You are on page 1of 117

‫‪1244‬هـ‬

‫المقدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةـ ‪:‬‬

‫وبعد ‪ 000‬فإنى لما نظرت الى وجوب شكر المنعم وتكرار إحسانه على المقل والمعدم استأذنت سيد‬
‫ومجمع الفضائل وبحرها بأن أتقرب الى جوده بجدي وهزلي فَأ َِذ َن لى في ذلك اعجابا منه‬
‫ِّ‬ ‫ملوك األرض‬
‫بالتلطف على كرم سجاياه ورغبة في التلطف الى جزيل عطاياه على احسانه الشامل للسائل مبذول لطالبه بغير‬
‫وسائل وأنا القائل فيه‪:‬‬

‫ٍ‬
‫عجب أن يس ـ ــأل الجود عنكم‬ ‫ومن‬

‫وجودكم ٍ‬
‫غاد علينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ورايح‬

‫كما اننا نستنشق المسـ ـ ـ ـ ــك برهة‬

‫ولو لم يكن مستنشـ ـ ـ ـ ــقاً فهو فايح‬

‫فحينئذ شرعت في تأليفه بأمر مسفر فالحه ورجاء نجاحه وجعلته مختصراً قائما بنفسه غير محتاج الى‬
‫غيره ماخال األبواب المنقولة من كتب الطب فإني لم اتعرض لشيء منها اذا كان مما يصح ومنها ما اليصح‬
‫وانما اثبتوها في كتبهم نقال من مواضعها وكذلك ابواب النقرس والقياس فى النساء انتخبت كثيرا منها لم‬
‫يصح وانما الغرض المقصود في هذا الكتاب المباشرة الى لذة المباشرة بوجودها ال اإلشتغال بطلب مفقودها‬
‫فإن قيل إن فيه ماهو زيادة منقولةـ من طب وغيره فالجواب عنه انني انما نقلته لإلستشهاد به وتصحيح ما اضعه‬
‫فيه وسميته رشد اللبيب الى معاشرة الحبيب ومغني الناكح عن الطبيب‪ ،‬وقسمته أربعة عشر بابا تحتوي على‬
‫فنون منها مايشهد للجاهل على مباشرتها‪ ،‬ويعلم العاقل المنصف اني لم اتمها فقد وصف الخمر بحقيقتها قوم‬
‫من األقوام عند ظاهره وسراير طاهره بما يعجز اكثر العارفين بها عن بعضه واليطيقونه وان جحدوا على تفطنه‬

‫‪1‬‬
‫ولم يشهد عليهم أحد بشربها والحكم عليهم حاكم بها وانما ع ّدوا ذلك من دقيق نظرهم وصفةـ فكرهم واني‬
‫اقول ‪:‬‬

‫ال يوحش ـ ـ ـنّك اللفظ من ٍ‬


‫جد أم هــزل‬

‫بالفاظ الخليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع الفاتك‬

‫فربما بدأت حياة الف ـ ـ ـ ـ ـ ــتى بتماجن‬

‫و يكشف قلباً بس ـ ـ ـ ـ ـ ــريرة ناسك‬

‫الحمد هلل استفتحنا بذكره واستجبنا لذكره وصلى اهلل على سيدنا محمد مبلغ أمره ونهيه وعلى آله‬
‫وأصحابه اولي تصديق ونصرة وشرف وكرم ومجد وعظمة؛ الحمد هلل الذي زين األبكار بالنهود في الصدور‬
‫وجعل سيقان النساء مساطبا لإليور‪ ،‬الذي خلقهاـ كاألرماح للطعن في األكساس ال في الحجور الجاعل في‬
‫مقاعدـ األرحام مقياس مابين القبل والدبر وإدخال المخاصي على األشفار عند إدخال القاتل المذكور ومبدع‬
‫أفواه األكساس على قدر رؤوس الذكور وفضَّل حب البنات على البنين وأجاز القعود على ِ‬
‫الح ْر المقبب‬
‫السمين والجلوس على أطراف القدم ورهز الكس وجمع األكتاف بين يديه ومص الشفه بشفتيه وجعل نهد‬
‫المرأة تحت نهديه وفخذ المرأة على فخذيه وجعل على باب الرحم خصيتيه وهزها هزاً ظريفاً وعانقها عناقا‬
‫عنيفا‪ ،‬فاستفيقوا رحمكم اهلل لهذه اللذه اللطيفه فطوبى لمن لطم خداً أسيالً وضم خصراً نحيالً وركب ِح َّراً‬
‫كبيرا وأسرع في إنزال مائه عسالً وأغرزه في ِ‬
‫الح ْر حتى الشعرة اليتيمه‪ ،‬وأشكره شكر من حك الشفرين ثم‬
‫عمق بينهما اإلير؛ حكي عن بعض األصدقاء والخالن ونياكي الجيران من شقوق الحيطان بأن ِ‬
‫الحر يقول يا‬ ‫ُ َ‬
‫همي يا همي اإلير رايح يقتلني‪ ،‬فقال اإلير‪ :‬أنا ال أقتل وال أستقتل الحاج بيض يشهد علي‪ ،‬فقال الحاج بيض‪:‬‬
‫أنا ال أشهد وال أُستشهد فأنت يا أخي عامل لك سرداب تدخل فيه زي النشاب وأنا أقف عند الباب أخبط دون‬
‫أن ترد علي جواب ‪.‬‬

‫وأوصيكم عباد اهلل أنا وإياكم بتقوى اهلل وطاعته ِ‬


‫وأج ْركم من عصيانه ومخالفة أمره وأمركم بالصالة‬
‫والسالم على نبيكم خير األنام خاذل الكفرة اللئام صلى اهلل عليه وعلى آله الطيبين الكرام؛ أيها الناس إنكحوا‬
‫السمر القصار ومن عندها غنج شهيق ويكون في ِح ِّرها ضيق وإياكم والصغيرة ومن‬ ‫من البيض الطوال ومن ُّ‬
‫كانت في المنظر شنيعه ومن كان في يديها أو رجليها عروق فهي كالكلبة التي تنبح في السوق‪ ،‬فانظروا‬
‫ومن خدودهن يشبهن التفاح وجعلهن اهلل فتنة للناظرين وسبباً لمحبة العاشقين‬
‫رحمكم اهلل الى الوجوه المالح َ‬
‫فيكونوا لهن من الطالبين‪ ،‬فركوب السمر حركة في األجسام وجعل البيض الطوال كفرخ الزان يتمايلون على‬
‫األشجار كتمايل األغصان‪ ،‬وقيل إن القصار يكونون حسنين الخطوه طلقين اللسان‪ ،‬وانكحوا إخواني ما طاب‬

‫‪2‬‬
‫لكم من النساء مثنى وثالث ورباع؛ قال صاحب الثناء والجبين األبلج (من احتاج إلى الزواج فليتزوج منهن‬
‫أربع) ومن أراد الحظ واإلئتـناس فليأخذ الحبشيات اإلناث وعليكم باألبكار األخيار‪ ،‬وقيل ان خير النساء‬
‫الثيبات‪ ،‬وإياكم ان تتزوجوا العجائز فانهن غير صالحات وخذوا من النكاح أطيبه وأعذبه وأحسنوا في الجماع‬
‫وانكحوا من البيض الطوال ومن السمر القصار ومن عمرها اربعة عشر سنه إلى الثالثين ومن تعدى هذه السنين‬
‫فهي عجوز في الغابرين واقطعوا العمر في أكل وشرب وفرح وطرب وضحك وانشراح ورقص ومزاح فيا‬
‫وقوم أبا العروق األعور الجبار ولعب فيه حتى يقف مثل العمود الذي يلين؛ قال‬ ‫سعادة من كشف على ِ‬
‫الح ْر َّ‬
‫المؤلف وال تنسوا أيها اإلخوان من البوس والعض واإللتصاق والتفاف الساق بالساق والمص في الشفايف‬
‫الرقاق وهو مع ذلك الينسى الزوايا واألركان وال يغفلـ عن السقف والحيطان‪ ،‬وأوصيكم أيتها النسوان بوصية‬
‫فاحفظوها وفي السر والعلن ال تنسوها وفي كل ليله استعملوها‪ :‬قوموا على أكساسكم انتفوها ومن النيك ال‬
‫تمنعوها فأي امرأة تصدقت على زوجها ِ‬
‫بح ِّرها إالَّ حصل لها الخير العظيم خصوصا اذا سرحت رأسها وأرخت‬
‫مقاصيصهاـ ولبست أفخر ما عندها وأيضا اذا فاتحته بالشهيق والغنج الرقيق فإنه يحبها العدو والصديق ألن‬
‫الغنج الزائد يقوم اإلير الراقد؛ ُر ِو َ‬
‫ي عن إبليس لعنه اهلل أنه قال الجيده تأتي يوم القيامه راكبة على ظهر دب‬
‫ور ِو َ‬
‫ي عنه أيضا أنه قال القحبه‬ ‫والعرق منها يصب ومنادي ينادي لها هذا جزاكي يامن اعتكفت على فرد زب؛ ُ‬
‫تأتي يوم القيامه راكبة على ظهر ُمهره وعليها حلة خضراء ومنادي ينادي لها ادخلي الجنة لكثرة ما عندك من‬
‫الشفقهـ والحنان يا من ال تركتي وال بقيتي في قلب من قصدك حسره وال امتنعت من النيك وال مره !!؛ جعلنا‬
‫اهلل واياكم ممن يعانق األبكار ويفتح لهن األشفار ويجامعهن آناء الليل وأطراف النهار فهذا مذهبي ومذهب‬
‫أجدادي وأبي من قبل ومذهب المحبين العاشقين ونعوذ باهلل من الماكرين وأن يجعلنا واياكم من المجاهدين‬
‫في هذه االكساس المقببين ‪.‬‬

‫أيها الناس انكحوا من البنات الناعمات الباهرات فيا سعادة من عادتها أن تدخل الحمام في أكثر األيام‬
‫وتغتسل في البيت وتتمشط بالمشط والزيت وتنتف بالنوره وال تبقي على ِح ِّرها وال شعره منثوره وتتطيب‬
‫بالطيب فإن اإلير في ِح ِّرها يغيب وتتعطر بأنواع العطورات كما تفعلـ الظبيات وتلف شعرها ثم تمشي الهوينى‬
‫وقد لبست أخف الثياب وأسهلها للخلع والناس نيام فإذا وصلت المقام تكشف اللثام وتـنادي بأعذب كالم‬
‫وتقعد له في حجره تلصق صدرها بصدره حتى يطيب قلبه ويقف إيره وتتجعلهـ ينظر الى المعاصم فعند ذلك‬
‫يصير إيره قائم وال عاد يسمع فيها كالم‪ ،‬فرحم اهلل رجال ترفق بزوجته وأكد شهوتها على شهوتهـ وأحضر لها‬
‫ما تطلبه واستقبلها بالبشاشه ورهن من أجلها ثوبه وقماشه وكسى وتصدق ونفق ووعد وصدق فمن فعل هذه‬
‫عمن قَبِل هذا الوصيه‬
‫الفعال صار ممن يُعشق ثم يعطيها رشف اللسان وتنظر الى كل نهر وبستان‪ ،‬اللهم ارض َّ‬
‫ممن كان ابن ناس أو بنت ناس أو سريه اللهم أرض عن السيدة المحجوبه صاحبة الدالل السندسيه المعسولة‬
‫المباسم اللطيفة الكالم الظريفة الحديث‪ ،‬اللهم ارض عن ست العشاق التي تطل من الباب والطاق تنتظر‬
‫ومن جفنها مكحول وشعرها مسبول األميرة المصانه على الدوام فرحانه‪ ،‬اللهم ارض عن‬
‫الحبيب المشتاق َ‬
‫صاحبة الردف الثقيل والطرف الكحيل ِ‬
‫والح ْر الكبير من هي بالكرم مشهوره وبطنها طبقات مطوية وسرتها‬

‫‪3‬‬
‫بالمسك والزبد محشيه وتحتها شيئا مقبب هائل صاحب بياض وسمنه من لزمها تلهَّى عن الفرض والسنه‪،‬‬
‫صاحبة األلفاظ الواضعهـ من تسمى الست الصالحه‪ ،‬اللهم ارض عنهم أجمعين ‪ 00‬آمين أقول قولي وأستغفر اهلل‬
‫العظيم لي ولكم وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات األحياء منهم واألموات وان الشيطان يأمركم‬
‫بالفحشاء والمنكر ‪.‬‬

‫قيل إن النساء يحتجن الى حسن التعاملـ وقت النيك فتحتاج الى غنجة يمانيه وشهقة حبشيه وسخونة‬
‫سودانيه ومشخة حلبيه وعنق شركسيه وحذاقة مصريه وخصر مغربيةـ ورهز عراقية وبكاء بوالقيه وشخير‬
‫تونيسية فمن كان فيها هذه األوصاف تكن ست النساء وللبسط والنيك محببة؛ روي من كالم أحد األصحاب‬
‫حين سأله الحجاج الثقفي فقال له‪ :‬ما تقول في بنت العشره‪ ،‬قال‪ :‬لوزة مقشره‪ ،‬قال‪ :‬فبنت العشرين‪ ،‬قال‪ :‬قرة‬
‫عين الناظرين‪ ،‬قال‪ :‬فبنت الثالثين‪ ،‬قال‪ :‬هي جنان النعيم‪ ،‬قال‪ :‬فبنت األربعين‪ ،‬قال‪ :‬لذة المتقين‪ ،‬قال‪ :‬فبنت‬
‫الخمسين‪ ،‬قال‪ :‬ذات شحم ولحم ولين‪ ،‬قال‪ :‬فبنت الستين‪ ،‬قال‪ :‬آية للسائلين‪ ،‬قال‪ :‬فبنت السبعين‪ ،‬قال‪:‬‬
‫عجوز في الغابرين‪ ،‬قال‪ :‬فبنت الثمانين‪ ،‬قال‪ :‬دعنا من أصحاب الجحيم‪ ،‬قال‪ :‬فبنت التسعين‪ ،‬قال‪ :‬ال تصلح‬
‫للدنيا وال للدين‪ ،‬قال‪ :‬بنت المئة‪ ،‬قال‪ :‬حية أفعى‪.‬‬

‫والحق الواجب علينا ان نستغفر اهلل تعالى على كل حال ونستعيذه من عثرات اللسان واألقوال إنه ولي‬
‫الدنيا واآلخرة واهل للتقوى والمغفرة‪،‬ـ وهذه فهرسةـ أبواب الكتاب واهلل سبحانه وتعالى الموفق للصواب واليه‬
‫المرجع والمآب وهو حسبى ونعم الوكيل ‪:‬‬

‫الب ــاب االول ‪ :‬فى فضل النكاح والترغيب فيه ‪.‬‬

‫الب ــاب الثاني ‪ :‬في ذكر النكاح واختالف مذاهب الناس فيه ‪.‬‬

‫الب ــاب الثالث ‪ :‬فيما يدل على عظم قدر النكاح عند ذوات االفراح ‪.‬‬

‫الب ــاب الرابع ‪ :‬فيما تحب النساء من الرجال وما يكرهون منهم ‪.‬‬

‫الباب الخامس ‪ :‬فيما يحب الرجال من النساء وما يكرهون منهم ‪.‬‬

‫الباب السادس ‪ :‬في اختالف الرجال و النساء فى االحوال والشهوات في النكاح وذكر فروج النساء وهيئاتها‬
‫في الكبر والصغر واسمائها‪ ،‬وذكر ايور الرجال وهيئاتهم في الكبر والصغر واسمائهم وذكر االستمناء باليد‬
‫وهو المسمى جلد عميره والقبل وما جاء في جميع ذلك من االشعار والحكايات الغريبة ‪.‬‬

‫البــاب السابع ‪ :‬في ذكر ابواب هيئة النكاح وما يتعلق به وهي ثالثون هيئة والرهز وانواعه ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الب ــاب الثامن ‪ :‬فيما تحب معرفته من منافع الباه ومضراته المجربة وادوية ذلك لالغنياء والفقراء ومتوسطي‬
‫الحال والفقر اجد الكل بحسب مايناسبه على قدر حاله وذكر طالسم وخواتم مجربةـ لذلك وذكر الرهز‬
‫وانواعه ‪.‬‬

‫البــاب التاسع ‪ :‬في ذكر السحاق والساحقاتـ وماوقع بينهن والحكايات واالشعار‪.‬‬

‫البــاب العاشر ‪ :‬في فضل الجواري الحسان وما وقع لكل منهن من المفاخراتـ والمنادمات والحكايات‬
‫واالشعار وكيفية تأليفهم وهيئة الزب عليهم وذكر الة الزب عليهم ‪.‬‬

‫الباب الحادي عشر ‪:‬في فضل الغلمان الحسان على بقية الغلمان وما وقع بينهم من المفاخرات والمنادمات‬
‫والحكايات الغريبة في ذلك ‪.‬‬

‫الباب الثاني عشر ‪ :‬في ذكر القيادة واهلها وكيد النساء ومكر العجائز وحيلهن وماوقع في ذلك من الحكايات‬
‫الغريبة ‪.‬‬

‫الباب الثالث عشر ‪ :‬فيما يجب فيه الحزم من قبل النساء وحكايات عنهن فيماوقع لهن من الحيل والمكر‬
‫والخدع ونسبة ذلك ‪.‬‬

‫الباب الرابع عشر ‪ :‬في نوادر وحكايات واشعار شذت عن األبواب المتقدمهـ وحكايات عن جحا وآداب‬
‫المضاجعةـ وآداب المجامعةـ والوصايا في شراء الرقيق األبيض وغيره وغش التجار فيهم وآداب العروس وشيء‬
‫من أخبار العشق والعشاق وحكايات أدبية في سماعها تهيج للباه وقوة الشهوة ووصايا طريفة للنايك والمنيوك‪،‬‬
‫ثم خاتمة الكتاب وهذه سياقة األبواب على ترتيبه المذكور واهلل عز وجل اسأل حسن عاقبة األمور ومسامحةـ‬
‫الكاتب المضطر المعذور وخالصة كل ميسور انه على ما يشاء قدير وباإلجابة قدير ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الباب االول‬
‫في فضل النكاح والترغيب فيه‬

‫قال اهلل عزوجل ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة‬
‫والخيل المسومةـ واألنعام والحرث ) فهذه شهوات الدنيا‪ ،‬وبدأ بذكر النساء لعلمه تعالى بموقفهن من قلوب‬
‫الرجال قال تعالى ( فأنكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثالث ورباع ) فأباح للرجل الواحد اربعاً لطفاً منه‬
‫بخلقهـ ورحمة بهم عندما تتجاوز بهم الشهوة الى المحظور عليهم‪ ،‬قال النبي صلى اهلل عليه وعلى آله وصحابته‬
‫وسلم في تفسير قوله تعالى ( وهو الذى خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا ) ان الرجل يتزوج المرأة‬
‫الغريبة يقع بينهما األلفة ثم تلى صلى اهلل عليه وسلم ( وجعل بينكم مودة ورحمة )‪ ،‬وروى عن النبى صلى اهلل‬
‫عليه وسلم انه قال لرجل‪ :‬ألك زوجة ؟‪ ،‬قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬وأنت صحيح سليم‪،‬؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬انك اذاً من‬
‫اخوان الشياطين‪ ،‬ان شراركم غرابكم وان ارذل امواتكم غرابكم‪ ،‬ان المتزوجين هم المبرون من الخنى‪،‬‬
‫والذي نفسي بيده ما للشيطان سالح ابلغ في الصالحين من الرجال والنساء من ترك النكاح‪ .‬وقال ابراهيم بن‬
‫ميسرة قال لي طاؤوس‪ :‬لتتزوجن أو ألقولن لك ماقال عمر رضى اهلل عنه ألبي الزوايد فقلت‪ :‬وماقال له؟‪ ،‬قال‪:‬‬
‫قال له‪ :‬مايمنعكـ عن النكاح إالّعجوز أو فجور‪ ،‬وقال سعيد بن جبير‪ :‬قال لي عبد اهلل بن عباس‪ :‬ألك زوجة؟‪،‬‬
‫قلت‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬فتزوج فإن خير هذه االمة من كان اكثرها نساء؛ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬تناكحوا تناسلوا‬
‫فإني مباه بكم األمم يوم القيامة؛ وقال صفوان‪ :‬إنما الدنيا متاع وليس متاعها افضل من زوجة صالحة‪ ،‬وقال‬
‫النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬انما الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة؛ قال الشاعر ‪:‬‬

‫إذا المرؤ أمسـ ـ ـ ـ ــى خاليا من خليله‬

‫فعنته في طائ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر المخالب‬

‫و من لم يحصن الحـ ـ ـ ــالل تعرضت‬

‫له فطن الش ـ ـ ـ ـ ــيطان من كل جانب‬

‫‪6‬‬
‫الباب الثاني‬
‫في ذكر النكاح واختالف مذاهب الناس فيه‬

‫استشار رجل الشعبي في التزويج‪ ،‬فقال له‪ :‬إن صبرت عن الباه فاتق اهلل والتتزوج وان لم تصبر فأتق‬
‫اهلل وتزوج؛ قال النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬إياكم وخطر الدمن؛ فقيل له‪ :‬وما خطر الدمن يارسول اهلل قال‪:‬‬
‫المرأة الحسناء في المنبت السوء؛ وقال صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬إحفظوا نطفكم فان العرق دساس؛ وقال عثمان‬
‫بن العاص ألوالده‪ :‬الناكح مغترس فلينظر أحدكم حيث يضع غرسه فإن عرق السوء يردي ولو بعد حين؛ وقال‬
‫صفي‪ :‬اليكفينكم جمال النساء عن النسب؛ وقال أيضا يوصى بعض اوالده‪ :‬يابني إياك واختيار اللئيمة لما‬
‫عندها من المال فإن المال يذهب ويبقى في حالك اللوم الذي اليعنيه شئ؛ ومنه اخذ الشاعر قوله ‪:‬‬

‫ال تنكحن لئيمة لمعيش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫تبقى األمة و المعيش ـ ـ ـ ـ ــة تذهب‬

‫وقيل لعائشة رضي اهلل عنها‪ :‬أي النساء أفضل؟‪ ،‬قالت‪ :‬التى ال تعرف عيب القال وال تهتدي لمكر‬
‫الرجال فارغة القلب إالّ من الزينة لبعلها واإلهتمام في الصيانة على أهلها؛ وقيل إياك والحمقاء فان نكاحها قذر‬
‫وولدها ضائع؛ قال صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬إن النساء لعب فمن اتخذ لعبة فليستحسنها؛ وقال صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ :‬أكرم النساء أحسنهن وجوها وأرخصهن مهوراً؛ وقال حيي بن أخطب رضي اهلل عنه‪ :‬عليك إذا تزوجت‬
‫بوجه يستأنس اليه‪ ،‬فالمرأة منظر النظر وقرة عينه وحسن الصورة او نقمة تلقاك؛ وقيل لحكيم‪ :‬أي النساء‬
‫وحكي ان امرأة جاءت الى الحسن البصري رضي‬
‫اشهر‪ ،‬قال‪ :‬التي تخرج من عندها كارهاً وتعود اليها والهاً؛ ُ‬
‫اهلل عنه فقالت له‪ :‬أفتــنني في الرجال يا ابا سعيد ان يتزوجوا على النساء‪ ،‬قال‪ :‬نعم؛ فقالت‪ :‬أعلى مثلي؛‬
‫وكشفت قناعا عن وجه كأنه القمر؛ فلما ولّت؛ قال الحسن‪ :‬ما على رجل تكون عنده مثل هذه؛ وفي رواية‬
‫بكى مما اقبل عليه من الدنيا وما ادبر وقال الشاعر ‪:‬‬

‫ال يجد عنده من قبي ـ ـ ـ ــح رخصة‬

‫إن القبـ ـ ـ ــاح و إن رخصن عوالي‬

‫‪7‬‬
‫ذكر أن رجالً رغب في القباح فشاور رجالً حكيما في التزويج‪ ،‬فقال له‪ :‬إياك والجمال فإنه مطمع‬
‫للرجال ولن تصادق مداح رآها أبداً االّ وجدت إنائك و قد أُكل منه؛ وقال بعضهم‪ :‬إياك والجمال فأنه مطمع‬
‫الرجال وأنشد يقول ‪:‬‬

‫ال تطلب الحس ــن و اعلم اذا أخذته‬

‫ان ال يزال طـ ـ ــول الدهر مطلوبا‬

‫و لن تصادق يوم ـ ـ ـ ـاً لؤلؤاً حسنا‬

‫من الآللئ إالّ كان مثـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقوبا‬

‫وقيل لحكيم وقد تزوج بقبيحة‪ :‬هالّ تزوجت بحسناء‪ ،‬فقال‪ :‬إخترت من الشر اقله ذكراً كمن اختار‬
‫البكر على الثيب؛ قال صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬عليكم باألبكار فإنهن اطيب افواها وأنق ارحاما؛ وقال عليه‬
‫السالم‪ :‬إن لم تتزوج بكراً فتزوج مطلقة والتتزوج مميتة تقول رحم اهلل زوجي لقد وكلني بعده الى غير كفؤ؛‬
‫وقال علي بن الجهم انشدت امرأة قولي وهي هذه األبيات ‪:‬‬

‫قالوا عشـ ـ ـ ــقت صغيرة‪ ،‬فأجبتهم‬

‫خير المطـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي التي لم تركبا‬

‫كم بين حبة لؤلؤ مثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقوبة‬

‫نظمت و حب ـ ـ ـ ـ ـ ــة لؤلؤ لم تثقبا‬

‫فأجابتني ‪:‬‬

‫إن المطي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة ال تلذ حياتـها‬

‫حتى تذلل بالزمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام و تُركبا‬

‫و الحب ليس بن ـ ـ ـ ـ ـ ــاف ٍع أصحابه‬

‫‪8‬‬
‫حتى يسير مع الن ـ ـ ـ ـ ــظام و يثقبا‬

‫ذُكر في من اختار العجائز ومدحهن؛ فقد قال رجل لرجل وقد تزوج عجوزاً‪ :‬إن اختيارك العجوز يدل‬
‫على عمى القلب وقلة اللّب واسترخاء الزب والتماس سهولةـ الفالج عن اإليالج‪ ،‬فقال‪ :‬كال إن العجوز اقنع‬
‫بالتيسير واصبر على تقلب الدهور واقل مشاغبة وتؤثر التذلل وتجتـنب التذلل وتصبر على اإلذالل وتؤمن من‬
‫والدتها في الزيادة في العيال‪ ،‬إن اتسع الرزق صانت ماله وإن ضاق سترت حاله‪ ،‬فانها تبعد الغيور ومطية ذي‬
‫األير العنور التستبق اليها الظنون وال تثبت معها القرون ألوف غير عروف والعيوف؛ فقال له اآلخر‪ :‬لقد‬
‫حسنت القبائح وزينت المفاضح؛ و في ذكر من كره العجائز وعابهن قال رجل لرجل‪ :‬ما تزوجت؟‪ ،‬قال‪:‬‬
‫نصفاً‪ ،‬قال‪ :‬شراء النصفين في يدك؛ قال الشاعر ‪:‬‬

‫ال تنكحن عجـ ـ ـ ـ ــوزاً إن اتيت بها‬

‫و لو أعطوك على تزويجـ ـ ــها ذهباً‬

‫فإن أتوك و ق ـ ـ ـ ـ ــالوا انها نصف‬

‫فقل لهم خير نصفه ـ ـ ـ ــا الذي ذهبا‬

‫وقيل‪ :‬مجامعةـ العجوز يُخاف منه موت ال ُف ْجأة؛ وقال حكيم‪ :‬خير نصف الرجل آخره‪ ،‬يذهب جملة‬
‫وتـظهر حكمه‪ ،‬وشر نصف المرأة آخره فيسوء خلقهاـ ويج ّد لسانها ويعقم فرجها ‪.‬‬
‫قال اعرابي يهجو امرأته ‪:‬‬

‫عجـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوز ترجى ان تكون فتية‬

‫وقد لحت اللحيــان واحدودب الظهـر‬

‫تدس على العطار سـ ـ ـ ـ ــلعةـ اهلها‬

‫وهل يصلح العطار ما افسده الدهــر‬

‫‪9‬‬
‫و في ذكر من كره الزواج البتة‪ُ ،‬سئِل حكيم عن التزويج‪ ،‬فقال‪ :‬ثـقل ظهر وشوك دهر؛ وسئل آخر‬
‫فقال‪ :‬مكابدة العزبة أيسر من اإلحتيال لمصلحة العيال؛ وقال بعض األعراب‪ :‬التتزوج ألربع فإن كل واحدة‬
‫تأخذك بجماعها وأنت وحدك‪ ،‬وال بثالث فإنهن كاألماني فتصير بينهن كالقدر فيكوينك كيا‪ ،‬وال بأثنتين فإنهن‬
‫ضرتان تكوينك كالجمرتين‪ ،‬وال بواحدة فإنك تحيض اذا حاضت وتلد اذا ولدت‪ ،‬فقيل له‪ :‬قد نهيت عن كل‬
‫ما أباحه اهلل تعالى‪ ،‬فما تصنع؟‪ ،‬فقال‪ :‬عبادة الرحمن؛ وقال رجل آلخر ‪ :‬كنا في أمالك فالن فقال لنا‪ :‬التقل في‬
‫أمالكه ولكن قل في اهالكه ثم أنشده ‪:‬‬

‫تزوج اذا ما شئت و اع ـ ـ ـ ــلم بانه‬

‫هو الموت إالّ من يش ـ ـ ـ ـ ــأ يكذب‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــ‬

‫‪10‬‬
‫الباب الثالث‬
‫فيما يدل على عظم قدر النكاح عند ذوات األفراح‬

‫النكاح والجماع والبضاع والبقال والوطي والباه كلها واشباهها كنايات وحقيقة فعلها النيك‪ ،‬وله من‬
‫قلوب النساء موقع عظيم وقدر كريم فهو وسواس صدورهن وقوام جسومهن وريحان قلوبهن وحبيب‬
‫نفوسهن‪ ،‬وان الرجال يعتقدون انهم يشاركوهن في الشهوة ويقاسموهن في اللذة وهذا صحيح ولكن ما لهم‬
‫إالّ القسم اليسير والسهم الحقير ومعظم الشهوة وسلطانها للنساء دون الرجال‪ ،‬وروى ان النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم قال‪ :‬للنساء تسعة أعشار الشهوة وللرجال العشر ولكن الغالب عليهن الحياء عن مطالبة الرجال بذلك؛‬
‫ومن عاداتهن انكار الشهوة وجحد محبة الرجال وأصل ذلك ما يروى في بعض األخبار ان اهلل عز وجل لما‬
‫وهم بها فحال جبريل بينه‬
‫خلق حوى آلدم عليهما السالم والقى فيه شهوة النكاح ورآها فأعجبته فهرش إليها ّ‬
‫وبينها‪ ،‬وقال له‪ :‬السبيل لك إليها إالّ بمهر‪ ،‬قال له ‪ :‬وما مهرها‪ ،‬فقال له‪ :‬قل سبحان اهلل والحمد هلل وال إله إالّ‬
‫اهلل واهلل أكبر والحول والقوة إالّ باهلل العلي العظيم وهي الباقيات الصالحات‪ ،‬فقال‪ :‬هذا مهرها قد وصل اليها‪،‬‬
‫فلما غشيها وفرغ أعجبها‪ ،‬فقالت له‪ :‬ما هذا؟‪ ،‬فقال‪ :‬شيء يسمى النيك‪ ،‬فقالت له‪ :‬زدني منه فأنه طيب‪ ،‬فأمر‬
‫اهلل تعالى جبريل عليه السالم أن يضربها بصوت الحياء‪ ،‬فضربها به فأستحت‪ ،‬فقال جبريل آلدم‪ :‬أتحبها؟‪ ،‬قال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬فقال جبريل لها‪ :‬أتحبينه؟‪ ،‬قالت‪ :‬ال‪ ،‬وكانت محبتها له تسعة أعشار محبته لها فصار الحياء وإنكار‬
‫المحبة فيهن وراثة؛ ويحكي عن زبيدة بنت جعفرـ أم األمين أن الرشيد لما سافر الى بالد فارس خرجت يوما‬
‫وهى سكرى‪ ،‬فكتبت بفحمة في إيوان كسرى قول أبي نواس ‪:‬‬

‫وال تأس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــفن على ناسك‬

‫و إن طـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِرب فأبكه‬

‫و نِك من لقيـ ـ ـ ـ ـ ــت من العالمين‬

‫فإن الن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدامة في تركه‬

‫وكانت خلفهاـ جارية لها فقرأت ماكتبته‪ ،‬فقالت لها‪ :‬ماهذا ياسيدتي؟‪ ،‬فالتفتت إليها مغضبة وقالت‪:‬‬
‫يابلهاء ماأخذت هذا االّ من أصل قوي‪ ،‬هذا أبونا آدم لما ناك أمنا حواء قالت له‪ :‬ماهذا ؟‪ ،‬قال‪ :‬شيء يسمى‬
‫النيك‪ ،‬فقالت له‪ :‬زدني منه فإنه طيب؛ فإن أنكرن وقلن انتم اشد شهوة واحرص على النكاح منا بدليل‬
‫مطالبتكم لنا به واكراهكم إيّانا عليه قيل ليس مطالبة الرجل المرأة بالنكاح ألنه أشد منها شهوة له وانما هو‬
‫بمعنى الفحولية والعادة الجارية بقوة نفس الذكر على األنثى في جميع الحيوان ألنها تبع له في مراده وليس هو‬
‫فأما اذا يئست من طمعها منه وخاب رجاؤها فيه لفجر فيها الفجور‬
‫تبعا لها في مرادها وهي واثـقة منه بمطالبتها ّ‬

‫‪11‬‬
‫ٍ‬
‫حينئذ أظهرت ما كانت تستره واقرت بما كانت تنكره كإمرأة‬ ‫و لم تستطع اإلستدالل عليه لرغبة او رهبة‪ ،‬و‬
‫العزيز مع سيدنا يوسف لما قالت‪ :‬اآلن حصحص الحق؛ وتُهتك المرأة عند إمتناع الرجل عنها أعظم من تهتكه‬
‫وحكي عن بعضهم ان سجاح قد إدعت النبوة في ايام مسيلمة الكذاب وهي بنت المنذر بن‬
‫عند إمتناعها عليه؛ ُ‬
‫تميم‪ ،‬وقيل سجاح بنت عقار‪ ،‬وكانت قد اشتهرت واستمالت خلقا من الناس وآمنوا بها وكان مسيلمة من‬
‫الناس الذين بلغها عنه الكثير فرحلت اليه من ارضها الى اليمامةـ في جماعةـ ممن آمن بها من قومها لمناظرته‬
‫فلما لقيته قالت له‪ :‬ماآتيك؟‪ ،‬قال‪ :‬انني مانكت امرأة إالّ احبتني وآمنت بي‪ ،‬قالت‪ :‬فأسمعني اقرب شيء نزل‬
‫عليك فقال ‪:‬‬

‫أال قـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــومي إلى المخدع‬

‫فقد هيئ لك المضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــجع‬

‫فإن شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــئت تستلقي‬

‫و إن شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــئت على أربع‬

‫وإن شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــئت بثليثة‬

‫و إن شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــئت به أجمع‬

‫فقالت‪ :‬بل به اجمع يانبي اهلل‪ ،‬ثم دخلت معهـ فلما اشتد عليها العمل ضرطت فقال‪ :‬ماهذا؟‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫علي العمل الذي نزل عليك يا نبي اهلل‪ ،‬ثم آمنت به ورضيت بالوقوف معه‪ ،‬فقال لقومها‪:‬ـ أي الصلوات‬
‫ثقل ّ‬
‫أثقل عليكم؟‪ ،‬قالوا‪ :‬صالة العشاء وصالة الفجر‪ ،‬فقال‪ :‬قد حططتهما عنكم وجعلتهما مهرها فهل تراها‬
‫رضيت بترك رياستها التي زينها لها الشيطان‪ .‬ثم إنا نرى البكر اذا زفت الى زوجها التزال نافرة منه مستوحشة‬
‫اليؤنسها منه كثرة الرغائب واليعطفهاـ عليه جزيل المواهب حتى يفتقها‪ ،‬فتأنس إليه بعد وحشتها وتميل اليه و‬
‫ليس لذلك سبب غير وسيلة النيك ولذاذته؛ ولما خطب دريد بن الفهد الخنساء الى أبيها عمرو بن الرشيد قال‬
‫له‪ :‬مثلها اليملك عليها‪ ،‬فإن أمرها بيدها فاخطبها الى نفسها‪ ،‬فأرسل اليها يخطبها وكان شيخا كبيراً قد جاوز‬
‫المائة‪ ،‬فقالت له‪ :‬سأنظر في أمري‪ ،‬ثم قالت لجارية لها‪ :‬إذهبي بعده من حيث اليراك فانظري اليه حين يبول‬
‫فان كان بوله يحفر األرض ففيه بقية الجماع وإن كان بوله يسبح في األرض وال يحفرها فليس لي فيه حاجة‪،‬‬
‫فذهبت الجارية ثم رجعت إليها واخبرتها‪ :‬إن بوله لم يحفر األرض‪ ،‬فردته وقالت‪ :‬ما كنت راغبة عزيز ابن‬
‫عمي‪ ،‬فذهب عنها خائباً وهجاها فلم تجبه‪ ،‬فقيل لها‪ :‬هال تجيبيه‪ ،‬فقالت‪ :‬ال أجمع عليه رداً وهجاء فلم‬

‫‪12‬‬
‫تكشف عن شيء من أحوالها غير آلة النكاح على اشتهارها بالعفاف وشرف النفس؛ ويُروى ان عمر بن‬
‫الخطاب خرج ليلة يطوف في المدينة واذا به يسمع امرأة تنشد شعرا تقول فيه ‪:‬‬

‫لقد طال هذا الليل و اس ـ ــو ّد جانبه‬

‫و لي ـ ـ ـ ــس إلى جنبي خليل أالعبه‬

‫فواهلل لوال اهلل نخش ـ ـ ـ ــى عواقبه‬

‫لزلزلت من هذا الس ـ ـ ــرير جوانبه‬

‫مخافةـ ربي و الحيـ ـ ـ ـ ــاء يصدُّني‬

‫و أكرم بعلي أن تنـ ـ ـ ـ ــال مراكبه‬

‫فسأل عمر بن الخطاب رضى اهلل عن هذه الفتاة‪ ،‬فأُخبر ان زوجها بعث في غزاة‪ ،‬فسأل بعض النساء‪ :‬كم تصبر‬
‫المرأة عن زوجها؟‪ ،‬فقالت احداهن‪ :‬ستة أشهر‪ ،‬فأمر اال يبقى الرجل أكثر من ذلك؛ ونظرت امرأة الى زوجها‬
‫إلي‪ ،‬فقيل‪ :‬أليس يجيد الطعن‪ ،‬قالت‪ :‬أما الطعن الذي‬
‫في الحرب وهو يجيد الطعن فقالت‪ :‬رب أعنه ليرجه َّ‬
‫كاس من الحسب عا ٍر من النسب يصلصل معك في دارك‬ ‫ينفعني فال؛ و قال رجل المرأة‪ :‬هل لك في ابن عم ٍ‬
‫ويقلبك يمينا وشماال ال يواصل ثالثاً في ٍ‬
‫واحد يدخل الحمام طرفي النهار؟‪ ،‬فقالت له‪ :‬ياهذا اليُسمعن هذا‬
‫في عيوباً إن رضيت بها‬ ‫منك‪ ،‬وتزوجت به؛ وخطب رجل امرأة فأكثرت عليه الشروط وعنتت‪ ،‬فقال لها‪ :‬إن ّ‬
‫احتملت مااشترطت‪ ،‬فقالت له‪ :‬ماهي‪ ،‬فقال‪ :‬أنا شره في النكاح بطيء الفراغ سريع اإلقامة‪،‬ـ فقالت‪ :‬ياجارية‬
‫احضري أهل المحلة يشهدون بتزويجه على بركة اهلل تعالي فإن الرجل سارح اليعرف الخير من الشر؛ وخطب‬
‫رجل امرأة إلى نفسها فقالت له‪ :‬إن في نقرز و أخاف ان أرى فيك ما أتقزز به فال تنتفع بي بعد ذلك‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أرجو أن ال تري ذلك مني‪ ،‬فتزوج بها فجلس يوماً على المائدة فجعل يلتقط ما يسقط فيأكله‪ ،‬فقالت له‪ :‬أما‬
‫كان في المائدة ما يغنيك عن هذا‪ ،‬فذكر قولها له وعلم أنها تقززت منه‪ ،‬فقال‪ :‬بلغنا أنه يزيد في الباه فصارت‬
‫وحكي ان امرأة شكت زوجها الى قاضي وسألته ان يفرق بينها‬
‫بعد ذلك تفتت الخبز من غير أن يراها ليلتقطه؛ ُ‬
‫وبينه‪ ،‬فقال لها القاضي‪ :‬إن بان لي منه ما يوجب الفراق فبها وإالّ فال سبيل الى ذلك‪ ،‬فأسفرت عن وجهها‬
‫وانشدت تقول ‪:‬‬

‫عالم نكحل دعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــج العيون‬

‫‪13‬‬
‫و نتبع الخطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب الخطابا‬

‫و نقرن إالّ لمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا تعلمون‬

‫فال تحرموا الغائبـ ـ ـ ـ ــات الضرابا‬

‫فلو كيل بالصـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاع للغانيات‬

‫و البس فوق الثي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب الثيابا‬

‫وتبن و لم تح ـ ـ ـ ـ ـ ــش فيهن ذاك‬

‫لجلسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن ونُمن غضابا‬

‫فكشف القاضي عن امره فوجده عنين؛ وانشد بعض األعراب في ذلك ‪:‬‬

‫كالّ و رب البي ـ ـ ـ ـ ـ ــت انه كذاب‬

‫ال يقنع الج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارية الخضاب‬

‫و ال الوشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاح و ال الجلباب‬

‫من دون ان يكت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــفي الركاب‬

‫و يعق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد االير له لعاب‬

‫و غير هذا فعنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــده يعاب‬

‫ومرضت عجوز فأتى ابنها لها بالطبيب فرآها متزينة بأثواب مصبغة فعرف الطبيب حالها فقال إلبنها‪ :‬ما‬
‫أحوجها الي زوج‪ ،‬فقال اإلبن‪ :‬ما للعجوز ولألزواج‪ ،‬فقالت له‪ :‬ويحك هل الطبيب أعلم أم انت؟‪ ،‬و أنشدت‬
‫ألوالدها شعرا ‪:‬‬

‫أيا بني إني للنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــكاح طالبه‬

‫‪14‬‬
‫فإن أبيتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم فإنني جامحه‬

‫هان عليكم ما لقيـ ـ ـ ـ ـ ــت البارحة‬

‫من الكحال و العـ ـ ـ ــروق الطامحه‬

‫وحكي أن همام بن مرة كان له ثالث بنات قد كبرن وامتنع عن تزويجهن غيرةً عليهن وترفعاً‪ ،‬فقالت إحداهن‬
‫بيتا من الشعر ‪:‬‬

