You are on page 1of 14

‫المبحث األول‪ :‬الرقابة القضائية على مشروعية القرار التأديبي‬

‫إن وج ود رقاب ة قض ائية لفحص مش روعية تص رفات اإلدارة في المج ال‬


‫الت أديبي المنص بة على الق رارات التأديبي ة تمث ل ض مانة مهم ة من ض مانات حق وق‬
‫الموظفين لما في ذلك من تبني لمشروعية دولة القانون‪ ،‬فقد اقتضت وظيفة النظام‬
‫القض ائي إيج اد قض اء يعم ل على ض مان اح ترام حق وق الموظ ف‪ ،‬و المتمث ل في‬
‫أجه زة القض اء اإلداري من خالل الرقاب ة على الق رارات التأديبي ة لض مان‬
‫مشروعيتها(‪.)1‬‬
‫ونظراً ألهمية الرقابة القضائية على مشروعية القرار التأديبي فقد رأينا أن‬
‫نقس م المبحث إلى مطل بين نع الج في المطلب األول مفه وم الق رار الت أديبي والرقاب ة‬
‫القضائية وفي المطلب الثاني نتناول مبدأ المشروعية في القرار التأديبي‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم القرار التأديبي في الوظيفة العمومية‬
‫التعريف الفقهي للقرار التأديبي‪:‬‬
‫ع رف محم د ماج د ي اقوت الق رار الت أديبي بأن ه‪" :‬الق رار الص ادر من س لطة‬
‫تأديبي ة رئاس ية م ا بج زاء ت أديبي ص ريح‪ ،‬في ح ق موظ ف‪ ،‬وذل ك بس بب ارتكاب ه‬
‫مخالفة تأديبية لواجبات الوظيفة‪ ،‬بهدف الصالح العام وهو ُحسن سير العمل(‪.)2‬‬
‫أما القرار التأديبي من وجهة نظر مغاوري محمد شاهين فهو‪" :‬ذلك القرار الصادر‬
‫من الرئيس اإلداري المختص أو من يفوضه على موظف معين لخطأ ارتكبه أثناء‬
‫تأدي ة وظيفت ه أو لخط أ من ش أنه أن ينعكس على أدائه ا"(‪ ،)3‬كم ا عرف ه األس تاذ‬
‫عبدالوهاب البنداري‪" :‬القرار التأديبي ال يعدو أن يكون قرار إداري اً إذ هو إفصاح‬

‫‪ -‬علي جمعة محارب‪ :‬التأديب اإلداري في الوظيفة العامة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2004‬م‪ ،‬ص ‪15‬‬


‫‪ -‬محمد ماجد ياقوت‪ :‬شرح اإلجراءات التأديبية‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪2004 ،‬م‪ ،‬ص ‪656‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬مغاوري محمد شاهين‪ :‬القرار التأديبي وضماناته ورقابته القضائية بين الفاعلية والضمان‪ ،‬مكتبة األنجلو المصرية‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫القاهرة‪1986 ،‬م‪ ،‬ص ‪498‬‬


‫اإلدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح في الشكل‬

‫ال ذي يتطلب ه الق انون بقص د إح داث أث ر ق انوني معين م تى ك ان ذل ك ممكن ا ًوج ائزاً‬
‫قانوناً وكان الباعث عليه مصلحة عامة"(‪.)1‬‬
‫التعريف القضائي للقرار التأديبي‪:‬‬
‫يلعب القض اء اإلداري إلى ج انب الفق ه دوراً مهم اً في إعط اء تعريف ات‬
‫لمختلف التصورات القانونية وهو الدور الذي لعبه القضاء اإلداري المقارن‪ ،‬فقد‬
‫قدمت محكمة القضاء اإلداري المصري ما يمكن اعتباره تعريفا ًللقضاء التأديبي‪،‬‬
‫فذهبت في ذلك إلى أن القرار التأديبي الصادر من السلطة التأديبية هو قرار إداري‬
‫وليس ق رار ذا ط ابع قض ائي‪ ،‬فقض ت بأن ه‪" :‬ومن حيث أن ق رارات الت أديب‬
‫الص ادرة من الس لطات الرئاس ية هي ق رارات إداري ة تس ري في ش أنها القواع د‬
‫المتعلقة بالنظم والسحب واإللغاء وليست ذات طابع قضائي من نوع خاص ومن‬
‫ثم ال تج وز ق وة الش يء المحك وم في ه إذ الحكم القض ائي مق رر للح ق في مس ألة‬
‫قانونية تتعلق بمركز قانوني وليس منشئاً له بعكس القرار اإلداري فهو منشئ أو‬
‫معدل لمركز قانوني والعدول عنه أو سحبه جائز ويكون بمثابة عفو أو عدول عن‬
‫الجزاء لظروف ومالبسات معينة(‪.)2‬‬
‫كم ا قض ت بأن ه‪ " :‬ومن حيث أن الق رار الت أديبي ليس حكم اً قض ائيا ًوليس‬
‫ق رارا ًمن س لطة ذات فص ل قض ائي‪ ،‬ب ل ه و ق رار إداري ألن ه يص در من جه ة‬
‫اء على س لطتها العام ة بمقتض ى الق وانين والل وائح وينش ئ بالنس بة إلى‬
‫إداري ة بن ً‬
‫صاحب الشأن مركزاً قانوني اً ويتخذ صفة تنفيذية على خالف الحكم القضائي الذي‬
‫يصدر من جهة قضائية بمقتضى واليتها القضائية في خصومة حقيقية تقرر الحق‬

