You are on page 1of 3

‫مقدمة‬

‫إن القرآن الكريم كتاب له قدر نزل من عند رب عظيم القدر نزل به ملك عظيم القدر على نبي عظيم القدر‬
‫في ليلة عظيمة القدر‪.‬‬
‫أما الرب فهو رب الكون وخالقه‪ ،‬وأما الملك فهو أعظم المالئكة‪ ،‬وأما النبي فهو خاتم األنبياء وأعظمهم‪ ،‬وأما‬
‫الليلة فهي ليلة خير من ألف شهر‪.‬‬
‫وأما القرآن لقد ظل العلماء سنوات طوال يبحثون في قدره فهو كالم هللا‪ ،‬كتاب هداية‪ ،‬كتاب تشريع‪ ،‬كتاب طب‪،‬‬
‫كتاب تاريخ‪ ،‬كتاب علوم‪ ،‬هذا فضالً عن اللغة بأقسامها فقد جمع علم األوليين واآلخرين‪.‬‬
‫إن معجزة القرآن تظهر ألهل العلم في كل مجال من مجاالته فهي ظاهرة في نظمه‪ ،‬في لغته‪ ،‬في بالغته في‬
‫عدده‪ ،‬وفى إخباره عن األولين‪ ،‬وفى إنبائه بحوادث المستقبل‪ ،‬وحكم التشريع وغيرها‪.‬‬
‫ولقد شاع مصطلح اإلعجاز العلمي في عصرنا‪ ،‬للداللة على أوجه إعجاز القرآن والسنة التي كشفت عنها‬
‫العلوم الكونية‪.‬‬

‫وجوه االعجاز العلمي في القرآن‬


‫)‪(1‬وحدة الكون‪:‬‬
‫النظريات العلمية الحديثة تقول‪ :‬إن األرض كانت جزًءا من المجموعة الشمسية ثم انفصلت عنها وتبردت‬
‫وأصبحت صالحة لسكنى اإلنسان‪ ،‬ويبرهنون على صحة النظرية بوجود البراكين والمواد الملتهبة في باطن‬
‫األرض‪ ،‬وقذف األرض بين حين وحين بهذه الحمم من المواد البركانية الملتهبة‪.‬‬

‫ين َكَف ُروا أ َّ‬


‫َن‬ ‫َّ ِ‬
‫هذه النظرية الحديثة تتفق مع ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله جل شأنه ‪ ﴿:‬أ ََوَل ْم َي َر الذ َ‬
‫اء ُك َّل َشي ٍء َح ٍي أََف َال ُي ْؤ ِم ُنو َن ﴾ [األنبياء‪.]30 :‬‬ ‫ِ‬
‫ات و ْاألَرض َكانتَا رْتًقا َفَفتَْقناهما وجعْلنا ِمن اْلم ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َُ َ َ َ َ َ َ‬ ‫الس َم َاو َ ْ َ َ َ‬ ‫َّ‬
‫الرْتق‪ :‬الضم وااللتحام‪.‬‬
‫َّ‬
‫)‪(1‬‬
‫الف ْتق‪ :‬الفصل بين الشيئين؛‬
‫َ‬

‫)‪(2‬نشأة الكون‪:‬‬
‫يقول العالم الفلكي (جينز)‪:‬‬
‫منتشر خالل الفضاء بانتظام‪ ،‬وإن المجموعات الفلكية ُخلقت من تكاثف هذا الغاز‪.‬‬
‫ًا‬ ‫إن مادة الكون بدأت ًا‬
‫غاز‬
‫منتظما‪ ،‬ومنه حدثت عمليات‬
‫ً‬ ‫يعا‬
‫مملوءا بغاز موزع توز ً‬
‫ً‬ ‫يقول الدكتور (جامبو)‪ :‬إن الكون في َب ْدء نشأته كان‬
‫التكون لألرض‪.‬‬

‫هذه النظرية نجد لها في القرآن الكريم ما يؤيدها‪ ،‬ولوال أن القرآن أخبر عن ذلك الستبعدنا هذه النظرية؛ يقول‬
‫هللا تعالى‪:‬‬
‫ين ﴾ [فصلت‪:‬‬ ‫طوعا أَو َكرها َقاَلتَا أَتَينا َ ِ ِ‬ ‫اء وِهي دخان َفَقال َلها وِل ْألَر ِ ِ‬
‫﴿ ثُ َّم استَوى ِإَلى َّ ِ‬
‫طائع َ‬ ‫َْ‬ ‫ض ا ْئتَيا َ ْ ً ْ ْ ً‬ ‫الس َم َ َ ُ َ ٌ َ َ َ ْ‬ ‫ْ َ‬
‫‪.]11‬‬
‫صور مصدر َخْلق هذا الكون( بالدخان)‪ ،‬وهو الشيء الذي يفهمه العرب من األشياء الملموسة‪،‬‬‫فالقرآن َّ‬
‫أم ٍي‪ ،‬منذ أربعة عشر قرًنا‪ ،‬أن يدرك هذا في وقت كان الناس ال يعرفون ً‬
‫شيئا عن هذا‬ ‫أيكون في مقدور ِ‬
‫)‪(2‬‬
‫الكون وخفاياه؟!؛‬