‫أهمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام بن مرة حن قلبي‬

‫إلى صلعا مش ـ ـ ـ ـ ـ ــرقة العوالي‬

‫فقال ‪ :‬نعم يابنيه أهب لك بيضة‪ ،‬و قالت الثانية بلباس الشعر ‪:‬‬

‫حن قلبي‬
‫أهم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام بن مرة ّ‬

‫إلى ما بين أفخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاذ الرجال‬

‫فقال ‪ :‬نعم يابنيه أهب لك فرساً‪ ،‬وقالت الثالثة بيتا من الشعر ‪:‬‬

‫أهمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام بن مرة حن قلبي‬

‫إلى إير أسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد به مبالي‬

‫فقال لهن‪ :‬خزاكن اهلل وزوجنهن؛ وخرجت جارية من دار الرشيد وفي يدها مروحةـ مكتوب عليها الحرة إلى‬
‫إيرين احوج من األير الى جاريتين؛ وحكي ان بيت المأمون كان فيه جارية تصلح له فراشه‪ ،‬فينما هو ذات يوم‬
‫في مجلس حكمه إذ سمع في ناحية من الدار رقصاً فقال‪ :‬للخادم أنظر ما هذا‪ ،‬فدخل ثم خرج و قال‪ :‬تلك‬
‫ماجن تغني ولؤلؤة ترقص‪ ،‬و كانتا ماجنتين‪ ،‬فأمر الحاضرين باإلنصراف‪ ،‬ودخل الى حجرة ماجن فرآها من‬
‫حيث ال تراه فإذا هي تغني وتقول ‪:‬‬

‫‪15‬‬
‫أال يا دار كم تحوين من ك ــس و من غلمة‬

‫إير واحد في ـ ـ ــكفي كان ما بقي حرمد‬

‫متى يرفع طيان ضعي ـ ـ ـ ــف ما بقي ثلمد‬

‫فلو افلت يا دار حرمتـ ـ ـ ــك لفي األمد‬

‫وطوراً نحن في نقمة‬


‫فطوراً نحن في نعمة ْ‬
‫ْ‬

‫كسي مضـرور الى همد‬


‫لقد أصبحت يا ِّ‬

‫فقال لها المأمون‪ :‬ما تقولين يا جارية؟‪ ،‬فقالت‪ :‬الشيء يا أمير المؤمنين‪ ،‬كنت على خلوة وماظننت ان أمير‬
‫علي‪ ،‬ثم قالت‪ :‬هيه يا أمير المؤمنين شباب ونعمة وفراغ في الليل‪ ،‬فقال‪ :‬لها لسنا نقعد عن‬
‫يسمع ّ‬
‫المؤمنين ّ‬
‫زيارتك إن شاء اهلل تعالى‪ ،‬فقالت‪ :‬ال تراني إال كما قال القائل ‪:‬‬

‫أنت بجرابهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا تكتال فيه‬

‫فعادت و هي فارغ ـ ـ ـ ــة الجراب‬

‫فضحك منها ودخل الحجرة فقضى حاجتها فلما فرغ قال لها‪ :‬ويلك أما كفاك أن جعلتيني طيانا حتى‬
‫صيرتيني ضعيفا‪ ،‬فقالت‪ :‬لوال ذلك ما أكلت على جوعي هذا الرغيف الواحد‪ ،‬فقال‪ :‬أخزاك اهلل ما أسرع‬
‫جوابك‪ ،‬ثم دخل بها فعاودها‪ ،‬فقالت اآلخرى‪ :‬و إذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فأرزقوهم‬
‫منه‪ ،‬فضحك و دخل بها فقضى حاجتها؛ ولما زفت بوران بنت الحسن بن سهيل الى المأمون كتبت إليه جاريته‬
‫غريب وكانت من حظاياه رقعة فيها ‪:‬‬

‫أنعم تحطك صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروف الردا‬

‫بزف ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوران مع الدهر‬

‫بيض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة خدر لم يزل نجمها‬

‫‪16‬‬
‫بنجم مأمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــونـ الورى يجري‬

‫حتى اس ـ ـ ـ ـ ـ ــتقر الملك في حجرها‬

‫بورك في ذل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك من حجر‬

‫يا سيدي ال تنسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى عهدي فما‬

‫أطلب ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيئاً غير ما تدري‬

‫وكان بعضهم إذا غضبت زوجته عليه دخل عليها و بادر الى رفع رجليها واستعمال نكاحها فقالت له‬
‫يوماً وقد فرغ منها‪ :‬قاتلك اهلل كلما اشتد غضبي جئتني بشفيع ال استطيع رده؛ و أنشد بعضهم‪:‬‬

‫رأت حبي س ـ ـ ـ ـ ـ ــماداً بال جماع‬

‫فقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالت حبلنا حبل انقطاع‬

‫فلسـ ـ ــت اريد حباً لي ـ ـ ـ ـ ــس فيه‬

‫حميد الذكر من ني ـ ـ ـ ـ ـ ــك و ساع‬

‫وقال آخر ‪:‬‬

‫تقول و قد قبلته ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ألف مرة‬

‫كفيت أماشي س ـ ـ ـ ـ ــوى هذي القبل‬

‫فقلت بلى‪ ،‬حب على الق ـ ـ ــلب حفظهـ‬

‫و طول وفاء يس ـ ـ ـ ــتفيض به المثل‬

‫فقال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت و أيم اهلل مالي رغبة‬

‫‪17‬‬
‫من الحب في قولـ ـ ـ ــه يخالفه العمل‬

‫ال خير في غمد ليس فيه حسـ ـ ـ ــامهـ‬

‫و هل يحسـ ــن الفرقور حلواً بالد قل‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪18‬‬
‫الباب الرابع‬
‫فيما يحب النساء من الرجال‬

‫إن النساء مجبوالت على حب اإلير الكبير فان انكرن ذلك فانما هو استحياء على ماتقدم ذكره ومن‬
‫الدليل الواضح على ذلك ماروته عائشة رضى اهلل عنها‪ :‬ان رفاعة القرظي طلق امرأته وبت طالقها فتزوجها عبد‬
‫الرحمن بن الزبير فجاءت الى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فقالت‪ :‬يارسول اهلل‪ ،‬إني كنت عند رفاعة‬
‫فطلقني وبت طالقي فتزوجني عبد الرحمن بن الزبير وإنه يا رسول اهلل ما معه اال مثل الهدبة‪ ،‬فتبسم رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم وقال‪ :‬لعلك تريدين أن ترجعي الى رفاعة؟‪ .. ،‬ال حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك‪،‬‬
‫يعني عبد الرحمن ‪.‬‬
‫وخطب رجل من العرب فنزل ببيت أحدهم فدخل للضيافة فرأى في نهايتة الحسن والجمال ورجال‬
‫ذميما قبيح الوجه يدخل ويخرج ويأمر وينهي فقال الضيف للمرأة‪ :‬ما هذا منك ؟‪ ،‬فقالت‪ :‬هو زوجي‪ ،‬فما‬
‫سؤالك عنه؟‪ ،‬فقال‪ :‬لقد رحمت جمالك من قبحه‪ ،‬فقالت‪ :‬واهلل لو استدبرك بما يستقبلني به لعظم في صدرك‬
‫وحسن في عينيك فخرج وزهد في ضيافتها؛ وخطب معلم امرأة وكان قبيح الوجه فأعرضت عنه فقال لها‪:‬‬
‫واهلل ألمألن بيتك خيرا وفرجك إيراً‪ ،‬فتزوجت به ولم تره كما قال فقالت ‪:‬‬

‫قد رأينـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاك فما أعجبتنا‬

‫و اختبـ ـ ـ ـ ـ ــرناك فلم نرض الخبر‬

‫َم تقل‬ ‫ِ‬


‫وخطب معلم امرأة وابنها في مكتبه فأمتنعت عليه وترفعت عنه فضرب األبن وقال له‪ :‬ل َم ل ْ‬
‫ألمك إن إير المعلم كبير؟‪ ،‬فشكى الصبي الى امه واخبرها بقول المعلم فوقع في قلبها وبعثت اليه‪ :‬أن احضر‬
‫على فكتبت اليها مكتوب‬
‫شهوداً وتزوج على بركة اهلل تعالى؛ وقال ابن الرومي‪ :‬كنت أعشق امرأة فأمتنعت ّ‬
‫فيه شعر حتى واصلتني بعده ‪:‬‬

‫أال يا هن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد هل لك في غمد‬

‫غليظ تفرحي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن به متين‬

‫و يك ِو به حش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاك غالم نيك‬

‫من الفتيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان ليس له قرين‬

‫‪19‬‬
‫فمن إيره ال يدور بخـ ـ ـ ـ ـ ــلد أنثى‬

‫بدا من فرجهـ ـ ـ ـ ـ ــا كأنه ثلثا جنين‬

‫واجمعوا على ان اكبر اإليور اثنى عشر إصبعا وأوسطها تسع وأصغرها ستة‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن زاد على ذلك‬
‫أو نقص فهو من باب الندرة‪ ،‬ومنهن الماجنات من اذا جامعهاـ الرجل وله إير صغير ولم يشف غلمتها تعاطست‬
‫وتساعلت فيخرج عند ذلك إيره من فرجها فتضحك منه وتخجله قال الشاعر ‪:‬‬

‫لقد أصبحت عرس الفرزدق ناش ــراً‬

‫و لو رضيت رمح اسـ ـ ــته ألستقرتـ‬

‫وأصل هذا ان الفرزدق كان ذميما الى الغاية‪ ،‬وكان يخطب ابنة عمه النوار بنت ايمن الى نفسها ولم يكن لها‬
‫ولي غيره فتنفر منه وتكرهه‪ ،‬فخطبها رجل من بني عبد اهلل بن دارم فرضيته وارسلت الى الفرزدق‪ :‬أن زوجني‬
‫من هذا الرجل‪ ،‬فقال‪ :‬أو تشهدين على نفسك أنك قد رضيت بمن زوجتك به ففعلت‪ ،‬فلما توثق منها قال‪:‬‬
‫أرسلي الى القوم فليأتوا‪ ،‬فلما جاء بنوا عبد اهلل بن دارم فشحنوا مسجد بني مجاشع‪ ،‬جاء الفرزدق فحمد اهلل‬
‫تعالى وأثنى عليه وقال‪ :‬قد علمتم ان النوار ولَّتني أمرها ورضيت بمن أزوجها‪ ،‬اشهدكم اني زوجتها من نفسي‬
‫على مئة ناقة حمراء الوبر سود الحدق‪ ،‬فنفرت النوار منه واحتكمت ألمراء البصرة ان يطلقوها منه وقالت‪:‬‬
‫إتقاء للسانه‬
‫إنما تزوجني بالخديعة والمكر‪ ،‬فسألوها احضار الشهود فأبى الشهود ان يشهدوا على الفرزدق ً‬
‫فأرادت الشخوص الى عبد اهلل بن الزبير وكان يدعى له بالخالفة في الحجاز والعراق فتحاشى الناس حملها إليه‬
‫خوف هجاؤه‪ ،‬فأتت فتية من بني عدي بن زيد مناة يقال لهم بنوا أم القشير فسألتهم برحم يجمعهم واياها‬
‫فحملوها و بلغ ذلك الفرزدق فأستنهض أناسا من أهل البصرة فأنهضوه و أعانوه بعدة من اإلبل ونفقةـ فتتبع‬
‫النوار وانشد يقول ‪:‬‬

‫أطاعت بني أم القش ـ ـ ــير فأصبحت‬

‫على شـ ـ ــارف ورفي صعب ذلولها‬

‫و ان الذي يمش ـ ـ ــي بحب بزوجتي‬

‫كماشي إلى أسـ ـ ــد الشرى يستقيلها‬

‫‪20‬‬
‫فأدركوها وقد قدمت مكة فأستجارت بخولة بنت منظور بن الريان امرأة عبد اهلل بن الزبير واجتمع إليه‬
‫أوالد عبد اهلل كلهم فأستشهدوه واستحدثوه ثم سعوا له الى ابيهم فجعل يشفعهم في الظاهر فاذا صار الى‬
‫خولة ثنته عن رأيه فيميل الى معونة النوار فقال الفرزدق ‪:‬‬

‫أما بنوه فلم تنفع شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــفاعتهم‬

‫و ش ـ ـ ـ ــفعت بنت منظور بن ريانا‬

‫ليس الشـ ـ ـ ـ ــفيع الذي يأتيك متزراً‬

‫مثل الش ـ ـ ـ ــفيع الذي يأتيك عريانا‬

‫فبلغ ابن الزبير شعره فلقيه في المسجد وهو خارج منه فضغط حلقهـ حتى كاد يقتله ثم قال بيت الشعر؛ ثم‬
‫دخل الى النوار فقال لها‪ :‬ان شئت امضيت نكاحه فهو ابن عمك واقرب الناس اليك وان شئت فرقت بينكما‬
‫ثم ضربت عنقه فال يهجوا احداً‪ ،‬و كانت النوار امرأة صالحة فقالت‪ :‬أو ما غير هذا؟‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬قالت‪ :‬أما‬
‫القتل فال احب أن يقتل ولكني أمضي امره لعل اهلل تعالى يجعل في كرهي له خيرا‪ ،‬فدفعها اليه عبد اهلل بن‬
‫الزبير ‪.‬‬
‫ومما تحبه المرأة ايضا ابطاء إنزال الرجل مالم يمعن ويتجاوز الحد لتتمكن من شهوتها ويستخرج حنايا‬
‫لذتها‪ ،‬وأما اذا تجاوز اإلبطاء غايته وخرج عن حده حصل الضجر ووقعت الكراهة وعادت الحسنات سيئات‬
‫السيما اذا كانت المرأة سريعةـ اإلنزال وال يكاد ينجو منهن من ذلك إالّ عالمات هذا الفن وعبقريات هذه‬
‫الصناعة وسأذكر ذلك مستوفيا ان شاء اهلل تعالى؛ و مما تحبه المرأة ايضا شدة الضم عند الجماع السيما عند‬
‫اإلنزال منها أو منه وجذبها اليه بشعرها دون اإليالم‪ ،‬واحسن الضم أن يجامع الرجل على يساره والمرأة على‬
‫يمينها ثم يدخل يده اليسار من تحت كتفها ويجعل يدها اليمنى من تحت رقبته ممدودة وإن شاء توسد بها‬
‫مثنية‪ ،‬ثم يجعل يده اليمنى من تحت عضدها او على خاصرتها ويدها اليسرى من فوق عضده أو على رقبته ثم‬
‫يلقي يده اليسار على ظهرها ويكون اكثر ضماً اليه بها‪ ،‬هذا اذا كانت رقيقة‪ ،‬و يمكن ضمها بالعضدين إذا‬
‫الرق‪ ،‬فإن كانت سمينة ضخمة أمال يساره على رقبتها وشغل كفه بلمس شعرها من‬
‫كانت صغيرة أو مفرطةـ ّ‬
‫خلفهاـ وقبض عليه بعض القبض وكان أكثر ضمه لها باليمين ويجتهد أن يكون فمه وفمها متقابلين على استواء‬
‫واحد‪ ،‬فإنه اذا ارتفع فم احدهما على فم اآلخر احتاج المرتفع أن يميل رقبته الى خلفهـ فيتألم لذلك؛ ومما‬
‫تكرهه المرأة سرعةـ إنزال الرجل قبل إنزالها وخاصة اذا استحكمت شهوتها وقرب إنزالها وفترت اعضاؤها‬
‫فإن ذلك يترك نار غلمتها مشتعلةـ وجوارحها بإلتهاب اللذة مشتغلة‪ ،‬فمنهن من يخدر باطن فرجها حتى تحبس‬
‫شهوتها لإلنزال فتتخدَّر له جميع أعضائها‪ ،‬فإن انقطعت عنها حركة اإلير في ذلك الوقت أُجبرت شهوتها على‬

‫‪21‬‬
‫اإلنزال وخمدت أعضاؤها وبقى ذلك لوقت على نفس حالة التخدير لم يتحلل فيأخذها مثل السبات الى أن‬
‫ِ‬
‫ينجل‪ ،‬وربما أسقمهاـ ذلك إذا أدمن عليها؛ ومنهن من يختلج باطن فرجها عند قرب إنزالها فيختلج معهـ‬
‫أعضاؤها والتكاد تستقر‪ ،‬فإذا انقطعت عنها حركة اإلير لم تزل تتبع الرجل وتضمه إليها وتفحس بفرجها على‬
‫إيره حتى تنزل‪ ،‬فلذلك يحببن قوة الرهز عند إنزالهن فيهيِّج ذلك ساكن شهوتها ويبعث لذتها؛ ومن اشد‬
‫المكروه عندهن العزل عنهن ونزع اإلير عن المرأة في ذلك الحال كنزع فؤادها‪ ،‬ألنه إنما يقوى رهز الرجل‬
‫ويشتد انتشاره وصالبته عند إنزاله فيهيِّج بذلك شهوتها وتأتي إليها لذتها‪ ،‬ثم ان حرارة ماء الرجل في لهوات‬
‫فرج المرأة بمنزلة برد الماء في لهوات الظمآن فيكون حالهما عند فقد الماء سواء ‪.‬‬

‫و يُحكى ان بعض القضاة كانت له جارية وكان يعزل عنها فدخل عليها يوما فرأته كئيبا محزونا فاقداً‬
‫ضالته تائهاً في أمره فقال‪ :‬عُزلت عن القضاء‪ ،‬فضحكت ثم قالت‪ :‬ياسيدي ذق مرارة العزل طالما قد اذقتنيه‬
‫مراراً؛ و رأت امرأة رجل من المعتزلة و قد اجتمع عليه جماعةـ يجرونه الى بعض الحكام بشيء أنكروه منه‪،‬‬
‫ِ‬
‫ولست عالمةً‬ ‫فسألَتهم عن قصته فقالوا‪ :‬إنه معتزلي‪ ،‬فأخذت نعلها وصفعتهـ به فقيل لها‪ :‬لم يستحق منك هذا‬
‫بأمره‪ ،‬فقالت‪ :‬أليس هو يعزل عن النساء والعزل في السنة مكروه؛ ومما تكرهه المرأة نظر الرجل الى وجهها‬
‫عند إستحكام شهوتها ألن أعضائها كلها تنحل والتبقى على حالها ولو حرصت فمنهن من تعلو نفسها ومنهن‬
‫من تشخص عيناها ومنهن من يُغشى عليها وهى التي تسمى الربوخ وهو من الصفات المستحسنة فيهن‪،‬‬
‫فالمتثبتة منهن من تغطي وجهها وتميل به عن وجه الرجل ما استطاعت‪ ،‬ولذلك تحب المرأة نيك السكران‬
‫إلشتغالهـ بالسكر عن تمييز حالها وألن جماع السكران أقوى من جماع الصاحي من حيث انقياد عقلهـ للسكر‬
‫واسالم نفسه لسلطان الشهوة والنكاح‪ ،‬ومنهن من يغلب عليها الحياء فال تكاد تطاوع الرجل على نيكها‬
‫بالنهار‪ ،‬ومما يكرهنه الشيب فان كان الشيخ شيخ الشعر شاب اإلير اغتفرن له ذلك واحتملنه منه بعد التجربة‬
‫له و األختبار‪ ،‬فمما قلته في ذلك ‪:‬‬

‫ف ِزعت لشـ ـ ــيئ راعها في عارضي‬

‫و الشـ ـ ــيب يقرع غيرها من غيري‬

‫ما راعه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا من ذاك إالّ انها‬

‫تخشـ ـ ـ ـ ـ ــى انتقاص ضريبة لإلير‬

‫ومنه ايضا ‪:‬‬

‫زوت وجههـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا إذ رأت لمتي‬

‫‪22‬‬
‫بها ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعراً أبيض يومض‬

‫فقلت لها لم بغضت المشـ ـ ـ ـ ـ ــيب‬

‫و لم يجن ذنبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً له يبغض‬

‫إذا كان لي ذكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر منعظ‬

‫فما ضرني شـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعره األبيض‬

‫والشيب مع األلفاظ أحب اليهن من الشبيبة مع الفتور‪ ،‬ومن الناس من يكلف نفسهه صباغ الشيب‬
‫وتغييره مع فتور إيره وضعف آلته تحبباً إليهن وتقرباً الى قلوبهن بتغيير الخضاب وتزوير الشباب ولم يدر أن‬
‫المزورين بالخضاب أنه اشترى جارية بارعة في الجمال‬
‫المنتقد خبير والمتصفح بصير كما يُحكى عن بعض ِّ‬
‫واألدب فلما جامعهاـ وجدت فتوراً وضعفاـ في الباه فتأملته فلم تشك في شبابه لسواد شعره فتركته حتى نام‬
‫وأخذت ليمونة خضراء فعصرتها على لحيته ففسخ الشيب وذهب الخضاب فقالت‪ :‬من التزوير أتيت‪ ،‬فلما‬
‫انتبه ورأى ما فعلت قال لها‪ :‬ما هذا ؟‪ ،‬قالت‪ :‬طلع نور اليقين وذهبت ظلمة الشك فأخجلته‪ ،‬وباعها من يومها‪،‬‬
‫ومما قلته في المعنى ‪:‬‬

‫اراد ان يغير من شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيبه‬

‫يريد الحسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن في صبغته‬

‫لما ابتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــغى نيكها‬


‫قالت له َّ‬

‫و إيره م ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلقىـ على خصيته‬

‫و اهلل ما يصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدق في إيره‬

‫من لم يزل يك ـ ـ ـ ـ ـ ــذب في لحيته‬

‫ومنه ايضا في المعنى ‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫غيَّر لون الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيب من ذقنه‬

‫يبغي به وصل مراه ـ ـ ـ ـ ـ ــن الرنا‬

‫و إيره منكم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــش قائالً‬

‫و اهلل ما يخزي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك إالَّ أنا‬

‫و قيل ايضا في المعنى ‪:‬‬

‫جاء إليه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا خاضباً شيبه‬

‫حتى يُرى و هو إليهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وجيه‬

‫و إيره من تحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت أثوابه‬

‫يوميئ إليهـ ـ ـ ـ ـ ــا إصفعيهـ إصفعيه‬

‫و قيل انه ايضا جاء في ذلك ‪:‬‬

‫لمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا أتى خاضباً‬


‫قالت له َّ‬

‫مالك غيرت من ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيبكا‬

‫خدعت األعي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن بتغطيته‬

‫أما دليل الش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيب في إيركا‬

‫وقد احسن الذي يقول في التلبيس بالزهد والعبادة ‪:‬‬

‫قالت و قد أبص ـ ـ ـ ـ ـ ــرت بلحيته‬

‫صبغاً و سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــجادة بجبهته‬

‫‪24‬‬
‫هذا الذي قد كن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت أعرفه‬

‫يكذب في وجهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه و لحيته‬

‫وال بأس ان يخضب الرجل شيبه مع وجود الباه والقوة على النكاح‪ ،‬وشيب العانة عندهن أشد كراهة‬
‫من سائر الجسد‪ ،‬ومنهن من تكره الشيب وتنفر منه وال تلتفت إلى ما بعده من منفعتها‪،‬ـ واكثر من تكون هذا‬
‫فيهن يغلب عليها حداثة السن‪ ،‬ومما قلته في الشيب ‪:‬‬

‫ال أحمد الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيب على انه‬

‫ليس مما يُرى حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامد‬

‫يشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهد بالزور على كبرتي‬

‫و قد يقيم البـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاطل الشاهد‬

‫دعتني الحسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــناء عما لها‬

‫و قالت لي تـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزني يا والد‬

‫و منهن من تكره اللحية وال تريد إالَّ األمرد وهو مما يعير به بعضهن البعض‪ ،‬وأكثر ما يكون هذا فيمن‬
‫تشتغل بالسحاق أو قد افلتت منه؛ قالت امرأة تُعير أخرى من سخافة ما كان بينهما من سحاق و انقطع بعشق‬
‫صبي أمرد‪ِ :‬‬
‫نفس ِ‬
‫ك أنك التحفت بغالم مغنوج يقر لغيرك كما تقرين له‪ ،‬فقالت لها‪ :‬يارعناء إنه بذلك الغنج كبر‬
‫إيره وكثر خيره و لكن من شؤمكـ أنك عشقت من يطعنك بلحيته ويغرزك بشعرته؛ و قال األعشى في ذلك ‪:‬‬

‫و أرى الغ ـ ـ ــواني ال يواصلن أمراً‬

‫فقد الشـ ـ ــباب و قد يصلن األمردا‬

‫و كلهن يكرهن األزب الكثير الشعر الغليظ‪ ،‬فإن كان مع ذلك أشيب كان اشد كراهة وأشنع منظراً‪ ،‬وجمع‬
‫األزب زب و قلت في ذلك ‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫تعش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق الزب إذا الح لها‬

‫و تهاب أصحاب َّ‬


‫الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعر‬

‫هم ليجن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي ثمراً‬


‫كالذي َّ‬

‫فحماه الشوك عن جني الثم ـ ـ ـ ــر‬

‫و من المكروه الشديد عندهن الذي الصبر لهن عليه نتن الرئحة كالصنان والزفر والبخر‪ ،‬فإن ذلك‬
‫ينفر الشهوة ويطرد اللذة ويُبغض المحبوب ويزهد في المطلوب‪ ،‬فال ينبغي للرجل أن يغفل عن تعاهد نفسه‬
‫وتفقد أحواله بإزالة ما يقدر عليه‪ ،‬و يعلم انها تريد منه مثل ما يريد منها وتكره منه مايكره منها وال يغتر بما‬
‫تظهره له من التجمل واإلعظام واإلغضاء على المكروه فال يأمن أن تفضحه إذا حصحص الحق فإن لهن عند‬
‫كي أن ابن أيمن بن فاتك‬ ‫ِ‬
‫وح َ‬‫الغضب تنكر ومحنة بالتزور وإظهار لما يكتمنه عند الرضا ولو قَد َم العهد؛ ُ‬
‫األسدي كان شيخا كبيرا أبرص وكانت له امرأة من كلب ذات حسن ودين‪ ،‬فبينما هو نائم معهاـ في يوم شديد‬
‫الحر استيقظ والعرق يجري بينهما فقال‪ :‬في نفسه ما في األرض لزوجها امرأة اشد حبا من هذه لي وقال لها‪:‬‬
‫أتحبينني؟‪ ،‬قالت‪ :‬هل أنكرت شيئا؟‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬ولكن أحببت ان أكون على يقين‪ ،‬قالت‪ :‬نعم إني ألحبك‪ ،‬قال‪:‬‬
‫و اهلل‪ ،‬قالت‪ :‬سألتني بعظيم وأكره أن أصدقك فتغضب‪ ،‬فقال‪ :‬الأغضب إن صدقت‪ ،‬فقالت‪ :‬لو كنت عجوزاً‬
‫شمطاء برصاء عوراء هل كنت تحبني؟‪ ،‬فقال لها‪ :‬إلحقي بأهلك‪ ،‬قالت‪ :‬أنت جنيت هذا‪ ،‬وفارقته ‪.‬‬
‫ويُحكى عن بعض المياسير انه كان يعشق امرأة أو جارية له وكان فيه بخر شديد وكانت تتكلف‬
‫مواصلتهـ لِ َما يصير إليها منه من كثرة العطايا‪ ،‬فضمهما المضجع يوما فبسط لحافه عليه وعليها وقال لها‪ :‬تمنى‬
‫علي ماشئت‪ ،‬فلما وجدت الكرب قالت‪ :‬أتمنى الخروج من الكنيف‪ ،‬فأخزته ولم يعطفهاـ اليه ما مضى من‬ ‫ّ‬
‫عطاية وال مستقبل جباية؛ ويُحكى أن عبد الملك بن مروان كان يُكنَّى أبا الريان لتساقط الذباب على فمه‪،‬‬
‫فعض تفاحة يوماً ورمى بها الى إحدى نسائه فأخذتها ودعت بسكين فقال‪ :‬ما تصنعين بها؟‪ ،‬قالت‪ :‬أميط‬
‫األذى‪ ،‬فغضب عليها وطلقها‪ ،‬ولم تطق الصبر والمجاملة له مع عظيم شأنه وجاللة سلطانه؛ ومما يكرهن أيضا‬
‫س الشيخ الهرم‪ ،‬والماجنات منهن يزعمن أنهن يعرفن رائحته من خلف الدار حيث ال يرونه؛ وسمعت ممن ال‬
‫ن َف َ‬
‫أشك في صدقه أن نسوة اجتمعن في عرس فقالت واحدة منهن‪ :‬إني ألجد رائحة شيخ‪ ،‬فكذبنها‪ ،‬فحلفت ان‬
‫الح َجر حتى وجدن شيخاً‬
‫الح َجر‪ ،‬فقاموا فما زلن يتفقدن ُ‬
‫معنا في الدار شيخاً‪ ،‬فقالت إحداهن‪ :‬قوموا نبحث ُ‬
‫في موضع من الدار متبرح عنهن؛ وللشيب رائحة غير رائحة الشعر األسود وال تخفى على النساء وال على‬
‫الرجال تظهر مع العرق في الثياب وإذا بُ َّل الشيب بالماء ظهرت منه رائحة كرائحة الصوف وتزول إذا خضب؛‬
‫وحكي أنه كان للخليل بن احمد صديق ويكنى أبا المعال مولى لبني يشكر‪ ،‬وكان شيخاً أصلع شديد الصلع‬
‫ُ‬

‫‪26‬‬
‫فبينما هو والخليل جالسان عند قصر أوس إذ مرت بهما امرأة يقال لها أم عثمان من ولد المعارك بن عثمان‬
‫ومعهاـ بنات لها‪ ،‬فقال ابو المعال للخليل‪ :‬يا أبا عبد الرحمن أال تتكلم مع هذه المرأة‪ ،‬فقال له‪ :‬ويلك ال تفعل‬
‫ولما ضغط عليه دعى المرأة اليه‪ ،‬فأتت وجلست وبناتها يتروحن‪ ،‬فقال لها ابا‬‫فإنهن يملكن لكل أم ٍر جوابا‪َّ ،‬‬
‫المعال‪ :‬يا أمة اهلل هل لك زوج؟‪ ،‬قالت‪ :‬ال واهلل وال لواحدة منَّا‪ ،‬قال‪ :‬فهل لَ ُك َّن في أزواج؟‪ ،‬قالت‪ :‬وددنا‬
‫ذلك‪ ،‬قال‪ :‬أنا اتزوجك وهذا يتزوج إحدى بناتك‪ ،‬قالت له‪ :‬أما أنت فقد بالك اهلل ببالئين أما احدهما فانه قرح‬
‫رأسك بمسحاة وجعل في قفاك عفصة بيضاء فصرت كأنما في قفاك نخامة تظهر وإن أخفيتها بحمرة‪ ،‬فلو‬
‫كنت اذا ابتليت خضبت السواد فغطيت عوارك هذا الذي أبداه اهلل منك!‪ ،‬ثم قالت له‪ :‬أظنك من رهط‬
‫األعشى؟‪ ،‬فقال لها‪ :‬ال بل أنا مولى لبني يشكر‪ ،‬قالت‪ :‬أفتروي بيت األعشى حيث يقول‪:‬‬

‫و انكرتنـ ـ ــي و ما ذاك الذي نكرت‬

‫من الحوادث إال الش ـ ــيب و الصلعا‬

‫فما بقى بعد هذا إال الموت هو أولى‪ ،‬ثم التفتت الي الخليل فقالت له‪ :‬من أنت يا أبا عبداهلل؟‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫انا الخليل بن احمد‪ ،‬كفى ‪ ...‬رحمك اهلل فقد واهلل نهيته عن الكالم وحذرته فأبى‪ ،‬فقالت له‪ :‬أما انت فقد‬
‫نصحت له ولكن َأما علم هذا األحمق أن النساء يختبرون من الرجال المسحالني المنظرانى المخبرانى الغليظ‬
‫القصرة العظيم الكمرة الذي إذا طعن حفر واذا اخطأ قشر واذا أخرجه عقر‪ ،‬فضحك الخليل وقامت المرأة‬
‫وبناتها يتهادين فتمثل أبو المعال يقول ‪:‬‬

‫فتهادين و انصـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرفن‬

‫ثقال الحقائ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب‬

‫فقالت المرأة‪ :‬يا أحمق هل تعلم ما قال الشاعر ؟ ‪:‬‬

‫و يشكر ‪ ..‬ال تس ـ ـ ـ ـ ــتطيع الوفا‬

‫و تعجز بشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــكر أن تعذرا‬

‫‪27‬‬
‫ثم اكملت قائلة‪ :‬أقسم باهلل لو ان لكل واحدة منا من اإلجماع بعدد ما اهدى العكلي لعمرة بنت الحارث‬
‫النميري ما أعطيناك وال صاحبك منها شيئا‪ ،‬فقال لها الخليل‪ :‬انشدك اهلل كم كانت هذه الهدية؟‪ ،‬قالت‪ :‬أراك‬
‫حاذقا بالتحميس قليل الرواية للشعر وانشدته قول العكلي ‪:‬‬

‫هديتي أخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت بني النميري‬

‫ِ‬
‫لح ِّرك يا عم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرة ألف عير‬

‫في كل عيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ألف ألف كير‬

‫في كل كيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ألف ألف إير‬

‫قصر! هل أحضر إلستها نصيبا من الهدية ولم يجعلها فارغة ؟‪ ،‬قالت‪ :‬أشفق على‬
‫فقال الخليل‪َ :‬أما إنه فقد َّ‬
‫هديته أن تحترق‪ ،‬ألم تروى بيت جرير مفردـ ‪:‬‬

‫و لو وضعت فق ـ ـ ـ ـ ــاح بني نمير‬

‫على خبـ ـ ـ ـ ـ ــث الحديد إذاً لذابا‬

‫فقال الخليل ألبي المعالّ بيتين هم‪:‬‬

‫نصحت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك يا عم إن نصحي‬

‫رخيص يا محمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد للصديق‬

‫فلم تقبل ‪ ..‬و كم من نص ـ ـ ـ ــح ود‬

‫أضيع ‪ ..‬فحاد عن وضــح الطريق‬

‫ومما تكره المرأة انبطاح الرجل على صدرها عند الجماع وارتفاع عجزه وذلك عندهن من انعكاس‬
‫َّ‬
‫وحت عجزها وضعف رهزه ثم‬ ‫الحال ومجانبة الفرض ألن الرجل إذا وضع صدره على صدر المرأة ثقل عليها‬
‫انعكس اإلير عن حنك الكس إلى أسفله وهذا نيك األحداث والرجال الذين لم يتعودوا عليه وال لذة للمرأة فيه‬

‫‪28‬‬
‫ألنه إنما تنفجر ينابيع شهوتها وتـنحدر مياه شهوتها ولذتها من لهوات ِ‬
‫الحر ومن ذلك حديث أم الورد حين قيل‬
‫المهر شوطاً أو‬
‫لها‪ :‬أي الرجال أحب اليك ‪ ..‬الشاب أم الكهل ؟ فقالت‪ :‬أما الشاب الذي يمعج معجاتـ ُ‬
‫شوطين ثم يريض في جانب الميدان ‪ ..‬ال واهلل و لكن كهل يضع فريسته على األرض يتعبها سحبا وجراً ‪.‬‬
‫ويُحكى أن امرؤ القيس لما دخل بزوجته أم جندب ليلة زفافها صارت تقول له‪ :‬أصبح الصبح ياخير‬
‫الفتيان‪ ،‬فيقوم فيرى الليل على حاله مراراً‪ ،‬فلما اصبح الصبح قال لها‪ :‬ماحملكـ على ما كنت تقولين لي؟‪،‬‬
‫قالت‪ :‬الكراهة فيك ألنك ثقيل الصدر خفيف العجز سريع اإلراقة بطيء اإلقامة‪،‬ـ فسكت عنها حتى جرى بينه‬
‫وبين علقمة بن عبده الشاعر منازعة في الشعر وادَّعا كل واحد منهما أنه أشعر من اآلخر فتحاكما الى ام‬
‫جندب فحكمت لعلقمة وفضلت شعره على شعر أمرؤ القيس‪ ،‬فقال لها‪ :‬لقد علمت أني أشعر منه لكنك‬
‫علي‪ ،‬ثم طلقها فتزوجها علقمة وهو الذي يُسمى علقمة الفحل‪.‬‬ ‫عشقتيه ففضلتيه َّ‬
‫ومن المكروه عندهن رخاوة اإلير وانحالله و يُسمينه النقانق إلنثنائه وعدم استقالله بنفسه ويشبهنه‬
‫بالنقانق المعروفة‪،‬ـ ويكرهن أيضا الشبق المغتلم الذي اليفتر من النكاح وال يشبع منه وهذا يُسمى داء‬
‫اإلنتصاب‪ ،‬فصاحبه ينكح نكاحا ضروريا ال لذة فيه وال للمرأة لتجاوزه حد الكرهة والملل‪ ،‬وقد ذكرت‬
‫مايمكن التحرز منه والعالج باألدوية‪ ،‬والذي ال سبيل الى إزالته كال ُخلُق والعاهات فنسأل اهلل العافية منها وقد‬
‫وضع أهل الطب ادوية كما ذكرت وهى موجودةـ في أكثر كتب الباه ‪ ....‬واهلل تعالى المسؤل عن حسن العاقبة‬
‫وطولِه و قوته وحوله ‪.‬‬
‫بمنِّه ْ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪29‬‬
‫الباب الخامس‬
‫فيما يحب الرجال من النساء و ما يكرهونه‬

‫كل شيئ يكرهنه النساء من الرجال يكرهه الرجال من النساء مما تقدم ذكره وأيضاً يكره منهن رطوبة‬
‫الفرج وخشونة مدخله و وسع مسلكه وصغر حجمه واندخاسه الى داخل الفخذين ويستحب خالف ذلك كله‬
‫وتُكره المستغلمة التى ال تشبع من النيك وال تنتظر وقته‪ ،‬فأحسن أحوالها أن تصادف من به داء اإلنتصاب فال‬
‫يفرق بينهما إالَّ الموت كالذي يقول ‪:‬‬

‫رأتني على صدره ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ناحالً‬

‫و جلدي كما تنس ـ ـ ـ ـ ــج العنكبوت‬

‫فقالت ‪ :‬تم ـ ـ ـ ـ ـ ــوت إلى كم تنيك‬

‫فقلت ‪ :‬أنيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك إلى أن أموت‬

‫تهيجت و تسكن اذا سكنت‪ ،‬قال أمير المؤمنين علي بن أبي‬


‫وانما الستحب من المرأة ان تهيج شهوتها اذا ْ‬
‫طالب كرم اهلل وجهه‪ :‬جزا النساء العفيفةـ فرجها المغتلمة لبعلها؛ وتكره البليده الثقيلة األعضاء على نايكها التي‬
‫وعجزته عن‬
‫كلما وضع عضوا منها تركته مكانهـ حتى ينقله هو بحيث إنه لو وضع ساقيها على كتفيه هدتها َّ‬
‫الرهز وصار كأنه بين ساريتين‪ ،‬وإنما يستحب خفة المرأة من أعضائها عند الجماع ورشاقة حركتها بأدنى إشارة‬
‫من الرجل حتى اليكون عليه مشقةـ في تقبيلها كيف يشاء‪ ،‬والرجل الماهر بأحوال النساء يهذب المرأة‬
‫ويستخرجها كيف يشاء على ما يحب عند الجماع مالم تكن بالدتها طبعاً‪ ،‬والمرأة الماهرة أيضا تستخرج‬
‫الرجل الجاهل وتهذب حركاته‪ ،‬والنساء والرجال عند الجماع كالخيل والفرسان فمنهن الفارهة تحت الفارس‬
‫الجيد قد انطبعا على حركة واحدة بغير مشقة على أحدهما حتى ان الرجل إذا جامع المرأة على أحد جنبيه‬
‫وأراد أن ينقلب على الجنب اآلخر أمكنهما اإلنقالب جميعاً وهما على حالهما من غير أن يُخرج إيره من ِح ِّرها‬
‫وال يزول صدره عن صدرها وال فمه عن فمها‪ ،‬ومنهن البليدة تحت الفارس الجيد‪ ،‬فقد يرجى لها الحركة‬
‫والقلوزة لكثرة رياضته وحسن سياسته‪ ،‬ومنهن الفارهة تحت الفارس الرديئ فهو كالثور فوق البقرة‪ ،‬ومنهن‬
‫المستبهمة وهي التي ال تحسن التغنُّج وال التكسر والقلوزة فهي تنظر في وجه نايكها كأنها تتعجب من حركته‬
‫وتعدد عليه رهزاته وهذا عام في نساء الجيل من بالد المشرق ونساء العجم‪ ،‬والغنج هو الترقق والتذلل‬
‫والذبول وتدبيل العيون وتمريض الجفون وإرخاء المفاصل من غير جمود حركة والتململ من غير انزعاج‬
‫والتوجع من غير ألم وترخيم الكالم عند مخاطبة الرجل بما يحب‪ ،‬تارة تتألم وتارة تستزيد بشجي صوتها وأرق‬
‫نغمتها‪ ،‬وقال الشاعر‪:‬‬

‫‪30‬‬
‫و يعجبني ِ‬
‫منك عنـ ـ ـ ـ ـ ــد الجماع‬

‫حياء الكـ ـ ـ ـ ـ ــالم و موت المنظر‬

‫قال بعض األطباء الحكمة في الغنج أن يأخذ السمع حظه من الجماع فيسهل خروج الماء جراء ماسمع‬
‫وإن الماء يخرج من تحت كل جزء من البدن ولهذا ورد تحت كل شيء جنابة وكل جزء له نصيب من اللذة‬
‫فنصيب العينين النظر ونصيب المنخرين التخيشم الطيب ولهذا شرع التطيب للجماع ونصيب الشفتين التقبيل‬
‫ونصيب اللسان المص والرشف ونصيب السن العض ولهذا ذكر في الحديث هالَّ بكراً تالعبها وتالعبك‪،‬‬
‫ونصيب الذكر اإليالج ونصيب اليدين اللمس وبقية أسافل البدن المماسة ونصيب سائر أعالي البدن الضم‬
‫والمعانقةـ ولم يبقى إال حاسة األذن فنصيبها سماع الغنج؛ وال بد في أثناء ذلك من نخير دقيق وتنهد رقيق‬
‫يقوي شهوة الرجل ويحثه‬
‫وعضة إثر قبلة أو قبلة في اثر عضة منه أو منها يسمى ثمر الهوى فإن ذلك كله مما ِّ‬
‫على المعاودة السيما إن استعملت الخالعة وذلك معدود من صفاتهن المستحسنة‪ ،‬وقد روى عن النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم أنه قال‪ :‬خير نسائكم التي اذا خلعت ثوبها خلعت معهـ الحياء فإذا لبسته لبست معه الحياء؛ يعني‬
‫مع زوجها ‪.‬‬
‫وحكي عن أحد القضاة المستقلين أنه تزوج امرأة وكانت مطبوعةـ على الخالعة عند الجماع فلما خال‬
‫ُ‬
‫بها وجامعها سمع منها ما لم يسمعه قبل ذلك فنهاها عنه فلما عاودها المرة الثانية لم يسمع منها شيئاً من ذلك‬
‫فلم يجد من نفسه نشاطاً كالمرة األولى وال انبعثت له تلك اللذة‪ ،‬فقال لها‪ :‬إرجعي الى ما كنت تقولين سابقاً‬
‫استطعت‪ ،‬ومن دقيق هذه الصبغة أن يكون غنج المرأة ورهز الرجل متطابقين كاإليقاع على‬‫ِ‬ ‫واجتنبي الحياء ما‬
‫الغناء وال يخرج أحدهما عن اآلخر وقد قلت في ذلك ‪:‬‬

‫بتنا ‪ ..‬و من حركات النيك لي و لها‬

‫ما أطربت منه أجس ـ ـ ــام و أسماع‬

‫لها ترنم حلو خ ـ ـ ـ ــرج من تغنجها‬

‫كسـ ـ ـ ــها بالرهز إيقاع‬


‫و لي على ِّ‬

‫‪31‬‬
‫ويكره النهاقة وهى التي يعلوا صوتها في الغنج بالنخير والشهيق تطبعاً من غير طبع وتصنعا من غير‬
‫صنعة وتكلفا من غير إحسان فهي تقلِّب القلب وتُـنفر الشهوة َف َه ُّم نايكها المفارقة والخالص منها وقلت في‬
‫ذلك ‪:‬‬

