Professional Documents
Culture Documents
مجلة المشهد
مجلة المشهد
مدير المركز
أمل خمتار
مستشارو التحرير
اإلخراج الفني
مصطفى علوان
العدد الثاين -سبتمرب 2021 أراء الكتاب ال تعبر عن رأى المجلة أو مركز األهرام للدراسات السياسية واالستراتيجية
mashhad@ahram.org.eg
افتتاحية العدد
الحرب األمريكية على اإلرهاب:
4 سؤال عن منطقية القرار وجدوى االستمرار وكشف حساب األضرار!
أمل مختار
قضايا تحليلية
مواجهات ومراجعات
تنظيمات
المشهد فى أرقام
ملحق خاص
68 دليل الحرب األمريكية على اإلرهاب
آمنة فايد -عبد المجيد أبو العال
املشهد
افتتاحية العدد
ما بني سبتمرب ،2001وسبتمرب ،2021شهد العامل «حرب األعوام العرشين عىل اإلرهاب» .حرب أخذ قرار بدايتها
الرئيس األمريكى اجلمهورى جورج دبليو بوش ،وتشارك ىف قرار االستمرار فيها رئيسان ،مها :الديمقراطى باراك
أوباما واجلمهورى دونالد ترامب ،إىل أن رشع األخري ىف خطوات إهنائها ،والتى أمتها الرئيس الديمقراطى احلاىل جو
بايدن .حرب استهلكت 6.4تريليون دوالر ،بدأت من أفغانستان وانطلقت إىل العراق ،ثم ألقت بتبعاهتا عىل منطقة
الرشق األوسط ،وحتديدا الدول العربية ،وقد أسفرت عن خسائر فادحة ىف األرواح ،وألقت بظالل قامتة عىل األمن
واالستقرار واألوضاع السياسية واالقتصادية واالجتامعية وحقوق االنسان ،خاصة النساء واألطفال.
دارت احلرب ىف إطار من أطروحات نظرية وفكرية أمريكية حول مزاعم بالقدرة عىل القضاء النهائى عىل تنظيامت
اإلرهاب العاملى (القاعدة آنذاك) وحركة اإلرهاب املحىل (طالبان) ،وذلك من خالل «حرب استباقية» هتدف
إىل إسقاط احلكومات «الديكتاتورية» ىف أفغانستان والعراق واستبداهلا بحكومات «ديمقراطية» ترفض احتضان
اإلرهاب! ،و«إعادة بناء الدول الفاشلة» ،وحتويل حياة األفغان والعراقيني إىل األفضل عرب العيش ىف جمتمع حر
وديمقراطى يراعى معايري احلوكمة والشفافية ليكون بمنزلة النموذج الذى تسعى دول الرشق األوسط لتكراره ،ألنه
هو النموذج الوحيد الضامن لتحقيق السالم ىف املنطقة والعامل! ومن ثم ،تبوير احلواضن الشعبية لإلرهاب ،وهو ما
سيؤدى ىف النهاية إىل ضامن عدم تكرار اهلجوم اإلرهابى الذى وقع ىف 11سبتمرب!
إذا كنا بصدد القيام بعمل تقييم ملنطقية اختاذ قرار احلرب ،وقياس جدوى االستمرار فيها ملدة عرشين عاما ،البد لنا من
إلقاء ضوء رسيع عىل ترصحيات رؤساء احلرب األربعة ،وهم الرؤساء األمريكيني املتعاقبني خالل العقدين املاضيني.
القرار األمريكى ىف خطابات «رؤساء احلرب»
«قررت أال ُأطيل هذه احلرب وهذا االنسحاب إىل ما ال هناية» ،كلمة قاهلا الرئيس األمريكى الرابع ىف احلرب عىل
اإلرهاب ،جو بايدن ،ىف خطاب االنسحاب الذى ألقاه ىف 31أغسطس ،2021متجاهال أن احلرب األمريكية قد
طالت بالفعل وأصبحت احلرب األطول ىف تاريخ الواليات املتحدة .ربام كانت اجلملة الصحيحة ىف خطابه ،هى:
4
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
«مل يعد لدينا هدف واضح ىف مهمة مفتوحة ىف أفغانستان ،وأرفض إرسال جيل آخر من أبناء وبنات أمريكا خلوض
حرب ،كان جيب أن تنتهى منذ فرتة طويلة» .وهو اعرتاف من رئيس حاىل ونائب سابق ىف إدارة الرئيس األمريكى
خطأ! ولكن مل يكمل بايدن ليوضحالثانى ىف تلك احلرب ،الديمقراطى باراك أوباما ،بأن استمرار تلك احلرب كان ً
من يتحمل أعباء ذلك اخلطأ؟
ىف خطابه يوم 16أغسطس ،2021رصح بايدن« :أريد تذكري األمريكيني كيف وصلنا إىل هنا ،وما هى مصالح
أمريكا ىف أفغانستان ...مهمة أمريكا ىف أفغانستان التى بدأت قبل عقدين من الزمان مل يكن من املفرتض أن تكون بناء
دولة أو خلق ديمقراطية مركزية ...مصلحتنا الوطنية احليوية الوحيدة ىف أفغانستان تبقى اليوم كام كانت ً
دائم ،منع
هجوم إرهابى عىل وطننا» .عىل الرغم من أن كلمة معلن احلرب ،الرئيس األسبق بوش االبن ،ىف هناية ،2001عقب
إسقاط حكومة طالبان جاء فيها أن اهلدف األمريكى مل يكن فقط طالبان والقاعدة ،إذ قال« :بجهود جيشنا وحلفائنا
واملقاتلني األفغان الشجعان وصل حكم طالبان لنهايته..لكن مسئولياتنا جتاه الشعب األفغانى مل تنته بعد ،نحن نعمل
عىل عهد جديد من حقوق اإلنسان والكرامة اإلنسانية ىف ذلك البلد».
وىف خطاب االنسحاب ،رصح بايدن« :سنالحق اإلرهاب ،حيث هو اليوم ،وليس حيث كان قبل عقدين» ،مضيف ًا:
«بالنسبة لتنظيم داعش خراسان مل ِ
ننته معكم بعد» .وهو ما يعنى أن حماربة تنظيم القاعدة وحركة طالبان مل تعد متثل
أولوية األمن األمريكى ،عىل الرغم من اعرتاف بايدن ،ىف يوليو ،2021بأن «طالبان وصلت ىف الوقت احلاىل إىل
أقوى مستوى هلا عسكريا منذ عام .»2001كام أنه ليس خفيا أن تنظيم القاعدة ما زال موجودا وفاعال.
املفارقة أنه إذا عدنا بضع سنوات إىل اخللف ،سنتذكر كلامت أوباما ىف عام ،2016التى قال فيها« :كرئيس ركزت
اسرتاتيجيتنا عىل تدريب القوات األفغانية وتعزيزها......لقد طردنا تنظيم القاعدة من معسكراته وساعدنا األفغان
لإلطاحة بـطالبان وإقامة حكومة ديمقراطية» .ىف ذلك التوقيت كان جو بايدن نائبا للرئيس األمريكى األسبق أوباما.
فإذا كان أوباما قد رصح أمام مواطنيه أنه نجح ىف القضاء عىل مصدر اإلرهاب الرئيسى طالبان وأرض بالقاعدة ،كام
أنه نجح ىف إقامة حكومة ديمقراطية ،ىف حني يرصح خلفه بعد مخس سنوات أن أى من هذه اإلنجازات مل تتحقق،
فهنا يثور التساؤل :من حياسب رئيسني أمريكيني من نفس احلزب وعمال معا ىف نفس الفرتة عىل إعالن ترصحيات
متضاربة هبذا القدر عن نتائج وأهداف حرب ،أنفق عليها املواطن األمريكى من رضائبه ،وأنفق فيها املواطن األفغانى
من أمنه وحياته واستقراره وموارده!
ىف خطاب إعالن احلرب عىل العراق ىف 19مارس ،2003قال رئيس احلرب األول جورج دبليو بوش« :بدأت
القوات األمريكية بعمليات عسكرية لنزع أسلحة العراق ،وحترير شعبه ،والدفاع عن العامل ىف وجه خطر كبري ...إن
مساعدة العراقيني عىل إقامة دولة موحدة مستقرة حرة سيتطلب التزاما طويال منا ....آتون للعراق ليس لدينا أى هدف
إال إزالة التهديد وإعادة حكم ذلك البلد ألهله ..سنعود حني نحقق أهدافنا ..بإسقاط نظام خارج عىل القانون وهيدد
السالم بأسلحة دمار شامل» .وهذا دليل آخر أن الواليات املتحدة األمريكية استخدمت نظرية التدخل العسكرى ىف
شئون الدول هبدف إعادة بناء الدول الفاشلة -من وجهة نظرها -باعتبار تلك الدول مهددا للسالم واألمن العاملى.
ىف خطاب حالة االحتاد ،ىف 28يناير ،2003متهيدا إلعالن احلرب عىل العراق ،كان مسيطرا عىل كلمة بوش االبن
أفكار حول التدخل حتت ذريعة البعد اإلنسانى ىف احلرب عىل العراق ،ومحاية حقوق وحريات وكرامة العراقيني،
5
افتتاحية العدد
املشهد
كلامت حول حمور الرش وإرباكه ،وتصورات عن ربط احلرب عىل اإلرهاب باحلرب عىل الدول غري الديمقراطية:
«لقد كرس مؤسسونا هذا البلد لقضية كرامة اإلنسان ،وحقوق كل إنسان ،وإمكانيات كل حياة .تقودنا هذه القناعة
إىل العامل ملساعدة املنكوبني ،والدفاع عن السالم ،وإرباك خمططات األرشار ......جيب أن نتذكر ً
أيضا دعوتنا كدولة
مباركة هى جعل هذا العامل أفضل ....واليوم ،فإن اخلطر األكرب ىف احلرب عىل اإلرهاب ،هو األنظمة اخلارجة
عىل القانون التى تسعى إىل امتالك أسلحة نووية وكيميائية وبيولوجية .يمكن هلذه األنظمة أن تستخدم مثل هذه
األسلحة لالبتزاز واإلرهاب والقتل اجلامعي .....والليلة لدي رسالة لشعب العراق الشجاع واملضطهد :عدوكم
ال حييط ببلدكم؟ عدوك حيكم بلدك .ويوم إبعاده هو ونظامه عن السلطة سيكون يوم حتريركم .....وكام نفعل نحن
ورشكاؤنا ىف التحالف ىف أفغانستان ،سنجلب للشعب العراقى الغذاء واألدوية واإلمدادات؟ واحلرية».
سبق أن أكد بوش عىل هذا البعد اإلنسانى واحلق ىف التدخل لفرض الديمقراطية وتوفري مناخ من احلرية ملكافحة
اإلرهاب ،بل ويبرش بتكرار نموذج أفغانستان ،ومن بعده العراق بعد التحول اىل الديمقراطية ليكونا نامذج حتفز عىل
حتقيق حتوالت ديمقراطية ىف دول إسالمية أخرى .ىف خطابه أمام األمم املتحدة ىف الذكرى األوىل ألحداث سبتمرب
ىف عام ،2002قال« :إن حرية الشعب العراقى قضية أخالقية كربى وهدف اسرتاتيجى كبري ...يمكننا أن نصل إىل
مستقبل خمتلف متاما ،ويمكن لشعب العراق التخلص من أرسه ،كام يمكنه أن ينضم يوما اىل دولة أفغانية ديمقراطية،
وإىل دولة فلسطينية ديمقراطية بام حيفز حتقيق إصالحات ىف أنحاء العامل اإلسالمى».
ىف الذكرى األوىل لغزو العراق ىف 19مارس ،2004رصح بوش ىف خطابه« :إن بزوغ املؤسسات الديمقراطية ىف
أفغانستان والعراق هو خطوة عظيمة ىف اجتاه هدف له أمهية مستدامة بالنسبة للعامل .لقد رشعنا ىف تشجيع اإلصالحات
والديمقراطية ىف الرشق األوسط الكبري كبديل للتعصب والغضب واإلرهاب ......إن معركتنا هى من أجل إقامة
عراق حر .وإن معركتنا هى من أجل حتقيق النجاح ىف إقامة أفغانستان حرة .وإن معركتنا هى احلرب عىل اإلرهاب».
ىف كل هذه اخلطب ملعلن احلرب الرئيس بوش دالالت واضحة عىل أن الواليات املتحدة حشدت العامل خلف مزاعم
حماربة اإلرهاب ،من خالل احلرب االستباقية عىل األنظمة السلطوية ،ونرش الديمقراطية ،وإعادة بناء الدول ،وهو
ما جيعل ترصيح رئيس االنسحاب ،جو بايدن ،بأن كل هذه املزاعم مل تكن أهدافا أمريكية ،أمر يثقل من «كشف
حساب» جدوى احلرب عىل اإلرهاب.
كشف حساب حلرب األعوام العرشين
جاءت أحداث 11سبتمرب لتكون املسوغ الفعىل النطالق الواليات املتحدة لتنفيذ نظرياهتا عن مواجهة اإلرهاب من
تقبل الرأى العام األمريكى
خالل «احلرب االستباقية» ،و«نرش الديمقراطية» ،و«إعادة بناء الدول» .حتت وطأة الصدمة ّ
تقبل الرأى العام أن يغض الطرفإطالق يد حكوماته املتعاقبة لتنفيذ تلك النظريات بمنتهى الرعونة عىل دول بعينهاّ .
أو أن يتوقف عن التفكري أو التمحيص ىف كم كبري من التضليل اإلعالمى ،فقد كانت الصدمة أكرب من قدرة خروج
أصوات تفند ترصحيات أو قرارات اإلدارات األمريكية .وكانت نربة الغضب والرغبة ىف االنتقام أكرب من وقوف أى من
دول العامل أمام قرارات الواليات املتحدة العسكرية أو العقابية ضد ما سمته «حمور الرش» .كانت مقولة «من ليس معنا
فهو ضدنا» أكثر اجلمل «السلطوية» التى أطلقتها حكومة أكرب «ديمقراطية» ىف القرن العرشين .أمام هذا التسلط ،صمت
العامل ليتابع «احلرب الكربى» التى أدارهتا الواليات املتحدة حتت مسمى «احلرب عىل اإلرهاب».
6
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
عىل أساس تلك املنطلقات الفكرية التى أرشنا إليها ،دخلت القوات العسكرية األمريكية إىل أفغانستان ىف هناية
عام 2001وأسقطت حكومة طالبان ،ثم دخلت العراق وأسقطت حكومة صدام حسني ىف مارس .2003وىف
أغسطس ،2021شهدنا انسحاب القوات العسكرية األمريكية من أفغانستان .كام أن العام احلاىل أيضا 2021
سيشهد ىف أكتوبر القادم االنسحاب العسكرى األخري من العراق التى دخلتها القوات األمريكية منذ 17عاما.
انتهت احلرب األمريكية وخلفت وراءها أفغانستان حتت سلطة طالبان كام كانت قبل 20عاما ،لكن مع عدد من
القتىل بني املدنيني والعسكريني األفغان ،وصل إىل نحو 117ألف شخص ،ونحو 5.3مليون نازح والجئ أفغانى،
و 14مليون شخص يعانون من اجلوع ،وسيطرة زراعة األفيون عىل %80من مساحة األرض الزراعية ىف أفغانستان،
فضال عن معدالت متدنية للدولة عىل مؤرشات احلوكمة والتنمية والشفافية والفساد ،إىل جانب كم هائل من
األسلحة األمريكية ىف يد حركة طالبان بعد فرار اجليش النظامى األفغانى ،وهتديدات باستمرار احلرب األهلية بني
طالبان وقوى حتالف الشامل!
أما العراق فقد خاض 17عاما من احلرب واإلرهاب الطائفى ،أودت بحياة 207آالف عراقى ،ون ِزوح أكثر من 9
ماليني عراقى ،وتراجع حاد للدولة عىل املؤرشات الدولية ،إىل جانب جتذير اهلوية الطائفية نتيجة قوانني املحاصصة،
ورسوخ وجود امليليشيات املسلحة ،سواء السنية أو الشيعية.
إذا كان العامل منذ 20عاما عانى حالة من اإلرهاب الذى فرضته احلكومة األمريكية ضد كل من حياول مناقشة حق
الواليات املتحدة ىف التدخل العسكرى الحتالل الدول ،وإسقاط احلكومات ،وحل املؤسسات ،وكتابة الدستور،
وفرض رؤيتها عىل ماليني املواطنني خارج حدودها ،وفرض «الديمقراطية» املزعومة حتت خرافة «املسئولية
احلضارية» ،فاليوم بعد هذا االنسحاب وهذا الفشل ىف حتقيق أى من أهداف التدخل ،حيق لنا التساؤل عن منطقية
القرار وجدوى االستمرار؟ وألن املشكلة تعدت اإلخفاق ىف حتقيق األهداف إىل التفاقم ىف األرضار النامجة ،فإنه
يصبح لنا احلق أيضا ىف تقديم كشف حساب ملا خلفته احلرب األمريكية عىل اإلرهاب.
وإن كان هذا النقاش وذلك البحث يدور جغرافيا ىف الدولتني املعنيتني حتديدا باحلرب األمريكية عىل اإلرهاب خالل
العقدين املاضيني :أفغانستان والعراق ،إال أن تقييم جدوى اختاذ قرارات التدخل العسكرى واالستمرار فيها تتعدى
قياس النجاح والفشل ،وكشف حساب األرضار عىل أفغانستان والعراق والواليات املتحدة فقط ،لتطول نطاق
جغراىف أوسع بكثري ،حيث إن األرضار األمنية واالجتامعية واالقتصادية والسياسية التى حلقت هبذه الدول كانت
بمثابة احلجر الذى يلقى ىف املياه فيخلف وراءه دوائر أوسع .فالتدهور األمنى واالقتصادى واالجتامعى الكبري ترك
أثاره ىف دول اجلوار ووصل اىل أوروبا ،حيث عانى العديد من الدول من أعداد كبرية من النازحني والالجئني .كام
نتج عن الوجود األمريكى ىف الدولتني حالة واسعة من التجنيد املتزايد داخل تنظيامت اإلرهاب العاملى ،واتساع
نطاق ظاهرة املقاتلني األجانب من دول عربية وإسالمية وغربية أيضا ،فضال عن تكاثر تلك التنظيامت اإلرهابية
ونمو أجيال جديدة منها أكثر عنفا من تنظيم «القاعدة».
وقد كان عام ،2011وهو عام االحتجاجات العربية املتتالية ،كاشفا عن مقدار تلك التداعيات التى خلفها االحتالل
األمريكى للعراق عىل وجه اخلصوص ،حيث أصبح العراق البيئة احلاضنة ملخاض تنظيم «داعش» من رحم تنظيم
القاعدة ىف بالد الرافدين ،حيث نام «داعش» عىل مشاعر الغضب الشعبى ،وبقايا املؤسسات األمنية العراقية املنحلة،
7
افتتاحية العدد
املشهد
وتعميق اهلوية الطائفية واملظلومية السنية .فبعد ،2011أخرجت البيئات العربية ما كان بجعبتها من اخلاليا النائمة
للتنظيامت الدينية املتطرفة العنيفة التى ظلت تتكاثر وتنمو عىل مشاعر الغضب ضد االحتالل األمريكى ىف املنطقة،
وظلت بعض كوادرها تتواصل وتتدرب داخل أفغانستان والعراق ،فأصبحت الدول العربية التى خرجت هبا تلك
االحتجاجات بؤر جديدة للرصاع ،وتدهور األوضاع األمنية واالقتصادية ،وسقوط الضحايا ،وخروج النازحني
والالجئني ،وهو األمر الذى يفرس أن الدراسات العلمية الغربية تقدر تكاليف احلرب عىل اإلرهاب بـ 6.4تريليون
دوالر ،وليس فقط 2.2تريليون دوالر ،وهى تكلفة احلرب األمريكية عىل أفغانستان ،حيث تدخل معها نفقات
احلرب ىف العراق وباكستان وسوريا أيضا .كام أن تلك الدراسات حتمل احلرب عىل اإلرهاب املسئولية عن وجود
37مليون الجئ ونازح ىف العامل ،ألهنا تضم إىل جانب نازحى الدولتني -العراق وأفغانستان -نازحني من دول عربية
ورشق أوسطية أخرى خالل احلرب العرشينية عىل اإلرهاب.
سيظل احلديث ممتد ،فكشف احلساب االقتصادى ينتهى برسد بعض األرقام ،وكشف احلساب السياسى بدأ وسيمتد
لفرتة طويلة ،بطول فرتة تأثريه ىف مستقبل استقرار دول املنطقة .أما كشف احلساب «الفكرى» مل يبدأ بعد ،وىف ظنى
أنه سيمتد لفرتة أطول بكثري ...كشف حساب لنظريات تم صكها ىف معامل الواليات املتحدة وخرجت الختبارها
ىف أفغانستان والعراق ،ونطاقها اجلغراىف :الرشق األوسط.
اليوم ،تستعد دول مثل روسيا والصني ،ملحاكمة النظريات األمريكية وطرح بديلها عن «النموذج» للتدخل ىف شئون
الدول ،لكن تظل الدول املعنية باخلسارة الكبرية ،وهى الدول التى وقع عليها االختبار والتجربة ،مل تقدم موقفها
الواضح من «حماكمة» النظريات األمريكية الكربى.
ما بدأنا به ىف عددنا اجلديد من جملة «املشهد» هو تقييم ملنطقية القرار وجدوى االستمرار ملدة عقدين من الزمان ىف
احلرب عىل اإلرهاب ىف أفغانستان والعراق ،وحماولة تقديم كشف حساب خمترص عن التكاليف والنفقات والضحايا
واآلثار االجتامعية واالقتصادية والسياسية واآلثار عىل احلريات واحلقوق داخل الدول ،وللحديث بقية عن مناقشة
وحماكمة النظريات واألفكار األمريكية التى قتلت وهجرت املاليني من البرش ،وهدمت دوال ومؤسسات ،وخلفت
آثارا مدمرة سيظل صداها لفرتات طويلة ىف املستقبل ،كام فعلت قنبلتها النووية ىف هريوشيام ونجازاكى.
