Professional Documents
Culture Documents
في فترة السبعينات من القرن العشرين قامت مجموعة من األكاديميين و املمارسين الفرنسيين
بتقديم منهج يربط بين هيكل املعلومات في املنظمة و كل من الهيكل التنظيمي و إستراتيجية
املنظمة و املسئولين عن اتخاذ القرارات بها ،و أطلقوا على هذا املنهج "لوحة القيادة" و التي
تشبه لوحة التحكم في السيارة حيث تضم مجموعة من اإلشارات التي تسمح للمدير بان يدير
العمليات باستخدام مجموعة مختلفة من التوجيهات ،و هي تقدم األساس لتوفير مجموعة من
املعلومات ملتخذي القرارات .
و تمثلت الخطوة التالية في تقديم بطاقة األداء املتوازن حيث ظهر هذا املفهوم على يد كل من (
، )Robert.S. Kaplan et David .P. Nortonونوقشت ألول مرة في جامعة (هارفرد) في عام
.1992
بطاقة قياس األداء املتوازن هي نظام إداري يهدف إلى مساعدة املنشأة على ترجمة رؤيتها و
إستراتيجياتها إلى مجموعة من األهداف و القياسات اإلستراتيجية املترابطة .
بطاقة األداء املتوازن هي مفهوم يساعد على ترجمة اإلستراتيجية إلى عمل فعلي ،و هي تبدأ من
تحديد رؤية املنظمة و إستراتيجيتها و من تحديد العوامل الحرجة للنجاح و تنظيم املقاييس
التي تساعد على وضع هدف و قياس األداء في املجاالت الحرجة بالنسبة لالستراتيجيات .
بطاقة األداء املتوازن هي أول عمل نظامي حاول تصميم نظام لتقييم األداء يهتم بترجمة
إستراتيجية املنشأة إلى أهداف محددة ومقاييس ومعايير مستهدفة ومبادرات للتحسين املستمر،
كما أنها توحد جميع املقاييس التي تستخدمها املنشأة .
بطاقة األداء املتوازن تمكن املنظمة من تقييم األداء على نحو متكامل عن طريق ربط األهداف
املتعددة التي تسعى املنظمة لتحقيقها و ذلك بهدف تدعيم موقفها التنافسي ،و يتم في البطاقة
ترجمة رؤية املنظمة و استراتيجياتها إلى أهداف و مقاييس يتم تبويبها في أربعة أبعاد يقوم كل
منها بتقييم األداء من منظور مختلف ،فيتم تقييم األداء من منظور املساهمين و العمالء و
العمليات التشغيلية الداخلية و التعلم و النمو .
إذن بطاقة األداء املتوازن نابعة من فكرة متعددة األبعاد لقياس ألداء الكلي حيث تسمح
بالقياس على مستوى أربع مجاالت هي:
1.2املحور املالي:
يحوي هذا املحور أهدافا مالية بحتة مثل :العائد على االستثمار ،تكلفة املنتجات،
الربحية ،التدفق النقدي ،و يستخدم لقياس ذلك النسب املالية و األرقام املالية املختلفة،
كذلك قد تكون بعض األرقام املالية مهمة في وقت ما مثل التدفق النقدي في أوقات العسرة،
أما الشركات غير الهادفة للربح فقد يختلف األمر و لكنها في النهاية ال بد أن تحافظ على
استمرارها في أنشطتها باملحافظة على وجود موارد كافية .
2.2محور الزبائن:
إن املنظمة تحتاج إلى إن توجه اهتمامها إلى تلبية احتياجات و رغبات عمالئها الن هؤالء
العمالء هم الذين يدفعون للمنظمة لتغطية التكاليف و تحقيق األرباح ،من خالل هذا املنظور
توضع مؤشرات تعكس وضع العميل بالنسبة للمنظمة مثل :رضا الزبائن ،الحصة السوقية،
درجة الوالء ،القدرة على االحتفاظ بالزبون ،القدرة على اجتذاب العميل ،و ربحية العميل .
حيث يتم قياس فعالية األنظمة الداخلية للمؤسسة من أجل ضمان تنافسيتها ،ومن أهمها
نظام التجديد(البحوث ،عدد براءات االختراع ،عدد املنتوجات الجديدة ،)...هذا باإلضافة إلى
نظام اإلنتاج(جودة املنتجات ،آجال اإلنتاج ،)...و نظام خدمة ما بعد البيع أيضا من األنظمة
املهمة (استقبال الزبون ،أجل حل املشكالت.)...
بالنسبة لكل محور من هذه املحاور األربعة يتم تحديد األهداف و إظهارها من خالل املؤشرات
مع قيمها املستهدفة و دمج املبادرات من أجل التعديل مع األهداف اإلستراتيجية ،االنسجام
الكلي بين املحاور األربعة يعرض نموذجا لقياس أداء املؤسسة من خالل رؤية عرضية
لنشاطاتها من أجل تنسيق اإلستراتيجية مع األنظمة التنفيذية.