‫‪ -‬عبدالوهاب البنداري‪ :‬طرق الطعن في العقوبات التأديبية إدارياً وقضائياً‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬مصر‪ ،‬دون تاريخ‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪201‬‬
‫‪ -‬محمد ماجد ياقوت‪ :‬شرح اإلجراءات التأديبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪662‬‬ ‫‪2‬‬
‫فيها ومتى أصبح نهائيا ًوحائزا" ًقوة الشيء المحكوم فيه اعتبر عنوان اً للحقيقية فما‬
‫قضى به"(‪.)1‬‬
‫خصائص القرار التأديبي‪:‬‬
‫على أس اس أن الق رار الت أديبي ه و ق رار إداري‪ ،‬ف إن ل ه جمل ة من‬
‫الخصائص التي تميزه عن بقية األعمال االنفرادية األخرى وهي‪:‬‬
‫‪ /1‬أن يكون القرار التأديبي صادر عن السلطة المختصة بالتأديب‪:‬‬
‫نكون أمام قرار تأديبي إذا صدر عن السلطة المختصة بالتأديب أي الجهة‬
‫المختصة بمقتضى القانون بممارسة وظيفة التأديب‪ ،‬فهي توقع العقوبات المنطوية‬
‫على الحرم ان من التمت ع ببعض أو ك ل المزاي ا الوظيفي ة‪ ،‬بص ورة مؤقت ة أو نهائية‬
‫وفق اً للش روط المح ددة قانون اً‪ ،‬في حال ة ثب وت ارتك اب إخالل بواجب ات الوظيف ة‬
‫عينه ا المش رع لتط بيق‬
‫ومقتض ياتها‪ .‬ومن ه يقص د بالس لطة التأديبي ة الجه ة ال تي ّ‬
‫العقوبات التأديبية المنصوص عليها قانوناً(‪.)2‬‬
‫‪ /2‬أن يكون القرار التأديبي عمالً انفرادياً‪:‬‬
‫األص ل أن يص در الق رار الت أديبي من ج انب س لطة مختص ة بإص داره دون‬
‫ت دخل أي جه ة أخ رى في ذل ك‪ ،‬إاَّل أن ه في ه ذا المج ال توج د اس تثناءات تتعل ق‬

‫ب القرارات التأديبي ة ال تي تلزمه ا التنظيم ات والق وانين بض رورة األخ ذ غالب اً‬
‫باالستش ارات س واء ك انت اختياري ة أو إجباري ة مث ل أخ ذ ال رأي المل زم من اللجن ة‬
‫اإلدارية المتساوية األعضاء المجتمعة كمجلس تأديبي‪.‬‬

‫‪ -‬محمد ماجد ياقوت‪ :‬شرح اإلجراءات التأديبية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪664‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬سليمان محمد الطماوي‪ :‬القضاء اإلداري (قضاء التأديب)‪ ،‬الكتاب الثالث‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬مصر‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪1979‬م‪ ،‬ص ‪423‬‬


‫وبالنظر لهذه الميزة دون غيرها فإن القرارات التأديبية تتم باإلرادة المنف ردة‬
‫من ج انب اإلدارة‪ ،‬أي أنه ا تخ رج عن دائ رة العق ود اإلداري ة ال تي تف رض وج ود‬
‫إرادتين متقابلتين(‪.)1‬‬
‫‪ /3‬أن يحدث القرار التأديبي أثاراً قانونية‪:‬‬
‫إن عناص ر الق رار الت أديبي تكتم ل إذا ص در العم ل من ج انب الس لطة‬
‫اإلداري ة المختص ة بإرادته ا المنف ردة وأرادت من خالل ه إح داث أث ر ق انوني فه ذا‬
‫األثر هو الذي يتمم بنيان القرار التأديبي ولواله لما لجأ المعني بالقرار للطعن فيه‪.‬‬
‫ودون ه ال يس تطيع القاض ي اإلداري مراقب ة أعم ال الس لطة المختص ة بالت أديب‬
‫فيف ترض هن ا أن المرك ز الق انوني للموظ ف ت أثر مث ل ق رار فص له من الوظيف ة‪ ،‬إذ‬
‫بدون ه ذا التأثير ال يمل ك راف ع الدعوى مسوغاً لمس اءلة اإلدارة قضائياً وال يملك‬
‫القاض ي أي س لطة لرقاب ة عم ل اإلدارة طالم ا لم يح دث الق رار الت أديبي ت أثيرا ًفي‬
‫المركز القانوني للموظف(‪.)2‬‬
‫‪ /4‬أن يكون القرار التأديبي تعبيراً إرادياً‪:‬‬
‫وم ؤدى ذل ك أن ه ح تى نك ون أم ام ق رار ت أديبي يجب أن تظه ر الس لطة‬
‫اإلدارية المختصة بالتأديب ما تبطنه وتخرجه إلى حيز الوجود‪ .‬وعلى ذلك فمجرد‬
‫س ماع الموظ ف أن الس لطة التأديبي ة أص درت في حق ه عقوب ة تأديبي ة عن طري ق‬
‫القرار التأديبي فإنه يستطيع اللجوء إلى القضاء للطعن فيه وبالتالي دون تعبير أو‬
‫إفصاح اإلدارة عن إرادتها تكون دعواه غير مقبولة‪.‬‬
‫وإ ظه ار اإلدارة لعنص ر اإلفص اح ال يع ني بالض رورة أن يك ون الق رار‬
‫الص ادر من ج انب اإلدارة إيجابي اً أو س لبياً‪ ،‬إذ المطل وب ه و اإلفص اح من ج انب‬

