You are on page 1of 12

‫تحليل نص المادة ‪ 72‬من القانون‬

‫المدني الجزائري الوعد بالبيع‬

‫أوال التحليل الشكلي ‪:‬‬


‫طبيعة النص ‪:‬‬
‫المادة محل التعليق هي‪  ‬نص تشريعي‬
‫‪ -‬تنص المادة ‪ 72‬من القانون المدني الجزائري ‪ { :‬إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل وقاضاه المتعاقد اآلخر طالبا‬
‫تنفيذ الوعد‪ ،‬وكانت الشروط الالزمة لتمام العقد وخاصة ما يتعلق منها بالشكل متوافرة‪ ،‬قام الحكم مقام العقد‪} .‬‬
‫موقع النص القانوني ‪:‬‬
‫تقع المادة ‪  72‬في األمر رقم ‪ 58-75‬المؤرخ في ‪ 20‬رمضان عام ‪ 1395‬الموافق ‪ 26‬سبتمبر سنة ‪ ،1975‬المتضمن‬
‫القانون المدني‪ ،‬المعدل والمتمم ‪.‬‬
‫و قد جاء في الكتاب الثاني وعنوانه اإللتزامات و العقود ‪ ،‬من الباب األول وعنوانه مصادر اإللتزام ‪،‬الفصل الثاني و‬
‫عنوانه‪  ‬العقد‪ ، ‬القسم الثاني شروط العقد‪.‬‬
‫البناء المطبعي ‪.:‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 72‬عبارة عن نص قانوني تشريعي مأخوذ من القانون المدني تتألف من فقرة واحدة‪.  ‬‬
‫تبدأ من " إذا وعد " وتنتهي عند " مقام العقد " ‪،‬‬
‫البناء اللغوي والنحوي ‪:‬‬
‫استعمل المشرع الجزائري في نص المادة ‪ 72‬ق م مصطلحات قانونية بحتة و قد جاءت محملة بمصطلحات قانونية‬
‫تشير إلى موضوع الوعد بالبيع ‪،‬و كمثال على ذلك نشير إلى ‪:‬‬
‫‪ -2‬المادة ‪ " : 72‬إذا وعد شخص"‪ " ، ‬إبرام عقد" ‪" ،‬طالبا تنفيذ الوعد" ‪. ،‬‬
‫البناء المنطقي ‪:‬‬

‫‪-‬المادة ‪ 72‬ق م بدأت بعبارة " إذا وعد" وهنا يقصد قيام شخص بتقديم وعد لطرف آخر ثم إنقل لعبارة " نكل" والتي‬
‫تفيد التراجع عن فعل الشئ وعليه التراجع عن الوعد وكانت الشروط الالزمة لقيام العقد قائمة فيما بينها الشروط الشكلية‬
‫فإنه يقوم الحكم محل العقد‪ ،‬في حالة رفض الواعد تنفيذ إلتزامه عينا بتحرير عقد البيع النهائي‪ ،‬بقوة القانون و ال يحتاج‬
‫إلى استصدار حكم يقضي بقيام الحكم مقام العقد‪..‬‬
‫نالحظ أن المادة اعتمدت أسلوبا شرطيا‪.‬‬
‫ثانيا التحليل الموضوعي ‪:‬‬
‫تحليل مضمون النص ‪:‬‬
‫من خالل قراءة نص المادة ‪  72‬ق م يتضح أن المشرع قد تطرق للوعد بالبيع وهو أن يبرم الواعد مع الموعود له‬
‫العقد إذا أظهر هذا األخير رغبته في إبرامه خالل المدة المحددة في الوعد‪,‬‬
‫أما إذا نكل الواعد بوعده فيمكن للموعود له استصدار حكم من المحكمة‪ ،‬يقوم ذلك الحكم مقام العقد‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫تحديد اإلشكالية ‪:‬‬
‫و بتحديد‪ W‬مضمون المادة ‪ 72‬من القانون المدني يمكن‪  ‬طرح عدة تساؤالت نلخصها في اإلشكالية التالية ‪:‬‬
‫ما هو مفهوم الوعد بالبيع ؟ وماهي طرق إنقضاءه ؟‬
‫التصريح بخطة البحث ‪:‬‬
‫مقدمة‬
‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم الوعد بالبيع‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف و أركان الوعد بالبيع‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬صور وخصائص الوعد بالبيع‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬طرق انقضاء الوعد بالبيع‬
‫المطلب االول ‪ :‬الطرق الخاصة النقضاء الوعد بالبيع‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الطرق العامة إلنقضاء الوعد بالبيع‬
‫الخاتمــة‬