‫تنهق مثل العيـ ـ ـ ـ ـ ــر في تغنجها‬

‫فما من الت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرك لها بد‬

‫فغنجه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ح ٌد على نيكها‬

‫فما على ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزاني بها حد‬

‫والسكوت ممن هذه حالتها اجمل‪ ،‬وكثير من النساء من تستعمل السكوت عند النيك لكن مع رشاقة‬
‫الحركة وإظهار القبول للنيك وضم الرجل إليها وتقبيله مرة بعد مرة ومساعدته بالرهز‪ ،‬وهذه صفة غير مكروهة‬
‫السيما للمتعاشقين ومن يخشى الرقيب‪ ،‬وإذا كانت المرأة بليدة طبعاً وتكلفت التعلم جاءت بكل أمر منكر‪،‬‬
‫وقد تتعود المرأة عند نزول شهوتها أحواالً مكروهة وال تقدر على تركها ويعسر عليها إزالتها وتصير فيها طبعاً‬
‫والزما‪ ،‬فمنهن من تعض الرجل حتى تؤلمه ومنهن من تجعلهـ تحتها وتعلوه وال تستلذ بغيره؛ ودخلت ذات مرة‬
‫المسجد الجامع بزبيد لصالة الجمعةـ فجلس الى جانبي شيخ كبير السن يظهر عليه آثار التعقل فسمعته يقول‪:‬‬
‫اللهم إني أتوب اليك من النكاح فقلت له‪ :‬يا شيخ لم تتوب من سنن األنبياء؟‪ ،‬فقال‪ :‬إني تزوجت باألمس صبية‬
‫فلما أردت أن انكحها نكحتني‪ ،‬فقلت له‪ :‬وكيف تنكحك امرأة؟‪ ،‬قال‪ :‬القتني على قفاي وعلتني فطلقتها من‬
‫وقتها وتبت؛ وقد يتعودـ الرجل عند إنزاله عادة ال يستطيع تركها وال تتم لذته إالَّ بها ‪.‬‬
‫وحكي عن بعض التابعين أنه قيل له‪ :‬بلغنا أنك تـنخر عند النكاح؟‪ ،‬فقال‪ :‬أما النخير فال ولكن يعتادني‬
‫ُ‬
‫في تلك الحالة حمحمة كحمحمةـ الفرس؛ وأعرف من أهل زماننا رجالً من الفقهاء كان إذا جامع وأنزل صرخ‬
‫عند إنزاله صرخة يسمعها أبعد جيرانه وكان ال يخفى وقت جماعه عن أحد منهم‪ ،‬وسئل عن ذلك‪ :‬هل هو ال‬
‫يجده؟‪ ،‬فقال ‪ :‬ال أجد إالَّ القوة في اللذة فال أقدر على السكوت؛ وأعرف منهم من إذا جامع المرأة وقرب‬
‫إتزاله واستنزال شهوته غُ ِش َي عليه؛ ويكره الغديوطه وهى التى تحدث عند اإلنزال وهو داء يصيب الرجال‬
‫والنساء‪ ،‬قالت إعرابية في المعنى ‪:‬‬

‫إني بليت بأغديـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬


‫ـوط يقبلني‬

‫يكاد يقتل من ناج ـ ـ ـ ـ ـ ــاه إن كثرا‬

‫‪32‬‬
‫ويُحكى ان رجال كان له جارية في غاية الجمال والحسن وكانت غديوطة فباعها فردت عليه بعيبها‬
‫مراراً كثيرةً فباعها مرة على رجل بثمن جزيل لحسنها‪ ،‬فأقامت معه زمانا طويال وهو يتوقع إعادتها عليه‬
‫كعادتها في السابق‪ ،‬فلما طال األمد أرسل اليها يسألها عن ترك عادتها عليه؟‪ ،‬فقالت له‪ :‬إني وجدته من أهل‬
‫صنعتي‪ ،‬يعني غديوطا وال يحسن نيك المرأة إال مستلقياً فخفي نبع األنبوب في وقع الشؤبوب‪ ،‬تريد وقوع‬
‫حدته على حدتها ورأى لي عليه المنة إلحتمالي منه ذلك؛ و تكره الممتـنعة على الرجل عند مطالبته إياها‬
‫بالنكاح وكثير منهن من تفعل ذلك تعمداً وقصداً وتتوهم أنه يزيدها حظوة عند الرجل ويقوي شهوته لها وذلك‬
‫من فساد عقلهاـ ألن المراة متى فعلت ذلك مع الرجل نفرت شهوته منها وانقلب قلبه عنها ومتى هم بنكاحها‬
‫وذكر ما يعانيه منها لم تنشط نفسه إليها وربما أورث ذلك التهاجر والبغضاء بينهما والسيما ان كان ذلك دائماً‬
‫يقوي الشهوة من الرجل ورأيت ذلك من طبع الحمير فإن‬‫منها؛ ومن الناس من يستحب ذلك ويقول هو ِّ‬
‫الحمار كلما رمحته األتان إشتدت غلمته ‪ ...‬واهلل اعلم ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪33‬‬
‫ما يُكره من خلق النساء مجمال ومفصال ‪:‬‬

‫يُكره منهن الطويلة المفرطة الطول التى إذا جامعها الرجل القصير واراد تقبيلها سبح على صدرها‬
‫مسافة فإذا أراد نيكها بعد التقبيل قال لها‪ :‬كان اهلل معك‪،‬ـ فهو معهاـ بين وداع وتقبيل؛ وتُكره القصيرة المفرطة‬
‫في القصر أيضا‪ ،‬فأما إذا كان قصرها غير مفرط فأكثر الناس ال يكرهه ويرون أن نكاح القصيرة ألذ‪ ،‬وقيل من‬
‫أراد لذة النكاح فعليه بالقصار ومن أراد نجابة الولد فعليه بالطوال؛ قال الحجاج‪ :‬من تزوج قصيرة ولم يحمد‬
‫على مهرها؛ وتُكره المرأة العارية الجسم من اللحم البارزة العظام؛ وتُكره القمناج وهى‬
‫لذتها في النكاح كان ّ‬
‫الفرطة الجسم مع رخاوة لحم وشحم البطن؛ وتُكره الضهباء وهى التي ليس لها ثديان وقيل هي التي التحيض‬
‫وهو مما يُكره ايضا؛ ويُكره فيهن الزعر وهو قلة الشعر على جانبي الجبهة؛ و يُكره الغمم وهو استيالء الشعر‬
‫على اكثر الجبهة؛ ويُكره ايضا الكلف والنمش في الوجه ونتوء الجبهة وضيقها والريب وهو كثرة شعر‬
‫الحاجبين والمرط وهو تساقط الشعر منهما واعوجاج األنف والفطس وهو انبطاح األنف والخوص وهو عور‬
‫العينين والحوص وهو ضيق مؤخرة العين وقيل هو ضيق احدهما والحيف وهو ان يكون احد العينين زرقاء‬
‫واألخرى سوداء والشتر وهو انقالب الجفن والخزر وهو ان تكون كأنها تنظر بمؤخرة عينها وقيل هو ضيق‬
‫العينين ايضا ِ‬
‫والقبل وهو ان تكون كأنها تنظر الى طرف أنفها والحول وهو معروف والخفش وهو صغر العينين‬
‫وضعف البصر من اصل الخلقه والجهر وهو طول األسنان والكسس وهو صغر األسنان والنعل وهو اقبال‬
‫األسنان إلى باطن الفم والفقم وهو تقدم األسنان العليا على السفلى والقلح وهو صفرة األسنان والطرامة وهي‬
‫خضرة األسنان؛ ويُكره عظم اللسان ورداءت مخارج الكالم وابدال الحروف والفأفأة وهي التي تردد الكالم‬
‫بالفاء والتمتمة وهي التي تردد الكالم بالتاء والرثث وهو عجمة في اللسان وقد تُستحب اللثغة مالم تكثر؛‬
‫ويكره الشرم وهو انقطاع احد الشفتين وقيل الشرم في الشفة العليا ِ‬
‫والعلَم في السفلى؛ ويُكره طول اللحيين‬ ‫ُ‬
‫والذقن والفم؛ ويُكره الهنع وهو قصر العنق؛ ويُكره ظهور العصبتين المستطيلتين في جانبي الحلق وهما‬
‫األخدعان؛ ويُكره نتوء الحنجرة وعذر الثغر وهى ثغرة النحر وهى التي بين الترقوتين؛ ويكره نتوء عظم الصدر؛‬
‫ويُكره الطرطب وهو الثدي الطويل؛ ويُكره انقالب رؤوس الثديين الى الداخل او الى الخارج أو كِبَر احدهما‬
‫وصغر اآلخر؛ ويُكره الحدا وهو التي أفرط صغر ثديها الى غاية؛ ويُكره رقة العضدين والساعدين وغلظ الكفين‬
‫واألنامل؛ ويُكره طول الظهر وانعام وسطه؛ وتُكره الرسخى وهى قليلة اللحم للعجز والفخذين؛ وتُكره النحر أو‬
‫هي الناتئة السرة؛ والرقباء وهى الصغيرة الفرج‪ ،‬قال بعضهم يهجو زوجته ‪:‬‬

‫لها ركب مث ـ ـ ـ ـ ــل ظلف الغزال‬

‫أشد اصفراراً من المش ـ ـ ـ ـ ـ ــمش‬

‫‪34‬‬
‫وتُكره اللحياء وهي التي لم تختن وقيل هي المنتنة الريح؛ والكرواء وهي الدقيقة الساقين؛ ويُكره نبات الشعر‬
‫على الساقين وعلى الذراعين؛ ويُكره غلظ القدمين أو احدهما وبروز الكعبين وطول العقبين وظهور العرقوبين‬
‫وهما العصب الغليظ المتوتر فوق العقبين ‪.‬‬

‫ما يستحب من خلقهن مجمال ومفصال ‪:‬‬

‫يُستحب حسن تركيب الوجه وتدويره ووضأته وتناسب اجزائه وهو مستودع الحسن ومستقر الجمال‬
‫ومرآة النظر ومراد الناظم وفيه اكثر الجوارح المعشوقة‪ .‬ويستحب الصباحة في الوجه والحالوة في العينين‬
‫والمالحة في الثغر والجمال في األنف والظرف في اللسان والرشاقة في القد واللباقة في الشمائل والوضاءة‬
‫في البشرة والشعر؛ وتُستحب الفرعاء وهى ذات الشعر الطويل الكثير؛ ويستحب اتساع الجبهة مالم يتجاوز‬
‫الى الصلع والزعر‪ ،‬والصلع انحسار الشعر عن مقدم الجبهة والزعر انحساره عن جانب الجبهة‪ ،‬فإذا كان الزعر‬
‫ع واذا كان في المرأة قيل ُز ْعراً وال يقال نزعا؛ ويستحب تناسب الوجه مع كرسي الرأس‬
‫في الرجل قيل أ ْن َز ْ‬
‫بأن ال يكون الرأس خارجا عليه بكثير وال ناقصا عنه بقليل وال تكون الهامة ناتئة وال الجبهة ضيقة وال ناتئة‪،‬‬
‫ويستحب الزجج بينهما وهو ان يكون بينهما لُجة ال شعر فيها والعرب تستحسنه وتمدحه باألشعار واليمدحون‬
‫القـرن؛ ويُستحب الدعج في العينين وهو شدة سوادهما مع اتساعهما‪ ،‬والزج وهو ان يكون بياض العينين‬
‫والح َور وهو‬
‫محيطا بسوادهما بحيث ان ال يغيب من السواد شيء تحت الجفن‪ ،‬والنجل وهو شدة سعتها‪َ ،‬‬
‫شدة سوادهما في شدة بياضهما‪ ،‬والوطف وهو يشبه بعين الظبي في حال الدعة واإلطمئنان مالم يذعر واحسن‬
‫ما تكون عينه في تلك الحال؛ ويُستحب في األنف الشمم وهو ارتفاع قصبته مع استواء أعاله والقنا فيه‬
‫يستحب وهو احديداب قصبته وشخوص ارنبته وذقنها مالم يفرط‪ ،‬وفي صفةـ الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫أقنى العرنين له نور يعلوه يحسبه من ال يتأمله أشم؛ ويقال امرأة انوف أي طيبة رائحة األنف؛ ويُستحب اعتدال‬
‫لحم الوجه وان ال تكون الوجنتان ناتئتين على جانبي األنف وال غاربتين يعلو عليهما العظم الذي في أعالهما؛‬
‫ويُستحب سالسة الخدين ومالستهما؛ ويُستحب في الثغر الرتل وهو حسن تـنضيد األسنان واستواء منابتها‪،‬‬
‫والشنبه وهو برد األسنان وعذوبتها وقيل هو تحدد في اطرافها حين تطلع؛ ويدل على حداثة المسن الريق‬
‫الذي يجري على األسنان و يلوح من باطن األسنان من شدة البياض كالزند في السيف والوشر هو تعمد تحديد‬
‫األسنان وترقيقها تحسنا لها وهو منهي عنه؛ قال النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬لعن اهلل الواشرة والمستوشرة؛‬
‫ويُستحب ال ُفلْج في األسنان وهو خالف اللصص وهو سمرة في الشفتين وهي مما تستحسنه العرب وتمدحه‬
‫قال بعضهم ‪:‬‬

‫لمياء في ش ـ ـ ـ ـ ــفتيها لعس و في‬

‫اللثـ ـ ـ ـ ــات في أنيابها ش ـ ـ ـ ــنب‬

‫‪35‬‬
‫ويستحب ِ‬
‫صغَر الفم وتناسب الشفتين في حسن مقدارهما من غير افراط في الكبر فيخرج الى البز وال افراط‬ ‫ُ‬
‫في الصغر فيكونان كأنهما جلدتان واليستلذ بهما عند التقبيل؛ ويستحب الوشم وهو تسويد اللثة العليا وحسن‬
‫تكشف الشفتين عند اإلبتسام بأن ال تبتسم الشفة العليا حتى يبدوا آخر اللثة والينزل حتى يغطي بعض األسنان‬
‫والتـنتأ أحداهما على األخرى عند انطابقهما‪ ،‬والوشم منهي عنه قال النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬لعن اهلل‬
‫الواشمة والمستوشمة؛ ويقال للمرأة اذا كانت طيبة الفم رسوف؛ واحسن ما سمعت في وصف الشفاة اللُّمس‬
‫وحسن األسنان قول الشاعر ‪:‬‬

‫كأن الشفاة اللُّم ـ ـ ـ ــس منها خواتم‬

‫من المس ـ ـ ــك مختوم بهن على ُد ٌّر‬

‫ومما قلت في ذلك ‪:‬‬

‫تبسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم إذا مازحته فكأنما‬


‫َّ‬

‫َّ‬
‫تكشف عن سـ ــمط من الدر خاتمه‬

‫وقال آخر وجمع محاسن الثغر ‪:‬‬

‫جني األقحوان الغض مبسمها‬


‫يحكي َ‬

‫في اللون و الريح و التفليج و الوسر‬

‫لو لم يكن أقحوانا در مبس ـ ـ ـ ــمها‬

‫ما كان يزداد طيباً س ـ ـ ــاعة السحر‬

‫ويستحب فصاحة اللسان وحسن النغمة ورخامة الصوت فان حسن الكالم وعذوبته من اقوى دواعي‬
‫العشق واسلب لقلب المستمع‪ ،‬ورب قبيحة عُشقت لحسن كالمها ومليحة تُركت لرداءته‪ ،‬وربما سبق حسن‬
‫النغمة الى سمع الرجل فعشق قبل الرؤية‪ ،‬وقد احسن بشار بن برد في قوله ‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫يا قوم أُذني لبعض الحي عاشـ ــقةٌ‬

‫و األذُن تعش ـ ــق قبل العين أحيانا‬

‫و قال ايضا ‪:‬‬

‫و كان تح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت لسانها‬

‫هاروت ينف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــث منه سحرا‬

‫وقال ابن الرومي ‪:‬‬

‫و حديثها السـ ـ ــحر الحالل لو انه‬

‫لم يجن قتل المس ـ ـ ـ ـ ـ ــلم المتحرز‬

‫إن طال لم يملل و ان هي أوجزت‬

‫ود المحدث أنها لم توج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــز‬

‫و قال آخر ‪:‬‬

‫و لما التقينـ ــا في الهوى موعد لنا‬

‫عجبني رؤى ال ــدر منها و القطه‬

‫فمن لؤلؤ تُبديه عند ابتسـ ـ ـ ـ ــامة‬

‫و من لؤلؤ عند الحديث تس ـ ــاقطه‬

‫و يُستحب التـلع في العنق وهو طوله والجيد وهو امتداده وحسن سبكه؛ ويُستحب امتالء النقرة وهي نقرة‬
‫ومالستَه والترايب فيه وهى عظام الصدر ما بين الترقوة إلى‬
‫َ‬ ‫النحر وقد تقدم ذكرها؛ ويستحب اتساع الصدر‬

‫‪37‬‬
‫التـندوة‪ ،‬والترقوة العظم الذي بين نقرة النحر والعانق والتندوة مغرز الثدي وال يكون فيها شيئا ناتئا وال بارزا‬
‫وال عاريا‪ ،‬قال امرؤ القيس يصف امرأة‪ :‬ترابيها مصقولةـ كالسنجلجل‪ ،‬و السنجلجل يعني بها المرأة وهي كلمةٌ‬
‫معربه‪ ،‬وأن ال يكون بين الصدر والبطن موضع منخفس؛ ويستحب الثدي الناهد وهو الذي قد نهد و‬ ‫روميه َّ‬
‫أصبح مستديرا على حدوده‪ ،‬وان ال يكون في الثديين ازورار وال اختالف في المقدار؛ ويستحب الخصر‬
‫الهيف وهو الصغير؛ ويستحب اتساع الظهر ولينه‪ ،‬وافتراق ما بين الكتفين دون ظهور واضح بيِّن؛ ويستحب‬
‫امتالء العضدين واإلبطين وقلة الشعر فيهما وامتالء الساعدين ولطف الكفين وسبوطة األنامل ونعومتها؛‬
‫ويستحب الممشوقة و المعتدلة القوام والرداح وهي العظيمة العجز الثقيلة األوراك واللَّ َقا وهي الكثيرة ما بين‬
‫ب؛ ويأتي بيان ذلك فيما بعد إن شاء اهلل‬
‫الفخذين من اللحم وكبر الفرج وسخونته وهذا أحسن ما يكون ويُ َح ْ‬
‫تعالى مستوفياً في موضعه؛ـ وتستحب المخدلجة وهي الممتلئة الساقين والذراعين؛ ويستحب الدم في الكعبين‬
‫وهو ان يغشاهما اللحم حتى يتبين لهما حجم وكذلك المرفقين؛ ويستحب لطف القدمين ونعومة ظاهرهما؛‬
‫وتستحب البضَّة وهي الناعمة الرقيقة البشرة على اى لون كانت‪ ،‬والحرعبة وهي الدقيقة العظام الناعمة اللينة‬
‫العصب‪ ،‬والممكورة وهي الممتلئة الجسم المطوية‪ ،‬والمعتدلة القدمين بين الطول والقصر؛ وقد وصف الشعر‬
‫جميع ما يستحسن مما ذكرته فحذفت مشاهد ذلك لألختصار ولألستغناء عنها ‪.‬‬
‫ويستحب ان يكون في المرأة سواد أربعة وبياض أربعة وحمرة اربعة وتدوير أربعة وطول أربعة ووسع‬
‫أربعة وضيق أربعة وصغر أربعة وطيب أربعة‪ :‬فأما السواد فسواد شعرها وسواد عينيها وسواد حاجبيها وسواد‬
‫ناظريها‪ ،‬وأما البياض فبياض لونها وبياض عينيها وبياض فرقها وبياض أسنانها‪ ،‬وأما الحمرة فحمرة لسانها‬
‫وحمرة شفتيها وحمرة وجنتيها وحمرة إليتيها من شدة البياض‪ ،‬وأما التدوير فتدوير الوجه وتدوير العينين‬
‫وتدوير العقبين وتدوير الكعبين‪ ،‬وأما الطول فطول العنق وطول الشعر وطول الحاجبين وطول األصابع‪ ،‬وأما‬
‫الوسع فوسع الجبهة ووسع العينين ووسع الصدر ووسع الوركين‪ ،‬واما الضيق فضيق المنخرين وضيق األذنين‬
‫وضيق السرة وضيق الفرج‪ ،‬وأما الصغر فصغر األنف وصغر الثديين وصغر الكعبين وصغر القدمين‪ ،‬وأما الطيب‬
‫فطيب األنف وطيب الفم وطيب اإلبط وطيب الفرج؛ والناس في األلوان مختلفونـ في اإلختيار فأكثرهم يختار‬
‫البياض المشرب بالحمرة وهو أحسن األلوان وابهرها للعين واكثر الوصف والتغزل به‪ ،‬وحسن اللون مع وجود‬
‫نعومة الجسم من أعظم دواعي الشهوة لمضاجعةـ المرأة واعتـناقها‪ ،‬ومن الناس من يختار السجم وهم السود‬
‫ويمدحهن ويفضلهن وقال بعضهم ‪:‬‬

‫يعيبون منها أدم ـ ـ ـ ـ ـ ــة ال أعيبها‬

‫و ما علموا أن الفضيـ ـ ــلة في األدم‬

‫و قد مدحوا ما بالش ـ ـ ــفاه من اللما‬

‫فكيف به إن كان في س ـ ــائر الجسم‬

‫‪38‬‬
‫وقال آخر ‪:‬‬

‫حس ـ ـ ــن الخال أقوام و ما علموا‬


‫يُ ِّ‬

‫أني ظفرت بشـ ـ ـ ــخص كله خال‬

‫وقال آخر ‪:‬‬

‫إن طلعت لي ـ ـ ـ ـ ـ ـالً نجوم السماء‬

‫بيضاء على أدهـ ـ ــم مرخيـ اإلزار‬

‫أوجب العكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس مثاالً لها‬

‫فإنما الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــود نجوم النهار‬

‫وقلت في المعنى ‪:‬‬

‫بيض و ما‬
‫كل حجار البي ـ ـ ـ ـ ــت ٌ‬

‫قُـ ـبِّل إال الحجر األسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــود‬

‫وليس للحمر سوق كبير‪ ،‬وال وصفهن أحد‪ ،‬واإلجماع على كرههن‪ ،‬وهو لون أشد حمرة من ُّ‬
‫الش ـ ْقرة يعلوه‬
‫كدرة ال يكاد البياض يظهر فيه‪ ،‬وأقبح منه المهق وهو لون شديد البياض اليخالطه حمرة وال نور له يشبه بياض‬
‫الجص ويكون شعر صاحبته شبيها بالرماد؛ ومن صفةـ النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬باألبيض واألمهق‪ ،‬واهلل اعلم ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الباب السادس‬
‫اختالف الرجال والنساء في األحوال والشهوات في النكاح‬

‫قد ذكرت ما يستحب وما يكره من الرجال والنساء للناس في الشهوة؛ فإن لإلختيار ولهوى النفس‬
‫سرائر فال يلزم أحد ان يحب ما يحب غيره وال ان يكره ما يكره سواه‪ ،‬وللناس فيما يعشقون مذاهب‪ ،‬ومن‬
‫الناس من يختار لذة محادثة النساء ومعانقتهن دون النكاح مع وجود األلفاظ إما َّ‬
‫عفةًـ وإما عجز‪ ،‬وقد مضى‬
‫على هذا اكثر العشاق المتقدمين ‪.‬‬
‫ُحكي أن بعضهم قال‪ :‬دخلت على جميل بثينه في مرضه الذي مات فيه وهو يجود بنفسه‪ ،‬فلما رآني‬
‫قال لي‪ :‬ما قولك في رجل عاش ستين سنة لم يسرق ولم يزن فهل يقرب من رحمة اهلل؟‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬إن رحمة‬
‫اهلل واسعة فمن هو هذا؟‪ ،‬قال‪ :‬أنا‪ ،‬فقلت له‪ :‬ذلك مع ما كان من حبك لبثينه‪ ،‬فقال‪ :‬أجلسني!‪ ،‬فأجلسته فقال‪:‬‬
‫اللهم اني في حال أحوج ما أكون الى عفوك فإن كنت تعلم أني مذ علقـت ببثينة حدثتني نفسي عنها بريبة‬
‫فضالً عن فضل فال عفوتـ عني‪ ،‬وكان آخر كالمه‪،‬ـ ومنهم من ال تحضر شهوتهـ وال يقوم إيره إال على من‬
‫يحب‪ ،‬ومنهم من ال يزال إيره يخذله عند لقاء محبوبته فهو كالفرس الحرون الذي يقف بصاحبه في حومة‬
‫الحرب وهذا ال يحكم عليه بالعنة ولكنه ُج ْبن في القلب وانبهار يعتريه عند لقاء محبوبته إما استعظاماً لها أو‬
‫استصغاراً لنفسه عنها لكمال نفس او ِعظم قدر وإما خجالً وحياء لعدم اإلعتياد عليها وإما ان تكون المرأة التي‬
‫همها تأمل الرجل وتحبيبه بما يكره‪ ،‬فهو بالتحفظ عنها مشغول‪،‬ـ وقد يحدث‬
‫يريد جماعها ندية بمعنى أن غاية َّ‬
‫ذلك من افراط السكر أو من خبال الخمار وهذا اقرب الى العذر‪ ،‬ومنهم من اليقوم له إير عند النساء‪ ،‬فإذا‬
‫خال بنفسه وحصل له وسواس قام إيره فهو كالشيطان إذا تراءت له الفتيان نكص على عقبيه؛ فمما قلته ‪:‬‬

‫لي إير يق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوم في خلوتي‬

‫فإذا قابل الحبيب اسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتماال‬

‫اذا ما خال الجب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان ٍ‬


‫بأرض‬

‫طلب الطع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن وحده و النزاال‬

‫وقلت في معناه ‪:‬‬

‫لما رأيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت قيام إيري بعدما‬


‫َّ‬

‫ولَّى الحبيب ‪ ..‬ذكرت قول الشاعر‬

‫‪40‬‬
‫علي و في الحروب نعامة‬
‫أسـ ـ ـ ــد َّ‬

‫في البر تنفر من صغيـ ــر الصاغر‬

‫وقلت ايضا ‪:‬‬

‫لي إير يقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوم و هو صحيح‬

‫فإذا الكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــس جاء عاد عليال‬

‫يختبئ فوق خصيتيـ ـ ـ ـ ــه و يومئ‬

‫إصبر ‪ ..‬إصبر ألس ـ ـ ــتريح قليال‬

‫وحكي عن بعضهم أنه رأى رجال اعور متعلقاـ بأستار الكعبة وهو يقول‪ :‬اللهم ُخ ْذلِي من إيري أخ َذك‬
‫ُ‬
‫القرى وهي ظالمة‪ ،‬ويكرر ذلك بتلهف وكرب‪ ،‬قال‪ :‬فدنوت منه وقلت‪ :‬ياهذا‪ ،‬ان موقفكـ عظيم فاسأل ما هو‬
‫خير لك مما تدعوا به‪ ،‬فقال‪ :‬انك لو علمت قصتي لعذرتني‪ ،‬فقلت له‪ :‬اسألك بمن تسأل أن تعرفني القصة‪،‬‬
‫عيني أحسن منها فلما رأيتها‬
‫فخال بي وقال‪ :‬إعلم اني كنت رجال سويا موسرا‪،‬ـ فمرت بي امرأة يوما لم ترى َّ‬
‫اخذت بقلبي وشغلني حبها عن الطعام والشراب فما زلت أبذل مالي على األلتصاق بها وال اقدر‪ ،‬فأشرفت على‬
‫إبقاء لنفسي وخوفا من الهالك فزدت في إتالف مالي لها ولخدمها حتى‬
‫على بذل ما املك ً‬
‫الهالك وهان ّ‬
‫أستجابت وواعدتني ليوم طال فيه قيامي وقصر منامي‪ ،‬فلما كان ذلك اليوم انفقت جملة دراهم في احضار‬
‫الطعام والشراب والنُّقل والمشموم وجلست انتظرها الى الليل فإذا بخادم لها قد جاءني وقال تقول لك‬
‫سيدتي‪ :‬إنها عرض لها مانع عن الوصول وهي عندك يوم كذا وكذا‪ ،‬فلما كان ذلك اليوم شرعت في تبديل‬
‫مافسد مما كنت هيأته وفعلت على مثل األول ثم جلست انتظرها فإذا بالخادم اقبل وقال‪ :‬بشارتي هذه سيدتي‬
‫علي‬
‫والج َم ْع فدفعته له ثم دخلَت َّ‬
‫قد جاءتك فنظرت في منزلي فلم يكن فيه غير منديل كنت ادخرته لألعياد ُ‬
‫علي كل شيء بذلته ورأيت أنني قد ملكت الدنيا بحذافيرها فأكلنا وشربنا ثم مددت‬
‫فنظرت الى وجهها فهان َّ‬
‫يدي إليها فأمكنتني من نفسها فازداد سروري بها فلما هممت بجماعها انكمش إيري وتقلَّص فكلما لمسته‬
‫وغمزته بيدي لم يزدد إالَّ رخاوة وانكماشا فقامت من عندي الى حجرة فتجردت من ثيابها وأقبلت كأنها غصن‬
‫بٍ‬
‫ان‪ ،‬ثم عانقتني وقبلتني واخذت إيري بيدها فغمزته فكان أكثر إنكماشاً فمازال كذلك حتى أقبل الليل‬‫َ‬
‫وانقضى النهار فقالت‪ :‬قد قضيت واجب حقك وايرك لم يزل يأبى الوقوف معي‪،‬ـ ثم نهضت ولبست وودعتني‪،‬‬

‫‪41‬‬
‫فلما خرجت من باب الدار قام كأنه وتد فأخذنى من الغيظ ماال أقدر على وصفه‪،‬ـ فنظرت يميناً وشماالً فاذا‬
‫بوتد في الجدار فيه حبل ُقنَّب فأخذت الحبل فأوثقته به رباطا وشددت ما أقدر عليه وجعلت اتمطى فى الحبل‬
‫أريد قطعه فانتزع الوتد من شدة التمطي فأصابني في عيني فقلعها‪ ،‬فإني أتألَّم على إيري فقد أذهب مالي وفضح‬
‫وعور عيني وتصدى لحبي ثم رجع الى حاله‪ ،‬فعجبت منه وفارقته وهو على حاله ‪.‬‬
‫حالي ّ‬

‫ت عند الرشيد ليلة بالرقة فقال لي‪ :‬من معكـ ياعبد‬


‫وحكي عن األصمعي في نوادره انه قال‪َ :‬س َم ْر ُ‬
‫ُ‬
‫الملك يؤنسك‪ ،‬فقلت‪ :‬مالي أنيس غير الوحدة يا أمير المؤمنين‪ ،‬فأمسك عني ثم أقبل على حديثه ما شاء ثم‬
‫نهض ونهض من كان بحضرته فلما صرت في منزلي فإذا بخادم ألمير المؤمنين يقرع الباب فخرجت فإذا ضوء‬
‫شمع وضجة وغوغاء ومعهـ جارية‪ ،‬فلما رآني الخادم دنى مني وقال‪ :‬يقول لك أمير المؤمنين قد أمرنا لك‬
‫بمؤنسك وهي جارية من خواصنا‪ ،‬فشكرت أمير المؤمنين ودعوت له‪ ،‬ثم تقدم الخادم بإدخال الجارية ومعهاـ‬
‫من اآلالت والجواري مالم أرى مثله إال عند أمير المؤمنين ثم ودعني وانصرف فنظرت الى الجارية فرأيت‬
‫احسن الناس وجها واكملهم ظرفا واكثرهم مجونا فداخلتني لها هيبة وانقباض فقالت لي‪ :‬ويحك ما هذا الحياء‬
‫البارد أين ظرفك و مالحتك ونوادرك؟‪ ،‬ثم قالت لجارية لها‪ِ :‬‬
‫هات ما عندك‪ ،‬فجاءت بأحسن األلوان من‬
‫الطعام‪ ،‬فأكلنا وهي مع ذلك تؤنسني وتبسطني‪ ،‬ثم دعت بالشراب فشربت وسقتني ثم قالت‪ :‬ما بقى بعد‬
‫األكل والشرب اال النوم والخلوة؟‪ ،‬فقامت ولبست من الثياب ما أرادت والبستني ثيابا مطيَّبةً وتفرق من كان‬
‫عندنا ثم اضطجعت الى جانبي‪ ،‬فلما جمعنا الفراش أصابني من الحصر وانقطاع األلفاظ مالم اعهده فجعلت‬
‫تقلبه بيدها وتغمزه فال يزداد إالَّ انكماشا وموتا فلما أعيتها الحيلة فيه ويئست من قيامه ومضى من الليل أكثره‬
‫قالت‪ :‬أعظم اهلل اجرك في إيرك‪ ،‬ثم نهضت ولبست ثياب الحداد ودعت بسفطة فأخرجت منه منديالن‬
‫علي الخجل حتى لم اقدر على مخالفتها في شيء تأمرني به‪،‬‬
‫صغيران وحنوطا وقالت‪ :‬نم على ظهرك فاستولى ّ‬
‫فغَ َسلَْتهُ وكفنته بتلك المناديل وحنطته فلما فرغت دعت بجوارها وقامت معهن في بكاء ونوح وندب إلى وقت‬
‫السحر ثم قالت‪ :‬ما بقى إال من يتوالَّه من الرجال بالصالة والدفن‪ ،‬وولَّت عني وأنا أ ْخ َزى خلق اهلل حاالً‪،‬‬
‫الحجاب حضوري في ذلك الوقت‪ ،‬وعلم‬ ‫فلبست ثيابي وصليت الفجر وقمت من وقتي الى الرشيد فأنكر َّ‬
‫ي عجيب‬‫الرشيد فأذن لى فدخلت عليه وهو قاعد في مصالَّه فقال‪ :‬ويلك ما دهاك في هذا الوقت‪ ،‬فقلت‪َ :‬خ ْز ٌ‬
‫يا أمير المؤمنين‪ ،‬فباهلل عليك أرحني من الجارية التي أنفذتها الي فال حاجة لي بها‪ ،‬فقال له أمير المؤمنين‪ :‬وما‬
‫السبب لذلك ؟‪ ،‬فشرحت له القصة من أولها الى آخرها حتى بلغت الى إقامة المأتم‪ ،‬فأشتد ضحكهـ حتى كاد‬
‫أن يستلقي وسمعت الضحك من كل ناحية من الدار من الجواري ثم قال‪ :‬نحن الى هذه أحوج منك اليها وقد‬
‫كنا غافلين عنها ثم أمر بحملها الى داره وعوضني عنها خمسين الف درهم وترك جميع ما كان حمل معها في‬
‫منزلي‪ ،‬قال‪ :‬فَ َح ِظيَ ْ‬
‫ت عنده بعد ذلك حتى لم يتقدم عليها أحد من نظائرها وسميت األصمعية‪ ،‬قال بعضهم ‪:‬‬

‫لي إير ال ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارك اهلل فيه‬

‫يقطع الليل و النهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار قياما‬

‫‪42‬‬
‫فإذا ما الحبي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب نام بجنبي‬

‫توسـ ـَّ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد خصيتيه و ناما‬

‫وقال آخر ‪:‬‬

‫و قائلة ما ب ـ ـ ـ ـ ـ ــال إيرك نائماً‬

‫فقلت لها ال تكث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرين مالما‬

‫ت عين له ما يسره‬
‫فلو نَظَـ ـ ـ ـ ـ َـر ْ‬

‫لبادر إجالالً إليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه و قاما‬

‫لما رأى ما يسـ ـ ـ ـ ـ ــوءه‬


‫و لكنه َّ‬

‫توس ـ ـ ـ ـ ـ ــد إحدى خصيته و ناما‬

‫ومنهم العنين‪ :‬وله ضربان في المعنى أحدهما من الحركة إليره وال شهوة له في إتيان النساء وال يفيد فيه‬
‫العالج باألدوية وهى الحصور‪ ،‬والضرب الثاني من ال يقوم إيره وشهوته موجودةـ يتضرم نارها في قلبه فال يزال‬
‫يلهث بحب النساء واتِّباعهن واستعمال هواه ‪ ..‬واليفيد فيه األدوية ويكون اشد حرصا على محبة النساء من‬
‫غيره واذا ضاجع المرأة تلهَّى بشهوتها وعذب مهجتها بشدة الضم وكثرة التقبيل ووصل الركب بالركب فإن‬
‫تحرك إيره في تلك الحال كانت حركته بسيطة ال نفع له فيها‪ ،‬والمرأة تكره هذا أشد من كراهة العنين الذى‬
‫الشهوة له ألن ذلك اليسدد شهوتها بشيء مما يفعلهـ هذا وتركه احب اليها من مضاجعتهـ لها وقلت في ذلك ‪:‬‬

‫رأت انحناء إيري ‪ ..‬فقـالت‪ :‬عدمته‬

‫ظالم‬
‫له هني ـ ـ ــة المظلوم و الفعل ُ‬

‫ساكن‬
‫ٌ‬ ‫يحرك مني سـ ـ ـ ــاكناً و هو‬

‫نائم‬
‫و يوقظ مني نائم ـ ـ ـ ـ ـاً و هو ُ‬

‫‪43‬‬
‫وقد يتحرك في تلك الحالة حركة النفع له بها فهذا اإلير يستعمل األدوية والعالج وال يفتر عنها فمنهم من‬
‫تنفعه األدوية بعض النفع ومنهم من الينفعه‪،‬ـ قال بعضهم شعراً ‪:‬‬

‫أتيت على بي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــض دجاجهم‬

‫تبغي بذاك قيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام إيرك‬

‫مالم يفعل ببي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــض غيرك‬

‫فهل يقوم بفع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـل مع بيضك‬

‫ويدخل في هذا الجنس الخصيتان لما فيهما من وجود الشهوة‪ ،‬ومنهم من اليقوم إيره والتـنبعث شهوتهـ حتى‬
‫ُينَاك أو ُتنَاك المرأة عنده أو يرى من يُناك وهذا من باب الندرة ولم أقف على حقيقة ذلك وانما أسمع اخبار‬
‫من الجواري المتـنقالت للمالَّك والنساء التاركات لألزواج؛ حكى رجل عن نفسه أنه خال بامرأة فأراد جماعها‬
‫فانكمش إيره ولم يقم‪ ،‬فوضعت إصبعها في إسته فقام إيره عند ذلك فضحكت حتى اخجلته‪ ،‬ومنهم من ألفاظه‬
‫تسابق الحاظه فعينه وإيره فرسا رهان لم يزاال يجيبا من دعاهما ويعرضا نفسهما على من يراهما وال يهابا‬
‫المبلجة وال القبيحة كما قال الشاعر‪:‬‬

‫إذا أُستُنجدوا لم يس ــألوا من دعاهم‬

‫ألنها الحرب كانت مع األنثى او الذكرا‬

‫ومما قلت فيه ‪:‬‬

‫لي إير ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزاه اهلل عني‬

‫جزاء الصالحي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن من األنام‬

‫إذا الوجه الجمي ـ ـ ـ ـ ــل بدا و لو لم‬

‫يكن هذا البـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادر بالمقـام‬

‫‪44‬‬
‫و ينهض إن رأى وجهـ ـ ـ ـ ـ ـاً قبيحاً‬

‫مجاملةً له أو خ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوف المالم‬

‫و إن عبرت عج ـ ـ ـ ـ ــوزاً من بعيد‬

‫تنحنح للتحية و السـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم‬

‫يقوم لكل من قَ ِدم ـَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت عليه‬

‫و يعرف صـ ـ ـ ـ ــوت طارق الظالم‬

‫و إن انا نمت قـ ـ ـ ـ ـ ــام ينوب عني‬

‫و يُسرع للنهـ ـ ـ ـ ـ ــوض إلى الغالم‬

‫جزاه الل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه عنِّي كل خير‬

‫ففيه صفاتـ أخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالق الكرام‬

‫وقال آخر ‪:‬‬

‫عما‬
‫لي إيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ما عف َّ‬

‫ينيك ‪ ..‬أنثـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى و ال ذكرا‬

‫يعشق ش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق األكساس‬

‫و ال يكره الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــفرا‬

‫فهو سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــكين مطبخ‬

‫يقطع اللحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم و الجزرا‬

‫‪45‬‬
‫والنساء ايضا مختلفات الشهوات متباينات المراد اليكاد ينجوا منهن وال من خذالنهن أحد وال ظفر‬
‫ورسخ في علم قلوبهن؛‬
‫بلذة منهن إال البصير بدقائق أخالقهن الخبير بحقائق أحولهن الذي سيَّح جوارحهن َ‬
‫فمنهن الفتاة الحديثة التي لم تبلغ الحلم ولم تراهق وقد بلغت العشر أو قاربتها وهى تسمى الخماسية أي قد‬
‫بلغت قامتها خمسة أشبار فهى تـنفر من الرجال وتهابهم ألنها تعلم ما يريدون منها وليس لها شهوة تكلفها‬
‫الخضوع له واألقرار لما يريده فال ينتفع بها الرجل إال بحسن السياسة ورقيق الرياضة واإليناس بها والصبر‬
‫عليها والبعد مما هي تحذره منه لتـنام معه مطمئنة فإذا آنست بالنوم معه والعناق له َس ُه َل عليه إقتضاضها بغير‬
‫قهر‪ ،‬وبعد األقتضاض ال يحتاج إلى معاناة غير أنها التحب كثرة الرهز وال تصبر على طول النكاح‪ ،‬وليس‬
‫نفورها من النيك لعجزها عن حمل اإلير ولو َكبُر ولكن مهابةـ الرجل وألم األقتضاض قد َّ‬
‫تمكن من قلبها‪ ،‬ويُقال‬
‫أربعة أشبار تحمل شبراً فإن هو أحسن التدبير في أمرها إستمتع بها وإن هو طاوع شهوتهـ وأراد إظهار فحولته‬
‫و َن ْف َي العجز عنه أفات على نفسه األكثر من لذته بها وشهوته فيها‪ ،‬وقد تنفر بعض األبكار من الرجل فال تستـقر‬
‫وال تسكن حتى يغيب عن وجهها حتى إنها تحلم به وتراه في نومها فتفزع منه وتصرخ وليس لذلك سبب غير‬
‫روعها قبل اإليناس‪ ،‬ومنهن البالغة التي قد بلغت أربع عشر سنة أو قاربتها واستوى خلـفهاـ‬
‫مناجاته لها بما يُ ِّ‬
‫ونهد ثديها ونضح بماء الشباب وجهها وجسمها واخضر شارب ِح ِّرها وحضرت شهوتها وصار به اكثر‬
‫حلمها‪ ،‬فإذا ذُكر لها الزوج استولى عليها الخجل وفاض في وجهها ماء الحياة لمعرفتها بقدر النيك عندها‬
‫وعند من يذكر الزوج لها من النساء ولو كانت جاهلةً به تبكي هي بكاء سرور ويظنه الجاهل بكاء حزن من‬
‫كراهة ما ذكر لها قال أبو يوسف القاضي رحمة اهلل عليه‪ :‬إذا بكت البكر عند استئذانها للزوج أمر من يذوق‬
‫طعم دمعهاـ ويقول‪ :‬دمع السرور حلو ودمع الحزن مالح‪ ،‬و الخالصة أن إقتضاض مثل هذه أيسر والرياضة لها‬
‫أهون ألنها قد أُستحكمت للنيك شهوتها وظهرت فيه رغبتها فهي التشمئز من النيك وال تهاب الضم وال تهاب‬
‫التقبيل وال صولة النكاح وتحب رؤية اإلير وكثرة النظر إليه والمالحقةـ له اذا امكنها ذلك على غفلةـ من الرجل‬
‫ت أ ْن ال ُي ْعلَم ذلك منها والبد ان تدفع الرجل عن نفسها وتمتنع لإليهام أن ال رغبة لها فيما يطلبه منها‬ ‫ِ‬
‫وأمنَ ْ‬
‫وتظهر الجزع من األلم‪ ،‬وكثيرا ما توصيهن العجائز عند دخول األزواج عليهن ببعض التمنُّع ليال‪ ،‬فيُقال إن‬
‫بكارتها قد ذهبت‪ ،‬وعلى الرجل إن أراد الرفق بها واستدرار شهوتها أن ينام خلفها ويضمها إلىصدره ويضع يده‬
‫حياء‪ ،‬فإذا هى أحست حرارة اإلير من خلفهاـ انحلت عراها‬
‫على بطنها وإذا أخرجتها أعادها فهي تـنزلها ً‬
‫واسترخت قواها‪ ،‬و يُصنع ذلك بها ليلة أو ليلتين فقط ثم يأخذها بعد ذلك كما يأخذ الثيب وهذا يستحب‬
‫للضعيفة الجسم الضعيفة الحركة أو لمن فيها ألم أو جرح يحاذر عليهن‪ ،‬ومنهن الشابة التي قد امتألت شبابا‬
‫وكملت محاسنها وفاض عليها رونق شبابها وتـناعت بهجتها وأعجبت بنفسها فهذه كثيرة الكسل دائمة الفكر‬
‫كثيرة التـنهد واألستغفار وتصلي في بعض األحيان والتزال تـتـفقد جسمها ونهودها إذا خلت بنفسها وتخاف أن‬
‫يذهب شبابها قبل نكاحها‪ ،‬قال ابن المعتز‪:‬‬

