Professional Documents
Culture Documents
واالقتصادية بطنجة
بحث حول
النظام السياسي المغربي وديناميته
الدستورية
NBBBBBBBBBBBBBB
Apogée : 17011598
1
بحث حول النظام الدستوري المغربي
خطة البحث:
مقدمة:
خاتمة:
2
مقدمة:
يعتبر النظام السياسي المغربي من بين األنظمة السياسية المتفردة بخصوصية تميزها عن باقي
األنظمة السياسية األخرى المتواجدة في العالم ،حيث يشكل هذا النظام تجربة مختلفة على مستوى الفكر
السياسي والنظم السياسية القانونية من حيث بنيته العقدية ومن حيث بنية السلطة بداخله ،وهذا ال ينفي
استفادة هذا النظام من الفكر الدستوري الغربي وكذا القانون العام اإلسالمي والتقاليد "القبلية" التي عرفها
المغرب في الحكم.
ويمكن تعريفه بأنه مجموعة القواعد واألجهزة المتماسكة التي تحدد هيكل نظام الحكم بالمغرب
والمؤسسات العاملة فيه وطريقة ممارسة السلطة ،إضافة إلى غايات النظام وأهدافه والتي تتدخل في صياغة
النظام وآليات عمله وأجهزته.1
كما أن المغرب عرف خبرة دستورية ساهمت في تطور الحياة السياسية المغربية ،على اعتبار أن
الدستور يعرف بأنه " مجموعة من القواعد التي تحدد شكل الدولة ونظام الحكم فيها ،وينظم السلطات العامة
وعالقاتها ببعض ،وحقوق وواجبات المواطنين ،فضال عن تحديد االتجاه الفلسفي وااليديولوجي للدولة سواء
أكانت هذه القواعد في وثيقة دستورية مسماة (بالدستور) أم تقررت بمقتضى عرف دستوري أم وردت في
قوانين اعتيادية.2
إن مسار الفكر الدستوري ارتبط كثي ار بمفهوم السلطة بالمغرب وبالتالي فقد شكل موضوع تقسيم
وتوزيع السلط أساس االصالح والمراجعة الدستوريتين وهو ما شكل أساسا لنوعية القاموس المعتمد في
الوثائق الدستورية المتعاقبة.3
انطالقا مما سبق يمكن طرح اإلشكالية التالية :ما هي طبيعة التحول الذي عرفه النظام السياسي
المغربي عبر دساتيره المختلفة ؟ وما االضافة التي جاء بها الدستور الحالي لعام 2011؟
والوظائف االختصاصات في دراسة المغربي السياسي النظام زكور، يونس 1
3
المبحث األول :المراحل التاريخية لتشكل الدستور في النظام السياسي المغربي.
تعود دعوى العمل بالنظام الدستوري والديمقراطي في المغرب الى بداية القرن العشرين ،حيث قام
احد المثقفين المغاربة برفع مذكرة الى السلطان عبد العزيز ( )1894-1908يطالبه فيها بمشروع دستوري
واقامة النظام السياسي كمرجع تعود اليه األمة لتدبير أمورها.1
وقدعرف المغرب أول دستور سنة 1962الذي أسس لنظام الملكية الدستورية ،وقد عرف عدة
مراجعات سنة 1970و 1972و 1992ثم . 2011وفكرة الملكية الدستورية ترجع إلى 1908زمن بيعة
ظ بهدف إشراك ممثلي األمة في توجيه السياسة العامة إلى جانب السلطان ،بالرغم من
الملك عبد الحفي ٌ
فرض الحماي ٌة سنة 1912لكن الفكرة ستؤخذ مجراها في زمن الملك محمد الخامس.
1يونس زكور ،النظام السياسي المغربي دراسة في االختصاصات والوظائف ،مرجع سابق.
2العروي عبدهللا ،أهم المحطات التاريخية في الحياة الدستورية المغربية ،جريدة االتحاد االشتراكي ،بتاريخ .2011-03-16
https://www.maghress.com/alittihad/125381مقال متواجد بموقع مغرس بتاريخ ،9.12.2018الساعة .13:00
4
مرحلة ثالثة ال تقل أهمية عن السابقة وهي مرحلة السلطان محمد الرابع في أواسط القرن التاسع
عشر الذي أدخل أمرين أساسيين :االول ،انه في ظهائر مهمة أعاد الى االذهان ان الدولة ال توافق على
الظلم وقال ذلك م اررا ،بحيث أصبحت الدولة محلية تطالب ممثليها من المحليين ان يلتزموا بالقانون بكل
معناه .وأدخل محمد الرابع نقطة ثانية أساسية ،وهي االستشارة .طبعا المشورة من الدين ،ولكن محمد الرابع
ادخل االستشارة بكيفية منهجية في شكل ان كلما اضطر ،أو كان على السلطان ،على الملك ان يتخذ ق ار ار
مهما جدا ،في االمور الثانوية ،ولكن ق ار ار يتحكم في مستقبل الدولة المغربية ،فكان يستشير أي يطلب علنا
من زعماء الدولة الدينيين ومن التجار الكبار والموظفين وكتاب الدولة والعلماء وأصحاب الفتوة الخ ...ان
يجيبوا كتابة وينشروا رأيهم في نقطة معينة .ثم سار على هذا الدرب الحسن االول بحيث أصبح منهج
االستشارة قائما .هناك االستشارة العامة وهناك االستشارة الخاصة .إذا كان االمر يتعلق بشيء تقني فهناك
استشارة خاصة ،واذا كان االمر يتعلق بأمرعام ،فهناك استشارة عامة يشارك فيها الجميع داخل المسجد.
رابعا :المرحلة الرابعة:
دعوة مجلس االمة ،المجلس الذي دعا إليه السلطان موالي عبد العزيز سنة . 1905فهذا تطوير
لالستشارة التي كان يسير عليها السلطان الحسن االول .وتطورت بعد 1905حيث نتجت حركة دستورية
مهمة جدا معروفة ونشرت أفكا ار حول هذا الموضوع إلصالح الجهاز المغربي.
عرفت هذه المرحلة كذلك مجلس االعيان ،فقد شكل الملك عبد العزيز سنة 1905مجلس االعيان
لمواجهة الضغط االستعماري وضم 15عضوا كلفه بالمفاوضات مع الوفد الفرنس في شؤن االصالحات
الت كانت تنوي فرنسا إدخالها على المغرب واعتبر عالل الفاسي مجلس االعيان نواة صالحة للتطور
الدستوري المنشود.1
ولكن األهم في هذه المرحلة هو بيعة ،1908إن هذه البيعة تطور للبيعات السابقة التي أصبحت
في شكل يقترب مما يمكن ان يسمى بدستور الحاكم .كان هناك كذلك مشروع دستور ،1908ألنه كان في
صورة ترجمة للغة العربية للدستور العثماني المعروف بدستور 1876الذي علق لمدة 30سنة ،ثم أعيد
العمل به سنة ،1908فكانت إذن هذه النقطة ،نقطة الدستور في العالم االسالمي آنذاك مطروحة ،فبعض
المثقفين المغاربة أخذوا هذا الدستور وترجموه الى العربية وحاولوا ان يكيفوه مع الحياة المغربية.2
1أكريم فوزي ،االنظمة الدستورية الكبرى ،كلية العلوم القانونية واالجتماعية واالقتصادية طنجة ،الموسم الجامعي .2014-2013
2العروي عبدهللا ،أهم المحطات التاريخية في الحياة الدستورية المغربية ،مرجع سابق.
5
تميزت هذه المرحلة بالمطالب الدستورية لنخبة ، 1908بحيث أدركت النخبة الوطنية أنه ال يمكن مواجهة
االستعمار إال بيد واحدة بين المجتمع والدولة والذي ال يمكن تحققه إال بإقرار مبدأ سيادة االمة والشورى
بمعنى إعادة بناء السلطة على أساس عصري عوض بناء السلطة على أساس الحكم الفردي المطلق .
مرحلة الحماية ،جمدت كل هذا التطور وربما أجهضته ولمدة طويلة توقف كل عمل دستوري ألن
السياسة الرسمية للحماية كانت تبقى االمور على ما كانت ،أو كما تتصور هي األمور ،حيث كانت لها
نظرية مخالفة للواقع تماما في صلب الدولة المغربية .ولكن بجانب ذلك نظموا تمثيال لألجانب ،ثم بعد ذلك
في مرحلة ثانية طلبوا من بعض المغاربة ان يشاركوا في هذا التمثيل ،فوقع مشكل عويص بالنسبة للحركة
الوطنية ولألقلية "المتنورة" في المغرب آنذاك .وهو إما أننا ندخل في هذا النظام الفرنسي الجديد ،ونتمشى
شيئا فشيئا نحو نظام تكون فيه السلطة مشتركة بين الفرنسيين والمغاربة ،وهذا ما كان يسمى بتقسيم السيادة.