‫مقدمة‬
‫يعتبر الوعد بالبيع من أهم الصور الشائعة للعقود التمهيدية‪ W،‬اذ يمثل أسلوبا عمليا مفيدا لتحقيق قدر من االرتباط مستقبال‪،‬‬
‫عندما ال يكون بمقدور طرفيه ابرام عقد نهائي نظرا لظروف معينة‪ W،‬أو عوامل مادية أو قانونية تحول دون ذلك‪ .‬فهو‬
‫عقد تام تتالقى فيه ارادة الواعد والموعود له تمهيدا إلبرام عقد بيع نهائي‪ ،‬يتضمن في الغالب االتفاق على جميع‬
‫المسائل الجوهرية المكونة للعقد الموعود به خالل مدة محددة‪ ،‬كما يستوجب افراغه في الشكل الذي تطلبه القانون لذلك‪.‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم الوعد بالبيع‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف و أركان الوعد بالبيع‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف الوعد بالبيع‬
‫الوعد بالبيع هو إرتباط تمهيدي‪ W‬و إتفاق إلبرام عقد بيع مستقبال يتكون كسائر العقود من محل وسبب‪ ،‬إضافة إلى‬
‫الشكلية إذا كان العقد الموعود به يستلزم شكلية معينة‪.‬‬
‫ويمثل المرحلة التي تمهد للعقد النهائي والتي يلتزم بمقتضاه أحد األطراف أو كل منهما نحو األخر ‪ ،‬بإبرام العقد في‬
‫المستقبل‪.‬‬
‫فالوعد بالبيع إذن هو العقد الذي يلتزم بمقتضاه الواعد أو شخص ببيع شيء معين عقارا أو منقوال أو حق ما أو غيرها‬
‫من الحقوق المالية األخرى لشخص آخر ويسمى موعود له إذا ما أبدى هذا األخير رغبته في الشراء ضمن مدة معينة‪.‬‬
‫إن المشرع الجزائري لم يقم بسن نصوص خاصة للوعد بالبيع فقد اكتفى بوضع أسس الوعد بالتعاقد فاعتبر الوعد بالبيع‬
‫صورة له‪ ،‬لذا فقد لعب الفقه دورا هاما في وضع المفاهيم األساسية للوعد بالبيع من خالل تحديد خصائصه وصوره‬
‫وكذا مدى ارتباطه بالوعد بالتعاقد‪.‬‬
‫هو تلك االتفاقيات التي تمهد‪ W‬للعقد النهائي سواء ينعقد أم ال‪ ،‬وعليه فهو أوسع من الوعد بالبيع ألنه يشمل أيضا الوعد‬
‫‪1‬‬
‫بغيره من العقود كالوعد باإليجار و الوعد بالمقاولة ‪ ‬والوعد بالعمل و غيره ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫دربال عبد الرزاق‪ ،‬الوجيز في أحكام االلتزام في القانون المدني الجزائري‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬عنابة‪ 2004. ،‬ص ‪282‬‬

‫‪2‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أركان الوعد بالبيع ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬اإلتفاق على طبيعة الوعد‬
‫يجب أن يكون الشيء الموعود به محددا وأن تتوافر كل من اإليجاب والقبول وأن يكون صادرا من ذي أهلية وأن يكون‬
‫خاليا من عيوب الرضى ويجب توافرها وقت الوعد بالبيع للوعد ألنه ملزم من جانب واحد ويجب أن يتناول أيضا جميع‬
‫المسائل الجوهرية أي أن يعين المبيع أو يكون قابل للتعيين ويحدد ثمن البيع أ‪ ,‬يتفق على األسس التي بمقتضاها يحدد‬
‫الثمن ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬المدة ‪:‬‬
‫يالحظ‪ ،‬في بعض القوانين المقارنة عدم إشتراط تعيينها في الوعد بالبيع ولكن نجد أنها شرط انقاد الوعد من خالل‬
‫تحديد‪ W‬المدة التي يبرم فيها العقد الموعود له فإذا لم تعين هذه المدة لم ينعقد هذا العقد أو‪ .‬يقع باطل بطالن مطلق وتحديد‪W‬‬
‫المدة ليس شرط أن يكون صريحا بل يمكن أن يكون ضمنيا كما أن الوعد بالبيع ال يخول للموعود له حقا عينيا على‬
‫المال الموعود له بيعه بل يخوله حقا شخصيا قبل الوعد ‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬صور وخصائص الوعد بالبيع‬
‫الفرع األول ‪ :‬صور الوعد بالبيع‬
‫يأخذ الوعد بالبيع ثالث صور ‪:‬‬
‫الصورة األولي ‪ :‬الوعد بالبيع من جانب واحد ‪:‬‬
‫إن كان الواعد بالبيع هو صاحب الشيء نكون أمام وعد بالبيع‪ ،‬وإ ن كان الواعد يريد الشراء‪ ،‬فهو وعد بالشراء ‪ ،‬وهذا‬
‫ما سوف نتولى شرحه كاألتـي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الوعد بالبيع ‪   unilatrale promesse de vente :‬‬
‫من خالل هذه الصورة ينهدم صاحب الشيء بوعد بيع شيء معينا سوآءا منقول أو عقار لمتعاقد األخر ‪،‬إذا رغب هذا‬
‫أخير في شراء في المدة المحددة ‪ ،‬فيقع االلتزام على عاتق طرف واحد فقط بالبيع شيء وهو الواعد متى اظهر‬
‫الموعود له رغبته في الشراء‪.‬‬
‫بينما الموعود له فال يلتزم بشيء قط‪ ،‬بل له الحق في أن يظهر رغبته في الشراء‪ ،‬وان شاء أبداها وإ ن شاء امتنع عنها‬
‫وهنا يسقط البيع ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الوعد بالشراء‪  promesse d'achat :‬‬
‫في هذه الصورة فاألمر ينعكس بالمقارنة بالصورة األولى (الوعد بالبيع)‪ ،‬فللوعد بالشراء من جانب وأحد هو أن يعد‬
‫المتعاقد األخر صاحب الشيء أن يشتري منه هذا الشيء إذا رغب الموعود له ذلك في المدة المحدودة‪.‬‬
‫وهنا في الفترة التي تسبق إبداء الرغبة في إتمام البيع من قبل الموعود له ‪.‬‬
‫فإن هذا األخير له حرية التصرف في الشيء كيفما شاء للغير‪ ،‬ويعد هذا التصرف من قبل الموعود له رفضا ضمنيا‬
‫للبيع وال يسأل عن ذلك كون االلتزام في هذه الحالة يقع على الواعد فقط‪ ،‬كما له كذلك سلطة االستعمال واالستغالل‪ ،‬أما‬
‫‪2‬‬
‫التعبير عن الرغبة في البيع ينشئ عقد بيع صحيحا بتطابق إرادة األطراف‪ ،‬ويسري أثوه من وقت إبداء الرغبة ‪.‬‬

‫الصورة الثانية ‪ :‬الوعد بالبيع المتبادل ‪:‬‬


‫إن أساس الوعد بالبيع يكون ملزم لجانب واحد إما وعد بالبيع أو الوعد بالشراء‪ ،‬إال انه في حاالت استثنائية يمكن أن‬

