في ﻧيسان‬
‫(أﺑريل) ‪ 1991‬ﺑﻣديﻧﺔ قازان‪ ،‬وقد ﺟﻣﻊ ﻣﻣثﻠي ﺟﻣﮭوريات آسيا‬
‫الوسطى وﺑﻌض األقاليم الﻣسﺗقﻠﺔ ذاﺗيا ً‪ .‬وقرر الﻣؤﺗﻣرون ﺗأسيس‬
‫ﺣزب ﻣؤﺗﻣر الﺷﻌوب الﺗركيﺔ‪ ،‬كﻣا وافقوا ﻋﻠى اسﺗﺑدال الﺣروف‬
‫الالﺗيﻧيﺔ ﺑﺣروف لغاﺗﮭم األﺻﻠيﺔ أسوة ﺑﺗركيا‪ ،‬أﻣا ﺑالﻧسﺑﺔ لﺗﺻدير‬
‫الﻧﻣوذج الﺗركي‪ ،‬فﺗﻌﻣل ﺗركيا ﻋﻠى الظﮭور كﻧﻣوذج يﺗﻣيز‬
‫ﺑﺧﺻوﺻيات رئيسيﺔ أھﻣﮭا‪ :‬الﻌﻠﻣاﻧيﺔ‪ ،‬والﺗﻌدديﺔ السياسيﺔ‪،‬‬
‫وﺗﺟرﺑﺔ الﺗﺣول إلى اقﺗﺻاد السوق‪.‬‬
‫ويﺷﺟﻊ ﺗركيا ﻋﻠى ذلك دﻋم القوى الغرﺑيﺔ الكﺑرى لﻧﻣوذﺟﮭا‪،‬‬
‫سواء الوﻻيات الﻣﺗﺣدة األﻣريكيﺔ وروسيا أيضا ً الﺗي ﺗﮭﺗم‬

‫‪ 1‬أﺣﻣد دياب‪ ،‬الﻧزاع في القوقاز‪ ،‬ﺣساﺑات ﺧاطئﺔ وﺗداﻋيات إقﻠيﻣيﺔ‬


‫ﺧطيرة‪ ،‬الﻣﺻدر‪ :‬السياسﺔ الدوليﺔ‪ 2008/10/01 ،‬ﻋﻠى الراﺑط ‪:‬‬
‫‪http://digital. ahram. org. eg/articles.‬‬
‫‪aspx?Serial=222195&eid=35‬‬

‫‪122‬‬
‫ﺑﻣواﺟﮭﺔ ﻣوﺟﺔ الﺣركات الديﻧيﺔ اﻹسالﻣيﺔ الﻣﻧاھضﺔ لﻠسيطرة‬
‫الروسيﺔ‪ ،‬الﻣرﺗﺑطﺔ في اﻹدراك الروسي ﺑﺗﺟرﺑﺗي أفغاﻧسﺗان‬
‫والﺷيﺷان‪ .‬وﻣن ﺑين ﻣا ﺗﮭدف إليه الطﺑقﺔ الﺣاكﻣﺔ الﺗركيﺔ إﺣداث‬
‫ريﻊ اسﺗراﺗيﺟي ﺟديد يﺟﻌل ﺗركيا ھي رأس الﺣرﺑﺔ لﻠغرب ﺗﺟاه‬
‫القوقاز وآسيا الوسطى‪ ،‬ﺑﻌد أن كاﻧت ﺗﻠﻌب ھذا الدور ﺗﺟاه اﻻﺗﺣاد‬
‫السوفيﺗي ساﺑقا ً‪ ،‬وﺑالﺗالي ﺗﺑرھن أﻧقرة ﻣن ﺟديد ﻋﻠى دورھا‬
‫اﻻسﺗراﺗيﺟي‪ ،‬وﺗﺣافظ ﻋﻠى ﺗدفق الﻣساﻋدات إليﮭا‪ ،‬كﻣا ﺗسرع ﻣن‬
‫اﻻﻧدﻣاج في السياسﺔ واﻻقﺗﺻاد الغرﺑيين ‪.‬‬
‫وﺗﺟدر اﻹﺷارة أيضا إلى أن اﻻﺧﺗراق السريﻊ الذي قاﻣت ﺑه‬
‫ﺗركيا في ھذه الﻣﻧطقﺔ لم يكن ليﺗم ﺑسﮭولﺔ دون الﻣساﻧدة األﻣريكيﺔ‬
‫ﻏير الﻣﺷروطﺔ لﺗركيا لﺗكون قوة اسﺗقرار في الﻣﻧطقﺔ وﻋاﻣالً‬
‫ﻣوازﻧا ً ﻹيران‪ .‬وفي ھذا السياق يﻧدرج القرار األﻣريكي في ﺷﺑاط‬
‫(فﺑراير) ‪ 1992‬ﺑاﻻﻋﺗﻣاد ﻋﻠى ﺗركيا لﺗﻧظيم ﻋﻣﻠيﺔ «إﻋادة‬
‫األﻣل» لﻣساﻋدة الﺟﻣﮭوريات اﻻﺷﺗراكيﺔ الساﺑقﺔ ﺑآسيا الوسطى‬
‫والقوقاز‪ ،‬وھو ﻣا دفﻊ ﺑإيران لﺗﺻف ﺗركيا ﺑأﻧﮭا ﻋﻣيل لﻠوﻻيات‬
‫الﻣﺗﺣدة األﻣريكيﺔ يسﻌى إلى فرض ﻧﻣوذج ﻏرﺑي ﻋﻠى‬
‫ﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى ﺑﮭدف ﻣﺣو ﺷﺧﺻيﺗﮭا اﻹسالﻣيﺔ كﻣا‬
‫ﺗﻣيز ﺗﺣرك ﺗركيا اﻹقﻠيﻣي ﺑطرح ﻣﺷروﻋات ﻣوازيﺔ وﻣﻣاثﻠﺔ‬
‫لﻠﻣﺷروﻋات اﻹيراﻧيﺔ‪ .‬فقد دﻋت ﺗركيا في ﺗﺷرين األول (أكﺗوﺑر)‬
‫‪ 1992‬إلى ﻣؤﺗﻣرات قﻣﺔ لﻠدول ذات األﻏﻠﺑيﺔ الﺗركيﺔ في آسيا‬
‫الوسطى والقوقاز‪ .‬كﻣا سارﻋت إلى إﻧﺷاء ﻣﻧطقﺔ الﺗﻌاون‬
‫اﻻقﺗﺻادي لﻠﺑﺣر األسود في ﺣزيران (يوﻧيو ‪) 1992‬ﺑاسطﻧﺑول‪،‬‬
‫وﺗضم الدول الﻣطﻠﺔ ﻋﻠى الﺑﺣر األسود‪ ،‬إضافﺔ إلى ثالث دول‬
‫ﻏير ﻣطﻠﺔ ﻋﻠيه‪ ،‬وھي ألﺑاﻧيا وأرﻣيﻧيا وأذرﺑيﺟان‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫وفي الﻣﺟال اﻻقﺗﺻادي أقاﻣت أﻧقرة وكالﺔ ﺗﻌاون ﻣﺧﺻﺻﺔ‬
‫لﺗسﮭيل الﻣﺑادﻻت ﻣﻊ دول الﻣﻧطقﺔ‪ ،‬إن الوكالﺔ الﺗركيﺔ لﻠﺗﻌاون‬
‫الﺗقﻧي واﻻقﺗﺻادي ﺗيكا الﻣؤسسﺔ سﻧﺔ ‪ 1992‬ﻣﮭﻣﺗﮭا الﺗﻧسيق ﺑين‬
‫الﻧﺷاطات الﺧاﺻﺔ والﻌاﻣﺔ في ﻣادة الﺗﻧﻣيﺔ في آسيا الوسطى‪ .‬ﺗقدم‬
‫ھذه الوكالﺔ ﻣساﻋدة لﻠدول الﺟديدة في القطاﻋات األكثر ﺗﻧوﻋا‪،‬‬
‫وھي قد ساھﻣت فﻌال في ﺗطوير ﻧظام ﻣﺻرفي‪ ،‬وفي ﺗدريب‬
‫كوادر ﺗسﺗطيﻊ الﻌﻣل ضﻣن اقﺗﺻاد السوق‪ ،‬وفي إﻧﺷاء اﺗﺣاد‬
‫ﻏرف الﺗﺟارة‪ ...‬وفي اﺗﺣاد الﺑﻠدان الﻣﺗكﻠﻣﺔ ﺑالﺗركيﺔ‪ ،‬وﻋﻠى إقاﻣﺔ‬
‫ﺷﺑكات ﻣﻌﻠوﻣاﺗيﺔ‪ ،‬وﻋﻠى ﺑث ﺑراﻣج ﺗﻠفزيوﻧيﺔ‪...‬‬
‫إن ھدف أﻧقرة ھو ﺗﺷﺟيﻊ اﻻسﺗقالل اﻻقﺗﺻادي لﺟﻣﮭوريات‬
‫آسيا الوسطى ﺑفضل ﺗطوير اقﺗﺻادھا الوطﻧي وإقاﻣﺔ أسس‬
‫ضروريﺔ ﻻقﺗﺻاد السوق‪ .‬وھكذا ﻋقدت ﺗركيا أكثر ﻣن ‪350‬‬
‫اﺗفاقا ﻣﻊ ھذه الﺟﻣﮭوريات في الﻣﺟاﻻت اﻻقﺗﺻاديﺔ والثقافيﺔ‬
‫والﺗرﺑويﺔ‪ ،‬واﻻﺗﺻاﻻت والﻧقل‪ ،‬والﻣساﻋدة الﺗقﻧيﺔ والﺗدريب‪،‬‬
‫وقدﻣت الﺣكوﻣﺔ الﺗركيﺔ ﻣساﻋدة إﻧساﻧيﺔ لﺑﻌض الدول‪ ،‬وسﮭﻠت‬
‫ﻣﺟيء الطالب ﻣن الﻣﻧطقﺔ إلى ﺗركيا ﺑواسطﺔ ﻣساﻋدات دراسيﺔ‬
‫ووضﻌت ﺗﺣت ﺗﺻرف الﻣﺻدرين األﺗراك ﺧطوط اﻋﺗﻣادات‬
‫ﻣﺻرفيﺔ‪.‬‬
‫وقد أظﮭر القطاع الﺧاص الﺗركي ﺣيويﺔ ﻣﺷﮭودة في ﻣﺟاﻻت‬
‫ﻣثل الﺑﻧاء والفﻧادق والﻣطاﻋم والﺗوزيﻊ ﺑالﺟﻣﻠﺔ واألﻏذيﺔ‬
‫الزراﻋيﺔ والكﮭرﺑاء والﻣﻌﻠوﻣاﺗيﺔ واﻻﺗﺻاﻻت السﻠكيﺔ وﺻﻧاﻋﺔ‬
‫الﺟﻠد‪.‬‬
‫وفي سﻧﺔ ‪ 1998‬ﺑﻠغ ﻋدد الﻣﺷاريﻊ الﺗركيﺔ الزراﻋيﺔ في‬
‫ﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى وأذرﺑيﺟان القوقازيﺔ ﺣوالي ‪4000‬‬

