Professional Documents
Culture Documents
لماذا الأ د مـــــــــــان
لماذا الأ د مـــــــــــان
والحقيقة أن هذا التعريف ال ينطبق تماماً على واقع المخدرات واألولى أن تعرف بأنها ما يشوش العقل
والحواس بالتخيالت واألهالس بعد نشوة وطرب وتؤدي باإلعتياد عليها اإلذعان لها.
حملة تارخيية:
إن استخدام المخدرات قديم قدم البشرية()3وعرفتها أقدم الحضارات في العالم فقد وجدت لوحة
سومرية يعود تاريخها إلى األلف الرابعة قبل الميالد تدل على استعمال السومريين لألفيون وكانوا
يطلقون عليه نبات السعادة وعرف الهنود والصينيون " الحشيش " منذ األلف الثالث قبل الميالد كما
ورد في كتاب صيدلة ألفه اإلمبراطور شينغ نانج ،كما وصفه هوميروس في األوديسا.
وعرف الكوكائين في أمريكا الالتينية منذ 500عام ق.م وكان الهنود الحمر يمضغون أوراقه في
طقوسهم الدينية .أما القات فقد عرفه األحباش قديماً ونقلوه إلى اليمن عام 525ميالدي.
وفي أوائل القرن التاسع عشر تمكن األلماني سيدترونر من فصل مادة المورفين عن األفيون وأطلق
عليها هذا االسم نسبة إلى مورفيوس إله األحالم عند اإلغريق(.)3
وفي المشرق اإلسالمي يرجح ابن كثير()5أن الحسن بن الصباح في أواخر القرن الخامس الهجري،
الذي كان زعيم طائفة الحشاشين ،وكان يقدم طعاماً ألتباعه يحرف به مزاجهم ويفسد أدمغتهم .وهذا
يعني أن نوعاً من المخدرات عرفه العالم اإلسالمي في تلك الحقبة.
ويرى المقريزي أن ظهور الحشيشة كان في أول القرن السابع الهجري على يد "الشيخ حيدر" من
جهالء المتصوفة وكان يدعوهم بحشيشة الفقراء.
أسباب انتشار المخدرات:
النتشار المخدرات أسباب مختلفة منها ما يتعلق بطبيعة هذه المواد ،أو شخصية متعاطيها والظروف
البيئة والحضارة والسياسية االستعمارية في العالم المعاصر.
نعم ..لقد كان لالستعمار ومخططاته الستعباد العالم اإلسالمي والدول النامية عموماً أثر كبير في
انتشار المخدرات على نطاق واسع من أجل السيطرة عليه بشل طاقات األمة وقتل نفوس أفرادها كما
فعلت بريطانيا عندما شجعت على زراعة األفيون في الهند ومصر وكما فعلت من أجل السيطرة على
الصين عندما أوحت إلى عمالتها بزراعة الحشيش في أرضيها والذي مكنها من استعمارها الصين
أكثر من ثالثة قرون.
ولعل أهم األسباب االجتماعية الظروف الصعبة في العمل وانتشار البطالة وكثرة انتشار األفالم
الهابطة التي تروج لها.
والتقليد األعمى الذي يسيطر على مراهقينا مع الفقر الذي يلجئهم للبحث عمن يعطيه أو يغنيه فيتلقفه
أرباب الفساد وتجار الرذيلة.
وفي بحث أجراه الدكتور الطيار على مجموعة من المساجين من متعاطي المخدرات بين فيه أن
المشاكل األسرية والخالف بين الزوجين كثيراً ما يدفع أفراد األسرة للجوء إلى المخدرات هرباً من
الواقع المؤلم الذي يعيشونه وكذا سوء معاملة األوالد ،أو اإلفراط في تدليلهم وتلبية رغباتهم .كما يعتبر
سفر أبنائنا إلى الخارج وسرعة التنقل من األسباب التي سهلت لهم امكانية الحصول على الجنس
والمخدر بعيداً عن رقابة األهل .كما بين أن العمالة األجنبية هي من أخطر المصائب التي ابتليت بها
مجتمعاتنا المحافظة حيث ينقل العمال األجانب إلى األسر التي يعيش فيها تقاليدهم وعاداتهم فكان
للعمالة األجنبية باع طويل في تهريب المخدرات والترويج لها.
وهناك ارتباط وثيف بني انتشار المخدرات وانتشار األمراض المنتقلة الجنس وخاصة اإليدز فهناك
حلقة مفرغة بنيهما فتعاطي المخدرات يؤدي إلى انتشار هذه األمراض ،كما أن اإلصابة بتلك
األمراض الجنسية يغلب معها إدمان المخدرات.
واألهم من ذلك كله الخواص الدوائية للعقار المخدر والتي تسبب االعتماد فاإلدمان .فاستعمال
المنومات يومية يؤدي بعد شهر إلى اإلدمان عليها ،والحقن الوريدي للعقار أسرع في أحداث االعتياد
من تناوله الفموي .كما أن سرعة الحصول على العقار ترفع نسبة التعاطي واإلدمان ،كما أن هناك
بعض األمراض النفسية كاالكتئاب والفصام تعتبر من العوامل الهامة المؤهبة لإلدمان.
ونحب أن نشير إلى أن ضعف الوازع الديني وعدم اللجوء إلى اهلل في الشدائد من العوامل الهامة في
إحداث اإلدمان ،ذلك أن اإلنسان المتدين بعيد جداً عن جحيم االعتياد إذ ال يمكن أن تمتد يده إلى المخدر ال
بيعاً وال تداوالً وال تهريباً ألن طريق المخدرات هو طريق الشيطان وال يمكن لطريق الرحمن أن يلتقي
بطريق الشيطان.
والفراغ عند المراهق الذي ال يقدر قيمة للوقت ،وقرناء السوء من العوامل الهامة في اإلدمان.
ونحن نرى أن غفلة الم ّشرع في بعض الدول بتخفيف العقوبات الجنائية عن المدمن حالة ارتكابه لجريمة
ما ،ساعد على انتشار المخدرات والمسكرات بشكل عام.
أنواع المخدرات
للمخدرات أنواع كثيرة وتصنيفات متعددة ،وهي حسب تأثيراتها يمن أن تصنف في أربعة أقسـام:
.2 المهلوساتكالميسكالين وفطر البينول والقنب الهندي وفطر األمانين والبالذون والبنج .وكال
القسمين يجمعهما د .النسيمي تحت اسم المخدرات المكيفة.
