Professional Documents
Culture Documents
الأوذيسة هوميروس ترجمة عنبرة سلام الخالدي
الأوذيسة هوميروس ترجمة عنبرة سلام الخالدي
ا لأ وذ يسة
نقلها ا ىل العربية
عن ربة سالم اخلادلي
الطبعة الثانية
آ ذار "مارس" 1977
مته يد
ا ل أ وذيسة يه ا حدى امللحمتني اخلادلتني املنسوبتني ا ىل
هومريوس الشاعر اليوانين العظمي .ويه وصف لرحال ت آ أ وذيس
( آ أ و عوليس ،كام يسميه البعض ) مكل ا يثاكة ،تكل اليت
دامت عرش س نوات ،واكتنفهتا ا ل أ خطار واملشاق ،يف طريق
رجوع ه ا ىل بالده ،بعد سقوط طروادة.
ولكمة آ أ وذيسة ،يف اللغات ا ل أ وروبية ال ن ،ترادف مع ىن
سلسةل طويةل من الرحالت ،آ أ و رحةل ميتد هبا ا ل أ مد ،وتتخللها
اخملا طرا ت وا ل أ هوال ،كام ترادف قصة الس ندابد ،عند آ أ بناء
العربية ،معىن سفرا ت شاقة مفعمة ابلغرائب واملفاجآ ت.
و آ أ وذيس ،يف ا ل أ ساط ري ال غريقية ،هو ابن لريت،
5
و آ أ مه آ أ نتلكيا .وهو مكل ا يثاكة ،وبطل مشهور يصح آ أ ن يعد
ممثال خلصائص الشعب ال غريقي .وقد خدله هومريوس عىل آ أ نه
خري آ أ بطال ال غريق و آ أ جشعهم ،واحلبيب املفضل عند ال آ لهة
آ أ ثينا .ول بد من القول ا ن ذكر هذا البط ل قد جاء يف
ا ل أ ساط ري ال غريقية املتآ أ خرة موصوفا ابجلنب واخلداع.
وتزوج آ أ وذيس بنلوب ،ومل مي ض عىل زواجه غ ري قليل
حىت دعي ا ىل حرب طروادة .ومل ي كن راغبا يف احلرب
فتظاهر ابجلنون ،و آ أ خذ حيرث آ أ رضا وبذرها ملحا بدل
احلبوب ،وقرن ثورا ا ىل آ أ اتن .ف كشف فالميدس آ أ حد
موا طنيه عن خدعته ،بآ أ ن وضع هل طفهل تل اميخ آ أ مام احملراث،
فانتقم آ أ وذيس لنفسه فامي بعد ودبر لفالميدس رش قتةل.
وملا نشبت احلرب بذ آ أ وذيس آ أ قرانه ،فاكن ح كمي
ال غريق ومشريمه ،وصاحب الرآ أ ي الفصل عند امللام ت ،حىت
آ أ ن سقوط طروادة مل يكن بشجاعة آ أ خيل ،ولبص رب ال غريق
عىل القتال ،ول كن بتدبري آ أ وذي س حيةل احلصان اخلش يب .وعد ه
موا طنوه آ أ عظم من سامه يف ا حراز النرص يف حما ربهتم لطروادة،
فقضوا بتسل ميه سالح آ أ خي ل بعد وفاته.
6
وملا ا س توىل ال غريق عىل طروادة ،آ أ حبر آ أ وذيس يقص د
ا يثاكة ،فعاندته الرايح ،حىت قذ فت به ا ىل شواطئ ا فريقيا.
وبعد آ أ ن لىق من ا ل أ هوال ما لىق يف جماهل البحار بني آ لكي
النيلوفر ( اللوتيس ) اترة ،والس يلكوبيني ( ومه ع املقة،
للرجل مهنم عني واحدة يف منتصف ج بينه ) حينا ،ويف اجلزر
التابعة ل يلوس وسريسة اترة آ أ خرى ،وبعد آ أ ن عاىن آ أ هوال
س يال وخاربيديس ،و آ أ هوال اللس رتجيونيني وعامل املوىت ،وبعد
آ أ ن فقد لك سفنه ورجاهل ،مت كن من النجاة حبياته ،والوصول
ا ىل جزيرة احلورية امجليةل اك ل يبسو ،اليت آ أ مس كت به دلهيا طيةل
س نوا ت مثان .ول كنه اكن لها احلبيب الساخط ،واملعشوق
املتربم عىل ادلوام ،حىت تدخل ال هل زفس فآ أ مر برجوعه ا ىل
وطنه .ول كن سف ينته حتطمت مرة آ أ خرى عند جزيرة فيس يا،
فنقل من هناك ا ىل ا يثاكه يف آ أ حد مراكب الفيس يني للعجيبة.
وملا وص ل ا ىل بدله وجد حشدا من اخلطاب قد غ منوا
فرصة غيابه ،وصغر سن ودله تل اميخ ،فآ أ خذوا يبذرون
آ أ مواهل ،ويبددون رز قه ،وحياولون آ أ ن ي كرهوا امرآ أ ته عىل
الزواج بآ أ حدمه.
وقصة ا ل أ وذيسة ا ليت نقدهما لقراء العربية ال ن تصف
7
لنا لك ما ح ل ب آ أ وذيس يف سفره من عذاب .وصفا مطول
دقيقا .ويه تص ف آ أ يضا اخلطط واخلدع اليت وضعها ونفذها
مبساعدة نفر من آ أ صد قاءه ا ل أ مناء ،حىت مت كن من الفتك
خبطاب امرآ أ ته بنلوب ،والقضاء علهيم.
آ أ ما ما انهت ى ا ليه آ أ مر آ أ وذيس ،فا ن ال شارة الوحيدة
ا ىل موته ا منا ورد ت يف نبوءة ثريس يا ،اذلي وعده بآ أ ن تكون
ش يخوخته سعيد ة و م يتته هنيئة ،ت آ أ تيه من البحر .وتقول
آ أ سطورة متآ أ خرة ا ن تليغونوس بن آ أ وذيس من سريسة،
آ أ رسلته آ أ مه للبحث عن آ أ بيه ،فقامت يف طريقه عواصف
قذ فت به عىل سواحل ا يثاكه .وهناك آ أ خذ ي هنب اجلزيرة
سعيا وراء القوت ،وهامجه آ أ وذيس فاكن من نصيبه اذلحب بيد
ودله من غري آ أ ن يعرف آ أ حدهام ال خر .وه كذا متت النبوءة
بآ أ ن آ أ اته املوت من البحر .وملا آ أ درك تليغونوس هوية آ أ بيه
محل جسده عائدا به ا ىل وطنه ترا فقه بنلوب وتلاميخ.
واختلفت آ راء العل امء يف منشآ أ آ أ و ذيس ،وماكنه اخلرايف
يف ا ل أ ساطري ال غريقية .مفهنم من يقول ا ن آ أ وذيس ا هل من
آ آ لهة الطبيعة عند ا ل أ رقاديني القدماء ،وهو مرادف
لفوس يذون ،ا ذ آ أ نه ميوت عند ا ق رتاب الش تاء خمتفيا يف البحر
الغريب ،آ أ و حيم ل ا ىل العامل السفيل ،مث يعود
8
في رتعرع يف فص ل الربيع .ويقو ل غري مه آ أ نه عىل هذا الاعتبار
يكون آ أ قرب ا ىل ال هل هرمس ( رسول ال آ لهة ،وا هل العلوم
والتجارة والفصاحة ،وكث ري من فنون احلياة ،وآ أ ك رث ما يرمز
ا ليه بشاب فيت مجيل ) .
عىل آ أ ن عل امء آ خرين يعدون آ أ وذيس ا لها مشس يا ،آ أ و
ا هل الصيف ،فهو يتوارى يف العامل السفيل آ أ ايم فص ل الش تاء،
مث يعود يف الربيع ليحرر امرآ أ ته من اخلطاب ( رمز قوى
الش تاء) .ويف رآ أ ي آ خر ،آ أ نه ا هل الزراعة ،وقريب من ا هل
الشمس .وامرآ أ ته ا لهة القمر بنلوب ،اليت ينفصل عهنا ،مث
جي متعان يف اليوم اذلي يت كون فيه القمر اجلديد .عىل آ أ ن
عبادته هذه قد اختفت من آ أ قدم ا ل أ زمان يف آ أ رق اداي ،وحلت
حملها عبادة فوس يذون.
وهمام ي كن من ا ل أ مر ،فا ن خشصية آ أ وذيس قد ي كون
منشؤها خرافة دينية ساذجة .و آ أ مه ما فهيا آ أ هنا متثل متثيال
حصيحا ذكل الشعب البحار القدمي ،اذلي اكن ملغامراته البحرية
اجلريئة آ أ بلغ ا ل أ ثر يف تكون اجلنس ا ل هيليين وهتذيبه.
آ أ ما العرص اذلي اختذ ت فيه هذه الشخصية ،آ أ ي خشصية
آ أ وذيس ،شلك معينا بني ا ل أ انش يد ال يونية فذ كل عندما اكنت
السفن ال يونية تنفذ ا ىل آ أ بعد الشواطئ يف ا لبحر
9
ا ل أ سود والناحية الغربية من ا يطاليا ،يوم مل ت كن مرص قد
فتحت بعد آ أ بواهبا للتبادل التجاري ا ل أ جنيب ،فاكنت مغامرات
آ أ وذيس موضوعا ش يقا يف ا ل أ د ب القدمي ،واكن يعرف عىل
ال أ كرث ببحار ذي قلنسوة خمرو طية الشلك.
وا ل أ وذيسة تص ف لنا وصفا رائعا جذااب عادات ال غري ق
يف تكل ا ل أ ايم ،وتتناول طرق عيشهم ،وآ داب سلوكهم،
وتعاملهم يف آ أ ايم سلمهم ،ك ام وصفت لنا ال لياذة حا ةل ال غريق
هؤلء يف آ أ ايم حرهبم وقتاهلم.
10
1
م شورة آأ ثينا
ملا سقطت مدينة طروادة ا لعظ مية ،آ أ حبر مجيع الزع امء
اذلين ش نو ا احلرب علهيا ا ىل آ أ وطاهنم .ومل ت كن س ب ل رجوعهم
ممهدة سل مية ،فقد اثر علهيم الغضب يف الس اموات العىل ،
فتحطمت بآ أ حدمه سف ينته ،وذحب غ ريه يف قرصه ذحبا شائنا بيد
امرآ أ ته املاكرة ،ووجد آ خرون آ أ ن الفوىض ع ت يف منازهلم ،
فمل يبق فهيا شيئا عىل حاهل ،فاضطروا ا ىل البح ث عن مساكن
جديدة يف اماكن آ أ خرى وطوحت ببعضهم عوادي ادلهر،
فهاموا يف طول ا ل أ رض وعرضها قبل آ أ ن يروا موا طهنم .واكن
احلكمي آ أ وذيس آ أ بعدمه يف ا ل أ رض اجتيااب و آ أ شدمه عذااب ،فقد
تقضت آ أ عواما عرشة باكملها ،واكن ليزال بعدها يرضب بعيدا
عن ممل كته ا يثاكة.
11
وعقد ال آ لهة جملسا للشورى يف هبو ا ل أ وملب ،ومل يتغيب
مهنم ا ل فوس يذون ،فقد ذهب يقمي شعائر العيد مع
ال ثيوبيني .واكن فوس يذون آ أ شد ال آ لهة كرها ل أ وذيس،
واحلائل دون وصوهل ا ىل بالده.
وتلكم زفس يف ال آ لهة اخلادلين فقال" :ا نه ملنهت ى البط ل
آ أ ن يلقي البرش بتبعا ت آ أ خطاهئم عىل ال آ له ة! هامك آ أ غيسطوس،
فقد جوزي عىل سوء آ أ عامهل جزاء ا وفاقا .فا نه اغتصب زوجة
املكل آ أ غاممنون ،وذحب املكل نفسه حي امن عاد ا ىل بيته .وقد فعل
هذا بعد آ أ ن آ أ نذرانه مغبة فعلته الش نعاء بآ أ ن آ أ رسلنا ا ليه
رسولنا هرمس .وهو ال ن ا منا يد فع مثن حقته!".
فآ أ جابت آ أ ثينا" :حقا ا نه ق د لىق املصري اذلي يس تحقه.
آ أ ل فلهيكل نظ ريه لك من تسول هل نفسه مثل هذه ا ل أ ع امل!
وقليب ا منا يتقطر آ أ ىس عىل آ أ وذيس لشدة ما عاىن من احملن يف
اجلزيرة البحرية حيث ت ستبقيه بنت آ أ طلس ،حماوةل آ أ ن
تنس يه آ أ رض آ ابئه .وهو ا منا يتوق ا ىل رؤية آ أ قل يشء من
آ أ رض مودله ،ولو اكن ادلخان املتصاعد مهنا ،مث يلق حتفه
راضيا .و آ أ نت لست تآ أ به للك هذا .آ أ مل يتقدم ا ليك ابلكث ري
من القرابني يف آ أ رض طروادة؟ فمل حتم ل هل لك هذا احلقد؟ ".
12
فآ أ جاهبا زفس" :ماهذا اذلي تقولني اي ابنيت؟ ا ن
فوس يذون هو اذلي حيمل ل أ وذيس احلقد العظمي ،ﻷ نه مسل
عني ابنه فو ليفم الس يلكوب ول كن هلموا و ل نتشاور معا ليك
نرجعه ا ىل بدله ،ا ذ ليس يف وسع فوس يذون آ أ ن خيامصنا
مجيعا".
فقالت آ أ ثينا" :ا ذا اكنت هذه مش يئتك ،فلنوجه الرسول
هرمس ا ىل جزيرة اك ل يبسو ،وليعلن ال آ لهة رغبتنا يف رجوع
آ أ وذيس ا ىل وطنه .وس آ أ ذهب آ أ ان ا ىل ا يثاكه و آ أ ثري حام سة
ودل ه تل اميخ ،فيصارح آ أ ول خطاب آ أ مه اذلين بددوا رز قه مبا يف
نفسه ،مث يذهب ا ىل ا س بارطة ومهنا ا ىل فيلوس ي تنسم آ أ خبار
آ أ بيه ،فيصيب هذا الفىت ذكرا حس نا بني الرجال".
وعىل هذا ذهبت آ أ ثينا ا ىل ا يثاكه ،واختذت ل نفسها
شلك منتيس زعمي التفيانيني.
واكن كث ريون من آ أ مراء اجلزر ،خطا ب املل كة بنيلوب قد
احتشدوا هناك يف بيت اوذيس زاعني آ أ ن آ أ وذيس قد مات
و آ أ ن علهيا آ أ ن ختتار زوجا سواه .وقد ا ج متع هؤلء معا ،
وجلسوا يلهون ويلعبون .وجلس بيهنم تل اميخ حيمل الغيظ يف
قلبه ،ﻷ ن هؤلء قد بددوا آ أ مواهل ،مث ا نه مل يعد س يدا يف
بيته .ول كنه ملا رآ أ ى الضي ف عند
13
الباب هن ض من ماكنه ورحب به و آ أ جلسه ،و آ أ مر بآ أ ن
يقدم هل الطعام والرشا ب .وملا انهت ى من طعامه سآ أ هل تل اميخ
عن حاجته.
عندئذ آ أ جاب منتيس الزائف" :ا نين منتيس مكل
التفيانيني ،و آ أ ان مبحر ا ىل ق ربص آ أ قاي ض من حنا سها مبا معي
من حديد .وقد كنت صديقا لهذا البي ت منذ آ أ مد بعيد ،كنت
صديقا ل أ بيك و آ أ يب آ أ بيك ،وقدمت ا ليمك واثقا آ أ ن آ أ لق آ أ ابك،
فقد قيل يل آ أ نه هنا .ولكين آ أ رى ال ن آ أ ن ا لها من ال آ لهة قد
آ أ عاقه عن الرجوع .وا ين لعىل يقني آ أ نه ما زال عىل قيد احلياة.
ول كن آ أ نبئين خرب هؤلء اذلين آ أ رامه هنا؟ آ أ هو اجامتع قبيةل
جاؤوا ي عقدونه ،آ أ م يه و ل مية عرس دعوا ا لهيا؟ ل جرم آ أ ن
العاقل ليحتدم غيظا دلى هذه ا ل أ ع امل".
فآ أ جاب تل اميخ" :ا ن بيتنا اي س يدي اكن غنيا م كرما يف
حياة وادلي ،و آ أ ما ال ن وقد رحل ،فا ل أ مور ل تسري معي عىل
ما يرام .ومل آ أ كن ﻷ حزن هذا احلزن لو رصع آ أ يب يف القتال
آ أ مام طروادة ،ا ذ لو وقع هذا ل أ قام هل ال غريق نصبا عظ امي ،
و ﻷ بق هو لودله اذلكر احلسن .آ أ ما ال ن وقد طوحت به
اعاص ري البحار ،فا نه مل ين ل رشفا وخلفين آ أ قايس الغم وا ل أ ىس.
فا ن هؤلء اذلين ترامه
14
آ أ مامك مه آ أ مراء اجلزر ،آ أ توا ا لينا خيطبون ود آ أ يم .و آ أ ما يه
فال تردمه خائبني ول تقبل ما يعرضونه علهيا .وهامه يق ميون
هنا يبددون آ أ موايل".
عندئذ قال منتيس الزائف" :مدتك ال آ لهة بعوهنا! ﻷ نك
حقا يف آ أ شد احلاجة ل أ وذيس .ليته يآ أ يت ويقف يف مدخل
الباب خبوذته وجمنه حامال يف لك من يديه رحما كام رآ أ يته حيامن
جاء ا ىل بيت آ أ يب قادما من آ أ فرية! واكن قد ذهب ا ىل هناك
ليطلب من ا يلوس ،مكل البالد حينذاك ،س ام قاتال ميسح به
سهامه .وقد رفض ا يلوس آ أ ن يعطيه ما طلب خوفا من
ال آ لهة ،ول كن آ أ يب آ أ عطاه ذكل لفرط حبه هل .بيد آ أ ن آ أ مر
رجوعه وعدمه بيد ال آ لهة .وعليك ال ن آ أ ن تصغي ا ىل
نصيحيت :آ أ دع الشعب آ أ ول ا ىل الاجامتع ومر خطا ب آ أ مك
آ أ ن يعود لك ا ىل بدله .و آ أ ما آ أ مك ،فا ذا آ أ بدت رغبهتا ابلزواج
فل رتجع ا ىل بيت آ أ بهيا ،وهناك يقمي لها آ أ هلها و ل مية العرس،
ويعدون لها من الهدااي ما يليق ابلبنت احلبيبة .مث هجز
لنفسك مركبا ذا عرشين جمذا فا ،واذهب ابحثا عن آ أ بيك
مس تقصي ا ،فلعل البعض ينبئك خبربه ،آ أ و لعكل تسمع من
زفس صوات يرشدك ا ىل ماكنه .ا ذهب ا ىل فيلوس آ أ ول ،ومن
مث ا ىل اس بارطة حيث يقمي مانيال ،
15
وهو آ خر من آ ب من ال غريق ا ىل وطنه .وا ذا ما
بلغك خ رب موته ،فارجع ا ىل هنا و آ أ مق هل نصبا ،و آ أ جر عنده
شعائر ادلفن الالئقة به ،وامنح آ أ مك زوجا .وا ذا ما انهتيت
من هذه ا ل أ عامل لكها ،فدبر يف نفسك آ أ مر الفتك هبؤلء
اخلطا ب سواء آ أ اكن ذ كل عنوة آ أ م خدعة ،فقد حان كل آ أ ن
تف كر تفكري الرجال .آ أ ل تعمل آ أ ي مقام جميد انهل آ أ وريست بني
الرجال لفت كه بآ أوغيس توس قات ل آ أ بيه؟"
فقال تل اميخ" :لقد خا طبتين بلك م صادر عن قل ب
صدوق ،كام خيا طب ا ل أ ب فتاه ،ولن آ أ نىس ذكل ما حييت.
آ أ ما ال ن فرجايئ ا ليك آ أ ن تقمي هنا حينا من الزمن ل يك آ أ حتفك
هبدية نفيسة ،كتكل اليت يتبادلها ا ل أ صد قاء ،فتكون يف بيتك
متاعا متواراث ".
ول كن منتيس الزائ ف قال" :ل متسك يب طويال ،فا ين
آ أ رغب يف الرح ي ل .و آ أ ما هديتك فآ أ عطنهيا دلي عوديت".
وانرصفت ال لهة ،واكنت ويه تربح املاكن آ أ ش به بنرس
البحر ،ف آ أ درك تل اميخ عند ذاك آ أ هنا ا حدى الراب ت.
واكن املنشد ف مييوس يف غضون ذ كل يغين اخلطاب
نش يدا ،يص ف فيه ما حاق ابل غريق من الكوارث دلى
عود هتم من طروادة ،لعملهم مبشورة آ أ ثينا.
16
ومسعت بنلوب النش يد فاحندرت من علي هتا تصحهبا
اثنتان من وصيفا هتا .وملا وصلت ا ىل حيث اخلطاب جالسون،
وقفت عند اب ب الهبو مسدةل نقاهبا الزايه عىل وهجها .مث
خا طبت املنشد ويه تنتحب فقالت" :ا نك اي ف مييوس لتعرف
الكثري من ا ل أ انش يد اليت تص ف آ أ ع امل ال آ لهة والرجال ،فآ أ نشد
آ أ حدها وليرشب ضيوفنا امخلر يف س كون .ول كن ك ف عن هذا
اللحن احلزين ،فا ن قليب يتصدع لسامعه .ول ريب يف آ أ ين
آ أ شق النساء حظا ،ﻷ ن الزوج اذلي آ أ ندبه اكن رجال عظ امي".
غري آ أ ن تل اميخ آ أ جا ب" :ملاذا حتقدين عىل املنشد اي آ أ ماه
ا ذا ما آ أ طربنا مبا توحيه ا ليه نفسه .ول لوم عليه ول ت رثيب،
ا ذا ما آ أ شاد اب خفاق ال غريق يف رجوعهم ،ﻷ ن من عادة
الناس آ أ ن يؤثروا من ا ل أ انش يد اليت تطرق آ أ سامعهم آ أ حدهثا.
فاصغي ا ذا متجدلة ،واعلمي آ أ ن آ أ وذيس مل يض ل الطريق
وحده ،ب ل هناك من الزعامء كث ريون غ ريه .ا ذهيب ا ىل خمدعك،
وانرصيف ا ىل شؤون بيتك ،ومري وصيفاتك آ أ ن يقمن
بواجبا هتن .فا ن اللكم من ش آ أ ن الرجال ،وهو من شآ أ ين خاصة
ﻷ ين س يد هذا البيت".
عند ذكل ارتدت ا ىل خمدعها ،وقد آ أ دهشها ما ظهر
17
يف الكم ودلها من سلطان .وظلت تندب س يدها ا ىل آ أ ن
آ أ رسلت آ أ ثينا النوم عىل عينهيا.
وبعد انرصافها خا طب تلاميخ اخلطاب قائال" :دعوان ا ﻵ ن
نهل ومنرح ،ول حتدثوا فامي بيننا شغبا .فال س امتع ا ىل منشد،
صوته كصوت ال آ لهة ملن املتع املس تحبة .ول كن لنذهب يف
الصباح ا ىل اجمللس ،حيث آ أ صارحمك برغبيت يف آ أ ن تغادروا
هذا املاكن ،وتآ أ لكوا من آ أ موالمك .وا ذا فضلمت آ أ ن تبددوا
آ أ موال غريمك ،دون آ أ ن تقدموا عهنا عوضا ،فاصنعوا ما بدا
لمك ،بيد آ أ ين عىل يقني آ أ نمك س تلقون العقا ب من زفس".
قال هذا فدهش امجليع لهذه اجلرآ أ ة و آ أ جابه آ أ نطينوس:
"ل ريب آ أ نك ل ختا طبنا هبذه اجلرآ أ ة ا ل بآ أ مر من ال آ لهة ،وذلا
فا ين آ أ دعو زفس آ أ ل يتيح كل يوما آ أ ن تكون ملاك عىل
ا يثاكة ،وا ن اك نت هذه اململكة يه حقك الرشعي املوروث".
فقال تل اميخ" :ليس من الرش يف يشء آ أ ن ي كون الانسان
ملاك ،فلبيته ال رثوة النامية ،ولشخصه الرشف العظمي ،غري آ أ ن
يف ا يثاكة كثريين غ ريي من الش بان وال كهول ،قد يصري ا لهيم
املكل ال ن ،وقد ما ت آ أ وذيس .واعمل،
18
ع ىل لك ،آ أ ين سآ أ كون س يد بييت ،وس يد ا ل أ رقاء اذلين غ منهم
آ أ وذيس حبد رحمه".
عندها تلكم آ أ ورمياخ قائال " :ا ن آ أ مر املكل يف ا يثاكة
من شآ أ ن ال آ لهة ،و آ أ ما احتفاظك مبمل كتك اخلاصة ،وس يادتك
املطلقة يف بيتك ،فليس هنا كل من ين كرهام عليك ،وليس من
آ أ حد تسول هل نفسه آ أ ن ي آ أ تيك وين زتع منك ما كل قرسا .
ول كن ،هال آ أ علمتين من هذا الغريب اذلي جاء مزن كل منذ
قليل ،هل محل ا ليك البشائر عن آ أ بيك ،آ أ و هل جاءك يف
حاجة هل خاصة ،لقد غادر املاكن يف حاةل مريبة ،ومل يتلبث
حىت نتعرفه .ويلوح يل مع هذا آ أ نه ليس من آ أ ساف ل الناس".
فآ أ جاب تل اميخ" :لريب عندي اي آ أ ورمياخ آ أ ن اليوم اذلي
يعود فيه وادلي قد وىل ا ىل ا ل أ بد ،ولست آ أ ابيل ابلبشائر ،آ أ اي
اكن مصدرها .ول آ أ ك رتث للت كهنات آ أ اي اكنت ،و آ أ اي اكن الاكهن
اذلي يلقهيا عىل وادليت ويه ترحب به يف قرصها .و آ أ ما هذا
الغريب فقد زمع آ أ نه منتيس مكل التفيانيني".
قال تل اميخ هذا ،وهو يعمل يف آ أ ع امق نفسه آ أ ن الغري ب
اكن آ أ ثينا نفسها .مث مال اخلطا ب ا ىل الرقص والغناء ،
19
وظلوا يف مرح ا ىل حلول الظالم ،مث تفرقوا ،لك ا ىل م زنهل،
ليناموا.
ول كن تل اميخ ذهب ا ىل غرفته ،وهو يدبر يف نفسه آ أ مورا
كث رية .وحصبته آ أ وريلكيا اليت حضنته صغ ريا ويه حتم ل مشعلني
بيدها .ففتح ابب الغرفة ،وخلع صداره ،و آ أ لق به ا ىل املرآ أ ة
ا حلك مية فطوته وسوته مث علقته ،وخرجت من الغرفه ،وجذبت
الباب وراءها ،و آ أ وثقت ا غالقه .و آ أ قام تل اميخ طيةل الليل يفكر
يف آ أ مر الرحةل اليت آ أ رادته علهيا آ أ ثينا .
20
2
اجمللس
وملا آ أ صبح الصباح ،آ أ مر تل اميخ دعاته آ أ ن يدعوا القوم
لالج امتع .فدعومه فلبوا مرسعني وملا ا ج متعوا ،قصد هو ا ىل
ماكن الاج امتع حيمل رحما يف يده ،ويتبعه لكبان .وخلعت عليه
آ أ ثينا وقارا رائعا ،آ أ دهش به القوم ،وهو ي آ أ خذ جملس آ أ بيه
مهنم.
وتلكم آ أ غيفتوس آ أ ول ،واكن رجال آ أ حنت ظهره
الس نون ،وحن كته ا ل أ ايم ،فآ أ كسبته احلمكه البالغة .واك ن هل من
ا ل أ ولد آ أ ربعة ،ذهب آ أ حدمه ا ىل طروادة مع آ أ وذيس ،واكن
آ خر مهنم آ أ حد خطا ب املل كة ،و آ أ قام الثنان الباقيان يف احلقل
مع آ أ بهيام .تلكم آ أ غيفتوس فقال " :آ أ صغوا ا يل اي رجال ا يثاكة!
ا نه مل يعقد اج امتع يف
21
ا يثاكة منذ رحيل آ أ وذيس ،مفن ذا اذلي دعاان ال ن؟ ا ذا اكن
ا دلاعي تل اميخ ،فليقل ماذا يريد؟ هل بلغته بشائر برحوع
اجليش؟ ا ين ل أ ظنه رج ل صدق ،فلي كن زفس معه ،و ل مينحه
رغبات فؤاده!"
قال الرج ل العجوز هذا ،فرس تل اميخ مبا يف خطابه من
الف آ أ ل ،فهن ض وقال:
" -اي رجال ا يثاكة ا ين آ أ مح ل يف فؤادي هام مربحا ،
فا ن آ أ يب مل ي كن ذ كل الرج ل اذلي متحضونه احلب مجيعا .مث ا ن
آ أ مراء اجلزر ي آ أ تون ا لينا يراودون آ أ يم ،ول كهنا ما زالت
تنتظر رجوع زوهجا ،وهامه يلهتمون رزقنا وليس آ أ وذيس هنا
ليد فعهم عنه ،ولست آ أ ان و آ أ مي احلق كفؤا ذل كل .وهذا لعمري
ظمل فاحش ل يطاق".
مث رضب بصوجلانه ا ل أ رض ،وجلس ينتحب .فهن ض
آ أ نطينوس ،آ أ حد اخلطاب ،وقال:
" -آ أ ل ل تنح علينا ابلالمئة اي تل اميخ ،ول تمل ا ل آ أ مك،
فه ىي آ أ دىه النساء طرا .فها حنن قد اتيناها للس نة الرابعة
خا طبني ودها ،ويه ما زالت تعللنا ابل مال .وهاك ال ن ما
صنعت :ا هنا هيآ أ ت سداة عظ مية للنسج ،وقالت لنا :آ أ صغوا
ا يل اي خطايب ،ول تتعجلوا زوايج،
22
حىت آ أ هن ىي هذا النس يج لي كون للريت كفنا .مفن آ أ قبح العار،
ولريب ،آ أ ل ينال مث ل هذا الرشف رج ل امتد سلطانه عىل
هذا املكل العظمي .قالت آ أ مك هذا ،وظلت ختدعنا ثالث
س نوات ،ا ذ اكنت تنقض يف الليل ما حتوكه يف الهنار .وملا
حلت الس نة الرابع ة وقفتنا ا حدى وصيفاهتا عىل جلية ا ل أ مر،
فآ أ تيناها يف ا حدى الليايل عىل غرة ،فرآ أ يناها تنق ض من
النس يج ما اكنت قد حاكته يف الهنار .عندئذ اضطرت ا ىل
ا ك امهل عىل كره مهنا .فآ أ بعد آ أ مك ا ذا عن هذا املاكن ،ودعها
ت زتوج مبن تشاء .وقبل آ أ ن يمت هذا لن نربح هذا املاكن".
فآ أ جاب تل اميخ" :كيف يسعين ا بعادها رمغ ا راد هتا ،ويه
اليت محلتين وربتين وعيل آ أ ن آ أ د فع غرامة كبرية ﻷ بهيا آ أ بقار .مث
ا ن لعنة آ أ يم حتل يب ،وذلا فا ين ل آ أ س تطيع آ أ ن آ يت آ أ مرا
كهذا".
قال هذا ،و آ أ قب ل نرسان يط ريان جنبا ا ىل جنب ا ىل آ أ ن
بلغا فوق ماكن الاجامتع .وهناكل حوما يف ال فضاء ،و آ أ سقط لك
مهن ام بع ض ريشه ،مث افرتقا بعد آ أ ن مزق آ أ حده ام ال خر.
عندئذ صا ح آ أ لي رث العراف قائال " :آ أ ل كونوا عىل حذر فا ن
رشا عظ امي س يصيبمك ويصيب
23
سوا مك .و آ أ ما آ أ وذيس فقد تنبآ أ ت دلى ذهابه ا ىل طروادة ،بآ أ نه
يعود بعد عرشين عاما ،وا ن هذا وا قع لريب فيه".
ومل ا مل يآ أ به اخلطا ب لهذا اللكم ،قال تل اميخ " :آ أ عطوين
سفينة وعرشين جذا فا ،فآ أ ذهب ا ىل فيلوس واس بارطة ،عيل
آ أ ن آ أ مسع نب آ أ عن آ أ يب .وا ذا مسعت خرب موته ،رجعت ا ىل هنا
و آ أ مقت هل نصبا ،و آ أ جريت شعائر ادل فن الالئقة به ،وتركت
ﻷ يم آ أ ن تتخذ لها زوجا ".
قال هذا وجلس ،فهنض منطور اذلي آ أ قامه آ أ وذيس
عند سفره قامي عىل بيته ،وقام يف الوسط وتلكم قائال" :ل اكن
بعد اليوم مكل صاحل طيب القلب راغب يف ا قامة العدل ،ب ل
لي كن امللوك قساة ظاملني ،فليس من يذكر آ أ وذيس من بني
القوم اذلين اكن هلم س يدا ،مع آ أ نه اكن يرفق هبم رفق ا ل أ ب
العطوف .وا ذا اكن اخلطا ب يقصدون لسوء ا ل أ ع امل ،فا نين ل
آ أ صدمه عن ذاك ،ومه ا منا يصنعون الرش خما طرين برؤوسهم،
ول كين حانق عىل هؤلء القوم ا ذ آ أ رامه جالسني ل ي نبسون
بلكمة ول ينددون هبؤلء اخلطا ب ،يف حني آ أ هنم كثريون
واخلطاب قليلون".
فآ أ جاب ليوقريت ،آ أ حد اخلطاب ،قائال :حقا لقد
24
ضلت فطنتك اي منطور بدعوتك القوم ا ىل حتقريان .قسام لو
رجع آ أ وذيس نفسه ،وحاول طرد اخلطا ب من القرص ،لعاد عليه
ذ كل ابلويل ،ولو دعامه ا ىل القتال ،ومه آ أ كرث عددا ،ﻷ وردوه
مورد الهالك .آ أ ما هؤلء القوم فليتفرقوا ا ىل منازهلم ،وليرسع
منطور ،وهو صديق ا ل أ رسة ،يف اعد اد الفىت لرحلته ،مع آ أ ين
يف شك من ا متامه لها".
قال هذا فانفض الاج امتع.
و آ أ ما تل اميخ فانتح ماكان عند الشاطئ ،وغس ل يديه مباء
البحر ،ودعا آ أ ثينا قائال " :ا ليك اي من آ أ تيت مزنيل آ أ مس،
و آ أ مرتين آ أ ن اختذ سفينة ،و آ أ طوف يف البحر متنس ام آ أ خبار
وادلي! ا ليك آ أ جته بدعايئ و آ أ ب ثك جنواي ،فا ن القوم قاموا
عائقا يف سبيل مقاصدي ،حيفزمه ا ىل ذكل خطاب آ أ يم ،وقد
م ل أ احلقد قلوهبم".
وو قفت آ أ ثينا ا ىل جانبة وهو يصيل ،متخذة هيئة
منطور شلك ومنطقا ،وقالت " :آ أ حسب آ أ نه ليعوزك اذلاكء
ول الفطنة ،و آ أ نت تود آ أ ن تكون ل أ وذيس وبنلوب نعم الودل
حقا وص د قا .وذلا فا ن يل ا ل أ مل العظمي ب آ أ ن هذه الرحةل ،اليت
تتلكم عهنا ،لن تكون عبثا .آ أ ما هؤلء
25
اخلطا ب فال تف كر فهيم آ أ بدا ،فهم ليعقلون القول ،وليدركون
آ أ ن الهالك مهنم قريب .فاذهب ا ذا ،ولكم خطاب آ أ مك كام
فعلت قبال ،وهئي لنفسك زادا للسفر من النبيذ وادل قيق،
وس آ أ مج ع رجال يقدمون آ أ نفسهم طوعا لهذه الرحةل ،ك ام س آ أ جد
كل سفينة ت كون آ أ فضل سفن ا يثاكة".
فرجع تل اميخ بعد ذ كل ا ىل بيته ،فوجد اخلطا ب يسلخون
املعز ،ويش يطون حلوم اخلنازير يف الهبو ،فآ أ مسكه آ أ نطينوس
من يده ،وقال هل" :لك وا رشب اي تل اميخ ،وس نجد كل سفينة
وجذا فني حيملونك ا ىل حيث تشاء للبحث عن آ أ بيك".
ول كن تل اميخ آ أ جا ب" :هل تظنن آ أ ين آ لك و آ أ رشب معمك
آ أ نمت اي من بددمت رزيق بال جخل ول حياء ،ثق آ أ نين سآ أ نتقم
منمك ،وا ن آ أ بيمت عيل سفينة ،فسآ أ ذهب ب سفينة رج ل آ خر".
قال هذا وجذب يده من يد آ أ نطينوس.
وقال رج ل آ خر من اخلطا ب" :ا ن تل اميخ س يذهب ال ن
يطلب العون علينا من فيلوس آ أ و من اس بارطة ،ولعهل يدس
لنا السم يف ال كؤوس ،فيقيض علينا مجيعا ".
26
وقال آ خر" :عىس آ أ ن هيكل كام هكل آ أ بوه من قبل،
ف ينفسح آ أ مامنا جمال العمل ،فنقتسم آ أ رزاقه ف امي بيننا ،و آ أ ما
املزنل فن رتكه ل أ مه ولزوهجا".
وجعلوا يتنادرون عىل هذا الوجه هازئني منه .آ أ ما هو
فذهب ا ىل غرفة آ أ بيه ،حيث صفت برامي ل النبيذ املعتق،
وحيث ادخر اذلهب والربونز والثياب وزيت الزيتون .وقد
عنيت حبفظ ذكل مجيعه آ أ وريلكيا ا حل ك مية ،ق مية ادلار ،والهيا
وجه خطابه قائال " :هييئ يل اي آ أ ماه اثنيت عرشة جرة من
النبيذ ،لت كون آ أ حس هنا صن فا ،بل قريبا منه ،وعرشين كيال
من طحني الشعري .وس آ أ مح ل لك هذا معي حي امن تنام آ أ يم ،ﻷ ين
ذاهب ا ىل فيلوس وا س بارطة ،عل احلظ مسعفي ف آ أ مسع شيئا
من آ أ خبار آ أ يب".
ول كن العجوز قالت ويه تنتحب" :ماذا تبغي من
الاغ رتاب ،و آ أ نت الابن الوحيد؟ ه ل هتكل ك ام هكل آ أ بوك؟
فا ن هذه ا مجلاعة ادلنيئة من اخلطاب ا ل أ رشار سريمسون اخلطط
لهالكك ،واقتسام آ أ موا كل .وخري كل آ أ ن تقمي يق بيتك بسالم".
فقال تل اميخ " :ا ين ذاهب بدعوة من ال آ لهة .ول كن
27
آ أ قسمي يل آ أ ل تذكري شيئا قبل مرور آ أ حد عرش آ أ و آ أ ثين عرش
يوما عىل ذهايب ،ا ل ا ذا اتفق وس آ أ لت عين".
ف آ أ قسمت املرآ أ ة عىل ذكل .ورجع تل اميخ ا ىل اخلطا ب.
واكنت آ أ ثينا يف هذه ا ل أ ثناء قد اختذ ت شلكه ،ومجعت نفرا من
البحارة ،واس تعارت سفينة للرحةل .وخشيت آ أ ن يعرقل
اخلطا ب ا ل أ مر ،فآ أ رسلت عىل عيوهنم نوما عيقا ،فا ستسلموا
ا ليه ومه جالسون يف آ أ ماكهنم .مث آ أ تت القرص متخذة شلك
منطور ،ود عت تل اميخ وقالت" :ا ن اجلذا فني حارضون مهتيؤون
فهمل بنا".
وقادته ا ىل حيث وجد البحارة عند الشاطئ ،خفا طهبم
تل اميخ قائال " :تعالوا اي آ أ صد قايئ حنم ل الزاد ا ىل ا ل سفينة ،فهو
مجيعه يف الغرفة ،وليعمل اب ل أ مر من آ أ يم والوصيفات آ أ حد ،ا ل
امرآ أ ة جعوز".
فذهبوا معه ا ىل املزنل ،ومحلوا املؤن ووضعوها يف
ا ل سفينة .مث ريق تل اميخ ا ل سفينة ،وجلس يف مؤخرها ،وجلست
آ أ ثينا ا ىل جانبه.
وملا اندى البحارة هتي آ أ وا لال حبار .ور فعوا سارية
ا ل سفينة ،واكنت من خشب الصنوبر ،وجعلوها يف الثقب املعد
لها ،وثبتوها ابدلعامئ .مث نرشوا الرشع البيض،
28
وشدوه ا حببال من جلود الث ريان ،مف ل أ ت الرحي الرشع ،و آ أ رغ
املاء عند مقدم ا ل سفينة ويه تشق املاء مرسعة .وملا ا س تقر
لك يشء يف ماكنه من ا ل سفينة ،مزجوا النبيذ يف ال أ كواب،
وصبوه تقدمة لل آ لهة ،ولزفس خاصة .وجرت ا ل سفينة اللي ل
بطوهل حىت مطلع الفجر.
29
3
حاكية ن سطور
وعند رشوق الشمس بلغت ا ل سفينة فيلوس ،حيث يقمي
نسطور .واتفق آ أ ن اكن القوم يقدمون تقدمة عظ مية لفوس يذون
عند الشاطئ ،واكنوا قد انقسموا ا ىل تسع فرق ،يف لك مهنا
مخس امئة رجل ،وللك فرقة تسعة ث ريان .وملا آ أ رىس آ أ حصاب
تل اميخ ا ل سفينة ،واحندروا مهنا ا ىل الشاطئ ،اكن احملتف لون
يتذوقون من احليواانت آ أ حشاهئا ،وحيرقون رشحات اللحم عىل
عظام ا ل أ خفاذ تقدمة لل آ لهة.
وخا طبت آ أ ثينا تل اميخ قائةل" :ليس من داع خلجكل ال ن،
وقد جبت البحار بسف ينتك متنسام آ أ خبار آ أ بيك .فاذهب ا ذا
ا ىل نسطور ،وخذ ابلنصيحة اليت حيملها يف آ أ ع امق فؤاده".
30
ول كن تل اميخ آ أ جا ب" :كيف آ أ جرؤ عىل خطابه ،و آ أ ان ل
آ أ زال حداث ل خ ربة هل"؟
فقالت ال آ لهة" :بل ا نك س تف كر يف بعض اليشء من
نفسك ،وس تجع ل ال آ لهة البع ض ال خر يف مفك".
قالت هذا ،وتقدمت ا ىل حيث جلس نسطور مع
آ أ ولده ،وحوهل مجع كبري يهتيآ أ ون لالحتفال .وملا شاهد نسطور
وحصبه الغرابء صاحفومه ،و آ أ جلسومه عىل جزات انعة من
الصوف .مث مح ل فزييس رتات بن نسطور مزجيا من جيد الطعام،
ونبيذا يف ك أ س من ذهب .و آ أ عط النبيذ آ أ ثينا آ أ ول مقدرا
آ أ هنا آ أ ك رب الثنني س نا ،وقال " :آ أ دع فوس يذون ال ن ،وقدم هل
من رشابك ،وحي امن تفعل هذا ،آ أ عط رفيقك ليفعل ما فعلت".
فآ أ خذ ت آ أ ثينا ال ك أس ،ودعت فوس يذون قائةل " :امنح
نسطور وودله شهرة محيدة ،واكئف رجال فيلوس مبا مه آ أ ههل
جزاء لهذا القرابن العظمي .ويهء لنا جناح املهمة اليت من
آ أ جلها قدمنا هذه البالد".
وملا آ أ خذوا كفايهتم من الطعام والرشاب ،قال نسطور:
من تكونون آ أ هيا الغرابء ،ه ل متخرون البحار لتجارة تبغوهنا؟
آ أ م ه ل آ أ نمت من القرصان تطوفون جمازفني حبياتمك؟"
31
فآ أ جابه تل اميخ ،وقد وضعت آ أ ثينا الشجاعة يف قلبه:
"لقد آ أ تينا من ا يثاكة ،ومل ي كن جتوالنا ا ل ﻷ مر خاص
بنا .فا نين آ أ س تقيص آ أ خبار آ أ يب اذلي حارب ا ىل جانبك يف ما
سل ف من ا ل أ ايم ،ودك مدينة طروادة .فقد مسعنا آ أ خبارمه
مجيعا ،سواء يف ذكل من رجع مهنم ساملا ومن قىض حنبه .آ أ ما
هذا الرج ل فقد انقطعت آ أ خباره ،حىت خرب موته ،ولهذا
آ أ تيتك عكل تتلطف اب خباري عنه ،فا ذا كنت قد رآ أ يت موته
بعينيك ،آ أ و مسعت عن ذ كل من سواك ،فال تلن يل القول رمحة
يب ،بل هات ما تعمل جليا رصحيا ".
فآ أ جا ب نسطور" :ا نك لرتجع ا ىل ذاكريت ما لقيناه
حماربني حول مدينة فرايم اجلبارة .فهنا كل قت ل خ ري رجالنا.
هناكل يرقد آ أ ايس البطل املغوار ،وهناكل آ أ خيل ،وهناكل
فطرق ل ،وهنا كل ودلي احلبيب آ أ نطيلوخ .من يقدر آ أ ن خيرب
بلك ما لقيناه هناكل من ا ل أ هوال؟ ليس من يقدر عىل ذكل
حقا ،حىت ولو آ أ مقت هنا مخس س نوات آ أ و س تا تصغي ا ىل ما
يق ص عليك .فقد كدحنا تسعة آ أ عوام اكمةل ندبر الهالك
ل ل أ عداء ،ول كن زفس مل يآ أ ذن حىت ذكل الوقت هبالكهم .وقد
اكن آ أ وذيس يفوق امجليع
32
همارة ،آ أ ج ل آ أ وذيس آ أ بوك ،ا ذا كنت حقا ابنه .ولريب عندي
يف ذ كل ،فه ذا حديثك آ أ ش به حبديثه .ول خيطر ابلبال آ أ ن
يش به شا ب من هو آ أ ك رب منه س نا مث ل هذا الش به العظمي،
ول كن اصغ ا ىل الكيم ال ن :حيامن دككنا مدينة فرايم وهنبناها،
دبر زفس لالغريق رشا دلى عودهتم .ﻷ هنم مل يتصفوا مجيعا
ابحلمكة والعدل ،وقد آ أ اثروا حفيظة آ أ ثينا .فقد اثر اجلدل آ أ ول
بني ابين آ أ تريذ ،فدعوا ال غريق ا ىل اج امتع عند غياب
الشمس ،وهو آ أ مر ل يقره العرف ،جفاء القوم مثقلني ي رتحنون
من الرشا ب .عندها آ أ مرمه مانيال بآ أ ن يرجعوا ا ىل بالدمه،
ويقطعوا البحر من غ ري تسوي ف .ول كن آ أ غاممنون اكن يريد
ا بقاء اجليش .وقدم قرابان ل أ ثينا عهل خيف ف من غضهبا .ومل
ي كن ا ل أ محق يعمل آ أ ن ا قناعها حمال؛ ا ذ ليس من السهل ارجاع
ال آ لهة عن مقاصدمه .وه كذا ختاص ام ،وحل ابلغريق ارتباك
عظمي .وقد آ أ مقنا تكل الليةل يضمر آ أ حدان احلقد لل خر .ويف
اليوم التايل قام فريق منا ابنزال السفن ،ومحلها ما خيصه من
ا ل أ سالب اليت غ منها من طروادة ،و آ أ حبر نصف اجليش ،و آ أ قام
النصف ال خر من آ أ غاممنون ،وملا بلغنا تنذوس ،نشب بيننا
نزاع جديد .فقد رجع آ أ وذيس ا ىل طروادة ،و آ أ ما آ أ ان فتابعت
مس ريي ،ل أ نين
33
كنت آ أ عمل آ أ ن ال آ لهة يريدون بنا رضا .و آ أ رسع ذيوميذ يف
سريه ،وتبعنا مانيال حىت حلق بنا يف ليس بوس .وهناك مل ندر
هل اكن ا ل أ فضل آ أ ن نبحر حنو خيوس آ أ و قريبا مهنا .وملا
دعوان ال هل آ أ ن يرسل ا لينا ا شارة ،آ أ ىت آ أ مره بآ أ ن نعرب توا ا ىل
ا يبيا .مث هبت رحي رصرص د فعت السفن آ أ ماهما رساعا .ويف
اليوم الرابع آ أ لق ذيوميذ مرا س يه يف آ أ رغوس .آ أ ما آ أ ان فتابعت
ا حباري ا ىل فيلوس .ومل ختنين الرحي حىت بلغهتا .وهكذا فلست
آ أ دري من اذلي جنا من الاغريق ومن اذلي فقد .آ أ ما ما مسعته
و آ أ ان جالس هنا يف قرصي ،فسآ أ علمك به ،ول آ أ خفي عنك منه
شيئا .لقد جنا املرامدة ،قوم آ أ خيل ،ك ام جنا فيلوكتيت
وايذومني ،ومعهام لك من مل تلهتمه احلرب .آ أ ما ابن آ أ تريذ فا نك
ت عمل من خربه ما آ أ عمل ،وكيف آ أ ن آ أ وغيس توس فتك به يف عقر
داره ،ولقي عىل ذ كل جزاءه وفا قا .وحقا ا ن انتقام الابن
ل أ بيه ﻷ فضل ا ل أ ع امل ،فكن جسورا مقداما ،ك ام آ أ نك طويل
القامة هب ىي الطلعة".
فقال تل اميخ" :لقد انتقم آ أ وريست ﻷ بيه ،فنال جمدا
عظامي ،فه ل متنحين ال آ لهة قو ة مثل قوته ،ل يك آ أ نتقم من هؤلء
اخلطا ب اذلين يسيئون ا يل لك هذه ال ساءة"؟
فقال نسطور " :قل يل اي تل اميخ ،آ أ تذعن آ أ نت لهذا
34
اجلور م ستسل ام ،آ أ م ا ن قومك حيملون كل بغضا ؟ عل ا ل أ ايم
تبعث بآ أ وذيس يوما فيجازهيم عىل حقهتم هذه! ولو آ أ ن آ أ ثينا
حتفل بك كام اكنت حتفل به -ﻷ نين مل آ أ ر ا لها يويل رجال من
احلب ما آ أ ولته ا ايه -ل أ ىت عىل بعض هؤلء اخلطاب ما ينس هيم
ف كرة الزواج".
ول كن تل اميخ آ أ جاب" :ل ا ن وقوع هذا بعيد الاح امتل
آ أ هيا الش يخ ،حىت ولو آ أ رادته ال آ لهة".
وعىل ذكل آ أ جابت آ أ ثينا قائةل" :ما هذا اذلي تتلفظ به
اي تل اميخ؟ ا ن ال هل لقادر ع ىل آ أ ن يرجع الرجل همام اكن بعيدا
ا ذا آ أ راد .آ أ ما املوت فا نه قسمة امجليع عىل السواء ،ولهذا فا ن
ال آ لهة ذا هتا ل تقدر عىل جتنبه".
مث تلكم تل اميخ اثنية وقال" :ل تعد ا ىل اخلوض يف هذه
ا ل أ مور اي منطور .فا ين آ أ ود آ أ ن آ أ سآ أ ل نسطور ال ن آ أ مرا
آ خر .آ أ خ ربين ال ن اي ابن نلو س كيف ما ت املكل آ أ غاممنون؟
و آ أ ين اكن مانيال؟ آ أ مل ي كن يف آ أ رغوس حني آ أ قدم آ أ وغيس توس
عىل قت ل آ أ خيه؟"
فآ أ جاب نسطور" :س آ أ خربك جلية ا ل أ مر ،ملا كنا حنارص
طروادة اكن آ أ وغيس توس يقمي يف آ أ رغوس آ منا ،فآ أ غرى
لك يطمنس رتا امجليةل زوجة آ أ غاممنون ابل مث .وقد قابلته ابدئ
35
ا ل أ مر ابلح تقار ،ل أ هنا اكنت ح ك مية عا قةل .واكن هناكل منشد ،
عهد ا ليه املكل ابمرآ أ ته يف غيابه ،حفمهل آ أ وغيس توس ا ىل
جزيرة انئية ،وتركه هناك فريسة للطيور .مث آ أ قنع زوجة املكل
بعد ذ كل .وقد قدم لل آ لهة كث ريا من الضحااي ،وكث ريا من
العطاء عهل بذكل خيفف من حدة غضهبم .آ أ ما مانيال .فقد
آ أ حبرت وا ايه من طروادة ،ول كن آ أ فلون آ أ رس ل نباهل من غري
آ آ لم عىل حبار مانيال ،فقتهل حيامن بلغنا سانيوم ،ويه اللسان
ادلاخيل يف البحر من بدلة آ أ ثينا ،فاضطر املكل ا ىل البقاء
هناك ،مع لك رغبته ابلسفر ،ل يك ي مت كن من ا يفاء صدي قه
امليت حقه من ا كرام ادلفن .ومل ي كد يربح املاكن حىت اثرت
آ أ مواج عظ مية يف وجه سفنه ،وشتت مشلها ،فاجته بعضها قرب
كريت ،حيث حتطم عىل خصور عظ مية انتئة يف اجتاه رحي
اجلنوب ،وهجد الرجال للنجاة .ول كن الراي ح س ريت مانيال
مع مخس من سفنه ا ىل مرص .وهناك اته طويال بني رجال
غرابء اللسان ،ومجع كث ريا من اذلهب .وف امي هو مقمي هناك مدة
الس نوات الس بع ،قام آ أ وغيس توس بآ أ عباء املكل يف ميس ينيا،
خمضعا القوم حلمكه .ول كن اوريست الصاحل آ أ ىت يف الس نة
الثامنه من بدلة آ أ ثينا ،فذحبه انتقاما ﻷ بيه .ويف ذكل اليوم
عينه ،قدم مانيال من مرص حيم ل يف
36
سفنه الكثري من النفائس .آ أ ما آ أ نت اي ودلي فال جتب ال فاق
بعيدا عن بدلك يف حني يلهتم الغرابء رز قك .و آ أ وىل كل آ أ ن
تذهب ا ىل مانيال فقد رجع آ أ خ ريا من بالد بعيدة ،ا ذهب ا ليه
وسهل آ أ ن يفيض ا ليك مبا عنده .ا ذا شئت آ أ ن تذهب بسفنك
فا فعل ،آ أ ما ا ذا كنت تفض ل اذلهاب برا فسآ أ عطيك مركبة
وجياد ،و آ أ رسل معك آ أ بنايئ هيدونك السبي ل".
قال هذا وتوارت الشمس يف املغيب.
عندها قالت آ أ ثينا" :لنقطع ال ن آ أ لس نة احليواان ت ،مث
ل منزج امخلر ،ولرنق مهنا لفوس يذون وبقية ال آ لهة،ولنف كر يف
النوم ،فقد حان ميعاده .وليس من الالئق آ أ ن تطول ولمئ
ال آ لهة بعد غياب الشمس".
قالت هذا فآ أ ذعنو ا للكام هتا .وملا انهتوا ،آ أ راد ت آ أ ثينا
وتل اميخ الرجوع ا ىل سفينهت ام .ول كن نسطور ا ستبقاه ام قائال :
"ا ن زفس وبقية ال آ لهة ليآ أ بون آ أ ن تذهبا ا ىل سف ينتك ام من
بييت هذا ،ك أ نه م زنل رجل معوز ،ليس دليه من الفراش وادلاثر
ما يقدمه لضيفه .بىل ا ن دلي من ذكل ما يفي ابحلاجة .و لن
آ أ ترك ابن صديقي آ أ وذيس
37
يذهب للنوم عىل ظهر سف ينته ما بقيت حيا ،وما بقي آ أ ولدي
من بعدي يرحبون ابلغرابء يف قرصي".
فآ أ جابه منطور الزائف عىل ذ كل بقوهل " :هذا حسن آ أ هيا
الوادل العزيز .ليقم معك ،و آ أ ما آ أ ان فآ أ رجع ا ىل ا ل سفينة،
و آ أ رسي عن الصحب فهيا ،و آ أ خ ربمه بلك ما وقع .هناك آ أ بيت
الليةل ،وغدا آ أ توجه ا ىل ال كوكونيني ،فهم مدينون يل بدين
ليس ابلقليل ،ول يرجع عهده ا ىل ا ل أ مس القريب .و آ أ ما آ أ نت
فآ أ رسل هذا الرج ل مبركبتك ا ىل حيث يشاء".
عندئذ ابرحت ال آ لهة املاكن مش هبة نرس البحر،
فآ أ دهشت لك من رآ ها.
وعندها آ أ خذ الش يخ تلاميخ من يده ،وقال" :ا نك لست
ابجلبان ول ابخلائر العزم اذلي حيتاج ا ىل عون ال آ لهة ،وا ن
كنت ل تزال يف سن الش با ب .فمل ت كن هذه غ ري آ أ ثينا ابنة
زفس ،ويه نفسها اليت اكنت تقف ا ىل جانب آ أ بيك يف آ أ رض
طروادة".
وبعد هذا قاد الش يخ حصبه ا ىل م زنهل .وهناكل مزج هلم
كواب من نبيذ يرجع عهد ه ا ىل احدة عرشة س نة ،
38
فآ أ راقوا منه ل أ ثينا ودعوها مصلني .وبعد آ أ ن رشبوا وانتعشت
قلوهبم استسلموا للنوم .وقد رقد تل اميخ عىل رسير حتت
الرواق ،ور قد ا ىل جانبه ف زييس رتا ت العزب الوحيد من آ أ بناء
نسطور.
ومل يطلع هنار اليوم الثاين ،حىت آ أ فاق نسطور من نومه
مع آ أ بنائه .وقا ل الش يخ" :ليذهب آ أ حدمك ا ىل احلقل ويآ أ تنا
بعجةل لذلحب ،وليذهب آ خر ا ىل سفينة تل اميخ ويدع حصبه
مجيعا ا لينا ،ول يتخل ف مهنم ا ل اثنان فقط .وليذهب اثلث
ا ىل صائغ ،ليطيل لنا قرين العجةل ،ولهتئي لنا الوصيفات لك
لوازم الو ل مية".
ففعلوا ما آ أ مر به الش يخ .وبعد تقدمي الض حااي ،قام ت
فولياك س تا امجليةل ،آ أ صغر بنات نسطور ،بغس ل تل اميخ،
ومسحته بزيت الزيتون ،وخلعت عليه قباء ا فاخرا ومعطفا .
مث جلس ا ىل جانب نسطور.
وبعد آ أ ن آ أ لكوا و رشبوا ،قال نسطور الش يخ" :شدوا
ال ن اخليل ا ىل املركبة يك يسري تل اميخ يف سبيهل".
فشدوا اخليل ،ووضعت ق مية املزنل يف املركبة من النبيذ
والزاد ما يليق آ أ ن يكون طعاما ل ل أ مراء .وقبض ف زييس رتات
عىل ا ل أ عنه ،وركب تل اميخ معه .واتبعا سفرهام
39
لك ذ كل الهنار .وملا آ أ ظلمت ا ل أ رض ،آ أ قبال عىل مدينة ف رياي،
اليت حيمكها املكل ذيولكيس بن آ أ ورس يلوخ ،فباات هناك،
وواصال الس ري يف اليوم ا لتايل ،حىت بلغا لقدمونيا ،وتوهجا ا ىل
قرص املكل مانيال.
40
4
يف ا س بارطة
واتفق وصوهل ام آ أ ن اكن مانيال حيتفل ذكل اليوم احتفال
رائعا بزفاف ابنته هرميونة ،بنت هيالنة احلس ناء ،ا ىل
نفطولمي بن آ أ خيل ،واكن قد وعد هبا يف طروادة .واكن حيتف ل
آ أ يضا بزفاف عروس ا ىل ميغافنت ابنه .وو قف عابرا السبيل
مركبهتام عند البا ب ،فبرص هبام قمي ادلار وقال ملانيال :
" -دونك هذين الغريبني ،فا ن هلام س اميء آ أ بناء امللوك
.فه ل نبقهيام عندان آ أ و نرسلهام ا ىل سواك " ؟
فآ أ غضب هذا اللكم مانيال وقال " :كيف نرسل هذين
الغريبني ا ىل سواان ،وحنن كث ريا ما آ أ لكنا من خزب كرام
41
املضيفني ،ل ،هذا لن ي كون ،بل حلو عن هذه اجلياد ن ريها
،وادعوا الضيفني ليش رتاك معنا يف الطعام " .