‫‪124‬‬
‫ﻣؤسسﺔ‪ .‬والﺗوظيفات في الﻣﻧطقﺔ ﻣﮭﻣﺔ أيضا ألن الﻣقاولين‬
‫األﺗراك وظفوا فيﮭا ‪ 8.4‬ﻣﻠيار دوﻻر‪.‬‬
‫وﻋﻠى الﺻﻌيد الثقافي اسﺗقﺑﻠت ﺗركيا ‪ 7000‬طالب ﻣن ﺑﻠدان‬
‫آسيا الوسطى وفﺗﺣت الﻌديد ﻣن الﻣراكز الثقافيﺔ والﻣدارس في‬
‫ھذه الﺑﻠدان‪ ...‬وﺗﻠﻌب ھذه الﻣدارس دورا ﻣﮭﻣا في ﺗثقيف الﻧﺧب‬
‫الﺟديدة‪ ،‬وكذلك أقيﻣت ﺟاﻣﻌات ﺟديدة ﺑالﺗﻌاون ﻣﻊ دول الﻣﻧطقﺔ‪.‬‬
‫وﻧظرا لﻠدور الﻣﮭم لﮭذه الﻣﻧﺷآت في ﺗثقيف الﻧﺧب في آسيا‬
‫الوسطى سوف ﺗرى ﺗركيا أن ﻧفوذھا يﺗزايد ﺑدون ﺷك في‬
‫‪1‬‬
‫الﻣسﺗقﺑل‪.‬‬
‫ب – إيـــران‪:‬‬
‫ﺑاﻹضافﺔ إلى الﺣدود الﻣﺷﺗركﺔ واﻧﺗﺷار الﻣذھب الﺷيﻌي‪.‬‬
‫ﺗﺗﺧوف إيران ﻣن إﺣياء الﻣطالب الﺗاريﺧيﺔ ﺑﺗوﺣيد الﺷﻌب‬
‫األذري‪ ،‬ولذا اﺗسم ﺗﺣركﮭا ﺑرفض الطرح الﺗاريﺧي ﺣول ﺗقسيم‬
‫أذرﺑيﺟان (الكﺑرى)‪ ،‬وﺗغﻠيب الﺑﻌد الﻣذھﺑي الديﻧي ﻋﻠى الﺑﻌد‬
‫القوﻣي‪ ،‬والﺗدﺧل الدﺑﻠوﻣاسي ﻣن أﺟل ﺗسويﺔ الﻧزاﻋات‪ ،‬وﻻ سيﻣا‬
‫الﻧزاع ﺑين أرﻣيﻧيا وأذرﺑيﺟان‪ ،‬والدﻋم الﻣالي لﻠﻌديد ﻣن الﻣﻧظﻣات‬
‫الثقافيﺔ واﻻﺟﺗﻣاﻋيﺔ وﺣﺗى السياسيﺔ الﻌاﻣﻠﺔ في أذرﺑيﺟان‪ ،‬ﺣﺗى‬
‫إن سﻠطات ﺑاكو اﺗﮭﻣت إيران ﺑالﻌﻣل ﻋﻠى فرض الﻧﻣوذج‬
‫السياسي اﻹيراﻧي ‪.‬‬
‫وفي ﻣقاﺑل ھذا الﻣوقف وﺟدت الﻣساﻋي اﻹيراﻧي قﺑوﻻً واسﻌا ً‬
‫لدى سﻠطات إقﻠيم ﻧاﺧيﺗﺷيفان األذري الذي يﻣﺗﻣﺗﻊ ﺑوضﻊ ﺧاص‪،‬‬
‫ﺣيث ﺗوافد إليه الﻌديد ﻣن الﺑﻌثات الديﻧيﺔ اﻹيراﻧيﺔ‪ ،‬كﻣا قاﻣت‬
‫طﮭران ﺑﺗرﺗيب إقاﻣﺔ الالﺟئين ﻣن ﻣﻧطقﺔ الﻣﻌارك ﺑإقﻠيم كاراﺑاخ‪،‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد رضا ﺟﻠيﻠي وﺗيري كيﻠيز‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪145-144‬‬

‫‪125‬‬
‫ﺗﺣت إﺷراف الﮭالل األﺣﻣر اﻹيراﻧي‪ ،‬وﺗطوير الﻣواﺻالت‬
‫الﺑريﺔ ﻋﺑر الﺣدود‪ ،‬وفﺗح ﻣﻣر ﻋﺑر أراضيﮭا ﺑين أذرﺑيﺟان وإقﻠيم‬
‫ﻧاﺧيﺗﺷيفان ‪.‬‬
‫وألن وﺟود أقﻠيﺔ قويﺔ ﻣن األذريين ﺷﻣال الﺑالد أﻣر يﺧيف‬
‫إيران كثيرا ً‪ ،‬فقد اﻋﺗرفت ﺑأذرﺑيﺟان ﻣﺗأﺧرة ﺟدا ً كﻣا أن إيران‬
‫ﺗﺣافظ ﻋﻠى ﻋالقات ﺟيدة ﻣﻊ أرﻣيﻧيا ذات األﻏﻠﺑيﺔ الﻣسيﺣيﺔ‬
‫الساﺣقﺔ ‪ ٪ 94‬ﻣن ﺑاب الضغط ﻋﻠى أذرﺑيﺟان‪.1‬‬
‫أﻣا الﺗﺣرك اﻹيراﻧي ﺗﺟاه ﺟﻣﮭوريات القوقاز وآسيا الوسطى‬
‫فيﻧقسم إلى قسﻣين األول الﺗﺣرك اﻹيراﻧي في اﺗﺟاه ﺟﻣﮭوريات‬
‫القوقاز وﺗأﺗي ﺟﻣﮭوريﺔ أذرﺑيﺟان الﻣسﺗقﻠﺔ في ﻣقدﻣﺔ اﻻھﺗﻣاﻣات‬
‫اﻹيراﻧيﺔ ﻻﻋﺗﺑارات أساسيﺔ ﺗﻣس ﺑالوﺣدة اﻹيراﻧيﺔ وأھﻣﮭا‪:‬‬
‫الﺗداﺧل اﻹثﻧي‪ ،‬إذ يوﺟد ﻧﺣو ‪ 6‬ﻣاليين أذري في إيران‪٪ 60 ،‬‬
‫ﻣﻧﮭم ﻻ يﺗكﻠﻣون الفارسيﺔ‬
‫وﺑالسياسﺔ الذرائﻌيﺔ ﻧفسﮭا ﺗطﻣح طﮭران إلى ﺟﻌل ﻣﻧفذا ً‬
‫اسﺗراﺗيﺟيا ً لﻠﻧفط والغاز اﻹيراﻧيين ﻋﺑر الﺑﺣر األسود ﻧﺣو أوروﺑا‪.‬‬
‫وقد ﺷرﻋت في ﺗﻣويل ﺗوسيﻊ ﻣيﻧاء ﺑوﺗي ﻋﻠى الﺑﺣر األسود‪،‬‬
‫وﺗﺣديث الﻣﺻفاة الﺟورﺟيﺔ في ﺑاطوﻣي‪ ،‬إضافﺔ إلى اﺣﺗﻣال‬
‫ﺗﻣويل إيران لﻣﺷروع ﺧط أﻧﺑوب الغاز والﻧفط‪ ،‬وإﻧﺟاز طريق‬
‫ﺑري ﺑين الﺑﻠدين ﻋﺑر أذرﺑيﺟان‪ .‬وقد الﺗزﻣت طﮭران ﺑﺗﻣوين‬
‫ﺟورﺟيا ﺑرﺑﻊ ﺣاﺟاﺗﮭا ﻣن الغاز وﺗزويد ﻣﺻﻧﻊ طائرات سوﺧوي‬
‫قرب الﻌاﺻﻣﺔ ﺗﺑيﻠيسي ﺑاأللﻣﻧيوم اﻹيراﻧي ﻣقاﺑل الﺗزام ﺟورﺟيا‬
‫ﺑﺑيﻊ طائرات ﺣرﺑيﺔ ﻹيران‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد الﻧﻌﻣاﻧي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق ص‪2‬‬

