You are on page 1of 8

‫ولد عباس كيارستمي في طهران عام ‪1940‬م‪ ,‬درس وتخرج من كلية الفنون الجميلة قسم الرسم بجامعة طهران‪.

‬‬
‫بدأ عمله عام ‪ 1961‬م مصمم إعالنات وعمل مع كبريات شركات‪ .‬اإلعالن اإليرانية ثم عمل في عنونة األفالم‪ ،‬وكان أول‬
‫عمل له في هذا المجال هو فيلم (وسوسة الشيطان) لمحمد زرين دست‪ ,‬ثم فيلم (قيصر) و(رضا موتوري) لمسعود‬
‫كيميائي‪.‬‬
‫ُد عي فيما بعد من قبل مدير مركز التنمية الفكرية لألطفال والفتيان لتأسيس قسم للسينما فيه‪.‬‬
‫في عام ‪1970‬م دخل عالم السينما بفيلمه القصير (الخبز والزقاق)‪ ،‬ثم في عام ‪1974‬م صنع أول أفالمه الروائية‬
‫(المسافر)‪ ,‬وكان هذا الفيلم يحمل رؤية جديدة ومختلفة آنذاك‪.‬‬
‫واصل كيارستمي صناعته لألفالم الروائية والتسجيلية‪ ,‬وكانت أبرز هذه األفالم ثالثية الزلزال‪( :‬أين منزل الصديق)‪،‬‬
‫الذي استوحى فكرته من قصيدة للشاعر اإليراني الكبير سهراب سبهري بعنوان واحة في اللحظة‪ ،‬وفيلم (الحياة ثم‬
‫الشيء) و(تحت أشجار الزيتون)‪ ،‬وقد جعلته هذه الثالثية السينمائية الفريدة مؤسسا ً ألسلوب جديد في السينما اإليرانية‪.‬‬
‫يُحتفى به في المهرجانات السينمائية العالمية بوصفه صانع أفالم كبير‪ ،‬ويضعه بعض النقاد في صف المخرجين الكبار مع‬
‫فلليني وتاركوفسكي وكوروساوا الذين فتحوا آفاقا ً جديدة أمام السينما العالمية‪.‬‬
‫نالت أفالمه جوائز كبيرة في مهرجانات عالمية مختلفة‪ ,‬ولعل أهم هذه الجوائز هي السعفة الذهبية لمهرجان (كان)‬
‫السينمائي عام ‪ 1997‬م‪ .‬عن فيلمه (طعم الكرز)‪ ،‬وجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان فينيسيا عام ‪1999‬م‪ .‬عن فيلم‬
‫(ستأخذنا الريح) المستوحى من قصيدة للشاعرة فروغ فرخزاد تحمل العنوان ذاته‪.‬‬
‫يقيم كيارستمي حتى اآلن في إيران على الرغم من التهميش الذي تتعرض له أعماله من قبل الجهات الرسمية‪ ،‬وفي إجابة‬
‫له عن سؤال يتعلق بعدم مغادرته إيران والعيش في الخارج على غرار بعض أصدقائه السينمائيين‪ ،‬قال‪« :‬إن المكان‬
‫الوحيد الذي أستطيع النوم فيه بأمان هو غرفتي في طهران»‪.‬‬
‫حافظ كيارستمي في أعماله على همومه الجمالية وهواجسه الوجودية ولم تؤثر فيه األحداث السياسية الكبرى التي مرت‬
‫بها إيران خالل فترة حكم الشاه أو الثورة اإلسالمية أو الحرب مع العراق من بعدها‪.‬‬
‫تجربة متميزة ومهمة في التصوير‬ ‫ً‬ ‫يملك كيارستمي‪ ،‬فضالً عن تجربته السينمائية وكتابة السيناريوهات والرسم والغرافيك؛‬
‫الفوتوغرافي وال تقل هذه األهمية عن أهميته السينمائية‪.‬‬
‫يتجول كثيراً ويلقي محاضرات عن السينما ويقيم معارض لصوره في متاحف أوربا وأمريكا‪.‬‬
‫جاءت تجربته الشعرية في مرحلة متأخرة من حياته إذا صدر له حتى اآلن مجموعتان شعريتان‪:‬‬
‫‪ -‬بصحبة الريح عام ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪ -‬ذئب متربص عام ‪2005‬م‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يكتب كيارستمي قصائد تحتوي طاقة بصرية كبيرة‪ ،‬وهو يقترب أحيانا من شعر الهايكو الياباني ويحيد عنه أحيانا أخرى‬
‫ليطرح أسئلة وجودية بلغة صافية مكثفة‪.‬‬
‫ً‬
‫أشعاره القصيرة مشحونة بتوتر جمالي خاص وتتضمن مالحظات ذكية تكشف أحيانا عن عين مجهرية ترصد انفعاالت‬
‫ومواضع شديدة الحساسية في النفس البشرية‪.‬‬
‫ترجمت أشعاره إلى اإلسبانية واإليطالية واإلنكليزية والفرنسية واأللمانية‪ ..‬وغيرها‪.‬‬
‫وفي ما يلي مختارات من ديوانه األخير (ذئب متربص)‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫خط أحمر على بياض الثلج‬
‫طريدة جريحة‬
‫تعرج‬