وهذا ما بدا ظاه ار سنة 1950عندما عرضت على الملك محمد الخامس إصالحات 1955ورفضها .إذن
إما مسايرة هذه االصالحات والدخول في التمثيل واالشتراك في السلطة ،واما االحتراس والقول المشاركة إال
بعد االعتراف بالسيادة المغربية ،وحينئذ البقاء بدون تمثيل ،وبدون مؤسسات تمثيلية .ويمكن القول بأن هذا
المأزق هو تقريبا ما يواجهه اآلن الفلسطينيين في مفاوضاتهم .فكان الرد .رد الوطنيين عموما و رد جاللة
الملك المرحوم محمد الخامس والحزب الوطني ،الرد هو :نرفض إصالحات 1950نرفض الدخول في هذه
المشاركة في السيادة الى أن يتحقق الحق ونرجع الى السيادة المغربية ،ولكن بمجرد تحقق االستقالل نبني
نظامنا الدستوري على أسس تمثيلية عصرية.1
ويمكن تلخيص هذه المرحلة في النقاط التالية:
أوال :المذكرات االستعمارية:
عرفت الثورة الحفيظية إلى جانب البيعة المشروطة عدة مذكرات دستورية بعضها رفع إلى السلطان
وبعضها تم تداوله بشكل محدود ،وأهم هذه المشاريع مشروع لسان المغرب وغيره ،وتجمع كلها على ارتباط
السيادة الوطنية واصالح جهاز الدولة عن طريق تبني دستور جديد ولكن وان لم تطالب البيعة الحفيظية
1العروي عبدهللا ،أهم المحطات التاريخية في الحياة الدستورية المغربية ،مرجع سابق.
6
السلطان عبدالحفيظ بإصدار دستور للبالد فإن لسان العرب طرح في ديباجته إلى التحرر من المستعمر
الفرنسي ومنح األمة دستو ار ومجلس نواب.
ثانيا :المطالبة باالستقالل ومطلب الدستور:
تبلور ذلك في ورقتي ” مطالب الشعب المغربي ” المؤرخة بتاريخ 1ديسمبر ، 1934و ” المطالب
المستعجلة للشعب المغربي ” في 25أكتوبر ،1936اللتين تقدم بهما قادة الحركة الوطنية برئاسة عالل
الفاسي و محمد بلحسن الوزاني و أحمد بالفريج لسلطات الحماية الفرنسية .لكن بعد فشل المحاولتين
السابقتين في إقناع سلطات الحماية بدسترة البالد ،غيرت الحركة الوطنية أولويات نضالها من أجل
االستقالل ،من المطالبة بالدستور كمدخل لالستقالل إلى المطالبة باالستقالل كمدخل للدستور ،وهذا التغيير
في األولويات كان سببا في ظهور أول انشقاق حزبي ،حيث خرج محمد بلحسن الوزاني المعارض لخطوة
تأجيل المسألة الدستورية من “كتلة العمل الوطني ” التي أسسها رفقة عالل الفاسي وأحمد بالفريج ،وأسس
” الحركة القومية” التي تحولت فيما بعد إلى “حزب الشورى واالستقالل”.1
وقد كان حزب االستقالل أول من طالب في عريضته المشهورة بيان االستقالل بربط السيادة
والدستور إلحداث نظام سياسي شوري ،وقد كان محمد حسن الوزان سباقا للمطالبة بالدستور ،ألن المشكلة
المغربية لها حل خارجي وهو االستقالل وحل داخلي وهو الدستور والديمقراطية .غير أن مالبسات النضال
الوطني ضد الحماية سيرجئ المشكل الدستوري لما بعد االستقالل حيث ستمتد هذه المرحلة إلى غاية 1962
الت ستعرف تأسيس المجلس الوطني االستشاري ثم مجلس الدستور
.
بعدما أحرز المغرب على استقالله النسبي ،ظهرت إلى العلن التناقضات الداخلية التي كانت كامنة
بين مكونات الحركة الوطنية في مرحلة ما قبل االستقالل ،وظهر توجه قوي لدى حزب االستقالل نحو إقامة
نظام الحزب الوحيد بالمغرب ،وسط معارضة شديدة من أحزاب :الشورى واالستقالل الخصم اللذوذ لحزب
االستقالل ،والحركة الشعبية التي كان وزير الداخلية في الحكومة االئتالفية الثانية االستقاللي إدريس
1شمالل عز الدين ،لمحة تاريخية عن التطور الدستوري بالمغرب http://www.ariffino.net ،بتاريخ ،9.12.2018الساعة.14:00 :
7
المحمدي يضايقها ،واألحرار المستقلين المتهم من طرف حزب االستقالل على أنه صنيعة القصر ،وأخي ار
حزب الوحدة المغربية.
ولكون الملك الراحل محمد الخامس ،لم يكن هو اآلخر ،راضيا عن محاولة االستقالليين الهيمنة
على المشهد السياسي المغربي ،فقد قام بإفشال مسعاهم عبر خطوتين :أوال إصداره ألول وثيقة دستورية
تحت اسم ” العهد الملكي ” في 8ماي من سنة ،1958والتي حدد فيها طبيعة نظام الحكم على أنه ملكية
دستورية ،ذات نظام سياسي تعددي ،وثانيا عبر إصداره لقانون الحريات العامة في 15نوفمبر 1958الذي
وضع اإلطار القانوني لتأسيس الجمعيات واألحزاب السياسية .دستور ديسمبر 1962وفي عام 1960
عين الملك محمد الخامس مجلسا دستوريا مكونا من جل ألوان الطيف السياسي المغربي ،باستثناء حزبين
رفضا الدخول فيه مطالبين بانتخاب مجلس تأسيسي للدستور عن طريق االقتراع العام وهما :الحزب الشيوعي
المغربي المحظور آنذاك منذ 1959واإلتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي كان قد انفصل لتوه عن حزب
المعين مهمة وضع دستور دائم للبالد ،وتقديمه للملك قصد المصادقة
االستقالل ،وأوكل لمجلس الدستور ُ
عليه قبل شهر دجنبر ،1962لكن المجلس فشل في مهامه بعد انسحاب الكثير من أعضائه المحسوبين
على أحزاب الحركة الشعبية بقيادة المحجوبي أحرضان ،والدستور الديمقراطي بقيادة محمد حسن الوزاني،
واألحرار المستقلين بقيادة أحمد رضى اكديرة ،وذلك احتجاجا على تعيين عالل الفاسي زعيم حزب االستقالل
رئيسا عليه ،ليتم إقبار فكرة “مجلس الدستور” إلى األبد.1
أوال :المجلس الوطني االستشاري :وهو مجلس ال يملك أي سلطة تشريعية أو تنفيذية و ضم 19
عضوا يمثلون مختلف الهيئات السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية وقد تم تشكيله بناء على ظهير
ملكي سنة 1956إال أن مهمته أنهيت في 1959وقد مارس فقط نوعا من المراقبة على الحكومة وقدم
توصيات لها.
ثانيا :مجلس الدستور ،بعد انسداد األفق أمام المجلس الوطني االستشاري تم تشكيل مجلس الدستور
سنة 1960وكلف بإعداد دستور للبالد وضم 78عضوا معينين من طرف الملك غير أن عمره لم يطل
بسبب خالفات داخلية ووفاة المرحوم محمد الخامس سنة .1961
شمالل عز الدين ،لمحة تاريخية عن التطور الدستوري بالمغرب ،مرجع سابق. 1
8
ثالثا :العهد الملكي ،في خطاب الملك محمد الخامس سنة 1958بعد استقالة حكومة أحمد
بالفريج ،حدد فيه خطوات بناء الصرح الديمقراطي للمغرب وهو االنتقال من الجهاد االصغر وهو االستقالل
إلى الجهاد األكبر وهو البناء الديمقراطي ،وقد قرر سيادة الشعب وفصل السلطات وتأسيس نظام ديمقراطي
ومشاركة المؤسساتالدستورية في السلطة التشريعية.1
كما كانت هناك المراجعات دستورية عرفها دستور 10مارس 1972وعددها ثالث مراجعات ،وشملت
مراجعة 23ماي 1980لتمديد الوالية البرلمانية من أربع سنوات إلى ست سنوات ،ومراجعة سنة 1992
التي قامت بإعادة تحديد طبيعة العالقة بين الحكومة والبرلمان ،أما المراجعة الدستورية لسنة 1996فقد
أحدثت غرفة ثانية بالبرلمان هي مجلس المستشارين واعادة النظر في التقسيم اإلداري للمملكة.2
ويمكن تفصيل أهم ما عرفته هذه المرحلة من خالل ما يلي:
9
شكلت إجماعا وطنيا غير من المالمح العامة للنظام السياسي المغربي ليطرح التساؤل هل سيتحول إلى
نظام جمهوري أم إلى نظام ملكي برلماني.
