You are on page 1of 6

‫!


‫اﻟﻘﻤص ﺘﺎدرس ﯿﻌﻘوب ﻤﻠطﻲ‬

‫‪2021‬‬
‫�‬ ‫� �‬
‫� � ����� !‬
‫������ ����� �‬
‫�‬ ‫�����‬
‫�‬

‫يف إبداع روحي فريد مع شعر رسياين ُمر َهف يصعب‬


‫ترجمته إىل أية لغة‪ ،‬يُ َس ِّجل لنا القديس مار يعقوب الرسوجي‬
‫قصيدة رائعة عن هروب يونان وتوبة أهل نينوى‪ ،‬لقد س َّجل لنا القديس‬
‫مشاعر خفية يف قلب يونان‪ .‬وكشف عن رس موت وقيامة املسيح يف نبوة يونان ‪.‬‬
‫ﯾﻮﻧﺎن ﻓﯽ ﻗﺎع اﻟﺴﻔﯿﻨﻪ ﻧﺎﺋﻢ !‬
‫يتطلع القديس مار يعقوب الرسوجي إىل البحر وقد اشتد هياجه وكأنه يرصخ ليوقظ يونان‪ ،‬ويونان يف قاع‬
‫السفينة نائم! مل يطر نوم يونان بالريح الشديدة التي أقلقت البحر كله‪ ،‬ألنه كان‬
‫نوم األمل‪ .‬لقد أغرقه األمل‪ ،‬وجعل نومه ثقيالً عىل أعضائه‪ ،‬واضطجع املُتألِم‪ ،‬ومل‬
‫يعرف أن يستيقظ نهائيًا‪ .‬حطَّمته الكآبة وأخمده الحزن‪ ،‬وسقط عليه ُسبَاتٌ‬
‫ليستغرق يف النوم‪ ...‬خاف ألنه هرب‪ ،‬وارتعب ألن البحر اصطاده‪ ،‬ومن‬ ‫َ‬ ‫عظي ٌم‬
‫ويتحري القديس مار يعقوب الرسوجي‬ ‫َّ‬ ‫حل به النوم‪ ،‬هذا اململوء آال ًما‪.‬‬ ‫الضيق َّ‬
‫عن سبب وكيفية استغراق يونان يف سبات عميق قائالً‪ " :‬هل نام كثريا بسبب‬
‫رس روح ًيا بالنوم )أي رس موت املسيح(؟ فحينام اضطجع ربنا‪ ،‬هاج‬ ‫الحزن؟ أم َربَطَه ال ّ‬
‫البحر )اليهود( عىل التالميذ‪ .‬وكام أيقظ رئيس النوت َّية يونان قائالً له‪" :‬ما لك نامئا‪ .‬قم ارصخ اىل الهك عىس ان‬
‫يفتكر اإلله فينا فال نهلك")يونان‪ .(٦ :١‬هكذا هتف داود النبي قائالً‪" :‬قم يارب ملاذا تنام‪ .‬قم وال ِ‬
‫تقصنا عنك‬
‫إىل االنقضاء‪ .‬قم يارب أعنا وانقذنا‪ .‬من أجل اسمك القدوس" )مز ‪.) ٢٥-٢٣ :٤٤‬‬
‫إذ أيقظ رئيس املالّحني يونان‪ ،‬فوجئ بالقبض عليه‪ ،‬فالبحر واألمواج والرياح تطلبه لتقتاده إىل ذاك الذي هرب منه ‪.‬‬
‫اﻟ ُﻘ ْﺮ َﻋﻪ ﺗﺼﺮخ ﺿﺪ ﯾﻮﻧﺎن‬
‫جب ُحب َِس فيه‪ ،‬فالبحر واألمواج والرياح تشهد ضده‪ ،‬واملالّحون يف السفينة يطالبونه بالتح ُّرك‪،‬‬ ‫صار يونان كمن يف ٍ‬
‫والقرعة أعلنت أنه هو سبب الكارثة! واآلن مل يَ ُع ْد أمامه سوى االعرتاف أنه ُم ْذنِ ٌب ‪.‬‬
‫يف وسط التيارات العنيفة والنوء الشديد والخطر املحدق كنا نتوقع يف املالّحني أن يفقدوا سالمهم وهدوءهم‪،‬‬
‫رسا‪ ،‬سألوه عن كل حياته‪ ،‬طالبني معرفة الحقيقية‪ .‬فكانت أسئلتهم توبي ًخا‬ ‫لكنهم أثبتوا أنهم حكامء‪ .‬رأوا يف يونان ً‬
‫رصفاتِه ‪.‬‬
‫لطيفًا استخدمه ﷲ إلصالح نفسه‪ .‬ففيام هم يسألونه كان يليق بيونان أن يُرا ِج َع نفسه يف ت ُّ‬
‫وكام قال القديس چريوم‪] :‬كان هدف القرعة أن يضغط املالّحون عليه ليعرتف بلسانه عن سبب هذا النوء و ِعلَّة‬
‫غضب ﷲ[‪ ،‬أي ليعرتف بعصيانه للرب وهروبه من ذاك الذي خلق البحر وال َّرب ‪.‬‬
‫جاءت األسئلة بالنتيجة امل َ ْر ُج َّوة‪ ،‬إذ اعرتف قائالً‪" :‬أنا عرباين‪ ،‬وأنا خائف من الرب إله السامء الذي صنع البحر وال َّرب ‪.‬‬
‫أيضا‬