أمل مختار
سبتمبر ٢٠٢١
8
قضايا تحليلية
املشهد
1
أفغانستان:
عقدان من فشل الحرب على اإلرهاب
لقد مثلت حلظة دخول قادة ومقاتىل حركة طالبان للعاصمة كابول حلظة تارخيية ،جسدت فشل “املرشوع” السياسى
واألمنى األمريكى ىف أفغانستان ،والذى بدأ بتدشني نظام سياسى جديد ،عقب إزاحة نظام طالبان (- 1996
،)2001من خالل تدخل عسكرى مبارش قادته الواليات املتحدة األمريكية ،والناتو .املرشوع األمريكى ىف
أفغانستان مل يكن هو املرشوع األول من هذا النوع ،فقد عرفت اخلربة الدولية حاالت عديدة ،كان أبرزها حالة اليابان
( .)1957 - 1945القاسم املشرتك بني هذه احلاالت هو ارتباطها بأهداف أمنية للقوى العظمى .ىف حالة اليابان،
كان اهلدف هو بناء يابان غري عدائية ضد دول اجلوار أو الواليات املتحدة .تم ذلك من خالل أدوات عديدة ،شملت
إعادة هندسة النظامني السياسى واالقتصادى لليابان ،بجانب وضع إطار دستورى جديد .بل إن هذه العملية شملت
إعادة بناء النظام االجتامعى نفسه .حالة أفغانستان جاءت عقب نقطة حتول ضخمة ىف مسار التنظيامت اإلرهابية ذات
الطابع العاملى ،عكستها هجامت سبتمرب ،2001والتى جسدت ،ليس فقط قدرة هذه التنظيامت عىل تنفيذ عملية هبذا
احلجم ،عىل نحو فرض وضع مواجهة هذه التنظيامت عىل قمة أجندة عمل النظام العاملى ،بل دشنت لتطور جدال
كبري داخل الواليات املتحدة حول ظاهرتني أساسيتني ،وعالقتهام بظاهرة اإلرهاب ،واألمن العاملى ،واألمن القومى
األمريكى ،مها الدول الفاشلة ،واألنظمة غري الديمقراطية .وتطورت ىف هذا السياق فرضيتان أساسيتان :األوىل،
ذهبت إىل وجود عالقة إجيابية قوية بني انتشار ظاهرة الدولة الفاشلة واإلرهاب العاملي .ومن ثم -وفقا هلؤالء -فإن
رئيسا للقضاء عىل اإلرهاب .وذهبت الفرضية الثانية إىل وجود عالقة إجيابية قوية إصالح الدول الفاشلة يمثل ً
رشطا ً
بني األنظمة السلطوية غري الديمقراطية وانتشار اإلرهاب.
10
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
ورغم أن تاريخ الرصاعات الدولية حافل بالعديد من توقيع الواليات املتحدة اتفاق سالم مع طالبان ىف فرباير
السوابق التى اضطرت فيها قوى خارجية للجلوس إىل ،2020ثم اخلروج الكامل من أفغانستان بحلول هناية
مائدة املفاوضات مع قوى “حترر وطني” أو “حركات أغسطس ،وقبل أيام من الذكرى العرشين هلجامت
مترد” -وفقا للتصنيف املستخدم من جانب القوى سبتمرب ،حيمل الكثري من الدالالت ،سواء بالنسبة
الدولية هلذه القوى -فإن توقيع اتفاق سالم مع طالبان لقدرة الواليات املتحدة عىل إصالح الدول الفاشلة،
يكتسب خصوصية كبرية ،بالنظر إىل دالالته السياسية أو نرش الديمقراطيات من اخلارج ،أو بالنسبة ملستقبل
والقيمية الضخمة ،األمر الذى يثري ىف النهاية تساؤالت السلفية املقاتلة(*) ىف أفغانستان ،وىف منطقة جنوب
حول مصداقية وجدوى احلرب عىل اإلرهاب اجلارية وأيضا “األساس األخالقي”ووسط آسيا ،بل وىف العاملً ،
منذ عام 2001وحتى اآلن ،من أكثر من زاوية. للتدخل العسكرى إلصالح الدول الفاشلة أو نرش
من ناحية أوىل ،فإن خربة املواجهة العسكرية بني طالبان الديمقراطية ،أو للحرب عىل اإلرهاب ذاهتا ،خاصة
والواليات املتحدة (القوى العظمى املهيمنة عىل النظام ىف ظل التكاليف البرشية لتلك املرشوعات -بجانب
العاملى حتى اآلن) ،وعدم قدرة األخرية عىل القضاء عىل التكاليف االقتصادية -دونام حتقيق نتائج حمددة.
طالبان (أحد أهداف التدخل العسكرى ىف أفغانستان ىف رفضت الواليات املتحدة لسنوات طويلة فكرة احلوار
،)2001وانتهاء هذه املواجهة بتوقيع اتفاق غري متوازن، مع حركة طالبان أفغانستان ،لكنها عادت وقبلت هذه
تؤسس لنموذج قابل للمحاكاة من جانب تنظيامت دينية الفكرة (بدأت املحادثات املبارشة بني اجلانبني ىف يوليو
متطرفة عنيفة أخرى ،أو من جانب “فاعلني من غري )2018حتت تأثري عوامل عدة ،أبرزها التكاليف املادية
الدول” Non-state Actorsذات توجهات عدائية والبرشية الضخمة التى تكبدهتا الواليات املتحدة نتيجة
مع الواليات املتحدة .إن نجاح حركة دينية متطرفة حملية احلرب ىف أفغانستان ملدة عقدين ،فضال عن تواضع
مقاتلة مثل طالبان ىف إجبار القوة العسكرية األوىل داخل النتائج املتحققة هناك ،سواء عىل صعيد املواجهة مع
النظام العاملى عىل اجللوس إىل مائدة املفاوضات ،وتوقيع احلركة وتنظيامت السلفية املقاتلة ،أو عىل صعيد مدى
اتفاق ينطوى عىل العديد من املكاسب للحركة ينطوى فعالية “النموذج السياسى” الذى تم بناؤه بعد إزاحة
عىل درس مهم ،مفاده أن العنف والعمليات اإلرهابية نظام طالبان.
مها الوسيلة الوحيدة األكثر فعالية لتحقيق الغايات
أوال :ضعف مصداقية احلرب عىل اإلرهاب
السياسية ،وذلك برصف النظر عن مدة الرصاع ،أو
فجوة القوة النظامية .وقد ال تقترص حماوالت “املحاكاة” برصف النظر عن الدوافع التى وقفت وراء قرار طرىف
تلك عىل الرصاعات اجلارية مع قوى خارجية ،لكنها الرصاع الرئيسيني (الواليات املتحدة وطالبان) للقبول
ستطول رصاعات داخلية أيضا .هذه اخلربة ال شك ىف بفكرة احلوار والتفاوض املبارش ،سيظل هناك ُبعد قيمى
أهنا ستكون حارضة لدى تنظيامت أخرى ،مثل :حزب ال يمكن إغفاله لقبول الواليات املتحدة بفكرة احلوار
اهلل ىف لبنان ،أو مجاعة أنصار اهلل ىف اليمن (احلوثيون)، من حيث املبدأ ،ثم توقيع اتفاق سالم ،مع تنظيم تم
أو طالبان باكستان .وقد كشفت ردود الفعل من جانب تصنيفه -واليزال -عىل قائمة التنظيامت اإلرهابية.
11
قضايا تحليلية
املشهد
عادت بقوة الكتابات التى أكدت أمهية التدخل الدوىل العديد من بعض رموز القوى الدينية والفاعلني من غري
لبناء السالم ىف املجتمعات التى عانت من احلروب الدول عىل عودة طالبان إىل السلطة عن إعجاب هؤالء
األهلية. بتجربة طالبان وهتنئتهم هلا عقب دخوهلا كابول( .)1كام
استنادا إىل ذلك ،تصاعدت االجتاهات الداعية إىل دمج تبع هذا التطور كشف بعض هذه التنظيامت عن تواصلها
سياسة التدخل اخلارجى إلعادة بناء الدول الفاشلة
()2
السابق مع طالبان.
ونرش الديمقراطية وبناء السالم ضمن سياسات القوى من ناحية ثانية ،فإن هذه اخلربة تكرس املزيد من حالة
الكربى ،وىف مقدمتها الواليات املتحدة ،وظهرت الغموض التى تكتنف مفهوم “اإلرهاب” و“التنظيم
موجة من الكتابات دعت إىل التوسع ىف سياسة اإلرهايب” .ففى الوقت الذى متسكت فيه الواليات
التدخل العسكرى اخلارجى ،بحسبان ذلك وسيلة أو املتحدة برفض فكرة احلوار مع طالبان لفرتة طويلة،
مدخل مهم ورضورى للقضاء عىل ظاهرة اإلرهاب منذ أن دافع عن الفكرة الرئيس األفغانى السابق حامد
عرب إصالح الدول الفاشلة ونرش الديمقراطيات وبناء كرزاى ،بد ًءا من سبتمرب ،2009ودافعت عنها أيضا
السالم .من ذلك ،عىل سبيل املثال ،دعوة ديريك كوليت باكستان ،لكنها (الواليات املتحدة) عادت لتقبل ببديل
-Dereck Cholletمساعد ريتشارد هولربوك احلوار املبارش مع احلركة ،وتعيني مبعوث أمريكى خاص
آنذاك وقتام كان األخري سفريا للواليات املتحدة لدى بتلك العملية ،ثم توقيع اتفاق سالم معها .يؤكد هذا
األمم املتحدة -إىل أن خربة هجامت سبتمرب تشري إىل أن الغموض أن هذا “احلوار” ،ثم االتفاق ،جرى ىف ظل
مصدر التهديد الرئيسى الذى يواجه الواليات املتحدة غياب وهتميش كامل للرشيك األفغانى نفسه (احلكومة
يأتى من الدول الفاشلة ،مثل أفغانستان ،والصومال، األفغانية) ،وحتت استمرار متسك طالبان بتنفيذ عملياهتا
واليمن .ودعا كوليت الرئيس بوش إىل دمج «بناء األمة» “اإلرهابية” ضد مؤسسات الدولة األفغانية .مثل هذا
(وفقا للتعريف األمريكي) ضمن السياسة اخلارجية التحول الربمجاتى األمريكى سينال بالتأكيد من مدى
والعسكرية األمريكية ،حمذرا من أنه «إذا مل ختصص وجود مبادئ حاكمة وواضحة ملاهية “اإلرهاب”
الواليات املتحدة املوارد الكافية لتلك السياسة ،فإهنا و”التنظيامت اإلرهابية” ،ومعايري تصنيف اجلامعات
()3
تكون قد وضعت بذور مشكالت مستقبلية أكرب». اإلرهابية.
وقد عرب عن املوقف ذاته األمني العام لألمم املتحدة من ناحية ثالثة وأخرية ،فإن هذه اخلربة تنال بالتأكيد
آنذاك ،كوىف عنان ،والذى ربط بشكل مبارش بني ظاهرة من مصداقية بعض السياسات املهمة ىف احلرب عىل
الدولة الفاشلة واألمن اإلقليمى والعاملى ،مؤكدا أن اإلرهاب .فقد ثار عقب هجامت سبتمرب 2001جدل
تسامح املجتمع الدوىل ،مع انتهاك األنظمة السياسية عاملى واسع حول املداخل املثىل للقضاء عىل اإلرهاب.
ىف الدولة الفاشلة حلريات مواطنيها ،سوف يؤدى إىل ُ
وأثري ىف هذا اإلطار العالقة بني ظاهرة الدولة الفاشلة
حتول هذه األنظمة إىل مصدر هتديد ،ليس فقط لشعوهبا، وانتشار اإلرهاب ،من جهة ،وانتشار األنظمة السلطوية
بل جلرياهنا وللمجتمع الدوىل .ودعا إىل رضورة جتاوز وانتشار اإلرهاب من جهة أخرى ،وراج اجتاه ىف أدبيات
املجتمع الدوىل للمفهوم التقليدى للسيادة وللمصالح العالقات الدولية يربط بني انتشار ظاهرة التطرف
الوطنية ،والتدخل لفرض حقوق الشعوب عىل هذه والتنظيامت اإلرهابية من ناحية ،وظاهرتى «الدولة
()4
األنظمة. الفاشلة» و»األنظمة السلطوية» من ناحية أخرى .كام
12
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
هو النموذج املناسب ىف السياسة اخلارجية األمريكية، ودافع العديد من الكتابات الغربية واألمريكية عن
()10
بعد سبتمرب ،2001للتعامل مع ظاهرة اإلرهاب. مفاهيم ،مثل «الوصاية اجلديدة» ،و«اإلمربيالية
وىف االجتاه ذاته ،دعا فرانسيس فوكوياما إىل تطوير صيغة اجلديدة» ،والتى ميزهتا عن الوصاية واإلمربيالية
جديدة للعالقة بني الواليات املتحدة والدول الفاشلة التقليدية من حيث سعى األوىل إىل إعادة بناء الدولة
()11
تأخذ شكل «العالقة شبه االستعامرية» وشبه الدائمة. املستهدفة .من ذلك -عىل سبيل املثال -دراسة فريون
ورغم أن نشأة مثل هذه األفكار تعود إىل ما قبل هجامت ج .واليتني( ،)5ودراسة روالند باريس التى طرحت
()12
،2001فإن األخرية سامهت ىف إحيائها وعودهتا بقوة. مفهوم «الرسالة احلضارية» للمجتمع الدوىل (الغربى
بالطبع) ،التى تقوم عىل حتقيق األمن العاملى من خالل
ىف هذا السياق ،قادت الواليات املتحدة مرشوعا دوليا
نرش القيم الغربية ممثلة ىف الديمقراطية واقتصاد السوق
ىف أفغانستان ،بدأ بإزاحة نظام طالبان عسكريا ،وحماولة
احلر( ،)6ودراسة جيمس دوبنز( ،)7ودراسة سيباستني
القضاء عليها وعىل تنظيم القاعدة ،والعمل عىل بناء
ماالبى ،التى دعت إىل اضطالع الواليات املتحدة
نموذج سياسى مغاير بقيادة نخبة سياسية مدنية .لكن
بمسئولية إعادة بناء الدول الفاشلة ،بحسباهنا القوة
انتهى العمل بعد عقدين كاملني بعقد اتفاق سالم بني
الدولية الوحيدة القادرة عىل سد الفجوة بني الطموح
الواليات املتحدة وطالبان ،أسس النسحاب القوات
وااللتزامات الدولية ىف هذا املجال ،وطرح ماالبى ما
الدولية من أفغانستان ،وعودة طالبان إىل احلكم مرة سمه «املرحلة اإلمربيالية اجلديدة» A new imperial ّ
أخرى .هذا الفشل يمثل «طعنه» ىف مصداقية احلرب عىل ()8
.moment
اإلرهاب وأدواهتا الرئيسية التى تم التوسع فيها عقب
ومل يقترص هذا االجتاه عىل السياسيني األمريكيني أو
هجامت سبتمرب ،2001وعىل رأسها التدخل العسكرى
األمميني ،بل كانت هناك موجة من الكتابات األكاديمية
املبارش إلعادة بناء الدول الفاشلة ونرش الديمقراطية.
داخل مراكز البحوث ،روجت للتوجه ذاته )9(.كام مل
لكن أ ًيا من هذه األهداف مل ُيقق ،فلم يتم القضاء ال
يقف بعض أنصار هذا االجتاه عند الدعوة إىل التوسع
عىل اإلرهاب ،وال التنظيامت اإلرهابية ىف أفغانستان ،ومل
ىف سياسة إعادة بناء الدولة ،فقد دعا هؤالء إىل تطبيق
يتم إزاحة أفغانستان من عىل قمة مؤرش الدول الفاشلة
الواليات املتحدة سياسة استعامرية رصحية جتاه الدول
واهلشة ،كام مل يتم بناء الديمقراطية منذ عام 2002وحتى
الفاشلة .من هؤالء :ماكس بووت ،من «جملس العالقات
اآلن.
اخلارجية» ،والذى عزا هجامت سبتمرب إىل عدم التورط/
وهو ما تشري إليه البيانات الواردة ىف اجلدول ( )1اخلاص التوسع األمريكى اخلارجى الكاىف ىف األقاليم والسياسات
بوضع أفغانستان عىل مؤرش دليل الدول الفاشلة /اهلشة العاملية ،وأن األداة الفاعلة للتعامل مع ظاهرة اإلرهاب أن
ىف الفرتة ( ،)2020-2005وكذلك البيانات الواردة تكون الواليات املتحدة أكثر توسعية ىف أهدافها ،وأكثر
ىف اجلدول ( )2اخلاص بتطور مؤرشات احلوكمة ىف تشددا ىف تطبيق هذه األدوات .وذهب بووت رصاحة إىل
أفغانستان خالل الفرتة ( .)2019-2000 أن نموذج اإلمرباطورية الربيطانية ىف القرن التاسع عرش
13
قضايا تحليلية
املشهد
استوعبت العديد من الدروس خالل العقدين املاضيني، جدول رقم ( :)1وضع أفغانستان على مؤشر دليل
الدول الفاشلة /الهشة
لكن ليس هناك من الناحية العملية ما يؤكد حدوث
*
خالل الفترة ()2020 -2005
تغري جوهرى ىف عقلية احلركة .ويدعم هذا االستنتاج
عدد من احلجج ،منها أن قيادات الصف األول احلاىل القيمة السنة
داخل احلركة (املال هبة اهلل آخند زاده ،زعيم احلركة 99 2005
وهو من مواليد عام ،1961واملال عبدالغنى برادر، 99.8 2006
نائب رئيس احلركة ورئيس مكتبها السياسى ىف قطر من 102.3 2007
105.4 2008
مواليد ،1968واملال رساج الدين حقانى ،نائب رئيس 108.2 2009
احلركة وقائد شبكة حقانى من مواليد ،1973واملال 109.3 2010
حممد يعقوب ابن املال حممد عمر ،وهو نائب رئيس 107.5 2011
106 2012
احلركة من مواليد )1990إما أهنم من احلرس القديم
106.7 2013
املؤسس للحركة ،أو أهنم من اجليل الثانى مبارشة من 106.5 2014
أبناء املؤسسني .أما القيادات الوسطى وامليدانية ،فإن 107.9 2015
107.9 2016
االحتامل األغلب أهنا قيادات عسكرية ختصصت ىف
107.3 2017
أمور القتال واملواجهة العسكرية مع الواليات املتحدة 100.8 2019
واحلكومة األفغانية ،األمر الذى يشري إىل غياب أو 102.9 2020
ضعف املكون السياسى داخل احلركة ،وهيمنة العقلية * يتكون المؤشر من 12مؤشرا فرعيا ،تأخذ قيمة كل مؤشر 10
العسكرية القتالية ،وضعف «العقلية السياسية» .كذلك، نقاط ،بإجمالى 120نقطة .وكلما اقتربت القيمة اإلجمالية للمؤشر
من 120نقطة كلما اقتربت الدولة من حالة الدولة الهشة الكاملة.
من الرضورى فهم خطاب طالبان خالل الفرتة منذ
لالطالع على التفاصيل انظر:
بدء احلوار مع الواليات املتحدة وحتى اآلن ،حتت The Fund for Peace, The Fragile States
تأثري دوافع برمجاتية اهلدف منها هو مترير هيمنتها جمددا Index, different years, available at: http://www.
fundforpeace.org
عىل أفغانستان ،ىف ظل إدراك مؤكد من جانب احلركة
بتعقيدات املجتمع الدوىل وبعض التغريات االجتامعية ثانيا :عودة أفغانستان كوجهة للسلفية املقاتلة
التى طرأت عىل املجتمع األفغانى بعد .2001لكن
اخلطر األهم لعودة طالبان إىل حكم أفغانستان يتمثل ىف
االختبار احلقيقى هو ما إذا كانت طالبان قد أجرت
تداعيات ذلك عىل مستقبل السلفية املقاتلة من أكثر من
اختيارا مؤجال
ً مراجعات حقيقية ألفكارها أم ال يظل
زاوية.
حلني استتباب اهليمنة عىل أفغانستان .أضف إىل ذلك ،أن
اخلربات السابقة تشري إىل اجتاه مجاعات السلفية املقاتلة من ناحية أوىل ،ورغم كل ما ُيقال حول التغريات التى
إىل مراجعة أفكارها غالبا ما يتم ،وهى ىف وضع املهزوم طرأت عىل طالبان باملقارنة بمرحلة ما قبل ،2001أو
وليس «املنترص» ،وهو ما ال ينطبق عىل حالة طالبان. إذا ما كنا إزاء نسخة معدلة من احلركة “”Taliban 2.0
خالصة القول هنا أننا الزلنا أمام مجاعة سلفية مقاتلة أم ال؟( )13ورغم حماولة احلركة تصدير صورة خمتلفة
حملية تسعى إىل بناء نظام دينى. عن نفسها عقب دخوهلا العاصمة كابول( ،)14أو أهنا
14
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
-التعامل مع طالبى اللجوء أو اإلقامة ىف أفغانستان، من ناحية ثانية ،فقد تضمن االتفاق املوقع بني طالبان
وف ًقا لقانون اهلجرة الدوىل وااللتزامات الواردة ىف هذه والواليات املتحدة ،ىف فرباير ،2020عددا من
االتفاقية ،بحيث ال يشكل هؤالء األشخاص هتديدً ا االلتزامات ىف أربعة جماالت ،هي :اجلدول الزمنى
ألمن الواليات املتحدة وحلفائها. لالنسحاب األمريكى والدوىل من أفغانستان ،وتطبيق
-عدم منح التأشريات أو جوازات السفر أو تصاريح إجراءات بناء الثقة (شملت إطالق رساح املعتقلني،
السفر ،أو غريها من الوثائق القانونية الالزمة لدخول ومراجعة العقوبات األمريكية واألممية عىل طالبان
أفغانستان ،ألولئك الذين يشكلون هتديدً ا ألمن وأعضائها ،وتعهد الواليات املتحدة بعدم استخدام القوة
الواليات املتحدة وحلفائها. أو التهديد باستخدامها ضد أفغانستان أو ضد استقالهلا
السياسى ،وعدم التدخل ىف شئوهنا الداخلية) ،واحلوار
لكن ليس هناك ما يضمن التزام طالبان الصارم هبذه
املزمع بني طالبان واحلكومة األفغانية ،وااللتزامات
اإلجراءات .وتشري خربة الفرتة املمتدة من توقيع االتفاق
املحددة عىل طالبان لضامن عدم استخدام أفغانستان
وحتى دخول طالبان العاصمة كابول (نحو عام ونصف
لتهديد أمن الواليات املتحدة وحلفائها ،وأخريا مستقبل
العام) مل تتخذ احلركة أية إجراءات عىل صعيد إخالء
العالقة بني الواليات املتحدة وأفغانستان .وفيام خيص
أفغانستان من التنظيامت اإلرهابية؛ القاعدة و»داعش»
عدم استخدام أفغانستان لتهديد أمن الواليات املتحدة
وغريها .ومل تشهد هذه الفرتة أية رسائل واضحة من
وحلفائها ،تضمن االتفاق التزام «إمارة أفغانستان
جانب طالبان بشأن تنظيم القاعدة ،وليس من املتوقع
اإلسالمية» (طالبان) باختاذ جمموعة من «اإلجراءات
أن تُقدم عىل الدخول ىف صدام مبكر معه ألسباب تتعلق
ملنع أى مجاعة أو فرد ،بام ىف ذلك تنظيم القاعدة ،من
بتنوع التحديات املتوقع أن تواجهها احلركة عىل املديني
استخدام أراىض أفغانستان لتهديد أمن الواليات املتحدة
القصري واملتوسط؛ أبرزها تنظيم «داعش» ،وإدارة ()15
وحلفائها» .وحدد االتفاق هذه اإلجراءات فيام ييل:
العالقة مع القوميات غري البشتونية ،وبناء نظام سياسى
مقبول من جانب املجتمع األفغانى والدوىل ،بجانب -عدم السامح ألى ًمن أعضائها ،أو أى أفراد ،أو
التحديات االقتصادية. جمموعات أخرى ،بام ىف ذلك القاعدة ،باستخدام أراىض
أفغانستان لتهديد أمن الواليات املتحدة وحلفائها.