:2تبلور الملكية الدستورية:
تميزت هذه المرحلة بإرساء الملكية الدستورية بالمغرب وذلك بإصدار دستور للبالد من طرف الملك
وطرحه على االستفتاء الشعبي الذي استجاب له بنسبة 84في المائة ،الشي ًء الذي أضاف شرعية جديدة
إلى الشرعية التاريخية والدينية وتبني تقنيات حديثة فيما يخص هيكلة السلطة التنفيذية والتشريعية واحداث
رقابة دستورية ،إال أن المؤسسة الملكية عرفت سموا مت ازيدا بالنظر لباقي المؤسسات الدستورية من حكومة
وبرلمان و رقابة دستورية.
ثالثا :المؤسسات الدستورية في مرحلة الحسن الثاني:
: 1مؤسسة الملك:
بناء على الفصل 19الذي يحدد منطق القانون الدستوري المغربي حيث نص على أن الملك
أمير المئمنين ورمز وحدة األمة وضامن دوام الدولة واستمرارها وحامي حمى الملة والدين والساهر على
احترام الدستور وصيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات واستقالل البالد وحوزة المملكة
والممثل األسمى لألمة " فال استقاللية وال تقسيم للسلط على هذا المستوى ألن الملك هو منبع السلطة..
أ -صالحيات الملك العادية:
الملك له السلطة التنفيذية ،فهو من يعين الحكومة و يقيلها وهي تابعة له وال وجود للمسؤولية
الو ازرية ألن البرلمان يناقش فقط البرنامج الحكوم وال صالحية له في التصويت بالثقة على برامجها ،وقد
أخذ دستور 1962بنظام الغرفتين ثم ألغاها دستور 1972وللملك ضمن سلطاته التشريعية أن يفتتح أشغال
البرلمان في دورتيه الخريفية والربيعية و يوجه خطابا توجيهيا للبرلمان وهي خطبة ال تناقش بتاتا وال تطرح
للتصويت داخل البرلمان ويمكن للملك حل البرلمان والدعوة النتخابات جديدة وللملك حق استفتاء الشعب
مباشرة ،كما أن الملك يعين رئيس المحكمة الدستورية العليا ورئيس المحكمة العليا للعدل ورئيس المجلس
االعلى للقضاء.
10
-2الحكومة :
هي حكومة صاحب الجاللة ،وهي المسؤولة أمامه وليس أمام البرلمان ،وهو من يملك حق سحب
الثقة من الحكومة وليس البرلمان فمصدر السلطة ليس البرلمان باعتباره ممثل الشعب بل مصدر السلطة
هو الملك فهو من يعينها وهو الذي يقيلها أفرادا وحكومة ،فال وجود لرئيس الوزراء بل هو الوزير األول فقط
،وبهذه الصفة تتمتع الحكومة بصالحية اقتراح مشاريع القوانين على البرلمان ،لكن العالقة حسب دستور
1972تتميز بعدم التوازن فالحكومة يمكنها أن تدفع بعدم قبول مشروع قانون بينما ال يمكن ذلك لمجلس
النواب ،و يمكن تجاوز مجلس النواب إذا رفض مشروع القانون وعرضه على مجلس المستشارين واق ارره
في نهاية األمر ،ثم يظل االمر نهاية في يد الملك والواقع أن الحكومة هي المشرع العادي في ظل دستور
1962بينما كان البرلمان مشرعا استثنائيا.
-3البرلمان :
و يضم غرفتين ،األولى مجلس النواب و تنتخب باالقتراع العام المباشر والثانية مجلس المستشارين
وينتخب بطريقة غير مباشرة ،ورغم أن صالحياتهما متماثلة حسب دستور ، 1962لكن هذا الدستور
كرس سلطة الملك وتبعية كل المإسسات له ألنه مصدر كل السلط.
رابعا :الملكية الدستورية ،االجماع قبل التوافق:
حصل دستور 1996على إجماع وطن من خالل استجابة الملك لمطالب الكتلة الديمقراطية
المتكونة من حزب االستقالل واالتحاد االشتراكي للقوات الشعبية ومنظمة العمل الديمقراطي والتقدم
واالشتراكية واالتحاد الوطني للقوات الشعبية ،حيث أضحت الملكية الدستورية خيا ار ال رجعة فيه من حميع
األطراف السياسية وتولدت ثقافة التراضي ،أما على مستوى الدستور فقد تم إقرار حقوق االنسان وتوسعت
سلطات البرلمان وأحدث المجلس الدستوري عوض الغرفة الدستورية إلى جانب إحداث مجالس عليا لالقتصاد
والتعليم و الدفاع واالعالم و االمن يعين الملك أغلب رؤسائها.
-1الملك:
احتفظ الملك في دستور ما بعد 1996بما أثبتته الدساتير السابقة حيث لم تنقص من صالحياته شيء.
-2الحكومة :
الملك يعين الوزير األول وباقي الوزراء باقتراح من الوزير األول وللملك أن يعفيهم من مهامهم و
يعفي الحكومة أيضا ،ولم ٌكن الملك ملزما بتعيين الوزير األول من الحزب الفائز بل يعينه باختياره الشخصي
من أي طرف سياسي والحكومة مسؤولة أمام الملك وأمام البرلمان ويلزم الحكومة كسب ثقة البرلمان ،ومجلس
11
النواب له الحق في التصويت على البرنامج الحكومي فمسؤولية الحكومة أصبحت مزدوجة أمام الملك وأمام
مجلس النواب.
-3البرلمان:
تعديل 1996بنظام الغرفتين بنفس الصالحيات ،وأعطاه الحق في إنشاء لجان تقصي الحقائق وجمع
المعلومات حول واقعة معينة و اطالع المجلس على النتائج ،إعالن الحقوق الفردية والجماعية
بالنسبة عالقات الحكومة بالبرلمان :لم تحدث أي تغيرات مهمة على عالقة الحكومة بالبرلمان
على مستوى توازن السلط إال في ما يتعلق بمسؤولية الحكومة أمام البرلمان الوزير األول في تنفيذ القوانين
.وعالقة الحكومة بالبرلمان هي التي تبرز لنا مدى التوازن الحاصل بين السلطت حيث يظهر سمو سلطة
على أخرى.
-4الرقابة الدستورية :
أحدثت سنة 1962عن طريق الغرفة الدستورية بالمجلس االعلى إلى جانب الغرف االربع غير أن
الدستور حول الغرفة إلى مجلس دستوري .عرفت الغرفة الدستورية تطورات في ما يخص تشكيلها ولم تعرف
أي تطورات في ما يخص صالحياتها ،ولم يقع أي تغيير في تشكيالتها في دستور 1972ما عدا الزيادة
في عدد أعضابها حيث زاد من 4إلى ، 5واختصاصاتها على نوعين قضائية واستشارية ،قضائية وهي
الرقابة الدستورية والنظر في النزاعات االنتخابية والبث في دستورية ة القوانينٌ التنظيمية والتشريعية والنظام
الداخلي للبرلمان وصحة انتخاب أعضاء مجلس النواب وصحة عمليات االستفتاء والبث في الخالفات بين
الحكومة والبرلمان .أما االختصاصات االستشارية فتتجلى من خالل موافقة الغرفة الدستورية على تغيير
قانون بمرسوم .وهكذا فالغرفة الدستورية تمارس رقابة قبلية وهي رقابة قضائية ثم الرقابة الدستورية فال
يجوز إصدار أو تطبيق أو نص يخالف الدستور ،لكن دستور 1992استبدل الغرفة الدستورية بجهاز
مستقل قائم الذات وهو المجلس الدستوري.
المجلس الدستوري :ورث هذا المجلس اختصاصات الغرفة الدستورية غير أن الجديد هو في ما
يخص توسيع حق إحالة القوانين قبل تنفيذها وصالحيات المجلس النظر في صحة انتخاب
أعضاء البرلمان وعمليات االستفتاء ،كما مراقبة القوانين تمارس قبل إصدارها.