‫‪126‬‬
‫والثاﻧي الﺗﺣرك اﻹيراﻧي ﺗﺟاه ﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى‪،‬‬
‫ﻣقارﻧﺔ ﺑﺟﻣﮭوريات القوقاز‪ ،‬ﺗﺗوافر لطﮭران إﻣكاﻧيات ﺗﺣرك‬
‫أﺣسن ﺗﺟاه ﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى أھﻣﮭا‪ :‬ﻋاﻣل الﺟغرافيا الذي‬
‫يفرض إيران كأقرب طريق ﻧﺣو ﻣياه الﺧﻠيج الﻌرﺑي لﺗطوير‬
‫الﻣﺑادﻻت ﻣﻊ الﻌالم الﺧارﺟي‪ .‬ﺑاﻹضافﺔ إلى ﺗفوق اﻧﺗﺷار اﻹسالم‪،‬‬
‫وأھﻣيﺔ األقﻠيات الفارسيﺔ‪ ،‬والرواﺑط الثقافيﺔ الﻌريقﺔ‪ ،‬والﺣدود‬
‫الطويﻠﺔ الﻣﺷﺗركﺔ ﻣﻊ ﺗركﻣاﻧسﺗان‪ ،‬وإﻣكاﻧيﺔ الوﺻول إلى‬
‫كازاﺧسﺗان ﻋﺑر ﺑﺣر قزوين‪. 1‬‬
‫في ھذا اﻹطار‪ ،‬ﺗدرك طﮭران ﻣدى أھﻣيﺔ الﺗﻧﻣيﺔ في ﺣفظ‬
‫اﻻسﺗقرار ﻋﻠى الﺣدود الﺷﻣاليﺔ‪ .‬ولذلك ﺗﻌﻣل ﺑثﺑات ﻋﻠى إقاﻣﺔ‬
‫رواﺑط اقﺗﺻاديﺔ ﻣﺗيﻧﺔ أھﻣﮭا‪ :‬رﺑط ﺷﺑكات السكك الﺣديديﺔ‬
‫لﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى ﺑﻣديﻧﺔ ﻣﺷﮭد في إيران‪ ،‬وھو الﻣﺷروع‬
‫الذي سيفك ﻋزلﺔ ﺗﻠك الﺟﻣﮭوريات‪ ،‬ويوفر لﮭا ﻣﺧرﺟا ً ﺑريا ً‬
‫ﻣﺑاﺷرا ً إلى ﻣياه الﺧﻠيج الﻌرﺑي‪ ،‬كﻣا يكسر ﻋزلﺔ طﮭران دوليا ً‪،‬‬
‫ويﺟﻌﻠﮭا ﺣﻠقﺔ ﻣركزيﺔ في الﻣﺣاور اﻻقﺗﺻاديﺔ الﺗي ﺗقام‬
‫ﺑالﻣﻧطقﺔ ‪.‬‬
‫وﺗأﺗي ﺟﻣﮭوريﺔ ﺗركﻣاﻧسﺗان في ﻣقدﻣﺔ الطﻣوﺣات اﻹقﻠيﻣيﺔ‬
‫اﻹيراﻧيﺔ‪ ،‬إذ افﺗﺗﺣت في ﻋﺷق أﺑاد أول سفارة ﻹيران في آسيا‬
‫الوسطى‪ .‬ويرﺟﻊ ھذا اﻻھﺗﻣام إلى ﻋواﻣل ﻋدة‪ ،‬أھﻣﮭا‪ :‬الﺣدود‬
‫الﻣﺷﺗركﺔ الطويﻠﺔ‪ ،‬ووﺟود ﻧﺣو ﻣﻠيوﻧي ﻧسﻣﺔ ﻣن الﺗركﻣان في‬
‫إيران‪ ،‬أي ﻣا يﻌادل ﻧﺻف سكان ﺗركﻣاﻧسﺗان وﺑالﺗالي فﮭي ﺗطرح‬
‫ﺗقريﺑا ً اﻹﺷكال ﻧفسه الذي ﺗطرﺣه ﺟﻣﮭوريﺔ أذرﺑيﺟان ﻹيران‪ ،‬إذ‬
‫ﺗﻌﺗﺑر ﻣﺟاﻻً ﺣيويا ً‪ ،‬وﻣﺻدر قﻠق في الوقت ﻧفسه ‪.‬‬

‫ﻣﺣﻣد الﻧﻌﻣاﻧي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق ص‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪127‬‬
‫كذلك اﻧﺗﻌﺷت الﻌالقات اﻹيراﻧيﺔ ﻣﻊ ﺟﻣﮭوريﺔ أوزﺑكسﺗان‬
‫ﻣﺑاﺷرة ﺑﻌد اﻧﮭيار اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي‪ .‬وﻣﻣا ساﻋد ﻋﻠى ذلك الﻣكاﻧﺔ‬
‫الﻣﺗﻣيزة الﺗي ﺑقيت ﺗﺣظى ﺑﮭا الثقافﺔ الفارسيﺔ في أوزﺑكسﺗان ﺣيث‬
‫ﺗقﻊ ﻣديﻧﺗا سﻣرقﻧد وﺑﺧارى أھم ﻣدن الثقافﺔ الفارسيﺔ في آسيا‬
‫الوسطى‪. 1‬‬
‫أﻣا ﺟﻣﮭوريﺔ طاﺟيكسﺗان فقد اكﺗسﺑت أھﻣيﺔ ﺧاﺻﺔ في إطار‬
‫الطﻣوﺣات السياسيﺔ اﻹيراﻧيﺔ‪ ،‬ﺑسﺑب اﻧﺗﺷار اﻹسالم فيﮭا دون‬
‫ﻣﻧازع‪ ،‬واألﺻول الفارسيﺔ ألﻏﻠﺑيﺔ سكان طاﺟيكسﺗان ﻣقارﻧﺔ ﻣﻊ‬
‫ﺑقيﺔ الﺟﻣﮭوريات واﻻﻧﺗﺷار الواسﻊ لﻠغﺔ الفارسيﺔ‪ ،‬وﺗﺧوف‬
‫الطاﺟيك ذوي األﺻول الفارسيﺔ ﻣن سيطرة األﻏﻠﺑيﺔ ذات‬
‫األﺻول الﺗركيﺔ في ﻣﺟال آسيا الوسطى ‪.‬‬
‫وﻋكس ﺗﺣركﮭا الديﻧي الﻧﺷط في أذرﺑيﺟان‪ ،‬اﺗسﻣت سياسﺔ‬
‫إيران ﺗﺟاه طاﺟيكسﺗان ﺑالواقﻌيﺔ والﺣذر ﻣن ﺗﻧاﻣي الﻣطالب‬
‫السياسيﺔ لﺑﻌض األطراف الداﻋيﺔ إلى إقاﻣﺔ «طاﺟيكسﺗان كﺑرى»‬
‫ﺗﻣﺗد ﻣن كاﺑول إلى ﺑﺧارى ‪.‬وفضﻠت إيران دور الﺣكم في‬
‫الﺻراﻋات السياسيﺔ الداﺧﻠيﺔ‪ ،‬وﻋقب سقوط الﺣكوﻣﺔ اﻻئﺗالفيﺔ‬
‫لإلسالﻣيين والديﻣقراطيين ﻋام ‪ ،1992‬كاﻧت طﮭران سﺑاقﺔ إلى‬
‫اﻻﻋﺗراف ﺑالﺣكوﻣﺔ الﺷيوﻋيﺔ الﺟديدة في دوﺷﻣﺑي‪ .‬أﻣا ﺑالﻧسﺑﺔ‬
‫لﻠﺗﻌاون اﻹقﻠيﻣي فقد ﺷرﻋت إيران وﺗركيا ﺑﺣﻣاس واضح في‬
‫الﻌﻣل ﻋﻠى ادﻣاج ﻋالقاﺗﮭﻣا الثﻧائيﺔ ﺑالﺟﻣﮭوريات الﻣسﺗقﻠﺔ في‬
‫أطر ﺗﻌاون إقﻠيﻣي ﺗسﺗطيﻌان ﻣن ﺧاللﮭا ھيكﻠﺔ الﻣﺟال الﻣﺟاور‬
‫في ﻣﻧظﻣات ﺗﻌاون إقﻠيﻣي‪ ،‬وﺻوغ الﻣﺣﺗوى السياسي والﺗوﺟه‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد الﻧﻌﻣاﻧي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق ص‪2‬‬

‫‪128‬‬
‫الﺧارﺟي لﻠﺗﻧظيم اﻹقﻠيﻣي الﻣقﺗرح‪ .‬وﺣول الﻣﺑادرات اﻹقﻠيﻣيﺔ‬
‫اﻹيراﻧيﺔ فقد ﺗم إﺣياء ﻧﺷاط ﻣﻧظﻣﺔ الﺗﻌاون اﻻقﺗﺻادي الﺗي أﻧﺷئت‬
‫ﻋام ‪ ،1985‬وﺗضم ﺗركيا وإيران وﺑاكسﺗان وقد ﻋﻣﻠت طﮭران‬
‫ﻋﻠى اﻧضﻣام أذرﺑيﺟان وﺗركﻣاﻧسﺗان وأوزﺑكسﺗان وطاﺟيكسﺗان‬
‫وكيرﺟيسﺗان‪ .‬ويﺗطﻠﻊ القادة اﻹيراﻧيون إلى أن ﺗﺻﺑح ھذه الﻣﻧظﻣﺔ‬
‫سوقا ً إسالﻣيﺔ كﺑيرة ﺗضم ‪ 250‬ﻣﻠيون ﻧسﻣﺔ ﻋﻠى ﻣساﺣﺔ ‪4‬‬
‫ﻣاليين كيﻠوﻣﺗر ﻣرﺑﻊ‪ .‬وﺗأسيس ﻣﺟﻠس الﺗﻌاون لﺑﺣر قزوين في‬
‫ﻧيسان أﺑريل ‪ ،1992‬ﺑﮭدف ﺗسﮭيل الﻣﺑادﻻت الﺗﺟاريﺔ والﻣالﺣﺔ‬
‫وﺗطوير الﻣواﻧئ والﺗﻧقيب واسﺗغالل الﻣوارد الﺑﺣريﺔ‪ .‬إضافﺔ إلى‬
‫ﺗأسيس ﻣﻧظﻣﺔ ثقافيﺔ إقﻠيﻣيﺔ لﻠﺷﻌوب الﻧاطقﺔ ﺑالفارسيﺔ‪ ،‬ﺗضم‬
‫إيران وطاﺟيكسﺗان وﺑﻌض الﻣﺟﻣوﻋات ﻣن الفﺻائل األفغاﻧيﺔ ‪.‬‬
‫وﺗﺣقق ھذه الﻣﺑادرات ﻹيران ﻣكاسب ﻋدة‪ ،‬أھﻣﮭا ﻣﻧافسﺔ‬
‫الﺗطﻠﻌات الطوراﻧيﺔ لﺗركيا والداﻋيﺔ إلى ﺗﺟﻣيﻊ الﺷﻌوب الﺗركيﺔ‪،‬‬
‫وفﺗح الﻣﺟال لﻠﺟﻣﮭوريات ذات األﻏﻠﺑيﺔ الﻣسﻠﻣﺔ لﻠﺧروج ﺗدريﺟيا ً‬
‫ﻣن دائرة الﻧفوذ الروسي والﺗﺧفيف ﻣن ﺣدة الﺗطﻠﻌات القوﻣيﺔ‬
‫الﻌاﺑرة لﻠﺣدود‪ ،‬وﺗقﻠيص ﺗدﺧل القوى الﻣﻌاديﺔ في الﻣﻧطقﺔ‬
‫وﺧاﺻﺔ اﺣﺗﻣاﻻت ﺗوسﻊ الﻧاﺗو فيﮭا‪.‬‬
‫كذلك ھﻧاك ﻣﺷروع إيراﻧي لﻧقل الغاز ﻋﺑر أراضي كل ﻣن‬
‫ﺗركيا وﺑﻠغاريا وروﻣاﻧيا والﻣﺟر‪ ،‬وﺻوﻻً إلى الﻧﻣسا‪ ،‬ﺗﺑﻠغ قدرﺗه‬
‫اﻻسﺗيﻌاﺑيﺔ الﻣﻌﻠﻧﺔ ‪ 30‬ﻣﻠيار م‪ 3‬في السﻧﺔ‪ ،‬وﻣن الﻣﻧﺗظر ﺑدء‬
‫الﻌﻣل ﺑه ﺑﺣﻠول ﻋام ‪ ،2011‬إﻻ أن ﺗطورات قضيﺔ الﺑرﻧاﻣج‬
‫‪1‬‬
‫الﻧووي اﻹيراﻧي قد ﺗؤثر ﻋﻠى ھذا الﻣﺷروع‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد الﻧﻌﻣاﻧي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق ص‪2‬‬

