Professional Documents
Culture Documents
www.twitter.com\mhmadiraqi
www.facebook.com\mhmad.aljanabee
a7la3raqy@yahoo.com
غالف الكتاب
1
-الجزء األول ) قلم غالياني ( !
قلم ،ربما قلم جميل لكن ُه يبقى قلم ..قلم كارتير المع ،اثقل من أقالم ، Bicوعليه الوان
الميالن ،لكن ُه يبقى قلم ..قلم مليء بالحبر باألزرق ..
2
أخذت القلم وبدأت افكر ،قلبت ُه بين يدي وأثارت فضولي بعض التفاصيل فيه ،فجأة غالياني
قال " :رجا ًء ،التستخدم ھذا القلم للتوقيع مع اليوفي "
-على األقل غالياني ألقى ُنكته ..كھدية وداع كنت اتوقع شيء أكبر في ھذا الوقت الكوميدي ،
١٠سنوات في ميالن إنتھت بھذا الطريقة ..
إبتسمت وضحكت ..ألني أعرف كيف أفعل ذلك جيداً ..ثم قال لي " :شكراً لك على كل
شيء ،أندريا " ..
-بينما كان يتحدث غالياني بھدوء على طاولته ،بدأت ألوح بنظري في أرجاء الغرفه ،رأيت
العديد من الصور والذكريات ،العديد من اللحظات التي
التنسى كانت معلقة على حائط تلك الغرفة ،عشت اجزاء سعيدة منھا ،لطالما وقعت الكثير من
العقود في تلك الغرفة واستخدمت العديد من
األقالم ..كانت ھناك صور بطوالت وألقاب ترفع في السماء ،لكنني فجأة أدركت :لم تم
إخراجي من ھذا اإلطار ،لكن ليس بالقوة ..
-ميالن كان خائفا ً من خطر انني لم أعد قادر على الركض ،لھذا عندما إنتھى ذلك اإلجتماع
كنت متأسفا ً ،لكن محق ..وكذلك كان غالياني وايضا ً
وكيل أعمالي توليو تينتي ..أنھينا كل شيء دون شعور بالذنب ..في نصف ساعة غادرت
المكان ،عندما تحُب فإنك تحتاج للوقت ..وعندما تموت
المشاعر فإنك تحتاج لعذر يُساعدك ..
-قيل لي " :أندريا ،مدربنا اليغري يرى انك اذا بقيت فإنك لن تلعب امام الدفاع ،يريدك ان
تلعب في مكان أخر في الوسط وھو الوسط األيسر " ..
تفصيل بسيط :انا ارى بأنني امام الدفاع بإمكاني ان اقدم افضل مالدي ،السمكة عندما تكون
في العمق تتنفس بشكل أفضل ،عندما تتحرك
من مكانھا بإمكانھا ان تتنفس ،لكن ليس بنفس الطريقة ..
-ثم قيل لي " :حققنا األسكوديتو وانت على الدكة او مُصاب ..باإلضافة إلى انه في ھذا
3
الموسم تغيرت سياسة النادي :كل من تجاوز عمره
٣٠سنه فإننا نقدم له عقد لمدة سنة واحدة فقط " ..ھنا ايضا ً أمر بسيط ومھم :لم أشعر أبداً
بأنني كبير في السن ،حتى في تلك اللحظة التي
حدثوني فيھا ..شعرت بأن ھناك من يريد ان يظھرني بشكل الالعب المنتھي ..تلك المقدمات
جعلتني أحتار أكثر من اي شيء أخر ..
-قلت " :شكراً لكم ،لكن اليمكنني القبول بذلك ..باإلضافة إلى ان اليوفنتوس عرض علي
عقد مدته ٣سنوات " ..
-رفضت العرض ،قبل ان نتحدث عن األموال ،لم اتحدث مع غالياني ابداً عن األموال ،
ألنني اردت ان اشعر أنني العب مھم لمشروع الميالن
وليس العب على وشك ان ينتھي ..تلك الحقبة كانت يبدو بأنھا إنتھت ،لھذا اردت البحث عن
شيء آخر ..كنت اذھب للميالنيلو في أخر موسم
لي ) الذي تعرضت فيه إلصابتين افسدت الموسم ( وعندما اشعر برغبة بعدم الذھاب إلى
غرف المالبس ،رغم ان عالقتي كانت جيدة مع كل
من في الميالنيلو ..حتى مع اليغري ،عالقتي كانت طبيعية ..لكن المشكلة كانت في األجواء
..إكتشفت ان الجدار الذي كان يحميني في
ھذا المكان طوال ھذه السنين قد تحطم ..تولدت لدي رغبة ملحة بالخروج والتنفس في مكان
اخر ..البحث عن حافز جديد ..
-حتى المشجعين ،بعد ان كانوا يھتفون لي في كل أيام األسبوع التي نلعب فيھا ،شعرت بأنه
قد أصابھم الملل من كل شيء افعله ،كانوا
قد إعتادوا على لعبي وكل تحركاتي ،كل إختراعاتي ..لم أعد اُدھشھم ..كنت ارى في أعينھم
تلك الكلمات التي من الصعب قبولھا " :لم يعد
بإمكانك أن تقوم بذلك " ..مفھوم من الصعب القبول به ،وفي الحقيقة أراه مُجحف للغاية ..
ھنا أخذت بعين اإلعتبار مبدأ ألم المعده ،وقررت
البحث عن حوافز جديدة ..
4
-فوراً تحدثت مع نيستا ،الصديق واألخ ،زميل داخل الملعب وخارجه ..لدينا سويا ً االلف
المغامرات ،معي دائما ً في غرفتي ..بين شوطي
أحد مبارياتنا التي التنتھي في البالي ستيشن ،قلت له " :ساندرينو ،أود ان ارحل " ..رد
علي بدون ان يكون منصدما ً " :متأسف حقا ً ،لكن
ھذا ھو الخيار الصحيح " ..كان اول من يعلم بالتفاصيل بعد عائلتي ،خطوة بعد خطوة ..
دموع بعد دموع ..
-بعض األسابيع كانت اصعب من بعضھا األخر ،في داخلي بدأ العد العكسي للرحيل ،لكن
ليس من السھل الرحيل من مكان تعرف كل شيء
فيه بما في ذلك األسرار ..عالم خاص صغير ،منحني بدون شك أكثر مما أخذ مني ..كان
يثيرني ..مشاعر األستياء لدي كان تختلط بالحزن ..
بكل األحوال ،كان درسا ً في الحياة يجب ان يُعلم :الدموع تساعد ..الدموع ھي التصوير
الواضح لما يكون عليه اي شخص ،ھي الحقيقة
التي اليمكن نقاشھا ..لم أتماسك ،بكيت كثيراً وال أخجل من ذلك ..
-تذكرة الرحيل كانت في ذھني اكثر مما ھي في يدي ،كانت مشاعر صعبة ،كنت اشبه
برجل يقف في المطار قبل ثواني رحيله ثم يلتفت
لوداع األصدقاء ،األقرباء واألعداء ..سوا ًء كان كثيراً او قليالً ،عندما ترحل فإنك دائما ً تترك
شيء خلفك ..كنت اتصل يوميا ً بوكيل أعمالي خالل
فترة إصابتي ،أمبروسيني وبوميل كانوا يلعبون امام الدفاع ،بيتي تم إحتالله ) من أصدقاء لي
وبنوايا طيبه ( وطردت من حديقتي ..
-كنت اتصل بوكيل " :توليو ،ھل ھناك انباء " ؟ نعم كانت ھناك دائما ً انباء جيدة وربما
ممتازة ..امر البحث في العقود امر غريب ،اشبه بعالمة
إكس على خريطة كنز ..كل األندية تقدمت للبحث عني بعد ان علمت باألمر ،بما فيھم إنتر ..
أحد إداريي إنتر إتصل بوكيلي " :نريد ان نسأل
5
سؤال بسيط ،ھل يمانع بيرلو بالعودة لنا ؟ " ..وكيلي كان يسألني " ھل تريد العودة إليھم ؟ "
..لم استعجل بأي رد ،كانت أجابتي العامة
لكل العروض " :أستمع إليھم جيداً " ..
-إنتر ارادني ..لكنني كنت بطئيا ً ) بشكل جيد ( في البحث عن فريق جديد ،يجب عليك دائما ً
أن تنتظر كيف سينتھي الدوري ،وتعرف من ھو
المدرب الجديد لكل فريق ،وماھي مشاريع كل فريق ..فجأة في أحد األيام وردني ذلك
اإلتصال :
" -مرحبا ً أندريا ،انا ليو " ..ليوناردو كان مدربا ً لإلنتر في ذلك الوقت ..
" -أھالً ليو " ..
" -أسمع ،أخيراً كل شيء جاھز األن ..تمكنت من اخذ الضوء األخضر من موراتي لشرائك
،بإمكاننا ان نبدأ المفاوضات " ..
-ليو اخبرني كيف ان اإلنتر كان جيداً وكيف ھي البيئة ھناك ،كان تحدي يبدو مثيراً وشعور
جيد ان تعود لمكان كنت فيه سابقا ً ..كانت فكرة أن
بدل من احد أندية ميالنو إلى األخر بعد ١٠سنوات في ميالن ٩ ،منھا كانت إستثنائية ..
ليوناردو كان يقول " :في اإلنتر سيكون لدينا الدور القيادي "
وذلك قبل اسابيع من رحيله إلى باريس ..فكرت باألمر ،لكن في النھاية لم أتمكن من فعل ذلك
..ستكون إھانة كبيرة وغير مستحقة لجمھور
الميالن ..قلت لـ ليوناردو " :شكراً ،لكن اليمكنني القبول ..ألنني وقعت مع اليوفي مساء
أمس " ..بأي قلم وقعت ؟! لن أخبركم ابداً ..
6
-الفصل الثاني -
-مُحبط ،مُبعد ،محذوف ،مھزوم ،منزوع الفتيل وموضوع جانبا ً ..إذا كان ھناك شخص ما
في الميالن حاول أثبات انني أمر بھذه الحاالت
7
وعلى وشك نھايتي فقد فشل ،مثل سفينة تايتنك صغيرة ،لكن شكراً لمن أخطأ الحسابات ،ھذا
ما أقوله ..إذا لم يكن الرجل الذي قام بتلك
الحسابات مجنونا ً ،او ان الكرة التي تتنبأ بالمستقبل تمت معاملتھا بقسوه ،فأنا ابداً لم أشعر
بأنني مثل األخرين ..كنت أندريا بيرلو أخر لفترة
من الزمن ،كنت كما كانوا يريدوني ان اكون ،لكن في النھاية لم أكن كذلك ..لھذا شعرت
أنني أبعدت أكثر بقليل ..
-منذ ان كنت طفالً ،مروراً بمرحلة الشباب ،حاربت ضد عدة مفاھيم كانت تدور حولي :
فريد ،مميز ،مُقدر ..لكن الحقا ً تعلمت كيف اتعايش
مع كل مايقال عني ،واستفيد منه ..لم يكن األمر سھالً ،سوا ًء علي او على اولئك الذين
يحبوني ..منذ الصغر كنت اعرف انني افضل من البقية
لھذا الكل كان يتحدث عني بشكل أكثر من األخرين ..اليتحدثون دائما ً بأشياء إيجابيه ،العكس
أحيانا ً ..كانوا يتحدثون عني بشكل كبير جداً لدرجة
أن والدي لويجي كان يھرب من المنصة اثناء مبارياتي لكي اليستمع لتعليقات األباء األخرين ،
كان يھرب لكي التكون لديه ردة فعل سلبية ضدھم ..
يمشي بسرعة واليستمع ألي شخص واليتوقف اال في مكان آمن وھاديء ..
-حتى أمي ليديا لم تنجح في تفادي كل تلك المضايقات " من تعتقدين ان ابنك سيكون مثله ؟
مارادونا ؟ " ..كان السؤال الذي يتكرر يوميا ً على
مسامع امي ،كانوا يسألون بدافع الحسد ،لكنھم لم يعلموا انھم كانوا يمنحوني اكبر إشادة في
حياتي :مارادونا ! اللـعنة ..كأنك تتحدث عن
كيشي في الجمنازيوم او جوردن في كرة السلة وغيرھم ..الكبار ضد طفل مثلي ،لم يكن
تحدي عادل ،لم أتمكن من الدفاع عن نفسي جيداً
وكنت افعل تماما ً كل ما أتھم به ،كنت احاسب على خطأ لم أفعله وتتم حراستي بدرع اليمكن
رؤيته ..تعرضت للعديد من الطعنات والعديد من
السموم ،منذ أن كنت في عمر ١٤عام ..
-أتذكر انه في أحد مباريات فئة الناشئين ،كنت ألعب في بريشيا ،لكن في تلك المباراة فريق
8
بريشيا لعب كله ضدي ،كنت اصرخ " :مرر
لي الكرة " لكنه لم يرد علي ..ثم أصرخ مرة أخرى " :أنت ،مرر لي الكرة " ..وايضا ً
األخر كان صامتا ً ولم يرد " ..حسنا ً ،ماألمر ؟ " والزال
كل الفريق صامت واليرد على صراخي ..لم يرد علي أي شخص ،زمالئي كان يلعبون مع
بعضھم دون ان يروني ،او باألحرى كانوا يروني
جيداً لكنھم تظاھروا انھم لم يفعلوا ..تجاھلوني ،فقط ألنني افضل منھم ..
-وقفت اتسائل كالشبح ،شعرت بأنني سأموت ..كان ھناك تمرد ضدي ..لم يتحدثون معي
ولم ينظروا ابداً في إتجاھي " ..ھل ستعطونني
الكرة ام ال ؟ " ..لم يردوا علي في المرة األخيرة ،أنفجرت اعصابي وبدأت بالبكاء ..في
وسط الملعب بدون تردد ،بكيت امام ١١من الفريق
الخصم و ١٠العبين من فريقي ..أستمريت بالبكاء حتى وانا اركض ،ثم توقفت ايضا ً وبكيت
..شعرت باألحباط واليأس ،خاصة وانني كنت في
سن الطفولة والمراھقة ..ھذه األمور اليجب ان تحدث أبداً لم ھو في عمري ..من ھو بعمر
١٤عام يجب ان يحقق األھداف ويفرح ،لكن
حقيقة انني كنت مختلف ،أزعجت الكثيرين ..
-في تلك المرحلة ،كنت اعيش بدايات مسيرتي التي كان يمكن ان تأخذ منحنى أخر ،في
الواقع كان لدي خيارين :األول ان اغضب واترك
الكرة ،والثاني ھو ان أغضب وأستمر باللعب ،لكن بطريقتي الخاصة ..الخيار الثاني كان
يبدو أكثر ذكاء بالنسبة لي ،وأكثر تاثيراً على المدى
القريب ..إنطلقت ألخذ الكرة بنفسي في المرة التالية ،مرة ومرتين و ١٠٠مرة ..انا ضد كل
العالم ،اليريدون اللعب معي ؟ حسنا ً سألعب
لوحدي ..لدي األسلحة للقيام بذلك بالطبع ..عشرة العبين لم يتمكنوا من التسحيل ،بينما انا
لوحدي أستطيع فعل ذلك ،كنت اراوغ كل من
في الملعب ،بما فيھم أولئك الذين يلعبون بنفس قميصي ،لم اكن انوي ان اكون ظاھرة جديدة
،الحقيقة ابسط من ذلك بكثير :لقد كنت
أتعامل مع األمر بغريزتي ،ألعب ،أمرر ،اسجل واركض اسرع حتى من نفسي احيانا ً ..
9
-كنت مُجبراً من ذلك الوقت في كل مرة العب فيھا ان اثبت شيئا ً ،ان العب وفقا ً لمقاييس عالية
..بالنسبة لألخرين عندما يلعبون مباراة
عادية فإن األمر مقبول ،لكن عندما العب مثلھم فإنني أعتبرھا خسارة ..كنت اتعب بعض
الشيء ،من طريقة تحركاتي وبعض خطواتي
الصغيرة ) خطواتي الصغيرة تعني خطوات كبيرة للبقية ( ..
-تلك اإلنتفاضة كانت ھي قوتي الدافعة :عادة ال أتحدث لمن حولي ،لكن في أحد تلك االيام
حدث شيء مختلف وبدأت اتحدث مع نفسي
خطبة مطولة ،اقول في داخلي " :أندريا ،لديك قيمة اليمكن اعتبارھا كـ عبء ..أنت افضل
من البقية ويجب ان تكون فخوراً ،الطبيعة األم
كانت سخية معك ألنك ولدت وانت جيداً ،لديك تلك اللمسة السحرية ..ھل تريد ان تصبح
العب كرة القدم ؟ ھل ھذا ھو الحلم ؟ إذا أذھب
واحصل على تلك الكرة وأھتم بھا ،إنھا تنتمي لك ،الحاسدون اليستحقونھا ..ألنھم سارقي
المشاعر ..يجب ان تعيد إمتالك ھذا الجزء في
داخلك ..كن سعيداً ،أصنع من ھذا لحظة مميزة ..إقفز مع والدك للناحية المثالية األخرى ..
إنطلق أندريا ..إنطلق " ..
-في الحقيقة ،حتى ھذا اليوم ال أشعر انني فريد او انني العب ال يمكن تعويضه ،لكن
اليمكنني شرح كل شيء لكل ھؤالء الناس الذين
يقومون بدراستي بسطحية كبيرة ..لكنني على األقل وصلت إلى إستنتاج ،أعتقد انني فھمت
األمر :ھناك سر ،وھو انني أنظر للمباراة
بشكل مختلف عن البقية ،ھي مسألة زاوية نظر ،نظرة للمدى البعيد ،لمحة أشمل ..
-العب الوسط الكالسيكي ينظر لألمام ويرى المھاجمين ،انا في المقابل عندما أنظر لألمام
ارى المساحة التي بيني وبين المھاجم لكي
أمرر من خاللھا الكرة ..تكتيك ھندسي بحت ،أرى مساحة أكبر فأمرر الكرة بسھولة أكبر ..
تمت مقارنتي بجياني ريفيرا ،يقولون انه في ھذه
10
النقطة أنا اذكرھم به ..لم اراه لكي أحكم عليه ،حتى في مقاطع الفيديو لم اتابعه ..ال أرى
نفسي في أي العب بصراحه ،سوا ًء في الماضي
أو الحاضر ..لست مھتما ً بوجود العب اخر مستنسخ مني او العكس ،رغم ان الوقت الزال
مبكراً على ذلك ..في النھاية ،دولي لن تكون
ھي نفسھا المستنسخه ..
-ال أشعر بالضغوط ..ذھنيا ً ال أتاثر بأي ضغوط ..في نھار ٩يوليو ٢٠٠٦كنت نائما ً ،ثم
صحوت ولعبت البالي ستيشن ،وفي مساء ذلك اليوم
فزت ببطولة كأس العالم مع األزوري ..من الناحية الذھنية ،معلمي -دون قصد -ھو
لوشيسكو ..المدرب الذي أخذني وانا بعمر ١٥عام فقط
من ناشئي بريشيا إلى الفريق األول مباشرة ..وضع طفل في عالم الكبار ..كنت اتدرب مع
العبين بأعمار ٣٠سنه ،ضعف عمري مرتين ..
" -أندريا ،ألعب كما كنت تفعل مع الناشئين " ..ھذا اول أمر ھمس به لوشيسكو في أذني
بعدما نقلني للفريق األول ،بدأت بالركض كجندي
جيد ..لكن ھذا لم يعجب الجميع في فريق الكبار في بريشيا ،سوا ًء في الملعب او في غرف
المالبس ..في أحد التدريبات قمت بمراوغة أحد
الالعبين ثالث مرات بشكل رائع ،الرابعة كانت حاسمة ،حينھا قام بتدخل قاتل على كاحلي ..
من غير المعقول القول انه لم يكن متعمداً ان
يدخل على كاحلي بھذا الشكل ،لم يكن ليصدقني اي شخص ..نظرت إلى لوشيسكو وغمز لي
" :البأس ،حاول مرة أخرى ،من فضلك " ..
-لوشيسكو كان يتعامل معي بلطف ،كان يرفع صوته على الالعبين " :مرروا الكرة لبيرلو ،
إن ُه يعرف كيف يتصرف بھا " كانت قصة صداقة
غريبة بين أداة وشخص ..كنت اقوم بأشياء لم يحاولوا حتى القيام بھا ،في البداية كانت ھناك
بعض األرقام التي التخدمني ،لكن مع مرور
الوقت بدأت ارقامي تتحسن حتى تمكنت من تخطيھم جميعا ً ..كنت سعيداً ،خاصة من اجل
والدي ..الذي كان بإمكانه أخيراً ان يحصل على
11
إشتراك في المنصة ليتابع مبارياتي بأريحية على مراتب الجلد ،دون ان يحتاج لسدادات األذن
،ألن الحاسدون تركتھم مع الناشئين ..
-أولئك األطفال الذين لعبت معھم في ناشئي بريشيا لم يكونوا أطفال سيئين بل كانوا أطفال
12
يعانون من مشكلة خطيرة :انھم يخافون من
أحالمھم ..يخافون من ثقلھا الذي قد يسحقھم ..كنت اعتبر الرجل األسود بالنسبة لھم ،الرجل
الذي حطم مستقبلھم ،حاولت مد يدي لھم
كزمالء لكنھم في المقابل رفضوني ..في النھاية تركتھم خلفي متجھا ً إلى عالم اإلحتراف ..
بكل األحوال :كنت أعرف مالذي كانوا يفكرون
به عندما مرت بھم عاصفة الغيرة والحسد تلك ..وكأنھم الزالوا يعانون من أثارھا إلى ھذا
اليوم ..
-كنت أعرف انھم كانوا يصرخون " نريد اللعب لبرشلونة او ] مدريد " أعرف ذلك النھم
قالوا ذلك لي ،وألنني قلت ذلك لھم ..ان تكون العب
كرة قدم ،فھذا ھو فقط الطلب األول الذي يصدح به اي طفل إلى السماء ،او يكتبه اي طالب
في المدرسة اإلبتدائية لمدرسه ،والحقا ً يكتب
أسمه الفريق الذي يريده ..إسبانيا كانت ھي الدولة المھيمنة على أحالمنا ،كانت لدينا رغبة
ملحة ،طموحات وأحالم حولھا ..كنا نبني عدة
مشاريع ببعض الكلمات حتى ونحن نتناول وجبة خفيفة ..تلك األحالم المعجزة ،نجحت في
تحقيقھا -تقريبا ً -مرتين ..
-في صيف ٢٠٠٦بعد الحملة الناجحة في الحصول لقب كأس العالم ،كنت اتمشى في شوارع
فورتي دي مارمي الداخلية بالدراجة ،ثم
أذھب إلى الواجھة البحرية ،الناس تقوم بتھنئتي وتحيتي وتربت على كتفي ..الناس كانت
تتحدث معي ،وانا كنت فقط أرد عليھم ..
13
" -أحالم سعيدة ،أندريا " .
" -بوينوس نوشيس " ) أحالم سعيدة باللغة اإلسبانية ( .
" -نحن عدنا إلى ميالنو أندريا ،نراك قريبا ً " ..
" -أديوس " ) ..وداعا ً باللغة اإلسبانية ( ..
-كانوا يعتقدون ان الفوز في نھائي كأس العالم فرنسا بضربات الجزاء قد أفسد تفكيري ،لكنھم
لم يعرفوا اي شيء ،كانوا جميعا ً اليعرفون
شيء جديد ومھم :لم أعد العبا ً للميالن في تلك اللحظة ..كنت العبا ً ل] مدريد ،بعقلي ،
بقلبي وبروحي ..مع عقد لمدة ٥سنوات ومرتب
يتجاوز الخير والشر ..ميالن كانوا يبدو بأنه قد وقع او تم إيقاعه ببعض المشاكل كما يقال ،
الكالتشيو بولي كان العنوان التالي في ذلك الصيف
بعد الفوز بكأس العالم ..في أحد األيام كنا نقرأ إمكانية ھبوط الميالن إلى الدرجة الثانية ،في
اليوم الثاني صدر قرار خصم ١٥نقطة ..بعد ذلك
ظھرت إمكانية إلغاء بعض البطوالت واأللقاب ..في تلك اللحظة كان لدي ذلك اإلشتباه :ربما
جون لينون لم يقتل من قبل مارك شابمان
بل من احد إداريي الميالن !
-مستقبل النادي لم يكن يعرفه أحد ،خاصة انا ..لم أكن اعرف شيء لكني كنت متأكد من
شيء واحد :اليمكن أبداً أن ألعب في السيريا
بي مع اي نادي ..ولو رحلت عن النادي في تلك اللحظة لما كنت سأفكر بأنني خائن ألن
الالعب دائما ً يبحث عن اللعب في مستويات عالية
ومن اجل اھداف أكبر ..باإلضافة إلى نقطة مھمة :انا شخص ليست لدي الرغبة في دفع ثمن
14
أخطاء األخرين ..عندما تقوم بكسر اي
شيء فأنت من تدفع الثمن ،وانت من تتحمل العواقب !
-إتصل بي فابيو كابيلو ،واتصل بي المدير الرياضي فرانكو بالديني ،الجميع كان يتصل بي
،في تلك األثناء قمت باإلتصال بوكيل أعمالي
وقلت له " :استمع لما يقوله الميالن " ..في تلك األثناء كان يجب علي العودة إلى الميالنيلو ،
في ذلك الوقت كان يبدو ان ميالن سينجو ومن
ثم سيلعب األدوار التمھيدية في دوري األبطال ضد النجم األحمر ..نحن بعد األحتفال بلقب
كأس العالم أستمرت إجازتنا لمدة ١٠ايام فقط ..
كنت على وشك العودة للميالنيلو لكن توليو تينتي أوقفني :أنتظر قبل العودة ،سأستمع لل]
مجدداً ..إذا كنت ستخرج من فورتي دي
مارمي فإذھب إلى بيتك في بريشيا والتغلق ھاتفك ..سيرن قريبا ً " ..
-فعلت ذلك ..فجأة وصلني إتصال " :مرحبا ً أندريا ،انا فابيو كابيلو " واحد من انجح
المدربين في التاريخ على الھاتف معي ..قمت بالرد عليه
بسرعه " :أھالً مستر ،ھل أنت بخير ؟ " ..ثم رد " :انا بحالة عظيمة ،وانت ستكون كذلك
ايضا ً ..تعال إلى ال] معنا ،سوف أجعلك تلعب في
الوسط مع ايمرسون ،للتو اشتريناه من اليوفنتوس " ..قلت له " :حسنا ً " ..لم يستغرق وقتا ً
طويالً إلقناعي بذلك ..فقط اقل من دقيقة ..
ربما ألنني رأيت العقد قبل ذلك ..وكيلي توليو درس األمر جيداً ..ذھب إلى مدريد بعد ذلك
وكنت على الھاتف معه ،كنا اشبه بمراھقين
والخط ساخن بيننا ..كان يقول لي " :أندريا ،األمر على وشك ان يتم " " ..انا متحمس لھذا
،توليو " ..
-فكرت في نفسي بالقميص األبيض ،النقي والعدواني في نفس األمر ،فكرت في المعبد ،
الملعب الكبير ،برنابيو الذي لطالما كنت ارى
بأنه مخيف للخصوم ،ومرعب لھم ..فجأة :
15
" -مرحبا ً توليو ،ماذا نفعل االن ؟ " .
" -أراك على الغداء بعد ايام " .
" -أين ؟ في تكسيستو في قلعة انخيل كاربايو ؟ " .
" -ال أندريا ..في الميالنيلو " .
" -ماذا ؟؟ في الميالنيلو ؟ ھل أنت مجنون ؟؟ " .
" -نعم أندريا في الميالنيلو ،غالياني لم يوافق بعد " ..غالياني رجل األقالم !
