You are on page 1of 216

‫عن �أ�شياء‬

‫ت�ؤملك‬
‫‪aa‬‬
‫عن �أ�شياء ت�ؤملك‬

‫ف‬ ‫ح‬ ‫أ‬


‫ع�د اللط ي��‬
‫� مد ب‬
‫لمزيد من الكتب الحرصية‬

‫زوروا موقعنا‬

‫موقع عصري الكتب‬

‫‪www.booksjuice.com‬‬
‫‪Telegram/ BookJuice‬‬
‫الإهداء‬

‫قدر نفسها‪ ،‬وال‬ ‫ٍ‬ ‫إلى ك ُِّل ٍ‬


‫تعرف َ‬
‫ُ‬ ‫جميلة ال‬ ‫فتاة‬
‫أصاب َمن حولها العمى‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُتدرك كم هي جميلةٌ‪،‬‬
‫ِ‬
‫عماهم جميلة‪.‬‬ ‫رغما عن‬
‫ولكنها ً‬
‫يك الجميلتين؛‬ ‫عندما يقع هذا الكتاب بين راحتَي ك َّف ِ‬
‫َ َ َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬

‫ع‬
‫وأتضر ُع‪ ،‬و ُأناجي‬ ‫السماء؛ ُ‬
‫أبتهل‪،‬‬ ‫ناظرا إلى‬ ‫ُ‬
‫أكون وقتها ً‬
‫ص‬
‫َّ‬

‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫أكون عندَ ِك مِن المقبولين‪ ،‬وأن تكوين ِ‬

‫ت‬
‫أول‬ ‫أنت َّ‬ ‫َ‬ ‫ر ِّبي ْ‬
‫أن‬

‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫من يحظى به‪ ،‬حتى ْ ِ‬

‫ر‬
‫ً‬

‫والتوز عي‬
‫حصول عليه؛‬ ‫آخر ُه َّن‬
‫وإن كُنت َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وأنت‬ ‫رت‪،‬‬‫تأخ ِ‬‫فأنت األولى‪ ،‬كمطل ِع القصيدة‪ ،‬وإن َّ‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫أجلك‬ ‫سك ختا ٍم‪ِ ،‬‬
‫فمن‬ ‫كم ِ‬‫األخيرة ال شك ولكن ِ‬
‫نسجت كلماته‪ ،‬وغزلتُها وغازلتُها؛‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫أجلك‬ ‫كتبته‪ ،‬ومن‬
‫ِ‬
‫يديك اآلن ُح ًّبا‬ ‫ف بي َن‬
‫ينز َ‬ ‫حتى ِتر َّق ِ‬
‫لحربِ قلبي‪ ،‬كي ِ‬
‫وحر ًفا!‬
‫أول؛ كي أبوح ِ‬
‫لك بما فيه‬ ‫استخرت اهَّلل ً‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫أجلك‬ ‫مِن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫أجلك قامت َروحي ولم تق ُعد‬ ‫مِن خواطري‪ ،‬ومن‬
‫ك بـ «بِضع ٌة مِنِّي»‪...‬‬
‫أنادي ِ‬
‫ِ‬
‫حتى َ‬

‫‪7‬‬
‫ك كابنتي التي ُخلِ َقت مِن ُصلبي‪ ،‬والتي ال‬ ‫أخاطِب ِ‬
‫ُ‬
‫ين ورحمة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫حادثك بِلِ ٍ‬ ‫مثل أبيها‪ُ ،‬أ‬
‫الخير أحد ُ‬ ‫يتمنَّى لها‬
‫َ‬
‫عليك ُصدفةً‪ ،‬فقرأ َبروحه ما َي ُك ُّن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كعابر سبي ٍل َّ‬
‫مر‬
‫وحك‪.‬‬ ‫بر ِ‬
‫َ‬
‫ك بتأوي ِل ما لم‬ ‫وذا أنا « ِخ ْضر ِك» الذي سينب ُئ ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬

‫ع‬
‫عليه صربًا؛ فتعالي يا «بِضع ٌة مِنِّي» ُأخبِ ِ‬
‫تستطيعي ِ‬

‫ص‬
‫رك‪،‬‬

‫ري‬
‫َ‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫وه ُل ِّمي‪...‬‬


‫فأقبلي‪َ ،‬‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫أحمدواعبدلتوز‬
‫اللطيفعي‬

‫‪8‬‬
‫‪S‬‬
‫القلب‬
‫ِ‬ ‫يا َح َّب َة‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫‪«- -‬صباح الخير» لر ِ‬

‫بل‬
‫وحك‪...‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫والتوز عي‬
‫وحك ُتر َغم الصباحات على الخير‪ ،‬روحك‬ ‫ولر ِ‬
‫َ‬
‫وحدك التي ال شبيه لها وال يليق هبا سواك‪ ،‬سر‬
‫فيك‪ ،‬وانجذاهبم ِ‬
‫لك‪ ،‬وتمتمة دعواهتم‪،‬‬ ‫وقوع الناس ِ‬
‫األخف‪ ،‬واألجمل بين‬
‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫نحوك‪ ،‬روحك‬ ‫وسباقهم‬
‫حملة بالسالم‬
‫الم َّ‬
‫المعتقة بالرباءة‪ُ ،‬‬
‫األرواح‪ ،‬تلك ُ‬
‫المغلفة بأكاليل الرياحين والزهور‪...‬‬
‫والوئام‪ُ ،‬‬
‫إن تخللت روحك كلمايت‪،‬‬ ‫«صباح الخير» من َروحي ْ‬
‫أو انتشت بحرويف‪ ،‬أو رأيتِني بين السطور أحدِّ ُق يف‬
‫ِ‬
‫عينيك‪...‬‬

‫‪9‬‬
‫لك فقط‪ ،‬وللعالم ما شاء من‬ ‫«صباح الخير» ِ‬
‫أنت يف ِغنًى تا ٍّم عنها‪.‬‬
‫صباحات‪ِ ،‬‬
‫ِ‬
‫«أحبك»‪...‬‬ ‫‪- -‬أنا‬
‫المشوه‪...‬‬ ‫ِ‬
‫وماضيك‬ ‫ب ُكل أخطائك‪ ،‬وزالتك‪،‬‬
‫َّ‬
‫حبك» بإرادتك‪ ،‬أو رغما ِ‬
‫عنك‪...‬‬ ‫« ُأ ِ‬
‫ً‬

‫ري‬ ‫ص‬ ‫ع‬


‫ُيلقي لها ًبال ال‪...‬كت‬
‫«أحبك» بكل تفاصيلك التي ال يلتفت إليها أحد‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬


‫و‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬
‫التي تتخللها رائح ُة الوجع‪ ،‬والجروح العميقة‪ ...‬زيع‬
‫وفساتينك القديمة‬ ‫«أحبك» بكل مشاعرك المختلفة‪،‬‬

‫ِ‬
‫لديك‬ ‫سبيل‬‫َ‬ ‫أنت عليه ُجملةً‪ ،‬وال‬ ‫«أحبك» بما ِ‬
‫فت‬ ‫وإن تو َّق ُ‬
‫لدي‪ْ ،‬‬ ‫للتخ ُلص من ُحبي‪ ،‬كما أنه ال سبيل َّ‬
‫ُك بكامل إراديت من جديد‪.‬‬ ‫عن حبك‪ ،‬أحببت ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وبينك؟!‬ ‫ُ‬
‫يحول بيني‬ ‫‪ - -‬ما الذي‬
‫بجدار َروحي‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بشيء عال ِ ٍق‬ ‫يا سيديت‪ ،‬دعيني ُأخبِ ِ‬
‫رك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرج َل إذا‬
‫إن ُ‬ ‫أجرا‪َّ ،‬‬ ‫نقض‪َ ،‬فأقيميه وا َّتخذي عليه ً‬ ‫الم ِّ‬
‫ُ‬

‫‪10‬‬
‫فأخلص ل ُه الن َّي َة فيها‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫امرأة‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫اهَّلل يف قلبه ُح َّ‬
‫وضع ُ‬
‫ِ‬
‫الخدوش‬ ‫آثار‬ ‫هور كي ُي َ‬ ‫بماء َط ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬
‫زيل عنه َ‬ ‫غسل قلبه‬
‫ذالن الحارقة‪ ،‬وأغ َلق‬ ‫ندبات ِ‬
‫الخ ِ‬ ‫ِ‬ ‫السابقة‪ ،‬ويمحي من ُه‬
‫يعشق امرأ ًة ِسواها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫روحه كي ال‬ ‫أبواب الهوى يف‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ويسر له وأعانه‪،‬‬ ‫وأحكم ِزما َم أموره يف اختيارها‪َّ ،‬‬ ‫َ‬

‫ع‬
‫بأمر أعاهنُم عليه‪ ،‬وها هو قلبي‬ ‫ف عباد ُه ٍ‬ ‫واهَّلل إذا ك َّل َ‬

‫ص‬
‫ُ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫ات الطيب ُة تجا َه َمن‬ ‫وكرها‪ ،‬فالن َّي ُ‬ ‫بك طو ًعا‬ ‫ف ِ‬ ‫قد ُك ِّل َ‬

‫بل‬
‫ً‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫كاالستغفار‪ ،‬تجلِ ُ‬


‫ِ‬

‫والتوز عي‬
‫الرزق وتأيت بالربكة‪ ،‬و ُتفت ُِّح‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫نُحب‬
‫ِ‬ ‫قة على مِصراعيها‪،‬‬ ‫الخير المغ َل ِ‬
‫رزق قد‬ ‫وأنت ٌ‬ ‫ِ ُ‬ ‫أبواب‬
‫َ‬
‫خير لم أطرق ُه عن‬ ‫وباب ٍ‬ ‫سعي منِّي‪ُ ،‬‬ ‫دون ٍ‬ ‫سا َق ُه ر ِّبي إلي َ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫فر ٌط فيك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫قصد حيا ًء منك‪ ،‬فال ت ُظنِّي أنَّي تاركك‪ ،‬أو ُم ِّ‬
‫ك ولو تخ ُّي ًل‬ ‫أو سانح لغيري ُفرص ًة واحد ًة ليشتهي ظ َّل ِ‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫فرط؟! لقد‬ ‫بك ْ‬ ‫وهل لعاق ٍل مثلي قد جن ِ‬
‫أن يدَ ع أو ُي ِّ‬ ‫ُ َّ‬
‫وخ َطو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت بجوار ُحزين‬ ‫عتم فأنرته‪ْ َ ،‬‬ ‫الم َ‬ ‫دخلت عالمي ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مر فرص ًة كي يبد َأ بعدما‬ ‫القابِ ِع فمحوته‪ ،‬ومنحت ال ُع َ‬
‫النهاية والفناء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫أوشك على‬‫َ‬

‫‪11‬‬
‫ِ‬
‫المطر يف‬ ‫المد َّللة وزخات‬ ‫بج َلة وطفلتي ُ‬
‫الم َّ‬
‫يا سيديت ُ‬
‫حاجز األمس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫يحول بيننا‬ ‫شقوق روحي الم ِ‬
‫تعبة‪ ،‬لن‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أرواح ُهم بالند ِم يف مقابره‪،‬‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫باألمس قد َدفنوا‬ ‫فالبشر‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بشؤون‬ ‫واهَّلل‬ ‫ِ‬ ‫يحول بيننا الغدُ ‪ ،‬فالغدُ يف ِ‬
‫َ‬
‫الغيب ُ‬ ‫علم‬ ‫ولن‬
‫ُ‬
‫يحول اليو ُم‬ ‫ِ‬
‫بالغيب كفيل‪ ،‬أ َّما عن اليو ِم فكيف‬ ‫عباده‬

‫ع‬
‫شمسه أطلب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بيننا وأنا ُ‬

‫ص‬
‫ك يف‬ ‫ُ‬ ‫فجره إلى ودا ِع‬ ‫منذ بزو ِغ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫بل‬
‫«ويسر لي أمري»‪ ،‬وهل‬ ‫ِّ‬ ‫كريما ْ‬
‫أن‬ ‫سجودي ُمناج ًيا ر ًّبا ً‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ِ‬

‫والتوزي‬
‫أمر َيستدعي يف صلوايت أن ُيذكَر؟!‬ ‫بعد أمرك ٌ‬

‫ع‬ ‫قلبين أراد اهَّلل بالدُ ِ‬


‫عاء جم َعهما؟!‬ ‫ُ‬
‫ك» جدًّ ا‪...‬‬
‫ِ‬ ‫وهل ُي َف ِّرق شي ٌء بي َن‬
‫‪- -‬أقولها عالنيةً‪ُ « :‬أ ِحب ِ‬
‫ُّ‬
‫حين‪ِ ،‬‬
‫وعندً ا يف‬ ‫َّك ال َتص ُل ِ‬
‫رغما عن الذين قالوا إن ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫إليك بكال ٍم ُمشين‪ ،‬ونياب ًة عن الذي َن‬‫ِ‬ ‫الذي َن أشاروا‬
‫نتصف ال ُّطرق‪ ،‬وانتهزوا‬ ‫ِ‬ ‫بم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تركوا يدك‪ ،‬وأفلتوك ُ‬
‫ذر‪ ،‬أو‬‫سبب‪ ،‬أو ُع ٍ‬
‫دون ٍ‬ ‫أنصاف ال ُفرص‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫للتخ ِّلي ِ‬
‫عنك‬
‫ب ٍ‬
‫رهان قاطع‪...‬‬ ‫ُ‬

‫‪12‬‬
‫ِ‬
‫وأهملوك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫خذلوك‪،‬‬ ‫ك»‪ِ ...‬ع ً‬
‫وضا عن الذي َن‬ ‫«أحب ِ‬
‫ُّ‬
‫يديك رجفةً‪ ،‬ورعش ًة مِن القادمين‪...‬‬
‫ِ‬ ‫ووضعوا بأنامل‬
‫«أحب ِ‬
‫ك» بإراديت البحتة‪ ،‬أو بدوهنا‪...‬‬ ‫ُّ‬
‫«أح ُّبك» بكامل مشاعري القلبية‪ ،‬وقواي العقلية‪،‬‬
‫يك مِن سمات الكمال‪ ،‬ومقومات الجمال‪،‬‬ ‫يف تعر ِ‬
‫ِّ‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫و ُمفردات الدالل‪...‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫بل‬
‫أنت عليه ُجمل ًة يف جمي ِع حاالتِك‪،‬‬
‫ك» بما ِ‬ ‫«أحب ِ‬

‫ن‬ ‫ل‬
‫ُّ‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوز عي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وض ِّرك‪ ،‬واهنزاماتك‪ ،‬وتقل ُباتك‬ ‫ِ‬
‫بسوءاتك‪ ،‬وبأسك‪ُ ،‬‬‫ِ‬
‫المزاج َّية‪...‬‬
‫ِ‬
‫أنوف العا َلمين!!‬ ‫رغما عن‬
‫«أح ُّبك» ً‬
‫سمي ِ‬
‫ِ‬
‫ك‪...‬‬ ‫‪- -‬لن ُأ َ‬
‫ِ‬
‫ناديك‬ ‫فالناس قد م َّلت تِكرارها‪ ،‬ولن ُأ‬ ‫حبيبتي‪...‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ألف‬
‫عمري َ‬ ‫لدت قبلك‪ ،‬وأرجو اهَّلل أن ُت ِّ‬
‫ب ُعمري‪ ،‬فلقد ُو ُ‬
‫عا ٍم مِن بعدي‪...‬‬
‫قدرا‬ ‫ِ‬
‫المجالس بحيايت‪ ،‬فحيايت ُّ‬ ‫لن أذك ِ‬
‫أقل ً‬ ‫ُرك يف‬
‫غير أنَّه ال يجوز ُمقارنة حياة بحياة‪...‬‬ ‫ِ‬
‫ومقا ًما دونَك‪َ ،‬‬
‫‪13‬‬
‫َ‬
‫يقولون وال يفعلون‪ ،‬فأنا‬ ‫أقول ِ‬
‫لك‪ :‬يا أنا‪ ...‬كما‬ ‫لن َ‬
‫أنت‪ ،‬فلو أن ِ‬
‫َّك أنا ما اكتمل نقصي‪ ،‬وما ارتوى‬ ‫وأنت ِ‬
‫أنا‪ِ ،‬‬
‫عطشي‪ ،‬وما ُق ِض َيت حاجايت‪ ،‬وما هدأ غلياين‪ ،‬فكما‬
‫غيره َّن يف نظري‪ ،‬واستثنا ٌء يف َروحي‪ ،‬و ُمعجز ٌة يف‬
‫ُ‬ ‫أن ِ‬
‫َّك‬
‫معك‪...‬‬‫غيرهم ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫فسأكون‬ ‫قلبي‪،‬‬

‫ع‬
‫وأناديك طبيبتي‪ ،‬وأذك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ص‬
‫ُرك كما‬ ‫سميك مأوى‪،‬‬ ‫ُ‬
‫سأ‬
‫ِ‬
‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬
‫وسأقول ِ‬

‫بل‬
‫لك يف كُل ٍ‬
‫مرة ُأ‬ ‫ُ‬

‫ل‬
‫حادثك فيها‪ :‬ما‬ ‫الخير ُيذكر‪،‬‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬


‫والتوزي‬
‫ِ‬
‫سواك‪ ،‬يا ك َُّل العالمين‪...‬‬ ‫جربين أحدٌ يف العا َلمي َن‬

‫ع‬ ‫‪- -‬يا أميريت‪...‬‬


‫اسمحي لي أن أحبك دفعة واحدة؛ كي تعلمي كم أنا‬
‫جدير بالذكر رغم صغر سني فأنا على‬
‫ٌ‬ ‫ماهر بالحب‪،‬‬
‫ِ‬
‫أهدوك الحب لم يكملوه‪ ،‬واختزلوا‬ ‫يقين تام أن الذين‬
‫كثيرا لقصصهم األخرى‪ ،‬لم يعطوك كل ما لديهم‬
‫منه ً‬
‫من مشاعر صادقة‪...‬‬
‫ايذين لي أن أحبك دفعة واحدة‪ ،‬وبعدها القرار ِ‬
‫لك‪،‬‬
‫والحكم إليك يف اكتشاف الفرق بيني وبينهم‪...‬‬

‫‪14‬‬
‫ِ‬
‫ولك األمر والنهي آنذاك‬ ‫امنحيني نصف فرصة‪،‬‬
‫ولكن بكل تواضع مني‪ ،‬ومعرفة بقدر قلبي‪ ،‬كيف‬
‫وباق حيث‬‫يعطي‪ ،‬ويمنح‪ ،‬ويهب‪ ،‬فأنا الرابح دوهنم ٍ‬
‫ِ‬
‫أنت‪ ،‬حيث الحب الذي لم تسمعي عنه من قبل‪ ،‬إال يف‬
‫األساطير وحكايات ألف ليلة‪...‬‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫أحب ال ُيفارق‪ ،‬وال ُيقارن‪ ،‬وال‬
‫يا سيديت‪ ...‬مثلي إن َّ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫بل‬
‫عوض أبدً ا‪ ...‬لو تعلمين!!‬
‫ُي َّ‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫وتاج وال ِ‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫‪ِ --‬‬

‫رأستوالفتيات‬
‫فيك اجتمعن‪...‬‬

‫ز‬
‫جميعي‬
‫َالحسناوات‪ ،‬وأهبى من ُيتو َّد ُد إليها يف ع‬
‫َ‬ ‫يا سيد َة النساء الجميالت‪،‬‬

‫وخل ًقا‪ِ ،‬‬


‫وعفةً‪،‬‬ ‫المخلوقات‪ِ ،‬‬
‫فيك النسا ُء اجتمعن أد ًبا‪ُ ،‬‬
‫ً‬
‫وفعل‪،‬‬ ‫قول‪،‬‬‫وعلما‪ً ،‬‬‫ً‬ ‫وحسنًا‪،‬‬ ‫ً‬
‫وجمال‪ُ ،‬‬ ‫وطهارةً‪،‬‬
‫ً‬
‫وحال‪...‬‬
‫ِ‬
‫ينافسونك فيما‬ ‫ٍ‬
‫انفراد‬ ‫ْ‬
‫وإن كانت كُل منه َّن على‬
‫ُ‬
‫والسباق محتوم‪ ،‬غير أن‬ ‫فالرابح معلوم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫تملكين‪،‬‬
‫للجميع أن يمنِّى نفسه للحاق ِ‬
‫بك‪...‬‬ ‫َُ‬
‫‪15‬‬
‫هيهات‪ُ ،‬ق ِضي الوهم الذي ُهن ِ‬
‫فيه‬ ‫َ‬ ‫هيهات‪...‬‬
‫َ‬ ‫لكن‪،‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫جميعهن‪ ،‬وما‬ ‫ِ‬
‫ففيك اجتمعت‬ ‫يعش َن‪ ،‬وإليه يس َعي َن‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫بقاياك‪ ،‬أو‬ ‫كان‬ ‫ِ‬
‫أوتيت‪ ،‬إال َ‬ ‫حظيت واحد ًة بشيء مما‬
‫ُ‬
‫أضغاث أحالم‪.‬‬
‫‪- -‬ليتني‪...‬‬
‫ٍ‬

‫ع‬
‫بأحد قبلك‪ ،‬ليت قلبي لم ُيخدش قبلك‪،‬‬ ‫تعثرت‬
‫ُ‬ ‫ما‬
‫الحزن‪ ،‬أعتقد‬
‫بدل من ُ‬‫الحب ً‬
‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬
‫سيضخ ُ‬
‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬
‫أعتقد أنه كان ُ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫أن عيني كانت ستحتفظ بلمعتها وبريقها‪ ،‬ال ُيزعجها‬

‫والتوزي‬
‫لو لم أتعثر بغيرك‪ ،‬كانت العصافير ستُغني يف كلع‬
‫عمى‪ ،‬أو يعرتيها سهر‪ ،‬أو ُتهددها الهاالت السوداء‪...‬‬
‫ً‬

‫ويسارا‪،‬‬
‫ً‬ ‫صباح كعادهتا‪ ،‬وتلوح األشجار بخفة يمينًا‬
‫وتلعب األطفال بعفوية وفوضوية‪ ،‬أعلى ُشرفتي دون‬
‫مل ٍل مني‪...‬‬
‫بك ً‬
‫أول‪...‬‬ ‫وقعت ِ‬
‫ُ‬ ‫ليتني‬
‫ٍ‬
‫مقربة من الموت‪،‬‬ ‫ليتني‪ ...‬وليتني‪ ،‬ولكني اآلن على‬
‫وعلى وشك االنتهاء‪ ،‬والنفاذ‪ ،‬فرصاصات األلم قبلك‬
‫بجرحٍ يص ُعب الشفاء منه‪...‬‬
‫نفذت داخلي‪ ،‬وتعمقت ُ‬
‫‪16‬‬
‫ال أقلل من شأنك‪ ،‬وقدرتك‪ ،‬ومساهمتك يف ُمداوايت‪،‬‬
‫ب لقلبي‪ ،‬والعصافير لغنائها‪،‬‬
‫الح َّ‬
‫ولكن َمن ُيعيد ُ‬
‫واألشجار لخفتها؟!‬

‫َمن ُيعيد األطفال‪ ،‬وعفويتهم؟!‬


‫ِ‬
‫استطعت!!‬ ‫افعلي‪ ...‬إن‬
‫ِ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ك‬
‫دونك‪...‬‬ ‫ناقص‪...‬‬
‫أنا ٌ‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ت‬


‫و‬ ‫ر‬ ‫ش‬
‫بداخلي ُيعلن ثورته‪ ،‬وتمرده‪ ،‬وغضبه‪...‬‬ ‫كل شيء‬

‫و الفنية‬
‫ز عي‬ ‫ت‬ ‫ل‬
‫لوحايت‬‫ا‬ ‫لمقاطعتي وهجراين‪،‬‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫شيء يدعو‬ ‫كل‬
‫إلي‪ ،‬طاولتي التي أتناول عليها‬
‫التي تدي ُن بالوالء َّ‬
‫طعامي‪ ،‬وأحتسي عليها قهويت‪ ،‬سجادة الصالة‬
‫يف ُغرفتي‪ ،‬مفاتيح سياريت‪ ،‬وأسطوانات أم كلثوم‬
‫القديمة‪ ،‬مصابيح اإلنارة والستائر‪ ،‬الجميع اتفقوا‬
‫على أنني السبب يف غيابك عنهم‪ ،‬الجميع يلومونني‬
‫فيك‪ ،‬الجميع يشكو خلله‪ ،‬ونقصه‪ ،‬وع ْلته بغيابك‪،‬‬‫ِ‬
‫ليل هنار‪ ،‬كلما حللت ضي ًفا‬ ‫ٍ‬
‫بقسوة َ‬ ‫الجميع يعاتبونني‬

‫‪17‬‬
‫بعضا‪ ،‬وال يملكون‬
‫عليهم‪ ،‬وإن كانوا يأنسون ببعضهم ً‬
‫ِ‬
‫تركت فيهم ً‬
‫أمل بالرجوع‪،‬‬ ‫مشاعري تجاهك‪ ،‬إال ِ‬
‫أنك‬
‫بمن كان ال يخ ُطر بباله غيابك‪...‬؟!‬
‫فكيف َ‬
‫ناقص‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫مكتمل بكل شيء‪ ،‬إال أنه ٌ‬ ‫ألم تشعري يو ًما أنه‬
‫ِ‬
‫دونك؟!‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫والتوز عي‬ ‫شر‬
‫الونس‪...‬‬ ‫ِ‬
‫عينيك‬ ‫في‬

‫ونس كالبيوت القديمة‪ ،‬والشوارع العتيقة‪ ،‬والمساجد‬


‫ٌ‬
‫المزخرفة‪ ،‬والكنائس األثرية المجيدة‪ ،‬وحروف‬
‫ُ‬
‫األطفال حديثي النُطق‪ ،‬وأبراج الحمام اآلمنة‪...‬‬

‫ونس‪ ،‬وقلبي َأ َّن من وحدته واغرتابه‪ ،‬وقتما‬ ‫ِ‬


‫عيناك ٌ‬
‫ونس لو ُو ِّزع‬ ‫ِ‬
‫أراد أن يطمئن هرول إليها‪ ،‬يف عينيك ٌ‬
‫على أهل األرض لكفاهم‪ ،‬واكتفوا به‪ ،‬أدام اهلل لنا‬
‫مقيم وساكن‪.‬‬ ‫ِ‬
‫عينيك‪ ،‬والونس الذي هبما ٌ‬

‫‪18‬‬
‫سئ َِمت ِمنِّي الحروف‪...‬‬
‫المبتد ُأ‬
‫وم َّلت الحروف‪ ،‬واشتكى من إلحاحي ُ‬
‫والخرب‪ ،‬وما الخرب؟!‬
‫ِ‬
‫تخصك وحدك‪ ،‬أو‬ ‫كلما هممت باخرتاع ٍ‬
‫لغة‬
‫ِ‬
‫ترقيك وحدك‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫كلمات‬ ‫مفردات تميزك وحدك‪ ،‬أو‬

‫ع‬
‫ٍ‬

‫ري‬‫ص‬
‫حروف اسمك التي‬‫َ‬ ‫بثبات‬ ‫وجدت قلمي يكتب‬‫ُ‬
‫علي َبوحي البوح‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫منذ ألهمتني التعبير‪ ،‬وأفاضت َّ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫والتوز عي‬
‫واإلفصاح‪ ،‬لم تسمح للخروج عن حدودها‪ ،‬فأجدها‬
‫ألف مرة‪ ،‬وكأنه حصار‬ ‫تستعذب حيريت ً‬
‫بدل من المرة َ‬
‫من حروفك لعواطفي ومشاعري‪...‬‬
‫وددت لو كُتب كال ٌم يخصك‪ ،‬بعيدً ا عن‬‫ُ‬ ‫كم‬
‫ِ‬
‫وحدك لغة‬ ‫القواميس ومفردات اللغة‪ ،‬فأصنع لك‬
‫تليق بك‪ ،‬وكلمات تخلو من النحو أو الصرف أو‬
‫اإلعراب‪ ،‬لغة ِ‬
‫أنت فيها الفاعل‪ ،‬وقلبي المفعول به‪،‬‬
‫ِ‬
‫أردت‪ ،‬كم تمنيت أن أجمع‬ ‫والفعل جائز ومباح كيفما‬
‫مدون عليها‬
‫كتب العالمين‪ ،‬وأحولها لنسخة واحدة‪َّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫وتعجب فقط؟!‬ ‫اسمك‪ ،‬وعال َمتَي استفها ٍم‬
‫‪19‬‬
‫‪- -‬يا سيدتِي‪...‬‬
‫َّك ُتشبهي َن ُغص َن‬ ‫لك أن ِ‬‫حين ترتدَ ي األخضر أقسم ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫القلوب‬ ‫بشجرة سالم‪ ،‬يجذب ِ‬
‫إليه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫العالق‬ ‫ِ‬
‫الزيتون‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫المقيمين‪،‬‬ ‫ثير دهش َة ُ‬ ‫المتعبي َن تع ًبا‪ ،‬و ُي ُ‬ ‫ويحط عن ُ‬ ‫ُّ‬ ‫جذ ًبا‪،‬‬
‫األخضر‪،‬‬‫َ‬ ‫المسافرين‪ .‬حي َن ترتدين‬ ‫ب ُ‬ ‫و ُيح ِّير ُل َّ‬
‫ِ‬ ‫استعيذي بربك أال تفتِني العابدين‪ ،‬أو ُتح ِّيري‬
‫ع‬
‫بداللك‬
‫اك وشأهنم‪ ،‬تحدثي مع العالم‬
‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬
‫الزاهدين‪َ ،‬دعي الن َُّس َ‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ش‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ر‬
‫بقلبه‬ ‫يطمع الذي‬
‫َ‬ ‫حجاب كي ال‬ ‫خلف‬ ‫بحذر من‬

‫ع‬‫والتوزي‬
‫األخضر‪ُ ،‬تشبهي َن وقتها إشار َة‬ ‫َ‬ ‫مرض‪ .‬حي َن ترتدين‬
‫يتلهفوهنا ُمنتظري َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المرور الالفتة للنظر‪ ،‬الجميع َّ‬
‫الصفصاف ال َّظليلة‪ ،‬ال ُك ُّل‬ ‫ِ‬
‫العبور‪ُ ،‬تشبهي َن ورقات َّ‬
‫أرض ٍ‬
‫فالة‬ ‫ٍ‬ ‫نبلة خضرا َء يف‬ ‫يشتهي ظ َّلها‪ُ .‬تشبهين آخر س ٍ‬
‫َ ُ‬
‫أمل سواها‪.‬‬ ‫نبعها وليس للزارعين ٌ‬ ‫جف ُ‬ ‫َّ‬
‫وترحمي علينا‬
‫َّ‬ ‫األخضر تر َّفقي بنا‬
‫َ‬ ‫حي َن ترتدي َن‬
‫أطاح بنا ِعش ًقا فكيف‬‫أخضرك َ‬
‫ِ‬
‫ُ‬ ‫وتمهلي من أجلنا‪ .‬هذا‬ ‫َّ‬
‫كجمر َشفت ِ‬
‫َيك‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬ ‫أحمر‬ ‫روحك‪ ،‬أو‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كسماء‬ ‫َ‬
‫بأزرق‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫عينيك‪ِ .‬رف ًقا بنا سيديت‪.‬‬ ‫حل القابِ َع يف‬
‫أسو َد ُيشب ُه ال ُك َ‬

‫‪20‬‬
‫‪- -‬واهللِ‪...‬‬
‫ِ‬
‫مررت بخاطري‪...‬؟!‬ ‫ال أدري ماذا تفعلين بي كلما‬
‫أنك ِ‬
‫أنت الفتا ُة الوحيدة‬ ‫ك ُُّل ما أشعر به حينها ِ‬
‫ُ‬
‫اليابس بداخلي إلى أخضر‪،‬‬ ‫َ‬ ‫تحو َل‬
‫التي تستطيع أن ِّ‬
‫ُتحاصرين يأسي بسور األمل‪ ،‬أتذكَّر آيات الرحمة‪،‬‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫وأتلوها يف حضورك‪ُ ،‬تضيئي َن العتم َة يف ضلوعي‪،‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫َّ‬

‫بل‬
‫وكأن العالم كل ُه يسعني‪ ،‬والدُ نيا تحتفي بمرورك‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫أنت ال تمرين بداخلي فحسب‪ِ ،‬‬ ‫داخلي‪ِ ،‬‬

‫والتوز عي‬
‫أنت ُمقيم ٌة‬ ‫ُ ِّ َ‬
‫أنت نِعم ٌة مِن اهَّللِ و َفضل‪.‬‬
‫بي‪ ،‬وساكن ٌة يف‪ِ ،‬‬

‫‪ِ - -‬صد ًقا‪...‬‬


‫تجاهك‪ ،‬ولكن‬‫ِ‬ ‫عما بداخلي‬‫البوح َّ‬
‫َ‬ ‫أستطيع‬
‫ُ‬ ‫ال‬
‫َّ‬
‫وكأن‬ ‫ِ‬
‫عليك؛ ُجرب قلبي‬ ‫عثرت‬
‫ُ‬ ‫ُيمكنني أن أقول‪ :‬حي َن‬
‫قط‪...‬‬ ‫كسرا لم يمسس ُه ُّ‬ ‫ً‬
‫أنت الوحيد ُة التي لم تم َّلني مطل ًقا‪ ،‬لن أنسى وقتما‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫فتنزعجين‬ ‫معك عن أشيائي السخيفة‪،‬‬ ‫أتحدث ِ‬‫ُ‬ ‫كنت‬
‫ُ‬
‫وكأن الدُ نيا قامت ما قعدت‪ ،‬كانت أتفه األشياء ِعندي‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫لديك‪...‬‬ ‫مصائب‬
‫‪21‬‬
‫العالم على كتفي‪،‬‬ ‫طبطب‬ ‫ِ‬
‫عليك‬ ‫عثرت‬
‫ُ‬ ‫حي َن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫السباع يف جحورها‪ ،‬وتبدَّ لت مخاويف‬
‫ُ‬ ‫وتبسمت‬‫َّ‬
‫ٍ‬
‫ل ُطمأنينة وسالم‪...‬‬
‫عطيك َر ُّب َك‬
‫َ‬ ‫سوف ُي‬
‫َ‬ ‫َّرت «و َل‬ ‫ِ‬
‫عليك؛ تذك ُ‬ ‫عثرت‬
‫ُ‬ ‫حين‬
‫َف َ‬
‫رتضى»‪...‬‬

‫ع‬
‫بك قد ر ِضيت‪ ،‬أما وإنِّي اآلن ِ‬
‫أما وإنِّي اآلن ِ‬

‫ري‬‫ص‬
‫بك قد‬

‫ا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬


‫ل‬
‫كُفيت‪.‬‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬


‫ع‬‫والتوزي‬ ‫أعتقد ِ‬
‫أنك لن تكبري‪!...‬‬
‫ِ‬
‫حولك‪ ،‬وتتج َّعد مالمحهم‪ ،‬وتبدو‬ ‫سيشيب الناس‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫عالمات الك َبر عليهم‪ ،‬وسيندبون شباهبم يف األيام‬
‫وفات دون‬
‫َ‬ ‫مر‬ ‫الخوالي‪ ،‬وسيندم ٌّ‬
‫كل منهم على ما َّ‬
‫ولكنك ستبقين صغير ًة كما ِ‬
‫أنت‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫استمتاعٍ‪ ،‬أو اغتنا ٍم‪،‬‬
‫ِ‬
‫للنظر آنذاك‪...‬‬ ‫الفت ًة‬
‫طول ُعمرها‬ ‫ِ‬
‫الزيتون رغم ِ‬ ‫ِ‬
‫كأغصان‬ ‫ِ‬
‫مالمحك‬ ‫ستبقى‬
‫إال أهنا جذابةٌ‪ ،‬جميل ٌة وقويةٌ‪...‬‬
‫‪22‬‬
‫أثرا ال يمحو ُه َّ‬
‫الشيب‪...‬‬ ‫ُ ِ‬
‫زهر الشباب ً‬
‫سيرتك فيك ُ‬
‫الوهلة األولى؛ لتفر ِ‬
‫دك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫الناس من‬ ‫سيقع ِ‬
‫فيك‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫الحسن عن اآلخرين‪...‬‬
‫وتميزك‪ ،‬واختالفك يف ُ‬
‫ِ‬
‫كأعمدة اإلنارة؛ هتدي الحيارى ً‬
‫ليل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عيناك‬ ‫ُ‬
‫ستكون‬
‫تسر الناظرين‪...‬‬
‫وضا ٌء نورها؛ ُّ‬
‫َّ‬

‫ل‬ ‫ا‬
‫ِ‬
‫ري‬
‫يداك كما هي‪ ،‬رقيقةً‪ ،‬ناعمةً‪ ،‬يغ ُلب على‬
‫ص‬ ‫ع‬
‫ك‬
‫وستبقى‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫أطرافها ِح َل ِق ِّ‬


‫ش‬
‫يرق قلبه‪ ،‬ويطيش‬‫الذكر‪َ ،‬من يلمسها َّ‬

‫ز‬ ‫و‬
‫األطفالي‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ر‬
‫أجمل‪ ،‬وسيجعل ع‬
‫عقله‪ ،‬و ُيعلن فيها سالمه‪ ،‬واستسالمه‪...‬‬
‫َ‬ ‫حين تكربين‪ ...‬ستبدين‬
‫ٍ‬
‫وهمية‪َ ،‬تخلدُ يف‬ ‫رس‬ ‫ِ‬
‫وسحرك ليالي ُع ٍ‬ ‫ِ‬
‫نحرك‬ ‫من بين‬
‫ذاكراهتم لألبد‪...‬‬

‫قمرا‪.‬‬
‫ُعمرين ً‬
‫مرا؛ بل ست ِّ‬
‫لن تكربي ُع ً‬
‫‪- -‬أتعلمين؟!‬
‫ِ‬
‫عليك‬ ‫أغار‬ ‫ِ‬
‫مثلهم‪ ،‬وال أحبك مثلهم‪ ،‬وال ُ‬ ‫أنا ال أراك ُ‬
‫يرونك بأعينهم امرأ ًة عادية‪ ،‬بينما أنا ِ‬
‫أراك‬ ‫ِ‬ ‫مثلهم‪ُ ،‬هم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪23‬‬
‫ِ‬ ‫بقلب ُأم ليس لها مِن جرب خاطرها ِس ِ‬
‫يحبونك‬ ‫واك‪ُ ،‬هم‬ ‫ِ ٍّ َ‬
‫فرحة‪ ،‬أ َّما‬ ‫ُح ًّبا تقليد ًّيا بار ًدا فقط حين تكوني َن سعيدة ِ‬
‫أحبك ُح ًّبا فريدً ا مِن نوعه يغ ُلب عليه ُحب األطفال‬ ‫ِ‬ ‫أنا‬
‫سقط مِن أيديهم فخالطه التُراب‬ ‫َ‬ ‫للسكر‪ ،‬حتى وإن‬ ‫ُ‬
‫أحبك يف جمي ِع‬ ‫ِ‬ ‫ألسنتهم‪،‬‬ ‫أخذوه ولعقوا به قلوهبم قبل‬
‫ُ‬
‫حاالتك‪ ،‬ويف أسوأ حاالتك‪ ،‬يف انطفائك وشحوبك‬
‫وتضارب األوجاع يف‬
‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫وضعفك واهنزامك وتق ُلباتِك‬
‫ل‬ ‫ا‬
‫ت‬ ‫ك‬
‫ُ‬

‫ل‬ ‫بل‬
‫ضلوعك‪ ،‬أحبك بما ِ‬

‫ش‬ ‫ن‬
‫أيضا‬ ‫أنت عليه وبما ستكونين ً‬

‫والتوزي‬ ‫ر‬
‫دوار يهتدي هبا عابر‬ ‫ٍ‬
‫عليه‪ ،‬أحبك كآخر نجمة يف فلك َّ‬
‫ِ‬

‫ع‬
‫عليك من باب‬
‫ليس َّإل‪،‬‬
‫ِ‬ ‫سبيل توقفت الحيا ُة عليه‪ُ ،‬هم يغارون‬
‫الواجب وسد باب شعورك باحتياج الغيرة َ‬ ‫ِ‬
‫كبضعة منِّي أو ك ٍُّل لبعضي‪ ،‬كالتي‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫عليك‬ ‫أغار‬
‫بينما أنا ُ‬
‫التيم َم بزمز َم غيري‪،‬‬ ‫ُ ِ‬
‫تتوضأ من دمي وأخشى عليها ُّ‬
‫حدث فريد يف صحائف يومي‪ ،‬ومن‬ ‫ٌ‬ ‫أنت لو تعلمي َن‬ ‫ِ‬
‫رت‬ ‫مسارات النبض بداخلي حتى ِص ُ‬ ‫ِ‬ ‫أجلك اضطربت‬ ‫ِ‬
‫وحدك التي‬‫ِ‬ ‫شق يسري‪ِ ،‬‬
‫أنت‬ ‫الع ُ‬ ‫ال أعلم كيف فيها ِ‬
‫سواك يا‬‫َ‬ ‫«جل َمن‬‫أبدع‪َّ :‬‬ ‫يليق هبا معزوفة حليم حي َن َ‬ ‫ُ‬
‫ُعمري»‪ ،‬لو تعلمين!! ٍآه‪ ...‬لو فقط تعلمين!!‬
‫‪24‬‬
‫‪- -‬ابتسام ٌة واحد ٌة تكفي‪...‬‬
‫واحد ٌة فحسب تكفي‪...‬‬
‫الحزن الساكن بضلوعي‪،‬‬ ‫واحد ٌة فقط‪ ...‬كفيل ٌة بإزالة ُ‬
‫المنفرد بالعزف على أوتار قويت‬ ‫وإذابة العجز ُ‬
‫وصالبتي‪ ،‬وإزاحة الستار عن ُمعانايت يف ُغربتي‪...‬‬

‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫ابتسام ٌة واحد ٌة تكفي‪!!...‬‬

‫ل‬ ‫ا‬
‫ن‬ ‫ل‬
‫فمن ُيهمل النِعم يجازى‬
‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫ش‬
‫أ ُظنها ال تكفي‪ ،‬وال تشفي‪َ ،‬‬

‫والتوز عي‬ ‫ر‬


‫وخير إن ُشكِر زاد‪...‬‬
‫ٌ‬ ‫بفقدها‪ ،‬وابتسامتك نعم ٌة ال ُتعدّ ‪،‬‬
‫أي عاق ٍل يستعظم الربَّ؟!‬
‫ُّ‬
‫منك سوى ِ‬
‫بك؟!‬ ‫أي عاق ٍل يكتفي ِ‬
‫ُّ‬
‫أي عاقل يرجو النجا َة وال يغرق ِ‬
‫فيك؟!‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫ابتسامتك وحدها خارط ُة طريق‪ ،‬أص ِّبر هبا جوارحي‪،‬‬
‫وأضيء هبا عتمة وحديت‪ ،‬وألوي هبا ذراع وجعي‪...‬‬
‫طامع يف ابتسامات‪،‬‬ ‫ابتسام ٌة واحد ٌة ِ‬
‫منك َد ْي ٌن‪ ،‬وأنا‬
‫ٌ‬
‫غير أمين‪!...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غير أين يف قضاء الديون ُ‬
‫‪25‬‬
‫‪- -‬رجا ًء‪...‬‬
‫ابقي محل نظري‪ ،‬ال تبتعدي‪ ،‬وال تتعمدي ُبعدً ا‪،‬‬
‫أو غيابا‪ ،‬وأنا أعدُ ِك ِ‬
‫أنك لن تم ِّلي منِّي أبدً ا؛ سأتجدد‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫أردت‪،‬‬ ‫لك جلدي إن‬ ‫لك قدر استطاعتي وسأغير ِ‬ ‫ِ‬

‫لك الحكايات اللطيفة‪ ،‬التي لم تسمعي هبا‬ ‫وسأسرد ِ‬

‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫ألف عا ٍم من الحكايات‬
‫من قبل‪ ،‬فأنا أختزل بداخلي َ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫األُخريات منها‪ ...‬ب ل‬
‫ِ‬

‫ل‬
‫ُ‬
‫الفضول لسماع‬ ‫سمعت واحد ًة منهن؛ ألخذك‬ ‫التي لو‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬


‫سأجعلك البطلة يف كل ِالحكايات‪ ،‬ولكوالمنتوز عي‬
‫ترتيب‬ ‫ِ‬

‫المهم عندي يف النهاية أن‬


‫األحداث األخرى ما شئت‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫لعينيك‪...‬‬ ‫ناظر‬
‫ُيسدل الستار وأنا بجوارك‪ ،‬أو ٌ‬
‫«روحي»‪...‬‬
‫وهنا تعني َ‬
‫دوما ُ‬
‫ابقي ُهنا ً‬
‫ونورا محل عيني‬
‫ابقي بر ًدا لقلبي‪ ،‬وسال ًما َلروحي‪ً ،‬‬
‫ونظري‪.‬‬
‫‪- -‬يا سيدة التوليب البنفسجي‪...‬‬

‫‪26‬‬
‫كثيرا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يروق لي أن أراك تجمعين ذاك التوليب‪ ،‬الذي ً‬
‫ِ‬
‫يجمعك‬ ‫شبهك‪ ،‬وكأنه بضع ٌة ِ‬
‫منك‪ ،‬وكأنه هو الذي‬ ‫ِ‬ ‫ما ُي‬
‫وليس العكس‪ ،‬وليس العجب يف ذلك بل العجيب‬
‫الغريب يف األمر‪ ،‬أن ينتحل شخصيتك يف كامل هيئتِها‬
‫إذن ِ‬
‫منك‪ ،‬كيف له أن‬ ‫برضا تام ِ‬
‫منك‪ ،‬أو بدون سابق ٍ‬ ‫ً‬
‫علي دون قيود‪ ،‬أو إدانة‪ ،‬أو قضية‪،‬‬
‫يجعل األمر يختلط َّ‬

‫ري‬ ‫ص‬
‫واألعجبال ِ‬
‫ع‬
‫ت‬‫ك ُ‬
‫ُيتهم فيها بسرقة حقوق الملكية للجمال والرقة؟!‬
‫ِ‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬
‫كأنك تمنحينه‬ ‫ساعدينه‪ ،‬وتسقينه‪،‬‬ ‫ت‬ ‫أنك‬

‫ِزيع‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫األمان كي يفعل ما يحلو له‪...‬‬

‫سواك‪...‬‬
‫يا سيدة التوليب البنفسجي‪ ...‬سبحان من َّ‬
‫ِ‬
‫بنفسه؟!‬ ‫ِ‬
‫كفاك تواض ًعا‪ ،‬هل يجمع الزهر نفس ُه‬
‫الوصل ِ‬
‫منك‪...‬‬ ‫َ‬ ‫‪َّ - -‬‬
‫إن‬
‫إن جاء بعد جفاء‪ ،‬بال مواعيد ُمرتبة‪ ،‬أو أحداث‬
‫الملقى على يأسه‬
‫توازين و ُيحيي األمل ُ‬
‫ُمسبقة؛ ُيعيد ُ‬
‫بداخلي‪...‬‬

‫‪27‬‬
‫ِ‬
‫وصلك بعد جفاء ُيشبه جرع َة حياة زائدة عن الحياة‪،‬‬
‫ال يدركها أحد مثلي‪ ،‬وال يفهمها أحد غيري‪ ،‬فأنا‬
‫فيك سهوا‪ ،‬وأنا القاتل ِ‬
‫بك عمدً ا‪ ،‬وأنا يف‬ ‫المقتول ِ‬
‫ً‬
‫متهم‪ ،‬ليس معه أدلة أو‬
‫ٌ‬ ‫قضايا هجرك وقطيعتك‬
‫براهين تثبت براءته‪ ،‬إال أن اهلل يسمع دعوايت‪ ،‬ويرى‬
‫ِ‬

‫ع‬
‫قصدت حيريت ولوعتي يف أشياء‬ ‫َع َبرايت التي تتوقف إذا‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ص‬ ‫ٌ‬


‫جاهل بفعلها‪ ،‬فلو أين أعلم كيف أتجنبها ما فعلتها‪،‬‬ ‫أنا‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬


‫جفائك‪ ،‬وهجرك‪...‬‬ ‫ولنجوت من‬

‫والتوز عي‬
‫وهجرا‪ ،‬فأحييني‬
‫ً‬ ‫يا سيديت‪ ...‬مثلي يموت خصا ًما‪،‬‬
‫وتفضلي‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ِ‬
‫بوصلك‬
‫‪- -‬يف ُغربتي‪...‬‬
‫ُ‬
‫أبحث عن‬ ‫ِ‬
‫أراك يف أعين الناس‪ ،‬ومالمحهم‪ ،‬وكأين‬
‫تائه َّ‬
‫ضل‪ ،‬أو ضاع مني‪...‬‬
‫المرفق بذاكرة األيام‪ ،‬التي‬
‫أفتش عن عنوانك القديم ُ‬‫ُ‬
‫لم تمتلئ يوما إال ِ‬
‫بك‪...‬‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫أراك تبتسمين مرة‪ ،‬وتبكين مرة‪ ،‬والسبب مجهول‪...‬‬
‫‪28‬‬
‫ِ‬
‫أراك يف ُمنتصف الطرقات‪ ،‬ويف أضواء السيارات‪،‬‬
‫وإشارات المرور‪ ،‬وهدايا األطفال‪...‬‬
‫أراك من غربتي رغم ٍ‬
‫كثرة من حولك غريبة‪ ،‬وأراين‬ ‫ِ‬

‫بك‪ ،‬طيفك معي يحوم‬ ‫رغم وحديت يف ُغربتي كثيرا ِ‬


‫ً‬
‫حولي ليل هنار‪ ،‬وال غربة يف مكان يزوره طيفك‪!...‬‬

‫ري‬ ‫ص‬ ‫ع‬


‫‪- -‬الناس‪...‬‬

‫ل‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫ن‬ ‫ل‬
‫لمرادهم‬
‫يقطعون المسافات بأجسادهم كي يصلوا ُ‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫التي ال َتعنيني ِيف شيء‪ ،‬وال تثير ِشجوين يفوالتو‬
‫شيء‪.‬ز ِعي‬
‫بالشوق مسافات‪ ،‬مسافاتك‬ ‫أقطع‬ ‫و ُمبتغاهم‪ ،‬بينما أنا‬
‫وقتما‬
‫وصل؛ أحضرتك‬ ‫ً‬ ‫اشتهيت منك‬
‫ُ‬ ‫أردت وصلك‪ ،‬أو‬
‫قلبا وروحا‪ ،‬أو شعورا‪ ،‬فربغم مسافات إال ِ‬
‫أنك ُهنا‪...‬‬ ‫ً‬ ‫ً َ ً‬
‫فشيء ِ‬
‫منك ُهنا‪ ،‬أو ربما كلك‪...‬‬ ‫ٌ‬
‫ك‪...‬‬‫‪- -‬تفاصي ُل ِ‬

‫ُتدهشني‪ ،‬و ُتثير إعجابي وفضولي‪...‬‬

‫تفاصيلك‪ُ ...‬تلهب مشاعري‪ ،‬و ُتطرب فؤادي‪...‬‬

‫‪29‬‬
‫تفاصيلك‪ُ ...‬ترعبني‪ ،‬تخيفني‪ ،‬تجربين على البوح‬
‫آن واحد‪...‬‬‫والصمت يف ٍ‬

‫الحب‪...‬‬
‫تفاصيلك‪ ...‬تطرحني يف غياهب ُ‬
‫تفاصيلك‪ ...‬تأخذين‪ ،‬تأسرين‪ ،‬تطيش بالعقل‪...‬‬
‫تفاصيلك‪ ...‬نادرة‪ ،‬ساحرة‪ ،‬قادرة على مويت‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ص‬


‫وإحيائي‪...‬‬
‫ع‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫ر‬ ‫ش‬
‫جديدة‪ ،‬فريدة‪ ،‬ال شبيه لها يف بني‬ ‫تفاصيلك‪...‬‬

‫و‬
‫تفاصيلك‪ُ ...‬تزلزل أركاين‪ ،‬تعبث ال‬
‫بجوارحي‪،‬توزي‬
‫وتفعلع‬
‫البشر‪...‬‬