‫(‪)2‬‬
‫مهر أبيض‬
‫ولد من فرس سوداء‬
‫في مطلع الفجر‬

‫(‪)3‬‬
‫طائر‪ ‬‬
‫يغني منتصف الليل‬
‫حتى الطيور‪ ‬‬
‫ال تعرفه‬

‫(‪)4‬‬
‫فزاعة حقل بال معطف‬
‫في ليل الشتاء البارد‬

‫(‪)5‬‬
‫أحلم‬
‫أني مدفون تحت أوراق الخريف‪ ،‬‬
‫جسدي‪ ‬‬
‫يتفتح بالبراعم‬

‫(‪)6‬‬
‫ساقية جارية‬
‫في صحراء قاحلة‬
‫باحثة‬
‫عن عطشان‬

‫(‪)7‬‬
‫على لساني‬
‫طعم الصبر المر‪ ،‬‬
‫أي حلو سوف يزيله؟‬

‫(‪)8‬‬
‫شجرة السفرجل‬
‫مزهرة‬
‫في بيت مهجور‬

‫(‪)9‬‬
‫مهر أبيض‪ ،‬‬
‫أحمر حتى ركبه‬
‫إثر التجوال‬
‫في سهل شقائق النعمان‬

‫(‪)10‬‬
‫من بوسعه‬
‫أن يخمن‬
‫طعم حبة كرز‬
‫نصفها أصفر‬
‫ونصفها أحمر؟‬

‫(‪)11‬‬
‫العد العكسي‬
‫ليوم موتي‬
‫بدأ تحديداً‬
‫لحظة والدتي‬

‫(‪)12‬‬
‫رجل معلق‬
‫إلى المشنقة‬
‫في برودة الصباح‬

‫(‪)13‬‬
‫من يعرف‬
‫ألم برعم‬
‫يتفتح؟‬

‫(‪)14‬‬
‫تخليت‪ ‬‬
‫عن المرشد‬
‫وتحاشيت المريد‪ ،‬‬
‫خفيفا ً‬
‫أمضي‬

‫(‪)15‬‬
‫اللص‪ ‬‬
‫يشفق على الشرطي النعسان‬
‫مطلع الفجر‬

‫(‪)16‬‬
‫في طريق وعر‬
‫رأيت أعمى‬
‫دونما دليل‬
‫أو عصا‪.‬‬

‫(‪)17‬‬
‫سقطت التفاحة من الشجرة‪ ،‬‬
‫ُ‬
‫فكرت‬
‫بجاذبية التفاحة‬

‫(‪)18‬‬
‫اإلحساس المشترك‬
‫ُ‪.‬‬
‫بين السيدة والخادمة‪.‬‬
‫يوم اإلحصاء‬

‫(‪)19‬‬
‫الريح‬
‫تخطف خمار فتاة ابتدائية‬
‫عن حبل الغسيل‬
‫صباح السبت‬

‫(‪)20‬‬
‫هبة ريح ربيعية‬
‫تطفئ دفعة واحدة‬
‫كل شموع المزار‬

‫(‪)21‬‬
‫اللون األخضر‬
‫مال إلى الصفرة‪ ،‬‬
‫الجو‬
‫إلى البرودة‪ ،‬‬
‫فكرت بالموت‬
‫‪  ‬‬
‫(‪)22‬‬
‫بعوضة‬
‫تقضي معي الليل بأكمله‬
‫مسالمة‬
‫داخل ناموسية غرفتي‬