‫‪ 2‬دربال عبد الرزاق مرجع سابق ص ‪284‬‬

‫‪3‬‬
‫يكون الوعد متبادال بالبيع والشراء أي ملزما لجانبين وهي حالة نادرة الوقوع في المعامالت اليومية ألنها كثيرا ما تعتبر‬
‫بيعا تاما‪ ،‬وهناك من اعتبره عقد ابتدائي وإ ن يستعمل الطرفين اسم الوعد‪ ،‬وذلك في حالة ما يكون الوعد المتبادل بالبيع‬
‫والشراء بدون أن يفصل وعدهما مدة زمنية مستقبلية‪ ،‬فالوعد هنا ينقصه شرط أساسي وهام أال وهو المدة طبقا للمادة‬
‫‪ 71‬من القانون المدني سابقة الذكر‪.‬‬

‫إال أنه في حالة ما إذا هناك وعد متبادل بالبيع والشراء في مدة معينة فهنا يلتزم كل طرف في إبداء الرغبة على حدا‬
‫خالل مدة المتفق عليها فكليهما واعد وموعود له في نفس الوقت فيعد الوعد متبادل بوعد بالبيع ملزم لجائب وأحد (وعد‬
‫بالبيع والوعد بالشراء في وقت واحد أي كل طرف ملزم على حدى) بتوفر الشروط المطلوبة‬
‫الصورة الثالثة ‪ :‬الوعد بالتفضيل ‪ préférences les pactes des‬‬
‫اعتبر بعض الفقه أن الوعد بالتفضيل هو صورة خاصة للوعد بالبيع الملزم لجانب واحد‪ ،‬ولقد عرف على انه‪ " :‬اتفاق‬
‫تمهيدي‪ W‬أو تحضري «‪ »contrat avant‬يدخل ضمن اتفاق المرحلة السابقة على التعاقد النهائي‪ ،‬حيث يلتزم بمقتضاه‬
‫الواعد إذا ما قرر مستقبال إبرام عقد معين أن يختار الموعود له دون سواه في الحالة التي يقرر فيها فعليا التعاقد ‪.‬‬
‫كما عرف انه ‪ " :‬عقد بمقتضاه يتعهد‪ W‬أحد طرفيه بجعل األولوية للطرف األخر في الحالة التي يقرر فيها بيع الشيء‬
‫المملوك له "‪.‬‬
‫وفي هذه الصورة يلتزم الواعد إذا رغب في بيع العين محل الوعد أن يعرضها أوال على الموعود له تفضيال له عن‬
‫غيره‪ ،‬وإ ذا قبل الموعود له ذلك تم البيع‪.‬‬
‫ولقد أجمع الفقه على الطبيعة القانونية للوعد بالتفضيل على انه وعد معلق على شرط واقف ‪ ،‬وهو شرط حصول البيع‪،‬‬
‫وإ ذ يرى مدى هذا االتفاق فيما بين المؤجر والمستأجر أو بين الشريكين على الشيوع لعقار واحد‪.‬‬
‫وتجدر المالحظة أن بعض فقهاء القانون المدني وعلى رأسهم الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري يرى أن الوعد‬
‫بالتفضيل هو صورة خاصة للوعد بالبيع‪.‬‬
‫بينما يرى األستاذ علي فياللي أن الوعد بالتفضيل ليس صورة خاصة للوعد بالبيع بل هو صورة من صور الوعد بالبيع‬
‫كباقي الصور‪.‬‬
‫ويتم الوعد بالتفصيل شأنه في ذلك شأن الوعد الملزم لجانب واحد ‪ ،‬باإلنفاق على المسائل الجوهرية في العقد المراد‬
‫إبرامه (الشيء محل الوعد‪ ،‬مدة الوعد) إال أن الثمن ليس شرط ضروريا وقت الوعد بالتفضيل كما هو الحال في الوعد‬
‫بالبيع‪ ،‬ذلك أن الواعد لم تكن لديه نية البيع وقت الوعد بالتفضيل‪ ،‬حيث يبقى ثمن إلى حين تقرير البيع‪.‬‬
‫والوعد بالتفضيل أمر شائع خاصة في عقد البيع فهو يقتصر على البيع دون سواه من المعامالت"‪ ،‬فيلتزم فيه الواعد‬
‫بالبيع إذا رغب في البيع حسب الظروف باختيار الموعود له في البيع أن يفضله عن غيره بنفس الثمن الذي يرضي به‬
‫‪3‬‬
‫الغير‪ ،‬إال انه يبقى حرا في أمر التفاوض إال في شخص المشتري الذي يتقيد بشخص الموعود له فقط دون سواه‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬خصائص الوعد بالبيع‬
‫الوعد بالبيع من العقود التمهيدية‪ W‬التي تصنف ضمن العقود الغير مسماة لطابعه الخاص وما مدى تأثره على الرضا‬
‫المتعاقدين في البيع‪ ،‬فمن خصائص الوعد بالبيع ما يلي ‪:‬‬

‫‪ 3‬بلحاج العربي‪ ،‬مصادر االلتزام في القانوني المدني الجزائري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬العقد اإلرادة المنفردة‪ "،‬دار هومه‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪2016‬ص ‪302‬‬
‫دربال عبد الرزاق مرجع سابق ص ‪287‬‬