وه كذا حل الوصفاء عن اجلياد نريها ،و آ أ وثقوها يف
الاصطبل ،وعلفوها مبزجي من الشع ري ا ل أ بي ض وجراشة اجللبان
،وذهبوا ابلرجلني ا ىل القرص .ف آ أ دهشه ام ما رآ أ اي من الضياء
الهبيج ينبعث من قرص مانيال ك أ نه ضياء الشمس آ أ و القمر .
وملا م ل أ ا آ أ عيهنام من هذه الروائع ،آ أ خذوهام لالغتسال يف
ح امما ت مصقو ةل لمعة .مث آ أ جلسوهام ا ىل جانب مانيال .
وعندئذ آ أ قبلت ا حدى الوصيفات حتمل ماء يف ا بريق من
اذلهب .وصبت منه يف طست من الفضة ل يك يغسال آ أ يدهي ام .
مث قربت مهنام منضدة مصقوةل احلوايش ،وجاءت عىل آ أ ثرها
س يدة جليةل املنظر حتمل الطعام ،فتخريت هلام كث ريا من
آ أ طايبه ا ل شهية ا ل أ نيقة ،ووضع آ أ ماهم ام مقطع اللحم عددا من
الصحاف ،فهيا خمتل ف آ أ نواع اللحوم ،و آ أ اته ام بآ أ كوا ب من
اذلهب .
مث قال مانيال " :الك مريئا ،وبعد ذ كل آ أ س آ أ ل كام من
ت كوانن ،فا نه ليخيل ا يل آ أ نك ام من آ أ بناء امللوك ،ا ذ ليس يف
وسع جلف من عامة الناس آ أ ن ينجب من ا ل أ ولد مثلك ام".
قال هذا ووضع آ أ ما همام حلم الصلب ،وهو ما خ ص
42
به من الو ل مية .وملا ان هت ى الطعام آ أ جال تل اميخ النظر حوهل يف
الهبو ،وقال لرفيقه :
" -آ أ نظر ا ىل اذلهب والعنرب والفضة والعاج .ل ك أن
هذا هو قرص زفس يف آ أ عايل ا ل أ وملب " .
قال هذا ،ووهجه قريب من آ أ ذن صاحبه ،ول كن
مانيال مسعه ،فقال:
" -ا ن آ أ هباء ال آ لهة ل ميكن آ أ ن يقابلها يشء فان ،و آ أ ما
عند البرش فقد يوجد ما يش به هذه .وقد طوفت بعيدا ،
ومل كت الكثري يف خمتلف البالد ،ول كن الويل يل ! لقد ذحب
آ أ يخ رش ذحب يف م زنهل ،ف امي كنت آ أ مجع هذه النفائس .وددت
لو مل آ أ مكل ا ل ثلث هذا ال رثاء ،عىل آ أ ن يرجع آ أ ولئك اذلي ن
هلكوا يف طروادة آ أ حياء .وا ن حزين ل أ شد عىل آ أ وذيس
العظمي ،ا ذ ليس من يعمل آ أ يح هو آ أ م ميت " .
فب ىك تل اميخ لسامعه ذكر وادله ،وقد رفع معطفه
ا ل أ رجواين آ أ مام عينيه .ور آ أ ى مانيال ذ كل فعرفه ،وتردد فامي
جيب عليه آ أ ن يفعل ،آ أ ينتظر حىت يبد آ أ هو حديثه عن آ أ بيه ،
آ أ م يبادره ابلسؤال عن هممته .وف امي هو م رتدد ،دخلت
هيالنة احلس ناء ،ومعها ثال ث وصيفات ،فوضعت
43
ا حداهن لها مقعدا لتجلس عليه ،ونرشت ا ل أ خرى بساطا
لرجلهيا ،ومحلت الثالثة سفطا من الصوف ا ل أ رجواين .و آ أ ما
يه فاكنت حتمل يف يدها مغزل من اذلهب .وملا رآ أ ت الغريبني
قالت :
" -من يكون هذان اي مانيال؟ مل آ أ ر قبل ال ن يف رجل
آ أ و امرآ أ ة من الش به ما يف هذا الرجل ل أ وذيس .ول شك يف
آ أ نه ودله تل اميخ اذلي تركه يف بيته طفال ،حيامن ذهبمت ا ىل
طروادة بسبيب " .
فقال مانيال " :ل ريب يف آ أ ن ا ل أ مر كذكل آ أ يهتا
الس يدة .فهااتن اليدان يدا آ أ وذيس ،وهااتن الرجالن رجاله
،وه ذه النظرات نظرا ت عينيه ،وهذا الشعر شعره .ومنذ
هنهية ذكرت آ أ وذيس فبىك را فعا معطفه آ أ مام وهجه " .
فقال فزيس رتات " :ابلصواب نطقت آ أ هيا املكل مانيال ،
فا ن هذا هو ابن آ أ وذيس ول ريب ،وقد آ أ اتك عكل تقدر آ أ ن
تعينه بقول آ أ و ع ل " .
فآ أ جاب مانيال " :ا نه ا ذا ابن الرج ل اذلي آ ثرت
و آ أ حببت .وكنت مزمعا آ أ ن آ أ عطيه بدلة يف هذه ا ل أ رض ،
و آ أ س تقدمه مع لك ما ميكل من ا يثاكة ،ليك جن متع معا
44
فال يفرق بيننا ا ل املوت ذاته .ول كن ا رادة ال آ لهة اكنت غ ري
ذكل " .
وبىك امجليع لهذا اللكم -ب كت هيالنة احلس ناء وتل اميخ
ومانيال ،حىت فزيس رتا ت ذاته مل ميكل نفسه عن الباكء ،فقد
ذكر آ أ خاه آ أ نطيلوخ اذلي قتهل ممنون بن الصباح يف طروادة .
ذكر هذا خفا طب مانيال قائال :طاملا ذكرك نسطور اي
ابن آ أ تريذ ب آ أ نك تفوق الرجال حمكة ،ومع ذك ف آ أ نين آ أ رجوك
آ أ ن تصغي ا يل .انين لست آ أ جد ذلة يف الباكء وحنن جالسون
لتناول طع ام العشاء ،ولست آ أ لوم هؤلء اذلين يب كون من
ما ت .فالباكء وق ص الشعور ه ام يف الوا قع لك ما يف وسعنا آ أ ن
نصنعه من آ أ جل ا ل أ موا ت .وقد فقدت آ أ ان آ أ خا مل ي كن ضئيل
الشآ أ ن بني ال غريق .و آ أ حسب آ أ نك تعرفه ،آ أ ما آ أ ان فمل تنظره
قط عيناي .ول كن الرجال يقولون ا ن آ أ نطيلوخ اكن جي د
العدو وجيد القتال" .
فآ أ جابه مانيال " :لقد قلت لك ما يف وسع الرجل
العاقل قوهل ،وا ن اكن آ أ ك رب منك س نا .ول بدع آ أ ن تنطق
ابحلمكة ،و آ أ نت من تكل النبعة ال كرمية وس نكف ال ن عن
الباكء ،وغدا س ميتد حبل احلديث بيين وبني
45
تل اميخ ،فهناكل يشء كث ري ينبغي آ أ ن يفيض به آ أ حدان ا ىل ال خر
".
عندها وضعت هيالنة احلس ناء دواء قواي يف النبيذ
اذلي رشبوا منه -ويسمي الناس هذا ادلواء مزيل الغصة .
وهوي قوي املفعول حىت آ أ نه ليجعل من يرشب منه يكف عن
الباكء ذ كل الهنار ،ولو ما ت آ أ بوه و آ أ مه ،ولو ذحب آ أ حد آ أ خاه
آ أ و ودله آ أ مام عينيه -وق د آ أ عطهتا ا ايه فوليدمنا زوجة املكل
ثواس يف مرص حيث ينبت ال كثري من العقا قري الصاحلة للخري
والرش .
مث قالت بعد ذكل " :لو آ أ ردان آ أ ن نذكر لك آ أ ع امل
آ أ وذيس ا حلك مية مهنا واجلريئة لطال بنا احلديث ،ول كن هناك
آ أ مرا واحدا جيب آ أ ن تسمعه وهو هذا :ملا اكن ال غريق آ أ مام
طروادة ،دخل هو املدينة متن كرا بثياب سائل فقري ،و آ أ حدث
يف جسده آ اثر رضابت كث رية ،حىت بدا للك من رآ ه ك أ نه قد
آ أ يسء ا ليه ا ساءة معيبة .ومل يعرفه آ أ حد سواي ،فس آ أ لته
آ أ س ئةل آ أ جا ب علهيا بدهاء ،وملا مقت بغسهل ومسحه ابلزيت ،
آ أ قسمت آ أ ل آ أ بوح برسه ا ل بعد رجوعه ا ىل املعسكر .وه كذا
ذحب بس يفه كثري من الطرواديني ،وا طلع عىل آ أ مور كث رية .
وحي امن اكن غريي من نساء طروادة ينتحنب ،كنت آ أ ان آ أ شعر
ابلغبطة ل أ ن قليب عاوده احلنني ا ىل وطين".
46
فقال مانيال " :صد قت آ أ يهتا الس يدة ،فقد رآ أ يت
كث ريا من الرجال ،ورضبت يف كث ري من آ أ رجاء ا ل أ رض ،
ول كنين مل آ أ ر ل أ وذيس نظريا .وا ين ل أ ذكر جيدا ،يوم جلست
مع غ ريي من زع امء ال غريق داخل احلصان اخلش يب ،كيف
دنوت منه يتبعك ذيفوب .و آ أ لق آ أ حد ال آ لهة اذلين حيبون
آ أ بناء طروادة يف فؤادك آ أ مرا ،فطفت ثالاث حول ممكننا
تنادين الك من الزع امء ابمسه ،حماكية لك احملااكة صوت زوجه .
وقد كدان آ أ ان وذيوميذ آ أ ن نهن ض من خمبئنا ،آ أ و آ أ ن جنيب
النداء يف احلال ،ول كن آ أ وذيس منعنا من ذكل ،و آ أ نقذ
ال غريق مجيعا " .
فقال تل اميخ " :بيد آ أ ن ذكل لكه مل يصنه ،فقد ورد
مورد الهالك " .
وبعد ذكل ا ستسلموا ا ىل النوم .
47
5
قصة ما ن يال
ويف اليوم التايل قال مانيال لتل اميخ " :ما يه غايتك
من اجمليء ا ىل لقدمونيا امجليةل ؟ ه ل آ أ تيت ﻷ مر يتعلق ابلصاحل
العام آ أ م ل أ مر خا ص بك " .
فقال تل اميخ " :آ أ تيت آ أ سآ أ كل آ أ نباء وادلي ،عكل تعمل
مهنا شيئا .فا ن خطاب آ أ يم يلهتمون ما آ أ مكل الهتاما ،ول
آ أ جد من آ أ حد عوان ،فاصد قين اخلرب ا ذا ،ول جتنبين ا ﻵ لم ،
ب ل ق ل ما علمته بنفسك ،آ أ و ما ا س تقيته من غريك " ؟
فآ أ جاب مانيال " :ا نه ليسوءين آ أ ن آ أ مسع خ رب هؤلء
اجلبناء ،اذلين يقصدون ا ىل اختاذ آ أ حد ا ل أ بطال .ا ن مثلهم
مكث ل ظبية اختذت من عرين ا ل أ سد م آ أ وى لصغارها ،
48
ول كنه يقبل فيآ أ يت علهيا وعلهيم مجيعا .وهذا س يكون شآ أ ن
هؤلء يوم يرجع آ أ وذيس " .
و آ أ ما ما س آ أ لتنيه ؛ فس آ أ جيبك عليه جوااب جليا ليس
فيه التواء:
" -لقد م كثت ردحا من الزمن عند هنر " مرص " ،مع
لك رغبيت يف الرجوع ا ىل وطين .وقد آ أ مس كت يب ال آ لهة هناك
طويال ؛ ل أ نين مل آ أ قدم هلم واجب التضحية .وهنا كل مقابل
آ أ رض مرص جزيرة تتالطم علهيا ا ل أ مواج ،ويدعوها الناس ابمس
فاروس .ويه تبعد عن مرص مسرية هنار يف ا ل سفينة ا ذا آ تهتا
الرحي .هنا آ أ مسك يب ال آ لهة عرشين يوما مل هتب يف آ أ ثناهئا
رحي حبرية .وقد نفدت غاليل ،وهكل رجايل ،حىت آ أ خذت
ابنة فروتوس الشفقة عيل ،وتآ أ ثر قلهبا لرؤييت آ أ همي عىل
وهج ىي وحيدا ،منفردا عن حصيب اذلين اكنوا يطوفون يف آ أ حناء
اجلزيرة ،يطلبون بشصوصهم صيدا ،وقد عضهم اجلوع .
جفلست ا يل وقالت " :ه ل مس تك آ أ هيا الغريب جنة ؟ آ أ م
هل آ أ نت قليل الفطنة ؟ وهل تقمي هنا لذلة كل خاصة ،ل أ نه
حيلو كل آ أ ن تتآ أ مل ؟ لقد آ أ مقت طويال يف هذا املاكن ل جتد منه
خالصا ،آ أ ما قومك فقد وهنت مهنم القلوب يف الصدور " .
فآ أ جبهتا " :س آ أ قول كل احلق آ أ اي كنت ،فليست ا راديت
49
يه اليت متسك يب هنا ،ب ل ل بد آ أ ن آ أ كون قد آ أ ذنبت ا ىل
ال آ لهة .ف آ أ خ ربيين ال ن آ أ ي ال آ لهة آ أ غظت ؟ و آ أ ي الس بل
آ أ سكل للرجوع ا ىل وطين " ؟
قلت هذا ف آ أ جابتين ال لهة فورا " :سآ أ علمك اب ل أ مر لكه
.ا ىل هذا املاكن يآ أ وي فروتوس اذلي عنده العمل بآ أ ع امق
البحار مجيعا ،وهو آ أ يب ،فا ذا قدرت آ أ ن تقمي هل مكينا
وتقبض عليه ،فا نه يدكل عىل سبيكل ،وطريق آ أ وبتك فوق
ا ل أ ع امق .ك ام آ أ نه يريك ما حدث يف آ أ هبائك من اخل ري والرش ،
و آ أ نت جتوب ا ل أ رض بعيدا .قالت هذا فآ أ جبهتا " :دبري يل
آ أ نت آ أ مر هذا المكني ،فقد يتفق آ أ ن يراين آ أ ول ف يتجنب
لقايئ .وا نه ملن العسري عىل ال نسان آ أ ن يت غلب عىل ا هل .
فقالت ال لهة :حي امن تبلغ الشمس يف س ريهيا كبد الس امء ،
عندها يآ أ يت الش يخ من البحر .ا نه يآ أ يت قبل هبوب الرحي
الغربية ،تغطيه موجيات رقاق .وحيامن خيرج من البحر ،
يس تلقي يف املغاور لينام ،وترقد حوهل جعول البحر ،ويه
نتاج ا ل أ وقيانوس ،و ل أ نفا سها راحئة مرة ،يه راحئة ملح
البحر .ا ىل هناك سآ خذك عند بزوغ الهنار مع ثالثة من
حصبك .فاخ رتمه من سفنك ولي كونوا آ أ جشع رجاكل .وس آ أ خربك
ال ن ما يصنعه
50
الرجل العجوز .ا نه يبد آ أ بعد جعول البحر ،وبعد آ أ ن ينهتىي
من هممته هذه ،ي رقد يف وسطها ك ام يرقد الراعي وسط قطيعه
.وعليك ال ن عندما تشاهده مس تلقيا آ أ ن تستنجد بلك قواك
وتقي ض عليه ،همام اكحف للخال ص .ا ذ آ أ نه سيتخذ لك آ أ شاكل
اخمللوقات اليت تد ب عىل ا ل أ رض ،واليت تس بح يف املاء عىل
السواء ،ب ل ا نه سيتخذ شلك النار املش تعةل .وعليك آ أ ن
تظل م تشبثا به ،واضغطه طغطا شديدا .و حيامن يلقي عليك
ا ل أ س ئةل ،بعد آ أ ن يتخذ شلكه ا ل أ صيل ،آ أ طلق سبيهل ،وسهل
آ أ ي ال آ لهة حيم ل كل احلقد ،وسهل عن سبي ل آ أ وبتك فوق
ا ل أ ع امق .قالت هذا وغاصت يف البحر .وقصدت آ أ ان السفن ،
وقد م ل أ قليب القلق .ويف اليوم التايل آ أ خذ ت ثالثة من حصيب
ممن آ أ ضع فهيم ثقيت ،فرآ أ ينا ها قد آ أ تت من البحر بآ أ ربعة من
جلود جعول البحر ،اكنت قد سلخهتا حديثا ،ﻷ هنا نوت آ أ ن
تنصب ل أ بهيا رشاك .وقد حفرت لنا يف الرم ل خمائب ،جعلتنا
نرقد فهيا ،وطرحت فوق لك منا جدل من جلود العجول .واكد
تربصنا يف املمكن ي كون فاجعا ،ﻷ ن هذه اجللود قد انبعثت
مهنا راحئة كرهية آ ذتنا كث ريا .ومن ذا اذلي يرىض آ أ ن يرقد
ا ىل جانب آ أ حد وحوش البحر ؟ ول كهنا وجدت لنا من هذا
الضيق خمرجا .ف آ أ خذ ت
51
شيئا من العن رب ال لهىي الزيك ،وجعلته عند خيا ش مينا ليطرد
ننت الوحوش .
وه كذا انتظران الصباح بطوهل بعزم اثبت مكني .
و آ أ قدمت العجول حنوان قادمة من املاء ا ل أ جاج ،واصطفت يف
نظام عىل الشاط ئ .وعند الظهر آ أ قب ل الرج ل العجوز من
البحر ،ومىش حماذاي ص ف احليواان ت وهو يعدها .وقد عدان
معها من غري آ أ ن يفطن حل يلتنا .مث اس تلق عىل ا ل أ رض لينام
.عندها آ أ رسعنا ا ليه صاحئني ،و آ أ مس كنا به بشدة .ولكنه مل
يسه عن م كره ،فانقلب آ أ سدا ملتحيا ،مث صار ثعباان ،
ف منرا ،فداب براي خضم اجلثة .واختذ آ أ يضا هيئة املاء اجلاري ،
والشجرة املزهرة .وظللنا حنن يف هذه احلالت لكها ممس كني به
مشددين عليه .وملا وهنت قواه آ أ خ ريا ،قال " :آ أ ي ا هل
آ أ وعز ا ليك اي ابن آ أ تريذ آ أ ن تمكن يل ؟ ولكنين آ أ جبته " :مل
ختدعين آ أ هيا العجوز ابللكم املوارب ؟ فلقد آ أ مسكت يف هذه
اجلزيرة ،ول آ أ جد للنجاة مهنا سبيال .فآ أ خ ربين ال ن آ أ ي
ال آ لهة يعيقين عن السري ،و آ أ ي طريق آ أ سكل ل أ وبيت فوق
البحار ؟ " فآ أ جاب الرجل العجوز " :اكن جيب عليك آ أ ن
تتقرب ابلتضحية لزفس وبقية ا ل أ رابب قبل ا حبارك .ولو
فعلت ذكل لبلغت آ أ رض آ ابءك رسيعا .آ أ ما ال ن فعليك آ أ ن
تعود
52
ا ىل هنر مرص ،وتقدم القرابني لل آ لهة ،ل مينحوك ما ترغب "
.فتحطمت مين الرو ح عند س امعي آ أ نه جيب عيل آ أ ن آ أ عود ا ىل
قطع هذه الطريق املهنكة مرة آ أ خرى .ولكنين قلت " :ا نين
س آ أ قوم بلك ما طلبت آ أ هيا الش يخ .آ أ ما ال ن ف آ أ توس ل ا ليك
آ أ ن خت ربين هل رجع ال غريق الذلين تركهتم ونس ط ور وراءان يف
طروادة ؟ وهل رجعوا ساملني ا ىل بالدمه ،آ أ م هل هكل مهنم
آ أ حد مبوت مريع ،وهو راكب يف البحر آ أ و بني حصبه " ؟
فآ أ جاب الش يخ عىل ذكل بقوهل :لقد آ أ سآ أ ت ابلسؤال عن آ أ مور
كهذه ؛ ﻷ نك ستب يك لس امعها .مل هيكل من الزع امء عند رجوعهم
ا ل اثنان فقط ،و آ أ ما البا قون فعندك آ أ خبارمه .لقد حتطمت
سفينة آ أ ايس ا ل أ صغر ،ولعهل جنا من كره آ أ ثينا هل ،فا ن معو نة
فوس يذون جعلته ي بلغ الصخور :ول كن النجاة آ أ زاغت بص ريته
جفعل يتبجح بآ أ نه جنا من ا لبحر فمل يبتلعه رمغ ال آ لهة مجيعا ،
مفا اكن من فوس يذون ا ل آ أ ن رضب بصوجلانه الصخرة اليت
جلس علهيا ،فهوى قسم مهنا ا ىل البحر حيمل معه آ أ ايس اذلي
هكل وهو يبتلع املاء ا ل أ جاج .ولقد جنا آ أ خوك من الهالك يف
الب حر ،ل أ ن ه ريا آ أ نقذته ،ول كن الر اي ح العاصفة محلته ا ىل
ا ل أ رض اليت يس كهنا آ أ وغيس توس بن ثيستس .وملا وط ئ
آ أ غاممنون ا ل أ رض اليت ودل فهيا بقدميه ،قبلها وهو ينتحب
53
ذارفا دموعا حارة لشدة غبطته برؤيهتا ،ول كن اخلفري برص
به من آ أ عىل ال ربج .وهذا اخلفري اكن قد ا س ت آ أ جره آ أ وغيس توس
املاكر بوزنتني من اذلهب .وبقي ي رتصد هناك س نتني ل يك ل
مير آ أ غاممنون يف خفية عنه .فل ام رآ ه اخلفري ابدر ا ىل م زنل
آ أ وغس توس حيم ل ا ليه اخلرب :فدبر هذا مكيدة حممكة احلبك
للفتك به ،ف آ أ قام يف الهبو مكينا آ أ عد هل عرشين من آ أ جشع
الرجال ،وجعلهم هييؤون يف الطرف ال خر من الهبو م آ أ دبة .
مث ذهب هو مبركباته وخيوهل ا ىل آ أ غاممنون يدعوه ا ىل الو ل مية .
جفاء به ا ىل م زنهل ،وهو ل يعمل مما قدر هل شيئا .وذحبه بعد
الو ل مية ك ام يذحب الرجل ثورا يف اصطب ل ،ومل يبق من حصب
آ أ غاممنون ول من حصب آ أ وغيس توس آ أ حد " .وب كيت عند ذكل
باكء مرا غ ري آ هبا للحياة .ول كن الش يخ قال يل " :ل تآ أ س
عىل ما فا ت اي ابن آ أ تريذ ولست واجدا يف ادلموع عوان .
وا ل أ جدر بك آ أ ن تعج ل يف الرجوع ،فقد جتد آ أ وغس توس ل
يزال عىل قيد احلياة ،وقد يكون آ أ ور ست قد فتك به ،فال
تفوتن ك و ل مية د فنه " نطق الش يخ هبذا ،فشعرت ابلعزاء
يش يع يف قليب ،وقلت " :لقد علمت ال ن مصائر هؤلء ،
ول يزال هنا كل رج ل آ أ توق ا ىل سامع آ أ خباره ،آ أ ميت هو آ أ م
ل يزال حيا يطوف فوق البحار ؟
54
قل ولو اكن يف س امع قو كل ما يشجيين " .فآ أ جابين الش يخ
فورا " :ا ن ابن لريت هو املقصود من الكمك ،ول ريب .
لقد رآ أ يته يف احدى اجلزر يف موطن اك ل يبسو يذرف ادلمع
السخني ،ل أ ن احلورية ت ستبقيه هناك قرسا ،ومتنعه من
الرجوع ا ىل وطنه .وليس دليه سفينة ول حصاب .آ أ ما آ أ نت اي
مانيال فلن متوت كبايق الرجال ،فا ن ال آ لهة ستنقكل ا ىل سه ل
ا ليس يا يف آ أ قىص ا ل أ رض حيث ل ثلج ول زوابع ول آ أ مطار ،
بل ا ن ا ل أ قيانوس ل يفت آ أ يرسل حنوه رحيا غريبة تنعش آ أ نفاس
البرش .هذا ما س يكون من آ أ مرك ،ل أ نك زوج هيالنة ،
ف ك أنك لهذا ابن زفس " .قال بروتوس هذا ،وغاص يف
ال بحر .ويف اليوم التايل قصدان ا ىل هنر مرص ،ا ىل الهنر اذلي
متد ه الس امء مباهئا .وقدمنا القرابني لل آ لهة .وملا س كنت من
غضهبم ،آ أ مقت ل أ يخ آ أ غاممنون نصبا عظ امي ،ليك ل ينىس امسه
بني البرش .وملا آ أ متمت ما عيل من واجب ،آ أ حبرت راجعا ا ىل
وطين ا ذ خسرت يل ال آ لهة رحيا رخاء .آ أ ما آ أ نت ف آ أ مق ال ن يف
آ أ هباء قرصي ،وحيامن تفكر يف الرجوع آ أ عطيك مركبة ومعها
ثالثة جياد و ك أ سا فاخرة تصب مهنا لل آ لهة ،ول كن اذكرين لك
آ أ ايم حياتك " .
فآ أ جابه تل اميخ " :ل متسك يب طويال اي ابن آ أ تريذ ؛
55
ل أ ن حصيب ينتظرونين يف فيلوس .وا ين ل أ ود لو آ أ قمي هنا س نة
اكمةل ،آ أ قضهيا معك من غري آ أ ن ي ربح يب الشوق ا ىل وطين .
ولك هدية متنحنهيا سآ أ دخرها ك زنا ،ول كنين لن آ خذ جيادا ا ىل
ا يثاكة .خفري لها آ أ ن تبق هنا ينعم هبا بدلك ،ل أ نك س يد
سه ل فس يح ،فيه احلنطة واجلودار والشع ري .وليس يف
ا يثاكه مروج ،ول تصلح مراعهيا ا ل للمعز .وا هنا مع هذا
وامي احلق آ أ هبج يف عيين مهنا لو اكنت تصلح مرع للخيول " .
فقال مانيال " :ا نك تنطق مبا يليق اببن آ أ بيك .فهمل
ال ن آ أ بدل الهدااي ،وسآ أ عطيك من كنوز بييت آ أ نفسها ،
و آ أ خص مهنا ابذلكر ك أ سا آ أ هدانهيا مكل الصيدانيني .ويه من
الفضة ،وحواش هيا حمالة ابذلهب " .
واكن اخلطا ب يف ا يثاكة يف آ أ ثناء هذا قد علموا آ أ ن
تل اميخ قد رح ل ليبحث عن آ أ بيه ،فغاظهم ذكل جدا ،وع قدوا
جملسا وتشاوروا يف ا ل أ مر ،ف آ أ مجعوا عىل آ أ ن خ ري ما يفعلون
هو آ أ ن يق ميوا هل مكينا ويقتلوه عند رجوعه .وعىل هذا
ا س تصحب انطينوس عرشين رجال و آ أ حبر هبم ،يبغي ال رتصد هل
يف املضيق ما بني ا يثاكة وساموس .
ومل خي ف آ أ مر هذا القرار عن بنلوب ،فقد مسع به
ميذون آ أ حد ادلعاة ،فآ أ خ ربها بذهاب تل اميخ ل يتسقط آ أ خبار
56
آ أ بيه ،وان اخلطاب قد تآ مروا عىل قتهل عند رجوعه .فدعت
نساءها العجائز مهنن والفتيات ،ووخبهتن قائةل " :لقد علمنت
اي وصيفات السوء آ أ نه آ أ زمع الرحي ل فهال آ أ يقظتنين من نو يم .
لقد اكن يف وسعي آ أ ن آ أ حول دون رحلته مع شدة رغبته يف
السفر .ومل آ أ كن ل أ دعه يذهب ا ل ا ذا خلفين ميتة " .
فقالت آ أ وريلكيا " :آ أ قتليين ا ذا شئت ،ول كين ل
آ أ خفي عنك شيئا .لقد كنت عىل عمل بغايته ،وزودته بلك ما
حيتاج ا ليه يف رحلته .ول كنه جعلين آ أ قسم آ أ ل آ أ خ ربك بيشء
قب ل آ أ ن ينقيض آ أ حد عرش آ أ و اثنا عرش يوما عىل سفره .
فاذهيب ال ن مع وصيفاتك ،وصيل ﻷ ثينا ليك تنجيه من املوت
.وا ين لعىل يقني آ أ ن هذا البيت ل متقته ال آ لهة مجةل " .
فهتيآ أ ت بنلوب ،وصعدت مع وصيفا هتا ا ىل العلية
ودعت آ أ ثينا عاليا ليك تنقذ ابهنا .ومسعها اخلطاب تصيل
فقالوا " :ل شك يف آ أ ن امللكة تصيل ،ويه تف كر يف زواهجا
،غري عاملة آ أ ن املوت لبهنا ابملرصاد " .
مث اجضعت لتنام ومل تطعم ومل ترشب .و آ أ رسلت ا لهيا
آ أ ثينا يف آ أ ثناء نوهما حل ام يف هيئة آ أ خهتا ا فتامي زوجة ا ميلوس
بن آ أ لسس تيس .ووق ف الطيف عند رآ أ سها وقال :
57
" آ أ تنامني اي بنلوب ؟ ا ن ال آ لهة لن تفجعك ،فا ن
ابنك س ريجع دون ريب " .
فقالت بنلوب " :كيف آ أ تيت ا ىل هنا اي آ أ ختاه؟ فا ن
مسكنك لبعيد .وكيف آ أ كف عن الباكء وزويج فقيد ؟ وهذا
ابين قد رح ل ال ن وانين شديدة اجلزع عليه خش ية آ أ ن يقتهل
آ أ عداؤه " .
ول كن الطيف آ أ جاب " ل ختيش شيئا .فا ن معه
مساعدا من ا ل أ برار ،وهو آ أ ثي نا اليت آ أ رسلتين ل أ نقل ا ليك
هذه ا ل أ خبار " .
فقالت ينلوب " :ا ذا كنت ا لهة خفربيين آ أ ل يزال زويج
يف قيد احلياة " ؟ ول كن ال ط يف آ أ جا ب :هذا ما ل آ أ قدر عىل
الا فصا ح به ،وا بالغك آ أ يح هو آ أ م ميت " .قال الطيف هذا
،وتالىش يف الفضاء ،فا ستيقظت بنلوب من نوهما ،وقد
ا طمآ أ ن قلهبا.
58
6
آأ وذيس في طوفه
عاد ال آ لهة ا ىل عقد جملسهم يف آ أ عايل ا ل أ وملب ،وتلكم ت
فهيم آ أ ثينا قائةل" :ليعدل امللوك ال ن عن العناية ابخلري وا قامة
العدل بني الناس! هامك آ أ وذيس ،فقد اكن خ ري آ أ ب لرعيته،
وليذكره مهنم اليوم آ أ حد .وهو قد حبس عن الرحيل يف جزيرة
لك يبسو النائية .وليس من سفينة حتمهل ا ىل بالده .مث ا ن
اخلطاب يتآ مرون عىل قتل ودله اذلي ذهب ا ىل فيلوس وا ىل
لقدمونيا ،آ مال آ أ ن ي تنسم آ أ خبار ابيه ".
فآ أ جاهبا زفس :ما هذا اذلي تقولني؟ آ أ مل ت دبري آ أ مر هذه
املكيدة بنفسك ليك حيل ابخلطاب انتقام آ أ وذيس؟ آ أ ما تل اميخ،
فكل آ أ ن ترشديه حبمكتك ك ام تشائني ل يك يرجع
59
ا ىل بدله سل امي ،ويرتد كيد اخلطاب ا ىل حنورمه ".
مث قال لهرمس" :ا ذهب اي هرمس ا ىل احلورية لك يبسو
وبلغها رغبيت ال أ كيدة يف آ أ ن يرجع آ أ وذيس ال ن ا ىل وط نه ".
فانتعل هرمس خفيه اذلهبيني ،ومحل صوجلانه بيده،
و آ أ ىت جزيرة آ أ وجيجيا ،وقصد ا ىل ال كه ف حيث تقمي لك يبسو.
واكن املاكن حس نا تش تعل فيه انر حطب زيك الراحئة .وقد
جلست لك يبسو ا ىل نولها تغين بصوت عذ ب .و آ أ حاطت ابل كهف
حديقة ،ج مثت فهيا طيور كث رية من الصقور والبوم وال زيغان،
عىل آ أ غصان احلور والعرعر والرسو .وامتد ت عىل مدخل
الكهف كرمة تدل ت مهنا عناقيد العنب ا ل أ رجوانية .وتد فقت
عنده آ أ ربعة ينابيع ،اجتهت ا ىل آ أ ربع هجا ت خترتق مروجا من
املقدونس وا ل بنفسج .واكن املاكن من امجلال حبيث يدهش لك
من رآ ه حىت ال آ لهة .ولقد دهش هرمس لرؤيت ه ،مث دخل
الكهف فعرفته لك يبسو حيامن رآ أ ته وهجا لوجه ،ل أ ن ال آ لهة
يعرف آ أ حدمه ال خر ،وا ن تباعد ت مساكهنم ،وشط بيهنم
املزار .ول كن آ أ وذيس مل ي كن هناك بل آ أ قام ،عىل حسب
رغبته ،عند الشاطئ يبيك ويت آ أ وه ،خش ية آ أ ل يعود ف ريى
. زوجته وبيته وو طنه
60
ا لينا اي هرمس عندها قالت لك يبسو لهرم س ” :مل آ أ تيت
ول كنك مل تعتد اي ذا الصوجلان اذلهيب ؟ ا نين آ أ رحب بك ،
عل ين آ أ قدر عىل زايريت يف سالف ا ل أ ايم .ف آ أ طلعين عىل رغباتك
من الطعام ” . حتقيقها .ول كن اتبعين آ أ ول ليك آ أ قدم كل شيئا
مث مد ت مائدة علهيا الطعام ال لهىي ،ووضعهتا آ أ مامه،
ومزجت هل الرحيق الوردي ،فآ أ لك رسول ال هل و رشب .وملا
تناول كفايته من الطعام وتشددت نفسه ،تلكم قائال :
” -لقد س آ أ لت عن سبب قدو يم ،وس آ أ صد قك اخل رب .
ا نين آ ت ا ليك عن رغبة خاصة ،ومن اذلي يقدم من تلقاء
نفسه ،فيجوز البحر الوا سع ،حيث ل مدينة يقدم فهيا
الناس القرابني ل ل آ لهة ؟ ا ن زفس هو اذلي آ أ مرين ابجمليء،
ولن يعيص آ أ حد لزفس آ أ مرا .وهو يقول ا ن دليك رجال ،هو
آ أ تعس حظا من مجيع رفاقه ال كثريين ،اذلين حاربوا طروادة
تسع س نني ،و آ أ حبروا يف الس نة العا رشة عائدين ا ىل بالدمه .
وقد ف ُ قد مجيع حصبه ،ومل يبق مهنم سواه ،حفملته ا ل أ مو اج
ا ىل هذا املاكن فآ أ رجعيه ال ن ا ىل وطنه ب آ أ رسع ما تس تطيعني
،ا ذ مل ي ُ قد ر هل آ أ ن ميوت بعيدا عن آ أ ههل ،ب ل ل بد آ أ ن يرجع
لرؤية سقفه العايل و آ أ رض مودله ” .
61
وقد اش تد بلك يبسو الغيظ لس امعها هذا اللكم ،ل أ هنا
اكنت ترغب يف آ أ ن تستبقي آ أ وذيس عندها آ أ بدا ،وقالت :
” -ا نمك آ أ هيا ال آ لهة ليآ أ خذمك احلسد عندما ترون ا حدى
ال لهات قد آ أ حبت ا نساان فانيا .آ أ ما آ أ وذيس ،آ أ فمل آ أ نقذه
حي امن رضب زفس سف ينته بصاعقة ،فهكل مجيع حصبه ؟
فليذهب ال ن ،ا ذا اكن ذهابه يريض زفس .ول كنين ل آ أ قدر
عىل ا رساهل ،ا ذ ليس دلي سفينة ول جمذ فون ،وا ين مع هذ ا
عىل ا س تعداد ل أ رشده ا ىل طريق عودته ساملا ” .
فقال هرمس :آ أ رسعي يف عكل هذا ل يك ل يلحق بك
غضب زفس ” .
قال هذا وانرصف ،وذهبت لك يبسو تطلب آ أ وذيس ،
فوجدته عند الشاطئ يرس ح ال طرف فوق مياه البحر كام هو
د آ أ به ،وينتحب ،فقد آ أ ضنته حياته هذه لشدة رغبته يف آ أ ن
يعود ،ويرى ا يثاكة مرة آ أ خرى .فوقفت جبانبه وقالت :
” -ل جتزعن عىل وطنك ،ول ُهت ل كن ك ادلموع .وا ذا
شئت الرجوع فا نين آ أ جعل يف ترسحيك لتذهب يف سبيكل .خذ
ف آ أ سك وا قطع هبا جذوعا ،وشد بعضها ا ىل بعض واصنع كل
عامة .وسآ أ عطيك خ زبا وماء ونبيذا ،
62
وآ أ كسوك ابلثيا ب حىت تص ل ساملا ا ىل موطنك ،فا ن ال آ لهة
تريد ذكل ” .
فقال آ أ وذيس ” :ماهذا اذلي تقولني ؟ ه ل آ أ قطع عىل
طوف هذا البحر املروع اذلي ل تقطعه السفن الكب رية نفسها
دون آ أ ن ميسها آ أ ذى ؟ ا نين لن آ أ عيص كل آ أ مرا ،ول كن عليك
آ أ ن تقسمي يل قسم ال آ لهة العظمي آ أ نك ل تدبرين يل رشا ” .
ف آ أ قسمت لك يبسو عند ذ كل ،وقالت ” :ا ن الكمك هذا
لغريب .آ أ قسم كل بهنر ا ستي كس العظمي آ أ ين ل آ أ هئي كل رضا
،ول آ أ ريد كل ا ل اخلري اذلي آ أ ريده لنفيس ،ا ذا مستين
احلاجة ا ليه ،فا ن قليب مل يقد من احلديد بل هو مفعم
ابحلنان .مث ذهبا الكهام ا ىل الكهف ،وجلسا ا ىل الطعام .
وقد وضعت آ أ مامه مما يآ أ لك البرش ،آ أ ما يه فتناولت من طعام
ال آ لهة ،واحتست من الرحيق اخلاص هبم ،وخا طبته بعد ذكل
قائةل :
” -مل اش تد بك الشوق ا ىل مزن كل ؟ قسام لو كن ت
تعمل ما ينتظرك هنا ك من عناء ،لعدلت عن اذلها ب وفض لت
البقاء بقريب .وانك لتقيض هنارك لكه متشوقا ا ىل رؤية
زوجك ،مع اين و آ أ مي احلق لست آ أ ق ل مهنا ج امل ” .
فقال آ أ وذيس ” :ل يآ أ خذنك الغضب ،فا ن بنلوب
63
ا حلك مية آ أ بعد من آ أ ن تقاس بك ،مفا يه ا ل امرآ أ ة فانية
و آ أ نت ا ل هة .غري آ أ ن مزن يل مع هذا عزيز دلي ،وا ين لرؤيته
جلد مش تاق .وا ذا شاء آ أ حد ال آ لهة آ أ ن حيطم يب مركيب و آ أ ان
فوق الغمر ،فا ين آ أ حتم ل ذ كل بصرب مجي ل .فلشد ما قاسيت
،ولشد ما عانيت من بالء احلرب وهماكل البحار .وا ذا اكن
لبد من بالء لحق ،فليضف حديثه ا ىل حديث البالء
السابق ” .
ويف اليوم التايل آ أ عطته لك يبسو ف آ أ سا عصاها من خشب
الزيتون ،و آ أ عطته آ أ يضا قد وما ،و آ أ خذته ا ىل طرف اجلزيرة
،حيث ا ل أ جشار ا لعظ مية من احلور والصفصاف والصنوبر قد
ذوت وجفت منذ زمن طويل .فقطع مهنا عرشين ،وشذهبا
وجعلها صفا .مث جاءته ال لهة مبثقب خفرق به اجلذوع ،ومض
بعضها ا ىل بعض ابدل رس ،وجعل فوقها سطوحا وجوانب ،
وفناء ور فع علهيا صاراي ،وزود هذا الطوف بدفة يدار هبا .
وحص نه من ا ل أ مواج بسور من القصب .آ أ ما الرشع ،حفاكهتا
لك يبسو ،وركهبا آ أ وذيس حب املت و آ أ مراس و آ أ طناب ،ودفع
الطوف آ أ خ ريا ا ىل البحر مس تعينا بعتالت .
ومل ي آ أ ت اليوم الرابع حىت اكن قد آ أ عد لك يشء ،و آ أ حبر
يف اليوم اخلامس .
64
وقد خلعت عليه لك يبسو ا ل أ ثواب الفاخرة ،و آ أ عطته زق مخر
وقربة ماء ،وزادا طيبا يف جراب من اجلدل .مث خسرت هل
رحيا جسسجا هتب وراءه .ونرش آ أ وذيس رشعه وسار يف سبيهل
جذل .ومل يغمض هل جفن ،بل آ أ قام يرا قب النجوم والرثاي
والعوائذ وادلب ال أ كرب اذلي يسميه البرش آ أ يضا املركبة ،وهو
ل يفت آ أ يدور يف ماكن واحد .متطلعا ا ىل الكوكب الصياد ،
ل أ ن لك يبسو قالت هل ” :اجع ل ادل ب ال أ ك رب دا مئا عن يسارك
و آ أ نت مت خر البحر ” .
وظ ل يقطع البحر س بعة عرش يوما ،حىت لحت هل يف
اليوم الثامن عرش ظالل الهضبات يف جزيرة الفيس يانيني ،
آ أ قرب اجلزر ا ليه .وقد بد ت هل اجلزيرة من خالل ضباب
البحر ك أ هنا ال رتس .واتفق عندئذ آ أ ن فوس يذون ،دلى
رجوعه بعد آ أ ن قىض شعائر العيد مع الثيوبيني ،حمله مبحرا ،
مف ل أ ذكل قلبه غيظا .وهز رآ أ سه وقال يف نفسه ” :لريب
آ أ ن ال آ لهة قد غ ريوا نيهتم حنو آ أ وذيس يف غيايب عند الثيوبيني
.وها هو ال ن يدنو من جزيرة الفيس يانيني ،وقد قد ر هل ا ن
بلغها آ أ ن ينجو من بالايه .بيد آ أ ين س آ أ د فعه ال ن بعيدا جدا
يف سبيل املصا عب واملهاكل ” .
وعىل هذا حشد الغيوم ،وهاج مياه ا ل أ ع امق ،وهو
65
حيم ل صوجلانه بيده ،و آ أ اثر عاصفة من لك ما هيب من الراي ح
،وغط ا ل أ رض والبحر ابلغيوم .وا ش تد ب آ أ وذيس اجلزع وقال
يف نفسه ” :ابلصواب نطقت لك يبسو مل ا ذكرت ما ل بد آ أ ن
آ أ لقاه من الويال ت ،و آ أ ان عائد ا ىل وطين .آ أ ل ليتين مت يوم
سد د ت رماح رجال طروادة ا ىل آ أ خيل امليت! ا ذن لواراين
رجال ال غريق يف حلد .ول كين ا ل ن س آ أ هكل ابئسا ذليال ” .
وفامي هو يتلكم انقض ت موجة عظ مية عىل طوفه فقذ فت به
بعيدا و آ أ فلتت ادل فة من يده .وانقضت مدة طويةل قبل آ أ ن
ي مت كن من الارتفاع ،ل أ نه قد غا ص ا ىل عق كب ري ،و ل أ ن
الثياب الفاخرة اليت خلعهتا عليه لك يبسو اكنت كثيفة ثقيةل .
ا ل آ أ نه عال آ أ خ ريا فوق ا ل أ مواج ،ومج املاء املاحل من مفه .
واكن من جشاعته آ أ ن وثب ا ىل الطوف ،و آ أ مسك به ،وجلس
عليه ف آ أ خذ ت تتقاذ فه ا ل أ مواج .ول كن ا ينو رآ أ ته ف آ أ شفقت
عليه .وقد اكنت قبال امرآ أ ة ،ويه ال ن ا لهة البحر ،
وصعد ت ا ليه من ا ل أ ع امق ك أ هنا زمج املاء الطائر ،وجلست
عىل الطوف ،وتلكمت قائةل :
” -آ أ هيا الانسان اليسء احلظ ،ملاذا ي كرهك فوس يذون
لك هذا ال كره ؟ ا نه لن هيل كك ،وا ن اكن شديد الرغبة يف
ذكل .فاخلع هذه الثيا ب ،وا س بح ا ىل آ أ رض
66
فيس يا ،واضعا هذا احلجا ب حتت صدرك .وحيامن تبلغ
ا ل أ رض انزعه عنك و آ أ لقه يف البحر ،وحو ل نظ رك بعيدا حني
ا لقائه ” .
و آ أ عطته ال لهة احلجا ب ،وعاد ت فغاصت ا ىل ا ل أ ع امق
ك ام يغوص زمج املاء .وانطبقت ا ل أ مواج من فوقها .وف كر
آ أ وذيس يف ا ل أ مر قائال يف نفسه ” :تبا يل! آ أ ل يكون آ أ حد
ال لهة قد دب ر يل م كيدة ،وهو يوعز ا يل آ أ ن آ أ غادر طويف
يقينا آ أ ين لن آ أ عل هبذه النصيحة ؛ ل أ ن ا ل أ رض حني حملهتا
بد ت بعيدة جدا لعيين .وقد آ أ زمعت آ أ ن آ أ قمي عىل الطوف ما
دام مامت ساك ،وس آ أس بح حيامن تشطره ا ل أ مواج ،ا ذ تكون
الس باحة خري ما يف وسعي آ أ ن آ أ عل ” .
فامي اكن هذا هيجس يف صدره ،آ أ رسل فوس يذون عىل
الطوف موجة آ أ خرى عظ مية .وك ام ت آ أ يت عاصفة هوجاء عىل
كومة من قرش احلب فتذروها ،ه كذا بعرثت ا ل أ مواج آ أ خشا ب
الطوف .ول كن آ أ وذيس امتط آ أ حد ا ل أ لوا ح كام ميتطي الرجل
جوادا ،وخلع عنه الثياب الفاخرة اليت آ أ عطته ا ايها لك يبسو
،ووضع احلجا ب يف صدره وقفز ا ىل البحر اب سطا ذراعيه
للس باحة .وملا رآ ه فوس يذون هز رآ أ سه ،وخا طب نفسه
قائال ” :اذهب عىل هذا الوجه بعد لك ما لقيت ،وته فوق
الغمر حىت تبلغ ا ل أ رض .ولن
67
تزمع آ أ نك مل تلق من الهول ما فيه ال كفاية ” .
بيد آ أ ن آ أ ثينا عقلت سائر الراي ح ،و آ أ اثرت رحي الشامل
الرسيعة ل يك ينجو آ أ وذيس من املوت .
وه كذا ظل يس بح هنارين وليلتني .ويف اليوم الثالث
صفا اجلو .ومن فوق موجة عظ مية ،ا ذ اكن املوج ما زال
عاليا .رآ أ ى ا ل أ رض عىل مقربة منه .وكفرحة ا ل أ بناء بوادلمه
العزيز ،وهو يهنض من مرض خطري ،ه كذا اكنت فرحة
آ أ وذيس اب ل أ رض اليت بدت لعينيه .ول كنه مل يكد يدنو مهنا
حىت مسع ا ل أ مواج تت كرس عىل الشاطئ ،ا ذ مل ي كن مثة ميناء
ب ل نفان ف وخصور انتئة .
فتخاذلت عندئذ ركبتاه جزعا وذا ب قلبه يف صدره ،
وخا طب نفسه وهو مثقل غام ” :الويل يل! فال ن ،وقد
منحين زفس فوق ما آ أ ملت جفعلين آ أ برص ا ل أ رض ،ل آ أ جد
ماكان آ أ بلغ به الشاط ئ من البحر .فا ن رؤوس الصخ ور حادة
،وا ل أ مواج تزجمر حولها ،والصخور امللساء تذهب صعدا من
البحر ،واملاء بعيد الغور ،فال آ أ جد لقد يم مس تقرا .وا ذا
رغبت يف الوصول ا ىل اليا بسة ،فقد حتملين موجة عظ مية
وترضب يب الصخور .وا ذا ما س بحت حماذاي الشاط ئ ،آ أ مل
العثور عىل ميناء ،فا نين آ أ خىش آ أ ن تعود الرايح ،فتختطفين
وحتملين ا ىل ا ل أ ع امق .آ أ و قد يرسل
68
عيل آ أ حد ا ل أ راب ب وحشا مائيا .وا ن مهنا ل كثري يف مراعي
البحار .و آ أ ان آ أ عمل ،ا ىل ذكل ،آ أ ن فوس يذون يضمر يل احلقد
العظمي ” .
وفامي هذا هيجس يف فؤاده ،مح لته موجة عظ مية ا ىل
الصخور .ف ُس ل ِ خ عنه جدله وت كرس ت منه العظام مجيعا .
ول كن آ أ ثينا آ أ وحت ا ليه رآ أ اي ،فقد آ أ رسع ا ىل الشاط ئ ،
وتشب ث ابلصخر بلكتا يديه ،وظ ل م متساك به ،حىت مرت
املوجة .ول كهنا عاد ت حني اجلزر ،و آ أ حد قت به ورد ته ا ىل
ا ل أ ع امق .وك ام ُجتر آ أ م حرب 1من حجرها يف الصخر ،ه كذا
جرته املياه فانسلخ جدل يديه عىل الصخور .
ولو مل تلق آ أ ثينا بنصيحة يف فؤاد آ أ وذيس لهكل عىل رمغ
القضاء .فا نه س بح خارج نطاق ا ل أ مواج الكبرية املت كرسة ،
حماذاي الشاط ئ ابحثا عن ماكن تن كرس فيه حدة املوج ،آ أ و
ماكن فيه ميناء .وبلغ آ أ خ ريا مصب آ أ حد ا ل أ هنار يف البحر .
وقد خال هذا املاكن من الصخور ،وجتنبته الرايح ،فآ أ حس
آ أ وذيس ،وهو يرك ض مبجرى الهنر ودعا ا هل الهنر قائال :
” -آ أ هيا املليك ،آ أ اي كنت آ أ صغ ا يل .ا ين قد آ أ تيتك
1
آ أ م ح رب ،د و ي ب ة م ا ئ ي ة ت ف رز م ا د ة اك حل رب ل ت خ ف ي ن ف س ه ا .
69
مس تج ريا هاراب من غضب فوس يذون ،فآ أ نقذين آ أ هيا املليك!
آ أ نقذين ” .
ف كف ا لهنر عند ذ كل عن اجلراين ،وغدا املاء سلسا
آ أ مام آ أ وذيس ،حىت فاز آ أ خ ريا مبجاز ا ىل ا ل أ رض .فتقوست
ركبتاه من حتته ،وتدل ت يداه عىل جانبيه ،وسال املاء امل ل ِ ح
من مفه ومنخريه .وقد تقطعت آ أ نفاسه ،و ح ُ بس الكمه .ولكنه
ملا رجع ا ىل نفسه ،عد ا ىل احلجا ب حتت صدره فف كه ،
ورماه يف جمرى الهنر امللح حفمهل ا ىل البحر ،وهناك صعدت
ا ليه ا ينو وتلقته بيدهيا .
مث ارمت عىل احللفاء عىل ضفة الهنر ،وقب ل ا ل أ رض وهو
يقول يف نفسه ” :ماذا آ أ فع ل ال ن ؟ ا نين آ أ خىش ا ذا منت عند
الهنر آ أ ن آ أ هكل ابالندى والصقيع ؛ ل أ ن الرحي هتب ابردة من
الهنر عند الصباح .وا ذا ذهبت ا ىل الغاب يف ادلغ ل ،آ أ خىش
آ أ ن يفرتس ين آ أ حد الوحوش الضارية ” .
و خُ ي ل ا ليه آ أ ن ا ل أ فضل هل آ أ ن يقصد الغا ب ففع ل .
واكن الغاب قريبا من الهنر ،فوجد فيه مخيلتني ،ا حداهام من
حشر الزيتون الربي ،وا ل أ خرى من جشر الزيتون ا مل مثر .واكنت
آ أ جشارهام كثيفة ملتف ة حىت ل جتد الرحي لهبوهبا بيهنام جمال .ول
جتد الشمس لشعا عها منفذا ،وحىت قطرات املطر ل تبلغ من
آ أ رضها منال .ا ىل هناكل
70
زحف آ أ وذيس ،ف آ أ لف قدرا عظامي من ورق الشجر ،واكن
املاكن اكفيا ليك يلوذ به خشصان آ أ و ثالثة حىت يف فصل
الش تاء ،ويف آ أ ايم املطر الغزير .فنعم آ أ وذيس ابل س تلقاء يف
وسط ذكل املاكن ،متدثرا بآ أ و راق الشجر .وك ام حيرص رجل
يعيش بعيدا عن العامل ،فيرتفق بناره ويطمرها ابلرماد ،
ه كذا ترفق آ أ وذيس بنفسه فطمرها اب ل أ وراق .و آ أ رسلت آ أ ثينا
عىل جفنيه نوما عيقا ل ريحيه من عنائه .
71
7
نوس ياك
ذهبت آ أ ثينا يف آ أ ثناء هذا ا ىل مدينة الفيس يانيني
وقصدت قرص مل كهم آ أ لسينوس .
وهناك اجتهت ا ىل اخملدع ،حيث تنام نوس ياك ابنة املكل
الفتاة ،ذات امجلال ال له ىي .فوقفت ال آ له ة عند رآ أ سها يف
هيئة ابنة دمياس ( ودمياس هذا اكن رائدا شه ريا من رواد
البحر ) واكنت الفتاة من دلا ت ابنة املكل ،وقد انلت حظوة
دلهيا .
وتلكم ت آ أ ثينا قائةل " :مل هتمكل آ أ مك هذا ال هامل اي
نوس ياك ؟ فها ثيابك ملقاة هنا مل تغسل ،وقد ا قرتب يوم
زفا فك .وهو يوم جيب آ أ ن حتوزي فيه آ أ مج ل الثيا ب كل ،
و ل أ ولئك اذلين يرا فقونك ا ىل بيت عرسك ،ا ذ
72
هبذا تكسب العروس طيب ا ل أ حدوثة .فاهنيض ا ذا عند
بزوغ الهنار لغس ل مال بسك ،وسآ أ ذهب مع ك .فب كري ا ىل
آ أ بيك يف الغداة واس آ أ ليه بغال ،وجعةل تنق ل املال بس وا ل أ ردية
.مث ا نه آ أ ليق بك آ أ ن تذهيب راكبة من آ أ ن تذهيب مش يا عىل
قدميك ،ﻷ ن آ أ مكنة الغس ل بعيدة عن املدينة .
وملا جاء الصبا ح استيقظت نوس ياك من نوهما مس تغربة
ذكل احلمل ،وذهبت يف طلب وادلهيا ،ف وجدت آ أ هما عند
وصولها مهنم كة مع وصيفا هتا يف غزل صوف مصبوغ بآ أ رجوان
البحر .والتقت آ أ ابها يف طريقه ا ىل جملس يعقده مع زع امء
بدله .فقالت " :آ أ عطين اي آ أ يب العجةل مع البغال ،ليك آ أ ذهب
ابلثياب ا ىل الهنر ف آ أ غسلها ،ا ذ جيب آ أ ن ترتدي دا مئا نظيف
املال بس ،حي امن تذهب ا ىل اجمللس .مث ا ن آ أ خويت امخلسة
حيبون آ أ ن تكون ثياهبم حديثة العهد ابلغسل عند ذهاهبم ا ىل
الرقص " .
آ أ ما عن زفافها فمل تفه بلكمة ،ول كن آ أ ابها ،وهو يعمل
آ أ فاكرها قال " :ل آ أ ضن عليك ابلبغال ،ول ب آ أ ي يشء آ خر
اي بنييت العزيزة .فا ن الرجال س هييؤون كل العجةل بآ أ قوى
دو اليهبا ،وس يجهزوهنا فوق ذكل ابحلواجز " .
مث اندى الرجال ،فهي آ أ وا العجةل ،وشدوا ا لهيا البغال ،
و آ أ خرجت الفتاة املال بس من غرفهتا ،ووضعهتا فهيا ،مث
73
م ل أ ت وادل هتا سةل ب آ أ نواع ا ل أ طعمة ،وم ل أ ت ابلنبيذ زقا من
جدل املعز .و آ أ عطهتا شيئا من زيت الزيتون تد هن به مع
وصيفا هتا بعد الا س تح امم .و آ أ مس كت نوس ياك اب ل أ عن ة ،
ومس ت البغال ابلسوط ،فسمع وقع حوا فرها وسارت بآ أ حاملها
ل يعرتهيا اللكل .
وملا بلغن من الهنر ا ىل حيث تفي مياهه حباجة الغسل
،عىل ما يالزهما من الكدر ،حلت الوصيفات واثق البغال
عن العجةل ،و آ أ رسلهنا ترع الربس مي جبانب ضفة الهنر .مث
آ أ خذن املال بس من العجةل ،ومحلهنا ا ىل الهنر ،وجعلن يطآ أ هنا
يف احلفر ،وهن يتنافسن يف علهن .وملا ذهبت عهنا آ أ وساخها
نرشهنا عىل شاط ئ البحر ،حيث آ أ جادت ا ل أ مواج غسل
احلصباء .وبعد ذكل اغتسلن وتطي نب ،مث جلسن ا ىل طعا همن
ورشاهبن عند ضفة الهنر .وعدن بعد الطعام ا ىل كرة يتقاذ فهنا
،وهن ينشدن ا ل أ غاين تقودهن يف ذ كل نوس ياك .و ك أ رطميس
ويه تصطاد املعز ال ربي وا ل أ وعال ،وقد بذ ت دلاهتا من
احلورايت مجيعا ،عىل ما هن عليه من جامل مما آ أ ثلج قلب
آ أ هما لطونة ،ه كذا بذ ت نوس ياك صواحهبا ج امل .وملا آ أ هنني
لعهبن ،و رشعن يف شد البغال ا ىل العجةل وطي املالبس ،
دب رت اثينا آ أ مرا ،جفعلت ا ل أ م رية تقذف ابل كرة ا ىل ا حدى
وصيفا هتا
74
بعيدا جدا ،حبيث تقع ال كرة يف الهنر فصاحت الوصيفا ت
عندئذ معا صيحة عالية آ أ يقظت آ أ وذيس من نومه .فقال يف
نفسه " :آ أ ي آ أ رض هذه اليت آ أ تيت اي ترى ؟ وه ل جيايف
ساكنوها الغريب ،آ أ م هل به يرفقون ؟ وخييل ا يل آ أ ين مسعت
ال ن صوت حوراي ت ،آ أ و لعيل قريب من مساكن البرش " ؟
مث لف غصنا مورقا عىل خارصتيه ،وهنض قاصدا حيث
الفتيات اللوايت فزعن لرؤيته ( ﻷ نه اكن وحيش املنظر ) ،
وفررن آ أ ش ت اات .ول كن نوس ياك مكثت ماكهنا ومل هترب .وف كر
آ أ وذيس يف نفسه هل جيثو آ أ ما هما وميسك بركبتهيا آ أ م ،خش ية
آ أ ن يغضهبا ذكل ،ه ل يق ف آ أ ما هما وخيا طهبا ؟ ففعل هذا
وقال :
" -انين مس تجري بك آ أ يهتا امللكة ،ولست آ أ دري فقد
تكونني ا لهة .وا ذا كنت برشا مفا آ أ سعد آ أ ابك و آ أ مك ،وما
آ أ سعد آ أ خوتك بك ،بل ما آ أ عظم ذكل اذلي سيتخذك زوجا .
ا ين مل آ أ ر قط رجال ول امرآ أ ة يف مث ل هذا امجلال .و ا نك
لتش هبني رقةل 2غضة رآ أ يهتا من عهد قريب يف دلوس ،انمجة
عىل مقربة من هيلك ال هل .
