Professional Documents
Culture Documents
46
46
ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﱃ
١٤١٩ﻫـ ١٩٩٨ -ﻡ
ﻓﻬﺮس اﻟﻤﻮاﺿﻴﻊ
ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﺻﻐﲑﺓ ﰲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﲡﻌﻞ ﺣﻴﺎﻢ ﻣﺎﺗﻌﺔ ﻭﺳﻬﻠﺔ ،ﺃﻭ ﺗﻘﻠﺒﻬﺎ ﺭﺃﺳﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺐ ،ﻭﲡﻌﻞ
ﺃﻟﻮﺍﺎ ﻗﺘﺎﻣﺔ ﻭﺷﺤﻮﺑﹰﺎ ...ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﻻ ﺗﻌﻨﻴﻨﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﺭﲟﺎ ﻷﻥ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭﻫﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻛﺎﺩ ﺃﻥ
ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﳓﺼﺮﺕ ﺍﻷﻭﱃ ﰲ ﶈﺎﺕ ﻗﻠﻴﻠﺔ ،ﻭﺃﺿﺤﻰ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ ﻳﺘﻄﻠﹼﺐ ﳎﻬﻮﺩﹰﺍ ﻻ ﻳﺘﻮﺍﻓﺮ
ﻟﻠﻜﺜﲑﻳﻦ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻠﹼﻬﺎﺙ ،ﻭﺍﻟﺘﻠﻮﺙ ﺍﻟﺒﻴﺌﻲ ﲟﺨﺘﻠﻒ ﺃﺷﻜﺎﻟﻪ ﻭﺃﻟﻮﺍﻧﻪ ،ﺗﻠﻮﺙ ﰲ ﺍﻟﺴﻤﺎﻉ ﻭﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ،ﻭﺍﻻﺳﺘﻨﺸﺎﻕ
ﻭﺍﻟﺰﻓﲑ ،ﻭﺍﺧﺘﻼﻁ ﰲ ﺍﳌﻌﺎﻳﲑ ﻭﺍﳌﻮﺍﺯﻳﻦ ﻭﺍﳌﻮﺍﺻﻔﺎﺕ.
ﺐ ﺍﳉﻤﺎﻝ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ،
ﺑﲔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ...ﺗﻄ ﹼﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﺣﻴﺎﻧﹰﺎ ﺑﺴﻤﺔ ﻃﻔﻞ ﻏﺮﻳﺮ ﺗﻮﻗﻆ ﰲ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺣ
ﻭﻧﺒﺼﺮ ﺭﻋﺸﺔ ﺻﻐﲑ ﺑﻠﹼﻠﻪ ﺍﻟﻘﻄﺮ ،ﻭﳕﻠﺔ ﲤﺜﹼﻞ ﺫﺭﺓ ﰲ ﻃﺎﺑﻮﺭ ﻃﻮﻳﻞ ﺗﻨﱮﺀ ﻋﻦ ﺍﻹﺻﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ،ﻭﻓﺮﺍﺷﺔ ﺗﻌﺎﻧﻖ
ﺯﻫﺮﺓ ﻭﺗﻔﺘﺤﺎﻥ ﺁﻓﺎﻗﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﰲ ﻣﻠﻜﻮﺕ ﺍﷲ ﻭﺧﻠﻘﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﻛﻮﻧﻪ ﺍﻟﻼﻣﺘﻨﺎﻫﻲ ...ﻭﻗﺪ ﻧﺴﻌﺪ ﺑﻜﺘﺎﺏ ﺑﲔ
ﺩﻓﹼﺘﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺴﻤ ﻮ ﻭﺍﳌﺘﻌﺔ ،ﻭﻣﺎ ﺃﻗﻞ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﱵ ﺗﺸ ﻖ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻭﺳﻂ ﻫﺪﻳﺮ ﺍﳌﻄﺎﺑﻊ ﺣﺎﻣﻠﺔ
ﺍﻟﺒﺴﻤﺔ ﻭﺍﻟﻄﺮﻓﺔ ﻭﺍﳌﻔﺎﺭﻗﺔ ﻭﺍﳌﻔﺎﺭﻗﺔ ﺍﻟﻼﺫﻋﺔ ﺍﻟﺴﺎﺧﺮﺓ.
ﻟﻘﺪ ﻇ ﹼﻞ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺴﺎﺧﺮ ،ﻭﻟﻮﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ ،ﻋﻤﻠﺔ ﻧﺎﺩﺭﺓ ﰲ ﺳﻮﻕ ﺍﻷﺩﺏ ،ﻭﺭﲟﺎ ﺣﱴ ﰲ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﱂ
ﻳﻨﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻧﺼﻴﺒﻪ ﺍﳌﻨﺎﺳﺐ ...ﻭﻻ ﺃﻋﲏ ﺃﺩﺏ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻙ ﻭﺍﻟﻀﺤﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻗﻮﻥ ﻭﺍﻟﺘﻬﺮﻳﺞ
ﺍﻷﺟﻮﻑ ...ﻭﺇﳕﺎ ﺃﻋﲏ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﳜﺎﻃﺐ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﰒ ﻳﻨﺘﺰﻉ ﺍﻟﺒﺴﻤﺔ ﺭﻏﻢ ﺍﳌﻨﻐﺼﺎﺕ ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﺋﻖ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ﺍﻟﱵ
ﺗﺘﻜﺎﺗﻒ ﺿﺪﻫﺎ ...ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺍﻟﻔﺮﺳﺎﻥ ﺍﻟﻘﻼﺋﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻭﳉﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻭﺍﺳﺘﻄﺎﻋﻮﺍ ﲟﺜﺎﺑﺮﻢ ﺗﺮﺳﻴﺦ
ﺃﻗﺪﺍﻣﻬﻢ ﺑﲔ ﺭﻭﺍﺩﻩ ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ ﻭﺍﳌﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ،ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﻘﺸﻄﻴﲏ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺃﲢﻒ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ ﺭﺩﺣﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ
ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺴﺎﺧﺮﺓ ﻋﱪ ﺯﺍﻭﻳﺘﻪ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ "ﺻﺒﺎﺡ ﺍﳋﲑ" ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺸﺮ ﰲ ﺟﺮﻳﺪﺓ "ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ" ﰒ ﺍﲣﺬ ﳍﺎ
ﺍﺳﻢ "ﺃﺑﻴﺾ ﻭﺃﺳﻮﺩ" ﺳﺎﺋﺮﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﰲ ﺗﻐﺬﻳﺔ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻥ ﺑﺄﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ﺍﻟﱵ ﺗﻠﻔﻬﺎ ﺭﻭﺡ
ﺍﳌﻮﺩﺓ ﻭﺍﳌﺮﺡ ﻭﺍﻟﻔﻜﺎﻫﺔ ،ﻓﺘﺠﻲﺀ ﺃﺷﻌﺎﺭﻫﻢ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﺍﳌﺮﺍﻣﻲ ،ﺑﻴﻨﺔ ﺍﻟﻘﺼﺪ ،ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻣﺰ ﻭﺍﻟﺘﻬﻮﱘ ﻭﺍﻹﻏﺮﺍﻕ
ﰲ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ.
ﻭﻗﺪ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻘﺸﻄﻴﲏ ﺻﻨﻌﹰﺎ ﲜﻤﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻻﺕ ﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﳛﻔﻈﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻴﺎﻉ ﻭﺍﻟﺘﻠﻒ ﻛﻤﺎ
ﺣﺪﺙ ﻟﻐﲑﻫﺎ ﻋﱪ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ،ﺣﻴﺚ ﱂ ﻳﺼﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺇ ﹼﻻ ﺍﻟﻨﺬﺭ ﺍﻟﻴﺴﲑ ،ﺭﲟﺎ ﻷﻥ ﻇﺮﻭﻑ
ﺍﳊﻴﺎﺓ ﰲ ﺍﳊﻘﺐ ﺍﳌﺎﺿﻴﺔ ﱂ ﺗﻜﻦ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺘﺪﺍﻭﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺴﺎﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻧﻪ ﳛﺘﻮﻱ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﳋﺼﻮﺻﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ،ﻭﺭﲟﺎ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﺒﻌﺾ -ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﺓ -ﺃﻧﻪ ﻻ ﳛﻤﻞ ﺯﲬﹰﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻋﻨﺎﺀ ﺍﳊﻔﻆ ﻭﺍﻟﺘﺮﺩﻳﺪ ﰲ
ﺍﺎﻟﺲ ،ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﳝﻴﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﱃ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﺰﻝ ،ﺃﻭ ﺑﻌﺾ ﺍﳉﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﳛﺎﻭﻟﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﻐﻮﺍ ﺑﻪ
ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﻜﺎﺩ ﲣﻠﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺴﻤﺔ ،ﻓﻴﺘﺤﻠﹼﻘﻮﻥ ﺣﻮﻝ ﺃﺷﻌﺎﺭ ﻋﻨﺘﺮﺓ ﺑﻦ ﺷﺪﺍﺩ ،ﻭﻳﺮﺩﺩﻭﻥ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﳎﻨﻮﻥ
ﻟﻴﻠﻰ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﻨﺄﻭﻥ ﻋﻦ ﺗﺪﺍﻭﻝ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﻔﻜﺎﻫﺔ ﻭﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﺎﻟﺲ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ...ﻭﻟﻌ ﹼﻞ ﻫﺬﺍ
ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﱵ ﺃﺩﺕ ﺇﱃ ﻧﻘﺺ ﻣﻮﺍﺭﺩﻧﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺛﺒﺖ ﺃﳘﻴﺘﻪ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ،ﻷﻧﻪ ﻋﻠﻰ
ﺍﻷﻗﻞ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﰲ ﺗﻘﻠﻴﻞ ﺍﻟﻀﻐﻮﻁ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺼﻴﺐ ﺍﻟﻜﺜﲑﻳﻦ ﺑﺎﻻﻛﺘﺌﺎﺏ ﻭﺍﻻﺧﺘﻨﺎﻕ ﰲ ﻏﻴﺎﺏ
ﺍﻟﻜﻮﻣﻴﺪﻳﺎ ﺍﻟﺮﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲣﺎﻃﺐ ﺍﻟﻌﻘﻞ ،ﻭﺗﻌﻄﻲ ﺍﻟﺒﺴﻤﺔ ﻣﻜﺎﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻭﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺰﻳﺪ ﻳﻮﻣﹰﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻡ.
ﻭﺇﺳﻬﺎﻣﹰﺎ ﻣﻦ )ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻻﺛﻨﻴﻨﻴﺔ( ﰲ ﺇﳚﺎﺩ ﻧﺎﻓﺬﺓ ﻳﻄ ﹼﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺭﻯﺀ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻳﻘﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻔﻜﺎﻫﻲ،
ﻭﳕﺎﺫﺝ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺴﺎﺧﺮ ،ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﲣﺎﻃﺐ ﺍﻟﻌﻘﻞ ،ﻭﺗﺘﺮﻓﹼﻊ ﻋﻦ ﺍﻻﳓﻄﺎﻁ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺒﻌﺾ
ﺟﺮﻳﹰﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﳌﺎﺩﺓ ،ﻭﺍﻟﻀﺤﻚ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻀﺤﻚ ،ﻭﺇﻫﺪﺍﺭ ﺍﻟﻮﻗﺖ ،ﻓﻘﺪ ﺭﺃﻳﺖ ﺃﻥ ﺃﺷﺎﺭﻙ ﲜﻬﺪ ﺍﳌﻘ ﹼﻞ ﰲ ﻧﺸﺮ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﺭﺍﺟﻴﹰﺎ ﺃﻥ ﳚﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﺎﺭﻯﺀ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻌﺔ ﺍﻟﺮﺍﻗﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﺮﻭﻳﺢ ﺍﶈﺒﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ،ﺣﱴ
ﲡﻠﻮ ﺻﺪﺍﻫﺎ ،ﻭﺗﻌﻮﺩ ﳊﻴﺎﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﺠﺔ ﻭﻗﻮﺓ ﻭﻋﺎﻓﻴﺔ ﻭﲤﻜﹼﻨﹰﺎ ﻣﻦ ﳎﺎﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺮﻳﺮﹰﺍ ﰲ ﺑﻌﺾ
ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ.
ﻭﻟﺪ ﰲ ﺍﻟﻜﺮﺥ ﻣﻦ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻋﺎﻡ .١٩٢٩ﻛﺎﻥ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻣﻌﻠﹼﻤﹰﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﻟﻪ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺍﻷﻛﱪ ﰲ ﺗﺜﻘﻴﻒ ﻭﻟﺪﻩ ﺍﻟﺬﻱ
ﻋﺮﻑ ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ ﺃﻇﻔﺎﺭﻩ ﺑﺬﻛﺎﺀ ﻣﺘﻤﻴﺰ ﰲ ﺍﳌﺪﺭﺳﺔ .ﲣﺮﺝ ﻣﻦ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﰲ ﻋﺎﻡ ١٩٥٣ﻭﻣﻦ ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ
ﺍﳉﻤﻠﻴﺔ ﻓﺮﻉ ﺍﻟﺮﺳﻢ ﰲ .١٩٥٢ﻧﺎﻝ ﺑﻌﺜﺔ ﺣﻜﻮﻣﻴﺔ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺮﺳﻢ ﻭﺍﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﺍﳌﺴﺮﺣﻲ ﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ،ﻓﺮﺣﻞ
ﺇﱃ ﻟﻨﺪﻥ ﰲ ﻋﺎﻡ ١٩٥٣ﺣﻴﺚ ﺩﺭﺱ ﻫﺎﺗﲔ ﺍﳌﺎﺩﺗﲔ ﺣﱴ .١٩٥٧ﻋﺎﺩ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻟﺘﺪﺭﻳﺲ ﻛﻠﺘﺎ ﺍﳌﺎﺩﺗﲔ ﰲ
ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﳉﻤﻠﻴﺔ .ﻏﺎﺩﺭ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﰲ ١٩٥٩ﺑﻌﺪ ﺧﻴﺒﺔ ﺷﻌﻮﺭﻩ ﺑﺎﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﺤﻖ ﺑﺎﻹﺫﺍﻋﺔ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﰲ ﺎﻳﺔ
١٩٥٩ﻭﺑﻘﻲ ﻣﻌﻬﺎ ﺣﱴ ،١٩٦٤ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﺳﺘﻘﺎﻝ ﻭﺗﻔﺮﻍ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﲨﺔ .
ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﺍﳌﺰﺩﻭﺟﺔ ﺃﻋﻄﺘﻪ ﺇﺯﺩﻭﺍﺟﻴﺔ ﰲ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺗﻪ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ،ﻓﻠﻪ ﻣﺴﺎﳘﺎﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﰲ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ
ﺣﻴﺚ ﻧﺸﺮ ﻋﺪﺓ ﻛﺘﺐ ﺑﺎﻟﻠﻐﺘﲔ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ "ﺍﳊﻜﻢ ﻏﻴﺎﺑﹰﺎ" ﻭ "ﻓﻠﺴﻄﲔ ﻋﱪ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ" ﻭ"ﳓﻮ
ﺍﻟﻼﻋﻨﻒ" .ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻷﺧﲑ ﻫﻮ ﺩﻋﻮﺓ ﻟﻨﺒﺬ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﻼﹼﻋﻨﻒ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﳚﻌﻠﻪ ﺭﺍﺋﺪﹰﺍ ﻣﻦ
ﺭﻭﺍﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﲡﺎﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﰲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ.
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﻧﺐ ﺍﻟﺜﺎﱐ ،ﻗﺪﻡ ﻣﺴﺎﳘﺎﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﰲ ﻣﻴﺎﺩﻳﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﻔﻦ ﻭﻟﻪ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻋﺪﺓ ﻛﺘﺐ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺘﲔ
ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ "ﺍﻟﺒﻐﻲ ﰲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺘﻘﺪﻣﻲ" .ﻭﻟﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﳌﺴﺮﺣﻴﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺘﲔ ﺃﻳﻀﹰﺎ ﻣﻨﻬﺎ "ﻧﻘﻄﺔ
ﻋﺒﻮﺭ ﺟﺴﺮ ﺍﻟﻠﻨﱯ" ﻭ"ﺍﻟﱪﻣﻴﻞ" ،ﻭﳘﺎ ﻣﺴﺮﺣﻴﺘﺎﻥ ﻧﺸﺮﺗﺎ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ،ﻭ"ﲢﺖ ﻇﻼﻝ ﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ" ﺍﻟﱵ ﻣﺜﹼﻠﺖ
ﰲ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﰲ .١٩٥٩
ﺍﻣﺘﺎﺯ ﺃﺳﻠﻮﺑﻪ ﺑﺎﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺎﻫﺔ ،ﻓﻨﺸﺮﺕ ﻟﻪ ﻋﺪﺓ ﳎﻤﻮﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻻﺗﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ ﻣﻨﻬﺎ "ﳘﻮﻡ
ﻣﻐﺘﺮﺏ" ﻭ"ﻋﺎﱂ ﺿﺎﺣﻚ" ﻭ"ﺳﺠﻞ ﺍﻟﻔﻜﺎﻫﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ" ﻭ"ﺻﺒﺎﺡ ﺍﳋﲑ" .ﻧﺸﺮ ﺃﻳﻀﹰﺎ ﻋﺪﺓ ﻗﺼﺺ ﻗﺼﲑﺓ ﲤﻴﺰﺕ
ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺍﺭﺓ ﻭﺍﻟﻔﻜﺎﻫﺔ .ﺍﺷﺘﻬﺮ ﰲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻷﺧﲑﺓ ﺑﺰﺍﻭﻳﺘﻪ ﺍﻟﺴﺎﺧﺮﺓ ﰲ
ﺻﺤﻴﻔﺔ "ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ" ،ﻭﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ "ﺻﺒﺎﺡ ﺍﳋﲑ" .ﺁﺧﺮ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﰲ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻳﺔ ﻣﻦ ﻧﺸﺮ ﻛﻴﻐﻦ
ﺑﻮﻝ ﺍﻧﺘﺮﻧﺎﺷﻨﺎﻝ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ "ﺣﻜﺎﻳﺎﺕ ﻣﻦ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ".
ﻤﻘﺩﻤﺔ
ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻭﺍﻷﺧ ﻮﺓ ﻭﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﳍﺎ ﻣﻘﻮﻣﺎﺎ ﻭﻣﺴﺒﺒﺎﺎ ،ﻭﻋﻠﻰ
ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﺇﱃ ﺩﻋﻢ ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ﻭﻣﺴﺎﻧﺪﻢ ﰲ ﺩﺭﺀ ﻣﺼﺎﻋﺐ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺃﻭﺳﻄﻴﺔ ﻭﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ.
ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺃﻳﻀﹰﺎ ﺍﻟﻮﻟﻪ ﰲ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﻣﺎ ﻳﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺣﻠﻮ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺑﻠﻴﻎ ﺍﳊﻜﻤﺔ ﻭﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ
ﻭﺍﻟﻘﺮﻳﺾ ﻭﺳﺮﺩ ﺍﻟﻄﺮﺍﺋﻒ ﻭﺍﳌﹸﻠﺢ .ﻛﻴﻒ ﻻ ﻭﳓﻦ ﳒﺪ ﺭﺟﺎﻟﻨﺎ ﻳﺘﺮﻛﻮﻥ ﺑﻴﻮﻢ ﻭﻧﺴﺎﺀﻫﻢ ﻭﻋﻴﺎﳍﻢ ،ﻭﺣﱴ
ﺃﻋﻤﺎﳍﻢ ﻭﺃﺭﺯﺍﻗﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻫﻨﻴﺔ ﻳﻘﻀﻮﺎ ﺑﲔ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻬﻢ ﻟﺘﺠﺎﺫﺏ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﳑﺎ ﳝﻜﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ
ﺻﻔﺔ ﺭﲟﺎ ﺗﻔﺮﺩ ﺎ ﺍﻟﻌﺮﺏ.
ﻭﻳﻘﺎﻝ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﺍﳌﺴﻴﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﻭﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺻﺤﺎﺑﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ .
ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺣﻮﺍﺭﻳﻴﻪ .ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻔﺎﺽ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺣﻜﻤﺎﺋﻪ ﰲ ﺍﻹﺷﺎﺩﺓ ﺑﺎﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻭﻓﻀﻠﻬﺎ ﻭﻣﻜﺎﺭﻣﻬﺎ .ﺫﻛﺮﻭﺍ
ﺃﻥ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﺍﳌﺄﻣﻮﻥ ﲢﺪﺙ ﻟﻠﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﺳﻬﻞ ،ﻓﻘﺎﻝ" :ﻧﻈﺮﺕ ﰲ ﺍﻟﻠﹼﺬﺍﺕ ﻓﻮﺟﺪﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﳑﻠﻮﻟﺔ ﺳﻮﻯ ﺳﺒﻌﺔ"،
ﻗﺎﻝ :ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﻳﺎ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ؟ ﻗﺎﻝ " :ﺧﺒﺰ ﺍﳊﻨﻄﺔ ،ﻭﳊﻢ ﺍﻟﻐﻨﻢ ،ﻭﺍﳌﺎﺀ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩ ،ﻭﺍﻟﺜﻮﺏ ﺍﻟﻨﺎﻋﻢ ،ﻭﺍﻟﺮﺍﺋﺤﺔ
ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ،ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﺵ ﺍﻟﻮﻃﻲﺀ ،ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﱃ ﺍﳊﺴﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ" .ﻗﺎﻝ :ﻓﺄﻳﻦ ﺃﻧﺖ ﻳﺎ ﺃﻣﲑ ﺍﳌﺆﻣﻨﲔ ﻣﻦ ﳏﺎﺩﺛﺔ
ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ؟ ﻗﺎﻝ " :ﺻﺪﻗﺖ ،ﻭﻫﻲ ﺃﻭﻻﻫ ﻦ ".
ﻭﻣﻦ ﺣﻜﻤﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺯﻳﺎﺩ" :ﺧﲑ ﻣﺎ ﺍﻛﺘﺴﺐ ﺍﳌﺮﺀ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ ،ﻓﺈﻢ ﻣﻌﻮﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻮﺍﺩﺙ
ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ،ﻭﻧﻮﺍﺋﺐ ﺍﳊﺪﺛﺎﻥ ،ﻭﻋﻮﻥ ﰲ ﺍﻟﺴﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻀﺮﺍﺀ" .ﻭﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﳊﻜﻤﺎﺀ ﺟﺮﻯ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﳎﺮﻯ
ﺚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻭﺍﻹﺷﺎﺩﺓ ﲟﻨﺎﻗﺒﻬﺎ ،ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ:
ﺫﻟﻚ ،ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﰲ ﺍﳊ ﹼ
ـﻲ
ـﺄ ﺑﺮﻳﻘـ
ـﻰ ﻇﻤـ
ﻭﺷ ـ ﺮﻗﲏ ﻋﻠـ ﻭﻛـﻨﺖ ﺇﺫﺍ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺃﺭﺍﺩ ﻏﻴﻈﻲ
. .
ﻭﳌﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ،ﻓﻘﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻮﻗﹼﻊ ﻭﺍﳌﻔﺮﻭﺽ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﺸﻌﺮﺍﺀ ﺑﺎﻉ ﻛﺒﲑ ﰲ
ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻓﺎﻧﻌﻘﺪﺕ ﳍﻢ ﳎﺎﻟﺴﻬﻢ ﰲ ﺍﳌﻀﺎﺋﻒ ﻭﺍﳌﻘﺎﻫﻲ ﻭﺍﻟﻨﻮﺍﺩﻱ ﻭﺍﳊﺎﻧﺎﺕ
ﻭﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ﺣﻴﺚ ﺭﺍﺣﻮﺍ ﻳﺘﻄﺎﺭﺣﻮﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﻳﺘﺒﺎﺩﻟﻮﻥ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ،ﻳﺘﺤﺎﺑﺒﻮﻥ ﺁﻧﹰﺎ ﻭﻳﺘﺨﺎﺻﻤﻮﻥ ﺁﻧﹰﺎ ﺁﺧﺮ.
ﺃﺫﻛﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻣﻘﻬﻰ ﺍﻟﺰﻫﺎﻭﻱ )ﲰﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﲣﻠﻴﺪﹰﺍ ﳉﻠﻴﺴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻬﲑ ﳏﻤﺪ ﺻﺪﻗﻲ ﺍﻟﺰﻫﺎﻭﻱ(،
ﻭﻗﻬﻮﺓ ﺣﺴﻦ ﻋﺠﻤﻲ ﻭﻛﺎﺯﻳﻨﻮ ﺍﻟﱪﺍﺯﻳﻠﻴﺔ .ﺑﻮﺣﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﹼﻘﺎﺀﺍﺕ ﻭﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺎﺕ ،ﺗﻄﺎﻳﺮﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺷﻮﺍﺭﺩ
ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ،ﻗﻴﻠﺖ ﺍﺭﲡﺎ ﹰﻻ ﺃﻭ ﲪﻠﻬﺎ ﺍﻟﱪﻳﺪ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻠﻚ ﺃﻭ ﺍﻷﺛﲑ ،ﻓﺬﺍﻉ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺍﺷﺘﻬﺮ ﻭﺿﺎﻉ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ
ﺍﻧﺪﺛﺮ ،ﻭﻛﻠﹼﻬﺎ ﺑﻨﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻭﻭﻟﻴﺪﺓ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻵﻧﻴﺔ ،ﻏﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﻣﺎ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻣﻦ
ﺐ ﻭﺍﻣﺘﻨﺎﻥ ﻭﺷﻜﺮ ﻭﻇﺮﻑ ﻭﻣﺪﺍﻋﺒﺔ ﻭﻣﻌﺎﺗﺒﺔ ﻭﻣﻼﻃﻔﺔ.
ﺣ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻌﺮﻭﻓﹰﺎ ﺑﲔ ﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﺍﻹﺧﻮﺍﱐ ﻟﻪ ﳑﻴﺰﺍﺗﻪ ﺍﳋﺎﺻﺔ .ﻗﻴﻞ ﺃﻛﺜﺮ
ﻋﻔﻮﻳﹰﺎ ﻭﺷﺨﺼﻴﹰﺎ ﻭﺁﻧﻴﹰﺎ ﳑﺎ ﻳﻨﺤﻮ ﻏﺎﻟﺒﹰﺎ ﳓﻮ ﺍﳌﻬﺎﻣﺴﺔ ﺑﲔ ﺷﺨﺼﲔ ،ﻻ ﻳﻘﺼﺪ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺪﻭﻳﻦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺨﻠﻴﺪ.
ﻭﰲ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺟﺎﺀ ﺃﻛﺜﺮﻩ ﺣﺮﹰﺍ ﺇﱃ ﺩﺭﺟﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﺟﺪﹰﺍ ﻣﻦ ﻗﻴﻮﺩ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺎﺕ ﻭﺍﳌﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﻨﻴﺔ
ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺍﺧﺘﻠﻄﺖ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴﺔ ﺑﺎﻟﻔﺼﺤﻰ ،ﻭﺍﻟﺒﺬﺍﺀﺓ ﺑﺎﻟﱪﺍﺀﺓ ،ﻭﺍﻟﺮﻛﺎﻛﺔ ﺑﺎﳉﺰﺍﻟﺔ ،ﻭﺍﳌﻜﺴﻮﺭ ﺑﺎﳌﻮﺯﻭﻥ،
ﻭﺍﻟﺰﺍﺣﻒ ﺑﺎﻟﺴﻠﻴﻢ.
ﻭﺭﲟﺎ ﻛﺎﻥ ﺳﺒﺒﹰﺎ ﰲ ﺿﻴﺎﻉ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻹﺧﻮﺍﱐ ،ﻭﲡﺎﻫﻞ ﺍﳌﺆﺭﺧﲔ ﻭﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﻭﺍﻟﻨ ﹼﻘﺎﺩ ﳌﺄﺛﻮﺭﺍﺗﻪ
ﻭﺷﻮﺍﺭﺩﻩ ،ﻋﻠﻤﹰﺎ ﺑﺄﻥ ﺑﻌﻀﻪ ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻠﻨﺸﺮ ﻛﻠﻴﹰﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺇﻓﺮﺍﻃﻪ ﰲ ﺍﻟﺒﺬﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﺴﻮﻗﻴﺔ ﻭﺣﻮﺷﻴﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ .ﻭﳍﺬﺍ
ﻓﻠﻢ ﺗﻈﻬﺮ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﳎﻤﻮﻋﺎﺕ ﻛﺜﲑﺓ ﻟﻠﺸﻌﺮ ﺍﻹﺧﻮﺍﱐ ،ﺭﲟﺎ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻏﻨﺎﻧﺎ ﺑﻪ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﳏﻤﺪ
ﻼ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ" ،ﻭﻫﻮ ﻛﻤﺎ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﺳﻢ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺍﳌ ﹼ
ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ .ﻭﺃﻧﺎ ﻣﺪﻳﻦ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻜﺜﲑ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ.
ﻟﻘﺪ ﺧﻄﺮ ﱄ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻛﺘﺐ ﻋﻤﻮﺩﻱ ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ ﰲ ﺟﺮﻳﺪﺓ "ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ" ،ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ " ﺻﺒﺎﺡ ﺍﳋﲑ" ،ﻭﻣﻦ
ﺑﻌﺪﻩ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ "ﺃﺑﻴﺾ ﻭﺃﺳﻮﺩ" ،ﺃﻥ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﲟﺎ ﲤﺘﺎﺯ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻇﺮﻑ ﻭﺳﺨﺮﻳﺔ ،ﺃﺻﻠﺢ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﳍﺬﻳﻦ
ﺍﻟﻌﻤﻮﺩﻳﻦ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺍﺭﺗﺒﻄﺎ ﰲ ﺫﻫﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ ﺑﺎﻟﻔﻜﺎﻫﺔ ﻭﺍﻟﻈﺮﻑ ﻭﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ .ﻫﻜﺬﺍ ﻭﻟﺪﺕ ﺯﺍﻭﻳﺔ "ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﰲ
ﺇﺧﻮﺍﻧﻴﺎﻢ" ،ﺍﻟﱵ ﻣﺎ ﺯﻟﺖ ﺃﻭﺍﺻﻞ ﻛﺘﺎﺑﺘﻬﺎ ﰲ ﺍﳉﺮﻳﺪﺓ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭﺓ.
ﻧﺸﺮﺕ ﻣﻔﺮﺩﺍﺕ ﻋﻤﻮﺩ "ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﰲ ﺇﺧﻮﺍﻧﻴﺎﻢ" ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻋﻔﻮﻳﺔ ﻭﻏﲑ ﻣﺼﻨﻔﺔ ﺃﻭ ﻣﺒﻮﺑﺔ ،ﻛﻤﺎ ﳛﺪﺙ
ﺍﻋﺘﻴﺎﺩﻳﺎﹰ ﻷﻱ ﻋﻤﻮﺩ ﺻﺤﺎﰲ ﻳﻮﻣﻲ .ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻣﺘﺎﻉ ﻗﺮﺍﺀ ﺍﳉﺮﻳﺪﺓ ﺑﺸﻲ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﳋﻔﻴﻒ
ﻭﺍﻟﻈﺮﻳﻒ ﺻﺒﺎﺡ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ،ﻻ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﻻ ﺃﻗﻞ .ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻔﻀﻞ ﻋﻠ ﻲ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻋﻤﻮﻣﺎﹰ ،ﺳﻌﺎﺩﺓ
ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺧﻮﺟﻪ ﺑﻨﺸﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ،ﻓﻘﺪ ﺷﻌﺮﺕ ﺑﺄﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻀﻞ ﺍﶈﺎﻓﻈﺔ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺍﻷﺻﻠﻲ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻹﻣﺘﺎﻉ ﻭﺍﳌﺆﺍﻧﺴﺔ ،ﻓﺎﺣﺘﻔﻈﺖ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻌﻔﻮﻳﺔ ،ﻭﲢﺎﺷﻴﺖ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﻭﺍﻟﺘﺒﻮﻳﺐ
ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻘﺪﻱ ﻭﺇﺩﺭﺍﺝ ﻛﻞ ﺷﻲ ﰲ ﻓﺼﻠﻴﺘﻪ ﺯﻣﻨﻴﹰﺎ ﺃﻭ ﺗﺎﺭﳜﻴﹰﺎ ﺃﻭ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﹰﺎ ،ﳑﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺍﻋﺘﻴﺎﺩﻳﹰﺎ ﺑﺎﳌﻨﻬﺞ
ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﳚﻬﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﳋﻔﹼﺔ ﺍﳌﻄﻠﻮﺑﺔ ﻣﻦ ﺍﳌﻄﺎﻟﻌﺔ ﺍﻻﺳﺘﻤﺘﺎﻋﻴﺔ .ﺃﺭﺟﻮ ﺃ ﹼﻻ ﺃﻛﻮﻥ ﻗﺪ ﺃﺧﻄﺄﺕ ﺍﻟﺮﺃﻱ،
ﻭﻣﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﳔﻄﻰﺀ.
ﻭﺃﺧﲑﹰﺍ ﻻ ﺑ ﺪ ﱄ ﺃﻥ ﺃﻋﺘﺮﻑ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻔﻀﻞ ﺍﳉﻠﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺳﺪﺍﻩ ﻭﻳﺴﺪﻳﻪ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ
ﺧﻮﺟﺔ ،ﻻ ﰲ ﻧﺸﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻤﻮﻋﺔ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻭﰲ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻜﺜﲑﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺮ ﺃﻋﻤﺎﳍﻢ
ﺍﻟﱵ ﺭﲟﺎ ﻻ ﲡﺪ ﳍﺎ ﻣﻨﻔﺬﹰﺍ ﺑﲔ ﺃﺳﻮﺍﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ ﻛﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺿﻌﻪ ﺑﻴﺪ ﺍﻟﻘﺎﺭﻯﺀ ﻭﻛﻠﹼﻲ ﺃﻣﻞ ﰲ ﺃﻥ
ﻳﻌﻄﻴﻪ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﺘﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺟﺪﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺘﻪ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻠﻌﺏ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﺒﺄﺴﻤﺎﺀ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ!
ﻣﻦ ﺍﳌﻤﻴﺰﺍﺕ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻹﺧﻮﺍﱐ ﺍﻟﻠﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﲰﺎﺀ ﲟﺎ ﻳﻌﻄﻲ ﻧﻮﻋﹰﺎ ﺧﺎﺻﹰﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﺘﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻈﺮﻳﻔﺔ .ﻫﻜﺬﺍ ﺟﺮﻯ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﻳﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﱐ ﻭﻣﻌﺮﻭﻑ ﺍﻟﺮﺻﺎﰲ ،ﻭﻛﺎﻧﺎ ﻗﺪ ﺟﻠﺴﺎ ﻭﺍﺣﺘﺴﻰ
ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ﳔﺒﹰﺎ ﻟﻶﺧﺮ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﱐ:
ﻭﺃﺟﺎﺑﻪ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺍﻟﺮﺻﺎﰲ ﺬﻳﻦ ﺍﻟﺒﻴﺘﲔ ،ﺍﺧﺘﻠﻔﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺗﻼﻗﻴﺎ ﺑﺎﻷﺳﻠﻮﺏ ﻭﺍﳌﻘﺼﺪ:
ـﻲ
ـﻴﺲ ﺑﺎﳌﺘﻨﺎﻫـ
ـﻴﻪ ﻟـ
ـﻞ ﻓـ
ﺍﻟﻔﻀـ ﺇﱐ ﻷ ﺷـﺮﺎ ﻋﻠـﻰ ﺫﻛﺮ ﺍﻣﺮﺉ
. .
ﻭﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺫﻟﻚ ،ﺍﺟﺘﻤﻊ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻧﺎﺻﻴﻒ ﺍﻟﻴﺎﺯﺟﻲ ﺑﺎﻟﺴﻴﺪ ﻣﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﱪﺑﲑ ﻭﺟﺮﻯ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺣﻮﺍﺭ ﺃﺣﺎﻁ
ﺑﺎﻷﺩﺏ ﻣﻦ ﺷﺘﻰ ﺃﻃﺮﺍﻓﻪ ،ﻭﺧﻠﺺ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻴﺎﺯﺟﻲ ﺬﻳﻦ ﺍﻟﺒﻴﺘﲔ:
ﻟﻔﻈـﹰﺎ ﻭﻣﻌـﲎ ﻭﺬﻳﺒﹰﺎ ﻭﺇﻓﺼﺎﺣﺎ ﺑـﺮﻋﺖ ﻭﺍﷲ ﰲ ﻗـﻮﻝ ﻭﰲ ﻋﻤﻞ
. .
ﻓﻘﺪ ﺍﺻﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﲰﺎﻙ "ﻣﺼﺒﺎﺣﺎ" ﺃﻋﻄـﺎﻙ ﺭﺑـﻚ ﻧﻮﺭﹰﺍ ﻳﺴﺘﻀﺎﺀ ﺑﻪ
. .
ﻗﺎﻣﻮﺱ ﻓﻀﻞ ﻭﻟﻠﺘﺨﻠﻴﺺ ﺇﻳﻀﺎﺣﺎ ﻳﺎ ﻣﻦ ﻏﺪﺍ ﺷﻌﺮﻩ ﺍﻟﺸﻌﺮﻯ ﻓﻜﺎﻥ ﻟﻨﺎ
. .
ﺟﺮﻯ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﺍﳌﺪﻳﺢ ﻭﺍﻹﻃﺮﺍﺀ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﻻ ﺗﺄﺧﺬ ﺩﺍﺋﻤﹰﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺴﺎﺭ ﻣﻨﻬﺎ ﳚﺮﻱ
ﳎﺮﻯ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﺍﳌﺆﺩﺏ ﻭﺍﻟﻈﺮﻳﻒ ،ﻛﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﶈﻤﻮﺩ ﺳﺎﻣﻲ ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﺩﻱ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﺑﺈﻣﺎﻡ ﺍﻟﻌﺒﺪ ،ﺍﳌﻨﻜﹼﺚ
ﻼ :ﻣﺎ ﺭﺃﻳﻚ ﻳﺎ ﺇﻣﺎﻡ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺍﳌﺘﻨﱯ ﺍﻟﱵ ﻣﻄﻠﻌﻬﺎ:
ﺍﳌﺼﺮﻱ ﺍﻟﻈﺮﻳﻒ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺳﻮﺩ ﺍﻟﻠﻮﻥ ،ﺑﺎﺩﺭﻩ ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﺩﻱ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﲟـﺎ ﻣﻀـﻰ ﺃﻡ ﻷﻣﺮ ﻓﻴﻚ ﲡﺪﻳﺪ ﻋـﻴﺪ ﺑﺄﻳـﺔ ﺣـﺎﻝ ﻋﺪﺕ ﻳﺎ ﻋﻴﺪ
. .
ﻭﻛﺎﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﻳﻐﻤﺰ ﻗﻨﺎﺗﻪ ﺑﺎﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﱃ ﻗﻮﻝ ﺍﳌﺘﻨﱯ:
ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻓﻄﻦ ﺇﻣﺎﻡ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺇﱃ ﻣﻘﺼﺪ ﳏﻤﻮﺩ ﺳﺎﻣﻲ ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﺩﻱ ﰲ ﻣﺪﺍﻋﺒﺘﻪ ،ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺑﺄﺣﺴﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻗﺎﻝ:
ﻣﻔﻴﺶ ﻛﻼﻡ! ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺭﺍﺋﻌﺔ ،ﻭﺧﺼﻮﺻﹰﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ:
ﻳﺴﻲﺀ ﱄ ﻓﻴﻪ ﻋﺒﺪ ﻭﻫﻮ "ﳏﻤﻮﺩ"! ﻣـﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﺣﺴﺒﲏ ﺃﺣﻴﺎ ﺇﱃ ﺯﻣﻦ
. .
ﻭﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺴﺎﺧﺮ ﺍﻟﻀﺎﺣﻚ ﳏﻤﻮﺩ ﻏﻨﻴﻢ ﻭﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﳏﻤﻮﺩ ﺍﳋﻔﻴﻒ،
ﻼ:
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺩﻋﺎﻩ ﻫﺬﺍ ﺇﱃ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﺗﻠﻜﹼﺄ ﰲ ﺗﻘﺪﱘ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ،ﻓﺨﺎﻃﺒﻪ ﳏﻤﻮﺩ ﻏﻨﻴﻢ ﻗﺎﺋ ﹰ
ـﻴﻔﺎ(!
ـﻦ ﺍﷲ )ﺍﳋﻔــ
ﻟﻌــ ﻼ
ﻭﺃﺳــﻘﻨﺎ ﺷــﺎﻳﹰﺎ ﺛﻘــﻴ ﹰ
. .
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﳌﺮﺣﻮﻡ ﳏﻤﻮﺩ ﻏﻨﻴﻢ ﻗﺪ ﻭﻗﻊ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﺿﺤﻴﺔ ﳌﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻄﺮﻳﻔﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻣﺎﺯﺣﻪ ﺻﺪﻳﻘﻪ
ﳏﻤﺪ ﺍﻷﲰﺮ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﻧ ﻮﻩ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﱃ ﲞﻞ ﺻﺎﺣﺒﻪ ،ﻓﻘﺎﻝ:
ﻭﺣﺪﺛﺖ ﻣﻨﺎﻭﺷﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﻓﻬﻤﻲ ﺍﳌﺪﺭﺱ ﻭﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﲨﻴﻞ ﺻﺪﻗﻲ ﺍﻟﺰﻫﺎﻭﻱ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺩﻋﻲ ﺍﻻﺛﻨﺎﻥ ﻣﻊ ﻏﲑﳘﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﳌﻠﻚ ﻓﻴﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ،ﻭﺗﻮﱃ ﻓﻬﻤﻲ
ﺍﳌﺪﺭﺱ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﳉﻠﺴﺔ ﻭﱂ ﳛﺴﻦ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﳌﻘﻌﺪ ﺍﳌﻼﺋﻢ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﳌﻠﻚ ﻟﺰﻣﻴﻠﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺰﻫﺎﻭﻱ ﳑﻦ
ﳛﺐ ﺍﻟﺘﻘﺮﺏ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻓﺄﻏﺎﻇﻪ ﺫﻟﻚ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺧﺮﺝ ﻗﺎﻝ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺒﻴﺘﲔ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻏﻤﺰ ﻤﺎ ﻗﻨﺎﺓ ﺻﺪﻳﻘﻪ
ﺍﻷﺩﻳﺐ ﻓﻬﻤﻲ ﺍﳌﺪﺭﺱ:
ـﻲ(
ـﺮﺍﻥ )ﻓﻬﻤـ
ـﻰ ﺍﻷﻗـ
ﻋﻠـ ﺇﳕــﺎ ﺁﺧــﺮﱐ ﺍﻟــﻴﻮﻡ
. .
ـﻲ(
ـﺮﺍﻥ )ﻓﻬﻤـ
ـﻰ ﺍﻷﻗـ
ﻋﻠـ ﺇﳕــﺎ ﻗــﺪﻣﲏ ﺍﻟــﻴﻮﻡ
. .
ﺍﺷﺘﻬﺮ ﺃﻳﻀﹰﺎ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﳊﻘﺒﺔ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﺒﻨﺎ ،ﻭﻗﺪ ﺳﺄﻟﻪ ﻳﻮﻣﹰﺎ
ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﺼﺤﺎﰲ ﺍﳍﺎﺯﻝ "ﺣﺒﺰﺑﻮﺯ" :ﳌﺎﺫﺍ ﲰﻴﺖ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﺎﻟﺒﻨﺎ ﺩﻭﻥ ﺳﻮﺍﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻟﻘﺎﺏ؟ ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﻣﻨﺸﺪﹰﺍ:
ﻟﻌ ﹼﻞ ﺍﻟﻘﺎﺭﻯﺀ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻳﺘﺬﻛﹼﺮ ﻣﺎ ﺃﻭﺭﺩﺗﻪ ﻋﻦ ﺍﻗﺘﺮﺍﺣﻲ ﺑﺘﺠﺮﻳﺪ ﺃﰊ ﺳﻬﻴﻞ ﻏﺎﺯﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﻘﺼﻴﱯ ﻣﻦ
ﻛﻞ ﺃﻟﻘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﻏﲑ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻭﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ﻭﻏﲑ ﺍﳌﻬﻨﻴﺔ ،ﻭﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻭﺻﻔﻮﻩ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺩﻛﺘﻮﺭ ﻭﺃﺳﺘﺎﺫ ﻭﺷﺎﻋﺮ
ﻭﺻﺎﺣﺐ ﺍﳌﻌﺎﱄ ﻭﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻔﲑ ...ﺇﱃ ﺁﺧﺮﻩ .ﻧﻌﻢ ،ﲡﺮﻳﺪﻩ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﻻﻛﺘﻔﺎﺀ ﺑﺘﻠﻘﻴﺒﻪ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ
ﻫﻲ "ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ" ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻏﺎﺯﻱ ﺍﻟﻘﺼﻴﱯ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﻣﺎ ﺭﺁﻩ ﺃﻳﻀﹰﺎ ﺯﻣﻴﻠﻨﺎ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺻﺎﱀ ،ﻭﻣﺎ ﻟﻘﻲ ﻣﻦ
ﺗﻌﻀﻴﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘ ﺮﺍﺀ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻭﺻﻠﲏ ﻣﻦ ﻓﺎﻛﺴﺎﻢ.
ﱄ
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺭﺃﻯ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﺠﻨﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺮﻙ ﻓﻴﻪ ﺭﻭﺣﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﻱ ﺍﻟﻔﻜﻬﺔ ،ﻓﺒﻌﺚ ﺇ ﹼ
ﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ ،ﺍﻟﱵ ﺃﻭ ﺩ ﺃﻻ ﺃﺣﺮﻡ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﻟﺬﺍﺋﺬﻫﺎ:
ـﺮﻩ"
ـﺘﲏ "ﻇﺎﻫـ
ـﺪ ﲰﻴـ
ـﻼﻡ ﻗـ
ﻋـ ﺳــﺎﳏﻚ ﺍﷲ ...ﺃﺑــﺎ ﻧﺎﺋــﻞ
. .
ـﺮﻩ
ـﻬﺮﺓ ﻓﺎﺧــ
ﻓﺎﺧــﺮﺓ ﻟﺴــ ﻭﻻ ﺃﻗﻀـﻲ ﺍﻟﻌﻤـﺮ ﻣـﻦ ﺳﻬﺮﺓ
. .
ـﺮﻩ
ـﻮﻳﻪ ﰲ ﺍﻟﺬﺍﻛـ
ـﺬﻱ ﳛـ
ﻭﻻ ﺍﻟـ ﻻ ﺃﻋـﺮﻑ ﺍﳊﺎﺳـﻮﺏ ﻣﺎ ﺷﻜﻠﻪ
. .
ـﺮﻩ
ـﺒﺎ ﺍﻟﺰﺍﻫـ
ـﺎﻡ ﺍﻟﺼـ
ـﺪ ﺃﻳـ
ﻛﻌﻬـ ـﺎ
ـﺪﻱ ـ
ـﻮﻳﺮ ﻋﻬـ
ـﺔ ﺍﻟﺘﺼـ
ﻭﺁﻟـ
. .
ﻭﻟــﺬﹼﰐ ﰲ ﺍﻟﻜــﺘﺐ ﺍﻟﺒﺎﺋــﺮﺓ ـﻮﺍﺀ ﻭﻟـ ـﺬﹼﺍﺎ
ـﻨﺎﺱ ﺃﻫــ
ﻟﻠــ
. .
ﻭﻟﻜﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻹﳒﻠﻴﺰ ﻫﻨﺎﻙ ﻟﺪﻏﺔ ﰲ ﺍﻟﺬﻳﻞ ،ﺫﻳﻞ ﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻛﺄﱐ ﺑﺎﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻳﺆﻧﺒﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻐﺮﺍﻗﻨﺎ ﰲ
ﺍﳌﻜﻮﺙ ﻋﻨﺪ ﺯﻳﺎﺭﺗﻪ ﻭﺍﻻﺳﺘﻤﺘﺎﻉ ﺑﺄﻣﺴﻴﺎﺗﻪ.
ﺃﻣﺴﻴﺎﺕ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﲨﻞ ﻣﺎ ﰲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻷﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻭﻟﻘﺪ ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭﺍﻷﺩﺑﺎﺀ
ﻭﺍﳌﺘﺄﺩﺑﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﻀﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺴﻴﺎﺕ ﺑﺎﳌﻄﺎﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻭﻗﺮﺽ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺗﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺛﻴﺔ
ﻭﺍﳌﺪﺍﻋﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﻜﺎﺕ ﺍﻟﱪﻳﺌﺔ ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ .ﻭﳑﺎ ﺃﺗﺬﻛﹼﺮﻩ ﻋﻦ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﺃﻧﻪ ﺣﱴ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺸﺎﺭﻛﻮﻧﻨﺎ
ﺞ ﺑﺬﻟﻚ ،ﻛﺄﻣﺜﺎﳍﺎ ﻣﻦ ﺃﻣﻬﺎﺕ ﺍﳌﺪﻥ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ.
ﺳﻬﺮﺍﺕ ﺭﻣﻀﺎﻥ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺗﻌ
ﺃﻭﺭﺩ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺳﻠﻤﺎﻥ ﻫﺎﺩﻱ ﺍﻟﻄﻌﻤﺔ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﻛﺮﺑﻼﺀ ﰲ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ" ﺷﻴﺌﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺮﻣﻀﺎﻧﻴﺔ،
ﻓﻘﺎﻝ :ﺇﻥ ﻣﻦ ﻃﺮﺍﺋﻒ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﺃﻥ ﺍﳌﺮﺣﻮﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻷﺻﻔﺮ ﺍﳌﺘﻮﰱ ﺳﻨﺔ ١٢٨٩ﻫـ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﺍﺀ
ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺍﳌﻌﻤﺮﻳﻦ ﻭﺍﳌﻌﺮﻭﻓﲔ ﺑﻌﻤﻖ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻭﺳﺮﻋﺔ ﺍﻟﺒﺪﻳﻬﺔ ،ﺯﺍﺭ ﳎﻠﺲ ﺍﻟ ﻌ ﹶﻠﻢ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻲ
ﺍﻟﻄﺒﺎﻃﺒﺎﺋﻲ ﰲ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﺷﺎﺀ ﺃﻥ ﻳﺪﺍﻋﺐ ﺍﻟﻄﺒﺎﻃﺒﺎﺋﻲ ﺑﺎﺳﺘﻔﺘﺎﺋﻪ ﰲ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺼﻮﻡ ،ﻭﻫﻞ ﳚﺐ ﻋﻠﻰ
ﺍﳌﻔﻠﺲ ،ﻓﻘﺎﻝ:
ﱪ
ﻭﺃﻧـﺖ ﻓـﻴﻬﺎ ﺳـﻴﺪ ﺃﺧ ﻣﺴــﺄﻟﺔ ﺃﺗﻌــﺒﲏ ﺣﻠــﻬﺎ
. .