‫‪129‬‬
‫ج – الصـين‪:‬‬
‫لقد أثﻣر الﺗﻌاون الروسي الﺻيﻧي إلى اﻻھﺗﻣام ﺑﺗفﻌيل ﻣﻧظﻣﺔ‬
‫ﺷﻧغﮭاي لﻠﺗﻌاون اﻹقﻠيﻣي الﺗي ﺗضم ﺑاﻹضافﺔ إلى روسيا والﺻين‬
‫كال ﻣن كازاﺧسﺗان وأوزﺑاكسﺗان وقيرﻏيزسﺗان وطاﺟيكسﺗان‬
‫ﺑاﻹضافﺔ إلى إيران وﻣﻧغوليا وﺑاكسﺗان والﮭﻧد كﻣراقﺑين‪ ...‬وكذلك‬
‫ﻣﻌاھد الدفاع الﻣﺷﺗرك ضد اﻹرھاب الدولي والﺗطرف الديﻧي‬
‫والﺣركات اﻻﻧفﺻاليﺔ‪ ،‬وﺗﻌﮭدت الﺻين وروسيا ﺑﻣساﻋدة دول‬
‫آسيا الوسطى في ﻣواﺟﮭﺔ ﻣﺷاكﻠﮭا الﻣﺗﻌﻠقﺔ ﺑاﻹرھاب والﺗدﺧل‬
‫األﻣريكي‪ ...‬ويﺑرر اھﺗﻣام الﺻين ﺑﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى والقوقاز‬
‫ﺗﺧوفﮭا ﻣن ﺗﻧاقص ﻣﺻادر إﻣداد الطاقﺔ لﮭا‪ ،‬ﻣﻣا دفﻌﮭا إلى ﺗﻧويﻊ‬
‫اﻋﺗﻣادھا ﻋﻠى ﻣﺻادر ﺑديﻠﺔ أھﻣﮭا سيﺑيريا الروسيﺔ‪ ،‬وﻧفط‬
‫كازاﺧسﺗان ﻣﻣا يﺟﻌل ﻧفط آسيا الوسطى وﺑﺣر قزوين أھم‬
‫الﻣﺻادر الﺗي ﺗﻌول ﻋﻠيﮭا ﺑكين لﺗغذيﺔ ﺻﻧاﻋﺗﮭا الﻣﺗزايدة‪ ،‬ولقد‬
‫ﻧﺟﺣت الﺻين في ﺗثﺑيت أقداﻣﮭا في ﻏرﺑي كازاﺧسﺗان ﻋﻧدﻣا‬
‫قاﻣت ﺑاسﺗثﻣار ثالثﺔ ﺣقول رئيسيﺔ‪ ،‬وﺗوقيﻊ ﻋدة اﺗفاقيات لﻣد ﺧط‬
‫أﻧاﺑيب يﻧقل الﻧفط ﻣن قزوين إلى إقﻠيم ﺷيﻧغياﻧغ في ﻏرﺑي الﺻين‬
‫وﻣﻧه إلى ﺷيﻧغﮭاي‪ .‬ويﻣثل الﺗﺣدي األكﺑر لﻠﺻين في آسيا الوسطى‬
‫‪1‬‬
‫في الﺣضور الﻣﺗﻧاﻣي لﺷركات الﻧفط األﻣريكيﺔ‪.‬‬
‫وقد سﺟﻠت الﺻين ﻣﻊ آسيا الوسطى ﻧوﻋا ﻣن الﻧﺟاح في‬
‫الﻣﺟال اﻻقﺗﺻادي‪ ...‬إﻻ أن ﺗﻠك الﻣﺑادﻻت ﻻ ﺗﻣثل إﻻ ﺟزءا‬
‫ضئيال ﻣن ﻣﺟﻣوع ﻣﺑادﻻت الﺻين ﻣﻊ الﻌالم‪ ،‬فقد وﺻﻠت ﺗﻠك‬
‫الﻣﺑادﻻت إلى ‪ 955‬ﻣﻠيون دوﻻر ﻣن أﺻل ﻣﺑﻠغ إﺟﻣالي ﺗﺑادلي‬
‫ﻣقدر ﺑـ‪323 :‬ﻣﻠيار دوﻻر‪ .‬ﺑل ﺣﺟم الﺗﺑادل الﺗﺟاري ﻣﻊ فيدراليﺔ‬

‫‪ 1‬ﻋﺑد الﻧاﺻر سرور‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪،‬ص ‪54‬‬

‫‪130‬‬
‫روسيا ﺑﻠغ ‪ 5.5‬ﻣﻠيار دوﻻر‪ ،‬ويﻌود سﺑب ضﻌف ھذا الﺗﺑادل ﺑين‬
‫الﺻين ودول آسيا الوسطى ﺑالدرﺟﺔ األولى إلى ضﻌف‬
‫اقﺗﺻاديات ﺗﻠك الدول‪.‬‬
‫وﻣن أﺟل ﺗﺣسين الﺷروط وزيادة الﻣﺑادﻻت ﻣﻊ آسيا الوسطى‬
‫قاﻣت الﺻين ﺑﺗقويﺔ الﺑﻧيﺔ الﺗﺣﺗيﺔ لﻠﻧقل ضﻣن ﺧططﮭا الﺧﻣسيﺔ‬
‫وكذلك اﻻﺗﺻاﻻت الﮭاﺗفيﺔ‪...‬كﻣا قاﻣت السﻠطات الﺻيﻧيﺔ ﺑفﺗح‬
‫الﻣدن الﺣدوديﺔ‪...‬وفﺗح اثﻧي ﻋﺷرة ﻧقطﺔ ﺣدوديﺔ لﻠﻌﺑور‪ 1.‬كﻣا‬
‫أﻧﺷأت الكثير ﻣن ﺧطوط السكﺔ الﺣديديﺔ الﺗي ﺗرﺑطﮭا ﺑكل ﻣن‬
‫كازاﺧسﺗان وأوزﺑكسﺗان وكيرﻏيزسﺗان وﻣﻧﮭا ﻣا يﻣﺗد إلى‬
‫‪2‬‬
‫ﺑاكسﺗان والﮭﻧد ﺷرقا‪ ،‬وﺑﻌضﮭا يﺗﺟه ﻏرﺑا إلى أورﺑا‪.‬‬

‫‪ – 2‬اﻷطماع الدولية‪:‬‬
‫أ الواليات المﺗحدة اﻷمريﻛية‪:‬‬

‫عسﻛريا‪:‬‬
‫كاﻧت الوﻻيات الﻣﺗﺣدة ﻣن أوائل الدول الﺗي أﺑدت اھﺗﻣا ًﻣا‬
‫واض ًﺣا ﺑﻣﻧطقﺔ آسيا الوسطى والقوقاز ﺑﻣﺟرد اسﺗقالل ھذه الدول‬
‫ﻋن اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي‪ ،‬وﺗفكك األﺧير ﻋام ‪ .1991‬وقد ﺗرﺟﻣت‬
‫واﺷﻧطن ھذا اﻻھﺗﻣام في الﺷكل الﺗالي‪:‬‬
‫ﺗﻌزيز إقصاء دول المنطﻘة عن روسيا‪ ،‬ودمجها في‬
‫المؤسسات الغرﺑية‪:‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد رضا ﺟﻠيﻠي وﺗيري كيﻠيز‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪132‬‬


‫‪ 2‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص ‪131-129‬‬

‫‪131‬‬
‫وذلك ﻣن ﺧالل دﻣج دول الﻣﻧطقﺔ في الﻣؤسسات الغرﺑيﺔ‬
‫األﻣﻧيﺔ ﻋﻠى وﺟه الﺧﺻوص‪ ،‬وأھﻣﮭا ﺣﻠف ﺷﻣال األطﻠﻧطي‬
‫وﻣﻧظﻣﺔ األﻣن والﺗﻌاون األورﺑي‪ .‬ففي يﻧاير ‪ 1992‬اﻧضﻣت‬
‫الﺟﻣﮭوريات اﻹسالﻣيﺔ السوفيﺗيﺔ الساﺑقﺔ في آسيا الوسطى‬
‫والقوقاز إلى ﻣﻧظﻣﺔ األﻣن والﺗﻌاون األورﺑي‪ .‬وفي قﻣﺔ ﺣﻠف‬
‫ﺷﻣال األطﻠﻧطى في أكﺗوﺑر ‪ 1993‬ﺑألﻣاﻧيا اقﺗرﺣت الوﻻيات‬
‫الﻣﺗﺣدة ﺗدﺷين ﺑرﻧاﻣج الﺷراكﺔ ﻣن أﺟل السالم ﻹقاﻣﺔ ﻋالقات‬
‫ﺗﻌاوﻧيﺔ ﻣكثفﺔ ﻣﻊ ﺟﻣﮭوريات اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي الساﺑق في ﻣﺟال‬
‫ﺣفظ األﻣن والسﻠم في الﻣﻧطقﺔ‪ ،‬والﺗﻌاون لﻣواﺟﮭﺔ الﺗﮭديدات‬
‫ﺑالﻣﻧطقﺔ‪1 .‬وقد ﺑدأ الﺑرﻧاﻣج في يﻧاير ‪ ،1994‬واﻧضﻣت‬
‫ﻋا ﻋﻠى الﻧﺣو‬‫ﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى والقوقاز اﻹسالﻣيﺔ ﺗﺑا ً‬
‫الﺗالي‪ :‬كازاﺧسﺗان (ﻣايو ‪ ،)1994‬ﺗركﻣاﻧسﺗان (ﻣايو ‪،)1994‬‬
‫أذرﺑيﺟان (ﻣايو ‪ ،)1994‬قيرﻏيزسﺗان (يوﻧيو ‪)1994‬‬
‫أوزﺑكسﺗان (يوليو ‪ ،)1994‬طاﺟيكسﺗان (فﺑراير ‪.) 2002‬‬

