You are on page 1of 5

‫تصنيف الفخار المصري القديم عبر العصور المختلفة‬

‫‪ -1‬التصنيفات القديمة ‪:‬‬

‫يعتمد تصنيف الفخار المصري القديم يعتمد في تصنيفه علي تصنيفين هما ‪.‬‬

‫‪ -1-1‬تصنيف قديم ‪Old Classification :‬‬

‫وهو تصنيف بتري وتصنيف كيلي وتصنيف حديث وهو تصنيف فينا ‪ ،‬فالتصنيف األول القديم يعتمد علي‬
‫الشكل الفني فقط ‪ ،‬وبالتالي فإن عملية التصنيف هي عملية تصنيف غير دقيقة وال تستطيع تحديد فترة زمنية‬
‫معينة في تاريخ معين أو التعرف علي مالمح التقنية الصناعية أوالنسيج أو خواص الحرق ألن الفخار قد يكون‬
‫معالج بطبقة بطانة ‪. Slip layer‬‬

‫‪ -1-2‬تصنيف فينا ‪Vienna System :‬‬

‫أما التصنيف الحديث وهو تصنيف فينا وهو التصنيف المتعلق بدراسة النسيج وهو تصنيف جيد ولكن به بعض‬
‫نقاط الضعف ‪ ،‬حيث أن هذا التصنيف يعتمد علي استخدام الفحص بالعدسات في التعرف علي نوع الخام ‪،‬‬
‫ولكن استخدام العدسات ال يمكن أن يساعد في التعرف علي نوع الطفلة وما بها من شوائب مثل بقايا الصخور‬
‫النارية مثل الميكا بنوعيها والفلسبار والبالجيوكليز واألرثوكليز والروتيل ‪ ،‬وكذلك ال يمكن للعدسات التعرف‬
‫علي بعض المواد المالئة وال سيما مسحوق الفخار ومسحوق الحجر الجيري ‪ ،‬كما أنها ال تستطيع أن تقدم‬
‫صورة حية عن وجودة تكنولوجيا صناعة الفخار من عدمها من خالل دراسة شكل وحجم وتوزيع حبيبات‬
‫الجسم الفخاري وعالقاتها مع بعضها البعض ‪ ،‬فضال عن جودة المعالجات السطحية والتي تثبت مهارة أو عدم‬
‫خبرة الصانع ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬التصنيف المقترح‬