‫كتنفس الحسـ ـ ـ ـ ـ ــناء في مرآتهاـ‬

‫‪46‬‬
‫قد كملت محاس ـ ـ ــنها ولم تتزوج‬

‫فهذه ال مشقةـ على راكبها و نايكها ألنها تعرف النيك غيباً وعيناً لكثرة إدمانها ذكره ومناجاة نفسها به وهي‬
‫إلى العشق أقرب ممن دونها وقد تتأنى علي الرجل بعض التأني فإذا رأت الجد استسلمت له وتتميز عند‬
‫مالقاته بمسارقة النظر إليه فيعرف الرجل في وجهها إن أحبته أو كرهته‪ ،‬وتتسامح له في كشف محاسنها‬
‫ويعجبها أن تعجبه وقد تحبل مثل هذه ليلة زفافها‪ ،‬ومنهن المتوسطة بين الشابة والنصف وحكمها حكم التي‬
‫قبلها وهي قريبة منها‪ ،‬ومنهن النصف وهي المتوسطة في عمرها التي لم يكثر فيها الشيب ولم يشينها الكبر‬
‫فهي في استواء عمرها واستحكام عقلهاـ ورزانة مجلسها ودماثة أخالقها وسالمة كالمها تُمهد الفراش وتُطيب‬
‫ت األمور ومارست اإليور وتفهمت في النيك‬ ‫جربَ ْ‬
‫المعاش ولها من الشهوة القسم األكثر والحظ األوفر قد َّ‬
‫وعرفت أخالق الرجال وجربت شهواتهم فهي اكثرهن تطيبا وأحسنهن تحببا قد كفت نايكها مشقةـ الرياضة‬
‫ومعناة األدالل وأحب الرجال إليها الشاب وأكثر من يعتري السحاق ممن هذه سنها‪ ،‬وبعضهم يكره النصف‬
‫ويرى أن ماضي عمرها أكثر من مستقبله‪ ،‬وينشد قول الشاعر ‪:‬‬

‫ال تنكحن عجـ ـ ــوزاً إن ظفرت بها‬

‫و لو أعطوك على تزويجه ــا الذهبا‬

‫نصف‬
‫فإن أتوك و قالوا إنهـ ـ ـ ـ ــا ٌ‬

‫فقل لهم أطيب نصفه ـ ــا الذي ذهبا‬

‫ومنهن العجوز المسنة التي قد اشتعل شيبها واسترخى جلدها وذهب شحم ثديها وانقطع حيضها‬
‫وانضمر فرجها وتالشى شفرها وصار شفراها كأنهما ملتحمتان إلنضمامهما وقلة لحمهما فإذا نيكت انعكست‬
‫مع اإلير الى داخل الفرج‪ ،‬فاألليق لها النيك الذي يسمى الدالكسي وهو ان يلقها الرجل على ظهرها ويجلس‬
‫على رجليها ويضع إيره بين شفرتهيا ويأخذ بيده كل واحد منهما بجانب السبابة وباطن اإلبهام تشبيها بأخذ‬
‫الدلكس عند ادخال الرجل فيه قعد حينئذ إستها واستلقمه اإلير واستغنى الرجل عن حر الشفرين‪ ،‬وقد أحسن‬
‫الذي يقول ‪:‬‬

‫وجدته ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا عجوزاً هبرة‬

‫معدومة الضي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق و الشفافة‬

‫‪47‬‬
‫لها كس ‪ ..‬قد سعى فيه الس ـ ـ ــعاة‬

‫فأصبح بعدهم واس ـ ـ ـ ـ ــع المسافة‬

‫أضحى عارضي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه شيب‬

‫في غاية القبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح و الكثافة‬

‫وقال آخر ‪:‬‬

‫لدارها صحن فس ـ ـ ـ ـ ـ ــيح مربع‬

‫يجول الهوا فيه ‪ ..‬كثيـ ـ ــر المرافق‬

‫إذا فرش ـ ـ ـ ــوا دهليزه إحتاج إلى‬

‫ما يضيِّقه ألف طاب ـ ـ ـ ـ ــق و طابق‬

‫وال خير له في ضمها وال في تقبيلها إالَّ أن تكون سمينة ضخمة الثديين كثيرة اللحم فإن ذلك يحل‬
‫محل الشباب‪ ،‬وتحب األحداث والمراهقين من الصبيان وال يرغب فيها إال من كان يرجوا من إنفاقها عليه‬
‫وهذه تكون أشد غلمة وأقوى شهوةً للنكاح ممن ذكر قبلها‪ ،‬وهي تحب اإلير الطويل الجليل إلستقرار شهوتها‬
‫في قعر ِح ِّرها ولقلة شحمها داخله فإذا اتفق لها مرادها من الرجل أنفقت عليه موجودهاـ وقدمت قوتَها بين يديه‬
‫تـنفق بذلك بضاعتها وتخاف إضاعته وقد يحتال عليها الرجل إذا كان حاذقا بأن يبلغ معها غاية مرادها من‬
‫النيك زماناً ثم يتغير في عادته ويوهمها أنه حدث له عجز عن النيك والجماع وفتور لم يعهده وأن الطبيب‬
‫وصف له أدوية يحتاج لها أشياء يذكرها لها الحقا وأمره أال يأكل إال ما ِ‬
‫ص َفته كذا وكذا ويذكرفيها ما يريده‬
‫ويجعله في رغد عيشه معهاـ ويحمد زمانه عندها وينفق موجودها له في طلبه ما ذهب عنها منه ومع هذا التزال‬
‫سيئة األخالق كثيرة الخصام شديدة الغيرة عليه‪ ،‬فإن كانت له بنت شابة من غيرها فهي أكبر أعدائها خوفاً عليه‬
‫منها‪ ،‬وأريح أزواجها معهاـ من تزوجها في كبرها وأما من دام معهاـ في عهد شبابها فهو الفكر الشديد والحالة‬
‫التي التزيد والهرم الى البيض منهن أسرع منه الى السمر‪ ،‬فإن كانت عجوزا حمرا فهي الداهية الدهياء أي‬
‫بضرها‪ ،‬ومنهن من تهرم بغير كبر لها من كثرة الحبل والوالدة‬
‫بم ِّرها وال نفعها ِّ‬
‫بشرها والحلوها ُ‬
‫اليضيء خيرها ِّ‬
‫أو من رداءة جو البلد ومن سوء األغذية أو من نكد المعاش أو من هموم وأحزان طويلة‪ ،‬ومنهن من ال تكاد‬
‫تهرم مع كبرها والمرأة إذا كبرت كانت شهوتها لالحداث والصبيان اشد وكذلك الرجل كلما طعن في السن‬

‫‪48‬‬
‫كانت شهوتهـ لفتيان السن واألحداث أكبر‪ ،‬والصبيان تميل شهواتهم الى النساء الكبار دون العجائز‪ ،‬وسائر‬
‫الناس يختلفون في اإلختيارات؛ حكى بعضهم فقال‪ :‬كنا جماعة مجتمعين في مجلس فتذاكرنا النساء وأسنانهن‬
‫وما يُختار منهن فقام إعرابي من بين الجماعة فقال‪ :‬إسمعوا ما اقول فقال ‪:‬‬

‫و اني لمهد النس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء هدية‬

‫س ـ ـ ـ ــأرضى بها غيابها و شهودها‬

‫اذا ما لقيتم بنت عش ـ ـ ـ ـ ـ ــر فإنها‬

‫قلي ـ ـ ـ ـ ــل إذ يلقى الحزوز جيادها‬

‫يمر إليه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا دون لذة‬

‫و تلطم خديها إذ يسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتزيدها‬

‫و لكن بنت عشرين هي الهن ـ ـ ـ ــا‬

‫فتلك أل ُْهوا بِ َه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا و أُريدها‬

‫و بنت الثالثيـ ـ ـ ــن التي ليس مثلها‬

‫هي اللذة في عمرهاو قد قسى عودها‬

‫و صاحبة األربعي ـ ـ ـ ــن قد نضجت‬

‫هي خير النساء س ــرورها و فريدها‬

‫و صاحبة الخمس ـ ـ ـ ــين فيها منافع‬

‫و هي متاع للجميـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع مفادها‬

‫و صاحبة الس ـ ـ ـ ــتين تـفدي قومها‬

‫على الدين و اإلسـ ــالم وقف عودها‬

‫‪49‬‬
‫اما اذا لقيتم بنت سـ ـ ـ ـ ــبعين حجة‬

‫فضعه في إس ـ ـ ـ ـ ـ ــتها علَّه يفيدها‬

‫و ذات الثم ـ ــانين التي قد تشعشعت‬

‫من الكبر القاس ـ ـ ــي فذهب ُمريدها‬

‫و صاحبة التسـ ـ ـ ــعين فيها أذى لنا‬

‫و تحسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب أن الناس عبيدها‬

‫و إن مائة أوفت لعمره ـ ـ ــا فحيثما‬

‫تجدها فخذ فأس ـ ـ ـاً و اقطع عمودها‬

‫وسع في اللذة بهن إلى ذات الخمسين ولم تعب بنت الستين‪ ،‬وقال‬
‫فقالوا‪ :‬ما عدوت مافي نفوسنا حيث أنك تُ ِّ‬
‫غيره من الشعراء في ذات الموضوع ‪:‬‬

‫مطايا السـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرور بنات عش ٍر‬

‫إلى العشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرين ثم قف المطايا‬

‫فإن زادت على العش ـ ـ ـ ــرين تسعاً‬

‫و واحدة ‪ ..‬فتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلك من الزرايا‬

‫َّع‪ ،‬وفي هذا اختالف كبير كما ترى‪ ،‬وقد ترتب على‬
‫وقال أحدهم‪ :‬تضيَّق ولم يجعل بعد العشرين فيهن متمت ْ‬
‫اسنانها من ست سنين ترتيبا متوسطا الينكره ذووا التحقيق وال ينكره ذووا النظر الرقيق فقلت نثرا‪ :‬بنت ست‬
‫سنين وليدة ال التذاذ بها ولهذا تزوج النبي صلى اهلل عليه وسلم عائشة رضى اهلل عنها وهي بنت ست سنين ولم‬
‫ثدي كالكعب وهو‬
‫يدخل بها حتى بلغت تسع سنين‪ ،‬فإذا بلغت اثنتى عشر سنة فهي مراهق كاعب أي صار لها ٌ‬
‫أول اشراقه وهو الكاعب‪ ،‬ثم هي من ثالثة عشر إلى ثمانية عشر فتاة ودوده وهي التي في ريعان شبابها وطراوة‬

‫‪50‬‬
‫جسمها وحسنها وبهجتها وتسمى العانق وهى التي في اول ربيعها‪ ،‬ثم هي من تسع عشر سنة إلى أربع وعشرين‬
‫بنت رداح وهي التي قد امتألت بشبابها ونَِع َم جسمها وعظمت عجيزتها وتوسطت في أشدها ألن األشد لها‬
‫مابين خمسة عشر الى الثالثين‪ ،‬ثم هي من خمس وعشرين سنة الى ثالثين في انتهاء أشدها ودبول شبابها‬
‫وامتالء جسمها ونعومةـ بشرتها وهي بين الشابة والنصف وهي الى الشابة أقرب ألنها لم تسلب رونق الشباب‬
‫فهي السنمحله المدنجله أي الضخمة ألن الشحم قبل الثالثين لم يركب بدنها‪ ،‬ثم هي من إحدى وثالثين إلى‬
‫ست وثالثين نصف أي ليست بالشابة وال العجوز وقد يظهر في رأسها الشيب وال يَ ِش ْن َها ولم يكلفها عناء‬
‫ت العمر الذي قال فيه النبي صلى اهلل عليه وسلم ( أعمار أمتي ما‬ ‫ص َف ْ‬
‫الخضاب وإنما سميت نصف ألنها قد تـَنَ َّ‬
‫بين الستين إلى التسعين ) فهي قد استدبرت الثالثين‪ ،‬ثم من سبع وثالثين الى اثنين واربعين بين العجوز‬
‫والنصف وهي الي النصف أقرب ألنها في استواء وهي أربعون سنة غير أن الشيب قد وخطها وخطاً وتحتاج‬
‫إلى خضبة ثم يمهلها الشيب زماناً بعد ميقاته‪،‬ـ ثم هي من ثالث وأربعين الى ثماني وابعين عجو ٌز ألنها تفتر من‬
‫خضب شعرها وأطرافها وتكثر التطيب لمواراة الكبر وستره بذلك وهي تكره أن يُقال لها أنت عجوز وأنت‬
‫كبيره‪ ،‬ثم هي من تسع وأربعين الى أربع وخمسين عجوز إقرار ألنها تعلم ان الكبر قد أثر فيها تأثيراً فإن كانت‬
‫ال زوج لها وعرض لها األزواج أظهرت أنها قد صارت كبيرة وال يصلح لها الزواج ليقال لها أنت كبيرة‬
‫ويعجبها تكرار ذلك عليها واالجتماع عليها بالتزوج‪ ،‬ثم هي من خمسين إلى ستين عجوز أخبار ألنه ليس لها‬
‫حديث إالَّ ذكر شبابها واألخبار بما كان في ابتداء عمرها والخير فيها لألزواج غير أنها إن كانت صالحة‬
‫صلحت للحفظ وان كانت فاسدة صلحت للقيادة والفساد‪ ،‬وقد نظمت في ذلك ابياتا فقلت ‪:‬‬

‫بنية س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت ال لذة عندها‬

‫و انها من لم ـ ـ ـ ــس الضجيع تهاب‬

‫و في سـ ـ ـ ـ ــتة أعوام من بعد ستها‬

‫يتمم منها الخ ـ ـ ـ ـ ـ ــلق فهي كعاب‬

‫و في س ــتة بعد اثني عشر قد مضت‬

‫تكامل منها بهجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة و شباب‬

‫و هي في س ـ ــتة من بعد فيها أشدها‬

‫و فيها لذاذات النف ـ ـ ـ ـ ــوس تصاب‬

‫‪51‬‬
‫و سـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتة أعوام تصير بها إلى‬

‫ثالثين سـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنة ليس فيها معاب‬

‫و في سـ ـ ـ ـ ـ ــتة منها قد خط شيبها‬

‫فهمتُها بعد الخض ـ ـ ـ ـ ــاب خضاب‬


‫َّ‬

‫فإن عم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرت بعد ذلك ستة‬

‫و فارقها محبوبهـ ـ ـ ــا فذاك مصاب‬

‫و ان هو وافاهـ ـ ــا إلى الست بعدها‬

‫مجاملة منه له ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا فهو يعاب‬

‫و إن دخلت في س ـ ـ ـ ــتة تنتهي بها‬

‫إلى عدد الس ـ ـ ـ ـ ـ ــنين فهي عذاب‬

‫فهذا ذكر أخالقهن في مختلف األحوال ما قدمته نثراً ونظماً‪ ،‬وأما اختالف أحوالهن في الشهوات‬
‫الش ِفره وهي التي شهوتها مابين شفريها وعالمتها أن تكون تململ عند النيك وتئن وتحب اإلير القصير‬
‫فمنهن َّ‬
‫الجليل الغليظ وتستحسن حك الشفر به وتنزل بذلك وأن ال يولج الرجل معهاـ فإن أولجه معهاـ أو رهز أخرجت‬
‫إيره بيدها وتحسست به يمين الشفرين وال تستلذ بالرهز‪ ،‬والنيك لها على جانب أحب إليها من اإلستلقاء وال‬
‫يأمن عليها؛ ومنهن ال َق ِع َرة التي شهوتها في قعر ِح ِّرها وعالمتها أنها تحب شدة الرهز من الرجل وتحب أن ترهز‬
‫معهـ أيضا وتحب اإلير الكبير الطويل الغليظ الصلب وتختار من النيك الشلق وهو أن تستلقي المرأة على ظهرها‬
‫ويجلس الرجل بين رجليها مقرفصا على أصابع رجليه ويرفع فخذيه منبسطين ويرفع فخذيها منضمين ويجعل‬
‫عضديه تحت مثنى ركبتيها ويرسل ساقيها خلف عضديه وإن شاء جعلها على عاتقيه وأمسك بيده خاصرتها أو‬
‫عضديها‪ ،‬وإن كان مفرطـ طول اإلير وهي قصيرة ووجدت لذاذة إيره في الفرج فيتخالف بين فخذيها فإن ذلك‬
‫يهون عليها إلنضمام الفرج وإن كانت سمينة عظيمة الفخذين والبطن أمال فخذيها على بطنها شيئا قليالً‬
‫ليخفف عليه ويبرز له فرجها ويكون إمساكه بإليتها ألن كبر بطنها وعظم فخذيها يبعدان مسافة خاصرها منه‪،‬‬
‫وال يطرح فخذيها على فخذيه فيمنعانه من اإلستمكان من الرهز‪ ،‬وهذا الباب دون الباب الذي يسمى األصدل‬
‫وهو أن تستلقي المرأة على ظهرها وتجعل تحت عجزها وسادة ترفع بها فيجلس الرجل بين رجليها على‬

‫‪52‬‬
‫روؤس أصابعهـ ثم يلصق فخذيها بصدره غاية ما يمكن ثم يدخل يده تحت كتفيها ويُثني أصابعهـ على عنقها‬
‫ويولجه معهاـ ويجذبها إليه عند الرهز وهذا أحسن هيئات النيك ولكن فيه مشقةـ على المرأة ألنه الصق فخذيها‬
‫بصدرها مع ارتفاع عجزها فتتقلص الشفران ويقرب الرحم وال يبقى للرهز مسافة وال لإلير مجال فيصتطدم‬
‫اإلير والرحم‪ ،‬وال يستحب هذا إالَّ لمن كان إيره صغير أو مسترخياً‪ ،‬ومنهن من تتلذذ بحك األشفار واإليالج‬
‫معاً ويجد الرجل شهوتها موافقة له من أين ما طلبها‪ ،‬ومنهن السريعة اإلنزال وطول النيك ال تكرهه بعد إنزالها‬
‫ألنها تُنزل مرة بعد مرة مادام الرجل مقبالً على نيكها فإذا تركها عقب إنزاله أو قبله سكنت شهوتها وهذه صفةـ‬
‫عرفه هي بل إن شهوتها مع الرجل مستمرة ولذتها به دائمة‬
‫محمودة‪،‬ـ ومنهن من ال يُسخِّن الرجل بإنزالها وال تُ ِّ‬
‫سكنَها سكنت وإن هيَّجها هاجت وهذه ايضا غير بعيده الصفة من التي قبلها‪ ،‬ومنهن من ال تحب النيك‬ ‫فإن َّ‬
‫بعد أن تُنزل سواء كانت بعيدة سريعةـ اإلنزال أو بطيئته‪ ،‬ومنهن البعيدة اإلنزال الكثيرة إنحدار الماء فهذه ال‬
‫يعتد لنايكها بما يفعلهـ قبل إنزالها ولو أذهب لها نفسه في النيك حتى تلقي شهوتها وإيره صلب ورهزه شديد‬
‫متتابع فإن صبر وثبت لها حتى يتفق إنزاله وانزالها فهو محبوبها وغاية مطلوبهاـ وإن تقهقر وسلم كرهت قربه‬
‫وفرقت حبه ولو أنه يوسفيـ الجمال أو قاروني المال وربما حملها ما تكرهه منه على مايكره فهذه خطرة‬
‫العراك صعبة اإلدراك التي اليقوم لها إال الفارس الشهم الممارس الذي اليغشاه الكرى وال يمل من طول العراك‬
‫فينبغي لنايك هذه أن ال يبذل لها في أول النيك موجوده وال يستفرغ لها مجهودهـ بل يأخذ ن ْف َسه بالدالل واللين‬
‫والقوة والتهوين فإنه هو وإياها كفرسي رهان يجريان في الميدان لغاية واحدة والفارس الذكي بالسباق وبأطباع‬
‫الخيل يأخذ فرسه جرياً وشداً وعنفاً حتي يقارب خيل الغابة ويجري فرسه بقربه والفارس الغر الفاهم بأصول‬
‫السباق ال يستفرغ جهد فرسه في ّأول وهلة فيقطعه في أول الغابه فإذا طلبه عند التأهب يجري جري الخيل‬
‫الرجل من نفسها بعد إنزالها وال تطاوعه على نيكها فينبغي منه‬
‫ولم يجد شيئا وصاحبة هذه الصفه ال تكاد تمكن ّ‬
‫أن ال يُكرهها على المعاوده عقيب إنزالها بل يمهلها ويستدر شهوتها بالضم والتقبيل والمداعبه وبما يراه‬
‫يعجبها حتى يحمى وطيس فرجها‪ ،‬ومنهن الرهازه التي تتولى أمر الرهز بنفسها وال تتكل على رهز الرجل وال‬
‫تستقر به وإن أجهدها وتحب أن يسلم لها إيره تأخذ منه حسب شهوتها من الرهز عليه وهذه تكون قليلة الغنج‬
‫مشتغلةـ بلذتها وأكثر ما يكون هذه في الحبشيات وخاصة الصغيره منهن التي لم تستحكم شهوتها للنيك تهزز‬
‫على اإلير هزاً غريباً غير مرتب فعلمت أنه فيهن طبع ومنهن من تكز على إير الرجل وتضغطهـ بفرجها حتى‬
‫اليكاد ينزعه إال بشده وتسمى القبّاضه وهذه من الصفات المستحسنه التي ال تكاد ينزعه إال وقد أخذت كامل‬
‫لذتك منها وغالب ما يوجد ذلك في الحبشيات‪ ،‬ومنهن النضاحه التي تنضح بمائها عند اإلنزال حتى تمأل ما‬
‫ويحس الرجل بدفعه على إيره من داخل الفرج‬
‫ّ‬ ‫جاوزه فرجها وفرج الرجل ويكون له دمعا كدمع إير الرجل‬
‫فمن الناس من يكره ذلك وينفر منه ألنه يكثر رطوبة الفرج ومنهم من يستحسنه ويقول هو يزيد في شهوة‬
‫الرجل ويساعد على قوة النكاح وفيه دليل على حسن قبول المرأة للنيك واإللتذاذ به‪ ،‬ومنهن الربوخ وهي التي‬
‫يُغشى عليها عند إنزالها وذلك لشدة اللذه التي تغشي على قلبها فال تفيق إال فاترة األعضاء وهي صفة‬
‫مستحسنه في النساء‪ ،‬والرجل الخبير بأحوالهن إذا أحس بإفاقتها عاودها النيك فإذا أفاقت ووجدت حالوة‬

‫‪53‬‬
‫النيك انبعثت قوتها وزال خجلها ثم إن شاء استمر وإن شاء نزل فهذه كشارب الخمر ال يرفع خمار السكر‬
‫عنه إال أعاده الشرب‪.‬‬
‫ويُحكى عن بعض القضاة إنه اختصم اليه رجل هو وزوجته بين يديه فوجب عليها الحبس فحبسها‬
‫وكانت جميله ف ُفتِن بها القاضي فلما مضى زوجها أمر القاضي السجانة بإحضارها إليه فأحضروها وكانت ربوخا‬
‫فناكها القاضي فرداً فغشي عليها فأنكر القاضي حالها وعظم عليه فعالجها بكل ما يُعالج به المغشي عليه فلم‬
‫الي الساعه‬
‫تفق فأمر بحملها الى السجانه وأحضر زوجها فلما حضر زوجها قال له القاضي‪ :‬إن السجانة جاءت ّ‬
‫وذكرت أن امرأتك أصابها أمر عظيم فأدركها بالعالج؛ فعرف الرجل العله فقال له‪ :‬أصلح اهلل القاضي إنها من‬
‫قوم موسى ال تصبر على طعام واحد‪ ،‬وأشار الى القاضي بإصبعه‪ ،‬فخجل القاضي وأغضبه ذلك فأمر بحبسه مع‬
‫زوجته الى الليل ثم أمر من يصلح بينهما وأخرجهما‪ ،‬ومنهن من ال تريد النيك إالَّ في حجرها فنسأل اهلل العافيه‪،‬‬
‫ومنهن من ال يستطيع الرجل نيكها وال تمكنه من نفسها وال تقبل لها عليه شهوه حتى يضربها ويؤلمها ومن‬
‫السحاقه‬
‫الناس من يظن ان ذلك كراهية للنيك أو بُغضا للرجل وهو ليس كذلك وإنما هو طبع الزم‪ ،‬ومنهن َّ‬
‫التي ال تريد الرجال فهي مستلذة ومعتادة على نيك النساء بالسحاق وسيأتي ذكر ذلك في بابه إن شاء اهلل‪،‬‬
‫همه واشتغال بعظيم من الدنيا أو لطهارة‬
‫ومنهن من ليس للشهوة عليها سلطان وذلك إما لشرف نفس وعظم ّ‬
‫القلب وتقى واشتغال بأمور اآلخره‪ ،‬وان كثرة الهم مميت للشهوه في النساء والرجال‪ ،‬وفروج النساء أيضا‬
‫تختلف فتكون شهواتهن أيضا في النكاح وفي كبر اإلير وصغره على حكم اختالف فروجهن فمنه المرتبع‬
‫المرتفع الذي إذا قامت المرأة وضمت فخذيها كان كله بارزاً من جميع جوانبه‪ ،‬ويكون صغير الشبق ويسمى‬
‫القليهمي وصاحبته ال تحب اإلير الكبير وال تصبر عليه ويمكن نيكها من قيام ومن غير قيام ويوافقها من اإليور‬
‫الذي يسمى مليذع وهذه الصفه في النساء قليل‪ ،‬وأخبرني رجل من العجم انه رأى جاريتين أحدهما فرجها‬
‫قريب من سرتها ومدور كأنه دائره بيكار وشقه في وسطه غير مستطيل‪ ،‬وأعرف امرأة ال فرج لها وال أشفار لها‬
‫وال دكب‪ ،‬ومنه المثلث العريض الجبهه المنضم الى األسفل الذي إذا قامت المرأة لم يظهر من شبقه اال األقل‬
‫وال يمكن نيكها من قيام إال برفع إحدا رجليها ويسمى الجباهي ويوافق صاحبته اإلير المتوسط الذي يسمى‬
‫القباعي‪ ،‬ومنه الناتئ الجبهه المندحس المنحدر الى داخل الفخذين الذي إذا قامت المرأة لم يظهر اال نتوء‬
‫جبهته ويسمى الدخاسي وال تحب صاحبته اال اإلير الطويل الكبير الذي يسمى الدالوي‪ ،‬ومنه المسبوح وهو‬
‫الذي ليس لركبه حجم وال لشفريه أشراف فاذا قامت المرأة لم ير غير الشق مستطيال‪ ،‬ومنها المكتوف وهو‬
‫الذي يعلو عليه لحم الفخذين إذا َس ِمنَا فيضغطانه من جانبيه‪ ،‬ومنه األغم وهو الذي ينزل على جبهته البطن اذا‬
‫كبر فيغطي أكثره‪ ،‬ومنها المجبوب الذي جب شفراه أي قطعت ولم يبين منها غير الركب مشرفاً وهو مكروه‪،‬‬
‫ومنه الموثوق الذي يسمى المشكول وهو ان يقطع لحم الشفرين من داخلهما عند الختانه ثم تلحما في حال‬
‫الجرح فيلحمان التحاما شديدا ولم يبق في الفرج غير ثقب صغير في أسفلهـ لخروج البول فتكون المرأة إذا‬
‫بالت جرى البول من مخرجهـ في ذلك الملتحم منهبطاً إلى ذلك الثقب فيخرج منه‪ ،‬ومنهن من يكن ثقب البول‬
‫مرتفعا مقابالً لمخرجهـ من الفرج وصاحبته تسمى الرتقا‪ ،‬وهذا كله يعتمده أهل زيلع وما جاورهم من الحبشه‬
‫وهم مجمعونـ بين الجب والرتق فيكون أقبح شيء يكون في المنظر والنكاح وهم يفتخرون به ويرون تركه‬

‫‪54‬‬
‫عيبا وعارا عندهم‪ ،‬واللحم الذي داخل الفرج يسمى الكنين ولحمه الظاهري يسمى الزرنب‪ ،‬والركب‬
‫بالتحريك هو منبت العانه الى منبت البظر‪ ،‬واالسكتان جانبا الفرج وهما الفدنان والشفران‪ ،‬والخفض للجارية‬
‫كالختان للغالم‪ ،‬والختانه الخافضه والماسوكه من النساء هي التي تخطي خافضتها موضع الخفض منها فتصيب‬
‫االسكتين أو أحدهما وقد تسهو عنها الخافضه فيلحم من فرجها ما يلي البظر عند خفضه وهي الرتقا التي ال‬
‫يستطيع الرجل نكاحها حتى يفتح ذلك الموضع بالموسى والموضع الذي بين اإلست وأسفل االسكتين يسمى‬
‫العجان ومقداره عرض إبهام وقد يكون أكثر من ذلك أوأقل على حكم إرتفاع الفرج ونزوله‪.‬‬
‫ض دواب‬
‫وحكي ان امرأة من أزواج بعض الرؤساء كانت في سفر فأشرفت عليها محنتها فرأت ُم َريِّ َ‬
‫ُ‬
‫زوجها وهو على مهر يروضه ورأت ما يعانيه من عمله فقالت له‪ :‬ويلك أما وجدت شيئا تعيش به غير عناء‬
‫إستك‪ ،‬فقال لها‪ُ :‬جعلت فداك مابين ما أعيش به أنا وما تعيشي به أنت غير عرض إصبعي هذه‪ ،‬وأشار بإبهامه؛‬
‫فقالت‪ :‬لخدمها خذوا إبن الفاعله‪،‬ـ فركض مهره وفاتهم؛ ومنه أيضا الملتحم الضخم العظيم المشرف األقطار‬
‫الكبير المقدار واألشفار الطويل الشق البعيد ما بين الطرفين الخصيف المسلك الذي يشرف وسطه على طرفيه‬
‫وهذا أعجبها وأفضلها وال خالف في تفضيله على كل ما تقدم ذكره وهو الذي وصفهـ الخبراء ومدحته الشعراء‬
‫فأول من قال فيه النابغه الذبياني ‪:‬‬

‫و إذا لمست لمسـ ـ ـ ـ ــت أختم ناعم‬

‫متميزا بمكانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ملء اليد‬

‫و اذا طعنت طعنت في مسـ ـ ــتهدف‬

‫رابي المجس ـ ـ ـ ـ ـ ــة بالعبير مقرمد‬

‫و اذا نزعت نزعت من مسـ ــتحضن‬

‫نزع الجروري بالرشـ ـ ـ ــا المتحصد‬

‫وقال ذو قله ‪:‬‬

‫واذا طعنت ‪ ..‬طعن ـ ـ ـ ــت في لبدة‬

‫و اذا نزع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت يكاد ان ينسد‬

‫‪55‬‬
‫وقال ابن الرومي ‪:‬‬

‫كأنما كس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــها لحايزه‬

‫ما التهبت في حش ـ ـ ـ ـ ــاه من حرق‬

‫يزداد ضيـ ـ ـ ـ ــق على المراس كما‬

‫تزداد ضيق أنشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوطة الدهق‬

‫وقال آخر ‪:‬‬

‫و لها إذا حـ ـ ـ ـ ـ ــل اإلزار مكتعب‬

‫ب لوجه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه لم يرفع‬


‫كالنقب ُك َّ‬

‫فإذا وضعت علي ـ ـ ـ ـ ـ ــه كفك خلته‬

‫ثديا تكامل ناه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداً لم يخشع‬

‫و اذا طعنت يعض عض ـ ـ ـ ــة طفلة‬

‫و إذا نزعت يمص مص ـ ـ ــة مرضع‬

‫و إذا اولجت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه وجدت لذته‬

‫كالنار في لهب الحريق األسـ ـ ـ ـ ــقع‬

‫وقلت من قصيدة ‪:‬‬


‫و جاثم يمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأل كف‬

‫الفاي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــض المجتهد‬

‫‪56‬‬
‫مشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرفة أقطاره‬

‫كالهضب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات الركد‬

‫كأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه من ٍ‬
‫ترف‬

‫َخ َّد غُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم أمرد‬

‫مسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتخصف المسلك لم‬

‫يك سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهل المقصد‬

‫كأنني أطع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن إن‬

‫طعنت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه في زرد‬

‫يُسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمع عند رهزه‬

‫شق ثيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب جدد‬

‫له إذا مألتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬

‫عض كعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــض األدرد‬

‫كالثدي من مرضعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةـ‬

‫بين شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــفاه الولد‬

‫توقدت حافَّات ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬

‫كالن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار في التوقد‬

‫ما أطيب تل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك النار‬

‫ما أطيبها في جسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي‬

‫‪57‬‬
‫وقال آخر ‪:‬‬

‫و ناتئ الجبين ش ـ ـ ـ ـ ـ ــديد البياض‬

‫كثيف الجوانب مث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل القمر‬

‫له وجنة كضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرام الحريق‬

‫يكاد يخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرق جلد الذكر‬

‫وحكي ان ابا النجم الراجز دخل على خالد بن عبداهلل القسري‬


‫واألشعار في وصفهـ كثيرة يطول استقصاءها‪ُ ،‬‬
‫وعنده الغرثان بن ابراهيم وكان يومئذ على شرطته‪ ،‬وكان الغرثان يماني أثط وهو عظيم الهامه وعند خالد‬
‫جاريه من المولَّدات كأنها سبيكة ذهب فقال خالد‪ :‬يا أبا النجم شبِّه هذه الجاريه فإن أجدت في وصفها فهي‬
‫لك‪ ،‬فقال ‪:‬‬

‫جارية إحدي بن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات الزط‬

‫كأن تحت ثوبهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا المغط‬

‫إذا بدا من ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الذي يغط‬

‫هضبة و من تحته ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا الشط‬

‫جعد الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبال حسن المحط‬

‫لم يُر في البطـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن و لم ينحط‬

‫فيه ارتفاع س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنام البعير‬

‫كهامةـ الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيخ اليماني الثط‬

‫‪58‬‬
‫فقال‪ :‬قبحك اهلل اما وجدت شيئا تشبه به ركبها غيري‪ ،‬فضحك خالد وقال‪ :‬خذها يا أبا النجم‪ ،‬وكان خالدا‬
‫وحكي أن ثالث جواري أخوات إجتمعن فقلن تعالين نفخر‬ ‫بعد ذلك كلما لقي الغرثان وأبا النجم ضحك؛ ُ‬
‫بأكساسنا‪ ،‬فقالت الكبرى‪ :‬إن ِح ِّري مكشوف الجراب يضل فيه مائتي غُراب ومئة من إبل األعراب‪ ،‬وقالت‬
‫َح َس ٌن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جصة‪ ،‬وقالت الثالثه‪ :‬إن ح ِّري ل َ‬
‫الثانيه‪ :‬إن الوصول الى ح ِّري فيه مشقهـ وال يزال نايكه يدقه كوتد في ّ‬
‫معشوقـ ناتئةٌ جبهته محلوقـ يظل فيه اإلير مخنوق ‪.‬‬
‫ويسمينه السلطان‪ ،‬وأكثر‬
‫ِّ‬ ‫ومنه األزب الكثير الشعر الحسن النبات وهو عندهن من الصفات المحموده‬
‫خشن شعره الحالقة بالموسى‪ ،‬فإن من النساء من تكره النتف لشعر فرجها وعانتها وتقول هو يرخي جوانبه‬ ‫ما يُ ِّ‬
‫ويُرقِّ ْق جلده فتحلقه وهذا تعتمده نساء أبين وما يليها‪ ،‬ومنهن من تعتمد حلقه بالنُّوره والزرنيخ وذلك لتحسين‬
‫الشعر وتكثيفه غير أن ذلك يحلقهـ حلقاً بليغاً حتى يكون ذلك الموضع كأنه لم ينبت عليه شعر ثم يطلع في‬
‫سرعةـ أخشن مما كان وبتكرار ذلك يزداد خشونة‪ ،‬ومنهن من تكون خشنة نبات الشعر من غير حلق وإذا‬
‫تعودتـ المرأة حلق شعر فرجها صعب عليها نتفه بعد ذلك‪ ،‬فلذة نحت ِ‬
‫الح ْر المشعر أن تكون المرأة قد نتفت‬
‫حسا من‬
‫جد بينهما الرهز َّ‬ ‫منذ خمسة أيام فيلتقيان ولكل ٍ‬
‫واحد من الشعرتين رؤوس وله حثاثة وتشويك فإذا َّ‬
‫شعرتيهماـ ِحساً ظريفاً وقد يتالزم تالزماً لطيفا وإن كانت المرأة محلوقة الفرج مثل الرجل كان أقوى لذلك‬
‫الحس بينهما فمما قلت ‪:‬‬

‫غاية ما تش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتهيه نفسي‬

‫كس‬
‫من األماني لقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء ٍّ‬

‫إذا التقى َش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـع ُر شعرتينا‬

‫من نتف أم ـ ـ ـ ـ ـ ــس أو حلق أمس‬

‫حسبت في الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعرتين منا‬

‫خوصاً علي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه يد بفحس‬

‫وقال آخر ‪:‬‬

‫كأنه رأس عام ـ ــود في العراة حدب‬

‫زب يحن الى ذات كـ ـ ـ ـ ــس أزب‬

‫‪59‬‬
‫ومن فروجهن أيضا ما يكون شعره رهيفاً ال خشانة فيه‪ ،‬ومنهن من ال ينبت عليه شعر البته وال فضيلة له‬
‫وال لذة فيه عند الجماع ألن الغالب عليه عدم الحراره والنساء يعبنه ويسمينه الصنعان ويشبهنه بالرجل‬
‫الكوسج‪ ،‬وشعر الفرج من المرأة يرهف كلما كبرت ويرق حتى يتالشى‪ ،‬ومحبتهم في كبر اإلير وصغره على‬
‫حكم إرتفاع الفرج ونزوله‪ ،‬فكلما ارتفع الفرج كان رغبة المرأة في اإلير الصغير أكثر وكلما نزل كان رغبتها‬
‫في اإلير الطويل أكثر‪ ،‬ولكن إذا عشقت المرأة بطل اإلختيار والْتَ َّذت بما وجدته من الرجل من كبير أو صغير‬
‫وحكي عن رجل من‬
‫الس َمان؛ ُ‬
‫ُّحاف) أصبر على ممارسة النيك ودوامه وعلى كبر اإلير من ُّ‬ ‫أو غيره‪ُّ ،‬‬
‫والدقَاق (الن َ‬
‫الجندانه دخل مدينة صنعاء فأقام بها وهو عزب فاحتاج الى النساء فسأل عجوزاً كانت عنده في البيت أن‬
‫تبحث له عن امرأة يتزوجها‪ ،‬فعرضت عليه عدة من النساء على اختالف صفاتهن فكان كلهن ينفرن منه من‬
‫عظم إيره ويستغثن ويهربن منه‪ ،‬فلما قل انتفاعه بهن قال للعجوز إجتهدي في الحصول على امرأة تكون قصيرة‬
‫الرقبه الى الغاية‪ ،‬فوجدت له امرأة على ما وصف فوافقته ولم تجد منه مشقه‪،‬ـ واعلم أنه ليس كل الرجال‬
‫يمكنه نيك المرأة على ما يُحب أو تُحب هي وان كان كثير الباه وقوي اآلله ألن من الرجال السمين والبطين‬
‫والضعيف الجسم وغير ذلك وقد تكون هي كذلك فيتعذر على الرجل بعض مراده لسبب منه أو منهما‪ ،‬فإذا‬
‫الجواد الذي ال يكبو أو‬
‫كان الرجل خميص البطن خفيف العجز غير مسترخي اللحم مع وجود الباه فهو َ‬
‫الصارم الذي ال ينبو وان التقا الممشوق والممشوقة تساويا في العمل وتوافقا في الحركات كيف شاء وان‬
‫إلتقى الممشوق والسمينه أمكنه نيكها على ما يمكن من الممشوقة في إلقائها على ظهرها وقلبها على أربعها‬
‫فإن ناكها افترش فخذها ورفعها الى أضالعه حتى تُجا ِوز خاصرته ويتوسد عضدها غاية ماتكون وسادتها عاليه‬
‫لكي ال يعلو عجزه على رأسه من سمن فخذها‪ ،‬فإن كانت عظيمة البطن مفرطةـ سمينه الفخذين والوركين‬
‫فأحسن أحوالها أن يلقيها على ظهرها ويرفع فخذيها على بطنها ويجلس مقرفصاً على أصابع رجليه ويلزم‬
‫بكفيه خاصرتها وإن منعهـ من ذلك كبر بطنها وفخذيها كان لزومه بإليتها وبذراعيها فان لم يتيقن من ثبوت‬
‫ولوي بيديه عليها وهما مركوزتان وال يرسلهما على فخذيه فيشغاله ويمنعانه‬
‫فخذيها على بطنه أمسكهما بكفيه َ‬
‫من قوة الرهز كما قال القائل ‪:‬‬