‫الﺗغﻠل الﻌسﻛري في المنطﻘة‪:‬‬


‫ﺑدأت الوﻻيات الﻣﺗﺣدة ﺗطوير ﺗﻌاوﻧﮭا الﻌسكري ﻣﻊ دول‬
‫آسيا الوسطى ﻣﻧذ ﻣطﻠﻊ الﺗسﻌيﻧيات‪ .‬ففي ﻋام ‪1994‬ﺗم ﺗوقيﻊ‬
‫ﻣذكرة لﻠﺗﻌاون الﻌسكري ﺑين واﺷﻧطن وكازاﺧسﺗان‪ ،‬ﺗم ﺗدﻋيﻣﮭا‬
‫ﺑاﺗفاق لﻠﺗﻌاون في ﻣﺟال الﺗدريب الﻌسكري وﻣﻌدات األﻣن الﻧووي‬
‫ﻋام ‪ .1997‬كﻣا ﺗم ﺗوقيﻊ اﺗفاقيﺔ ﻣﻣاثﻠﺔ في ﻧفس الﻌام ﻣﻊ‬
‫أوزﺑكسﺗان‪ .‬كذلك الﺗدريب األﻣريكي لﻠقوات الﻣسﻠﺣﺔ األذريﺔ‪،‬‬
‫والﺗدريﺑات الﻌسكريﺔ الﻣﺷﺗركﺔ ﺑين الوﻻيات الﻣﺗﺣدة والﺑﺣريﺔ‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد الﻧﻌﻣاﻧي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق ص‪2‬‬

‫‪132‬‬
‫األذريﺔ‪ ،‬وإﻣداد أذرﺑيﺟان وﻋدد ﻣن دول الﻣﻧطقﺔ ﺑﺑﻌض الﻣﻌدات‬
‫الﻌسكريﺔ‪ .‬يضاف إلى ھذا ﺗقديم الﻣﻌوﻧات الﻌسكريﺔ لدول‬
‫الﻣﻧطقﺔ‪ ،‬والﺗي قُدرت ﺑﺣوالي ‪ 6،1‬ﻣﻠيار دوﻻر ﺧالل الفﺗرة ﻣن‬
‫‪.2000 -1998‬‬
‫وﻋقب أﺣداث ‪ 11‬سﺑﺗﻣﺑر‪ ،‬وفي إطار ﺣرﺑﮭا ﻋﻠى اﻹرھاب‬
‫واﺣﺗاللﮭا ألفغاﻧسﺗان ذات الﺟوار الﺟغرافي الﻣﺑاﺷر لﻣﻧطقﺔ آسيا‬
‫الوسطى والقوقاز‪ ،‬أُﺗيﺣت الفرﺻﺔ لﻠوﻻيات الﻣﺗﺣدة ﻹقاﻣﺔ قواﻋد‬
‫ﻋسكريﺔ في الﻣﻧطقﺔ‪ ،‬وھو الﮭدف الذي طالﻣا سﻌت لﺗﺣقيقه‪.‬‬
‫وﺗضﻣن ذلك قاﻋدﺗين أساسيﺗين ھﻣا‪:‬‬

‫قاعدة خان أﺑاد في أوزﺑﻛسﺗان‪:‬‬


‫في أكﺗوﺑر ‪ 2001‬ﺗم ﺗوقيﻊ اﺗفاق ﺑين الوﻻيات الﻣﺗﺣدة‬
‫وأوزﺑكسﺗان يقضي ﺑاسﺗﺧدام واﺷﻧطن لقاﻋدة ﺧان أﺑاد ﻣقاﺑل‬
‫إيﺟار قيﻣﺗه ‪ 270‬ﻣﻠيون دوﻻر‪ ،‬إلى ﺟاﻧب ﻣﻧﺣﺔ قدرھا ‪100‬‬
‫ضا ﺑقيﻣﺔ ‪ 100‬ﻣﻠيون دوﻻر ﻣن ﺑﻧك الﺗﺻدير‬ ‫ﻣﻠيون دوﻻر‪ ،‬وقر ً‬
‫واﻻسﺗيراد األﻣريكي‪.‬‬
‫وقاﻋدة ﺧان أﺑاد ھي قاﻋدة سوفيﺗيﺔ ساﺑقﺔ ﺗقﻊ ﺟﻧوب ﺷرق‬
‫أوزﺑكسﺗان‪ ،‬وﺗﺑﻌد ﻧﺣو ‪ 500‬كم ﻋن الﻌاﺻﻣﺔ طﺷقﻧد‪ ،‬و‪200‬‬
‫كيﻠوﻣﺗر ﻋن الﺣدود ﻣﻊ أفغاﻧسﺗان‪ .‬اسﺗﺧدﻣﮭا األﻣيركيون ﻣﻧذ‬
‫أواﺧر ‪ 2001‬لﺗقديم اﻹسﻧاد الﺟوي لﻌﻣﻠياﺗﮭم في أفغاﻧسﺗان‪ ،‬وكان‬
‫‪1.‬‬
‫يﺗﻣركز فيﮭا ﻧﺣو ‪ 1000‬ﻋسكري أﻣيركي‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد الﻧﻌﻣاﻧي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق ص‪2‬‬

‫‪133‬‬
‫قاعدة ماناس في قرغيزسﺗان ‪:‬‬
‫في ديسﻣﺑر ‪ 2001‬وقﻌت الوﻻيات الﻣﺗﺣدة ﻣﻊ قرﻏيزسﺗان‬
‫اﺗفاقًا لﺑﻧاء قاﻋدة ﻋسكريﺔ ﺑﻣساﺣﺔ ‪ 129‬ألفًا و‪ 500‬ﻣﺗر ﻣرﺑﻊ‪،‬‬
‫وﺗسﺗوﻋب ثالثﺔ آﻻف ﺟﻧدي‪ ،‬وﻋددًا ﻏير ﻣﺣدد ﻣن طائرات ﺣﻠف‬
‫ﺷﻣال األطﻠﻧطي‪ .‬وذلك ﻣقاﺑل إيﺟار سﻧوي ﺑقيﻣﺔ ‪ 150‬ﻣﻠيون‬
‫دوﻻر‪ ،‬ﺣسب ﺑيان ﺻادر ﻋن السفارة األﻣيركيﺔ في ﺑﺷكيك‪ .‬وقد‬
‫كيﻠوﻣﺗرا ﻣن ﺑيﺷكيك‬
‫ً‬ ‫ﺗم ﺑالفﻌل إقاﻣﺔ القاﻋدة ﻋﻠى ﺑﻌد ﻧﺣو ‪30‬‬
‫كيﻠوﻣﺗرا‬
‫ً‬ ‫كيﻠوﻣﺗرا ﻣن الﺣدود الﺻيﻧيﺔ و‪640‬‬
‫ً‬ ‫الﻌاﺻﻣﺔ‪ ،‬و‪480‬‬
‫ﻣن الﺣدود األفغاﻧيﺔ‪ .‬وﺗﺗﻣيز القاﻋدة ﺑطول ﻣدرﺟﮭا الﺑالغ ‪4270‬‬
‫ﻣﺗرا‪ ،‬ويﻌد الﻣدرج األطول في الﺑالد ‪.‬ويﻣكن لﻠقاﻋدة اسﺗقﺑال‬ ‫ً‬
‫طائرات الﺷﺣن األﻣيركيﺔ طراز سي ‪ 5‬ﺟالكسي‪ ،‬وكذلك‬
‫طائرات ‪ 747‬والرﺣالت الدوليﺔ‪ .‬وﺗﺣﺗاج الطائرات إلى ‪90‬‬
‫دقيقﺔ اﻧطالقًا ﻣن قاﻋدة ﻣاﻧاس إلى ﻣسرح الﻌﻣﻠيات الﻌسكريﺔ في‬
‫أفغاﻧسﺗان‪ .‬ويسﺗﺧدم قراﺑﺔ ‪ 1500‬ﺟﻧدي أﻣيركي‪ ،‬ﻏالﺑيﺗﮭم ﻣن‬
‫سالح الﺟو القاﻋدة في ﻋﻣﻠيات اﻹﺣالل واﻻسﺗﺑدال‪ ،‬وإﻋادة‬
‫الﺗزود ﺑالوقود‪ ،‬فضالً ﻋن ﺷﺣن الﻣؤن إلى القوات األﻣيركيﺔ‬
‫‪1‬‬
‫الﻣوﺟودة في أفغاﻧسﺗان‪.‬‬

‫اقﺗصاديا‪:‬‬
‫ﺗقﻊ دولﺗان ﻣن دول آسيا الوسطى‪ ،‬وھﻣا‪ :‬كازاﺧسﺗان‬
‫وﺗركﻣاﻧسﺗان‪ ،‬إلى ﺟاﻧب أذرﺑيﺟان القوقازيﺔ ﻋﻠى ﺑﺣر قزوين‪،‬‬
‫وﺗﻣﺗﻠك الدول الثالث أكثر ﻣن ثﻠثي ﺷواطئه‪ ،‬وﻣن الﻣﻌروف أن‬
‫ﻣﻧطقﺔ ﺑﺣر قزوين ﺗﻣثل ثاﻧي أكﺑر اﺣﺗياطي في الﻌالم ﻣن الﻧفط‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد الﻧﻌﻣاﻧي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق ص‪2‬‬