‫يقول القديس چريوم ً‬
‫إنه مل يقل "أنا عرباين" قاص ًدا اللقب الخاص بشعبه الذي ينتمي إىل‬
‫أحد أسباطه‪ ،‬إمنا قصد أنه عابر كإبراهيم‪ ،‬وكأنه يقول‪ :‬أنا ضعيف وراحل‬
‫كسائر آبايئ‪ ،‬وكام جاء يف املزمور‪" :‬عربوا من مدينة إىل أخرى‪ ،‬ومن مملكة إىل شعب آخر ‪"...‬‬
‫إنني خائف من الرب إله السامء وليس من اآللهة التي ترضعوا إليها‪ ،‬العاجزة عن الخالص ‪.‬‬
‫إنني أترضع إىل إله السامء الذي صنع البحر وال َّرب‪ ،‬البحر الذي أهرب إليه‪ ،‬وال ّرب الذي أهرب منه !]‬
‫يرى القديس مار يعقوب الرسوجي الفارق الشاسع بني مشاعر املالّحني ومشاعر يونان‪ ،‬فاألولون رصخوا إىل اآللهة‬
‫ِيب‪ .‬أما األخري فاستيقظ لريى ﷲ قد ح َّرك الطبيعة للقبض عليه‪ .‬أدرك أنه أخطأ بهروبه‪،‬‬ ‫الباطلة‪ ،‬لكن ليس من ُمج ٍ‬
‫واستخف باملوت غرقًا يف البحر عن أن يقاوم ﷲ‪ ،‬ويرفض إرساليته ‪.‬‬
‫ُر ْﻋﺐ اﻟﻤ ّ‬
‫ﻼﺣﯿﻦ أﻣﺎم ﯾﻮﻧﺎن‬
‫كشفت‬
‫َ‬ ‫يقول القديس چريوم‪] :‬كأنهم يقولون‪ :‬إنك تقول بأنه بسببك صار الريح واألمواج والبحر يف هياج‪ .‬لقد‬
‫لنا عن سبب املرض‪ ،‬فأفصح عن الدواء‪ .‬هوذا البحر يرتفع ضدنا‪ ،‬و َعرِفنا أننا رصنا موضع غضب ألننا أخذناك‪.‬‬
‫أخطأنا إذ استضفناك‪ ،‬فامذا نفعل حتى يسكن غضب ﷲ علينا؟ ماذا نفعل بك؟ هل نقتلك؟ لكنك من مؤمني‬
‫الرب! هل نحتفظ بك؟ إنك هارب من ﷲ! اآلن ليس لنا إالَّ أن نُ َن ِّف َذ أمرك‪ ،‬فلتأمر حتى يهدأ البحر‪ ،‬فإن اضطرابه‬
‫يشهد عن غضب الخالق‪ ...‬ال ميكن التأجيل بعد أمام انتقام الخالق؟‬
‫ويرى القديس مار يعقوب الرسوجي أن املالّحني ارتعبوا حني أدركوا أن البحر بقدرة عظمته يضطرب من أجل‬
‫‪.‬‬
‫خطية إنسانٍ ؛ ت ُ َرى من يكون هذا اإلنسان الذي بسببه يتح َّرك البحر؟ وما هي مدى خطورة خطيته؟ وما هو‬
‫ريض البحر الثائر عليه ‪.‬‬ ‫حجمها؟ لقد طلبوا منه أن يتح َّرك‪ ،‬فهو وحده يعرف كيف يُ ِ‬
‫ﻋﻠﯽ !‬
‫َّ‬ ‫اﻟﺒﺤﺮ اﻟﺬي ﺧﺪم ﺑﻨﯽ ﺟﻨﺴﯽ ﯾﻠﻘﯽ اﻟﻘﺒﺾ‬
‫يقول القديس يوحنا الذهبي الفم‪] :‬توقع يونان أن يهرب بواسطة السفينة‪ ،‬فإذا بالسفينة تكون له قيو ًدا‪ [.1‬ظن أنه‬
‫قاد ٌر عىل الهرب من إله البحر خالل سفينة‪ ،‬فأمسك به وسط املياه الثائرة داخل السفينة‪ ،‬ليحرصه وسط الضيق‪،‬‬
‫ويدخل به إىل التوبة‪ .‬استخدم ﷲ ذات الوسيلة التي ظ َّنها يونان لهربه من يد ﷲ ليك ميسك به ويرده إليه ‪.‬‬
‫ما أجمل العبارة التي قالها القديس يوحنا الذهبي الفم‪] :‬مل تكن هناك حاجة إىل أيام كثرية‪ ،‬وال إىل نصائح‬
‫مستمرة‪ ،‬لكن يف بساطة نقول كانت الحاجة أن يقو َده كل يش ٍء إىل التوبة )أي يستخدم ﷲ كل الظروف لخالصه(‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫فاهلل مل يقده من السفينة إىل املدينة مبارشة‪ ،‬وإمنا سلَّمه البحارة للبحر‪ ،‬والبحر للحوت‪ ،‬والحوت هلل‪ ،‬وﷲ ألهل‬
‫‪:‬‬
‫نينوى‪ ،‬وخالل هذه الدائرة الطويلة ر َّد الشارد‪ ،‬حتى يعرف الكل أنه لن ميكن الهروب من يد ﷲ‪].2‬‬