‫يزفهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا الردف إذا أُلقيت‬

‫للنيك مثل الجبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل الراسب‬

‫فلو تراني ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوق أفخاذها‬

‫كقاذف في آخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر القارب‬

‫‪60‬‬
‫وإن شاء أضجعها على أحد جنبيها ومد رجليها السفلى وجلس على فخذها مقابال ِ‬
‫لح ِّرها بإيره ورفع رجليها‬
‫العليا مثنية ركبتها على فخذها وساقها بيده التي تليها وأولج معهاـ ويكون مقرفصهاًـ على أصابع رجليه لترتفع‬
‫إليتاه عن فخذها ويتمكن من رهزه‪ ،‬وان كان كبر بطنها من حبل فالوجه فيه أن يضعها على أحد جنبيها ويضع‬
‫إحدى فخذيها على األخرى ويرفعهما إلى بطنها دون اإللصاق ويجلس مقرفصاً خلف عجزها مقابالً بإيره‬
‫ِ‬
‫لح ِّرها فإن أراد التمكن من إدخال إيره كله فليضع قدمه التي تلي رجليها بين فخذيها وال يمنع هذا الوجه في‬
‫نيك غير الحبلى غير أنه إسم لذوات األحمال‪ ،‬وإن التقى السمين العظيم البطن والممشوقه فأحسن ما يمكنه‬
‫في العمل أن تتولى هي هذا األمر ويستلقي الرجل على ظهره مضموم الفخذين وتجلس هي على إيره مفتوحة‬
‫الرجلين وتضع يديها على الفراش ويمسك هو عضديها بيده فإن كانت ماهره فليحرك عجزها بأحد فخذيه من‬
‫خلفهاـ مجيئاً وذهابا على إن إستلقاء الرجل عند النكاح مكروه فربما رجع المني فأورثه ضرراً‪ ،‬وإن أراد ألقاها‬
‫على ظهرها وجلس مقرفصا بين رجليها وهما مفتوحتان بعض اإلنفتاح وتكون إلْيتاه بين فخذيها وقدماه من‬
‫ظاهرها وتحتمل المشقه في وضع بطنه على بطنها وضغطها بها وال يمكن في هذه الحاله إدخال إيره فيه كله‪،‬‬
‫وقريب من ذلك أن يضجعها كما تقدم في نيك الحبلى ويضع قدميه بين فخذيها وبطنه على إليتها العليا‪ ،‬وان‬
‫التقا السمين والسمينه العظيما البطنين فالعناء والمشقه عليهما جميعا فأحسن ما يمكنهما أن تبرك هي على‬
‫ركبتيها وذراعيها ليكون عجزها أعلى من ظهرها ثم يفتح رجليها ويقوم هو من خلفهاـ على ركبتيه ويحمل بطنه‬
‫بيديه فيضعها على عجزها ويدخل إيره ويمسك بيديه فخذيها وخاصرتيها فان لم ينل بطنه عجزها وضع تحت‬
‫ركبتيه وساده أو شيئا يرفعه وال أرى لها وجها غير هذا ألنه إذا ألقاها وجلس بين فخذيها مقرفصا التقا بطنه‬
‫وفخذها على إيره فال يكاد يظهر وإن ظهر منه شيء لم يتمكن من إدخاله إللتقاء البطنين و كبر الفرج لسمن‬
‫فخذيها فإن هو أضجعها على أحد جنبيها وجلس مقرفصا خلف عجزها ووضع بطنه على إليتها العليا وطاقت‬
‫رفع فخذيها إلى بطنه ليبرز له فرجها من خلفها أمكنه إدخال إيره وإن عجزت عن رفع فخذيها ولم يبرز له‬
‫فرجها إمتنع عليه نيكها‪ ،‬فإن كانا سمينين مخمصين أمكنهما اكثر من غيرهما إال أنهما ال يصبرا على طول‬
‫الممارسه ويسرع إليهما التعب وعلو النفس‪ ،‬وان التقا الطويل المفرط الطول والقصيره المفرطة القصر وأرادا‬
‫إلتقاء الفرجين والفمين فاألحسن لهما أن يلقيها على ظهرها ويضجع هو بجنبها على أحد جنبيه ويدخل يده‬
‫السفلى تحت رقبتها ويرفع فخذيها بيده العليا وهي مستقبلة ويستقبل فرجها بإيره من خلف عجزها وهي‬
‫مجم َعةٌ بين يديه َفيَ ٌد تمسك الرقبه و يد تمسك الفخذ فإن لم يجد من رهزه مايرضيهـ فيلرفع فخذه العليا لتركز‬
‫َّ‬
‫فخذها األعلى فيقوى بذلك الرهز وتكون يدها ممدودة تحت رقبته ويميل بفمه إلى فمها وإن أراد إضجعها‬
‫على جنبها ودخل بين رجليها ورفع فخذيها حتى يبلغا الى أضالعه من فوقه ومن تحته وينزل بين فخذيها حتى‬
‫يستقبل فرجها بيده من وراء عجزها ويضم إليتيها بفخذيه أو يأخذهما عند الرهز ويمسك رقبتها بكفه من‬
‫ش فخذه ورفعها حتى تبلغ الى اضالعه ورفع فخذها العليا فوق أضالعه ثم يرفع فخذها‬
‫خلفهاـ وإن أراد َف َر َ‬
‫العليا فوق اضالعه ثم يرفع فخذه التي بين افخاذها مركوزه ليتمكن من الرهز وال بد له في جميع ذلك أن‬
‫ينحني بعض اإلنحناء إذا أراد أن يقبلها مع العمل بعد التمكن من اإليالج‪ ،‬وان التقى القصير المفرط القصر‬
‫والطويلة المفرطة الطول فال سبيل له إلى تقبيلها مع العمل إال ان احتملت له المشقه في ثالثة أوجه‪ :‬األول‪ :‬أن‬

‫‪61‬‬
‫تستلقي على ظهرها وتجعل تحت عجزها وسادة عاليه وترفع فخذيها إلى صدرها غاية مايمكنهاوال يجلس هو‬
‫مقرفصا بل يولج معهاـ وينبسط على ذراعيه حتى يبلغ كفاه كفيها وتلوي هي بيديها على ظهرها ويمسك هو‬
‫بكفيها أو بما نال من شعرها أو رقبتها‪ ،‬والثاني‪ :‬أن يضجعها على جنبها متقابلين وتفرشهـ إحدى فخذيها‬
‫وترفعهما الى أضالعه غاية ما تستطيع ثم ترفع فخذها العليا أيضا فوق أضالعه وتنحني الى أن ال يمس صدره‬
‫صدرها إال بعد التمكن من اإليالج ولزم الرقاب باأليدي وتضع عقبي رجليها على صلبه عند الرهز وتجذبها‬
‫إليها‪ ،‬والثالث‪ :‬أن يستلقي وهو على ظهره باسطا رجليه وتجلس هي على إيره ثم تنكب عليه وتمد ركبتيها‬
‫حتى تبلغ إبطه وتبسط ذراعيها من تحت كفيه وتمسك بكفيها هامته حتى يُمكنها وضع فمها في فمه وكل‬
‫ذلك فيه مشقهـ عليها‪ ،‬ويمكنها من أبواب النيك ماأراد من غير تقبيل‪ ،‬وإن كان القصر من حدب فالحدب‬
‫أصناف فمنهم األحدب المنحني الظهر السالم الصلب والرقبه فهذا ينطبع مع القصيره بعض اإلنطباع في العمل‬
‫وال يمكنه ضمها إال ان ولته ظهرها واستقبل هو كسها بإيره من وراء عجزها وان يركب على أربعتها كان أطبع‬
‫َّج َعا على جنبيهما متقابلين‬
‫وكذلك لو كانت حدباء مثل حدبته أمكنها العمل كيف شاءت ما خال الضم فإن أض َ‬
‫كان بينهما فضاء مثلث وكذلك لو استلقى أحدهما والبد لمن يستلقي منهما من شيء يستند به على رأسه‬
‫وظهره قدر ما يمأل الفضاء الذي بينه وبين األرض‪ ،‬وإن كانت حدبة الرجل من رقبته بحيث ان ذقنه موضوعـ‬
‫على صدره أمكنه العمل على جميع ما يريد والعناق فإن كانت المرأة مستلقية له كان عند النيك كأنه يهددها‬
‫بالنطح فإن كانت المرأة حدباء على مثال حدبته كانت منايكتهما نطاحاً محضاً فأحسن أحوالها أن تبرك له على‬
‫أربعتها ويكون إستعماله لها من خلفها فإذا أراد العناق وضع كل ٍ‬
‫واحد ذقنه على عاتق اآلخر متخالفين‪ ،‬فإن‬
‫كانت حدبة الرجل من ظهره كنصف الجره فهذا ال يكون منحنيا غير أنه كما قال الشاعر ‪:‬‬

‫فإذا ما كفيت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه فهو صحن‬

‫و إذا ما قلبتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه صار كالمكبه‬

‫والبد أن يكون صدره متحسناً وحكمه في العمل حكم القصير الصحيح إال أنه ال يمكنه اإلستلقاء فإن استلقت‬
‫المرأة وكانت قصيره كان على بطنها كالمكبه على اإلناء فان كانت طويله كان أشبه شيء بفارة النجار على‬
‫األسطوانه وقلت في ذلك ‪:‬‬

‫محدودب جمعـ ـ ـ ـ ـ ــت خبايا ظهره‬

‫جل الباري‬
‫فإذا بدا ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك قلت َّ‬

‫سألته و هو ينيكه ـ ـ ـ ـ ــا على ظهره‬

‫‪62‬‬
‫ماذا؟ ‪ ..‬فقال محن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة األوزار‬

‫فكأنما هي خشـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبة مبسوطة‬

‫و كأنما هو ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارة النجار‬

‫وقلت أيضا ‪:‬‬

‫و أحدب الظهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ملؤه صدف‬

‫قد تعبت من ذنوبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الكتبه‬

‫قام الى غـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادة يراودها‬

‫عن نفسها وهي من ـ ـ ـ ـ ـ ــه منحجبه‬

‫قالت فمن يحمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل الذنوب لنا‬

‫قال أنا ‪ ..‬فوق ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذه الحدبه‬

‫قالت له و هي منـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ضاحكة‬

‫يا فارة النحت دونك الخش ـ ـ ـ ـ ـ ــبه‬

‫فإن كانت المرأة ايضا حدباء على مثال حدبته لم يمتنع عليهما من وجوه النيك‪ ،‬فإن أراد أحدهما اإلستلقاء‬
‫على قفاه فليوسد الحدبة بوسائد من جهاتها األربع أو يكور لها ثوب كتكوير العمامه وتجعل فيه بحيث أالَّ‬
‫يصيب شوكة الحدبه فإن ذلك يسرع إليه الضرر فإن كانت حدبة الرجل خارجة من صدره وظهره أمكنه النيك‬
‫كيف أراد غير الضم والعناق فإنه يصعب عليه وعلى المرأة‪ ،‬ومما قلت ‪:‬‬

‫و أحدب الظهر لم يزل في النيك منهمكاً‬

‫كالكوز آخره بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب و َّأوله‬

‫‪63‬‬
‫قالت له حينما رام العن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق لها‬

‫و كفها منه فـ ـ ـ ـ ـ ــوق الحلق يشغله‬

‫أدخلت إيرك في كسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي كعادته‬

‫فإير ص ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدرك هذا أين تدخله‬

‫فإن كانت المرأة أيضا على مثال حدبته من الظهر ومن الصدر فأحسن أحوالهما في النيك أن يضجعها على‬
‫جنبها وينيكها كما تقدم في نيك الحبلى لئال تتصادم الحدبتان منه ومنها في اضجاعهما متقابلين أو استدباره‬
‫ت حدبة ظهرها ورفعت عجزها رفعاً عالياً وجلس وهو مقرفصا بين رجليها‬
‫إياها مضجعين فإن استلقت و َو َّس َد ْ‬
‫وعال عجزهما وهو المسمى الكوري وهكذا‬‫وس ُفل رأسهما َ‬
‫فربما يبعد مابين حدبتيهما وكذلك لو بركت َ‬
‫حكمهـ لو كانا أحدبين من الصدرين دون الظهرين‪ ،‬ولم أر أحدب الصدر والظهر إالَّ وفيه ٌ‬
‫زهو و صلف وحسن‬
‫الصوت من صفاتهم الالزمه لهم وأحسن ما سمعت في وصف األحدب ‪:‬‬

‫رشيق قد قربـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت أجزاؤه‬

‫ليكون في بعض الفكاهـ ـ ـ ـ ــة أطبعا‬

‫قصرت أخادعه و غـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاص قذاله‬

‫فكأنه متوق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــع أن يصنعا‬

‫و كأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه قد ذاق أول صنعة‬

‫و أحس أخرى بعده ـ ـ ـ ـ ـ ــا فتجمعا‬

‫وإذا كان الرجل منحنيا من صلبه وظهره منبسط وهو الذي إذا قام فكأنه راكع فالنيك على هذا أصعب وأعسر‬
‫وال يقدر على إدخال إيره كله لقرب فخذيه من بطنه وإنضغاط إيره بينهما فأحسن أحواله أن يقوم على قدميه‬
‫ثم تأتي المرأة فتبرك تحته وتحشو عجزها بين أفخاذه وتضع كفيها على األرض وتبسط ظهرها تحت صدره‬
‫بسطا مناسبا مطابقا له لتكون كالبطانه له ثم يدخل إيره و هي التي ترهز إلى خلفهاـ على إيره وتتولى العمل‬
‫بنفسها ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫واعلم أنه اليمكن للمتناكحين ما أرادا من كل األبواب إال ان يكونا ممشوقين غير جافيي األجسام‬
‫والبطون متساعدين في الحركات‪ ،‬فإن كانت المرأة من النساء المطبوعات وهي التي تقدر على أن تستلقي‬
‫للرجل على ظهرها وترفع إحدى رجليها وتضع على قدمها سراجا مملوءا دهنا ويجامعهاـ الرجل فال يقع‬
‫السراج وال شيئا من دهنه وال ينطفئ وال يبطل العمل وذلك من إنطباع الرجل معها‪،‬ـ وقد وضع أهل الهند في‬
‫كتبهم كثيراً من أبواب النكاح وأكثرها لذة فيه وافضل أبواب النكاح عندي ماكان بين لذة العناق والقبل‬
‫فإنهما مما خص اهلل به بنو آدم دون سائر الحيوان وفيهما من اإللتذاذ ال ينكره أحد وقد يكتفي بهما العاشق‬
‫عن النكاح وإذا تـناهى العشق باإلنسان وأخرجه الى التتيم هانت عنده شهوة النكاح واشتفى بالضم والقبل لما‬
‫فيهما من اإللتذاذ‪ ،‬فإذا اجتنبت لذة النكاح بعض الوقت تضاعفت المحبه‪ ،‬ومن الناس من يتعود اإلستمناء وهو‬
‫جلد عميره فيستلذه على النكاح ويتخذه عادة وبعضهم يسميه الصلج وهو مكروه وقد لعن في الحديث ناكح‬
‫يده وقال فيه صلى اهلل عليه وسلم (يبعث يوم القيامة وأصابعه حبالى) وأجازه بعض الفقهاء لمن اضطر ولم يجد‬
‫الى النكاح سبيال‪ ،‬وقيل يجعل بين كفيه وذكره حرير وال يباشر بيده ليخرج بذلك عن الكراهه وأما األئمة‬
‫يرحمهم اهلل تعالى فكلهم يُ َك ِّرهه ويوجب فيه التعزير غير اإلمام أحمد بن حنبل رحمه اهلل تعالى فإنه يُ َك ِّرهه وال‬
‫يوجب فيه التعزير‪ ،‬وقال مالك رحمه اهلل تعالى‪ :‬من استمنى بيده فهو من العادين يريد قوله تعالى "فمن ابتغى‬
‫وراء ذلك فأؤلئك هم العادون" وقال ابن جريج قلت لعطاء‪ :‬أبلغك في إستمناء الرجل شيء عن ابن عباس؟‪،‬‬
‫قال‪ :‬ال؛ قلت‪ :‬أتكرهه؟‪ ،‬قال‪ :‬نعم؛ قلت‪ :‬ففيه حد؟‪ ،‬قال‪ :‬ماسمعتـ وال رأيت؛ وسئل ابن عباس عن‬
‫الخصخصه خير من الزنا‪ ،‬وفُ ِّسرأنها اإلستمناء باليد؛ وقال سعيد بن زياد‪ :‬كنت عند سالم بن عبداهلل فجاءه‬
‫شاب فقال‪ :‬ياأبا عمر ماتقول فيمن يجلد عميره؟‪ ،‬قال‪ :‬فما هي منه؟‪ ،‬فسكت الشاب فقال الرجل‪ :‬تطول غربته‬
‫فيعبث بذكره حتى يريق الماء‪ ،‬فقال‪ :‬أف أف يانايك نفسه‪ ،‬ثم قال‪ :‬بلغني أن أقواما يخرجون يوم القيامه‬
‫وأيديهم حبالى‪.‬‬
‫وحكي أن شيخا وجد وقد أدخل إيره في ثقب بطيخه وهو يصيح بأعلى صوته‪ :‬النيك النيك‪ ،‬حتى‬
‫ُ‬
‫وحكي أيضاعن برصوص الراهب أنه قال‪ :‬ال تُجامعوا النساء فيخرج من بطونهن الخطاؤون‬
‫أفرغ فيها؛ ُ‬
‫فيعصون اهلل فيكون خطأهم عليكم واتخذوا بطون األفخاذ جنة لمذاكيركم فإن لم يكن ذلك فعليكم ببصاق‬
‫تصيرونه في الراحه ثم حكوا اإلير عليه قليال قليال ليخرج مافيه فتستريحوا من ذلك؛ وقال أحدهم في ذلك‪:‬‬

‫لما ابتعد الم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرد عن اللواط‬

‫و سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاحقت ربة الجمال‬

‫و بت في مضجعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي فريداً‬

‫و طالب اإليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر بالبعال‬

‫‪65‬‬
‫و لم يهم اإلير شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيئاً‬

‫من الحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرام أو الحالل‬

‫وضعت ريقي ببطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن كفي‬

‫أجلد فيهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا وال أبالي‬

‫وقال آخر فيه ‪:‬‬

‫تعالوا فاسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمعوا مني نصيحه‬

‫مجربةـ على الكثي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر صحيحه‬

‫جميع النيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك حالال أو حراما‬

‫بأنثى أو بمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا دون فضيحة‬

‫نعبر في الخ ـ ـ ـ ـ ـ ــرا و البول إيراً‬

‫و تعجب من فعاي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــلك القبيحة‬

‫و جلد عميـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرة أولى و اشهى‬

‫و أطهر من مليـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح أو مليحه‬

‫وقال آخر ‪:‬‬

‫ال تنظ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرن إلى النكاح‬

‫فتُ ِ‬
‫لق نفسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك في النكد‬

‫تخل عنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه فإنه‬


‫و َّ‬

‫‪66‬‬
‫أدنى دواهي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه الولد‬

‫و دع اللـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواط بمعزل‬

‫لم يخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــش َج ْل َد من جلد‬

‫ودفع رجل الى تقي رقعة فيها‪ :‬ما ترى أصلحك اإلله في فتى أعـوزه النيك حراماً كان أو حالالً ويرى الناس‬
‫ينيكون يميناً وشماال‪ ،‬فكتب الفقيه على ظهر الورقه تجلد عميرة عافاك اهلل في الجمعةـ مرتين كما قال القائل‪:‬‬
‫بواد إبليس به فاجلد عميرة وال حرج؛ ومن النساء من يستمنين إذا تمكنت منها شهوه النكاح‬‫إذا حللت ٍ‬
‫وتتخذ شيئا تحك مبالها عليه‪ ،‬منها أنها تتخذ تمثاالً لذكر الرجل تستعمله في الخلوات ويكون عندهن من ٍ‬
‫جلد‬
‫ٍ‬
‫يابس ناعم وتملؤه ماءاً ساخنا عند اإلستعمال‪ ،‬ومن الساحقات من تجعل لهذا آلة وتربطه في وسطها وتركب‬
‫به غيرها من النساء وتفعل به مايفعل الرجال بالنساء ألنه يشبه اإلير في شدته وسخانته وصالبته وترهز برهزه‬
‫وتضعف الى حين إنزال مفعوله‪،‬ـ وهذه اآلله عندهن من األشياء التي يبذلن فيها أمواالً جزيله ويسعد كثير من‬
‫العجايز وأرباب الصنايع بسبب تصنيعها لهن على الوجه المطلوب فلذلك يحلفن عليه اإليمان الفاجره‪ ،‬ومنها‬
‫ان منهن من يستعمل الخيار الكبير األملس ومنها ان منهن من تستعمل الفجل الكبير وغير ذلك وهذا كله مما‬
‫يشم فيه كل الرجال والنساء رائحة النيك ‪ ...‬وآه ‪ ..‬فما يشفي غليل قلوب الرجال إال ِ‬
‫الح ْر الكبير المقبقب‬
‫المنتوف األصلع األمعط الناعم السخين المحرق لإلير‪ ،‬وما يشفي غليل النساء اال اإلير الغليظ الكبير النافذ‬
‫العروق الذي رأسه كرأس القط له دخان في الجو المحرق ِ‬
‫للح ْر اذا دخل فيه ومن لم يجد الماء تيمم بالتراب‪.‬‬
‫وحدِّثت ان كثير الحديث للنفس بالنكاح يهيج شهوة المرأة ويكثر حلمها به وكذلك الرجل‪ ،‬وسمع‬ ‫ُ‬
‫مخنث قائل يقول إلمرأة‪ :‬ماحملكـ على الزنا‪ ،‬فقالت‪ :‬لين المهاد وطول الرقاد وبلوغ المراد وحديث النفس‬
‫بالفساد؛ ومما يهيج الشهوة في المرأة والرجل ال ُقبل السيما إذا كانت من المحبوب في تمكن وفي خلوة من‬
‫الرقيب والواشي‪ ،‬وقيل ان أحسن القبل ماكانت رشفا يتملك الشفاه ومصها واستخراج الريق العذب البارد‬
‫والمبرد لنار الكبد وخاصة إستخراجه بأن يعض على لسان الذي يقبله عضة خفيفة عارية من اإليالم له فيخرج‬
‫منه عند ذلك ريق عذب بارد في رقة الماء لم يخالطه ريق الفم وهو الذي يجد له العاشق بردا في جسمه‬
‫بالس ْك ِر من دبيب الخمر في جسم شاربها؛ قال بعضهم‪ :‬إذا قبلتها لدغت فيها كلدغ العسجديه‬
‫وفتورا يُشبهونه ُّ‬
‫في العقيره‪ ،‬فتأخذ في العناق والبد في القبل من صوت دفيق طويل يخرج من بين اللسان وطرف الحنك‬
‫يرطب ذلك الموضع بالريق ثم يجتز الى داخل الفم واللسان موضعه من طرف الحنك فيحدث منه ذلك‬
‫الصوت من اجتذاب الريق‪ ،‬واما القبل التي توضع ظاهر الشفاه وينقطع ذلك الصوت بقوه كأنه يدعو بها‬
‫السنانير فال لذة فيها وانما تلك القبله المعتضنة هي قبلة األوالد واألطفال‪ ،‬ويقال َقبَّل يده وفمه وذلك هو‬
‫اللثم والبوس أما القبله والنعام فتختص بالفم دون اليد ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪67‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪68‬‬
‫الـبـاب الـسـابـع‬
‫في ذكــر ص ـف ـةـ أبــواب ال ـنــكاح‬

‫إعلم أن أهل الهند ألح الناس وأغراهم بالنكاح وأكثرهم تفننا فيه وقد وضعوا في كتبهم أشياء كثيره‬
‫من أبوابه منها ماهو عظيم المشقه غير مأمون الضرر وأنا أذكر في هذا الباب أبوابا ممكنةـ العمل موجودة اللذة‬
‫وهي االصمدل والمضفدع والمتوسط والسطوري واللولبي وهو المقمع والرجاحه والهدولي وحشو النقانق‬
‫ولبس الجوري وكشف اإلستين ونزع القوس ودق الرز ونسج الخز ونيك الكهول والكرسي والكباشي‬
‫والكوري ودق الوتد وسبك الحديد والمغتصب ونيك األحداث وطرد الشاه وقلب الميش وركض اإلير‬
‫والخواريقي والحدادي والسفرجلي والشق‪ ،‬وهي بالتفصيل كالتالي ‪:‬‬

‫األول االصمدل ‪ :‬وهو أن تستلقي المرأة على ظهرها وتجعل تحت عجيزتها وساده ترفعها بها ويجلس الرجل‬
‫بين رجليها على رؤوس أصابعهـ ثم يلصق فخذيها بصدرها غاية ما أمكنه ويدخل يديه من تحت كتفيها ويثني‬
‫أصابعهـ على عاتقها ويولج ويجذبها إليه عند الرهز‪ ،‬وهذا فيه مشقةـ على المرأة إللتصاق فخذيها بصدرها مع‬
‫ارتفاع عجيزتها لتقليص شفراها وتقريب الرحم حيث ال يبقى للرحم مسافة‪ ،‬وهذه الطريقة مستحبة لمن كان‬
‫إيره صغيرا ‪.‬‬
‫الثاني المضفدع ‪ :‬وهو أن تستلقي المرأة على ظهرها ويضم فخذيها ويلصق عقبيها بإليتها ويجلس مقرفصاً‬
‫قبالة فرجها ويولج وهي تجعل ركبتيها عند إبطيه وهو يقبض على عضديها بكفيه ويجذبها عند الرهز ‪.‬‬

‫الثالث المصفق ‪ :‬وهو أن تلقيها على ظهرها وتجلس بين فخذيها جاثيا على ركبتيك وأصابع رجليك وتجعل‬
‫ركبتيها حذا خاصرتك وساقيها وراء ظهرك وتقبض بيديك على عاتقيها ‪.‬‬
‫الرابع المقرمط ‪ :‬وهو أن تلقيها على ظهرها وتضم فخذيها وتـنصب رجليها نصباً عالياً حتى يقابل قدميها سقف‬
‫البيت وتجعل فخذيها بين فخذيك وتولج معها وتلزم ساقيها ‪.‬‬

‫الخامس السطوري ‪ :‬وهو أن تضع المرأة على أحد جنبيها وتمد رجلها السفلى فتجلس على فخذها مقرفصاً‬
‫وترفع رجلها العليا على عاتقك ثم تولج وتشبك أصابع كفيك على عاتقها األعلى وإن شئت قبضت على‬
‫عضديها ‪.‬‬
‫السادس اللولبي ( المقمع ) ‪ :‬وهو أن يستلقي الرجل على ظهره وتجلس المرأة على إيره مستقبلة وجهه وتضع‬
‫يديها على الفراش وتجافي بطنها ثم ترهز طالعة نازلة و يساعدها الرجل بالرهز من تحتها وان أرادت التقبيل‬
‫بسطت ذراعيهاعلى الفراش وتقبل ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫السابع الرجاحة ‪ :‬وهو أن يعلـقها الى السقف في أربعة أثواب بيديها ورجليها ويشد ظهرها بثوب آخر لكي ال‬
‫تتألم من أسفل ظهرها ويجعل فرجها قبالة إيره وهو قائم على قدميه فيولج و يرهز ثم يدفعها عنه غير بعيد‬
‫ويلقاها اإلير فيولجه وهكذا حتى يفرغ ‪.‬‬
‫الثامن الهدولي ‪ :‬وهو أن تجمع يد المرأة ورجليها إلى عنقها فيبقى فرجها بارزا ثم تُعلقهاـ في سقف البيت‬
‫ويستلقي الرجل من تحتها ويكون الطرف الثاني من الحبل في يده يدفعها به وينزلها على إيره ‪.‬‬

‫التاسع حشو الـنـقـانـق‪ :‬وهو أن تستلقي المرأة على ظهرها ويأتي الرجل فيقوم على ركبتيه ويرفع برجليها حتى‬
‫ال يبقي على الفراش سوى كتفيها ورأسها ثم يولج معها ويأخذ بإليتيها ثم يستعين بهما على الرهز وتلوي هي‬
‫رجليها على عاتقيه‪.‬‬
‫العاشر لبس الجورب‪ :‬وهو أن يلقيها الرجل على ظهرها ويجلس بين رجليها ويضع إيره بين شفريها ويأخذهما‬
‫بيديه كل واحد منهما بجنب السبابه واإلبهام عند ادخال اإلير فيه ثم يرهز ببعض إيره حتى يترطب كسها فاذا‬
‫جهز حينئذ واستلقم اإلير‪.‬‬
‫ترطب واستمر دخول اإلير وخروجه فيه ُ‬

‫الحادي عشر اإلسـتين‪ :‬وهو ان يستلقي الرجل على ظهره وتأتي المرأة فتجلس على إيره وظهرها الى وجهه‬
‫ووجهها الى رجليه وفخذاها مركوزه بِ ِحذاء أضالعها وتضع كفيها على الفراش عند قدميه وترهز وهي تنظر‬
‫الى إسته وهو ينظر الى إستها‪.‬‬
‫الثاني عشر تـرع الـقوس‪ :‬وهو ان تستلقي المرأة على أحد جنبيها ثم يأتي الرجل فيدخل بين رجليها عرضا‬
‫ويكون وجهه وراء ظهرها ويولج معها ويقبض بيديه على عاتقها من ورائها وتمسك هي برجليه وترفعهما إليها‬
‫مااستطاعت فيكون كالقوس وهي كالسهم‪.‬‬

‫الثالث عشر نســج الـخز‪ :‬وهو ان يجلس على إليته ثم يجمع باطني قدمه قريبا من إيره ويطرح فخذيه وتجلس‬
‫المرأة على قدميه مركوزة الفخذين وتشبك أصابعها على رقبته ثم هو يمسك ساقيها بيديه قريبا من الكعبين‬
‫ويجذب إليه قدميه وهي عليها حتى يولج معهاـ إيره ثم يعيدهما إلى مكانهما من غير أن يُخرج إيره كله ثم‬
‫يجذبها اليه وهي تخفف نفسها معهـ وتساعده مجيئاً وذهابا فإن أراد ان ال يخرج إيره فلَْي ْل ِو عليها بيديه من‬
‫نصفها وترهز هي مع مساعدته لها بقدميه من تحتها‪.‬‬
‫الرابع عشر دق الـرز‪ :‬وهو أن يجلس الرجل على إليته ويمد رجليه وتجلس المرأة على إيره مقابلة له وتلوي‬
‫بيدها على رقبته ويلوي هو على أضالعها أو خاصرتها ويكون صعودها ونزولها على إيره بيديه وهي تعينه‬
‫بنفسها‪.‬‬

‫الخامس عشر نـيك الـكهول‪ :‬وهو أن تنبطح المراة على بطنها ثم تجعل تحت عانتها وساده ترفع بها عجزها ثم‬
‫ينبطح الرجل على ظهرها ويأتيها مستدبره وأكثر َح ْمله على مرفقيه وهذا الباب أقل أبواب النكاح ضررا على‬
‫الرجل ‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫السادس عشر الـكـرسي‪ :‬وهو أن يقوم الرجل والمرأة على أقدامهما متقابلين ثم تفتح المرأة رجليها فيدخل‬
‫رجليه بين رجليها وتقدم هي رجليها قليال ويقدم هو إحدى رجليه قليال ثم تشبك أصابعها على صلبه ويشبك‬
‫هو أصابعهـ على صلبها ويولج معهاـ ويتراهزان ‪.‬‬

‫السابع عشر الـكباشي‪ :‬وهو أن تبرك المرأة على ركبتها وذراعيها ويقوم الرجل خلفهاـ على ركبتيه ويولج معهاـ‬
‫ويقبض كفيه على عاتقها ‪.‬‬
‫الثامن عشر الكوري‪ :‬وهو أن تقوم المرأة على قدميها وتضع كفيها على األرض وترفع عجزها إرتفاعا عاليا‬
‫وتخفض ظهرها ورأسها ويقوم الرجل من خلفهاـ على قدميه فينيكها على تلك الحال ويقبض على فخذيها من‬
‫تحت أوراكها‪ ،‬وإذا نزع الرجل إيره من فرج المرأة بعد العمل وتركها مكوره على حالها سمع لفرجها خوار‬
‫كخوار الحصان عند ركضه والتي قد عرفته من النساء ال تكاد تساعد الرجل عليه‪.‬‬

‫التاسع عشر دق الوتـد‪ :‬وهو أن تلوي المرأة رجليها على خاصرتي الرجل ويديها على رقبته ثم تسند ظهرها‬
‫على الحائط ويولج معهاـ ويرهزها وهي متعلقه‪.‬ـ‬
‫العشرون سـبك الحب‪ :‬وهو أن تستلقي المرأة على جنبها األيمن والرجل على جنبه األيسر ويفرشها فخذه‬
‫اليسرى ويرفعها حتى تبلغ أضالعها وترفع هي فخذها العليا إلى أضالعه ويسند ظهرها بفخذه العليا ويرهز هو‬
‫وإن شاءت رهزت هي ‪.‬‬

‫الحادي والعشرون الـمغـتصب‪ :‬وهو أن يقوم الرجل وراء المرأة وهي غافله فيدخل يديه من تحت إبطيها‬
‫ويشبك أصابعهـ على رقبتها ويرفع عضديها بعضديه ويعكس رقبتها بكفيه وهي منكسة فإن كانت بغير سراويل‬
‫وأمكنه رفع ثوبها بركبتيه إلى كفها وإال فإنه يسقط بطول الممارسه ثم يخالف أحد ساقيها على ساقيه لئال‬
‫تزوغ بفرجها عن إيره فيمنعه من اإليالج وإن كانت في سراويل وهي َجلِ َدة وال يمكنه أخذ يديها بيد واحده‬
‫بطلت حيلته ‪.‬‬
‫الثاني والعشرون نيك األحداث‪ :‬وهو أن تلقي المرأة على ظهرها ثم ينبطح على صدرها حتى يفرغ ‪.‬‬

‫الثالث والعشرون طرد الشــاة‪ :‬وهو أن تبرك المرأة على يديها ورجليها ثم يأتي الرجل فيقوم من خلفها على‬
‫قدميه ثم يرفع بفخذيها حتى يقابل فرجها بايره ويولج معها وهي منكسة الرأس يديها ‪.‬‬
‫الرابع والعشرون قلب الميــس‪ :‬وهو أن يستلقي الرجل على ظهره ثم تأتي المرأة فترفص بين رجليه على رؤوس‬
‫أصابعها ويرفع فخذيه على بطنه فيخرج إيره قبالة وجهه فيولجه فيها وتضع يديها على الفراش بحذاء إليتيه‬
‫والبد لها من وساده تحت قدميها ليوازي فرجها إيره فتكون كأنها الرجل ‪.‬‬

‫الخامس والعشرون ركض اإليـر‪ :‬وهو أن يسند الرجل ظهره الى وساده ويجلس غيرمنتصب الظهر بل يكون‬
‫صلبه على الفراش وكتفاه على الوساده ويقيم فخذيه بحيث إن رأسه يكون موازيا لركبتيه وتأتي المرأة فتجلس‬

‫‪71‬‬
‫على إيره مقابلة له بوجهها غير منكبة فتكون كأنها في سرج فإن شاءت نصبت ركبتيها ورهزت طالعة ونازله‬
‫وإن شاءت وضعتها على الفراش وهو يحرك عجزها بفخذيه وتكون قابضة بشمالها على منكبه األيمن ‪.‬‬
‫السادس والعشرون المداخل‪ :‬وهو أن تجلس المرأة على إليتها مركوزة الفخذين بعض الركوز ويجلس الرجل‬
‫مثل جلستها مقابال لفرجهاـ بإيره ثم يضع فخذه األيمن فوق فخذها األيسر ويولج معها ويقبض عضديها بكفيه‬
‫وتقبض عضديه بكفيها وينقعرـ كل واحد منهما إلى خلفهـ قليال وهما متماسكان باألعضاء ويتراهزان رهزا نطاحيا‬
‫ويستعينان عند الرهز بوضع األعقاب على األرض ‪.‬‬

‫السابع والعشرون الخواريـقي‪ :‬وهو أن تستلقي المرأة على ظهرها وينبطح الرجل على بطنها واضعاً حمله على‬
‫مرفقيهـ فإذا أولج معهاـ رفعت عجزها من الفراش ما استطاعت ويرفع هو معهاـ وال يخرج إيره ثم ترسل نفسها‬
‫الى الفراش‪ ،‬وال يمكنها التكرار عليه وال يؤمن ضرره ‪.‬‬
‫الثامن والعشرون الحدادي‪ :‬وهو أن تستلقي المرأة على ظهرها وتجعل تحت إليتها وسادة وترفع رجليها إلى‬
‫صدرها غاية ماتقدر على رفعها حتى يتصوب فرجها ثم يولج معهاـ ويرهز ساعة ثم يخرج إيره فيولجه في‬
‫حجرها ويرهز ساعة ثم يخرج إيره فيولجه في فرجها بسرعه كما يخرج الحديده الحداد من الكير فيغمسها‬
‫في الماء لتبرد وهو يسمى السفرجلي ‪.‬‬

‫التاسع والعشرون الشـلق‪ :‬وهو أن تستلقي المرأة على ظهرها ويجلس الرجل بين رجليها مقرفصا على أصابع‬
‫رجليه ويرفع فخذيه منبسطتين ويرسل ساقيها خلف عضديها وإن شاء حطهما على عاتقه وأمسك خاصرتيها أو‬
‫عضديها ‪.‬‬
‫الثالثون ال ـش ـلــق ‪ :‬وهو أن تستلقي المرأة على ظهرها ويجلس الرجل بين رجليها مقرفصاً على أصابع رجليه‬
‫ويرفع فخذيه منبسطتين ويرسل ساقيها خلف عضديها وإن شاء حطهما على عاتقهـ وأمسك خاصرتيها أو‬
‫عضديها و يولج و يرهز و هي تساعده بالرهز‪.‬‬

‫هذه األبواب أكثرها يمكن العمل بها ومن فكر في طلب زياده وجدها‪ ،‬وأما ماال يمكن العمل به فال‬
‫فائدة في ذكره‪ ،‬وقد بالغ أهل الهند في أبواب النكاح حتى وضعوا فيها أشياء ممتنعه جدا منها أن تستلقي‬
‫المرأة على ظهرها ثم يأتي الرجل فيجلس على صدرها موليها ظهره ويكون حمله على ركبتيه وأصابع قدميه ثم‬
‫يأخذ بفخذيها حتى يحني ظهرها ويقابل إيره بفرجها ويولج معها وهو مكانهـ وهذا كما ترى فيه من عظم‬
‫المشقه مما يجعلهـ ممتنع العمل به‪ ،‬واهلل أعلم ‪.‬‬
‫والرهز أنواع فمنه نزع الدال وهو أن يتعانق الرجل المرأة بعد اإليالج ويرهز رهزة ثم يتراخى إلى خلفهـ وتتبعه‬
‫هي برهزة ثم تتراخى له إلى خلفهاـ ويرهز هو كذلك رهزاً متتابعاً من غير إبطاء منها؛ ومنه النطَّاحي وهو أن‬
‫رهزا معاً رهزة واحده ويقفا معاً هكذا من‬‫واحد منهما الى خلفهـ من غير ان يخرج إيره كله ثم ي ِ‬
‫يتراخى كل ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫غير إبطاء كالنطاح؛ ومنه الميداني وهو أن يرهز الرجل كعادتهـ ماشاء ثم يقف وتتمكن المرأة من إيره فترهز‬
‫عليه ماشاءت فتقف ثم يعود فيرهز هكذا الى أن يفرغا منه؛ ومنه خياط الثوب وهو أان يرهز الرجل ببعض إيره‬

‫‪72‬‬
‫رهزا مسرعا كالتحكيك ثم تعاود برهزة واحدة الى آخره تشبيها بحركة اإلبره في الثوب عند الخياط‬
‫وخروجها بالخيط الى آخره وقد يفعله الرجل وقد تفعله المرأة ايضا وهذا يستحب لبطيء اإلنزال من الرجال‬
‫والنساء ألنه يسرع اإلنزال به؛ ومنه سواك الحرد وهو أن يدخل الرجل ايره في جوانب الحر تصويبا وتصعيدا‬
‫ويمنة ويسره وال يمكن هذا اال بإير صلب‪ ،‬ومنه العضايدي وهو أن يولج الرجل إيره جميعه ثم يلصق الشعرة‬
‫بالشعرة لصقا شديدا مع شدة الضم منهما ويكون رهزه فحسا مصعدا من غير أن يبرز من إيره شيء وهذا‬
‫النوع أحب الى الساحقات من غيره ويستحب لسريعي اإلنزال‪ ،‬ونسأل اهلل التوبه ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪73‬‬
‫الـبـاب الـثـامــن‬
‫فيما يجب معرفتهـ من منافع الباه ومضارها‬

‫أما فيما يجب معرفته من منافع الباه ومضارها والمجربة من األدوية النافعه لذلك لألغنياء ومتوسطي‬
‫الحال والفقراء ُكالًّ بحسب حاله وما يمنع الحبل وضده وغير ذلك؛ إذا أُنقع من الكافور نصف مثقال في ماء‬
‫و ُشرب أبطل مفعولـ العضو وقطع النكاح وكثيراً ماتفعله النساء بالرجال إذا اشتدت غيرتهن عليهم؛ ونور الحنا‬
‫الذي يسمى الفاغيه إذا نُقع في الماء حتى يصفر و ُشرب عمل عمل الكافور أو قريبا منه‪ ،‬واإلدمان على شم‬
‫الكادي يضعف الباه‪ ،‬وطول الجلوس في الهواء في الشتاء يُنقص الباه ويضر بالصلب وخاصة في البالد الحاره‬
‫وكذلك الجلوس على األشياء التي تكسب البروده كالجص وماأشبهه من الرخام والحجاره‪ ،‬وكذلك جماع‬
‫الصغيرة جداً والحايض والمتروكه التي لم توطأ والقبيحه المنظر والبدن وكذلك الفكر والهموم واألكدار‬
‫واألحزان جميع ذلك يضعف الباه مجرباً؛ ومن مبطالت النكاح الترك له زمانا فالترك فرك كما قيل والترك‬
‫للنكاح يورث ظلمة البصر وثقل البدن والبواسير وغير ذلك من أمراض كثيرة‪ ،‬إحتقان البول يضر بالذكر‬
‫ونكاح العجوز يضعف الباه وينهك الجسم وربما أكسب األمراض والعلل وأضرها أن تكون عجوزاً حمراء فإنه‬
‫مجرب‪،‬ـ واإلدمان على أكل األشياء الحامضه يضعف الباه‪ ،‬وترك الذكر في فرج المرأة بعد اإلنزال يضعف‬
‫الذكر ويقلل الجماع ولذلك صار العزل عنهن أدعى للمعاوده وأقل للملل وأصدق ماقيل في ذلك قولهم ( من‬
‫ناك لنفسه ساعدته شهوته ودامت لذته ومن ناك لغيره فترت آلته وانقطعت مادته ) ومعنى من ناك لنفسه أن‬
‫يكون الرجل مقبالً على شهوتهـ بنفسه يأخذ من النكاح حسب مايريد من زيادة أو نقص أو في أي وقت اختار‬
‫وماكانت شهوته داعية إلى النكاح فهذا ال تنقطع مادته في النكاح ومن ناك لغيره معناه أن يكون الرجل مراعياً‬
‫شهوة المرأة فيكلف نفسه لتحصل المرأة على مرادها من النكاح وتصل لغاية شهوتها فال يلتفت إلى نفسه و‬
‫متعتها وال حفظ جسمه بل يكون منهمكا في شهوة غيره؛ ويكره النكاح في الحمام عقيب الخروج منه وعقب‬
‫السكر الشديد‪ ،‬والنكاح على‬
‫اإلستفراغ واإلسهال‪ ،‬وينبغي أن يقلل من النكاح في الصيف والخريف وعقيب ُّ‬
‫الحيض شديد الضرر للرجل والمرأة جميعا؛ ويكره النكاح في الماء وأهل الهند يكرهونه ويحكمون عليه بعدم‬
‫اللذه ولذلك لم يضعوا له صورة في كتبهم وبعضهم يقول ال يؤمن دخول الماء في أحد الفرجين فيورث ضررا‬
‫عظيما والدليل على عدم اللذه أن اإلنزال يبطئ عند الرجل والمرأة جميعا‪ ،‬ويكره النظر إلى باطن فرج المرأة‬
‫فربما أورث العمى‪ ،‬وقيل كان أحد الصالحين َش ِرهاً في الجماع وكان كثير الولع بالنظر الى فرج المرأة عند‬
‫النكاح فأسرع اليه العمى‪ ،‬ويكره النكاح على اإلمتالء من الطعام فمنه يصيب الفتق في البطن و يمنعه من‬
‫الحركة ويفعل غير ذلك من األمراض‪ ،‬ويكره إستلقاء الرجل على ظهره عند الجماع لِ َما يخشى من رجوع مائه‬
‫أو ماء المرأة في ذكره‪ ،‬كما يكره عقيب التعب في شده الحر‪ ،‬وردف الجنابات من غير غسل يضعف الباه‬
‫ويعمي القلب‪ ،‬وإذا نكح الرجل حراماً ثم نكح زوجته قبل أن يغسل ذكره وحملت في ذلك الوقت لم يؤمن‬
‫على الولد من آفة في ِخلقته أو عاهة تحدث له‪ ،‬وفي بعض الكتب ان الرجل إذا فجر بغالم ثم جامع أهله من‬