فهي صالحيات قضائية واستشارية ،قضائية وهي منع صدور أي قانون يخالف الدستوـ وق ارراته ال تقبل
الطعن وأحكامه نهائية تلزم كل السلطات العامة والجهات االدارية القضائية ثم استشارية :وهي مراقبة
12
القوانين ومراقبة سالمة االنتخابات والرقابة على القوانين .فهي ملزمة وقبلية في ما يتعلق بالقوانين التنظيمية
والقانون الداخلي للبرلمان .1
انطلقت مرحلة النقاش العمومي حول اإلصالح الدستوري لسنة 2011بعد سقوط نظام الرئيس
التونسي زين العابدين بن علي وخروج "حركة 20فبراير" في المغرب ومطالبتها بإصالحات سياسية
واقتصادية واجتماعية عجلت بخطاب ملكي في التاسع من مارس سنة ، 2011برهن على التفاعل السريع
مع احتجاجات الشارع المغربي ،وَفتح المجال لإلصاح الدستوري .وفي هذا السياق ،عيَّن الملك لجنة
الغرض منها اإلصغاء والتشاور مع المنظمات الحزبية والنقابية ومع الفعاليات الشبابية والجمعوية
استشاريةَ ،
والفكرية والعلمية المؤهلة وتلقي تصوراتها بشأن مراجعة الدستور؛ لترفع إلى الملك حصيلة أعمالها؛ حيث
استقبلت اللجنة االستشارية أغلب األحزاب السياسية والنقابات المهنية وعددا غير قليل من مكونات المجتمع
المقاربة التشاركية التي كانت مبنية باألساس على هاجس امتصاص الغضب
من خالل اعتمادها على ُ
الشعبي.
لقد شكل سياق تبلور دستور ، 2011انعطافة حاسمة في مسار "النموذج المغربي لإلصالح"،
الذي تكرس منذ بداية األلفية الثالثة ،وهو نموذج ،تأسس على نجاح الدولة في تحويل النقاش من اإلطار
الماكرو سياسي ،إلى إطارات جزئية :القضاء ،الجهوية ،التنمية البشرية ،حقوق اإلنسان ...ثم االنطالق من
خطاب اإلصالح كمرجعية واضحة للسياسات العمومية مع الحرص على إعطائه أبعادا أكثر تقنية وأقل
تسيسا ،حيث يختزل في ما سمي بالحكامة مما جعل خيار التحديث ينتصر على خيار الدمقرطة...وأخي ار
ارتكز هذا النموذج على تحكم الدولة في أجندة اإلصالح عبر "تأميمها" إليديولوجيا اإلصالح التي أصبحت
جزءا من المشترك العمومي ،مما كسر احتكارية الحقل الحزبي إلنتاج مطالب اإلصالح ،خاصة مع قدرة
الدولة على بلورة مرجعيات حديثة لإلصالح (تقرير اإلنصاف والمصالحة ،تقرير الخمسينية )...بل ونجاحها
في عملية "اختصار دورة المطالب" حيث لم تبقى الدولة أسيرة لمطالب المجتمع واألحزاب بقدرما خلقت
آليات مؤسسية وموضوعاتية إلنتاج المطالب والتوصيات وتشغيل "التغدية الذاتية" للنظام السياسي.2
13
المطلب األول :أهم مستجدات دستور :2011
الفرع األول :حماية الحقوق والحريات:
-1دستور 2011والتأسيس لدستور حقوق اإلنسان:
فتح خطاب 9مارس 2011النقاش العمومي حول إصاح الدستور ،من خال دعوة الخطاب الملكي
إلى "ترسيخ دولة الحق والمؤسسات وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية وضمان ممارستها وتعزيز
منظومة حقوق اإلنسان بكل أبعادها ،السياسية واالقتصادية واالجتماعية والتنموية والثقافية والبيئية وال سيما
بدسترة التوصيات الوجيهة لهيأة اإلنصاف والمصالحة وااللتزامات الدولية للمغرب ...ودسترة هيئات الحكامة
الجيدة وحقوق اإلنسان وحماية الحريات".
:-2االعتراف الدستوري بالمرجعيات الدولية لحقوق االنسان.
أقرت توطئة الدستور المغربي ،بأن الدولة تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق
وواجبات وتؤكد تشبثها بحقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها عالميا ،كما تؤكد التزامها بحماية منظومتي
حقوق اإلنسان والقانون الدولي اإلنساني والنهوض بهما ،واإلسهام في تطويرهما ،مع مراعاة الطابع الكوني
لتلكالحقوق ،وعدم قابليتها للتجزيء ،وحظر ومكافحة كل أشكال التمييز ،بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد
أو الثقافة أو االنتماء االجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو اإلعاقة أو أيوضع شخصي مهما كان.
:-3توسيع المشرع الدستوري من الحقوق والحريات.
الوثيقة الدستورية لسنة 2011تشكل جوابا دستوريا عن جزء من المطالب الحقوقية التي رفعتها
الجمعيات الحقوقية خال ما ُع ِرف إعالميا "بالربيع العربي ".ومن مظاهر هذا الجواب الدستوري ،تخصيص
المعنون بالحريات والحقوق األساسية الذي يتضمن 22فصا 24 ،هذا فضا
الوثيقة الدستورية الباب الثاني ُ
على أن المشرع الدستوري وضع فصوال تتضمن ضمانات حقوقية في أبواب أخرى من الدستور.
هكذا اعترف الدستور المغربي لسنة 2011بمجموعة من الحقوق التي تضمنها العهد
الدولي للحقوق المدنية السياسية ،نذكر منها:
-المساواة بين الرجل والمرأة.
-حماية الحق في الحياة.
-الحق في السالمة وحماية الممتلكات وتجريم التعذيب.
-دسترة مبدأ قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة.
-حرية الرأي والصحافة والحق في الحصول على المعلومات.
14
-حرية االجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي والمشاركة المدنية والسياسية.
-تكريس الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية.
-الحق في الصحة والتعليم والتنشئة والتكوين والسكن والشغل وولوج الوظائف.
-الحق في الحماية الحقوقية واالجتماعية واالقتصادية لألسرة والزامية التعليم
األساسي.
: -4االرتقاء بالحريات والحقوق األساسية إلى مصافي المبادئ فوق الدستورية:
المقصود بالمبادئ أو القواعد المافوق دستورية ،النصوص المحظورة موضوعيا من المراجعة
الدستورية ،وهذا ما يعني أن السلطة التأسيسية الفرعية المكلفة بمراجعة الدستور يتوجب عليها احترام
المبادئ المحصنة دستوريا من التعديل .ووعيا من المشرع الدستوري بأهمية الحريات والحقوق األساسية
وبمكانتها ،فإنه ارتقى بها إلى مكانة القواعد الدستورية المحصنة من التعديل أو المراجعة ،حيث نص في
الفصل 175من دستور 2011على أنه" :ال يمكن أن تتناول المراجعة األحكام المتعلقة بالدين اإلسامي،
وبالنظام الملكي للدولة ،وباالختيار الديمقراطية لألمة ،وبالمكتسبات في مجال الحريات والحقوق األساسية
المنصوص عليها في هذا الدستور".
:-5الحماية الدستورية البعدية للحريات والحقوق األساسية:
لحماية تطبيق القوانين التي تَخرق أو تَنتهك روح فلسفة الحقوق والحريات األساسية التي يضمنها
الدستور ،فتح المشرع الدستوري لألطراف بموجب الفصل 133من الدستور ،الحق في تقديم دفوعات إلى
المحكمة الدستورية ،إذا كان القانون الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور.
-6الحماية التشريعية للحريات والحقوق األساسية:
من أهم مظاهر الحماية الدستورية للحريات والحقوق األساسية في دستور ، 2011إسناد السلطة
التشريعية الحق في التشريع بشكل حصري في مجال الحريات والحقوق األساسية ،كما هو واضح من
منطوق الفصل 71من الدستور ،فالبرلمان باعتباره امتدادا لشرعية اإلرادة الشعبية والتمثيل الشعبي ،يكون
أحرص على ضمان احترام الحريات والحقوق األساسية المنصوص عليها في الدستور ،سواء تعلق األمر
بوظيفة التشريع أو الرقابة التي من خاللها يسائل السلطة التنفيذية عن مدى التزامها واحت ارمها للحقوق
والحريات األساسية الدستورية.
15
الفرع الثاني :الضمانات المؤسساتية لحقوق االنسان في دستور .2011
حرص دستور 2011على دسترة العديد من المؤسسات والهيئات التي تتولى صالحية تدعيم وحماية حقوق
اإلنسان من تعسف السلطات العامة :
-1المجلس الوطني لحقوق اإلنسان:
وفي هذا السياق ،وبعد أزيد من 20سنة على إحداث المجلس االستشاري لحقوق اإلنسان ،نص الفصل
161من الدستور على أن المجلس الوطني لحقوق اإلنسان مؤسسة وطنية تعددية ومستقلة تتولى النظر
في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق اإلنسان والحريات وحمايتها ،وبضمان ممارستها الكاملة،
والنهوض بها وبصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنات والمواطنين ،أفراد وجماعات ،وذلك في نطاق
الحرص التام على احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المجال.