‫(‪)23‬‬
‫شروق الشمس‬
‫في العين الذهبية لعقاب عجوز‬
‫فوق جثة مهر أبيض‬

‫(‪)24‬‬
‫كيف أنام في سكينة؟!‬
‫فالزمن لم يتوقف‬
‫لحظة واحدة في النوم‬

‫(‪)25‬‬
‫السماء‪ .‬لي‪ ،‬‬
‫األرض‬
‫أيضاً‪ ،‬‬
‫كم أنا ثري!‬

‫(‪)26‬‬
‫بحبل مهترئ‬
‫أهبط البئر‬
‫ألجل ماء آسن‬
‫أدقه في هاون‬

‫(‪)27‬‬
‫كم هو قاس‬
‫تأمل القمر المكتمل‬
‫وحيداً‬

‫(‪)28‬‬
‫أخاف من العلو‬
‫فقد سقطت من شاهق‪ ،‬‬
‫أخاف من النار‬
‫فقد احترقت مراراً‪ ،‬‬
‫أخاف من الفراق‬
‫فلكم قاسيته‪ ،‬‬
‫ال أخاف من الموت‬
‫إذ لم أمت قط من قبل‬
‫وال حتى مرة واحدة‬

‫(‪)29‬‬
‫في نهاية المطاف‬
‫ُ‬
‫بقيت أنا ونفسي‪ ،‬‬
‫نفسي ساخطة علي‬
‫وما من أحد ليصالح بيننا‬