‫‪74‬‬
‫غير ان يغسل ذكره ثم أتى زوجته وحملت من ذلك الوقت كان الولد مابوناً أو مخنثاً؛ وسكون الرجل إلى‬
‫عناق المرأة بعد فراغه منها ويَلقى أنفاسها مما يضعفهـ ويقلل نشاطه ويعجل الشيب إليه قبل وقته‪ ،‬وطول الفكر‬
‫يضعف الجماع‪ ،‬وحمل الشيء الثقيل على الظهر يُبطل الذكر ويضعف النكاح وإدمان لبس الحرير يضعف‬
‫نكاح الرجل ويزيد في غلمة المرأة؛ ومما يعين على النكاح وينشط له اإلغتسال بالماء البارد عقيب العمل من‬
‫غير إمهال‪ ،‬وفي بعض كتب الطب اإلغتسال بالماء البارد يحبس الشيب والماء الحار يعجله‪،‬ـ ونكاح الشابه من‬
‫النساء أدعى لنشاط الرجل وشهوته بقدر حداثة سنها‪ ،‬والتبخر بالعود يزيد في الباه دون سائر الطيب‪ ،‬وفي‬
‫بعض كتب الباه قيل انه تطيب المرأة ال تطيب الرجل فإن الطيب مقطفةـ النكاح‪ ،‬وفي وصية بعض العرب إلبنته‬
‫عند زفافها الى زوجها قال لها‪ :‬ليكن أكثر طيبك الماء‪ ،‬يريد كثرة اإلغتسال‪ ،‬ولبعض األجسام رائحة أطيب من‬
‫رائحة الطيب وبعضها ال يظهر فيه طيب؛ قالت امرأة لزوجها‪ :‬من سخفكـ انني مذ عرفتك ما شممت منك‬
‫رائحة طيب فيك قط؛ وشرب الزيت الطيب واإلكثار منه يزيد في النكاح؛ ومما يقوي النكاح حسن الغذاء‬
‫واإلغتسال بالماء الحلو واإلشتغال باللهو والسرور والفرح وسماع األنغام الجميلة ومجالسة من تسكن النفس‬
‫اليه والنظر اليه وقراءة الكتب المصنفه في الباه ككتاب أخبار النساء إلبن نصر الكاتب وكتاب جامع اللذة‬
‫إلبن حاجب النعمان وكذا سكنى مكة والمدينه وكذا حلق العانه وخصوصا الرجلين وكثرة دلكهما والمدوامه‬
‫عليه؛ ومن الخواص ان الرجل إذا أخذ دم تيس وخلطه بعسل ثم طلى به الذكر وجامع وجد لذة عظيمه وإذا‬
‫أخذ الرجل ست شعرات من شعر حصان فربط بهم على ذكره وجامع المرأة أحس بلذة كبيرة‪ ،‬وكذلك اذا‬
‫أخذ بصل العنطل وأكله زاد في الباه‪ ،‬وأخبرني غير واحد من التـقاة أن تالوة القرآن تزيد في الباه وتقطع‬
‫البلغم‪ ،‬واعلم ان األدويه النافعه للباه كثيرة جدا وقد افرد فيها مصنفات كثيره لكن األدويه النافعه المجربه‬
‫الصحيحه العمل تختلف باختالف األشخاص األغنياء والمتوسطي األحوال والفقراء وكذلك أغذيتهم وأشربتهم‬
‫فالمناسب لألغنياء يتعذر على الفقراء لكنه إذا وجده الفقير عُ َّد من األلطاف الخفيه ‪.‬‬

‫والمناسب لالغنياء من األغذيه الدجاج الذي علفه الحمص ولحم األوز كذلك وفراخ الحمام التي‬
‫والس َّمان والقطا وأدمغة‬
‫علفهاـ أيضا الحمص واألدمغةـ وخصوصا أدمغة الحمام والدجاج وكذا لحم العصفور ُّ‬
‫ذلك ولحم النعام واللحم الضاني الصغير المشوي والمسلوق باللبن والحليب البقري‪ ،‬ومن األدويه السكر‬
‫المطيَّب بشيء من القرنفل وماء النعناع وكذلك الزنجبيل والخولنجان بعد سحقه‪،‬ـ واللبن الحليب ساعة نزوله‬
‫من الضرع مباشرة وكذلك لحم الضب والودك والسمك الصغير الهارب يجفف ويستعمل‪ ،‬وكذلك أكل التمر‬
‫مجرب؛ والخردل على الفطور مجرب؛ واإلكثار‬
‫حمصه وهو َّ‬
‫مع عسل النحل يؤخذ منه كل يوم عند النوم قدر ُّ‬
‫من مص قصب السكر‪ ،‬وبزر كرات نافع وكذلك الجوز الشوكي والرمان الحلو والحبة السوداء والزبيب‬
‫الحلو ومعجون الزنجبيل كل ذلك له تأثير في قوة الباه‪ ،‬والعنب الحلو يزيد في الباه وكذلك المن واكل‬
‫أواق عسل نحل ومثلها زيت طيب والزم على ذلك كل يوم فطورا‬ ‫النعناع‪ ،‬وان استعمل في كل يوم ثالثة ٍ‬
‫واراد ان يطوف على اربعة من النساء واكثر في كل يوم على الدوام لم يضره ذلك وال يشق عليه ويؤخذ عليه‬
‫أيضا لبن حليب بقري رطل ويضاف إليه رطل من الماء القراح ويُغلي حتى يذيب الماء ثم يجعل فيه معلقتين‬

‫‪75‬‬
‫كبار من عسل النحل ومثلها من السمن البقري الطري ويستعمل ذلك ثالثة أيام على الفطور؛ وكل واحد من‬
‫هذه األدويه المتقدمة ذكرها فيه كفايه للرجل من الباه اذا داوم عليه؛ وللفقراء المناسب لهم من األغذية‬
‫الحمص المسلوق ويأكله بمفرده ولو علم األغنياء وغيرهم مفعوله في ذلك الستغنوا به عن غيره‪ ،‬وطعام‬
‫البصل األبيض واإلكثار منه؛ ومن األشربة يجعل عنده قدر رطلين من الحديد في كل يوم يجعلهـ في النار يحمي‬
‫ويصير كالجمر ثم ينفخ ما عليه من الرماد واألتربه ثم يطفيء ذلك في ماء حلو ويستعمل ذلك شراباً دائماً فان‬
‫ذلك نهاية في قوة الباه وال يشبهه شيء من األشربه؛ ويشرب من لبن اإلبل مدة عشرين يوما كل يوم فطور‬
‫مقدار ماينهض وال يثـقل‪ ،‬ومن األدويه أن يستعمل في كل يوم وزن درهم من عرق الجناح الرومي المسمى‬
‫بالتركي (عنتو) يضعه في فمه ويلوكه شيئا فشيئا ويمصه أوالً بأول الى ان يبتل جوفه ويلعق بعده أوقية من‬
‫عسل النحل يرى العجب‪ ،‬ويؤخذ من ماء البصل رطل ومثله عسل نحل ثم يطبخ جيداً فإن شرب منه معلقة أو‬
‫معلقتين عند النوم بماء حار عند العشاء رأى العجب وإن أراد إسهاالً فليستعمل حب نيل وعاقر قرحا بالسويه‬
‫ويجعلهماـ في دهن لوز‪ ،‬ويكثر من أكل ورق الفجل دون رؤوسه فإنها مضره ويأكلها عند الفطور وعند المبيت‬
‫فإن ذلك ينقي بدنه من جميع اآلالم ويزيد في قوة الباه وال يدع عنده شيئا من آثار البلغم وال من السعال‪ ،‬وإن‬
‫كان عنده سعال مزمن وأكل ورق الفجل مسلوقا وداوم عليه مدة مع الحمية أزال عنه ذلك وإن قاله بعد سلقهـ‬
‫بشيء من زيت الطيب ودهن اللوز هو احسن واستعملهـ كان له نهاية في ذلك وفي قوة الباه وأزال عنه السعال‬
‫المزمن وغيره‪ ،‬ويكثر من استعمال اليانسون وغيره أو الشمر والصقر ولبان الذكر والحبة السوداء بقدر مقدرته‬
‫وينبغي له اإلكثار من أكل النعناع وكذلك البصل المشوي األبيض وكذلك الكراث والثوم إن وجد ما يضيع‬
‫رائحتها من فيه كالقرنفل واللبن والكزبره الخضراء وما أشبه ذلك واهلل اعلم؛ وجميع ما ذكر من األدويه ال‬
‫يكون إال بعد تنظيف الباطن وتقوية الظهر واختبار آلته إن كانت تقبل الدواء أم ال‪ ،‬واختبارها يكون بما أجمع‬
‫األطباء عليه وهو وضع الذكر القائم في الماء البارد قبل العالج والدواء إن لم يتقلص شقت معالجتهـ وقل أن‬
‫يفيد فيه الدواء فإن عليه أن ينظف باطنه باستعمال المقالي والحقن المعلومهـ بكتب الطب‪ ،‬أو أن يؤخذ من‬
‫التربل الصفافيرى المسحوق سحقا جيدا حتى يصير كالكحل أربعة دراهم ومن الزنجبيل المسحوق كذلك‬
‫ثالثة دراهم ويجعل ذلك في أربعة أواق عسل نحل ويلعق ذلك ثالث مرات في مدة تسعة أيام كل ثالثة أيام‬
‫مره وهو مسهل جدا واستعمال ذلك على الفطور‪ ،‬و إن كان في ظهره علة فيأخذ قدر قدح متوسط من زبل‬
‫الحمام النظيف المنقى من الريش وغيره ويجعله في قِ ْدر ويجعل عليه من الماء ما يغطيه ثم يغليه إلى ان يجف‬
‫ثم يفرشهـ وهو حار على فوطة كبيره على مقدار الصلب والظهر وينام عليها الرجل بصلبه وبعض ظهره و يضع‬
‫شيئاً منه على العانه و يفعل ذلك بعد صالة العشاء ليلة استعماله الدواء المذكور ثم يقلع الفوطه صبيحة النهار‬
‫ويصلي ثم يستعمل الدواء هكذا في مدة الثالث مرات المذكوره فإن ذلك لن يبق في ظهره وال صلبه شيئاً من‬
‫العلل ويقوي له الباه‪ ،‬وان أراد تعظيم ذكره وغلظته وكبره فليالزم دهنه باألدهان الحاره كدهن السنقنقور‬
‫والنعام والقنفذ والسمك الكبار او بزيت الطيب المضاف له شيء من المسحوق كالكحل ويدلكه بخرقة خشنه‬
‫في كل صباح ومساء ثم بعد ذلك يلصق عليه زفتاً ثم يتركه عليه الى وقت الحاجه ثم يغسله بماء حار ثم بماء‬
‫بارد يفعلـ ذلك أول النهار وآخره ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫ثم األدويه المانعه للحبل منها النعناع يأكله الرجل قبل الجماع أو تتحمل به المرأة عند الجماع لم‬
‫تحمل أبداً وكذا إن تحملت بالملح األندراني واذا تحملت المرأة بالكافور الطياري الذي يجعل لالموات لم‬
‫تحبل ابدا وكذا ان شربته ومن خواصه قطع الذي عجز عن قطعه من اي مكان في البدن قال الشاعر ‪:‬‬

‫و من عادة الكافور إمس ـ ـ ــاك الدم‬

‫و كذلك لسان الحمل شــرباً و تحمال‬

‫ومن األدوية أن يؤخذ نشادر وسقمونيا وشب من كل واحد منهم درهم ومن السداب درهم ونصف‬
‫ويُغلي جميع ذلك في أوقيتين دهن ورد فإذا ُدهن من اإلحليل وقت الجماع لم تحبل تلك المرأة وكذا‬
‫المرجان يسحق ناعما ويلقى منه ربع درهم في شراب قابض وتشربه المرأة لم تحبل أبداً وتعطيس المرأة بعد‬
‫الجماع مباشرة مراراً يفسد الماء وكذا رفصها بعنف وكذا ضربها عقيب الجماع في طرها بعنف‪ ،‬وما يمنع‬
‫الحبل التحمل بالقطران قبل الجماع وبعده وإذا طُلى جميع الذكر به وجعل منه في مخرج الذكر قبل الجماع‬
‫منع الحبل ولذذ النكاح وهذا أحسن دواء‪ ،‬والتحمل بشحم الرمان قبل الجماع مانع للحبل وكذلك الشبت‬
‫وكذلك التحمل برأس الكرنب خصوصا إن جعل في قطن وكذلك التحمل بشحم الحنظل وخبت الحديد؛‬
‫ودهن الذكر بشحم الحنظل يمنع الحبل وإن ُسقيت المرأة من ماء األشنان الفارسي وزن ثالث دراهم منع‬
‫حبلها وأسقط جنينها وكذلك إن تحملت ببخور مريم وشربته وكذلك شرب الماء المخلوط بالقطران او‬
‫بالحنظل يسقط الجنين وكذلك الدار صيني والعود اذا خلطا وشربا او تحمل بهما؛ وحافر الحمار اذا تبخرت‬
‫المرأة به وادخلت رأسها في طوق ثوبها سقط جنينها ولو كان ميتا وكذلك الريشه اذا طليت بالقطران‬
‫وادخلت في فم الرحم يسقط الجنين وكذلك يؤخذ من الحلتيت نصف درهم ومن المر درهم ويسحق جميع‬
‫ذلك ويسقي به الحامل ترمي الولد سريعا ولو كان مليئاً‪ ،‬وان تعسرت مشيمة المرأة تعطس بمعطس ثم تمسك‬
‫أنفها وفمها زمناً فإن ذلك يزلق المشيمه ويخرجها وان لم تخرج تشمم البخور الطيب من العود والعنبر الخام‬
‫ويسير من الزعفران وطَلْي معدتها وقلبها بالمسك تذوب المشيمة وتنزلها وال‬
‫ٌ‬ ‫وتشرب من المسك والقرنفل‬
‫يضرها واذا نزل منها شيء فيمسك بلطف خوف أن يقطع قبل نزولها فيعسر نزولها واهلل اعلم‪.‬‬

‫وهذه أدوية الحبل‪ :‬أنفحةـ أرنب مجففه مسحوقهـ بدهن بنفسج تتحمل بها المرأة بعد الظهر ثم يأتيها‬
‫الرجل فتحبل من ساعتها بإذن اهلل‪ ،‬وأيضا حب القطن يدق وينقع في الماء يوماً وليله وتتحمل به المرأة بعد‬
‫الظهر ويجامعها الرجل فتحبل من ساعتها وايضا تتحمل المرأة بمخ ساق الجمل ثالثة أيام بعد الظهر ويجامعهاـ‬
‫الرجل فتحبل من ساعتها وأيضا تتحمل المرأة بأنفحة األرنب مع زبد او دهن بنفسج بعد الظهر تحبل سريعا‬
‫وايضا تتحمل بمرارة الظبي الذكر وشيء من خصي الثعلب مع عسل النحل تحبل سريعا وايضا مرارة الذئب او‬

‫‪77‬‬
‫االرنب او األسد ان تحملت بدانقين حملت سريعا؛ وأدوية الحبل كثيره غير ذلك تعرفها الدايات وليست‬
‫مذكورة و خاصتنا هنا الجماع و لذته؛ واهلل سبحانه وتعالى اعلم ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪78‬‬
‫الباب التاسع‬
‫في ذكــر الـسـ ـحــق والـمـ ـس ــاح ـقــات‬

‫السحاق قديم في النساء ولهن به لذة عظيمه تهون عندهن اإلفتضاح به واإلشتهار به قال رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ( سحاق النساء بينهن زنا )؛ وأول من سن السحق إمرأة وفدت على النعمان بن المنذر‬
‫فأنزلها عند امرأته هند فعشقتها وكانت هند أحسن أهل زمانها وهي التي تسمى المتجرده لحسن متجردها فلم‬
‫تزل المرأة تخدعها وتُزيِّن لها السحاق وتقول لها ان في اجتماع المرأتين لذة لم تكن بين الرجل والمرأة وأمناً‬
‫من الفضيحه وادراكاً لتمام الشهوه من غير إتهام وال محاذرة لعاقبة حتى وافقت فوجدت من اإللتذاذ به فوق‬
‫ماقالته وبلغ من شغف كل واحدة منهما باألخرى مالم يكن بين امرأتين قط قبلهما فلما ماتت المرأة إعتكفت‬
‫هند على قبرها حتى ضرب بها المثل‪ ،‬و في ذلك يقول الفرزدق ‪:‬‬

‫َو َّف ْيت بعهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد كان منك تكرماً‬

‫كما للمرأة اليمانيـ ـ ـ ـ ـ ــة وفَت هند‬

‫ثم من بعدهما رعوم ونجده تعاشقاـ واشتهر أمرهما بالسحاق حتى عرف بذلك أخو رغوم فترصد لهما‬
‫تحرض قوم نجده على أخيها‬
‫حتى وافاهما يوما وهما مضطجعتان فقتل نجده وارتحل بأخته فجعلت رغوم ِّ‬
‫وشبت الحرب بين قوميهما‪ ،‬وفي هذا دليل على عظم مايجدنه من اللذة في السحاق وترجيحه عندهن على‬
‫اللذة من الرجال‪ ،‬والمساحقات على ضربين إحدهما من تحب السحق والتكره اإلير فميلها الى السحاق‬
‫وعبثها به ألحد أربعة أوجه إما لشدة إلفراط شهوة ولم تجد كافيها فيحملها ذلك على األستفحال وحك‬
‫األشفار باألشفار وتستمنى بذلك وتستشفى من غلمتها به فهذه يمكن إنتزاعها من الشك الى اليقين وإخراجها‬
‫من المجاز الي الحقيقة بالرجل الماهر الموسر من الباه الذي يعرض عليها أنواع النيك وألوانه حتى ينظر أي‬
‫لون يقع اختيارها عليه وأي لون يوافق شهوتها فيعاملها به‪ ،‬فقد رأينا بعض الدجاج إذا طالت غيبة الديك عنها‬
‫استديكت على الدجاج وسفدتهم وصاحت صياح الديك فإذا لقيت الديك وسمعت صياحه ووجدت منه‬
‫حقيقةـ السفد رجعت إلى عادتها وانقطع صياحها ولم تسفد الدجاج‪ ،‬ورأيت امرأة ممن اشتهرت بالسحاق‬
‫وظهرت الفحولية في كالمها ثم تزوجت وتركت السحاق فرقت شمائلها وأما الجهل بحالوة النكاح والتغفيل‬
‫وحكي ان سحاقه رأت إير رجل قائما‬
‫عنه وعن عظم قدره فهذه أيضا سريعةـ األنتباه قريبة الرجوع الى الحق؛ ُ‬
‫فقالت‪ :‬مثل هذه المدقة في الدنيا ونحن ندق ثيابنا براحة كفنا منذ عشرين سنة ثم تركت السحاق ورغبت في‬
‫الرجال‪ ،‬وأما لالحتراس من الحبل لكراهة الولد او إتقاء الفضيحة فيه فهي تتخذ السحاق سدادا من عوز واما‬
‫ان تكون في ابتدائها مقهورة محكوماً عليها من غالبة تعجز عن عصيانها او ماكرة تزين لها السحاق فإذا ذاقت‬
‫لذة ذلك استمرت عليه واحبت ان تفعلـ بغيرها لتوجدها لذة ما وجدت وهي في حال الفعل بها كاألمردـ إذا‬

‫‪79‬‬
‫انفلت من العفج لم يكن له هم إال اللواط‪ ،‬وأما الضرب الثاني منهن فهي المتذكرة الخلقة والخلق ويظهر ذلك‬
‫فيها من صغرها فهى تنافس الرجال وتتشبه بهم وتأنف من الخضوع لهم وقد رفضت النيك واستهانت باإليور‬
‫ونافست الرجال في األبكار وساوتهم في الغيرة عليهن والمحاماة عنهن وقد ينتهي بها األمر الى أن تنيك‬
‫األمرد وتبادلهم‪ ،‬قالوا‪ :‬وانعاظها ان يخرج لها من تحت البظر شيء كعرف الديك وليس كذلك وانما هو‬
‫العظم الرقيق الذي هو فوق مدخل اإلير شبيه بعظم األنف الداخلي في لينه يسمونه العنصب فتضعه على فرج‬
‫المفعولـ بها وتحك به فإذا حكت به فرج المفعول بها برز بروزا شديدا كدرد الطفل إالَّ انه مستطيل غير‬
‫متعرضـ ويجدان لذة أعظم من لذة النكاح واذا تعمد الرجل حك ذلك الموضع من المرأة بإيره برز له ذلك‬
‫ورأى من التذاذها وانحاللها مايدل على ماذكرت وقد يدمي إلية األمرد إذا ناكته فتتوهم انه من شيء يخرج‬
‫من فرجها وإنما هو من خشونة شعرها وقوة فحسها عليه وكلما يفعلهـ الرجل في حال النكاح تفعله المساحقهـ‬
‫في حال السحاق من الضم والعناق والقبل‪ ،‬والسحق على الجنبين والجلوس بين الرجلين مقرفصة ما خال‬
‫اإلستدبار الذي يسمى الكوري فإنها ال تعتمده إال في نيك األمرد فهذه إن نيكت وحبلت فليس هو من شهوة‬
‫نيك الرجال وانما هو لمعنى يوافق غرضها من رجل بعينه فيلذ لها نكاحه لذلك الغرض دون غيره من الرجال‬
‫واهلل اعلم؛ وكتبت سحاقة الى متـقيه هذه األبيات الشعرية ‪:‬‬

‫تك حياتي‬
‫رقعتي هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذه قد ُ‬

‫فانظري ما كتبـ ـ ـ ـ ــت فيها و عيه‬

‫واس ـ ـ ـ ـ ـ ــمعي ال رأيت مكروهاً‬

‫و اتبعي ما أقول ـ ـ ـ ـ ـ ــه و استريه‬

‫وإذا ما رأيـ ـ ـ ـ ـ ــت قولي صواباً‬

‫فاقبليه إن ش ـ ـ ـ ـ ـ ــئت أو فاردديه‬

‫الي راغبة راعية ألريك جارية وأي جارية ليست بدونك في الجمال وال مقصرة‬
‫ثم أكملت نثراً قائلة‪ :‬وسيري َّ‬
‫عنك في الكمال ذات شعر فاحم وصدر ناعم ونهد قائم وردف أعظم وخصر أهضم ِ‬
‫وح ٍّر كخيمة النور الجم‬
‫فبادري لتذوقي طعم اللذاذة حقا وتعلمين بأني قد قلت في السحاق صدقا‪ ،‬يابؤس ِح ِّري تمضي اللذاذة عنه‬
‫والعيب والعار يبقى وإذا كانت الحال كلها سمجة فهذه ايسر من تلك في الدرجة‪ ،‬هذا كفاف وذاك اسراف‬
‫وهذا امر مستور وذاك امر محظور وقد نصحت لك فانتصحي‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫فأجابتها المتقية وقالت ‪ :‬جاءت الرقعة عندي فأنا يا أُخية ذاك أفدي وفهمت الذي كتبت وتبينت وأوردت من‬
‫نظم ونثر وسرد فاسمعي العدمت نصحك مني وافهمي ما غَ َّر َد باب الحق عندي وانصتي ال ذقت بعدك في‬
‫القول وال سلكت سبيل الهول‪ ،‬أيتها األخت اطال اهلل عمرك عندي وأجل اهلل قدرك مادامت حياتك فقد‬
‫ذكرت ما ذكرت وأجمعت وما انصفت وتعديت فيما أديت وسميت ما أنا فيه عيبا وعارا وهجرا وشارا‬
‫وعد ْد ِ‬
‫ت له أقواال فطالبت بالحجة‬ ‫وعرفْ ِ‬
‫ت هواك فتونا وسترا وجعلتيه كفافا وفخرا وضربت لذلك أمثاال َّ‬ ‫َّ‬
‫وإظهار المحجة ثم هفوت فدعوت الى أمر ما انكره كانكارك علي ما اؤثره وسأجيئك على قولك فصال لتعلميـ‬
‫أن الذي رخص لك في المصاحبة حسن لنا المناكحة والذي طيب لك في المساحقةـ طيب لنا المعانقة‪ ،‬والدواة‬
‫ال تفلح بغير أقالم والنخيل افضل الشجر والرطب أحلى الثمر والقطايف خير من السندود واللوزنج خير من‬
‫الثالوذج والقلم خير ترجمان الصدور والرحا بغير قلب التدور والشرايح التُـنال بغير سفود والشرايع التقوم‬
‫بغير عمود ِ‬
‫والم ْرود له األكتحال واألحداق والشواء اليشوى بغير احراق‪ ،‬وبعد ‪ ....‬فهذا الشق لهذا المرق‬
‫وهذا األنزع لذاك األصلع وهذا العقب لذاك المرقب وهذا المهند النايم لذاك المسند القائم وإني أقول قولي‬
‫لمستحقه السحاق وما أوحش الشق على الشق وقد كان في اإلير لها راحة ألنها زاغت عن الحق ثم إني‬
‫لعذرك باسطة وعليك غير ساخطة ألنك عبت ما ال تعرفين ونهيت عن ما ال تَخبِرين ومن لم يذق العسل لم‬
‫يعرف قدره ومن لم يستنشق المسك لم يعرف فخره ولولم يكن ما نهيت عنه الذ الموجودات عند البنات لم‬
‫تعد المرأة بعد النفاس الى ذلك المراس وال رجعت بعد الوالدة الى تلك العادة وأما الرجال فإن أحدهم يبخل‬
‫المتيَّ ِمين من العشاق المتقدمين إذ فيهم من‬
‫على نفسه ويجود بما يملكه على عرسهـ وجسده‪ ،‬ما جرى على ُ‬
‫عدم الغفلة وفيهم من فقده أهله وفيهم من قتل نفسه أسفا ومنهم من مات حسرة وتلهفا عشقوا ُلي ْقتَلوا‬
‫وهيهات هيهات انما أُعطوا و ُمنعوا و ُح ِجبوا فالتهبوا وذاقوا فاشتاقوا ونظروا فانفطروا وعشقوا فاحترقوا و‬
‫قعدوا بين مقتولـ ومجدول وطائش ومجنون ومخبول ومغبون وناظر وباك وشاك وانما أكثروا اللَّ َحاحة من أجل‬
‫تلك الحاجة وأطالوا النزاع لدس المتاع في المتاع ‪ ...‬أختي من أعجب العجب بُعدك عن لذة هذا اللهب ‪..‬‬
‫وصفتيني الى جارية ودعوتيني اليها وأنا أُعرفك على فضل ما عندي ‪ ..‬وهذه األمور ليست تدرك بالمواصفة‬
‫وانما تعرف بالمكاشفةـ فإن ِ‬
‫أردت ذلك ‪ ...‬تجعلين إيره في أشفارك ‪ ...‬فإن عندي ِ‬
‫لك غالم مليح القوام‬
‫حسن اإلبتسام ساحر الجفون بديع الفنون تهش اليه النفوس له اصداغ كأصداغ العروس خده كخدك ترفاً‬
‫َ‬
‫وقده كقدك هيفا و اقرأي ما كتبت شعرا‪:‬‬

‫ألوف ُمل ٍْق‬


‫رخيم الدالل بديع الجمــال حميد الخصال ٌ‬
‫وحلق ٍ‬ ‫ٍ‬
‫رخيم ٍّ‬
‫وقد رش ـ ـ ــق‬ ‫بوجه مضيء وثغـ ٍر ٍّ‬
‫نقي ٍ‬
‫كريم الطباع شـ ــهي الجماع الى ما تريدين منه فاق‬
‫مليح المزاج لذيذ النكاح قليل الخالف لمن لو عشق‬
‫رشيق القوام شـ ـ ـ ـ ــهي الكالم كقدر التمام قد عتق‬
‫شبوق صبور عس ــوف غيور ولكنه يجور بإير حدق‬

‫‪81‬‬
‫ينيك مالطفة خمسة ويتبعها خمسـ ـ ـ ـ ـ ــة في طلق‬
‫فقربا لهذا واهال به وبعداً لذاك وسـ ـ ـ ـ ـ ــحقا بحق‬
‫فال تقربي السحاق ما هذه فإن السـ ــحاق لشر خلق‬
‫إلي والتقرفي ترى كلما قلت حقائق‬
‫وسـ ـ ـ ـ ـ ــيري َّ‬
‫أختي ما تع ّدينا عليك ‪ ..‬عرضنا عليك ماعرفت وتقربنا إليك كما تقربت الينا فإن أردت هذا فبين يديك وان‬
‫أجبت فالسالم عليك‪.‬‬

‫واهدت متقية الى سحاقة أترجه كهيئة الفرج من أصل الخلقه وكتبت عليها شعرا ‪:‬‬

‫لما تأملت هذا ‪ ..‬قلت س ـ ـ ـ ـ ــيدتي‬

‫س ـ ـ ـ ــت المالح به أولى من البشر‬

‫جزء به مثل النـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار لتفتحه‬

‫في حق جاريـ ـ ـ ــة تزهو على القمر‬

‫صغيرة رهيفة ناعم ـ ـ ـ ـ ــة الخدين‬

‫مخلوقةـ من نبات الم ـ ـ ــاء و الشجر‬

‫وصورت متقية صورة غالم وقد رفع رجلي جارية وهو ينيكها وأرسلت به الى سحاقة وكتبت عند الصورة قول‬
‫الشاعر ‪:‬‬

‫وحقك مالي وللســحاق و ماله و مالي‬

‫ولي حبيــب ظريف في الغنج ‪ ..‬خال‬

‫وفي القلوب يلحظ فائقـ ـ ــات الجمـال‬

‫ذو طرة كظ ـ ـ ـ ــالم و غرة كالهالل‬

‫وقامة كقضيب تزهو بحس ــن اعتـدال‬

‫‪82‬‬
‫فذاك الشيئ سـ ـ ـ ـ ــؤلي أفديه بمالي‬

‫عسى يشوقك هذا فتبعدي عن ذاك الفعال‬

‫فصورت سحاقة صورة جارية تساحقها وارسلتها الى التقية وكتبت عندها هذه األبيات تقول ‪:‬‬

‫لكن أنسي نج ٌد ‪ ..‬يزهو النجود وخ ــال‬

‫كمثل نقطة مس ـ ــك تلوح فوق ه ــالل‬

‫يريك ثغراً نقياً و مبسـ ـ ـ ــماً كالآلليء‬

‫أملس ناعم ‪ ..‬عذب المذاق حـ ـ ـ ــالل‬

‫وحسن ٍ‬
‫جيد به ٍي كحسن جيد الغ ـ ــزال‬ ‫ُُْ‬

‫أقول لما بدا لي من حسنها ما بـ ــدا لي‬

‫سبحان من صاغ هذا الجمال من صل ـ‬

‫ـصال فصار خلقاً سوياًّ مكوناً من جمال‬

‫أبيت ارشف فيها بعيداً عن القيل والقال‬

‫إن كان هذا حرام ‪ ...‬فذاك غير حــالل‬

‫فقال ابو نواس في المعنى ‪:‬‬

‫معنى أنا به عليم‬


‫ما للس ـ ـ ـ ـ ــحاق ً‬

‫لكنها شـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــحوم تدلِّكها شحوم‬

‫‪83‬‬
‫ما للحكاك ش ـ ـ ــييء إذا أُغير بقوم‬

‫حتى يغيب فيه ذا األصلع الميشـ ـ ــوم‬

‫وقال ايضا فيه ‪:‬‬

‫قبح اإلله س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواحق األرض‬

‫فضحن حرايـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر اإلنس‬


‫فلقد ْ‬

‫يخضن حرباً ال س ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالح بها‬

‫فيض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــربن الترس بالترس‬

‫ومما قلت ‪:‬‬

‫َع ِجبوا من سـ ـ ـ ـ ــحاقها ثم قالوا‬

‫ما الت ـ ـ ـ ـ ـ ــذاذ األفراج باألفراج‬

‫فيبدو كس ـ ـ ـ ــها من ِّ‬


‫الحك عليل‬

‫بالر َّجاج‬ ‫مال ِ‬


‫َك و السـ ــحاق و عليك َّ‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪84‬‬
‫الباب العاشر‬
‫في فضل الغلمان الحسان على الغلمان وما وقع بينهما من المفاخرات والمنادمات والحكايات الغريبه في ذلك‬

‫قد أجمع أهل زماننا على تسمية األمرد ِعلقاً‪ِ ،‬‬


‫والعلق هو الشيء الثمين من الذخائر النفيسه‪ ،‬وبعض‬
‫المدلسين من المتصوفين يأتي األمرد فيخمشه ويمسك ِشفته ويقول له ِ‬
‫ياعلق من غير احتشام والهيبة فإن ال َن‬
‫له وأمكنه من نفسه انتهز فرصته وقضى منه غرضهـ وان َّ‬
‫تنكر له وهمز عليه وخاف بادره بالشر وانكار ما يفعله؛‬
‫حسنَت صورته فذاك عناية الخالق‪ ،‬ومن كان في عناية الخالق أحبه المخلوق‬
‫كان شيخي يرحمه اهلل يقول من ُ‬
‫ومن أحبه المخلوق دل على محبة الخالق له ومن أحبه الخالق تعلق برحمة اهلل تعالى ومن تعلق برحمة اهلل تعالى‬
‫فذاك ِ‬
‫العلق ثم يمضي يقول‪ :‬اللهم اجعلني من العلوق‪ ،‬وقد افتتن بالغلمان كثيراً من الرؤساء المتقدمين‬
‫والشعراء وغيرهم من طبقات الناس واشتهروا بفسقهم وأحسنوا في وصفهم وشادت بذلك اشعارهم وطارت به‬
‫أخبارهم‪ ،‬وشيخ الجماعة واستاذ الصناعة القاضي يحي بن اكتم على نباهة قدره وجاللة أمره وارتفاع منصبه هو‬
‫القائل‪ :‬انما الدنيا طعام ومدام ومنام فإذا فاتك هذا فعلى الدنيا السالم ‪.‬‬
‫ويُحكى أن سرد ابن الكاتب كان بين يدي يحي بن أكتم يكتب وكان فتاً جميالً فقرص يحي خده‬
‫فخجل واحمرت وجنتاه ورمى بالقلم من يده‪ ،‬فقال له يحي‪ :‬خذ القلم واكتب ما أملي عليك فأخذ القلم‪،‬‬
‫فأملى عليه شعرا ‪:‬‬

‫أيا قمراً خمش ـ ـ ـ ــته في خده فتعصبا‬

‫و أصبح لي من بينه ـ ـ ـ ـ ـ ــن ُم ْنتَ َخبَا‬

‫إذا كان للتخمي ـ ـ ــش و العض كارهاً‬

‫فكن أبداً يا سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيدي منتقبا‬

‫وال تُظهر األصداغ للنـ ـ ـ ــاس تفتنهم‬

‫و اجعل منها فـ ـ ـ ـ ــوق خديك عقربا‬

‫فتقتل مش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتاقاً و تفتن ناسكاً‬

‫و تترك قاضي المسـ ـ ـ ـ ــلمين معذبا‬

‫وقال آخر ‪:‬‬

‫‪85‬‬
‫واهلل ياقـ ـ ــوم لقد حل دمه‬ ‫وأي ارض لم يطأها قدمه‬ ‫أي دواة لم يلقه ــا قلمه‬

‫الجور ينقضي في هذه‬


‫فقال داعية المأمون‪ :‬قاضي يرى الحد في الزنا واليرى على غيره من بأس فإني ال أرى ْ‬
‫البالد‪ ،‬وكان في عهد المأمون رجال ادعى النبوة فقال المأمون ليحي بن اكتم اخرج بنا الى هذا المتنبي منكرين‬
‫لعلَّنا نسمع منه شيئا فلما دخال عليه جلس المأمون على يمينه ويحي على شماله فقال له المأمون‪ :‬أنت نبي؟‪،‬‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬ومن هم ناسك؟‪ ،‬قال‪ :‬ال أدري غير أن جبريل نزل إلي الساعة وقال‪ :‬يدخل عليك رجالن‬
‫الساعة يجلس أحدهما عن يمينك واآلخر عن شمالك والذي يجلس على شمالك أل َْوط ما خلق اهلل‪ ،‬وكان قد‬
‫عرفهما فضحك المأمون وقال له‪ :‬أشهد ان قولك هذا حق؟‪ ،‬وخرجا‪ ،‬وكان يحي بن أكتم عند الواثق يوما‬
‫وبين يديه غالم من غلمانه حسن الصورة فأخذ يحي ينظر إليه وتبسم فقال له الواثق‪ :‬يا يحي بحياتي هل شلته؟‪،‬‬
‫فقال يحي‪ :‬نعم وحياتك مرة واحدة فقط‪ ،‬معنىكالم الواثق بحياتي هل نكته؟ ‪.‬‬

‫صبح أصغر وشراب أحمر وغالم أحور‪ ،‬وقال أبو العسس‪ :‬الغالم‬ ‫ِ‬
‫قيل لبعضهم ما ألذ العيش؟‪ ،‬فقال‪ُ :‬‬
‫أقل مؤونة والين معونة‪ ،‬يؤمن من طمثه ومن حبله وال يتوقع الحد والرجم من قبله وهو في الخلوة نديم وفي‬
‫السفر صاحب؛ ومن المستشهدين بهذا الفن أبو نواس وشعره فيهم كثير جدا‪ ،‬فمن قول ألبي نواس‪:‬‬

‫عليك بالمرد وارغ ــب في مراكبهم‬

‫إن النساء مطياة الش ـ ـ ـ ـ ـ ــياطين‬

‫سأمدح من يعشـ ـ ـ ـ ــق نيك أمردا‬

‫و أهجو من يرى ني ـ ـ ـ ــك القحاب‬

‫وقال ايضا ‪:‬‬

‫فما نال القحـ ـ ـ ـ ـ ــاب فتى كريم‬

‫وال كهل يُرى بالخض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب‬

‫راج ُمخيَّ ِ‬
‫ب‬ ‫رب ٍ‬‫طمعت في قحبـة َّ‬

‫قلت لما رأيتها و أسـفرتـ عن نقاب‬

‫‪86‬‬
‫أطلبي لي فتـ ـ ــى أمردا و اذهبي‬

‫إنني لست م ِ‬
‫دخل تبعي جحر عقربـ‬ ‫ُ‬

‫وتزوج ابو نواس امرأة ثم هرب عنها في ليلته وكتب اليها ‪:‬‬

‫صاحبة القد الجميـ ـ ـ ـ ــل تحملي‬

‫و اذهبي فكم مثـ ــلك من حرة زائفه‬

‫لم ِ‬
‫تكون يوم ـ ـ ـ ـ ـ ــا من مطلبي‬

‫ال ابتغي بالطم ـ ـ ـ ـ ـ ــث مضمونهـ‬

‫وال أبيـ ـ ـ ـ ـ ــع الظبي و األرنب‬

‫وال أش ـ ـ ـ ـ ــتهي الحيض وال أهله‬

‫ومن اكثر مجونةـ قوله‪:‬‬

‫بأبي نواس أخي الهجان ــة فاقتدي‬

‫و من الشـ ـ ـ ـ ــطارة ما بذلك فاردد‬

‫ال يمنعنك خشـ ـ ـ ـ ـ ــيةً عن لذة‬

‫فتكون أول جاح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد يمجد‬

‫روة ماجـ ـ ـ ــن يوفي به‬


‫كهلت ُم َّ‬

‫يوم الحس ـ ـ ـ ـ ــاب على احقية أمرد‬

‫‪87‬‬
‫وقال غيره ‪:‬‬
‫التدق الك ـ ـ ــس ولو كان كطعم الفستق‬ ‫باهلل يا إيري استمع وصية من مشفق‬
‫إن ما عند األمرد اطيب من كس نقي‬

‫ومثل اهل هذا المذهب الى الغلمان يلهثون ألسباب مختلفه فمنهم يذهب مذهب أهل الطب ويقول‬
‫ان مجامعتهم أقل ضررا من مجامعةـ النساء وأنقى للجسد وآمن عليه من المضار الحادثة من نكاح النساء ‪00‬‬
‫هذا رأي الرؤساء وارباب المناصب والمترفين من الناس المراعين لحفظ اجسامهم والمحافظين على انفسهم‪،‬‬
‫ومنهم من يتخذهم للخدمة واإلستعانة بهم في األسفار والتغرب فبطول الخلوة معهم واإلختالط بهم تدعوهم‬
‫الشهوة الى مجامعتهمـ السيما في أوقات الخلوات في الحمامات ومجالس الشراب وحاالت السكر التي تظهر‬
‫فيها محاسن الغالم ورشاقة حركاته‪ ،‬ومنهم من يستخدمهم هربا من الذرية والنسل أو خوفا من عار البنات‪،‬‬
‫ومنهم من يتخذهم لإلشتغال واإلستظهار عليهم بالنيك والقهر لهم واستالب النخوة والكثر من هؤالء؛ قال أبو‬
‫نواس شعرا ‪:‬‬

‫العمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة األمرد‬


‫نك ابن َّ‬

‫و ابن الخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال و الخالة‬

‫ومما قلت في هذا المعنى‪:‬‬

‫هم ثالثة ني ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــكهم واجب‬

‫أنقى من الصحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة للصدر‬

‫ذوات الكس للخشـ ـ ــية و ِ‬


‫العـ ْلـق‬

‫للذة و الحاسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد للقهر‬

‫وقلت من أبيات ‪:‬‬

‫فلو َّ‬
‫أن الع ـ ـ ـ ـ ـ ــوازل أنصفوني‬

‫و رأوا نيك الع ـ ــلوق من الصواب‬

‫‪88‬‬
‫ـلوق ٍ‬
‫مرد فأ‪...‬‬ ‫فيالقوني بعـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬

‫سلب منهم أوالد القحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاب‬

‫وقيل ايضا في هذا المعنى ‪:‬‬

‫قالوا دع المـ ـ ـ ـ ــرد و دع نيكهم‬

‫فنيكهم إحدى صف ـ ـ ـ ـ ــات الخباث‬

‫قلت لهم ‪ :‬إن إي ـ ـ ـ ــري له حمةٌ‬

‫لم يرض مني رك ـ ـ ـ ـ ــوب اإلناث‬

‫ومنهم من يتخذهم ليقضي بهم ديون سابقة وذلك أنه يكون في صغره يحب أن ينيك او يُناك من المرد‬
‫فإذا كبر لم يكن له علم إال اتباع المرد والدخول في مذهبهم‪ ،‬هذا يكون أعلم القوم وأعرفهم بغوامض أسراره‬
‫وأنق نظراً فيما يعاينه المرد من جهة معرفته بأموره وأحواله في الصغر‪ ،‬ومنه من يفعل بالصبي مرة على وجه‬
‫التجربه فيوافق منه لذة فتدفعه إلى التمادي على الفعل و سببها تلك اللذة التي واقعها عند اإلبتداء‪ ،‬وقد تستمر‬
‫العادة على شخص واحد فال يجب إستبداله ألنه ال يلتذ بغيره‪ ،‬وقد رأيت هذا في زماننا فإنه وجد شيخان ليس‬
‫فح ِمال إلى والي البلد فاستفسر منهما َّ‬
‫فأقرا وقال‬ ‫في لحية كل واحد منهما شعرة سوداء وأحدهما ينيك اآلخر ُ‬
‫المفعولـ به‪ :‬نحن على هذا من أيام الصغر وكلما قلت له قد كبرنا عن هذا الشيء قال‪ :‬هذه المرة األخيرة و‬
‫نتوب بعدها‪ ،‬فأمر الوالي بإبقاء أحدهما خارج البلد ليفرق بينهما و لكن مازاال يجتمعان خارج البلد حتى فرق‬
‫الموت بينهما ‪.‬‬
‫ومن احتجاجهم في تفضيل الغلمان أن الرجل يقوم من نيكهم نشيطا سالما من والكسل الذي يعتريه من‬
‫أنفاس المرأة ثم ان إقبال المرأة في وجه الرجل عند مضاجعتها ُي َع ِّجل الشيب قبل وقته ومن ذلك ايضا ان في‬
‫الح ْر فإن الذكر إذا دخل في اإلست انضمت عليه حلقته والزمته في‬‫اإلست من الضيق والحرارة ما ليس في ِ‬
‫الحر ألن الموضع الضيِّق من ِ‬
‫الح ْر اليملكه اإلير جميعه وانما‬ ‫ِ‬
‫الدخول أو في الخروج الى طرفه وهذا ليس في ْ‬
‫ضيقه من داخل الشفرين فال بد أن يبقى من اإلير فضلةً الينضم عليها شيء ألن المرأة التقدر على ضم شفرها‬
‫وال ينطبع ِ‬
‫الح ْر على اإلير كانطباع اإلست عند التقائه عليه مستديرا‪ ،‬ومن ذلك ان في نيك األمرد أمان منه في‬
‫تأمل عيبه ان ُوجد وتصفح شيبه وفيه أنه يوليه ظهره ويسلم له إسته وقلت في ذلك ‪:‬‬