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻠﺲ ﺣﺎﺷﺪﹰﺍ ﺑﻌﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻭﳛﺘﻀﻦ ﳔﺒﺔ ﺻﺎﳊﺔ ﻣﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﻭﺍﻷﺩﺏ ﻭﻏﻮﺍﺓ ﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﻛﺎﻥ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﺴﻦ ﺍﳋﻀﺮﻱ ﺍﳌﺘﻮﰱ ﺳﻨﺔ ١٢٤٥ﻫـ .ﻓﺎﺭﲡﻞ ﳎﻴﺒﹰﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ
ﻣﻮﺳﻰ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﻄﺒﺎﻃﺒﺎﺋﻲ ،ﻓﻘﺎﻝ:
ﻭﰲ ﻣﻄﺎﺭﺣﺔ ﺇﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﺭﺩﺕ ﺿﻤﻦ ﻣﺴﺎﺟﻼﺕ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﻣﻊ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ
ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺟﻮﺍﺩ ﺍﳍﻨﺪﻱ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺍﻓﺘﻘﺪﻩ ﰲ ﺃﻣﺴﻴﺎﺕ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺻﺪﻳﻖ ﻟﻪ ﺑﻌﺚ ﺍﻟﻴﻪ ﺬﺍ ﺍﻟﻌﺘﺎﺏ ﻋﻦ ﺗﻐﻴﺒﻪ ﻋﻦ
ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺑﻌﺪ ﻭﻗﺖ ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ ،ﺇﺫ ﻳﻘﻮﻝ:
ﻓﻤـﺎ ﺑﺎﻟﻨﺎ ﻋﻦ ﻧﻴﻞ ﻭﺻﻠﻜﻢ ﺻﻤﻨﺎ ﲢﻤـﻞ ﺷـﻬﺮ ﺍﻟﺼﻮﻡ ﻋﻨﺎ ﻓﺄﻓﻄﺮﻧﺎ
. .
ﻭﺇﻧـﺎ ﻟﻨـﺮﺟﻮ ﺃﻥ ﻧﻌﻮﺩ ﻛﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﻭﻛـﻨﺎ ﺑـﻪ ﰲ ﻋﻴﺸﻪ ﺫﺍﺕ ﺠﺔ
. .
ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺟﻮﺍﺩ ﺍﳍﻨﺪﻱ ﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﳎﺎﺭﻳﹰﺎ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﳋﺎﲤﺔ:
ﻭﻟﻮ ﺃﻧﻨﺎ ﻭﺍﻟﻄﺮﻑ ﻣﻦ ﻭﺻﻠﻜﻢ ﺻﻤﻨﺎ ﺃﻣﺎ ﻭﻟﻴﺎﱄ ﺍﻟﻮﺻﻞ ﻓﺎﻟﻘﻠﺐ ﱂ ﻳﺼﻢ
. .
ﻭﺃﻧـﺘﻢ ﻛﻤﺎ ﻛﻨﺘﻢ ﻭﳓﻦ ﻛﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﻔـﻮﺯ ﺑﻜﻢ ﰲ ﻋﻴﺸﺔ ﺫﺍﺕ ﺠﺔ
. .
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻤﺩ ﻭﺍﻟﺸﻜﺭ
ﻼ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻟﺴﻦ:
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺳﺎﺭ ﻗﻮﻟﻪ ﻣﺜ ﹰ
ﻭﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﻤﺎ ﳚﻴﺶ ﰲ ﻧﻔﺲ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ،ﺇﻢ ﻳﺘﻠﻘﻮﻥ ﺩﺍﺋﻤﹰﺎ ﺃﻓﻀﺎﻝ ﺍﳌﻌﺠﺒﲔ
ﺑﺸﻌﺮﻫﻢ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﳚﺪﻭﺍ ﰲ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﺮﺩﻭﻥ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﲟﺜﻠﻪ .ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻃﻮﻉ ﺑﻨﺎﻢ ﻓﺪﺃﺑﻮﺍ ﻋﻠﻰ
ﺭﺩ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﲜﻤﻴﻞ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﰲ ﻗﺎﻟﺐ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻭﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻥ ،ﻓﻐﺼﺖ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻹﺧﻮﺍﱐ ﲟﻘﺎﻻﻢ ﰲ ﻗﺮﻳﺾ
ﻼ ﺧﺎﺻﹰﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ" :ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ"،
ﻼ ﻓﺼ ﹰ
ﺍﻟﺸﻜﺮ ﺣﱴ ﺃﻓﺮﺩ ﳍﺎ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﳏﻤﺪ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺍﳌ ﹼ
ﻭﻛﺎﻥ ﳑﺎ ﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﺑﻪ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﺃﰊ ﻧﻮﺍﺱ ﰲ ﺷﻜﺮﻩ ﻷﻓﻀﺎﻝ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ.
ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﺷﻲﺀ ﺷﺎﺋﻊ ﻋﺎﳌﻴﹰﺎ ،ﻓﺮﲟﺎ ﳒﺪ ﺃﻥ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺗﺮ ﺩﺩﻩ ﻭﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ ﺷﻌﺮﻧﺎ
ﻭﻧﺜﺮﻧﺎ ﻭﻛﻼﻣﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ ﺟﺎﻧﺒﹰﺎ ﺇﺳﻼﻣﻴﹰﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﲟﺎ ﻳﺘﺮﺩﺩ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﺍﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻋﻦ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﳊﻤﺪ ﻭﺍﻟﺸﻜﺮ .ﻭﺑﻌﺪ
ﺇﺳﺮﺍﻓﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻗﺪ ﺃﺻﺒﺤﻨﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻌﺠﺰﻧﺎ ﻋﻦ ﺇﻳﻔﺎﺀ ﺣﻘﻪ .ﻫﻜﺬﺍ ﺷﺎﻉ ﺑﻴﻨﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ" :ﺇﻧﲏ ﻟﻌﺎﺟﺰ ﻋﻦ
ﺷﻜﺮ ...ﺍﱁ" ،ﻭﻫﻮ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﻧ ﻮﺍﺱ ﻗﺪ ﳌﹼﺢ ﺍﻟﻴﻪ ،ﰲ ﺣﲔ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺻﺮﺍﺣﺔ ﺷﺎﻋﺮ ﻋﺒﺎﺳﻲ ﺁﺧﺮ ﻫﻮ
ﻋﻠ ﻲ ﺑﻦ ﺟﺒﻠﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﻘﻄﻊ ﻋﻦ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺃﰊ ﺩﻟﻒ ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺷﻌﻮﺭﻩ ﲟﺪﻳﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺸﻜﺮ .ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺳﺄﻟﻪ ﺃﺑﻮ
ﺩﻟﻒ ﻋﻦ ﺳ ﺮ ﺍﻧﻘﻄﺎﻋﻪ ﻋﻨﻪ ،ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ﻭﻫـﻞ ﻳﺮﲡﻰ ﻧﻴﻞ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ؟ ﻫﺠـﺮﺗﻚ ﱂ ﺃﻫﺠﺮﻙ ﻣﻦ ﻛﻔﺮ ﻧﻌﻤﺔ
. .
ﻭﱂ ﺗﻠﻘـﲏ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﱃ ﺍﳊﺸﺮ ﻓـﺎﻥ ﺯﺩﺗـﲏ ﺑـ ﺮﹰﺍ ﺗﺰﺍﻳﺪﺕ ﺟﻔﻮﺓ
. .
ﺯﻜﻲ ﻗﻨﺼل :ﻤﺘﻰ ﻨﺤﻁﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻭﺜﺎﻨﺎ
ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﺃﺷﺮﺕ ﺳﺎﺑﻘﹰﺎ ﺍﱃ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﺍﳌﻬﺠﺮﻱ ﺯﻛﻲ ﻗﻨﺼﻞ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﱵ ﻧﺸﺮﻫﺎ ﰲ
ﻃﺒﻌﺔ ﺃﻧﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺟﺰﺍﺀ ،ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﳏﻤﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﺧﻮﺟﻪ ،ﺿﻤﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﺛﻨﻴﻨﻴﺎﺗﻪ.
ﻣﻦ ﺃﺭﻭﻉ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺛﻨﻴﻨﻴﺔ ﲬﺎﺳﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﱵ ﻧﺸﺮﻫﺎ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ ﺃﺷﻮﺍﻙ ،ﳝﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺴ ﻤﻴﻬﺎ ﲝﻜﻤﻴﺎﺕ
ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻛﻤﺎ ﻧﺴﺘﺪ ﹼﻝ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻭﺭﺩﺕ ﰲ ﺑﻄﻮﺎ:
ـﺬﻩ ﺍﻷﻭﺛﺎﻧــﺎ
ـﻢ ﻫـ
ـﱴ ﳓﻄـ
ﻓﻤـ ﱂ ﺗـﱪﺡ ﺍﻷﻭﺛـﺎﻥ ﻣـﻞﺀ ﻋﻘﻮﻟﻨﺎ
. .
ﻭﻗﺪ ﺃﺛﺎﺭﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻮﺍﻙ ﺍﳌﻬﺠﺮﻳﺔ ﰲ ﺭﻭﺣﻬﺎ ﻭﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﻗﺮﳛﺔ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺟﻮﺭﺝ ﺻﻴﺪﺡ ،ﻓﺒﻌﺚ
ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺄﺑﻴﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﳋﻤﺎﺳﻴﺔ:
ﻭﺣﺎﻣـﻞ ﺍﳊﻜﻤـﺔ ﺍﻟﻐ ﺮﺍﺀ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻳـﺎ ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﺸﻮﻙ ﻣﻦ ﺷﺘﻰ ﻣﻨﺎﺑﺘﻪ
. .
ﻼ ﻋﻠﻰ ﺭﺍﺳﻲ
ﺕ ﺷﻮﻛﺖ ﺇﻛﻠﻴ ﹰ
ﻇﻔﺮ ﻟـﻮﻻ ﺍﳊـﻴﺎﺀ ﻭﻟﻮﻻ ﺍﻟﻜﱪ ﳝﻨﻌﲏ
. .
ﻗﺮﺃ ﺯﻛﻲ ﻗﻨﺼﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﱴ ﺟﺎﺩ ﺎ ﺻﺎﺣﺒﻪ ،ﻓﻌ ﹼﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﲞﻤﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﺑﻌﺚ
ﻼ:
ﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﺃﺣﻠﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻫﺮ ﺑﻞ ﺃﻏﻠﻰ ﻣﻦ ﺍﳌﺎﺱ ﻃـ ﻮﻗﺖ ﻳﺎ ﺷﺎﻋﺮﻱ ﺟﻴﺪﻱ ﲟﻜﺮﻣﺔ
. .
ﻟﻘﻠـﺖ ﺗﻘـﱪﱐ ﻳـﺎ ﺃﻛﺬﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳـﺎ ﺃﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻮﻻ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻛﺒﺎ
. .
ﻏﺎﻟﻴﺖ ﰲ ﺍﳌﺪﺡ ﺃﻥ ﺃﻫﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺭﺍﺳﻲ ﺃﻋﻠـﻴﺖ ﺭﺃﺳﻲ ،ﻭﻟﻜﲏ ﺃﺧﺎﻑ ﺇﺫﺍ
. .
ﻳﺎ ﺳﺎﻛﺐ ﺍﻟﺮﺍﺡ ﻻ ﺗﺸﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﺳﻲ ﻣـﺎ ﺩﻣﺖ ﲤﻸ ﻛﺄﺳﻲ ﻛﻠﻤﺎ ﻓﺮﻏﺖ
. .
ﻤﻨﺎﻅﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺯل
ﺍﺟﺘﻤﻊ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺷﻔﻴﻖ ﺍﳌﻌﻠﻮﻑ ﻭﻣﻴﺸﺎﻝ ﺍﳌﻌﻠﻮﻑ ﻭﺷﺎﻫﲔ ﺍﳌﻌﻠﻮﻑ ﻭﻓﻮﺯﻱ ﺍﳌﻌﻠﻮﻑ ،ﻛﻠﻬﻢ
ﻣﻌﺎﻟﻔﺔ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ ﻭﻣﻦ ﺁﻝ ﺍﳌﻌﻠﻮﻑ ﻓﺴﻤﻮﺍ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﳌﻌﺎﻟﻔﺔ.
ﺍﺟﺘﻤﻌﻮﺍ ﻳﻮﻣﹰﺎ ﰲ ﳎﻠﺲ ﻋﺎﺋﻠﻲ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺯﻭﺟﺔ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻭﺳﻴﺪﺓ ﺍﳌﱰﻝ ﲢﺘﺴﻲ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ﻣﻌﻬﻢ ﻓﺴﻘﻂ
ﺼﺼﻮﺍ ﺟﺎﺋﺰﺓ ،ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺳﺎﻋﺔ ﺫﻫﺒﻴﺔ ﺗﻘﺪﻡ ﳌﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻓﻀﻞ
ﺍﻟﻔﻨﺠﺎﻥ ﻣﻦ ﻳﺪﻫﺎ ﻭﺍﺭﺗﺎﻋﻮﺍ ﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﺘﺒﺎﺭﻭﺍ ﻭﺧ
ﺍﻟﺸﻌﺮ ﰲ ﺍﻟﻔﻨﺠﺎﻥ ﺍﻟﺴﺎﻗﻂ ،ﻓﻘﺎﻝ ﺷﻔﻴﻖ ﺍﳌﻌﻠﻮﻑ:
ـﻤﻬﺎ
ـﻰ ﻣﺒﺴـ
ـﺰﻥ ﻋﻠـ
ـﺮ ﺍﳊـ
ﻃﻔـ ﺇﻥ ﻫـﻮﻯ ﺍﻟﻔﻨﺠﺎﻥ ﻻ ﺗﻌﺠﺐ ﻭﻗﺪ
. .
ﺃﻣﺎ ﻓﻮﺯﻱ ﺍﳌﻌﻠﻮﻑ ،ﻓﻘﺪ ﻧﻈﺮ ﺍﱃ ﺍﻟﻔﻨﺠﺎﻥ ﻭﺭﺃﻯ ﺃﻧﻪ ﱂ ﻳﻨﻜﺴﺮ ﺃﻭ ﻳﺘﺤﻄﻢ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻷﻓﺎﺿﻞ
ﺍﳌﻌﺎﻟﻔﺔ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻣﻌﺎﺭﺿﹰﺎ ﺇﻳﺎﻫﻢ:
ـﻴﻬﺎ
ـﻴﻞ ﻋﻠـ
ـﻮﻣﹰﺎ ﺑﺘﻘﺒـ
ـﺘﺪﻱ ﻳـ
ﻳﻌـ ـﺬﻱ
ـﻆ ﺍﻟـ
ـﺘﻪ ﻭﺫﺍ ﺣـ
ـﻲ ﺃﻟﻘـ
ﻫـ
. .
ﺍﺗﻔﻖ ﺍﳊﺎﺿﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﺷﻌﺮ ﻓﻮﺯﻱ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﺑﻠﻎ ﻗﻮ ﹰﻻ ﻭﺍﻷﺻﺪﻕ ﻣﻼﺣﻈﺔ ،ﻓﺤﻜﻢ ﻟﻪ ﺑﺎﳉﺎﺋﺰﺓ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ
ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ.
ﺯﺍﻫﺩ ﻓﻲ ﺯﻫﺩﻩ
ﺯﺍﺭ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ ﺍﻟﺸﺎﻫﺮ ﺩ .ﺯﺍﻫﺪ ﳏﻤﺪ ﺯﻫﺪﻱ ﻭﻭﺟﺪﻩ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﳛﺴﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﳐﻠﻮﻕ،
ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺣﻴﺚ ﺃﺻﺒﺢ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﲡﺎﺭﹰﺍ ﻻ ﻳﺸﻐﻠﻬﻢ ﺷﻲﺀ ﻛﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻮﻭﻝ
ﺳﺘﺮﻳﺖ ﺟﺮﻧﺎﻝ ﻭﺻﺤﻴﻔﺔ ﺍﻟﻔﺎﻳﻨﺎﻧﺸﺎﻝ ﺗﺎﳝﺲ ،ﻭﻻ ﻳﻠﺘﻔﺘﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﺇﱃ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﺍﻷﺳﻬﻢ ﻭﺍﻟﺴﻨﺪﺍﺕ ﻭﺃﺳﻌﺎﺭ
ﺍﻟﺪﻭﻻﺭ ﻭﺍﻟﲔ .ﺫﻫﺒﺖ ﺃﻳﺎﻡ ﺧﻠﻴﻞ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﻔﺮﺍﻫﻴﺪﻱ ﻭﺟﺎﺀﺕ ﺃﻳﺎﻡ ﺑﻴﺘﺮ ﺟﻲ.
ﻭﺟﺪ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﻟﻀﻴﻒ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻀﻴﻖ ،ﻓﺎﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻬ ﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺬﻛﺮﻩ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ:
ﺣﺮﻛﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ﻗﺮﳛﺔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺯﺍﻫﺪ ،ﻓﻮﺍﺻﻠﻬﺎ ﺑﺄﺑﻴﺎﺕ ﳜﺎﻃﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﻀﻴﻒ
ﺑﺎﻟﻈﺮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﲤﻴﺰ ﺑﻪ ﺷﻌﺮﻩ .ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺣﱴ ﲢﻮﻟﺖ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﺇﱃ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻃﺮﻳﻔﺔ ﺃﻟﻘﺎﻫﺎ ﰲ ﻣﺎ
ﺑﻌﺪ ﺑﺎﳊﻔﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻗﺎﻣﻪ ﺑﻨﻚ ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ ﰲ ﺟ ﺪﺓ ﰲ ٢٠ﺩﻳﺴﻤﱪ )ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻭﻝ( ١٩٩٤ﻡ ،ﻭﺃﻗﺘﻄﻒ ﻫﺬﻩ
ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﳑﺎ ﻗﺎﻟﻪ:
ﺃﻭ ﻛـﻨﺖ ﺗﻄﻠﺐ ﺗﺼﺪﻳﻘﹰﺎ ﻷﻗﻮﺍﱄ ﺇﻥ ﻛـﻨﺖ ﺗﺮﺗﺎﺏ ﻣﺎ ﺃﻧﺖ ﺳﺎﻣﻌﻪ
. .
"ﺑﻨﻚ ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ" ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﻴﻚ ﰲ ﺍﳊﺎﻝ ﺃﻣﺎ "ﺍﻟﺮﺻﻴﺪ" ﻓﺴﺎﺋﻞ ﻋﻨﻪ ﰲ ﺣﺬﺭ
. .
ﺃﺻﻔﺎﺭﻩ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺩﻫﺮﹰﺍ ﺩﻭﻥ ﺗﺮﺣﺎﻝ "ﺭﻗﻢ ﺍﻟﻴﺘﻴﻢ" ﻋﻠﻰ ﻳﺴﺮﺍﻩ ﻗﺪ ﺑﺮﻛﺖ
. .
***
ﺑﺎﻟﺸـﻌﺮ ﻭﻫـﻮ ﻋﻘـﺎﺭﺍﰐ ﻭﺃﻣﻮﺍﱄ ﺃﻣـﺎ ﺍﳋـﺰﺍﻧﺔ ﻋـﻨﺪﻱ ﻓﻬﻲ ﻋﺎﻣﺮﺓ
. .
ـﺎﻝ
ـﻨﺪﻱ ﺩﻭﻥ ﺃﻗﻔـ
ـﺰﺍﻧﺔ ﻋـ
ﺃﻥ ﺍﳋـ ﻗـﺪ ﻣـﺮ ﻳـﻮﻣﹰﺎ ﺎ ﻟﺺ ﻓﺄﺩﻫﺸﻪ
. .
ﻣـﺎﻝ ﻓﺈﻧـﻚ ﻣﺜﻠـﻲ ﻣﻌﺪﻡ ﺍﳊﺎﻝ" "ﺍﻋﺰﻑ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺍﺟﻬﺪ ﺃﻥ ﲢﻮﺫ ﻋﻠﻰ
. .
***
ﻼ ﻣﻦ ﻏﲑ ﻣﺮﺳﺎﻝ:
ﻳﺼـﻮﻏﻪ ﻣﺮﺳ ﹰ ـﻨﻄﻘﺔ
ـﺎ ﷲ ﻣـ
ﻭﻗـﺎﻝ ﺃﻳﻀـﹰﺎ ،ﻭﻳـ
. .
ﺃﺑﻐـﻲ ﺍﻟﻐﻨـﻴﻤﺔ ﰲ ﺩﻛـﺎﻥ ﺑﻘﺎﻝ ﺃﺧﻄﺄﺕ ﺩﺭﰊ ﻭﻗﺪ ﻛﻨﺖ ﺍﳉﺪﻳﺮ ﺑﺄﻥ
. .
ﺷـﻴﺌﹰﺎ ﻣـﻦ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺇﻛﺮﺍﻣﹰﺎ ﻷﻃﻔﺎﱄ ﻭﻗـﺎﻝ ﱄ ﻏﺎﺿﺒﹰﺎ :ﻫﻼ ﺗﺮﻛﺖ ﺎ
. .
ﺣﺪﺙ ﺃﻥ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺍﻥ ،ﺍﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺩﺍﻭﺩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ ﻭﺍﺑﻦ ﺳﺮﻳﺞ ﰲ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﺑﻦ ﺍﳉﺮﺍﺡ
ﻓﺘﺴﺎﻣﺮﺍ ﻭﺗﻼﻃﻔﺎ ﰒ ﺗﻨﺎﻇﺮﺍ ﰲ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻹﻳﻼﺀ ،ﻭﻫﻮ ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻄﻠﻖ ﺯﻭﺟﺘﻪ ،ﻓﻘﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺳﺮﻳﺞ
ﻟﺰﻣﻴﻠﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ" :ﺃﻧﺖ ﺑﻘﻮﻟﻚ :ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺕ ﳊﻈﺎﺗﻪ ﺩﺍﻣﺖ ﺣﺴﺮﺍﺗﻪ ،ﺃﺑﺼﺮ ﻣﻨﻚ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﰲ ﺍﻹﻳﻼﺀ".
ﻼ :ﻟﺌﻦ ﻗﻠﺖ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﱐ ﺃﻗﻮﻝ:
ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺍﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻭﺃﻣـﻨﻊ ﻧﻔﺴـﻲ ﺃﻥ ﺗـﻨﺎﻝ ﳏﺮﻣﺎ ﺃﹸﻧـ ﺰﻩ ﰲ ﺭﻭﺽ ﺍﶈﺎﺳـﻦ ﻣﻘﻠﱵ
. .
ـﺘﻜﻠﹼﻤﺎ
ـﻲ ﺭﺩﻩ ﻟـ
ـﻮﻝ ﺍﺧﺘﻼﺳـ
ﻓﻠـ ﻭﻳﻨﻄﻖ ﻃﺮﰲ ﻋﻦ ﻣﺘﺮﺟﻢ ﺧﺎﻃﺮﻱ
. .
ﻓﻤـﺎ ﺇﻥ ﺃﺭﻯ ﺣﺒﹰﺎ ﺻﺤﻴﺤﹰﺎ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﺭﺍﻳﺖ ﺍﳍﻮﻯ ﺩﻋﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﻠﻬﻢ
. .
ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻣﻦ ﺇﻧﺸﺎﺩ ﺃﺑﻴﺎﺗﻪ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﰲ ﺣﻀﺮﺓ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ،ﻓﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﺍﺑﻦ ﺳﺮﻳﺞ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ :ﻭِﺑ ﻢ ﺗﻔﺘﺨﺮ ﻋﻠﻲ؟ ﻭﻟﻮ
ﺷﺌﺖ ﺃﻧﺎ ﻟﻘﻠﺖ:
١
ﺖ ﺃﻣـﻨﻌﻪ ﻟﺬﻳﺬ ﺳﻨﺎﺗﻪ
ﻗـﺪ ﺑـ ﻭﻣﺴـﺎﻫﺮ ﺑﺎﻟﻐـﻨﺞ ﻣـﻦ ﳊﻈﺎﺗﻪ
. .
ـﻨﺎﺗﻪ
ـﺎﺕ ﰲ ﻭﺟـ
ـﺮﺭ ﺍﻟﻠﺤﻈـ
ﻭﺃﻛـ ـﺘﺎﺑﻪ
ـﺜﻪ ﻭﻋـ
ـﻦ ﺣﺪﻳـ
ـﻨﹼﺎ ﲝﺴـ
ﺿـ
. .
ﻣﺎ ﺃﻥ ﲰﻊ ﺫﻟﻚ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﺩﺍﻭﺩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ ﺣﱴ ﺍﻟﺘﻔﺖ ﺍﱃ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﺑﻦ ﺍﳉﺮﺍﺡ ﻭﻗﺎﻝ :ﳛﻔﻆ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ
ﻋﻠﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﺣﱴ ﻳﻘﻴﻢ ﺷﺎﻫﺪﻱ ﻋﺪﻝ ﺃﻧﻪ ﻭﱄ ﲞﺎﰎ ﺭﺑﻪ )ﺃﻱ ﺫﻫﺐ ﺳﺎﳌﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻄﺮﺃ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻱ ﺗﻐﻴﲑ(.
ﻓﻌﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﺑﻦ ﺳﺮﻳﺞ ،ﻭﻗﺎﻝ :ﻳﻠﺰﻣﲏ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻠﺰﻣﻚ ﰲ ﻗﻮﻟﻚ " ﺃﻧ ﺰﻩ ﰲ ﺭﻭﺽ ﺍﶈﺎﺳﻦ
ﻣﻘﻠﱵ."...
ﻓﺎﺳﺘﻐﺮﻕ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺑﺎﻟﻀﺤﻚ ﻟﺪﻯ ﲰﺎﻋﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺘﻨﺎﻇﺮ ،ﰒ ﻗﺎﻝ" :ﻟﻘﺪ ﲨﻌﺘﻤﺎ ﻇﺮﻓﹰﺎ ﻭﻟﻄﻔﹰﺎ ﻭﻓﻬﻤﹰﺎ
ﻭﻋﻠﻤﹰﺎ".
١ﺃﻱ ﻧﻮﻣﻪ.
ﺭﻤﻀﺎﻨﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ
ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﻣﻦ ﺃﻏﲎ ﺍﳌﻮﺍﺳﻢ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻻ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺫﻛﺮ ﺍﷲ ﻭﺣﺴﺐ ،ﺑﻞ
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﰲ ﺃﺩﺑﻴﺎﺗﻪ ﻭﻓﻮﻟﻜﻠﻮﺭﻳﺎﺗﻪ ﻭﻟﻌﺒﺎﺗﻪ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺪﻓﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺼﺎﺋﻤﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻔﻄﻮﺭ ﻭﻳﻘﻄﻌﻮﻥ ﺎ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺴﻤﺮ
ﺍﻟﱵ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﳝﺪﻫﺎ ﺍﱃ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﺴﺤﻮﺭ .ﻭﻣﻦ ﺃﺭﻭﻉ ﻣﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻄﺎﺭﺣﺎﺕ ﻭﺍﳌﻄﺎﺭﺩﺍﺕ ﻭﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ
ﺍﻟﱵ ﻳﺘﺒﺎﺩﳍﺎ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻐﺎﻭﻭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻮﻥ:
ﰲ ﺇﺣﺪﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﳉﻠﺴﺎﺕ ﺍﻟﺮﻣﻀﺎﻧﻴﺔ ،ﺩﻋﺎ ﺃﺣﺪ ﻭﺟﻬﺎﺀ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﻠﺒﺎﺑﻴﺪﻱ ﺷﺎﻋﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ
ﳘﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﳊﻮﺭﺍﱐ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﻜﺴﱵ ﻟﻺﻓﻄﺎﺭ ﻣﻌﻪ .ﻭﺧﻄﺮ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻤﻞ ﺃﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﻮﻟﻴﻤﺔ
ﺑﺸﻲ ﻋﺬﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﻓﺴﺄﳍﻤﺎ ﺃﻥ ﻳﺸﺘﺮﻛﺎ ﰲ ﻧﻈﻢ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﺃﻃﺎﻳﺐ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﺻﺪﺭ
ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻟﻠﺜﺎﱐ ﻟﻴﻜﻤﻠﻪ ،ﺍﺑﺘﺪﺃ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳊﻮﺭﺍﱐ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻓﻘﺎﻝ:
.
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻜﺴﱵ:
.
.
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﳊﻮﺭﺍﱐ:
.
.
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻜﺴﱵ:
.
.
ﻗﺎﻝ ﺍﳊﻮﺭﺍﱐ:
.
.
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻜﺴﱵ:
.
.
ﻗﺎﻝ ﺍﳊﻮﺭﺍﱐ:
.
.
ـﺎﲞﻜﻢ
ـﺎﱄ ﰲ ﻣﻄـ
ـﺰ ﺍﳌﻘـ
ـﻨﺪﻱ ﺃﺯﻳـ
ﻋـ
.
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻜﺴﱵ:
.
ـﻮﺩ
ـﺎﺕ ﺍﻟـﻨﺎﻱ ﻭﺍﻟﻌـ
ﺃﻟـ ﹼﺬ ﻣـﻦ ﻧﻐﻤـ .
.
ﻗﺎﻝ ﺍﳊﻮﺭﺍﱐ:
.
.
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻜﺴﱵ:
.
.
ﻗﺎﻝ ﺍﳊﻮﺭﺍﱐ:
.
.
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻜﺴﱵ:
.
.
ﻗﺎﻝ ﺍﳊﻮﺭﺍﱐ:
.
.
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻜﺴﱵ:
.
.
ﻗﺎﻝ ﺍﳊﻮﺭﺍﱐ:
.
.
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻜﺴﱵ:
.
.
ﺸﻜﺴﺒﻴﺭ ﻓﻲ ﺇﺨﻭﺍﻨﻴﺎﺘﻪ
ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﻛﺘﺒﺖ ﰲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺁﺧﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻹﺧﻮﺍﱐ ﻣﻦ ﳑﻴﺰﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ .ﻻ ﺷﻚ ﺃﻧﲏ ﻛﻨﺖ
ﺃﺑﺎﻟﻎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻛﻌﺎﺩﰐ ﰲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ .ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﺷﻬﺮ ﻭﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﰲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ ﺍﻟﺴﻮﻧﺖ ﺭﻗﻢ
ﻗﺎﻟﺐ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﻟﺐ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﻣﻦ ١٤ﺑﻴﺘﹰﺎ( .ﻟﻘﺪ ﻧﻈﻢ ﺷﻜﺴﺒﲑ Sonnet ٣٠ﻟﺸﻜﺴﺒﲑ )ﺍﻟﺴﻮﻧﺖ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﳜﺎﻃﺐ ﺎ ﺻﺪﻳﻘﹼﺎ )ﺃﻭ ﺻﺪﻳﻘﺔ( ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﻭﺍﳌﺆﺭﺧﻮﻥ ﻳﻨﺎﻗﺸﻮﻥ ﰲ ﻫﻮﻳﺘﻪ .ﻳﺘﺄﻣﻞ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﰲ
ﻣﺎ ﻣﻀﻰ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻀﺎﺋﻌﺔ ﻭﻳﺘﺤﺴﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﻣﻨﻬﺎ ،ﰒ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻭﻳﻘﻮﻝ:
***
ﻭﺍﺑﺘﺴــﺎﻣﺔ ﳌــﻦ ﻳﻜــﺮﻫﲏ ﻫـﺎﻙ ﺁﻫـﺔ ﻟﻜـﻞ ﻣـﻦ ﳛﺒﲏ
. .
***
ـﲏ
ـﻴﻪ ﺃﻥ ﳛﻤﻠــ
ﻓـ ـﺈﻥ ﻋﻠــ ﺭﻏـﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺤـﺮ ﻳﺰﳎـﺮ ﻫﺎﺋﺠﹼﺎ
. .
***
ﺳﺄﺻــﻴﺐ ﺍﻷﻛﺴــﲑ ﻟــﻴﻜﻮﻥ ﺑـﺬﻟﻚ ﺍﳌـﺎﺀ ﻭـﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﺍﺏ
. .
ﻃﺎﳌﺎ ﺗﻠﻔﺖ ﺃﻧﻈﺎﺭﻧﺎ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻨﻤﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﻮﺷﺎﻳﺔ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﺹ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﻠﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ،
ﻭﻫﻲ ﻋﺎﺩﺓ ﻣﺴﺘﺤﻜﻤﺔ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻘﺪﻡ .ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﺿﻄﺮ ﺃﺑﻮ ﲤﺎﻡ ﺇﱃ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ﺇﱃ ﺍﺑﻦ ﺃﰊ ﺩﺍﻭﺩ ﰲ ﺃﻣﺮ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻘﺒﻴﻞ ،ﺣ ﹼﺬﺭﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺷﺎﻳﻪ ﺑﻪ ﻭﺫﻛﺮﻩ ﲟﺎ ﺃﺩﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻮﺷﺎﻳﺔ ﰲ ﺇﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﺎﺑﻐﺔ ﺍﻟﺬﺑﻴﺎﱐ ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺑﻦ
ﺍﳌﻨﺬﺭ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ:
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻮﺷﺎﻳﺎﺕ ﻫﻲ ﺍﻟﱵ ﺃﺣﺪﺛﺖ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺩﺕ ﺍﱃ ﻗﻄﻴﻌﺔ ﺑﲔ
ﺍﳌﺘﻨﱯ ﻭﺳﻴﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻄﻴﻌﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﻛﺖ ﻟﻨﺎ ﻣﻴﻤﻴﺔ ﺍﳌﺘﻨﱯ ﺍﻟﺸﻬﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﻫﻲ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﻦ ﺃﺭﻭﻉ
ﺍﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺔ .ﻳﺮ ﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺷﺎﻳﺔ ﻭﻳﻌﺎﺗﺐ ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ،ﻓﻴﻘﻮﻝ:
ﻭﻣـﻦ ﲜﺴﻤﻲ ﻭﺣﺎﱄ ﻋﻨﺪﻩ ﺳﻘﻢ ﻭﺍ ﺣـ ﺮ ﻗﻠـﺒﺎﻩ ﳑـﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﺷﺒﻢ
. .
ﻓﻤــﺎ ﳉــﺮﺡ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺿــﺎﻛﻢ ﺃ ﹸﱂ ﺇﻥ ﻛـﺎﻥ ﺳﺮﻛ ﻢ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﺣﺎﺳﺪﻧﺎ
. .
ﻭﺷ ﺮ ﻣﺎ ﻳﻜﺴﺐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺼﻢ ﺷـﺮ ﺍﻟـﺒﻼﺩ ﻣﻜﺎﻥ ﻻ ﺻﺪﻳﻖ ﺑﻪ
. .
ﻗـﺪ ﺿـﻤﻦ ﺍﻟـﺪ ﺭ ﺇ ﹼﻻ ﺃﻧﻪ ﻛﻠﻢ ﻫــﺬﺍ ﻋــﺘﺎﺑﻚ ﺇ ﹼﻻ ﺃﻧــﻪ ﻣﻘــﺔ
. .
ﻋﺎﱏ ﺍﻟﺒﺤﺘﺮﻯ ﻣﻦ ﳕﻴﻤﺔ ﺑﻌﺾ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﻘﻠﻮﺍ ﻋﻨﻪ ﺃﻭ ﻧﺴﺒﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻗﻮﺍ ﹰﻻ ﺃﺳﺎﺀﺕ ﳌﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﺒﺤﺘﺮﻱ ﰲ
ﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻀﺎﺟﻌﻪ ﻭﺃﻟﺰﻣﻪ ﺍﻟﻜﺪﺭ ﻭﺍﻷﺭﻕ ،ﻓﻠﻢ ﳚﺪ ﳐﻠﺼﹼﺎ
ﻗﻠﺐ ﺻﺪﻳﻖ ﻟﻪ ،ﻭﻫ ﺰ ﺫﻟﻚ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺃﻗ
ﻷﺯﻣﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ ﻭﺷﺠﻮﺎ ﻏﲑ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﺚ ﳘﻮﻣﻪ ﰲ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﻭﻳﻌﺘﺬﺭ ﻟﺼﺪﻳﻘﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻳﻄﺎﺑﻖ ﺑﲔ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺑﻴﻨﻪ ،ﻓﻬﻮ
ﺑﻌﻀﻪ ،ﰲ ﻓﺬﻟﻜﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ:
ﻛﻨﺖ ﺃﺗﺼﻔﺢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻔﺮﻳﺪ ﻭﺍﳌﻠﺬ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺘﺒﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﻟﻜﻮﻳﱵ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺴﻘﺎﻑ ﻋﻦ ﺃﺩﻳﺮﺓ
ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺑﺎﺳﻢ "ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ" ،ﻓﺎﺳﺘﻮﻗﻔﺘﲏ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﺇﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ﻇﺮﻳﻔﺔ ﻗﺎﳍﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ
ﺑﻦ ﳛﻴﻲ ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﱪﻣﻜﻲ ،ﻭﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ﺑﺎﺳﻢ ﺟﺤﻈﺔ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻴﺎ ﹰﻻ ﺍﱃ ﺍﻟﺸﻌﺮ
ﻭﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﻔﻠﻚ ﻭﺍﻟﻄﺮﺏ ،ﻣﻮﻟﻌﹰﺎ ﺑﺎﻟﻨﻮﺍﺩﺭ ﻭﻇﺮﻑ ﺍﻟﻌﺸﺮﺓ .ﳚﻴﺪ ﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﻭﺍﳌﻮﺳﻴﻘﻲ ﻭﻟﻪ ﺻﻮﺕ ﻋﺬﺏ.
ﺇﻧﻪ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻨﻤﻄﻴﺔ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻈﺮﻳﻒ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻭﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﳌﻌﺎﺻﺮﺓ ،ﻓﻌﻠﻰ ﺣﺴﻦ ﺃﺩﺑﻪ
ﻭﻃﻴﺐ ﳎﻠﺴﻪ ،ﻛﺎﻥ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﻘﺎﻑ ،ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺬﺍﺭﺓ ﻭﺍﻟﺪﻧﺎﺀﺓ .
ﺩﺧﻞ ﻳﻮﻣﹰﺎ ﻣﻨﻊ ﺍﺛﻨﲔ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﺮﻓﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﻳﺐ ﺍﳌﺄﻣﻮﻧﻴﺔ ،ﺟﺎﺭﻳﺔ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﺍﻷﻣﲔ ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﳌﺄﻣﻮﻥ،
ﻓﺄﻧﻜﺮﺗﻪ ﻭﺍﻣﺘﻌﻀﺖ ﻣﻦ ﻫﻴﺌﺘﻪ ،ﻓﻘﻴﻞ ﳍﺎ :ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻚ ،ﺃﺑﻮﻩ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻟﱪﻣﻜﻲ ،ﻭﻫﻮ ﻳﻐﲏ ﺑﺎﻟﻄﻨﺒﻮﺭ.
ﻭﺍﻣﺘﺤﻨﺘﻪ ﻓﻐﲎ ﳍﺎ ﺃﺻﻮﺍﺗﹰﺎ ﺍﺳﺘﺤﺴﻨﺘﻬﺎ ﻭﺗﻨﺒﺄﺕ ﻟﻪ ﺑﺼﻴﺖ ﰲ ﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ،ﰒ ﺃﻛﺮﻣﺘﻪ ﲟﺎﺋﺔ ﺩﻳﻨﺎﺭ.
ﻭﻛﺎﻥ ﺟﺤﻈﺔ ﰲ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﳌﺎﺋﺔ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻟﺸﻈﻒ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻴﻨﻪ ﳑﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﻳﺘ
ﱪﻡ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﺎﺓ
ﻼﻧﻪ ﺍﱃ ﻭﻟﻴﻤﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺨﻞ ﻭﺍﳊﺮﺹ،
ﺳﺎﺧﺮﹰﺍ ﺑﺄﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ .ﺩﻋﺎﻩ ﺧ ﹼﻞ ﻣﻦ ﺧ ﹼ
ﻓﺨﺮﺝ ﻣﻨﻬﺎ ﺟﺤﻈﺔ ﻟﻴﻨﻄﻖ ﺬﺍ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﳌﻔﻌﻤﺔ ﺑﺎﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﺑﺮﻭﺡ ﺍﻟﻔﻜﺎﻫﺔ:
ﻭﺃﻓﻀـﻠﻬﻢ ﻓـﻴﻪ ﻭﻟـﻴﺲ ﺑﺬﻱ ﻓﻀﻞ ﻟـﻨﺎ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﻉ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﺍﻟﺒﺨﻞ
. .
ﻓﺠـﺌﺖ ﻛﻤـﺎ ﻳـﺄﰐ ﺇﱃ ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺜﻠﻲ ﺩﻋـﺎﱐ ﻛﻤـﺎ ﻳﺪﻋﻮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺻﺪﻳﻘﻪ
. .
ﻳـﺮﻯ ﺇﳕـﺎ ﻣـﻦ ﺑﻌﺾ ﺃﻋﻀﺎﺋﻪ ﺃﻛﻠﻲ ﻓﻠﻤــﺎ ﺟﻠﺴــﻨﺎ ﻟﻠﻐــﺪﺍﺀ ﺭﺃﻳــﺘﻪ
. .
ـﺒﻘﻞ
ـﺒﺚ ﺑﺎﻟـ
ـﺬﺭﹰﺍ ﻓﺄﻋـ
ـﻴﻠﺤﻈﲏ ﺷـ
ﻓـ ـﺔ
ـﻞ ﻟﻘﻤـ
ـﺮﹰﺍ ﻵﻛـ
ـﺪﻱ ﺳـ
ـ ﺪ ﻳـ
ﺃﻣـ
. .
ﻓﺠﺮﺕ -ﻛﻤﺎ ﺟﺮﺕ ﻳﺪﻱ ﺭﺟﻠﻬﺎ -ﺭﺟﻠﻲ! ﻓﺄﻫـﻮﺕ ﳝـﻴﲏ ﳓـﻮ ﺭﺟﻞ ﺩﺟﺎﺟﺔ
. .
ﺍﻷﺫﻥ ﺘﻌﺸﻕ ﻗﺒل ﺍﻟﻌﻴﻥ ﺃﺤﻴﺎﻨ ﹰﺎ
ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﻋﺠﺎﺏ ﻣﺘﺒﺎﺩﻝ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻧﺎﺻﻴﻒ ﺍﻟﻴﺎﺯﺟﻲ ﻭﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ
ﺍﻟﻔﺎﺭﻭﻗﻲ .ﻭﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﻣﺎ ﳚﺮﻱ ﰲ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﺑﲔ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺍﻷﺩﺏ ،ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻔﺎﺭﻭﻗﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ،
ﲟﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﺎﺱ ﻃﺮﻳﻒ ،ﻭﺑﻌﺚ ﺎ ﺍﱃ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﻴﺎﺯﺟﻲ:
ﻗﻠـﻢ ﺑﺪﺍ ﺑﻴﺪﻱ "ﻧﺼﻴﻒ" ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺃﺑﻠﻰ ﺍﻟﻨﻮﻯ ﺟﺴﺪﻱ ﺍﻟﻨﺤﻴﻒ ﻛﺄﻧﲏ
. .
ﺑـﲔ ﺍﻷﻧـﺎﻡ ﻓﻠـﻢ ﺃﻗﻢ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﻟﻮ ﻗﻤﺖ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﺃﻧﺸﺪ ﻣﺪﺣﻪ
. .
ﻗﺮﺃ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻴﺎﺯﺟﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﻓﺎﻧﱪﻯ ﳌﻨﺎﻇﺮﺎ ﲟﺜﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﺑﺬﺍﺕ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻓﻘﺎﻝ:
ﻭﺇﺫﺍ ﻧﺜـﺮﺕ ﻓﺄﻧﺖ ﺃﻓﺼﺢ ﻛﺎﺗﺐ ﻓـﺈﺫﺍ ﻧﻈﻤـﺖ ﻓﺄﻧﺖ ﺃﺑﻠﻎ ﺷﺎﻋﺮ
. .
ﻭﺇﺫﺍ ﻓﻜـﺮﺕ ﻓﻔﻲ ﺣﺴﺎﻡ ﻗﺎﺿﺐ ﻭﺇﺫﺍ ﻧﻈـﺮﺕ ﻓﻔﻲ ﺷﻬﺎﺏ ﺛﺎﻗﺐ
. .
ﻛﺎﻥ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﺍﻟﻔﺎﺭﻭﻗﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﺸﻴﺦ ﻧﺎﺻﻴﻒ ﺍﻟﻴﺎﺯﺟﻲ ،ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻟﺒﻐﺪﺍﺩﻱ
ﻱ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ .ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻣﻦ
ﱂ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺑﺒﻄﺮﺱ ﻛﺮﺍﻣﺔ ،ﺑﻞ ﱂ ﳛﺪﺙ ﻟﻠﺮﺟﻠﲔ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻘﻴﺎ ﰲ ﺃ
ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺃﻥ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﻋﺠﺎﺏ ﺍﳌﺘﺒﺎﺩﻝ ﻗﺪ ﺟﺮﻯ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ،ﺩﻓﻊ ﺍﻷﻭﻝ ،ﺃﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﳊﻤﻴﺪ ﺍﻟﺒﻐﺪﺍﺩﻱ ﺇﱃ
ﻣﻜﺎﺗﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺑﺒﻴﺘﲔ ﻇﺮﻳﻔﲔ ﲟﺎ ﺗﻀ ﻤﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻗﺘﺒﺎﺱ ﻃﺮﻳﻒ ﻣﺆﻧﺲ ،ﻗﺎﻝ:
ـﺮﻑ!
ـﻮﺭﻫﺎ ﺗﻌـ
ـﻦ ﻧـ
ـﻨﻬﺎ ﻣـ
ﻟﻜـ ﻛﺎﻟﺸــﻤﺲ ﻻ ﺗــﺪﺭﻛﻬﺎ ﻣﻘﻠــﺔ
. .
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻌﺘﺫﺭ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ
ﺍﻟﺘﻘﺼﲑ ﺑﲔ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ ﺷﻲﺀ ﺟﺎﺭﺡ ﺻﻌﺐ ﻗﺒﻮﻟﻪ ،ﻭﺃﺻﻌﺐ ﻣﻨﻪ ﺭﲟﺎ ﺍﻟﻌﺜﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ
ﺍﻹﻋﺘﺬﺍﺭ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ .ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭﻗﺪ ﻭﻫﺒﻬﻢ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﻢ ،ﻭﺟﺪﻭﺍ ﰲ ﻗﺮﻳﻀﻬﻢ ﺃﺑﺮﻉ
ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻼﻋﺘﺬﺍﺭ ﻷﺻﺤﺎﻢ ﻋﻦ ﺗﻘﺼﲑﻫﻢ ﻭﺫﻧﻮﻢ .ﳌﻌﻈﻢ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺫﻟﻚ ،ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ
ﺍﻟﺒﺤﺘﺮﻱ ﻭﺍﻟﺒﻬﺎﺀ ﺯﻫﲑ ﻭﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﳉﻬﻢ ﻭﺃﺑﻮ ﲤﺎﻡ ﻭﺩﻋﺒﻞ ﺍﳋﺰﺍﻋﻲ ﻭﺍﺑﻦ ﺳﻨﺎﺀ ﺍﳌﻠﻚ ،ﻭﻏﲑﻫﻢ ﺍﻟﻜﺜﲑ .ﻭﻓﻴﻬﻢ
ﻣﻦ ﺃﻓﺮﻁ ﰲ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻋﻠﻲ ﺍﳉﻮﻫﺮﻱ ﰱ ﺍﻋﺘﺬﺍﺭﻩ ﺇﱃ ﺍﻟﺼﺎﺣﺐ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺩ ،ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ:
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﺑﻦ ﺳﻨﺎﺀ ﺍﳌﻠﻚ ﺁﺛﺮ ﺍﻟﺘﻮﺍﺿﻊ ﰲ ﺍﻋﺘﺬﺍﺭﻩ ﻟﺼﺪﻳﻖ ﺯﺍﺭﻩ ،ﻭﻓﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﺇﺟﻼ ﹰﻻ
ﻭﺗﺮﺣﻴﺒﹰﺎ ﺑﺎﻟﺼﺪﻳﻖ .ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻟﻠﺰﺍﺋﺮ ﻳﻌﺘﱪ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﺃﺑﺸﻊ ﺩﻻﺋﻞ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﺭ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﳌﺒﺎﻻﺓ ﻭﺍﻟﺘﻜﺒﺮﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻀﻴﻒ .ﻭﳍﺬﺍ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﺮﺍﺳﺨﺔ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﻭﻗﻮﻑ ﺍﳉﺎﻟﺴﲔ ﻋﻨﺪ ﻣﺮﻭﺭ ﺟﻨﺎﺯﺓ ﺃﻣﺎﻣﻬﻢ.
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺳﻨﺎﺀ ﺍﳌﻠﻚ ﻏﺎﺭﻗﹰﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﻔﻜﲑ ﻭﱂ ﻳﻨﺘﺒﻪ ﻟﺪﺧﻮﻝ ﺻﺪﻳﻘﻪ .ﻓﻠﻢ ﳚﺪ ﺧﲑﹰﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻋﺘﺬﺍﺭﹰﺍ ﻟﻪ ﺬﻩ
ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﻭﺭﺩﺕ ﰲ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ:
ﻑ
ﻭﻋﻔـﻮﹰﺍ ﻓـﺈﱐ ﺑﺎﳉـﻨﺎﻳﺔ ﻋﺎﺭ ﻒ
ﺃﻣﺎﻧـﹰﺎ ﻓـﺈﱐ ﻣـﻦ ﻋﺘﺎﺑﻚ ﺧﺎﺋ
. .
ﻒ
ﻼ ﺃﻭ ﻻ ﻓﺈﻧﻚ ﺧﺎﺋ
ﻓﻜـﻦ ﻗـﺎﺑ ﹰ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﱄ ﻋﺬﺭﹰﺍ ﻓﺈﻥ ﻛﻨﺖ ﻣﻨﺼﻔﹰﺎ
. .
ﻒ
ﺑﻔﻜﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﲢﺒﲑ ﺷﻜﺮﻙ ﻋﺎﻛ ﻭﻣـﺎ ﻛﺎﻥ ﺷﻐﻠﻲ ﻋﻨﻚ ﺇﻻ ﻷﻧﲏ
. .
ﻒ
ﻓﻤﺜﻠـﻲ ﺑـﻼ ﺷﻚ ﳌﺜﻠﻚ ﻋﺎﻃ ﲝﻘﹼـﻚ ﺇ ﹼﻻ ﻣـﺎ ﺣﻨـﻨﺖ ﺑﻌﻄﻔﺔ
. .
ﻒ
ﻼ ﺃﻧﲏ ﻟﻚ ﻭﺍﺻ
ﻭﺣﺴـﱯ ﻓﻀ ﹰ ﻼ ﺇﺫ ﺗﺮﻯ ﱄ ﻋﺎﺫﺭﹰﺍ
ﻭﺣﺴﺒﻚ ﻓﻀ ﹰ
. .
ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﳑﺎ ﻭﺭﺩ ﺃﻋﻼﻩ ﻳﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰ ﺑﻜﺬﺑﺔ ﺑﻴﻀﺎﺀ )،(White Lie
ﻳﺘﻘﺒﻠﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ،ﺑﻞ ﻭﻳﻔﺘﱳ ﺎ ،ﳌﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﺍﻓﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﳌﻘﺼﺪ.
ﻭﻣﻦ ﻋﻬﺪ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻋﻬﺪ ﺍﺑﻦ ﺳﻨﺎﺀ ﺍﳌﻠﻚ ،ﲰﻌﺖ ﺃﺑﻴﺎﺗﹰﺎ ﻇﺮﻳﻔﺔ ﻣﻦ ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻳﻮﺳﻒ ﻋ ﺰ
ﺍﻟﺪﻳﻦ .ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻋﺪ ﻣﻊ ﺯﻣﻴﻠﻪ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﰲ ﻏﺮﻓﺘﻬﻤﺎ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﺔ ﰲ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﰲ
ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺃﻡ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﰲ ﺍﻟﻄﺎﺋﻒ .ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺿﻴﻔﹰﺎ ﻓﺎﺟﺄ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﰲ ﺑﻴﺘﻪ ﺣﺎﻟﺖ ﺩﻭﻥ ﺣﻀﻮﺭﻩ،
ﻓﻜﺘﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ﻟﺰﻣﻴﻠﻪ ﻭﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺗﺮﻛﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻀﺪﺗﻪ:
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻳﻮﺳﻒ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻗﺪﻡ ﱄ ﺍﻋﺘﺬﺍﺭﹰﺍ ﻣﻦ ﻧﻮﻉ ﺁﺧﺮ ﰲ ﺃﻳﺎﻡ ﺗﻠﻤﺬﺗﻨﺎ ﰲ ﻟﻨﺪﻥ .ﻛﻨﺎ ﻋﻠﻰ
ﻣﻮﻋﺪ ﰲ ﻏﺮﻓﱵ ﰲ ﺍﻳﺮﻟﺰﻛﻮﺭﺕ ،ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻋﺪﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺍﻧﺘﻈﺮﺗﻪ ،ﻣﺮﺕ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﻭﱂ ﻳﻄ ﹼﻞ ﻋﻠ ﻲ ﺻﺪﻳﻘﻲ.
ﻼ" :ﻫﻞ ﺭﺃﻳﺖ
ﻓﻔﺘﺤﺖ ﺍﻟﺪﺭﺝ ﻷﺗﻌﺸﻰ ﻟﻮﺣﺪﻱ ،ﻓﺈﺫﺍ ﰊ ﺃﺟﺪﻩ ﻣﻠﻴﺌﹰﺎ ﺑﻘﺸﻮﺭ ﺍﻟﺘﻔﺎﺡ ،ﰒ ﻫﺎﺗﻔﲏ ﺑﻌﺪ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻼ ﻋﻠﻰ ﺣﻀﻮﺭﻱ ﻭﺍﺳﺘﻤﻼﺣﻲ ﺑﺰﺍﺩﻙ ،ﻭﺍﻋﺘﺬﺍﺭﻱ ﻋﻦ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ!".
ﻗﺸﻮﺭ ﺍﻟﺘﻔﺎﺡ؟ ﺗﺮﻛﺘﻬﺎ ﻟﻚ ﺩﻟﻴ ﹰ
ﺃﻗﻠل ﻋﺘﺎﺒﻙ
ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻻﺣﻈﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻳﺸ ﱢﻜﻞ ﺍﻟﻌﺘﺎﺏ ﺟﺰﺀﹼﺍ ﺃﺳﺎﺳﻴﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻹﺧﻮﺍﱐ ،ﻛﻤﺎ
ﺃﺷﺎﺭ ﺩ .ﳏﻤﺪ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺍﳌﻼ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘﻴﻢ "ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﰲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ" .ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ،ﻭﻛﻤﺎ
ﻫﻢ ﺍﻵﻥ ،ﻳﺘﻀﺎﻳﻘﻮﻥ ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻌﺘﺎﺏ ،ﻭﰲ ﺫﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﺑﺸﺎﺭ ﺑﻦ ﺑﺮﺩ ،ﻭﺃﺣﺴﻦ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ:
ﺻـﺪﻳﻘﻚ ﱂ ﺗﻠـ ﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺗﻌﺎﺗﺒﻪ ﺇﺫﺍ ﻛـﻨﺖ ﰲ ﻛـﻞ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻣﻌﺎﺗﺒﹰﺎ
. .
ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺘﻀﺎﻳﻘﻮﻥ ﺃﻳﻀﹰﺎ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻌﺘﺎﺏ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺪ ﹼﻝ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﻛﺜﺮﺍﺙ .ﺍﻟﻌﺘﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ
ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻭﺍﳊﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ .ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺗﻘﻮﻝ "ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻌﺘﺎﺏ ﺇﳊﺎﻑ ﻭﺗﺮﻛﻪ ﺍﺳﺘﺨﻔﺎﻑ".
ﺇﻧﻪ ﺑﺎﻷﺣﺮﻯ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ ،ﻓﺎﻷﺩﺑﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻮﻥ ﻳﺘﻀﺎﻳﻘﻮﻥ ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﻨﻘﺪ ﻛﺘﺎﻢ ﺃﻭ ﻋﻤﻠﻬﻢ ﺍﻟﻔﲏ ،ﻭﻳﺘﻀﺎﻳﻘﻮﻥ ﺃﻳﻀﹰﺎ
ﺇﺫﺍ ﺃﻣﻌﻦ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﰲ ﺍﻧﺘﻘﺎﺩﻫﻢ.
ﻟﻘﺪ ﻗﻴﻞ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ ﺍﻟﻌﺘﺎﺏ ﺍﻹﺧﻮﺍﱐ ،ﻭﻣﻦ ﺃﺑﺪﻉ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺷﻌﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﲪﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ
ﺃﻭﺭﺩﻩ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﺍﶈﺎﺳﻦ ﻭﺍﳌﺴﺎﻭﻯﺀ" .ﻭﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻳﻌﺎﺗﺐ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺻﺪﻳﻘﹰﺎ ﻟﻪ ﺃﻣﻌﻦ ﻭﲤﺎﺩﻯ ﰲ
ﻼ ﺃﻥ ﻳﻘ ﹼﻠﻞ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ،ﻭﻳﺬﻛﺮﻩ ﺑﻘﺼﺮ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﱵ ﻻ ﺗﺘﺴﻊ ﻟﻜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺎﺗﺒﺎﺕ ﻭﺍﳌﻼﻣﺎﺕ
ﻋﺘﺎﺑﻪ ﻓﺨﺎﻃﺒﻪ ﻣﺘﻮﺳ ﹰ
ﻼﻥ ،ﻗﺎﻝ ﻧﺎﺻﺤﹰﺎ ﺇﻳﺎﻩ:
ﺑﲔ ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ﻭﺍﳋ ﹼ
ـﻴ ﹸﻞ
ـﺎﺭﺓ ﻭﳝـ
ـﺪﻝ ﺗـ
ـﺮ ﻳﻌـ
ﻭﺍﻟﺪﻫـ ـﻴ ﹸﻞ
ـﺒﻘﺎﺀ ﻗﻠـ
ـﺘﺎﺑﻚ ﻓﺎﻟـ
ـﻞ ﻋـ
ﺃﻗﻠـ
. .
ﺣـﺒﻞ ﺍﻟـﺮﺟﺎﺀ ﲝـﺒﻠﻪ ﻣﻮﺻﻮ ﹸﻝ ﻭﻟـﺘﻔﺠﻌ ﻦ ﲟﺨﻠـﺺ ﻟـﻚ ﻭﺍﺛﻖ
. .
ﻱ ﺧﻠﻴ ﹸﻞ
ﻣـﻦ ﻻ ﻳﺸـﺎﻛﻠﻪ ﻟـﺪ ﻭﻟﺌﻦ ﺳﺒﻘﺖ -ﻭﻻ ﺳﺒﻘﺖ -ﻟﻴﻤﻀﲔ
. .
ﺻـﺎﰲ ﻋﻠـﻴﻪ ﻣـﻦ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺩﻟﻴ ﹸﻞ ﻭﺃﺭﺍﻙ ﺗﻜﻠـﻒ ﺑﺎﻟﻌـﺘﺎﺏ ﻭﻭ ﺩﻧﺎ
. .
ﺍﻋﺘﺎﺩ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻔﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻟﺘﻘﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻷﺛﻴﺒﻮﺑﻴﺔ ،ﺃﺩﻳﺲ ﺃﺑﺎﺑﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﰲ
ﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻢ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﻟﻠﻤﻄﺎﺭﺣﺔ ﻭﺍﶈﺎﺩﺛﺔ ﻭﺗﺒﺎﺩﻝ ﻭﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺃﺣﻴﺎﻧﹰﺎ ،ﻭﻳﺴﺮﱐ ﺃﻥ ﺃﻗﻮﻝ ،ﻭﻛﻤﺎ
ﺍﻛﺘﺸﻔﺖ ،ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﺍﻭﻳﺔ ،ﻭﺑﺼﻮﺭﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ.
ﰲ ﺇﺣﺪﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺴﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺳﻔﲑ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ،ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺍﻟﻴﺤﲕ ،ﺃﺑﻮ ﻓﻬﺪ،
ﺃﺣﺐ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﻋﻠﻲ ﺻﺎﺣﱯ )ﺃﺑﻮ ﳏﻤﺪ( ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻴﱯ ﺃﻥ ﻳﻼﻃﻒ ﺯﻣﻴﻠﻪ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ
ﻼ:
ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻓﺨﺎﻃﺒﻪ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻭﻗﺪ ﲰﻊ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﳛﲕ ،ﺳﻔﲑ ﺧﺎﺩﻡ ﺍﳊﺮﻣﲔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﲔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﱪﺍﺯﻳﻞ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺗﺰﺍﻣﻞ ﻣﻌﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﻛﺎﻥ ﺳﻔﲑﹰﺍ ﻟﻠﻤﻤﻠﻜﺔ ﻟﺪﻯ ﻧﻴﺠﲑﻳﺎ ،ﻓﺸﺎﺀ ﺃﻥ ﻳﻀﻴﻒ ﺇﱃ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﻄﺮﻳﻔﺔ:
ﻳـﺎ ﻟﻴـﺘﻪ ﺯﺍﺩﻧﺎ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺃﺑﻴﺎﺗ ِﻪ ﻳـﺎ ﺻﺎﺣﱯ ﱂ ﺗﻠﻖ ﺑﻴﺘﹰﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻋﺠﺒﹰﺎ
. .
ﻣـﺎ ﺃﲨـﻞ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻻ ﺣﺴ ﻦ ﺣﺒﺎﺗ ِﻪ ﺻـﺎﻍ ﺍﻟﻜـﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﻬﻞ ﻭ ﱠﳕ ﹶﻘﻪ
. .
ﻣـﻦ ﺍﻟﺜﻨﺎﺀ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌﺾ ﺣﺴﻨﺎﺗ ِﻪ ﺃﺛـﲎ ﻋﻠـﻴﻚ "ﺃﺑﺎ ﻓﻬﺪ" ﺑﺼﺎﺩﻗﺔ
. .
ﱂ ﺗﻠـﻖ ﻗﻠـﺒﹰﺎ ﻟﺴـﺖ ﰲ ﻃﻴﺎﺗ ِﻪ" ﻗـﺪ ﻗﺎﻝ" :ﻟﻮ ﻓﺘﺸﺖ ﺑﲔ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ
. .
ﻭﺍﻟﺼﺪﻕ ﰲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺗﻠﻘﺎﻩ ﺑ ِﻜ ﹾﻠﻤﺎﺗ ِﻪ ﻣـﺎ ﻗـﺎﻝ ،ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ،ﺍﻻ ﺑﻌﺪ ﲡﺮﺑﺔ
. .
ﻓـﺎﻧﻌﻢ ـﺎ ﻭﻃـﻨﹰﺎ ﺷﻴﺪﺕ ﻟﺒﻨﺎﺗ ِﻪ ﻗﻠﻮﺑــﻨﺎ ﻛﻠــﻬﺎ ﲢــﺘ ﹼﻠﻬﺎ ﻭﻃــﻨﹰﺎ
. .
ﻣـﻦ ﻳﺰﺭﻉ ﺍﳋﲑ ﳚﲏ ﺑﻌﺾ ﲦﺮﺍﺗ ِﻪ ﺃﻧـﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﲜﻤﻴﻞ ﺍﻟﺼﻨﻊ ﲤﻠﻜﻬﺎ
. .
ﺍﻟﺠﻭﺍﻫﺭﻱ ﻴﺤ ﻴﻲ ﺒﺤﺭ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﻓﻲ ﺴﺠﻨﻪ
ﻛﺜﲑﺓ ﻫﻲ ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻹﺧﻮﺍﱐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺒﺎﺩﻝ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ،ﻛﻤﺎ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻻﺣﻆ ﺍﻟﻘﺎﺭﻯﺀ ،ﻭﻗﺪ
ﺃﺿﻴﻒ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻋﺼﺮ ﺍﻟﺘﺸﻨﺠﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻄﻠﻌﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺟﺪﻳﺪ،
ﺝ ﻢ ﰲ ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ ،ﺃﻭ ﺍﻋﺘﻘﻠﻮﺍ ﰲ
ﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻘﺼﺎﺋﺪ ﺍﻟﱵ ﻗﺎﳍﺎ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﰲ ﲢﻴﺔ ﺇﺧﻮﺍﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺯ
ﺍﳌﻌﺘﻘﻼﺕ ،ﺃﻭ ﻧﻔﻮﺍ ﰲ ﺍﳌﻨﺎﰲ ﰲ ﻣﺎﻟﻄﺎ ﺃﻭ ﺳﻴﺸﻴﻞ ﺃﻭ ﺍﳍﻨﺪ ﺃﻭ ﻏﲑﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺎﺭ ﺍﻟﱵ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺃﲰﺎﺅﻫﺎ ﺧﺎﻟﺪﺓ
ﰲ ﺻﺤﻒ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺿ ﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﺿ ﺪ ﺍﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ.
ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﲨﻌﺘﻬﻢ ﻫﺰﺍﺕ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺍﻥ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺎﻥ ﳏﻤﺪ ﻣﻬﺪﻱ ﺍﳉﻮﺍﻫﺮﻱ ﻭﳏﻤﺪ
ﺻﺎﱀ ﲝﺮ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ،ﻟﻘﺪ ﺗﺸ ﺮﺩ ﺍﳉﻮﺍﻫﺮﻱ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﱂ ﻳﺴﺠﻦ ،ﻭﺳﺠﻦ ﲝﺮ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﱂ ﻳﺘﺸﺮﺩ.
ﻳﻈﻬﺮ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻗﻀﺎﻩ ﰲ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻣﻦ ﺳﻨﲔ ﱂ ﻳﺘﺮﻙ ﻟﻪ ﻭﻗﺘﹰﺎ ﻟﻴﺬﻭﻕ ﺍﻟﺘﺸﺮﺩ.
ﰲ ﻋﺎﻡ ١٩٦٥ﻛﺎﻥ ﲝﺮ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻛﻌﺎﺩﺗﻪ ﰲ ﺍﻟﺴﺠﻦ ،ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺍﻟﺮﻫﻴﺐ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺑﻨﻘﺮﺓ
ﺍﻟﺴﻠﻤﺎﻥ .ﻭﻛﺎﻥ ﺍﳉﻮﺍﻫﺮﻱ ﻛﻌﺎﺩﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺸﺮﺩ ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ،ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺮﺍﻍ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ،ﻓﺘﺬ ﹼﻛﺮ ﺍﻷﺧﲑ
ﺃﺧﺎﻩ ﺍﻟﺮﺍﺯﺡ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺍﻟﺮﻫﻴﺐ ،ﻓﺘﻔﺘﻘﺖ ﻗﺮﳛﺘﻪ ﻋﻦ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﳛﻴﻲ ﺎ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺃﺑﺎ ﻧﺎﻇﻢ ﻭﻳﺸ ﺪ
ﺃﺯﺭﻩ ،ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ:
ـﲏ
ـﺖ ﻣـ
ـﺜﻠﻤﺎ ﺃﻧـ
ـﻨﻚ ﻣـ
ـﺎ ﻣـ
ﻭﺃﻧـ ﻳـﺎ ﺃﺑـﺎ ﻧـﺎﻇﻢ ﻭﺳـﺠﻨﻚ ﺳﺠﲏ
. .
ـﻦ
ـﻒ ﺃﻏـ
ـﺮﻭﺽ ﻟـ
ـﺒﺎﺏ ﻛﺎﻟـ
ﺑﺸـ ﻳـﺎ ﺍﺑـﻦ ﺻﻴﺪ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻛﻞ ﻣﻀ ٍ
ﺢ
. .
ﻣﺴــﺘﻮﺣﺶ ﺍﻟﺜﻨــﻴﺎﺕ ﻣﻀــﻦ ﻳﺎ ﺍﺑﻦ ﺻﻴﺪ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺩﺭﺑﻚ ﺩﺭﺏ ﺍﻟﺼﻴﺪ
. .
ﻭﳝﻀﻲ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﰲ ﺍﻹﺷﺎﺩﺓ ﺑﺄﺧﻴﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺗﻌﺪﺍﺩ ﻓﻀﺎﺋﻠﻪ ﻭﺻﻤﻮﺩﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻤ ﺪﻩ ﻣﻦ ﺇﺭﺛﻪ ﻣﻦ ﺁﻝ
ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﺷﻬﺪﺍﺋﻬﻢ ،ﰒ ﳜﻠﺺ ﺇﱃ ﺗﻌﻈﻴﻢ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻷﺩﻳﺐ:
ـﺜﲏ
ـﻮﺍﳍﺎ ﻭﻧــ
ـﺪﺭﻱ ﺃﻫــ
ﻧــ ﺷـﺮﻛﺎﺀ ﰲ ﻏﺎﻳـﺔ ﻧﺒﺘﺪﻱ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ
. .
ﺑﺎﻟـﻎ ﺍﳉـﺮﺡ ﻣﻦ ﺿﺮﺍﺏ ﻭﻃﻌ ِﻦ ﻓـﻮﻗﻪ ﻣـﻦ ﺛﻘـﻮﺏ ﺭﻣﺢ ﻭﺭﻣﺢ
. .
ﺏ ﺍﻟـﻨﻌﺎﺱ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﻔﻦ
ﻛﻤـﺪ ﳓـﻦ ﳑـﺎ ﻧﺴـﻴﻞ ﰲ ﻛﻞ ﻧﻔﺲ
. .
ﻫﺎﺭﻭﻥ ﺍﻟﺭﺸﻴﺩ ﺸﺎﻋﺭﹰﺍ!
ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀ ،ﲝﻴﺚ ﺃﺟﻮﺯ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﺃﻥ ﺃﺭﻭﻱ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﻋﻦ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ
ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﺍﻷﺣﻨﻒ ﲢﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ "ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﰲ ﺇﺧﻮﺍﻧﻴﺎﻢ" ،ﻭﻟﻜﻦ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻃﺮﻳﻔﺔ ﻋﺜﺮﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﺧﲑﹰﺍ ﰲ
ﻛﺘﺎﺏ "ﺃﺣﻠﻰ ﻃﺮﺍﺋﻒ ﻭﻧﻮﺍﺩﺭ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ" ،ﻣﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ "ﺃﺣﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﺍﺋﻒ ﻭﺍﻟﻨﻮﺍﺩﺭ" ﺍﳌﻤﺘﻌﺔ ﻭﺍﳌﻐﻨﻴﺔ ﺣﻘﹰﺎ.
ﻳﻘﻮﻝ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺃﻥ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ ﻧﻈﻢ ﰲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻠﻴﺎﱄ ﺑﻴﺘﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﻭﱂ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﻳﺸﻔﻌﻪ
ﺑﺂﺧﺮ .ﻭﻫﺬﻩ ﻣﺜﻠﺒﺔ ﻏﲑ ﻣﺘﻮ ﹼﻗﻌﻪ ﻣﻦ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺎﱂ ،ﺃﻥ ﻳﻘﻀﻲ ﻟﻴﻠﺘﻪ ﰲ ﻧﻈﻢ ﺑﻴﺖ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ
ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ .ﻧﻌﻢ ﻟﻘﺪ ﺍﻣﺘﻨﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﻓﻘﺎﻝ" :ﻋﻠ ّﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﺍﻷﺣﻨﻒ" .ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻔﻪ
ﺍﻟﺒﺤﺘﺮﻱ ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺃﻏﺰﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﻟﻮﻻ ﺃﻥ ﲰﻊ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﳌﺎ ﺑﻌﺚ ﻋﻠﻴﻪ .ﺭﲟﺎ ﻟﺒﻌﺚ ﻋﻠﻰ ﻧﺰﺍﺭ ﻗﺒﺎﱐ ،ﻓﻬﻮ
ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺰﻝ ،ﻭﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺰﻝ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ.
ﺗﺮﺍﻛﺾ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﺍﱃ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﺍﻷﺣﻨﻒ ،ﻭﻛﺄﻱ ﺭﺳﻮﻝ ﻳﺮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺜﲑ
ﻭﺻﻮﻟﻪ ﻗﻠﻖ ﺍﳊﺎﺿﺮﻳﻦ ﻭﺫﻋﺮﻫﻢ ،ﻓﻬﺬﻩ ﺍﳊﻜﺎﻳﺔ ﺟﺮﺕ ﰲ ﺑﻐﺪﺍﺩ .ﻣﺎ ﺃﻥ ﻃﺮﻕ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺣﱴ ﻋ ﻢ ﺍﳍﻠﻊ
ﻂ.
ﺟﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﺒﻴﺖ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻃﻤﺄﻢ ﰲ ﺍﻷﻣﺮ ،ﻭﺃﻛﺪ ﳍﻢ ﺃﻥ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳌﺨﺎﺑﺮﺍﺕ ﻗ ﹼ
ﻭﺻﻞ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺇﱃ ﻗﺼﺮ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ" :ﻭﺟﻬﺖ ﺇﻟﻴﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﺑﻴﺖ ﻗﻠﺘﻪ ،ﻭﺭﻣﺖ ﺃﻥ ﺃﺷﻔﻌﻪ
ﲟﺜﻠﻪ ﻓﺎﻣﺘﻨﻊ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻋﻠ ﻲ".
ﻼ:
ﻓﺄﺷﻔﻊ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﺍﻷﺣﻨﻒ ﺑﻴﺖ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﺑﺒﻴﺖ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻩ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻃﺮﺏ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ ﻟﺬﻟﻚ ﻭﺃﻋﺠﺐ ﺑﻪ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ" :ﺯﺩﱐ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻙ" .ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻦ ﺍﻷﺣﻨﻒ:
ــﻚ ﺑـﺎﻹﻇﻼﻡ ﻭﺍﻋﺘﻜﺮﺍ ﺇﺫﺍ ﻣـﺎ ﺍﻟﻠـﻴﻞ ﺳﺎﻝ ﻋﻠﻴـ
. .
ﺍﺯﺩﺍﺩ ﺍﳋﻠﻴﻔﺔ ﻃﺮﺑﹰﺎ ﳌﺎ ﲰﻊ ﻣﻦ ﺷﺎﻋﺮﻩ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ" :ﻗﺪ ﺫﻋﺮﻧﺎﻙ ﻭﺃﻓﺰﻋﻨﺎ ﻋﻴﺎﻟﻚ ،ﻭﺃﻗ ﹼﻞ ﻭﺍﺟﺐ ﺃﻥ ﻧﻌﻄﻴﻚ
ﺩﻳﺘﻚ" .ﻭﺃﻣﺮ ﻟﻪ ﺑﻌﺸﺮﺓ ﺍﻵﻑ ﺩﺭﻫﻢ.
ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﻓﻲ ﺒﻁﺎﻗﺎﺘﻬﻡ
ﺍﳌﻔﺮﻭﺽ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ "ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﰲ ﺇﺧﻮﺍﻧﻴﺎﻢ" ،ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﻌﻴﺶ ﰲ ﻋﺼﺮ ﺍﻟﺒﻄﺎﻗﺎﺕ ﻧﺴﺎﻓﺮ ﺑﺒﻄﺎﻗﺔ
ﺳﻔﺮ ﻭﻧﺼﻞ ﻓﻨﻤﻠﻲ ﺑﻄﺎﻗﺔ ﺩﺧﻮﻝ ﻟﻈﺎﺑﻂ ﺍﻟﺴﻔﺮ ،ﻟﻨﺎ ﺑﻄﺎﻗﺘﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻷﻣﻦ ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﻀﺮﻳﺒﺔ ،ﻳﺄﰐ
ﺍﻟﻌﻴﺪ ﻓﺒﺪ ﹰﻻ ﻣﻦ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺃﺣﺒﺎﺋﻨﺎ ﺃﻭ ﻣﻜﺎﳌﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻠﻔﻮﻥ ﻧﺒﻌﺚ ﻟﻪ ﺑﺒﻄﺎﻗﺔ ﻣﻌﺎﻳﺪﺓ .ﳝﻮﺗﻮﻥ ﻭﺑﺪ ﹰﻻ ﻣﻦ ﺃﻥ ﳕﺸﻲ
ﰲ ﺟﻨﺎﺯﻢ ﻧﺒﻌﺚ ﻟﺬﻭﻳﻬﻢ ﺑﺒﻄﺎﻗﺔ ﺗﻌﺰﻳﺔ.
ﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺒﻄﺎﻗﺎﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺣﱴ ﺃﻭﺣﺖ ﻟﻨﺎ ﺑﻌﻨﻮﻧﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ،ﻭﻣﺎ ﺳﻴﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ
ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﺑﺎﺳﻢ "ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﰲ ﺑﻄﺎﻗﺎﻢ" .ﻭﻟﻘﺪ ﺑﻠﻐﺖ ﺑﻌﺾ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻄﺎﻗﺎﺕ ﺩﺭﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﺏ
ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﻛﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻟﺸﺎﻋﺮﻧﺎ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﳏﻤﺪ ﻣﻬﺪﻱ ﺍﳉﻮﺍﻫﺮﻱ ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺩﺗﻪ ﰲ ﺳﻔﺮ ﻓﺴﻠﹼﻤﻪ ﺃﺣﺪ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ
ﻭﻣﺮﻳﺪﻳﻪ ﺑﻄﺎﻗﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬﺍﻥ ﺍﻟﺒﻴﺘﺎﻥ:
ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﻛﺎﺗﺐ ﺍﻟﺒﻄﺎﻗﺔ ﺃﺧﻄﺄ ﰲ ﺷﻌﺮﻩ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﱄ ﻏﺪ ،ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ ﺍﻷﺧﻄﻞ ﺍﻟﺼﻐﲑ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ
ﺷﻌﺮ ﺃﲪﺪ ﺷﻮﻗﻲ .ﻗﺮﺃ ﺍﳉﻮﺍﻫﺮﻱ ﺍﻟﺒﻄﺎﻗﺔ ،ﻓﻘﻠﺒﻬﺎ ﻭﺭ ﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺬﻳﻦ ﺍﻟﺒﻴﺘﲔ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺗﻮﺭﻳﺔ
ﻇﺮﻳﻔﺔ:
ﻭﺣﺪﺙ ﺃﻥ ﺯﺍﺭ ﺷﻔﻴﻖ ﺍﳌﻌﻠﻮﻑ ﻧﺴﻴﺒﻪ ﻭﺯﻣﻴﻠﻪ ﺟﻮﺭﺝ ﺣﺴﻮﻥ ﻣﺮﺗﲔ ﰲ ﺑﻴﺘﻪ ﰲ ﺍﻟﱪﺍﺯﻳﻞ ﺩﻭﻥ ﺳﺎﺑﻖ
ﻣﻮﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺩﺍﺗﻨﺎ ،ﻓﻠﻢ ﳚﺪﻩ .ﻭﺗﻜ ﺮﺭ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ،ﻓﺄﺧﺮﺝ ﺑﻄﺎﻗﺔ ﻭﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ﺭﺏ ﻧـﺄﻱ ﻣـﻸﺍ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻏﺼﺺ ﻣـﺎ ﻧـﺄﻯ ﺣﺴﻮﻥ ﻋﻨﻜﻢ ﺭﺍﺿﻴﹰﺎ
. .
ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺩ.ﻳﻮﺳﻒ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗ ﹼﻠﻤﺎ ﻳﻨﺴﻮﻥ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀﻫﻢ ﰲ ﺍﻟﺴﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻀﺮﺍﺀ.
ﻋﻬﺪﺗﻪ ﻻ ﻳﻔﻮﺕ ﻓﺮﺻﺔ ﺇﻻ ﻭﻭﺍﻓﺎﱐ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻜﻠﻤﺎﺗﻪ ﻭﻣﺸﺎﻋﺮﻩ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ .ﻓﻌﻞ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻋﻴﺎﺩ،
ﻓﺒﻌﺚ ﺑﺒﻄﺎﻗﺔ ﻨﺌﺔ ﺇﱃ ﺃﺧﻴﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺻﺎﱀ ﺟﻮﺩﺕ .ﻭﺷﺎﺀ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺃﻥ ﻳﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺑﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺘﻬﻨﺌﺔ ﲟﺜﻠﻬﺎ
ﻣﻀﻤﻨﹰﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺔ:
ـﺮﻫﻒ
ـﻚ ﺍﳌـ
ﺴــﻨﺎ ﺣ
ﻭﻳﺒﻘـﻰ ﻟـ ﻭﻳﺪﻋــﻮ ﻟــﻚ ﺍﷲ ﺃﻥ ﺗﺴــﺘﻌ ﺰ
. .
ﻭﻣﻦ ﻃﺮﺍﺋﻒ ﺍﻟﺒﻄﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﳊﻔﲏ ﻧﺎﺻﻒ ﺫﺍﺕ ﻟﻴﻠﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺟﺎﻟﺴﹰﺎ ﰲ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻧﺪﻳﺔ،
ﻭﺗﻘﺪﻡ ﳓﻮﻩ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﳑﻦ ﺃﻭﺩﺕ ﻢ ﺻﺮﻭﻑ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﻭﺸﺘﻬﻢ ﺍﳊﺎﺟﺔ ﻭﺩﻓﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺒﻄﺎﻗﺔ ﲪﻠﺖ ﻫﺬﻳﻦ
ﺍﻟﺒﻴﺘﲔ ﺍﳌﺴﺘﻌﻄﻔﲔ:
ﻗﺮﺃ ﺣﻔﲏ ﻧﺎﺻﻒ ﺍﻟﺒﻴﺘﲔ ،ﻓﺄﺿﺎﻑ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﰲ ﺃﺳﻔﻞ ﺍﻟﺒﻄﺎﻗﺔ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺒﻴﺘﲔ ﺍﻟﻈﺮﻳﻔﲔ ﰲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻮﺯﻥ
ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ:
ﻭﺩﻓﻊ ﺍﻟﻴﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﻄﺎﻗﺔ ﺑﺎﻟﻘﻄﻌﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺍﳌﺘﻮﺍﺿﻌﺔ ،ﻭﻣﺎ ﺃﺣﺴﺒﻬﺎ ﻗﺪ ﺃﻧﻘﺬﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﳉﹼﺔ ﺍﻟﺰﻣﻦ.
ﺭﺯﻕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﱐ ﺍﻟﻴﺎﺱ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﺑﺎﺑﻨﺘﻪ ﺍﻟﺒﻜﺮ "ﻟﻴﻠﻰ" ﺍﺛﻨﺎﺀ ﺍﻻﻧﺘﺪﺍﺏ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ،ﻓﻘﺼﺪﻩ ﺻﺪﻳﻘﻪ
ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻘﺮﻭﻱ ﺭﺷﻴﺪ ﺳﻠﻴﻢ ﺍﳋﻮﺭﻱ ﻟﺘﻬﻨﺌﺘﻪ ﻓﻠﻢ ﳚﺪﻩ ﰲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﲰﻊ ﺃﻥ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻤﲎ ﺃﻥ ﻳﺎﺗﻴﻪ
ﺍﺑﻦ ﻟﻴﺴ ﻤﻴﻪ "ﺧﺎﻟﺪﹰﺍ" ،ﻓﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻘﺮﻭﻱ ﺑﻄﺎﻗﺔ ﻣﺎﺯﺡ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺧﺎﻩ ﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﻭﻋ ﹼﻠﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﺏ:
ﳛـ ﻖ ﻟـﻚ ﺃﻥ ﲡـ ﺮ ﺍﻟﺬﻳﻞ ﺟﺮﺍ ﺃﺑـﺎ ﻟﻴﻠـﻰ ﻋﻠـﻰ ﺍﻷﻗﺮﺍﻥ ﻓﺨﺮﺍ
. .
ـﺮﺍ
ـﻴﻪ ﺷـ
ـﻨﻮﻱ ﺃﺏ ﻟﺒﻨـ
ـﺎ ﻳـ
ﻓﻤـ ﻼ
ﻕ ﻃﻔ ﹰ
ﻭﻻ ﺗﻠﺒﺴـﻪ ﻋـﺎﺭ ﺍﻟـﺮ
. .
ﻋﺎﺩ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻘﺮﻭﻱ ﻣﺴﺎﺀ ﺇﱃ ﻏﺮﻓﺘﻪ ﻓﻮﺟﺪ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺒﻄﺎﻗﺔ ،ﻭﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﺿﺎﻑ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﺟﻮﺍﺑﻪ:
ﻣﻀـﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﻬﻰ ﺃﻡ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮﺍ ﻓﻤـﺎ ﺃﺩﺭﻱ ﻟـﺬﻟﻚ ﻛـﺎﻥ ﺣ ﺮﹰﺍ
. .
ـﺮﺟﻮﻩ ﺃﺩﺭﻯ
ـﺬﻱ ﺗـ
ـﻰ ﺑﺎﻟـ
ﻭﻟﻴﻠـ ﺭﺷـﻴﺪ ﻗـﺮﺃﺕ ﻣـﺎ ﺗﺮﺟﻮ ﻟﻠﻴﻠﻰ
. .
ـﺪ
ـﺮﺕ ﺇﱃ ﻭﺍﻟـ
ـﺪ ﺻـ
ـﻦ ﻭﻟـ
ﻣـ ﻣــﻴﻼﺩﻫﺎ ﺃﻋﺠــﻮﺑﺔ ﺃﻥ ﺑــﻪ
. .
ﻭﻟـﻴﺲ ﻣﻦ ﺻﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺻﺪ ﻋﺴـﻰ ﺗـﺮﻯ ﻣـﻦ ﺑﻌـﺪﻫﺎ ﳘﹼﺔ
. .
ـﺪ"
ـﺎ ﺧﺎﻟـ
ـﱴ ﻧﺴ ـﻤﻴﻚ "ﺃﺑـ
ﺣـ ﻻ ﳛــﻮﻝ ﺍﳊــﻮﻝ ﻭﻻ ﺑﻌﻀــﻪ
. .
ﻼ
ﺠﹰ
ﺃﻟﻘﻰ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺃﺑﻴﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻣﻊ ﺃﺧﻴﻪ ،ﻓﻤﺎ ﻟﺒﺚ ﻫﺬﺍ ﺣﱴ ﺃﺟﺎﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺬﺍﺕ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ﻣﺴ
ﻓﻠﺴﻔﺘﻪ ﰲ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﻝ ﺑﺄﺑﻴﺎﺕ ﳚﺪﺭ ﺑﺄﻥ ﺗﻌﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﻣﺮﺍﻛﺰ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﻭﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺴﻞ ،ﺣﻴﺚ
ﻗﺎﻝ:
ﻛﺜﲑًﹰﺍ ﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻹﺧﻮﺍﱐ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻭﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻥ ﺑﺸﺄﻥ ﺍﳍﺪﺍﻳﺎ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﺒﺎﺩﳍﺎ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ ﻭﻗﺪ
ﺃﻭﺭﺩ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﳏﻤﺪ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺍﳌﻼ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﰲ ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﺑﲔ ﺍﳍﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﺷﻮﺓ .ﺍﳍﺪﻳﺔ ﺗﻌﻄﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﱐ ﺍﱃ
ﺍﻟﻌﺎﱄ ﺃﻱ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺅﻭﺱ ﺍﱃ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ،ﻭﺍﳍﺒﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﱄ ﺍﱃ ﺍﻟﺪﺍﱐ ،ﻭﳍﺬﺍ ﻳﻘﺎﻝ ﺃﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻭﻫﺐ ﺍﺑﻦ
ﺁﺩﻡ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ ﻭﻻ ﻳﻘﺎﻝ ﺃﻫﺪﻯ ﻭﻛﻠﺘﺎﳘﺎ ﳎﺮﺩﺗﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﺼﻠﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﺍﻟﺮﺷﻮﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻜﺴﺐ
ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ.
ﺗﻮﺟﺪ ﰲ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺪﳝﻮﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻟﻠﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﲔ ﺍﳍﺪﻳﺔ ﺍﻟﱵ ﳚﻮﺯ ﻟﻠﻤﻮﻇﻒ ﻗﺒﻮﳍﺎ ﻭﺍﻟﺮﺷﻮﺓ
ﺍﻟﱵ ﻻ ﲡﻮﺯ ﻟﻪ ﻭﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﺍﳋﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻣﺜﻼ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﳏﺪﺩﺓ ﰲ ﻣﺎ ﳚﻮﺯ ﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﻴﻬﺎ ﻗﺒﻮﻟﻪ ﺃﻭ ﻋﺪﻡ
ﻗﺒﻮﻟﻪ .ﻭﻟﻜﻦ ﺷﺎﻋﺮﻧﺎ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﺰﺍﻫﺪ ﺍﺑﺎ ﺍﻟﻌﻼﺀ ﺍﳌﻌﺮﻱ ﺳﺒﻖ ﻓﻔﻄﻦ ﺍﱃ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺎﻝ:
ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺛﺮﻭﺓ ﺿﺨﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﰲ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﺻﺤﺎﺑﻪ ﺷﻜﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻠﻘﻮﻩ ﻣﻦ ﻫﺪﺍﻳﺎ ﻭﺟﻞ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻛﺎﻧﻮﺍ
ﻭﻣﺎ ﻳﺰﺍﻟﻮﻥ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﺪﺍﻳﺎ ﻓﻼ ﻋﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺒﺪﻋﻮﺍ ﰲ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ .ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻨﻮﺑﺮﻱ ﺧﺮﺝ ﻋﻦ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺻﺒﺢ ﻫﻮ ﺍﳌﻬﺪﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻫﺪﻯ ﴰﻌﺎ ﻟﺼﺪﻳﻖ ﻟﻪ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ـﺎﺭﺍ
ـﺪﻳﻬﺎ ﻓﺨــ
ـﺲ ﻣﻬــ
ﺗﻜــ ـﺒﻮﻻ
ـﻨﻚ ﻗــ
ـﻬﺎ ﻣــ
ﻭﺍﻛﺴــ
. .
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﻇﺮﻑ ﻣﺎ ﻗﺮﺃﺕ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﺑﻌﺚ ﺍﺑﻦ ﻋﻨﲔ ﺇﱃ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ
ﺍﻟﻜﺤﺎﻝ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﺃﻫﺪﺍﻩ ﺧﺮﻭﻓﹰﺎ ﳓﻴﻔﹰﺎ ﺿﻌﻴﻔﹰﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺬﺑﺢ ﻭﺍﻷﻛﻞ ،ﻭﻗﺪ
ﺧﻴﻞ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﺮﻭﻑ ﻗﺪ ﻭﻗﻊ ﰲ ﻫﻮﻯ ﺍﳊ
ﺐ ﻓﻨﺎﻟﻪ ﺍﳍﺰﺍﻝ ﻭﻋﻒ ﻋﻦ ﺍﻷﻛﻞ ﺍﳊﻼﻝ ،ﻓﺒﻌﺚ ﻟﻠﻤﻬﺪﻱ
ﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻳﺸﻜﺮﻩ ﻓﻴﻪ ﻭﻳﺪﺍﻋﺒﻪ ﻣﻌﺎﺗﺒﹰﺎ:
ﻓﻐـﲑ ﺑﺪﻳﻊ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻚ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺃﻧﺖ ﻭﻛﺮﺑﻪ
. .
ﻭﻗﺎﲰـﺘﻪ ﻣـﺎ ﺷﻔﹼﻪ ﻗﺎﻝ ﱄ ﺍﻷﻛﻞ ﻓﻨﺎﺷـﺪﺗﻪ ﻣـﺎ ﺗﺸـﺘﻬﻲ ﻗﺎﻝ ﻗﺘﺔ
. .
ﻭﺟﺎﺀﺕ ﺑﻮﺻﻞ ﻳﻮﻡ ﻻ ﻳﻨﻔﻊ ﺍﻟﻮﺻﻞ!" "ﺃﺗـﺖ ﻭﺣﻴﺎﺽ ﺍﳌﻮﺕ ﺑﻴﲏ ﻭﺑﻴﻨﻬﺎ
. .
ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺗﺒﺎﺩﻝ ﺍﳍﺪﺍﻳﺎ ﻳﻌﻄﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﺧﺼﺒﺔ ﻟﻠﺸﻌﺮﺍﺀ ﻳﻌﺒﺮﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺼﺤﺒﺔ ﺍﳍﺪﻳﺔ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻭﺩﻫﻢ
ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﻫﻢ ﻷﺻﺪﻗﺎﺋﻬﻢ ﻣﻊ ﺍﺷﺎﺭﺍﺕ ﻃﺮﻳﻔﺔ ﺣﻠﻮﺓ ﻛﻤﺎ ﺟﺮﻯ ﰲ ﻋﺎﻡ ١٩١٢ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻔﻀﻞ ﺃﻣﲔ ﺗﻘﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﻓﺄﻫﺪﻯ ﻟﺼﺪﻳﻘﻪ ﺭﺷﻴﺪ ﳔﻠﺔ ﻗﺼﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺟﺎﺹ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﱐ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬ ﺃﺭﻓﻘﻬﺎ ﺑﺮﻗﻌﺔ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﲞﻂ ﻳﺪﻩ:
ﺃﻛﻞ ﺭﺷﻴﺪ ﳔﻠﺔ ﻣﺎ ﻭﺟﺪ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺎﻛﻬﺔ ،ﰒ ﺃﻋﺎﺩ ﺍﻟﻘﺼﻌﺔ ﻓﺎﺭﻏﺔ ﺇﱃ ﺃﻣﲔ ﺗﻘﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻣﻌﻬﺎ ﻫﺬﻳﻦ
ﺍﻟﺒﻴﺘﲔ:
ﻷﻣـﲔ ﻣـﻦ ﺃﲦـﺎﺭ ﻳﺎﻧﻊ ﺭﻭﺿﻪ ﺷـﺎﺀ ﺍﻟﻔـﺆﺍﺩ ﺑـﺄﻥ ﻳﻌـ ﺪ ﻫﺪﻳﺔ
. .
ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﲨﻴﻞ ﺍﻟﻮﺩ ﻭﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ،ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻐﻠﻮﻥ ﺍﳍﺪﻳﺔ ﳌﺪﺍﻋﺒﺔ ﺇﺧﻮﺍﻢ .ﻭﻗﺪ
ﻭﺭﺩﺕ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﻭﻗﺼﺎﺋﺪ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻈﺮﻑ ﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،ﻛﺎﻥ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﳌﻬﺠﺮﻱ ﺗﻮﻓﻴﻖ
ﺿﻌﻮﻥ ﻗﺪ ﺯﺍﺭ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻧﻌﻤﺔ ﻗﺰﻭﺍﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻷﺿﺎﻓﺔ ﺍﱃ ﻗﺮﺽ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﳝﻠﻚ ﻣﺼﻨﻌﹰﺎ ﺷﻬﲑﹰﺍ
ﻟﻸﺣﺬﻳﺔ ،ﻓﺎﻧﺘﻬﺰ ﻓﺮﺻﺔ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻟﻪ ﻓﺄﻫﺪﺍﻩ ﺯﻭﺟﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺬﻳﺔ ﺍﻷﻧﻴﻘﺔ ،ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺍﳊﺬﺍﺀ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﳌﺪﺍﻋﺒﺔ
ﺇﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ﺑﺪﻳﻌﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻗﺎﻝ ﺍﳌﻬﺪﻱ:
ﻟﻜـﻨﺖ ﺃﺳـﺘﺄﻫﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻟـﻮ ﻛﺎﻥ ﻳﻬﺪﻱ ﺇﱃ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻗﻴﻤﺘﻪ
. .
ﺃﻥ ﺍﳍـﺪﺍﻳﺎ ﻋﻠـﻰ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﻣﻬﺪﻳﻬﺎ! ﻟﻜـﻦ ﻗـﺒﻠﺖ ﺬﺍ ﺍﻟﻨﻌﻞ ﻣﻌﺘﻘﺪﹰﺍ
. .
ﻭﺃﻫﺪﻯ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺼﺎﰲ ﺍﻟﻨﺠﻔﻲ ﻛﺘﺎﺑﹰﺎ ﺍﱃ ﺻﺎﺋﺐ ﺳﻼﻡ ﻣﻊ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺒﻴﺘﲔ ﻛﺘﺒﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ:
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻨﺠﻔﻲ ﺍﻧﺘﺒﻪ ﰲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﱄ ﺍﱃ ﺧﻄﺌﻪ ﰲ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺘﺎﺣﺸﺎﻩ
ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ،ﻓﺒﻌﺚ ﺑﺘﺼﺤﻴﺢ ﻟﻠﺒﻴﺖ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﺳﺘﺒﺪﻝ ﻓﻴﻪ "ﻣﻦ" ﺑـ "ﺇﱃ" ﻟﻴﺼﺒﺢ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻛﺎﻟﺘﺎﱄ:
ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺟﻮﺭﻩ ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻘﺎﺩﻳﺮ ﻭﺗﺼﺎﺭﻳﻔﻬﺎ ،ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﻣﻦ ﺍﳌﺮﺽ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ،
ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ﻭﺣﱴ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ،ﺩﻳﺪﻥ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮﺍﺀ .ﻭﻣﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ
ﺍﻟﻌﺠﺐ ،ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻛﺈﻧﺴﺎﻥ ﺣﺴﺎﺱ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﻀﻴﻖ ﻭﺍﳌﻀﺎﻳﻘﺎﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﲑﻩ ،ﻭﻛﺸﺎﻋﺮ ﳚﺪ ﰲ ﻗﺪﺭﺗﻪ
ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﻳﺔ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻠﺘﻌﺒﲑ ﻋﻦ ﺷﻜﻮﺍﻩ ﻫﺬﻩ ،ﻛﻴﻔﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﺃﺻﻮﳍﺎ .ﻫﻜﺬﺍ ﺣﺼﻠﻨﺎ ﰲ
ﺩﻭﺍﻭﻳﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺒﻠﻴﻎ ﻭﺍﻟﻐﲏ ﺑﺎﳊﻜﻤﺔ.
ﻋﺎﱏ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﳊﺠﺎﺯﻱ /ﺍﳌﺼﺮﻱ ﺍﻟﺒﻬﺎﺀ ﻣﻦ ﺗﺪﻫﻮﺭ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﺍﳌﺎﻟﻴﺔ ،ﺣﺎﺭ ﳌﻦ ﻳﺸﻜﻮ ﳘﻮﻣﻪ ﻭﳑﻦ ﻳﻄﻠﺐ
ﻋﻄﻔﻪ ﻭﻋﻮﻧﻪ ،ﻓﺎﺧﺘﺎﺭ ﺻﺪﻳﻘﹰﺎ ﻟﻪ ﻓﺘﺢ ﺇﻟﻴﻪ ﺧﻔﺎﻳﺎ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﻭﻗﺎﺋﻊ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ،ﻓﺒﻌﺚ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﻭﺭﺩﺕ ﰲ
ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ ﻭﻋﱪ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﳌﺸﺎﻋﺮ ﺍﳌﺘﺒﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﺴﻮﺩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ﺍﳊﻤﻴﻤﲔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﲢﻞ
ﺍﻟﺼﺮﺍﺣﺔ ﳏﻞ ﺍﻟﺘﻜﻠﹼﻒ ﻭﺍﻟﺘﺠﻤﻞ ،ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﳏﻞ ﺍﳋﻴﺎﻧﺔ ﻭﺍﳌﻜﺮ .ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﻭﻗﺪ ﺃﺣﺴﻦ ﰲ
ﺟﻨﺎﺳﻬﺎ ﺍﳌﻮﺳﻴﻘﻲ ﻭﺗﻨﺎﻏﻢ ﻣﻔﺮﺩﺍﺎ ﻭﺟﺮﺳﻬﺎ:
ـﺮﺍﻥ
ـﺘﲏ ﻛﻔـ
ـﺎ ﺃﻭﻟﻴـ
ـﻨﺪﻱ ﳌـ
ﻋـ ﻫـﺬﺍ ﻭﻣـﺎ ﺑﺎﻟﻌﻬﺪ ﻣﻦ ﻗﺪﻡ ﻭﻣﺎ
. .
ـﻮﺍﺩﺙ ﺍﻷﺯﻣـﺎﻥ
ـﺒﻘﺖ ﺇﱄ ﺣـ
ﺳـ ﻣـﻨﻦ ﺃﺗـﺘﲏ ﻭﻫﻲ ﻣﺴﺮﻋﺔ ﺍﳋﻄﻰ
. .
ﻣـﺎ ﱄ ﲟـﺎ ﺃﻭﻟـﺖ ﻳﺪﺍﻙ ﻳﺪﺍﻥ ﻣــﻊ ﺃﻧــﲏ ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠــﻢ ﺃﻧــﲏ
. .
ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﱵ ﻟﻔﺘﺖ ﻧﻈﺮﻱ ﰲ ﺍﺘﻤﻊ ﺍﻟﻐﺮﰊ ﺿﺤﺎﻟﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﲔ ﺑﺎﳌﻘﺎﺭﻧﺔ ﲟﺎ
ﻧﻌﺮﻓﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﰲ ﺑﻠﺪﺍﻧﻨﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﲟﱰﻟﺔ ﺍﻷﺥ ﻭﻓﺮﻋﹰﺎ ﻣﻦ ﻓﺮﻭﻉ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﻭﻳﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ
ﺍﻟﻜﺜﲑ ﳑﺎ ﳚﻮﺯ ﻭﻻ ﳚﻮﺯ .ﻟﻌ ﹼﻞ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻔﺴﺮ ﻟﻨﺎ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻹﺧﻮﺍﱐ ﻭﺷﻴﻮﻋﻪ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﺮﺏ.