‫‪1 Conc. Stat. 6: 14.‬‬


‫‪2 Conc. Stat. 5: 19.‬‬
‫ويرى القديس مار يعقوب الرسوجي أنه إذ ُس ِئ َل يونان عن بني‬
‫جنسه‪ ،‬تذكَّر أنه من بني إرسائيل الذين انشق البحر أمامهم‪ ،‬ليسريوا‬
‫فيه يف أمان‪ ،‬وتقهقرت مياه األردن قُ َّدامهم‪ ،‬ل َي ْعربوا إىل أرض املُو ِعد !‬
‫وها هو البحر ثائر ضده!‬
‫عظيم ُمظ ِه ًرا من أي شعب هو‪ ،‬ومن أي مكان كام ُس ِئ َل ‪.‬‬ ‫‪ ‬بدأ النبي يتكلم بأ ٍمل ٍ‬
‫أنا عرباين من جنس إبراهيم‪ ،‬عبد أنا‪ ،‬مولود يف بيت أدوناي )ﷲ( الحقيقي ‪.‬‬
‫شق البحر العظيم‪ .‬ومن جنس إرسائيل الذي عرب البحر العظيم بدهشة ‪.‬‬ ‫أنا ابن جنس موىس الذي َّ‬
‫شق نهر األردن واجتازه ‪.‬‬ ‫الذي َّ‬ ‫أنا من جنس يشوع بن نون الج َّبار القوي ‪.‬‬
‫أنا عرباين من الشعب الذي جاز بني األمواج ماش ًيا‪ ،‬ومل متَ ّسه نقطة ما ٍء ‪.‬‬
‫طريق وسط البحر ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وقت ما قَ َه َر ِت البحر وداست فيه كمثل اليابس‪ ،‬وجازت يف‬ ‫قبيلتي هي التي يف ٍ‬
‫جنيس هو الذي خرج من مرص‪ ،‬وارتجفت أمامه مياه البحر‪ ،‬وأعطته مكانًا للعبور ‪.‬‬
‫سيدي هو الذي صنع األرض والبحر العظيم‪ ،‬وله أعبد ‪.‬‬
‫ِب عىل البحر وخار ًجا عنه ‪.‬‬ ‫هربت‪ ،‬ولهذا اصطادين‪ .‬هو يجعل الريح تَه ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ومنه‬
‫يابسا كأنه غري موجود ‪...‬‬‫إن انتهر البحر يجعله كله ً‬
‫خالفت وصيته أحاطت يب َم َخا ِوف البحر هذه‪.3‬‬ ‫ُ‬ ‫إلهي عظيم‪ ،‬وألين‬
‫القديس مار يعقوب الرسوجي‬
‫ﮐﺮازه ﻟﻠﻤﻼﺣﯿﻦ اﻷُﻣﻤﯿﯿﻦ !‬
‫يُعلق القديس چريوم عىل الكلامت التي نطق بها يونان مع البحارة‪ ،‬قائالً‪] :‬إن هذا النوء يبحث عني‪ ،‬يُ َه ِّددكم‬
‫بالغرق ليك متسكوا يب‪ ،‬ومبويت تحيون! إنني أعرف بالحقيقة أن هذا النوء العظيم هو بسبي‪ ...‬هوذا األمواج‬
‫تأمركم أن تلقو ّين يف البحر‪ ،‬فتجدون هدو ًءا‪ ...‬لنالحظ هنا عظمة الهارب‪ ،‬فإنه ال يراوغ‪ ،‬وال يكتم األمر‪ ،‬وال ينكر‬
‫بقلب ُمتَّ ِسعٍ‪ .‬يُريد أن ميوت وال يتحطم اآلخرون بسببه ‪].‬‬ ‫بعدما اعرتف بهروبه من ﷲ‪ ،‬وإمنا يَتَ َق َّبل العقاب ٍ‬
‫ويربز القديس يعقوب الرسوجي حكمة يونان الروحية‪ ،‬فقد سأله املالّحون عن شعبه وأرضه‪ ،‬أما هو فام كان‬
‫يشغله إلهه‪ .‬لهذا وإن كان كمن هو سجني وساقط تحت أيدي الطبيعة"‪ .‬الثائرة واملالّحني‪ ،‬كشف لهم أن إلهه هو‬
‫خالق البحر وال َّرب ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫يف تواضعٍ وخضو ٍع مل يَ ُ ْرث املالّحون عىل يونان‪ ،‬بل أدركوا من هو إلهه‪ ،‬فسألوه كيف ُ ْمي ِك ُن للبحر أن يهدأ‪ .‬لقد‬
‫هرب يونان من خدمة أهل نينوى وتعليمهم ألنهم أُمم ُّيون‪ ،‬فإذا به يشهد هلل وسط املالّحني األُمميني !‬