‫‪89‬‬
‫لما رأت شـ ـ ــيبي بدا ‪ ..‬أعرضت‬
‫َّ‬

‫و لم أنل منه ـ ـ ـ ـ ـ ــا الذي رمته‬

‫أعتقت من حبي له ـ ـ ـ ـ ـ ــا أمرد‬

‫ال يبصر الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيب إذا نكته‬

‫ومن ذلك ان المرأة قد يشتغلها الحيض فيعزل عاشقهاـ عنها فتطول المدة ومكابدة الشوق وليس في الغالم‬
‫شيء من ذلك وانما هو كالدابة الدلول متى شاء صاحبها ركب ومتى شاء نزل‪ ،‬قال يسار‪:‬‬

‫أقول وقد راح ِ‬


‫الحـ ـ ُّـر بالحيض عني‬

‫فنف ـ ــسي في ٍ‬
‫غزال ال يحيض وال يلد‬

‫ومن ذلك أن في النساء فتور فإذا كثر على المرأة تكدر على الرجل عيشه‪ ،‬وإذا منعت نفسها عليه‬
‫ربما كان سببا للفراق بينهما‪ ،‬ومن النوادر قالوا اإلير أولى بالحجر من ِ‬
‫الح ْر ألننا نجد عدد حروف اإلير و‬
‫الحجر في حساب الحروف مائتين وإحدى عشر فبهذا صار كل واحد منهما أولى باآلخر ولم نجد بين اإلير‬
‫ِ‬
‫والح ْر مناسبة من هذه الطرق‪ ،‬وقال احدهم ‪:‬‬

‫اإلير للحجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر حربة‬

‫و يدبل لو كـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان للكس‬

‫ما ُخلِقت ه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذه ُم َد َّورة‬

‫إالَّ لهذا المكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوعم الرأس‬

‫و قال أيضا‪:‬‬

‫يقولون نيك ِ‬
‫الح ِّر أش ــهى و أطهر‬

‫‪90‬‬
‫فقلت لهم إيري على الكــس أصغر‬

‫و قايسته ِ‬
‫بالحجر فجـ ـ ــاء موافقاً‬

‫وال إلتِّفاق اإلير و ِ‬


‫الحج ـ ـ ــر شكر‬

‫وقال محمود الوراق في امرأة تزوده بالغلمان ‪:‬‬

‫رأت لي غالماً قد تم حس ـ ـ ـ ـ ــناً‬

‫و أدعى للفس ـ ـ ـ ـ ـ ــوق و اآلثام‬

‫فهي للتش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبه منه تسموا‬

‫و اين النجوم من بدر التم ـ ـ ـ ــام‬

‫تكر ٍه‬
‫تعاف الزب ع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوف ُّ‬

‫و تلعب باإليور و بالحم ـ ـ ـ ـ ــام‬

‫و تغدوا لألس ـ ـ ـ ـ ـ ــواق كل يوم‬

‫و ترمي بالبنادق و الس ـ ـ ـ ـ ــهام‬

‫فبها قد ك ـ ـ ـ ـ ـ ــانت كل حكمتي‬

‫بحسن الدر من ـ ـ ـ ـ ـ ــها و القوام‬

‫أسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُّـد شقاً‬


‫فكيف لي بحيلة ُ‬

‫بعيد القعر ن ـ ـ ـ ـ ــاعم ندي التمام‬

‫‪91‬‬
‫وقال بعض المتقدمين أنه وقف له رجل وعرض مسألته قائالً‪ :‬ما دين ِ‬
‫الح ْر ‪ ..‬كافر أم مسلم؟‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫هو على دين صاحبته إن كانت كافرة فهو كافر وإن كانت مسلمة فهو مسلم‪ ،‬فقال‪ :‬ما صنعت شيئاً‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫فأفِ ْدني‪ ،‬قال‪ِ :‬‬
‫الح ْر كافر على كل حال‪ ،‬قلت‪ :‬فما الدليل؟‪ ،‬قال‪ :‬ألم ترإلى المرأة إذا سجدت للصالة كيف‬
‫يحول وجهه عن القبلة‪ .‬وقالت إمرأة لمحبها‪ :‬ما أعظم مصيبتي‪ ،‬قال‪ :‬مصيبتك في ِح ِّرك أعظم‪ ،‬قالت‪ :‬وكيف؟‪،‬‬
‫وسود جبينه وقطع لسانه وحفر إلى جنبه شق‪.‬‬
‫قال‪ :‬ألنه فضح وجهه َّ‬
‫والناس في اختيارهم المرد مختلفون فمنهم من يميل إلى الحدث الذي لم يراهق وهو ناعم وألذ ملمسا‬
‫وألين بشرة وهو أيضا أقرب الى اإلنخداع وأسهل الى اإلنقياد‪ ،‬ومنهم من يميل الى الحدث الشباب الذي قد‬
‫ورم َق ْتهُ عيون النساء ويُقال هو أصبر على شدة الذكر‬
‫اخضرت منابت شعرته أو كادت أن تنبت وامتأل بهجة َ‬
‫ولكن الحذر أن يتململ تحت نايكه ألن الحدث وان كان في ابتداء بلوغه ولم يسرف شعره والخشن شعر‬
‫إسته وشعرته من تكرار الحلق والتدلت خصيتاه من غشيانه النساء؛ ومنهم من يختار من المرد الذي غلظ‬
‫واشتد خلقهـ وعتا وخشنت منابت لحيته أو مماسها وكثر غشائه للنساء وال أدري ما حجة صاحب هذا الرأي‬
‫غير أنه منشد األشعار في وصف العذار كقول أبي نواس‪:‬‬

‫تلك اللحي ـ ـ ـ ـ ـ ــة لوجنتيه خضرا‬

‫تنبت خضرا في زه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر‬

‫اآلن طاب و إنما ُحس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن‬

‫البهار يكون على الش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــجر‬

‫وقد احتج أبو تمام لنفسه بحبه مليحاً بحجة ليست بحجة قاطعة وذلك قوله ‪:‬‬

‫قال الوش ـ ـ ـ ـ ـ ــاة بدت في الخد لحيته فقلت التكثر‬


‫فإنها حرز له ‪ ..‬أبهى وأحس ـ ـ ـ ــن إذا نبت واخضر‬

‫ومن المرد من يبطئ عنه نبات الشعر بعد بلوغه زمانا طويال ومنهم من اليمهله‪ ،‬وشعر اإلست والشعرة‬
‫أسرع نباتا من سائر الجسد ومن العيب عندي تحبب البالغين العتاه من المرد الذين قد عاشروا النساء وداوموا‬
‫على النكاح وإن لم يشنهم الشعر ‪.‬‬
‫قال ابو نواس ‪:‬‬

‫إذا هجع الني ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام فحل عني‬

‫‪92‬‬
‫و عن مكايد من كـان يصلح للدبيب‬

‫أديب‬
‫عارف فط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـن ٌ‬
‫ٌ‬ ‫فإني‬

‫فتى أديب‬
‫وال يثنيك مثـ ـ ـ ـ ــلي ‪ً ..‬‬

‫ألذ النيك تأخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذه سرارا‬

‫بمنح الحب أو منـ ـ ـ ـ ـ ــع الرقيب‬

‫أيا ويلي على ولد العـ ـ ـ ـ ـ ــذارى‬

‫منعم منه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ربيب‬


‫فر ٌد ٌ‬

‫كأنه من نواعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم الغزالن‬

‫مال وفي عقلهـ عين المس ـ ـ ــتريب‬

‫فلما اشتد للشـ ـ ـ ـ ـ ــبق اضطرابي‬

‫و هيَّجه دغدغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـةـ القضيب‬

‫تنبه حين هيجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه فراغي‬

‫و أنكر حـ ـ ـ ـ ــالتي و رأى وثوبي‬

‫فقام يسبني و يشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــير نحوي‬

‫فقلت له ترف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق يا حبيبي‬

‫والدبيب على النساء اسلم وآمن عاقبة من الدبيب على الغلمان ألن المرأة اذا أحست باإلير فيها‬
‫انهارت قواها واستسلمت فال تطيق الدفاع عن نفسها بعد أن تملكها الرجل وتمكن منها ولم نسمع بامرأة قط‬

‫‪93‬‬
‫نزعت إير رجل من ِح ِّرها كراهة له وال استمر لها غضب في تلك الحال ألن عقولها في فروجها‪ ،‬وينبغي‬
‫للرجل الحازم اذا ابتلى بالدبيب على الغلمان أالَّ يدب إال على حدث أو على من هو أضعف منه‪.‬‬
‫وروي المعنبس العمري قال احضر دباب في مجلس صالح بن عبد القدوس ومعه مخالة معلقة على‬
‫عاتقهـ فنظروا فاذا فيها مخدة صغيرة وخرقة فيها تراب وخرقة اخرى فيها ملح ورقعة صغيرة وعظمة وخشبة‬
‫مخروطة ملساء الرأس كاإلير وحلقة ومقراضـ ونعالن من لبد فأمر صالح بن عبدالقدوس بغمز رأسه بين‬
‫الخشب إلى أن يقر بحرفته فقال‪ :‬األمان اصلح اهلل األمير‪ ،‬فقال‪ :‬أنت آمن إن أخبرتني فاصدقني والتبالي‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أنا رجل دباب استعمل هذه اآللة للدبيب فأما المخدة فإني إذا هممت بالدبيب على انسان وأردت أن أعرف‬
‫نومهـ ومبلغ سكره رميت بها عليه فإن انتبه تضاحكت له وقلت له‪ُ :‬ج ِعلْت فداك ضعها تحت رأسك‪ ،‬فيحمد‬
‫هو ذلك وأنا أمنت من شكه وأما التراب فإذا رأيته نائما على قفاه بثرته على وجهه فإنه يتحرك على جنبه ثم‬
‫أنثره على مسامعهـ فإنه ينام على بطنه وأما الملح فأنثره حوله لتزلق رجليه عليه اذا قام على شر وأما النعالن‬
‫اللبد فإني ألبسهما عند قيامي إليه لئال يحس أحد بوطاي وأما الحلقة فأدخل فيها ماء على إسته من السراويل‬
‫ثم أقطعه بالمقرضـ ثم أدهن مقعدهـ بالخطمي والريق مخافة أن ينتبه فيمسك بذكري أو بيدي ثم أندفع بالعمل‬
‫وأما الكوبرة فتكون معي فإن انتبه قبل العبث به وضعتها على فمي كأني عطشت فقمت للماء‪ ،‬قال‪ :‬فتعجب‬
‫صالح من صدقه وضحك حتى استلقى ‪.‬‬
‫ومن الفطنة أن اليدب على من هو من أهل المجلس وال على من له قريب يحرسه ولو أمكنته الفرصةـ‬
‫منه فإن المدبوب عليه البد أن يعلم أنه نيك وإن لم ينتبه؛ وللمعلمين أيضا قدرة وتسلط وكثير ما تحدث‬
‫العداوة بين المعلم وخادم الفتى على الصبي ويحرص كل واحد منهم على صاحبه؛ وحكي أن حماد بن عجرد‬
‫كان يؤدب صبياً لبعض الرؤساء وكان ابو نواس يغشى مكتب الصبي فحرسه حماد بن عجرد أشد الحراسة‬
‫فكتب ابو نواس الى أبي الصبي رقعة وارسلها مع الصبي وفيها‪ :‬يا أبا الفضل إن حماد بن عجرد على ابنك‬
‫كوقع الذئب على الغنم؛ فنهى األب حماد بن عجرد عن تأديب ولده فسهل األمر على ابي نواس؛ والطبقة‬
‫الثانية من أوالد التجار من اهل الكسب والحرص فهذا ال يغلب عليهم حب الدراهم واإلفتـتان بها فطالِبهم‬
‫اليحتاج الى توسط قواد وال رشوة قط ألن حبهم للدراسه وحرصهم عليها تكلفهم إجابة صاحبها وبذل الكثير‬
‫من أجلها وال ينكر أهلهم اختالطهم بالعامةـ وكثر غشيانهم األسواق وطول جلوسهم فيها ومعاشرةـ أجالء الناس‬
‫بل َيعُدُّونه من أسباب اإلكتساب والتجارة ويستحبون لهم ذلك فهذا يسهل صيدهم و هؤالء ال ينفع رشوة‬
‫خادمهـ واألحسن ان يحبه الصبي فيبدأ بمخاطبته بما يخجله وينهره من أول وهلة ويبدي له مقدمة يعرف بها‬
‫المراد كأن يؤنسه ويداعبه ويرامزه بالكالم كأن يقول له‪ :‬إن هذا الشال يشفي الفؤاد‪ ،‬ومعنى ذلك النيك يشفي‬
‫الفؤاد؛ والطبقة الثالثة أوالد السوقة وارباب الصناعات واأليتام المهملين فأكثر هؤالء يتعرضون للقنص بسهولة‬
‫وهم ينشرحون له من غير احتشام ويحضرون مجالس الشرب معدين أنفسهم للنيك ويكون منهم المالزم لنايكه‬
‫إذا كفاه مؤونته وكفاه عن سؤال غيره‪ ،‬وأكثر ما يحتاج مثل هؤالء الصبيان أوالً الى غمزة بالعين وإشارة باليد‬
‫فيسارع باللحاق بصاحبه الذي اشار اليه‪ ،‬وقد تقع قدم الرجل من الناس على قدم مثل هؤالء الصبيان من غير‬
‫تعمد منه فيتبعه الصبي وهو ال يدري ما سبب اتباعه له حتى يسأل عن شأنه؛ واعلم ان للمرد من كل طبقة خبثا‬

‫‪94‬‬
‫ومكرا فمنهم من يَِعد الرجل بنفسه طمعاً في وصله وحيلة على اخذ دراهمه فإذا حازها دافعه وما طله بالوعود‬
‫الكاذبة فيدوم انتظاره ويطول ليله ونهاره وقد يهزأ به ويضحك منه اذا علم انه يتستر ويستحي ويخاف افتضاح‬
‫أمره فيدفعه بذلك عن نفسه ويأمن من مطالبته إياه بما حاز من دراهم وامتعة‪ ،‬ومنهم من يسلم نفسه لنايكه ثم‬
‫يتمرد به ويمكر عليه بأن يكثر التململ والقلق والتوجع والتأوه وال يمكنه من دخول ايره ويظهر انه اليقدر على‬
‫ذلك ولم يتعودهـ وأنه لم يساعد احدا غيره على نيكه‪ ،‬فالرجل الجاهل بأحوالهم يقبل منه ذلك ويصدقه ويقنع‬
‫منه بالتعجل وافراغ الشهوة دون اإليالج وأما الحازم والعارف بأمورهم فالينخدع له وال يرضى منه بدون‬
‫الغاية إما بالرضى والمفاهمة أو بالقهر‪ ،‬ومما قلت في ذلك‪:‬‬

‫طعنته بي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــن اليتيه فبكى‬

‫فقال ‪ :‬لم ال ت ـ ـ ـ ـ ــدق في الحلقة‬

‫فقلت ‪ :‬أخشى علي ـ ـ ـ ـ ــك ياولدي‬

‫فقال ‪ :‬الطعنة أخت المش ـ ـ ـ ـ ــقة‬

‫ومنهم من يضم اليتيه على نايكه فمن كان إيره رخواً أعجزه عن اإليالج‪ ،‬وال يقدر على اإليالج إالَّ من كان‬
‫عرفني معنى هذين‬
‫إيره في غاية الصالبة وبكثرة الريق؛ وحكي أن أعرابيا جاء الى المارني فقال له‪ :‬أريد ان تُ ِّ‬
‫البيتين ثم انشد ‪:‬‬

‫وأُعد الع ـ ـ ـ ـ ـ ــدة لركوب ظهره‬

‫فيس ـ ـ ــهل الدخول إذ ماؤه يتدفق‬

‫أراه يسيل من النش ـ ـ ـ ـ ــاط لعابه‬

‫ويكاد جلد أديمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه يتمزق‬

‫فقال له‪ :‬هذه صفة فرس‪ ،‬فقال له‪ :‬اإلعرابي حملك اهلل عليه ومثله؛ وحكى األصمعي قال‪ :‬بينما أنا في طريق‬
‫مكةـ ومعي أصحابي إذ مر بنا أعرابي وهو يقول إلعرابية ‪:‬‬

‫أس ـ ـ ـ ـ ــمر طويل أحمر في عنقه‬

‫‪95‬‬
‫قام لرؤية الجبلين داخ ـ ـ ـ ـالً البير‬

‫فقالت له‪ :‬أغرب الحفظكـ اهلل يا فاسق‪ ،‬فقلت لها‪ :‬ماتريدين من رجل ينشد شعراً‪ ،‬فقالت‪ :‬انما ينشد إيره في‬
‫نيك األمرد؛ و نيك األمرد يكون أن تضجعه على أحد جنبيه وترفع فخذيه الى فخذيك كما تقدم في نيك‬
‫الحبلى ويجلس مقابال لفتحته بإيره مقرفصا على أصابع رجليه وإن أراد تركه على ركبتيه وذراعيه وإن أراد‬
‫ض َّمت‬ ‫اضطجع خلفهـ والصق بطنه بظهره وهذا الوجه أصلح لالحداث منهم دون الكبار فإن بطحه على بطنه ُ‬
‫فتى يشرب والمرد ندماؤه فهذا ُيغَنِّيه‬ ‫َّ‬
‫إليتيه وعسر عليه اإليالج؛ وقال ابو نواس‪ :‬ما استكملت اللذة إال في ً‬
‫وهذا اذا ما ناوله القهوة قبله وكل ما اشتاق الى قبلة من امرد وجدها فاه سقيا رطبة‪ ،‬ليتني أكون معهمـ منادما‬
‫ومن نام نكناه؛ واهلل اعلم ‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪96‬‬
‫الباب الحادى عشر‬
‫في فضل الجواري الحسان وما وقع لكل منهما من المفاخرات ومنادماتـ األشعار وهيئة الدب عليهن وذكر‬
‫آلة الدب عليهن‬

‫لو لم يكن للنساء فضيلة يفتخرن بها اال قول النبي صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬حبب الي من دنياكم ثالث‬
‫النساء والطيب وقرة عيني في الصالة) لكفتهم اذ لم يحبب للنبي إال أطيب األشياء وافضلها‪ ،‬وايضا في المرأة‬
‫خمس خصال كلها مستحسنه ليس في األمرد ذلك منها واحدة وهم ‪:‬‬

‫االولى ‪ :‬أن المرأة الشابة يكون جسمها في الصيف بارد وفي الشتاء حار وليس في األمرد ذلك ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬أن الجارية اذا راهقت زادت محاسنها وظهر رونق الشباب في وجهها وصورتها وعذبت نغمتها والغالم‬
‫بعكس ذلك ‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬أن المرأة تعشق وتساعد صاحبها على ما يحب منها‪ ،‬كما قال القائل‪ :‬ما العيش إال أن تحب ويحبك‬
‫من تحب‪ ،‬و الغالم ال يحب اال الدراهم ‪.‬‬
‫الرابعة ‪ :‬مساعدتها للرجل عند الجماع بالعناق وال ُقبل وغير ذلك من لذات النكاح واألمرد الصبر له على ذلك‬
‫وال مساعدة وانما كل ما يبذله لنايكه أن يوليه ظهره‪ ،‬فوصلهـ كالهجر فقد قيل ‪:‬‬

‫إذا كان غضبـ ـ ـ ــاناً لقيني بوجهه‬

‫و بالظهر يلقـ ــاني إذا كان راضياً‬

‫الخامسة ‪ :‬أن المرأة مجبولة على طاعة الرجل واإلقتصار على واحد دون غيره والصبر على طول الحجاب‪ ،‬و‬
‫عكسها الغالم ‪.‬‬

‫وفي األمرد خمس خصال كلها مستقبحه ليس في المرأة واحدة منها وهم كالتالي ‪:‬‬

‫األولى ‪ :‬نبات الشعر في اللحية والجسد و هو ما يبغضه الرجال والنساء فينقله من حال المدح الى حال الذم‬
‫كما قال الشاعر‪:‬‬

‫يقولون في نبت الش ـ ــعر للفتى وما‬

‫ألذ االَّ ينبت الشـ ـ ـ ــعر في الجسد‬

‫وما اللحية عز وال الشــعر زينة ولو‬

‫‪97‬‬
‫كان زينة لكان في جن ـ ـ ـ ــة الخلد‬

‫وقال آخر ‪:‬‬

‫ما تفعل الن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــار بالحديد‬

‫وما يفعله الش ـ ـ ـ ـ ــعر في الخدود‬

‫بينما يُرى األم ـ ـ ـ ـ ـ ــرد المعدِّي‬

‫كالبدر في ليلة الس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقود‬

‫سود الشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــعر عارضيه‬


‫إذا َّ‬

‫فصار قـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرداً من القرود‬

‫وحكي أن جارية الناطفي كانت تحب غالما من أوالد التجار فصارت تتعرضـ اليه فال يلتفت اليها وتراسله فال‬
‫ُ‬
‫يجيبها فتركته ثم اجتازت به بعد ان التحى فهش اليها فلم تكلمه ومضت الى منزلها وكتبت هذه األبيات ‪:‬‬

‫هالَّ و انت بم ـ ـ ــاء وجهك تُ ْشتَهى‬

‫ورد الشباب و انت ممنـ ــوح الصفا‬

‫اآلن ألثمه الزم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان بلحية‬

‫ما كان أحوجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ الى ان شفا‬

‫قد كش وجهك مقبـ ـ ـ ـ ـالً و مولِّياً‬

‫فاآلن وجه ـ ـ ــك حيث درت به هفا‬

‫‪98‬‬
‫الث ــانية ‪ :‬أن األمرد يدل على نايكه وذلك انه اليزال يسبه ويسفهه وخاصة إن كانا في جماعةـ وفي مجلس‬
‫شراب ولهو وربما يبطش‪ ،‬كما قال بعضهم ‪:‬‬

‫فهذا ونحن لهم نايكين فكيف لو كانوا ينيكوننا‬ ‫أنوفهم مخرومةـ بالهوى فيشتموننا ويذلوننا‬

‫الث ــالثة ‪ :‬ما يتوقعه من احداث األمرد الذي يقطع الشهوة ويفضح الخلوة ‪.‬‬

‫الرابــعة ‪ :‬أن الاليط مشهور بين الناس خبره مفتضح في العالمين أمره اليخفى علي أحد من الناس انه اليط‬
‫بخالف النسواني ال يشهر له امر وان كان على غير حالل ‪.‬‬

‫الخامسة ‪ :‬أنك اذا نظرت في وجه األمرد عند نيكه رأيت صورته أقبح ما يكون لِما يظهره من التألم‪ ،‬والعكس‬
‫في األنثى‪ ،‬واهلل اعلم ‪.‬‬

‫ومن نوادر اإلحتجاج في تفضيل النساء على الشبان أنه تفاخر لوطي ونسواني فقال اللوطي‪ :‬أنا اشرف‬
‫وارفع منزلة منك ألني أنيك من ينيك وانت انما تـنيك من يُناك‪ ،‬فقال النسواني‪ :‬لو كان هذا فخر لتزاحمت‬
‫الناس على نيك التيوس ولكني إذا نكت لثمت الخدود ورشفت البرود وضممت النهود وانت إذا نكت‬
‫رفصت من وراء وشممت العراء ولحست الخراء‪.‬‬

‫وتفاخر أمرد على امرأة فقال لها‪ :‬نحن افضل منكن ألن لنا الخدود المرد والجسوم الجرد والقدود‬
‫العذارالموصوف باألسفار مطهرون من األنجاس و من قذر الحيض والنفاس منزهون عن األوالد‬‫الملد ومالحة َّ‬
‫والحبل وفينا اكثر األشعار والغزل تعشقنا النسوان ومنا الولدان المخلدون في الجنان‪ ،‬فقالت له‪ :‬انما أنت قد‬
‫ٍ‬
‫بصدق و انت تتناك أعطيناك كالم وأجبناك‪،‬‬ ‫جاوزت المقدار وفخرت بفخر مستعار فإن رجعت الى نفسك‬
‫فقال‪ :‬أجيبيني فال يجهل نور القمر ونور الصبح من له بصر‪ ،‬فقالت‪ :‬كان من الصواب اال تستعجل الجواب‬
‫‪ 00‬فأما ادعاؤك الخدود المرد والجسوم الجرد والقدود الملد فقد ادعيت ما ليس لكم ألنها لنا وراثة موهوبة‬
‫وعليكم عارية مسلوبةـ وحسن جمالكم الذي به توصفونـ وافضل زمانكم الذى فيه تعشقون فليس فيها منا‬
‫مشابهة وليس فيكم فيها مناسبة‪ ،‬وقد روي عن بعض السلف أنه قال لبناته‪ :‬غضوا أبصاركم عن أوالد األغنياء‬
‫فإن لهم صور كصور العذارى فيشبهوكن في صوركن والمشبه أفضل من الشبيه‪ ،‬واذا ُسلبتم طالئع العذارى‬
‫الذي عددتموه من مفاخركم تشوه خلقكم وتتغير صوركم وتكسد بضاعتكم فيعافكم عاشقكمـ ويطرحكم‬
‫ويهجركم من كان به يمدحكم‪ ،‬حتى انه قال الشاعر الحسن بن هاني ‪:‬‬

‫يعجبني األمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرد الظهر‬

‫اذا رأيته أهيف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـاً له كفل‬

‫‪99‬‬
‫حتى اذا ما رأيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت لحيته‬

‫فليس بيني و بين ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه عمل‬

‫ثم استطردت قائلة‪ :‬وقال بعضهم‪ :‬من لبس َّ‬


‫الش ْع َر عارضيه فقد مات وإن كان بيننا حيا؛ وقال آخر‪ :‬عريت من‬
‫ثياب البهاء ياقتيال بلحية سوداء ميتَةَ المرد في خروج اللحى؛ وقال آخر‪ :‬لو كنت كما كنت مدحناك بأبيات‬
‫لكنك خشنت ومن خشن مات‪ ،‬ثم لم يزل أحدكم ينتف لحيته ليتمسك بما فات ويطلب رجوع ما ذهب‬
‫وهيهات هيهات حتى يفضحه طلوع شحم جسده ويخشن نبات لحيته فإن تكوسج أحدكم ولم تطلع له لحية‬
‫ضمر وجهه وقلَّت بهجته فيعمل لها ويعالجها بما ينبتها ليهرب من قبح الى أقبح منه ُ‬
‫فحسنكم مردود إلينا‬
‫وقبحكم باق عليكم‪ ،‬وأما ما عرضت به من قبح الحيض والنفاس فواهلل لو قطعت استك لكفيتـني الموتة في‬
‫جوابك ألن الحيض والنفاس انما يعتادنا أياما قالئل اراد اهلل بهما تطهير األرحام ثم نعود الى ما هو أحسن مما‬
‫كنا عليه وأنت لو رأيت خراء إستك في اليوم والليلة مرتان خالفاً لما ترفعه دائما على صاحبك ألفتضحت فإن‬
‫قلت هذا شيء تساوينا فيه قلت لك فما ساويناك فيما تكلفهـ نايكك من قوة يحتاجها إليره ليولجه فيك مما‬
‫يقطع به شهوته وتـنقص به لذته فيقوم من فوقك خجال ناكسا ويقوم من فوقك ملطخا عابساً فهذا أقذر أم‬
‫الحيض والنفاس فإن جهلت فسل الناس‪ ،‬وأما قولك فينا أكثر األشعار والغزل فهذا من جهلك وقلة معرفتك‪،‬ـ‬
‫َأما علمت ياجاهل أن الشعراء يكتبون عن المؤنث بالمذكر طلبا لخفة اللفظ فيرون قال وفعل اخف من قالت‬
‫وفعلت أو للتورية كما قال بعضهم ‪:‬‬

‫في وجهه مبسم يسـ ـ ــحر القلوب به‬

‫منعم الخصـ ـ ـ ـ ــر يجري ماؤه فيه‬

‫كأن في صدره خفين س ــبحان خالقهـ‬

‫أَ ْعشقه و اقول فيه الش ـ ــعر وقوافيه‬

‫فوصف المرأة بلفظ المذكر وأراد بالخفين النهدين فالنهود لنا أم لكم؟!‪ ،‬وأما قولك تعشقنا الرجال والنساء‬
‫فغاية عشق الرجال لكم أن يقضي الرجل من أحدكم شهوته ويفرغ فيه نطفته‪ ،‬ومن اضطرته شهوته وميله الى‬
‫شق أحدكم الطفه فما هو إال أن يولجه أو يكاد حتى قطَّب جبهته وكلح وعبس وأطال التأوه والزفير وفتح فاه‬
‫وأغمض عينيه وأمال شدقيه فيصير أقبح خلق اهلل‪ ،‬فلوال سلطان الشهوة لنفر منه نايكه فمن الذي اشتهر‬

‫‪100‬‬
‫بعشقكم أو مات بحبكم أذكر لي رجالً واحداً هام بواحد منكم؟!!‪ ،‬أَ َف َع َل أح ٌد بكم كما فعل قيس بن عامر‬
‫بليلى أو قيس بن دريح بلبنى أو عروة بن حزام بعفره أو جميل ببثينه أو ُكثيِّر بعزة أو الوليد بن يزيد بسلمى أو‬
‫الوليد بن عبد الملك بجابه‪ ،‬وكفانا من الفخر محبة األنبياء لنا وشفعتهم بنا ولنا عشق بالرجال وليس عشق‬
‫المرأة مقصور على األمرد وإنما العشق إئتالف القلوب كما قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فيما معناه ان‬
‫القلوب أجناد مجندة بعضها يألف بعض واآلخرون يختلفون‪ ،‬ومامن واحدة من هوسها إالَّ وقد هامت بعاشقهاـ‬
‫كما هام بها وأحبته كما أحبها ولم يكن منكم رجل واحد امرد ففي النادر أن تعشق المرأة امردا فيكون عليها‬
‫عاراً وشناراً‪ ،‬وأما قولك من الولدان المخلدون في الجنان فهؤالء ليسوا منكم وال أنتم منهم فإن عنيت‬
‫المناسبة بكونهم ذكوراً فنحن أيضا منا الحور العين وهم أفضل ألن اهلل تعالى يقول (حور مقصورات في‬
‫فخصهم بالطواف والخدمة‬‫الخيام) والمقصورات المحجوبات وقال تعالى (يطوف عليهم ولدان مخلدون) َّ‬
‫والمخدوم أفضل من الخادم وما مثلك في افتخارك علينا إالَّ مثل العنزة والنعجة َّ‬
‫لما ارتفعت اليها مالت المعزاة‬
‫بوجهها وقالت‪ :‬قابلنا اهلل بخير‪ ،‬فقام من المجلس وهو خجل ولم يجد لها جوابا وقال بن الحجاج شعره الذي‬
‫يقول فيه ‪:‬‬

‫قد صح عندي وقـ ـ ـ ـ ــام في نفسي‬

‫ـس‬
‫أن بالئي أتى من الكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِّ‬

‫فرأيته وه ـ ـ ـ ـ ــو في الفراش معيـ‬

‫مثل عروس قد عافتها نفسـ ـ ـ ــي‬

‫وقال آخر ‪:‬‬

‫وشـ ـ ـ ـ ــاعر مايفيــق من خطر له‬

‫اقام من جه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــله على ذهلل‬

‫يزعم أن الغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالم ذو غنج‬

‫ؤمن من طمثـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ومن حبله‬


‫يُ َ‬

‫ياهاجر الغانيـ ـ ـ ــات مكتفيا بالمرد‬

‫‪101‬‬
‫تلقى الش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــقاوة في عمله‬

‫يا شـ ـ ـ ـ ــاطرا في اللواط منغمس‬

‫العقل و الرش ـ ـ ـ ــاد منك َمن سلبه‬

‫إن الغالم إذا عشـ ـ ـ ـ ـ ــقت بدا لك‬

‫أن الب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدر حل في حلله‬

‫وهم به‬
‫حتى اذا مااس ـ ـ ــتيقظ اإلير َّ‬

‫مل من مطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــله ومن عمله‬


‫ّ‬

‫بدت له لحية مش ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوهة‬

‫فصدت العاش ـ ـ ـ ـ ـ ــقين عن ُدبُره‬

‫كالب َر ِد نقا‬
‫ليس كطفلة نصفهـ ـ ـ ـ ــا َ‬

‫ونصفه ـ ـ ـ ـ ــا كالقضيب في صلبه‬

‫يهتز ما ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان فوق منبرها‬

‫كورق الموز يميـ ـ ـ ـ ــل في شجره‬

‫لقد أبدع اللـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه خلقهن لنا‬

‫فجاء حب النس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاء من قِبله‬

‫فالب ـ ـ ـ ـ ـ ــكر تهوى تالف مهجتها‬

‫وال ترى حبه ـ ـ ـ ــا ٍ‬


‫غاد على جمله‬

‫فال تكن للشـ ـ ـ ـ ـ ــقاء متبعا إبليس‬

‫‪102‬‬
‫إن الل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواط من حيله‬

‫واجب‬
‫ٌ‬ ‫ترك اللـ ـ ـ ـ ـ ــواط بعد هذا‬

‫ألن الك ـ ــس اطيب للنكاح وافضله‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫‪103‬‬
‫الباب الثاني عشر‬
‫في ذكر القوادة واهلها وكيد النساء ومكر العجائز وحيلهن وذكر حكايات في ذلك غريبة‬

‫القوادة وإن كانت مستقبحة اإلسم مسترزلة الفعل فإنها صنعة رقيقة وحرفة لطيفة ال يحسنها إالَّ الذكي‬
‫الماهر اللطيف المدخل السريع المخرج البعيد الغور الثابت الجنان الحلو اللسان الداخل مدخل الشيطان ألنه‬
‫يؤلف بين القلوب المتناكرة ويمازج بين النفوس المسافرة ويجمع بين األجناس المتباينة فهو يجري مجرى‬
‫السحر للسامع كالشيطان يأتي كل نفس وبما يعلم أنها تميل اليه‪ ،‬والنفوس قد تعشق بالوصف كما تعشق‬
‫بالنظر‪ ،‬ومما يدل على دهاء صاحب هذا الفن ودخوله مدخل السحر انه يركب الخطر ويدخل فيه فيقرب‬
‫البعيد ويستخرج المحجوب ويسهل العسير ويذلل العقد ويستبذل المصون مع شدة الحذر والتعاميـ من السمع‬
‫والبصر‪ ،‬وأول من أظهر القوادة إبليس لعنه اهلل‪ُ ،‬حكي أنه لما تـناسل أوالد نوح عليه السالم وكثروا من بعد‬
‫الطوفان سكن بعضهم السهل وبعضهم الجبل وكان نساء احد الفريقين أحسن من نساء الفريق اآلخر ولم يكن‬
‫الفريقان يلتقيان فاحتال إبليس عليه لعنة اهلل على ان يجمع بينهم فاتخذ المزمار وسيلة وزمر به فسمعوا فنونا‬
‫غريبة مطربة فنظروا من أعلى الجبل لذلك ونزلوا الى السهل فنظر النساء الى الرجال والرجال الى النساء ففتن‬
‫بعضهم بعضاً وظهر عندهم الزنا‪ ،‬فالقوادة قديمة وهى من المكر والحيل والنساء انفسهن ألطف مدخالً فيها‬
‫وأدق عمالً وأعظم تسلطاً من الرجال ألن الكيد والحيلة من طبعهن ونختص بها العجائز‪ ،‬فإن كانت العجوز قد‬
‫زنت ونيكت بالحرام في شبابها فهي الداهية التي التـُتَّقى والجبهة التي التُرتَقا‪ ،‬والعجائز في القوادة مختلفاتـ‬
‫الحيل واألحوال وسأذكر من ذلك األقل ليستدل به على األكثر ألن الرجل اللبيب الحازم في أمره المحترز من‬
‫الوقوع في المكروه من قبل النساء البد له من معرفةـ ما يحترز به من أحوالهن فقد قيل من لم يعرف الشر يقع‬
‫فيه فما بالك بالغبي الجاهل بمكرهن وكيدهن فهو أجدر بالمعرفة والتعلم من غيره وطريق نجاته التيقظ‬
‫والسؤال‪ ،‬فمنهن المتصوفات ذوات المشالح والعكاكيز تدخل الواحدة منهن الدار الذي تريد فقد أرسلت‬
‫المسبحة في يدها واظهرت الكآبة والخشوع فإن رأت في الدارعجوزاً مثلها في النباهة مالت إليها فتعاشرها‬
‫ت تعرفيني فإني بنت‬‫وتصافحها وتسألها عن حالها ببشاشة وانبساط كأنها تعرفها من قديم ثم تقول لها ألس ِ‬
‫ْ‬
‫الشيخ فالن وتذكر لها بعض مشاهير الصوفية ثم تقول لها ماجئت في حاجة غير السالم عليك ثم تبتدئ بأخبار‬
‫إبنها وتروي عنه المنامات الكاذبة وإن مادعاها اليهم إال مناما رأته فيها أو للمطلوبة والبد أن تكون قد عرفت‬
‫إسمها واسم أبيها‪ ،‬ثم تروي لها ما رأت من أبيها حين النوم ماتفتهمن به ثم تهدي لها مسبحة وسجادة أو عكاز‬
‫جزاء وال ثمناً وتقول إن أباها أمرها في النوم أن تهديها لها ثم تؤاخيها‬
‫أو طرحة مما يصلح لها وال تقبل عليها ً‬
‫من تلك الساعة وتخفف الزيارة وتخرج قبل ان يُ ْسأم منها ويُضجر ثم تعود في المرة الثانية فتبسط أكثر من‬
‫المرة األولى والتزال تتردد وتكثر اإلبساط تارة واإلستغفار تارة والصالة تارة وتارة تداعب مداعبة الصوفية ثم‬
‫ترجع الى اإلستغفار الى أن ترى من األُنس ما يرضيها فتنفذ حينئذ سحرها وتعمل مكرها وال يكاد ينجوا منها‬
‫إال من عصمه اهلل تعالى‪ ،‬فإن نفرت المرأة المطلوبة منها ونكرت عليها ورأت ان الترغيب اليفيد فيها جائتها‬

‫‪104‬‬
‫من قبل الترهيب والتخويف من العقاب في قتل النفس وأنها تخاف عليها من قبل اهلل تعالى إن لم تتدارك هذا‬
‫لي بحبها‪ ،‬وهذه الطريقة قليل من يسلم منها ويفلت من شبكتها لما فى عقولهن من الضعف وهذه هى‬
‫الذي بُ َ‬
‫التى يقول الشاعر فيها ‪:‬‬

‫قادتها طيب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة عاملةـ‬

‫تخلط الجد بهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــزل اللعب‬

‫ترفع الص ـ ـ ـ ـ ــوت اذا النت لها‬

‫وتداري عند سـ ـ ـ ـ ـ ــوء الغضب‬

‫ومنهن الدالالت وهن البائعات وهن أعظم تسلقا والطف تسلطاً من غيرهن لدخولهن بغير احتراس وال‬
‫مراقبة حراس يـنكرون عليهن دخولهن أي موضع يُردن وفي أي وقت شئن‪ ،‬وإذا دخلن أي موضع يعرضن على‬
‫نسائه األقمشة والمالبس الغالية الثمن فإذا أرادت الشارية منهن شراء شيئا وقد مالت إلى شيء من المالبس‬
‫والحلي سامتها فانتهزت تلك فرصتها فقامت بتسهيل الشراء لها إلى ان تعطيه لها بغير ثمن وتزينه لها فال‬
‫ُ‬
‫يصعب عليها ترييضها بالرغبة في السلعة الحاضرة‪ ،‬وربما حملت اليها التحف والهدايا من غير كاتب بحجة‬
‫البيع والشراء‪ ،‬وقد يستملن الحرس والخدم من الرجال والنساء ويتحببن اليهن بترخيص مايشترونه منهم‬
‫وبالصبر عليهم في دفع الثمن؛ ومنهن اللواتي يبعن الطيب ويتولجن به البيوت حيلة بهذه الصنعة وربما حملت‬
‫الواحدة منهن من النفيس الكثير وفعلت به كفعل الدالالت؛ ومنهن المنجمات اللواتي يضربن في الحصى ولهن‬
‫حيل تسري على عقول النساء فيتفرسن في أحوالهن المتكررة‪ ،‬وللنساء في هذا الفن باع عظيم ومعظمهن‬
‫حسنات الظن ويصدقن أقوالهن‪ ،‬فإذا همت الواحدة بقيادة امرأة ولم يمكنها ذلك فانها تبدأ سحرها بضرب‬
‫الحصى وتكلمها ببعض ما تريده المرأة منها ثم تقول‪ :‬وادي الرزق المعترض لك في بالك البد أن يصل اليك‬
‫من رجل شديد المحبة فيك‪ ،‬وتصفه لها بما يحسن عندها من األوصاف الجميلة الى ان تصل مرادها؛ ومنهن‬
‫الماشطات وهي أدهى واكثر تسلطاً في مدارج أنفاس المرأة لشدة تمكنها‪ ،‬فانها ال تحتاج في ترويضها‬
‫لفريستها الى طلب ما تحتاج إليه غيرها والسيما ان كانت المرأة صغيرة في السن؛ ومنهن الحاضنات وهن‬
‫قريبات من الماشطات؛ ومنهن الجواري اآلبقات تدخل الواحدة منهن الدار التي تريدها فتظهر الجزع والخوف‬
‫وتَسأل العون والمساعدة لظروف أهلها الصعبة وتكثر العبرة والدموع حتى تُرحم ثم تخلوا بمن تريدها وتسر‬
‫اليها بما تريد فإن انصلح األمر وإالَّ توقفت وخرجت كأنها هاربة الى موضع آخر تخلوا فيه وقد عرفت‬
‫المواضع من الدار مداخلها ومخارجها ومافيها ثم تصفه لبعض اللصوص وتُدخلهم على بصيرة ومعرفة؛ وقد‬
‫تأتي القيادة لبعض النساء الجليالت القدر ذوات النعم وذلك ان طول الترفه والتنعم وكثرة الخلوات في التنزه‬

‫‪105‬‬
‫يدعوهن الى اعطاء النفس مرادها من القيادة ويحبب اليهن إظهار محاسن زينتهن لمن يعجب بهن من الرجال‬
‫من غير حاجة الى شيء تريده منهم‪ ،‬فتعمل القيادة على ان جلوسهاـ في البيت تعطيل لزينتها ولمحاسنها من نظر‬
‫الرجال‪ ،‬فإذا كانت المرأة غافلة فيسهل قيادتها ويحسن لها الدخول معهن والمساعدة لهن فان كرهت وبخت‬
‫لهن وأقلبت رأيها عليهن أخذتها القيادة بالشدة واللين حتى تفسدها فإن كان لها طالب تعرفه أتت به وقضى‬
‫أربه وإالَّ احتلن لها فيمن أرادت من الرجال؛ والعجائز يتعرضون للمتبرجات من النساء والمترددات إلى‬
‫األعراس والمواسم وما أشبهها وهم على قيادة المرد اقدر واصنع‪ ،‬والقيادة ال يقدر عليها إالَّ َمن ركب‬
‫الصعاب‪ ،‬قال بعضهم شعرا ‪:‬‬