-وليكن كذلك ،عدت إلى الميالنيلو وإجتمعنا في تلك الغرفة التي يأكل فيھا الفريق دائما ً ،
قريب من المطبخ ومن تلك القاعة التي يأتي فيھا
بيرلسكوني ويلقي جميع انواع النكت ..ذلك المكان بين أفقر نقطة في الميالنيلو ،وبين النقطة
األغنى ..بين اإلنسانية وبين القوة الظاھرة ..
كنت اتأرجح بين الميالن وال] في تلك اللحظة ..تحدث وكيلي توليو تينتي اوالً :
-غالياني نظر إلي ثم قال " :ال ياعزيزي ،لن تذھب إلى اي مكان " ..ثم قام بسحب تلك
الحقيبة الصغيرة من تحت طاولته بطريقة جعلتني
أبتسم ،ألنني أعتقدت انه يخبي شيء كبير مثل مونيكا ليونيسكي تحت طاولة بيل كيلنتون )
أحيانا ً تأتيني أفكار مجنونة من ھذا النوع حقا ً ( ..
-مستر ) bicغالياني ( قام بإخراج عقد من تلك الحقيبة وقال " :لن تذھب ألي مكان ألنك
ستوقع على ھذا العقد ،مدته ٥سنوات وقيمة العقد
غير مدونه ،بإمكانك ان تكتب اي مرتب تريد " ..شعرت بتوليو يسحب يدي تقريبا ً " :ھذا
العقد سيبقيني لو كنت مكانك " ..أحتجت للوقت ،ذھبت
16
إلى الكوفرشيانو ألنه قد تم إستدعائي من قبل إدارة المنتخب وتركت توليو تينتي يفكر كثيراً في
العقد ..جلست عدة ايام لم اتحدث فيھا مع
اي شخص ..كنت أتحدث باإلسبانية ،أحلم بإسبانيا ،حتى عندما ركبت الطائرة حلمت أنني
سأنزل في مدريد ..فجأة إتصل وكيلي :
-الناس يعتقدون ان بعض القرارات قد يستغرق األمر ساعات طويلة ،ايام او شھور إلتخاذھا
،لكن ھذا ليس صحيح على اإلطالق ،ألنه عندما
تأمرك غريزتك بشيء ،فإنك بنود ذلك العقد تجبرك على أمر آخر ثم بعد ذلك يجب ان تخرج
وتتحدث للصحف وتقول لھم أنك اتخذت القرار الصحيح
خاصة عندما يسألونك :ھل صحيح انك وقعت عمليا ً لل] ؟ ..يجب عليك ان تقول أمر اخر :
" ال ،انا بخير مع الميالن " ..اللـعنة !
-من السيء ان األمور أنتھت بھذا الشكل ،كنت اود الرحيل إلى ال] ،لديه سحر اكثر من
الميالن ،لديه مستقبل افضل ،يجذب بشكل أكثر
ولديه كل شيء ..بكل األحوال :في نھاية الموسم فزت بلقب دوري األبطال مع الميالن وھذا
األمر واساني ،كان يمكن ان تكون األمور اسوأ
بكثير مما كانت عليه ..
-كابيلو وبالديني لم يكونوا سعداء مع الطريقة التي اعلن فيھا وكيلي توليو تينتي انني لن انتقل
..بالديني خاصة التقيته اكثر من مره وكان يقول
لي " :لم انجح في جلبك ألي نادي عملت فيه ،لكن عاجالً ام أجالً " ..الحقا ً طلبني في روما
،قبل ان انتقل إلى اليوفنتوس ..لكنني لم أكن
17
أثق بالظروف التي يعيش فيھا النادي ،بالديني شخص رائع كان يخبرني اشياء جيدة عن روما
،لكن المشكلة انني لم تحمس لمشروع المالك
االمريكي الجديد ..شكراً لروما ،وشكراً إلسبانيا ..ألنه بعد ال] ،حاول معي نادي برشلونة
،الطرف األخر من الحلم .
18
-بعد العجلة ،البالي ستيشن ھي اإلختراع األعظم في التاريخ وإذا كانت ھناك مباريات بالي
ستيشن فأنا أختار دائما ً برشلونة ) ماعدا بعض
األحيان أختار الميالن ( ..اليمكنني بالضبط تحديد عدد المباريات التي لعبتھا في السنوات
األخيرة لكن في نطاق عريض بإمكاني التأكيد أنه على
األقل اكثر بأربعة أضعاف من المباريات الحقيقية ..انا ضد نيستا ،كان ذلك ھو الكالسيكو في
الميالنيلو :كنا نأتي إلى الميالنيلو مبكراً ،ونتناول
اإلفطار عند التاسعة ثم نغلق على انفسنا ونلعب حتى ١١:٠٠موعد التدريبات ،بعد الغداء
نعود للغرفة ونلعب حتى الرابعة ..حياة تضحيات ..
-مبارياتنا كانت حماسية جداً ،أدرينالين بحت ..انا ألعب بالبرسا ،وساندرينو ايضا ً يختار
برشلونة ..برسا vsبرسا ..أول العب قمت بوضعه ھو
صامويل أيتو ،أسرعھم جميعا ً ..لكن رغم ذلك كنت أخسر دائما ً ،ثم اغضب جداً وأرمي يد
التحكم ،ثم أقوم بإعادة المباراة ..لم يكن بإمكاني أن
أستخدم عذر المدرب ،ألن مدرب فريقه ھو غوارديوال ومدرب فريقي ھو بيب غوارديوال ..
على األقل على مستوى المدرب كنا متعادلين ..
-فكرنا في خطف غوارديوال انا ونيستا ،غوراديوال الحقيقي ،كان ذلك في ٢٥اغسطس
.. ٢٠١٠عندما لعب الميالن ضد برشلونة في كأس خوان
غامبر في الكامب نو ..لكننا تراجعنا الحقا ً بعد ان أكتشفنا ان ُه سيعاني معنا في العودة ..الحقا ً
،إكتشفت ان فكرة اإلختطاف فكر بھا غوارديوال
قبل ان نفكر فيھا نحن ..غوراديوال في الحقيقة كان يفكر في خطفي ،في تلك الليلة ..
-في نھاية المباراة ،الكل كان يطارد إبراھيموفيتش ووكيله األسطورة مينو رايوال ،زالتان
19
كان على وشك إنھاء تجربته مع برشلونة واإلنتقال إلى
ميالن ،بعض زمالئي كان يحاولون إقناعه بالقدوم للميالن ،والصحافة كانت تنشر تصريحات
تؤكد انه سيرحل " :سيكون من الرائع ان ألعب في
السان سيرو مع رونالدينھو ،غوارديوال لم يتحدث معي منذ ٦اشھر ،تحدثت معي فقط مرتين
" ..العجب ..غوارديوال وفر كالمه لي !
-من كل ھذه الفوضى ،خرج رجل يطاردني ،ويدعوني إلى مكتبه ..كنت خارج من غرف
المالبس ووجدت ذلك الرجل ،الموثوق لدى غوارديوال
وصديق طفولته ،بمثابة العميل ٠٠٧بالنسبة له :مانويل أيستريت ،الرجل الذي سابقا ً في
مسيرته الرياضية كان الالعب األفضل في تاريخ لعبة
كرة الماء ..عمليا ً ،ھو ثاني رجل في العالم إستطاع ان يمشي على الماء " :أندريا ،تعال
معي ،ھناك مدرب يريد رؤيتك " ..مع القبعة كان
من الصعب التعرف عليه ..بكل األحوال نظرت له وقلت " :حسنا ً ،لنذھب " ..
-لم أصلي ،دخلت الغرفة ،كان الديكور فيھا بسيطا ً ،وكان على الطاولة نبيذ أحمر ..قلت
في نفسي " :بداية جيدة " ..ولحسن الحظ أكثر
مدرب محسود في العالم لم يستمع لما قلته ..قال لي بلغة إيطالية مثاليه " :إجلس أندريا " ..
لم أركز على ماحولي ،كنت اركز فقط على ھذا
المدرب الذي قام بدعوتي ..بدأ يتحدث لي بيب عن البرسا ،يقول لي ان نادي برشلونة عالم
مستقبل بذاته ،وانه ماكينة مثالية ..كان يرتدي
بنطلون داكن مثل لون ربطة العنق ،وقميص ابيض ..لباسه كان انيقا ً مثلما كان حديثه معي ..
-بعد دقيقتين ،وصل إلى النقطة ،كمدرب كان يعرف كيف يھاجم ،ودائما ً بستايل عظيم " :
20
نحن اقوياء ،اليمكننا ان نطلب أكثر مما لدينا لكنك
ستكون مثل حبة الكرز على الكعكعه ،نحن نبحث عن العب وسط بإمكانه ان يعوض تشافي ،
انيستا او بوسكيتس ..وھذا الالعب ھو بيرلو ..
لديك كل الخصائص الالزمه لكي تلعب مع برشلونة ..وھناك امر ھام آخر :أنت بطل " ..
-كنت صامتا ً طوال نصف ساعه ،أستمع لما يقوله ،أستمتعت بذلك إلى أقصى حد ..فوجئت
بتلك الدعوة من البداية ،وردة فعلي كانت بطئية
بعض الشيء ..كنت مذھوالً اكثر مما انا متحمس ،صُدمت من األمر ،وتفاجأت لكن بشكل
إيجابي ..
-ثم أكمل بيب " :تعرف أندريا ،لقد دعوتك ھنا ألن األمور لدينا تسير على مايرام ،وليس
لدينا وقت لنضيعه ،نريد ان نشتريك فوراً ،تحدثنا مع
الميالن وقالوا لنا " ال " ..لكننا لن نتراجع ،نحن برشلونة ،إعتدنا على ھذا النوع من الردود
..في النھاية ،دائما ً تتغير األمور ..نحن سنحاول مرة
أخرى وانت ابدأ ايضا ً بالمحاولة مع ناديك " ..
-حتى تلك اللحظة لم أن اعرف اي شيء ،كنت في وسط الميركاتو -كرة القدم والترف -
دون أن أعلم بذلك ..ثم واصل بيب " :إذا كنت فعالً
ستنتقل لبرشلونة ،ستكون في مكان فريد ،جوھرتنا ھي الال ماسيا ..قطاع الشباب ..فخر
اليملكه اي نادي آخر ..ساعات سويسريه ،او
ھي اوركسترا فيلھارمونية ..النشتري النجوم بل نصنعھم ،ماعدا أنت ..كل شيء جميل ھنا
" ..
-لم أتوقع ذلك ،بعد ان كنت ألعب بھم فقط في البالي ستيشن " :تعال معنا أندريا ،كالعب
كنت دائما ً معجب بك ،وأريد ان ادربك " ..فكرت
فوراً بنيستا ،كان سيموت من الحسد إذا اخبرته ..وكأنني استعدت نسبة %٥٠من غوراديوال
التي كان يملكھا " ..حتى اذا رفض الميالن في
21
البداية سنحاول ولن نستسلم وسنرى مالذي سيحدث في النھاية " ..
-مثلما كان األمر مع ] مدريد ،بل أكثر من ال] ُ ..كنت مستعد ان أذھب إلى برشلونة
حبواً على أربع ،كان الفريق األفضل في العالم في
ذلك الوقت ،ھل ھناك حاجة لكي اقول المزيد ؟ كانوا يقدمون كرة لم ُترى منذ سنوات ،
يقومون بإستحواذ مجنون " :الكرة لنا وسنحتفظ بھا "
مثل ساعات رولكس ببطاريات سواتش ،أنيقة وتدوم طويالً ..
" -شكراً لك ،عودة حميدة إلى ميالنو ،واتمنى ان التدوم طويالً " .
" -شكراً لك مرة أخرى ،على ھذه المحادثة الجميلة " .
-خرجت من مكتب غوارديوال مذھوالً ،كنت اخر من ركب باص الميالن ،لكن لم يالحظ اي
شخص ذلك ..الكل كان يفكر مالذي سيحدث بعد ھذا
وانا كنت ارى بأنني انا وإبراھيموفيتش نسير في إتجاه مُعاكس ..العالم يعرف عن قصته ،
لكن اليعرف عني اي شيء ..كنت سأحب ان أعيش
تجربة جديدة مختلفة مع نادي عظيم ..المحادثات إستمرت لفترة ما ،لكن في النھاية ميالن
رفض ان يتخلى عني ..في ذلك الوقت أعتبروني
قادر على الركض والتضحية لھذا أحتفظوا بي ..لم تكن ھناك اي مفاوضات حقيقية مع
برشلونة ..فقط كلمات ،محادثات ونظريات ال أكثر ..
-كنت ساكون محظوظا ً لو دربني غوارديوال ،لكن ُه يأخذ كل شيء ويجعل ُه كبيراً ،يجعلك منك
عظيما ً ..يقود من حوله إلى مستويات أعلى ليس
فقط على مستوى كرة القدم بل على مستويات متعددة ..إبرا ،كان يقول أن ُه " الفيلسوف "
وكان يعتقد ان ُه يُھينه ..لكن اذا فكرت في تلك الكلمة
ستجدھا إشادة جميلة ..أن تكون فيلسوفا ً يعني ان ُتفكر ،ان تبحث عن الحكمة ،ان تكون لديك
أفكار أساسية تحركك وتقودك ..ان يكون لديك
منطق ،وان تؤمن بقدرة الخير على التفوق على الشر ..حتى مع بعض المعاناة ..غوارديوال
22
اخذ كل ھذه المفاھيم وطبقھا في عالم كرة القدم ..
علم مثالي ،تظھر فيه قوة العمل وقوة التفكير ..مافعله ليس معجزه بل تخطيط سليم ..كريمة
كتلونية سھلة الھضم ،سباحة بين الواقع
والخيال ..جنبا ً إلى جنب مع ايستريت ،في كلمة :بالي ستيشن ..
-غوارديوال يعيش في تلك الزاوية في البالي ستيشن ،في الجانب األبيض من الھارد ديسك ،
23
مخزن األسرار الذي في يوم ٩يوليو ٢٠٠٩قمت
انا أيضا ً بإستعماله ،مكان غريب ،التستخدمه اال بالصدفه ..كانت لحظات سريعة لكن
التنسى ،من السھل الحديث عنھا لكن من الصعب فھمھا ..
تأخذك بشكل كامل ،تشعر بأنك مرتاح لكن في نفس الوقت سجين ..في ثانية تكون على وشك
اإلختناق ،وفي الثانية التالية تتنفس من قمة
جبل ُ ..تغمض عينيك فترى الكثير من األشياء ..تشعر بأن عقلك يُحلق ..وكأنه بالونه مليئة
باألفكار الثقيلة والخطيرة ..
-ركضت العديد من الكيلومترات في مسيرتي ،لكن اقصر مسافة ارھقتني ھي تلك التي اعاني
فيھا من أرق ذھني ،وليس من الجري
بسرعة ..نيل ارمسترونج مشى على القمر ،بينما انا مشيت على العشب األخضر في الملعب
األولمبي في برلين ..كانت ھناك لحظة في
نھائي كأس العالم ٢٠٠٦اشعر بأنھا خاصة جداً لي ..وذلك عندما رأيت مارشيلو ليبي يمشي
متجھا ً لي بعد نھاية األوقات اإلضافية قبل تنفيذ
ضربات الجزاء ..كنت اسمع األجراس ُتقرع ،لكنني تمنيت لو ان األصوأت التي كان تعج في
الملعب ،أعلى ..
-ذلك المدرب العظيم جاء مباشرة تجاھي وھمس بإذني كلمتين " :أنت ستبدأ " ..كانت كلمات
دوي مؤثر ،في مباراة قد ترسم صورة عن
لھا َ
أي العب طوال حياته ،لم تكن كلمات ليبي بالضرورة خبراً سعيداً بالنسبة لي ..كلماته كانت
تعني أنني األفضل ،لكن في المقابل اذا أضعت
ضربة الجزاء فأنا المذنب األول " ..ھل أسدد على اليمين ؟ ام اسدد على اليسار تجاه يد
الحارس الضعيفه ؟ ال يجب علي وضعھا في الزاوية
الصعبة لكي أضمن دخولھا ..لكن ماذا لو أخطأت ورميت الكرة تجاه الجماھير ؟! " ..كانت
ھناك فوضى في مخيلتي ..
-لم اكن اعرف ماذا أخترع ،لكن الجزء االسوأ كان ھي تلك الطقوس التي تجعل الفريقين
يجلسان في دائرة المنتصف ،وكل العب يأتي دوره
24
لتنفيذ ركلة الجزاء يذھب ليمشي ٥٠متراً قبل ان ينفذ ضربة الجزاء ،كانت خطوات في عالم
من الخوف ..مقارنة تلك المسيرة بالرجل المدان
الذي يتم سحبه على المعشب األخضر سابقا ً قد تكون مبالغة او غير منطقية ،لكن بشكل او
بأخر ھناك وجه شبه بين الحالتين ..
-نھضت ،كان دوري لتنفيذ ضربة الجزاء ،حينھا قررت بغريزتي " :سأسدد في الوسط ،
وسأرفع الكرة قليالً لكي اليتصدى لھا بارتيز بقدميه " ..
إنطلقت ..كانت خطوات تعج بالمشاعر ..أخترت ان اسير بخطوات بطئية ،لم اريد ان افسد
اي شيء ،اردت اخذت أكثر وقت ممكن ..اليمكنني
أن انسى غياب الوعي اثناء تلك الخطوات البطيئة ،كانت قصة درامية ..
-حدقت إلى العشب تحت قدماي ،وكأن ُه لم يكن كبقية المالعب ..وكأن العشب كان أكثر ليونة
،على حذائي طبعت اسماء أبنائي ،ربما لھذا
كنت امشي في مُنتھي الرقة ..أقتربت من المرمى ،لم أنظر لبارتيز ألن فالشات الكاميرات
خلف المرمى كانت تسطع في عيني ،قلت في
نفسي " أتمنى ان ال تصيبني بالعمى أثناء التنفيذ " ..وقفت ،حملت الكرة ،كان ثقيلة بحجم
الضغوط التي كانت تسحقني ..لم أبحث عن
بوفون ولم احاول النظر إليه ..تحديقه في عيناي او إشارة منه او حتى نصيحة ،لم تكن
لتخدمني في تلك اللحظة ..لكن ،بوفون لم يكن في
ذلك الوقت متفرغ لمشاكلي ،كانت لديه مشاكله ..كان ينظر إلى السماء ليطلب المساعدة ،ألنه
اذا كان الرب موجوداً فھو بالتأكيد ليس
فرنسي ..
-أخذت نفس عميق وشعرت بشعور اليصدق ،فكرت بكمية أفكار التعقل في لحظة بسيطة ،
لكنني اردكت في تلك اللحظات كم ھو رائع ان
تكون إيطاليا ً ..شرف اليقدر بثمن ..لم أؤمن يوميا ً بخطابات رجل السياسة والبكتب التاريخ
25
التي درستھا ) ربما ألنھا كانت مغلقة طوال الوقت ( ..
لكن رغم ذلك كنت اعرف ان إيطاليا بلد فريد ،تحبھا ألنھا إيطاليا فقط ..
-سجلت ضربة الجزاء ،وحتى لو لم انجح في التسجيل ،ذلك الدرس كان سيبقى ..كان من
الرائع ان تدرك ان ھناك الكثير من الماليين قد
شعروا بنفس الفرحة معك ،بنفس الطريقة وبنفس اللحظة ولنفس السبب ،في مدن مختلفة ربما
كانوا فيھا قبل دقيقة يتخاصمون ويبحثون
عن اي نقطة إلتقاء بينھم ..ضربة الجزاء تلك كان تعتبر بمثابة التعريف لي ،ربما لن تصدقوا
لكنني أرى نفسي في ضربة الجزاء التي نفذتھا
في وسط المرمى ضد فرنسا في نھائي ٢٠٠٦أكثر مما ارى نفسي في ضربة الجزاء العبقرية
ضد إنجلترا في أمم اوروبا .. ٢٠١٢رغم ذلك
الھدف كان ھو نفسه دائما ً :أختيار الحل األفضل للتقليل من إحتماالت الخطأ في تنفيذ ضربة
الجزاء ..
-لكي تفھموا :في ٢٠١٢لم أفعل مثلما فعل توتي في عام ٢٠٠٠ضد ھولندا عندما ھمس
لمالديني ودي بياجيو قبل ان ينفذ ضربة الجزاء
" سأنفذ الملعقه " ..ال ،انا لم أقرر من البداية ،بل قررت في النھاية ،بعد ان رأيت جو
ھارت يتحرك كثيراً ويقوم ببعض التحركات في مرماه ..
ركضت بسرعة دون ان أوضح اين سأسدد ،وتحرك ھو بإستعجال ،في تلك اللحظة قررت :
ونفذت الملعقة ..
-كانت لحظة إرتجال ،ولم تكن مع سبق اإلصرار ..كان الطريقة الوحيدة التي تجعل نسبة
دخول الھدف تقارب .. %١٠٠لم افكر باإلستفزاز ..
ھذه ليست طريقتي ..بعض الخبراء حاولوا إيجاد معاني عميقة من تلك الحركة ،تحدثوا عن
رغبة معينة بالثأر لكن بدون نجاح ،نحن حتى لم
نتدرب بسب كثرة التنقل بين بولندا وأوكرانيا ،ھل ستفكر وتخطط مسبقا ً بتنفيذ شيء كھذا ؟!
26
اما ان تكون توتي ،او ان تكون غبيا ً ..نفذت تلك
الركلة بتلك الطريقة ألنھا كانت األضمن واآلمن ..كانت نتاج لحظة حسابية بحته للبحث عن
األفضل ..ربما البعض لن يعجبه تفسيري لألمر
لكن دائما ً الحقيقة تكون أقل رومانسية ..صحيح ،كانت طريقة رائعة لقلب النتيجة على
إنجلترا والتأھل إلى نصف النھائي لكن الحقيقة ھي
أن طريقة التنفيذ كانت وليدة لحظة بسيطة من الزمن ..أتذكر ردة فعل الجميع ،خاصة
زمالئي الذين كانوا مذھولين جداً ،لكن السؤال الذي
أتذكره بعد ذلك البنلتي " :أندريا ،ھل أنت غبي ؟ " ..كانوا مذھولين ،اما انا ال ،كنت
اعرف لماذا فعلت ذلك وألي عدد من الناس ..
27
-الفصل السادس -
-ليست ص ً
ُدفة او قضية أن المشاعر تكون جياشة عندما ترتدي قميص األزوري ،األزرق ھو
28
لون السماء والسماء ھي كل شيء ،مھما كانت
تغطيھا الغيوم ،انت تعلم انھا ھُناك ..بعد كأس العالم ٢٠١٤سأعلق حذائي وأعتزل اللعب
دوليا ً ،سأغلق المرحلة بقلبي ..حتى األن اليمكن
ألي شخص -ماعدا برانديلي ألسباب فنية -ان يطلب مني اإلبتعاد عن المنتخب ..حينھا
سيكون عمري ٣٥سنه ،عمر مناسب لترك الفرصة
ت إلى
لألخرين ..ربما لن أشعر بأنني مفيد كما انا األن او في الماضي ،لكن ھذا اليوم لم يأ ِ
األن ..
-كوني جزء من المنتخب اإليطالي يجعلني اشعر بشعور جيد ،يُريحني ،دائما ً أعتبرهُ افضل
من ممارسة الجنس ،ألنه شعور يدوم لمدة أطول ..
إذا لم تشعر بذلك فھذه مشكلتك ..تريدون مثال ؟ شخص مثل كاسانو يقول ان ُه مارس الجنس
مع ٧٠٠إمرأة ..لكنه في نقطة ما في حياته لم
يعد جزء من المنتخب اإليطالي ،ھل سيكون سعيداً بشكل دائم ؟ ال أعتقد ذلك ..ألن ذلك الجلد
الثاني ،يعطيك نظرة مختلفة عن العالم ،حقا ً
يجعلك افضل ،يرفعك لمستويات أعظم ..أفضل ان اكون جنديا ً في الملعب على ان اكون
جنديا ً في السرير ..ومن وجھة نظر ،أعتقد انه اليجب
على اي شخص ان يترك المنتخب ،يجب ان يتم ذلك فقط بقرار من المدرب ..ھذا يجعل
األمور أقل تعقيداً ،وألطف بقليل ..
-بعيداً عن عدم المشاركة في بعض المباريات الودية ،لم يسبق ألي نادي لعبت فيه ان ضغط
علي او طلب مني ان ارفض دعوة للمنتخب ..
لو فعلوا ذلك سيستقبلون إجابة غير لطيفة ..لو حدث ذلك الشيء أعتقد أنني سأتصرف وفقا ً
لغريزتي حتى لو كان ذلك عكس إرادة الرؤوساء ..
أيطاليا اھم من الجميع ،اھم من ميالن ،يوفي او إنتر ..ولنعمم الحديث ،أستاء كثيراً عندما
اكون في الكوفرشيانو مع المنتخب وأجد ان األندية
الزالت تفكر في مصالحھا ..تفكر وتحسب حساب إلتزاماتھا في البطوالت والتھتم إليطاليا اال
في المناسبات الكبيرة مثل كأس العالم او كأس
األمم األوروبية ..بعض الالعبني يعرفون انھم إذا عادوا ألنديتھم بإصابة مع المنتخب فإنھم
29
سيتعرضون لبعض المشاكل مع اإلدارة لكن رغم
ذلك لم ولن أوفر نفسي ألي شيء عندما ألعب مع المنتخب ،ولن أتراجع عن اي تحدي في
الملعب لھذا السبب ..
-بدأت مع المنتخب في عمر ١٥عام ،ولم أتوقف ،مررت بكل الفئات السنية ،أتخيل ان
األزوري مثل س َلم الترى نھايته ،مع الئحة في أول
درجة من السلم مكتوب عليه :يجب ان تصلي من اجل الجنة ھُناك ..بدايتي مع المنتخب بعمر
١٥عام شھدت عدة صعوبات ألن عمري كان
صغيراً جداً على المشاركة في البطوالت التي كان فيھا عمري اقل من العمر األدني المسموح ،
لكن رغم ذلك سيرجيو فاتا قام بأخذي معه ..
التزوير كان حالً متوفراً لكن لم افعل ذلك النه غير صحيح ،على الرغم من انه في أوقات مع
بريمافيرا بريشيا ظھرت تلك الفكرة من جديد ..
-كنت سعيداً ألنني ذھبت مع المنتخب ألنني تغيبت عن المدرسة لثالثة ايام ،وفاتتي العديد من
الدروس التي قمت بإسترادھا الحقا ً خالل
مسيرتي :تجوال العالم مع إيطاليا ) دروس جغرافيا ( الفوز ) تاريخ ( الركض ) تمارين بدنية
( معرفة غوارديوال ) فلسفة ،وفن تاريخي ،ليس
إسباني لكن كاتالوني( ..اعتبر نفسي محظوظ ،القميص الذي ارتديه عملة نادرة ..أتذكر
بعض األشياء البسيطة عن كأس العالم ١٩٨٦بينما
بطوالت ١٩٩٠اتذكر فيھا كل شيء ..خاصة شيء واحد :أغنية الصيف اإليطالي ،بغناء
إدواردو بيناتو وجيانا نانيني ..كل الالعبين الذي من
جيلي يعرفون تلك األغنية ،في الواقع كنا نحتفظ بتلك األغنية على األيبود في كأس العالم
٢٠٠٦ألمانيا ..بعض االعبين كانوا يستمعون
لھا في يورو .. ٢٠١٢اغنيية دائمة حاضرة معنا ،حتى بعد مرور ٢٢سنه ..