‫‪ -‬عصمت عبداهلل الشيخ‪ ،‬مبادئ ونظريات القانون اإلداري‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة حلوان‪ ،‬مصر‪2003 ،‬م‪ ،‬ص ‪23‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬عمار بوضياف‪ :‬القرار اإلداري دراسة تشريعية قضائية فقهية‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪2007 ،‬م‪ ،‬ص ‪53‬‬ ‫‪2‬‬
‫اإلدارة ب أي ش كل من األش كال ألن اإلفص اح أم ر ض روري لميالد الق رار الت أديبي‬
‫وبغيره أو دونه يستحيل التعرف على عنصر اإلرادة(‪.)1‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم الرقابة القضائية على القرار التأديبي‪:‬‬
‫قد يترتب على ممارسة السلطة التأديبية الختصاصها وقوع إشكاالت بينها‬
‫وبين النظ ام القن وني في الدول ة من جه ة وحق وق الموظ ف من اط الت أديب من جه ة‬
‫أخرى‪ ،‬ويؤدي هذا إلى تحريك عملية الرقابة القضائية على أعمال السلطة التأديبية‬
‫كآلية للحفاظ على المصلحة العامة‪ ،‬خاصة إذا تعلق بمجال تنظيم وتسيير المرافق‬
‫العم ة‪ ،‬ل ذا تقتض ي دراس ة ه ذا الف رع التط رق إلى تعري ف الرقاب ة القض ائية على‬
‫الق رار الت أديبي ثم تبي ان خص ائص الرقاب ة القض ائية على الق رار الت أديبي وتحدي د‬
‫أهداف هذه الرقابة على القرار التأديبي‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف الرقابة القضائية على القرار التأديبي‪:‬‬
‫نتن اول التعري ف اللغ وي للرقاب ة القض ائية ثم التعري ف الق انوني للرقاب ة‬
‫القضائية على القرار التأديبي‪.‬‬
‫‪ /1‬التعريف اللغوي للرقابة القضائية‪:‬‬
‫أ‪ -‬الرقاب ة‪ :‬رقب‪ :‬ال راء والق اف والب اء أص ل واح د مط رد‪ ،‬ي دل على انتص اب‬
‫بمراعاة شيء‪ .‬رقوب اً (بضم الراء) و رقوب اً (بفتح الراء) ورقابة و رقبانا ًورقبة‪:‬‬
‫حرس ه‪ ،‬انتظ ره‪ ،‬ح اذره‪ ،‬وراقب النجم إذ الحظ ه ورص ده وراقب بمع نى حرس ه‬
‫وراقب اهلل إذ خافه وخشيه(‪.)2‬‬
‫الرقاب ة من راقب ي راقب مراقب ة بمع نى المحافظ ة والرعاي ة والحف ظ واالنتظ ار‪.‬‬
‫فالرقيب هو الحافظ والمنتظر‪ ،‬والترقب واالرتقاب أي االنتظار(‪.)3‬‬

‫‪ -‬سرير عبداهلل رابح‪ :‬عملية صنع القرار وتطبيقاته في اإلدارة العامة بالجزائر‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية العلوم السياسية‬ ‫‪1‬‬

‫واإلعالم‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،‬جامعة الجزائر‪2006 ،‬م‪ ،‬ص ‪69‬‬


‫‪ -‬المعجم العربي األساس‪ ،‬المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم‪1980 ،‬م‪ ،‬ص ‪540‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬محمد بن أبي بكر بن عبداهلل الرازي‪ :‬مختار الصحاح‪ ،‬دار الرسالة‪ ،‬الكويت‪1983 ،‬م‪ ،‬ص ‪267‬‬ ‫‪3‬‬
‫وفي أس ماء اهلل تع الى ال رقيب ه و الحاف ظ ال ذي ال يغيب عن ه ش يء‪ ،‬وق د ورد‬