75
و آ أ ما آ أ ان فقد د فعت ا ىل هذا الشاطئ قادما من جزيرة
آ أ وجيجيا .ف آ أ شفقي عيل ا ذا ،وخذيين ا ىل املدينة و آ أ عطيين
شيئا ،آ أ و ا ن آ أ م كن م زئرا من هذه الثياب اجعهل حويل
و آ أ س ترت به .و ل متنحك ال آ لهة لك ال رباكت " .
فآ أ جابت نوس ياك :خيي ل ا يل آ أ هيا الغريب آ أ نك لست
ابلرشير ول اب ل أ محق ،وما آ أ نت فيه من الضيق مفن ال آ له ة اليت
تويل السعود والنحوس كام تشاء .ولن يعوزك عندان ما يعوز
املس تجري من امللبس واملآ أ لك .وسآ خذك ا ىل املدينة .واعمل
آ أ ن هذه ا ل أ رض يه فيس يا ،وانين ابنة آ أ لسينوس مل كها " .
مث اند ت وصيفا هتا وقالت " :ما معىن ه رب كن عندما
ترين رجال ؟ فليس من عدو ي آ أ تينا برض ل أ ننا آ أ عزاء عىل
ال آ لهة ،مث ا ننا نعيش يف ا حدى جزر البحر ،حىت ل يقربنا
البرش اب ل أ ذى .وا ذا ما جاءها آ أ حد ،وقد برح به اهلم ،
فيجدر بنا آ أ ن نسعفه .فآ أ طعمن هذا الرج ل ا ذن وا سقينه
واغسلنه يف الهنر يف منج من الرحي " .
فآ أ نزلنه ا ىل الهنر ،مث آ أ عطينه ثواب ومعطف ا ليكتيس هب ام
،و آ أ عطينه آ أ يضا شيئا من زيت الزيتون يف قارورة من
اذلهب .مث طلب ا لهين آ أ ن يبتعدن قليال ،فاغتسل و آ أ زال
امللح عن جدله وشعره ،وادهن ابلزيت ،وارتدى
76
املال بس .وجعلته آ أ ثينا آ أ طول قامة و آ أ مجل منظرا .وبدا
كثيف الشعر يف لون اخلزاىم .مث جلس عىل شاطئ البحر
فبدا مجيال ل ل أ نظار ،فقالت الفتاة :
ال آ لهة " -مل يآ أ ت هذا الرج ل آ أ رضنا من غري ا يعاز من
شبهيا .ولقد حسبناه آ أ ول ا ل أ مر زراي ،ولكنه ال ن يبدو
يس كن ابل آ لهة .وانين ل أ رح ب مبثهل زوجا ،ولعهل يرىض آ أ ن
طعاما هذه ا ل أ رض .و آ أ ننت آ أ يهتا الوصيفات قد من لهذا الرجل
و رشااب " .
فقد من هل حبسب طلهبا فالهتم الطعام الهتاما لطول
صيامه .مث آ أ مرت نوس ياك آ أ ن تشد البغال ا ىل العجةل وقالت
ﻷ وذيس :
" -اهن ض آ أ هيا الغريب ،وتعال معي ا ىل بيت آ أ يب ،
ول كن عليك آ أ ن تعمل مبا آ أ قوهل كل ،فآ أ نت عىل ما يظهر يل
من الفطانة مباكن .جع ل ابتباع العجةل مع الوصيفا ت ما دمنا
جنوز السهول .ول كن حيامن ندنو من املدينة -وس رتى هناك
سورا عاليا ومرفآ عىل جانيب املدخ ل الضيق املؤدي ا ىل ابب
املدينة -عندها ك ف عن اتباع العجةل .وهناك ف امي ييل السور
غابة من الصفصاف ﻷ ثينا ،يتوس طها ينبوع وحيدق هبا مرج ،
فآ أ مق هناك ري امث آ أ بلغ بيت آ أ يب .فلست آ أ حب آ أ ن يتقو ل الناس
عين ا ل أ قاوي ل .ولست
77
آ أ ستبعد ،ا ن را فقتين ،آ أ ن يقول آ أ حد السفةل " :من ي كون
هذا الغريب الطويل القامة امجليل املنظر يف رفقة نوس ياك ؟
آ أ هو زوهجا العتيد ؟ ولعهل آ أ حد ال آ لهة هبط ا ل أ رض بدعوة
مهنا ،آ أ و رج ل قادم من حسيق ا ل أ رجاء .آ أ ما حنن ،رجال
فيس يا ،فا هنا تنظر ا لينا ابزدراء " ؟ وا نه ملن العار آ أ ن
يقال مثل هذا القول .ومن احلق آ أ نه ل يليق بفتاة آ أ ن
تصحب رجال من غري عمل آ أ بهيا و آ أ هما .ول كن حيامن تقدر آ أ ين
بلغت القرص ،فاذهب بنفسك وس ل عن بيت آ أ يب .ويف
ا ماكن آ أ ي اكن ،حىت الطف ل الصغ ري آ أ ن يرشدك ا ليه ل أ ن
سائر الفيس يانيني ل يق ميون يف مث ل هذا البيت .وعندما
تدخ ل من ا ل أ بوا ب ،جز الهبو مرسعا ا ىل حيث جتلس آ أ يم ،
فا ن مقعدها قرب املوقد ،ويالصقه مقعد آ أ يب ،حيث جيلس
ويف يده ك أ س النبيذ ،ك أ نه آ أ حد ال آ لهة .مفر به و آ أ مسك
بركبيت آ أ يم وسلها عودة م آ أ مونة ا ىل وطنك " .
مث سا طت البغال ،خفلفت الهنر وراءها رسيعا .بيد آ أ ن
الفتاة حرصت عىل آ أ ن تسوقها حبيث اكن يف وسع آ أ وذيس
والوصيفات آ أ ن يتبعوها مش يا عىل ا ل أ قدام .وبلغوا عند
غياب الشمس غابة آ أ ثينا املقدسة ،ف آ أ قام آ أ وذيس هناك ،
ودعا آ أ ثينا قائال " :آ أ صغي ا يل ال ن اي ابنة زفس ،
78
فا نك مل تصغي ا يل قبال يوم رضبين فوس يذون ،وهيب آ أ ن
يكون يل هؤلء القوم من الرح امء " .
قال هذا فآ أ صغت ا ليه آ أ ثينا ول كهنا مل تظهر هل وهجا
لوجه ،ل أ هنا خشيت غضب عها فوس يذون ،فقد اكن حنقه
عىل آ أ وذيس عظامي .
79
9
آأل سينوس
بلغت نوس ياك قرص آ أ بهيا ،وهناك حل آ أ خوهتا البغال
عن العجةل ،ومحلوا املالبس ا ىل امل زنل ،وذهبت الفتاة ا ىل
خمدعها ،حيث آ أ وقدت لها حاضنهتا انرا ،وهي آ أ ت لها طعاما
.
ويف الوقت ذاته ،هنض آ أ وذيس قاصدا املدينة .
ونرشت آ أ ثينا ضبااب من حوهل ل أ هنا مل تش آ أ آ أ ن يراه آ أ حد
الفيس يانيني وهيزآ أ به .وملا اكد يدخ ل املدينة ،ل قته ال لهة ،
وقد اختذت هيئة فتاة حتم ل جرة .
فسآ أ لها آ أ وذيس " :ه ل مي كنك اي بنييت آ أ ن ترشديين ا ىل
مس كن آ أ لسينوس ؟ فا نين غريب ادلار "
80
فآ أ جابت " :سآ أ رشدك ا ىل املاكن ،ﻷ نه يس كن قرب
م زنل وادلي .ول كن الزم الصمت ﻷ ننا ،حنن الفيس يانيني ،ل
حنب الغرابء كث ريا " .
مث تقدمت آ أ ثينا وتبعها آ أ وذيس .وقد آ أ جعب كث ريا ،وهو
سائر ،ابملرائف والسفن ،و آ أ م كنة الاج امتع ،وا ل أ سوار وملا بلغا
القرص قالت آ أ ثينا " :هذا هو املاكن اذلي س آ أ لت عنه ،
فادخ ل وس تجد هنا ملواك حيتفلون ،فال ختش رشا ،ﻷ ن
املقدام هو اذلي تيرس هل ا ل أ مور .واحبث آ أ ول عن املل كة ،
وامسها آ أ ريتا ،و يه شديدة الش به ابملكل ،ل أ هنا ابنة آ أ خيه .
فا ن ركسينور اكن آ أ خا املكل ،فرماه آ أ فلون بنباهل ،واكن ل
يزال شااب ،فاختذ من ابنته زوجا هل .ومل تنل زوجة من
اح رتام س يدها واكرام الناس ما انلته هذه .ول يعوزها
ال دراك ،ولك اذلين ختصهم بعطفها تضع ملتاعهبم حد ا .وا ذا
ما نلت حظوة دلهيا ،فال شك يف آ أ نك س تعود لرؤية وطنك "
.
قالت آ أ ثينا هذا ،وانرصفت قاصدة آ أ رض ا ل أ ثينيني ،
ودخل آ أ وذيس القرص .واكن فيه ا رشا قا ك أ نه ا رشاق الشمس
آ أ و القمر .واكن القرص من العجائب ،جدرانه من النحاس :
و آ أ بوابه من اذلهب قامئة عىل دعامئ من الفضة .وعىل جانيب
الباب الكب من اذلهب والفضه ،
81
يفس ت .وقد ص ف ت املقاعد عىل حماذاة اجلدار من من صنع هِ ْ
العتبة ا ىل الغرفة ادلاخلية ،وجلس علهيا زع امء الفيس يانيني
حيتفلون .وهناكل ودلان صيغت من اذلهب ،حتم ل يف آ أ يدهيا
مشاعل تيضء يف الظالم .واكن يف امل زنل مخسون امرآ أ ة يطحن
احلنطة ،وحي كن الثياب ،فمل ت كن نساء هذه ا ل أ رض يف
احلياكة آ أ ق ل همارة من رجالهن يف خوض البحر.
واكن حوايل امل زنل حدائق يف غاية امجلال ،مع بساتني من
التني ،والتفا ح ،والمكرثى والرمان ،والزيتون .ويه بساتني
ل يؤذهيا جفاف ول صقيع ،ب ل تؤيت آ أ لكها املرة تلو املرة دون
انقطاع .واكن هناك كرم ،واكن به عناقيد العنب صائرا ا ىل
اجلفاف شيئا فشيئا حتت آ أ شعة الشمس ،وبعضها قد نضج
للقطاف ،والبع ض ال خر ل يزال يف آ أ ول امحراره .واكن هنا كل
آ أ حواض من لك آ أ نواع ا ل أ زهار ،ويف الوسط عينا ماء جارية ل
ينضب ماؤه ام .وقد آ أ لق آ أ وذيس عىل هذا لكه نظرة عابرة ،
مث دخل الهبو .وهناك اكن زع امء الفيس يانيني حيتسون ال ك أس
ا ل أ خرية م كر سة لهرمس .ف آ أ رسع يف خطوه بيهنم ووضع يديه عىل
ركبيت آ أ ريتا وقال ،وقد تالىش الضباب من حوهل وهو يتلكم
حىت رآ ه لك من يف القاعة :
82
" -ا نين مس تجري بك وبزوجك وبضيوفك .لتباركك
ال آ لهة ولتباركهم ،و ل متنحمك عيشا رغدا تعيشونه ويعيشه
آ أ ولد مك من بعدمك يف سالم ! ولست آ أ بغي سوى آ أ ن تت كريم
اب رسايل ا ىل بدلي ومسقط رآ أ يس " .
مث جلس عىل رماد املوقد ،ومصت امجليع هنهية ،تلكم
بعدها ا خنيوس كب ري القوم فقال :
" -ل يليق بك آ أ هيا املكل آ أ لسينوس آ أ ن ترتك هذا الرجل
جيلس عىل رماد املوقد ،فآ أ هنضه ودعه جيلس عىل مقعد ،ول رنق
امخلر ل أ بينا زفس صديق املس تجريين ،وليقدم هل قمي البيت محلا
و رشااب " .
ففعل آ أ لسينوس ما طلب منه و آ أ مر ابنه البكر لوذاماس
آ أ ن يهنض عن مقعده .مث صب آ أ حد الغل امن املاء عىل يديه ،
وقدم هل قمي املزنل محلا و رشااب .وملا آ أ هرقوا مجيعا شيئا من
امخلر لزفس ال هل ال ب ،تلكم املكل آ أ لسينوس ،فقال " :ا ننا
عند الصبا ح س ندعو الشعب لالج امتع ،ل رنى كيف نوص ل هذا
الغريب ا ىل بدله دون آ أ ن ميسه آ أ ذى ،ول كننا ل ندري ماذا
حيل به هناك .وس ي كون شآ أ ن ذكل كام غزلته هل ا ل أ قدار حيامن
محلت به آ أ مه .وا ذا اتفق آ أ ن اكن هذا ا لها ل برشا ،فوجوده
بيننا قد ي كون خطرة جديدة من خطرا ت ال آ لهة .فقد
83
س بق آ أ ن ظهروا عالنية بيننا وحنن نقدم الضحااي ،وجلسوا
ا ىل جانبنا يف ا ل أ عياد .آ أ ج ل ا هنم مل ي كونوا ليتنكروا ملسا فر
يصادفهم يف طريقه ،فهم من ا و آ أ مي احلق آ أ حسن القرىب " .
مث تلكم آ أ وذيس فقال " :ل خيامر فؤادك يشء من هذا
آ أ هيا املكل ! فا ين لست اب هل ،وا ذا كنت تعرف آ أ حدا هو
آ أ تعس بين البرش ،فبه تقدر آ أ ن تش هبين .ومي كنين آ أ ن آ أ رسد
عليمك خرب الكثري من البال اي وا ل أ رزاء .ول كن آ أ هملوين ريامث آ لك
مفا يف جوع الانسان من حياء ،فهو حيمهل عىل املآ أ لك واملرشب
همام اكن مبلغ ح زنه .ولكن عندما يآ أ يت الهنار ،هتيآ أ وا للعمل
وامحلوين ا ىل موطين ،فا ين ل أ رىض ابملوت ا ذا مت كنت من رؤيته
مرة آ أ خرى " !
فآ أ جابوه آ أ ن ا ل أ مر س يكون كام قال ،وتفرقوا لك ا ىل
بيته .ومل يبق يف القاعة ا ل آ أ وذيس ،وبقي معه آ أ لسينوس
و آ أ ريتا .ور آ أ ت آ أ ريتا معطفه وثوبه ،واكنت يه قد صنعهتام مع
وصيفا هتا ،فقالت هل :
" -من آ أ ين آ أ نت آ أ هيا الغريب ،ومن آ أ عطاك هذه
املالبس " ؟
فقص علهيا آ أ وذيس خ رب قدومه من جزيرة لك يبسو ،
84
وما لقيه من العناء ،وكيف وجدته نوس ياك عىل الشاطئ
وقادته ا ىل املدينة .
جفعل آ أ لسينوس يلوم الفتاة ل أ هنا مل حترضه يه نفسها ا ىل
املزنل وقال " :ذ كل ل أ نك كنت هبا مس تج ريا " .
فقال آ أ وذيس " :ل تلمها ،فقد اكن بود ها آ أ ن حترضين ،
ول كين مل آ أ قب ل خش ية غضبك " .
قال هذا ل أ نه مل يش آ أ آ أ ن يوجه اللوم ا ىل الفتاة .فقال
آ أ لسينوس " :لست من الذلين يغضهبم آ أ مر كهذا ،وا ين ل أ ود
لو اكن يل صهر مثكل آ أ منحه م زنل و آ أ عطيه ثروة ،ول كين ل
آ أ مسك بآ أ حد رمغ ارادته .آ أ ما ا رساكل ا ىل بدلك فآ أ مره يسري
علينا ،مفا عليك ا ل آ أ ن ت ستسمل ا ىل النوم ،يف حني يرضب
رجايل البحر مبجاذيفهم ،حىت يوصلوك ا ىل حيث تشاء ،ولو
اكن ذكل آ أ بعد من آ أ وبيا ،اليت يقولون ا هنا يف آ أ قىص ا ل أ رض .
حىت هذه بلغها رجايل ،ومه حيملون راذام ن ْ ثوس .وقد بلغوها
ورجعوا يف يوم واحد ،دون آ أ ن ي آ أ خذمه لكل .ول بدع ،
فسفين خ ري السفن اليت مت خر البحر ،وفتياين آ أ همر من كد عىل
مِ جذاف " .
قال هذا فابهتج آ أ وذيس لس امع الكمه .ودعا يف نفسه
قائال " :آ أ هيا ال هل زفس ،امنحين آ أ ن يفي آ أ لسينوس بلك ما
وعد ،ويرس يل بلوغ وطين " !
85
و آ أ مرت آ أ ريتا خادما هتا آ أ ن هيينئ للغريب فرا شا ،فغادرن
القاعة ويف آ أ يدهين املشاع ل ا ىل حيث آ أ عددن الفراش .وملا
آ أ هنني علهن دعون آ أ وذيس بقولهن " :ا هنض آ أ هيا الغريب ،
وارقد فا ن الفراش قد هييء " .
وقد اكن جذهل عظامي لشد ة حاجته ا ىل الرقاد ،بعد لك
ما لك ما اك بده من املشاق .
86
9
ا لفي س يا ن يون
هن ض املكل يف اليوم التايل مع الفجر ،وهن ض آ أ وذيس
كذ كل ،وتقدمه املكل ا ىل ماكن الاج امتع .واكنت آ أ ثينا يف
غضون ذ كل جتوب املدينة ،يف هيئة داعي املكل وتقول للك من
تلقاه " :هلموا ا ىل الاج امتع اي قواد الفيس يانيني و م ستشارهيم
ليك تقفوا عىل آ أ مر هذا الغريب اذلي نزل بساحة آ أ لسينوس " .
وه كذا آ أ اثرت فهيم الرغبه ،فغ ص هبم ماكن الاج امتع .
وقد آ أ جعب الرجال برؤية آ أ وذيس ،فقد آ أ فاضت عليه آ أ ثينا
مالحة رائعة ،فبدا للناظرين آ أ مج ل هيئة ،و آ أ طول قامة ،
و آ أ شد قو ة .
مث هنض املكل لللكم فقال :آ أ صغوا اي قو اد الشعب
87
و م ستشاريه ا ىل ما آ أ قول .لقد نزل هذا الغريب قرصي ،
ولست آ أ عمل من هو ،ول من آ أ ين آ أ ىت .ول آ أ عمل آ أ من مرشق
الشمس قدومه ،آ أ م من مغرهبا .وقد رجاان آ أ ن نرجعه ساملا
ا ىل وطنه .واكن من عاداتنا منذ القدم آ أ ن نبذل هذا العون
للغرابء .فلنخ رت ا ذا مركبا مل ميخر البحر من قبل ،ولننتخب
اثنني ومخسني شااب ،مه خري من كدح عىل جمذاف ،وحيامن
هتيؤون ا ل سفينة ،تعالوا ا ىل قرصي لنقمي عيدا ،وس آ أ عد ما
يلزم ذل كل من العد ة .وا طلبوا من ذومودوك املنشد آ أ ن حيرض
،فا ن ال آ لهة خص ته بعطية الغناء ليهبج قلوب البرش " .
وعل القوم ح ينئذ مبا آ أ شار به املكل ،فهي آ أ وا ا ل سفينة ،
و آ أ رسوها عند الشاط ئ ،وذهبوا بعد ذ كل ا ىل قرصه .وقد
غ ص القرص ابلقادمني من الش بان والش يوخ اذلين احتشدوا
فيه من اجلانب الواحد ا ىل اجلانب ال خر .وذحب هلم آ أ لسينوس
اثين عرش خرو فا ومثانية خنازير وثورين .و آ أ عد رجاهل للشعب
عيدا عظامي .
مث جا ء خدم املكل يقودون املنشد من يده .وقد آ أ حبته
ا ل هة الفن احلب اجلم ،غ ري آ أ هنا آ أ عطته اخل ري والرش عىل
السواء .فقد منحته نعمة الغناء امجلي ل ،ول كهنا سلبته نور
عينيه .وقد آ أ جلسه اخلدم عىل كريس من الفضة يف وسط
88
الضيوف ،وعلقوا القيثار عىل وتد فوق رآ أ سه ،و آ أ رش دوا يده
،حىت ي كون يف وسعه آ أ ن يتناوهل .ووضعوا بقربه منضدة
وسةل و ك أ سا من النبيذ ليرشب مهنا حيامن يشاء .
وه كذا آ أ قام الفيس يانيون يف الهبو عيدا ،وملا آ أ خذوا
كفايهتم من الطعام والرشاب ،آ أ خذ املنشد يف الغناء .فغىن
آ أ نشودة بلغت شهرهتا الس امء ،تصف خصام آ أ وذيس و آ أ خيل ،
وكي ف تشاجرا يف آ أ حد آ أ عياد ال آ لهة ،وتصف فرح آ غاممنون ملا
رآ أ ى آ أ رشف ال غريق يف خصام .وذكل ل أ ن آ أ ف ُ ل ون اكن قد
آ أ نبآ أ ه بذكل يف فيثو ،آ أ ي آ أ ن خال فا ل بد آ أ ن يش جُ ر بني
آ أ حمكهم و آ أ قوامه ،قب ل آ أ ن ي مت كن من الاستيالء عىل مدينة
طروادة ا لعظ مية .
وفامي اكن املنشد يغين ،اكن آ أ وذيس ممساك معطفه
ا ل أ رجواين آ أ مام وهجه ،فقد جخ ل آ أ ن ينتحب عىل مرآ أ ى من
الناس .ولكام اكن املنشد يكف عن ا نشاده اكن آ أ وذيس ميسح
دموعه ،ويريق امخلر لل آ لهة .وا ذا ما عاد ا ىل ال نشاد لرغبة
الزعامء يف سامعه ،عاد آ أ وذيس ا ىل سرت وهجه ،وعاد ا ىل حن يبه
.ومل يلحظ ذكل من احلارضين آ أ حد سوى آ أ لسينوس .
مث قال املكل للزع امء " :ال ن ،وقد مقنا ابحتفالنا
وابهتجنا ابل نشاد ،فلنخرج خارجا ل رني هذا الغريب
89
حذقنا للمالمكة واملصارعه والعدو " .
فلبوا دعوة املكل وخرحوا ،وقاد آ أ حد ادلعاة ذميودوك
بيده ،ل أ ن املنش د اكن رضيرا .ووقف عندئذ كث ريون من
الش بان الفيس يانيني ،واكن آ أ مجلهم و آ أ قوامه مجيعا لوذاماس ،
ابن املكل الب كر ،ويليه آ أ ورايلوس .مث تسابقوا فاكن آ أ رسعهم
لكيتونوس .واكن آ أ ورايلوس خري املصارعني ،واكن لوذاماس
آ أ فضل املالمكني .وتفوق ا لتريوس يف قذف القرص وتف وق
آ أ مفيالوس يف القفز فوق احلواجز .
وقال لوذاماس ل أ وذيس ،وقد آ أ حل عليه آ أ ورايلوس " :
آ أ ل جتر ب همارتك آ أ هيا ا ل أ ب يف بعض هذه ا ل أ لعاب وتطرح اهلم
من فؤادك " ؟
ول كن آ أ وذيس آ أ جاب " :مل تسآ أ لين هذا ؟ ا ين آ أ فكر يف
مهو يم دون هذه ا ل أ لعاب الرايضية .وا ين ل أ جلس بينمك ول
شاغل يل ا ل وطين والسبي ل ا ىل رؤيته اثنية " .
فقال آ أ ورايلوس " :حقا آ أ هيا الغريب آ أ نه تلوح عليك
خمايل املصارع آ أ و املالمك .بل قد يرى املرء فيك اتجرا من
التجار جيوب البحار يف طلب الرحب " .
فآ أ جابه آ أ وذيس :بئس القول قوكل .ول ريب يف آ أ ن
90
ال آ لهة ل جتود عىل الناس لكهم بلك عطاايها ،فهىي متنح هذا
امجلال ،وجتود عىل ذاك حبسن اخلطا ب ،وا نك لبديع التكوين
،وليس ل هل آ أ ن يفضكل يف ذكل ،ولكنك يسء املنطق .ل ،ل
تعوزين امل ه ارة يف هذه ا ل أ مور ،فقد كنت فامي سلف من ا ل أ ايم
يف ا ل أ ولني مقاما .بيد آ أ ين عانيت كث ريا يف املعارك ،وحتطمت
يب سفن كث رية .عىل آ أ ين سآ أ متحن قويت ،فقد آ أ غضبين الكمك
".
مث آ أ خذ قرصا ،يرىب يف ثقهل كث ريا عىل لك ا ل أ قراص اليت
اعتاد الفيس يانيون قذفها ،فآ أ رسهل وهو ملتف مبعطفه ،
فانطلق يدوم يف القضاء ،حىت خر الفيس يانيون ا ل أ بطال عىل
ا ل أ رض رعبا ،وسقط ع ىل مسافه بعيدة من سائر ا ل أ قراص .
عندئذ آ أ قبلت آ أ ثينا ،وقد اختذت هيئة آ أ حد الفيس يانيني
،وجعلت يف ماكن سقوط القرص عالمة ،وتلكمت قائةل " :
حقا آ أ هيا الغريب ا ن ا ل شاهد عىل قو تك ليت ضح حىت ملن به
ع .فا ن الرمية مل تضع بني سائر الرميات ،ول كهن ا ختطهتا
مجيعا ا ىل حد بعيد .فتشجع ا ذا يف هذه املباراة عىل ا ل أ ق ل ،
فليس بني الفيس يانيني من يبذ ك فهيا " .
فرس آ أ وذيس ا ذ وجد بني القوم صديقا ،وقال " :
هلموا آ أ هيا الش بان وابروين يف هذه الرمية ا ن ا س تطعمت :
91
وسآ أ ريم ع ا قليل رمية آ أ خرى تبلغ مبلغ هذه آ أ و ق د تتخطاه .
آ أ ج ل ليتقدم منمك من يشاء ملبارايت .وا ين ل أ حتدى يف املالمكة
واملصارعة ،ويف العدو آ أ يضا ،لك رج ل يف فيس يا ،واس تثين
لوذاماس وحده ،ل أ نه صديقي .ويف وسعي آ أ ن آ أ ر يم ابلقوس ،
ول يفوقين يف ذكل ا ل فيلوكتيت وحده ،و آ أ قدر آ أ ن آ أ بعد
الرمية برحمي ا ىل اذلي ير يم ا ليه سواي بسهمه .آ أ ما الس باق
فقد يبذ ين فيه البع ض ﻷ نين لقيت كث ريا من آ أ هوال البحر " .
خفمي الصمت عليعم مجيعا ،حىت هنض املكل وقال " :نعم
ما قلت ،ول كننا حنن ،رجال فيس يا ،ل ن متزي بقدرتنا عىل
املصارعة ،ول عىل املالمكة ،ول كننا رسيعو ا ل أ رجل خب ريو ن يف
خوض البحار .وحنن مولعون اب ل أ عياد والرقص ،وحنب القيثار
،والثيا ب الزاهية ،والاس تحامم ،وليس يف وسع آ أ حد آ أ ن
جيارينا يف هذا " .
مث طلب املكل من ذميودوك املنشد آ أ ن يعاود الغناء .وملا
فعل هذا رق ص ابنا املكل آ أ ليوس ولوذاماس معا ،مث لعبا
ابل كرة فاكان يرس الهنا يف الفضاء ا ىل آ أ ن تبلغ الغامم ويتلقياهنا
مبهارة فائقة .
وقال املكل بعد ذكل " :ليعط لك منا هذا الغريب
92
معطفا وثواب وو زنة من اذلهب ،وليتقدم آ أ ورايلوس فيسرتضيه
ابللكم وابلهدية " .
واتفقوا مجيعا ( واكنوا اثين عرش آ أ م ريا ،و آ أ لسينوس
الثالث عرش فهيم ) عىل ذ كل .وقدم آ أ ورايلوس ا ىل آ أ وذيس
س يفا نصابه من الفضة ومغده من العاج .
وملا قد مه قال :سالم عليك آ أ هيا ا ﻷ ب ! ا ن اكن يف
الكيم يشء من ال ساءة فلتذهب به الرايح ! و ل متنحك ا ﻵ لهة
العودة ا ىل رؤية زوجك و آ أ صد قائك ومسقط رآ أ سك "!
فآ أ حابه آ أ وذيس " :وعليك السالم اي صديقي ! ل متنحك
ال آ لهة السعادة ،و ل تيرس يل الاحتفاظ هبذا الس ي ف اذلي
آ أ هديته ا يل " !
مث آ أ حرض مجيع ا ل أ مراء عطاايمه .وقال آ أ لسينوس للمل كة :
" آ أ حرضي لنا آ أ يهتا الس يدة صندوقا .ولي كن آ أ حسن ما دليك
،وضعي فيه ثواب ومعطفا .وس آ أ عطي ضيفنا ك أ سا ذهبية مجيةل
من كؤويس ،ل يك يذكرين هبا لك آ أ ايم حياته حيامن يريق مهنا
لل آ لهة " .
فآ أ حرضت املل كة من غرفهتا صندوقا طريفا ،ووضعت
فيه عطااي ا ل أ مراء ،ووضعت فيه آ أ يضا بيدها ثواب ومعطفا ،
وقالت :
" -اهمت ال ن ابلغطاء ،واعقد عليه عقدة ل يقدر
93
معها آ أ حد عىل رسقتك يف سفرك ،و آ أ نت انمئ يف ا ل سفينة .
فآ أ حمك آ أ وذيس تثبيت الغطاء يف موضعه ،وعقد عليه عقدة
ماكرة علمته ا ايها سريسة الساحرة .مث ذهب ا ىل امحلام .وفامي
هو راجع من امحلام ،لقي نوس ياك عند مدخل القاعة ،
فدهشت لرؤيته ،فقد اكن مجيال يروق ا ل أ نظار .وقالت هل :
وداعا آ أ هيا الغريب ،ولكن عندما تآ أ يت بدلك آ أ ذكرين احلني بعد
احلني فا نك مدين يل حبياتك " .
فآ أ جاهبا آ أ وذيس :ا يه اي نوس ياك ! ا ذا قدر يل زفس
وه ريا آ أ ن آ أ رجع ساملا ا ىل وطين ،فا ين س آ أ كر مك ما دمت حيا
ك ام آ أ كر م ا لهة ،ﻷ ين مدين كل حقا حبيايت " .
مث دخل القاعة ،وجلس ا ىل جانب املكل ،وجاء
الوصيف يقود املنشد الرضير من يده .وقطع آ أ وذيس قطعة
وا فرة من ظهر خزنير وضع آ أ مامه ،وقال للوصيف " :خذ هذه
و آ أ عطها ذومودوك ،فا ن املنشد خلليق اب كرام الناس ؛ ل أ ن
ا ل هة الفن يه اليت تويح ا ليه وتوليه احلب " .حفم ل الوصيف
الص حفة ،ووضعها عىل ركبيت املنشد ف آ أ ثلج فؤاده .
وملا آ أ خذ امجلع كفايته من الطعام والرشا ب ،خا طب
آ أ وذيس املنشد فقال " :ل آ أ عمل اي ذومودوك آ أ ا ل هة الفن يه
اليت تويح ا ليك ما تنشده آ أ م آ أ فل ون ،ول كنك ،و آ أ مي ُ
94
احلق تش يد مبا عاانه ال غريق آ أ مام طروادة ا لعظ مية ،وما لق وه
من ا ل أ هوال ،ك ام لو شهد ت ذ كل بنفسك .فهمل ال ن وغن نا
بذكر احلصان اخلش يب اذلي صنعه ا فيوس اب يعاز من آ أ ثينا ودب ر
آ أ وذيس آ أ مر ا صعاده ا ىل قلعة طروادة ،بعد آ أ ن م ل أ ه بآ أ جشع
الزعامء .آ أ جد غناء هذا ،ف آ أ شهد كل بآ أ نك املنشد اذلي لق نته
ا ل أ راب ب " .
وغىن املنشد هذه ا ل أ غنية اب حياء من ال آ لهة ،فذكر كيف
آ أ ن قسام من ال غريق آ أ شعلوا النار يف خم ميهم ،و آ أ حبروا يف
سفهنم بعيدا ،وكيف آ أ ن القسم ال خر ،آ أ ي آ أ وذيس وحصبه
اختبآ أ وا يف احلصان ،اذلي جر ه رجال طروادة بآ أ يدهيم ا ىل
ماكن اج امتعهم .مث ج لس القوم من حوهل ،وعرضوا ثالثة آ راء
.آ أ و لها آ أ ن تشق ق آ أ خشابه ،واثنهيا آ أ ن جير ا ىل شفا اجلب ل
ويقذف من هناك ،واثلهثا آ أ ن ي رتك ك ام هو تقدمة لل آ لهة .وقد
تغل ب الرآ أ ي الثالث ،ا ذ اكن مقدورا للمدينة آ أ ن هتكل
ابحلصان .
خرج الزعامء من احلصان ، وغىن املنشد آ أ يضا ذاكرا كي ف
ادلمار ،وذكر كي ف آ أ ن وجاسوا خالل املدينة معملني فهيا
م زنل ذيفوب ،يف مغامرة آ أ وذيس ذهب مع املكل مانيال ا ىل
.غىن املنشد هبذا ،فذاب جريئة خطرة ،وتغلبا مبساعدة آ أ ثينا
قلب آ أ وذيس يف صدره وهو يصغي ،
95
وسالت الع ربا ت عىل خد يه .واكمرآ أ ة ترمتي عىل جثة زوج عزيز
،سقط مدا فعا عن وطنه ،وهو جيهد يف التنفس مرشفا عىل
الهناية ،فترصخ وت ُ ع وِ ل ،مث يآ أ تهيا ا ل أ عداء من خلفها ،
فيرضبون ظهرها وكتفهيا برماهحم ،ويقودوهنا ا ىل الس يب ،وقد
بر ح ادلمع خبدهيا ،ه كذا اكنت ادلموع هتمي من عيين آ أ وذيس .
ومل ينتبه آ أ حد من امجلاعة غري املكل آ أ لسينوس ا ىل ما اكن
من شد ة وقع الغناء عليه ،عندئذ تلكم املكل فقال " :امسعوا
اي آ أ مراء الفيس يانيني ودعوا ذومودوك يكف عن غنائه ،مفذ
وضع يده عىل القيثارة مل ينقطع هذا الغريب عن النحيب لي كف
املنشد ا ذا ،و ل منرح ونبهتج كام يليق بنا آ أ ن نفعل .آ أ مل جن متع
معا لنقد م الهدااي لهذا الغريب ،ونرسهل ا ىل بدله ؟ وا ن
الغريب واملس تجري لكهيام ل مب زنةل ا ل أ خ للك من مل يصب ابجلنون .
و آ أ نت آ أ هيا الغريب ل ِ
ختف عنا شيئا مما آ أ س آ أ كل عنه .فآ أ خ ربان
بآ أ ي امس تدع يف بدلك ،فليس من آ أ نسان سواء آ أ اكن نبيال
آ أ م وضيعا ا ل وهل امس يسم به ،وهو اذلي يطلقه عليه آ أ بواه
ساعة مودله .و آ أ خ ربان عن آ أ رضك وبدلك ،يك تتخذ سفننا
الطريق ا لهيا ل يصاكل ؛ ل أ هنا ليست كسفن سائر الناس اليت
لها د ف ة ،ومن يقوم عىل ا دارة هذه ادلفة ،ب ل ا ن لرجالها
ا درااك
96
خاصا هبم ،ومه يعرفون بالد الناس لك ها ،وجيوزون فوق
الغمر يغشامه الغامم ،ول خيشون عىل سفهنم الغرق .غري آ أ ن
وادلي كث ريا ما اكن يقول ا ن فوس يذون حيمل لنا حقدا ؛ ل أ ننا
نوصل الناس ساملني ا ىل بالدمه .و آ أ نه ل بد آ أ ن يرضب ا حدى
سفننا ويه عائدة من مث ل هذه املهمة ،فيحولها ا ىل خصرة
تظل ل مدينتنا آ أ بدا .فلي كن آ أ مر ال هل ،آ أ و فليقلع عنه حس امب
يشاء ! ول كن آ أ خربان آ أ هيا الغريب عن نفسك ،وق ل ا ىل آ أ ين
آ أ دى بك التطواف ،و آ أ ي البالد رآ أ يت ،سواء آ أ اكنت بالدا
آ هةل اب ل أ رشار ،آ أ م اكنت بالدا آ هةل مبن ي كرمون الغريب
ويت قون ال آ لهة .و آ أ خ ربان آ أ يضا ملاذا كنت تنتحب دلى س امعك
حاكية طروادة .هل اكن كل بني الهالكني يف طروا دة قريب ،
آ أ و نسيب مصاهرة ،آ أ و صديق ؟ فا ن الصديق احلكمي اك ل أ خ
سواء بسواء " .
97
10
ا ل س يلكوب1
( قصة آ أ وذيس )
99
الس اموا ت ،تغلب الس يكونيون علينا ،وطاردوان ا ىل سفننا .
وهكل منا من آ أ هل لك سفينة س ت ة رجال ،وجنا الباقون من
املوت .
مث آ أ حبران وقد برح بنا احلزن لفقد رفا قنا ا ل أ عزاء ،
وفرحنا مع ذكل لنجاتنا من الهالك .عىل آ أ ننا قبل آ أ ن نبحر ،
اندينا لك رج ل من اذلين سقطوا يف املعركة ابمسه ثالاث .
وملا آ أ حبران وقطعنا مسافة قصرية ،آ أ رس ل علينا زفس رحيا
ش املية ،عاصفة جبارة ،غطت ابلسحب ا ل أ رض والبحر ،
ود فعت السفن آ أ ماهما .ف آ أ نزلنا الرشع ،وجذفنا ابلسفن حنو
الرب بلك قواان .وبقينا يومني ناليق الهول وا ل أ ىس .ومل يرشف
صباح اليوم الثالث حىت نرشان الرشع وس كن ا ا ىل الراحة .ولو
وااتان احلظ لوصلت ا ىل وطين .ول كن البحر والرحي الش املية
حادا يب عن سبييل ،ود فعاين ا ىل ما بعد س ي رثا ،وظلت الرحي
تد فعنا آ أ ما هما ثالثة آ أ ايم .
ويف اليوم العا رش آ أ قبلنا عىل ا ل أ رض اليت تنبت (النبق )
اللوتيس ،وهو مثر جعيب يرصف آ لكه عن الا هامتم برؤية وطنه
وزوجته و آ أ ولده .واكن آ أ لكة اللوتيس -وهو الامس اذلي يطلقونه
عىل آ أ نفسهم -كرام اخللق ،وقد قدموا ا ىل بعض حبارتنا شيئا من
مثرمه هذا ،ومه ل يريدون هبم رشا ،بل ظنوا آ أ هنم ا منا
يقدمون ا لهيم خري ما دلهيم .
100
وملا آ أ لك هؤلء آ أ علنوا آ أ هنم ل يرغبون يف ركوب البحر اثنية .
فل ام مسعت هذا ،آ أ مرت رفا قهم ف آ أ وثقومه ومحلومه ا ىل السفن ،
ومه يتظلمون .
وسكنت الرحي عندئذ ،فعمدان ا ىل جماذيفنا وجذفنا آ أ ايما
كث رية ،آ أ قبلنا بعدها عىل ا ل أ رض اليت يس كهنا الس يلكوب .
واكن عىل مسافة مي ل من الشاط ئ آ أ و حنوه جزيرة رائعة املنظر
،وا فرة اخلصب ،وليس هنا كل من آ أ حد يس كهنا آ أ و حيرث
آ أ رضها .واكن يف اجلزيرة ميناء ،تآ أ من فيه السفن ،اختالف
الراي ح .وعند رآ أ س امليناء جدول يتد فق من الصخر ،وهيمس
جشر احلور حوهل ،فدخلته السفن آ منة ،ور ست عند الشاطئ
،وانم النوايت هبا ينتظرون الصباح .
وملا ب زغ الفجر جس نا خالل اجلزيرة ،و آ أ اثرت حوراي هتا
املعز ال ربي ليك يكون منه لصحيب طعاما يآ أ لكونه .فآ أ خذان
آ أ قواس نا ورماحنا من املراكب ،وسد دانها ا ىل املعز ،و م نحتنا
ال آ لهة صيدا وا فرا .وقد اكن يف حصبيت اثنتا عرش سفينة ،
فآ أ صا ب لك سفينة تسع ع زنا ت ،واكن نصييب اخل ا ص مهنا عرشا
.
ومكثنا طول الهنار يف عيد ،حنتيس نبيذا حلوا ،
آ أ خذانه من مدينة الس يكونيني ،ونآ أ لك من حلم املعز
101
وكن ا وحنن جالسون ننظر من هناك ا ىل آ أ رض الس يلكوب ف رنى
ادلخان ،ونسمع آ أ صوات الرجال وثغاء الغمن واملعز ،حىت
آ أ قبل اللي ل ،وخمي عىل ا ل أ رض الظالم ،فا س تلقينا عند
الشاط ئ وا س تسلمنا ا ىل النوم .
وعند الصباح مجعت رجايل وخا طبهتم قائال :آ أ ق ميوا هنا اي
آ أ صد قايئ ا ل أ عزاء ،آ أ ما آ أ ان فا ين ذاهب ب سفينيت اخلاص ة ،مع
خوا ص حصيب نس تجيل لمك خرب الساكن يف تكل اجلزيرة ،فنعمل
آ أ من ا ل أ رشار مه آ أ م من ا ل أ خيار .
وصعد ت ا ىل سفينيت ،و آ أ هبت برفايق آ أ ن يتبعوين ،
فآ أ تينا آ أ رض الس يلكوب .واكن بقرب الشاط ئ كه ف ،قامت
عىل جانيب اببه آ أ جشار الغار .وقد اختذه الس يلكوب مس كنا .
وهو خملوق يعيش منفردا ول خيضع لقانون ،ول يش به البرش
الفانني ،ب ل يش به مقة هضبة ملتفة ا ل أ جشار ،نت آ أ ت مبعزل عن
سائر الهضاب .
فطلبت من حصيب آ أ ن مي كثوا عند ا ل سفينة حلراس هتا ،
وانتخبت من بيهنم اثين عرش رجال ،مه آ أ بسل البحارة ،
وتقد مت هبم .واكن معي قربة من جدل املعز م ل أ ى من نبيذ
حلو آ أ محر قان ،آ أ عطانيه اكهن آ أ فلون يف ا يس امروس ،ﻷ ننا
ُص ن اه مع زوجه وودله من السوء حيامن دككنا املدينة .وقد
آ أ عطانيه ل أ ننا فعلنا ما فعلنا معه ا كراما لال هل .وقد
102
آ أ عطاين من العطااي ثالاث :س بع وزانت من اذلهب ،و ك أ سا
فضية للمزج ،واثنيت عرشة جر ة من النبيذ .وقد اكن هذا
النبيذ من الفخارة حبيث مل ي كن يعمل به من آ أ هل داره سواه ،
وسوى زوجه ،و امرآ أ ة اكنت ق مية امل زنل .واكنوا عندما يرشبون
من هذا النبيذ ميزجون جزءا منه بعرشين جزءا من املاء .
واكنت تفوح منه راحئة عطرية غريبة ،حبيث ل يس تطيع آ أ حد
آ أ ن ميكل نفسه يف سهوةل عن رشبه .من هذا النبيذ م ل أ ت قربة
كب رية ومحلهتا معي ،ومحلت كذكل كيسا من القمح حدثين
فؤادي آ أ نين سآ أ حتاج ا ليه .
ودخلنا الكه ف ،فقدران آ أ نه مس كن راع غين حاذق .
فقد اكنت هناك حظائر لصغار الغمن واملعز ،مقس مة حبسب
آ أ ع امرها .واكن هناك سالل م ل أ ى ابجلنب ،ودلء طاحفة ابللنب
ُص ف ت حذاء احلائط آ أ ما الس يلكوب نفسه فاكن قد خرج ا ىل
املراعي .وقد رغب ا يل حصيب آ أ ن آ أ برح املاكن و آ أ مح ل معي منه
،ا ذا شئت ،شيئا من اجلنب و آ أ نواعا من امحلالن واجلداين
فآ أ بيت ل أ نين آ أ رد ت ،جراي عىل عاديت ،آ أ ن آ أ س تطلع خرب هذا
الراعي الغريب ،و آ أ عرف آ أ ي مضيف يكون ،وهل يف ال ماكن
آ أ ن تؤخذ من يده هدية كام حيق للغرابء .بيد آ أ ن جميئه مل ي كن
جملبة رسور لرفايق .
103
وملا حل املساء قدم الس يلكوب ،واكن عال قا جبارا ،خضم
اجلثة مديدها .ففزعنا مجيعا لرؤيته غاية الفزع ،وجلآ أ ان ا ىل
اجلانب اخلفي من ال كه ف.
واكن حيم ل عىل كتفه حزمة خضمة من جذوع الصنوبر
ليوقد انره ،فطرهحا خارج ال كه ف فسمعت لها هد ة عظ مية ،
مث ساق القطعان آ أ مامه ا ىل ادلاخ ل ،وسد املدخل بصخرة
هائةل تعجز عن محلها عرشون جعةل .مث حلب النعاج والع زنات .
و آ أ عد من اللنب شطرا للتخثري وع ل اجلنب ،وشطرا
لعشاءه .مث آ أ شع ل من جذوع الصنوبر انرا آ أ ضاء لهيهبا آ أ رجاء
الكهف ،وكشف هل عين وعن رفايق .فصا ح فوليفم ،واكن
هذا امس العمالق:
" -من آ أ نمت ؟ آ أ جت ار آ أ نمت آ أ م قرصان آ أ ف اقون ؟
فارتعدت فريص يت للصوت املريع وا ل هيئة اخمليفة ،ول كين
متال كت نفيس وتشجعت و آ أ جبت :لس نا قرصان آ أ هيا الس يد
اجلبار ،ول كننا من ال غريق العائدين من طروادة وحنن من
رعااي املكل العظمي آ أ غاممنون ،اذلي ذاعت شهرته من آ أ قىص
الس امء ا ىل آ أ قصاها .وقد آ أ تيناك مس تضيفني ابمس زفس ،وهو
اذلي جيازي آ أ و يعا قب الضي ف واملضيف ،
104
وفقا لوفاء آ أ حدهام لل خر آ أ و عدمه .فآ أ جابين العمالق :ليس
حديثك يل عن زفس وسائر ال آ لهة ا ل من قبي ل السخف
والهراء .وحنن الس يلكوبيني ل نقمي لل آ لهة وزان ،ونعد آ أ نفس نا
آ أ عىل مهنم مقاما و آ أ شد ب آ أ سا .ول كن تعال ال ن و آ أ خ ربين آ أ ين
تركمت سف ينتمك ؟
فآ أ دركت مراده حيامن س آ أ ل عن ا ل سفينة ،وعلمت آ أ نه ا منا
يبغي حتط ميها والقضاء عىل لك آ أ مل فينا للنجاة ،ولهذا آ أ جبته
يف م كر:
ا ننا ل منكل سفين ة ،فقد حطم املكل فوس يذون تكل اليت
محلتنا ،بآ أ ن د فعها ا ىل خصر انئت عىل هذا الشاطئ .وحنن
اذلين ترى آ أ مامك لك الناجني من ا ل أ مواج .
فمل جيب فوليفم بلكمة .ولكنه ،دون مزيد من الانزعاج
،قبض عىل اثنني من الرجال كام يقبض الانسان عىل جروين
من اللكب ورض ب هيام ا ل أ رض ،مفزقه ام عضوا عضوا ،والهتمها
الهتاما .واكن بني العضو وا ﻵ خر جيرع جرعا ت كبرية من اللنب ،
ومل يبق مهن ام شيئا ،حىت آ أ ىت عىل العظام مجيعا .
ور آ أ ى الباقون منا هذا العمل ،الفظيع فمل يقدروا ا ل
عىل الباكء والامتس العون من زفس .وملا م ل أ اجلبار كرشه
105
من اللحم ال ديم ومن لنب القطعان ،متد د بني غ منه وانم .
فرتددت عند ذ كل ا ل أ س ئةل يف صدري ،وجعلت آ أ سائ ل
نفيس هل آ أ قوم ف آ أ قتل هذا اخمللوق اخملي ف وهو انمئ ،فقد كنت
عىل ثقة من جودة س يفي وقدرته عىل النفاذ ا ىل قلب هذا
العمالق ،همام اكن مبلغ ج ربوته .ول كن ف كرة اث نية صد تين عن
ذكل ،فذكرت آ أ نين لو قتلته لهل كت ور فايق رش هالك .مفن ذا
يقدر آ أ ن يزحزح هذا الصخر العظمي القامئ عند ابب ال كهف ؟
وه كذا انتظران ا ىل الصباح بقلوب جزعة .واستيقظ ال ه ُ وةل
وحلب قطعانه ،مث آ أ مسك برجلني فالهتمها طعام وجبة .وذهب
ا ىل املراعي ،ول كنه و ضع الصخر العظمي عند مف الغار ،كام
يضع الرجل ل نيته غطاءها.
وقد قضيت ذ كل الهنار و آ أ ان آ أ ف كر يف خري الس ب ُ ل
ل نقاذي وا نقاذ رفايق ،ف آ أ دى يب تفك ريي ا ىل هذا :
اكن يف الكه ف عود عظمي ،جذع زيتونة آ أ خرض ك أ نه
لطوهل سارية سفينة ،وقد آ أ راد فوليفم آ أ ن جيع ل منه عاكزا ب عد
آ أ ن جيففه ادلخان .فقطعت منه قدر ابع ،ف رباه رفايق وجعلوه
يف النار ليصلب ويش تد ،مث آ أ خفيناه عن ا ل أ نظار .ورجع
العمالق يف املساء ،وساق قطيعه آ أ مامه ا ىل داخ ل الكه ف ،
ومل ي رتك الكباش خارجا ،كام
106
اعتاد آ أ ن يفعل ،ب ل آ أ دخلها مجيعا .وبعد آ أ ن قام مبا جيب عىل
الراعي من العم ل ،آ أ خذ اثنني من رفايق ،ك ام فع ل سابقا ،
والهتمها .
وحي امن فرغ من عشائه ،تقد مت حنوه ،آ أ محل ِز ق امخلر
يف يدي ،وقلت :
" -ارشب آ أ هيا الس يلكوب بعد طعامك ،ا رشب وانظر
آ أ ي نفائس اكنت حتوي سف ينتنا .ول كن لن ي آ أ تيك آ أ حد بعد
ال ن مبثل هذا ،ما دم ت تعامل الغرابء هبذه القسوة اليت
عاملتنا هبا " .
فرشب الس يلكوب ،وبلغت منه الذل ة آ أ ن قال آ أ عطين
املزيد ﻷ رشب ،وقل يل ما امسك آ أ هيا الغريب ،وسآ أ عطيك
هدية تليق ابملضيف آ أ ن ُهي دهيا .حقا آ أ نه لرشاب اندر .دلينا
حنن آ أ يضا كرمة ،ول كهنا ل تعرص نبيذا كهذا النبيذ اذلي ما
آ أ حس به ا ل شبهيا بذكل اذلي ترشبه ال آ لهة يف الساموات .
مث انولته ال ك أس مرة آ أ خرى فرشب ،وكر ر ت ذ كل ثالاث
ف كر ر الرشب ثالاث ،وهو ل يعمل ماهيته ،ول يدري ما يكون
من تآ أ ث ريه يف دماغه .
وخا طبته قائال " :قد س آ أ لتين عن امسي اي س يلكوب
107
فا عمل آ أ نين آ أ دع (ل آ أ حد) .وال ن وقد علمت امسي ،فقد
حق ت يل عليك الهدية .
" فآ أ جاب :آ أ ما هدييت كل فه ىي آ أ نين لن آ لكك ا ل بعد
آ أ ن آ يت عىل رفا قك مجيعا .وفامي هو يتلكم اس تلق عىل قفاه
وانم نوم الساكرى .ف آ أ هبت برفايق آ أ ن يتشجعوا ا ذ قد حان
وقت خالصهم .فآ أ لقوا بعود الزيتون ا ىل النار حىت اكد ،عىل
اخرضاره ،آ أ ن يش تعل ،مث زج وا به يف عني الوحش ،ا ذ مل
ت كن هل غ ري عني واحدة يف وسط ج بينه ،واحلاجب من آ أ سفلها
.وو قفت آ أ ان فوقه وملت عىل العود بلك قواي ،وجعلت آ أ ديره
ك ام يدير الرجل مثقبا يف خش بة سفينة ،وقد نش العود
املش تعل يف عينه ،ك ام ينش احلديد ا ذا آ أ محي وامحر يف املاء ،
ا ذا ما آ أ راد آ أ حدمه آ أ ن يسقي ال ف ولذ ليصنع منه س يفا .فوثب
العمالق من مرقده وحطم العود ورصخ رصاخا عاليا مسعه
الس يلكوبيون القا طنون يف آ أ كتاف اجلبل ،فدنو ا من الكهف
يس تطلعون اخلرب وسآ أ لوه:
" -ماذا آ أ صابك اي فوليفم ،حىت آ أ طلقت هذه الزجمرة يف
هد آ أ ة الليل ،فآ أ يقظت النيام ؟ ه ل سطا عليك آ أ حد قاصدا
آ أ ن يرسق ما شيتك ،آ أ و آ أ ن يقتكل ابخلديعة آ أ و ابلقوة ؟
" -ف آ أ جا ب العمالق ( :ل آ أ حد) يقتلين ابخلديعة.
108
فقالوا " :ولكننا ل نقدر عىل معونتك ا ذا اكن ل آ أ حد يؤذيك
.ومن ذا يقدر عىل د فع مرض ،ا ذا ما ابتاله به زفس العظمي
؟ فابهت ل ا ذا ا ىل آ أ بينا فوس يذون وا طلب منه العون .
قالوا هذا فضح كت يف رس ي ل مت كين من خداعهم هبذا
الامس اذلي ادعيته لنفيس .
ول كن الس يلكوب دحرج احلجر العظمي عن اب ب الكهف ،
وجلس يف الوسط اب سطا يديه ،ليقبض هب ام عىل من قد تسول
هل نفسه من الرجال يف داخل ال كهف آ أ ن خيرج مند س ا بني الغمن
.
وقد ف كرت طويال يف آ أ فض ل ذريعة لنجايت وجناة رفايق .
فاهتديت آ أ خ ريا ا ىل وس يةل رآ أ يهتا خري الوسائل .ومحدت زفس
كث ري امحلد ﻷ ن العمالق هذه املرة قد آ أ دخ ل الكباش ا ىل الكه ف
مع سائر الغمن .فقد اكنت هذه الكباش من العظم والقوة حبيث
قدرت آ أ ن آ أ شد آ أ حصايب ا ىل بطوهنا بصفاحئ من اخل زيران صنع
مهنا العمال ق رسيره .فكنت آ أ عد ا ىل ال كبش و آ أ وثق الرج ل
حتته ،واجع ل كبشني آ خرين عىل جانبيه .وه كذا فعلت
بآ أ حصايب الس تة ،ا ذ مل يبق من الثين عرش رجال اذلي
خاطروا ابجمليء معي من ا ل سفينة سوامه .واكن بني الكباش
كبش عظمي يفوقها
109
خضامة ا ىل حد كب ري ،فتعلقت به وتش ب ثت بصوفه بلكتا يدي.
و آ أ مق ن ا مجيعا عىل هذه احلا ةل ننتظر الصبا ح .وملا آ أ قب ل الصباح
اند فعت ال كباش تطلب املرع .ول كن ال عمالق قعد عىل اب ب
الكهف وجعل يت ح سس ظهورها ويه منطلقة ،ومل خيطر بباهل
آ أ ن جيرب وحيس ما قد يمكن حتهتا .جاء ال كبش العظمي آ خر
القطيع فعرفه الس يلكوب عند مروره وخا طبه قائال :
كيف هذا و آ أ نت قائد القطيع ؟ ليس من عادتك آ أ ن تتل ك أ
ه كذا ،فقد اعتد ت آ أ ن تبادر يف الطليعة ا ىل ورود الغدران
وانتجاع املراعي يف الصباح ،وكنت ا ل أ ول يف العودة ا ىل
احلظرية عند املساء ،وها آ أ ان آ أ راك آ خر امجليع .فلعكل قلقت ملا
آ أ صا ب عني س يد ك اليت آ أ تلفها شقي يدع ل آ أ حد ،بعد آ أ ن
آ أ س كرين ابمخلرة .و آ أ عتقد آ أ نه مل يفلت مين فياليتك تقدر عىل
اللكم ل تنبئين مبمكنه .ا ذا حلطمت رآ أ سه عىل ا ل أ رض وجفرت
دماغه ،وانتقمت لنفيس من (ل آ أ حد) هذا .قال هذا و آ أ طلق
الكبش خفرج من الكهف .وملا آ أ صبحنا يف منجاة من قبضة
للعمالق ،آ أ فلت الكبش مث حللت واثق رفايق و آ أ رسعنا ا ىل
سف ينتنا ،ومل ننس آ أ ن نسوق الغمن آ أ مامنا ،وكنا نكرث من
التلفت ورائنا ا ىل آ أ ن بلغنا الشاطئ .فل ام رآ ان آ أ ولئك اذلين
آ أ قاموا عند ا ل سفينة
110
ينتظرون رجوعنا ،بلغ رسورمه غايته ،ومل يبكوا اذلين ماتوا
منا ،مع شدة رغبتنا مجيعا يف ذكل .فقد حظرت علهيم الباكء
خيفة آ أ ن يمن العويل علينا ،فيس تدل العمالق عىل ماكن
وجودان .وصعدان مجيعا ا ىل ا ل سفينة وجلس نا يف نظام عىل
املقاعد ،و ج علنا نرضب البحر مبجاذيفنا ،جادين يف تقومي
ا ل سفينة ليك نبعد عن هذه ا ل أ رض املشؤومة يف آ أ رسع ما مي كننا
.وملا جذفنا ا ىل مسافة مئة ايردة آ أ و ما يقرب مهنا ،حبيث اكن
ل يزال يف ال ماكن آ أ ن يسمع صوت الواحد منا من هو واقف
عند الشا طئ ،وقفت يف ا ل سفينة وحصت عاليا :
" -آ أ هيا الس يلكوب ،مل ي كن جباان ذ كل اذلي فت كت
بصحبه يف وجارك خس ة وغدرا .وقد اكن عقابك عا دل ،آ أ هيا
الوحش اذلي تف رتس ضيوفك يف س كنك .ولت زنل بك ال آ لهة من
املصائب ما هو رش من هذا! " .
عندها عد الس يلكوب ،وقد ا ش تد به الغيظ ،ا ىل مقة
هضبة عظ مية ،واكنت خصرة هائةل ،فقصمها وقذف هبا ا ىل
مصدر الصوت اذلي مسعه ،فوقعت آ أ مام مقدم ا ل سفينة متاما ،
و آ أ اث رت ويه تغوص موجا عاليا د فع اب ل سفينة القهقرى حنو
الشاط ئ .ول كنين آ أ مس كت بلكتا يدي عودا
111
طويال و آ أ بعد ت ا ل سفينة عن الشاط ئ ،و آ أ رشت عىل رفايق آ أ ن
يعملوا جماذيفهم ،و آ أ ان آ أ وم ئ برآ أ يس ،ومل آ أ ش آ أ آ أ ن آ أ تلكم
خش ية آ أ ن يعرف الس يلكوب ماكننا .جفذفوا بلك ما آ أ وتوا من
قوة و عزم .
وملا بلغنا ضعفي املسا فة اليت قطعناها سابقا ،مهمت
ابللكم اثنية ،ول كن رفايق حالوا دون ذكل وقالوا :
ل تعد اي مولي ا ىل ا اثرة غضب العمالق ،فقد ظننا
حقا آ أ ننا من الهال كني عندما قذ فنا ابلصخرة ا لعظ مية و آ أ رجع
سف ينتنا ا ىل الشاط ئ .وا ذا ما مسعك ال ن فقد يسحق
سف ينتنا ويسحقنا ،ﻷ ن هذا الرج ل يقذف ابلصخور ا لعظ مية
بعيدا .