-في معسكرات المنتخب ،تنشأ صداقات حقيقية ،نقية ..الغرفة ٢٠٥في الكوفرشيانو ،
30
سريرين وحمام واحد ،وشرفة واحدة تعتبر بمثابة
خزانة األسرار ..اوالً كنت اتشاركھا مع نيستا ،واألن اتشاركھا مع دي روسي ..النقيضين
من العالم الروماني ،نيستا من التسيو ودي روسي
من روما ..المانيا إتحدت بعد بعض المشاكل ،ونحن قررنا ان نتحد نحن الثالثة وكفى ..
-نيستا في ٢٠٠٦تعرض لإلصابة ضد التشيك ،كم ذرف من الدموع ،وكم كان متوتراً حينھا
..كان معنا بنصف وعيه ،اليتحدث ألي شخص في
المعسكر اال معنا انا ودي روسي ..ليبي كان يسمح لنا بالخروج من المعكسر احيانا ً فنأخذ
نيستا للعشاء في الخارج ،ونحاول بكل مانملك ان
نبعده عنه تأثير اإلصابة ونساعده على عدم التشتت ..لكن رغم ذلك كان في كل مرة يكرر تلك
الجملة " :ال أشعر بأنني جزء من ھذا الفريق ..
سألحق األذى بنفسي دائما ً " ..
-في احد المرات ،كنا عائدين من دوسلدورف على السيارة ،المدينة األقرب لمعسكرنا في
دوسبورغ ..نيستا كان ھو من يقود ) بارزالي كان
معنا ايضا ً ( ..فجأة صرخت انا ومعي دي روسي على نيستا :
" -انت تذھب اإلتجاه الخاطيء ،أخرج من ھنا بسرعه ،إلى اوسفارت " !
-نيستا رد " :لكن ؟ " ..
" -لكن ماذا ؟ أخرج نيستا بسرعه ،أخرج " ..
" -ھل أنتم متأكدين ؟ " ..
" -بالتأكيد ..أخرج بسرعة لكي النتأخر عن العودة وندفع غرامة " ..
-بحركة متھورة ،تحول من سرعة ٦٠ميل في الساعة إلى ٠ميل في ٥ثواني ،ضغط على
الكوابح بقوة ثم قام بإنعطاف خطر وأتبع الطريق
الذي قلناه ..سرنا قليالً في السيارة ثم أنتھى بنا المطاف بالطبع في طريق مليء بالمزارع ..
31
مثل تلك التي في فيلم Gran Rossoاسوأ فيلم
تابعته في حياتي ..ضعنا في الطريق ،كنت اضحك انا ودانيلي ..نيستا كان قلقا ً :
-لو لم نعود به ،لحدثت له إصابة في يده ايضا ً ،لم اسمع اي شخص يلـعن ويشتم اكثر منه
في تلك الليلة ،لكن بكل األحوال خطتنا نجحت
ووصلنا إلى ماكنا نريد :لبعض الوقت كان نيستا يفكر في شيء أخر غير إصابته ،حظي
ببعض الوقت المسلي ..
-نيستا عمل جيداً وتماسك حتى ماقبل مباراة نصف نھائي كأس العالم ضد المانيا ،خضع
لبعض الفحوصات في كتفه ليعرف حالته وإمكانية ان
يشارك في ذلك اللقاء ..أجرى الفحوصات :أتضح انه شفي من إصابته وھناك إمكانية كبيرة
ان يشارك في لقاء المانيا ..بعدھا بقليل واثناء تلك
التدريبات ،قام نيستا اثناء الجري برفع ساقه ،وشعر بشيء محسوس وواضح ،تعرض لتمدد
! شعرنا بأن ُه سيموت ..وحالنا لم يكن افضل بكثير
منه النه كان لدينا بعض األمل واألن إنتھى كليا ً ..اما ليبي وبقية الفريق حافظ نيستا على
32
ھدوئه ،لكن عندما وصل إلى غرفتنا إنھمرت دموعه ..
ربما لم يبكي امام أحد بتلك الطريقة ،لم يكن يريد ان يراه اي شخص بتلك الحالة ..عرفت ان ُه
قام بجھد خارق ليتجنب اإلنھيار امام الجميع في
التدريبات ..لكن عندما يضيع الحُ لم ،اليوجد اي شيء تقوم به ..فقط تحكم قبضتك وتدفع
العواقب ..عواقب نفسيه أكثر منھا بدنية ..
-حالة دي روسي لم تكن افضل في تلك البطولة ،خاصة بعد الكوع الذي قام به لالعب
المنتخب األمريكي ماكبرايد ،الشيء الذي قد اليعرفه
الجميع ھو ان دي روسي بعد تلك المباراة تلقى سيل عارم من رسائل التھديد والشتائم ،
والتھديد حتى لعائلته ..حتى قاموا بقول كلمات ثقيلة
جداً عن والديه ،وھم اشخاص من ذھب ..جرس الغرفة بدأ يرن بشكل مضاعف يوميا ً ،
الكثير من الرسائل تصل يوميا ً ،دي روسي يتوقع انھا
من ماريا دي فيليبو ويجدھا من ھانيبال ليكتر ..رسائل مليئة بالسموم ..عاش بشكل سيء لمدة
طويلة ،أتذكر انه أليام طويلة كان اليريد لقاء
اي شخص ..من يعرف دي روسي يعرف ان لديه قلب كبير ،وعندما تعاني وانت بھذا الشكل
فإن ھذا يعقد األمور كثيراً ..
-في وسط حالته السيئة ،دي روسي كان احيانا ً يأتي ويھمس في اذاننا فجأة " :اندريا ،
ساندرو ..كيف حالكم ؟ " ..سؤال كان يجعلنا ندرك
جيداً أنه في طريقة إلى الجنون ..وان سوء حالته زاد بشكل دراماتيكي ..تم إيقافه ٤مباريات
٤ ،مباريات في كأس العالم تشبه الحكم بالسجن
المؤبد :أدركنا ان الخطر عليه لن ينتھي ..خاصة اننا نحن اصدقائه ايضا ً لم نتعامل معه
بلطف في البداية ،كنت نواجھه باألسئلة " :دانييلي ..
ماھذا الجنون الذي فعلته ؟ " ..بعد ذلك ادركنا اننا نفقد واحد من أھم افرادنا ،لھذا فوراً قمنا
باالھتمام به ،اإلصدقاء يھتمون ببعضھم البعض
بكل تأكيد ..ھذا امر النقاش فيه ..نحب بعضنا البعض بغض النظر عن اي شيء ..
33
-الرسائل لم تتوقف ،لكن دي روسي عاد من إيقافه ،وسدد احد ضربات الجزاء في النھائي
ضد فرنسا ،رسالة رد جميلة على أولئك األغبياء
الذين التوجد لديھم اي كرامة ) ..يجب ان اقول انھم جھلة ايضا ً ،بالنظر إلى كثرة األخطاء
األمالئية في رسائل التھديد التي كتبوھا ( ..ساعدت
دي روسي بتلقائية واألن الدور عليه لكي يرد لي الجميل ،كن قريبا ً مني ،حتى في الملعب ..
كنت اقول له ذلك ..األن في كل مرة أواجھه
أقول له " :سأترك المنتخب بعد ٢٠١٤لھذا اريد ان العب نھائي البطولة " ..من المؤسف ان
نيستا لن يكون معنا ،ألنه خرج مع المخرج !
-مورينھو في أول مؤتمر له بعد ان تم تعيينه مدربا ً لإلنتر فاجأ الجميع بلغته اإليطالية المتقنه
لست سخيفا ً " ..
ُ حينما قال " Io non sono pirla " :انا
لكنني العكس ،انا Pirloوايضا ً .. Pirlaاسم مذكر واسم مؤنت لكي اليفوتني اي شيء "
أحمق " كما يقول عني صديقاي الرومانيين ،أھتم بتفاصيل
الوجه ،التعابير على وجھي ھي نفسھا وھنا تكمن الروعه ،أخترع اشياء غريبة ،أقوم
بالضحك على اصدقائي وھم يعتقدون انني اتعامل مع األمر
بجديه ،لكنني في الحقيقة أستمتع باألمر في داخلي ..أخطط لبعض المزحات ،واتلقى عدة
صفعات ،مثل تلك التي كان يوجھھا لي رينو جاتوزو
سواءاً مع الميالن او المنتخب اإليطالي ..
-جاتوزو ليس عالما ً ،وال صاحب خطابات بليغه وليس عضواً في أكاديمية كروسكا ..لكن
34
رينو عندما يتحدث ،فإن غرفة المالبس كلھا تتحول إلى
مھرجان ريو :ضوضاء ،صراخ وأبواق ..ھكذا تكون ردة الفعل تجاھه ،النجعله ينھي
حديثه ،ترى بأن الماراكانا اصبحت في الميالنيلو او الكوفرشيانو
جاتوزو يتحدث البرتغالية دون ان يعرف عنھا اي شيء ،كما ان ُه يتحدث اإليطالية دون ان
يعرفھا ..
-كنت انادي جاتوزو بـ " المزارع " ثم يقوم بضربي ،في أحد األيام قررت أن أنتقم منه ،
كان ذلك اثناء مفاوضات رينو مع النادي لتجديد عقده ،قمت
بسرقة جوالة وأرسلت ألريدو بريدا رسالة قصيرة " :عزيزي بريدا ،أعطني ما أريد
وسأعطيك أختي " ..أكتشفني جاتوزو ،قام بضربي مرة أخرى
ومن ثم أتصل ببريدا " :انھا أحد مزحات بيرلو الغبية " ..كنت دائما ً الشك األول لديه عندما
يتعلق األمر بھذه الوضعيات " لألسف " ..
-دي روسي قبل احد المباريات مع األزوري ،كانت ينتظر رينو جاتوزو في غرفته ،بقي
ھناك لمدة نصف ساعة ينتظر ،إختبى تحت السرير ،أخيراً
جاء جاتوزو وھو يرتدي البجامه ويفرش اسنانه ،توجه إلى السرير ،وأخذ أحد الكتب وقام
بالنظر إليه ،وقبل ان ينام بقليل :دي روسي مدَ يديه من
تحت السرير إلى أطراف جاتوزو ،وانا فجأة خرجت من الخزانة أقوم بأصوات مخيفة ..
جاتوزو تعامل مع األمر جيداً ،بعد ان خاطر بالتعرض لنوبة
قلبية ،قام بضرب دي روسي اوالً ومن ثم توجه إلي ..
-في احد المرات قمنا بغسل جاتوزو بطفاية حريق ،كنا مع األزوري ،بعد ان تعادلنا مع
ايرلندا وتأھلنا رسميا ً إلى نھائيات كأس العالم ، ٢٠١٠كنا
سنواجه قبرص في بارما بعد اربعة ايام من تلك المباراة ،كانت مباراة غير مؤثره وبدون اي
فائدة وكأنھا مباراة ودية ..أحيانا ً بين مباراة وأخرى يقوم
ليبي بمنحنا الحرية لـ ليلة واحدة لنخرج فيھا ..كنا في فلورنسا ،خرج جميع الفريق تقريبا ً إلى
العشاء ،ماعدا جاتوزو ..الذي بقي في معسكر
المنتخب ..عندما عدنا كنا في حالة سكر بعض الشيء ،في الحقيقة كنا في حالة سكر قوية جداً
35
..لم نتمكن من النوم ،كنت نتحدث في اللوبي ..
اردنا ان نجد شيئا ً نضيع فيه بعض الوقت ..أتفق اغلبنا او كلنا في نفس الوقت على اننا سنفعل
الشيء ذاته " :لنقوم بإزعاج جاتوزو " ..الذي
كان نائما ً في ذلك الوقت ،مع غطاء على رأسه ..
-بينما كنا نسير في الدرج متجھين إلى غرفة جاتوزو ،دي روسي وجد طفاية حريق فأخذھا
معه " :سأقوم بإخماد جاتوزو " ..توجھنا إلى غرفته
وقمنا بطرق الباب ،فتح لنا جاتوزو والتجاعيد حول عينيه :دي روسي فوراً قام بتفريغ كل
مافي تلك الطفاية على جاتوزو ،ثم قام برميھا وھرب
إلى غرفته -التي كانت غرفتي ايضا ً -وقام بإقفال الباب بإحكام ..تركني تحت رحمة وحش
اليرتدي اال مالبسه الداخليه ،تغطيه الرغوة بالكامل
ويھذي بكلمات غير مفھومه ،لكنني فھمت منھا أنه اصبح مستقيظا ً بشكل كامل األن ..حاولت
الھرب ! لكني اللعـنة حلت علي من البداية ،كنت
أعرف ذلك جيداً ..عندما تركض وخلفك جاتوزو يطاردك ويريد ان يلحق األذى بك ،بإمكانك
ان تركض أينما شئت ،سوا ًء كنت غزال او اسد ،في
النھاية جاتوزو سيمسك بك ..
-دي روسي ،كان يتحدث بشكل مضحك من خلف باب غرفته المقفل بإحكام " :ماھذه
األصوات المزعجة ؟ لقد سمعتھا من قبل في أفالم بود
سبينسر وترانس ھيل " ..األصوات التي يسمعھا دي روسي كانت اصوات تشكيلة الصفعات
التي كان يوجھھا لي جاتوزو بعد ان امسك بي ..بعد
كل ھذا جاتوزو قام بتحيتنا وعاد إلى غرفته ،ألنه ھكذا دائما ً ،إما ان يلعب او ان يكون في
المعسكر يستعد ..اليحب المرح الزائد واليريد اي شيء
قد يفقده تركيزه ..اليحتمل فكرة ان يقوم بأي شيء قد يعيق ُه عن الفوز بمباراة ..
-شيء آخر عن جاتوزو :ان ُه متطير إلى حد القرف ..لدرجة ان ُه عندما كنا في المانيا خالل
نھائيات كأس العالم ، ٢٠٠٦وبما ان األمور كانت تسير
بشكل جيد معنا ،جاتوزو قام بإرتداء نفس اللباس لمدة أطول من الشھر بقليل ! كانت درجة
36
الحرارة تصل إلى ٤٠درجة مئوية ،وجاتوزو رغم ذلك
كان يتمشى بمالبسه التي كأنھا مالبس غطاس ..من ربع النھائي وبعد ،بدأت رائحة مالبسه
تظھر ..لم تكن لتكفي طفاية حريق من اجل غسله
في تلك األيام ،كان يحتاج برميل من الالفندر ..
-جاتوزو كان دائما ً ھدفي المفضل ،في اي مكان اتواجد فيه معه ..على الرغم من ان ُه حاول
قتلي بتلك الشوكة أكثر من مرة ..في الميالنيلو
كنا نسخر منه بشتى انواع السخرية عندما يخطيء ،وعندما يتحدث بشكل جيد ،نحاول إيھامه
بإنه اخطأ حتى يفقد أعصابه كليا ً ..انا ،امبروسيني
نيستا ،إنزاغي ،أبياتي ،اودو ..كنا مجموعة " األوغاد " الذين يقومون بھذه التصرفات مع
جاتوزو دائما ً ..كنا نجري ھذه المحادثة معه :
-ھنا يبدأ دم جاتوزو يغلي في رأسه ،بإمكانك ان ترى ان ُه لم يعد يستطيع ان يتماسك ..أدركنا
ذلك فوراً فقمنا بإبعاد السكاكين من الطاولة ،لكن
37
جاتوزو قام بخطف الشوكة ولحق بنا وحاول طعننا بھا ،في أكثر من مره يصيب أحدنا وتبقى
اثار األصابة واضحة ،كانت طعناته تصيب الھدف وتدخل
في الجلد ،ونحن كنا اشبه بالتونا ،بإمكانك ان تقطعنا بقطعة خبز ..سبق وان تغيب بعض
الالعبين عن بعض المباريات بسبب نتائج ھذه المزحات
واأللعاب ..والنادي بالطبع كانت يكتب في بيانه الرسمي " :الالعب سيغيب بسبب إجھاد
عضلي " ..نھرب من جاتوزو عندما يكون مجنونا ً ،لكن
عندما يھدأ ويعود ليغلق غرفته ويجلس فيھا ،نعود إلى باب غرفته ونغلق عليه من الخارج
ليبقى سجنيا ً واليتمكن من الخروج :
-جاتوزو يجن جنونه من جديد ويبدأ بتكسير كل شيء أمامه لكن رينو يبقى طيبا ً حتى وھو في
قمة جنونه ،اتخيله مثل وودي آلن ،المخرج الذي
يعجبني اكثر من غيره ..أتخيل رينو برغوة على فمه ،يرتدي القميص رقم ٨ويردد جمل
مثل " :انا ال آكل المحار ابداً ،أفضل الموت على ھذا الطعام
ليس المرض او اإلصابة ،إنما الموت " ..او يقول ايضا ً " :اليوجد فيك أي مرض او علة
اليمكن مداواتھا بقليل من البروزاك ونصف بولو " ..
-من بين األشياء الكثيرة عن جاتوزو ،رأيته في احد المرات يمسك بقوقعة حية ويأكلھا ،بعد
الرھان على ذلك ..لقطة فيلم ،وانا المخرج -في
الحياة ،كما في الملعب -ممثل مثل جاتوزو اليمكن ابداً ان تدعه يبتعد عنك ..
-في غرف المالبس ،تحتاج لمثل رينو جاتوزو ،ربما يشيخ بدنيا ً ،لكن على مستوى
الكاريزما ال ! على مستوى الشخصية يحسب لُه الحساب ،وكل
كلمة تخرج منه تكون بمثابة أمر ..اي العب جديد يأتي للميالن ويقوم بأي تصرف خاطيء ،
يعرف جيداً ان اول شخص يجب ان يبرر له تصرفه ھو
جينارو جاتوزو ،وھذا كان سببا ً مؤثراً جداً في تقليل إحتماالت القيام بتصرفات سيئة ..أمر
38
اليمكن ان يغيرهُ حتى العجوز وودي ..
-سابقا ً كان ھناك أعالم في األندية ،واألعالم بيدھم كل شيء ،الحبل والبرستيج والقدرة على
اإلمساك بالرياح ،واإلستثناء في تغيير التوجھات
واألحداث ..لكن األن لالسف ،األمور باتت تدور حول محور توفير المال فقط ! األندية تقوم
بتخفيض مرتبات العبيھا التي منحتھا لھم في البداية ..
والناس ،عندما تبدأ األندية بوضع الالعبين -الذين اليقبلون بالتخلي عن جزء من مرتباتھم -
بعيداً عن الفريق ،تجدھم يتصرفون وفقا ً لغريزتھم فقط
ويبدأون بإلقاء التھم واألحكام الغير منطقية ،فيقولون :ماھذا الرجل الغني الذي اليريد ان
يتخلى عن اي شيء من اجل الفريق او :ھناك اناس
يموتون من الجوع وانتم ايھا الالعبين تريدون الحفاظ على كل ماليينكم او :انھم اسوأ من
السياسيون ،انھم الطائفة الحقيقيون ..شيء مقرف ..
-دائما ً تأتي إلى رأسي العديد من األسئلة ،بدون ترتيب ،وال اعرف كمية الذكاء فيھا :ھل
كان ھناك مسدس مصوب تجاه رؤوس مدراء األندية
عندما قاموا بتوقيع عقود مليونية مع الالعبين ؟! قبل ان يخطئوا الحسابات ومن ثم يقومون
بإلقاء اللوم فقط على الالعب ،ھل يجب ان يتحمل اي
العب ان يكون كبش الفداء في ھذه المسألة ؟ مالذي يعرفه الناس عن الالعب خارج غرف
المالبس ؟ ماذا لو كان الحارس ،او المدافع ،او العب
الوسط ،او المھاجم يقوم بإعالة عائلة كبيرة جداً ويحتاج لكل أمواله ؟ ماذا لو كان يقوم بتغطية
إحتياجات والديه بعد ان قاموا بتضحيات كبيرة من
أجله في السابق ؟ ماذا لو كان الالعب يقوم بدفع ديون صديق او قريب له ؟ ..رؤساء األندية
يقومون بتنظيم حفالت عشاء فاخرة من اجل التوقيع
مع اي العب في البداية ،ويقومون بتغطيته بالذھب ،والحقا ً :بأي حق يطالبون األن
بإسترجاع ھذا الذھب ؟! ..اليس اولئك ھم الكاذبون ؟ الذين
لم يتمكنوا من اإليفاء بوعودھم ..بأي حق يطالب اإلداري ان يغير بنود العقد الذي ھو من
كتبھا بنفسه في البداية ؟! نعم ،نحنُ فئة محظوظه
وھذا أمر اليمكن ان ننكره ،لكن ايضا ً نحن لدينا كرامة ..على األقل ،في ھذه المسألة نحن
39
لسنا " سُخفاء " ..
-من األشياء التي كنت محظوظا ً فيھا :انني ألتقيت انتونيو كونتي ،لقد عملت مع الكثير من
المدربين في مسيرتي الكروية ،لكن كونتي ھو
40
أكثر من فاجأني من بينھم ..حديث ُه كان يكفي -بالكثير من الكلمات البسيطة -ان يسيطر علي
وعلى جميع العبي اليوفنتوس الذي تواجدوا معا ً
في اليوم األول ..في اول يوم من التحضيرات في مونتانا ،قام بإستدعاء الجميع في الجيم
ليلقي خطابه ..كانت السموم حوله من قبل ذلك لكنه
كان يتحرك على مستويات عالية ،ھكذا تفعل األفاعي " :ھذا الفريق أعزائي الشباب جاء من
المركز السابع في موسمين متتالين ،أمر جنوني ..
لكن ھدوء ..لست ھُنا من اجل ذلك ..حان الوقت للتوقف عن كوننا فريق مريض " ..
-خالل دقائق بسيطة ،تقلصت األسرار التي كنت اريد اكتشافھا إلى صفر ،شيء واحد بالذات
كان واضحا ً جداً :ھذا الرجل لديه شعر شيطان ..
وإذا كان الشعر مُزيفا ً ،فإن الشيطان ليس كذلك ..إن ُه شيطان حقيقي ،شيء اليمكن ان يُعاد
إنتاجه ..أكمل كونتي " :في المواسم األخيرة ھنا
تم عمل كل شيء بشكل خاطيء ،لھذا يجب علينا ان نخترع شيئا ً لنعود ،لنكون اليوفي
الحقيقي ..العودة ليست طلبُ مؤدب ،بل ھي أمر ..
واجب أخالقي ..يجب ان تقوموا بخطوة وحيدة ،وھي خطوة بسيطة نسبيا ً :أتبعوني " ..
-اإلنطباع األول كان صحيحا ً :عندما يتحدث كونتي ،تبدأ بعض المفاھيم بالدخول في رأسي
،بعنف ..كلماته تطرق أبواب في داخلك ،حتى في
ذلك اليوم قال كونتي شيئا ً حساسا ً :كم مرة يجب علي ان اعيد ذلك " ..إنتباه ،لم أنتھي بعد ..
ضعوا في اذھانكم ان ُه يجب علينا العودة إلى
مستوى التنافس الذي كان عليه اولئك الذي صنعوا وكتبوا تاريخ ھذا النادي ..عدم الوصول
إلى اول ثالثة مراكز في الدوري :جريمة " ..
-نجحنا بكل وضوح في الموسم االول ومن المحاولة األولى ،نجاح يحسب ل ُه كليا ً ..تخطى
كل التوقعات ،لم يكن باألمكان ان ينتھي ذلك بأي
طريقة مختلفة ،في كل يوم كان يردد " :يجب ان يكون لديكم الغضب الذي بداخلي ،توقفوا "
..كلمات بسيطة لكنھا الكلمات األكثر إقناعا ً التي
تلقيتھا في يوم ما ..
41
-كونتي ليس معلما ً او ساحراً ..رغم ان ُه يقول كلمات مجنونه ..األمر ھو :اما ان تقوم بما
يريد منك او انك لن تلعب ابداً ..يھتم بكل التفاصيل ،كل
التفاصيل الممكنه ويحاول ان يحولھا إلى صالحة ..عندما يركز على الجزء التكتيكي ،فإن ُه
يجعلنا نحدق امام الفيديو لساعات طويلة ،يشرح لنا كل
التحركات واألخطاء التي قمنا بھا ..لديه حساسية كبيرة تجاه األخطاء ،تصل أحيانا ً إلى درجة
الرعب ..أصلي دائما ً ان اليكتشف أخطائي ..
-في ملعب التدريبات في الفينوفو ،دائما ً نفوز في المباريات التدريبية ،لسبب وحيد :اننا
نلعب بدون خصم ،نلعب ١١العب مقابل .. ٠من يوم
األثنين إلى الجمعة ،يجبرنا كونتي على اللعب كفريق بدون اي خصم ضدنا ولمدة ٤٥دقيقة
في اليوم ..نكرر كل التحركات نفسھا حتى نكون قد
وصلنا إلى مرحلة اإلتقان جميعا ً ..ھذا ھو سبب فوزنا حتى عندما نلعب ١١ضد .. ١١إذا
كان ساكي عبقريا ً ،ماذا يكون كونتي ؟ توقعت ان يكون
مدرب جيد ،لكن ليس بھذه الجودة ..توقعت مدرب لديه الغرينتا والكاريزما ،لكنني وجدت
انه حتى في النواحي التكتيكية والفنية بإمكانه أن
يعلم الكثير من جيله ..
-إذا كانت لدي القدرة بالعودة وتغيير شيء واحد ،فإنني لن اقوم بإختيار الذي بجانب بوفون
في غرف المالبس ملعب اليوفي ،مباشر ًة امام باب
الغرفة ،المكان األخطر في تورينو كلھا ..خاصة بين شوطي المباريات ،كونتي يدخل في
نوبات غضب ،حتى وان كنا فائزين ،كونتي يبدأ برمي
كل شيء على الحائط وعلى الزاوية التي اتواجد فيھا ..يرمي كل شيء ،علب بالستيكية مليئة
بالماء ،قطع ،شمبانيا ..يصبح متوحش جداً ..
اليقتنع ..لديه ايضا ً ميزة قراءة ماسيحدث في الشوط الثاني ..في أحد المباريات اتذكر اننا كنا
خاسرين من الميالن بين الشوطين ،كونتي كان
في قمةالغضب وقال لنا " :ضد ھؤالء ! ال أعرف كيف اليمكننا ان نفوز ضد ھؤالء ..رغم
انھم يلعبون بشكل سيء " ..
42
-في النھاية يختفي كل شيء ،يكتفي بتحية سريعة إذا حققنا الفوز ..االسوأ يأتي عندما يكون
لوحده في الليل ،يبدأ بالتفكير بكل ماحدث ..
وكأنه لعب المباراة ،الينام ،يضغط على زر اإلعادة ومن ثم يتذكر كل ماحدث ..يعيش
عذاب داخلي ليس له نھاية او بداية ،يغني اغنية دائرية ال
يمكنك ان تعرف بدايتھا او نھايتھا ..يعيش ٣٦٠درجة في عمله ،والذي ھو سعادته ..لم افھم
من يجلس على الدكة ھو ھو مدرب ام مشجع ..
لكن بكل األحوال نحن نتحدث عن شخص يصنع الفارق ..
-تدربنا الوضع عندما كان كونتي موقوفا ً لمدة طويلة بسبب قصة غريبة عن المراھنات في
ايامه كمدرب لسيينا ،كان يعاني في أيام األربعاء وفي
ايام االحد والسبت ..في التدريبات ،وفي اإللتزامات الرسمية اليمكنه اإلقتراب من الفريق ،
أفتقدنا حضوره بين الشوطين ،بدالءه انجيلو اليسيو
وماسيمو كاريرا كان يفعلون ببساطة مايطلب ُه منھم ..لم يخترعوا اي شيء ،حتى في
المقابالت الصحفية قبل وبعد المباريات كانت يتمتعون بجزء
بسيط من الحرية ،كانوا في الواجھة وكونتي ھو صاحب المفاھيم ..