‫مص طلح الرقاب ة في ق وه تع الى‪( :‬إن اهلل ك ان عليكم رقيب اً) ‪ ،‬أي مطلع اً حفيظ اً‬
‫(‪)1‬‬

‫ألعمالكم‪.‬‬
‫كما ورد في قوله تعالى‪( :‬فأصبح في المدينة خائفاً يترقب)(‪ ،)2‬ورقب الشيء يرقبه‬
‫مراقبة ورقابا‪ :‬حرسه‪ ،‬والرقيب‪ :‬الحارس‪ ،‬الحافظ(‪ )3‬وترقبه أي انتظره ورصده‪.‬‬
‫أم ا باللغ ة الالتيني ة فمص طلح الرقاب ة يتك ون من مقطعين هم ا‪Role, Contre :‬‬
‫ويقصد بكلمة ‪ Role‬القائمة التي تحوي أسماء معينة‪ ،‬أما كلمة ‪ Contre‬يقصد بها‬
‫القائم ة األخ رى ال تي تتض من أس ماء ي راد مطابقته ا م ع األس ماء ال واردة بالقائم ة‬
‫األولى‪ ،‬فالرقاب ة تع ني دائم اً المطابق ة (المض اهاة ‪ )Confrotation‬أو البحث عن‬
‫(المطابقة ‪.)4( )Conformite‬‬
‫ب‪ -‬القض ائية‪ :‬من القض اء والقض اء لغ ة‪ ،‬الحكم والجم ع‪ ،‬األقض ية والقض ية مثل ه‬
‫وجمع القضايا‪ ،‬وقضى يقضي بالكسر قضاء أي الحكم ومنه قوله تعالى‪( :‬وقضى‬
‫ربك أال تعبدوا إاّل إياه) (‪ ،)5‬ومنه قوله تعالى‪( :‬فقضاهن سبع سموات في يومين)‬
‫(‪ ،)6‬ومن ه القض اء والق در ويق ال استقض ى فالن‪ ،‬أي ص ير قاض يا(‪ ،)7‬وي أتي بمع نى‬
‫قضاء إذا أصنعه وقدره أما في االصطالح فإن‬
‫ً‬ ‫الصنع والتقدير فيقال قضى الشيء‬
‫كلمة القضاء ترد لفصل الحكم بين الناس منه قوله تعالى‪( :‬ولوال كلمة سبقت من‬
‫ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم) (‪.)8‬‬

‫‪ -‬سورة النساء ‪ ،‬اآلية (‪)1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬سورة القصص‪ ،‬اآلية (‪)18‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬المنجد األبجدي‪ ،‬الطبعة الثامنة‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪1986 ،‬م‪ ،‬ص ‪234‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬أنور أحمد رسالن‪ :‬وسيط القضاء اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪1997 ،‬م‪ ،‬ص ‪-170‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪171‬‬
‫‪ -‬سورة اإلسراء ‪ ،‬اآلية (‪)23‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬سورة فصلت‪ ،‬اآلية (‪)12‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ -‬محمد بن أبي بكر بن عبداهلل الرازي‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪427 -426‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪ -‬سورة الشورى‪ ،‬اآلية (‪)14‬‬ ‫‪8‬‬


‫‪ /2‬التعريف القانوني للرقابة القضائية‪:‬‬
‫عرفها الدكتور محمد بدران بأنها‪ " :‬تلك السلطات والصالحيات الممنوحة‬
‫للمحاكم العادية أو اإلدارية‪ ،‬استناداً إلى نصوص القانون والتي يكون بموجب هذه‬
‫المحاك سلطة الفصل فيها وإ صدار أحكام في المسائل التي تكون اإلدارة طرفاً فيه ا‬
‫بما يكفل حقوق وحريات الخصوم"(‪ .)1‬كما عرفها األستاذ فهد عبدالكريم أبو العثم‬
‫بأنها‪" :‬الرقابة التي تتولها المحاكم على اختالف أنواعها فقد تكون عادية أو إدارية‪،‬‬
‫إذ أن ه ذه المح اكم هي مكون ات الس لطة القض ائية المس تقلة وفق اً ألحك ام الدس تور‬
‫ويكون اختصاصها النظر بمنازعات األفراد فيما بينهم أو فيما بينهم وبين السلطات‬
‫اإلدارية إلنزال حكم القانون على هذه المنازعات"(‪.)2‬‬
‫وعلهي فالرقابة القضائية على القرار التأديبي هي تلك الرقابة التي يمارس ها‬
‫القاضي اإلداري على سلطة اإلدارة في توقيع العقوبة التأديبية ب النسبة للموظف‬
‫الذي ارتكب خطأ مهنياً فتنصب رقابة القاضي اإلداري على أركان القرار التأديبي‬
‫ومبدأ المالئمة بين الخطأ والعقوبة التأديبية لكون السلطة المختصة بالتأديب تتمتع‬
‫بسلطة تقديرية أثناء إصدارها لهذا القرار‪.‬‬
‫وفي المجال التأديبي تختص بها أجهزة القضاء اإلداري بعد استحداث نظام‬
‫االزدواجية الفضائية سواء كانت محاكم إدارية أو مجلس الدولة وذلك عن طريق‬
‫وسائل قانونية مدعمة لها‪ .‬فيتولى القاضي اإلداري رقابة مشروعية القرار الت أديبي‬
‫بناء على طعن يتقدم به صاحب الشأن وهو الموظف المتضرر من هذه التص رفات‬
‫ً‬
‫وبالتالي يلجأ الموظف الخاضع للتأديب إلى الرقابة القضائية عندما تجاوز اإلدارة‬