.3 المخدرات الطبية العامة :وتطلق على مزيالت األلم ومانعات حدوثه سواء ما كان يحقن منها
موضعياً ( المخدرات الموضعية) لتمحو األلم الموضعي كالنوفوكائين والليدوكائين وهي ال تحدث
اعتياداً وال تغيب العقل ومنها ما يسمى بالمخدرات العامة التي يزيل حقنها أو استنشاقها حس األلم
وبقية األفعال اإلنعكاسية ويحدث فيها النوم والتخدير معاً وتطبق قبل األعمال الجراحية (مثل اإليتر
والكلوروفورم وأول أوكسيد اآلزوت وغيرها).
وهناك زمرة تدعى بالمخدرات المنومة ،وهي منومات بمقاديرها الصغيرة ،ومخدرة بمقاديرها الكبيرة
كالكلورال والبنتوتال .وكل المخدرات العامة الطبية تدخل عند الفقهاء تحت اسم المنومات وتأخذ حكمها.
وأخطر هذه المخدرات ما يسبب اعتياد اعتياداً نفسياً وعضوياً كاألفيون ومشتقاته كالمورفين
والهيروئين ،وأقلها خطراً ما يسبب اعتياداً نفسياً فقط كاكوكائين واألمفيتامين والقات وعقاقير الهلوسة.
وهي من أخطر المخدرات ،يستحصل عليه بإجراء شقوق في ثمار الخشخاش غير الناضجة فيسيل
على شكل عصارة تجمع وتجفف ،لها طعم مر وتدخل في تركيب عدد من العقاقير.
ويتعاطى األفيون ببلعه صرفاً أو مع الشاي أو القهوة ،أو تدخيناً مع السجائر أو الشيشة.
ويشعر متعاطيه في البدء بالتنبه والنشاط وقدرة على التخيل والكالم ،لكن هذا ال يدوم طويالً إذ
تضطرب الحالة النفسية ويبطؤ التنفس وينتهي به األمر إلى النوم العميق أو السبات .واألفيون إذا تعود
عليه الشخص صار جزءاً من حياته وال يستطيع جسمه أداء وظائفه دون تناول الجرعة المعتادة.
ويشعر بآالم حادة إذا لم يحصل عليه وتتدهور صحته.
وتضمر عضالت المدمن وتضعف ذاكرته وتقل شهيته للطعام وتحدث زرقة في العينين وبطء في
التنفس والنبض ،وينقص وزنه وينخفض عنده التوتر الشرياني وحرارة البدن.
المورفين:
يستخلص من األفيون الخام بتفكيكه في الماء ثم معاملته بالليمون وإ ضافة كلور األمونيوم إلى المحلول،
فيترسب المورفين الذي يجفف على شكل مسحوق أبيض مصفر .وقد رحب به طبياً حين اكتشافه
ألثره الكبير في تسكين اآلالم ،ثم اكتشف خطره العظيم بإحداثه اإلدمان واالعتياد الجسمي والنفسي
عند متعاطيه .
يتعاطى المورفين إما حقناً تحت الجلد أو بلعاً مع الشاي أو القهوة ،أو تدخيناً مع التبغ .ويشعر متعاطيه
بالخفة والنشاط والذي يتطور إلى رغبة عارمة في تعاطيه ومن ثم يحصل إزدياد التحمل وزيارة
الجرعة للحصول على نفس تعاطيه ومن ثم يحصل ازدياد التحمل وزيادة الجرعة للحصول على نفس
النشوة.
ويؤدي إدمانه إلى سيالن األنف واإلقياء المتكررة والقبض ثم إلى تشوش في اإلدراك وضعف عام
ودوار وخفقان وجفاف الفم.
وتحدث الجرعة الزائدة إحباطاً لمركز التنفس وهبوط الضغط الدموي وقد يحدث السبات الذي ينتهي
بالوفاة.
الهيروئين :أو الديامورفين مسحوق بللوري أبيض يستخلص من المورفين وهو مسكن قوي ( أكثر من
المورفين بـ 8_5أضعاف) وهو أغلى المخدرات ثمناً وأشدها فعالية وأكثرها اعتياداً على الصحة
العامة .يتعاطى الهيروئين بحق محلول تحت الجلد أو في الوريد مباشرة كما يمكن تدخينه مع التبغ أو
استنشاقه سعوطاً.
يشعر متعاطيه في البدء بالنشاط والخفة والحبور ويبدأ االعتياد باستعماله المتكرر حيث يحتاج إلى
كميات أكبر إلحداث نفس األثر ،ثم ال يلبث المدمن أن يلهث للحصول عليه حيث ال سرور وال انشراح
سوى الحاجة إليه وللقضاء على اآلالم المبرحة وتصلب العضالت وغيرها من آالم االنقطاع.
ويصاب المدمن بضعف جسماني شديد وفقد الشهية والمعاناة من األرق والخوف الدائم الذي يطارده،
ومن اختالطات استعمال الحقن الملوثة كتجرثم الدم والتهاب الكبد الفيروسي واإليدز اللعين ،وقد يحدث
الموت نتيجة جرعة مفرطة.
وزمرة األفيون كلها بجرعاتها القليلة تعمل كمثيرات جنسية ألنها تضعف موانع التصرف لإلنسان
محررة إياه من عوامل الكبت ،كما أن الحقن الوريدي لهذه المواد يعطي أحساساً يشبه إحساس االرتواء
الجنسي .أما عند اإلدمان ،فقد أكدت الدراسات التأثيرات الضارة لهذه المواد على الوظيفة الجنسية ،إذ
يصاب المدمنون بعدد من المشاكل الجنسية كتأخر القذف والعنانة أو فشل القذف ،ويشكو أكثرهم من
ألم أثناء القذف ،ويصل معظمهم في النهاية إلى ضعف الشهوة الجنسية.
لقد وصلت نسبة العنانة عند مدمني الهيروئين إلى %39ومن المؤكد أن المورفين يمنع إفراز
الهرمون الملوتن LHواإلباضة وبالتالي إلى عقم المرأة المدمنة .واضطرابات الطمث صفة واضحة
عند مدمنات األفيون وأشدها وضوحاً عند مدمنات المورفين والهيروئين ،كما أن االجهاضات العفوية
يجدون صعوبة في التنفس ألثر هذه المواد المثبط على مركز التنفس وأثرها العام السيئ على الجهاز
العصبي عند الوليد.