-2مؤسسة الوسيط:
في إطار تقوية آليات حماية حقوق اإلنسان تم إحداث مؤسسة الوسيط في 17مارس 2011
لتُعوض مؤسسة ديوان المظالم ،كما عمل المشرع الدستوري إلى االرتقاء بها إلى مصاف المؤسسات
الدستورية من خال الفصل 162من دستور ، 2011حيث نص على أن الوسيط مؤسسة وطنية مستقلة
ومتخصصةُ ،مهمتها الدفاع عن الحقوق في نطاق العالقات بين اإلدارة والمرتفقين ،واإلسهام في ترسيخ
سيادة القانون ،واشاعة مبادئ العدل واإلنصاف ،وقيم التخليق والشفافية في تدبير اإلدارات والمؤسسات
العمومية والجماعات الترابية والهيئات التي تمارس صالحيات السلطة العمومية.
-3مجلس الجالية المغربية بالخارج:
أحدث مجلس الجالية المغربية بالخارج في سنة 2007،بهدف ضمان المتابعة والتقييم للسياسات
العمومية للمغرب تجاه مواطنيها المهاجرين وتحسينها بغية ضمان حقوقهم وتكثيف مشاركتهم في التنمية
السياسية واالقتصادية والثقافية واالجتماعية للدولة ووعيا من المشرع الدستوري بأهمية مجلس الجالية المغربية
بالخارج ،عمل االرتقاء به إلى مصاف المجالس الدستورية ،حيث نص في الفصل 163من دستور 2011
على أن يتولى مجلس الجالية المغربية بالخارج ،على الخصوص ،إبداء آرائه حول توجهات السياسات
العمومية التي تمكن المغاربة المقيمين بالخارج من تأمين الحفاض على عالقات متينة مع هويتهم المغربية
وضمان حقوقهم وصيانة مصالحهم ،وكذا المساهمة في التنمية البشرية والمستدامة في وطنهم المغرب
وتقدمه.
16
-4هيئة المناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز:
اتساقا مع الفقرة األولى من الفصل 19من الدستور 2011الذي ينص على أن الرجل والمرأة يتمتعان،
على قدم المساواة ،بالحقوق والحريات المدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية الواردة
في هذا الباب من الدستور ،وفي ُمقتضياته األخرى ،وكذا في االتفاقيات والمواثيق الدولية ،كما صادق عليها
المغرب وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها .وفي سياق تحقيق فلسفة المناصفة
بين الرجال والنساء ،نص الفصل 164من الدستور على أن الهيئة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال
التمييز ،المحدثة بموجب الفصل 19من الدستور ،تسهر بصفة خاصة ،على احترام الحقوق والحريات
المنصوص عليها في الفصل المذكور مع مراعاة االختصاصات المسندة للمجلس الوطني لحقوق اإلنسان.
الفرع الثالث :التحول الدستوري في وضعية المعارضة البرلمانية:
يتجلى هذا التحول الذي ط أر على وضعية المعارضة البرلمانية في اإلطار القانوني المغربي في
عدة جوانب منها:
-التحديد القانوني للمقصود بالمعارضة.
-ضمان الحماية الدستورية والقانونية للمعارضة.
-دسترة مفهوم "المعارضة"
-تمكين المعارضة من حقوق خاصة كالحقوق التي تشترك فيها مع األغلبية البرلمانية.
الفرع الرابع :تحوالت التنظيم الدستوري للسلطات المحلية من خالل دستور .20111
دستور ، 2011الذي حمل عددا من المستجدات سمحت بإعطاء نفس جديد لالمركزية اإلدارية ،كما مكنت
من جعل هذه األخيرة في قلب القانون الدستوري ،على نحو ما يبدو جليا في القضايا التالية:
-الحيز الذي خصصه لموضوع التنظيم اإلداري عموما وللتنظيم اإلداري الالمركزي خصوصا ،حيث أفرد
للجهات والجماعات الترابية األخرى بابا خاصا )الباب التاسع( ،يتكون من إثنىعشر فصا )من الفصل 135
إلى الفصل .146
-وتمكين المواطنين من حق الحصول على المعلومة الموجودة في حوزة اإلدارة العمومية والمؤسسات
المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام (ف . (27
1طارق حسن ،الدستور المغربي :المستجدات وحصيلة التفعيل ،2017-2011المنظمة العربية للقانون الدستوري ،مرجع سابق ص .39
17
-التأكيد على أن التنظيم الترابي للمملكة تنظيم ال مركزي ،يقوم على الجهوية المتقدمة ،ويرتكز على عدد
من المبادئ تتعلق بالتدبير الحر والتعاون والتضامن ،وتأمين مشاركة المعنيين في تدبير شؤونهم والرفع من
مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة.
-الرقي باإلطار القانوني المنظم للجماعات الترابية إلى مستوى قانون تنظيمي ،يحظى بقيمة قانونية
واعتبارية في هرمية وتراتبية القوانين الوطنية.
خص الدستور الملكية بالباب الثالث بعد بابي األحكام العامة ،والحقوق والحريات ،كما تم إبعاد
الصفة التنفيذية عن المؤسسة الملكية -رغم أن اختصاصات الملك التنفيذية في الدستور أهم من اختصاصات
رئيس الحكومة الذي أسندت إليه الصفة التنفيذية -وخص السلطة التشريعية بالباب الرابع ،ثم السلطة
التنفيذية بالباب الخامس ،وهو ما يعتبر إبعادا للملكية عن الشأن التنفيذي '' نصا '' واإلبقاء عليها '' عمليا
'' ،وذلك كي ال تتلبس صفة الملكية بالتنفيذ ،األمر الذي يمتنع معه إقرار مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة
في ما يتعلق بالملك.1
نص الفصل األول من دستور 2011على أن نظام الحكم في المغرب هو نظام ملكية دستورية
ديمقراطية اجتماعية ،ورئيس الدولة هو الملك ،و يتمتع بمجموعة كبيرة من االختصاصات والسلطات
األساسية والتي يباشرها في الحاالت العادية واالستثنائية.
وهناك مجموعة من المستجدات التي وقعت على مستوى اختصاصات الملك خاصة في المجال
التنفيذي والتشريعي والقضائي وهي كاآلتي:2
المستوى األول :من خالل الباب الثالث ابتداء من الفصل 42إلى الفصل 59من الدستور .والذي
يؤكد على أن الملك أمير المومنين وحامي الملة والدين والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية.
1بلفقيه عبد الحق ،مؤسسة " رئيس الدولة" في دستور https://www.maghress.com/tanja24/10643 ،2011بتاريخ ،10.12.2018
الساعة .00:24
2قربال نور الدين ،المؤسسة الملكية من خالل الدستور ،https://www.hespress.com/writers/242653.html ،بتاريخ ،10.12.2018
الساعة.01:00 :
18
-يرأس الملك أمير المومنين المجلس العلمي األعلى الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه .وبذلك
يمارس الملك الصالحيات الدينية المتعلقة بإمارة المومنين ،والمخولة له حصريا بمقتضى هذا الفصل بواسطة
ظهائر.
-الملك رئيس الدولة ،وممثلها األسمى ،ورمز وحدة األمة ،وضامن دوام الدولة واستمرارها .والحكم األسمى
بين مؤسساتها .ومن تم فهو الساهر على احترام الدستور ،وحسن سير المؤسسات الدستورية ،وعلى صيانة
االختيار الديمقراطي ،وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات ،وعلى احترام التعهدات الدولية
للمملكة.
واذا كانت الظهائر توقع بالعطف من قبل رئيس الحكومة فهناك استثناءات نجملها فيما يلي:
-وتعيين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب.
-ويعين رئيس الحكومة كما سبق ذكره وأعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها .ويمكن أن يعفي عضوا من
أعضاء الحكومة أو أكثر من مهامهم بعد استشارة رئيس الحكومة.
19
واذا كان رئيس الحكومة له صالحية إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة ،بناء على استقالتهم الفردية
والجماعية ،فإن هذا مرتبط بطلب من الملك ،ونفس األمر يطلب رئيس الحكومة من الملك إعفاء عضو أو
أكثر من أعضاء الحكومة.