‫بقلبي األفاعيل‪...‬‬
‫تفاصيلك الدقيقة‪ ...‬يتخللها تفاصيل؛ وأنا أتأملها‪،‬‬
‫فأنظر‪ ،‬وأناظِر‪ ،‬وأنتظِر‪.‬‬
‫ِ‬
‫شعرك‪...‬‬ ‫‪- -‬حتى ُخصالت‬
‫أعرفها جيدً ا‪ ،‬وأعرف لوهنا‪ ،‬وأحصي عددها‪،‬‬
‫وأستطيع أن أميز بين الجميلة فيها‪ ،‬والتي أجمل منها‪،‬‬

‫‪30‬‬
‫أعرف كم طولها‪ ،‬وكم تحصرين منها يف يديك حين‬
‫َ‬
‫أحظ‬ ‫ُّ‬
‫ينسل على كتفك وعاتقك‪ ،‬وبالرغم من أين لم‬
‫ُّ‬
‫الحظ لمسها‪ ،‬إال أهنم‬ ‫لي‬
‫إلى اآلن برؤيتها‪ ،‬ولم َيكتب َ‬
‫يأتون بالخيال عندي كل ِ‬
‫ليلة تما ٍم للقمر‪ ،‬و ُيقسمون‬
‫لي أين ذات ليلة سيكون ليدي على حسنهن ِ‬
‫موض ٌع‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫‪- -‬نياب ًة عن غائِب‪...‬‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ت‬ ‫ك‬
‫المزخرف‬
‫زلت«أحبك»‪ ...‬وأتلهف لرؤية وجهك ُ‬ ‫ما ُ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫بحروف الرباءة يف ُطرقايت‪...‬‬

‫ما زال قلبي ُيصارعني من أجلك‪ ...‬والتوز عي‬


‫ما زالت يدي ترتجف يف ليالي نوفمرب؛ بح ًثا عن‬
‫يدك‪...‬‬
‫ِ‬
‫عنك يف درجات الحرارة‪،‬‬ ‫زلت ِ‬
‫أح ُّن‪ ،‬أبحث‬ ‫ما ُ‬
‫ونشرات األخبار‪ ،‬والحديث يف الموضة‪...‬‬
‫ما زلت أتفقدين بين ُخصالت شعرك‪ ،‬وأشم العطر‬
‫ِ‬
‫عينيك؛ كي‬ ‫الباقي من أثرك‪ ،‬وأنتظر طلوع الفجر من‬
‫رزق ِ‬
‫بك‪...‬‬ ‫يستيقظ قلبي للسعي‪ ،‬عساه ُي َ‬
‫‪31‬‬
‫ما زلت «أحبك»‪ ...‬أما ِ‬
‫زلت تتذكرين ُحبي‪ ،‬أم أنني‬
‫ِزلت‪...‬؟!‬
‫أرفض وبشدة‪...‬‬
‫‪ُ --‬‬
‫تقمصي دور الربيء‪ ،‬الذي يخجل أن يعرتف ِ‬
‫لك‬ ‫ُّ‬
‫ِ‬
‫أنك بضعة منه‪ ،‬أو ُمضغة بين أسنانه‪ ،‬وهو الذي لم‬

‫ع‬
‫ٍ‬

‫ص‬
‫طعما لألنوثة‪ ،‬حتى‬
‫يأكل منذ قرن ونصف‪ ،‬ولم يتذوق ً‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫ب‬
‫طهى وكيف مذاقها‪ ،‬أرفض ذلك‬ ‫كاد أن ينسى كيف ُت َ‬

‫ش‬
‫ولمريدَ ع‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫ل‬
‫يفتجسدك‬ ‫ا‬ ‫و‬
‫تهم‪ ،‬الذي اقتحم عفويتك‪،‬‬ ‫الم‬ ‫أكون‬ ‫أن‬ ‫وبشدة‪ ،‬وأريد‬

‫و‬
‫ُ‬

‫زيع‬ ‫واسرتق براءتك‪ ،‬و َم َّث َل بكيانك‪،‬‬


‫جارحةً‪ ،‬إال وترك عليها بصمته‪ ،‬كل األدلة ضدي‪،‬‬
‫فالمعتدَ ى عليها ما‬
‫ولكن إلى اآلن لم تثبت إدانتي‪ُ ،‬‬
‫زالت متحفظ ًة بحيائها‪ ،‬وصمتها‪ ،‬لم ت ُبح بعد‪.‬‬
‫‪- -‬دعيني أقول‪...‬‬
‫أنت تنتمين إليها ُتهمت ِ‬
‫ُك‪،‬‬ ‫أن كلمة «حواء» التي ِ‬
‫لو َّ‬
‫ٍ‬
‫قاض‬ ‫لوددت أين يف بني آدم‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ذنبك؛‬ ‫أو جريمتك‪ ،‬أو‬
‫جلسة‪ ،‬دون االستماع لشهود‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أول‬ ‫ِ‬
‫برباءتك من ِ‬ ‫يحكم‬

‫‪32‬‬
‫تليق إال‬
‫جلسة واحدة وأخيرة‪ ،‬أعلن فيها أن الرباءة ال ُ‬
‫هم م ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لفقة فقط من باب‬ ‫بك‪ ،‬وأن ما نُسب إليك من ُت ٍ ُ‬
‫الغيرة‪ ،‬والحسد‪ ،‬أو بدافع ال ُظلم‪ ،‬وال ُبهتان‪ ،‬مع سبق‬
‫والتعمد‪...‬‬
‫ُّ‬ ‫اإلصرار‬

‫أخطأت‪ ،‬وأنت على ذمة‬‫ِ‬ ‫حتى لو افرتضنا ِ‬


‫أنك‬

‫ع‬
‫ِ‬

‫ص‬
‫عليك‪...‬‬ ‫يتوب‬
‫ُ‬ ‫القضية‪ ،‬فالذي تاب على آدم‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫ب‬
‫ِ‬

‫ل‬ ‫ل‬
‫«حواء»نبريئ ٌة رغم ما ن َ‬
‫رأسك‪ ،‬دون الرجوع‬ ‫وأختم جلستي بتقبي ِل‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوز عي‬
‫ُسب إليها‬ ‫للمستشارين وأقول‪:‬‬‫ُ‬
‫إلى قيام الساعة‪...‬‬

‫ُرفعت الجلسة‪.‬‬
‫‪ِ --‬‬
‫أنت يف َع ْين ََّي (قـ مـ ٌر)!!‬
‫ت وحديت‬ ‫القاف‪ ،‬وبدَّ َل ِ‬
‫ِ‬ ‫لت أ َّيامي بعد حذف‬ ‫ح َل ِ‬
‫ف‪ ،‬وحين هتجرين ِ‬
‫أستعين‬ ‫ين‪ِ ،‬حين تشتهين ُألبي بأل ِ ٍ‬ ‫بس ٍ‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫َ‬
‫تصفين‪ِ ،‬‬ ‫يم‪ ،‬أما ِحين ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ٍ‬
‫فأقس ُم‬ ‫َ‬ ‫بِصاد وباء بعد حذف الم ِ َّ‬
‫َك‪،‬‬‫الض ُّال دون ِ‬ ‫أن الحيا َة تزداد مِن ِ‬
‫بعد ال َع ْي ِن َع ْينًا‪ ،‬أنا َّ‬ ‫َّ‬
‫ُ‬
‫والهدى‪.‬‬ ‫الطريق‪ ،‬والدَ ُ‬ ‫ِ‬
‫ليل‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫وأنت‬

‫‪33‬‬
‫‪- -‬ال أجيد المجامالت‪...‬‬
‫وكل ما يف قلبي ينطق به لساين‪ ،‬ويبدو جل ًّيا على‬
‫فيك أصبحت‬ ‫تعبيرات وجهي‪ ،‬إال أنني حين وقعت ِ‬
‫بك مدح الجمال‪ ،‬واستثناء‬ ‫يليق ِ‬
‫رغما عني كي َ‬
‫شاعرا ً‬
‫ً‬
‫الشعور‪...‬‬

‫ع‬
‫ترتيب مواعيد الغرام بداخلي تغيرت من الحاء إلى‬

‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ص‬


‫الباء‪ ،‬كما لو أنني وقعت بغزالة برية‪...‬‬

‫ت‬
‫ش‬
‫فهلريف ذلك ٌ‬ ‫ن‬ ‫ل‬
‫ٍ‬
‫شعور مختلف‪ ،‬واحد للناس‪،‬‬
‫ب‬
‫والباقي اختزلتهم من ِل‬
‫ألف‬ ‫أمتلك‬ ‫أصبحت‬
‫ُ‬

‫والتوز عي‬
‫إثم أو‬ ‫‪...‬‬‫أجلك‬
‫حرج‪...‬؟!‬
‫ِ‬
‫‪- -‬حين أتخ َّيل نومك‪...‬‬
‫يكاد عقلي أن ُي َجن‪ ،‬وقلبي يقفز من صدري‪ ،‬وتختل‬
‫ِ‬
‫عينيك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أراك ُتغلقين‬ ‫جوارحي وتختلف ضلوعي‪،‬‬
‫كأن الرحمة أسدَ لت ستائرها عن الدنيا‪ ،‬فتحتضني‬
‫وينساب شعرك‬
‫ُ‬ ‫وسادتك برفق‪ ،‬وتتنهدي ب ُعمق‪،‬‬
‫الغجري على وجهك المالئكي‪ ،‬وتلتحفين الورد‪،‬‬
‫مطرزا بإكليل ياسمين ُمطرز بالزمرد‬
‫ً‬ ‫فيصبح مضجعك‬
‫‪34‬‬
‫الخام‪ ،‬فيهرب الشوق من أسفل عتبة غرفتك لمكان‬
‫تصوري وخيالي‪ ،‬حيث السجن الذي ال حرية فيه‪ ،‬أو‬
‫العذاب السرمدي‪.‬‬
‫‪- -‬ثم إن ِ‬
‫َّك‪...‬‬
‫ورغما‪ ،‬وال أحدَ يستطيع‬
‫ً‬ ‫ورضا‬
‫َرها‪ً ،‬‬‫منِّي‪ ،‬طو ًعا وك ً‬
‫لك بداخلي‪ِ ،‬‬ ‫أبدً ا المساس بالركن الخاص ِ‬

‫ع‬
‫أنت‬

‫ص‬
‫ُّ‬

‫ري‬
‫يف الحياة الالشبيه‬
‫ٍ‬
‫كتله‪ ،‬كالقمر‪ ،‬وال ُعمر‪ ،‬وزهرة تشرين‪،‬‬
‫شيء‬ ‫يليق هبا أن ُتستثنى عن الجميع‪ ،‬كأي‬ ‫ِ‬
‫وحدك التي ُ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬


‫ولهفة‬ ‫َ‬
‫ت‬
‫وبرؤ‪،‬وزيع‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫التائب بلذة أول‬‫و‬ ‫وشعور‬ ‫وفرحة األمهات بأول مولود‪،‬‬
‫يئس مِن عافيته‬
‫صالة‪ ،‬وابتسامة مريض َ‬
‫ُمتهم لسماع القاضي يقول‪ :‬حكمت المحكمة برباءة‬
‫بالسكر‪...‬‬
‫فالن بن فالن‪ ،‬وفرحة األطفال ُّ‬
‫واستفتاح‬
‫ُ‬ ‫أنت يف محراب الدُ نيا قِبلتي ِ‬
‫ووجهتي‪،‬‬ ‫ِ‬
‫دعوايت‪.‬‬
‫ِ‬
‫وحدك‬ ‫يليق ِ‬
‫بك‬ ‫فيا ُحلويت‪ ،‬أشهدُ أن كُل جميل ُ‬
‫كثير على كُل جميل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ولكنك ٌ‬

‫‪35‬‬
‫عرفتهن‪...‬‬ ‫‪ِ --‬‬
‫لست أجمل الفتيات الاليت‬
‫ُ‬
‫وال أحاله َّن من حيث مالمح الوجه أو رشاقة الجسد‬
‫وقوامه‪ ،‬وال أستطيع أن أخدعك فأقول ِ‬
‫أنك فاتنة للحد‬
‫بمجرد النظر‬‫الذي يجعلني ال أعرف رأسي من قدمي ُ‬
‫حافل بالكثير مِن اللوايت‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫عينيك‪ ،‬فتاريخ حيايت‬ ‫إلى‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫يمتلكن من الرقة واألنوثة والجمال ما يجعلهن‬

‫ك‬ ‫ل‬
‫خطيرتقد يجع ُل ِ‬
‫ِ‬
‫ا‬ ‫ري‬
‫ب‬
‫يسبقونك إلى قلبي بألف سنة ضوئية‪ ،‬ولكن‪ ...‬دعيني‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫أخبِ ِ‬

‫ا‬ ‫و‬
‫ك تتعجبي َن من أمري‪َّ :‬‬

‫ل‬
‫إن‬ ‫رك بشيء‬

‫و‬ ‫ت‬
‫غضبي واشمئزازي‪ ،‬ويأتيني بالغثيان الذي ال عالجزيلهع‬
‫خاص ًة ُيثير‬ ‫النساء‬ ‫الكمال يا سيديت يف الحياة عام ًة ويف‬

‫التجمل‬
‫ُّ‬ ‫التجاهل أو اإلعراض‪ ،‬ف ُكل َمن يحاول‬
‫ُ‬ ‫إال‬
‫أمامي لجذب انتباهي أجعله خلفي‪ ،‬وكل َمن حاول‬
‫غضضت الطرف عنه‬
‫ُ‬ ‫لفت نظري بطريق غير ُمباشر‬
‫ٍ‬
‫بطريق ُمباشر‪.‬‬ ‫برضا تام‬
‫ً‬
‫أنا يا سيديت ُمغرم باالختالف والتم ُّيز يف النواقص‬
‫التي ال ُتثير اهتما ًما ألحد‪ ،‬أعشق يف المرأة روحها وال‬

‫‪36‬‬
‫دائما أحسبها بالعقل‪َّ ،‬‬
‫أن‬ ‫اعرتاف لي بالجسد الفاين‪ً ،‬‬
‫كُل ما سيذهب ال محالة ال يجب تغيره باألمر أو فرض‬
‫السلطان عليه‪ ،‬وبرغم أين ُمر َّتب جدًّ ا‪ ،‬ومهووس‬
‫ُ‬
‫بالتفاصيل‪ ،‬وأكره الفوضى وأهلها إال أنني أهوى‬
‫المبعثرة ولي فيها نظرة ُمختلفة‪ ،‬أعشق‬
‫اللوحات الفنية ُ‬
‫يف الليل سواده الحالِك بينما الناس يتطلعون إلى خيط‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ص‬ ‫ع‬


‫ت‬ ‫ك‬
‫الم َّرة بينما‬
‫الفجر األبيض‪ ،‬أحب يف القهوة بذورها ُ‬

‫تذوبرروحي يف البساطة‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫بلذهتا‪ ،‬ترتوي روحي بصقيع ديسمرب‬
‫بينما الناس يتأ َّففون منب ل‬
‫يتحاكون‬ ‫الناس‬

‫أحبك بما ِأنتوالعليهتووالز عي‬


‫الربد‪،‬‬
‫أريد‬ ‫ِ‬ ‫والعفوية المفرطة؛ لذلك‬
‫منك إصالح شيء أبدً ا سوى أزرار قميصي حين ت ُقدِّ يه‬ ‫ِ‬
‫بل أو ُد ًبرا‪ ،‬ال أريدك أن َتكرتثي بالعطور أو أدوات‬
‫ُق ً‬
‫الزينة أو طالء األظافر التي لن َتزيدك يف نظري ُحسنًا‪،‬‬
‫يضخ‬ ‫ِ‬
‫أحبك لطهارة قلبك الذي ُ‬ ‫بك رضيت‪،‬‬ ‫فهكذا ِ‬
‫شرب منه ارتوى واكتفى‪ ،‬أعشق‬ ‫َ‬ ‫زمز َم مك ًّيا‪َ ،‬من‬
‫فيك الخجل والبساطة والهدوء والمزاجية والكركبة‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫أحبك بكامل‬ ‫الداخلية التي ال ُيجيد قراءهتا غيري‪،‬‬
‫‪37‬‬
‫المبعثرة وغموضك القاتل‬ ‫ِ‬
‫فوضويتك وأشيائك ُ‬
‫المر َّبعة‪ ،‬أحبك‬ ‫ِ‬
‫المرتجفة وأظافر قدميك ُ‬ ‫وأناملك ُ‬
‫ِ‬
‫ألنك ال ُتشبيه َن أحدً ا وال تنتمين‬ ‫ً‬
‫وتفصيل‬ ‫ُجملة‬
‫نقص بداخلي رأى النقص ِ‬
‫فيك‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أحبك ب ُكل‬ ‫ألحد‪،‬‬
‫َ‬
‫فاكتمل‪.‬‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫الحب‪...‬‬
‫‪- -‬يف ُ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫بل‬
‫ن‬ ‫ل‬
‫نحن ُحفا ٌة ُعراةٌ‪ ،‬نخلع من أقدامنا التوقف عن السير‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫االختيار‪،‬آلخردونالطريقالنظرالذيللنتائج‪،‬عزمناوأوالتعلىوزالسيرعي‬
‫نحو من يشير إلينا فقط‪ ،‬ونضع عن عاتقنا ثياب التف ُّكر‬
‫للعواقب‬ ‫والتمهل يف‬
‫ُّ‬
‫الوخيمة‪ ،‬أو النظر‬
‫فيه‪ ،‬فقط تدق قلوبنا ُّ‬
‫فرتق وتح ُّن‪ ،‬وتسعى نحو الحبيب‬
‫خطوات مجهولة المصير‪ُ ،‬‬
‫هنمل ثوب اليقين والبحث‬
‫ثم ينكشف أمرنا‪،‬‬‫عظيما‪ ،‬ومن َّ‬ ‫ً‬ ‫والتدقيق‪ ،‬ونميل ً‬
‫ميل‬
‫و ُيفتضح سرتنا‪ ،‬و ُتصبح سرائرنا ُمعلنةً‪ ،‬مهما حاولنا‬
‫الم ِض ِّي ُح ًّبا ناحية الذي وقعنا‬
‫إخفاءها‪ ،‬والتحكم يف ُ‬
‫به‪ ،‬أو الذي وقع فينا‪...‬‬

‫‪38‬‬
‫أشخاص يفعلون بنا‬
‫ٌ‬ ‫نحن حين نحب َيستأجر قلوبنا‬
‫فعلت ِ‬
‫أنت بي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ما يشاءون‪ ،‬كما‬
‫‪- -‬نح ُن‪...‬‬
‫للحب قدر احتياجنا لل َفهم‪...‬‬
‫لسنا بحاجة ُ‬
‫نصف فيه فتسعد‪،‬‬ ‫الحب ُعملة ذات وجهين‪ ،‬إ َّما أن ُت َ‬ ‫ُ‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫أو ُتظلم فيه فتشقى‪...‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫بل‬
‫الحب إن خال مِن‬
‫ن‬ ‫ل‬
‫التفاهم واالنسجام يكن بال نكهة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوز عي‬
‫كالسم يف العسل‪ ،‬كنجو ٍم بال سماء‪،‬‬ ‫أو مذاق طيب‪ُّ ،‬‬
‫صحراء بال ماء‪ ،‬رضي ٍع بال ُأم‪...‬‬
‫أن ُتحبني‪ ...‬يعني أنك تفهمني‪ ،‬وتصرب‪ ،‬وتتص َّبر‬
‫على طباعي‪ ،‬وتق ُّلبات مزاجيايت واحتياجايت‪ ،‬تفهم‬
‫مقصدي مِن صمتي بال شرح‪ ،‬وغضبي بال ذ ٍّم‬
‫وإرضائي بال ُشكر‪...‬‬
‫تعي قدري بالفعل‪ ،‬وتفعل ما يجعلني أفهم عندك‬
‫أن َ‬
‫قدري‪...‬‬

‫أن أش ُعر أنني قطع ٌة منك‪ ،‬ال غنى لك عنها أبدً ا‪...‬‬
‫‪39‬‬
‫فأمر ٌّ‬
‫شاق للغاية‪ ،‬قد‬ ‫افهمني‪ ،‬ثم أحبني‪ ،‬أ َّما العكس ٌ‬
‫ً‬
‫عاجل‪ ،‬وتبقى األسباب معلومة‬ ‫سدل ستائر المودة‬ ‫ي ِ‬
‫ُ‬
‫لدي‪ ،‬مجهول ًة لديك‪ ،‬وهي أنك أحببتني بال فهم!‪...‬‬
‫َّ‬
‫افهمني‪.‬‬
‫‪- -‬الكلمات‪...‬‬

‫ع‬
‫التي تقرؤها عيناك صدف ًة دون ترتيب ِ‬

‫ص‬
‫منك‪ ،‬هي‬

‫ري‬
‫ُ‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫أصدق الكلمات التي قد تقرأينها طيلة ُعمرك‪ ،‬حتى‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫والتوزي‬
‫وإن كانت لم ُتكتب من أجلك‪ ،‬تلك الكلمات التي‬

‫ع‬
‫وسعتك‪ ،‬الكلمات التي‬ ‫رت أهنا على مقاسك ِ‬ ‫شع ِ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫وحدك‪ ،‬وينفدُ فيها الحرب من‬ ‫تمنيت أن ُتكتب ِ‬
‫لك‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وددت أهنا ملكك‬ ‫أجلك وحدك‪ ،‬الكلمات التي‬ ‫ِ‬
‫وخاصتك وحدك‪ ...‬أليس كذلك؟!‬
‫ها ِ‬
‫أنت اآلن تقرأين‪ ،‬وما خ َّطت يدي تلك الكلمات‬
‫إال من أجلك وحدك‪ ...‬أراضي ٌة عني؟!‬
‫ىىى‬

‫‪40‬‬
‫‪S‬‬
‫ِ‬
‫عنك‬ ‫ويسألو َنين‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ص‬ ‫ع‬


‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫هي‪...‬؟!‬ ‫‪- -‬لماذا‬

‫زيع‬ ‫و‬ ‫و‬


‫ألفالعات ٍم أو أكثر‬
‫ِ‬ ‫تحتاج إلى‬
‫ُ‬ ‫عنها‪ ...‬ال يكفي حديث‪،‬‬
‫تفهمها فقط‪...‬‬
‫كي َ‬
‫ُتشبه يف الرباءة الفراشات‪ ،‬واألم يف الحنان‪ ،‬ال ُتعطي‬
‫لعجزت‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫شالل ز ُمرد خام‬ ‫َّإل إذا أحبت‪ ،‬لو ِ‬
‫وض َعت يف‬ ‫َّ‬
‫لمن ال‬ ‫ِ‬
‫لمن أرادت‪ ،‬بعيدة كالسماء َ‬ ‫عن فصلها‪ ،‬قريبة َ‬
‫َّ‬
‫ويكأن مبدأها يف الحياة‪...‬‬ ‫ُتطيق‪ ،‬مزاج َّية كاألطفال؛‬
‫الممتنِع»‪.‬‬
‫«السهل ُ‬

‫‪41‬‬
‫لماذا هِ ي‪...‬؟!‬
‫َ‬
‫ال أعرف‪ ،‬ولكنَّها ُت ِ‬
‫ساهم ُمساهمة ف َّعالة يف شفائي‪،‬‬
‫أصف قلبي بشك ٍل دقيق عندما أنغمس يف‬
‫َ‬ ‫أستطيع أن‬
‫الحديث معها‪ ،‬إنَّه ُيضيء!‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫‪- -‬لماذا هي‪...‬؟!‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬
‫بريئ ٌة جدًّ ا‪ ،‬ال تنتمي إلى لؤم العالم البتَّة‪ ،‬طفلة عاقلة‪،‬‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬


‫و‬ ‫ت‬
‫ضمة ك َّفيها‬

‫زيع‬
‫وثبات‪ ،‬مزاجية‪َّ ،‬‬ ‫تروي ظمأ قلبي بفوضوية‬
‫أن ُتشبِ َع لهفتي وحاجتي‪.‬‬
‫كفيلة ْ‬

‫‪- -‬لماذا هي‪...‬؟!‬


‫ال أعرف‪ ،‬ولكنها ُتربِ ُك مشاعرك مِن الوهلة األولى‪،‬‬
‫تتج َّلى يف حضورها وكأنك آمن‪ ،‬لو َن َظ َر ْت إلى ال ُبقع‬
‫ٌ‬
‫إنسان يصنع ُه اهلل‬ ‫ب ورضا‪ ،‬ف َث َّم‬ ‫المظلمة بِروحك ُ‬
‫بح ٍّ‬ ‫ُ‬
‫على عينِها مِن جديد‪!...‬‬

‫‪- -‬لماذا هي‪...‬؟!‬

‫‪42‬‬
‫أقسم باحتاللها على ِ‬
‫حين‬ ‫َ‬ ‫ُتحفة ربانية‪ُ ،‬لطف العالم‬
‫ٍ‬
‫غفلة منها‪ ،‬بريئة كأحضان األطفال‪ ،‬ولهفة األُمهات‪،‬‬
‫كال ُغزالن ال َّ‬
‫تمل النظر إليها‪...‬‬
‫إن الذي يراها للمرة األولى عليه أن َّ‬
‫يتوخى الحذر‬ ‫َّ‬
‫فثم َة شي ٌء يف مالمحها يجعلك‬
‫من الوقو ِع فيها ُح ًّبا‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫منبه ًرا‪!...‬‬
‫َ‬ ‫للرباءة ِ‬
‫ِ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ص‬ ‫ع‬


‫ك‬
‫بشرا مثلنا‪!!...‬‬
‫تكون ً‬ ‫هذه أن‬ ‫حاشا‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ت‬


‫بريئة كاألطفال‪ ،‬قنوعة ل‬
‫ر‬ ‫ش‬
‫هي‪...‬؟!‬ ‫‪- -‬لماذا‬

‫ُتسعدها‪ ،‬إذا ِرض َيت كالبدر يبدو وجهها‪،‬والتوإذاو ِزغض عبتي‬


‫أبسط األشياء‬ ‫حد‪،‬‬ ‫ألبعد‬

‫ٍ‬
‫بطريقة‬ ‫فالورد يس ُكن خدَّ ها‪ُ ،‬تساهم يف إعادة بنائي‬
‫يص ُعب شرحها‪...‬‬
‫تمتص تعبي َ‬
‫دون شكوى أو ملل‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫كالعقاقير الشافية‬
‫تتنزل على‬ ‫َّ‬
‫فكأن آيات الرحمة َّ‬ ‫نظرت إلى وجهها‬
‫َ‬ ‫إذا‬
‫تلو األخرى‪...‬‬‫قلبك واحد ًة َ‬
‫ال ُتقارن بأحد‪ ،‬وال ُتشبه أحدً ا‪ ،‬التسعة وثالثون‬
‫شبيها لها اجتمع َن يف واحدة‪!...‬‬
‫ً‬
‫‪43‬‬
‫لماذا هي‪...‬؟!‬

‫فلت ٌة يف جنس البشر‪ ،‬كنوادر األحداث‪ ،‬ال تدع مساح ًة‬


‫لغيرها ْ‬
‫إن أح َّبتك‪ ،‬غيور ٌة جدًّ ا كاألمهات‪ ،‬صبور ٌة جدًّ ا‬
‫كالعابدات‪...‬‬

‫دون غيرها رداء األنوثة ُص ِّم َم من أجلِها‪ ،‬جميلة‬ ‫هي َ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫الشكل والروح‪ ،‬رقة الدُ نيا س ِ‬

‫ت‬ ‫ك‬
‫جنت يف مالمحها‪ ،‬أعتقد‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫أن العالم فقدَ النور ذات ليلة لقصدوا َعينيها يف م ٍ‬

‫ش‬
‫لو َّ‬

‫ر‬
‫همة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫ع‬‫والتوزي‬
‫إنسانية‪!...‬‬
‫‪- -‬لماذا هي‪...‬؟!‬
‫فمجرد وجودها‬ ‫ُ‬
‫يشتاق الناس لبهجتها‪ُ ،‬‬ ‫ُتشبه األعياد‪،‬‬
‫يجعلك تش ُعر بالسرور‪...‬‬

‫لو تحدَّ َث ْت إليك لتمنيت أال ينتهي كال ُمها‪ُ ،‬تشبه‬


‫لحظة األمان األولى بعد عا ٍم كامل مِن القلق‪ُ ،‬تكفيك‬
‫وكرها‪!...‬‬
‫ً‬ ‫و ُتغنيك‪ ،‬وتزرع يف قل ُبك الرضا طو ًعا‬
‫‪- -‬لماذا هي‪...‬؟!‬

‫‪44‬‬
‫بريئ ُة المالمح كعصافير الزينة‪ُ ،‬تشبه لحظات الراحة‬
‫ِ‬
‫الحديث معها‪،‬‬ ‫سهوت يف‬
‫َ‬ ‫بعد ٍ‬
‫سفر طوي ٍل شاق‪ ،‬إذا‬
‫عما‬
‫ستغفرا اهَّلل َّ‬
‫ً‬ ‫أن تلز َم مِحراب َعينيها ُم‬
‫فك َّفارة ذلك ْ‬
‫فاتك‪...‬‬

‫هي دون آالف اإلناث التي إذا اختلطت ضحكتها‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫بأحزان الدُّ نيا النتهت وذابت‪!...‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫ب‬
‫‪- -‬لماذا هي‪...‬؟!‬

‫ل‬ ‫ل‬
‫يم‪،‬ن وأخواهتا كعقد اللؤلؤ‬
‫ر‬ ‫ش‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫توز عي‬
‫رح‬ ‫ُأمها طيبة‪ ،‬وأبوها‬
‫فمن ت ُكن‪...‬؟!‬‫المنفرط‪َ ،‬‬
‫أ ُظن لو خالطت براءهتا لؤ َم الدنيا‪ ،‬لتحولت لعفوية‬
‫ُتشبه ضحكات األطفال‪ ،‬وقطرات الندى التي لم ُتعلِن‬
‫عن سقوطها على أوراق الربدي بعد‪!...‬‬
‫‪- -‬لماذا هي‪...‬؟!‬
‫قدر ما عاشت‪ ،‬وما مللتُها يو ًما‪،‬‬
‫لقد عاشت بداخلي َ‬
‫علي‪...‬‬
‫مرت َّ‬
‫كانت وما زالت أجمل امرأة َّ‬

‫‪45‬‬
‫أمرا ُّ‬
‫قط إال غيابي‪ ،‬وما سعت إال لراحتي‪،‬‬ ‫ما شكت ً‬
‫خيرا ُأالقيه‪...‬‬
‫ما اشتهت وال تمنَّت إال ً‬
‫ٌ‬
‫جاهل بالنِّعم‪ ،‬كانوا‬ ‫كانوا يحسدونني عليها‪ ،‬وأنا‬
‫يرون فيها ال ُّطهر‪ ،‬وأنا من ال ُّطهر َّ‬
‫أتوضأ‪...‬‬
‫هي الوحيدة التي ساقها اهَّلل لي وما انتبهت‪ ،‬لقد أتت‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫جرا‪...‬‬
‫إلي ًّ‬
‫مجرورا َّ‬
‫ً‬ ‫ومعها الخير يف ضلوعها‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫ل‬ ‫بل‬
‫ال مر ًة واحدة‪ ،‬إما أن ُيعاش‬‫مث ُلها كال ُعمر؛ ال يأيت إ َّ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬


‫والتوزي‬
‫إن تخ َّلل يستحيل‬
‫همل ف ُيندم عليه‪ ،‬مث ُلها ْ‬
‫ف ُين َعم به‪ ،‬أو ُي َ‬

‫ع‬
‫مروره‪ ،‬أو يص ُعب نزعه‪ ،‬هكذا يراها قلبي‪ ،‬وقلبي‬
‫أحب أو َع ِشق!‬
‫أعمى إن َّ‬
‫‪- -‬لماذا هي‪...‬؟!‬
‫طيبتها زائدة عن الحد المعقول‪ ،‬رقيقة ِ‬
‫الحس‬
‫إن صافحت خيالها‪،‬‬ ‫والشعور‪ ،‬تش ُعر بربد يف ك َّفيك ْ‬
‫نقص أو خلل‪ ،‬تجعلك‬ ‫ٍ‬ ‫ُتعطي األشياء حقها بال‬
‫أمان جاءت بعد ِ‬
‫ألف عا ٍم من القلق‪،‬‬ ‫مطمئنًا كلحظة ٍ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫لو ُوضعت بين زهور العالم؛ لعرفتها من أول وهلة‪،‬‬‫ِ‬
‫لكفاهم!‬
‫ُ‬ ‫يف مالمحها ٌ‬
‫قبول؛ لو ُو ِّزع على أهل األرض‬
‫‪46‬‬
‫لماذا هي‪...‬؟!‬
‫الفت للنظر‪ ،‬قلبها ينبض باللين ال الدم‪،‬‬‫ٌ‬ ‫تكوينها‬
‫عقلها كحجر رشيد‪ ،‬تحتاج إلى ُمعجزة لفك شفراته‪،‬‬
‫نرجسية يحتار فيها ابن خلدون‪ُ ،‬مر َّتبة لدرجة ُتخيفك‪،‬‬
‫فوضوية لدرجة ُترعبك‪ ،‬غير أهنا تستطيع بعثرتك‬
‫ٍ‬
‫بامرأة اجتمعا!‬ ‫آن واحد‪ ،‬رقة وجربوت‬ ‫وترتيبك يف ٍ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ت‬ ‫ك‬
‫‪- -‬لماذا هي‪...‬؟!‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫َطيب ٌة كر ِ‬

‫والتوز عي‬
‫ذاذ المطر‪ ،‬ال ُتؤذي أحدً ا‪ ،‬مزاج َّي ٌة كاألطفال‪،‬‬ ‫ِّ َ‬
‫حزنَت بكت‪ ،‬عفو َّي ٌة كإلقاء‬ ‫فرحت ب َكت‪ ،‬وإذا ِ‬ ‫إذا ِ‬
‫السالم‪ ،‬عاقِل ٌة كاألمهات‪...‬‬
‫آن واحد‪ ،‬لديها ال ُقدر ُة‬‫وتنجيك يف ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫غرقك‬ ‫أن ُت‬
‫تستطيع ْ‬
‫ُ‬
‫أن اهلل َل ْم يخ ُلق إنا ًثا غيرها!‬ ‫ِ‬
‫أن تجع َل َك ُتقس ُم َّ‬
‫على ْ‬
‫‪- -‬لماذا هي؟!‬
‫أقل ما ُي ُ‬
‫قال فيها َّ‬
‫إن لديها مقدر ًة‬ ‫فتا ٌة على ِ‬
‫هيئة َجرب‪ُّ ،‬‬
‫زن القابِع بقلبك‪ ،‬ليس ذلك‬ ‫امتصاص الح ِ‬
‫ِ ُ‬ ‫رهيب ًة على‬
‫فحسب‪ ،‬بل تقو ُم بتحويله إلى فرحٍ خام‪ ،‬فيها من‬
‫اإلنارة يف ال ُّط ِ‬
‫رقات‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫يجعل أعمد َة‬ ‫الروحِ ما‬ ‫ِ‬
‫َجمال َّ‬
‫‪47‬‬
‫تحتفي بخطواهتا‪ ،‬ما خالطت أحدً ا إال وتركت فيه‬
‫المعاشرة‪ُ ،‬مع َّقد ُة الفهم‬
‫جميل ال ُينسى‪ ،‬بسيط ُة ُ‬
‫ً‬ ‫أثرا‬
‫ً‬
‫شرحها‪ ،‬شديد ُة الخج ِل على مهلٍ‪ ،‬سريع ُة‬ ‫ُ‬ ‫يص ُعب‬
‫األشياء ترضيها‪ ،‬فإذا‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫أبسط‬ ‫ٍ‬
‫غزل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الغضب على‬
‫َرض َيت النت‪ ،‬وإذا النت مالت‪ ،‬وإذا مالت أح َّبت‪،‬‬
‫لك‬ ‫وإذا أح َّبت أعطت‪ ،‬وإذا أعطت فاضت‪ ،‬فال حاج َة َ‬

‫ري‬
‫بالعالمي َن بعدها‪.‬‬
‫ص‬
‫‪- -‬لماذا ال‬‫ع‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫هي؟!كت‬
‫توزيع‬
‫شيئ‬
‫شر وال‬
‫ثم َة ٌ‬ ‫لك أهنا عاد َّي ٌة جدًّ ا‪ ،‬إال َّ‬
‫أن َّ‬
‫غيرها‪ ،‬األنوث ُة‬
‫أقول َ‬
‫فيها يجع ُل َك تراها ُمختلف ًة تما ًما عن ِ‬
‫دعني ُ‬

‫بسور َحياء‪ ،‬البساط ُة فيها ُم َر َّقم ٌة‬ ‫ِ‬ ‫يف مالمحها ُمحاط ٌة‬
‫معالم براءتِها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تصا ُعد َّية؛ كُلما ك ُبرت اتضحت‬ ‫ٍ‬
‫بأعداد َ‬
‫رأسا على عقب‪ ،‬تبكي‬ ‫كيانك ً‬ ‫َ‬ ‫تقلب‬
‫ُ‬ ‫مزاجيتُها‬
‫رك‬ ‫أنك السبب‪ُ ،‬تح ِّي َ‬ ‫تش َّك َ‬ ‫واح ٍد حتى ُ‬ ‫آن ِ‬ ‫وتضحك يف ٍ‬
‫ُ‬
‫طف ُئك بنظراتِها‪،‬‬ ‫شعلك و ُت ِ‬
‫َ‬ ‫دهش َك بعطائها‪ُ ،‬ت‬ ‫يف أمرها‪ُ ،‬ت ُ‬
‫بالقلب العاصي تائِ ًبا ُمطي ًعا‪ .‬هي عاد َّي ٌة‬‫ِ‬ ‫لها ضحك ٌة تأيت‬
‫أن‬‫أقسمت َّ‬‫َ‬ ‫الواسع حقيقتَها‪،‬‬
‫ُ‬ ‫خالط خيا ُل َك‬‫َ‬ ‫حتى إذا‬
‫نسا َء العالمي َن فيها اجتمعن‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫‪- -‬لماذا هي؟!‬
‫ِ‬
‫معالمها‪ ،‬ووضع ال َقبول‬ ‫ُس َ‬
‫بحان َمن أسك َن الرباءة يف‬
‫المت َعبين برؤيتها‪ ،‬تش ُعر‬
‫وأراح قلوب ُ‬
‫َ‬ ‫يف مالمحها‪،‬‬
‫كم أخطاء البشر حولها‪،‬‬ ‫وكأنَّها الصواب الوحيد يف ِّ‬
‫بحب وتحزن ب ُعمق و ُتعطي‬ ‫ُتحفة أنوثة نادرة‪ ،‬تضحك ُ‬

‫ع‬
‫بسالم وتمنع ل ُعذر‪ ،‬آخر ح َّبة توت يف شجرة أمان‪،‬‬

‫كتإلى عينيها حين تضيقان وهي تبتسم‬


‫ري‬ ‫ص‬
‫ولكن بالنظرالفقط‬
‫كثيرات حولها يدَّ ِعي َن أهن َّن األجدر بالغزل والمدح‪،‬‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬


‫ت‬ ‫ل‬
‫شئت ُقل‪ُّ :‬‬
‫فص‬
‫ا‬ ‫و‬
‫ز ُمرد خام‪ُ ،‬ص ِّم َم بد َّقة بالغة ل ُيسعدَ الدُ نيا ُك َّلها‪.‬وزيع‬
‫إن‬ ‫ِ‬
‫على مه ٍل ستُدرك َمن يستحق‪ ،‬هي‬

‫‪- -‬لماذا هي؟!‬


‫ال أعرف‪ ،‬ولكن أستطيع القول بأهنا آخر ُشعاع أمل يف‬
‫كالصبح‪ ،‬وإذا‬
‫مجرة بؤس‪ ،‬إذا ضحكت استنار وجهها ُ‬
‫حزنت فذاك ٌ‬
‫ليل طويل‪ُ ،‬تشبه نوافذ البيوت القديمة يف‬
‫األصل‪ ،‬تمشي على استحياء‪ ،‬وتجلس على استحياء‪،‬‬
‫مق رهيب‬‫كُتلة حياء خام تحولت إلى بشر‪ُ ،‬تفكر ب ُع ٍ‬

‫‪49‬‬
‫كأن عقلها مركز الكون‪ ،‬هتوى ال ُعزلة وال ُتطيقها‪ُ ،‬تحب‬
‫فراقهم‪ ،‬يف خطوط جبينها مواقيت‬ ‫ُ‬ ‫الناس وتخشى‬
‫الفرح‪ ،‬عن عروق يديها الخضراء وجمالها حدِّ ث وال‬
‫حرج‪ ،‬تمنحك ما تفتقد وإن كان آخر ما لديها‪ ،‬يمكنها‬
‫ُ‬
‫والخالصة‬ ‫المظلمة بقلبك بعينيها فقط‪،‬‬ ‫إضاءة ال ُبقع ُ‬
‫ِ‬
‫واحدة ولكن نساء الدُ نيا فيها اجتمعن‪.‬‬ ‫أهنا بذاهتا‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ص‬ ‫ع‬


‫ت‬ ‫ك‬
‫‪- -‬لماذا هي؟!‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬


‫و‬
‫الطيبة‪ ،‬النظر يف عينيها بمثابة ُهدنة سالم‬ ‫ُتشبه أمي يف‬

‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫أوقعني هبا من الوهلة األولى‪ُ ،‬تساهم يف ابتالع وزي‬
‫أحزاينع‬
‫بخيوط الرحمة‬ ‫ز‬ ‫طر‬
‫َّ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫أسود‬ ‫ٌ‬
‫فستان‬ ‫مع العالم‪ ،‬لديها‬

‫مس ك َّفاي كفيها ولو خيال‪ ،‬تعشق األطفال‬ ‫كُلما َّ‬


‫يليق الغزل إال‬
‫والكارتون وغزل البنات‪ ،‬هي التي ال ُ‬
‫كالمسافِر‬
‫جري ريقي ُ‬ ‫السكر ُي ِ‬
‫اسم كح َّبات ُ‬
‫هبا‪ ،‬لها ٌ‬
‫الصائم‪ ،‬عام ًة هي بنت ويف قلبي ِست البنات‪.‬‬
‫‪- -‬لماذا هي؟!‬
‫يجتاح حواسك‬ ‫طر الخام الذي‬ ‫ُتشبِه قارور َة ِ‬
‫الع ِ‬
‫ُ‬
‫عرفت قدرها فقد َ‬
‫أتتك الدُ نيا‬ ‫َ‬ ‫الخمسة دفع ًة ِ‬
‫واحدة‪ ،‬إن‬ ‫ُ‬
‫‪50‬‬
‫وإن كسر َتها أو أهملتها فقد َت ُش َّم مِنها‬
‫راغمة‪ْ ،‬‬ ‫وهي ِ‬
‫األخيرة‪ ،‬فمث ُلها‬‫ك رائٍح ًة َلطِي َفة‪ ،‬ولكنَّها المرة ِ‬
‫بِال َش ٍ‬
‫َ َّ‬ ‫َ‬
‫بحب‪ ،‬وتمنَح ب ُلطف و َتهب بدون ُمقابل‪ ،‬حتى‬ ‫ُتعطي ُ‬
‫فثم ِح ُ‬
‫رمان العا َلمي َن للعا َلمي ْن‪.‬‬ ‫أعر َضت وامتنَعت َّ‬
‫إذا َ‬
‫‪- -‬لماذا هي؟!‬

‫ع‬
‫كانت أبسط األشياء ُتسعدها رغم أهنا ُت ِ‬

‫ري‬‫ص‬
‫سعد كُل‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫األشياء حولها‪ ،‬تحس ُبها جامِد ًة وهي أشدُّ رق ًة مِن‬
‫بل‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬
‫والتوز عي‬
‫َ‬
‫كأنك‬ ‫خيوط الحرير الخام‪ ،‬تخجل ُمن رد السالم‪،‬‬
‫صخر َص ٍ‬
‫لب‬ ‫ٍ‬ ‫تطلب يدها‪ ،‬لها ضحك ٌة لو نزلت على‬
‫ُ‬
‫أصم لتشقق وأزهر‪ ،‬عاقلة كالحكماء مجنونة كاألطفال‬
‫َّ‬
‫المساس بركن‬
‫َ‬ ‫يحتار ُل َ‬
‫بك يف أمرها‪ ،‬ال يستطيع أحدٌ‬ ‫ُ‬
‫قلبها الذي تضع فيه من ُتحب‪ ،‬إن فرحت تغنَّت الدُ نيا‬
‫ليل طويل لن يعقبه فجر‪ ،‬تش ُعر‬ ‫طر ًبا‪ ،‬وإن حزنت فذاك ٌ‬
‫أن ََّك ملكتها‪ ،‬ولكن يف الحقيقة هي التي َأ َس َرتك‪ ،‬صعب ُة‬
‫وسهل ممتنِع يف ٍ‬
‫آن واحد‪ ...‬محسو ٌد َمن يفهمها‬ ‫ٌ ُ‬ ‫المنال‬
‫إن قدَّ َر اهَّلل له ذلك‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫لماذا هي؟!‬

‫وكأنك تعرفها‬ ‫َ‬ ‫الوهلة األولى معها‬‫ِ‬ ‫قريبة‪َ ...‬تش ُعر مِن‬
‫الحديث‬ ‫ِ‬ ‫ألف عام‪ ،‬عفوية ال يش َب ُع قل ُب َك من‬ ‫منذ ِ‬ ‫ُ‬
‫حال ليس‬ ‫أي ٍ‬ ‫يستقر لها حال‪ ،‬وعلى ِّ‬ ‫معها‪ ،‬مزاجية ال‬
‫ُّ‬
‫ورغما‪،‬‬ ‫الوقوع فيها طو ًعا‬ ‫ٍ‬
‫شيء إال‬ ‫عل‬ ‫بمقدرتِ َك فِ ُ‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫وإن ُق ِصدَ ت ال ُترد‪ ،‬وإن‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫إن ُسئِ َلت ال تمنع‪ْ ،‬‬ ‫كريمة ْ‬
‫ِ‬
‫العالم‬
‫ن‬ ‫ل‬
‫إن تخ َّللت قسو َة‬
‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬‫ُطلِ َبت ال تتوانَى‪ ،‬لها ٌ‬
‫روح ْ‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوزي‬
‫اسمها ُيغنِي‪ ،‬وسير ُتها‬ ‫ألذابتها وألبدلتها ِرق ًة ولينًا‪ُ ،‬‬

‫ع‬
‫السر‬‫ُّ‬
‫العالم‬
‫ُ‬
‫تكفي‪ ،‬ومالمِ ُحها تشفي‪ ،‬وبراء ُتها الخام هي‬
‫ف‬ ‫الكامِ ُن يف كَونِها أنثى‪ ،‬على َيدَ ْيها فقط قد َص َر َ‬
‫ِ‬
‫النساء بعدها‪.‬‬ ‫نظر ُه عن ك ُِّل‬
‫َ‬

‫ىىى‬

‫‪52‬‬
‫‪S‬‬ ‫أما بعد‬
‫َّ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬
‫‪- -‬يقينًا باهَّلل‪...‬‬

‫ز‬ ‫و‬
‫الفرح‪،‬ي‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ر‬
‫زهورا ُتشبهك‪ ،‬وسيرويها ُالحب بقطرات ع‬
‫ِ‬
‫وجعك الجافة العاصية‬ ‫سينبت ِ‬
‫لك من بين صخور‬ ‫ُ‬
‫ً‬
‫ٍ‬
‫طهور‬ ‫ٍ‬
‫بماء‬ ‫والذي تو َّلى إخراجها سيتو َّلى ُسقياها‬
‫وتكرارا‪...‬‬ ‫مرارا‬ ‫ِ‬ ‫كالذي َ‬
‫ً‬ ‫سال من عينيك ً‬
‫مخرجا‪ ،‬ومن‬ ‫ِ‬
‫ضيقك‬ ‫لك من‬ ‫يقينًا باهلل‪ ...‬سيجعل ِ‬
‫ً‬
‫سورا متينًا‪،‬‬ ‫فرجا‪ ،‬وسيبني حول قلبك ّ‬ ‫ِ‬
‫الهش ً‬ ‫همك ً‬
‫يص ُعب على الوجع اخرتاقه‪ ،‬ويستحيل لليأس أن‬
‫َ‬
‫يتسلل إليه بسهولة‪...‬‬

‫‪53‬‬
‫لك مدينة ُحب؛ ُسكاهنا المودة والرحمة‬ ‫سيشيد ِ‬
‫ُ ِّ‬
‫خيرا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لمن يريد بك ً‬ ‫المحاط بجاذبية الصدق َ‬
‫والسرت ُ‬
‫غنيك عما ح ِر ِ‬
‫مت‬ ‫فقدت‪ ،‬وسي ِ‬‫ِ‬ ‫عما‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فقط‪ ،‬سيعوضك َّ‬
‫ك تتخبطي َن يف‬‫ُسرت‪ ،‬ولن يد َع ِ‬
‫رك فيما ك ِ‬ ‫وسيجبِ ِ‬
‫َحنادس ال ُطرقات المظلمة‪...‬‬

‫ع‬
‫كيف وقلب ِ‬

‫ص‬
‫ك الذي لطالما أنار ُظلم َة العابرين الذين‬

‫ري‬
‫ُ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫ِ‬

‫ل‬ ‫ب‬
‫وهموك ورحلوا؟!‬

‫إلىن األفضل‪ ،‬فحين ُتغ َلق‬


‫و‬ ‫ش‬ ‫ل‬
‫ويشتدُ ظال ُمها ُفنور اهللِ ٍآت‪ ،‬وأنا ِر‬
‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫ِ‬
‫زيما‬ ‫و‬
‫حالك‬ ‫يقينًا باهَّلل‪ ...‬س ُيبدل‬

‫ع‬ ‫وكل‬ ‫نا‪،‬‬ ‫وأنت‪ ،‬وك ُّل‬


‫بنا من ُظلمات له نور اهلل؛ «و َمن لم يجعل اهلل له ً‬
‫نورا؛‬ ‫ِ‬
‫فما له من نور»‪...‬‬
‫ِ‬
‫كافيك‪...‬؟!‬ ‫نور اهلل‬
‫أليس ُ‬
‫الحب‪...‬‬
‫ُ‬
‫الذي يس ُكن ضلوعك ولم ُتعلني عنه حتى اآلن؛‬
‫يو ًما ما سيكون ظلك‪ ،‬وسندك‪ ،‬و ُمعجزتك‪ ،‬وإنجازك‬

‫‪54‬‬
‫البارين‬
‫العظيم‪ ،‬الذي تحتفي به‪ ،‬سيكون أحد أبنائك ِّ‬
‫ِ‬
‫بك‪ ،‬فاعتنى به جيدً ا‪ ،‬وكوين جديرة بحمله‪ ،‬واختاري‬
‫حما‪.‬‬
‫صالحا‪ُ ،‬يبدلك به اهلل زكاةً‪ ،‬وأقرب ُر ً‬
‫ً‬ ‫له أ ًبا‬
‫إليك ِ‬
‫أنت‪...‬‬ ‫‪ِ --‬‬
‫ِ‬
‫وأنت‬ ‫ِ‬
‫أعرفك‬ ‫دون غيرك‪ ،‬وبرغم أين ال‬ ‫أنت َ‬ ‫نعم ِ‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫أيضا ال تعرفينني؛ فلقلبِ ِ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫ك الطيب منِّي السالم‪،‬‬ ‫ً‬

‫ن‬
‫أكتب لبياض قلبك‬
‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬
‫تكتب روحي؛‬
‫ك‬ ‫ِ‬
‫ولروحك الربيئة‬

‫ش‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫والتوز عي‬
‫هما‬
‫ر‬
‫للحزن القابع بداخلك ُ‬
‫منذ‬
‫ِ‬
‫متلئتين ًّ‬ ‫الم‬
‫أكتب ُ‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫أكتب لعينيك الجميلتين ُ‬
‫المفرطة‪،‬‬
‫ُ‬
‫وعفويتك ُ‬
‫ٍ‬
‫أمد بعيد‪،‬‬
‫وشتات روحك وثِق ِل األيا ِم يف‬
‫ِ‬ ‫أكتب لصمتك‬‫ووج ًعا‪ُ ،‬‬
‫ٍ‬
‫وصوت ُمعت ٍَّق‬ ‫تربت على كتفك‪،‬‬ ‫لك َك َي ٍد ُ‬ ‫قلبك‪ ،‬أكتب ِ‬
‫ُ‬
‫ببالونات الشجن‪ ،‬وبوحٍ يتخلله همس كجربٍ لخاطرك‪،‬‬
‫ٍ‬
‫استعداد أن تكوين بخير‪ ،‬وكوين بال ُقرب‬ ‫فكوين على‬
‫حت هبا‪ ،‬ف بي َن‬ ‫أجلك كتبتُها و ُب ُ‬‫ِ‬ ‫مِن خواطري‪ ،‬فمن‬
‫زن «شيء ِ‬
‫منك ُهنا‪ ،‬أو ر َّبما ُك ُّلك‪»!...‬‬ ‫الحب والح ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ‬