ول كنين مل آ أ قتنع بلكهمم ،ب ل وقفت وحصت :
" امسع آ أ هيا الس يلكوب ! ا ذا ما س آ أ كل آ أ حد :من مسل
عينك ،فقل هو احملارب آ أ وذيس بن ل ريت املقمي يف ا يثاكة .
فآ أ جاب الس يلكوب يف آ أ ن ة :حقا لقد صد قت ا ل تكهنات
القدمية ،فلقد قدم هذه ا ل أ رض منذ زمن طويل نيب يدع
تلموس ،و آ أ قام بيننا حىت طعن يف السن وقد تنب آ أ يل هذا
الرج ل ب آ أ ن خشصا يدع آ أ وذيس س يفقدين برصي .وقد كنت
آ أ حسب آ أ ن هذا رج ل قدير جبار ،يغلبين ابلقوة
112
،
وها آ أ ن هذا قد مت عىل يد رجل ضعيف ،بعد آ أ ن خدعين
ابمخلر .ول كن تعال ا ىل هنا اي آ أ وذيس ،وسآ أ كون كل نعم
املضيف .آ أ و عىل ا ل أ قل ،لي ت ُ ح كل فوس يذون سفرا ا ىل
وطنك اكذلي آ أ متناه كل .واعمل آ أ ن فوس يذون آ أ يب ،وقد يربئين
من جريح ا ل أ لمي .
فقلت :آ أ متىن عىل ال هل لو آ أ س تطيع آ أ ن آ أ حدرك ا ىل عامل
مقر ا ل أ موات ،حيث ل يعود ينجع فيك دواء ،ولو اكن آ تيا
من فوس يذون نفسه .
عندها رفع الس يلكوب يديه ا ىل فوس يذون ،وابهتل ا ليه
قائال :ا س متع ا يل اي فوس يذون ا ذا ما كنت ودلك حقا وكنت
آ أ نت وادلي .ل تبلغ آ أ وذيس هذا بدله ! وا ذا س بق حمك
ا ل أ قدار بآ أ ن يبلغ موطنه ،فليآ أ ته وحيدا ،بعد آ أ ن يفقد حصبه
مجيعا ،لي آ أ ت وير الفوىض الشديدة سائدة يف م زنهل .
وفامي هو يهن ىي الكمه قذ فنا بصخرة عظ مية آ أ خرى ،
فسق طت عند طرف ادلف ة ،ومل ختطهئا ا ل مبقدار شعرة واكن
املوج اذلي آ أ اثرته عظامي جدا حىت آ أ نه محلنا ا ىل الشاط ئ ال خر
.
وه كذا بلغنا جزيرة املعز ال ربي ،ولقينا رفاقنا
113
اذلين اكنوا ينتظروننا ومه يف آ أ شد اخلوف علينا من الهالك .
فوزعت بني رفايق ما غ منناه من غمن الس يلكوب .وقد آ أ مجعوا
عىل آ أ ن ت كون حص يت ذكل ال كبش العظمي اذلي محلين ا ىل خارج
الكهف ،فقدمته لزفس حضية .
و آ أ مقنا ذ كل الهنار عيدا ،وقضيناه يف املرح نآ أ لك من حلوم
الغمن ونرشب النبيذ ،وملا آ أ قبل الليل اضطجعنا عىل الشاطئ
وا س تسلمنا ا ىل النوم .
114
11
ايلوس ،ا للي س رتيغون ،سريسة
( ق صة آ أ وذيس)
115
حبس فهيا لك الرايح املعاكسة يل ،فقد آ أ قامه زفس حارسا
عىل الرايح ،يث ريها آ أ و ميس كها كام يشاء ،وقد ربط هذه
القربة اليت صنعت من جدل ثور ا ىل ظهر ا ل سفينة ،ربطا حم كام
بسكل من الفضة حىت ل تفلت مهنا رحي ،ول كنه آ أ طل ق رحيا
غربية لطيفة لتحملين مع رفايق ا ىل الوطن .وظلت هذه الرحي
هتب تسعة آ أ ايم حىت قربنا من وطننا ا يثاكة ،ورصان نرى
الرجال القا مئني عىل خدمة املنائر ،ا ذ كنا حينذاك قد آ أ رشفنا
عىل جفر اليوم العارش .
العاثر جفعلين آ أ ستسمل ا ىل النوم ، عندئذ خانين احلظ
ا ذ بقيت ممساك ابدل فة تسعة آ أ ايم ل بعد آ أ ن آ أ هن كين التعب ،
آ أ حدا .وفامي آ أ ان انمئ ،قال رفايق آ أ ئ متن علهيا من آ أ صدقايئ
نظروا ا ىل القربة ا لعظ مية نظر احلسد آ أ حدمه لل خر ،واكنوا قد
:
ا نه لعجيب حقا آ أ ن يلق آ أ وذيس هذا ،ما يلقاه من
احلب وال كرام آ أ يامن ح ل .وها هو يرجع ال ن من طروادة
اب ل أ سالب الكثرية ،يف حني نرجع حنن بآ أ يد خاوية .ولرن ال ن
ماذا آ أ عطاه ا يلوس ،ا ذ ل شك يف آ أ ن قربة اجلدل هذه حتوي
الكثري من الفضة واذلهب .
وه كذا حل وا القربة الكب رية ،وعندها اي لهول ما وقع!
فا ن الرايح مجيعا اند فعت من القربة ومحلتنا بعيدا
116
ع ن وطننا .آ أ ما آ أ ان فقد آ أ يقظتين اجللبة ومهمت ،آ أ ول وهةل
آ أ ن آ أ لقي بنفيس ا ىل البحر و آ أ هكل .ول كنين جتدلت ،ور آ أ يت
العيش آ أ جدر يب .ومل آ أ عد آ أ ن غط يت وهج ىي ،و آ أ خدل ت ا ىل
الهدوء ،يف حني اكنت الراي ح تد فع سفننا آ أ ما هما ،حىت
آ أ رجعتنا ا ىل جزيرة ا يلوس .فآ أ رسينا هناك و آ أ حرضان شيئا من
املاء ،و آ أ لكنا طعامنا قرب السفن .وملا فرغنا من الطعام
آ أ خذ ت آ أ حد السعاة و آ أ حد رفايق ،وقصدان ا ىل قرص املكل ،
فآ أ لفيناه يف عيد هو وامرآ أ ته و آ أ ولده ،وجلست عىل العتبة .
فآ أ خذمه العجب لرؤييت وقالوا :آ أ ي قوة رشيرة آ أ عا قتك عن
بلوغ وطنك وبيتك ؟ "
فآ أ جبت :ل توهجوا لوممك ا يل ،ول كهنا مؤامرة السوء
اليت دبرها رفايق ،وهذا النوم اذلي غلبين لتعيس .فآ أ رجومك آ أ ن
تعينوين مرة اثنية .
ول كن املكل آ أ جاب " :اذهب فال ميكننا مساعدة من متقته
ال آ لهة ،وا نك ول ريب ،بغيض ا لهيا " .
وه كذا طردين ا يلوس ،فعدان ا ىل سفننا و رسان يف البحر
جنذف يف سآ أ م ،وم لء قلوبنا ا ل أ ىس .
وبقينا جنذف س تة آ أ ايم ،ل نس كن فهيا ا ىل الراحة ليال
،حىت بلغنا يف اليوم السابع لموس .ويه ا حدى مدن
الليس رتيغونيني ،اذلين يتساوى يف آ أ رضهم اللي ل والهنار ،
117
حبيث يس تطيع الرج ل مهنم آ أ ن يرحب آ أ جرا مضاعفا ا ذا اكن ل
يرغب يف النوم .في كون راعيا يف الهنار وحارسا للقطيع يف
الليل .واكن لهذه اجلزيرة ميناء مجيل ،حتيط به ا ل أ جراف
الشاخمة ،وهل ترعة ضي قة تقوم عىل جانبهيا الصخور ا لعظ مية .
وليس يف داخهل موج ،بل سكون دامئ .
فآ أ رسعت ب سفينيت ا ىل الصخور اليت اكنت خارجا ،و آ أ ما
السفن الباقية فقد دخلت امليناء .مث آ أ رسلت رجلني ومعه ام
آ أ حد السعاة فسلكوا طريقا معب دا ،تنقل عليه العجالت
احلطب من اجلبل ا ىل املدينة .وهناك لقوا فتاة عصبي ة ،يه
ابنة آ أ نتيفات مكل البالد ،وس آ أ لوها من يكون س يد تكل
ا ل أ رض .فدل هتم عىل قرص آ أ بهيا السامق .وعند دخوهلم القرص
،رآ أ وا آ أ م الفتاة ،واكنت خضمة اكجلب ل ،قبيحة املنظر ،
فدعت زوهجا آ أ نتيفات يف احلال .وعندها فر الرسل هاربني
.فت آ أ لب ا ىل السفن ،ول كنه آ أ رس ل صوات جملجال
الليس رتيغونيون حوهل ،ومل يكونوا برشا بل ع املقة جبارين .
و آ أ خذ هؤلء يقتلعون من ا ل أ جراف جحارة كب رية ،لك مهنا بقدر
ما يف طا قة الانسان محهل ،ويقذفون هبا السفن حىت حتطمت .
و آ أ ما الرجال فقد طعنومه ابلرما ح ك أ هنم آ أ سامك والهتمومه .وقد
حل مثل هذا جبميع السفن اليت داخل امليناء .ومل ينج آ أ حد
سواي ،فقد قطعت
118
حب ل ا ل سفينة بس يفي و آ أ هبت برجايل آ أ ن ي ك دحوا عىل جماذيفهم
،فلبوا طليب طائعني خمتارين .
و آ أ قبلنا بعد حني عىل جزيرة ا اي ،حيث تقمي سريسة ابنة
الشمس .فقضينا يومني وليلتني عىل شاط ئ اجلزيرة ،وقد
متل كنا اذلعر وا ل أ ىس .ويف اليوم الثالث آ أ خذ ت رحمي وس يفي ،
وتسل قت هضبة اكنت هناك ،ﻷ ين آ أ رد ت آ أ ن آ أ رى ما ه ذه
ا ل أ رض اليت آ أ تينا .وملا بلغت القمة رآ أ يت ادلخان يتصاعد من
قرص سريسة القامئ يف وسط غاب هناك .وعندها ف كرت قليال
،وسآ أ لت نفيس :هل آ أ توجه توا ا ىل القرص آ أ م آ أ رجع ا ىل رفايق
عند الشاطئ .فبدا يل آ أ ن الوجه ا ل أ صوب آ أ ن آ أ ذهب ا ىل
ا ل سفينة ،و آ أ وعز ا ىل رفايق آ أ ن هييؤوا طعام الغداء ،مث
آ أ رسلهم بعد ذكل ليس تقصوا املاكن .ول كن يظهر آ أ ن آ أ حد
ال آ لهة آ أ خذته الرآ أ فة يب ،فآ أ رس ل وعال كب ريا ذا ق رنني عظ ميتني
،ف آ أ عرض يل يف طريقي .واكن الوعل منحدرا ا ىل الهنر ل ِري دْ
املاء ،ل أ ن الشمس اكنت وقتئذ شديدة احلر ،فرميته برحمي
فنفذه ،فربطت رجليه معا بنبات اللبال ب ا ل أ خرض ،وحببل
بقدر الباع ،مث آ أ لقيت ابلوحش حول عنقي ومحلته ا ىل ا ل سفينة
متكئا عىل رحمي ،فقد اكن ،و آ أ مي احلق ،ثقيال ،ومل ي كن يف
قدريت آ أ ن آ أ محهل عىل كتفي بيد واحدة .
119
وملا بلغت ا ل سفينة آ أ لقيت حبميل ا ىل ا ل أ رض .واكن رجايل
ح ينئذ جالسني ،وقد سرتوا وجوههم حزان ومكدا .ول كن ،ملا
طلبت ا لهيم آ أ ن يبهتجوا ،رفعوا رؤوسهم وجعبوا لرؤية الوعل
العظمي .و آ أ مقنا ذ كل الهنار نطعم حل م الوعل ونرشب حلو النبيذ
،وملا جن الليل ،رقدان عند الشاط ئ .مث لح الصبا ح ،
جفمعت رفايق وقلت :ل آ أ عمل آ أ هيا الرفاق آ أ ين حنن ،ول كين
آ أ يقنت ،بعد آ أ ن رآ أ يت آ أ مس من الهضبة دخاان ،آ أ ن هذه
اجلزيرة م آ أ هوةل .
فاضطرب رجايل دلى س امعهم هذا ،وتذكروا الس يلكوب
واللي س رتيغون ،فرفعوا آ أ صواهتم ابلعويل ومل يرزقوا من آ أ مرمه
رشدا .عندئذ قسمهتم ا ىل فرقتني ،وجعلت آ أ وريلوخ قائدا
لحداهام ،وتوليت آ أ ان نفيس قيادة ا ل أ خرى .وجعلت سهمني يف
خوذة ،و آ أ جلهتا لنعمل عىل من تقع القرعة ،حىت يذهب
ويستنف ض اجلزيرة ،خفرج سهم آ أ وريلوخ .فاصط حب اثنني
وعرشين رجال ورحل .فآ أ لفوا قرص س ريسة يف منفر ج وسط
الغاب ،حتوط به اذلئا ب وا ل أ سود .ومل ت كن هذه تؤذي الناس
ب ل اكنت ت ُقعي وت ُبصبص هلم ك ام ت ُبصب ص اللكب لس ي دها ،
ا ذا ما اكن قادما من تناول طعامه ،حامال ا لهيا ما حتبه من
البقااي .ول كن الرجال فزعوا لرؤيهتا ،فوقفوا عند
120
سد ة الباب ،ومسعوا سريسة تغين بصوت رخمي ،ويه مقبةل
عىل نولها .فقال فوليت اذلي اكن آ أ عز الرفاق عندي ،واذلي
كنت آ أ وثره بثقيت " :ل شك يف آ أ ن آ أ حدا يف ادلاخل ي كدح
عىل نول عظمي ويغين عالي ا .وقد ي كون املغين ا حدى ال لهات
آ أ و ا حدى النساء ،فلنعج ل يف النداء " .
وه كذا اندوها ،خفرجت ،و آ أ ومآ أ ت ا لهيم آ أ ن يتبعوها ،
فذهبوا ا لهيا حيدومه الطيش .وطلبت ا لهيم آ أ ن جيلسوا ،
ومزجت هلم خليطا من النبيذ ا ل أ محر ،فيه من دقيق الشعري
واجلنب والعس ل .وزادت عليه عقاق ري قوية ،ا ذا رشب مهنا
الانسان نيس لك ما حيب .وملا رشبوا رضبهتم بعصاها السحرية
مفسخوا حال ،واي للهول! خنازير هلم رؤوسها و آ أ صوا هتا
وشعورها الشائكة .ولكن بقيت هلم قلوب البرش يف صدورمه ،
وجعلهتم سريسة يف زرائب ،و آ أ طعمهتم من مثر ادل فل والبلوط
والشوح .
و آ أ ما اوريلوخ فقد هرب راجعا ا ىل ا ل سفينة ،حيمل نبآ أ
ما حل برفاقه .وبقي مدة ل يقدر عىل النطق لشدة ما امت ل أ
به قلبه من الغم ،ول كرثة ما امت ل أ ت به عيناه من ادلموع .
و آ أ خ ريا بعد آ أ ن آ أ حلحنا عليه يف ا ل أ س ئةل الكثرية رسد علينا
قصته فقال :
ذهبنا جنوس خالل الغا ب مذعنني ملا آ أ مرتنا ،وهناك
121
يف وسط منفرج ،رآ أ ينا م زنل يف غاية امجلال بين ابحلجارة
الصقيةل .ويف داخهل امرآ أ ة تنسج عىل منوال كبري ،وتغين
بصوت رخمي .ومل ندر آ أ ا لهة يه آ أ م امرآ أ ة .فناداها رفايق ،
خفرجت ا لهيم وفتحت ا ل أ بواب وس آ أ لهتم آ أ ن يدخلوا فدخلوا
مجيعا ،وب قيت آ أ ان وحدي يف اخلارج ل أ ين خشيت آ أ ن يكون يف
ا ل أ مر خدعة .وقد طال انتظاري ومل يعد مهنم آ أ حد .
فل ام مسعت ذ كل آ أ لقيت س يفي املرصع مبسامري من الفضة
عىل كتفي ،و آ أ خذت قويس وطلبت من رفيقي آ أ ن يقودين يف
الطريق اليت سل كها .ولكنه آ أ مسك بلكتا يدي ،ورجاين قائال
:ل ت آ أ خ ذين ا ىل هناك مرغام ،فا ين موقن آ أ نك لن تعود ولن
ت ُ رجع من رفا قك آ أ حدا .وا ل أ حرى بنا ،حنن البا قِ ي ْني ،آ أ ن
نرسع يف الهرب ،وننجو من املوت .فآ أ جبته :ابق عند السفن
تآ أ لك وترشب ا ذا شئت ،و آ أ ما آ أ ان فال بد يل من اذلهاب .
وملا بلغت املزنل قابلين هرمس ذو الصوجلان اذلهيب ،
وقد اختذ شلك مجيل الصورة ،وقال :
" -ه ل آ أ تيت لنجدة رفاقك اذلين آ أ صبحوا ال ن خنازير
يف بيت س ريسة ؟ الك لن ترجع آ أ نت نفسك .ول كن همال ،
فآ أ عطيك دواء مينحك قوة تقاوم هبا لك
122
ما حتاوهل سريسة من حسر .وا ذا ما مزجت كل اخلليط ورضبتك
بعصاها ،فاجهم علهيا بس يفك ك أ نك تريد ذحبها .وحيامن تس آ أ كل
الرمحة امحلها عىل آ أ ن تقسم القسم العظمي اذلي يرتبط به ال آ لهة
آ أ هنا لن متسك ب آ أ ذى .
مث آ أ ن هرمس آ أ راين عش بة سوداء اجلذر بيضاء الزهر يف
لون احلليب ،تسمهيا ال آ لهة الثوم الربي ،وهذه العش بة يعرس
عىل البرش آ أ ن هيتدوا ا لهيا ،و آ أ ما ال آ لهة فا ن لك عسري دلهيم
يسري .
وعندئذ فارقين هرمس ا ىل ا ل أ وملب ،و آ أ ما آ أ ان مفشيت
ا ىل قرص ال لهة ،وقد م ل أ الوجل قليب .وملا آ أ تيته وقفت عند
سد ة الباب وانديت ،خفرجت ا يل سريسة ،وفتحت ا ل أ بواب
ودعتين ا ىل ادلخول .
مث آ أ جلستين عىل كريس كبري آ أ حمك صنعه ،وجعلت قد يم
عىل موطئ ،وقدمت يل بعد ذكل ك أ سا ذهبية وضعت فهيا
رشااب حسراي مميتا .فرشبت ال ك أس ومل يؤثر يف السحر ،ل أ ن
العش بة العجيبة آ أ نقذتين .
مث رضبتين بعصاها وقالت « :اذهب ال ن ا ىل زريبة
اخلنازير و آ أ مق هناك مع حصبك » .فاس تللت عند ذاك س يفي
وجهمت علهي ا ك أ ين آ أ ريد الفتك هبا .فآ أ مس ك تْ
123
بركبيت ورصخت عاليا :من آ أ نت ؟ وا ىل آ أ ي ا ل أ جناس تن متي ؟
ا نه ليدهش ين آ أ ن جترع من رشايب املسحور هذا دون آ أ ن يؤثر
فيك شيئا .ومل آ أ كن آ أ عمل آ أ ن ا نساان فانيا يس تطيع ذكل .ول
بد آ أ ن تكون كل نفس ل يفعل فهيا حسر ،ول ريب آ أ نك
آ أ وذيس اذلي ق ُ د ر هل آ أ ن يآ أ يت هذه اجلزيرة دلى رجوعه من
طروادة ،ل أ ن هرمس آ أ خ ربين هبذا .فتعال ا ذن نقم عهد
الصداقة ما بيننا .
نوثق فآ أ جبهتا قائال " :الك آ أ يهتا ال لهة ،كيف مي كن آ أ ن
وا ين ت رفايق ا ىل خنازير . ما بيننا عهدا ،بعد آ أ ن آ أ ح ل ْ ِ
غر ة ل أ خىش آ أ ن تضمري يف نفسك رشا ،فتآ أ خذيين عىل
اذلي وتؤذيين آ أ بلغ ا ل أ ذى .فآ أ قسمي يل القسم العظمي ،القسم
يرتبط به ال آ لهة ،آ أ نك لن تلحقي يب رضا .
ف آ أ قسمت سريسة القسم العظمي اذلي ترتبط به ال آ لهة .
وبعد هذا آ أ قبلت وصيفا هتا امجليال ت ،وهن من نسل
الربيع واجلداول والغاابت ،وهي آ أ ن و ل مية .فوضعت ا حداهن
آ أ غطية آ أ رجوانية عىل الكرايس ،وقر بت ا ل أ خرى من ال كرايس
مناضد فضية ،وضعت علهيا سالل من اذلهب .ومزجت
الثالثة نبيذا حلوا يف ا انء من الفضة ،وجاءتنا ب كؤوس من
اذلهب .وم ل أ ت الرابعة مرجال عظ امي ابملاء ،و آ أ وقدت حتته
انرا .وملا بلغ الغليان مزجته مباء
124
يف حوض الا س تح امم ،وعد لت حرارته ،فآ أ زال الا س تح امم ما
حل بآ أ عضايئ من ا عياء .وملا انهتيت من الاغتسال آ أ تتين
ا حدى الوصيفا ت مباء يف ا بريق من اذلهب ،وصب ته يف طست
من ال بريز ل أ غسل يدي .و آ أ حرضت يل ا لقهرمانة خزب القمح ،
ووضعت عىل املنضدة آ أ مايم كث ريا من الطيبات ،ودعتين
س ريسة ا ىل الطعام .ولكين جلست صامتا كئيبا ،وقد شغلت
عن ذكل لكه مبا يساورين من ا ل أ فاكر .
وملا آ أ برصتين ال لهة صامتا ،ل آ أ مد ا ىل الطعام يدا ،
قالت :مل تقمي اي آ أ وذيس و ك أ ن بك بك ام ؟ ه ل ختىش آ أ ن آ أ م كر
بك ؟ الك ا ن هذا لن ي كون ،آ أ فمل آ أ قسم كل القسم العظمي
اذلي تتقيد به ال آ لهة ؟
فآ أ جبهتا :من ذا اذلي يف كر يف طعام و رشاب ،ور فا قه
يالقون من الويل ما يالقون ؟
فهنضت س ريسة وسارت آ أ مامنا حتمل عصاها السحرية يف
يدها ،وفتحت آ أ بواب الزرائب ،و آ أ خرجت اخلنازير اليت اكنت
قب ل رجال .مث ف ر ك تْ لك واحد مهنم بنوع من العقاقري قوي
ا ل أ ثر ،فتسا قطت يف احلال شعورمه اخلش نة عن آ أ جساهمم ،
وعادوا كام اكنوا رجال ،بيد آ أ هنم اكنوا آ أ مجل منظرا و آ أ نرض
ش بااب .فل ام رآ أ وين تشبثوا
125
يب وبكوا فرحا .ف آ أ اثر ذ كل الشفقة يف سريسة ذا هتا .
مث قالت يل " :اذهب ا ىل سف ينتك اي آ أ وذيس و آ أ فرغ ما
فهيا من بضاعة ومعد ا ت وضعها يف ال كهوف اليت عىل الشاطئ ،
مث ارجع ا ىل هنا و آ أ حرض معك رفا قك " .
فذهبت ،وفرح رفايق ا ملق ميون برؤييت فرحا عظ امي آ أ ش به
بفرح امحلالن الصغ رية املزر وبة عندما ترجع ا لهيا آ أ م اهتا يف
املساء .وملا آ أ ب ْ ل غهتم ما جرى وسآ أ لهتم آ أ ن يصحبوين لب وا
طليب مجيعا ،ما عدا آ أ وريلوخ اذلي قال :
ا ىل آ أ ين نذهب آ أ هيا امحلق ؟ آ أ نذهب ا ىل مزنل س ريسة
ليك حتولنا مجيعا ا ىل خنازير وذئاب و آ أ سود ،و ت سجننا كام
جسننا الس يلكوب ؟ آ أ ليس هذ ا هو آ أ وذيس املهتور نفسه اذلي
آ أ ضاع رفا قنا هناك ؟
فعظم غيظي ،وكد ت آ أ فتك بآ أ وريلوخ عىل ما بيننا من
قرابة النسب .ول كن حصيب حالوا دون ذ كل وقالوا " :دعه يقمي
هنا حلراسة ا ل سفينة ا ذا شاء .و آ أ ما حنن فس نصحبك ا ىل م زنل
س ريسة " .
فآ أ مس كت عن الفتك به ،ومل يتخل ف آ أ وريل وخ عنا ،بل
حصبنا ا ىل مس كن سريسة ،اليت احتفت بنا احتفاء ملكيا ،
وبقينا ننعم يف ضيا فهتا عاما اكمال .
126
وملا انهت ى العام قال يل حصيب " :لقد آ ن آ أ وان التفكري
يف العودة ا ىل بالدك ،ا ذا شاءت ا ل أ رابب آ أ ن تعود يوما ا لهيا
".
عندئذ رجوت سريسة آ أ ن تطلق سبييل ﻷ س ري ا ىل بالدي
،وفاء بوعدها .ف آ أ جابت قائةل :لست آ أ رغب يف بقاك يف م زنيل
عىل كره منك .ول كن ل بد كل عىل لك حال من القيام برحةل
آ أ خرى تفيض بك ا ىل مساكن املوىت .وهناك تاكمل العراف
ث رييس يا .
فا ش تد جزعي لسامع هذا اللكم ،و آ أ عولت قائال :من
ذا اذلي يقودان يف ه ذه الرحةل ؟ ا ذ مل تقم سفينة مبثلها قبل
اليوم .
فآ أ جابت سريسة " :ل جتزع اي ابن لريت ،ا ذا مل ي كن
من يقودك مفا عليك ا ل آ أ ن تنصب ساريتك وتنرش رشعك ،
وجتلس مع حصبك ،وس تحمكل رحي الشامل ا ىل ماكن مصريك .
وحي امن جتتاز جمرى ا ل أ وقيانوس فس تآ أ يت شا طئا تكرث فيه آ أ جشا ر
احلور البا سقة والصفصاف .هناك آ أ رس سف ينتك عىل شاطئ
الاوقيانوس ،ورس ا ىل مقر ا ل أ رواح الرشيرة ،جتد خصرة عظ مية
يلتقي بقرهبا جمراين ،آ أ حده ام فل يغيثون هنر النار ،واثنهيام
كوسيتوس هنر العويل .فاحفر هناك حفرة طولها ابع وعرضها
ابع ،وصب فهيا
127
رشااب تقدمة للموىت .فصب آ أ ول شيئا من العسل ،وثن
بيشء من النبيذ احللو ،مث ثل ث ابملاء ،وذر فوق ذكل شع ريا
آ أ بي ض .وف امي تقوم هبذه ا ل أ عامل ابهت ل ا ىل املوىت ،وعد ب آ أ ن
تضحي عند رجوعك ا ىل ا يثاكة بعجةل عقمي تكون خري ما عندك
،وب آ أ ن تضحي لث رييس يا وحده ب كبش آ أ سود ل تشوبه شائبة ،
يكون آ أ فضل ما يف القطيع .وبعد آ أ ن تنهتىي من صلواتك
للموىت ،حض ب كبش آ أ سود ونعجة سوداء ،وعليك آ أ ن حتول
رآ أ س هيام حنو ا ريبوس ،و آ أ ما آ أ نت فول وهجك شطر شاطئ
الاوقيانوس .وس يحرض عند ذاك كث ري من آ أ رواح املوىت ،فال
تدعها ترشب من ادلماء قبل آ أ ن تلكم ثرييس يا .وس ي آ أ تيك
العراف عاجال وهيديك سبيل رجوعك ا ىل وطنك " .
فآ أ يقظت رفايق يف الصبا ح التايل ،و آ أ ان آ أ قول :كفامك
نوما فس رنح ل ال ن ل أ ن سريسة آ أ وحضت يل جلي ة ا ل أ مر .
قلت هذا ف آ أ طاعوا قويل .ول كين مل آ أ رجع بصحيب مجيعا
ساملني من مس كن ال ل هة فا ن آ أ لفينور ،وقد اكن آ أ صغرمه مجيعا
،ومل ي كن ابلشجاع ول ابذليك املدرك ،قد انم بعيدا عن رفاقه
،واختار سطح امل زنل ،ل أ نه اكن مثقال ابمخلر ،فطلب الهواء
الرطب .فل ام مسع آ أ صواتنا وتبني وقع آ أ قدام الرجال غادين
وراحئني ،وثب جف آ أ ة من
128
مرقده ،ومل يف كر يف الزنول عىل املرقاة اليت صعد علهيا ،بل
سقط من فوق السطح ،فد ق ت عنقه واحندر ا ىل مساكن املوىت
.
وقلت لرفايق ومه يف الطريق :ه ل ظننمت آ أ نمك ذاهبون
ا ىل وطنمك ؟ الك ،ليس ا ل أ مر كذكل ،فا ن سريسة قد
آ أ رشدتين ا ىل طريق آ أ خرى علينا آ أ ن نسل كها .فال بد من
اذلها ب ا ىل مقر ا ل أ رواح ل يك آ أ لك م روح العراف ث رييس يا .
قلت هذا ،فتصد عت قلوب رفايق يف صدورمه ،وجلسوا
حيث اكنوا يعولون وينتفون شعورمه .فمل ُجي ِ دمه نواهحم شيئا .
129
12
منازل ا لأ موات
130
عد ت ا ىل الغمن فذحبهتا حىت سالت دماؤها ا ىل احلفرة .فا ج متع
ا ىل املاكن آ أ بناء املوىت ،واكن مهنم الفتيا ت ،والش يوخ اذلين
محلوا آ أ حزان الس نني ا لطوال ،واحملاربون اذلين رصعوا يف
امليدان ،واكنت آ أ سلحهتم خمضبة ابدلماء .لك هؤلء جتمعوا
حول احلفرة ،ومه يرصخون رصاخا مرعبا ،ففزعت ذل كل آ أ شد
الفزع .عندئذ طلبت ا ىل رفايق آ أ ن يسلخوا جثث الغمن ،
وحيرقوها ابلنار ويصلوا ل آ لهة املوىت .و آ أ ما آ أ ان جفلست حبانب
احلفرة ،ومل آ أ دع آ أ رواح املوىت تقرتب من ادلماء قب ل آ أ ن آ أ ق ف
عىل خرب ث رييس يا .
وقد جاءتين آ أ ول رو ح رفيقي آ أ لفينور .فدهشت كث ريا
دلى رؤيته ،وس آ أ لته " :كيف آ أ تيت ا ىل هنا اي آ أ لفينور ،ا ىل
آ أ رض الظالم ؟ " وكيف مت كنت رجالك من س بق سفينيت ؟"
فقال آ أ لفينور " :ا ين سقط ت عن سطح قرص سريسة ،ومل
آ أ ف كر يف املرقاة اليت صعدت علهيا ،فدق عنقي .ول كين
آ أ توس ل ا ليك ال ن ،ا ذا ما كنت حتب حق ا زوجتك و آ أ ابك
وودلك آ أ ل تنساين عندما ترجع ا ىل جزيرة سريسة ،و آ أ ل حترمين
املناحة وادل فن .آ أ حرقين ابلنار و آ أ حرق معي ساليح ،و آ أ قمي يل
را بي ة عند شاط ئ البحر ،حىت يتسامع الناس يف ما ييل من
الزمن بذكري ويعلموا
131
مبصريي ،واجعل جمذايف فوق ق ربي ،ذكل اجملذاف اذلي آ أ لفت
ال كدح به مع رفايق .
فقلت هل " :ا ن هذا مجيعه س ي كون كام تش هت ىي وترغ ب
".
وكنا ،وحنن نتلكم ،جالسني عىل جانيب احلفرة ،وقد
بسطت س يفي فوق ادلماء .و آ أ تتين بعده روح آ أ يم اليت كنت
قد غادرهتا حي ة دلى ا حباري ا ىل طروادة .وقد ب كيت يف حرقة
عند رؤيهتا ،ومل آ أ دعها مع ذكل تدنو وترشب من ادلماء ،قبل
آ أ ن آ أ ق ف عىل خ رب ث رييس يا .عندئذ آ أ قبل ث رييس يا حيمل يف يده
صوجلاان من اذلهب ،وتلكم قائال " :مل تركت ضو ء الهنار ،
و آ أ تيت ا ىل هنا ا ىل آ أ رض املوىت ،حيث ل هبجة ول رسور ؟
فتعال ال ن ،وغادر احلفرة ون س يفك حىت آ أ دنو منك ،
و آ أ قول كل القول احلق " .
فآ أ رجعت س يفي ا ىل مغده ،فرشب ث رييس يا من ادلماء .
وملا رشب قال " :ا نك تطلب آ أ ن تسمع شيئا عن عودتك ا ىل
بدلك .فاعمل ا ذ ن آ أ هنا س تكون حمفوفة ابملهاكل واملشاق .ا ذ
ليس من السهل آ أ ن يتخىل فوس يذون عن حنقه عليك ،بعد
آ أ ن سلبت البرص من عني الس يلكوب ودله العزيز .ومع لك هذا
فقد ترجع ساملا ا ىل وطنك ،
132
عىل آ أ ن ت كبح جام ح نفسك ونفوس حصبك ،عندما ت زنلون
جزيرة الرؤوس الثالثة ،حيث جتدون ث ريان الشمس و غ منها .
فا ذا ترك متوها وشآ أ هنا ومل متس وها بآ أ ذى ،فقد ترجعون ا ىل
ا يثاكة ،ولو اكن ذ كل بعد آ أ ن تالقوا ا ل أ هوال والشدائد ،وا ل
فس هتلكون من دوهنا .وا ذا ما جنوت بنفسك فسرتجع بعد زمن
طويل ،وبعد آ أ ن تفقد رفا قك مجيعا ،وس تحمكل سفينة من
سفن الغرابء ،فتجد الفوىض يف مزن كل ،وجتد هنا كل رجال
قساة يلهتمون رزقك ،ومه قد جاءوا يطلبون امرآ أ تك زوجة هلم
.وبعد آ أ ن تنتقم لنفسك من هؤلء ا ما ابخلداع وا ما هجرا حبد
الس ي ف ،خذ جمذا فك ،وسا فر حىت تآ أ يت ا ل أ رض اليت ل يعرف
آ أ هلها البحر ،ول يآ أ لكون اللحم ممزوجا ابمللح ،ومل يروا قط
سفنا ول جماذيف يه مبثابة ا ل أ جنحة للسفن .وس يكون جمذا فك
عالمة واحضة كل ،وحي امن يلقاك مسافر آ خر يف الطريق تقول هل
ا نك حتم ل عىل كتفيك منسفة .عندها اغرس جمذا فك يف
ا ل أ رض وقدم لفوس يذون حضية ،ولت كن من خروف وثور
وخ زنير بري .مث ارجع آ أ دراجك ا ىل وطن ك ،وقدم حضية من
مائة حيوان ا ىل ا ل أ رابب مجيعا ،وس يآ أ تيك املوت بعيدا عن
البحر ،وس يكون شديد الرفق بك ،بعد آ أ ن تبلغ الش يخوخة
،وي كون آ أ هكل مق ميني من
133
حوكل يف آ أ من وسالم .
فآ أ جبته " :لي كن هذا اي ث رييس يا ،فقد قىض ا ل أ رابب
هبذا لكه وفق مش يئهتم .ول كن آ أ علمين رس هذا ا ﻷ مر ،ا ين
رآ أ يت هنا رو ح آ أ يم اليت فارقت احلياة ،ويه جتلس قرب
ادلماء ،ول كهنا ل تنظر ا يل ول تلكمين .ف كي ف لها آ أ ن تعرف
آ أ ين ابهنا حقا ؟
فقال ثرييس يا " :لك ميت تدعه يرشب من ادلماء يلكمك
،ولك من حتول بينه وبني ادلم يويل صامتا " .
فقمت يف ماكين ،ودنت رو ح آ أ يم و رشبت من ادلم ،وملا
فعلت عرفت يف ابهنا ،وقالت " :مل آ أ تيت آ أ رض الظالم اي
ودلي ،و آ أ نت ل تزال حيا ؟ آ أ مل ترجع ا ىل بيتك حىت ال ن ؟
"
فآ أ جبهتا " :قد آ أ تيت هذا املاكن يف طلب ثرييس يا الثييب
.و آ أ ما وطين فمل آ أ ره حىت ال ن .ول ريب يف آ أ ن اهلم يالحقين
منذ ذ كل اليوم اذلي را فقت فيه املكل آ أ غاممنون ا ىل آ أ رض
طروادة .ول كن خربيين كيف اكن موتك ؟ هل قىض عليك مرض
وبيل ،آ أ م هل رمتك آ أ رطميس بسهمها رمية مفاجئة ؟ وما
شآ أ ن آ أ يب وودلي ؟ هل ينع امن خب ريايت آ أ م هل اغتصهبا مهنام
مغتصب ،وما اذلي جرى لزويج ؟ ه ل يه مق مية عىل عهد ي ؟
آ أ م تزوجت ب آ أ حد آ أ مراء ال غريق ؟ "
134
فقالت آ أ يم " :ا ن امرآ أ تك مق مية عىل عهدك ،ويه
تبكيك ليل هنار .وودلك ينعم مبق تنياتك وهل ماكنه الالئق يف
آ أ عياد القوم .و آ أ ما آ أ بوك فال يآ أ يت املدينة مطلقا بل يس كن
الريف .ول يتخذ عند الرقاد فرا شا ،ول كنه ا ذا ما جاء
الش تاء ينام ك ام ينام العبيد يف الرماد قريبا من النار .وا ذا
آ أ قبل الصيف آ أ وى ا ىل زاوية ال كرم ،وانم فوق آ أ وراق الشجر
.ولشد ما يقايس من ا ل أ ىس وهو يتوقع عودتك .مث ا ن
الش يخوخة قد آ أ وقرته بآ أ ثقالها .و آ أ ما آ أ ان فمل يقض عيل مرض
وبيل ،ومل ترمين آ أ رطميس بسها هما ،وا منا مت شوقا ا ليك ،
و آ أ ىس عىل ما فاتين من حمكتك وحبك " .
وقد حاولت عبثا آ أ ن آ أ ضع يدي عىل رو ح آ أ يم ،
واند فعت ثالاث ا ىل ا ل أ مام راغبا يف عناقها ،وثالاث آ أ فلتت من
يدي كام يفلت الظل .وملا قلت لها :كيف هذا اي آ أ ماه ؟ آ أ ما
آ أ نت ا ذن سوى ش بح آ أ رس لته مل كة املوت ا يل ؟ آ أ جابتين آ أ يم
" :هذا شآ أ ن ا ل أ موات اي ودلي ،فال تبق هلم حلوهمم وعظاهمم
اليت تلهتمها قوة النار .و آ أ ما آ أ رواهحم فه ىي اك ل أ حالم تطري هنا
وهناك .فارجع يف آ أ رسع ما تس تطيع ا ىل الضياء ،وقص عىل
زوجك لك ما رآ أ يت ومسعت " .
135
وبعد آ أ ن آ أ هنيت حدييث مع آ أ يم آ أ تتين آ أ رواح نساء اكنت
لهن شهرة يف قدمي الزمان ،وقد آ أ رسلهتا ا يل املل كة فريسفني ،
و آ أ ج ز تُ لهن آ أ ن يق رتبن واحدة فواحدة ،وي رشبن من ادلماء .
واكنت لك واحدة مهنن بعد آ أ ن ترشب تعلمين ابمسها ونس هبا .
وه كذا رآ أ يت آ أ لمكينا اليت محلت من زفس هبرقول ،ولكوريس
آ أ م نسطور آ أ حمك بين البرش ،وليدا آ أ م ك س تور مرو ض اخليل
،وفول ُ كس املال مك اجلبار .ور آ أ يت امرآ أ ت ع ل ُ ويس اليت محلت
ب آ أ وتوس وا فيالتس الذلين اكان آ أ طول البرش قامة ،و آ أ مجلهم
منظرا بعد آ أ وريون النبي ل .واكان حقا فارعني يف الطول فقد
اكن الواحد مهنام يبلغ آ أ ربعا ومخسني قدما طول ،ومخس عرشة
قدما عرضا ،وهام مل ا يمكالن الس نة التا سعة من عرهام .
وقد فك را يف حماربة ا ل أ رابب ،ﻷ هنام رغبا يف نقل جب ل
آ أ وس ا ا ىل ا ل أ وملب ،و آ أ ن يق امي جب ل ف ِ ليون بغاابته مجيعها فوق
آ أ وس ا .هذا ما رغبا فيه ،وقد اكن يف مقدرهتام حقا آ أ ن يفعال
ذكل لو بلغا متام ا ل منو .غري آ أ ن ابن زفس ،اذلي محلت به
لطونة ،فتك هب ام بسهامه قبل آ أ ن ينبت ع ِ ذا ُر هام .وقد رآ أ يت
آ أ يضا آ أ رايدنة ابنة
136
املكل مينوس اليت اختطفها ثيسوس من آ أ رض كريت ،وقد مه
آ أ ن يزتوهجا ،لول آ أ ن رمهتا آ أ رطميس بسها هما فقتلهتا .ور آ أ يت
آ أ يضا ا ريفيل ال يت ابعت حياة زوهجا ابذلهب .رآ أ يت مجيع
هؤلء ،ك ام رآ أ يت كث ريات غريهن من زوجات ا ل أ بطال وبنا هتم .
ومل ا ابرحتين هؤلء ،ا ذ آ أ مرهتن امللكة ابلرجوع كام اكن ت
قد آ أ رسلهتن ،آ أ تت روح آ أ غاممنون بن آ أ تريذ ،واكن احلزن
الشديد ابداي علهيا ،وحولها آ أ رواح آ أ ولئك اذلين هلكو ا معه
حبيةل اوغيس توس الرشيرة .وملا رشبت روحه من ادلماء ،
عرفين وبسط يل يديه يريد آ أ ن يضمين ،فمل يقدر عىل ذ كل ل أ نه
مل ي كن سوى ش بح ،ول مادة هل .وملا رآ أ يته آ أ خذتين الشفقة
عليه ،وقلت هل " :آ أ ل آ أ خ ربين آ أ هيا املكل آ أ غاممنون اذلي كنت
آ أ عظم ملوك ا ل أ رض مجيعا ،آ أ ي حمك من آ أ حاكم املوت اكن
نصيبك ؟ هل آ أ اثر فوس يذون يف وهجك عاصفة جبارة عصفت
بسفنك حفطمهتا ؟ آ أ م فتك بك آ ُ انس عىل ا ل أ رض و آ أ نت حتاول
آ أ ن تسوق آ أ مامك آ أ بقارمه و آ أ غناهمم ،آ أ و آ أ ن تس تويل عىل
مدينهتم عنوة ؟
فآ أ جاب آ أ غاممنون " :الك مل حيطم فوس يذون سفين ،ومل
يفتك يب آ أ انس عىل ا ل أ رض ،وا منا هو آ أ وغيس توس
137
اذلي دب ر آ أ مر مويت ،فقد تآ مر وزويج اللعينة عيل فدعاين
ا ىل و ل مية ،وذحبين بعدها كام يذحب الرجل ثورا عند مذوده .
وه كذا مت آ أ فظع ميتة ،آ أ ان ور فايق من حويل ،ل أ هنم ذ ُ حبوا
من غري رمحة ،كام ت ُذحب اخلنازير يف مزنل آ أ حد ا ل أ غنياء يف
عرس ،آ أ و يف عيد من ا ل أ عياد ،آ أ و يف و ل مية .لقد شهدت
و آ أ مي ُ احلق ،موت ال كثريين من الرجال ،مفهنم من ف ُ تك به
منفردا ،ومهنم من ق ُ تل يف مع رتك القتال .ول كنين مل آ أ ر جمزرة
شنيعة كهذه سقطنا فهيا رصع عىل آ أ رض القاعة جنود بآ أنفاس نا
،حول كؤوس امخلر املمزوجة وا ملوائد املثقةل ابللحوم ،وقد
سالت عىل ا ل أ رض ادلماء .ومسعت و آ أ ان رصيع صوات حزينا يثري
الشفقة ،صوت ك س ندرا ابنة املكل فرايم ،وقد قتلهتا زوجيت
من آ أ جيل .عندئذ القيت يدي عىل س يفي و آ أ ان آ ُ عاين س كرات
املوت ،وقد مه مْ تُ آ أ ن آ أ رفعه للرضب .ول كن زوجيت الرشيرة
انتبذتْ جانبا ،ومل متد لتغم ض عيين آ أ و تغلق مفي يدا .حقا
ليس عىل وجه ا ل أ رض رش من املرآ أ ة ،ول آ أ قل مهنا حياء .
تصو ر آ أ ي فعةل فعلهتا هذه املرآ أ ة ،ا هنا قد دب رت ميتة زوهجا
نفسه ! وكنت وقد ظننت انين سآ أ نزل بني ُو دلي و آ أ هيل مزنةل
الضي ف الكرمي ،وهاك الرتحا ب اذلي لقيت ! حقا ا ن هذه
املرآ أ ة قد آ أ تت ما يلحق
138
عاره بلك النساء بعدها ،حىت الل وايت يسل كن مهنن السبيل
القومي " .
عندئذ آ أ جبته " :حقا ا ن هذا البيت قد آ أ نزل به زفس
رشا عظامي عىل يد جنس النساء .فقد هكل ال كثريون يف احلرب
من آ أ جل هيالنة ،وها آ أ ن لكي متنس رتا قد سعت يف موتك " .
عندئذ عاد آ أ غاممنون ا ىل اللكم فقال " :ا اي ك آ أ ن ت كون
رفيقا اب مرآ أ ة آ أ اي اكنت ،آ أ و آ أ ن ت ُطلعها عىل لك دخيلتك ،
ول كن آ أ طلعها عىل بعضها واكمت بعضها ال خر .وعىل لك فا ن
ا ل أ جل ،اي آ أ وذيس ،لن يآ أ تيك عىل يد امرآ أ تك ،ل أ ن بنلوب
ابنة ا ياكروس امرآ أ ة صاحلة حك مية .وا ين ل أ ذكر آ أ ننا غادرانها
يف بيتك ،ويه ل تزال حديثة العهد ابلزوا ج ،عندما آ أ حبران
ا ىل طروادة ،وغادران ابنك عىل صدرها رضيعا .و آ أ حسب آ أ نه
بلغ ال ن مبلغ الرجال .اي لسعده ! فا ن آ أ ابه العزيز س رياه عند
عودته ،وس يضم الواحد مهن ام ال خر بني ذراعيه كام هو خليق
ابل ابء وا ل أ بناء .و آ أ م ا آ أ ان فا ن امرآ أ يت مل ت ُتح يل آ أ ن آ ُ ش بع
نظري مب رآ أ ى ودلي ،ولكهنا قتلتين قبل هذا .آ أ صغ ال ن مرة
آ أ خرى ا ىل ما آ أ قوهل كل .ا ذا ما رجعت ا ىل بدلك ،فال ي كن
ذكل هجرة
139
بل خفية ،ا ذ ل يسع الرجال آ أ ن يثقوا ابلنساء بعد ال ن .
آ ُ ذكر هذا ،وخربين آ أ يضا هل اتفق آ أ ن مسعت شيئا من آ أ خبار
ودلي آ أ ور ست ،وهل اكن يقمي يف فيل وس عندما كنت فهيا ،
آ أ م هل يقمي يف ا س بارطة عند آ أ يخ مانيال ؟ ل أ ين موقن بآ أ نه ل
يزال حيا " .
فآ أ جبته عىل ذ كل بقويل " :ل تسلين عن يشء من آ أ مره ،
فا ين ل آ أ عمل آ أ يح هو آ أ م ميت ،ومن العبث آ أ ن آ أ تلكم مبا ليس
فيه فائدة " .
هذا ما حتدثنا به ،و آ أ تت بعدئذ آ أ رواح آ أ خرى ،مهنا
روح آ أ خي ل ،وفطرق ل ،و آ أ نطيلوخ ابن املكل نسطور الب كر ،
وروح آ أ ايس آ أ شد ال غريق بآ أ سا بعد ابن فيال .
وقد خا طبين آ أ خيل آ أ ول بصوت حزين فقال " :آ أ ي عل
جعيب قد آ أ تيت اي ابن ل ريت ؟ كيف جرؤت عىل القدوم ا ىل
هذه ا ل أ رض حيث تقمي آ أ روا ح املوىت ؟ "
فآ أ جبته قائال " :قد آ أ تيت اي آ أ خي ل يف طلب العرا ف
ث رييس يا عهل يرشدين ا ىل وس يةل آ أ رجع هبا ا ىل ا يثاكة .فا نين مل
آ أ بلغ آ أ رض ال غريق ومل آ أ صل ا ىل موطين ،بل ا ين ل آ أ زال اتهئا
يف اضطراب ل هناية هل .ذ كل هو حظي العاثر .آ أ ما آ أ نت ،فمل
ي آ أ ِت ،ولن يآ أ يت بعدك رجل
140
آ أ سعد منك حظا ،فعندما ك نت يف قيد احلياة ،كنا حنن
ال غريق ن كرمك ك ام ي كرم الناس ا ل أ رابب ،وها انك بعد موتك
مكل عىل مجيع القا طنني يف هذا املاكن " .
ول كن آ أ خيل آ أ جابين عىل الفور " :ل ختا طبين بلكم
تعزيين به عن مويت اي آ أ وذيس .ا ين ل أ فضل وامي احلق ان اكون
آ أ ج ريا يف خدمة رجل رقيق احلال ،ليس عنده من القوت ا ل
ال زنر القليل ،و آ أ ظ ل حيا عىل وجه ا ل أ رض ،عىل آ أ ن آ أ كون
ملاك عىل ا ل أ موا ت مجيعا .ول كن همل وحدثين عن ودلي ،ا ذا
كنت تعمل من آ أ خباره شيئا .ه ل سار ا ىل احلرب ليكون يف
طليعة ا ل أ مراء ؟ مث حدثين آ أ يضا عن آ أ يب فيال الش يخ العجوز .
آ أ ل يزال حم تفظا مباكنه الرفيع بني املرامدة ؟ ﻷ م آ أ هنم ل يآ أ هبون
هل ال ن ،بعد آ أ ن آ أ انخت به الش يخوخة ،وسلبته خفة
القدمني وقوة اليدين ؟ آ أ ل حبذا لو ي ُ تاح يل آ أ ن آ أ ابدر ا ىل
معونته يف ضوء الشمس ،و آ أ عود ا ىل ما اكنت عليه يف سالف
ا ل أ ايم ،حي امن فت كت بآ أ بطال ل حيصهيم العد عند آ أ سوار طروادة
،حقا لو ي ُ تاح يل هذا لصددت عنه من يقصدونه بعن ف ،آ أ و
مينعون عنه ما يس توجبه من ا كرام " .
فآ أ جبت " :آ أ ما فيال فمل آ أ مسع عنه شيئا ،و آ أ ما
141
ودلك نفطولمي ف آ أ قول عنه قول الصدق اذلي تآ أ مهل مين .لقد
جئت به آ أ ان نفيس من جزيرة س ريوس ا ىل جيش ال غريق يف
طروادة .وملا غدا بيننا مل ي كن دون آ أ حد عند املشورة .و آ أ ما
يف احلرب فمل ي كن يتلبث بني امجلوع بل اكن دوما يف السابقني
ا ل أ ولني ،وقد فتك من جيش الطرواديني ابل كثريين .ولست
آ أ قدر آ أ ن آ أ ذكر كل آ أ س امءمه ل كرثة عددمه .غري آ أ ن آ أ جل هم ش آ أ ان
اكن اوريفيل امليس ياين ،ابن ا ملكل تليفوس .واكن هذا آ أ هب ى
من رآ أ يت من الرجال طلعة ،ما عدا مِ مْ نون ابن الصبا ح .وملا
دخلنا ا ىل جوف احلصان اخلش يب ،اذلي صنعه ا فيوس
لال غريق ليك نتخذه وس يةل لال ستيالء عىل مدينة طروادة ،بىك
امراء ال غريق مجيعا باكء مرا و آ أ خذوا يرجتفون رعبا .و آ أ ما هو
تس ل عىل خده فقد اكن ا ل أ وحد اذلي مل ختالط لونه صفرة ،ومل ِ
ع ربة .بل ظل يتوقع اخلروج من احلصان يف ت وق ،ويده ل
تفارق مقبض حسامه مع زتما آ أ ن يوقع الرش برجال طروادة .
وملا دك كنا مدينة املكل فرايم امجليةل ،انل من ا ل أ سال ب خري
نصيب ،و آ أ حبر بسف ينته قاصدا وطنه ،ومل يصبه جرح من
رمح آ أ و س يف ،كام حيد ث للرجال عند احتدام القتال " .
قلت
142
هذا فغادرتين روح آ أ خيل ختطو خطوات عظ مية وا سعة تقطع
مرج الرب واق .وقد ُرس كث ريا ل أ ن ابنه قد آ أ صاب شهرة عظ مية
يف احلرب .
ولكمتين آ أ يضا آ أ رواح آ أ بطال آ خرين ،و آ أ فضت ا يل
بآ أ جش اهنا .غري آ أ ن آ أ ايس بن تالمون انتبذ جانبا ولزم الصمت .
فقد اكن حانقا ل أ ين تغلبت عليه ملا تبارينا معا للفوز بسال ح
ايس العظمي من آ أ جلآ أ خي ل .فقلت هل " :آ أ ل تزال حانقا اي آ أ ُ
هذا السالح اللعني ؟ ل ريب آ أ ن ا ل أ رابب قد جعلهتا فتنة ،ا ذ
قد س ببت كل الهالك و آ أ نت للجي ش حصن منيع .واكن ح ِ داد
ال غريق عليك مثل حدادمه عىل آ أ خيل بن فيال .وا ين آ أ رجوك
الا توجه اللوم ا يل ،ب ل ا ىل زفس اذلي حيم ل حقدا لال غريق .
وتعال ا يل ولكمين " .
ول كن آ أ ايس ذهب ومل ين ب ِ س بلكمة .
" وبعد هذا رآ أ يت املكل مينوس جالسا عىل عرش حيمل
بيده صوجلاان م ن اذلهب .وقد جلس للقضاء بني املوىت .
ور آ أ يت كذكل آ ُ وريون اجلبار يسوق الوحوش معا ،كام
يسوقها الصياد ،يف مرج من ال ربواق ،وقد محل
143
بيده هراوة عظ مية ُص نعت لكها من الربونز .
ور آ أ يت تيثوس اجلبار ابن ا ل أ رض ،واكن منطرحا عىل
ا ل أ رض مغطيا س بعة فراخس ،و بقربه نرسان ميز قان كبده وهو
ل يقدر آ أ ن يصد هام عنه بيديه .
ور آ أ يت آ أ يضا تنطالوس ،وقد وقع يف حمنة شديدة ،ا ذ
اكن وا قفا يف حوض قارب ماؤه عند ذ قنه ،ول كنه ا ذا ما
ا ش تد به العطش ،و آ أ راد آ أ ن يرشب ،مل ي مت كن من ذكل ،ل أ ن
املاء اكن يغي ض لك ام احنىن ليرشب ،وتظهر ا ل أ رض حتت رجليه .
واكنت تتدىل فوق رآ أ سه آ أ جشار شهي ة ا ل مثر ،فاكن مهنا المك رثى
والرمان والتفاح هبجة للناظرين ،واكن مهنا التني احللو
والزيتون ،ول كهنا اكنت لكام مد حنوها يده لقتطافها ،حتملها
الرحي بعيدا ،حىت آ أ هنا اكنت تصل هبا ا ىل السحاب .
ور آ أ يت سيس يفوس ،واك ن هو آ أ يضا يعاين ك ْر اب عظامي .
فقد اكن قابضا بلكتا يديه عىل خصرة خضمة حياول د فعها عىل
منحدر هضبة ا ىل مقهتا .واكن يد فعها بعد آ أ ن ُجي هد ُر كبتيه
وذراعيه ،ول كهنا اكنت ،ا ذا ما شارفت القم ة ،تفلت منه
وتتدحرج يف رسعة عظ مية مرتد ة ا ىل سفح الهضبة .
144
ور آ أ يت آ خر امجليع ش بح هرقول ،ومل آ أ ر منه ا ل ظهل ،
ل أ ن البط ل نفسه اكن جالسا مع ا ل أ رابب يف ا ل أ عايل مير ح ،بعد
آ أ ن اختذ هيبا ابنة زفس هل زوجا .وقد ارتفع من حوهل صيا ح
ا ل أ روا ح ك أ نه زقزقة العصاف ري .آ أ ما هو فقد وق ف متجهم الوجه
مظل ام اكللي ل ،ويف يده قوسه وقد ُش د سهم ا ىل وترها ،وبدا
يف عينيه عزم خميف مكن يوشك آ أ ن يطلق سهمه .واكن عىل
صدره ت ُ رس من اذلهب ،نقشت عليه رسوم بديعة ،رسوم
دببة وخنازير برية ،وس باع برا قة العيون ،ورسوم معارك
ومذاحب مرعبة .ولكمين ظ ل هرقول قائال " :آ أ ل خ ربين هل
ق ُ سمت كل يف احلياة قسمة رش كتكل اليت قسمها يل زفس ؟
فقد سل ط عيل جلفا يسومين آ أ بدا آ أ شق ا ل أ ع امل .وهاهو قد
آ أ رسلين ا ىل هنا ل تيه بلكب هجمن ،ظاان آ أ نه ل يقدر آ أ ن
ي ُ رهقين بعمل آ أ شق من هذا .ول كنين آ أ تيت به من هجمن ا ىل
ضوء الهنار ،ل أ ن هرمس و آ أ ثينا آ أ عاانين عىل ذ كل " .
قال ش بح هرقول ه ذا ومىض يف طريقه .مث انتظرت
هنهية عيل آ أ جد آ أ روا ح آ أ بطال آ خرين من آ أ بطال الزمن القدمي ،
ول كنين ،ف امي آ أ ان واقف الت ف من حويل آ أ لوف
145
و آ أ لوف من املوىت ،ومه يصيحون صياحا خميفا ارجتفتُ هل رعبا
.وخشيت آ أ ن ترسل ايل امللكة ا لعظ مية فرسفني رآ أ س ال غ ُ رغون
الهائل ،ف غادرت ماكين ،و آ أ هبت برفايق آ أ ن يركبوا الس ف ُ ن
وحيلوا احلبال .فركبنا وجلس نا عىل املقاعد ،حفملنا تيار
الاوقيانوس العظمي ا ىل الامام .وقد جذ فنا يف ابدئ ا ل أ مر ،مث
نرشان الرش ُ ع .
146
13
ع رائس املاء ،س يال ،ث ريان
ا ل شمس
( قصة آ أ وذيس)
147
من اللحم واخلزب والنبيذ .مث تلكمت وقالت " :لقد آ أ ْر بتْ
جشاعتك عىل الغاية ،فقد ذهبت ا ىل م زنل املوىت مرتني يف حني
ل يراه آ أ كرث الناس ا ل مرة واحدة .ول كن هلموا ال ن ولكوا
وا رشبوا هذا اليوم ،وغدا تعودون ا ىل ركوب البحر ،
وس آ أ هديمك الطريق وآ أ كش ف لمك ما س يح ل بمك ،فال تقوم
العوائق والصعا ب يف طريقمك " .وهكذا آ أ مقنا طول ذ كل الهنار
يف عيد نآ أ لك ومنرح .وملا خمي الظالم عىل ا ل أ رض اضطجع رفايق
عند السفن وانموا .و آ أ خذ ت سريسة بيدي و آ أ قصتين عن حصيب
،وس آ أ لتين ع ا رآ أ يت وما فعلت .وملا رسدت علهيا قصيت
حبذاف ريها ،قالت " :آ أ صغ ِ ال ن ا ىل ما آ أ لقيه عليك .ا نك
س ت ُ قبل يف ابدئ ا ل أ مر عىل عرائس املاء اللوايت يسحرن الرج ال
مجيعا بغناهئن .فا ن من يدنو مهنن عىل غري عمل ،ويسمع
غناءهن ل يعود ا ىل رؤية امرآ أ ته و آ أ ولده ؛ ل أ ن العرائس
يصبنه بسحرهن ،وجيذبنه ا ىل حيث جيلسن ،حييط هبن ُر اكم
عظمي من املوىت .ف آ أ رسع بسف ينتك حني مرورك هبن ،وعليك
آ أ ول آ أ ن تسد آ ذان رفاقك ابلشمع ،يك ل يسمع واحد مهنم
غناءهن .ول كن ا ذا رغبت آ أ نت نفسك يف آ أ ن تسمعهن ،
فليشد ك رجا كل ا ىل سارية ا ل سفينة شد ا حمك ام .وه كذا تس متع
ا ىل الغناء ول ينا كل آ أ ذى .