زمرة القنب الهندي:
الحشيش والماريجوانا:ويستخرجان من نبات القنب الهندي الذي يزرع بشكل واسع في إيران والهند
ولبنان وتركيا ودول شرق آسيا .وما الحشيش سوى العصارة الصمغية التي تفرزها األجزاء العليا
النامية من النبات وفي األزهار أما الماريجوانا فهي مسحوق خليط األوراق المثمرة واألزهار.
وكالهما يتعاطى بالتدخين لوحدهما أو بعد مزجه بالتبغ .وقد تخلط مع الشاي أو مع أنواع من
الحلويات.
ويشعر متعاطي الحشيشة بالنشوة المصحوبة عادة بالضحك والقهقهة غير المبررة وتختل أحجام
وأشكال المرئيات والمسافات ،ويمر الزمن ببطء شديد عنده وتختل ذاكرته بالنسبة لألحداث القريبة كما
ينزلق في الخيال مع ازدياد الجرعة فيخطئ في تفسير ما تدركه الحواس ثم تعتريه الهلوسات السمعية
ابتداء إذ قد يؤدي إلى فقدانهم السيطرة على النفس مع قلق
ً والبصرية ،وله آثار مزعجة لمن يتعاطاه
شديد ويتصف المدمن باحمرار عينيه وانخفاض ضغطه الدموي وتسرع دقات القلب ،وتتعطل خمائر
الكبد مما يقلل في فعالية معظم األدوية التي يتناولها المدمن .كما يتعرض المدمن لكل مخاطر التدخين
التي ذكرناها في بحثها.
أما أعراض االنقطاع المفاجئ فأهمها الشعور باالكتئاب والقلق ورجفان األطراف (الرعشة)
واضطراب النوم.
ويمكن أن نلخص المضاعفات التي يمكن أن يتعرض لها المتعاطي على المدى البعيد:
.2 المضاعفات العقليةمن ضعف الذاكرة والتبلد الذهني وعدم القدرة على التركيز.
.3 التصاعد :قد يكون الحشيش أق من غيره خطراً من المخدرات عندما يتعاطى لوحده لكن أكبر
أخطاره ،تصاعد ميول المتعاطي ليشاركه مع غيره من المخدرات كالهيروئين والكوكائين
والمنومات.
.4 الحشيش والجريمةوالعنف تتواجد دائماً مع بعضها حيث يفقد المدمن سيطرته على نفسه ويندفع
إلى الجريمة والعنف.
أما ما يروجه متعاطوا الماريجوانا من أنها مثيرة للجنس ،فمن المحتمل أن يكون ذلك بسبب تأثيره عل
المراكز الدماغية العليا مما يقلل التحفظات على تصرفات الشخص أكثر من أنها مواد ذات إثارة
جنسية ،وقد يكون ذلك ألنها تشوه اإلدراك في المحسوس الزمني مما يخيل لمتعاطيها أن القمة الجنسية
طويلة نوعاً ما.
وقد وجدت إحدى الدراسات الهامة أن إدمان الماريجوانا المديد يؤدي إلى تغيرات في قدرة الذكر
االنجابية .أجريت الدراسة على 20رجالً ،متوسط تعاطيهم لها 4أيام في األسبوع ولفترة استمرت
سبعة أشهر ،وقد تبين أن مستويات التستوسترون عندهم أقل بشكل واضح من الرجال الذين ال
يتعاطونها وأن عدد النطف عندهم أقل بمقدار النصف ..وكلما زاد تدخين الماريجوانا نقص الهرمون
المذكر وقل عدد النطف كما أصيب اثنان منهم بالعنانة ،شفي أحدهم بعد انقطاعه التام عن تعاطيه،
ويكثر ظهور العنانة عند مشاركة المتعاطين الماريجوانا مع الخمور أو غيرها من المخدرات.
وأثبتت األبحاث الحديثة أن للقنب ومشتقاته حب للدسم وأنها تتركز في البدن في النسج الشحمية ومنها
الخصيتان والمبيضان ،كما ينسب لهذه المواد تشوهات صبغية يمكن أن يؤدي إلى تخرب وراثي .وقد
تبين أن الخاليا اللمفاوية المزروعة والمأخوذة من مدمني الماريجوانا هي خاليا مشوهة وهكذا فإن
كاراكوشانسكي()13وزمالؤه يؤكدون أن مادة تتراهدروكانيبول التي يحتويها دخان الحشيشة تثبط
صناعة البروتين في الخلية كما تثبط انقسام الحمضين النووين DNA و
RNAوهذا يؤدي بدوره إلى إمكانية حدوث تشوه في األجنة وإ لى اإلجهاض عند
الحمل .كما ثبت أن للحشيش تأثيراً على المنظمات الهرمونية وإ مكانية إصابة
المدمن عليه بالعنانة والعقم المؤقت.
القـات Catha
أدرجت منظمة الصحة العالمية " القات" ضمن المواد المخدرة وهو عبارة عن شجيرات دائمة
الخضرة ،موطنها األصلي الحبشة ،وقد نقلها األحباش إلى اليمن عند احتاللهم لها في القرن السادس
الميالدي وانتشرت زراعته في الجنوب العربي حيث أصبح المواطن اليمني والحضرمي أسير أوراقها
الالمعة يمأل بها فمه يمضغها في كل مكان مضغاً بطيئاً يتم معه استخالص عصارة النبات المرة
القلوية وارتشافها مع الماء بلذة زائدة.
تعاطي القات يؤدي إلى الشعور بالخفة والنشاط والثرثرة مع تهيج وأرق واستمرار تعاطيه يدخل
صاحبة في زمرة اإلدمان النفسي الذي يتميز بالحاجة الملحة للحصول عليه .ويتظاهر عنده باتساع
حدقة العين وتسرع القلب وارتفاع الضغط الدموي وصداع واحتقان الملتحمة والضعف الجنسي الذي
ينتهي بالعنانة .وله تأثيرات عصبية نفسية منها زيادة التوتر العصبي النفسي مع زيادة في الحركة
والميل إلى العنف يرافقها تصرفات ال إدارية ،والمقادير الكبيرة منه تؤدي إلى الهلوسة وجنون العظمة
والهيجان العصبي.
وهي مخدرات تعمل بآلية تنبيه الجهاز العصبي المركزي ألنها تنتج الطاقة وتعطي القوة لمتعاطيها
حتى ولو كان يشعر بالتعب والفتور وتولد الشعور بالنشاط واإلثارة وتمكنه من البقاء يقظاً خطيراً دون
أن يحدث اعتياد جسدي.