‫‪ -2‬التصنيف الجديد وأهميته العلمية ‪.‬‬

‫‪ -‬أما التصنيف الجديد المقترح يعالج الضعف الذي يعاني منه التصنيف القديم والحديث ( فينا) ألنه يعتمد علي‬
‫دراسة الشكل الفني وهو ما يتفق مع تصنيف بتري وكيلي ‪ ،‬ويعتمد أيضا علي دراسة نسيج الفخار وهو ما‬
‫يتفق مع تصنيف فينا ‪.‬‬
‫‪ -‬غير أنه يمتاز عنهما في أنه يستخدم أحدث أساليب الفحص والتحليل التي تعطي صورة حية مرئية توضح‬
‫نوع النسيج بدقة متناهية ألنها ذات قوة تكبير تصل إلي ‪ 250‬ألف مرة ‪ ،‬في حين أن قوة تكبير العدسات‬
‫المستخدمة في تصنيف فينا محدودة جدا ما بين ( ‪)X 10 -1‬‬
‫‪ -‬ويمكن ضرب مثال يوضح عيوب تصنيف فينا وهو أنه لم يذكر أن فخار عصر ما قبل األسرات يحتوي علي‬
‫مسحوق الفخار ‪ ،‬في حين أثبت الفحص والتحليل لفخار عصر ما قبل األسرات المستخرج من منشية عزت‬
‫بالدقهلية أنه يحتوي علي مسحوق الفخار كأحد المواد المالئة المضافة لتحسين خواص الطفلة ‪ ،‬وهو ما يؤكد‬
‫قصور تصنيف فينا العتماده علي الفحص بالعدسات فقط وهذا طبيعيا ألن قوة تكبير العدسات محدودة ‪.‬‬
‫‪ -‬ومن عيوب تصنيف بتري أو فينا أنهما لم يغطيا كافة المواقع األثرية عبر العصور المختلفة وبالتالي أصبح‬
‫التصنيف تصنيف غير كامل ‪.‬‬
‫‪ -‬والتصنيف الجديد المقترح يعتمد علي دراسة النسيج ‪ ،‬واألخير يعتمد علي طبيعة الخام المستخدم وتركيبه‬
‫المعدني والكيميائي وما به من شوائب وما أضيف إليه من مواد مالئة بقصد تحسين خواصها‪ ،‬وكذلك علي‬
‫مراحل الصناعة واالستخدام الوظيفي ‪ ،‬ودراسة النسيج تتطلب عمل مسح شامل لشكل الحبيبات وعالقاتها مع‬
‫بعضها البعض ‪ ،‬وكذلك دراسة المواد المالئة ‪ Tempers‬والتي علي أساسها يتم تصنيف الفخار وتأريخه‪،‬‬
‫وذلك بدراسة الخام ودراسة خواصه البصرية والطبيعية والميكانيكية بعد الحرق في المواقع األثرية المختلفة‬
‫خالل نفس العصر وعبر العصور المختلفة كل علي حده ووضعها في كتالوجات ‪.‬‬
‫‪ -‬ومن خالل تلك المقارنات يمكن علي ‪ Data‬لكل عصر يمكن الرجوع إليها في التعرف علي نوع النسيج‬
‫والعصر بدقة متناهية ‪ ،‬خاصة أنه يصاحب تلك الفحوص والتحاليل عملية تأريخ للفخار بواسطة طريقة‬
‫الوميض الحراري الذي يعطي تأريخ معين ودقيق ومحدد ‪.‬‬

‫‪ -3‬فوائد التصنيف الجديد المقترح ‪:‬‬

‫‪ -‬يفيد في التعرف علي نوع الطفلة وما بها من شوائب ‪.‬‬


‫‪ -‬يفيد في التعرف علي بقايا الصخور النارية ‪.‬‬
‫‪ -‬يفيد في التعرف علي درجة حرارة الحرق وخواص الحرق المختلفة وجو الحرق وما أحدثه من تغير في‬
‫طبيعة الجسم الطفلي ‪.‬‬
‫‪ -‬يفيد في التعرف علي المواد المالئة المضافة ‪.‬‬
‫‪ -‬يفيد في التعرف علي نوع المعالجات السطحية وجودتها من عدمها ‪.‬‬
‫‪ -‬يفيد في التعرف علي مالمح التقنية الصناعية بدء من طبقة البطانة وحتي اللب الداخلي ‪.‬‬
‫‪ -‬يفيد في التعرف علي نوع النسيج بدقة متناهية ‪.‬‬
‫‪ -‬يفيد في تشخيص مظاهر التلف الناتجة عن عيوب صناعة الفخار أو تأثير بيئة الدفن ‪ ،‬وعلي أساس هذا‬
‫التشخيص يمكن وضع خطة علمية لعالجه وصيانته تتفق و حالة التلف ‪.‬‬
‫‪ -‬يفيد في التعرف علي تأريخ الفخار بدقة متناهية ال يعتريها أي خطأ‪.‬‬

‫‪ -4‬أجهزة التصنيف الجديد المقترح ‪.‬‬

‫ويعتمد هذا الفحص الحديث علي ما يلي ‪:‬‬

‫أ‪ -‬توفر العديد من أجهزة الفحص الحديثة ‪.‬‬

‫ب‪ -‬توفر العديد من أجهزة التحليل الحديثة ‪.‬‬

‫جـ‪ -‬توفر العديد من أجهزة تعيين االختبارات المختلفة وهي كما يلي ‪:‬‬

‫جـ‪ -1-‬أجهزة تعيين الخواص البصرية واللونية ‪.‬‬


‫جـ‪ -2-‬أجهزة تعيين الخواص الطبيعية ‪.‬‬
‫جـ‪ -3-‬أجهزة تعيين الخواص الميكانيكية ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬تطبيق معملي يوضح الرؤية العلمية إلعادة تصنيف وتأريخ الفخار المصري القديم عبر العصور‬