وحتى إذا افرتضنا اجتاه احلركة إىل تنفيذ التعهد الوارد
باالتفاق ،فمن املتوقع ىف هذه احلالة أن تأخذ العالقة بني -أن توجه طالبان رسالة واضحة ،مفادها أن أولئك
اجلانبني أحد مسارين :األول ،هو قبول تنظيم القاعدة الذين يشكلون هتديدً ا ألمن الواليات املتحدة وحلفائها
اخلروج طواعية من أفغانستان دون صدام مع طالبان ،مما ال مكان هلم ىف أفغانستان ،والتوجيه ألعضاء اإلمارة
يعنى اجتاه عنارص التنظيم إىل وجهات أخرى أو ساحات بعدم التعاون مع اجلامعات أو األفراد الذين هيددون أمن
“قتالية” بديلة .املسار اآلخر ،هو رفض القاعدة اخلروج الواليات املتحدة وحلفائها.
الطوعى من أفغانستان .ىف هذه احلالة قد تتجه الواليات -منع أى مجاعة أو فرد ىف أفغانستان من هتديد أمن
املتحدة إىل استكامل عملياهتا العسكرية (اجلوية) داخل الواليات املتحدة وحلفائها ،ومنعهم من القيام بأنشطة
أفغانستان ضد القاعدة وغريها من التنظيامت اإلرهابية. التجنيد والتدريب ومجع األموال وعدم استضافتهم وف ًقا
وقد يقترص موقف طالبان عىل إعالن رفضها هلذه لاللتزامات الواردة باالتفاقية.
15
جدول ()2
*
تطور مؤشرات الحوكمة في أفغانستان من عام ()2019/2000
16
جودة التشريعات فعالية الحكومة االستقرار السياسي وغياب العنف/ الصوت السياسى
السيطرة على الفساد سيادة القانون
والسياسات والخدمات العامة اإلرهاب والمساءلة
املشهد
باإلضافة إىل هذه الروابط التارخيية بني “شبكة حقاين” العمليات باعتبارها انتهاك لسيادة أفغانستان واستقالهلا
وطالبان والقاعدة ،فإن “الشبكة” ال تقل تشددا وعنفا عن السياسى (بام يتناقض مع اتفاق فرباير ،)2020سواء
تنظيم القاعدة ،ومتتلك عددا ضخام من املقاتلني يفوق تنظيم ىف حالة تطور مصلحة لدهيا ىف تطهري أفغانستان من
القاعدة (نحو 10آالف مقاتل ،وفقا لتقرير اإلرهاب) ،وتدير التنظيامت الدينية املتطرفة العاملية بام فيها من “مقاتلني
جمموعة من املدارس الدينية ومعسكرات لتدريب املقاتلني، أجانب” ،أو ىف حالة متسكها بعالقاهتا مع القاعدة دون
وتستند إىل قاعدة اجتامعية أوسع نطاقا من تنظيم القاعدة؛ فهى “داعش” .لكن ىف احلالة األخرية ،من املتوقع أن تستمر
تنظيم أفغانى مل يأت من خارج أفغانستان كام هو احلال بالنسبة طالبان ىف توفري املالذات اآلمنة لقيادات التنظيم.
لتنظيمى القاعدة أو “داعش”.
ىف مجيع احلاالت ،فإن عدم خروج القاعدة من أفغانستان
سكوت االتفاق املوقع بني طالبان والواليات املتحدة سوف يستتبعه حتول األخرية إىل وجهة مهمة للسلفية
ىف فرباير 2020عن “شبكة حقانى” يثري العديد من املقاتلة ،خاصة ىف حالة تنامى إدراك بأن أفغانستان متثل
التساؤالت .أحد التفسريات املطروحة هلذا السكوت أن نقطة انطالق جديدة للدولة اإلسالمية وملرشوع “اخلالفة
احلوار مع احلركة يغطى ضمنا احلوار مع “شبكة حقاين”، اإلسالمية” ،وهو إدراك من السهل تطوره إذا أخذنا ىف
بالنظر إىل العالقة القوية بني اجلانبني ،فضال عن اندماج االعتبار طريق عودة طالبان مرة أخرى إىل احلكم
الشبكة ىف هيكل قيادة طالبان (يشغل قائد الشبكة،
(املنترص عىل القوة العظمى والعدو األبرز لتنظيامت
رساج الدين حقانى ،موقع نائب زعيم طالبان) .وىف
السلفية املقاتلة) .وىف مجيع احلاالت ،ليس من املتوقع
مجيع احلاالت ،فإن العالقة اهليكلية بني “شبكة حقانى”
حدوث خالف أو صدام رسيع بني طالبان والقاعدة
وحركة طالبان ستمثل بالتأكيد أحد كوابح إمكانية إقدام
ىف ظل تصاعد التهديد املشرتك املتمثل ىف “داعش”،
األخرية عىل إجراء أية مراجعات فكرية حقيقية.
واملتوقع أن يشهد تناميا ملحوظا خالل الفرتة املقبلة.
خالصة القول ،إن تقييام إمجاليا خلربة احلرب عىل
من ناحية ثالثة وأخرية ،وبعيدا عن تنظيمى القاعدة
اإلرهاب ،خالل العقدين املاضيني ،كام قدمتها حالة
و”داعش” ،هناك تنظيامت أخرى مل يتطرق إليها اتفاق
أفغانستان ،وما آلت إليه ،حتمل العديد من املخاطر فيام
فرباير ،2020وجتمعها عالقات بنيوية مع حركة طالبان،
يتعلق بمستقبل السلفية املقاتلة بنمطيها املحىل والعاملي.
ورغم حماولة الواليات املتحدة التأكيد عىل حقها جمددا وعىل رأسها “شبكة حقانى” .ووفقا لتقرير اإلرهاب
ىف استهداف التنظيامت اإلرهابية ىف أفغانستان ،خاصة السنوى ،الذى تصدره وزارة اخلارجية األمريكية ،بدأت
تنظيم «داعش» -والية خراسان ،من خالل استئنافها عالقة مؤسس الشبكة -جالل الدين حقاين -بأسامة بن
العمليات العسكرية اجلوية ضد التنظيم ،عقب عملية الدن ىف منتصف ثامنينيات القرن العرشين ،قبل أن ينضم
مطار كابول التى نفذها األخري يف 26أغسطس املاىض إىل حركة طالبان ىف عام .1995ووفقا للتقرير ذاته
( ،)2021فإن هذه اخلربة األفغانية نفسها تؤكد أنه ليس أصبح رساج الدين حقانى (ابن جالل الدين حقانى،
هناك ما يؤكد قدرة الواليات املتحدة -بعد خروجها من والذى أسند إليه والده قيادة الشبكة بعد هزيمة طالبان
أفغانستان -عىل القضاء عىل «والية خراسان» أو غريها ىف عام )2001نائبا لزعيم طالبان ىف يوليو .2015وقد
من التنظيامت هناك ،بعدما فشلت ىف القضاء عىل القاعدة أعلنت شبكة حقانى ىف مناسبات خمتلفة والءها الكامل
وطالبان ،وهو اهلدف الذى دخلت من أجله أفغانستان حلركة طالبان واملال حممد عمر.
17
قضايا تحليلية
املشهد
املتحدة وحلفاؤها أمهية كبرية عقب هجامت سبتمرب قبل عقدين .أضف إىل ذلك العالقة املعقدة بني طالبان
2001كأدوات أساسية ىف سياق احلرب عىل اإلرهاب، والقاعدة و»شبكة حقانى» .محلت اخلربة األفغانية أيضا
وذلك بعدما عادت أفغانستان مرة أخرى إىل مربع ما دالالت سلبية بشأن جدوى وفعالية ومصداقية سياستى
قبل سبتمرب ،2001دونام حتسن ملموس عىل صعيد أى «إعادة بناء الدول الفاشلة» و«نرش الديمقراطيات من
من املؤرشات السياسية أو االقتصادية أو األمنية. اخلارج» ،ومها السياستان اللتان أعطتهام الواليات
18
٢٠٢١ - سبتمبر- العدد الثاني
المصادر
: انظر-1
.2021 أغسطس19 ،24 فرانس،»«الحكومات العربية تتابع باهتمام الوضع األفغانى وحركات إسالمية تبارك سيطرة طالبان على الحكم
:متاح على الرابط التالي
https://cutt.us/dFIuS
، إسماعيل هنية، المثال األبرز هو كشف حماس عقب دخول طالبان كابول عن اللقاء الذى تم بين رئيس المكتب السياسى لحركة حماس-2
ومسئولين آخرين، رئيس المكتب السياسى لحركة طالبان فى الدوحة ونائب زعيم الحركة، والمال عبد الغنى برادر،ونائبه صالح العارورى
: انظر. وكان هذا اللقاء قد تم بشكل سرى قبل دخول طالبان كابول.كبار من الحركة
“Report: Hamas leader meets with Taliban, lauds radicals for seizing Afghanistan”,Israel Hayom,
17 August 2021. Available at: https://www.israelhayom.com/2021/08/17/report-hamas-leader-
meets-with-taliban-lauds-radicals-for-seizing-afghanistan/
3-Derek Chollet, “Wise U.S. would make nation-building a priority,” The Baltimore Sun, October
18, 2001. Available at: http://articles.baltimoresun.com/2001-10-18/news/0110180007_1_nation-
building-afghanistan-foreign-policy (Accessed on 20 Sep. 2012).
4- Kofi Annan, “We Can Love What We Are, Without Hating What – And Who – We Are Not,” The
Nobel Lecture, Oslo, Norway, December 1, 2001. Available at:
http://www.un.org/News/Press/docs/2001/sgsm8071.doc.htm (Accessed on Sep. 20, 2012).
5-James Fearon & David Laitin, “Neotrusteeship and the Problem of Weak States,” International
Security, 28 (4), Spring 2004, pp. 21-22.
6- Roland Paris, “International Peacebuilding and the Mission Civilisatrice”, Review of
International Studies, 28 (4), October 2002, pp. 637-656.
7- James Dobbins, “Preparing for Nation-building”, Survival, 48 (3), 2006, pp. 27-40.
8-Sebastian Mallaby, “The Reluctant Imperialist: Terrorism, Failed States, and the Case for
American Empire,” Foreign Affairs, 81 (2), March- April 2002, pp. 2-7.
: من أبرز هذه الكتابات- 9
Commission on Post-Conflict Reconstruction, Play to Win (Washington, D.C: Center for Strategic
and International Studies / Association of the US Army Report, 2003). Available at:
http://csis.org/files/media/csis/pubs/playtowin.pdf (Accessed on 20 March 2012).
وهو تقرير أعدته لجنة مشتركة من «رابطة الجيش األمريكي» بالتعاون مع «مركز الدراسات االستراتيجية والدولية» فى يناير سنة
وانتهى التقرير إلى أن الواليات المتحدة كقوة عظمى وذات حضور عالمى ومصالح عالمية لديها مصلحة كبيرة فى إصالح.2003
، وذهب التقرير إلى أنه رغم أن أفغانستان قد تمثل الحالة األولى األكثر وضوحا الرتباط الدولة الفاشلة باإلرهاب.مشكالت الدول الفاشلة
وقدم التقرير عددا. وهو ما يفرض على الواليات المتحدة إعادة هيكلة سياستها الخارجية للتعامل مع هذا الواقع،إال أنها لن تكون األخيرة
.من التوصيات فى هذا المجال
10- Max Boot, “Te Case for American Empire: The most Realistic Response to Terrorism is for
America to embrace its Imperial,” Weekly Standard, 7 (5), 15 October 2001. Max Boot, The
Savage Wars of Peace: Small Wars and the Rise of American Power (New York: Basic Books,
2002).
11- Francis Fukuyama, State-Building: Governance and World Order in the 21st Century, op., cit.
وتساهم فى، ركزت الكتابات التى ربطت بين ظاهرتى الدولة الفاشلة واإلرهاب على ثالث سمات أساسية تعانى منها هذه الدول-12
19
قضايا تحليلية
املشهد
انتشار التنظيمات اإلرهابية .األولى ،هى ضعف /غياب قدرة الدولة على االستخدام المشروع للعنف ،وما يستتبعه ذلك من ضعف سيادة
القانون وانتشار الفساد .هذه العوامل تؤدى إلى إيجاد بيئة جاذبة لهذه التنظيمات ،لما توفره من فرص كبيرة للوجود ،والتدريب ،والتخطيط،
واالتصاالت ..إلخ ،بدون انكشاف أمنى وبدون دفع تكلفة مادية وسياسية وأمنية كبيرة ،وقدرة أكبر على النفاذ إلى الموارد االقتصادية
والسياسية واألمنية داخل الدولة .السمة الثانية هى انتشار الفقر والتهميش االقتصادى واالجتماعى وعدم قدرة الدولة على توفير الخدمات
والسلع األساسية :السياسية واالقتصادية واالجتماعية واألمنية؛ ما يساهم فى إضعاف قيم الوالء والمواطنة داخل هذه الدول ،ما يؤدى بدوره
إلى تسهيل قدرة هذه التنظيمات على التجنيد من داخل هذه المجتمعات ،وبناء شبكة عالقات قوية .السمة الثالثة هى استمرار تمتع الدولة
الفاشلة بالسيادة فى مواجهة الدول األخرى ،حيث تفرض السيادة هنا قيودا على فرص تدخل المجتمع الدولى ،كما توفر فى الوقت ذاته فرصا
لنفاذ هذه التنظيمات إلى خدمات التوثيق القانونى (استصدار جوازات السفر ،الحصول على تأشيرات الدخل والخروج .إلخ).
لمزيد من التفصيل ،انظر:
James A. Piazza, “Incubators of Terror: Do Failed and Failing States Promote Transnational
Terrorism?” International Studies Quarterly, no. 52, 2008, pp. 471- 472.
وقد انتهى جيمس بيازا فى دراسته تلك ،والتى أجراها على عينة شملت 146دولة ،تابع فيها درجة االرتباط بين مؤشر الدولة الفاشلة
وظاهرة اإلرهاب خالل الفترة ( ،)2006 -2000إلى وجود عالقة إيجابية واضحة بين المتغيرين السابقين؛ فالدول الفاشلة هى الدول األكثر
استهدافا من جانب المنظمات اإلرهابية ،وهى أيضا أكثر الدول مصدرا للعمليات اإلرهابية الدولية التى تم تنفيذها خارج حدودها .وانتهت
الدراسة إلى أن %59.3من الدول الفاشلة قد شهدت حدوث عمليات إرهابية خالل الفترة ( ،)2006 -2000بينما كان %45.9من هذه
الدول مصدرا لعمليات إرهابية تم تنفيذها فى الخارج خالل الفترة نفسها .وتزداد هذه العالقة وضوحا فى حالة الدول األكثر فشال ،والتى
تصنف ضمن فئة «دول فى خطر» على مؤشر الدولة الفاشلة ،والتى يتراوح فيها المؤشر بين (.)120 -91
-13انظر بشأن هذا الجدل ،على سبيل المثال:
-“Opinion: No evidence yet on Taliban 2.0”, Telangana Today, August 29, 2021.
https://telanganatoday.com/opinion-no-evidence-yet-on-taliban-2-0
- “Taliban 2.0 will be little different to Taliban 1.0”, The Weekend Australian, August 29, 2021.
https://www.theaustralian.com.au/commentary/taliban-20-will-belittle-different-totaliban-10/
news-story/7a5a7f293bc4a79adee2003e160034ed
-14انظر على سبيل المثال المؤتمر الصحفى األول للمتحدث باسم حركة طالبان ،ذبيح هللا مجاهد ،فى 17أغسطس .2021متاح على
الرابط التالي:
https://www.youtube.com/watch?v=-NMVdHba0xg
-15لالطالع على نص االتفاق انظر:
“Agreement for Bringing Peace to Afghanistan between the Islamic Emirate of Afghanistan, which
is not recognized by the United Statesas a state and is known as the Taliban, and the United States
of America”, February 29, 2020. Available at: https://www.state.gov/wp-content/uploads/2020/02/
Agreement-For-Bringing-Peace-to-Afghanistan-02.29.20.pdf
20
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
2
بعد عامني عىل أحداث 11سبتمرب ،2001وما أعقبها من غزو أمريكى عسكرى ألفغانستان ،بدعوى حماربة تنظيم
القاعدة ،كان العراق إحدى الدول التى استهدفتها الواليات املتحدة األمريكية بعملية غزو عسكرية مبارشة وشاملة
عام ،2003باعتبارها دولة ُمهددة لألمن والسالم ىف منطقة الرشق األوسط حتت ذريعة روجتها إدارة الرئيس
األمريكى األسبق “جورج بوش االبن” ،مؤداها امتالك العراق أسلحة دمار شامل ،مما استدعى -من وجهة النظر
األمريكية آنذاك -التدخل العسكرى للقضاء عىل الرتسانة النووية املزعومة لدى العراق من ناحية ،وإسقاط نظام
صدام حسني وبناء نظام جديد يعتمد الديمقراطية وسيلة أساسية يتم عربها تداول سلمى للسلطة بام يعيد بناء الدولة
تأسيسا عىل جمموعة من احلجج والفرضيات التى ثبت عدم صدقها ،مؤداها “أن ً العراقية من ناحية ثانية ،وذلك
مساعدة الشعوب عىل حتقيق التغيري السياسى نحو التحول الديمقراطى عرب إزاحة األنظمة السياسية بالقوة العسكرية
من اخلارج من شأنه خلق دول ُمستقرة داخل ًيا وغري ُمهددة جلرياهنا خارجيا” .ومثلت هذه الفرضية الفكرة احلاكمة
للسياسة اخلارجية األمريكية منذ عام ،2001بدعوى مواجهة ظاهرة “اإلرهاب” عىل مستوى العامل ،وجتفيف منابعه،
ً
مبارشا للمصالح األمريكية. ومواجهته كذلك ىف املناطق التى تشهد هتديدً ا
غري أن جمريات األحداث أثبتت أن الغزو األمريكى للعراق ىف عام ،2003وما أعقبه من تفكيك ُمتعمد ملؤسسات
أوضاعا كارث ًية عىل كافة األصعدة؛ جعلت العراق دولة فاشلة مأزومة
ً الدولة األمنية والعسكرية والسياسية ّخلف
جتتاحها الرصاعات واالنشقاقات الطائفية الناجتة عن صياغة دستور عام 2005ىف ظل وجود املحتل األمريكى،
الذى دعم بناء عملية سياسية تقوم عىل تقاسم السلطة وف ًقا لنظام ُماصصة طائفية ،وزعت فيه رئاسات الدولة
توزيعا طائف ًيا ،بام أوجد حكومات مارست العديد من سياسات التمييز الطائفى
ً (اجلمهورية واحلكومة والربملان)
ضد غريها من الطوائف املكونة للنسيج االجتامعى ىف العراق.
21
قضايا تحليلية
املشهد
هذا املكون قناعة تامة بمظلومية وضعها داخل النسيج وبالرغم من أن الدستور مل ينص رصاحة عىل اعتبار
االجتامعى والسياسى ىف الدولة .وكانت قناعة الطائفة أساسا لتقاسم السلطة ،إال أن املامرسات
“اهلوية الطائفية” ً
واسعا تم عربه نشأة تنظيم أشد
ً السنية باملظلومية با ًبا التطبيقية لنصوصه جعلت من “اهلوية الطائفية” -التى
رشاسة ودموية من القاعدة هو تنظيم الدولة “داعش”، كانت وسيلة نافذة وسائدة وقت صياغة الدستور-
الذى اجتاح العديد من املحافظات العراقية السنية، أداة سياسية؛ أى اندجمت “اهلوية الطائفية” مع “طائفية
التى وفرت له بدورها -آنذاك -حاضنة شعبية ُمتطلعة سياسية” ،األمر الذى زاد من حدة التمييز الطائفى،
إىل التخلص من حالة اإلقصاء والتهميش والتمييز وحتديدً ا عندما تُرجم عىل صعيد املشهد السياسى
التى مورست ضدها من قبل احلكومات الشيعية .وىف العراقى إىل ُماصصة سياسية وحزبية ُبنيت عىل أساس
ظل سيادة حالة تراجع أمنى وعدم استقرار سياسى، ا ُملحاصصة الطائفية ،بام أدى إىل هتميش القوى السياسية
كان عام 2014عام رسم تنظيم “داعش” مالمح دولته والكردية ملصلحة دور أكرب وأوسع للقوى ُ السنية
ُ
ىف العراق. السياسية الشيعية؛ التى مارست أحزاهبا السياسية الدينية
ا ُملتشددة وأذرعها العسكرية أعنف سياسات القمع
وكام فتح االنسحاب األمريكى من العراق عام 2011
الطائفى ببعديه الدينى والسياسى جتاه غريها من الفئات،
با ًبا ملزيد من األزمات داخل العراق نتيجة لتغذية ا ُملحتل
وهو ما انعكس بوضوح ىف حالة الرصاع الطائفى األهىل
لروافد اهلوية الطائفية ،بخالف إحكام إيران هيمنتها
بني الشيعة والسنة خالل عام ،2006مما أدى إىل
عىل املشهد السياسى عرب حلفائها من القوى السياسية
غياب كامل للمصلحة الوطنية العراقية بتغييب “اهلوية
وامليليشيات العسكرية الوالئية هلا ،كان عام 2014عام الوطنية” ملصلحة “اهلوية الطائفية” ،واستعامل األخرية
العودة األمريكية العسكرية للعراق عرب حتالف دوىل كسالح أنتج تداعيات ُمدمرة عىل العراق أمن ًيا وسياس ًيا
ملحاربة تنظيم الدولة ىف العراق والشام “داعش” ،ىف واجتامع ًيا واقتصاد ًيا.
عملية إعادة إنتاج واضحة لإلرهاب ىف العراق.