والكوكايين:استخرج من نبات الكوكا ألول مرة منذ حوالي مائة سنة وهو منبه قوي ومخدر موضعي
فعال .وأكثر ما يتعاطى نشوقاً حيث يمتص من األغشية المخاطية لألنف ليصل مباشرة إلى الدم لذا
فإن شمه المستمر قد يؤدي إلى تقرحات في تلك األغشية ثم إلى انثقاب الجدار بين المنخرين .كما
يتعاطى حقناً تحت الجلد ويمكن أن تحدث نخوراً سريعة فيه وتقرحات مؤلمة كما قد يتعاطى بتدخين
عجينة الكوكا.
يسبب تعاطيه لفترة قصيرة قدراً من الشعور العارم باالبتهاج والنشاط وقد يتبع ذلك شعور باالهتياج
والقلق أو الخوف حتى الهلوسة .وتسبب جرعاته الكبيرة عدم النوم والرجفان والتشنجان وأوهام
االرتياب التي تقود إلى سلوك شاذ وعنيف .ويضطرب التنفس والهضم ،مع اإلحساس بوجود حشرات
تزحف تحت الجلد ،وتتسع حدقة العين ويرتفع النبض والضغط الدموي عالوة على حدوث اعتياد
نفسي شديد ،وقد يؤدي إلى الموت المفاجئ.
والخطر األكبر من تدخينه صافياً إمكانية حدوث اعتياد جسدي مع الخطر المتنامي من إشاركه مع
الهيروئين حيث يؤدي إلى إدمان مزدوج خطر للغاية.
والكوكائين بمقاديره القليلة يزيد الرغبة الجنسية والقدرة على الجماع ويؤخر القذف عند الرجل ،وهذا
ناجم غالباً عن أنه يشوه ويحرف اإلدراك الزمني ،وحقنه الوريدي يؤدي إلى نشوة عارمة ،لكن إدمانه
يؤدي إلى العكس ،إلى فقدان كامل لالهتمامات الجنسية.
دواء آمناً ذا قيمة طبية جيدة إال أنه ثبت أن
األمفيتامين:عقار صنع في ألمانيا عام 1880واعتبر ً
استعماله المدير يعرض لمخاطر االعتياد.
يحدث لمتعاطية شعور بالنشوة والنشاط وفقد النعاس وحصوله على طاقة كبيرة لبضع ساعات حيث
يبدو بعدها منهكاً مع إحباط وعدم القدرة على التركيز والشعور بنوع من المضايقة قد يدفعه إلى
العنف.
وإ دمانه يؤدي خفقان وجفاف الفم وأرق وعدم القدرة على االسترخاء ،ثم تتسع الحدقة ويتسرع النبض
ويرتفع الضغط مع إمكانية حصول حصار قلبي وغثيان.
وفرط الجرعة يؤدي إلى حدوث غشي ورجفان واختالج قد يؤدي إلى الموت.
وهو مثير للجهاز العصبي ويزيد الشعور الجنسي بمقاديره القليلة عند الجنسين ،لكن إدمانه يؤدي إلى
فقد االهتمام الجنسي ،وطلب الحصول علي العقار من أجل العقار ،كما يؤدي إلى الضعف الجنسي،
وإ ن تناوله من قبل المضطربين جنسياً يقود إلى االستمناء القسري وإ لى الشذوذ الجنسي وخاصة فإن
النساء المدمنات يطلبن الجماع إلى حد الدعارة وإ لى الشذوذ المتصف بالتعري أمام الناس وإ لى السادية
أحياناً.
المخدرات المهلوسة:
المهلوسات مواد تقلب الوضع النفسي وتجعل اإلنسان عاجزاً عن مقاومة الخيال والالمعقول .ويختلف
تأثيرها حسب شخصية المتعاطي وكمية المخدر المتناول .ففي بدء تناولها يشعر الشخص بوهن
وغثيان ودوران خفيف وشحوب ،ثم يبدأ الدوار الفعال بحدوث أهالس بصرية حيث تبدو أمامه األلوان
الزاهية براقة .وإ ذا أغمض عينيه شاهد عرضاً لمشاهد غريبة من صور ال معقولة ومناظر خالبة.
كما يصاب بأهالس سمعية ألصوات وموسيقى غريبة ويفقد الشعور بالزمن والمسافات ،وأخيراً يشعر
بارتخاء القدمين وتشنج في الوجه ثم إلى الذبول وخمول.
من هذه المخدرات قديم جداً كفطر األمانينا ماسكاريا الذي استمعله الهندوس القدامى وكهنة اإلغريق،
وفطر الزايلوسايين الشائع في أمريكا الجنوبية والمسكالين وهو خالصة صبار البيوتي الذي استعمله
الهنود الحمر في طقوسهم ،وعرف العرب جوزة الطيب وهي نبات يزرع في الهند ويستخدم المتعاطي
ثمارها باستحالبهم ضمن فمه أو تذاب مع الشاي أو تستخدم نشوقاً .تنشط بجرعاتها الصغيرة .وتؤدي
إلى ما ذكرناه من أعراض الهلوسة مع اإلدمان.
ومنها (البنج) (السيكران) وهو نبات شديد الخضرة ذكره ابن حجر الهيثمي وبين أن تعاطيه كبيرة
وفسق كالخمر الشتراكه معها في إزالة العقل.
وأخطر المهلوسات المصنعة ما يسمى بالـ L.Sdالذي يستخرج من فطر الجودر Ergotاستخدم
كعالج في االضطرابات النفسية لكن مضاعفاته الخطيرة منعت استعماله الطبي .يتعاطى عن طريق
الفم والحقن الوريدي ويؤدي إلى ارتفاع الضغط وسرعة النبض والغثيان ورجفة اليدين واألقياء
وإ دمانه يؤدي إلى ظهور الهلوسة البصرية ،وتتغير المرئيات وتختلط الحواس ،وقد يصاب بالفزع
الشديد المؤدي إلى االنتحار .ومن اختالطاته الهذيان والشعور باالضطهاد كما أنه يؤدي إلى عطب
صبغيات نواة الخاليا وإ لى نشوة األجنة عند المدمنات الحوامل وقد يؤدي إلى الفصام عند المستعدين .