‫‪ -‬تصنيف نسيج الفخار المستخرج من بعض المواقع األثرية المختارة‬

‫نستنتج مما سبق أن دراسة نسيج الفخار األثري يعتبر من الدراسات الهامة جداً في الحقل األثري ‪ ،‬ألنها تتعلق‬
‫بمالمح التقنية الصناعية خاصة طبيعة الجسم الطفلي وشكل وحجم الحبيبات ‪ ،‬وعالقتها مع بعضها البعض ‪،‬‬
‫وطريقة ترسيبها ‪ ،‬فضال عن طبيعة المواد المضافة العضوية وغير العضوية مثل مسحوق الحجر الجيري أو‬
‫مسحوق الفخار ‪.‬‬

‫كما تفيد دراسة النسيج في التعرف علي خواص الحرق المختلفة وما أحدثته من تغيير في طبيعة الجسم الطفلي‬
‫‪ ،‬وهامة جداً في إظهار مالمح السطح ‪ ،‬وكل ما سبق يلعب دوراً هاما ً في تصنيف نسيج الفخار سواء كان‬
‫نسيج طين نيلي أو جيري أو أجنبي ‪.‬‬

‫ومن خالل الزيارات الميدانية للمواقع األثرية المختارة ‪ ،‬ومن خالل عمليات الفحص والتحليل ‪ ،‬تبين أن معظم‬
‫القطع الفخارية المستخرجة من المواقع األثرية المختارة تنتمي إلي نوعين من النسيج هما نسيج الطين النيلي‬
‫ونسيج الطين الجيري ‪،‬ويمكن تناولهما علي النحو التالي ‪:‬‬

‫‪ -‬تصنيف نسيج الفخار المستخرج من منطقة آثار منشية عزت بالدقهلية ‪)*(.‬‬

‫لقد تم التطبيق علي أربعة قطع فخارية مختلفة األشكال واألحجام ‪ ،‬بعضها جيد الحرق ‪ ،‬وبعضها ردئ الحرق ‪،‬‬
‫وبعضها مصقول بدرجة عالية جداً ‪ ، High Polished Wares‬ولقد تم أخذ بعض العينات الصغيرة جداً‬
‫والحديثة الكسر ‪ ،‬ثم أعقب ذلك عمل مقاطع رقيقة منها ‪،Thinsection‬‬

‫وتم بعد ذلك فحصها بالميكروسكوب المستقطب بغرض التعرف علي مالمح النسيج ‪ ،‬وكانت النتائج‬
‫كما يلي ‪:‬‬

‫ولقد أظهر الفحص بالعدسات والميكروسكوب أن معظم القطع تنتمي إلي نسيج الطين النيلي ‪ ،‬وذلك لكونها‬
‫تحتوي علي كميات مختلفة من الرمل وبعض المواد العضوية التي توجد كشوائب طبيعية أو مضافة عن عمد‬
‫بغرض تحسين خواص الطفلة ‪ ،‬ويتراوح اللون ما بين البني إلي األحمر ‪ ،‬وهما اللونين المميزين للطين النيلي‬
‫بعد الحرق وذلك تبعا ً لتصنيف فينا (‪، )1980‬‬

‫والذي من خالله تم تصنيف الفخار المستخرج من منطقة آثار منشية عزت بالدقهلية كما يلي ‪:‬‬