‫‪4‬‬
‫أ‪ -‬الوعد بالبيع عقد تمهيدي‪: ‬‬
‫يعد الوعد بالبيع من الصور الوعد بالتعاقد "‪ ،‬فلقد أشارت المادة ‪ 71‬من القانون المدني الجزائري السابقة الذكر على أن‬
‫الوعد بالتعاقد هو مجرد وعد بالتعاقد مستقبال‪ ،‬فيعتبر بذلك اتفاقا مبدئيا ومؤقتا يحضر أو يمهد‪ W‬لعقد آخر قد تنصرف‬
‫إرادة أطراف إلى إبرامه نهائيا في المستقبل ‪ ،‬إذ الوعد عقد غير مقصود لذاته إنما تمهد‪ W‬لرغبة أطرافها بطريقة محققة‬
‫أو غير محققة إلى العقد النهائي المقصود ‪ ،‬بحيث يتم االتفاق على العناصر الجوهرية التي تعد ركيزة الوعد بالتعاقد‬
‫عموما والوعد بالبيع على وجه الخصوص‪.‬‬
‫ب‪ -‬الوعد بالبيع صورة خاصة للتراضي‪: ‬‬
‫عمال بمبدأ الرضائية في عقد البيع‪ ،‬فان الوعد بالبيع فيه صور خاصة‪ ،‬فإلى جانب البيع بالعربون‪ ،‬البيع عن طريق‬
‫المزايدة والمناقصة‪ ،‬البيع االلكتروني‪ ،‬نجد الوعد بالبيع كصورة خاصة للرضائية في عقد البيع حيث ال يقوم الوعد‬
‫بالبيع إال عند ارتباط اإليجاب بالقبول بغض النظر عن وقت صدوره‪.‬‬
‫ج‪ -‬الوعد بالبيع عقد ملزم لجانب واحد‪: ‬‬
‫تكتسي هذه الخاصية أهمية كبيرة في المعامالت بين األطراف فهي أصل وأساس الوعد بالبيع ‪ ،‬فإن الوعد الذي يتقيد‬
‫بالبيع دون الشراء فإنه يندرج ضمن قائمة التصرفات القانونية الملزمة لجانب واحد بالتالي فهو يختلف عن كل من‬
‫تصرفات اإلرادة المنفردة ‪ ،‬إال أنه يمكن أن يكون العقد الملزم لجانبن كاستثناء كما هو األمر بالنسبة الوعد بالبيع‬
‫والشراء الذي تختلف أحكامه عن الوعد الذي يقتصر على البيع دون الشراء‪.‬‬
‫د‪ -‬الوعد بالبيع عقد غير مسمي‬
‫يوجد نوعان من العقود‪ ،‬وهي العقود مسماة والعقود غير مسماة فالعقد المسمى يتولى تنظيم أحكامه القانون المدني تحت‬
‫اسم خاص كعقد اإليجار وعقد البيع‪ ،‬أما العقد غير مسمى لم يتناول القانون المدني تنظيمه وإ نما أتى نتيجة لتطور‬
‫‪4‬‬
‫المعامالت وكثرتها بين األشخاص كما هو الحال في الوعد بالبيع‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬طرق انقضاء الوعد بالبيع‬


‫يعد الوعد بالبيع التزام يقع على عاتق الواعد فهو يرتب آثار ثم ينقضي‪ ،‬إذ يمثل الرابطة القانونية بين شخصين واعد‬
‫والموعود له الذي يطالب بتنفيذ‪ W‬الوعد الذي يعد جوهر االلتزام‪ ،‬إال أن هذا االلتزام مصيره حتما االنقضاء بانقضاء مدة‬

‫‪ 4‬بلحاج العربي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪311‬‬

‫‪5‬‬
‫المتفق عليها من قبل الطرفين وفق ما نصت عميه المادة ‪ 71‬قانون مدني أو بأسباب أخرى تنهي هذه العالقة‪.‬‬
‫ومنه فإن الوعد بالبيع ينقضي بطرق خاصة به كما ينقضي بأسباب عامة وهي أهم أسباب انقضاء االلتزام بصفة عامة‪،‬‬
‫المطلب االول‪ :‬الطرق الخاصة النقضاء الوعد بالبيع‬
‫على غرار سائر العقود ينقضي الوعد بالبيع بطرق خاصة تستنبط من خالل المواد من ‪ 258 ‬إلى ‪ 322‬من القانون‬
‫المدني‪ ،‬التي تنص عمى انقضاء االلتزام بصفة عامة‪.‬‬
‫فينقضي الوعد بالبيع بطريقين‪ :‬الطريق االول يتمثل في انقضاء دون الوفاء به‪ ،‬وذلك إذا لم يبد الموعود له رغبته في‬
‫الشراء بحلول المدة المتفق عليها ‪،‬واما أن ينقضي عن طريق الوفاء متى كان ممكنا‪ ،‬أو عن طريق التعويض في حالة‬
‫ما إذا لم يتمكن الموعود لو من استيفاء حقه عينا‪.‬‬
‫الفرع االول ‪ :‬انقضاء الوعد بالبيع بانقضاء مدته‬
‫قد تنتهي مدة الوعد بالبيع لكن الموعود له ال يبدي رغبته في الشراء‪ ،‬أو كان قد صرح ضمنا أنو ليس راغبا في الشراء‬
‫خالل المدة المحددة لذلك وهنا يتحلل الواعد من وعده‪ ،‬وينقضي بذلك الوعد بالبيع دون حاجة ألن يعذر الموعود له‬
‫الواعد‪.‬‬
‫كما قد يحدث وأن يبدي الموعود له رغبة لكن خارج المدة المحددة ففي هذه الحالة فإن رغبة الموعود له ال يعتد‪ W‬بها بعد‬
‫أن يكون الواعد قد تحلل من التزامه‪ ،‬و لو أن يتصرف في الشيء بعد ذلك كون العين قد أصبحت ملكا له‪.‬‬
‫و الرغبة قد تكون صريحة أو ضمنية‪ ،‬أو بحصول أمر معين‪ ،‬هذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في القرار رقم‬
‫‪ 247607‬الصادر بتاريخ ‪23-05-2001‬‬
‫" أن قضاة الموضوع قد طبقوا المادة ‪ 71‬من قانون المدني تطبيقا سليما عندما اعتبروا الوعد بالبيع المحرر بتاريخ‬
‫‪ ،16-08-1995‬قد تم فيه تحديد‪ W‬أجل إبرام عقد البيع عندما ذكر أن البيع سيتم إثر تسوية وضعية االموال العقارية‬
‫للبائعة وحصولها على عقد قسمة نهائي‪ ،‬وذلك أنه ليس بالضرورة‪ ،‬تحديد المدة التي يجب إبرام عقد البيع فيها أن يكون‬
‫ذلك في تاريخ معين‪ ،‬بل قد يكون االتفاق على هذه المدة اتفاقا ضمنيا أو حصول أمر معين‪ ،‬كما هو الشأن في دعوى‬
‫الحال"‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬انقضاء الوعد بالبيع بإبداء الموعود له الرغبة في الشراء أو بالتعبير الضمني له‬
‫وهنا نميز بين حالتين‪ ،‬حالة إمكانية التنفيذ الوعد والحالة الثانية عدم إمكانية تنفيذه أو استحالة التنفيذ‪.‬‬
‫اوال ‪ :‬حالة إمكانية التنفيذ ‪:‬‬
‫إن الرغبة في شراء الشيء الموعود به من طرف الموعود له قد تظهر صراحة خالل المدة المتفق عليها‪ ،‬كما قد تظهر‬
‫ضمنا‪ ،‬كما سبق لنا القول‪.‬‬
‫ففي هذه الحالة يتم البيع النهائي‪ ،‬بمجرد ظهور الرغبة ويتم الوفاء في الوعد بالبيع عينا وينقضي الوعد بالبيع بصفة‬
‫الطبيعية ‪  ‬أال و هي الوفاء ‪،‬إذ يمكن إن يكون من المدين أو من نائبه أو من أي شخص له مصلحة في الوفاء‪ ،‬وطبق‬
‫‪5‬‬
‫ألحكام الوفاء المنصوص عليها في القانون المدني ال سيما أحكام المواد ‪ 258-284‬منه‪.‬‬