148
ول كن ا ذا آ أ خذت تتوس ل ا لهيم آ أ ن حيلوك ،فل زييدوا رابطك
توثيقا .
وبعد آ أ ن جتوز جزيرة عرائس املاء ،عليك آ أ ن ختتار
السبيل اذلي تسلكه .ففي اجلهة الواحدة تقوم الصخور اليت
يسمهيا الناس خصور الت يه .وهذه الصخور ل تقدر اخمللوقا ت ،
حىت اجملن حة مهنا ،آ أ ن جتتازها دون آ أ ن يلحق هبا آ أ ذى .
وامحلامئ عي ُهن ا ،اليت حتم ل ا ىل ال هل زفس طعامه ،ت آ أ خذها
الصخور لكها ،ف ي ُ ضطر ال هل ا ىل آ أ ن ي ُ رسل غ ريها لتحل ماكهنا
.ول تقدر سفينة آ أ ن جتتاز هبا ساملة .ول تنفك ا ل أ مواج من
حولها تتقاذف آ أ خشاب السفن احملط مة وجثث الرجال الغرىق .
ومل ت مت كن من اجتيازها سوى سفينة واحدة ،يه آ أ رغو .وهذه
ا ل سفينة ذا ُهت ا ،اكن ل بد آ أ ن حتط مها ا ل أ مواج ع ىل الصخور ،
لو مل مته د لها ه ريا سبيل النجاة من آ أ جل حهبا جلا سون .
هذه الصخور قامئة يف اجلهة الواحدة ،وتقوم يف اجلهة
الثانية خصراتن .تذهب الواحدة مهنام بقرهنا احلاد ا ىل عنان
الس امء ،وحت ف هبذا القرن غ اممة دكناء ،ل تبارهحا ل يف
الصيف ول يف زمن احلصاد .وهذه الصخرة ل يقدر عىل تسلقها
ا نسان ،ولو اكن هل عرشون يدا ورجال ،ل أ هنا ملساء صعبة
امل ُ نحدر .ويف جوف هذه
149
الصخرة كه ف تقطنه س يال هُ وةل البحر اخمليفة .وصوت هذه
الهو ةل يش به صوت جرو حد يث العهد ابلولدة .و آ أ قدا هما
الثنتا عرشة ضئيالت مشوهات ،غري آ أ ن آ أ عناقها الس تة يف
غاية الطول ،وقد عال الك مهنا رآ أ س مريع املنظر ،ويف لك
رآ أ س ثالثة صفوف من ا ل أ س نان انتظمت خثينة مليئة ابملوت .
ويه ختتئب ابلكه ف ا ىل وسطها ،ول كهنا ُخت رج رؤوسها ل تتصيد
ادل ل فني ،والكب البحر ،وغ ريها من خملوقات البحر ،ويه
هناك كث رية ا ل أ فواج تفوت احلرص .وما من سفينة متر هبا يف
سالم ،فه ىي ختتطف الناس عن ظهر ا ل سفينة ويعود لك رآ أ س
من رؤوسها اب نسان .و آ أ ما الصخرة الثانية فقريبة جدا من
ا ل أ وىل ،ويه عىل مرىم سهم مهنا ،ول كهنا تنخف ض عهن ا كث ريا ،
وتعلوها جشرة تني كب رية .ومتتص خاريبديس املاء من حتهتا ثالاث
يف اليوم مث متج ه يف اليوم ثالاث .وا ذا اتفق آ أ ن كنت هناك
حني متت ص املاء فال ينجيك يشء حىت عون فوس يذون نفسه .
فعليك ا ذن آ أ ن توجه سف ينتك حبيث تقرب من س يال وتبتعد
عن ا ل أ خرى ،خفري كل آ أ ن خترس س تة من رجاكل من آ أ ن تبيدوا
مجيعا " .
قالت سريسة هذا ،فآ أ جبهتا " :خرب يين ،آ أ يهتا
150
ال ل هة ،هل آ أ قدر عىل النجاة من خاريبديس بوس يةل ما ،
و آ أ نتقم يف الوقت عينه من هذه ال ه ُو ةل حي امن تفرتس رفايق ؟ " .
ول كن ال ل هة قالت " :ا ن جشاعتك لتفوق لك جشاعة ،
ول تف كر ا ل يف القتال .وا نك ول ريب ت ُقدم عىل قتال
ا ل أ راب ب آ أ نفسهم ،ول تنس آ أ ن س يال ليست من نسل فان ،
وليس يف قتالها من نصري ،والهرب مهنا خري و آ أ بق ،ل أ هنا ،
ا ذا متهلت ري امث تضع عليك ِش ك ة سالحك ،ت ُعاود ال كرة
وختتط ف من رجاكل مقدار ما اختطفت آ أ ول .وذلا عليك آ أ ن
ترسع بسف ينتك ما وسعتك الرسعة ،واد ع ُ ا ل أ م اليت محلت
بس يال هذه لتكون آ فة لال نسان ،لعل ها حتول دون انقضا ض
ابنهتا للمرة الثانية .
وس تآ أ تون بعد ذ كل جزيرة الرؤوس الثالثة ،حيث رعال
الشمس و ق ُ طعاهنا .ويه س بعة رعال من البقر ،وس بعة
ق ُ طعان من الغمن ،ويف لك مهنا مخسون رآ أ سا .وهذه كل ت ُودل
ول متوت ،وترعاها ا له تان .فا ن مل متس وا هذه البقر والغمن
بآ أ ذى ،فا نمك س رتجعون لكمك ا ىل ا يثاكة ،ول كن ا ذا انلها منمك
سوء ،فا ن سف ينتك ستتحط م وهيكل حص بك مجيعهم ،وترجع
وحدك بعد ﻷ ي طويل ا ل أ جل " .
151
نطقت ال لهة هبذا وانرصفت .فآ أ يقظتُ رجايل حفد روا
ا ل سفينة ا ىل البحر ورضبوا املاء مبجاذيفهم .و آ أ رسلت ال ل هة
رحيا مؤاتية ،فنرشان الرش ع ،وركن ا ا ىل الراحة .وفامي حنن
كذكل يف الطريق ،خاطبت رفايق قائال " :ل خري لنا اي
آ أ صد قايئ يف آ أ ن يعمل منا واحد آ أ و اثنان فقط ما تنب آ أ ت يل به
ال ل هة .وذلا فا ين سآ أ طلعمك عليه ل يك ن كون عىل بي نة مما س يقع
لنا ،فا ما آ أ ن منوت وا ما آ أ ن حنيا " .
و آ أ خربهتم آ أ ول خ رب عرائس املاء ،وفامي آ أ ان آ أ تلكم آ أ قبلنا
عىل جزيرهتن .عندئذ سكن الهواء سكوان ل نسمة فيه .ف آ أ نزل
رفايق الرش ُ ع و آ أ خذوا اجملاذيف .واقتطعت بس يفي قطعة كب رية
من الشمع ،ف آ أ ذبهتا يف الشمس ،ودهنت ابلشمع آ ذان رجايل .
مث آ أ وثقوا يدي ورجيل ،و آ أ ان واقف م نتصبا ،ا ىل سارية
ا ل سفينة .وملا اق رتبنا من الشاط ئ وكنا حبيث يص ل ا لينا منه
صوت ال نسان ،آ أ برصت العرائس ا ل سفينة ،و آ أ خذن يغن ني .
واكن غناؤهن هذا :
" همل ،اي آ أ وذيس اي ذا الامس ال يخ العظمي ،
عد مبركبك الرسيع و آ أ نصت ا ىل نش يدان ،
فمل يد ُن من قب ُل زائر من هذه ا ل أ رجاء ،
اتهئا يف ال فاق الالزوردية بسف ينته ادلكناء ،
ا ل مسع قبل ا حباره صوتنا العذب ،
152
مث مىض مبهتجا طاحف القلب ابذلكرايت .
ا ننا نعمل ما جرى من ا ل أ ع امل يف سالف الزمان ،
بقضاء ا ل أ رابب يف طروادة الوا سعة ا ل أ رجاء ،
وحنن ندري بلك هجاد بين الانسان يف لك ماكن " .
153
عظمي ا ذ اكنت س يال يف انحية ،وخاريبديس يف الناحية
ا ل أ خرى متت ص املاء عىل وجه خميف .وما لبثت آ أ ن جم ته ،
فظ ل يغيل حينا كام يغيل فوق النار مِ رجل عظمي .وتطاير
الرشاش حىت بلغ ذ ُ رى النفانف عىل اجلانبني .مث عادت
وابتلعت املاء حىت بدت لنا آ أ غواره البعيدة ،وانكشف لنا
الرمل ا ل أ بي ض يف قاع البحر .وجعلنا ننظر ا لهيا خائفني عىل
آ أ نفس نا من الهالك .وف امي حنن شاخصون ا لهيا بآ أ بصاران ،
التقطت س يال س تة من رفايق ،واكن هؤلء آ أ وفرمه جشاعة
و آ أ شد مه ب آ أ سا .وملا حولت نظري ا ىل سفينيت ابحثا عن رجايل
رآ أ يت عند ذاك آ أ رجلهم و آ أ يدهيم ومسعهتم ينادونين ابمسي
ويلكمونين للمر ة ا ل أ خ رية .وكام يفعل الص ياد ا ذا ما جلس عىل
آ أ حد الرؤوس ،و آ أ لق خيط صنارته الطوي ل ابلطعم ،ليغري به
مسك البحر ،ولكام آ أ مسك واحدة آ أ لقاها تتلوى عىل الشا طئ ،
ه كذا محلت س يال رجايل يتلو ون ُص عدا يف النفن ف ا ىل كهفها .
وقد الهتمهتم هناك ومه يرصخون رصاخا غريبا مستنجدين يب .
ولقد اكن هذا املشهد وا مي ُ احلق ،آ أ جش ما مر يب يف البحر من
ا ل أ هوال .
و آ أ تينا بعد هذا جزيرة الرؤوس الثالثة ،فسمعت من
سفينيت خُ وار البقر وث ُ غاء الغمن .فذكرت قول ثرييس يا
154
العر اف ،ووصي ته يل ب آ أ ن آ أ حنرف عن جزيرة الشمس ،فقلت
لرفايق " :ا س متعوا ال ن ا ىل نصيحة ث رييس يا ال عراف وسريسة .
ا هنام نصحاين آ أ ن آ أ رسع يف املرور جبزيرة الشمس ،وزعام آ أ ن
آ أ عظم رش حي ل بنا هناك .فهي وا ا ذن وانشطوا يف التجدي ف "
.
" قلت هذا ،بيد آ أ ن آ أ وريلوخ آ أ جابين حانقا " :حقا اي
آ أ وذيس ا نك ل تعرف التعب ،و ك أ نك ق ُ دِ دْ ت من احلديد حىت
متنع رفا قك ،اذلين هن ك هم التعب والس هر ،من ال زنول ا ىل
هذه اجلزيرة ،حيث ابلماكن آ أ ن ن ُنعش آ أ نفس نا .وا نك عىل
هذا مهتو ر ،ا ذ تآ أ مران آ أ ن نس ري يف اللي ل .ويف الليل تثور
رايح هملكة ،ف آ أ ىن لنا النجاة ا ذا ما د مه تنا من الغرب آ أ و من
اجلنوب عاصفة مفاجئة ،حفطمت سف ينتنا ون رثهتا قطع ا ؟
فا ل َ وىل آ أ ن تدعنا نقمي ،ونتناول طعامنا ونرقد ا ىل جانب
سف ينتنا ،مث نعود يف الغد ا ىل ركوب البحر " .
قال هذا فوا فقه امجليع عىل قوهل .فعلمت عندئذ آ أ ن
ال آ لهة تريد بنا رشا ،و آ أ جبت " :ا نمك ترمغوين لكونمك كثريين
و آ أ ان واحد ،ول كن آ أ قسموا مجيعا آ أ نمك ،ا ذا وج دمت هنا رعيال
من البقر آ أ و قطيعا من الغمن ،لن تطغ عليمك الشهوة ،
فتغريمك بذحب رآ أ س من العجول آ أ و ا ل أ غنام ،بل ت كتفون
155
مبا آ أ عطتنا سريسة من القوت " .
ف آ أ قسموا مجيعا عىل ذكل ،وملا آ أ قسموا آ أ رسوا ا ل سفينة
يف ج ْو ن ،عنده ينبوع ماء من ري ،وهناك تناولنا طعامنا .وملا
آ أ خذان كفايتنا من الطعام والرشاب ،ذكران رفا قنا اذلين
اختطفهتم س يال من ا ل سفينة وافرتس هتم ،جفعلنا نن ُد هبم ا ىل آ أ ن
سطا علينا النعاس .
ويف الصبا ح التايل خا طبت رفايق قائال :ل يزال دلينا ،
اي آ أ صد قايئ يشء من القوت ،فعندان اخلزب والنبيذ ،فآ أ مسكوا
ا ذن عن الرعال والقطعان ل يك ل حيل بنا ا ل أ ذى ،ل أ هنا رعال
الشمس وقطعاهنا ،والشمس ا هل جبار ل ينجو من ر قابته آ أ حد
".
وقد آ أ قنعهتم بلكيم هذا .وظلت الرحي اجلنوبية هتب
شه را اكمال بال انقطاع .ومل ت كن رحي غ ريها سوى الرحي
الرشقية اليت اكنت هتب احلني بعد احلني .واحلق آ أ ن رفايق آ أ بقوا
عىل القطعان ،فمل ميس وها بآ أ ذى ما دام زادمه من اخلزب والنبيذ
مل ينفذ ،ل أ هنم اكنوا خيشون املوت .ول كهنم بعد آ أ ن آ أ توا عىل
مجيع ما دلينا من املؤون ة آ أ خذوا يطوفون يف اجلزيرة يف طلب
القوت .واكنوا وقد آ أ هجدمه اجلوع ،يصطادون العصافري
وا ل أ سامك ابلصنانري .وكنت آ أ ان وحدي آ أ طوف منفردا آ أ دعوا
ال آ لهة آ أ ن هتبنا
156
النجاة .واتفق آ أ ن غلبين النعاس يوما -واكن هذا هو جواب
ال آ لهة الوحيد -ومنت بعيدا جدا عن حصيب .
و اكن آ أ وريلوخ يف هذه ا ل أ ثناء يلكم البا قني مس تعينا
حبيةل شؤوم ويقول :
" آ أ صغوا اي رفايق ا ىل من عاىن معمك آ أ شد احملن .ا ن
املوت مما ينبغي آ أ ن حناذره دا مئا ،بيد آ أ ن املوت جوعا هو
آ أ فظع و آ أ ش نع ما ُخي ىش .فتعالوا ا ذن ول ن ُ ض ح ل ل أ رابب يف
الس امء خب ري ث ريان الشمس .ولننذر آ أ ن نبين للشمس هيلك
عظامي حي امن نبلغ ا يثاكة ،ونزي نه بكث ري الهدااي ونفيسها .ول كن
ا ذا شاء ا هل الشمس آ أ ن يغرق سف ينتنا ،غضبا منه ذلحبنا
ثوره ،فا ين ل أ فض ل آ أ ن آ أ موت ،و آ أ ان آ أ قابل ا ل أ مواج فاحتا مفي
،عىل آ أ ن آ أ دلف ا ىل املوت متفانيا عىل همل يف هذه اجلزي رة
القفر " .
وقد آ أ يدوه لكهم يف ذ كل .وعندها ساق آ أ وريلوخ آ أ مسن
رآ أ س يف القطيع -وقد اكن ل ي ربح يرع عىل مقربة من ا ل سفينة
-وذحبه الرجال حضي ة ل ل أ رابب .وبعد آ أ ن قاموا ابملراس مي
املرعية ،ذروا آ أ ورا قا خرضا من آ أ وراق الشجر ،ا ذ مل ي كن
دلهيم يشء من الشع ري ،و آ أ راقوا ماء بدل من النبيذ ،وصل وا
لل آ لهة ،و آ أ حرقوا عظم الفخذين مع ادلهن ،و آ أ لكوا من
ا ل أ حشاء .عندئذ جهر
157
النوم عيين فاجتهت ا ىل الشاطئ ،غري آ أ ين قبل آ أ ن آ أ صل ا ىل
ماكن ا ل سفينة تلقاين ال ق ُ تار ،وملا آ أ دركت ما حد ث رصخت
عاليا " :ا ن هذا النوم اذلي آ أ غريتين به اي زفس ،ليك آ أ س رتحي
،لنوم مميت فقد آ أ غضب رفايق الشمس آ أ شد الغضب بطيشهم
".
وفامي كنت اتلك م طارت ا حدى احلوراي ت اللوايت كن
يرعني القطعان ا ىل الشمس بنب آ أ ما حد ث .عندها تلكمت
الشمس يف سائر ا ل أ رابب قائةل " :انتقموا يل ال ن من رفاق
آ أ وذيس اجملرمني ،فقد فتكوا ب ق ُ طعاين ا ل يت آ أ بهتج برؤيهتا سواء
عند صعودي ا ىل الس امء آ أ م عند هبوطي مهنا .قسام ا ذا مل
ينالوا العقاب العدل عىل سوء ص نيعهم فا ين س آ أ حندر و آ أ نري
آ فاق املوىت " .
فآ أ جاب زفس عندئذ " :آ أ رشيق آ أ يهتا الشمس عىل ا ل أ رض
كام يف السابق .آ أ ما هؤلء اجلناة فا نه من اليسري آ أ ن تنال
مركهبم صاعقة من دلين فتحطمه يف وسط البحر " .
وقد مسعت هذا لكه فامي بعد من احلورية اك ل يبسو ،واكنت
قد مسعته يه من هرمس الساعي .
فآ أ وسعت رفايق تآ أ نيبا بلكم يقطر غضبا ،ول كين مل آ أ جد
لسوء علهم عالجا بعد آ أ ن رآ أ يت ا ل أ بقار ذبيحة .مث
158
عالما ت خميفة من الس امء .فقد تقل صت جلود ا ل أ بقار تال هذا
للحوهما فوق السفا فيد خُ وار ك أ نه صوت خملوقا ت حية ُ ،
ومس ع
رفايق س تة آ أ ايم يف عيد ي طعمون من قطيع الشمس . .و آ أ قام
اليوم السابع ،دفعنا سف ينتنا ا ىل البحر ونرشان الرشع وملا اكن
.
وملا رصان عىل مسا فة ل نرى مهنا جزيرة الرؤوس الثالثة
،ومل تظهر لنا آ أ رض سواها ،بعث زفس علينا غاممة قامتة ،
وانقضت الرحي الغربية بغتة عىل ا ل سفينة ،فان زتعت حبال
الصاري من اجلانبني .وعندئذ سقط الصاري ،وحطم مججمة
نويت منا فغطس ك ام يغطس الغوا ص يف البحر .مث رضب زفس
ا ل سفينة بصاعقته ،مف ل أ ها ك ربيتا من جانهبا الواحد ا ىل اجلانب
ال خر .فسقط رفايق من ا ل سفينة ،ور آ أ يهتم حيومون يف املاء
حولها كطيور الزم ج .وه كذا خيبت ا ل أ رابب آ أ م لهم يف العودة
.ول كين بقيت مع ذكل يف ا ل سفينة حىت انفصلت جوانهبا عن
قاعدهتا ،و ح ينئذ آ أ وثقت نفيس بس ري من اجلدل ا ىل السارية
والقاعدة ،فقد اكنتا ملتصقتني الواحدة اب ل أ خرى .وجلست
علهيام واستسلمت ا ىل الرحي ،فظل ت تد فعين طوال الليل
ورجعت عند الصباح ا ىل س يال وخا ريبديس ،واكن عند ذكل
موعد امتصا ص خاريبديس ل ل أ مواج .غ ري آ أ ن موجة
159
رفعتين فتش ب ثت بلك قواي بآ أ غصان جشرة التني ال ربية النابتة
فوق الصخر ،و آ أ مقت متشب ثا هبا مدة طويةل ،و آ أ ان ل آ أ دري
كي ف ميكنين التسل ق ا ىل آ أ عىل من ماكين .وبقيت آ أ رقب آ أ ن
تقذف ابلسارية والقاعدة اللتني ابتلعهتام مع املاء .وملا رآ أ يهتا
اثنية آ أ لقيت بنفيس عن الصخر ،و آ أ مس كت هبام ،وجلست
علهيام وجعلت آ أ ج ذ ف جاد ا براحيت .ومل يسمح آ أ بو ا ل أ راب ب
لس يال آ أ ن تراين ،ولول هذا لهل كت .وبقيت طا فيا تسعة
آ أ ايم ،ويف اليوم العا رش محلتين ا ل أ رابب ا ىل جزيرة اك ل يبسو .
وا نك تعمل كي ف رصت ا ىل هناك ،فقد س بق يل آ أ ن
قصصت خ رب ذ كل عليك وعىل زوجك .ورويته لكام آ أ مس وليس
يطيب يل آ أ ن آ أ عيد ما قلت .
160
14
ا ي ثاكة
161
ف آ أ جعب ا ل أ مراء هذا القول ،وذهبوا لك هم ،وعادوا
حيملون الهدااي يف اليوم التايل .ووضعها املكل نفسه حتت
املقاعد لئال ت ُعيق اجملذ فني يف علهم .
وملا انهتى آ أ مر هذا لك ه ،قصد ا ل أ مراء ا ىل قرص املكل ،
وحض وا لزفس بثور ،وقضوا يوهمم يف عيد ،وغن امه املنشد .
و ظ ل آ أ وذيس مع ذ كل ي رنو ا ىل الشمس ،ك أ نه يس تعج ل غياهبا
.واكنت رغبته يف العودة ملح ة ت ُ ش به رغبة الفالح يف تناول
عشائه ،بعد آ أ ن قىض هناره جير حمراثه يف آ أ رض ب ُ ور ،و آ أ مامه
الن ري ُش د ت ا ليه الث ريان .وك ام ميتلئ قلب هذا فرحا حي امن يرى
الشمس تغوص يف املغرب ،ه ك ذا امت ل أ قلب آ أ وذيس فرحا
حيامن توارى آ أ مامه ضوء الهنار .وتلكم فقال :
" آ أ ِر ِق الرشا ب تقدمة لل آ لهة اي س يدي املكل ،
و آ أ رسلين يف سبييل .و آ أ ين آ أ س تآ أ ذنك ال ن يف الوداع ،فقد
منحتين لك ما تش هتيه نفيس ،منحتين عطااي سني ة ،وحرسا
يرا فقين ا ىل وطين .فلهتبين ال آ ل هة معهم حظا سعيدا ،و ل متنحين
آ أ يضا آ أ ن آ أ جد زوجيت و آ أ هيل مق ميني يف مزنيل ساملني ! و آ أ ما
آ أ نت فا ين آ أ دعو كل آ أ ن تقمي هنا هانئا مع زوجاتك و آ أ ولدك ،
تنعم بآ أ نواع الطي بات ،ول يق ربمك آ أ ذى ،ول ميس مك سوء " .
162
عندئذ خا طب املكل وصيفه فقال :
" امزج النبيذ ال ن اي ف ونت ُ نوس ،و د ُ ْر عىل القوم
ابلرشا ب ،ليك نتقد م ا ىل زفس ابدلعاء ،ونرسل هذا الغريب
يف سبيهل " .
مفزج فونتنوس النبيذ ،و آ أ داره عىل احلارضين ،ف آ أ راقوا
منه وتوهجوا ا ىل زفس ابدلعاء .مث هن ض آ أ وذيس من ماكنه ،
ووضع ك أ سه يف يد املل كة آ أ ريتا ،وقال " :ل ِ يلزمْ ِك السعد
آ أ يهتا املل كة ا ىل آ أ ن تآ أ تيك الش يخوخة ،واملوت اذلي ليس
لاكئن منه مفر ! ا ين ذاهب ال ن ا ىل بدلي ،فاهنيئ بآ أ ولدك
وبقومك ،وابملكل زوجك " .
وملا قال هذا ختط العتبة .و آ أ رس ل آ أ لسينوس معه
وصيفا ليقوده ا ىل ا ل سفينة ،و آ أ رسلت امللكة وصيفا هتا ،حتمل
ا حداهن ثواب قشيبا ومقيصا ،وحتمل الثانية الصندوق ،
وحتمل الثالثة خ زبا ونبيذا .وملا بلغوا ا ل سفينة تناول اجملذ فون
هذه ا ل أ ش ياء وجعلوها يف العن رب ،وفرشوا ل أ وذيس بسا طا يف
مؤخرة ا ل سفينة ،وطرحوا فوقه غطاء ليك حيظ بنوم هينء .
وملا متت عد هتم ،صعد آ أ وذيس ا ىل الفكل واضطجع يف
ماكنه و آ أ خذ الرجال آ أ ماكهنم من املقاعد وحل وا احلبال .
163
ومل ياكدوا ميسون املاء مبجاذيفهم حىت ا س توىل عىل آ أ وذيس
س بات عيق .وقد آ أ رسعت ا ل سفينة فوق ا ل أ مواج ك أ هنا مركبة
جتر ها آ أ ربعة من اجلياد تعدو هبا يف السه ل .ومل يكن يف قدرة
البازي نفسه ،وهو آ أ رسع ا ل أ جسام الطائرة ،آ أ ن يبارهيا .
وملا بزغ يف الس امء النجم رسو ُل الصباح ،اق رتبت
ا ل سفينة من اجلزيرة .وهناك ،يف ا يثاكة ،مرف آ أ هو مرف آ أ
فور سيس ا هل البحر ،يقوم عىل جانبيه جرفان عظ امين يصد ان
عنه قوة ا ل أ مواج .ولك سفينة جتد السبيل ا ليه تصبح قادرة
عىل الرسو ،ول حتتاج ا ىل املرايس ،ويف آ أ عىل املرفآ أ جشرة
زيتون بقرهبا كه ف خاص حبورايت املاء .ولهذا الكهف ابابن ،
آ أ حدهام يتجه ا ىل الشامل ويلج منه البرش ،وال خر يتجه ا ىل
الغرب وهو خاص ابل آ لهة .ا ىل هذا املاكن وجه الفيس يانيون
ا ل سفينة ،ومه عىل آ أ مت عمل به .وقد اند فعت فوق الساحل ا ىل
منتصف قاعد هتا لرسعة جتذيفهم .مث محلوا آ أ وذيس من ماكنه يف
ا ل سفينة ،وهو يف البساط والغطاء اذلين آ أ عطهتام هل امللكة .
وظل مع ذكل ان مئا .و آ أ خرجوا آ أ يضا هدااي آ أ مراء الفيس يانيني ،
وجعلوها ُر اكما عند جذع الزيتونة ،عىل مسافة قص رية من
الطريق العا م ،لئال يرسقها آ أ حد املار ة و آ أ وذيس انمئ .
164
وبعد هذا عادوا آ أ دراهجم ا ىل وطهنم .
غري آ أ ن فوس يذون ما برح ذاكرا غضبه ،فقال لزفس :
" ال ن ميس ين العار بني ا ل أ رابب من آ أ جل برش فانني .
فا ن هؤلء الفيس يانيني آ أ نفسهم ،ومه من ذوي قرابي ،قد بلغ
هتاوهنم يب آ أ هنم مل يعودا يك رتثون يل .فقد قلت ا ن آ أ وذيس هذا
ل بد آ أ ن يلق حمنة عظ مية دلى عودته ا ىل وطنه ،وها مه قد
جازوا به البحر ساملا ،ومعه من الهدااي ما مل ي كن ليحظ
مبثهل من طروادة ،لو رجع مهنا ساملا حيم ل لك ما آ أ صابه من
الغنامئ " .
فآ أ جابه زفس " :ما هذا اذلي تقوهل اي س يد البحر ؟
و آ أ ىن ل ل أ راب ب آ أ ن يعيبوك و آ أ نت آ أ ك ربمه س نا ؟ وا ذا آ أ مسك
البرش عن تقدمي ما جيب كل من ال كرام ،فعليك آ أ ن تزنل هبم
العقاب اذلي ترضاه .فا فع ل ا ذن ما تشاء " .
فقال فوس يذون " :لقد فعلت هذا فامي مىض ،ول كين
كنت آ أ خىش غضبك .و آ أ ما ال ن فسآ أ رضب سفينة هؤل ء
الفيس يانيني عند رجوعها بعد آ أ ن محلت هذا الرجل ا ىل بدله .
وس ي كون يف عيل هذا عربة هلم ،فال حيملون الناس بعد ال ن
ويوصلوهنم ا ىل غااي هتم آ منني .وس آ أ ظل ل مدينهتم جبب ل عظمي " .
فآ أ جابه زفس عىل ذ كل بقوهل :
165
" افعل ما بدا كل " .
فهبط فوس يذون آ أ رض الفيس يانيني ،وتلب ث ريامث دنت
ا ل سفينة مرسعة يف سبيلها .وعندئذ آ أ نزل هبا رضبته وحو لها
ا ىل جحر و آ أ رخسها يف قاع البحر .
و آ أ ما الفيس يانيون فقال آ أ حدمه لل خر :
" من ذا اذلي حال دون عودة سف ينتنا ا ىل قاعد هتا ؟
لقد اكنت ال ن ملء البرص " .
غري آ أ ن املكل آ أ لسينوس قال :
ِ
حتققت النبوءا ت اليت اكن حيدثنا هبا آ أ يب .فقد اكن " لقد
يقول ا ن فوس يذون حانق علينا ل أ ننا جنوز البحر ابلناس ساملني
،وا ن ال هل ل بد آ أ ن يرضب يوما ا حدى سفننا وحيو لها ا ىل
جحر ،ويظل ل مدينتنا جبب ل عظمي .فلن ك ُ ف ال ن عن ا يصال
الناس ا ىل آ أ وطاهنم ،ولنتقر ب ا ىل فوس يذو ن ابلقرابني ول ن ُ ض ح
ابثين عرش ثورا لئال ي ُ ظل ل مدينتنا جببل عظمي " .
قال املكل هذا ،فقام ا ل أ مراء بتنفيذ ما آ أ مرمه به .
واستيقظ آ أ وذيس يف هذه ا ل أ ثناء من منامه يف آ أ رض ا يثاكه ،
فمل يعرف املاكن ؛ ل أ ن آ أ ثينا نرشت ضبااب كثيفا
166
حوهل .وسيتضح فامي بعد آ أ هنا ا من ا آ أ رادت هل بذكل اخلري ،ل يك
ينف ذ يف آ أ من ما عزم عليه .
فهنض آ أ وذيس و آ أ خذ يندب حظه قائال " :اي لت عيس !
ا ىل آ أ ية آ أ رض قدمت ؟ آ أ متوحشون ساكهنا جائرون آ أ م
مِ ضيافون من آ أ هل ال ِرب والصالح ؟ ا ىل آ أ ين آ أ محل ثرويت هذه
؟ وا ىل آ أ ين آ أ ذهب آ أ ان نفيس ؟ حقا آ أ ن الفيس يانيني قد
آ أ ساءوا ا يل صنعا .فهم قد وعدوا بآ أ ن حيملوين ا ىل وطين ،
زفس حا يمُ ول كهنم آ أ خذوين ا ىل آ أ رض غريبة .فل ي ُ عا قهبم
املتوسلني عىل ذكل ! و ﻷ همت ال ن مبتاعي و ل أ ح ِص ه ِ ،فقد يكون
هؤلء الرجال قد آ أ خذوا منه شيئا " .
قال هذا و آ أ حىص مناصب القدور ،واملراجل ،والثياب
،وا ذلهب ،فوجدها مل تنق ص شيئا .ولكنه ظ ل ينوح شوقا
ا ىل وطنه .
وفامي اكن سائرا يند ب بقرب الشاط ئ ،قابلته آ أ ثينا يف
هيئة راع فيت يروق جامهل ا ل أ نظار ،ك أ نه من آ أ ولد امللوك .
فابهتج آ أ وذيس ملرآ ها مع آ أ نه مل يعرفها ،وقال " :ا نك آ أ هيا
الصديق آ أ ول من آ أ رى يف هذه ا ل أ رض .فآ أ رجوك آ أ ن ت ُنقذ مايل
،وتنقذين آ أ ان آ أ يضا .ولكن آ أ ص ُد قين اخلرب آ أ ول ،وقل يل ما
يه هذه ا ل أ رض اليت آ أ تيتُ ،ومن مه ساكهنا ؟ آ أ جزيرة يه آ أ م
جزء من اليا بسة ؟ " .
167
فقال الراعي الزائف " :ا م ا آ أ ن ت كون آ أ محق ،وا ما آ أ ن
ت كون قادما من آ أ رض بعيدة ،جلهكل هذه ا ل أ رض .فال كثريون
يف الرشق والغرب يعرفوهنا .فه ىي خصرية ل تصلح للخي ل ،
ويه قليةل العرض ،ول كهنا آ أ رض خصبة صاحلة للخمر .ول
ينقصها املطر ،ب ل يه مرع خصب للثريان واملعز .ويسم هيا
الناس ا يثاكة .وقد مسع الناس بذكرها حىت يف طروادة اليت
تبعد جدا عن هذه ا ل أ رض من بالد ال غريق " .
فابهتج آ أ وذيس مبا مسع ،ومل يش آ أ مع ذكل آ أ ن ي ُ ظهر نفسه
،بل آ ثر آ أ ن ي ُ لف ق حاكية ،فقال :
" آ أ جل ،ا ين مسعت وا مي ُ احلق اب يثاكة هذه يف كريت ،
اليت قدمت مهنا حديثا هبذه الرثوة لك ها ،بعد آ أ ن تركت مثلها
ل أ ولدي .فقد قتلت آ أ ور س يلوخ ابن املكل ايذومني ،ل أ نه
آ أ راد آ أ ن يسلبين غنا مئي .وقد قتلته و آ أ ان م رتص د هل عىل طريقه
.مث تعاهد ت مع ج امعة من ا لفي نيقيني آ أ ن يآ أ خذوين ا ىل فيلوس
ا و ا ىل ايليس .واكن يف عزهمم آ أ ن يقوموا هبذا ،ول كن الرحي
سا قهتم غىل هنا ؛ وقد محلوين و آ أ ان انمئ ا ىل الشا طئ مع متاعي ،
وعادوا آ أ دراهجم ا ىل صيداء " .
فرس ت آ أ ثينا جدا هبذه احلاكية ،وغ ري ت صور هتا ،
ُ
168
فغد ت امرآ أ ة طويةل القامة مجيةل املنظر ،وقالت ل أ وذيس :
" ا ن اذلي يقدر عىل خ ِ داعك ي ُ عد آ أ م كر املاكرين .فا نك
،و آ أ نت يف ع قر بدلك ،ل تنفك تلج آ ُ ا ىل الكم امل كر واخلداع
! ول ْ ن دع هذا ال ن ،فا نك عىل ما آ أ عتقد آ أ وف ُر البرش حمكة ،
و آ أ ان آ أ جو د ا ل أ راب ب رآ أ اي ،فآ أ ان آ أ ثينا بنت زفس ،وقد كنت
دامئا ا ىل جانبك ،و آ أ ابدر ا ىل معونتك .ولنت خذ ال ن ل أ مواكل
هذه خمب آ أ .و آ أ م ا آ أ نت فالزم الصمت ،ول ت ُعر ف آ أ حدا
بنفسك ،وعليك آ أ ن ت ُعاين ال كثري قبل آ أ ن ترجع ا ىل سابق
عهدك " .
فآ أ جاهبا آ أ وذيس " :ا نه ل يعرس عىل برش همام اكن حكامي آ أ ن
ِ
كنت ي ُ مزيك آ أ يهتا ال ل هة ،ل أ نك تتخذين هيئا ت ش ىت .وقد
دامئا رفيقة يب مل ا كنت آ أ حارب الطرواد مع غ ريي من الاغريق .
غري آ أ ين ،منذ استيالئنا عىل مدينة فرايم ،وا حباران ا ىل
آ أ وطاننا ،مل آ أ ر ِك حىت قابل ت ِ ين يف آ أ رض الفيس يانيني ،
فشد دت عزمييت و آ أ رشدتين آ أ نت نفسك ا ىل املدينة .وا ﻵ ن
آ أ توس ل ا ليك بآ أ بيك زفس آ أ ن ت ص ُد قيين القول :هل هذه
ا ل أ رض اليت آ أ رى يه ا يثاكة؟ فا نه ليخي ل ا يل آ أ ين آ أ تيتُ آ أ رضا
سواها ،و آ أ نك تسخرين يب .آ أ ل قويل يل قول الصدق ه ل
بلغت وطين حقا ؟ "
فآ أ جابته آ أ ثينا " :لن آ ُ غادرك بعد ال ن ،ﻷ ن كل من
169
احلمكة والفطنة ما تبذ به سائر الرجال .ف لك رج ل غريك ،
يعود مثكل بعد تط و اف طوي ل ا ل أ مد ،ي ُ بادر ا ىل رؤية زوجته
و آ أ ولده .ول كنك آ أ ردت آ أ ن متتحن زوجك آ أ ول .و آ أ ما قو كل
ا نك مل تعد تراين يف طوفانك ،ف ذ كل ل أ ين مل آ أ شآ أ آ أ ن آ أ عادي
فوس يذون آ أ خا آ أ يب ،فقد اكن حانقا عليك ،ل أ نك مس ل ْ ت عني
ابنه الس يلكوب فاعيته .ول كن تعال ال ن فآ أ ريك هذه ا ل أ رض
آ أ رض ا يثاكة ،ليطمنئ قلبك .فانظر ! هذا هو مرفآ أ فور سيس
.ويف آ أ عاله جشرة الزيتون .وهنا آ أ يضا الكه ف امجلي ل اخلاص
حبوراي ت املاء .وانظر ،فهناك هضبة ن ريتون تغطهيا الغااب ت "
.
عندئذ بد د ت ال لهة الضبا ب ،فرآ أ ى ا ل أ رض وعرف
آ أ هنا ا يثاكة حقا ،خفر عىل ركبتيه ،وقب ل ا ل أ رض ،ودعا
احلورايت قائال :
" مل آ أ كن آ أ رجو آ أ ن آ أ راكن ،وها آ أ ان آ ُ حي ي ك ُ ن ال ن حتي ة
الوداد ،وس آ أ قدم ل كن آ أ يض ا الهدااي ال كث رية ا ذا تعطفت آ أ ثينا
ف ع ُ نيت اب رجاعي ا ىل سابق عهدي " .
فقالت آ أ ثينا عندئذ " :شد دِ العزم ول جتزع .وعلينا
قبال آ أ ن نضع متاعك يف ماكن خفي آ أ مني من ال كهف " .
ح ينئذ مح ل آ أ وذيس النحاس واذلهب والثياب اليت
آ أ هداها
170
ا ليه الفيس يانيون ،وتعاوان عىل وضعها يف الكهف .مث آ أ لقت
آ أ ثينا جحرا كب ريا عىل اببه وقالت :
" ف ك ر ال ن آ أ هيا الرجل ال كثري احليةل يف ما جيب عهل
لتقبض عىل هؤلء الرجال خ ُ ط ا ب امرآ أ تك اذلين يق ميون يف
مزن كل منذ ثال ث س نوا ت ،ويلهتمون رزقك .ويه قد
م ك ر تْ هبم يف جواهبا ،ومن هتم ابلوعود ال كث رية ،ول كهنا ل
تزال تنتظر عودتك " .
فقال آ أ وذيس " :حقا ا نين لولك لهل كت كام هكل
آ أ غاممنون .فآ أ جنديين ال ن ك ام آ أ جندتين يف سالف ا ل أ ايم يف
طروادة ،ففي قدريت ،و آ أ نت ا ىل جانيب ،آ أ ن آ أ حارب ثال مثئة
من الرجال " .
فقالت آ أ ثينا " :س آ أ حدث بك تغي ريا ل يعرفك معه آ أ حد
،فلحمك الغض س يذوي عىل آ أ طرا فك ،ويذهب شعرك الالمع
عن رآ أ سك ،وتمكد عيناك .فال يآ أ به كل اخلط اب ،ول تعرفك
امرآ أ تك ول ودلك .فاذهب ا ىل حيث يس كن عوس ،راعي
اخلنازير ،قرب نبع آ أ ريثوسا ،فهو كل ولبيتك ويف آ أ مني .
وس آ أ ابدر آ أ ان ا ىل بيت مانيال يف ا س بارطة ليك آ ُ حرض تل اميخ
اذلي رح ل ا ىل هناك يتقىص آ أ خبارك " .
ول كن آ أ وذيس قال لال ل هة " :مل مل ت ُطلعيه عىل آ أ خباري
،
171
نت بلك يشء عل مية ؟ فه ل اكن ذ كل ليك يعاين الكروب اتهئا وآ أ ِ
فوق البحار كام عانيتُ ،في مت كن ا ل أ غيار آ أ ثناء ذ كل من الهتام
آ أ مواهل ؟ "
فآ أ جابته آ أ ثينا " :ل جتزع عليه ول خت ف فقد آ أ رشدته آ أ ان
نفيس ،ل يك يغمن ذكرا طيبا ،ك ام يليق بودل يبحث عن آ أ بيه .
وهو يقمي ال ن يف بيت مانيال آ منا مطمئنا .وهناك رجال
يرقبون عودته ليفتكوا به ،ول كن مآ أ رهبم لن يتحق ق ،بل
س هيلكون مه وهيكل معهم غ ريمه مم ن الهتموا آ أ موا كل " .
عندئ ذ مس ته بصوجلاهنا فذوى جدله وغدا كجدل رجل
هرم ،وذهب شعره عن رآ أ سه ،وامكد ت عيناه .و آ أ م ا مال بسه
حفو ل هتا ا ىل آ أ خالق ي غشاها الوح ل ويلو هثا ادلخان .و آ أ لقت
فوق ذ كل لك ه جدل وع ل كب ري ذهب عنه الوبر .وجعلت يف يده
عاكزا ،و آ أ عطته جرااب راث وحبال يربطه به .
172
15
عوس ،راعي ا خل نا زير
173
للخطاب .وملا دان آ أ وذيس ه ر ت ْ هُ اللكب وجهمت عليه ،فآ أ لق
عصاه وجلس ،واكد يلق ا ل أ ذى عىل عتبة م زنهل .غري آ أ ن
الراعي هرع ا ليه ،وطرد عنه اللك ب ابحلجارة ،وخا طب
موله ،وهو ل يعرفه ،فقال :
" اكدت اللك ب تفتك بك آ أ هيا الش يخ ،وا ن هذا ملم ا
يلحقين منه العار وا ل أ ىس .وا ن ما عندي من ا ل أ جشان غ ري ذ كل
لكثري .فا ين مقمي هنا ي ُ رب ح يب احلزن من آ أ ج ل مولي ،و آ ُ ريب
اخلنازير و آ أ مس هنا ل يك يلهتمها غ ريه ،عىل حني ي كون هو يف جوع
اتهئا فوق الغمر ،آ أ و مطو فا يف آ أ رض الغرابء .هذا ا ذا اكن ل
يزال من ا ل أ حياء .ول كن همل ال ن آ أ هيا الش يخ ا ىل م زنيل ،
و آ أ عل مْ ين من آ أ نت ،و آ أ طلعين عىل ما عانيت من ا ل أ جشان " .
وقاده راعي اخلنازير عندئذ ا ىل مس كنه ،و آ أ جلسه عىل
مقعد من آ أ غصان الشجر ،عليه جدل تيس بر ي .واكن اجلدل
ضافيا لينا ،فشعر ابلرغبة يف آ أ ن ينام عليه .
واكن فرح آ أ وذيس هبذا الرتحا ب عظامي فقال " :
لي مْ ن ح ُ ك زفس وسائر ال آ لهة رغائب فؤادك لحتفاءك و ِر ف ق ُ ك
يب " .
فآ أ جاب الراعي " :من الرش آ أ ن آ أ زدري الغريب ،
174
فا ن الغريب والسائل موف دان من ق ِ ب ل زفس ،و آ أ ما العطاء
همام ض ُؤ ل ،فهو كثري منا حنن ا ل أ رقا ء العائشني يف خ ش ية من
مولان .وقد آ أ عا قت ا ل أ رابب عودة س يدي .ول ريب عندي
آ أ نه لو عاد ل أ عطاين بيتا ،ومنحين بقعة من ا ل أ رض ،و آ أ هدى
ا يل فوق هذا ،زوجة مجيةل .ل أ ن هذا هو عطاء السادة ملن
حيس نون اخلدمة من آ أ تباعهم ،ويف آ أ يدهيم ت منو ثروهتم كام منت
ثروة مولي يف يدي .ولو آ أ قام س يدي يف م زنهل ل أ اثبين خ ريا ،
ول كنه لىق الهالك ،كام آ أ و د آ أ ن هيكل لك قوم هيالنة ،ل أ هنا
آ أ ْو د ت ابل كثريين من آ أ بناء ال غريق البواسل .فا نه هو آ أ يضا
قد ذهب مع من ذهب ا ىل طروادة ،ليك يساعد آ أ غاممنون
و آ أ خاه مانيال عىل الانتقام من الطرواديني " .
وقصد الراعي بعدئذ ا ىل الزرائب ،وجاء مهنا خبزنيرين
صغريين فقطعه ام بعد آ أ ن ش ي طهام مث شواهام عىل السفا فيد .وملا
مت نضجهام وضعهام آ أ مام السائل .مث مزج نبيذا يف كوب من
خشب اللبالب ،وجلس ق ُ باةل ضيفه ،ودعاه ا ىل الطعام قائال
ُ " :لك ِ ال ن مما يسعين آ أ ن آ أ قدمه كل من الطعام .و آ أ ما
اخلنازير ا ل سمينة فليهتمها اخلط اب .ا ن هؤلء الرجال ،وا مي ُ
احلق ،ل يعرفون الرمحة ،ول
175
خيافون ا ل أ رابب .ول بد آ أ ن يكونوا قد مسعوا مبوت س يدي
حىت سلكوا هذا السلوك الشائن ،ل خيشون عىل آ أ ع امهلم
الرشيرة عقااب .ا هنم ل يتوددون ك ام يتودد اخلطاب ،ول
يرجعون ا ىل منازهلم ،بل يق ميون يف راحة يلهتمون ثروتنا ا ىل
ما لحد هل .واهنم ليك رثون من تضحية اذلابحئ لي ل هنار ،ول
يقترصون عىل ذبيحة واحدة آ أ و اثنتني ،ول كهنم يضح ون ابل كثري
،ويرسفون يف الرشاب ا ىل حد البطر .وقد اكن ملولي من
ا ل أ مالك ما يفوت احلرص ،ومل ي كن يف ا يثاكة ول ال غريق من
يضارعه غىن .فامسع ال ن تعداد هذه املمتلاك ت :اكن هل عىل
اليابسة عرشون من رعال البقر ومثلها من قطعان الغمن ،ومثل
ذكل من آ أ رساب اخلنازير واملعز .وهل آ أ يضا هنا يف آ أ قىص هذه
اجلزيرة آ أ حد عرش قطيعا من املعز ،يؤخذ مهنا ا ىل اخلطاب
رآ أ س يف لك يوم ،و آ أ ان آ أ محل ا لهيم آ أ فض ل كبار اخلنازير " .
قال الراعي هذا فامي اكن آ أ وذيس يآ أ لك اللحم ويرشب
النبيذ .ومل ينطق بلكمة ،ب ل اكن يدب ر يف نفسه آ أ مر القضاء
عىل اخلطا ب .ول كنه تلكم آ أ خ ريا فقال " :من ي كون مولك
اذلي تلكمت عنه آ أ هيا الصديق ؟ تقول بآ أ نه هكل وهو يسع يف
الانتقام للمكل مانيال .آ أ علمين ابمسه
176
ال ن ،فقد آ أ كون رآ أ يته و آ أ ان آ أ جوب ال فاق البعيدة ؟ "
فآ أ جا ب عوس " :الك آ أ هيا الش يخ ،فا نك تردد ما يقوهل
مجيع عابري السبيل .ول كننا مل نسمع مهنم خ ربا صادقا .ومل مير
هبذه اجلزيرة آ أ حد من ُش ذ اذ ال فاق ا ل رآ أ ته ملكتنا ،وسآ أ لته
ا ل أ س ئةل الكثرية ويه تنتحب .و آ أ ما آ أ نت ،فلست آ أ شك آ أ نك
تق ص علينا آ أ جعب احلاكاي ت لتنال رداءا آ أ و معطفا .ولكنين
آ أ عمل آ أ ن آ أ وذيس قد ما ت ،وذهب طعاما ا ما لطري الس امء وا ما
لسمك البحر " .
غري آ أ ن الفقري الزائف قال " :آ أ صغ ا يل ال ن ،ا ين
آ أ قول ،ولست آ ُ لقي القول جزا فا ،بل آ أ دمع الكيم ابلقس م ،
ا ن آ أ وذيس س يعود .وس تجزين عند ذ كل جزاء طيب ا ل أ نباء .
فس تعطيين معطفا وثواب ولن آ خذ منك شيئا قبل ذ كل مع
حاجيت امللح ة ،فا ين آ أ كره الرجل اذلي ي ُ ل ْ ِج ئ ُ هُ الفقر ا ىل
التحدث بلكم الغش ،ك ام آ أ كره آ أ بوا ب املوت .وال ن ا ين
آ ُ شهد زفس و آ ُ شهد هذا البيت اذلي آ أ تيت ،بيت آ أ وذيس
املضياف ،عىل آ أ ن هذا سيتحقق ك ام قلت ،وس يعود آ أ وذيس
هذا العام .آ أ جل ،ا نه س ي آ أ يت عندما يدخل القمر يف احملاق
وس ينتقم من مجيع هؤلء اذلين آ أ حلقوا ابمسه العار " .
فآ أ جاب عوس " :يقينا آ أ ين لن آ ُ عطيك ماك فآ أ ة ا ل أ نباء
177
الطيبة آ أ هيا الش يخ ،فال ريب عندي آ أ ن آ أ وذيس لن يعود ا ىل
بيته .ولنوج ه آ أ فاكران ال ن وهجة آ ُ خرى ،ول تعد ا ىل تذكريي
هبذه ا ل أ مور ،ل أ ن قليب يطفح آ أ ىس ا ذا ما ذك رين آ أ حد مبولي
.آ أ ما ق س م ك فلي كن من شآ أ نه ما يكون ،فا ين ل أ دعو آ أ حر
ادلعاء ليك يعود آ أ وذيس حقا ،ففي هذا حتقيق لرغبيت ورغبة
زوجته ،ورغبة الش يخ ل ريت وتل اميخ .وا ين ال ن يف قلق عىل
تل اميخ .فقد ظننت آ أ نه لن يتور ط يف مث ل ما تور ط فيه آ أ بوه
،ول كن آ أ حدا ،ل آ أ عمل آ أ ا هل هو آ أ م ا نسان ،قد جر ده من
فطنته ،ومحهل عىل اذلهاب ا ىل فيلوس ليس تقيص آ أ خبار آ أ بيه .
و ها مه اخلطا ب قاعدون هل ابملرصاد ،م متنني انقراض نسل
آ أ وذيس عن ظهر ا ل أ رض .ولكنين لن آ أ ذكر من آ أ مره هو آ أ يضا
،شيئا بعد ال ن ،ولست آ أ دري آ أ هيكل آ أ م ينجو مبعونة زفس .
فتعال ال ن آ أ هيا الش يخ و آ أ خ ربين من آ أ نت ،ومن آ أ ين آ أ تيت ؟
و آ أ ي سفينة محلتك ؟ فقدومك ا ىل ا يثاكة يف سفينة مما ل ريب
فيه " .
فآ أ جاب آ أ وذيس عندئذ وقال " :لو اكن دلينا من الطعام
والنبيذ ما ي كفينا س نة ،وجلس نا هنا نتحدث يف طم آ أ نينة ،
عىل حني يذهب غريان من الناس ا ىل آ أ ع امهلم ،
178
ل أ مقت لك هذه املدة ارسد عليك لك م ل آ أ صابين من اهلموم ،
وقاسيته من ا ل أ هوال عىل وجه ا ل أ رض ،و آ أ ما قصيت فهىي هذه
:
" ا ين كرييت ،وابن رجل يدع كس تور من امرآ أ ة من
الرقيق .وملا اكن آ أ يب عىل قيد احلياة ،اكن يعاملين معاملته
لسائر آ أ بنائه .ول كن ملا ما ت اقتسم آ أ ولده ثروته ،ومل
يعطوين مهنا ا ل اليشء القلي ل ،وسلبوين مسكين .ول كين
تزوجت ابمرآ أ ة غنية ،ل أ ين كنت جشاعا حسن السمعة .ومل
ي كن بني الرجال من يس بقين ا ىل قتال آ أ و مكني .وقد آ أ حببت
السفن والرماح والسهام اليت آ أ عتقد آ أ ن البعض ميقهتا .وقد ت
رفايق يف السفن تسع مرا ت لقتال الغرابء ،ويف املرة العارشة
حصبت املكل ا يذومني ا ىل طروادة .وملا سقطت مدينة فرايم ،
رجعت ا ىل وطين .وقد آ أ مقت هناك مع زوجيت مدة شهر ،مث
آ أ حبرت بتسع سفن ا ىل مرص .ويف اليوم اخلامس بلغنا هنر مرص
،ﻷ ن ال آ لهة م نحتنا سفرا موفقا .وهنا كل آ أ وقع رفايق يف آ أ هل
البالد آ أ ذى عظ امي .فعاثوا يف حقوهلم ،وس بوا زوجاهتم
و آ أ ولدمه ،ومل يصغوا ا ىل نصحي حيامن كنت آ أ هنامه .عندئذ مجع
املرصيون مجوعهم وهامجوان ففتكوا
179
ببعضنا و آ أ رسوا بعضنا ال خر .و آ أ ما آ أ ان فقد آ أ لقيت خوذيت
ورحمي وابدرت ا ىل حيث اكن مكل البالد جالسا يف مركبته ،
وتوسلت آ أ ليه آ أ ن يرمحين ويعفو عين ،ففعل .و آ أ مقت معه س بع
س نوات مجعت خاللها ثروة طائةل .ويف الس نة الثامنة قدم
اتجر ف ينيقي ف آ أ غراين ابذلهاب معه فرا فقته ا ىل بدله .و آ أ مقت
هناك س نة ،ومحلين بعدها يف سفينة ا ىل ليبيا ،ويف عزمه آ أ ن
يبيعين بيع الرقيق ،ولكن زفس حطم ا ل سفينة فمل ين ُج مهنا
سواي .وبقيت طافيا تسعة آ أ ايم م تشبثا ابلسارية ،ا ىل آ أ ن
قذ فتين موجة يف اليوم العا رش ا ىل آ أ رض ث رِ ْس ربوثيا ،حيث
آ أ حسن مل كها فايدون معامليت ،بآ أ ن آ أ مر يل بطعام وكسوة .
وهناك مسعت خبرب آ أ وذيس ،حىت ا ين رآ أ يت ما مجعه من
اخل ريات اليت حفظها هل املكل فايدون ا ىل حني عودته من دودوان
،اليت ذهب ا لهيا يس تويح زفس يف هيلكه .ومن هناك آ أ حبرت
يف سفينة ا ىل دوليخيوم قاصدا املكل آ أ اك س توس ،ول كن
املال حني اكن يف عزهمم آ أ ن يبيعوين بيع الرقيق .ولهذا تركوين
موثقا يف ا ل سفينة ون زلوا ا ىل الشاطئ ليتناولوا عشاءمه ،
حفللت يف غضون ذكل واثيق مبعونة ا ل أ راب ب ،وقفزت ا ىل البحر
،وس بحت ا ىل الشاط ئ ،واختبآ أ ت يف غابة قريبة " .
180
عندها قال راعي اخلنازير " :لقد آ أ ث رت فؤادي آ أ هيا
الغريب حباكية ما لقيت من الشقاء ،غري آ أ ين آ أ خىش آ أ ل تكون
صاد قا يف قوكل ا ن آ أ وذيس س يعود .فا ين آ أ عمل جيدا آ أ نه اكن
بغيضا ا ىل ا ل أ رابب ،ولهذا مل يقضوا عليه حيامن اكن حيارب
آ أ هل طروادة ،ول ف امي بعد بني آ أ صد قائه ،بعد هناية احلرب
.ل أ نه لو قىض ح ينئذ ،ل أ قام هل اجليش ن ُصبا كب ريا ،و آ أ صاب
اذلكر العظمي هل و ل أ ولده .ولكنه ما ت ميتة خ ِ لوا من اجملد بني
عواصف البحر .و آ أ ما آ أ ان فآ أ قمي عىل حدة مع اخلنازير ،ول
آ أ ذهب ا ىل املدينة ،ا ل ا ذا دعتين بنلوب حيامن ت ُنقل ا لينا
آ أ نباء عن مولي ليس من يعمل مصدرها .ح ينئذ حييط امجليع
بناق ل ا ل أ خبار وميطرونه ا ل أ س ئةل ،سواء يف ذ كل الراغب يف
عودة موله ،واملرسور ابلهتام رزقه من غري عوض .غري آ أ ين مل
آ أ عد آ أ ابيل اب لقاء ا ل أ س ئةل عىل حاميل ا ل أ نباء بعد آ أ ن خدعين
آ أ حد ال توليني حباكيته ،فقد زمع هو آ أ يضا آ أ نه قتل رجال
وجاب بالدا كث رية ،وملا آ أ ىت م زنيل آ أ كرمت وفادته .وقد قال
هذا الرجل ا نه رآ أ ى مولي مع ا يذومني مكل كريت ،وا نه
آ أ صلح هل سفنه اليت كرسهتا العاصفة .و آ أ ضاف آ أ ن س يدي
س يعود يف الصيف آ أ و يف وقت احلصاد ،حامال معه الكثري من
ا ل أ موال .فال حتاول آ أ هيا الش يخ آ أ ن تنال
181
حُ ظوة عندي ابل كذب آ أ و آ أ ن تنعش يف ا ل أ م ل ابللكم الفارغ ،
فا نك لن تنال عطفي مبث ل هذا لك ه ،وحس يب خ ش ية زفس
وشفقيت عليك " .
ول كن آ أ وذيس آ أ جاب " :حقا ا ن قلبك لبطيء ال ميان ،
فا ين مل آ أ قدر عىل ا قناعك حىت ابلقسم .ول كن تعال نقم ما بيننا
عهدا ،ولت كن ا ل أ راب ب شهودان .ا ذا ما عاد مولك تعطيين
عباءة وثواب ،وترسلين يف سبييل ا ىل حيث آ أ شاء ،ول كن ا ذا
مل يرجع كام آ أ خربتك ،فعليك آ أ ن تآ أ مر رجاكل بآ أ ن يلقوين عن
خصرة عظ مية ،حىت خيىش غ ريي بعد ذكل آ أ ن خيدع الناس " .
" :آ أ ي ماكنة تكون يل بني الناس ا ذا ما فقال الراعي
آ أ كون آ أ ضفتك يف م زنيل ! وبآ أ ي قلب صاحل فت كت بك بعد آ أ ن
زفس بعد ذ كل ! غري آ أ ن وقت العشاء قد آ أ توجه بصاليت ا ىل
يعودون ليك هن ىي ء الطعام " . حان ،فليت رجايل
وفامي هو يتلكم اق رتبت اخلنازير ورعاهتا ،فنادى عوس
رجاهل قائال " :هلم وا ب آ أ فض ل خ زنير فا ين آ أ رغب آ أ ن آ أ كرم
ضيفا آ أ اتان من بعيد .وا ننا ،وا مي ُ احلق ،لناليق التعب املضين
يف سبيل هاته احليواانت ،يف حني يلهتمها غ ريان دون مقابل " .
182
فآ أ حرضوا خ زنيرا كب ريا عره مخس س نوات ،و آ أ شعل
الراعي انرا ،ويعد آ أ ن آ أ لق فهيا شيئا من شعر اخلزنير ت كرميا
لل آ لهة ،ذحب احليوان وهي آ أ اللحم .جفعهل س بعة آ أ قسام ،وضع
ا حداها جانبا حلوراي ت املاء وهرمس ،و آ أ عط قسام من البايق
للك واحد .و آ أ ما آ أ وذيس فنال آ أ فضلها وهو حلم الص لب .