‫‪55‬‬
‫يا شبيهة روحي‪...‬‬

‫بالحب عن ظهر‬ ‫ِ ِ‬
‫ال تتلهفي رسائل أحدهم؛ تأتك ُ‬
‫غيب‪ ،‬فالذي يحبك ال ي ِ‬
‫دخلك يف البحث عن الغيبات‪،‬‬ ‫ُ‬
‫بل يجعلك موقن ًة آمنة مطمئنة‪ ،‬يكون صادر رسائله‬
‫رسل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والم َ‬
‫والمرسل أنت‪ُ ،‬‬ ‫أنت‪ ،‬ووارد رسائله أنت‪ُ ،‬‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫إليه ِ‬

‫ري‬
‫الذي يحبكالال ُي‬
‫أنت‪...‬‬

‫كخت ِّبئ لك ُح ًّبا مضمونه رسائل‪ ،‬وال‬


‫ر‬ ‫ش‬ ‫فهل للن ِ‬‫ب‬
‫التوزيع‬ ‫و‬ ‫؟!‬‫فهمت‬ ‫بإرسالها‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عليك‬ ‫يبخل‬
‫ك‪...‬‬ ‫‪- -‬أعيريني قلب ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫بعينيك الجميلتين‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫للحظات فقط‪ ...‬اقرئي به ال‬
‫ِ‬
‫ويبذل‬ ‫ِ‬
‫قلبك الطيب‪ ،‬هذا الذي ُيعطي بال ُمقابل‪،‬‬
‫ويتمسك عدد‬
‫َّ‬ ‫حتى يذبل‪ُ ،‬يضحي قدر استطاعته‪،‬‬
‫نبضاته التي ُخذلت‪ ،‬ويحمل ُ‬
‫الحب والخير بين طياته‬
‫العشرة‪ ،‬ويحفظ المعروف‪ ،‬تلك‬ ‫ويبقي على ِ‬
‫للجميع‪ِ ،‬‬
‫خصال ِ‬
‫قلبك التي تبدو لنا‪ ،‬فكيف بما اهلل به عليم؟!‬ ‫ُ‬

‫‪56‬‬
‫َّ‬
‫وكأن صفات الطيبات الطاهرات ُص َّبت يف تكوينك‬
‫وفعل‪ ،‬هذا ما يفهمه من يشبِ ِ‬
‫هونك‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وقول‬ ‫ص ًّبا؛ ً‬
‫حال‬
‫المغيبين عن مقامك العالي‬ ‫إن ُوجدوا ولكنك يف ِ‬
‫أعين ُ‬
‫أمر طبيعي للغاية؛‬
‫ومنزلتك الرفيعة تبدين غريبةً؛ وذاك ٌ‬
‫ٍ‬
‫بدرجات يص ُعب عليهم أو يستحيل لهم‬ ‫َ‬
‫ألنك فوقهم‬
‫الوصول إليها‪...‬‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ص‬ ‫ع‬


‫ت‬ ‫ك‬
‫ِ‬

‫ب‬
‫يرونك‬ ‫ُمنفردة و ُمم َّيزة وتاج رأسهم جمي ًعا‪ ،‬كوهنم‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬


‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬
‫ذنبهم‪ ،‬وهذا يف أعين األشباه ال‬ ‫فهذا‬ ‫العميان‪،‬‬ ‫بأعين‬

‫زيع‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ُيعاتب وال ُيالم‪...‬‬


‫قلب ِ‬
‫ك الطاهر النقي طغى على مالمحك‪ ،‬فكساها‬ ‫ُ‬
‫فاهلل طيب ال‬ ‫ِ‬
‫ليس عي ًبا‪ُ ،‬‬
‫بالطيبة والرباءة‪ ،‬وكونك طيبة َ‬
‫ُ‬
‫يقبل إ َّ‬
‫ال طي ًبا‪...‬‬

‫دو ًما تذكري هذا يا طيبة‪.‬‬


‫‪- -‬أشعر ِ‬
‫بك‪...‬‬ ‫ُ‬
‫آالف األوجاع‬
‫ُ‬ ‫أراك مِن مكاين ُهنا‪ ،‬تفصلنا‬‫ِ‬
‫ِ‬
‫أراك‬ ‫ِ‬
‫الموحشة‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫وقليل من المسافات‬ ‫والمتاهات‪،‬‬
‫‪57‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قلق ًة حائر ًة ُمضطرب َة األركان‪ ،‬أراك وحدك تما ًما َ‬
‫رغم‬
‫كثرة من هم حولك؛ ال أحدَ يعتني ِ‬
‫بك‪ ،‬ال أحدَ يهتم‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫وأنت‬ ‫أنت فيه؛ العالم يف ٍ‬
‫واد‬ ‫بشأنك‪ ،‬ال أحد يشغله ما ِ‬
‫ِ‬
‫شبيهك‪ ،‬لكن ال بأس‪،‬‬ ‫يف آخر‪ ،‬أشعر ِ‬
‫بك جيدً ا فأنا‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ألجلك‬ ‫ليس ألج ِل أحد بل‬ ‫َ‬
‫الحزن ً‬
‫قليل َ‬ ‫فباهلل دعي‬
‫ِ‬

‫ع‬
‫أنت‪...‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫أنك جميل ٌة وال ُ ِ‬
‫ص‬ ‫ت ِ‬ ‫َأنَسي ِ‬

‫بل‬
‫غير الفرح؟!‬
‫يليق بك َ‬ ‫َ ْ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫أنسيت أن الخير كله بيده‪ ،‬وأنه ٌقادر وا‬
‫كريم؟!لتوزي‬
‫أمرك كله ِ‬
‫بيد خالقك؟!‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أنسيت َّ‬
‫أن‬

‫ع‬ ‫ِ‬
‫ِ‬

‫كونك بائسة أو تعيسة؛‬ ‫توقفي بعض الوقت عن‬


‫ِ‬
‫الكعبة جميلة ورائعة‪ ،‬وذاك العبث الساكن‬ ‫ورب‬ ‫ِ‬
‫فأنت ِّ‬
‫بداخلك ال يستحق ِ‬
‫منك كل هذا أبدً ا‪...‬‬ ‫ِ‬

‫أعلم ِ‬
‫أنك ُمتعبة ألبعد حد‪ ،‬و ُمنهكة َّ‬
‫وهشة للغاية؛‬ ‫ُ‬
‫ولكن دعي حرويف اآلن وانظري للسماء‪ ...‬أليس‬
‫بك؟!‬‫بكافيك؟! أليس الذي فيها عالم ِ‬
‫ِ‬ ‫الذي فيها‬
‫ٌ‬

‫‪58‬‬
‫ِ‬
‫حالك ب ُكن فيكون؟!‬ ‫ٍ‬
‫بقادر على أن ُيبدِّ َل‬ ‫أليس‬

‫رب كريم قادر‪...‬‬


‫حاشا ُه‪ٌ ...‬‬
‫تبسمي يا بسم ًة طيب ًة يف زوايا األيام‬ ‫ُح ًّبا يف اهَّلل‪َّ ...‬‬
‫الئق هبا الفرح‬
‫ك ٌ‬ ‫لشفاه ِ‬ ‫المريرة‪ ...‬تبسمي‪ ...‬فتاهللِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫واالبتسام‪.‬‬

‫ري‬ ‫ص‬ ‫ع‬


‫ك‪...‬‬
‫ت‬ ‫سالم ال ِ‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬
‫والتوز عي‬
‫عليك‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫تحملت فوق طاقتك‪،‬‬ ‫صربت فوق قدرتِ ِ‬
‫ك‪ ،‬وبما‬ ‫ِ‬ ‫بما‬
‫ِ‬
‫تألمت قدر عفويتك‪،‬‬ ‫ذلت قدر طيبتك‪ ،‬وبما‬ ‫وبما ُخ ِ‬

‫وأيامك الثِقال‪،‬‬
‫ِ‬ ‫لياليك الم ِ‬
‫وحشة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بكيت قدر‬ ‫وبما‬
‫وعقارب ساعتِك التي ال تتزحزح‪...‬‬
‫رت قدر معروفِك‪ ،‬وبما ُط ِ‬
‫عنت‬ ‫عليك بما نُكِ ِ‬
‫ِ‬ ‫سال ٌم‬
‫ٍ‬
‫خيبات‬ ‫ِ‬
‫واجهت من‬ ‫قدر إيمانك وتسليمك‪ ،‬وبما‬
‫ِ‬
‫ضلوعك‪...‬‬ ‫ٍ‬
‫وآنين َّ‬
‫احتل‬ ‫وتع ُّث ٍ‬
‫رات‬

‫‪59‬‬
‫قدت‪ ،‬وحيث‬ ‫وحيث ُف ِ‬
‫ُ‬ ‫سالم عليك حيث ُت ِ‬
‫ركت‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫قابلت‪...‬‬ ‫شرا ٍ‬
‫بخير‬ ‫ًّ‬
‫عليك حتى تسعدي‪ ،‬وتنعمي‪ ،‬و ُت َجازي‬ ‫ِ‬ ‫سال ٌم‬
‫باإلحسان إحسانًا‪ ،‬وتسمعي‪« :‬سال ٌم علي ُكم بما‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫صرب ُتم فن َ‬
‫عم ُعق َبى الدَّ ار»‪.‬‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫الصلح خير‪...‬‬
‫ُّ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫بل‬
‫وأولى الناس بخيرك هي ِ‬

‫ن‬ ‫ل‬
‫أنت‪ ،‬فتصالحي مع نفسك‪،‬‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوزي‬
‫واصنعي من العجز بالونات ُحب مصنوعة من ابتسامة‬

‫ع‬
‫ثغرك‪ ،‬وانشري يف جرائد العالم وص ِ‬
‫حفها خرب وفاة‬ ‫ُ‬
‫أحزانك و ُعزلتك واكتئابك‪ ،‬قولي‪ :‬ماتوا يف حادث سير‬
‫على طريق الصرب‪ ،‬محور الرضا‪ ،‬وال عزاء للحاقدين‬
‫والحاقدات‪ ،‬الحاسدين والحاسدات‪...‬‬
‫تصالحي؛ َتص َلحي و ُتصلِحي‪ ،‬وعانقي أحالمك‪ ،‬ما‬
‫دامت أنفاسك ال ُتشرتى وال ُتباع‪ ،‬وامنحي الهزائم‬
‫العصمة بيدك ل ُكل‬‫والخيبات ُقبلة وداع‪ ،‬واجعلي ِ‬
‫ِ‬
‫عليك؛ ُتط َّلق‬ ‫ِ‬
‫تعصيك أوتتمرد‬ ‫وأي منها‬ ‫ِ‬
‫أمانيك‪،‬‬
‫ٌّ‬
‫َ‬
‫عدول عنه‪ ،‬وال رجع َة فيه‪.‬‬ ‫ثال ًثا‪ ...‬طال ًقا ال‬
‫‪60‬‬
‫ِ‬
‫أنت جميلة‪.‬‬
‫ِ‬
‫حوزتك‬ ‫أنت جميل ٌة جدًّ ا؛ جميل ٌة رغم ما يف‬ ‫ال‪ ...‬بل ِ‬
‫ٍ‬
‫وتصادمات مع األيام‪ ،‬جميل ٌة‬ ‫ٍ‬
‫وخدوش‬ ‫ٍ‬
‫ندوب‬ ‫من‬
‫لك‪ ،‬والذين‬‫للحدِّ الذي ال حدَّ له‪ ،‬جميل ٌة وال شبيه ِ‬
‫َ‬
‫بينك‬ ‫منك ليسوا كذلك؛ فالفرق ِ‬ ‫أجمل ِ‬ ‫َ‬ ‫يرون أنفسهم‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ِ‬

‫ري‬
‫المشرق من المغرب‪ ،‬فأين‬ ‫شاسع‪ ،‬فرق‬ ‫ٌ‬ ‫كبير‬
‫وبينهم ٌ‬

‫ِب ل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫ل‬
‫ال َّثرى من ال ُّثر َّيا؟!‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬


‫كواكب الجوزاء؟! والتوز عي‬
‫الشموع؟!‬ ‫وأين القمر من ضوء‬
‫ِ‬ ‫وأين األرض من‬
‫ٍ‬
‫وحسد؛‬ ‫بعيون ٍ‬
‫غيرة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يرونك‬ ‫وهم ُهم؛ ُهم‬ ‫فأنت ِ‬
‫أنت‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬

‫وإن ا َّدعوا أهنم أجمل؛ فقد كذبوا فيما ا َّدعوا‪...‬‬


‫ِ‬
‫وأمرك شاغلهم؛‬ ‫ً‬
‫وتفصيل‪،‬‬ ‫فبينما ِ‬
‫أنت جميل ٌة ُجمل ًة‬
‫ري؛‬ ‫ِ‬
‫أيضا َمن يراك نجمته المفضلة‪ ،‬وكوكبه الدُّ ّ‬‫فهناك ً‬
‫ُ‬
‫عيب أو خلل‪...‬‬ ‫الذي ليس فيه ٌ‬
‫ُهناك من يؤمن ِ‬
‫بك وإن كفر الجميع‪...‬‬
‫‪61‬‬
‫سرا‪...‬‬ ‫ِ‬
‫ُهناك من ُيصاحبك يف دعواته ًّ‬
‫ُهناك من يقع ِ‬
‫فيك ولم ُتسعفه َجرأته على االعرتاف‬
‫لك‪...‬‬‫ِ‬

‫أنت واهللِ جميل ٌة‬


‫أنت جميلة وال خالف يف ذلك‪ِ ،‬‬‫ِ‬
‫ِ‬
‫أنوف العالمين‪.‬‬ ‫رغما عن‬
‫ً‬

‫ص‬
‫لقت لِتسعدي‪...‬‬
‫ع‬
‫‪ُ - -‬خ ِ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫ل‬ ‫بل‬
‫ِ‬

‫ن‬
‫مررت به‪ ،‬وأ ًّيا كان الذي واجهه‬ ‫أ ًّيا كان الذي‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوزي‬
‫قلبك الربيء يف محراب الدُ نيا من سخافات الحياة‪،‬‬ ‫ِ‬

‫ع‬
‫ومتاعبها‪ ،‬و ُمعاناهتا‪ ،‬وعنائها‪ ،‬وكِفة ميزاهنا غير العادلة‬
‫يشبهونك إطال ًقا؛ فال تحزين‪ِ ،‬‬
‫أنت لم ُتخلقي‬ ‫ِ‬ ‫مع َمن ال‬
‫كل منا حسب معركته‬ ‫لذلك؛ ولكنها فرتات تعرتي ًّ‬
‫الخاصة التي ال يعلم هبا أحدٌ غير اهلل‪ ،‬تلك المعركة‬
‫بمفرده‪ ،‬ويقاتل فيها وحده من أجل‬ ‫التي ُيجاهد فيها ُ‬
‫ِ‬
‫للتعب‬ ‫أال يهزم‪ ،‬أو يس ُقط‪ ،‬أو يلحق بالقاع‪ ،‬ما ُخ ِ‬
‫لقت‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫المتعبين؛ فمث ُلك إن َح ِزنَت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأنت يف كفيك راح ُة ُ‬
‫ُتشفق عليها القلوب‪ ،‬وتدمع من أجلها العيون‪ ،‬و ُتجلد‬
‫من أجلها الظهور‪ ،‬و ُتفدى لها األرواح‪...‬‬

‫‪62‬‬
‫لفرحة خلقها اهلل على هيئة إنسانة أال تفرح‬ ‫ٍ‬ ‫كيف‬
‫وتسعد وترتاقص ُح ًّبا وعش ًقا ودف ًئا وحنانًا؟!‬
‫عرفت البشرية أمنًا وال أمانًا إال ِ‬
‫بك‪،‬‬ ‫فورب الكعبة ما ِ‬
‫ِّ‬
‫ٌ‬
‫وملعون كل من‬ ‫سعدي‪،‬‬ ‫لقت إال لِتسعدي‪ ،‬و ُت ِ‬
‫وما ُخ ِ‬
‫َ‬
‫تعمق يف‬
‫تعمد انطفا َءك‪ ،‬أو تس َّبب يف إيذاء روحك‪ ،‬أو َّ‬
‫َّ‬

‫ع‬
‫رحك‪ ،‬أو أهمل سقيا ِ‬‫ج ِ‬

‫ص‬
‫فضل عن‬ ‫ً‬ ‫وردك بدمع عينه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫بل‬
‫سامح اهلل َمن أفلت يده من يدك وقت حاجة‬ ‫َ‬ ‫دمه‪ ،‬وال‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫لست على ما يرام ِ‬ ‫أنك ِ‬‫أو فاقة أو طلب‪ ،‬أو أيقن ِ‬

‫والتوز عي‬
‫وبخل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫رضيك وقدر ما‬ ‫ِ‬
‫عليك بوقته حتى تبقي بخير كيفما ُي‬
‫تحتاجين‪...‬‬
‫لقت لتسعدي؛ فال تخالِفي فطرة اهللِ ِ‬
‫فيك‪...‬‬ ‫ُخ ِ‬

‫حتما‪...‬‬
‫الربيع ً‬
‫ُ‬ ‫‪- -‬سيزورك‬
‫صيف‬
‫ٌ‬ ‫فليس مِن المنطق أبدً ا‪ ،‬أن يتعاقب ِ‬
‫فيك‬ ‫َ‬
‫وخريف‬
‫ٌ‬ ‫بحرارته القاسية‪ ،‬وشتاء بربودته القارسة‪،‬‬
‫ِ‬
‫ينساك الربيع‪ ،‬أو ُيهمل‬ ‫بتساقط أوراقه الجافة‪ ،‬ثم‬
‫ِ‬
‫وورودك‪!...‬‬ ‫ِ‬
‫زرعك‬

‫‪63‬‬
‫حتما‪ ،‬ومعه‬ ‫ِ‬ ‫ليس من العدل ً‬
‫أصل‪ ،‬ولكنه سيأتيك ً‬
‫جذورك‬
‫ُ‬ ‫قطرات الندى الند َّية‪ ،‬وستكون قِب َلته ومحرابه‬
‫اليابسة‪ ،‬وأورا ُقك الظامئة‪ ،‬وثمارك التي لم ُ‬
‫تنضج‬
‫بعد‪...‬‬

‫يفيض‬
‫سيأيت الربيع كما تحلمين‪ ،‬ومعه مطر غزير ُ‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫على بساتين اليأس داخلك‪ ،‬فيحولها إلى حدائق غنَّاء‪،‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫بل‬
‫من فرحتك ستظنين أهنا لن تبيد أبدً ا‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫ع‬‫والتوزي‬ ‫كوني بخي ٍر دو ًما‪...‬‬

‫ليس مِن أجل أي أحد على وجه هذا الكوكب العابس‬


‫البائس الذي َخال من االعرتاف بالحق واإلنصاف ل ُكل‬
‫أنت فقط؛ توقفي عن قلقك‬‫أجلك ِ‬
‫ِ‬ ‫ذي حق؛ لكن من‬
‫الدائم‪ ،‬وخوفك المستمر‪ ،‬واضطراباتك المزعجة‪،‬‬
‫ِ‬
‫قدرك حق‪ ،‬وحفظ كرامتك حق‪،‬‬ ‫واعلمي أن معرفة‬
‫وأنوثتك حق‪ ،‬ومشاعرك حق‪ ،‬حتى أظافر قدميك حق؛‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اعتزلت العالم أجمع‪...‬‬ ‫حقك؛ وإن‬ ‫فال ُت ِّ‬
‫فرطي يف‬
‫‪64‬‬
‫لمن ال يعي الفرق بين الحق والباطل ح ًّقا‪...‬‬
‫وال هتبي َ‬
‫كل ما حدث‪ ،‬وما يحدث‪ ،‬وما سيحدث؛ حق كتبه‬
‫اهلل منذ َأ ْن قال للقلم‪ :‬اكتُب مقادير كل شيء حتى تقوم‬
‫ِ‬
‫الصحف‪...‬‬‫الساعة‪ ،‬ومن بعدها ُرفعت األقالم وج َّفت ُ‬
‫ِِ‬
‫فكل ما رأيته من منظور الشر لم ي ُكن ًّ‬
‫شرا‪ ،‬بل‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫عظيما‪ ،‬وكان ال ُبدَّ من وقوعه‪ ،‬وإال كيف‬ ‫خيرا‬
‫كان ً‬
‫ري‬
‫ً‬
‫فرقين بين الطيب والخبيث‪،‬‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫تتعلمين‪ ،‬وتنضجين‪ ،‬و ُت ِّ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬


‫رياح عاتية‪ ،‬و ُ‬
‫ل‬
‫ل‬ ‫ا‬
‫المفسد والصالح‪ ،‬وبين الظل والحرور؟!‬ ‫وبين ُ‬

‫زيع‬ ‫و‬ ‫ت‬


‫تميل ِ‬
‫بك مرة‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫عليك‬
‫ِ‬
‫تمر‬
‫كان ال ُبدَّ أن ُ‬
‫ِ‬
‫أرضا مر ًة ُأخرى؛ كي تنجو‬
‫وتصف ُعك مرة‪ ،‬وتطرحك ً‬
‫ِ‬
‫سفينتك إلى بر ٍ‬
‫أمان وسالم‪ ،‬وأال ُتخدَ شي من الرياح‬
‫مر ًة أخرى‪...‬‬
‫كان ال بدَّ من العابرين الفاسدين الكافرين بقدر ِ‬
‫قلبك‬ ‫ُ‬
‫الطيب‪ ،‬الذي ُفتِ َح على مصراعيه مِن َّأو ِل طرقة‪...‬‬
‫ِ‬
‫طعنات الظهر حتى يقوى ويشتد‪ ،‬و ُيصنع‬ ‫كان ال ُبدَّ من‬
‫بحسن‬ ‫ِ‬
‫على عين الحقيقة؛ التي طالما تجاهلت إ َّياها ُ‬
‫‪65‬‬
‫نية وتصديق‪ ،‬كان ال ُبدَّ من شدائد وأزمات ومِحن؛‬
‫وتفهمك لتق ُلبات األشخاص‬ ‫كي يزدا َد وعيك وفهمك ُّ‬
‫ك الحياة‬ ‫لك إن لم ُتداعب ِ‬
‫واألشياء واأليام‪ ،‬إذ كيف ِ‬
‫ْ‬
‫بقسوهتا و ُفقدان الشغف بمرارهتا لتتذوقي يف هناية كُل‬
‫تجربة ومرحلة شهدها وحالوهتا؟!‬

‫ع‬
‫ِ‬ ‫كيف ِ‬

‫ص‬
‫وأنت لم ُتلدَ غي‬ ‫لك أن تنعمي بعس ٍل ُمص ًّفى‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫ب‬
‫من حرمان األحبة‪ ،‬وغدر األصدقاء‪ ،‬وتق ُّلب الوجوه‬
‫المكانات لوالمقامات؟!‬
‫و‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬
‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫والقلوب‪ ،‬وتغ ُّ‬

‫يا ك َُّل الخير ِأنت‪ ...‬كُل ما حدث خير‪ ،‬ولن وز عي‬


‫يحدث‬
‫ِ‬
‫ونضجت بما‬ ‫ِ‬
‫وفهمت‪،‬‬ ‫ِ‬
‫تعلمت‪،‬‬ ‫إال الخير ما د ِ‬
‫مت‬ ‫ُ‬
‫لتوخي الحذر؛ فليقع ما يقع‪ِ ،‬‬
‫أنت اآلن‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬
‫يكفيك‬
‫ِ‬
‫وأنت‬ ‫ِ‬
‫حولك‬ ‫ُتشاهدين‪ ،‬وتستمتعين فقط بما يدور‬
‫وعلم به‪ِ ،‬‬
‫أنت اآلن ُتشاهدي َن النار كيف‬ ‫ٍ‬ ‫على دراية‬
‫تسري يف الهشيم‪ ،‬ولكن مع النُضج الكايف لنجاتك‬
‫َ‬
‫دون أدنى أذى‪ ،‬أليس النُضج يكفيك؟!‬

‫‪66‬‬
‫تن َّهدي‪...‬‬
‫ِ‬
‫وجعك ُدفع ًة واحدة‪ ،‬واستنشقي‬ ‫أخرجي اآلن زفير‬
‫برئة األمل التي لم ُتستعمل بعد‪...‬‬

‫أتعلمين؟!‬

‫ع‬
‫لقد خلق اهلل الناس وما أراد أن ُيعذهبم أبدً ا رغم‬
‫فتنهدي‬‫رحيم ودود‪َّ ،‬‬
‫ٌ‬
‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬
‫عصياهنم له و ُقدرته عليهم إال أنه‬

‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ر‬
‫فعلت‪...‬‬ ‫فخيرا إن‬
‫خيرا؛ ً‬ ‫يقينًا برحمة اهلل بك‪ ،‬و ُظنِّي به ً‬

‫والتوز عي‬
‫أنت‪ ،‬يا أجمل من خلق ِ‬
‫ربك وأبدع؛ ال‬ ‫يا كُل الخير ِ‬
‫َ‬
‫ك دو ًما برعايته وجربه؛‬ ‫تقنطي‪ ،‬وال تيأسي؛ فاهَّلل يشم ُل ِ‬
‫أحد‪ ،‬حتى إنه ال‬‫ذاك اإلله الذي ال يشغله أحدٌ عن ٍ‬
‫ليل‬‫ينسى الكافرين‪ُ ،‬يمهلهم‪ ،‬ويرزقهم‪ ،‬و ُيعطيهم َ‬
‫ضلوع ِ‬
‫ك يسك ُن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأنت أ َمت ُه التي يف‬ ‫أينساك ِ‬
‫أنت‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫هنار؛‬
‫ِ‬
‫أمرك إليه؟!‬ ‫ُ‬
‫اإليمان به‪ ،‬والتوكل عليه‪ ،‬وتفويض‬
‫المظلمة ُ‬
‫يشن غاراته‪،‬‬ ‫يرى الصربَ يف أعماق كهوفك ُ‬
‫ويرى ندبات األلم والقهر والوجع تعلن عصياهنا‬

‫‪67‬‬
‫عليك‪ ،‬رغم صربك وتصبرك به‪ ،‬كما يرى ِ‬
‫فيك الخير‬ ‫ِ‬
‫ُّ‬
‫يطوف ويسعى‪ ،‬بعد كُل‬
‫ُ‬ ‫المنهكة‬
‫حول كعبة روحك ُ‬
‫هذا أتظنين به غير الخير؟!‬
‫ِ‬
‫ناسيك؟!‬ ‫ِ‬
‫تاركك‪ ،‬أو‬ ‫ِ‬
‫هملك‪ ،‬أو‬ ‫أو أنه ُم‬

‫تنهدي‪ ،‬وقولي‪ :‬حاشا ُه الكريم حاشا ُه‪.‬‬


‫َّ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ن‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫ليست‪ ...‬ب ل‬
‫ر‬ ‫ش‬
‫ع‬‫والتوزي‬
‫أنك‬ ‫فردك‪ ،‬أو ِ‬
‫ِ‬
‫أعصابك‬
‫ِ‬ ‫بم‬ ‫الح َ‬
‫رن ُ‬
‫ِ‬
‫المشكلة أبدً ا يف مواجهتك ُ‬
‫ِ‬
‫فردك‪ ،‬أو أن تنهار‬ ‫بم‬
‫ُ‬
‫يف الضغوطات المميتة ُ‬
‫فردك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بمفردك‪ ،‬أو أن تصحي‪ ،‬وتغفي يف أوجاعك ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ظهرك‬ ‫يقسم‬ ‫تكمن هنا أبدً ا‪ ،‬ف ُك ُّل ذلك‬
‫ُ‬ ‫المشكلة ال ُ‬ ‫ُ‬
‫مرك‪ ،‬وال جديدَ‬ ‫روحك‪ ،‬ويستبيح أيام ُع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وينهش يف‬
‫َ‬
‫زلت صامدةً‪ ،‬تقاومين‪،‬‬ ‫يذكر؛ المشكلة فقط أن ََّك ما ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫أحدهم ضعيفةً‪ ،‬ف ُيطلق‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫يراك‬ ‫و ُتقاتِلين مِن أجل أال‬
‫عليك رصاص الشماتة‪...‬‬ ‫ِ‬

‫‪68‬‬
‫ِ‬
‫والليلة‬ ‫زلت تستقوين‪ ،‬و ُتعافِرين‪ ،‬تس ُقطين يف اليو ِم‬ ‫ما ِ‬
‫ِ‬
‫عليك‪...‬‬ ‫ِ‬
‫قدماك ُمشفق ًة‬ ‫ألف مرة‪ ،‬وما زالت‬ ‫َ‬
‫ّك كتوم ٌة تخشين‬ ‫شكلة وعمود قوامها أن ِ‬ ‫ِ‬ ‫الم‬ ‫َّ‬
‫َ‬ ‫رأس ُ‬‫إن َ‬
‫الكالم‪ ،‬صامت ٌة ال هتوي َن العتاب‪ ،‬وحيد ٌة َ‬
‫رغم كثر َة‬
‫ِ‬
‫شرحت‪ ،‬أو‬ ‫نتاج أنَّه مهما‬ ‫ِ‬
‫حولك‪ ،‬كُل َ‬
‫ذلك ُ‬ ‫َمن ُهم‬

‫ع‬
‫بك أحدٌ ُّ‬ ‫بكيت؛ لن يشعر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ص‬
‫قط‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫حكيت‪ ،‬أو‬ ‫سردت‪ ،‬أو‬
‫غير صاحبه‪ ،‬وليس َمن َ‬
‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬
‫بل‬
‫كمن‬
‫ذاق َ‬ ‫فال يش ُعر بالوج ِع ُ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ِ‬

‫والتوز عي‬
‫عرف‪.‬‬

‫الحياة ليست وردية‪...‬‬


‫ٍ‬
‫بطريقة‬ ‫كل منا يسعى جاهدً ا يف البحث عن سعادته‬ ‫ٌ‬
‫ويكمل حتى‬ ‫ِ‬ ‫أو أخرى‪ ،‬فمنا َمن يو َّفق‪ ،‬ومنا من يتعثر‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وأخذ‬ ‫ٍ‬
‫سعي‬ ‫يخيب ظنه‪ ،‬ويرجع بعد‬ ‫يصل‪ ،‬ومنا َمن‬
‫ُ‬
‫بخ َّف ْي ُحنين‪...‬‬
‫بكافة األسباب ُ‬
‫وبرغم أن الجميع ُيقاتِل مِن أجل أهدافه وأحالمه‬
‫مهما‬‫أن سعادته تكمن فيها‪ ،‬فإن ُهناك شي ًئا ًّ‬ ‫التي ي ُظن َّ‬

‫‪69‬‬
‫قد يغيب عن الكثيرين‪ ،‬وهو أن األسباب ونتائجها‬
‫فسبحانه ُيعطي بحكمة‪،‬‬ ‫و ُمعطياهتا بيد اهلل وحده‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫ويمنع بحكمة‪ ،‬فليس شر ًطا بعد أن قطعت شو ًطا ً‬
‫كبيرا‬
‫السبل إليه أن تحصلي‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫نحو هدف ما‪ ،‬وسلكت كُل ُ‬
‫نصيب فيه‪...‬‬ ‫لك‬ ‫عليه‪ ،‬أو يكون ِ‬
‫ٌ‬
‫ِ‬

‫ع‬
‫فرب‬
‫فإياك يا ُبن َّيتي واالعتماد على األسباب وحدها‪ُّ ،‬‬

‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫األسباب يعلم ويهب بقدر ما فيه من الخير الذي يراه‬

‫ت‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬
‫ِ‬

‫ش‬
‫لك‪...‬‬

‫والتوزي‬ ‫ر‬
‫ع‬
‫نفسك أن تقرتبي من سور‬ ‫ِ‬ ‫لك‬‫إياك أن تسول ِ‬ ‫ثم ِ‬
‫ِّ‬
‫اليأس العظيم‪ ،‬ذاك السور الذي ال يس ُكن بجواره‬
‫إال أصحاب العقول الفارغة‪ ،‬واألهداف الواهية‪،‬‬
‫الهشة الخالية من لذة اإليمان باهلل واألُنس‬ ‫والقلوب َّ‬
‫به والتوكل عليه‪...‬‬
‫ِ‬
‫يروك‬ ‫يعز عليهم أن‬
‫المثبطين‪ ،‬الذين ُّ‬ ‫إياك ً ِ‬‫ثم ِ‬
‫أيضا من ُ‬
‫ناجحة ُمتقدم ًة عنهم‪...‬‬

‫اسعي‪ ،‬واجتهدي‪ ،‬وقاتلي مِن أجل أحالمك‪،‬‬


‫واصربي عليها وصابري‪ ،‬معلق ًة ِ‬
‫قلبك باهلل ال باألسباب‪،‬‬ ‫ُ‬
‫‪70‬‬
‫ينفق كيف‬
‫وتيقني أن اهلل خزائنه مألى‪ ،‬ويدا ُه مبسوطتان ُ‬
‫يشاء‪...‬‬
‫يهون صعاهبا‪ ،‬و ُييسر‬
‫الحياة ليست وردية‪ ،‬ولكن ما ِّ‬
‫ِ‬
‫وعلمك ثان ًيا‬ ‫ُعسرها‪ ،‬و ُيزيل تعبها؛ إيمانك باهلل ً‬
‫أول‪،‬‬
‫أن األشياء تأيت يف مواعيدها المحددة دون تأخير أو‬
‫تربير أو ُحسبان‪...‬‬
‫مت ِ‬
‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫بالحياة تجم ًل‪ ،‬ما د ِ‬

‫ل‬ ‫ا‬
‫ِ‬

‫ك‬
‫أنت وردها‪.‬‬ ‫وكفى‬

‫ت‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫والتوز عي‬ ‫ِ‬
‫ال تبتَئسي‪ ...‬‬

‫أعلم أي‬
‫ُ‬ ‫بخاطرك اآلن‪ ،‬أو ال‬ ‫ُ‬
‫يجول‬ ‫أعلم ما‬
‫ُ‬ ‫قد ال‬
‫أيضا قد تكونين ال‬ ‫ك‪ ،‬بل أكاد أجزم ِ‬
‫أنك ً‬ ‫شيء يشغ ُل ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫تعلمين‪...‬‬
‫أنت تائهة فحسب‪ُ ،‬مشتتة‪ُ ...‬م َ‬
‫ذبذبة‪ ...‬حائرة‪ ،‬ال‬ ‫ِ‬
‫ُتملكين مهارة البوح‪ ،‬أو إجادة الشرح‪...‬‬
‫ِ‬
‫أعلم أنك كتوم ٌة لدرجة ُت ُ‬
‫رعب َمن يخالط صمتك؛‬ ‫ُ‬
‫فالقلب‬ ‫ِ‬
‫وراضيك‬ ‫ِ‬
‫وجابرك‬ ‫أيضا فاهَّلل يعلم‬
‫لكن ال بأس ً‬
‫ُ‬
‫‪71‬‬
‫محل نظره يف عليائه‪ ،‬مِن فوق سبع‬
‫ُ‬ ‫الطيب هذا‬
‫يضج به‪ ،‬ويسمع أنين ُه وشكواه‪ ،‬يعلم‬
‫سماوات يرى ما ُّ‬
‫ضعفه وكسره واستكانته‪ ،‬كما يعلم الخير الذي يمأل‬
‫ِ‬
‫كونك ال تستطيعين التعبير‬ ‫أركانه‪ ،‬فال تنزعجي من‬
‫عما بداخلك‪ ،‬أو ِ‬
‫أنك ال تقدرين على اإلفصاح عن‬ ‫َّ‬

‫ع‬
‫ِ‬

‫ري‬ ‫ص‬
‫فوضاك العارمة‪...‬‬

‫كالذي «فأسرها يوسف يف نفسه ولم‬


‫ل‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫ن‬ ‫ل‬
‫َ‬ ‫ِ‬

‫ش‬
‫يوسف‬ ‫أأنت أ ْم‬

‫و‬
‫أمرك‪،‬التوزي‬ ‫ر‬
‫ويتواله‪،‬ع‬
‫يبدها لهم»؟!‬
‫ِ‬ ‫ال تبتئسي وال تحزين‪ ،‬ف َلي ِ‬
‫قض َي َّن اهَّلل‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫يرتكك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫هملك‪ ،‬ولن‬ ‫ويتكفل بالعجز داخلك‪ ،‬لن ُي‬
‫أطهر َمن‬ ‫لك من يعي ِ‬
‫أنك‬ ‫يخذلك‪ ،‬وسيرسل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ولن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جل؛ سيرسل‬ ‫وأطيب من كتم‪ ،‬وأجمل من َخ ِ‬ ‫خلق‪،‬‬
‫َ َ‬
‫أنت عليه‪ ،‬فابقي‬‫بك بما ِ‬ ‫ويقبل ِ‬
‫ُ‬ ‫لك‪،‬‬ ‫لك من يتقب ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫يقرتب منها إال الذي يهوى َجنْي‬ ‫أنت‪ ،‬زهر ًة ال‬ ‫كما ِ‬
‫ُ‬
‫أول‪...‬‬ ‫ِ‬
‫األشواك ً‬

‫‪72‬‬
‫ابتسمي‪...‬‬
‫حتى الحزن‪!...‬‬
‫َ‬
‫أوشك على‬ ‫ِ‬
‫روحك‬ ‫المقيم يف ُجدران‬ ‫أعلم َّ‬
‫الحزن ُ‬ ‫أن ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫عينيك أصبح‬ ‫المشين الساكن يف‬ ‫االحتالل‪َّ ،‬‬
‫وأن الوجع ُ‬
‫ِ‬
‫عقلك‬ ‫وأن الشتات القاتِل بات من ذهاب‬ ‫ال ُيبالي‪َّ ،‬‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫بقريب‪ ،‬وغير م ٍ‬

‫ري‬
‫ٍ‬

‫ا‬
‫جد معه أدوية أو أي عقاقير للنسيان؛‬

‫ل‬
‫ُ‬
‫ً‬
‫طويل معك‪،‬‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫أعلم أنَّها أشياء ليس برغبتك مكوثها‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوز عي‬
‫ُرهك لها‪ ،‬ولم ت ُكن باختيارك‬‫فيك رغم ك ِ‬ ‫أو بقاؤها ِ‬
‫أيضا‬
‫أعلم ً‬
‫ُ‬ ‫فمن يرضى لنفسه ما ال ُيطيق؟!‬ ‫يو ًما ما‪َ ،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأنك غير ماهرة يف‬ ‫أن ما ُتخفيه لهو أشدُّ ً‬
‫ألما ووج ًعا‪،‬‬ ‫َّ‬
‫التجاوز‪ ،‬وتخطي العقبات بسهولة‪...‬‬
‫ِ‬
‫أنت ُتفكرين يف األشخاص واألحداث واألشياء؛‬
‫ما يستحق منها وما ال يستحق كذلك‪ُ ،‬تفكرين فيما‬
‫حدث؛ كيف حدث؟! ولماذا حدث؟!‬

‫و ُتفكرين ً‬
‫أيضا فيما سيحدُ ث؛ كيف سيحدُ ث إن‬
‫حدث؟!‬
‫‪73‬‬
‫ِ‬
‫عقلك ال ي ُكف عن التفكير‪...‬‬ ‫ليل هنار‬
‫ٍ‬
‫كربياء طا ٍغ وعظيم‪...‬‬ ‫أعلم جيدً ا ِ‬
‫أنك عفوية وذات‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫يجربك‬ ‫أحدهم بشفقة‪ ،‬أو‬
‫ُ‬ ‫ال تحبين أبدً ا أن ين ُظر ِ‬
‫إليك‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫بكلمة كاذبة‪...‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كما وكي ًفا وحدي ًثا‬‫أنت فقط تأملي َن فيمن يِشبهك ً‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ِ‬

‫ري‬
‫قاسمك أشياءك‬ ‫وفرحا ووج ًعا‪ ،‬تطمعين فيمن ُي‬ ‫وصمتًا‬

‫ل‬ ‫ا‬
‫ً‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬


‫نظرك ِ‬
‫ِ‬

‫ل‬
‫أنت‪...‬‬ ‫العظيمة يف نظره؛ والتافهة يف‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬


‫والتوزي‬
‫ِ‬
‫ومكانتك‬ ‫لك بحبه‬‫يفهمك قبل أن يعرتف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُتريدي َن َمن‬

‫ع‬
‫يتفهم أمرك دون شرحٍ أو جدال أو عتاب؛‬ ‫لمن َّ‬
‫ال ُيسمن وال ُيغني من ُحب‪...‬‬
‫عنده‪َ ،‬‬

‫أنك عزيز ُة النفس‪ ،‬وجميلة الروح والطبع‪،‬‬ ‫أعلم ِ‬


‫ُ‬
‫سر انفرادك يف‬ ‫ورقيقة الحس‪ ،‬و ُمرهفة الشعور؛ وهذا ُّ‬
‫سباق الجميالت‪...‬‬
‫يقتحم فؤا َد ِك ألسباب‪ ،‬أو‬
‫ُ‬ ‫الحزن الذي‬ ‫أعلم أن ُ‬ ‫كما ُ‬
‫ٍ‬
‫إنذار منه؛‬ ‫دون سابق‬‫منك‪ ،‬أو َ‬ ‫غفلة ِ‬
‫ٍ‬ ‫بدوهنا على ِ‬
‫حين‬
‫كونك ال تستحقين إال الفرح‪ ،‬إال أنه بعض‬ ‫ِ‬ ‫ال يحق له؛‬

‫‪74‬‬
‫ِ‬
‫احتاللك‪ ،‬رغم ثورتك عليه‪ ،‬وكُرهك‬ ‫حق يف‬ ‫ِ‬
‫الوقت ُم ٌّ‬
‫بعض الشيء‪ ،‬إذ‬‫شفق َ‬ ‫ِ‬
‫ُفورك منه‪ ،‬إال أنني عليه ُم ٌ‬ ‫له‪ ،‬ون‬
‫ِ‬
‫مثلك وال يِقيم؟!‬ ‫ِ‬
‫الجميالت‬ ‫كيف للح ِ‬
‫زن أن يقع يف‬ ‫ُ‬

‫ال تلتفتي‪...‬‬
‫ِ‬

‫ل‬ ‫ا‬
‫سيرك‪َ ،‬وواصلي تقدُّ مك‪َ ،‬وو ِّدعي كُل ما‬
‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫أكملي‬

‫ن‬ ‫ل‬
‫تحسر أو التفات‪ ،‬بل دعي‬
‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫جرى وحدث دون ندم أو ُّ‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوز عي‬
‫أنف الماضي بما حوى يف الرتاب‪ ،‬وتخطيه بال أدنى‬
‫اهتمام؛ فال يستحق عناءك أحد‪ ،‬وال يستحق ُحزنك‬
‫أحد‪...‬‬
‫ال تلتفتي‪ ،‬فكل الذين التفتوا تأخروا وظلوا يف‬
‫بك ِ‬
‫ولك‬ ‫حيث َغ ٍد‪ ،‬و َغ ٍد ِ‬
‫ُ‬ ‫أماكنهم يتحسرون‪ ،‬امضي‬
‫أجمل‪...‬‬
‫كشمس ال تأبى الغروب‪ُ ،‬مخالف ًة‬ ‫ٍ‬ ‫غدً ا ُتشرقين‬
‫ِ‬
‫أردت‪،‬‬ ‫نواميس الكون والحزن‪ ،‬غدً ا ُت ِ‬
‫ح ِّبين كما‬ ‫ُ‬
‫حبك‬‫لك الملِك من ي ِ‬ ‫أردت‪ ،‬وسيرسل ِ‬‫ِ‬ ‫و ُت َح ِّبين كما‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫لذاتِك‪...‬‬
‫‪75‬‬
‫غدً ا تذهبين لشراء فساتين الفرح‪ ،‬وعطور الهنا التي‬
‫كثيرا ما ح ُل ِ‬
‫مت هبا‪...‬‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫مرآتك‪ ،‬و ُتزيحين من عليها‬ ‫غدً ا تقفين ُمجد ًدا أمام‬
‫ُغبار الوجع‪ ،‬وتفتحين نوافذ الطمأنينة‪ ،‬كالملكات‬
‫ِ‬
‫تذكرت‬ ‫ِ‬
‫بنفسك كلما‬ ‫ستبدين جميلة ورائعة‪ ،‬فخورة‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫كيف ك ِ‬

‫ري‬
‫وصلت‪...‬‬ ‫ُنت‪ ،‬وإلى أين‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫ن‬ ‫ل‬
‫غدً ا‪ ...‬تبتسم ِ‬

‫ش‬
‫اإلنس‬ ‫لك الحياة‪ ،‬ويحتفي بطفولتك‬

‫ر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫والتوزي‬
‫عظيم؛ هو ِ‬ ‫والجن؛ فرحين بما أوتوا من ح ٍ‬

‫ع‬
‫أنت‪...‬‬ ‫ٍ‬ ‫دث‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫قريب سير ُقص‪...‬‬ ‫عما‬ ‫ِ‬
‫غدً ا لك‪َّ ...‬‬
‫ِ‬
‫لناظره لقريب»‪.‬‬ ‫َّ‬
‫«وإن غدً ا‬

‫أيام‪...‬‬
‫ٌ‬ ‫مرت ب ِ‬
‫ِك‬ ‫هل َّ‬
‫وتنتف ُض عرو ُق ِ‬
‫ك‪ ،‬وتبكي‬ ‫ِ‬ ‫روحك‬ ‫تصرخ‬ ‫كانت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫عيناك َ‬
‫دون دموع؟!‬

‫‪76‬‬
‫أفكار ِك ك ّلها‬
‫ُ‬ ‫ارع فيها‬
‫تتص ُ‬ ‫ٍ‬
‫ليال َ‬
‫ِ‬
‫عليك‬ ‫هل أ َتت‬
‫ٌ‬
‫حرمان يعلو ُه‬ ‫ك‬‫أعماق وجدانِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ك‪ ،‬ويرسو يف‬ ‫بداخلِ ِ‬

‫صمت رهيب؟!‬
‫ٌ‬
‫أنت على ٍ‬
‫خير‪ ،‬أم بِ َش ٍّر‬ ‫َتتساءلين‪ ،‬وال تعرفين هل ِ‬

‫تجهش‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬


‫تستغيث مشاعرك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عواطفك‪َ ،‬و‬ ‫ليت؟! تتناثر‬‫ب ِ‬
‫ُ‬

‫ع‬
‫ِ‬
‫بالبكاء ِس ًّرا‪ ،‬دون جدوى‪...‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫بل‬ ‫ل‬
‫زلت تبحثين عن السبب‪ ،‬وال تعلمين ل ِ َم‬ ‫هل ما ِ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬


‫وقت ما‪،‬والكلنت َِّكوزخائفع ٌةي‬
‫ك؟!‬‫يحدث كُل هذا مع ِ‬‫ُ‬
‫َ‬
‫سعادة يف ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ذروة‬ ‫قد تكونين يف‬
‫من ماذا؟!‬

‫ال تعلمين‪!...‬‬
‫ِ‬
‫قد ال ين ُقصك شي ٌء َّ‬
‫مما لدى اآلخري َن بكثير‪ ،‬وتسألين‬
‫ِ‬
‫بداخلك؟!‬ ‫ما هذا الشعور الال ُمتناهي‬

‫أيضا ال تعلمين‪...‬‬
‫ولكن ً‬

‫‪77‬‬
‫الحس‪ ،‬رقي َقة‬ ‫ِ‬
‫وسجيتك ُمره َفة‬ ‫قد تكونين يف طِ ِ‬
‫باعك‬
‫ِّ‬
‫القلب‪ ،‬وكل هذا است ُِغ َّل يف يو ٍم ما‪ ،‬يف‬
‫ِ‬ ‫المشاعر‪ ،‬ط ِّي َبة‬
‫ٍ‬
‫زمان ما‪...‬‬ ‫ٍ‬
‫وقت ما‪ ،‬يف‬
‫لمن ال مأوى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أعطيت بال ُمقابل‪ ،‬دون خوف‪ ،‬أصغيت َ‬
‫ِ‬
‫وآويت كُل العابري َن‬ ‫ِ‬
‫ودوايت‬ ‫دونك آنذاك‪ ،‬طي ِ‬
‫بت‬ ‫ِ‬ ‫له‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ع‬
‫وأحاسيسك‬ ‫مشاعرك‬ ‫تزايدت فـي‬ ‫وقتها َ‬
‫دون حساب‪،‬‬
‫ِ‬
‫كلمة ُش ٍ‬
‫كر ُتذكر!‬
‫ت‬ ‫ك‬ ‫ري‬
‫أحد ال ِ‬
‫ص‬
‫لهم دون ُمقابل‪َ ،‬‬
‫دون أي‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫كُل ٍ‬

‫ا‬ ‫و‬
‫تملكينلتالتح ُكم‬
‫بداخلك؛ بل‬ ‫المشاعر النبيلة‬ ‫َّ‬
‫أستغل‬ ‫عرفك‬

‫هبا تجا َه َمن ُتح ِّبين‪ ،‬وألهنم أيقنوا ِأنك ال وزي‬


‫تستطيعينع‬
‫ِ‬
‫سذاجتك‪ ،‬والتي ال‬ ‫إن ِ‬
‫شئت ف ُقولي‪:‬‬

‫مثلهم؛ فتما َدوا فـي َغ ِّيهم‬ ‫ِ‬


‫قناع الزيف والكذب ُ‬ ‫ارتداء َ‬
‫ِ‬
‫تجاهك‪...‬‬ ‫وظلمهم و ُطغياهنم‬
‫َ‬
‫أحشائك‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ويجول يف‬ ‫ُ‬
‫يصول‬ ‫قائما‪،‬‬ ‫ُ‬
‫السؤال ً‬ ‫وال ُ‬
‫يزال‬
‫ُ‬
‫يحدث كل هذا؟!‬ ‫لماذا‬
‫قميصا وف ًّيا؛‬ ‫عيني‬ ‫لقي اهَّلل على‬ ‫ُ‬
‫ً‬ ‫َّ‬ ‫أما آن األوان أن ُي َ‬
‫فأرتدَّ بصيرةً؟!‬
‫‪78‬‬
‫ُ‬
‫األوان أن تمتدَّ نحوي يدٌ صادقةٌ‪ ،‬ولو َش َّلء؛‬ ‫أما آن‬
‫َ‬
‫فأجعل منها سندً ا وعونًا؟!‬
‫ِ‬
‫ويحك‪ ...‬ال‬ ‫والجواب‪ :‬ال يا هذه‪ ...‬ل ْن ي ُكون‪...‬‬
‫تنتظري!!‬
‫لماذا أ َت ُ‬
‫قتل يفَّ األمل؟!‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ال وا َّلله‪ ...‬حاشاين‪ ،‬ولك َّن ُ‬
‫المخلصي َن أمث ُالك‬ ‫ِ‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬


‫ش‬
‫العثور عليهم؛ لذا يجب أن‬ ‫نادرون جدًّ ا‪ ،‬وق َّلما يتم‬

‫ر‬
‫ُ‬

‫طرتك الس وا‬


‫وية‪،‬لت ِأح ِّبويز كعُلي‬
‫نفسك‪ ،‬والخير الذي زرعه اهَّلل ِ‬
‫فيك بيده‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫ُتحبي‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫الصدق النابع من فِ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫أح ِّبي‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الرأس‪،‬‬ ‫َ‬
‫شامخ َة‬ ‫فيك‪ ،‬وامشي بين الورى‬ ‫شيء جمي ٍل ِ‬‫ٍ‬
‫َ‬
‫حدث‬ ‫غرورا أو استعال ًء‪ ،‬فكل ما‬ ‫ً‬ ‫الخطى؛ ليس‬‫واثق َة ُ‬
‫يقبل إال ط ِّي ًبا؛‬ ‫كونك طيبةً‪ ،‬فقط ِ‬
‫أنت طيبةٌ؛ وا َّلل ُه ال ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لك‬
‫ِّ‬
‫لع َّلك اآلن َع ِ‬
‫رفت‪!!...‬‬
‫د ِ‬
‫مت طيب ًة ٍ‬
‫بخير‪...‬‬ ‫ُ‬