‫وطرفا الوفاء في الوعد بالبيع هما الواعد الذي يقوم بعرض الشيء‪ ،‬والموعود له الذي يستقبل العرض وله إبداء رغبته‬
‫أو عدمها في األجل الذي يتفقان عليه ‪ ،‬ومنه إذا قبل الموعود له شراء الشيء محل الوعد‪ ،‬انعقد عقد البيع وأصبح‬
‫الواعد بائعا‪ ،‬والموعود له مشتريا‪ ،‬فيتم الوفاء بإتباع قواعد البيع‪ ،‬السيما القواعد المنصوص عليا في المواد ‪ 351‬إلى‬

‫‪5‬‬
‫بلحاج العربي‪ ،‬أحكام االلتزام في القانوني المدني الجزائري‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار هومه‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزائر‪ 2015،‬ص ‪263‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ 412‬من قانون المدني‪.‬‬
‫فيلتزم الواعد )البائع( بنقل الملكية ‪  ‬للمشتري إذا كان شيئا معينا بالذات كآلة أو سيارة‪ ،‬وبالتسجيل إذا كان عقارا‪ ،‬وذلك‬
‫طبقا لممادة ‪ 361‬من قانون المدني‪ ،‬كما يلتزم البائع بضمان التعرض ‪ ‬واالستحقاق وضمان العيوب الخفية هذا من جهة‬
‫‪.‬ومن جهة أخرى يلتزم المشتري بدفع الثمن طبقا لنص المادة ‪ 387‬قانون المدني في فقرتها االولي ‪ ،‬كما يلتزم باستالم‬
‫المبيع‬
‫ووفقا للمادة ‪ 258‬من القانون المدني‪ ،‬فإن الوفاء يصح من المدين أو من نائبه ‪ ‬أو من أي شخص لو مصلحة في الوفاء‪،‬‬
‫فقد يكون من له مصلحة في الوفاء من الخلف العام مثال‪.‬‬
‫وفي نفس الوقت نجد المادة ‪ 258‬أعااله تحيلنا إلى المادة ‪ 170‬من نفس القانون في الوعد بالبيع نجد أن التزام الواعد‬
‫هو التزام بعمل وهو إبرام العقد النهائي عند إبداء الموعود له رغبته خالل األجل المحدد لكن نظرا لطبيعة الوعد بالبيع‬
‫وعقد البيع الذي يتمخض عنه‪ ،‬فإن تنفيذ التزام الواعد المتمثل في تسليم المبيع‪ ،‬أو في نقل الملكية وفي ضمان العيوب‬
‫الخفية‪ ،‬ضمان التعرض وغيرها تجعل من تطبيق المادة ‪ 170‬السابق غير ممكنة وبالتالي يمكن تطبيق المادة ‪ 72‬وهو‬
‫استصدار حكم يحل محل العقد‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬حالة عدم إمكانية التنفيذ ‪:‬‬
‫إذا استحال على المدين تنفيذ التزامه عينا‪ ،‬أي ال يكون بإمكانه نقل ملكية الشيء الموعود به يمكن لمدائن )الموعود‬
‫له( اللجوء إلى طرق أخرى الستفاء حقه من الواعد‪ ،‬فله أن ينفذ بطريق التعويض وفقا ألحكام المواد من ‪ 176‬إلى‬
‫‪ 187‬من قانون المدني وعليه يجب على الدائن أن يثبت أن المدين هو الذي تسبب في استحالة ‪ ‬التنفيذ‪ ،‬وفي الحالة‬
‫العكسية ال يحكم له بالتعويض كأن يكون قد رتب رهنا على الشيء فاستنفذ ذلك الشيء في الوفاء بالدين أو أن يكون قد‬
‫تصرف فيه لشخص آخر‪.‬‬
‫والتنفيذ بمقابل ال يلجأ إله إال عند عدم إمكانية التنفيذ العيني ‪ ‬لإللزام وله حاالت معينة هي‬
‫استحالة التنفيذ بفعل المدين‪ W،‬إذا كان في التنفيذ العيني إرهاقا للمدين ‪،‬إذا كان التنفيذ العيني غير ممكن أو غير مالئم ‪،‬‬
‫إال إذا صدر من المدين ولم تجد الغرامة التهديدية في حمله على الوفاء ‪ ،‬و إذا كان التنفيذ العيني ممكنا‪ ،‬و لكن لم يطلبه‬
‫الدائن ولم يعرفه المدين ‪ ،‬والتعويض قد يقدره القاضي طبقا ما نصت عليه المادة ‪ 177‬من قانون المدني‪ ،‬كما يجوز أن‬
‫يتفق عليه االطراف إذ يضمونه في بند من بنود عقدهما ‪ ،‬إال أنه البد من توافر شروط الحكم بالتعويض وهي ‪:‬‬
‫‪- ‬استحالة التنفيذ أو عسره على المدين‬
‫‪ -‬توافر أركان المسؤولية العقدية‬
‫‪6‬‬
‫‪ -‬إعذار المدين ‪،‬طبقا لممادتين ‪ 180‬و‪ 181‬من القانون المدني سابقتي الذكر‪.‬‬
‫وهكذا ينقضي الوعد بالبيع في الظروف العادية إما ب الوفاء بو عينا أو عن طريق التعويض طبقا للقواعد العامة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطرق العامة إلنقضاء الوعد بالبيع‬