فرس آ أ وذيس وتلكم فقال " :لت كن اي عوس ح بيبا ا ىل
زفس ،ك ام كنت يب رفيقا " .
فآ أ جا ب عوس " :لك آ أ هيا الغريب ،وابهتج مبا دليك ،
فا ن ا ل أ راب ب متنح آ أ ش ياء ،ومتنع آ أ ش ياء " .
واكن اللي ل ابردا ،واملطر يسقط بال انقطاع ،ل أ ن الرحي
الغربية اليت تآ أ يت ابملطر اكنت هتب شديدة .وقد آ أ راد آ أ وذيس
آ أ ن ميتحن الراعي ،ويرى هل يعطيه عباءته اخلاصة ،آ أ و ه ل
يسآ أ ل غ ريه آ أ ن يفعل ذ كل ،فقال هل ،وقد دان وقت النوم :
" آ أ صغ ا يل فا ن النبيذ اذلي يفقد ال نسان صوابه حيملين
عىل اللكم .آ أ ل ليتين كنت فتيا ،وليت قواي مل تتحطم ،كام
كنت آ أ ايم كنا حنارب آ أ مام مدينة طروادة !
183
يف يوم من ا ل أ ايم آ أ مقنا مكينا قريبا من مدينة طروادة .
وكنا آ أ ان ومانيال و آ أ وذيس ،عىل رآ أ س هذا المكني .فآ أ لبدان بني
القصب ،واكن اللي لُ ابردا ،والثلج قد ترامك عىل دروعنا .
واكن رفايق مجيعا يرتدون معا طفهم ،و آ أ ما آ أ ان فقد تركت
معطفي عند السفن .وملا مىض من الليل الهزيع الثالث ،
خا طبت آ أ وذيس ،وقلت هل " :ها آ أ ان من غري معطف ،
و آ أ حسب آ أ ين سآ أ لق حتفي بردا " .فف كر عىل الفور يف عالج
لهذه احلاةل ،فقد اكن دا مئا حارض الرآ أ ي ،وقال " :اخفض
صوتك لئال يسمعك آ أ حد " .مث التفت ا ىل ال خرين وقال " :
لقد آ ُ ن ْ ذِ رتُ يف احلمل .وحنن هنا بعيدون جدا عن السفن ،
ويف خطر .فليبادر آ أ حد مك ا ىل آ أ غاممنون لينجدان ابلرجال " .
فهب ثواس بن آ أ ندرميون عندئذ ،وذهب يركض ،و آ أ لق
عنه معطفه ،ف آ أ خذته ومنت متلفعا به انعام ابدلفء .ولو كنت
الليةل كام كنت يف ذكل العهد ،ملا حرمت مثل هذه ا ل أ لطاف "
.
فقال عوس عند ذاك " :لقد آ أ حسنت القول ،آ أ هيا
الش يخ .وستنال '' ال ن معطفا تتدث ر به .ول كن يف الصبا ح
جيب آ أ ن تعود ا ىل ارتداء ثوبك اخللق ،ومىت عاد ابن
184
آ أ وذيس يعطيك مالبس جديدة " .
وهنض عندئذ وهيآ أ ل أ وذيس فرا شا من جلود الغمن وجلود
املعز قرب النار .وملا انطرح عليه آ أ وذيس آ أ لق عليه معطفا
خثينا ،اكن قد آ أ دخره ل ل أ ايم الشديدة العواصف ،وانم هو
ا ىل جانب اخلنازير ليحرسها .وقد ُرس آ أ وذيس ا ذ رآ ه شديد
احلرص عىل رزق موله مع طول غيابه .
185
16
عودة تلاميخ
186
ذاك اذلي اكن زوهجا قبال .فاذهب ا ذن وضع آ أ موا كل يف يد
امرآ أ ة من آ أ هل بيتك تثق هبا لك الوثوق ،ا ىل آ أ ن جيد ا ل أ رابب
كل زوجة .مث آ أ صغ ِ ا ىل آ أ مر آ خر .ا ن آ أ جشع اخلط ا ب يمكنون
كل يف املضيق ما بني ا يثاكة وصاموس ،ومه يود ون قتكل قبل
رجوعك ا ىل بيتك .فابتعد ا ذن بسف ينتك عن املاكن ،وواصل
الس ري ليل هنار ،وسريسل كل آ أ حد ا ل أ رابب رحيا ُر خاء .
وحي امن تبلغ آ أ رض ا يثاكة آ أ رس ل سف ينتك ورفاقك ا ىل املدينة ،
واقصد آ أ نت عوس راعي اخلنازير ،فهو ما برح كل خملصا .
واقض ليلتك عنده مث ا طلب اليه آ أ ن يذهب ا ىل املدينة يف ِ
اليوم التايل ،ليحم ل ا ىل آ أ مك خ رب رحوعك ساملا " .
عندئذ آ أ يقظ تل اميخ ابن نسطور ،بآ أ ن آ أ صابه ب كعب
قدمه ،وقال " :اهنض اي ابن نسطور ،و آ أ حرض خيوكل وشد
املركبة ،ولنذهب يف سبيلنا " .
ول كن ِ
فيس ْس رتا ت آ أ جا ب " :ل مي كن آ أ ن نسوق املركبة يف
الظالم ،همام اش تد ت بنا الرغبة يف الرحي ل .و س ينبثق الفجر
قريبا .ف آ أ مق ا ىل آ أ ن ي آ أ يت مانيال هبداايه ،ويضعها يف املركبة ،
ويرسكل يف سبيكل .ا ذ جيدر ابلضي ف آ أ ن حي ف ِ ل ابمل ُ ضي ف اذلي
آ أ حسن وِ فادته " .
وملا آ أ قبل الصباح ،وهنض مانيال من فرا شه ،خا طبه
187
تل اميخ وقال " :آ أ رسلين اي مانيال ا ىل بدلي رسيعا ،ﻷ ين شديد
الرغبة يف اذلهاب " .
فآ أ جابه مانيال " :ل آ أ صد ك عن الرحيل بعد ال ن ،و آ أ ان
آ أ رى شدة رغبتك يف العودة .ا ذ ل يليق ابمل ُ ضيف آ أ ن ي ُ فرط
يف احلفاوة بضيفه آ أ و آ أ ن ي ُ قرص يف هذه احلفاوة .وا ل أ جدر به
آ أ ن يعدل يف ا ل أ مر ،فال يس تعج ل الضيف اذلي يود ال قامة ،
ول ميسك ذاك اذلي يرغب يف الرحي ل .ول كن اص رب ري امث آ أ حرض
كل هداايي و آ أ ضعها يف مركبتك .ودعين آ أ يضا آ مر النساء آ أ ن
هيي نئ الطعام يف ردهة قرصي ،ففي ذ كل رشف يل من هجة ،
وفائدة كل من هجة آ أ خرى ،ا ذ جيب آ أ ن تآ أ لك جيدا قب ل آ أ ن
ترشع يف رحةل طويةل .ول كن ا ذا كنت تريد آ أ ن توغل يف هذه
ا ل أ رض ،فتذهب ا ىل هيالس و آ أ رغوس ،فدعين آ أ را فقك
فنقصد ا ىل كثري من املدن ،ولن ترد ان ا حداها خائبني من غ ري
زاد " .
ول كن تل اميخ آ أ جاب " :ليس ا ل أ مر كام تقول اي مانيال ،
ب ل ا ين آ أ ود اذلها ب تو ا ا ىل بدلي ،فا ين مل آ أ مق آ أ حدا عىل
حرا سة آ أ موايل .ومن سوء الصنيع آ أ ن آ أ هكل و آ أ ان آ أ حبث عن
وادلي ،آ أ و آ أ ن آ أ فقد شيئا مما آ أ مكل من النفائس يف بييت " .
ح ينئذ طلب مانيال من زوجته ومن الوصيفات آ أ ن هيي نئ
188
الطعام .و آ أ مر خادمه آ أ ن يشع ل النار ويشوي اللحم .وقصد
ا ىل خزائنه ومعه هيالنه ومغاابنث حفمل مهنا ك أ سا مزدوجة ،
ومح ل مغاابنث طا سا كبريا من الفضة للمزج ،و آ أ ما هيالنة
فآ أ خذ ت من آ أ صونهتا ثواب صنعته بيدها .واكن من آ أ مج ل الثيا ب
،يت آ أ ل ق ك ام يت آ أ ل ق النجم ،واكن حتت سائر الثياب .
عندها قال مانيال " :خذ هذا الطاس للمزج ،فهو من
يفس ت بيديهالفضة ،وحا فته من اذلهب .وقد صنعه هِ ْ
و آ أ عطانيه مكل الصيداويني .وا ين آ أ عطيك آ أ يضا هذ ه ال ك أس "
.
و آ أ قبلت هيالنة احلس ناء حتمل الثوب بيدهيا وتلكمت
فقالت " :خذ اي بين العزيز هذا الثوب من ع ل يدي هيالنة
عىل سبيل التذاكر ،فاحفظه ليوم زواجك ل تلبسه عروسك .
ود ع ْ آ أ مر صيانته ا ىل ذكل اليوم ل أ م ك .وال ن فلت كن عودتك
ا ىل بدلك وبيتك حمفوفة ابلهناءة والرسور " .
مث جلسوا للطعام والرشا ب ،وملا فرغوا من ذكل ،شد
تل اميخ وابن نسطور اجلياد ا ىل النري ،وقفزا ا ىل املركبة .
و آ أ قب ل مانيال حيمل النبيذ يف ك أ س من اذلهب ،ليك
ي ُ راق تقدمة لل آ لهة قبل سفرهام .ووق ف آ أ ما م اجلياد
189
وتلكم فقال " :وداعا آ أ هيا الشاابن النبيالن ،ا هداي نسطور
مين السالم ،فلقد اكن يل مبزنةل ا ل أ ب حيامن كنا حنارب طروادة
".
فآ أ جابه تل اميخ " :س نفعل هذا ،وا ين ل أ رجو من ال آ لهة
آ أ ن آ أ جد وادلي قد عاد و آ أ خربه مبا لقيت يف ِر حابك من رعاية
وا كرام " .
وفامي اكن ينطق هبذا طار عن ميينه نرس حيمل بني خمالبه
ا وز ة اختطفها من ف ِ ناء ادلواجن .وحلقه الرجال والنساء
يتصاحيون ،وطار من فوق اجلياد مالزما اجلهة ا ل ميىن ،فرس وا
لرؤيته .
وقال ابن نسطور " :ما ظن ك اي مانيال ،هل آ أ رس ل
زفس هذه العالمة كل آ أ و لنا ؟ " .
وفامي اكن مانيال ي ُ عمل الفكر ،قالت هيالنة " :آ أ صغوا
ا ىل ما آ أ لقته ا ل أ رابب يف ُر وعي ،فكام انق ض هذا النرس من
اجلبل اذلي نش آ أ فيه ،واختطف ا ل أ وزة من املزنل ،هكذا
س يعود آ أ وذيس ا ىل بيته بعد جت ْ وال طويل ،وينتقم لنفسه .
وا ن قليب ل ي ُ حد ثين آ أ نه ال ن هناك يكيد للخطاب كيدا " .
فهتف تل اميخ " :لي كن هذا قضاء رفس ! " .
190
مث برحا املاكن ،و آ أ رسعا يقطعان السهول ،وابات تكل
الليةل يف ف ريي .وملا بلغا فيلوس يف اليوم التايل ،قال تل اميخ
لف يسس رتا ت " :هل كل اي ابن نسطور آ أ ن جتيبين ا ىل رجايئ كام
جيدر ابلصديق ،فت رتكين عند سفينيت ،ول تآ أ خذين ا ىل آ أ بعد
من هذا ،لئال حيمل آ أ ابك الش يخ لط ف ُ ه عىل استبقايئ دليه رمغ
ا راديت .فا ين ،وا مي ُ احلق ،لشديد الرغبة يف اذلها ب ا ىل
وطين " .
وفعل ابن نسطور هذا حفول جياده ا ىل الشاطئ حنو
ا ل سفينة .وملا وصال ا ىل هناك ،آ أ خذ الهدااي من املركبة ،
ووضعها يف مؤخرة ا ل سفينة .وبعد آ أ ن فعل ذكل اندى تل اميخ
قائال " :اصعد ا ىل سف ينتك ،ورس هبا قبل آ أ ن آ أ بلغ بييت .
فا ين آ أ عمل جيدا آ أ ن آ أ يب ل بد آ أ ن يآ أ يت ا ليك ويس آ أ كل الرجوع
معه ا ىل بيته .ولن يذهب ا ل و آ أ نت معه ا ذا ما وجدك هنا ،
فا نه ُص لب الرآ أ ي " .
وطلب تل اميخ من رفاقه آ أ ن يصعدوا ا ىل ا ل سفينة ففعلوا .
وفامي اكن تل اميخ ي ُ عد نفسه ،ويصيل ويقدم مُ حرق ة ل أ ثينا
،آ أ قب ل خشص فارا م ن آ أ رغوس ،واكن قد قتل رجال .واكن
هذا عر افا ي ُ دع ثولكامين من نسل مالمفوس ( .ومالمفوس
هذا رسق ث ريان فيالوس ل يك ينال ابنة ن ِ لوس ل أ خيه ) .
191
فوقف هذا الرجل عند ا ل سفينة وقال " :اصد ق ُ وين اخلرب
،وقولوا من آ أ نمت ،ومن آ أ ي البالد قدممت " .
فآ أ جابه تل اميخ " :آ أ ين خمربك بلك يشء آ أ هيا الغريب .آ أ ان
من ا يثاكة و آ أ يب هو آ أ وذيس .وقد خرجت يف سفينيت آ أ تسقط
آ أ خباره " .
فقال العراف ح ينئذ " :قد هربتُ من وطين ل أ ين قتلت
آ أ حد آ أ فراد قبيليت ،خفذين يف سف ينتك ،ل أ ن القوم ساعون يف
ا ثري لينتقموا مين " .
فآ أ جابه تل اميخ " :ا ذا آ أ ردت اجمليء فلن آ أ طردك ،فتعال
معنا ا ىل ا يثاكة وسآ أ عطيك مما عندي " .
وعىل هذا برحوا املاكن ،و آ أ رسلت آ أ ثينا رحيا من خلفهم
،ف آ أ رسعوا ا ىل وهجهتم .واكن آ أ وذيس يف غضون ذكل يتناول
عشاءه مع راعي اخلنازير ورجاهل .وقد آ أ راد آ أ وذيس آ أ ن خي ْ ُرب
خ ُ لق الرجل ،فقال " :ا ين آ أ ود آ أ ن آ أ ذهب يف الصباح ا ىل
املدينة ،فلست آ أ ريد آ أ ن آ أ كون عبئا عليك .دعين ا ذن آ أ ذهب
ا ىل املدينة ،فقد يعطيين بعضهم ك أ س ماء وكرسة من اخلزب .
وا ين آ أ ود آ أ ن آ أ قصد بيت آ أ وذيس ذاته ،فلع ل اخلط ا ب يعطوين
طعاما .وا ين لقادر عىل خدمهتم آ أ حسن خدمة ،فليس من هو
آ أ قدر مين عىل
192
ا شعال النار ،آ أ و شق احلطب ،آ أ و تقطيع الل حم ،آ أ و صب
النبيذ " .
فقال الراعي " :ا ل أ فضل كل آ أ ل تذهب ا ىل هؤلء
اخلطا ب ،فا هنم متكرب ون متج رب ون ،وليس اذلين خيدموهنم من
آ أ مثاكل .ا هنم ش بان حس نو الصورة ويرتدون املالبس الهبي ة ،
ويضم خون شعورمه ابلطيب .وا ل أ وىل آ أ ن تقمي هنا ،ولن تكون
عبئا علينا .وقد يعطيك ابن آ أ وذيس حي امن يآ أ يت معطفا وثواب "
.
فآ أ جاب آ أ وذيس " :ل ي ُ باركك زفس عىل ا حسانك ا يل ،
ووضعك حد ا لتجوايل ،فليس آ أ شد عىل املرء من آ أ ن يكون
رشيدا طريدا ،ول كن اجلوع يضطر ه ا ىل ذكل .ف آ أ خ ربين ال ن
مبا تعرف عن آ أ م آ أ وذيس و آ أ بيه .آ أ ل يزالان عىل قيد احلياة ؟
".
فقال الراعي " :سآ أ طلعك عىل لك يشء .ا ن لريت وادل
آ أ وذيس ما يزال حيا .ا ل آ أ نه يدعو لك يوم طالبا املوت لشدة
ما انهل من ا ل أ ىس من آ أ جل ابنه البعيد عن وطنه ،وامرآ أ ته
اليت ماتت .واحلق ا ن موهتا هو اذلي آ أ اته ابلهرم قبل ا ل أ وان .
ويه قد ماتت غام وحزان عىل ودلها .وانلين مهنا ويه يف احلياة
كث ري من العط ف وال رب ،وقد خرست ذكل بفقدها .و آ أ ما موليت
بنلوب فقد نزل
193
ببيهتا بالء عظمي ،و ن ُ ك ِ بت آ أ يضا حبشد من آ أ رشار الرجال " .
فقال آ أ وذيس لعموس " :ق ل يل ال ن ما اذلي آ أ قصاك
عن وادليك حيامن كنت ل تزال طفال ؟ هل دك ا ل أ عداء املدينة
اليت اكن يقمي فهيا آ أ بوك ،آ أ و هل وجدك بعضهم منفردا ترع
قطيعا من املاش ية فع ربوا بك البحر وابعوك ؟ "
فرسد الراعي عندئذ هذه القصة " :هنا كل جزيرة ت ُ سم
سوراي ،ل يس كهنا كث ري من الناس ،ول كهنا آ أ رض خ ِ صبة ،فهيا
املوايش الوافرة ،وي كرث فهيا القمح وامخلر .ل ت زنل هبا جماعة ول
ي ُ مل بآ أ هلها وابء جارف .ول كن عندما تتقدم ابلرجال مهنم
السن ،يرمهيم ا فل ون بسهامه فتقتلهم من غ ري آ أ مل .و آ أ ما
النساء فتتوىل آ أ مرهن آ أ رطميس .واكن يف اجلزيرة مدينتان ،
واكن آ أ يب ميكل عىل لكتهي ام .
واكن يف بيت وادلي امرآ أ ة في نيقية طويةل القامة مجيةل
الصورة ،ص ناع اليدين .و آ أ يت عىل اجلزيرة جامعة من
ا لفي نيقيني يف سفينة حيملون بضاعة من ح ُ يل النساء و آ أ ش باهها
.وقد خدع هولء املرآ أ ة اليت اكنت يف م زنل آ أ يب ،وسآ أ لها
آ أ حدمه من ت كون ومن آ أ ي البالد يه ؟ فقالت هل " :قد اتيت
من صيدا وامس آ أ يب آ أ ريباس ،ول كن قرصان التفيانيني
194
س بوين ،و آ أ ان عائدة من احلقول ا ىل مزنلنا وعربوا يب البحر ،
وابعوين لس يدي ب مثن ابهظ " .فقال الرجل " :هل تريدين
آ أ ن ترجعي معنا ا ىل بدلك ،وتري آ أ ابك و آ أ مك ،فا هنام ل
يزالان من ا ل أ حياء .واملعروف عهنام آ أ هن ام من آ أ هل ال رثاء " .
فآ أ جابت املرآ أ ة " :افعل ذكل بلك رسور ا ذا آ أ قسممت يل آ أ ن
تعيدوين ا ىل بدلي " .ف آ أ قسموا لها ك ام آ أ رادت .وعندها قالت
املرآ أ ة " :الزموا الس كينة ال ن ،ول يلكمين منمك آ أ حد آ أ و
ُحي ي يين ا ذا ما لقيين اتفاقا يف املدينة آ أ و عند عني املاء .فقد
ينق ل آ أ حدمه اخل رب ا ىل مولي ،فيوثقين عندئذ ويفتك بمك .
ول كن عندما تمكلون حشن سف ينتمك آ أ رسلوا ا يل من خي ربين يف
بيت س يدي فآ تيمك ومعي لك ما تقع عليه يدي من الت حف .مث
ا ين آ أ د فع عن رىض شيئا آ خر آ أ جرا لسفري .وذكل آ أ ين
حاضنة لبن س يدي ،وهو صيب صغري يالزمين يف غدوايت
وروحايت .وسآ تيمك به ،وتقدرون آ أ ن تبيعوه ب مثن كب ري " .
وقد آ أ قام هؤلء الغرابء يف آ أ رضنا س نة اكمةل مجعوا فهيا
آ أ موال طائةل .ويف هناية الس نة آ أ رسلوا ا ىل املرآ أ ة ا لفي نيقية
ا شارة ،بآ أ ن جلآ أ وا ا ىل وس يةل حك مية .فقد قام آ أ حدمه ا ىل
م زنل وادلي ،ومعه سلسةل ذهبية انتظمت فهيا ك ُ رات من
الكهرابء .وفامي اكنت آ أ يم والوصيفات يتداولن السلسةل
195
يف الهبو ويساومن فهيا ،آ أ وم آ أ الرجل ا ىل املرآ أ ة خ ُ فية ،مث برح
املاكن بعد قليل .فآ أ خذ ت املرآ أ ة بيدي و آ أ خرجتين ،فآ أ لفت
يقص فون
دلى خروهجا ثالث كؤوس ،حيث اكن ضيوف وادلي ُ
،فآ أ خذ هتا وخب آ أ هتا يف صدرها ،وتبع ُهت ا و آ أ ان ل آ أ دري من آ أ مري
شيئا .واحندران ا ىل ا ل سفينة ،وقد آ أ قبل اللي ل ،حفملنا
ا لفي نيقيون ا ىل ظهرها ،ونرشوا القلوع ،و آ أ رسل زفس رحيا
مؤاتية .وظللنا نسري يف البحر س تة آ أ ايم .ويف اليوم السابع
رطميس املرآ أ ة بسها هما فسقطت يف جوف ا ل سفينة . ُ رمت آ أ
فآ أ لقاها الرجال يف البحر فريسة ل ل أ س امك ،وبقيت آ أ ان كئيبا
حزينا .ودفعهتم الرحي ا ىل ا يثاكة ،فا ش رتاين لريت ،وعىل هذه
الصورة قدمت هذه البالد " .
فقال آ أ وذيس عندئذ " :لقد منحك ا ل أ راب ب اخل ري والرش
عىل السواء .فهم قد دفعوك ا ىل بيت رجل كرمي " .مث
اضطجع الثنان وانما .
196
17
اوذيس وتلاميخ
197
فآ أ جاب تل اميخ " :لو اكنت ا ل أ ايم غري هذه ا ل أ ايم دلعوتك
ا ىل م زنلنا نفسه ،حيث لك ما به ي ُ رف ه عن الضيوف ،و آ أ ما
ال ن فا ل أ مر عسري ،ل أ ين ل آ أ كون هناك .مث ا ن آ أ يم ل تقابل
آ أ حدا ،ول تربح تنسج يف خمدعها عىل منوالها .فاذهب ا ذن
ا ىل بيت آ أ ورمياخ ،فهو آ أ فضل اخلط ا ب ،و آ أ جدرمه ابلح رتام .
و آ أ ما ما س يكون مص ريه ومصري رفاقه ،فهذا ما ليس يل به عمل
".
وفامي هو يتلكم ،طار عن ميينه صقر حيمل مبخالبه حاممة
.ونت ف الصقر ريش امحلامة ،ونرثه عىل ا ل أ رض ما بني ثيولك امين
وا ل سفينة .
عندئذ آ أ خذ العر اف تل اميخ جانبا و آ أ رس ا ليه " :ان
ط ريان هذا الصقر اكن من عل ا ل أ رابب .وليس يف ايثاكة بيت
آ أ حق بآ أ ن يكون بيتا ملكيا من بيتك ،وس تكون كل الس يادة
ع ام قريب " .
مث خا طب تل اميخ فِ ريوز ،واكن يؤثره بثقته عىل سائر
رفاقه ،فقال " :خذ هذا الغريب ا ىل مزنكل ،و آ أ حسن وفادته
ا ىل حني قدو يم " .
فآ أ جا ب فريوز " :ثق اي تل اميخ آ أ نه لن ي ُ ع وِ زه يشء من
آ أ س با ب الانبساط همام طالت ا قامتك " .
198
وبعد هذا اجتهت ا ل سفينة ا ىل املدينة .وصعد تل اميخ ا ىل
بيت الراعي .واكن الراعي و آ أ وذيس قد آ أ شعال النار ،و آ أ خذا
يف ا عداد طعام الف طور .ومسع آ أ وذيس وقع خطوا ت ا نسان ،
ومل تنبح اللك ب ،فقال لعموس " :ها ا ن آ أ حد الرفاق آ أ و
ا ل أ صدقاء قادم ا لينا ل أ ن اللكب مل تنبح " .
وفامي هو يتلكم وقف تل اميخ ابلباب ،ف آ أ سقط الراعي من
يده الطاس اذلي اكن ميزج فيه النبيذ ،وابدر ا ليه و آ أ خذ يقبل
رآ أ سه وعينيه ويديه ،ك ام يقب ل وادل ودله الوحيد ،دلى عودته
من بدل بعيد بعد غيبة عرش س نني .وملا دخل تل اميخ ،هنض
السائل املتن كر مع آ أ نه وادله حقا ،و آ أ راد آ أ ن يتخىل هل عن
ماكنه ،ول كن تل اميخ مل يدعه يفعل .وبعد آ أ ن آ أ لكوا و رشبوا ،
سآ أ ل تل اميخ الراعي عن هذا الغريب ومن يكون .
فآ أ خ ربه الراعي خب ربه ك ام مسعه ،مث قال " :انين آ ُ سمل
آ أ مره ا ليك ،فهو مس تجري بك ،فافعل ما تشاء " .
ول كن تل اميخ آ أ جا ب " :الك اي عوس ،وهل آ أ ان الس يد
يف بييت ؟ آ أ ل يبدد اخلط ا ب آ أ موايل ؟ مث آ أ ليست وادليت يف ريب
من آ أ مرها ،ل تدري آ أ تقمي معي وتذكر آ أ وذيس العظمي اذلي اكن
زوهجا ،آ أ م تتبع آ أ حد هؤلء اذلين جاؤوا خيطبون ود ها ؟
سآ أ عطي هذا الغريب طعاما
199
وكساء وس يفا ،و آ أ رسهل ا ىل حيث يشاء ،ول كين ل آ أ حب آ أ ن
يكون بني هؤلء اخلطاب ،ﻷ هن م قساة متكربون " .
فقال آ أ وذيس " :ول كن ملاذا حت متل لك هذا من هؤلء
الرجال ؟ فه ل ي كرهك قومك حىت ل تقدر عىل الانتقام من
هؤلء ؟ آ أ وليس كل من ذويك من يعينك علهيم ؟ ولو كنت آ أ ان
ماكنك لف ضلت املوت عىل آ أ ن آ أ رى آ أ مورا شائنة كهذه تقع يف
م زنيل " .
فآ أ جاب تل اميخ " :ا ن قو يم ل ي كرهونين ،و آ أ ما ا ل أ هلون
ذوو ق ُ رابي فليس يل مهنم آ أ حد ،ل أ ن آ أ كريس يوس مل ينسل
سوى لريت ،ومل ي ُ نجب هذا غري آ أ وذيس ،وليس ل أ وذيس ودل
غ ريي .ولهذا يهنب هؤلء القوم رزيق ل خيشون رادعا ،وقد
يسلبونين حيايت .وعىل لك فآ أ مر هذا لكه منوط اب ل أ رابب .
ول كن اذهب آ أ نت اي عوس ا ىل بنلوب ،و آ أ خ ربها برجوعي ،
ول تدع آ أ حدا من الرجال يدري بذ كل ،ل أ هنم يريدون يب رشا
،وس آ أ قمي هنا ري امث تعود " .
فذهب عوس ،ومل ي كد ي ربح املاكن حىت ظهرت آ أ ثينا يف
هيئة امرآ أ ة طويةل القامة مجيةل الصورة ،ومل يرها تل اميخ ا ذ مل
ي ُ عط امجليع آ أ ن ير وا ا ل أ راب ب اخلادلين .غري آ أ ن آ أ وذيس رآ ها ،
ور آ أ هتا اللكب فهر ت ُر عبا .و آ أ شارت ا ىل آ أ وذيس خفرج ،
وقالت هل :
200
" ل ُخت ِف ا ل أ مر عىل ودلك ،بل دب ر معه وس يةل
ل هالك هؤلء اخلط ا ب ،وها آ أ ان معك ام " .
مث مس ته بصوجلاهنا اذلهيب خفلعت عليه آ أ ول ثواب قشيبا
من الكتان وصدارا جديدا .مث جعلته آ أ طول قامة و آ أ مجل
صورة .فغدا آ أ شد مسرة ،واس تدارت وجنتاه وانترشت حليته
سوداء عىل ذقنه .
فعلت هذا وغادرت املاكن .وملا دخل آ أ وذيس الكوخ
نظر ا ليه ابنه و آ أ خذته دهشة عظ مية ،وقد خيش آ أ ن يكون
ا ل ها من ال آ لهة ،فقال " :ل ريب آ أ هيا الغريب آ أ نك غري
ماكنت منذ هنهية ،فقد اكنت ثيابك غري هذه الثيا ب ،واكن
لون جدلك غري هذا اللون .ول بد آ أ ن ت كون ا ل ها هبط من
الس امء .فآ َ ن ْ ِظ ْر ان ن ُقد م كل القرابني ليك ترف ق بنا وترمحنا ! "
.فآ أ جاب آ أ وذيس " :لست ا ل ها اي ب ُ ين ،ب ل آ أ ان آ أ بوك اذلي
ا ح متلت اهلموم امجل ة ابحثا عنه " .
قال هذا وقب ل ابنه ،فاحندرت دمعة من عينه بعد آ أ ن
حبس دمعه طويال .غري آ أ ن تل اميخ آ أ جا ب ،واكن ل يزال يف
شك من آ أ ن ي كون حمد ثه آ أ ابه حقا :
" ل مي كن آ أ ن تكون آ أ يب ،وما ظين ا ل آ أ ن آ أ حد ال آ لهة
خيدعين لزييدين حزان عىل حزن ،فليس يف قدرة
201
برش فان آ أ ن يآ أ يت من تلقاء نفسه ما آ أ تيت ،فيكون فىت اترة
و ش يخا اترة آ أ خرى ،عىل ما يشاء .فقد كنت منذ هنهية
ش يخا ترتدي آ أ س امل ابلية ،وها آ أ نت ال ن ك أ حد آ أ راب ب الس امء
".
فآ أ جابه آ أ وذيس قائال " :ل يليق بك اي تل اميخ آ أ ن
تدهشك عودة وادلك ا ىل وطنه ا ىل هذا احلد .ف آ أ ان آ أ بوك حقا
،وقد ع ُ دت بعد آ أ ن غبت عرشين س نة عانيت فهيا آ أ هوال
كث رية ،ورضبت اتهئا يف آ فاق ا ل أ رض .وهذا ا ل أ مر اذلي
آ أ دهشك مين ا منا هو من ع ل آ أ ثينا ،فهىي اليت جتعلين حينا يف
مظهر ش يخ متسو ل ،وحينا يف مظهر شاب فيت يرتدي آ أ خفر
الثياب " .
قال هذا وجلس ،فارمت تل اميخ عىل عنق آ أ بيه ،و آ أ خذ
يب يك ويذرف ادلمع الغزير .وجعل الثنان ينتحبان ،كام
ينتحب زوج من النسور آ أ و العقبان آ ُ خذت فراخهام من العش
،قب ل آ أ ن ينبت علهيا الريش .وبقيا عىل ذ كل حىت غابت
الشمس .و آ أ خ ريا قال تل اميخ ﻷ بيه " :آ أ خ ْرب ين كيف رجعت اي
آ أ يب ؟ " .
فآ أ جابه آ أ وذيس وقال " :لقد آ أ عادين الفيس يانيون من
بدلمه يف آ أ ثناء نو يم ،بعد آ أ ن زو دوين ابلعطااي ال كث رية ،وقد
خب آ أ هتا يف الكه ف ،وقصد ت هذا املاكن عال بنصح
202
آ أ ثينا ليك نضع معا خطة نقيض هبا عىل اخلط ا ب .ف آ أ ع ل ِ مين
ال ن مك عددمه و آ أ ي نوع من الرجال مه ؟ وهل نقدر حنن الثنني
آ أ ن حنارهبم آ أ م ه ل حنتاج ا ىل معونة غريان " .
فقال تل اميخ " :ا ين آ أ عرف اي آ أ يب آ أ نك ح كمي كب ري وحمارب
عظمي ،ول كن ذكل آ أ مر ل نقدر عليه ،ل أ ن هؤلء الرجال
ليسوا عرشة ،ول ِض ع ْ ف ي هذا العدد ،فقد قدم مهنم اثنان
ومخسون من دوليخيوم ،و آ أ ربعة وعرشون من صاموس ،
وعرشون من زا ِس ن ْ ثوس ،واثنا عرش من ا يثاكة ،ومعهم
ميدون ادلاعية ،ومنشد آ أ يضا وحشد من احل شم " .
فقال آ أ وذيس " :ا ذهب غدا صباحا ا ىل البيت واختلط
ابخلطاب ،وسآ يت آ أ ان يف هيئة سائل ش يخ .وا ذا ما ساموين
خ سفا ،فا ح متل ذكل ،وا ن جر وين ا ىل الباب .وكل ا ن
شئت آ أ ن تتفو ه ببضع لكامت ح ك مية ،ول كهنم لن حيفلوا بك ،
ل أ ن هالكهم قد دان .مث عليك آ أ يضا آ أ ن تتنب ه لهذا :حيامن
آ أ عطيك ال شارة ،امجع لك ما يف البيت من ا ل أ سلحة وخب هئا
يف غرفتك .وا ذا ما س آ أ لوك عن السبب اذلي دعاك ا ىل هذا ،
فقل ا نك ختىش علهيا ادلخان ،وا ن حالها قد تغري فمل تعد ك ام
تركها آ أ وذيس حي امن ذهب ا ىل طروادة ،ب ل ذهب ادلخان
برونقها .
203
وقل آ أ يضا آ أ نه قد يثور بيهنم خصام ومه عاكفون عىل كؤؤوسهم
،فليس حيسن آ أ ن يكون السال ح يف مُ ت ناول آ أ يدهيم ،فا ن جمرد
رؤية الفولذ حتمل الرجل عىل القتال ،ول كن است ب ْ ِق س يفني
ورحمني ودرعني لت كون يل و كل ،وا ايك آ أ ن يدري آ أ حدا بعوديت
حىت لريت والراعي وبنلوب نفسها " .
و آ أ قبلت سفينة تل اميخ يف غضون ذكل عىل املدينة ،
ومح ِ لت الهدااي ا ىل بيت لكيثيوس ،وذهب آ أ حد ادلعاة ا ىل ُ
القرص حيمل ا ىل بنلوب ا ل أ نباء كيال جتزع عىل ابهنا .وه كذا
قدم الثنان وه ام الراعي وادلاعية يف همم ة واحدة .وتلكم
ادلاعية يف حمرض من الوصيفات فقال " :آ أ يهتا امللكة ،ا ن
ابنك قد رجع من فيلوس ! " و آ أ ما الراعي فصعد ا ىل خمدع
بنلوب ،و آ أ خ ربها عىل انفراد مبا آ أ مره تل اميخ .وملا فعل ذ كل
قفل راجعا ا ىل بيته وا ىل اخلنازير .
و آ أ قلق هذا النب آ أ آ أ فئدة اخلطا ب ،فقال آ أ ورمياخ " :ا ن
ما آ أ قدم عليه تل اميخ فيه من اجلرآ أ ة ما فيه .فها هو قد آ ب من
رحلته اليت زعنا آ أ نه لن يعود مهنا .فلنجمع ا ذن جامعة من
اجملذفني ولرنسل سفينة ا ىل آ أ صد قائنا ونسآ أ هلم العودة ا لينا يف
آ أ رسع ما يس تطيعون " .
وفامي اكن آ أ مفينوموس يتلكم ،حانت منه التفاتة فرآ أ ى
204
الرشُ ع .فقال ا ل سفينة يف املرف آ أ ،ور آ أ ى الرجال ي ُ زنلون ُ
ضاحاك " :ل داعي ا ىل رساةل نوصلها ا ىل رجالنا ،فها مه
آ أ نفسهم قد عادوا .فقد يكون آ أ حد ا ل أ راب ب آ أ نب آ أ مه ابلواقع ،
آ أ و يكونون قد شاهدوا سفينة تل اميخ عىل مقربة مهنم ،فمل
ي متكنوا من اللحاق هبا " .
واجته اخلطا ب من مث ا ىل ماكن الاجامتع ،فوقف فهيم
آ أ نطي ن ُ وس وقال " :انظروا كيف جن ت ا ل أ رابب هذا الرجل !
فقد اكن كشافوان ل يربحون يف الهنار يرقبون من آ أ عىل الرؤوس
،وحي ل الواحد مهنم حمل ال خر .ومل ن كن عند مغيب الشمس
نتلب ث عىل الساح ل ،بل كنا نسري فوق املاء منتظرين الصباح
.وها قد آ أ رجعه آ أ حد ا ل أ راب ب مع ذكل ا ىل وطنه .ول كننا
س نورده آ أ خ ريا مورد الهالك ،ل أ ننا لن ن مت كن من تنفيذ مآ أ ربنا
مادام عىل قيد احلياة .فلنرسع قبل آ أ ن جيمع قومه ،ويطلعهم
عىل امل كيدة اليت دب رانها هل ؛ ل أ هنم س ي كرهوننا ح ينئذ ون ُطرد
من ا ل أ رض .فعلينا واحلاةل هذه آ أ ن نفتك به ،ا ما يف الربية
وا ما يف الطريق ،ونقتسم آ أ مواهل ف امي بيننا .غري آ أ ننا نرتك
البيت ﻷ مه ،وذلكل اذلي س يزتوهجا .ول كن ا ذا كنمت تؤثرون
آ أ ن يظل حيا فلن نبق هنا للهتام آ أ رزاقه ،
205
وليذهب لك منا ا ىل مزنهل .مث نبعث يف خ ِ طبة امللكة من
آ أ ماكننا ،ونرسل ا لهيا هدااي الزواج ،ا ىل آ أ ن ي مت كن آ أ حدان من
ا قناعها " .
عندها تلكم آ أ مفينوموس ،ومل ي كن يف اخلط اب آ أ كرث منه
ا درااك ،فقال " :لست آ أ رغب آ أ هيا ا ل أ صد قاء يف آ أ ن ي ُ قتل
تل اميخ ،فا ن قتل ابن املكل من ا ل أ مور اخمليفة .فلن س ت خِ ر
ا ل أ رابب يف شآ أ نه آ أ ول ،حىت ا ذا جاء ويح زفس ابملوافقة ،
قتلته آ أ ان بيدي هاتني .و آ أ ما ا ذا جاء ابملنع فا ين آ أ صد مك عام
تقصدون " .
وعىل ا ثر ذكل تركوا ماكن الاجامتع ،وذهبوا بيت آ أ وذيس
.وقد علمت بنلوب من ادلاعية ميذون بتآ مر اخلطا ب عىل قتل
ابهنا ،فذهبت ا ىل الهبو ،تصحهبا وصيفا هتا ،ووقفت ابلبا ب
ممس كة بنقاهبا آ أ مام وهجها ،وتلكمت فقالت " :يزمع الناس اي
آ أ نطينوس آ أ نك آ أ فضل آ أ مراء ا يثاكة رآ أ اي و آ أ حس هنم منطقا ،
ول كين ل آ أ جدك كذكل حقا .فكيف ت آ أ متر بودلي غري مك رتث
ل ل أ رابب ،وغري ذاكر حسن الصنيع ؟ آ أ ل تذكر هرب آ أ بيك ا ىل
هذا البيت خش ية من غضب القوم ،وقد اكن قد انضم ا ىل
القراصنة التفيانيني ،وغزا قوما مساملني لنا .ف آ أ راد الشعب
لهذا قتهل وهنب متاعه ،ول كن آ أ وذيس حال دون ذكل .وها
آ أ نت
206
ال ن تعبث يف بيت هذا الرجل عينه وهتم بقتل ودله " .
فآ أ جا ب آ أ ورمياخ " :عليك ابلشجاعة اي بنلوب ا حلك مية ،
ول يزنجع فؤادك .ا ن الرجل اذلي يرفع عىل تل اميخ يدا مل يودل
،ولن يودل ما دمت حيا عىل وجه البس يطة .ومن تسو ل هل
نفسه ذكل ،يتدف ق دمه يف احلال عىل س ِ نان رحمي .فمك من
مر ة آ أ جلس ين آ أ وذيس عىل ركبتيه ،و آ أ طعمين من الشواء ،
ورفع ك أ س النبيذ ا ىل شفيت .ولهذا اكن تل اميخ آ أ عز الرجال
يش عليه املوت بيد اخلط اب ،و آ أ ما ا رادة عندي .فال خت ْ
ا ل أ راب ب فال ق ِ ب ل ل أ حد بتفادهيا " .
قال هذا آ مال آ أ ن ي ُ لقي الطمآ أ نينة يف ُر وعها ،وقد اكن
مع ذ كل ل يربح ي آ أ متر بودلها .وصعدت بعد ذكل ا ىل ع ُ ل يهتا
تبيك س ي دها ،حىت آ أ رسلت آ أ ثينا عىل عينهيا النوم الهينء .
ورجع الراعي يف آ أ ثناء ذكل ا ىل بيته .وقبل وصوهل آ أ عادت
آ أ ثينا آ أ وذيس ا ىل هيئة السائل اليت اكن علهيا ،لئال يعرفه
فيخرب بنلوب اب ل أ مر .
وخا طبه تل اميخ قائال " :ما يه آ أ خبار املدينة ؟ هل رجع
اخلط اب من مكيهنم آ أ م هل ل يزالون يرقبون سفينيت ؟ "
فآ أ ج اب عوس " :ا نين مل آ أ فك ر يف التطواف يف آ أ رجاء
207
املدينة وا لقاء ا ل أ س ئةل عىل الناس ،غري آ أ ين مُ خربك مبا آ أ عرف
.فاعمل آ أ ن رسوكل قد انضم ا يل ،واكن آ أ ول من بل غ امللكة
ا ل أ خبار .واعمل آ أ يضا آ أ ين رآ أ يت سفينة تدخل امليناء حامةل
الرجال ال كثريين والر ماح وادلروع ،وقد يكون هؤلء مه
اخلط اب ،ول كنين لست من ذ كل عىل يقني " .
فنظر تل اميخ ا ىل آ أ بيه ول كنه حتاىش من عني الراعي .
208
18
آأ وذيس يف بيته
ملا آ أ قبل الصباح ،قال تل اميخ للراعي " :ا ين ذاهب ا ىل
املدينة ؛ ﻷ ن آ أ يم لن ي ُ ْر ضهيا آ أ ل رؤية وهج ىي ابذلا ت .و آ أ م ا
هذا الغريب خفذه ا ىل املدينة ليس تعطي خ زبه هناك ممن قد
يكرتث للعطاء " .
عند هذا تلكم آ أ وذيس فقال " :و آ أ ان آ أ يضا ل آ أ ريد آ أ ن
ت ُغادرين هنا اي صديقي ،فال س تعطاء يف املدن خ ري منه يف
الريف .فاذهب آ أ نت وسآ أ حلق بك حيامن تش تد حرارة الشمس
،ل أ ن مالبيس قد رث ت ا ىل الغاية و آ أ خىش آ أ ن هيرآ أ ين ال ربد " .
فسار تل اميخ يف سبيهل ،وهو ي كيد الرش للخط اب .
209
برص ت به حاضنته آ أ وريلكيا آ أ ول ،فبادرت وملا بلغ بيته ُ
ا ليه وقبلته ،وهبطت بنلوب من ع ُ ل يهتا ،فطوقته بذراعهيا ،
وقب لت وهجه وعينيه وقالت " :ها قد رجعت اي تل اميخ ،اي نور
عيين ! وقد ظننت آ أ نين لن آ أ راك اثنية .ول كن آ أ علمين ب آ أ ي نب آ أ
جئت عن آ أ بيك ؟ "
فآ أ جاب تل اميخ " :ل آ أ قدر آ أ ن آ أ قول شيئا من هذا ال ن .
فاذهيب ا ىل خمدعك ،وانذري الضحااي ل ل أ رابب ل مينحوان
الانتقام ممن آ أ ساؤوا ا لينا .وسآ أ ذهب ال ن ا ىل السوق ل يت
برجل غريب قد آ أ حرضت ُه من فيلوس ،وطلبتُ ا ىل فريوز آ أ ن
ي ُ عىن به ا ىل حني قدويم " .
ففعلت بنلوب ما آ أ شار به ،ول كن تل اميخ ذهب ا ىل ماكن
الاجامتع ،و آ أ لقت عليه آ أ ثينا روعة آ أ دهشت مجيع من رآ ه .وقد
جتن ب اخلط اب ،وقصد ا ىل حيث اكن منطور وغ ريه من
آ أ صد قاء بيته جم متعني .وجاء ف ريوز بعدئذ يقود الغريب ،وتلكم
فقال " :مُ ر النساء آ أ ن يذهنب حال ا ىل بييت ،ليك حيرضن
الهدااي اليت آ أ عطاك ا ايها مانيال " .
ول كن تل اميخ آ أ جا ب " :الك فا ننا ل نعمل ما س ت كون
العاقبة .فا ذا هنب اخلطا ب آ أ موايل ،فا ين آ أ فض ل آ أ ن ت كون
210
الهدااي من نصيبك عىل آ أ ن يس تولوا مه علهيا ،و آ أ ما ا ذا هلكوا
فس تحرضها آ أ نت ا ىل مزنيل " .
مث قاد الغريب ا ىل بيته ،و آ أ مر آ أ ن ي ُ قد م هل الطعام
والرشا ب .
وملا آ أ هنوا الطعام قالت هل بنلوب " :ا ين ذاهبة ا ىل
غرفيت ،ول كن آ أ خ ربين آ أ ول هل دليك نبآ أ عن آ أ بيك ؟ " .
فآ أ عاد علهيا تل اميخ لك ما آ أ خربه به نسطور ومانيال .وملا
انهت ى تلكم ثيولك امين العر اف فقال " :امسعي ال ن اي زوجة
آ أ وذيس ،ولي كن ِز فس ،ومائدة آ أ وذيس هذه املضيا فة ،وهذا
املو ق ُ د شهودي عىل صدق ما آ أ قول ،ا ن آ أ وذيس يقمي ال ن يف
آ أ رضه وبالده ،يدب ر الهالك للخطاب .وا ين ل أ عمل هذا عمل
اليقني ،ل أ ن البشائر اليت رآ أ يهتا يف غاية الوضوح " .
فآ أ جابته بنلوب " :ل ِ متنحنا ا ل أ راب ب حتقيق ذكل آ أ هيا
الغريب ! ولن ن ن ْ ق ُ صك عند ذكل حسن العطاء " .
واكن اخلطاب آ نذاك يتله ون برفع ا ل أ ثقال وريم الهدف
ابلرماح يف مُ نب سط من ا ل أ رض .وملا حان موعد العشاء
211
قال ميذون ادلاعية " :هلم وا ال ن ا ىل عشاءان ،فليس آ أ فضل
من تناول الطعام يف حينه " .
وه كذا هتي آ أ وا للو ل مية .
واكن السائل الزائ ف حني ذاك قادما ا ىل املدينة مع
عوس .وملا اقرتاب مهنا ،قادمني بطريق النبع اذلي حفره
ا يثاكوس واخوته ،حيث يقوم آ أ يضا هيلك للحوراي ت ،ل قهيام
مالنثيوس راعي امل ع ز ،فآ أ غلظ لعموس يف اخلطاب ،و آ أ حن
عليه ابللوم ل حضاره هذا املتسو ل ا ىل املدينة .مث دان مهنام
ورض ب خفذ آ أ وذيس برجهل ،ول كنه مل يزحزحه عن ماكنه .وف ك ر
آ أ وذيس هنهية هل يرضبه هبراوته فيقيض عليه ،آ أ و يطرحه عىل
ا ل أ رض ،ولكنه رآ أ ى ا ل أ ْو ىل يف آ أ ن يصرب عىل ا ل أ ذى " .
ول كن عوس رفع يديه وقال " :ليت حورايت النبع
ُحي ق قن رجايئ ،ف ريجع آ أ وذيس ا ىل بيته ،وجيردك من زينتك
هذه اليت آ أ تيت هبا ا ىل املدينة خملفا القطيع ،ليسطو عليه
آ أ رشار الرعاة ! " .
مث واصال السري ا ىل القرص .واكن اللكب آ أ رغوس اذلي
رابه آ أ وذيس بيديه رابضا عند اب ب ر حبته .وقب ل آ أ ن يبلغ هذا
اللكب آ أ ُش د ه ،سافر آ أ وذيس ا ىل طروادة ،
212
وقد اس تخدمه الرجال للصيد ملا اكن قواي ،فصاد معهم املاعز
ال ربي ،والوعل ،وا ل أ رنب ،و آ أ ما ال ن فقد اكن راقدا عىل
املزبةل ،ينغ ر القمل يف جسمه .وقد عرف اللكب موله ،وملا
مل يقدر عىل ادلنو منه حر ك ذنبه و آ أ رىخ آ ُ ذ ُ نيه .
فلام رآ ه آ أ وذيس مسح دمعة وقال " :حقا ،اي عوس ،
ا نه ل أ مر غريب آ أ ن ي ُ لق لكب كهذا جي د السالةل عىل املزبةل "
.فآ أ جاب عوس " :ا نه لكب مات صاحبه بعيدا .وملا اكن هذا
اللكب فامي مىض ل أ وذيس اكن آ أ قوى اللك ب و آ أ رسعها ،و آ أ ما
ال ن ،وقد هكل س يدي العزيز بعيدا ،فال توليه النساء
امله مِ ال ت شيئا من العناية .ومىت غا ب الس يد آ أ مهل العبيد
واجهبم ،ول ب ِ دع فالس رتقاق ي ُ فقد الانسان نصف مزاايه " .
وف امي اكن يتلكم ،ما ت اللكب ارغوس ،فقد انتظر
عرشين عاما مث رآ أ ى س يده آ أ خ ريا .
وبعد ذ كل دخل الثنان الهبو ،وملا رآ ه ام تل اميخ آ أ خذ من
السةل خ زبا ومحلا بقدر ما متسكه يداه ،وطلب آ أ ن ي ُ عط ذ كل
للسائل ،و آ أ ن ي ُ قال هل ا نه يقدر آ أ ن يدور عىل
213
اخلط اب ،ويطلب مهنم صدقة .وعىل هذا طاف ابخلط اب ماد ا
يده مس تعطيا .فآ أ عطاه بعضهم ،وقد آ أ خذ هتم الرآ أ فة به وجعبوا
لرؤيته ،وسآ أ هل بعضهم عن نفسه من يكون .ولكن آ أ نطينوس
اكن آ أ قلهم حياء .فقد آ أ قب ل عليه آ أ وذيس ،و آ أ خربه مبا اكن هل
من ال رثوة الطائةل والقدرة يف سال ف ا ل أ ايم ،و آ أ نه ذهب ا ىل
مرص ،وبيع ب يع الرقيق يف ق ربص ،فهزآ أ به آ أ نطينوس قائال :
" تنح عن مائديت ،وا ل وجدت مين آ أ سو آ أ مما وجدت يف مرص
و آ أ شد مما ل قيت يف قربص " .
فقال آ أ وذيس " :ل ريب يف آ أ ن كل نفسا رشيرة ،وا ن
اكن جسدك مجيال .فا نك جتلس ا ىل طعام رجل سواك ،ومع
هذا فال تعطيين شيئا " .
فآ أ مسك انطينوس عندئذ ابملوط ئ الصغري من حتت قدميه
،ورضب به آ أ وذيس ،غري آ أ ن هذا ثبت يف ماكنه اكلصخر ،
وجالت يف نفسه ف كرة الانتقام .وذهب وجلس عند البا ب ،
وقال وهو يف ذكل املاكن :
" آ أ صغوا ا يل اي خط اب امللكة ! ينبغي لال نسان آ أ ل
يغضب ا ذا ما ُرض ب وهو يقاتل من آ أ جل ماهل ،ول كن
انطينوس رضبين ل أ ين فقري .فلتح ل عليه ا ذن لعنة اجلائع ا ىل
يوم زواجه ! "
214
فتلكم انطينوس عند ذكل وقال " :اجلس آ أ هيا الغريب
ولك خزبك صامتا ،لئال يطردك الفتيان ،آ أ و جير دوا محلك عن
عظامك " .
قال هذا يف وقاحة وص ل ف ،ول كن ال خرين لموه قائلني
" :بئس ما فعلت برضبك هذا الفقري اجلو ابة .فقد جتر ف ِ عةل
كهذه الهالك ،ا ذا اكن يف الس امء ا هل .وكث ريا ما يتخذ ال آ لهة
هيئة البرش ،وجيوسون خالل املدن ليقفوا عىل ما جيري فهيا
من آ أ ع امل الصالح آ أ و آ أ عامل الط الح " .
آ أ ما انطينوس فمل يكرتث ذل كل ،و آ أ ما تل اميخ فقد اغمت
آ أ شد الاغ امتم لرؤيته آ أ ابه ي ُ رضب عىل هذا الوجه ،ولكنه مل
يذرف مع ذ كل دمعة ،بل جلس ساكنا يف ك ر يف هالك اخلطاب
.وملا مسعت بنلوب كيف ُرض ب الغريب يف الهبو ،خا طبت
وصيفا هتا قائةل " :ه كذا فليرضب آ أ فل ون النابل آ أ نطينوس ! "
.
وقالت آ أ ورينومة قي مة البيت " :ليت د ع واتنا
ت ُ س تجاب ! ا ذن ملا عاش واحد من هؤلء ا ل أ رشار ل ريى لهذا
اليوم غدا " .
فآ أ جابت بنلوب " :آ أ ج ل آ أ يهتا احلاضنة .لك هم
215
عدو ،ول كن انطينوس آ أ شد مه عداوة .حقا ا نه بغي ض اكملوت
".
مث دعت بنلوب الراعي ،وقالت " :اذهب ال ن وجئين
هبذا الغريب .فا ين آ أ رغب يف آ أ ن آ أ رح ب به ،و آ أ سآ أ هل هل مسع
بآ أ خبار آ أ وذيس ،وقد ي كون رآ ه بعينيه ،ل أ نه عىل ما يظهر قد
طو ف بعيدا يف آ فاق ا ل أ رض " .
فآ أ جاب عوس " :حقا ان هذا الرجل س يفنت ل ُ ب ك آ أ يهتا
امللكة ! وقد آ أ بقيته يف مس كين ثالثة آ أ ايم مل يك ف فهيا عن
التحدث مبصائبه .وكام يفنت منشد ا ل أ غاين امجليةل قلوب الناس
،ه كذا فتنين هذا الرجل .وهو يقول ا نه كرييت ،وا نه مسع
آ أ ن آ أ وذيس ما يزال حيا ،و آ أ نه س يآ أ يت ابلكثري من ا ل أ موال ا ىل
بيته " .
فقالت بنلوب " :اذهب واد ع ُ هذا الغريب ليك آ أ حادثه
.آ أ ل ليت آ أ وذيس يعود حقا ! ليته يبادر هو وودله ا ىل
الانتقام من هؤلء الرجال للك ما صنعوه من الرش !
وفامي يه تتلكم ،عطس تل اميخ ،فدوى ع ُ طاسه يف آ أ حناء
املزنل .وعادت بنلوب وقالت لعموس " :آ أ د ع ُ هذا الغريب
ال ن ،آ أ مل تر آ أ ن ابين عطس ع ُ طاس ال ربكة و آ أ ان آ أ تلكم ؟ ان
هذا الانتقام ،وا مي ُ احلق ،ل بد منه ،
216
ولن يفلت منه آ أ حد ،و آ أ ما هذا الغريب ،ا ذا ما آ أ دركتُ آ أ نه
يتلكم صد قا ،فسآ أ عطيه معطفا جديدا وثواب " .
وخا طب راعي اخلنازير الغريب فقال " :ا ن بنلوب
ترغب يف حمادثتك .والا س تعالم عن زوهجا .فا ذا رآ أ ت آ أ نك
تقول الصدق تعطيك معطفا وثواب ،وس تكون كل احلرية
لتس تعطي يف لك آ أ حناء هذه ا ل أ رض .ول كن السائل الزائف قال
" :سآ ُ طلع بنلوب عىل قصة زوهجا طي ب النفس راضيا ،ل أ نين
آ أ عرفه جي د املعرفة .ول كين آ أ خىش هؤلء اخلطاب .وحيامن
رضبين هذا الرجل منذ حني ،بال سبب ،مل ُحي ل آ أ حد دون
الرضبة حىت تل اميخ ذاته .فاذهب اذن ،وقل للملكة آ أ ن تنتظر
حىت غيا ب الشمس " .
فذهب الراعي ،وفامي هو جيتاز العتبة قالت بنلوب :
" ا نك مل حترضه ! مفاذا يقصد من هذا اجلواب ؟ ا ن السائل
احليي ل جييد حِ ْر فته " .
ِ
فآ أ جاهبا الراعي " :ا نه قد آ أ حسن صنعا اي موليت
خبشيته رش هؤلء الرجال ال ُو ق ُ ح .وهو يرغب ا ِ
ليك آ أ ن
تنتظري ريامث تغيب الشمس .وا ل أ وىل ،ول ريب ،آ أ ن حتادثيه
عىل انفراد " .
فقالت بنلوب " :س آ أ فعل ذكل ،فا ن هذا الغريب من
217
ذوي ال ف ِ ط ن .واحلق آ أ ن وقاحة هؤلء الرجال جتاوز ت لك حد
".
مث اجته ا ىل حشد اخلط ا ب ،ولك م تل اميخ مُ دنيا رآ أ سه
منه لئال يسمعه آ أ حد ،فقال " :ا ين ذاهب لتدبري آ أ مور
املزرعة .فراقب آ أ نت ما جيري هنا ،فا ن ال كثريين من الشعب
يضمرون لنا كرها آ أ خزامه زف ِ س ! " .
فآ أ جا ب تل اميخ " :ا ذهب اي آ أ يب ك ام قلت ،وارجع يف
الصباح ،ومعك احليواانت للتضحية " .
وعىل هذا برح راعي اخلنازير املاكن ،وانرصف اخلط اب
ا ىل الق ْص ف ،وجعلوا يرقصون وينشدون ل أ ن الشمس اكنت
عىل وشك الغروب .
218
19
آأ وذيس يف بيته
« ت متة »
219
ول كن ا ايك آ أ ن تثري غضيب ،ﻷ ين آ ُ وذيك عندئذ وا ن كنتُ
ش يخا " .
ول كن ا يروس مل ينق ْد للكم السالم ،بل ظ ل يتحدى
آ أ وذيس ويدعوه للقتال .
وملا رآ أ ى آ أ نطينوس ذكل ُرس وقال " :ا هنا آ أ فضل رايضة
رآ أ يهتا يف هذا امل زنل .فا ن هذين السائلني يتحف زان للقتال ،
فل ْ ن حْ مِ ل ْ هام عىل آ أ ن يتباراي " .
فرس مه القول ،وعاد انطينوس ا ىل اللكم فقال " :
آ أ صغوا ا يل اي خطا ب املل كة .ا ننا جعلنا آ أ حشاء املع ز جانبا
لعشائنا ،فلنتفق ا ذا عىل آ أ ن نرتك الغالب من هذين الثنني
خيتار مهنا ما حيلو هل .و آ أ ن يكون هل احلق بعد ذكل يف آ أ ن يآ أ لك
معنا ،و آ أ ن ل جيلس غريه عىل املائدة يف ماكنه " .
فقال آ أ وذيس " :ا نه يعرس عىل الش يخ آ أ ن يقاتل شااب ،
ا ل آ أ ين س آ أ فع ل ذ كل ،ا ذا آ أ قسممت يل آ أ ن ل ميد آ أ حد مك ا يل يدا
برضبة مُ خا ل ِ سة ،و آ أ ان آ ُ قاتهل " .