التوازن بين مؤشرات قياس األداء السابق و مؤشرات قياس األداء املستقبلي.
قدم ))Robert.S. Kaplan et David .P. Nortonمقياس األداء املتوازن كأداة متكاملة و مركبة
لقياس و إدارة األداء االستراتيجي ،انطالقا من تزايد الضغوط التنافسية على تنظيمات
األعمال ،و كذا نتيجة لقصور النظام التقليدي لقياس األداء من الوفاء باملعلومات الالزمة
إلدارة األداء االستراتيجي ،و يمكن تجميع السمات األساسية التي تميز مقياس األداء املتوازن في
مجموعة املالمح األساسية التالية :
يعد مقياس األداء املتوازن نموذج رباعي األبعاد انطالقا من املنظورات األربعة التي يقوم عليها
و هي منظور األداء املالي و منظور العالقات مع العمالء و منظور عمليات التشغيل الداخلية و
منظور عمليات التعلم و النمو.
تقسم بطاقة األداء املتوازن كل منظور إلى خمس مكونات راسية هي :الهدف االستراتيجي
الفرعي ،املؤشرات ،القيم املستهدفة ،الخطوات اإلجرائية و املبادرات ،القيم الفعلية.
يقوم مقياس األداء املتوازن على أساس مزج املؤشرات املالية باملؤشرات غير املالية بهدف
التعرف على مدى التقدم نحو تحقيق األهداف اإلستراتيجية كميا و ماليا.
يربط مقياس األداء املتوازن مؤشرات األداء األساسية املالية و غير املالية الخاصة بكل منظور
مع األهداف اإلستراتيجية الفرعية املستمدة أساسا من إستراتيجية تنظيم األعمال.
يتسم مقياس األداء املتوازن بمحدودية عدد مؤشرات األداء األساسية ،انطالقا من خاصية
الرشد املحدود ،و خاصية عدم إتاحة معلومات أكثر من الطاقة التحليلية ملتخذ القرار.
يقوم مقياس األداء املتوازن على أساس مجموعة من الروابط الراسية السببية بين األهداف
اإلستراتيجية الفرعية و بعضها البعض و بين مؤشرات األداء األساسية و بعضها البعض،
وذلك من خالل ما يعرف بعالقات السبب و النتيجة التي تتضمنها الخريطة اإلستراتيجية.
يتطلب مقياس األداء املتوازن توافر نظام معلومات راق و بنية تحتية لتكنولوجيا املعلومات،
تتيح استخدام نظم التقرير البرمجية ،لتدفق املعلومات راسيا و أفقيا في الوقت املحدد.
يتطلب مقياس األداء املتوازن وجود وحدة إدارية مستقلة في الهيكل التنظيمي ،تتبع مباشرة
مجلس اإلدارة ،و تتولى اإلشراف على إدارة األداء االستراتيجي و ربطه مع األداء التشغيلي.
تعمل البطاقة بمثابة الحجر األساس للنجاح الحالي واملستقبلي للمنظمة ،عكس املقاييس املالية
التي تفيد بما حدث في املاضي و ال تشير إلى كيفية االستفادة منها في تحسين األداء مستقبال.
تمكن من ربط إستراتيجية املنظمة البعيدة املدى مع نشاطاتها القريبة املدى.
تمكن البطاقة من تشخيص وتحديد بصورة عملية مجاالت جديدة ينبغي أن تتميز بها املنظمة
لتحقيق أهداف املستهلك واملنظمة.
املساعدة في التركيز على ما لذي يجب عمله لزيادة تقدم األداء وتعمل كمظلة للتنويع املنفصل
لبرامج املنظمة مثل الجودة و إعادة التصميم وخدمة الزبون.
توضح الرؤية اإلستراتيجية وتحسن األداء وتضع تسلسال لألهداف وتوفر التغذية العكسية
لإلستراتيجية وتربط املكافئات بمعايير األداء.
تبقي بطاقة األداء املتوازن املعايير املالية كملخص مهم ألداء العاملين واإلدارة وبنفس الوقت
تلقي الضوء على مجموعة مقاييس أكثر عمومية وتفاعال وترابطا بين املستهلك والعماليات
الداخلية والعاملين وأداء النظام لتحقيق نجاح مالي طويل األمد.
