You are on page 1of 97

‫املشهد‬

‫لدراسة التطرف واإلرهاب‬

‫جملة اليكرتونية غري دورية ختتص بدراسة التنظيمات اإلرهابية‬


‫واجلماعات املتطرفة‬

‫رئيس مجلس اإلدارة‬

‫عبد احملسن سالمة‬

‫مدير المركز‬

‫د‪ .‬حممد فايز فرحات‬

‫رئيس التحرير التنفيذي‬

‫أمل خمتار‬

‫مستشارو التحرير‬

‫نبيـل عبد الفتـــاح‬


‫د‪ .‬عمرو الشوبكي‬

‫اإلخراج الفني‬

‫مصطفى علوان‬

‫"املشــهد" جملــة اليكرتونيــة غــر دوريــة تصــدر عــن‬


‫برنامــج "دراســات اإلرهــاب والتطــرف"‪ ،‬ختتــص بدراســة‬
‫التنظيمــات اإلرهابيــة واجلماعــات املتطرفــة مــن الناحيــة‬
‫الفكريــة واحلركيــة والتنظيميــة‪ ،‬وحتليــل دوافــع األفــراد‬
‫لالنضمــام وآليــات االســتقطاب؛ بهــدف توفــر دراســات‬
‫ورؤى علميــة للدارســن وصانعــي السياســات‪ ،‬مــن أجــل‬
‫إجيــاد آليــات للحــد مــن انتشــار ظاهــرة التطــرف ومواجهــة‬
‫التنظيمــات اإلرهابيــة‪.‬‬

‫العدد الثاين ‪ -‬سبتمرب ‪2021‬‬ ‫أراء الكتاب ال تعبر عن رأى المجلة أو مركز األهرام للدراسات السياسية واالستراتيجية‬

‫تتلقى الفصلية مقترحاتكم ومشاركتكم عبر البريد اإلليكتروني‪:‬‬

‫‪mashhad@ahram.org.eg‬‬
‫افتتاحية العدد‬
‫الحرب األمريكية على اإلرهاب‪:‬‬
‫‪4‬‬ ‫سؤال عن منطقية القرار وجدوى االستمرار وكشف حساب األضرار!‬
‫أمل مختار‬

‫قضايا تحليلية‬

‫‪10‬‬ ‫‪ -1‬أفغانستان‪ :‬عقدان من فشل الحرب على اإلرهاب‬


‫د‪ .‬محمد فايز فرحات‬
‫‪ -2‬العراق‪ :‬مكافحة أم صناعة أمريكية لإلرهاب؟‬
‫‪21‬‬ ‫صافيناز محمد أحمد‬
‫‪ 11 - 3‬سبتمبر على الشاشة‪ :‬دراما التضليل واإلرهاب والنفط‬
‫‪32‬‬ ‫إسالم ميلبا‬

‫مواجهات ومراجعات‬

‫‪40‬‬ ‫السياسات الغربية لمواجهة اإلرهاب‪ :‬ثنائية األمن والحريات‬


‫رابحة سيف عالم‬

‫تنظيمات‬

‫‪49‬‬ ‫عاما من المواجهة‬


‫ً‬ ‫حالة تنظيم القاعدة بعد عشرين‬
‫أحمد كامل البحيري‬

‫المشهد فى أرقام‬

‫‪56‬‬ ‫الحرب األمريكية على اإلرهاب‪ :‬كشف حساب ُمختصر‬


‫د‪ .‬محمد يوسف‬

‫ملحق خاص‬
‫‪68‬‬ ‫دليل الحرب األمريكية على اإلرهاب‬
‫آمنة فايد ‪ -‬عبد المجيد أبو العال‬
‫املشهد‬

‫افتتاحية العدد‬

‫الحرب األمريكية على اإلرهاب‪:‬‬


‫سؤال عن منطقية القرار وجدوى االستمرار وكشف حساب األضرار!‬

‫ما بني سبتمرب ‪ ،2001‬وسبتمرب ‪ ،2021‬شهد العامل «حرب األعوام العرشين عىل اإلرهاب»‪ .‬حرب أخذ قرار بدايتها‬
‫الرئيس األمريكى اجلمهورى جورج دبليو بوش‪ ،‬وتشارك ىف قرار االستمرار فيها رئيسان‪ ،‬مها‪ :‬الديمقراطى باراك‬
‫أوباما واجلمهورى دونالد ترامب‪ ،‬إىل أن رشع األخري ىف خطوات إهنائها‪ ،‬والتى أمتها الرئيس الديمقراطى احلاىل جو‬
‫بايدن‪ .‬حرب استهلكت ‪ 6.4‬تريليون دوالر‪ ،‬بدأت من أفغانستان وانطلقت إىل العراق‪ ،‬ثم ألقت بتبعاهتا عىل منطقة‬
‫الرشق األوسط‪ ،‬وحتديدا الدول العربية‪ ،‬وقد أسفرت عن خسائر فادحة ىف األرواح‪ ،‬وألقت بظالل قامتة عىل األمن‬
‫واالستقرار واألوضاع السياسية واالقتصادية واالجتامعية وحقوق االنسان‪ ،‬خاصة النساء واألطفال‪.‬‬
‫دارت احلرب ىف إطار من أطروحات نظرية وفكرية أمريكية حول مزاعم بالقدرة عىل القضاء النهائى عىل تنظيامت‬
‫اإلرهاب العاملى (القاعدة آنذاك) وحركة اإلرهاب املحىل (طالبان)‪ ،‬وذلك من خالل «حرب استباقية» هتدف‬
‫إىل إسقاط احلكومات «الديكتاتورية» ىف أفغانستان والعراق واستبداهلا بحكومات «ديمقراطية» ترفض احتضان‬
‫اإلرهاب!‪ ،‬و«إعادة بناء الدول الفاشلة»‪ ،‬وحتويل حياة األفغان والعراقيني إىل األفضل عرب العيش ىف جمتمع حر‬
‫وديمقراطى يراعى معايري احلوكمة والشفافية ليكون بمنزلة النموذج الذى تسعى دول الرشق األوسط لتكراره‪ ،‬ألنه‬
‫هو النموذج الوحيد الضامن لتحقيق السالم ىف املنطقة والعامل! ومن ثم‪ ،‬تبوير احلواضن الشعبية لإلرهاب‪ ،‬وهو ما‬
‫سيؤدى ىف النهاية إىل ضامن عدم تكرار اهلجوم اإلرهابى الذى وقع ىف ‪ 11‬سبتمرب!‬
‫إذا كنا بصدد القيام بعمل تقييم ملنطقية اختاذ قرار احلرب‪ ،‬وقياس جدوى االستمرار فيها ملدة عرشين عاما‪ ،‬البد لنا من‬
‫إلقاء ضوء رسيع عىل ترصحيات رؤساء احلرب األربعة‪ ،‬وهم الرؤساء األمريكيني املتعاقبني خالل العقدين املاضيني‪.‬‬
‫القرار األمريكى ىف خطابات «رؤساء احلرب»‬
‫«قررت أال ُأطيل هذه احلرب وهذا االنسحاب إىل ما ال هناية»‪ ،‬كلمة قاهلا الرئيس األمريكى الرابع ىف احلرب عىل‬
‫اإلرهاب‪ ،‬جو بايدن‪ ،‬ىف خطاب االنسحاب الذى ألقاه ىف ‪ 31‬أغسطس ‪ ،2021‬متجاهال أن احلرب األمريكية قد‬
‫طالت بالفعل وأصبحت احلرب األطول ىف تاريخ الواليات املتحدة‪ .‬ربام كانت اجلملة الصحيحة ىف خطابه‪ ،‬هى‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫«مل يعد لدينا هدف واضح ىف مهمة مفتوحة ىف أفغانستان‪ ،‬وأرفض إرسال جيل آخر من أبناء وبنات أمريكا خلوض‬
‫حرب‪ ،‬كان جيب أن تنتهى منذ فرتة طويلة»‪ .‬وهو اعرتاف من رئيس حاىل ونائب سابق ىف إدارة الرئيس األمريكى‬
‫خطأ! ولكن مل يكمل بايدن ليوضح‬‫الثانى ىف تلك احلرب‪ ،‬الديمقراطى باراك أوباما‪ ،‬بأن استمرار تلك احلرب كان ً‬
‫من يتحمل أعباء ذلك اخلطأ؟‬
‫ىف خطابه يوم ‪ 16‬أغسطس ‪ ،2021‬رصح بايدن‪« :‬أريد تذكري األمريكيني كيف وصلنا إىل هنا‪ ،‬وما هى مصالح‬
‫أمريكا ىف أفغانستان‪ ...‬مهمة أمريكا ىف أفغانستان التى بدأت قبل عقدين من الزمان مل يكن من املفرتض أن تكون بناء‬
‫دولة أو خلق ديمقراطية مركزية‪ ...‬مصلحتنا الوطنية احليوية الوحيدة ىف أفغانستان تبقى اليوم كام كانت ً‬
‫دائم‪ ،‬منع‬
‫هجوم إرهابى عىل وطننا»‪ .‬عىل الرغم من أن كلمة معلن احلرب‪ ،‬الرئيس األسبق بوش االبن‪ ،‬ىف هناية ‪ ،2001‬عقب‬
‫إسقاط حكومة طالبان جاء فيها أن اهلدف األمريكى مل يكن فقط طالبان والقاعدة‪ ،‬إذ قال‪« :‬بجهود جيشنا وحلفائنا‬
‫واملقاتلني األفغان الشجعان وصل حكم طالبان لنهايته‪..‬لكن مسئولياتنا جتاه الشعب األفغانى مل تنته بعد‪ ،‬نحن نعمل‬
‫عىل عهد جديد من حقوق اإلنسان والكرامة اإلنسانية ىف ذلك البلد»‪.‬‬
‫وىف خطاب االنسحاب‪ ،‬رصح بايدن‪« :‬سنالحق اإلرهاب‪ ،‬حيث هو اليوم‪ ،‬وليس حيث كان قبل عقدين»‪ ،‬مضيف ًا‪:‬‬
‫«بالنسبة لتنظيم داعش خراسان مل ِ‬
‫ننته معكم بعد»‪ .‬وهو ما يعنى أن حماربة تنظيم القاعدة وحركة طالبان مل تعد متثل‬
‫أولوية األمن األمريكى‪ ،‬عىل الرغم من اعرتاف بايدن‪ ،‬ىف يوليو ‪ ،2021‬بأن «طالبان وصلت ىف الوقت احلاىل إىل‬
‫أقوى مستوى هلا عسكريا منذ عام ‪ .»2001‬كام أنه ليس خفيا أن تنظيم القاعدة ما زال موجودا وفاعال‪.‬‬
‫املفارقة أنه إذا عدنا بضع سنوات إىل اخللف‪ ،‬سنتذكر كلامت أوباما ىف عام ‪ ،2016‬التى قال فيها‪« :‬كرئيس ركزت‬
‫اسرتاتيجيتنا عىل تدريب القوات األفغانية وتعزيزها‪......‬لقد طردنا تنظيم القاعدة من معسكراته وساعدنا األفغان‬
‫لإلطاحة بـطالبان وإقامة حكومة ديمقراطية»‪ .‬ىف ذلك التوقيت كان جو بايدن نائبا للرئيس األمريكى األسبق أوباما‪.‬‬
‫فإذا كان أوباما قد رصح أمام مواطنيه أنه نجح ىف القضاء عىل مصدر اإلرهاب الرئيسى طالبان وأرض بالقاعدة‪ ،‬كام‬
‫أنه نجح ىف إقامة حكومة ديمقراطية‪ ،‬ىف حني يرصح خلفه بعد مخس سنوات أن أى من هذه اإلنجازات مل تتحقق‪،‬‬
‫فهنا يثور التساؤل‪ :‬من حياسب رئيسني أمريكيني من نفس احلزب وعمال معا ىف نفس الفرتة عىل إعالن ترصحيات‬
‫متضاربة هبذا القدر عن نتائج وأهداف حرب‪ ،‬أنفق عليها املواطن األمريكى من رضائبه‪ ،‬وأنفق فيها املواطن األفغانى‬
‫من أمنه وحياته واستقراره وموارده!‬
‫ىف خطاب إعالن احلرب عىل العراق ىف ‪ 19‬مارس ‪ ،2003‬قال رئيس احلرب األول جورج دبليو بوش‪« :‬بدأت‬
‫القوات األمريكية بعمليات عسكرية لنزع أسلحة العراق‪ ،‬وحترير شعبه‪ ،‬والدفاع عن العامل ىف وجه خطر كبري‪ ...‬إن‬
‫مساعدة العراقيني عىل إقامة دولة موحدة مستقرة حرة سيتطلب التزاما طويال منا‪ ....‬آتون للعراق ليس لدينا أى هدف‬
‫إال إزالة التهديد وإعادة حكم ذلك البلد ألهله‪ ..‬سنعود حني نحقق أهدافنا ‪ ..‬بإسقاط نظام خارج عىل القانون وهيدد‬
‫السالم بأسلحة دمار شامل»‪ .‬وهذا دليل آخر أن الواليات املتحدة األمريكية استخدمت نظرية التدخل العسكرى ىف‬
‫شئون الدول هبدف إعادة بناء الدول الفاشلة ‪-‬من وجهة نظرها‪ -‬باعتبار تلك الدول مهددا للسالم واألمن العاملى‪.‬‬
‫ىف خطاب حالة االحتاد‪ ،‬ىف ‪ 28‬يناير ‪ ،2003‬متهيدا إلعالن احلرب عىل العراق‪ ،‬كان مسيطرا عىل كلمة بوش االبن‬
‫أفكار حول التدخل حتت ذريعة البعد اإلنسانى ىف احلرب عىل العراق‪ ،‬ومحاية حقوق وحريات وكرامة العراقيني‪،‬‬

‫‪5‬‬
‫افتتاحية العدد‬
‫املشهد‬

‫كلامت حول حمور الرش وإرباكه‪ ،‬وتصورات عن ربط احلرب عىل اإلرهاب باحلرب عىل الدول غري الديمقراطية‪:‬‬
‫«لقد كرس مؤسسونا هذا البلد لقضية كرامة اإلنسان‪ ،‬وحقوق كل إنسان‪ ،‬وإمكانيات كل حياة‪ .‬تقودنا هذه القناعة‬
‫إىل العامل ملساعدة املنكوبني‪ ،‬والدفاع عن السالم‪ ،‬وإرباك خمططات األرشار‪ ......‬جيب أن نتذكر ً‬
‫أيضا دعوتنا كدولة‬
‫مباركة هى جعل هذا العامل أفضل‪ ....‬واليوم‪ ،‬فإن اخلطر األكرب ىف احلرب عىل اإلرهاب‪ ،‬هو األنظمة اخلارجة‬
‫عىل القانون التى تسعى إىل امتالك أسلحة نووية وكيميائية وبيولوجية‪ .‬يمكن هلذه األنظمة أن تستخدم مثل هذه‬
‫األسلحة لالبتزاز واإلرهاب والقتل اجلامعي‪ .....‬والليلة لدي رسالة لشعب العراق الشجاع واملضطهد‪ :‬عدوكم‬
‫ال حييط ببلدكم؟ عدوك حيكم بلدك‪ .‬ويوم إبعاده هو ونظامه عن السلطة سيكون يوم حتريركم‪ .....‬وكام نفعل نحن‬
‫ورشكاؤنا ىف التحالف ىف أفغانستان‪ ،‬سنجلب للشعب العراقى الغذاء واألدوية واإلمدادات؟ واحلرية»‪.‬‬
‫سبق أن أكد بوش عىل هذا البعد اإلنسانى واحلق ىف التدخل لفرض الديمقراطية وتوفري مناخ من احلرية ملكافحة‬
‫اإلرهاب‪ ،‬بل ويبرش بتكرار نموذج أفغانستان‪ ،‬ومن بعده العراق بعد التحول اىل الديمقراطية ليكونا نامذج حتفز عىل‬
‫حتقيق حتوالت ديمقراطية ىف دول إسالمية أخرى‪ .‬ىف خطابه أمام األمم املتحدة ىف الذكرى األوىل ألحداث سبتمرب‬
‫ىف عام ‪ ،2002‬قال‪« :‬إن حرية الشعب العراقى قضية أخالقية كربى وهدف اسرتاتيجى كبري‪ ...‬يمكننا أن نصل إىل‬
‫مستقبل خمتلف متاما‪ ،‬ويمكن لشعب العراق التخلص من أرسه‪ ،‬كام يمكنه أن ينضم يوما اىل دولة أفغانية ديمقراطية‪،‬‬
‫وإىل دولة فلسطينية ديمقراطية بام حيفز حتقيق إصالحات ىف أنحاء العامل اإلسالمى»‪.‬‬
‫ىف الذكرى األوىل لغزو العراق ىف ‪ 19‬مارس ‪ ،2004‬رصح بوش ىف خطابه‪« :‬إن بزوغ املؤسسات الديمقراطية ىف‬
‫أفغانستان والعراق هو خطوة عظيمة ىف اجتاه هدف له أمهية مستدامة بالنسبة للعامل‪ .‬لقد رشعنا ىف تشجيع اإلصالحات‬
‫والديمقراطية ىف الرشق األوسط الكبري كبديل للتعصب والغضب واإلرهاب ‪ ......‬إن معركتنا هى من أجل إقامة‬
‫عراق حر‪ .‬وإن معركتنا هى من أجل حتقيق النجاح ىف إقامة أفغانستان حرة‪ .‬وإن معركتنا هى احلرب عىل اإلرهاب»‪.‬‬
‫ىف كل هذه اخلطب ملعلن احلرب الرئيس بوش دالالت واضحة عىل أن الواليات املتحدة حشدت العامل خلف مزاعم‬
‫حماربة اإلرهاب‪ ،‬من خالل احلرب االستباقية عىل األنظمة السلطوية‪ ،‬ونرش الديمقراطية‪ ،‬وإعادة بناء الدول‪ ،‬وهو‬
‫ما جيعل ترصيح رئيس االنسحاب‪ ،‬جو بايدن‪ ،‬بأن كل هذه املزاعم مل تكن أهدافا أمريكية‪ ،‬أمر يثقل من «كشف‬
‫حساب» جدوى احلرب عىل اإلرهاب‪.‬‬
‫كشف حساب حلرب األعوام العرشين‬
‫جاءت أحداث ‪ 11‬سبتمرب لتكون املسوغ الفعىل النطالق الواليات املتحدة لتنفيذ نظرياهتا عن مواجهة اإلرهاب من‬
‫تقبل الرأى العام األمريكى‬
‫خالل «احلرب االستباقية»‪ ،‬و«نرش الديمقراطية»‪ ،‬و«إعادة بناء الدول»‪ .‬حتت وطأة الصدمة ّ‬
‫تقبل الرأى العام أن يغض الطرف‬‫إطالق يد حكوماته املتعاقبة لتنفيذ تلك النظريات بمنتهى الرعونة عىل دول بعينها‪ّ .‬‬
‫أو أن يتوقف عن التفكري أو التمحيص ىف كم كبري من التضليل اإلعالمى‪ ،‬فقد كانت الصدمة أكرب من قدرة خروج‬
‫أصوات تفند ترصحيات أو قرارات اإلدارات األمريكية‪ .‬وكانت نربة الغضب والرغبة ىف االنتقام أكرب من وقوف أى من‬
‫دول العامل أمام قرارات الواليات املتحدة العسكرية أو العقابية ضد ما سمته «حمور الرش»‪ .‬كانت مقولة «من ليس معنا‬
‫فهو ضدنا» أكثر اجلمل «السلطوية» التى أطلقتها حكومة أكرب «ديمقراطية» ىف القرن العرشين‪ .‬أمام هذا التسلط‪ ،‬صمت‬
‫العامل ليتابع «احلرب الكربى» التى أدارهتا الواليات املتحدة حتت مسمى «احلرب عىل اإلرهاب»‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫عىل أساس تلك املنطلقات الفكرية التى أرشنا إليها‪ ،‬دخلت القوات العسكرية األمريكية إىل أفغانستان ىف هناية‬
‫عام ‪ 2001‬وأسقطت حكومة طالبان‪ ،‬ثم دخلت العراق وأسقطت حكومة صدام حسني ىف مارس ‪ .2003‬وىف‬
‫أغسطس ‪ ،2021‬شهدنا انسحاب القوات العسكرية األمريكية من أفغانستان‪ .‬كام أن العام احلاىل أيضا ‪2021‬‬
‫سيشهد ىف أكتوبر القادم االنسحاب العسكرى األخري من العراق التى دخلتها القوات األمريكية منذ ‪ 17‬عاما‪.‬‬
‫انتهت احلرب األمريكية وخلفت وراءها أفغانستان حتت سلطة طالبان كام كانت قبل ‪ 20‬عاما‪ ،‬لكن مع عدد من‬
‫القتىل بني املدنيني والعسكريني األفغان‪ ،‬وصل إىل نحو ‪ 117‬ألف شخص‪ ،‬ونحو ‪ 5.3‬مليون نازح والجئ أفغانى‪،‬‬
‫و‪ 14‬مليون شخص يعانون من اجلوع‪ ،‬وسيطرة زراعة األفيون عىل ‪ %80‬من مساحة األرض الزراعية ىف أفغانستان‪،‬‬
‫فضال عن معدالت متدنية للدولة عىل مؤرشات احلوكمة والتنمية والشفافية والفساد‪ ،‬إىل جانب كم هائل من‬
‫األسلحة األمريكية ىف يد حركة طالبان بعد فرار اجليش النظامى األفغانى‪ ،‬وهتديدات باستمرار احلرب األهلية بني‬
‫طالبان وقوى حتالف الشامل!‬
‫أما العراق فقد خاض ‪ 17‬عاما من احلرب واإلرهاب الطائفى‪ ،‬أودت بحياة ‪ 207‬آالف عراقى‪ ،‬ون ِزوح أكثر من ‪9‬‬
‫ماليني عراقى‪ ،‬وتراجع حاد للدولة عىل املؤرشات الدولية‪ ،‬إىل جانب جتذير اهلوية الطائفية نتيجة قوانني املحاصصة‪،‬‬
‫ورسوخ وجود امليليشيات املسلحة‪ ،‬سواء السنية أو الشيعية‪.‬‬
‫إذا كان العامل منذ ‪ 20‬عاما عانى حالة من اإلرهاب الذى فرضته احلكومة األمريكية ضد كل من حياول مناقشة حق‬
‫الواليات املتحدة ىف التدخل العسكرى الحتالل الدول‪ ،‬وإسقاط احلكومات‪ ،‬وحل املؤسسات‪ ،‬وكتابة الدستور‪،‬‬
‫وفرض رؤيتها عىل ماليني املواطنني خارج حدودها‪ ،‬وفرض «الديمقراطية» املزعومة حتت خرافة «املسئولية‬
‫احلضارية»‪ ،‬فاليوم بعد هذا االنسحاب وهذا الفشل ىف حتقيق أى من أهداف التدخل‪ ،‬حيق لنا التساؤل عن منطقية‬
‫القرار وجدوى االستمرار؟ وألن املشكلة تعدت اإلخفاق ىف حتقيق األهداف إىل التفاقم ىف األرضار النامجة‪ ،‬فإنه‬
‫يصبح لنا احلق أيضا ىف تقديم كشف حساب ملا خلفته احلرب األمريكية عىل اإلرهاب‪.‬‬
‫وإن كان هذا النقاش وذلك البحث يدور جغرافيا ىف الدولتني املعنيتني حتديدا باحلرب األمريكية عىل اإلرهاب خالل‬
‫العقدين املاضيني‪ :‬أفغانستان والعراق‪ ،‬إال أن تقييم جدوى اختاذ قرارات التدخل العسكرى واالستمرار فيها تتعدى‬
‫قياس النجاح والفشل‪ ،‬وكشف حساب األرضار عىل أفغانستان والعراق والواليات املتحدة فقط‪ ،‬لتطول نطاق‬
‫جغراىف أوسع بكثري‪ ،‬حيث إن األرضار األمنية واالجتامعية واالقتصادية والسياسية التى حلقت هبذه الدول كانت‬
‫بمثابة احلجر الذى يلقى ىف املياه فيخلف وراءه دوائر أوسع‪ .‬فالتدهور األمنى واالقتصادى واالجتامعى الكبري ترك‬
‫أثاره ىف دول اجلوار ووصل اىل أوروبا‪ ،‬حيث عانى العديد من الدول من أعداد كبرية من النازحني والالجئني‪ .‬كام‬
‫نتج عن الوجود األمريكى ىف الدولتني حالة واسعة من التجنيد املتزايد داخل تنظيامت اإلرهاب العاملى‪ ،‬واتساع‬
‫نطاق ظاهرة املقاتلني األجانب من دول عربية وإسالمية وغربية أيضا‪ ،‬فضال عن تكاثر تلك التنظيامت اإلرهابية‬
‫ونمو أجيال جديدة منها أكثر عنفا من تنظيم «القاعدة»‪.‬‬
‫وقد كان عام ‪ ،2011‬وهو عام االحتجاجات العربية املتتالية‪ ،‬كاشفا عن مقدار تلك التداعيات التى خلفها االحتالل‬
‫األمريكى للعراق عىل وجه اخلصوص‪ ،‬حيث أصبح العراق البيئة احلاضنة ملخاض تنظيم «داعش» من رحم تنظيم‬
‫القاعدة ىف بالد الرافدين‪ ،‬حيث نام «داعش» عىل مشاعر الغضب الشعبى‪ ،‬وبقايا املؤسسات األمنية العراقية املنحلة‪،‬‬

‫‪7‬‬
‫افتتاحية العدد‬
‫املشهد‬

‫وتعميق اهلوية الطائفية واملظلومية السنية‪ .‬فبعد ‪ ،2011‬أخرجت البيئات العربية ما كان بجعبتها من اخلاليا النائمة‬
‫للتنظيامت الدينية املتطرفة العنيفة التى ظلت تتكاثر وتنمو عىل مشاعر الغضب ضد االحتالل األمريكى ىف املنطقة‪،‬‬
‫وظلت بعض كوادرها تتواصل وتتدرب داخل أفغانستان والعراق‪ ،‬فأصبحت الدول العربية التى خرجت هبا تلك‬
‫االحتجاجات بؤر جديدة للرصاع‪ ،‬وتدهور األوضاع األمنية واالقتصادية‪ ،‬وسقوط الضحايا‪ ،‬وخروج النازحني‬
‫والالجئني‪ ،‬وهو األمر الذى يفرس أن الدراسات العلمية الغربية تقدر تكاليف احلرب عىل اإلرهاب بـ ‪ 6.4‬تريليون‬
‫دوالر‪ ،‬وليس فقط ‪ 2.2‬تريليون دوالر‪ ،‬وهى تكلفة احلرب األمريكية عىل أفغانستان‪ ،‬حيث تدخل معها نفقات‬
‫احلرب ىف العراق وباكستان وسوريا أيضا‪ .‬كام أن تلك الدراسات حتمل احلرب عىل اإلرهاب املسئولية عن وجود‬
‫‪ 37‬مليون الجئ ونازح ىف العامل‪ ،‬ألهنا تضم إىل جانب نازحى الدولتني ‪-‬العراق وأفغانستان‪ -‬نازحني من دول عربية‬
‫ورشق أوسطية أخرى خالل احلرب العرشينية عىل اإلرهاب‪.‬‬
‫سيظل احلديث ممتد‪ ،‬فكشف احلساب االقتصادى ينتهى برسد بعض األرقام‪ ،‬وكشف احلساب السياسى بدأ وسيمتد‬
‫لفرتة طويلة‪ ،‬بطول فرتة تأثريه ىف مستقبل استقرار دول املنطقة‪ .‬أما كشف احلساب «الفكرى» مل يبدأ بعد‪ ،‬وىف ظنى‬
‫أنه سيمتد لفرتة أطول بكثري‪ ...‬كشف حساب لنظريات تم صكها ىف معامل الواليات املتحدة وخرجت الختبارها‬
‫ىف أفغانستان والعراق‪ ،‬ونطاقها اجلغراىف‪ :‬الرشق األوسط‪.‬‬
‫اليوم‪ ،‬تستعد دول مثل روسيا والصني‪ ،‬ملحاكمة النظريات األمريكية وطرح بديلها عن «النموذج» للتدخل ىف شئون‬
‫الدول‪ ،‬لكن تظل الدول املعنية باخلسارة الكبرية‪ ،‬وهى الدول التى وقع عليها االختبار والتجربة‪ ،‬مل تقدم موقفها‬
‫الواضح من «حماكمة» النظريات األمريكية الكربى‪.‬‬
‫ما بدأنا به ىف عددنا اجلديد من جملة «املشهد» هو تقييم ملنطقية القرار وجدوى االستمرار ملدة عقدين من الزمان ىف‬
‫احلرب عىل اإلرهاب ىف أفغانستان والعراق‪ ،‬وحماولة تقديم كشف حساب خمترص عن التكاليف والنفقات والضحايا‬
‫واآلثار االجتامعية واالقتصادية والسياسية واآلثار عىل احلريات واحلقوق داخل الدول‪ ،‬وللحديث بقية عن مناقشة‬
‫وحماكمة النظريات واألفكار األمريكية التى قتلت وهجرت املاليني من البرش‪ ،‬وهدمت دوال ومؤسسات‪ ،‬وخلفت‬
‫آثارا مدمرة سيظل صداها لفرتات طويلة ىف املستقبل‪ ،‬كام فعلت قنبلتها النووية ىف هريوشيام ونجازاكى‪.‬‬

‫أمل مختار‬
‫سبتمبر ‪٢٠٢١‬‬

‫‪8‬‬
‫قضايا تحليلية‬
‫املشهد‬

‫‪1‬‬

‫د‪ .‬محمد فايز فرحات‬


‫مدير مركز األهرام للدراسات السياسية واالستراتيجية‬

‫أفغانستان‪:‬‬
‫عقدان من فشل الحرب على اإلرهاب‬

‫لقد مثلت حلظة دخول قادة ومقاتىل حركة طالبان للعاصمة كابول حلظة تارخيية‪ ،‬جسدت فشل “املرشوع” السياسى‬
‫واألمنى األمريكى ىف أفغانستان‪ ،‬والذى بدأ بتدشني نظام سياسى جديد‪ ،‬عقب إزاحة نظام طالبان (‪- 1996‬‬
‫‪ ،)2001‬من خالل تدخل عسكرى مبارش قادته الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬والناتو‪ .‬املرشوع األمريكى ىف‬
‫أفغانستان مل يكن هو املرشوع األول من هذا النوع‪ ،‬فقد عرفت اخلربة الدولية حاالت عديدة‪ ،‬كان أبرزها حالة اليابان‬
‫(‪ .)1957 - 1945‬القاسم املشرتك بني هذه احلاالت هو ارتباطها بأهداف أمنية للقوى العظمى‪ .‬ىف حالة اليابان‪،‬‬
‫كان اهلدف هو بناء يابان غري عدائية ضد دول اجلوار أو الواليات املتحدة‪ .‬تم ذلك من خالل أدوات عديدة‪ ،‬شملت‬
‫إعادة هندسة النظامني السياسى واالقتصادى لليابان‪ ،‬بجانب وضع إطار دستورى جديد‪ .‬بل إن هذه العملية شملت‬
‫إعادة بناء النظام االجتامعى نفسه‪ .‬حالة أفغانستان جاءت عقب نقطة حتول ضخمة ىف مسار التنظيامت اإلرهابية ذات‬
‫الطابع العاملى‪ ،‬عكستها هجامت سبتمرب ‪ ،2001‬والتى جسدت‪ ،‬ليس فقط قدرة هذه التنظيامت عىل تنفيذ عملية هبذا‬
‫احلجم‪ ،‬عىل نحو فرض وضع مواجهة هذه التنظيامت عىل قمة أجندة عمل النظام العاملى‪ ،‬بل دشنت لتطور جدال‬
‫كبري داخل الواليات املتحدة حول ظاهرتني أساسيتني‪ ،‬وعالقتهام بظاهرة اإلرهاب‪ ،‬واألمن العاملى‪ ،‬واألمن القومى‬
‫األمريكى‪ ،‬مها الدول الفاشلة‪ ،‬واألنظمة غري الديمقراطية‪ .‬وتطورت ىف هذا السياق فرضيتان أساسيتان‪ :‬األوىل‪،‬‬
‫ذهبت إىل وجود عالقة إجيابية قوية بني انتشار ظاهرة الدولة الفاشلة واإلرهاب العاملي‪ .‬ومن ثم ‪-‬وفقا هلؤالء‪ -‬فإن‬
‫رئيسا للقضاء عىل اإلرهاب‪ .‬وذهبت الفرضية الثانية إىل وجود عالقة إجيابية قوية‬ ‫إصالح الدول الفاشلة يمثل ً‬
‫رشطا ً‬
‫بني األنظمة السلطوية غري الديمقراطية وانتشار اإلرهاب‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫ورغم أن تاريخ الرصاعات الدولية حافل بالعديد من‬ ‫توقيع الواليات املتحدة اتفاق سالم مع طالبان ىف فرباير‬
‫السوابق التى اضطرت فيها قوى خارجية للجلوس إىل‬ ‫‪ ،2020‬ثم اخلروج الكامل من أفغانستان بحلول هناية‬
‫مائدة املفاوضات مع قوى “حترر وطني” أو “حركات‬ ‫أغسطس‪ ،‬وقبل أيام من الذكرى العرشين هلجامت‬
‫مترد” ‪-‬وفقا للتصنيف املستخدم من جانب القوى‬ ‫سبتمرب‪ ،‬حيمل الكثري من الدالالت‪ ،‬سواء بالنسبة‬
‫الدولية هلذه القوى‪ -‬فإن توقيع اتفاق سالم مع طالبان‬ ‫لقدرة الواليات املتحدة عىل إصالح الدول الفاشلة‪،‬‬
‫يكتسب خصوصية كبرية‪ ،‬بالنظر إىل دالالته السياسية‬ ‫أو نرش الديمقراطيات من اخلارج‪ ،‬أو بالنسبة ملستقبل‬
‫والقيمية الضخمة‪ ،‬األمر الذى يثري ىف النهاية تساؤالت‬ ‫السلفية املقاتلة(*) ىف أفغانستان‪ ،‬وىف منطقة جنوب‬
‫حول مصداقية وجدوى احلرب عىل اإلرهاب اجلارية‬ ‫وأيضا “األساس األخالقي”‬‫ووسط آسيا‪ ،‬بل وىف العامل‪ً ،‬‬
‫منذ عام ‪ 2001‬وحتى اآلن‪ ،‬من أكثر من زاوية‪.‬‬ ‫للتدخل العسكرى إلصالح الدول الفاشلة أو نرش‬
‫من ناحية أوىل‪ ،‬فإن خربة املواجهة العسكرية بني طالبان‬ ‫الديمقراطية‪ ،‬أو للحرب عىل اإلرهاب ذاهتا‪ ،‬خاصة‬
‫والواليات املتحدة (القوى العظمى املهيمنة عىل النظام‬ ‫ىف ظل التكاليف البرشية لتلك املرشوعات ‪-‬بجانب‬
‫العاملى حتى اآلن)‪ ،‬وعدم قدرة األخرية عىل القضاء عىل‬ ‫التكاليف االقتصادية‪ -‬دونام حتقيق نتائج حمددة‪.‬‬
‫طالبان (أحد أهداف التدخل العسكرى ىف أفغانستان ىف‬ ‫رفضت الواليات املتحدة لسنوات طويلة فكرة احلوار‬
‫‪ ،)2001‬وانتهاء هذه املواجهة بتوقيع اتفاق غري متوازن‪،‬‬ ‫مع حركة طالبان أفغانستان‪ ،‬لكنها عادت وقبلت هذه‬
‫تؤسس لنموذج قابل للمحاكاة من جانب تنظيامت دينية‬ ‫الفكرة (بدأت املحادثات املبارشة بني اجلانبني ىف يوليو‬
‫متطرفة عنيفة أخرى‪ ،‬أو من جانب “فاعلني من غري‬ ‫‪ )2018‬حتت تأثري عوامل عدة‪ ،‬أبرزها التكاليف املادية‬
‫الدول” ‪ Non-state Actors‬ذات توجهات عدائية‬ ‫والبرشية الضخمة التى تكبدهتا الواليات املتحدة نتيجة‬
‫مع الواليات املتحدة‪ .‬إن نجاح حركة دينية متطرفة حملية‬ ‫احلرب ىف أفغانستان ملدة عقدين‪ ،‬فضال عن تواضع‬
‫مقاتلة مثل طالبان ىف إجبار القوة العسكرية األوىل داخل‬ ‫النتائج املتحققة هناك‪ ،‬سواء عىل صعيد املواجهة مع‬
‫النظام العاملى عىل اجللوس إىل مائدة املفاوضات‪ ،‬وتوقيع‬ ‫احلركة وتنظيامت السلفية املقاتلة‪ ،‬أو عىل صعيد مدى‬
‫اتفاق ينطوى عىل العديد من املكاسب للحركة ينطوى‬ ‫فعالية “النموذج السياسى” الذى تم بناؤه بعد إزاحة‬
‫عىل درس مهم‪ ،‬مفاده أن العنف والعمليات اإلرهابية‬ ‫نظام طالبان‪.‬‬
‫مها الوسيلة الوحيدة األكثر فعالية لتحقيق الغايات‬
‫أوال‪ :‬ضعف مصداقية احلرب عىل اإلرهاب‬
‫السياسية‪ ،‬وذلك برصف النظر عن مدة الرصاع‪ ،‬أو‬
‫فجوة القوة النظامية‪ .‬وقد ال تقترص حماوالت “املحاكاة”‬ ‫برصف النظر عن الدوافع التى وقفت وراء قرار طرىف‬
‫تلك عىل الرصاعات اجلارية مع قوى خارجية‪ ،‬لكنها‬ ‫الرصاع الرئيسيني (الواليات املتحدة وطالبان) للقبول‬
‫ستطول رصاعات داخلية أيضا‪ .‬هذه اخلربة ال شك ىف‬ ‫بفكرة احلوار والتفاوض املبارش‪ ،‬سيظل هناك ُبعد قيمى‬
‫أهنا ستكون حارضة لدى تنظيامت أخرى‪ ،‬مثل‪ :‬حزب‬ ‫ال يمكن إغفاله لقبول الواليات املتحدة بفكرة احلوار‬
‫اهلل ىف لبنان‪ ،‬أو مجاعة أنصار اهلل ىف اليمن (احلوثيون)‪،‬‬ ‫من حيث املبدأ‪ ،‬ثم توقيع اتفاق سالم‪ ،‬مع تنظيم تم‬
‫أو طالبان باكستان‪ .‬وقد كشفت ردود الفعل من جانب‬ ‫تصنيفه ‪-‬واليزال‪ -‬عىل قائمة التنظيامت اإلرهابية‪.‬‬

‫* استخدم المؤلف مصطلح «السلفية المقاتلة» ً‬


‫بديل عما هو متعارف عليه بـ «السلفية الجهادية» بهدف التأكيد على أن التنظيمات والجماعات التى ظهرت على النطاق المحلى‬
‫فى الدول العربية واإلسالمية‪ ،‬ثم تحولت إلى النطاق الدولى منذ نشأة تنظيم «القاعدة»‪ ،‬هى تنظيمات تبنت مفهومها الخاص عن الفكر الدينى السلفى وانتهجت العمل المسلح‬
‫تحت مظلة مفهوم «الجهاد»‪ ،‬بينما الوصف اللغوى والشرعى الصحيح لهذا العمل المسلح هو «القتال» وليس «الجهاد»‪ ،‬ومن ثم جاءت تسمية «السلفية المقاتلة»‪ ،‬التى‬
‫ظهرت فى كتابات علمية سابقة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫قضايا تحليلية‬
‫املشهد‬

‫عادت بقوة الكتابات التى أكدت أمهية التدخل الدوىل‬ ‫العديد من بعض رموز القوى الدينية والفاعلني من غري‬
‫لبناء السالم ىف املجتمعات التى عانت من احلروب‬ ‫الدول عىل عودة طالبان إىل السلطة عن إعجاب هؤالء‬
‫األهلية‪.‬‬ ‫بتجربة طالبان وهتنئتهم هلا عقب دخوهلا كابول(‪ .)1‬كام‬
‫استنادا إىل ذلك‪ ،‬تصاعدت االجتاهات الداعية إىل دمج‬ ‫تبع هذا التطور كشف بعض هذه التنظيامت عن تواصلها‬
‫سياسة التدخل اخلارجى إلعادة بناء الدول الفاشلة‬
‫(‪)2‬‬
‫السابق مع طالبان‪.‬‬
‫ونرش الديمقراطية وبناء السالم ضمن سياسات القوى‬ ‫من ناحية ثانية‪ ،‬فإن هذه اخلربة تكرس املزيد من حالة‬
‫الكربى‪ ،‬وىف مقدمتها الواليات املتحدة‪ ،‬وظهرت‬ ‫الغموض التى تكتنف مفهوم “اإلرهاب” و“التنظيم‬
‫موجة من الكتابات دعت إىل التوسع ىف سياسة‬ ‫اإلرهايب”‪ .‬ففى الوقت الذى متسكت فيه الواليات‬
‫التدخل العسكرى اخلارجى‪ ،‬بحسبان ذلك وسيلة أو‬ ‫املتحدة برفض فكرة احلوار مع طالبان لفرتة طويلة‪،‬‬
‫مدخل مهم ورضورى للقضاء عىل ظاهرة اإلرهاب‬ ‫منذ أن دافع عن الفكرة الرئيس األفغانى السابق حامد‬
‫عرب إصالح الدول الفاشلة ونرش الديمقراطيات وبناء‬ ‫كرزاى‪ ،‬بد ًءا من سبتمرب ‪ ،2009‬ودافعت عنها أيضا‬
‫السالم‪ .‬من ذلك‪ ،‬عىل سبيل املثال‪ ،‬دعوة ديريك كوليت‬ ‫باكستان‪ ،‬لكنها (الواليات املتحدة) عادت لتقبل ببديل‬
‫‪ -Dereck Chollet‬مساعد ريتشارد هولربوك‬ ‫احلوار املبارش مع احلركة‪ ،‬وتعيني مبعوث أمريكى خاص‬
‫آنذاك وقتام كان األخري سفريا للواليات املتحدة لدى‬ ‫بتلك العملية‪ ،‬ثم توقيع اتفاق سالم معها‪ .‬يؤكد هذا‬
‫األمم املتحدة‪ -‬إىل أن خربة هجامت سبتمرب تشري إىل أن‬ ‫الغموض أن هذا “احلوار”‪ ،‬ثم االتفاق‪ ،‬جرى ىف ظل‬
‫مصدر التهديد الرئيسى الذى يواجه الواليات املتحدة‬ ‫غياب وهتميش كامل للرشيك األفغانى نفسه (احلكومة‬
‫يأتى من الدول الفاشلة‪ ،‬مثل أفغانستان‪ ،‬والصومال‪،‬‬ ‫األفغانية)‪ ،‬وحتت استمرار متسك طالبان بتنفيذ عملياهتا‬
‫واليمن‪ .‬ودعا كوليت الرئيس بوش إىل دمج «بناء األمة»‬ ‫“اإلرهابية” ضد مؤسسات الدولة األفغانية‪ .‬مثل هذا‬
‫(وفقا للتعريف األمريكي) ضمن السياسة اخلارجية‬ ‫التحول الربمجاتى األمريكى سينال بالتأكيد من مدى‬
‫والعسكرية األمريكية‪ ،‬حمذرا من أنه «إذا مل ختصص‬ ‫وجود مبادئ حاكمة وواضحة ملاهية “اإلرهاب”‬
‫الواليات املتحدة املوارد الكافية لتلك السياسة‪ ،‬فإهنا‬ ‫و”التنظيامت اإلرهابية”‪ ،‬ومعايري تصنيف اجلامعات‬
‫(‪)3‬‬
‫تكون قد وضعت بذور مشكالت مستقبلية أكرب»‪.‬‬ ‫اإلرهابية‪.‬‬
‫وقد عرب عن املوقف ذاته األمني العام لألمم املتحدة‬ ‫من ناحية ثالثة وأخرية‪ ،‬فإن هذه اخلربة تنال بالتأكيد‬
‫آنذاك‪ ،‬كوىف عنان‪ ،‬والذى ربط بشكل مبارش بني ظاهرة‬ ‫من مصداقية بعض السياسات املهمة ىف احلرب عىل‬
‫الدولة الفاشلة واألمن اإلقليمى والعاملى‪ ،‬مؤكدا أن‬ ‫اإلرهاب‪ .‬فقد ثار عقب هجامت سبتمرب ‪ 2001‬جدل‬
‫تسامح املجتمع الدوىل‪ ،‬مع انتهاك األنظمة السياسية‬ ‫عاملى واسع حول املداخل املثىل للقضاء عىل اإلرهاب‪.‬‬
‫ىف الدولة الفاشلة حلريات مواطنيها‪ ،‬سوف يؤدى إىل‬ ‫ُ‬
‫وأثري ىف هذا اإلطار العالقة بني ظاهرة الدولة الفاشلة‬
‫حتول هذه األنظمة إىل مصدر هتديد‪ ،‬ليس فقط لشعوهبا‪،‬‬ ‫وانتشار اإلرهاب‪ ،‬من جهة‪ ،‬وانتشار األنظمة السلطوية‬
‫بل جلرياهنا وللمجتمع الدوىل‪ .‬ودعا إىل رضورة جتاوز‬ ‫وانتشار اإلرهاب من جهة أخرى‪ ،‬وراج اجتاه ىف أدبيات‬
‫املجتمع الدوىل للمفهوم التقليدى للسيادة وللمصالح‬ ‫العالقات الدولية يربط بني انتشار ظاهرة التطرف‬
‫الوطنية‪ ،‬والتدخل لفرض حقوق الشعوب عىل هذه‬ ‫والتنظيامت اإلرهابية من ناحية‪ ،‬وظاهرتى «الدولة‬
‫(‪)4‬‬
‫األنظمة‪.‬‬ ‫الفاشلة» و»األنظمة السلطوية» من ناحية أخرى‪ .‬كام‬

‫‪12‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫هو النموذج املناسب ىف السياسة اخلارجية األمريكية‪،‬‬ ‫ودافع العديد من الكتابات الغربية واألمريكية عن‬
‫(‪)10‬‬
‫بعد سبتمرب ‪ ،2001‬للتعامل مع ظاهرة اإلرهاب‪.‬‬ ‫مفاهيم‪ ،‬مثل «الوصاية اجلديدة»‪ ،‬و«اإلمربيالية‬
‫وىف االجتاه ذاته‪ ،‬دعا فرانسيس فوكوياما إىل تطوير صيغة‬ ‫اجلديدة»‪ ،‬والتى ميزهتا عن الوصاية واإلمربيالية‬
‫جديدة للعالقة بني الواليات املتحدة والدول الفاشلة‬ ‫التقليدية من حيث سعى األوىل إىل إعادة بناء الدولة‬
‫(‪)11‬‬
‫تأخذ شكل «العالقة شبه االستعامرية» وشبه الدائمة‪.‬‬ ‫املستهدفة‪ .‬من ذلك ‪-‬عىل سبيل املثال‪ -‬دراسة فريون‬
‫ورغم أن نشأة مثل هذه األفكار تعود إىل ما قبل هجامت‬ ‫ج‪ .‬واليتني(‪ ،)5‬ودراسة روالند باريس التى طرحت‬
‫(‪)12‬‬
‫‪ ،2001‬فإن األخرية سامهت ىف إحيائها وعودهتا بقوة‪.‬‬ ‫مفهوم «الرسالة احلضارية» للمجتمع الدوىل (الغربى‬
‫بالطبع)‪ ،‬التى تقوم عىل حتقيق األمن العاملى من خالل‬
‫ىف هذا السياق‪ ،‬قادت الواليات املتحدة مرشوعا دوليا‬
‫نرش القيم الغربية ممثلة ىف الديمقراطية واقتصاد السوق‬
‫ىف أفغانستان‪ ،‬بدأ بإزاحة نظام طالبان عسكريا‪ ،‬وحماولة‬
‫احلر(‪ ،)6‬ودراسة جيمس دوبنز(‪ ،)7‬ودراسة سيباستني‬
‫القضاء عليها وعىل تنظيم القاعدة‪ ،‬والعمل عىل بناء‬
‫ماالبى‪ ،‬التى دعت إىل اضطالع الواليات املتحدة‬
‫نموذج سياسى مغاير بقيادة نخبة سياسية مدنية‪ .‬لكن‬
‫بمسئولية إعادة بناء الدول الفاشلة‪ ،‬بحسباهنا القوة‬
‫انتهى العمل بعد عقدين كاملني بعقد اتفاق سالم بني‬
‫الدولية الوحيدة القادرة عىل سد الفجوة بني الطموح‬
‫الواليات املتحدة وطالبان‪ ،‬أسس النسحاب القوات‬
‫وااللتزامات الدولية ىف هذا املجال‪ ،‬وطرح ماالبى ما‬
‫الدولية من أفغانستان‪ ،‬وعودة طالبان إىل احلكم مرة‬ ‫سمه «املرحلة اإلمربيالية اجلديدة» ‪A new imperial‬‬ ‫ّ‬
‫أخرى‪ .‬هذا الفشل يمثل «طعنه» ىف مصداقية احلرب عىل‬ ‫(‪)8‬‬
‫‪.moment‬‬
‫اإلرهاب وأدواهتا الرئيسية التى تم التوسع فيها عقب‬
‫ومل يقترص هذا االجتاه عىل السياسيني األمريكيني أو‬
‫هجامت سبتمرب ‪ ،2001‬وعىل رأسها التدخل العسكرى‬
‫األمميني‪ ،‬بل كانت هناك موجة من الكتابات األكاديمية‬
‫املبارش إلعادة بناء الدول الفاشلة ونرش الديمقراطية‪.‬‬
‫داخل مراكز البحوث‪ ،‬روجت للتوجه ذاته‪ )9(.‬كام مل‬
‫لكن أ ًيا من هذه األهداف مل ُيقق‪ ،‬فلم يتم القضاء ال‬
‫يقف بعض أنصار هذا االجتاه عند الدعوة إىل التوسع‬
‫عىل اإلرهاب‪ ،‬وال التنظيامت اإلرهابية ىف أفغانستان‪ ،‬ومل‬
‫ىف سياسة إعادة بناء الدولة‪ ،‬فقد دعا هؤالء إىل تطبيق‬
‫يتم إزاحة أفغانستان من عىل قمة مؤرش الدول الفاشلة‬
‫الواليات املتحدة سياسة استعامرية رصحية جتاه الدول‬
‫واهلشة‪ ،‬كام مل يتم بناء الديمقراطية منذ عام ‪ 2002‬وحتى‬
‫الفاشلة‪ .‬من هؤالء‪ :‬ماكس بووت‪ ،‬من «جملس العالقات‬
‫اآلن‪.‬‬
‫اخلارجية»‪ ،‬والذى عزا هجامت سبتمرب إىل عدم التورط‪/‬‬
‫وهو ما تشري إليه البيانات الواردة ىف اجلدول (‪ )1‬اخلاص‬ ‫التوسع األمريكى اخلارجى الكاىف ىف األقاليم والسياسات‬
‫بوضع أفغانستان عىل مؤرش دليل الدول الفاشلة‪ /‬اهلشة‬ ‫العاملية‪ ،‬وأن األداة الفاعلة للتعامل مع ظاهرة اإلرهاب أن‬
‫ىف الفرتة (‪ ،)2020-2005‬وكذلك البيانات الواردة‬ ‫تكون الواليات املتحدة أكثر توسعية ىف أهدافها‪ ،‬وأكثر‬
‫ىف اجلدول (‪ )2‬اخلاص بتطور مؤرشات احلوكمة ىف‬ ‫تشددا ىف تطبيق هذه األدوات‪ .‬وذهب بووت رصاحة إىل‬
‫أفغانستان خالل الفرتة ( ‪.)2019-2000‬‬ ‫أن نموذج اإلمرباطورية الربيطانية ىف القرن التاسع عرش‬