‫‪ -1‬القطعة األولي ‪ :‬من خالل الفحص بالعدسات بقوة تكبير (‪ )10X‬اتضح أن العينة رديئة الحرق ‪ ،‬ونسيجها‬
‫خشن ‪ Coarse‬محتوي علي العديد من الحبيبات الجيرية ‪ ،‬واللب بني مائل إلي السواد ‪ ،‬كما أثبت الفحص‬
‫بالميكروسكوب أن العينة تحتوي علي حبيبات الكوارتز المختلفة في أحجامها وأشكالها‪ ،‬ويتدرج حجمها ما بين‬
‫الخشن إلي الدقيق ‪ ،‬وبعضها حاد الحواف والبعض اآلخر مستدير الحواف ‪ ،‬كما أظهر الفحص وجود بعض‬
‫الكالسيت بدرجة واضحة ‪ ،‬فضالً عن وجود بعض معادن الميكا من نوع المسكوفيت ‪ ،‬والبيروكسين والروتيل‬
‫وبعض البقايا العضوية ‪ ،‬وتتضح هذه النتائج كما في الصورة رقــم (‪ ، )2‬ومما سبق يتضح أن العينة تنتمي‬
‫إلي نسيج الطين النيلي من النوع ‪Nile D‬‬

‫‪ -2‬القطعة الثانية ‪ :‬اتضح من خالل الفحص بالعدسات بقوة تكبير (‪ )10X‬أن العينة من النوع المعروف ‪High‬‬
‫‪ ، Polished Ware‬وأنها ذات نسيج دقيق ‪ ،‬كما اثبت الفحص بالميكروسكوب أن العينة ذات نسيج دقيق ‪،‬‬
‫تبدو فيه حبيبات الكوارتز أنها ذات تجانس مختلف ‪ ،‬فبعضها حاد الحواف والبعض اآلخر مستدير الحواف ‪،‬‬
‫باإلضافة إلي وجود الميكا من البيوتيت ‪ ،‬وبعض معادن الروتيل ‪ ،‬وبعض تجمعات من الطين المحروق ‪ ،‬فضال‬
‫عن وجود بعض البقايا العضوية مثل القش المحروق كما في الصورة رقم ( ‪ )3‬ويتضح من خالل ما سبق أن‬
‫القطعة الثانية تنتمي إلي نسيج الطين من النوع ‪. Nile A‬‬

‫‪ -3‬القطعة الثالثة ‪ :‬أثبت الفحص العيني بالعدسة بقوة تكبير (‪ )10X‬أن العينة ذات نسيج دقيق ‪ ،‬كما أنها من‬
‫النوع المصقول بدرجة عالية ‪ ، High Polished Ware‬كما أظهر الفحص بالميكروسكوب أن العينة ذات‬
‫نسيج دقيق الحبيبات ‪ ،‬غير أنها تحوي بعض حبيبات كوارتز يتدرج حجمها ما بين الدقيق إلي الخشن ‪ ،‬فضالً‬
‫عن وجود الكالسيت واألرثوكليز والبالجيو كليز والروتيل والقش والميكا وبعض معادن الحرق كما في الصورة‬
‫رقم (‪. )4‬‬

‫ومما سبق يتضح لنا وتبعا لتصنيف فينا أن القطعة الثالثة تنتمي إلي نسيج الطين النيلي ‪ Nile Clay‬من‬
‫النوع ‪. Nile D‬‬

‫‪ -5‬القطعة الرابعة ‪ :‬أثبت الفحص العيني بعدسة قوة تكبيرها (‪ )10X‬أن العينة ذات نسيج خشن غير مصقول‬
‫يحتوي علي بعض التبن المحروق ‪ ، Burntstarw‬كما أظهر الفحص بالميكروسكوب أن العينة تحتوي علي‬
‫حبيبات كوارتز غير متجانسة مختلفة في أحجامها وأشكالها ‪ ،‬ومعظمها مستدير الحواف ‪ ،‬فضال عن وجود‬
‫الميكا والكالسيت كما في الصورة رقم (‪. )5‬‬
‫ويتضح من الفحص العيني بالعدسات وبالميكروسكوب المستقطب أن العينة تنتمي إلي نسيج الطين النيلي‬
‫‪ Nile Clay‬من النوع ‪ Nile D‬وذلك طبقا لتصنيف فينا ‪1980‬‬
‫الزخرفة على األواني الفخارية القديمة‬