‫‪ -‬محمد بدران‪ :‬رقابة القضاء على أعمال اإلدارة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪1985 ،‬م‪ ،‬ص ‪61‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬فهد عبدالكريم أبو العثم‪ :‬القضاء اإلداري بين النظرية والتطبيق‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪2005 ،‬م‪ ،‬ص‬ ‫‪2‬‬

‫‪136‬‬
‫حدود سلطتها وتلجأ إلى التعسف في استعمالها‪ ،‬لكون هذه الرقابة أداة فعالة إلجب ار‬
‫اإلدارة على احترام مبدأ المشروعية(‪.)1‬‬
‫حيث أن الرقاب ة اإلداري ة ال يمكن أن ت وفي الغ رض من ض ما ن س يادةمبدأ‬
‫المشروعية ألنه يؤخذ عليها أن اإلدارة هنا تكون هي الحكم والخصم وقد ال تجد‬
‫السلطة التأديبية مصدرة القرار التأديبي الرجوع عن أخطائها‪ ،‬أما الرقابة القضائية‬
‫فتعد ضمانا ًحقيقياً لمصلحة الموظفين وحقوقهم وهذا ما أكده الدكتور محمد كامل‬
‫ليلة الذي يذهب إلى أن‪" :‬الرقابة القضائية تعد من أهم صور الرقابة في الدولة ألن‬
‫القض اء هي الجه ة المؤهل ة لحماي ة مب دأ المش روعية من العبث ب ه والخ روج على‬
‫أحكامه ويقوم القضاء بمهمته هذه إذا ما توفرت الضمانات الضرورية التي تكفل‬
‫له االستقالل في أداء وظيفته ويالحظ أن هذه الرقابة تمتد إلى سلطات الدولة كلها‬
‫فبالنس بة للس لطة التش ريعية نج د أن القض اء في كث ير من ال دول ل ه ح ق مراقب ة‬
‫دستورية القانون للتأكد من مطابقتها ألحكام الدستور وبالنسبة للسلطة التنفيذية فإنه‬
‫يراقب تصرفاتها ويعمل على توجيهها نحو ضرورة احترام مبدأ المشروعية وفي‬
‫ذل ك حماي ة لحق وق األف راد وحري اتهم‪ ،‬لرقاب ة القض اء للس لطة القض ائية ذاته ا فإنن ا‬
‫نجد أنها تراقب نفسها عن طريق الطعن في األحكام العادية وغير العادية" (‪.)2‬‬
‫ثانياً‪ :‬خصائص الرقابة القضائية على القرار التأديبي‪:‬‬
‫على أساس أن الرقابة القضائية على القرار التأديبي تبرز بدقة أهمية هذه‬
‫الوسيلة كأداة لحماية حقوق الموظف العام من تعسف السلطة التأديبية‪ ،‬فإنها تمتاز‬
‫بمجموع ة من الخص ائص ال تي تنف رد به ا عن ب اقي الرقاب ات األخ رى مث ل الرقابة‬
‫اإلدارية والرقابة البرلمانية والرقابة السياسية وهذا ما يجعلها مؤكدة وعادلة ومن‬
‫بين هذه الخصائص منجد‪:‬‬