-في ذلك الوقت لم أراه يبكي أو ييأس ،أتذكر ان ُه قبل صدور الحكم بقليل كنا في معسكر في
الصين ،كان التوتر يغطي وجھه ،كان يقضي ايام
على الھاتف مع محاميه ..لكن مع الالعبين ،لم يناقش ھذا األمر ابداً ،كان جيداً في إبعاد
الالعبين عن مشاكلة الشخصية ،وكأن شيئا ً لم يحدث ..
فقط مرة واحدة ،كانت قبل ان تنفجر قنبلة اإليقاف ،طلب كونتي اإلجتماع بقادة الفريق ،كنت
حاضراً مع بوفون ،كيليني وماركيزيو " :ھذه لحظة
يجب عليكم فيھا ان تمدوا لي يد المساعدة بشكل أكبر من المعتاد ،اريدكم ان تتابعوا كل شيء
في التدريبات والمباريات ،بدون وجودي في غرف
المالبس اريدكم ان تنقلوا لزمالئكم الدفعة الالزمة ،التستسلموا ،التتخلوا عن كل شيء
صنعناه مع بعضنا البعض " ..
43
-كنا متأسفين جداً ألجله وايضا ً ألجل مساعده كريستيان ستليني ..الذي كان جزء من اليوفي
وكان يقضي معنا الكثير من الوقت في التدريبات ..
كان يتابع الجزء الدفاعي في التدريبات ،وغيابه كان ثقيالً علينا ..بعد مباراة ودية في سالرينو
،ظھر في غرفتي فجأة ،عند الساعة الثالثة فجراً ..
قال لي " :أندريا ،لم يعد بإمكاني ان ابقى ھنا ،سأرحل ألنني احب اليوفنتوس ،حتى تھدأ
المياة " ..
-بشكل عام ،ادركت شيئا ً :المشكلة في الرھان ،تمكن في الرھان المسموح به ،بعد ان تم
السماح بالرھان على نتائج المباريات في اي كازينو
بدأت المشاكل الخطيرة تظھر ،خاصة في السيريا بي والسيريا سي ،حيث يبقى الالعب دون
ان يستلم مرتباته لفترة طويلة ،وھذا مايدفعه لكي
يتفق مع بعض زمالئه على نتيجة المباراة ،ومن ثم يتفق مع وكالة مراھنات تدفع له في نھاية
الشھر ،او ربما نھاية السنة ..يجب ان اليسمح لھم
بالمراھنات في السيريا سي ،والوضع في السيريا بي ليس افضل بكثير ..
-البعض قد يأتي ويقول :اذا مُنعت الرھانات النظامية ،ستبدأ المافيا او الكاموار او بقية
الھراء األخر بالسيطرة على وكاالت المراھنات ومن
ثم يكون الوضع اسوأ ،اقول ربما لكن يجب علينا اوالً حل المشكلة التي امامنا والحقا ً سنفكر
فيما يأتي بعدھا ..إفتقدنا للخطوة األولى دائما ً ھو
مايجعل وصولنا إلى الخطوة الثانية مستحيالً ..شخصيا ً :اتمنى ان يتم شطب اي العب تثبت
عليه تھمة المراھنات ،يجب ان التكون لدينا رحمة
لكل من يتورط في ھذه األمور ..ال أعرف كيف يفكر اولئك الالعبين المتورطين وبما فيھم
النجوم الكبار :اعتقد ان البحث عن المال بشكل أكبر
وأكبر رغم وجود أموال طائلة لديك يعتبر " مرض " .
-لم يعرض علي اي شخص او وكالة ان اتورط في ھذه المراھنات ،بھذا الخصوص ،لعبت
في ميالن سنوات عديدة وكنت محظوظا ً في حقيقة
خاصة :النفكر في الخسارة والنفكر في التعادل ،ندخل الملعب دائما ً من اجل الفوز ..ولو
44
حاول شخص ادخالي في ھذه التفاھات كنت سأقوم
بتعليقه على الجدار ..ال أميل إلى العنف ،لكن بإمكاني ان كون عنيفا ً في بعض األحيان ..
-إجماالً ،دعونا نتحدث بصراحه ،كلنا نرى كل شيء ،والجميع يتظاھر بأن ُه أعمى
واليتحدث ..خاصة في السيريا بي نرى اشياء جنونية في آخر
مباريات الدوري ،وال يوجد اي شخص يتحدث بوضوح عن االمر ،فقط ھمسات ..حتى في
السيريا اي تظھر بعض الفريق في بعض األحيان لتتمادى
بعض الشيء في ھذه التصرفات ..اإلبالغ عن صديق او زميل يبدو صعبا ً في الحقيقة ،لكن
ماذا تفعل ؟ خاصة اذا كان زميل او اذا كان صديق لك
وھذا ھو األسوأ ..لو حدث ذلك معي ربما سأرفع يداي عنه ومن ثم سأذھب لإلتحاد اإليطالي
وأبلغه ..لكن حتى لو فعلت ذلك ربما ستكون علقت
في منتصف قضية التنتمي لھا ،ربما ستكون تحت خطر اإلتھام في أمر لم تذنب فيه ..لھذا
ارى بأن قانون المسؤولية المطلقة قانون شاذ ..
-لمحاولة التغلب على مشاكل المراھنات ،باإلضافة إلى إلغائھا ..ھناك إمكانية إضافة جوائز
إيجابية ،مثال :عندما يلعب فريق ب الثاني في جدول
الترتيب امام فريق ج الذي اليملك اي طموح ،فريق أ الذي ينتظر خسارة فريق ب لكي
يحصل على البطولة بإمكانه ان يقدم جائزة مالية لفريق ج
لكي يھزم فريق ب ..ھذه حوافز إيجابية علنية تضمن ان كل الفرق تلعب من اجل ھدف معين
حتى النھاية ..لكنني أخشى ان ُه في إيطاليا من
الصعب جداً ان نجد اي حلول ..ألن ھناك الكثير من المصالح على المحك ،على ھذا األمر
انا مستعد لكي أراھن .
45
-الفصل التاسع -
-ال اھدف إلى ان اكون مدربا ً على اإلطالق ،مھنة التثيرني والتحمسني ،الكثير من األفكار
التي قد التنجح من خاللھا بإستعادة حياتك كالعب ،
ربما كونتي ھو الوحيد الذي نجح بھذا األسلوب ،واألمر سار على على مايرام ..لكن مارشيلو
ليبي ايضا ً ليس مختلفا ً كثيراً عن كونتي ،خاصة
عندما يغضب ..في المانيا ٢٠٠٦فزنا بلقب كأس العالم بفضل مجموعة كان يقول عنھا ليبي :
" انتم مجموعة من القذارة ..تثيرون اشمئزازي "
46
-قبل مباراة استراليا في الدور الثاني ،والتي فزنا بھا بھدف توتي من ضربة جزاء غير
صحيحة ،ليبي قام بإستدعائنا جميعا ً في غرفة اإلجتماعات
في معسكر المتنتخب ،وقال لنا اشياء سيئة مثل " :تتكلمون كثيراً مع الصحافة ،انتم جواسيس
،التستطيعون الحفاظ على اية اسرار ،الصحافة
تعرف دائما ً التشكيلة الصحيحة ..إلى اين ستصلون ؟ اليمكنني حتى الثقة بكم " ..لم يدع لنا
مجال للتنفس ،كان اشبه بالمونولج ،كان وجھه مليء
بالغضب ،يمكنك ان ترى ان وريد رقبته على وشك اإلنفجار ..كان من الصعب ان يسيطر
على نفسه ،وان يتحكم في غضبه " :أذھب انت وھو
وافعلھا بنفسك ،لم أريد ان اعمل معكم بعد األن ،مشردون ..مشردون وجواسيس " ..األمر
دام لمدة ٥دقائق ،ومن البداية وحتى النھاية الكل
كان يراقب بعين واحده ردة فعل بيبو إنزاغي ..
-ليبي ھو حاجز اليمكن تمزيقه من العواطف اإليجابية ،ومن األفكار -كم اعتقد -التي تسبب
لي الصفاء دائما ً ..في كل مرة التقيه أتذكر شيئا ً
واحداً :لو بقي ليبي مدرب لإلنتر ربما كنت سأكون من اساطير اإلنتر األن ..مثل بيرغومي
لكن بشارب اقل ،او مثل كمبياسو لكن بشعر أكثر ..
مسيرتي كانت ستشھد تحوالً كامالً ..كنت سأجلس مع ليبي مدى الحياة في ذلك النادي ،النادي
الذي كنت اشجعه في طفولتي ،أسطورتي
بدون شك ھو لوثر ماثيوس ،يلعب بالرقم ١٠يسجل األھداف ويساعد فريقه ،بالنسبة لي لم
يكن ھناك احد افضل منه ..ذلك اليوم الذي قابلته
فيه في فياريجيو وقام بالتوقيع لي ،كان لفترة طويلة افضل جزء من حياتي ..بعد ماثيوس
يأتي روبيرتو باجيو ،ولحسن الحظ كانت غرفتي
كبيرة ،لھذا اتسعت لصورتين كبيرتين على الجدار ..
47
-عندما كنت ألعب في بريشيا كنت الزلت اشجع اإلنتر ،في نھاية موسم ١٩٩٨-١٩٩٧كنت
في معسكر مع المنتخب اإليطالي تحت ٢١عام وفي
ذلك الوقت اتصل بي وكيلي توليو تينتي " :أندريا ،كل شيء تم مع بارما ،اصبحت العبھم
األن ..إذا عدت سنقوم بتوقيع العقد " ..كنت متحمسا ً
وقلت له " حسنا ً " وكأن شيء قد تغير بالنسبة لي ..فرحت باألمر ..في صباح اليوم التالي
وانا عائد للمنزل ،سمعت ھاتفي يرن ،ھذه المرة
يبدو أقوى بكثير " :مرحبا ً اندريا ،انا توليو مرة أخرى ،اسمع ،موراتي رئيس اإلنتر إتصل
بكوريوني وتحدثوا عنك ،خالل اقل من ١٠دقائق أتفقوا
على انك ستنتقل لإلنتر ..بإختصار ،ستذھب لتلعب في فريقك ،لقد فعلتھا ..كن جاھزاً ،
سنذھب للفحوصات في أبيانو جنتيلي " ..أنفجار آخر
من الفرح ،مع تأثير أكبر ،قلت له " :حسنا ً " ..
-لم يكن ذلك واضحا ً ،لكنني كنت الرجل األكثر سعادة في العالم ،شعرت بالفخر ألنني
انضممت إلى الفريق الذي أشجعه ،كنت اريد ان اضع
صورتي على الجدار ايضا ً ،وصلت إلى رونالدو ،جوركاييف وباجيو ..بعد ان كنت اضع
شعار اإلنتر على رقبتي واذھب للسان سيرو ،اتذكر حتى ان
قد تمت دعوتي سابقا ً من قبل قادة اإلنتر -على رأسھم ماتزوال -من اجل مباراة تجريبية في
ايندھوفن ،ھولندا ..
-في موسمي األول لعبت مع اإلنتر كثيراً ،تحضيرات ماقبل الموسم سارت على مايرام ،
جيجي سيموني جعلني ألعب كثيراً إما أساسيا ً من
الدقيقة األولى او حتى كإحتياطي ،بعد ذلك جاء لوشيسكو وفضل منح الالعبين القدماء فرصة
أكبر ،بعد ذلك كاستليني كان يراني كافيا ً ،قبل ان
يأتي اإلنجليزي روي ھودسون ويخطي في نطق اسمي ،كان يسميني بيرال ! ربما ألن ُه عرف
طبيعتي ..موراتي في ذلك الموسم قام بتغيير
المدرب ٤مرات ..في تلك الفترة بالتحديد أصبت بصداع حاد ..مع فقدان مؤقت وجزئي
48
للذاكرة ..كنت اصحى في الصباح وانسى من ھو مدربنا
في الفريق ،لكنني ابتسم رغم ذلك ..
-ليبي جاء في الموسم الذي يليه ،قمت بتحضيرات الموسم الجديد كاملة معه ،لكن قبل بداية
الموسم استدعاني وتحدث معي بكل صدق
وقال لي " :اندريا ،من اجل مصلحتك ،اتمنى ان تذھب وتلعب في مكان اخرى ،على األقل
لموسم واحد ،يجب ان تكسب الخبرة ،أنت بحاجة
لذلك ،سترى " ..ذھبت أللعب في ريجينا ،وفي الحقيقة لقد استفدت كثيراً ،أصبحت اكثر
قدرة على تحمل المسؤولية ..عدت في في بداية
موسم ٢٠٠١-٢٠٠٠وكان ھناك ليبي ،لكن ُه لم يستمر طويالً ..فقط بقي لجولة واحدة من ذلك
الموسم ..بعد مؤتمره الصحفي الشھير بعد ان
لعب إنتر في ريجيو كاالبريا ..في مباراة غبت عنھا بسبب اإلصابة " :لو كنت موراتي ،
لطردت المدرب وقمت بركل مؤخرات الالعبين " ..لسوء
الحظ رحل ،كان بيننا تفاھم كبير ،كنا نفھم بعضنا من خالل نظرة ..اثق به ثقة عمياء ..
شعرت بالسعادة للعمل معه ..
-بعد ليبي جاء تارديلي ،مدرب السابق للمنتخب اإليطالي تحت ٢١عام والذي للتو فاز بلقب
بطولة أوروبا ،ربما لم يتعرف علي ،ألنني كنت في
ذلك الوقت دائما ً مصاب ..لم ألعب ابداً ..في أكثر من مناسبة كنت سأقول " :ھل تعرف اين
تضع صراخك الذي جعلك مشھوراً ؟ " لكن بما أنني
شخص متعلم فإنني اتوقف دائما ً في الوقت المناسب ..شعرت بأنني اريد الرحيل ،لم أعد اريد
البقاء معه او مع فريقه ..لم يكن بيني وبينه اي
أتفاق ..وھذا ما ألغى حبي الدائم لذلك الفريق ..أردت ان اركض مجدداً ،وقد فعلت ذلك
بفضل وكيل أعمالي الذي اتصل به " :خذني بعيدا ً
عن ھذا المكان المجنون ..لن أستمر أبداً مع اإلنتر ،أبداً ..اريد اإلنتقال إلى أي فريق " ..
-ذھبت إلى اللعب في بريشيا لمدة ٦اشھر بعقد إعارة ،ثم إنتقلت إلى الميالن بـ ١٢مليار
ليرة +جولي ..خمنوا من فاز بالصفقة ؟! ال أحب
49
الحديث بشكل سيء عن اي شخص ،وال حتى عن تارديلي نفسه ،لكنني لم احصل معه على
اي فرصة ..بين الحين واألخر يأتي ويرمي تلك
الكلمات " :فعلت ذلك من اجلك ،لم ارد ان احرقك " ..لكنھا مجرد اعذار ..لو بقي ليبي ،
كنت سأقول قصة أخرى ..في فورتي دي مارمي
دائما ً يقول لي صاحب المظلة الذي بجانبي " :أندريا ،ھل تعرف لو كان بإمكاني العودة " ...
.
-نعم ،أعرف ،سيتم ربطي في سلسلة في األبيانو جنتيلي لكي ال أنتقل ،صاحب المظلة التي
بجانبي في فورتي دي مارمي ھو موراتي ..
الشخص الوحيد الذي حزنت بعد ترك إنتر بسببه ..رجل طيب ،كما ترونه في التلفاز ..رجل
عائلة ،قطعة خبز في عالم أسماك القرش ..كما
انه مشجع كبير ،رغم انني ارى ان ھذا الشيء قد جعله يرتكب أخطاء اليالم عليھا رؤساء
مثله ..رئيس يفعل كل شيء لكي يكون ناديه
ھو األفضل ،ھو ووالده من قبله انجيلو :ساللة شعراء ورومانسيين ،يعيشون لحظات الفوز
والخسارة بلقب كبير ..الزلت أحبه ،وأعلم بأنه
يكن نفس المودة لي ..في كل مرة يراني فيھا ،يقول لي االالف من كلمات المديح واإلطراء
الصادقة ،وانا اقدر ذلك ..بسببه ،حينما لعبت
مع ميالن او حتى وانا ألعب مع اليوفي ،لم أعتبر إنتر يوما ً فريق عدو ..إنتر ببساطة فريق لم
تبدأ او تنتھي تجربتي معه كما أردت ..
50
-الفصل العاشر -
-حفل تسليم جائزة الكرة الذھبية ) أھم واغلى جائزة قد يحصل عليھا اي العب ( ل ُه قصته
51
الخاصة ..لم أفز بھذه الجائزة رغم ذلك لم أكن في
اي يوم حزين بسببھا ..يتوج األخرين بھا ،وال أھتم ..على سبيل المثال في : ٢٠١٢بعد
حصولي مع األزوري على المركز الثاني في أمم أوروبا
وبعد تتويجي مع اليوفي بلقب الدوري ،حصلت على المركز السابع في ترتيب الكرة الذھبية
بنسبة ٢.٦٦من األصوات ..عمليا ً :الشيء ..
-ميسي ھو من فاز بالجائزة بنسبة %٤١.٦٠من األصوات ،بعده رونالدو ) األخر ( ..ثم
انيستا ،تشافي ،فالكاو وكاسياس ..حسنا ً ،ميسي ھو
األجدر والجدال في ذلك ..لكنني الحظت ان إختيارات المدربين وقادة المنتخبات والصحفيين
،تميل إلى مُسجلي األھداف دائما ً ،لھذا تجد ان العين
دائما ً تكون على المھاجمين ،اال في إستثناءات نادره مثل ٢٠٠٦عندما كان كنفارو ھو الملك
..ھي مسألة التواجد في المكان والتوقيت الصحيح
والكرة بين قدميك ،لكن لكي تنجح في التسجيل يجب ان تجد التمريرة ،بدون التمريرة
الحاسمة فإن الھدف لن يأتي ..لكنني لست مستاء من
اي أسم يوضع على بطاقة الجائزة ..بوفون وبرانديلي صوتوا لي ..لكن انا -مثل األغلبية -
كنت سأصوت لميسي ..
-البقاء بمستوى ميسي لسنوات طويلة أمر صعب جداً على اي العب أخر غير ميسي ،مادام
ميسي وكريستيانو رونالدو موجودين فإن الصراع
سوف يستمر بينھم على لقب الكرة الذھبية ،رغم ان ُه صراع من جانب واحد ،ألن رونالدو
دائما ً يأتي في المركز الثاني ..األن انا متأكد ان جائزة
الكرة الذھبية كبيرة جداً بالنسبة لي ..ھدف لن أحققه ابداً ولم أعد اھتم به وال أفكر به ..
-ال أتابع حفل تسليم جائزة الكرة الذھبية حتى على التلفاز ،رغم ان ُه مجھود بإمكاني القيام به
لمرة واحد في السنه ،افضل مافعلت ھو انني قد
وضعت قناة Sky Sport 1ومن ثم ذھبت ألشغل نفسي بأشياء اخرى ..من مكان ما سمعت
بالتر يتحدث في الحفل ،بالتر رئيس اإلتحاد الدولي
لكرة القدم والذي رفض ان يسلمنا كأس العالم في عام ٢٠٠٦في كراھية واضحة تجاه إيطاليا
52
..جعل آخرين يقومون بذلك العمل -السيء -كما
يعتقد ..كان يتحدث في الحفل من زيوريخ ،وانا كنت ألعب مع أبني نيكولو في الحديقه في
تورينو ..
" -أبي ،ھيا بنا ،سيتم اإلعالن عن الفائز األن " .
" -حسنا ً " ..لكنني استمريت باللعب مع إقتراب اللحظة الحاسمة ..
" -ھيا أبي ،لنذھب إلى التلفاز " ..
" -اوكي " .
"-بسرعة ،بسرعة " .
" -أوكي " .
-كنت اضيع الوقت ألنني لم أھتم ألي شيء كانوا سيقولونه ..لكن نيكولو كان لديه إھتمام
أكبر ،أخذ الريموت ثم رفع الصوت :
-كانت نتيجة متوقعة والجدال فيھا ..أعتقد ان دوري األبطال وكأس العالم أھم من جائزة
ت عالي ،النني
الكرة الذھبية ،لكنني لم أقل ذلك بصو ٍ
لو فعلت سأضيف ايضا ً انني فزت بكال اللقبين ،بينما ميسي لم يفز بلقب كأس العالم ..لكنني
سأكون مغرور وانا لست كذلك ..نيكولو كان يتابع :
53
-انيستا نفسه الذي قبل فترة توج بلقب افضل العب في بطولة أمم اوروبا .. ٢٠١٢بھذا
الخصوص ،اتذكر ان منظمي اإلتحاد األوروبي في كييف
قبل نھائي البطولة قالوا " :اندريا ،انت األفضل ..لكنك لن تفوز بجائزة افضل العب اال اذا
فازت إيطاليا " ..من غير المجدي تذكر النتيجة / ٤ :صفر ..
" -أبي ،فالكاو الخامس ،كاسياس السادس ..ثم بيرلو ،ھل ھذا أنت ؟ " .
" -نعم بالتأكيد " .
" -انت قبل دروغبا ،فان بيرسي وإبراھيموفيتش " .
" ھيا ،دعنا نعود لنلعب الكرة " .
-الخبر المھم في ھذا :اول مركزين في الترتيب كانا لمھاجمين ،بات األمر اشبه بقانون في
جميع الجوائز الفردية ،وھذا خطأ كبير قد يقع فيه
حتى رؤساء األندية ،عندما اليھتمون في المراكز األخرى غير الھجوم ..األسماء الھجومية
قبل تجعلك تبيع بعض اإلشتراكات ،لكن بقية الخطوط
وخاصة الدفاع ھو من يجعلك تفوز في المباريات ،الدفاع له وزن أكبر ،ألنه في النھاية
النجاحات الكبيرة تاتي من وراء الدفاع ..يفوز دائما ً من يقبل
أقل عدد من األھداف ..
-فنيا ً ،رونالدو ھو أقوى العب لعبت معه ،آلة حرب ..لكن بنظرة أكثر شموالً :مالديني ھو
أفضل من لعبت معه في مسيرتي ..مدافع ،مدافع
عظيم ،فائق ،رائع وال غير ذلك ..بدنيا ً وذھنيا ً ،كان كامالً في كل شيء ..رغبته في
اإلستمتاع بكرة القدم كانت ھي نفسھا منذ ان وصلت إلى
الميالن وحتى رحل ھو بعمر األربعين عام ..شغف مالديني كان ھو المثال الذي أحتذي به ،
بوصلة سترافقني ليس فقط في مسيرتي الكروية
بل حتى طوال حياتي ..
54
-مالديني علمني كل شيء ،كلمني كيف أفوز ،كيف أخسر ،كيف أخترع ھدفا ً ،كيف أمرر ،
كيف أجلس على الدكة ،كيف أعاني ،كيف ألعب ..
كيف أتصرف ،كيف أغضب ،كيف أسامح ،كيف أقلب خدي األخر ،كيف أوجه الصفعة
االولى ،كيف أكون انا ،كيف اكون شخص آخر ..علمني كيف
أصمت ،كيف أتكلم ،كيف أقرر ،كيف أثق ،كيف أغلق عين واحدة ،كيف أفتح كال عيناي ،
كيف أحكم في لحظة ،كيف أعتمد على غريزتي ،كيف
أنعزل ،كيف أكون انانيا ً وكيف أكون قائد للدفه ..علمني كل شيء وضده ..مالديني نفسه
أصبح جزء مني ..
-لم أعد ارى مالديني في الميالن بعد إعتزاله ،حتى في دوري إداري ..وھذا يؤسفني حقا ً ..
خطأ كبير ،كيف يمكن ان التحافظ على ثرات من
ھذا النوع ،تراه في الميركاتو وتخاطر بفقدانه إلى األبد ؟! ال أملك جواب لھذا السؤال ،ألن
الجواب ال وجود له ..
-الزلنا اصدقاء انا ومالديني واتحدث معه دائما ً ،ليس سراً ان عالقته بغالياني ليست جيدة ،
وأساس المشكلة يعود إلى خالفات حدثت بينھم عندما
كانت ھناك مفاوضات لتجديد عقد مالديني مع الميالن ..مستر بيك ) غالياني ( قام بعرض عقد
لمدة سنة واحدة فقط على مالديني ! باولو بالطبع لم
يتقبل ذلك بالتأكيد ،شعر بأن ھذا تقليل منه ..لم يعرض على مالديني اي دور في اإلدارة ،اي
مركز وليس بالضرورة ان يكون مركز ذھبي ،وھذا
بالتأكيد مزق جزء من حياته ..مثلما حدث لتايسون ضد ھوليفيلد ،في النھاية دائما ً يفوز الرجل
األصلع اليس كذلك ؟! سوا ًء بالقضم او بالعض ..
-حتى مع كوستا كورتا كانت لدية عالقة رائعة ،ھو ومالديني كانوا بالنسبة للجميع نقاط
مرجعية ألي شيء ،حتى لألشياء التافھه ..ماھو الحذاء
الذي يجب ان ارتديه ؟ اسأل كوستا كورتا ..ماھي افضل ربطة عنق ؟ اسأل مالديني ..ماھو
افضل مركز لي في الملعب ؟ اسأل مالديني وكوستا ..
كيف اتصرف على الطاولة ؟ كنت اسأل مالديني وكوستا كورتا ..سابقا ً كان األثنين يتحدثون
55
لنا ونحن نفوز ،خلقوا أجواء سحرية كانت ُتحفز اي العب
يأتي إلى الفريق ..
-ميالن كانت لديه خالل سنوات طويلة أسماء عظيمة في الدفاع :باريزي ،تاسوتي ،نيستا ،
وتياغو سيلفا ..العبين على مستوى مميز ،دروع
بشرية تحمي وتصحح أخطاء الالعبين األخرين ..إذا اخطأ المھاجم الھدف ،بإمكانه ان يعيد
المحاولة ،واذا نجح في ذلك ،سيفوز بالكرة الذھبية ..
لكن عندما يخطيء المدافع ،يصبح الوضح حرج أكثر ..نسبة أخطاء المدافعين اقل من نسبة
اي الالعبين الذين يلعبون في الھجوم ،وإال فإننا كنا
سنشاھد المباريات تنتھي ٥مقابل ٤او ٥مقابل ) .. ٦الفرق التي يدربھا زيمان إستثناء ،
نحن نتحدث عن الكرة الواقعية ( ..نبقى مع الميالن :
بما ان لديه ھذا النوع من المدافعين ،فقد فعل كل ما أراد ،وفي المركز األمامية كان بإمكانه
ان يضع اي العب ..لو كنت رئيسا ً ،لن اقوم ابداً
بشراء نجوم في الھجوم وأسماء متواضعة في الدفاع ..ھذا تضليل واضح للجماھير ..
56
الفصل الحادي عشر
" -أندريا ،لقد أشترينا ھونتيالر ،لھذا يجب عليك أن تبقى " ..بيرلسكوني كان يبتسم وھو
يقول ذلك ،قبل ان يمد لي ورقة من حقيبته مليئة
باألرقام وعليھا صورة صبي أشقر ..كانت أرقام وإحصائيات المھاجم الذي للتو قد قاموا
بالتعاقد معه ..بجانب بيرلسكوني كان رجل األقالم ) غالياني (
يراقبني ،ينتظر تعابير إيجابية على وجھي ،يحاول دراستي ،يحاول ان يفھم ردة فعلي ..كنا
نحن الثالثة فقط في غرفة الطعام في الميالنيلو ..
ھونتيالر العب عظيم ،يعرف كيف يسجل العديد من األھداف ،في ذلك الوقت كان قادما ً من
ال] ،لكنه ليس بذلك الالعب الذي بإمكانه الفوز
بلقب الكرة الذھبية ..