‫(‪)30‬‬
‫أقف‬
‫على جرف عال‪ ،‬‬
‫وفي قعر الوادي‬
‫ظلي يناديني‬
‫‪ ،‬فكر‪ ،‬فن‬

‫شعر‪ - ‬ضاجعني فوق وردة حمراء‬

‫‪41‬‬
‫فروغ فرخزاد‬
‫‪ 30‬حزيران ‪2013‬‬
‫فروغ فرخزاد (‪ ) 1967-1935‬شاعرة وسينمائية وممثلة مسرحية إيرانية ولدت في طهران وتربّت في محيط أسرة‬
‫مهتمة بالثقافة‪ .‬تزوجت فروغ لكنّ زواجها لم يطل كثيراً إذ طلبت فروغ الطالق بسبب رتابة الحياة التي أوقعت نفسها‬
‫فيها‪ ،‬حيث كانت ترى أنّ عليها أن تعيش حرّ ة وألجل الشعر فقط‪ ،‬وقد حُرمت بذلك من رؤية ابنها الوحيد كاميار‪ .‬تعتبر‬
‫أشعار فروغ حدثا ً في الشعر النسائي الفارسي إذ تجاوزت كل الخطوط الحمر في المجتمع اإليراني والسيّما في ما يتعلق‬
‫بأمور العاطفة والجنس‪ .‬أطلقت العنان لمشاعرها األنثوية الجامحة فجاءت‪ .‬أشعارها مفاجئة وصادمة‪ ،‬فلم تكن المرأة في‬
‫ذلك الحين تجرؤ على اإلفصاح عن مشاعرها األنثوية وكان صوتها في الكتابة كصوت الرجل ومواضيعها كانت تتمركز‬
‫حول شؤون متكلفة ومستهلكة‪ .‬عاشت فروغ حيا ًة صعبة من المواجهة والحرمان والفقر‪ ،‬إذ استقلت بعد طالقها عن منزل‬
‫وخاصة في ما يتصل بعالقتها مع القاص والسينمائي إبرهيم گلستان‪ .‬في‬‫ً‬ ‫والدها وعاشت صراعا ً نفسيا ً وعاطفيا ً مريراً‬
‫العام ‪ 1962‬نال فيلمها "البيت قاتم"‪ ،‬وهو فيلم تسجيلي عن دار للمجذومين في تبريز‪ ،‬جائزة أفضل فيلم في مهرجان‬
‫أوبرهاوزن بألمانيا الغربية وقد سمى هذا المهرجان جائزته الكبيرة باسم فروغ فرخزاد في دورته التالية‪.‬‬
‫ت إلى أوروبا وأتقنت اللغتين األلمانية‪ .‬أنتجت منظمة األونيسكو في العام ‪ 1965‬فيلما ً تسجيليا ً عنها‬
‫سافرت فروغ مرا ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مدته نصف ساعة وفي العام نفسه أخرج اإليطالي برناردو برتولوتشي فيلما تسجيليا عنها مدته ربع ساعة‪.‬‬
‫تدعو فروغ إلى رصد الصدق في أصفى أشكاله‪ ،‬وإلى إزالة الحدود بين الحياة والكتابة‪ .‬ترى أنّ ال شيء يفصل بين‬
‫شعرها وحياتها‪ ،‬وإن ضرورة الشعر في الحياة ليست مثل الطعام والشراب بل مثل التن ّفس‪ .‬تعتبر إلى جانب نيما يوشيج‬
‫وأحمد شاملو وسهراب سپهري من أهم أعمدة الشعر الحديث في إيران‪ ،‬كما تعتبر أهم شاعرة على اإلطالق في تاريخ‬
‫الشعر اإليراني‪.‬‬
‫توفيت فروغ عام ‪ 1967‬في حادث سيارة ال يزال يل ّف ه الغموض حتى يومنا هذا‪ .‬أعمالها الشعرية‪" ،‬األسيرة" (‪،)1952‬‬
‫"الجدار" (‪" ،)1957‬تمرد" (‪" ،)1959‬والدة أخرى" (‪ ،)1964‬و"لنؤمن ببداية فصل البرد" (نشر بعد وفاتها)‪.‬‬
‫الجمعة‬
‫الجمعة الصامتة‬
‫الجمعة المهجورة‬
‫الجمعة المحزنة كاألزقة القديمة‪،‬‬
‫جمعة األفكار الكسولة المريضة‬
‫جمعة التثاؤبات الشقية الطويلة‪،‬‬
‫الجمعة الخالية من االنتظار‬
‫جمعة الخضوع‪.‬‬
‫ُ‬
‫البيت الخالي‬
‫ُ‬
‫البيت الكئيب‬
‫البيت الموصد الباب أمام هجوم الشباب‪،‬‬‫ُ‬
‫ُ‬
‫بيت الظالم وتخيّل الشمس‬
‫ُ‬
‫بيت الوحدة وقراءة الطالع والحيرة‬
‫بيت الستائر‪ ،‬الكتب‪ ،‬الخزائن‪ ،‬الصور‪.‬‬
‫آهٍ‪ ،‬كم بهدو ٍء وكبرياء‬
‫كانت حياتي تجري‪ ،‬كساقية‪ .‬غريبة‪،‬‬
‫في قلب هذه الجمع الصامتة المهجورة‬
‫في قلب هذه البيوت الخالية الكئيبة‬
‫آهٍ‪ ،‬كم بهدو ٍء وكبرياء‬
‫كانت حياتي تجري‪.‬‬
‫¶¶¶‬
‫وردة حمراء‬
‫وردة حمراء‬
‫وردة حمراء‬