املبحث الثالث :بطاقة األداء املتوازن نظام متكامل لصياغة و تنفيذ و تقييم اإلستراتيجية
كثير من املؤسسات تواجه مشكالت مرتبطة بتطبيق استراتجييها و تجد صعوبة في تحويل
اإلستراتيجية إلى نشاطات عملية قابلة للقياس ،قد يرجع هذا الفشل في تطبيق اإلستراتيجية إلى
أن:
إذ يعكس واقع املؤسسات أن معظم النشاطات املنفذة في األقسام مفيدة غير أنها ال تخدم
اإلستراتيجية و في بعض األحيان قد تتعارض معها ،لذلك فإنه من أجل اإلدارة اإلستراتيجية
السليمة من املهم استعمال بطاقة األداء املتوازن حيث تكون القياسات فيها منسجمة مع
إستراتيجية املؤسسة ،كما أن لها دورا فاعال على امتداد املراحل الثالثة لإلدارة اإلستراتيجية.
فعملية تشكيل بطاقة األداء املتوازن يجب أن تكون مسبوقة بتوضيح الرؤى اإلستراتيجية
املستقبلية بالنسبة للمؤسسة ،ثم عليها التساؤل حول ما الذي سيتم تصحيحه لو قامت بوضع
هذه اإلستراتيجية بالنسبة ملساهميها ،زبائنها و أنظمتها و قدرتها على التجديد ،وعلى هذا
األساس تقوم بتحديد العوامل الحرجة لكل محور من هذه املحاور و تحديد الوسائل لقياسها.
تركز األهداف املالية على بعض القياسات مثل :النمو ،الربحية ،دوران رأي املال املوظف ،أما
األهداف املرتبطة بالزبائن فتضم املؤشرات املتعلقة بقطاعات السوق املستهدف و رضا الزبائن
ووفائهم ،املردودية لكل قطاع من الزبائن ،الحصة السوقية في السوق املستهدف ،محور
األنظمة يتضمن األهداف طويلة األجل مثل تلك املتعلقة بدورة التجديد و األهداف القصيرة
املرتبطة بدورة االستغالل ،محور التعلم التنظيمي له أهداف تهتم بالبنى التحتية التي يجب أن
تضعها املؤسسة و باملوارد البشرية ،وغالبا فإن من 15إلى 20هدفا هو عدد كافي لترجمة
الرؤية اإلستراتيجية .
و على كل فاعل في املؤسسة من القمة إلى القاعدة أن يعرف إستراتيجية املؤسسة و دوره
لتحقيقها ،يمكن ذلك من خالل امليكانيزمات التالية :
نشاطات تحديد األهداف :بعد توصيل األهداف العريضة لكامل املعنيين و شرحها يمكن
لألجراء تحديد أهدافهم الخاصة بداللة األهداف العامة.
بطاقة األداء املتوازن ليست طريقة جديدة لقياس األداء فحسب و لكن أداة لإلدارة
اإلستراتيجية ،فاملؤسسات التي تلجأ إلى وضع قائمة من مؤشرات األداء األساسية و إلحاقها
بنظام ملتابعتها ،غير أن هذه القائمة ما هي إال سلسلة من األنشطة الواجب القيام بها و ال يوجد
ما يربطها مع إستراتيجية املؤسسة ،وأحيانا ال ترتبط هي في ما بينها ،تأتي أهمية بطاقة األداء
املتوازن ليس من كونها تجمع بين مؤشرات مختلفة ،و إنما من كونها تثبت عددا محدودا من
التوجهات اإلستراتيجية األساسية يتم تقسيمها إلى أهداف إستراتيجية ملحقة بنظام خاص
للقياس .
و هناك ثالثة عناصر أساسية تساعد في ربط القياسات بإستراتيجية املؤسسة ،وهي:
تعرف اإلستراتيجية بأنها مجموعة من الفرضيات التي ترتبط قي ما بينها بعالقة سببية ،كثير من
العمليات اإلستراتيجية تمثل عالقات سبب ونتيجة ،ولذا يجب أن يحقق القياس العالقة بينهما
حتى يمكن إدارتها والتأكد من صحتها ،ويجب أن تتضمن العالقة الجوانب األربعة املكونة
لبطاقة قياس األداء املتوازن.
مثال :معدل العائد على رأس املال يزيد بزيادة املبيعات للعمالء ويعكس ذلك والء العمالء ،إذن
يتم إدراج معدل العائد في الجانب املالي والوالء في جانب العمالء ولكن كيف يتحقق الوالء؟ يتم
الحصول على الوالء بتحسين وقت الخدمة للعمالء إذن ندرج الوالء ووقت الخدمة للعمالء في
جانب العمالء من البطاقة ولتحقيق وقت خدمة قصيرة يجب تقليل وقت أداء العمل وإجادة
العمليات الداخلية (يتم إدراجهم في العمليات الداخلية) وهذا يتم الحصول علية بالتدريب
وتنمية املهارات للموظفين (يتم إدراجهم في جانب التعلم والنمو).