" -ماذا قلت ،أندرينو ؟ " ..الرئيس كان لديه ھدف محدد ذلك اليوم :إقناعي بالبقاء مع
الميالن ..ان يعيد فتح حقيبة كانت مغلقة ،تنتظر فقط ان يتم
وزنھا ومن ثم ُترسل ،كان ذلك في أغسطس ، ٢٠٠٩حينھا كان لدي إتفاق مع تشيلسي ومع
مدربه المُقال من الميالن انشيلوتي ..انشيلوتي األب
والمعلم ،المرح ،اللطيف ،ھو الرجل الذي قضيت معه أجمل فترات مسيرتي ..ھو أقصى
مايمكن ان يحصل عليه اي العب يرغب بأن يشعر بشعور
جيد ويقدم أفضل مالديه ) افضل حتى من مازوني في ايام بريشيا ،الذي حتى يوم الخميس كان
قد ترك متابعة التدريبات لمساعده وذھب إلى غرف
المالبس ليتغطى بذلك المعطف ألنه يشعر بالبرد ( ..انشيلوتي كان ھو الدافع األكبر لذھابي
إلى لندن ..
57
-بيرلسكوني خالل ھذه األثناء أخرج ورقة ثانية من حقيبته ،الورقة فيھا عدة أسماء وھناك
دائرة على أحد األسماء :
-أثناء ذلك الوقت كنت للتو قد أنتھيت من المشاركة مع األزوري في كأس القارات في جنوب
أفريقيا ،انشيلوتي كان يتحدث معي أثناء البطولة بشكل
يومي ،خاصة ان التوفيت في ذلك المكان من العالم كان مثل او يشبه توقيت إنجلترا ..لم يكن
ھناك اي حاجة لإلستيقاظ مبكراً لسماع مايقول ..
-انشيلوتي كان يريدني معه مھما كلف األمر ..العقبة الوحيدة كانت ھي التكلفة ،لم يكن
باإلمكان تخطيھا ،ميالن كان يطلب مبلغ كبير جداً ،كما ان
ميالن ايضا ً طلب إدخال العب في صفقة مبادلة معي ،حيث طلبوا المدافع ايفانوفيتش ،
المدافع الذي لم يكن تشيلسي ينوي التفريط به مھما كان ..
" -ايھا الرئيس ،حديثك عن كوني رمز للميالن أحببته ،لكن عقدي سينتھي وھم عرضوا
علي عقد مدته ٤سنوات " .
عقد لمدة ٤سنوات ومرتب ٥مليون يورو سنويا ً ،لكن األموال ليست ھي األھم ،مدة العقد
ايضا ً لھا أھميتھا ..
" -أين المشكلة في ذلك ،أندريا ؟ بھذه النقطة انا متأكد بأنك سوف تتحدث مع غالياني وتجدان
اإلتفاق" .
58
" -ھل أنت متأكد ؟ " .
" -متأكد جداً " ..
-مع اخر حرف من كلمة " متأكد " بيرلسكوني خرج فوراً من الغرفة ليصرح رسميا ً " :
أندريا بيرلو خارج الميركاتو ،سوف يبقى مع الميالن طوال
مسيرته " ..في الواقع ،الحقا ً إنتقلت لليوفي ..ھكذا ھو بيرلسكوني ،مسرحي ويعرف تماما ً
ماذا يريد ،لھذا ھو رئيس عظيم ،رئيس محب لكرة
قدم جميلة في أفضل المستويات ،الفوز فقط لم يكن كافيا ً بالنسبة لي ..
-في أوقات إلتزاماته السياسية الكبيرة لم نكن نراه كثيراً في الميالنيلو او في الملعب ،كان
يأتي فقط للمباريات الكبيرة :ميالن برشلونة ،الديربي
او ميالن يوفنتوس ..كان يمضي سنوات احيانا ً دون ان يقوم بزيارتنا ،كنا نشعر بغيابه ،لكن
:كل شيء يختفي مع زياراته النادرة للميالنيلو ،ربما من
الصعب فھم ھذا او شرحه ،لكن كنا عندما نسمع صوت ھيلوكوبتر بيرلسكوني يحط في
الميالنيلو ،نشعر بموجات إيجابية في داخلنا ،أعتقد انھا
متالزمة الكلـب المھجور :عندما يعود السيد ،يبدأ الكلـب بتحريك ذيله ..
-بيرلسكوني كان يتحدث احيانا ً لكل الفريق في الملعب ،يقوم بتحفيزنا ) في ھذه النقطة ھو
الرئيس األفضل بال منازع ،مثل كونتي ( ثم يقوم بعد
ذلك باإلجتماع بنا فرداً فرداً في أحد الغرف ..بيرلسكوني يحب األحاديث الفردية مع
األشخاص ،كان يستمتع دائما ً مع انزاغي اكثر من البقية ،لديھم
الكثير ليناقشانه سويا ً ..كان حتى يتصل بإنزاغي بالھاتف ..انا في المقابل ،لم يسبق ان تصل
بي بيرلسكوني إطالقا ً ..كنت اصوت لبيرلسكوني في
السابق ،على الرغم من انه لم يطلب ذلك بشكل مباشر ،كان يتحدث بشكل عام عن برامجه
وخططه ،وحديث طويل فھمنا منه ان برنامجه ھو
األفضل إليطاليا ،كان يستشھد بنجاحاته في شركاته الخاصة ..كان يتحدث ايضا ً عن إيجاد
الماليين من فرص العمل ،منھا وظيفتي ..كان يزودنا
بأرقام وإحصائيات بين وقت وآخر ..إحصائيات تختلف بالتأكيد عن إحصائيات ھونتيالر ..
59
ھونتيالر ..
-كان يتعمق في المسألة اذا رأى بأننا مھتمين فيھا ،كان يسرد لنا كل التفاصيل في الميالنيلو ،
فجأة ،عندما الحظ بطرف عينه ان انشيلوتي في
أحد المرات كان يحاول اإلنسحاب ،غير الموضوع وتحدث معه " :تذكر كارليتو ،يجب ان
نلعب بمھاجمين دائما ً " ..كيف لي ان انسى ،وقد أعاد تلك
الكلمات ماليين المرات ،النشيلوتي ولكل األشخاص األخرين " :شيء آخر كارليتو ،يجب
ان نكون أسياد الملعب ،في إيطاليا ،في اوروبا او في
كل العالم " ..ثم يبدأ بالتحدث عن أمور تكتيكية بعد ذلك مع انشيلوتي ..لكن بالطبع ،القرار
النھائي يكون دائما ً لكارلو ،انشيلوتي لديه شخصية
عظيمة ..بالرغم من اإلختالف في وجھات النظر في نھاية فترة انشيلوتي مع ميالن ،بقي
األثنان يحبان بعضھما البعض لفترة طويلة ..
-ھذا األمر ،الينطبق على مدربين أخرين ،مثل المدرب التركي فاتح تيريم ،والذي بعد
خروجه جاء كارلو انشيلوتي للميالن ..تيريم شخصية غريبة
والتصدق ،حساس تجاه القواعد ..كان بإمكانك ان تعرف ان ُه لن يبقى طويالً في الميالن ،
وفي الحقيقة لديه العذر في ذلك :لقد جاء من فريق اقل
من الجيد ،نادي كان يسمح له بفعل مايريد ،لكن في الميالن ،البيئة تختلف ..كان يصل
متأخراً ،يأتي لإلجتماعات بدون الزي الرسمي ،يترك
مستر بيك ) غالياني ( لوحده على الطاولة وكأنه " األخ األكبر " ..كان حتى في بعض األيام
يأتي للميالنيلو بمالبس ألوانھا غريبة جداً ،وكأن ُه جون
ترافولتا ..باإلضافة إلى ان ُه كان بصحبة مترجم مجنون ،يتابع ُه مثل ظله ..ھذا المترجم في
وقت من األوقات كان يدخله في صمت إعالمي ال
نھاية له ..في نادي مثل الميالن ،نادي تواصل وإعالم ناجح بإمتياز ..
-المترجم كان يفشل في ترجمة ماكان يقوله فاتح تيريم لنا بالضبط ،كنا نسمع المدرب يتحدث
بالتركية " :شباب ،سنلعب مباراة من أھم مباريات
الموسم ،الجميع ينتقدنا ،لكن انا اؤمن بكم وسأستمر في فعل ذلك ،اليمكننا ان نستسلم األن ،
60
ھناك توقعات كبيرة حولنا ،ولدينا واجب إخالقي
بأن النقوم بخذالن اي شخص ..يجب ان نقوم بذلك من أجلنا ،من اجل النادي والجماھير
والرئيس ..ھناك لحظات في حياة الرجل يجب ان يكون
اول فعل له ھو ان يرفع رأسه ،لنفعل ذلك ،لنفعلھا " ..ثم يأتي المترجم لنقل مايقول " :غداً
سوف نلعب ضد اليوفي ،يجب ان نفوز " ..المدرب
تحدث لمدة ٥دقائق ،والمترجم تحدث في ٥ثواني فقط ..
-ثم يأتي تيريم لي ويقول " :بيرلو ،انت من ستمرر كل الكرات المھمة ،حاول توسيع اللعب
،بدون تسرع ،قم بتقييم وضعية اي العب ومن ثم
مرر له الكرة ،مرر الكرة ألي العب غير مراقب ..نعتمد على أدائك ،انت مھم جداً لھذا
الفريق ولطريقة لعبنا ھذه ..أكرر :التستعجل ،أفعل كل
شيء بھدوء ..أوالً فكر ومن ثم مرر ،ھذه ھي الطريقة الوحيدة لتقوم بمباراة كبيرة ،ولكي
نثبت لكل إيطاليا ،اننا الزلنا أحياء ..األن الجميع إلى
الملعب ،اريد حماس إستثنائي في التدريبات ،اريدھا األفضل في الموسم " ..ثم يبدأ المترجم
بالترجمة " :بيرلو مرر ،واألن إلى التدريبات " ..
-في اإلجتماعات الفنية التي تسبق المباريات خاصة أول اإلجتماعات التي كان يقوم بھا معنا
تيريم ،كان يقف امام سبورة في غرف المالبس ..
يتناول الطباشير ومن ثم يبدأ برسم ١١دائرة ،كل دائرة تعني العب ..غير ان ُه في أحد
المرات السبورة كانت مليئة بالكتابات واألسماء تداخلت مع
بعضھا البعض ،كان اليمكننا التمييز بين المدافع والمھاجم والعب الوسط ،فقط الحارس الذي
يمكن تمميزه ..تيريم قال " :كوستا كورتا ،انت ھنا
يجب عليك ان تقوم بھذه التحركات " ..لكنني قاطعته " :لكن ايھا المدرب ،ھذا اسمي " ..
قام بتبديل المدافع بالمھاجم ،لكنه كان التصرف األفضل
لدرجة انني شعرت ان المدرب فعل ذلك بتعمد ٤ ..مھاجمين في الملعب مقابل مدافعين اثنين
فقط ..الحلم الممنوع لسيلفيو بيرلسكوني ..
-حتى تيريم أدرك ان ُه بدون الرئيس ،بدون نصائح الرئيس ،ميالن سيكون الشيء ،على
61
مستوى القوة وعلى مستوى اإلقتصاد ..بدون أمواله
وبدون إلتزامه ،النادي كان ربما سيكون مثل بقية األندية األخرى ..بيرلسكوني الذي بعد اي
فوز أوروبي او عالمي يحتفل بطيش ،يغني ويعزف
مع صديقه الوفي ابيكيال ،ويلقي النكت ..في مرحلة ما أصبح الميالن ھو النادي األكثر تتويجا ً
في العالم ،كما ھو مكتوب على قميصه ،ونتيجة
لذلك ،بيرلسكوني ھو الرئيس األكثر تتويجا ً في العالم ..وقد تعاقد مع ھونتيالر ..
62
-الفصل الثاني عشر -
-في أحد األيام قررت ان اتوقف عن لعب كرة القدم ،ليس بسبب ھونتيالر ..فقط لم أرغب
ان ابقى في كرة القدم ،كنت مريضا ً ،أكلت كثيراً
لدرجةأنني شعرت بحاجة إلرجاع األكل ..ليس ايضا ً بسبب شجار أونيو وإبراھيموفيتش ،
زمالئي في ميالن ،أوالً السويدي الشرير الوحيد إبرا ..
وثانيا ً أول من فضل كرة القدم على كرة السلة ،كرة القدم األمريكية ،الھوكي وھامبورغر
63
ماكدونالدز في أمريكا ،اونيو ..
-لقد رأيت األثنين يتقاتالن بشكل اسوأ حتى من قتال الفتيان في األحياء السيئة ،حدث ذلك في
ميالنيلو أثناء التدريبات ..إصابات ،أضلع مكسوره
ومحاولة واضحة لقتل بعضھما البعض ..رغم ذلك خرجت أبواق الملك لتنفي ،او لتبقى
صامته " :ماحدث مجرد إختالف بسيط " ..بينما مارأيناه ھو
أشبه مايكون بتصفية حسابات بين أفراد المافيا ..لم يكن من الممكن ان يبقى اال شخص واحد
..لقد أخافوني حقا ً ،لكن ليسوا ھم من قتلوا َ
في
داخلي رغبةاإلستمرار والنظر للمستقبل ) كانوا مشغولين بمحاولة قتل بعضھم البعض ( ..
-قررت ان أعتزل ألنه بعد ليلة أسطنبول ،لم يعد ھناك معنى ألي شيء ..مباراة نھائي
دوري األبطال في ٢٠٠٥والتي فاز فيھا ليفربول على ميالن
بعد ان كان متأخراً بثالثة أھداف دون مقابل ،تسببت بإختناقي ..في ٦دقائق استقبلنا ٣
أھداف ،وفي ضربات الترجيح خسرنا بسبب دويك كما ھو
واضح ..ذلك الراقص ..قبل ان نسدد اي ضربة جزاء يقوم بتشتيتنا من خالل قيامه ببعض
الرقصات ..لكن مع مرور الوقت ،فھمنا ان كل ماحدث ھو
مسؤوليتنا ..كيف حدث ذلك ،ال أعرف ..لكن عندما يتحول المستحيل إلى واقع ،عندھا
تعرف ان ھناك من إرتكب الكثير من األخطاء ..وفي تلك
الحالة ،الفريق كله أخطأ ،كان إنتحار جماعي ،المجموعة كلھا بيد واحدة من فوق جسر
مضيق بوسفورو وداردانيلي ..بين الحين واألخر اشعر
بذلك الضيق في داخلي ،الذي يأخذني في جولة إلى قاع العالم ..
-في غرف مالبس ملعب اتاتورك ،فوراً بعد المباراة ،ظھرنا بمظھر غبي ،العديد من
األموات األحياء ،المتعطشين للدماء ..واجھوا مأسأة غير
متوقعة ،الدماء كانت دمائنا ونحن من أمتص كل قطرة منھا ..لم نتكلم ،لم نتحرك ..شعرنا
بأن ُه قد تم مسحنا ُ ..نفينا ذھنيا ً بشكل تام ..الضرر الذي
ظھر وقت وقوع الماسأة كان جليا ً ،لكن مع مرور الساعات كان يتضح بشكل كبير وخطير :
أرق ،غضب ،إكتئاب وفراغ ..إخترعنا مرض جديد لديه
64
العديد من األعراض :متالزمة أسطنبول !
-لم أعد أشعر بأنني العب ،وھذا كان شعور مدمر ،لكنني ايضا ً لم أعد أشعر بأنني رجل ،
وھذا اسوأ بكثير ..فجأة شعرت بأن كرة القدم ھي أخر
إھتماماتي ،بعد ان كانت ھي األولى :تناقض مؤلم ..لم أكنت اتكلم ..لم أنظر لنفسي في
المرآة :خشيت ان ابصق على صورتي ..الحل الوحيد
كان ھو اإلنسحاب من عالم كرة القدم ،إنحساب مخل بالشرف ..لم يكن حتى زيليغ ليقوم به ..
لكن كان بإمكاني ان أرى تلك المحطة :القصة ھنا
إنتھت ..إنتھيت من ھذا الطريق ..كنت امشي وعيناي لألسفل حتى في أعز وأقرب األماكن
لي ..عندما التعرف مستقبلك ،فإنك تتعرض للكثير
من القلق والتعب ..
-اسوأ مافي األمر ھو أننا لعبنا نھائي األبطال في تركيا بتاريخ ٢٥مايو ،والدوري اإليطالي
لم ينتھي بعد ،لھذا كان علينا ان نعود للميالنيلو ومن
ثم نتدرب لمدة أربعة أيام حتى ٢٩موعد المباراة األخيرة في الدوري ضد اودينيزي ..مشية
العار في ملعبنا السان سيرو كانت ھي العقاب األشد
لتلك الفضيحة ..النموذج األول :نحن ..
-فترة قصير وسيئة من القذارة ،تلك التي اليمكنك الھرب منھا او سحب القابس من ھذا العالم
وترك ُه رأسا ً على عقب ..شعرنا بأن كرامتنا سُرقت ..
كنا نعطي اسئلة بدون أي أجوبة ،لدرجة ان جيجي مارزولو طلب تحليل نفسي جماعي ،لكن
كانت ھناك عقبة ليس بسيطة :لم يكن ھناك طبيب !
فقط يوجد مجانين ..البعض يقول ان ُه شيفا ،البعض األخر يقول ان ُه كريسبو ،او ربما جاتوزو
،سيدورف ،نيستا ،كاكا او انا ..
-لم أتمكن من النوم ،كنت انام لفترة قصيرة وبشكل سيء ،وعندما استيقظ أقول " :انا مُقرف
،لن ألعب كرة القدم بعد اليوم " ..وكأني ذھبت إلى
النوم مع دوديك وجميع زمالئة في ليفربول ،إغتصاب في كرة القدم بدون نھاية ..ضد
65
اودينيزي المباراة إنتھت ، ٠-٠الھدف كان مجھوالً ..كنت تعرف
ان الكابوس سيبدأ عندما ُتغمض عينيك لكن ُه لن ينتھي عندما تفتحھا ..بل ان الكابوس يستمر ..
جدول بعض العبي الميالن كان اليزال مشغوالً وذلك
باإللتزام الـ ) غير ( شرفي مع المنتخب اإليطالي ..ليبي استغرق بعض الوقت ليكتشف األمر
" :أيھا الفتيان ،أنتم في شتات " ..تھانينا على قوة
المالحظة لديك ،حتى األعمى كان سيالحظ ذلك ..كان بإمكانك ان تقرأ الدمار في أعيننا " ..
كل ،شكراً لقدومكم " ..لم نفھم ولم ننضم ..
على ٍ
-قمت بتحية موظفي الكوفرشيانو وكأنھا المرة األخيرة التي قد يروني فيھا ،في مخيلتي كانت
فعالً ھي المرة األخيرة ،كنت افكر بالذھاب والبحث
عن شيء أخر اقوم به في حياتي ..بدأت اإلجازة ،وخالل اإلجازة البطيئة بجنون ،نجحت في
تصحيح بعض األمور ،لكن ليس كلھا ..في اليوم كانت
لدي الرغبة في القفز في المسبح ،في اليوم ثاني أردت الغطس بدون عودة للسطح ،في اليوم
الثالث أردت الغرق امام األطفال ،في اليوم الرابع
أردت ان اقوم بالتنفس الصناعي مع بطة ..تحسنت ،لكن بشكل تدريجي ..
-شعور العجز التام امام القدر لم يتركني ولن يتركني أبداً ..سيبقى متعلقا ً بقدمي يسحبني
لألسفل ..إذا كنت الزلت اقوم ببعض الخطوات الخاطئة
فھذا ربما بسبب تلك القوة السيئة ..ھي نفس القوة التي ابعدتني عن مراجعة اشرطة dvdذلك
النھائي ..ميالن -ليفربول بالنسبة لي عدو اليجب
أبداً ان اجعل ُه يضرني مرة أخرى ..لقد قام بمايكفي ..ضرر مخفي اكثر مما ھو ظاھر ..لم
أقم بمشاھدة تلك المباراة مرة أخرى ،بينما األخرين كانوا
يراجعونھا ويبحثون عن اسباب ربما ليس لھا وجود ،يعملون من اجل نھاية مختلفة ،مثل
بعض األفالم التي يعمل البعض على تحسين المشھد
األخير فيھا ،لماذا ؟! ألن البطل اليمكن ان تكون نھايت ُه بھذا الشكل ..
66
-عدنا للحياة بعد عامين ،في عام ٢٠٠٧ضد الفريق اإلنجليزي مرة أخرى ،في نھائي دوري
األبطال فزنا عليھم بھدفين دون مقابل سجلھما بيبو
إنزاغي -أحد اھدافه جاء بعد ان ضربته الكرة التي سددتھا انا -لكن رغم ذلك ،شدة الفرح
كانت اقل ..يُقال ان اإلنتقام طبق يفضل ان يُقدم بارداً ..
لكن في اليونان ،أجسامنا كانت التزال ساخنه ،لھذا فرحنا بالفوز لكننا لم ننسى ..أردنا ان
ننسى لكن لم نكن قادرين ،كانت ھناك بقايا ً وصمة عار
لدرجة ان احدھم إقترح ان نضع على جدران الميالنيلو قطعة قماش سوداء بجانب صور
اإلنجازات والبطوالت ،كما يحدث في الحصون ..رسالة لكل
األجيال القادمة مفادھا :الشعور بأنك التقھر ھو الخطوة األولى تجاه نقطة الالعودة ..
-نتيجة لتلك المباراة ،أردت ان اكتب وأدون ماحدث في وسط القاب وبطوالت النادي ،بحبر
مختلف وبخط واضح ،لكي اوضح وجود التناقض ،قد
يكون أمراً مُحرجا ً لكن ُه بالتأكيد سيزيد من أھمية البطوالت واأللقاب الموجودة ..ال أتمنى أبداً
أن اعيش ليلة أخرى مثل ليلة ٢٥مايو .. ٢٠٠٥لن أتمكن
من أستحمال ذلك ،وكأنني قط يعيش حياته السابعة واألخيرة ..أفضل ان انتحر برمي نفسي
في حوض مليء بالماء او ان ادخل في قفص مليء
بالكـالب الجائعة على ان اعيش تلك الليلة مرة أخرى ..
-من اللحظات المُظلمة ،يجب ان نتعلم الدروس ..البحث بعمق ھو واجب إخالقي من أجل
إيجاد بصيص من األمل ،حكمة ،او مسار اقل مرارة ..
انا بحثت في اللحظات المظلمة ،ولم اتمكن من تجاوز ھذا اإلستنتاج :اللعـنة !
67
نعم ،اللعـنة ،عندما أتذكر أسطنبول عاصمة الوقاحة والشر ،أقول بعض الكلمات وأصرخ
بھا ثم استرخي ألنني لست متطيراً وال أؤمن بالخرافات ..
قول ھذه الكلمات ھو افضل ما استطيع فعله عندما أدافع نفسي امام القدر اذا ضرب بدون
رحمة ..على عكس األخرين الذين يقومون بتصرفات غريبة
وثقيلة ،وكأنھا تفاصيل سحر ..مثل صديقي البرتو جيالردينو ..زميلي في الميالن والمنتخب
اإليطالي سابقا ً ..في حقيبته ،تجد باإلضافة إلى أغراض
العب كرة القدم المثالي ) ادوات كلھا من صنع ( Dolce & Gabbanaتجد ھناك زوج أحذية
قديمة ،قبيحة ،م َ
ُقطعه ورائحة الجلد تفوح منھا ..لكنھا رغم
ذلك نظيفة ،كان يھتم بھا وكأنھا كنز ،قطعة أثرية ..
-جيال كان يخرج تلك األحذية من حقيبته ويداعبھا وأحيانا ً يقبلھا ،وكأن ُه معتوه ..الراعي
الفني لجيال منعه من استخدام تلك األحذية ألنھا قديمه جداً ..
ربما ألن الناس لم تعد تستخدم التلفزيون األبيض واألسود ..أو ألن ساندرو برتيني قد توفي ،
وجون كيندي قد تم إغتياله ..كنت مصدوم من تصرفات
جيال مع تلك األحذية ..
68
وھذا في النھاية يعني حدوث التأثير المطلوب " .
" -تحاول عصرھا مثل الليمون ،لكي تخرج السائل بعد ذلك " .
" -برافو أندريا ،أخيراً شخص يفھمني ..صدقني التحتاج ألن تكون عبقريا ً لتفھم ذلك " .
" -نعم نعم ،التحتاج ألنه تكون عبقريا ً " .
-جيال كان يشعر بأن ُه تائه عندما كان يلعب في بايلسي او مكان مشابه بدون حمل تلك األحذية
معه في الحقيبة " :اذا كانت معي فإنني أسجل ..
اذا لم تكن معي تلك األحذية فإنني أطلب من المدرب ان يجلسني على الدكة ،ألن ُه اليوجد ھناك
اي شيء آخر أستطيع فعله في الملعب " ..
-رغم ذلك ،جيال افضل من بيبو إنزاغي ،الذي كانت لديه الكثير من الخرافات ،مثالً كان
يذھب إلى الحمام كثيراً ،حتى قبل المباريات ،يذھب ٤-٣
مرات خالل ١٠دقائق فقط ..بيبو ايضا ً كان يھتم بأكل بسكويت بالزمون ،وكان يحرص
عليه ..في أكثر من مره كنا نحاول سرقة ذلك البسكويت منه
لكننا لم ننجح " أفعل ذلك من اجلكم ،أھدافي لمصلحتكم " ..باإلضافة إلى ذلك بيبو كان لديه
طبق مفضل واحد ومعروف :باستا بيضاء مع صلصة
حمراء ولحم بقري مجفف ..للغداء والعشاء ،نفس الوجبة ..وجبة العمر ..على طاولة األكل
بيبو يتصرف وكأنه امام المرمى :دائما ً يقوم بفعل
الشيء نفسه ،كان ينتظر النادل يأتي بطعامه وكأن ُه ينتظر تلك التمريرة الحاسمة ..قبل ان
يسجل الھدف ..
-بيبو إنزاغي كان يرتدي ايضا ً أحذية قديمة ،لم يغيرھا ابداً من عدة مواسم ،كان يدلل تلك
األحذية وكأنھا حب خاص ،لم يكن ھناك سائل سحري
مثل جيال ،لكن أحذية بيبو عليھا الف بقعة ،قديمة جداً ..موقف بيبو ايضا ً يختلف عن موقف
جيال " :على الرغم من ان ھذه األحذية فعالً قد تدمرت
اال انني لن اغيرھا ،لن يستطيع اي شخص ان يغير رأيي ،ھذه األحذية لينة واليوجد مثلھا "
..كنت ارد عليه " :ماذا تقول بيبو ؟ كل األحذية األن
لينة " ..ثم يرد " :ال ،انت مُخطيء ..فقط أحذيتي " ..مجنون ،مجنون لكن جنونه جيد ،
69
لطيف جداً ..
-سبيستيانو روسي -ليس افضل او اسوأ من بيبو -حارس ميالن السابق ،عمالق طوله
مترين ..كان لديه ھوس اليمكن تفسيره :قبل اي مباراة
وخالل التسخين ،اليسمح ألي شخص ان يمر من خلفه ! أمر محرم تماما ً في نظره " :ھذا
امر سيء جداً ،أشعر بأن ُه ھدف عكسي في مرماي " ..