فقال تل اميخ ان ا ل أ مر س ي كون كام يشاء ،ووافق امجليع
عىل الكمه .وبعدئذ مش ر آ أ وذيس آ أ ذايهل اس تعدادا للقتال .
220
ونظر مجيع احلارضين ا ىل خفذيه ،فرؤوهام ع ب ْ ل تني قويتني ،
ور آ أ وا رحابة من كبيه ،وشدة ساعديه .فقال آ أ حدمه لل خر " :
لن يبق من ايروس ا ل القلي ل ملا يبدو عىل هذا املتسول من
اجلالدة " .
آ أ ما ايروس نفسه ،فقد ود لو ا س تطاع آ أ ن يتسل ل
وخيتفي عن ا ل أ نظار ،غ ري آ أ ن اذلين رشعوا يف تشمري ثيابه
آ أ كرهوه عىل التقدم .وقال انطينوس " :كيف ختاف هذا
الش يخ آ أ هيا املد عي ،وهو عىل ما هو عليه من الشقاء ؟ مث
آ أ صغ ِ ا ىل ما آ أ قول :ا ذا ما انترص هذا الرجل عليك ،فا نك
س تطرح يف سفينة ،وتؤخذ ا ىل آ أ رض املكل ا ختوس فيصمل
آ ُ ذُ نيك ،وجيدع آ أ نفك ،ويطرهحا للكبه " .
وتشابك الرجالن .وقد ف كر آ أ وذيس ه ل يرضب الرجل
رضبة قاتةل آ أ و هل يطرحه عىل ا ل أ رض .وظهر هل آ أ ن ا ل أ مر
ا ل أ خري آ أ فض ل ،فل ام ساق ا ليه ايروس رضبته ابدره بلمكة عىل
ف ك ه كرست عظمه ،فوقع عىل ا ل أ رض مولول ،وتفجر ادلم
غزيرا من مفه .
عندئذ عال حضك اخلطاب .وجر آ أ وذيس خصمه ا ىل
خارج الهبو ،و آ أ س نده ا ىل حائط الفناء ،ووضع يف يده عصا
وقال " :اجلس هنا ،وا طرد اللكب
221
واخلنازير عن البا ب ،ول كن ا ايك آ أ ن جترؤ بعد ال ن وترفعها
عىل رجل ،ول عىل غريب آ أ و سائل ،لئال حيل بك آ أ سو آ أ مما
لقيت " .
مث ا ن آ أ نطينوس آ أ عط آ أ وذيس قطعة كب رية من ال كبد ،
و آ أ عطاه آ أ مفينوموس رغيفني ،ودعاه ا ىل رشب ك أ س قائال " :
لي كن السعد حليفك ،آ أ هيا ا ل أ ب ،فامي بع ُد ،وا ن كنت ال ن
من العيش يف الرض اء " .
فآ أ جاب آ أ وذيس " :ا ين آ أ حسب آ أ نك ممن يت صفون بفرط
احلمكة اي آ أ مفينوموس .و آ أ عرف آ أ ن آ أ ابك من ع ُ قالء الرجال !
ف كن ا ذن عىل حذر .فليس عىل وجه البس يطة آ أ ضعف من
ال نسان .فهو يف آ أ ايم العز والصفو ل حيسب للنوازل حسااب ،
ول كن مىت آ أ نزلت به ا ل أ رابب املصائب ،يعود ل حول هل ول
قوة .فقد كنت آ أ ان آ أ يضا واثقا من نفيس ومن قبييل ،و آ أ ما
ال ن انظر ا ىل آ أ ي حاةل ترد يت ! فال ي ُ قدمن رجل ا ذا عىل
ع ل من آ أ ع امل القسوة والظمل ؛ ل أ ن زفس ل بد آ أ ن يعاقب يف
الهناية عىل مث ل هذه ا ل أ ع امل .وها ا ن خطا ب امللكة هؤلء
ي ُسيئون ا ىل ذكل الرجل الغائب عن بيته ،ولكنه س يعود
يوما ويفتك بآ أ عدائه .فباد ْر ا ىل الهرب ما دام يف الوقت
مت سع ،ول ت ل ْ ق ه حني جميئه " .
222
وقد قال هذا ،وهو ينوي هل اخلري ،ول كن خما طبه دخل
القرص مكتئب القلب متوقعا رشا .غري آ أ نه اكن قد ق ُ يض عليه
آ أ ن ميوت .
و آ أ لقت آ أ ثينا بعد ذ كل يف ُر وع بنلوب آ أ ن تظهر للخط اب
سا فرة حىت جتيش قلوهبم يف صدورمه ،ف ِري دوا مورد الهالك ،
وتنال يه كرامة آ أ عظم عند زوهجا وودلها .خفاطبت بنلوب
احلاضنة وقالت " :ا ين آ أ شعر ل أ ول مرة ابلرغبة يف السفور
لهؤلء اخلط اب ،عىل شد ة كريه هلم .و آ أ ود آ أ يضا آ أ ن آ أ قول
لودلي لكمة احذ ره هبا من الاختالط هبؤلء الس فهاء ،لئال
ي ُ لحقوا به ا ل أ ذى " .
فآ أ جابت احلاضنة " :حس نا تفعلني آ أ يهتا الس يدة فاذهيب
وخا طيب ابنك ،ول كن اغسيل وهجك آ أ ول ،ومض خيه ابلط يب ،
لئال تظهر آ اثر ادلموع عىل خديك .فال خري يف مالزمة احلزن
بال انقطاع " .
ول كن بنلوب آ أ جابت " :ل ت ُعز يين هبذا اللكم ،ول
تطليب آ أ ن آ أ غس ل وهجىي و آ ُ طي به .فقد ذهب ُر وايئ يوم سافر
زويج .ول كن دعي وصيفتني ترافقانين ،فا ين آ أ جخل من الظهور
وحدي بني الرجال " .
وذهبت املرآ أ ة العجوز تس تعجل قدوم الوصيفتني ،غري
223
آ أ ن آ أ ثينا اكنت لها مقاصد آ أ خرى ،فآ أ رسلت عىل امللكة نوما
هنيئا ،وجادت علهيا يف آ أ ثناء نوهما بعطاايها اخلادلة .فغمرت
وهجها جبامل يش به ج امل افروديت ويه ذاهبة ا ىل رق ص راب ت
امجلال .وقد جعلهتا آ أ طول قامة و آ أ ج ل مظهرا ،و آ أ هب ى من
العاج وقد خرج من يد الصانع .وبعد آ أ ن آ أ مت ت علها هذا ،
برحت املاكن ،واق رتبت الوصيفتان .
وزايل النوم عيين بنلوب فقالت " :ليت آ أ رطميس
متنحين ميتة خ ِ لوا من ا ﻷ مل كهذه الهجعة ،يك ل آ أ قيض ما بقي
من حيايت و آ أ ان آ أ ند ب س يدي اذلي رحل ومل يعد ! "
مث جاءت ووقفت بباب الهبو ،وعىل لك من جانبهيا
وصيفة .وقد بدت يف جامل رائع آ أ فعم قلوب اخلط اب فدعا لكل
مهنم يف نفسه آ أ ن تكون هل زوجة .
ول كن بنلوب خا طبت تلاميخ وقالت " :ما اذلي دهاك اي
ودلي حىت مل يعد كل من ال ف ِ طنة ما اكن كل يف سال ف ا ل أ ايم ؟
فقد كنت يف صغرك حارض البدهية .و آ أ ما ال ن ،وقد بلغت
مبلغ الرجال ،ورصت من القوام وامجلال عىل ما يليق اببن مكل
،فقد ضل ُر شدك .ف آ أ ي ف ِ عةل وقعت يف بيتك ال ن ،حيامن
آ ُ يسء ا ىل هذا الغريب ! فلو حلقه آ أ ذى من جر اء ذكل لر كبك
العار ا ىل ا ل أ بد " .
224
فآ أ جاهبا تل اميخ " :لست آ أ لومك عىل غضبك ،اي آ أ ماه .
ول كن آ أ ىن يل آ أ ن آ أ حسن تدبري ا ل أ مور لكها ،ما دام آ أ ه ل
السوء يضايقونين .و آ أ م ا الرصاع بني ا يروس والغريب ،فمل
ت كن عاقبته ما آ أ راده اخلط اب ،فا ن الغريب قد تغل ب عليه .
وليت مجيع اخلط اب يناهلم ما انهل ! فهو جيلس ال ن عند
ا ل أ بواب مرحن ا رآ أ سه ،ل يقدر عىل الوقوف ،ول عىل اذلها ب
ا ىل بيته ،بعد آ أ ن آ أ وهن هذا الغريب آ أ وصاهل " .
وقال آ أ ورمياخ لبنلوب " :حقا اي ابنة ا ياكروس ،لو
اكن لال غريق مجيعا آ أ ن حيظوا برؤيتك ،لحتشد يف ساحتك
غدا عدد آ أ عظم من اخلط ا ب ،فقد ف ُ ض ِ
لت عىل سائر النساء
مبا كل من ج امل ابهر ،وقامة فارعة ،ور آ أ ي سديد " .
فآ أ جابت بنلوب " :لقد ذوى جاميل يوم ابرحين س يدي
آ أ وذيس ا ىل طروادة .ليته يرجع فتس تقمي ا ل أ مور ! وا ين ل أ ذكر
آ أ نه يوم رحيهل آ أ خذ بيدي ،وقال " :آ أ يهتا الس يدة ،ا ين
ل أ حسب آ أ ن ال غريق لن يرجعوا مجيعا ساملني من طروادة .
فالطرواديون ،عىل ما يقال ،قوم همروا يف الطعن ابلرما ح ،
ور يم السهام .وذلا لست آ أ عمل آ أ آ أ رجع ساملا آ أ م آ أ لق الهالك
آ أ مام تكل املدينة .فعليك واحلاةل هذه آ أ ن ت ُ ع ْ ين بآ أ يب و آ أ يم يف
225
غيبيت عنايتك هبام ال ن ،ب ل آ أ شد .وعندما يشب ودلك ،
ويغدو رجال ملتحيا ،عندئذ كل آ أ ن تزتويج من تشائني " .
هذا ما قاهل زويج .وال ن ،وقد حدثت هذه ا ل أ مور ،
فسآ أ ضطر يوما ،آ أ ان الشقي ة ،ا ىل آ أ ن آ أ تزوج رجال غ ريه .مث
حي زنين آ أ مر آ خر ،وهو آ أ ن خط ايب ليسوا كسائر اخلط ا ب ،فقد
جرت عادة الراغبني يف خطبة س يدة كرمية ،بنت رجل غين ،
آ أ ن ي آ أ توا ابخلراف والث ريان من عندمه ،وهييئوا الولمئ ل أ صدقاء
العروس ،ل آ أ ن يلهتموا رزق غريمه من غري عوض " .
قالت هذا ،فرس آ أ وذيس ا ذ رآ ها حتتال عىل اخلط ا ب
لتن زتع مهنم الهدااي ،يف حني آ أ هنا تضمر يف نفسها مقاصد آ أ خرى
.
و آ أ جاب آ أ نطينوس " :تقب يل الهدااي اليت حنرضها كل اي
بنلوب ،ا ذ ل يليق آ أ ن ت ُ رفض الهدي ة .ول كن اعلمي آ أ ننا لن
نربح ساحتك حىت ختتاري آ أ فضلنا زوجا كل " .
قال هذا ،فوافق امجليع عىل الكمه .و آ أ رسل لك رجل
مهنم اتبعه ليآ أ يت هبديته .واكنت هدية آ أ نطينوس ثواب موىش
فضفاضا يف غاية امجلال ،مع اثين عرش مش باك من اذلهب
واثنيت عرشة ر صيعة .واكنت هدية اورمياخ سلسةل بديعة الصنع
انتظمت فهيا خرزات من
226
الكهرابء ،وقدم اوريداموس قرطني تدل ت مهن ام ثال ث حب ا ت
لك منمن اللؤلؤ ،و آ أ هداها فيس ن ْ د ر ح ِ لية نفيسة .وقد م ل
ال خرين هدية .
عندئذ ذهبت املل كة ا ىل خمدعها ،وانرصف اخلطاب ا ىل
املوس يق والرقص .و آ أ قام آ أ وذيس عند املوقد ي ُ عىن هبا ويراقب
الرجال .
وخا طب اورمياخ آ أ حصابه فقال " :امسعوا اي خطاب
امللكة ! ل ريب يف آ أ ن ال آ لهة مه اذلين آ أ رسلوا الينا هذا الرجل
.مفا آ أ بدع ما ي ُرشق ضوء املشاع ل عىل رآ أ سه ا ل أ صلع اذلي مل
تنبت عليه شعرة ! " .
مث التفت ا ىل آ أ وذيس وقال " :ه ل كل آ أ هيا الغريب آ أ ن
ختدمين اب ل أ جرة يف مزرعيت بني الهضا ب ؟ فا ن آ أ جرك يكون
مضموان ،وتعمل يف مجع احلجارة لبناء اجلدران ،ويف غرس
ا ل أ جشار .و آ أ عطيك خ زبا وكسوة ،وحذائني لقدميك .ول كين
آ أ حسب آ أ نك ل ترغب يف العمل يف احلقول ،بل تفضل آ أ ن
تظل رشيدا مت ل أ بطنك بال عل " .
ول كن آ أ وذيس آ أ جا ب " :و دِ دت اي آ أ ورمياخ لو تبارينا ،
لك منا منجال ،و آ أ قبلنا عىل العشب حن ُ ش ه يف الربيع فآ أ خذ ل
عندما يطول الهنار ! عندها ُخي رب آ أ حدان
227
ال خر ،وهو دائب يف عهل ا ىل آ ن ميتد به املساء ،من غري
آ أ ن يذوق طعاما .وو دِ د تُ لو ساق لكل منا ن ريا ُش د ا ليه
ثوران خض امن قواي ن ،آ ُ جيد عل ْ فه ام ،يف حقل مساحته آ أ ربعة
آ أ فدنة ! ا ذن لرآ أ يت قدريت عىل شق آ أ خدود مس تقمي آ أ ما يم !
وو دِ د تُ آ أ يضا لو آ أ اثر زفس حراب ! ا ذن لرآ أ يتين يف طليعة
القتال ،ومل تعري ين كام تع ري ين ال ن مبا عندي من شهوة للطعام
.ا نك مغ لرت بنفسك كث ريا ،ول كن ا ذا رجع آ أ وذيس ملا ات سع
هذا الباب لهربك وهرب رفاقك .
فا ش تد حنق آ أ ورمياخ لهذا اللكم وقال " :آ أ هيا الش يخ
،سيناكل مين ا ل أ ذى ملا فهت به من الكم سفيه ،فهل سلبت
امخلرة ُهن اك آ أ م هل تعو دت الرثثرة الفارغة ،آ أ و هل ا س تفز ك
الفرح و آ أ خرجك عن طورك لتغل بك عىل ا يروس ؟ "
قال هذا و آ أ مسك مبوطئ قدميه ،جفلس آ أ وذيس عند
ركبيت آ أ مفينوموس خش ية من ا ل أ مري .و آ أ صاب آ أ ورمياخ حامل
ا ل أ قداح يف يده ا ل ميىن ،وهو يصب امخلر ،فسقط الفىت ا ىل
الوراء ينئ من ا ل أ مل .فقال آ أ حد اخلط ا ب لرفيقه " ليت هذا
الغريب هكل قب ل جميئه ا ىل هنا ! فانظر آ أ ي شغب آ أ اثر .ولن
يعاودان الرسور بعد هذا " .
ول كن تل اميخ آ أ جا ب " :ل ريب آ أ هيا ا ل أ س ياد آ أ نمك قد
ط ع ِ مْ مت ورشبمت .وال ن ،وقد نلمت كفايتمك ،فاذهبوا
228
ا ىل منازلمك واس رتحيوا " .
قال هذا فدهشوا جلرآ أ ته .
وقال امفينوموس " :ن ِ ع ْ م ما قال ا ل أ مري ُ .
فلرن ِ ق ال ن
امخلر ل ل أ راب ب ولننرصف " .
ففعلوا ما به آ أ شار .
229
20
آأ وذيس تعرفه حا ض ن ته
230
ادلخان جبِ د هتا ف آ أ صبحت قامتة دكناء " .
فآ أ جابت احلاضنة " :ليتك وهج ت مثل هذه العناية ا ىل
لك ما ميكل آ أ بوك ! ول كن من حيمل املشعل ا ذا كنت ل تريد
آ أ ن حتمهل آ أ مامك ا حدى النساء ؟ "
فقال تل اميخ " :س يقوم بذكل هذا الغريب ،فلست آ أ ريد
آ أ ن يآ أ لك خ زبي ا نسان بط ال من غري آ أ ن يآ أ يت عال " .
وه كذا حبست احلاضنة النساء يف غرفهن ،و آ أ قبل
آ أ وذيس وابنه عىل نقل ا ل أ سلحة ،من ادلروع واخلوذ والرماح ،
من الهبو ا ىل خزانة ا ل أ سلحة .وقد تقدمهتام آ أ ثينا حتمل مصباحا
من اذلهب هبىي النور .
فقال تل اميخ " :ا ن ما آ أ راه اي آ أ يب ل حدى املعجزا ت !
فانظر ا ىل اجلدران وادلعامئ وا ل أ عدة ،ا هنا ترشق ك أ هنا يف لهب
من النار .ول ريب يف آ أ ن هذا من ُص نع ا هل " .
فآ أ جا ب آ أ وذيس " :ا لزم الس كون ،واحفظ ا ل أ مر يف
صدرك ،ول تتقص سببه .فاذهب ال ن واضطجع ومن ،فا ين
آ أ ود آ أ ن آ أ حادث آ أ مك " .
فذهب تل اميخ ا ىل غرفته وانم ،وبقي آ أ وذيس وحد ه ُ يف
الهبو ،يدب ر يف نفسه آ أ مر الفتك ابخلط اب .
231
ونزلت بنلوب وجلست بقرب النار عىل كريس من الفضة
والعاج آ ُ جيد صنعه ،هل موط ئ للقدمني متص ل به .وحرضت
الوصيفا ت يف احلال .ومحلن ا ىل اخلارج ما بقي من فضالت
الطعام والكؤوس اليت رشب هبا اخلطاب ،ور مك ْ ن قطعا جديدة
من احلطب يف النار .
واندت بنلوب احلاضنة وقالت " :آ أ حرضي يل ال ن آ أ يهتا
احلاضنة مُ تك ،وضعي عليه ِج زة ليك جيلس هذا الغريب
ويقص عيل قصته " .
فآ أ حرضت احلاضنة امل ُ ت ك أ واجلزة ،وجلس آ أ وذيس .
وتلكمت بنلوب وقالت " :آ أ س آ أ كل آ أ هيا الغريب آ أ ول عن نفسك
،من آ أ نت ؟ ومن آ أ ي ماكن قدمت ؟ ومن آ أ ي مدينة آ أ نت ،
وما امس آ أ بيك ؟ " .
فآ أ جا ب آ أ وذيس " :ل يس تطيع ا نسان آ أ ن يل متس ِ
فيك
نقصا آ أ يهتا الس يدة ،فا ن صيتك صيت مكل خيىش ا ل أ رابب ،
وميكل عىل شعب ابسل ،وت ُ غ ِ ل آ أ رض ه الكث ري من القمح
والشعري ،وتنو ء ُ آ أ جشاره مبا حتمل من ا ل مثر ،وتنتج غ منه ول
حتول ،وي كرث السمك يف حبره ،وحيالفه النجاح يف لك آ ُ موره .
فسليين ال ن ما تشائني ؛ ول كن ل تسآ أ ليين عن امسي وقويم
ومسقط رآ أ يس لئال آ أ نتحب لهذه
232
اذلكرى ،فا ين رج ل كثري اهلموم وا ل أ حزان .وليس من الالئق
آ أ ن يتفجع الانسان وينتحب يف بيت غ ريه .وقد تراين الوصيفات
،فيحنقن عيل ،ويقلن ا ين رجل آ أ ذابه ادلمع ك ام تذيب امخلرة
شارهبا " .
فآ أ جابته بنلوب " :آ أ هيا الغريب ،ا ن ال آ لهة سلبتين
جامل الوجه وحسن التكوين يوم ذهب آ أ وذيس زويج مع
ال غريق ا ىل طروادة .وت كتنفين ال ن اهلموم وا ل أ حزان ،فا ن
آ أ مراء اجلزر من حولنا ،و آ أ مراء ا يثاكة نفسها خيطبون ود ي
عىل ك ُ ره مين ،ويلهتمون ما يف بييت .وقد حاولت عبثا آ أ ن
آ أ رصفهم عن خطبيت ،فقد آ أ وحت ا يل آ أ ثينا آ أ ن آ أ قول هلم " :
آ أ هيا الفتيان النبالء الراغبون يف تزو يج ،عليمك ال ن ،وقد
ما ت آ أ وذيس ،آ أ ن تلج آ أ وا ا ىل الص رب ،وا ن كنمت راغبني يف
تعجي ل الزواج ،ا ىل آ أ ن آ أ نهت ىي من نسج هذا الثوب لي كون
كفنا ل ِ لريت ،ا ذ من العار بعد ما اكن هل من ال رثاء العظمي ،
آ أ ن ي آ أ وي ا ىل حلده ،من غري كفن يلف ه " .قلت هذا فوافقوا
عىل قويل .وبقيت آ ُ خادعهم ثالث س نوات ،ا ذ كنت آ أ حوك
النس يج يف الهنار و آ أ نقضه يف اللي ل .ويف الس نة الرابعة آ أ فشت
الوصيفا ت رس ي .وليس يل ال ن من الزواج
233
م هرب ،فوادلي ي ُ لحان عيل يف ذ كل .وودلي يغيظه آ أ ن يرى
هؤلء الرجال يلهتمون رزقه .وهو ال ن يف سن متكنه من
ادراة بيته اخلاص .ول كن تعال و آ أ علمين من آ أ ي قوم آ أ نت ،
فا نك مل تنحدر من س نداينة آ أ و خصرة ،كام تزمع ا ل أ ساط ري
القدمية " .
فقال آ أ وذيس عندئذ " :ا ذا كنت ل تزالني راغبة يف
سؤايل عن آ أ صيل ،فا ين خم ربك بذكل ،ولكنك هبذا جتلبني يل
من احلزن آ أ كرث مما آ ُ طيق ،مفن املؤمل للرجل اذلي طو ف بعيدا
،وعاىن كث ريا آ أ ن يتلكم ع ا قا ساه .ا ن يف وسط البحر جزيرة
تدع كريت .وا هنا ل أ رض مجيةل خصبة ،يقمي فهيا ال كثري من
الساكن ،وفهيا من املدن تسعون .ففي ا حدى هذه املدن ،
وامسها كنوسوس حمك املكل مينوس .واكن عره تسع س نوات
حيامن تسمل آ أ زم ة امل ُ كل .وقد آ أ جنب مينوس ذوقاليون ،و ر زق
ذوقاليون ودلان هام ا يذومني و آ أ ان .واكن آ أ يخ آ أ ك رب مين س نا
و آ أ فضل مين كث ريا .و آ أ ما امسي فهو آ أ ثيون .ا ىل هناك قدم
آ أ وذيس حيامن اكن مبحرا ا ىل طروادة ،فقد حادت به الرحي عن
سبيهل .وجاء املدينة يف طلب ايذومني قائال ا نه صديقه .
ول كن ذكل اليوم اكن اليوم العارش آ أ و احلادي عرش ل حبار
ايذومني ا ىل
234
طروادة فضيفته مع حصبه وقدمت هل م خ زبا من الشعري ومخرا
وث رياان للتضحية .و آ أ قاموا معي اثين عرش يوما اكنت الرحي
الش املية هتب يف آ أ ثناهئا بال انقطاع ،ول كهنا سكنت يف اليوم
الثالث عرش فرفعوا املرساة و آ أ قلعوا " .
ه كذا رسد آ أ وذيس قصته .واكنت قصته مُ ختلقة ول كهنا
بدت حقيقية .وب كت بنلوب لسامعها .وكام يذوب الثلج فوق
الهضا ب ،ا ذا ما هبت رحي جنوبية رشقية ،فتس يل الينابيع
دا فقة ،ه كذا ب كت بنلوب س يدها .فرق آ أ وذيس لزوجه ملا
رآ ها تبيك .و آ أ ما عيناه فقد حبس دمعهام ،ف ك أهن ام من قرون
احليوان آ أ و من احلديد .ول كن بنلوب قالت " :امسح يل آ أ ن
امتحنك آ أ هيا الصديق ،ل أ عمل ه ل اكن ذ كل الرجل آ أ وذيس
زويج حقا .آ أ خربين آ أ ي ثوب اكن يرتدي ،و آ أ ي نوع من
الرجال هو ،ومن مه آ أ حصابه ؟ "
فآ أ جاب آ أ وذيس " :ا ين آ أ ذكر آ أ نه اكن يرتدي معطفا
مزدوجا من الصوف ،يف لون ا ل أ رجوان البحري ،شُ ب ك
مب ِ ش بك من اذلهب نقشت عليه صورة لكب آ أ مسك ظبيا من
ع ُ نقه ،وقد صيغ صوغا جعيبا وحض به تشبث اللكب بفريس ته
،وهجاد الظيب لال فالت .واكن يلبس آ أ يضا ثواب آ أ بيض ا انع ام
يش به آ أ دمي البصل اجلاف .اكن النساء ي ُ ع ْ ج نب
235
به كث ريا .ول آ أ عمل هل آ أ عطاه هذه ا ل أ ش ياء آ أ حد ،فقد قد م
هل الكث ريون العطااي ،و آ أ عطيته آ أ ان آ أ يضا س يفا وثواب .واكن
يصح ب ه داعية امسه آ ُ وريبا ت ،واكن هذا آ أ ك رب منه س نا آ أ مسر
اللون ،ل ف الكتفني ،ج ع ْ د الشعر " .
فل ام مسعت بنلوب هذا ا ستشد باكؤها ،ا ذ عرفت من
تكل العالمات آ أ ن ذكل الرجل اكن س يدها حقا ،وقالت " :
ا نك ل صادق آ أ هيا الغريب ،فقد آ أ عطيته آ أ ان نفيس هذه الثياب
وطويهتا بيدي .و آ أ عطيته كذكل ا حلِ لية .و آ أ ما ال ن فواحرساته
ﻷ ين لن آ أ راه اثنية " .
ول كن آ أ وذيس آ أ جا ب " :ل تقويل هذا اي زوجة آ أ وذيس ،
وكف ي عن الندب ل أ ن آ أ وذيس ما زال حيا ،وهو جد قريب
يقمي يف آ أ رض التسفروتيني ،ومعه ال كثري من الهدااي ،وهذا ما
قاهل يل فيذون مكل البالد .وقد آ أ راين الهدااي اليت مجعها ،
واكنت كثرية عظ مية ،ت ُغين بيته ا ىل اجلي ل العا رش .و آ أ ما
آ أ وذيس نفسه فقد ذهب ا ىل ذوذوان حي امن كنت هناك ،ذهب
يس تويح زفس ،ا ذ هل هناك هاتف غيب يف وسط س نداينة ،
هل يرجع ا ىل بدله هجرا آ أ و خفية .فكوين عىل يقني آ أ يهتا
الس يدة آ أ ن آ أ وذيس راجع يف هذه الس نة العارشة ،عندما
يدخل القمر القدمي يف
236
امل حاق ،ويتودل القمر اجلديد " .
فقالت بنلوب " :ليت الكمك يتحقق آ أ هيا الغريب !
وسينا كل اخل ري الكثري عىل يدي مع العطاء اجلم .بيد آ أ ن قليب
حيدثين آ أ ن هذا لن يكون .وس هتىي ء الوصيفا ت ال ن كل
مضجعا وجيعلن عليه الفراش وا ل أ غطية ،حىت تنام دا فئا ا ىل
آ أ ن حيني الصبا ح .وس يغسلن آ أ يضا رجليك " .
ول كن آ أ وذيس تلكم فقال " :ان الف ُر ش وا ل أ غطية بغيضة
ا يل منذ فارقت كريت ،وسآ أ ضطجع كام تعو د ت يف ليال عد ة ،
مسه دا آ أ رقب الصباح .ول يرس ين الاس تحامم ،ولن متس
قد يم واحدة من هذه الوصيفات .ول كن ا ذا اكنت بيهنن جعوز
وفي ة القلب ،فا ين آ أ مسح لها آ أ ن متس قديم " .
فقالت بنلوب " :بيهنن الوصيفة اليت حتب .ويه املرآ أ ة
اليت حضنت س يدي ،ف آ أحب ته و آ أ نزلته من نفسها ماكان عزيزا
،ومحلته عىل ذراعهيا ،منذ اليوم اذلي وضعته فيه آ أ مه .ويه
اليوم قد آ أ وههنا ال ك ِ رب ،ول كهنا س تغسل قدميك " .
مث خا طبت احلاضنة وقالت " :اهنضين ال ن آ أ يهتا املرآ أ ة
واغسيل هذا الرجل ،فهو يف سن مولك " .
237
فغط ت املرآ أ ة وهجها براحتهيا ،وانتحبت قائةل " :
سآ أ غسل قدميك طي بة النفس راضية ا كراما لبنلوب وا كراما
كل .فقد جاءان كث ريون من الغرابء هنكهم السفر ،ول كين مل آ أ ر
فهيم من هو آ أ شد منك ش هب ا بآ أ وذيس يف صوته ويف قدميه " .
فآ أ جاب آ أ وذيس " :لقد مسعت مثل هذا من قبل ،
فالرجال ما زالوا يرد دون القول ا ن آ أ ح د ان شدي ُد الش به
ابل خر " .
وملا آ أ عد ت امحل ام ،جلس آ أ وذيس بعيدا عن املوقد ،
مول يا وهجه شطر الظالم ،فقد خيش آ أ ن تعرفه العجوز ا ذا ما
عاجلت ساقه ،من ن د ب عظمي اكن فهيا .وهذه قصة هذه
الندب :
ذهب آ أ وذيس ا ىل ف رانس لرؤية اوتوليخ وادل آ أ مه .واكن
هذا قد بذ سائر الناس يف التلص ص وحل ف ال ميان .وقد انل
هذه الهبة من هرمس نفسه .وذهب آ أ وتوليخ هذا يوما ا ىل
ا يثاكة ،ف آ أ لف حفيده قد ُو دل حديثا .و آ أ حرضته حاضنته
آ ُ ريلكيا نفسها بعد العشاء ،ووضعته يف حضن جد ه قائةل " :
آ أ طلق آ أ نت اس ام اي اوتوليخ ،عىل هذا الودل ،فهو ابن ا ل أ دعية
الكثرية " .فقال آ أ وتوليخ " :عىل ابنيت وزوهجا آ أ ن يدعوا
املولود ابلمس اذلي آ أ طلقه عليه .وقد آ أ تيت هذه
238
البالد و آ أ ان آ أ ت قد غضبا عىل الكث ريين من الرجال .فلي كن امسه
آ أ وذيس ( رجل الغضب ) ولي آ أ ت ا يل حيامن يبلغ مبلغ الرجال
فآ أ عطيه عطي ة تهبج فؤاده " .
وقد حد ث ذ كل ،فذهب آ أ وذيس لرؤية آ أ وتوليخ ف آ أ حسن
جد ه وجد ته و آ أ ولدهام وفادته ،و آ أ وملوا هل و ل مية .ويف الصبا ح
التايل ذهبوا مجيعا ا ىل الصيد ومعهم آ أ وذيس فتسل قوا هضبة
فرانس ،واكن ذ كل عند رشوق الشمس .ووصل الص يادون ا ىل
م خْ رفة يف الغابة و آ أ ماهمم اللكب تقتفي ا ل أ ثر ،وخلفهم آ أ بناء
آ أ وتوليخ ومعهم آ أ وذيس .فآ أ لف وا هناك خزنيرا براي عظامي رابضا
يف وجار ضيق ،التف ت آ أ غصانه وتاكثفت ،فمل ت كن الشمس
لتخرتقه ول املطر .
واكن هنا كل ُر اكم عظمي من ورق الشجر املتسا قط .وملا
اللكب وو ق عُ آ أ قدام الرجال ،هب من مرقدهُ آ أ يقظت اخل زنير
،وقف شع ُر ظهره ،وملعت عيناه ،ووقف وقفة اليآ أ س .
فبادر ا ليه آ أ وذيس قبل آ أ حصابه مجيعا مرشعا رحمه ،تواقا ا ىل
البطش ابلوحش .ول كن اخلزنير اكن آ أ رسع منه ،فهجم عليه
وجرحه فوق ركبته ،فشق اللحم بآ أ نيابه شقا كبريا عريضا ،
ا ل آ أ نه مل يبلغ العظم .بيد آ أ ن آ أ وذيس سد د ا ىل اخلزنير رحمه
ورضب كتفه ا ل ميىن فاخرتقها ،وسقط الوحش عىل ا ل أ رض ميتا
.مث مض د
239
آ أ بناء آ أ وتوليخ اجلرح ،ووقفوا نزف ادلماء بآ أ ن غنوا ا حدى
آ أ غاين الشفاء ،وعادوا ا ىل بيت آ أ بهيم .وا ستبقوه هناك حىت
اندمل جرحه ،مث آ أ رسلوه ا ىل بيته مزودا ابلكثري من العطااي
السنية .ول كن ن د ب اجلرح ظل اب قيا .ومن هذا الن د بِ
عرفت احلاضنة آ أ نه آ أ وذيس ابذلا ت فقالت " :آ أ ي آ أ وذيس ،اي
ودلي تصور آ أ ين مل آ أ عرفك قبال ! " .
والتفتت ا ىل حيث اكنت امللكة ،ك أ هنا تريد آ أ ن تعلمها
اب ل أ مر ،ول كن آ أ وذيس آ أ خذ خبناقها وقال " :ه ل تريدين قتيل
اي آ أ ماه ؟ لقد رجعت بعد عرشين عاما ،وجيب آ أ ل يعمل آ أ حد
برجوعي قب ل آ أ ن آ أ س تعد ل ل أ خذ ابلثآ أ ر " .
فلزمت العجوز الس كون ،وعاد ت بنلوب ا ىل خماطبته ،
وقص ت عليه آ أ حالهما ،فقالت ا هنا رآ أ ت رساب من ال و ز يف
قرصها انقض عليه نرس وفتك به ،وملا جعلت تند ُب ال وز
مسعت صوات يقول " :ما ال وز ا ل اخلطاب ومالنرس ا ل زوجك
".
فقال لها آ أ وذيس ا ن حلمها لن عِ م احلمل .مث قالت ا ن
علهيا يف الغد آ أ ن تقرر اختيارها .فقد وعدت آ أ ن حترض قوس
آ أ وذيس ا لعظ مية ،واذلي يبذ آ أ قرانه يف جذب القوس
240
بال عناء ،ويسدد سهام ا ىل الهدف تسديدا آ أ فض ل س ي كون
لها زوجا .
فآ أ جاهبا آ أ وذيس " :هذا حسن آ أ يهتا الس يدة .فال تعديل
عن جتربة القوس ،ا ذ قبل آ أ ن ي مت كن آ أ حدمه من جذب الوتر
يآ أ يت آ أ وذيس العظمي ويسد د رضبته الصائبة ا ىل الهدف " .
وبعد ذ كل ا ستسلمت بنلوب ا ىل النوم .
241
21
جت ربة القوس
242
ساهرا آ أ هيا الرجل الكثري اهلموم ؟ آ أ ليس هذا املزنل م زنكل ؟
آ أ وليست زوجتك مق مية فيه مع ابنك ،وهو قد غدا كام كنت
ت متىن آ أ ن ي كون ؟ ف آ أ جا ب آ أ وذيس " :ا ن ه احلق آ أ يهتا ال ل هة ،
ول كين آ أ ف ك ر يف الوس ي ةل ِ اليت آ أ مت كن هبا من التغل ب عىل
اخلطاب يف قرصي ،و آ أ ان واحد جتاه كثريين .وهناكل آ أ مر آ خر
ي ُ قض مضجعي ،وهو تف كريي يف وس يةل للنجاة من املنتقمني
دلماهئم بعد آ أ ن آ أ فتك هبم " .
فآ أ جابت ال ل هة " :حقا ا ن ا ميانك لضعي ف ،فقد يضع
بعضهم ثقته ابلبرش ،مع آ أ ن البرش آ أ ضع ف من ال آ لهة ،فمل ل
جتعلين موضع ثقتك ؟ فا نين معك وسآ أ حرسك ا ىل الهناية ،
ول كن عليك ال ن آ أ ن تنام ل أ ن ا ل أ رق طيةل الليل مزجع للروح "
.
قالت هذا وسكبت النوم عىل عينيه ،مث عادت ا ىل
ا ل أ وملب .
وملا اكن الصباح هنض آ أ وذيس من نومه ،ومحل جز ا ت
الصوف ووضعها عىل مقعد يف الهبو ،و آ أ خرج جدل الثور خارجا
.مث رفع يديه ابلصالة ا ىل زفس قائال " :زفس ،اي آ أ اب اخللق
،ا ذا كنت قد آ أ رجعتين ا ىل بدلي عن رىض منك ،فاجعل يل
عىل ذكل عالمة " .
وفامي هو يتلكم آ أ رسل زفس من ا ل أ وملب رعدا ،فسمعه
243
آ أ وذيس و ُرس به .مث ا ن امرآ أ ة يف الطاحون تفو هت بلكمة فآ أ ل
.واكن هناك اثنتا عرشة امرآ أ ة يطحن القمح والشعري .فنامت
مهنن احدى عرشة بعد آ أ ن آ أ هنني ما علهين ،و آ أ ما الثانية عرشة
،فظلت تطحن ل أ هنا اكنت آ أ ضعفهن مجيعا .فل ام مسعت الرعد ،
وقفت عن العمل وقالت " :ل ريب آ أ هيا ال هل زفس يف آ أ ن هذا
الرعد عالمة منك ،فقد آ أ رسلت الرعد يف سامء صا فية ،
فاجعل هذه املر ة ا ل أ خرية اليت آ أ طحن فهيا ادلقيق للخط ا ب يف
م زنل آ أ وذيس " .
مث آ أ قب ل تل اميخ وخا طب احلاضنة قائال " :هل آ أ عطيت
الضيف ما يليق به من الطعام والفراش ،آ أ م تركته ينام من
غري عناية ؟ "
فآ أ جابت احلاضنة " :قد رشب هذا الغريب القدر اذلي
آ أ راد ،و آ أ لك حىت قال ا نه اكتف ،ول كنه رف ض الفراش
وا ل أ غطية ،وانم عىل جدل ثور مل ي ُ دبغ ،وتغط ببع ض جزات
الغمن ،وقد آ أ لقينا عليه معطفا " .
مث قدم راعي اخلنازير ،يسوق آ أ مامه ثالثة خنازير مسينة
اكنت آ أ حسن ما يف القطيع وقال " :آ أ هيا الغريب ،هل آ أ حسن
هؤلء القوم العناية بك ؟ فآ أ جاب آ أ وذيس " :فل ت ُ ْج زِ مه
ا ل أ راب ب عىل السفاهة اليت عاملوين هبا ! " .
وجاء بعده مالنثيوس راعي امل عز ومعه آ أ مْ ع ُ ز لو ل مية
244
الهنار ،خفا طب آ أ وذيس مبر اللكم قائال " :آ أ ل تزال آ أ هيا
الغريب تقلقنا بتسو كل ؟ وما ظين ا ل آ أ ننا لن نفرتق قبل آ أ ن
جير ب آ أ حدان لكام ت ال خر .فا ن ا س تعطاءك ل ي ُ طاق .وهناك
ولمئ آ أ خرى تقدر آ أ ن تذهب ا لهيا " .
ول كن آ أ وذيس مل جيبه بلكمة .
وجاء آ أ خ ريا فيلوثيوس راعي البقر ،ومعه جعةل عقمي
لو ل مية اخلطا ب .فلكم آ أ وذيس قائال " :ليحا ل ِ فك السعد بعد
ال ن آ أ هيا الغريب ! فآ أ نت ال ن ت كتنفك اهلموم ،وا ن عيين
ل متتلئان دمعا حيامن تقعان عليك ،فقد يكون آ أ وذيس ،ا ذا اكن
ل يزال حيا ،ي ُ طو ف بني الناس ،مرتداي آ أ س امل ابلية ك أ س امكل
،وا ذا اكن قد ما ت فا ن موته لفاجعة كربى .فهو قد آ أ قامين
عىل بقره ،فتاكثرت حىت آ أ هنا لتفوت العد .ومل ت من ُ ق ُ طعان ك ام
منت قطعانه .وهذه الزايدة مع ذكل تؤملين ،ل أ نين آ أ رى الغرابء
ل ي ربحون يلهتموهنا يف قرصه ،ولقد و د د ْ تُ آ أ ن آ أ هرب منذ
زمن طويل ،ل أ ن ا ل أ مر جتاوز حد الاحامتل ،ول كنين ل آ ُ ؤمل
آ أ ن يرجع آ أ وذيس ا ىل بيته و آ أ مالكه " .
فآ أ جاب آ أ وذيس " :ا ن كل ،اي راعي البقر ،فطانة
و ا درااك ،ف آ أ صغ ال ن ا ىل ما آ أ قوهل كل ،و آ أ ؤك ده ابلقس م ،ا ن
آ أ وذيس س ريجع ا ىل بيته ،و آ أ نت ل تزال يف هذا املاكن
245
وس رتاه بعينيك ،وس رتى هالك اخلط اب آ أ يضا " .
و آ أ قب ل اخل طا ب بعد هنهية جفلسوا ا ىل الو ل مية عىل جاري
عادهتم .و آ أ شار تل اميخ ا ىل اخلدم حفملوا ا ىل آ أ وذيس نصيبا
اكمال آ أ سوة ابلبا قني .وملا رآ أ ى س تيس بوس ،آ أ حد آ أ مراء
ساموس ،ذكل ( واكن رجال ل ي كرتث للعدل ول خيىش ا ل أ رابب
) قال " :هل حيسن آ أ ن ينال هذا الرجل من الطعام مث ل ما
ننال ؟ فانظروا ال ن ا ىل عطييت هل " .مث تناول من سةل هناك
ك ُ راع ثور ،ورىم به آ أ وذيس .
ول كن آ أ وذيس آ أ مال رآ أ سه يرسة ،فزاغ عنه ،وطار
ال كراع ا ىل احلائط وترك عليه آ أ ثرا ،فصا ح تلاميخ يف حنق
شديد " :من حُ سن حظك اي س تيس بوس آ أ نك مل ت ُ ِص ب هذا
الغريب ،ولو فعلت ذكل لنفذك رحمي هذا ،و ل أ قام كل آ أ بوك
مآ أ مت ادلفن ماكن و ل مية العرس " .
فقال آ أ جيل " :ن ِ عم القول هذا القول ،مفن الواجب آ أ ل
ي ُساء ا ىل تل اميخ ،ك ام جيب آ أ ل ي ُساء ا ىل هذا الغريب .ول كن
جيب عليه ،من هجته آ أ ن يش ري عىل آ أ مه ابختيار من تريد من
اخلطا ب ليكون لها زوجا ،فال نضي ع وقتنا بعد ال ن " .
فقال تل اميخ " :حسن ما تقول .ويه س تزتوج م ن
246
تشاء .ول كين لن آ ُ خرهجا من بييت عىل كره مهنا " .
فضحك اخلط اب ،ول كنه مل ي كن حضك فرح وابهتاج ،
فاللحوم اليت اكنوا يآ أ لكوهنا تقط رت مهنا ادلماء ،وعيوهنم
امت ل أ ت ابدلموع ،وانفتحت عينا العر اف ثيولك امين فصا ح قائال
" :ما اذلي دهامك آ أ هيا البؤساء .فها آ أ ن رؤوسمك ووجوهمك قد
غش هيا الظالم ،وصوت ا ل أ نني خيرج منمك ،وخدودمك قد ابتل ت
ابدلموع .وها ا ن اجلدران وا ل أ عدة قد تلط خت ابدلماء ،
والهبو وسد ة اببه قد امت ل أ ت ب آ أش باح تتجه حنو اجلحمي .وها
ا ن الشمس قد ا مضحل ت من الس امء ،ولف ا ل أ ش ياء لك ها
ضباب كريه " .
ول كهنم حضكوا عند س امعهم هذا اللكم ،وقال اورمياخ :
" ا ن هذا الغريب معتوه ،فلنطرده خارج ا ل أ بوا ب ا ىل سوق
املدينة ،ل أ ن هذا املاكن تعم ه الظلمة عىل ما يظهر " .
وهزآ أ وا بتل اميخ آ أ يضا ،ول كن ه مل يآ أ به هلم ،بل ظل
جالسا ينتظر ا شارة من آ أ بيه .
مث ذهبت بنلوب ل حضار قوس آ أ وذيس ا لعظ مية ،اليت
آ أ عطاه ا اي ها افتيوس .فتناولهتا يه وغالفها من الو ت ِ د اذلي
اكنت معلقة عليه .مث جلست ووضعهتا عىل ركبتهيا ،
247
وجعلت تبيك ،مث هنضت واجتهت ا ىل حيث اكن اخلط اب
يقص فون يف الهب و .وقد آ أ حرضت القوس ومعها الكنانة م ل أ ى ُ
ابلسهام .واستندت ا ىل عود ال ق ُ ب ة وقالت :
" آ أ هيا اخلط اب اذلين تلهتمون ما يف هذا املزنل حبج ة آ أ نمك
تريدون الزواج يب .هامك ال ن مِ حاك ملهاراتمك .هامك قوس
آ أ وذيس العظمي مفن اس تطاع منمك آ أ ن حينهيا بيديه يف سهوةل
ويريم عهنا سه ام مي ُر ق من خروت اثنيت عرشة فآ أ سا ينصهبا
تل اميخ ،فهو اذلي س آ أ تبعه مغادرة هذا البيت اذلي لن آ أ ذكره
ا ل يف آ أ حال يم " .
مث آ أ شارت ا ىل عوس آ أ ن حيمل القوس والسهام ا ىل
اخلط اب .فبىك الراعي الصاحل دلى رؤيته قوس س يده ،وب ىك
آ أ يضا راعي البقر ف يلتيوس ،ل أ نه اكن صاحلا حمبا لبيت
آ أ وذيس .
مث غرز تل اميخ الفؤوس يف نظام توالت فيه خروهتا ،واكن
بود ه آ أ ن ير يم عن القوس هو آ أ يضا ،وقد اكن ذ كل يف وسعه .
ول كن آ أ وذيس آ أ شار ا ليه آ أ ل يفعل ،فقال " :آ أ حسب آ أ ين ل
آ أ زال ضعيفا فتيا ،فلمك ،و آ أ نمت آ أ ك رب مين س نا ،آ أ ن جتربوا
قبيل " .
جفر هبا آ أ ول ل ِ ي ُ وذ الاكهن ،واكن وحده من بني
248
اخلط اب اكرها ل أ ع امهلم البغيضة ،ول كن ه مل يقدر آ أ ن ُحي ر كها ،
بل آ أ تعب يديه الناعتني اللتني مل تتعو دا العمل ،وقال " :ل
آ أ قدر آ أ ن آ أ حين هذه القوس ،فليجر هبا غريي ،ولكين آ أ ظن آ أ ن
فهيا ا ل أ ىس وا ل أ مل لكث ريين هذا اليوم " .
فغضب انطينوس عند س امعه هذا اللكم ،وطلب من
مالنثيوس آ أ ن حيرض من بيت املؤونة قرصا من الشحم ليدهنوا
به الوتر فيلني هلم .فآ أ لنوا الوتر ابلشحم ،ول كهنم مل
يس تطيعوا مع ذكل آ أ ن حينوا القوس .وقد جر بوها لك هم عىل
غري جدوى ومل يبق مهنم ا ل آ أ نطينوس و آ أ ورمياخ ،واكان حقا
آ أ بسل امجليع و آ أ قوامه .
وخرج راعي اخلنازير وراعي البقر خارج الفناء ،وحلقهام
آ أ وذيس وقال " :ما عساك ام تصنعان ا ذا رجع آ أ وذيس ا ىل بيته
؟ فهل تقاتالن من آ أ جهل آ أ و من آ أ ج ل اخلط ا ب ؟
فآ أ جااب آ أ هنام يقاتالن من آ أ جهل .فقال آ أ وذيس " :ها آ أ ان
قد رجعت بعد غيبة عرشين عاما .وا ين ل أ عمل آ أ نكام مبهتجان
بعوديت ،و آ أ ان ل آ أ عرف آ أ حدا سواكام .فا ذا ساعدمتاين اليوم
و آ أ بديامت الشجاعة والب آ أ س ،فلكام آ أ عطي زوجتني و آ أ مالاك
ومزنلني قريبني من مزنيل .وس تكوانن لتل اميخ آ أ خوين ور فيقني .
وكعالمة ل كام عىل آ أ ين آ أ ان هو آ أ وذيس ،هاكام الن د ب اذلي
خل فه جرح اخلزنير الرب ي ،يوم خرجت للصيد مع آ أ وتوليخ " .
249
فب كيا فرحا ،وقب ال آ أ وذيس وقب لهام هو آ أ يضا .مث طلب
من عوس آ أ ن حيرض هل القوس ،بعد آ أ ن ينهت ىي اخلط ا ب مجيعا
من جتربة حظهم هبا .وطلب منه آ أ يضا آ أ ن يشري عىل النساء
بآ أ ن يلزمن داخل امل زنل ،ول خيرجن ا ذا ما مسعن ج ل بة القتال
.وطلب من فيلوثيوس آ أ ن يقفل آ أ بواب الهبو ويوثقها ابحلبال .
مث رجع ا ىل الهبو واكن اورمياخ حيمل القوس يف يديه ،
وحيمهيا عىل النار .مث حاول آ أ ن جيذهبا فامتنعت عليه .وعندئذ
رفع صوته متحرس ا وقال " :الويل يل ! ل ل أ ين خرست هذا
وحسب ،ففي بالد ال غريق نساء غري هذه للزواج ، ُ الزواج
بل ل أ ن نا آ أ ضعف جدا من آ أ وذيس العظمي .ومن العار حقا آ أ ن
نقول هذا " .
عندئذ قال آ أ نطينوس " :ليس ا ل أ مر ما تقول ،فهذا
اليوم مقد س ل هل الر ماة ،ولهذا مل نقدر عىل الزن ع يف القوس .
ول كننا س نجر هبا غدا بعد آ أ ن نقد م ل أ فلون التضحية الالئقة "
.
وقد آ أ رضامه هذا القول مجيعا ،ول كن آ أ وذيس قال " :
دعوين آ أ جر ب هذه القوس ،فا ين آ أ ود آ أ ن آ أ عرف هل آ أ ان من
القوة عىل ما كنت يف سال ف ا ل أ ايم " .
فآ أ غضب ذكل اخلط اب ،واكن آ أ نطينوس آ أ شد مه غضبا ،
250
ول كن بنلوب قالت ا ن هل آ أ ن يفعل ،ووعدت الرجل ابلعطاء
الوافر ا ْن هو مت كن من جذب القوس " .
ول كن تل اميخ تلكم وقال " :ا ن هذه قويس اي آ أ ماه ،ويل
آ أ ن آ أ عطهيا آ أ و آ أ ن آ أ منعها .وا ذا آ أ رد ت آ أ ن جيرهبا هذا الغريب
،فلن ين كر عيل ذكل آ أ حد .ول كن اذهيب مع وصيفاتك ا ىل
خمدعك .ودعي الرجال ي ُ عن ْو ن هبذه ا ل أ مور " .
قال هذا راغبا يف ا بعادها من الهبو لعلمه ما س يحدث
يف داخهل .و آ أ ما يه فقد آ أ دهشها آ أ ن تسمعه يتلكم هبذه السلطة
ومل جتب ،ب ل خرجت مع وصيفا هتا .
وملا آ أ راد عوس آ أ ن حيمل القوس ا ىل آ أ وذيس ،آ أ غلظ هل
اخلط اب يف اللكم ،ول كن تل اميخ آ أ كرهه عىل ذكل .ف آ أ خذ
القوس وانولها موله .مث ذهب ا ىل اوريلكيا و آ أ شار علهيا آ أ ن
تقفل آ أ بوا ب غرف الوصيفا ت وتبقهين داخال همام مسعن من
لغط .
و آ أ خذ آ أ وذيس القوس ا لعظ مية ،وحفصها لريى هل آ أ صاهبا
خ ل ل .ول كن اخلط ا ب هزآ أ وا به .وملا وجد آ أ هنا مل ميس ها ل
رض
شد وترها بال عناء ،كام يشد املغين وتر قيثارته ا ىل القدر
الالزم ،مث آ أ مسك الوتر بيده ا ل ميىن وجر ب صوته ،فاكن حلوا
كزقزقة الس نونو ة ،مث آ أ خذ من
251
الكنانة سهام وجعل ف ُ وقه عىل الوتر ،وجذبه وهو جالس يف
ماكنه ،مفر ق السهم من خُ روت الفؤوس لك ها ،وا س تقر عىل
احلائط وراءها .وقال عندئذ لتل اميخ " :ل بد من ا قامة و ل مية
آ أ خرى قبل غياب الشمس " .
مث آ أ وم آ أ ا ىل تل اميخ ،فدان الفىت منه ووقف جبانبه
متسل حا ابلرمح واخلوذة واجملن .
252
22
الفتك ابخلطاب
253
رضبه الغريب عرضا آ أ و عدا ،ول كن آ أ وذيس كش ف حقيقته
قائال :
" ظننمت آ أ هيا اللكب آ أ نين لن آ أ عود ! فالهتممت م زنيل ،
وخطبمت ود امرآ أ يت ،و آ أ ان ل آ أ زال حيا ،ومل ختشوا ا ل أ راب ب ومل
حتس بوا للبرش حسااب .ولهذا آ أ ات مك مجيعا الهالك بغتة " .
وملا آ أ خ ذ هتم الرجفة مجيعا خوفا وفزعا ،قال اورمياخ :
" ا ذا كنت آ أ وذيس ايثاكة حقا ،فبالصوا ب نطقت .فقد
آ ُ يسء ا ليك ا ساءة فاحضة ،سواء آ أ اكن ذكل يف البيت آ أ م يف
احلقل .ول كن هوذا اذلي آ أ اثر لك هذا قد سقط آ أ مامك ،وهو
آ أ نطينوس ول آ أ حد سواه .ومل ي كن يقصد ا ىل الزواج قصده
ا ىل آ أ ن ميكل عىل هذه اجلزيرة ،بعد آ أ ن يدم ر بيتك تدم ريا .
ول كننا س نعيد اليك ما الهتمناه من رزقك عرشين ِض عفا " .
ول كن آ أ وذيس آ أ جاب " :ل تتلكم عن ا عادة ما آ أ خذمت .
فا ن يدي لن ت كف ا عن الفتك حىت آ خذ بثآ أ ري منمك مجيعا " .
عندئذ قال آ أ ورمياخ لصحبه " :ا ن ي د ْي هذا الرجل
254
لن ت كف ا عن الرضب .و س يقتلنا مجيعا بسهامه وهو يف ماكنه ،
فلهنرع ا ىل الباب ونل ِق الصيحة يف املدينة ،ل أ ن هذا النابل ل
يلبث آ أ ن يريم آ خر رجل فينا " .
وابدر ا ىل الباب ويف يده موىس ذات حد ين ،ول كن
آ أ وذيس عاجهل ،وهو مرسع ،بسهم اس تقر يف صدره ،خفر
ا ىل ا ل أ مام رصيعا .وملا اق رتب آ أ مفينوموس فتك به تل اميخ برحمه
،ومل ينزتعه من اجلثة خش ية آ أ ن يفتك به عىل حني غ ِ رة .
مث آ أ رسع ا ىل آ أ بيه وقال " :ه ل آ أ جلب لنا و ل أ عواننا
سالحا ؟ " .
فقال " :آ أ جل ول تبطئ لئال تنفذ سهايم " .
جفاء من خزانة السال ح بآ أ ربع آ أ درع و آ أ ربع خُ و ذ ومثانية
رماح .وتسل ح هو والراعيان عوس وفيلي ث يوس .وتناول
آ أ وذيس خوذة وترسا حيامن ن ف ِ دت منه السهام ،و آ أ خذ يف لك
يد رحما عظ امي .غري آ أ ن مِ النثيوس راعي املع ز تسل ل ا ىل
خزانة السالح ،و آ أ نزل مهنا اثنيت عرشة خوذة وترسا ومثلها
من الرما ح .وملا رآ أ ى آ أ وذيس اخلطا ب يتسل حون ،اش تد
خوفه وقال لبنه :
255
" ا ن يف ا ل أ مر خيانة ،فقد تكون الفاعةل ا حدى النساء
،آ أ و قد ي كون اخلائن مِ النثيوس راعي امل ع ز " .
فقال تل اميخ " :ا ن اذلنب ذنيب اي آ أ يب ،فقد تركت ابب
الغرفة غري موث ق " .
مث آ أ برص عوس مِ النثيوس يتسل ل ا ىل الغرفة مرة اثنية ،
فتبعه ومعه ف يلثيوس .وهناكل قبضا عليه ،وقد آ أ خذ خوذة
اب حدى يديه وترسا اب ل أ خرى ،ف آ أ وثقاه من يديه ورجليه
وشد اه حبب ل ا ىل دعامئ السقف عاليا .
ورجع الكهام ا ىل الهبو ،وا ىل هناك هبطت آ أ ثينا يف هيئة
مِ ن ْ طور .ومل تتقدم ملعونة آ أ وذيس وابنه اختبارا لشجاعهتام ،
ب ل غ ري ت هيئهتا فغد ت سُ نون ُو ة وحطت عىل دِ عامة السق ف .
فصا ح آ أ غيالوس " :آ أ هيا ا ل أ صد قاء ،ا ن منطور قد
ذهب ،وختىل عن مساعد هتم .فال ن ُطلق رماحنا كيف ام اتفق ،
ب ل ليتقد م من ا س ت ة معا ،فلعل نا نتغل ب علهيم " .
مث آ أ طلقوا رماهحم ،ولكن آ أ ثينا حن هتا جانبا ،فاجته
آ أ حدها ا ىل آ أ حد ا ل أ عدة ،واجته آ خر ا ىل الباب ،واثلث ا ىل
احلائط .و آ أ ما آ أ وذيس وتل اميخ والراعيان فقد فتك
256
لك مهنم خبصمه ،مث آ أ عادوا ال كرة مرة بعد مرة .غري آ أ ن ل
آ أ مف مييذون جرح تل امخ ،وك ش ط ستس يفوس كت ف عوس .
ول كن تل اميخ آ أ طاح آ أ مف مييذون ،وفتك راعي البقر ب ستس يفوس
قائال " :خذ هذه عوضا من ك ُ راع الثور اليت قد مهتا لضيفنا "
.
واكنت آ أ ثينا طيةل هذه املدة ت ُل وِ ح ب رتسها ال رب اق احلايم
من ع ِل ،فتسا قط اخلط ا ب كام تتسا قط العصافري وقد بد دهتا
ومز قهتا النسور .
وتوس ل ل ِ ي ُ وذ الاكهن ا ىل آ أ وذيس قائال " :مل آ أ صنع يف
هذا البيت رشا .آ أ ردت آ أ ن اصد ال خرين عن الرش فمل
يرتدعوا .ومل آ أ ق ُ ْم ا ل ابلصالة عىل املذحب ،فآ أ ب ِق ا ذن عيل ول
تقتلين " .
فآ أ جابه آ أ وذيس " :ا ن قيامك ابلصالة عىل مذحب هؤلء
الرجال ِ
اكف دلينونتك ،مث ا نك كنت تبغي الزواج ابمرآ أ يت " .
قال هذا وقتهل ،ول كنه عفا عن ف مييوس املنشد ،ل أ ن
غناءه بني اخلط ا ب يف الهبو اكن عن ك ُ ره ل عن رىض ،وعفا
آ أ يضا عن ميذون ادلاعية و آ أ مرهام ابخلروج ا ىل فِ ناء القرص ،
جفلسا هناك متش ب ثني ابملذحب ،متلف ِ تني
257
يف ُر عب ا ىل لك ِ انحية ،ل أ هن ام اكان ل يزالان خيش يان املوت .
وه كذا انهتت مذحبة اخلط ا ب ،فآ أ مر آ أ وذيس بتنظيف
الهبو ،وغس ل املقاعد واملناضد ابملاء ،وتطهريها ابلكربيت .