‫تعد الزخرفة من وسائل إضفاء مظهر جمالي إلى األواني الفخارية إلى جانب كونها تعبر عن‬
‫أشياء غالبا ً ما يكون لها صلة بحياة اإلنسان اليومية ذات الصلة بمعتقداته‪ 1‬كأحزانه وخوفه‬
‫وفرحه وتمنيه ورجائه وتقربه وابتعاده‪ .‬فاإلنسان منذ أن خلق قابل جمال الكون المتمثل‬
‫بجباله وأوديته وبحاره وأنهاره وبحيراته وسهوله وصحاريه الصخرية والرملية ونباتاته‬
‫المختلفة وحيواناته المتنوعة وطيوره على اختالف أنواعها وأشكالها‪ ،‬وعليه تفتح ذهنه على‬
‫حب الجمال وتتوق إليه والشعور بالراحة النفسية‪ ،‬فالتقت الدوافع العقدية بالمرغبات الجمالية‬
‫‪.‬لينتج عنها مسيرة اإلنسان الفنية والتي بدأت بسيطة ووصلت إلى تقدم عظيم‬

‫ومما ال شك فيه أن اإلنسان استمد عناصره األولى مما يشاهده حوله فكان مقلداً ثم أصبح‬
‫مطوراً مع مرور الزمن إلى أن أصبح مبدعا ً سواء في التنفيذ أو في اختبار العنصر‪ .‬فشاهد‬
‫اإلنسان أشكاالً زخرفية في الطبيعة سواء من النباتات أو األحجار أو المظاهر الطبيعية األخرى‬
‫‪.‬فأخذ بتقليدها ولكن أيضا ً بدافع من ما يمكن أن يسمى بالخوف والرجاء والحب والكره‬

‫ويرجع تاريخ استخدام الزخارف إلى العصور الحجرية وربما البداية تعود إلى العصر الحجري‬
‫القديم األعلى عندما كان اإلنسان يستخدم أدواته من العظم والحجر والخشب فأخذ يزخرف‬
‫العظم بالحفر عليه باستخدام أداة حجرية‪ ،‬كما حفر أيضا ً على الخشب أشياء محببة إلى نفسه‪،‬‬
‫ومع مرور الوقت قام برسم تلك العناصر الزخرفية باستخدام‪ 1‬األلوان‪ :‬األحمر واألسود‬
‫‪.‬واألبيض أو إحداها‬

‫وليس هناك أدنى شك حول كون المعثورات األثرية من هذه األشياء قليلة ألنها قابلة للتلف‬
‫ومعرضة للكسر‪ ،‬كما أن العناصر التي ترسم عليها قابلة للتغيير وبطالن أهميتها وبذلك تصبح‬
‫األداة غير مهمة أيضا ً فال يعتنى بها‪ ،‬وبهذا تكون عرضة للتلف‪ ،‬فإن كان اإلنسان قد نحت‬
‫على العظم كأداة أو قطعة سالح رسمة الحية الرقطاء اعتقاداً منه أنه برسمها سيدرأ شرها‬
‫ويكسب رضاها ويحصل على خيرها فإن من يأتي بعده قد ال يرى في الحية ما رآه راسمها‪،‬‬
‫وعوضا ً عن ذلك يرى أن الوعل هو الذي يجب أن يرجى وهو ذو الفائدة فأخذ برسمه وعندها‬
‫‪.‬تكون األدوات التي تحوي رسم الحية مهجورة وكل شيء يهجر ويضمحل ويزول‬