نحن في الميالن جميعا ً نعلم ھذا الھوس ،لكن األخرين لم يعرفوا جميعھم ..من بينھم الحارس
اإليطالي االخر انجيلو بيروتزي ،الذي في أحد األيام
كان في السان سيرو ليلعب مع فريقه ..في السان سيرو ھناك صالة جيم يقوم فيھا العبي
الفريقين جميعا ً بعمليات االحماء ..سبيستيانو روسي
كان يقف وظھرهُ على الجدار ) اليغادر مكان ُه ابداً ( يتدرب مع مدرب الحراس ،أنفلتت الكرة
منه ،ثم أخذ خطوتين لألمام لكي يلتقطھا ،أثناء ھذه
اللحظات جاء بيروتزي يمشي بھدوء وحاول المرور من خلف روسي دون علم بھوسه ..
َ
وركز إھتمامه على بيروتزي ،وعاد بظھره بضربة -سبيستيانو روسي ترك كل شيء أخر
قوية إلى الجدار وصرخ على بيروتزي " :إذھب إلى مكان
أخر ،ھذه ملكية خاصة ،اليمكن ألي شخص ان يمر من ورائي " ..وكأن ُه قد علق الفته
كبيرة مكتوب عليھا " :ممنوع الدخول " تحتھا *** حراسة ..
بيروتزي تفاجأ لكن ُه تصرف بھدوء ألن المجنون يحتاج للدعم ال للمھاجمه " :سيبا ،كنت
ستؤذيني حقا ً " ..رد عليه " :متأسف ألنني لم أنجح " ..
-روسي كان ايضا ً يجمع كل المقصات في غرف المالبس ،والتي كنا نستخدمھا لقص الشريط
الالصق الذي نثبت به الجوارب على الساق ،كان يفعل
ذلك ألنه اول من يجب ان يستخدم تلك المقصات ،بعد ذلك يسمح لنا بإستخدامھا بعده " :اذا
غيرتم ھذه العادة ،سوف يطغى عليكم سوء الحظ " ..
-في ريجينا اتذكر ان ھناك مدافع اسمه باولو فوليو ،كان اليمكن ان ينام أبداً قبل ان يلبس
70
حذائه ومن ثم يمد رجليه على الجدار ،ويضع واحد ًة فوق
األخرى ..حركة ھندسية نادرة ..كان من الممتع متابعة الناس تقوم بمثل ھذه التصرفات ،
تكافح من اجل طرد األرواح الشريرة ..في رأيي كل ھذا
مجرد مضيعة للوقت ..دائما ً تبدأ ھذه الخرافات بعد ان يحصل شيء سيء ألي شخص ..اما
ان يكون حارس ويستقبل الكثير من األھداف ،او ان
يكون مھاجم ويعجز عن التسجيل ،او ان يكون إنزاغي ويضرب عن بسكويت بالزمون ..
-شخصيا ً ،كنت واضح بشكل دائم ..حتى في االوقات الصعبة ،والتي لحسن الحظ أعتقد انھا
كانت قليلة جداً ..حتى الناس تدرك ذلك من الخارج ..
ترى بأنني شخص طبيعي جداً ..أحب دائما ً سماع األباء واألمھات يحفزون ابنائھم " :بيرلو
رجل مستقيم ،بإمكانك ان تعتبره مثال جيد " ..بإمكانك أن
تكون قويا ً بدون الكثير من التدريبات ،بإمكانك ان تكون نقطة مرجعية لمن حولك دون ان
تضع قصة عرف الديك على رأسك ..انا حتى ال أحب الوشوم..
لدي ٣وشوم فقط ،صغيرة ومخبأة بشكل جيد :أسم أبني نيكولو بالحروف الصينية على
رقبتي ،حرف Aاألول من أسم ابنتي انجيال تحته ..واسم
زوجتي ديبورا في مكان الخاتم ،يخبيه القدر ..كل ھذه الوشوم اليمكن ان يراھا األخرين ،
بعض المشاعر يجب ان احتفظ بھا فقط لنفسي ..
-اليوفنتوس ربما ھو الفريق األقل تطيراً من بين الفرق التي لعبت لھا ..كونتي شخص متدين
جداً ،يمارس بعض الطقوس الدينية قبل اي مباراة ..
ربما اإلستثناء الوحيد ھو اندريا انيلي ،الرئيس ،في أول موسم لي مع اليوفي أندريا لم يسافر
مع الفريق إلى اي مباراة خارج تورينو " :ال أشعر
بأنني واثق من الفوز اال عندما اكون في تورينو فقط ،اذا خرجت من تورينو اشعر بشعور
سلبي " ..في النھاية فزنا بالدوري عندما ھزمنا كالياري
في ملعب روكو في تريستي ،وأنيلي لم يحضر تلك المباراة ..لم أناقشه في ذلك ،من يدفع
راتبي دائما ً الحق معه ..
71
-الفصل الرابع عشر -
-عمه محامي ،ووالدهُ طبيب ،أندريا رجل بسيط في محيط خاص ،كل األنيلي ھكذا ،أسمھم
معناه الحمل ،لكنھُم في الواقع أسود ،اسود
اليمكن حبسھا في القفص ،لديھا القدرة على اإلختالط بكافة الناس ..أندريا واحد منا ،واحد
منھم ،مشجع مميز كلماته تؤثر على كل الالعبين ..
ھو يدفع ،واألخرين يفرحون ،ثم في النھاية ھو يفرح ايضا ً ..اليوفنتوس ليس لعبته ،بل ھو
كيان كبير ،يشكل عاطفة كبيرة وملك خاص أكثر مما
ھو ملك عام ..أندريا ورث الرئاسة وجاء من الماضي لبناء الحاضر والمستقبل ..ھو النقطة
الحاسمة على الخط األبيض واألسود ،شعاره الدائم
ھو " العمل العمل " ..قد يعيش بدونه ،لكن يعرف أھميته " :ھو السبيل الوحيد لتحقيق أكثر
72
األھداف أھمية وقيمة " ..
-أندريا يدير ناديه بھوس كبير ،يعتبر كل تقليل من اليوفي صفعة شخصية له ،ردة فعله
تكون حاضره :ھذيان وزئير ،وكلمات تكون بمثابة األحكام
التي يجب تنفيذھا ..في المقابل أندريا لطيف جداً مع الفريق ،لم يسبق ان رفع صوته ابداً على
الفريق ،سوا ًء في الوضعيات الجيدة او الغير جيدة ..
ألنه يفكر في مصلحتنا دائما ً ،ألن ُه يھتم بنا أوالً ومن ثم يھتم بنفسه ،ونحن ندرك ذلك ..
-أندريا انييلي مثل كونتي ،يعرف ماھي الكلمات التي يجب قولھا دائما ً وفي أي توقيت ،لكن
بنغمة صوت أقل حدة ،بإمكان اندريا ان يتكلم عن
جياني انييلي او أومبرتو أنييلي لكنه اليفعل ،بإمكانه ان يتكلم عن أساطير مثل بالتيني ،باجيو
وديل بييرو ،لكن ُه اليفعل ..اندريا اليتحدث عن بعض
تفاصيل الماضي وتاريخ الفريق ،اليحب ان يخلق بعض المقارنات ،ھذا ربما يكون محرجا ً
بعض الشيء ،ھو ذكي ..أسمع ُه دائما ً يردد تلك الكلمات
في كل مكان " :اللعب ھُنا ينبغي ان يكون ميزة ،شيء جميل ،قدر للبعض وھم يشكرون
السماء على ذلك ،كل من لبس قميص اليوفنتوس
عاجالً ام أجالً فاز بالبطوالت :بطولة واحدة ،عشر بطوالت او حتى مائة بطولة ..ھذا ھو
اليوفي ،يجب ان يكون لك نصيب من الحقيقة ،يجب أن
تشعر باليوفنتوس في داخلك ،يجب ان تجعل مغامرتك أكبر ،يجب ان تعمل على جعل
أمجادك عظيمة ،يجب ان تأخذ الدروس ممن سبقوك
وتكون مثاالً جيداً لمن سيأتي بعدك " ..السعادة تأتي من مشروع بسيط نسبيا ً ..
-انييلي حتى عندما يتحدث عن أشياء أخرى ،يكون المبرر ھو اليوفي ..دائما ً يتواجد في
غرف المالبس معنا ،ليس بالضرورة ليتحدث معنا بل
أحيانا ً يبقى دون اي كلمة ..في فترة من فترات ھبوط مستوى الفريق بعد الموسم الذي فزنا فيه
بالدوري في تريستي ،أندريا تحدث عن كأس
رايدر للغولف ،الرياضة األخرى التي تأسره " :شباب ،ھناك بطولة غولف تلعب كل سنتين
،يشارك فيھا أفضل من يلعب الغولف في أوروبا
73
وأمريكا ..ھي األفضل ،أنبل وأفضل بطولة قد يتوج بھا اي العب غولف " ..البطولة كانت
في Medinah Country Clubقريب من شيكاغو ..
-ثم اضاف اندريا " :بعد مرور يومين على البطولة كان األمريكان يتقدمون بـ ١٠مقابل ، ٦
كانوا على وشك اإلنتصار ،كانوا فقط بحاجة ألربعة نقاط
ونصف للفوز ،وھذا عدد بسيط جداً ،في المقابل الفريق األوروبي إحتاج لـ ٨نقاط من ١٢
نقطة ،لمعادلة النتيجة ومن ثم الحفاظ على البطولة
التي كانوا يحملون لقبھا " ..أندريا نظريا ً كان يتحدث عن رجل بقبعة ،وعصا وأحذية المعة ،
يمشي على ارضية مميزة ويضرب الكرة ،لكنه رغم
ذلك حصل على كامل إنتباھنا ،كنا متحمسين ،وكأن ُه لمس وتراً حساسا ً ،كان ھناك صمت تام
في الغرفة ،كنا نتخيل مالذي سيحدث ..
" -في اليوم األخير ،الفريق األوروبي قام بمعجزة ،لم يعادل النتيجة فقط بل فاز بالبطولة ،
كل ھذا بفضل قوة الرغبة ،الرغبة تفعل كل شيء ..
الرغبة تكسر الجدران وتخفي الفوارق وتجعلك تطير ..الفريق األمريكي ،بعجز تام عانى من
أعظم عودة في تاريخ كأس رايدر للغولف ..تأثرت كثيراً
بتلك العودة وحصلت على الحافز من رغبتھم ..شباب ،لننظر إلى األمام جميعا ً ..لن نتخلى
عن اي شيء " ..
-قد أكون فقدت عقلي بالفعل ،لكنني حقا ً شعرت بالقشعريرة مما قاله ..أندريا ذكرني
بالباتشينو في فيلم Any Given Sundayالذي لعب فيه
الباتشيو دور مدرب فريق كرة قدم أمريكية ..كلمات التنسى ،ھذه ھي السينما الذي تجعل
قلبك ينبض بقوة ..ارى رئيسنا واتذكر الممثل وھو
يعطي درسا ً لالعبيه " :األن إما ان ننھض مجدداً كفريق او نستسلم ،نحن على بعد أنش من
الھزيمة ،نحن في الجحيم صدقوني ،بإمكاننا ان
نستسلم ونحاول البحث بمعاناة عن مخرج من ھذا األمر ،و بإمكاننا ايضا ً ان نقفز جدار
74
الجحيم ونخرج منھا ..سنتيمتر خلف األخر حتى ننجح ..
لكن ھذا امر اليمكن ان افعله انا لكم " ..اذاً ؟ يجب ان نفعله نحن له ..
-ذھبت إلى البيت وفوراً فتحت الكمبيوتر وبدأت البحث عن كأس رايدر للغولف ،أردت
معرفة المزيد ،اندريا قام بتحفيزي لفعل ذلك ،أردت ان أعرف
أسماء الالعبين وقد فعلت :خوسي ماري اولزابال ،القائد الذي لم يلعب ،ثم روري ماكلروي
،جستين روز ،بول الوري ،ماكدويل ،موليناري ،لوك
دونالد ،لي ويستوود ،سيرجيو غارسيا ،بيتر ھانسون ،مارتين كايمر ،نيكوالس كولسيرتس
،أيان بولتير ١٢ ..العب ،مثل عدد الالعبين المعتاد
في اليوفي :الالعب الزائد يقال ان ُه الحكم الذي يساعدنا ،لكن في الواقع ھو الجمھور الذي
يدعمنا ،في ملعبنا او خارجه ..نحن ،ھم ،أندريا ..
الجميع من أجل الواحد ،وأندريا من أجل الجميع ..
-انا واندريا انييلي أحببنا بعض من الدقيقة األولى ،اإلجتماع الذي كسر الجليد حدث في مقر
إدارة اليوفنتوس ،عندما وقعت على عقدي معھم
امام الصحفيين والمصورين ..
" -انا سعيد ألنك معنا ،أندريا " ..قال لي ذلك .
-قلت له " :انا ھنا من أجل الفوز ،اندريا " ..
" -كلمتك ھذه تجعلني أشعر بشعور جميل " ..
-أخذت إنطباعا ً جيداً من البداية عنه ،وأعتقد ان ُه أخذ إنطباعا ً جيداً عني أيضا ً ،مع مرور
الوقت إكتشفت ان لديه خصائص أخرى تجعل ُه شبيھا ً بي
لدرجة بعيدة اھمھا :عندما يفوز بأي شيء ،يفكر فوراً بالفوز بشيء ثاني ،اليرضى ابداً ..
75
تعلم مبكراً كيف يتفوز على العمالقة ،اليوفي أستعاد
معه عقلية الفوز السابقة ،حتى عندما كنت خصما ً لليوفي كنت ارى بأن تلك العقلية تسبب
إزعاج كبير :تلعب ضدھم وانت تعرف انھم سيقاتلون
حتى اخر قطرة من العرق لديھم ،بدون تأني ،يسجلون الھدف األول وبعدھا بلحظات يبحثون
عن الثاني ..تستفزھم فيصابوا بالجنون وبعدھا
تشعر بأنھم اصبحوا حتى اقوى من السابق ..
-الكالتشيو بولي ساھمت بجعل اليوفنتوس اقوى كذلك ..لكنني سأبقى مقتنعا ً طوال حياتي بأن
كل ماحققه اليوفي في ذلك الوقت كان بسبب
قوتھم فقط ،وليس بسبب بعض المساعدة من االخرين ،لھذا وبالرغم من انني جئت من عالم
كانت ينتقد اليوفي في وقت من األوقات ويدخل في
حرب معھم ،اال أنني بعد الفوز بلقب األسكوديتو في تريستي ٢٠١٢أرتديت قميص مكتوب
عليه " ٣٠لقبا ً على أرض الملعب " ..بطولة أسكوديتو
تم أخذھا من اليوفي ،لم تمنح ألحد ولم تلغى ،في النھاية تدرك جيداً ان اليوفي فقط ھو من
فاز بھا ..ان لم تكن يوفنتينو او لن تكون كذلك أبداً
فإنك لن تفھم ذلك ..اليوفي عودة للحياة الطبيعية مع ھبوط مضطرب تأخر للسنوات ..
-حقيقة ان اندريا رئيس في داخل جسم أنسان طبيعي يعيش حياة عادية مثل اي شخص في
سنه ،ساعدتنا كثيراً ،يتمشى في تورينو بكل
مالبسه العادية بالجينز والتي شيرت ويتوقف للتحدث مع اي شخص يرغب في ذلك ..يجيب
على أسئلة الجماھير ،يجمع نصائحھم بكل إھتمام
ويتقبل اإلنتقاد ..باإلضافة إلى ان ُه يبدي وجھة نظرة بدون خوف او إختباء ..يعيش على وقع
المدينة والناس ترى فيه عمدة مميز للمستقبل ..
بعد أول اسكوديتو حققه معنا ،إحتفل معنا ،رقص وفرح بشكل كبير ،رقصنا على اغنية "
فافانكولو " لماركو ماسيني ،مغني مشجع للفيوال
لكن رغم ذلك األمور سارت على مايرام مع أغنيته ،أھدينا تلك األغنية لكل شخص لم يؤمن
بالفريق ..
76
-أنييلي قال لنا " :شكراً لكم ،انتم فخري ،قدمتم لي ھدية استثنائية ،كنت اعرف اننا
سنصبح األفضل في إيطاليا لكنني توقعت ان ھذا
األمر سيستغرق وقتا ً أطول من ذلك ،حسنا ً ،األن أعتقد أن الفوز في إيطاليا اليكفي بعد اليوم
" ..في ذھني ،سمعت موسيقى دوري
األبطال أندريا اعطاني غمزة في تلك اللحظة ..أندريا أنييلي %١٠٠ ،أنييلي !
-بعد الفوز بأول لقب للدوري مع اليوفي ،انييلي نظر إلي ،كان يرمي زھور بدالً من ان
يرمي الرصاص ،ركز على الحب ونسي الحرب ،وكأن ُه في
77
السماء السابعة ،كان ينظر بتركيز كبير ومحبة كبيرة ..لكن نظراته تلك التقارن بنظرات
العب وسط مالطا أندري ستشمبري في المباراة التي لعب
فيھا مع منتخب بالده مالطا ضد األزوري في مودينا ،تقريبا ً في ١١سبتمبر .. ٢٠١٢
-نظراته كانت غريبه ،شعرت بأن ُه قد وقع في حبي ،بل كنت متأكد من ذلك ،عينيه كأنھا
تحولت إلى شكل قلب ،منذ الدقيقة األولى بدأ يحدق بي
دون توقف ،لم يكن يلقي للكرة اي إھتمام ،كان فقط يحدق بي ،لحق بي وكأن ُه ظلي ،كان
يقترب مني كثيراً لدرجة أنني شعرت انه اليمكنه ان
ينتفس اال بالقرب مني ..حاولت التحرك وأستقبال الكرة بعيداً عنه لكن ُه كان يطاردني مثل
ظلي ،أستسلمت أخيراً ووقفت فجأة ،كنت سأتصل
بالشرطة لو كنت في أحد الشوارع ،لكن في ملعب فيه ٢٠الف مشجع ،نظرت له وقلت ..
-شعرت بتوتر كبير من طريقتة وخيبة أمل ..مالطا لعبت ضد إيطاليا ،وھو لعب ضدي انا
فقط :
78
" -سوا ًء كنت استمتع ام ال فلن أخبرك ،خمن انت ..انا فقط انفذ تعليمات مدربي " .
" -اذا ً لن تستمع بالمباراة " ..
" -وال أنت اعتقد انك ستسمتع أيضا ً " ..
-كان محقا ً تماما ً ،حتى انا لم استمتع بالمباراة ،لم تكن تلك الحادثة ھي األولى ،في السابق
كان المدربون يطلبون من افضل العبيھم أن يراقبوا
صناع اللعب ،األكثر إمكانيات وتميز ،والھدف كان واضح :منعھم من لمس الكرة ،لكن كرة
القدم تطورت والوضعية تغيرت ،األن المدربين يطلبون
من العبيھم مراقبة العبي اإلرتكاز في الوسط ،الالعبين الذي يبنون اللعب من الخلف ..وھذا
ھو المركز الذي ألعب به ،لھذا كانت ھناك مطاردات
ساخنة كثيرة طوال الوقت ..تنتھي دائما ً بنفس الطريقة :الخروج من الملعب بالكثير من
الكدمات ..ھذا حصل مؤخراً حتى ضد روما ،فرانسيشكو
توتي نفسه قام بإطالق احد التدخالت على كاحلي ..بعد المباراة أعتذر لي وكل شيء كان على
مايرام ،متأكد بأن ُه لم يفعلھا عن قصد ..أرى بأنه
من الصعب ان تبقى مطارداً طوال ٩٠دقيقة ..ھو الكلـب وانا العظم :بدأت أعتاد على ھذا
األمر لكن ُه لم يعجبني ابداً ،ألنھا طرق تحول كرة
القدم إلى مصارعة أكثر منھا كرة قدم ..
-خصومي في الملعب دائما ً اتبادل معھم القمصان في نھاية المباراة ،حتى اندري ستشمبري
أعطيته قميصي ،بعد نھاية المباراة دائما ً أشعر
بانني أعرف الالعب الذي يراقبني طوال حياتي ..دائما ً احاول ان تخلص من رقابتھم ،احاول
ان اتھرب منھم واقوم بحركة الكاحل تلك ،لكن في
بعض األيام يكون من الصعب جداً ان تتخلص من الرقابة في الملعب ..دائما ً يتابعني العب
ربما اليملك الجودة ،لكن ُه يملك األقدام واللياقة التي
تجعله كأنه روبوت قوي بدنيا ً ..اليمكنك اإللتحام معه او مراوغته ..مدربي الفرق األخرى
يخافون مني ،وإال لما كانوا سوف يعتمدون على ھذا النوع
من التكتيك ،أحيانا ً الالعب الذي يراقبني اليشارك حتى في ھجمات فريقه ،بل يراقبني ..
واحيانا ً يھاجم بعضھم وفوراً بعد ان تنتھي ھجمة
79
فريقه يعود بسرعة إلى مراقبتي كما كان وينسى كل شيء أخر ..يريدون جميعھم ان يسقطوني
أرضا ً ..
-سير اليكس فيرغسون ،المدرب األرجواني الذي صنع من مانشيستر يونايتد سفينة حربية ،
الرجل الذي اليوجد لديه عيوب ،تابعني في احد
المرات ووقع في األغراء ..في أحد مواجھتنا ضده عندما كنت العب في الميالن ،قام بتكليف
الكوري بارك جي سونغ بمراقبتي ..اول كوري في
التاريخ يعبث مع الطاقة النووية ..كان يتحرك في الملعب بسرعة األلكترون ،كان يذھب
ويعود بسرعه ،يھاجم وبعد ذلك يعود لمراقبتي ويضع
يده على كتفي ليشعرني ان ُه حاضر خلفي ..جعلني أشعر بالرھبه ،كنت انظر للكرة وال
أعرفھا ..خططوا إليقافي وھو الوحيد الذي تفانى في
أداء ھذه المھمة ..كان يلعب ويشكل كلـب حراسة في نفس الوقت بالرغم من كونه مشھوراً
80
حتى قبل ذلك اللقاء ..
-اعيش كل ھذا على ان ُه ظلم كبير ،فانا العب كرة قدم ،قبل ذلك رجل ،لم يسبق ان ُ
طلب
منه ان يدخل الملعب بدون كرامة ،ليقوم بعمليات
الھدم أكثر من عمليات البناء في الملعب ،لم أدخل للملعب وانا افكر في تكسير او منع بناء اي
شكل من اشكال اللعبة ..انا غجري فقط في
الملعب ،ابحث دائما ً عن زاوية غير ملوثة في الملعب ،اتحرك فيھا براحه ،على األقل للحظة
واحدة ..من دون العالمات الخانقة والمحاوالت
المالطية إليقافي ..بضعة امتار أعود فيھا ألكون " نفسي " ..احاول من خاللھا ان استمر على
قناعتي :استلم الكرة ،ثم أمرر لزميلي
الذي يقوم بالتسجيل بعد ذلك ،ھذا يسمى أسيست ،أشعر معه بكل سعادة ..
-وبالحديث عن الغجر ،في وقت سابق ظھرت إشاعات كثيرة عن أنني فعالً غجري أنحدر
من أصول رومانية ،أتذكر ان تلك اإلشاعات ظھرت قبل
مواجھة رومانيا × إيطاليا في كأس أمم أوروبا .. ٢٠٠٨بالتحديد كانوا يقولون انني من أصول
السنتي ..في البداية تركت األمر ولم أھتم له ،كنت
أبتسم عندما اقرأ مثل ھذه األمور عني في الصحف ..لكن مع مرور الوقت أصبح اإلعالم
يقصف بشكل اليمكن تحمله ،بدأت أشياء ثقيلة تظھر
بشكل غير صحيح عني وعن عائلتي ..عن األماكن التي نزورھا ،وعن بعض العادات التي
نمارسھا ..كان غزو مزعج وخطير لخصوصيتنا ..
-وصلت إلى فكرة محدده عن نقطة والدة ھذه اإلشاعات عني ،وھي من خالل والدي ..
والدي باإلضافة إلى عمله في إنتاج النبيذ ،يعمل في
مجال المعادن ايضا ً ،من خالل شركة يعمل مع ُه فيھا أخي ايضا ً ..وبما أن صناعة المعادن
والتجارة فيھا ھو العمل المشھور لدي الغجر وعوائل
السنتي فإن البعض قام بربط ذلك بعائلتي بطريقة قذرة ..أردت النفي بطريقة قوية ،لكنني لو
فعلت ذلك كنت سأقوم بإھانة أشخاص أخرين ..
81
-لو خرجت لإلعالم ونفيت أنني من عوائل السنتي ومن اصول رومانية ،البعض ربما اليفھم
ذلك على ان ُه توضيح للحقيقة بقدر ماھو فعل عنصري
ضد الغجر ،وانا شخص أمقت العنصرية وال أحبھا ..ھذا ھو الخطر الذي منعني بكل تأكيد
من الظھور ونفي كل ماتكتبه الصحف عن أصولي ..
األشخاص الذين لھم إنتماءات عرقية أخرى اليستحقون ذلك ..ھم اشخاص أخرون فقط ،من
مجتمع أخر ..نحن في بلد وھم في بلد أخر ،لديھم
كل◌ُ ◌ً على قدم المساواة ..لھذا لم أقل ما أردت
قصص جميلة مثلما يحدث معنا بالضبط ٍ ..
قوله حينھا ،وھو :عائلتي من لومبارديا ،من بريشيا ..
ُ
ولست من السنتي ،وبالتأكيد ھذا اليعني ان لدي شيء ضد السنتي ..بل على انا إيطالي
العكس تماما ً ..
82
-انا برازيلي بعض الشيء ،بيرلينھو ..عندما أنفذ الكرات الثابتة فإنني أفكر بالبرتغالية ،ومن
ثم بعد ذلك أحتفل بالھدف على الطريقة اإليطالية ..
كرات بيرلو ،تنطلق مع تأثيرات كبيرة إلى منطقة ال أمانع الوصول إليھا ،كل كراتي تحمل
أسمي وكأنھم بنات لي ،متشابھات لكن ليس إلى حد
التؤأمة لديھن جميعا ً لمحات من أمريكا الجنوبية ،وتحديداً من نفس مصدر اإللھام :العب
الوسط البرازيلي انتونيو اوغوستو ريبيرو ريز جونينھو ..
المشھور بإسم جونينھو برنمبوكانو ..
-جونينھو عندما كان يلعب في ليون كان يخترع تسديدات إستثنائية ،كان يضع الكرة على
األرض ،ثم يحدد مسارھا بشكل غير تقليدي ،يركض إلى
الكرة ومن ثم يبدأ بستجيل األھداف ،اليخطيء أبداً ..نظرت إلى األحصائيات وأدركت ان
مايقوم به ليس شيء عادي ..بدأت بدراسة األمر ،جمعت
الـ CDوالـ DVDsوالمباريات القديمة وحتى الصور ..وبدأت احاول إكتشاف طريقة تسديداته
،وأخيراً عرفت السر ..لم يكن إكتشافا ً سريعا ً ،بل تطلب
الصبر والوقت ..أدركت أن ُه يسدد بطريقة معينة ،وھذا كان واضح جداً ،لكنني لم اعرف
كيف يسدد بھذه الطريقة ،لھذا أخذت الكرة وأتجھت للملعب
وبدأت أحاول تقليده ..النتائج األولى كانت سيئة ،اول الكرات كانت ترتفع قدمين عن المرمى
أحيانا ً ،وأحيانُ ◌ً أخرى تذھب إلى السماء ..بعضھا
كان يذھب حتى فوق أسوار الميالنيلو ..
-كنت أكذب على الجماھير التي تقف خلف اسوار الميالنيلو إذا ذھبت الكرة بعيداً " :مرحبا ً
شباب ،ھذه الكرة ھدية لكم " ..الشيء المريح ھو
ان التدريبات كان من المفترض ان تكون مغلقة ،وھؤالء كانوا يتجسسون على تدريباتنا ،لھذا
انا كذبت على الخارجين على النظام ،الذنب ..بعد ٣
أيام بدأت أقلق عامل المستودع في الميالن ،الذي كان يجمع الكرات بعد التدريبات ..