‫‪ -‬هاني على الطهراوي‪ :‬القانون اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪2001 ،‬م‪ ،‬ص ‪211‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬محمد كامل ليلة‪ ،‬الرقابة على أعمال اإلدارة‪ ،‬دار الفكر العربي‪1973 ،‬م‪ ،‬ص ‪160‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪ /1‬االستقالل والحياد والموضوعية‪:‬‬
‫إذا كانت حقوق الموظف تحفظ بالقضاء والعدل يتحقق بالقضاء ‪ ،‬ينبغي أن‬
‫يكون له مظهراً يناسبه‪ ،‬وهو االستقالل‪ ،‬فمهمة القاض ي هي تط بيق القانون على‬
‫الحاالت والوقائع المعروضة عليه لذا ينبغي أن يترك له كامل الحرية في تكوين‬
‫قن اعته وفي إصدار أحكامه دون أدنى مؤثر قد يفقده إرادته وحريته(‪.)1‬‬
‫ويقصد باستقالل القضاء أاَّل يخضع القضاة في ممارسة عملهم لسلطان أي‬
‫جهة وأن يكون عملهم إقرار الحق والعدل خاضعاً لما يمليه عليه القانون دون أي‬
‫اعتبار آخر‪ .‬ويعد مبدأ استقالل القضاء نتيجة طبيعية لمبدا الفصل بين السلطات‬
‫الذي يقتضي أن تمارس كل سلطة عملها بمنأى عن تأثير السلطات األخرى‪.‬‬
‫أم ا مب دأ الحي اد يعرف ه ال دكتور بوبش ير أمق ران أن ه‪ " :‬مرك ز ق انوني يك ون‬
‫فهي القاضي بعيداً عن التحيز لفريق أو خصم على حساب آخر"(‪.)2‬‬
‫كما يعرفه الدكتور عبدالحميد الشواربي أنه‪ " :‬تجرد القاضي حيال‬
‫النزاع المعروض عليه من أي مصلحة ذاتية كي يتسنى له البت بموضوعية"(‪.)3‬‬
‫وي رى ال دكتور عم ار بوض ياف أن مب دأ الحي اد ه و‪ " :‬أن ي زن القاض ي‬
‫المصالح القانونية للخصوم بالعدل وأن يقف موقف اً من الخصومة يجعله بعيداً عن‬
‫مظنة الميل ألحد األطراف"(‪.)4‬‬
‫‪ /2‬وجوب المطالبة القضائية‪:‬‬
‫إن الرقابة القضائية على خالف الرقابتين البرلمانية واإلدارية ال تتحرك من‬
‫تلقاء نفسها بل البد من رفع دعوى أمام القضاء من ذوي الشأن‪ ،‬لكي يستند إليها‬

‫‪ -‬فاروق الكيالني‪ ،‬استقالل القضاء ‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬القاهرة‪1977 ،‬م‪115 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬بوبشير محند أمقران‪ :‬النظام القضائي الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزائر‪1994 ،‬م‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص ‪80‬‬
‫‪ -‬عبدالحميد الشواربي‪ :‬المسؤولية القضائية في ضوء القضاء والفقه‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬دون‬ ‫‪3‬‬

‫تاريخ‪ ،‬ص ‪61‬‬


‫‪ -‬عمار بوضياف‪ :‬القضاء اإلداري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪2008 ،‬م‪ ،‬ص ‪16‬‬ ‫‪4‬‬
‫القاض ي في ممارس ته للرقاب ة على أعم ال اإلدارة ال تي تث ير الش كوك ح ول‬
‫مشروعيتها نتيجة هذه الدعوى‪.‬‬
‫فالرقاب ة القض ائية ال تتم إاّل عن طري ق المطالب ة القض ائية من ط رف‬
‫الموظ ف ال ذي أدى عم ل الس لطة التأديبي ة إلى المس اس بمرك زه الق انوني‪ ،‬فيأخ ذ‬
‫القاض ي مهم ة الرقاب ة وإ حق اق ح ق الموظ ف في حال ة م ا إذا ك ان عم ل الس لطة‬
‫التأديبي ة غ ير مش روع دون المس اس بحق وق اإلدارة في ه ا المج ال‪ ،‬ألن ه ذه‬
‫األخيرة لها حق اتخاذ كل األعمال التي تناسبها لدى تسييرها المرافق العامة(‪.)1‬‬
‫تتمت ع اإلدارة بامتي ازات ومظ اهر تس مح له ا في إط ار الوظيف ة اإلداري ة‬
‫باتخاذ القرارات اإلدارية المنفردة بخصوص موظفيها كنتيجة لألفعال التي تراها‬
‫مخالف ة للواجب ات الوظيفي ة فتوق ع ق رارات تأديبي ة دون أن تك ون ملزم ة بالمطالب ة‬
‫القض ائية على عكس الموظ ف الع ام ال ذي يل زم به ذه المطالب ة من أج ل تحري ك‬
‫الرقابة القضائية على سلطة اإلدارة في توقيع العقوبات التأديبية‪.‬‬
‫ولكون الرقابة القضائية على القرارات التأديبية تتم عن طريق دعوى أمام‬
‫المح اكم اإلداري ة فيجب تق ديم ه ذه ال دعوى بعريض ة م ع ت وفر الش روط المطلوب ة‬
‫وي ترتب على ذل ك مراع اة مواعي د التقاض ي واالختص اص وتس بب الحكم‪ ،‬وأن‬
‫يجوز الحكم حجة الشيء المقضى فيه(‪.)2‬‬
‫‪ /3‬القوة والفاعلية‪:‬‬
‫تمت از األحك ام الخاض عة للرقاب ة القض ائية بعنص ر الق وة والفاعلي ة من حيث‬
‫مشروعية أعمال السلطة المختصة بالتأديب عند إصدارها للقرارات التأديبية‪ ،‬لذلك‬
‫يتعين على القاض ي أن يك ون مطلع اً على ك ل مقتض يات اإلدارة للقي ام بمهام ه‬

‫‪ -‬حمد عمر حمد‪ :‬السلطة التقديرية لإلدارة ومدى رقابة القضاء عليها‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪88‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬حمد عمر حمد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪82‬‬ ‫‪2‬‬