ورغم االنسحاب العسكرى األمريكى من العراق
وما بني سنوات االحتالل األمريكى التى بدأت ىف ىف ديسمرب ،2011إال أن العراق مل هينأ بحالة من
عام ،2003ثم االنسحاب ىف عام ،2011والعودة االستقرار األمنى والسياسى ،وظلت احلكومات
ملكافحة إرهاب تنظيم الدولة ىف عام ،2014ثم الشيعية ا ُملنتخبة ا ُملتعاقبة تُعىل من املصالح االقتصادية
االنسحاب املتوقع ىف هناية عام 2021اجلارى ،بدا واالجتامعية للتيارات الشيعية لتمتزج مع مصاحلها
أن التجربة األمريكية ىف مواجهة اإلرهاب من ناحية، السياسية بصورة خلقت بيئة صاحلة النتشار الفساد
وحماولة إحداث تغيري سياسى نحو األفضل ىف الدول بكافة صوره وأنامطه ،وتراجعت ىف الوقت نفسه كافة
التى تدخلت فيها عسكر ًيا من ناحية ثانية ،فشلت خطوات بناء الدولة السيام ىف مستويات البنية التحتية
ذريعا ،بالنظر إىل حجم اإلخفاقات التى وقعت
ً فشال واضحا أن احلكومات الشيعية ً واخلدمات .وبات
عىل مدى عقدين من الزمان ،وهى إخفاقات شكلت الطائفية منذ انتخابات عام - 2006حكومة رئيس
أسبا ًبا مبارشة ىف إعادة خلق اإلرهاب وتغذية روافده الوزراء األسبق نورى املالكى -مارست سياسات متييز
عرب سياسات زادت من حدة االنقسامات بني مكونات ُمتعددة األوجه جتاه املكون السنى وأحزابه السياسية،
العراق السياسية واالجتامعية. بام مهشه اجتامع ًيا وسياس ًيا واقتصاد ًيا ،وخلق لدى
22
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
23
قضايا تحليلية
املشهد
كساحة لتصفية احلسابات بني القوى الدولية واإلقليمية العراقية –مرجعية النجف– عىل السيستانى بشأن
ا ُملناوئة إليران ،التى استطاعت ملء الفراغ الذى خلفه «اجلهاد الكفائى» ،والتى أطلقها ىف 13يونيو .2014
االنسحاب األمريكى األول ىف عام .2011 كام انضمت إىل عنارص احلشد الفصائل املسلحة ىف
-2االسرتاتيجيات األمريكية ملواجهة اإلرهاب ىف املحافظات السنية -احلشد العشائرى -التى سيطر عليها
العراق تنظيم «داعش» .ومع ارتفاع وترية العنف الذى مارسته
فصائل احلشد الشيعية حتديدً ا ضد احلواضن الشعبية
منذ الوجود العسكرى األمريكى الثانى ىف العراق
السنية،
لتنظيم «داعش» ىف املحافظات ذات الغالبية ُ
بداية من أغسطس - 2014عرب منصة التحالف
حتت ذريعة حماربة التنظيم ،تعرض احلشد النتقادات
الدوىل ملحاربة «داعش» -وحتى اإلعالن عن هزيمة
وكردية كثرية ،أحرجت رئيس الوزراء األسبق ُسنية ُ
التنظيم وإهناء دولته باستعادة املوصل ىف يوليو ،2017
«حيدر العبادى» الذى رأس احلكومة ىف الفرتة من
والسيطرة عىل منطقة احلدود العراقية -السورية،
سبتمرب 2014إىل أكتوبر ،2018ونالت من مصداقية
وحتديدً ا مدينة «البوكامل» السورية ىف نوفمرب من العام
حرهبا ضد تنظيم الدولة؛ حيث حولتها فصائل احلشد
نفسه ،وضعت االسرتاتيجية العسكرية األمريكية
السنى ىف الدولة،
إىل حرب ذات ُبعد طائفى ضد املكون ُ
العراق كـ«ساحة مركزية» ملحاربة اإلرهاب ،وتشاهبت
وهو ما دفع الربملان العراقى –حتت ضغوط القوى
إىل حد كبري اسرتاتيجيات حماربة اإلرهاب ىف العراق بني
السياسية الشيعية– إىل إصدار ترشيع يعرتف بوجود
اإلدارات األمريكية التى عارصت نشأة تنظيم الدولة
«هيئة احلشد الشعبى» كتيار سياسى ىف املشهد العام،
وإقامة دولته ،مع االختالف ىف نوعية األدوات واآلليات
وكجزء من القوات املسلحة النظامية العراقية ىف نوفمرب
التنفيذية .فبخالف إدارة الرئيس «جورج بوش االبن»
.2016
التى احتلت العراق ىف عام ،2003بدعوى امتالكه
أسلحة دمار شامل ،ووجود تنظيم القاعدة به ،هناك وجدير باإلشارة أن «هيئة احلشد الشعبى» تضم 67
ً
فصيل ُسن ًيا ،و 9فصائل من األقليات، ً
فصيل شيع ًيا ،و43
إدارتان عارصتا نشأة وتطور واهنيار تنظيم «داعش» ىف
فصيل من الفصائل الشيعية داخل اهليئة ً ويدين نحو 44
العراق ،ومها :إدارة الرئيس «بارك أوباما» (نشأة تنظيم
الدولة وتطوره وبداية املواجهة خالل السنوات ما بني بالوالء التام للمرجعية الدينية ىف «قم» اإليرانية ،وليس
،)2016 - 2014وإدارة الرئيس «دونالد ترامب» مرجعية «النجف» العراقية ،بينام انسحبت منه فصائل
(استكامل املواجهة ،والقضاء عىل دولة التنظيم ،وخفض «العتبات املقدسة» وهى أربعة فصائل شيعية ،لكنها
عدد القوات القتالية خالل السنوات ما بني - 2017 تدين بالوالء للمرجعية الدينية ىف «النجف» ،وذلك ىف
اعرتاضا عىل ترصفات الفصائل التابعةً ديسمرب 2020
.)2020
والئ ًيا إليران ،والتحدى الدائم الذى تُبديه ىف مواجهة
أ -اسرتاتيجية جورج بوش االبن الدولة ،السيام عىل املستوى األمنى .هذا بخالف
أقرت إدارة الرئيس “جورج بوش االبن” اسرتاتيجية فضل عن ً طبيعة الفروق الفقهية الدينية بني اجلانبني،
“احلرب االستباقية” جتاه اإلرهاب ىف العراق ،وحتديدً ا متاهيها مع السياسات اإليرانية وتوظيفها سياسيا خلدمة
بعد أحداث 11سبتمرب ،2001وهى اسرتاتيجية ال مصالح إيران داخل ًيا وإقليم ًيا ،بام انعكس سل ًبا عىل
هتتم بمبدأ سيادة الدول وسالمة أراضيها ،فأصبحت االستقرار واألمن ىف الدولة ،وذلك إىل جانب وضعها
24
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
آلية التدخل العسكرى عرب العمل اجلامعى ،وليس الدول وف ًقا للرؤية األمريكية ىف ظل إدارة “بوش االبن”
عرب سياسة تدخل عسكرية ُمنفردة ،وترجم ذلك فعل ًيا دول ُمستباحة ،ومن ثم أصبح التدخل ىف الشئون ً
ىف قيادة الواليات املتحدة للتحالف الدوىل ملحاربة ملمحا من
ً الداخلية هلا حتت مظلة مكافحة اإلرهاب
اإلرهاب ،والرتكيز عىل تصنيف تنظيم الدولة “داعش” مالمح السياسة اخلارجية األمريكية التى نفذهتا عرب
ضمن اإلسالم الراديكاىل غري ا ُملعتدل ،متيزً ا عن اإلسالم اسرتاتيجية “احلرب االستباقية” عسكر ًيا .واعتربت تلك
املعتدل الذى فضل “أوباما” التعامل معه ،وذلك عىل اإلدارة أن جمرد معارضة الدول أو اجلامعات ما دون
العكس من اسرتاتيجية “بوش االبن” التى اعتربت الدول لتلك االسرتاتيجية كفيل بتصنيفها ضمن قوائم
مكافحة إرهاب تنظيم القاعدة حر ًبا صليبية عىل اإلسالم اإلرهاب ،وهو ما يعنى أن الواليات املتحدة فرضت
ىف جممله .واستخدمت اسرتاتيجية القوة الذكية -التى مفهومها اخلاص
ً عىل الدول -ىف عهد بوش االبن-
اعتمدهتا إدارة أوباما ىف حرهبا ضد التنظيامت اإلرهابية وا ُملتفرد عن اإلرهاب.
داخل العراق -آلية الرضبات اجلوية ضد متركزات
ووفقا لتلك االسرتاتيجية ،أهنت الواليات املتحدة
تنظيم الدولة “داعش” (تفعيل آللية التغيري عن بعد) ،مع
حكم صدام حسني ىف العراق ،لكن االسرتاتيجية
رفض تام لوجود عسكرى أمريكى عىل األرض (تقليل
نفسها –احلرب االستباقية عرب التدخل العسكرى
اخلسائر بشقيها املادى والبرشى) ،بالتوازى مع العمل
ىف الدول ملحاربة اإلرهاب -مل تنجح ىف حتقيق الردع
عىل إعادة تأهيل وتدريب اجليش العراقى.
الشامل واالحتواء الكامل للتنظيامت اإلرهابية عامل ًيا،
ج -اسرتاتيجية بايدن واالنسحاب من العراق والدليل عىل ذلك أن الدولتني ،اللتني تعرضتا لغزو
أما إدارة الرئيس «جو بايدن» احلالية ،فتختلف أمريكى عسكرى حتت مظلة تلك االسرتاتيجية ،شهدتا
اسرتاتيجيتها ىف مواجهة التهديدات اخلارجية عملية “إعادة تدوير وإنتاج” لإلرهاب ىف أشكال وأنامط
للمصالح األمريكية باختالف رؤيتها ملصادر التهديد أخرى؛ فنمت ىف العراق تنظيامت متعددة ذات مرجعية
نفسها؛ حيث يرتاجع اهتاممها بتفعيل اسرتاتيجيات دينية ُمتشددة كتنظيم الدولة “داعش” ،وغريها من
عسكرية ضد خصومها ،سواء من اجلامعات اإلرهابية التنظيامت املسلحة ،وعادت طالبان للسيطرة عىل احلكم
أو الدول املعادية ،ملصلحة اسرتاتيجيات أكثر اعتام ًدا ىف أفغانستان ىف أغسطس .2021
عىل األدوات الدبلوماسية املتعددة ،كام خيتلف تقدرهيا
ب -اسرتاتيجية باراك أوباما
ملصادر التهديد ملصاحلها .فبينام يرتاجع تنظيم «داعش»
والقاعدة كمصادر هتديد لتلك املصالح تزداد أمهية تعتمد اسرتاتيجية “القوة الذكية” كأداة للتغيري ضد الدول
روسيا والصني كمصادر هتديد فعلية .واتساقا مع هذه التى ترعى اإلرهاب ،أو ضد اجلامعات ما دون الدول
الرؤية ،أعلنت إدارة «بايدن» حتديد موعد لالنسحاب التى متارس اإلرهاب والعنف .ووفقا ملتخصصني ،فإن
الكامل للقوات األمريكية القتالية من العراق بنهاية تلك االسرتاتيجية تقوم عىل اجلمع بني “التصورات
وقياسا عىل حالة االنسحاب األمريكى من ً عام .2021 املثالية والواقعية” بشأن حماربة اإلرهاب ،عرب معاجلة
أفغانستان التى متت ىف أغسطس ،2021وما نتج عنها اإلخفاقات التى شهدهتا االسرتاتيجيات السابقة -وهى
من فراغ أمنىُ ،سعان مع عادت حركة طالبان إىل ملئه هنا االسرتاتيجيات التى اعتمدها الرئيس “بوش اإلبن”
عرب االستيالء عىل املدن األفغانية بالكامل ،فمن ا ُملتوقع ىف حربه ضد تنظيم القاعدة -مع االجتاه إىل توظيف
25
قضايا تحليلية
املشهد
مثل هذا التصور سيؤدى بالرضورة إىل التأثري سل ًبا عىل أن يلقى االنسحاب األمريكى من العراق أيضا بأعباء
حالة «التوازن» التى عمل رئيس الوزراء العراقى احلاىل أمنية مجة عىل احلكومة العراقية التى سيجرى انتخاهبا
مصطفى الكاظمى –مستقل وغري حمسوب عىل أى من ىف أكتوبر عام 2021اجلارى ،نتيجة هلشاشة األوضاع
القوى السياسية املوجودة ىف املشهد السياسى -عىل األمنية ،وضعف املؤسسات ،وانتشار السالح ىف يد
حتقيقها ىف سياسة العراق اخلارجية منذ توليه احلكومة الفصائل املسلحة واستقوائها عىل الدولة ودورهيا األمنى
ىف مايو ،2020عقب حركة احتجاجية شعبية واسعة والسياسى ،وذلك إىل جانب تراجع الوضع االقتصادى،
ضد سياسات األحزاب الشيعية الدينية التى تعاقبت عىل وتردى اخلدمات ،وانتشار الفساد.
السلطة طوال السنوات املاضية .كام من املتوقع أن يعطى هذا بخالف الفراغ األمنى الذى سيخلفه االنسحاب بام
االنسحاب األمريكى مزيدً ا من احلرية للميليشيات سيدفع امليليشيات املسلحة الوالئية التابعة إليران -التى
الشيعية املسلحة ملامرسة مزيد من سياسات «اإلرهاب توازن ىف تسليحها وتدريبها املؤسسة العسكرية واألمنية
والكردى من رشكاء ُ السنى
الطائفى» ضد املكون ُ الرسمية -إىل ملء هذا الفراغ ،مما يعنى إحكام إيران
الوطن ،وتدلل اهلجامت التى تشنها تلك امليليشيات سيطرهتا عىل املشهد العراقى ببعديه السياسى واألمنى،
ضد إقليم كردستان العراق ،من آن آلخر خالل العامني وبالتاىل التحكم ىف القرار السياسى اخلارجى للعراق،
املاضيني ،عىل ذلك. وضامن استمرار بقائه ضمن فلك التبعية إليران ،وهو
إن استكامل أعامل االنسحاب العسكرى األمريكى ما حدث فعل ًيا بعد االنسحاب األول ىف عام .2011
26
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
-1االحتالل األمريكى وترسيخ اهلوية الطائفية ىف هناية 2021سيعمق معاناة العراق من تداعيات
من منطلق قناعتنا الفكرية بأن اسرتاتيجية التدخل مجة وحادة عىل أوضاعه املأزومة التى أبعدته عن حالة
العسكرى األمريكى لتغيري األنظمة بالقوة العسكرية، «توازن الدولة» عىل املستويني الداخىل واخلارجى.
حتت ذريعة حماربة اإلرهاب ،وأدواهتا القائمة -ىف احلالة وجعلته دولة فاشلة ال تزال تبحث عن حتقيق حالة
العراقية حتديدً ا -عىل اإلعالء من شأن أحد املكونات من االستقرار السياسى واألمنى ،بام يشري إىل حقيقة
الطائفية عىل حساب غريها من املكونات ىف إطار أن التدخل العسكرى األمريكى عىل فرضية «إعادة
نظام سياسى جديد تأسس عىل ا ُملحاصصة الطائفية بناء الدول» ،واملبنى عىل أساس خلق أنظمة ديمقراطية
والسياسية ،أدى إىل تأجيج حاد للتوترات الطائفية تقوم عىل التعددية وتداول السلطة وحماربة اإلرهاب قد
املوجودة ،والتى التزال متثل عائ ًقا فعل ًيا أمام بناء الدولة ذريعا .السيام أن ذريعة حماربة اإلرهاب ً فشلت ً
فشل
العراقية منذ سقوط نظام «صدام حسني» وحتى اآلن، تنتفى جدواها ىف ظل حقيقة استمرارية قدرة تنظيم
السيم أن التقسيم املحاصىص مل يقترص عىل عملية ِ الدولة «داعش» ىف العراق -حتى اآلن -عىل شن
توزيع املناصب العليا عىل أسس طائفية وأحيانا عرقية هجامت مسلحة موجعة عىل الرغم من اهنيار دولته،
أو حتى حزبية ،وإنام شمل ذلك خمتلف هيئات الدولة كان أبرزها ىف مايو ،2021حيث شنت عنارص التنظيم
ومؤسساهتا؛ من هذا املنطلق ،فإن آرا ًءا عديدة ترى أن مسلحا عىل قوات البيشمركة الكردية ىف منطقة ً هجو ًما
املحاصصة الطائفية أدت إىل ما يمكن تسميته بـ «مأسسة «الفراغ األمنى» بينها وبني قوات احلكومة االحتادية،
الطائفية» وترسيخها ىف هيكل الدولة العراقية ىف مرحلة واملعروفة باسم املناطق ا ُملتنازع عليها بني بغداد وأربيل،
ما بعد االحتالل األمريكى ىف عام ،2003بام أدى إىل وتشمل كركوك ،وأجزاء من حمافظات نينوى وصالح
زيادة حدة االنتامءات الوالئية للطائفة مقابل تراجع الدين ودياىل ،وهى املناطق نفسها التى تتخذها قوات
االنتامء للهوية الوطنية ،بام أتاح املجال ملامرسة الطوائف احلشد الشعبى الشيعية الوالئية إليران منصة إلطالق
بعضا.متبادل جتاه بعضها ًً العراقية عن ًفا الصواريخ داخل اإلقليم ،ر ًدا عىل رفض حكومته دور
والسنة تارخي ًيا كان االنقسام الطائفى بني الشيعة تلك الفصائل ىف املشهد السياسى العراقى ،واعتبارها
ُ
يتمحور –وفقا آلراء حمللني -حول اخلالفات العقائدية أحد أهم عوامل عدم االستقرار األمنى فيه.
والالهوتية وبعض القضايا السياسية ،لكن حتولت
ثانيا« :اإلرهاب الطائفى» ىف العراق صناعة أمريكية
تلك االنقسامات واخلالفات ،بعد اهنيار نظام «صدام
حسني» ،وحتت سلطة ا ُملحتل األمريكى ،لتتطابق مع تتجذر الطائفية واملذهبية داخل النسق الدينى
رصاع أوسع وأكثر رشاسة حول ثالثية «السلطة واملوارد واالجتامعى ىف العراق لعقود وسنوات عرب حقب تارخيية
واملكانة» .وتأسست نواة ذلك الرصاع حينام قامت طويلة ،لكن ما هيمنا هنا هو حالة الرصاع والتنافس التى
سلطة االحتالل األمريكى بتطبيق نوع من «الديمقراطية السنية منذ
شهدها العراق بني األغلبية الشيعية واألقلية ُ
التوافقية» من خالل تشكيل «جملس حكم» مدنى إهناء الغزو األمريكى لنظام «صدام حسني» عام ،2003
بموجب إعالن تنظيمى أصدره «بول بريمر» احلاكم ومآالت ذلك الرصاع الذى ازداد حدة بعد احلرب
اإلدارى للعراق آنذاك ىف يوليو ،2013تقاسمت األمريكية عىل تنظيم الدولة «داعش» داخل العراق عام
مقاعده املكونات الثالثة الرئيسية؛ حيث منح الشيعة 13 .2014
27
قضايا تحليلية
املشهد
ضم العديد من أبناء العشائر السنية خالل عام ،2007 مقعدا ،والسنة 5مقاعد ،واألكراد 5مقاعد ،ومقعدان
وحظيت بدعم الواليات املتحدة ىف القيام بمهام أمنية لألقليات املسيحية والرتكامنية ،واعترب هذا التقاسم بداية
داخل املحليات ملنع متدد تنظيم القاعدة إليها .وبالرغم لتوظيف الطائفية سياس ًيا.
من الدور الفعال الذى قامت به الصحوات –السنية– ىف وبفعل دستور عام 2005الذى متت صياغته حتت
وقف متدد تنظيم القاعدة ،فإن أحزاب اإلسالم السياسى رعاية املحتل األمريكى ،سيطرت آلية «التمثيل
الشيعية مل تتقبل هذا النجاح ،واعتربته إضافة ملصلحة الطائفى» عىل تفاعالت القوى السياسية العراقية داخل
املكون السنى وأحزابه السياسية التى قد تساهم ىف زيادة بدل من «متثيل املواطنة» .وعليه، املشهد السياسى ً
أسهمه الوطنية ،واجتهت إىل تشويه التيارات السنية كافة تراجعت أمهية بناء «هوية وطنية جامعة» ،وهو ما زاد
ووضعها ىف بوتقة واحدة باعتبارها تيارات إرهابية ال من حدة االنقسامات وجتذرها عرب سنوات .السيام
ختتلف عن تنظيم القاعدة ،وعملت عىل ترويج املظلومية أن التزايد ىف حدة التوترات الطائفية تزامن مع قيام
الشيعية التى عاناها املكون الشيعى خالل حكم صدام، االحتالل األمريكى بتفكيك الدولة ومؤسساهتا األمنية
واجتهت تلك األحزاب إىل استخدام سياسات عملت والعسكرية ،األمر الذى أتاح للنخب الطائفية املسلحة
عىل ترسيخ حالة الكراهية الطائفية جتاه السنة. فرصا مللء الفراغ الناجم عن اهنيار تلك املؤسسات،ً
ومل يؤد االنسحاب األمريكى ىف عام 2011إىل تراجع فرصا ُماثلة ىف توظيف سالحها ضد غريهاكام أتاح هلا ً
«اهلوية الطائفية» –التى رسخها االحتالل– بل تزايدت من املكونات الطائفية ،وبدا املشهد العام ىف عراق ما
سياسات ترسيخ «اهلوية الطائفية» داخل مؤسسات قائم عىل ما ُيمكن تسميته «الثأربعد صدام حسني ً
الدولة؛ نتيجة لسياسات احلكومات الشيعية ا ُملتعاقبة، السنى ،عىل خلفية ممارسات نظام الشيعى» من املكون ُ
خاصة عندما منحت تلك احلكومات مرشوعية لبعض صدام حسني التى «أقصت» الغالبية الشيعية من ممارسة
ميليشيات الطوائف التى مارست العنف املسلح ضد أدوار داخل مؤسسات إدارة الدولة السياسية واألمنية
غريها من الطوائف األخرى ،حيث اجتهت األغلبية واإلدارية.