‫إذا كان الوعد بالبيع ينقضي بالطرق الخاصة والمتمثلة في عدم إبداء الرغبة من الموعود له أو بتنفيذه عينا ‪ ،‬أو عن‬
‫طريق التعويض‪ ،‬فإن هناك أسباب عامة ينقضي بها ‪  ‬الوعد بالبيع دون الوفاء به أال وهي ‪ :‬اتحاد الذمة واستحالة الوفاء‬

‫‪ 6‬محمد صبري السعدي‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات‪ ،‬القسم الثاني‪ ،‬أحكام اإللتزام في القانون المدني الجزائري‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬دون طبعة‪،‬‬
‫الجزائر‪ 2004،‬ص ‪195‬‬

‫‪7‬‬
‫‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬اتحاد الذمة‬


‫تتحد الذمة طبقا للمادة ‪ 304‬في فقرتها االولي من القانون وهنا يفترض أن يكون هناك دين واحد‪ ،‬فيرث الدائن المدين‪W‬‬
‫أو ورث المدين الدائن‪ ،‬أو تحقق أي سبب قانوني آخر غير الميراث نقل إلى الدائن صفة المدين أو نقل إلى المدين صفة‬
‫الدائن‪ ،‬فيجتمع في شخص واحد الصفتين معا‪ ،‬ويستحيل هذا الشخص أن يمارس حقه‪ ،‬بعد أن أصبح دائنا ومدينا في‬
‫نفس الوقت‪ ،‬ويصبح ال يطالب نفسه بالدين‪ ،‬ومنه ينقضي الدين‪.‬‬
‫وهنا يختلف اتحاد الذمة عن المقاصة ‪ ،‬فاتحاد الذمة يوجد دين واحد اجتمع في أحد طرفيه صفتا الدائن والمدين‪ ، W‬إذ ال‬
‫يوجد إال شخص واحد فقط يكون دائن ومدين في نفس الوقت ‪،‬‬
‫أما المقاصة فهي وجود دينان متقابالن وليس دين واحد فقط‪ ،‬لكن الدائن في الدين االول هوالمدين في الدين الثاني‬
‫والدائن في الدين الثاني هو المدين في الدين االول‪ ،‬فتتم المقاصة في الشخصين واتحاد الذمة في الوعد بالبيع له عدة‬
‫حاالت ‪:‬‬
‫‪- ‬الميراث ‪ ،‬إذا توفى الواعد وورثه الموعود له‪ ،‬أو عن طريق الوصية إذا كان الواعد أوصى للموعود له شيئا من ملكه‬
‫طبقا ألحكام الوصية‪ ،‬ثم آل ذلك الشيء إلى حصة الموصي له الذي هو الموعود له في نفس الوقت ‪.‬كما قد تتحقق‬
‫بالتصرف القانوني بين األحياء ‪ ،‬كالهبة مثال‪.‬‬
‫فإذا تحقق اتحاد الذمة في الشخص الموعود له‪ ،‬انقضى الوعد بالبيع طبقا ألحكام اتحاد الذمة المنصوص عليها في المادة‬
‫‪ 304‬فقرة ‪ " :1‬إذا اجتمع في شخص واحد صفتا الدائن والمدين‪ W‬بالنسبة إلى دين واحد‪ ،‬انقضى هذا الدين الذي أتحدت‬
‫فيه الذمة‪".‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬استحالة الوفاء‬
‫تنص المادة ‪ 307‬من قانون المدني على انه‪ " :‬ينقضي االلتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحال عليه لسبب‬
‫أجنبي عن إرادته "‬
‫من خالل هذا النص يتضح ‪ ‬لنا أن استحالة تنفيذ االلتزام بسبب أجنبي ال يد للمدين فيه يؤدي إلى انقضاء التزامه و‬
‫ابراء ذمته‪.‬‬
‫لكن بالرجوع إلى نفس المادة المذكورة أعاله ال بد من توافر شروط حتى تبرأ ذمة المدين أال وهي ‪:‬‬
‫أوال‪ -‬يجب أن يكون االلتزام مستحيال وليس مرهقا ‪:‬‬
‫فإذا ظل الوفاء ممكنا حتى وان صار مرهقا‪ ،‬فإنه ال ينقضي‪ ،‬بل إذا كان مرهقا ‪ ‬تطبق عليه أحكام الظروف الطارئة‪،‬‬
‫طبقا ألحكام المادة ‪ 107‬فقرة ‪ 2‬من قانون المدني‪ ،‬وهي رد إلتزام المرهق إلى الحد المعقول‪ ،‬فإمكانية الوفاء هنا ال‬
‫‪7‬‬
‫تزال قائمة‪ .‬ويفترض في االستحالة أنها نشأت بعد نشوء االلتزام ال قبله‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬أن تكون االستحالة بسبب أجنبي ال يد للمدين فيه ‪:‬‬
‫وهنا يجب أن تكون إستحالة الوفاء بسبب أجنبي‪ ،‬فإذا كانت اإلستحالة بخطأ المدين‪  W‬وجب تنفيذ اإللتزام عن طريق‬
‫التعويض‪ ،‬كما سبق ذكره‪ .‬والسبب االجنبي قد يكون الحدث المفاجئ أو القوة القاهرة‪ ،‬أو خطأ الغير أو خطأ الدائن‪.‬‬