‫الرقابي ة ح تى يعم ل على توجيهه ا نح و ض رورة اح ترام مب دأ المش روعية ومب دأ‬
‫المالئمة بين الخطأ والعقوبة التأديبية لحماية حقوق الموظف(‪.)1‬‬
‫ثالثاً‪ :‬أهداف الرقابة القضائية على القرار التأديبي‪:‬‬
‫تختل ف أه داف الرقاب ة القض ائية ب اختالف ن وع ووس يلة الرقاب ة على أعم ال‬
‫الس لطة التأديبي ة ومن بين األه داف المترتب ة على آلي ة الرقاب ة القض ائية على‬
‫القرارات التأديبية نجد‪:‬‬
‫‪ /1‬حماية حقوق الموظف العام‪:‬‬
‫فالقاض ي مل زم بس يادة الق انون ويتوق ف علي ه احترام ه م ع وج وب حمايت ه‬
‫لحقوق الموظف فإذا عجز القانون عن توفير الحماية لمي صبح جديراً بأن تكون‬
‫ل ه الس يادة‪ .‬ل ذلك يجب أن يكف ل النظ ام القض ائي في الدول ة س يادة الق انون القائم ة‬
‫على اح ترام حق وق الموظ ف فيم ا ي وفره من عناص ر تتمث ل في تك وين جه ات‬
‫التقاضي واختيار القض اة وض مان استقاللهم وحيادهم‪ ،‬وقد اقتض ت وظيف ة النظام‬
‫إيج اد قض اء يعم ل على ض مان اح ترام الحق وق في التش ريعات الداخلي ة من خالل‬
‫الرقاب ة على أعم ال اإلدارة ومنه ا الس لطة التأديبي ة لض مان مش روعية تص رفاتها‪،‬‬
‫ذلك أن القضاء المستقل وحده المؤهل لتأمين الحماية المناسبة لحقوق الموظف أي‬
‫أنه يمثل الضمانة القوية لكفالة هذه الحقوق‪ .‬أما في ظل غيابه تهدر هذه الحقوق‬
‫وتنتهك الحريات‪ ،‬لذا فإن مقتضيات العدل أن تخضع الدولة بهيئاتها ألحكام القانون‬
‫وال تخرج عن حدوده(‪.)2‬‬
‫ومنه فوجود قضاء متخصص يمارس الرقابة على أعمال اإلدارة بما فيها‬
‫السلطة التأديبية يمثل ضمانة حقيقية لحقوق وحريات الموظفين في مواجهة تعسف‬
‫اإلدارة وه ذا م ا ي ؤدي بالس لطة التأديبي ة إلى الت أني في تص رفاتها لتتأك د من‬
‫‪ -‬صالح يوسف عبدالعليم‪ :‬أثر القضاء اإلداري على النشاط اإلداري للدولة‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2008‬م‪ ،‬ص ‪59 -58‬‬


‫‪ -‬فهد عبدالكريم أبو العثم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪133‬‬ ‫‪2‬‬
‫مطابقتها للقانون وقد حمل القضاء اإلداري على كاهله هذه المهمة‪ ،‬وتتجلى أهمية‬
‫وجود قضاء إداري متخصص للفصل في المنازعات اإلدارية من أن رقابة القضاء‬
‫اإلداري على أعم ال الس لطة المتخصص ة بالت أديب تعت بر الض مانة الفعال ة لس المة‬
‫وتط بيق مب دأ المش روعية واالل تزام بح دود أحكام ه وب ه تكتم ل عناص ر الدول ة‬
‫القانونية وحماية حقوق الموظف من تعسف اإلدارة(‪.)1‬‬
‫‪ /2‬حماية المصلحة العامة‪:‬‬
‫إن اله دف األس مى من تحري ك عملي ة الرقاب ة القض ائية على أعم ال الس لطة‬
‫التأديبي ة ه و المحافظ ة على المص لحة العام ة‪ ،‬ب النظر إلى كونه ا ه دف بح د ذات ه‬
‫والغاي ة األساس ية ال تي تعتم د اإلدارة إلى تحقيقه ا من خالل القي ام بالعدي د من‬

‫النشاطات والوظائف في إطار تسيير المرافق العامة وبالمقابل فإنها تنعكس إيجاب اً‬
‫على ُحس ن س ير المراف ق بانتظ ام واط راد‪ ،‬ومن ثم نج د أن الرقاب ة القض ائية هي‬
‫ضمان عدم خروج أعمال السلطة المختصة بالتأديب من المسلحة العامة من خالل‬
‫التركيز على سالمة ومشروعية األعمال اإلدارية من الزاوية القانونية بحيث إذا تم‬
‫اكتش اف أي خ روج عن نط اق المش روعية الس ائدة في الدول ة عن طري ق ع دم‬
‫االل تزام بالض وابط اإلداري ة المنص وص عليه ا في الق وانين فإن ه وجب مباش رة‬
‫إلغاؤه ا أو تع ديلها بحس ب جس امة الخط أ المق ترف من ط رف الموظ ف الع ام‪،‬‬
‫وجعلها أكثر تالءماً واتفاقاً مع روح النصوص القانونية لإلدارة‪ .‬وهذا أمر طبيعي‬
‫في الدول التي تحترم القانون على أساس تطبيق مبدأ سيادة القانون الذي يتضمن‬
‫في طياته ضرورة إخضاع اإلدارة للقانون‪ ،‬فهوي عد أحد أهم الدعائم والضمانات‬
‫لتجس يد مب دأ المش روعية في الدول ة كم ا يعت بر من بين األه داف العملي ة للرقاب ة‬