‫‪13‬‬
‫قضايا تحليلية‬
‫املشهد‬

‫استوعبت العديد من الدروس خالل العقدين املاضيني‪،‬‬ ‫جدول رقم (‪ :)1‬وضع أفغانستان على مؤشر دليل‬
‫الدول الفاشلة‪ /‬الهشة‬
‫لكن ليس هناك من الناحية العملية ما يؤكد حدوث‬
‫*‬
‫خالل الفترة (‪)2020 -2005‬‬
‫تغري جوهرى ىف عقلية احلركة‪ .‬ويدعم هذا االستنتاج‬
‫عدد من احلجج‪ ،‬منها أن قيادات الصف األول احلاىل‬ ‫القيمة‬ ‫السنة‬
‫داخل احلركة (املال هبة اهلل آخند زاده‪ ،‬زعيم احلركة‬ ‫‪99‬‬ ‫‪2005‬‬
‫وهو من مواليد عام ‪ ،1961‬واملال عبدالغنى برادر‪،‬‬ ‫‪99.8‬‬ ‫‪2006‬‬
‫نائب رئيس احلركة ورئيس مكتبها السياسى ىف قطر من‬ ‫‪102.3‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪105.4‬‬ ‫‪2008‬‬
‫مواليد ‪ ،1968‬واملال رساج الدين حقانى‪ ،‬نائب رئيس‬ ‫‪108.2‬‬ ‫‪2009‬‬
‫احلركة وقائد شبكة حقانى من مواليد ‪ ،1973‬واملال‬ ‫‪109.3‬‬ ‫‪2010‬‬
‫حممد يعقوب ابن املال حممد عمر‪ ،‬وهو نائب رئيس‬ ‫‪107.5‬‬ ‫‪2011‬‬
‫‪106‬‬ ‫‪2012‬‬
‫احلركة من مواليد ‪ )1990‬إما أهنم من احلرس القديم‬
‫‪106.7‬‬ ‫‪2013‬‬
‫املؤسس للحركة‪ ،‬أو أهنم من اجليل الثانى مبارشة من‬ ‫‪106.5‬‬ ‫‪2014‬‬
‫أبناء املؤسسني‪ .‬أما القيادات الوسطى وامليدانية‪ ،‬فإن‬ ‫‪107.9‬‬ ‫‪2015‬‬
‫‪107.9‬‬ ‫‪2016‬‬
‫االحتامل األغلب أهنا قيادات عسكرية ختصصت ىف‬
‫‪107.3‬‬ ‫‪2017‬‬
‫أمور القتال واملواجهة العسكرية مع الواليات املتحدة‬ ‫‪100.8‬‬ ‫‪2019‬‬
‫واحلكومة األفغانية‪ ،‬األمر الذى يشري إىل غياب أو‬ ‫‪102.9‬‬ ‫‪2020‬‬
‫ضعف املكون السياسى داخل احلركة‪ ،‬وهيمنة العقلية‬ ‫* يتكون المؤشر من ‪ 12‬مؤشرا فرعيا‪ ،‬تأخذ قيمة كل مؤشر ‪10‬‬
‫العسكرية القتالية‪ ،‬وضعف «العقلية السياسية»‪ .‬كذلك‪،‬‬ ‫نقاط‪ ،‬بإجمالى ‪ 120‬نقطة‪ .‬وكلما اقتربت القيمة اإلجمالية للمؤشر‬
‫من ‪ 120‬نقطة كلما اقتربت الدولة من حالة الدولة الهشة الكاملة‪.‬‬
‫من الرضورى فهم خطاب طالبان خالل الفرتة منذ‬
‫لالطالع على التفاصيل انظر‪:‬‬
‫بدء احلوار مع الواليات املتحدة وحتى اآلن‪ ،‬حتت‬ ‫‪The Fund for Peace, The Fragile States‬‬
‫تأثري دوافع برمجاتية اهلدف منها هو مترير هيمنتها جمددا‬ ‫‪Index, different years, available at: http://www.‬‬
‫‪fundforpeace.org‬‬
‫عىل أفغانستان‪ ،‬ىف ظل إدراك مؤكد من جانب احلركة‬
‫بتعقيدات املجتمع الدوىل وبعض التغريات االجتامعية‬ ‫ثانيا‪ :‬عودة أفغانستان كوجهة للسلفية املقاتلة‬
‫التى طرأت عىل املجتمع األفغانى بعد ‪ .2001‬لكن‬
‫اخلطر األهم لعودة طالبان إىل حكم أفغانستان يتمثل ىف‬
‫االختبار احلقيقى هو ما إذا كانت طالبان قد أجرت‬
‫تداعيات ذلك عىل مستقبل السلفية املقاتلة من أكثر من‬
‫اختيارا مؤجال‬
‫ً‬ ‫مراجعات حقيقية ألفكارها أم ال يظل‬
‫زاوية‪.‬‬
‫حلني استتباب اهليمنة عىل أفغانستان‪ .‬أضف إىل ذلك‪ ،‬أن‬
‫اخلربات السابقة تشري إىل اجتاه مجاعات السلفية املقاتلة‬ ‫من ناحية أوىل‪ ،‬ورغم كل ما ُيقال حول التغريات التى‬
‫إىل مراجعة أفكارها غالبا ما يتم‪ ،‬وهى ىف وضع املهزوم‬ ‫طرأت عىل طالبان باملقارنة بمرحلة ما قبل ‪ ،2001‬أو‬
‫وليس «املنترص»‪ ،‬وهو ما ال ينطبق عىل حالة طالبان‪.‬‬ ‫إذا ما كنا إزاء نسخة معدلة من احلركة “‪”Taliban 2.0‬‬
‫خالصة القول هنا أننا الزلنا أمام مجاعة سلفية مقاتلة‬ ‫أم ال؟(‪ )13‬ورغم حماولة احلركة تصدير صورة خمتلفة‬
‫حملية تسعى إىل بناء نظام دينى‪.‬‬ ‫عن نفسها عقب دخوهلا العاصمة كابول(‪ ،)14‬أو أهنا‬

‫‪14‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫‪ -‬التعامل مع طالبى اللجوء أو اإلقامة ىف أفغانستان‪،‬‬ ‫من ناحية ثانية‪ ،‬فقد تضمن االتفاق املوقع بني طالبان‬
‫وف ًقا لقانون اهلجرة الدوىل وااللتزامات الواردة ىف هذه‬ ‫والواليات املتحدة‪ ،‬ىف فرباير ‪ ،2020‬عددا من‬
‫االتفاقية‪ ،‬بحيث ال يشكل هؤالء األشخاص هتديدً ا‬ ‫االلتزامات ىف أربعة جماالت‪ ،‬هي‪ :‬اجلدول الزمنى‬
‫ألمن الواليات املتحدة وحلفائها‪.‬‬ ‫لالنسحاب األمريكى والدوىل من أفغانستان‪ ،‬وتطبيق‬
‫‪ -‬عدم منح التأشريات أو جوازات السفر أو تصاريح‬ ‫إجراءات بناء الثقة (شملت إطالق رساح املعتقلني‪،‬‬
‫السفر‪ ،‬أو غريها من الوثائق القانونية الالزمة لدخول‬ ‫ومراجعة العقوبات األمريكية واألممية عىل طالبان‬
‫أفغانستان‪ ،‬ألولئك الذين يشكلون هتديدً ا ألمن‬ ‫وأعضائها‪ ،‬وتعهد الواليات املتحدة بعدم استخدام القوة‬
‫الواليات املتحدة وحلفائها‪.‬‬ ‫أو التهديد باستخدامها ضد أفغانستان أو ضد استقالهلا‬
‫السياسى‪ ،‬وعدم التدخل ىف شئوهنا الداخلية)‪ ،‬واحلوار‬
‫لكن ليس هناك ما يضمن التزام طالبان الصارم هبذه‬
‫املزمع بني طالبان واحلكومة األفغانية‪ ،‬وااللتزامات‬
‫اإلجراءات‪ .‬وتشري خربة الفرتة املمتدة من توقيع االتفاق‬
‫املحددة عىل طالبان لضامن عدم استخدام أفغانستان‬
‫وحتى دخول طالبان العاصمة كابول (نحو عام ونصف‬
‫لتهديد أمن الواليات املتحدة وحلفائها‪ ،‬وأخريا مستقبل‬
‫العام) مل تتخذ احلركة أية إجراءات عىل صعيد إخالء‬
‫العالقة بني الواليات املتحدة وأفغانستان‪ .‬وفيام خيص‬
‫أفغانستان من التنظيامت اإلرهابية؛ القاعدة و»داعش»‬
‫عدم استخدام أفغانستان لتهديد أمن الواليات املتحدة‬
‫وغريها‪ .‬ومل تشهد هذه الفرتة أية رسائل واضحة من‬
‫وحلفائها‪ ،‬تضمن االتفاق التزام «إمارة أفغانستان‬
‫جانب طالبان بشأن تنظيم القاعدة‪ ،‬وليس من املتوقع‬
‫اإلسالمية» (طالبان) باختاذ جمموعة من «اإلجراءات‬
‫أن تُقدم عىل الدخول ىف صدام مبكر معه ألسباب تتعلق‬
‫ملنع أى مجاعة أو فرد‪ ،‬بام ىف ذلك تنظيم القاعدة‪ ،‬من‬
‫بتنوع التحديات املتوقع أن تواجهها احلركة عىل املديني‬
‫استخدام أراىض أفغانستان لتهديد أمن الواليات املتحدة‬
‫القصري واملتوسط؛ أبرزها تنظيم «داعش»‪ ،‬وإدارة‬ ‫(‪)15‬‬
‫وحلفائها»‪ .‬وحدد االتفاق هذه اإلجراءات فيام ييل‪:‬‬
‫العالقة مع القوميات غري البشتونية‪ ،‬وبناء نظام سياسى‬
‫مقبول من جانب املجتمع األفغانى والدوىل‪ ،‬بجانب‬ ‫‪ -‬عدم السامح ألى ًمن أعضائها‪ ،‬أو أى أفراد‪ ،‬أو‬
‫التحديات االقتصادية‪.‬‬ ‫جمموعات أخرى‪ ،‬بام ىف ذلك القاعدة‪ ،‬باستخدام أراىض‬
‫أفغانستان لتهديد أمن الواليات املتحدة وحلفائها‪.‬‬
‫وحتى إذا افرتضنا اجتاه احلركة إىل تنفيذ التعهد الوارد‬
‫باالتفاق‪ ،‬فمن املتوقع ىف هذه احلالة أن تأخذ العالقة بني‬ ‫‪ -‬أن توجه طالبان رسالة واضحة‪ ،‬مفادها أن أولئك‬
‫اجلانبني أحد مسارين‪ :‬األول‪ ،‬هو قبول تنظيم القاعدة‬ ‫الذين يشكلون هتديدً ا ألمن الواليات املتحدة وحلفائها‬
‫اخلروج طواعية من أفغانستان دون صدام مع طالبان‪ ،‬مما‬ ‫ال مكان هلم ىف أفغانستان‪ ،‬والتوجيه ألعضاء اإلمارة‬
‫يعنى اجتاه عنارص التنظيم إىل وجهات أخرى أو ساحات‬ ‫بعدم التعاون مع اجلامعات أو األفراد الذين هيددون أمن‬
‫“قتالية” بديلة‪ .‬املسار اآلخر‪ ،‬هو رفض القاعدة اخلروج‬ ‫الواليات املتحدة وحلفائها‪.‬‬
‫الطوعى من أفغانستان‪ .‬ىف هذه احلالة قد تتجه الواليات‬ ‫‪ -‬منع أى مجاعة أو فرد ىف أفغانستان من هتديد أمن‬
‫املتحدة إىل استكامل عملياهتا العسكرية (اجلوية) داخل‬ ‫الواليات املتحدة وحلفائها‪ ،‬ومنعهم من القيام بأنشطة‬
‫أفغانستان ضد القاعدة وغريها من التنظيامت اإلرهابية‪.‬‬ ‫التجنيد والتدريب ومجع األموال وعدم استضافتهم وف ًقا‬
‫وقد يقترص موقف طالبان عىل إعالن رفضها هلذه‬ ‫لاللتزامات الواردة باالتفاقية‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫جدول (‪)2‬‬
‫*‬
‫تطور مؤشرات الحوكمة في أفغانستان من عام (‪)2019/2000‬‬

‫‪16‬‬
‫جودة التشريعات‬ ‫فعالية الحكومة‬ ‫االستقرار السياسي وغياب العنف‪/‬‬ ‫الصوت السياسى‬
‫السيطرة على الفساد‬ ‫سيادة القانون‬
‫والسياسات‬ ‫والخدمات العامة‬ ‫اإلرهاب‬ ‫والمساءلة‬
‫املشهد‬

‫‪1.30-‬‬ ‫‪1.78-‬‬ ‫‪2.11-‬‬ ‫‪2.23-‬‬ ‫‪2.44-‬‬ ‫‪2.03-‬‬ ‫‪2000‬‬


‫‪2001‬‬
‫‪1.26-‬‬ ‫‪1.67-‬‬ ‫‪1.80-‬‬ ‫‪1.57-‬‬ ‫‪2.04-‬‬ ‫‪1.43-‬‬ ‫‪2002‬‬
‫‪1.35-‬‬ ‫‪1.55-‬‬ ‫‪1.43-‬‬ ‫‪1.08-‬‬ ‫‪2.20-‬‬ ‫‪1.18-‬‬ ‫‪2003‬‬
‫‪1.35-‬‬ ‫‪1.70-‬‬ ‫‪1.51-‬‬ ‫‪0.89-‬‬ ‫‪2.30-‬‬ ‫‪1.20-‬‬ ‫‪2004‬‬
‫‪1.44-‬‬ ‫‪1.66-‬‬ ‫‪1.64-‬‬ ‫‪1.21-‬‬ ‫‪2.07-‬‬ ‫‪1.13-‬‬ ‫‪2005‬‬
‫‪1.43-‬‬ ‫‪1.86-‬‬ ‫‪1.67-‬‬ ‫‪1.43-‬‬ ‫‪2.22-‬‬ ‫‪1.11-‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪1.59-‬‬ ‫‪1.83-‬‬ ‫‪1.69-‬‬ ‫‪1.40-‬‬ ‫‪2.41-‬‬ ‫‪1.06-‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪1.64-‬‬ ‫‪1.86-‬‬ ‫‪1.62-‬‬ ‫‪1.50-‬‬ ‫‪2.69-‬‬ ‫‪1.17-‬‬ ‫‪2008‬‬
‫‪1.53-‬‬ ‫‪1.85-‬‬ ‫‪1.67-‬‬ ‫‪1.48-‬‬ ‫‪2.71-‬‬ ‫‪1.38-‬‬ ‫‪2009‬‬
‫‪1.64-‬‬ ‫‪1.85-‬‬ ‫‪1.53-‬‬ ‫‪1.45-‬‬ ‫‪2.58-‬‬ ‫‪1.40-‬‬ ‫‪2010‬‬
‫‪1.58-‬‬ ‫‪1.90-‬‬ ‫‪1.54-‬‬ ‫‪1.45-‬‬ ‫‪2.50-‬‬ ‫‪1.34-‬‬ ‫‪2011‬‬
‫‪1.42-‬‬ ‫‪1.64-‬‬ ‫‪1.19-‬‬ ‫‪1.36-‬‬ ‫‪2.42-‬‬ ‫‪1.27-‬‬ ‫‪2012‬‬
‫‪1.44-‬‬ ‫‪1.60-‬‬ ‫‪1.19-‬‬ ‫‪1.38-‬‬ ‫‪2.52-‬‬ ‫‪1.24-‬‬ ‫‪2013‬‬
‫‪1.35-‬‬ ‫‪1.45-‬‬ ‫‪1.12-‬‬ ‫‪1.33-‬‬ ‫‪2.41-‬‬ ‫‪1.14-‬‬ ‫‪2014‬‬
‫‪1.34-‬‬ ‫‪1.50-‬‬ ‫‪1.00-‬‬ ‫‪1.32-‬‬ ‫‪2.57-‬‬ ‫‪1.12-‬‬ ‫‪2015‬‬
‫‪1.53-‬‬ ‫‪1.50-‬‬ ‫‪1.33-‬‬ ‫‪1.23-‬‬ ‫‪2.67-‬‬ ‫‪1.04-‬‬ ‫‪2016‬‬
‫‪1.52-‬‬ ‫‪1.57-‬‬ ‫‪1.34-‬‬ ‫‪1.33-‬‬ ‫‪2.80-‬‬ ‫‪0.99-‬‬ ‫‪2017‬‬
‫قضايا تحليلية‬

‫‪1.50-‬‬ ‫‪1.67-‬‬ ‫‪1.13-‬‬ ‫‪1.46-‬‬ ‫‪2.75-‬‬ ‫‪0.99-‬‬ ‫‪2018‬‬


‫‪1.40-‬‬ ‫‪1.71-‬‬ ‫‪1.12-‬‬ ‫‪1.46-‬‬ ‫‪2.65-‬‬ ‫‪0.99-‬‬ ‫‪2019‬‬
‫* تتراوح قيمة المؤشر بين ‪ ٢٫٥-‬و ‪ ٢٫٥‬تقريبا‪ ،‬وكلما اقتربت قيمة المؤشر من ‪ ٢٫٥-‬كلما دل ذلك على ضعف الدولة فيما يتعلق بهذا المؤشر‪ ،‬وعلى العكس كلما اقتربت قيمة المؤشر من‬
‫‪ ٢٫٥‬كلما دل ذلك علي تحسن وضع الدولة على هذا المؤشر‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬قاعدة بيانات مؤشرات الحوكمة العالمية‪ ،‬الصادرة عن البنك الدولى‪.‬‬
‫)‪(https://info.worldbank.org/governance/wgi/Home/Reports‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫باإلضافة إىل هذه الروابط التارخيية بني “شبكة حقاين”‬ ‫العمليات باعتبارها انتهاك لسيادة أفغانستان واستقالهلا‬
‫وطالبان والقاعدة‪ ،‬فإن “الشبكة” ال تقل تشددا وعنفا عن‬ ‫السياسى (بام يتناقض مع اتفاق فرباير ‪ ،)2020‬سواء‬
‫تنظيم القاعدة‪ ،‬ومتتلك عددا ضخام من املقاتلني يفوق تنظيم‬ ‫ىف حالة تطور مصلحة لدهيا ىف تطهري أفغانستان من‬
‫القاعدة (نحو ‪ 10‬آالف مقاتل‪ ،‬وفقا لتقرير اإلرهاب)‪ ،‬وتدير‬ ‫التنظيامت الدينية املتطرفة العاملية بام فيها من “مقاتلني‬
‫جمموعة من املدارس الدينية ومعسكرات لتدريب املقاتلني‪،‬‬ ‫أجانب”‪ ،‬أو ىف حالة متسكها بعالقاهتا مع القاعدة دون‬
‫وتستند إىل قاعدة اجتامعية أوسع نطاقا من تنظيم القاعدة؛ فهى‬ ‫“داعش”‪ .‬لكن ىف احلالة األخرية‪ ،‬من املتوقع أن تستمر‬
‫تنظيم أفغانى مل يأت من خارج أفغانستان كام هو احلال بالنسبة‬ ‫طالبان ىف توفري املالذات اآلمنة لقيادات التنظيم‪.‬‬
‫لتنظيمى القاعدة أو “داعش”‪.‬‬
‫ىف مجيع احلاالت‪ ،‬فإن عدم خروج القاعدة من أفغانستان‬
‫سكوت االتفاق املوقع بني طالبان والواليات املتحدة‬ ‫سوف يستتبعه حتول األخرية إىل وجهة مهمة للسلفية‬
‫ىف فرباير ‪ 2020‬عن “شبكة حقانى” يثري العديد من‬ ‫املقاتلة‪ ،‬خاصة ىف حالة تنامى إدراك بأن أفغانستان متثل‬
‫التساؤالت‪ .‬أحد التفسريات املطروحة هلذا السكوت أن‬ ‫نقطة انطالق جديدة للدولة اإلسالمية وملرشوع “اخلالفة‬
‫احلوار مع احلركة يغطى ضمنا احلوار مع “شبكة حقاين”‪،‬‬ ‫اإلسالمية”‪ ،‬وهو إدراك من السهل تطوره إذا أخذنا ىف‬
‫بالنظر إىل العالقة القوية بني اجلانبني‪ ،‬فضال عن اندماج‬ ‫االعتبار طريق عودة طالبان مرة أخرى إىل احلكم‬
‫الشبكة ىف هيكل قيادة طالبان (يشغل قائد الشبكة‪،‬‬
‫(املنترص عىل القوة العظمى والعدو األبرز لتنظيامت‬
‫رساج الدين حقانى‪ ،‬موقع نائب زعيم طالبان)‪ .‬وىف‬
‫السلفية املقاتلة)‪ .‬وىف مجيع احلاالت‪ ،‬ليس من املتوقع‬
‫مجيع احلاالت‪ ،‬فإن العالقة اهليكلية بني “شبكة حقانى”‬
‫حدوث خالف أو صدام رسيع بني طالبان والقاعدة‬
‫وحركة طالبان ستمثل بالتأكيد أحد كوابح إمكانية إقدام‬
‫ىف ظل تصاعد التهديد املشرتك املتمثل ىف “داعش”‪،‬‬
‫األخرية عىل إجراء أية مراجعات فكرية حقيقية‪.‬‬
‫واملتوقع أن يشهد تناميا ملحوظا خالل الفرتة املقبلة‪.‬‬
‫خالصة القول‪ ،‬إن تقييام إمجاليا خلربة احلرب عىل‬
‫من ناحية ثالثة وأخرية‪ ،‬وبعيدا عن تنظيمى القاعدة‬
‫اإلرهاب‪ ،‬خالل العقدين املاضيني‪ ،‬كام قدمتها حالة‬
‫و”داعش”‪ ،‬هناك تنظيامت أخرى مل يتطرق إليها اتفاق‬
‫أفغانستان‪ ،‬وما آلت إليه‪ ،‬حتمل العديد من املخاطر فيام‬
‫فرباير ‪ ،2020‬وجتمعها عالقات بنيوية مع حركة طالبان‪،‬‬
‫يتعلق بمستقبل السلفية املقاتلة بنمطيها املحىل والعاملي‪.‬‬
‫ورغم حماولة الواليات املتحدة التأكيد عىل حقها جمددا‬ ‫وعىل رأسها “شبكة حقانى”‪ .‬ووفقا لتقرير اإلرهاب‬
‫ىف استهداف التنظيامت اإلرهابية ىف أفغانستان‪ ،‬خاصة‬ ‫السنوى‪ ،‬الذى تصدره وزارة اخلارجية األمريكية‪ ،‬بدأت‬
‫تنظيم «داعش»‪ -‬والية خراسان‪ ،‬من خالل استئنافها‬ ‫عالقة مؤسس الشبكة ‪-‬جالل الدين حقاين‪ -‬بأسامة بن‬
‫العمليات العسكرية اجلوية ضد التنظيم‪ ،‬عقب عملية‬ ‫الدن ىف منتصف ثامنينيات القرن العرشين‪ ،‬قبل أن ينضم‬
‫مطار كابول التى نفذها األخري يف‪ 26‬أغسطس املاىض‬ ‫إىل حركة طالبان ىف عام ‪ .1995‬ووفقا للتقرير ذاته‬
‫(‪ ،)2021‬فإن هذه اخلربة األفغانية نفسها تؤكد أنه ليس‬ ‫أصبح رساج الدين حقانى (ابن جالل الدين حقانى‪،‬‬
‫هناك ما يؤكد قدرة الواليات املتحدة ‪-‬بعد خروجها من‬ ‫والذى أسند إليه والده قيادة الشبكة بعد هزيمة طالبان‬
‫أفغانستان‪ -‬عىل القضاء عىل «والية خراسان» أو غريها‬ ‫ىف عام ‪ )2001‬نائبا لزعيم طالبان ىف يوليو ‪ .2015‬وقد‬
‫من التنظيامت هناك‪ ،‬بعدما فشلت ىف القضاء عىل القاعدة‬ ‫أعلنت شبكة حقانى ىف مناسبات خمتلفة والءها الكامل‬
‫وطالبان‪ ،‬وهو اهلدف الذى دخلت من أجله أفغانستان‬ ‫حلركة طالبان واملال حممد عمر‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫قضايا تحليلية‬
‫املشهد‬

‫املتحدة وحلفاؤها أمهية كبرية عقب هجامت سبتمرب‬ ‫قبل عقدين‪ .‬أضف إىل ذلك العالقة املعقدة بني طالبان‬
‫‪ 2001‬كأدوات أساسية ىف سياق احلرب عىل اإلرهاب‪،‬‬ ‫والقاعدة و»شبكة حقانى»‪ .‬محلت اخلربة األفغانية أيضا‬
‫وذلك بعدما عادت أفغانستان مرة أخرى إىل مربع ما‬ ‫دالالت سلبية بشأن جدوى وفعالية ومصداقية سياستى‬
‫قبل سبتمرب ‪ ،2001‬دونام حتسن ملموس عىل صعيد أى‬ ‫«إعادة بناء الدول الفاشلة» و«نرش الديمقراطيات من‬
‫من املؤرشات السياسية أو االقتصادية أو األمنية‪.‬‬ ‫اخلارج»‪ ،‬ومها السياستان اللتان أعطتهام الواليات‬

‫‪18‬‬
٢٠٢١ - ‫ سبتمبر‬- ‫العدد الثاني‬

‫المصادر‬
:‫ انظر‬-1
.2021 ‫ أغسطس‬19 ،24 ‫ فرانس‬،»‫«الحكومات العربية تتابع باهتمام الوضع األفغانى وحركات إسالمية تبارك سيطرة طالبان على الحكم‬
:‫متاح على الرابط التالي‬
https://cutt.us/dFIuS
،‫ إسماعيل هنية‬،‫ المثال األبرز هو كشف حماس عقب دخول طالبان كابول عن اللقاء الذى تم بين رئيس المكتب السياسى لحركة حماس‬-2
‫ ومسئولين آخرين‬،‫ رئيس المكتب السياسى لحركة طالبان فى الدوحة ونائب زعيم الحركة‬،‫ والمال عبد الغنى برادر‬،‫ونائبه صالح العارورى‬
:‫ انظر‬.‫ وكان هذا اللقاء قد تم بشكل سرى قبل دخول طالبان كابول‬.‫كبار من الحركة‬
“Report: Hamas leader meets with Taliban, lauds radicals for seizing Afghanistan”,Israel Hayom,
17 August 2021. Available at: https://www.israelhayom.com/2021/08/17/report-hamas-leader-
meets-with-taliban-lauds-radicals-for-seizing-afghanistan/
3-Derek Chollet, “Wise U.S. would make nation-building a priority,” The Baltimore Sun, October
18, 2001. Available at: http://articles.baltimoresun.com/2001-10-18/news/0110180007_1_nation-
building-afghanistan-foreign-policy (Accessed on 20 Sep. 2012).
4- Kofi Annan, “We Can Love What We Are, Without Hating What – And Who – We Are Not,” The
Nobel Lecture, Oslo, Norway, December 1, 2001. Available at:
http://www.un.org/News/Press/docs/2001/sgsm8071.doc.htm (Accessed on Sep. 20, 2012).
5-James Fearon & David Laitin, “Neotrusteeship and the Problem of Weak States,” International
Security, 28 (4), Spring 2004, pp. 21-22.
6- Roland Paris, “International Peacebuilding and the Mission Civilisatrice”, Review of
International Studies, 28 (4), October 2002, pp. 637-656.
7- James Dobbins, “Preparing for Nation-building”, Survival, 48 (3), 2006, pp. 27-40.
8-Sebastian Mallaby, “The Reluctant Imperialist: Terrorism, Failed States, and the Case for
American Empire,” Foreign Affairs, 81 (2), March- April 2002, pp. 2-7.
:‫ من أبرز هذه الكتابات‬- 9
Commission on Post-Conflict Reconstruction, Play to Win (Washington, D.C: Center for Strategic
and International Studies / Association of the US Army Report, 2003). Available at:
http://csis.org/files/media/csis/pubs/playtowin.pdf (Accessed on 20 March 2012).
‫وهو تقرير أعدته لجنة مشتركة من «رابطة الجيش األمريكي» بالتعاون مع «مركز الدراسات االستراتيجية والدولية» فى يناير سنة‬
‫ وانتهى التقرير إلى أن الواليات المتحدة كقوة عظمى وذات حضور عالمى ومصالح عالمية لديها مصلحة كبيرة فى إصالح‬.2003
،‫ وذهب التقرير إلى أنه رغم أن أفغانستان قد تمثل الحالة األولى األكثر وضوحا الرتباط الدولة الفاشلة باإلرهاب‬.‫مشكالت الدول الفاشلة‬
‫ وقدم التقرير عددا‬.‫ وهو ما يفرض على الواليات المتحدة إعادة هيكلة سياستها الخارجية للتعامل مع هذا الواقع‬،‫إال أنها لن تكون األخيرة‬
.‫من التوصيات فى هذا المجال‬
10- Max Boot, “Te Case for American Empire: The most Realistic Response to Terrorism is for
America to embrace its Imperial,” Weekly Standard, 7 (5), 15 October 2001. Max Boot, The
Savage Wars of Peace: Small Wars and the Rise of American Power (New York: Basic Books,
2002).
11- Francis Fukuyama, State-Building: Governance and World Order in the 21st Century, op., cit.
‫ وتساهم فى‬،‫ ركزت الكتابات التى ربطت بين ظاهرتى الدولة الفاشلة واإلرهاب على ثالث سمات أساسية تعانى منها هذه الدول‬-12

19
‫قضايا تحليلية‬
‫املشهد‬

‫انتشار التنظيمات اإلرهابية‪ .‬األولى‪ ،‬هى ضعف‪ /‬غياب قدرة الدولة على االستخدام المشروع للعنف‪ ،‬وما يستتبعه ذلك من ضعف سيادة‬
‫القانون وانتشار الفساد‪ .‬هذه العوامل تؤدى إلى إيجاد بيئة جاذبة لهذه التنظيمات‪ ،‬لما توفره من فرص كبيرة للوجود‪ ،‬والتدريب‪ ،‬والتخطيط‪،‬‬
‫واالتصاالت‪ ..‬إلخ‪ ،‬بدون انكشاف أمنى وبدون دفع تكلفة مادية وسياسية وأمنية كبيرة‪ ،‬وقدرة أكبر على النفاذ إلى الموارد االقتصادية‬
‫والسياسية واألمنية داخل الدولة‪ .‬السمة الثانية هى انتشار الفقر والتهميش االقتصادى واالجتماعى وعدم قدرة الدولة على توفير الخدمات‬
‫والسلع األساسية‪ :‬السياسية واالقتصادية واالجتماعية واألمنية؛ ما يساهم فى إضعاف قيم الوالء والمواطنة داخل هذه الدول‪ ،‬ما يؤدى بدوره‬
‫إلى تسهيل قدرة هذه التنظيمات على التجنيد من داخل هذه المجتمعات‪ ،‬وبناء شبكة عالقات قوية‪ .‬السمة الثالثة هى استمرار تمتع الدولة‬
‫الفاشلة بالسيادة فى مواجهة الدول األخرى‪ ،‬حيث تفرض السيادة هنا قيودا على فرص تدخل المجتمع الدولى‪ ،‬كما توفر فى الوقت ذاته فرصا‬
‫لنفاذ هذه التنظيمات إلى خدمات التوثيق القانونى (استصدار جوازات السفر‪ ،‬الحصول على تأشيرات الدخل والخروج‪ .‬إلخ)‪.‬‬
‫لمزيد من التفصيل‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪James A. Piazza, “Incubators of Terror: Do Failed and Failing States Promote Transnational‬‬
‫‪Terrorism?” International Studies Quarterly, no. 52, 2008, pp. 471- 472.‬‬
‫وقد انتهى جيمس بيازا فى دراسته تلك‪ ،‬والتى أجراها على عينة شملت ‪ 146‬دولة‪ ،‬تابع فيها درجة االرتباط بين مؤشر الدولة الفاشلة‬
‫وظاهرة اإلرهاب خالل الفترة (‪ ،)2006 -2000‬إلى وجود عالقة إيجابية واضحة بين المتغيرين السابقين؛ فالدول الفاشلة هى الدول األكثر‬
‫استهدافا من جانب المنظمات اإلرهابية‪ ،‬وهى أيضا أكثر الدول مصدرا للعمليات اإلرهابية الدولية التى تم تنفيذها خارج حدودها‪ .‬وانتهت‬
‫الدراسة إلى أن ‪ %59.3‬من الدول الفاشلة قد شهدت حدوث عمليات إرهابية خالل الفترة (‪ ،)2006 -2000‬بينما كان ‪ %45.9‬من هذه‬
‫الدول مصدرا لعمليات إرهابية تم تنفيذها فى الخارج خالل الفترة نفسها‪ .‬وتزداد هذه العالقة وضوحا فى حالة الدول األكثر فشال‪ ،‬والتى‬
‫تصنف ضمن فئة «دول فى خطر» على مؤشر الدولة الفاشلة‪ ،‬والتى يتراوح فيها المؤشر بين (‪.)120 -91‬‬
‫‪ -13‬انظر بشأن هذا الجدل‪ ،‬على سبيل المثال‪:‬‬
‫‪-“Opinion: No evidence yet on Taliban 2.0”, Telangana Today, August 29, 2021.‬‬
‫‪https://telanganatoday.com/opinion-no-evidence-yet-on-taliban-2-0‬‬
‫‪- “Taliban 2.0 will be little different to Taliban 1.0”, The Weekend Australian, August 29, 2021.‬‬
‫‪https://www.theaustralian.com.au/commentary/taliban-20-will-belittle-different-totaliban-10/‬‬
‫‪news-story/7a5a7f293bc4a79adee2003e160034ed‬‬
‫‪ -14‬انظر على سبيل المثال المؤتمر الصحفى األول للمتحدث باسم حركة طالبان‪ ،‬ذبيح هللا مجاهد‪ ،‬فى ‪ 17‬أغسطس ‪ .2021‬متاح على‬
‫الرابط التالي‪:‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=-NMVdHba0xg‬‬
‫‪ -15‬لالطالع على نص االتفاق انظر‪:‬‬
‫‪“Agreement for Bringing Peace to Afghanistan between the Islamic Emirate of Afghanistan, which‬‬
‫‪is not recognized by the United Statesas a state and is known as the Taliban, and the United States‬‬
‫‪of America”, February 29, 2020. Available at: https://www.state.gov/wp-content/uploads/2020/02/‬‬
‫‪Agreement-For-Bringing-Peace-to-Afghanistan-02.29.20.pdf‬‬

‫‪20‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫‪2‬‬

‫صافيناز محمد أحمد‬


‫رئيس تحرير دورية بدائل وعضو وحدة الدراسات العربية واإلقليمية ‪-‬‬
‫مركز األهرام للدراسات السياسية واالستراتيجية‬

‫العراق‪ :‬مكافحة أم صناعة أمريكية‬


‫لإلرهاب؟‬

‫بعد عامني عىل أحداث ‪ 11‬سبتمرب ‪ ،2001‬وما أعقبها من غزو أمريكى عسكرى ألفغانستان‪ ،‬بدعوى حماربة تنظيم‬
‫القاعدة‪ ،‬كان العراق إحدى الدول التى استهدفتها الواليات املتحدة األمريكية بعملية غزو عسكرية مبارشة وشاملة‬
‫عام ‪ ،2003‬باعتبارها دولة ُمهددة لألمن والسالم ىف منطقة الرشق األوسط حتت ذريعة روجتها إدارة الرئيس‬
‫األمريكى األسبق “جورج بوش االبن”‪ ،‬مؤداها امتالك العراق أسلحة دمار شامل‪ ،‬مما استدعى ‪-‬من وجهة النظر‬
‫األمريكية آنذاك‪ -‬التدخل العسكرى للقضاء عىل الرتسانة النووية املزعومة لدى العراق من ناحية‪ ،‬وإسقاط نظام‬
‫صدام حسني وبناء نظام جديد يعتمد الديمقراطية وسيلة أساسية يتم عربها تداول سلمى للسلطة بام يعيد بناء الدولة‬
‫تأسيسا عىل جمموعة من احلجج والفرضيات التى ثبت عدم صدقها‪ ،‬مؤداها “أن‬ ‫ً‬ ‫العراقية من ناحية ثانية‪ ،‬وذلك‬
‫مساعدة الشعوب عىل حتقيق التغيري السياسى نحو التحول الديمقراطى عرب إزاحة األنظمة السياسية بالقوة العسكرية‬
‫من اخلارج من شأنه خلق دول ُمستقرة داخل ًيا وغري ُمهددة جلرياهنا خارجيا”‪ .‬ومثلت هذه الفرضية الفكرة احلاكمة‬
‫للسياسة اخلارجية األمريكية منذ عام ‪ ،2001‬بدعوى مواجهة ظاهرة “اإلرهاب” عىل مستوى العامل‪ ،‬وجتفيف منابعه‪،‬‬
‫ً‬
‫مبارشا للمصالح األمريكية‪.‬‬ ‫ومواجهته كذلك ىف املناطق التى تشهد هتديدً ا‬
‫غري أن جمريات األحداث أثبتت أن الغزو األمريكى للعراق ىف عام ‪ ،2003‬وما أعقبه من تفكيك ُمتعمد ملؤسسات‬
‫أوضاعا كارث ًية عىل كافة األصعدة؛ جعلت العراق دولة فاشلة مأزومة‬
‫ً‬ ‫الدولة األمنية والعسكرية والسياسية ّخلف‬
‫جتتاحها الرصاعات واالنشقاقات الطائفية الناجتة عن صياغة دستور عام ‪ 2005‬ىف ظل وجود املحتل األمريكى‪،‬‬
‫الذى دعم بناء عملية سياسية تقوم عىل تقاسم السلطة وف ًقا لنظام ُماصصة طائفية‪ ،‬وزعت فيه رئاسات الدولة‬
‫توزيعا طائف ًيا‪ ،‬بام أوجد حكومات مارست العديد من سياسات التمييز الطائفى‬
‫ً‬ ‫(اجلمهورية واحلكومة والربملان)‬
‫ضد غريها من الطوائف املكونة للنسيج االجتامعى ىف العراق‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫قضايا تحليلية‬
‫املشهد‬

‫هذا املكون قناعة تامة بمظلومية وضعها داخل النسيج‬ ‫وبالرغم من أن الدستور مل ينص رصاحة عىل اعتبار‬
‫االجتامعى والسياسى ىف الدولة‪ .‬وكانت قناعة الطائفة‬ ‫أساسا لتقاسم السلطة‪ ،‬إال أن املامرسات‬
‫“اهلوية الطائفية” ً‬
‫واسعا تم عربه نشأة تنظيم أشد‬
‫ً‬ ‫السنية باملظلومية با ًبا‬ ‫التطبيقية لنصوصه جعلت من “اهلوية الطائفية” ‪-‬التى‬
‫رشاسة ودموية من القاعدة هو تنظيم الدولة “داعش”‪،‬‬ ‫كانت وسيلة نافذة وسائدة وقت صياغة الدستور‪-‬‬
‫الذى اجتاح العديد من املحافظات العراقية السنية‪،‬‬ ‫أداة سياسية؛ أى اندجمت “اهلوية الطائفية” مع “طائفية‬
‫التى وفرت له بدورها ‪-‬آنذاك‪ -‬حاضنة شعبية ُمتطلعة‬ ‫سياسية”‪ ،‬األمر الذى زاد من حدة التمييز الطائفى‪،‬‬
‫إىل التخلص من حالة اإلقصاء والتهميش والتمييز‬ ‫وحتديدً ا عندما تُرجم عىل صعيد املشهد السياسى‬
‫التى مورست ضدها من قبل احلكومات الشيعية‪ .‬وىف‬ ‫العراقى إىل ُماصصة سياسية وحزبية ُبنيت عىل أساس‬
‫ظل سيادة حالة تراجع أمنى وعدم استقرار سياسى‪،‬‬ ‫ا ُملحاصصة الطائفية‪ ،‬بام أدى إىل هتميش القوى السياسية‬
‫كان عام ‪ 2014‬عام رسم تنظيم “داعش” مالمح دولته‬ ‫والكردية ملصلحة دور أكرب وأوسع للقوى‬ ‫ُ‬ ‫السنية‬
‫ُ‬
‫ىف العراق‪.‬‬ ‫السياسية الشيعية؛ التى مارست أحزاهبا السياسية الدينية‬
‫ا ُملتشددة وأذرعها العسكرية أعنف سياسات القمع‬
‫وكام فتح االنسحاب األمريكى من العراق عام ‪2011‬‬
‫الطائفى ببعديه الدينى والسياسى جتاه غريها من الفئات‪،‬‬
‫با ًبا ملزيد من األزمات داخل العراق نتيجة لتغذية ا ُملحتل‬
‫وهو ما انعكس بوضوح ىف حالة الرصاع الطائفى األهىل‬
‫لروافد اهلوية الطائفية‪ ،‬بخالف إحكام إيران هيمنتها‬
‫بني الشيعة والسنة خالل عام ‪ ،2006‬مما أدى إىل‬
‫عىل املشهد السياسى عرب حلفائها من القوى السياسية‬
‫غياب كامل للمصلحة الوطنية العراقية بتغييب “اهلوية‬
‫وامليليشيات العسكرية الوالئية هلا‪ ،‬كان عام ‪ 2014‬عام‬ ‫الوطنية” ملصلحة “اهلوية الطائفية”‪ ،‬واستعامل األخرية‬
‫العودة األمريكية العسكرية للعراق عرب حتالف دوىل‬ ‫كسالح أنتج تداعيات ُمدمرة عىل العراق أمن ًيا وسياس ًيا‬
‫ملحاربة تنظيم الدولة ىف العراق والشام “داعش”‪ ،‬ىف‬ ‫واجتامع ًيا واقتصاد ًيا‪.‬‬
‫عملية إعادة إنتاج واضحة لإلرهاب ىف العراق‪.‬‬
‫ورغم االنسحاب العسكرى األمريكى من العراق‬
‫وما بني سنوات االحتالل األمريكى التى بدأت ىف‬ ‫ىف ديسمرب ‪ ،2011‬إال أن العراق مل هينأ بحالة من‬
‫عام ‪ ،2003‬ثم االنسحاب ىف عام ‪ ،2011‬والعودة‬ ‫االستقرار األمنى والسياسى‪ ،‬وظلت احلكومات‬
‫ملكافحة إرهاب تنظيم الدولة ىف عام ‪ ،2014‬ثم‬ ‫الشيعية ا ُملنتخبة ا ُملتعاقبة تُعىل من املصالح االقتصادية‬
‫االنسحاب املتوقع ىف هناية عام ‪ 2021‬اجلارى‪ ،‬بدا‬ ‫واالجتامعية للتيارات الشيعية لتمتزج مع مصاحلها‬
‫أن التجربة األمريكية ىف مواجهة اإلرهاب من ناحية‪،‬‬ ‫السياسية بصورة خلقت بيئة صاحلة النتشار الفساد‬
‫وحماولة إحداث تغيري سياسى نحو األفضل ىف الدول‬ ‫بكافة صوره وأنامطه‪ ،‬وتراجعت ىف الوقت نفسه كافة‬
‫التى تدخلت فيها عسكر ًيا من ناحية ثانية‪ ،‬فشلت‬ ‫خطوات بناء الدولة السيام ىف مستويات البنية التحتية‬
‫ذريعا‪ ،‬بالنظر إىل حجم اإلخفاقات التى وقعت‬
‫ً‬ ‫فشال‬ ‫واضحا أن احلكومات الشيعية‬ ‫ً‬ ‫واخلدمات‪ .‬وبات‬
‫عىل مدى عقدين من الزمان‪ ،‬وهى إخفاقات شكلت‬ ‫الطائفية منذ انتخابات عام ‪- 2006‬حكومة رئيس‬
‫أسبا ًبا مبارشة ىف إعادة خلق اإلرهاب وتغذية روافده‬ ‫الوزراء األسبق نورى املالكى‪ -‬مارست سياسات متييز‬
‫عرب سياسات زادت من حدة االنقسامات بني مكونات‬ ‫ُمتعددة األوجه جتاه املكون السنى وأحزابه السياسية‪،‬‬
‫العراق السياسية واالجتامعية‪.‬‬ ‫بام مهشه اجتامع ًيا وسياس ًيا واقتصاد ًيا‪ ،‬وخلق لدى‬

‫‪22‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫عن رشيك مسلح للتحرك عىل األرض ملواجهة عنارص‬ ‫ً‬