الشيعية إىل التوظيف الفعىل لسالح «اهلوية الطائفية» وقد أصبحت «الطائفية» ،وتوظيفها اجتامع ًيا وسياس ًيا
خالل الفرتة من 2003إىل 2007عندما قررت تيارات السنى ،هى القوة من منطلق الثأر الشيعى ضد املكون ُ
شيعية وازنة كاملجلس اإلسالمى األعىل وحزب الدعوة النافذة ىف مرحلة ما بعد دستور .2005وحتديدً ا مع
استخدام املخاوف الطائفية كوسيلة للحشد الشيعى ضد توىل «نورى املالكى» السلطة ىف عام ،2006حيث
السنة ،وخلق حاضنة اجتامعية شيعية ضخمة للتيارات تغاىض عن قيام ميليشيات مسلحة شيعية بشن هجامت
السياسية عىل قاعدة إهناء املظلومية التى تعرضت هلا السنى ىف العديد من املحافظات ذات عىل املكون ُ
من األقلية السنية خالل حكم صدام حسني ،مما أدخل السنى نفسه داخل السنية بخالف إجبار املكون ُ
الغالبية ُ
العراق ىف أتون حرب أهلية طائفية سامهت ىف ترسيخ املحافظات املختلطة ىف مكوناهتا السكانية عىل النزوح
التاميزات الطائفية بني الشيعة والسنة .ثم تعززت تلك القرسى خارج تلك املحافظات ،وذلك ر ًدا عىل تفجري
السياسات وازدادت خالل فرتة توىل «نورى املالكى» أحد األرضحة الشيعية ىف فرباير ،2006ىف الوقت
للحكومة ( ،)2014 - 2006حيث نجح ىف توظيف الذى كانت فيه العشائر السنية تواجه تنظيم القاعدة
هويته الطائفية بشدة ىف تعزيز سلطته وهتميش الربملان عرب تنظيامت «الصحوات» ،والتى تكونت من حتالف
28
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
مصاحلها ىف الداخل العراقى ،وىف مواجهة الوجود وإحكام هيمنته عىل املؤسسات األمنية ،وأصبحت
العسكرى األمريكى فيه .هذا بخالف ما أنتجته األزمة «اهلوية الطائفية» منذ ذلك التاريخ أداة مجيع القوى
ىف سوريا -منذ عام 2011وحتى اآلن -من تعميق السياسية ووسيلتها ىف حتقيق أهدافها السياسية عرب
التوترات الطائفية ىف العراق ،وأدت إىل خلق حالة من حشد الدعم الشعبى الطائفى ،السيام خالل العمليات
التضامن العابر للحدود بني الطوائف الشيعية ىف البلدين االنتخابية.
بدعم من الراعى اإلقليمى اإليرانى ،حيث اصطفت
-2العامل اخلارجى كمعزز للهوية الطائفية
امليليشيات الشيعية العراقية ،وعىل أسس طائفية حمض،
للقتال داخل سوريا دعام لنظام األسد .هذا التضامن ساهم االنسحاب األمريكى ىف تعزيز دور العامل
الطائفى العابر للحدود بني العراق وسوريا يعد واحدً ا اخلارجى ىف ترسيخ وتصاعد النزعة الطائفية داخل
من أخطر مهددات بناء «هوية وطنية» جامعة عابرة العراق .فعىل الرغم من املصلحة اإليرانية ىف سقوط
للطائفية ىف العراق. نظام صدام حسني عرب التدخل العسكرى األمريكى ىف
عام ،2003وما نتج عنه من تعزيز مكانة املكون الشيعى
-3احتجاجات عابرة للطائفية
وتياراته السياسية ىف هيكل النظام السياسى العراقى إال
مثلت احلركة االحتجاجية التى شهدهتا املحافظات أن اختالف وتعارض املصالح األمريكية مع املرشوع
العراقية عام 2019ضد حكومة «عادل عبد املهدى» اإلقليمى اإليرانى ىف حلقته العراقية أدى إىل وضع
قفزً ا عىل حاجز «اهلوية الطائفية» التى ساهم االحتالل العراق كساحة للتفاعالت بينهام .فبعد االنسحاب
األمريكى ىف إظهارها ،ورسختها احلكومات الشيعية األمريكى من العراق ،سارعت إيران إىل ملء الفراغ
ا ُملتتالية ،والتى رفعت وترية توظيفها بقوة داخل املشهد
األمنى الذى أحدثه االنسحاب فعليا عرب العديد من
السياسى العراقى ،ومع انتشار تنظيم الدولة «داعش» ىف
امليليشيات املسلحة الوالئية التابعة هلا .وظلت منذ عام
حمافظات العراق السنية عام 2014وحتى عام .2018
،2011وحتى الوقت الراهن ،هى الالعب اإلقليمى
ومع االنتهاء من احلرب عىل اإلرهاب ،تطلع العراقيون
الرئيسى ىف املشهد السياسى واألمنى العراقى ،وعرب
إىل معاجلة أزمات الدولة األمنية واالقتصادية التى باتت
هذا الدور دعمت امليليشيات الشيعية الطائفية ،ودعمت
تؤثر بشدة ىف حياهتم اليومية ،السيام بعد تولد قناعة لدى
كذلك سياستها الطائفية ضد املكون السنى العراقى
رشحية من املواطنني الشيعة والسنة عىل حد سواء بمسئولية
بدعوى حماربة تنظيم الدولة «داعش» بد ًءا من عام
األحزاب والقوى السياسية ذات املرجعية الدينية الشيعية
.2014
املتشددة التى تولت احلكم مرات عديدة عن حالة
عدم االستقرار األمنى ،وتدنى اخلدمات وتراجع البنية ومتثلت ذروة التدخل اإليرانى ىف الشأن العراقى عرب
التحتية ،وانتشار الفساد والعنف الطائفى .املفارقة هنا أن دعم اهلوية الطائفية ىف االستفادة من فتوى املرجعية
االحتجاجات كانت عابرة للطائفية فلم تكن قارصة عىل الدينية العراقية بشأن «اجلهاد الكفائى» ضد تنظيم
طائفة دون األخرى ،بل عىل العكس ،شارك املكون السنى الدولة ،وذلك بدفع القوى السياسية الوالئية هلا إىل
والشيعى فيها ،كام دعمتها املرجعية الشيعية العراقية، تشكيل تكتل ميليشياوى ضخم حتت مسمى «احلشد
ودعمتها كذلك التيارات الشيعية املعتدلة واملدنية ،مما الشعبى» ،تعهدته بالدعم املادى والتسليحى والتدريبى،
ً
مؤرشا عىل تراجع منظومة التاميز عىل أساس اهلوية يعد وأصبح أحد أهم أدواهتا الطائفية التى توظفها لتحقيق
29
قضايا تحليلية
املشهد
30
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
ىف ظل تلك املعطيات ،يمكن القول إن التدخل األمريكى ىف العراق مل خيلق نظا ًما ديمقراط ًيا ،ومل يبن دولة مستقرة،
بل خلق نظا ًما طائف ًيا كان ُمغذ ًيا لإلرهاب وسب ًبا ىف استفحاله وانتشاره .كام أن احلرب ضد إرهاب تنظيم الدولة ،بعد
تلك السنوات ،مل متنع التنظيم من حماوالت العودة إىل واجهة األحداث ،سواء ىف العراق أو ىف منطقة احلدود العراقية
السورية؛ مما يطرح تساؤالت عديدة حول جدوى التدخل األمريكى ىف شئون الدول حتت ذريعة حماربة اإلرهاب ،ما
دام التدخل مل يضمن عدم عودة التنظيامت اإلرهابية إىل واجهة األحداث من جديد!!!.
المصادر
-حارث حسن« ،األزمة الطائفية في العراق :إرث من اإلقصاء» ،معهد كارنيجى للشرق األوسط 23 ،إبريل .2014
-حمد جاسم محمد « ،المد الطائفي والشباب العراقي :األسباب والمعالجات» ،مركز الفرات للتنمية والدراسات اإلستراتيجية 24 ،أغسطس
.2017
-رانج عالء الدين« ،الطائفية والحوكمة ومستقبل العراق» ،معهد بوكينجيز الدوحة 24 ،أغسطس .2018
-د .سيف الهرمزي ،إخفاقات االستراتيجية األمريكية في محاربة داعش ،مركز المستقبل لألبحاث والدراسات المتقدمة 23 ،يناير.2015
-عفاف محمد اسماعيل المليجي« ،استراتيجية الواليات المتحدة األمريكية تجاه اإلرهاب :دراسة حالة «داعش في عهد أوباما 2008
–» ،2016المركز الديمقراطى العربى 24 ،فبراير .2018
-وليد حسن محمد« ،الدور األمريكى فى محاربة اإلرهاب فى العراق :داعش أنموذجا» ،مركز الدراسات االستراتيجية والدولية -بجامعة
بغداد ،العدد .2017 ،94 – 48
31
قضايا تحليلية
املشهد
3
إسالم ميلبا
باحث ومخرج سينمائى
ىف 11سبتمرب ،2001خطف 19منضو ًيا حتت لواء تنظيم «القاعدة» اإلرهابى أربع طائرات مدنية بركاهبا هبدف
تدمري مواقع اسرتاتيجية عىل األراىض األمريكية .أسقطت الطائرة األوىل والثانية برجى التجارة العاملية بـ «نيويورك»
عاصمة املال واألعامل األمريكية ،فيام أصابت الثالثة أحد مبانى وزارة الدفاع األمريكية «البنتاجون» الواقعة عىل
ختوم العاصمة األمريكية «واشنطن دى سى» ،وسقطت الرابعة واألخرية متحطمة ىف أحد حقول شانكسفيل ،بوالية
الشجاعةبنسلفانيا ،شامل رشقى الواليات املتحدة ،بعدما فشل اخلاطفون -بفضل مقاومة ركاب الطائرة يونايتد ُ 93
هلم -ىف هدفهم بالوصول بالطائرة ملحيط «الكابيتول هيل» وتدمري مبنى الكونجرس بواشنطن ،بحسب بعض
التحقيقات الالحقة(.)1
ً
أول :أحداث احلرب األمريكية عىل اإلرهاب
أربكت هجامت 11سبتمرب تعقيدات السياسة األمريكية؛ حيث نجم عنها مقتل ما يقرب من 3000شخص ،منهم
نحو 2605أمريكيني ،والباقون من 90دولة ،وكان للهجامت أثرها ا ُملزلزل ىف إعادة رسم وتشكيل اسرتاتيجيات
السياسات اخلارجية األمريكية الدبلوماسية منها والعسكرية ،أو حتى تلك املتعلقة بمجاىل الطاقة والنفط ىف الرشق
األوسط عىل وجه اخلصوص ،مع تأطري ما سبق ىف صيغة مصطلحات من قبيل «الفوىض اخلالقة» وخلق «رشق
أوسط جديد».
32
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
33
قضايا تحليلية
املشهد
عام « 1953فهرهنايت ،»451والتى حتمل وجهة نظر وترسيح أفراده الذين سامهوا فيام بعد ىف تصاعد وترية
بائسة ملستقبل الواليات املتحدة .حاول «مور» استعارة العنف الطائفى ،وتكوين ميليشيات مسلحة ،كان من
التشابه بني درجة حرارة االشتعال الذاتى للورق وتاريخ بينها النواة األوىل لتنظيم «داعش» ،والتى أسسها «أبو
هجامت 11سبتمرب وتقاطعهام ىف كلمة فهرهنايت مصعب الزرقاوى» ،مع بقاء كردستان بمعزل عن
كوحدة قياس حرارية .كان أحد الشعارات التعريفية أعامل العنف لتمتعها بحكم ذاتى سابق ،وتنسيقها أمنيا
للفيلم «درجة احلرارة التى حترتق فيها احلرية». وعسكريا مع األمريكيني مقابل حصص من آبار النفط
الكردية.
ُعرض الفيلم ألول مرة ىف مهرجان «كان» السينامئى عام
أيضا ً
جدل حا ًدا ،بام ،2004وأشاد به النقاد ،لكنه أثار ً ىف السنوات التالية ،وعىل مدار 15سنةُ ،قتل أكثر من
أيضا عىل ىف ذلك اخلالفات حول دقته .حصل الفيلم ً 4700جندى أمريكى بالعراق ،وتصاعدت معدالت
السعفة الذهبية ،وهى أعىل جائزة ىف املهرجان .الفيلم االنتحار بني صفوف اجليش األمريكى ،والتى ازدادت
هو الفيلم الوثائقى األعىل من حيث إيرادات شباك بمعدل %31منذ عام 2001وقتل أكثر من 600000
التذاكر عامليا عىل مر العصور ،حيث حقق الفيلم أكثر ألف مدنى عراقى( ،)6خالل احلرب األمريكية عىل
من 222مليون دوالر ىف مجيع أنحاء العامل( .)7الفيلم العراق.
بشكل تسجيىل ساخر ،يرشح ىف دقائقه األوىل تقاطعات
ثانيا :زلزال 11سبتمرب وتوابعه عىل الشاشة
ً
شبكات املصالح بني عائلتى «بن الدن» و«بوش» ىف
جماىل النفط والعقارات ،ويكشف ،ىف حلظة تنصيب 11سبتمرب -كحدث مزلزل -كانت له جتلياته السينامئية
«بوش االبن» رئيسا ألمريكا ،جذور حالة االستقطاب والدرامية املتعددة ،تراوحت بني األفالم الروائية
والتسجيلية الطويلة .ىف السطور التالية سنتناول بالرصد
الشديدة ما بني البيض ورشائح الطبقة الوسطى وما
والتحليل أبرز املحطات الفنية التى تناولت هذا احلدث.
بني األقليات واملجموعات العرقية األخرى ،مثل:
اهلسبانك ،أو السود ،أو املهاجرين. Fahrenheit 9/11 -1
كام متيز أسلوب املخرج «مايكل مور» بالتوظيف فهرهنايت « 11/9هو فيلم وثائقى أمريكى ،أنتج
الذكى واملرح لفيديوهات األرشيف ،سواء تسجيالت عام 2004من إخراج وكتابة وبطولة املخرج واملعلق
فيديوهات ،أو صور فوتوغرافية ،أو أفالم األخبار السياسى «مايكل مور» ،الفيلم تسجيىل طويل ويمتد
،Newsreelخاصة التى تصور قضاء «بوش االبن» زمنه لساعتني.
لفرتات إجازته بمزرعته ىف «تكساس» التى امتدت ألكثر يلقى الفيلم نظرة نقدية عىل رئاسة «جورج دبليو بوش»،
من % 42من فرتة رئاسته قبل 11سبتمرب .كام ساعد واحلرب األمريكية عىل أفغانستان والعراق ،وتغطيتها ىف
ُحسن اختيار «مور» لتوقيت تضمني تعليقاته املرحة وسائل اإلعالم األمريكية .ىف الفيلم ،يؤكد «مور» عىل
والساخرة املصاحب للفيديوهات عىل تفجري الكوميديا أن وسائل اإلعالم األمريكية كانت «مشجعة» لغزو
املبنية عىل املفارقة والتناقض. ً
حتليل دقي ًقا أو موضوع ًيا العراق عام ،2003ومل تقدم
ألسباب احلرب واخلسائر الناجتة عنها.
ىف سياق متصل ،متيز الفيلم بالتوظيف الذكى للقطات
التحضريية للضيوف قبل التصوير بالرئيس بوش، جاء عنوان الفيلم من وحى عنوان رواية «راى برادبري»
34
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
لتعزيز اإلحساس بالصدمة واملأساة ،بالتزامن مع حجب ثم نائبه «ديك تشينى» ،وهو يضع املكياج ،ثم نرى
مشهد اصطدام الطائرتني بربجى التجارة العاملى ،مما منح املكياج عىل وجه «كونداليزا رايس» ،مستشارة األمن
خيال املشاهدين العنان لتخيل بشاعة احلدث ،ومنحهم القومى ،إىل أن نصل إىل بول وولفويتز (نائب وزير
أيضا فرصة استعادة ذكرياهتم الذاتية مع هذا احلدث الدفاع األمريكى) ،وهو يستخدم لعابه عىل شعره
داخل صالة العرض دون أى توجيه من املخرج. ليسهل ترسحيه باملشط عىل نحو مزعج ،وكأنه ُيرضنا
كمشاهدين /أو يعرفنا عىل «أبطال املرسحية» /الِفيلم
التسجيىل قبل أن يصعدوا خشبة مرسح األحداث/
الفيلم؛ مرسح األحداث هنا هو التفجريات اإلرهابية
واحلروب الدموية ،بالتزامن مع تعريف أدوار أعضاء
اإلدارة األمريكية ىف إذكاء نار العداوة والعدوان طمعا
ىف النفط والسلطة واهليمنة عىل العامل .ومحل التوظيف
الدرامى ملشاهد االستعداد للكامريا ووضع املكياج
دالالت سينامئية ،توحى بام حيمله هؤالء األبطال أو
يكشف لنا الفيلم كواليس قصف أفغانستان بعد 4 يبعثونه من زيف وكذب وتضليل وكأهنم ىف حلظة
أسابيع من هجامت 11سبتمرب بقوات حمدودة بلغت وضع املكياج يضعون أقنعة خيدعون هبا مجهورهم عرب
11ألف جندى أمريكى وحترك عسكرى بطيء، عدسات الكامريات.
مكن بن الدن من اهلرب واللجوء لكهوف باكستان. َ
كام يستعرض الفيلم ختىل «بوش االبن» عن املحاربني
املصابني ،وتقليل اإلنفاق احلكومى عىل املستشفيات،
واجلنود املصابني ،والعالج الطبيعى ،وإعادة التأهيل
اجلسامنى جلرحى احلرب من اجلنود والضباط،
وينتقد بجرأة انتهاكات اجلنود األمريكيني وحترشهم
باملدنيني العراقيني األرسى أو املحتجزين.
كام حيمل الفيلم إشارات متعددة ،تسلط الضوء عىل
روابط مالية وجتارية وعقارية ونفطية بني عائلة بوش التصوير البطيء ،Slow Motionساعد عىل اإلحياء
وعائلة بن الدن ،سهلت إجالء عائلة بن الدن من بثقل اللحظة مونتاجيا ،والتمهيد لثقل األحداث فيام
الواليات املتحدة عىل متن طائرات خاصة رغم قرار نحن مقبلون عليه من دمار وخراب عىل مدار أحداث
حظر الطريان الصادر ُبعيد 11سبتمرب. الفيلم ،وهو ما يعرف ىف أدبيات فن السينام برباعة
حيفل الفيلم بإشارات ذكية أخرى عرب توظيفه لألرشيف االستهالل ،حيث كثف املخرج كل ما سبق ىف أول عرش
بمصاحبة تعليق «مور» عن دعم أصدقاء بوش األب دقائق من الفيلم.
للرئيس العراقى األسبق «صدام حسني» ومنحه السالح لعل من أهم مشاهد الفيلم مشهد الشاشة السوداء ،مع
ىف مواجهة إيران ،بالتعليق عىل صورة تبني مصافحة ارتفاع صوت الرصاخ والنحيب ورصخات الرعب،
35
قضايا تحليلية
املشهد
36
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
يسلط الفيلم الضوء أيضا عىل قدرات «تشينى» ىف شن ،Vice Presidentأو قد تشري إىل معنى آخر ضمنى
محالت إعالمية مضللة ،وقدرته عىل بلورة مهارات ساخر ،ذلك أن Viceىف اللغة اإلنجليزية تعنى «الرذيلة
االتصال واملراوغة الكالمية لصياغة أكثر األفكار قسوة أو النقيصة أو اخلديعة» ،وهى مجيعها اهتامات وجهت
وسلطوية ىف صيغة مقبولة .فعىل سبيل املثال ،يقوم بتغيري ألداء «ديك تشينى» ،إبان مشاركته ىف إدارة «بوش».
رضيبة الرتكات واملواريث لرضيبة األموات ،لتخفيف يبدأ الفيلم بمشاهد هتريب «تشيني» عرب الرساديب ىف
الرضائب عن األغنياء ،وتغيري «االحتباس احلرارى» إىل غرفة الطوارئ حتت األرض ،أسفل البيت األبيض ،ىف
«التغري املناخى» ،لتخفيف القيود عىل انبعاثات الطاقة ١١سبتمرب ،عرب توظيف تعليق ساخر أقرب لتعليقات
امللوثة للبيئة للرشكات واملصانع الكربى ،واململوكة األفالم التسجيلية عىل الصور الفوتوغرافية ،بالتوازى
ملقربني من تشينى. مع عرض لقطات تعذيب أبو غريب وصور أخرى
حتمل املشاهد اخلتامية للفيلم خالصات هتافت الذرائع النتهاكات أمريكية ىف العراق.
األمريكية لشن حروب توسعية ضد شعوب الرشق فرتة مبكرةٍ فيلم «مكاى» حاول تسليط الضوء عىل
األوسط باسم حماربة اإلرهاب .يوجه تشينى حديثه من حياة تشينى املهنية ،وعىل إيامنه بالنظرية التنفيذية
إىل املشاهدين ىف صورة مونولوج طويل ُمضلل ،يربط األحادية ،unitary executiveوهى النظرية القائلة
و«يفربك» فيه تشينى بني هجامت القاعدة وغزو العراق، إن الرئيس يمتلك الصالحية للسيطرة عىل السلطة
ويتاجر بضحايا هجامت سبتمرب من األمريكيني كذريعة التنفيذية بالكامل .عمل تشينى عىل ترويج الفكرة
لغزو العراق. كل ما يقوم به الرئيس األمريكى قانون ًيا القائلة إن ّ
ثم يكشف لنا املخرج ىف لوحة تالية معلومة صعود ورشع ًيا ،السيام ىف زمن احلرب ،كام كان احلال ىف
أسهم رشكة هاليربتون ،عمالق النفط ،ىف البورصة االنتهاكات األمريكية ىف سجون أبو غريب وجوانتانامو
وتعظيم أرباحها بنسبة ٪500بعد غزو أمريكا للعراق، بدعوى االستجواب واحلصول عىل معلومات .كام
37
قضايا تحليلية
املشهد
بوش اإلبن احلربية بتكتيكات إعالمية جتعل الشعب وهى الرشكة التى كان يرأسها تشينى قبل الغزو ومنحته
األمريكى يعيش ىف حالة من التهديد الدائم ومناخ 26مليون دوالر مكافأة بعد تقلده منصب نائب الرئيس
اخلوف الذى حيوط به. األمريكى .ىف املقابل ،تكشف لنا لوحات الفيلم اخلتامية
هذا االنحياز الذى قامت به الشبكات اإلعالمية عن مقتل 4700جندى أمريكى بالعراق ،وتصاعد
األمريكية ىف الرتويج للحرب األمريكية عىل العراق معدالت االنتحار بني صفوف اجليش األمريكى ،حيث
تزامن مع منع احلكومة األمريكية نرش صور أى أكفان أو ازدادت بمعدل %31منذ عام ،2001ومقتل أكثر من
توابيت ،أو نرش أى حكايات إنسانية تتعلق باملصابني أو 600000ألف عراقى جراء حرب أمريكا وتشينى عىل
قتىل اجليش األمريكى. العراق.