‫و السبب األجنبي يجب إثباته من طرف المدين فإذا تعرض الشيء الموعود به إلى هالك‪ ،‬كما لو كان محل الوعد عقارا‬
‫ثم تهدم بسبب حريق أو فيضان أو زلزال‪ ،‬وأثبت الواعد أن سبب تهدم العقار كان سبب أجنبي ‪ ،‬ينقضي الوعد بالبيع‬

‫‪ 7‬محمد صبري السعدي مرجع سابق ص ‪206‬‬

‫‪8‬‬
‫وتبرأ ذمته‪ W،‬وال يطالب بالتعويض ألن اإلستحالة لم ترجع إلى فعله‪ ،‬إال إذا كان اتفاق بينه وبين الموعود له على أن‬
‫يتحمل‬
‫السبب األجنبي‪ ،‬وذلك طبقا لما جاءت به المادة ‪ 178‬من القانون المدني ‪ .‬واذا رتب الموعود له تأمينا علي الوعد‬
‫بالبيع‪ ،‬فإن بانقضائه ينقضي معه تلك التأمينات‪ ،‬وينزل الواعد للموعود له عما يكون لو من دعوى أو حق في التعويض‬
‫على الشيء الهالك‪ ،‬فإذا كان الشيء مؤمنا عليه ينتقل حقه إلى مبلغ التأمين‪ ،‬أما إذا هلك الشيء جزئيا فإن الواعد يلتزم‬
‫بالجزء المتبقي من الشيء‪.‬‬
‫بالرغم من توافر شروط اإلستحالة إال أن في حاالت استثنائية معينة‪ W‬ال ترتب أثارها‪ ،‬أال وهي‪:‬‬
‫الحالة األولي ‪:‬‬
‫‪  ‬إذا نشأت اإلستحالة بعد إعذار المدين‪ ،‬ال ينقضي التزامه‪ ،‬بل يجب عليه التعويض‪ ،‬ألن اإلعذار يضع الواعد موضع‬
‫المقصر عن تنفيذ التزامه ما يفيد أن الهالك كان بخطئه مما يستوجب مسؤوليته‪.‬‬
‫الحالة الثانية ‪:‬‬
‫إذا كان الواعد قد قبل أن يتحمل تبعة الحدث المفاجئ أو القوة القاهرة ‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 178 ‬من القانون المدني‪.‬‬
‫وان استحالة التنفيذ تثير مسألة تحمل التبعة‪ W،‬فمن يتحملها يا ترى؟ هل يتحمل الواعد الذي استحال عليه تنفيذ التزامه؟ أم‬
‫الموعود له الذي أدت استحالة التنفيذ إلى عدم حصوله على الشيء الموعود به ؟‬
‫لقد رتبت المادة ‪ 121‬من القانون المدني فسخ العقد بسبب استحالة التنفيذ وذلك بقوة القانون‪ ،‬لكن بالنسبة للعقود الملزمة‬
‫لجانبين ‪.‬‬
‫يسقط على الطرف اآلخر التزامه المقابل ‪  ‬ويتحمل المدين الهالك‪ ،‬ففي الوعد بالبيع إذا استحال تنفيذ التزام البائع بالتسليم‬
‫نظرا لهالك المبيع بسبب أجنبي‪ ،‬انقضى إلتزام بدفع الثمن فالبائع هو الذي يتحمل تبعية‪ W‬الهالك‪.‬‬
‫وتجدر االشارة إلى أنه بعد انقضاء الوعد بالبيع في عقارات ألحد األسباب المذكورة أعاله‪ ،‬فإنه يجب اللجوء إلى‬
‫المحافظة العقارية من أجل إلغاء شهر الوعد‪ ،‬عن طريق شطب التأشير‪.‬‬
‫خالصة‬
‫إن الوعد بالبيع متى انعقد صحيحا فإنه يرتب آثاره القانونية عبر مرحلتين باعتبار أن الوعد بالبيع مرتبط بالمدة المتفق‬
‫عليها من قبل الطرفين‪ ،‬فله آثار في المرحمة السابقة إلبداء الموعود له رغبته بالشراء من عدمه‪ ،‬فيقع على الواعد‬
‫إلتزامات ما دام التزامه هنا هو التزام بعمل إذا يلتزم في هذه المرحمة بالمحافظة على الشيء إلى غاية حلول المدة‬
‫إلبداء الرغبة‪ ،‬بينما يبقى طوال تمك الفترة مالكا للشيء وله حرية التصرف في الشيء كيفما شاء‪.‬‬
‫‪  ‬أما الموعود له فيكون له في هذه الفترة حق شخصي المتمثل في مطالبة الواعد بتنفيذ وعده ويمكن أن ينتقل هذا الحق‬
‫إلى ورثته‪ ،‬كما لو أن يتنازل عنه بموجب حوالة الحق‪ ،‬وله في سبيل المحافظة عمى حقه هذا أن يطالب الواعد بأن‬
‫يرتب عميو رىنا أو أي تأمين آخر كما لو أن يستعمل الدعوى غير المباشرة‪.‬‬
‫وأما في المرحلة الالحقة إلبداء الرغبة‪ ،‬فإذا لم يبد الموعود له رغبته في الشراء انقضى الوعد بالبيع وتحلل الواعد من‬
‫التزامه‪ ،‬وأما إذا أبدى رغبته بالشراء‪ ،‬انعقد البيع من تاريخ إبداء الرغبة‪ ،‬وتسري أحكام عقد البيع‪ ،‬فيلتزم البائع بتسليم‬
‫الشيء‪ ،‬وضمان السالمة‪ ،‬وضمان العيوب الخفية ويلتزم الموعود له بتسليم الثمن و المبيع‪.‬‬
‫‪ -‬وأما إذا نكل الواعد بوعده فيمكن للموعود له استصدار حكم من المحكمة‪ ،‬يقوم ذلك الحكم مقام العقد طبقا للمادة ‪72‬‬
‫‪8‬‬
‫من قانون المدني‪ ،‬وأما إذا كان الشيء الموعود به عقارا يسجل ذلك الحكم ويشهر‪.‬‬