المنومات (المرقدات):
المنومات أدوية تعمل بقدرتها الخافضة للجهاز العصبي المركزي فتؤدي إلى تهدئة الشخص وتنويمه
وقد تسبب بعض المنومات اعتياداً نفسياً عليها وخاصة الباربيتوريات وإ ن فرط الجرعة ،أو االستمرار
عليها لفترة طويلة قد يحدث انسماماً شبيهاً باالنسمام الغولي دون احتقان في الوجه أو احمرار في
الملتحمة لكن يظهر اختالط عقلي من صعوبة في التفكير واختالط ذهني وعدم استقرار عاطفي
واضطراب نفسي سمي .كما أن فرط الجرعة يؤدي إلى االرتعاش وازدياد النبض والغثيان والدوار
وقد يؤدي إلى هلوسة شديدة وإ لى أضرار دماغية مميتة.
إن خطر االعتياد على المنومات يجب أن يحذره كل من المريض والطبيب الممارس على السواء إذ
أنها تشكل مشكلة طبية واجتماعية خطيرة فيجب أال تصرف إال بوصفة طبية ولفترة محدودة.
والمنومات بجرعاتها الصغيرة المحدودة تفيد لمعالجة القلق والخوف كما أن لها تأثيراً مؤقتاً محرراً
للتصرف الجنسي من الكبت فيمكن أن تحسن في القيام بالوظيفة الجنسية .غير أن فرط الجرعة تخمد
كافة التصرفات الشخصية بما فيها الجنس ،ويزداد خطرها عند مشاركتها مع الغول أو غيرها من
المخدرات.
وإ ذا كان الفقهاء يقصدون بها كل المنومات سواء استيقظ النائم بهزة اليد أم ال فإنها بذلك تشمل كل ما
سبق وذكرنا من المخدرات الطبية والمنومات والمسكنات المنومة.
واألصح ـ واهلل أعلم كما يقول النسيمي أن المرقدات بعرف الفقهاء هي التي ال يستيقظ النائم بها بهزة
اليد لفقد الحس والوعي ،وبذا تشمل فقط المخدرات الطبية والمنومات المخدرة بمقاديرها الكبيرة
وبعض المسكنات المنومة كاألفيون .وبهذا المقصود فإن (المنومات) التي ذكرناها في المصطلح
الطبي اليوم ال تدخل ضمن حكم المرقدات إذا تم تناولها بالمقدار الدوائي العادي وبوصفه طبيب عدل
ألنها ال تشوش العقل والحواس ويستيقظ النائم بها بهزة اليد ،لكن يكره ،كما يقول النسيمي ،االستمرار
عليها لفترة طويلة خشية حصول االعتياد عليها.
المذيبات الطيارة
مجموعة من المواد أدرجتها منظمة الصحة العالمية عام 1973مع المواد التي تسبب اإلدمان ،وكلها
تستعمل بكثرة في االستعماالت المنزلية وتحتوي على فحوم مائية متطايرة كالتولوبن والبنزين وثري
كلور إيتلين والغراء ومزيل طالء األظافر وسوائل التنظيف .يتم تعاطيها باستنشاق أبخرتها بعد غمس
قطعة من القماش في السائل .ثم يتم استنشاقها مراراً حتى الحصول على حالة من السكر ،وقد يؤدي
إلى الدوار واالسترخاء والهلوسات البصرية والغثيان والقيء ،ويشعر بالنعاس مع شعور غريب يشبه
الحلم.
يسبب إدمانها عطب القلب والكبد كما يتعطل نخاع العظم الصانع للكريات الحمر فيؤدي إلى فقر دم
شديد باإلضافة إلى عطب المخ المؤدي إلى الخرف.
ومن أخطارها :االنتحار والموت المفاجئ لتوقف التنفس أو تقلص القلب وتدفع صاحبها إلى جرائم
العنف وحوادث السيارات.
مركبات النتريت:
وأهمها Amy Nitriteالذي استخدم كمقو عام ومنشط للجنس ثم استخدام مشتقه البوتيلي من أجل
الكيف .وتباع على شكل أمبوالت تكسر ويستنشق محتواها الذي يؤدي إلى استرخاء العضالت الملس
وتوسع وعائي محيطي وانخفاض الضغط.
يؤدي تعاطيها إلى شعور بالخفة وفقد الموانع االجتماعية وإ لى تشويه في إدراك الوقت واألحاسيس
الجلدية .وأكثر ما يتعاطاها الشاذون جنسياً إذ تؤخر القذف والذروة الجنسية .وإ دمانها يؤدي إلى
الصداع والغثيان وتخريش األنف كما ذكرت حوادث من الموت الفجائي بالوهط القلبي .كما أثبتت
دراسات حديثة زيادة ظهور كابوزي الخبيث ونقص المناعة المكتسبة (اإليدز) بين المدمنين.
إن المدمن على المخدرات هو قتيل بين األحياء ،لكن روحه ال تزال متعلقة بجسده تتنازعه البقاء .وهو
هزيل نحيل شبه مشلول فقد صحته وانحدرت نفسه.
اآلثارالدينية:المخدرات مضيعة للوقت مذهبة للعقل تدخل صاحبها في غيبوبة تمنعه أداء صلواته وتحقيق
عبادته وتنافي اليقظة الدائمة التي يفرضها اإلسالم على قلب المسلم ،كما أن سيطرتها على عقله تجره
الرتكاب كل محرم من قتل وسرقة وبذل عرض وسواها.
اآلثار االجتماعية :يتنامى تدهور صحة المدمن حتى يصبح عاطالً عن العمل وهو عضو غير منتج في
المجتمع ،يميل إلى ارتكاب الجرائم ،غير متحمل لمسئوليته كراع في أسرته ،وينفق موارده لتحصيل ما
يتوهم فيه اللذة من مخدر تاركاً أفراد أسرته دون طعام وال كساء مما يؤدي إلى كثرة حدوث الطالق في
تلك العائالت ،كما تكثر والدة أطفال مشوهين الخلقة ،ضعيفي البنية في أوساط المدمنين .وعندما يعجز
المدمن عن تأمين المخدر بالطرق المتاحة كثيراً ما يلجأ إلجبار زوجته أو ابنته على البغاء .فانتشار
المخدرات عالمة على الرذيلة بكل صورها.