‫)‪(3‬شكل األرض‪:‬‬
‫تنطق بإعجاز من تعبير‪ :‬تكوير الليل على النهار‪ ،‬والمعروف أن األرض ليست كرة تامة‬‫استدارة األرض ِ‬
‫طري األرض تتناقص ِ‬
‫باطراد‪،‬‬ ‫االستدارة‪ ،‬بل بيضاوية‪ ،‬ومن ناحية أخرى أثبت العلم الحديث أن النسبة بين ُق ْ‬
‫ال‬ ‫اء ُه ْم َحتَّى َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ط َ‬ ‫وهو ما يشار إليه في القرآن بنقص األرض من أطرافها؛قال تعالى ‪َ ﴿:‬ب ْل َمت ْعَنا َه ُؤَالء َو َآب َ‬
‫ص َها ِم ْن أَ ْ‬
‫ط َرِاف َها أََف ُه ُم اْل َغ ِال ُبو َن ﴾ [األنبياء‪]44 :‬‬ ‫ِ‬
‫َعَل ْي ِه ُم اْل ُع ُم ُر أََف َال َي َرْو َن أََّنا َنأْتي ْاأل َْر َ‬
‫ض َن ْنُق ُ‬

‫النهار عَلى َّ‬


‫اللْي ِل وس َّخر َّ‬ ‫ات و ْاألَرض ِباْلح ِق ي َك ِور َّ‬ ‫ِ‬
‫الش ْم َس‬ ‫ََ َ‬ ‫الن َه ِار َوُي َك ِوُر َّ َ َ َ‬
‫اللْي َل َعَلى َّ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫الس َم َاو َ ْ َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ﴿:‬خَل َق َّ‬
‫)‪(3‬‬ ‫ِ‬
‫يز اْل َغَّف ُار ﴾ [الزمر‪]5 :‬؛‬ ‫َج ٍل ُم َس ًّمى أ ََال ُه َو اْل َع ِز ُ‬
‫َواْلَق َم َر ُك ٌّل َي ْجرِي أل َ‬

‫)‪(4‬حركة األرض‪:‬‬
‫تُشير آيات عديدة ‪ -‬بتصوير دقيق ‪ -‬إلى حركة األرض المستمرة في دورانها حول نفسها؛ مثل الحديث عن‬
‫تكوير الليل والنهار (التكوير لغة‪ :‬اللي واللف)‪ ،‬والحديث عن الليل الذي يسلخ منه النهار؛ أي‪ :‬ينشأ منه‬
‫رويدا بحركة األرض‪ ،‬وكذلك اآلية التي تجمع الليل والنهار مع ٍ‬
‫كل من الشمس والقمر في الحديث عن‬ ‫رويدا ً‬
‫ً‬
‫كل في َفَلكه‪ ،‬وطلب الليل والنهار حثيثًا‪ ،‬كما يرى بعض العلماء ً‬
‫أيضا أن‬ ‫الدوران والسباحة في األفالك‪ٌّ ،‬‬
‫تعبير رب المشارق والمغارب يتفق مع حركة األرض؛ إذ إنه في كل لحظة هناك موضع جديد بالكرة‬
‫)‪(4‬‬
‫عنه!‬ ‫األرضية تشرق عليه الشمس‪ ،‬وآخر تغرب‬

‫الخالصة‬

‫ال يسعنا المجال للحديث عن كل ظواهر االعجاز في كتاب هللا المقدس ولكن اقتطفنا مجموعة من المشاهد‬
‫التي يتجلى فيها ذلك االعجاز وكلما مر الزمان كلما ظهرت معجزات أكثر وأكثر لنعيش مع معجزة أخرى‬
‫احدا في المصحف هو‬ ‫من معجزات القرآن كيف أن هللا سبحانه وتعالى سخر كل العلماء ليخدموا حرًفا و ً‬
‫اق وِفي أ ُ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َنفس ِه ْم َحتَّى َيتََبي َ‬
‫َّن َل ُه ْم أََّن ُه اْل َحق ‪.﴾...‬‬ ‫ِ‬
‫حرف السين في قول هللا تعالى ‪َ ﴿:‬س ُن ِريه ْم َآياتَنا في ْاآلَف َ‬

‫المصادر‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬التبيان في علوم القرآن‪ ،‬محمد علي الصابوني‪ ،‬دار احسان للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،3‬طهران‪،‬‬
‫‪1430‬ه‪ .‬صـ ‪ :127‬صـ ‪128‬‬
‫(‪ )2‬التبيان في علوم القرآن للصابوني صـ ‪ :128‬صـ ‪129‬‬
‫(‪َّ )3‬‬
‫كشاف اإلعجاز العلمي للدكتور نبيل هارون‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ .2012 ،3‬صـ ‪42‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬االعجاز العلمي في القرآن والسنة تاريخه وضوابطه‪ ،‬د‪ .‬عبد هللا بن عبد العزيز المصلح‪ ،‬الهيئة‬
‫العالمية لالعجاز العلمي في القرآن والسنة‪2006 ،‬م‪ .‬صـ ‪157‬‬

You might also like