‫أول‪ :‬الواليات املتحدة واحلرب عىل اإلرهاب ىف العراق‪:‬‬
‫التنظيم ًبرا‪ .‬هنا‪ ،‬اجتهت الواليات املتحدة لرفع مستوى‬ ‫االسرتاتيجيات والنتائج‬
‫دعمها للحلفاء األكراد ىف إقليم كردستان العراق‪ ،‬بزيادة‬
‫‪ -1‬تنظيم الدولة “داعش”‪ :‬النشأة والتطور ىف ضوء‬
‫ونوعا؛ حيث تولت تدريب وتسليح‬ ‫كم ً‬ ‫الدعم العسكرى ً‬
‫ُمعطيات الداخل العراقى‬
‫ريا ىف إهناء‬
‫دورا كب ً‬
‫قوات البيشمركة الكردية التى لعبت ً‬
‫سيطرة التنظيم عىل العديد من مدن إقليم كردستان؛‬ ‫يمكن القول إن تنظيم الدولة «داعش» ولد من رحم‬
‫السيام كركوك‪ ،‬وسنجار‪ ،‬وأجزاء من أربيل‪ ،‬وأقضية‬ ‫التنظيامت الدينية السنية املسلحة ا ُملتشددة التى كانت‬
‫املحافظات الواقعة عىل حدود اإلقليم‪ .‬واالسرتاتيجية‬ ‫موجودة ىف العراق‪ ،‬وحتديدً ا تنظيم القاعدة ىف بالد‬
‫نفسها –البحث عن حليف عىل أرض الرصاع– طبقتها‬ ‫الرافدين الذى تأسس عىل يد األردنى أبو مصعب‬
‫الواليات املتحدة كذلك ىف سوريا‪ ،‬حيث دعمت تشكيل‬ ‫الزرقاوى ىف عام ‪ .2004‬وىف عام ‪ 2006‬تم تغيري‬
‫قوات سوريا الديمقراطية الكردية «قسد» ىف أكتوبر عام‬ ‫اسم تنظيم القاعدة ىف بالد الرافدين إىل «جملس شورى‬
‫وتسليحا‪ ،‬ووضعتها موضع احلليف‬ ‫ً‬ ‫‪ ،2015‬تدري ًبا‬ ‫املجاهدين» الذى اعترب اللبنة األوىل ىف نشأة تنظيم‬
‫وقياسا عىل احلالة العراقية‪،‬‬
‫ً‬ ‫االسرتاتيجى داخل سوريا‪.‬‬ ‫الدولة «داعش»‪ .‬وقد كان للجامعات السنية املسلحة‬
‫بارزا ىف حماربة تنظيم «داعش» ىف‬ ‫دورا ً‬
‫لعبت «قسد» ً‬ ‫حضورا شعب ًيا قو ًيا ىف حمافظات األنبار‪ ،‬ونينوى‪،‬‬
‫ً‬
‫الشامل السورى‪ ،‬بل وىف إهناء وجوده ىف احلسكة‪،‬‬ ‫وصالح الدين‪ ،‬ودياىل‪ ،‬وبابل‪ ،‬حيث اجته جملس شورى‬
‫ومنبج‪ ،‬والباب‪ ،‬وجرابلس‪ ،‬والطبقة‪ ،‬وعفرين‪ ،‬وأجزاء‬ ‫ً‬
‫«إقليم‬ ‫السنية‬
‫املجاهدين إىل إعالن عدد من املحافظات ُ‬
‫كبرية من حمافظتى الرقة ودير الزور‪.‬‬ ‫ُسن ًيا» أطلق عليه اسم «الدولة اإلسالمية ىف العراق»‪.‬‬
‫ىف سياق تلك التطورات‪ ،‬برز دور التيارات السياسية‬ ‫وبعد االنسحاب األمريكى ىف عام ‪ ،2011‬ازدادت‬
‫الشيعية ذات املرجعية الدينية املتشددة –صقور التيارات‬ ‫وترية حتركات التنظيامت املسلحة وبلغت ذروة نشاطها‬
‫الشيعية‪ -‬التى كانت تسيطر عىل السلطة‪ُ ،‬مستفيدة من‬ ‫ىف أواخر عام ‪ 2013‬وبداية عام ‪ُ ،2014‬مستغلة حالة‬
‫حالة الفراغ الذى خلفه االنسحاب األمريكى ىف عام‬ ‫الغضب الشعبى التى شهدهتا حمافظات السنة أواخر عام‬
‫‪ ،2011‬وحتديدا فرتة والية رئيس الوزراء األسبق نورى‬ ‫‪ 2013‬نتيجة سياسات التهميش واإلقصاء التى أمعنت‬
‫املالكى‪ ،‬والذى أطلق دعوته بتعبئة اجلامهري ملواجهة خطر‬ ‫حكومة رئيس الوزراء األسبق نورى املالكى ىف ممارستها‬
‫تنظيم الدولة «داعش» ىف مارس ‪ ،2014‬وبعد لقائه‬ ‫السنى عىل املستوى االجتامعى‪ ،‬وضد‬ ‫ضد املكون ُ‬
‫بقادة الفصائل الشيعية املسلحة التى كانت متثل األذرع‬ ‫السنية عىل املستوى السياسى‪.‬‬
‫التيارات السياسية ُ‬
‫العسكرية لبعض القوى واألحزاب السياسية املوجودة‬ ‫هبذا التطور‪ ،‬أعلن تنظيم «الدولة اإلسالمية ىف العراق»‬
‫آنذاك ىف املشهد السياسى العراقى‪ ،‬وأبرزها ميليشيات‬ ‫السيطرة عىل مدينة الفلوجة بمحافظة األنبار‪ ،‬وأعلن‬
‫«عصائب أهل احلق»‪ ،‬و»منظمة بدر»‪ ،‬وقوات «التيار‬ ‫«اخلالفة» ىف يونيو ‪ ،2014‬ثم االستيالء عىل مدينة‬
‫الصدرى»‪ ،‬وكتائب «حزب اهلل العراقى»‪.‬‬ ‫الرمادى باملحافظة نفسها ىف مايو ‪ .2015‬وعند‬
‫وقد شكلت تلك امليليشيات نواة فعلية لتنظيم‬ ‫هذه النقطة الفارقة‪ ،‬بدأت مرحلة جديدة ىف مسرية‬
‫ميليشياوى شيعى مسلح هو «هيئة احلشد الشعبى»‪،‬‬ ‫االسرتاتيجية األمريكية جتاه حماربة تنظيم الدولة داخل‬
‫التى تشكلت استجابة لفتوى زعيم املرجعية الشيعية‬ ‫العراق؛ بتعديل االعتامد عىل الرضبات اجلوية إىل البحث‬

‫‪23‬‬
‫قضايا تحليلية‬
‫املشهد‬

‫كساحة لتصفية احلسابات بني القوى الدولية واإلقليمية‬ ‫العراقية –مرجعية النجف– عىل السيستانى بشأن‬
‫ا ُملناوئة إليران‪ ،‬التى استطاعت ملء الفراغ الذى خلفه‬ ‫«اجلهاد الكفائى»‪ ،‬والتى أطلقها ىف ‪ 13‬يونيو ‪.2014‬‬
‫االنسحاب األمريكى األول ىف عام ‪.2011‬‬ ‫كام انضمت إىل عنارص احلشد الفصائل املسلحة ىف‬
‫‪ -2‬االسرتاتيجيات األمريكية ملواجهة اإلرهاب ىف‬ ‫املحافظات السنية ‪-‬احلشد العشائرى‪ -‬التى سيطر عليها‬
‫العراق‬ ‫تنظيم «داعش»‪ .‬ومع ارتفاع وترية العنف الذى مارسته‬
‫فصائل احلشد الشيعية حتديدً ا ضد احلواضن الشعبية‬
‫منذ الوجود العسكرى األمريكى الثانى ىف العراق‬
‫السنية‪،‬‬
‫لتنظيم «داعش» ىف املحافظات ذات الغالبية ُ‬
‫بداية من أغسطس ‪- 2014‬عرب منصة التحالف‬
‫حتت ذريعة حماربة التنظيم‪ ،‬تعرض احلشد النتقادات‬
‫الدوىل ملحاربة «داعش» ‪-‬وحتى اإلعالن عن هزيمة‬
‫وكردية كثرية‪ ،‬أحرجت رئيس الوزراء األسبق‬ ‫ُسنية ُ‬
‫التنظيم وإهناء دولته باستعادة املوصل ىف يوليو ‪،2017‬‬
‫«حيدر العبادى» الذى رأس احلكومة ىف الفرتة من‬
‫والسيطرة عىل منطقة احلدود العراقية‪ -‬السورية‪،‬‬
‫سبتمرب ‪ 2014‬إىل أكتوبر ‪ ،2018‬ونالت من مصداقية‬
‫وحتديدً ا مدينة «البوكامل» السورية ىف نوفمرب من العام‬
‫حرهبا ضد تنظيم الدولة؛ حيث حولتها فصائل احلشد‬
‫نفسه‪ ،‬وضعت االسرتاتيجية العسكرية األمريكية‬
‫السنى ىف الدولة‪،‬‬
‫إىل حرب ذات ُبعد طائفى ضد املكون ُ‬
‫العراق كـ«ساحة مركزية» ملحاربة اإلرهاب‪ ،‬وتشاهبت‬
‫وهو ما دفع الربملان العراقى –حتت ضغوط القوى‬
‫إىل حد كبري اسرتاتيجيات حماربة اإلرهاب ىف العراق بني‬
‫السياسية الشيعية– إىل إصدار ترشيع يعرتف بوجود‬
‫اإلدارات األمريكية التى عارصت نشأة تنظيم الدولة‬
‫«هيئة احلشد الشعبى» كتيار سياسى ىف املشهد العام‪،‬‬
‫وإقامة دولته‪ ،‬مع االختالف ىف نوعية األدوات واآلليات‬
‫وكجزء من القوات املسلحة النظامية العراقية ىف نوفمرب‬
‫التنفيذية‪ .‬فبخالف إدارة الرئيس «جورج بوش االبن»‬
‫‪.2016‬‬
‫التى احتلت العراق ىف عام ‪ ،2003‬بدعوى امتالكه‬
‫أسلحة دمار شامل‪ ،‬ووجود تنظيم القاعدة به‪ ،‬هناك‬ ‫وجدير باإلشارة أن «هيئة احلشد الشعبى» تضم ‪67‬‬
‫ً‬
‫فصيل ُسن ًيا‪ ،‬و‪ 9‬فصائل من األقليات‪،‬‬ ‫ً‬
‫فصيل شيع ًيا‪ ،‬و‪43‬‬
‫إدارتان عارصتا نشأة وتطور واهنيار تنظيم «داعش» ىف‬
‫فصيل من الفصائل الشيعية داخل اهليئة‬ ‫ً‬ ‫ويدين نحو ‪44‬‬
‫العراق‪ ،‬ومها ‪ :‬إدارة الرئيس «بارك أوباما» (نشأة تنظيم‬
‫الدولة وتطوره وبداية املواجهة خالل السنوات ما بني‬ ‫بالوالء التام للمرجعية الدينية ىف «قم» اإليرانية‪ ،‬وليس‬
‫‪ ،)2016 - 2014‬وإدارة الرئيس «دونالد ترامب»‬ ‫مرجعية «النجف» العراقية‪ ،‬بينام انسحبت منه فصائل‬
‫(استكامل املواجهة‪ ،‬والقضاء عىل دولة التنظيم‪ ،‬وخفض‬ ‫«العتبات املقدسة» وهى أربعة فصائل شيعية‪ ،‬لكنها‬
‫عدد القوات القتالية خالل السنوات ما بني ‪- 2017‬‬ ‫تدين بالوالء للمرجعية الدينية ىف «النجف»‪ ،‬وذلك ىف‬
‫اعرتاضا عىل ترصفات الفصائل التابعة‬‫ً‬ ‫ديسمرب ‪2020‬‬
‫‪.)2020‬‬
‫والئ ًيا إليران‪ ،‬والتحدى الدائم الذى تُبديه ىف مواجهة‬
‫أ‪ -‬اسرتاتيجية جورج بوش االبن‬ ‫الدولة‪ ،‬السيام عىل املستوى األمنى‪ .‬هذا بخالف‬
‫أقرت إدارة الرئيس “جورج بوش االبن” اسرتاتيجية‬ ‫فضل عن‬ ‫ً‬ ‫طبيعة الفروق الفقهية الدينية بني اجلانبني‪،‬‬
‫“احلرب االستباقية” جتاه اإلرهاب ىف العراق‪ ،‬وحتديدً ا‬ ‫متاهيها مع السياسات اإليرانية وتوظيفها سياسيا خلدمة‬
‫بعد أحداث ‪ 11‬سبتمرب ‪ ،2001‬وهى اسرتاتيجية ال‬ ‫مصالح إيران داخل ًيا وإقليم ًيا‪ ،‬بام انعكس سل ًبا عىل‬
‫هتتم بمبدأ سيادة الدول وسالمة أراضيها‪ ،‬فأصبحت‬ ‫االستقرار واألمن ىف الدولة‪ ،‬وذلك إىل جانب وضعها‬

‫‪24‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫آلية التدخل العسكرى عرب العمل اجلامعى‪ ،‬وليس‬ ‫الدول وف ًقا للرؤية األمريكية ىف ظل إدارة “بوش االبن”‬
‫عرب سياسة تدخل عسكرية ُمنفردة‪ ،‬وترجم ذلك فعل ًيا‬ ‫دول ُمستباحة‪ ،‬ومن ثم أصبح التدخل ىف الشئون‬ ‫ً‬
‫ىف قيادة الواليات املتحدة للتحالف الدوىل ملحاربة‬ ‫ملمحا من‬
‫ً‬ ‫الداخلية هلا حتت مظلة مكافحة اإلرهاب‬
‫اإلرهاب‪ ،‬والرتكيز عىل تصنيف تنظيم الدولة “داعش”‬ ‫مالمح السياسة اخلارجية األمريكية التى نفذهتا عرب‬
‫ضمن اإلسالم الراديكاىل غري ا ُملعتدل‪ ،‬متيزً ا عن اإلسالم‬ ‫اسرتاتيجية “احلرب االستباقية” عسكر ًيا‪ .‬واعتربت تلك‬
‫املعتدل الذى فضل “أوباما” التعامل معه‪ ،‬وذلك عىل‬ ‫اإلدارة أن جمرد معارضة الدول أو اجلامعات ما دون‬
‫العكس من اسرتاتيجية “بوش االبن” التى اعتربت‬ ‫الدول لتلك االسرتاتيجية كفيل بتصنيفها ضمن قوائم‬
‫مكافحة إرهاب تنظيم القاعدة حر ًبا صليبية عىل اإلسالم‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬وهو ما يعنى أن الواليات املتحدة فرضت‬
‫ىف جممله‪ .‬واستخدمت اسرتاتيجية القوة الذكية ‪-‬التى‬ ‫مفهومها اخلاص‬
‫ً‬ ‫عىل الدول ‪-‬ىف عهد بوش االبن‪-‬‬
‫اعتمدهتا إدارة أوباما ىف حرهبا ضد التنظيامت اإلرهابية‬ ‫وا ُملتفرد عن اإلرهاب‪.‬‬
‫داخل العراق‪ -‬آلية الرضبات اجلوية ضد متركزات‬
‫ووفقا لتلك االسرتاتيجية‪ ،‬أهنت الواليات املتحدة‬
‫تنظيم الدولة “داعش” (تفعيل آللية التغيري عن بعد)‪ ،‬مع‬
‫حكم صدام حسني ىف العراق‪ ،‬لكن االسرتاتيجية‬
‫رفض تام لوجود عسكرى أمريكى عىل األرض (تقليل‬
‫نفسها –احلرب االستباقية عرب التدخل العسكرى‬
‫اخلسائر بشقيها املادى والبرشى)‪ ،‬بالتوازى مع العمل‬
‫ىف الدول ملحاربة اإلرهاب‪ -‬مل تنجح ىف حتقيق الردع‬
‫عىل إعادة تأهيل وتدريب اجليش العراقى‪.‬‬
‫الشامل واالحتواء الكامل للتنظيامت اإلرهابية عامل ًيا‪،‬‬
‫ج‪ -‬اسرتاتيجية بايدن واالنسحاب من العراق‬ ‫والدليل عىل ذلك أن الدولتني‪ ،‬اللتني تعرضتا لغزو‬
‫أما إدارة الرئيس «جو بايدن» احلالية‪ ،‬فتختلف‬ ‫أمريكى عسكرى حتت مظلة تلك االسرتاتيجية‪ ،‬شهدتا‬
‫اسرتاتيجيتها ىف مواجهة التهديدات اخلارجية‬ ‫عملية “إعادة تدوير وإنتاج” لإلرهاب ىف أشكال وأنامط‬
‫للمصالح األمريكية باختالف رؤيتها ملصادر التهديد‬ ‫أخرى؛ فنمت ىف العراق تنظيامت متعددة ذات مرجعية‬
‫نفسها؛ حيث يرتاجع اهتاممها بتفعيل اسرتاتيجيات‬ ‫دينية ُمتشددة كتنظيم الدولة “داعش”‪ ،‬وغريها من‬
‫عسكرية ضد خصومها‪ ،‬سواء من اجلامعات اإلرهابية‬ ‫التنظيامت املسلحة‪ ،‬وعادت طالبان للسيطرة عىل احلكم‬
‫أو الدول املعادية‪ ،‬ملصلحة اسرتاتيجيات أكثر اعتام ًدا‬ ‫ىف أفغانستان ىف أغسطس ‪.2021‬‬
‫عىل األدوات الدبلوماسية املتعددة‪ ،‬كام خيتلف تقدرهيا‬
‫ب‪ -‬اسرتاتيجية باراك أوباما‬
‫ملصادر التهديد ملصاحلها‪ .‬فبينام يرتاجع تنظيم «داعش»‬
‫والقاعدة كمصادر هتديد لتلك املصالح تزداد أمهية‬ ‫تعتمد اسرتاتيجية “القوة الذكية” كأداة للتغيري ضد الدول‬
‫روسيا والصني كمصادر هتديد فعلية‪ .‬واتساقا مع هذه‬ ‫التى ترعى اإلرهاب‪ ،‬أو ضد اجلامعات ما دون الدول‬
‫الرؤية‪ ،‬أعلنت إدارة «بايدن» حتديد موعد لالنسحاب‬ ‫التى متارس اإلرهاب والعنف‪ .‬ووفقا ملتخصصني‪ ،‬فإن‬
‫الكامل للقوات األمريكية القتالية من العراق بنهاية‬ ‫تلك االسرتاتيجية تقوم عىل اجلمع بني “التصورات‬
‫وقياسا عىل حالة االنسحاب األمريكى من‬ ‫ً‬ ‫عام ‪.2021‬‬ ‫املثالية والواقعية” بشأن حماربة اإلرهاب‪ ،‬عرب معاجلة‬
‫أفغانستان التى متت ىف أغسطس ‪ ،2021‬وما نتج عنها‬ ‫اإلخفاقات التى شهدهتا االسرتاتيجيات السابقة ‪-‬وهى‬
‫من فراغ أمنى‪ُ ،‬سعان مع عادت حركة طالبان إىل ملئه‬ ‫هنا االسرتاتيجيات التى اعتمدها الرئيس “بوش اإلبن”‬
‫عرب االستيالء عىل املدن األفغانية بالكامل‪ ،‬فمن ا ُملتوقع‬ ‫ىف حربه ضد تنظيم القاعدة‪ -‬مع االجتاه إىل توظيف‬

‫‪25‬‬
‫قضايا تحليلية‬
‫املشهد‬

‫مثل هذا التصور سيؤدى بالرضورة إىل التأثري سل ًبا عىل‬ ‫أن يلقى االنسحاب األمريكى من العراق أيضا بأعباء‬
‫حالة «التوازن» التى عمل رئيس الوزراء العراقى احلاىل‬ ‫أمنية مجة عىل احلكومة العراقية التى سيجرى انتخاهبا‬
‫مصطفى الكاظمى –مستقل وغري حمسوب عىل أى من‬ ‫ىف أكتوبر عام ‪ 2021‬اجلارى‪ ،‬نتيجة هلشاشة األوضاع‬
‫القوى السياسية املوجودة ىف املشهد السياسى‪ -‬عىل‬ ‫األمنية‪ ،‬وضعف املؤسسات‪ ،‬وانتشار السالح ىف يد‬
‫حتقيقها ىف سياسة العراق اخلارجية منذ توليه احلكومة‬ ‫الفصائل املسلحة واستقوائها عىل الدولة ودورهيا األمنى‬
‫ىف مايو ‪ ،2020‬عقب حركة احتجاجية شعبية واسعة‬ ‫والسياسى‪ ،‬وذلك إىل جانب تراجع الوضع االقتصادى‪،‬‬
‫ضد سياسات األحزاب الشيعية الدينية التى تعاقبت عىل‬ ‫وتردى اخلدمات‪ ،‬وانتشار الفساد‪.‬‬
‫السلطة طوال السنوات املاضية‪ .‬كام من املتوقع أن يعطى‬ ‫هذا بخالف الفراغ األمنى الذى سيخلفه االنسحاب بام‬
‫االنسحاب األمريكى مزيدً ا من احلرية للميليشيات‬ ‫سيدفع امليليشيات املسلحة الوالئية التابعة إليران ‪-‬التى‬
‫الشيعية املسلحة ملامرسة مزيد من سياسات «اإلرهاب‬ ‫توازن ىف تسليحها وتدريبها املؤسسة العسكرية واألمنية‬
‫والكردى من رشكاء‬ ‫ُ‬ ‫السنى‬
‫الطائفى» ضد املكون ُ‬ ‫الرسمية‪ -‬إىل ملء هذا الفراغ‪ ،‬مما يعنى إحكام إيران‬
‫الوطن‪ ،‬وتدلل اهلجامت التى تشنها تلك امليليشيات‬ ‫سيطرهتا عىل املشهد العراقى ببعديه السياسى واألمنى‪،‬‬
‫ضد إقليم كردستان العراق‪ ،‬من آن آلخر خالل العامني‬ ‫وبالتاىل التحكم ىف القرار السياسى اخلارجى للعراق‪،‬‬
‫املاضيني‪ ،‬عىل ذلك‪.‬‬ ‫وضامن استمرار بقائه ضمن فلك التبعية إليران‪ ،‬وهو‬
‫إن استكامل أعامل االنسحاب العسكرى األمريكى‬ ‫ما حدث فعل ًيا بعد االنسحاب األول ىف عام ‪.2011‬‬

‫‪26‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫‪ -1‬االحتالل األمريكى وترسيخ اهلوية الطائفية‬ ‫ىف هناية ‪ 2021‬سيعمق معاناة العراق من تداعيات‬
‫من منطلق قناعتنا الفكرية بأن اسرتاتيجية التدخل‬ ‫مجة وحادة عىل أوضاعه املأزومة التى أبعدته عن حالة‬
‫العسكرى األمريكى لتغيري األنظمة بالقوة العسكرية‪،‬‬ ‫«توازن الدولة» عىل املستويني الداخىل واخلارجى‪.‬‬
‫حتت ذريعة حماربة اإلرهاب‪ ،‬وأدواهتا القائمة ‪-‬ىف احلالة‬ ‫وجعلته دولة فاشلة ال تزال تبحث عن حتقيق حالة‬
‫العراقية حتديدً ا‪ -‬عىل اإلعالء من شأن أحد املكونات‬ ‫من االستقرار السياسى واألمنى‪ ،‬بام يشري إىل حقيقة‬
‫الطائفية عىل حساب غريها من املكونات ىف إطار‬ ‫أن التدخل العسكرى األمريكى عىل فرضية «إعادة‬
‫نظام سياسى جديد تأسس عىل ا ُملحاصصة الطائفية‬ ‫بناء الدول»‪ ،‬واملبنى عىل أساس خلق أنظمة ديمقراطية‬
‫والسياسية‪ ،‬أدى إىل تأجيج حاد للتوترات الطائفية‬ ‫تقوم عىل التعددية وتداول السلطة وحماربة اإلرهاب قد‬
‫املوجودة‪ ،‬والتى التزال متثل عائ ًقا فعل ًيا أمام بناء الدولة‬ ‫ذريعا‪ .‬السيام أن ذريعة حماربة اإلرهاب‬ ‫ً‬ ‫فشلت ً‬
‫فشل‬
‫العراقية منذ سقوط نظام «صدام حسني» وحتى اآلن‪،‬‬ ‫تنتفى جدواها ىف ظل حقيقة استمرارية قدرة تنظيم‬
‫السيم أن التقسيم املحاصىص مل يقترص عىل عملية‬ ‫ِ‬ ‫الدولة «داعش» ىف العراق ‪-‬حتى اآلن‪ -‬عىل شن‬
‫توزيع املناصب العليا عىل أسس طائفية وأحيانا عرقية‬ ‫هجامت مسلحة موجعة عىل الرغم من اهنيار دولته‪،‬‬
‫أو حتى حزبية‪ ،‬وإنام شمل ذلك خمتلف هيئات الدولة‬ ‫كان أبرزها ىف مايو ‪ ،2021‬حيث شنت عنارص التنظيم‬
‫ومؤسساهتا؛ من هذا املنطلق‪ ،‬فإن آرا ًءا عديدة ترى أن‬ ‫مسلحا عىل قوات البيشمركة الكردية ىف منطقة‬ ‫ً‬ ‫هجو ًما‬
‫املحاصصة الطائفية أدت إىل ما يمكن تسميته بـ «مأسسة‬ ‫«الفراغ األمنى» بينها وبني قوات احلكومة االحتادية‪،‬‬
‫الطائفية» وترسيخها ىف هيكل الدولة العراقية ىف مرحلة‬ ‫واملعروفة باسم املناطق ا ُملتنازع عليها بني بغداد وأربيل‪،‬‬
‫ما بعد االحتالل األمريكى ىف عام ‪ ،2003‬بام أدى إىل‬ ‫وتشمل كركوك‪ ،‬وأجزاء من حمافظات نينوى وصالح‬
‫زيادة حدة االنتامءات الوالئية للطائفة مقابل تراجع‬ ‫الدين ودياىل‪ ،‬وهى املناطق نفسها التى تتخذها قوات‬
‫االنتامء للهوية الوطنية‪ ،‬بام أتاح املجال ملامرسة الطوائف‬ ‫احلشد الشعبى الشيعية الوالئية إليران منصة إلطالق‬
‫بعضا‪.‬‬‫متبادل جتاه بعضها ً‬‫ً‬ ‫العراقية عن ًفا‬ ‫الصواريخ داخل اإلقليم‪ ،‬ر ًدا عىل رفض حكومته دور‬
‫والسنة تارخي ًيا كان‬ ‫االنقسام الطائفى بني الشيعة‬ ‫تلك الفصائل ىف املشهد السياسى العراقى‪ ،‬واعتبارها‬
‫ُ‬
‫يتمحور –وفقا آلراء حمللني‪ -‬حول اخلالفات العقائدية‬ ‫أحد أهم عوامل عدم االستقرار األمنى فيه‪.‬‬
‫والالهوتية وبعض القضايا السياسية‪ ،‬لكن حتولت‬
‫ثانيا‪« :‬اإلرهاب الطائفى» ىف العراق صناعة أمريكية‬
‫تلك االنقسامات واخلالفات‪ ،‬بعد اهنيار نظام «صدام‬
‫حسني»‪ ،‬وحتت سلطة ا ُملحتل األمريكى‪ ،‬لتتطابق مع‬ ‫تتجذر الطائفية واملذهبية داخل النسق الدينى‬
‫رصاع أوسع وأكثر رشاسة حول ثالثية «السلطة واملوارد‬ ‫واالجتامعى ىف العراق لعقود وسنوات عرب حقب تارخيية‬
‫واملكانة»‪ .‬وتأسست نواة ذلك الرصاع حينام قامت‬ ‫طويلة‪ ،‬لكن ما هيمنا هنا هو حالة الرصاع والتنافس التى‬
‫سلطة االحتالل األمريكى بتطبيق نوع من «الديمقراطية‬ ‫السنية منذ‬
‫شهدها العراق بني األغلبية الشيعية واألقلية ُ‬
‫التوافقية» من خالل تشكيل «جملس حكم» مدنى‬ ‫إهناء الغزو األمريكى لنظام «صدام حسني» عام ‪،2003‬‬
‫بموجب إعالن تنظيمى أصدره «بول بريمر» احلاكم‬ ‫ومآالت ذلك الرصاع الذى ازداد حدة بعد احلرب‬
‫اإلدارى للعراق آنذاك ىف يوليو ‪ ،2013‬تقاسمت‬ ‫األمريكية عىل تنظيم الدولة «داعش» داخل العراق عام‬
‫مقاعده املكونات الثالثة الرئيسية؛ حيث منح الشيعة ‪13‬‬ ‫‪.2014‬‬

‫‪27‬‬
‫قضايا تحليلية‬
‫املشهد‬

‫ضم العديد من أبناء العشائر السنية خالل عام ‪،2007‬‬ ‫مقعدا‪ ،‬والسنة ‪ 5‬مقاعد‪ ،‬واألكراد ‪ 5‬مقاعد‪ ،‬ومقعدان‬
‫وحظيت بدعم الواليات املتحدة ىف القيام بمهام أمنية‬ ‫لألقليات املسيحية والرتكامنية‪ ،‬واعترب هذا التقاسم بداية‬
‫داخل املحليات ملنع متدد تنظيم القاعدة إليها‪ .‬وبالرغم‬ ‫لتوظيف الطائفية سياس ًيا‪.‬‬
‫من الدور الفعال الذى قامت به الصحوات –السنية– ىف‬ ‫وبفعل دستور عام ‪ 2005‬الذى متت صياغته حتت‬
‫وقف متدد تنظيم القاعدة‪ ،‬فإن أحزاب اإلسالم السياسى‬ ‫رعاية املحتل األمريكى‪ ،‬سيطرت آلية «التمثيل‬
‫الشيعية مل تتقبل هذا النجاح‪ ،‬واعتربته إضافة ملصلحة‬ ‫الطائفى» عىل تفاعالت القوى السياسية العراقية داخل‬
‫املكون السنى وأحزابه السياسية التى قد تساهم ىف زيادة‬ ‫بدل من «متثيل املواطنة»‪ .‬وعليه‪،‬‬ ‫املشهد السياسى ً‬
‫أسهمه الوطنية‪ ،‬واجتهت إىل تشويه التيارات السنية كافة‬ ‫تراجعت أمهية بناء «هوية وطنية جامعة»‪ ،‬وهو ما زاد‬
‫ووضعها ىف بوتقة واحدة باعتبارها تيارات إرهابية ال‬ ‫من حدة االنقسامات وجتذرها عرب سنوات‪ .‬السيام‬
‫ختتلف عن تنظيم القاعدة‪ ،‬وعملت عىل ترويج املظلومية‬ ‫أن التزايد ىف حدة التوترات الطائفية تزامن مع قيام‬
‫الشيعية التى عاناها املكون الشيعى خالل حكم صدام‪،‬‬ ‫االحتالل األمريكى بتفكيك الدولة ومؤسساهتا األمنية‬
‫واجتهت تلك األحزاب إىل استخدام سياسات عملت‬ ‫والعسكرية‪ ،‬األمر الذى أتاح للنخب الطائفية املسلحة‬
‫عىل ترسيخ حالة الكراهية الطائفية جتاه السنة‪.‬‬ ‫فرصا مللء الفراغ الناجم عن اهنيار تلك املؤسسات‪،‬‬‫ً‬
‫ومل يؤد االنسحاب األمريكى ىف عام ‪ 2011‬إىل تراجع‬ ‫فرصا ُماثلة ىف توظيف سالحها ضد غريها‬‫كام أتاح هلا ً‬
‫«اهلوية الطائفية» –التى رسخها االحتالل– بل تزايدت‬ ‫من املكونات الطائفية‪ ،‬وبدا املشهد العام ىف عراق ما‬
‫سياسات ترسيخ «اهلوية الطائفية» داخل مؤسسات‬ ‫قائم عىل ما ُيمكن تسميته «الثأر‬‫بعد صدام حسني ً‬
‫الدولة؛ نتيجة لسياسات احلكومات الشيعية ا ُملتعاقبة‪،‬‬ ‫السنى‪ ،‬عىل خلفية ممارسات نظام‬ ‫الشيعى» من املكون ُ‬
‫خاصة عندما منحت تلك احلكومات مرشوعية لبعض‬ ‫صدام حسني التى «أقصت» الغالبية الشيعية من ممارسة‬
‫ميليشيات الطوائف التى مارست العنف املسلح ضد‬ ‫أدوار داخل مؤسسات إدارة الدولة السياسية واألمنية‬
‫غريها من الطوائف األخرى‪ ،‬حيث اجتهت األغلبية‬ ‫واإلدارية‪.‬‬
‫الشيعية إىل التوظيف الفعىل لسالح «اهلوية الطائفية»‬ ‫وقد أصبحت «الطائفية»‪ ،‬وتوظيفها اجتامع ًيا وسياس ًيا‬
‫خالل الفرتة من ‪ 2003‬إىل ‪ 2007‬عندما قررت تيارات‬ ‫السنى‪ ،‬هى القوة‬ ‫من منطلق الثأر الشيعى ضد املكون ُ‬
‫شيعية وازنة كاملجلس اإلسالمى األعىل وحزب الدعوة‬ ‫النافذة ىف مرحلة ما بعد دستور ‪ .2005‬وحتديدً ا مع‬
‫استخدام املخاوف الطائفية كوسيلة للحشد الشيعى ضد‬ ‫توىل «نورى املالكى» السلطة ىف عام ‪ ،2006‬حيث‬
‫السنة‪ ،‬وخلق حاضنة اجتامعية شيعية ضخمة للتيارات‬ ‫تغاىض عن قيام ميليشيات مسلحة شيعية بشن هجامت‬
‫السياسية عىل قاعدة إهناء املظلومية التى تعرضت هلا‬ ‫السنى ىف العديد من املحافظات ذات‬ ‫عىل املكون ُ‬
‫من األقلية السنية خالل حكم صدام حسني‪ ،‬مما أدخل‬ ‫السنى نفسه داخل‬ ‫السنية بخالف إجبار املكون ُ‬
‫الغالبية ُ‬
‫العراق ىف أتون حرب أهلية طائفية سامهت ىف ترسيخ‬ ‫املحافظات املختلطة ىف مكوناهتا السكانية عىل النزوح‬
‫التاميزات الطائفية بني الشيعة والسنة‪ .‬ثم تعززت تلك‬ ‫القرسى خارج تلك املحافظات‪ ،‬وذلك ر ًدا عىل تفجري‬
‫السياسات وازدادت خالل فرتة توىل «نورى املالكى»‬ ‫أحد األرضحة الشيعية ىف فرباير ‪ ،2006‬ىف الوقت‬
‫للحكومة (‪ ،)2014 - 2006‬حيث نجح ىف توظيف‬ ‫الذى كانت فيه العشائر السنية تواجه تنظيم القاعدة‬
‫هويته الطائفية بشدة ىف تعزيز سلطته وهتميش الربملان‬ ‫عرب تنظيامت «الصحوات»‪ ،‬والتى تكونت من حتالف‬

‫‪28‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫مصاحلها ىف الداخل العراقى‪ ،‬وىف مواجهة الوجود‬ ‫وإحكام هيمنته عىل املؤسسات األمنية‪ ،‬وأصبحت‬
‫العسكرى األمريكى فيه‪ .‬هذا بخالف ما أنتجته األزمة‬ ‫«اهلوية الطائفية» منذ ذلك التاريخ أداة مجيع القوى‬
‫ىف سوريا ‪-‬منذ عام ‪ 2011‬وحتى اآلن‪ -‬من تعميق‬ ‫السياسية ووسيلتها ىف حتقيق أهدافها السياسية عرب‬
‫التوترات الطائفية ىف العراق‪ ،‬وأدت إىل خلق حالة من‬ ‫حشد الدعم الشعبى الطائفى‪ ،‬السيام خالل العمليات‬
‫التضامن العابر للحدود بني الطوائف الشيعية ىف البلدين‬ ‫االنتخابية‪.‬‬
‫بدعم من الراعى اإلقليمى اإليرانى‪ ،‬حيث اصطفت‬
‫‪ -2‬العامل اخلارجى كمعزز للهوية الطائفية‬
‫امليليشيات الشيعية العراقية‪ ،‬وعىل أسس طائفية حمض‪،‬‬
‫للقتال داخل سوريا دعام لنظام األسد‪ .‬هذا التضامن‬ ‫ساهم االنسحاب األمريكى ىف تعزيز دور العامل‬
‫الطائفى العابر للحدود بني العراق وسوريا يعد واحدً ا‬ ‫اخلارجى ىف ترسيخ وتصاعد النزعة الطائفية داخل‬
‫من أخطر مهددات بناء «هوية وطنية» جامعة عابرة‬ ‫العراق‪ .‬فعىل الرغم من املصلحة اإليرانية ىف سقوط‬
‫للطائفية ىف العراق‪.‬‬ ‫نظام صدام حسني عرب التدخل العسكرى األمريكى ىف‬
‫عام ‪ ،2003‬وما نتج عنه من تعزيز مكانة املكون الشيعى‬
‫‪ -3‬احتجاجات عابرة للطائفية‬
‫وتياراته السياسية ىف هيكل النظام السياسى العراقى إال‬
‫مثلت احلركة االحتجاجية التى شهدهتا املحافظات‬ ‫أن اختالف وتعارض املصالح األمريكية مع املرشوع‬
‫العراقية عام ‪ 2019‬ضد حكومة «عادل عبد املهدى»‬ ‫اإلقليمى اإليرانى ىف حلقته العراقية أدى إىل وضع‬
‫قفزً ا عىل حاجز «اهلوية الطائفية» التى ساهم االحتالل‬ ‫العراق كساحة للتفاعالت بينهام‪ .‬فبعد االنسحاب‬
‫األمريكى ىف إظهارها‪ ،‬ورسختها احلكومات الشيعية‬ ‫األمريكى من العراق‪ ،‬سارعت إيران إىل ملء الفراغ‬
‫ا ُملتتالية‪ ،‬والتى رفعت وترية توظيفها بقوة داخل املشهد‬
‫األمنى الذى أحدثه االنسحاب فعليا عرب العديد من‬
‫السياسى العراقى‪ ،‬ومع انتشار تنظيم الدولة «داعش» ىف‬
‫امليليشيات املسلحة الوالئية التابعة هلا‪ .‬وظلت منذ عام‬
‫حمافظات العراق السنية عام ‪ 2014‬وحتى عام ‪.2018‬‬
‫‪ ،2011‬وحتى الوقت الراهن‪ ،‬هى الالعب اإلقليمى‬
‫ومع االنتهاء من احلرب عىل اإلرهاب‪ ،‬تطلع العراقيون‬
‫الرئيسى ىف املشهد السياسى واألمنى العراقى‪ ،‬وعرب‬
‫إىل معاجلة أزمات الدولة األمنية واالقتصادية التى باتت‬
‫هذا الدور دعمت امليليشيات الشيعية الطائفية‪ ،‬ودعمت‬
‫تؤثر بشدة ىف حياهتم اليومية‪ ،‬السيام بعد تولد قناعة لدى‬
‫كذلك سياستها الطائفية ضد املكون السنى العراقى‬
‫رشحية من املواطنني الشيعة والسنة عىل حد سواء بمسئولية‬
‫بدعوى حماربة تنظيم الدولة «داعش» بد ًءا من عام‬
‫األحزاب والقوى السياسية ذات املرجعية الدينية الشيعية‬
‫‪.2014‬‬
‫املتشددة التى تولت احلكم مرات عديدة عن حالة‬
‫عدم االستقرار األمنى‪ ،‬وتدنى اخلدمات وتراجع البنية‬ ‫ومتثلت ذروة التدخل اإليرانى ىف الشأن العراقى عرب‬
‫التحتية‪ ،‬وانتشار الفساد والعنف الطائفى‪ .‬املفارقة هنا أن‬ ‫دعم اهلوية الطائفية ىف االستفادة من فتوى املرجعية‬
‫االحتجاجات كانت عابرة للطائفية فلم تكن قارصة عىل‬ ‫الدينية العراقية بشأن «اجلهاد الكفائى» ضد تنظيم‬
‫طائفة دون األخرى‪ ،‬بل عىل العكس‪ ،‬شارك املكون السنى‬ ‫الدولة‪ ،‬وذلك بدفع القوى السياسية الوالئية هلا إىل‬
‫والشيعى فيها‪ ،‬كام دعمتها املرجعية الشيعية العراقية‪،‬‬ ‫تشكيل تكتل ميليشياوى ضخم حتت مسمى «احلشد‬
‫ودعمتها كذلك التيارات الشيعية املعتدلة واملدنية‪ ،‬مما‬ ‫الشعبى»‪ ،‬تعهدته بالدعم املادى والتسليحى والتدريبى‪،‬‬
‫ً‬
‫مؤرشا عىل تراجع منظومة التاميز عىل أساس اهلوية‬ ‫يعد‬ ‫وأصبح أحد أهم أدواهتا الطائفية التى توظفها لتحقيق‬

‫‪29‬‬
‫قضايا تحليلية‬
‫املشهد‬

‫خامتة‬ ‫الطائفية ىف العراق‪ ،‬دون أن يعنى ذلك انتهاءها أو غياهبا‬


‫من جممل التفاعالت االجتامعية والسياسية التى سامهت‬
‫مما سبق يمكن القول إن التدخل العسكرى األمريكى‬
‫ىف ترسيخها العديد من العوامل منذ عام ‪ 2003‬كام‬
‫ىف العراق بدعوى حماربة اإلرهاب‪ ،‬سواء تنظيم القاعدة‬
‫أو تنظيم الدولة “داعش” خلف وراءه دولة عراقية هشة‬ ‫سبقت اإلشارة‪ .‬وألن ذلك حيتاج إىل سنوات من العمل‬
‫ضعيفة تعانى أزمات أمنية وسياسية واجتامعية متعددة‬ ‫عىل «تفكيك» منظومات التفكري الطائفى لدى التيارات‬
‫احللقات‪ ،‬متارس فيها “اهلوية الطائفية” الدور األبرز‬ ‫الشيعية‪ ،‬السيام املتشدد منها؛ فجدير بالذكر هنا أن التيار‬
‫ىف تعميق حالة التفتت والتاميز االجتامعى والسياسى‪.‬‬ ‫السياسى الشيعى يتاميز إىل ثالثة أنامط‪ :‬تيار ذو مرجعية‬
‫إذ مثلت العمليات اإلرهابية عىل أسس طائفية معظم‬ ‫دينية متشددة‪ ،‬وتيار معتدل عابر للطائفية يعتمد اهلوية‬
‫عمليات العنف ىف العراق عىل مدى الفرتة من عام‬ ‫إطارا لعمله‪ ،‬وتيار مدنى علامنى‪.‬‬
‫الوطنية ً‬
‫‪ 2003‬وحتى عام ‪ ،2014‬وهو ما نال بقوة من إمكانية‬ ‫ومن ثم‪ ،‬فإن قدرة االحتجاجات العابرة للطائفية عىل‬
‫حتقيق “التعايش” بني طوائف العراق عىل املستويني‬ ‫النجاح ىف إحالل «اهلوية الوطنية» حمل «اهلوية الطائفية»‬
‫االجتامعى والسياسى‪ .‬كام أن التدخل نفسه أعطى ذريعة‬ ‫كأحد أدوات معاجلة أزمات العراق املتعددة تتطلب‬
‫للقوى اإلقليمية املناوئة للواليات املتحدة‪ ،‬وحتديدً ا‬ ‫أول‪ ،‬حتقيق املصاحلة الوطنية بني‬ ‫توافر العوامل اآلتية‪ً :‬‬
‫إيران‪ ،‬الستباحة األراىض العراقية وحتويلها ساحة‬ ‫كافة مكونات املجتمع وتياراته السياسية‪ ،‬وهذا يعتمد‬
‫ملواجهات مسلحة مع املصالح األمريكية فيها من قوات‬ ‫‪-‬وف ًقا ملحللني– عىل رضورة معاجلة ما يسمى «مشاعر‬
‫وقواعد عسكرية وبعثات دبلوماسية‪ ،‬عرب ميليشيات‬ ‫االغرتاب» لدى املكون السنى عرب آليات بناء الثقة‬
‫عراقية شيعية مسلحة مواليه هلا‪ ،‬األمر الذى وضع‬ ‫ا ُملتبادلة بينه وبني نظريه الشيعى ىف املقام األول‪ .‬ثان ًيا‪ ،‬أن‬
‫العراق بكافة مؤسساته ىف حالة فوىض أمنية يعجز معها‬ ‫تضع احلكومات ‪-‬أ ًيا كانت هويتها السياسية‪ -‬حواجز‬
‫الوصول إىل حالة من االستقرار التى ُتكنه من استعادة‬ ‫فاصلة بني حسابات ومصالح التيارات السياسية املكونة‬
‫توازنه كدولة حمورية ىف منطقة الرشق األوسط‪ ،‬وذلك‬ ‫هلا ومتطلبات مكافحة اإلرهاب‪ .‬فال يعنى االنتصار‬
‫نتيجة ملا أنتجته احلرب عىل اإلرهاب من ثنُائيات للعنف‬ ‫تنظيم ُسن ًيا‪ ،‬تقويض حقوق‬ ‫ً‬ ‫عىل تنظيم الدولة باعتباره‬
‫عىل مستوى اجلامعات ما دون الدول‪ ،‬مما فاقم من تردى‬ ‫وحريات املكون السنى وتياراته السياسية بالصورة التى‬
‫األوضاع ىف العراق عىل مدى سنوات طويلة‪.‬‬ ‫تعاملت هبا احلكومات الشيعية بد ًءا من حكومة «نورى‬
‫من جانب آخر‪ ،‬فإن متابعة ما آل إليه املشهد السياسى‬ ‫ومرورا بحكومة «حيدر العبادى»‪ ،‬وانتها ًء‬ ‫ً‬ ‫املالكى»‪،‬‬
‫العراقى بعد االحتالل األمريكى وحتى اآلن‪ ،‬يضع‬ ‫بحكومة عادل عبداملهدى‪ ،‬باستثناء حكومة «مصطفى‬
‫عالمات استفهام كبرية حول فرضية التدخل العسكرى‬ ‫الكاظمى» احلالية التى جاءت استجابة للحركة‬
‫األمريكى حتت مظلة “إعادة بناء الدول”‪ ،‬و”نرش‬ ‫االحتجاجية الشعبية ىف عام ‪ ،2019‬حيث كان مطلب‬
‫الديمقراطية”‪ ،‬قد أدى إىل نتائج كارثية عىل املستويني‬ ‫تشكيل حكومة كفاءات مستقلة غري حزبية أحد مطالب‬
‫السياسى واألمنى‪ ،‬فشلت القوى السياسية العراقية‬ ‫تلك االحتجاجات‪ .‬ثال ًثا‪ ،‬دعم احلركات االحتجاجية‬
‫عابرا للطائفية ويشمل‬
‫ً‬ ‫ىف تطوير نظام للحكم يكون‬ ‫للتيارات السياسية املعتدلة بمكوناهتا املختلفة شيعية‬
‫ً‬
‫وبديل حلالة الديمقراطية اهلشة التى بات عليها‬ ‫اجلميع‪،‬‬ ‫كانت أو سنية؛ هبدف دعم نجاحها ىف االنتخابات‬
‫العراق ما بني أزمة االحتالل وأزمة مكافحة اإلرهاب‪.‬‬ ‫الترشيعية املقبلة ىف أكتوبر ‪.2021‬‬

‫‪30‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫ىف ظل تلك املعطيات‪ ،‬يمكن القول إن التدخل األمريكى ىف العراق مل خيلق نظا ًما ديمقراط ًيا‪ ،‬ومل يبن دولة مستقرة‪،‬‬
‫بل خلق نظا ًما طائف ًيا كان ُمغذ ًيا لإلرهاب وسب ًبا ىف استفحاله وانتشاره‪ .‬كام أن احلرب ضد إرهاب تنظيم الدولة‪ ،‬بعد‬
‫تلك السنوات‪ ،‬مل متنع التنظيم من حماوالت العودة إىل واجهة األحداث‪ ،‬سواء ىف العراق أو ىف منطقة احلدود العراقية‬
‫السورية؛ مما يطرح تساؤالت عديدة حول جدوى التدخل األمريكى ىف شئون الدول حتت ذريعة حماربة اإلرهاب‪ ،‬ما‬
‫دام التدخل مل يضمن عدم عودة التنظيامت اإلرهابية إىل واجهة األحداث من جديد!!!‪.‬‬

‫المصادر‬
‫‪ -‬حارث حسن‪« ،‬األزمة الطائفية في العراق‪ :‬إرث من اإلقصاء»‪ ،‬معهد كارنيجى للشرق األوسط‪ 23 ،‬إبريل ‪.2014‬‬
‫‪ -‬حمد جاسم محمد ‪« ،‬المد الطائفي والشباب العراقي‪ :‬األسباب والمعالجات»‪ ،‬مركز الفرات للتنمية والدراسات اإلستراتيجية‪ 24 ،‬أغسطس‬
‫‪.2017‬‬
‫‪ -‬رانج عالء الدين‪« ،‬الطائفية والحوكمة ومستقبل العراق»‪ ،‬معهد بوكينجيز الدوحة‪ 24 ،‬أغسطس ‪.2018‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سيف الهرمزي‪ ،‬إخفاقات االستراتيجية األمريكية في محاربة داعش‪ ،‬مركز المستقبل لألبحاث والدراسات المتقدمة‪ 23 ،‬يناير‪.2015‬‬
‫‪ -‬عفاف محمد اسماعيل المليجي‪« ،‬استراتيجية الواليات المتحدة األمريكية تجاه اإلرهاب ‪ :‬دراسة حالة «داعش في عهد أوباما ‪2008‬‬
‫–»‪ ،2016‬المركز الديمقراطى العربى‪ 24 ،‬فبراير ‪.2018‬‬
‫‪ -‬وليد حسن محمد‪« ،‬الدور األمريكى فى محاربة اإلرهاب فى العراق‪ :‬داعش أنموذجا»‪ ،‬مركز الدراسات االستراتيجية والدولية ‪ -‬بجامعة‬
‫بغداد ‪ ،‬العدد ‪.2017 ،94 – 48‬‬

‫‪31‬‬
‫قضايا تحليلية‬
‫املشهد‬

‫‪3‬‬

‫إسالم ميلبا‬
‫باحث ومخرج سينمائى‬

‫‪ 11‬سبتمبر على الشاشة‪:‬‬


‫دراما التضليل واإلرهاب والنفط‬

‫ىف ‪ 11‬سبتمرب ‪ ،2001‬خطف ‪ 19‬منضو ًيا حتت لواء تنظيم «القاعدة» اإلرهابى أربع طائرات مدنية بركاهبا هبدف‬
‫تدمري مواقع اسرتاتيجية عىل األراىض األمريكية‪ .‬أسقطت الطائرة األوىل والثانية برجى التجارة العاملية بـ «نيويورك»‬
‫عاصمة املال واألعامل األمريكية‪ ،‬فيام أصابت الثالثة أحد مبانى وزارة الدفاع األمريكية «البنتاجون» الواقعة عىل‬
‫ختوم العاصمة األمريكية «واشنطن دى سى»‪ ،‬وسقطت الرابعة واألخرية متحطمة ىف أحد حقول شانكسفيل‪ ،‬بوالية‬
‫الشجاعة‬‫بنسلفانيا‪ ،‬شامل رشقى الواليات املتحدة‪ ،‬بعدما فشل اخلاطفون ‪-‬بفضل مقاومة ركاب الطائرة يونايتد ‪ُ 93‬‬
‫هلم‪ -‬ىف هدفهم بالوصول بالطائرة ملحيط «الكابيتول هيل» وتدمري مبنى الكونجرس بواشنطن‪ ،‬بحسب بعض‬
‫التحقيقات الالحقة(‪.)1‬‬