-كما يرأس الملك المجلس الوزاري وبالتالي فهو يترأس المداوالت المتعلقة بالقضايا التالية:
التوجهات االستراتيجية لسياسة الدولة -مشاريع مراجعة الدستور -التوجهات العامة لمشروع قانون المالية-
قوانين إطار المحددة لألهداف األساسية لنشاط الدولة ،في الميادين االقتصادية وااجتماعية والبيئية والثقافية-
مشروع قانون العفو العام -مشاريع النصوص المتعلقة بالمجال العسكري -إعالن حالة الحصار -إشهار
الحرب-حل مجلس النواب بمرسوم من قبل رئيس الحكومة-التعيينات المقترحة من قبل رئيس الحكومة
وبمبادرة من الوزير المعني في الوظائف التالية :والي بنك المغرب والسفراء والوالة والعمال والمسؤولين عن
اإلدارات المكلفة باألم ن الداخلي والمسؤولين عن المؤسسات والمقاوالت العمومية االستراتيجية .ويمكن
التوسع في هذه النقطة من خالل القانون التنظيمي الذي حدد الئحة المؤسسات والمقاوالت االستراتيجية.
-ويصدر الملك األمر بتنفيذ القانون خالل الثالثين يوما .وله الحق في حل مجلسي البرلمان طبق الشروط
التالية:
استشارة رئيس المحكمة الدستورية واخبار رئيس الحكومة ورئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين.
ويوجه خطابا إلى األمة .وغيرها من الشروط منصوص عليها بالفصلين 97و .98
-وللملك الحق في مخاطبة األمة والبرلمان ،واليمكن أن يكون موضوع أي نقاش داخلهما.
-والملك هو القائد األعلى للقوات المسلحة الملكية .وله حق التعيين في الوظائف العسكرية كما له أن
يفوض لغيره ممارسة هذا الحق.
-ويرأس الملك المجلس األعلى لألمن .ويعتمد السفراء لدى الدول األجنبية والمنظمات الدولية .ويوقع على
المعاهدات ويصادق عليها .وهناك استثناء اليتم إال بقانون نحو السلم أو االتحاد أو رسم الحدود والتجارة
أو التي يترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولة .أو تتعلق بحقوق وحريات المواطنات والمواطنين...
20
-وللملك أن يعرض على البرلمان كل معاهدة أو اتفاقية أخرى قبل المصادقة عليها .كما له حق اإلحالة
على المحكمة الدستورية أي التزام دولي .ويرأس المجلس األعلى للسلطة القضائية .ويوافق بظهير على
تعيين القضاة من قبل المجلس األعلى للسلطة القضائية.
-كما يمكن للملك أن يعلن حالة االستثناء بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس
المستشارين ورئيس المحكمة الدستورية...إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة أو وقع من األحداث ما
يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية.
المستوى الثاني :واذا كانت القوانين التنظيمية مكملة للدستور فإنها تحال وجوبا على المحكمة
الدستورية .لذلك فلها مسطرة خاصة على مستوى التشريع ،وأهمها أنها يداول فيها في المجلس الوزاري الذي
يترأسه الملك .لذلك فالملك يدلي بدلوه في المواضيع التالية التي تشكل مضامين مشاريع القوانين التنظيمية
نحو:
تفعيل الطابع الرسمي لألمازيغية -ما له عالقة باألحزاب السياسية ،المعارضة ،المجتمع المدني والتشريع
وتقديم العرائض ،مجلس الوصاية ،البرلمان بمجلسيه ،الحكومة ،التعيين في الوظائف العليا ،النظام األساسي
للقضاة ،المجلس األعلى للسلطة فالقضائية المحكمة الدستورية ،مبدأ الدفع بعدم دستورية القانون ،الجماعات
الترابية ،المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي .ولجان تقصي الحقائق...والمجلس الوطني للغات والثقافة
المغربية..وكيفية تنظيم اإلضراب..
-يحمي الملك الحقوق و المصالح المشروعة للمواطنات والمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج .ويدعم الدولة
الديمقراطية التي يسودها الحق والقانون .ويصون السيادة والوحدة الوطنية والترابية ومقومات الهوية وجعل
المغرب عضوا نشيطا في المنظمات الدولية .والمساهمة في الحفاظ على السالم واألمن في العالم .من
خالل انتماء المملكة إلى مجموعة من المنظمات والمعاهدات الدولية أو اإلقليمية...
21
-يفتتح الملك الدورة الشريعية في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر ،واالستماع إلى الخطب الملكية الموجهة
للبرلمان .ويعين الملك أعضاء الحكومة .ويمكن أن يطلب من كال مجلسي البرلمان أن يق أر قراءة جديدة كل
مشروع أو مقترح قانون .وتطلب هذه القراءة بخطاب ،وال يمكن أن ترفض هذه القراءة الجديدة.
-وللملك أن يحل بظهير المجلسين معا أو أحدهما .يقع الحل بعد خطاب يوجهه الملك إلى األمة..ويستشار
الملك إذا عزم رئيس الحكومة حل مجلس النواب .والملك هو الضامن الستقالل السلطة القضائية ،وبطلب
من الملك يصدر المجلس األعلى للسلطة القضائية آراء مفصلة حول كل مسألة تتعلق بالعدالة مع مراعاة
مبدأ فصل السلط.
-ويرأس المجلس األعلى للسلطة القضائية .وتصدر األحكام وتنفذ باسم الملك وطبقا للقانون.
-ويعين الملك ستة أعضاء من أعضاء المحكمة الدستورية من بينهم عضو يقترحه األمين العام للمجلس
العلمي األعلى .كما يعين الملك رئيس المحكمة الدستورية .ويمكن للملك أن يحيل القوانين على المحكمة
الدستورية قبل إصدار األمر بتنفيذها لتبت في مطابقتها للدستور.
-وللملك حق اتخاذ المبادرة قصد مراجعة الدستور.ويعرضه مباشرة على االستفتاء المشروع الذي اتخذ
المبادرة بشأنه .كما للملك بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية أن يعرض بظهير على البرلمان مشروع
مراجعة بعض مقتضيات الدستور .وينعقد البرلمان بدعوة من الملك في اجتماع مشترك لمجلسيه للمصادقة
على هذه المراجعة بأغلبية ثلثي األعضاء الذين يتألف منهم.
المستوى الرابع :ينص فقهاء الدستور على أن أركان الدولة هي :العنصر البشري واإلقليم والسلطة
السياسية .وباعتبار الملك رئيسا للدولة وممثلها األسمى ورمز وحدة األمة وضامن دوم الدولة واستمرارها
والحكم األسمى بين مؤسساتها وذلك من خالل ما يلي:
-السهر على احترام الدستور ،وحسن سير المؤسسات الدستورية وعلى صيانة االختيار الديمقراطي وحقوق
وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات وعلى احترام التعهدات الدولة للمملكة.
-تفعيل الطابع الرسمي للغات الرسمية العربية واألمازيغية وصون الحسانية وحماية اللهجات والتعبيرات
الثقافية المستعملة في المغرب .وتعلم اللغات األجنبية األكثر تداوال في العالم.
22
-العمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق
في مجموعة من الخدمات والحقوق.
-ضمان الحماية الحقوقية واالجتماعية واالقتصادية لألسرة بمقتضى القانون بما يضمن وحدتها واستقرارها
والمحافظ عليها.
-ضمان حرية المبادرة والمقاولة ،والتنافس الحر .والعمل على تحقيق متطلبات التنمية البشرية المستدامة.
وتعزيز العدالة االجتماعية ،والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية ،وعلى حقوق األجيال القادمة.
ضمان تكافؤ الفرص للجميع والرعاية الخاصة للفئات االجتماعية على األقل.
نخلص مما سبق أن الدستور واضح فيما يتعلق باالختصاصات وطبيعة المؤسسات لذلك من الواجب عدم
الخوض في القضايا الدستورية دون معرفة ثنايا هذه الوثيقة التي أثبتت بأن نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية
دستورية ،ديمقراطية برلمانية واجتماعية وقد نجد المؤسسة الملكية حاضرة في هذه المستويات بناء على
البعد الدستوري واالعتباري لشخص الملك الذي ال تنتهك حرمته ،وله واجب التوقير واالحترام .في ظل
خصوصية دينية وحضارية وثقافية للمملكة.
أولى مؤشرات التغيير هي الصفة ذاتها لرئيس الوزراء؛ بحيث أن الصفة الجديدة التي أعطاه إياها
دستور 2011هي " رئيس الحكومة" ،وما لذلك من رمزية معنوية على السلطة والمكانة الجديدة التي أصبح
يحظى بها – من الناحية الدستورية – في دواليب الحكم والجهاز التنفيذي للدولة.