ﳒﺪ ﰲ ﻛﺜﲑ ﳑﺎ ﻗﺎﻟﻮﻩ ﻋﻮﺍﻃﻒ ﺟﻴﺎﺷﺔ ﻻ ﺗﻘﻞ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺍﻟﻌﺎﺷﻖ ﻟﻌﺸﻴﻘﻪ .ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺃﻭﺭﺩﻩ ﺩ .ﳏﻤﺪ
ﻼ ﰲ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﻟﺼﻨﻮﺑﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﱏ ﻣﻦ ﻭﺣﺪﺓ ﺃﻟﻴﻤﺔ ﺗﺮﻛﺘﻪ ﰲ ﺣﺰﻥ ﻭﻛﺂﺑﻪ ﻭﻭﺣﺸﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻓﺘﺮﺍﻗﻪ ﻋﻦ
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺍﳌ ﹼ
ﺚ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺟﺪﻩ ﻭﺣﻨﻴﻨﻪ ،ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ:
ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﳉﻼﰊ ﻓﺒﻌﺚ ﺍﻟﻴﻪ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﺑ ﹼ
ـﻰ
ـﻮﺭﹰﺍ ﻋﺴـ
ـﻞ ﻭﻃـ
ـﻮﺭﹰﺍ ﻟﻌـ
ﻓﻄـ ﺃﺧـﹰﺎ ﺑـﺎﺕ ﻓـﻴﻚ ﻳﻨﺎﺟﻲ ﺍﳌﲎ
. .
ـﺎ
ـﻰ ﻗﺮﻃﺴـ
ـﺎ ﺭﻣـ
ـﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻣـ
ﻭﻛـ ﺭﻣــﺎﻩ ﺍﻟﻔــﺮﺍﻕ ﻋﻠــﻰ ﻏــﺮﺓ
. .
ـﺎ
ـﻮﻣﻪ ﺣﻨﺪﺳـ
ـﺤﻰ ﻳـ
ـﻮﺍﻙ ﺿـ
ﻧـ ـﺎﺩﺭﺕ
ـﱴ ﻏـ
ـﻼﻡ ﻓـ
ـﻴﻚ ﺳـ
ﻋﻠـ
. .
ﻭﻛﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﺳﺎﻟﻔﹰﺎ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﻳﺮﺗﻘﻲ ﺷﻮﻕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻟﺼﺪﻳﻘﻪ ﺇﱃ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﻌﺸﻖ ﻭﺗﺘﺤﻮﻝ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ
ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﻐﺰﻝ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﰲ ﻣﻨﺎﺟﺎﺓ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺒﱵ ﻓﻌﺒﺮ ﻟﻪ ﺣﱴ ﻋﻦ ﻏﲑﺗﻪ
ﻟﺼﺪﺍﻗﺘﻪ ﻏﲑﺓ ﺍﶈﺒﲔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺎﻕ:
ﰲ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺑﺮﺯﺕ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻋﺮﻓﻨﺎﻫﺎ ﺑﺸﻌﺮ ﺍﳌﻬﺠﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﳌﻌﺖ ﺑﲔ ﳒﻮﻣﻪ
ﺃﲰﺎﺀ ﻣﺜﻞ ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ ﻧﻌﻴﻤﺔ ﻭﺇﻳﻠﻴﺎ ﺃﺑﻮ ﻣﺎﺿﻲ ﻭﺟﱪﺍﻥ ﺧﻠﻴﻞ ﺟﱪﺍﻥ .ﺇﻢ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﺎﺟﺮﻭﺍ ﺍﱃ ﺍﻟﻌﺎﱂ
ﺍﳉﺪﻳﺪ .ﻭﻳﻈﻬﺮ ﺃﻧﻨﺎ ﺳﻨﺨﺘﺘﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﲟﺪﺭﺳﺔ ﺗﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ،ﺗﺸﺎﻬﺎ ﻭﲣﺘﻠﻒ ﻋﻨﻬﺎ ،ﺍﺎ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺷﻌﺮﺍﺀ
ﺍﻟﺘﺸﺮﺩ ،ﻭﺗﻀﻢ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﱂ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻮﻋﺒﻬﻢ ،ﺃﻭ ﱂ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﺍ ﻫﻢ ﺃﻥ
ﻳﺴﺘﻮﻋﺒﻮﺍ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﰲ ﻇﻞ ﺃﺷﺒﺎﺣﻬﺎ ،ﻓﺮﺣﻠﻮﺍ ﻋﻦ ﺃﻭﻃﺎﻢ ﺇﱃ ﻭﻃﻦ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ .ﺍﻣﺘﺎﺯ ﺷﻌﺮﻫﻢ ﺑﺎﳊﻨﲔ ﺇﱃ ﺩﻳﺎﺭﻫﻢ
ﻭﺍﳊﻨﲔ ﺍﱃ ﺍﳌﺎﺿﻰ ﻭﺍﻟﻨﻘﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﻭﺍﻟﺘﺸﺎﺅﻡ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ،ﺍﺎ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﻣﻜﺘﺌﺒﺔ ﻳﻨﺨﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺍﻷﱂ،
ﳒﺪ ﺃﺷﻌﺎﺭﻫﺎ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﰲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﳌﻄﺒﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﻋﻮﺍﺻﻢ ﺍﻟﻐﺮﺏ.
ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺯﻣﻴﻠﻨﺎ ﺑﻠﻨﺪ ﺍﳊﻴﺪﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻈﺮﺕ ﺃﺷﻌﺎﺭﻩ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﻨﺬ ﺃﻳﺎﻡ ﺷﺒﺎﺑﻪ ﻭﺣﱴ ﻋﻬﻮﺩ
ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ،ﺍﱃ ﳏﻨﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﺩ ﺍﻟﱵ ﺫﺍﻗﻬﺎ ﺃﻭ ﹰﻻ ﰲ ﺷﻮﺍﺭﻉ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻭﻣﻘﺎﻫﻴﻬﺎ .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﲑﺓ
ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﻭﺃﺩﺑﺎﺀ ،ﻛﺎﻥ ﺑﲔ ﻫﺆﻻﺀ ﺻﺪﻳﻘﻪ "ﺃﻧﻴﺲ" ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺸ ﺮﺩﹰﺍ ﰲ ﺑﺎﺭﻳﺲ
ﻭﺷﻌﺮ ﺑﺎﳊﻨﲔ ﻻ ﻟﻮﻃﻨﻪ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺣﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻟﺼﺪﻳﻖ ﻋﻬﻮﺩ ﻣﻀﺖ ﺃﻟﻘﺖ ﺑﻪ ﻣﺸ ﺮﺩﹰﺍ ﻫﻮ ﺍﻵﺧﺮ ،ﻭﻟﻜﻦ ﰲ
ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ،ﻫﻲ ﻟﻨﺪﻥ ،ﻓﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻳﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺷﺠﻮﻧﻪ ،ﻭﻛﺎﻥ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﻛﺂﺑﻴﺔ ﺳﻮﺩﺍﺀ ،ﻓﻘﺎﻝ:
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻟﻜﻞ ﺷﺎﻋﺮ ﺷﻴﻄﺎﻧﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌ ﹼﻠﻤﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﻓﻠﻜﻞ ﺷﺎﻋﺮ ﺑﺪﻭﻥ ﺷﻚ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻳﺮﻭﻱ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻋﻨﻪ .ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺼﺎﺣﺐ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺻﺤﺒﺔ ﻣﻌﺎﱄ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻳﻮﺳﻒ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﲑﺍﻭﻱ ﻣﻊ
ﻣﻌﺎﱄ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻏﺎﺯﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﻘﺼﻴﱯ .ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺻﺤﺒﺔ ﺟﺎﺩﺕ ﺑﺎﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﻄﺮﻳﻔﺔ ﻭﺍﻟﻈﺮﻳﻔﺔ
ﺍﻟﱵ ﻃﺎﳌﺎ ﲰﻌﺖ ﻋﻴﻨﺎﺕ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻼ ﺍﻷﺩﻳﺒﲔ ،ﺃﻃﺎﻝ ﻋﻤﺮﳘﺎ ﻭﻣ ﺪﻧﺎ ﻭﻟﻮ ﺑﺎﻟﻔﺘﺎﺕ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺋﺪﳘﺎ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ.
ﺣﺪﺙ ﺃﻥ ﺯﺍﺭ ﲰﻮ ﺍﻷﻣﲑ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎﻥ ﺁﻝ ﺧﻠﻴﻔﺔ ،ﺃﻣﲑ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ،ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺿﻴﻔﹰﺎ
ﻋﻠﻰ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﻭﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ .ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻌﺎﱄ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻳﻮﺳﻒ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﲑﺍﻭﻱ ﻋﻀﻮﹰﺍ ﰲ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻟﺮﲰﻲ ﺍﻟﺬﻱ
ﺻﺎﺣﺐ ﲰﻮﻩ .ﻭﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ،ﺗﺒﻮﺩﻟﺖ ﺍﳍﺪﺍﻳﺎ ﺍﻟﺘﺬﻛﺎﺭﻳﺔ ﻭﺍﻷﻭﲰﺔ ﺍﳌﻌﺘﺎﺩﺓ ﺑﲔ
Grand ﺍﻟﻄﺮﻓﲔ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻥ ﺃﻧﻌﻤﺖ ﺍﳌﻠﻜﺔ ﺍﻟﻴﺰﺍﺑﻴﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺸﲑﺍﻭﻱ ﲟﱰﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻷﻋﻈﻢ" ،
"Commanderﻟﻺﻣﱪﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻄﻴﻪ ﺍﻟﻠﻘﺐ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﱐ ﺍﻟﺴﺎﻣﻲ "ﺳﲑ" .ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ
ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﺃﻥ ﺭﻛﺒﻮﻩ ﻛﻔﺎﺭﺱ ﻣﻐﻮﺍﺭ ﰲ ﻋﺮﺑﺔ ﲡﺮﻫﺎ ﺧﻴﻮﻝ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻣﻄ ﻬﻤﺔ ﲟﺎ ﺳﺮﻗﻪ ﻫﻨﺮﻱ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻣﻠﻚ ﻧﺎﻓﺎﺭ ﰲ
ﺃﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﰒ ﺒﻪ ﺍﻹﳒﻠﻴﺰ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻭﻭﺗﺮﻟﻮ .ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺳﺎﺭ ﺍﻟﻔﺎﺭﺱ ﺍﳌﻐﻮﺍﺭ ﺍﻟﺸﲑﺍﻭﻱ
ﺇﱃ ﻗﺼﺮ ﺑﻜﻨﻐﻬﺎﻡ ﺗﺼﺤﺒﻪ ﺍﱃ ﺟﻮﺍﺭﻩ ﺳﻴﺪﺓ ﻣﻦ ﺑﻼﻁ ﺳﺎﻥ ﺟﻴﻤﺲ ﺫﺍﺕ ﺩﻡ ﺃﺯﺭﻕ ﺃﺻﻴﻞ ﳝﺘ ﺪ ﺇﱃ ﺧﺎﻟﺘﻬﺎ
ﺍﻟﻜﱪﻯ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺻﻴﻔﺔ ﻟﻠﻤﻠﻜﺔ ﻓﻜﺘﻮﺭﻳﺎ.
ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﳊﻔﻞ ﺍﳌﻬﻴﺐ ﻭﺍﻟﺘﻘﻰ ﻣﻌﺎﱃ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﳌﺴﺎﺀ ﺑﺰﻣﻴﻠﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻣﻌﺎﱃ ﺍﻟﺴﻔﲑ ﻏﺎﺯﻱ ﺍﻟﻘﺼﻴﱯ
ﻼ :ﺃﺑﻮ ﺳﻬﻴﻞ ،ﻣﻦ ﺍﻵﻥ ﻭﺻﺎﻋﺪﹰﺍ ﻻ ﳚﻮﺯ ﻟﻚ ﺃﻥ ﲣﺎﻃﺒﲏ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻻ ﺑﻜﻠﻤﺔ "ﺳﲑ ﻳﻮﺳﻒ"،
ﻓﺒﺎﺩﺭﻩ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻭﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻻ ﻳﺼﺢ ﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﻨﺎﺩﻳﲏ ﲟﺠﺮﺩ ﻛﻠﻤﺔ "ﻳﻮﺳﻒ" ﺃﻭ "ﺃﺑﻮ ﺃﲪﺪ" ﺍﻻ ﰲ ﺍﳊﺎﻻﺕ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﻭﰲ ﺃﺿﻴﻖ
ﺍﳊﺪﻭﺩ! ﺃﻧﺎ ﺍﻵﻥ ﺳﲑ ﻳﻮﺳﻒ ﺷﲑﺍﻭﻱ .ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺍﻟﻘﺼﻴﱯ :ﺗﺄﻣﺮ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﻟﻴﻮﺯ ﺍﶈﺘﺮﻡ .ﻭ"ﺑﺎﻟﻴﻮﺯ" ﺗﻌﲏ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ
ﺍﳋﻠﻴﺞ "ﺍﻟﻮﻛﻴﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ" ﰲ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﱐ.
ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮﺭ ﺍﻟﻘﺼﻴﱯ ﻏﲑ ﺃﻥ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻈﺮﺍﻓﺔ ﺍﳌﻮﻗﻒ ،ﻓﺘﺤﺮﻛﺖ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺭﻭﺡ ﺍﳌﺪﺍﻋﺒﺔ .ﻣﺎ
ﻂ ﺻﺪﻳﻖ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﲣﺎﻃﺒﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ﺃﻥ ﺣﻞ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﱄ ﺣﱴ ﺭﺃﻯ ﺃﺑﻮ ﺃﲪﺪ ﰲ ﺑﺮﻳﺪﻩ ﺍﳋﺎﺹ ﻗﺼﺎﺻﺔ ﲞ ﹼ
***
ﰲ ﺍﳌـــﻮﻛﺐ ﻣﻌـــﺘﺪﺍ ﺭﺃﻳـﺘﻚ ﺗـﺮﻛﺐ ﺍﳊﻨﻄﻮﺭ
. .
ـﻨﺪﺍ
ـﺘﻌﺮﺽ ﺍﳉـ
ـﻰ ﻳﺴـ
ﺃﺗـ ـﻨﺪ
ـﻴﻮﺯ" ﺍﳍـ
ـﻚ "ﺑﺎﻟـ
ﻛﺄﻧـ
. .
ﺩﻋﻰ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﳌﺮﺣﻮﻡ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻘﺮﻳﺸﻲ ﻋﺪﺩﹰﺍ ﻣﻦ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﺍﱃ ﻭﻟﻴﻤﺔ "ﺻﻴﺎﺩﻳﺔ" ،ﺃﻛﻠﺔ ﺍﻟﺴﻤﻚ
ﺍﻟﱵ ﺍﺷﺘﻬﺮﺕ ﺎ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺟﺪﺓ .ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺯﺍﻫﺪ ﳏﻤﺪ ﺯﻫﺪﻱ .ﻭﻳﻈﻬﺮ ﺃﻥ ﺍﳌﻸ ﺍﳊﺎﺿﺮ ﻻﺣﻈﻮﺍ ﺃﻥ
ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﻋﻤﺎﺭ ﻗﺪ ﻧﺰﻝ ﻗﺼﻔﹰﺎ ﰲ ﺍﻟﺴﻔﺮﺓ ،ﻓﺤﺎﻭﻟﻮﺍ ﺇﺷﻐﺎﻟﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ .ﻭﻣﻦ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﺃﻱ
ﺷﻲ ﺇﺫﺍ ﺣﻀﺮ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﲢﺮﻛﺖ ﻗﺮﳛﺘﻪ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺣﻴﻠﺔ ﺑﺎﺭﻋﺔ .ﻧﻔﺾ ﻳﺪﻳﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻛﻞ ﻭﺭﺍﺡ ﻣﺪﺍﻋﺒﹰﺎ
ﻣﻀﻴﻔﻪ ،ﺭﲪﻪ ﺍﷲ:
ﻳﺘﺎﻣـﻰ )ﻗﺮﻳﺶ( ﹸﺃﻛﺮﻣﻮﺍ ﻳﻮﻡ ﲨﻌﺔ ﺟﻠﺴـﻨﺎ ﳍـﺎ ﻟﺼﻖ ﺍﳋﻮﺍﻥ ﻛﺄﻧﻨﺎ
. .
ـﺔ
ـﺆﻻﺀ ﳊﻔﻠـ
ـﻮ ﻫـ
ـﺎﻙ ﺗﺪﻋـ
ﻭﺇﻳـ ﺃﻻ ﺃﻳﻬـﺎ ﺍﻟﺪﺍﻋـﻲ ﺣﺬﺍﺭ ﺗﻌﻴﺪﻫﺎ
. .
ﻭﺟـﺎﺅﻭﺍ ﺟـﻴﺎﻋﺎ ﻣﻨﺬ ﻳﻮﻡ ﻭﻟﻴﻠﺔ ﻓﻬـﻢ ﺃﻭﺳﻌﻮﺍ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺑﻄﻮﻢ
. .
ﺃﺧـﺎﻑ ﻋﻠـﻴﻬﻢ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺩﺍﺀ ﲣﻤﺔ ﻭﻗـﺪ ﺷﺒﻌﻮﺍ ﰲ ﺑﻴﺘﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺷﺒﻌﺔ
. .
ﺑﻘﺪﺭ ﻣﻌﺮﻓﱵ ﺑﺎﻟﻮﻻﺋﻢ ،ﻓﺄﺭﻯ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺃﻭﻝ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﰲ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻳﻬﺎﺟﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻀﻴﻒ ﻣﻀﻴﻔﻪ ﺍﻟﻜﺮﱘ .ﻭﻟﻜﻦ
ﺍﳌﻀﻴﻒ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺃﻗﻞ ﺑﺎﻋﹰﺎ .ﻓﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺍﻟﻮﻟﻴﻤﺔ ﻭﺭﻓﻌﺖ ﺍﻟﺴﻔﺮﺓ ﺣﱴ ﺍﻧﻄﻠﻖ ﺍﻟﻘﺮﻳﺸﻲ ﻟﻴﺠﻴﺐ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ
ﺯﺍﻫﺪ:
ﻓﻠـﻢ ﻳـﺒﻖ ﻏـﲑ ﺻﺤﻦ ﻭﺳﻔﺮﺓ ) ﺩﻋﻴـﻨﺎ ﻟﺼـﻴﺎﺩﻳﺔ ﻟـﺬ ﻃﻌﻤﻬﺎ(
. .
ﻭﺇﻥ ﻏﻔﻠـﺖ ﻋـﻴﲏ ﺗﻐﺺ ﺑﻌﻈﻤﺔ ﻓﻤﻦ ﺻﺤﻦ ﺭﺏ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﲣﻄﻒ ﻟﻘﻤﺔ
. .
ﺗﺪﺍﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻚ ﺑﺒﺴﻤﺔ ﻭﺇﻥ ﶈـﺖ ﻋـﻴﲏ ﻓﻌﺎﻟـﻚ ﺗﻨﺜﲏ
. .
ﻭﻛـﻢ ﺭﺃﺱ )ﻫﺎﻣﻮﺭ( ﺑﻠﻌﺖ ﲟﻮﺯﺓ ﻓﻜﻢ ﺫﻳﻞ )ﺳﻴﺠﺎﻥ( ﺑﻠﻌﺖ ﺑﺸﻮﻛﺔ
. .
ﻭﻗـﺪ ﻣ ﺮ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺩﻭﻥ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﻟـﻪ ﺯﻭﺟـﺔ ﰲ ﻣﺼﺮ ﻋﻨﺪ ﻋﻴﺎﻟﻪ
. .
ﻭﺇﻥ ﺑـﺎﺕ ﺟـﻮﻋﺎﻧﹰﺎ ﺗﻐﺬﹼﻯ ﲜﺒﻨﺔ ﻓﻠـﻴﺲ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﻓﻄﻮﺭﻩ
. .
ﻭﻛـﺎﻡ ﺻﺎﻍ ﺃﺑﻴﺎﺗﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻓﺮﺧﺔ ﻭﰲ ﻋﻄﻠـﺔ ﺍﻷﺳﺒﻮﻉ ﻳﺄﻛﻞ ﻓﺮﺧﺔ
. .
ﻭﺩﻋـﻪ ﺇﺫﺍ ﺣﻠﹼـﻰ ﲞـﺲ ﻭﻓﺠﻠﺔ ﻓﺪﻋـﻪ ﺇﺫﺍ ﺃﻭﻯ ﺑﺼـﺤﻨﻚ ﻛﻠﻪ
. .
ﻋﻠﻰ ﻀﻔﺎﻑ ﺼﻴﺩﺍ
ﺯﺍﺭ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺑﺪﻭﻱ ﺍﳉﺒﻞ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺻﻴﺪﺍ ﰲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﰲ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﻋﻤﻞ -ﻟﻄﺒﻊ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ
ﺑﺎﻟﺸﻔﻖ -ﻭﻧﺼﻔﻬﺎ ﻣﻮﺩﺓ ﻭﺿﻴﺎﻓﺔ .ﻣﺎ ﺃﻥ ﲰﻊ ﺑﺬﻟﻚ ﺻﺎﺣﺐ ﳎﻠﺔ ﺍﻟﻌﺮﻓﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺎﺭﻑ ﺍﻟﺰﻳﻦ ﻭﻗﺎﺿﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ
ﺻﻴﺪﺍ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺳﺪ ﺍﷲ ﺻﻔﺎ ،ﺣﱴ ﺑﺎﺩﺭﺍ ﺇﱃ ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﲪﺪ ﳒﻴﺐ ﻣﺮﻭﺓ ﻟﻴﺤﻀﺮ ﺇﱃ ﺍﳌﺪﻳﻨﺔ ﻭﻳﺸﺎﺭﻙ ﰲ
ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻭﲨﻊ ﴰﻞ ﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ .ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳒﻴﺐ ﺗﻠﻜﺄ ﰲ ﺍﳊﻀﻮﺭ ،ﻓﺒﻌﺜﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺬﺍ
ﺍﻟﻌﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ:
ﻭﺻﻠﺖ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺮﻭﺓ ﻓﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﻭﺃﺟﺎﻤﺎ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ،
ﻳﻌﺘﺬﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﻏﻴﺎﺑﻪ ﺣﺮﺻﹰﺎ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺑﻄﺶ ﻋﻴﺴﻰ ﺳﻴﻒ ،ﺍﳊﺎﻛﻢ ﰲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﺻﺒﻪ ﺍﻟﻌﺪﺍﺀ،
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻤﺎ ﻗﺎﻝ:
ﻭﺃﺑـﺎ ﺍﳌﻌـﺎﺭﻑ ﻭﺍﻟﻔﺆﺍﺩ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮ ﻳـﺎ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺼﻔﺎ ﻭﺃﺧﺎ ﺍﳌﻮﺩﺓ ﻭﺍﻟﺼﻔﺎ
. .
ﻟـﻮ ﻛﺎﻥ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﺎﳊﻘﻴﻘﺔ ﻫﺎﺟﺮﻱ ﻭﺃﺭﻭﻡ ﺩﻭﻥ ﺑـﲏ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺟﻮﺍﺭﻛﻢ
. .
ﻣﻦ ﺃﻃﺮﻑ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻹﺧﻮﺍﱐ ﻣﺎ ﻳﺄﰐ ﺍﺭﲡﺎ ﹰﻻ ﲟﺤﺾ ﺍﻟﺼﺪﻓﺔ ﻭﺑﺼﻴﻐﺔ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺍﳌﺴﺮﺣﻲ ﺑﲔ ﺍﳊﺎﺿﺮﻳﻦ.
ﻫﺬﺍ ﺷﻌﺮ ﻛﺜﲑ ﺿﺎﻉ ﻭﻳﻀﻴﻊ ﺃﻛﺜﺮﻩ ﲝﻜﻢ ﻋﻔﻮﻳﺘﻪ ﻭﻋﺪﻡ ﺗﺴﺠﻴﻠﻪ ،ﻓﻤﺎ ﻣﻦ ﺃﺩﺍﺓ ﺗﻘﺘﻞ ﺍﻟﻘﺮﳛﺔ ﺍﳊﺮﺓ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ
ﺁﻟﺔ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﻟﻌﻨﻬﺎ ﺍﷲ.
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻗﺴﻤﹰﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻹﺧﻮﺍﱐ ﺣﻔﻈﺘﻪ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﻭﺃﺭﺳﻠﺘﻪ ﻣﻨﺴﺎﺑﹰﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﻭﺍﻟﻘﺮﻃﺎﺱ .ﻛﺎﻥ ﻣﻦ
ﺫﻟﻚ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﺍﻟﻈﺮﻳﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺎﺭﻙ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻳﻮﺳﻒ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺸﺎﻋﺮﺍﻥ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻔﺎﺋﺰ ﻭﺳﺎﻣﻲ
ﻣﻬﺪﻱ .ﺣﺪﺙ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﲨﻊ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺃﺣﺪ ﺍﳌﺆﲤﺮﺍﺕ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﰲ ﻣﻜﺎﻥ ﲨﻴﻞ ﺃﺭﺿﻪ ﺍﳋﻀﺮﺓ ﻭﺍﻟﺰﺍﻫﻴﺔ ﻭﻫﻮﺍﺅﻩ
ﺍﻟﻨﺴﻴﻢ ﺍﻟﺒﻠﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻫﺎﺝ ﻗﺮﳛﺔ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻔﺎﺋﺰ ﻓﺎﻧﻄﻠﻖ ﻳﺮﺩﺩ ﻧﺘﻔﹰﺎ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻭﺫﺍﻙ ،ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺪﱘ
ﻭﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺃﺑﻮ ﺃﺳﻞ ،ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻳﻮﺳﻒ" ،ﺃﺟﺰ":
.
.
ﻼ:
ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺳﺎﻣﻲ ﻣﻬﺪﻱ ﺧﻴﻂ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﻳﺔ ،ﻓﺄﺿﺎﻑ ﻗﺎﺋ ﹰ
.
ـﻐﻒ
ـﻌﺎﺭ ﰲ ﺷـ
ـﻨﻈﻢ ﺍﻷﺷـ
ـﺰﻝ ﻧـ
ﻭﱂ ﻧـ
.
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻔﺎﺋﺰ:
.
.
.
.
ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻔﺎﺋﺰ:
.
ﳏﻤﺪ ﺍﻟﻔﺎﺋﺰ
.
ـﺎﺑﻠﺔ
ـﺒﺄ ﺑﺴـ
ـﺖ ﻻ ﺗﻌـ
ـﺎ ﺃﻧـ
ـﻦ ﻛﻤـ
ﻓﻜـ
.
.
ﻳﻮﺳﻒ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ:
.
ـﺮﺑﺘﻨﺎ
ـﻮﻥ ﻏـ
ـﻪ ﺍﻟﻜـ
ـﺮ ﺩ ﺇﻟـ
ـﻰ ﻳـ
ﻋﺴـ
.
ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﻳﻼﻗﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﰲ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺻﺪﻳﻖ ﻟﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﺘﺐ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺃﻥ ﻳﺮﺗﻘﻲ
ﰲ ﺳﻠﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺘﻤﻊ ﺳﻌﺎﺩﺓ "ﺍﻟﺒﻴﻪ" ﻣﺸﻐﻮﻝ ﺃﻭ ﻏﲑ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺃﻭ ﻋﻨﺪﻩ ﺿﻴﻮﻑ ،ﺃﻭ ﺃﻋﻄﻰ ﺃﻣﺮﹰﺍ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ .ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺒﻮﺍﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻜﺮﺗﲑ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻜﺮﺗﲑﺓ .ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﳝﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮﺀ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺃﻥ ﻳﻬﺎﺗﻒ ﺻﺎﺣﺒﻪ
ﻟﲑﺗﺐ ﻟﻠﺰﻳﺎﺭﺓ ،ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﱂ ﻳﺘﻴﺴﺮ ﰲ ﺍﻟﻌﻬﻮﺩ ﺍﻟﻐﺎﺑﺮﺓ .ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﳌﺮﺀ ﻛﻠﻴﹰﺎ ﲢﺖ ﺭﲪﺔ ﺍﻟﺒﻮﺍﺏ ﺃﻭ
ﺍﳊﺎﺟﺐ.
ﻋﺎﱏ ﺍﻟﻜﺜﲑﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ،ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﶈﻨﺔ ﻓﻨﻔﺴﻮﺍ ﻋﻦ ﺷﻜﻮﺍﻫﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺬﻱ
ﺑﻌﺜﻮﺍ ﺑﻪ ﻟﺼﺪﻳﻘﻬﻢ .ﺃﺻﺒﺢ ﺳﻮﺀ ﺃﺩﺏ ﺍﳊﺎﺟﺐ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﳌﺘﺮﻓﺔ ،ﻭﻛﺬﺍ ﻏﺪﺕ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﻣﻨﻪ .ﻭﻫﻮ ﻣﺎ
ﻓﻌﻠﻪ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﱪ ﻋﻦ ﺗﺬﻣﺮﻩ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﳛﲕ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻣﻨﻌﻪ ﺣﺎﺟﺒﻪ ﻣﻦ
ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻓﺒﻌﺚ ﺇﻟﻴﻪ ﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ﺻـﻔﺎﺋﺢ ﺳـﺎﺝ ﻭﺍﳊﺪﻳﺪ ﺍﳌﺴﻤ ﺮ ﻭﻣـﻦ ﺩﻭﻥ ﺑـﺎﺏ ﻳﻠـﻮﺡ ﺧﻼﻟﻪ
. .
ﻳـﺬ ﹼﻝ ﳍـﺎ ﻭﺇﱃ ﺍﳊﺠﺎﺏ ﻭﻳﻘﺼ ﺮ ﻭﻟﺴﺖ ﺑﺂﺕ ﺃﻭ ﺃﺭﻯ ﻣﻨﻚ ﺻﻮﻟﺔ
. .
ﺗﺄﺛﺮ ﺷﺎﻋﺮ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﳊﺎﺟﺐ ﻟﺪﻯ ﺍﳊﺴﻦ ﺑﻦ ﻭﻫﺐ ،ﻓﺎﺷﺘﻜﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﳛﺜﹼﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ
ﺗﺄﺩﻳﺐ ﺣﺎﺟﺒﻪ ﻭﻭﺿﻊ ﺣﺪ ﻟﺴﻮﺀ ﺃﺩﺑﻪ ﻭﺟﻔﻮﺓ ﺗﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺰﺍﺋﺮﻳﻦ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ:
ﻭﺭﻣـﻴﺖ ﻣـﻨﻚ ﲜﻔﻮﺓ ﻭﻋﺬﺍﺏ ﻗﺪ ﻛﻨﺖ ﺃﺣﺴﺐ ﺃﻥ ﻃﺮﻓﻚ ﻣﻠﲏ
. .
ﺏ
ﻭﺍﺫﺍ ﺑ ﱠﻠﻴﺘــﻨﺎ ﻣــﻦ ﺍﻟــﺒﻮﺍ ِ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻮﺍﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﱄ
. .
ﺏ
ـﺎ ِ
ـﺆ ﺩﺏ ﺍﳊﹸﺠـ
ـﺐ ﻣـ
ﺇﻥ ﺍﻷﺩﻳـ ﻓﺎﻋﻠﻢ -ﺟﻌﻠﺖ ﻓﺪﺍﻙ-ﻏﲑ ﻣﻌﻠﻢ
. .
ﻳﻮﺭﺩ ﺍﻟﺜﻌﺎﻟﱯ ﰲ ﻳﺘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﺃﺑﻴﺎﺗﹰﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺒﻴﻞ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻷﺳﺪﻱ ﻭﺑﻌﺚ ﺎ ﺇﱃ ﺃﰊ ﺍﳊﺴﲔ
ﺍﻹﺧﺸﻴﺪﻱ ﻳﺸﻜﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺃﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻌﻪ ﻣﻦ ﺯﻳﺎﺭﺗﻪ ﻣﺮﺓ ﺗﻠﻮ ﺍﻷﺧﺮﻯ ،ﺑﺄﻏﻠﻆ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﺍﻟﱵ
ﻛﺎﻥ ﻳﻄﻠﻘﻬﺎ ﻛﻌﻮﺍﺀ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﰲ ﻭﺟﻊ ﺍﻟﺰﺍﺋﺮ ،ﳑﺎ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ ﻛﻤﺎ -ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ -ﻃﺮﺩﻩ ﻭﺍﺳﺘﺒﻌﺎﺩﻩ ﻣﻦ
ﺑﺎﺑﻪ ﺣﺮﺻﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺍﻟﻀﻴﻮﻑ .ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻷﺳﺪﻱ:
ﻳﻨﻔﻲ ﺍﻟﻘﺬﻯ ﻋﻨﻪ ﺧﺎﻟﺺ ﺍﻟﻌﺴﺠﺪ ﺃﺑﻌـﺪﻩ ﻭﺃﻧﻒ ﺍﳋﺒﻴﺚ ﻋﻨﻚ ﻛﻤﺎ
. .
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﺍﻷﻣﺲ ﻗﺪ ﻋﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﳊﺎﺟﺐ ،ﻓﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﺎﻗﻮﻫﻢ ﰲ ﻣﻌﺎﻧﺎﻢ ﳑﺎ ﻫﻮ ﺃﺳﻮﺃ ﻣﻦ
ﺍﳊﺎﺟﺐ ،ﺃﻻ ﻭﻫﻲ ﺍﻵﻟﺔ ،ﺇﺎ ﺍﻟﻌﺪ ﻭ ﺍﻷﻣﺜﻞ ﻟﻠﺸﻌﺮﺍﺀ ،ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻻ ﳛﺴﻨﻮﻥ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻵﻻﺕ ،ﻭﺍﻵﻻﺕ ﻻ
ﲢﺴﻦ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻷﺷﻌﺎﺭ .ﻟﻘﺪ ﲰﻌﺖ ﻋﻦ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﺗﻌﺎﻃﻮﺍ ﺷﱴ ﺍﳌﻬﻦ ،ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺐ ﻭﺍﶈﺎﻣﺎﺓ ﺍﱃ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﲡﺎﺭﺓ
ﺍﻟﺴﻼﺡ ،ﻭﻟﻜﻨﲏ ﱂ ﺃﲰﻊ ﺣﱴ ﺍﻵﻥ ﻋﻦ ﺣﺪﺍﺩ ﺃﻭ ﲰﻜﺮﻱ ﻳﻨﻈﻢ ﺍﻟﺸﻌﺮ .ﻭﺳﻴﺒﻘﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻣﻮﺻﺪﹰﺍ ﰲ ﻭﺟﻪ
ﻣﺼﻤﻤﻲ ﺍﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮﺍﺕ ﻭﻧﻮﺍﻓﺬﻫﺎ ﺍﻟﺮﻫﻴﺒﺔ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ ﺣﱴ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻭﺍﻟﺼﺮﻑ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ
ﺑﻘﻴﺖ ﻋﺎﻃﻠﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ.
ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﺼﺪﺕ ﻭﲤﻨﻌﺖ ﺍﻵﻟﺔ ﻭﲢﺠﺒﺖ ﻭﺗﻮﺍﺭﺕ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻭﻗﻒ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﺬﻫﻮ ﹰﻻ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ،ﻳﺼﺒﻮ ﺇﱃ
ﻭﺻﺎﳍﺎ ﻓﺘﺮﺩﻩ ،ﳝﺪ ﻳﺪﻩ ﺍﻟﻴﻬﺎ ﻓﺘﺼﻔﺮ ﰲ ﻭﺟﻬﻪ ،ﻳﺪﺍﻋﺐ ﺃﺫﺎ ﻓﺘﺪﻕ ﺑﺈﻧﺬﺍﺭﻫﺎ ،ﻳﻠﻄﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻫﺎ ﻓﺘﻘﻮﻝ
"ﺧﻄﺄ ،ﺃﻋﺪ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ" .ﻳﻜﻠﹼﻤﻬﺎ ﺑﺎﳊﺴﲎ ﻓﺘﻜﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﺷﺘﻬﺎ "ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻏﲑ ﻭﺍﺭﺩﺓ .ﺣﺎﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ" .ﳛﺎﻭﻝ
ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻓﻨﻘﻮﻝ" :ﺧﻄﺄ! ﺧﻄﺄ! ﺧﻄﺄ! ﻣﺘﺄﺳﻔﺔ! ﻣﺘﺄﺳﻔﺔ! ﻣﺘﺄﺳﻔﺔ! ﺣﺎﻭﻝ ﻣ ﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ".
."Answering Machine ﻭﰲ ﺻﺪﺍﺭﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻥ ﺍﳌﺪﻟﹼﻼﺕ ﺗﺄﰐ ﺗﻠﻚ ﺍﻵﻟﺔ ﺍﻟﻠﻌﻴﻨﺔ "ﺍﻵﻟﺔ ﺍﻴﺒﺔ
ﺗﺪﻳﺮ ﺍﻟﺘﻠﻔﻮﻥ ﻓﺘﺠﺒﻴﻚ ﺍﻵﻟﺔ ﺍﻴﺒﺔ" :ﺍﻟﺮﺟﺎﺀ ﺗﺮﻙ ﺭﺳﺎﻟﺘﻚ ﺑﻌﺪ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ" .ﱂ ﺗﻜﻔﻨﺎ ﳘﻮﻡ ﺍﻟﺘﻠﻔﻮﻥ ﻓﺠﺎﺀﺗﻨﺎ ﺍﻵﻥ
ﳘﻮﻡ ﺍﻵﻟﺔ ﺍﻴﺒﺔ ﻟﻠﺘﻠﻔﻮﻥ .ﻭﻗﺪ ﻭﻗﻊ ﰲ ﺩ ﻭﺍﻣﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻟﺔ ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻏﺎﺯﻱ ﺍﻟﻘﺼﻴﺒﲕ ،ﻓﻨﻔﺚ ﳘﻮﻣﻪ ﺬﻩ
ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ﻼ؟ !
ﻭﻟـﺪﻳﻚ ﺑـﻮﺍﺏ ...ﻳﻨﺎ ﻡ ﻗﻠﻴ ﹰ ﻱ ﺍﻟﺮﺳـﺎﺋﻞ ﺗﺴـﺘﻄﻴﻊ ﻭﺻﻮ ﹰﻻ؟
ﺃ
. .
ﻣـﻦ ﺫﺍ ﺭﺃﻯ ﺣﺴـﻨﹰﺎ ﳛﺐ ﺛﻘﻴﻼ؟ ﳛﻤـﻲ ﺍﳉﻤـﻴﻠﺔ ﻣـﻦ ﺛﻘﻴﻞ ﺑﺎﺭ ٍﺩ
. .
ﻣـﺘﻄﻔﱢﻞ ...ﺑـ ﺰ ﺍﻷﻧـﺎ ِﻡ ﹸﻓﻀﻮ ﹰﻻ ﻭﻳﻀـ ﻦ ﺑﺎﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺜﻤﲔ ...ﻳﻀﻴﻌﻪ
. .
ﻫﻮ ﻭﺣﺪﻩ ...ﻣﻦ ﻳﻌﺸﻖ ﺍﻟﻌﻄﺒﻮﻻ ﺃﻭ ﻣﻌﺠﺐ ﻳﻬﺬﻱ ...ﻭﳛﺴﺐ ﺃﻧﻪ
. .
ﺑﻠـﻊ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ...ﻣﺎ ﺃﺷ ﺪ ﺍﻟﻐﻮﻻ! ﻳـﺎ ﺃﻧﺖ! ﻫﻞ ﻏﻮﻝ ﺟﻬﺎ ِﺯﻙ؟ ﺃﻧﻪ
. .
ﺳـﻴﻔﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﻖ ﺍﻟ ِﻌﺒﺎﺩ ...ﺻﻘﻴﻼ ﻟﹸ ِﻌ ﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺧﺘﺮﻉ ﺍﳉﻬﺎﺯ ...ﻭﺳ ﱠﻠﻪ
. .
ﻚ ﺍﳌﺨﺒﻮﻻ!
...ﺃﻭ ﻓﺎﻓﺼﻠﻲ ﺑﻮﺍﺑ ِ ﺃﻧﺎ ﺭﺍﺣﻞ "ﺟﻮ ﺩ ﺑﺎﻱ!" ﺗﻠﻚ ﺭﺳﺎﻟﱵ
. .
ﻓﺄﻳﻦ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺍﳊﺎﺟﺐ ﻋﻔﺎ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺎﻥ "ﺍﻷﻧﺴﺮﻧﻎ ﻣﺸﲔ"؟ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻋﺒﺪ
ﱄ ﺑﻔﺎﻛﺲ
ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺬﻛﲑ ﺭﺃﻯ ﻏﲑ ﺫﻟﻚ ﰱ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻌﺪﺍﺕ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ .ﻗﺮﺃ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺼﻴﱯ ﻓﺒﻌﺚ ﺇ ﹼ
ﻣﺴﺘﻌﺠﻞ ﳛﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﻗﺪ ﺿﻤﻬﺎ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﻦ ﺍﻻﻗﺘﺒﺎﺳﺎﺕ ﻭﺧﺘﻤﻬﺎ ﺑﺸﻄﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﻨﺒﻄﻴﺔ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻟﻌﻴﻮﻥ" ،ﻗﺎﻝ ﺍﳌﻌﲎ ﻳﺎ ﻣﻼ ﻭﺍﻃﻮﻝ" .ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻳﻘﻮﻝ" :ﻗﻠﱯ ﲝﺐ
ﺍﳉﺎﺩﻝ ﺍﻟﻌﻄﺒﻮﻝ".
ـﻴﻼ
ـﻌﺮﻩ ﺗﻘﺒـ
ـﺒﺎﺡ ﺑﺸـ
ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺼـ ﻟـﻮ ﻳﻌﻠـﻢ "ﺍﻟﺘﻜﻨﻴﻚ" ﳍﻔﺔ ﺷﺎﻋﺮ
. .
ﺃﻭ ﻛـﺎﻥ ﻳﻔﻬـﻢ "ﻗﺪﻡ ﺍﻟﺘﺒﺠﻴﻼ" ﻟـﻮ ﻛـﺎﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺷﺎﻋﺮﹰﺍ ﻭﻣﻌﻠﻤﹰﺎ
. .
ـﺒﻮﻻ
ـﻮﻯ ﺑﺘﻤ ـﻨﻊ ﻣﻘـ
ـﺎﺭ ﺍﳍـ
ﺻـ ﻫـ ﻢ ﺍﳌﻠـﻴﺤﺔ ﻳـﺎ ﺻـﺪﻳﻖ ﲤﻨﻊ
. .
ﺲ ﻋﻠــﻴﻼ"
"ﻭﻛﺄﻧــﻪ ﺁﺱ ﳚــ ﻭ"ﺍﻷﻧﺴﺮﻧ ﹸﻎ" ﻳﺮﻭﻡ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﺍﳉﻮﻯ
. .
ـﻴﻼ
ـﻮ ﺭﻫﺎ ﻭﺍﻟﻨـ
ـﺎﺀ ﺍﳌﻘﻄـ ﻢ ﻧـ
ﺿـ ﻛﺎﻧـﺖ "ﺣﻔﻴﺪﺓ ﻓﺮﻧﺴﻴﺲ" ﴰﻌﺔ
. .
ـﺒﻮﻻ
ـﻬﺎ ﺍﳌﺨـ
ـﺎﺭﺩ ﻗﻴﺴـ
ـﻴﻪ ﺗﻄـ
ﻓـ ﻭ"ﺍﻟﺒﻴﺠـ ﺮ" ﺍﳍـﺰﺍﺯ ﻛﻢ ﻣﻦ ﻏﺎﺩﺓ
. .
ـﻴﻮﻻ
ـﺪﻱ ﺩﺭﺓ ﻭﺧـ
ـﺒﻌﺾ ﻳﻬـ
ﻭﺍﻟـ ﻻ ...ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﲨﺎﻝ ﻓﺪﺍﻙ ﻣﻐﺮﻳﹰﺎ
. .
ﻒ ﺍﻟﺸﺎﺋﻌﺎﺕ ﻃﺒﻮﻻ
ـﺪﻱ ﻟﻜـ ﻳﻬﻮﻯ ﺍﻷﺫﻯ ...ﻟﻜﻦ ﺑﺮﻭﺡ ﻓﻜﺎﻫﺔ
. .
ﺤﺎﻓﻅ ﻴﺠﻴﺏ ﺸﻭﻗﻲ
ﺍﺷﺘﻬﺮ ﺣﺎﻓﻆ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﰲ ﺷﻌﺮﻩ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﲟﺎﺩﺗﻪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﺍﻟﺮﺻﻴﻨﺔ ﻭﺍﳉﺎﺩﺓ .ﻻ
ﻳﺪﺭﻙ ﻏﲑ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺃﻳﻀﹰﺎ ﻣﻦ ﺃﻇﺮﻑ ﺍﳋﻠﻖ ﻭﺃﺣﻀﺮﻫﻢ ﻧﻜﺘﺔ .ﺍﳌﺪﻫﺶ ﰲ ﺃﻣﺮﻩ ﺃﻧﻪ ﻋﺎﺵ ﻋﻴﺸﺔ ﻣﺰﺩﻭﺟﺔ
-ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺃﻛﺜﺮﻧﺎ ،-ﻭﻟﻜﻦ ﺍﺯﺩﻭﺍﺟﻴﺘﻪ ﲤﺜﻠﺖ ﲜﺪﻩ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﺘﺐ ﺷﻌﺮًﹰﺍ ﻭﻇﺮﻓﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ،
ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ،ﺭﲪﻬﻤﺎ ﺍﷲ .
ﻻﺣﻆ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺧﻠﻴﻞ ﻣﻄﺮﺍﻥ ،ﺷﺎﻋﺮ ﺍﻟﻘﻄﺮﻳﻦ ،ﺃﻥ ﺣﺎﻓﻆ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺩﺃﺏ ﻋﻠﻰ ﻟﺒﺲ ﺑﺪﻟﺔ ﻗﺪﳝﺔ ﻣﺘﻬﺮﻳﺔ ﻻ
ﻳﻐﻴﺮﻫﺎ ﺑﺄﺧﺮﻯ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ" :ﻟﻴﻪ ﻳﺎ ﺣﺎﻓﻆ ﺎ ﺍﻟﺒﺬﻟﺔ ،ﺍﳌﺒﻬﺪﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﻮﻝ" ،ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺣﺎﻓﻆ" :ﻋﻠﺸﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻔﺘﲔ
ﻣﺒﺠﻠﺘﲔ :ﺍﻟﻘﺪﻡ ﻭﺍﻟﻮﺣﺪﺍﻧﻴﺔ "!
ﺣﺪﺙ ﰲ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﳉﻬﺎﺩ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﺃﻥ ﻧﻔﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺃﲪﺪ ﺷﻮﻗﻲ ﺇﱃ ﺇﺳﺒﺎﻧﻴﺎ .ﻛﻤﺎ
ﻧﺘﻮﻗﻊ ﻣﻦ ﺃﻱ ﻣﻨﻔﻲ ﻋﻦ ﺑﻼﺩﻩ ،ﺩﺍﳘﺖ ﺃﻣﲑ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻣﻮﺟﺔ ﻋﺎﺭﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﳊﻨﲔ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻭﻧﻴﻠﻬﺎ ﻓﺒﻌﺚ
ﺑﺎﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺇﱃ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺣﺎﻓﻆ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ:
ﻋﻬـﺪ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ -ﻭﺇﻥ ﻏﺒﻨﺎ -ﻣﻘﻴﻤﻴﻨﺎ ﻳـﺎ ﺳﺎﻛﲏ ﻣﺼﺮ ﺇﻧﺎ ﻻ ﻧﺰﺍﻝ ﻋﻠﻰ
. .
ﺷـﻴﺌﹰﺎ ﻧـﺒﻞ ﺑـﻪ ﺃﺣﺸﺎﺀ ﺻﺎﺩﻳﻨﺎ ﻫـﻼ ﺑﻌﺜـﺘﻢ ﻟـﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺎﺀ ﺮﻛ ﻢ
. .
ﺗﻠﻘﻰ ﺷﺎﻋﺮ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﺍﻣﲑ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ،ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﻋﺪﺩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ﺻـﺎ ٍﺩ ،ﻭﻳﺴﻘﻲ ﺭﺑﺎ ﻣﺼﺮ ﻭﻳﺴﻘﻴﻨﺎ ﻋﺠـﺒﺖ ﻟﻠﻨـﻴﻞ ﻳﺪﺭﻱ ﺃﻥ ﺑﻠﺒﻠﻪ
. .
ﻭﻻ ﺍﺭﺗﻀﻮﺍ ﺑﻌﺪﻛﻢ ﻣﻦ ﻋﻴﺸﻪ ﻟﻴﻨﺎ ﻭﺍﷲ ﻣـﺎ ﻃﺎﺏ ﻟﻸﺻﺤﺎﺏ ﻣﻮﺭﺩﻩ
. .
ﻭﻗـﺪ ﻧﺄﻳـﻨﺎ ،ﻭﺇﻥ ﻛـﻨﺎ ﻣﻘﻴﻤﻴﻨﺎ ﱂ ﺗـﻨﺄ ﻋـﻨﻪ ،ﻭﺇﻥ ﻓﺎﺭﻗﺖ ﺷﺎﻃﺌﻪ
. .
ﻤﻔﺎﻀﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺨل
ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﺭﻯﺀ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﻗﺪ ﻻﺣﻆ ﺃﻥ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﻦ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﲡﺮﻱ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ
ﻭﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻣﺶ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﻮﻻﺋﻢ ﻭﺍﻟﺒﺨﻞ ﺃﻭ ﺍﳉﻮﺩ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺣﱴ ﻟﻴﺨﻴﻞ ﻟﻠﻘﺎﺭﻱﺀ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﺃﻥ ﺟ ﹼﻞ ﻣﺎ
ﺲ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﻏﲑ ﺍﻷﻛﻞ ﻭﻣﻸ ﺍﻟﺒﻄﻮﻥ .ﺇﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﺍﳌﻴﺪﺍﻥ ﺍﳌﻔﻀﻞ ﰲ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻔﻜﺎﻫﺔ
ﻳﻘﻮﻟﻮﻧﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻻ ﳝ
ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻓﻘﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲ ﱂ ﺗﺼﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺎﻫﺔ ﺫﺭﻭﺎ ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻠﺖ ﻋﻨﺪ ﺃﺷﻌﺐ ﺍﻟﻄﻤﺎﻉ .ﻟﻺﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﺍﳉﻮﻋﻴﺔ،
ﺃﻭ ﺍﳉﻮﻋﻴﺎﺕ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ،ﺳﺠﻞ ﻣﺪﻳﺪ ﰲ ﺃﺩﺑﻨﺎ ﺍﻧﻌﻜﺴﺖ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻣﻨﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ.