كام عرضت األفالم الثالثة مشاهد اندالع العنف ثال ًثا :رسائل األفالم الثالثة
الطائفى والتمرد املسلح ضد الوجود األمريكى ،خاصة
بعد حل بريمر للجيش العراقى وترسيح أغلب أفراده، تتشارك األفالم الثالثة السابقة ىف عدة منطلقات فكرية،
وهى املعلومة التى جتاهلتها أغلب األفالم التى تناولت أمهها أن حرب بوش االبن عىل العراق كانت ىف حقيقتها
حرب أمريكا عىل العراق ،سواء عمدا أو جهال. حرب نفسية عىل الشعب األمريكى ،واستخدم فيها
بوش االبن كافة وسائل التضليل اإلعالمى لتسويغ
أخريا تشرتك األفالم الثالث السابقة ىف صياغة رسائل
حربه كأى نظام شموىل أو فاشى يوظف اإلشاعات أو ما
متعددة ،مفادها أن الواليات املتحدة تصدر لنا فائض
يعرف بالـ Mix messages / Disinformation
العنف واالستقطاب الداخىل ىف صورة حروب توسعية
هبدف إرهاب املجتمع وختويفه ،ومن ثم إخضاعه
لتدعيم سلطة النخبة احلاكمة األمريكية ،واالستيالء
بغرض إسكات أى صوت معارض لسياسة احلرب التى
عىل املوارد البرشية ،وهنب املوارد النفطية للشعوب
ينتهجها .ثنائية األمن والتخويف هى التى سهلت عىل
األخرى ،وأن احلروب هدفها -كام ذكر «مايكل مور»
إدارة بوش/تشينى مهمة إرباك الشعب وإخضاعه ألى
ىف ختام فيلمه -جعل املجتمع دوما عىل شفا جماعة»،
قرار ُيمىل عليه لينجيه من خماوفه التى اختلقتها اإلدارة
وأن احلروب التوسعية الدموية التى تشنها اإلدارات
األمريكية لوجود مناخ من التهديد الدائم.
األمريكية املتالحقة ضد شعوب العامل -باسم حماربة
اإلرهاب -هدفها ىف احلقيقة إخضاع أفراد الشعب من جانب آخر ،تسليط الضوء عىل دور الشبكات
األمريكى نفسه للطبقة األمريكية احلاكمة بقوة رشكات اإلخبارية ،وعىل رأسها Fox Newsىف نرش اخلوف
النفط والسالح وتكنولوجيا االتصاالت واملعلومات ،أو عرب نرش اإلشاعات ،حيث تشدد األفالم عىل دور
كام قال «مور»« :احلرب جيدة للرشكات ،سيئة للبرش». اخلوف الفعال والناجع ىف إخضاع الناس لرسائل إدارة
38
٢٠٢١ - سبتمبر- العدد الثاني
المصادر
1- David Shuster, 911/ mystery: What was Flight 93›s target?, nbcnews, Sept. 11, 2006, available
on: https://nbcnews.to/3gwAKiV
2- CNN, Osama bin Laden Fast Facts, April 27, 2021, available on: https://cnn.it/3mwr63I
3 - Edward Helmore, ‘A day for respect’: military veterans mark US troops’ exit from Afghanistan,
the guardian, 4 Jul, 2021, available on: https://bit.ly/3mv1unR
4-The Iraq War 2003 – 2011, available on: https://on.cfr.org/3j9QUAx
5- David E. Rosenbaum, A Closer Look at Cheney and Halliburton, The New york times, Sept. 28,
2004, available on: https://nyti.ms/3ylbK4w
6- Philip Bump, 15 years after the Iraq War began, the death toll is still murky, The Washington,
March 20, 2018, available on: https://wapo.st/38avA7L
7- Fahrenheit 9/ 11, Box office Mojo by IMB pro, available on: https://bit.ly/3jcwU01
39
مواجهات ومراجعات
املشهد
ال شك ىف أن هجامت 11سبتمرب أحدثت صدمة هائلة ىف األوساط األمنية واملخابراتية ىف الغرب ،خاصة ىف
الواليات املتحدة األمريكية .إذ تعرضت األجهزة االستخباراتية واألمنية هلزة كبرية رضبت رشعيتها ىف مقتل وأدت
إىل إعادة النظر بشكل واسع ىف آليات تنظيم عملها وعالقاهتا فيام بينها ووسائل التواصل بينها وبني دوائر صنع
القرار عىل مستوى رئاسة الدول؛ فالواليات املتحدة األمريكية كانت تتابع عرب أجهزهتا االستخباراتية منذ منتصف
التسعينيات وحتى عام 2000نشاط القاعدة والشبكات املرتبطة هبا واملحيطة بأسامة بن الدن ،حيث صنفت
عدة تقارير استخباراتية القاعدة وبن الدن كأكرب خطر يمكن أن يطال أمن الواليات املتحدة األمريكية من جهة
السنية .عىل هذا األساس ،تم إنشاء وحدة خاصة ملتابعة نشاط بن الدن ىف مركز مكافحة اإلرهاب املنظامت اإلرهابية ُ
باالستخبارات املركزية األمريكية .فيام حدد أحد التقارير ىف هناية التسعينيات بدقة احتاملية تدبري هجامت من جانب
القاعدة عىل األراىض األمريكية تستهدف عد ًدا من األماكن ذات الرمزية السياسية ،مثل البيت األبيض والكونجرس
والبنتاجون ،فيام اعترب أن قطاع الطريان املدنى يعد أحد القطاعات اهلشة التى يمكن رضهبا بسهولة .1ورغم هذه
التقارير االستباقية املتعددة مل يتم االستعداد بشكل جيد لصد هجامت 11سبتمرب ،خاصة أن أجهزة خمابرات عربية
قد أمدت نظريهتا األمريكية بمعلومات مؤكدة عن انتقال جمموعة من األفراد املتطرفني شديدى اخلطورة إىل الواليات
املتحدة األمريكية خالل صيف .2001
ومن ثم ،نشأ تساؤل مهم دار حوله جدل كبري ،أين اخللل وملاذا أخفقت أقوى أجهزة املخابرات ىف العامل ىف صد هذا
اهلجوم أو إجهاضه قبل أن يرتك آثارا مدمرة عىل األمن واالقتصاد األمريكى؟ وقد اختذت اإلدارة األمريكية عدة
إجراءات وأقرت عد ًدا من القوانني لضامن عدم تكرار هذا اإلخفاق األمنى الكبري ،ولكن يظل السؤال مطروحا عن
40
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
انفتاحها عىل بعضها بعضا ،ومشاركة وحتليل املعلومات أثر تلك القوانني وهذه السياسات عىل احلقوق واحلريات
فيام بينها قبل رفعها إىل دوائر صنع القرار ىف البيت العامة داخل الواليات املتحدة األمريكية ،فض ً
ال عن
األبيض .وكان من تبعات ذلك إصدار قانون "إصالح درجة تسيس أجهزة املخابرات واألمن األمريكية.
املخابرات والوقاية من اإلرهاب" الذى صدر ىف هناية نحاول هنا اإلجابة عن هذا السؤال ،إىل جانب مناقشة
،2004والذى أسس منصب مدير االستخبارات تأثري املواجهة األوروبية لإلرهاب -بعد أحداث 11
الوطنية DNIلتنسيق وحتليل التقارير االستخباراتية سبتمرب -ىف حقوق وحريات املواطنني األوروبيني،
الواردة من كل األجهزة األخرى ،فضال عن إنشاء ومدى التشابه واالختالف بني االقرتاب األمريكى
وزارة لألمن الداخىل Homeland Security ونظريه األوروبى ىف املواجهة.
،Departmentوأيضا إنشاء مركز وطنى ملكافحة
اإلرهاب(. NCTC (3كام تضمن اإلصالح أيضا إضافة ً
أول :خطة إصالح أجهزة املخابرات األمريكية
مهام استخباراتية كبرية ملكتب التحقيقات الفيدرالية بعد نحو عام ونصف العام من اجلدل حول أسباب وقوع
،FBIبحيث أصبح له دوران :األول هو إنفاذ القانون أحداث 11سبتمرب ،تكونت جلنة للبحث ىف أسباب
اجلنائى واآلخر يتعلق باالستخبارات الداخلية ،ليس اإلخفاق تكلفت نحو 14مليون دوالر ،ووظفت نحو
فقط ملكافحة التجسس ا ُملعادى ،ولكن أيضا ملكافحة ريا سياس ًيا وأمن ًيا ،وعقدت 12جلسة علنية عىل
80خب ً
اإلرهاب. اهلواء مبارشة منذ مارس 2003وحتى يونيو 2004كى
ولعل هذه اإلصالحات اجلوهرية ىف املهام قد أدت ختلص إىل أوجه اخللل الذى أدى إىل هذه الكارثة(.)2
بالتبعية إىل إجراء تعديالت كبرية عىل بنية وتكوين خلصت جلنة التحقيق إىل رضورة إجراء تعديل جوهرى
وجتنيد العنارص العاملة ىف هذه األجهزة ،خاصة مكتب ىف بنية األجهزة االستخباراتية األمريكية بام يضمن
41
مواجهات ومراجعات
املشهد
ىف محاية األمن القومى بعد كارثة 11سبتمرب قد أدى إىل خمصصا لألمن
ً فرعا
التحقيقات الفيدرالية الذى افتتح ً
تراجع مقابل ىف احلقوق واحلريات الشخصية .بمقتىض القومى ،NSBواشرتط عىل العاملني فيه إتقان أساليب
قانون باتريوت ،أصبح ملكتب التحقيقات الفيدرالية التجسس الداخىل عىل األقليات ،وإتقان بعض اللغات
سلطة اإلطالع عىل كافة البيانات التى ختص املقيمني األجنبية ،واإلملام بالبيئة الثقافية لدول الرشق األوسط
عىل األراىض األمريكية بدون إذن قضائى مسبق ،ومنها وغرب آسيا ،وهى التى يأتى منها عادة منفذو هجامت
-مثال -بيانات االتصاالت والتنقالت واملمتلكات اإلرهاب( .)4بينام دفع البعض بعدم صالحية مكتب
والبيانات الطبية وبيانات الدراسة وغريها التى تكون التحقيقات الفيدرالية باالضطالع بمهام مكافحة
بحوزة أى جهة خاصة أو عامة .فضال عن إمكانية اإلرهاب ىف الداخل األمريكى ،وأن األمر يتطلب
إجراء تفتيش رسى للمنازل واملكاتب دون احلصول إنشاء جهاز خمتص للمخابرات الداخلية عىل غرارMI5
عىل إذن قضائى أو إذن صاحبها .باإلضافة إىل القدرة الربيطانى يتخصص فقط ىف مجع املعلومات دون إثقاله
عىل التنصت عىل االتصاالت والتسجيل للمحادثات بمهام إنفاذ القانون ،حيث اعترب هؤالء أن مكتب
دون إذن قضائى أو تربير ذلك بإجراء حتقيق متصل التحقيقات الفيدراىل ،رغم اإلصالحات التى طرأت
باألمن القومى أو مكافحة اإلرهاب أو التجسس .ولعل عليه ،ظل أسري عقلية مجع األدلة وبناء القضايا بعد
ىف ذلك ردة عىل القوانني السابقة املنظمة ملراقبة التجسس وقوع احلوادث ،وليس مجع املعلومات االستخباراتية
األجنبى التى تم إقرارها عام .1978كام دفع البعض استبا ًقا للهجامت ومنعها .بالتاىل ،فرتكيز عمله الح ًقا،
أيضا بعدم دستورية هذا القانون لتعارضه مع حريات وليس استباقي ًا( .)5ىف املقابل ،دفع أنصار إصالح مكتب
أساسية ،أقرها الدستور األمريكى وال يمكن تقييدها إال التحقيقات الفيدرالية ،وليس استبداله بأن اجلهاز الذى
بإذن قضائي(.)7 نجح ىف الكشف عن النازيني اهلاربني واجلواسيس
إىل جانب ذلك ،جتب اإلشارة إىل أن قرارات غزو السوفييت قادر أيضا عىل دحر اإلرهاب املتصل
أفغانستان ىف أكتوبر - 2001ومن بعدها العراق السني(.)6
باإلسالم ُ
ىف مارس 2003-كانت قرارات سياسية باألساس
ثانيا :خماوف عىل احلريات العامة
ً
تعكس تفضيالت اإلدارة األمريكية وتم الرشوع فيها
فورا دون انتظار نتائج التحقيق ىف جلنة أحداث 11 ً بعد أسابيع قليلة من هجامت سبتمرب ،تم مترير قانون
سبتمرب التى انتهت فعل ًيا ىف يونيو .2004وعليه ،فإنه باتريوت ،Patriotوالذى تضمن صالحيات واسعة
تتم اإلشارة عاد ًة إىل املعلومات االستخباراتية التى تم لألجهزة األمنية واالستخباراتية داخل األراىض
االستناد إليها لغزو أفغانستان والعراق -مثل اهتامات األمريكية .وكان هلذه األجهزة صالحيات للتجسس
حيازة أسلحة دمار شامل -باعتبارها معلومات ُمسيسة، خارج البالد ،ولكن عندما يتعلق األمر باملراقبة والتنصت
خصيصا إلثبات
ً بمعنى أهنا معلومات مجعتها املخابرات عىل املواطنني األمريكيني ىف الداخل ،فإن األمر البد أن
وتربير الطرح السياسى الذى قدمه فريق البيت األبيض خيضع إلذن قضائى ،وهو الرشط املسبق الذى كان حيمى
آنذاك ،وليست معلومات ُجعت عن التهديدات الفعلية احلقوق واحلريات العامة بالبالد .ولكن مترير قانون
التى ُتدق باألمن القومى األمريكى .من هنا ،يعترب باتريوت عىل وجه الرسعة وحتت ضغط التهديد املحدق
البعض أن اإلصالحات التى طالت أجهزة املخابرات واخلوف من تكرار اهلجامت اإلرهابية والرغبة العارمة
42
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
تابع ملدير االستخبارات القومية حلامية اخلصوصية األمريكية بعد 11سبتمرب جعلتها أكثر اتصاال فيام
واحلريات املدنية والشفافية للبحث ىف أى جتاوزات بينها ،مما حيمل مستوى أعىل من التنسيق ،ولكنها ىف
حمتملة ،وللتحقق من مطابقة اإلجراءات املشددة سالفة املقابل أصبحت أكثر قابلية للتأثر بتأكيدات التحيزات
الذكر لرضورات التحقيق ىف قضايا إرهابية أو قضايا املسبقة .Confirmation biasوباملثل ،فإهنا جعلتها
جتسس ،فضال عن إصدار تعليامت وقواعد سلوك أكثر اتصاال بدوائر صنع القرار ،وهو أمر جيد ،ولكن
لألجهزة االستخباراتية األمريكية كافة(.)8 ىف املقابل قد يؤدى إىل تغيري دور املخابرات من العمل
ملكافحة املخاطر اخلارجية إىل العمل لتربير االختيارات
ثال ًثا :أثر أحداث سبتمرب عىل السياسات األمنية األوروبية السياسية وتقديم معلومات خمابراتية تُسوغ هذه
ال يمكن إنكار أن صدمة أحداث 11سبتمرب قد االختيارات وتدعمها ،وهو خيط رفيع ال حيمى من
أصابت أوروبا بخوف كبري ورغبة جارفة ىف حتصني ختطيه إال تقديم العمل املخابراتى اجلاد عىل العمل
النظام األمنى واالستخباراتى بام يمنع تكرار مثل هذه ا ُملسيس .من هنا ،يمكن القول إن اإلصالحات املذكورة
األحداث ىف دول االحتاد األوروبى .من هنا ،كان تعزيز وسعت من قدرة هذه األجهزة عىل حرية الفعل واملبادرة
التبادل االستخباراتى الدوىل ،خاصة عرب األطلنطى بني مقارن ًة بذى قبل ،ولكنها أصبحت تتحرك ىف بعض
األمريكيني والربيطانيني ،ومن خلفهم الدول األوروبية األحيان بناء عىل معلومات مترسعة وغري متأنية.
األخرى .فقد بدأ التحرك الدوىل ىف جملس األمن بعد ومن مجلة اإلجراءات التى اختذهتا هذه األجهزة ىف
ساعات قليلة بإدانة اهلجامت ،ودعوة كل الدول إىل السنوات التالية إلجراءات سبتمرب ،2001توسيع دائرة
التعاون ملكافحة اإلرهاب الدوىل ،ومترير وإنفاذ قوانني االشتباه والتجسس بناء عىل األصل أو اجلنسية أو الدين،
وطنية تؤكد هذا التوجه ،كام أنشئت جلنة مكافحة والتى طالت باألساس مهاجرين من الرشق األوسط
اإلرهاب ملتابعة مدى التزام الدول بالقرار .1373كام فضل عن إصدار قائمة حظر الطريان، ً وغرب آسيا.
هرعت الدول األوروبية ،سواء عىل مستوى االحتاد أو وهى قائمة حتمل أسامء عدد من املشتبه هبم الذين ال حيق
عىل مستوى كل دولة عىل حدة إىل تعزيز الترشيعات هلم استقالل طائرة حتلق فوق الرتاب األمريكى .وهذه
واالتفاقات املؤهلة ملكافحة اإلرهاب وتبنى نفس القائمة طويلة للغاية وحتمل العديد من األخطاء وتشابه
سياسات توسيع االشتباه بحق املهاجرين من أصول األسامء ويتم إدراج األسامء عليها بدون تثبت ٍ
كاف،
فضل عن تتبع احلساباترشق أوسطية وغرب آسيويةً ، طويل لتدارك أى خطأ كى يتم حذف ً ثم تستغرق وقتًا
البنكية لقطع شبكات متويل اإلرهاب بني املهاجرين. االسم الح ًقا .وقد أثارت هذه اإلجراءات حركة واسعة
هنا ،يدفع البعض بأن أحداث سبتمرب املزلزلة كشفت من االحتجاجات من جانب منارصى احلقوق املدنية،
عن خطورة اإلرهاب العابر للحدود ،والذى يتطلب إذ ُرفعت قضايا مدنية عديدة لالعرتاض عىل مصادرة
لوقفه تعزيز التعاون بني الدول من أجل ضبط احلدود احلقوق واحلريات الفردية لألشخاص ،فضال عن دفوع
ىف نطاق االحتاد األوروبى ،وتضييق دخول املهاجرين، بعدم دستورية اإلجراءات األمنية املشددة بحق العديد
والنظر ٍ
بتأن ىف قوائم االنتظار للحصول عىل التأشريات من األشخاص الذين ثبت فيام بعد عدم تورطهم ىف
واإلقامات ىف أوروبا( .)9ولعل أوضح نامذج االنصياع أى نشاط إرهابى .بينام واجهت أجهزة االستخبارات
للخوف من خطر اإلرهاب بعد سبتمرب مترير االحتاد األمريكية هذه االعرتاضات باستحداث مكتب خاص
43
مواجهات ومراجعات
املشهد
44
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
فضل عن تتبعهم إذا مااللجوء بني الدول األوروبيةً ، هذه األقليات ،بل مواجهة أسباب عزلتها وهتميشها(.)14
انتقلوا من دولة إىل أخرى .كام تضمنت هذه اإلجراءات لذا ،فاالسرتاتيجية األوروبية ملواجهة اإلرهاب منذ عام
أيضا إتاحة بيانات املسافرين األوروبيني إىل الواليات 2005اعتمدت عىل أربعة أركان أساسية Prevent
املتحدة للسلطات األمريكية مع كامل سجالهتم اجلنائية -Protect-Pursue- Respondإذ تعنى ىف البداية
السابقة .غري أن هذه السياسات ،وإن كانت أقرب ً
وصول إىل بالوقاية ،ثم احلامية ،فالتعقب واملحاكمة،
للفلسفة األوروبية إال أهنا مل ختل من مثالب ،حيث االستجابة لتداعيات اإلرهاب ،خاصة جرب الرضر
اعترب البعض أهنا تبخس بعض احلقوق األساسية لذوى الواقع عىل ضحاياه.
األصول املهاجرة عرب تتبع نشاطهم بالرقابة الكثيفة فاإلدراك األوروبى للتهديد جاء بناء عىل حتليل بيانات
واحلكم املسبق عليهم بقابلية التحول للتطرف ،فضال منفذى اهلجامت اإلرهابية ،والتى قادت إىل شباب
عن مشاركة بيانات خاصة باملواطنني األوروبيني عىل مهمشني من اجليل الثانى أو الثالث من املهاجرين من
نطاق واسع دون مربر قضائى واضح(.)15 حامىل جنسية بلدان االحتاد األوروبى ،مما جعل مقاربة
نجاحا نسب ًيا طوال نحو عقد من
ً وقد أثبتت هذه السياسة شمول وال تقترص فقط عىل ً مواجهة اإلرهاب أكثر
الزمان ،حتى متكنت التنظيامت اإلرهابية ،مثل “داعش” احللول األمنية لصد خطر خارجى؛ فاخلطر جاء من
والقاعدة ،من االستفادة من حالة االنفالت األمنى الداخل ،واحلوادث اإلرهابية مل يتم تفسريها بالفشل
وضعف احلكومات ىف العراق وسوريا بعد،2011 األمنى أو االستخباراتى ،بل فشل أوسع ىف سياسات
وسيطرت عىل مساحات واسعة من سوريا والعراق، إدماج املهاجرين وتوفري فرص متكافئة هلم عىل قدم
األمر الذى شحذ مهم الشباب املتطرف حول العامل املساواة مع األوروبيني األصليني ولذا ،فاالستجابة
إىل السفر للقتال ىف صفوف هذه اجلامعات اإلرهابية، جاءت شاملة تُعنى بتأطري الشباب واملراهقني ضمن
وأدى مرة أخرى إىل تنامى خطر اإلرهاب الدوىل العابر أنشطة حملية حتت أنظار مؤسسات تربوية ومجعيات أهلية
للحدود ،ومن ثم حتول إدراك التهديد اإلرهابى لدى تراقب أدنى حتول ىف مزاج وانتامءات هؤالء الشباب،
األوروبيني من الظروف املحلية والعوامل االجتامعية حلول فكرية رسيعة الستيعاهبم قبلً ومن ثم تفرض
واالقتصادية التى تؤدى للقابلية للتطرف والعنف إىل متادهيم ىف طريق التطرف والتحول إىل العنف .إذ كان
البيئة الدولية والتعاون الدوىل مرة أخرى .فانخرط النموذج األوروبى الذى تطور ىف هولندا ،وبريطانيا،
األوروبيون ،جن ًبا إىل جنب مع األمريكيني ىف التحالف وأملانيا باألساس يعنى باالستجابة لعوامل الضعف
الدوىل لقتال “داعش” ىف سبتمرب 2014كمناسبة واهلشاشة التى تؤدى إىل قابلية الشباب للجنوح نحو
جديدة إلحياء فكرة احلرب االستباقية وقتال اإلرهاب التطرف العنيف ،ومن ثم معاجلة هذه العوامل ملنع تطور
ىف معاقله .فيام مل تتأخر ردود الفعل التى نقلت اخلطر األمر من جمرد اعتناق أفكار متطرفة إىل ممارسة التطرف
اإلرهابى من جديد داخل األراىض األوروبية ،من العنيف.