‫‪134‬‬
‫والغاز الطﺑيﻌي ﺑﻌد ﻣﻧطقﺔ الﺷرق األوسط رﻏم ﺗفاوت ﺗقديرات‬
‫ھذا اﻻﺣﺗياطي (‪ 200‬ﻣﻠيار ﺑرﻣيل وفق ﺗقديرات أوليﺔ ﻣطﻠﻊ‬
‫الﺗسﻌيﻧيات‪ ،‬إلى ‪ 33‬ﻣﻠيار ﺑرﻣيل‪ ،‬وفق ﺗقديرات ﻋام ‪.)2003‬‬
‫وﻣن ثم فإن لﻠﻣﻧطقﺔ أھﻣيﺔ إسﺗراﺗيﺟيﺔ واضﺣﺔ لﻠوﻻيات الﻣﺗﺣدة‬
‫الﺗي ﺗرى في السيطرة الﻣﺑكرة ﻋﻠى الﻣﻧطقﺔ ﺗأﻣيﻧًا لﺣاﺟاﺗﮭا‬
‫الﻣسﺗقﺑﻠيﺔ ﻣن الطاقﺔ في الﻣسﺗقﺑل‪ ،‬ودﻋ ًﻣا ﻻسﺗقاللﮭا واسﺗقالل‬
‫ﺣﻠفائﮭا األورﺑيين في ﻣواﺟﮭﺔ روسيا الﺗي ﺗزداد ھيﻣﻧﺗﮭا ﻋﻠى‬
‫‪1‬‬
‫سوق الطاقﺔ الﻌالﻣي‪.‬‬
‫وقد ﻧﺷطت الﺷركات األﻣريكيﺔ في اﻻسﺗثﻣار في قطاع الﻧفط‬
‫ﺑدول الﻣﻧطقﺔ‪ ،‬ففي ﻋام ‪ 1994‬ﺗم إﺑرام اﺗفاق ﺑين الوﻻيات‬
‫الﻣﺗﺣدة وأذرﺑيﺟان‪ ،‬واسﺗأثرت الﺷركات األﻣريكيﺔ ﺑﻣقﺗضاه‬
‫ﺑﺣوالي ‪ %40‬ﻣن أسﮭم ﺷركﺔ أذرﺑيﺟان الدوليﺔ الﻌاﻣﻠﺔ في ﻣﺟال‬
‫الﻧفط‪ .‬وﻋﻠى ﻣدى ﻋقد الﺗسﻌيﻧيات اسﺗأثرت الﺷركات األﻣريكيﺔ‬
‫ﺑـ ‪ %38‬ﻣن قيﻣﺔ الﻌقود الﺗي أﺑرﻣﺗﮭا أذرﺑيﺟان في ﻣﺟال الﻧفط‪،‬‬
‫في ﺣين ﺣﺻﻠت الﺷركات الﺑريطاﻧيﺔ ﻋﻠى ‪ %17‬والﺷركﺔ‬
‫الﻧرويﺟيﺔ ﻋﻠى ‪ %8‬في ﺣين لم ﺗﺣﺻل الﺷركﺔ الروسيﺔ لوك‬
‫أويل سوى ﻋﻠى ‪ %10‬ﻣن قيﻣﺔ الﻌقود ولﮭذا دﻻﻻﺗه السياسيﺔ‬
‫واﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ‪ .‬كﻣا قاﻣت ﺷركﺔ ﺷيفرون األﻣريكيﺔ لﻠﺑﺗرول‬
‫ﺑاسﺗثﻣار ﻋﺷرة ﻣاليين دوﻻر في قطاع الﻧفط في كازاﺧسﺗان‬
‫ﻣطﻠﻊ الﺗسﻌيﻧيات‪.‬‬
‫يضاف إلى ھذا ﺗقديم الﻣساﻋدات لﮭذه الدول ﺑﮭدف الﺗﺣوﻻت‬
‫السياسيﺔ واﻻقﺗﺻاديﺔ ﺑﮭا‪ .‬وقد قدرت الﻣساﻋدات األﻣريكيﺔ لدول‬
‫الﻣﻧطقﺔ ﻋام ‪ 2006‬ﺑـ‪ :‬قرﻏيزسﺗان ‪32‬ﻣﻠيون دوﻻر‪ ،‬أذرﺑيﺟان‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد الﻧﻌﻣاﻧي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق ص‪2‬‬

‫‪135‬‬
‫‪ 28‬ﻣﻠيون دوﻻر طاﺟيكسﺗان ‪ 22‬ﻣﻠيون دوﻻر‪ ،‬كازاﺧسﺗان ‪19‬‬
‫ﻣﻠيون دوﻻر‪ ،‬أوزﺑكسﺗان ‪ 15‬ﻣﻠيون دوﻻر ﺗركﻣاﻧسﺗان ‪ 5‬ﻣاليين‬
‫‪1‬‬
‫دوﻻر‪.‬‬

‫ب االﺗحاد اﻷورﺑي‪:‬‬
‫ﻣرارا ﻋزﻣه ﺗقﻠيص دور ﺷركﺔ ﻏاز‬ ‫ً‬ ‫أﻋﻠن اﻻﺗﺣاد األورﺑي‬
‫ﺑروم الروسيﺔ في إﻣداد أورﺑا ﺑالغاز ﻣن ﺧالل الﻠﺟوء إلى ﻣﺻادر‬
‫أﺧرى ﻣن آسيا الوسطى والقوقاز وإيران‪ .‬وﺗﻌﺗﺑر أذرﺑيﺟان أقوى‬
‫الﻣﻧافسين لروسيا وذلك ﻣن ﺧالل ﺧط أﻧاﺑيب الغاز ﺑاكو– ﺗﺑﻠيسي‬
‫– ﺟيﮭان لﻧقل ليس فقط الغاز األذري‪ ،‬ولكن الكازاﺧي‬
‫ضا َ إلى ﻣيﻧاء ﺟيﮭان الﺗركي‪ ،‬وﻣﻧه إلى أورﺑا‪ ،‬وقد‬
‫والﺗركﻣاﻧي أي ً‬
‫أﻧﺷئ ھذا الﺧط ﺑدﻋم أﻣريكي واضح رﻏم الﻣﻌارضﺔ الروسيﺔ‬
‫ضا ﻣﺷروع ﻧاﺑوكو‪ ،‬وھو ﺗﺻور ﻣسﺗقﺑﻠي يقدر له أن‬ ‫القويﺔ له‪ .‬أي ً‬
‫يﻧقل الغاز الﻣﻧﺗج في ﺟﻣﮭوريﺔ أذرﺑيﺟان وﺟﻣﮭوريات آسيا‬
‫‪2‬‬
‫الوسطى ﻋﺑر ﺗركيا‪ ،‬إلى كل ﻣن وسط وﻏرب أورﺑا‬
‫إن الدول األﻋضاء في اﻻﺗﺣاد األورﺑي ﺗﺷكل الﻣﻣول األساسي‬
‫فيﻣا يﺗﻌﻠق ﺑالرأسﻣال والﺧﺑرة الﻌﻣﻠيﺔ وأيضا ﺑالﺧدﻣات‬
‫والﺗكﻧولوﺟيا الضروريﺔ ﻻسﺗقالل ﻣوارد ﺟﻣﮭوريات آسيا‬
‫الوسطى‪ ،‬واﻻﺗﺣاد األورﺑي ھو أيضا ﻣﺻدر الدﻋم والﻌون لﻠﺑﻠدان‬
‫األكثر فقرا‪ ،‬ﻣثل كيرﻏيزسﺗان وطاﺟيكسﺗان (ﻋن طريق الﻣكﺗب‬
‫اﻹﻧساﻧي لﻠﻣﺟﻣوﻋﺔ األورﺑيﺔ ‪.)ECHO‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد الﻧﻌﻣاﻧي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق ص‪2‬‬


‫‪ 2‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص‪2‬‬

‫‪136‬‬
‫وﻋﻠى الﺻﻌيد اﻻقﺗﺻادي أﺻﺑﺣت دول اﻻﺗﺣاد األورﺑي‬
‫ﺷركاء ﻣﮭﻣين ﺑالﻧسﺑﺔ إلى ﺟﻣﮭوريات آسيا الوسطى ولدول‬
‫اﻻﺗﺣاد ﻣﺻالح ﻣﺗﻧوﻋﺔ‪ ،‬فقد دﺧﻠت ﺷركاﺗﮭا الﺑﺗروليﺔ في‬
‫الﻣﺷاريﻊ الطاقويﺔ في الﻣﻧطقﺔ‪ ،‬ولكي يﻧﻣي الﻣﺑادﻻت ﻋﻣد اﻻﺗﺣاد‬
‫األورﺑي إلى فك ﻋزلﺔ دول الﻣﻧطقﺔ ﺑواسطﺔ ﺑرﻧاﻣج ﻣﻣر الﻧقل‬
‫ﺑين أورﺑا والقوقاز الذي أطﻠق أثﻧاء ﻣؤﺗﻣر ﺑروكسل سﻧﺔ ‪1993‬‬
‫وﺗم ﺗوسيﻊ الﺑرﻧاﻣج الذي طﺑق ﻋﻧد اﻧطالقه ﻋﻠى الﺟﻣﮭوريات‬
‫الﺧﻣس في آسيا الوسطى وﻋﻠى ﺟﻣﮭوريات القوقاز الثالث وﺷﻣل‬
‫ﻣﻧغوليا وأوكراﻧيا‪ .‬وكان الﻣطﻠوب إﻋادة ﺗأھيل وﺗطوير ﺷﺑكات‬
‫الطرق والﻣياه والسكك الﺣديديﺔ والﻣرافئ وأﻧاﺑيب الﻧفط وﻣﻣرات‬
‫الطيران‪ .‬وكان الﮭدف الﻣﺑﺗغى ھو ﺗسﮭيل اﻧفﺗاح الدول الﻣسﺗقﻠﺔ‬
‫ﺣديثا ورﺑطﮭا ﺑﺑقيﺔ الﻌالم ﺑواسطﺔ طرق وﺻول ﺗﺗﺟﻧب ﺑآن واﺣد‬
‫ﻣول اﻻﺗﺣاد‬‫أراضي روسيا وأراضي إيران‪ ،‬وفي سﻧﺔ ‪ّ 1999‬‬
‫األورﺑي ‪ 22‬دراسﺔ في الﻣساﻋدة الﺗقﻧيﺔ و‪ 5‬ﻣﺷاريﻊ ﺗوظيفيﺔ‬
‫ﺑﻣﺑﻠغ ‪ 50‬ﻣﻠيون‪ ،‬وقد أﻋيد ﺗأكيد ﺗﻌﮭد اﻻﺗﺣاد والﺗزاﻣه ﺗﺟاه آسيا‬
‫الوسطى والقوقاز أثﻧاء ﻣؤﺗﻣر ﺑاكو الذي ﻋقد في أيﻠول ‪1998‬‬
‫وﺑﮭذه الﻣﻧاسﺑﺔ ﺗم ﻋقد اﺗفاق ﻣﺗﻌدد األطراف ﻣدﺗه ﻋﺷر سﻧوات‬
‫يﮭدف إلى زيادة ﺗطوير ﻣﺷروع ﺗراسيكا‪ .‬ﺑاﻹضافﺔ إلى ﺗطﺑيق‬
‫ﺑرﻧاﻣج (ﺗاسيس) والذي يﺗﻌﻠق ﺑﺗﺷكيل وﺗطوير إدارة ﻋﻣل فضﻠى‬
‫لﻠﻣوارد الطﺑيﻌيﺔ وﺗسﮭيل اﻻﻧﺗقال إلى اقﺗﺻاد السوق‪.‬‬
‫وقد دﻋيت دول آسيا الوسطى في ﻋالقاﺗﮭا ﻣﻊ الغرب في آذار‬
‫‪ 1992‬إلى اﻻﻧضﻣام إلى ﻣﺟﻠس الﺗﻌاون في ﺣﻠف ﺷﻣال األطﻠسي‬