ﳌﻊ ﳒﻢ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﳏﻤﺪ ﺍﻷﲰﺮ ﰲ ﻣﺼﺮ ﰲ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎﺕ ﻭﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻨﺎﺕ ،ﻭﺭﻏﻢ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﻪ ﻣﻬﻨﻴﹰﺎ ﻭﺭﻭﺣﻴﹰﺎ ﺑﺎﻷﺯﻫﺮ
ﺣﻴﺚ ﺗﻌ ﹼﻠﻢ ﻭﻋ ﹼﻠﻢ ﻭﺗﻮﱃ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﻣﻜﺘﺒﺘﻪ ﺍﻟﺰﺍﻫﺮﺓ ﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻭﻟﻊ ﺑﺎﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ "ﺍﳊﻠﻤﻨﺘﻴﺸﻲ"،
ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﺍﺭﺗﺒﻂ ﺍﻟﻈﺮﻑ ﺑﺎﻟﻔﻘﻪ ﻭﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺎﺕ ،ﻭﺍﺗﺼﻞ ﳏﻤﺪ ﺍﻷﲰﺮ ﺑﺼﺪﺍﻗﺔ ﲪﻴﻤﺔ ﻣﻊ ﺯﻣﻴﻠﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ
ﳏﻤﻮﺩ ﻏﻨﻴﻢ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺯﻣﺎﻟﺔ ﺗﺪﺍﺧﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺷﺒﻪ ﻛﺜﲑﺓ ،ﻓﻤﺤﻤﻮﺩ ﻏﻨﻴﻢ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﺮﻓﺎﺀ
ﺍﳌﺘﺪﻳﻨﲔ ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﳍﺠﺎﺋﻲ ﺍﻟﱪﻱﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺍﻋﺐ ﻓﻴﻪ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﺃﺻﺪﻗﺎﺀﻩ ،ﻭﺑﻌﲔ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﺸﺮ
ﻣﻼﺣﻢ ﺷﻌﺮﻳﺔ ﺗﺘﻐﲎ ﺑﺄﳎﺎﺩ ﺍﻹﺳﻼﻡ .ﺯﺍﺭ ﳏﻤﺪ ﻏﻨﻴﻢ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﳏﻤﺪ ﺍﻷﲰﺮ ﻭﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺑﻴﺘﻪ ﺟﺎﺋﻌﹰﺎ ﱂ ﻳﺬﻕ ﻣﻦ
ﺯﺍﺩﻩ ﻏﲑ ﻓﻨﺠﺎﻥ ﻗﻬﻮﺓ ﺑﺎﻫﺖ ،ﻓﺒﻌﺚ ﺇﻟﻴﻪ ﰲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﱄ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﺿﻤﻨﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺼﺢ ﺍﳋﺎﻟﺺ ﻭﺍﻟﻮﺻﺎﻳﺎ
ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ:
ﻭﺍﻣــﻨﺢ ﺍﻟﻀــﻴﻒ ﻋﺸــﺎﺀﻙ ﺻـﻢ ﺇﺫﺍ ﻣـﺎ ﺍﻟﻀـﻴﻒ ﺟﺎﺀﻙ
. .
ﻭﺻﻠﺖ ﺍﻟﻮﺭﻳﻘﺔ ﻳﺪﻱ ﳏﻤﺪ ﺍﻷﲰﺮ ﻓﻬﺎﻟﻪ ﻣﺎ ﺭﺃﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﻴﺪ ﺍﻟﻌﻴﻮﺏ ،ﺍﻟﺒﺨﻞ ،ﻓﺄﺧﺬ ﺍﻟﻮﺭﻗﺔ ﻭﺍﻟﻘﻠﻢ
ﻼ:
ﻭﻛﺘﺐ ﻳﺮ ﺩ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻗﺎﺋ ﹰ
ـﺒـﺲ ﺭﺩﺍﺀﻙ
ــﻢ ﺗﻠـ
ــﺮﻙ ﻟـ ـﻌـ ـﺪﻳﻘﻲ ﺃﻧـ
ـﺖ ﰲ ﺷـ ـﺎ ﺻـ
ﻳـ
. .
ـﺖ ﺩﺍﺀﻙ
ـﺎ ﺩﺍﻭﻳــ
ـﺪ ﻣــ
ﺑﻌــ ﺻــﺮﺕ "ﳏﻤــﻮﺩﹰﺍ" ﺟﺪﻳــﺪﹰﺍ
. .
ﻭﺻﻔﻮﺍ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﳏﻤﺪ ﺭﺿﺎ ﺍﻷﺻﻔﻬﺎﱐ ﺑﺄﻧﻪ ﲨﻊ ﺑﲔ ﻇﺮﺍﻓﺔ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻭﻓﺼﺎﺣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ،ﻓﻘﺪ ﻭﻟﺪ ﰲ
ﺍﻟﻨﺠﻒ ﺍﻷﺷﺮﻑ ﻭﺗﺘﻠﻤﺬ ﰲ ﻣﻌﺎﻫﺪﻫﺎ ﻭﻧﺸﺄ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﰒ ﺭﺣﻞ ﺇﱃ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﺣﻴﺚ ﺃﻗﺎﻡ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺃﺻﻔﻬﺎﻥ ،ﻭﻣﻨﻬﺎ
ﺟﺎﺀ ﻟﻘﺒﻪ .ﻭﺍﳓﺪﺭ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺓ ﻋﺮﻳﻘﺔ ﰲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ .ﻭﻛﻤﺎ ﲨﻊ ﺑﲔ ﺣﻀﺎﺭﺗﲔ ،ﻓﻘﺪ ﲨﻊ ﺑﲔ
ﻋﺼﺮﻳﻦ ،ﻓﻘﺪ ﻗﻀﻰ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﰲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﺣﻴﺚ ﻭﻟﺪ ﰲ ﻋﺎﻡ ،١٨٧٠ﻭﺍﻟﻘﺴﻢ
ﺍﻟﺜﺎﱐ ﰲ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻮﰲ ﰲ ١٩٤٣ﻡ.
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﺇﻧﺘﺎﺟﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ،ﻛﺘﺐ ﻭﺃﹼﻟﻒ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻨﺸﺮ .ﻟﻪ ﻛﺘﺎﺏ ﰲ ﺟﺰﺋﲔ ﻳﺮﺩ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺪﺍﺭﻭﻳﻨﻴﺔ ،ﻭﻛﺘﺎﺏ ﺁﺧﺮ ﻳﺮ ﺩ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻴﺔ ﻭﻛﺘﺐ ﺃﺧﺮﻯ ﰲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ "ﻭﻗﺎﻳﺔ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ".
ﻭﻗﺪ ﺗﻌ ﺮﻑ ﰲ ﺷﺒﺎﺑﻪ ﺑﺎﻟﺸﺎﻋﺮ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﳊﻠﻲ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﳍﻤﺎ ﺻﺤﺒﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﲣﻠﹼﻠﻬﺎ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﻄﺎﺭﺣﺎﺕ
ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﻭﻃﺒﻌﹰﺎ ﻭﻛﻤﺎ ﻧﺘﻮﻗﻊ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ،ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻄﻴﻌﺔ ﻭﺳﻮﺀ ﺍﻟﺘﻔﺎﻫﻢ ﻭﺍﺎﻓﺎﺓ .ﻭﰲ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ
ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ،ﱂ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﳏﻤﺪ ﺭﺿﺎ ﺍﻷﺻﻔﻬﺎﱐ ﻏﲑ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﺗﺐ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺃﻭﺭﺩﻫﺎ ﻣﲑ ﺑﺼﺮﻱ ﰲ
ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﺆﺧﺮﹰﺍ "ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻷﺩﺏ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﳊﺪﻳﺚ" ،ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ:
ﻷﺻـﺤﺐ ﺃ ﹼﻻﻩ ﺇﺫﺍ ﺧﺎﻧﲏ ﺍﻟﺼﺤﺐ ﺟـﺰﺍﺀ ﺳـﻨﻤﺎﺭ ﺟﺰﺍﺋـﻲ ،ﻭﱂ ﺃﻛﻦ
. .
ـﺐ
ـﺘﻪ ﺫﻧـ
ـﺎﻥ ﱄ ﺇ ﹼﻻ ﳏﺒـ
ـﺎ ﻛـ
ﻭﻣـ ﻭﱂ ﻳـﺮﻉ ﱄ ﺣـﻖ ﺍﻹﺧﺎﺀ ﻭﺳﺒﲏ
. .
ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺑﻴﺎﺗﹰﺎ ﺗﺘﺪﻓﻖ ﲟﺤﺒﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ ،ﻣﺎ ﻟﺒﺜﺖ ﺣﱴ ﺃﺛﺎﺭﺕ ﰲ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﳊﻠﻲ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﺬﻧﺐ ﻭﺍﻟﺘﻘﺼﲑ،
ﻓﺘﻨﺎﻭﻝ ﻗﻠﻤﻪ ﻭﺣ ﺮﺭ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻵﺗﻴﺔ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﻣﺎ ﳚﺮﻱ ﰲ ﺷﻌﺮ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ:
ﻭﻻ ﺣﻠـﻦ ﺃﺣﻮﺍﱄ ﻭﻻ ﺍﻧﻘﻠﺐ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺣ ﹼﻘﻜـﻢ ﻣـﺎ ﺃﺯﻭﺭ ﱄ ﻋﻨﻜﻢ ﺟﻨﺐ
. .
ﻭﻣـﺎ ﻛﻨﺖ ﻟﻮﻻ ﻃﻴﺐ ﺇﺣﺴﺎﻧﻜﻢ ﺃﺻﺒﻮ ﺻـﺒﻮﺕ ﺇﻟـﻴﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺃﻋﺮﻑ ﺍﻟﺼﺒﺎ
. .
ﻋﻠ ﻲ ﻭﺃﻭﰱ ﺍﻟﺼﺤﺐ ﺇﻥ ﺧﺎﻧﲏ ﺍﻟﺼﺤﺐ ﺭﺃﻳـﺘﻜﻢ ﺃﺣـﲎ ﻭﺃﻋﻄـﻒ ﻣﻦ ﺃﰊ
. .
ﻓﻬﺬﺍ ﺍﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﺮﺣﺐ ﻭﺍﳌﱰﻝ ﺍﳋﺼﺐ ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ :ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻭﳛﻚ ﺍﺣﺒﺴﻲ
. .
ﻤﻁﺎﺭﺩﺍﺕ ﻤﻭﺸﺤﻴﺔ
ﻣﻦ ﺍﳌﻄﺎﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﲤﺘﻊ ﺎ ﲨﻬﻮﺭ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ ﰲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،ﻛﺎﻥ
ﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﺍﳍﻼﱄ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﲪﺎﻩ ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻣﻦ ﲪﺺ ،ﻭﺑﲔ
ﺍﳌﺪﻳﻨﺘﲔ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﺗﺎﺭﳜﻴﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻄﺎﺭﺩﺍﺕ ﻣﻦ ﺃﻇﺮﻑ ﺣﻠﻘﺎﺎ ﻭﺃﺭ ﹼﻗﻬﺎ .ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺼﻄﻔﻰ
ﺯﻳﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﺍﳍﻼﱄ ﻛﻠﻤﺎ ﻧﺸﺮ ﻫﺬﺍ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻭﺟﺪﺍﻧﻴﺔ ﻟﻘﻴﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺼﺪﻯ ،ﻻ ﲤﺮ ﻏﲑ
ﺃﻳﺎﻡ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺣﱴ ﻳﺘﺼﺪﻯ ﳍﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺑﻘﺮﻳﺾ ﺳﺎﺧﺮ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﺐ ﺍﻟﻔﺮﻳﺪ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻟﻮﻋﺪ ﰲ
ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ،ﺃﻻ ﻭﻫﻮ ﺣﺐ ﺍﻷﻛﻞ.
ﻼ:
ﺍﻧﻄﻠﻖ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﺒﺎﺩﺭ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﺑﺰﻣﻴﻠﻪ ،ﻗﺎﺋ ﹰ
ـﺮﻏﻔﺎﻥ
ـﻎ ﺍﻟـ
ـﻢ ﺳﻐﺴـ
ﻗـ ـﻮﻋﺎﻥ
ـﺎ ﺟـ
ـﻪ ﻳـ
ﺑﺎﻟ ﱠﻠـ ـﻨﺎﻥ
ـﻒ ﻭﺍﻷﺳـ
ﺑﺎﻟﻜـ
.
ﻭﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺍﳌﻄﺎﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺰﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺟﻌﻠﺖ ﺃﺷﻌﺎﺭ ﺍﳍﻼﱄ ﻣﻮﺿﻊ ﺿﺤﻚ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﺳﺨﺮﻳﺘﻬﻢ ،ﻓﻌﻘﺪ
ﺍﻟﻌﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﻢ ﺷﻲﺀ ﻳﻌﺠﺰ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻋﻦ ﳎﺎﺭﺍﺗﻪ ﺑﻮﺯﻧﻪ ﻭﻗﻮﺍﻓﻴﻪ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺃﻥ ﻗﺎﻝ ﰲ ﻣﻮﺷﺢ
ﺷﻌﱯ ﺟﺪﻳﺪ:
ﻭﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﻣﻦ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﺳﺘﻮﻭﺍ ﻋـﲏ ﻟﻮﻭﺍ ،ﻗﻠﱯ ﻛﻮﻭﺍ ،ﻋﺰﺍ ﺣﻮﻭﺍ
. .
ﻼ:
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﱂ ﳛﻞ ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺪﻱ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﳊﻤﺼﻲ ﻟﻠﻤﻮﺷﺢ ،ﻓﻜﺘﺐ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻭﻋﻠـﻰ ﺍﻟﺴـﻤﻦ ﺍﻟﻘﺒﻮﺍﺕ ﺍﺳﺘﻮﻭﺍ ﳊﻤﹰﺎ ﺷﻮﻭﺍ ،ﺧﺒﺰﹶﺍ ﻃﻮﻭﺍ ،ﺑﻴﻀﹰﺎ ﻗﻠﻮﺍ
. .
ـﻮﻭﺍ
ـﻲ ﻧـ
ـﻲ ﺃﻡ ﻋﻠ ـﻰ ﻗﺘﻠـ
ﺑﺎﻟﺘﺠﻨـ ﻏﺮﺿـﻲ ﻫـﻢ ﺃﻋﺮﺿﻮﺍ ﺃﻡ ﺃﻏﺮﺿﻮﺍ
. .
ﻳﻨﱪﻱ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻓﻴﺠﺎﺭﻳﻪ ﺬﻩ ﺍﻟﺪ ﺭﺓ ﻣﻦ ﺩﺭﺭ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﳋﻨﻔﺸﺎﺭﻱ:
ﺍﺭﺗﺒﻂ ﺷﺎﻋﺮ ﺍﻟﻨﻴﻞ ،ﺣﺎﻓﻆ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ،ﺑﺎﻷﺩﻳﺐ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺃﻣﲔ ﺗﻘﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺮﺍﺑﻄﺔ ﺻﺪﺍﻗﺔ ﻭﺇﻋﺠﺎﺏ
ﻣﺘﺒﺎﺩﻝ ،ﺇﱃ ﺣ ﺪ ﺃﻧﻪ ﳌﺎ ﺭﺯﻕ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺃﻣﲔ ﺗﻘﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﲟﻮﻟﻮﺩ ﺫﻛﺮ ﺃﲰﺎﻩ ﺣﺎﻓﻈﹰﺎ ﺗﻴ ﻤﻨﹰﺎ ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ ،ﻭﻗﺎﻝ ﰲ ﺫﻟﻚ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﺮ:
ﲰﻊ ﺍﻵﺧﺮ ﺑﺬﻟﻚ ،ﻓﺄﺟﺎﺏ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﻈﺮﻳﻔﺔ ﻭﺍﺳﺘﻐ ﹼﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺩﺗﻪ ﰲ ﺇﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﻨﻘﺪ:
ـﺮ
ـﻲ ﺍﻟﺒﺎﻫــ
ـﺘﻪ ﰲ ﻣﻄﻠﻌــ
ﲰﻴــ
ﺷـﻮﻗﻲ ﻭﻣﻄـﺮﺍﻥ ﻭﺻـﱪﻱ ﻭﻣﻦ
. .
ﻼ:
ﺍ ﹼﻃﻠﻊ ﺃﻣﲔ ﺗﻘﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺩﲜﻪ ﻟﻪ ﺣﺎﻓﻆ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ ﻭﲤﻨﻴﺎﺕ ﺑﺎﻟﻴﻤﻦ ،ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻼ ﺯﺍﻫﺮﹰﺍ
ﺗﻔﺎﺟﺌﲏ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺎﺟﻠﺔ ﺑﻐﺮﺍﺑﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﻤﲏ ﻟﻠﻤﻮﻟﻮﺩ ﺑﺄﻥ ﻳﺼﺒﺢ ﺷﺎﻋﺮﹰﺍ .ﺃﱂ ﳚﺪﻭ ﻟﻪ ﻣﺴﺘﻘﺒ ﹰ
ﺑﻐﲑ ﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﺜﺮﺍﺀ ﻣﺜﻼﹰ؟ ﻓﻤ ﻤﺎ ﲰﻌﺘﻪ ﻋﻦ ﺍﳉﻮﺍﻫﺮﻱ ﺃﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﲰﻊ ﺑﺄﻥ ﺍﺑﻨﻪ ﻓﺮﺍﺗﹰﺎ ﺃﺧﺬ ﻳﺘﻌﺎﻃﻰ
ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ ،ﺛﺎﺭ ﻭﺃﺭﻋﺪ ﻭﺃﺯﺑﺪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ "ﺍﻟﻜﻠﺐ ...ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ...ﻳﺮﻳﺪ ﻳﺼﲑ ﺷﺎﻋﺮ"!
ﺍﻟﺘﻬﻨﺌﺔ ﺑﺎﻟﻮﻻﺩﺓ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻣﺄﻟﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻹﺧﻮﺍﱐ ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻪ ﺍﻷﻗﺪﻣﻮﻥ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﶈﺪﺛﻮﻥ،
ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﻼﺫﻗﻲ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻌﺚ ﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﻟﺼﺪﻳﻖ ﺭﺯﻕ ﺑﻮﻟﺪ ،ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﳉﻨﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﻣﺎ
ﻳﻄﺮﺏ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻭﺍﻟﻘﺎﺭﻯﺀ:
ﻑ ﻭﺍﻓــــﺮ
ﻭﺍﻟﻔﺨــــﺮ ﻭﺍ ٍ ﻼ
ﻭﺍﻟﺴــــﻌﺪ ﻭﺍﰱ ﻣﻘــــﺒ ﹰ
. .
ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪﺓ ،ﻛﺎﻟﺰﻭﺍﺝ ﺃﻭ ﻭﻻﺩﺓ ﺍﺑﻦ ،ﺃﻭ ﺍﳊﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺼﺐ ﺃﻭ ﺍﻹﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﱃ ﺑﻴﺖ ﻣﻌﻤﺮ
ﺟﺪﻳﺪ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ ﻣﻦ ﻣﺮﺽ ﻛﻠﹼﻬﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﺍﺳﺘﻐﻠﹼﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻟﻴﻌﺒﺮﻭﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮﻫﻢ ﻧـﺤﻮ ﺻﺪﻳﻘﻬـﻢ
ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺰﹼﻟﻒ ﺎ ﻟﺼﺎﺣﺐ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ،ﺣﱴ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﺘﻬﻨﺌﺔ ﺑﺎﺑﹰﺎ ﻣﻬﻤﹰﺎ ﻣﻦ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ .
ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻼﺣﻆ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﺼﺒﻮ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻡ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺃﺳﺎﺳﹰﺎ
ﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﰲ ﻨﺌﺔ ﺇﺧﻮﺍﻢ ،ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺑﻌﺚ ﺎ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺮﻭﻣﻲ ﺇﱃ
ﺍﲰﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﺑﻠﺒﻞ ﺣﲔ ﺗﻘﻠﹼﺪ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺍﻟﻀﻴﺎﻉ .ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻒ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﱃ ﺷﻴﻮﻉ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻟﺮﺷﻮﺓ ﰲ
ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺃﻣﻠﻪ ﰲ ﺃﻥ ﻳﻘﺪﻡ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻄﻊ ﺩﺍﺑﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ -ﻣﺎ ﺃﺻﺪﻕ ﻣﺎ ﻧﻄﻖ ﺑﻪ ﺍﳊﻜﻤﺎﺀ ﺣﲔ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻻ
ﺟﺪﻳﺪ ﲢﺖ ﺍﻟﺸﻤﺲ -ﻳﻨﻄﻖ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺮﻭﻣﻲ ﰲ ﻨﺌﺔ ﺍﺑﻦ ﺑﻠﺒﻞ ﻓﻴﻘﻮﻝ :
ـﺒﺎﺎ
ـﺪﺕ ﺃﺳـ
ـﺪﺍﺓ ﺗﻘﻠـ
ﻏـ ﻃﻠـﻮﻉ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩ ﺑﺪﻳـﻮﺍﺎ
. .
ﻭﺍﺳﺘﻐ ﹼﻞ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﺍﳌﻌﺘﺰ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺗﻌﻴﲔ ﻋﺒﻴﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﻃﺎﻫﺮ ﺍﺑﻨﻪ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ ﺍﷲ ﺭﺋﻴﺴﹰﺎ ﻟﺸﺮﻃﺔ ﺑﻐﺪﺍﺩ،
ﻓﺒﻌﺚ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺷﻌﺮﻩ ﻳﻬﲎﺀ ﺻﺪ ﻳﻘﻪ ﲟﺎ ﻗﺎﻡ ﻭﻳﺒﺸﺮﻩ ﺑﺄ ﹼﻥ ﺫﻟﻚ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻟﻌﻮﺩﺓ ﺃﳎﺎﺩﻩ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﻳﺔ ﺍﺫ
ﻳﻘﻮﻝ:
ﺐ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﻪ ﺍﻟﺪﻫﺮ
ﻭﻗﻠﺖ ﻋﺴﻰ ﻗﺪ ﻫ ﻓـﺮﺣﺖ ﲟﺎ ﺃﺿﻌﺎﻓﻪ ﺩﻭﻥ ﻗﺪﺭﻛﻢ
. .
ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻹﺧﻮﺍﱐ ﺍﳌﺄﻟﻮﻓﺔ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﳍﺪﺍﻳﺎ ﺍﻟﱵ ﳚﻮﺩ ﺎ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺑﲔ
ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﻳﻔﺘﻘﺪ ﺍﳍﺪﻳﺔ ﺃﻭ ﻳﺴﺘﺒﻄﺌﻬﺎ ،ﻓﻴﻌﺎﺗﺐ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺑﺎﻻﺳﺘﻬﺪﺍﺀ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺁﺧﺮ ﻳﻜﺜﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮ
ﺍﻹﺧﻮﺍﱐ .ﻓﺤﻴﺚ ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺮﺀ ﺃﻥ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺃﺣﺪﹰﺍ ﻧﺜﺮًﹰﺍ ﺪﻳﺔ ﻳﺴﻬﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺷﻌﺮﺍﹰ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻓﻀﻞ
ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺑﺎﺏ ﺛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﻣﺎ ﳚﻮﺯ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﺎﺛﺮ .ﻭﰲ ﺫﻟﻚ ﻃﺮﺍﺋﻒ ﻛﺜﲑﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ
ﻛﺘﺒﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺼﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﳌﻌﺬﻝ ﺍﱃ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺃﰊ ﻧﻘﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﺍﱃ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﻭﻭ ﺯﻉ ﺍﳍﺪﺍﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﺎﺻﺘﻪ
ﻼ ﻋﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ،ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺼﻤﺪ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺷﻲ ﻭﺍﻟﻨﻬﺸﻠﻲ :
ﻣﺘﻐﺎﻓ ﹰ
ﻭﰲ ﺃﺩﻡ ﺍﻟﺒﺤـﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﻨﺒﻖ ﺍﻟﺼﻔﺮ ﺍﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﰲ ﻗﺴﺐ ﺍﻟﻴﻤﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﺮ
. .
ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﰲ ﺍﻟﻘﻴﻆ ﺫﺧﺮﹰﺍ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﻭﱂ ﻳﻌـﻂ ﻣـﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﻬﺸﻠﻲ ﺃﺩﺍﻭﺓ
. .
ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﳌﻮﺻﻠﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻐﻔﺎﺭ ﺍﻷﺧﺮﺱ ﺍﳌﺘﻮﰱ ﰲ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﰲ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﳌﺎﺿﻲ ،ﻋﻠﻰ ﺗﺴ ﹼﻠﻢ
ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺷﺮﺍﺏ ﺍﳌﻮﺻﻞ ﻣﻦ ﺻﺪﻳﻖ ﻟﻪ ﻣﻮﲰﹰﺎ ﲟﻮﺳﻢ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺃﺧﻄﺎﻩ ﰲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﻓﺒﻌﺚ ﺇﻟﻴﻪ
ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﻃﺮﻳﻔﺔ ﻳﻌﺎﺗﺒﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻘﺘﻄﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ :
ﺯﺍﺭ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺃﺑﻮ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺒﺼﲑ ﺃﺣﺪ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ،ﻓﺸﻢ ﰲ ﺑﻴﺘﻪ ﲞﻮﺭﹰﺍ ﻃﻴﺒﹰﺎ ﺳﺄﻟﻪ ﻋﻨﻪ ،ﻓﻘﺎﻝ :ﻫﻮ ﻫﺪﻳﺔ ﻣﻦ
ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ ﺃﲪﺪ ﺑﻦ ﺃﰊ ﻃﺎﻫﺮ .ﻓﻘ ﺮﺭ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻳﺴﺘﻬﺪﻳﻪ :
ﻏـﲑ ﺃﻧـﻲ ﴰﻤـﺘﻪ ﻋﻨﺪ ﻏﲑﻱ ﺃﻧـﺖ ﻣـﻦ ﺃﻃـﻴﺐ ﺍﻷﻧﺎﻡ ﲞﻮﺭﹰﺍ
. .
ﻣـﻨﻪ ﺇﻥ ﱂ ﺃﻛـﻦ ﺗﻌﺪﻳﺖ ﻃﻮﺭﻱ ﻭﻫﻮ ﺟﻢ ﻟﺪﻳـﻚ ﻓﺎﺑﻌﺚ ﺑـﺪﺭﺝ
. .
ﺃﺟﺎﺑﻪ ﺍﺑﻦ ﺃﰊ ﻃﺎﻫﺮ ﺇﱃ ﻃﻠﺒﻪ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻫﻮ ﺍﻵﺧﺮ ﺍﺳﺘﻐﻞ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻴﻄﺎﺭﺡ ﺃﺧﺎﻩ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺑﺬﺍﺕ
ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻓﻘﺎﻝ :
ﻣﻦ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻔﻜﺎﻫﻲ ﻭﺃﺳﺎﻟﻴﺒﺔ ،ﺍﻟﺪﻣﺞ ﺑﲔ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻟﻐﺘﲔ .ﺷﺎﻉ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻷﻣﺲ ﰲ ﺧﻠﻂ ﺍﻟﺸﻌﺮ
ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ،ﻭﳉﺄ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﱃ ﻓﻦ ﺍﻟﺘﺸﻄﲑ ﺍﻟﻔﻜﺎﻫﻲ ﺑﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻄﺮ ﺍﻷﻭﻝ
ﺃﻭ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﺑﻠﻐﺔ ﻭﻋﺠﺰ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺑﻠﻐﺔ ﺃﺧﺮﻯ.
ﻟﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺱ ﻭﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ،ﳓﻦ ﺍﻵﻥ ﰲ ﺯﻣﻦ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰ ﻭﺍﻷﻣﺮﻳﻜﺎﻥ ،ﻫﻜﺬﺍ ﻋﻤﺪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﱃ
ﺯﺧﺮﻓﺔ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﻧﻐﻠﻮﺳﻜﺴﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﺋﻌﺔ .ﺗﻮﻟﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻔﻜﻪ ﻋﻠﻲ
ﺍﻷﺯﻭﺭﻱ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺧﺎﺻﺔ ،ﻟﻪ ﻣﻄﺎﺭﺣﺎﺕ ﺇﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ﻣﻊ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲨﻦ
ﺍﻟﻘﺼﻴﱯ .ﺫﻫﺐ ﺍﻷﺯﻭﺭﻱ ﺇﱃ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻟﻴﻮﺍﺻﻞ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻛﺴﺘﺮ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻥ ﺃ ﹼﱂ ﺑﻪ ﺍﻹﻓﻼﺱ -ﻣﺮﺽ
ﺍﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﳌﺰﻣﻦ -ﻓﻜﺘﺐ ﺇﱃ ﺍﻟﻘﺼﻴﱯ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ﺗﺴ ﹼﻠﻢ ﺃﺑﻮ ﺳﻬﻴﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﻓﺄﺛﺎﺭﺕ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﻣﺮﺣﻠﺘﻪ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻴﺔ ﻛﺘﻠﻤﻴﺬ ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ،ﻓﺸﺎﻛﻞ
ﻼ:
ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻷﺯﻭﺭﻱ ﰲ ﺃﺳﻠﻮﺑﺔ ﻭﺩﺍﻋﺒﻪ ﺑﺬﻛﺮﻳﺎﺗﻪ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﺃﻫــﺪﻱ ﺍﻟﺴـﻼﻡ ﺇﻟﻴﻚ ﻳﺎﺑﻦ ﺍﻻﺯﻭﺩﻱ
.
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺴﻔﲑ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺑﺸﻴﻚ ﳏﺘﺮﻡ ﻳﺴﻌﻒ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻷﺯﻭﺭﻱ ﰲ ﺍﻟﺒﻨﻚ ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ
ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺬ ﺇﻳﺼﺎ ﹰﻻ ﺑﺎﳌﺒﻠﻎ ﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ :
ﺣﺪﺙ ﻟﺼﺪﻳﻘﻨﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺯﺍﻫﺪ ﳏﻤﺪ ﺯﻫﺪﻱ ﺃﻥ ﺯﺍﺭ ﻟﻨﺪﻥ ﻭﺍﻟﺘﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺩﺗﻪ ﺑﺄﺻﺤﺎﺑﻪ
ﻭﺍﳌﻌﺠﺒﲔ ﺑﺸﻌﺮﻩ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺻﺪﻳﻖ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﺼﺤﺎﰲ ﺻﺎﺩﻕ ﺍﻟﺼﺎﻳﻎ ،ﻓﺪﻋﺎﻩ ﻫﺬﺍ ﺍﱃ
ﻭﻟﻴﻤﺔ ﰲ ﺑﻴﺘﻪ ﻏﲑ ﺍﻟﻌﺎﻣﺮ)!( ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻭﻟﻴﻤﺔ ﺫﻛﹼﺮﺕ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺯﺍﻫﺪ ﺑﻮﻟﻴﻤﺔ ﺍﻟﺜﻌﻠﺐ ﻭﺍﻟﻠﻘﻼﻕ .ﺧﺮﺝ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﺑﻮ
ﻋﻤﺎﺭ ﻭﻫﻮ ﻳﺼﻒ ﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﺡ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﻟﻴﻤﺔ ﺍﻟﱵ ﱂ ﺗﺰﺩ ﳏﺘﻮﻳﺎﺎ ﻋﻦ ﺷﻮﺭﺑﺔ ﺳﻴﺌﺔ
ﺍﻟﻄﺒﺦ ﺣﺎﻣﻀﺔ ﺍﻟﻄﻌﻢ ﻋﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻌﻔﻦ:
ﻒ ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ ﺻﺎﺩﻕ ﺍﻟﺼﺎﻳﻎ ﻟﻨﺠﺪﺓ ﺯﻣﻴﻠﻪ ﻭﻋﺎﺩ ﺑﺎﻟﺸﺎﻱ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺑﻪ ﻻ ﻳﻘﻞ ﺭﻭﻋﺔ ﻭﺎﺀ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ
ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺧ
ﺍﻟﺸﻮﺭﺑﺔ ﲝﻴﺚ ﱂ ﳝﺮ ﺷﺄﻧﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺜﲑ ﻗﺮﳛﺔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻓﺄﻧﺸﺪ ﻭﻗﺎﻝ :
ﻣﻦ ﺃﻇﺮﻑ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﱐ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﳒﻴﺐ ﻣﺮﻭﺓ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻟﺪ ﻭﻧﺸﺄ ﰲ ﻗﺮﻳﺔ ﺳﻠﻌﺎ ﻣﻦ ﺟﺒﻞ
ﻋﺎﻣﻞ ﰲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭﺳﻂ ﺑﻴﺌﺔ ﻣﺴﺮﻓﺔ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﳉﻬﻞ ﻭﻣﻦ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﳏﺮﻭﻣﺔ ﻣﻦ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻷﺏ ﻭﻣﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻭﺻﻒ
ﻼ:
ﺫﻟﻚ ﺍﶈﻴﻂ ﰲ ﺷﻌﺮﻩ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ﻛﺎﻥ ﻋﺼﺎﻣﻴﺎ ﺗﻐﻠﹼﺐ ﻋﻠﻰ ﻇﺮﻭﻓﻪ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﻭﺃﰉ ﺇ ﹼﻻ ﺃﻥ ﳚﻠﻮ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ ﺷﺮﻑ ﻣﻌﺪﻧﻪ
ﻭﺣﺴﻦ ﻓﻄﻨﺘﻪ ،ﻓﺄﺻﺒﺢ ﻣﻦ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻮﺍﻋﻈﲔ ﻭﺍﳌﺘﺄﺩﺑﲔ .ﻭﻛﺎﻟﻜﺜﲑﻳﻦ ﳑﻦ ﻋﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﳊﻴﺎﺓ ،ﺍﻧﺼﺮﻑ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﱃ
ﻗﺘﻞ ﳘﻮﻣﻪ ﺑﺎﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺎﻫﺔ ﻭﺳﺎﺭ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺳﲑﺓ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﲨﻌﻮﺍ ﺑﲔ ﻋﻠﻮﻡ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺧﻔﹼﺔ ﺍﻟﻈﺮﻓﺎﺀ ،ﻭﺃﺻﺒﺢ ﳎﻠﺴﻪ ﻋﺎﻣﺮﹰﺍ ﺑﺎﻟﻨﻜﺎﺕ ﻭﺍﻟﻄﺮﺍﺋﻒ ﻭﺍﳌﻘﺎﻟﺐ.
ـﺮﻭﺭ
ـﻞ ﺍﻟﺴـ
ـﺮﺅﻳﱵ ﻛـ
ـﺮ ﺑـ
ﻳﺴـ ﻭﻋﻬـﺪﻱ ﺃﻥ ﺷﺨﺼـﻚ ﱄ ﳏﺐ
. .
ـﻌﲑ
ـﺜﻞ ﺍﻟﺸـ
ـﻪ ﻣـ
ـﻌﺮﻙ ﻛﻠـ
ﻭﺷـ ﻭﺍﻥ ﻗﺮﻳﻀــﻲ ﺍﳌﺸــﻬﻮﺭ ﻗﻤــﺢ
. .
ـﻮﺭ
ـﻦ ﻗﺼـ
ـﺪﻩ ﻻ ﻋـ
ـﺪﱘ ﻋﻬـ
ﻗـ ﻭﻫﺎ ﺃﻧﺎ ﻗـﺪ ﺗﺮﻛﺘـﻚ ﻋﻦ ﺇﺧﺎﺀ
. .
ﺍﻟﻮﻳﻞ ﳌﻦ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻷﺣﺪ ﻣﻦ ﻓﺤﻮﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ،ﻭﻣﻊ ﻣﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﻦ ﺣﻜﻤﺔ
ﻭﺍﺿﺤﺔ ،ﻓﺎﻟﻐﺮﻳﺐ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﻟﻌﹰﺎ ﻋﺎﺭﻣﹰﺎ ﻳﻐﻠﻲ ﰲ ﺻﺪﻭﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﺘﻌﺮﺽ ﳍﻢ .ﺇﻧﻪ ﻫﻮﺱ ﻭﺷﻐﻒ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺸﻐﻒ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﳌﻌﺼﻴﺔ -ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺷﺎﻋﺮ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺣﺎﻓﻆ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ -ﻣﻦ ﻳﺪﺭﻱ ﻓﻠﺮﲟﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﺫﻟﻚ ﻟﻠﻄﻤﻊ ﺑﺎﻟﺸﻬﺮﺓ ،ﻓﻠﻮ
ﺗﻌﺮﺽ ﺃﺣﺪ ﱄ ﳌﺎ ﲰﻊ ﺃﺣﺪ ﺑﻪ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻮ ﺗﻌﺮﺽ ﻟﻠﻘﺼﻴﱯ ﺃﻭ ﻧﺰﺍﺭ ﻗﺒﺎﱐ ﺃﻭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴﺎﰐ ﻟﺴﻤﻊ ﺑﻪ
ﺍﳉﻤﻴﻊ .ﻭﻫﺬﻩ ﻧﺼﻴﺤﺔ ﺃﺳﺘﻐ ﹼﻞ ﳍﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻷﻭﺟﻬﻬﺎ ﻟﻠﺒﻌﺾ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﺘﻤﻮﻧﲏ ﰲ ﺻﺤﻔﻬﻢ ﺃﻭ ﳎﺎﻟﺴﻬﻢ ﺇﺎ
ﻣﻀﻴﻌﺔ ﻭﻗﺖ ،ﺍﲝﺜﻮﺍ ﻋﻤﻦ ﻳﻠﻔﺖ ﺍﻷﻧﻈﺎﺭ ﻟﺸﺘﻤﺎﺋﻜﻢ.
ﺃﺩﺭﻙ ﲪﺪﺍﻥ ﺑﻦ ﺯﻛﺮﻳﺎ ﺣﻜﻤﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ،ﻭﻫﻮ ﺷﺎﻋﺮ ﻓﺎﻧﱪﻯ ﻟﻠﺘﻌﻮﻳﺾ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﻌﺮﺽ ﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻷﻭﱃ ،ﺃﰊ ﻧﻮﺍﺱ ،ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ،ﻭﱂ ﻳﺮ ﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺑﻮ ﻧﻮﺍﺱ .ﻭﺣﺪﺙ ﺃﻥ ﺗﺼﺎﺩﻑ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ،
ﻼ ﻭﻳﻠﻚ ﻳﺎ ﲪﺪﺍﻥ ﱂ
ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﻷﰊ ﻧﻮﺍﺱ :ﻫﺬﺍ ﲪﺪﺍﻥ ﺑﻦ ﺯﻛﺮﻳﺎ ﻓﺴﻠﹼﻢ ﻋﻠﻴﻪ" .ﻓﺒﺎﺩﺭﻩ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﺠﻮﱐ؟".
ﻓﺄﻋﻄﺎﻩ ﲪﺪﺍﻥ ﺟﻮﺍﺑﹰﺎ ﻣﺘﻮﺍﺿﻌﹰﺎ ﻭﺻﺎﺩﻗﹰﺎ ﺇﺫ ﻗﺎﻝ" :ﺭﺃﻳﺘﻚ ﻛﺒﲑﹰﺍ ﰲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﺄﺣﺒﺒﺖ ﺃﻥ ﺃﺿﻊ ﻣﻨﻚ ،ﻟﻌﻠﻚ
ﺗﻘ ﹼﻞ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﻋﻠﻴﻚ!".
ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺃﺑﻮ ﻧﻮﺍﺱ :ﻣﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺇ ﹼﻻ ﺍﳊﻆ ﺍﳋﺴﻴﺲ".
ﻼ:
ﰒ ﺃﻧﺸﺎ ﻓﺨﺎﻃﺒﻪ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﲪﺪﺍﻥ ﺑﻦ ﺯﻛﺮﻳﺎ" :ﻭﺍﷲ ﻻ ﺃﻫﺠﻮﻙ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺃﺑﺪﹰﺍ" .ﻭﺻﺪﻕ ﰲ ﻭﻋﺪﻩ ،ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﻟﻺﻛﺜﺎﺭ ﻭﻗﺪ
ﺃﻓﻠﺢ ﰲ ﺇﻗﺤﺎﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﺃﺳﻔﺎﺭ ﺍﻷﺩﺏ ؟!
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﳘﺎﺗﻪ ﰲ ﺃﺩﺏ ﺍﳍﺠﺎﺀ ﻭﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻳﺘﻬ ﹼﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻴﲔ ﺃﰊ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ
ﺍﻟﱪﻳﺪﻱ ﳌﻨﺼﺐ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﺍﺳﺘﻬﻠﻬﺎ ﺬﺍ ﺍﳌﻄﻠﻊ:
ﻗﺪ ﺗﻮﹼﻟﻰ ﺍﻟـﻮﺯﺍﺭﺓ ﺍﺑـﻦ ﺍﻟﱪﻳﺪﻱ ﻳﺎ ﲰﺎﺀ ﺍﺳﻘﻄﻲ ﻭﻳـﺎ ﺃﺭﺽ ﻣﻴﺪﻱ
. .
ﻭﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺇﺧﻮﺍﻥ ﻭﳎﺎﻟﺲ ﺃﺩﺑﻴﺔ ﺣﺪﺙ ﺃﻥ ﺣﻀﺮﻫﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺟﺤﻈﺔ ﺑﻦ ﻣﺪﺭﻙ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ﺍﻟﺸﻴﺒﺎﱐ،
ﻭﺍﻧﻄﻠﻖ ﻫﺬﺍ ﺧﻼﻝ ﺍﳉﻠﺴﺔ ﻓﻨﺪﺩ ﺑﺸﺎﻋﺮ ﺁﺧﺮ ﻋﺮﻑ ﺑﺄﰊ ﺍﳊﺴﻦ ﻭﺫﻛﺮﻩ ﺑﺴﻮﺀ ،ﻭﱂ ﻳﺮ ﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻔﺮﺝ
ﺍﻷﺻﺒﻬﺎﱐ ﺃﻭ ﻳﺬﻭﺫ ﻋﻦ ﺣﺮﻣﺘﻪ ،ﻭﲰﻊ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﻓﻜﺘﺐ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻳﻌﺎﺗﺒﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ،ﻭﻳﻘﻮﻝ:
ﻋﻠ ﻲ ﻓـﻼ ﲢﻤـﻰ ﻟﺬﺍﻙ ﻭﺗﻐﻀﺐ ﺃﺑـﺎ ﺍﻟﻔﺮﺝ ﺃﻫﺠﻰ ﺇﻟﻴﻚ ﻭﻳﻌﺘﺪﻱ
. .
ﻭﻗﺪ ﻭﺭﺩﺕ ﺍﳊﻜﺎﻳﺔ ﺫﻟﻚ ﰲ "ﺭﻧﺎﺕ ﺍﳌﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﳌﺜﺎﱐ ﰲ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﺍﻷﻏﺎﱐ" ﻟﻸﺏ ﺃﻧﻄـﻮﺍﻥ ﺻﺎﳊﺎﻧـﻲ
-ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﳋﺎﺻﺔ ﲜﻼﻟﺔ ﺍﳌﻠﻚ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻟﺜﺎﱐ " -ﻣﻦ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﻣﻠﻚ ﺍﱃ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﺃﻣﻪ".
ﺸﻭﻕ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ
ﻋﺮﻓﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺟﻌﻔﺮ ﳏﻤﺪ ﻧﻘﺪﻱ ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﺣﻴﺚ ﻋﻤﻞ
ﻗﺎﺿﻴﹰﺎ ﰲ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﻭﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﻭﺃﺻﺒﺢ ﻋﻀﻮﹰﺍ ﰲ ﳎﻠﺲ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﺑﺒﻐﺪﺍﺩ ﻭﻟﻪ ﻣﺆﻟﻔﺎﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﰲ ﺍﻟﻔﻘﺔ
ﻭﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻣﻨﻬﺎ :ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻭﺍﳌﺮﺃﺓ ،ﻭﺃﺑﺎﺓ ﺍﻟﻀﻴﻢ ﰲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ،ﺫﺧﺎﺋﺮ ﺍﻟﻌﻘﱮ ،ﻭﻭﺳﻴﻠﺔ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﰲ ﺷﺮﺡ
ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺎﺕ ﺍﻟﺼﺎﳊﺎﺕ ،ﻭﻏﲑﻫﺎ .ﻛﻤﺎ ﺣ ﹼﻘﻖ ﻭﻧﺸﺮ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﻨﺎ "ﺗﺪﺍﺑﲑ ﺍﳌﻨﺎﺯﻝ".
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺍﱃ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻜﺎﻧﺔ ،ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﺍﳋﺮﻯ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﻓﺴﺎﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﻭﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ،
ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﳏﻤﺪ ﻣﻬﺪﻱ ﺍﳉﻮﺍﻫﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺑﻄﺘﻪ ﻭﺇﻳﺎﻩ ﺻﺪﺍﻗﺔ ﺭﺍﺳﺨﺔ ﻭﳏﺒﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻧﻌﻜﺴﺖ ﰲ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ
ﻼ:
ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﻭﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺟﺮﺕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﺍﺷﺘﺎﻕ ﻳﻮﻣﹰﺎ ﺍﳉﻮﺍﻫﺮﻱ ﻠﺲ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻓﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻼ:
ﻗﺮﺃ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺟﻌﻔﺮ ﻧﻘﺪﻱ ،ﻓﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﻭﻛﺘﺐ ﺍﱃ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﳏﻤﺪ ﻣﻬﺪﻱ ﺍﳉﻮﺍﻫﺮﻱ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻣﺎ ﺑﺎﺕ ﻳﺼﻠﻰ ﺑﺄﻳﺪﻱ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﻧﲑﺍﻧﺎ ﺐ ﺳﻠﻮﺍﻧﺎ
ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻳﺄﻟـﻒ ﺍﻟﺼـ
. .
ﻚ ﻟﻐﺔ ﻗﺎﺽ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺑﻘﺎﻟﺐ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ ﺍﻷﺻﻴﻞ ،ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﺍﳉﻮﺍﻫﺮﻱ
ﺇﺎ ﺑﺪﻭﻥ ﺷ
ﻼ:
ﻏﺮﻳﺒﹰﺎ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺷﻲﺀ .ﻭﰲ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺎﻟﺐ ﺧﺎﻃﺒﻪ ﺃﺑﻮ ﻓﺮﺍﺕ ﰲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺃﺧﺮﻯ ،ﻓﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻗﺎﺋ ﹰ
ـﱯ
ـﻪ ﻗﻠـ
ـﺘﻬﻮﻩ ﳛﻤﻠـ
ـﺎ ﺗﺸـ
ﺃﻥ ﻣـ ﺃﻧــﺎ ﻣﺬ ﳘـﱵ ﻓﻴﻜﻢ ﻛﺎﻥ ﺩﺃﰊ
. .
ﻭﺇﺫ ﺗﺪ ﺧﻞ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﻭﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﲔ ،ﻭﺩﻉ ﺍﳉﻮﺍﻫﺮﻱ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺖ:
ﻼ ﻭﺃﻥ ﺃﺧــﲎ ﻋﻠ ﻲ ﺑﻌﺎﺩﻩ
ﻋﺠـ ﹰ ﺍﷲ ﻳﺼﺤـﺐ ﺑﺎﻟﺴﻼﻡ ﻣﻮﺩﻋـﻲ
. .
ـﺆﺍﺩﻩ
ـﻴﺎﻛﻢ ﳛ ـ ﻦ ﻓـ
ـﻮﻗﹰﺎ ﻟﻠﻘـ
ﺷـ ﺃﺣﺒﺎﺑـﻨـﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﺘﺎﺏ ﻟﻮﺍﺟـﺪ
. .
ﻳﺎ ﺳﺎﻛـﲏ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻐـﺮﻱ ،ﻣﺮﺍﺩﻩ ﻣﻬﻤـﺎ ﺗﺸـﺒﺐ ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺍﻡ ﻓﺄﻧﺘـ ﻢ
. .
ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﻤﺎﻤﺔ ﻭﺍﻟﺒﺭﻨﻴﻁﺔ
ﻛﺘﺒﺖ ﻭﺃﺷﺮﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﻠﻒ ﺍﱃ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﳒﻴﺐ ﻣﺮﻭﺓ ﻭﻣﺎ ﻋﺎﻧﺎﻩ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﻦ ﺿﻴﻖ ،ﻭﻗﺪ ﺩﻓﻌﻪ ﺇﱃ
ﺃﻥ ﻳﻀﺮﺏ ﺑﺎﻵﻓﺎﻕ ﻭﺍﻷﻣﺼﺎﺭ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺩﻳﺎﺭ ﺍﳌﻐﺘﺮﺑﲔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﲔ ﰲ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ،ﻓﺸﺪ ﺭﺣﺎﻟﻪ ﻭﺍﺳﺘﻌﺪ ﻟﻠﺮﺣﻴﻞ.
ﻭﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻟﺬﻟﻚ ﺃﻗﺎﻡ ﺻﺤﺒﻪ ﻭﺃﻗﺎﺭﺑﻪ ﺣﻔﻠﺔ ﻭﺩﺍﻋﻴﺔ ﻟﻪ ﰲ ﻗﺮﻳﺔ ﺍﻟﺸﻴﺎﺡ ﲜﺒﻞ ﻋﺎﻣﺮ ﺣﻴﺚ ﻗﻀﻰ ﺟ ﹼﻞ ﺣﻴﺎﺗﻪ .ﻭﺿﻢ
ﺍﳊﻔﻞ ﺳﻴﺪﺓ ﻣﻦ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺍﲰﻬﺎ "ﺳﺎﳏﺔ" ﲰﺤﺖ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﺑﺄﻥ ﺗﻌﻆ ﺍﻟﻮﺍﻋﻆ ﻓﻴﻤﺎ ﳚﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻐﻴﲑ ﳍﻴﺌﺘﻪ ،ﻭﻫﻮ
ﻱ ﺍﶈﻠﻲ
ﻣﺎ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﺩﺍﺋﻤﹰﺎ ﻛﻞ ﻋﺎﺯﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﺍﱃ "ﺑﻼﺩ ﺑ ﺮﺓ" .ﺃﺷﺎﺭﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺳﺎﳏﺔ ﺑﺄﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﺰ
ﻭﻳﺘﺨﺬ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﳋﻮﺍﺟﺎﺕ .ﻭﻳﻈﻬﺮ ﺃﺎ ﻗﺪ ﺃﺳﺮﻓﺖ ﰲ ﺍﻟﻨﺼﺢ ﻭﺍﻟﻮﻋﻆ ﲝﻴﺚ ﺩﻓﻌﺘﻪ ﰲ ﺍﻷﺧﲑ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ
ﲝﻘﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ـﻪ
ـﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﺎﲢـ
ـﺮﺃ ﻋﻠـ
ـﻮﻗﻬﺎ ﻭﺍﻗـ
ﻓـ ﻭﺍﻃﺮﺡ ﺍﻟﻌﻤﺔ ﰲ ﺍﻟﺒﺤـﺮ ﻭﻧـﺢ
. .
ـﺤﺔ
ـﺘﺎﺓ ﻧﺎﺻـ
ـﺮ ﻓـ
ـﻚ ﰲ ﺍﻷﻣـ
ﻟـ ـﲏ
ـﻢ ﺃﻧـ
ـﺒﻌﺔ ﻭﺍﻋﻠـ
ـﺒﺲ ﺍﻟﻘـ
ﻭﺍﻟـ
. .