‫‪ 3‬امليمر ‪ ١٢٢‬عىل يونان النبي )راجع نص بول بيجان ترجمة الدكتور بهنام سوين(؛ امليمر ‪ ١٢‬عىل يونان النبي وتوبة أهل نينوى‬
‫يُق َرأ يف صوم يونان )قبطي(؛ يونان النبي والنداء إىل نينوى‪ ،‬نقلها إىل العربية األب إميل أيب حبيب األنطوين‪ ،‬ص ‪٩٥-٩٣‬‬
‫ﯾﻮﻧﺎن ﯾﻄﻠﺐ إﻟﻘﺎﺋﻪ ﻓﯽ ﺣﺒﺲ اﻟﺒﺤﺮ!‬
‫يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن محبة املالّحني ورحمتهم وبَّ َخ ِت‬
‫خطئ‬‫شخصا ُمعرتِفًا بأنه ُم ِ‬
‫النبي الهارب‪ ،‬وأن هؤالء الوثنيني مل يريدوا أن يدينوا ً‬
‫‪.‬و ُمذنِب‪ ،‬وقد أدانه البحر والرياح وال ُق ْر َعة‪ ،‬بينام مل يبا ِل هو بهالك نينوى كلها ‪.‬‬
‫حب متباد ٍل‪ ،‬مع رصاح ٍة‪ ،‬يتبادل يونان واملال ‪ّ.‬حون املشورة‪ ،‬كل طرف‬ ‫ويرى القديس مار يعقوب الرسوجي أنه يف ٍ‬
‫يطلب ما لصالح الطرف اآلخر ‪.‬‬
‫ويُ َعل ُِّق القديس چريوم عىل موقف املالّحني الرائع‪ ،‬فإنهم مل يسألوا عام فعله يونان وال طلبوا من ﷲ توضي ًحا‬
‫لل َم ْو ِقف‪ ،‬إمنا وثقوا يف عدالة ﷲ يف أحكامه‪.4‬‬
‫[كانوا يريدون أن يسحبوا املجداف ويهزموا الطبيعة حتى ال يفضحوا نبي الرب‪ ...‬ظنوا أنهم قادرون أن يُ َخلِّصوا‬
‫السفينة من الخطر‪ ،‬ومل يضعوا يف اعتبارهم الدور الذي يقوم به يونان أنه يجب أن يتأمل ‪].‬‬
‫القديس جريوم‬
‫اﻟﻌﺒﺪ اﻟﻬﺎرب ﯾﻨﺤﻨﯽ وﯾﺼﻤﺖ !‬
‫قَب َِل يونان ال ُح ْك َم عليه‪ ،‬وسلَّم نفسه للموت‪ ،‬ومل يكن أمام املالّحني سوى الرصاخ إىل ﷲ‪ ،‬ليك ال يُطلَب دم يونان منهم!‬
‫صورة رائعة ألُمم ِّيني وثن ِّيني يتع َّرفون ألول م َّرة عىل ﷲ‪ ،‬فيطلبون مشورته ورحمته ‪.‬‬
‫كام يقول القديس جريوم‪] :‬عظيم هو إميان املالّحني‪ ،‬فقد كانوا يف خط ٍر ومع هذا كانوا يُ َصلُّون من أجل حياة‬
‫الغري‪ .‬عرفوا جي ًدا أن املوت الروحي أبشع من املوت الطبيعي‪ ،‬إذ قالوا‪" :‬ال تجعل علينا د ًما بريئًا"‪ .‬يجعلون ﷲ‬
‫نفسه شاه ًدا حتى ال يَتَّهمهم فيام ال يستطيعون عليه‪ ،‬وكأنهم يقولون له‪ :‬ال نُرِيد أن نقتل نبيك‪ ،‬إمنا هو أعلن‬
‫عن غضبك عليه‪ ،‬والنوء أكِّ ْد إرادتك يا رب‪ ،‬هذه التي نحن نُتَ ِّممها بأيدينا ‪].‬‬
‫اﻟﻤﻀﻄﻬَ ﺪه ﻣﻦ اﻷﻣﻮاج !‬
‫اﺳﺘﺮاﺣﺖ اﻟﺴﻔﯿﻨﻪ ُ‬
‫يرى القديس يوحنا الذهبي الفم يف إلقاء يونان العايص يف البحر إشارة إىل طرد الخطية من‬
‫سفينة حياتنا ليعود إلينا سالمنا الحق الذي نزعته آثامنا‪ ،‬إذ يقول‪] :‬اضطربت املدينة بسبب‬
‫خطايا أهل نينوى‪ ،‬واضطربت السفينة بسبب عصيان النبي‪ .‬لذلك ألقى البحارة يونان يف‬
‫أيضا خطايانا فتبقى مدينتنا يف أمانٍ أكيدٍ‪].5‬‬
‫لق نحن ً‬ ‫العمق‪ ،‬ف ُح ِ‬
‫فظت السفينة‪ .‬ل ُن ِ‬
‫ويرى القديس چريوم يف إلقاء يونان يف البحر إشارة إىل آالم السيد املسيح‪ ،‬التي‬
‫نزعت عن بحرنا هياجه‪ ،‬وخل ََّصت السفينة ومن بها من الخطر‪ .‬خالل آالم السيد‬
‫املسيح امتأل العامل سال ًما داخل ًيا فائقًا !‬