-نصت مقتضيات الفصل 47من الدستور على أن رئيس الحكومة يعينه الملك من الحزب
السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب الذين يتم انتخابهم باالقتراع العام المباشر ،في حين
كان الفصل 24من دستور 7أكتوبر 1996يقضي بأن" :الملك يعين الوزير األول" دون تحديد ما إذا
كان هذا التعيين يتم من الحزب الذي تصدر انتخابات مجلس النواب أو من األغلبية البرلمانية أو من خارج
1وجاط عبدالجليل ،السلطة التنفيذية على ضوء دستور 29يوليوز ،https://www.hespress.com/writers/304758.html ،2011بتاريخ
،10.12.2018الساعة .01:23
23
هذا اإلطار .وهو ما كان يعطي للملك – في المرحلة السابقة – حرية اختيار وزيره األول وذلك سواء من
األحزاب السياسية التي تمثل األغلبية البرلمانية أو من التكنوقراط.
-أعطى دستور 2011لرئيس الحكومة وفريقه الوزاري العديد من الصالحيات الجديدة .فعلى
مستوى تشكيلة الحكومة ،يعين الملك أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها – كما كان الحال عليه في دستور
،–1996ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة ،في حين كان
هذا اإلعفاء من اختصاص الملك فقط في الدستور السابق.
-على مستوى عمل الحكومة فإن هذه األخيرة تمارس اختصاصاتها تحت سلطة رئيسها ،واإلدارة
موضوعة تحت تصرفها ،كما تمارس اإلشراف والوصاية على المؤسسات والمقاوالت العمومية.
-يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية ويعين في الوظائف المدنية في اإلدارات العمومية ،وفي
الوظائف السامية في المؤسسات والمقاوالت العمومية ،دون إخالل بأحكام الفصل 49من الدستور ،أي ما
يتعلق بتعيين الملك ،باقتراح من رئيس الحكومة ،وبمبادرة من الوزير المعني ،لوالي بنك المغرب ،والسفراء
والوالة والعمال ،والمسؤولين عن اإلدارات المكلفة باألمن الداخلي ،والمسؤولين عن المؤسسات والمقاوالت
االستراتيجية.
-ن جانب آخر ،نص الفصل 92من الدستور على أن مجلس الحكومة يتداول ،تحت رئاسة
رئيس الحكومة ،في القضايا والنصوص المتعلقة بالسياسة العامة للدولة ،والسياسة العمومية والقطاعية،
وطلب الثقة من مجلس النواب ،والقضايا الراهنة لحقوق اإلنسان والنظام العام ،ومشاريع ومراسيم القوانين
ومشاريع المراسيم والمراسيم التنظيمية ،والمعاهدات واالتفاقيات الدولية ،والتعيين في المناصب العليا – مع
مراعاة ما تمت اإلشارة إليه سابقا (الفصل .)49
-فيما يخص المجال التشريعي ،فإن الفصل 78من الدستور ينص على أن لرئيس الحكومة
وألعضاء البرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين .كما أن لرئيس الحكومة حق حل مجلس النواب
بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء وفق مقتضيات الفصل 104من الدستور.
24
الفرع الثالث :السلطة التشريعية (البرلمان):
خطا الدستور الجديد خطوة إيجابية لدعم العمل التشريعي للبرلمان على مستوى توسيع مجاله مقارنة
بالدستور السابق ،وارتقاء البرلمان إلى درجة المشرع الدستوري ،واعمال المقاربة التشاركية
في هذا المجال للمعارضة البرلمانية ومؤسسات الحكامة ،وتعاون المؤسستين التشريعية والتنفيذية ،واالنفتاح
على المواطنين كذلك ،وهذه كلها تدابير لتجويد األداء البرلماني وحكامة تشريعة.
والبرلمان ،كما هو معلوم ،يتكون من مجلسين :مجلس النواب ومجلس المستشارين ،والوظيفة
األساسية للبرلمان هي التشريع ،بل إن اسم البرلمان مرتبط بالسلطة التشريعية (التي أصبحت عنوانا للباب
الثالث في الدستور) ،حيث اتسع مجال التشريع األساسي والعادي للبرلمان ،لكن هذا األخير ال يحتكر لوحده
هذه الوظيفة ،بل إن السلطة التنفيذية تتدخل في مجال التشريع باسم العقلنة البرلمانية .كما أن الدستور بوأ
المعارضة مكانة مركزية في هيكلة وصنع القرار البرلماني.
وقد حبل دستور 2011بمستجدات تدعم سلط البرلمان ،وتوسع مجال اختصاصه التشريعي .اهمها:
-ال يقتصر دور البرلمان على سن القانون أي التشريع العادي بل يطال حتى التشريع األساسي،
انطالقا من اإلمكانية المتاحة لمجلسي البرلمان( ،إضافة إلى الملك ورئيس الحكومة) في اتخاذ مبادرة
مراجعة الدستور (الفصل ،)172المقترحة من لدن عضو أو أكثر من أعضاء أحد مجلسي البرلمان ،والتي
ال تصح الموافقة عليها إال بتصويت أغلبية ثلثي األعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس (الفصل .)173
واذا كانت مشاريع ومقترحات مراجعة الدستور تُعرض بمقتضى ظهير على االستفتاء الشعبي ،فللملك ،بعد
ع مراجعة بعض مقتضيات
استشارة رئيس المحكمة الدستورية ،أن يعرض على البرلمان ،بظهير ،مشرو َ
الدستور ،حيث يكون البرلمان المنعقد -باستدعاء من الملك ،في اجتماع مشترك لمجلسيه -مطالبا
بالمصادقة على مشروع هذه المراجعة بأغلبية ثلثي األعضاء الذين يتكون منهم ،ويحدد النظام الداخلي
لمجلس النواب كيفيات تطبيق هذا المقتضى (الفصل .)174
-القوانين التنظيمية ،واألنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان ،التي هي امتداد للكتلة الدستورية ،يختص
البرلمان بالتشريع فيها .وقد توسعت مجاالت القوانين التنظيمية في الدستور الجديد (وعددها )19بالمقارنة
مع الدستور السابق (وعددها ،)9والبرلمان مطالب بالمصادقة عليها كلها خالل مدة هذه الوالية التشريعية.
25
وهذا يبوئ البرلمان الحالي مهمة مركزية تأسيسية باألساس ،تستدعي تأهيال ووعيا لدى البرلمانيين بأهمية
وحساسية المرحلة ،بل الحاجة ماسة إلى مخطط تشريعي.
إن المجاالت التي تكون موضوع قانون بصريح النص الدستوري ،إما أن تأتي مجمعة في فصل
واحد أو متفرقة عبر فصول متعددة ،وهو ما كرسه دستور2011؛ فبعدما كان مجال القانون محصو ار في
9ميادين (الفصل 46من دستور ،)1996ارتفع عددها إلى 30قطاعا (الفصل 71من الدستور الجديد)،
ومنها :نظام األسرة والحالة المدنية ،مبادئ وقواعد المنظومة الصحية ،نظام الوسائط السمعية البصرية
والصحافة بمختلف أشكالها ،نظام مصالح وقوات حفظ األمن ،النظام الضريبي ووعاء الضرائب ومقدارها
وطرق تحصيلها ،النظام القانوني إلصدار العملة ،نظام تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ،القواعد المتعلقة
بتدبير البيئة وحماية الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة ،تحديد التوجهات والتنظيم العام لميادين التعليم
والبحث العلمي والتكوين المهني ...،وتضاف إلى ذلك صالحية البرلمان في التصويت على قوانين اإلطار،
أو مجموعة من القطاعات الواردة في فصول أخرى من الدستور ،والتي تكون موضوع تأطير قانوني ،وهي
على األقل 18قطاعا ،مثل قانون المالية (الفصل ،)75المجلس األعلى للحسابات (الفصل ،)150
مؤسسات الحكامة الجيدة .
ال بد من التذكير بالدور غير الهامشي الذي أصبحت تضطلع به المعارضة كمكون أساسي في
المجلسين ،وتشارك في وظيفتي التشريع والمراقبة (الفصل )60؛ وألجل هذا الهدف ،فالدستور مكنها من
ضمانات تخولها حقوقا ،للنهوض بمهامها في العمل البرلماني والحياة السياسية ،كالمشاركة الفعلية في
مسطرة التشريع ،من خالل تخصيص رئاسة لجنة أو لجنتين للمعارضة ،وأساسا رئاسة اللجنة المكلفة
بالتشريع بمجلس النواب (الفصل ،)10وتمثيلية مالئمة في األنشطة الداخلية لمجلسيه ،وخاصة تسجيل
مقترحات قوانين بجدول أعمال مجلسي البرلمان (الفصل ،)82حيث حرص الدستور على التنصيص على
تخصيص يوم واحد على األقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين ،ومن بينها تلك المقدمة من قبل
26
المعارضة.