ﻫﺬﻩ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻧﺼﻴﺤﺔ ﻣﺎ ﺯﻟﺖ ﺃﺗﺬ ﹼﻛﺮﻫﺎ ﺍﻟﻘﺘﻬﺎ ﺍﺣﺪﻯ ﻋ ﻤﺎﰐ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﺪﻱ ﺭﲪﻪ ﺍﷲ ،ﻧﺼﺤﺘﻪ ﺑﺄﻥ ﻳﺘﺮﻙ
ﺍﻟﻌﻤﺔ ﻭﻳﻠﺒﺲ ﺍﻟﺴﺪﺍﺭﺓ ﻟﻴﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻮﻃﲎ ﺍﳉﺪﻳﺪ ﻭﻳﺘﻮﻓﻖ ﻭﻳﺘﻘﺪﻡ ﰲ ﺍﳌﻨﺎﺻﺐ ،ﻓﻘﺎﻝ ﳍﺎ :ﻻ ﺃﻧﺎ ﺃﻓﻀﻞ
ﺃﻥ ﺃﺑﻘﻰ ﻣﻌﻠﻤﹰﺎ ﻭﺃﻟﺒﺲ ﻋﻤﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﺻﺒﺢ ﻭﺯﻳﺮﹰﺍ ﻭﺃﻟﺒﺲ ﺍﻟﺴﺪﺍﺭﺓ .ﻭﺗﻮﻗﻊ ﳍﺎ ﻣﺎ ﺃﺛﺒﺘﺘﻪ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﻫﻮ ﺃﻥ
ﺍﻟﺴﺪﺍﺭﺓ ﺳﺘﻨﻘﺮﺽ ﻭﺍﻟﻌﻤﺔ ﺳﺘﺒﻘﻰ.
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺮ ﻭﺓ ﱂ ﻳﺘﻤﺎﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﲰﻊ ﻣﻦ ﻧﺼﻴﺤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﺳﺎﳏﺔ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﻞ ﻟﺮﻓﺎﻗﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﺎﻓﺮﻳﻦ ﻣﺎ
ﺃﺑﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻧﺼﺢ:
ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺘﺎﺩ ﱄ ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﻣﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﺑﺼﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻳﻮﺳﻒ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻧﻘﻀﻲ ﻣﻌﺎ ﺳﻮﻳﻌﺎﺕ
ﰲ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ ،ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﳊﻴﺎﺓ .ﻭﻏﺎﻟﺒﹰﺎ ﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻣﻮﺳﻢ ﺍﻟﺼﻴﻒ ،ﺍﳌﻮﺳﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺗﺎﺡ ﻓﻴﻪ
ﺍﻷﺳﺎﺗﺬﺓ ﻣﻦ ﺗﻼﻣﺬﻢ ﻭﻳﻬﺮﻋﻮﻥ ﺍﱃ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻬﻢ ﻭﺃﺣﺒﺎﺋﻬﻢ .ﻭﻟﻜﻦ ﺻﻴﻒ ،١٩٩٤ﺟﺎﺀ ﻭﻣ ﺮ ﻭﺍﻧﻘﻀﻰ ﻭﱂ
ﺃﺗﻠﻖ ﺧﱪﹰﺍ ﻣﻦ ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻓﺘﺸﺖ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻮﻓﻴﺎﺕ ﻓﻠﻢ ﺃﺟﺪ ﺍﲰﻪ ،ﻭﺳﺄﻟﺖ ﺍﳌﻄﻠﻌﲔ ﻭﺍﳌﺘﺎﺑﻌﲔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ
ﺇﺭﻫﺎﺏ ﺍﳌﺜﻘﻔﲔ ،ﻓﻘﻴﻞ ﱄ ﻛﻼ ،ﱂ ﻳﺮﺩ ﻟﻪ ﺫﻛﺮ ﺑﲔ ﺍﳌﺨﻄﻮﻓﲔ.
ﺗﻮﺻﻠﺖ ﺍﱃ ﺍﺳﺘﺘﻨﺎﺝ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻗﻠﺖ :ﻻ ﺑﺪ ﺃﻧﻪ ﺗﺸﺮﻧﻖ ﻭﺗﻘﻮﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺷﺄﻥ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻷﺩﺏ ،ﻓﻠﻢ ﻧﺮ ﻟﻪ
ﺃﺛﺮﺍ ً.ﺗﺒﲔ ﺃﺧﲑﹰﺍ ﺃﻥ ﺣﺪﺳﻲ ﻫﺬﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺑﻌﻴﺪﹰﺍ ﻋﻦ ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ؛ ﻇﻬﺮ ﺃﻥ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻳﻮﺳﻒ ﺍﺳﺘﻠﻢ ﻋﺒﺎﺀﺓ ﻧﺎﻋﻤﺔ ﺃﻧﻴﻘﺔ
ﻣﻦ ﺻﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍﻹﺣﺴﺎﺀ ﺃﻫﺪﺍﻫﺎ ﻟﻪ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺍﻟﺴﻌﺪﻭﻥ ،ﺩﺧﻞ ﺃﺑﻮ ﺃﺳﻴﻞ ﻓﺄﻋﺠﺒﻪ ﺩﻓﺆﻫﺎ ﻭﻧﻌﻮﻣﺘﻬﺎ
ﻒ ﺎ ﻭﺭﻛﻦ ﺍﱃ ﺯﻭﺍﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺒﺘﻪ ﻭﻧﺴﻲ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻭﻣﻦ ﻓﻴﻪ .ﻋﺮﻓﺖ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﱵ
ﻭﻭﺷﺎﺋﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﺘ
ﺣﺮﺭﻫﺎ ﰲ ﻗﻮﻗﻌﺘﻪ ﻫﺬﻩ ﻭﺑﻌﺚ ﺎ ﺍﱃ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ،ﻭﺻﻠﺘﲏ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﺷﺎﺭﻙ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ ،ﳌﺎ ﻓﻴﻬﺎ
ﻣﻦ ﻣﺪﺍﻋﺒﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ:
ـﺮﺏ
ـﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌـ
ـﺮ ﻓـ
ﻳﻔﺨـ ﻗـﺪ ﻭﺷﺤـﺖ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ
. .
ﳚﺮﻱ ﰲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ ﻧﺰﺍﻉ ﺑﺸﺄﻥ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺔ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻷﺗﺒﺎﻉ
ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﻴﻌﻲ ﻣﻦ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ،ﻭﳝﻜﻦ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﱰﺍﻉ ﺍﳉﺎﺭﻱ ﺣﺎﻟﻴﹰﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻧﺰﺍﻉ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﺍﻟﻄﺮﻑ
ﺍﻟﻼﻋﺮﰊ ،ﺃﻭ ﺍﻷﻋﺠﻤﻲ .ﻭﻳﺘﺮﻛﹼﺰ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻷﻭﻝ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻌﻰ ﻹﺑﻘﺎﺀ ﺍﳌﺮﺟﻌﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻨﺠﻒ ،ﻭﻳﺘﺮ ﹼﻛﺰ
ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﰲ ﺍﻳﺮﺍﻥ ﺣﻴﺚ ﺗﺒﺬﻝ ﺍﳉﻬﻮﺩ ﺍﻵﻥ ﻟﺘﻨﺼﻴﺐ ﺍﳋﺎﻣﻨﺌﻲ ﻋﻠﻰ ﺭﺋﺎﺳﺔ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﻴﻌﻲ.
ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻯ ﻟﻨﺎ ﺃﺧﲑﹰﺍ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﲝﺮ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺻﻔﺤﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﱰﺍﻉ ﰲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻋﻦ ﻣﺪﺭﺳﺔ
ﺍﻟﻨﺠﻒ ،ﻗﺎﻝ :ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﱰﺍﻉ ﺍﻟﻌﺮﰊ -ﺍﻷﻋﺠﻤﻲ ،ﺟﺮﻯ ﰲ ﺃﻭﺍﺳﻂ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﰲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺑﲔ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ
ﺃﺑﻮ ﺍﳊﺴﻦ ﺍﻷﺻﻔﻬﺎﱐ ،ﺍﳌﺮﺟﻊ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻭﻛﺎﻥ ﺇﻳﺮﺍﻧﻴﹰﺎ ،ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﲪﺪ ﻛﺎﺷﻒ ﺍﻟﻐﻄﺎﺀ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻤﻴﺪ ﺃﺳﺮﺓ ﺁﻝ ﻛﺎﺷﻒ ﺍﻟﻐﻄﺎﺀ ،ﺍﻟﻌﺮﻳﻘﺔ ﰲ ﻋﺮﻭﺑﺘﻬﺎ.
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﳌﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﻨﺠﻔﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﺗﺰﻭﺝ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺃﻥ ﻳﻌﻘﺪﻭﺍ ﺣﻔﻠﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ ﻭﳛﺘﻔﻠﻮﺍ ﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ
ﺑﻘﺮﺍﺀﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻭﻛﻠﻤﺎﺕ ﻣﻦ ﺻﺤﺒﻪ ﻭﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺘﺎﺩ ﺃﻥ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻣﻦ
ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﻹﻟﻘﺎﺀ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻳﺸﻴﺪ ﺎ ﺑﺎﶈﺘﻔﻰ ﺑﻪ …ﺍﱁ ،ﺍﺳﺘﻐ ﹼﻞ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﻬﺪﻱ ﺍﳊﺠﺎﺭ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺮﺓ
ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ ،ﺇﺣﺪﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﻟﺰﻭﺍﺝ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ،ﻓﺄﻟﻘﻰ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﻨﻄﻠﻘﹰﺎ ﻟﻺﺷﺎﺩﺓ
ﺑﺼﺪﻳﻘﻪ ﺍﻵﺧﺮ ،ﺯﻋﻴﻢ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﲪﺪ ﻛﺎﺷﻒ ﺍﻟﻐﻄﺎﺀ ،ﻓﻘﺎﻝ:
ﴰﺲ ﺍﻟﻨﻬـﺎﺭ ﻓﻌـﺎﺩ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﺭﻣﺪﺍ ﻣـﺎ ﺿ ﺮ ﳎﺪﻙ ﺣﺎﺳـﺪ ﺑﺰﻏﺖ ﻟﻪ
. .
ﰒ ﺗﻮﺟﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻟﻴﺘﺤﺪﻯ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻋﺠﻤﻴﺔ ﻭﻳﺴﺨﺮ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻨﻔﻜﹼﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺜﺮ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺎﺕ
ﺍﻷﻋﺠﻤﻴﺔ ،ﻭﻳﺬ ﹼﻛﺮﻫﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻧﺰﻝ ﺑﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻻ ﺑﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺮﺱ:
١
ﺃﻓﻬﻞ ﺭﺃﺕ "ﺑﻴﻐﻨﻔﺮﺍ" ﺃﻭ "ﻳﺎﺧﺪﺍ"؟ ﺳـﻠﻬـﺎ ﻏـﺪﺍﺓ ﺗﺼﻔﹼﺤﺖ ﻗﺮﺁﺎ
. .
" ١ﺑﻴﻐﻨﻔﺮ" ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ ﺗﻌﲏ "ﻧﱯ" ﻭ "ﻳﺎﺧﺪﺍ" ﺗﻌﲏ "ﻳﺎ ﺍﷲ" .ﻛﺘﺒﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻘﺎﻟﺔ ﰲ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﻋﺎﻡ ١٩٩٥ﻡ.
ﻁﻭﻗﺎﻥ ﻴﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺸﻭﻗﻲ
ﺍﳌﻌﻠﹼﻤﻮﻥ ﰲ ﻛﻞ ﺇﳓﺎﺀ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻐﺒﻮﻧﻮﻥ ﻭﳒﺪﻫﻢ ﻓﻮﻕ ﻏﺒﻨﻬﻢ ﻣﻮﺿﻌﹰﺎ ﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﺎﺧﺮﻳﻦ ﻭﻧﻜﺎﺕ
ﺍﳌﻨﻜﹼﺘﲔ .ﻳﻜﻔﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﳉﺎﺣﻆ ﰲ ﺷﺄﻢ ﻣﻦ ﺣﻜﺎﻳﺎﺕ ﻭﻃﺮﺍﺋﻒ ،ﻭﻣﺎ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﳉﺎﺣﻆ ﻟﻪ ﺻﺪﺍﻩ ﰲ
ﺗﺮﺍﺙ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ .ﻭﻫﺬﻩ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﳏﲑﺓ ،ﻓﺎﳌﻔﺮﻭﺽ ﺃﻥ ﺗﻐﺪﻕ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﳊﻜﻮﻣﺎﺕ ﺑﻜﺮﻣﻬﺎ ﻭﻋﻄﺎﻳﺎﻫﺎ ،ﻓﻔﻲ
ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﺳﺒﻞ ﻏﺴﻞ ﺩﻣﺎﻍ ﺍﳉﻴﻞ ﺍﳉﺪﻳﺪ .ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﱂ ﳛﺪﺙ ﻭﺑﻘﻲ ﺍﳌﻌﻠﹼﻤﻮﻥ ﰲ ﻣﻌﻈﻢ ﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﱂ ﻳﺘﻘﺎﺿﻮﻥ
ﺃﻗ ﹼﻞ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﺗﺐ ﻭﺍﻷﺟﻮﺭ ﻭﻫﻢ ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﻮﻥ ﻋﻦ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺃﻃﻔﺎﻟﻨﺎ ،ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﻼ ﻳﺘﻠﻘﹼﻮﻥ ﻣﻨﺎ ﻏﲑ
ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﺨﻔﺎﻑ ،ﻭﻻ ﻋﺠﺐ ﺃﻥ ﳒﺪ ﺍﳌﻌﻠﹼﻤﲔ ﰲ ﺩﻭﻝ ﻛﺜﲑﺓ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ،ﻳﻘﻮﺩﻭﻥ ﺍﳊﺮﻛﺎﺕ
ﺍﻟﺮﺍﺩﻳﻜﺎﻟﻴﺔ ﻭﳝﺪﻭﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﻭﺍﻹﻧﺘﻔﺎﺿﺎﺕ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮﺩ.
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺃﻣﲑ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺃﲪﺪ ﺷﻮﻗﻲ ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻌﻠﹼﻤﹰﺎ ﺃﻭ ﻋﺮﻑ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ،ﺷﺎﺀ ﺃﻥ ﻳﻨﺼﻒ ﺍﳌﻌﻠﹼﻤﲔ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻓﻴﻬﻢ
ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﺍﻟﺸﻬﲑﺓ ﲟﻄﻠﻌﻬﺎ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ:
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﲪﺪ ﺷﻮﻗﻲ ﻏﺮﻳﺒﹰﺎ ﻋﻦ ﻋﺎﱂ ﺍﳌﻌﻠﹼﻤﲔ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻃﻮﻗﺎﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ .ﻓﻘﺪ ﻋﺎﺵ
ﻃﻮﻗﺎﻥ ﰲ ﻣﻬﻨﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭﻣﺎﺕ ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻗﺮﺃ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﺷﻮﻗﻲ ﻓﺎﻧﱪﻯ ﻟﻴﻌﺎﺭﺿﻪ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻣﺮﺓ ﰲ ﺳﺨﺮﻳﺘﻬﺎ،
ﻓﻘﺎﻝ:
"ﻗــﻢ ﻟﻠﻤﻌﻠﻢ ﻭ ﹼﻓـﻪ ﺍﻟﺘﺒﺠﻴﻼ" ﺷﻮﻗـﻲ ﻳﻘﻮﻝ ﻣـﺎ ﺩﺭﻯ ﲟﺼﻴﺒﱵ
. .
ﻭﺟ ﺪ ﺍﻟﻌﻤﻰ ﻧـﺤﻮ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ ﺳﺒﻴﻼ ﻣﺌﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺌﺔ ،ﺇﺫﺍ ﻫـﻲ ﺻﻠﹼﺤﺖ
. .
ـﻴﻼ
ـﻴﻮﻥ ﲞـ
ـﻴﻚ ،ﱂ ﺃﻙ ﺑﺎﻟﻌـ
ﻭﺃﺑـ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﰲ ﺍﻟﺘﺼﻠﻴﺢ ﻧﻔﻌـﺎﹰ ﻳﺮﲡﻰ،
. .
ﻼ ﻭﻻ ﻣﺒﺬﻭﻻ
ﻣـﺎ ﻟﻴـﺲ ﻣﻨﺘﺤـ ﹰ ﻭﺃﻏﻮﺹ ﰲ ﺍﻟﺸﻌـﺮ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﻓﺄﻧﺘﻘﻲ
. .
ـﻮﻳﻼ"
ـﻴﺶ ﻃـ
ـﻢ ﻻ ﻳﻌـ
"ﺇﻥ ﺍﳌﻌﻠـ ﻳﺎ ﻣﻦ ﻳﺮﻳـﺪ ﺍﻻﻧﺘﺤـﺎﺭ ﻭﺟﺪﺗـﻪ
. .
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺣﻜﻤﺔ ﺗﻨﺒﺆﻳﺔ ﻓﻤﺎ ﻓﱴﺀ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻃﻮﻗﺎﻥ ﺃﻥ ﻣﺎﺕ ﻣﻌﻠﻤﹰﺎ ﰲ ﺳﲏ ﺷﺒﺎﺑﻪ ،ﺗﻐﻤﺪﻩ ﺍﷲ ﺑﺮﲪﺘﻪ
ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ.
ﻓﺠﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﻤﻌﻁﻑ
ﻛﺎﻥ ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ ﻭﺯﻣﻴﻠﻨﺎ ﳒﺪﺓ ﻓﺘﺤﻲ ﺻﻔﻮﺓ ﺗﻠﻤﻴﺬﹰﺍ ﰲ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﳊﻘﻮﻕ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﻗﻊ ﻧﻈﺮﻩ ﰲ ﺷﺘﺎﺀ ﻋﺎﻡ
١٩٤٣ﻡ ﻋﻠﻰ ﺧﱪ ﻣﻦ ﺩﻓﺎﺗﺮ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﰲ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﺍﳊﻮﺍﺩﺙ ﺍﳌﺴﺎﺋﻴﺔ ،ﻳﻘﻮﻝ ﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ" :ﺃﺑﻠﻎ ﳐﻔﺮ ﺷﺮﻃﺔ
ﺍﻟﻌﻴﻮﺍﺿﻴﺔ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﰲ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻄﺐ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺏ ﺃﻥ ﻣﻌﻄﻔﻪ ﻗﺪ ﺳﺮﻕ ﻣﻦ ﻣﻄﻌﻢ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎﺕ ﺟﺎﺭﻳﺔ".
ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﱂ ﺗﺴﻔﺮ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎﺕ ﻋﻦ ﺷﻲﺀ ،ﻓﺄﻏﻠﺐ ﺍﻟﻈﻦ ﺃﻥ ﺃﺣﺪ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ،ﻭﺟﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﻓﻘﺮﺍﺀ
ﺍﻟﺸﺮﺍﻗﻮﺓ ،ﻗﺪ ﺳﺮﻕ ﺫﻟﻚ ﺍﳌﻌﻄﻒ ﺍﻷﺭﺳﺘﻘﺮﺍﻃﻲ ﻟﻠﺘﻠﻤﻴﺬ ﺍﻷﺭﺳﺘﻘﺮﺍﻃﻲ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺏ ،ﻟﻴﺘﻘﻲ ﺑﻪ ﺑﺮﺩ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ
ﺍﻟﻘﺎﺭﺱ ﻟﺒﻐﺪﺍﺩ .ﺃﺛﺎﺭ ﺍﳋﱪ ﻗﺮﳛﺔ ﺍﻟﺰﻣﻴﻞ ﳒﺪﺓ ،ﻓﺒﻌﺚ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻋﺎﺩﻝ ﻋﻮﱐ ،ﺭﺋﻴﺲ ﲢﺮﻳﺮ ﺻﺤﻔﻴﺔ ﺍﳊﻮﺍﺩﺙ
ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﻳﺪﺍﻋﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ،ﻓﻴﻘﻮﻝ ﲢﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ "ﻓﺠﻴﻌﺔ ﰲ ﻣﻌﻄﻒ":
ﻱ ﻋـــﺬﺍﺏ ﺳـــﺎﻣﲏ
ﺃ ـﺎﻧﲏ
ـﺪ ﺧـ
ـﺎ ﻣﻌﻄﻔ ـﹰﺎ ﻗـ
ﻳـ
. .
ـﺎﺑﲏ
ـﺎ ﺃﺻــ
ـﺎﻩ ﻣــ
ﺇﻳــ ﻓﺤــــﻴﻪ ﻣــــﺒﻠﹼﻐﹰﺎ
. .
ـﲏ
ـﺎ ﺃﺫﺍﻗــ
ـﺮﻳﻪ ﻣــ
ﺗــ ـﻔﻌﺔ
ـﱪﻱ ﺑﺼـــ
ﻓﻴﻨـــ
. .
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﳌﻘﻠﺐ ﻣﺰﺩﻭﺟﹰﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﲡﺎﻭﺯ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻌﺪﻡ ﺫﻛﺮ ﺍﲰﻪ ،ﻓﻨﺸﺮﻩ .ﻭﻗﺮﺃ ﺍﳌﻘﻠﺐ
ﺻﺪﻳﻘﻬﻤﺎ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﳋﺸﺎﱄ ،ﻓﻮﺍﺻﻞ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺧﻔﻴﻔﺔ ،ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ:
ﻭﻟﻠﻘﺼـــﻴﺪ ﺷـــﺎﻗﲏ ـﺎﻟﲏ
ـﺪ ﻫـ
ـﺎ ﻗـ
ـﺮﺃﺕ ﻣـ
ﻗـ
. .
ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺇﻥ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺑﺎﻟﺸﺪﺍﺋﺪ ،ﻭﺍﳌﻮﺕ ﺃﺷ ﺪ ﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ .ﻳﻬﺮﻉ ﻋﻨﺪﻩ ﺍﳋﻠﻴﻞ ﺍﻟﻮﰲ ﺇﱃ ﻣﻮﺍﺳﺎﺓ
ﱪ
ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻭﺷ ﺪ ﺃﺯﺭﻩ ﻭﺍﻟﺘﻬﻮﻳﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺗﺬﻛﲑﻩ ﲝﻜﻤﺔ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ ﻭﺳﻨﺔ ﺍﳊﻴﺎﺓ .ﻳﺴﺎﺭﻉ ﺃﻛﺜﺮﻧﺎ ﺇﱃ ﻋﻤﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟ
ﺑﺎﳊﻀﻮﺭ ﻭﺍﻟﺘﺸﻴﻴﻊ ﻭﺑﺈﺭﺳﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻭﺍﻟﺒﻄﺎﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﱪﻗﻴﺎﺕ ﳌﻦ ﻧﺄﻯ .ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻓﺒﻴﺪﻫﻢ ﻗﺮﳛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ
ﻚ ﰲ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﻳﺘﺴﻠﹼﻤﻬﺎ ﺍﳌﻨﻜﻮﺏ ﲢﺪﺙ ﺃﻃﻴﺐ ﺍﻷﺛﺮ
ﻳﻄﻮﻋﻮﺎ ﻭﻳﺴﺨﺮﻭﺎ ﰲ ﺗﻌﺰﻳﺔ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ،ﻭﻻ ﺃﺷ
ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮﻩ .ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺩﺃﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ؛ ﺍﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﺍﳊﺰﻥ ﻭﺍﳌﺸﺎﻃﺮﺓ ﰲ
ﺍﻟﺒﻠﻮﻯ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻧﻠﻤﺴﻪ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻟﻠﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﰲ ﺗﻌﺰﻳﺔ ﺻﺪﻳﻖ ﻟﻪ ،ﺣﻴﺚ
ﻳﻘﻮﻝ:
ﻗﻀﺎﺀ ﺍﷲ ﻋ ﺰ ﻭﺟﻞﹼ ،ﺭﻛﻦ ﺁﺧﺮ ﻭﻣﻮﺿﻮﻉ ﻣﺄﻟﻮﻑ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺎﺯﻱ ﺣﻴﺚ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﳌﻌﺰﻱ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﳌﺼﺎﺏ ﲟﺎ
ﻗﺪﺭﻩ ﺍﳋﺎﻟﻖ ﻭﺣ ﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺨﻠﻮﻕ ﺃﻥ ﳜﻀﻊ ﻟﻪ .ﻭﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺗﺘﺮﺩﺩ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﰲ ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺎﺕ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺔ.
ﻭﺭﺩ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﰲ ﺃﺷﻌﺎﺭ ﺑﻌﺚ ﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﺃﰊ ﻋﻴﻴﻨﺔ ﺇﱃ ﺻﺎﺣﺐ ﻃﺎﻫﺮ ﺑﻦ ﺍﳊﺴﲔ ﺍﻟﺬﻱ ﺃ ﹼﱂ ﺑﻪ ﻣﺼﺎﺏ
ﻫﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍﺷﺘ ﺪ ﰲ ﻭﻗﻌﻪ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ:
ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪﻙ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﻳﻘﲔ ﻓﺎﺭﻓﺾ ﺎ ﻭﺗﻌ ﺮ ﻣﻦ ﺃﺛﻮﺍﺎ
. .
ﻧﺒﻎ ﰲ ﺟﺒﻞ ﻋﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﺍﻷﺩﻳﺐ ﻭﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻷﻣﲔ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺷﺘﻬﺮ ﺑﺴﺨﺮﻳﺘﻪ ﺍﳌﺮﺓ ﻭﺭﻭﺣﻪ ﺍﳌﺮﺣﺔ
ﺣﱴ ﺃﺻﺒﺢ ﳎﻠﺴﻪ ﰲ ﺍﳋﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻠﻲ ﻣﺮﻭﺓ ،ﻧﺪﻭﺓ ﻳﺴﻌﻰ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﳌﺘﺄﺩﺑﻮﻥ ﻭﺍﳌﻌﺠﺒﻮﻥ ﻟﻴﺴﺘﻤﻌﻮﺍ
ﺇﱃ ﺣﻠﻮ ﻛﻼﻣﻪ ﻭﺑﺪﺍﺋﻊ ﻇﺮﻓﻪ .ﺣﺪﺙ ﺃﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﻣﻌﺰﺍﺓ ﺃ ﹼﱂ ﺎ ﺍﳌﺮﺽ ﻭﺍﳉﺮﺏ ﺣﱴ ﻓﺎﺭﻗﺖ ﺍﳊﻴﺎﺓ،
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ﺍﳌﻘﺮﺑﲔ ﻟﻪ ،ﻓﻤﺎ ﺃﻥ ﲰﻊ ﺑﺎﻟﻜﺎﺭﺛﺔ ﺣﱴ ﺍﻧﱪﻯ ﻟﻴﻌﺰﻱ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﲟﻮﺕ
ﻋﱰﺗﻪ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ـﺮﺑﺎﺀ
ـﱰﺓ ﺍﳉـ
ـﺘﻚ ﺍﻟﻌـ
ﻣـﺬ ﻓﺎﺭﻗـ ﺣـﺎﺭﺕ ﺑﻌﻴﻨﻚ ﺩﻣﻌـﺔ ﺧـﺮﺳﺎﺀ
. .
ـﺮﻓﻘﺎﺀ
ـﻞ ﺍﻟـ
ـﻪ ﻳﺴﺘﻜﺸـ
ـﺮ ﺑـ
ﺃﻣـ ﺇﱐ ﻷﻋﺠﺐ ﻛﻴﻒ ﺗﻄﻤـﻊ ﺑﺎﻟﻐﲎ
. .
ـﺮﺍﺀ
ـﻴﻌﻬﻢ ﻓﻘـ
ـﻢ ﻭﲨـ
ـﻦ ﺩﻭـ
ﻣـ ﻟﻜـﻦ ﺭﺑـﻚ ﱂ ﻳﺸـﺄ ﻟﻚ ﺛﺮﻭﺓ
. .
ـﻮﺍﺀ
ﻓﻜﺄﳕـﺎ ﻓﺴـﺪﺕ ﺑـﻪ ﺍﻷﺟـ ﻭﺗﻘﻴﺤﺖ ﻭﺳـﺮﺕ ﺭﻭﺍﺋـﺢ ﻧﺘﻨﻬﺎ
. .
ﺇﻥ ﻛـﺎﻥ ﻻ ﳛﻠـﻮ ﻟﺪﻳـﻚ ﻋﺰﺍﺀ ﻋ ﺰ ﺍﳌﺼﺎﺏ ﺎ ﻭﻋـﺬﺭﻙ ﻭﺍﺿﺢ
. .
ـﺎﺀ
ـﻨﺎﺀ ﺑﻘـ
ـﻪ ﺍﻟﻔـ
ـﻮ ﺩ ﻟـ
ـﻦ ﺗـ
ﻭﳌـ ﻣﻮﺕ ﳌﻦ ﺗﺮﺟﻮ ﻟـﻪ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﺒﻘـﺎ
. .
ﻳﻈﻬﺮ ﺃﻥ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺛﺎﺭﺕ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻌﱰﺓ ،ﻓﺎﻧﻄﻠﻖ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ﺃﻃﻮﻝ ﻳﻨﺪﺩ ﻓﻴﻬﺎ
ﺑﺄﺧﻼﻕ ﺍﻟﺒﺸﺮ ،ﻭﻛﻴﻒ ﺃﻧﻪ ﰲ ﺍﻷﺧﲑ ﻓﻀﻞ ﺻﺪﺍﻗﺔ ﺍﳊﻴﻮﺍﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ:
ﻭﻋﺎﺩ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺪﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻟﻴﺆﻳﺪ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﰲ ﺫ ﻡ ﺍﻤﻊ ﻭﻓﺴﺎﺩ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﻭﺗﻜﺎﺛﺮ ﺍﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ،ﺇﺫ
ﻳﻘﻮﻝ:
ﺣﺪﺛﲏ ﺍﻷﺥ ﻳﻮﺳﻒ ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺸﲑﺍﻭﻱ ﻋﻦ ﺃﺧﻴﻪ "ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ" ﻏﺎﺯﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﻘﺼﻴﱯ ،ﻭﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﺑﻴﻨﻪ
ﻭﺑﲔ ﺃﺧﻴﻪ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﻭﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﲬﻴﺲ ،ﻭﻗﺎﻝ:
ﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻻ ﻳﺘﺬﻛﹼﺮ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﰲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﻭﻗﻴﺎﻡ ﺍﳌﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ
ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﺑﺈﻧﺸﺎﺀ ﺑﻨﻴﺔ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﻻﻧﻄﻼﻗﺔ ﺗﻨﻤﻮﻳﺔ ﻭﺣﻀﺎﺭﻳﺔ ﺟﺒﺎﺭﺓ؟! ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻥ ﺍﻋﺘﻤﺪﺕ ﺍﳌﻤﻠﻜﺔ
ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﳐﻄﹼﻄﺎﺕ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﳌﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺗﻀﻤﻨﺖ ﺑﻨﺎﺀ ﺃﺳﺴﻬﺎ ﻭﻣﺮﺍﻓﻘﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﻣﺪﺓ ﺯﻣﻨﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ
ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺳﻨﻮﺍﺕ ،ﳌﺎ ﲢﺘﺎﺟﻪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﳋﺮﻯ ﻣﻦ ﻣﺪﺓ ﻻ ﺗﻘ ﹼﻞ ﻋﻦ ﺍﻷﺭﺑﻌﲔ ﺳﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻌﺎﳌﻲ.
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﳍﺬﺍ ﺍﳉﺮﻱ ﺍﳌﺘﺴﺎﺭﻉ ﺃﻥ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﱃ ﻛﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﻨﺎﻗﺎﺕ ﰲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﳌﻘﺎﻭﻻﺕ
ﻭﺍﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﻭﺇﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﳌﻮﺍﺻﻔﺎﺕ ،ﻧﺎﻫﻴﻜﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﺸﻐﻴﻞ.
ﻛﺎﻥ ﻷﺧﻲ ﺃﰊ ﺳﻬﻴﻞ ﺩﻭﺭ ﻛﺒﲑ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻧﻄﻼﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻭﻛﻤﺎ ﻧﺘﻮﻗﹼﻊ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺰﺧﻢ ،ﺳﻘﻂ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﻼﻣﺎﺕ ﻭﺍﳌﻌﺎﺗﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﻜﺎﻭﻯ ﻋﻦ ﺃﻱ ﺗﻠ ﹼﻜﺆ ﰲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺃﻭ ﺧﻄﺄ ﰲ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ.
ﻛﺎﻥ ﳑﻦ ﺃﺻﺎﻢ ﺑﻌﺾ ﺷﻈﺎﻳﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻔﺠﺮﺍﺕ ،ﺃﺧﻮﻧﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﳌﺮﻣﻮﻕ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﺑﻦ ﲬﻴﺲ
ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻣﺰﺭﻋﺔ ﰲ ﻣﻜﺎﻥ ﻧﺎﺀ ﻧﺎﺷﺰ ﻋﻦ ﺧﻄﻮﻁ ﻣ ﺪ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ .ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻔﻬﺎ ﻏﺎﺯﻱ ﺍﻟﻘﺼﻴﱯ ﺧﲑ
ﻭﺻﻒ ﺑﻜﻮﺎ "ﻋﻤﺎﺭﻳﺔ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻔﻴﺎﰲ" ،ﻋﻠﻰ ﺣ ﺪ ﻗﻮﻟﻪ .ﻓﻠﻢ ﲢﺼﻞ ﺍﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺍﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ
ﻱ
ﻭﺍﻷﺩﺑﺎﺀ ،ﻭﳕﹼﻖ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺷﻜﻮﻯ ﻭﻋﺘﺎﺏ ﺑﻌﺚ ﺎ ﺇﱃ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﳌﺴﺆﻭﻝ ،ﻳﺆﺳﻔﲏ ﺃﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﰲ ﻳﺪ
ﺍﻵﻥ ،ﻭﻟﻜﻨﲏ ﻣﺎ ﺯﻟﺖ ﺃﺗﺬﻛﹼﺮ ﺭﺩ ﺍﻟﻘﺼﻴﱯ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ﺑــﻪ ﻗــﺒﻞ ﺍﻟﺘﻔــﺮﻍ ﻟﻠﻘﻄــﺎﻑ ﻳﺆﺭﻗﲏ ﺍﻟﻨﻈـﺎﻡ ﻭﻛﻨﺖ ﺗﺸﻘـﻰ
. .
ﺚ ﻏﲑ ﻭﺍﰲ
ﻭﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻌـﺮﺽ ﻏ ﹼ ﺞ ﻏـﲑ ﻛـﺎﻑ
ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﻓـ
. .
ﻭﺫﺍﻙ ﺍﻟﻌﺮﺽ "ﺫﻭ ﺳﻌـﺮ ﺟﺰﺍﰲ" ﻭﺫﺍﻙ ﺍﻟﻌﺮﺽ ﺟـﺎﺀ ﺑـﻼ ﺿﻤﺎﻥ
. .
ﻑ
ﻭﺗﻮﻗﻴﻊ ﻋﻠـﻰ ﺑﻴـﺾ ﺍﻟﺼﺤﺎ ِ ﻓﺘﺮﺳــﻴﺔ ﻭﺃﺑــﻼﻍ ﻭﻋﻘــﺪ
. .
ﻑ
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﰲ ﺫﺍﻙ ﻣﻦ ﺳﻮﺀ ﺍﳋﻼ ِ ﻭﺗﺴـﻠﻴﻢ ﺍﳌﻮﺍﻗـﻊ ﰲ ﺍﻟﺼﺤﺎﺭﻱ
. .
ﺇﺎ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﺗﻜﺸﻒ ﰲ ﻭﺻﻔﻬﺎ ﺍﻟﻜﺎﺭﻳﻜﺎﺗﲑﻱ ﺍﻟﻈﺮﻳﻒ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺍﻟﺒﲑﻭﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ،ﻋﻦ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﱯ
ﻛﻔﻨﺎﻥ ﺳﺎﺧﺮ ﺃﺻﻴﻞ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻏﺎﺏ ﻋﻦ ﺍﻧﺘﺒﺎﻩ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﻋﻨﻪ.
ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺘﻲ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﺳﻜﻨﺪﺭ ﺍﻟﻌﺎﺯﺍﺭ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻔﻀﻞ ﻭﺍﻷﺩﺏ ،ﻭﳑﻦ ﺍﺷﺘﻬﺮﻭﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﰲ ﻟﺒﻨﺎﻥ،
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ ﻣﺴﺎﳘﺎﺗﻪ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﺸﻌﺮ .ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻭﺍﻷﺩﻳﺐ ﺑﻄﺮﺱ ﺩﺍﻏﺮ ﺷﺎﺀ ﺃﻥ ﻳﺪﺍﻋﺒﻪ ﻣﺪﺍﻋﺒﺔ
ﺇﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ،ﻓﻜﺘﺐ ﻟﻪ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺒﻴﺘﲔ ﺍﻟﺴﺎﺧﺮﻳﻦ:
ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﺍﺳﻜﻨﺪﺭ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺪﻱ ﳝ ﺮ ﻣﺮﻭﺭ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﹼﻠﺌﺎﻡ ،ﻓﺤﺮﺭ ﻟﻪ ﺑﺪ ﹰﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺘﲔ
ﺳﺘﺔ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﻛﺠﻮﺍﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺬﺍﺕ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ:
ﺍﺷﺘﺮﻯ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﺳﻜﻨﺪﺭ ﺍﻟﻌﺎﺯﺍﺭ ﺳﺎﻋﺔ ﻳﺪﻭﻳﺔ ﻣﺎ ﻓﺘﺌﺖ ﺣﱴ ﺃﺧﺬﺕ ﺗﻘﺼﺮ ﻭﺗﺴﺒﻖ ﺑﺎﻟﺪﻗﺎﺋﻖ ﻭﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ،
ﻓﺄﺧﺬﻫﺎ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﰐ ﻟﻴﺼﻠﺤﻬﺎ ﻟﻪ ،ﻓﻔﻌﻞ .ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻟﺒﺜﺖ ﺣﱴ ﻋﺎﺩﺕ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﺄﺧﲑ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﱘ ،ﻓﻀﺎﻕ ﺫﺭﻋﹰﺎ ﺎ
ﻛﻤﺎ ﳛﺼﻞ ﻷﻱ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﻗﻒ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ .ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻛﺄ
ﻱ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻳﻔﺮﻍ ﳘﹼﻪ
ﲟﺨﺎﻧﻘﺔ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﰐ ﻭﻟﻮﻣﻪ ﻭﺷﺘﻤﻪ ﻭﺿﺮﺏ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﰲ ﻭﺟﻬﻪ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺷﺎﻋﺮﹰﺍ ﻓﺎﺳﺘﺨﺪﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻟﺮﺍﺋﻊ ﰲ
ﻼ:
ﻣﻌﺎﺗﺒﺔ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﰐ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻣـﻦ ﻏﻴـﺮ ﻗﻄـﻊ ﺍﻟﺰﻧﱪﻙ ﻋـــﺎﺩﺕ ﺇﱃ ﻣـــﻮﺍﳍﺎ
. .
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﰐ ﺻﺪﻳﻘﹰﺎ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻭﺯﻣﻴﻼﹰ ،ﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﰲ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﺰﻧﱪﻙ ،ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﰲ ﻗﺮﺽ ﺍﻟﺸﻌﺮ.
ﻓﺄﺻﻠﺢ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻭﺃﻋﺎﺩﻫﺎ ﻟﻪ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ـﻄﺮﻙ
ـﺒﺘﲏ ﺃﺳـ
ـﺪ ﺃﻛﺴـ
ﻗـ ـﱵ
ـﺎﻋﺘﻚ ﺍﻟـ
ـﻠﺖ ﺳـ
ﺃﺭﺳـ
. .
ـﱪﻙ
ـﻊ ﺍﻟﺰﻧـ
ـﺖ ﺑﺪﻓـ
ﻧﻄﻠﻘـ ﻭﻓﺮﻛـﺖ ﻣﻨﻬـﺎ ﺍﻷﺫﻥ ﻓﺎ
. .
ـﻨﻚ
ـﻪ ﺍﳊـ
ﺲ ﺑـ
ـﺎ ﺃﺣ ـ
ﻣـ ـﻒ
ـﺪﻳﻬﺎ ﺑﻠﻄـ
ـﺜﻤﺖ ﺧـ
ﻓﻠـ
. .
ﻣ ﺮ ﺍﳌﺮﺣﻮﻡ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺍﻟﺮﺻﺎﰲ ،ﺷﺎﻋﺮ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﻟﺜﺎﺋﺮ ﻭﺍﻟﻮﻃﲏ ﺍﳌﻨﺪﻓﻊ ،ﲟﺮﺣﻠﺔ ﺟﺪﺑﺎﺀ ﻭﺳﻮﺩﺍﺀ ﰲ
ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻨﺎﺕ ﺑﻌﺪ ﻓﺸﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﺭﺷﻴﺪ ﻋﺎﱄ ﺍﻟﻜﻴﻼﱐ ﺿ ﺪ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰ ﰲ ﻣﺎﻳﻮ )ﺃﻳﺎﺭ( ،١٩٤١ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﺿﻄﺮﺕ
ﺍﳊﻜﻮﻣﺔ ﺍﳌﻮﺍﻟﻴﺔ ﻟﻠﺤﻠﻔﺎﺀ ﺇﱃ ﺍﳍﺮﺏ ﺑﺎﻟﻄﺎﺋﺮﺓ ﻣﻦ ﺑﻐﺪﺍﺩ ،ﻭﻓﺘﺤﺖ ﺍﺎﻝ ﻟﻠﺮﺻﺎﰲ ﻟﻴﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﻢ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻣﻦ
ﺃﻗﺴﻰ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺴﺎﺧﺮ ﺷﺎﻉ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﺸﻬﲑ:
ﺇ ﹼﻻ ﺍﻟﺬﺑﺎﺏ ﻗـﺪ ﺍﺳﺘﻄـﺎﺭ ﻣﻄﻨﻄﻨﺎ ﻻﺫﻭﺍ ﺑﺄﺟﻨﺤـﺔ ﺍﻟﻌـﺪﻭ ﻓﻤﺎ ﻫ ﻢ
. .
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﳊﺮﻛﺔ ﻓﺸﻠﺖ ﻭﻋﺎﺩ ﺍﻹﻧﻜﻠﻴﺰ ﻻﺣﺘﻼﻝ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻭﺃﻟﻘﻮﺍ ﲟﺌﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﲔ ﰲ ﻣﻌﺴﻜﺮﺍﺕ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﻝ،
ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﱂ ﳚﺮﺅﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺻﺎﰲ ،ﻓﺘﺮﻛﻮﻩ ﰲ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺍﻷﻋﻈﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﰲ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺟﱪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻻ ﻳﻨﻄﻖ
ﺑﺄﻱ ﺷﻲﺀ ﺳﻴﺎﺳﻲ.
ﻣﺮﺕ ﺍﻷﺷﻬﺮ ﻭﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﺮﺻﺎﰲ ﻣﻨﻘﻄﻊ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺮﻳﺾ ،ﻓﻼﺣﻆ ﺫﻟﻚ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﻭﺍﻟﺒﺤﺎﺛﺔ ﻃﻪ ﺍﻟﺮﺍﻭﻱ،
ﺻﺪﻳﻖ ﺍﻟﺮﺻﺎﰲ ،ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺻﺪﺍﻗﺘﻪ ﱂ ﺐ ﺑﻪ ﺇﱃ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻷﺳﲑ ﻭﺍﻻﻃﻤﺌﻨﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﻭﺗﺸﺠﻴﻌﻪ ﻋﻠﻰ
ﻼ ﱂ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ،ﻭﺇﳕﺎ ﻭﺟﺪ ﺷﺨﺼﹰﺎ ﺛﺎﻟﺜﹰﺎ ﻣﺸﺘﺮﻛﹰﺎ ﻫﻮ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻋﻠﻲ ،ﺭﺍﻭﻳﺔ ﺍﻟﺮﺻﺎﰲ
ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ .ﻛ ﹼ
ﻟﻴﻨﻘﻞ ﻋﻨﻪ ﻋﻮﺍﻃﻔﻪ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ـﻮﺍﻧﺎ
ـﻮﺍﻥ ﻣﻌـ
ـﺪﺗﻚ ﻟﻺﺧـ
ﺇﱐ ﻋﻬـ ﺃﻣﺼﻄﻔﻰ ﺑﻦ ﻋﻠـﻲ ،ﻳﺎ ﺃﺧﺎ ﺛﻘﱵ
. .
ﺞ ﺍﻟﻌﻄـﺮ ﺃﻟﻮﺍﻧﺎ
ﻣـﻦ ﺍﻟﺘﺤﺎﻳﺎ ﲤـ ﺃﺑﻠﻎ ﻣﻠﻴﻚ ﺍﻟﻘﻮﺍﰲ ﻛﻞ ﺧﺎﻟﺼـﺔ
. .
ﻗﺪ ﺃﻭﺳﻊ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺇﻋﺮﺍﺿﹰﺎ ﻭﻫﺠﺮﺍﻧﺎ؟ ﻣﺎ ﺑﺎﻟـﻪ ،ﺣـﺮﺱ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﻣﻬﺠﺘﻪ
. .
ﻧﻘﻞ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻋﻠﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺇﱃ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﳌﻘﻴﺪ ،ﻓﺮ ﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻮﺯﻥ
ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ:
ﺾ ﺷﻜﺮﺍﻧﺎ
ﺞ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﻳﺾ ﺍﻟﻐ
ﻳﻌـ ﺃﺑﻠـﻎ ﺃﺑﺎ ﻫﺎﺷـﻢ ﻋﲏ ﻣﻐﻠﻐﻠـﺔ
. .
ﰒ ﳝﻀﻲ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺍﻟﺮﺻﺎﰲ ﰲ ﻭﺻﻒ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﻳﺔ ﻭﺻﻌﻮﺑﺔ ﺍﻋﺘﻘﺎﻝ ﻟﺴﺎﻧﻪ ،ﰒ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﺘﺬﻛﲑ ﻃﻪ
ﺍﻟﺮﺍﻭﻱ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺄﰉ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﰲ ﻇ ﹼﻞ ﻣﻌﺸﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻐﺎﺓ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺻﺎﺩﺭﻭﺍ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ.
ﺍﻷﺼل ﻓﻲ ﺍﻹﻫﺩﺍﺀ
ﺇﻫﺪﺍﺀ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﺪﻭ ﺭﻭﺗﻴﻨﻴﺔ ﰲ ﺳﻬﻮﻟﺘﻬﺎ .ﺑﻴﺪ ﺃﺎ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﺗﻀﻊ
ﺍﳌﺆﻟﻒ ﰲ ﳏﻨﺔ ،ﺇﺎ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﺍﻟﱵ ﻳﻌﺒﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮﻩ ﲡﺎﻩ ﺍﳌﻬﺪﻯ ﺇﻟﻴﻪ .ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺩﻭﻥ ﺇﻥ ﻳﺴـﺮﻑ
ﺃﻭ ﻳﻜﺬﺏ ﺃﻭ ﻳﺴﻲﺀ ﺃﻭ ﻳﻘﺼﺮ؟ ﺳﺄﻟﲏ ﺑﻴﺘﺮ ﻫﻮﺑﻜﻨﺲ ،ﻣﺪﻳﺮ ﺩﺍﺭ ﻧﺸﺮ ﻛﻴﻔﻦ ﺑﻮﻝ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺃﻥ ﺃﻛﺘﺐ ﺇﻫﺪﺍﺀ
ﻟﺮﻭﺍﻳﱵ "ﺃﻗﺎﺻﻴﺺ ﻣﻦ ﺑﻐﺪﺍﺩ" ،ﻓﺄﺳﻘﻂ ﰲ ﻳﺪﻱ ﻭﺍﻟﺘﻤﺴﺖ ﻣﻨﻪ ﻭﻗﺘﹰﺎ ﻟﻠﺘﻔﻜﲑ ،ﱂ ﻳﺴﺘﻠﻢ ﺍﻹﻫﺪﺍﺀ ﻣﲏ ﺇ ﹼﻻ ﺑﻌﺪ
ﺃﺷﻬﺮ ﺭﲟﺎ ﺍﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻹﻫﺪﺍﺀ ﺃﻛﺜﺮ ﳑﺎ ﺍﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ!
ﻳﻈﻬﺮ ﺃﻥ ﺩ .ﻳﻮﺳﻒ ﻋ ﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺗﻔﺎﺩﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﶈﻨﺔ ﻓﺄﻫﺪﻯ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ "ﺃﺷﻌﺎﺭ ﺍﶈﺒﲔ" ﺇﱃ ﺻﺪﻳﻘﻪ
ﺚ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻜﻮﺍﻩ ،ﻭﻗﺎﻝ:
ﱄ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﺑ ﹼ
ﻋﺒﺪ ﺍﳍﺎﺩﻱ ﺍﻟﻔﻜﻴﻜﻲ ﺑﺪﻭﻥ ﺃﻱ ﺇﻫﺪﺍﺀ ،ﻓﺄﺛﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﺳﺘﻴﺎﺀ ﺍﻟﺮﺟﻞ ،ﻓﺒﻌﺚ ﺇ ﹼ
"ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺃﺳﺘﺎﺫﻧﺎ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻳﻮﺳﻒ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣﻔﻈﻪ ﺍﷲ ،ﺇﺭﺳﺎﻝ ﻧﺘﺎﺟﺎﺗﻪ ﺇﱃ ﳏﺒﻴﻪ ،ﻏﲑ ﻣﻮﺷﺤﺔ ﺑﺘﻮﻗﻴﻌـﻪ
ﺃﻭ ﺑﺄﻱ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﺇﻫﺪﺍﺀ ،ﻛﻤﺎ ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺍﳌﺆﻟﹼﻔﻮﻥ .ﻭﻛﺎﻥ ﺁﺧﺮ ﻣﺎ ﲪﻠﻪ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺷﻘﻴﻘﻪ ﺍﻷﺥ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ
ﺍﻟﺴﺎﻣﺮﺍﺋﻲ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ "ﺃﰊ ﺃﺳﻞ" ﳘﺰﻳﺘﻪ ﺍﻟﺮﺍﺋﻌﺔ "ﻟﻴﺲ ﻳﺪﺭﻱ ﻣﺼﲑﻩ" .ﻟﻜﻨﻬﺎ –ﻛﻤﺎ ﻋﻮﺩﻧﺎ -ﻭﺻﻠﺘﻨﺎ ﺑﺪﻭﻥ
ﺇﻫﺪﺍﺀ".