‫‪5 Conc. Stat. 5: 18.‬‬


‫ويقول القديس مار يعقوب الرسوجي إنه إذ أُ َ‬
‫لقي القبض‬
‫عىل الهارب‪ ،‬هدأت الطبيعة الثائرة عليه‪ ،‬ألنها حققت رسالتها‪.‬‬
‫ها هي ت َُسلِّمه يف يد خالقها ليفعل به حسب أمره اإللهي‪ .‬أما السفينة‬
‫فاسرتاحت من اضطهاد الطبيعة لها‪ ،‬إذ طُر َِح يونان من السفينة يف البحر‪ ،‬وكأنها طفل حديث‬
‫الوالدة‪ ،‬خرج من رحم أمه‪ ،‬فاسرتاحت األم من آالم الطلق ‪.‬‬
‫ويرى القديس مار يعقوب الرسوجي أن األُمميني استطاعوا أن يدخلوا بيت ﷲ‪ ،‬وهم يف السفينة يف وسط البحر‪،‬‬
‫وق َّدموا ذبائح تسبيح وشكر مقبولة لدى ﷲ‪ ،‬ومتتَّعوا مبخافة الرب التي ُح ِر َم كثري من شعب ﷲ أنفسهم منها ‪.‬‬

‫اﻟﻘﻤص ﺘﺎدرس ﯿﻌﻘوب ﻤﻠطﻲ‬


‫اﻟﺜﻼﺜﺎء ‪ ١٦‬أﻤﺸﯿر ‪١٧٣٧‬ش‬
‫‪ ٢٣‬ﻓﺒراﯿر ‪٢٠٢١‬م‬

You might also like