اآلثار االقتصادية :عالوة إلى أن المدمن إنسان غير منتج ،فإنه يلحق بمجتمعه خسارة كبرى في االنفاق
على عالجه من األمراض التي ينتجها اإلدمان ،وعلى إنشاء مصحات لعالج آفة اإلدمان بالذات ،وعلى
األجهزة األمنية المكلفة بمكافحة المخدرات ومالحقة االتجار بها والمهربين لها .ثم إن أسعار المخدرات
الباهظة تستنزف الدخل القومي لتجتمع في أيدي قلة من الناس تعمل لحساب جهات إجرامية من المافيا
وسواها.
لكل مخدر أثره الخاص على العضوية ،ذكرناه في أول البحث وسنلخص هنا اآلثار المدمرة التي تشترك
بها كافة المخدرات " المكيفة "
فاإلدمان يؤدي إلى ضمور قشرة الدماغ التي تتحكم في التفكير واإلدارة .وتؤكد األبحاث الطبية .أن
تعاطي المخدرات ،ولو بدون إدمان ،يؤدي إلى نقص في القدرات العقلية وإ لى إصابة خاليا المخيخ
بالضمور مما يخل بقدرة الشخص على الوقوف من غير ترنح.
أما انحالل نخاع القنطرة الوسطى عند المدمن فيؤدي إلى شلل النصف السفلي من الجسم .كما يصاب
المدمن بنوبات من الهذيان واالرتعاش وفقدان الوعي وتتليف كبده وتضخم طحاله كثيراً ،ويصاب التهاب
األعصاب المتعددة ،ومنها العصب البصري ،المفضي إلى العمي وإ لى التهاب مزمن في البلعوم والمرئ
قد يفضيان إلى سرطان المرئ.
والقيء المتكرر ،وفقدان الشهية يؤديان بالمدمن إلى الهزال الشديد ،كما أن المخدرات تهيج األغشية
المخاطية لألمعاء والمعدة وإ لى احتقانهما وتقرحاتهما.
وما ينجم عن ذلك من نوبات إسهال وإ مساك وسوء هضم مع سوء امتصاص للغذاء يزيد الطين بلة.
وكل المخدرات ،يدعي متعاطوها أنها مثيرة جنسياً وأنها تزيد في متعتهم غير أن الباحثين يؤكدون أن
اإلدمان في خاتمة المطاف يؤدي إلى العجز الجنسي والعنانة الكاملة عن الرجل وإ لى البرود الجنسي عند
المرأة.
من أبرز أضرار المخدرات النفسية الشعور باالضطهاد والكآبة والتوتر العصبي النفسي وحدوث أهالس
سمعية وبصرية مثل سماع أصوات ورؤية أشياء ال وجود لها ،وتخيالت قد تؤدي إلى الخوف فالجنون أو
االنتحاء ،كما يحدث اضطراب في تقدير الزمان والمكان مما ينتج عنه أحكام خاطئة ،وضعف في
التركيز .مما يقلل من تفاعل المدمن مع محيطه بحيث ال يسعده شيء سعادته بالحصول على المخدرات.
هناك صفات مشتركة بين الخمر والمخدرات ،فكالهما يحدث نشوة وطرباً بادئ ذي بدء ،ثم إنها
تشترك في تخدير العقل وإ حداث فتور عام في البدن وما يتصل بذلك من الشعور بتخيالت فاسدة غير
حقيقية قد يترتب عليها بعض الجنايات.
وقد اختلف الفقهاء رحمهم اهلل ،في تكييف هذه المخدرات ،هل هي مواد مسكرة تلحق بالخمر أم هي مواد
مخدرة قائمة بذاتها وال تلحق المسكرات ؟ ولهم في ذلك قوالن مشهوران:
القول األول :أن هذه المواد مسكرة وهي ضرب من الخمر ،ويجب أن يطبق على متناولها ما يطبق من
أحكام على شارب الخمر الشتراكهما في علة التحريم وهي اإلسكار .ومن هؤالء من يرى أن التخدير
الذي يلحق باألطراف والحواس وهي اإلسكار .ومن هؤالء من يرى أن التخدير الذي يلحق باألطراف
والحواس لمتناول هذه المواد هو من جملة آثارها السيئة التي تجعلها أكثر شراً وأعظم ضرراً من الخمر.
وممن قال بهذا الرأي الحافظ ابن حجر العسقالني واإلمام النووي وابن حزم .وابن حجر الهيثمي وابن
عابدين في حاشيته .وأما شيخ اإلسالم ابن تيمية فيقول في فتاويه "و أما الحشيشة الملعونة المسكرة
فهي بمنزلة غيرها من المسكرات وهي من أعظم المنكرات وهي شر من الشراب المسكر من بعض
الوجوه والمسكر شر منها من وجه آخر ،فإنها مع أنها تسكر آكلها حتى يبقى مصطوالً ،فهي تورث
التخنيث والديوثة وتفسد المزاج ".
ويقول اإلمام الزركشي في الحشيشة " والذي أجمع عليه األطباء والعلماء بأحوال النبات بأنها مسكرة" .
أما اإلمام ابن قيم الجوزية فيقول " :واللقمة الملعونة ـ الحشيش ـ لقمة الفسق التي تحرك القلب الساكن إلى
أخبث األماكن فإن هذا كله خمر بنص رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الصريح (كل مسكر خمر) وصح
عن أصحابه ،الذين هم أعلم األمة بخطابه أن الخمر ما خامر العقل".
القول الثاني :أن هذه المواد مخدرة (مفترة ) وليس مسكرة وممن قال بهذا الرأي على المسكر يقتضي
المغايرة وللمسكر حكمه وللمفتر حكمه.
أما الدكتور النسيمي فيقول " :أن المفتر الذي ورد النهي عنه هو الذي يسبب النشوة الحادثة قبل عوارض
السكر الواضحة ،وهذا موجود في المسكرات وفي المخدرات المكيفة فيكون ذكر المفتر بعد المسكر من
ذكر العام بعد الخاص.
ويضيف النسيمي " أن لبعض األدوية النفسية فعالً مرخياً للعضالت ،وأن ألدوية االنحالل العصبي فعل
مثبط للحركة ،وأن المنومات تعطي كسالً وميالً للنوم ،فتدخل بهذا العموم تحت اسم المفتر وتصبح بذلك
محرمة ال يجوز تناولها إال للضرورة ويقع حرج كبير لألطباء في مداواة األمراض العصبية والنفسية،
وأميل ـ واهلل أعلم ـ لعدم دخولهم في المفتر المنهي عنه لعدم وجود النشوة لدى تناولها ".