وملا مت ذ كل آ أ شار ا ىل اوريلكيا احلاضنة آ أ ن تذهب ا ىل بنلوب
وتعلمها آ أ ن زوهجا قد عاد حقا .
258
23
خامتة املطاف
259
وتوقظيين من نوم هينء مل ت ُذ ْق مثهل عيناي ،منذ اليوم اذلي
آ أ حبر فيه آ أ وذيس ا ىل طروادة ،آ أ بغض املدن ا يل ؟ فاذهيب
وادخيل غرفة النساء ! ولو آ أ ن واحدة غريك من الوصيفات يه
اليت آ أ يقظتين عىل هذا الوجه ،لطردهتا و آ أ وسعهتا توبيخا .
ول كن س ن ك املتقد ِ مة تشفع ِ
كل " .
فقالت احلاضنة " :حا شا آ أ ن آ أ هزآ أ ِ
بك اي بنييت العزيزة .
فا ن آ أ وذيس هنا حقا .وهو ذكل الغريب اذلي عومل هبذا
الازدراء .واكن تل اميخ يعمل من هو منذ زمن طويل ،وقد آ أ خف
ا ل أ مر ليك ي مت ك نا من الانتقام من اخلط اب " .
فابهتجت بنلوب ،ووثبت من فرا شها ووقعت عىل عنق
املرآ أ ة العجوز ويه تبيك وتقول ْ " :
اص ُد قيين اخلرب ال ن ،ه ل
رجع حقا ا ىل بيته ،وفتك ابخلط اب وهو واحد فرد ومه ك ُ رث ؟
"
فآ أ جابت احلاضنة " :لست آ أ دري كيف حصل ذ كل ،
ول كنين مسعت آ أ نني الرجال الهال كني .وقد لزمنا حنن النساء
غرفتنا حُ يارى ا ىل آ أ ن انداين ودلك .عندئذ رآ أ يت آ أ وذيس
وا قفا بني املوىت ،وقد سقطوا الواحد فوق ال خر .ولو رآ أ ي ت ِ ه
،وهو آ أ ش به ما ي كون ابلل يث ،وقد ختضب ابدلماء وآ اثر
املعركة ،لمت ل أ قلبك فرحا .وها آ أ ن اخلط اب
260
قد ُر مكوا ال ن ُر اكما واحدا .و آ أ ما هو فا نه يطه ر بيته
ابلكربيت .ول كن تعايل واجعيل حد ا مجليع ا ل أ حزان اليت حتم لهتا
طويال ،فقد حتققت آ ماكل ،ورجع زوجك ،واث آ أ ر لنفسه
ثآ أ را اكمال من هؤلء الرجال ا ل أ رشار " .
فقالت بنلوب " :ل يس تخفن ك الفرح آ أ يهتا احلاضنة
العزيزة .ا ِ
نك تعلمني آ أ ي رسور آ أ جده بلقياه ،ول كن هذا ليس
آ أ وذيس ،بل ا ن آ أ حد ال آ لهة هو اذلي فتك ابخلط اب لغضبه
علهيم لوقاحهتم وسوء علهم ،و آ أ ما آ أ وذيس نفسه فقد آ أ صبح
من الهال كني " .
عندئذ تلك مت احلاضنة وقالت " :ما هذا اذلي تقولني ؟
آ أ تزعني آ أ ن زوجك لن يرجع يف حني آ أ نه ال ن يف م زنهل ؟ حقا
ا نك بطيئة ال ميان .فهاك ال ن هذه العالمة اليت رآ أ يهتا بعيين
:ا ن ن د ب اجلرح اذلي آ أ حدثه انب اخلزنير الرب ي فيه منذ آ أ مد
طويل قد رآ أ ي ت ُ ه و آ أ ان آ أ غسل قدميه .وقد مه مْ ت آ أ ن آ ُ علمك
اب ل أ مر ،ول كنه ،ل ِ فرط حمكته ،جعل يده عىل مفي ومنعين من
اللكم " .
فآ أ جابهتا بنلوب " :يعرس عليك آ أ ن تدريك مقاصد
ا ل أ راب ب .ا ل آ أ ين ذاهبة ا ىل ودلي ،فآ أ رى آ أ ولئك اخلط اب
261
آ أ مواات ،و آ أ رى الرجل اذلي فتك هب م " .
وذهبت بنلوب جفلست عند الغسق قرب اجلدار املقابل
،وجلس آ أ وذيس عند آ أ حد ا ل أ عدة مُ طرقا منتظرا آ أ ن ت ُبا دِ ر ه ُ
امرآ أ ته ابللكم .و آ أ ما يه فقد اش تد ارتباكها ،و خ ُ ي ل ا لهيا
اترة آ أ هنا تعرفه ،واترة آ ُ خرى تن كره للحاةل السيئة اليت اكن
علهيا ،فقد آ أ ىب آ أ ن تضع النساء عليه آ أ ثوااب جديدة .
وقال تل اميخ " :آ أ م اه اي آ أ م السوء ! كيف جتلسني بعيدة
عن آ أ يب ول تلكم ينه ؟ ل شك آ أ ن قلبك آ أ قىس من الصخر " .
ول كن آ أ وذيس قال " :دعها اي تل اميخ ،فا ن آ أ م ك س تعمل
احلقيقة عندما حيني الوقت .و آ أ ما ال ن فلنعمل عىل ا خفاء معامل
هذه اجملزرة ا ىل حني ،حىت ل يسع آ أ صد قاء هؤلء الرجال ا ىل
الانتقام منا .وذلا ابعثوا يف القرص آ أ صوات املوس يق ،و آ أ ق ميوا
الرق ص يف الهبو ،حىت يقول الناس " :ا نه ِز فاف املل كة ،
وا ل أ فراح ت ُقام يف القرص " .ول يعرفون من احلقيقة شيئا " .
وعىل هذا رضب املنشد آ أ واتره ،ورقصت النساء .
وذهب آ ُ وذيس آ أ ثناء ذكل ا ىل امحلام فاغتس ل وارتدى لبا سا
262
هبي ا ،مث عاد ا ىل الهبو وقد صري ته آ أ ثينا مجيال فتيا ؛ جفلس كام
اكن سابقا مقابل امرآ أ ته وقال :
" حقا آ أ يهتا الس يدة ا ن ا ل أ رابب جعلتك آ أ قىس النساء
قلبا ،فهل اكن لمرآ أ ة سواك آ أ ن جتلس بعيدا عن زوهجا ،وقد
عاد ا لهيا بعد عرشين عاما ؟ "
وملا رآ ها ل تزال عىل الشك عاد ا ىل اللكم وقال " :
امسعي هذا اي بنلوب ،واعلمي آ أ ين آ أ وذيس حقا ،ول آ أ حد
سواه .فا ين مُ ع ْ ل ِ مك اب ل هيئة اليت علهيا فرايش .اكنت جشرة
زيتون قد نبتت يف الفناء ادلاخيل ،وغدا لها جذع ك أ نه العمود
الضخم ،حفول هذه الشجرة بنيت غرفيت وسقفهتا ،وجعلت لها
ا ل أ بواب .مث شذ بت آ أ غصان الزيتونة وجعلت مهنا عودا
للرسير ،مث آ أ خذت يف صنع الرسير نفسه ،مبتدئا من العمود
،حىت آ أ هنيته ،بعد آ أ ن رص عته ابذلهب والفضة والعاج .
وشد دْ ت يف داخهل ق ِ د ة من جدل ثور ُص بغت ابللون ا ل أ رجواين
.ولست آ أ عمل هل الرسير ما يزال اثبتا يف ماكنه ،آ أ و آ أ زاحه
آ أ حد .واحلق آ أ ن ا زاحته ليست اب ل أ مر اليسري .ول كن هذه يه
ا ل هيئة اليت اكن علهيا يف سالف ا ل أ ايم " .
عندها حتق قت بنلوب آ أ ن ه زوهجا ،فركضت اليه
263
وطو قته بذراعهيا ،وقب لته قائةل " :عفوا اي مولي ا ذا كنت
قد آ أ بط آ أ ت يف التعر ف ا ليك ،فا ن للرجال ماكيد كث رية ،
وكنت آ أ خىش دا مئا آ أ ن خيدعين آ أ حدمه ،ف زيمع آ أ نه زويج .و آ أ ما
ال ن فاين آ أ عمل آ أ نك زويج ول آ أ حد سواه " .
وب كيا وه ام متعانقان وتبادل ال ق ُ ب ُ الت .وه كذا عاد
آ أ وذيس ا ىل بي ت ِ ه بعد عرشين عاما .
264
24
ا ن تصار آ أ وذيس
265
هلكوا يف حصبته بيد آ أ غِ س توس .
وعندها قال آ أ خيل ل أ غاممنون " :حقا اي ابن آ أ ت ْ ريذ ا ن
الناس قد اعتادوا القول ا ن زفس آ ثرك حببه عىل لك ِ العاملني ،
فآ أ م رك عىل هذا العدد الكبري من الرجال البسالء يف آ أ رض
طروادة .ومع ذ كل فقد آ أ اتك املوت عىل آ أ ش نع وجه .واكن
ا ل أ ْو ىل كل لو قضيت حنبك آ أ مام آ أ سوار طروادة ،ا ذن ل أ قام
كل ال غريق مد فنا عظ امي ! "
فآ أ جابه آ أ غاممنون " :لقد كنت سعيد احلظ اي ابن فيال
ا ذ مت بعيدا عن آ أ رض ال غريق .فقد ق ُ تل ال كثريون من
ب ُسالء الطرواديني وال غريق من حوكل .و آ أ نت طرحي عىل
ا ل أ رض ان س يا لك صناعة احلرب ،والعجاج خيمي فوقك .وقد
حاربنا طيةل ذكل الهنار بال انقطاع ،حىت و ق ف ِز فس القتال
اب عصار شديد .حفملناك عندئذ وعدان بك ا ىل السفن ،ومددان
جثتك عىل فراش ،وغسلناها ابملاء ،مث دهن اها ابلطيب .وفامي
حنن عاكفون عليك نب كيك ،آ أ تت آ أ مك مع بنات البحر
اخلادلا ت ،فسمعنا لهن صوات خميفا اش تد هل ذعران .فهربنا
ا ىل السفن ،ول كن نسطور الش يخ احل كمي صد ان عن ذكل قائال
" :آ أ ق ميوا هنا اي آ أ بناء ال غريق فا ن آ ُ م آ أ خيل آ تية مع بنات
البحر لتندب ودلها " .
فزايل نا عند ذكل اخلوف ،ووقفت حوكل بنات
266
البحر يندبنك ،وجس ي ْ ن ك بكساء ال آ لهة .و آ أ نشدت عرائس
الفن ِ التسع مراثيك ،وجتاوبن بآ أ صوا هتن العذبة حىت مل يبق
رجل من ال غريق ا ل بىك متآ أ ثرا من ا نشادهن الشجي .وقد
ب كيناك س بع عرشة ليةل وس بعة عرش هنارا ،اختلط فهيا
ال آ لهة ابلبرش ،حىت اكن اليوم الثامن عرش ،فآ أ وقدان انرا
عظ مية و آ أ حرقنا فهيا جثتك .وذحبنا ال كثري من الغمن والث ريان .
وكنت آ أ نت ملق عىل ُر اكم احلطب يف كساء ال آ لهة حمن طا
ابل كثري من الطيب والعسل .وطاف الزع امء ابلراكم املش تعل
شايك السالح ،وصعد حنيب اجليش ا ىل الس امء .وملا آ أ ىت
الل هب عىل جثتك ،مجعنا عظامك البيض معا ،وجعلناها يف
قارورة من اذلهب آ أ حرضهتا آ أ مك معها ،وقد آ أ عطاها ا ايها
ذيونيس ،ويه من صنع ا هل النار .و مُ زجت عظام فطرقل
بعظامك .واكنت عظام آ أ نطيلوخ ابن نسطور بقرهبا ،ول كهنا
اكنت منفصةل عهنا ،وذكل ل أ نك كنت ت ْؤ ثره مبود تك عىل حصبك
مجيعا بعد فطرقل .وهناك عىل خصرة مرتفعة قرب هِ ال س بون ،
آ أ قام ال غريق لمك آ أ نمت الثالثة قربا عظامي حىت يراه لك من جيتاز
ذكل املاكن عىل مدى ا ل أ زمان .
و آ أ حرضت آ ُ مك اجلوائز ،ليك يتبارى يف سبيل نيلها
آ أ بناء ال غريق يف الرك ض واملالمكة ،وما ا ىل ذ كل .
267
لقد شهدتُ مآ مت ال كثريين ،ور آ أ يت الفتيان ي ُشد ون
حِ قاءمه للتباري ا كراما ل أ حد امللوك يف م آ أ مته ،ول كين ما
شهدت قط م آ أ متا يش به م آ أ متك يف س ناء اجلوائز اليت جاءت هبا
ثيتيس ذات القدمني الفض يتني ووضعهتا آ أ مام زعامء اجليش .
ول ريب يف آ أ نك كنت عزيزا عىل ال آ لهة ،و آ أ ن امسك س يخدل
ا ىل ا ل أ بد .و آ أ م ا آ أ ان فقد مت ميتة شنيعة بيد آ أ غيس توس ويد
امرآ أ يت اللعينة " .
ه كذا اكان يتخا طبان ،عندما اق رتبت مهنام آ أ رواح
اخلط اب ،يف مجع كث ري العدد .و د ُ هِ ش البطالن لرؤيهتم وعرف
آ أ غاممنون آ أ مف مييذون من بيهنم ،فقد آ أ ضا فه ضيا فة صديق يف ما
سل ف من ا ل أ ايم ،وخا طبه قائال " :خرب ين اي آ أ مف مييذون ،
كيف قدممت ا لينا عىل هذه احلاةل ،ولك مك زعمي يف قومه ،و آ أ نمت
متقاربون س نا .ه ل رضبمك فوس يذون و آ أ نمت مبحرون عىل ظهر
سفينة ،بآ أ ن آ أ اثر يف وهجمك عواص ف الراي ح وا ل أ مواج ا لعظ مية ؟
آ أ م ه ل وقعمت يف قبضة عدو يف ال رب ؟ آ أ رجو آ أ ن خت ربين فآ أ نت
صديقي ابلوراثة .آ أ ل تذكر جمييئ ا ىل قرص آ أ بيك مع آ أ يخ مانيال
،لنحمل آ أ وذيس عىل مرافقتنا حملاربة طروادة ؟
فآ أ جابه آ أ مف مييذون " :ا نين آ أ ذكر لك هذا ،آ أ ما آ أ مر
م يتتنا فآ أ ذكره كل عىل وهجه الصحيح .لقد قصدان ا ىل
268
الزواج من امرآ أ ة آ أ وذيس ،وحنن نظن آ أ نه اكن من الهال كني .
ول كهنا مل ُجت ب واحدا منا ا ىل طلبه ،ب ل دب رت حيةل ختدعنا
هبا .فقد نصبت ن ْو ل عظامي وقالت " :آ أ هملوين ريامث آ أ حوك
كفنا ل ل ِ ريت وادل زويج .لئال توج ه ا يل بنات ال غريق لوما .
وعندما آ أ مت حياكته سآ أ تزوج الرجل اذلي آ أ ختاره ! " وملا
آ أ جبناها ا ىل طلهبا خدع ت ْ نا بآ أ ن اكنت حتوك ال كفن يف الهنار ،
ول كهنا يف الليل اكنت تنقض لك ما حتوكه .وظلت مت ك ُ ر بنا عىل
هذا الوجه ثال ث س نوا ت ،حىت كشفنا آ أ مرها يف الس نة
الرابعة .ول كن القدر املشؤوم آ أ عاد آ أ وذيس ا ىل بيته بعد ذكل
،فدب ر مع ابنه تل اميخ وعوس راعي اخلنازير آ أ مر هالكنا .فقد
آ أ شار عىل املل كة بنلوب آ أ ن ُحت ِرض قوسه ،وتقول ا ن اذلي ي زنع
يف القوس ي كون لها زوجا .فتناولنا القوس ول كن مل يس تطع
واحد منا آ أ ن يزنع فهيا .فل ام آ أ خذها آ أ وذيس بيده نزع فهيا عىل
هِ ينته ،مث وقف عىل عتبة القاعة ،وجعل يرسل السهام علينا
.فبد آ أ بقتل آ أ نطينوس مث عك ف عىل ال خرين يفتك هب م ،حىت
مل يب ِق منا عىل آ أ حد .ول تزال آ أ جسادان ال ن طرحية يف هبوه ل
يآ أ به لها آ أ حد .وليس هناك من يندبنا آ أ و هيمت بدفننا " .
فقال آ أ غاممنون عندئذ " :ما آ أ سعد حظك اي آ أ وذيس ،
269
وما آ أ شد ما انتقمت لزوجك ! ول ريب يف آ أ ن لها قلبا طيبا
خملصا .ولن تزول شهرهتا بني الناس .آ أ ما ك ـ لي ـ ت ِ مْ ن ْس رتا
ف ت ُ ذكر ابلرش ا ىل ا ل أ بد ل أ هنا قتلت زوهجا " .
هذا ما اكن يتحدث به هؤلء يف مقر املوىت ،و آ أ ما
آ أ وذيس فقد خرج من قرصه ا ىل مس كن لريت يف احلقول .هناك
اكن الش يخ يقمي ،وتقوم خبدمته امرآ أ ة من صقل ية .ولكم
آ أ وذيس ودله والراعيني قائال " :ادخلوا آ أ نمت املزنل ،وهي ئوا
طعاما من حل م اخل زنير ،ولي كن آ أ شه ى ما تس تطيعون .
و آ أ ذهب آ أ ان ا ىل وادلي و آ أ رى ه ل يعرفين .مفن ا حمل متل آ أ ن يكون
قد نسيين بعد آ أ ن طالت غيبيت " .
قال آ أ وذيس هذا ،و آ أ ودع الرجال سالحه ليحفظوه هل .
مث دخلوا امل زنل ،وذهب آ أ وذيس ا ىل البس تان يف طلب آ أ بيه ،
فمل جيد هناك ذوليوس اذلي اكن قي ام عند لريت ،ومل جيد آ أ حدا
من خدمه ،ول من آ أ ولده ،فقد ذهبوا مجيعا ليصنعوا للحقل
س ياجا .وقد وجد الش يخ وحده مهنماك يف احلفر حول جشرة .
واكن عليه ق باء قذر ل ُ ف ِ ق ابخليوط ،وعىل لك ِر جل من رجليه
لفافة من جدل ثور لتحمهيا من الشوك ،ويف يديه ق ُ ف از ان ،
وعىل رآ أ سه قلنسوة من جدل لكب .وملا آ أ برصه آ أ وذيس ور آ أ ى ما
فعلت به الس نون وا ل أ حزان ،وقف حتت جشرة
270
ُمك ْرث ى وجعل ينتحب .مث آ أ قام ه ُ نهية يقل ب ا ل أ مور يف نفسه ،
ويتساءل آ أ يذهب ا ىل آ أ بيه ويقب هل ويعانقه ،ويعر فه بنفسه ،
وخيربه بعودته ،آ أ م يس تفهمه آ أ ول ،فيعمل منه لك ما يرغب يف
معرفته .فرآ أ ى ا ل أ وىل آ أ ن يس تفهمه آ أ ول .وعىل هذا دان من
الش يخ ،واكن هذا ل يزال حيفر حول الشجرة مطرقا رآ أ سه
ا ىل ا ل أ رض .فقال آ أ وذيس " :حقا آ أ هيا الش يخ ا ن ادلراية ل
ت ع وِ ُز ك يف قيامك عىل هذا البس تان ،ول ريب يف آ أ ن جشرة
من التني آ أ و العنب آ أ و الزيتون آ أ و المك رثى ل مي كن آ أ ن ت ُفلح
وت رتعرع ا ذا آ أ عوز هتا العناية .غ ري آ أ ين آ أ ود آ أ ن آ أ قول شيئا ،
فال ي ُ غضبك سامعه .ا ن جن تك ول ريب ل تعوزها العناية ،
ول كنك آ أ نت نفسك يف حاةل سي ئة من ال هامل .فقد آ أ انخ بك
ال ك ِ رب ،وترتدي ثيااب رث ة قذرة ،ولست مع ذكل ابلك ِس ل
حىت يعامكل س ي دك مثل هذه املعامةل .ولست تش به العبد يف
وجه من الوجوه ،فكل من وهجك وقامتك ما جيعكل خليقا ب آ أ ن
ت كون ملاك .وجيدر مبن اكن مثكل آ أ ن يغتسل وجيلس لطعامه
وينام يف فراش لني .وهذا حق من حقوق الش يخوخة .ول كن
آ أ علمين ال ن من هو س يدك ؟ وملن هذا البس تان اذلي تتعه ده
بعنايتك ؟ وقل يل آ أ يضا ه ل هذه ا ل أ رض اليت قدم ُهت ا يه
ا يثاكة حقا ؟
271
فقد قال يل ذكل رجل لقيته يف طريقي ا ىل هذا املاكن ،ول كين
خ ِ لته انق ص ال دراك ،ل أ نه مل يصغ ِ ا ىل الك يم ،ومل يطلعين عىل
امر صديق يل ،اكن قد نزل يب ضيفا ،يقمي يف هذا املاكن
يح هو آ أ م ميت .وقد آ أ ضفت هذا الصديق يف م زنيل قبل آأ ل
حيب هل .وقال ا نه ابن زمن طويل ،ومل آ أ حب رجال غريبا ِ
لريت وانه قادم من آ أ رض ا يثاكة .وقد آ أ عطيته من الهدااي
س بع وزانت من اذلهب ،وطا سا للمزج من الفضة نقشت عليه
ا ل أ زهار ،واثين عرش معطفا مل ت ُغسل من قبل ،ومثلها من
ال ب ُ ُس ط و آ أ ربعة آ أ ثوا ب ،ومثلها من ا ل أ قبية .و آ أ عطيته آ أ يضا
آ أ ربع نساء حسان املنظر ُص ن ُ ع ا ل أ يدي " .
فآ أ جابه لريت وهو يب يك " :كن عىل يقني آ أ هيا الغريب
آ أ نك قدمت ا ل أ رض اليت تسآ أ ل عهنا ،ول كهنا ال ن يف حوزة
رجال آ أ رشار ظاملني .و آ أ ما ابن لريت ،فا نك لو وجدته هنا
لغمرك بعطائه ،و آ أ هدى ا ليك مث ل ما آ أ هديت ا ليه .ول كن
اص ُد قين اخل رب ه ل مر عىل ا ضا فتك هل زمن طويل ؟ فهو حقا
ودلي آ أ ان الرجل التعس .وهو ،ول ريب ،ا ما قد غرق يف
البحر فذهب طعاما ل ل أ س امك ،وا ما قد هكل يف الرب فريسة
للوحوش وجوارح الط ري ،
272
ومل ي مت كن آ أ بوه ول آ أ مه ،ول زوجته بنلوب آ أ حمك النساء من
ندبه ومحهل ا ىل مدفنه .ول كن ق ل يل من آ أ نت و آ أ ين مدينتك
ومن مه ذووك .وهل آ أ قل تك سف ينتك ا ىل هنا ومعك حصبك ،
آ أ و قدمت يف جتارة عىل سفينة غ ريك ؟ " فقال آ أ وذيس " :
سآ أ توىخ الصدق يف ا جابتك عن لك هذا ،ا ين من مدينة
آ أ ليباس ،ووادلي هو آ أ فيداس ،وامسي ا فريت ،وقدويم ا ىل
هنا من صقلية ع ل من آ أ ع امل ال آ لهة وليس مبح ض ا راديت .وقد
رست سفينيت قريبا من هنا .و آ أ ما آ أ وذيس فقد انقىض عىل
تركه ا ايي مخس س نوات .ومع هذا فقد ابرحين وسافر عىل
الطالع ا مل ميون ،فابهتجنا ،وتوق عنا آ أ ن تكون سفرته مآ أ مونة
و آ أ ن نظ ل صديقني يف ال يت من ا ل أ ايم " .
قال آ أ وذيس هذا ،وملا مسع آ أ بوه الش يخ هذا اللكم حز
ا ل أ مل فؤاده ،و آ أ خذ الرتاب بيديه وحثاه عىل شعر رآ أ سه
ا ل أ بي ض .وملا رآ أ ى آ أ وذيس ذ كل اختلج قلبه يف صدره ،واكد
يب يك ملشاهدته آ أ ابه عىل تكل احلال .فطو قه عندئذ بذراعيه
وقب هل ،وقال " :ها آ أ ان اي آ أ يب ودلك اذلي تب كيه .ها آ أ ان ذا
آ أ عود ا ىل بدلي بعد غياب عرشين عاما .وقد انتقمت من
آ أ ولئك اذلين اكنوا يسعون للزواج ابمرآ أ يت ،فقتلهتم مجيعا " .
273
فآ أ جابه الش يخ " :ا ذا كنت آ أ نت ابين آ أ وذيس نفسه
فاذكر يل عالمة بي نة آ أ عرفك هبا " .
فقال آ أ وذيس " :دونك هذا الن د ب يف خفذي حيث
جرحين اخلزنير ال ِرب ي يف جبل ف رانس .فقد آ أ رسلتين آ أ نت و آ أ يم
ا ىل جد ي آ أ وتوليخ ،جف ُ رحتُ يف الصيد .وهاك عالمة آ أ خرى ،
فا ين خمربك ما يه ا ل أ جشار اليت آ أ عطيتين من آ أ جشار البس تان ف امي
مىض من الزمان ،حي امن كنتُ صبي ا آ أ س ري معك مس تفهام عن
آ أ س امهئا .فقد آ أ عطيتين ثال ث عرشة من جشر ال ُمك رثى ،وعرشا
من جشر التفاح ،و آ أ ربعني من جش ر التني .ووعدتين خبمسني من
جشر ال كرمة حيامن حيني مومس العنب " .خففق قلب الش يخ بني
ج نبيه ،وختاذلت رجاله ،فقد عرف صدق تكل العالمات ،
فآ أ لق ذراعيه حول ودله ،ومض ه هذا ا ليه ،فانتعشت روحه
وقال " :لقد آ أ يقنت ال ن آ أ ن يف الس امء آ أ راباب ا ذ علمت آ أ ن
آ أ ولئك اخلط اب ا ل أ رشار قد عوقبوا بسوء علهم .ول كين آ أ خىش
آ أ ن تث ري قبا ئ ِ ل ُ هم آ أ ه ل ا يثاكة واجلزر اجملاورة علينا " .فقال
آ أ وذيس " :ل تقلق نفسك هبذه ا ل أ مور اي آ أ يب ،بل دعنا
نذهب ا ىل البيت .فهناك تل اميخ وعوس وراعي البقر وقد
هي آ أ وا لنا الطعام " .
فدخال البيت فآ أ لفيا تل اميخ ور فيقيه يقطعون اللحم للغداء
،
274
وميزجون النبيذ .وعندئذ غسلت املرآ أ ة الصقلي ة لريت ،
ودهنته ابلزيت ،وكس ته معطفا زاهيا .ووقفت آ أ ثينا ا ىل
جانبه وصري ته آ أ طول قامة و آ أ صلب عودا .فدهش ابنه عندما
رآ ه ،وهو عىل هذه احلاةل من امجلال ،شبهيا اب ل أ رابب اذلين
يعيشون آ أ بد ادلهر ،فلك مه قائال :
" ل ريب يف آ أ ن آ أ حد ا ل أ رابب اخلادلين قد ص ري ك اي آ أ يب
مجيل املنظر طويل القامة ! "
مسفآ أ جاب لريت " :و دِ دْ ت لو شاء ال هل آ أ ن آ أ قف آ أ ِ
ا ىل جانبك ،و آ أ نت تث ِئ من اخلط اب كام كنتُ يف سالف ا ل أ ايم
حيامن اس توليت عىل مدينة نريكوس امجليةل ،ا ذن لفت كتُ
ابل كثريين مهنم برحمي و آ أ فعم قلبك رسورا " .
هذا ما اكان به يتحاداثن .وملا آ ُ عد الطعا م ُ جلسوا ا ليه
مجيعا .ودان الش يخ ذوليوس مع آ أ ولده قادمني من علهم ،ﻷ ن
املرآ أ ة الصقلي ة ،ويه آ أ م ا ل أ ولد ،فد دعهتم .وملا رآ أ وا
آ أ وذيس ،وقفوا ذاهلني ل ميلكون نطقا .فقال آ أ وذيس " :
ك ُ ف عن جعبك لهذا املشهد آ أ هيا الش يخ ،واجلس للطعام .
فقد ه ُ ئي طعامنا ،وانتظرانمك طويال " .
فركض اليه ذوليوس اب سطا لكتا يديه ،وقبض عىل يد
آ أ وذيس وجعل يقب ِ ل مِ ع ْ ص م ها ،وتلكم فقال " :ا ن
275
رسوران مبجيئك لعظمي ،ل أ ننا مل ن كن ننتظرك .ل ريب يف آ أ ن
عودتك من عل ا ل أ رابب .فل ْ تج ِر آ أ مورك مجيعها عىل خري ما
ترغب .ول ك ْن قل يل آ أ تعمل املل كة بنلوب مبجيئك آ أ م آ ُ رسل
ا لهيا رسول خي ربها ؟ "
فقال آ أ وذيس " :ا هنا عاملة اب ل أ مر " .وعندها جلس
الش يخ ا ىل الطعام ،وجلس آ أ بناؤه آ أ يضا بعد آ أ ن حي وا
آ أ وذيس .ويف غضون ذ كل انترش اخلرب يف املدينة آ أ ن اخلط اب
قد قتلوا ،و آ أ قبل آ أ قارب الرجال عىل بيت آ أ وذيس ابلعويل
وا ل أ نني ،ومحلوا جثث املوىت ود فنوها .و آ أ ما اذلين قدموا من
بالد آ أ خرى فقد محلوا جثث قتالمه ا ىل السفن لينقلوها ا ىل
مدافن آ ابهئم .وملا مت هذا مجيعه احتشدوا يف سوق املدينة ،
ووق ف فهيم آ أ وفيث ،وقد ا ش تد ح زنه عىل ودله آ أ نطينوس اذلي
قتهل آ أ وذيس قبل سائر اخلط اب ،وقف يف وسطهم وقال " :ل
ريب يف آ أ ن هذا الرجل قد آ أ نزل هبذه ا ل أ رض رشا عظامي ،ا ذ
ا س تصحب كث ريين من الرفاق البسالء ا ىل طروادة ،فآ أ ضاعهم
مجيعا مع سفهنم .وقد عاد ال ن وقت ل آ أ مراء الشعب .وذكل
عار علينا ،ت ِص مُ نا به ا ل أ جيال القادمة ،ا ذا مل ننتقم من
هؤلء اذلين فتكوا بآ أ بنائنا وا خوتنا .حقا انين ل آ أ رغب يف
احلياة ،ا ذا بقي
276
ع ل كهذا بال انتقام .فتعالوا ا ذن ولنرسع لئال يركبوا البحر
وينجوا بآ أ نفسهم " .
قال آ أ وفيث هذا وهو يب يك .ورىث هل الناس مجيعا دلى
س امعهم الكمه .ول كن ميذون ادلاعية وق ف يف امجلع ،وتلكم
فقال " :آ أ صغوا ا يل اي رجال ا يثاكة ! ل ريب يف آ أ ن آ أ وذيس مل
يقم هبذه ا ل أ عامل من غري معونة ا ل أ رابب اخلادلين .وقد رآ أ يت
بعيين هاتني ،آ أ حد ا ل أ رابب وا قفا ا ىل جانب آ أ وذيس متخذا
شلك ا ل أ مري مِ نطور .فا ىل جانب آ أ وذيس وقف ا هل يشد آ أ زره
،ووقف ا هل آ خر بني اخلط اب ،يوقع هب م الاضطرا ب حىت
سقطوا " .
قال ميذون ادلاعية هذا ،ووق ف بعده آ أ لي ْرث س العر اف
العامل مبا اكن ومبا س ي كون ،وتلكم قائال " :ا ن حام قتمك اي
رجال ا يثاكة يه السبب يف لك ما وقع من آ أ حداث .فا نمك مل
تصغوا ا يل ول ا ىل منطور ،ومل تردعوا آ أ بناء مك عن سفاههتم .
فقد آ أ توا رشا عظ امي ،ا ذ جعلوا يهنبون آ أ موال رجل ابسل ،
وخيطبون ود زوجته ،ظنا مهنم آ أ نه لن يرجع .فهلم وا ال ن
و آ أ صغوا ا يل ليك ل ي ُ صيبمك من ا ل أ ذى آ أ سو آ أ مم ا آ أ صابمك " .
عندئذ هن ض بعضهم وذهبوا مرسعني ،واكن هؤلء مه
القسم ا ل أ عظم ،و آ أ ما البا قون فظل وا يف آ أ ماكهنم ومل
277
يآ أ هبوا لنصيحة ميذون والعر اف ،ب ل انقادوا ا ىل الكم آ أ وفيث
.فلبسوا سالهحم ومشوا حنو املدينة يقودمه آ أ وفيث .
عندها خا طبت آ أ ثينا زفس قائةل " :قل يل اي آ أ يب آ أ ي
مقصد ترس ه يف نفسك ،هل تريد آ أ ن تثور الفتنة آ أ و آ أ ن تقوم
الصداقة بني هذين الفريقني ؟ "
فآ أ جاهبا زفس " :مل تس توحضني عن هذه ا ل أ مور ؟ آ أ مل
ي كن قتل آ أ وذيس للخط اب يف قرصه من تدبريك ؟ فلي كن ما
تريدين .ولينت ه ِ ا ل أ مر بسالم ووفاق ،حىت حيال ف النجا ح
آ أ وذيس يف هذه ا ل أ رض ،ويعيش الناس من حوهل يف غ ِ بطة
وسالم " .
مث انطلقت آ أ ثينا ومي مت آ أ رض ايثاكة .وملا انهتى آ أ وذيس
ليذهب آ أ حدمك وير
ْ وحصبه من طعاهمم و رشاهبم قال املكل " :
هل هؤلء الرجال قريبون ؟ "
خفرج ابن ذوليوس .وملا وقف عىل عتبة الباب رآ مه
يق رتبون ،فصا ح قائال " :لقد صاروا عىل مقربة منا ،
فلنعج ل يف التسل ح لك التعجيل " .
فتسل حوا .واكن مع آ أ وذيس تل اميخ وعوس وراعي البقر .
ووق ف معه آ أ يضا س تة من آ أ بناء ذوليوس ،ووق ف كذ كل
الش يخان ل ريت وذوليوس عىل تقد همام يف الس ن واش تعال
278
رآ أ س هيام شيبا .وملا خرجوا من امل زنل اق رتبت آ أ ثينا متخذة شلك
ا ل أ مري منطور وصوته .فلام رآ ها آ أ وذيس ابهتج قلبه ،وخا طب
تل اميخ قائال " :ا ين آ أ عرفك اي بين جيدا ،و آ أ عرف آ أ نك
تتجم ل ابلشجاعة ،ول تآ أ يت ما يشني بيت آ ابئك اذلين
ا ش هتروا يف البالد عىل ادلوام يف الشجاعة والنجدة " .
فآ أ جا ب تل اميخ " :س تخرب هذا ا ل أ مر بنفسك ا ذا شئت
".
فابهتج قلب لريت وقال " :ما آ أ سعد هذا اليوم اذلي
يتبارى فيه ابين وحفيدي يف البساةل واملروءة ! " .
مث دنت آ أ ثينا من الش يخ ،وقالت " :آ أ د ع ُ اي لريت آ أ ول
ل أ ثينا ولزفس آ أ يب البرش مث آ أ ط ل ِ ق رحمك " .
قالت هذا ،وبثت يف صدره قوة عظ مية .فآ أ طلق رحمه
بعد آ أ ن دعا فرضب آ أ وفيث واخرتق خوذته ،فوقع عىل ا ل أ رض
قتيال .مث انقض آ أ وذيس وابنه عىل رجال ايثاكة ابلس يوف
والرماح املزدوجة ا ل أ س نة .واكدوا يفت كون هب م مجيعا ،ول كن
آ أ ثينا صاحت عاليا وقالت :
" كف وا عن القتال اي رجال ايثاكة فا نه ل شديد عليمك " .
279
فا ش تد فزع الرجال دلى س امعهم صوهتا ،وطرحوا
آ أ سلحهتم عىل ا ل أ رض ،ولذوا ابلهرب ا ىل املدينة لينجوا
بآ أ نفسهم .وملا آ أ راد آ أ وذيس اللحاق هبم ،آ أ رسل زفس صاعقة
من السامء فوقعت عند قد يم آ أ ثينا ،فصاحت هذه قائةل " :
ك ُ ف عن القتال اي ابن لريت ليك ل تث ري حنق زفس " .
ف كف آ أ وذيس عن القتال ،و آ أ ح ل زفس و آ أ ثينا السالم
بني املكل و آ أ ه ل ا يثاكة .
280
فهرس ا لأ عالم
آ أ ثينا -ا لهة الفكر عند ال غريق ،ابنة زفس .
آ أ رطميس -احدى ا لهات امليثيولوجية ال غريقية ،تقابلها دايان
الرومانية ،ويه ا لهة الغاابت والصيد .
آ أ رغوس -احدى املدن يف ج نوب بالد ال غريق .
ارايدنة -بنت مينوس مكل كريت ،اختطفها ثيسوس ( .انظر
ثيسوس ) .
اريبوس -امس تطلقه ا ل أ ساطري عىل ا ل أ قطار املظلمة اليت متتد
حتت ا ل أ رض فوق اجلحمي .
اريثوسا -امس لينبوع تزمع ا ل أ ساطري انه اكن يف ا ل أ صل حورية
ووصيفة ل أ رطميس ا لهة الصيد ،حفولهتا هذه الالهة ا ىل ينبوع لتنقذها
من احد ا ل آلهة .
اس بارطة -احدى املدن ال غريقية القدمية .لها ش آ أ ن يف
التارخي .
281
استيكس -آ أ حد اهنار اجلحمي .اكن من عادة آ آلهة ا ل أ ساطري آ أ ن
حيلفوا هبذا الهنر ،وحلفهم هذا ل رجوع فيه .وا ذا اس تحم آ أ حد يف
هذا الهنر ل ميس ه رض من سالح آ أ و غريه .وقد غطست ثيتيس آ أ م
آ أ خيل ودلها يف هذا الهنر ممسكة به من عقبه ،فاكن املوضع الوحيد
اذلي آ أ صابه فيه جرح فامي بعد ف آ أ ودى حبياته .
آ أ طلس -مكل موريتانيا ( آ أ فريقية الشاملية ) يف ا ل أ ساطري
القدمية وابن زفس .غضب عليه فريسا البطل ال غريقي لرفضه تضييفه
( حفوهل ا ىل جبل عال ) .
آ أ غاممنون -ابن آ أ تريذ وآ أ خو مانيال ،مكل مسينا وآ أ رغوس ،
وزعمي آ أ بطال ال غريق اذلين حارصوا طروادة .قتلته امرآ أ ته
ك ـ لي ـ ت ِ ْم ن ْس رتا وصاحهبا اغيس توس دلى عودته من طروادة .
اغيس توس -آ أ حد آ أ حفاد آ أ تريذ مكل مسينا .قتل آ أ غاممنون بعد
آ أ ن آ أ غوى امرآ أ ته ك ـ لي ـ ت ِ ْم ن ْس رتا وقتهل اوريست بن آ أ غاممنون .
آ أ ف ُ ل ون -هو عند اليوانن والرومان ا هل الغيب والطب والشعر
والفنون والقطعان ،وا هل الهنار والشمس .
افرية -من آ أ قطار بالد ال غريق القدمية ا ىل جنوب من مقدونيا
.
282
افيوس -صانع احلصان اخلش يب اذلي اس تعان به خنبة من
آ أ بطال ال غريق عىل دخول طروادة .
افيالتس -ابن اولوس وآ أ خ اوتوس .
ا ف مييداي -ابنة ت ريوفس وحمبوبة فوس يذون اكنت حلظوهتا عنده
كثريا ما تسري عىل شاطئ البحر حتتضن مياهه ،خفطفها قرصان تراقيا
وآ أ خذوها ا ىل ج زيرة انكسوس يف ا ل أ رخبيل ،ف آ أ نقذها ودلاها .
الثيوبيون -ساكن آ أ عايل النيل عند القدماء .
الاوملب -امس جبال عدة يف بالد ال غريق ،آ أ شهرها يقع بني
مقدونيا وتساليا .تزمع ا ل أ ساطري آ أ هنا مقر ا ل آ لهة .
التفيانيون -ساكن جزر صغرية يف البحر الايوين اكنت ملج آ أ
لقرصان البحر .
الس يلكوب -مه عىل زمع ا ل أ ساطري جبابرة عظام هلم عني
واحدة يف جباههم .ويصنعون يف براكن اتنا يف ج زيرة صقلية الصواعق
لزفس ،ابرشاف ِه ْ
يفس ت ا هل النار واملعادن .
الس يكونيون -قوم من تراقيا يقطنون الساحل الغريب قرب
جبل اسامروس .
اسامروس -بدلة يف تراقيا تقع عىل جبل اسامروس .اكنت تنتج
آ أ خفر امخلور .ويه مدينة الس يكونيني .
الس اميريون -شعب قدمي اكن موطنه سواحل البحر ا ل أ سود .
283
آ أ لسينوس -زعت ا ل أ وذيسة آ أ نه مكل الفس يانيني ووادل
نوس ياك .وقد آ أ حسن وفادة آ أ وذيس النايج من الغرق .
الغرغون -رآ أ س الغرغون هو رآ أ س ميدوزا ،احدى آ أ خوات
ثالث ،تزمع ا ل أ ساطري آ أ هن ن آ أ عطني القدرة عىل حتويل لك من ينظر
الهين ا ىل جحر .وهذه القدرة تعزى ا ىل ميدوزا خاصة .
الفيس يانيون -قوم ورد ذكرمه يف الاوذيسة ،واكنوا يسكنون
ج زيرة اسكرياي اليت مل يعني موقعها .
المكينا -آ أ م هرقول آ أ شهر آ أ بطال ا ل أ ساطري ال غريقية .
اللسرتوغونيون -قوم متوحشون من آ لكي حلوم البرش .
املرامدة -من ساكن بالد ال غريق القدماء .ذكرت ال لياذة آ أ ن
آ أ خيل اكن ملاك علهيم بعد آ أ بيه فيال .
اوتوس -ابن اولوس .
اوجيجيا -ج زيرة يف البحر الايوين .
اوريفيل -ابن تليفوس مكل ميس يا ،واحد آ أ بطال حرب
طروادة اكن ذا جامل خارق .
اوريون -هو يف ا ل أ ساطري صياد جبار ذو جامل فائق حولته
آ أ رطميس ا له ة الصيد ا ىل برج يف السامء هو اجلوزاء .
اوذيس -او عوليس ،آ أ حد مشاهري ا ل أ بطال اذلين حا ربوا
طروادة .عرف ابحلمكة وسعة احليةل .والاوذيسة
284
يه حاكية عودته من تكل احلرب وما لقاه يف طريقه من ا ل أ هوال .
اوريست -ابن اغاممنون و ك ـ لي ـ ت ِ ْم ن ْس رتا .قتل امه وصاحهبا
اغيس توس انتقاما ل أ بيه .
اوس ا -جبل يف تساليا .
اليس يا ( -سهل اليس يا ) هو الفردوس عند اليوانن والرومان
،ومقر ا ل أ رواح الفاضةل .
ايبيا -آ أ و يوبيا احدى جزر الارخبيل .
ايذومني -مكل كريت وآ أ حد آ أ بطال حرب طروادة ،نذر بدون
ترو نذرا اضطره ا ىل التضحية بودله .
ايلوس -ابن هيبوتوس صديق ا ل آ لهة اكن يعيش يف ج زيرة
ايوليا الغ ربية العامئة .واكن ملاك عادل تقيا يعمل ساكهنا اس تعامل
الرشع ويتنب آ أ هلم عن الرايح .اعطاه زفس السلطة عىل الرايح .وع ُ د
فامي بعد ا لها للرحي يقبضها ويثريها كام يشاء .
ايلس -ابن مرمروس وحفيد ايسون وميداي .اكن يعيش يف
افرية ،وقد رفض آ أ ن يعطي آ أ وذيس مس ا لسهامه خوف انتقام ا ل آلهة .
آ أ ايس ( -ا ل أ صغر ) آ أ حد آ أ بطال ال غريق .انكرست به سف ينته
دلى عودته من طروادة ،وقام عىل خصر هيد د السامء ،فابتلعته
ا ل أ مواج .
285
آ أ ايس ( -ال أ كرب ) احد آ أ بطال ال غريق .انزع آ أ وذيس سالح اخيل
فغلبه اوذيس .
آ أ اي -امس جل زي رتني ورد ذكرهام يف ا ل أ ساطري ا حداهام رشقية
وا ل أ خرى غ ربية ،واكنت سريسة الساحرة تسكن يف الغ ربية مهنام .
بنلوب -زوجة آ أ وذيس وآ أ م تلاميخ .مثال الزوجة الوفية ،
اش هترت برفضها عروض خطاهبا الكث ريين يف غيبة زوهجا اليت دامت
ع رشين س نة .
تليفوس -مكل ميس يا ،جرحه آ أ خيل برحمه فمل يشف ا ل مبرمه
صنع من صد آ أ ذكل الرمح .
تلاميخ -ابن آ أ وذيس وبنلوب .اكن ل يزال طفال عندما سافر
آ أ بوه ا ىل حرب طروادة مث سافر ابحثا عن آ أ بيه تقوده آ أ ثينا يف هيئة
منطور .
تنتالوس -مكل ليداي ابن زفس من احلورية بلوتو .تزمع
ا ل أ ساطري آ أ نه عوقب يف اجلحمي ابلعقاب اذلي ذك رته ا ل أ وذيسة ،ل أ نه
آ أ ىت ذنبا ،اختلف الرواة يف حقيقته ،آ أ هان به ا ل آ لهة .
تنيدوس -ج زيرة عىل ساحل آ س يا الصغرى .
تيتيوس -عالق جبار اكن هل هيلك يف ج زيرة يوبيا .اكن ا ذا
افرتش ا ل أ رض غط جسمه مساحة تسعة
286
آ أ فدنة .ماتت آ أ مه حني وضعته لضخامة جسمه .قتهل آ أ بولون
وآ أ رطميس بسهاهمام .فقيض عليه يف اجلحمي آ أ ن تهنش آ أ فع كبده عىل
ادلوام .وقيل ان النسور ل تنفك تهنش آ أ حشاءه .
ثيبة -عامصة بيوثيا من بالد ال غريق القدمية .واكن آ أ هلها
جفاة خسفاء العقول .
ثيتيس -ا ل هة حب رية وزوجة فيال مكل ا يولكس اخلرايف ،وآ أ م
آ أ خيل البطل ال غريقي الشهري .
ث رييس يا -عر اف ثيبة .واكن آ أ هل هذه املدينة ي زنلونه مزنةل
ا ل آلهة .
ثيسوس -بطل ا غريقي ابن اجية مكل آ أ ثينا ،خشصية اترخيية
وخرافية معا .قام ب آ أ عامل جبارة تش به آ أ عامل هرقول .آ أ عطته ارايدنة
ابنة مينوس مكل كريت خيطا اسرتشد به يف التيه وقتل الوحش
مونطور واختطف ارايدنة مث جهرها .وحمك عليه يف اجلحمي آ أ ن يبق
جالسا ا ىل ا ل أ بد ل أ نه آ أ هان فوس يذون ا هل البحر .
جاسون -ابن ايسون مكل ايولكس ا حدى مدن تساليا .خرج
مهنا عىل رآ أ س مخسني من آ أ بطال ال غريق يف ا ل سفينة آ أ رغوس
لالستيالء عىل اجلزة اذلهبية .
287
خا ريبديس -خصرة كبرية عند مضيق مسينة مواهجة للصخرة
س يال اليت متث ل كوحش حبري خطر اكن البحارة القدماء خيشون عبور
هذا املضيق لتالطم ا ل أ مواج عند هاتني الصخ رتني واكنت السفن
الناجية من ا حدى الصخ رتني تتحطم يف الغالب عىل ا ل أ خرى .
خيوس -ج زيرة من ج زر ا ل أ رخبيل .
دلوس -احدى جزر الارخبيل .اكن فهيا معبد عظمي ل أ فلون .
وتزمع ا ل أ ساطري آ أ ن آ أ فلون وآ أ رطميس ودلا فهيا .
دودوان -احدى مدن افرية يف بالد ال غريق القدمية جنويب
مقدونيا .اكن فهيا هاتف ابلغيب يف هيلك لزفس بقرب آ أ مجة من
الس نداين .
دوليخيوم -ج زيرة يف البحر الايوين ،اكنت جزءا من مملكة
آ أ وذيس .
ذيفوب -آ أ حد آ أ بناء فرايم مكل طروادة ،وزوج هيالنة بعد
موت فا ريس ،قتهل مانيال عند سقوط طروادة .
ذيوميذ -مكل آ أ رغوس ،وآ أ حد آ أ بطال حرب طروادة .
ذيونيس -ابن زفس وا هل امخلر عند ال غريق .
راذمنثوس -ابن زفس ،وآ أ حد قضاة اجلحمي الثالثة .
زفس -الامس اليوانين جلوبيرت الروماين ا هل ا ل آلهة .
288
زاسنثوس -ج زيرة يف البحر الايوين ا ىل الغرب من البلوبونزي .
س يرثا -ا حدى جزر ا ل أ رخبيل ،اكن فهيا هيلك لفينوس
(افروديت) ا لهة امجلال .
سريسة -ساحرة خرافية شهرية ،لها ش آ أ ن كبري يف آ أ وذيسة
هومريوس اذلي زمع آ أ هنا آ أ خت الشمس .
سريوس -احدى جزر حبر اجية .آ أ رسلت ا لهيا ثيتيس ودلها
آ أ خيل ل تنجيه من املوت آ أ مام طروادة ،ل أ ن النبوءات زعت آ أ نه
مالقيه هناك .فتنك ر آ أ وذيس بثياب اتجر وذهب ا ىل اجل زيرة وعرض
يف مجةل آ أ متعته س يفا .واكن آ أ خيل ح ينئذ بني النساء لبسا مثل
ثياهبن ،فقبض البطل اذلي اكن ل يقمي لغري اجملد وزان عىل الس يف
حبامسة ،وتبع آ أ وذيس ا ىل طروادة حيث لىق حتفه .
سيسفوس -آ أ حد آ أ بناء ا يلوس ال هل املولك ابلرايح .اكن يهنب
املارة ويضع علهيم جحارة خضمة ف ميوتون بعد آ أ ن يقاسوا آ أ شد ا ل أ هوال ،
حفمك عليه ذلكل يف اجلحمي ابلعقاب املذكور يف الاوذيسة .
طروادة -من مدن آ س يا الصغرى .حارصها ال غريق عرش
س نوات ودك وها بعدها .خدل ها هومريوس يف
289
ال لياذة .عرث ا ل أ ثري شلامين عىل آ أ نقاضها حديثا عىل مق ربة من بدلة
حصاركل .
علويس -ابن فوس يذون ،تزوج ا ف مييداي ف آ أ حهبا فوس يذون
وآ أ جنب مهنا اوتوس وآ أ فيالتس .
عوس -خادم آ أ وذيس ا ل أ مني وراعي قطعانه .آ أ صبح امسه
مرادفا للخادم ا ل أ مني اذلي يزنل عند س يده مزنةل الصديق .
فرسفني -ا حدى ا لهات ال غريق ،ابنة زفس وملكة اجلحمي .
فرايم -آ خر ملوك طروادة اليت دك ها ال غريق .
فرانس -جبل مقدس يف بالد ال غ ريق جنويب تساليا خاص
ب آ أ فلون وعرائس الشعر .
فروتوس -آ أ حد ا ل آ لهة البحريني يت خذ آ أ شاكل خمتلفة لينجو من
اذلين يلح ون عليه يف ا ل أ س ئةل .
فطرقل -بطل ا غريقي صديق ل أ خيل ،وقد رافقه ا ىل حرب
طروادة .قتهل ،وهو لبس سالح آ أ خيل ،هكطور البطل الطروادي
.
فل يغيثون -هنر اجلحمي ،ومل يكن يس يل ماء بل لهبا .
فليون -جبل يف تساليا قريب من جبل آ أ وس ا .يف ا ل أ ساطري
آ أ ن اجلبابرة متردوا عىل زفس وآ أ رادوا الصعود ا ىل السامء حملا ربته ،
جفعلوا جبل فليون فوق جبل آ أ وسا ل ريتقوا علهيام .
290
فاروس -ج زيرة صغرية عىل مق ربة من الاسكند رية .
فوس يذون -ا هل البحر عند ال غريق القدماء .
فوليفم -ابن فوس يذون ا هل البحر وآ أ شهر الس يلكوبيني ذوي
العني الواحدة يف ا ل أ ساطري ال غريقية .
فرياي -احدى املدن ال غريقية من آ أ عامل تساليا .
فيلوس -احدى املدن ال غريقية القدمية ،اكن نسطور ملاك
علهيا .
فيلوكتيت -من آ أ شهر احملا ربني يف حصار طروادة .آ أ وىص هل
هرقول آ أ شهر آ أ بطال ال غريق ،بسهامه املسمومة عند موته ،وهبذه
السهام اس توىل ال غريق عىل طروادة .
كريت -احدى اجلزر اليواننية يف البحر املتوسط .
كس ندرا -ابنة فرايم مكل طروادة .اكنت بعد سقوط طروادة
من س يب آ أ غاممنون وقد قتلهتا زوجته ال رشيرة .
ك ـ لي ـ ت ِ ْم ن ْس رتا -زوجة آ أ غاممنون وآ أ م آ أ وريست .قتلت زوهجا
وقتلها ودلها .
اكس تور -هو البطل الشهري ابن زفس وآ أ خو فولكس .وهام
ابنا ليداي امرآ أ ة تنداروس مكل لقدمونيا ،واخته هيالنة .عرف
بقد رته عىل ترويض اخليول .
اك ل يبسو -حورية وملكة ج زيرة آ أ وجيجيا يف البحر الايوين .
رح بت ب آ أ وذيس اذلي قذف به البحر ا ىل ج زيرهتا ،واستبقته عندها
س بع س نني .
291
كوسيتوس -هنر يف اجلحمي اكنت مياهه املر ة الطينية حتدق بقاع اجلحمي
.
لقدمونيا -يه مدينة اس بارطة احدى املدن ال غريقية القدمية .
لطونة -زوجة زفس وآ أ م آ أ فلون وآ أ رطميس .
لموس -ابن فوس يذون ومكل اللسرتوغونيني .
لريت -مكل ايثاكة وآ أ بو آ أ وذيس .
ليس بوس -الامس القدمي جل زيرة متيلني ال غريقية ا حدى جزر
الارخبيل .
مانيال -مكل اس بارطة وآ أ خو آ أ غاممنون .وزوجته هيالنة
اختطفها فا ريس ،فاكن هذا الاختطاف سببا حلرب طروادة .
ممنون -خشصية شهرية يف ا ل أ ساطري القدمية .وهو ابن الصباح
.آ أ رسهل آ أ بوه مكل مرص واثيوبيا ملساعدة الطرواديني فقتهل آ أ خيل .
ول تزال آ أ مه الصباح تبكيه لك يوم بدموع يه الندى .
م يسينا -مدينة اغريقية تزمع ا ل أ ساطري آ أ ن آ أ غاممنون اكن ملاك
علهيا .
ميس يا -قطر من آ أ قطار آ س يا .
مينوس -مكل كريت ومرشع حكمي وآ أ حد قضاة اجلحمي .
نسطور -مكل فيلوس آ أ سن ا ل أ مراء اذلين حا ربوا طروادة ،
292
اش هتر حبمكته وخطبه الطويةل اليت اكن يلقهيا يف ا جمل متعات .
نوس ياك -ابنة آ أ لسينوس مكل الفيس يانيني .
هرقول -ابن زفس وآ أ لمكينا وآ أ شهر آ أ بطال امليثيولوجية
ال غريقية .اش هتر بعمل اخلوارق ،وقد مات ب آ أ ن آ أ حرق نفسه عىل
جبل ا يتا يف تساليا .
هرمس -ابن زفس ورسول ا ل آلهة .وهو نفسه ا هل الفصاحة
والتجارة واللصوص .
هادس -مكل اجلحمي وا هل ا ل أ موات .وهو ابن زحل وآ أ خو
زفس وفوس يذون .
هريا -زوجة زفس وا له ة الزواج عند ال غريق .
ِه ْ
يفس ت -ا هل النار واملعدن عند ال غريق .
هيالس -امس تساليا القدمي ،ويطلق عىل سبيل التعممي عىل
مقاطعات عدة من بالد اليوانن ،وقد يطلق عىل بالد اليوانن مجيعها
.
293
فهرست
متهيد 5 . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. 1مشورة آ أ ثينا 11 . . . . . . . . . . . . . .
. 2اجمللس 21 . . . . . . . . . . . . . . . .
. 3حاكية نسطور 30 . . . . . . . . . . . . .
. 4يف ا س بارطة 41 . . . . . . . . . . . . . .
. 5قصة مانيال 48 . . . . . . . . . . . . . .
. 6آ أ وذيس يف طوفه59 . . . . . . . . . . . . .
. 7نوس ياك 72 . . . . . . . . . . . . . . . .
80 . . . . . . . . . . . . . . . 8آ أ لسينوس
. 9الفس يانيون 87 . . . . . . . . . . . . . .
. 10الس يلكوب 98 . . . . . . . . . . . . . .
. 11ايلوس ،الليس رتيغون ،سريسة115 . . . . . . . .
294
. 12منازل ا ل أ موات 130 . . . . . . . . . . . .
. 13عرائس املاء ،س يال ،ث ريان الشمس 147 . . . . .
. 14ا يثاكة 161 . . . . . . . . . . . . . . .
. 15عوس ،راعي اخلنازير 173 . . . . . . . . . .
. 16عودة تل اميخ 186 . . . . . . . . . . . . .
. 17آ أ وذيس وتل اميخ 197 . . . . . . . . . . . .
. 18آ أ وذيس يف بيته 209 . . . . . . . . . . . .
. 19آ أ وذيس يف بيته ( ت متة) 219 . . . . . . . . . .
. 20آ أ وذيس تعرفه حاضنته 230 . . . . . . . . . .
242 . . . . . . . . . . . . . . 21جتربة القوس
. 22الفتك ابخلط اب 253 . . . . . . . . . . . .
. 23خامتة املطاف 259 . . . . . . . . . . . . .
. 24انتص ار آ أ وذيس265 . . . . . . . . . . . . .
فهرس ا ل أ عالم 281 . . . . . . . . . . . . . . .
295
هذا الكتاب
" هذه يد كرمية هتدهيا س يدة كرمية اىل اللغة العربية
والنا طقني هبا .فقد فرغ الناس منذ عهد بعيد من اثبات ان
هنوض الرشق العريب يف العرص احلديث كهنوضه يف العرص القدمي
ل يكون ابلعزةل ،وامنا ي كون ابلتعرف اىل الشعوب الا ج نبية
والتصال هبا وا ل أ خذ مهنا والاعطاء لها .
وقد عنينا يف العرص احلديث ابلدب اليوانين عناية ضئيةل
متواضعة فنقلت الالياذة اىل اللغة العربية ول كهنا نقلت شعرا .
وقد ظلت ترمجة هذا الاد ب مقصورة النفع عىل املثقفني
املمتازين ل تتجاوزمه اىل احصاب الثقا فة املتوسطة .ومع ذ كل
فلن جتد يف اورواب وامرياك طبقة من طبقات الناس اذلين
يقرؤون الا والسبيل ميرسة لها لتقرآ أ الالياذة والاودسا يف غري
مشقة ول عناء .تقرؤها يف ال رتمجة ادلقيقة وتقرؤها يف ال رتمجة
املقاربة وتقرؤها ان شاءت يف ملخصا ت سهةل قريبة املنال وهذا
هو اذلي قصد ت اليه الس يدة اجلليةل واليت يرشفين ان اقدم
كتاهبا اىل القراء العرب .
واحلق انه لو مل ي كن لصاحبة هذا الكتاب الا اهنا حاولت
ان جتعل من هوم ريوس الشاعر الشعيب اليوانين شاعرا شعبيا
عربيا لاكن هذا وحده يدا كرمية تسدهيا اىل العربية و آ أ بناهئا " .
طه حسني