خالل هجامت باريس ىف نوفمرب ،2015وبروكسل كام أيدت الدول األوروبية هذه السياسات بإجراءات
ىف مارس .2016غري أن هذه اهلجامت أثبتت مرة مؤسسية ،تضمنت منذ عام 2007تبادل قوائم
أخرى ارتباط هذا النوع من اإلرهاب بمنظامت اجلريمة املسجلني ىف قضايا جنائية وإرهابية بني دول االحتاد،
املنظمة ،وعوامل التهميش االجتامعى واالقتصادى وتبادل املعلومات اخلاصة بالصحيفة اجلنائية لطالبى
45
مواجهات ومراجعات
املشهد
من عدوهلم عن الفكر املتطرف العنيف واستعدادهم للشباب األوروبى من أصول مهاجرة أكثر من ارتباطه
لالنخراط ىف حياة مدنية هادئةُ .يضاف إىل ذلك انتباه بصالت تنظيمية قوية بـ”داعش” والقاعدة( ،)16بمعنى أن
أجهزة االستخبارات األوروبية إىل خطورة فتح املجال هذه اهلجامت كانت أقرب هلجامت الذئاب املنفردة أكثر
لنشاط املنظامت التابعة للتنظيم الدوىل اإلرهابى من كوهنا قائمة عىل أوامر من تنظيامت إرهابية خارج
لإلخوان عىل أراضيها ،حيث رشعت أملانيا والنمسا احلدود ،وليس أدل عىل ذلك من تدنى مستوى التسليح
ىف إصدار قوانني حتظر استخدام شعارات ورموز عدة والتخطيط ،خاصة مع استخدام أسلحة بيضاء للطعن
تنظيامت إرهابية ،ومنها تنظيم اإلخوانً ،
فضل عن تتبع أو شاحنات للدهس ،وهى أسلحة تتوافر للهواة ،وليس
مموليها وغلق املنظامت املتصلة هبا ،والتى تقبل تربعات ملنفذين حمرتفني عىل صلة بتنظيامت إرهاب دوىل.
منها وفرض غرامات عليها( .)18ويأتى ذلك عىل خلفية
هجامت فيينا اإلرهابية التى وقعت ىف 2نوفمرب ،2020 رابعا :االستجابة األمنية للتهديدات اإلرهابية اليوم ىف الغرب
والتى فرضت اختاذ إجراءات احرتازية إضافية تُضيق السنى
رغم تناقص اهلجامت اإلرهابية املتصلة باإلسالم ُ
اخلناق عىل البيئة احلاضنة للخطاب املتطرف ،والذى ىف كل من أوروبا والواليات املتحدة ،ودحر “داعش” ىف
يؤدى انتعاشه إىل توسيع دائرة املنخرطني فيه ،وجتنيد أبرز معاقلها ىف سوريا والعراق ،إال أن اخلوف من عودة
املزيد من املتعاطفني معه ىف التنظيامت اإلرهابية. املقاتلني األجانب -ذوى اخلربات القتالية الضخمة -إىل
من جهة أخرى ،كان جراء انتشار اإلرهاب ذى اخللفية أوطاهنم ال يزال خييم عىل السياسات األمنية الغربية ،حيث
اإلسالمية ،وموجات اهلجرة واللجوء بسبب اندالع عدلت عدة دول أوروبية ،وىف مقدمتها بريطانيا وأملانيا،
الرصاعات ىف عدة ساحات ،أن نشأت نزعات عنرصية من ترشيعات اإلرهاب لتسمح بمحاكمة العائدين بتهم
ومعادية للمسلمني واملهاجرين ىف الغرب عمو ًما ،وهو تتعلق بمزاولة نشاط إرهابى خارج األراىض األوروبية.
ما أدى إىل تنامى التنظيامت اإلرهابية التى تعتنق أفكار ورغم ذلك ،مل تفتح الدول األوروبية أبواهبا للعائدين
قومية وعنرصية متارس عن ًفا ضد املهاجرين أو ذوى من أجل حماكمتهم أو تسلمهم من قبضة السلطات
اخللفية الثقافية املختلفة ،سواء كانوا مسلمني أو هيود العراقية أو معسكرات االحتجاز التابعة لألكراد ىف شامل
أو آسيويني من املهاجرين ىف الغرب ،مثل أوروبا، عرضا من العودة ً رشق سوريا ،ولكن من متكن منهم
وأمريكا الشاملية ،واسرتاليا ،ونيوزيالندا ،األمر الذى س ُيحاكم بتهمة االنتامء لتنظيم إرهابى ،حيث يتخوف
عمق من خماوف انتشار معتقدات اليمني املتطرف ،ومن ّ األوروبيون إذا ما أقبلوا عىل تسلم رعاياهم املنتمني
ثم انخراط عدد أكرب ىف هجامت إرهابية من هذا النوع، إىل “داعش” من تنامى ظاهرة التطرف العنيف داخل
مما أدى إىل انتقال انتباه األجهزة األمنية إىل هذا النوع السجون وإمكان أن تكون هذه السجون بيئة خصبة
من اإلرهاب اليمينى املتطرف ،ومهد إلنشاء وحدات إلعادة إنتاج متطرفني جدد مستعدون للعودة للنشاط
خاصة ملكافحته وتتبع العنارص التى من املحتمل أن اإلرهابى ،حال خروجهم(.)17
تنجذب ألفكاره ،ثم متارس العنف ضد املهاجرين. لذا ،تم إقرار تعديالت جديدة ىف قوانني اإلرهاب
ختا ًما ،ال يمكن إنكار أن أحداث سبتمرب خلقت األوروبية حتظر اإلفراج املبكر عن املحكومني ىف قضايا
تغيريات عميقة ىف بنية وأساليب عمل األجهزة األمنية إرهابية ،وذلك حلني التأكد من أن هؤالء قد انتظموا
الغربية .كام دفعت احلكومات إىل حتديث ترشيعات داخل السجون ىف برامج إلعادة تغيري فكرهم والتأكد
46
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
الغرب مع سياسات اهلجرة وسياسات االندماج الوطنى مواجهة اإلرهاب لتخلق بيئة قانونية أقدر عىل تتبع
ويتم اجلدل بشأهنا ،خاصة ىف مواسم االنتخابات ملا اإلرهابيني وحماكمتهم .ولكن ىف املقابل أدى ذلك إىل
لليمني املتطرف من ثقل انتخابى ال يمكن جتاهله ،األمر فرض قيود إضافية عىل حرية األفراد ىف احلركة وممارسة
الذى جيعل من توازن اإلجراءات االستباقية التى تطول حقوقهم األساسية ،فضال عن انكشاف قوائم وقواعد
“اإلرهابيني املحتملني” من الفريقني ،املنتمني لليمني بيانات ضخمة وتبادهلا بشكل استباقى بني الدول دون
مؤثرا
ً أمرا
املتطرف أو من ذوى اخللفية اإلسالميةً ، مربر قضائى واضح .وال تزال هذه األحداث وشبيهاهتا
بشكل كبري ىف مستقبل احلكومات الغربية ونجاحها ىف تلقى بظالهلا عىل بيئة احلقوق واحلريات وضامنات
البقاء عىل مسافة واحدة من مجيع مواطنيها دون اإلخالل اخلصوصية وسياسات اهلجرة وطلب اللجوء ىف الغرب.
باعتبارات احلقوق واحلريات. إذ تتداخل وتتفاعل سياسات مواجهة اإلرهاب ىف
47
مواجهات ومراجعات
املشهد
المصادر
1- Paul Pillar, “Good Literature & Bad history: the 9/11 commission’s tale of Strategic Intelligence”,
in Intelligence & National Security, vol21, No.6, December 2006, p.1029
1024 ص، المرجع السابق- 2
3- David Johnson, “the long and widening road: post 9/11 intelligence reforms a decade later”,
Monterey California, Naval Post Graduate school, March 2013.https://calhoun.nps.edu/bitstream/
handle/10945/32841/13Mar_Johanson_David.pdf?sequence=1&isAllowed=y
4- Robert Mueller, Director of FBI, Statement before the House Permanent Select Committee
on Intelligence, 6 October 2011, https://archives.fbi.gov/archives/news/testimony/the-state-of-
intelligence-reform-10-years-after-911
5- Jeff Stein, “FBI under the Gun“, in Congressional Quarterly , 1 May 2006, pp. 1152-1155
المرجع السابق- 6
7- The American Civil Liberties Union, “Surveillance under the US/Patriot Act”, https://www.aclu.
org/other/surveillance-under-usapatriot-act
8- Revisions to executive order 12333, published by CLPT office at the ODNI, https://fas.org/irp/
dni/12333civillib.pdf and https://www.dni.gov/files/documents/CLPO/CLPO_Information_Paper_
on_2008_Revision_to_EO_12333.pdf
Monica Den Boer, “911 and the Europeanization of the Anti-Terrorism Policy: a Critical 9-
Assessment”, Groupement d’études et de recherche: Notre Europe, Policy paper n.3, September
2003, https://institutdelors.eu/wp-content/uploads/2018/01/policypaper6_01.pdf
ينظم هذا االتفاق تبادل وتسليم المطلوبين داخل دول االتحاد االوروبى ولكن أثيرت مخاوف من أن تسلم دولة مطلوبين لدولة أخرى-10
داخل االتحاد األوروبى فتقوم األخيرة بتسليمه لدولة ثالثة خارج أوروبا يجمعها بها اتفاق ثنائى لتسليم المطلوبين وال يراعى معايير المحاكمة
.2004 ولهذا تأخر التصديق النهائى على هذا االتفاق إلى عام.العادلة كما فى أوروبا أو تطبق أحكام اإلعدام
11- Den Boer, op.cit., pp.3-4
،2005 يوليو26 ، مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية،» االنعكاسات االستراتيجية.. «تفجيرات لندن، كينيث كاتزمان-12
shorturl.at/nAMUY
13-Alberto Costi, “Complementary Approaches: a Brief Comparison between the EU and USA
Counter-Terrorism Strategies since 2001”, Faculty of law, Victoria University of Wellington, NZCAL
Yearbook 18, 2012
171 ص، المرجع السابق- 14
15- Quirine Eijkman and Bart Schuurman, “Preventive Counter‐terrorism and Non‐discrimination
in the European Union: A call for systematic evaluation”, the Counter Terrorism Center-The Hague,
June 2011, pp.8-11- https://www.icct.nl/app/uploads/download/file/ICCT-Eijkman-Preventative-
CT-and-Non-Discrimination-EU-July-2011.pdf
16- European Parliament, “Understanding EU Counter Terrorism Policy”, EU Policy, – January
2021, https://cutt.us/lWVoC
4-3 ص ص، المرجع السابق- 17
https://cutt.us/vkyYy ،2021-7-9 ،” “ماذا ينتظر اإلخوان بعد عاصفة القوانين األوروبية، سكاى نيوز العربية- 18
48
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
تنظيمات
عاما من المواجهة
حالة تنظيم القاعدة بعد عشرين ً
مع الذكرى العرشين ألحداث احلادى عرش من سبتمرب ،2001يأتى التساؤل حول تنظيم القاعدة من حيث قدراته
التنظيمية ومستويات التهديد املحتمل .ويتزامن التساؤل مع حدوث حتوالت متسارعة ىف املوقف األمريكى ىف
احلرب عىل اإلرهاب باإلقليم ،وانسحاب القوات العسكرية األمريكية من أفغانستان ،وسيطرة حركة طالبان عىل
كابول ،وهو ما جعل من الذكرى العرشين ألحداث احلادى عرش من سبتمرب نقطة فارقة ىف حتديد مالمح حركة تنظيم
القاعدة خالل املرحلة املقبلة.
ً
أول :مراحل تطور التنظيم
مر تنظيم القاعدة بدول العامل بتطورات بنيوية وهيكلية عىل مدار العقدين األخريين ،يمكن تقسيمها إىل ثالث مراحل
رئيسية ،محلت كل مرحلة من هذه املراحل سامت وخصائص حمددة ،أثرت بشكل مبارش ىف وضعية التنظيم خالل
املرحلة اجلارية.
-1مرحلة اهليمنة واالستحواذ ()2010-2001
نظرا النطالقه من أفغانستان ىف ظل حكومة طالبان ،والتى اعتربت البيئة
نشأ تنظيم القاعدة عام 1998نشأة قويةً ،
نظرا لتوافر املكون اجلهادى خالل عقود ،وخالل العقد األول من القرن احلادى والعرشين.
احلاضنة املناسبة ً
وقد أخذت مظاهر اهليمنة واالستحواذ ىف الظهور عىل النحو التاىل:
فرعا للتنظيم ،شملتأ -انتشار فروع التنظيم بدول العامل :متكن تنظيم القاعدة املركزى من إنشاء ما يقرب من ً 16
أغلب دول الرشق األوسط وآسيا وأفريقيا ،وأبرزها تنظيم القاعدة ىف جزيرة العرب ،وتنظيم القاعدة ىف بالد املغرب،
وتنظيم القاعدة ىف الفلبني ،وتنظيم القاعدة ىف الساحل ،وتنظيم القاعدة ىف الصومال ،وتنظيم القاعدة ىف العراق،
وتنظيم القاعدة ىف سوريا.
49
تنظيمات
املشهد
تنظيم القاعدة
ترجع نشأة تنظيم «القاعدة» إلى عام 1998باندماج حركة الجهاد المصرية مع المجاهدين العرب
في أفغانستان .وقد كان اإلعالن الرسمي عن نشأة تنظيم «القاعدة» في فبراير 1998بإصدار بن الدن
والظواهري فتوى تحت عنوان «الجبهة اإلسالمية العالمية للجهاد ضد اليهود والصليبيين» ،والتي أباحت
للمسلمين قتل األمريكيين عسكريين ومدنيين في أي مكان في العالم ،وكتبا فيها «إن على المسلم أن
يقتل األمريكيين ،بمن في ذلك المدنيون ..حيث ثقفتموهم».
فيما ترجع جذور التنظيم لما قبل ذلك حيث أنشأ الفلسطيني عبد اهلل عزام عام 1984مكتب «خدمات
المجاهدين العرب» في بيشاور .إلى جانب معسكر «مأسدة األنصار» الذى أسسه السعودى أسامة بن الدن
في نفس العام ،ليكونا الحاضنة األولى لخروج تنظيم «القاعدة» ،بل والمدرسة التي تخرج منها معظم
قادة وقواعد التنظيمات اإلسالمية المتطرفة المسلحة في الدول العربية واالفريقية واالسيوية فيما بعد.
ويرى البعض أن التأسيس األول للقاعدة كان عام 1988بشكل سري في بيشاور قبل بلورة التنظيم واإلعالن
عنه بشكل عالمي بعد ذلك بعشر سنوات .وتزعم التنظيم منذ نشأته أسامة بن الدن ،وبعد مقتله في
مايو ،2011خلفه نائبه المصرى أيمن الظواهرى.
العديد من التنظيامت بدول اإلقليم (سوريا -العراق- ب -تصاعد عمليات التنظيم :عىل الرغم من قيام
اليمن -ليبيا) بفعل الفراغ األمنى الذى شهدته دول الواليات املتحدة األمريكية باستهداف أفغانستان
األزمات والرصاع ،األمر الذى أثر سلب ًيا بشكل مبارش وسقوط حكم طالبان إال أن تنظيم القاعدة متكن من
عىل ظاهرة «اجلهاد القاعدى». توسيع نطاق عملياته ،حيث شهدت دول العامل العديد
ب -مقتل أسامة بن الدن؛ مع إعالن الواليات املتحدة من العمليات اإلرهابية الكربى ،مثل تفجريات مدريد
األمريكية عن مقتل زعيم ومؤسس تنظيم القاعدة أسامة ىف مارس ،2004وتفجريات لندن ىف يوليو ،2005
بن الدن ،ىف مايو ،2011بدأت حالة من الرصاع بني بجانب العديد من العمليات بدول املنطقة العربية.
قيادات تنظيم القاعدة عىل قيادة التنظيم تلك بالرغم من -2مرحلة الرتاجع واالنشقاق ()2015-2011
حسم خالفة بن الدن ملصلحة أيمن الظواهرى الذى
حتولت ظاهرة تنظيم القاعدة خالل النصف األول من
يفتقد الكاريزما والقيادة ،إال أن استمرار حالة الرصاع
العقد الثانى ( ،)2015-2011إىل حالة من الرتاجع
دفعت البعض لطرح محزة بن الدن لتوىل قيادة التنظيم
واالنشقاق متأثرة بخمسة عوامل:
قبل مقتله .ونتيجة الستمرار حالة عدم الرضا عن قيادة
الظواهرى لتنظيم القاعدة ،بدأت بعض األفرع منذ عام أ -قيام االحتجاجات يف الدول العربية؛ ساعدت حالة
2015ىف االنشقاق عن تنظيم القاعدة ،سواء بإعالن الفراغ األمنى الناتج عن االحتجاجات منذ ٢٠١١عىل
نموذجا)،
ً التبعية واالرتباط مع تنظيم آخر («داعش» إعادة صياغة خريطة التنظيامت التكفريية باملنطقة ،والتى
أو خلق تنظيم مستقل كام حدث مع تنظيم جبهة النرصة اتسمت بالسيولة والتعدد واالنتشار ،حيث شهدت
(هيئة حترير الشام حاليا) ،وهو ما أثر سلب ًيا بشكل مبارش هذه املرحلة حالة من التكاثر التنظيمى التكفريى غري
عىل عدد عمليات التنظيم اإلرهابية بدول العامل خالل املسبوقة ىف تاريخ التنظيامت اإلرهابية ،أو التى يمكن
السنوات اخلمس األخرية. أن يطلق عليها مرحلة الفوىض التكفريية ،حيث ظهر
50
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
ه -ضعف االستقطاب؛ مع تنوع وتعدد التنظيامت ج -ظهور تنظيم «داعش»؛ بعد حدوث اخلالف الشهري
اإلرهابية بدول اإلقليم ،وفك العديد من أفرع تنظيم بني أبو بكر البغدادى وتنظيم القاعدة بالعراق والشام
القاعدة االرتباط التنظيمى مع التنظيم املركزى ،أصبح ( ،)2014وانفصال أبو بكر البغدادى عن تنظيم
التنظيم املركزى يعانى حالة ضعف ىف أعداد املنضمني القاعدة ،وإعالن ما يسمى «تنظيم دولة اخلالفة» ،متكن
واملستقطبني من العنارص املتطرفة ،مما أثر سلب ًيا بشكل األخري من االستحواذ والسيطرة عىل الكثري من أفرع
مبارش عىل قوة وتأثري تنظيم القاعدة خالل السنوات تنظيم القاعدة بدول العامل وتصاعد عملياته اإلرهابية،
اخلمس املاضية. مما أثر بشكل مبارش عىل حدوث تراجع حاد لتنظيم
-3مرحلة االرتباك التنظيمى ()2021-2015 القاعدة بدول العامل.
مع تعدد الرضبات األمنية جتاه قيادات تنظيم القاعدة د -تراجع شعار تنظيم القاعدة «مواجهة العدو البعيد»؛
بدول ارتكاز التنظيم املختلفة ،والتى أسفرت عن مع انتشار الرصاعات بدول اإلقليم (ليبيا -اليمن-
سقوط العديد من قيادات الصف األول عىل املستوى سوريا) ،أصبح مفهوم (العدو القريب) هو شعار
املركزى وقيادات األفرع املختلفة ،وتزامنها مع دخول استقطاب عنارص متطرفة للتنظيامت اإلرهابية املنترشة
حركة طالبان ىف مفاوضات جدية مع الواليات املتحدة بدول اإلقليم ،وهو ما أدى إىل تراجع االهتامم بشعار
األمريكية برعاية قطرية ،أسفرت عن انسحاب أمريكى (العدو البعيد) -الذى يرفعه تنظيم القاعدة -كمحفز ىف
من أفغانستان ،وتعهد حركة طالبان بعدم تعرض تنظيم عملية االستقطاب.
51
تنظيمات
املشهد
الداخلية ىف بنية تنظيم القاعدة ىف جزيرة العرب عرب القاعدة للمصالح األمريكية والغربية ،بدأ التنظيم ىف
الرصاع بني إبراهيم القوىص ،أو (حبيب السودانى)، الدخول ىف مرحلة اتسمت باالرتباك التنظيمى نتيجة
وخالد باطرىف عقب مقتل زعيم التنظيم قاسم الريمى، العديد من العوامل التى يمكن رصدها وحتليلها عىل
وهو نفس األمر الذى حدث ىف تنظيم القاعدة ىف املغرب النحو التايل:
اإلسالمى عقب مقتل زعيم التنظيم عبد امللك دروكدال أ -رصاع اخلالفة املحتمل
-أهم قيادة تارخيية للحركة اإلرهابية ىف املغرب العربى،
منذ مقتل أسامة بن الدن وهناك أزمة قيادة مستمرة
مهندس التحالفات التى جرت بني التنظيامت القاعدية
عىل الرغم من توىل أيمن الظوهرى لقيادة التنظيم
ىف املغرب العربى ومنطقة الساحل والصحراء -والذى
نتيجة ضعف قيادة الظواهرى الذى يقرتب من مستوى
قتل بواسطة القوات العسكرية الفرنسية عىل احلدود
ً
زعيم للتنظيم ،وهو ما مفتى للتنظيم أكثر من كونه
املالية الشاملية بالقرب من احلدود اجلزائرية ىف 5يونيو
دفع العديد من قيادات جملس شورى التنظيم وبعض
،2020ويعد عبد امللك دروكدال ثالث قيادة تنظيمية
األفرع للحديث عن نقل السلطة حلمزة بن الدن قبل
قاعدية خيرسها تنظيم القاعدة باملغرب خالل عام .ومن
مقتله ،مع طرح العديد من األسامء ،مثل سيف العدل،
قبل كان قد أعلن عبد امللك دروكدال عن مقتل اثنني من
املسئول عن اللجنة األمنية ومهندس املتفجرات بالتنظيم
كبار أعضاء جملس شورى التنظيم ،ومها حييى أبو اهلامم
واملقرب من أسامة بن الدن ،واملقرب ً
أيضا من القيادة
وأبو عياض التونسى .وقد أضعف هذا االستهداف
األمنية ىف طهران ،وهو ما يضعف من قبول العديد من
لقيادات التنظيم قوة وفاعلية ونشاط تنظيم القاعدة ىف
أفرع التنظيم له ،ىف الوقت الذى يتصاعد فيه اسم حممد
املغرب اإلسالمى.