‫ً‬
‫أول‪ :‬أحداث احلرب األمريكية عىل اإلرهاب‬
‫أربكت هجامت ‪ 11‬سبتمرب تعقيدات السياسة األمريكية؛ حيث نجم عنها مقتل ما يقرب من ‪ 3000‬شخص‪ ،‬منهم‬
‫نحو ‪ 2605‬أمريكيني‪ ،‬والباقون من ‪ 90‬دولة‪ ،‬وكان للهجامت أثرها ا ُملزلزل ىف إعادة رسم وتشكيل اسرتاتيجيات‬
‫السياسات اخلارجية األمريكية الدبلوماسية منها والعسكرية‪ ،‬أو حتى تلك املتعلقة بمجاىل الطاقة والنفط ىف الرشق‬
‫األوسط عىل وجه اخلصوص‪ ،‬مع تأطري ما سبق ىف صيغة مصطلحات من قبيل «الفوىض اخلالقة» وخلق «رشق‬
‫أوسط جديد»‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫يصلهم من إمدادات نفطية خليجية أو إيرانية‪ ،‬وحمارصة‬ ‫سمته إدارة‬


‫وبعد مرور نحو أربع أسابيع ىف إطار ما َّ‬
‫إيران بتمركز عسكرى أمريكى ىف أفغانستان والعراق‪.‬‬ ‫«بوش االبن» آنذاك «احلرب األمريكية عىل اإلرهاب‬
‫السبب األهم وراء غزو أمريكا للعراق كان رغبتها ىف‬ ‫ودول حمور الرش»‪ ،‬شنت الواليات املتحدة حرهبا عىل‬
‫السيطرة عىل طرق إمدادات الطاقة من النفط والغاز من‬ ‫أفغانستان بقيادة اجلناح األمريكى اليمينى املتطرف‬
‫اخلليج إىل أوروبا عرب مضيق هرمز‪ ،‬بالتوازى مع إسناد‬ ‫املتمثل ىف «ديك تشيني» نائب الرئيس األمريكى‪ ،‬ووزير‬
‫تعاقدات اجليش األمريكى ىف العراق باألمر املبارش‬ ‫الدفاع األسبق ىف عهد أبيه «بوش األب» هبدف القضاء‬
‫لرشكة اخلدمات النفطية العمالقة «هاليربتون»‪ ،‬والتى‬ ‫عىل تنظيم «طالبان» وتصفية «القاعدة» ومؤسسها‬
‫كان يرأسها «ديك تشيني» قبل أن يتوىل منصب نائب‬ ‫«أسامة بن الدن»‪.‬‬
‫الرئيس األمريكى‪ ،‬وساعدها ىف السيطرة عىل تعاقدات‬ ‫لقد تعثرت هذه احلرب وطالت لعدم وجود أهداف‬
‫حقول نفطية عراقية شاسعة‪ ،‬مما أدى إىل ارتفاع أسهمها‬ ‫اسرتاتيجية واضحة بأفغانستان يمكن للقوات األمريكية‬
‫ىف البورصة األمريكية بنسبة ‪ %500‬بعد الغزو األمريكى‬ ‫تدمريها‪ ،‬عدا معسكرات تدريب التنظيامت ا ُملسلحة‪،‬‬
‫للعراق‪ ،‬وهو األمر الذى أوقعه ىف شبهة تعارض املصالح‬ ‫وحتصن مقاتلو طالبان ىف الكهوف واجلبال‪ ،‬وهرب «بن‬
‫واستخدام نفوذ منصبه‪ ،‬وجلبت عليه استجوابات عنيفة‬ ‫الدن» لكهوف باكستان بعد شهرين من القصف‪ ،‬وظل‬
‫ىف الكونجرس‪ )5(.‬بعد الغزو األمريكى للعراق فقدت‬ ‫خمتبئا يدير عمليات لتنظيم القاعدة ىف مناطق متفرقة‬
‫احلرب الدعم الشعبي‪ ،‬حيث استقال ‪ 4‬وزراء من إدارة‬ ‫من العامل‪ ،‬حتى نجحت قوات املارينز ىف عهد إدارة‬
‫بوش‪ ،‬عىل رأسهم وزير اخلارجية األمريكى «كولن‬ ‫«أوباما»(‪ )2‬ىف تصفيته ىف مايو ‪ .2011‬أما طالبان‪ ،‬فقد‬
‫باول»‪ ،‬وأطاحت إدارة بوش بــ»دونالد رامسفيلد»‬ ‫ظلت موجودة ىف أفغانستان‪ ،‬واستطاعت االستمرار ىف‬
‫وزير الدفاع األمريكى‪ ،‬وأجربته عىل تقديم استقالته‬ ‫تنفيذ عمليات عنيفة ضد أهداف أمريكية وأفغانية داخل‬
‫ككبش فداء المتصاص الغضب األمريكى الداخىل‬ ‫أفغانستان‪ ،‬ثم أحكمت قبضتها عىل العاصمة كابول‬
‫املتصاعد إزاء فشل اجليش األمريكى ىف السيطرة عىل‬ ‫ىف أغسطس ‪ ،2021‬بالتزامن مع انسحاب اجليش‬
‫العنف الطائفى أو إحداث استقرار أمنى بالعراق‪،‬‬ ‫األمريكى منها‪ ،‬وبالتنسيق مع إدارة «بايدن»‪ ،‬بعد مرور‬
‫بالتزامن مع ترسيب فضائح تعذيب اجلنود األمريكيني‬ ‫أكثر من ‪ 20‬عاما عىل تلك احلرب التى نجم عنها مقتل‬
‫ملدنيني عراقيني ىف سجن أبو غريب‪ ،‬بالتوازى مع فشل‬ ‫‪ 2312‬جند ًيا أمريك ًيا‪ ،‬ومقتل ما يرتاوح بني ‪ 35‬أل ًفا إىل‬
‫إدارة «بوش االبن» ىف العثور عىل أى أسلحة دمار شامل‬ ‫‪ 40‬ألف مواطن أفغانى مدنى‪ ،‬وكبدت تكلفة احلرب‬
‫بالعراق‪ ،‬أو إثبات امتالك العراق ألى أسلحة نووية من‬ ‫اخلزانة األمريكية ما يقرب من ‪ 824‬مليار دوالر(‪.)3‬‬
‫أى نوع‪ ،‬أو إجياد أى رابط بني القاعدة والعراق وهجامت‬
‫ىف مارس ‪ ،2003‬غزت القوات األمريكية العراق(‪،)4‬‬
‫‪ 11‬سبتمرب كذريعة للحرب‪.‬‬
‫حتت ذريعة تدمري «أسلحة الدمار الشامل» العراقية‪،‬‬
‫لقد تم إلقاء القبض عىل «صدام» وحوكم ُ‬
‫وشنق‪،‬‬ ‫وإهناء احلكم الديكتاتورى للرئيس العراقى األسبق‬
‫وأجريت انتخابات ديمقراطية‪ ،‬واندلعت مواجهة‬ ‫«صدام حسني»‪ ،‬كذريعة أخالقية‪/‬إعالمية‪ ،‬أخفت‬
‫عنيفة لعنارص عراقية سنية ضد املراقد الشيعية والقوات‬ ‫بني طياهتا األغراض السياسية واالقتصادية التى دفعت‬
‫األمريكية بعمليات انتحارية وتفجريية‪ُ ،‬بعيد قرار «بول‬ ‫بقرار الغزو‪ ،‬وهو حمارصة واحتواء روسيا والصني‬
‫بريمر» احلاكم العسكرى للعراق بحل اجليش العراقى‪،‬‬ ‫بوجود عسكرى أمريكى ىف أفغانستان‪ ،‬بالتحكم فيام‬

‫‪33‬‬
‫قضايا تحليلية‬
‫املشهد‬

‫عام ‪« 1953‬فهرهنايت ‪ ،»451‬والتى حتمل وجهة نظر‬ ‫وترسيح أفراده الذين سامهوا فيام بعد ىف تصاعد وترية‬
‫بائسة ملستقبل الواليات املتحدة‪ .‬حاول «مور» استعارة‬ ‫العنف الطائفى‪ ،‬وتكوين ميليشيات مسلحة‪ ،‬كان من‬
‫التشابه بني درجة حرارة االشتعال الذاتى للورق وتاريخ‬ ‫بينها النواة األوىل لتنظيم «داعش»‪ ،‬والتى أسسها «أبو‬
‫هجامت ‪ 11‬سبتمرب وتقاطعهام ىف كلمة فهرهنايت‬ ‫مصعب الزرقاوى»‪ ،‬مع بقاء كردستان بمعزل عن‬
‫كوحدة قياس حرارية‪ .‬كان أحد الشعارات التعريفية‬ ‫أعامل العنف لتمتعها بحكم ذاتى سابق‪ ،‬وتنسيقها أمنيا‬
‫للفيلم «درجة احلرارة التى حترتق فيها احلرية»‪.‬‬ ‫وعسكريا مع األمريكيني مقابل حصص من آبار النفط‬
‫الكردية‪.‬‬
‫ُعرض الفيلم ألول مرة ىف مهرجان «كان» السينامئى عام‬
‫أيضا ً‬
‫جدل حا ًدا‪ ،‬بام‬ ‫‪ ،2004‬وأشاد به النقاد‪ ،‬لكنه أثار ً‬ ‫ىف السنوات التالية‪ ،‬وعىل مدار ‪ 15‬سنة‪ُ ،‬قتل أكثر من‬
‫أيضا عىل‬ ‫ىف ذلك اخلالفات حول دقته‪ .‬حصل الفيلم ً‬ ‫‪ 4700‬جندى أمريكى بالعراق‪ ،‬وتصاعدت معدالت‬
‫السعفة الذهبية‪ ،‬وهى أعىل جائزة ىف املهرجان‪ .‬الفيلم‬ ‫االنتحار بني صفوف اجليش األمريكى‪ ،‬والتى ازدادت‬
‫هو الفيلم الوثائقى األعىل من حيث إيرادات شباك‬ ‫بمعدل ‪ %31‬منذ عام ‪ 2001‬وقتل أكثر من ‪600000‬‬
‫التذاكر عامليا عىل مر العصور‪ ،‬حيث حقق الفيلم أكثر‬ ‫ألف مدنى عراقى(‪ ،)6‬خالل احلرب األمريكية عىل‬
‫من ‪ 222‬مليون دوالر ىف مجيع أنحاء العامل(‪ .)7‬الفيلم‬ ‫العراق‪.‬‬
‫بشكل تسجيىل ساخر‪ ،‬يرشح ىف دقائقه األوىل تقاطعات‬
‫ثانيا‪ :‬زلزال ‪ 11‬سبتمرب وتوابعه عىل الشاشة‬
‫ً‬
‫شبكات املصالح بني عائلتى «بن الدن» و«بوش» ىف‬
‫جماىل النفط والعقارات‪ ،‬ويكشف‪ ،‬ىف حلظة تنصيب‬ ‫‪11‬سبتمرب ‪-‬كحدث مزلزل‪ -‬كانت له جتلياته السينامئية‬
‫«بوش االبن» رئيسا ألمريكا‪ ،‬جذور حالة االستقطاب‬ ‫والدرامية املتعددة‪ ،‬تراوحت بني األفالم الروائية‬
‫والتسجيلية الطويلة‪ .‬ىف السطور التالية سنتناول بالرصد‬
‫الشديدة ما بني البيض ورشائح الطبقة الوسطى وما‬
‫والتحليل أبرز املحطات الفنية التى تناولت هذا احلدث‪.‬‬
‫بني األقليات واملجموعات العرقية األخرى‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫اهلسبانك‪ ،‬أو السود‪ ،‬أو املهاجرين‪.‬‬ ‫‪Fahrenheit 9/11 -1‬‬

‫كام متيز أسلوب املخرج «مايكل مور» بالتوظيف‬ ‫فهرهنايت ‪« 11/9‬هو فيلم وثائقى أمريكى‪ ،‬أنتج‬
‫الذكى واملرح لفيديوهات األرشيف‪ ،‬سواء تسجيالت‬ ‫عام ‪ 2004‬من إخراج وكتابة وبطولة املخرج واملعلق‬
‫فيديوهات‪ ،‬أو صور فوتوغرافية‪ ،‬أو أفالم األخبار‬ ‫السياسى «مايكل مور»‪ ،‬الفيلم تسجيىل طويل ويمتد‬
‫‪ ،Newsreel‬خاصة التى تصور قضاء «بوش االبن»‬ ‫زمنه لساعتني‪.‬‬
‫لفرتات إجازته بمزرعته ىف «تكساس» التى امتدت ألكثر‬ ‫يلقى الفيلم نظرة نقدية عىل رئاسة «جورج دبليو بوش»‪،‬‬
‫من ‪ % 42‬من فرتة رئاسته قبل ‪ 11‬سبتمرب‪ .‬كام ساعد‬ ‫واحلرب األمريكية عىل أفغانستان والعراق‪ ،‬وتغطيتها ىف‬
‫ُحسن اختيار «مور» لتوقيت تضمني تعليقاته املرحة‬ ‫وسائل اإلعالم األمريكية‪ .‬ىف الفيلم‪ ،‬يؤكد «مور» عىل‬
‫والساخرة املصاحب للفيديوهات عىل تفجري الكوميديا‬ ‫أن وسائل اإلعالم األمريكية كانت «مشجعة» لغزو‬
‫املبنية عىل املفارقة والتناقض‪.‬‬ ‫ً‬
‫حتليل دقي ًقا أو موضوع ًيا‬ ‫العراق عام ‪ ،2003‬ومل تقدم‬
‫ألسباب احلرب واخلسائر الناجتة عنها‪.‬‬
‫ىف سياق متصل‪ ،‬متيز الفيلم بالتوظيف الذكى للقطات‬
‫التحضريية للضيوف قبل التصوير بالرئيس بوش‪،‬‬ ‫جاء عنوان الفيلم من وحى عنوان رواية «راى برادبري»‬

‫‪34‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫لتعزيز اإلحساس بالصدمة واملأساة‪ ،‬بالتزامن مع حجب‬ ‫ثم نائبه «ديك تشينى»‪ ،‬وهو يضع املكياج‪ ،‬ثم نرى‬
‫مشهد اصطدام الطائرتني بربجى التجارة العاملى‪ ،‬مما منح‬ ‫املكياج عىل وجه «كونداليزا رايس»‪ ،‬مستشارة األمن‬
‫خيال املشاهدين العنان لتخيل بشاعة احلدث‪ ،‬ومنحهم‬ ‫القومى‪ ،‬إىل أن نصل إىل بول وولفويتز (نائب وزير‬
‫أيضا فرصة استعادة ذكرياهتم الذاتية مع هذا احلدث‬ ‫الدفاع األمريكى)‪ ،‬وهو يستخدم لعابه عىل شعره‬
‫داخل صالة العرض دون أى توجيه من املخرج‪.‬‬ ‫ليسهل ترسحيه باملشط عىل نحو مزعج‪ ،‬وكأنه ُيرضنا‬
‫كمشاهدين‪ /‬أو يعرفنا عىل «أبطال املرسحية»‪ /‬الِفيلم‬
‫التسجيىل قبل أن يصعدوا خشبة مرسح األحداث‪/‬‬
‫الفيلم؛ مرسح األحداث هنا هو التفجريات اإلرهابية‬
‫واحلروب الدموية‪ ،‬بالتزامن مع تعريف أدوار أعضاء‬
‫اإلدارة األمريكية ىف إذكاء نار العداوة والعدوان طمعا‬
‫ىف النفط والسلطة واهليمنة عىل العامل‪ .‬ومحل التوظيف‬
‫الدرامى ملشاهد االستعداد للكامريا ووضع املكياج‬
‫دالالت سينامئية‪ ،‬توحى بام حيمله هؤالء األبطال أو‬
‫يكشف لنا الفيلم كواليس قصف أفغانستان بعد ‪4‬‬ ‫يبعثونه من زيف وكذب وتضليل وكأهنم ىف حلظة‬
‫أسابيع من هجامت ‪ 11‬سبتمرب بقوات حمدودة بلغت‬ ‫وضع املكياج يضعون أقنعة خيدعون هبا مجهورهم عرب‬
‫‪ 11‬ألف جندى أمريكى وحترك عسكرى بطيء‪،‬‬ ‫عدسات الكامريات‪.‬‬
‫مكن بن الدن من اهلرب واللجوء لكهوف باكستان‪.‬‬ ‫َ‬
‫كام يستعرض الفيلم ختىل «بوش االبن» عن املحاربني‬
‫املصابني‪ ،‬وتقليل اإلنفاق احلكومى عىل املستشفيات‪،‬‬
‫واجلنود املصابني‪ ،‬والعالج الطبيعى‪ ،‬وإعادة التأهيل‬
‫اجلسامنى جلرحى احلرب من اجلنود والضباط‪،‬‬
‫وينتقد بجرأة انتهاكات اجلنود األمريكيني وحترشهم‬
‫باملدنيني العراقيني األرسى أو املحتجزين‪.‬‬
‫كام حيمل الفيلم إشارات متعددة‪ ،‬تسلط الضوء عىل‬
‫روابط مالية وجتارية وعقارية ونفطية بني عائلة بوش‬ ‫التصوير البطيء ‪ ،Slow Motion‬ساعد عىل اإلحياء‬
‫وعائلة بن الدن‪ ،‬سهلت إجالء عائلة بن الدن من‬ ‫بثقل اللحظة مونتاجيا‪ ،‬والتمهيد لثقل األحداث فيام‬
‫الواليات املتحدة عىل متن طائرات خاصة رغم قرار‬ ‫نحن مقبلون عليه من دمار وخراب عىل مدار أحداث‬
‫حظر الطريان الصادر ُبعيد ‪ 11‬سبتمرب‪.‬‬ ‫الفيلم‪ ،‬وهو ما يعرف ىف أدبيات فن السينام برباعة‬
‫حيفل الفيلم بإشارات ذكية أخرى عرب توظيفه لألرشيف‬ ‫االستهالل‪ ،‬حيث كثف املخرج كل ما سبق ىف أول عرش‬
‫بمصاحبة تعليق «مور» عن دعم أصدقاء بوش األب‬ ‫دقائق من الفيلم‪.‬‬
‫للرئيس العراقى األسبق «صدام حسني» ومنحه السالح‬ ‫لعل من أهم مشاهد الفيلم مشهد الشاشة السوداء‪ ،‬مع‬
‫ىف مواجهة إيران‪ ،‬بالتعليق عىل صورة تبني مصافحة‬ ‫ارتفاع صوت الرصاخ والنحيب ورصخات الرعب‪،‬‬

‫‪35‬‬
‫قضايا تحليلية‬
‫املشهد‬

‫«رامسفيلد» وزير الدفاع األمريكى الحقا ومصافحته‬


‫بحرارة لصدام‪ ،‬وهو نفس وزير الدفاع الذى سيتهم‬
‫«صدام» الحقا بإخفاء أسلحة دمار شامل نووية‪ ،‬رغم‬
‫سابق تسليحه لنظام «صدام»‪ ،‬إبان احلرب العراقية‬
‫اإليرانية‪ ،‬لنستنتج كمشاهدين بصورة غري مبارشة أن‬
‫السالح الذى هتامجه الواليات املتحدة عىل امتالكه جاء‬
‫أساسا من واشنطن‪.‬‬
‫يلخص الفيلم جوهر احلرب األمريكية عىل العراق ىف‬
‫تصوير أبناء الطبقات الوسطى والفقرية األمريكيني‬
‫الذين يموتون ىف سبيل تعظيم أرباح «هاليربتون» املقربة‬
‫من «ديك تشينى» نائب رئيس األمريكى‪.‬‬
‫‪ Vice -2‬و‪ W‬فيلامن يبحثان عن «تشيني» ىف غياهب‬
‫النفط والدم‬
‫باإلضافة إىل ‪ ،Fahrenheit 9/11‬حفلت السينام‬
‫األمريكية بالعديد من األفالم الروائية التى اهتمت نائب‬
‫الواليات املتحدة‪ ،‬ورصاعاته مع والده «بوش األب»‪،‬‬ ‫الرئيس األمريكى ديك تشينى بلعب دور حمورى ىف‬
‫مع إلقاء الضوء‪ ،‬ىف مشاهد اجتامعات اإلدارة األمريكية‬ ‫استغالل هجامت ‪ 11‬سبتمرب باستكامل أجندته ىف غزو‬
‫للتحضري لغزو العراق‪ ،‬عىل عملية تضليل الرأى العام‬ ‫العراق واالستيالء عىل حقوله النفطية‪.‬‬
‫األمريكى بخلق ذريعة تربط بني القاعدة وصدام حسني‪،‬‬ ‫ىف هذا السياق‪ ،‬جتدر اإلشارة إىل أن أول من كشف‬
‫واالدعاء بامتالكه أسلحة دمار شامل نووية إلقناع‬ ‫سينامئيا عن دور«تشينى» ىف استغالل أحداث ‪11‬‬
‫الشعب األمريكى برضورة غزو العراق ىف ظاهر ًيا‪.‬‬ ‫سبتمرب‪ ،‬كذريعة لغزو العراق‪ ،‬كان املخرج األمريكى‬
‫«ستون» يكشف ىف فيلمه أن «ديك تشينى» كان عراب‬ ‫«أوليفر ستون» ىف فيلم ‪ W‬إنتاج ‪.2008‬‬
‫غزو العراق‪ ،‬وأنه استغل أحداث ‪ 11‬سبتمرب كذريعة‬ ‫«ستون» ُعرف دوما بمناهضته للحروب ىف أفالمه‬
‫لالستيالء عىل إمدادات الطاقة ىف الرشق األوسط‪،‬‬ ‫ومعارضته لسياسات احلروب التوسعية اإلمربيالية‬
‫واستنزاف موارد العراق النفطية‪ ،‬وحتجيم روسيا‬ ‫التى انتهجتها اإلدارات األمريكية املتعاقبة؛ بد ًءا من‬
‫والصني بغزو أفغانستان‪.‬‬ ‫أول فيلم «‪ »Platoon‬عام ‪ ،1986‬والذى حيكى‬
‫ىف سياق متصل‪ ،‬يأتى فيلم «‪ »Vice‬إنتاج عام ‪2018‬‬ ‫ويالت احلرب األمريكية عىل فيتنام‪ ،‬والذى أحلقه‬
‫من إخراج «آدم مكاي»‪ ،‬ليضع «ديك تشيني» ىف مرمى‬ ‫بفيلم «ولد ىف الرابع من يوليو» عام ‪ ،1989‬مستمرا ىف‬
‫نريان االهتامات الالذعة عرب سلخه دراميا بصورة‬ ‫إدانته لسياسات احلرب األمريكية ىف «فيتنام»‪ ،‬وصوال‬
‫ساخرة ومريرة‪ .‬الفيلم‪ ،‬بدءا من عنوانه‪ ،‬يتالعب بمعنى‬ ‫إىل إدانته غزو أمريكا للعراق ىف فيلم «‪ »W‬الذى يرسد‬
‫كلمة ‪ ،Vice‬فهى كلمة قد تشري إىل معنى نائب الرئيس‬ ‫فيه قصة صعود «جورج دبليو بوش» إىل سدة احلكم ىف‬

‫‪36‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫يسلط الفيلم الضوء أيضا عىل قدرات «تشينى» ىف شن‬ ‫‪ ،Vice President‬أو قد تشري إىل معنى آخر ضمنى‬
‫محالت إعالمية مضللة‪ ،‬وقدرته عىل بلورة مهارات‬ ‫ساخر‪ ،‬ذلك أن ‪ Vice‬ىف اللغة اإلنجليزية تعنى «الرذيلة‬
‫االتصال واملراوغة الكالمية لصياغة أكثر األفكار قسوة‬ ‫أو النقيصة أو اخلديعة»‪ ،‬وهى مجيعها اهتامات وجهت‬
‫وسلطوية ىف صيغة مقبولة‪ .‬فعىل سبيل املثال‪ ،‬يقوم بتغيري‬ ‫ألداء «ديك تشينى»‪ ،‬إبان مشاركته ىف إدارة «بوش»‪.‬‬
‫رضيبة الرتكات واملواريث لرضيبة األموات‪ ،‬لتخفيف‬ ‫يبدأ الفيلم بمشاهد هتريب «تشيني» عرب الرساديب ىف‬
‫الرضائب عن األغنياء‪ ،‬وتغيري «االحتباس احلرارى» إىل‬ ‫غرفة الطوارئ حتت األرض‪ ،‬أسفل البيت األبيض‪ ،‬ىف‬
‫«التغري املناخى»‪ ،‬لتخفيف القيود عىل انبعاثات الطاقة‬ ‫‪ ١١‬سبتمرب‪ ،‬عرب توظيف تعليق ساخر أقرب لتعليقات‬
‫امللوثة للبيئة للرشكات واملصانع الكربى‪ ،‬واململوكة‬ ‫األفالم التسجيلية عىل الصور الفوتوغرافية‪ ،‬بالتوازى‬
‫ملقربني من تشينى‪.‬‬ ‫مع عرض لقطات تعذيب أبو غريب وصور أخرى‬
‫حتمل املشاهد اخلتامية للفيلم خالصات هتافت الذرائع‬ ‫النتهاكات أمريكية ىف العراق‪.‬‬
‫األمريكية لشن حروب توسعية ضد شعوب الرشق‬ ‫فرتة مبكرة‬‫ٍ‬ ‫فيلم «مكاى» حاول تسليط الضوء عىل‬
‫األوسط باسم حماربة اإلرهاب‪ .‬يوجه تشينى حديثه‬ ‫من حياة تشينى املهنية‪ ،‬وعىل إيامنه بالنظرية التنفيذية‬
‫إىل املشاهدين ىف صورة مونولوج طويل ُمضلل‪ ،‬يربط‬ ‫األحادية ‪ ،unitary executive‬وهى النظرية القائلة‬
‫و«يفربك» فيه تشينى بني هجامت القاعدة وغزو العراق‪،‬‬ ‫إن الرئيس يمتلك الصالحية للسيطرة عىل السلطة‬
‫ويتاجر بضحايا هجامت سبتمرب من األمريكيني كذريعة‬ ‫التنفيذية بالكامل‪ .‬عمل تشينى عىل ترويج الفكرة‬
‫لغزو العراق‪.‬‬ ‫كل ما يقوم به الرئيس األمريكى قانون ًيا‬ ‫القائلة إن ّ‬
‫ثم يكشف لنا املخرج ىف لوحة تالية معلومة صعود‬ ‫ورشع ًيا‪ ،‬السيام ىف زمن احلرب‪ ،‬كام كان احلال ىف‬
‫أسهم رشكة هاليربتون‪ ،‬عمالق النفط‪ ،‬ىف البورصة‬ ‫االنتهاكات األمريكية ىف سجون أبو غريب وجوانتانامو‬
‫وتعظيم أرباحها بنسبة ‪ ٪500‬بعد غزو أمريكا للعراق‪،‬‬ ‫بدعوى االستجواب واحلصول عىل معلومات‪ .‬كام‬

‫‪37‬‬
‫قضايا تحليلية‬
‫املشهد‬

‫بوش اإلبن احلربية بتكتيكات إعالمية جتعل الشعب‬ ‫وهى الرشكة التى كان يرأسها تشينى قبل الغزو ومنحته‬
‫األمريكى يعيش ىف حالة من التهديد الدائم ومناخ‬ ‫‪ 26‬مليون دوالر مكافأة بعد تقلده منصب نائب الرئيس‬
‫اخلوف الذى حيوط به‪.‬‬ ‫األمريكى‪ .‬ىف املقابل‪ ،‬تكشف لنا لوحات الفيلم اخلتامية‬
‫هذا االنحياز الذى قامت به الشبكات اإلعالمية‬ ‫عن مقتل ‪ 4700‬جندى أمريكى بالعراق‪ ،‬وتصاعد‬
‫األمريكية ىف الرتويج للحرب األمريكية عىل العراق‬ ‫معدالت االنتحار بني صفوف اجليش األمريكى‪ ،‬حيث‬
‫تزامن مع منع احلكومة األمريكية نرش صور أى أكفان أو‬ ‫ازدادت بمعدل ‪ %31‬منذ عام ‪ ،2001‬ومقتل أكثر من‬
‫توابيت‪ ،‬أو نرش أى حكايات إنسانية تتعلق باملصابني أو‬ ‫‪ 600000‬ألف عراقى جراء حرب أمريكا وتشينى عىل‬
‫قتىل اجليش األمريكى‪.‬‬ ‫العراق‪.‬‬

‫كام عرضت األفالم الثالثة مشاهد اندالع العنف‬ ‫ثال ًثا‪ :‬رسائل األفالم الثالثة‬
‫الطائفى والتمرد املسلح ضد الوجود األمريكى‪ ،‬خاصة‬
‫بعد حل بريمر للجيش العراقى وترسيح أغلب أفراده‪،‬‬ ‫تتشارك األفالم الثالثة السابقة ىف عدة منطلقات فكرية‪،‬‬
‫وهى املعلومة التى جتاهلتها أغلب األفالم التى تناولت‬ ‫أمهها أن حرب بوش االبن عىل العراق كانت ىف حقيقتها‬
‫حرب أمريكا عىل العراق‪ ،‬سواء عمدا أو جهال‪.‬‬ ‫حرب نفسية عىل الشعب األمريكى‪ ،‬واستخدم فيها‬
‫بوش االبن كافة وسائل التضليل اإلعالمى لتسويغ‬
‫أخريا تشرتك األفالم الثالث السابقة ىف صياغة رسائل‬
‫حربه كأى نظام شموىل أو فاشى يوظف اإلشاعات أو ما‬
‫متعددة‪ ،‬مفادها أن الواليات املتحدة تصدر لنا فائض‬
‫يعرف بالـ ‪Mix messages / Disinformation‬‬
‫العنف واالستقطاب الداخىل ىف صورة حروب توسعية‬
‫هبدف إرهاب املجتمع وختويفه‪ ،‬ومن ثم إخضاعه‬
‫لتدعيم سلطة النخبة احلاكمة األمريكية‪ ،‬واالستيالء‬
‫بغرض إسكات أى صوت معارض لسياسة احلرب التى‬
‫عىل املوارد البرشية‪ ،‬وهنب املوارد النفطية للشعوب‬
‫ينتهجها‪ .‬ثنائية األمن والتخويف هى التى سهلت عىل‬
‫األخرى‪ ،‬وأن احلروب هدفها ‪-‬كام ذكر «مايكل مور»‬
‫إدارة بوش‪/‬تشينى مهمة إرباك الشعب وإخضاعه ألى‬
‫ىف ختام فيلمه‪ -‬جعل املجتمع دوما عىل شفا جماعة»‪،‬‬
‫قرار ُيمىل عليه لينجيه من خماوفه التى اختلقتها اإلدارة‬
‫وأن احلروب التوسعية الدموية التى تشنها اإلدارات‬
‫األمريكية لوجود مناخ من التهديد الدائم‪.‬‬
‫األمريكية املتالحقة ضد شعوب العامل ‪-‬باسم حماربة‬
‫اإلرهاب‪ -‬هدفها ىف احلقيقة إخضاع أفراد الشعب‬ ‫من جانب آخر‪ ،‬تسليط الضوء عىل دور الشبكات‬
‫األمريكى نفسه للطبقة األمريكية احلاكمة بقوة رشكات‬ ‫اإلخبارية‪ ،‬وعىل رأسها ‪ Fox News‬ىف نرش اخلوف‬
‫النفط والسالح وتكنولوجيا االتصاالت واملعلومات‪ ،‬أو‬ ‫عرب نرش اإلشاعات‪ ،‬حيث تشدد األفالم عىل دور‬
‫كام قال «مور»‪« :‬احلرب جيدة للرشكات‪ ،‬سيئة للبرش»‪.‬‬ ‫اخلوف الفعال والناجع ىف إخضاع الناس لرسائل إدارة‬

‫‪38‬‬
٢٠٢١ - ‫ سبتمبر‬- ‫العدد الثاني‬

‫المصادر‬

1- David Shuster, 911/ mystery: What was Flight 93›s target?, nbcnews, Sept. 11, 2006, available
on: https://nbcnews.to/3gwAKiV
2- CNN, Osama bin Laden Fast Facts, April 27, 2021, available on: https://cnn.it/3mwr63I
3 - Edward Helmore, ‘A day for respect’: military veterans mark US troops’ exit from Afghanistan,
the guardian, 4 Jul, 2021, available on: https://bit.ly/3mv1unR
4-The Iraq War 2003 – 2011, available on: https://on.cfr.org/3j9QUAx
5- David E. Rosenbaum, A Closer Look at Cheney and Halliburton, The New york times, Sept. 28,
2004, available on: https://nyti.ms/3ylbK4w
6- Philip Bump, 15 years after the Iraq War began, the death toll is still murky, The Washington,
March 20, 2018, available on: https://wapo.st/38avA7L
7- Fahrenheit 9/ 11, Box office Mojo by IMB pro, available on: https://bit.ly/3jcwU01

39
‫مواجهات ومراجعات‬
‫املشهد‬

‫رابحة سيف عالم‬


‫رئيس برنامج دراسات التطرف واإلرهاب ‪ -‬مركز األهرام للدراسات‬
‫السياسية واالستراتيجية‬

‫السياسات الغربية لمواجهة اإلرهاب‪:‬‬


‫ثنائية األمن والحريات‬

‫ال شك ىف أن هجامت ‪ 11‬سبتمرب أحدثت صدمة هائلة ىف األوساط األمنية واملخابراتية ىف الغرب‪ ،‬خاصة ىف‬
‫الواليات املتحدة األمريكية‪ .‬إذ تعرضت األجهزة االستخباراتية واألمنية هلزة كبرية رضبت رشعيتها ىف مقتل وأدت‬
‫إىل إعادة النظر بشكل واسع ىف آليات تنظيم عملها وعالقاهتا فيام بينها ووسائل التواصل بينها وبني دوائر صنع‬
‫القرار عىل مستوى رئاسة الدول؛ فالواليات املتحدة األمريكية كانت تتابع عرب أجهزهتا االستخباراتية منذ منتصف‬
‫التسعينيات وحتى عام ‪ 2000‬نشاط القاعدة والشبكات املرتبطة هبا واملحيطة بأسامة بن الدن‪ ،‬حيث صنفت‬
‫عدة تقارير استخباراتية القاعدة وبن الدن كأكرب خطر يمكن أن يطال أمن الواليات املتحدة األمريكية من جهة‬
‫السنية‪ .‬عىل هذا األساس‪ ،‬تم إنشاء وحدة خاصة ملتابعة نشاط بن الدن ىف مركز مكافحة اإلرهاب‬ ‫املنظامت اإلرهابية ُ‬
‫باالستخبارات املركزية األمريكية‪ .‬فيام حدد أحد التقارير ىف هناية التسعينيات بدقة احتاملية تدبري هجامت من جانب‬
‫القاعدة عىل األراىض األمريكية تستهدف عد ًدا من األماكن ذات الرمزية السياسية‪ ،‬مثل البيت األبيض والكونجرس‬
‫والبنتاجون‪ ،‬فيام اعترب أن قطاع الطريان املدنى يعد أحد القطاعات اهلشة التى يمكن رضهبا بسهولة‪ .1‬ورغم هذه‬
‫التقارير االستباقية املتعددة مل يتم االستعداد بشكل جيد لصد هجامت ‪ 11‬سبتمرب‪ ،‬خاصة أن أجهزة خمابرات عربية‬
‫قد أمدت نظريهتا األمريكية بمعلومات مؤكدة عن انتقال جمموعة من األفراد املتطرفني شديدى اخلطورة إىل الواليات‬
‫املتحدة األمريكية خالل صيف ‪.2001‬‬
‫ومن ثم‪ ،‬نشأ تساؤل مهم دار حوله جدل كبري‪ ،‬أين اخللل وملاذا أخفقت أقوى أجهزة املخابرات ىف العامل ىف صد هذا‬
‫اهلجوم أو إجهاضه قبل أن يرتك آثارا مدمرة عىل األمن واالقتصاد األمريكى؟ وقد اختذت اإلدارة األمريكية عدة‬
‫إجراءات وأقرت عد ًدا من القوانني لضامن عدم تكرار هذا اإلخفاق األمنى الكبري‪ ،‬ولكن يظل السؤال مطروحا عن‬

‫‪40‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫انفتاحها عىل بعضها بعضا‪ ،‬ومشاركة وحتليل املعلومات‬ ‫أثر تلك القوانني وهذه السياسات عىل احلقوق واحلريات‬
‫فيام بينها قبل رفعها إىل دوائر صنع القرار ىف البيت‬ ‫العامة داخل الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬فض ً‬
‫ال عن‬
‫األبيض‪ .‬وكان من تبعات ذلك إصدار قانون "إصالح‬ ‫درجة تسيس أجهزة املخابرات واألمن األمريكية‪.‬‬
‫املخابرات والوقاية من اإلرهاب" الذى صدر ىف هناية‬ ‫نحاول هنا اإلجابة عن هذا السؤال‪ ،‬إىل جانب مناقشة‬
‫‪ ،2004‬والذى أسس منصب مدير االستخبارات‬ ‫تأثري املواجهة األوروبية لإلرهاب ‪-‬بعد أحداث ‪11‬‬
‫الوطنية ‪ DNI‬لتنسيق وحتليل التقارير االستخباراتية‬ ‫سبتمرب‪ -‬ىف حقوق وحريات املواطنني األوروبيني‪،‬‬
‫الواردة من كل األجهزة األخرى‪ ،‬فضال عن إنشاء‬ ‫ومدى التشابه واالختالف بني االقرتاب األمريكى‬
‫وزارة لألمن الداخىل ‪Homeland Security‬‬ ‫ونظريه األوروبى ىف املواجهة‪.‬‬
‫‪ ،Department‬وأيضا إنشاء مركز وطنى ملكافحة‬
‫اإلرهاب(‪. NCTC (3‬كام تضمن اإلصالح أيضا إضافة‬ ‫ً‬
‫أول‪ :‬خطة إصالح أجهزة املخابرات األمريكية‬
‫مهام استخباراتية كبرية ملكتب التحقيقات الفيدرالية‬ ‫بعد نحو عام ونصف العام من اجلدل حول أسباب وقوع‬
‫‪ ،FBI‬بحيث أصبح له دوران‪ :‬األول هو إنفاذ القانون‬ ‫أحداث ‪ 11‬سبتمرب‪ ،‬تكونت جلنة للبحث ىف أسباب‬
‫اجلنائى واآلخر يتعلق باالستخبارات الداخلية‪ ،‬ليس‬ ‫اإلخفاق تكلفت نحو ‪ 14‬مليون دوالر‪ ،‬ووظفت نحو‬
‫فقط ملكافحة التجسس ا ُملعادى‪ ،‬ولكن أيضا ملكافحة‬ ‫ريا سياس ًيا وأمن ًيا‪ ،‬وعقدت ‪ 12‬جلسة علنية عىل‬
‫‪ 80‬خب ً‬
‫اإلرهاب‪.‬‬ ‫اهلواء مبارشة منذ مارس ‪ 2003‬وحتى يونيو ‪ 2004‬كى‬
‫ولعل هذه اإلصالحات اجلوهرية ىف املهام قد أدت‬ ‫ختلص إىل أوجه اخللل الذى أدى إىل هذه الكارثة(‪.)2‬‬
‫بالتبعية إىل إجراء تعديالت كبرية عىل بنية وتكوين‬ ‫خلصت جلنة التحقيق إىل رضورة إجراء تعديل جوهرى‬
‫وجتنيد العنارص العاملة ىف هذه األجهزة‪ ،‬خاصة مكتب‬ ‫ىف بنية األجهزة االستخباراتية األمريكية بام يضمن‬

‫‪41‬‬
‫مواجهات ومراجعات‬
‫املشهد‬

‫ىف محاية األمن القومى بعد كارثة ‪ 11‬سبتمرب قد أدى إىل‬ ‫خمصصا لألمن‬
‫ً‬ ‫فرعا‬
‫التحقيقات الفيدرالية الذى افتتح ً‬
‫تراجع مقابل ىف احلقوق واحلريات الشخصية‪ .‬بمقتىض‬ ‫القومى ‪ ،NSB‬واشرتط عىل العاملني فيه إتقان أساليب‬
‫قانون باتريوت‪ ،‬أصبح ملكتب التحقيقات الفيدرالية‬ ‫التجسس الداخىل عىل األقليات‪ ،‬وإتقان بعض اللغات‬
‫سلطة اإلطالع عىل كافة البيانات التى ختص املقيمني‬ ‫األجنبية‪ ،‬واإلملام بالبيئة الثقافية لدول الرشق األوسط‬
‫عىل األراىض األمريكية بدون إذن قضائى مسبق‪ ،‬ومنها‬ ‫وغرب آسيا‪ ،‬وهى التى يأتى منها عادة منفذو هجامت‬
‫‪-‬مثال‪ -‬بيانات االتصاالت والتنقالت واملمتلكات‬ ‫اإلرهاب(‪ .)4‬بينام دفع البعض بعدم صالحية مكتب‬
‫والبيانات الطبية وبيانات الدراسة وغريها التى تكون‬ ‫التحقيقات الفيدرالية باالضطالع بمهام مكافحة‬
‫بحوزة أى جهة خاصة أو عامة‪ .‬فضال عن إمكانية‬ ‫اإلرهاب ىف الداخل األمريكى‪ ،‬وأن األمر يتطلب‬
‫إجراء تفتيش رسى للمنازل واملكاتب دون احلصول‬ ‫إنشاء جهاز خمتص للمخابرات الداخلية عىل غرار‪MI5 ‬‬
‫عىل إذن قضائى أو إذن صاحبها‪ .‬باإلضافة إىل القدرة‬ ‫الربيطانى يتخصص فقط ىف مجع املعلومات دون إثقاله‬
‫عىل التنصت عىل االتصاالت والتسجيل للمحادثات‬ ‫بمهام إنفاذ القانون‪ ،‬حيث اعترب هؤالء أن مكتب‬
‫دون إذن قضائى أو تربير ذلك بإجراء حتقيق متصل‬ ‫التحقيقات الفيدراىل‪ ،‬رغم اإلصالحات التى طرأت‬
‫باألمن القومى أو مكافحة اإلرهاب أو التجسس‪ .‬ولعل‬ ‫عليه‪ ،‬ظل أسري عقلية مجع األدلة وبناء القضايا بعد‬
‫ىف ذلك ردة عىل القوانني السابقة املنظمة ملراقبة التجسس‬ ‫وقوع احلوادث‪ ،‬وليس مجع املعلومات االستخباراتية‬
‫األجنبى التى تم إقرارها عام ‪ .1978‬كام دفع البعض‬ ‫استبا ًقا للهجامت ومنعها‪ .‬بالتاىل‪ ،‬فرتكيز عمله الح ًقا‪،‬‬
‫أيضا بعدم دستورية هذا القانون لتعارضه مع حريات‬ ‫وليس استباقي ًا(‪ .)5‬ىف املقابل‪ ،‬دفع أنصار إصالح مكتب‬
‫أساسية‪ ،‬أقرها الدستور األمريكى وال يمكن تقييدها إال‬ ‫التحقيقات الفيدرالية‪ ،‬وليس استبداله بأن اجلهاز الذى‬
‫بإذن قضائي(‪.)7‬‬ ‫نجح ىف الكشف عن النازيني اهلاربني واجلواسيس‬
‫إىل جانب ذلك‪ ،‬جتب اإلشارة إىل أن قرارات غزو‬ ‫السوفييت قادر أيضا عىل دحر اإلرهاب املتصل‬
‫أفغانستان ىف أكتوبر ‪ - 2001‬ومن بعدها العراق‬ ‫السني(‪.)6‬‬
‫باإلسالم ُ‬
‫ىف مارس ‪ 2003-‬كانت قرارات سياسية باألساس‬
‫ثانيا‪ :‬خماوف عىل احلريات العامة‬
‫ً‬
‫تعكس تفضيالت اإلدارة األمريكية وتم الرشوع فيها‬
‫فورا دون انتظار نتائج التحقيق ىف جلنة أحداث ‪11‬‬ ‫ً‬ ‫بعد أسابيع قليلة من هجامت سبتمرب‪ ،‬تم مترير قانون‬
‫سبتمرب التى انتهت فعل ًيا ىف يونيو ‪ .2004‬وعليه‪ ،‬فإنه‬ ‫باتريوت ‪ ،Patriot‬والذى تضمن صالحيات واسعة‬
‫تتم اإلشارة عاد ًة إىل املعلومات االستخباراتية التى تم‬ ‫لألجهزة األمنية واالستخباراتية داخل األراىض‬
‫االستناد إليها لغزو أفغانستان والعراق‪ -‬مثل اهتامات‬ ‫األمريكية‪ .‬وكان هلذه األجهزة صالحيات للتجسس‬
‫حيازة أسلحة دمار شامل‪ -‬باعتبارها معلومات ُمسيسة‪،‬‬ ‫خارج البالد‪ ،‬ولكن عندما يتعلق األمر باملراقبة والتنصت‬
‫خصيصا إلثبات‬
‫ً‬ ‫بمعنى أهنا معلومات مجعتها املخابرات‬ ‫عىل املواطنني األمريكيني ىف الداخل‪ ،‬فإن األمر البد أن‬
‫وتربير الطرح السياسى الذى قدمه فريق البيت األبيض‬ ‫خيضع إلذن قضائى‪ ،‬وهو الرشط املسبق الذى كان حيمى‬
‫آنذاك‪ ،‬وليست معلومات ُجعت عن التهديدات الفعلية‬ ‫احلقوق واحلريات العامة بالبالد‪ .‬ولكن مترير قانون‬
‫التى ُتدق باألمن القومى األمريكى‪ .‬من هنا‪ ،‬يعترب‬ ‫باتريوت عىل وجه الرسعة وحتت ضغط التهديد املحدق‬
‫البعض أن اإلصالحات التى طالت أجهزة املخابرات‬ ‫واخلوف من تكرار اهلجامت اإلرهابية والرغبة العارمة‬

‫‪42‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫تابع ملدير االستخبارات القومية حلامية اخلصوصية‬ ‫األمريكية بعد ‪ 11‬سبتمرب جعلتها أكثر اتصاال فيام‬
‫واحلريات املدنية والشفافية للبحث ىف أى جتاوزات‬ ‫بينها‪ ،‬مما حيمل مستوى أعىل من التنسيق‪ ،‬ولكنها ىف‬
‫حمتملة‪ ،‬وللتحقق من مطابقة اإلجراءات املشددة سالفة‬ ‫املقابل أصبحت أكثر قابلية للتأثر بتأكيدات التحيزات‬
‫الذكر لرضورات التحقيق ىف قضايا إرهابية أو قضايا‬ ‫املسبقة ‪ .Confirmation bias‬وباملثل‪ ،‬فإهنا جعلتها‬
‫جتسس‪ ،‬فضال عن إصدار تعليامت وقواعد سلوك‬ ‫أكثر اتصاال بدوائر صنع القرار‪ ،‬وهو أمر جيد‪ ،‬ولكن‬
‫لألجهزة االستخباراتية األمريكية كافة(‪.)8‬‬ ‫ىف املقابل قد يؤدى إىل تغيري دور املخابرات من العمل‬
‫ملكافحة املخاطر اخلارجية إىل العمل لتربير االختيارات‬
‫ثال ًثا‪ :‬أثر أحداث سبتمرب عىل السياسات األمنية األوروبية‬ ‫السياسية وتقديم معلومات خمابراتية تُسوغ هذه‬
‫ال يمكن إنكار أن صدمة أحداث ‪ 11‬سبتمرب قد‬ ‫االختيارات وتدعمها‪ ،‬وهو خيط رفيع ال حيمى من‬
‫أصابت أوروبا بخوف كبري ورغبة جارفة ىف حتصني‬ ‫ختطيه إال تقديم العمل املخابراتى اجلاد عىل العمل‬
‫النظام األمنى واالستخباراتى بام يمنع تكرار مثل هذه‬ ‫ا ُملسيس‪ .‬من هنا‪ ،‬يمكن القول إن اإلصالحات املذكورة‬
‫األحداث ىف دول االحتاد األوروبى‪ .‬من هنا‪ ،‬كان تعزيز‬ ‫وسعت من قدرة هذه األجهزة عىل حرية الفعل واملبادرة‬
‫التبادل االستخباراتى الدوىل‪ ،‬خاصة عرب األطلنطى بني‬ ‫مقارن ًة بذى قبل‪ ،‬ولكنها أصبحت تتحرك ىف بعض‬
‫األمريكيني والربيطانيني‪ ،‬ومن خلفهم الدول األوروبية‬ ‫األحيان بناء عىل معلومات مترسعة وغري متأنية‪.‬‬
‫األخرى‪ .‬فقد بدأ التحرك الدوىل ىف جملس األمن بعد‬ ‫ومن مجلة اإلجراءات التى اختذهتا هذه األجهزة ىف‬
‫ساعات قليلة بإدانة اهلجامت‪ ،‬ودعوة كل الدول إىل‬ ‫السنوات التالية إلجراءات سبتمرب ‪ ،2001‬توسيع دائرة‬
‫التعاون ملكافحة اإلرهاب الدوىل‪ ،‬ومترير وإنفاذ قوانني‬ ‫االشتباه والتجسس بناء عىل األصل أو اجلنسية أو الدين‪،‬‬
‫وطنية تؤكد هذا التوجه‪ ،‬كام أنشئت جلنة مكافحة‬ ‫والتى طالت باألساس مهاجرين من الرشق األوسط‬
‫اإلرهاب ملتابعة مدى التزام الدول بالقرار ‪ .1373‬كام‬ ‫فضل عن إصدار قائمة حظر الطريان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وغرب آسيا‪.‬‬
‫هرعت الدول األوروبية‪ ،‬سواء عىل مستوى االحتاد أو‬ ‫وهى قائمة حتمل أسامء عدد من املشتبه هبم الذين ال حيق‬
‫عىل مستوى كل دولة عىل حدة إىل تعزيز الترشيعات‬ ‫هلم استقالل طائرة حتلق فوق الرتاب األمريكى‪ .‬وهذه‬
‫واالتفاقات املؤهلة ملكافحة اإلرهاب وتبنى نفس‬ ‫القائمة طويلة للغاية وحتمل العديد من األخطاء وتشابه‬
‫سياسات توسيع االشتباه بحق املهاجرين من أصول‬ ‫األسامء ويتم إدراج األسامء عليها بدون تثبت ٍ‬
‫كاف‪،‬‬
‫فضل عن تتبع احلسابات‬‫رشق أوسطية وغرب آسيوية‪ً ،‬‬ ‫طويل لتدارك أى خطأ كى يتم حذف‬ ‫ً‬ ‫ثم تستغرق وقتًا‬
‫البنكية لقطع شبكات متويل اإلرهاب بني املهاجرين‪.‬‬ ‫االسم الح ًقا‪ .‬وقد أثارت هذه اإلجراءات حركة واسعة‬
‫هنا‪ ،‬يدفع البعض بأن أحداث سبتمرب املزلزلة كشفت‬ ‫من االحتجاجات من جانب منارصى احلقوق املدنية‪،‬‬
‫عن خطورة اإلرهاب العابر للحدود‪ ،‬والذى يتطلب‬ ‫إذ ُرفعت قضايا مدنية عديدة لالعرتاض عىل مصادرة‬
‫لوقفه تعزيز التعاون بني الدول من أجل ضبط احلدود‬ ‫احلقوق واحلريات الفردية لألشخاص‪ ،‬فضال عن دفوع‬
‫ىف نطاق االحتاد األوروبى‪ ،‬وتضييق دخول املهاجرين‪،‬‬ ‫بعدم دستورية اإلجراءات األمنية املشددة بحق العديد‬
‫والنظر ٍ‬
‫بتأن ىف قوائم االنتظار للحصول عىل التأشريات‬ ‫من األشخاص الذين ثبت فيام بعد عدم تورطهم ىف‬
‫واإلقامات ىف أوروبا(‪ .)9‬ولعل أوضح نامذج االنصياع‬ ‫أى نشاط إرهابى‪ .‬بينام واجهت أجهزة االستخبارات‬
‫للخوف من خطر اإلرهاب بعد سبتمرب مترير االحتاد‬ ‫األمريكية هذه االعرتاضات باستحداث مكتب خاص‬