‫‪79‬‬
‫وحدهُ ن‪...‬‬

‫عربن الوجع؛ يعرف َن كيف يتحكم َن يف‬‫َ‬ ‫اللوايت‬


‫ِ‬
‫مشاعرهن؛ يخفين منها ما أردن متى أردن‪ ،‬و ُيبدين‬
‫منها ما أردن متى أردن‪ ،‬تراهن يضحكن وهن يف أ َم ِّس‬
‫ٍ‬
‫البتسامة‬ ‫الحاجة للبكاء‪ ،‬ويبكين وه َّن يف أشد الحاجة‬

‫كتيقدرن على الكتمان‪ ،‬والصمت‪،‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬ ‫عابرة‪...‬‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫اللوايت‬ ‫وحدهن‬

‫الشفقةع‬ ‫و‬
‫أحد‪ ،‬فالموت عندهن أيسر وأهون امنلتوزي‬
‫أحد‪ ،‬أو استعطاف‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫شفق‬ ‫يخشين‬ ‫والصرب‪ ،‬والتحمل‪،‬‬

‫والعطف‪.‬‬

‫أضيئي‪...‬‬
‫فيك َ‬
‫دون‬ ‫أضيئي مِن جديد‪ ،‬ال تنطفئي أبدً ا‪ .‬شيء ِ‬
‫ٌ‬
‫بك‪ ،‬يقسم أنكِ‬ ‫تليق ِ‬
‫أن العتم َة ال ُ‬‫قسم على َّ‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫غيرك ُي ُ‬
‫كوكب ُد ِّر ٌي يستحق سما ًء صافيةً‪ ،‬ال يعلوها ُغبار‪ ،‬وال‬
‫ٌ‬

‫‪80‬‬
‫تسرتق الضوء منِك‪ ،‬سماء ال يعرتيها‬ ‫ُ‬ ‫يتخل ُلها شياطين‬
‫حم ٌل‬ ‫ِ‬
‫سحاب ُم َّ‬
‫ٌ‬ ‫خير وال مطر‪ ،‬بل‬
‫سحاب أسود‪ ،‬ال فيه َ‬ ‫ٌ‬
‫ٍ‬
‫هباالت‬ ‫ِ‬
‫روحك الربيئة الطاهرة‪ُ ،‬مز َّي ٌن‬ ‫بالري؛ ُيشبه‬
‫ِّ‬
‫بور تشققت‬ ‫ُتضيء كُل ذي ظالم‪ ،‬و ُيمطر ل ُكل أرض ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫لمن ُتحدثه نفسه أو َّ‬
‫تسول‬ ‫عطشا‪ ،‬وأصوات رعد وبرق َ‬ ‫ً‬
‫له أن تنطفئي‪...‬‬
‫ٍ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫ت‬ ‫ك‬
‫نجمة أخيرة‪،‬‬ ‫أضيئي‪ ،‬وأنيري‪ ،‬والمعي‪ ،‬تأللئي كما‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫ٍ‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫حاجة إليها‪...‬‬ ‫مجرات الدنيا كلها يف‬
‫َّ‬

‫ع‬ ‫توزي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬


‫قبل‪...‬‬ ‫أضيئي كما لو ِ‬
‫أنك لم تنطفئي من‬
‫أضيئي كما لو ِ‬
‫أنك لن تنطفئي بعد‪...‬‬
‫فقط أضيئي‪...‬‬

‫افتخري‪...‬‬

‫«بنت وفتا ٌة وامرأة» وارفعي هامتك وقدِّ سي‬‫ٌ‬ ‫ِ‬


‫بأنك‬
‫البنات فاقدٌ لألُ ِ‬
‫لفة والسكن‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫خال مِ َن‬
‫فـبيت ٍ‬ ‫ِ‬
‫روحك‪ٌ ،‬‬

‫‪81‬‬
‫تاهَّللِ محروم كُل من ليس بين جدران ِ‬
‫بيته أنثى؛‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ويلتمس الرحم َة‬
‫ُ‬ ‫صغيرة كانت أو كبيرة‪ُ ،‬يق ِّب ُل عينيها‪،‬‬
‫ِ‬
‫أعتاب ضحكتها‪...‬‬ ‫ِ‬
‫التعب على‬ ‫بي َن كفيها‪ِ ،‬‬
‫وينز ُع ردا َء‬

‫ينقطع أبدً ا‬
‫ُ‬ ‫ينابيع الخير الذي ال‬
‫َ‬ ‫أعلم مِن‬
‫ُ‬ ‫أنا ال‬
‫مثلهن‪...‬‬
‫ُ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ت‬ ‫ك‬
‫والكريمات‬
‫ُ‬ ‫والصابرات صد ًقا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫المؤنسات ح ًّقا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُه َّن‬

‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫ُ ِ‬

‫ر‬
‫كرا‪...‬‬
‫والطيبات ذ ً‬ ‫ً‬
‫وفعل‪،‬‬ ‫ً‬
‫قول‬

‫و‬
‫عليائهع‬
‫الرجال‪،‬‬‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬
‫المصونات الغاليات‪ ،‬المكر ُمات مِن اهَّللِ يف زي‬
‫شقائق‬
‫ُ‬ ‫خير َمن أوصى؛‬‫َ‬ ‫ُه َّن الوصي ُة مِن‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ُ َّ‬
‫فه َّن الرحم ُة إن ُذكِ َ‬
‫رن‪،‬‬ ‫وأخص النساء؛ ُ‬
‫َّ‬ ‫عم َم‪،‬‬
‫بعد أن َّ‬
‫الحات إن ُق ِص َ‬
‫دن‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫والجواهر إن ُطلِب َن‪َ ،‬‬
‫والص‬ ‫ُ‬
‫فمن‬
‫خاو على عروشه‪َ ،‬‬ ‫تعيس ٍ‬ ‫بيت ٌ‬ ‫بيت بال ُأنثى‪ٌ ...‬‬ ‫ٌ‬
‫امتلك من ُكن وهبِ َّن ِرز ًقا‪ ،‬فليت َِّق ر َّب ُه و َيعِ‪.‬‬
‫َ‬

‫‪82‬‬
‫ِ‬
‫أنت عظيمة‪...‬‬
‫شكل وموضو ًعا‪،‬‬‫ً‬ ‫ظاهرا وباطنًا‪ ،‬عظيمة‬ ‫ً‬ ‫عظيمة‬
‫فرحك وسعادتك‪ ،‬عظيمة يف‬ ‫ِ‬ ‫عظيمة يف ذروة سنا ِم‬
‫قاع ُحزنك وألمك واكتئابِك‪ ،‬عظيمة َ‬
‫دون ُمجاملة أو‬
‫تزا ُيد‪...‬‬

‫ع‬
‫خربك ِ‬‫ِ‬ ‫َلست بحاجة إلى ٍ‬ ‫فـ ِ‬

‫ص‬
‫أنك عظيمة‪،‬‬ ‫أحد كي ُي‬

‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫فال تنتظري مدحا مِن أحد‪ ،‬أو تتلهفي ٍ‬
‫لثناء مِن أحد‪،‬‬

‫بل‬ ‫ت‬
‫ً‬
‫غض الطرف عن كونِك‬
‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬
‫وكذلك ال يشغ ُل ِ‬

‫ر‬
‫ك كُل َمن َّ‬

‫فأنت عظيمة‪ِ ،‬و‬


‫كونكالتمنبعوز عي‬
‫فأنت كذلك هبم أو دوهنم‪...‬‬ ‫عظيمة‪ِ ،‬‬

‫لألمنِ‬ ‫كونك مصدر الحياة ِ‬


‫ِ‬
‫كونك عين التضحية والبذل‬ ‫ِ‬ ‫فأنت عظيمة‪،‬‬‫ِ‬ ‫واألمان‬
‫الحب‬ ‫ِ‬
‫والعطاء بسخاء فأنت عظيمة‪ ،‬كونك محور ُ‬
‫فأنت عظيمة‪...‬‬‫والدفء واالحتواء واالهتمام ِ‬
‫ِ‬
‫فأنت‬ ‫سائل‪ ،‬وال ُتخيبين راج ًيا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ِ‬
‫كونك ال تر ِّدين‬
‫عظيمة‪...‬‬
‫أنت اجتمعت‬ ‫فيك ِ‬ ‫فافتخري‪ ،‬وتباهي بذاتِك يا من ِ‬
‫َ‬
‫عظمة كُل ذات‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫َمن ُيعادِ لك‪...‬؟!‬

‫ولك مِن‬
‫الكمال رغما ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫لك‬‫وأنت يف شرع اهلل امرأ ٌة ِ‬
‫ِ‬

‫ونصيب‬ ‫ِ‬
‫والرفعة منزل ٌة‬ ‫ولك مِن الکرامة‬ ‫الجمال ِذكر‪ِ ،‬‬
‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫قدرك‪ ،‬أو‬ ‫يستطيع ٌ‬
‫عاقل البتَّة أن يجهل‬ ‫موفور؛ إذ ال‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫شأنك‪ ،‬أو يعبث بكينونتك‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫يتغافل عن‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ك‬
‫ٍ‬

‫ت‬
‫ووصف‪،‬‬
‫َ‬ ‫وتغزل‪،‬‬
‫َّ‬ ‫ألحد مهما سرد‪ ،‬وشرح‪،‬‬ ‫كيف‬

‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫وأنت مِن اهلل هب ٌة ونعم ٌة ال‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأبدع‪ ،‬أن يو ِّفي ِ‬

‫والتوزي‬ ‫ر‬
‫حقك‬ ‫ك‬ ‫َ‬

‫عادلك ًفخرا وشر ًفا‪ ،‬وقد أنزل اهلل يفع‬


‫يحتاج إلى ُشكر‪...‬؟!‬
‫ُ‬ ‫ُتعدُّ ‪ُ ،‬شكرها‬
‫ِ‬ ‫َمن ذا الذي ُي‬
‫ِ‬
‫النساء آيا ًتا ُتتلى إلى قيام الساعة‪...‬؟!‬ ‫فصليتك مِن‬
‫ِ‬

‫أحب‬
‫َّ‬ ‫ك مِن خير َمن‬‫وأنت الموصى بِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عادلك‬ ‫َمن ُي‬
‫خيرا»‪...‬؟!‬ ‫ِ‬
‫وأوصى‪« :‬استوصوا بالنساء ً‬
‫ِ‬
‫عادلك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الوجود ُي‬ ‫ِ‬
‫وأنت ال شي َء يف‬ ‫در ِك‬
‫هلل ُّ‬

‫‪84‬‬
‫أص ُل ِ‬
‫ك‪...‬‬
‫أص ُل ِ‬
‫ك‪ ،‬امرأ ٌة سكنت الجنة‪ ،‬وعاشت فيها‪...‬‬
‫ك‪ ،‬كانت زوجات األنبياء والمرسلين‬ ‫أص ُل ِ‬
‫والصالحين‪...‬‬
‫أص ُل ِ‬

‫ع‬
‫ك‪ ،‬شجر ٌة أص ُلها ثابت وفر ُعها يف السماء‪...‬‬
‫نسا يف ِوحدة‪ ،‬ووطنًا يف‬
‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ِ‬

‫بل‬
‫أص ُلك‪ ...‬كانت وما زالت َو ً‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬‫ِغربة‪ ،‬وسندً ا يف شدَّ ة‪ ،‬وجربًا يف ٍ‬

‫والتوز عي‬
‫كسر وذلة‪ ،‬وكثر ًة يف‬
‫قِ َّلة‪...‬‬
‫ِ‬
‫وحدك‪ ...‬دونًا عن سائر المخلوقات ال غنى‬ ‫ِ‬
‫أنت‬
‫بك‪ِ ،‬‬
‫وبك ُتعاش الحياة‪،‬‬ ‫عنك؛ الحياة ال تستمر إال ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫قدرها‪...‬‬
‫و ُيعرف ُ‬
‫داوى العلل‪ ،‬وتبتسم الوجوه العابسة‪ ،‬و ُتشفى‬ ‫ِ‬
‫بك ُت َ‬
‫المنهكة‪...‬‬
‫المتعبة‪ ،‬وتسرتيح األرواح ُ‬
‫القلوب ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أص ُلك ثابت‪ ،‬ال يتبدل وال يتغير‪ ،‬ف َع ِّم ِري ُدنياك َ‬
‫أكثر‬
‫ِ‬
‫كأنفاسك‬ ‫طرا‬ ‫ِ‬
‫وأكثر‪ ،‬وافرحي هبا‪ ،‬واملئي أرجاءها ع ً‬
‫‪85‬‬
‫ِ‬
‫أصلك‬ ‫يفوح يف ُأفق الذين ال يعرفون‬ ‫الذاكية‪ ،‬وعب ًقا‬
‫ُ‬
‫رجحت كِ ِ‬
‫فتك‬ ‫ِ‬ ‫جيدً ا‪ ،‬الذين إن مالت كِ َّف ُتهم ً‬
‫عدل؛‬
‫ِ‬
‫الجنة موعدً ا‪...‬‬ ‫أن ِ‬
‫لك مع‬ ‫وفضل‪ ،‬وال تنسي َّ‬‫ً‬ ‫ِ‬
‫أنت منًّا‬

‫فال ُتخلفيه‪ ،‬أو تنشغلي عنه‪.‬‬

‫كت ِ‬
‫جدا‪...‬‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬
‫مِن الطبيعي ًّ‬
‫ص‬ ‫ع‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫أن ينتاب ِ‬

‫و‬
‫الضعف من ٍ‬

‫ل‬ ‫ا‬
‫حين آلخر؛ ألن مخزون‬ ‫شعور‬ ‫ك‬

‫ت‬
‫َ‬

‫و‬
‫الراسيات‪ ،‬فكم زي ِ‬
‫صربتع‬
‫واألحداث التي‬
‫ُ‬
‫المواقف‬ ‫عة‬‫س‬ ‫داخلك ال يتحمل ِ‬
‫ِ‬
‫ال تقوى على تحملها الجبال‬
‫الصرب‬

‫ذلت‪ ،‬وكم ُط ِ‬
‫عنت‪ ،‬وكم‬ ‫تحملت‪ ،‬وكم ُخ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أنت‪ ،‬وكم‬
‫ِ‬
‫وحزنت‪ ،‬وكم‪ ،‬وكم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بكيت‬ ‫ِ‬
‫تألمت‪ ،‬وكم‬ ‫نُكِ ِ‬
‫رت‪ ،‬وكم‬
‫وكم‪ ...‬ما اهلل به عليم؟!‬
‫ِ‬
‫وأصابك منه‬ ‫ِ‬
‫ومررت عليه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عليك‬ ‫مر‬
‫وبرغم ما َّ‬
‫ِ‬
‫يزدك‬ ‫الوهن والضعف والهزيمة النفسية؛ فإن ذلك لم‬
‫إال قو ًة وثبا ًتا؛ فلوال الدروس القاسيات‪ ،‬واألشخاص‬

‫‪86‬‬
‫بالحب كافرة‪ ،‬واأليادي‬
‫الخطأ‪ ،‬والقلوب التي هي ُ‬
‫ِ‬
‫تعلمت‬ ‫المؤذية‪ ،‬واألقنعة المزيفة الكاذبة‪ ،‬ما ك ِ‬
‫ُنت‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وصلت لمرحلة النُضج‬ ‫فهمت وال و ِ‬
‫عيت‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬ ‫وال‬
‫َ‬
‫والالمباالة التي ِ‬
‫أنت عليها اآلن‪...‬‬ ‫ُ‬
‫يا جميلتي‪ ...‬إن شعورك بالضعف ال ُيشينك‪ ،‬وال‬

‫ع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ري‬‫ص‬
‫ص من قدرك‬ ‫ُيعيبك‪ ،‬وال ُيقلل من شأنك‪ ،‬وال ُينق ُ‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬


‫حبة من خردل‪ ،‬بل هو رحمة وعطف مِن ٍ‬
‫ا‬ ‫مثقال ٍ‬

‫ل‬
‫فرتة‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬


‫والتوز عي‬
‫ودليل قاطع على ِ‬
‫لين قلبك‪ ،‬ورقة‬ ‫ٌ‬ ‫ألخرى‪ ،‬وبرهان‬
‫روحك المعكوس يف مالمح وجهك‬ ‫ِ‬ ‫طباعك‪ ،‬وجمال‬
‫ِ‬
‫لكونك ُتشبهين‬ ‫المالئكي الربيء‪ ،‬فال تنزعجي‬
‫قطرات الندى‪ ،‬التي كلما فرحت بكت‪ ،‬أو حزنت‬
‫ِ‬
‫يتخللك‪ ،‬ومنه تنزعجي‪،‬‬ ‫بكت؛ بل ْ‬
‫وإن كان الضعف‬
‫أجلك ِ‬
‫أنت ُضعفاء‪ ،‬وجميعنا من أجل‬ ‫ِ‬ ‫فأنا والعالم من‬
‫ِ‬
‫شعورك به خادمون‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫اعتزليهم‪...‬‬
‫ِ‬
‫األرض إليهم‪ ،‬إن لم‬ ‫أحب أهل‬ ‫إن لم تشعري ِ‬
‫أنك‬
‫ُّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫وجودك‬ ‫تكوين أغلى من كُل غواليهم‪ ،‬إن لم يقدِّ روا‬
‫ويؤلمهم غيابِك ُ‬
‫عنهم‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫بينهم‪،‬‬
‫األعز لديهم من قلوهبم التي يحيون‬
‫َّ‬ ‫إن لم تكوين‬

‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫ِ‬

‫ل‬ ‫ا‬
‫وأرضهم التي يعيشون‬ ‫هبا‪ ،‬وأعينهم التي يبصرون هبا‪،‬‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬


‫فيها‪ ،‬وسمائهم التي يتطلعون إليها؛ فاعتزليهم‪...‬‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫ع‬‫والتوزي‬
‫أيضا يف‬ ‫ُ‬
‫االعتزال األذى‪ ،‬فاالعتزال ً‬ ‫فليس شرط‬
‫اإلهمال والتغا ُفل والتهميش‪ ،‬وإنكار الذات‪ُ ،‬‬
‫والمقارنة‪،‬‬
‫ِ‬
‫الخصال‬ ‫ِ‬
‫الطرف عن‬ ‫وغض‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫والتفاخر بالبدائل‪،‬‬
‫والفضائل‪...‬‬

‫واستفتاح‬
‫َ‬ ‫اعتزليهم إن لم تكوين سيدهتم األولى‪،‬‬
‫وأتراحهم‪...‬‬
‫ُ‬ ‫أفراحهم‬
‫ُ‬ ‫دعواهتم‪ ،‬ومال َذ‬

‫اعتزالهم‬
‫ُ‬ ‫اعتزليهم حتى يعلموا قدر الذي اعت ُِز َل‪ ،‬ففي‬
‫غيرهم الكثير والكثير و ُّدوا لو‬
‫ُ‬ ‫كرام ٌة وراحة‪ُ ،‬‬
‫فهناك‬

‫‪88‬‬
‫يفتدونك بأرواحهم‪ ،‬وأعمارهم‪ ،‬وكل ما يملكون مِن‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫يرونك بقلوهبم قبل أعينهم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫غال ونفيس‪ ،‬أولئك الذين‬

‫اعتدلي‪...‬‬

‫وال تميلي كُل الميل يا شبيهة الورد‪...‬‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ب‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫أستغفر اهلل‪ ،‬بل يا َمن الورد شبيهك‪...‬‬

‫ل‬ ‫ل‬
‫ُ‬
‫فسواكن فعدلك‪ ،‬اعتدلي يف‬
‫ر‬ ‫ش‬
‫مشاعرك‪ ،‬فال ِتفرطِي وال ُت َف ِّرطي‪ ...‬والتوز عي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فيمن خلقك‬ ‫ُح ًّبا َ‬

‫ٍ‬
‫اتجاه واحد‪،‬‬ ‫ال تتجهي بقلبك ناحي ًة واحدة‪ ،‬وال يف‬
‫ِ‬
‫فؤادك كُل َمن يدَّ عي أنه‬ ‫وال تستقبلي يف محراب‬
‫ٍ‬
‫بشيء‪ ،‬أو‬ ‫سواك‪ ،‬فليس أحدٌ فينا إال وعال ًقا‬ ‫ِ‬ ‫مما‬
‫تائب َّ‬‫ٌ‬
‫ِ‬
‫قبولك له‪ ،‬فلتعي‬ ‫شخص‪ ،‬أو مكان‪ْ ،‬‬
‫وإن كان ال ُبدَّ من‬ ‫ٍ‬
‫معك‪ ،‬على رأس‬ ‫مرفوض تكرارها ِ‬ ‫ٌ‬ ‫أن ثم َة أشياء‬‫تما ًما َّ‬
‫غيرك سيهملك‪ ،‬ولو‬ ‫ِ‬ ‫أمها اإلهمال‪ ،‬فالذي أهمل‬

‫‪89‬‬
‫أقسم كيفما أقسم‪ ،‬فذاك الداء ال ُعضال الذي ال شفا َء‬
‫منه‪ ،‬وال رجا َء فيه‪ ،‬فال يخدعن َِّك الكالم المعسول يف‬
‫ك لرتتيب الحروف المغزولة‬ ‫البدايات‪ ،‬وال ِير ّق قلب ِ‬
‫ُ‬
‫بطالسم الكذب‪ ،‬وال تستهوين َِّك شباك الصياد للوقوع‬
‫ٍ‬
‫عظيم‪ ،‬النجاة منه أمر مستحيل‪...‬‬ ‫يف فخٍ‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ِ‬
‫قلبك إال لمن ُي ِ‬

‫ري‬
‫جيد طرق‬ ‫اعتدلي وال تفتحي باب‬

‫ل‬ ‫ا‬
‫َ‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬


‫باب ِ‬

‫ن‬ ‫ل‬
‫أول‪ ،‬فالذي ُيريدك صد ًقا إن لم ي ُكن ً‬
‫ماهرا‬ ‫بيتك ً‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوزي‬
‫ب َطرق أبواب الحالل‪ ،‬فال يؤ َمن وال ُيستأمن على ٍ‬
‫قلب‪،‬‬

‫ع‬ ‫معة وشرف‪...‬‬‫رض‪ ،‬أو س ٍ‬


‫ُ‬ ‫أو ِع ٍ‬

‫اعتدلي وال تسمحي ألحد أن يزرع يف بساتينك نُقطة‬


‫ٍ‬
‫ضعف‪ ،‬يفعل هبا ما يشاء‪...‬‬
‫وح ًّبا‪ ،‬وعطا ًء؛ إذ َّ‬
‫إن ليس‬ ‫وحسا‪ُ ،‬‬
‫ًّ‬ ‫شعورا‪،‬‬
‫ً‬ ‫اعتدلي‬
‫ِ‬
‫يستحق الصدقة‪.‬‬ ‫كُل سائ ٍل‬

‫‪90‬‬
‫تدلَّلي‪...‬‬

‫يا كُل الحياة ويا كُل الدُ نيا‪ ،‬يا سحابة المطر‪ ،‬وأخضر‬
‫ب‪ ،‬وطعم ال ُعمر‪ ،‬وشبيهة القمر‪...‬‬
‫الح ِّ‬
‫الشجر‪ ،‬وينابيع ُ‬
‫المت َعبين‪ ،‬والهداية يف السفر‪...‬‬
‫يا اسرتاحة ُ‬

‫ع‬
‫تد َّللي‪ ،‬وتمايلي‪ ،‬وتراقصي‪ ،‬وتغنِّي‪ ،‬وافرحي‪،‬‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫عنك‪ ،‬ويا من ال بدَّ ِ‬
‫نفسك يا من ال ِغنى ِ‬
‫ِ‬

‫ت‬ ‫ك‬
‫منك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وأح ِّبي‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بك؛ ِ‬ ‫وال سعاد َة إال ِ‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫وأنت‬ ‫وأنت الوطن‪،‬‬ ‫فأنت السكن‪،‬‬

‫ِأنت الميناء‪ ،‬والبحر‪ ،‬والسفن‪ ...‬والتوز عي‬


‫يف أنشودة الدنيا اللح ُن والكلمات والشجن‪...‬‬

‫يا عي َن األمل المقصود‪ ،‬وقلب الخير المنشود‪...‬‬


‫تد َّللي دو ًما كما ُ‬
‫يليق بزهرة تشرين‪...‬‬
‫ِ‬
‫سألوك‪َ :‬عال َم‪...‬؟!‬ ‫تد َّللي وإن‬
‫قدر‬
‫رف َ‬‫قمرا يتدلل؛ ِع َ‬
‫«رحم اهلل ً‬
‫َ‬ ‫فأجيبيهم بغرور‪:‬‬
‫نفسه»‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫تجملي‪...‬‬
‫َّ‬
‫يليق ٍ‬
‫ببدر ليلة تمامه‪ ،‬الجميع يتلهف رؤية الكمال‬ ‫كما ُ‬
‫بشوق وشغف؛‬‫ٍ‬ ‫والجمال فيه‪ ،‬الجميع ينظرون إليه‬
‫تط ُل ًعا للراحة‪ ،‬وتم ُّعنًا يف آيات اهلل‪ ،‬وبدي ِع ما خلق‪...‬‬

‫المطرزة‬
‫تجملي‪ ،‬وتزيني‪ ،‬وارتدي فساتين الفرح ُ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ص‬ ‫ع‬


‫ت‬ ‫ك‬
‫باألمل والرضا‪...‬‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬


‫التوزيع‬ ‫ُو‬
‫يتحيرون يف أمرك‪...‬‬ ‫ودعيهم‬ ‫تجملي‪،‬‬
‫ِ‬
‫بالبال فقط‪،‬‬ ‫كالمستحيل الذي يخطر‬ ‫أعينهم ُ‬
‫ُ‬ ‫كوين يف‬
‫الجميع يتمنون‪ ،‬وال ُ‬
‫يصل إليه إال َمن أراد اهلل أن ُيكافئ ُه‬
‫بعد ٍ‬
‫عناء وتعب‪...‬‬

‫الممتنع‪ ،‬كاألحالم الوردية‪،‬‬


‫تجملي وكوين كالسهل ُ‬
‫الزمرد الخام‪،‬‬
‫كحبات المطر‪ ،‬كليالي باريس‪ ،‬كعناقيد ُ‬
‫كشالالت تايالند‪...‬‬
‫ٌ‬
‫جميل ُيحب‬ ‫تجملي قدر معرفتك بجمال اهلل‪ ،‬فاهلل‬
‫الجمال‪ ،‬والذي ِ‬
‫أنت تنتمي َن إليه‪...‬‬
‫‪92‬‬
‫يا غاليتي‪...‬‬

‫احتياجا من‬
‫ً‬ ‫رضيك يرضينا‪ ،‬فواهللِ لنحن أشدُّ‬
‫ِ‬ ‫ما ُي‬
‫فلوالك ما اتسعت بنا األرض‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لرضاك‪،‬‬ ‫بعد رضا اهلل‬
‫بعدما ضاقت بنا ذر ًعا‪ ،‬وال ضحكت تضاريس العالم‬
‫إال بابتسامتك حين ترضين‪ ،‬وال استنارت وجوهنا‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫العابسة وصدورنا الصاخبة المليئة بالضوضاء إال‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫بل‬
‫حين ترضين‪ ،‬وال تساقطت من فوق أكتافنا األحمال‬
‫ِ‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ٍ‬

‫حين ترضين؛ يح َّن المغرتب لوطنه‪،‬والت ز عي‬


‫برضاك‪...‬‬ ‫إهناك أو تعب إال‬ ‫وال اسرتحنا من‬
‫وتعودوالطيور‬
‫ألوكارها‪ ،‬وتحتضن الشمس أشعتها‪ ،‬وتتنزل الرحمات‬
‫الموج َعة‪...‬‬
‫َ‬ ‫على القلوب‬
‫حين ترضين؛ ترضى الدنيا علينا؛ ومِن َث َّم نستطيع أن‬
‫نتشبث بآمالنا وأحالمنا‪ ،‬ونشتهي‪ ،‬ونتمنى‪ ،‬ونواصل‬
‫خوف‪ ،‬أو استكانة‪...‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ضجر‪ ،‬أو‬ ‫دون مللٍ‪ ،‬أو‬
‫ِ‬
‫رضاك يمنحنا السال َم والسالمة؛ ولذا فإننا ُمدانون‬
‫حتما ُيرضينا‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫دوما لرضاك حين نطمع به؛ فما ُيرضيك ً‬ ‫ً‬
‫‪93‬‬
‫تحملي‪...‬‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫أوهنك‬ ‫بالضعفاء؛ وما‬
‫يعرتف ُ‬
‫ُ‬ ‫كوين قويةً‪ ،‬فالعالم ال‬
‫ِ‬
‫سيقويك‪...‬‬ ‫باألمس؛ اليوم وغدً ا‬

‫كوين قويةً‪ ،‬وتحملي قدر المستطاع‪ ،‬وابقي صلب ًة‬


‫متزنة شامخة ألطول ٍ‬
‫وقت‪ ،‬وأبعد حدٍّ ممكن يف الوقت‬

‫ع‬
‫ُ‬

‫ري‬ ‫ص‬
‫ال ُتعطي ال‬
‫الذي يِراهن فيه الناس على سقوطك واهنيارك‪...‬‬

‫ك ب ل ُ‬
‫ألحدهمتال ُفرصة أن يظهر ِ‬

‫و‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫يرىشر ِ‬
‫ا‬
‫فيك شماتته‪ ،‬وال‬

‫و‬
‫ودموعك‪،‬‬
‫ت‬ ‫ل‬
‫وأوجاعك؛ َفجلدُ الناس أشدُ ًألما وإيال ًما‪ ...‬زيع‬
‫ِ‬ ‫‪،‬‬ ‫ضعفك‬ ‫تسمحي ألحد غير اهلل أن‬
‫ِ‬

‫سهوا يف القاع‬
‫كوين قوية من أجلك؛ فالذين سقطوا ً‬
‫يليق ِ‬
‫بك‪...‬‬ ‫أظهروا ضعفهم وأبدوا حاجتهم؛ وهذا ال ُ‬
‫ِ‬
‫أطالبك أن تتحملي فوق طاقتك؛ فاهلل ال ُيكلف‬ ‫ال‬
‫ِ‬
‫وجهك عند‬ ‫نفسا إال وسعها‪ ،‬ولكن من أجل حفظ ماء‬
‫ً‬
‫أنفسهم‬
‫ُ‬ ‫الذين فرغت من قلوهبم الرحمة‪ ،‬وخلت من‬
‫الرأفة‪ ،‬ونفدت لديهم الشفقة‪ ،‬الذين ال يعرفون أنه‬

‫‪94‬‬
‫ِ‬ ‫ُّ ِ‬
‫يحق لك أن تميلي وتقعي وتس ُقطي؛ كونك ً‬
‫بشرا؛‬
‫لحما ود ًما‪...‬‬
‫ً‬
‫بك‪ ،‬وال أرتضي ِ‬
‫لك أن‬ ‫يليق ِ‬
‫وألن السقوط ال ُ‬
‫الضعفاء يف القاع؛ كان لزا ًما علي أن َ‬
‫أقول‬ ‫ُتزاحمي ُ‬
‫َّ‬
‫فمن أسند ضعفه لجوار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تقوي‪َ ،‬‬‫تحملي‪ ،‬وباهلل ِّ‬
‫لك‪َّ :‬‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫عز على العالمين كسره أبدً ا‪.‬‬
‫اهلل؛ َّ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬
‫ز‬
‫الغد‪،‬ي‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬
‫أو ُتقللي مِن شأهنا‪ ،‬وال تؤجلي بعضها إلى ع‬
‫بأحالمك‪...‬‬ ‫أبدا‬
‫ال تستهيني ً‬

‫أخربي اهلل عنها ُدفع ًة واحدة‪ ،‬وهو يتو َّلى األمر‪...‬‬


‫ِ‬
‫وبارزتك بأوجاعها‪،‬‬ ‫بك الدنيا‪،‬‬ ‫مهما عصفت ِ‬
‫ِ‬
‫وجهك بأنياهبا؛ ال تخايف‪ ،‬وال تبتئسي‪،‬‬ ‫وكشرت يف‬
‫ِ‬
‫حيث ُو ِجدت‪ ،‬وأقيمي على الدنيا الحدَّ ً‬
‫فرحا‪،‬‬ ‫وامضي ُ‬
‫ِ‬
‫تروادك‬ ‫واستأنفي حلمك‪ ،‬وتمسكي به‪ ،‬عسى األحالم‬
‫جرا‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫ً‬
‫ليل‪ ،‬فيأيت اهلل هبا إليك يف الصباح مجرور ًة َّ‬

‫‪95‬‬
‫ِ‬
‫ليلك‬ ‫أبشري ما دام األمل يف اهلل لم ينقطع‪ ،‬ولعل‬
‫الصبح‬
‫للصبح بالطلوع‪« ،‬أليس ُ‬ ‫ينقضي‪ ،‬ويؤ َذن ُ‬
‫بقريب؟!»‪.‬‬

‫والذي جعل‪...‬‬
‫ِ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫ك‬
‫للكمال يف أحد‪،‬‬ ‫نتطلع‬ ‫َ‬
‫الکمال ل ُه وحد َه‪ ،‬نح ُن ال‬

‫ت‬
‫ُ‬

‫ن‬ ‫ل‬‫بل‬
‫بش ٍر‪ ،‬ونح ُن‬
‫ش‬
‫تكمن َّإل يف َ‬
‫أن العيوب ال ُ‬ ‫نعلم َّ‬ ‫نح ُن‬

‫ر‬
‫ُ‬

‫نتطلع لم َن يأبى ُحزننا‪ ،‬ويسوتاُرلتوز‬


‫عيوبنا‪،‬عي‬
‫بشر‪...‬‬

‫ُ‬ ‫نح ُن فقط‬


‫و ُي َؤ ِّمن خوفنا‪...‬‬
‫الخير ما زال‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫فيمن يجع ُلنا ن ُ‬
‫ُقسم َّ‬ ‫ُ‬
‫ونأمل َ‬ ‫نتطلع‬
‫ُ‬
‫لمن يتخ َّطى الزحام مِن أجل رسم البسمة على‬ ‫باق ًيا‪َ ،‬‬
‫المفرطة‪،‬‬
‫لمن يتحملنا يف اهنياراتنا وعصبيتنا ُ‬
‫شفاهنا‪َ ،‬‬
‫ٍ‬
‫لخراب ح َّطم قلوبنا‪...‬‬ ‫صالحا‬
‫ً‬ ‫نتوس ُم فيه‬
‫َّ‬
‫لمن يقب ُلنا كما نح ُن‪ ،‬ويفتخر بنا‪ ،‬ويبني حول‬ ‫نتطلع َ‬
‫ُ‬
‫سورا مِن األمل‪ ،‬ال يتسلل ُه ُغبار ٍ‬
‫ألم أبدً ا‪...‬‬ ‫أوجاعنا ً‬
‫‪96‬‬
‫ٍ‬
‫عيوب إن ُخف َيت‬ ‫ُّ‬
‫ننفك عن‬ ‫لمن يعي جيدً ا أنَّنا ال‬
‫َ‬
‫يقتحم أسرارها‪ ،‬وإن َبدت ل ُه سرتها وعفى‬ ‫ِ‬ ‫عليه‪ ،‬لم‬
‫عنها‪...‬‬

‫وأن الكمال هلل‪،‬‬ ‫لمن يع َلم ويفهم جيدً ا أنَّا مثله َ‬


‫بش ٌر‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫ٍ‬
‫بالكمال وحد ُه‪.‬‬ ‫تفر َد‬
‫الذي َّ‬

‫ري‬
‫اهلل ال‬ ‫ص‬ ‫ع‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫أكبر‪...‬كت‬
‫والتو‬ ‫ر‬ ‫ش‬
‫زيع‬
‫وقلقك‪...‬‬ ‫زنك‪،‬‬ ‫وح‬ ‫وألمك‪،‬‬ ‫وجعك‪،‬‬ ‫ن‬‫مِ‬
‫ُ‬
‫اهلل أكرب من تراكمات ِ‬
‫الخذالن بداخلك‪...‬‬
‫ِ‬
‫وحدك يف دائرة الحيرة بال‬ ‫ِ‬
‫يدعك‬ ‫اهلل أكرب من أن‬
‫ٍ‬
‫رشاد أو ُهدً ى‪...‬‬

‫اهلل أكرب من تركك‪ ،‬ونسيانك‪ ،‬وخذالنك؛ ُسبحانه‬


‫ِ‬
‫خباياك‪ ،‬وال يشغله أحد‬ ‫ِ‬
‫ويسمعك‪ ،‬ويعلم‬ ‫ِ‬
‫يراك‪،‬‬
‫ِ‬
‫بسرك‬ ‫طلع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عنك؛ ُيرافقك أينما كُنت‪ ،‬وكيفما كُنت‪ُ ،‬م ٌ‬
‫وعالنيتك جل جالله يسمع دبيب النملة السوداء‬
‫‪97‬‬
‫الصماء أيخفى عليه‬
‫َّ‬ ‫يف الليلة الظلماء على الصخرة‬
‫سموات سبع كر ِ‬
‫مك وأعلى‬ ‫ٍ‬ ‫أمرك وهو الذي من فوق‬‫ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫شأنك؟!‬
‫بك‪ ،‬وال يجبِ ِ‬
‫رك‬ ‫يلطف ِ‬
‫ُ‬ ‫اهلل أكرب من أن ِ‬
‫يراك هكذا وال‬
‫أو ُيراضيك‪...‬‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ري‬
‫أبشري ٍ‬

‫ل‬ ‫ا‬
‫أمانيك‬ ‫يهملك‪ ،‬ولن ُيض ِّيع‬ ‫برب رحيم‪ ،‬فلن‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ِ‬


‫أمرك بيده‪ ،‬وما كان بيد اهلل ال يضيع ولن‬ ‫ُسدً ى‪ ،‬فكل‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوزي‬
‫يخيب أبدً ا‪.‬‬

‫ع‬
‫ِ‬
‫حذرك‪...‬‬ ‫توخي‬
‫دائما ضعي يف ُحسبانك َّ‬
‫أن ما لم تتوقعي حدوثه‪،‬‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫عندك‪ ،‬سيقع؛ فال‬ ‫سيحدُ ث‪َّ ،‬‬
‫وأن ما يستحيل وقوعه‬
‫كامل‪ ،‬وال ُتعطي أحدً ا مفاتيح قلبك‬
‫تأمني ألحد إيمانًا ً‬
‫بيدك‪ ،‬وال ُتخربي أحدً ا بنقاط ضعفك‪ ،‬وال تبوحي‬
‫ِ‬
‫بأسرارك كلها‪...‬‬

‫‪98‬‬
‫تعاملي بفطرتِك السو َّية‪ ،‬وابقي على طبيعتك؛ ولكن‬
‫ٍ‬
‫غفلة‬ ‫طعنات تغوص يف ظهرك على حين‬‫ٍ‬ ‫احذري من‬
‫ٍ‬
‫حبيب‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬
‫صديق‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬
‫غريب‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬
‫قريب‪ ،‬أو‬ ‫منك؛ مِن‬
‫ِ‬
‫ما هو أحب وأقرب‪...‬‬
‫حذرك‪ ،‬وتأهبي للحدث‪ ،‬وتأهلي الستقبال‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬
‫توخي‬

‫ع‬
‫بعلم ويقين‪ ،‬دون طيبة أو سذاجة أو استحالة‪،‬‬ ‫خسائره ٍ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫فما أوقع ال ُغزالن يف فخ الصائدين إال أماهنُم وتوهمهم‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫َّ‬


‫أن الجميع سيتبادلون األدوار الربيئة شربًا بشرب وذرا ًعا‬

‫ُوالمهمشين‪ُ ،‬والم ِّجربين‪،‬والتوز عي‬


‫حذر شديد‪ ،‬خاص ًة من‬ ‫ٍ‬ ‫بذراع‪ ،‬فانتبهي وكوين على‬
‫وأصحاب‬ ‫العابرين‪،‬‬
‫الفراغات وسد الخانات بالبدائل‪ ،‬الذين يستغلون‬
‫المنتهزي َن‬
‫المواقف ونقاط الضعف والخيبات النفسية‪ُ ،‬‬
‫أنصاف ال ُفرص إليقاع الفرائس‪...‬‬
‫ِ‬
‫يجعلك كالدُ مية‬ ‫توخي حذرك‪ ،‬وال تسمحي ألحد أن‬
‫يلعب هبا‪ ،‬ويحركها كيفما شاء‪...‬‬
‫ُ‬ ‫يف يده‪،‬‬
‫ِ‬
‫أعين‬ ‫المستحيل يف‬
‫توخي حذرك‪ ،‬وكوين عين ُ‬
‫ال ُبلهاء‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫صون ِ‬
‫بك‪...‬‬ ‫َ‬ ‫ُمتر ِّب‬
‫ِ‬
‫حولك وإن ا َّدعت العون والمساعدة فال‬ ‫كُل األيادي‬
‫بريق أطرافها‪ ،‬وال تتسرعي يف‬
‫َّك ُ‬‫تنخدعي‪ ،‬وال ي ُغرن ِ‬
‫َّ‬
‫مد ِ‬
‫يدك نحوها‪...‬‬
‫يد ُمدت‬‫قليل‪ ،‬ورويدً ا رويدً ا‪ ،‬فليست كُل ٍ‬
‫تمهلي ً‬
‫َّ‬
‫فكثير له يدٌ ظاهرها الرحمة‪ ،‬وباطنُها‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫خيرا أرادت‪،‬‬

‫ك‬
‫ٌ‬ ‫ً‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫العذاب‪...‬‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫ع‬‫والتوزي‬
‫المسترتة خلف ستائر الوهم‬ ‫تلك األيادي المؤذية‪ُ ،‬‬
‫والزيف واألغراض الشخصية الدنيئة‪...‬‬
‫ِ‬
‫اإلطالق أن‬ ‫ناصح أمين‪ ،‬وال ينبغي لي على‬ ‫أنا ِ‬
‫لك‬
‫ٌ‬
‫أهتم أحدً ا بعينه‪ ،‬فالخوض يف نوايا الناس‪ُ ،‬ظ ٌ‬
‫لم ب ِّي ٌن‪،‬‬
‫ِ‬
‫حولك‬ ‫بمن ُهم‬ ‫ِ‬ ‫و ُب ٌ‬
‫أعلم َ‬
‫ُ‬ ‫وأنت‬ ‫هتان؛ عافانا اهلل منه‪،‬‬
‫منِّي‪ ،‬ولكن يا صغيريت نوايا البشر أصبحت ال تؤ َمن‪،‬‬
‫لهم يف الشر واألذى ال ُتن َكر‪...‬‬ ‫وح َي ُ‬
‫فمن‬ ‫ِ‬
‫ُصب عينيك‪َ ،‬‬ ‫فانتبهي جيدً ا‪ ،‬وضعي الحذر ن َ‬
‫ٍ‬
‫طلب‬ ‫أثبت ِ‬
‫لك الوالء‪ ،‬وأجاد بروحه دون مقاب ٍل أو‬
‫‪100‬‬
‫َ‬
‫فذاك نعمة من اهلل وفضل‪ ،‬وذاك أقل ما‬ ‫ٍ‬
‫غرض‪،‬‬ ‫أو‬
‫ك بتجنبه‪ ،‬وعبوره‪،‬‬‫تستحقين‪ ،‬وأما من أمرك قلب ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫فاسمعي وأطيعي‪ ،‬فال خالف على طرده وهجره‪،‬‬
‫ِ‬
‫أيامك لألبد‪.‬‬ ‫وحذف سيرته من سجل‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ص‬ ‫ع‬


‫إ َّي ِ‬
‫اك والعابرين‪...‬‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ك‬


‫ش‬
‫الدنيا بينهم وبين حظوظهم‪ ،‬وأصبحوا‬ ‫قت‬ ‫الذين َّفر‬

‫ونسواوزيعَ‬
‫لك جهد‬
‫سالف‬
‫ر‬
‫أيماهنُم أهنم قد ِبرئُوا من ماضيهم‪ ،‬والت‬
‫الذين إن أقسموا ِ‬ ‫ونس أو شريك‪ ،‬أولئك‬ ‫ٍ‬ ‫بال‬

‫يشغلهم‬
‫ُ‬ ‫عهدهم بأصحاب تجارهبم السابقة‪ ،‬وما عاد‬
‫ِ‬
‫فإياك وإياهم‪ ،‬فلو استطاعوا‬ ‫والعوض ِ‬
‫منك‪،‬‬ ‫سواك ِ‬
‫ِ‬
‫ك المحكمة‪ ،‬والتي فيها ثياب‬ ‫التس ُّلل إلى ُغرفة قلبِ ِ‬
‫العفة ُمطرزة بالفطرة النقية؛ َلدنَّسوها‪ ،‬و َلجعلوا عاليها‬
‫وإياهم‪...‬‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫فإياك‬ ‫سافلها‪ ،‬ونثروا فوق صفوهنا الرتاب‪،‬‬
‫وضا‪ِ ،‬‬
‫فأنت تستحقين‬ ‫بديل أو ِع ً‬
‫وال ترضي أن تكوين ً‬
‫من يشبهك فحسب‪...‬‬
‫‪101‬‬
‫ِ‬
‫ألجلك لوح ًة فنية طاهرة‪ ،‬ال‬ ‫تستحقين َمن يرسم‬
‫يليق‬
‫لك فيها مكان ُ‬ ‫عفن‪ ،‬أو ذاكرة ليس ِ‬
‫ماض ِ‬
‫ٍ‬ ‫يشوهبا‬
‫بسعة مكانتك‪ ،‬أو أشياء‪ ،‬ومقارنات ما زالت عالق ًة‬
‫بروحه ووجدان‪...‬‬
‫تستحقين أن تكون أول خطوة يخطوها ناحية ٍ‬
‫باب‬

‫ع‬
‫يطرقه‪ ،‬أن تكون ِ‬

‫ص‬
‫لك‪...‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫بل‬
‫ِ‬

‫ن‬ ‫ل‬
‫وحصني‬
‫ِّ‬ ‫نوافذك يف وجوه العابرين‪،‬‬ ‫أغلقي جميع‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫إلى السماء‪ُ ،‬تناجي فيها ر ًّبا ُمجي ًبا‪ :‬أيا وال‬
‫رب‪...‬تياوز عي‬
‫روحك وقلبك‪ ،‬ودعي نافذ ًة واحد ًة فقط تن ُظرين منها‬
‫ولي‬
‫َّ‬
‫منهم‪.‬‬ ‫الصالحين‪َ ،‬هب لي برحمتك ُ‬

‫ىىى‬

‫‪102‬‬
‫‪S‬‬
‫لك‬ ‫ُ‬
‫أقول ِ‬ ‫دعيين‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫اِبقي كما ِ‬
‫أنت‪...‬‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫يريدك سيتقب ِ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫لك‬ ‫َّ‬ ‫ال تتغ َّيري من أج ِل أحد أبدً ا‪َ ،‬‬
‫فمن‬

‫والتوز عي‬
‫أنت‪ ،‬يرى بقلبه ما قد ال يعجبه قبل أن يرى ما‬ ‫كما ِ‬
‫ِ‬
‫بعيوبك قبل‬ ‫إليك؛ فتلمحين يف َع ِ‬
‫ينيه الرضا‬ ‫يجذبه ِ‬
‫فمن يحب‬ ‫وإن لم يكن كذلك فال تقبليه‪َ ،‬‬ ‫مميزاتك‪ْ ،‬‬
‫ال يختار َمن يناسب هوا ُه أو مزاجه أو شهوته‪ ،‬بل‬
‫يحب محبوبه بكل ما فيه‪ ،‬وعلى هذا األساس م َن رأى‬
‫كاذب لم يحبك‪ ،‬سينتقدُ ِك‬ ‫ٌ‬ ‫خارجك قبل داخلك فهو‬
‫منك أن تتغ َّيري كي تكوين على‬ ‫باستمرار ويطلب ِ‬ ‫ٍ‬
‫فعلت من أجلِه‪ ،‬ومهما‬ ‫ِ‬ ‫مقاسه وتماثلي قالبه‪ ،‬ومهما‬‫ِ‬
‫قدمت له مِن تنازالت‪ ،‬فلن يرضى ولن يقتنع‪ ،‬فلتبقي‬ ‫ِ‬
‫أرادك كما ِ‬
‫أنت‪ .‬ال تتغ َّيري‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫أنت ل ِ َمن‬
‫كما ِ‬
‫‪103‬‬
‫األصدقاء‪...‬‬

‫ُعمل ٌة نادرة‪ ،‬لكن كوين حذرةً‪ ،‬فال ينبغي أن تبوحي‬


‫ِ‬
‫لصديقاتك أو إلحداهن‪ ،‬وخاص ًة يف‬ ‫ِ‬
‫أسرارك‬ ‫بكل‬
‫لقلة ٍ‬
‫ثقة‪ ،‬فهناك َمن ُيؤ َت َم َّن‪ ،‬ولكن‬ ‫مواجعك‪ ،‬ليس ِ‬
‫ِ‬
‫ولعل َمن تأمنيها اليوم‬ ‫َّ‬ ‫ألن النفوس تتقلب وتتبدل‪،‬‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫بسر ِك غدً ا‪ ،‬فاحذري واحتفظي‬
‫ري‬
‫َت ُبح ِّ‬
‫ا‬
‫بأسرارك داخل‬

‫بل‬
‫ٍ‬
‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ج ِ‬

‫ن‬ ‫ل‬
‫ألحد أبدً ا‪ ،‬فاأليا ُم قاسية‬ ‫عبتك‪ ،‬وال تبوحي هبا‬ ‫ُ‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوزي‬
‫وأقسى ما فيها أن تِصبح حبيبة األمس ألدَّ أعداء اليوم‪،‬‬

‫ع‬ ‫فالحذر الحذر‪.‬‬

‫أكبر خطأ‪...‬‬

‫أن تعطي أحدً ا‬ ‫ِ‬


‫نفسك؛ ْ‬ ‫يمكن أن ترتكبيه يف حق‬
‫ِ‬
‫ليناسبك‪ ،‬دعينا نتفق أنه ال‬ ‫أكثر من فرصة كي يتغ َّي َر‬
‫أحد بين يوم وليلة‪ ،‬ولكن هناك‬ ‫أحد يتغير من أجل ٍ‬
‫َمن ُيحب فيخلص ويصرب ويجاهد تدريج ًّيا من أجل‬

‫‪104‬‬
‫التغيير‪ ،‬ألنه لن يجد راحته إال مع َمن يهواه قلبه‪،‬‬
‫فكان ال بدَّ من المحاولة من أجل المالءمة‪ ،‬وهؤالء‬
‫ِ‬
‫صادفت أحدً ا‬ ‫عمل ٌة نادر ُة الوجود هبذا الزمان‪ ،‬فمتى‬
‫ِ‬
‫وقلبك‪ ،‬ولكن إذا‬ ‫ِ‬
‫بروحك‬ ‫مِن هؤالء فلتتمسكي به‬
‫لمن ال ُيقدِّ ر؛ فستبقى النتائج‬ ‫ِ‬
‫أفرطت يف منح الفرص َ‬
‫واستهتارا من الطرف اآلخر‪ ،‬وال‬ ‫واحدة؛ استخفا ًفا‬

‫ع‬
‫ً‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ص‬


‫تغيير‪ ،‬وتبقين ِ‬
‫كت مضمونًا ألنك يف نظره ضعيفة‬
‫أنت الطرف المغلوب على أمره‪،‬‬

‫ر وال تستطيعين‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ب‬


‫وساذجة‪ ،‬فتُنهكين و ُتهدَ لر‬
‫وجودك‬ ‫ويصبح‬

‫حماسك وتستسلمين‪.‬والتوز عي‬


‫طاقتك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫المقاومة‪ ،‬فينتهي‬

‫حقك إعطاء الفرصة مرة‪ ،‬ثم ثانية فقط‪ ،‬فمن‬ ‫ِ‬ ‫مِن‬
‫يريدك سيلبي نداء التغيير‪ ،‬ولن يضي ِ‬
‫عك مهما كان‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬ ‫ُ ِّ‬
‫ِ‬
‫وإليه ال تلتفتي‪.‬‬ ‫َو ِع ًرا ذاك الطريق‪ ،‬وإال فليرحل‬