‫‪ 8‬محمد صبري السعدي مرجع سابق ص ‪213‬‬

‫‪9‬‬
‫ونجد الوعد بالبيع كسائر العقود ينقضي‪: ‬‬
‫بأسباب خاصة‪ ،‬تتمثل في ‪ :‬إما أن ال يرغب الموعود له بالشراء وهنا ينقضي الوعد بالبيع دون الوفاء به‪ ،‬و إما أن‬
‫يبدي الموعود له رغبته في الشراء‪ ،‬فينعقد العقد وتسري أحكام عقد البيع من تاريخ إبداء الرغبة من طرف الموعود له‪،‬‬
‫أما إذا استحال تنفيذ الوعد بالبيع بعد إبداء الرغبة يمكن للموعود له اللجوء إلى تنفيذ عن طريق التعويض متى أثبت أن‬
‫استحالة الوفاء كانت بسبب الواعد‪.‬‬
‫كما ينقضي الوعد بالبيع بأسباب عامة ‪ :‬تتمثل في اتحاد الذمة‪ ،‬أن يصبح الموعود له دائنا ومدينا في نفس الوقت كما‬
‫لو ورث الموعود له الواعد‪ ،‬أو أوصى الواعد لموعود له‬
‫وكان ذلك الشيء ضمن ما وصى به‪ ،‬أو أن يهب الواعد الشيء محل الوعد للموعود له‪ ،‬وينقضي كذلك الوعد بالبيع‬
‫بهالك الشيء محل الوعد بسبب أجنبي كزلزال‪ ،‬أو حريق أو غيرها‪ ،‬ويكون الهالك كليا‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫إن طبيعة االلتزام بالوعد بالبيع ال تعدو أن تكون إال ذات طبيعة شخصية‪ ،‬فالوعد بالبيع ال يتضمن سوى التزامات‬
‫شخصية‪ ،‬ألن االلتزام الذي يترتب في ذمة الواعد هو إلتزام بعمل‪ ،‬وهو أن يبرم الواعد مع الموعود له العقد إذا أظهر‬
‫هذا األخير رغبته في الشراء خالل المدة المحددة في الوعد‪ ،‬وقبل ظهور الرغبة ال يرتب عقد الوعد بالبيع أي التزام‬
‫في جانب الموعود له‪ ،‬بينما يرتب في جانب الواعد التزاما بعمل‪ ،‬هو إبرام عقد بيع نهائي عند ظهور الرغبة‪ ،‬فإذن ال‬
‫توجد إلتزامات متقابلة‪ ،‬وال يلتزم الواعد بنقل الملكية طالما أن الموعود له لم يظهر رغبته بعد‪ W.‬فحق الموعود له في‬
‫هذه المرحلة‪ ،‬أي قبل ظهور الرغبة هو حق شخصي وليس حقا عينيا‪ .‬فإذا أظهر الموعود له رغبته خالل األجل المحدد‬
‫بات ‪ ،‬والتزم الواعد بإبرام عقد البيع النهائي‪ ،‬فإذا امتنع عن ذلك كان للموعود إجباره على‬
‫تحول الوعد بالبيع إلى بيع َ‬
‫تنفيذ هذا االلتزام برفع دعوى إللزامه بالتنفيذ العيني باعتبار عقد الوعد بالبيع بيعا تاما ‪ .‬وهو ما نصت عليه المادة ‪72‬‬
‫من القانون المدني الستصدار حكم قضائي يقوم مقام العقد‪.‬‬
‫لم يكن المشرع الجزائـري يلزم بشهـر عقد الوعد بالبيع قبل سنة ‪ ،2004‬غير أنـه وبموجب المادة ‪ 10‬من قانون المالية‬
‫لسنة ‪ 2004‬تحدث عن شهر عقد الوعد بالبيع في إطار إحداث رسم اإلشهار العقاري ‪.‬‬

‫المراجـع ‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ - 1‬بلحاج العربي‪ ،‬مصادر االلتزام في القانوني المدني الجزائري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬العقد اإلرادة المنفردة‪ "،‬دار‬
‫هومه‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزائر‪.2016 ،‬‬
‫‪ 2 -‬دربال عبد الرزاق‪ ،‬الوجيز في أحكام االلتزام في القانون المدني الجزائري‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪2004 ،‬‬
‫‪ - 3‬د‪ /‬علي فياللي ‪ "،‬االلتزامات الفعل المستحق للتعويض"‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬موفر للنشر‪ ،‬الجزائر‪.2007 ،‬‬
‫‪ 4 -‬د‪ /‬إسحاق إبراهيم منصور" نظريتا القانون والحق وتطبيقاتهما في القوانين الجزائرية "‪،‬الطبعة السابعة‬
‫‪،‬ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر ‪2004،‬‬

‫‪11‬‬
‫الفهرس‪:‬‬

‫تحليل نص المادة ‪.................................................................. 72‬ص‪01‬‬

‫التحليل الشكلي ‪.......................................................................‬ص‪01W‬‬

‫التحليل الموضوعي‪................................................................... W‬ص‪02-01W‬‬

‫مقدمة‪.................................................................................‬ص‪02‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم الوعد بالبيع‪.....................................................‬ص‪02‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬تعريف و أركان الوعد بالبيع‪...........................................‬ص‪03-02W‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬صور وخصائص الوعد بالبيع‪.........................................‬ص‪05-03W‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬طرق انقضاء الوعد بالبيع‪.............................................‬ص‪06‬‬

‫المطلب االول‪ :‬الطرق الخاصة النقضاء الوعد بالبيع‪...................................‬ص‪07-06‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطرق العامة إلنقضاء الوعد بالبيع‪.....................................‬ص‪10-08W‬‬

‫خاتمة‪.................................................................................‬ص‪10‬‬

‫المراجـع ‪..............................................................................‬ص‪11‬‬

‫الفهرس‪...............................................................................‬ص‪12‬‬

‫‪12‬‬

You might also like