ذهب فقهاء المذاهب األربعة والظاهرية واإلمامية إلى تحريم تعاطي المخدرات[ المكيفة ] قليلها وكثيرها
لضررها وإ فسادها العقل ،وأجازوا تناول القليل النافع من أجل المداواة ال للهو ألن حرمتها ليست لعينها
بل لضررها.
قال ابن عابدين في حاشيته ":وإ ال فالحرمة عند قصد اللهو (المتعة واللذة ) ليست محل خالف بل متفق
عليها".
سواء سكر بها أم لم يسكر".
ً وقال ابن تيمية " هذه الحشيشة الملعونة حرام
فإذا تناول شخص من هذه المخدرات لغير قصد دوائي ضروري عوقب شرعاً العقوبة التعزيرية التي
يراها القاضي محققة للزجر والردع .وقال ابن تيمية " :يجلد متعاطي الحشيشة كما يجلد شارب الخمر
ألنها أخبت من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج حتى يصير الرجل في تخنث ودياثة ،وكالهما
يصد عن ذكر اهلل وعن الصالة" .
والمختلف فيه حكم التداوي بها فيما لو أشار طبيب ذو مهارة في الطب وثقة في الدين بتناول قدر يسير من
المخدرات بقصد العالج:
فمن يرى أنها مسكرة ويعطيها حكم الخمر حرم التداوي بها ،بهذا يقول ابن تيمية وابن القيم .كما أن ابن
حجر الهيثمي يقول " :وإ ذا ثبت أن هذه المخدرات مسكرة فاستعمالها كبيرة وفسق كالخمر ،وكل ما جاء
في وعيد شاربها يأتي في هذه المذكورات الشتراكهما في إزالة العقلن المقصود للشارع بقاؤه ألنه آلة
الفهم عن اهلل ورسوله والمتميز به اإلنسان عن الحيوان".
وذهب أكثر الفقهاء إلى جواز التداوي بالمخدرات ،وبالمقدار الدوائي اليسير الذي يحدده طبيب حاذق بدينه
وأمانته ،ومن هؤالء اإلمام النووي وابن عابدين والزركشي والقرافي والدسوقي والذي يرجحه النسيمي.
أما د .الطيار فيرجح حرمة تعاطي المخدرات من كل وجه ،ملكها وشراؤها وبيعها والتداوي بها ،إال في
حاالت الضرورة وبالحدود الضيقة وبعد استفادة كل الوسائل المباحة.
فال يلجأ إليها أصالً إال لضرورة طبية ولألعمال الجراحية حصراً ،والضرورات تبيح المحظورات.
وقد يلجأ إليها بدافع إجرامي فيكون الفعل والدافع محرمين .أما تعاطيها بغير مقصد طبي فذلك محرم
قطعاً ألنها تغيب العقل والحواس وال يستيقظ المخدر بها قبل إطراحها من الجسم.
أدلة التحريم:ال يوجد نص صريح في القرآن الكريم أو السنة المطهر على تحريم تعاطي المخدرات ألنها
لم تكن معروفة في عصر التنزيل إنما جاءت الشريعة الغراء بنصوص عامة تبين لألمة المسلمة وإ لى يوم
القيامة ،ما يضرها وما ينفعها ضمن قواعد ثابتة يؤيدها العقل والعلم.
.1 تحريم الخبائث:
قال تعالى( :الذين يتبعون الرسول النبي األمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة واإلنجيل يأمرهم
بالمعروف وينهاهم عن المنكر ،ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث)األعراف .157
فالقاعدة الكلية في الشريعة تحرم الخبائث وإ باحة الطيبات ،وال يوجد عاقل يقول أن المخدرات من
الطيب المباح لما لها من األضرار الخطيرة التي ال تخفى على أحد ،وقد حرمتها كل األمم في قوانينها
الوضعية .فهي قطعاً من الخبائث ،وأي خبيث أعظم مما يفسد العقول التي جاءت الشريعة لحفظها.
يستدل العلماء بنصوص تحريم الخمر على تحريم المخدرات ،فالخمر هي ما خامر العقل ،أي ستره
وغطاه ،وهذا المعنى موجود على أشده في المخدرات.
عن عبد اهلل بن عمر أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال " :كل مسكر خمر وكل خمر حرام" متفق عليه.
وعن جابر بن عبد اهلل أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال " :ما أسكر كثيره فقليله حرام ".
وعن أم سلمة رضي اهلل عنها أن النبي صلى اهلل عليه وسلم نهى عن كل مسكر ومفتر ".
يقول ابن حجر العسقالني في تفح الباري " :واستدل بمطلق قوله صلى اهلل عليه وسلم " كل مسكر حرام"
على تحريم ما يسكر ولو لم يكن شراباً فيدخل في ذلك الحشيشة.
قال ابن حجر الهيثمي :وحكى القرافي وابن تيمية االجتماع على تحريم الحشيشة قال ومن استحلها فقد
كفر " .وقال الذهبي في كتابه الكبائر " وبكل حال فالحشيشة داخلة فيما حرم اهلل ورسوله من الخمر
المسكر لفظاً ومعنى ".
.3 ذكرنا ما ثبت طبياً من أن المخدرات تؤدي إلى ضياع العقل والصحة وقد تؤدي إلى الهالك
والموت ،ومن هذا يتبين أن تعاطي المخدرات اعتداء على الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة
لحفظها قال تعالى ( :وال تقتلوا أنفسكم إن اهلل كان بكم رحيماً) وقال أيضاً ( وال تلقوا بأيديكم إلى
التهلكة ) وعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال " :ال ضرر وال ضرار ".
.4 تعاطي المخدرات يصد عن ذكر اللهوعن الصالة كالخمر تماماً بل هي أولى ألنها مع ستر العقل
تورث الخدر والوهن والنحول واالستكانة والضعف ،كما أنها تدفع متعاطيها الرتكاب الجرائم ،ألنه
يستميت للحصول عليها ولو اضطربت للنهب والسلب والقتل.
حكم زراعتها واالتجار بها :إن زراعة المخدرات واالتجار بها حرام مهما كانت الدوافع إلى ذلك لما
فيها من الضرر الكبير على الفرع والمجتمع ومن تعاون على اإلثم والعدوان ونشر الرذيلة وإ شاعة
الجريمة.