‫فهم على أنه‬ ‫ٍ‬


‫ولتعي جيدً ا أن منح الفرص بإفراط ُي َ‬
‫وذكريات‬
‫ٌ‬ ‫ضعف وسذاجة‪ ،‬ونتائجه سلبية‪ ،‬وآخر ُه ند ٌم‬
‫ٌ‬
‫مريرة تقتل الروح ببطء‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫َمن يحب بصدق يتع َّل ُق بالفرصة األولى وال يفلتها‪،‬‬
‫بل إنه ال ينتظر فرص ًة كي يثبت فيها أن حبه ٌّ‬
‫حب‬
‫صادق‪ ،‬ال مِرا َء فيها‪.‬‬

‫ِ‬
‫أنت بحاجةٍ ‪...‬‬
‫ِ‬ ‫أن ي ِ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬
‫ِ ِ‬
‫ص‬ ‫ع‬
‫ك‬
‫لمن ُيح ُّسك قبل ْ ُ‬
‫ت‬
‫كالمك من‬ ‫حبك‪َ ،‬من يفهم‬ ‫َ‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سكوتك‪َ ،‬من يتق َّبلك كما أنت‪ ،‬دون جدَ ٍل أو نقاش‪،‬‬
‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوزي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ع‬
‫عصبيتك‪ ،‬ويفهم َّ‬
‫أن‬ ‫تفاصيلك‪ ،‬و ُيراعي‬ ‫َمن يهتم بأدق‬
‫ِ‬
‫مزاجك المتق ِّلب ليس من فراغٍ؛ بل وراءه أسباب‪.‬‬
‫ِ‬
‫الغياب قبل الحضور‪،‬‬ ‫ك يف‬‫بحاجة لمن يضم ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أنت‬
‫ُّ‬ ‫َ‬
‫تلك الضحكة التي ماتت‬ ‫كيف ُيحيي َ‬ ‫َ‬ ‫َمن ُيخ ِّطط‬
‫أنك مختلف ٌة عن باقي البشر‪ ،‬بل‬‫رك ِ‬‫يشع ِ‬‫بداخلك‪ ،‬من ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫غير ك ُِّل البشر‪ ،‬يحرتم‬ ‫ِ‬
‫ماضيك وال يستغله‬ ‫إنه يراك ح ًّقا َ‬
‫غضب أو خالف‪ ،‬فيجد ِ‬
‫منك معامل ًة ال تليق‬ ‫ٍ‬ ‫وقت‬ ‫َ‬
‫بأحد سواه‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫‪106‬‬
‫ِ‬
‫وجعك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫دموعك‪ ،‬أو‬ ‫لمن ال هتون عليه‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫أنت بحاجة َ‬
‫ِ‬
‫روحك‪ ،‬ويعرف‬ ‫ِ‬
‫وجودك‪ ،‬ويعشق‬ ‫ِ‬
‫خصامك‪ ،‬يحب‬ ‫أو‬
‫ظروفك‪ ،‬يؤمن جيدً ا ِ‬
‫أنك ال‬ ‫ِ‬ ‫كيف يتأقلم مع كل‬
‫أجلك ِ‬
‫أنت‬ ‫ِ‬ ‫تستحقين إال الخير‪ ،‬يبقى بجانبك مِن‬
‫يم ُّل وال يتغير‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يدو ُم معك‪ ،‬ال تفت ُُر عاطفته‪ ،‬فال َ‬

‫ع‬
‫صحيحا مِن البداية‪َ ،‬من يصلح‬
‫ص‬
‫ً‬ ‫اختيارا‬
‫ً‬ ‫اختاري‪...‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫أن يكون ِ‬

‫بل‬
‫لك السند‪ ،‬يكون أ ًبا وابنًا قبل أن يكون حبي ًبا‬ ‫ْ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫والتوز عي‬
‫وزوجا‪ ،‬حتى ال تندمي وتخسري الكثير‪ ،‬وإن لم يكن‬ ‫ً‬
‫ُصري عليه‪ ،‬ولرتفضي إذا لزم‬ ‫ِ‬
‫متاحا لك االختيار فلت ِّ‬‫ً‬
‫صغرك تحلمين وتخططين‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حياتك‪ ،‬ومنذ‬ ‫األمر؛ إهنا‬
‫لها‪ ،‬فاصربي‪ ،‬واعلمي أن الرزق بيد اهلل‪ ،‬ولو َّ‬
‫تأخر‬
‫بمن هو‬ ‫ِ‬ ‫فاعلمي أنه ال محالة الخير‪ْ .‬‬
‫وإن رزقك اهلل َ‬
‫فقير الحال‪ ،‬أو َّ‬
‫أن إمكانياته وظروفه ال تسمح بالكثير‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫شعرت ناحيته بارتياح‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ولكنك‬ ‫من المتطلبات‪،‬‬
‫ِ‬
‫ويعاملك ٍ‬
‫بلين ويقدِّ ر‬ ‫ِ‬
‫يحرتمك‬ ‫وروحك أل ِ َفت روحه‪،‬‬
‫ِ‬

‫وهب ُه‬
‫رزق َ‬ ‫ِ‬
‫ويمنحك االهتمام؛ فاعلمي أنه ٌ‬ ‫ِ‬
‫مشاعرك‬

‫‪107‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نعم الشريك‪،‬‬‫عوض؛ فاقبليه‪ ،‬هو َ‬‫اهلل لك‪ ،‬وفرص ٌة ال ُت َّ‬
‫ِ‬
‫الخير ال يأيت إال بالخير‪ .‬ولكن‪ ،‬يف المقابل‪ ،‬ال‬ ‫فرب‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫قلبك‪ ،‬لمجرد‬ ‫يكسر‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫يستحقك ْ‬ ‫ٍ‬
‫ألحد ال‬ ‫تسمحي‬
‫َ‬
‫أنه يملك الكثير من المال ومقومات الحياة والرتف‬
‫الزائل‪ِ ،‬‬
‫فإنك وال بدَّ خاسرة‪.‬‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬

‫ري‬
‫تريدك؛‬ ‫كتف ال‬ ‫وال تستندي بيو ٍم من األيام على‬
‫مبتور يق ِّلل مِن‬
‫ٍ‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ِ‬

‫ل‬
‫ب‬
‫خير يف ُح ٍّ‬
‫ولكنك تريدينها‪ ،‬فال َ‬

‫واملنتو ِ‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫واحرتامك لذاتك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قيمتك‬

‫الحياة‪ ،‬فنقطزيةٌ‪،‬ع‬
‫أحبك‬
‫ِ‬
‫يشاركك‬
‫ِ‬
‫وتأكدي أنه لن يبقى معك بالنهاية سوى َ‬
‫بصدق‪ ،‬ومن كتبه اهلل ِ‬
‫لك أن‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫يستحقك وحسب‪.‬‬ ‫وابدئي مع َمن‬

‫َّ‬
‫تتعشمي‪...‬‬ ‫ال‬
‫ِ‬
‫بجانبك»‪ ،‬أو َمن‬ ‫لك‪« :‬أنا ِ‬
‫معك»‪« ،‬أنا‬ ‫يف كل من يقول ِ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫كلمة حلوة‪،‬‬ ‫يقسم أنه ِ‬
‫معك للنهاية‪ .‬ال تتعشمي يف كل‬ ‫ُ‬

‫‪108‬‬
‫مكالمة جاءت بالوقت المناسب‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫هدية رقيقة‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬ ‫أو‬
‫ٌ‬
‫وإهناك‬ ‫ٌ‬
‫هالك‬ ‫فالعشم الزائد‬ ‫كنت بانتظارها‪،‬‬ ‫رسالة ِ‬
‫ٍ‬ ‫أو‬
‫ُ‬
‫يكون على‬ ‫ُ‬ ‫العشم‬
‫ُ‬ ‫ص ولل ُعمر‪.‬‬ ‫وضياع لل ُف َر ِ‬
‫ٌ‬ ‫للروح‪،‬‬
‫ٍ‬
‫لمن يستحق‪،‬‬ ‫ووج ٍل وخجلٍ‪ ،‬ويكون فقط َ‬ ‫استحياء َ‬
‫بش ٍّر‪ ،‬إما‬ ‫ٍ‬
‫بخير وإما َ‬ ‫ِ‬
‫عشمك‪ ،‬إ َّما‬ ‫ُ‬
‫واألفعال كفيلة بر ِّد‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫عشما ً‬
‫كامل إال يف اهلل‪،‬‬ ‫بجربٍ وإما بكسر؛ فال تتعشمي‬

‫ري‬
‫ً‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫ِ‬ ‫ِ‬

‫بل‬
‫وحاجتك مهما‬ ‫طلبك‬ ‫وقادر على قضاء‬ ‫سبحانه ٌ‬
‫كفيل‬

‫ن‬ ‫ل‬
‫ٌ‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوز عي‬
‫صالة خاشعة‪ ،‬أو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫دعوة صادقة‪ ،‬أو‬ ‫كانت‪ِّ .‬‬
‫تعشمي يف‬
‫ُ‬
‫يهون عليه أن‬ ‫تعشمي يف ٍ‬
‫أحد ال‬ ‫ِ‬
‫وأبيك‪َّ .‬‬ ‫يف رضا ِ‬
‫أمك‬
‫«رغما عني»‪ .‬تعشمي يف‬ ‫يقول ِ‬
‫لك‪« :‬واهلل لم أقدر»‪ ،‬أو‬ ‫َ‬
‫ً‬
‫من يبيع الدنيا مِن أج ِل أن ِ‬
‫ترضي‪.‬‬ ‫َ‬

‫ال ترضي‪...‬‬
‫ِ‬
‫حقك مهما‬ ‫مما تستحقين‪ ،‬وال تتنازلي عن‬ ‫َّ‬
‫بأقل َّ‬
‫ٍ‬
‫أناس ال‬ ‫أي قيمة لدى‬
‫كان‪ ،‬فتلك التنازالت ليس لها ُّ‬

‫‪109‬‬
‫شخصا ثانو ٍّيا أو احتياط ًّيا‬
‫ً‬ ‫ُيقدِّ رون‪ .‬ال تقبلي بأن تكوين‬
‫أن تحت ِّلي‬
‫حاجة‪ ،‬وال تحاولي ْ‬ ‫ٍ‬ ‫أو ِع ً‬
‫وضا أو مجر َد سدِّ‬
‫شأنك‪،‬‬‫ِ‬ ‫بحياة أحد‪ .‬ال تقللي من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سبقك‬ ‫مكان َة ٍ‬
‫أحد‬
‫غال‪ ،‬ومن ال يقدِّ ِ‬
‫رك حق‬ ‫ِ‬
‫فأنت غالي ٌة وتستحقين ك َُّل ٍ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫بقلبك‪ ،‬وتأكدي َّ‬
‫أن هناك‬ ‫قدرك فال تجعلي له مكانًا‬‫ِ‬
‫ِ‬ ‫من يتمن ِ‬

‫ع‬
‫ويعلم جيدً ا ما تستحقين‪.‬‬
‫ُ‬ ‫قيمتك‪،‬‬ ‫ويعرف‬
‫ُ‬ ‫َّاك‬ ‫َ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ُّأي أحدٍ ‪ ...‬ب ل‬
‫حضورك؛والالتو ُّز‬
‫يستحقعي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫غيابك َ‬
‫قبل‬ ‫ِ‬
‫قيمتك يف‬ ‫ال يعرف‬
‫ِ‬ ‫ً‬
‫سؤال أو اهتما ًما‪ ،‬أو حتى مجرد التفكير به‪ .‬هناك‬ ‫منك‬
‫أمانيه وجودك‪ ،‬أو رسالة منك ولو بالخطأ أو‬ ‫ِ‬ ‫َمن ك ُُّل‬
‫ٍ‬
‫خاطر‬ ‫ٍ‬
‫عطف‪ ،‬أو جربُ‬ ‫نظر ُة رضا من َع ِ‬
‫ينيك‪ ،‬أو كلم ُة‬
‫ِ‬
‫بعدك وغيابك؛ ال‬ ‫ِ‬
‫بالعذاب يف‬ ‫فمن ال يشعر‬ ‫لقلبه‪َ ،‬‬
‫قربك ووجودك‪ .‬وعلى الدنيا السالم‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫يستحق لذ َة‬

‫‪110‬‬
‫شخص‪...‬‬
‫ٍ‬ ‫أي‬
‫ُّ‬
‫وقدرا ومنزلةً‪ ،‬وأفضل‬ ‫حجما‬ ‫يرى أنه أكرب ِ‬
‫منك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍ‬
‫شيء كان‪ ،‬يرى نفسه بعين الكِرب والتعالي‬ ‫ِ‬
‫منك يف أي‬
‫ِ‬
‫وأنت ُمجرب ٌة أن تقبلي به من أجل أن تسير‬ ‫والغرور‪،‬‬
‫الحياة‪ ،‬وتعلمين جيدً ا أنه يملك مقدر ًة فائقة على‬

‫ري‬ ‫ص‬
‫المكر والخداع‪ ،‬هذا الشخص ال تناقشيه وال تحاوريه‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ع‬


‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫أو حتى تجادليه‪ ،‬فهو يرى أنه الشخص الوحيد ذو‬

‫ن‬
‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ش‬
‫وزيع‬
‫الكوكب‪ ،‬وباقي البشر يف نظره‬ ‫الرأي السديد على هذا‬
‫شيء‪ ،‬فال‬ ‫ال‬ ‫له‬ ‫بالنسبة‬ ‫ِ‬
‫وأنت‬ ‫‪،‬‬ ‫مخطئون‪ ،‬هو ال ِ‬
‫يراك‬
‫ترتددي يف تركه‪ ،‬كوين على درجة كبيرة من التقدير‬
‫ِ‬
‫بقيمتك‪ ،‬كوين حذرةً‪ ،‬فال تدخلي يف‬ ‫لذاتك والوعي‬
‫صراعات ِ‬
‫أنت يف غنًى عنها؛ لتعيشي يف سال ٍم نفسي‬ ‫ٍ‬
‫بينك وبين نفسك‪ ،‬وعندما يحين الوقت المناسب؛‬‫ِ‬
‫ستطرده أفعاله ومعتقداته الخادعة خارج دائرة‬
‫حياتك‪ ،‬وعن اقتنا ٍع تام لن تلتفتي إليه مطل ًقا‪ِ ،‬‬
‫ألنك لم‬ ‫ُ‬ ‫ٍّ‬
‫تعامليه بنفس أسلوبه الخادع‪ ،‬ولم تسيئي إليه رغم ما‬

‫‪111‬‬
‫ِ‬
‫فعلت‬ ‫وأسلوب دينء ستجدين ِ‬
‫أنك قد‬ ‫ٍ‬ ‫يملكه من لؤ ٍم‬
‫الصواب‪ ،‬حيث ال ندم أو حزن أو عتاب أو جلد ٍ‬
‫ذات‬
‫ِ‬
‫لروحك‪.‬‬

‫ال تسمحي‪...‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬ ‫ٍ‬

‫ت‬ ‫ك‬
‫مشاعرك‪،‬‬ ‫أسلوبك‪ ،‬وال‬ ‫كالمك‪ ،‬وال‬ ‫ألحد ْ‬
‫أن ينتقدَ‬
‫كامل‪،‬‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬
‫وال شخصيتك‪ ،‬بال وجه حق‪ ،‬فال أحدَ من البشر ٌ‬

‫ع‬‫والتوزي‬
‫شخص على وجه األرض طريقته وشخصيته‬ ‫ٍ‬ ‫ولكل‬
‫أن ُيبدِّ َل‬ ‫ٍ‬
‫ألحد ْ‬ ‫وأسلوبه الذي يميزه‪ ،‬فال تسمحي‬
‫ورضا تا ٍّم به‪ ،‬وال تسمحي‬ ‫أنت على اقتنا ٍع ً‬ ‫بأمر ِ‬‫قناعتك ٍ‬ ‫ِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫استعالء‬ ‫بنظرة‬ ‫أي شخص‪ ،‬أو‬ ‫باللو ِم المستمر لك من ِّ‬
‫إليك‪ ،‬فهم ليسوا بأفضل ِ‬ ‫غرور ُتوجه ِ‬
‫منك‪،‬‬ ‫ٍ َ َّ ُ‬ ‫أو تك ُّب ٍر أو‬
‫ٍ‬
‫بشيء البتَّة‪ ،‬فالمالئكة‬ ‫ِ‬
‫يسبقونك‬ ‫منك‪ ،‬وال‬ ‫وال أجمل ِ‬
‫توزعت‪،‬‬ ‫ٌ‬
‫أرزاق قد َّ‬ ‫َ‬
‫يسكنون السما َء ال األرض‪ ،‬وهي‬
‫خالق ك ُِّل‬ ‫ُ‬
‫الكمال إال هلل وحده‪ُ ،‬‬ ‫و ُق ِض َي فيها األمر‪ ،‬وما‬
‫الخلق‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫ال تعتذري‪...‬‬

‫الحق‬‫ُّ‬ ‫ألحد أكثر من مرة‪ِ ،‬‬


‫لك‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫موقفك‬ ‫وال تربِّري‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫مت‬‫قوة ما د ِ‬
‫وتيت من ٍ‬
‫نفسك بكل ما ُأ ِ‬
‫ِ‬ ‫أن تدافعي عن‬
‫ُ‬
‫تقصير‬ ‫أن تعتذري إذا بدَ ر ِ‬
‫منك‬ ‫وعليك ْ‬‫ِ‬ ‫لم ُتخطئي‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫َ َ‬
‫كنت‬‫توضحي ما الذي ِ‬ ‫غير َعمد‪ ،‬وأن َّ‬ ‫خطأ عن ِ‬
‫ٌ‬ ‫أو‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫تقصدينه‪ ،‬ويف كلتي الحالتين ال بدَّ أن تشعري بالرضا‬
‫يجب أن‬
‫ن‬ ‫ل‬
‫ِ‬
‫حديثك معه‬
‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫وبمجرد أن ُتنهي‬
‫عن نفسك‪ُ ،‬‬
‫ش‬
‫ُ‬

‫والتوز عي‬ ‫ر‬


‫يسو َد الرضا المكان الذي يجمعكما‪ ،‬وال ينبغي له أن‬
‫موقف شبيه ٍ‬
‫ألمر قد‬ ‫ٌ‬ ‫لك إن حدث فيما بعد‬ ‫يكرر عتابه ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫تذكيرك به؛ كي‬ ‫ِ‬
‫اعتذرت عنه من قبل‪ ،‬وعليه أال يعاود‬
‫تعي األمر جيدً ا وأن‬
‫ال يعتاد ذاك األمر‪ .‬إذن فال بدَّ أن َ‬
‫ِ‬
‫تحفظي كرامتك‪ ،‬فكرام ُة المرأة يف ُ‬
‫الحب و ُعذريتها‬
‫فإياك والتفريط يف إحداهما‪ ،‬وعليه‪ ...‬إن لم‬ ‫ِ‬ ‫س َّيان‬
‫منك اعتذارا فال ِ‬
‫تعتذري‪...‬‬ ‫يتطلب األمر ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬

‫‪113‬‬
‫ال تنبهري‪...‬‬

‫بمكانة أكرب‬ ‫ٍ‬ ‫بطريقة مبال ٍغ فيها‪ ،‬حيث تضعينه‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫بأحد‬
‫ٍ‬
‫ببساطة وتق ُّب ٍل‬ ‫مما يستحق‪ ،‬وهذا يعني أن تتعاملي‬
‫ِ‬
‫وجود‬ ‫مع كل األشخاص وكالمهم وأفعالهم‪ ،‬ومع‬
‫لموقف ألحدهم حي َن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫األشياء وفقدها‪ .‬ال تنبهري َّإل‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫غيرك‪ ،‬أو جرب َِك يف ٍ‬
‫ِ‬ ‫مي ِ‬

‫ا‬ ‫ري‬
‫وكسرك فيه‬ ‫جرحك‬ ‫وقت‬ ‫زك عن‬

‫ل‬
‫ِّ‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجميع‪ ،‬أو آمن ِ‬

‫ن‬ ‫ل‬
‫وبذاتك‪،‬‬ ‫بوجودك‬ ‫كفر ُّ‬
‫الكل‬ ‫وقت َ‬
‫بك َ‬ ‫َ‬

‫و‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫ٍ‬
‫و‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫زيع‬
‫بموقف ال‬ ‫بروحه‪ ،‬مجرد انبهار‬ ‫خاطرك‬ ‫أو اشرتى‬
‫معاملتهم‬ ‫فيه‬ ‫تتبدل‬ ‫وقت‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬
‫عليك‬ ‫بشخص‪ ،‬حتى ال يأيت‬
‫ِ‬
‫لك فتندمي‪.‬‬

‫أنت‪ ،‬أن تشاهديهم‬ ‫فعل فهي ِ‬ ‫االنبهار ً‬ ‫تستحق‬


‫ُّ‬ ‫أ َّما َمن‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫باالتك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بصمتك وال ُم‬ ‫بمنتهى الهدوء وهم ُمنبهرون‬
‫لفت‬
‫إهبارك‪ ،‬أو َ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اكرتاثك بمواقف يحاولون هبا‬ ‫وعدم‬
‫يحمل الخير ِ‬
‫لك‪ ،‬فال‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫يعنيك وال‬ ‫ِ‬
‫نظرك ل ُك ِّل ما هو ال‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ينبهرون بك‪.‬‬ ‫تنبهري‪ ،‬و َدعيهم هم‬

‫‪114‬‬
‫في الحقيقة‪...‬‬

‫ويقويها‬ ‫ِ‬
‫البنت‬ ‫ال أحد يف الدُّ نيا بأكملها يشدُّ عو َد‬
‫ِّ‬
‫إال أبوها‪ ،‬وال أحد بالدنيا بأسرها يكسرها مثل أبيها‪،‬‬
‫األب هو المسؤول األول واألخير عن الصحة النفسية‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫حضن أبيها ُح ًّبا واهتما ًما‪،‬‬ ‫فمن شبِ َعت من‬
‫البنته‪َ ،‬‬

‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫وحنانًا واحتوا ًء‪ ،‬لن يستطيع أن يكسرها أحدٌ أبدً ا‪،‬‬

‫ل‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫أي عقبة‪ .‬ب ل‬
‫فهو قد منحها القدرة على تجاوز أي محنة و َت َخ ِّطي‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫األب الذي يحنو و ُيع ِّلم ويحتضن والتو‬
‫ويناقش‪،‬ز ُعغيري‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫بقسوة وتجاه ٍل وال مباالة‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬
‫األب الذي يعامل ابنته‬
‫يسمح لها بالحوار أو النقاش‪ ،‬هو فقط يأمر وينهي؛‬
‫َ‬
‫وذاك مرفوض‪،‬‬ ‫عيب‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫خطأ وهذا حرا ٌم‪ ،‬وهذا‬ ‫فهذا‬
‫بح َّجة‬
‫دائما هي العليا‪ ،‬ورأيه فقط هو الصواب؛ ُ‬
‫كلمت ُه ً‬
‫َ‬
‫أفضل منها‪ ،‬ولكنه يف حقيقة األمر‬ ‫أنه يعرف مصلحتها‬
‫يكسرها ويقضي عليها‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫ب الكبير البنته‪ ،‬هو مث ُلها األعلى‪،‬‬ ‫الح ُّ‬
‫األب هو ُ‬
‫ُ‬
‫محفورا بداخلها طوال العمر‪ ،‬وهو الذي‬
‫ً‬ ‫الذي ُّ‬
‫يظل‬
‫ِ‬
‫عثرات ومصائب الحياة‪ .‬فاللهم‬ ‫أكسبها مناع ًة ضد كل‬
‫خير‬
‫ضم ابنته واحتضنها ح ًّيا كان أو ميتًا َ‬
‫أب َّ‬ ‫ِ‬
‫اجز كل ٍ‬
‫الجزاء‪.‬‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ن‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫ُّأي عالقةٍ ب ل‬
‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوزي‬
‫‪...‬‬

‫ع‬
‫ٍ‬
‫سمى ال تنعمين فيها براحة َأهنِيها ً‬
‫فورا‪،‬‬ ‫أي ُم َّ‬
‫تحت ِّ‬‫َ‬
‫حال‪َ ،‬أغلِقي أبواهبا‬
‫اخرجي من سراديبها المكذوبة ً‬
‫ٍ‬
‫بسرعة‪.‬‬

‫سبب‪ ،‬فال ُتكملي يف تلك‬ ‫ٍ‬ ‫متى انعدمت الراح ُة ِّ‬


‫ألي‬
‫ٍ‬
‫خانة‪ ،‬أو مل ًئا‬ ‫ٍ‬
‫ألحد‪ ،‬وال سدِّ‬ ‫لست ً‬
‫بديل‬ ‫أنت ِ‬‫العالقة‪ِ ،‬‬
‫ِ‬
‫يستغلك من أجل َغ َر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ض يف‬ ‫لفراغٍ‪ ،‬وال أنت متاح ٌة َ‬
‫لمن‬
‫ِ‬
‫يرتكك‪.‬‬ ‫نفسه‪ ،‬يحصل عليه ثم‬

‫‪116‬‬
‫ِ‬
‫عليك‬ ‫ِ‬
‫وجودك‪ ،‬ويحافظ‬ ‫ٍ‬
‫بصدق سيقدر‬ ‫ِ‬
‫يحبك‬ ‫َمن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫سيجعلك‬ ‫كأنك صدق ُة ٍّ‬
‫سر يريد هبا الفوز بالجنة‪،‬‬
‫جوهرته المصونة التي ال يستطيع االستغناء عنها إال‬
‫هبا‪ِ ...‬‬
‫أنت غالية‪.‬‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫شخص‪...‬‬
‫ٍ‬ ‫ُك ُّل‬

‫ن‬ ‫ل‬
‫ِ‬
‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫قت ِ‬
‫عليه ُأمني ًة‬ ‫ع ّل ِ‬

‫ش‬
‫وخذلك‪ ،‬هذه يف حد ذاهتا نعمةٌ‪،‬‬

‫والتوز عي‬ ‫ر‬


‫تشكرين اهلل عليها‪ ،‬ال تتعبي‪ ،‬ول ِ َم العجب وقد كان‬
‫رك بحقيقة األمر‪ ،‬إهنا إشار ٌة ربانية بأن‬‫سببا يف أنه بص ِ‬
‫َ َّ‬ ‫ً‬
‫يعطيك القو َة لتتعلمي كيف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يرتكك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫معك‪ ،‬لن‬ ‫اهلل‬
‫ٍ‬
‫شخص‬ ‫تواجهين الحياة‪ ،‬فال تتألمي أو تندمي على‬
‫ِ‬
‫خذلك س ُي ُ‬
‫خذل من‬ ‫ِ‬
‫خذلك‪ ،‬ألن األيا َم ُد َو ٌل‪ ،‬وكما‬
‫معك‬‫ِ‬ ‫الجهة التي ال ُيتوقع منها الخذالن‪ ،‬كما فعل‬
‫تما ًما‪ ،‬فكما تدي ُن ُتدان‪ .‬فاهنضي واثبتي‪ ،‬وال تسمحي‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫لنفسك باالنكسار أو الوقوع‪ ،‬فمثلك إن ُو ِجد ال ُ‬
‫يقع‬
‫أبدً ا وليس لها يف القا ِع مكان‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫لو أَ َّن ِ‬
‫ك‪...‬‬
‫حياتك دونه‪ ،‬فلتعلمي ِ‬
‫أنك‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫بأحد وال تري َن‬ ‫متع َّلق ٌة‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫قدميك‪ ،‬فال‬ ‫مخطئ ٌة مِن ذروة سنامِك إلى أخمص‬
‫يموت لفراق أحد‪ ،‬وال تقف الحيا ُة من أج ِل‬
‫ُ‬ ‫أحدَ‬
‫ٍ‬
‫أحد مهما كان ولو كانت الدنيا تقف على أحد‪ ،‬فكيف‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ري‬
‫كنت تعيشي َن إذن َ‬

‫ا‬
‫استطعت‬ ‫قبل أن تعرفيه؟! وكيف‬
‫أنت ِ‬
‫ب‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬
‫الحيا َة من بعده؟! فلتكوين قوي ًة من أجلك‪ِ ،‬‬

‫ل‬
‫عاناتكن وقهرك وتضحياتك؛‬ ‫ل‬
‫لست‬

‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬


‫ِ‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫بضعيفة‪ ،‬وعلى ِ‬ ‫ٍ‬

‫قيمتكو‪َ ،‬مزينع‬
‫قدر ُم‬
‫إيالمك‬ ‫يف‬ ‫ب‬‫أن َمن َّ َ‬
‫ب‬ ‫تس‬ ‫خيرا‪ ،‬وتأكدي َّ‬ ‫ستُجازي َن ً‬
‫ِ‬ ‫وسيبعث اهلل ِ‬
‫لك َمن يقدِّ ر‬ ‫ُ‬ ‫س َين َُال عقابه‪،‬‬
‫َيود أن ُي َق ِّب َل َ‬
‫ذاك الثرى الذي ُتخطه قدماك‪.‬‬

‫تتذكرين‪!...‬‬

‫تمر‪ ،‬ولكنها‬ ‫ِ‬


‫أوجعتك‪ ،‬لم تكوين تتوقعي َن ْ‬ ‫أسو ُأ أيا ٍم‬
‫أن َّ‬
‫مرت‪ ،‬وستأيت بعدها الكثير من األيا ِم بحلوها ِّ‬
‫ومرها‪،‬‬ ‫َّ‬

‫‪118‬‬
‫فلتتعودي أال تنكسري‪ ،‬وأال تضعفي‪ ،‬وأال يظهر‬
‫غفور رحيم؟!‬ ‫ِ‬
‫ضعفك أمام أحد‪ ،‬أال تعلمي أن اهلل‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫سيقبلك‪ ،‬ويغفر‬ ‫ِ‬
‫مألتك الذنوب‪،‬‬ ‫فاذهبي إلى اهلل وإن‬
‫ِ‬
‫عنك غطاء‬ ‫لك‪ ،‬ويجرب خاطرك‪ ،‬ولن يكشف اهلل‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫األمان والملجأ والمالذ والسند‪ ،‬فثقي‬ ‫سرته‪ ،‬فهو‬
‫بال ألحد ٌّ‬
‫فكل‬ ‫ربك واستبشري‪ ،‬وال ُتلقي ً‬‫برحمة ِ‬
‫ِ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ت‬ ‫ك‬
‫ُمعاب لوال السرت‪.‬‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫والتوز عي‬ ‫أحد فينا‪...‬‬
‫ِ‬
‫ال َ‬

‫يريد لنفسه أن تتوجع‪ ،‬أو ُتجرح‪ ،‬أو يصيب قلبه ُّ‬


‫أي‬
‫يضيع عمر ُه هبا ًء‪ ،‬ال‬
‫َ‬ ‫أذى أو مكروه‪ ،‬ال أحد يريد أن‬
‫حرم من الراحة والسالم النفسي كي‬ ‫أحد يو ُّد أن ُي َ‬
‫ب‪ ،‬ويواسي ويجرب ويكون سندً ا‬ ‫ِ‬
‫ب و ُي َح َّ‬ ‫يستطيع أن ُيح َّ‬
‫َ‬
‫ثقة وأمان‪ ،‬ولكننا السبب لألسف نحن‬ ‫وأمل ومحور ٍ‬ ‫ً‬
‫َ‬
‫َمن نتسبب يف كل ما يؤرقنا ويعكر صفو راحتنا‪ ،‬نبحث‬
‫يمصوا‬
‫عمن يؤلمنا‪ ،‬نسمح لألشخاص الخطأ بأن َّ‬
‫َّ‬
‫‪119‬‬
‫بخس‪ ،‬وال يبقون على‬ ‫ٍ‬
‫بثمن ْ‬ ‫دماء قلوبنا‪ ،‬ويبيعوهنا‬
‫ٍ‬
‫ذكريات أو أيا ٍم قضيناها معهم‪ ،‬فنحن نعطي الكثير‬
‫ٍ‬
‫بطريقة مبا َل ٍغ فيها‪ ،‬ونخلق لهم‬ ‫من الفرص‪ ،‬ونأمن لهم‬
‫األعذار والحجج‪ ،‬نقدِّ رهم ونصرب عليهم‪ ،‬ولكنهم ال‬
‫ٍ‬
‫مجهود نبذله معهم‪.‬‬ ‫يستحقون أي ٍ‬
‫طاقة أو‬ ‫َّ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫قدِّ منا الخير ولم ُي َرد إلينا‪ ،‬هكذا تربينا‪ ،‬أن نعطي‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬


‫ونكرم ونتمسك بكل ما ُأوتينا مِن ُحب‪،‬‬ ‫ِ‬

‫ش‬
‫ونصون‬

‫والتوزي‬ ‫ر‬
‫ع‬
‫ونواسي ونحنو حتى يف ْأوجِ احتياجنا‪ ،‬ال نؤذي وال‬
‫نخدع وال نجرح وال نخلِف وعدً ا‪ُ ،‬كنَّا نعم ًة مِن اهلل‬
‫يشبهنا وهم‬
‫ُ‬ ‫لن يستطيع أن يفهمها أو يقدرها إال َمن‬
‫نادرون فالحمد هلل على نعمة الحب دون مقابل‪،‬‬
‫والجرب لآلخرين رغم ما بنا من كسور‪ ،‬واألصل الذي‬
‫اهلل‬
‫ليميز ُ‬
‫َ‬ ‫تتمحص فيه النفوس؛‬
‫َّ‬ ‫نشأنا عليه يف ٍ‬
‫زمن‬
‫الخبيث مِن الطيب‪.‬‬
‫َ‬

‫‪120‬‬
‫ُ‬
‫أجمل مرحلةٍ ‪...‬‬
‫أن تصلي إليها هي مرحل ُة (االستغناء)‪ ،‬ال‬ ‫ُيمك ُن ْ‬
‫أحد أو غيابه أ ًّيا كان ال تسألين‪ ،‬وال‬ ‫تأهبين لوجود ٍ‬
‫َ‬
‫تنتظرين جوا ًبا‪ ،‬ال تخشي َن وج ًعا أو فقدً ا‪ ،‬وال تكرتثين‬
‫ِ‬
‫أسباب تغ ُّيره‪ ،‬لم يعد‬ ‫لتغ ُّير أحد‪ ،‬بل وال تبحثين عن‬

‫ع‬
‫ضمر ِ‬ ‫لك حبا وي ِ‬ ‫يعنيك أمر من يظهر ِ‬ ‫ِ‬

‫ص‬
‫ُرها‪ ،‬ال‬
‫لك ك ً‬ ‫ُ ًّ ُ‬
‫ري‬
‫ُ َ‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫تعاتبين غائ ًبا‪ ،‬وال هتتمين ألمره باألساس‪ ،‬تتجنبين‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫ِ‬ ‫ِ‬

‫وال ِتوز عي‬


‫استغنيت‬ ‫لراحة البال‪،‬‬ ‫الحوارات والنقاشات طل ًبا‬
‫عتاب أو حتى سؤال‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫أي اهتما ٍم أو‬
‫استغنا ًء تا ًّما عن ِّ‬
‫وأكثر أمانًا‪ ،‬فما ُعدت ُت َح ِّملي َن‬ ‫أصبح األمر مريحا ِ‬
‫لك‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ألحد‪ ،‬أو خو ًفا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫تربيرات إرضا ًء‬ ‫ِ‬
‫نفسك ما ال ُتطيِقين‪ ،‬ال‬
‫بات‬‫عندك بين الجميع؛ فقد َ‬ ‫ِ‬ ‫من لو ٍم أو عتاب‪ ،‬ال َ‬
‫فرق‬
‫ِ‬
‫نظرك سواء‪.‬‬ ‫ال ُك ُّل يف‬
‫ِ‬
‫الوجود‬ ‫فوق‬ ‫ِ‬
‫روحك َ‬ ‫ِ‬
‫وجودك‪ ،‬تصنعي له من‬ ‫َمن ُي َقدِّ ر‬
‫ِ‬
‫واكتفي‪.‬‬ ‫أنت ِ‬
‫أنت‬ ‫وجودا‪ ،‬وإال فاستغناء تام‪ِ .‬‬
‫ٌ ٌّ‬ ‫ً‬

‫‪121‬‬
‫ٍ‬
‫وقت‪...‬‬ ‫أشد‬
‫ِّ‬ ‫في‬

‫كان النبي صلى اهلل عليه وسلم ُمض َّطهدً ا و ُم َ‬


‫حار ًبا يف‬
‫عقيدتِه وحياتِه الشخصية؛ َه َّي َأ اهلل له (سيدة)‪ ،‬ولكنها‬
‫أكثر حرو ًفا ومعنًى‬ ‫نجملها َ‬
‫أي سيدة‪ ،‬دعونا ِّ‬ ‫ليست َّ‬
‫إهنا السيد ُة «خديجة» أم المؤمنين رضي اهَّلل عنها أول‬

‫ع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ري‬ ‫ص‬
‫الظروف واألوقات‬ ‫أحلك‬ ‫من آمنت به من النساء‪ ،‬يف‬

‫ل‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫العصيبة‪.‬‬

‫و‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫و‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫ووصلته ز عي‬
‫حينما َّ‬
‫كذبوه‪ ،‬وآوته عندما‬ ‫قته‬ ‫(السنَد)‪َ ،‬من صدَّ‬ ‫هي َّ‬
‫قاطعوه‬ ‫عندما‬ ‫َ‬ ‫وقت أخافوه‪،‬‬ ‫نكروه‪ ،‬و َأ َّمنَت ُه َ‬
‫وهجروه‪.‬‬

‫ب‪ ،‬وكانت أكرب منه سنًّا؛‬ ‫ونس ٍ‬


‫ب َ‬ ‫حس ٍ‬
‫ذات َ‬
‫كانت َ‬
‫مال‪ ،‬ولم يرفضها لكرب سنها‪ ،‬ولم ترفضه‬ ‫وأكثر منه ً‬
‫أصغر سنًّا منها أو ُ‬
‫قليل الخربة‪ ،‬بل استأمنته‬ ‫ُ‬ ‫فقير أو‬
‫ألنه ٌ‬
‫على تجارهتا وأموالها وحياهتا‪.‬‬

‫أشرف َمن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫يكون زوجها‬ ‫اختيارا من اهلل أن‬
‫ً‬ ‫كان‬
‫ِ‬
‫نساء العالمين‪َ ،‬و َّفرت‬ ‫خ َلق‪ ،‬وأن تكون زوجته َ‬
‫أكمل‬
‫‪122‬‬
‫َ‬
‫األمان والسالم‪ ،‬واحتوته وأح َّبته‪ ،‬وافتخرت به‬ ‫له‬
‫أمام العالمين‪ ،‬كان حبيبها وصاحبها وزوجها‪ ،‬كان‬
‫الحيا َة يف عينيها‪ ،‬والجن َة يف قلبها‪ ،‬كان عا َل ُمها وعالِمها‬
‫و ُمع ِّلمها األول‪ ،‬ومِن أجل ذلك كانت السيدة عائشة‬
‫كثرة ذكر الرسول صلى‬ ‫بشدة مِن ِ‬‫ٍ‬ ‫تغار‬
‫رضي اهَّلل عنها ُ‬
‫ِ‬
‫والمعروف‬ ‫اهلل عليه وسلم اسمها بعد موهتا بالفض ِل‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ص‬ ‫ع‬


‫ت‬ ‫ك‬
‫والخير‪.‬‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬


‫بيت أصيلٍ‪ ،‬و ُأ ِ‬
‫والسند‪ ،‬وا َ‬
‫ب‬
‫نشأت يف ٍ‬

‫ل‬
‫حسنَت تربيتُها؛‬ ‫متى‬ ‫المرأةُ؛‬

‫أن‬
‫ت‬
‫تحملك داخل قلبها‪ ،‬تقرؤك من عينيكو َزقبليع‬
‫تحبك أكثر من‬ ‫عم الزوجة واالبنة‬
‫َ‬
‫َ‬
‫لك نِ‬
‫كانت َ‬
‫نفسها‪،‬‬
‫وتتألم‬
‫ُ‬ ‫تفرح لفرحك‪،‬‬
‫إليك وأنت معها‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫تشتاق َ‬ ‫تتكلم‪،‬‬
‫َ‬
‫همك‪.‬‬ ‫َ‬
‫وتنسيك‬ ‫َ‬
‫شدتك‪،‬‬ ‫َ‬
‫تعاونك يف‬ ‫لحزنك‪،‬‬

‫أحسه وعاشه‪،‬‬ ‫ِ‬


‫يشعر به إال َمن َّ‬
‫َ‬ ‫«السند» لن‬
‫ومعنى َّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫واستطاع أن يقدِّ مه على ٍ‬
‫طبق من ُح ٍّ‬
‫َ‬
‫بتفاصيلك‪،‬‬ ‫َ‬
‫تواسيك‪ ،‬هتتم‬ ‫َ‬
‫راضيك‪،‬‬ ‫«السند»؛ هي التي ُت‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫هجرك‪.‬‬ ‫تتحمل ُب َ‬
‫عدك أو‬ ‫َّ‬ ‫وال‬

‫‪123‬‬
‫ِ‬
‫النصيحة‪ ،‬وبنتًا يف‬ ‫تكون ُأ ًّما يف‬
‫ُ‬ ‫السند؛ هي التي‬‫َّ‬
‫الدالل‪ ،‬و ُغص َن سال ٍم يطرح ُح ًّبا ورحم ًة ومودةً‪...‬‬

‫إن كان امرأةً‪ ،‬وأح َّبت؛ فإهنا ُتغنِي عن‬


‫«السند»؛ ْ‬
‫َّ‬
‫العالمين‪...‬‬

‫ليت قومي يعلمون‪!...‬‬


‫ويا َ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫ش‬
‫ىىى‬

‫والتوزي‬ ‫ر‬
‫ع‬

‫‪124‬‬
‫‪S‬‬‫أشياء تؤلِ ُمك‬
‫َ‬ ‫َعن‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬
‫بقايا الذكريات‪...‬‬

‫والتوز عي‬
‫العالقة بوجدانك‪ ...‬أما آن األوان للتخلص منها؟!‬
‫أما آن األوان لتفريغ العقل مما تسبب يف ذهوله‬
‫وغيابه؟!‬
‫تلك الذكريات التي لم تعد صالحة لالستخدام‪،‬‬
‫ٍ‬
‫مرغوب فيه‪...‬‬ ‫غير‬
‫وأصبح وجودها َ‬
‫تلك التي تسببت يف ُحزنك‪ ،‬وألمك‪ ،‬ودموعك‪...‬‬
‫تلك التي جلبت لقلبك الخيبات‪ ،‬والحسرات‪...‬‬
‫ِ‬
‫خذلك أصحا ُبها‪ ،‬ورحلوا‪...‬‬ ‫تلك التي‬
‫‪125‬‬
‫لتلك الذكريات أن ُتن َفى‪ ،‬أو ُت َ‬
‫حرق‪ ،‬أو‬ ‫أما آن األوان َ‬
‫ُت َّ‬
‫مزق إلى أشالء؛ يستحيل جمعها؟!‬
‫أما آن‪...‬؟!‬

‫ع‬
‫االنتظار‪...‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫المعاناة القاسية‪ ،‬والرياح العاتية‪ ،‬والضربات‬

‫بل‬
‫ُ‬

‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ر‬
‫وحلم‪،‬‬
‫ب‪ ،‬ورصد‪ ،‬ولهفة‪ُ ،‬‬ ‫المربحة‪ ،‬بين تر ُّق ٍ‬ ‫ِ‬
‫الموجعة ُ‬

‫ع‬‫والتوزي‬
‫ِ‬
‫صيبك‬ ‫ِ‬
‫لديك ُي‬ ‫ورجوع‪ ،‬وأملٍ‪ ،‬ويأس‪ ...‬االنتظار‬
‫والخزعبالت والتنبؤ واالستشعار‪...‬‬ ‫بالهوس والهلع ُ‬
‫ِ‬
‫وعقلك‬ ‫ِ‬
‫قلبك‬ ‫شعور متضارب يخالط‬ ‫ٍ‬ ‫ألف‬
‫ُ‬
‫شخصا ما‪ ،‬فيه حياتك‪...‬‬ ‫ِ‬
‫وجوارحك كلها‪ ...‬تنتظرين‬
‫ً‬
‫تنتظرين غائ ًبا يعود؛ لتعود حياتك‪...‬‬
‫ً‬
‫اتصال؛ ُيغير مجرى حياتك‪...‬‬ ‫تنتظرين‬
‫أيضا حياتك التي مرت من خاللك‪ ،‬ولم‬ ‫تنتظرين ً‬
‫تش ُعري هبا‪ ،‬تنتظرين تكرارها الغتنام ُفرص فيها‪...‬‬
‫‪126‬‬
‫تنتظرين فرحةً‪ ،‬أو جربًا‪ ،‬أو ً‬
‫حال غير الحال‪...‬‬
‫أيضا أشياء أبدً ا لن‬
‫تنتظرين أشياء تعود‪ ،‬وتنتظرين ً‬
‫وهم على قيد‬ ‫أشخاصا‪ُ ،‬‬ ‫تعود‪ ...‬االنتظار أمات ِ‬
‫قبلك‬
‫ً‬
‫األم ِل ينتظرون‪ ،‬فال تلحقي بِهم‪.‬‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫الخِ ذالن‪...‬‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬


‫الخذالن األول يف كُل شيء؛ سيرتك ِ‬

‫ش‬
‫فيك وج ًعا ال‬

‫والتوز عي‬ ‫ر‬ ‫رارا ال ُينسى‪ ،‬وقل ًبا ًّ‬


‫هشا ال حياة فيه‪ ،‬لدرجة‬ ‫ُيطاق‪ ،‬و َم ً‬
‫أنك ستبقين خائف ًة من ظلك‪...‬‬ ‫ِ‬

‫الحب ما يكفي العالم‪ ،‬وكت ًفا لينة يسع‬ ‫ِ‬


‫عندك من ُ‬
‫المتعبين‪ ،‬ولكنك لم ت ُعودي تأمنين أحدً ا‪ ،‬وال‬
‫ُ‬
‫تسرتيحين ألحد‪ ،‬فالجميع يف نظرك خائنون‪ ،‬بعدها‬
‫حب وال‬ ‫عنك شخصا آخر‪ ،‬ال ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫رغما‬ ‫ستتحولين‬
‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ُي َحب‪ ،‬ال يؤ َلف وال يألف‪ ،‬فالحذر كُل الحذر أن‬
‫ِ‬
‫لديك ُدفع ًة واحدة‪ ،‬ف ُكل الذين‬ ‫ُتعطي األشياء كُل ما‬
‫وخ ِذلوا‪...‬‬
‫أعطوا ما لديهم ُدفع ًة واحدة خابوا ُ‬
‫‪127‬‬
‫ِ‬
‫ووهبت‬ ‫خيرا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫يؤلمك أن ُ ِ‬
‫ِ‬
‫يخذلك الذين ظننت هبم ً‬
‫ِ‬
‫وأفضت عليهم و ًّدا و ُقر ًبا‪...‬‬ ‫لهم ُح ًّبا‪،‬‬
‫ُ‬
‫فخربوه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أن يخذلك الذين بنيت لهم يف روحك بيتًا َّ‬
‫ورسمت لهم على شفاههم ابتسامة‪ ،‬فسرقوا‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫ابتسامتك‪...‬‬

‫ع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ص‬
‫تركوك َ‬
‫دون‬ ‫بدأت معهم طري ًقا‪ ،‬ويف منتصفه‬ ‫الذين‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ُع ٍ‬

‫بل‬
‫ذر أو سبب‪...‬‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫والتوزي‬
‫ِ‬
‫فأفلتوك‪...‬‬ ‫ِ‬
‫تمسكت هبم‪،‬‬ ‫لك الذين‬‫يخذ ِ‬
‫أن ُ‬

‫ع‬
‫سرا‬ ‫ِ‬
‫وأسرارهم‪ ،‬وهم خانوك ًّ‬
‫ُ‬ ‫حفظت عهودهم‬ ‫ِ‬ ‫الذين‬
‫وعالنيةً‪...‬‬
‫وهم نصبوا ِ‬
‫لك‬ ‫ك أسباب الحياة‪ُ ،‬‬ ‫الذين منحهم قلب ِ‬
‫ُ‬
‫مشانق الموت بالغدر والطعن‪...‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫رجاءك‪...‬‬ ‫ِ‬
‫أحسنت هبم الظن‪ ،‬وخيبوا فيهم‬ ‫الذين‬
‫ِ‬
‫بالخذالن هكذا‪...‬‬ ‫كم هو مؤلم الشعور‬
‫سامحهم اهلل مِن أجل‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫عونك إن فعلوا‪ ،‬وال‬ ‫كان اهلل يف‬
‫ظنك‪.‬‬
‫‪128‬‬
‫ال ُبخل‪...‬‬
‫ليس فقط يف المال‪ ،‬بل يف المشاعر واالهتمام‬
‫واالحتواء واللين والكلمات الرقراقة‪...‬‬
‫ِ‬
‫عليك بسؤاله‪،‬‬ ‫ِ‬
‫عليك بوقته‪ ،‬والبخيل‬ ‫تكرهين البخيل‬
‫عليك برد جميلك معه‪ ،‬والبخيل إن ِ‬
‫غبت‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫والبخيل‬

‫ع‬
‫ِ‬ ‫والبخيل يف حضورك‪ ،‬والبخيل ْ‬

‫ص‬
‫مرضت‪ ،‬والبخيل‬ ‫إن‬

‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫ِ‬

‫ت‬
‫تعثرت‪...‬‬ ‫إن‬
‫ِ‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ب‬
‫سي ًئا‪ ،‬كُلما ُذكرت سيرته ل‬
‫ِ‬

‫الذين يقبضون أيديهم من العطاء‪ ،‬وعيوهنوُمالتمنوزالتم ُّععني‬


‫أثرا‬
‫وأصحابه‪ ،‬ويرتكون يف نفسك ً‬ ‫خل‪،‬‬ ‫يؤلمك ال ُب‬
‫عندك ال ُبخالء‬ ‫ِ‬ ‫كر‬ ‫ُ‬
‫ذ‬ ‫أمامك‬

‫والنظر‪ ،‬وقلوهبم من ِ‬
‫الحس والشعور‪ُ ،‬بخالء حتى مع‬
‫أنفسهم َّ‬
‫كأن على رءوسهم ُّ‬
‫الشح!‬

‫اإلهمال‪...‬‬

‫حت لهم بمشاعرك‪ ،‬وعلموا ما بين‬ ‫بعد أن ب ِ‬


‫ُ‬
‫ِ‬
‫أهملوك‪...‬‬ ‫جوانحك‪ ،‬وأيقنوا بامتالكك‪،‬‬
‫‪129‬‬
‫يقتلهم يف أمرك‪ ،‬كم ادعوا أهنم و ُّدوا أن‬
‫كان الفضول ُ‬
‫ويقاسموك وجعك‪ ،‬ولما وصلوا‬ ‫ِ‬ ‫فرحك‪،‬‬‫يشاركوك ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫أهملوك‪...‬‬ ‫ِ‬
‫إليك‬

‫كانت مشاعرهم ُمزيفة‪ ،‬وأساليب ُقرهبم خادعة‪،‬‬


‫ِ‬
‫فأهملوك‪...‬‬ ‫وتصرفاهتم واهية‪،‬‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ِ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫معك خطو ًة بخطوة‪ ،‬وكلم ًة‬ ‫أتذكرين حين كانوا‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬


‫بكلمة‪ ،‬واهتما ًما باهتمام‪...‬؟!‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوزي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ع‬
‫عنك‬ ‫ٌ‬
‫شاغل‪ ،‬اآلن ُهم‬ ‫يشغلهم عنك‬
‫ُ‬ ‫كانوا ال‬
‫فهم عند‬ ‫ِ‬
‫منشغلون‪ ،‬وبغيرك مهتمون‪ ،‬وإن كانوا معك ُ‬
‫غيرك‪...‬‬

‫وهم مؤنَسون بغيرك‪ ،‬بعدما‬ ‫ِ‬


‫أصبحت وحيدة هبم‪ُ ،‬‬
‫أزحت لهم عن ستائر أسرارك ومشاعرك واحتياجاتِك‬
‫أمامهم‬ ‫وكشفت عن سا َق ِ‬
‫يك‪ ،‬وتعريتي‬ ‫ِ‬ ‫ُدفع ًة واحدة‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫فأهملوك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫خباياك‪،‬‬ ‫من كل‬