ﺍﳊﻘﻴﻘﺔ ﻳﺎ ﻋﺰﻳﺰﻱ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﻔﻜﻴﻜﻲ ،ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺴﺨﺔ ﺍﻟﱵ ﻭﺻﻠﺘﲏ ﻣﻦ ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ "ﺃﰊ ﺃﺳﻞ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ "ﺃﺷﻌﺎﺭ
ﺍﶈﺒﲔ" ﻭﺻﻠﺘﲏ ﻭﻫﻲ ﲢﻤﻞ ﺇﻫﺪﺍﺀﻩ ﻭﺗﻮﻗﻴﻌﻪ ،ﺃﻗﻮﻝ ﺫﻟﻚ ﻷﺯﻳﺪ ﻣﻦ ﻏﻴﻈﻚ ﻋﻠﻴﻪ! ﻭﺃﻧﺎ ﻣﺴﺘﻌﺪ ﻹﺭﺳﺎﻝ ﻧﺴﺨﺔ
ﺠﺔ.
ﻣﺼ ﻮﺭﺓ ﺑﺎﻟﻔﺎﻛﺲ ﻭﻣﺼﺪﻗﺔ ﻣﻦ ﻛﺎﺗﺐ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﺛﺒﺎﺗﺎ ﳌﺎ ﺃﻗﻮﻝ ،ﻓﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﲟﺴﻌﺮ ﻓﺘﻨﺔ ﺑﺪﻭﻥ ﺣ
ﻭﻗﺪ ﺃﺛﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻏﻔﺎﻝ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻳﻮﺳﻒ ﻋ ﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣﻔﻴﻈﺔ ﺻﺪﻳﻘﻪ ،ﻓﺒﻌﺚ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﻋﺘﺎﺑﻴﺔ
ﺃﻗﺘﻄﻒ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ﻭﳝﻀﻲ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﻴﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﳌﺄﺳﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﱵ ﲢ ﺰ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻓﻼ ﳚﺪ ﻏﲑ ﻣﻨﺎﺟﺎﺓ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻣﻼﺫﹰﺍ
ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﻴﺨﺎﻃﺐ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻭﻳﻘﻮﻝ:
ـﺮﺍﺑﺎ
ـﻨﺎﻩ ...ﺳـ
ـﺎ ﻛ ـﻨﺎ ﻓﺪﻳـ
ﻭﻣـ ﻓﻘﺪ ﺃﺿﺤﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺮﻧـﺎ ﻋﻠﻴـﻪ
. .
ـﺘﻬﺎﺑﺎ
ـﺐ ﺍﻟـ
ـﺰﻳﺪ ﺗﺴ ـﻌﺮ ﺍﻟﻘﻠـ
ﺗـ ﻓﻠــﻮﻥ ﺍﳍــ ﻢ ﻳــﺄﻛﻠﲏ ﻛــﻨﺎ ٍﺭ
. .
ﺗﻘﺮﺏ ﻣـﻦ ﻧـﺄﻯ ﻋﻨـﺎ ﺍﻏﺘﺮﺍﺑﺎ ﺑﺈﻫـﺪﺍﺀ ،ﻟﻜﺎﻥ – ﺃﹸﺧ ﻲ – ﺫﻛﺮﻯ
. .
ﺖ ﺍﻟﻌــﺘﺎﺑﺎ
ﺑﺈﻫــﺪﺍﺀ ،ﳌــﺎ ﺳــﻘ ﻓﻠﻮ ﻭﻗﹼﻌﺖ ﻣـﺎ ﺃﺭﺳﻠـﺖ ﻳﺰﻫـﻮ
. .
ﻳﻈﻬﺮ ﺃﻥ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﻔﻜﻴﻜﻲ ﺃﻭﺟﺲ ﻭﻗﻴﻌﺔ ﻭﺷﻐﺒﹰﺎ ﰲ ﺇﺷﺎﺭﰐ ﺇﱃ ﺍﺳﺘﻼﻣﻲ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻬﺪﺍﺓ
ﺑﺎﲰﻲ ﻭﺑﺘﻮﻗﻴﻊ ﺍﳌﺆﻟﻒ .ﻓﻌﺎﺩ ﻭﺃﻋﺎﺩ ﺍﻟﻜﺮﺓ ﺑﺄﺑﻴﺎﺕ ﻋﺘﺎﺑﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ:
ﺐ
ﺇﱐ ﻋــﻦ "ﺍﻷﻋــﺪﺍﺀ" ﺭﺍﻏــ ﺐ"
ﻻ ﻟﻦ ﺗﻐﻀـﲏ ﻳـﺎ "ﻣﺸﺎﻏـ
. .
ـﺪﻝ ،ﺇﱐ ﻣﺸﻬﺪ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻛﺎﺗﺐ ﺇﻥ ﻛـﻨﺖ ﺗﺸﻬـﺪ ﻛﺎﺗﺒـﹰﺎ ﺑﺎﻟﻌـ
. .
ﰲ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﺭﻗﻴﻘﺔ ﻭﻇﺮﻳﻔﺔ ﰲ ﺟﻨﺎﺳﻬﺎ ﻭﺗﻮﺭﻳﺎﺎ ،ﺍﺳﺘﻔﱴ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺃﺑﺎ ﺍﳋﻄﺎﺏ ﰲ ﺇﰒ ﻭﻗﻊ
ﻓﻴﻪ ،ﻓﻘﺎﻝ:
ﻻﺣﺖ ﻟﻨﺎﻇﺮﻩ ﺫﺍﺕ ﺍﳉﻤـﺎﻝ ﳍﺎ ﻣﺎﺫﺍ ﻋﻠﻰ ﺭﺟﻞ ﺭﺍﻡ ﺍﻟﺼـﻼﺓ ﻭﺇﺫ
. .
ﻭﳑﺎ ﻭﺭﺩ ﰲ ﺷﻜﻞ ﺇﺟﺎﺯﺓ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻗﺎﳍﺎ ﺍﳊﺴﻦ ﺑﻦ ﻭﻫﺐ ﻭﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﰲ ﺻﺎﺣﺒﻬﻤﺎ "ﻋﺘﺒﺔ"،
ﻭﻗﺪ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻣﺎ ﺠﻮﻩ .ﻓﺎﺑﺘﺪﺃ ﺫﻟﻚ ﺍﻷﻭﻝ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ:
ﻼ:
ﻓﺄﻛﻤﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﳊﺴﻦ:
ـﺄﻝ
ـﻨﻮﺏ ﻭﴰـ
ـﻨﻪ ﺟـ
ـﻨﺎﻭﺑﻪ ﻣـ
ﺗـ
.
ﻭﻣﻦ ﻃﺮﺍﺋﻒ ﺇﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﺃﰊ ﻧﻮﺍﺱ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﻴﺘﺎﻥ ﺍﻟﻠﺬﺍﻥ ﻗﺎﳍﻤﺎ ﰲ ﺣﻀﻮﺭ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻃﻠﺐ
ﻣﻨﻪ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﺭﻥ ﻭﻳﻮﺍﺯﻥ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﺻﺎﺣﺒﻬﻤﺎ ﻭﺛﺎﻟﺜﻬﻤﺎ ﻋﻠﻲ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻣﻘﺎﺭﻧﹰﺎ ﺑﲔ ﲞﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﻛﺮﻡ ﺍﻟﺜﺎﱐ:
ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﻧﻮﺍﺱ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺑﻦ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ،ﻭﻗﺪ ﺑ ﺮ ﺑﺼﺤﺒﺘﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺠﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ،ﻓﺒﻌﺚ ﺇﻟﻴﻪ
ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﺄﺷﻌﺎﺭ ﺷﺘﻰ ﻭﻫﻮ ﰲ ﺍﳊﺒﺲ ،ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ:
ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﳛﺪﺙ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﺃﻥ ﻳﻬﺠﺮ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺃﻭ ﻳﻬﺠﺮﻩ ﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﻵ ٍﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ ،ﻭﺑﲔ ﺍﻟﻔﻴﻨﺔ ﻭﺍﻟﻔﻴﻨﺔ،
ﻭﺃﺣﻴﺎﻧﹰﺎ ﺍﱃ ﻏﲑ ﺭﺟﻌﺔ .ﻭﻳﺜﲑ ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺴﺎﺅﻝ ﳏﺒﻴﻪ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﻫﻮﺍﺓ ﺷﻌﺮﻩ .ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻻﺣﻈﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ
ﻴﺞ ﺗﻘ ﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﰲ ﻋ ﻤﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﻣﲔ ﰲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻓﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ،ﻳﻌﺎﺗﺒﻪ ﻭﻳﺴﺘﺤﺜﹼﻪ ﻭﻳﺬﻛﺮﻩ ﺑﺴﺎﻟﻒ
ﺟﻮﻻﺗﻪ ﻭﺻﻮﻻﺗﻪ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺍﳍﻮﻯ:
ﺇﳕﺎ ﻛـﺎﻥ ﻓﻮﺣﻬـﺎ ﻣـﻦ ﻭﺭﻭﺩﻙ ﻭ"ﺍﻟﺰﻫﻮﺭ" ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺭﻳـﺞ
. .
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﺘﻮﻥ ﻋﺎﻣﺎ ﻗﺪ ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻳﻬﺠﺮ ﺍﳍﻮﻯ ﻭﺍﻟﻨﺴﻴﺐ ،ﻓﻠﻮﺩﻳﻊ ﻧﻘﻮﻻ ﺣﺪﺍﺩ ﺭﺃﻱ ﳐﺎﻟﻒ
ﺃﻓﻀﻰ ﺑﻪ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ ،ﺣﲔ ﻗﺎﻝ:
ـﺰﻫﻮ ﺍﳊـــﻴﺎﺓ
ـﺮﻭﺍﺋﻬﺎ ﺗــ
ﺑــ ﺗﻠـــﻚ ﺍﻷﺯﺍﻫـــﲑ ﺍﻟـــﱵ
. .
ﺕ
ـــﻦ ﻳﻔـﻮﻕ ﺃﺷـﺬﺍﺀ ﺍﻟﻨﺒﺎ ﻫـــﻲ ﺍﳊـــﻴﺎﺓ ﻭﻃﻴـــﺒﻬـ
. .
ﺕ
ـﻐــﻴﺪ ﺍﳊﺴــﺎﻥ ﺍﻟﻔﺎﺗــﻨﺎ ﻭﻗــﻒ ﻋﻠــﻰ ﳏــﺒﺔ ﺍﻟـــ
. .
ﺕ
ـﻨﺎ
ـﺪﻕ ﺑﺎﻟﺒـ
ـﻲ ﺃﺣـ
ـﻨﹰﺎ ﻛـ
ــ ﻳــﺎ ﻟــﻴﺖ ﱄ ﺗﺴــﻌﲔ ﻋﻴــﻨـ
. .
ﺕ
ﻝ ﻋـــﻴﻮ ﻦ ﺍﻟﻨﺎﻋﺴـــﺎ ـﺎ
ـﻦ ﲨـ
ـﺒﻊ ﻣـ
ـﻨﺖ ﺃﺷـ
ـﺎ ﻛـ
ﻣـ
. .
ﻣ ﺮ ﲟﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻓﺨﺮﻱ ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﺩﻱ ،ﻓﺄﺧﺬ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻳﻨﺘﻘﺪﻭﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﲤﺎﺩﻳﻪ ﰲ ﺣﺐ ﺍﳊﺴﺎﻥ
ﻭﺍﻟﺘﺼﺒﺐ ﻦ ﺭﻏﻢ ﺗﻘ ﺪﻣﻪ ﰲ ﺍﻟﺴﻦ ،ﻓﺄﻫﺎﺝ ﺫﻟﻚ ﻗﺮﳛﺘﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﻳﺔ ،ﻓﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﻟﻮﻣﻬﻢ ﻗﺎﺋﻼ:
ـﺖ
ـﺎ ﺧﻠﻘــ
ـﺮﺍﺣﹰﺎ ﻛﻤــ
ﻭﳑــ "ﻭﻧﻔــﺲ ﱂ ﺗــﺰﻝ ﺧﻀــﺮﺍ"
. .
ﺗﺬ ﹼﻛﺮﱐ ﻣﻌﺮﻓﱵ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺃﻢ ﻻ ﻳﺘﻀﺎﻳﻘﻮﻥ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﺃﻭ ﻳﺘﺸﺎﺀﻣﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻀﺎﻳﻘﻮﻥ ﻭﻳﺘﺸﺎﺀﻣﻮﻥ ﻣﻦ
ﺍﳌﺮﺽ ،ﻻ ﺍﻹﻓﻼﺱ ﻭﻻ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻭﻻ ﺻﺪﻭﺩ ﺍﳊﺒﻴﺐ ﻭﻫﺠﺮ ﺍﻷﺻﺪﻗﺎﺀ ﻭﲤ ﺰﻕ ﺍﻷﻭﻃﺎﻥ ﻭﺍﻏﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻳﺜﲑ
ﰲ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻫﻮﺍﺟﺲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻭﻳﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺜﲑﻫﺎ ﺍﳌﺮﺽ! ﻭﺃﺭﺟﻮ ﺃﻥ ﻧﻔﻬﻢ ﺫﻟﻚ ،ﻓﺎﻟﺸﻌﺮ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﳊﻴﺎﺓ ﻭﻣﺎ
ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺇ ﹼﻻ ﺣﻨﺎﺟﺮ ﺗﺘﻐﲎ ﲞﲑﻫﺎ ﻭﲨﺎﳍﺎ ،ﻭﺃﻳﻀﹰﺎ ﺑﺂﻻﻣﻬﺎ ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺎ ...ﻭﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻄﺎﻑ ﻳﺘﺸﺒﺚ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺑﻔﻜﺮﺓ
ﺍﳋﻠﻮﺩ ،ﰲ ﺧﻠﻮﺩ ﺷﻌﺮﻩ ...ﺍﳌﺮﺽ ﻭﺍﳌﻮﺕ ﻧﻘﻴﻀﺎﻥ ﻟﻜﻞ ﺫﻟﻚ.
ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﳍﻮﺍﺟﺲ ﻧﻔﺚ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺭﻭﺍﺋﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻳﻌﺒﺮﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎﻢ ﻣﻦ
ﺍﳌﺮﺽ ﻭﺍﻋﺘﻼﻝ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﳐﺎﻭﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻼﻗﺎﺓ ﻣﻦ ﻻ ﳛﻠﻮ ﻷﺣﺪ ﻟﻘﺎﺅﻩ ،ﻣﻠﻚ ﺍﳌﻮﺕ .ﻫﻜﺬﺍ ﺑ ﹼ
ﺚ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ
ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻲ ﳘﻮﻡ ﻫﻠﻌﻪ ﻣﻦ ﺍﳌﻮﺕ ﻭﺍﳌﺮﺽ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﳌﻠﺤﻤﺔ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ ﺍﳋﺎﻟﺪﺓ ،ﻏﻠﻐﺎﻣﺶ .ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻗﺒﻞ ﺃﻟﻮﻑ
ﺍﻟﺴﻨﲔ .ﻭﰲ ﺳﲏ ﺍﻟﻀﻴﺎﻉ ﺍﻟﱵ ﻧﻌﻴﺸﻬﺎ ﺍﻵﻥ ﻋﺰﻑ ﺑﺪﺭ ﺷﺎﻛﺮ ﺍﻟﺴﻴﺎﺏ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻨﻐﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺜﺎﺭﺓ ﺷﻌﺮﻩ ﰲ
ﻣﺮﺽ ﻣﻮﺗﻪ.
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﳚﺪ ﻣﻼﺫﹰﺍ ﻣﻦ ﺍﳌﺮﺽ ﰲ ﺍﻟ ﹼﻠﺠﻮﺀ ﺍﱃ ﺍﻟﺪﻋﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ،ﻭﻫﻞ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﺃﻓﻀﻞ
ﻣﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻀﻴﻖ ﻭﺍﻷﱂ؟ -ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﻋﻠﻤﻴﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻀﺤﻚ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﲣﻔﻴﺾ ﺿﻐﻂ ﺍﻟﺪﻡ
ﻓﻴﻤﻦ ﻳﻌﺎﱐ ﻣﻦ ﺍﺭﺗﻔﺎﻋﻪ .-ﻛﺎﻥ ﺑﲔ ﻣﺜﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ،ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻳﻮﺳﻒ ﺯﺧﺮﻳﺎ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺪ
ﺃﺻﻴﺐ ﺑﺎﻟﻌﻠﺔ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﺳﻢ "ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺮﻛﺐ" ،ﻭﻛﺎﻥ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﺮﺽ ﺃﻧﻪ ﻳﺬﻭﻱ ﺍﻷﺑﺪﺍﻥ.
ﻓﻨﻈﻢ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﻈﺮﻳﻔﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻭﺑﻌﺚ ﺎ ﺇﱃ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﻗﻠﻴﻼﺕ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻌﺮﻭﻓﹰﺎ
ﻼ:
ﺑﺎﻟﺴﻤﻨﺔ ،ﻭﺑﻌﲔ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﲞﻔﹼﺔ ﺍﻟﺮﻭﺡ ،ﻓﺪﺍﻋﺒﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻗﺎﺋ ﹰ
ـﺎﻗﺔ ﻭﺍﻷﺩﺏ
ـﻚ ﰲ ﺍﻟﺮﺷــ
ﺣــ ﻓﻴﺼــﲑ ﺟﺴــﻤﻚ ﻣــﺜﻞ ﺭﻭ
. .
ﻼ:
ﺍﺳﺘﻠﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻗﻠﻴﻼﺕ ،ﻓﺄﺟﺎﺏ ﺯﻣﻴﻠﻪ ﲟﺜﻠﻬﺎ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻭﻋﻔـﺖ ﺟـﻴﻮﺵ "ﺃﰊ ﺍﻟﺮﻛﺐ" ﻋﻮﻗــﺒﺖ ﻳــﺎ ﺷــﻴﺦ ﺍﻟﻌــﺮﺏ
. .
ـﺘﻌﺐ
ـﲑ ﺍﻟــ
ـﻦ ﱄ ﻏــ
ﱂ ﲡــ ـﱵ
ـﻮﺩﺗﻚ ﺍﻟــ
ـﺎ ﱄ ﻭﻋــ
ﻣــ
. .
ﻛﺎﻥ ﺑﲔ ﺍﻟﺰﻣﻴﻠﲔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﻳﻦ ﺍﳌﺮﺣﻮﻡ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻌﻴﺴﻰ ﻭﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻓﺆﺍﺩ ﺣﺪﺍﺩ ،ﻣﺎ ﺻﻨﻊ ﺍﳊﺪﺍﺩ ،ﻓﺮﻏﻢ
ﺻﺪﺍﻗﺘﻬﻤﺎ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻭﺍﳊﻤﻴﻤﺔ ﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻳﺘﺮﺑﺺ ﻟﻶﺧﺮ ﻟﻴﺠﺪ ﺛﻐﺮﺓ ﻳﻨﺎﻏﺸﻪ ﻭﻳﺪﻏﺪﻏﻪ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﻟﺪ ﻛﻼﳘﺎ
ﰲ ﻳﺎﻓﺎ ﻭﺩﺭﺳﺎ ﰲ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻭﻫﺎﺟﺮﺍ ﺇﱃ ﻟﻨﺪﻥ ﻭﻋﻤﻼ ﺳﻮﻳﺔ ﰲ ﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ،ﻭﺗﻮﻟﹼﻰ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻓﺆﺍﺩ ﺗﺼﻠﻴﺢ
ﺃﺳﻨﺎﻥ ﺍﻟﻌﻴﺴﻰ ،ﻭﺗﻮﻟﹼﻰ ﺍﻟﻌﻴﺴﻰ ﲡﺮﻳﺢ ﺃﺷﻌﺎﺭ ﻓﺆﺍﺩ .ﻻ ﻋﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﺻﻨﻊ ﺍﳊﺪﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﺍﻋﺒﺎﺕ
ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺔ.
ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺮﺣﻮﻡ ﺳﻌﻴﺪ ﳜﺎﻑ ﺭﻛﻮﺏ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺓ ،ﺿﻤﻦ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﱵ ﻛﺎﻥ ﳜﺎﻓﻬﺎ ﰲ ﺍﳊﻴﺎﺓ .ﻭﻗﺪ
ﻭﺟﺪ ﻓﺆﺍﺩ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﱪﺍﻧﻮﻳﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺓ ﻣﺎ ﻳﻔﺘﺢ ﻟﻪ ﺛﻐﺮﺓ ﳌﺪﺍﻋﺒﺔ ﺃﺧﻴﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻓﺒﻌﺚ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺬﻩ
ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ﻗﺮﺃ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻌﻴﺴﻰ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ،ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻮ ﺍﻵﺧﺮ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﻣﻦ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻗﺎﻝ
ﻓﻴﻬﺎ:
ـﺎﻫﺮﺓ
ـﻮﱄ ﺳـ
ـﲔ ﺍﷲ ﺣـ
ﻋـ ﺃﻧـﺎ ﻟﺴـﺖ ﺃﺧﺸﻰ ﺍﳌﻮﺕ
. .
ـﺮﺓ
ـﻦ ﻛﺎﺳـ
ـﺎ ﻣـ
ـﻮﻡ ﳍـ
ﻳـ ﻓﺨــﺎﺭﰐ ﻻ ﺑــ ﺪ ﻣــﻦ
. .
ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﺫﻛﺮﺕ ﰲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﰲ ﻣﻌﺮﺽ ﺍﺳﺘﺸﻬﺎﺩﻱ ﺑﺎﻟﺸﺎﻋﺮ ﺃﲪﺪ ﺻﺎﰲ ﺍﻟﻨﺠﻔﻲ ،ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻻ ﳛﺒﻮﻥ
ﺍﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﻢ ﻭﻳﺮﺗﺎﻋﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﻭﺍﳌﺸﻴﺐ .ﺃﺫﻛﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﳌﺮﺣﻮﻡ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻌﻴﺴﻰ ﺣﺎﻓﻆ
ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﻋﻤﺮﻩ ﻭﻛﺎﺎ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﻛﱰ ﻣﻜﲔ .ﻛﻨﺎ ﻧﺘﺼﻮﺭ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻛﺰﻣﻼﺀ ﰲ ﺇﺫﺍﻋﺔ ﻟﻨﺪﻥ ﺃﻧﻪ ﺣﺮﺹ ﻋﻠﻰ
ﺫﻟﻚ ﺧﻮﻓﹰﺎ ﻣﻦ ﺇﺣﺎﻟﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﺎﻋﺪ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻭﺍﻇﺐ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﺑﺈﺻﺮﺍﺭ ﺃﻋﻈﻢ ﺣﱴ ﺑﻌﺪ ﺗﻘﺎﻋﺪﻩ ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﻋﻤﻠﻪ
ﺍﻹﺫﺍﻋﻲ.
ﻭﺻﻠﺘﲏ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳋﺼﻮﺹ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻃﺮﻳﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻴﻞ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻓﺆﺍﺩ ﺣﺪﺍﺩ ﳜﻮﺽ ﻓﻴﻬﺎ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ
ﰲ ﻣﻌﺮﺽ ﺗﻌﻠﻴﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺟﺮﺕ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﺍﳌﺮﺣﻮﻡ ﺍﻟﻌﻴﺴﻰ -ﻭﻗﺪ ﻧﺸﺮﺎ ﺳﺎﺑﻘﹰﺎ -ﻳﻘﻮﻝ ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ
ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ:
ﺃﺷﻜﺮﻙ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺸﺮﺗﻪ ﻣﻦ ﺇﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﺑﻴﲏ ﻭﺑﲔ ﺍﳌﺮﺣﻮﻡ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻌﻴﺴﻰ ،ﻓﻘﺪ ﺟﺮﺕ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﰲ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﻄﺎﺭﺣﺎﺕ ﻛﺜﲑﺓ؛ ﻭﻫﺎ ﺃﻧﺖ ﺗﻜﺮﻣﺖ ﺑﻨﺸﺮ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺒﻘﻰ ﻟﻮﻻﻙ ﰲ ﻋﺎﱂ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ،ﺃﻭ ﻻ
ﺗﺘﻌ ﺪﻯ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﻣﻜﺘﺒﱵ ﺍﳋﺎﺻﺔ ،ﻓﺤﻖ ﻟﻚ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﻪ ﺍﻟﻜﺮﱘ .ﺇﻥ ﻣﺎ ﺻﻨﻊ "ﺍﳊﺪﺍﺩ" ﱂ ﻳﻜﻦ ﰲ
ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻟﺔ ﺇ ﹼﻻ ﺍﶈﺒﺔ ﻭﺍﻟﻮﺩ ﻭﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺍﻟﻮﺩﻳﻊ .ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺎﺷﺮﻧﺎ -ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﺕ -ﰲ
ﺃﻳﺎﻡ ﻳﺎﻓﺎ ﻭﻋﻤﻠﻨﺎ ﰲ ﳏﻄﺔ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﺩﱏ ﺑﺎﻟﻘﺪﺱ ،ﰒ ﰲ ﺇﺫﺍﻋﺔ ﻟﻨﺪﻥ ﻭﲨﻌﻨﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺣﺒﻨﺎ ﻟﻸﺩﺏ
ﰲ ﻣﺪﳛﹰﺎ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻻ ﺃﺯﺍﻝ ﺃﺣﺘﻔﻆ ﺑﻪ ﻭﲞﻄﻪ ﺇﱃ ﺣ ﺪ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﱄ ﻣﺮﺓ :ﺳﻴﻜﻮﻥ ﰲ
ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﻌﺮﰊ ،ﻭﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﹼ
ﺩﻳﻮﺍﱐ ﻓﺼﻞ ﻛﺒﲑ ﺍﲰﻪ )ﺍﻟﻔﺆﺍﺩﻳﺎﺕ( .ﻭﺃﺫﻛﺮ ﺃﻧﻪ ﰲ ﻳﻮﻡ ﻣﻴﻼﺩﻱ ﺑﻌﺚ ﱄ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﻳﻬﻨﺌﲏ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ،
ﻭﻳﻘﻮﻝ:
ﻭﻛـﻴﻒ ﺃﻧﺴﻰ ﻓﺆﺍﺩﹰﺍ ﺃﻃﻴﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻥ ﻳﻨﺲ ﺧﻠﹼﻲ ﻓﺈﱐ ﻟﺴﺖ ﺑﺎﻟﻨﺎﺳﻲ
. .
ﻧﻈﺮﹰﺍ ...ﺇﻟﻴﻚ ﺃﺗﻰ ﺳﻌﻴﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺍﺱ! ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻓﺎﺭﻗﲏ
. .
ﻭﻗﺪ ﺳﺄﻟﺘﻪ ﻳﻮﻣﹰﺎ ﻋﻦ ﻋﻤﺮﻩ ،ﻓﺄﺭﺳﻞ ﱄ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺟﻮﺍﺑﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺆﺍﱄ ،ﻓﻘﺎﻝ:
ﻳﺎ ﻋﺰﻳﺰﻱ ﻓﺆﺍﺩ ﺣﺪﺍﺩ ،ﺇﻧﻚ ﺗﺰﻭﺭ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﺑﲔ ﺍﻟﻔﻴﻨﺔ ﻭﺍﻟﻔﻴﻨﺔ ،ﻫﻞ ﱄ ﺃﻥ ﺃﻛ ﹼﻠﻔﻚ ﰲ ﺯﻳﺎﺭﺗﻚ ﺍﳌﻘﺒﻠﺔ ،ﺃﻥ
ﺗﺰﻭﺭ ﻗﱪ ﺍﻟﻔﻘﻴﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﻭﺗﻘﺮﺃ ﺷﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﻘﱪ ﻭﺗﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻋﻤﺮﻩ ،ﺃﻡ ﻫﻮ ﻳﺎ ﺗﺮﻯ ﻗﺪ ﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ "ﺳﺮﻳﺔ"
ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﺣﱴ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺇﱃ ﺩﻧﻴﺎ ﺍﻵﺧﺮﺓ ،ﻭﺍﻗﺘﻀﻰ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻨﺘﻈﺮ ﺣﱴ ﻳﻮﻡ ﺍﳊﺴﺎﺏ ﻟﻨﻌﺮﻑ ﺣﺴﺎﺏ ﻋﻤﺮﻩ؟
ﻟﻙ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ ﻴﺎ ﺯﺍﻫﺩ
ﺑﻠﻐﲏ ﲟﺰﻳﺪ ﺍﻷﺳﻒ ﺃﻥ ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺯﺍﻫﺪ ﳏﻤﺪ ﺯﻫﺪﻱ ﺗﻌ ﺮﺽ ﻟﻨﻮﺑﺔ ﻗﻠﺒﻴﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺟﺪﺓ
ﺍﺿﻄﺮﺕ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺟﺮﺍﺣﻴﺔ ﻣﺴﺘﻌﺠﻠﺔ ﻹﻧﻘﺎﺫ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،ﻭﺗﻜ ﹼﻠﻠﺖ ﻭﺍﳊﻤﺪ ﷲ ﺑﺎﻟﺸﻔﺎﺀ.
ﻟﺴﺖ ﳑﻦ ﻳﻘﺮﺽ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻷﺻﺒﻎ ﺩﻋﺎﺋﻲ ﺷﻌﺮﹰﺍ ﻭﻟﻜﻨﲏ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﺣﺮﻑ ﻭﺃﺻ ﺮﻑ ﰲ ﺃﺷﻌﺎﺭ ﻏﲑﻱ.
ﺩﻋﲏ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻋﻤﺎﺭ ﺃﺻﺮﻑ ﻟﻚ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﺿﻲ:
ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻛﻴﻒ ﺗﻌﺮﺽ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺯﺍﻫﺪ ﳌﺮﺽ ﻗﻠﺐ .ﺃﻳﻦ ﺫﻫﺒﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﱵ ﺗﺘﺪ ﹼﻓﻖ ﻇﺮﻓﹰﺎ ﻭﺩﻋﺎﺑﺔ
ﻭﻫﺰﻻﹰ؟ ﻫﻞ ﺫﺍﺑﺖ ﻛﻠﻬﺎ ﰲ ﺃﺷﻌﺎﺭﻩ ﻭﺗﺮﻛﺘﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﺳﻮﺍﺭ ﺣﺎﻣﻴﺔ ﻭﺍﻗﻴﺔ ،ﲣﻔﻒ ﻋﻨﻪ ﺿﻐﻮﻁ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﳘﻮﻡ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ
ﻭﻧﻜﺪ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ؟ ﻓﻌﻠﺖ ﻓﺄﻧﺎ ﺳﺄﺫﻛﺮﻩ ﺎ.
ﺣﺪﺙ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﺃﻥ ﻭ ﹼﻇﻒ ﻣﻮﺍﻃﻨﹰﺎ ﻣﺼﺮﻳﹰﺎ ﰲ ﻣﻜﺘﺒﻪ ﻛﻤﺤﺎﺳﺐ ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ ،ﺳﺄﻟﻪ :ﻣﺎ ﺍﲰﻚ؟ ﻗﺎﻝ :ﳏﻤﺪ.
ﺠﺐ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ
ﰒ ﺳﺄﻟﻪ :ﻭﻣﺎ ﺍﺳﻢ ﺃﺑﻴﻚ؟ ﻗﺎﻝ :ﳏﻤﺪ ،ﰒ ﻋﻄﻒ ﻓﺴﺄﻟﻪ :ﻭﻣﺎ ﺍﺳﻢ ﺟﺪﻙ؟ ﻗﺎﻝ :ﳏﻤﺪ .ﺗﻌ
ﺍﻷﻣﺮ ،ﻓﻌﺎﺩ ﺍﱃ ﺻﻴﻐﺔ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻓﺎﺳﺘﻔﺴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺥ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ،ﻭﻗﺎﻝ :ﺃﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﻋﺎﺋﻠﺘﻜﻢ ﺍﲰﹰﺎ
ﺁﺧﺮ ﻏﲑ ﺍﺳﻢ ﳏﻤﺪ؟ ﻗﺎﻝ :ﻧﻌﻢ ،ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻭﺍﺣﺪ ﺍﲰﻪ ﺇﲰﺎﻋﻴﻞ ﺟ ﺪ ﺟﺪ ﺃﺑﻮﻱ ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺯﻣﺎﻥ!
ﻫﺬﺍ ﻣﻮﻗﻒ ﻻ ﳝﻜﻦ ﻟﺸﺎﻋﺮ ﺳﺎﺧﺮ ﻛﺎﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺯﺍﻫﺪ ﳏﻤﺪ ﺯﻫﺪﻱ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻛﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺜﲑ ﻗﺮﳛﺘﻪ،
ﻓﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﻘﻠﻢ ﻭﺑﻌﺚ ﺬﻩ ﺍﻟﻔﺎﺗﻮﺭﺓ ﻟﻠﺴﻴﺪ ﺍﶈﺎﺳﺐ:
ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻓﻴﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﺻﺒﺢ ﻣﻘﺼﺪﻱ ﺃﳏﻤـﺪ ﺑـﻦ ﳏﻤـﺪ ﺑـﻦ ﳏﻤﺪ
. .
ﺇﺭﺛـﹰﺎ ﳍـﻢ ﻭﺭﺣﻠـﺖ ﺩﻭﻥ ﺗﺮﺩﺩ ﻭﺍﳉـﺪ ﻗـﺎﻝ ﻟﻘﺪ ﺗﺮﻛﺖ ﺧﺰﺍﺋﲏ
. .
ﳓﻤﺪﻩ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺎﺀ ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ ﺩ .ﺯﺍﻫﺪ ﳏﻤﺪ ﺯﻫﺪﻱ ﻭﻋﻮﺩﺗﻪ ﺇﱃ ﺩﻧﻴﺎ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺍﻷﺩﺏ ،ﻭﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻪ ﰲ
ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻝ ﺍﳌﻬﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻗﺎﻣﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﳌﻘﺼﻮﺩ ﺍﳋﻮﺟﺔ ﺍﺣﺘﻔﺎﺀ ﲟﺤﻤﺪ ﻣﻬﺪﻱ ﺍﳉﻮﺍﻫﺮﻱ ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﺯﻳﺎﺭﺗﻪ
ﻟﻠﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ .ﻭﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﺨﺺ ﺃﺣﺐ ﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻔﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﻠﹼﺔ ﺃﳌﹼﺖ ﺑﻪ.
ﻭﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﻳﺘﺤﲑ ﺍﳌﺮﻳﺾ ﺍﳌﺸﺎﰱ ﻛﻴﻒ ﻳﺮ ﺩ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﺒﻪ ﺪﻳﺔ ﺗﻌﱪ ﻋﻦ ﺍﻣﺘﻨﺎﻧﻪ ﻟﻪ .ﻭﰲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻳﻌﺘﱪ
ﺫﻟﻚ ﳑﻨﻮﻋﹰﺎ ﺑﺈﻃﺎﺭ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻮﻃﲏ .ﺳﺄﻟﺖ ﻳﻮﻣﹰﺎ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻭﺳﺎﻡ ﻗﻨﺪﻻ ،ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻤﻞ ﺿﻤﻦ ﻫﺬﺍ
ﺍﳌﺸﺮﻭﻉ :ﻛﻴﻒ ﺃﺭﺩ ﺍﳉﻤﻴﻞ ﻟﻄﺒﻴﱯ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﻫﻘﺘﻪ ﲟﺮﺍﺟﻌﺎﰐ؟ ﻓﻘﺎﻝ :ﺍﻧﺘﻈﺮ ﺣﱴ ﻳﺘﺰﻭﺝ ﰒ ﻗﺪﻡ ﻟﻪ ﻫﺪﻳﺔ
ﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻗﻠﺖ :ﺇﻧﻪ ﻣﺘﺰﻭﺝ .ﻗﺎﻝ :ﺇﺫﻥ ﺍﻧﺘﻈﺮ ﺣﱴ ﻳﻄﻠﻖ ،ﻭﺑﲔ ﻫﺬﺍ ﻭﺫﺍﻙ ﳝﻜﻨﻚ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻐﻞ ﻓﺮﺻﺔ ﺃﻳﺎﻡ
ﺍﻟﻜﺮﲰﺲ ﻓﺘﻘﺪﻡ ﻟﻪ ﻫﺪﻳﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻛﻌﻠﺒﺔ ﺳﻴﺠﺎﺭ ﺃﻭ ﻗﻨﻴﻨﺔ ﻋﻄﺮ ،ﺳﻴﻘﺒﻠﻬﺎ ﻣﻨﻚ ﺷﺎﻛﺮﹰﺍ.
ﺴﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺸﻌﺮﺍﺀ ،ﻓﻼ ﺃﺣﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻣﻦ ﺗﺴﻠﹼﻢ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻇﺮﻳﻔﺔ ﻣﻦ ﺷﺎﻋﺮ
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﳌﻮﺿﻮﻉ ﻣﺘﻴ
ﻳﺸﻴﺪ ﺑﻪ ﻭﻳﺜﲏ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻪ .ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻟﺼﺪﻳﻘﻲ ﳏﻤﻮﺩ ﺍﳍﺎﴰﻲ ،ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺻﻲ ﺑﺄﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ .ﺯﺍﺭﻩ ﰲ
ﺑﻐﺪﺍﺩ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﶈﺎﻣﻲ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻟﺸﻤﺎﻉ ﻓﺄﺟﺮﻯ ﻟﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﰲ ﻋﻴﻨﻪ ﺍﻟﻴﻤﲎ ﺗﻜﻠﻠﺖ ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﺘﺎﻡ .ﺑﻌﺪ
ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺃﺻﻴﺒﺖ ﺍﻟﻌﲔ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻌﻠﹼﺔ ،ﻭﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺃﺧﺬ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﳛﺘﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻮﻃﻦ
ﻭﻳﺬﻫﺒﻮﻥ ﺇﱃ ﻟﻨﺪﻥ ﺃﻭ ﻓﻴﻴﻨﺎ ﺃﻭ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ .ﻫﻜﺬﺍ ﻓﻌﻞ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻟﺸﻤﺎﻉ ﻓﺄﺟﺮﻯ ﻟﻪ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﺍﳋﻮﺍﺟﺎﺕ
ﰲ ﻟﻨﺪﻥ ﻭﺷﺎﺀﺕ ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ ﺃﻥ ﺗﻔﺸﻞ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻭﳛﺼﻞ ﺍﻧﻔﺼﺎﻝ ﺑﺎﻟﺸﺒﻜﻴﺔ .ﻋﺎﺩ ﺍﻟﺸﻤﺎﻉ ﺇﱃ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻭﺗﺬﻛﺮ ﻓﻀﻞ
ﺻﺪﻳﻘﻪ ﳏﻤﻮﺩ ﺍﳍﺎﴰﻲ ،ﻓﺒﻌﺚ ﺇﻟﻴﻪ ﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ:
ـﺮ؟
ـﻦ ﺍﳌﻔـ
ـﱪ ﺇﱃ ﺃﻳـ
ـﺪ ﺍﻟﺼـ
ﻧﻔـ ﻛــﻞ ﺷــﻲﺀ ﺑﻘﻀــﺎﺀ ﻭﻗــﺪﺭ
. .
ﺃﻧـﺖ ﱄ ﻧـﻮﺭ ﺇﺫﺍ ﺍﻟﺪﻫـﺮ ﻏﺪﺭ ﻳـﺎ ﻃﺒـﻴﺐ ﺍﻟﻌﲔ "ﳏﻤﻮﺩ" ﺍﻷﺛﺮ
. .
ـﺪﺭ
ـﺮ ﻫ ـ ﻢ ﻭﻛـ
ـﺬﺍ ﺍﻷﻣـ
ﺇﻥ ﻫـ ﻫﻜــﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻠــﻴﻞ ﻗــﺪ ﺃﻧــﺒﺄﻧﺎ
. .
ﻣـﺜﻞ ﻣـﻦ ﳛﻤﻞ ﻗﻠﺒﹰﺎ ﻣﻦ ﺻﺨﺮ ﻟـﻴﺲ ﻣـﻦ ﳛﻤـﻞ ﻗﻠـﺒﹰﺎ ﻧﺎﺑﻀﹰﺎ
. .
ﻣـﺜﻞ ﻣـﻦ ﳚﻤـﻊ ﺷﻮﻛﹰﺎ ﻛﺎﻹﺑﺮ ﻟـﻴﺲ ﻣـﻦ ﳚـﲏ ﻭﺭﺩﹰﺍ ﻋﺎﻃﺮﹰﺍ
. .
ـﺮ
ـﻞ ﺷـ
ـﻦ ﻛـ
ـﻰ ﺃﻭﻻﺩﻩ ﻣـ
ﻭﲪـ ﻳــﺎ ﻃﺒﻴــﺒﹰﺎ ﺑــﺎﺭﻙ ﺍﷲ ﺑــﻪ
. .
ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻋﻨﺼﺮ ﻣﻬﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻓﺒﻪ ﻳﻘﺮﺃﻭﻥ ﻣﺎ ﻓﺎﻢ ﻭﻳﺘﻤﻌﻨﻮﻥ ﲟﺎ ﺣﻮﳍﻢ ،ﻓﻜﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﻣﻮﺳﻰ ﺍﻟﺸﻤﺎﻉ
ﻓﻌﻞ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﴰﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺒﻐﺪﺍﺩﻱ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎﰿ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻋﻤﺮ ﺭﺷﻴﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ،ﻓﺸﻜﺮﻩ
ﺑﺄﺑﻴﺎﺕ ﺷﺒﻬﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﳌﺴﻴﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﰲ ﺇﺑﺮﺍﺀ ﺍﻷﻛﻤﻪ ،ﻓﻘﺎﻝ:
ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﻳﺼﺒﺢ ﺍﳌﺮﺽ ﳘﺰﺓ ﻭﺻﻞ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ،ﻭﻣﻦ ﺍﳌﻼﺣﻆ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﺃﻥ ﻣﻌﻈﻢ
ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺩﺃﺑﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻃﺒﻴﺐ ﳑﻦ ﻳﺘﺬ ﻭﻕ ﺷﻌﺮﻫﻢ ﻭﺃﺩﻢ ،ﻭﲟﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﰲ ﺍﻷﺧﲑ ﺇﱃ ﺗﻮﹼﺛﻖ ﻋﻼﻗﺔ ﺻﺪﺍﻗﺔ،
ﻃﺮﻓﻬﺎ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﳌﺮﺽ ﻭﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﻭﻃﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﺘﺬﻭﻕ ﺍﻟﻔﲏ .ﻫﻜﺬﺍ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﳉﺮﺍﺡ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺏ ﺻﺪﻳﻘﹰﺎ
ﻟﻠﺮﺳﺎﻡ ﻓﺎﺋﻖ ﺣﺴﻦ ،ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﱪﻭﻓﺴﻮﺭ ﻫﺎﺷﻢ ﺍﻟﻮﺗﺮﻱ ﺻﺪﻳﻘﹰﺎ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﳏﻤﺪ ﻣﻬﺪﻱ ﺍﳉﻮﺍﻫﺮﻱ.
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻲ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﺑﻜﺸﺎﺟﻢ ﺻﺪﻳﻘﹰﺎ ﻭﺩﻭﺩﹰﺍ ﻟﻠﻄﺒﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘﻪ
ﻭﺩﺃﺏ ﻋﻠﻰ ﻋﻮﺩﻩ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻃﺒﻴﺒﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺃﻃﺒﺎﺀ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻬﻮﺩ ،ﺃﻱ ﻋﺎﳌﹰﺎ ﳚﻤﻊ ﺑﲔ ﺍﻟﻄﺐ ﻭﺍﻟﻔﻠﻚ
ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻷﺩﺏ .ﻏﺪﺍ ﻛﺄﻳﺒﻮﻗﺮﺍﻁ ﰲ ﺍﻟﻄﺐ ﻭﺳﻘﺮﺍﻁ ﰲ ﺯﻫﺪ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ .ﻓﻨﻈﻢ ﻓﻴﻪ ﻛﺸﺎﺟﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ
ﻳﺘﻐﻨﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻠﻄﻔﻪ ﻭﺃﻧﺴﻪ ﻭﻋﻠﻤﻪ ﻭﺣﺬﻗﻪ:
ﻣـﺎ ﻫـﻮ ﻣـﻦ ﻛـﻞ ﻋﻠﹼﺔ ﻭﺍﺟﺪ ﻳﻌﻠــﻢ ﻣــﻦ ﻗــﺒﻞ ﺃﻥ ﳜﺎﻃــﺒﻪ
. .
ﻣﻦ ﺍﳌﻌﺘﺎﺩ ﻟﻠﺼﺤﻒ ﺍﻟﻜﱪﻯ ﰲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺃﻥ ﺗﻌ ﺪ ﻣﺴﺒﻘﹰﺎ ﺃﺭﺷﻴﻔﺎﺕ ﺭﺛﺎﺀ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﺓ ،ﻭﺧﺎﺻﺔ
ﺍﳌﺘﻮﻗﻊ ﳍﺎ ﻣﻮﺕ ﻗﺮﻳﺐ ﻟﻴﺴﺘﻄﻴﻊ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺃﻥ ﻳﻨﺸﺮ ﺍﻟﺮﺛﺎﺀ ﺍﳉﺎﻫﺰ ﺣﺎﳌﺎ ﻳﻌﻠﻦ ﺧﱪ ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ
ﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﺃﺣﺪ ﺑﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺮﺛﺎﺀ ،ﳑﺎ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﻋ ﺪﺓ ﺃﻳﺎﻡ ﻭﻳﻔﻮﺕ ﻭﻗﺘﻪ ﻭﻳﺒﻄﻞ ﺃﺛﺮﻩ.
ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﰲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻷﺩﻳﺐ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﱐ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﳌﻨﺬﺭ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﳌﺪﺍﻋﺒﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﻠﻐﻪ ﺃﻥ
ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﳎﻠﺔ "ﺍﳌﻌﺎﺭﻑ" ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻭﺩﻳﻊ ﺣﻨﺎ ﻗﺪ ﻻﺯﻡ ﺍﻟﻔﺮﺍﺵ ﻟﻮﻋﻜﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺃﻟـﻤﺖ ﺑﻪ ﰲ ﺍﻟﺸﻮﻳﻔﺎﺕ،
ﻓﺒﻌﺚ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﻳﻼﻃﻔﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻳﻘﻮﻝ" :ﻋﺮﻓﺖ ﲟﺮﺿﻚ ﻳﺎ ﻭﺩﻳﻊ ﻓﻠﻢ ﺃﺧﻒ ﻋﻠﻴﻚ ﻷﻧﻚ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻦ ﻋﺰﺭﺍﺋﻴﻞ،
ﻭﻟﻜﻦ ﺧﻮﻓﹰﺎ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺪﳘﲏ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺑﺪﺃﺕ ﺑﻨﻈﻢ ﻣﺮﺛﺎﺓ ﻟﻚ ﻣﻄﻠﻌﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ـﺎﺭﻑ"
ـﻰ ﺭﺏ "ﺍﳌﻌـ
ـﻮﺍ ﻋﻠـ
ﻧﻮﺣـ ﺃﻫــﻞ ﺍﻟﺸــﻮﻳﻔﺎﺕ ﺍﻟﻐﻄــﺎﺭﻑ
. .
ﻼ :ﻓﻤﺖ ﻣﻄﻤﺌﻨﹰﺎ ﺃﻥ ﻭﺭﺍﺋﻚ ﺇﺧﻮﺍﻧﹰﺎ ﻳﺬﻳﺒﻮﻥ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺃﺳﻰ ﻋﻠﻰ ﻓﻘﺪﻙ.
ﰒ ﺧﺘﻢ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻭﻃﺎﳌﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﰲ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻋﻦ ﻇﺮﻑ ﺍﳌﺸﺎﻳﺦ ،ﻓﻘﺪ ﻭﺭﺩ ﺷﻌﺮ ﺇﺧﻮﺍﱐ ﻟﻄﻴﻒ ﺟﺮﻯ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻴﺦ
ﳏﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻴﻌﻘﻮﰊ ،ﻭﻛﺎﻥ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺇﱃ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺃﺧﻴﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺧﻀﺮ ﺍﻟﻘﺰﻭﻳﲏ ﰲ ﺑﻴﺘﻪ ﰲ ﺍﻟﻨﺠﻒ ﺍﻷﺷﺮﻑ ﰲ
ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ .ﻭﱂ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﺮﻑ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻓﺴﺄﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﺎﺑﻠﺔ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ،ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻛﺎﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺠﻒ
ﻼ :ﺇﻧﻪ ﻳﺴﻜﻦ ﰲ
ﻳﻬﻮﻭﻥ ﺍﳌﻼﻃﻔﺔ ﻭﺍﳌﺪﺍﻋﺒﺔ -ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﳏﻤﻮﺩ ﺍﳍﺎﴰﻲ -ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻋﻘﺪ ﺍﳊﻤﲑ ،ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻣﻨﻪ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﻟﻨﺠﻒ ﺑﺎﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﺼﻐﲑ .ﻭﻳﻈﻬﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻭﻋﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﻭﻓﻬﻤﻮﻩ
ﻼ:
ﻓﺪﹼﻟﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ .ﻭﻣﺎ ﺃﻥ ﺩﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺣﱴ ﺃﻧﺸﺪﻩ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺎ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﺸﻬﺪﻧﺎ ﺑﻨﻤﺎﺫﺝ ﻣﻦ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﰲ ﺃﻃﺒﺎﺋﻬﻢ ﻭﺇﺷﺎﺩﻢ ﻢ ،ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﱂ ﻳﺒﺨﻞ ﺑﺸﻲﺀ
ﰲ ﻫﺠﻮﻫﻢ ﻭﺫ ﻣﻬﻢ .ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﳏﻤﺪ ﺭﺿﺎ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻟﺪ ﻭﻧﺸﺄ ﰲ ﺑﻠﺪﺓ ﺍﳍﻨﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ
ﺿﻔﺎﻑ ﺍﻟﻔﺮﺍﺕ .ﻭﺗﻠ ﹼﻘﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻷﺩﺏ ﰲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻨﺠﻒ ﺍﻷﺷﺮﻑ ،ﻟﻪ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻇﺮﻳﻔﺔ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ "ﻫﺠﺎﺀ
ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ" ،ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ:
ﻛﺎﻥ ﳏﻤﺪ ﺭﺿﺎ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﺛﺮﻭﻥ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻭﺍﻟﻌﺰﻟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﰲ ﳏﻴﻄﻪ ﺍﳋﺎﺹ ﺑﻪ،
ﻭﳍﺬﺍ ﱂ ﻳﺸﺘﻬﺮ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭﱂ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﲔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﻣ ﹼﻞ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ ﺑﻌﻴﺪﹰﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ
ﻭﺗﺸﺎﻃﺎﺎ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ،ﻓﺮﻛﺐ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﺍﻷﺟﺮﺓ ﻭﺭﺣﻞ ﺇﱃ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻟﻴﻠﺘﻘﻲ ﺑﺸﻌﺮﺍﺋﻬﺎ ﻭﺃﺩﺑﺎﺋﻬﺎ ،ﻓﻨﺸﺄﺕ ﺑﻴﻨﻪ
ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻋﺮﻯ ﺻﺪﺍﻗﺎﺕ ﺃﺧﻮﻳﺔ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺷﺎﻋﺮ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺍﻷ ﻭﻝ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ -ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎﺕ ﻭﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻨﺎﺕ-
ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺍﻟﺮﺻﺎﰲ .ﻭﻳﻈﻬﺮ ﺃﻧﻪ ﻭﺟﺪ ﻓﻴﻪ ﺻﻨﻮﹰﺍ ﻭﺻﺪﻯ ﻟﻪ ﰲ ﻋﺰﻭﻓﻪ ﻋﻦ ﺍﳌﻨﺎﺻﺐ ﻭﺍﳌﺎﻝ ﻭﺍﳉﺎﻩ ﻭﺍﻫﺘﻤﺎﻣﻪ
ﲟﺸﺎﻛﻞ ﺑﻼﺩﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﺍﻧﱪﻯ ﳏﻤﺪ ﺭﺿﺎ ﺍﳋﻄﻴﺐ ﻓﺒﻌﺚ ﻟﻠﺮﺻﺎﰲ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﳛﻴﻴﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻳﺸﻴﺪ
ﺑﺮﻭﺣﻪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﳌﺴﺆﻭﻟﺔ ،ﻓﻜﺎﻥ ﳑﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ:
ـﻴﻬﺎ
ـﻰ ﻛﺮﺳـ
ـﻮﻣﹰﺎ ﻋﻠـ
ـﺮﺑﻌﹰﺎ ﻳـ
ﻣﺘـ ﻭﻛـﺄﻧﲏ ﺑﻚ ﻗﺪ ﺭﻓﻀﺖ ﺑﺄﻥ ﺗﺮﻯ
. .