‫‪43‬‬
‫مواجهات ومراجعات‬
‫املشهد‬

‫هنجا خمتل ًفا‪ ،‬وكان‬


‫املشرتكة فقد آثرت أوروبا أن تنهج ً‬ ‫األوروبى اتفاق تسليم وتبادل املطلوبني ‪EU arrest‬‬
‫ذلك بحكم اختالف إدراك كل منهام للتهديد اإلرهابى؛‬ ‫‪ warrant‬ىف ديسمرب ‪ 2001‬بعد فرتة طويلة من‬
‫فاإلدراك األمريكى اعترب أن التهديد خارجى باألساس‪،‬‬ ‫املامطلة بدعوى مراعاة خصوصية وسيادة كل دولة‪.‬‬
‫ألن القاعدة بزعامة بن الدن تشن حر ًبا لطرد الغرب‪،‬‬ ‫ورغم اجلدل الذى أثري بسبب خماوف تسليم مطلوبني‬
‫خاصة األمريكيني من الرشق األوسط‪ ،‬وبالتاىل فالرد‬ ‫لدول خارج االحتاد(‪ )10‬تنفذ عقوبة اإلعدام أو ُتضعهم‬
‫املقابل جيب أن يكون شن حرب مقابلة ضد القاعدة‬ ‫لوسائل تعذيب‪ ،‬فإنه تم مترير اتفاق تسليم املطلوبني ىف‬
‫ىف معاقلها‪ .‬لذا‪ ،‬قاد‪ ،‬األمريكيون مقاربة استباقية‬ ‫رد فعل رسيع عىل أحداث سبتمرب‪ .‬فيام اعترب البعض‬
‫ىف املكافحة حتمل صفة احلرب العسكرية الوقائية‪،‬‬ ‫أن تبادل املعلومات االستخباراتية مبارش ًة بعد هجامت‬
‫وتستهدف نقل املعركة إىل خارج الرتاب األمريكى ىف‬ ‫سبتمرب وتنفيذ مدامهات أمنية استباقية قد أجهض‬
‫ساحات حرب بعيدة بقائمة أهداف قصرية املدى رسيعة‬ ‫سلسلة مشاهبة من اهلجامت التى كان من املزمع تنفيذها‬
‫املفعول قبل أن يأتى اخلطر إىل األراىض األمريكية(‪.)13‬‬ ‫ىف إيطاليا‪ ،‬وبريطانيا‪ ،‬وهولندا‪ ،‬وبلجيكا‪ ،‬وفرنسا‪،‬‬
‫وكان من شأن هذه الرؤية التبسيطية لألمور أن تورطت‬ ‫وأملانيا‪ ،‬وإسبانيا(‪.)11‬‬
‫الواليات املتحدة ىف حرب أفغانستان ثم العراق بام أدى‬ ‫لكن رسعان ما تبني أن االنجراف خلف النموذج‬
‫إىل فتح ساحات جديدة للقتال‪ ،‬كانت كفيلة بخلق بيئة‬ ‫ً‬
‫طويل‪ ،‬فاملقاربة األمريكية ىف‬ ‫األمريكى لن يصمد‬
‫تساعد عىل انتشار أوسع للظاهرة اإلرهابية‪ ،‬وليس‬ ‫املكافحة ليست صاحلة بشكل مطلق لالستخدام‬
‫حتجيمها أو مكافحتها‪.‬‬ ‫األوروبى؛ فعىل عكس أحداث سبتمرب التى دبرها‬
‫ىف املقابل‪ ،‬حلل األوروبيون مكمن التهديد اإلرهابى‬ ‫خصيصا‬
‫ً‬ ‫شباب من جنسيات رشق أوسطية جاءوا‬
‫بشكل خمتلف؛ فاخلربة األوروبية مع اإلرهاب عمو ًما‬ ‫للواليات املتحدة‪ ،‬فاهلجامت الكربى ىف أوروبا‪ ،‬سواء‬
‫كانت أوسع من ظاهرة اإلرهاب ذى اخللفية اإلسالمية‪،‬‬ ‫ىف شبكة قطارات مدريد ىف ‪ 11‬مارس ‪ ،2004‬أو ىف‬
‫فأوروبا عرفت اإلرهاب من قبل كحركات انفصالية‬ ‫مرتو لندن ىف ‪ 7‬يوليو ‪ ،2005‬كانت من تدبري مواطنني‬
‫ىف بريطانيا وإسبانيا وحركات نازية وقومية ىف أملانيا‬ ‫حيملون جنسية هذه البالد‪ ،‬وليسوا وافدين من اخلارج‪،‬‬
‫وإيطاليا‪ ،‬بالتاىل فإدراكها ملكافحة العنف ألسباب‬ ‫وإن كانوا متأثرين بفكر القاعدة بشكل عام‪ .‬إذ أثبتت‬
‫شمول من جمرد شن حرب‬ ‫ً‬ ‫سياسية كان أوسع وأكثر‬ ‫التحقيقات التى تتبعت املنفذين أنه ليس هلم روابط‬
‫عسكرية خارج أراضيها‪ ،‬بل اعتمدت املقاربة األوروبية‬ ‫حقيقية مع القاعدة‪ ،‬ومل يتلقوا أوامر من زعيمها‪ ،‬ومل‬
‫باألساس عىل البحث عن األسباب الكامنة خلف الفعل‬ ‫خصيصا لتنفيذ اهلجامت كام حدث ىف أحداث‬ ‫ً‬ ‫يسافروا‬
‫اإلرهابى وحتليله وتفكيك األيديولوجية وشبكات‬ ‫سبتمرب‪ ،‬بل عىل العكس فإن احلرب التى شنتها الواليات‬
‫التمويل والتجنيد الداعمة له‪ ،‬ثم مالحقة منفذى‬ ‫املتحدة األمريكية وحلفاؤها عىل أفغانستان والعراق قد‬
‫اهلجامت ورعاية الضحايا‪ .‬وال يمكن إغفال أن األقليات‬ ‫دافعا إضاف ًيا هلؤالء لتنفيذ هجامت انتقامية ىف‬
‫شكلت ً‬
‫املسلمة ىف الواليات املتحدة تعترب أفضل اندماجا من‬ ‫أوروبا‪ .‬لذا‪ ،‬فمقاربة "احلرب االستباقية" مل حتقق األمن‬
‫األقليات املسلمة ىف أوروبا‪ ،‬فاألوىل ال تعانى من نفس‬ ‫املطلوب‪ ،‬بل كانت سب ًبا ىف تنفيذ هجامت إضافية(‪.)12‬‬
‫مستوى الفقر والتهميش الذى تعانى منه الثانية‪ ،‬ومن‬ ‫من هنا وعند هذه النقطة‪ ،‬فارقت املقاربة األوروبية ىف‬
‫هنا كان حرص أوروبا عىل عدم التصادم اجلذرى مع‬ ‫مكافحة اإلرهاب النموذج األمريكى‪ .‬فرغم املخاوف‬

‫‪44‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫فضل عن تتبعهم إذا ما‬‫اللجوء بني الدول األوروبية‪ً ،‬‬ ‫هذه األقليات‪ ،‬بل مواجهة أسباب عزلتها وهتميشها(‪.)14‬‬
‫انتقلوا من دولة إىل أخرى‪ .‬كام تضمنت هذه اإلجراءات‬ ‫لذا‪ ،‬فاالسرتاتيجية األوروبية ملواجهة اإلرهاب منذ عام‬
‫أيضا إتاحة بيانات املسافرين األوروبيني إىل الواليات‬ ‫‪ 2005‬اعتمدت عىل أربعة أركان أساسية ‪Prevent‬‬
‫املتحدة للسلطات األمريكية مع كامل سجالهتم اجلنائية‬ ‫‪ -Protect-Pursue- Respond‬إذ تعنى ىف البداية‬
‫السابقة‪ .‬غري أن هذه السياسات‪ ،‬وإن كانت أقرب‬ ‫ً‬
‫وصول إىل‬ ‫بالوقاية‪ ،‬ثم احلامية‪ ،‬فالتعقب واملحاكمة‪،‬‬
‫للفلسفة األوروبية إال أهنا مل ختل من مثالب‪ ،‬حيث‬ ‫االستجابة لتداعيات اإلرهاب‪ ،‬خاصة جرب الرضر‬
‫اعترب البعض أهنا تبخس بعض احلقوق األساسية لذوى‬ ‫الواقع عىل ضحاياه‪.‬‬
‫األصول املهاجرة عرب تتبع نشاطهم بالرقابة الكثيفة‬ ‫فاإلدراك األوروبى للتهديد جاء بناء عىل حتليل بيانات‬
‫واحلكم املسبق عليهم بقابلية التحول للتطرف‪ ،‬فضال‬ ‫منفذى اهلجامت اإلرهابية‪ ،‬والتى قادت إىل شباب‬
‫عن مشاركة بيانات خاصة باملواطنني األوروبيني عىل‬ ‫مهمشني من اجليل الثانى أو الثالث من املهاجرين من‬
‫نطاق واسع دون مربر قضائى واضح(‪.)15‬‬ ‫حامىل جنسية بلدان االحتاد األوروبى‪ ،‬مما جعل مقاربة‬
‫نجاحا نسب ًيا طوال نحو عقد من‬
‫ً‬ ‫وقد أثبتت هذه السياسة‬ ‫شمول وال تقترص فقط عىل‬ ‫ً‬ ‫مواجهة اإلرهاب أكثر‬
‫الزمان‪ ،‬حتى متكنت التنظيامت اإلرهابية‪ ،‬مثل “داعش”‬ ‫احللول األمنية لصد خطر خارجى؛ فاخلطر جاء من‬
‫والقاعدة‪ ،‬من االستفادة من حالة االنفالت األمنى‬ ‫الداخل‪ ،‬واحلوادث اإلرهابية مل يتم تفسريها بالفشل‬
‫وضعف احلكومات ىف العراق وسوريا بعد‪،2011‬‬ ‫األمنى أو االستخباراتى‪ ،‬بل فشل أوسع ىف سياسات‬
‫وسيطرت عىل مساحات واسعة من سوريا والعراق‪،‬‬ ‫إدماج املهاجرين وتوفري فرص متكافئة هلم عىل قدم‬
‫األمر الذى شحذ مهم الشباب املتطرف حول العامل‬ ‫املساواة مع األوروبيني األصليني ولذا‪ ،‬فاالستجابة‬
‫إىل السفر للقتال ىف صفوف هذه اجلامعات اإلرهابية‪،‬‬ ‫جاءت شاملة تُعنى بتأطري الشباب واملراهقني ضمن‬
‫وأدى مرة أخرى إىل تنامى خطر اإلرهاب الدوىل العابر‬ ‫أنشطة حملية حتت أنظار مؤسسات تربوية ومجعيات أهلية‬
‫للحدود‪ ،‬ومن ثم حتول إدراك التهديد اإلرهابى لدى‬ ‫تراقب أدنى حتول ىف مزاج وانتامءات هؤالء الشباب‪،‬‬
‫األوروبيني من الظروف املحلية والعوامل االجتامعية‬ ‫حلول فكرية رسيعة الستيعاهبم قبل‬‫ً‬ ‫ومن ثم تفرض‬
‫واالقتصادية التى تؤدى للقابلية للتطرف والعنف إىل‬ ‫متادهيم ىف طريق التطرف والتحول إىل العنف‪ .‬إذ كان‬
‫البيئة الدولية والتعاون الدوىل مرة أخرى‪ .‬فانخرط‬ ‫النموذج األوروبى الذى تطور ىف هولندا‪ ،‬وبريطانيا‪،‬‬
‫األوروبيون‪ ،‬جن ًبا إىل جنب مع األمريكيني ىف التحالف‬ ‫وأملانيا باألساس يعنى باالستجابة لعوامل الضعف‬
‫الدوىل لقتال “داعش” ىف سبتمرب ‪ 2014‬كمناسبة‬ ‫واهلشاشة التى تؤدى إىل قابلية الشباب للجنوح نحو‬
‫جديدة إلحياء فكرة احلرب االستباقية وقتال اإلرهاب‬ ‫التطرف العنيف‪ ،‬ومن ثم معاجلة هذه العوامل ملنع تطور‬
‫ىف معاقله‪ .‬فيام مل تتأخر ردود الفعل التى نقلت اخلطر‬ ‫األمر من جمرد اعتناق أفكار متطرفة إىل ممارسة التطرف‬
‫اإلرهابى من جديد داخل األراىض األوروبية‪ ،‬من‬ ‫العنيف‪.‬‬
‫خالل هجامت باريس ىف نوفمرب ‪ ،2015‬وبروكسل‬ ‫كام أيدت الدول األوروبية هذه السياسات بإجراءات‬
‫ىف مارس ‪ .2016‬غري أن هذه اهلجامت أثبتت مرة‬ ‫مؤسسية‪ ،‬تضمنت منذ عام ‪ 2007‬تبادل قوائم‬
‫أخرى ارتباط هذا النوع من اإلرهاب بمنظامت اجلريمة‬ ‫املسجلني ىف قضايا جنائية وإرهابية بني دول االحتاد‪،‬‬
‫املنظمة‪ ،‬وعوامل التهميش االجتامعى واالقتصادى‬ ‫وتبادل املعلومات اخلاصة بالصحيفة اجلنائية لطالبى‬

‫‪45‬‬
‫مواجهات ومراجعات‬
‫املشهد‬

‫من عدوهلم عن الفكر املتطرف العنيف واستعدادهم‬ ‫للشباب األوروبى من أصول مهاجرة أكثر من ارتباطه‬
‫لالنخراط ىف حياة مدنية هادئة‪ُ .‬يضاف إىل ذلك انتباه‬ ‫بصالت تنظيمية قوية بـ”داعش” والقاعدة(‪ ،)16‬بمعنى أن‬
‫أجهزة االستخبارات األوروبية إىل خطورة فتح املجال‬ ‫هذه اهلجامت كانت أقرب هلجامت الذئاب املنفردة أكثر‬
‫لنشاط املنظامت التابعة للتنظيم الدوىل اإلرهابى‬ ‫من كوهنا قائمة عىل أوامر من تنظيامت إرهابية خارج‬
‫لإلخوان عىل أراضيها‪ ،‬حيث رشعت أملانيا والنمسا‬ ‫احلدود‪ ،‬وليس أدل عىل ذلك من تدنى مستوى التسليح‬
‫ىف إصدار قوانني حتظر استخدام شعارات ورموز عدة‬ ‫والتخطيط‪ ،‬خاصة مع استخدام أسلحة بيضاء للطعن‬
‫تنظيامت إرهابية‪ ،‬ومنها تنظيم اإلخوان‪ً ،‬‬
‫فضل عن تتبع‬ ‫أو شاحنات للدهس‪ ،‬وهى أسلحة تتوافر للهواة‪ ،‬وليس‬
‫مموليها وغلق املنظامت املتصلة هبا‪ ،‬والتى تقبل تربعات‬ ‫ملنفذين حمرتفني عىل صلة بتنظيامت إرهاب دوىل‪.‬‬
‫منها وفرض غرامات عليها(‪ .)18‬ويأتى ذلك عىل خلفية‬
‫هجامت فيينا اإلرهابية التى وقعت ىف ‪ 2‬نوفمرب ‪،2020‬‬ ‫رابعا‪ :‬االستجابة األمنية للتهديدات اإلرهابية اليوم ىف الغرب‬
‫والتى فرضت اختاذ إجراءات احرتازية إضافية تُضيق‬ ‫السنى‬
‫رغم تناقص اهلجامت اإلرهابية املتصلة باإلسالم ُ‬
‫اخلناق عىل البيئة احلاضنة للخطاب املتطرف‪ ،‬والذى‬ ‫ىف كل من أوروبا والواليات املتحدة‪ ،‬ودحر “داعش” ىف‬
‫يؤدى انتعاشه إىل توسيع دائرة املنخرطني فيه‪ ،‬وجتنيد‬ ‫أبرز معاقلها ىف سوريا والعراق‪ ،‬إال أن اخلوف من عودة‬
‫املزيد من املتعاطفني معه ىف التنظيامت اإلرهابية‪.‬‬ ‫املقاتلني األجانب ‪-‬ذوى اخلربات القتالية الضخمة‪ -‬إىل‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬كان جراء انتشار اإلرهاب ذى اخللفية‬ ‫أوطاهنم ال يزال خييم عىل السياسات األمنية الغربية‪ ،‬حيث‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وموجات اهلجرة واللجوء بسبب اندالع‬ ‫عدلت عدة دول أوروبية‪ ،‬وىف مقدمتها بريطانيا وأملانيا‪،‬‬
‫الرصاعات ىف عدة ساحات‪ ،‬أن نشأت نزعات عنرصية‬ ‫من ترشيعات اإلرهاب لتسمح بمحاكمة العائدين بتهم‬
‫ومعادية للمسلمني واملهاجرين ىف الغرب عمو ًما‪ ،‬وهو‬ ‫تتعلق بمزاولة نشاط إرهابى خارج األراىض األوروبية‪.‬‬
‫ما أدى إىل تنامى التنظيامت اإلرهابية التى تعتنق أفكار‬ ‫ورغم ذلك‪ ،‬مل تفتح الدول األوروبية أبواهبا للعائدين‬
‫قومية وعنرصية متارس عن ًفا ضد املهاجرين أو ذوى‬ ‫من أجل حماكمتهم أو تسلمهم من قبضة السلطات‬
‫اخللفية الثقافية املختلفة‪ ،‬سواء كانوا مسلمني أو هيود‬ ‫العراقية أو معسكرات االحتجاز التابعة لألكراد ىف شامل‬
‫أو آسيويني من املهاجرين ىف الغرب‪ ،‬مثل أوروبا‪،‬‬ ‫عرضا من العودة‬ ‫ً‬ ‫رشق سوريا‪ ،‬ولكن من متكن منهم‬
‫وأمريكا الشاملية‪ ،‬واسرتاليا‪ ،‬ونيوزيالندا‪ ،‬األمر الذى‬ ‫س ُيحاكم بتهمة االنتامء لتنظيم إرهابى‪ ،‬حيث يتخوف‬
‫عمق من خماوف انتشار معتقدات اليمني املتطرف‪ ،‬ومن‬ ‫ّ‬ ‫األوروبيون إذا ما أقبلوا عىل تسلم رعاياهم املنتمني‬
‫ثم انخراط عدد أكرب ىف هجامت إرهابية من هذا النوع‪،‬‬ ‫إىل “داعش” من تنامى ظاهرة التطرف العنيف داخل‬
‫مما أدى إىل انتقال انتباه األجهزة األمنية إىل هذا النوع‬ ‫السجون وإمكان أن تكون هذه السجون بيئة خصبة‬
‫من اإلرهاب اليمينى املتطرف‪ ،‬ومهد إلنشاء وحدات‬ ‫إلعادة إنتاج متطرفني جدد مستعدون للعودة للنشاط‬
‫خاصة ملكافحته وتتبع العنارص التى من املحتمل أن‬ ‫اإلرهابى‪ ،‬حال خروجهم(‪.)17‬‬
‫تنجذب ألفكاره‪ ،‬ثم متارس العنف ضد املهاجرين‪.‬‬ ‫لذا‪ ،‬تم إقرار تعديالت جديدة ىف قوانني اإلرهاب‬
‫ختا ًما‪ ،‬ال يمكن إنكار أن أحداث سبتمرب خلقت‬ ‫األوروبية حتظر اإلفراج املبكر عن املحكومني ىف قضايا‬
‫تغيريات عميقة ىف بنية وأساليب عمل األجهزة األمنية‬ ‫إرهابية‪ ،‬وذلك حلني التأكد من أن هؤالء قد انتظموا‬
‫الغربية‪ .‬كام دفعت احلكومات إىل حتديث ترشيعات‬ ‫داخل السجون ىف برامج إلعادة تغيري فكرهم والتأكد‬

‫‪46‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫الغرب مع سياسات اهلجرة وسياسات االندماج الوطنى‬ ‫مواجهة اإلرهاب لتخلق بيئة قانونية أقدر عىل تتبع‬
‫ويتم اجلدل بشأهنا‪ ،‬خاصة ىف مواسم االنتخابات ملا‬ ‫اإلرهابيني وحماكمتهم‪ .‬ولكن ىف املقابل أدى ذلك إىل‬
‫لليمني املتطرف من ثقل انتخابى ال يمكن جتاهله‪ ،‬األمر‬ ‫فرض قيود إضافية عىل حرية األفراد ىف احلركة وممارسة‬
‫الذى جيعل من توازن اإلجراءات االستباقية التى تطول‬ ‫حقوقهم األساسية‪ ،‬فضال عن انكشاف قوائم وقواعد‬
‫“اإلرهابيني املحتملني” من الفريقني‪ ،‬املنتمني لليمني‬ ‫بيانات ضخمة وتبادهلا بشكل استباقى بني الدول دون‬
‫مؤثرا‬
‫ً‬ ‫أمرا‬
‫املتطرف أو من ذوى اخللفية اإلسالمية‪ً ،‬‬ ‫مربر قضائى واضح‪ .‬وال تزال هذه األحداث وشبيهاهتا‬
‫بشكل كبري ىف مستقبل احلكومات الغربية ونجاحها ىف‬ ‫تلقى بظالهلا عىل بيئة احلقوق واحلريات وضامنات‬
‫البقاء عىل مسافة واحدة من مجيع مواطنيها دون اإلخالل‬ ‫اخلصوصية وسياسات اهلجرة وطلب اللجوء ىف الغرب‪.‬‬
‫باعتبارات احلقوق واحلريات‪.‬‬ ‫إذ تتداخل وتتفاعل سياسات مواجهة اإلرهاب ىف‬

‫‪47‬‬
‫مواجهات ومراجعات‬
‫املشهد‬

‫المصادر‬

1- Paul Pillar, “Good Literature & Bad history: the 9/11 commission’s tale of Strategic Intelligence”,
in Intelligence & National Security, vol21, No.6, December 2006, p.1029
1024 ‫ ص‬،‫ المرجع السابق‬- 2
3- David Johnson, “the long and widening road: post 9/11 intelligence reforms a decade later”,
Monterey California, Naval Post Graduate school, March 2013.https://calhoun.nps.edu/bitstream/
handle/10945/32841/13Mar_Johanson_David.pdf?sequence=1&isAllowed=y
4- Robert Mueller, Director of FBI, Statement before the House Permanent Select Committee
on Intelligence, 6 October 2011, https://archives.fbi.gov/archives/news/testimony/the-state-of-
intelligence-reform-10-years-after-911
5- Jeff Stein, “FBI under the Gun“, in Congressional Quarterly , 1 May 2006, pp. 1152-1155
‫ المرجع السابق‬- 6
7- The American Civil Liberties Union, “Surveillance under the US/Patriot Act”, https://www.aclu.
org/other/surveillance-under-usapatriot-act
8- Revisions to executive order 12333, published by CLPT office at the ODNI, https://fas.org/irp/
dni/12333civillib.pdf and https://www.dni.gov/files/documents/CLPO/CLPO_Information_Paper_
on_2008_Revision_to_EO_12333.pdf
Monica Den Boer, “911 and the Europeanization of the Anti-Terrorism Policy: a Critical 9-
Assessment”, Groupement d’études et de recherche: Notre Europe, Policy paper n.3, September
2003, https://institutdelors.eu/wp-content/uploads/2018/01/policypaper6_01.pdf
‫ ينظم هذا االتفاق تبادل وتسليم المطلوبين داخل دول االتحاد االوروبى ولكن أثيرت مخاوف من أن تسلم دولة مطلوبين لدولة أخرى‬-10
‫داخل االتحاد األوروبى فتقوم األخيرة بتسليمه لدولة ثالثة خارج أوروبا يجمعها بها اتفاق ثنائى لتسليم المطلوبين وال يراعى معايير المحاكمة‬
.2004 ‫ ولهذا تأخر التصديق النهائى على هذا االتفاق إلى عام‬.‫العادلة كما فى أوروبا أو تطبق أحكام اإلعدام‬
11- Den Boer, op.cit., pp.3-4
،2005 ‫ يوليو‬26 ،‫ مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية‬،»‫ االنعكاسات االستراتيجية‬.. ‫ «تفجيرات لندن‬،‫ كينيث كاتزمان‬-12
shorturl.at/nAMUY
13-Alberto Costi, “Complementary Approaches: a Brief Comparison between the EU and USA
Counter-Terrorism Strategies since 2001”, Faculty of law, Victoria University of Wellington, NZCAL
Yearbook 18, 2012
171 ‫ ص‬،‫ المرجع السابق‬- 14
15- Quirine Eijkman and Bart Schuurman, “Preventive Counter‐terrorism and Non‐discrimination
in the European Union: A call for systematic evaluation”, the Counter Terrorism Center-The Hague,
June 2011, pp.8-11- https://www.icct.nl/app/uploads/download/file/ICCT-Eijkman-Preventative-
CT-and-Non-Discrimination-EU-July-2011.pdf
16- European Parliament, “Understanding EU Counter Terrorism Policy”, EU Policy, – January
2021, https://cutt.us/lWVoC
4-3 ‫ ص ص‬،‫ المرجع السابق‬- 17
https://cutt.us/vkyYy ،2021-7-9 ،”‫ “ماذا ينتظر اإلخوان بعد عاصفة القوانين األوروبية‬،‫ سكاى نيوز العربية‬- 18

48
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬
‫تنظيمات‬

‫أحمد كامل البحيري‬


‫باحث متخصص فى شئون تنظيمات التطرّ ف العنيف واإلسالم‬
‫السياسى ‪ -‬مركز األهرام للدراسات السياسية واالستراتيجية‬

‫عاما من المواجهة‬
‫حالة تنظيم القاعدة بعد عشرين ً‬

‫مع الذكرى العرشين ألحداث احلادى عرش من سبتمرب ‪ ،2001‬يأتى التساؤل حول تنظيم القاعدة من حيث قدراته‬
‫التنظيمية ومستويات التهديد املحتمل‪ .‬ويتزامن التساؤل مع حدوث حتوالت متسارعة ىف املوقف األمريكى ىف‬
‫احلرب عىل اإلرهاب باإلقليم‪ ،‬وانسحاب القوات العسكرية األمريكية من أفغانستان‪ ،‬وسيطرة حركة طالبان عىل‬
‫كابول‪ ،‬وهو ما جعل من الذكرى العرشين ألحداث احلادى عرش من سبتمرب نقطة فارقة ىف حتديد مالمح حركة تنظيم‬
‫القاعدة خالل املرحلة املقبلة‪.‬‬

‫ً‬
‫أول‪ :‬مراحل تطور التنظيم‬
‫مر تنظيم القاعدة بدول العامل بتطورات بنيوية وهيكلية عىل مدار العقدين األخريين‪ ،‬يمكن تقسيمها إىل ثالث مراحل‬
‫رئيسية‪ ،‬محلت كل مرحلة من هذه املراحل سامت وخصائص حمددة‪ ،‬أثرت بشكل مبارش ىف وضعية التنظيم خالل‬
‫املرحلة اجلارية‪.‬‬
‫‪ -1‬مرحلة اهليمنة واالستحواذ (‪)2010-2001‬‬
‫نظرا النطالقه من أفغانستان ىف ظل حكومة طالبان‪ ،‬والتى اعتربت البيئة‬
‫نشأ تنظيم القاعدة عام ‪ 1998‬نشأة قوية‪ً ،‬‬
‫نظرا لتوافر املكون اجلهادى خالل عقود‪ ،‬وخالل العقد األول من القرن احلادى والعرشين‪.‬‬
‫احلاضنة املناسبة ً‬
‫وقد أخذت مظاهر اهليمنة واالستحواذ ىف الظهور عىل النحو التاىل‪:‬‬
‫فرعا للتنظيم‪ ،‬شملت‬‫أ‪ -‬انتشار فروع التنظيم بدول العامل‪ :‬متكن تنظيم القاعدة املركزى من إنشاء ما يقرب من ‪ً 16‬‬
‫أغلب دول الرشق األوسط وآسيا وأفريقيا‪ ،‬وأبرزها تنظيم القاعدة ىف جزيرة العرب‪ ،‬وتنظيم القاعدة ىف بالد املغرب‪،‬‬
‫وتنظيم القاعدة ىف الفلبني‪ ،‬وتنظيم القاعدة ىف الساحل‪ ،‬وتنظيم القاعدة ىف الصومال‪ ،‬وتنظيم القاعدة ىف العراق‪،‬‬
‫وتنظيم القاعدة ىف سوريا‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫تنظيمات‬
‫املشهد‬

‫تنظيم القاعدة‬
‫ترجع نشأة تنظيم «القاعدة» إلى عام ‪ 1998‬باندماج حركة الجهاد المصرية مع المجاهدين العرب‬
‫في أفغانستان‪ .‬وقد كان اإلعالن الرسمي عن نشأة تنظيم «القاعدة» في فبراير ‪ 1998‬بإصدار بن الدن‬
‫والظواهري فتوى تحت عنوان «الجبهة اإلسالمية العالمية للجهاد ضد اليهود والصليبيين»‪ ،‬والتي أباحت‬
‫للمسلمين قتل األمريكيين عسكريين ومدنيين في أي مكان في العالم‪ ،‬وكتبا فيها «إن على المسلم أن‬
‫يقتل األمريكيين‪ ،‬بمن في ذلك المدنيون‪ ..‬حيث ثقفتموهم»‪.‬‬
‫فيما ترجع جذور التنظيم لما قبل ذلك حيث أنشأ الفلسطيني عبد اهلل عزام عام ‪ 1984‬مكتب «خدمات‬
‫المجاهدين العرب» في بيشاور‪ .‬إلى جانب معسكر «مأسدة األنصار» الذى أسسه السعودى أسامة بن الدن‬
‫في نفس العام‪ ،‬ليكونا الحاضنة األولى لخروج تنظيم «القاعدة»‪ ،‬بل والمدرسة التي تخرج منها معظم‬
‫قادة وقواعد التنظيمات اإلسالمية المتطرفة المسلحة في الدول العربية واالفريقية واالسيوية فيما بعد‪.‬‬
‫ويرى البعض أن التأسيس األول للقاعدة كان عام ‪ 1988‬بشكل سري في بيشاور قبل بلورة التنظيم واإلعالن‬
‫عنه بشكل عالمي بعد ذلك بعشر سنوات‪ .‬وتزعم التنظيم منذ نشأته أسامة بن الدن‪ ،‬وبعد مقتله في‬
‫مايو ‪ ،2011‬خلفه نائبه المصرى أيمن الظواهرى‪.‬‬

‫العديد من التنظيامت بدول اإلقليم (سوريا‪ -‬العراق‪-‬‬ ‫ب‪ -‬تصاعد عمليات التنظيم‪ :‬عىل الرغم من قيام‬
‫اليمن‪ -‬ليبيا) بفعل الفراغ األمنى الذى شهدته دول‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية باستهداف أفغانستان‬
‫األزمات والرصاع‪ ،‬األمر الذى أثر سلب ًيا بشكل مبارش‬ ‫وسقوط حكم طالبان إال أن تنظيم القاعدة متكن من‬
‫عىل ظاهرة «اجلهاد القاعدى»‪.‬‬ ‫توسيع نطاق عملياته‪ ،‬حيث شهدت دول العامل العديد‬
‫ب‪ -‬مقتل أسامة بن الدن؛ مع إعالن الواليات املتحدة‬ ‫من العمليات اإلرهابية الكربى‪ ،‬مثل تفجريات مدريد‬
‫األمريكية عن مقتل زعيم ومؤسس تنظيم القاعدة أسامة‬ ‫ىف مارس ‪ ،2004‬وتفجريات لندن ىف يوليو ‪،2005‬‬
‫بن الدن‪ ،‬ىف مايو ‪ ،2011‬بدأت حالة من الرصاع بني‬ ‫بجانب العديد من العمليات بدول املنطقة العربية‪.‬‬
‫قيادات تنظيم القاعدة عىل قيادة التنظيم تلك بالرغم من‬ ‫‪ -2‬مرحلة الرتاجع واالنشقاق (‪)2015-2011‬‬
‫حسم خالفة بن الدن ملصلحة أيمن الظواهرى الذى‬
‫حتولت ظاهرة تنظيم القاعدة خالل النصف األول من‬
‫يفتقد الكاريزما والقيادة‪ ،‬إال أن استمرار حالة الرصاع‬
‫العقد الثانى (‪ ،)2015-2011‬إىل حالة من الرتاجع‬
‫دفعت البعض لطرح محزة بن الدن لتوىل قيادة التنظيم‬
‫واالنشقاق متأثرة بخمسة عوامل‪:‬‬
‫قبل مقتله‪ .‬ونتيجة الستمرار حالة عدم الرضا عن قيادة‬
‫الظواهرى لتنظيم القاعدة‪ ،‬بدأت بعض األفرع منذ عام‬ ‫أ‪ -‬قيام االحتجاجات يف الدول العربية؛ ساعدت حالة‬
‫‪ 2015‬ىف االنشقاق عن تنظيم القاعدة‪ ،‬سواء بإعالن‬ ‫الفراغ األمنى الناتج عن االحتجاجات منذ ‪ ٢٠١١‬عىل‬
‫نموذجا)‪،‬‬
‫ً‬ ‫التبعية واالرتباط مع تنظيم آخر («داعش»‬ ‫إعادة صياغة خريطة التنظيامت التكفريية باملنطقة‪ ،‬والتى‬
‫أو خلق تنظيم مستقل كام حدث مع تنظيم جبهة النرصة‬ ‫اتسمت بالسيولة والتعدد واالنتشار‪ ،‬حيث شهدت‬
‫(هيئة حترير الشام حاليا)‪ ،‬وهو ما أثر سلب ًيا بشكل مبارش‬ ‫هذه املرحلة حالة من التكاثر التنظيمى التكفريى غري‬
‫عىل عدد عمليات التنظيم اإلرهابية بدول العامل خالل‬ ‫املسبوقة ىف تاريخ التنظيامت اإلرهابية‪ ،‬أو التى يمكن‬
‫السنوات اخلمس األخرية‪.‬‬ ‫أن يطلق عليها مرحلة الفوىض التكفريية‪ ،‬حيث ظهر‬

‫‪50‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫أفرع تنظيم القاعدة السابقة‬

‫بداية النشأة‬ ‫منطقة التمركز والنشاط‬ ‫الفرع‬


‫‪2006 : 2004‬‬ ‫العراق‬ ‫تنظيم القاعدة في بالد الرافدين‬
‫‪2013 : 2006‬‬ ‫العراق‬ ‫دولة العراق اإلسالمية‬
‫‪ :2012‬غيرت المسمى الى هيئة تحرير الشام‬
‫سوريا‬ ‫جبهة النصرة‬
‫‪2017‬‬
‫‪ :2017‬انفصلت ‪2021‬‬ ‫سوريا‬ ‫هيئة تحرير الشام (هتش)‬
‫‪( 2017 :2013‬انضمت الى جماعة نصرة‬
‫دول الساحل والصحراء‬ ‫المرابطون‬
‫اإلسالم والمسلمين)‬
‫‪2015 : 2007‬‬ ‫الشيشان‬ ‫إمارة القوقاز‬
‫‪( 2015 : 1998‬اعداد كبيرة من مقاتليها‬
‫انضموا للقتال مع طالبان وعدد كبير انضم الى‬ ‫أوزبكستان‬ ‫حركة أوزبكستان اإلسالمية‬
‫داعش)‬
‫‪( 2000 :1993‬دخلت في تحالف مجلس‬
‫مجاهدى اندونسيا) ‪( 2008 :‬انشقاقات‬
‫اندونيسيا وماليزيا‬ ‫الجماعة اإلسالمية في جنوب آسيا‬
‫كثيرة)‪( 2014 :‬اعالن زعيمها وبعض‬
‫أنصاره مبايعة داعش)‬

‫ه‪ -‬ضعف االستقطاب؛ مع تنوع وتعدد التنظيامت‬ ‫ج‪ -‬ظهور تنظيم «داعش»؛ بعد حدوث اخلالف الشهري‬
‫اإلرهابية بدول اإلقليم‪ ،‬وفك العديد من أفرع تنظيم‬ ‫بني أبو بكر البغدادى وتنظيم القاعدة بالعراق والشام‬
‫القاعدة االرتباط التنظيمى مع التنظيم املركزى‪ ،‬أصبح‬ ‫(‪ ،)2014‬وانفصال أبو بكر البغدادى عن تنظيم‬
‫التنظيم املركزى يعانى حالة ضعف ىف أعداد املنضمني‬ ‫القاعدة‪ ،‬وإعالن ما يسمى «تنظيم دولة اخلالفة»‪ ،‬متكن‬
‫واملستقطبني من العنارص املتطرفة‪ ،‬مما أثر سلب ًيا بشكل‬ ‫األخري من االستحواذ والسيطرة عىل الكثري من أفرع‬
‫مبارش عىل قوة وتأثري تنظيم القاعدة خالل السنوات‬ ‫تنظيم القاعدة بدول العامل وتصاعد عملياته اإلرهابية‪،‬‬
‫اخلمس املاضية‪.‬‬ ‫مما أثر بشكل مبارش عىل حدوث تراجع حاد لتنظيم‬
‫‪ -3‬مرحلة االرتباك التنظيمى (‪)2021-2015‬‬ ‫القاعدة بدول العامل‪.‬‬

‫مع تعدد الرضبات األمنية جتاه قيادات تنظيم القاعدة‬ ‫د‪ -‬تراجع شعار تنظيم القاعدة «مواجهة العدو البعيد»؛‬
‫بدول ارتكاز التنظيم املختلفة‪ ،‬والتى أسفرت عن‬ ‫مع انتشار الرصاعات بدول اإلقليم (ليبيا‪ -‬اليمن‪-‬‬
‫سقوط العديد من قيادات الصف األول عىل املستوى‬ ‫سوريا)‪ ،‬أصبح مفهوم (العدو القريب) هو شعار‬
‫املركزى وقيادات األفرع املختلفة‪ ،‬وتزامنها مع دخول‬ ‫استقطاب عنارص متطرفة للتنظيامت اإلرهابية املنترشة‬
‫حركة طالبان ىف مفاوضات جدية مع الواليات املتحدة‬ ‫بدول اإلقليم‪ ،‬وهو ما أدى إىل تراجع االهتامم بشعار‬
‫األمريكية برعاية قطرية‪ ،‬أسفرت عن انسحاب أمريكى‬ ‫(العدو البعيد) ‪-‬الذى يرفعه تنظيم القاعدة‪ -‬كمحفز ىف‬
‫من أفغانستان‪ ،‬وتعهد حركة طالبان بعدم تعرض تنظيم‬ ‫عملية االستقطاب‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫تنظيمات‬
‫املشهد‬

‫الداخلية ىف بنية تنظيم القاعدة ىف جزيرة العرب عرب‬ ‫القاعدة للمصالح األمريكية والغربية‪ ،‬بدأ التنظيم ىف‬
‫الرصاع بني إبراهيم القوىص‪ ،‬أو (حبيب السودانى)‪،‬‬ ‫الدخول ىف مرحلة اتسمت باالرتباك التنظيمى نتيجة‬
‫وخالد باطرىف عقب مقتل زعيم التنظيم قاسم الريمى‪،‬‬ ‫العديد من العوامل التى يمكن رصدها وحتليلها عىل‬
‫وهو نفس األمر الذى حدث ىف تنظيم القاعدة ىف املغرب‬ ‫النحو التايل‪:‬‬
‫اإلسالمى عقب مقتل زعيم التنظيم عبد امللك دروكدال‬ ‫أ‪ -‬رصاع اخلالفة املحتمل‬
‫‪-‬أهم قيادة تارخيية للحركة اإلرهابية ىف املغرب العربى‪،‬‬
‫منذ مقتل أسامة بن الدن وهناك أزمة قيادة مستمرة‬
‫مهندس التحالفات التى جرت بني التنظيامت القاعدية‬
‫عىل الرغم من توىل أيمن الظوهرى لقيادة التنظيم‬
‫ىف املغرب العربى ومنطقة الساحل والصحراء‪ -‬والذى‬
‫نتيجة ضعف قيادة الظواهرى الذى يقرتب من مستوى‬
‫قتل بواسطة القوات العسكرية الفرنسية عىل احلدود‬
‫ً‬
‫زعيم للتنظيم‪ ،‬وهو ما‬ ‫مفتى للتنظيم أكثر من كونه‬
‫املالية الشاملية بالقرب من احلدود اجلزائرية ىف ‪ 5‬يونيو‬
‫دفع العديد من قيادات جملس شورى التنظيم وبعض‬
‫‪ ،2020‬ويعد عبد امللك دروكدال ثالث قيادة تنظيمية‬
‫األفرع للحديث عن نقل السلطة حلمزة بن الدن قبل‬
‫قاعدية خيرسها تنظيم القاعدة باملغرب خالل عام‪ .‬ومن‬
‫مقتله‪ ،‬مع طرح العديد من األسامء‪ ،‬مثل سيف العدل‪،‬‬
‫قبل كان قد أعلن عبد امللك دروكدال عن مقتل اثنني من‬
‫املسئول عن اللجنة األمنية ومهندس املتفجرات بالتنظيم‬
‫كبار أعضاء جملس شورى التنظيم‪ ،‬ومها حييى أبو اهلامم‬
‫واملقرب من أسامة بن الدن‪ ،‬واملقرب ً‬
‫أيضا من القيادة‬
‫وأبو عياض التونسى‪ .‬وقد أضعف هذا االستهداف‬
‫األمنية ىف طهران‪ ،‬وهو ما يضعف من قبول العديد من‬
‫لقيادات التنظيم قوة وفاعلية ونشاط تنظيم القاعدة ىف‬
‫أفرع التنظيم له‪ ،‬ىف الوقت الذى يتصاعد فيه اسم حممد‬
‫املغرب اإلسالمى‪.‬‬
‫الزيات‪ ،‬وهو األقل ىف الكاريزما والسيطرة مقارنة مع‬
‫ومع إعالن التنظيم تعيني اجلزائرى أبو عبيدة يوسف‬ ‫سيف العدل‪ ،‬مما جيعل من اختيار القيادة اجلديدة أحد‬
‫العنابى‪ ،‬بدأت تتصاعد اخلالفات الداخلية بالتنظيم‬ ‫أهم العوامل التى ستحدد قدرة ومسار تنظيم القاعدة‬
‫حول قدرة العنابى عىل إحداث نقلة نوعية ىف مسار‬ ‫خالل مرحلة (ما بعد الظوهرى)‪.‬‬
‫التنظيم لضعف إمكانياته عىل املستوى االسرتاتيجى‬
‫ب‪ -‬سيولة األفرع‬
‫والقيادى‪ ،‬وهو ما أعاد طرح بعض األفكار حول‬
‫االستقالل عن تبعية التنظيم املركزى مع االستمرار ىف‬ ‫شهدت الفرتة (‪ )2021-2015‬مقتل العديد من‬
‫التبعية الفكرية (األفكار القاعدية) عىل غرار ما حدث‬ ‫قيادات أفرع التنظيم املختلفة ىف اإلقليم‪ ،‬مثل مقتل أبو‬
‫ىف فك االرتباط بني جبهة النرصة (هيئة حترير الشام‬ ‫القسام األردنى‪ ،‬وخالد العارورى‪ ،‬وأبو خدجية األردنى‪،‬‬
‫حال ًيا) وتنظيم القاعدة‪ ،‬وهو املسار املطروح بقوة‬ ‫وبالل خريسات أبو خالد املهندس‪ ،‬وسامى شهاب أبرز‬
‫داخل صفوف تنظيم نرصة اإلسالم واملسلمني الفاعلة‬ ‫قيادات التنظيم ىف سوريا والعراق‪ ،‬وأبو حممد السودانى‪،‬‬
‫والنشطة ىف منطقة الساحل األفريقى واملغرب العربى‪،‬‬ ‫أدوارا ىف اليمن‬
‫ً‬ ‫وهو من القيادات الرشعية ولعب‬
‫األمر الذى ينعكس عىل تكتيكات التنظيم من حيث‬ ‫وسوريا‪ ،‬مما أثر بشكل مبارش ىف قدرات األفرع املختلفة‪،‬‬
‫طبيعة املستهدف والرتكيز عىل العدو القريب األخطر‬ ‫وىف متاسك بنية التنظيم‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬يمكن رصد‬
‫عىل املنطقة‪ ،‬مما يمكن أن يؤدى إىل حدوث انقسام بني‬ ‫مظهر آخر من مظاهر سيولة األفرع‪ ،‬وهو اخلالفات‬
‫مكونات تنظيم نرصة اإلسالم واملسلمني‪ ،‬وهو نفس‬ ‫البينية داخل أفرع التنظيم‪ ،‬مثل تصاعد اخلالفات‬

‫‪52‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫أفرع تنظيم القاعدة الحالية‬

‫بداية النشأة‬ ‫منطقة التمركز والنشاط‬ ‫الفرع‬

‫‪2007‬‬ ‫الجزائر‬ ‫تنظيم القاعدة في بالد المغرب اإلسالمي‬

‫‪2009‬‬ ‫اليمن‬ ‫تنظيم القاعدة في جزيرة العرب‬


‫النشأة ‪ 2006‬االنضمام الرسمي‬
‫الصومال‬ ‫حركة شباب المجاهدين‬
‫للقاعدة ‪2012‬‬
‫‪2014‬‬ ‫الهند وباكستان وبنجالديش‬ ‫تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة الهندية‬