‫‪130‬‬
‫الغياب‪...‬‬
‫حيث يثير ِ‬ ‫ِ‬
‫فيك الظنون‬ ‫أشب ُه عندك بالموت المؤقت‪ُ ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫ويسرق فساتين الفرح من‬ ‫ِ‬
‫بداخلك الشجون‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ويفتعل‬
‫ِ‬
‫غرقك يف‬ ‫رسك‪ ،‬و ُيغرق أشرعة نجاتِك‪ ،‬و ُي‬‫ليالي ُع ِ‬
‫ِ‬
‫شمسك‪ ،‬و ُيخفي‬ ‫دوامات القلق والحيرة‪ ،‬و ُيطفئ نور‬

‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫نور القمر يف عيونك‪ ،‬فيسمح للهاالت السوداء أن‬

‫ل‬ ‫ا‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫ت‬
‫ِ بل‬‫ك‬
‫تغزوها‪ ،‬وتحتلها وتكتسح‪...‬‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوز عي‬
‫الغياب عندك يجعل الدنيا سوداوية المالمح‪ ،‬شاحبة‬
‫ِ‬
‫مرضك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ويؤلمك‪ ،‬و ُي‬ ‫ِ‬
‫زعجك‪،‬‬ ‫الغياب ُي‬ ‫ألواهنا‪...‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ويجعلك كالعجوز الواقفة على حافة الهاوية‪ ،‬أو‬
‫سرادق العزاء لميت‪ ،‬الجميع يوقن بموته إال ِ‬
‫أنت‪ ،‬من‬ ‫ُ‬
‫داخلك ما ِ‬
‫زلت رافض ًة للخرب‪...‬‬ ‫ِ‬

‫ثورات وبراكين مِن اللهفة لذاك الغائب‪ ،‬التي لم‬


‫ٌ‬
‫ِ‬
‫بداخلك بعد‪...‬‬ ‫ُتخمد نيراهنا‬

‫‪131‬‬
‫الفِراق‪...‬‬

‫وروح عدمت الحياة‪،‬‬


‫ٌ‬ ‫قلب فارقه النبض‪،‬‬ ‫ُ‬
‫حيث ٌ‬
‫سقيما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هزيل‬ ‫وجسم أصبح‬
‫ٌ‬ ‫مع‪،‬‬
‫جف هبا الدَّ َ‬
‫َّ‬ ‫وعي ٌن‬
‫عليل ًّ‬
‫هشا‪...‬‬ ‫ً‬

‫حيث اسوداد الدنيا‪ ،‬وفقد شهيتها‪ ،‬وعدم القدرة‬ ‫ُ‬

‫ري‬ ‫ص‬ ‫ع‬


‫ال ُ‬
‫ات ونِ َعم‪...‬‬
‫ملذ ٍ‬
‫التلذذ بما تحتويه مِن َّ‬
‫ك‬
‫على ُّ‬

‫بيف دائرة ُ‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫ت‬
‫والهزائم النفسية ُالمتتالية‪ ،‬ل‬
‫ش‬
‫والركضر المستمر وراء‬
‫ُ‬

‫السراب والال شيء‪ ...‬هذه أعراض وال‬


‫الحزن واالكتئاب‪،‬‬ ‫الطويل‬ ‫المكوث‬ ‫حيث‬

‫شخصتوزي‬
‫واحدعٍ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫بسبب‪ ،‬أو بدون‪ ،‬ب ُع ٍ‬
‫ذر‪ ،‬أو بغير ُعذر‪ ،‬بعد‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫فارقك‬
‫ٍ‬
‫وشغف‪...‬‬ ‫ب‪ ،‬وتع ُل ٍق‪،‬‬‫ُح ٍ‬
‫ِ‬
‫السير م ًعا‪ ،‬فاختلفا يف‬ ‫قلبان كانا قد اتفقا على‬
‫االتفاق‪...‬‬
‫ِ‬
‫تركك للموت‪ ،‬تل ُفظين‬ ‫هذا ما فعله الفراق بِك‪،‬‬
‫ِ‬
‫أنفاسك األخيرة‪ ،‬وتحيين حياة البؤساء‪ ،‬وتأملين يف‬
‫العودة والرجوع‪...‬‬
‫‪132‬‬
‫ٍ‬
‫وأرق‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وسهر‪،‬‬ ‫هذا ما تسبب فيه الفراق من ٍ‬
‫تعب‪،‬‬
‫و ُمعاناة‪...‬‬
‫ٍ‬
‫عودة‪ ،‬أو‬ ‫شخص زرع ِ‬
‫فيك سها َم الفراق‪ ،‬وغادر بال‬ ‫ٌ‬
‫أم ٍل يف الرجوع‪...‬‬
‫ِ‬
‫أخذك الحنين لوادي‬ ‫ِ‬
‫تذكرت‪ ،‬أو‬ ‫عليك كلما‬‫ِ‬ ‫شفق‬
‫ُم ٌ‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫الشوق‪ ،‬حتى ُت َجنِّين َ‬
‫ري‬
‫حيث اللحظات‬ ‫بمن فارقك‪،‬‬

‫ت‬ ‫ك‬‫وأعماقك‪ ،‬ال ِ‬


‫الخالدة بوجدانِك‪ ،‬والكلمات المحفورة بذاكرتِك‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ب‬


‫تواريخلالذكريات زمانًا ومكانًا‪،‬‬
‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬
‫فظ‬ ‫وح‬

‫وز عي‬
‫والسيارات‪،‬‬ ‫الطيور‬ ‫وروائح العطور‪ ،‬وأصوات‬
‫والموسيقى الهادئة‪ ،‬أو الصاخبة‪ ،‬وترتيب اللوحات‬
‫اإلرشادية يف ال ُّطرقات‪...‬‬
‫ٍآه مِن وجع الفراق‪ ،‬إن َ‬
‫تخلل وتم َّكن‪...‬‬

‫ٍآه‪ ،‬ثم آه‪ ...‬فتاهللِ لو كان الفراق َر ُج ًل لقتلته‪ ،‬أو‬


‫فكر أن ُيفارق‪.‬‬
‫إن َّ‬ ‫أفقدته رجولته ْ‬

‫‪133‬‬
‫الهجر‪...‬‬

‫لماذا يؤلمك؟!‬
‫أحيا ُت ِ‬
‫ك عليهم متوقفة؟!‬
‫أم َّ‬
‫أن األكسجين بيدهم؟!‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫أم ِ‬

‫ري‬
‫أنك ترين بعيوهنم‪ ،‬وتنبضين بقلوهبم؟!‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫ن‬ ‫ل‬
‫هجروك لع َّل ٍة‪ ،‬فجميعهم علل‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ش‬
‫أن تتألمي ْ‬
‫إن‬ ‫ناهيك ْ‬

‫والتوزي‬
‫ِ‬
‫ر‬
‫ويحبونك بال‬ ‫ِ‬
‫يشبهونك‬ ‫ولن يبقى ِ‬
‫لك إال الذين صد ًقا‬

‫ع‬ ‫هدف أو غرض‪...‬‬‫ٍ‬

‫الهجر إن لم ي ُكن محمو ًدا ليتجدد ُ‬


‫الحب‪ ،‬و ُيعرف‬ ‫ُ‬
‫القدر و ُيحفظ الود‪ ،‬وتستمر المشاعر يف وصلها‪،‬‬
‫ومدحور أمر ُه‪...‬‬
‫ٌ‬ ‫وعطائها‪ ،‬فمذمو ٌم‬
‫فمن أعاد الوصل‬ ‫ِ‬
‫فإن ُهجريت‪ ،‬فابقي يف مكانك ثابتةً‪َ ،‬‬
‫َّ‬
‫واستلذ به‪،‬‬ ‫عتذرا‪ ،‬فاقبليه‪ ،‬و َمن أطال الهجر وأح َّب ُه‪،‬‬ ‫ُم ً‬
‫ِ‬
‫جنتك دون‬ ‫فعليه وعلى هجره و ُدنياه السالم‪ ،‬ومِن‬ ‫ِ‬
‫تمه ٍل اطرديه‪ ،‬و ُق ِض َي الهجر‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫تفكير أو ُّ‬

‫‪134‬‬
‫المفرطة‪...‬‬
‫الغِيرة ُ‬
‫للحب‪ ،‬الذي إن‬ ‫ال شك أن الغيرة هي العمود الفقري ُ‬
‫أصاب ُه خلل ُه ِدم وسقط‪ ،‬وسكن لهيب نار ُه التي يجب‬
‫عاع نوره الذي يجب أال ُيط َفأ‪...‬‬
‫أال ُتخمد‪ ،‬وخبا ُش َ‬
‫الغيرة يف الحد المعقول‪ ،‬وغير‬ ‫ولكن‪ ...‬إن كانت ِ‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ال فيه‪ ،‬الذي يجعلها تس ُلك ُطرق الشك والوسوسة‬ ‫م َغ ٍ‬

‫ري‬
‫ُ‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫الممزوجة بسوء الظن‪ ،‬وانعدام الثقة‪ ،‬وفقد األمان‪...‬‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫العدل يف تبادل المشاعر‪ ،‬ال سيما إنوالتكانوز ُ عي‬
‫الغيرة هي المقياس الدقيق للعواطف‪ ،‬والميزان‬ ‫ِ‬
‫الحب‬
‫مولو ًدا من رحم المعوقات‪ ،‬والعقبات‪ ،‬والتضحيات‬
‫الكثيرة؛ ُح ًّبا جاء من أقصى األم ِل يسعى‪ ،‬لم ي ُكن‬
‫ميسورا‪...‬‬
‫ً‬ ‫سهل‬‫ً‬
‫لديك‪ ...‬إن كانت باتزان‪ ،‬وعقل راشد فطِن‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الغيرة‬
‫كانت محمودة مطلوبة‪ ،‬مرغو ًبا فيها ويف صاحبها‪،‬‬
‫وأنوثتك‪ ،‬وتم ُّي ُز ِك‪،‬‬
‫ِ‬ ‫فهي ُتشعرك بقيمتك‪ ،‬وكينونتك‪،‬‬
‫ِ‬
‫وانفرادك يف القلب عن اآلخرين‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫ُحب التم ُّلك‪...‬‬

‫الحب‪ ،‬والشعور‬ ‫ِ‬


‫حين ُيفرض عليك الحصار بدافع ُ‬
‫بالسيطرة والهيمنة على منافذ حدودك‪ ،‬فتشعرين ِ‬
‫أنك‬
‫الم َلكة واألنا‪...‬‬
‫ُمكتَّفة‪ُ ،‬مقيدة بأغالل َ‬
‫لك‪ ،‬ال مشورة ِ‬
‫كأنك دميةٌ‪ ،‬أو َأم ٌة ال رأي ِ‬
‫ِ‬

‫ع‬
‫لك‪ ،‬وال‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫لك‪...‬‬‫رد َة فعل ِ‬
‫َّ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫والتوزي‬
‫لك وجود‪ ،‬أو سلطان‪ ،‬أو أدنى حق‪ ،‬حتى يف‬ ‫ليس ِ‬

‫تشعرين ِأنك خاتما يف إص َبع مبتورة‪ ،‬ال ُّيحق ِلكع‬


‫األشياء التي ُ‬
‫تخصك‪...‬‬

‫ً‬
‫ِ‬
‫الفكاك‪ ،‬أو الخالص‪ ،‬ال رحم ًة منك وال ُّ‬
‫تفه ًما منه‪،‬‬
‫ِ‬
‫يدفعك للتم ُّلق‪ ،‬والتضجر‪ ،‬والبحث عن‬ ‫وهذا ما‬
‫التم ُّلص‪ ،‬والتخ ُّلص‪ ،‬والتخلي‪ ،‬وغلق جميع نوافذ‬
‫ِ‬
‫وكونك تأبين أن‬ ‫حاصرة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫الحب لديك‪ ،‬كوهنا ُم َ‬ ‫ُ‬
‫يتملكك أحدٌ ‪ ،‬مهما كان‪ ،‬أو مهما قدَّ م ِ‬
‫إليك من قرابين‬ ‫ِ‬
‫الحب‪...‬‬
‫ُ‬

‫‪136‬‬
‫إ ًذا‪ ...‬كيف يمتزج الحب بالتح ُك ِ‬
‫مات‪ ،‬والقيود‪ ،‬وقد‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫عليك بعد ُسلطان اهلل؟!‬ ‫ُخ ِ‬
‫لقت ُحرةً‪ ،‬طليقةً‪ ،‬ال ُسلطان‬

‫الكذِ ب‪...‬‬

‫مرفوض عندك‪ ،‬بل ُتبغضينه كألدِّ أعدائك‪...‬‬


‫ٌ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ت‬ ‫ك‬
‫بحجة‬‫تكرهينه‪ ،‬وتكرهي َن أصحابه‪ ،‬وإن برروا كذهبُم ُ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ٍ‬ ‫أال ُتسيئي الفهم يف‬

‫والتوز عي‬
‫موقف ما‪ ،‬وإن ا َّدعوا أنُهم كذبوا‬
‫ِ‬
‫عليك‪...‬‬ ‫ِ‬
‫والحفاظ‬ ‫عن غير ٍ‬
‫قصد؛ إلبقائك‬

‫تكرهين الكذب‪ ،‬وتش ُعرين بالحماقة حين تتوصلين‬


‫لحقيقة األمر الكاذب‪...‬‬
‫عليك؛ كيف ك ِ‬
‫ُنت ساذجة لهذا الحد الذي‬ ‫ِ‬ ‫يعز‬
‫ُّ‬
‫ممقوت‪ ،‬ال‬
‫ٌ‬ ‫جعلهم يكذبون‪ .‬الكذب عندك مذمو ٌم‪،‬‬
‫ُ‬
‫لهم كسابق عهدهم‬
‫رص فيه لمن فعلوا‪ ،‬وال أمانًا آخر ُ‬‫ُف َ‬
‫منك غير ذلك‪.‬‬‫معك‪ ،‬وإن بدا لهم ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬

‫‪137‬‬
‫التص ُّنع‪...‬‬
‫حين تشعرين أن الذي أمامك ُيعطي بال شعور‪ ،‬ويمنح‬
‫بال عاطفة‪ ،‬ويهب كاآلخرين‪ ،‬ويتساوى معهم بعد أن‬
‫وشعورا‪ ،‬أصبح كمن يؤدي واج ًبا‬ ‫ً‬ ‫حسا‬
‫كان يفوقهم ًّ‬
‫فيخلع عنه عباءة البساطة‪ ،‬ويرتدي‬ ‫ُ‬ ‫بال قيمة أو مذاق‪،‬‬

‫ع‬
‫ِ‬

‫ص‬
‫ثوب التك ُّلف الثقيل‪ ،‬أصبح روتين ًّيا ُم ًّ‬
‫ري‬
‫يؤلمك‬ ‫مل‪،‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫ِ‬

‫بل‬
‫كونك بسيطة عفوية ُتحبين أن تبقى األشياء على‬ ‫هذا‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫والتوزي‬
‫حقيقتها‪ ،‬واألشخاص على هيئتها‪ ،‬والمشاعر على‬

‫إذ ال دافع أبدً ا للتصنُّع‪ ،‬وإظهار عكس الباطن‪،‬ع‬‫طبيعتها‪...‬‬

‫والتظاهر بالنقيض‪ ...‬فال الطبيعة تخسر‪ ،‬وال التصنُّع‬


‫ُ‬
‫يدوم‪.‬‬

‫الشك‪...‬‬

‫صديق سوء لمن ال صديق له‪...‬‬


‫ُ‬

‫‪138‬‬
‫يتم َّثل يف صورة مالك ُمحب للنُصح‪ ،‬والعلم بالشيء‪،‬‬
‫ومعرفة األشياء على حقيقتها‪ ،‬وهو شيطان َل ِعين‪ ،‬يهوى‬
‫وزيف‪...‬‬
‫الظلم والوقيعة‪ ،‬وقلب الحقائق إلى كذب َ‬
‫ِ‬
‫إياك ومصاحبة الشك‪ ،‬أو مجالسته؛ فالمرء على دين‬
‫خليله‪.‬‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ص‬ ‫ع‬


‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫ش‬
‫كأن تكوين يف حالة غليان عامةريف‬
‫الباردة‪...‬‬ ‫الردود‬

‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬


‫لحوار أو ُمحادثة‪ ،‬وتش ُعرين بالالمباالة‪ ،‬فتار ًةوزي ِع‬
‫أثناء خوضك‬
‫يأتيك‬ ‫ٍ‬
‫الشمالي بمراحل‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫الرد ُمغل ًفا بجليد يعلو جليد ال ُقطب‬
‫تأخرا كعربات اإلسعاف‪ ،‬أو عربات‬
‫وتار ًة يأيت ُم ً‬
‫الشرطة يف األفالم القديمة‪...‬‬

‫ر ًّدا خال ًيا من االهتمام واإلصغاء والتوتر أو القلق‬


‫ِ‬
‫وضغطك يرتفع‪ ،‬وتفقدين‬ ‫دمك يغلي‪،‬‬‫ولو كذبا‪ ،‬بينما ِ‬
‫ً‬
‫ثم تلعني َن المكان والزمان واإلنس‪،‬‬
‫النطق أحيانًا‪ ،‬ومن َّ‬

‫‪139‬‬
‫والجان‪ ،‬والشيطان‪ ،‬رغم َّ‬
‫أن الشيطان ليس له ُسلطان‬ ‫ّ‬
‫أنفسهم األ َّمارة بالسوء‪ ،‬والردود‬
‫ُ‬ ‫على البارين‪ ،‬بل هي‬
‫الباردة‪...‬‬

‫بتحمل‬
‫ُّ‬ ‫وهل هناك أسوأ من أن ُيعاقِب المرء نفسه‬
‫بال‪ ،‬يغلب عليه ديسمرب يف الصقيع؟!‬ ‫شخص ٍ‬
‫بارد غير م ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫ش‬
‫أو ما يسموهنا «المنتصف الم ر‬
‫السخيفة‪...‬‬ ‫المرحلة‬

‫شخصاوالما‪،‬توزحيثعي‬
‫ميت»‪...‬‬

‫ً‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫مِن أسوأ المراحل التي تعرتي‬
‫حائرا بين أمرين‪ ،‬ال يم ُلك الحسم بينهما‪ ،‬وغال ًبا‬
‫يبقى ً‬
‫أن تستمر يف ٍ‬
‫أمر ما‪ُ ،‬متحل ًيا بمزيد من‬ ‫ما تكون بين ْ‬
‫ٍ‬
‫شيء من الکرامة‪ُ ،‬متمس ًكا بالحبال‬ ‫الصرب‪ُ ،‬متخل ًيا عن‬
‫الواهية الزائلة‪ ،‬أو أن ترتُك و ُت ِ‬
‫فارق‪ ،‬وتتخ َّلى‪ ،‬مع فقد‬
‫الكثير من األمور التي يصعب عليك نزعها من روحك‬
‫وقلبك خشية عدم تكرارها‪ ،‬أو ُحزنًا على ما قدمته من‬
‫أجلها‪ ،‬وحاربت لبقائها‪...‬‬
‫‪140‬‬
‫الكثير منَّا يقع يف هذه المرحلة؛ ال سيما يف قصص‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫بأشخاص‬ ‫الحب الواهية‪ ،‬والدراما السمجة‪ ،‬والتع ُّلق‬
‫ُ‬
‫أقل ما ُيقال يف حقهم‪ :‬إهنم (أشباه)‪ ،‬بل إن شئت قل‪:‬‬
‫(أشباح)‪ُ ،‬‬
‫يدخل الواحد منهم حياتك‪ ،‬وهي مقلوبة‬
‫رأسا على عقب‪ ،‬ويرى القبيح فيك قبل الجميل إن‬ ‫ً‬

‫ع‬
‫جميل ثم ُيقسم‪ ،‬و َي ِعد‪ ،‬و ُيقدم كُل القرابين على‬
‫ص‬
‫ً‬ ‫رأي‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫ب‬
‫التمام‪ ،‬لثمل ُسرعان ما‬
‫المنقذ األوحد‪ ،‬والفارس‬ ‫غير َمن سبقوه‪ ،‬هو ُ‬ ‫أنه ُ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬


‫ت‬
‫غرضه البخس أ ًّيا كان نوعه ثم وزيع‬
‫يحصل على‬‫ُ‬ ‫الهمام‬
‫األشجع‪ُ ،‬‬
‫األعذار‪،‬‬ ‫خلق‬ ‫ُ‬
‫ت‬
‫ِ‬
‫والحجج‪ ،‬واألشياء األخرى‪ ،‬التي كان يجهزها قبل‬
‫ِ‬
‫يرتكك‪ ،‬ويخذلك‪،‬‬ ‫الخوض يف اصطياد فريسته‪ ،‬ثم‬
‫ِ‬
‫وأنت حائرةٌ‪ ،‬قلقةٌ‪ ،‬مضطربة األركان‪،‬‬ ‫ويتخ َّلى ِ‬
‫عنك‪،‬‬
‫ٍ‬
‫سوط للخذالن‪ ،‬ل ُيكمل ما فعله‬ ‫وما عاد ِ‬
‫فيك موضع‬ ‫َ‬
‫المجرمون قبله‪ ،‬ثم تتساءلين‪ :‬هل أنا السبب؟‬

‫هل هو السبب؟‬

‫‪141‬‬
‫وكثير من التساؤالت‪ ،‬إلى أن تأتيك‬
‫ٌ‬ ‫هل‪ ،‬وهل‪،‬‬
‫سكتةٌ‪ ،‬وبال م ٍ‬
‫وت تموتين‪...‬‬ ‫َ‬
‫تلك المرحلة ال خيار فيها إال ال ُبعد‪ ،‬والرتك‪ ،‬وإغالق‬
‫كُل النوافذ المؤدية إلى شعاع الكذب‪ ،‬الذي تسلل إلى‬
‫قلبك‪...‬‬

‫ع‬
‫ِ‬

‫ري‬‫ص‬
‫إياك والصرب على األذى‪ ،‬ال تستمري أبدً ا‪...‬‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫ل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ن‬
‫عليك‬ ‫سيرتكك أل ًفا‪ ،‬و َمن عرض‬ ‫تركك مر ًة‬ ‫فمن‬

‫ش‬
‫َ‬

‫والتوزي‬ ‫ر‬
‫ِ‬
‫سمي عليك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أرضا‪ ،‬دون أن ُي ِّ‬
‫بضاعة الهجر سيطرحك ً‬

‫ع‬ ‫ِ‬
‫قبيحك‬ ‫ولما رأى‬ ‫ِ‬
‫و َمن رأى الجميل فيك ففرح به‪َّ ،‬‬
‫لك‪ ...‬ال تقعي يف فخ‪:‬‬ ‫تضجر وعبس‪ ،‬ال يص ُلح ِ‬
‫لك»‪ ،‬فتلك ُمصيبة عظمى لبقائك‬ ‫«أعطني ُفرص ًة أثبت ِ‬
‫المهمة بنجاح‪...‬‬‫بين الحياة والموت‪ ،‬حتى ُتستَكمل ُ‬
‫ِ‬
‫نفسك واآلن‪ ،‬فمن‬ ‫اخسري ما فات‪ ،‬وال تخسري‬
‫ِ‬
‫يحبك يحبك‪ ،‬ال معنى ٍ‬
‫ثان لها‪...‬‬
‫ِ‬
‫فأنت‬ ‫أعذارا ألحد‪،‬‬ ‫ال ُتبقي على أحد‪ ،‬وال ُتقدمي‬
‫ً‬
‫تستحقين أن تكوين يف أعين اآلخرين ُمعجزةً؛ من‬
‫‪142‬‬
‫ُيريدها صد ًقا يعرف كيف تتحقق ُمعجزاته‪ ،‬أو يعرف‬
‫كيف السبيل ِ‬
‫إليك دون عرجٍ ‪ ،‬أو عمى‪...‬‬

‫أعيدي ترتيب روحك؛ تجدي َلروحك َمن يشرتيها‬


‫ِ‬
‫أردت‪!...‬‬ ‫َبروحه إن‬

‫ري‬ ‫ص‬
‫أن يتسلل ال ِ‬
‫ع‬
‫ك‬
‫إليكتاألشخاص عرب‬
‫االستغالل‪...‬‬
‫ِ‬
‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬
‫طيبتك‪ ،‬وبراءتك‪ ،‬وعفويتك غيرر ُم‬
‫و‬
‫نقاط ضعفك‪ ،‬يف‬

‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫فيستغلوهنا‪ ،‬ويتهافتون عليها‪ ،‬فينهشون وزي ِ‬
‫ع‪،‬‬
‫نقطعة النظير‪،‬‬
‫مشاعرك‬
‫سرا وعلنًا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويتقاسمون دواخلك‪ ،‬ويتآمرون عليك ًّ‬
‫عليك آمالهم العريضة‪ ،‬حتى إذا تحققت‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ويبنون‬
‫ِ‬
‫غيرك‬ ‫منك‪ ،‬ود ِ‬
‫عوك‪ ،‬وو َّلوا إلى‬ ‫ووصلوا لمبتغاهم ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬
‫فرحين‪ ،‬دون شعور بالذنب‪ ،‬أو ندب ًة بالقلب‪ ،‬أو‬
‫َّ‬
‫وكأن‬ ‫ِ‬
‫عليك بما اقرتفته أيديهم يف جنبك‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫شفقة‬ ‫أدنى‬
‫ج ِ‬
‫رحك لم ي ُكن‪...‬‬ ‫ُ‬

‫‪143‬‬
‫ُهم نجحوا يف استغالل الطفلة الربيئة التي تق ُطن‬
‫بداخلك؛ يف التلبية‪ ،‬والسمع‪ ،‬والطاعة؛ ُمعتمدين على‬
‫ِ‬
‫فاستغلوك‪.‬‬ ‫ِ‬
‫قرؤوك يا مسكينة‪...‬‬ ‫خجلك وحيائك‪،‬‬

‫ع‬
‫التسرع‪...‬‬
‫ُّ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫ِ‬
‫ري‬ ‫ص‬
‫ب‬
‫بسرعة الربق‪ ،‬وسهولة‬
‫فرتاك تقعي َن يف األشخاص ُ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬


‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬
‫للعواقب الوخيمة التي قد تحدُ ث‬ ‫النظر‬ ‫المضغ‪ ،‬دون‬
‫عنت ُقرب‪،‬‬
‫زيع‬ ‫و‬ ‫خالطتهم‬‫قبل معرفتك هبم جيدً ا‪ ،‬و ُم‬
‫و ُمعاشرهتم التي تظهر فيها صورهتم الحقيقية‪ ،‬وتتضح‬
‫فيها مالمحهم األصلية‪...‬‬
‫ِ‬
‫عليك‬ ‫ِ‬
‫أنت ُمتسرعة يف اإلقدام على كُل من ُيلقي‬
‫السالم‪ ،‬دون ٍ‬
‫وعي أو ُحسبان‪...‬‬

‫تتسرعين يف اتخاذ القرارات؛ سوا ًء باالندفاع فيها‪،‬‬


‫أو التأخر عنها‪ ،‬و ُتعلقين األمر أكثر من الالزم دون‬
‫حزمه‪ ،‬أو حسمه‪ ،‬أو الفصل فيه‪...‬‬
‫‪144‬‬
‫والمجاملة‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫خطأ‬ ‫ُمندفعة يف العطاء‪ ،‬والسخاء‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫حقك لو تعلمين عظيم‪!...‬‬ ‫يف‬
‫تتسرعين؛ ومن ثم تندمين‪ ...‬وهذا ِ‬
‫يؤلمك ح ًّقا!‬ ‫َّ‬
‫أقلعي عن التسرع‪ ،‬ورف ًقا ِ‬
‫بك‪ ،‬ورويدً ا‪ ...‬رويدً ا‪...‬‬ ‫ُّ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫ىىى‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫والتوز عي‬

‫‪145‬‬
‫‪S‬‬‫ِ‬
‫عنك‬ ‫يقولون‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬
‫ساذجة‪...‬‬

‫والتوز عي‬
‫قط‪ ،‬كانت عفوية إلى ٍ‬
‫حد‬ ‫قلت‪َ :‬ل ْم ت ُكن ساذج ًة ُّ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وهلة أهنا طيبة‪ ،‬تخشى‬ ‫شعر الذي يراها مِن أول‬‫بعيد‪ ،‬ي ِ‬
‫ُ‬
‫البوح‬
‫َ‬ ‫مل على اآلخرين‪ ،‬ال تستطيع‬‫دائما أن تكون ِح ً‬ ‫ً‬
‫عما ُيحزهنا‪َّ ،‬إل أنه يبدو على مالمحها ً‬
‫رغما عنها‪...‬‬ ‫َّ‬
‫ال ُتجيد تفسير األمور‪ ،‬وال شرحها حين ُتظ َلم‪ ،‬أو‬
‫ُتؤ َلم‪ ،‬أو ِ‬
‫يضيع حقها‪...‬‬

‫ُتسامِح وال تنسى‪ُ ،‬تعاتِب وال ترضى‪ُ ،‬تفارق وال‬


‫ت ُعود‪...‬‬

‫‪147‬‬
‫لم ت ُكن فاتنةً‪ُ ،‬ي ُ‬
‫شار إليها بالبنان‪ ،‬لك َّن روحها إذا‬
‫الل‪...‬‬‫جاف؛ جعلته عذ ًبا ُز ً‬
‫ٍّ‬ ‫انغمست يف ٍ‬
‫هنر‬
‫َلم ت ُكن ساذج ًة مطل ًقا‪ ،‬ولكنها لم ُت ِ‬
‫صادف الطيبِي َن‬ ‫ْ‬
‫أنك لم تكوين ساذج ًة يو ًما ما‪،‬‬ ‫بعد‪ ،‬لذا أخربيهم ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫وفطرتك‬ ‫ِ‬
‫سجيتك الجميلة‬ ‫زلت على‬‫أنك ما ِ‬ ‫أخربيهم ِ‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ربة ٍ‬ ‫السليمة‪ ،‬وأصلِك النابِع مِن ُت ٍ‬

‫ري‬
‫بالسماحة‬ ‫طيبة ارتوت‬
‫ِ‬

‫بل‬
‫أنك ثابت ٌة رغم خذالهنِم ِ‬
‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫واألدب‪ ،‬أخربيهم ِ‬

‫ن‬ ‫ل‬
‫وأنك‬ ‫لك‪،‬‬ ‫َ‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوزي‬
‫وأنك األولى واألخيرة‬ ‫ِ‬ ‫رغم غيرهتِم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رؤوسهم َ‬ ‫تاج‬‫ُ‬

‫ع‬
‫اعتهم‪،‬‬‫النفس ال ترتضي َن بِ َض ُ‬
‫شبهينهم البتَّة‪،‬‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫ظاهرا وباطنًا ال ُت‬‫ً‬
‫وأنك عزيز ُة‬ ‫رغم كثرهتِم‪ِ ،‬‬
‫أخربيهم ِ‬
‫أنك بريئ ٌة‬
‫المز َّيف‪ ،‬وال‬ ‫ِ‬ ‫أخربيهم ِ‬
‫عالمهم ُ‬ ‫أنك ال تنتمي َن إلى‬
‫أنك‬ ‫أكاذيبهم المل َّفقة بأي ِص َل ٍة‪ ،‬أخربيهم ِ‬ ‫ِ‬ ‫َت ُمتِّي َن إلى‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫والشعور وهم جامدون ال يعرفون عن‬ ‫الحس‬
‫ِّ‬ ‫ُمرهف ُة‬
‫َّ‬
‫وكأن‬ ‫وهم ِغ ٌ‬
‫الظ قاسون‬ ‫ذلك شي ًئا‪ِ ،‬‬
‫وأنك رقيق ُة الطب ِع ُ‬ ‫َ‬
‫أنك رغم ِصغر سن َِّك‬
‫قلوهبُم صخور صماء‪ ،‬أخربيهم ِ‬
‫ٌ َ َّ ُ‬
‫ِ‬
‫بداخلك‬ ‫تموت‬
‫َ‬ ‫أنك مهما َكب ِ‬
‫رت لن‬ ‫ك َّإل ِ‬ ‫وحداثة وعيِ ِ‬
‫ِ‬
‫ُ‬
‫‪148‬‬
‫فيك بذور النرجسية‬ ‫الطفل ُة المزاجية الجميلة‪ ،‬أو تذبل ِ‬
‫ُ‬
‫الخير للجميع مهما‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫لح ِّ‬ ‫اللطيفة‪ ،‬أو ينتهي شغفك ُ‬
‫عليك‬ ‫ِ‬ ‫أنعم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫آذوك‪ ،‬أخربيهم أهنم يحقدون عليك م َّما َ‬
‫وجمال روحٍ وطهارة‬ ‫ِ‬ ‫طف‬ ‫سن و ُل ٍ‬ ‫ربك وحرمهم مِن ُح ٍ‬
‫التمر َد على‬ ‫ِ‬
‫إخفاقك أو‬ ‫قلب‪ ،‬أخربيهم حين يريدون‬
‫ُّ‬
‫أن‬ ‫لست مثلهم‪ ،‬أخربيهم َّ‬ ‫ِ‬ ‫سنك وداللك ِ‬
‫أنك‬ ‫ح ِ‬
‫ُ‬

‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫وأن من ال ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬

‫ل‬ ‫ا‬
‫قدرك‬ ‫يعي‬ ‫الخلق لك‪َ َّ ،‬‬ ‫ب‬‫روحك س ُّر ُح ِّ‬
‫ِ‬
‫لمرارة‬
‫ن‬ ‫ل‬
‫لفداحة خسارته‪ ،‬ويا‬ ‫ِ‬
‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫لسوء حظه‪ ،‬ويا‬ ‫ِ‬ ‫جيدً ا فيا‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوز عي‬
‫أن القلوب على أشكالها تقع وليس‬ ‫حرمانه‪ ،‬أخربيهم َّ‬
‫إن أر ِ‬ ‫ِ‬ ‫كل ٍ‬ ‫ُّ‬
‫دت أو‬ ‫قلب بالطيبي َن مثلك واق ًعا‪ ،‬أخربيهم ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأنت السيد ُة‬ ‫بجوارك شي ٌء ال ُيذكَر‬ ‫ال ُتخربيهم ُ‬
‫فهم‬
‫األولى‪.‬‬

‫انطوائية‪...‬‬
‫‪ِ --‬‬
‫تقصد َمن؟! فلع َّلك ُمخطئ فال ُبدَّ َّ‬
‫وأن لها أحدً ا‬
‫صرخت أو ضا َقت هبا‬ ‫َ‬ ‫تلجأ إليه إن حزنَت أو‬
‫األرض ذر ًعا!!‬
‫‪149‬‬
‫مما‬
‫‪- -‬حتى هذا يا عزيزي ُحر َمت من ُه‪ ،‬األمر أقسى َّ‬
‫الكم الهائل المحسودة‬
‫تتخيل‪ .‬إهنا وحيدة رغم ِّ‬
‫عليه‪ ،‬والذي ال فائد َة منه ُمطل ًقا‪ ،‬هي ُمحاطة‬
‫بالزيف والوهم والطعنات المؤجلة للوقت‬
‫المناسب الذي تخشى وقوعه أو اقرتابه‪ ،‬هي يف‬
‫ُ‬

‫ع‬
‫المصطنعة‬ ‫صراع دائم مع ال ُعزلة واالبتسامات ُ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫وسوء الن َّيات والقلوب التي طغى عليها سوا ٌد‬
‫بخطوة‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬
‫حالِك‪ ،‬فالجميع معها ويف كتفها ُخطو ًة ُ‬

‫ع‬‫والتوزي‬
‫وذرا ًعا بذراع‪ ،‬هذا ما يبدو يف زاوية الكذب‬
‫فهم مشغولون‬ ‫ِ‬
‫فحسب‪ ،‬أ َّما من زاوية الـ (‪ُ )Zoom‬‬
‫بغيرها‪ ،‬معها فقط بأجسادهم وقت فرحها‬
‫عتدل‪ ،‬ولكن وقت الشدَّ ة ينفضون‬ ‫ومزاجها الم ِ‬
‫ُ‬
‫مِن حولها‪ ،‬الجميع يدَّ عون أهنُم معها ولكنها‬
‫وحيدة جدًّ ا‪ ،‬ال أحد يعلم شي ًئا عن مرارة الفقد‬
‫التي أصابتها‪ ،‬ال أحد يفهم شعور الخيبة الذي‬
‫والمعاناة التي‬
‫كم البؤس ُ‬ ‫اجتاحها‪ ،‬ال أحد ُيدرك َّ‬
‫تمر هبا‪َ ،‬سل ُجدران ُغرفتها عن ال ُبكاء وحدها‪،‬‬
‫ُ‬
‫‪150‬‬
‫َسل الليل عن ضجيج الذكريات بعقلها‪،‬‬
‫المرتجفة‬ ‫المظلمة‪ ،‬واأليدي ُ‬
‫َسل المصابيح ُ‬
‫المخ َّبأة يف‬
‫والفساتين الباهتة وأدوات الزينة ُ‬
‫سنوات الضياع مِن ُعمرها‪ ،‬يا عزيزي‪ ،‬األمر‬
‫الحس والشعور مثلها‬‫ِّ‬ ‫بالنسبة لرقيقة ُمفرطة‬
‫ُمع َّقد كلوغريتمات الرياضيات‪ ،‬وطالسم‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ك‬
‫السحر البشعة‪ ،‬بل َّ‬

‫ت‬
‫إن قوانين الجاذبية أشدُّ قسوة‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫ِ‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫المقيم داخلها‪،‬‬‫من الوجع الصامت أو األلم ُ‬

‫واحد يكون لها ُالركن اآلمن‪ ،‬والت‬


‫والسالموز عي‬
‫ٍ‬
‫شخص‬ ‫ليس بكثرهتُم تاهَّلل هي فقط تحتاج إلى‬
‫الدائم‬
‫ٍ‬
‫والقرار الفاصل حين تكرتث ألمر ما يص ُعب‬
‫عليها شرحه أو تفسيره‪ ،‬هي فقط تأمل بأن تكون‬
‫األعداد حقيقة واألشخاص حقيقة‪ ،‬والمشاعر‬
‫حقيقة‪ ،‬حتى الوصل بعد الهجر يكون حقيقة‪،‬‬
‫ويف الحقيقة هي تفتقد كُل هذا وما زالت ثابتة‬
‫رغم هشاشتها وضعفها واحتياجها‪ ،‬وانتظارها‬
‫ٍ‬
‫بشخص صادق‬ ‫للعوض والجرب مِن اهَّلل بأن تتع َّثر‬
‫ِ‬

‫‪151‬‬
‫فقط تقسم به وعليه أهنا ليست يف معارك الحياة‬
‫الحزن العاتية‬
‫بمفردها أو يف مواجهة أمواج ُ‬ ‫ُ‬
‫أعرفت اآلن أهنا رغم كثرهتُم وحيدَ ة؟!‬
‫َ‬ ‫بمفردها‪،‬‬
‫ُ‬

‫ضعيفة‪...‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫كل‪ ،‬إنَّها أقوى مِن‬
‫ت‬ ‫ك‬
‫الراسيات‪ ،‬ألم َتر صربها‬ ‫الجبال‬ ‫َّ‬

‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫يف ِ‬

‫ر‬
‫حن كيف كان؟!‬ ‫الم ِ‬

‫ع‬‫وزي‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬


‫كان؟!‬ ‫بمن‬
‫َ‬ ‫ألم َتر حرماهنا بعد ِشدة تع ُلقها‬

‫ألم َتر رضاها بعدَ الذي كان؟!‬

‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫مكنون الر ِ‬


‫الحب‬
‫ومخزون ُ‬ ‫وصفها‪،‬‬ ‫قة يف‬ ‫ُ ِّ‬ ‫َّ‬
‫إن ضعفها‬
‫ِ‬
‫الرحمة فيه لها الكلمة العليا‪ ،‬فال‬ ‫يف تكوينها‪ ،‬نسبة‬
‫ِ‬
‫بالضعيفة أبدً ا؛ فلقد ذاقت‬ ‫ينبغي لعاق ٍل البتَّة أن يصفها‬
‫ٍ‬
‫وخيبات‬ ‫ٍ‬
‫ومرارات‪،‬‬ ‫ُ‬
‫يستحيل شرحها‪،‬‬ ‫ين يف ٍ‬
‫أمور‬ ‫األ َم َّر ِ‬
‫يصعب حصرها‪...‬‬ ‫ُ‬

‫‪152‬‬
‫ِ‬
‫أعين العابري َن‬ ‫تحملت‪ ،‬وعانت حتى بدَ ت يف‬ ‫لقد َّ‬
‫وقلب نابِض‬
‫ٌ‬ ‫ضعيفة‪ ،‬ولكنَّها وتدٌ راسخ‪ ،‬ال ينكسر‪،‬‬
‫ضخا حي ُثما ُو ِجد‪...‬‬
‫ب ً‬ ‫يض ُّخ ُ‬
‫الح َ‬ ‫ُ‬
‫بقوة‪ ،‬قوي ٌة برحمة‪ ،‬رحيم ٌة‬ ‫ِ‬
‫ضعيف ٌة بع َّزة‪ ،‬عزيز ٌة َّ‬
‫عادل وجودها شي ٌء يف‬‫ب ُقدرة‪ ،‬مقتدر ٌة بحكمة‪ ،‬وال ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫العالمين‪...‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫بل‬
‫ُقل ما ِش َ‬
‫ن‬ ‫ل‬
‫ئت فيها وعنها‪ ،‬لكنَّها ليست ضعيفة!‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوز عي‬ ‫كئِيبة‪...‬‬

‫قدر طاقتها‪،‬‬
‫تحملت َ‬
‫قلت‪ :‬هي ليست كئيبة‪ ،‬هي فقط َّ‬
‫ُ‬
‫َّشت فيها‬
‫حتى نفدَ الصربُ منها‪ ،‬وما زالت صامدة‪ ،‬فلو فت َ‬
‫لوجدهتا ُت َحب كما الخيل‪ ،‬أو ُتعشق كما الفراشات‪،‬‬
‫لسبب خفي‪ ،‬أو‬‫ٍ‬ ‫أو ال ُيطاق ُبعدها كاألمهات‪ ،‬ولكن‬
‫أحدهم يف ٍ‬
‫قصة‬ ‫ُ‬ ‫لع َّلة ُمبهمة تبدو مكتئبة‪ً ،‬‬
‫مثل‪ ،‬أفحمها‬
‫رغما‬ ‫ِ‬
‫خيرا فخذلها‪ ،‬أو ُوضعت ً‬ ‫واهية‪ ،‬وتوسمت فيه ً‬

‫‪153‬‬
‫مكان ال يسعدها حتى تأقلمت‪ ،‬أو فقدَ ت‬ ‫ٍ‬ ‫عنها يف‬
‫ينفك عنها طو ًعا‬‫دائما‪ ،‬ال ُ‬ ‫ألما ً‬‫ترك فيها ً‬ ‫عزيزا لديها َ‬ ‫ً‬
‫كم هائِل من‬‫وكرها‪ ،‬أو أهنا قصيرة النَ َفس‪ُ ،‬يحاوطها ٌّ‬ ‫ً‬
‫الضغوطات‪ ،‬أو ما شا َبه‪ ،‬فرتاها تسعى أال تنكسر‪،‬‬
‫غرن‪ ،‬وذلك ُيجلِب‬ ‫فكثيرات منها َي َ‬
‫ٌ‬ ‫ُشمت هبا أحدً ا‪،‬‬‫فت ِ‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ُحزن العالمي َن وحده‪ ،‬أو أهنا وحيدَ ة بال أحد تستند‬

‫ت‬ ‫ك‬
‫ٍ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ِ‬

‫بل‬
‫سرا‪ ،‬وتطمئن‬ ‫عليه‪ ،‬أو تلجأ إليه يف فاقة أو شدَّ ة فتأمنه ًّ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫والحزن والت‬
‫إليه أنه سيج ُبرها ُمطل ًقا‪...‬‬

‫يسكنوز عي‬
‫قلبها‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫الكآبة لديها‪،‬‬ ‫تعدَّ دت أسباب‬
‫وحدها‪ ،‬وألهنا صادق ٌة حتى يف ُحزهنا‪ ،‬فرتا ُه يعلو‬
‫ِ‬
‫كالقمر ليلة التمام حتى يف وجعه‪...‬‬ ‫المستدير‪،‬‬
‫وجهها ُ‬

‫مؤجل ٌة َ‬
‫لمن ُيرد اهلل به‬ ‫ليست كئيبة‪ ،‬ولكنها فرح ٌة َّ‬
‫دار َروحها‪،‬‬ ‫َنز مفقود لمن يأذن له ربه ِ‬
‫ببناء ِج ِ‬ ‫خيرا‪ ،‬أو ك ٌ‬
‫ُّ‬ ‫ٌ َ‬ ‫ً‬
‫نقض‪ ،‬مِن َجديد‪.‬‬
‫الم ِّ‬
‫الطيب‪ُ ،‬‬

‫‪154‬‬
‫غامِضة‪...‬‬
‫‪ِ --‬‬
‫تقصد أهنا كتومة؟‬
‫دائما‬
‫تتعمد الصمت ً‬‫‪- -‬ال أعرف ولكن أش ُعر أهنا َّ‬
‫حتى يف أبسط المواقِف التي يجب عليها الكالم‬
‫أصبح ُمح ِّي ًرا جدًّ ا!!‬
‫َ‬ ‫فيها‪ ،‬أمرها‬

‫كتأمرها‪ ،‬كانت طبيعية للغاية‪ ،‬كانت‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫والحيرةل يف‬
‫‪- -‬يا عزيزي تلك الغامضة التي تأخذكُم الدهشة‬
‫ص‬ ‫ع‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬
‫وشاركتها التفاصيل‪ ،‬كانت تحكيتوزيع‬
‫صغير ًة وال كبير ًة إال‬
‫وتبوح‬
‫تدع‬ ‫ال‬ ‫ثرثارة فضفاضة‪،‬‬

‫فسر و ُتع ِّبر‪ ،‬كانت بريئة حتى لوثها‬


‫وتشرح و ُت ِّ‬
‫الخذالن‪ ،‬وأهنكها العابرون‪ ،‬وتزايد عليها‬ ‫ِ‬
‫الكاذبون‪ ،‬لم تتو َّقع أن يكون َ‬
‫ذاك حالها يو ًما‬
‫ما‪ ،‬لكن هذا آخر ما تبقى لديها مِن ُفتات الصرب‪،‬‬
‫أنتُم من أوصلتموها للغموض الحاد‪ ،‬أنتُم من‬
‫جعلتموها كتومة متالزمة الصمت والكتمان‪،‬‬
‫أنتُم َمن أهملتُم رأيها‪ ،‬أنتُم من أضعتُم حقها‪ ،‬أنتُم‬
‫‪155‬‬
‫َمن قتلتُم الرغبة الطاهرة فيها بأن ُتشارك و ُتساعد‬
‫ولو بالقليل‪ ،‬أنتُم من وضعتموها على الهامش‪،‬‬
‫أنتُم من أتيتُم هبا من ذروة العفوية والرباءة‪،‬‬
‫والرقة واللين إلى سفح الجمود‬ ‫حيث السهولة ِّ‬‫ُ‬
‫والجفاء والقسوة‪ ،‬هل لك أن تأيت بوردة رائعة‬
‫الحسن ثم تقتلوهنا‬ ‫الجمال يانعة ال ُغصن فريدة ُ‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫عطشا ومِن ثم تطلبون منها أن تحيا و ُت ِ‬

‫ري‬
‫َّ‬
‫وكأن‬ ‫زهر‬ ‫ً‬

‫ل‬ ‫ا‬
‫َّ‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫َّ‬
‫ت‬
‫وكأن قل ًبا ما ُخ ِدش أو ُخ ِذل؟!‬
‫ك‬‫مو ًتا لم يحدُ ث‪،‬‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوزي‬
‫هيهات‪ ...‬هيهات‪ ،‬ما ل ُكم ال تعقلون؟!‬
‫َ‬

‫ع‬
‫ُمتك ِّبرة‪...‬‬

‫قلت‪:‬‬
‫ُ‬
‫‪- -‬تحسب ُه تك ُّب ًرا‪ ،‬وهو كربيا ٌء ُمعتُّق بع َظ َمة‪ ،‬ال َّ‬
‫شك‬
‫أن الذي يجهل قلبها‪ ،‬يجهل أمرها‪...‬‬ ‫َّ‬
‫كانت بسيطة‪ ،‬يغ ُلب على طِباعها الرحمة‪ ،‬عفوية‪ ،‬ال‬
‫الجمل‪ ،‬صبور ًة جدًّ ا‬
‫ترتيب الكالم‪ ،‬أو تزيين ُ‬
‫َ‬ ‫تستطيع‬
‫هش ٌة للغاية‪...‬‬
‫على األذى‪ ،‬تحس ُبها جامدةً؛ وهي َّ‬
‫‪156‬‬
‫َمن يعرفها يعرف كم هي سهلةٌ‪ ،‬ول ِّينة‪ ،‬وبريئة‬
‫كاألطفال‪ُ ،‬ت ِ‬
‫غرق َمن يدنو منها يف ُحبها‪...‬‬
‫لم ت ُكن متك ِّبرة أو مغرور ًة ُّ‬
‫قط‪ ،‬لك َّن اهلل رزقها كربيا ًء‬
‫والحفر‪...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ذا ٍ‬
‫وإجالل‪ ،‬يحميها من المكائد‪ُ ،‬‬ ‫هيبة‬

‫ُمتك ِّبرة؟!‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫كذبتُم‪ ،‬لم ت ُكن يو ًما ُمتك ِّبرة‪َ ،‬‬
‫ك‬
‫تلك التي تستحي أن‬

‫ن‬ ‫ل‬
‫تلك التي تخجل مِن أن‬
‫بل‬ ‫ت‬
‫ش‬
‫ُتلقي السالم على المارة‪َ ،‬‬

‫والتوز عي‬ ‫ر‬


‫ليس تك ُّب ًرا ولكنَّها العظمة يا‬
‫ِ‬
‫للقاصي والدَّ اين‪،‬‬ ‫وحب الخير‬
‫يمدحها أحد بأنَّها جميلة‪َ ،‬‬
‫بالتواضع ُ‬ ‫المغ َّلفة‬
‫ُ‬ ‫سادة ُ‬
‫لم ولن تكون ُمتك ِّبرة أبدً ا‪ ،‬هي فقط ال ُتشبه ُكم فغارت‬
‫صدوركُم نار الحسد مِن‬ ‫َ‬ ‫قلوب ُكم منها‪ ،‬واشتعلت يف‬
‫باطل باألنفة والتك ُّبر‪ ،‬باهَّللِ كيف‬
‫ً‬ ‫أجلها‪ ،‬فرميتموها‬
‫تكون هكذا؟!‬‫َ‬ ‫للرقيقة الربيئة شبيهة زهور تشرين أن‬
‫كونوا ُمنصفين ُح ًّبا يف اهَّلل ولو مر ًة وإن أرد ُتم ً‬
‫قول‬
‫عنها فقولوا‪ :‬عظيمة الشأن‪ ،‬عزيزة النفس‪ ،‬ال ترضى‬
‫بأقل مِن حقها‪ ،‬ال ُتشبه أحدً ا‪َ ،‬‬
‫تلك التي م َّيزها اهَّلل‬
‫‪157‬‬
‫هبيبة وإجالل يف قلوب الخلق؛ ليحميها مِن مكائِد‬ ‫ٍ‬
‫الغدر ومصائِد الكذب ِ‬
‫وشرار الخلق‪ ،‬ليست ُمتك ِّبرة‬
‫مما‬ ‫ِ‬
‫ولكنَّها تاهَّلل متواضعة فوق ما تظنون‪ ،‬وقريبة أكثر َّ‬
‫تتخيلون‪ ،‬فما ذن ُبها يا معشر المتواضعين أنتُم إن كان‬
‫قلب رشيد؟!‬‫رز ُقها ما ُحرمتُم من ُه أنتُم؟! أليس في ُكم ٌ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫ش‬
‫مزاجية يا سيدنا‪ ،‬أتعبتني!‬