‫وقائل عمرو قـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواد فقلت‬

‫له لحق ما عمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرو بقواد‬

‫لكنه رجل يكرم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك منزلة‬

‫بدرهمين وما يب ـ ـ ـ ـ ـ ــقى من الزاد‬

‫وللعجائز المخنثين من أهل هذه الصنعة حيل كثيرة تسري على كثير من نجباء الرجال وذلك أن‬
‫الواحدة منهن تأتي الرجل فتقول له‪ :‬أريد ان أجمع بينك وبين فالنه أو زوجة فالن‪ ،‬ثم تذكر له امرأة من ذوات‬
‫األقدار الجليلة لم يطمع فيها ابداً ثم تشرع له فى وصفها بما يُعلِّق قلبه بها ويكدره عليه وتزيد في باألوصاف‬
‫وهي في خالل ذلك تأخذ دراهمه تارة لماشطتها أو تارة لجاريتها وتوهمه أنها رسول منها وانها تحتاج الى‬
‫دراهم لقضاء حاجتها وربما دست عليه بعض العجائز من فصيلتها مما يُصدَّق قولها عنده ثم تقول له‪ :‬انظر ما‬
‫ترسل به اليك!! فيرى امرأة جميلة فما يدري من دهشته وفرحه ما يعطي حتى يسألها فتشير بما أرادت فإذا هي‬
‫حازت ماتريد منه تركته مع المرأة‪ ،‬وحقيقةـ المرأة انها واحدة من الغنجاوات غير المستترات منهن ممن يكون‬
‫عليها بهجة من جمال وفيها بعض مشابهة من الذي واعدته بها إما بطول وإما بقصر أو بلون أو بغير ذلك‬
‫فتستأجرها ليلة بدرهمين وتستأجر لها من الحي النفيس من المالبس الفاخرة ماتحتاج اليه وتُطيبها وتُوصيها أن‬
‫تُسمي نفسها له باإلسم الذي يعرف األخرى به ثم توكل بها عليه فال يشك المغرور أنه ناك من لم ينك غيره ‪.‬‬
‫وحكي أن رجالً دخل بعض المدن فأقام بها مدة ثم احتاج الى امرأة يتزوجها فشكى حاله إلى شيخ‬
‫ُ‬
‫توسم فيه خير فقال له الشيخ‪ :‬أنا اعلم لك امرأة على ماتحب غير انها ذات حرقة التقدر ان تبقى معك في‬
‫النهار وهي معك بالليل فإن ِ‬
‫رضيت بذلك أتيت لك بها‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬البأس وأنا أيضا ال أخلوا بالنهار وانما‬
‫حاجتي لها بالليل‪ ،‬فجاءه بامرأة جميلة فتزوجها على اإلتفاق وكان للرجل صديق فأعلمه بعمل الشيخ معه‬
‫وطلب منه أن يسأل الشيخ أن يزوجه ففعلـ فقال له الشيخ‪ :‬أنا أعلم لك امرأة جميلة التخلوا بالليل لتمرض‬

‫‪106‬‬
‫أمها وهي معكـ بالنهار فإن رضيت أتيت لك بها‪،‬فرضي فأتاه بامرأة أعجبته فتزوجها على اإلتفاق فلم يلبث إالَّ‬
‫مدةً يسيرة حتى ظهر أن الشيخ زوجهما بامرأة واحدة فأخذاه الى حاكم البلدة فلما أحس بالشر بكى فقاال له‪:‬‬
‫مايبكيك؟‪ ،‬فقال‪ :‬هذا جزاء من زوجكما زوجته؛ وللقوادين من الرجال والنساء مشاركة في لذات من يقودون‬
‫له مع ما يحصلون من الدراهم فقد ينيك القواد المرأة واألمرد اذا كان رجال‪ ،‬قال بعض الشعراء ‪:‬‬

‫األكل والشـ ـ ـ ـ ـ ــرب من حواصله‬

‫والنيك في علق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـهـ وقحبته‬

‫وللقوادين أيضا مكايد ومكر بمن يجمعون بينهم وينكدون عليهم إذا لم يحصلوا على ما يرضونه منهم‬
‫من العطاء خاصة إذا كان اإلجتماع في بيوتهم فيسلطون عليهم من ينكد عليهم بضرب األبواب والرجم‬
‫بالحجارة ويخوفونهم بكل أمر مكروه حتى يخرجونهم أقبح خروج وربما هرب صاحب البيت من سطحه‬
‫فيتركونهم في أضيق حال حتى يروا الخروج غنيمة‪ ،‬ومنهم من يكون معهـ آنية من زجاج مكسرة أو من فخار‬
‫فإذا طلبوا منه إحضار نبيذ قبض دراهمهم وأخذ تلك اآلنية فيغيب ساعة وينضح على ثوبه وعلى تلك اآلنية‬
‫بشيء من النبيذ ويُظهر لهم الضجر بهم ويقول‪ :‬عثرت فوقعت القنينة فانكسرت فراح ما فيها وما كلفني على‬
‫هذا غيركم‪ ،‬ويضع القناني وهي تقلقل في غالفها ويلزم نفسه ان ال يعود للذهاب في حاجة لهم فال يرون بداً‬
‫من غرامة ما تلف لقضاء لذتهم فيسألونه ويتلطفون به حتى يقبض منهم مثل األول ويأتيهم بمن يشاركهم فيه‬
‫وهم راضون وقد يسرق منهم ويبيعهم ما سرق ثانية‪ ،‬فينتفع المحبين والعجائز منهم بمكرهم وحيلهم ‪.‬‬
‫وحكي عن قواد انه قال له رجل‪ :‬بلغني أنك جمعت البارحة بين فالن وفالنه في منزلك‪ ،‬فقال‪ :‬قد‬
‫ُ‬
‫كان‪ ،‬فواهلل لما أكال وتحدثا ساعتين من الليل قاال لي‪ :‬جئنا بنبيذ‪ ،‬فقلت لهما‪ :‬إن الوقت قد ضاق عن التماس‬
‫شيء من ذلك وما عندي منه‪ ،‬فقاال‪ :‬واهلل لئن لم تفعله ليلحقك منا ماتكره‪ ،‬ففكرت في األمر فتذكرت أن‬
‫السنة أُهديت لي منذ زمن فقلت لهما‪ :‬لقد تذكرت لكما نبيذ في موضع وسآتيكما به‪،‬‬
‫عندي قليل من ورق َّ‬
‫عجانة وصببت عليه ماء ومرسته حتى ماع ثم جئتهما به في‬
‫السنة في َّ‬
‫فأخذت منهما الدراهم وذهبت فجعلت َّ‬
‫قنينة فذاقاه فقاال‪ :‬هذا طيب غير أنه شديد المرارة‪ ،‬واسرع بهما اإلسهال وكان المستراح في أعلى الدار يُرقى‬
‫اليه بسلم وبقيا على السلم حتى ناما وما أفاقا الي الصباح؛ قال بعضهم يصف قواده‪:‬‬

‫تدب دبيب الخمـ ـ ــر في كل مفصل‬

‫من حس ـ ـ ـ ـ ـ ــن لطافتها في القول‬

‫بالمكر والحي ـ ـ ــل يذل لها الصعب‬

‫‪107‬‬
‫وتهدي الى باب الض ـ ــالل وال ِ‬
‫تمل‬

‫تؤلف بين األس ـ ـ ـ ــد والشاة بلطفها‬

‫وتنزل الغضبـ ـ ـ ــان من فتحة ال ُقلَ ِل‬

‫ولو أنها س ـ ـ ـ ـ ــعت بأهون سعيها‬

‫أللقت الذيب الجائ ـ ـ ـ ــع من الجبل‬

‫وقال آخر في معناه ‪:‬‬

‫دنت اليها ش ـ ـ ـ ــيخة ع ْدلية تنصفت‬

‫األحقابـ وفيهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا العظم بارز‬

‫مضى خبرها رقيق ـ ـ ـ ــة في الهوى‬

‫تكي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ٍ‬
‫بلطف تارة وترامز‬

‫اذا ما تمكن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت تُوقع للهوى‬

‫وتسـ ـ ـ ـ ـ ــمع ماال تشتهي فتتجاوز‬

‫تدنو اليه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا بالرق والخديعة‬

‫وتعرض احي ـ ـ ـ ـ ــاناً وحينا تتأجز‬

‫وقال آخر يرثي قيادة ‪:‬‬

‫كانت اذا العش ـ ــاق ضاقت أمورهم‬

‫ترى مالهم يسعى هناك ويضطــرب‬

‫‪108‬‬
‫فكم وكم جمعت بين العاشـ ـ ـ ـ ــقين‬

‫واليوم ردموا على وجه ـ ــك الترب‬

‫كأن لم ترومي ق ـ ـ ـ ـ ــط بين حبيبة‬

‫وبين حبيب بالذي منـ ـ ـ ــك قد كئب‬

‫ولم ترجعي سخط الحبيب الى رضى‬

‫فيصيح ٍ‬
‫راض بعد ان كان قد غضب‬

‫وقال آخر في القوادة ‪:‬‬

‫وقوادة قَ ِد َم ْ‬
‫ت في الض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالل وماقلت ذلك فيها الذم‬

‫عجوز بها امم قد غدت ولم يس ـ ـ ـ ـ ــمعوا مثلها في األمم‬

‫لها حكمة في قيادته ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا تدل على ان فيها حكم‬

‫تعجب من وصفها وابتسم‬


‫اذا أوصفـ ـ ـ ـ ـ ــت لغريب مرة َّ‬

‫وكم نقلت أقداما في الضالل وما نقلت في الرش ـ ـ ــاد قدم‬

‫وكم نفثت من رقا كيدهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا فتم لها فيه مالم يتم‬

‫وكم وضعـ ـ ـ ـ ـ ــت ذكرا في ِح ٍّر وكم جمعت بين قم وقم‬

‫تقود الى الش ـ ـ ــاة ذئب الفال ليتم التـنايك بينهما في الظلم‬

‫ولو قلت اشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتاق نيك األسود أيمكن ذلك قالت نعم‬

‫تصامم حين يختلط الكالم وهي ليـ ـ ـ ـ ـ ــس بها من صمم‬

‫‪109‬‬
‫فلما عملت أتقنت عملها وكم حكيم معها ليـ ـ ـ ــس له حكم‬

‫تعدى بها العمر في هذا ومارفع الملك ـ ـ ـ ـ ــان عنها القلم‬

‫إذا لم تنل وصل محبوب ـ ـ ـ ــة فنبه لها هذي العجوز ثم نم‬

‫فإذا كانت الحبيبة محروسة من عجوز فالوجه عندي ان يعرض الرجل عنها وعن الذي معهاـ بعض‬
‫لتهون من حراستها وشدة محاذرتها ثم يُسلِّط على المحبوبة بعض المودة فإن‬
‫اإلعراض فيوهمها قلة الرغبة فيها ِّ‬
‫علم أن مهمته التتم الى المحروسة بهذه الطريقة فعليه بترويض العجوز لنفسه ويظهر رغبته فيها فهي تحب‬
‫ذلك وترغب فيه بجميع جوارحها وال يغُُّره نفورها منه وال سبَّها له فإنما ذلك إختبار منها لما يد ِ‬
‫َّعيه فإن كانا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫في موضع يمكنه نيكها فيه فهو أحب اليها فإذا قد نيكت انحلت عراها وسهل المراد منها وإن فعل بها ذلك‬
‫بين الحين واآلخر كان تأكيداً لما قلت في ذلك ‪:‬‬

‫إذا ما الكي ـ ـ ــس بات رقيب الكس‬

‫وه ِّن إيرك بالبش ـ ـ ـ ــارة‬


‫عليك بها َ‬

‫وأومئ المرقب به مش ـ ـ ـ ـ ـ ــيراً‬

‫فإن العير تعرف باإلشـ ـ ـ ـ ـ ـ ــارة‬

‫أعرها اإلير حين ـ ـ ـ ـ ـ ـاً بعد حين‬

‫تمني ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك المنى تلك اإلعارة‬

‫وكثير من العجائز من تقود على ابنتها أو من ُولِّيَت امرها من اهلها‪ ،‬وقد تفسد على الزوجات‬
‫وتكرههن على الفساد من غير احتياج والسيما إن كانت الصبية ذات جمال فتحب العجوز أن تباهي بها‬
‫نظائرها من المتبرجات للفساد؛ ُحكي عن األصمعيـ انه قال‪ :‬دخلت البادية فبينا أنا أطوف بها الحت لي خيمة‬
‫منفردةـ فقصدتها فإذا عجوز جالسة وبين يديها صبية كأنها القمر فاستسقيت الماء مهم‪ ،‬فقالت العجوز للصبية‪:‬‬
‫ِ‬
‫سمعت الذي‬ ‫أسقه‪ ،‬فسقته ونفرت‪ ،‬فقالت لها العجوز‪ :‬ماشأنك‪،‬ـ قالت‪ :‬إنه أراد أن يقبلني‪ ،‬فقالت‪ :‬أي بنيه أما‬
‫يقول‪ :‬إذا قَابل اإلنسان صبية فاشتهي ثناياها وقبلها فانه لم يأثم وكان له اجراً فإن زاد زاد اهلل في حسناته حتى‬
‫قيل يمح اهلل بها وزراً له ولها‪ ،‬قال فعادت الصبية فقبلتني عشراً كأنهم واحدة وانصرفت؛ وإذا كانت المطلوبة‬

‫‪110‬‬
‫صعبة المنال لطالبها لم تنجح معهاـ إالَّ المعاناه و ال ينفع معهاـ الرسالة واإلشارة‪ ،‬ومن لطيف ماسمعت من ذكاء‬
‫الرسول والمرسل اليه أن ذي الرمة عزم على زيارة الحي فأصطحبه صديق له من العرب فلما دنيا من الحي قال‬
‫له ذو الرمة‪ :‬قد علمت شدة أهل هذا الحي وشدة من يقف على حراستها وال وجه في اإلتصال بها إالَّ أن‬
‫تتلطف في أخذ موعد منها‪ ،‬قال فقلت‪ :‬وكيف يمكنني ذلك؟‪ ،‬قال‪ :‬البد أن تحتال واال فاعلم أني هالك من‬
‫الوجد‪ ،‬وقال فتركت الفتى وطرقت الحي حافي حتى اذا صرت بمحاذاة الخيام انشدت اقول شعرا ‪:‬‬

‫تقربت اليها طامع ـ ـ ـ ـاً في وصالها‬

‫وما نفـ ـ ـ ـ ــع قرب الدار بعد تردد‬

‫أحمل من يُلقي اليها رس ـ ـ ـ ـ ــالتي‬

‫إلي بموعد‬
‫أرج ـ ـ ـ ـ ـ ــوه ان يأتي َّ‬

‫فلما سمعتني قالت‪ :‬احسن احسن احسن‪ ،‬فقال لها ابوها‪ :‬ماشأنك؟‪،‬ـ قالت‪ :‬هنا كلب يأتينا كل ليلة في‬
‫ك الى مثل هذا الوقت‪،‬‬
‫مثل هذا الوقت (وكان الوقت بعد العشاء)‪ ،‬قال فرجعت إليه وقلت له‪ :‬قد واع َدتْ َ‬
‫فأستبشر وسألني كيف كان األمر في ذلك فأخبرته بالقصة واختفينا ليلتنا ويومنا حتى اذا كان بعد العشاء من‬
‫الليلة الثانية دخلنا الحي مستخفين وكمن هو في موضع كانا يلتقيان فيه فما كان بأسرع من موافاتها مع جويرة‬
‫ٍ‬
‫وتشاك من ألم الفراق فمد يده اليها حتى كاد الفجر يبين ثم ودعها وارتحلنا؛‬ ‫لها فتبادال ألذ محادثة ومعاتبة‬
‫وحكي عن ٍ‬
‫بدوي فصيح اللسان قال‪ :‬كان منا فتى يقال له بشر بن عبد اهلل ويعرف باألشتر وكان يهوى جارية‬
‫ضيِّق عليه حتى لم يعد يقابلها‪،‬‬
‫فمنع منها و ُ‬ ‫ِ‬
‫من قومه يقال لها جيدا وكانت ذات زوج فشاع خبره في حبها ُ‬
‫فجائني ذات يوم فقال‪ :‬يا أخي قد بلغ مني الوجد وضاق مني سبيل الصبر فهل لك ان تساعدني على زيارتها؟‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فركبنا فسرنا يومين حتى نزلنا قريبا من حيِّها فكمن في موضع و قال لي‪ :‬اذهب الي القوم فكن‬
‫ضيفاً عليهم وال تذكر شيئا عن أمرنا حتى ترى راعية جيدا وهي امرأة صفتها كذا وكذا فتخبرها بأمري وتطلب‬
‫منها أن تأخذ لي موعداً‪ ،‬فمضيت فلقيت الراعية فخاطبتها فمضت الى جيدا وعادت فقالت لي‪ :‬قل له موعدك‬
‫الليلة عند تلك الشجيرات في وقت كذا وكذا‪ ،‬فأعلمته ودخل عند تلك الشجيرات في الموعد فاذا بجيدا قد‬
‫أقبلت فوثب اليها األشتر فقبَّل بين عينيها فقمت مولياً عنهما فقاال لي‪ :‬نقسم باهلل إالَّ رجعت‪ ،‬فرجعت وجلسا‬
‫فقال لها‪ :‬ياجيدا َأما فيك حيلة فنظل ليلتنا هذه‪ ،‬فقالت‪ :‬ال واهلل إالَّ ان كنت ترضى ان يعود حالي الى ماتحب‬
‫من البالء والشدة‪ ،‬فقال‪ :‬ال واهلل ما ارضى ان يصيبك شيء ولكن ما من ذلك بد ولو وقعت السماء على‬
‫الي‬
‫األرض‪ ،‬قالت‪ :‬فهل صاحبك هذا موثوق به؟‪ ،‬قال‪ :‬نعم واهلل‪ ،‬فقامت عنَّا بمعزل فخلعت ثيابها فدفعتها َّ‬
‫وقالت‪ :‬إلبسها وأعطني ثيابك‪ ،‬ففعلت ما أُمرت به ثم قالت‪ :‬اذهب الى بيتي ونم مكاني فان زوجي سيأتيك بعد‬

‫‪111‬‬
‫العتمة ويطلب منك القدح ليجلب فيه حليب اإلبل فال تدفعه من يدك اليه ولكن ضعهـ بين يديك فهكذا افعل‬
‫معهـ فأنه سيذهب ويحلب فيه ثم يأتيك به مآلن ويقول‪ِ :‬‬
‫هاك عثرتك‪ ،‬فال تأخذ منه حتى يُطلب منك‪ ،‬ثم خذه‬
‫او فدعه حتى يضعه هو ثم لن تراه حتى يصبح فإذا وضعه وذهب عنك اشرب ثلثه ودعه مكانه‪،‬ـ ففعلت ما‬
‫أمرت به وجاء بالقدح مآلناً فلم آخذه منه واطلت عليه ثم إني نويت أن آخذه منه وفي نفس الوقت نوى هو‬
‫وضعهـ فاختلفت ايادينا فانكفأ القدح فذهب بيده الى سوط فتناوله ثم تناول جمبي فضرب ظهري ثالثين او‬
‫اربعين سوطا فجات امه واخته الينا لتـنزعاني من يده بعد زوال عقلي وهممت ان اوجبه بالسكين فلما خرجوا‬
‫عني لم البث االَّ يسيراً حتى جاءت ام جيدا فدخلت علي وكلمتني ونبهتني حتى كدت ان اضجر منها ولزمت‬
‫الصمت والتباكي فقالت يابنيه اتقي اهلل واطيعي زوجك فأما األشتر فال سبيل لك اليه وانما آتيك الليلة بأختك‬
‫تؤنسك وذهبت ثم بعثت لي بجارية كالبدر بديعة الحسن والجمال فجعلت تكلمني وتدعوا على من ضربني‬
‫وتبكي وانا صامت ثم اضطجعت الى جانبي فسددت على فمها بيدي وقلت ياجارية ان اختك مع األشتر وقد‬
‫قُطع ظهري بسببها وانت أولى بسترها مني فان تكلمت بكلمة فضحت اختك وانا لست ابالي فأهتزت فزعاً ثم‬
‫ضحكت وسكتت وباتت معي فرأيت منها مايرى من اظراف الناس فلم تزل تتحدث حتى بزغ الفجر ثم‬
‫خرجت فجئت الى اصحابي فقالت جيدا‪ :‬ماالخبر فقلت سلي أختك عن الخبر فلعمري اني اعلم انها غارقة‪،‬‬
‫دفعت اليها ثيابها وأريتها ظهري فجزعت وبكت ومضت مسرعة وجعل األشتر يبكي وانا احدثه بقضيتها ثم‬
‫ُ‬ ‫ثم‬
‫ارتحل واهلل اعلم ‪.‬‬
‫ومن النساء من تحتال على إدخال الرجل عليها وإذا الح لها علي الرجل غرض فإنها تسأله ان يقرأ لها‬
‫كتاباً وصلها من زوجها او ابنها ولم تجد من يقرأه لها وتُرغِّبه في األجر والثواب على ذلك فإذا دخل أغلقت‬
‫الباب بعده وأظهرت له محاسنها وزينتها فتقنعه أو يعصمه اهلل من ذلك؛ ومن العجائز من تحتال في الجمع بين‬
‫المتعاشقين وتُِعد ذلك من الكرامات ومنهن من تحتال في تأليف الزوجين وعطف أحدهما على اآلخر وال‬
‫تُسمى قيادة وليتهن كلَّهن هكذا‪ ،‬كما يُحكى عن عائشة بنت طلحة وأمها كلثوم بنت ابي بكر الصديق رضى‬
‫اهلل عنه وكانت تحت مصعب بن الزبير رضي اهلل عنه وكانت سيئة الخلق كثيرة الشر كثيرة الغضب مشهورة‬
‫بذلك وكان مصعب رضي اهلل عنه شديد المحبة لها لحسنها وجمالها فطال غضبها يوماً على مصعب فشكا‬
‫ذلك الى أشعب فقال له‪ :‬مالي عندك إن رضيت عليك؟‪ ،‬قال‪ :‬عشرة آالف درهم هي لك‪ ،‬فانطلق حتى أتى‬
‫ِ‬
‫علمت حبي لك وطلبى لك قديماً من غير منالة شيء منك وال فائدة ولي‬ ‫عائشة فقال لها‪ُ :‬ج ِعلت فداك قد‬
‫حاجة اآلن عندك وبها تقضين حقي وتحوزين بها شكر األمير‪ ،‬فقالت‪ :‬ماعندك من حاجة؟‪ ،‬قال‪ :‬قد جعل األمير‬
‫أنت وأمي ‪ 00‬إرضي‬ ‫رضيت عنه‪ ،‬قالت‪ :‬ويحك ال يمكنني ذلك‪ ،‬قال‪ :‬بلى بأبي ِ‬
‫ِ‬ ‫عشرة آالف درهم إن أنت‬
‫عودك اللَّه من سوء الخلق‪ ،‬فضحكت ورضيت عن مصعب‪ ،‬وقيل‬ ‫ِ‬ ‫عنه حتى يعطيني مابدا لي ثم عودي الي ما‬
‫إن هذه القضية كانت لزوجة عمرو بن عبيد بن معمر‪ ،‬وكان الرسول إليها والمخاطب لها بهذه المخاطبة أبي‬
‫مشهور ببذل ماله‬
‫ٌ‬ ‫معروف بذلك‬
‫ٌ‬ ‫عتيق الذي كان كثير السعي في اإلصالح بين الزوجين والجمع بينهما وهو‬
‫وحكي ايضا عن عائشة بنت طلحة رضي اهلل عنه وأمها أم كلثوم بنت الصديق رضي اهلل‬ ‫ونفسه لهذا الغرض؛ ُ‬
‫عنه أنه ساء ُخلقها وزاد غضبها على مصعب بن الزبير رضي اهلل عنه حتى صار ال يقدر عليها إالَّ بعالج‪ ،‬فشكا‬

‫‪112‬‬
‫ذلك الى أبي فروة كاتبه فقال له الكاتب‪ :‬أنا أكفيك هذا إن أذنت لي‪ ،‬قال‪ :‬نعم ‪ 00‬إفعل ماشئت‪ ،‬فأتاها ابو‬
‫فروة ليالً ومعه عبدان أسودان له فاستأذن عليها فقالت له‪ :‬أفي هذه الساعة؟‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬فأدخلته فقال‬
‫لألسودين‪ :‬إحفرا هنا بئر‪ ،‬فقالت له جارية عائشة‪ :‬ما تصنع أيها الكاتب بالبئر‪ ،‬قال‪ :‬لقد كفر موالك وفجر و‬
‫ُجن وقد استأجرني ألدفن سيدتك حيَّة في هذا البئر‪ ،‬فذهبت الى موالتهاـ فأعلمتها بالخبر فجاءت موالتهاـ‬
‫عائشة وقالت‪ :‬انظرني أذهب اليه‪ ،‬قال‪ :‬هيهات ‪ 00‬هيهات السبيل الى ذلك‪ ،‬وقال لألسودين احفرا‪ ،‬فلما‬
‫رأت الجد منه بكت وقالت‪ :‬يا ابا فروة انك لقاتلي ما منه بد‪ ،‬قال‪ :‬نعم ‪ 00‬واني ألعلم ان اهلل عز وجل‬
‫سيجزيني به خير الجزاء وسآخذ مكافأتي من األمير‪ ،‬قالت له‪ :‬من أي شيء غضبه وجنونه‪ ،‬قال‪ :‬من امتناعك‬
‫فجن جنونه‪ ،‬قالت‪ :‬أنشدك اهلل اال عاودته‪ ،‬قال‪ :‬أخاف أن‬
‫عليه وقد ظن أنك تُغضبيه وتنطلقين الى غيره ُ‬
‫يقتلني‪ ،‬فبكت وأبكت جواريها فقال لها‪ :‬لقد رققت لك ولحالك‪ ،‬وحلف لها انه يفديها بنفسه وقال لها‪ :‬فما‬
‫ص َّرةٌ تكفيك ما عشت‪،‬‬
‫أقول له؟‪ ،‬قالت‪ :‬تضمن عني اني ال أعود أبداً لسوء الخلق‪ ،‬قال‪ :‬فمالي عندك‪ ،‬قالت‪ُ :‬‬
‫قال‪ :‬فأعطني المواثيق‪ ،‬فأعطته فقال لألسودين‪ :‬مكانكما ثم أتى مصعباً فأخبره الخبر فقال‪ :‬استوثق منها‬
‫باإليمان‪ ،‬قال‪ :‬قد فعلت‪ ،‬ثم صلحت بعد ذلك لمصعب نهاية مايكون وحسنت عشرتهما وتزايدت المحبة‬
‫وحكي عن عبد الملك بن مروان أنه كان أشد الناس محبة لعاتكة بنت يزيد بن معاوية رضي اهلل عنهم‪،‬‬
‫بينهما؛ ُ‬
‫وكثيراً ما تغضب على عبد الملك وكان بينهما باب فأغلقتهـ فشق على عبد الملك ذلك فشكا أمرها الى‬
‫خاصته فقال له عمر بن بالل‪ :‬مالي عندك إن رضيت‪ ،‬قال حكمك الذي تأمر به‪ ،‬وكان لعمر ولدين قتل‬
‫أحدهما اآلخر فأتى عمر بابها وجعل يتباكى ولكن السبيل إليها حتى خرجت اليه خاصتها وجواريها فقلن له‪:‬‬
‫مالك وما دهاك؟‪ ،‬فقال‪ :‬إبناي لم يكن لي غيرهما فقتل أحدهما اآلخر فقال امير المؤمنين عبد الملك أنه قاتل‬
‫ُعود الناس هذه العادة فرجوت أن ينجي اهلل تعالى ابني هذا‬
‫اآلخر فقلت له أني ولي الدم وقد عفوت فقال ال أ ِّ‬
‫على يد األميرة عاتكة فدخلن عليها وذكرن ذلك لها فقالت‪ :‬ما أصنع مع غضبي عليه؟‪ ،‬قلن إذاً واهلل يقتل‬
‫‪ 000‬فلم يبرحن من عندها حتى دعت بثيابها فلبستها وخرجت معه الى مجلس عبد الملك فقال عمر‪ :‬هذه‬
‫عاتكة‪ ،‬قال‪ :‬ويلك ماتقول‪،‬ـ قال‪ :‬واهلل قد طلعت‪ ،‬فأقبلت وسلمت فلم يرد فقالت‪ :‬واهلل لوال عمر ماجئت!!‬
‫أعود الناس هذه العادة‪ ،‬قالت‪:‬‬
‫أيقتل أحد بنيه اآلخر فأردت قتل اآلخر وأبوه وليّه وقد عفى‪ ،‬قال‪ :‬أكره أن ِّ‬
‫أنشدتك اهلل يا أمير المؤمنين قد عرفت مكانته من معاوية ومن أبي وقد وقف ببابي‪ ،‬فلم تزل به حتى أخذت‬
‫رجليه فقبلتهما فقال‪ :‬هو لك‪ ،‬ولم يبرحا حتى اصطلحا‪ ،‬وراح بعد ذلك عمر بن بالل الى عبد الملك فقال‪:‬‬
‫كيف رأيت يا أمير المؤمنين فقال‪ :‬رأينا أنك انهيت المهمة ‪ 00‬فهات حاجتك!! فقال‪ :‬مزرعة كذا ومافيها‬
‫وألف ألف دينار وفرايض لولدي وأهل بيتي الى الممات‪ ،‬قال‪ :‬ذلك لك ثم تمثل عبد الملك بن مروان وقال ‪:‬‬

‫وإني ألرعي قومها من خاللهـا وان‬

‫أظهروا عبثاً نصـ ــحت لهم جهدي‬

‫ولو جاؤا قومي لكنت لقومهاـ صديقاً‬

‫‪113‬‬
‫ولم أحمل على قومه ـ ـ ـ ــا حقدي‬

‫وحكي أنه كان بمدينة السالم ببغداد رجل يُعرف بالغيور وكان عنده من الجوار عدد كثير ذوات حسن‬
‫ُ‬
‫وجمال واحسان وكان خبره فاشيا فبلغ رجل من الكتاب خبره فتشوقت نفسه الى قصده لشهرته فأتى الى‬
‫وب َّره فسأله الغيور ان يزوره فتعذر منه الى ان القاه يوماً بالقرب من منزله فحلف عليه ان‬
‫بغداد ووصل الغيور َ‬
‫يدخل معه الدار فدخلت معهـ الدار فأحضر أحسن الطعام فأكله وأتى بأنواع األشربة والفواكه والرياحين فأكلوا‬
‫ثم خرجت وجوه كالشمس المشرقة من كل جانب وكان عند دخوله الى الدار قد رأى على بعض األبواب‬
‫طبال معلقاـ فظنه لبعض الجواري فلم يسأل عنه فلما جلسوا وأخذ النبيذ فيهم أحضر الغيور عاموداًـ من حديد‬
‫فجعلهـ بين يديه فاستوحش لما رأى ذلك وقال في نفسه واهلل رجل غيور كما ل ُِّقب وقام من غير ان يعبث فيغار‬
‫منه الغيور فيضربه بذلك العمود مع قوة النبيذ والسكر فيموت ثم تصبَّر لما طابت نفسه وقال له‪ :‬جعلت فداك‬
‫ما معنى هذا العامودـ مع النبيذ‪ ،‬قال‪ :‬أخبرك يا أخي إني رجل غيور كما قد بلغك عني ويحضر منزلي قوم‬
‫عندهم سوء أدب فما هو اال ان تغني الجارية حتى أرى الواحد منهم قد الحظها وضحك في وجهها وضحكت‬
‫في وجهه فأقوم بهذا العامودـ فإنما هي ضربة له وضربة لها فأقتلهما معا واستريح إال أنني على ماترى من شدة‬
‫غيرتي رجل عندي تأنِّي شديد في األمور وحسن ظن فأقول في نفسي شرب الرجل فسر فضحك ِ‬
‫فضح َكت له‬ ‫ُ‬
‫فأ ُْم ِسك‪ ،‬قال فلما ذكر هذا الحديث طابت نفسي واطمأنَّت فأصغيت الى حديثه وقلت له‪ :‬ثم ماذا؟‪ ،‬قال‪ :‬ثم‬
‫وسارته واقول في نفسي‪ :‬ضحك لها‬ ‫فسارها َّ‬
‫ان األمر يزيد على ذلك فما هو إال أن أراه قد دنى منها َّ‬
‫المسارة بينهما ثم أهم بالعمودـ ألقتلهما فمن شدة ماعندي من التَّأني مع‬
‫َّ‬ ‫للسكر ولكن ما معنى‬
‫وضحكت له ُّ‬
‫الغيرة العظيمة أقول في نفسي لعله طلبها بصوت تغنيه فأمسك عن قتلهما فال يزال يطول بينهما الحديث حتى‬
‫أره قد أدخل يده في ثوبها فقرصها وعبث ببدنها فتدخلني الغيرة الشديدة وأقول في نفسي ليس بعد هذا شيء‬
‫ِ‬
‫علي في هذه الحياة أقول لنفسي‪ :‬يافالن بعد لم يبلغ‬ ‫وأه ُّم بضربهما بهذا العمود ألقتلهما االَّ أني على ّ‬
‫مامر َّ‬
‫األمر الى القتل وما هذه إالَّ اوائل وستكون لها أواخر سأنتظر قليالً فإذا رأيت بينهما ما يوجب القتل قتلتهما‬
‫واسترحت‪ ،‬فال يزال يطول األمرحتى أرى الواحدة قد قامت وقام الرجل في أثرها فيدخالن ذلك البيت وبابه‬
‫وثيق جداً فأسرع خلفهماـ بهذا العمود لقتلهما وأبقى خارج البيت وانا غيور شديد الغيرة كما قد علمت‬
‫فأقول لنفسي‪ :‬يافالن إذهب عنهما ودعهما فإنك متى سمعت حركتهما أو شيئاً من القبح بينهما او شيئا مما‬
‫لعله سيكون بينهما قتلت نفسي من الغيرة الشديدة فما عندي واهلل ياأخي إالَّ اإلنتقام بذلك الطبل المعلق هناك‬
‫فأتناوله وأضعه في عنقي فال أزال أضرب به حتى يخرجا من البيت وهما يتضاحكان فينكر كل منهما الفعل‬
‫ويحلف اإليمان المغلظةـ فأحتملهما على الصدق وهذا رأيي دائما مع هؤالء الجوار جميعهم‪ ،‬قال‪ :‬فأقمت واهلل‬
‫وانشراح فأجارنا اهلل واياك يااخي من التعريص بمقابل أو من‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وبسط‬ ‫ولذة ٍ‬
‫زائدة‬ ‫رجل ٍ‬
‫ومد ٍ‬‫عنده على طمأنينة َّ‬
‫غير مقابل هكذا واهلل اعلم‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫وحكي ان بعض الملوك عشق فتاة من أقاربه وكانت ذات حسن وجمال وبهاء وكمال وقَ ٍّد واعتدال‬
‫ُ‬
‫وكثرة قماش واموال فشكا ذلك الى بعض خاصته فقيل له‪ :‬إذا دخلت عليك ايها الملك في لون من الوان‬
‫المالبس عليها فقل لها يابنيه إنك واهلل مليحة في هذا اللون فإن دخلت عليك في مثله بعد ذلك فهى تريدك‬
‫وقد ظفرت بفرصتك وإن هجرت ذلك اللون فيما بعد فال سبيل لك فيها‪ ،‬و فعل ذلك الملك مع الفتاة‪،‬‬
‫فأصبحت ال تفد اليه وتظهر له إالَّ بذلك اللون مع زيادة النقوش‪ ،‬فعلم الذي اشار عليه بذلك وقال له‪ :‬اآلن تم‬
‫لك ايها الملك ماتريده فاطلب منها اآلن أن تدعوك الى دارها وهناك هي تخلوا بك عن قصد منها وارادة‬
‫للنيك وان طلبت انت الدعوة في غير دارها دبرت لك فى امرها حتى تجعل الدعوة في دارها فإذا خلوت بها‬
‫في دارها عليك ان تُظهر لها انك سكران اذا شربت معها‪،‬ـ ففعل الملك ذلك فلما دارت الخمرة فيه وليس‬
‫عندها سوى جواريها أظهر النوم ونهض متكئاً على يدها الى المضجع الذي قد هيَّأته لنومهـ وليس معهماـ ثالث‬
‫فلما دخل فراشه ولَّت لتخرج فقال‪ :‬يابُنية أشتهي أن تُكبِّسيني بيديك اللطيفتين‪ ،‬فجلست وأخذت تُكبسه‬
‫وجعل يستطيب تكبيسها ويقول لها الى فوق قليالً حتى توسطت يدها فخذيه فمد يده حينئذ وقبض على يديها‬
‫وجذبها اليه فصارت معه في المضجع ثم جردها من ثيابها وقبض على قبة كسها واكثر البوس والعناق فحنَّت‬
‫ووافقته على جميع ما أراد منها من انواع النيك اللذيذ والشديد واستمر ذلك بينهما بعد ذلك ‪.‬‬
‫وحكي عن بعض الملوك الذين اليزوجون بناتهم او أخواتهم ألنهم يخافون الذل والهوان وقد عشق‬
‫ُ‬
‫فتاة تعيش في قصره فقال لبعض خاصته‪ :‬إن في دار الملك من يحبها الملك ويستحي من مراودتها فكيف‬
‫السبيل الى استدراجها؟‪ ،‬فقال له المستشار‪ :‬أيها الملك تجلس في شرفة قريبة من اإلصطبل وتأمر بإحضارها‬
‫عندك وتجلس معهاـ على شراب من غير أن يكون معكما احد ثم تأمر بإحضار األحصنة وأْمر بأن تُساق لتقفز‬
‫فوق األناثي من األحصنة وانتما تنظران من شباك مشرف على اإلسطبل ثم الحظ الفتاة فإذا رأيتها وهي تجمع‬
‫فخذيها فاعلم أنها قد إشتهت النيك فدونك ومهارشتها وضرب فخذيها بلطف وحديثك معهاـ عن العمل الذي‬
‫تفعلهـ األحصنة مع أناثيها فإذا احمر وجهها فدونك سيقانها افتحها ونيكها فإنها ال تمتنع لشدة هيجانها‪ ،‬فلما‬
‫فعل الملك ذلك لم يجد منها ممانعةـ ولم يجدها بكراً فقال لها‪ :‬يابُنية ما أراك بكراً‪ ،‬فقالت‪ :‬واهلل يامن فداه‬
‫روحي ماترك أبوك في الدار ذكراً وال أنثى االَّ ونكحه مراراً طوعاً او كرهاً فكان بينهما من أنواع النيك اللذيذ‬
‫والرهز الشديد ما يشفي القلوب ويسكر المحبوب ويرضي الشيطان ويغضب الملك الديان ‪.‬‬
‫وحكي أنه كان هناك شاب من أوالد الكتاب األكابر مليح اهل زمانه دعا جارية محبوكة بكراً وكان‬
‫ُ‬
‫يسمعها ويراها في مجالس أنسه وكانت الجارية المذكورة من أبدع أهل زمانها حسناً وجماالً وظرفاً وكانت‬
‫سيدتها ترسلها عادة الى مجالس األكابر للسماع ال لغيره وترسل معهاـ عجوز تحفظها فدعاها يوماً لمجلسه‬
‫الخاص فلما جاءت لدعوته ودخلت الدار هي والعجوز معها فرأت ما أبهرعقلهاـ من حسن الدار وبنائها وفرشها‬
‫ورحب بها وأجلسها الى جانبه فلما استقر بينهما الجلوس‬
‫ورأت الشاب جالس على مرتبته فلما رأها قام لها َّ‬
‫أمر بأحضار المائدة وكان عند الشاب ندماوه فضربت ستارة بينهما وبين جلسائه ثم نقل الى الجارية والعجوز‬
‫وج ِعل‬
‫أطيب مأكولـ المائدة فأكلت ثم غسلت يدها ثم احضر أنواع الحلوى والفواكه ثم أحضر المشروب ُ‬
‫بين يدي كل ٍ‬
‫واحد من جلسائه قدح بلُّور وقنينة فيها شراب ثم شربوا وابتدأت الجارية في المغنى فسكروا‬

‫‪115‬‬
‫وسكر الشاب ودارت الخمرة في رأسه فلم تشعر به الجارية إالَّ وهو يهجم عليها فأرادت ان تغطي وجهها فما‬
‫طاوعتها يدها واسترخت مفاصلها لما رأت حسنه وجماله فنهضت العجوز المحافظة اليه وقالت‪ :‬ياولدي‬
‫ماالذي تريد؟ فإن كان خطر ببالك شيء فال سبيل اليه دون أن تطير رأسي‪ ،‬فلم يكلمها وأخرج من جيبه‬
‫قرطاسا وأخرج منه دنانيراً ودفعه الى العجوز فقالت له‪ :‬ياولدي دونك البوس والعناق والغناء والتحدث نفسك‬
‫بغير هذا فانها بكراً‪ ،‬فقال الشاب‪ :‬ال وحياتك ياامي انها ليست كذلك‪ ،‬ثم انه دعى غلمانه فأخذوا الجارية الى‬
‫حجرة صغيرة وهو معها وجعل يتأمل محاسنها ثم ادار بيديه على عنقها وعانقها وضمها اليه وقبلها وقبلته ثم‬
‫صارت كلما فعل شيئا فعلت مثله فان مص شفتها مصت شفته وان مص لسانها مصت لسانه وان عضها في‬
‫خدها عضته في خده حتى اخذ كل منهما حظه من البوس والعناق خاصته واشتعلت بينهما نيران الشوق الى‬
‫النيك وتصاعدت فرجع الشاب الى مجلسهـ وقد اخذ كل منهما مجامع قلب صاحبه فأخذت الجارية العود‬
‫وضربت عليه بطرب منها ثم انشدت ‪:‬‬

‫أقول وقد وقعـ ـ ـ ــت في اول نظرة‬

‫ِ‬
‫القرب‬ ‫ولم َأر قرباً الى أح ـ ٍـد من ذا‬

‫لئن كنت أخليت المك ــان الذي أرى‬

‫ولكن ال يخلو ابداً مكانـ ــك من ِ‬


‫قلب‬

‫وكنت أظن العناق والبـ ـ ــوس يكفي‬

‫للحب‬
‫ِّ‬ ‫ووجدته بداية الق ـ ـ ـ ـ ـ ــرب‬

‫فصاح طيب طيب يانور عيني وياكبدي وقال هذه األبيات ‪:‬‬

‫لئن كنت بجس ـ ـ ــمي ترجلت عنكم‬

‫يبرح‬
‫فإن فؤادي عندكم ليـ ـ ـ ـ ــس ُ‬

‫على اهلل أن يقضي رجوع ـ ـاً اليكم‬

‫يفرح‬
‫ويشقى فؤادي وقت ـ ـ ـ ـ ـ ـاً ثم ُ‬

‫‪116‬‬
‫فعلم كل منهما محبة صاحبه وعشقه ثم ضربت العود بطرب منها وهيام وانشدت تقول‪:‬‬

‫ضمت الكأس شـ ـ ـ ـ ــمل العذارى‬

‫يترنم‬
‫وداعي صبابات اله ـ ـ ـ ــوى ُ‬

‫أخذتم كل عيشـ ـ ـ ـ ـ ــنا في الحياة‬

‫ضرم‬
‫لكن الهوى وان ط ــال المدا يُ ُ‬

‫ال يهنئ لي عي ـ ـ ـ ـ ــش في الحياة‬

‫ُغرم‬
‫لجمعي به صروف اللي ــالي وأ ُ‬

‫فلما سمع الشاب صاح‪ :‬واطرباه‪ ،‬ثم لم يمسك نفسه دون أن يدخل عليها ثانية فلما رأته التهب قلبها بالنار‬
‫ومن الفرح فنهضت له قائمة واستقبلته وعانقته وعانقها طويالً ثم أخذها وأجلسها في حجرة م‬

‫‪117‬‬

You might also like