‫‪2017‬‬ ‫كشمير‬ ‫أنصار غزوات الهند‬

‫‪2017‬‬ ‫الساحل (مالي)‬ ‫جماعة نصرة اإلسالم والمسلمين‬

‫‪2018‬‬ ‫سوريا‬ ‫حراس الدين – أنصار اإلسالم‬

‫بن الدن لصحيفة القدس الغربية ىف أغسطس بإعالن‬ ‫تراجعا‬


‫ً‬ ‫األمر ىف سوريا‪ ،‬حيث تشهد التنظيامت القاعدية‬
‫احلرب عىل الواليات املتحدة املحتلة لبالد احلرمني‪،‬‬ ‫ىف فاعلية تنظيمى حراس الدين وأنصار اإلسالم‪،‬‬
‫وهو اإلعالن الذى كان نقطة انطالق لتنفيذ استهداف‬ ‫وتصاعد حدة املواجهة مع تنظيم هيئة حترير الشام التى‬
‫سفارتى الواليات املتحدة األمريكية ىف دار السالم‬ ‫متكنت من احلد من نفوذمها خالل العام اجلارى ‪.2021‬‬
‫(تنزانيا) ونريوبى (كينيا) ىف ‪ 19‬أغسطس ‪.1998‬‬ ‫ومع النصف الثانى من العام احلاىل ‪ ،2021‬قتل تنظيم‬
‫وانطلق هذا االستهداف ىف فتوى الترتس البن تيمية‪،‬‬ ‫«داعش» زعيم تنظيم بوكوحرام أبو بكر شيكاوى‪،‬‬
‫وفتوى إجازة إتالف النفس من أجل املصلحة العامة‪،‬‬ ‫والذى أدى إىل إعالن جمموعة بوكوحرام البيعة لتنظيم‬
‫وهى القاعدة الفقهية التى تعتمد عليها التنظيامت‬ ‫«داعش» وأصبحت جز ًءا من فرع التنظيم ىف الساحل‬
‫األفريقى‪ ،‬وهو ما أدى إىل تراجع حاد‪ ،‬بل توقف لنشاط‬
‫واألمراء ىف تنفيذ عمليات انتحارية‪ ،‬وأيضا ينطلق تنظيم‬
‫تنظيم القاعدة ىف منطقة الساحل والصحراء األفريقية‬
‫القاعدة ىف استهداف الغرب ىف تفسري اآلية القرآنية رقم‬
‫‪ 5‬ىف سورة التوبة‪َ « ..‬فإِ َذا انس َل َخ ْ َ‬
‫ال ْش ُه ُر ْ ُ‬ ‫خالل املرحلة اجلارية‪.‬‬
‫ال ُر ُم َفا ْق ُت ُلوا‬ ‫َ‬
‫وه ْم‬‫ص ُ‬ ‫اح ُ ُ‬ ‫وه ْم َو ْ‬ ‫وه ْم َو ُخ ُذ ُ‬ ‫دت ُ‬‫ش ِكنيَ َح ْي ُث َو َج ُّ ُ‬ ‫ْ ُال ْ ِ‬ ‫ثانيا‪ :‬املنطلقات الفقهية لتنظيم القاعدة الستهداف الواليات‬
‫الص َل َة َوآ َت ُوا‬ ‫َوا ْق ُعدُ وا َ ُل ْم ُك َّل َم ْر َص ٍد َفإِن َتا ُبوا َو َأ َق ُاموا َّ‬ ‫املتحدة األمريكية‬
‫يم‪.“ ‬‬ ‫ور َّر ِح ٌ‬ ‫الز َكا َة َف َخ ُّلوا َسبِي َل ُه ْم إِ َّن َّ َ‬
‫الل َغ ُف ٌ‬ ‫َّ‬
‫انطلق تنظيم القاعدة ىف جمموعة فتاوى ومسائل فقهية‬
‫أصل تنظيم القاعدة ملفهوم استهداف العدو البعيد‬‫وقد َّ‬ ‫لتفسري بعض اآليات حول استباحة استهداف املصالح‬
‫(الغرب) ىف العديد من األدبيات التكفريية‪ ،‬مثل (إقامة‬ ‫الغربية‪ ،‬سواء مدنيني أو أنشطة اقتصادية‪ ،‬وهو ما‬
‫الربهان عىل وجوب كرس األمطان)‪ ،‬و(التبيان ىف كفر‬ ‫انغلق فيه تنظيم القاعدة لتنفيذ استهداف برجى التجارة‬
‫من أعان األمريكان)‪ ،‬وكتاب (حي عىل اجلهاد)‪ ،‬وكتاب‬ ‫العاملى‪ ،‬والذى بدأت عام ‪ 1998‬عندما رصح أسامة‬

‫‪53‬‬
‫تنظيمات‬
‫املشهد‬

‫املغرب االقرتاب من تكتيك حركة طالبان ىف أفغانستان‬ ‫(العدو القريب والنرص البعيد)‪ ،‬والعديد من الكتابات‬
‫بمحاولة االقرتاب من صورة التنظيم املتمرد املسلح ذى‬ ‫أصلت ملفهوم العدو البعيد‪.‬‬
‫األخرى التى َّ‬
‫الصبغة الدينية‪ ،‬ىف حماولة إلعادة التسويق السياسى‪،‬‬
‫سواء عىل املستوى املحىل أو الدوىل‪.‬‬ ‫ثال ًثا‪ :‬مالمح التحوالت ىف بنية تنظيم القاعدة‬

‫‪ -٢‬االستفادة من مبادرة احلوار اجلارية‪ :‬خالل األشهر‬ ‫مع استمرار حالة االرتباك املركزى لتنظيم القاعدة عىل‬
‫الثالثة املاضية نجح النظام ىف دولة ماىل ىف فتح قنوات‬ ‫املستوى االسرتاتيجى‪ ،‬بدأ بعض أفرع التنظيم بناء‬
‫حوار مع تنظيم القاعدة‪ ،‬وهى اخلطوة التى أسفرت عن‬ ‫تكتيكات مغايرة من حيث اخلطاب اإلعالمى وحتديد‬
‫اإلفراج عام يقرب من (‪ )200‬عنرص من تنظيم القاعدة‬ ‫أطراف املواجهة عام كانت عليه خالل مراحل تنظيم‬
‫ىف منطقة الساحل‪ ،‬من بينهم مخسة من قادة القاعدة‬ ‫القاعدة املمتدة‪ ،‬وهو ما يمكن مالحظته من خالل بيان‬
‫اعتقلهم اجليش الفرنسى عىل احلدود بني ليبيا والنيجر‪،‬‬ ‫القيادة العامة لتنظيم القاعدة املركزى الذى أصدر تأييدا‬
‫بجانب دفع ما يقرب من ‪ 30‬مليون يورو إىل التنظيم‪،‬‬ ‫لقائد تنظيم القاعدة ىف بالد املغرب‪ ،‬أبى عبيدة العنابى‪،‬‬
‫وهو ما دفع اجلانبني‪ ،‬تنظيم القاعدة والنظام ىف ماىل‪،‬‬ ‫ىف األول من نوفمرب ‪ ،2020‬وبيان تنظيم القاعدة ىف‬
‫إىل االستمرار ىف عملية االتصاالت ملزيد من احلوار‪،‬‬ ‫بالد املغرب اخلاص بذكرى الربيع العربى بدول املنطقة‬
‫خاصة ىف ظل سعى النظام املاىل للعب دور الوسيط بني‬ ‫وشامل أفريقيا وبشكل خاص ىف دولة اجلزائر‪ ،‬والذى‬
‫القوى الدولية والتنظيامت اإلرهابية‪ ،‬وبشكل خاص‬ ‫صدر ىف هناية يناير ‪ ،2021‬حيث استخدم تنظيم‬
‫تنظيم القاعدة ىف منطقة الساحل لتحقيق االستقرار ىف‬ ‫القاعدة أسلو ًبا جديدً ا ىف اخلطاب اإلعالمى بالتأكيد عىل‬
‫املنطقة‪ ،‬ووقف استمرار استهداف قوات األمن املالية‬ ‫دعم التحركات الشعبية السلمية ىف مواجهة األنظمة‪،‬‬
‫ىف شامل البالد‪ ،‬وتقليل نسبة خسائر القوات الفرنسية‬ ‫أيضا عىل مفهوم “سيادة الشعب”‪ ،‬وهو‬ ‫والتأكيد ً‬
‫العسكرية الفاعلة باملنطقة‪ ،‬األمر الذى قوبل بالرتحيب‬ ‫املصطلح غري املدرج عىل أجندة املفاهيم لدى التنظيامت‬
‫من قبل الرئيس الفرنسى «ماكرون» الذى يسعى لتحقيق‬ ‫اإلرهابية ‪-‬ومنها تنظيم القاعدة‪ -‬الذين كانوا يرفعون‬
‫انتصارات سياسية متعددة‪ ،‬واالنخراط ىف ملفات عدة‬ ‫شعار أن ال سيادة إال لرشع اهلل‪ ،‬وأن سيادة الشعب‬
‫بمنطقة الرشق األوسط لتحقيق انتصارات داخلية‬ ‫والديمقراطية حمرمة‪ ،‬وهو ما يمكن إرجاعه ألسباب‬
‫سياسية قبل خوض االنتخابات الرئاسية املقبلة‪ ،‬وهو ما‬ ‫عدة‪ ،‬منها مواجهة حالة الرتاجع ىف بنية التنظيم عرب‬
‫استغله التنظيم بتهدئة حدة اخلطاب اإلعالمى‪ ،‬ىف حماولة‬ ‫التقرب من البيئة املحلية باملنطقة‪ ،‬بجانب الظهور أمام‬
‫لتحييد القوى الدولية الفاعلة‪ ،‬وىف مقدمتها فرنسا‪،‬‬ ‫املجتمع الدوىل بصورة مجاعة مترد‪ ،‬وليس مجاعة إرهابية‪،‬‬
‫مسارا‬
‫ً‬ ‫بتصوير أن تنظيم القاعدة ىف بالد املغرب يأخذ‬ ‫أى االقرتاب من تكتيك حركة طالبان ىف أفغانستان‪،‬‬
‫غري عنيف ىف مواجهة القوات الدولية‪ ،‬ويؤيد الثورات‪.‬‬ ‫بجانب العودة ملفهوم العدو القريب واملتمثل ىف مواجهة‬
‫‪ -٣‬جتاهل معاداة الغرب‪ :‬يسعى تنظيم القاعدة برتكيزه‬ ‫األنظمة احلاكمة‪ ،‬ومن ثم يمكن حتليل مسارات التغيري‬
‫عىل مفهوم العدو القريب بدال من مفهوم العدو البعيد‪،‬‬ ‫والتحول عىل النحو التاىل‪:‬‬
‫الذى ُعد املنطلق الرئيسى لتنظيم القاعدة عىل مدار‬ ‫‪ -١‬إعادة التسويق السيايس‪ :‬مع حالة الرتاجع الشديدة‬
‫السنوات املاضية‪ ،‬إىل حتييد الغرب بعد الرضبات األمنية‬ ‫ىف بنية تنظيم القاعدة‪ ،‬سواء عىل املستوى املركزى أو‬
‫الغربية العنيفة جتاه التنظيم‪ ،‬والتى أسفرت عن سقوط‬ ‫بالنسبة لألفرع املختلفة‪ ،‬بدأ التنظيم عرب فرعه ىف بالد‬

‫‪54‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫ذلك ال يعنى أيضا بالرضورة هناية التنظيم وأفكاره‬ ‫العديد من القتىل ىف صفوف التنظيم‪ ،‬بجانب مقتل‬
‫التى تأصلت عىل مستوى قاعدة عريضة جمتمعيا بحكم‬ ‫أغلب قياداته‪.‬‬
‫عوامل النشأة والتطور‪ ،‬وبحكم األحداث السياسية‬ ‫ىف املجمل؛ لعب العديد من العوامل دورا مهام ىف تراجع‬
‫اجلارية‪ ،‬وبشكل خاص ىف دول اإلقليم‪ ،‬وهو ما جيعل‬ ‫نفوذ ونشاط تنظيم القاعدة خالل العقد األخري‪ ،‬سواء‬
‫من املرحلة املقبلة‪ ،‬خصوصا عام ‪ ،2022‬نقطة فارقة ىف‬ ‫عىل املستوى املركزى أو أفرع التنظيم املختلفة‪ .‬وعىل‬
‫تاريخ تنظيم القاعدة‪ ،‬األمر الذى يمكن رصده الحقا‪.‬‬ ‫الرغم من تعدد األزمات أمام تنظيم القاعدة إال أن‬

‫‪55‬‬
‫المشهد في أرقام‬
‫املشهد‬

‫د‪ .‬محمد يوسف‬


‫خبير فى التمويل والتنمية االقتصادية‬

‫الحرب األمريكية على اإلرهاب‪:‬‬


‫كشف حساب ُمختصر‬

‫عندما يعتقد أطراف أى رصاع أن تكلفة الرصاع رخيصة أو أن عوائدها أكرب من تكاليفها‪ ،‬تنشب احلروب املسلحة‬
‫فيام بينهم‪ ،‬ثم تستعر لتدمر مظاهر احلياة وجوهر الوجود اإلنسانى فيها‪ .‬وىف اللحظة التى ترتفع فيها فاتورة احلرب‪،‬‬
‫وحتديدً ا عندما تعلو التكاليف واألعباء فوق العوائد واملنافع‪ ،‬تزداد املؤثرات وتتعاىل األصوات املطالبة برضورة إهناء‬
‫الرصاع ووقف آلة احلرب‪ .‬هذه قاعدة ذهبية من قواعد احلروب ً‬
‫قديم وحدي ًثا‪.‬‬
‫احلرب األمريكية عىل اإلرهاب ليست استثناء من تلك القاعدة؛ فعندما بدأت طبول تلك احلرب تُقرع‪ ،‬كان ذلك‬
‫إيذا ًنا بأن جدوى هذا النوع اجلديد من احلروب من املنظور األمريكى مربرة‪ ،‬وأن االقتصاد والسياسة ىف الواليات‬
‫املتحدة األمريكية يمكنهام حتملها واستيعاهبا بقدر ٍ‬
‫عال من املرونة‪ .‬وبعدما انترشت هذه احلرب عىل نطاق جغراىف‬
‫واسع ىف العراق‪ ،‬وأفغانستان‪ ،‬وباكستان‪ ،‬والح ًقا سوريا‪ ،‬واستمرت ملا يناهز عقدين من الزمان؛ ها هى الواليات‬
‫املتحدة تقرر االنسحاب من أهم معاقل اإلرهاب من املنظور األمريكى‪ ،‬أفغانستان؛ فهل ذلك يعنى أن عرص احلروب‬
‫األمريكية املمتدة قد و ّىل وذهب لغري رجعة؟!‬
‫ورغم مركزية السؤال السابق ىف حتليل السياق العاملى للحرب عىل اإلرهاب‪ ،‬لكنه هيمل جان ًبا فائق األمهية ىف ذات‬
‫السياق العاملى‪ ،‬فتكاليف احلرب عىل اإلرهاب ال تدفعها الواليات املتحدة وحدها‪ ،‬وال ينوء بحملها االقتصاد‬
‫األمريكى دون غريه؛ بل إن هناك دالئل كثرية عىل قدرة الواليات املتحدة عىل نقل عبء هذه احلروب خارج أراضيها‬
‫ألطراف غري أمريكية‪ .‬زد عىل ذلك ‪-‬ونراه أكثر أمهية مما سبق‪ -‬أن هلذه احلرب تكاليفها الباهظة ىف الدول التى دارت‬
‫رحاها عىل أرضها؛ ىف أفغانستان والعراق وباكستان وسوريا‪ .‬ولكل ذلك‪ ،‬من األمهية بمكان إعداد كشف حساب‬

‫‪56‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫خمترص للحرب األمريكية عىل اإلرهاب؛ ال من املنظور األمريكى وحده‪ ،‬بل من منظور شامل ألطراف هذه احلرب‬
‫خارج احلدود األمريكية‪.‬‬

‫ً‬
‫أول‪ :‬إطار حتليىل حلساب تكاليف احلروب والرصاعات املسلحة‬
‫املحاوالت العملية لرصد تكاليف احلروب والرصاعات املسلحة غالبا ما يكون هلا هدف رئيسى وأهداف ثانوية‪.‬‬
‫اهلدف الرئيسى هو وسيلة مهمة لتوفري بدائل وآليات منضبطة للضغط عىل أطراف الرصاع إلهناء حالة احلرب‪ ،‬جتن ًبا‬
‫لتفاقم هذه التكاليف بام يفوق قدرهتم عىل التحمل‪ .‬أما األهداف الثانوية‪ ،‬فإهنا عديدة ومتنوعة؛ وختتلف حسب منظور‬
‫ُمعدّ ى كشوف حساب هذه التكاليف‪ .‬وىف حالتنا‪ ،‬فإن اهلدف من إعداد كشف حساب ُمترص للحرب األمريكية‬
‫عىل اإلرهاب هو الوقوف عىل التكاليف اإلمجالية للحرب‪ ،‬وكيف أهنا ال تقترص عىل البنود االقتصادية فحسب‪ ،‬بل‬
‫متتد لتشمل العديد من مناحى احلياة ىف دول الرصاع‪ ،‬باإلضافة إىل هدف آخر هو التدليل عىل أن الواليات املتحدة مل‬
‫تتحمل وحدها عبء هذه احلرب‪ ،‬وأهنا متلك آليات اقتصادية لنقل هذا العبء خارج اقتصادها‪ .‬كام أننا نحاول هنا‪،‬‬
‫منظورا غري أمريكى لتكلفة احلرب األمريكية عىل اإلرهاب‪.‬‬
‫ً‬ ‫عرب إعداد هذا الكشف املخترص‪ ،‬أن نقدم‬
‫من املستقر عليه أن الدول املتحاربة متول ُجل اإلنفاق عىل احلرب من موازناهتا العامة؛ فاألنشطة العسكرية االعتيادية‬
‫تستحوذ عىل حصة مهمة من اإلنفاق العام السنوى ىف معظم املوازنات العامة‪ .‬وىف فرتات احلروب‪ ،‬قد تلجأ بعض‬
‫الدول لالقرتاض املحىل بإصدار سندات عىل اخلزانة‪ ،‬أو تتوسع رضيبيا لتمويل خمصصات احلروب‪ .‬غري أن تكاليف‬
‫احلروب ليست مالية فقط؛ فالتكاليف املالية ما هى إال جزء من التكاليف املبارشة للحرب؛ فباإلضافة للتكاليف‬
‫املبارشة‪ ،‬يوجد للحرب تكاليف غري مبارشة عديدة‪ .‬ونحن نعتقد أن التكاليف االجتامعية والتكاليف البيئية‪،‬‬
‫والتكاليف البرشية تدخل كلها حتت مظلة التكاليف املبارشة‪ .‬ىف حني ُتثل تكاليف الفرصة االقتصادية البديلة ً‬
‫وجها‬
‫واضحا من أوجه التكاليف غري املبارشة للحروب‪ .‬وما ُيمنا هنا‪ ،‬ونحن نعدد تكاليف احلروب‪ ،‬أن نسلط الضوء‬ ‫ً‬
‫عىل األنواع القابلة للقياس الكمى من هذه التكاليف‪ ،‬ودون أن هنمل ما ال يمكن قياسه كم ًيا‪.‬‬
‫ويقودنا احلديث حول التكاليف القابلة للقياس للحروب أن نتأمل ىف منهجية حساب هذا النوع من التكاليف‪،‬‬
‫خصوصا ىف احلالة املاثلة أمامنا وهي احلرب األمريكية عىل اإلرهاب؛ فبينام يستمر هذا النوع من احلروب لسنوات‬ ‫ً‬
‫ُمتدة‪ ،‬فإنه ال جيوز إغفال أثر التضخم النقدى عىل حساب التكاليف املالية للحروب‪ .‬كام‪ ،‬ولنفس العامل الزمنى‪،‬‬
‫نظرا الرتفاع تكاليف الفرصة البديلة‪ ،‬وا ُملعرب عنها فيام تفقده الدول املتحاربة من موارد‬
‫ترتفع التكاليف غري املبارشة‪ً ،‬‬
‫اقتصادية وبرشية واجتامعية وبيئية‪ .‬فقد كان من الطبيعى أن تدخل هذه املوارد ضمن حمركات النمو ىف هذه الدول‬
‫جراء احلرب‪ .‬ومع تعدد وتنوع تكاليف احلروب‪ ،‬فمن املنطقى أن تصبح مهمة الوصول لكشف حساب‬ ‫لوال فقداهنا ّ‬
‫دقيق عن أى حرب‪ ،‬ناهيك عن احلرب التى يكون العدو فيها غري واضح املعامل وال تُقيده حدود‪ ،‬مهمة شاقة‪ ،‬وحتيط‬
‫هبا صعوبات إحصائية شديدة‪ ،‬فأغلب البيانات الالزمة لبناء كشف احلساب إما غري منشورة أو غري ُمكتملة األركان‬
‫اإلحصائية‪ .‬وللتغلب عىل هذا القيد الرئيسى‪ ،‬سنعزز منهجنا البحثى باستخدام بعض املؤرشات الكفيلة ‪،proxy‬‬
‫والتى يرسدها األداء االقتصاد الكىل‪ ،‬باإلضافة للمؤرشات الدولية عن املؤرشات االقتصادية واملراكز السياسية‬
‫نكون نظرة إمجالية عن احلرب األمريكية عىل اإلرهاب‪.‬‬ ‫للدول املتحاربة‪ .‬وكتمهيد لذلك‪ ،‬من املناسب أن ّ‬

‫‪57‬‬
‫المشهد في أرقام‬
‫املشهد‬

‫ثانيا‪ :‬احلرب األمريكية عىل اإلرهاب‪ :‬نظرة إمجالية‬


‫ً‬
‫من املهم أن ُنحدد بدقة أطراف احلرب األمريكية عىل اإلرهاب‪ ،‬لنتمكن من رصد تكاليف هذه احلرب بيشء‬
‫من املوضوعية‪ .‬ومع أننا ذكرنا أن احلرب عىل اإلرهاب هى من احلروب غري ا ُملنظمة‪ ،‬والتى ال تتضح أطرافها أو‬
‫حدودها السياسية بدقة؛ وسنقترص عىل دراسة تكاليف هذه احلرب ىف الواليات املتحدة وحلفاءها الدوليني من‬
‫جانب‪ ،‬وأفغانستان وباكستان والعراق وسوريا من جانب آخر‪ .‬وبنفس املنطق اجلغراىف‪ ،‬فإن دراستنا لفاتورة احلرب‬
‫األمريكية عىل اإلرهاب ستقترص عىل متابعة املؤرشات االقتصادية والسياسية والبيئية ىف هذه املناطق اجلغرافية‪ .‬أما‬
‫عن املدة الزمنية التى مكثت فيها الواليات املتحدة تصارع فيها هذا اإلرهاب‪ ،‬فذلك حيتاج لتحرير دقيق‪.‬‬
‫صحيح أن إرهاصات احلرب عىل اإلرهاب بدأت ىف أواخر القرن العرشين؛ لكن البداية احلقيقية هلا كانت بعد‬
‫اهنيار ُبرجى مركز التجارة العاملى ىف نيويورك ىف عام ‪ ،2001‬وبداية احلرب األمريكية عىل أفغانستان ىف نفس العام‪،‬‬
‫ثم العراق ىف عام ‪ .2003‬ولذلك‪ُ ،‬يمكننا القول‪ ،‬بقدر معقول من املوضوعية‪ ،‬أن املدة التى استمرت فيها احلرب‬
‫األمريكية عىل اإلرهاب تُناهز العرشين عا ًما‪ .‬فامذا عن تطور املؤرشات الكلية جلغرافيا هذه احلرب خالل هذه‬
‫السنوات املمتدة من الرصاع؟ إن نظرة رسيعة عىل تطور األداء االقتصادي يف الدول املتصارعة‪ ،‬ثم إلقاء الضوء عىل‬
‫مؤرشات نمو الناتج املحىل والبطالة‪ ،‬يمكنها أن تفيدنا يف هذا الشأن‪.‬‬

‫جدول رقم (‪)1‬‬


‫مؤشرات اقتصادية كلية عن الدول أطراف الحرب على اإلرهاب خالل الفترة‬
‫*‬
‫(‪)2018-2001‬‬
‫باكستان‬ ‫أفغانستان‬ ‫العراق‬ ‫الواليات المتحدة‬
‫المؤشر‪/‬الدولة‬
‫‪2018‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2018‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2001‬‬
‫نمو الناتج‬
‫‪5.8%‬‬ ‫‪4.7%‬‬ ‫‪1.6%‬‬ ‫‪3.5%‬‬ ‫‪1.2%‬‬ ‫‪2.7%‬‬ ‫‪14.4%‬‬ ‫‪8.8%‬‬ ‫‪%-1.2‬‬ ‫‪0.2%‬‬ ‫‪6.4%‬‬ ‫‪1.7%‬‬ ‫‪3.0%‬‬ ‫‪2.5%‬‬ ‫‪2.6%‬‬ ‫‪0.9%‬‬
‫المحلي‬
‫‪4.1%‬‬ ‫‪1.8%‬‬ ‫‪0.7%‬‬ ‫‪6.9%‬‬ ‫‪11.1%‬‬ ‫‪11.4%‬‬ ‫‪11.5%‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪12.9%‬‬ ‫‪10.6%‬‬ ‫‪8.3%‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪3.9%‬‬ ‫‪6.2%‬‬ ‫‪9.6%‬‬ ‫‪4.7%‬‬ ‫معدل البطالة‬

‫‪5.1%‬‬ ‫‪7.2%‬‬ ‫‪12.9‬‬ ‫‪3.1%‬‬ ‫‪0.6%‬‬ ‫‪4.7%‬‬ ‫‪2.2%‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪0.4%‬‬ ‫‪2.2%‬‬ ‫‪2.9%‬‬ ‫‪16.4%‬‬ ‫‪2.4%‬‬ ‫‪1.6%‬‬ ‫‪1.6%‬‬ ‫‪2.8%‬‬ ‫معدل التضخم‬

‫* بيانات هذا الجدول ورادة في مؤشرات التنمية الدولية للبنك الدولي على االنترنت في الرابط التالي‪:‬‬
‫‪databank.worldbank.org/data/reports‬‬

‫وكام هو واضح يف اجلدول السابق الذى يستند إىل جانب من بيانات البنك الدويل‪ ،‬فإن اقتصادات العراق وأفغانستان‬
‫وباكستان عانت من ويالت احلرب عىل اإلرهاب‪ .‬وقد أخذنا يف االعتبار عند إعداد اجلدول أخذ عينة من سنوات‬
‫احلرب بني ‪ 2001‬وحتى ‪ ،2018‬وذلك تفاديا للوقوع يف خطأ حساب آثار جائحة كوفيد ‪ 19‬عىل األداء االقتصادي‬
‫يف الدول املعنية يف العام ‪ .2020‬ومن األرقام يظهر تفاقم ظاهرة البطالة بني صفوف العاملة يف هذه الدول‪ .‬وتراجع‬
‫نسبة نمو الناتج املحىل اإلمجايل يف العراق وأفغانستان وخاصة منذ عام ‪.2014‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬التكاليف املبارشة للحرب األمريكية عىل اإلرهاب‬


‫لكى نحسب التكاليف املبارشة لإلنفاق عىل احلرب األمريكية عىل اإلرهاب‪ ،‬فيجب النظر لقيمة ما أنفقته الواليات‬
‫املتحدة األمريكية عىل هذه احلرب وفق البيانات املعلنة من جانبها‪ ،‬أو وفق التقارير الدولية الصادرة ىف هذا اخلصوص‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫ويمكن أن ُيضاف إىل هذا اإلنفاق األمريكى تكاليف التسليح ىف الدول التى دارت عىل أراضيها احلرب‪ .‬هذا من‬
‫جانب‪ ،‬ومن جانب آخر هناك التكاليف السياسية واالجتامعية والبيئية ُمتعددة اجلوانب واملؤرشات‪ ،‬والتى سنحاول‬
‫مناقشتها ىف السطور التالية‪:‬‬
‫‪-1‬اإلنفاق عىل احلرب‬
‫وف ًقا لبيانات معهد واتسون للشئون الدولية والعامة حول تكاليف احلرب األمريكية عىل اإلرهاب فقد أنفقت‬
‫الواليات املتحدة‪ ،‬منذ أواخر عام ‪ 2001‬وحتى عام ‪ 2020‬نحو ‪ 6.4‬تريليون دوالر‪ .‬ويمكن تقسيم هذا املبلغ إىل‬
‫فضل عن تريليون دوالر كحد أدنى اللتزامات الواليات املتحدة لرعاية‬‫اعتامدات مقدرة ب ‪ 5.4‬تريليون دوالر ً‬
‫قدامى املحاربني يف هذه احلروب خالل العقود القادمة‪ ،‬كام بوضح اجلدول رقم (‪.)2‬‬
‫كام ارتفعت امليزانية األساسية لوزارة الدفاع بسبب حروب ما بعد ‪ 11‬سبتمرب بنحو ‪ 803‬مليار دوالر‪ .‬وأنفقت‬
‫الواليات املتحدة ‪ 1054‬مليار دوالر عىل األمن الداخيل للوقاية من اإلرهاب واالستجابة له‪ ،‬وهي احلصة األكرب‬
‫أيضا قرابة نصف تريليون‬‫ضمن اإلنفاق املرتبط باحلرب يف ميزانية وزارة الدفاع األمريكية‪ .‬وخصصت واشنطن ً‬
‫دوالر ملا خيص الرعاية الطبية ملصايب احلروب‪ .‬كام يمكن مالحظة االنحياز الكبري يف ختصيص اعتامدات عمليات‬
‫الطوارئ اخلارجية إىل وزارة الدفاع التي حصلت عىل قرابة تريليوين دوالر مقابل ‪ 131‬مليار دوالر لوزارة اخلارجية‬
‫والوكالة األمريكية للتنمية الدولية‪.‬‬
‫جدول رقم (‪)2‬‬
‫ملخص اإلنفاق األمريكي (العام) المتعلق بالحرب على اإلرهاب في مختلف دول العالم‪ ،‬من السنة المالية ‪2001‬‬
‫‪ -‬إلى السنة المالية ‪ 2020‬مقربًا إلى أقرب مليار دوالر‬

‫النفقات بالمليار دوالر‬ ‫البند‬


‫اعتمادات عمليات الطوارئ الخارجية )‪:(OCO‬‬
‫‪1959‬‬ ‫وزارة الدفاع‬
‫‪131‬‬ ‫وزارة الخارجية ‪ /‬الوكالة األمريكية للتنمية الدولية‬
‫‪925‬‬ ‫الفائدة المقدرة على االقتراض لوزارة الدفاع واإلنفاق الحكومي على عمليات الطوارئ الخارجية‬
‫اإلنفاق المرتبط بالحرب في الميزانية األساسية لوزارة الدفاع‪:‬‬
‫‪803‬‬ ‫الزيادات المقدرة في الميزانية األساسية لوزارة الدفاع بسبب الحروب ما بعد ‪ 11‬سبتمبر‬
‫‪100‬‬ ‫”‪ “OCO for Base‬فئة جديدة من اإلنفاق في السنة المالية ‪ 2019‬والسنة المالية ‪2020‬‬
‫‪437‬‬ ‫الرعاية الطبية ورعاية المعاقين للمحاربين القدامى بعد ‪ 11‬سبتمبر‬
‫‪1054‬‬ ‫اإلنفاق على األمن الداخلي للوقاية من اإلرهاب واالستجابة له‬
‫‪5409‬‬ ‫إجمالي مخصصات الحرب واإلنفاق المرتبط بالحرب حتى السنة المالية ‪2020‬‬
‫االلتزامات المستقبلية المقدرة للمحاربين القدامى من الناحية الطبية واإلعاقة من السنة المالية ‪2020‬‬
‫أكثر من ‪1000‬‬
‫‪ -‬السنة المالية ‪2059‬‬
‫‪6409‬‬ ‫إجمالي اإلنفاق المرتبط بالحرب حتى السنة المالية ‪ 2020‬والتزامات قدامى المحاربين‬
‫‪Source: Neta C. Crawford, United States Budgetary Costs and Obligations of Post-9/11 Wars through‬‬
‫‪FY2020: $6.4 Trillion, November 13, 2019, coasts of war, Watson Institute for International and public Affairs.‬‬

‫‪59‬‬
‫المشهد في أرقام‬
‫املشهد‬

‫‪ -2‬التكاليف االجتامعية والبرشية‬


‫اإلنفاق العسكرى‪ ،‬عىل ضخامته‪ ،‬ليس سوى الوجه األول للتكاليف املبارشة عىل احلرب األمريكية عىل اإلرهاب‪.‬‬
‫أما الضحايا وتكاليف اهلدم وتكاليف إعادة اإلعامر‪ ،‬فهى وجوه صارخة أخرى هلذه احلرب‪ .‬وحسب ا ُملتاح من‬
‫البيانات‪ ،‬فقد بلغ معدل الوفيات املبارشة املقدرة ىف احلرب األمريكية عىل اإلرهاب خالل الفرتة من أكتوبر ‪2001‬‬
‫وحتى أبريل ‪ 2021‬ىف وجهتها ىف أفغانستان وباكستان فقط نحو ربع مليون إنسان‪ ،‬والبيانات التفصيلية لضحايا هذه‬
‫احلرب موضحة ىف اجلدول التاىل رقم (‪.)3‬‬
‫جدول رقم (‪)3‬‬
‫وفيات الحرب األمريكية على اإلرهاب فى أفغانستان وباكستان خالل الفترة‬
‫(‪)2021-2001‬‬

‫اإلجمالي‬ ‫باكستان‬ ‫أفغانستان‬ ‫بيان‬


‫‪2442‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2442‬‬ ‫الجيش األمريكي‬
‫‪6‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪6‬‬ ‫مدنيو وزارة الدفاع األمريكي‬
‫‪3936‬‬ ‫‪90‬‬ ‫‪3846‬‬ ‫المقاولون األمريكيون‬
‫‪78314-75314‬‬ ‫‪9314‬‬ ‫‪69000-66000‬‬ ‫الجيش والشرطة الوطنية‬
‫‪1144‬‬ ‫‪1144‬‬ ‫قوات الحلفاء األخرى‬
‫‪71344‬‬ ‫‪24099‬‬ ‫‪47245‬‬ ‫مدنيون‬
‫‪84191‬‬ ‫‪33000‬‬ ‫‪51191‬‬ ‫مقاتلو الخصوم‬
‫‪136‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪72‬‬ ‫الصحفيون واإلعالميون‬
‫العاملون فى المساعدات‬
‫‪549‬‬ ‫‪105‬‬ ‫‪444‬‬
‫اإلنسانية‬
‫‪241050-238050‬‬ ‫‪66714‬‬ ‫‪174336-171336‬‬ ‫اإلجمالي‬
‫‪Source :Neta C. Crawford and Catherine Lutz, Human and Budgetary Costs to Date of the U.S. War in‬‬
‫‪Afghanistan, April 15, 2021, coasts of war, Watson Institute for International and public Affairs.‬‬

‫وبناء عىل بيانات اجلدول رقم (‪ )3‬يتضح أن عدد القتىل من اجليش األمريكى ىف أفغانستان حتى أبريل ‪ 2021‬قد بلغ‬
‫‪ 2442‬فض ً‬
‫ال عن ‪ 3846‬من املوظفني األمريكيني العاملني ىف املقاوالت والبناء‪ .‬أما عدد القتىل من اجليش األمريكى‬
‫(‪)1‬‬
‫ىف العراق حتى مايو ‪ 2021‬قد بلغ ‪ 4487‬شخص‪.‬‬
‫أيضا‪ ،‬تشري التقارير الدولية إىل أن ما يرتاوح بني ‪ 184382‬و‪ 207156‬مدنيا ُقتلوا بسبب أعامل عنف‬‫وىف العراق ً‬
‫مبارشة مرتبطة باحلرب‪ ،‬تسببت فيها الواليات املتحدة األمريكية وحلفاؤها واجليش والرشطة العراقية وامليليشيات‬
‫املسلحة منذ وقت الغزو ىف عام ‪ 2003‬عام وحتى أكتوبر ‪.2019‬‬
‫كام أنه يمكن إضافة قضية التزايد الكبري ىف أعداد الالجئني والنازحني كأحد أوجه التكاليف االجتامعية التى عانت‬
‫منها الدول األربع‪ :‬أفغانستان‪ ،‬وباكستان‪ ،‬والعراق‪ ،‬وسوريا‪ ،‬كام هو موضح ىف جدول رقم (‪.)4‬‬

‫‪60‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫جدول رقم (‪)4‬‬


‫أعداد الالجئين والنازحين فى أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا بعد ‪2001‬‬

‫النسبة المئوية‬
‫الالجئون وطالبو‬ ‫البيان‬
‫إجمالى العائدين‬ ‫من سكان ما قبل‬ ‫اإلجمالى الكلي‬ ‫النازحون‬
‫اللجوء‬ ‫الدولة‬
‫الحرب‬
‫‪7496684‬‬ ‫‪%26‬‬ ‫‪5301953‬‬ ‫‪3218827‬‬ ‫‪2083126‬‬ ‫أفغانستان بعد ‪2001‬‬
‫‪4153046‬‬ ‫‪%3‬‬ ‫‪3724396‬‬ ‫‪3363753‬‬ ‫‪360643‬‬ ‫باكستان بعد ‪2001‬‬
‫‪6482433‬‬ ‫‪%37‬‬ ‫‪9212175‬‬ ‫‪6963138‬‬ ‫‪2249037‬‬ ‫العراق بعد ‪2003‬‬
‫‪1534200‬‬ ‫‪%37‬‬ ‫‪7147292‬‬ ‫‪5004988‬‬ ‫‪2142304‬‬ ‫سوريا بعد ‪2014‬‬
‫‪Source: David Vine, and others, Creating Refugees: Displacement Caused by the United States’ Post-9/11‬‬
‫‪Wars, September 21, 2020,coasts of war, Watson Institute for International and public Affairs.‬‬

‫(*)‬
‫رابعا‪ :‬حساب تكاليف الظل‬
‫نظرا ُ‬
‫لشح البيانات والتقارير الدولية عن تكاليف الدمار وإعادة اإلعامر ىف املناطق اجلغرافية للحرب األمريكية عىل‬ ‫ً‬
‫ُ‬
‫اإلرهاب‪ ،‬فإنه يمكن حساب تكاليف الظل أو التكاليف املعدلة هلذه احلرب‪ ،‬وإجراء تقدير ُمقرتح هلا‪ ،‬من خالل‬
‫أخذ املعايري التالية ضمن كشف احلساب‪:‬‬
‫‪ -1‬معايري حساب التكاليف‬
‫أ‪ -‬أى حرب هلا أثر مبارش عىل العمران ىف الدول التى جيرى عىل أرضها الرصاع‪ .‬وىف حالة احلرب عىل اإلرهاب‪،‬‬
‫فإن هذا األثر املبارش يتمثل ىف هتدم املنشآت‪ ،‬والبنية التحتية لالقتصاد‪ ،‬وباقى مكونات رأس املال االجتامعى‪ ،‬حيث‬
‫يتعرض االقتصاد الوطنى هلزة عنيفة جراء التفجري والتدمري املستمر‪.‬‬
‫ب‪ -‬وإذا افرتضنا ألغراض اإلحصاء أن التكاليف املنظورة للدمار الناجم بفعل احلرب تتساوى مع تكاليف إعادة‬
‫اإلعامر والبناء؛ فبالنظر لبنود تكاليف إعادة اإلعامر من واقع احلسابات األمريكية‪ ،‬ناهزت هذه التكاليف ‪ 143‬مليار‬
‫وتأسيسا عىل هذا االفرتاض‪ ،‬فيمكن اعتبار أن تكاليف الدمار تصل‬
‫ً‬ ‫دوالر ىف أفغانستان وحدها كام سبقت اإلشارة‪.‬‬
‫لنفس املبلغ تقري ًبا؛ أى حواىل ‪ 143‬مليار دوالر أمريكى‪.‬‬
‫ج‪ -‬جدير بالذكر أن الدول التى شهدت احلرب األمريكية عىل اإلرهاب تنخفض فيها‪-‬بصورة نسبية‪ -‬تكاليف‬
‫نظرا لوعورة اجلغرافيا والتضاريس ىف مناطق الرصاع ىف جنوب أفغانستان وشامل باكستان‪.‬‬ ‫الدمار وإعادة اإلعامر؛ ً‬
‫ريا ىف مناطق الرصاع ىف سوريا والعراق‪ ،‬وقد تتضاعف هذه التكاليف أكثر من مرة‪.‬‬ ‫غري أن هذه التكاليف تعلو كث ً‬
‫ولذلك‪ ،‬فتكاليف الدمار الذى حل بسوريا والعراق ال يمكن ُمناظرته بالتكاليف املقدرة إلعادة اإلعامر هناك‪.‬‬
‫د‪ -‬يتعني َخصم العوائد املبارشة املرتبطة باحلرب األمريكية عىل اإلرهاب‪ ،‬وا ُملتمثلة ىف املساعدات األمريكية ُالتدفقة‬
‫للدول التى جترى احلرب عىل أرضها(‪ .)2‬وقد بلغت ُجلة املساعدات األمريكية املخصصة ألفغانستان خالل الفرتة‬
‫(‪ )2018-2001‬نحو ‪ 32.3‬مليار دوالر‪ .‬كام بلغت هذه املساعدات ىف حالة العراق نحو ‪ 43‬مليار دوالر خالل‬

‫* تكاليف الظل‪( :‬سعر الظل) هو قيمة نقدية تحدد للتكاليف غير المعروفة أو‪ ‬التى‪ ‬يصعب حسابها حاليًا‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫المشهد في أرقام‬
‫املشهد‬

‫الفرتة (‪ .)2018-2003‬وبمقارنة املساعدات األمريكية املتدفقة لدول احلرب عىل اإلرهاب بالتكاليف املقدرة‬
‫اخلمس‪ .‬ويعنى ذلك أن هذه املساعدات ال يمكنها أن تعوض‬ ‫للدمار واهلدم وإعادة اإلعامر‪ ،‬سنجد أهنا تدور حول ُ‬
‫خصوصا إذا أضفنا للتكاليف االقتصادية التكاليف االجتامعية والبيئية والسياسية‪.‬‬
‫ً‬ ‫بأى حال اخلسائر الباهظة للحرب‪،‬‬
‫‪ -2‬كشف حساب مقرتح للحرب‬
‫إزاء هذه املعايري‪ ،‬يمكن تلخيص بنود كشف احلساب ا ُملقرتح لتكلفة احلرب األمريكية عىل اإلرهاب كام يىل‪:‬‬
‫أ‪ -‬الواليات املتحدة األمريكية‬
‫ىف الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬تتنوع التكاليف حسب املنظور املستخدم‪ .‬ويمكن تقسيمها إىل العنارص الفرعية التالية‪:‬‬
‫(‪ )1‬القيمة املقدرة للتكاليف االقتصادية التى حتملتها للحرب عىل اإلرهاب‪ ،‬وقد بلغت نحو ‪ ٦٫٤‬تريليون دوالر‪،‬‬
‫خالل عقدين من الزمان‪.‬‬
‫(‪ )2‬عىل صعيد التكاليف واألعباء السياسية‪ ،‬فإن تكلفة احلرب عىل اإلرهاب‪ ،‬والح ًقا تكاليف االنسحاب من‬
‫ضغوطا سياسية عىل األحزاب األمريكية‪ ،‬وخصمت بالتاىل من أرصدهتا لدى الناخب األمريكى‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أفغانستان‪ ،‬مارست‬
‫نظرا لدور العديد من وسائل اإلعالم ىف تضخيم الفاتورة التى حتملها دافع الرضيبة األمريكى جراء احلرب األمريكية‬ ‫ً‬
‫فيام وراء البحار‪ .‬كام حتملت السياسة اخلارجية األمريكية فاتورة تكاليف سياسية إضافية حلرهبا عىل اإلرهاب بفعل‬
‫الدعاية ا ُملضادة هلا‪ ،‬وبفعل ُمناوأة الصني وروسيا للوجود األمريكى ىف مناطق النفوذ التقليدى هلام‪.‬‬
‫(‪ )3‬أما عىل صعيد التكاليف االجتامعية‪ ،‬فناهيك عن الضحايا من مواطنيها املدنيني‪ ،‬فإن هتديد املصالح األمريكية‬
‫الذى تسببت فيه هذه احلرب رفع من تكاليف التأمني للبعثات الدبلوماسية‪ ،‬وزاد من املخاطر التى يتعرض هلا مواطنو‬
‫الواليات املتحدة ىف مناطق وأقاليم احلرب‪.‬‬
‫ب‪ -‬أفغانستان‬
‫بالنظر ىف فاتورة التكاليف التى حتملتها أفغانستان ىف احلرب األمريكية عىل اإلرهاب‪ ،‬فإنه يمكن تلخيصها هى‬
‫األخرى للعنارص التالية‪:‬‬
‫(‪ )1‬من خالل واقع االقتصاد األفغانى‪ ،‬قدرنا تكلفة الدمار بنحو ‪ 143‬مليار دوالر‪ .‬ونتيجة للتدهور الشديد ىف‬
‫املؤرشات االقتصادية الكلية كمعدالت البطالة والتضخم والعجز االقتصادى اخلارجى‪ ،‬فقد انعكس كل ذلك عىل‬
‫تردى نصيب الفرد األفغانى من الناتج املحىل اإلمجاىل وتراجعه ملا دون ‪ 508‬دوالرات أمريكى ىف عام ‪ 2020‬بعدما‬
‫وصل ‪ 637‬دوالر ىف عام ‪ .2013‬كام بلغت نسبة القابعني حتت خط الفقر أكرب من نصف الشعب األفغانى ىف عام‬
‫‪( 2016‬آخر عام له بيانات منشورة ىف البنك الدوىل)‪.‬‬
‫(‪ )2‬عىل جانب التكاليف السياسية‪ ،‬فإن عودة أفغانستان لنفس النقطة التى كانت عليها ىف عام ‪ ،2001‬واستمرار‬
‫حالة الترشذم والتحارب‪ ،‬أفقدهتا فرصة االستقرار السياسى‪ .‬كام أن الوصول هلذه النقطة‪ ،‬أفقد املنظومة السياسية‬
‫القائمة رشعية دولية رضورية وفق قواعد اللعبة احلالية ىف السياسة الدولية‪.‬‬
‫ونظرا لضخامة عدد الضحايا من املدنيني األفغان‪ ،‬فإنه ال يمكن تقدير أو قياس تكاليف‬
‫ً‬ ‫(‪ )3‬عىل الصعيد االجتامعى‪،‬‬

‫‪62‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫وقوع الضحايا؛ إذ إن حياة فرد واحد ال تقدر بثمن‪ ،‬وذلك ُيمثل داللة إضافية عىل ضخامة التكاليف االجتامعية التى‬
‫دفعتها أفغانستان خالل سنني احلرب‪.‬‬
‫(‪ )4‬بالنظر ىف التكاليف البيئية للحرب األمريكية عىل اإلرهاب‪ ،‬فإن متلك االقتصاد األفغانى للعديد من املوارد‬
‫ريا من تكاليف هذه احلرب‪ ،‬إما الستنزاف هذه املوارد وهدرها وتبديدها‬‫الطبيعية النادرة وشديدة الندرة‪ ،‬رفع كث ً‬
‫بثمن بخس‪ ،‬أو الستخدام هذه العوائد املحدودة ىف متويل تكاليف احلرب‪.‬‬
‫ج‪ -‬باكستان‬
‫وبالتأمل ىف فاتورة احلرب األمريكية عىل باكستان‪ ،‬فإنه يمكن تلخيصها ىف املؤرشات التالية‪:‬‬
‫(‪ )1‬بينام يتمتع االقتصاد الباكستانى ببعض من عوامل القوة ىف جماالت الصناعة والتصدير‪ ،‬فقد زاد ذلك من مرونة‬
‫حتمله لتكاليف احلرب‪ ،‬وقلل ‪-‬ولو نسبيا‪ -‬من الفاتورة التى حتملها‪ .‬وكام سبقت اإلشارة‪ ،‬فإن تكاليف الدمار ىف‬
‫الطبيعة اجلغرافية ىف شامل باكستان حمدودة‪.‬‬
‫(‪ )2‬عىل املستوى السياسى‪ ،‬يمكن القول إن احلرب األمريكية عىل اإلرهاب أفادت باكستان عىل صعيد سياستها‬
‫اخلارجية‪ ،‬ومكنتها من املناورة ىف إقليمها اجلغراىف املأزوم سياس ًيا‪.‬‬
‫(‪ )3‬التكاليف االجتامعية متثل أبرز أنواع التكاليف التى عانت منها باكستان جراء تلك احلرب‪ ،‬خصوصا أن باكستان‬
‫جاءت تالية ألفغانستان ىف عدد الضحايا املدنيني بفعل هذه احلرب‪.‬‬
‫د‪ -‬العراق وسوريا‬
‫أما عن وضع العراق وسوريا ىف كشف احلساب املخترص للحرب األمريكية عىل اإلرهاب؛ فهو ال خيتلف كثريا عن‬
‫الوضع األفغانى ىف ضخامة ما حتمله من فواتري هلذه احلرب‪ ،‬كام توضحه النقاط التالية‪:‬‬
‫(‪ )1‬عىل الصعيد االقتصادى‪ ،‬تراجعت العديد من مؤرشات األداء االقتصادى العراقى والسورى خالل سنوات‬
‫احلرب‪ ،‬إذ تراجع متوسط نصيب الفرد من الناتج املحىل اإلمجاىل من حواىل ‪ 6‬آالف دوالر تقري ًبا ىف عام ‪،2011‬‬
‫ليصل لنحو ‪ 4.1‬ألف دوالر ىف عام ‪ 2020‬ىف العراق (‪.)3‬‬
‫(‪ )2‬تعد التكاليف السياسية هى األشد رضاوة ىف حالة العراق وسوريا‪ ،‬حيث إن فقدان مساحة شاسعة من أراىض‬
‫العراق وسوريا بفعل تنظيم «داعش» ىف العقد املاىض ساهم ىف تراجع مؤرشات االستقرار السياسى الداخىل فيهام‪،‬‬
‫وتسبب ذلك ىف مزيد من الضعف والتبعية ىف عالقتهام السياسية اخلارجية‪ .‬كل ذلك مرده لدوران آلة احلرب األمريكية‬
‫عىل اإلرهاب ىف أراىض العراق وسوريا‪ .‬كام أن احلرب األمريكية عىل اإلرهاب‪ ،‬باإلضافة لغياب االستقرار السياسى‬
‫السورى‪ ،‬والنزوح واهلجرة اخلارجية‪ ،‬قلل من فرص االستثامر واإلنتاج والتصدير ىف االقتصاد السورى‪ ،‬رغم متتعه‬
‫بقدرات ملحوظة ىف هذه األنشطة ىف مرحلة ما قبل احلرب األمريكية عىل اإلرهاب‪.‬‬
‫ً‬
‫ففضل‬ ‫(‪ )3‬وما صح بالنسبة للتكاليف االجتامعية ىف أفغانستان وباكستان‪ ،‬يصح أيضا ىف حالتى العراق وسوريا؛‬
‫عن ارتفاع ضحايا احلرب األمريكية عىل العراق ىف العقدين املاضيني‪ ،‬فقد زادت هذه احلرب من ويالت الفقر بني‬
‫صفوف الشعبني العراقى والسورى‪ ،‬وتراجعت مؤرشات االستقرار االجتامعى فيهام‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫المشهد في أرقام‬
‫املشهد‬