-التجربة أستمرت ألسابيع ،وبما ان خالصة األفكار تأتي في منتھي لحظات التركيز ،
83
أكتشفت السر أخيراً وانا في الحمام ،على طريقة إنزاغي ..
كنت أفكر باألمر وابحث عن الحقيقة ،وھذا أمر لم يبتعد عن تفكيري ابداً ،في النھاية أدركت
حقيقة واضحة :سحر تسديدات جونينھو اليعتمد على
المكان الذي يركل الكرة فيه ،بل المكان الذي يركل به الكرة ..جونينھو لم يكن يسدد بكل قدمه
،بل بثالثة أصابع فقط !
-في اليوم التالي إنطلقت مبكراً إلى الميالنيلو ،لم أذھب لكي ألعب مبارياتي الكالسيكية مع
نيستا في البالي ستيشن ،فوراً توجھت إلى الملعب
ووجدت ھناك عامل المستودع يجمع الكرات قبلي :
-لم أكن بحاجة إلى أحذية مربوطة بإحكام ألثبت صحة نظريتي ،لكن عامل المستودع كان
جاھز ذھنيا ً ألن يذھب إلى الحديقة خلف المرمى ليأتي
بالكرة كما جرت العادة ..سددت الكرة ،وذھبت مباشرة إلى المقص ،بين القائم والعارضة ..
تطبيق ھندسي مثالي ،الكرة ذھبت بشكل مثالي
إلى المكان الذي أردته بالضبط ،ولم يكن ليوقفھا احد حتى لو كان ھناك حارس في المرمى ..
" أندريا ،أفعلھا مرة أخرى لو سمحت " صرخ عامل
المستودع بھذه الجملة وھناك نغمة استفزاز في صوته ،كان تحديا ً كبيراً يجب ان انجح فيه
امام ثالثة أشخاص :انا من جھة ،وعامل المستودع
ومعه شبح جونينھو من جھة أخرى ..قلت له " :حسنا ً ،راقب ھذه التسديدة " ..
-سددت بنفس الطريقة التي سددت بھا الركلة السابقة ،والھدف كان نسخة مشابھة من الھدف
84
السابق ،نفذت التسديدة ٥مرات متتالية بنجاح
تام امام العامل ..رسميا ً :أتقنت التسديدة ..لم يعد ھناك اي سر ..الكرة كانت ُتسدد بثالثة
أصابع من األسفل ،القدم كانت تبقى ثابتة قدر المستطاع
حتى تركل الكرة بقوة ..بھذه الطريقة الكرة تبقى ثابتة في الھواء ،فجاة تنحدر إلى المرمى
بسرعة وبمسار غير متوقع ..ھذا ھو سر التسديدة
التي اطلق عليھا البعض الحقا ً اسم " الملعـونة " ..عندما تخرج تلك التسديدة من قدمي
بالطريقة التي أريدھا ،اليوجد اي حائط صد بإمكانه ان
يوقفھا ،ألنھا تسديدة ميزتھا الكبيرة انھا تتجاوز كل الخصوم في األعلى وفجأة تنزل إلى
المرمى بشكل اليمكن توقعه ..
-بالنسبة لي أعظم مايمكن ان يحصل في الحياة أن تنفذ ھذه التسديدة ومن ثم تشاھد الكرة
تتجاوز رؤؤس المدافعين الذين يحاولون الوصول إليھا
واليستطيعون ذلك ،ومن ثم تدخل المرمى ،ألن ھذه اللمسة السادية ھي التي تعطي للفوز لذة
عظيمة ..كلما كانت المخالفة ابعد عن المرمى
كلما كانت الظروف افضل لتنفيذ ھذه التسديدة ،ألن التأثير الذي يطرأ على الكرة يتناسب
طرديا ً مع المسافة ،اذا زادت يظھر التأثير بقوة ،واذا كان
التنفيذ من مكان قريب ،تنزل الكرة من األعلى بشكل أسرع من المعتاد ..ھناك متغيرات
وخدع مع كل كرة ثابتة ،لكن المبدأ األساسي اليتغير
أبداً ..والھدف الذي يأتي بھذه الطريقة ،يعطيني األرتياح االكبر ،ألنني بالنسبة للكثير من
زمالئي ،مثال ومصدر إلھام ،بالنسبة لھم انا
جونينھو رقم .. ٢برازيلي من بريشيا ..
-ربما لم أخبر أحد بذلك من قبل :ھدفي ھو أن أكون أكثر من سجل أھداف من كرات ثابتة
في تاريخ السيريا .. Aالركض خلف األرقام ،بدأت في
ذلك منذ سنوات ..منذ ان كنت طفالً ،في غرفة األكل ،كنت اضع األريكة امام النافذة وأبدأ
التسديد بكرة أسفنجيه ٩ ،مرات من اصل ١٠أسدد الكرة
85
بين الزجاج والجدار ،نفس المكان الذي كنت أريد التسديد فيه ..الكرة األسفنجية كانت تتجاوز
األريكة بالطبع ..كنت اشتري صحيفة الغازيتا فقط لكي
أحصل على االشراطة التي تأتي مرفقة معھا ،احصل على شريط افضل منفذي الكرات الثابته
بالرقم ، ١٠أقوم بتشغيل الشريط وارى باجيو ..
زيكو وبالتيني ..كنت استمتع بتلك التسديدات وأطلق الخيال لنفسي ..
-العبارة الكالسيكية " :فقط أھتم بإنجازات الفريق ،وال أھتم إلنجازاتي " ھي عبارة مملة ،
ورثاء لكل العب يفتقد الجودة او الشخصية ..بالنسبة
لي الفريق مھم جداً ،لكن اذا انا نسيت نفسي ،فإنني سأحرم زمالئي من قوتي :الكثير من
القوى الفردية تصنع فريق ..الكثير من االحالم تصنع
إنتصار ..وربما تصنع التاريخ ،اذا كنت محظوظا ً ..رغم عاطفتي تجاه تنفيذ الكرات الثابته ،
إال انني لم أطلب أبداً في اي عقد لي ان احصل على
حوافز تتعلق باألھداف التي اسجلھا من الكرات الثابتة ..سيكون امر مبالغ فيه رغم انھا طريقة
سھلة لكسب المزيد من االموال ..وحتى لو كانت
لدي حوافز من ھذا النوع ،اليمكن ان افكر فيھا بھذا الشكل ..على عكس مايفعله المھاجمين
مثالً ..كلھم ،جميع المھاجمين تكون لديھم حوافز
مرتبطة بعدد معين من االھداف ،لكن عندما يقترب المھاجم من تحقيق ھذا الرقم يبدأ يكون
أنانيا ً ..شخصيته تكون محكومة بإتفاقية معينة
كل ،ال بأس ،اتقبلھم رغم انھم متقلبين ،اقدرھم رغم كل
مكتوبة باألبيض واألسود ..على ٍ
شيء ..
-الجزء الذي ال يمكن ان اتقبله في عملي ھو األحماء قبل المباريات ،يجعلني مريضا ً ،أكره
عمليات األحماء من أعماقي ،في المقابل عمليات
األحماء ھي قمة المتعة لدى مدربي اللياقة ،ھي الطريقة التي يستمتعون فيھا على حساب أوجه
الالعبين ..سيكون من الجيد ان التصاب في
المباراة ،لكن رغم ذلك تبقى عمليات االحماء ھي أسوأ وقت في أسبوع العب كرة القدم ١٥ ،
86
دقيقة ضائعة بدون اي فائدة ،أفكر خاللھا دائما ً
في أشياء اخرى ..أنفذ عمليات األحماء بھدوء ،تقريبا ً أتمشى ..ھذه طريقتي للتعبير عن
المعارضة ،تجد لمحات الغضب من حولك على ھذا
التصرف ،وربما اذا كنت تلعب خارج ارضك ،ستبقى تستمع للشتائم طوال ھذه المدة ،
اليھمني ان أدرب عضالتي ،مايھم ھو القلب ..
وفي حالتي ،قلبي دائما ً مُشتعل ١٠٠ ،درجة مئوية ..يحترق بطاقة إيجابية ..
-تحدثت في ھذا األمر مع الكثير من المدربين الذين دربوني طوال مسيرتي ،ولم يعطيني اي
مدرب رأي مقنع ..كانوا ينظرون لي وكأنني قادم
من المريخ ،خاصة عندما كانت لدي الشجاعة ألطلب ان ألعب بدون عمليات تسخين او إحماء
في التدريبات ..انا مستعد لكي ألعب فوراً في
التدريبات طوال األسبوع ،وفي المباريات يومي السبت واألحد ..في جميع المنافسات :كأس
إيطاليا ،الدوري ،دوري األبطال ..حتى كأس العالم
الذي فزت فيه رغم انني كنت اتمشى طوال الـ ٩٠٠ثانية التي سبقت مباريات غانا ،أمريكا ،
التشيك ،أستراليا ،أوكرانيا ،المانيا ،فرنسا ..
-كنت أقنع نفسي بأن ُه يجب علي البقاء ھادئا ً ،وان ھذا العذاب سينتھي خالل دقائق ،قد يكون
ھذا رھاب من نوع ما ،لكنني اعيشه على
انه ظلم لألشياء الجميلة ،عندما تكون بار رافائيلي عارية امامك اليمكنك ان تغمز لھا وتقول :
" ابقي ھنا ،سأعود بعد ربع ساعه " ..حتى لو
فعلت ستركض وانت تفكر فيھا ،فيھا فقط ،ستنقطع انفاسك وتثقل خطواتك من التفكير ..لھذا
،عندما تكون ضد ال] او برشلونة او اي
فريق اوروبي كبير معروف فإنك تريد ان تغطس في المعركة فوراً ،دون إنتظار ..
87
-الفصل السابع عشر -
-اليساندرو بإمكانه ان يفھم ،فقط ديل بييرو ھو من الحظت عليه تعابير إستياء مثل تلك التي
تظھر على وجھي عندما أقوم بعمليات اإلحماء ..
سنته األخيرة مع اليوفي سأتذكرھا على أنھا عذاب رياضي ،موت معلن لقصة حب كبيرة
بدأت تختفي شيئا ً فشيئا ً ،حتى تحولت إلى مشاعر
من جانب واحد ..وبالتالي أصبحت قصة حب غير مُجديه ..
-لم يلعب ،وھذا كان أمر سيء له ،كان يأكل ُه من الداخل ،عالمات التأثر كانت واضحة جداً
عليه ،فشل في إخفاء مشاعره الحقيقية حتى النھاية ..
إما أن تكون رجل حقيقي او أن تكون ممثل ،اليوجد حل وسط ..تمثيل اليكس كان سيئا ً ..
كان يعاني على الدكة مثل المجنون ،حرمانه من الكرة
كان عقاب واضح التأثير عليه ،موسم كامل ذھب خالله إلى النوم ،دون عشاء ودون القميص
88
رقم ١٠على ظھره ..كان يرتدي بيجامة عليھا
خطوط بيضاء وسوداء ،مالبس سجين ..لم يُتم إعدامه ،بل تم نفيه ..
-اليكس لم يشتكي امام الجميع أبداً ،ولو لمرة واحدة ..عاش تلك اللحظات بكرامة كبيرة ..
في غرف المالبس ،لم نكن نراه اال قليالً ..كان لديه
مدرب شخصي يھتم بالنواحي البدنية لديه فقط ..السيارة الرائعة تحتاج لصيانة مثالية ،
وإھتمام خاص ..كان يأتي للفينوفو قبل الجميع ومن
ثم يبدأ بالتدرب مع مدربه الشخصي في صالة جيم صغيرة ،قريبة من صالة الجيم التي يتدرب
فيھا كل الالعبين ..ومن ثم يلحق بالمجموعة إذا
توجھنا إلى الملعب ،يأتي ويبدأ معنا في التدريبات التكتيكية ..في األوقات التي إحتجناه فيھا ،
كان حاضراً ..
-كنا حزينين للغاية بسبب ان رمز مثل ديل بييرو سيرحل عن الفريق ،خاصة بعدما عاد
الفريق إلى الفوز مجدداً ،فريقه ..حتى عندما كنا نعرف
أن األمور ستنتھي بھذا الشكل ،كنا حزينين جداً لفرقه ،نحن نتحدث عن علم تاريخي ،
للكاريزما التي يمتلكھا ديل بييرو ..
-لم أفھم بالضبط ماحدث بين ُه وبين أندريا انييلي ،ماھو الجزء الذي تعطل في عالقة األثنين ،
وال أعتقد ان ُه كان مسموح لي السؤال ،أملك إحترام
ھائل لھذين الشخصين ،لكن اذا كان تاريخ كبير مثل ھذا سينتھي ،فھو سينتھي لسبب بدون
شك ..ھم جعلوا أسبابھم سرية وخاصة بينھم ..
لكن الشيء اليقين ھو ان المشكلة بدأت من إختالف في وجھات النظر حول تجديد عقد ديل
بييرو ..أمر سيء جداً ألن اليكس كان سيعطينا المزيد
من الراحة مع اليوفي ،العب مثله سيكون دائما ً مفيد للفريق ،من الجميل ان يكون بجانبك
شخص جيد طوال الوقت ،ومن الجيد ان يكون بجانبك
محترف عظيم طوال الوقت :اليكس يملك ھاتين الصفتين ..
-مسيرة ديل بييرو كانت دائما ً على مستوى عالمي ،وھذا ليس بمحض الصدفه ..عندما تراه
89
في الملعب ،حتى في المرات القليلة من موسمه
األخير بإمكانك ان ترى ان ُه يلعب بطريقة ممتعه وجميلة لم تتغير ..وكأن ُه كتاب بصفحات
بسيطة ،تستطيع ان تتعلم منه الدرس ..
-عاد ليكون طفالً وھو على وشك األربعين ،وفي مرة واحدة بكى دون توقف ..أمام الجميع ،
في اخر ظھور له بقميص اليوفنتوس بعد المبارة
ضد أتالنتا ..كل شيء كان يضعه داخل القفص ،أخرجه في ذلك اليوم ،رغبته ان يكون
حاضراً ،رغبته في أن يشعر بأن ُه بيانكونيرو ..في غرف
المالبس إنھار بالبكاء دون توقف ،نحن بكينا معه ،وبكينا من أجله ..قمنا بتحيته ايضا ً عندما
غادر إلى سيدني ..إختار نھاية ھذا الكوكب ليبدأ في
لعب كرة القدم ،او ليستمر في لعب كرة القدم ..ألن ُه لم يتمكن من إختيار مكان أخر ..في
إيطاليا او في أوروبا او في اي مكان قريب سيغلبه
الحنين إلى اليوفنتوس ،قد يشعر بذلك األنجذاب إلى اليوفي حتى بشكل بدني ..من مغناطيس
إلى مغناطيس ..
-كالعب عاطفتي إلى المنتخب أكثر من غيره ،أشعر بأنني العب للجميع ،أحيانا ً يتم
التصفيق لي حتى في مالعب الخصوم ،لكن ديل بييرو كان
أكثر من ذلك ،كان مثال ونموذج لجماھير االندية األخرى ،لسبب بسيط وھو ان ُه لم يغير
الوانه ابداً ..كان مرتبط باليوفنتوس دون ان يحاول ان يجد
اي سبب لتركه ،لم يكن مجرد العب كرة قدم عادي ..كان من األفضل في التاريخ ..ھنا
تكمن معجزة حقيقة ،الجماھير التي كانت تعيش فترة
تاريخية عاد فيھا اليوفنتوس إلى الفوز ،لم تعتبر تلك الفترة فترة سعيدة ..
-المشكلة ان التنافس الرياضي في إيطاليا بات يؤدي إلى الكرھية المبتذلة ،وإلى جھل عميق
وأفعال اليمكن توقعھا ..في الخارج ترى بأن أي
فريق يأتي بالحافلة بسالم ،ويمشي بين حشد من جمھور النادي األخر دون اي مشاكل ،تجد
90
حتى األطفال سعداء في ھذه البيئة ..لكن في
إيطاليا ،مباريات الفريق خارج ارضه تعتبر بمثابة الكابوس ،طريق الفريق بين الفندق وبين
الملعب يعتبر مسار حرب ..لقد سئمت حقا ً من صافرات
اإلنذار ومواكب الشرطة واألنوار الساطعه ،يجب ان نتعامل مع ھذا األمر بجدية ..يجب ان
نفكر في حلول أفضل من استخدام رجال الشرطة ..
-القاضي الذي يحارب ضد المافيا ھو من يستحق ان يُحرس بھذا الشكل ،ليس فريق كرة قدم
! لكن ھذا يحدث فقط في عالم مثالي ،ال يحدث
بالتأكيد في السيريا اي ..نعود وال نعرف اننا نسقط في حفرة عميقة وضيقة ..غاز مسيل
للدموع ،قنابل صوتيه ،عصي وحجارة ومسامير و ..
-في نابولي ،أثناء سنتي الثانية مع اليوفي ،خشيت ان تكون نھايتي سيئة ،من النادر ان ابتلع
الجحيم بتلك الطريقة ..المئات من األشخاص
كانوا قد تجمعوا امام الفندق ،بدأو بتوجيه اإلھانات لنا عندما ركبنا في الحافلة متجھين إلى
الملعب ،حبات البيض واإلھانات كانت تتراشق علينا
بشكل كثيف ،لكن بعد ذلك زادت األمور سوءاً ..عندما إقتربنا من ملعب السان باولو بدأت
كثافة األشياء التي ُترمي علينا تزداد ،أصبحنا ھدف
لعبة لدى الجماھير أسمھا :أضرب اليوفنتوس ..بعضنا قام بالتمدد على الممر لتجنب الضرر
،خاصة بعدما رمى أحدھم طوب كسر الزجاج الذي
كان في جھة اسامواه ..لحسن الحظ قطع الزجاج ترامت في الخارج وإال كنا سنحظى بنھاية
تراجيدية ..كان ھناك صمت ،ادركنا اننا النسافر
بدون مقابل ،وان تذكرة الحياة يجب دفعھا عاجالً ام أجالً ..
-من يضمن لي أن ُه في يوم من األيام ،بدالً من ان نضرب بالطوب ،يأتي احدھم بمسدس ؟
كيف يمكن لي ان اتحقق من االالف المتواجدين على
طرف الطريق ؟ من ھو الذي لديه ھدف وحيد وھو ايذائنا ؟ من يستطيع المراھنة على ان ُه من
بين كل ھذا الحشد اليوجد رجل مجنون بإمكانه أن
يقوم بأشياء اليفعلھا غيره ؟ بدأنا نستخدم حراسة شخصية عندما نلعب خارج تورينو ،حراس
91
من وكالة DIGOSيرافقونا ،لكن ھل ھذا يكفي ؟ ..
-أثناء المباريات ،اليوفنتوس بطبيعة الحال يعتبر لدي الجماھير ، Banda Bassotti
مجموعة لصوص ..إتھامات من الماضي ،لكن في الماضي
القريب ايضا ً اليوفي ھبط إلى السيريا بي ،كفارة ثقيلة ،الجميع يتظاھر بنسيانھا ..ھتافات
الضد إختصاص إيطالي ..تبدأ اوالً بشتم الخصم وايضا ً
التقليل منه ،ومن ثم الحقا ً اذا كانت ھناك فرصة تبدأ بتشجيع فريقك ..بعض المدن يتم فيھا
التذكر أنني العب للمنتخب الوطني ،والبعض فيھا
أتعرض للعديد من الشتائم ،ويجب علي ان اموت قبل ان احصل على اي خطأ ..خطر العنف
في إزدياد مستمر ..
-تقريبا ً أغلب مالعب إيطاليا تعتبر مساحة حرة لجماھير األلتراس ،تفعل فيھا ماتريد وتفكر
فيھا ماتريد ..عندما يوقفك رجل في الشارع وينعتك
بالمعتوه ،بإمكان على األقل ان تشكوه ،لكن في الملعب ،االالف من األصوات التي تردد
ضدك اإلھانات واليحصل اي شيء ،نفتقد للثقافة
الرياضية ..ونشعر بغياب القوانين عن معظم المالعب اإليطالية ..ملعب اليوفنتوس الجديد
جوھرة ) يحصل على ١٠نقاط في الموسم على األقل
بسبب األجواء اإليجابية التي يساعد على خلقھا ( ..في كل كرسي ،يجب ان يوجد الرجل
الذي يطابقه اسم الكرسي فقط ،يوجد عليه اسمه
واسم عائلته ..مع وجود كاميرات وأنظمة مراقبة متقدمه ،عندما تقوم بشيء خاطيء ،فإنك
تكتشف على الفوز ..
-الحل المثالي ھو التعليم ،لكن في بعض الحاالت البأس في ان تخاف من ان تكون امام
إعصار األنظمة ،على األقل ھي بداية ،لو كنت رجل
سياسة -حمد iانني لست كذلك -لقاتلت من اجل وضع زانزانة في كل ملعب ،سجون
صغيرة ومباشرة لكل من يخالف األنظمة كما ھو
الحال في إنجلترا ..سجون يوضع فيھا فوراً كل من يخطيء بدل من رمي الغاز عليه ومن ثم
تركه يرحل مباشرة ..ھذا ھو عالجي لكل من
92
يخاطر في الكورفا أثناء المباريات ..ثم ،يجب فتح النافذة ..ھناك حاجة إلستنشاق الھواء
النقي !
93
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
-ھناك حاجة لبالوتيلي ،ال أعتقد أن ُه يفھم من أعماقه ،لكن بالو ھو الدواء ،ھو الترياق للسم
القاتل الذي بدأ بالظھور ،في إيطاليا ھناك عنصرية ..
ھناك عنصريون ،الفئة البشعة ،مجموعة من البائسين يقومون بأعمال سيئة ،وھم أكثر من
مجرد أقلية كما يحاول ان يوھمنا بعض الديموقراطيون ..
-كلما رأيت بالوتيلي في معسكر المنتخب اإليطالي ،أبتسم في وجھه ،ھي طريقتي للتعبير له
أنني بقربه ،وأن ُه اليجب ان يستسلم لليأس ..
الجماھير المعارضة دائما ً تستھدفه ،تقوم بإھانته ،ربما موقفه اليساعد الناس على حبه ،
لكنني متأكد ان ُه لو كانت بشرته بيضاء ل ُترك في سالم ..
" -إذا قفزت ،يموت بالوتيلي " ..أھزوجة ال ُتطاق ،ولألسف اسمعھا حتى في مدرجات
اليوفنتوس ..واالسوأ من ذلك ،الھتافات العنصرية التي
اصبحت اسمعھا في كل مكان ..بالو في مواجھة مثل ھذه االحداث اليستسلم ،بل يتحفز أكثر ،
واليشعر تلك القمامات البشرية أنھا فازت عليه
بھذه الھتافات ..ردة فعل ذكية ،ألن مواجھة ھذه التصرفات بالقوة قد يكون غباء ،لكن
تجاھلھا يجعل تلك األھازيج في بحر لوحدھا ،والخبر الجيد
ھو ان ُه حتى أسماك القرش تموت من الوحده ..
-برانديلي أعطى لنا درس محدد " :اذا شعرتم بكراھية الجمھور لبالوتيلي ،اذھبوا وأحتضنوه
" ..ينبغي علينا مسح الكراھية بالمودة ،رد فعل
مساو في المقدار ومعاكس في اإلتجاه ..فكرة فعالة ..
ٍ
-نظريا ً ،لن اقوم بترك الملعب ابداً اذا سمعت ھتافات عنصرية كما فعل برينس بواتينغ العب
الميالن عندما ترك الملعب في مباراة ودية بين ميالن
وبرو باتريا ..ليس تلك ھي الطريقة األفضل لمكافحة العنصرية ،ارى ذلك استسالم أكثر منه
94
رد فعل ..لكن ،اذا كان احد زمالئي قد تأثر بالھتافات
العنصرية في الملعب وعجز عن اإلستمرار في اللعب ،قد أخضع لرغبته اذا إتفق الفريق كله
على فعل ذلك ..بكل االحوال ھذه حاالت يكون من
الصعب ان تعلق فيھا مالم تخوض تلك التجربة ..ھي حساسة جداً لكي تتنبأ فيھا ..
-انا سعيد ألن ماريو لديه تلك الشخصية ،ماريو ربما يرد على اإلستفزاز في الملعب ) وھذا
خطأ ( لكن ُه يبقى صامداً في أوجه أولئك الذين يحاولون
النيل منه في الكورفا ..يسجل ومن ثم يضع يدهُ على إصبعه ليخبرھم أن يصمتوا ،ھكذا يأجج
غضبھم ..ھنا اذا أخبروه ان لون بشرته لون سيء
يبدأ بالضحك عليھم وينتصر ..يسخر منھم وينتصر عليھم ..ربما يكون رمز لمكافحة
العنصرية ليس في إيطاليا فقط بل في العالم ..
-كالعب كرة قدم ،النقاش حول قوة وجودة ماريو بالوتيلي ،لھذا أنا أتمنى رؤيته بقميص
95
اليوفي ،العب كبير لديه ميزة إضافية :إختياره يأتي من
الفريق ..لكن المشكلة ھي أن بالوتيلي دائما ً ماكان لديه ھدف وحيد ومحدد " :شباب ،عاجالً
أم أجالً سأرتدي قميص الميالن " ..تلك الجملة كلنا
سمعناھا ..وفي الواقع ،حلم ُه تحول إلى حقيقة ..كنت سأكون سعيد بتمرير الكرات له في
تورينو وفي المالعب األخرى ،ألكون جزء من نجاحه
كما ھو الحال في المنتخب اإليطالي ..فقط في مناسبة وحيدة أعتقدت ان ذلك ممكن ،عندما
سمعته يقول في مقابلة مع سكاي " :أود أن أغير
رأي جماھير اليوفنتوس عني " ..ربما يحدث ذلك في المستقبل ،نكون انا وماريو في فريق
واحد ..اقول ذلك وانا اعتقد ان وكيل أعماله مينو
رايوال -بطل -قد يبيع اسم ُه األخير مقابل ان يقوم بصفقة جيدة ..
" -مينو ،لدي فضول ،كيف تنطق أسمك األخير ؟ رايوال او ريوال ؟ "
" -كما تريد ،مادمت تدفع لي " ..تصفيق .
-اليوفي بالنسبة لبالوتيلي سيكون مكان ينفس فيه الضغوط العالية التي تقع عليھا ،ويحافظ فيه
على الضغط المثالي ،فكرة رائعة ..بوفون
وكيليني وماركيزيو ،انت تفھم اين سينتھي بك المطاف عندما تشاھدھم ..دائما ً السعادة تظھر
عليھم ،يشركونك في األمر ..يؤثرون عليك بشكل
إيجابي وأحيانا ً اذا كان ذلك في مصلحتك فإنھم يساعدونك على تغيير رأيك ..قد تكون مدلالً
معھم حتى في غرف المالبس ،حيث روح التضحية
طلب النقاش فيه ..ال أحد منھم يشتكي ،خاصة ألن الكثير منھم يلعب في األزوري ،وھذه
ھي نقطة قوتھم ،يعرفون تاريخ النادي ،يعرفون
األمجاد والنكسات ،اليحتاجون لنصائح تدلھم اين الشخصية الجيدة واين الشخصية السيئة ،ھم
القوة الدافعة الحقيقية ..
-يحدث ھذا الميالن ،اليحدث في اإلنتر ،يحدث في اليوفي ..برانديلي يعرف ھذه االمور
جيداً حتى في المنتخب اإليطالي ..اليوجد ھناك شخص
يقود ويوجه البقية ،وليس ھناك حاجة لوجود قائد بفضل الديموقراطية التي بين الالعبين ..