‫‪ -‬محمود محمد حافظ‪ :‬القضاء اإلداري في القانون المصري المقارن‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1993‬م‪ ،‬ص ‪14‬‬


‫والمتمثل ة في الح رص الت ام وال دائم على إخض اع أعم ال الس لطة التأديبي ة تحت‬
‫الرقابة في كل أعمالها وتصرفاتها(‪.)1‬‬
‫‪ /3‬التعرف على مواطن الخلل في اإلدارة‪:‬‬
‫تعد الرقابة القضائية من أكثر أنواع الرقابة التي تتضمن دعامة أساسية في‬
‫مج ال الفعالي ة من ج انب الحي اد والموض وعية‪ ،‬وه و م ا يس مح له ا ب التعرف على‬
‫أوجه مختلفة لألخطاء والصواب في العمل‪ ،‬وأيض اً التعرف على موضوع الرقابة‬
‫مح ل الطعن في مش روعيته‪ ،‬ألن اإلدارة العام ة تق وم بتجس يد البيان ات والمعلوم ات‬
‫بما يتفق مع التوجه السياسي للدولة‪ ،‬وعليه البد أن تستمد عملية الرقابة القضائية‬
‫من روح الفلسفة السائدة داخل المجتمع والتي تعد عامالً أساسياً إلمكانية ممارسة‬
‫هذه الرقابة بما يتالءم وهذه الفلسفة(‪.)2‬‬
‫أي أن هذه الرقابة ال تقتصر على كف التناقض واالنحرافات فقط بل يتعدى‬
‫ذل ك إلى الحكم باإللغ اء أو التع ويض أو التفس ير على عم ل الس لطة التأديبي ة عن د‬
‫إص دارها للق رارات التأديبي ة التعس فية‪ ،‬ومن ه يبحث القاض ي في م دى ت وفر الق رار‬
‫التأديبي على أركانه ليفحص انطالقا ًمنها مدى مشروعيته‪.‬‬
‫اعتباراً من السلطة التأديبية تتمتع بسلطة تقديرية في توقيع العقوبة التأديبية‬
‫فهناك أهداف للرقابة القضائية على السلطة التقديرية لإلدارة تتمثل أساساً في‪:‬‬
‫أن الهدف المباشر للرقابة القضائية هو فصل القاضي في النزاع القائم وال‬ ‫‪-1‬‬
‫يتعدى دوره حدود الحكم ويستعمل في ذلك إجراءات قضائية للوصول إلى‬
‫اإلنصاف ويتقيد بمذكرات األطراف وطلباتهم ويسهر على أن يكون فصله‬
‫في النزاع مطابقاً للقانون(‪.)3‬‬

‫‪ -‬عمار عوابدي‪ :‬عملية الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة العامة في النظام القضائي الجزائري مرجع سابق‪ ،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -‬عمار عوابدي‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪5‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬شهيرة بولحية‪ :‬مدى سلط القاضي اإلداري‪ ،‬مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬العدد (‪2006 )2‬م‪ ،‬بسكرة‪ ،‬ص ‪273‬‬ ‫‪3‬‬
‫مش اركة القاض ي في إنش اء وابتك ار القواع د القانوني ة أثن اء فص له في‬ ‫‪-2‬‬
‫النزاعات فالقاضي يستوحي الحلول من التشريع واالجتهاد القضائي والفقه‪.‬‬
‫تحقيق التوازن بين أعمال اإلدارة التقديرية وحق الموظف الخاضع للت أديب‬ ‫‪-3‬‬
‫أثن اء الفص ل في ال نزاع الق ائم حيث ي وازن القاض ي الفاص ل في الم ادة‬
‫اإلداري ة بين ط رفي ال نزاع ويحكم على تص رف اإلدارة إذا ك ان غ ير‬
‫مش روع باإللغ اء وب ذلك يع د الحكم ض ابطاً من ض وابط الت وازن وه دفاً من‬
‫أهداف الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مبدأ المشروعية في القرار التأديبي‪.‬‬
‫تخض ع الق رارات التأديبي ة لمب دا المش روعية وذل ك لم ا نص علي ه المش رع‬
‫على بعض أنواع األخطاء التأديبية‪ ،‬ثم بالنص العام الذي قضى فيه اعتبار‬

You might also like