ﺍﺳﺘﻠﻢ ﺍﻟﺮﺻﺎﰲ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺃﺧﻴﻪ ﳏﻤﺪ ﺭﺿﺎ ﺍﳋﻄﻴﺐ ،ﻓﺮ ﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺄﺑﻴﺎﺕ ﺿﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﺗﻨﺘﻬﻲ ﲟﺪﺍﻋﺒﺔ
ﻇﺮﻳﻔﺔ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻣﲔ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﻭﺍﳌﺮﺗﻀﻰ ...ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ،ﺍﺫ ﻳﻘﻮﻝ:
ﺑﻠﻨﺪ ﺍﳊﻴﺪﺭﻱ ﻭﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺯﺍﻫﺪ ﳏﻤﺪ ﺯﻫﺪﻱ ﺷﺎﻋﺮﺍﻥ ﲨﻌﺘﻬﻤﺎ ﺃﺧﻮﺓ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﲔ ﻋﺪﻳﺪﺓ،
ﻓ ﺮﻗﺘﻬﻤﺎ ﺻﺮﻭﻑ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﻣﻜﺎﻧﻴﹰﺎ ﻭﲨﻌﺘﻬﻤﺎ ﺃﺷﺠﺎﻥ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ﻋﺎﻃﻔﻴﹰﺎ ،ﻭﻭﺣﺪﻤﺎ ﻧﺴﻤﺎﺕ ﺍﳊﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻓﻜﺮﻳﹰﺎ.
ﺏ ﻓﻴﻪ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻣﻦ ﺣﲔ ﻵﺧﺮ ،ﻓﻴﺤﻤﻞ ﻧﺘﻔﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺇﱃ
ﻫﺬﺍ ﰲ ﻟﻨﺪﻥ ﻭﺫﻟﻚ ﰲ ﺟ ﺪﺓ ﻭﺍﻟﱪﻳﺪ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺗﺪ
ﺃﺧﻴﻪ ،ﺷﻮﻗﹰﺎ ﺃﻭ ﺍﻣﺘﻨﺎﻧﹰﺎ ﺃﻭ ﻣﺪﺍﻋﺒﺔ ﺃﻭ ﻣﻌﺎﺗﺒﺔ .ﰲ ﺇﺑﺮﻳﻞ )ﻧﻴﺴﺎﻥ( ،١٩٩٦ﺑﻌﺚ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺯﺍﻫﺪ ﺑﻌﻠﺒﺔ ﻣﻦ ﲤﺮ
"ﺍﻟﺰﻫﺪﻱ" ﺇﱃ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﰲ ﻟﻨﺪﻥ ،ﻓﺸﻜﺮﻩ ﺃﺑﻮ ﻋﻤﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺍﻧﺘﻬﺰ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻴﺒﻌﺚ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﳘﻮﻣﻪ ﺇﱃ ﺻﺪﻳﻘﻪ:
ﺍﺷﺘﺮﻙ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺪﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺟﻌﻔﺮ ﺍﻷﻣﲔ ﻮﺍﻳﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺍﻣﺘﻬﺎﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻭﻻ
ﻋﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺮﺑﻄﻬﻤﺎ ﺑﻔﻀﻞ ﺫﻟﻚ ﻋﻼﻗﺔ ﺻﺪﺍﻗﺔ ﻭﻃﻴﺪﺓ ﻭﻃﻮﻳﻠﺔ ،ﻭﺗﻌﺎﻫﺪﺍ ﻳﻮﻣﹰﺎ ﺃﻥ ﻳﺰﻭﺭ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺟﻌﻔﺮ ﺯﻣﻴﻠﻪ
ﻟﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻣﻌﻪ ،ﻭﻟﻜﻦ ﻃﻘﺴﹰﺎ ﻣﻔﺮﻃﹰﺎ ﰲ ﺍﳊﺮﺍﺭﺓ ﻭﺍﻹﺭﻫﺎﻕ ﺃﻗﻌﺪﻩ ﻋﻦ ﺗﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ .ﱂ ﻳﺒﻖ ﺑﻴﺪ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻧﻮﺭ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺎ ﻳﻘﻀﻲ ﺑﻪ ﺑﻘﻴﺔ ﻳﻮﻣﻪ ﻏﲑ ﺍﳊﺮﻓﺔ ﺍﻟﻘﺪﳝﺔ :ﺍﻟﻘﺮﻳﺾ .ﻓﻨﻈﻢ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻳﻌﺎﺗﺐ ﺎ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﰲ
ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ:
ﻏﻴﻈـﻲ ﺃﺛﻮﺭ ﻭﻣﻦ ﺻﻨﻴﻌﻲ ﺃﺳﺨﺮ ﺣﱴ ﺇﺫﺍ ﻫﺠﻢ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﺭﺟﻌﺖ ﻣﻦ
. .
ﺃﺭﺳﻞ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻷﻣﲔ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﺟﻮﺍﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﻔﺴﲑ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺄﻥ
ﺍﳌﻄﺎﺭﺣﺎﺕ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ .ﺃﻗﺘﻄﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ -ﻭﳓﻦ ﺩﺍﺋﻤﹰﺎ ﻧﺴﻬﺐ ﰲ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ -ﻫﺬﻩ
ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ:
ﻗﺴـﻤﹰﺎ ﳌـﺎ ﻗﻬـﺮ ﺍﻟﻔﻮﺍﺭﺱ ﻋﻨﺘﺮ ﻟـﻮ ﺃﻥ ﻋﻨﺘـﺮ ﻣـﺜﻞ ﺣﻈﹼﻲ ﺣﻈﻪ
. .
ﻭﳌـﺎ ﺍﳒﻠـﻰ ﻋـﻦ ﺇﻟﻴﺘﻴﻬﺎ ﻣﺌﺰﺭ ﻭﳌـﺎ ﺟـﲎ ﻣـﻦ ﺛﻐﺮ ﻋﺒﻠﺔ ﻗﺒﻠﺔ
. .
ﻓﺎﻟﺪﻫـﺮ ﻗﺒﻠﻚ )ﻳﺎ ﻣﻬﺮﺝ ﺃﺯﻋﺮ( ﻓـﺈﺫﺍ ﺍﺑﺘﻠـﻴﺖ ﺑﺄﺯﻋﺮ ﺧﻠﻊ ﺍﳊﻴﺎ
. .
ﺃﻭ ﻛـﻨﺖ ﻃـﺒﺎ ﹰﻻ ﻓﺄﻧـﺖ ﻣﺰﻣﺮ ﺇﻥ ﻛـﻨﺖ ﻧـﻮﺭﻳﹰﺎ ﻓﺈﻧـﻚ ﺃﻧﻮﺭ
. .
ﺯﻣﻴﻠﻨﺎ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﳒﺪﺓ ﻓﺘﺤﻲ ﺻﻔﻮﺓ ،ﺍﻷﺩﻳﺐ ﻭﺍﳌﺆﺭﺥ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ،ﻭﺻﺪﻳﻘﻨﺎ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻣﲑ ﺑﺼﺮﻱ ،ﺍﻷﺩﻳﺐ
ﺐ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﰲ ﺑﻐﺪﺍﺩ .ﻣﺎ ﻓﺘﺌﺖ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ
ﻭﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ،ﺷﺨﺼﻴﺘﺎﻥ ﲨﻌﻬﻤﺎ ﺣ
ﺣﱴ ﻓﺮﻗﺖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻷﻣﺪ ﻏﲑ ﻗﺼﲑ ،ﰒ ﻋﺎﺩﺕ ﻓﺎﻧﺜﻨﺖ ﻭﲨﻌﺖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﻻ ﰲ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﺮﺓ ،ﻭﺇﳕﺎ ﰲ ﻟﻨﺪﻥ
ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻴﻢ ﻭﻳﻌﻤﻞ ﻛﻼﳘﺎ ﺍﻵﻥ ،ﻭﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﻧﻠﺘﻘﻲ ﺑﺄﺣﺪﳘﺎ ﺃﻭ ﺑﺎﻵﺧﺮ ﺑﲔ ﺍﻟﻔﻴﻨﺔ ﻭﺍﻟﻔﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺎﺕ
"ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ".
ﺭﻏﻢ ﺍﻃﹼﻼﻋﻪ ﺍﻟﻐﺰﻳﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﺣﻔﻈﻪ ﻟﻠﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ،ﻓﺈﻥ ﻣﲑ ﺑﺼﺮﻱ ،ﺑﻘﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ
ﺍﳌﻘﻠﹼﲔ ،ﻭﻣﺎ ﺟﺎﺩ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺛﺮ ﰲ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﳌﻨﺎﺣﻲ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺍﳌﺒﺎﺩﻻﺕ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ
ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭﺍﻷﺩﺑﺎﺀ .ﻭﻗﺪ ﺍﻃﹼﻠﻌﺖ ﺃﺧﲑﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻧﻈﻤﻬﺎ ﰲ ﲢﻴﺔ ﺯﻣﻴﻠﻪ ﳒﺪﺓ ﻓﺘﺤﻲ ﺻﻔﻮﺓ ،ﺃﻋﺮﺏ ﻓﻴﻬﺎ
ﻋﻦ ﻋﻮﺍﻃﻒ ﺍﳌﻮ ﺩﺓ ﻭﺍﻹﻋﺠﺎﺏ ﳓﻮ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻭﺫﻟﻚ ﲟﻨﺎﺳﺒﺔ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﳎﻤﻮﻋﺘﻪ ﺍﳌﻮﺳﻮﻋﻴﺔ ﺍﻷﺧﲑﺓ "ﺍﳉﺰﻳﺮﺓ
ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ ﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﺍﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ" ،ﻳﻘﻮﻝ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺔ:
ـﻴﻠﻪ
ـﺔ ﺍﻟﻌ ـ ﺰ ﳔـ
ﻣﺸ ـﺒﻪ ﰲ ﺭﻓﻌـ ـﺎﻫﺾ
ـﺮﺍﻕ ﻧـ
ـﺎﻥ ﻭﺟﻬ ـﹰﺎ ﻟﻌـ
ﻛـ
. .
ﻭﺍﻟـﺘﻔﺎﺗﺎﺕ ﻣـﻦ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﺟﺰﻳﻠﻪ ﻗـﺪ ﺫﻛﺮﺕ ﺍﻟﻮ ﺩ ﻣﻦ ﺧﺪﻥ ﺍﻟﻮﻓﺎ
. .
ﺠ ﺩﹰﺍ ﻭﺍﺒﺩﺃ ﺒﺎﻟﺤﻴﺎﺓ!
ﻜﻥ
ﺭﺯﻕ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻏﺎﺯﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺍﻟﻘﺼﻴﱯ ﲝﻔﻴﺪ ﲰﻮﻩ ﻓﻬﺪﹰﺍ .ﻭﺃﺛﺎﺭ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ
ﻱ ﺭﺟﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺃﻭﻝ ﺣﻔﻴﺪ ،ﻓﻴﺸﻌﺮ ﺑﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﺍﻟﻜﱪ ﻭﺍﳉﺪﻭﺩﻳﺔ .ﺇﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ
ﺍﳋﻮﺍﻃﺮ ﺍﻟﱵ ﺗﻌﺘﺮﻱ ﺃ
ﺍﻟﺒﻬﺠﺔ ﻭﺍﻻﻋﺘﺰﺍﺯ ﺍﳌﻤﺰﻭﺟﲔ ﰲ ﺻﺪﺭ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﻓﻜﺮﻩ ﻓﻄﻔﺢ ﺃﺧﲑﹰﺍ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﻭﺟﺪﺍﻧﻴﺔ ﲢﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻋﺎﺑﺔ
ﻭﺍﻟﻈﺮﻑ ،ﻓﻘﺎﻝ ﰲ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﻭﻫﻮ ﳜﺎﻃﺐ ﺣﻔﻴﺪﻩ:
ﻗﺮﺃ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺻﺪﻳﻖ ﻣﻦ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﻴﱯ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﲏ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﲪﻦ ﺭﻓﻴﻊ ،ﻓﺮ ﺩ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻪ
ﻣﻌﻠﹼﻘﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻭﻣﻬﻨﺌﹰﺎ ﺑﺎﳊﺪﺙ ،ﻓﻘﺎﻝ:
***
ـﺎﺭﹰﺍ ﻭﻭﺭﺩﺍ
ـﺮ ﺃﺯﻫـــ
ﻳـﻨـﺜــ ﺳــﺎﺣﺮ ﺍﻟﺸــﻌـﺮ ﺍﻟـﺬﻱ
. .
***
ﻭﻏـﺪﹰﺍ ﻳـﻬـﺪﻳـﻚ ﻓـﻬـﺪﺍ ﻓـﻬـﻨـﻴــﺌﹰﺎ ﻟـﻚ ﻓـﻬـﺪ
. .
ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﻤﺔ
ﺍﻟﻌﻤﺎﻣﺔ ﰲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﺎﺿﻴﹰﺎ ﻭﺣﺎﺿﺮﹰﺍ ﺗﻌﺘﱪ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﺯ ﺭﻣﻮﺯ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ
ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ،ﻭﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻣﻮﺿﻮﻋﹰﺎ ﻟﻠﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳊﻜﺎﻳﺎﺕ ﻭﺍﻟﻄﺮﺍﺋﻒ ،ﻭﺭﻭﻱ ﺑﺼﺪﺩﻫﺎ ﺷﻌﺮ ﻏﺰﻳﺮ
ﻭﻣﺘﻨﻮﻉ .ﺻﺎﺩﻑ ﺭﺟﻞ ﺃﻣﻲ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻭﻫﻮ ﰲ ﺟﺒﺘﻪ ﻭﻋﻤﺎﻣﺘﻪ ﺍﻷﻧﻴﻘﺔ ،ﻓﺎﺳﺘﻮﻗﻔﻪ ﻟﻴﻘﺮﺃ ﻟﻪ
ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻭﺻﻠﺘﻪ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻪ ﰲ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺃﺳﻮﺃ ﺧﻂ ،ﲝﻴﺚ ﱂ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﻥ ﻳﻘﺮﺃ ﺷﻴﺌﹰﺎ ﻣﻨﻬﺎ،
ﻓﺄﻋﺎﺩﻫﺎ ﻟﻠﺮﺟﻞ ﻣﻌﺘﺬﺭﹰﺍ ﻋﻦ ﻋﺪﻡ ﻣﻘﺪﺭﺗﻪ .ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﰲ ﻋﺠﺐ ﻭﻗﺎﻝ" :ﺍﷲ! ﺃﻣﺎﻝ ﻻﺑﺲ ﺍﻟﻌﻤﺔ ﺩﻱ ﻋﻠﻰ
ﺭﺃﺳﻚ ﻭﻣﺎ ﺗﻘﺪﺭﺵ ﺗﻘﺮﺍ ﺣﺘﺔ ﺟﻮﺍﺏ ﺻﻐﲑ" ،ﻓﱰﻉ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺍﻟﻌﻤﺎﻣﺔ ﻋﻦ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﻭﺿﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪﻱ
ﻼ" :ﺃﻫﻮﻩ! ﺗﻔﻀﻞ ﺍﻗﺮﺍ!".
ﺱ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﰲ ﻳﺪﻩ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻭﺩ
ﻛﺜﲑﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﺍﺋﻒ ﺍﻟﱵ ﻗﻴﻠﺖ ﺑﺼﺪﺩ ﺍﻟﻌﻤﺎﻣﺔ ،ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﰲ ﻧﻐﻤﺔ ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻘﺪ .ﻭﻣﻦ ﺃﻇﺮﻑ ﻣﺎ
ﻭﺟﺪﺗﻪ ﰲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﺍﳌﻨﺎﻇﺮﺓ ﺍﻟﱵ ﺗﺒﻮﺩﻟﺖ ﺑﲔ ﺷﻴﺨﲔ ،ﺍﻟﺸﻴﺦ ﳏﻤﺪ ﺍﳌﻌﺮﻭﻑ ﺑﺸﺒﺎﻧﻪ ﻭﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻗﺎﺳﻢ
ﻼ:
ﺍﻷﺩﻳﺐ .ﺑﻌﺚ ﺷﺒﺎﻧﻪ ﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻼ ﺗــﻮﳘﻬﺎ ﺑــﺮﺍﻣﻪ
ـــ ﹼ ﺑﻌﻤﺎﻣـﺔ ﻟـﻮ ﺧﺎﳍـﺎ ﺍﻟﻘـ
. .
ﻣﻦ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﺍﳌﻬﺠﺮ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﲔ ﺇﻟﻴﺎﺱ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻭﺭﺷﻴﺪ ﺳﻠﻴﻢ ﺍﳋﻮﺭﻱ –ﺍﳌﻠﻘﺐ ﺑﺎﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻘﺮﻭﻱ ،-ﻭﻋﺎﺵ
ﻛﻼﳘﺎ ﰲ ﺍﻟﱪﺍﺯﻳﻞ .ﺭﺑﻄﺖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺻﺪﺍﻗﺔ ﻭﻃﻴﺪﺓ ﻛﺎﻥ ﻻ ﺑ ﺪ ﳍﺎ ﺃﻥ ﺗﻔﻴﺾ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺇﺧﻮﺍﻧﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ،
ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ .ﺍﻟﺘﻘﻴﺎ ﻳﻮﻣﹰﺎ ﰲ ﺣﻔﻠﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻛﺒﲑﺓ ﺣﻀﺮﻫﺎ ﻋﺪﺩ ﻏﻔﲑ ﻣﻦ ﺃﺩﺑﺎﺀ ﺍﳌﻬﺠﺮ ﻭﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺳﺘﻬﻮﺍﻫﻢ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﻭﻫﻢ ﰲ ﻏﺮﺑﺘﻬﻢ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﺩﻳﺎﺭ ﺍﻟﺸﺮﻕ ،ﻭﰲ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﻔﻞ ﺃﻧﺸﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ
ﺍﻟﻘﺮﻭﻱ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻇﺮﻳﻔﺔ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺖ:
ﻟﻜـﻦ ﻏﻴﻮﺭ ﺃﺣﺐ ﺍﳊﺴﻦ ﳏﺘﻜﺮﺍ ﺇﱐ ﻛـﺮﱘ ﺃﺣـﺐ ﺍﳌﺎﻝ ﻣﺸﺘﺮﻛﺎ
. .
ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻘﺮﻭﻱ :ﺃﻧﺎ ﱂ ﺃﻗﻞ ﺃﱐ ﺃﺣﺐ ﺍﳌﺎﻝ ﻣﺸﺘﺮﻛﹰﺎ ﺇ ﹼﻻ ﻃﻤﻌﹰﺎ ﺑﺄﻥ ﺗﺸﺎﺭﻛﲏ ﺃﻧﺖ ﲟﺎ ﻣﻌﻚ ،ﻭﻫﺬﺍ
ﻷﻧﻚ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﰲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴﺤﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﺤﺎﻭﻳﻞ .ﰒ ﺫﻛﺮ ﻟﻪ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺒﻖ ﺃﻥ ﺃﻧﺸﺪﻩ ﰲ
ﺣﻔﻠﺔ ﻋﺮﺱ ﺳﺎﺑﻘﺔ ،ﻭﻗﺎﻝ ﻓﻴﻪ:
ﻣـﺎ ﹰﻻ ﺳﺤﺒﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﲢﻮﻳﻼ ﻧﻜﺴـﻮ ﺍﳋﻠﻴﻠﺔ ﺃﺷﻌﺎﺭﹰﺍ ﻓﺈﻥ ﻃﻠﺒﺖ
. .
ﺏ ﻓﻴﻪ ﺇﱃ ﻗﻠﺒﻪ
ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﺃﻧﺸﺪﻫﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻘﺮﻭﻱ ﰲ ﺣﻔﻠﺔ ﻋﺮﺱ ،ﺭﺍﺣﺖ ﺍﻟﻐﲑﺓ ﺗﺪ
ﻭﻫﻮ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻌﺮﻭﺳﲔ ﰲ ﺎﺀ ﻣﻨﻈﺮﳘﺎ ﻭﻋﺰﺓ ﺷﺒﺎﻤﺎ ،ﻓﻘﺎﻝ:
ﻓﻠﻨﺸـﺒﻊ ﺍﻟـﻨﻔﺲ ﺗﺰﻣﲑﹰﺍ ﻭﺗﻄﺒﻴﻼ ﻓـﻴﺎ ﺭﻓﺎﻗﻲ ﺍﻧﻘﻀﻰ ﻋﻤﺮ ﻟﻨﺎ ﺑﻮﺭﺍ
. .
ﻭﻟـﻴﻘﺾ ﺭﺑﻚ ﺃﻣﺮﹰﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻔﻌﻮﻻ ﻫـﻴﺎ ﺑـﻨﺎ ﻭﻟﻨﺠﺮﺏ ﺣﻈﹼﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ
. .
ﻣﺎ ﹰﻻ ﺳﺤﺒﻨﺎ ﻋﻠﻰ )ﻓﺮﺣﺎﺕ( ﲢﻮﻳﻼ! ﻧﻜﺴـﻮ ﺍﳋﻠﻴﻠﺔ ﺃﺷﻌﺎﺭﹰﺍ ﻓﺈﻥ ﻃﻠﺒﺖ
. .
ﺿﺤﻚ ﺇﻟﻴﺎﺱ ﻓﺮﺣﺎﺕ ﻋﻨﺪﻫﺎ ،ﻭﻗﺎﻝ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ :ﻭﻣﻦ ﻫﻲ ﺍﻨﻮﻧﺔ ﺍﻟﱵ ﺗﺮﺿﻰ ﺑﻚ ﻋﺮﻳﺴﺎﹰ ،ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ
ﻋﻤﻠﺘﻚ ﰲ ﺍﻟﺪﻓﻊ!.
ﻤﻥ ﺘﺭﺍﺙ ﺍﻷﻟﻐﺎﺯ
ﺑﺎﳓﻄﺎﻁ ﻋﻬﺪ ﺍﳋﻼﻓﺔ ،ﺍﳓﻄﹼﺖ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻭﻓﻘﺪﺕ ﺣﻴﻮﻳﺘﻬﺎ ﻭﺃﺻﺎﻟﺘﻬﺎ ﻭﺍﻤﻚ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﰲ
ﺍﻟﺰﺧﺎﺭﻑ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻠﻌﺐ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻭﺍﳊﺮﻭﻑ ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ ﳑﺎ ﳝﻸ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﻭﳝﺮﺭ ﺍﻟﻮﻗﺖ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﺍﻻﻧﺸﻐﺎﻝ ﺑﺎﻷﻟﻐﺎﺯ ﻭﺣﻠﹼﻬﺎ .ﻫﻨﺎﻙ ﺗﺮﺍﺙ ﻛﺒﲑ ﻣﻦ ﺍﻷﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻧﻈﻤﻪ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺍﻟﻄﱪﻱ
ﻭﺑﻌﺚ ﺑﻪ ﺇﱃ ﺃﰊ ﺍﻟﻌﻼﺀ ﺍﳌﻌﺮﻱ ،ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ:
ـﻞ
ـﻨﻬﺎ ﳏﻠـ
ـﻢ ﻣـ
ـﻨﺎﻭﻟﻪ ﻭﺍﻟﻠﺤـ
ﺗـ ـﺐ
ـﻞ ﳊﺎﻟـ
ـﺎ ﺫﺍﺕ ﺩﺭ ﻻ ﳛـ
ﻭﻣـ
. .
ﻭﻣﻦ ﺷﺎﺀ ﺷﺮﺏ ﺍﻟﺪﺭ ﻓﻬﻮ ﻣﻀﻠﻞ ﳌـﻦ ﺷـﺎﺀ ﰲ ﺍﳊﺎﻟﲔ ﺣﻴﹰﺎ ﻭﻣﻴﺘﹰﺎ
. .
ﻗﺮﺃ ﺍﳌﻌﺮﻱ ﺫﻟﻚ ،ﻭﺍﻟﻌﺠﻴﺐ ﺃﻧﻪ ﱂ ﻳﺮﻡ ﺍﻟﻘﺼﺎﺻﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﻤﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﻳﻌﻴﺪﻫﺎ ﺇﱃ ﺻﺎﺣﺒﻪ ،ﺑﻞ ﻭﺟﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ
ﻓﺮﺍﻏﹰﺎ ﺑﲔ ﻛﻞ ﺗﺄﻣﻼﺗﻪ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻟﻴﺠﻴﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﻤﱪﺯ ﳏﺼﻞ ﺑﺄﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ،ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺑﺬﺍﺕ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ:
ﻼ ﻓﻠﻴﺲ ﳚﻬﻞ
ﻭﻣـﻦ ﻇـﻨﻪ ﳔـ ﹰ ﻓﻤـﻦ ﻇـﻨﻪ ﻛﺮﻣﹰﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﺑﻜﺎﺫﺏ
. .
ﺇﺫﻥ ﻓﺎﳊﻞ ﺣﻼﹼﻥ ،ﺍﻟﻌﻨﺐ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺍﻟﺘﻤﺮ ﺍﻟﺜﺎﱐ .ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺩﺭ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻨﻮﺍﺓ ﻭﻳﺆﻛﻞ ﳊﻤﻬﺎ ﻭﻻ ﳛﻞ ﺷﺮﺍﻤﺎ،
ﺍﻟﻨﺒﻴﺬ ﻭﺍﻟﻌﺮﻕ.
ﻭﺭﻏﻢ ﻣﺮﻭﺭ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭﲡ ﺪﺩ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮ ﰲ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﳊﺪﻳﺚ ،ﻓﻤﺎ ﺯﺍﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻳﻨﺠﺮﻓﻮﻥ ﻭﺭﺍﺀ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻌﺐ ﺍﻷﻛﺮﻭﺑﺎﰐ ﺑﺎﻷﻟﻔﺎﻅ .ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺳﺘﺎﺫﻧﺎ ﺻﺎﺩﻕ ﺍﻷﻋﺮﺟﻲ ،ﻣﺪﺭﺱ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﰊ ﰲ ﺍﻹﻋﺪﺍﺩﻳﺔ
ﺍﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﺑﺒﻐﺪﺍﺩ .ﺍﻧﺸﻐﻞ ﻫﻮ ﺃﻳﻀﹰﺎ ﺑﺎﻷﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ،ﻓﺴﺒﻚ ﻳﻮﻣﹰﺎ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺒﻴﺘﲔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﲔ:
ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﳏﻔﻞ ﻫﻮ "ﻣﺢ" ،ﻭﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﺍﳌﻨﺎﻝ ﻫﻮ
"ﺁﻝ" ﺃﻱ ﺍﻟﺴﺮﺍﺏ ،ﻓﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻋﻴﺔ "ﳏﺎﻝ" ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻌﺪﱘ ﺍﳌﺜﺎﻝ.
ﺜﻼﺜﺔ ﺤﻭل ﻓﻨﺠﺎﻥ
ﺇﻧﲏ ﺃﻓﻬﻢ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺗﺴﺎﺟﻞ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺣﻮﻝ ﻣﻮﺍﺋﺪ ﺍﻷﻛﻞ ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻃﺒﺎﻕ ﺍﻟﻄﹼﻌﺎﻡ،
ﻭﻟﻜﻨﲏ ﺣﺮﺕ ﰲ ﺃﻣﺮ ﺍﳌﺴﺎﺟﻼﺕ ﺍﻟﻜﺜﲑﺓ ﺍﻟﱵ ﺟﺮﺕ ﺣﻮﻝ ﻓﻨﺎﺟﲔ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ،ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻭﺃﺷﺮﺕ ﺇﻟﻴﻪ .ﻋﻠﻰ
ﻏﺮﺍﺭ ﺫﻟﻚ ﺟﺮﺕ ﻣﺴﺎﺟﻠﺔ ﺇﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ﺑﲔ ﺷﻌﺮﺍﺀ ﺛﻼﺛﺔ ،ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ،ﻭﻫﻮ ﻋﺎﱂ ﺟﻠﻴﻞ ﻟﻪ ﻓﻀﻠﻪ
ﻭﻣﺴﺎﳘﺎﺗﻪ ،ﻭﺍﻟﺴﻴﺪ ﳏﻤﺪ ﺣﻴﺪﺭ ﺍﳊﺴﻴﲏ ،ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﳌﻌﺮﻭﻓﲔ ﰲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻭﺍﻟﺴﺘﺎﺫ ﺳﻌﻴﺪ ﻏﻨﺎﻡ ،ﻣﺪﻳﺮ ﻣﺪﺭﺳﺔ
ﻋﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺮﲰﻴﺔ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﺑﲔ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻷﺩﺏ.
ﺯﺍﺭ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻭﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﳊﺴﻴﲏ ﺻﺪﻳﻘﻬﻤﺎ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺳﻌﻴﺪ ﻏﻨﺎﻡ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺎﺩﺭ ﺇﱃ ﺗﻘﺪﱘ
ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ﻟﻠﻀﻴﻔﲔ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﳏﻤﺪ ﺣﻴﺪﺭ ﺍﻋﺘﺬﺭ ﻋﻦ ﺷﺮﺎ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﺻﺤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ .ﻭﻛﻤﺎ ﻧﻌﻬﺪ ﰲ ﳎﺎﻟﺴﻨﺎ
ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻻ ﻧﻘﺒﻞ ﺍﻻﻋﺘﺬﺍﺭ ﻣﻦ ﺿﻴﻒ ﻭﻧﻮﺍﺻﻞ ﺍﻹﳊﺎﺡ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺣﱴ ﻭﻟﻮ ﺃﺩﻯ ﺑﻪ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﱃ ﻣﻔﺎﺭﻗﺔ ﺍﳊﻴﺎﺓ ،ﻭﻫﻮ
ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻣﺪﻳﺮ ﺍﳌﺪﺭﺳﺔ ﻭﻣﺮﺑﻲ ﺍﳉﻴﻞ .ﻭﲣﻠﹼﺼﹰﺎ ﻣﻦ ﺍﳌﺄﺯﻕ ﻭﺣﺴﻤﹰﺎ ﻟﻠﱰﺍﻉ ،ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﳊﺴﻴﲏ
ﻓﻨﺠﺎﻥ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺑﺎﺩﺭ ﺇﱃ ﺍﺭﲡﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ:
ﻛﻤـﺎ ﺟـﺎﺩ ﺍﻟـﻨﺪﱘ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺪﱘ ﻛـﻢ ﺟـﺎﺩ "ﺍﻟﺴـﻌﻴﺪ" ﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ
. .
ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻣﻦ ﺃﺑﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻮﺟﻴﺰﺓ ﻓﺈﺫﺍ ﺎ ﺗﻮﺣﻲ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻭﺗﻔﺘﺢ ﻟﻪ ﻗﺮﳛﺘﻪ ﺍﻟﺸﻌﺮﻳﺔ ﻟﻴﻮﺍﺻﻞ
ﺍﻟﻘﺮﻳﺾ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﺍﺭﲡﻠﻬﺎ ﻫﻮ ﺍﻵﺧﺮ ﻟﺴﺎﻋﺘﻪ:
ﻼ:
ﱂ ﻳﺒﻖ ﻏﲑ ﺛﺎﻟﺜﻬﻢ ،ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺳﻌﻴﺪ ﻏﻨﺎﻡ ،ﻓﺄﺟﺎﻤﺎ ﻗﺎﺋ ﹰ
ﻼ ﻳﺬﻛﺮ
ﻟﻠﺴـﺎﺩﺓ ﺍﻷﺷـﺮﺍﻑ ﻓﻀ ﹰ ﺍﻟﻀـﺎﺩ ﺗﺸـﻬﺪ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﰲ ﺗﺸﻜﺮ
. .
ﻭﻋﻠـﻴ ﹸﻜ ﻢ ﻳـﻮﻡ ﺍﻟﻮﻏـﻰ ﻻ ﻳﻘﻬ ﺮ ﻓـﺒﺬﻱ ﺍﻟﻔﻘﺎﺭ ﺃﻣﺎﻣﻜﻢ ﻗﻬﺮ ﺍﻟﻌﺪﻯ
. .
ﻕ ﻭﺃﻓﺨﺮ
ﰲ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺮﻳﻦ ﺷـﺬﺍ ﺃﺭ ﺑــ ﻦ ﺍﻟــﻴﻤﺎﱐ ﻓﺎﺧــﺮ ﻟﻜــﻨﻤﺎ
. .
ﺻﺪﻭﺭ ﻛﺘﺎﺏ ﺃﻭ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺷﻌﺮ ﺟﺪﻳﺪ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﻮﻻﺩﺓ ﻃﻔﻞ ﻋﻨﺪ ﺻﺎﺣﺒﻪ .ﻛﻠﺘﺎ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺘﲔ ﻣﺪﻋﺎﺓ ﺑﺸﺮ ﳛﺘﻔﻞ
ﻑ ﺍﻟﺘﻬﺎﱐ ﺑﺼﺪﺩﻫﺎ ﻭﺗﻘﺎﻝ ﺍﻷﺷﻌﺎﺭ ﺗﱪﻛﹰﺎ ﺎ .ﻫﻜﺬﺍ ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﻢ ﺷﻲﺀ ﻳﻬﻨﺌﻮﻥ ﺑﻪ ﺇﺧﻮﺍﻢ
ﺎ ﻭﺗﺰ
ﻭﻳﺸﻴﺪﻭﻥ ﺑﻌﻤﻠﻬﻢ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺃﲪﺪ ﺷﻮﻗﻲ ﻷﻣﲔ ﳔﻠﺔ ﻋﻨﺪ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ
ﺍﳉﺪﻳﺪ "ﺩﻓﺘﺮ ﺍﻟﻐﺰﻝ" ،ﻭﱂ ﻳﺪﻉ ﺷﻮﻗﻲ ﺍﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﲤ ﺮ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﺒﺠﺢ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﺑﺈﺟﺎﺩﺗﻪ ﻟﻠﺸﻌﺮ:
ﻭﰲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﺻﺪﺭ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﱐ ﻓﻮﺯﻱ ﻋﻄﻮﻱ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ "ﴰﻮﻉ ﺍﳌﻌﺒﺪ" ،ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀﺕ ﻣﻘﺪﻣﺔ
ﺍﻟﺪﻳﻮﺍﻥ ﺷﻌﺮﹰﺍ ﻣﻦ ﻧﻈﻢ ﻓﺆﺍﺩ ﺍﳉﺮﺍﺩﻕ ،ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻪ ﻣﻨﻮﻫﹰﺎ ﲟﻨﺤﺎﻩ ﺍﻟﺘﺠﺪﺩﻱ:
ﻟـﻮ ﻛﺎﻥ ﲝﺮﹰﺍ ﰲ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻭﺍﻧﻔﻠﻖ ﺃﻭ ﺃﻥ ﳚـﻲﺀ ﻓـﱴ ﲟـﺜﻞ ﺻﻔﺎﺗﻪ
. .
ﻳﻌـﲏ ﺑـﻪ ﻭﺳﻮﺍﻩ ﺣﱪ ﻋﻠﻰ ﻭﺭﻕ ﻫـﺬﺍ ﻫـﻮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﳊﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ
. .
ﺍﻟﺒﺒﻐﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﻔﺹ
ﻣﻦ ﻃﺮﺍﺋﻒ ﻣﺎ ﺃﻭﺭﺩﻩ ﺍﻟﺜﻌﺎﻟﱯ ﰲ "ﻳﺘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺪﻫﺮ" ،ﺍﳌﺴﺎﺟﻠﺔ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﱵ ﺟﺮﺕ ﺑﲔ ﺃﰊ ﺍﻟﻔﺮﺝ ﺍﻟﺒﺒﻐﺎﺀ
ﻭﺃﰊ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺍﻟﺼﺎﰊ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﻧﺸﺄﺕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﺮﺍﺳﻼﺕ ﻭﺩﻳﺔ ﺣﱴ ﺃﻣﺮ ﻋﻀﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﺴﺠﻦ ﺍﻟﺼﺎﰊ ﻷﻣﺮ
ﻛﺮﻫﻪ ﻓﻴﻪ .ﻭﺳﺎﻗﺖ ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ ﺃﺑﺎ ﺍﻟﻔﺮﺝ ﺍﻟﺒﺒﻐﺎﺀ ﻣﻦ ﻣﻮﻃﻨﻪ ﰲ ﺣﻠﺐ ﺇﱃ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ ﰲ ﺑﻐﺪﺍﺩ،
ﻓﺬﻫﺐ ﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﰲ ﺍﻟﺴﺠﻦ .ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻈﻬﺮ ﺃﻥ ﺃﺑﺎ ﺍﻟﻔﺮﺝ ﺗﻮﺟﺲ ﺧﻄﺮﹰﺍ ﻣﻦ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ﳌﻦ ﻏﻀﺒﺖ
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﺎﻣﺘﻨﻊ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺪﻋﺎﺓ ﳌﻌﺎﺗﺒﺘﻪ" .ﺍﻟﺒﺒﻐﺎﺀ" ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻷﲰﺎﺀ ﺍﳌﻌﺘﺎﺩﺓ ﺑﲔ ﺑﲏ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﻭﻛﺎﻥ ﻻ
ﺑ ﺪ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻐﻞ ﺫﻟﻚ ﰲ ﻣﺪﺍﻋﺒﺔ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺑﻈﺮﻑ ﺑﺪﻳﻊ ،ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ:
ﻳـﺰﻳﺪﻙ ﺻﺮﻑ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﺣﻈﹰﺎ ﺇﺫﺍ ﻧﻘﺺ ﺃﺑـﺎ ﺍﻟﻔﺮﺝ ﺃﺳﻠﻢ ﻭﺍﺑﻖ ﻭﺍﻧﻌﻢ ﻭﻻ ﺗﺰﻝ
. .
ﺇﺫﺍ ﻋـﺎﻳﻦ ﺍﻷﺷـﺮﺍﻙ ﺗﻨﺼﺐ ﻟﻠﻘﻨﺺ ﻛـﺬﺍ ﺍﻟﻜـﺮﺯ ﺍﻟﻠﻤﺎﺡ ﻳﻨﺠﻮ ﺑﻨﻔﺴﻪ
. .
ﻭﻣـﻦ ﺑﻨﺪﻕ ﺍﻟﺮﺍﻣﻲ ﻭﻣﻦ ﻗﺼﺔ ﺍﳌﻘﺺ ﰲ ﺍﳌﻨﺴـﺮ ﺍﻷﺷﻔﻰ ﻭﻣﻦ ﺣﺰﺓ ﺍﳌﺪﻯ
. .
ﻟﻔﺮﺳـﺎﻧﻜﻢ ﻋـﻨﺪ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺎ ﻓﻌﺺ ﻭﻣـﻦ ﺻـﻌﺪﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺑﻖ ﳍﺬﻡ
. .
ﺇﺫﺍ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﻣﻦ ﺃﺣﺪﺍﺛﻪ ﺟﺮﻉ ﺍﻟﻐﺼﺺ ﻓﻬـﺬﻱ ﺩﻭﺍﻫـﻲ ﺍﻟﻄﲑ ﻭﻗﻴﺖ ﺷﺮﻫﺎ
. .
ﻭﺑـﺪﺭ ﲤـﺎﻡ ﻣـﺬ ﺗﻜﺎﻣﻞ ﻣﺎ ﻧﻘﺺ ﺃﻳـﺎ ﻣﺎﺟـﺪﹰﺍ ﻣﺬ ﳝﻢ ﺍﺪ ﻣﺎ ﻧﻜﺺ
. .
ﻫـﻼﻝ ﺗـﻮﺍﺭﻯ ﺑﺎﻟﺴﺮﺍﺭ ﻓﻤﺎ ﺧﻠﺺ ﲣﻠـﺺ ﻣـﻦ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﺴـﺮﺍﺭ ﻭﺇﳕﺎ
. .
ﻭﺃﺣـﺮﺯﺕ ﺩ ﺭ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﱂ ﺃﻏﺺ ﻓﻘﺎﺑﻠـﺖ ﺯﻫﺮ ﺍﻟﺮﻭﺽ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﱂ ﺃﺭﻉ
. .
ﻓﻜـﻢ ﻟﻘﺐ ﺑﺎﳉﻮﺭ ﻻ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﳐﺘﺮﺹ ﻓـﺈﻥ ﻛـﻨﺖ ﺑﺎﻟﺒـﺒﻐﺎﺀ ﻗﺪﻣﹰﺎ ﻣﻠﻘﺒﹰﺎ
. .
ﺍﻃﹼﻠﻊ ﻋﻀﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺎﺟﻠﺔ ﺍﻟﻈﺮﻳﻔﺔ ،ﻭﻻ ﺑ ﺪ ﺃﻥ ﻻﺣﻆ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺃﺑﻮ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺍﻟﺼﺎﰊ ﻋﻦ "ﺭﺃﻓﺔ
ﺗﺎﺝ ﺍﳌﻠﹼﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﺴﺆﺩﺩﻩ ﰲ ﺧﻄﺔ ﺍﳌﺸﺘﺮﻱ ﺣﺼﺺ" ،ﻓﺎﻣﺮ ﺑﺎﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺡ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺃﺑﻠﻎ ﻭﻗﻌﹰﺎ ﻣﻦ
ﺠﺘﻪ.
ﺑﻴﻨﺔ ﺍﻟﱪﻱﺀ ﻭﺣ
ﻤﻌﺭﻜﺔ ﺍﻟﻨﻌﺎل
ﺟﺮﺕ ﺑﲔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮﻳﻦ ﻭﺍﻷﺩﻳﺒﲔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﲔ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻷﻣﲔ ﻭﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺪﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺴﺎﺟﻼﺕ ﺃﺩﺑﻴﺔ ﻃﺮﻳﻔﺔ.
ﻛﺜﲑﹰﺍ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺍﳌﺒﺎﺭﻙ ﻭﺣﻠﻮﻝ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﺗﺒﺎﺩﻝ ﺍﻷﺷﻌﺎﺭ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﺑﲔ
ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻷﺩﻳﺒﲔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ،ﻓﺒﻌﺚ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻷﻣﲔ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﺇﺧﻮﺍﻧﻴﺔ ﻃﺮﻳﻔﺔ ﻟﺼﺪﻳﻘﻪ ﳛﺬﺭﻩ ﻓﻴﻬﺎ
ﺴﺎﺩ ﻭﻛﻴﺪ ﺍﳊﺎﻗﺪﻳﻦ ،ﻭﻳﻀﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﲑ ﻣﻦ ﺍﳌﺪﺍﻋﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺎﺕ؛ ﺇﺫ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ:
ﻣﻦ ﺣﺴﺪ ﺍﳊ
ﺇﻥ ﻗﺎﻭﻣـﻮﻙ ﻭﰲ ﺍﳌـﻨﺎﺯﻝ ﺍﺻﻤ ِﺪ ﻧـﺎﺯﳍ ﻢ ﻻ ﲣﺸـﻰ ﻓﻌـﻞ ﻧﻌﺎﳍﻢ
. .
ﺖ ﻣﻜﺘﻮﻑ ﺍﻟﻴﺪ
ﺖ ﻭﻛﻨ
ﺇﻣـﺎ ﺳﻜ )ﻻ ﻳﺴﻠﻢ ﺍﻟﺸﺮﻑ ﺍﻟﺮﻓﻴﻊ ﻣﻦ ﺍﻷﺫﻯ(
. .
ﳜﺸـﺎﻙ ﺃﻥ ﺗـﱪﻕ ﻭﺃﻥ ﱂ ﺗﺮﻋﺪ ﺃ ﻭ ﻣـﺎ ﺩﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﺑﻦ ﺃﻛﱪ "ﻗﺤﺒﺔ"
. .
ـﺪ
ـﺎﻝ ﺍﳍﺪﻫـ
ـﺜﹰﺎ ﲨـ
ﻣﺘﻠﻤﺴـﹰﺎ ﻋﺒـ ﻭﻛﺄﻧـﻪ ﺍﻟﻮﻃـﻮﺍﻁ ﻟـﻮﻥ ﺟﺴﻤﻪ
. .
ﺃﺟﺎﺏ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺪﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﺃﺷﺎﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻋﻨﺼﺮﻳﺔ ﺗﺬﻛﺮﻧﺎ ﲟﺎ
ﻗﺎﻟﻪ ﺍﳌﺘﻨﱯ ﻋﻦ ﻛﺎﻓﻮﺭ ﺍﻷﺧﺸﻴﺪﻱ ،ﺇﱃ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﺑﺎﻷﻣﺲ ،ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺟﻌﻔﺮ ﺃﲰﺮ ﺍﳊﺎﻟﻚ
ﺍﻟﺴﻤﺮﺓ ،ﻓﻘﺎﻝ ﻓﻴﻪ:
ﺃﻣـﺎ ﻋـﺪﺍ ﻭﻧـﺮﺩ ﻛﻴﺪ ﺍﳊﺴﺪ ﻻ ﻧﻌـﻞ ﻧﺼﻔﻊ ﻓﻴﻪ ﻭﺟﻪ ﺍﳌﻌﺘﺪﻱ
. .
ﺕ ﻣﻦ ﲨﻊ ﺍﻟﻠﹼﺌﺎﻡ ﲟﺮﺻﺪ
ﻭﻏـﺪﻭ ﺍﻷﻭﻓـﻴﺎﺀ ﻣـﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺏ ﺗﻔﺮﻗﻮﺍ
. .
ـﺘﺪﻱ
ـﻴﻢ ﺍﳌﻌـ
ـﺮﺽ ﻟﻠﺌـ
ـﺎ ﺗﻌـ
ﺃﻣـ ﺍﳊـ ﺮ ﻳـﺒﻌﺚ ﻗـﻮﺓ ﻣـﻦ ﺿﻌﻔﻪ
. .
ﺟﺮﺕ ﰲ ﻋﺎﻡ ١٩٩٢ﻣﻨﺎﻭﺷﺎﺕ ﻗﻠﻤﻴﺔ ﺑﲔ ﺯﺍﻫﺪ ﳏﻤﺪ ﺯﻫﺪﻱ ﻭﻛﺎﻇﻢ ﺍﻟﻄﺒﺎﻃﺒﺎﺋﻲ ﻭﻛﺎﺗﺐ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺴﻄﻮﺭ .ﺍﻧﻄﻠﻖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺰﻫﺪﻱ ﳛ ﹼﺬﺭ ﺃﺧﺎﻩ ﺍﻟﻄﺒﺎﻃﺒﺎﺋﻲ ،ﻭﻳﺸﲑ ﺇﱃ ﻣﺎ ﻳﻌﺎﻧﻴﻪ ﺑﻠﺪﻫﻢ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﻦ ﺃﺫﻯ
ﻭﻫﻢ ﰲ ﺷﺘﺎﻢ ،ﺍﻟﺰﻫﺪﻱ ﰲ ﺟﺪﺓ ،ﻭﺍﻟﻘﺸﻄﻴﲏ ﰲ ﻟﻨﺪﻥ ،ﻭﺍﻟﻄﺒﺎﻃﺒﺎﺋﻲ ﰲ ﺃﺭﻛﻨﺴﺎﺱ ،ﻓﻴﻘﻮﻝ:
ﻁ( ﻣﺮﻋﺐ
ﻃـﺎﺭﺕ ﺑـ)ﺷﻮ ٍ ﺻــﻮﺏ ﳓــﻮﻱ ﻛــﺮ ﹰﺓ
. .
ـﺐ
ـﻄﺔ" ﱂ ﻳﺼــ
ـﻦ ﻗﺸــ
ـﻖ "ﺍﺑــ
ـﻬﻢ ﺃﻃﻠــ
ﻱ ﺳــ
ﻭﺃ
.
ـﺜﻌﻠﺐ
ـﺮ ﺍﻟـــ
ﻭﻣﻜـــ ـﻴﺚ
ـﺠﺎﻋﺔ ﺍﻟ ﹼﻠـ
ـﺔ ﺷـ
ﺣﺎﻭﻳـ
. .
***
ﺃﺣــﻴﺎ ﺑــﺄﺭﺽ ﺍﻟﻌــﺮﺏ ـﺎ
"ﺃﺑــﺎ ﻋﻠــﻲ" ﻭﺃﻧــ
. .
ـﻴﻬﺐ
ـﺠﻮﻑ ﻏــ
ﺇ ﹼﻻ ﺳــ ﻭﻻ ﻧــﺮﻯ ﻣــﻦ ﺣﻮﻟــﻨﺎ
. .
ﺭ ﺩ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻭﺍﻷﺩﻳﺐ ﻛﺎﻇﻢ ﺍﻟﻄﺒﺎﻃﺒﺎﺋﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ،ﻭﻭﺍﺻﻞ ﺍﳊﻮﺍﺭ ﺍﻟﺸﻌﺮﻱ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ ﺳﺎﺧﺮﺓ ﺑﻨﻔﺲ
ﺍﻟﻮﺯﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ:
ﺏ
ﻧﻔﺴــﹰﺎ ﻭﻏــ ﻦ ﻭﺍﻃــﺮ ِ ﻳـﺎ "ﺯﺍﻫـﺪ" ﺍﻟﺸﻌﺮ ِﻃﺐ
. .
ـﱯ"
ـﻪ "ﻧــ
ـﻦ ﺃﻧــ
ﺗﻈــ ـﻲ ﺍﺣﺘــﺮﺱ ﻭﻻ
ـﺎ ﺃﺧـ
ﺃﻳـ
. .
***
ﰲ ﺷــﻌﺮﻧﺎ ﻣــﻦ ﺣــﺮﺏ ﺍﺳـــﺘﻐﻔﺮ ﺍﷲ ﻓﻤـــﺎ
. .
ـﻨﺎ ﰲ ﺍﻷﺭﺏ
ﳚﻤﻌـــــ ﻣﻬﻤــﺎ ﺑﻌــﺪﻧﺎ ﻓﺎﳍــﻮﻯ
. .