ب -ملتمسات المواطنين في ميدان التشريع:
قد حبل الدستور المغربي لسنة 2011بمقتضيات جديدة تدمج خصائص الديمقراطية شبه المباشرة،
وتقحم مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير الشأن العمومي ،منها أحكام الفصل ،14والتي قضت بأحقية
المواطنين والمواطنات ،ضمن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي ،في تقديم ملتمسات في مجال التشريع.
لكن هذه المبادرة الشعبية لن تطال المراجعة الدستورية ،بل يشارك المواطنون في التشريع العادي الذي يسنه
البرلمان ،بشكل مسبق ،ومن خالل المبادرة التشريعية ،وليس عن طريق ما يسمى باالعتراض التشريعي.
ولم يحدد الدستور المغربي المجاالت التي يمكن أن تكون موضوع المبادرة وال نطاق حدودها ،كما ذهبت
إلى ذلك بعض الدساتير المقارنة ،وتم االقتصار على «الملتمسات» ،وليس تقنية «العرائض»؛ كما أن
الدستور المغربي أشار إلى مصطلح «المواطنين والمواطنات» الذين يحق لهم تقديم اقتراحات تشريعية ،بيد
أن التشريعات األجنبية تستعمل مفردة «الناخبين» ،وهذا يفرض نوعا من االحتراس أثناء صياغة القانون
التنظيمي لتنزيل الفصل 14من الدستور.
إن من شأن إشراك مؤسسات وأجهزة أخرى في المجال التشريعي للبرلمان ،واالستثمار األنجع لذلك
من شأنه أن يساهم في الرفع من األداء البرلماني وجودة العمل التشريعي .وتختزل هذه األجهزة ،حسب ما
يمكن استشفافه من الدستور ،في:
-المحكمة الدستورية:
تبت المحكمة الدستورية في مطابقة القوانين للدستور ،إما بشكل مسبق وأوتوماتيكي كالقوانين
التنظيمية ،واألنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين ،أو القوانين واالتفاقيات الدولية
التي يمكن إحالتها عليها قبل إصدار األمر بتنفيذها( ...الفصل ،)132فالمجلس حاليا (المحكمة
الدستورية) ،وهو يقوم عدم السالمة التشريعية أو الخرق القانوني لسمو القواعد الدستورية ،فهو يشكل ضمانة
لعقلنة إنتاج المقاولة البرلمانية .واألكثر من ذلك أن المجلس الدستوري ال يكتفي بإلغاء النصوص المخالفة
للدستور ،بل يدعو البرلمان ،في العديد من ق ارراته ،إلى فصل تلك المواد المخالفة ،مع جواز إصدار األمر
بتنفيذ القانون ،وكأن المجلس الدستوري يتحول بذلك إلى مشرع في هذا الشأن.
27
-المجلس األعلى للحسابات:
هو الهيئة العليا لمراقبة المالية العمومية ،يقدم مساعدته للبرلمان في المجاالت المتعلقة بمراقبة
المالي ة العامة ،ويجيب عن األسئلة واالستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع والمراقبة والتقييم
المتعلقة بالمالية العامة (الفصل .)148ومن شأن هذه االستشارة أو المساعدة أن ترفع من العمل التشريع
البرلماني لحسن تدبير الشأن المالي العمومي.
من المؤسسات االستشارية التي يمكن أن تفيد البرلمان باستشارتها في كل القضايا ،التي لها طابع
اقتصادي واجتماعي وبيئي ،وفي التوجهات العامة لالقتصاد الوطني والتنمية المستدامة (الفصل ).152
ولإلشارة ،فإذا حرص الدستور على ذكر صلة هذه المؤسسات بالبرلمان ،فهذا ال يعدم التنسيق والتعاون مع
كل في ما يخصه ،كالمجلس الوطني لحقوق اإلنسان (الذي
مؤسسات الحكامة األخرى في ميدان التشريعٌّ ،
يستفاد من النص المؤسس له ،وخاصة الفصل ،16أنه يمكن أن يقدم المساعدة للبرلمان في ميدان التشريع،
وخاصة االتفاقيات الدولية ذات الصلة بالمادة الحقوقية) والهيئة العليا لالتصال السمعي البصري ...باإلضافة
إلى االستثمار المنتج مع المؤسسات التقليدية ،الفاعلة في الميدان :األمانة العامة للحكومة والو ازرة المكلفة
بالعالقات مع البرلمان والمجتمع المدني.
ويتبين مما سبق أن إعمال المقاربة التشاركية مع مختلف المؤسسات الدستورية وفي المجاالت التي
تعنيها ،وتحديدا في قطاعات استراتيجية مالية ،اقتصادية ،اجتماعية ،حقوقية ...،من شأنه أن يساهم في
حكامة تشريعية ،قد تضفي عليها «لمسة» إضافية ،تتعزز أكثر من خالل االنفتاح على المواطنين وفي
المجال التشريعي بالذات.
خاتمة:
تعد التجربة المغربية إذن تجربة فريدة من نوعها ،اذ ان مجرد صدور دستور ( ) 1962هو عمل
غير من طبيعة الدولة المغربية وبه اندمجت المملكة المغربية في الكونية او نوع من الكونية على االقل .
وفي اطار التطورات الدولية واالقليمية والداخلية منذ بداية العقد االخير من القرن الماضي ،فقد طرات على
28
الدستور تعديالت دستورية في عامي () 1992-1996تمثلت محصلتها في العمل على تحقيق نوع من
التوازن غير التام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ،تمثل في منح السلطة التشريعية بعض القوة فضال
عن توسيع صالحيات الوزير األول ،إال أنها لم تتطرق الى اسس وركائز المؤسسة الملكية ،بل إنها بقيت
محتكرة لكثيرمن أوراق العملية السياسية ،وقد ادى تحقيق االصالحات الدستورية واصدار دستور ( 1996
) باالجماع عن طريق االستفتاء إلى االستجابة لبعض مطالب المعارضة والى االلتفاف الشعبي النخبوي
حول المؤسسة الملكية مما اتاح مجاال لالنفراج السياسي في المغرب .وقد حافظت هذه االصالحات على
اهمية المؤسسة الملكية في اطار توازن القوى القائم ،ومن ثم فقد قبلت المعارضة التناوب التوافقي بوصفه
اتفاق سياسي اليستند الى الدستور ،ومن الجدير باالشارة الى انه لم يتم اعداد الدساتير المغربية من لجان
او هيئات منهجية ومستقلة بل ان الملك قام بوضع هذه الدساتير مع استشارة بعض الوزراء واساتذة القانون
الدستوري ومنهم بعض االساتذة الفرنسيين المعروفين كموريس ديفرجيه اذ اعتمد الدستور المغربي عموما
على مجموعة من المصادر في صياغته منها:
-النظام البرلماني.
.-دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة.
.-دستور الجمهورية الملغاشية عام 1959
وعلى خالف الدساتير األربع السابقة للمملكة (دساتير ،)1996 ،1992 ،1972 ،1970 ،1962
توج دستور 29يوليو 2011مسا ار إصالحيا متمي از دشن بتولي الملك محمد السادس عرش المغرب ،مسا ار
متعدد الحلقات ،واضعا كغاية له إنجاح "النموذج المغربي" المبني على الخصوصية واألصالة وفي نفس
اآلن معانقة القيم الكونية واإلنسانية.
هذا اإلصالح الدستوري ،تم أيضا بمنهجية مؤطرة بعنوان "المشاركة الواسعة" ،فبعد الخطاب الملكي
لـ تسع ( )9مارس ،2011المحدد للخطوط الكبرى للتعديل الدستوري ،تم تشكيل لجنة تقنية من الخبرات
والكفاءات الوطنية ،وهي اللجنة التي تكلفت بتلقي المذكرات والمطالب الدستورية لمختلف الفاعلين حزبيين،
مدنيين ،نقابيين ...في فضاء عمومي هيمن عليه النقاش حول التعديل الدستوري ،مضمونه ،خياراته،
وآفاقه...والى جانب هذه اللجنة تم تشكيل لجنة سياسية للمتابعة مثلت فيها جميع الحساسيات الحزبية وكانت
29
الغاية منها خلق فضاء سياسي مواز لعمل اللجنة التقنية موكول له الحسم في الخالفات وتقريب األطروحات
المتباينة.1
هكذا يكون دستور 2011قد أسس لتجربة سياسية جديدة قوامها صك الحقوق والحريات والفصل
بين للسلط و تكاملها ودسترة مكونات الهوية الوطنية المغربية بروافدها المتعددة.
االستمرارية، ظل في ومهيكل 1محمد الشسخ بيد هللا ،الدستور المغربي لـ 29يولويز :2011تغيير عميق
https://www.hespress.com/writers/195721.htmlبتاريخ ،10.12.2018الساعة .10.55
30