‫والتوزي‬ ‫ر‬
‫ع‬
‫‪- -‬أتحبها؟‬
‫جما حدَّ الجنون‪ ،‬تاهَّلل‪.‬‬
‫‪ُ - -‬ح ًّبا ًّ‬
‫حب أن يتعب؟! كيف له أن‬ ‫‪- -‬وكيف يا ولدي للم ِ‬
‫ُ‬
‫يم َّل أو يسأم؟‬‫َ‬
‫أمل ولم أسأم‪ ،‬ولكن تق ُّلب أحوالها معي‬ ‫‪- -‬لم َّ‬
‫ِ‬
‫يستقر‬ ‫ُيربكني و ُيثير غضبي وشجوين‪ ،‬أريد أن‬
‫حالها معي!‬
‫‪- -‬لن أهتمك يف نيتك تجاهها‪ ،‬ولن ُأق ِّلل مِن شأن‬
‫ِ‬
‫وانتفع‪ ،‬فعسا ُه‬ ‫ُحبك لها‪ ،‬ولكن ُخذ منِّي يا فتى‬
‫‪158‬‬
‫فهم خطأ ف ُيصيبه‪ ،‬تلك‬ ‫ٍ‬ ‫حر ًفا أن يقع على‬
‫تجد مثلها وإن طا َلت‬ ‫المزاجية التي أحببتها لن ِ‬
‫بك األيام وتعاقبت عليك الفصول األربعة‪،‬‬ ‫َ‬
‫كرر وال ُيعاد‪ ،‬فما ترا ُه منها مِن تق ُّلب‬
‫مثلها ال ُي َّ‬
‫تفرد وتم ُّيز‪ ،‬إذ إهنا قادرة أن تتشكل‬
‫هو يف الحقيقة ُّ‬
‫حيث كانت‪ ،‬تراها حبيبة طيبة‬ ‫ُ‬ ‫وتتأقلم وتتك َّيف‬

‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫تمنحك سالم الدُ نيا ويف قلبها حروب لم ِ‬

‫ل‬ ‫ا‬
‫تنته‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬


‫بعد‪ ،‬تراها صديقة وف َّية رغم خذالن الجميع لها‪،‬‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوز عي‬
‫الحب ص ًّبا‪،‬‬
‫صب عليك ُ‬ ‫تراها ُأ ًّما حنونة دافئة َت ُّ‬
‫تلك المزاجية عاقلة كالحكماء‪ ،‬هتب الخير‬
‫للناس وتنسى ذا َتها‪ ،‬مجنونة كاألطفال‪ ،‬براءهتا‬
‫فضاحة و ُمستغ َّلة‪ ،‬أبسط األشياء ُتسعدها وأبسط‬ ‫َّ‬
‫األشياء ُتحزهنا‪ ،‬تراكمت عليها ٌ‬
‫أمور وأشيا ُء لم‬
‫تجد نصفتها فيها‪ ،‬ولم تجد َمن يحنو عليها‪ ،‬يف‬
‫رأسها طاحونة وجع ال هتدأ وال تتوقف‪ ،‬بين‬
‫ضلوعها آثار الذكريات الملعونة التي ُتهاجمها‬
‫وقت آلخر‪ ،‬لتُع ِّكر عليها صفوها ولحظاهتا‬ ‫من ٍ‬
‫الجميلة النادرة‪ ،‬ترى يف خطواهتا قل ًقا‪ ،‬وتجد‬
‫‪159‬‬
‫يف يدها رعشة األلم ُتزعجها‪ ،‬ثياهبا ما زالت يف‬
‫وحل السيئين عالقة‪ ،‬المزاجية تلك تحملت‬
‫فوق طاقتها ما اهَّلل به عليم‪ ،‬هل علينا أن نتقب َّلها‬
‫ونأخذ بيدها ونُطمئنُها‪ ،‬ونرضى بما هي عليه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫المعوجة كي يستقيم؟‬ ‫َّ‬ ‫ونر ُبت على كتفها المائِلة‬
‫لمجريات‬ ‫ِ‬
‫أم نشتكي من تغ ُّيرها دون النظر ُ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫األحداث التي عانت منها كالوحدة واالضطراب‬
‫ع‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫ش‬
‫والمر الخام التي تجرعت منه طو ًعا‬ ‫والتشوش ُ‬

‫والتوزي‬ ‫ر‬ ‫وكرها؟!‬

‫ع‬
‫ً‬
‫‪- -‬يا اهَّلل‪ ،‬كُل هذا؟!‬
‫الحب يا ُبني ُيعاش‬ ‫خفي يا ولدي كان أعظم‪ُ ،‬‬
‫‪- -‬وما َ‬
‫ُجملة وليس ما نرضى منه فحسب‪ ،‬ولو ك ٌُّل منَّا‬
‫المميزات‪،‬‬ ‫أحب كما يجب وتق َّبل العيوب قبل ُ‬
‫َّ‬
‫لما أفتى وما‬ ‫واقتنع بالنقص قبل الکمال‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫واصل‪،‬‬ ‫رضي َ‬ ‫َ‬ ‫أحب رضي‪ ،‬و َمن‬
‫َّ‬ ‫فمن‬
‫استفتى‪َ ،‬‬
‫الحب‬
‫ُ‬ ‫ونجاحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫فوزا‬ ‫َ‬
‫واصل كانت ُعقباه ً‬ ‫و َمن‬
‫ليس مرهونًا بالراحة أو التكافؤ بين الطرفين‪،‬‬ ‫َ‬

‫‪160‬‬
‫قلوب من شاء مِن‬
‫ِ‬ ‫الحب هب ًة ربان ِّية يقذ ُفها اهَّلل يف‬
‫ُ‬
‫عباده‪ ،‬فمن شكره زاده‪ ،‬و َمن جحد وأنكر ُحر َم‬
‫و ُمنِع‪.‬‬

‫تسألينني‪ ...‬وما ذنبي؟!‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ك قلب ِ‬ ‫ذنب ِ‬

‫ا‬ ‫ري‬
‫ك يا عزيزيت‪...‬‬

‫ل‬
‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫نعم‪ ،‬قلب ِ‬

‫ش‬
‫ك الربيء‪ ،‬الذي دنست ُه عتبات الخذالن‪،‬‬

‫ر‬
‫ُ‬

‫والتوز عي‬
‫الفكر‪،‬‬‫وعثرات األوهام‪ ،‬ومرارة الفقد‪ ،‬وشتات ِ‬
‫تتحمل‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وأكتاف‬ ‫تتجمل‪،‬‬ ‫أمل يف أيا ٍم‬
‫ولوعة الصرب؛ ً‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫خيرا ٍ‬
‫بخير‪ ،‬وما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫المفرطة ً‬ ‫وأشخاص يبادلونك عفويتك ُ‬
‫فعلوا‪...‬‬
‫ثم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ذنب قل ُبك يف سوء االختيار‪ ،‬وسوء الفهم‪ ،‬ومن َّ‬ ‫ُ‬
‫اإلصرار على مواصلة التقدُ م نحو الال شيء‪...‬‬
‫روحك التي طالما أفرزت ِدف ًئا للعابرين َ‬
‫دون‬ ‫ِ‬ ‫ذنب‬‫ُ‬
‫ٍ‬
‫تر ُّيث‪ ،‬أو تع ُّق ٍل أو ُّ‬
‫تمهل‪...‬‬
‫ك؟!‬ ‫تسألينني‪ ...‬ما ذنب ِ‬
‫ُ‬
‫‪161‬‬
‫طت‬ ‫تحتويك‪ ،‬وفر ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمن التي كانت‬ ‫َسلي مواط َن‬
‫َّ‬
‫بخس مشاعر معدودة‪ ،‬وك ِ‬
‫ُنت يف اغتنا ِم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بثمن‬ ‫فيها‬
‫َ‬
‫رص مِ َن الزاهدين‪!!...‬‬
‫ال ُف ِ‬

‫ىىى‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫ر‬ ‫ش‬
‫ع‬‫والتوزي‬

‫‪162‬‬
‫‪S‬‬‫يا َمن إليها أنتمي‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬
‫إلى التي لن تقرأ خواطري‪ ...‬لو ِ‬

‫ر‬
‫أنك هنا‪ ،‬ما‬

‫والتوز عي‬
‫آثرت الفراق‬ ‫ِ‬ ‫حت ألحد غيرك بما ُبحت‪ ،‬ولكنك‬ ‫ُب ُ‬
‫ظل معي‪،‬‬ ‫دان أنه َّ‬ ‫ِ‬
‫دونك أنا له ُم ٌ‬ ‫والبعد‪ ،‬فكل َمن يقرأ‬
‫َّ‬
‫ولعل حر ًفا‬ ‫وبجواري‪ ،‬وكأنه يعرفني من ٍ‬
‫زمن بعيد‪،‬‬
‫فتخرج دعو ٌة عن ُحب بالجرب‪ ،‬ويف‬ ‫ٍ‬
‫حرف‪،‬‬ ‫يقع على‬
‫َ‬
‫الغرباء تبت ٌُّل وإجابة‪.‬‬

‫عما بداخلها‪،‬‬
‫تبوح َّ‬
‫‪- -‬المرأة التي تستطيع بالكتابة أن َ‬
‫وتملك حرية التعبير فيما ترغب‪ ،‬تستطيع أن‬
‫رجل من طين‪ْ ،‬‬
‫إن أطاعها رفعته‪ ،‬وإن‬ ‫ً‬ ‫ُتش ِّك َل‬

‫‪163‬‬
‫وتمرد‪ ،‬جعلته ال‬
‫عصاها كسرته‪ ،‬وإن تك َّبر عليها َّ‬
‫َّ‬
‫وكأن شي ًئا لم يكن‪.‬‬ ‫َّ‬
‫محل له من اإلعجاز‪،‬‬
‫لمن يشاء‬ ‫نوع من الرزق‪ ،‬ال يهبه اهلل إال َ‬ ‫‪ُ - -‬هناك ٌ‬
‫مالمحك‪ ،‬وكأنك‬ ‫َ‬ ‫من عباده‪ ،‬وجه امرأة تتأمل‬
‫آخر رجل على ظهر الكوكب األرضي‪ ،‬تقرأ‬

‫ع‬
‫وكأنك ابنها الذي فقدته‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وجبينك‪،‬‬ ‫كفك‬ ‫خطوط َ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫يف الحرب وعاد إليها‪ ،‬أو أبوها الذي تبنَّاها من‬

‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫المتعب طوال‬ ‫بعد ُيتم‪ ،‬تطيل النظر إلى وجهك ُ‬

‫والتوزي‬ ‫ر‬
‫ع‬
‫الليل‪ ،‬تستخرج منه أماكن الدفء والسكن‪،‬‬
‫بات عميق‪ ،‬تجدها تناجي‬ ‫تغط يف س ٍ‬ ‫وبينما أنت ُّ‬
‫ُ‬
‫صمت‪ ،‬أال ُتحر َم منك أبدً ا‪ ...،‬فاللهم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫رهبا يف‬
‫لقبك بـ«سيدة‬ ‫سيأتيك من ي ِ‬
‫ِ‬ ‫‪- -‬على حين ِغرة ِ‬
‫منك‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫القصر»‪ ،‬أو «السيدة األولى»‪ ،‬أو «سيدة‬
‫العالمين»‪ ...‬ال تندهشي‪ ،‬أو تتعجبي‪ ،‬فقد‬
‫ِ‬
‫راضيك‪.‬‬ ‫أوشك القدر أن ُي‬
‫ِ‬
‫قلبك‪ ،‬ال ُتعدِّ ي ُه‬ ‫الحب الذي ال يخرتق جدران‬ ‫‪ُ --‬‬
‫ُح ًّبا‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫ِ‬
‫‪- -‬ال ُفرص التي ضاعت منك‪ ،‬سيأيت ٌ‬
‫خير منها‪،‬‬
‫وفيها الجرب ِ‬
‫والع َوض‪.‬‬
‫‪ِ --‬‬
‫وأنت ُتعطين الدواء لغيرك تناولي منه‪ ،‬ال تكوين‬
‫طبي ًبا ُيداوي الناس‪ ،‬والطبيب عليل‪.‬‬
‫ِ‬
‫قلبك هو قائدها‪ ،‬دعي‬ ‫‪- -‬ال تدخلي معرك َة ٍّ‬
‫حب‪،‬‬
‫ِ‬

‫ع‬
‫فإن ُه ِزم‬
‫أردت النصر‪ْ ،‬‬ ‫عقلك يقوم بالمهمة لو‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫العقل فالقلب يتولى األمر‪.‬‬
‫ري‬‫ص‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬
‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬
‫وروايات العشق السابقة‪ ،‬أصبح‬ ‫الحب‪،‬‬ ‫‪- -‬قصص‬

‫فيها‬
‫و‬
‫أحدً ا‪ ،‬كوين استثنا ًء ألحدهم يف رواية‪ِ ،‬أنتزيع‬
‫جديدة ال ُتشبه‬ ‫حكاي ًة‬ ‫مل‪ ،‬اجعلي ِ‬
‫لك‬ ‫تكرارها ُم ً‬

‫البطلة‪.‬‬
‫‪- -‬الشخص الذي يحتضنك ب َعينيه قبل ذراعيه‪ ،‬ال‬
‫ُتفرطي فيه‪.‬‬
‫‪- -‬ال تخشي الحب‪ ،‬وال هتابي وقوعك فيه‪ِ ،‬‬
‫أنت‬
‫مقومات ملكة لم ُيعلن عنها بعد‪ ،‬خايف‬ ‫تم ُلكين ِّ‬
‫فقط ممن ال يتقي اهلل ِ‬
‫فيك‪.‬‬ ‫َّ‬

‫‪165‬‬
‫‪- -‬ال تتسرعي يف احتضان أحدهم غي ًبا‪ ،‬ففي أحضان‬
‫نار ولوعةٌ‪ ،‬وذاكر ٌة تأبى النسيان‪.‬‬
‫الغائبين ٌ‬
‫بك‪ ،‬وليس ِ‬
‫عنك كما يزعمون‪ ،‬يف‬ ‫مشغول ِ‬
‫ٌ‬ ‫‪- -‬العالم‬
‫كل مكان أنثى ُتغرق و ُتن َقذ‪ُ ،‬تش َعل و ُتط َفأ‪ُ ،‬تش َّيد‬
‫سرا أو‬
‫ترتصدها ًّ‬
‫َّ‬ ‫و ُتهدَ م‪ُ ،‬تزرع و ُتقلع‪ ،‬والعيون‬

‫ري‬ ‫ص‬ ‫ع‬


‫إن ال َ‬
‫علنًا‪.‬‬
‫ك َّل ُته ُم ٌ‬
‫ب للعفويين‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬
‫دان بشتَّى أنوا ِع ُ‬
‫الح ِّ‬
‫ب‬ ‫العالم ُك‬ ‫‪ُ - -‬ث َّم َّ‬

‫ترتيب الكال ِموالأوتوتزييز َنعي‬


‫َتهم‪،‬‬ ‫قبل ِ‬
‫ألسن ِ‬ ‫هم َ‬ ‫ب‬ ‫قلو‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫تنط‬ ‫الذين‬ ‫أولئك‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫أمثالك‪،‬‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جيدون‬ ‫الذين ال ُي‬
‫فر َط ٍة َ‬
‫دون‬ ‫ثون بتلقائ َّي ٍة ُم ِ‬ ‫الحروف‪ ،‬الذي َن يتحدَّ َ‬ ‫ِ‬

‫المز َّين ُة أفئد ُت ُهم‬ ‫ٍ‬ ‫وعفوية مط َل ٍ‬


‫قة َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫دون إدراك‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫وعي‪،‬‬
‫المة‪ ،‬الغارقي َن‬ ‫بالطيبة والمحا َط ُة صدور ُهم بالس ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬
‫أرواح ُهم ِخ َّف َة‬ ‫والخجلِ‪ ،‬الذي َن ُتشبِ ُه‬ ‫َ‬ ‫يف الح ِ‬
‫ياء‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫الفجر يف‬ ‫ِ‬ ‫المطر‪َ ،‬و ِر َّق َة‬
‫ِ‬ ‫الفراشات‪ ،‬وسالس َة ِ‬
‫رذاذ‬ ‫ِ‬

‫السالم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وعليه ُم َّ‬ ‫له ُم الرضا‬ ‫ال ُبزوغِ‪ُ ،‬‬

‫‪166‬‬
‫أول‪ ،‬كوين المعرتَف لها‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫بشيء ً‬ ‫‪- -‬ال تعرتيف‬
‫والمعرتَف أمامها‪ ،‬والمعرتَف هبا‪.‬‬
‫‪- -‬وحدهم‪ ،‬الذين يعرتفون بعيوهنم عما يف قلوهبم‬
‫هم الذين يشغلون الح ِّي َز األكرب من‬
‫من حب‪ُ ،‬‬
‫الصمت‪.‬‬

‫ع‬
‫ِ‬

‫ص‬
‫ب ُت َع َّوض‪ ،‬ما دامت المعرك ُة‬
‫الح ِّ‬
‫هزائمك يف ُ‬ ‫‪--‬‬

‫ري‬
‫ُ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫ٍ‬ ‫الع ُت َش َّيد من‬‫ٌ ِ‬ ‫قائمة‪ ،‬ويف ِ‬

‫بل‬
‫جديد‬ ‫حصون‪ ،‬وق ٌ‬ ‫قلبك‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫ِ‬

‫ا‬ ‫و‬
‫سقطت‪.‬‬ ‫كُلما‬

‫وزيع‬ ‫ت‬ ‫ل‬


‫يأمن البحر‪،‬‬ ‫‪- -‬اإلفراط يف العشم ُمهلِ ٌك‪ ،‬كالذي ال‬
‫ويأمل يف الوصول إلى العمق‪.‬‬
‫ِ‬
‫يفتنك هبا‪،‬‬ ‫قلوب لم ُتخ َلق لنا‪ ،‬سلي اهلل أال‬ ‫‪َ - -‬ث َّم َة‬
‫ٌ‬
‫وأال تتعلقي إال بما كُتِب ِ‬
‫لك‪.‬‬
‫‪- -‬حسب التوقيت الدائم للسهر‪ ...‬تلك الليلة هي‬
‫األصعب على اإلطالق‪ ،‬خنق ٌة ووحد ٌة وتِيه‬
‫ُ‬
‫العيون‬ ‫وقلب يبكي‪ ،‬بينما‬
‫ٌ‬ ‫بكف‪،‬‬
‫ٍّ‬ ‫كف‬ ‫وضرب ٍّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫يع ُّز عليها الدَّ مع‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫ِ‬
‫طعنك بظهرك لن‬ ‫‪- -‬ال تكوين ساذجة‪ ،‬فالذي‬
‫يداوي جرحك بيده‪.‬‬
‫ِ‬
‫وثالث ساعات‪،‬‬ ‫‪- -‬قلبك لم ينم منذ سبعي َن ليل ًة‬
‫ِ‬
‫بسهرك‬ ‫تو َّقفي عن شرب الناس الذين يستلذون‬
‫وهم نِيام‪.‬‬

‫ع‬
‫ِ‬

‫ص‬
‫يحبك سيجلس بقلبك وليس بجوارك‪،‬‬ ‫‪َ - -‬من‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫القلب المكان اآلمن الذي يت َِّسع‬

‫بل‬
‫لشخصين‬
‫َ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫ٍ‬

‫والتوزي‬
‫بمقعد واحد‪.‬‬

‫ع‬
‫ِ‬
‫تداعبك؟! والخيبات‪ ...‬ماذا عنها؟!‬ ‫‪- -‬أيا ُم الحنين‬
‫أيضا وحيدون‬ ‫وحدك‪ ...‬أهل الحب ً‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ --‬‬
‫لست‬
‫تما ًما‪ ،‬حتى إهنم إذا اجتمعوا تفرقوا‪ ،‬وإذا اتفقوا‬
‫اختلفوا‪ ،‬وإذا أقسموا على البقاء رحلوا‪ ،‬وإذا‬
‫وعدوا أخلفوا‪ ،‬إال من اختلط حبه بصدق‪...‬‬
‫وأنت بال ُحب وحيدة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫‪- -‬هم وحيدون يف حبهم‪،‬‬
‫أخف وأهون؟!‬
‫ُّ‬ ‫أيهما‬
‫‪- -‬إخفا ُء المشاعر تجا َه َمن نحبهم‪ ،‬جريم ٌة ال ُتغتَفر‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫الج َمال‪ ،‬لن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لألشخاص بأع ُين َ‬ ‫نظرت‬ ‫‪- -‬إذا‬
‫ُتح ِّبيهم‪.‬‬
‫ٍ‬
‫امرأة على اإلطالق‪ ،‬فإن‬ ‫أي‬
‫يعيب َّ‬
‫ُ‬ ‫‪- -‬وال شي َء‬
‫كانت فقير ًة فغناها بقلبها‪ ،‬وإن كانت دميم ًة كان‬
‫ُ‬
‫الجمال َبروحها‪ ،‬ولو كانت حزين ًة ففي رضاها‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫الفرح والسعادة‪ ،‬ولو كانت ُمط َّلق ًة لنصفتها‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫وقلت ُظلِمت مع رج ٍل ال ُيدرك معنى اإلنسانية‪،‬‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫والتوز عي‬
‫لقلت‬‫ُ‬ ‫ولو بلغت من الكِ َبر ِعت ًّيا وظ َّلت بال زواجٍ‬
‫خيرا َخ ِف ًّيا‪ ،‬ولو كانت ُمق َّطع َة األيدي‬‫أراد اهَّلل هبا ً‬
‫لقلت إهنا جن ٌة‬ ‫ُ‬ ‫صما َء عميا َء بكماء‪،‬‬ ‫واألرجل َّ‬
‫عرضها‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫دائمة‬ ‫مؤقت ٌة ُح َّفت بالمصائب ل ِ َجن ٍَّة‬
‫وث‬ ‫ون و َغ ٌ‬
‫السماوات واألرض‪ .‬المرأ ُة سندٌ و َع ٌ‬‫ُ‬
‫األلم والوج ِع والحزن‪ ،‬حتى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫طوفان‬ ‫ونجا ٌة من‬
‫فحق ك ُِّل ذي‬ ‫وإن فقدت ما تأمل فيه مِن ح َّقها ُّ‬
‫ِ‬
‫للكوكب‬ ‫حق عندها محفوظ‪َ ...‬أدا َم ُك َّن ُ‬
‫اهَّلل‬ ‫ٍّ‬
‫ونورا‪.‬‬
‫ضيا ًء ً‬

‫‪169‬‬
‫قلب ِ‬
‫أحدهم‪ ،‬فال ترضي‬ ‫اآلن يف ِ‬
‫َ‬ ‫قصر ِك ُي َش َّيدُ‬
‫‪ُ --‬‬
‫باألكواخِ ‪ ،‬واصبِري‪.‬‬
‫وح ِّلي ِ‬
‫وحصني‬ ‫الحيل ُة ووحدَ ِك ِحيلي وح ِّلي ِ‬
‫‪- -‬وما ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لوي وك ُُّل َحالئِلي؟!‬
‫وح ِ‬
‫وحلمي ُ‬‫وحرزي ُ‬
‫ِ‬

‫لمن‬ ‫لمن يفهمها َ‬


‫دون شرح‪َ ،‬‬ ‫‪- -‬إهنا يف أشدِّ االحتياج َ‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ِ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫خيبات‬
‫ٌ‬ ‫خلفهم‬
‫ُ‬ ‫ذرا‪،‬‬
‫يلتمس لها فوق السبعين ُع ً‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬


‫يتحمل عبء تقل ُبات مزاجيتها دون‬
‫ك‬ ‫مضت‪ ،‬لمن‬

‫ش‬
‫َّ‬

‫والتوزي‬ ‫ر‬
‫لمن ُي ِعيد لها ثقتها يف الناس‪،‬‬

‫من يرجع لها النُسخة القديمة منها بغير شرح أوع‬


‫شكوى أو ملل‪َ ،‬‬
‫كوهنم يدَّ عون الخير وال تجده‪ ،‬إهنا بحاجة إلى‬
‫ُ‬
‫فهم أو جدل‪ ،‬هي يف حاجة لذلك كُله وبرغم‬
‫ذلك تجدها سندً ا لكل من يس ُقط أو يقع‪ُ ،‬سبحان‬
‫َمن جعل فاقد الشيء ُيعطيه!‬

‫ىىى‬

‫‪170‬‬
‫‪S‬‬ ‫ِ‬
‫وأنت‪...‬‬ ‫أنا‬
‫ُمتشاهبان‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫بل‬
‫ٍ‬
‫شخص‬ ‫ُ‬
‫أبحث فيه عن‬ ‫كنت‬
‫‪- -‬يف الوقت الذي ُ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫والتوز عي‬
‫ُ‬
‫ويميل‬ ‫يربت على كتفي ويقب ُلني بما أنا عليه‬
‫ُ‬
‫الحظ‬ ‫يميل عني‪ ،‬شخص فقط يشعر وي ِ‬ ‫بي وال ُ‬
‫ُ ُ‬
‫ويهتم ويلين‪ ،‬كان العالم وقتها ُيعلن عن انعدام‬
‫الرغبة يف األمر لعدم توا ُفر الشروط الالزمة يف‬
‫نظرا الستحالة العرض‪ ،‬ونفاد األشخاص‬ ‫بحثي‪ً ،‬‬
‫المطلوبين‪ ،‬وزيادة حجم األشرار الذين ال‬
‫يشبهونني‪ ،‬يا لسوء حظي مع العالم!‬
‫فاجئ الذي يجعلني‬ ‫‪- -‬أغفر كل شيء إال الغياب الم ِ‬
‫ُ‬
‫أشعر بالهزيمة والخيبة والضعف‪ ،‬حين أكتشف‬
‫أثر ٍ‬
‫طيب‬ ‫ٍ‬
‫بسيط‪ ،‬أو ٍ‬ ‫ٍ‬
‫شيء‬ ‫أنني فشلت يف ترك ولو‬

‫‪171‬‬
‫بغير عذر‪ ،‬وغاب بدون علة‪،‬‬ ‫يف الذي رحل عني ِ‬
‫يف الوقت الذي كنت أقدِّ ُم فيه كل ما يف وسعى‬
‫تمنيت بقاءه‪ ،‬وحتى ال يغيب‪ُ ،‬أقدِّ ُم‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫لشخص ما‬
‫عمري يف سبيل وجوده واستمراره معي‪ ،‬أبذل له‬
‫وأضحي من أجله وأفعل معه ما يجب أن يفعله‬
‫شخص يخشى الفراق أو الغياب‪ُ ،‬أقدِّ ُم رحمتي‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫وغفراين وتجاوزي عن كل شيء‪ ،‬حتى إذا أيقنت‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬


‫ش‬
‫منثورا‪ ،‬وأن ذلك‬ ‫أن كل ما قمت به كان هبا ًء‬

‫ر‬
‫ً‬

‫والتوزي‬
‫الشخص أخذ مني أكثر مما يستحق؛ تو َّقف قلبي‬

‫ع‬ ‫عن الرحمة والغفران‪.‬‬


‫‪- -‬الضجيج الذي يف رأسي أوشك على اقتناصي‬
‫ٍ‬
‫إلنسان‬ ‫ومويت‪ ،‬أفكر طول الوقت بطريقة ال يمكن‬
‫َس ِو ٍّي أن يتحملها‪ ،‬كل شيء ال يخطر ببال أحد‬
‫أنا أفكر به‪ ،‬كل شيء ال يهم أحد أنا أفكر به‪ ،‬كل‬
‫شيء تو َّلى ومضى‪ ،‬كل شيء حاضر‪ ،‬كل شيء‬
‫لم ِ‬
‫يأت بعد‪ ...‬أفكر به‪ ،‬إهنا المعاناة من الدرجة‬
‫وتكرارا‬
‫ً‬ ‫مرارا‬
‫األولى التي حاولت الفرار منها ً‬

‫‪172‬‬
‫قدر استطاعتي‪ ،‬ولكني يف كل مرة أبو ُء بالفشل؛‬ ‫َ‬
‫فأفكر كيف حاولت‪ ،‬ولماذا فشلت؟! أطيل‬
‫التفكير يف أمري‪ ...‬كيف للمرء أن يكون عقله‬
‫تمل هكذا؟!‬ ‫تكل وال ُّ‬ ‫ٍ‬
‫كطاحونة ال ُّ‬
‫األسباب تدفعني للب ِ‬
‫كاء‪ ،‬وال أفعل‪ ،‬ومر ًة‬ ‫ِ‬ ‫‪- -‬م ِ ُ‬
‫ئات‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫بريء ُحكِ َم عليه‬ ‫ٍ‬
‫كشخص‬ ‫تنهمر دموعي‬ ‫واحدة‬
‫ُ‬

‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫ظلما أن يرمى مِن أعلى قمة جبل َأشم يف ٍ‬

‫ل‬ ‫ا‬
‫ليلة‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ظلماء‪...‬‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوز عي‬
‫أتجمل‬
‫َّ‬ ‫والضعف يتخ َّل ُلني‪،‬‬
‫ُ‬ ‫أتظاهر بالقوة‬
‫ُ‬ ‫‪--‬‬
‫األرض ذر ًعا‪ ،‬أختنق مِن‬ ‫ُ‬ ‫بي‬‫بالصرب وقد ضاقت َ‬
‫أتفه األشياء العادية يف أع ُين الجميع‪ُ ،‬يصيبني‬
‫أعلم ما الذي وراء ُه‪ ،‬غير أين أنا‬
‫صراع داخلي‪ ،‬ال ُ‬ ‫ٌ‬
‫المهزو ُم الوحيد يف معركته‪...‬‬
‫‪- -‬الجميع ُينهي يومه دوين‪ ،‬وأنا دوين ُأهني يومي‬
‫األمر‬
‫ُ‬ ‫بالجميع‪ ،‬وال أدري متى أبكي حين يلزم‬
‫أكف عنه حين ال يستدعي‬ ‫ُّ‬ ‫بكا ًء‪...‬؟! أو متى‬
‫األمر ذلك؟!‬
‫ُ‬

‫‪173‬‬
‫األمر أشبه بك َّفتَين‪ ،‬كفة فيها العالم بحروبه‬ ‫‪ُ --‬‬
‫وسوءاته وتغيراته اللحظية‪ ،‬وكفة فيها أنا فقط‪ ،‬أنا‬
‫واكتئاب‬ ‫ٍ‬
‫بحزن عظيم‪،‬‬ ‫المحاط‬
‫ٌ‬ ‫ومزيدٌ من الوجع ُ‬
‫ٍ‬
‫بأسباب ُمختلفة معروفة وال معروفة‪ ،‬كأن‬ ‫ِ‬
‫حاض ٌر‬
‫عقارب الساعة ال تتزحزح‪ ،‬واألرض جامد ٌة‬
‫والليل يف ضيافة النهار بسواده‬‫ُ‬ ‫دمي‪،‬‬ ‫َ‬
‫تحت ق َّ‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫واضطراب أفكاره‪...‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫ل‬ ‫بل‬
‫لمح بأن النهاية لن تكون على ما‬
‫كل شيء حولي ُي ِّ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬


‫والتوزي‬
‫يرام‪ ،‬ما الذي يجعلني ِ‬
‫أقاوم لهذا الحد؟!‬

‫ع‬ ‫ال أعلم‪...‬‬


‫ما الذي يجعلني متماس ًكا لهذا الحد؟!‬
‫ال أعلم‪...‬‬
‫ما الذي يجعلني على قيد األمل إلى اآلن؟!‬
‫ال أعلم‪...‬‬
‫بعيد سأبقى هكذا إلى أن يفنى‬ ‫أمد ٍ‬
‫أظن أننِّي إلى ٍ‬
‫كررا كأفالم األبيض‬ ‫ُعمري‪ ،‬وما زال األمر ُمعا ًدا ُم ً‬
‫واألسود؛ ال يم ُّلها المشاهدين‪ ،‬وال ينقطع ب ُّثها‪...‬‬
‫‪174‬‬
‫الوجع لي‬
‫َ‬ ‫الحرق َة لي بمفردي‪ ،‬أال َّ‬
‫وإن‬ ‫أال َّ‬
‫وإن ُ‬
‫وحدي‪!...‬‬
‫تركت يدً ا ُمدَّ ت لي‬‫ُ‬ ‫‪- -‬وليشهد اهَّلل يف عليائه أنَّني ما‬
‫تعشم يف‬ ‫خاطرا َّ‬‫ً‬ ‫كسرت‬
‫ُ‬ ‫إال بعد أن أفلتتني‪ ،‬وال‬
‫زهدت يف أحد إال بعد شعوري‬ ‫ُ‬ ‫سهوا‪ ،‬وال‬
‫ولو ً‬
‫ولقيت‬
‫ُ‬ ‫كثيرا‪،‬‬
‫أنه يف غنًى عنِّي‪ ،‬لقد أتعبني قلبي ً‬
‫المفرطة‬ ‫الناس ما لقيت بسبب طيبتي ُ‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬
‫ِ‬
‫ص‬ ‫ع‬ ‫من ُظلم‬
‫دائما أخشى أن‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫التي ترمي بي يف فخ السيئين‪ً ،‬‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوز عي‬
‫شباكهم‬
‫ُ‬ ‫أنج من‬‫ُيساء الظن بي وبرغم ذلك لم ُ‬
‫المق َّيد بال‬
‫المظلوم ُ‬ ‫الخادعة‪ ،‬كُنت وما زلت أنا ُ‬
‫إدانتهم أو براءيت‪ ،‬وعلى‬ ‫ُ‬ ‫براهين واضحة ُتثبِت‬
‫الجانب اآلخر الظالم يصول ويجول بح ًثا عن‬
‫فريسة أخرى‪ُ ،‬ح ًّرا طلي ًقا ال يخاف ُعقبا ُه يف‬
‫أمري!‬
‫لست كما أبدو لك‪!!...‬‬‫‪- -‬أنا ُ‬
‫تراين هادئًا غير م ٍ‬
‫بال‪ ،‬أو ثابتًا يف وجه الحياة العابسة‪،‬‬ ‫َ ُ‬
‫ِ‬
‫منزعج من أدق التفاصيل التي‬ ‫بينما أنا أحرتق بداخلي‪،‬‬
‫ٌ‬

‫‪175‬‬
‫بسبب أو‬‫ٍ‬ ‫ٌ‬
‫اختناق عام يف َروحي‬ ‫ال ُيلقي أحدٌ لها ً‬
‫بال‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أفكر فيما مضى‪ ،‬وفيما هو‬ ‫بدون‪َ ،‬قل ٌق طوال الوقت‪ُ ،‬‬
‫المستمر يف أركاين وجوارحي‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وخز كوخز اإلبر ُ‬‫آت‪ٌ ،‬‬
‫الذي اعتاد عليه جسدي حتى تغيرت مالمحه تما ًما‪...‬‬
‫ِ‬
‫الداخل‬ ‫أنت تراين مِن الخارج صامدً ا‪ ،‬ولكنِّي مِن‬
‫ُ‬ ‫أنفاسا سا َّمة مِن الحياة؛ كي ال أقع‪ ،‬أنت‬ ‫ُأ ُ‬
‫ع‬
‫تجهل‬ ‫ً‬ ‫لملم‬

‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬
‫ِ‬

‫ك‬ ‫ل‬
‫لست كما أبدو‬‫تنخدع يف أمري رجا ًء فأنا ُ‬ ‫أمر به‪ ،‬فال‬‫ما ُّ‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬


‫ش‬
‫لك‪!!...‬‬

‫والتوزي‬ ‫ر‬
‫ع‬
‫كثيرا مِن األشياء التي تجعلك سعيدً ا‪،‬‬ ‫ُ‬
‫تمتلك ً‬ ‫‪- -‬قد‬
‫ولكنك لم تنُل حظك مِن األمان‪ ،‬فأنت تعيس‬
‫يوجد شي ٌء ُيعادل شعورك بأن‬
‫وال عجب فال َ‬
‫تكون آمنًا ُمطمئنًا‪...‬‬
‫خوف حين تركت َ‬
‫فيك‬ ‫وقت ٍ‬
‫أحدهم َ‬ ‫ِ‬ ‫أتذكُر كلمة‬
‫ً‬
‫خدشا إلى اآلن؟!‬
‫ِ‬
‫تحتض ُن خوفك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫أحدهم وهي‬ ‫أيضا يدَ‬
‫هل تذكُر ً‬
‫و ُتثلج صدرك‪ ،‬وتربِت على كتفك‪« :‬أنا معك‪ ...‬ال‬
‫تخف»؟!‬

‫‪176‬‬
‫مثل؟!‬ ‫ِ‬
‫يستويان ً‬ ‫هل‬
‫مقربة من ٍ‬
‫نعيم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أن تكون ُمحا ًطا باألمان‪ ،‬فأنت على‬
‫من خالله تستطيع أن ُتعطي وهتب‪ ،‬وتمنح وتتصدَّ ق‬
‫الحب لديك‪ ،‬غير ذلك فأقِم على قلبِك عزا ًء‬ ‫بفائض ُ‬
‫ِ‬
‫وحدا ًدا مهما امتلكت‪.‬‬
‫ِ‬

‫ع‬
‫الم َساء‬‫همشون‪ ،‬نح ُن البدائل‪ ،‬نح ُن ُ‬ ‫الم َّ‬
‫‪- -‬نح ُن ُ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫بنا الظن دو ًما‪ ،‬نح ُن أصحاب االعتذارات على‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫األشياء التي لم نفعلها‪ ،‬نح ُن تربيرات على أخطاء‬

‫والتوز عي‬
‫لم نرتكبها‪ ،‬نح ُن الجانب السهل‪ ،‬والطريق‬
‫المنتهزون‬ ‫المهملة‪ ،‬نح ُن ُ‬ ‫والشماعات ُ‬
‫َّ‬ ‫الممهد‬
‫ُ‬
‫والمتهمون بال‬ ‫كال ُفرص والضائعون بال ملجأ‪ُ ،‬‬
‫اعرتافات أو براهين‪ ،‬نحن الشعور بالذنب والندم‬
‫المصطنعة‪ ،‬نح ُن‬ ‫ومنتصف ال ُطرق‪ ،‬نح ُن العتمة ُ‬
‫األيادي المرتوكة والقلوب المخذولة‪ ،‬نحن‬
‫الصدور التي ال يعلم بزحام األلم فيها َّإل اهَّلل!‬
‫‪- -‬والمؤسف أهنم كثيرون حولك وال يش ُعر‬
‫وهم‪...‬‬‫المعاناة وحدك‪ُ ،‬‬
‫بوجعك سواك‪ ،‬أنت يف ُ‬

‫‪177‬‬
‫ُهم فقط لوحة فنية ُمز َّيفة ال فائدة منها‪ُ ،‬هم‬
‫َ‬
‫يرونك صامدً ا ثابتًا‪ ،‬وال يعلمون شي ًئا عن‬ ‫فقط‬
‫الوجع الذي ينهش يف جدران قلبك بال رحمة‪،‬‬
‫وال يفقهون شي ًئا عن الضجيج الدائم بعقلك‬
‫ِ‬
‫غاراته ليل هنار بال شفقة‪ ،‬ال يدرون‬ ‫يشن‬ ‫والذي ُ‬
‫عن آثار الخذالن التي ما زالت عالقة بوجدانك‬
‫فيك بكل ما أوتيت مِن قسوة‪ ،‬ال يفكرون‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫تصرخ َ‬ ‫ُ‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬


‫الحزن التي ج َّفت مدامعها يف عينيك‪،‬‬ ‫يف بقايا ُ‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوزي‬
‫قط أن إحسانك إليهم ُيسرتَد‬ ‫بحسبانك ُّ‬ ‫لم ي ُكن ُ‬

‫ع‬
‫ِ‬
‫عوض‪ ،‬وبضاع ًة‬ ‫ألما ووج ًعا وخيب ًة وخسارة ال ُت َّ‬ ‫ً‬
‫ُمزجاة رديئة لم ت ُكن الئقة لمعروفك معهم يو ًما‬
‫در َك كيف بذاك األلم إلى اآلن تحيا أو‬ ‫ما‪ ،‬هَّلل ُّ‬
‫تعيش؟!‬
‫‪- -‬الكارثة العظمى أنني ال أتعلم من أول مرة‪،‬‬
‫أتعامل مع الجميع بحسن نية وصدق‪ ،‬أمنح‬
‫الجميع الحب والسالم‪ ،‬بل أمنح قلبي يف‬
‫بعض األوقات التي أشعر فيها بالراحة والخفة‪،‬‬
‫وسرعان ما ينقلب الحال و ُيلدغ قلبي من ُج ٍ‬
‫حر‬

‫‪178‬‬
‫كنت أحسبه محراب أمان‪ ،‬أتمتم فيه بدعوايت‪،‬‬
‫ب‬‫يعم ُه السكون فقط‪ ،‬أو جزيرة ُح ٍّ‬ ‫أو بيتًا هادئًا ُّ‬
‫حامل هموم‬ ‫ً‬ ‫ال خداع فيها وال َزيف‪ ،‬ثم أمضي‬
‫ومتسائل‪ :‬كيف‬‫ً‬ ‫الدنيا فوق عاتقي ُمعات ًبا نفسي‬
‫آمنت هبم أن يكفروا بي هكذا؟! ثم تراين‬ ‫للذين ُ‬
‫إلي يدهم‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫أسامح وأتغافل إن عادوا ومدوا‬

‫ع‬
‫أسبقهم بمدِّ يدي وكأن شي ًئا لم يكن‪ ،‬تاهللِ‪...‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫بل‬
‫حر مرتين‬ ‫عجيب أمر قلبي‪ ...‬أ ُيلدغ مؤم ٌن من ُج ٍ‬

‫ل‬
‫ٌ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬


‫واهلل يعلم أين ال أكره أحدً ا‪َّ ،‬وأنوالبينتوز عي‬
‫ويعود؟!‬
‫ضلوعي‬ ‫‪ُ --‬‬
‫بدل من الدم‪ ،‬ولكني مفرط‬ ‫قل ًبا ينبض بالحب ً‬
‫الحس‪ ،‬شديد الخجل‪ ،‬قليل ال َبوح والتعبير‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫كثير الصمت واالنطواء‪ ،‬وهذا ما يجعل الناس‬
‫تتهمني بالتعالي والغرور‪ ،‬ففي الوقت الذي يظن‬
‫ٍ‬
‫بشيء م َّيزين اهلل به‪،‬‬ ‫فيه أحدهم أين متكربٌ أو مت ٍ‬
‫َباه‬ ‫ُ‬
‫أكون وقتها يف قمة تواضعي وخفض جناحي‪،‬‬
‫وإيضاح معالم صورة شخصي الذي ال يعرف‬
‫عقول ال تتَّفق على أحد‪.‬‬‫ٌ‬ ‫غرورا‪ ،‬ولكنها‬
‫ً‬ ‫كربًا أو‬

‫‪179‬‬
‫كثيرا ما صرخت يف وجه قلبي الهزيل الهش‪َّ :‬أل‬ ‫‪ً --‬‬
‫أوتيت‬
‫ُ‬ ‫اك أن تنهار‪ ،‬أتوسل إليك بكل ما‬ ‫تسقط‪ ،‬إ َّي َ‬
‫ضعف‪ :‬ال تقع‪ ،‬فالعيون ترتصد وقوعنا وال‬ ‫ٍ‬ ‫من‬
‫سبيل لنا إال التظاهر بالثبات والقوة‪ ،‬فالقلوب‬
‫ٍ‬
‫كفريسة‪،‬‬ ‫أحست هزيمتك ستأكلك‬ ‫القاسية إن َّ‬
‫وتنهش شعورك‪ ،‬وأنت يا قلبي المسكين‪ ،‬ال‬
‫تملك من زينة الحياة الدنيا ِسوى الشعور‪ُ ،‬ح ًّبا‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ص‬ ‫ع‬


‫ب‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫يف اهلل‪ ...‬ال ُت ِ‬

‫ل‬ ‫ل‬
‫شمت بنا األعداء‪.‬‬

‫ر‬
‫من وال ٍ‬ ‫ش‬ ‫ن‬
‫و‬ ‫ت‬
‫القسوة والغضب زعلىعي‬
‫العفو والتسامح ومقابلة‬ ‫على‬ ‫‪- -‬مهما كانت قدريت‬
‫وكرم؛‬ ‫سخاء‬ ‫السيئة بالحسنة‪ ،‬ومهما ُأ ُ‬
‫وتيت‬
‫ُّ‬
‫يظل يف قلبي رك ٌن يأبى إال‬
‫الذين استغلوا بياضه وبراءته‪ ،‬وأهنكوه وأفقدوه‬
‫ولذة الشغف باألشياء‪ ،‬والخوف‬‫حالوة القرب َّ‬
‫من كل ما يحمله غدٌ من أحداث وتفاصيل‪.‬‬
‫دائما أتعامل‬
‫‪- -‬عزائي الوحيد لخيبايت أنني كنت ً‬
‫بعفوية مفرطة يف أي عالقة أخوضها‪ ،‬سوا ًء‬
‫عمل‪ ،‬كنت‬ ‫أكانت ح ًّبا أو صداقة أو زمالة أو ً‬
‫أفرش قلبي قبل خدِّ ي آمِ ًل يف أن تكون لي مكان ٌة‬
‫‪180‬‬
‫ُ‬
‫يحدث‬ ‫العكس‬
‫ُ‬ ‫خاصة عند أحدهم‪ ،‬ولكن كان‬
‫ِ‬
‫عفوية قلبي‪ ،‬أو َّ‬
‫أن‬ ‫ب على‬‫دائما‪ ،‬وكأنني ُأ َعا َق ُ‬
‫ً‬
‫العيب يف حسن التعامل مع المحيطين بي‪...‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫للغاية هو الشعور بالخيبة‬ ‫أن الشعور األسوأ‬ ‫أعتقد َّ‬
‫من الجميع‪.‬‬

‫ع‬
‫مؤلما للغاية‪ ،‬كنت‬ ‫ً‬ ‫‪- -‬اليوم األول من الفراق كان‬
‫وكأن جبال الدنيا أطبقت على صدري‪ ،‬ال‬
‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬‫َّ‬ ‫أشعر‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫أستطيع التنفس‪ ،‬ال أقوى على الكالم حتى ولو‬

‫والتوز عي‬
‫بلغة اإلشارة‪ ،‬رأسي َص ْو َب األرض‪ ،‬وقدمي‬
‫رأسا على عقب‪،‬‬ ‫انقلب حالي ً‬
‫َ‬ ‫باتجاه السماء‪،‬‬
‫تذكرت كل شيء‪ ،‬كرهت كل شيء‪ ،‬ودعوت‬
‫على نفسي وأعلنت الحداد على الدنيا وما فيها‪،‬‬
‫سنة قادمة‪ ،‬ذاك اليوم كان يشبه‬ ‫ألف ٍ‬ ‫ما يقرب من ِ‬
‫َ ُ ُ‬
‫وأنت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عليك‪،‬‬ ‫يوم الجنازة‪ ،‬الجميع يبكون حزنًا‬
‫أنك جسدٌ بال َروح‪...‬‬ ‫زلت ح ًّيا‪ ،‬غير َ‬ ‫ما َ‬
‫ٍ‬
‫قرارات كثير ًة خاطئة‪ ،‬كان‬ ‫األول ستتخذ‬
‫يوم الفراق َّ‬
‫علي بما أفضت‬ ‫ِ‬
‫األكثر نف ًعا لي‪ ،‬بخلوا َّ‬
‫ُ‬ ‫قرار هو‬
‫من بينها ٌ‬
‫به عليهم؟!‬
‫‪181‬‬
‫خل على العالمين‪.‬‬ ‫إذن‪ ...‬من اليو ِم ُب ً‬
‫‪- -‬كنت أقول ألحدهم‪ :‬اِ َبق معي‪ ،‬وال تخذلني كما‬
‫قس َم لي ً‬
‫ليل أنه لن يفعل‪ ،‬ويف‬ ‫فعل َمن قبلك؛ َأ َ‬
‫الصباح فارقني‪!!...‬‬
‫َّب العتاب الذي ال جدوى‬ ‫ِ‬
‫بمرور الوقت ستتجن ُ‬ ‫‪--‬‬
‫رض الحائط مِن كثرة‬
‫ع‬
‫منه‪ ،‬ستضرب بقلبك ُع َ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫ما لم ت ُعد تش ُعر به‪ ،‬ستُدير ظهرك لألشخاص‬

‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫ٍ‬ ‫المقبِلين؛ خو ًفا مِن تكرار الوقوع يف‬
‫ر‬
‫خيبات‬

‫والتوزي‬
‫أي ُمشكلٍة‬
‫ع‬
‫جديدة‪ ،‬ستُص ِّعر خدَّ َك للراحلي َن َ‬
‫دون ِّ‬
‫ُتذكَر‪...‬‬
‫غيرك‬
‫آخر َ‬
‫شخصا َ‬
‫ً‬ ‫ستنضج‪ ،‬و ُتصبح‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫بمرور الوقت‬
‫أنت‪!...‬‬
‫‪- -‬ثم تتأقلم على الوحدة‪ ،‬وتتعود على ال ُعزلة‪،‬‬
‫بمفردك‪ ،‬وتتكيف مع الوضع‬ ‫وتعزم على السير ُ‬
‫ٍ‬
‫حروب‬ ‫ب ُكل هدوء وال ُمباالة‪ ،‬رغم ما بك مِن‬
‫غائرة وصراعات قائمة ال يعلم هبا أحد‪ ،‬وألنك ال‬
‫صلب‬‫ٌ‬ ‫هتوى السقوط فتُصبح و ُتمسي كأنك ٌ‬
‫قوي‬

‫‪182‬‬
‫َّ‬
‫وكأن اهَّلل‬ ‫م ِ‬
‫نتصر‪ ،‬ال تعرف هزيم ًة أو استسال ًما‪،‬‬ ‫ُ‬
‫العزة والنهوض!‬‫يحبك‪ ،‬وال يرتضي لك َّإل ِ‬
‫ُ‬
‫‪- -‬لم يكن الفراق قراري ‪-‬يو ًما ما‪ -‬ولم أتعمد‬
‫دائما‬ ‫غيابي عن ٍ‬
‫أحد تع َّل َق بي ‪-‬يو ًما ما‪ُ -‬‬
‫كنت ً‬
‫الوصل بين‬‫دائما حلق َة َ‬
‫كنت ً‬‫الم َض َّحى به‪ُ ،‬‬
‫الطرف ُ‬
‫ِ‬
‫وأوقات فراغهم‪،‬‬ ‫األشخاص‪ ،‬بين األشخاص‬

‫ل‬ ‫ا‬
‫وبين األشخاص ومصالحهم الشخصية‪...‬‬
‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوز عي‬ ‫«لم ُيحِ َّبني ٌ‬
‫أحد كما أحببتُه‪»!...‬‬

‫‪- -‬االختيارات السيئة أكثر ما يميز حيايت الشخصية‬


‫دائما أقع يف األشخاص الخطأ‪ ،‬يف‬ ‫ٍ‬
‫بصفة عامة‪ً ،‬‬
‫األشياء الخطأ‪ ،‬وكأين بال عق ٍل يم ِّيز‪ ،‬أو كأن قلبي‬
‫كفيف ال يرى‪ ،‬أو كأن عيني عمياء ال ُتبصر حين‬ ‫ٌ‬
‫تتلهف‪ ،‬ومِن َث َّم يتبعها قلبي الذي أودى بي إلى‬ ‫َّ‬
‫الخسران والهالك بسبب تسرعه واندفاعه بدا ٍع‬ ‫ُ‬
‫أو بدون‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫كثيرا ما كانت تأتيني رسائل اهلل التي تحمل‬ ‫‪ً --‬‬
‫قت هبم ومنحتهم‬‫أكثر الذين تع َّل ُ‬
‫أن َ‬ ‫يف ط َّياهتا‪َّ :‬‬
‫وكل ٍ‬
‫غال ونفيس‪ ،‬الذين كانوا‬ ‫الحب واالهتمام َّ‬
‫عندي أغلى من نفسي‪ ،‬الذين كنت أعتقد أهنم‬
‫يحملون لي يف قلوهبم الود‪ ،‬كنت أكثر الناس‬
‫هوانًا عليهم‪...‬‬ ‫َ‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫كانت رسائل اهلل تأيت يف وقتها ألهرب بقلبي من‬
‫ع‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫َف ِّخهم‪ ،‬ولكني كنت أهملها‪ ،‬وأتساهل‪ ،‬وأهتاون‪،‬‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوزي‬
‫رسائل اهللِ؛ ال يفلح‬
‫َ‬ ‫وأغض ال َّطرف عنها‪ ،‬و َمن يهمل‬ ‫ُّ‬