‫(‪ )4‬فيام خيص التكاليف البيئية‪ ،‬وبالنظر إىل ضخامة االحتياطيات النفطية لدى العراق‪ ،‬ونتيجة لتنوع املوارد الطبيعية‬
‫السورية‪ ،‬فإنه من نتائج احلرب األمريكية عىل اإلرهاب أن استنزاف جزء مهم من هذه املوارد الطبيعية‪ ،‬أحدث‬
‫وتدهورا ىف أرصدة املوارد الطبيعية ىف مناطق هذه احلرب ىف كل من سوريا والعراق‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اختالل بيئ ًيا‬
‫ورغم ما يؤكده كشف احلساب السابق من ضخامة نصيب الواليات املتحدة األمريكية من تكاليف وأعباء هذه‬
‫احلرب‪ ،‬فإهنا ‪-‬ىف املقابل‪ -‬متلك آليات لنقل وتوزيع هذا العبء خارج اقتصادها‪ .‬هذا إمجال ترشحه السطور التالية‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬توزيع أعباء احلرب وآليات نقل العبء خارج االقتصاد األمريكى‬
‫ً‬
‫من ا ُملستقر عليه أن لالقتصاد األمريكى ىف النظام العاملى ما ليس لغريه؛ فعملته املحلية تُعا َمل كام لو أهنا عملة العامل ىف‬
‫املبادالت واالحتياط واملضاربة‪ .‬وسوقه املاىل املحىل يشكل العمود الفقرى هلذا السوق عىل صعيده العاملى‪ ،‬وتتمتع‬
‫األوراق املالية األمريكية بقبول عاملى واسع نابع من الثقة ىف األداء االقتصادى األمريكى‪ .‬أما باقى الدول‪ ،‬أطراف‬
‫احلرب األمريكية عىل اإلرهاب‪ ،‬فال تبلغ ىف جمموعها جزء بسيط مما يملك االقتصاد األمريكى عامل ًيا‪ .‬والنتيجة‬
‫املنطقية هلذا التباين الشديد أنه ُيتاح لالقتصاد األمريكى فرص عديدة لتحمل عبء حربه عىل اإلرهاب عن طريق‬
‫نقل هذا العبء خارج أراضيه بالعديد من الوسائل املالية والنقدية‪.‬‬
‫وأوىل هذه الوسائل حيدث عندما تلجأ اخلزانة األمريكية إلصدار سندات دولية‪ ،‬حيث متثل هذه السندات املصدر‬
‫األساسى لتمويل حرهبا ضد اإلرهاب‪ ،‬ما يعنى أن حائزى تلك السندات من غري املقيمني بالواليات املتحدة‬
‫‪-‬خصوصا من بلدان العامل الثالث‪ -‬هم من يدفعون فعليا تكاليف هذه احلرب‪ .‬ثم يعاد ترحيل هذه التكاليف عرب‬
‫إصدارات جديدة لتلك السندات‪ .‬يؤكد ذلك ما توقعه تقرير للمجلة الدولية «فوربس» من أن تستمر الواليات‬
‫املتحدة ىف حتمل تكاليف احلرب ىف أفغانستان لفرتة طويلة بعد اكتامل عملية االنسحاب العسكرى التى أقرها الرئيس‬
‫بايدن‪ ،‬فقد مولت واشنطن احلرب األفغانية بأموال ُمقرتضة‪ .‬ويقدر باحثو جامعة براون أنه تم بالفعل دفع أكثر من‬
‫‪ 500‬مليار دوالر من الفوائد املدرجة ىف املبلغ اإلمجاىل البالغ ‪ 2.26‬تريليون دوالر‪ .‬كام يتوقع هؤالء أنه بحلول عام‬
‫‪ 2050‬يمكن أن تصل تكلفة الفائدة عىل ديون احلرب األفغانية وحدها إىل ‪ 6.5‬تريليون دوالر‪ ،‬أى ما ُيعادل مبلغ‬
‫‪ 20‬ألف دوالر لكل مواطن أمريكى(‪.)4‬‬
‫أما ثانى هذه الوسائل‪ ،‬وأكثرها أمهية وأقلها تكلفة عىل االقتصاد األمريكى‪ ،‬هو الدوالر األمريكى نفسه‪ ،‬إذ يلعب‬
‫هذا الدوالر دورا حاسام ىف هذه اآللية األمريكية لنقل أعباء حرهبا عىل اإلرهاب خارج اقتصادها‪ .‬ذلك أن التحكم‬
‫ىف حجم السيولة الدوالرية هو قرار حرصى ملجلس االحتياطى الفيدراىل األمريكى‪ ،‬لكن نتائجه عظيمة األثر عىل‬
‫االقتصاد العاملى‪ .‬ومؤدى ذلك أن نمو السيولة الدولية الدوالرية ِّ‬
‫يمكن الواليات املتحدة من تدبري احتياجاهتا‬
‫(خصوصا السلع األولية) واخلدمات املختلفة الرضورية حلرهبا ضد اإلرهاب‪ ،‬لكنه ال حيملها‬
‫ً‬ ‫اخلارجية من السلع‬
‫تكاليف اقتصادية ىف األجل القصري واملنظور‪.‬‬
‫وعندما تتوسع جغراف ًيا احلرب األمريكية عىل اإلرهاب‪ ،‬وعندما تطول مدة احلرب كام حدث ىف هذه احلرب‪،‬‬
‫يزداد احتياج الواليات املتحدة للسيولة الدولية‪ ،‬وتأخذ هذه السيولة ىف النمو الرسيع بفعل نمو املعروض الدوىل‬
‫من الدوالر؛ ثم تبدأ الضغوط التضخمية ىف الظهور باألسواق الدولية هلذا السبب وألسباب عديدة ال يتسع املقام‬

‫‪64‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫لذكرها‪ .‬ومع تراجع القوة الرشائية للدوالر‪ ،‬تنخفض مكاسب املضاربة ىف سندات اخلزانة األمريكية‪ ،‬وتظهر اخلسائر‬
‫القدرية ىف االحتياطيات الدوالرية لدى البنود املركزية عامل ًيا‪ .‬وكلام زادت قيمة الدوالر وسندات اخلزانة األمريكية‬
‫ىف هيكل االحتياطيات الدولية ىف اقتصاد ما‪ ،‬وكلام زاد ميل هذا االقتصاد لالسترياد‪ ،‬نمت ‪-‬ىف املقابل‪ -‬حصته‬
‫ىف التضخم املستورد من الواليات املتحدة‪ ،‬وزاد نصيبه النسبى ىف أعباء احلرب األمريكية عىل اإلرهاب‪ .‬وبطبيعة‬
‫احلال‪ ،‬ختتلف حصة كل اقتصاد من هذه األعباء بحسب درجة مناعته الذاتية ىف النظام املاىل الدوىل‪ .‬ومن املعلوم أن‬
‫الدول النامية‪ ،‬ىف آسيا وإفريقيا وأمريكا الالتينية‪ ،‬صاحبة أقل درجة ىف هذه املناعة الذاتية ُمقارنة بالدول املتقدمة‪.‬‬
‫وبالتاىل‪ ،‬فعندما نجد بعض الدول املتقدمة اقتصاد ًيا تتحالف مع الواليات املتحدة ىف حرهبا عىل اإلرهاب (مثل أملانيا‬
‫وبريطانيا)‪ ،‬فهى تتحمل جز ًءا من تكلفة هذه احلرب طواعية؛ أما أغلب الدول النامية‪ ،‬فهى تتحمل جز ًءا من هذه‬
‫األعباء دون إرادهتا‪ .‬لكن إىل أى مدى يمكن للعامل اخلارجى أن يستمر ىف حتمل نصيب من أعباء هذه احلرب؟!‬
‫كرها‪ ،‬له حدود‪ .‬وهذه احلدود‬
‫طوعا أو ً‬
‫إن استدامة حتمل العامل اخلارجى جلزء مهم من تكاليف احلرب األمريكية‪ً ،‬‬
‫هى التى ختصم من قدرة االقتصاد األمريكى عىل االستمرار‪ ،‬فيتحمل تكاليف تلك احلرب عىل اإلرهاب‪ .‬فاحلد‬
‫األول هو املدة الزمنية للحرب‪ ،‬واحلد اآلخر هو فاعلية آليات نقل العبء خارج االقتصاد األمريكى‪ .‬أما عن مدة‬
‫احلرب‪ ،‬فتعترب احلرب األمريكية عىل اإلرهاب هى األطول ىف تاريخ الواليات املتحدة األمريكية‪ .‬كام أن مقاومة‬
‫اجلبهة الصينية ‪ -‬الروسية من جهة‪ ،‬وتفاقم مشكالت االحتاد األوروبى بفعل توسع جبهة احلرب واقرتاهبا من‬
‫حدودها‪ ،‬قلال من فاعلية آليات نقل عبء هذه احلرب خارج االقتصاد األمريكى‪ .‬ولذلك‪ ،‬فاعتقادنا اجلازم أن‬
‫القرار األمريكى بتجميد احلرب ىف أفغانستان واالنسحاب الدراماتيكى منها‪ ،‬مرده األول القصور الشديد الذى‬
‫أصاب آلية نقل عبء احلرب خارج ًيا‪.‬‬

‫خامتة‬
‫إذا كان هناك من يدعى أنه ىف احلرب ‪-‬أى حرب‪ -‬تُصمت القوانني‪ ،‬لكن أحدً ا ال يمكنه االدعاء بأن احلروب يمكنها‬
‫أن تُصمت التكلفة‪ .‬بل إننا أدركنا ىف احلرب األمريكية عىل اإلرهاب أن صوت التكاليف يعلو عىل صوت القنابل‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬فإن مستقبل احلرب األمريكية عىل اإلرهاب بات يدور وفق القاعدة الذهبية التى ذكرناها ىف صدر هذا املقال‪.‬‬
‫تضيق جغراف ًيا حرهبا عىل اإلرهاب طاملا ضاقت إمكاناهتا‬ ‫وبعد إمتام انسحاهبا من أفغانستان‪ ،‬ستظل الواليات املتحدة ّ‬
‫االقتصادية وزادت الفاتورة السياسية التى تتحملها لقاء هذه احلرب‪ .‬أما األسباب الدولية األخرى‪ ،‬اإلنسانية‬
‫واالجتامعية والبيئية‪ ،‬فهى أبعد ما تكون عن تفسري احلروب األمريكية أو التنبؤ هبا‪ ،‬وتلك هى القاعدة الذهبية الثانية!‬

‫‪65‬‬
‫المشهد في أرقام‬
‫املشهد‬

‫المصادر‬
‫‪1- Source: Jason w.Davi dson the costs of wor to United states Aklies since 911. May 12.2021‬‬
‫‪Coasts of war, Waston Institure for Internatlonal and public Affairs.‬‬
‫‪ -2‬يالحظ أن المساعدات األمريكية القتصاد أفغانستان تبلغ نحو ‪ %0.15‬كنسبة من الناتج المحلى اإلجمالى األمريكى‪ ،‬وتصل ذات النسبة‬
‫لنحو ‪ %0.2‬فى حالة االقتصاد العراقى‪ .‬راجع فى ذلك‪Jason W. Davidson, The Costs of War to United States :‬‬
‫‪.coasts of war, Watson Institute for International and public Affairs ,2021 ,12 May ,11/9 Allies Since‬‬
‫‪ -3‬تجدر المالحظة أنه ال توجد بيانات حديثة على موقع البنك الدولى عن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى اإلجمالى فى حالة االقتصاد‬
‫السورى‪ ،‬وكانت آخر البيانات المنشورة فى عام ‪ ،2007‬وبلغ هذا المعدل نحو ‪ 4‬آالف دوالر تقريبا‪.‬‬
‫‪ -4‬راجع فى ذلك التقرير التالى على اإلنترنت‪:‬‬
‫‪https://arabic.euronews.com/2021/08/17/huge-sums-of-money-and-huge-human-losses-how-‬‬
‫‪much-did-the-war-in-afghanistan-cost-20-years‬‬

‫‪66‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫س‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫االنفاق‬ ‫(‬ ‫لقتلى‬‫أعداد ا‬


‫ري ا‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫د‬ ‫م‬
‫على الحرب عل ألمريكي‬ ‫مني)‬‫\أ‬
‫ى اإلرهاب‬
‫اإلنفاق األمريكي على الحرب‪ 6,4 :‬تريليون دوالر‬

‫‪67‬‬
‫ملحق خاص‬
‫املشهد‬

‫آمنة فايد‬
‫باحث مساعد ‪ -‬مركز األهرام للدراسات السياسية واالستراتيجية‪.‬‬

‫عبد المجيد أبو العال‬


‫باحث مساعد ‪ -‬مركز األهرام للدراسات السياسية واالستراتيجية‪.‬‬

‫دليل الحرب األمريكية على اإلرهاب‬

‫يأيت يف هذا اجلزء من املجلة‪( :‬امللحق اخلاص)‪ ،‬عرض رسيع ملعلومات حول أبرز الشخصيات والتنظيامت واهليئات‪ ،‬التي غالبا‬
‫ما يأيت ذكرها يف الكتابات أو التحليالت حول مسار احلرب األمريكية عىل اإلرهاب‪ ،‬سواء عىل صعيد الداخل األمريكي أو عىل‬
‫صعيد الدولتني املستهدفتني باحلرب‪ :‬أفغانستان والعراق‪ .‬فضال عن رشح مبسط ألهم املفاهيم‪ ،‬التي صاحبت اختاذ قرار احلرب يف‬
‫الواليات املتحدة أو ظهرت خالل األحداث الالحقة يف الدول املعنية باحلرب‪ .‬وقد جاء هذا العرض بمثابة دليل مفتاحى ملساعدة‬
‫القارئ لفهم أحداث احلرب‪ ،‬و ُقدم مرتبا أبجديا لتسهيل الوصول إىل املعلومة‪.‬‬

‫إضافة إىل ذلك حيتوى امللحق عىل عدد من اجلداول الشارحة ألثر احلرب عىل أوضاع الدول املعنية عىل مستويات أمنية واقتصادية‬
‫وسياسية وعسكرية‪.‬‬

‫وىف هناية امللحق‪ ،‬تقدم املجلة جمموعة من الصور األبرز ذات الصلة باحلرب األمريكية عىل اإلرهاب‪ .‬وقد روعي ترتيبها زمنيا‪،‬‬
‫لتكون بمثابة رسد برصى خمترص ملسار حرب األعوام العرشين عىل اإلرهاب‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫تنظيم القاعدة‪ ،‬عرفت بـ «الزرقاويني» حتى نمت‬ ‫أوالً‪ :‬الشخصيات‬


‫وأنتجت تنظيم «داعش»‪.‬‬
‫‪ -1‬أبو عبيدة يوسف العنايب‪ :‬جزائرى من مواليد عام‬
‫‪ -3‬أسامة بن الدن‪ :‬رجل أعامل سعودى‪ ،‬من مواليد‬ ‫‪ ،1969‬وحصل عىل شهادة ىف االقتصاد‪ ،‬وهو األمري‬
‫‪ .1957‬ظهر رسميا ىف الساحة األفغانية عام ‪،1984‬‬ ‫احلاىل لتنظيم “القاعدة ىف بالد املغرب اإلسالمي”‪،‬‬
‫لكنه كان يأتى رسا اىل أفغانستان منذ ‪ .1980‬كان جيلب‬ ‫وذلك منذ عام ‪ .2020‬كان العنابى يشغل منصب‬
‫تربعات كبرية إىل اجلامعة اإلسالمية ىف الهور‪ ،‬وهى فرع‬ ‫رئيس “جملس األعيان” ىف تنظيم “القاعدة” منذ ‪،2012‬‬
‫اإلخوان املسلمني ىف باكستان‪ ،‬ومن ثم كانت تذهب إىل‬ ‫وكذلك كان املسئول عن الفرع اإلعالمى للقاعدة ىف‬
‫املجاهدين األفغان‪ .‬ىف منطقة جاجى بأفغانستان‪ ،‬أقام‬ ‫املنطقة‪ .‬وقد ُصنف عام ‪ 2015‬من قبل وزراة اخلارجية‬
‫مركز خلدمة املهاجرين من األفغان العرب عرفت باسم‬ ‫األمريكية بأنه “إرهابى عاملى”‪ ،‬وقد عرضت الواليات‬
‫«مأسدة األنصار»‪ .‬خرج من أفغانستان عام ‪،1990‬‬ ‫ً‬
‫ضخم‬ ‫املتحدة األمريكية ىف يونيو ‪ً 2021‬‬
‫مبلغا مال ًيا‬
‫واستقر عدة سنوات ىف السودان‪ ،‬ثم عاد ليستقر مرة‬ ‫ُمقابل اإلرشاد عن موقعه‪.‬‬
‫أخرى ىف أفغانستان عقب وصول طالبان للحكم ىف‬ ‫‪ -2‬أبو مصعب الزرقاوى‪ :‬أردنى من مواليد عام ‪،1966‬‬
‫‪ .1996‬ومن هناك‪ ،‬تم إعالن تأسيس تنظيم القاعدة‬ ‫وتوقف عن الدراسة ىف املرحلة الثانية من الثانوية‪ ،‬ثم‬
‫وكان أول زعيام هلا ىف عام ‪ .1998‬خرج مرة أخرى من‬ ‫بدأ العمل كموظف‪ ،‬والتحق باجليش عام ‪ 1984‬ملدة‬
‫أفغانستان بعد االحتالل األمريكى هلا ىف عام ‪2001‬‬ ‫عامني‪ .‬سافر إىل أفغانستان عام ‪ 1989‬للمشاركة ىف‬
‫عقب تفجريات سبتمرب‪ ،‬وقتل ىف غارة أمريكية عىل مقر‬ ‫«اجلهاد»‪ ،‬وىف هذه املرحلة كانت القوات السوفيتية قد‬
‫إقامته ىف أبوت أباد (باكستان) ىف مايو ‪.2011‬‬ ‫انسحبت‪ ،‬ومن ثم شارك ىف احلرب األهلية األفغانية‬
‫‪ -4‬املال عبد الغنى برادر‪ :‬ولد عام ‪ ،1968‬ىف قرية‬ ‫بني فصائل اجلهاد األفغانى‪ ،‬ثم عاد إىل األردن ليشكل‬
‫مع أستاذه أبو حممد املقدسى التيار السلفى اجلهادى‬
‫بإقليم أوروزغان األفغانى‪ .‬وينحدر من قبيلة دورانى‬
‫هناك‪ ،‬وتم اعتقاله ىف األردن ىف قضية «بيعة اإلمام»‪،‬‬
‫التى ينتمى إليها الرئيس السابق حامد كرزاى‪ .‬ويعد‬
‫وخرج بعفو ملكى سنة ‪ ،1999‬وعاد إىل أفغانستان‬
‫برادر أحد املؤسسني األربعة حلركة طالبان عام ‪.1994‬‬
‫وأنشأ معسكر «هرات»‪ .‬أرسلته القيادة املركزية للقاعدة‬
‫ووصف بأنه ثانى أهم قائد ىف احلركة بعد املال عمر‪،‬‬ ‫ُ‬
‫املتمثلة ىف بن الدن والظواهرى إىل العراق لتكوين فرع‬
‫أطلق عليه لقب «برادر» الذى يعنى «األخ»‪ ،‬وكان عىل‬
‫القاعدة ىف بالد الرافدين عقب االحتالل األمريكى‬
‫صلة وثيقة بأسامة بن الدن‪ ،‬زعيم تنظيم القاعدة‪ .‬وقاتل‬
‫للعراق ىف ‪ ،2003‬ومن هناك انشق الزرقاوى فكريا عن‬
‫املال برادر ىف شبابه مع املجاهدين ضد احلكومة األفغانية‬
‫أستاذه املقدسى وحركيا عن تنظيم القاعدة األم‪ ،‬حيث‬
‫والقوات السوفيتية‪.‬‬
‫تبنى فكرة أولوية حماربة العدو القريب (شيعة العراق)‬
‫وقام برادر بدور حمورى ىف قيادة عمليات احلركة منذ‬ ‫عىل حماربة العدو البعيد (الواليات املتحدة)‪ .‬كام بالغ‬
‫الغزو األمريكى ألفغانستان عام ‪ 2001‬وحتى القبض‬ ‫ىف استخدام العمليات االنتحارية وتربير فكرة الترتس‬
‫عليه ىف ‪ 2010‬ىف مدينة كراتشى الباكستانية‪ ،‬بعد عملية‬ ‫(قتل املدنيني)‪ ،‬إىل جانب املغاالة ىف التكفري الذى‬
‫عسكرية مشرتكة بني القوات األمريكية والباكستانية‪ ،‬ثم‬ ‫طال رشكاء «اجلهاد»‪ .‬ورغم مقتله ىف عام ‪ ،2006‬إال‬
‫أعلنت باكستان إطالق رساحه ىف عام ‪ ،2012‬لكنه ظل‬ ‫أن أفكاره وآلياته كونت مدرسة فكرية وحركية داخل‬

‫‪69‬‬
‫ملحق خاص‬
‫املشهد‬

‫وتنفيذ السياسات الدولية ملكافحة اإلرهاب التى تتبعها‬ ‫خاضعا لإلقامة اجلربية فعليا ىف باكستان‪ ،‬حتى تم إطالق‬
‫الواليات املتحدة األمريكية‪ .‬وعقب هجامت ‪ 11‬سبتمرب‬ ‫رساحه ىف ‪ 2018‬حتت ضغوط أمريكية‪ .‬وتوىل برادر‬
‫عام ‪ ،2001‬خدم «بريمر» ىف رئاسة املجلس االستشارى‬ ‫املكتب السياسى للحركة ىف الدوحة‪ ،‬وقاد مفاوضات‬
‫لألمن الداخىل‪ ،‬ثم عينه الرئيس األمريكى «جورج بوش‬ ‫السالم التى أدت إىل االنسحاب األمريكى‪.‬‬
‫رئيسا لإلدارة املدنية لإلرشاف عىل‬
‫االبن» عام ‪ً 2003‬‬ ‫‪ -5‬املال هبة اهلل ُخندزاده‪ :‬زعيم حركة طالبان احلاىل‪ ،‬ولد‬
‫إعادة إعامر العراق‪ .‬كام تم تعيينه ىف ‪ 12‬مايو ‪2003‬‬
‫عام ‪ 1961‬ىف والية قندهار األفغانية‪ ،‬وشارك ىف احلرب‬
‫مديرا لسلطة التحالف املؤقتة ىف العراق‪ ،‬وهى اهليئة‬ ‫ً‬ ‫األفغانية السوفيتية إىل جانب املجاهدين األفغان‪.‬‬
‫التى ُكلفت بإدارة البالد ىف تلك املرحلة‪ .‬هذا‪ ،‬وقد سلم‬
‫املحاكم الرشعي َة ىف حكومة‬
‫َ‬ ‫وبوصفه رجل دين‪ ،‬ترأس‬
‫«بريمر» السيادة إىل احلكومة العراقية املؤقتة ىف يونيو‬ ‫ً‬
‫مسئول عن أغلب فتاوى‬ ‫طالبان عام ‪ ،1996‬وأصبح‬
‫‪ ،2004‬عىل الرغم من استمرار بقاء القوات األمريكية‬
‫طالبان‪ ،‬وتنفيذ «احلدود الرشعية» وحل املشاكل الدينية‬
‫ىف البالد‪ .‬وكان من أكثر االنتقادات التى وجهت له‪،‬‬
‫بني أعضاء احلركة‪ .‬متتع بنفوذ كبري داخل احلركة‪ .‬وعينه‬
‫تلك املعنية بقرار حل اجليش العراقى‪.‬‬
‫املال منصور نائ ًبا له ىف عام ‪ ،2005‬ثم اختاره جملس‬
‫‪ -8‬ديك تشيني‪ :‬سياسى ورجل أعامل أمريكى‪ ،‬شغل‬ ‫ريا هلا عقب اغتيال املال منصور عام‬‫شورى احلركة أم ً‬
‫منصب رئيس األركان ىف البيت األبيض ىف الفرتة من‬ ‫‪.2016‬‬
‫‪ 1975‬إىل ‪ ،1977‬وتم اختياره ليكون وزير الدفاع‬
‫‪ -6‬أيمن الظواهري‪ :‬مرصى اجلنسية من مواليد ‪،1951‬‬
‫خالل رئاسة «جورج بوش األب» وذلك ىف الفرتة‬
‫‪ ،1993 - 1989‬أرشف خالهلا عىل عملية «عاصفة‬ ‫انضم إىل اخللية األوىل لتنظيم اجلهاد املرصى ىف منتصف‬
‫الصحراء» عام ‪ .1991‬إال أن تشينى ترك منصبه ىف‬ ‫الستينيات‪ ،‬وهو ىف اخلامسة عرشة من عمره‪ .‬درس‬
‫عهد الرئيس «كلينتون» وأصبح املدير التنفيذى لرشكة‬ ‫ىف طب القاهرة وختصص ىف اجلراحة‪ .‬كان من ضمن‬
‫«هاليربتون» ىف الفرتة ‪ ،2000 - 1995‬ثم ُاختري بعد‬ ‫املتهمني املقبوض عليهم ىف قضية اغتيال السادات عام‬
‫ذلك عام ‪ 2000‬من قبل «جورج دبليو بوش» ليكون‬ ‫‪ ،1981‬وخرج من السجن بعد انتهاء فرتة عقوبته ىف‬
‫دورا رائدً ا ىف كواليس إدارة‬
‫نائبه‪ ،‬و ُيذكر أنه لعب ً‬ ‫‪ ،1984‬ثم غادر مبارشة من القاهرة إىل جدة‪ ،‬ثم بيشاور‪،‬‬
‫«جورج دبليو بوش» للحرب العاملية عىل اإلرهاب بعد‬ ‫ومن هنا بدأ لقاؤه ببقية زمالئه املرصيني من تنظيم اجلهاد‬
‫أحداث احلادى عرش من سبتمرب ‪ُ ،2001‬فأعيد اختياره‬ ‫املرصى‪ ،‬وأيضا مع أسامة بن الدن وشاركوا مجيعا ىف‬
‫لفرتة ثانية كنائب للرئيس عام ‪ .2004‬واجلدير بالذكر‬ ‫القتال إىل جانب املجاهدين األفغان ضد السوفييت‪،‬‬
‫دفاعا‬
‫أنه كان من أوائل املؤيدين حلرب العراق‪ ،‬وقاد ً‬ ‫وأنشأ مع بن الدن تنظيم القاعدة باعتباره زعيام لتنظيم‬
‫قو ًيا عن سجل اإلدارة األمريكية ىف مكافحة اإلرهاب‪،‬‬ ‫اجلهاد املرصى ونائبا لزعيم تنظيم القاعدة‪ .‬ورغم مرضه‬
‫حيث ُوصف بأقوى نائب رئيس ىف التاريخ األمريكى‪.‬‬ ‫واختفائه اإلعالمى إال أنه ما زال رسميا زعيم القاعدة‬
‫بعد مقتل سلفه بن الدن‪.‬‬
‫‪ -9‬رساج الدين حقاين‪ :‬الزعيم احلاىل لشبكة حقانى‬
‫(أفغانستان)‪ ،‬ولد ىف والية بكتيا األفغانية عام ‪،1973‬‬ ‫‪ -7‬بول بريمر‪ :‬هو مسئول حكومى أمريكي‪ ،‬عينه‬
‫وهو نجل مؤسس الشبكة‪ ،‬جالل الدين حقانى‪.‬‬ ‫ً‬
‫متجول ملكافحة‬ ‫ريا‬
‫الرئيس «رونالد ريغان» سف ً‬
‫واهتم بمسئوليته عن التخطيط ملحاولة اغتيال الرئيس‬ ‫ً‬
‫مسئول عن تطوير‬ ‫اإلرهاب ىف عام ‪ ،1986‬حيث كان‬

‫‪70‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫االنتامء املذهبى من قوائم القبول بالكليات العسكرية‪.‬‬ ‫األفغانى حامد كرزاى عام ‪ .2008‬والتنسيق واملشاركة‬
‫ً‬
‫معارضا عراق ًيا شيع ًيا ىف‬ ‫‪ -12‬نورى الدين املالكي‪ :‬كان‬ ‫ىف هجامت ضد القوات األمريكية‪ .‬وصنفته وزارة‬
‫ظل نظام «صدام حسني» ىف أواخر السبعينيات‪ ،‬وهرب‬ ‫اخلارجية األمريكية بأنه إرهابى عاملى ىف شهر مارس‬
‫صادرا ضده‪ ،‬إىل سوريا‪،‬‬ ‫من حكم اإلعدام‪ ،‬الذى كان‬ ‫‪ ،2008‬وأصبح رساج الدين نائ ًبا ألمري حركة طالبان‬
‫ً‬
‫ومنها انتقل إىل إيران‪ .‬وبعد‪ ‬سقوط نظام «صدام حسني»‬ ‫عام ‪ ،2015‬وتوىل زعامة الشبكة عقب وفاة والده عام‬
‫ودخول القوات األمريكية العراق ىف ‪  ،2003‬عاد‬ ‫‪.2018‬‬
‫«املالكي» إىل‪ ‬العراق‪ ،‬واختري كعضو ُمناوب ىف جملس‬ ‫‪ -10‬عبد امللك دروكدال‪ :‬جزائرى مواليد عام ‪1970‬‬
‫احلكم العراقى‪ ‬الذى أسس من قبل‪ ‬سلطة االئتالف‬ ‫‪ ،‬حاصل عىل شهادة جامعية ىف العلوم التكنولوجية عام‬
‫املؤقتة‪ ‬برئاسة‪“  ‬بول بريمر»‪ ،‬كام شغل منصب نائب‬ ‫‪ .1993‬وبعد توقف املسار االنتخابى عام ‪ ،1992‬إثر‬
‫رئيس املجلس الوطنى املؤقت‪ .‬وقد انتخب «املالكى»‬ ‫تدخل اجليش‪ ،‬التحق بحركة «الدولة اإلسالمية»‪،‬‬
‫أول‪ ‬حكومة‪ ‬عراقية‪ ‬منتخبة ىف مايو ‪،2006‬‬ ‫لتشكيل‬ ‫وأسندت إليه مهام ُصنع ا ُملتفجرات بحكم ختصصه‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫إال أن الدولة تعرضت ىف هذه الفرتة لسلسلة من اهلزائم‬ ‫العلمى‪ ،‬وخربته ىف جمال امليكانيكا واملواد الكيميائية‪.‬‬
‫العسكرية عىل يد «داعش» والعشائر املحلية‪ .‬وعند‬ ‫وىف عام ‪ ،2001‬تم استدعاؤه إىل إمارة «اجلامعة السلفية‬
‫دخول قوات «داعش» وسيطرهتا عىل مدينة املوصل‪،‬‬ ‫وعني ىف جملس أعيان اجلامعة حتى‬ ‫للدعوة والقتال»‪ُ ،‬‬
‫انترش شعار داخل املدينة يقول «ألف داعشى وال مالكى‬ ‫عام ‪ .2003‬وىف عام ‪ ،2004‬توىل دروكدال إمارة‬
‫واحد»‪ ،‬ىف إشارة إىل املظلومية السنية التى تسبب فيها‬ ‫اجلامعة‪ ،‬ل ُيعلن بعد ذلك عام ‪ 2007‬عن ُمبايعته لتنظيم‬
‫حكم املالكى (‪.)2014-2006‬‬ ‫«القاعدة» واالنضامم إليه‪ ،‬وتغيري اسم اجلامعة إىل «تنظيم‬
‫ومنذ ذلك احلني‪ ،‬توىل‬‫القاعدة ببالد املغرب اإلسالمي»‪ُ .‬‬
‫ثانيا‪ :‬تنظيامت وهيئات‬
‫ً‬ ‫دروكدال زعامة اجلامعة‪ ،‬حتى ُقتل ىف يونيو ‪ ،2020‬إثر‬
‫‪ -1‬تنظيم الدولة اإلسالمية ىف العراق والشام “داعش”‪:‬‬ ‫عملية عسكرية نفذهتا‪ ‬القوات الفرنسية بشامل غرب‬
‫تعود جذور “داعش” إىل «مجاعة التوحيد واجلهاد»‬ ‫«تساليت» ىف ماىل قرب احلدود مع اجلزائر‪.‬‬
‫بزعامة «أبو مصعب الزرقاوي» الذى انضم بجامعته إىل‬ ‫‪ -11‬مصطفى الكاظمي‪ :‬ولد ىف العراق عام ‪،1967‬‬
‫تنظيم القاعدة ليشكل فرع التنظيم ىف العراق املعروف‬ ‫وحصل عىل شهادة البكالوريوس ىف القانون عام‬
‫باسم «قاعدة اجلهاد ىف بالد الرافدين» ىف أكتوبر ‪2004‬‬ ‫‪ .2012‬توىل الكاظمى منصب رئيس جهاز املخابرات‬
‫إثر الغزو األمريكى للعراق‪ .‬وبعد مقتل «الزرقاوى»‪،‬‬ ‫ً‬
‫معارضا‬ ‫الوطنى العراقى عام ‪ .2016‬و ُيذكر أنه كان‬
‫تزعم «أبو محزة املهاجر» التنظيم‪ ،‬ثم تشكل تنظيم «دولة‬ ‫لنظام «صدام حسني» وحزب البعث االشرتاكى‪،‬‬
‫العراق اإلسالمية» بزعامة «أبو عمر البغدادي»‪ ،‬إىل أن‬ ‫وعاش ىف املنفى لسنوات عدة‪ .‬إال أنه يشغل اآلن‬
‫نجحت القوات األمريكية ىف اغتيال «املهاجر» و»أبو‬ ‫منصب رئيس احلكومة العراقية منذ مايو ‪ .2020‬وعىل‬
‫عمر البغدادي»‪ ،‬فاختار التنظيم «أبو بكر البغدادي»‬ ‫الرغم من انتامء الكاظمى للمذهب الشيعى إال أنه قدم‬
‫ريا له‪ .‬وىف ‪ ،2013‬أعلن البغدادى عن تنظيم «الدولة‬ ‫أم ً‬ ‫خالل فرتة رئاسته للحكومة توجها نحو مواجهة اهلوية‬
‫اإلسالمية ىف العراق والشام»‪ ،‬وهو ما رفضه الظواهرى‪،‬‬ ‫الطائفية التى رسختها «املحاصصة السياسية» ملصلحة‬
‫كام رفضه اجلوالنى زعيم جبهة النرصة (القاعدية) ىف‬ ‫استعادة اهلوية الوطنية‪ ،‬وكان من أمثلة ذلك إلغاء خانة‬

‫‪71‬‬
‫ملحق خاص‬
‫املشهد‬

‫‪ -4‬احلشد الشعبي‪ :‬تأسس احلشد الشعبى من قوى‬ ‫سوريا‪ .‬وبعد ذلك أعلن املتحدث باسم تنظيم «داعش»‬
‫عسكرية حتمل أجندات سياسية خمتلفة ووحدها‬ ‫أبو حممد العدنانى ىف تسجيل صوتى‪ ،‬ىف ‪ 29‬يونيو‬
‫الظرف السياسى‪ ،‬وتنقسم بشكل عام إىل قوى موالية‬ ‫‪ ،2014‬عن قيام ما سامه «الدولة اإلسالمية» وخليفتها‬
‫إليران‪ ،‬مثل ميليشيات «منظمة بدر‪ ،‬وكتائب حزب‬ ‫أبو بكر البغدادى‪ ،‬حتت شعار «باقية وتتمدد»‪.‬‬
‫اهلل‪ ،‬ىف عصائب أهل احلق»‪ ،‬التى ترتبط باحلرس‬ ‫‪ -2‬التحالف الدوىل ملحاربة تنظيم الدولة «داعش»‪ :‬تم‬
‫الثورى اإليرانى‪ ،‬وحصلت عىل دعم إيرانى كبري‪،‬‬ ‫تشكيل التحالف الدوىل ضد «داعش» ىف سبتمرب عام‬
‫أثناء احلرب عىل «داعش»‪ ،‬وهى القوى صاحبة النفوذ‬ ‫‪ ،2014‬بحيث يلتزم أعضاء التحالف الـ ‪ 83‬بمواجهة‬
‫األكرب داخل قوات احلشد الشعبى‪ ،‬إىل جانب القوى‬ ‫التنظيم عىل خمتلف اجلبهات وتفكيك شبكاته وجماهبة‬
‫املوالية ملقتدى الصدر واملناهضة للنفوذ اإليرانى‪ ،‬مثل‬ ‫طموحاته العاملية‪ .‬فباإلضافة إىل املواجهة العسكرية‬
‫رسايا السالم‪ً .‬‬
‫وأيضا القوى املوالية آلية اهلل السيستانى‪،‬‬ ‫لتنظيم «داعش» عرب محلة التحالف الدوىل وقواته‬
‫وهى املجموعات التى استجابت لفتوى السيستانى‬ ‫ىف سوريا والعراق‪ .‬فإن من أهداف والتزامات دول‬
‫حول «اجلهاد الكفائي» ضد «داعش» ومحاية املقدسات‬ ‫ومنظامت التحالف ً‬
‫أيضا تدمري البنى التحتية االقتصادية‬
‫واملزارات الدينية‪ ،‬وعىل رأسها فصائل العتبات‬ ‫واملالية للتنظيم‪ ،‬ومنع تدفق املقاتلني اإلرهابيني األجانب‬
‫املقدسة التى انسحبت بعد ذلك من احلشد الشعبى‬ ‫عرب احلدود‪ ،‬ودعم االستقرار‪ ،‬واستعادة اخلدمات‬
‫ونقلت تبعيتها إىل القوات املسلحة العراقية‪ ،‬حيث‬ ‫األساسية العامة ىف املناطق املحررة من «داعش»‪،‬‬
‫مسلحا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فصيل‬ ‫يتكون احلشد الشعبى حال ًيا من نحو ‪67‬‬ ‫وجماهبة الدعاية اإلعالمية للتنظيم‪ .‬ويتكون التحالف‬
‫بعد انسحاب الفصائل األربعة املعروفة بحشد العتبات‬ ‫من ‪ 78‬دولة‪ ،‬باإلضافة إىل منظمة اإلنرتبول‪ ،‬ومنظمة‬
‫املقدسة‪.‬‬ ‫حلف شامل األطلسى‪ ،‬واالحتاد األوروبى‪ ،‬وجتمع دول‬
‫‪ -5‬جملس احلكم االنتقاىل العراقي‪ :‬تأسس جملس‬ ‫الساحل والصحراء وجامعة الدول العربية‪.‬‬
‫احلكم االنتقاىل العراقى ىف يوليو ‪ 2003‬بموجب قرار‬ ‫‪ -3‬حركة طالبان‪ :‬حركة من الطالب من مناطق البشتون‬
‫أصدره رئيس سلطة االئتالف املؤقتة ىف العراق‪ ،‬احلاكم‬ ‫ىف رشق وجنوب أفغانستان الذين تلقوا تعليمهم ىف‬
‫األمريكى بول بريمر‪ .‬وحددت سلطة االئتالف املؤقتة‬ ‫املدارس اإلسالمية التقليدية ىف باكستان‪ .‬وعملت‬
‫مهام جملس احلكم بأهنا تعيني الوزراء املؤقتني‪ ،‬ورسم‬ ‫املخابرات الباكستانية عىل دعمهم‪ .‬وبرزت احلركة‬
‫السياسات العامة للبالد بالتنسيق مع سلطة االئتالف‪،‬‬ ‫بشكل واضح ىف قندهار األفغانية عىل يد املال حممد عمر‬
‫وحتديد املوازنة العامة للدولة‪ ،‬ووضع اإلجراءات‬ ‫عام ‪ ،1994‬ىف فرتة احلرب األهلية ىف أفغانستان‪ ،‬عقب‬
‫الالزمة إلنشاء دستور للعراق اجلديد‪ .‬وتم حل املجلس‬ ‫انسحاب القوات السوفيتية‪ ،‬ومتكنت حركة طالبان من‬
‫رسم ًيا ىف يوليو‪ 2004‬بعد تشكيل احلكومة العراقية‬ ‫دخول العاصمة األفغانية كابول والسيطرة عىل احلكم عام‬
‫رئيسا‬
‫املؤقتة برئاسة إياد عالوى‪ ،‬واختيار غازى مشعل ً‬ ‫‪ .1996‬وتعتمد طالبان ىف تكوينها بشكل كبري عىل قومية‬
‫للجمهورية‪.‬‬ ‫«البشتون»‪ ،‬باإلضافة ألعداد قليلة من قوميات الطاجيك‬
‫‪ -6‬وزارة األمن الداخىل األمريكية‪ :‬تأسست وزارة‬ ‫واألوزبك والشيشان‪ .‬وهتدف احلركة إىل «تطبيق الرشيعة‬
‫األمن الداخىل ىف ‪ 25‬نوفمرب ‪ ،2002‬عقب هجامت‬ ‫اإلسالمية» و»إقامة احلكم اإلسالمي»‪ .‬وفكر ًيا‪ ،‬تأثرت‬
‫‪ 11‬سبتمرب‪ .‬وتعترب من كربى الوزارات األمريكية من‬ ‫احلركة ‪-‬إىل حد كبري‪ -‬باملدرسة الديوبندية‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫لقانون إصالح االستخبارات ومنع اإلرهاب لسنة‬ ‫حيث عدد املوظفني‪ .‬ويقوم جملس األمن القومى بمهمة‬
‫‪ ،2004‬والذى تم إقراره كرد فعل عىل هجامت سبتمرب‬ ‫التنسيق بني الوزارة وغريها من الوزارات املرتبط عملها‬
‫وما الزمها من فشل استخباراتى ىف توقع اهلجامت‪.‬‬ ‫باألمن القومي‪ .‬وختتص وزارة األمن الداخىل باجلوانب‬
‫ويعمل املكتب عىل مساعدة أجهزة املخابرات األمريكية‬ ‫األمنية الداخلية‪ ،‬والشق املدنى‪ ،‬ومحاية الداخل‬
‫املختلفة‪ ،‬ودمج وتنسيق اجلهود املخابراتية اخلارجية‬ ‫األمريكى‪ ،‬ومواجهة ومنع حاالت الطوارئ املحلية‪،‬‬
‫واملحلية والعسكرية واملحلية‪ ،‬وتنسيق وحتليل التقارير‬ ‫وعىل رأسها اإلرهاب‪.‬‬
‫املخابراتية الواردة من خمتلف األجهزة األخرى‪ ،‬حيث‬ ‫‪ -7‬جلنة مكافحة اإلرهاب التابعة ملجلس األمن الدويل‪:‬‬
‫يعد رئيس املكتب بمنزلة الرئيس للمنظومة املخابراتية‬ ‫تشكلت جلنة مكافحة اإلرهاب‪ ،‬التابعة ملجلس األمن‬
‫األمريكية بأكملها‪.‬‬ ‫الدوىل ىف ‪ 28‬سبتمرب ‪ ،2001‬لزيادة قدرة الدول عىل‬
‫‪ -10‬شبكة حقاين‪ :‬أسس شبكة حقانى جالل الدين‬ ‫مكافحة اإلرهاب‪ ،‬وملراقبة تنفيذ قرار جملس األمن رقم‬
‫حقانى الذى شارك ىف قتال السوفييت ىف الثامنينات‪.‬‬ ‫‪ ،1373‬الذى يلزم مجيع الدول بتجريم املساعدة ىف‬
‫وعىل الرغم من أهنا متداخلة بدرجة كبرية مع حركة‬ ‫األنشطة‪ ‬اإلرهابية‪ ،‬وحرمان‪ ‬اإلرهابيني‪ ‬من الدعم املاىل‪،‬‬
‫طالبان عىل مستوى االنتامء التنظيمى‪ ،‬حيث يصعب‬ ‫واملالذ اآلمن‪ ،‬وتبادل املعلومات حول اجلامعات التى‬
‫كثريا حتديد اخلط الفاصل بينهم‪ ،‬إال أن رجاهلا يمثلون‬ ‫ختطط هلجامت إرهابية‪ .‬وتعمل اللجنة كوسيط بني الدول‬
‫القوات األكثر جهوزية للقتال‪ ،‬وهذا بسبب تركزهم ىف‬ ‫التى متتلك قدرات وإمكانيات وخربات ىف جمال مكافحة‬
‫وزيرستان عىل احلدود الباكستانية األفغانية‪ ،‬وقدرهتم‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬وتلك التى حتتاج إىل املساعدة ىف ذلك األمر‪،‬‬
‫عىل احلركة عرب ممرات جبلية حدودية‪ .‬إال أهنا ً‬
‫أيضا‬ ‫وتعزيز التعاون بني الدول واملنظامت اإلقليمية والدولية ىف‬
‫حتافظ عىل قدر من االستقاللية وعقد الصفقات‬ ‫جمال مكافحة اإلرهاب‪ ،‬وتضم اللجنة ‪ 15‬عضوا‪.‬‬
‫الناجحة‪ .‬وتتمركز الشبكة بشكل رئيسى ىف رشق‬ ‫‪ -8‬قسم األمن القومى ىف مكتب التحقيقات الفيدراىل‬
‫أفغانستان‪ ،‬وينتمى معظم أعضائها لقومية البشتون‪.‬‬ ‫‪ :NSB‬أنشأ مكتب التحقيقات الفيدراىل ىف الواليات‬
‫وتتهم شبكة حقانى بالوقوف وراء عدد من اهلجامت‬ ‫املتحدة األمريكية قسم األمن القومى (‪)NSB‬‬
‫اإلرهابية ىف أفغانستان‪ ،‬ومنها حماولة اغتيال الرئيس‬ ‫‪ National Security Branch‬ىف سبتمرب ‪2005‬‬
‫األفغانى حامد كرزاى ىف ‪ ،2008‬باإلضافة إىل خطف‬ ‫استجابة لتوجيه رئاسى بدمج وجتميع املهام والقدرات‬
‫مسئولني ورعايا أجانب مقابل فدية‪ ،‬وصفقات تبادل‬ ‫واملوارد اخلاصة بمكتب التحقيقات الفيدراىل فيام خيص‬
‫سجناء‪ .‬وقد أدرجتها الواليات املتحدة عىل قوائم‬ ‫مكافحة اإلرهاب التجسس‪ ،‬عىل أن يقوم الفرع باكتشاف‬
‫اإلرهاب‪ ،‬كام تفرض عليها األمم املتحدة عقوبات‪.‬‬ ‫وردع وتعطيل هتديدات األمن القومى للواليات املتحدة‬
‫‪ -11‬طالبان باكستان‪ :‬ترجع جذور طالبان باكستان إىل‬ ‫ومصاحلها‪ ،‬وتطوير وتنفيذ هنج اسرتاتيجى حلامية‬
‫عام ‪ ،2002‬حينام قام اجليش الباكستانى بفرض سيطرته‬ ‫مصالح األمن القومى للواليات املتحدة‪.‬‬
‫عىل منطقة القبائل من أجل وقف تنقل املسلحني عىل‬ ‫‪ -9‬مكتب مدير االستخبارات الوطنية ‪Office of‬‬
‫احلدود الباكستانية األفغانية‪ .‬وقد ُأعلن رسم ًيا عن‬ ‫‪the Director of National Intelligence‬‬
‫تأسيس احلركة عام ‪ 2007‬بقيادة بيت اهلل حمسود‪ .‬وقد‬ ‫)‪ :(ODNI‬تم إنشاء هذا املكتب كوكالة مستقلة طب ًقا‬