‫‪137‬‬
‫وﺑاسﺗثﻧاء طاﺟيكسﺗان فقد اﻧضﻣت كل ﺑﻠدان آسيا الوسطى‬
‫‪1‬‬
‫إلى"الزﻣالﺔ ﻣن أﺟل السالم"‪.‬‬
‫وفي ﺧطوة أﺧرى قرر الﻣﺟﻠس الوزاري لﻣﻧظﻣﺔ األﻣن‬
‫والﺗﻌاون في أورﺑا في ‪ 30‬كاﻧون الثاﻧي قﺑول الﺟﻣﮭوريات‬
‫الﺧارﺟﺔ ﻣن اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي الساﺑق‪...‬وھي فكرة دﻋﻣﺗﮭا روسيا‬
‫ﺑقوة فقد اﻋﺗﺑرت أن ﻣثل ھذا القﺑول ﻣن ﺷأﻧه أن يﻌزز ﺗﻣاسك‬
‫اﺗﺣاد الدول الﻣسﺗقﻠﺔ الﻧاﺷئﺔ‪ .‬وأن يﺧضﻊ دول اﻻﺗﺣاد ﻻلﺗزاﻣات‬
‫الﻣﻧظﻣﺔ (ﺣقوق اﻹﻧسان‪ ،‬دولﺔ القاﻧون‪ ،‬اقﺗﺻاد السوق‪ ،‬ﺷفافيﺔ‬
‫الﻧﺷاطات الﻌسكريﺔ ﻧزع الﺗسﻠح‪ )...‬وﺑﻌد ﺣل ﻣسألﺔ القﺑول‪،‬‬
‫أرسﻠت ﻣﻧظﻣﺔ األﻣن والﺗﻌاون األورﺑيﺔ لﺟﻧﺔ ﻣراقﺑين في ‪1992‬‬
‫إلى ﺗركﻣاﻧسﺗان وأوزﺑكسﺗان وطاﺟيكسﺗان ﺗﺑﻌﺗﮭا لﺟﻧﺔ أﺧرى في‬
‫ﻧيسان إلى كازاﺧسﺗان وقيرﻏيزسﺗان‪ ...‬وأﺻﺑﺣت الﻣﻧظﻣﺔ ﺑﻌد‬
‫ذلك ﺗﻣﺗﻠك لﺟﻧﺔ في طاﺟيكسﺗان وﻣكﺗﺑا إقﻠيﻣيا لالﺗﺻال ﺑآسيا‬
‫الوسطى ﻣركزه أوزﺑكسﺗان وﻣراكز لﻠﻣﻧظﻣﺔ في كازاﺧسﺗان‬
‫‪2‬‬
‫وقيرﻏيزسﺗان وﺗركﻣاﻧسﺗان‪.‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد رضا ﺟﻠيﻠي وﺗيري كيﻠيز‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ساﺑق‪ ،‬ص ‪115-114‬‬


‫‪ 2‬الﻣرﺟﻊ ﻧفسه‪ ،‬ص ‪163-162‬‬

‫‪138‬‬
‫خاتمة‬

‫ﺗواﺟه روسيا ﻋدة ﻣﻌضالت في ﺗﻧفيذ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‬


‫الﺟديدة لﻠرئيس ﺑوﺗين لﻌل أولى ﺗﻠك الﻣﻌضالت ھي الﻣﻌضﻠﺔ‬
‫السكاﻧيﺔ واﻻقﺗﺻاديﺔ وقد أﺷار ﺑوﺗين في ﺧطاﺑه في ﻣايو سﻧﺔ‬
‫‪ 2006‬أﻣام الﺑرلﻣان إلى أن "أكﺑر ﻣﺷكﻠﺔ ﺗواﺟه الﺑالد ھي ﻣﺷكﻠﺔ‬
‫ﺗراﺟﻊ ﻋدد السكان"‪ ،‬ﻣﺷيرا إلى أن ﻋدد السكان الﺑالغ ‪143‬‬
‫ﻣﻠيون ﻧسﻣﺔ يﺗراﺟﻊ ﺑﻣﻌدل ‪ 700‬ألف ﻧسﻣﺔ سﻧويا وھذا الﺗراﺟﻊ‬
‫ھو ﻣؤﺷر ﻋام ﻋﻠى ﻧوﻋيﺔ الﺣياة في روسيا وﻣدى قدرﺗﮭا ﻋﻠى‬
‫دﻋم سياسﺔ ﺧارﺟيﺔ ﻧﺷيطﺔ ويﺗضح ذلك إذا ﺗذكرﻧا أﻧه ـ ﺣسب‬
‫إﺣﺻاءات سﻧﺔ ‪ 2004‬ـ ﺑﻠغ الﻧاﺗج القوﻣي الروسي ‪ %1.4‬ﻣن‬
‫الﻧاﺗج القوﻣي اﻹﺟﻣالي الﻌالﻣي وھو األﻣر الذي ﻻ يدﻋم اقﺗﺻاديا‬
‫دورا روسيا ﺧارﺟيا ﻧﺷيطا أﻣا الﻣﻌضﻠﺔ الثاﻧيﺔ‪ ،‬فﮭي الﻣﻌضﻠﺔ‬
‫األطﻠﻧطيﺔ‪ ،‬وﺑالﺗﺣديد ﺗوسﻊ ﺣﻠف األطﻠﻧطي ﺷرقا في ﻣﻧاطق‬
‫الﻧفوذ الروسيﺔ الﺗقﻠيديﺔ فقد ضم الﺣﻠف دول ﺑﺣر الﺑﻠطيق الثالث‬
‫الﺗي كاﻧت ﺟزءا ﻣن اﻻﺗﺣاد السوفيﺗي ويسﻌى لضم أوكراﻧيا‪ ،‬كﻣا‬
‫أﻧه يﻠﻌب أدوارا ﻋسكريﺔ في الﻣﺣيط الﺧارﺟي لروسيا‪ ،‬ﺧاﺻﺔ‬
‫في أفغاﻧسﺗان (الوﺟود الﻌسكري)‪ ،‬وﺑﻌض دول آسيا الوسطى‬
‫(ﻣﺷروع الﻣﺷاركﺔ ﻣن أﺟل السالم)‪ ،‬وفى ﺑﻌض دول القوقاز‪،‬‬
‫فيﻣا يﺷﺑه إﻋادة ﺗطﺑيق ﻹسﺗراﺗيﺟيﺔ اﻻﺣﺗواء الﺗي طﺑقﺗﮭا الوﻻيات‬
‫الﻣﺗﺣدة إﺑان الﺣرب الﺑاردة‪.‬‬
‫ولكن ﻣن ﻧاﺣيﺔ أﺧرى‪ ،‬فإن لروسيا والرئيس ﺑوﺗين ﻋدة‬
‫ﻋﻧاﺻر قوة‪ ،‬أھﻣﮭا الﺗﺣسن الواضح في اﻻقﺗﺻاد الروسي ﻧﺗيﺟﺔ‬

‫‪139‬‬
‫ارﺗفاع أسﻌار الﻧفط ويوضح ﺗقرير الﺗﻧﻣيﺔ الﺑﺷريﺔ لسﻧﺔ ‪2006‬‬
‫أن روسيا قد أﺻﺑﺣت أﻋﻠى دول الكوﻣﻧولث في الﺗﻧﻣيﺔ‬
‫الﺑﺷريﺔ‪،‬كذلك فالﺗوﺟه األورو ـ أطﻠﻧطي لﻠرئيس ﺑوﺗين يﺣظى‬
‫ﺑدﻋم الرأي الﻌام الروسي إلى ﺣد ﺑﻌيد وفى اسﺗطالع لﻠرأي الﻌام‬
‫الروسي‪ ،‬ﻋﺑر ‪ %52‬ﻣن الروس ﻋن رﻏﺑﺗﮭم في ﻋودة ﺑوﺗين‬
‫إلى رئاسﺔ الدولﺔ سﻧﺔ ‪ ...2012‬كذلك فإن رد فﻌل روسيا ﺗﺟاه‬
‫ﻣﺷروع الدرع الﺻاروﺧيﺔ األﻣريكيﺔ سيﺣدد ـ إلى ﺣد كﺑير ـ‬
‫ﻣسﺗقﺑل الدور الروسي في السياسﺔ الدوليﺔ ‪.1‬‬

‫‪ 1‬ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم‪،‬ﻣﺻدر ساﺑق‪ ،‬ﻋﻠى الراﺑط ﺑﺗاريﺦ ‪،2007/10/1 :‬‬


‫‪http://digital. ahram. org. eg/articles. 47:1pm‬‬
‫‪aspx?Serial=221968&eid=306‬‬