‫ع‬
‫شمت اإلنسان نفس ُه‬ ‫‪- -‬واألسوأ مِن كُل شيء حين ي ِ‬
‫أبدً ا‪.‬‬

‫َ ُ‬
‫ِ‬
‫نفسه‪ُ ،‬يو ِّبخ عقل ُه قل َبه‪ :‬ألم أنصحك؟! ألم أ ُقل‬ ‫يف‬
‫عنهم؟! أرأيت‪!...‬‬
‫أهنك ُ‬‫لك؟! ألم َ‬
‫صغيرا‬‫ً‬ ‫‪- -‬مزاجيتي المتقلبة قد تجعل مني ً‬
‫طفل‬
‫ٍ‬
‫حلوة‪،‬‬ ‫يعطيك كل ما يف يده دون تردد‪ ،‬بكلمة‬
‫عبارة مذهلة‪ ،‬وقد تجعل مِنِّي ً‬
‫أيضا مار ًدا‬ ‫ٍ‬ ‫أو‬
‫يح ُّن وال ِير ُّق‪ ،‬ويف كِلتَا‬
‫شريرا‪ ،‬غليظ الطباع‪ ،‬ال ِ‬
‫ً‬

‫‪184‬‬
‫الحالتين حبي لألشخاص ال يتبدل وال يتغير‪،‬‬
‫لكنها فرتات عصيبة تعرتيني من حين آلخر‪ ،‬ال‬
‫أدري ما وراءها‪ ،‬وال سبيل لي يف التحكم هبا‪،‬‬
‫لعلها تراكمات منذ زمن بعيد تتق َّيأ من وجعي يف‬
‫والحزن‪ ،‬أو لعلها‪...‬؟‬
‫الفرح ُ‬
‫ريدونك النُسخة السا َذجة‪ ،‬يريدونك‬ ‫َ‬ ‫‪- -‬الجميع ُي‬

‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫ِ‬

‫ل‬ ‫ا‬
‫وهادئًا‪،‬‬ ‫وحاضرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫مسالما‪ ،‬ومطي ًعا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ودي ًعا‬
‫وأنت‬‫َ‬
‫ن‬ ‫ل‬
‫فيك على أكمل وجه‪،‬‬
‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬
‫يطالبون بحقوقهم َ‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوز عي‬
‫كأنك‬ ‫َ‬ ‫لك فيهم شيء‪،‬‬ ‫يح ُّق َ‬ ‫المسكين الذي ال ِ‬
‫ُ‬
‫احتياجات النقص لديهم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫قت لتُل َّبي‬ ‫فقط ُخلِ َ‬
‫منك‪،‬‬ ‫وأجدر َ‬
‫ُ‬ ‫أهم َ‬
‫منك‬ ‫يمتلكون َمن ُهم ُّ‬ ‫َ‬ ‫الجميع‬
‫ثانوي يف أعينهم وسدُّ خانة يف أوقات‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ولكنك‬
‫ِ‬
‫األجر‬ ‫فيك مدفوع ُة‬ ‫حقوق الملك َّية َ‬ ‫ُ‬ ‫فراغهم‪،‬‬
‫ُ‬
‫والدافع وراء ذلك كله قل ُب َك المفضوح ُة‬ ‫ُ‬ ‫لألبد‪،‬‬
‫منهم ُمنذ أن‬ ‫المس َت َغ ُّل ُ‬‫طيبته‪ ،‬المكشوف ُة ن َّيت ُه‪ُ ،‬‬
‫أنت لنا!‬ ‫المغنم َ‬ ‫عم‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫قرأو ُه وقالوا‪ :‬ن َ‬
‫‪- -‬بينما كان الناس يتعلقون بأشرعتي وسفني‬
‫الراسية على جانب الميناء اآلمن‪ ،‬كنت أنا‬
‫‪185‬‬
‫الغريق الذي يتعلق بقشة يرجو النجاة‪ ،‬لم يدرك‬
‫غرقي أحد‪ ،‬فجميعهم ُخ ِدعوا يف أماين‪.‬‬
‫‪- -‬كان من باب العدل أن ُأفلِت يدي من الذين‬
‫وتعمدوا‬
‫َّ‬ ‫أفلتوين‪ ،‬وأن أترك الذين تركوين‬
‫إيذائي‪ ،‬وأن أتجنب التربيرات الساذجة يف الدفاع‬
‫عن نفسي لتحسين صوريت لديهم‪ ،‬لكني لم أفعل‬
‫ظللت عال ًقا‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫كل هذا‪ ،‬فأنا وعلى المدى الطويل‬

‫ك‬
‫ُ‬
‫حس ُن إليهم‪،‬‬
‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬
‫بالذين أفلتوين وتركوين وآذوين‪ُ ،‬أ ِ‬

‫ن‬
‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوزي‬
‫وأتودد إليهم‪ ،‬وأنتظر عودهتم رغم إغالق جميع‬

‫«ال إله إال أنت سبحانك‪ ،‬إين كنت من الظالمين»‪ .‬ع‬


‫األبواب يف وجهي لقد ظلمت نفسي بنفسي‪...‬‬

‫وباهت‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫منهك‬ ‫مرهق أنا يا اهلل‪ ،‬وأشعر أنني‬
‫‪ٌ --‬‬
‫مرهق وأعلم أنك تسمعني وتراين‪ ،‬وال‬
‫ٌ‬ ‫ومنطفئ‪،‬‬
‫ٌ‬
‫يخفى عليك حالي‪ ،‬وإنك تعلم ما عجزت أنا عن‬
‫ومنكسر خاطري يا‬
‫ٌ‬ ‫مرهق‬
‫ٌ‬ ‫شرحه‪ ،‬أو البوح به‪،‬‬
‫اهلل؛ وحدك جابر المنكسرين‪.‬‬
‫تعمق بداخلي حدَّ‬
‫‪- -‬أخشى أن ينتهي وجعي الذي َّ‬

‫‪186‬‬
‫السكن واالحتيال‪ ،‬بعدما يصبح قلبي ال يبالي‬
‫وال يشعر وال يلين‪ ،‬أخشى من مرحلة القسوة‬
‫كثيرا كي ال َ‬
‫أصل إليها‪ ،‬أخشى‬ ‫التي جاهدت فيها ً‬
‫ينتهي وجعي‪،‬‬
‫َ‬ ‫فقدان الشغف بالحياة عام ًة بعد أن‬
‫أخشى أال أخشى‪!...‬‬
‫‪- -‬الخيبات التي واجهتها نتيجة إفراطي يف العشم‬
‫شخصا ال يسأل أحدً ا‪ ،‬وال يطلب‬
‫ل‬
‫ً‬
‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫جعلت منِّي‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬


‫شخصا انطوائِ ًّيا‪ ،‬ال يميل ألحد‪،‬‬‫ً‬
‫ك‬ ‫شي ًئا من أحد‪،‬‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوز عي‬
‫حتى يف أحلك اللحظات التي يحتاج المرء فيها‬
‫إلى شخص يسنده ولو كذ ًبا‪ ،‬كنت أنزوي بعيدً ا‬
‫ٍ‬
‫خيبات أخرى‪...‬‬ ‫وأكتفي بنفسي خو ًفا من‬
‫رف كاد أن‬ ‫عشمي الزائد يف الناس أوقفني على ج ٍ‬
‫ُ‬
‫ينهار بي يف عداد الموتى‪ ،‬ولك َّن اهلل أنقذين‪...‬‬
‫أنا اآلن أفهم ِ‬
‫وأعي‪...‬‬
‫‪- -‬المشكلة عندي ليست يف الذين يكرهونني علنًا‬
‫على المأل‪ ،‬بل يف الذين يزعمون ويدَّ عون حبي‬
‫سرا‪ ،‬أولئك الذين ال أرى منهم سوى‬ ‫ِ‬
‫يف الخفاء ًّ‬

‫‪187‬‬
‫الكره‪ ،‬لكن بطريقته غير المباشرة‪ ،‬يدَّ عون حبي‬
‫وهم يف ِغنًى عني‪ ،‬ويدَّ عون ُقربي وهم أبعد‬
‫ما يكون‪ ،‬يقسمون بالبقاء ومن ثم يرحلون‪،‬‬
‫ٍ‬
‫كلمات فقط‬ ‫يزعمون أشياء هي يف النهاية مجرد‬
‫ُتقال بال طائ ٍل منها‪ ،‬وأنا أعي ذلك جيدً ا‪ ،‬أعي‬

‫ع‬
‫ظهر حبه‪ ،‬ويكون َب ِّينًا كالشمس‬
‫المحب َي َ‬
‫أيضا أن ُ‬
‫ً‬
‫المحب‬
‫جلها‪ ،‬أفهم أن ُ‬
‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬
‫يف ضحاها‪ ،‬والنهار إذا َّ‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫يمل وال يكِ ُّل وال يرحل أبدً ا‪...‬‬
‫ال ُّ‬

‫والتوزي‬
‫‪- -‬يجتاحني األلم يف المساء ثم أستيقظ يف الصباحع‬
‫ٍ‬
‫واحد‪.‬‬ ‫دور الحب ولو بعم ٍل‬
‫ص َ‬ ‫ليت ال ُكر َه َّ‬
‫يتقم ُ‬

‫ال أعلم شي ًئا‪ ،‬أواصل الحياة بشكل طبيعي جدًّ ا‪،‬‬


‫يكف عن التفكير‪ ،‬كيف بِ ُّت ليلة‬
‫أن عقلي ال ُّ‬ ‫غير َّ‬
‫بات عميق‪ ،‬ثم أصبحت‬ ‫أمس أتألم وأ ُغ ُّط يف س ٍ‬
‫ُ‬
‫أستقبل يو ًما آخر بصدر رحب؟!‬
‫إلى أي حد اعتادت جوارحي األلم دون شكوى أو‬
‫ضجر أو أدنى مباالة؟!‪ ...‬ال أعلم!‬

‫‪188‬‬
‫دائما أشعر أن طيبتي ُمستهدفة من الجميع‪ ،‬الكل‬
‫‪ً --‬‬
‫ُيسارع إليها ويتهافت عليها ويطمع هبا‪ ،‬طيبتي‬
‫نقطة ضعفي‪ ،‬وسبب خساريت واستغاللي من‬
‫الجهات األربع‪ ،‬طيبتي ُس ٌم يف العسل‪.‬‬
‫رح األول سيؤلمك ويجعلك تبكي‪...‬‬
‫الج ُ‬
‫‪ُ --‬‬

‫ع‬
‫رح الثاين سيؤلمك دون أن تبكي‪ ،‬بعد تعودك‬ ‫الج ُ‬
‫ُ‬

‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫على الخذالن لن تبكي ولن تتألم‪ ،‬فقط ستظل ُتخذل‬

‫ت‬
‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬
‫ٍ‬

‫ش‬
‫صمت تام إلى أن تعتزل نفسك والعالمين‪...‬‬ ‫يف‬

‫والتوز عي‬ ‫ر‬


‫‪- -‬أنا من األشخاص الذين يكرهون العتاب‪ ،‬وال‬
‫ِ‬
‫الحب»‪،‬‬‫أعرتف بالذين يقولون إن «العتاب من ُ‬
‫فخ خادع من الشيطان لتوسيع‬ ‫فالعتاب يف نظري ٌ‬
‫الفجوة بين الطرفين‪ ،‬وكمي ٌن ُمسترت تقديره كيف‬
‫ُتهزم األنا؟ يف نظر الناس أن أعاتبك يعني أين‬
‫أحبك وال أريد أن يكون يف قلبي من ناحيتك‬
‫شيء‪ ،‬ولوال أين أريدك ما عاتبتك‪ ،‬أقول‪ :‬كيف‬
‫للمحب أن يقف للمحبوب على الصغيرة قبل‬ ‫ُ‬
‫الكبيرة؟! كيف له أن يجلد ظهر محبوبه ويعاتبه‬

‫‪189‬‬
‫ويلومه وهو يدِّ عي حبه؟! كيف له أن يرى محبوبه‬
‫يف موقف اهتام أو قلة حيلة من أمره للدفاع عن‬
‫نفسه؟!‬
‫يا سادة‪ ،‬العتاب يهدم وال يبني ويرتك يف الصدر‬
‫وقهرا معجونًا بألم‬
‫ً‬ ‫وخز ًة ال ُتنسى‪ ،‬وندب ًة ال تطيب‪،‬‬
‫المعا َتب فحسب‪ ،‬أنا أحبك‪ ،‬فأنا‬
‫مخفي ال يش ُعر به إال ُ‬
‫ع‬
‫ٍّ‬
‫وأمرر‪ ،‬وألتمس ال ُعذر وأهني‬
‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬
‫أتغافل وأتساهل‪ ،‬وأل ِّين ِّ‬
‫ت‬ ‫ك‬
‫ل‬ ‫بل‬
‫ٍ‬

‫ن‬
‫بلطف يليق بك كما أنت بقلبي‪.‬‬ ‫الموقف‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫ع‬‫والتوزي‬
‫أنت‬ ‫أن ُأهزم من أجلك أمام العالمين وإن كُنت َ‬
‫يك مني جربًا وكأن‬ ‫المخطئ‪ ،‬أنا لن أعاتبك‪ ،‬أنا َس ُأ ِر َ‬ ‫ُ‬
‫عتا ًبا لم ولن ي ُكون‪.‬‬
‫لدي مِن‬ ‫مت كُل ما َّ‬ ‫‪- -‬وما آلمني أكثر من أنَّنِي قدَّ ُ‬
‫وبررت‬
‫ُ‬ ‫ب‪،‬‬‫أوتيت مِن ُح ٍ‬
‫ُ‬ ‫خير‪ ،‬وساهمت ب ُكل ما‬
‫مواقف أوجعتني وأهنكت روحي‬ ‫َ‬ ‫بحسن ظني‬ ‫ُ‬
‫وراهنت على قلبي أنه‬ ‫ُ‬ ‫كنت أخشى البوح هبا‪،‬‬ ‫ُ‬
‫كنت أظ ُن أنَّنِي حي َن‬
‫خيبات أخرى‪ُ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫لن يقع يف‬
‫تحول‬ ‫الحب سأجنيه ُح ًّبا‪ ،‬ولكن لألسف َّ‬ ‫أزرع ُ‬

‫‪190‬‬
‫نلت َّإل‬
‫كُل شيء معي للعكس تما ًما‪ ،‬وما ُ‬
‫فقدت شغفي‬
‫ُ‬ ‫الوجع والحسرة مِن الجميع حتى‬
‫فقدت‬
‫ُ‬ ‫باألشخاص واألماكن واألزمنة والوعود‪،‬‬
‫بحب نفسي‪ ،‬أو بالحياة عام ًة إلى‬‫حتى شغفي ُ‬
‫األبد‪ ...‬إلى األبد‪.‬‬

‫ع‬
‫راهنت عليهم بالبقاء راهنوا غيري على‬
‫ُ‬ ‫‪- -‬الذين‬

‫ت‬ ‫ري‬‫ص‬
‫الذين الك ُ‬
‫فراقي‪ ،‬الذين راهنت عليهم بحيايت أماتوين‪،‬‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ب‬


‫و‬
‫راهنت عليهم بعمري أضاعوه‪ ،‬الذين‬

‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫أراهن على أحد‪ ،‬ف ُكل رهانايت يف النهايةوزيع‬
‫بي‪ ،‬أنا لم أعد‬
‫خاسرة‪.‬‬
‫أشمتوهم‬ ‫راهنت عليهم الناس‬
‫ُ‬

‫‪- -‬أحيانًا أعلن الغضب على نفسي وأتمرد عليها‬


‫وأثور‪ ،‬فأنا الذي حملتها فوق طاقتها‪ ،‬أنا الذي‬
‫كثيرا لألشخاص الخطأ من البداية‪ ،‬أنا‬
‫بررت ً‬
‫الذي أتحت الفرص وتجاوزت يف ال ُغفران‪ ،‬أنا‬
‫الذي فتحت الباب على مصراعيه لت َق ُّبل ما كنت‬
‫أود رفضه من األساس‪!...‬‬

‫‪191‬‬
‫‪- -‬عدم القدرة على التكيف أو التأقلم أمر يص ُعب‬
‫شرحه أو تفسيره‪ ،‬التمرد على الوضع بالرفض‬
‫مر كالعلقم لمن ال‬ ‫والغضب والعصيان ٌ‬
‫يستطيعون تحمله أو هتيئة أنفسهم عليه‪ ،‬كأن‬
‫تأخذ صفعة قوية على وجهك على حين ِغ َّر ٍة‬
‫ٌ‬
‫بركان يغلي ينتظر‬ ‫منك‪ ،‬ثم تبتسم وأنت بداخلك‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬ ‫ص‬ ‫ع‬


‫االنفجار‪ ،‬التأقلم إرغام الحياة على الموت ببطء‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬


‫ش‬
‫وثبات‪.‬‬

‫والتوزي‬ ‫ر‬
‫منزلي بعد عناء وتعب وفكر وجهد‪ ،‬وصراعاتع‬
‫‪- -‬كانت أقصى أحالمي أن أرجع آخر اليوم إلى‬

‫داخلية ال يراها أحد وال يعلم هبا أحد‪ ،‬أن أنظر‬


‫إلى وجهي يف المرآة بال ندم أو أسف‪ ،‬كم وددت‬
‫أن أرى نفسي القديمة ومالمحي المشرقة ولو‬
‫دائما يف كل مرة‬
‫مرة واحدة‪ ،‬كان يخيب ظني ً‬
‫شخصا‬
‫ً‬ ‫فكلما هممت بفعل ذلك ال أرى إال‬
‫شاحب الوجه يبدو عليه أثر السفر منذ ألف عام‪،‬‬
‫شخصا باهتًا انتهت‬
‫ً‬ ‫وما زال يركض ولم يصل‪،‬‬
‫‪192‬‬
‫شخصا يعافر يف‬‫ً‬ ‫صالحيته تقري ًبا منذ ثالثة عقود‪،‬‬
‫أهداف ُحكِ َم عليها‬
‫ٍ‬ ‫الال شيء‪ ،‬وما زال يسعى إلى‬
‫بالموت منذ والدهتا أو أضغاث أحال ٍم ال تحقيق‬
‫لها وال تأويل‪...‬‬
‫أخ َذت مني مرحلة النُضج ً‬
‫كثيرا حتى أصل‬ ‫‪- -‬لقد َ‬

‫ع‬
‫وصدمت يف‬
‫إلى ذروة سنامها‪ ،‬فقدت كثيرين‪ُ ،‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬


‫آخرين‪ ،‬وكسبت أشيا َء لم تكن يف الحسبان‪،‬‬
‫ص‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬
‫وخسرت أشيا َء لم تخطر لي ببال‪ ،‬النضج أخذ‬

‫تعلمت َّأن بقاء األشخاص كذبة والتو‬


‫محمودة‪،‬ز عَّوأني‬
‫مني كما تأخذ النار من الحطب على مهلٍ‪ ،‬لقد‬
‫ُ‬
‫فقدان األشياء أحالم مسروقة‪ ،‬وأن ما لم يأتني لم‬
‫يكن لي‪ ،‬وأن الذي ُأ ِخ َذ مني لم يكن قدري‪َّ ،‬‬
‫وأن‬
‫حتما ُم ِ‬
‫فار ًقا ولو تعددت‬ ‫الذي رحل عني كان ً‬
‫األسباب‪...‬‬

‫مرحلة النضج ع َّلمتني أن الذي يستحق ُ‬


‫الحب‬
‫بقيت بمفردي‪.‬‬
‫الكامل هو أنا‪ ،‬ولو ُ‬

‫‪193‬‬
‫‪- -‬حين أتحدث عن سخافة األشخاص الذين‬
‫خذلوين؛ فأنا ال أصف نفسي بالرباءة والكمال‪،‬‬
‫أو أ َّدعي لنفسي الصالح‪ ،‬أو أين أنتمي لفصيل‬
‫ٍ‬
‫وظلم‬ ‫ٍ‬
‫وألم‬ ‫بت يف جرحٍ‬
‫أيضا تس َّب ُ‬
‫المالئكة‪ ،‬فأنا ً‬
‫ذالن‪ ،‬وكسرت خواطر كثيرة بنظرة أو‬ ‫وخ ٍ‬‫وترك ِ‬
‫ٍ‬

‫ع‬
‫بقول أو بفعل أو رد فعل ولكن‪ ...‬يشهد اهلل يف‬
‫وأن الذي بدَ َر مِنِّي كان عن‬
‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫أتعمد‪َّ ،‬‬
‫ري‬‫ص‬
‫عليائه أنني لم َّ‬

‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫ٍ‬ ‫غير ٍ‬

‫ر‬
‫هش‬‫ضعيف ٌّ‬
‫ٌ‬ ‫أن قلبي‬ ‫وقصد‪ ،‬فاهلل يعلم َّ‬ ‫عمد‬ ‫ِ‬

‫ع‬‫والتوزي‬
‫ٍ‬
‫ب إليه‪،‬‬ ‫مسكين‪ ،‬ال يقوى على أفعال ُمشينة ُت َ‬
‫نس ُ‬
‫ِ‬
‫األشهاد يوم القيامة‪ ،‬يوم ال‬ ‫ِ‬
‫رؤوس‬ ‫أو ُتدينه على‬
‫ٍ‬
‫بقلب سليم‪...‬‬ ‫اهلل‬ ‫ينفع ٌ‬
‫مال وال بنون إال من أتى َ‬

‫ىىى‬

‫‪194‬‬
‫‪S‬‬
‫ٍ‬
‫ِ‬
‫قطوف‬
‫لك‬
‫ِمن‬
‫روحي ِ‬

‫ِ‬
‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫‪ُ - -‬أعلِنُها صراحةً‪ ...‬يا‬

‫بل‬
‫امرأة‬ ‫أي‬
‫الرجال‪ُّ :‬‬ ‫معشر‬
‫َ‬

‫و‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫ل‬ ‫ا‬
‫أنت كفايتها وغناها عن العالمين‪،‬‬‫ال تكون َ‬

‫و‬ ‫ت‬
‫من مشاعرها‪ ،‬وأطلق سراح قلبها َ زي‬
‫لمن يتك َّفعل‬
‫وال تختلس‬ ‫فدعها وشأهنا‪ ،‬ال تسرق عواطفها‪،‬‬

‫لك للمالِك‪.‬‬
‫الم َ‬ ‫بأمرها‪ ،‬كُن ً‬
‫رجل‪ ،‬و َدع ُ‬
‫وتيت من قوة‪ ،‬ومهما‬‫الرجل مهما ُأ َ‬
‫‪- -‬وستبقى أ ُّيها ُ‬
‫نلت مِن ِع ٍّز وجاه‪،‬‬
‫امتلكت من ُسلطان‪ ،‬ومهما َ‬
‫تفعل َ‬
‫بك‬ ‫ٍ‬
‫امرأة تحبها‪ ،‬امرأة ُ‬ ‫ستبقى ضعي ًفا أمام‬
‫ٍ‬
‫حكمة وهدوء‪ ،‬تار ًة تشعر كأهنا‬ ‫األفاعيل ب ُك ِّل‬
‫َ‬
‫تصف لك الدواء وتمنع ُه عنك‪ ،‬وتار ًة‬
‫ُ‬ ‫حكيم ٌة‬

‫‪195‬‬
‫تعبث بكيانِك دون ب ٍ‬
‫رهان‬ ‫ُ‬ ‫تراها كالمجانين‬
‫ُ‬
‫هتيم هبا‪ ،‬قادرة‬ ‫منك على ذلك‪ ،‬امرأة واحدة ُ‬
‫وتنسج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كنزالت الربد‪،‬‬ ‫على أن تتخ َّل َل عظامك‬
‫العنكبوت‬
‫ُ‬ ‫العشق كما ِ‬
‫ينس ُج‬ ‫ِ‬ ‫خيوط‬‫َ‬ ‫يف وجدانك‬
‫كاك منها مهما حاولت ولن‬ ‫بيتَه‪ ،‬ال تستطيع ِ‬
‫الف َ‬ ‫ُ‬

‫ع‬
‫تنف َع َك عظمتك وغطرستك أمام التحليق يف‬
‫كربياؤ َك عن‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫يمنعك‬
‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬
‫عينيها بتد ُّل ٍل منها‪ ،‬لن‬

‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫ِ‬

‫ر‬
‫طفل ال مأوى ل ُه‬ ‫االعرتاف أما َم ضحكتها أنك ٌ‬

‫ع‬‫والتوزي‬
‫تخوض‬ ‫َ‬ ‫يقين تام حين‬ ‫سواها‪ ،‬لذلك كُن على ٍ‬
‫أنك‬ ‫وإن بدا لك َ‬ ‫أنك مهزو ٌم ْ‬ ‫الحب َ‬ ‫معرك َة ُ‬
‫وأنك‬ ‫أنك ناجٍ ‪َ ،‬‬ ‫ظننت َ‬ ‫َ‬ ‫وأنك ٌ‬
‫غارق مهما‬ ‫نتصر‪َ ،‬‬ ‫م ِ‬
‫ُ‬
‫أنك‬‫عيت َ‬
‫رغما عنك مهما ا َّد َ‬
‫مأسور بي َن َسباياها ً‬
‫ٌ‬
‫قدر المستطا ِع‬
‫عاقل َ‬‫ً‬ ‫طليق يف ِرحاهبا‪ .‬كُن‬
‫ٌ‬ ‫ُح ٌر‬
‫فإن كانت هي ناقص َة‬ ‫عقلك معها‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫حتى تفقدَ‬
‫لك ٌ‬
‫سبيل‬ ‫ٍ‬
‫ناقص دوهنا‪ ،‬وليس َ‬ ‫عق ٍل فأنت بعق ٍل‬
‫برضا‬ ‫َ‬
‫عقلك ً‬ ‫تستبيح هي‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫ِ‬
‫للفوز بما لديها إال ْ‬
‫َ‬
‫فقدك ا ِّتزانك‪،‬‬ ‫منك‪ ،‬فتُغ ِّي َبك عن الوعي‪ ،‬و ُت‬
‫َ‬
‫‪196‬‬
‫االعرتاف‬
‫َ‬ ‫يس ُع َك حينها إال‬
‫أرضا‪ ،‬وال َ‬ ‫َ‬
‫وتطرحك ً‬
‫قوي يا‬ ‫بالهزيمة والضعف عندها‪ ،‬ف ُكل‬ ‫ِ‬ ‫التام‬
‫ٍّ‬
‫ضعيف‪َّ ،‬‬
‫وأن القو َة‬ ‫الرجال أما َم َمن ُيحبها‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫معاشر َ‬
‫بيد اهَّللِ جمي ًعا‪.‬‬
‫ِ‬

‫ٍ‬
‫ألشخاص أفلتوا يدهم من‬ ‫‪- -‬يف قلبي ُسرادق عزاء‬

‫ع‬
‫كنت ُأقدِّ م ُ‬
‫ص‬
‫لهم كل أسباب الحياة‬ ‫يدي‪ ،‬بينما ُ‬
‫ِ‬
‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬
‫ب‬
‫الموت دف ًعا‪.‬‬ ‫كانوا يدفعونني نحو‬
‫الحظللدون ًما‪ ،‬هو أكثر الناس ً‬
‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ش‬
‫ِ وزيع‬
‫أهل‬ ‫‪- -‬الشخص سيئ‬
‫شرة‪.‬‬ ‫واألحق ِ‬
‫بالع‬ ‫والحب والحياة‪،‬‬
‫للخير ُ‬
‫‪- -‬الطيبون ليسوا ُس َّذ ًجا أو على رؤوسهم بطح ٌة‬
‫كما يدَّ عون‪ ،‬الطيبون لم ُيصادفوا الطيبين بعد‪.‬‬
‫شطر اإليمان‪،‬‬ ‫الحب‪ ،‬كما َّ‬ ‫ِ‬
‫أن الطهور ُ‬ ‫‪- -‬الغيرة شطر ُ‬
‫والشطر ليس بالنصف بل الشرط‪.‬‬
‫ُ‬
‫الجهالء رغم ما فيهم مِن َسعة‪َّ ،‬إل َّ‬
‫أن قلوهبُم‬ ‫‪ُ --‬‬
‫ِ‬
‫كأقفاص العصافير‪.‬‬ ‫ضيقة‬

‫‪197‬‬
‫بذخا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ألكثرهم ً‬ ‫الحب أخذ وعطاء‪ ،‬والبقاء فيه‬
‫‪ُ --‬‬
‫باب أغلِق يف وجه قلبك كان وراءه أ ًذى بالغ‪،‬‬
‫‪- -‬كُل ٍ‬
‫ولم الباب ُأغلِق‪ ،‬فقط‬‫عما ُخفي‪َ ،‬‬ ‫فال تبحث َّ‬
‫باب آخر ال ُير َّدك مِن أول طرقة‪.‬‬
‫ابحث عن ٍ‬
‫‪- -‬العالم ال يعرف اللين وال الرحمة على الذين‬

‫ع‬
‫يندبون حظوظهم يف األمس‪ ،‬العالم ُيف ِّكر كيف‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫سيكون الغد‪ ،‬فانتظره ُهناك‪.‬‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫ٍ‬

‫والتوزي‬
‫ظاهرا‪ ،‬جميل ٌة باطنًا‪ ،‬والفيصل‬
‫ً‬ ‫امرأة جميل ٌة‬ ‫‪- -‬كُل‬

‫‪- -‬الوجع ال ُيوصف‪ ،‬واأللم ال ُيحكى‪ ،‬وال ُبكاءع‬


‫يف ذلك روحها‪.‬‬

‫دوافعه كثيرة جدًّ ا‪ ،‬فال تط ُلب مِن أحد أن يصف‬


‫َ‬
‫لك ما يش ُعر به‪.‬‬
‫‪- -‬صديق واحد ٍ‬
‫كاف ُدنيا وجنَّة‪ ،‬فاخرت بعناية من‬
‫رب كريم‪.‬‬‫ُيشاركك النظر لوجه ٍّ‬
‫وحزنًا‪ ،‬فالحذر من‬
‫‪- -‬النساء أكثر المخلوقات ُح ًّبا ُ‬
‫ون ذات مهارة يف‬‫وقوعك يف إحداه َّن‪ ،‬فقد ت ُك ُ‬
‫االثنتين‪.‬‬
‫‪198‬‬
‫دون فيه‬ ‫‪- -‬اللين وال ُلطف سطور من نور يف ٍ‬
‫قلب ٍّ‬
‫ألف قصة ُحب من النظرة األولى‪.‬‬
‫‪َ - -‬من استلذ هبجرك أذق غيره وصلك بنكهة أبدية‪،‬‬
‫يش ُعر فيها أنك تكره وتر ُفض أسباب الرحيل‪.‬‬
‫‪- -‬القبول نعمة‪ ،‬والراحة النفسية رزق‪ ،‬لذا فإن‬

‫ع‬
‫ٍ‬
‫شخص‬ ‫اإلجابة عن سؤال لماذا وقعت يف ُحب‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫ما دونًا عن غيره؟!‪ ،‬ستظل مجهولة لألبد‪.‬‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫‪ِ --‬‬

‫والتوز عي‬
‫الخذالن ُيشبه السكين الحاد الذي يخشى تقطيع‬
‫وضا عن الجرح‪.‬‬ ‫السلطة‪ ،‬لعدم توافر الملح ِع ً‬
‫‪- -‬البنات الرقيقات أكثر القلوب ُبكا ًء يف صمت‪.‬‬
‫‪- -‬الليل والقمر والنجوم شهو ُد ِعيان على ٍ‬
‫أرق‬
‫أصاب قل ًبا‪ ،‬كان يأمل أن يغفو من الوجع ً‬
‫قليل‪،‬‬ ‫َ‬
‫ولكنه شاركهم السهر فأصبحوا أصدقاء‪.‬‬
‫‪- -‬كُل ممنوع مرغوب إال النار‪ ،‬ال ترغب فيها‬
‫بجهل من أجل شخص قد ُ‬
‫يدخل الجنة بعدما‬
‫يتوب منك‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫‪- -‬جرب الخواطر هو الشيء الذي سيبقى يف الحياة‬
‫والجنة‪ ،‬فأكثِر منه ما استطعت‪.‬‬
‫‪- -‬ال ِ‬
‫تؤذ أحدً ا رأى فيك ركن ُه اآلمن‪ ،‬وال ُتخ ِّيب ظن‬
‫َ‬
‫قصدك يف تغيير لون دمه الذي أهدر مالمح ُه‬ ‫ٍ‬
‫أحد‬
‫العابرون‪.‬‬

‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬


‫‪- -‬دعوة واحدة من أ ٍّم كفيلة بتغير مالمح العالم‪،‬‬

‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫فال ِّبر ال ِّبر‪.‬‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫ع‬‫والتوزي‬
‫بم َلك الموت يف غير موعده‪ُ ،‬قل‬
‫‪- -‬الكبت سيأتيك َ‬
‫و ُبح وع ِّبر و ُثر واغضب‪ ،‬ال تحبِس يف صدرك‬
‫شي ًئا‪ ،‬ولي ُكن ما يكون‪.‬‬
‫أنت‬ ‫‪- -‬الذين تركوك كانوا نعمة تستوجب ُ‬
‫الشكر‪َ ،‬‬
‫جحدهتا بتفكيرك الدائم فيهم‪.‬‬
‫‪- -‬تصدَّ ق عن قلبك كُل يوم ولو بركعة‪ ،‬تط ُلب فيها‬
‫من اهَّلل أن يرزقك من ال يستبيح حزنك‪ ،‬أو ِ‬
‫يستغل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫بمن يحبك من أجلك أنت‪.‬‬ ‫يرزقك َ‬
‫ضعفك‪ ،‬أن ُ‬

‫‪200‬‬
‫‪- -‬أنت تستحق أن تكون يف حياة أحد يراك ثامن‬
‫العجائب السبعة‪ ،‬أن تكون معجزته التي يتمنَّاها‬
‫ليل هنار‪ ،‬ولو كلفته روحه‪.‬‬
‫لمن يكرهونك‪ ،‬الناس ال ترضى عن‬
‫‪- -‬ال تلتفت َ‬
‫وهم غارقون‬
‫الخالق‪ ،‬يس ُّبونه وينسبون إليه الولد‪ُ ،‬‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف ِح ِ‬

‫ري‬
‫َ‬
‫أفيرضون عنك‬ ‫ورزقه ليل هنار‪،‬‬ ‫وسرته‬ ‫لمه‬

‫ِب ل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫ن‬ ‫ل‬
‫أنت؟!‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوز عي‬
‫ِ‬
‫مزامير آل داوود‪ ،‬أو خشبة يف‬ ‫مزمار من‬
‫ٌ‬ ‫‪- -‬ليتني‬
‫سفينة نوح‪ ،‬أو حبة رمل وطئتها قدم «م ٍ‬
‫حمد»‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ص َّلى اهَّلل ِ‬
‫عليه وس َّلم‪.‬‬
‫لك بالبقاء‪ُ ،‬يفلِ ُت يدَ ُه‬
‫أقسم َ‬
‫َ‬ ‫يرحل َ‬
‫عنك الذي‬ ‫ُ‬ ‫‪ُ - -‬ثم‬
‫وحك‪،‬‬ ‫وحججٍ زائفة‪ ،‬فتُهد ُم َر َ‬ ‫ٍ‬
‫كاذبة‬ ‫ٍ‬
‫بأعذار‬ ‫َ‬
‫منك‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ثقتك‪ِ ،‬‬
‫محراب الوج ِع‬ ‫وتخ ُّر أركان َُك يف‬ ‫سلب َ‬ ‫و ُت ُ‬
‫ِ‬
‫عيون‬ ‫أصبحت يف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وكأنك‬ ‫ٍ‬
‫لوهلة‬ ‫ُس َّجدً ا‪ ،‬فتش ُعر‬
‫ِ‬
‫الناس عار ًيا‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫المعروف‪،‬‬
‫‪- -‬جميع األخطاء مغفورة إال نُكران ُ‬
‫ِ‬
‫الغادر كالثعابين وقت الشدَّ ة‪.‬‬ ‫والتف ُّلت‬
‫بيت فيه بنت ُتطيع أمها وأبيها‪ٌ ،‬‬
‫بيت تغشا ُه‬ ‫‪ٌ --‬‬
‫الرحمة‪.‬‬
‫ِ‬
‫كفوف‬ ‫بالحب ُدفع ًة واحدة على‬
‫‪- -‬عسى اهَّلل أن يأيتَ ُ‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫وقلب رج ٍل ال يخشى ِ‬
‫ِ ُ‬
‫ري‬
‫فيك لومة الئم‪.‬‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫ن‬ ‫ل‬
‫‪- -‬األماكن والعطور واليد ال ُيمنى ولون الشجر‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫والتوزي‬
‫لعنات ُتصيب‬
‫ٌ‬ ‫وأشعة الشمس يف الصباح‬

‫ع‬ ‫الذكريات بالوجع‪ ،‬وال يفهمها َّإل َمن ُخ ِذل‪.‬‬


‫للحب‪ ،‬فال تسمح ألي‬ ‫‪- -‬األمان هو الحجر األسود ُ‬
‫ٍ‬
‫أحد أن يسعى أو يطوف بكعبة قلبك ما لم ت ُكن‬
‫آمنًا‪ِ ،‬‬
‫أعرض عن ُه وال تو ِّلى شعورك شطر قبلته‪.‬‬
‫نفس‬
‫تموت ٌ‬‫َ‬ ‫تخف وال تحزن وال تبتئس‪ ،‬فلن‬‫‪- -‬ال َ‬
‫حتى تستكمل أجلها ورزقها‪ ...‬كُن ُمطمئنًا دو ًما‪.‬‬
‫أمقت الحسد والحاسدين‪ ،‬وأتربَّأ من جلدي إن‬ ‫‪ِ --‬‬
‫شعرت أنه ينتمي إليهم‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪202‬‬
‫‪- -‬أسامِحك ألين أحبك فقط‪ ،‬ال مِن أجل أن‬
‫تكررها‪ ...‬انتبه‪.‬‬
‫‪- -‬يو ًما ما سيغرق العالم أو يحرتق‪ ،‬سأكون طوق‬
‫نجاتك‪ ،‬ولو كُنا بين األموات‪ُ ،‬دعائي لك‬
‫سيفعل‪.‬‬

‫ع‬
‫‪-‬أستطيع و ُبكل حكمة أن أ ُدلك كيف تفرح‪ ،‬بينما‬

‫ص‬
‫‪-‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫ٌ‬
‫ري‬
‫غارق تائ ٌه بال دليل‪.‬‬ ‫أنا يف ُحزين‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫بل‬


‫‪-‬ما جعل اهَّلل لرج ٍل مِن قلبين يف جوفه‪ ،‬بينما المرأة‬

‫والتوز عي‬
‫‪-‬‬
‫قلبها يسع العالم حبا ورحمة‪ ،‬فإذا اطمأنَّت ٍ‬
‫بأحد‪،‬‬ ‫ُ ًّ‬
‫اكتفت‪.‬‬
‫عري ِسرك‪ُ ،‬مت‬ ‫فاض بك الوجع‪ ،‬فال ُت ِّ‬ ‫‪-‬وإن َ‬ ‫‪-‬‬
‫مستورا‪.‬‬
‫ً‬
‫شيء َ‬
‫الن‬ ‫ٍ‬ ‫‪-‬مِن فرط عفويتها‪ ،‬كانت إذا مالت إلى‬ ‫‪-‬‬
‫معها‪.‬‬
‫‪- -‬آخر مراحل الصرب هي ال ُعزلة‪ُ ،‬ثم النظر إلى‬
‫السماء بصمت‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫‪- -‬أمي امرأ ٌة بارعة يف قياس ُحزين فقط تن ُظر إلى‬
‫شخص‪.‬‬ ‫رعشة يدي‪ ،‬و ُت ِّ‬
‫أنت‪،‬‬
‫يخرج ُمن ُمحيطك َ‬ ‫لك َّ‬
‫أن الجمال لم ُ‬ ‫‪- -‬أقسم َ‬
‫لمن يكتشفك‪.‬‬
‫همل‪ ،‬تحتاج فقط َ‬
‫ولكنك ُم َ‬
‫‪- -‬أعمدة اإلنارة يف الشوارع تحن لليالي الشتاء‪،‬‬
‫ِ‬
‫ومعطفك‪.‬‬
‫‪- -‬أمِت شعور الدهشة بداخلك‪ ،‬كُل شيء هذه‬
‫األيام وار ٌد حدوثه‪.‬‬
‫أعطيتهم فوق ما يحتاجون إليه‪ ،‬فتعا َلوا‬
‫ُ‬ ‫أنت من‬
‫‪َ --‬‬
‫عليك‪ ،‬فال تلوم َّن إال طيبتك‪.‬‬
‫أحدهم‪ِ ،‬‬
‫اعتدل‬ ‫أفرطت يف ُحب‬ ‫ُهمل و ُترتك إن‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪- -‬ست َ‬
‫تدُ م‪.‬‬
‫ضر» ل ُيقيم ُه‬ ‫ِ‬
‫نقض يحتاج إلى «خ َ‬ ‫جدار ُم ٌّ‬
‫ٌ‬ ‫‪- -‬يف قلبها‬
‫َ‬
‫دون أجر‪.‬‬
‫تتعشم الوردة بظِل‪.‬‬
‫‪- -‬يف وادي الشوك‪ ،‬ال َّ‬
‫‪ُ - -‬مثير للشفقة َمن ظ َّن أنه عمود فقري يف ظهر من‬
‫ِ‬
‫بنفسه‪ ،‬رغم ما‬ ‫وتعود أن يسند نفس ُه‬
‫طعنته األيام‪َّ ،‬‬
‫ِبه من َهشاشة وضعف‪.‬‬
‫وأنت أقرب لي من‬
‫َ‬ ‫‪- -‬األقربون أولى بالمعروف‪،‬‬
‫هل منحتني معرو ًفا!‬
‫نفسي‪َّ ،‬‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫‪- -‬وما أوجع شخصا وجلب ِ‬

‫ري‬
‫والحز َن‬ ‫الهم‬ ‫إليه‬

‫ا‬
‫َ‬

‫ل‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬


‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫سوء الظ ِّن ِبه يف‬
‫ن‬ ‫ل‬
‫شيء هو‬ ‫وأصا َبه يف َمق َت ٍل ُ‬
‫مثل‬

‫وا‬ ‫ر‬ ‫ش‬


‫الحزن بداخلهم لت ٌ‬
‫ِ‬

‫أطفالو ُر َّز عي‬


‫بالمرة‪.‬‬
‫يم َّر بخاطره َّ‬ ‫َّهم يف ٍ‬
‫أمر لم ُ‬ ‫بري ٌء منه‪ْ ،‬‬
‫أن ُيت َ‬
‫ع‪،‬‬ ‫ض‬ ‫‪- -‬الذين يكتبون عن ُ‬
‫كُلما بكوا سالت حروفهم لبنًا ُمص ًّفى‪ ،‬ال يتذوقه‬
‫المتعبين‪.‬‬
‫إال ُ‬
‫‪- -‬جاهد أال ُت ِر َي أحدً ا ضعفك‪ ،‬العالم سيئ بما‬
‫يكفي‪ ،‬وال يرحم أحدً ا‪.‬‬
‫شراع‪َ ،‬‬
‫أنقذ الجميع وأغرقني‪ ،‬وأقسمت‬ ‫ٌ‬ ‫‪- -‬عيناها‬
‫يمي وأمواجي‪.‬‬ ‫َّ‬
‫أن الذنب يف ِّ‬

‫‪205‬‬
‫‪- -‬البنات مخلوقات عجيبة‪ ،‬إن استطعت أن ُت ِ‬
‫رض َي‬
‫ورب الکعبة‪.‬‬
‫زت ِّ‬‫إحداهن‪ ،‬فقد ُف َ‬
‫زلت‬ ‫منذ ٍ‬
‫زمن بعيد كما يقولون‪ ،‬ما ُ‬ ‫يمت ُ‬ ‫‪- -‬أبي لم ُ‬
‫أسمع دقات قلبي ُتحاذي ضرب نعليه على‬
‫عتبات البيت ُتغني‪.‬‬

‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫‪- -‬الطيبون ضريبة هذا الزمان‪.‬‬

‫بل‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫ن‬ ‫ل‬
‫‪- -‬قل ُبك ال ُيخطئ‪ ،‬إن كان ُيصلي فاتبعه‪ ،‬وال ت ُكن‬

‫ر‬ ‫ش‬
‫‪- -‬دع ُه اآلن وشأنه‪ ،‬طواحين العالم ِتفتعولالتيفوز عي‬
‫مِن الغافلين‪.‬‬
‫رأسه‪.‬‬
‫والغلظة ِ‬
‫والحدَّ ة حين تختلف اآلراء سمة‬ ‫‪- -‬القسوة ِ‬
‫فحسب!‬
‫ْ‬ ‫الجاهلية‪ ..‬تذكَّر أنك ُمسلم‬
‫ٌ‬
‫ثالث وعشرون وخزةً‪ ،‬يسألونني‬ ‫‪- -‬يف أيسر كتفي‬
‫كيف خذلتني األيام هكذا ولم تكرتث ألمري؟!‬
‫‪- -‬الحياء للبنت ككسوة الكعبة‪ ،‬إذا خلت منه‪ ،‬طاف‬
‫حول ُعنقها الفاسقون‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫‪- -‬يف كَفيها خريطة العالم‪ ،‬ولون العلم‪ ،‬وحربُ ِ‬
‫العلم‪،‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫للعلم كفيها تتَّسعانك إذا احتضنتاك‪ ،‬وال‬ ‫ولكن‬
‫تضيقان‪ ،‬فانتبه‪.‬‬
‫لمن يفهم األمر دون‬ ‫‪- -‬األمر كان يحتاج فقط َ‬
‫ٍ‬
‫ماض‬ ‫مللت منِّي‪ ،‬وأنا‬
‫َ‬ ‫أنت الذي‬
‫شرح أو تربير‪َ ،‬‬

‫ع‬
‫شوش‪ ،‬ال ُي َطاق َّإل بفهم‪.‬‬
‫ُم َّ‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ري‬‫ص‬


‫بل‬
‫‪- -‬ستتنازل عن أشياء كُنت تحسبها ستدخل معك‬

‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫والتوز عي‬
‫قربك‪ ،‬لن تلتفت لها‪ ،‬ولن ُتعيرها قلبك‪ ،‬ستُمر‬
‫عليها ُمرور الکرام‪.‬‬
‫كان معك أينما ذهبت‪ ،‬واهَّلل شهيدٌ عليكم‪،‬‬‫‪- -‬م َل ِ‬
‫لك أن تعصي؟!‬‫كيف َ‬
‫تنس‪ ،‬ها هي‬
‫‪- -‬الجنَّة موعدك‪ ،‬ال تنشغل وال َ‬
‫ِ‬
‫فاستعد‪.‬‬ ‫تقرتب‪،‬‬

‫أكرر وال ُأعاد‪ِّ ،‬‬


‫جرب غيري‪،‬‬ ‫‪- -‬وستعلم غدً ا أنِّي ال َّ‬
‫تاحا‪ ،‬بينما كُنت‬
‫وأخربين كيف أصبحت ُم ً‬
‫خاصتي وحدي‪.‬‬
‫‪207‬‬
‫‪- -‬ليتني ماء زمزم‪ ،‬كلما تض َّلعت (ارتويت) منِّي‪،‬‬
‫ِ‬
‫شربت‪.‬‬
‫‪ُ - -‬تغريني األشياء البسيطة‪ ،‬وأكره التك ُلف‪ ،‬كُن‬
‫بسي ًطا إن أردت قلبي بِال ُمقابل‪.‬‬
‫أنت تقرأ‪ ،‬أكون أنا على حافة الحرف‪ ،‬أرى‬
‫‪- -‬بينما َ‬

‫ري‬‫ص‬ ‫ع‬
‫عينيك وأسمع خفقان قلبك‪ ،‬وأعلم أمنيتك‪،‬‬

‫ل‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫فت ََم َّن لي مِثلك‪ ،‬فعساها وما ُيدريك!‬

‫و‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ل‬


‫و‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫زللت؟ ُي و ُمحبك‪ ً .‬زيع‬
‫الجمال‪ ،‬أقصدُ ‪ُ :‬يحبك أنت‪،‬‬ ‫يحب‬
‫ُ‬ ‫‪- -‬اهَّلل جميل‬
‫يت؟‬ ‫َّ‬
‫ل‬ ‫ص‬ ‫إذا‬ ‫ا‬ ‫تطهر‬ ‫ألست َّتوا ًبا إن‬
‫فأنت جميل‪ ،‬واهَّلل‬
‫ُ‬ ‫أجل‪َ ،‬‬
‫أعلم أننَّي أح ُبها؟!‬
‫‪- -‬ومتى ُ‬
‫أنت مِن أجلها‪.‬‬
‫‪ِ - -‬حي َن تجدها تك ُبر ِعندَ ك‪ ،‬وتص ُغر َ‬

‫كيف وصا ُلها إن تباعدَ ت َ‬


‫المسافات؟!‬ ‫‪َ --‬‬
‫تم َّل‪.‬‬
‫المسافات‪ُ ،‬اصدُ ق وال َ‬
‫‪- -‬لدُ عاء يطوي َ‬
‫ٌ‬
‫ملعون كما يقولون؟!‬ ‫‪- -‬هل حنيني لها‬

‫‪208‬‬
‫سامح اهَّلل‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ملعون كُل َمن لع َن حنينك لها‪ ،‬بل‬ ‫‪--‬‬
‫الحنين‪.‬‬
‫‪- -‬لماذا أش ُعر أننِّي كالغارق فيها؟!‬
‫‪ - -‬إن لم تغرق فيها‪ ،‬فما أحببتها‪.‬‬
‫‪- -‬أ ُّيهما معها ُأصدِّ ق ُه‪ ،‬ق ْلبي أم عيني؟!‬

‫ص‬ ‫ع‬
‫روحك‪ُ ،‬ت ِ‬‫‪َ - -‬س ْل َ‬
‫ري‬
‫جب‪.‬‬

‫ت‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬


‫ل‬
‫َتن َ‬‫ل‬ ‫بأذن‬
‫تكمن راحتي فيها؟!‬
‫‪- -‬أين ُ‬

‫وال‬ ‫ر‬ ‫ش‬


‫توزيع‬
‫ِ‬
‫لك بذلك‪.‬‬ ‫‪ - -‬بين ضلوعها‪ ،‬إن‬
‫‪- -‬تتد َّلل ً‬
‫كثيرا؟!‬
‫‪- -‬حقها‪.‬‬
‫تتعمد غضبي؟!‬
‫‪َّ - -‬‬
‫َ‬
‫ولينك معها‪.‬‬ ‫‪ - -‬لرتى مِ َ‬
‫نك رفقك هبا‪،‬‬
‫‪- -‬مزاجية كاألطفال؟!‬
‫‪ - -‬يا لحظك هبا‪.‬‬
‫ناقصها؟!‬
‫أشعر أنِّي ُ‬
‫ُ‬ ‫فدائما‬
‫ً‬ ‫‪- -‬أتمنَّى أن أكتمل هبا‪،‬‬

‫‪209‬‬
‫صدقت‪ ،‬فح ًّقا اكتملت‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ - -‬إن‬
‫‪ُ - -‬تجربين على فعل أشيا َء كثيرة كاألمهات؟!‬
‫ِ‬
‫تستوجب ُّ‬
‫الشكر‪.‬‬ ‫‪ - -‬تع َّلم وافعل‪ ،‬فتلك نعم ٌة‬
‫‪- -‬أصرب عليها إلى متى؟!‬
‫قرر أترضى بِك‪ ،‬أم‬
‫‪ - -‬إلى أن ُتصادفك يف الجنَّة‪ ،‬و ُت ِّ‬
‫تصرف نظرها عنك‪.‬‬
‫ىىى‬
‫ِ‬
‫حبمد اهلل ‪-‬‬ ‫‪َّ -‬‬
‫مت‬

‫وقلت‪:‬‬
‫ُ‬ ‫جزيل ل ُك ِّل «هي»‪ ،‬ن ََس ْب ُت إليها نفسي‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُش ً‬
‫كرا‬
‫إنَّها «بِضع ٌة مِنِّي»‪...‬‬

‫حست‪،‬‬‫كرا ل ُك ِّل «هي» قرأت‪ ،‬و َف ِهمت‪ ،‬و َأ َّ‬


‫ُش ً‬
‫وجبِ َرت‪ ،‬واطمأنَّت‪ ،‬ف َف ِر َحت‪ ،‬و َد َعت للذي‬
‫وو َعت‪ُ ،‬‬
‫َ‬
‫من أجلِها َكتَب‪...‬‬
‫إىل‬
‫«بضعة مني»‬

‫أحمد عبد اللطيف‬

You might also like