96
بوفون مثالً ،بإمكانه ان يخرج ويقول للجميع " :انا ھنا
القائد ،ألنني لعبت بھذا القميص حتى وانا في السيريا بي " لكن لم ولن يفعل ذلك ،ألن ُه ذكي
جداً ،قوي جداً ،مميز في كل شيء ..
-األن سأوضح وجھة نظر ققد تغضب الجمھور ،لكنني مقتنع بھا :اإلنتصارات األخيرة
لليوفي ولدت من ھبوط الفريق للسيريا بي ،الھبوط ضاعف
شعور اإلنتماء لدى الالعبين إلى أضعاف مضاعفه ..والشعور باإلنتماء قوة ..العودة إلى
السيريا اي كانت صعبة ،لكن مع مرور السنوات بدأ يتحول
الغضب إلى قوة إيجابية ..األن لم تعد ھناك مساحة أكبر للعار ،اليوفنتيني مطالب بالعمل
إلستعادة الفخر والكرامة ،كما يقول أندريا انييلي ..
عندما تتجرد اي بيئة من المشاعر السلبية ،فإن ھذا يؤدي إلى والدة شيء مشھود ،كان إنفجار
أبيض وأسود خلق عالم جديد ،مشابه جداً
لعالم اليوفنتوس القديم ..وھنا يأتي الخبر السعيد :اليوفنتوس ينحدر من اليوفنتوس ..
-نخاف أكثر وأكثر من ان نسقط مجدداً ،في كل يوم يتم تذكيرنا بذلك من قبل عدة أشخاص ،
خاصة انتونيو كونتي ،الذي كان يوضح على باب غرف
المالبس عندما يبدأ بمھاجمة بعض المقاالت الصحفية التي يتكلم فيھا بعض الخصوم عن فريقنا
..كونتي كان يقوم بقص بعض المقاالت والتعليقات
من الصحف ويقوم بوضعھا على باب الغرفة السرية بشريط الزق ..األشياء التي اليجب ان
نقتنع فيھا ونحذر منھا محددة باللون األحمر ..أحيانا ً
يكون الرئيس متواجداً ..الحديث عن الصحف مھم ،كان يحدث مرة في األسبوع على األقل ،
والرسالة واضحة :الكل ضد اليوفنتوس ..بما في
ذلك الناس البائسة التي اليتوقع منھا اي شيء ..
" -شباب ،ھل رأيتم مالذي ُكتب ھُنا ؟ لدينا نقاط ضعف " .
" -شيء مقرف ،مستر " .
" -نعم شيء مقرف ،لكن يجب علينا ان نكون رجاالً ونثبت في الملعب انھم على خطأ " .
97
" -أنظروا إلى ھذه ايضا ً ،يكاد يقسم انه ستمر علينا لحظات ينھار فيھا الفريق " .
" -ھراء أخر ايھا المدرب " .
" -دعونا النقع في ھذا الفخ ،الطريقة الوحيدة لإلجابة عليھم ھي الفوز ،بالمناسبة ھل رأيتم
ھذه ايضا ً ؟ " .
" -نعم ايھا المدرب ،ھذا الغبي يقول أننا اكثر فريق مكروه في العالم ،شيء يعرفه الجميع "
.
" -في ھذه ھو محق ..عندما نراه في الملعب سنشكره ،نعتبر ھذا إطراء لنا ..ھذا يعني بإننا
عُدنا ،بإننا نخيفھم ..
بإننا نشرف القميص الذي نحمله ..تذكروا :فقط من اليفوز ،يحصل على تعاطف الخصوم "
.
" -مستر ،أنظر إلى ھذا المقال ايضا ً ،يقول بأنك مجنون " .
" -ھل الحظتم ذلك ؟ من بين االالف األشياء الغبية التي قالھا ،ان لديه لمحة وضوح ..أوه ،
اريد يورو و ٢٠سنتا ً " .
" -لماذا ؟ "
" -للصحيفة . " ...
98
-الفصل التاسع عشر -
-يدفع ماتري ،دائما ً ماتري يدفع ،حتى بالتعبير المجازي ..نيستا ذھب إلى كندا ،ودي
روسي لم أعد أراهُ إال مع األزوري ..لذلك لم يبقى إال ھو ..
زميلي االخير في الغرفة ھو أول ضحية لي ..قانون غير مكتوب ،أشبه بإطالق النار على
الصليب األحمر ،رغم أن اليساندرو يفضل المستشفيات ..
ماتري شخص لديه ھاجس ،يشعر بأن ُه يعاني من كل األمراض في العالم وھو في الحقيقة
اليعاني من أي منھا ..
-ماتري يعطس ثم يقول " :كنت أعرف ذلك ،ھل لدي إلتھاب رئوي ؟ كنت أعرف " ..
تظھر لديه بثرة " :ھل ھذه حساسية بسبب شيء أكلته ؟ ھل
سأموت ايھا الطبيب ؟ " ..يخدش انفه " :ال ايھا الطبيب ،التقول انني اعاني من الھيربس "
..
-في الملعب يقف امام الحارس لوحده ،لكن ُه يسدد الكرة في مكان بعيد حتى عن المرمى " :
ماما ميا ،ھذا بسبب إلتھاب الملتحمة " ..ھنا اتدخل
انا واقول له " :انت في صحة جيدة ،المشكلة فقط في لسانك " ..يضحك قليالً ،ثم يتوقف
عن الضحك ألن ُه قد يعاني من ألم في أسنانه ،أنا أعرفه
وأحبه ..لھذا أحيانا ً أخترع عنه اشياء الوجود لھا ..
99
" -ھل تقول ان لدي نزيف دماغي ؟؟ " .
" -انا استسلم " ..
-اذا شعر بأي ألم بسيط يذھب لزيارة الطبيب ،اذا شعر بإرتفاع درجة حرارته بشكل بسيط
يقول بالفحص ٥٠مره ،بدأت اشك ان ُه يكون سعيداً
عندما يستخدم مقياس الحرارة ..في أحد الليالي ،قررت ان اقوم بمزحة معه ..عندما نام
ماتري ،ذھبت وجلبت بوستر كبير لبارزالي ،ذلك الذي
يأتي ھدية مع .. Hurrà Juventusوضعته فوق سرير ماتري ومن ثم إلتقطت ل ُه صورة في
البالك بيري وأرسلت الصورة للعديد من األصدقاء مع
ثالثة كلمات " :ھذا ھو الحب " ..أخترعت قصة ،كما يخترع ھو االمراض التي يعاني منھا
..
-عندما يكون ماتري في الحمام يفرش أسنانه ،او يقوم بالحالقه او حتى يج َمل نفسه بتلك
الكريمات التي يستخدمھا ،أصرخ فجاة وبصوت عالي
ثم يصرخ ھو " :أندريا ،اللـعنة ،بھذا الشكل ستسبب لي نوبة قلبية " " ..اووه ،ھا نحن من
جديد " ..
-ماتري حريص جداً ،يخاف من كل شيء ..األطباء كرھونه ،وانا أحب ُه ،مثلما يحب ھو
بارزالي ..أحبه ألن لديه قيمة كبيرة :عندما يلعب ،يلمس
الكرة ويسجل ،يلمسھا للمرة الثانيةويسجل ھدف أخر ..لديه معدل أھداف رائع جداً ،لطالما
أعتبرته من الالعبين المظلومين ،لو كنت رئيس نادي
يود اإلرتقاء إلى القمة لكان ماتري على رأس قائمة إھتماماتي ..ضمان ساري المفعول لمليار
سنه ..دائما ً اقول له :
" -اليساندرو ،ھل تعرف ..أعتقد ان ُه بإمكانك ان تسبب صداع ألي مدافع في الدوري
اإليطالي " .
" -صداع ؟؟ " .
100
" -التقلق ..أن ُه تعبير مجازي فقط " .
-عاجالً ام أجالً سيكون من الصعب ان تقوم بتحميل فيديو على اليوتيوب ،لن تتمكن من
رؤيته إال مرة واحدة ..ألن ُه في كرة القدم بانيني مات قبل
أن يولد ،وألن تصرفات الالعبين اليمكن ان تعاد بالحركة البطيئة ..قناعة سببت أخطاء
كبيرة في تقييم الحكام :ألن القانون اليوم يمنع أستخدام
التكنولوجيا في كرة القدم ..الحكام يتعرضون لإلنتقادات دائما ً بسبب ان من في القيادة أشخاص
اليعرفون إال نظام قديم وغبي :اليمكن استخدام
الحركة البطيئة في الملعب ! ..التكنولوجيا حل بإمكانه ان ينھي %٥٠من المشاكل التحكيمية
ويقضي على الجدل ..بفضل ذلك ستكون حياة
المحترف اقل تجربة لألحداث الحافلة ..
طرد في نھائي كأس العالم ٢٠٠٦بعد ان ضرب ماتيراتزي برأسه :الجميع يعلم ان -زيدان ُ
الحكم إيليزوندو لم يتخذ القرار لوحده ،بل اتخذه بعد ان
قام باإلستعانة بمساعديه ،حتى لو لم يتمكن من رؤية الحركة البطيئة ..لحسن الحظ مساعديه
لم يكونوا خبراء في قراءة الشفاه ..
-مساعدة خارجية للحكام ستكون حاسمة في كرة القدم اليوم ،الحكم يخطيء ،ليس روبوت ..
انا حتى ھذه اللحظة لم أفھم كيف يمكن ألي
حكم مساعد ان يشاھد لحظة إنطالق الكرة من قدم الالعب وفي نفس اللحظة يعرف ھل الالعب
الذي سيستقبل الكرة في موقع تسلل ام ال ..
حتى وحش بأربعة أعين لن يتمكن من رؤية ذلك ..
-رفض إدخال التكنولوجيا في كرة القدم يأتي من العالم الثالث في كرة القدم ..شاشة صغيرة
امام الحكم الرابع تكفي ) الحكم الرابع أعتبره مثل
101
عميل سري ،لكن بالفعل احد مساعدي الحكم ( ..ھذه الشاشه ستسمح للحكم الرابع بالمساعدة
في القضايا األكثر تعقيداً ..ھل تجاوزت الكرة
خط المرمى ام ال ،ھل سقط الالعب في منطقة الجزاء ام خارجھا ،ھل ھذا الھدف تسلل ام ال
..خالل ٥ثواني سيتم حسم اي مسألة بسھولة
كبيرة ..خالل ذلك ،سيستمر الحكم بإدارة بعض القرارات الموضوعية في الملعب ،مثل ھل
ھذا خطأ ام ال ..وغيرھا من القرارات ..
-أحب كرة القدم الحديثة ،لكن أولئك الذين يعيشون على وقع النصائح الھرمية ،يختبئون
خلف العادات والتقاليد الكروية القديمة ويزعمون انھم
يريدون المحافظة عليھا في كرة القدم ..تناسوا انھم في السابق كانوا يلعبون بكرة ثقيلة وزنھا
كيلو ..وانھم كانوا يلعبون خصوصا ً بدون كاميرات ..
ال اقول ان جون واين يجب ان يتحول إلى األفالم الخيالية ،لكن في المقابل ،ستيفن سبيلبيرغ
بدون بعض التأثيرات الحديثه كان سيعاني ..
-الخطوة التالية مطلوبة ،يجب ان تتم ھزيمة عقلية عفا عليھا الزمن ولم تعد نافعة ،عقلية
التدرك التغييرات التي حدثت في كرة القدم وحتى
التغييرات التي حدثت في األندية ..من اجل كرة القدم ،حان الوقت للنھوض ..سيكفي لو
فتحت عين واحدة بشكل جيد ،او عينان بشكل خفيف ..
اليفھمون انھم بھذه القوانين القديمة يحدثون ضرراً كبيراً للحكام ..يتركون الحكم لوحده امام
نيران القناصين ..الحكم ربما يخطيء في قرار أتخذه
في ثانية واحدة -اقول لكم انھم بشر والخطأ وارد منھم -ثم يراه الماليين عبر الشاشات
وباإلعادة البطيئة " :لقد أخفق ،ان ُه حكم غبي " ..
بينما يجب عليھم القول ان ُه " :مسكين ،الزال يعمل بقوانين أنتھى زمنھا " ..لم يعد ھناك
تلفزيون باألبيض واألسود ،لكن الجميع يدرك أن
ھذا اإلختراع كان مھما ً وأساسيا ً ..
-سيكون من الجيد ايضا ً ان يمسح الناس كل الصور التي يحتفظون بھا في ھواتفھم منذ فترة
طويلة ..صور ھدف مونتاري الغير محتسب في
102
مباراة ميالن -يوفنتوس والذي دخل التاريخ بطريقة ما ..في نھاية مباراة ،في الدوري
اإليطالي اكثر من دوري األبطال ،يبدأ العديد من المدربين
واإلداريين بالحديث عن حكم اللقاء ،وكيف انه قام ببعض األخطاء ..يتظاھرون بأن ُه ھو من
تسبب في خسارتھم ،يقضون ساعات لتشريح بعض
الصور واللقطات ويقارنونھا بالقرارت المثالية التي يجب ان تتخذ ،الجھلة دائما ً يمررون نفس
الفكرة :الحكم أخطأ ،اليمكن اإلعتماد عليه ..
-سيكون من األفضل ان أتذكر انني قمت ببعض الخطوات الخاطئة بدالً من مطالبة الحكم
بالعدل :ربما أخطأ المدرب بالتشكيلة ،ربما أخطأ رجل
اإلدارة ببعض التعاقدات ،ربما اخطأ الجمھور ببعض األھازيج ،ربما اخطأ ماتري بحقيبة
العالج ..تصيد أخطاء األخرين دائما ً شيء جميل ،لكن
النظر إلى الذات أمر معقد بعض الشيء ..
-دعونا نغوص في المستقبل حتى لو تطلب ذلك إنتخابات ومظاھرات في زيوريخ او نيون ..
يجب ان نفكر بصدق بوسيلة تساعدنا على ان نكون
أفضل ..الرياضات األخرى قامت بتجربة التكنولوجيا ونجحت بدون اي تداعيات سلبية ..اذا
قال الحكم ان ضربة نادال كانت داخل الملعب في بطولة
أستراليا المفتوحة للتنس ،فيما نظام عين الصقر قال غير ذلك ،تفوز الحقيقة ! نادال يتقبل
القرار الصحيح بدون إحتجاج والحكم يلوح بيده معتذراً
عن قراره الخاطيء ..وبسرعة ينسى الجميع ماحدث ،ويبدأ التركيز على الخطوة التالية ..
اليوجد خاسر او جدل ..إما ان نلعب نحن ايضا ً على
أرضية زرقاء اسمنتيه ..او أننا نبدأ بإستخدام التكنولوجيا في اي مباراة بغض النظر عن
البطولة التي نلعب فيھا ..من األثنين :حل واحد ..
103
-الفصل العشرين -
-انا أفكر ،اليمكن ان اقع بفخ يضعه البعض ،العب كرة القدم رجل قبل اي شيء ،ھناك
العبين أغبياء ) أعرف بعضھم ( ..مثلما ھناك مھندسين
وأساتذة وموسيقيين وصحفيين أغبياء ) أعرف الكثير منھم ( ..بالنسبة لي :أعتقد انني رجل
متوسط الذكاء ،لدي رأي حول اي شيء وال أخجل من
قوله ..او حتى الدفاع عنه ..وربما نشره اذا لزم االمر ..أدرك اذا اراد احدھم خداعي ،او
حتى لو شككت في ھذا األمر ..أعتمد على مشاعري
104
بدون أدلة ..مثلما حدث في الكرونيا .. ٢٠٠٤
-كنت ألعب في الميالن ،واجھنا ديبورتيفو الكرونيا في ربع نھائي دوري األبطال ،فزنا في
مباراة الذھاب .. ١-٤كنا متأكدين من التأھل ،إحتمال ان
نخرج من ھذا الدور كان مثل إحتمال ان يحصل جاتوزو على شھادة أدب جامعية ..كنا نفكر
في الدور نصف النھائي ،شعرنا اننا حصلنا على بطاقة
التأھل قبل حتى ان نحصل على البوردينق في المطار إلى إسبانيا ..شعرنا بأن المباراة لنا ،
ولم نفكر بأي إحتماالت أخرى :مثل ان يعاني الفريق
كل ُه في نفس الوقت من فقدان حاد للذاكرة ..حصل الغير متوقع ،نسينا ان نلعب ..إنتھت
المباراة بأربعة أھداف دون مقابل لھم ..
-كنا مثار للسخرية ،مظھرنا في الريازور كان مثل مظھر الرجل العجوز في فيلم Fantozzi
..شعرنا بأن كرامتنا قد تعرضت للدھس ،عاقبت نفسي
في ذلك الوقت بمشاھدة جزء من مباراة اإلياب في كل يوم سبت ،حتى سن التقاعد ..نعم قمنا
بإيذاء انفسنا بأنفسنا ،لكن من الواجب القول أن
ھناك شيء ما حدث بشكل غير طبيعي ..
-العبي ديبورتيفو الكرونيا كانوا يلعبون بسرعة ١٠٠٠ميل في الساعة ،من ضمنھم العبين
كبار في السن اليمكن لھم الركض بتلك الطريقة ،في
تلك المباراة المنظر الذي صدمني أكثر من غيره ھو منظر العبي ديبورتيفو يركضون كلھم
معا ً في نفس الوقت ،بدون توقف ،لمسافات طويلة ..
عندما أعلن ماير عن نھاية الشوط األول أصابنا الجنون في غرف المالبس ،العبي ديبورتيفو
كانوا يركضون بسرعة يوسين بولت ..لم يتوقفوا حتى
أثناء فترة ١٥دقيقة بين الشوطين ،كانوا على األقل يمشون ..شيء اليصدق ..ليس لدي اي
دليل دامغ ألن ھذا ليس إتھام واليمكنني ان أجعل
من ُه إتھاما ً رسميا ً ،لكنھا المرة األولى في مسيرتي التي شعرت فيھا ان ھناك شخص في نفس
مجال عملي قد أستخدم المنشطات ..
105
-ربما انه غضب تلك اللحظة ،لكن العبي الديبور كانوا ينطلقون للمرمى بدون توقف ،لعبوا
بوحشية ..لكن في نصف النھائي ضد بورتو لم يستغرق
األمر طويالً قبل ان يخرجوا من المسابقة وينتھي كل شيء بالنسبة لھم ..ضحكت ..لكن في
المقابل اليمكنك ان تتقبل تمرير البعض لفكرة أن
العبي برشلونة يعتمدون على المنشطات ألنھم يلعبون بھذا الشكل ..العبي البرسا يتحركون
بشكل جيد ،يقومون بتحريك الكرة ليفوزون بالحد
األدني من الجھد ..التجدھم يركضون ٦٠او ٧٠قدما ً ..فقط ١٥متر على اقصى تقدير ..
دائما ً يلعبون لالمام ويبذلون جھد أقل ..
-مشكلة المنشطات في إيطاليا اصبحت ھامشية ،ألننا نتعرض لمتابعة دقيقة من اإلتحاد
األوروبي واللجنة األولمبية اإليطالية ،نتلقى زيارات
دائمه منھم ..نقوم بعدة إختبارات ،اليفحصون فقط عينات البول بل ايضا ً عينات من الدم ..
يأتون حتى في التدريبات ،يطلبون منا ان نتوقف عن
العمل ونلحق بھم في غرف المالبس او في صالة الجيم إلجراء بعض اإلختبارات ..ونحن
النحتج ،بالعكس نحن نرحب دائما ً بھكذا إجراءات ..
-سيكون من الحماقة ان تستخدم المنشطات وبعض المواد المحظورة ،ليس فقط بسبب
ضميرك ،بل ايضا ً ألن أمرك سيكشف فوراً ،الطاقم
الطبي لألندية دائما ً يوفر لالعبين قائمة باألدوية التي اليجب تناولھا ،بالنسبة لي أتصل على
الطبيب حتى اذا اردت ان استعمل األسبيرين ،الخوف
من المحظور يبقيني يقظا ً طوال الوقت ..اصبحت مثل ماتري ،ھذا ھو المرض الذي يخيفني
دائما ً ..أغضب دائما ً حينما يتحدث البعض في مقابالت
تلفزيونية عن ان العبي كرة القدم دائما ً سعداء ويعيشون في عالم خيالي ..وھم اليعرفون اننا
نعيش في عالم ،مشكوك في نظافته دائما ً ..
-حديثھم اليفاجئني ألنه مثالً كل العدائين الذين اعترفوا بتناول المنشطات لم تعد تظھر اسمائھم
في العناوين ،أمر حزين ،ألنه يبدو بأنه اغلبھم
قد تناول المنشطات ..اليمكنك ان تتخيل ان اي انسان طبيعي قد يقوم بركوب الدراجة لمسافة
106
٣٠٠كيلو متر في اليوم ،بسرعة ٤٠ميالً في
الساعة ..وبعد ٢٤ساعة فقط يقوم بنفس األمر ..او حتى بعد ٤٨ساعة ..
-سباق فرنسا للدراجات وسباق جيرو إيطاليا ،سباقات تتطلب منك ان تكون في قمة عطائك
ألسابيع ،تقوم بتسلق بعض الجبال بالدراجة دون ان
تذوب ..لھذا األمر السماح بتناول بعض المواد المحظورة أمر مقرف ،يجب في المقابل ان يتم
تقليص المسافة ..صدمت عندما عرفت ان النس
ارمسترونج قد إعترف بتناول المنشطات ،ليس لإلعتراف بقدر مافكرت في مئات المرات التي
نفى فيھا سابقا ً تناول المنشطات ووعد بالرد على كل
من تطاول عليه من أولئك الذين قاموا بإتھامه ..الدراج األمريكي حصل على ٧بطوالت في
سباق فرنسا للدراجات وصعد برج أيفل بھيلوكوبتر ..
ليس بسبب التدريبات ..صفر على الميدان !
-أتمنى فقط ان يتم تعليم الصغار ان اليقوموا بالغش والخداع ،وان تعرض لھم قائمة بكل من
قام بالخداع وكانت نھايته سيئة ،او كل من تعرض
للموت السريع بسبب ذلك ..يجب ان تكون ھناك صدمة في طرق العالج ..على علبة السجائر
مكتوب بالخط العريض ان التدخين مسبب رئيسي
للعديد من األمراض ،لھذا عندما يدخن المدخن فإن المسؤولية كلھا تقع على عاتقه ..
-عندما أنظر إلى نفسي في المرآة ،في الصباح عندما استيقظ او في المساء قبل ان اذھب إلى
السرير ،ارى رجل متوسط ،قبيح ،ملتحي
وأشعث بعض الشيء ،انفه خارج المحور واذانه تخفق قليالً ،ولديه ھاالت سوداء ..لكنني
أرى وسط كل ذلك صورة رجل سعيد ،وفخور بكل ثانية
مرت في حياته ..
-جينو بولسيري وروبيرتو كليرتشي ليسوا ھم اول من أكتشفوا ان مركزي المناسب ھو اللعب
امام الدفاع فقط ،بل ھم اول من قال لي ايضا ً -مع
107
أبي لويجي وامي ليديا -ان اتخاذ بعض الطرق القصيرة إلى النجاح قد يؤدي بي إلى الفشل ،
وإلى اإلحتراق بالجحيم الذي سأصنع ٌه لنفسي ..
في الواقع في داخلي ھناك شيء يشتعل ،نار وعاطفة ،مدفوعة بسعادة كبيرة ..من اخل
إخماد ذلك ،يجب ان ُتخمد روحي ،وان تقسمھا ربما
إلى أجزاء ..مفھوم واضح تقريبا ً للكل ..
-كان واضحا ً حتى إلدارة نادي السد ،النادي العربي الذي تأھل لكأس العالم لألندية في عام
.. ٢٠١١
" -أندريا ،يريدونك في قطر " ..وكيلي تينتي لم يقوم بتحيتي ،دخل مباشرة للموضوع وھذا
يعني بأن ُه موضوع جدي ..
" -ماذا تقول ؟ " .
" -يجب ان تذھب وتلعب في قطر " .
" -انت مجنون ..مستحيل " .
" -لماذا ؟ " .
" -الوقت مبكر جداً على اللعب في قطر " ..موسمي األخير مع ميالن كان على خط النھاية
ولم تكن لدي نية لإلغتراب ..
" لكن حتى غوراديوال لعب في قطر " .
" -كان ذلك في نھاية مسيرته " .
" -حسنا ً ،ھل بإمكانك على األقل ان تقابلھم ؟ " .
" -نعم ،متى تصل ؟ " .
" -انا في ميالنو ،سأمر بك بعد ساعة " .
-أنتظرت في فندق سافويا ،فندق فائق الفخامة عاش فيه بيكھام عندما كان يلعب في الميالن ،
كانوا قد قاموا بحجز جناح ھناك ،كان ھناك
رئيس النادي وبعض المدراء التنفيذيين ،وبعض المحامين ايضا ً معھم ..
108
" -مرحبا ً ،العقد جاھز لك " .
" -مرحبا ً ..ان ُه لشرف ان التقي بك " .
" -ستكون على مايرام مع طريقة لعبنا " .
" -مسرور لذلك ..اسمي أندريا بيرلو " .
" -يجب عليك ان تقرر بسرعة ،لديك دقائق لك تقرر ماذا تريد ان تفعل " .
" -في الواقع ،لقد جئت فقط لكي أتعرف عليك " .
-كان ھناك عدم توافق واضح في اللغة التي نتحدث بھا ،ھم يسافرون في المستقبل وانا افكر
فقط في الحاضر ،رغم ذلك تولد لدي إنطباع
جيد ،أدركت في ذلك الوقت ان بابا نويل موجود ..
109
" -قيمة العقد ٤٠مليون يورو " ..ھنا وكيلي تينتي أغمي عليه ..
" -طبعا ً ٤٠مليون يورو مقسمه على ٤سنوات وليس لسنة واحدة ،تعرفون ھناك أزمة
والنستطيع اإلسراف " .
" -اھا ،فھمت " ..
" -اذا لم يكن مرتب ١٠مليون يورو في السنه يكفيك ،البأس ،سنتحدث عن ھذا " ..كان
كثير جداً ،ربما لو طلبت تسليك الصحراء كلھم لقبلوا
بذلك ..لھذا قبل ان اقع في األغراء الكبير قررت ان انھي النقاش بسرعه ..
" -شكراً جزيالً لك ،لكن القدوم إلى قطر سينھي مسيرتي ،اعتقد انه الزال بإمكاني ان اقدم
الكثير في اوروبا وفي إيطاليا ،لكن اذا قمت
بتغيير رأيي ،سأود ان اعيش ھناك لمدة سنتين " ..
" -سنقدم لك ١١مليون اذاً " ..
" -توليو ،لنذھب " .
١٢ " -مليون يورو " ..
" -توليو . " ..
١٣ " -مليون يورو في السنه " .
-اخذت وكيل أعمالي -الذي كان في حالة نشوة -وھربت ..نظرت إلى الساعة ووجدتھا
.. ٢١:٢١رقمي المفضل يتكرر مرتين ،شعرت بأن القدر
يھمس في اذني " أحسنت " ..الـ ٢١ھو اليوم الذي ولد فيه والدي ،وھو اليوم الذي تزوجت
فيه ،وھو اليوم الذي لعبت فيه ألول مرة في السيريا
اي ..واألن ھو رقم قميصي المفضل ،ولم اتخلى عنه ..ألن ُه يجلب لي الحظ ..لھذا قررت
ان ھذا الكتاب سيتوقف عند الفصل رقم .. ٢٠أود ان
يكون الفصل القادم صفحات بيضاء فقط ،مليئة بالعواطف التي لم تتم كتابتھا بعد ..والقلم لدي
.
110