‫ومع مرور الوقت بدأ اإلنسان يستقر في مواقع موسمية وخاصة إبان العصر الحجري القديم‬
‫عندما طرأت تحوالت بيئية ومناخية وطبغرافية قادت اإلنسان إلى أن يأوي إلى مأوى يقيم‬
‫فيها فترة من الزمن فارتبط بالمكان ونشأت عالقته بمكان إقامته وحنين يراوده من وقت آلخر‬
‫يعود حيث كان‪ .‬ويعرف إنسان هذا العصر باإلنسان ساكن الكهوف وفي داخل هذه الكهوف‬
‫جسد اإلنسان أحاسيسه ومعتقداته على جدرانها وسقوفها بواسطة رسمه لما يرى فيه الخير‬
‫وما يعتقد أن فيه الشر‪ ،‬فمن صاحب الخير ينتفع‪ ،‬وبصاحب الشر يدري الشر؛ فرسم األبقار‪،‬‬
‫‪.‬والحيوانات البحرية الضخمة اآلكلة للبشر‪ ،‬والدلفين‪ ،‬والطيور بخاصة طيور البحر‬

‫وفي تلك الفترة لم تكن تقنية تحضير األلوان معروفة لدى اإلنسان‪ ،‬فاستخدم مواد عايشها‬
‫واحتك بها كالمغرة الحمراء والحجر الجيري‪ ،‬أو من مادة الزهور كالعصفر في اللون األصفر؛‬
‫فبدأ اإلنسان باستخدام هذه المواد لتشكيل عناصر الزخرفية والمعنوية‪ ،‬وإن كان ميله دائما ً‬
‫إلى استخدام‪ 1‬األحمر واألسود كل بدرجاته لتوفرهم بالطبيعة بكميات كبيرة وسهولة‬
‫‪.‬استخدامهما‬
‫وباإلضافة إلى اللون األبيض المتوفر طبيعيا ً وتلقائيا ً وإلى جانب الرسوم الحيوانية رسم إنسان‬
‫الكهوف عناصر أخرى هندسية ونباتية‪ ،‬وجل الهندسية مستمدة من الكون مثل المثلثات‪،‬‬
‫والنباتية مستمدة من الطبيعة وخاصة تلك النباتات التي ترى فيها زهرة اللوتس وسنبلة القمح‬
‫‪.‬وعسبان النخل وورق التين وما شابه ذلك‬

‫ولهذا نرى أن اإلنسان بدأ بالزخرفة منذ عصور قديمة جداً وكانت بدايته بدافع من متطلبات‬
‫‪.‬حياته والتي هي ناتجة عن متطلباته الحياتية وحياته الفكرية‬

‫ومما ال شك فيه أن اإلنسان أخذ يميل إلى التحضر واالستقرار مع مرور الزمن وكثرة األعداء‬
‫وشح الموارد باختالفها‪ :‬المائية والنباتية والحيوانية‪ ،‬وهي األشياء األساسية لبقائه بعد إرادة‬
‫هللا سبحانه وظهر ما يعرف في ما يمكن يسمى قرى بداية من األلف السابع قبل ميالد المسيح‬
‫عليه السالم‪ .‬وعندما استقر االنسان لم يترك حياة الكهوف والرعي والتنقل بل استوطن في‬
‫‪.‬أجزاء وبقي على طبيعته األولى في أجزاء أخرى‬

‫وبعد أن استقر اإلنسان خالل العصر الحجري الحديث بدأ بما يسمى فنون الزخرفة على‬
‫مصنوعاته المتنوعة وبخاصة األواني الفخارية فتشهد المجموعات القديمة التي اكتشفت في‬
‫أقدم مواقع اإلنسان على استخدامه لأللوان الزخرفية وعلى سبيل المثال موقعي تل حلف‬
‫وسامراء القديمة‪ ،‬وموقع سوسة وسيالك في إيران‪ ،‬وجتل في تركيا‪ ،‬في كل هذه المواقع‬
‫اكتشفت كميات من األواني الفخارية التي تظهر عليها زخارف متنوعة بألوان متعددة وهذا‬
‫يدل على تأصيل الزخرفة في ذاكرة اإلنسان ولم يقتصر اإلنسان على استخدام‪ 1‬األلوان بل‬
‫‪.‬استخدم طرقا ً عديدة في إظهار عناصره الزخرفية على األواني الفخارية‬

You might also like