‫‪73‬‬
‫ملحق خاص‬
‫املشهد‬

‫العراقية» (فرع تنظيم القاعدة ىف العراق آنذاك)‪ ،‬ثم‬ ‫درس معظم أعضاء احلركة ىف املدارس الدينية وتأثروا‬
‫انترشت فكرة تكوين الصحوات من األنبار إىل حمافظات‬ ‫باملدرسة الديوبندية كام هو احلال بالنسبة لطالبان‬
‫دورا ً‬
‫مهم ىف تشكيل‬ ‫أخرى‪ .‬وقد لعبت الواليات املتحدة ً‬ ‫األفغانية‪ .‬وتؤكد احلركة أهنا رغم اختالفها عن طالبان‬
‫تلك املجموعات ودعمها ملواجهة تنظيم القاعدة‪.‬‬ ‫أفغانستان تنظيم ًيا إال أن العالقات بينهام مبنية عىل‬
‫وبسبب خماوف حكومية آنذاك من تكوين جمموعات‬ ‫«األخوة والتعاطف»‪ .‬وتسعى احلركة إىل السيطرة عىل‬
‫عسكرية عىل أسس طائفية‪ ،‬قام رئيس الوزراء العراقى‬ ‫املناطق القبلية احلدودية الباكستانية واالستقالل هبا‪،‬‬
‫نورى املالكى بتفكيك الصحوات إلحالل اجليش‬ ‫كام تسعى إىل تطبيق الرشيعة وحماربة الوجود األجنبى‪.‬‬
‫بدل منها‪ .‬ويشري بعض قادة الصحوات إىل أن‬‫العراقى ً‬ ‫وتقوم احلركة بعمليات ضد القوات الباكستانية‪ ،‬ويتزعم‬
‫فكرة الصحوات قامت عىل أساس التهدئة مع الواليات‬ ‫احلركة اآلن نوروىل حمسود‪.‬‬
‫املتحدة حلشد اجلهود احلركية السنية ملواجهة النفوذ‬ ‫‪ -12‬البيشمركة‪ :‬البيشمركة مقاتلون أكراد ىف شامل‬
‫اإليرانى الشيعى من جهة‪ ،‬ومواجهة تنظيم القاعدة من‬ ‫العراق‪ ،‬يرجع البعض جذورهم إىل أواخر القرن التاسع‬
‫جهة أخرى‪.‬‬ ‫عرش وأوائل القرن العرشين‪ ،‬حيث حرس احلدود‬
‫القبليون الذين أصبحوا أكثر تنظيام بعد سقوط الدولة‬
‫ثال ًثا‪ :‬املفاهيم‬
‫العثامنية إثر احلرب العاملية األوىل‪ .‬وقد تزايدت هذه‬
‫‪ -1‬الفوىض اخلالقة ‪ :Creative Chaos‬هو مصطلح‬ ‫القوات مع اتساع احلركة القومية الكردية‪ ،‬كام زادات‬
‫ُيقصد به حالة سياسية ُمفتلعة من قبل أشخاص معينني‬ ‫تأثرياهتا وفعاليتها العسكرية ىف سبعينيات القرن املاىض‬
‫بعد حالة من الفوىض ا ُملتعمدة‪ ،‬وبقوم هبا األشخاص‬ ‫منتهجة أسلوب حرب العصابات ضد قوات احلكومة‬
‫لقلب األمور ملصلحتهم‪ ،‬وبدون الكشف عن أنفسهم‪.‬‬ ‫العراقية‪ ،‬وواصلت قتاهلا ضد القوات العراقية ىف‬
‫وقد اشتهر هذا املصطلح بعد الغزو األمريكى للعراق‪.‬‬ ‫التسعينيات‪ ،‬ثم حتولت قوات البيشمركة إىل قوة نظامية‬
‫‪ -2‬رشق أوسط جديد‪ /‬كبري ‪Greater Middle‬‬ ‫بعد تشكيل حكومة إقليم كردستان ىف شامل العراق‬
‫‪ :East‬أطلقت إدارة الرئيس األمريكى “جورج دبليو‬ ‫ىف بداية التسعينيات‪ ،‬وأصبحت جزءا من مؤسسات‬
‫بوش” هذا املصطلح ضمن مبادرة كان قد طرحها ىف‬ ‫حكومة اإلقليم‪ .‬وقامت الواليات املتحدة بعد الغزو‬
‫قمة جمموعة الـثامنية عام ‪ ،2004‬ويضم املصطلح ىف‬ ‫األمريكى للعراق‪ ،‬بالتعاون مع البيشمركة وتدريب‬
‫إطاره كل الدول العربية‪ُ ،‬مضا ًفا إليها تركيا‪ ،‬وإرسائيل‪،‬‬ ‫واعتربت قوات‬ ‫مقاتليها‪ ،‬وإجراء عمليات مشرتكة‪ُ ،‬‬
‫وإيران‪ ،‬وأفغانستان‪ ،‬وباكستان‪.‬‬ ‫البيشمركة حلي ًفا للقوات األمريكية ىف العراق‪ .‬وتتكون‬
‫‪ -3‬دول حمور الرش ‪ :Axis of evil‬بدأ تداول املصطلح‬ ‫قوات البيشمركة بشكل عام من القوات املوالية للحزب‬
‫أول مرة بعد اهلجوم العسكرى للواليات املتحدة‬ ‫الديمقراطى الكردستانى (‪ )KDP‬والقوات املوالية‬
‫األمريكية عىل أفغانستان‪ ،‬وذلك خالل خطاب الرئيس‬ ‫لالحتاد الوطنى الكردستانى (‪ ،)PUK‬ويعرب مصطلح‬
‫األمريكى األسبق “جورج دبليو بوش” يوم ‪ 29‬يناير عام‬ ‫البيشمركة عن الفدائية وحتدى املوت‪.‬‬
‫“حمورا‬
‫ً‬ ‫‪ُ ،2002‬ماط ًبا الدول التى كانت بحسب قوله‬ ‫‪ -13‬صحوات العراق‪ :‬جتمعات سنية عشائرية عراقية‬
‫للرش وهيددون السالم العاملى”‪ ،‬حيث كان ُيقصد بذلك‬ ‫نشأت ىف البداية عام ‪ 2006‬بمدينة األنبار بعد الغزو‬
‫العراق‪ ،‬وإيران‪ ،‬وكوريا الشاملية‪ ،‬وهذا ىف إطار اهتامهم‬ ‫األمريكى للعراق ملواجهة «تنظيم دولة اإلسالم‬

‫‪74‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫بني «نرش الديمقراطية ىف اخلارج» ‪-‬بام قد تتضمنه من‬ ‫بتسليح أنفسهم بأسلحة الدمار الشامل‪ ،‬واملطالبة بنزع‬
‫دخالت عسكرية ىف الدول األخرى‪ -‬وآليات وأدوات‬ ‫السالح من هذه البلدان‪.‬‬
‫القضاء عىل اإلرهاب ومحاية األمن القومى األمريكي‪.‬‬ ‫‪ -4‬احلرب االستباقية ‪ :Preemptive war‬ابتدعت‬
‫‪ -6‬اإلرهاب الطائفي‪ :‬رغم أن لتلك الظاهرة جذور‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية مصطلح “احلرب االستباقية”‬
‫تارخيية‪ ،‬إال أن املوجه الراهنة تُعد هى األكثر عن ًفا ىف‬ ‫بعد رضبات ‪ 11‬سبتمرب ‪ ،2001‬وذلك بعد إعالهنا عن‬
‫التاريخ املعارص‪ .‬فقد بدأت تلك املوجه ُمتزامنة مع‬ ‫قيام حرب غري حمدودة عىل “اإلرهاب الدويل”‪ .‬واملقصود‬
‫االحتالل األمريكى للعراق ىف عام ‪ ،2003‬وحالة‬ ‫من املصطلح هو التحول من الرد عىل اهلجوم الفعىل‬
‫االنحياز ملطالب الطائفة الشيعية ىف العراق‪ ،‬وتنامى‬ ‫إىل املبادرة باهلجوم ملنع هجوم ُمتمل‪ ،‬السيام ىف حال‬
‫السنة بالتهميش‪ .‬فاإلرهاب الطائفى ُيمثل توجه‬ ‫شعور ُ‬ ‫اكتشفت أو تنبأت أجهزة الدولة بنوايا ُمبكرة باهلجوم‬
‫التنظيم اإلرهابى إلحداث أكرب قدر من الرضر والعنف‬ ‫لدى اخلصم بغض النظر عن مظاهر أو مؤرشات تلك‬
‫جتاه طائفة ُمعينة لسامهتا الدينية أو املذهبية ا ُملغايرة‪ ،‬وهذا‬ ‫النوايا‪ .‬واجلدير بالذكر أن “احلرب االستباقية” ليست‬
‫انطال ًقا من التأكيد عىل حالة «النقاء اإليامين» التى يتميز‬ ‫عمل مرشوع ىف القانون الدوىل العام‪ ،‬فوف ًقا لنص املادة‬
‫هبا أعضاء التنظيم اإلرهابى عن غريهم‪.‬‬ ‫‪ 51‬من ميثاق األمم املتحدة؛ الدافع املرشوع قانون ًيا هو‬
‫‪ -7‬اجلهاد الكفائي‪ :‬عقب اجتياح تنظيم «داعش»‬ ‫الذى تتبناه الدولة ىف حال وجود خطر حقيقى‪ ،‬وليس‬
‫ملحافظات شامل العراق ىف ‪ 13‬يونيو ‪ ،2014‬أعلن‬ ‫جمرد التوقع بوجود اخلطر‪.‬‬
‫«عىل السيستاين» فتواه التى دعا فيها «كل قادر عىل محل‬ ‫‪ -5‬نرش الديمقراطية ‪:Democracy promotion‬‬
‫السالح إىل االنخراط ىف صفوف القوات األمنية بحجة‬ ‫ينقسم تبنى مفهوم “نرش الديمقراطية” إىل مدرستني‬
‫حماربة تنظيم «داعش»‪ .‬وجاء ىف نص الفتوى عىل لسان‬ ‫أساسيتني‪ :‬األوىل تُعرف بمدرسة املثالية الليربالية‬
‫الشيخ «عبد املهدى الكربالئي» ُمثل السيستاين‪« :‬إن‬ ‫‪ ،Liberal Exemplarism‬وهى تدعم عملية نرش‬
‫طبيعة املخاطر ا ُملحدقة بالعراق وشعبه ىف الوقت احلارض‬ ‫الديمقراطية ىف اخلارج من خالل قوة النموذج األمريكى‬
‫تقتىض الدفاع عن هذا الوطن وأهله وأعراض مواطنيه‪،‬‬ ‫الذى تقوم بتصديره للخارج‪ ،‬وتُعارض استخدام القوة‬
‫وهذا الدفاع واجب عىل املواطنني بالوجوب الكفائى‪،‬‬ ‫العسكرية ىف هذه العملية‪ .‬أما املدرسة األخرى تُعرف‬
‫بمعنى أنه إذا تصدى له من هبم الكفاية‪ ،‬بحيث يتحقق‬ ‫باسم النشاط الليرباىل ‪ ،Liberal Activis‬وعىل‬
‫الغرض‪ ،‬وهو حفظ العراق وشعبه ومقدساته‪ ،‬يسقط‬ ‫النقيض‪ ،‬يرى رواد هذه املدرسة أن الواليات املتحدة‬
‫عن الباقني”‪ .‬وتابع‪« :‬ومن هنا‪ ،‬فإن املواطنني الذين‬ ‫األمريكية جيب أن تتجاوز فكرة االعتامد عىل جاذبية‬
‫دفاعا عن‬
‫يتمكنون من محل السالح ومقاتلة اإلرهابيني ً‬ ‫النموذج اخلاص هبا‪ ،‬وتبدأ بإجراءات ُمددة لنرش‬
‫ومقدساهتم عليهم التطوع لالنخراط‬ ‫بلدهم وشعبهم ُ‬ ‫الديمقراطية ىف الدول واملجتمعات غري الليربالية‪،‬‬
‫ىف القوات األمنية»‪ .‬وانطال ًقا من هذا األساس‪ ،‬أعلنت‬ ‫وذلك مع إباحة اللجوء إىل استخدام القوة العسكرية‬
‫امليليشيات الطائفية عن وجودها الرشعى‪ ،‬وعن ُمربرها‬ ‫إذا اقتىض األمر‪ .‬واجلدير بالذكر ىف هذا الشأن أن جذور‬
‫حلشد املزيد من املقاتلني من الشعب وتشكيل ميليشيات‬ ‫املدرسة الثانية تعود إىل الرئيس «ودر ويلسون»‪ ،‬إال أهنا‬
‫أخرى‪ ،‬تنضم مجيعها حتت مظلة «احلشد الشعبي» بقيادة‬ ‫ريا عقب أحداث احلادى عرش من‬ ‫رواجا كب ً‬
‫ً‬ ‫اكتسبت‬
‫«فالح فياض»‪ ،‬و»نور املالكي»‪ ،‬وغريهم‪.‬‬ ‫سبتمرب ‪ ،2001‬حيث أحيت إدارة «بوش االبن» الربط‬

‫‪75‬‬
‫ملحق خاص‬
‫املشهد‬

‫وسائل العنف اخلارج عن اإلطار القانونى‪ ،‬ومن ثم‬ ‫‪ -8‬إعادة بناء الدولة من اخلارج‪ :‬مفهوم يشري إىل إدخال‬
‫غري القادرة عىل حتقيق السالم واالستقرار لشعوهبا أو‬ ‫حتوالت جذرية يف بنية مؤسسات الدولة املستهدفة‪ ،‬عرب‬
‫فرض السيطرة عىل أراضيها‪ .‬فالدولة الفاشلة‪ ،‬وف ًقا هلذه‬ ‫مرشوع خارجي‪ ،‬كى تتمكن من أداء وظائفها األمنية‬
‫التعريفات‪ ،‬هى غال ًبا ما تتميز بضعف النمو االقتصادى‪،‬‬ ‫والسياسية واالقتصادية واالجتامعية بكفاءة أكرب‪ .‬وقد‬
‫وسوء توزيع السلع واخلدمات‪ ،‬وانعدام املساواة‬ ‫شهدت هذه الظاهرة تطبي ًقا يف مراحل خمتلفة من تطور‬
‫االقتصادية‪ ،‬مما يزيد من املنافسة العنيفة عىل املوارد‪ .‬وقد‬ ‫النظام العاملي‪ ،‬كام شهدت حاالت خمتلفة من النجاح‬
‫أصدر صندوق “السالم”‪ ،‬باالشرتاك مع جملة “السياسة‬ ‫والفشل اعتام ًدا عيل متغريات عديدة‪ .‬وقد شهد ت هذه‬
‫تطورا وصعو ًدا قو ًيا عقب أحداث سبتمرب‬ ‫ً‬ ‫الظاهرة‬
‫تقريرا سنو ًيا حول الدول‬‫ً‬ ‫اخلارجية” منذ عام ‪2005‬‬
‫‪ ،٢٠٠١‬حيث ُطرح يف إطارها مفهوم «إعادة بناء الدولة‬
‫الفاشلة‪ ،‬وذلك اعتام ًدا عىل جمموعة من اخلصائص‬
‫مصدرا لتهديد السلم واألمن‬
‫ً‬ ‫الفاشلة» باعتبارها ُتثل‬
‫لتحديد قيمة “الفشل” وترتيب الدول عىل هذا املؤرش‪،‬‬
‫الدوليني‪.‬‬
‫مثل تآكل السلطة الرشعية‪ ،‬وفقدان االحتكار املرشوع‬
‫الستخدام القوة داخل أراضيها‪ ،‬وعدم القدرة عىل توفري‬ ‫‪ -9‬الدولة الفاشلة (اهلشة) ‪:Failed/Fragile State‬‬
‫اخلدمات العامة‪ ،‬أو التفاعل مع الدول األخرى كعضو‬ ‫انترش مصطلح “الدولة الفاشلة” ىف األدبيات السياسية‬
‫منذ أوائل التسعينيات من القرن العرشين‪ .‬حيث بدأ‬
‫كامل العضوية ىف املجتمع الدوىل‪.‬‬
‫البحث ىف ماهية الدولة الفاشلة وحمدداهتا وتبعاهتا‪ .‬وقد‬
‫‪ -10‬ا ُملحاصصة الطائفية‪ :‬هى عملية قائمة عىل‬ ‫ظهر اجتاهني أساسيني لصياغة مفهوم “الدولة الفاشلة”‪،‬‬
‫فكرة “اهلوية الطائفية”‪ ،‬حيث يتم تعزيز أو االعرتاف‬ ‫حيث عرفها االجتاه األوىل بأهنا تلك الدول التى ال‬
‫بمجموعات عرقية ُمعينة‪ ،‬بينام يتم استبعاد وهتميش‬ ‫دورا ككيان مستقل‪ .‬بينام عرفها االجتاه‬
‫تستطيع أن تلعب ً‬
‫جمموعات عرقية أخرى‪ .‬وهذه املحاصصات يتم‬ ‫اآلخر‪ ،‬بأهنا الدول التى مل تعد قادرة عىل القيام بوظائفها‬
‫حتديدها من قبل السلطات احلاكمة ىف الدولة‪ ،‬وتُدعم‬ ‫األساسية‪ .‬هذا ىف حني وصفها آخرون بأهنا الدولة التى‬
‫من خالل الترشيعات التى تصدرها احلكومة‪.‬‬ ‫حتكمها ميليشيات مسلحة‪ ،‬أو التى تفقد السيطرة عىل‬

‫‪76‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫رابعا‪ :‬جداول وأرقام‬


‫‪ - 1‬العراق وأفغانستان وباكستان فى المؤشرات العالمية‬

‫جدول (‪)١‬‬
‫ترتيب الدول الثالث (العراق – أفغانستان – باكستان) على مؤشر اإلرهاب العالمي‬

‫باكستان‬ ‫افغانستان‬ ‫العراق‬ ‫السنة ‪ -‬عدد الدول المُصنفة‬


‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ - 2012‬من اصل ‪ 158‬دولة‬
‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ - 2014‬من اصل ‪ 162‬دولة‬
‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ - 2015‬من اصل ‪ 162‬دولة‬
‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ - 2016‬من اصل ‪ 163‬دولة‬
‫‪5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ - 2017‬من اصل ‪ 163‬دولة‬
‫‪5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ - 2018‬من اصل ‪ 163‬دولة‬
‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ - 2019‬من اصل ‪ 163‬دولة‬
‫‪7‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ - 2020‬من اصل ‪ 163‬دولة‬

‫الرقم األصغر يمثل المركز األسوأ‬


‫‪Global Terrorism Index from Institute for Economics and Peace‬‬

‫جدول (‪)2‬‬
‫ترتيب الدول الثالث (العراق – أفغانستان ‪ -‬باكستان) على مؤشر الفساد العالمي‬

‫باكستان‬ ‫أفغانستان‬ ‫العراق‬ ‫السنة ‪ -‬عدد الدول المُصنفة‬


‫‪79‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ - 2001‬من اصل ‪ 91‬دولة‬
‫‪77‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ - 2002‬من اصل ‪ 102‬دولة‬
‫‪92‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪113‬‬ ‫‪ - 2003‬من اصل ‪ 133‬دولة‬
‫‪129‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪129‬‬ ‫‪ - 2004‬من اصل ‪ 146‬دولة‬
‫‪144‬‬ ‫‪117‬‬ ‫‪137‬‬ ‫‪ - 2005‬من اصل ‪ 159‬دولة‬
‫‪142‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪160‬‬ ‫‪ - 2006‬من اصل ‪ 163‬دولة‬
‫‪138‬‬ ‫‪172‬‬ ‫‪178‬‬ ‫‪ - 2007‬من اصل ‪ 180‬دولة‬
‫‪134‬‬ ‫‪176‬‬ ‫‪178‬‬ ‫‪ - 2008‬من اصل ‪ 180‬دولة‬
‫‪139‬‬ ‫‪179‬‬ ‫‪176‬‬ ‫‪ - 2009‬من اصل ‪ 180‬دولة‬
‫‪146‬‬ ‫‪176‬‬ ‫‪175‬‬ ‫‪ - 2010‬من اصل ‪ 178‬دولة‬
‫‪134‬‬ ‫‪180‬‬ ‫‪175‬‬ ‫‪ - 2011‬من اصل ‪ 183‬دولة‬
‫‪139‬‬ ‫‪174‬‬ ‫‪169‬‬ ‫‪ - 2012‬من اصل ‪ 176‬دولة‬
‫‪127‬‬ ‫‪175‬‬ ‫‪171‬‬ ‫‪ - 2013‬من اصل ‪ 177‬دولة‬
‫‪126‬‬ ‫‪172‬‬ ‫‪170‬‬ ‫‪ - 2014‬من اصل ‪ 175‬دولة‬
‫‪117‬‬ ‫‪166‬‬ ‫‪161‬‬ ‫‪ - 2015‬من اصل ‪ 168‬دولة‬
‫‪116‬‬ ‫‪169‬‬ ‫‪166‬‬ ‫‪ - 2016‬من اصل ‪ 176‬دولة‬
‫‪117‬‬ ‫‪177‬‬ ‫‪169‬‬ ‫‪ - 2017‬من اصل ‪ 180‬دولة‬

‫‪77‬‬
‫ملحق خاص‬
‫املشهد‬

‫باكستان‬ ‫أفغانستان‬ ‫العراق‬ ‫السنة ‪ -‬عدد الدول المُصنفة‬


‫‪117‬‬ ‫‪172‬‬ ‫‪168‬‬ ‫‪ - 2018‬من اصل ‪ 180‬دولة‬
‫‪120‬‬ ‫‪173‬‬ ‫‪162‬‬ ‫‪ - 2019‬من اصل ‪ 180‬دولة‬
‫‪124‬‬ ‫‪165‬‬ ‫‪160‬‬ ‫‪ - 2020‬من اصل ‪ 180‬دولة‬

‫الرقم األكبر يمثل المركز األسوأ‬


‫‪Corruption perceptions index from Transparency international‬‬

‫جدول (‪)٣‬‬
‫ترتيب الدول الثالث (العراق – أفغانستان – باكستان) على مؤشر السالم العالمي‬

‫باكستان‬ ‫أفغانستان‬ ‫العراق‬ ‫السنة ‪ -‬عدد الدول المُصنفة‬


‫‪127‬‬ ‫‪137‬‬ ‫‪140‬‬ ‫‪ - 2008‬من اصل ‪ 140‬دولة‬
‫‪137‬‬ ‫‪143‬‬ ‫‪144‬‬ ‫‪ - 2009‬من اصل ‪ 144‬دولة‬
‫‪145‬‬ ‫‪147‬‬ ‫‪149‬‬ ‫‪ - 2010‬من اصل ‪ 149‬دولة‬
‫‪146‬‬ ‫‪150‬‬ ‫‪152‬‬ ‫‪ - 2011‬من اصل ‪ 153‬دولة‬
‫‪149‬‬ ‫‪157‬‬ ‫‪155‬‬ ‫‪ - 2012‬من اصل ‪ 158‬دولة‬
‫‪157‬‬ ‫‪162‬‬ ‫‪159‬‬ ‫‪ - 2013‬من اصل ‪ 162‬دولة‬
‫‪154‬‬ ‫‪161‬‬ ‫‪159‬‬ ‫‪ - 2014‬من اصل ‪ 162‬دولة‬
‫‪154‬‬ ‫‪160‬‬ ‫‪161‬‬ ‫‪ - 2015‬من اصل ‪ 162‬دولة‬
‫‪153‬‬ ‫‪160‬‬ ‫‪161‬‬ ‫‪ - 2016‬من اصل ‪ 163‬دولة‬
‫‪152‬‬ ‫‪162‬‬ ‫‪161‬‬ ‫‪ - 2017‬من اصل ‪ 163‬دولة‬
‫‪151‬‬ ‫‪162‬‬ ‫‪160‬‬ ‫‪ - 2018‬من اصل ‪ 163‬دولة‬
‫‪153‬‬ ‫‪163‬‬ ‫‪159‬‬ ‫‪ - 2019‬من اصل ‪ 163‬دولة‬
‫‪152‬‬ ‫‪163‬‬ ‫‪161‬‬ ‫‪ - 2020‬من اصل ‪ 163‬دولة‬

‫الرقم األكبر يمثل المركز األسوأ‬


‫‪Global Peace Index from Institute for Economics and Peace‬‬

‫‪78‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫جدول (‪)٤‬‬
‫ترتيب الدول الثالث (العراق – أفغانستان ‪-‬باكستان)‬
‫على مؤشر التنمية البشرية العالمي‬

‫باكستان‬ ‫أفغانستان‬ ‫العراق‬ ‫السنة ‪ -‬عدد الدول المُصنفة‬


‫‪135‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪126‬‬ ‫‪ - 2000‬من اصل ‪ 174‬دولة‬
‫‪127‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ - 2001‬من اصل ‪ 162‬دولة‬
‫‪138‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ - 2002‬من اصل ‪ 173‬دولة‬
‫‪144‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ - 2003‬من اصل ‪ 175‬دولة‬
‫‪142‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ - 2004‬من اصل ‪ 177‬دولة‬
‫‪135‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ - 2005‬من اصل ‪ 177‬دولة‬
‫‪134‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ - 2006‬من اصل ‪ 177‬دولة‬
‫‪136‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ - 2008 \ 2007‬من اصل ‪ 177‬دولة‬
‫‪ 2009‬ال يوجد تصنيف عام للدول‬
‫‪125‬‬ ‫‪155‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ - 2010‬من اصل ‪ 169‬دولة‬
‫‪145‬‬ ‫‪172‬‬ ‫‪132‬‬ ‫‪ - 2011‬من اصل ‪ 187‬دولة‬
‫‪ 2012‬غير مُتوفر على الموقع الرسمي‬
‫‪146‬‬ ‫‪175‬‬ ‫‪131‬‬ ‫‪ - 2013‬من اصل ‪ 186‬دولة‬
‫‪146‬‬ ‫‪169‬‬ ‫‪120‬‬ ‫‪ - 2014‬من اصل ‪ 187‬دولة‬
‫‪147‬‬ ‫‪171‬‬ ‫‪121‬‬ ‫‪ - 2015‬من اصل ‪ 188‬دولة‬
‫‪147‬‬ ‫‪169‬‬ ‫‪121‬‬ ‫‪ - 2016‬من اصل ‪ 188‬دولة‬
‫‪ 2017‬غير مُتوفر على الموقع الرسمي‬
‫‪150‬‬ ‫‪168‬‬ ‫‪120‬‬ ‫‪ - 2018‬من اصل ‪ 189‬دولة‬
‫‪152‬‬ ‫‪170‬‬ ‫‪120‬‬ ‫‪ - 2019‬من اصل ‪ 189‬دولة‬
‫‪154‬‬ ‫‪169‬‬ ‫‪123‬‬ ‫‪ - 2020‬من اصل ‪ 189‬دولة‬

‫الرقم األكبر يمثل المركز األسوأ‬


‫‪Human Development Reports from United Nations development program‬‬

‫‪79‬‬
‫ملحق خاص‬
‫املشهد‬

‫جدول (‪)٥‬‬
‫ترتيب الدول الثالث (العراق – أفغانستان ‪-‬باكستان)‬
‫على مؤشر الدولة الفاشلة ‪/‬الهشة العالمي‬

‫باكستان‬ ‫أفغانستان‬ ‫العراق‬ ‫السنة ‪ -‬عدد الدول المُصنفة‬


‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪ - 2006‬من اصل ‪ 179‬دولة‬
‫‪12‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ - 2007‬من اصل ‪ 179‬دولة‬
‫‪9‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪ - 2008‬من اصل ‪ 179‬دولة‬
‫‪10‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪ - 2009‬من اصل ‪ 179‬دولة‬
‫‪10‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪ - 2010‬من اصل ‪ 179‬دولة‬
‫‪12‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪ - 2011‬من اصل ‪ 179‬دولة‬
‫‪13‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪ - 2012‬من اصل ‪ 179‬دولة‬
‫‪13‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪ - 2013‬من اصل ‪ 179‬دولة‬
‫‪10‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪ - 2014‬من اصل ‪ 179‬دولة‬
‫‪13‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪ - 2015‬من اصل ‪ 178‬دولة‬
‫‪14‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪ - 2016‬من اصل ‪ 178‬دولة‬
‫‪17‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪ - 2017‬من اصل ‪ 178‬دولة‬
‫‪20‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪ - 2018‬من اصل ‪ 178‬دولة‬
‫‪23‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪ - 2019‬من اصل ‪ 178‬دولة‬
‫‪25‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪ - 2020‬من اصل ‪ 178‬دولة‬
‫‪29‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪ - 2021‬من اصل ‪ 179‬دولة‬
‫الرقم األصغر يمثل المركز األسوأ‬
‫‪Fragile states index from the fund for peace‬‬

‫جدول (‪)٦‬‬
‫ترتيب الدول الثالث (العراق – أفغانستان ‪-‬باكستان)‬
‫على مؤشر الجوع العالمي‬

‫باكستان‬ ‫افغانستان‬ ‫العراق‬ ‫السنة ‪ -‬عدد الدول المُصنفة‬


‫‪57‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪ - 2014‬من اصل ‪ 76‬دولة‬
‫‪93‬‬ ‫‪97‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪ - 2015‬من اصل ‪ 104‬دولة‬
‫‪107‬‬ ‫‪111‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪ - 2016‬من اصل ‪ 118‬دولة‬
‫‪106‬‬ ‫‪107‬‬ ‫‪78‬‬ ‫‪ - 2017‬من اصل ‪ 119‬دولة‬
‫‪106‬‬ ‫‪111‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪ - 2018‬من اصل ‪ 119‬دولة‬
‫‪94‬‬ ‫‪108‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪ - 2019‬من اصل ‪ 117‬دولة‬
‫‪88‬‬ ‫‪99‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪ - 2020‬من اصل ‪ 107‬دولة‬

‫الرقم األكبر هو الرقم األسوأ‬


‫‪Global Hunger Index  International Food Policy Research Institute‬‬

‫‪80‬‬
‫جدول (‪)٧‬‬
‫التكاليف المادية والبشرية للهجمات فى أفغانستان وباكستان والعراق في الفترة (‪)2019 -2002‬‬
‫الممتلكات‬ ‫اإلصابات‬ ‫القتلى‬ ‫الحوادث‬
‫العراق‬ ‫باكستان‬ ‫أفغانستان‬ ‫العراق‬ ‫باكستان‬ ‫أفغانستان‬ ‫العراق‬ ‫باكستان‬ ‫أفغانستان‬ ‫العراق‬ ‫باكستان‬ ‫أفغانستان‬ ‫العام‬
‫‪1‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪322‬‬ ‫‪212‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪102‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪2002‬‬
‫‪33‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪1393‬‬ ‫‪181‬‬ ‫‪139‬‬ ‫‪356‬‬ ‫‪119‬‬ ‫‪113‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪2003‬‬
‫‪2004‬‬
‫‪126‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪5192‬‬ ‫‪274‬‬ ‫‪343‬‬ ‫‪2840‬‬ ‫‪138‬‬ ‫‪315‬‬ ‫‪482‬‬ ‫‪69‬‬ ‫‪131‬‬ ‫‪2005‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫‪106‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪8092‬‬ ‫‪643‬‬ ‫‪851‬‬ ‫‪4404‬‬ ‫‪280‬‬ ‫‪627‬‬ ‫‪762‬‬ ‫‪149‬‬ ‫‪247‬‬ ‫‪2006‬‬
‫‪221‬‬ ‫‪79‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪12681‬‬ ‫‪2121‬‬ ‫‪1041‬‬ ‫‪6371‬‬ ‫‪1238‬‬ ‫‪1063‬‬ ‫‪963‬‬ ‫‪214‬‬ ‫‪304‬‬ ‫‪2007‬‬
‫‪195‬‬ ‫‪162‬‬ ‫‪88‬‬ ‫‪6432‬‬ ‫‪1801‬‬ ‫‪1262‬‬ ‫‪2695‬‬ ‫‪1070‬‬ ‫‪1009‬‬ ‫‪1037‬‬ ‫‪512‬‬ ‫‪368‬‬ ‫‪2008‬‬
‫‪415‬‬ ‫‪311‬‬ ‫‪197‬‬ ‫‪9377‬‬ ‫‪3541‬‬ ‫‪1584‬‬ ‫‪2567‬‬ ‫‪1478‬‬ ‫‪1063‬‬ ‫‪1122‬‬ ‫‪657‬‬ ‫‪498‬‬ ‫‪2009‬‬

‫‪81‬‬
‫‪673‬‬ ‫‪344‬‬ ‫‪196‬‬ ‫‪6883‬‬ ‫‪2892‬‬ ‫‪1567‬‬ ‫‪2057‬‬ ‫‪1539‬‬ ‫‪977‬‬ ‫‪1158‬‬ ‫‪684‬‬ ‫‪531‬‬ ‫‪2010‬‬
‫الممتلكات‬ ‫اإلصابات‬ ‫القتلى‬ ‫الحوادث‬
‫العراق‬ ‫باكستان‬ ‫أفغانستان‬ ‫العراق‬ ‫باكستان‬ ‫أفغانستان‬ ‫العراق‬ ‫باكستان‬ ‫أفغانستان‬ ‫العراق‬ ‫باكستان‬ ‫أفغانستان‬ ‫العام‬

‫‪82‬‬
‫‪664‬‬ ‫‪460‬‬ ‫‪143‬‬ ‫‪4953‬‬ ‫‪2412‬‬ ‫‪1923‬‬ ‫‪1810‬‬ ‫‪1456‬‬ ‫‪1401‬‬ ‫‪1227‬‬ ‫‪922‬‬ ‫‪377‬‬ ‫‪2011‬‬
‫املشهد‬

‫‪525‬‬ ‫‪687‬‬ ‫‪381‬‬ ‫‪6636‬‬ ‫‪3701‬‬ ‫‪3904‬‬ ‫‪2407‬‬ ‫‪1862‬‬ ‫‪2743‬‬ ‫‪1265‬‬ ‫‪1428‬‬ ‫‪1041‬‬ ‫‪2012‬‬
‫‪808‬‬ ‫‪706‬‬ ‫‪451‬‬ ‫‪14952‬‬ ‫‪5077‬‬ ‫‪3716‬‬ ‫‪6390‬‬ ‫‪2357‬‬ ‫‪3122‬‬ ‫‪2506‬‬ ‫‪1952‬‬ ‫‪1151‬‬ ‫‪2013‬‬
‫‪1280‬‬ ‫‪704‬‬ ‫‪554‬‬ ‫‪15130‬‬ ‫‪2829‬‬ ‫‪4700‬‬ ‫‪10737‬‬ ‫‪1764‬‬ ‫‪4507‬‬ ‫‪3373‬‬ ‫‪1828‬‬ ‫‪1597‬‬ ‫‪2014‬‬
‫‪521‬‬ ‫‪314‬‬ ‫‪525‬‬ ‫‪11904‬‬ ‫‪1338‬‬ ‫‪6278‬‬ ‫‪7012‬‬ ‫‪1088‬‬ ‫‪5314‬‬ ‫‪2422‬‬ ‫‪1015‬‬ ‫‪1716‬‬ ‫‪2015‬‬
‫‪537‬‬ ‫‪171‬‬ ‫‪308‬‬ ‫‪13317‬‬ ‫‪1729‬‬ ‫‪5057‬‬ ‫‪9783‬‬ ‫‪957‬‬ ‫‪4597‬‬ ‫‪2969‬‬ ‫‪739‬‬ ‫‪1344‬‬ ‫‪2016‬‬
‫‪299‬‬ ‫‪183‬‬ ‫‪254‬‬ ‫‪4086‬‬ ‫‪1830‬‬ ‫‪5015‬‬ ‫‪4271‬‬ ‫‪852‬‬ ‫‪4653‬‬ ‫‪1956‬‬ ‫‪576‬‬ ‫‪1168‬‬ ‫‪2017‬‬
‫‪1034‬‬ ‫‪439‬‬ ‫‪1204‬‬ ‫‪1723‬‬ ‫‪1016‬‬ ‫‪6514‬‬ ‫‪1054‬‬ ‫‪537‬‬ ‫‪7379‬‬ ‫‪1131‬‬ ‫‪366‬‬ ‫‪1443‬‬ ‫‪2018‬‬
‫‪167‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪318‬‬ ‫‪1029‬‬ ‫‪654‬‬ ‫‪6221‬‬ ‫‪564‬‬ ‫‪300‬‬ ‫‪5725‬‬ ‫‪495‬‬ ‫‪279‬‬ ‫‪1422‬‬ ‫‪2019‬‬
‫ملحق خاص‬

‫المصدر‪Global Terrorism Index :‬‬


‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫‪ - 3‬صادرات وواردات السالح بين الواليات المتحدة والعراق وأفغانستان‬

‫جدول (‪)٨‬‬
‫صادرات الواليات المتحدة من السالح سنويًا وحسب الوجهة الجغرافية‬
‫بالمليون دوالر‬

‫اإلجمالي إلى جميع دول العالم‬ ‫إلى أفغانستان‬ ‫إلى العراق‬ ‫العام‬

‫‪7571‬‬ ‫‪2000‬‬

‫‪5589‬‬ ‫‪2001‬‬

‫‪4891‬‬ ‫‪2002‬‬

‫‪5664‬‬ ‫‪2003‬‬

‫‪6847‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪2004‬‬

‫‪6787‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪2005‬‬

‫‪7545‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪2006‬‬

‫‪7864‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪150‬‬ ‫‪2007‬‬

‫‪6807‬‬ ‫‪78‬‬ ‫‪281‬‬ ‫‪2008‬‬

‫‪6879‬‬ ‫‪280‬‬ ‫‪312‬‬ ‫‪2009‬‬

‫‪8062‬‬ ‫‪245‬‬ ‫‪446‬‬ ‫‪2010‬‬

‫‪8940‬‬ ‫‪521‬‬ ‫‪397‬‬ ‫‪2011‬‬

‫‪9056‬‬ ‫‪412‬‬ ‫‪340‬‬ ‫‪2012‬‬

‫‪7485‬‬ ‫‪144‬‬ ‫‪255‬‬ ‫‪2013‬‬

‫‪9604‬‬ ‫‪69‬‬ ‫‪285‬‬ ‫‪2014‬‬

‫‪9937‬‬ ‫‪94‬‬ ‫‪791‬‬ ‫‪2015‬‬

‫‪9868‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪888‬‬ ‫‪2016‬‬

‫‪12070‬‬ ‫‪251‬‬ ‫‪522‬‬ ‫‪2017‬‬

‫‪9895‬‬ ‫‪320‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪2018‬‬

‫‪10788‬‬ ‫‪368‬‬ ‫‪2019‬‬

‫‪9372‬‬ ‫‪227‬‬ ‫‪2020‬‬

‫‪171522‬‬ ‫‪3122‬‬ ‫‪4713‬‬ ‫اإلجمالي‬

‫المصدر‪ :‬معهد ستوكهولم الدولي ألبحاث السالم‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫ملحق خاص‬
‫املشهد‬

‫جدول (‪)٨‬‬
‫واردات أفغانستان من السالح حسب النوع بالمليون دوالر‬

‫مركبات‬
‫اإلجمالي‬ ‫صواريخ‬ ‫محركات‬ ‫مدفعية‬ ‫طائرات‬ ‫العام‬
‫مصفحة‬
‫‪2000‬‬

‫‪2001‬‬

‫‪34‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪2002‬‬

‫‪2003‬‬

‫‪2004‬‬

‫‪35‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪2005‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2006‬‬

‫‪41‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪2007‬‬

‫‪150‬‬ ‫‪78‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪2008‬‬

‫‪344‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪280‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪2009‬‬

‫‪377‬‬ ‫‪245‬‬ ‫‪132‬‬ ‫‪2010‬‬

‫‪661‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪509‬‬ ‫‪138‬‬ ‫‪2011‬‬

‫‪523‬‬ ‫‪392‬‬ ‫‪131‬‬ ‫‪2012‬‬

‫‪235‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪121‬‬ ‫‪111‬‬ ‫‪2013‬‬

‫‪288‬‬ ‫‪58‬‬ ‫‪230‬‬ ‫‪2014‬‬

‫‪116‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪2015‬‬

‫‪174‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪101‬‬ ‫‪2016‬‬

‫‪252‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪233‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪2017‬‬

‫‪349‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪193‬‬ ‫‪151‬‬ ‫‪2018‬‬

‫‪382‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪264‬‬ ‫‪116‬‬ ‫‪2019‬‬

‫‪227‬‬ ‫‪210‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪2020‬‬

‫‪4191‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪2763‬‬ ‫‪1379‬‬ ‫اإلجمالي‬

‫المصدر‪ :‬معهد ستوكهولم الدولي ألبحاث السالم‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫جدول (‪)٩‬‬
‫واردات العراق من السالح حسب النوع بالمليون دوالر‬

‫أنظمة‬
‫أجهزة‬ ‫مركبات‬
‫اإلجمالي‬ ‫سفن‬ ‫صواريخ‬ ‫محركات‬ ‫مدفعية‬ ‫الدفاع‬ ‫طائرات‬ ‫العام‬
‫استشعار‬ ‫مصفحة‬
‫الجوي‬
‫‪2000‬‬

‫‪2001‬‬

‫‪2002‬‬

‫‪2003‬‬

‫‪71‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2004‬‬

‫‪186‬‬ ‫‪151‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪2005‬‬

‫‪312‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪243‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪2006‬‬

‫‪275‬‬ ‫‪179‬‬ ‫‪96‬‬ ‫‪2007‬‬

‫‪379‬‬ ‫‪219‬‬ ‫‪160‬‬ ‫‪2008‬‬

‫‪399‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪296‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪2009‬‬

‫‪436‬‬ ‫‪6‬‬ ‫أقل من ‪0.5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪325‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪2010‬‬

‫‪574‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪342‬‬ ‫‪146‬‬ ‫‪2011‬‬

‫‪476‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪177‬‬ ‫‪191‬‬ ‫‪2012‬‬

‫‪353‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪78‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪168‬‬ ‫‪2013‬‬

‫‪665‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪216‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪69‬‬ ‫‪301‬‬ ‫‪2014‬‬

‫‪1464‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪194‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪302‬‬ ‫‪132‬‬ ‫‪790‬‬ ‫‪2015‬‬

‫‪1789‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪254‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪369‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪991‬‬ ‫‪2016‬‬

‫‪1004‬‬ ‫‪170‬‬ ‫‪219‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪130‬‬ ‫‪110‬‬ ‫‪340‬‬ ‫‪2017‬‬

‫‪543‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪273‬‬ ‫‪154‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪2018‬‬

‫‪175‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪165‬‬ ‫‪2019‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2020‬‬

‫‪9103‬‬ ‫‪368‬‬ ‫‪131‬‬ ‫‪1071‬‬ ‫‪134‬‬ ‫‪133‬‬ ‫‪3333‬‬ ‫‪533‬‬ ‫‪3401‬‬ ‫اإلجمالي‬

‫المصدر‪ :‬معهد ستوكهولم الدولي ألبحاث السالم‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫ملحق خاص‬
‫املشهد‬

‫‪‎‬خامسا‪ :‬أرشيف الصور‬

‫لقاء جمع الرئيس األمريكى رونالد ريجان مع قيادات الحرب األفغانية ضد القوات السوفيتية فى‬
‫عام ‪ 1983‬داخل البيت األبيض‪ .‬فى اللقاء وصفهم ريجان بـ «المقابل األخالقى لآلباء المؤسسين‬
‫للواليات المتحدة»‪ .‬من داخل بيئة المقاتلين األفغان المدعومين ماليا ودوليا من قبل واشنطن خرج‬
‫منها تنظيم القاعدة وحركة طالبان !‬

‫تفجيرات برجى التجارة فى مانهاتن في ‪ 11‬سبتمبر‬


‫‪ 2011‬على يد عناصر من تنظيم القاعدة المتمركزة‬
‫في أفغانستان تحت حماية حكومة طالبان (‪1996‬‬
‫‪ .)2001 -‬الحادث الذى أودى بحياة ‪ 3‬آالف شخص‬
‫وبداية حرب األعوام العشرين على اإلرهاب‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫لحظة إبالغ الرئيس جورج دبليو بوش بخبر تفجيرات‬


‫سبتمبر أثناء زيارته إلحدى المدارس األمريكية‪.‬‬

‫ديك تشينى فى منصب نائب الرئيس‬


‫األمريكى طوال العقد األول من الحرب‬
‫على اإلرهاب يقف خلف الرئيس بوش‬
‫االبن‪ .‬كما يعتبره الكثيرون الداعم‬
‫والموعين األهم للحرب على اإلرهاب‪.‬‬

‫زعيم القاعدة أسامة بن الدن‬


‫ونائبه أيمن الظواهرى فى‬
‫مخبأهما فى باكستان عقب‬
‫إسقاط حكومة طالبان فى‬
‫كابول بعد الغزو األمريكى‬
‫ألفغانستان‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫ملحق خاص‬
‫املشهد‬

‫كولن باول وزير خارجية الواليات المتحدة في عهد بوش االبن‪ ،‬ورئيس األركان في حرب عاصفة الصحراء في عهد‬
‫بوش األب‪ ،‬وهو يلقى كلمة بالده في األمم المتحدة في فبراير ‪ ،2002‬استخدم فيها وسائل العرض الحديثة وزعم‬
‫خاللها أن الواليات المتحدة لديها أدلة أكيدة حول وجود أسلحة دمار شامل لدى العراق‪ .‬ودافع عن قرار حكومته‬
‫بشن الحرب على العراق‪.‬‬

‫كولن باول فى مقابلة تليفزيونية فى سبتمبر ‪ 2015‬يعترف أن معلومات امتالك العراق ألسلحة الدمار الشامل كانت‬
‫كاذبة‪ ،‬مدعيا أنه كان خطأ أجهزة االستخبارات األمريكية‪ .‬وفى تصريحات الحقة اعترف بأن حرب العراق كانت قرارا‬
‫خاطئا لوث سمعته !‬

‫‪88‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫بوش يوقع قرار استخدام القوة العسكرية في العراق في ‪ 16‬أكتوبر ‪.2002‬‬

‫مظاهرات واسعة فى شوارع بريطانيا اعتراضا على قرار رئيس الوزراء البريطانى تونى بلير‬
‫المشاركة فى الحرب على العراق فى ‪.2003‬‬

‫‪89‬‬
‫ملحق خاص‬
‫املشهد‬

‫اسقاط تمثال الرئيس العراقى األسبق بعد الغزو االمريكى للعراق فى ‪ 2003‬إيذانا بسقوط نظام‬
‫صدام وحكومته وحل المؤسسات األمنية والعسكرية والسياسية في العراق‪.‬‬

‫أسامة بن الدن زعيم القاعدة في مقطع فيديو‬


‫في ‪ 29‬أكتوبر ‪ 2004‬يعلن مسئولية التنظيم عن‬
‫أحداث ‪ 11‬سبتمبر‪ ،‬ويحمل الرئيس جورج دبليو‬
‫بوش مسئولية الحرب على اإلرهاب التي اعتبرها‬
‫حربا انتقامية‪( .‬تم بث الفيديو على قناة الجزيرة‬
‫القطرية)‪.‬‬

‫بوش األبن فى العراق‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫بوش األبن في زيارة للقوات األمريكية في أفغانستان في األول من مارس ‪.2006‬‬

‫مقتل بن الدن في الغارة األمريكية في ‪ 2‬مايو‬


‫أكسب أوباما ‪ 11‬نقطة في سباق االنتخابات‬
‫األمريكية لحصوله على فترة رئاسية ثانية‪.‬‬

‫لقاء أوباما مع الرئيس األفغانى األسبق حامد‬


‫كرزاى في كابول مارس ‪ 2012‬لتوقيع اتفاق‬
‫تعاون أمنى بين واشنطن وكابول لمدة ‪10‬‬
‫سنوات‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫ملحق خاص‬
‫املشهد‬

‫أبو بكر البغدادى يعلن نفسه «خليفة للدولة‬


‫اإلسالمية» من مسجد النورى بالموصل عام‬
‫‪.2014‬‬

‫مخيمات النازحين فى الموصل (العراق)‪.‬‬

‫زيارة رئيس الحرب الثالث دونالد ترامب للقوات‬


‫األمريكية فى العراق‪.‬‬

‫مفاوضات السالم بين طالبان والواليات‬


‫المتحدة فى الدوحة والتي انتهت بتوقيع‬
‫اتفاق بين الجانبين‬
‫فى فبراير ‪.2020‬‬

‫‪92‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫عودة طالبان لقصر الرئاسة فى كابول ‪ ١٥‬أغسطس ‪.2021‬‬

‫إجالء المواطنين األفغان الراغبين فى الهروب من‬


‫كابول عقب سيطرة طالبان‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫ملحق خاص‬
‫املشهد‬

‫تعلق المواطنين األفغان الراغبين فى الهروب من كابول عقب سيطرة طالبان بطائرات اإلجالء‬
‫األمريكية مما تسبب فى سقوط قتلى من بينهم‪.‬‬

‫الرئيس األمريكي جو بايدن بعد تنفيذ داعش‬


‫خراسان لعملية تفجيرات مطار كابول في‬
‫‪ 28‬أغسطس ‪ 2021‬في أثناء تنفيذ االنسحاب‬
‫األمريكي من أفغانستان والتى راح ضحيتها‬
‫العشرات من بينهم ‪ 13‬جندي أمريكى‪.‬‬

‫آثار الدمار والصراع المسلح والحرب الطائفية‬


‫فى العراق‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫العدد الثاني ‪ -‬سبتمبر ‪٢٠٢١ -‬‬

‫أثار الدمار والصراع المسلح‬


‫والحرب الطائفية فى العراق‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫املشهد‬
‫لدراسة التطرف واإلرهاب‬

‫للحصول عىل إصدارات املركز‬


‫اإلدارة العامة للتوزيع‪ :‬مؤسسة االهرام‪ ،‬شارع اجلالء‪ ،‬القاهرة‪ -‬مجهورية مرص العربية‬
‫‪Tel: +202- 27703331 +202- 27703930 +202- 27703898 / +202- 27705127‬‬
‫‪Email: subsc@ahram.org.eg‬‬
‫وملعرفة نقاط التوزيع‪ ،‬اضغط عىل التايل‪:‬‬
‫‪https://ahramstore.ahram.org.eg/CallMe.aspx‬‬
‫وللرشاء واالشرتاك اإلليكرتوين اضغط عىل الرابط التايل‪:‬‬
‫‪https://ahramstore.ahram.org.eg/Index.aspx‬‬
‫أو االتصال باملركز مبارشة ‪ -‬مؤسسة األهرام‪ ،‬شارع اجلالء‪ ،‬القاهرة‪ -‬مجهورية مرص العربية‬
‫‪Tel: +202- 27705129 +202- 27705552 - Mobile: +20- 1140999443‬‬
‫‪Email: acpss@ahram.org.eg‬‬

‫‪Website: https://acpss.ahram.org.eg/‬‬

You might also like