‫وردة حمراء‪.‬‬
‫إلى بستان الورد األحمر أخذني‬
‫وعلّق في الظالم على جدائلي المرتبكة وردة حمراء‪،‬‬
‫وفي نهاية المطاف‬
‫ضاجعني فوق بتلة وردة حمراء‪.‬‬
‫أيتها الحمامات‪ .‬الكسيحة‬
‫أيتها األشجار الغريرة العقيمة‬
‫أيتها النوافذ العمياء‪،‬‬
‫اآلن أسفل بطني وفي أعماق خاصرتي‬
‫تنمو وردةٌ حمراء‪،‬‬
‫وردةٌ حمراء‬
‫حمراء‬
‫مثل راي ٍة في يوم القيامة‪،‬‬
‫آه أنا حبلى‪ ،‬حبلى‪ ،‬حبلى‪.‬‬
‫¶¶¶‬
‫قصيدة السفر‬
‫ك ّل ليلة‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫كان أح ٌد ما يتحدّث إليّ خفية ويقول‪:‬‬
‫ٌ‬
‫مرتبكة ج ّداً من رؤيته‬ ‫ت‬
‫"أن ِ‬
‫في الصباح المبكر مع النجوم البيضاء‬
‫سيرحل‪ ،‬ال تدعيه"‪.‬‬
‫رائحتك تجعلني أنسى العالم‬
‫َ‬
‫وأتجاهل مكائد األيام‪...‬‬
‫عيناك كانتا تنسكبان كغبار الذهب‬
‫فوق رموشي الرقيقة‪.‬‬
‫جسدي ملتهب من لمسات‪ .‬يديك‬
‫وخصالت شعري حرّ ةٌ في تن ّفسك‪...‬‬
‫كنت أتف ّتح من الحبِّ كزهرة وأقول‪:‬‬
‫ُ‬
‫"من وقع في الحبّ‬
‫ال يؤذي محبوبه‪.‬‬
‫ليذهب‪ ،‬فعيناي ستكونان في إثره‬
‫ليذهب‪ ،‬فحبّي سيحرسه"‪.‬‬
‫آه‪ ،‬أنت لست هنا اآلن‪،‬‬
‫الغروب يفرش الظ َّل على صدر الطريق‬
‫وإله الحزن القاتم‬
‫يدخل بهدو ٍء معبدَ عيني‬
‫ويكتب على ك ّل جدار‬
‫ت كلّها سوداء‪ ...‬سوداء‪...‬‬ ‫آيا ٍ‬
‫¶¶¶‬
‫ذكرى أحد األيام‬
‫نائ َمين ك ّنا‪،‬‬
‫شعاع الشمس كان يزحف بنعومة فوق جسدينا‪،‬‬
‫وعلى بالط الردهة‬
‫كانت يد النور ترسم بعجالة ظاللنا‪...‬‬
‫ً‬
‫النهائية كانت أمواج األفق الملوّ نة‬
‫السماء‪ .‬كانت مضمّخة بعطر النهار‬
‫وحرير الغيم أحاطنا بستارة الزوردية‪.‬‬
‫ّك"‪.‬‬ ‫ً‬
‫ومنهكة زحفت کلمة "أحب َ‬ ‫ً‬
‫مکتومة‬
‫على شفتيَّ من جديد‪،‬‬
‫ولكن عبثا ً ضاع صوتي‬
‫في صمت الظهيرة‪.‬‬
‫متألَّ ً‬
‫مة ُ‬
‫قلت‪ :‬أيتها الشمس‪ ...‬يا شمس‬
‫ال تسطعي ثانية على زهرة يابسة‪...‬‬
‫ً‬
‫عطشانة كنت‬
‫وقد خدعني في صحراء الحياة‬
‫مثل السّراب‪...‬‬
‫ً‬
‫بغتة‬
‫الحت في قسمات‪ .‬وجهه‬
‫ظالل الندم‬
‫فأمسكت الشمسُ شعري‬
‫وزحفت السماء في عينيه‪...‬‬
‫ً‬
‫أبدية تلك اللحظة‬ ‫آه‪ ...‬ليتها كانت‬
‫ليتنا تالشينا في حزننا وافتضحنا‪...‬‬
‫ليتنا امتزجنا بالشمس‪،‬‬
‫ليتنا غدونا بلون األفق‪.‬‬
‫¶¶¶‬
‫ٌ‬
‫صوت في الليل‬
‫منتصف الليل‬
‫في قلب الردهة الصامتة‬
‫تردّد وقع خطوات‪...‬‬
‫مثل قلوب أزهار الربيع‬
‫امتأل قلبي بندى اليقين المرتعش‪.‬‬
‫قلت لنفسي إنه هو‪ ،‬لقد عاد‪.‬‬ ‫ُ‬
‫قفزت من الفراش وألقيت بلهفة نظر ًة على نفسي‬ ‫ُ‬
‫في المرآة الحائرة‪.‬‬
‫آهٍ‪،‬‬
‫ارتجفت شفتاي من الحبّ ‪،‬‬
‫تك َّدر وجه المرآة من اآلهة‪،‬‬
‫لعلّها كانت ترى طيفا ً أمامها‪.‬‬
‫شعري مبعث ٌر وشفاهي جافة‬
‫كتفاي عاريتان في قميص النوم‪،‬‬
‫ولكن في عتمة الردهة الصامتة‬
‫كان العابر يسرع ك ّل لحظة‪،‬‬
‫وفجأ ًة انحبست أنفاسي في صدري‪.‬‬
‫كأنّ روح النسيم شاهد من خالل النوافذ‬
‫حزني ووحدتي‪،‬‬
‫فسكب على شعري المبعثر‬
‫َ‬
‫عطر األكاسيا الالهب‪.‬‬
‫ُ‬
‫هرعت نحو الباب‪،‬‬ ‫ً‬
‫متلهفة‬
‫وقع الخطوات في صدري‬
‫يشبه صدى الناي في أعماق السهول‪.‬‬
‫ت‬‫لكنَّ وقع الخطوا ِ‬
‫في عتمة الردهة الصامتة‬
‫انحسر ومضى‪.‬‬
‫الريح‬
‫صدحت بغنا ٍء حزين‪.‬‬
‫ترجمة ماهر ج ّمو‬

You might also like