فقد صح في السنة تحريم بيع الخمر فيما رواه جابر بن عبد اهلل أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال " :إن
اهلل حرم بيع الخمر والميتة والخنزير واألصنام " رواه البخاري ومسلم.
وجاءت نصوص تؤكد أن ما حرم اهلل االنتفاع به حرم بيعه وأكل ثمنه .عن أبي هريرة رضي اهلل عنه
أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال " :قاتل اهلل اليهود ،حرم اهلل عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها
"رواه الشيخان.
وإ ن في زراعة المخدرات إعانة على المعصية بترويج المخدرات ونشرها في المجتمع وفيها رضاً من
الزراع بتعاطي الناس لها والرضا بالمعصية معصية كما هو معلوم.
قال ابن قيم الجوزية ":فأما تحريم بيع الخمر فيدخل فيه تحريم بيع كل مسكر ،مائعاً كان أو جامداً..
واللقمة الملعونة ـ الحشيشة ـ فإن هذا كله خمر بنص رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الصحيح الصريح
الذي ال مطعن في سنده وال إجمال في متنه ".
ال للمخدرات
المخدرات وآثارها
تعت بر مش كلة المخ درات وإ دمانها إح دى أهم المش اكل المش تركة في كث ير من دول الع الم
ف البرغم مما وص لنا إليه من تق دم علمي وثق افي في ش تى مج االت الحي اة إال أننا ال زلنا
ا. اء عليه كلة حقيقة البد من القض نواجه مش
وإ ذا تطرقنا ألهم األسباب الحقيقة والجوهرية في هذه القضية لوج دنا أن هن اك عوامل ع دة
تقف وراء انسياق الفرد في تعاطي المخدرات وبالتالي إدمانها ،ولعل من أب رز ه ذه العوامل
ضعف ال وازع ال ديني ،والمس توى العلمي والثق افي للف رد المتع اطي مما يجعله ض عيفاً أم ام
مقاومة المخ درات واالنغم اس في متاهة تعاطيها دون األخذ باالعتب ار بالنت ائج المترتبة
عليه ا .ولعل ما يهمنا في ه ذا الج انب كمجتمع إس المي هو ض عف ال وازع ال ديني فم تى ما
كانت هناك التنشئة والتربية اإلسالمية الصحيحة للفرد فسيكون بمأمن كبير عن الوقوع في
ب راثن المخ درات وإ دمانه ا ،حيث يعت بر تع اطي المخ درات وإ دمانها إهالك اً وت دميراً للنفس
البشرية التي كرمها اهلل تعالى وفيها هالك للنفس والمال وت دمير لشخص ية الف رد المتع اطي
لها ولقد منحنا اهلل عقالً للتفك ير ولكنه يتوقف كلي اً عند اإلق دام على الوق وع في تع اطي
ا. درات وإ دمانه المخ
والمخ درات مش كلة لها أبعادها الص حية واألس رية والنفس ية على الف رد المتع اطي لها فمن
الناحية الطبية فكما هو مع روف المخ درات ت ؤثر على جسم اإلنس ان وت دمر خالي اه وت ؤدي
إلى قص ور كلي في وظ ائف أعض اء الجسم ك القلب والرئ تين والكلية وغيرها من األعض اء
الحيوية في جسم اإلنسان كذلك إذا نظرنا إلى أبعادها األسرية لوج دنا أنها ت ؤثر ت أثيراً قوي اً
على اإلنس ان حيث إنها تخلق المش اكل األس رية وت ؤدي إلى تفكك األس رة حيث إن متع اطي
المخدرات غالب اً ما يميل إلى اختالق المش اكل ال تي ت ؤدي إلى فق دان الترابط األس ري وع دم
اس تقراره .أما في الج انب النفسي ف إن متع اطي المخ درات غالب اً ما يميل إلى العزلة وع دم
ي. تقرار النفس دم االس االختالط مما يولد داخله ع
لذا فمن الواجب علينا ك أفراد نعيش في مجتمع واحد مترابط التع اون في محاربة المخ درات
ومحاربة مروجيها والقض اء عليها ك ٌل بحسب ما يس تطيع القي ام به س واء بالتوجيه أو
اإلرش اد والتوعية بأض رار ه ذه اآلفة على الف رد المتع اطي لها لنحافظ على ه ذا المجتمع
الذي نعيش فيه ليكون مواكباً لما وصل إليه اآلخرون من تق دم وليك ون خالي اً من ه ذا ال داء
العظيم.
نزي ند الع در س دس -بن المهن
مالية لحة بالش وات المس فى الق امج مستش برن
فيط): ارة (التش وية الطي ذيبات العض اق الم استنش
الم ذيبات العض وية الطي ارة هي م واد كيميائية لها خاص ية التبخر والتط اير مثل الب نزين،
واإليثيل ،الكلوروفورم ،واألس يتون وبعض س وائل التنظيف والغ راء وم زيالت البقع وطالء
األظ افر وغيرها الكث ير من الم واد ال تي تس تعمل في األغ راض المنزلية والص ناعية ال تي
يس اء اس تخدامها ويتم استنش اقها للحص ول على تأثيراتها المخ درة خاصة من قبل ص غار
السن واألح داث وم دمني الكح ول ،وتس مى ه ذه الظ اهرة (التش فيط) ،ويش به تأثيرها ت أثير
الكحول حيث يتم امتصاص هذه المواد بعد استنشاقها عن طريق األوعية الدموية المنتش رة
في الرئة لتصل إلى الدم الذي يحملها إلى المخ فتسبب تثبيطاً في نشاط بعض مراكز الجه از
ا. ان عليه اقها إلى اإلدم تمرار على استنش ؤدي االس بي وي العص
ا: رار الناتجة عنه ات الدالة على تعاطيها واألض العالم
ة. ات الدينية والدنيوي ال أداء الواجب -1إهم
ة. وادث المروري ير من الح بب الكث اه مما يس يز واالنتب -2قلة الترك
وازن. ذيان واختالل الت ترخاء وتلعثم الكالم واله -3االس
اب. رع ووهن األعص بب الص -4تس
ول األنف والفم. دي ح تمر والطفح الجل ان المس -5القيء والغثي
-6قص ور القلب والكلى والكبد عن طريق وص ول ه ذه األبخ رة إلى الرئ تين.
ديد. دم الش -7فقرال
المخ. خاليا تلف -8
-9قد تحدث الوفاة نتيجة االختناق (عدم تبادل األكسجين مع الدم).