‫‪140‬‬
‫المصادر والمراجع‬

‫ﻛﺗب‪:‬‬
‫أ‪.‬د أﺣﻣد الﻧﻌيﻣي‪ ،‬السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬دار زھران لﻠﻧﺷر‬
‫الﺗوزيﻊ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﻋﻣان‪2011،‬‬
‫د‪ .‬اسﻣاﻋيل ﻋﺑد الفﺗاح ﻋﺑد الكافي‪ ،‬الﻣوسوﻋﺔ الﻣيسرة‬
‫لﻠﻣﺻطﻠﺣات السياسيﺔ‪.‬‬
‫د‪ .‬ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم‪ ،‬ﺗﺣﻠيل السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬ﻣكﺗﺑﺔ‬
‫الﻧﮭضﺔ الﻣﺻريﺔ‪ ،‬ط‪ ،2‬ﻣﺻر ‪.1998‬‬
‫لويد ﺟﻧسن‪ ،‬ﺗفسير السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ‪ :‬د‪ .‬ﻣﺣﻣد‬
‫أﺣﻣد ﻣفﺗي ود‪ .‬ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم‪ ،‬الﻧاﺷر ﻋﻣادة ﺷؤون‬
‫الﻣكﺗﺑات‪ ،‬ﺟاﻣﻌﺔ الﻣﻠك سﻌود‪ ،‬الرياض ‪ 1989‬م‪.‬‬
‫ﻣارﺗن ﻏريفﺗش وﺗيري أوكاﻻھان‪ ،‬ﻣفاھيم أساسيﺔ في‬
‫الﻌالقات الدوليﺔ‪ ،‬ﻣركز الﺧﻠيج لألﺑﺣات‪.‬‬
‫ﻣﺣﻣد رضا ﺟﻠيﻠي وﺗيري كيﻠيز‪ ،‬ﺟيوسياسيﺔ آسيا الوسطى‪،‬‬
‫ﺗرﺟﻣﺔ د‪ .‬ﻋﻠي ﻣقﻠد‪ ،‬ﻣﻧﺷورات دار اﻻسﺗقالل لﻠثقافﺔ والﻌﻠوم‬
‫القاﻧوﻧيﺔ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﺑيروت‪2001 ،‬‬
‫ﻣﺣﻣد طه ﺑدوي‪ ،‬ﻣدﺧل إلى ﻋﻠم الﻌالقات الدوليﺔ‪ ،‬دار‬
‫الﻧﮭضﺔ الﻌرﺑيﺔ لﻠطﺑاﻋﺔ والﻧﺷر‪ ،‬ﺑيروت‪.1972 ،‬‬

‫رسائل واطروحات‪:‬‬
‫أ‪ .‬ﺑولﻣكاﺣل اﺑراھيم‪ ،‬ﺗأثير ﺗﺣوﻻت وﻣﺗغيرات الﺑيئﺔ الداﺧﻠيﺔ‬
‫ﻋﻠى السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ ﻧﺣو اﻻﺗﺣاد األورﺑي ﺑﻌد الﺣرب‬

‫‪141‬‬
‫الﺑاردة‪ ،‬ﻣذكرة لﻧيل ﺷﮭادة الﻣاﺟسﺗير في الﻌﻠوم السياسيﺔ‪ ،‬ﺟاﻣﻌﺔ‬
‫ﺑاﺗﻧﺔ‪.2009 ،‬‬
‫أ‪ .‬ﻣيﻠود الﻌطري‪ ،‬السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ األﻣريكيﺔ ﺗﺟاه أﻣريكا‬
‫الالﺗيﻧيﺔ في فﺗرة ﻣا ﺑﻌد الﺣرب الﺑاردة‪ ،‬ﻣذكرة ﻣقدﻣﺔ لﻧيل ﺷﮭادة‬
‫الﻣاﺟسﺗير في الﻌﻠوم السياسيﺔ‪ ،‬ﺟاﻣﻌﺔ ﺑاﺗﻧﺔ‪.2008/2007،‬‬
‫ﺟالل ﻋﺑد هللا ﻣﻌوض‪ ،‬ﻋالقﺔ القيادة ﺑالظاھرة اﻹﻧﻣائيﺔ‪،‬‬
‫دراسﺔ في الﻣﻧطقﺔ الﻌرﺑيﺔ‪ ،‬رسالﺔ دكﺗوراه في الﻌﻠوم السياسيﺔ‪،‬‬
‫كﻠيﺔ اﻻقﺗﺻاد والﻌﻠوم السياسيﺔ ﺑﺟاﻣﻌﺔ القاھرة‪.1985 ،‬‬
‫راﺑح زﻏوﻧي ولزھر وﻧاسي‪ ،‬ﺻﻧﻊ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ‬
‫الروسيﺔ لفﺗرة ﻣا ﺑﻌد الﺣرب الﺑاردة‪ ،‬ﺑﺣث ﻣقدم في ﻣقياس الﻌﻠوم‬
‫السياسيﺔ‪ ،‬فرع ﻣاﺟسﺗير ﻋالقات دوليﺔ‪ ،‬ﺟاﻣﻌﺔ ﺑاﺗﻧﺔ‬
‫‪.2007/2006‬‬
‫ﻋﺑد هللا فالح‪ ،‬الﺗﻧافس الدولي في آسيا الوسطى‪ ،‬رسالﺔ‬
‫ﻣاﺟسﺗير في الﻌﻠوم السياسيﺔ‪ ،‬ﺗقدم إلى ﻣﺟﻠس كﻠيﺔ اآلداب‬
‫والﻌﻠوم‪ ،‬ﺟاﻣﻌﺔ الﺷرق األوسط‪.2011،‬‬
‫ﻋﺑد الﻧاﺻر سرور‪ ،‬الﺻراع اﻻسﺗراﺗيﺟي األﻣريكيالروسي‬
‫في آسيا الوسطى وﺑﺣر قزوين‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ ﺟاﻣﻌﺔ األزھر ﺑغزة‪ ،‬سﻠسﻠﺔ‬
‫الﻌﻠوم اﻹﻧساﻧيﺔ‪ ،‬الﻣﺟﻠد ‪ ،11‬الﻌدد‪.2009 ،،B1‬‬

‫مواقﻊ الﻛﺗرونية‪:‬‬
‫أﺣﻣد ﻋﺑد هللا الطﺣاوي‪ ،‬اسﺗﻌادة الدور‪:‬الﻣﺣددات الداﺧﻠيﺔ‬
‫والدوليﺔ لﻠسياسﺔ الروسيﺔ‪ ،‬الﻣركز الﻌرﺑي لﻠﺑﺣوث والدراسات‪،‬‬
‫الراﺑط‪http://www.acrseg.org/16360 :‬‬

‫‪142‬‬
‫أﺣﻣد دياب‪ ،‬الﻧزاع في القوقاز ﺣساﺑات ﺧاطئﺔ وﺗداﻋيات‬
‫إقﻠيﻣيﺔ ﺧطيرة‪ ،‬الﻣﺻدر‪ :‬السياسﺔ الدوليﺔ‪ 2008/10/01 ،‬ﻋﻠى‬
‫الراﺑط‪:‬‬
‫‪http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Seri‬‬
‫‪eid=35&al=222195‬‬
‫د‪ .‬ﻣﺣﻣد السيد سﻠيم‪ ،‬الﺗﺣوﻻت الكﺑرى فى السياسﺔ‬
‫الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ‪ ،‬الﻣﺻدر‪ :‬السياسﺔ الدوليﺔ ﻣوقﻊ ﺟريدة‬
‫األھرام ﺑﺗاريﺦ ‪1‬اكﺗوﺑر‪2007‬‬
‫ﻋﻠى الراﺑط‬
‫‪http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Seri‬‬
‫‪al=221968&eid=306‬‬
‫د‪ .‬راﻏب السرﺟاﻧي‪ ،‬ﺗاريﺦ اﻹسالم في القوقاز‪ ،‬ﻣوقﻊ‪:‬‬
‫قﺻﺔ اﻹسالم ﺑﺗاريﺦ‪ pm47: 1،2012/04/02:‬ﻋﻠى الراﺑط‪:‬‬
‫‪http://islamstory.com/ar‬‬
‫ﺻاﺑر آيت ﻋﺑد السالم‪ ،‬الﺗوﺟﮭات الكﺑرى لإلسﺗراﺗيﺟيﺔ‬
‫الروسيﺔ ﺑﻌد الﺣرب الﺑاردة‪ ،‬ﻣدوﻧﺔ ﺟسور لﻠدراسات الدوليﺔ‪:‬‬
‫‪ pm 1:38،/04/122012‬ﻋﻠى الراﺑط‬
‫‪http://internationalstudiesbridges.blogspot.co‬‬
‫‪m/blogpost_3335.html‬‬

‫ﻣﺣﻣد الﻧﻌﻣاﻧي‪ ،‬آسيا الوسطى والقوقاز والﺻراع القادم في‬


‫الﻌالم‪ ،‬ﻣوقﻊ الﺣوار الﻣﺗﻣدن‪ .‬الﻌدد ‪،4245‬‬
‫ﺑﺗاريﺦ‪2013،08:07/10/14‬‬

‫‪143‬‬
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?a
id=382372
‫ﻣوقﻊ قﻧاة روسيا اليوم ﻋﻠى الراﺑط‬
http://arabic.rt.com/news/584713
‫ السياسﺔ الﺧارﺟيﺔ الروسيﺔ ﺑﻌد ﻋودة‬،‫ﻧيكوﻻي كوزھاﻧوف‬
‫ ﻣقال ﻋﻠى الراﺑط‬،‫ﺑوﺗين‬
http://www.washingtoninstitute.org/ar/policya
nalysis/view/russianforeignpolicyafterputinsr
eturn
http://ar.wikipedia.org/wiki /

144
‫ﻳﺴﺘﻌﺮﺽ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﺳﺲ ﻭﻣﺤﺪﺩﺍﺕ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺮﻭﺳﻴﺔ ﻓﻲ‬
‫ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ‬
‫ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ‪.‬‬
‫ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ‬
‫ﻻ ﻳﺒﺪﻭ ﻣﻠﺘﻬﺒﺎ‪ ،‬ﺃﻭ ﻣﺘﻔﺠﺮﺍ‪،‬‬
‫ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﻲ ﺍﻟﺮﻭﺳﻴﺔ ﻟﻠﺪﻓﺎﻉ‬
‫ﻋﻦ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﺍﻥ‬
‫ﺁﺳﻴﺎ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻭﺍﻟﻘﻮﻗﺎﺯ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ‬
‫ﺗﻘﺮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﺼﻴﺮ ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻞ‬
‫ﺭﻭﺳﻴﺎ ﻛﻘﻮﺓ ﻋﻈﻤﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ‪.‬‬
‫ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ‪ ،‬ﻓﺎﻥ ﻓﻬﻢ ﻃﺒﻴﻌﺔ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺮﻭﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ‪ ،‬ﺗﺤﺪﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ‬
‫ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻗﺔ‪ ،‬ﺳﺒﻞ ﻓﻬﻢ‬
‫ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﺮﻭﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﺳﺮﻩ‪.‬‬
‫ﻭﻟﻘﺪ ﻗﺪﻡ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ‪ ،‬ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ‬
‫ﺫﻱ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺼﺮﻓﺔ‪،‬‬
‫ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ‪.‬‬
‫‪UU‬‬

‫ﺁﻻﻑ ﺍﻟﻜﺘﺐ‪ ،‬ﻟﻜﻞ ﻭﻗﺖ‪ ،‬ﻭﻣﻦ ﺃﻱ ﻣﻜﺎﻥ‬


‫‪e-kutub.com‬‬

You might also like