و يتم وصف عالقات السبب و النتيجة من خالل الخرائط اإلستراتيجية ،هذه األخيرة تعني
تمثيل تصوري لهذه العالقات السببية ،لبيان كيفية الربط بين األهداف اإلستراتيجية الفرعية
بعضها البعض و بين مؤشرات األداء األساسية بعضها البعض و ذلك من خالل مجموعات
متتالية من العالقات االفتراضية السببية ،و تمثل الخرائط اإلستراتيجية إحدى املكونات
األساسية ملقياس األداء املتوازن.
ولغرض إحداث تطوير على بطاقة األداء املتوازن نحو االتجاه االستراتيجي يمكن عمل موائمة
بين الخارطة اإلستراتيجية واملنظورات األربعة للبطاقة على أساس فلسفة رؤية املنظمة التي
تترجم بصيغة مجموعة استراتيجيات ،بدءا من اإلستراتيجية املالية التي تستهدف زيادة قيمة
حملة األسهم وانتهاء بإستراتيجية التعلم والنمو التي تستهدف زيادة قدرة العاملين في املنظمة .
محددات األداء:
في جدول القيادة املتوازن نجد أن املؤشرات التي تعكس األهداف تكون مشتركة بين عدة
مؤسسات ،غير أن محددات األداء تخص كل مؤسسة بذاتها ،لذلك يجب أن يضم جدول
القيادة املتوازن :مؤشرات تقيس النتائج ،و محددات األداء و هي التي تسمح للمؤسسة بوضع
تحسينات قصيرة األجل قريبة من املهام اليومية.
االحتكام إلى النتائج املالية :يجب أن يخصص لجدول القيادة حيزا للمؤشرات املالية ،ذلك أن
املحاور األخرى ليست هدفا بحد ذاتها إنما هي وسيلة لتحقيق مكاسب مالية.
في بعض األحيان تحيد الشركة عن اإلستراتيجية التي اختارتها لنفسها و تضل طريقها في
تعامالتها و تصرفاتها فتضيع بين األهداف املتضاربة و يلتبس عليها األمر ،فال تعرف في أي وجهة
تمضي و ال أي طريق تختار و هذا يسمى "التضارب اإلستراتيجي فمثال قد تختار الشركة شكل
تميز العالقات مع العمالء ،و لكنها تنفق مواردها في رفع كفاءة عمليات التشغيل و تخفض
أسعار منتجاتها ،لدرجة ال تتوفر معها أية موارد أخرى لتعزيز عالقاتها مع العمالء ،للقضاء على
هذا التضارب االستراتيجي يكون على الشركة أن تقوم بإعداد موازنة بين األهداف النظرية و
األنشطة العملية داخل اإلستراتيجية لتحقيق الخيار االستراتيجي ،دون انحراف أو التباس .
يكمن جوهر اإلستراتيجية في نوع األنشطة التي تركز عليها ،فيجب على املسير أن يوازي
بين أنواع األنشطة اإلستراتيجية التي تهدف لتحقيق أهداف إستراتيجية معينة و األدوات التي
تستخدم لقياس أثر هذه النشاطات ،فال يصح مثال أن تركز الشركة على أنشطة كفاءة
التشغيل بينما تنصب أدواتها اإلستراتيجية على قياس درجة والء العمالء ،كما ينبغي التأكد من
وجود التوافق بين األنشطة اإلستراتيجية ذاتها ،و كذا التوافق بين األنشطة اإلستراتيجية و بين
املؤشرات التي تقيسها.
إحصاء و جمع املبادرات العرضية التي ينجم عنها "التضافرية" ( )synergiesو املالئمة لتحقيق
األهداف اإلستراتيجية.
من املهم أن تملك املؤسسات نظاما للتعلم التنظيمي يسمح للمسيرين بتحليل فرضياتهم و
تحديد ما إذا كانت املبادئ التي تقود نشاطاتهم هي دائما متالئمة مع النشاطات و مكيفة مع
املالحظات و الخبرات ،ففي بعض األحيان يجب وضع استراتيجيات جديدة الستغالل منافذ
معينة و مواجهة تهديدات غير متنبأ بها ،من أجل الحصول على نظام فعال للتعلم التنظيمي
عليه أن يضم:
إطار استراتيجي مشترك يوضح اإلستراتيجية الكلية و يظهر لكل عامل في املنظمة بماذا تساهم
نشاطاته ،يتحقق هذا بفضل بطاقة األداء املتوازن التي تعتبر شكال من أشكال األداء املشترك.
نظام لعودة املعلومات املتعلقة باآلثار اإلستراتيجية و التي تسمح باختبار الفرضيات حول
عالقات السبب و النتيجة بين األهداف و الخيارات اإلستراتيجية.
نظام لحل املشكالت يحلل و يستخلص املعطيات حول األداء ثم يكيف اإلستراتيجية بداللة
تطور الظروف و املشكالت ،أفضل وسيلة لذلك هي الحل الجماعي للمشكالت أي الحل بالفرق