الزيات ،وهو األقل ىف الكاريزما والسيطرة مقارنة مع
ومع إعالن التنظيم تعيني اجلزائرى أبو عبيدة يوسف سيف العدل ،مما جيعل من اختيار القيادة اجلديدة أحد
العنابى ،بدأت تتصاعد اخلالفات الداخلية بالتنظيم أهم العوامل التى ستحدد قدرة ومسار تنظيم القاعدة
حول قدرة العنابى عىل إحداث نقلة نوعية ىف مسار خالل مرحلة (ما بعد الظوهرى).
التنظيم لضعف إمكانياته عىل املستوى االسرتاتيجى
ب -سيولة األفرع
والقيادى ،وهو ما أعاد طرح بعض األفكار حول
االستقالل عن تبعية التنظيم املركزى مع االستمرار ىف شهدت الفرتة ( )2021-2015مقتل العديد من
التبعية الفكرية (األفكار القاعدية) عىل غرار ما حدث قيادات أفرع التنظيم املختلفة ىف اإلقليم ،مثل مقتل أبو
ىف فك االرتباط بني جبهة النرصة (هيئة حترير الشام القسام األردنى ،وخالد العارورى ،وأبو خدجية األردنى،
حال ًيا) وتنظيم القاعدة ،وهو املسار املطروح بقوة وبالل خريسات أبو خالد املهندس ،وسامى شهاب أبرز
داخل صفوف تنظيم نرصة اإلسالم واملسلمني الفاعلة قيادات التنظيم ىف سوريا والعراق ،وأبو حممد السودانى،
والنشطة ىف منطقة الساحل األفريقى واملغرب العربى، أدوارا ىف اليمن
ً وهو من القيادات الرشعية ولعب
األمر الذى ينعكس عىل تكتيكات التنظيم من حيث وسوريا ،مما أثر بشكل مبارش ىف قدرات األفرع املختلفة،
طبيعة املستهدف والرتكيز عىل العدو القريب األخطر وىف متاسك بنية التنظيم .من جهة أخرى ،يمكن رصد
عىل املنطقة ،مما يمكن أن يؤدى إىل حدوث انقسام بني مظهر آخر من مظاهر سيولة األفرع ،وهو اخلالفات
مكونات تنظيم نرصة اإلسالم واملسلمني ،وهو نفس البينية داخل أفرع التنظيم ،مثل تصاعد اخلالفات
52
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
53
تنظيمات
املشهد
املغرب االقرتاب من تكتيك حركة طالبان ىف أفغانستان (العدو القريب والنرص البعيد) ،والعديد من الكتابات
بمحاولة االقرتاب من صورة التنظيم املتمرد املسلح ذى أصلت ملفهوم العدو البعيد.
األخرى التى َّ
الصبغة الدينية ،ىف حماولة إلعادة التسويق السياسى،
سواء عىل املستوى املحىل أو الدوىل. ثال ًثا :مالمح التحوالت ىف بنية تنظيم القاعدة
-٢االستفادة من مبادرة احلوار اجلارية :خالل األشهر مع استمرار حالة االرتباك املركزى لتنظيم القاعدة عىل
الثالثة املاضية نجح النظام ىف دولة ماىل ىف فتح قنوات املستوى االسرتاتيجى ،بدأ بعض أفرع التنظيم بناء
حوار مع تنظيم القاعدة ،وهى اخلطوة التى أسفرت عن تكتيكات مغايرة من حيث اخلطاب اإلعالمى وحتديد
اإلفراج عام يقرب من ( )200عنرص من تنظيم القاعدة أطراف املواجهة عام كانت عليه خالل مراحل تنظيم
ىف منطقة الساحل ،من بينهم مخسة من قادة القاعدة القاعدة املمتدة ،وهو ما يمكن مالحظته من خالل بيان
اعتقلهم اجليش الفرنسى عىل احلدود بني ليبيا والنيجر، القيادة العامة لتنظيم القاعدة املركزى الذى أصدر تأييدا
بجانب دفع ما يقرب من 30مليون يورو إىل التنظيم، لقائد تنظيم القاعدة ىف بالد املغرب ،أبى عبيدة العنابى،
وهو ما دفع اجلانبني ،تنظيم القاعدة والنظام ىف ماىل، ىف األول من نوفمرب ،2020وبيان تنظيم القاعدة ىف
إىل االستمرار ىف عملية االتصاالت ملزيد من احلوار، بالد املغرب اخلاص بذكرى الربيع العربى بدول املنطقة
خاصة ىف ظل سعى النظام املاىل للعب دور الوسيط بني وشامل أفريقيا وبشكل خاص ىف دولة اجلزائر ،والذى
القوى الدولية والتنظيامت اإلرهابية ،وبشكل خاص صدر ىف هناية يناير ،2021حيث استخدم تنظيم
تنظيم القاعدة ىف منطقة الساحل لتحقيق االستقرار ىف القاعدة أسلو ًبا جديدً ا ىف اخلطاب اإلعالمى بالتأكيد عىل
املنطقة ،ووقف استمرار استهداف قوات األمن املالية دعم التحركات الشعبية السلمية ىف مواجهة األنظمة،
ىف شامل البالد ،وتقليل نسبة خسائر القوات الفرنسية أيضا عىل مفهوم “سيادة الشعب” ،وهو والتأكيد ً
العسكرية الفاعلة باملنطقة ،األمر الذى قوبل بالرتحيب املصطلح غري املدرج عىل أجندة املفاهيم لدى التنظيامت
من قبل الرئيس الفرنسى «ماكرون» الذى يسعى لتحقيق اإلرهابية -ومنها تنظيم القاعدة -الذين كانوا يرفعون
انتصارات سياسية متعددة ،واالنخراط ىف ملفات عدة شعار أن ال سيادة إال لرشع اهلل ،وأن سيادة الشعب
بمنطقة الرشق األوسط لتحقيق انتصارات داخلية والديمقراطية حمرمة ،وهو ما يمكن إرجاعه ألسباب
سياسية قبل خوض االنتخابات الرئاسية املقبلة ،وهو ما عدة ،منها مواجهة حالة الرتاجع ىف بنية التنظيم عرب
استغله التنظيم بتهدئة حدة اخلطاب اإلعالمى ،ىف حماولة التقرب من البيئة املحلية باملنطقة ،بجانب الظهور أمام
لتحييد القوى الدولية الفاعلة ،وىف مقدمتها فرنسا، املجتمع الدوىل بصورة مجاعة مترد ،وليس مجاعة إرهابية،
مسارا
ً بتصوير أن تنظيم القاعدة ىف بالد املغرب يأخذ أى االقرتاب من تكتيك حركة طالبان ىف أفغانستان،
غري عنيف ىف مواجهة القوات الدولية ،ويؤيد الثورات. بجانب العودة ملفهوم العدو القريب واملتمثل ىف مواجهة
-٣جتاهل معاداة الغرب :يسعى تنظيم القاعدة برتكيزه األنظمة احلاكمة ،ومن ثم يمكن حتليل مسارات التغيري
عىل مفهوم العدو القريب بدال من مفهوم العدو البعيد، والتحول عىل النحو التاىل:
الذى ُعد املنطلق الرئيسى لتنظيم القاعدة عىل مدار -١إعادة التسويق السيايس :مع حالة الرتاجع الشديدة
السنوات املاضية ،إىل حتييد الغرب بعد الرضبات األمنية ىف بنية تنظيم القاعدة ،سواء عىل املستوى املركزى أو
الغربية العنيفة جتاه التنظيم ،والتى أسفرت عن سقوط بالنسبة لألفرع املختلفة ،بدأ التنظيم عرب فرعه ىف بالد
54
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
ذلك ال يعنى أيضا بالرضورة هناية التنظيم وأفكاره العديد من القتىل ىف صفوف التنظيم ،بجانب مقتل
التى تأصلت عىل مستوى قاعدة عريضة جمتمعيا بحكم أغلب قياداته.
عوامل النشأة والتطور ،وبحكم األحداث السياسية ىف املجمل؛ لعب العديد من العوامل دورا مهام ىف تراجع
اجلارية ،وبشكل خاص ىف دول اإلقليم ،وهو ما جيعل نفوذ ونشاط تنظيم القاعدة خالل العقد األخري ،سواء
من املرحلة املقبلة ،خصوصا عام ،2022نقطة فارقة ىف عىل املستوى املركزى أو أفرع التنظيم املختلفة .وعىل
تاريخ تنظيم القاعدة ،األمر الذى يمكن رصده الحقا. الرغم من تعدد األزمات أمام تنظيم القاعدة إال أن
55
المشهد في أرقام
املشهد
عندما يعتقد أطراف أى رصاع أن تكلفة الرصاع رخيصة أو أن عوائدها أكرب من تكاليفها ،تنشب احلروب املسلحة
فيام بينهم ،ثم تستعر لتدمر مظاهر احلياة وجوهر الوجود اإلنسانى فيها .وىف اللحظة التى ترتفع فيها فاتورة احلرب،
وحتديدً ا عندما تعلو التكاليف واألعباء فوق العوائد واملنافع ،تزداد املؤثرات وتتعاىل األصوات املطالبة برضورة إهناء
الرصاع ووقف آلة احلرب .هذه قاعدة ذهبية من قواعد احلروب ً
قديم وحدي ًثا.
احلرب األمريكية عىل اإلرهاب ليست استثناء من تلك القاعدة؛ فعندما بدأت طبول تلك احلرب تُقرع ،كان ذلك
إيذا ًنا بأن جدوى هذا النوع اجلديد من احلروب من املنظور األمريكى مربرة ،وأن االقتصاد والسياسة ىف الواليات
املتحدة األمريكية يمكنهام حتملها واستيعاهبا بقدر ٍ
عال من املرونة .وبعدما انترشت هذه احلرب عىل نطاق جغراىف
واسع ىف العراق ،وأفغانستان ،وباكستان ،والح ًقا سوريا ،واستمرت ملا يناهز عقدين من الزمان؛ ها هى الواليات
املتحدة تقرر االنسحاب من أهم معاقل اإلرهاب من املنظور األمريكى ،أفغانستان؛ فهل ذلك يعنى أن عرص احلروب
األمريكية املمتدة قد و ّىل وذهب لغري رجعة؟!
ورغم مركزية السؤال السابق ىف حتليل السياق العاملى للحرب عىل اإلرهاب ،لكنه هيمل جان ًبا فائق األمهية ىف ذات
السياق العاملى ،فتكاليف احلرب عىل اإلرهاب ال تدفعها الواليات املتحدة وحدها ،وال ينوء بحملها االقتصاد
األمريكى دون غريه؛ بل إن هناك دالئل كثرية عىل قدرة الواليات املتحدة عىل نقل عبء هذه احلروب خارج أراضيها
ألطراف غري أمريكية .زد عىل ذلك -ونراه أكثر أمهية مما سبق -أن هلذه احلرب تكاليفها الباهظة ىف الدول التى دارت
رحاها عىل أرضها؛ ىف أفغانستان والعراق وباكستان وسوريا .ولكل ذلك ،من األمهية بمكان إعداد كشف حساب
56
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
خمترص للحرب األمريكية عىل اإلرهاب؛ ال من املنظور األمريكى وحده ،بل من منظور شامل ألطراف هذه احلرب
خارج احلدود األمريكية.
ً
أول :إطار حتليىل حلساب تكاليف احلروب والرصاعات املسلحة
املحاوالت العملية لرصد تكاليف احلروب والرصاعات املسلحة غالبا ما يكون هلا هدف رئيسى وأهداف ثانوية.
اهلدف الرئيسى هو وسيلة مهمة لتوفري بدائل وآليات منضبطة للضغط عىل أطراف الرصاع إلهناء حالة احلرب ،جتن ًبا
لتفاقم هذه التكاليف بام يفوق قدرهتم عىل التحمل .أما األهداف الثانوية ،فإهنا عديدة ومتنوعة؛ وختتلف حسب منظور
ُمعدّ ى كشوف حساب هذه التكاليف .وىف حالتنا ،فإن اهلدف من إعداد كشف حساب ُمترص للحرب األمريكية
عىل اإلرهاب هو الوقوف عىل التكاليف اإلمجالية للحرب ،وكيف أهنا ال تقترص عىل البنود االقتصادية فحسب ،بل
متتد لتشمل العديد من مناحى احلياة ىف دول الرصاع ،باإلضافة إىل هدف آخر هو التدليل عىل أن الواليات املتحدة مل
تتحمل وحدها عبء هذه احلرب ،وأهنا متلك آليات اقتصادية لنقل هذا العبء خارج اقتصادها .كام أننا نحاول هنا،
منظورا غري أمريكى لتكلفة احلرب األمريكية عىل اإلرهاب.
ً عرب إعداد هذا الكشف املخترص ،أن نقدم
من املستقر عليه أن الدول املتحاربة متول ُجل اإلنفاق عىل احلرب من موازناهتا العامة؛ فاألنشطة العسكرية االعتيادية
تستحوذ عىل حصة مهمة من اإلنفاق العام السنوى ىف معظم املوازنات العامة .وىف فرتات احلروب ،قد تلجأ بعض
الدول لالقرتاض املحىل بإصدار سندات عىل اخلزانة ،أو تتوسع رضيبيا لتمويل خمصصات احلروب .غري أن تكاليف
احلروب ليست مالية فقط؛ فالتكاليف املالية ما هى إال جزء من التكاليف املبارشة للحرب؛ فباإلضافة للتكاليف
املبارشة ،يوجد للحرب تكاليف غري مبارشة عديدة .ونحن نعتقد أن التكاليف االجتامعية والتكاليف البيئية،
والتكاليف البرشية تدخل كلها حتت مظلة التكاليف املبارشة .ىف حني ُتثل تكاليف الفرصة االقتصادية البديلة ً
وجها
واضحا من أوجه التكاليف غري املبارشة للحروب .وما ُيمنا هنا ،ونحن نعدد تكاليف احلروب ،أن نسلط الضوء ً
عىل األنواع القابلة للقياس الكمى من هذه التكاليف ،ودون أن هنمل ما ال يمكن قياسه كم ًيا.
ويقودنا احلديث حول التكاليف القابلة للقياس للحروب أن نتأمل ىف منهجية حساب هذا النوع من التكاليف،
خصوصا ىف احلالة املاثلة أمامنا وهي احلرب األمريكية عىل اإلرهاب؛ فبينام يستمر هذا النوع من احلروب لسنوات ً
ُمتدة ،فإنه ال جيوز إغفال أثر التضخم النقدى عىل حساب التكاليف املالية للحروب .كام ،ولنفس العامل الزمنى،
نظرا الرتفاع تكاليف الفرصة البديلة ،وا ُملعرب عنها فيام تفقده الدول املتحاربة من موارد
ترتفع التكاليف غري املبارشةً ،
اقتصادية وبرشية واجتامعية وبيئية .فقد كان من الطبيعى أن تدخل هذه املوارد ضمن حمركات النمو ىف هذه الدول
جراء احلرب .ومع تعدد وتنوع تكاليف احلروب ،فمن املنطقى أن تصبح مهمة الوصول لكشف حساب لوال فقداهنا ّ
دقيق عن أى حرب ،ناهيك عن احلرب التى يكون العدو فيها غري واضح املعامل وال تُقيده حدود ،مهمة شاقة ،وحتيط
هبا صعوبات إحصائية شديدة ،فأغلب البيانات الالزمة لبناء كشف احلساب إما غري منشورة أو غري ُمكتملة األركان
اإلحصائية .وللتغلب عىل هذا القيد الرئيسى ،سنعزز منهجنا البحثى باستخدام بعض املؤرشات الكفيلة ،proxy
والتى يرسدها األداء االقتصاد الكىل ،باإلضافة للمؤرشات الدولية عن املؤرشات االقتصادية واملراكز السياسية
نكون نظرة إمجالية عن احلرب األمريكية عىل اإلرهاب. للدول املتحاربة .وكتمهيد لذلك ،من املناسب أن ّ
57
المشهد في أرقام
املشهد
5.1% 7.2% 12.9 3.1% 0.6% 4.7% 2.2% - 0.4% 2.2% 2.9% 16.4% 2.4% 1.6% 1.6% 2.8% معدل التضخم
* بيانات هذا الجدول ورادة في مؤشرات التنمية الدولية للبنك الدولي على االنترنت في الرابط التالي:
databank.worldbank.org/data/reports
وكام هو واضح يف اجلدول السابق الذى يستند إىل جانب من بيانات البنك الدويل ،فإن اقتصادات العراق وأفغانستان
وباكستان عانت من ويالت احلرب عىل اإلرهاب .وقد أخذنا يف االعتبار عند إعداد اجلدول أخذ عينة من سنوات
احلرب بني 2001وحتى ،2018وذلك تفاديا للوقوع يف خطأ حساب آثار جائحة كوفيد 19عىل األداء االقتصادي
يف الدول املعنية يف العام .2020ومن األرقام يظهر تفاقم ظاهرة البطالة بني صفوف العاملة يف هذه الدول .وتراجع
نسبة نمو الناتج املحىل اإلمجايل يف العراق وأفغانستان وخاصة منذ عام .2014
58
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
ويمكن أن ُيضاف إىل هذا اإلنفاق األمريكى تكاليف التسليح ىف الدول التى دارت عىل أراضيها احلرب .هذا من
جانب ،ومن جانب آخر هناك التكاليف السياسية واالجتامعية والبيئية ُمتعددة اجلوانب واملؤرشات ،والتى سنحاول
مناقشتها ىف السطور التالية:
-1اإلنفاق عىل احلرب
وف ًقا لبيانات معهد واتسون للشئون الدولية والعامة حول تكاليف احلرب األمريكية عىل اإلرهاب فقد أنفقت
الواليات املتحدة ،منذ أواخر عام 2001وحتى عام 2020نحو 6.4تريليون دوالر .ويمكن تقسيم هذا املبلغ إىل
فضل عن تريليون دوالر كحد أدنى اللتزامات الواليات املتحدة لرعايةاعتامدات مقدرة ب 5.4تريليون دوالر ً
قدامى املحاربني يف هذه احلروب خالل العقود القادمة ،كام بوضح اجلدول رقم (.)2
كام ارتفعت امليزانية األساسية لوزارة الدفاع بسبب حروب ما بعد 11سبتمرب بنحو 803مليار دوالر .وأنفقت
الواليات املتحدة 1054مليار دوالر عىل األمن الداخيل للوقاية من اإلرهاب واالستجابة له ،وهي احلصة األكرب
أيضا قرابة نصف تريليونضمن اإلنفاق املرتبط باحلرب يف ميزانية وزارة الدفاع األمريكية .وخصصت واشنطن ً
دوالر ملا خيص الرعاية الطبية ملصايب احلروب .كام يمكن مالحظة االنحياز الكبري يف ختصيص اعتامدات عمليات
الطوارئ اخلارجية إىل وزارة الدفاع التي حصلت عىل قرابة تريليوين دوالر مقابل 131مليار دوالر لوزارة اخلارجية
والوكالة األمريكية للتنمية الدولية.
جدول رقم ()2
ملخص اإلنفاق األمريكي (العام) المتعلق بالحرب على اإلرهاب في مختلف دول العالم ،من السنة المالية 2001
-إلى السنة المالية 2020مقربًا إلى أقرب مليار دوالر
59
المشهد في أرقام
املشهد
وبناء عىل بيانات اجلدول رقم ( )3يتضح أن عدد القتىل من اجليش األمريكى ىف أفغانستان حتى أبريل 2021قد بلغ
2442فض ً
ال عن 3846من املوظفني األمريكيني العاملني ىف املقاوالت والبناء .أما عدد القتىل من اجليش األمريكى
()1
ىف العراق حتى مايو 2021قد بلغ 4487شخص.
أيضا ،تشري التقارير الدولية إىل أن ما يرتاوح بني 184382و 207156مدنيا ُقتلوا بسبب أعامل عنفوىف العراق ً
مبارشة مرتبطة باحلرب ،تسببت فيها الواليات املتحدة األمريكية وحلفاؤها واجليش والرشطة العراقية وامليليشيات
املسلحة منذ وقت الغزو ىف عام 2003عام وحتى أكتوبر .2019
كام أنه يمكن إضافة قضية التزايد الكبري ىف أعداد الالجئني والنازحني كأحد أوجه التكاليف االجتامعية التى عانت
منها الدول األربع :أفغانستان ،وباكستان ،والعراق ،وسوريا ،كام هو موضح ىف جدول رقم (.)4
60
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
النسبة المئوية
الالجئون وطالبو البيان
إجمالى العائدين من سكان ما قبل اإلجمالى الكلي النازحون
اللجوء الدولة
الحرب
7496684 %26 5301953 3218827 2083126 أفغانستان بعد 2001
4153046 %3 3724396 3363753 360643 باكستان بعد 2001
6482433 %37 9212175 6963138 2249037 العراق بعد 2003
1534200 %37 7147292 5004988 2142304 سوريا بعد 2014
Source: David Vine, and others, Creating Refugees: Displacement Caused by the United States’ Post-9/11
Wars, September 21, 2020,coasts of war, Watson Institute for International and public Affairs.
(*)
رابعا :حساب تكاليف الظل
نظرا ُ
لشح البيانات والتقارير الدولية عن تكاليف الدمار وإعادة اإلعامر ىف املناطق اجلغرافية للحرب األمريكية عىل ً
ُ
اإلرهاب ،فإنه يمكن حساب تكاليف الظل أو التكاليف املعدلة هلذه احلرب ،وإجراء تقدير ُمقرتح هلا ،من خالل
أخذ املعايري التالية ضمن كشف احلساب:
-1معايري حساب التكاليف
أ -أى حرب هلا أثر مبارش عىل العمران ىف الدول التى جيرى عىل أرضها الرصاع .وىف حالة احلرب عىل اإلرهاب،
فإن هذا األثر املبارش يتمثل ىف هتدم املنشآت ،والبنية التحتية لالقتصاد ،وباقى مكونات رأس املال االجتامعى ،حيث
يتعرض االقتصاد الوطنى هلزة عنيفة جراء التفجري والتدمري املستمر.
ب -وإذا افرتضنا ألغراض اإلحصاء أن التكاليف املنظورة للدمار الناجم بفعل احلرب تتساوى مع تكاليف إعادة
اإلعامر والبناء؛ فبالنظر لبنود تكاليف إعادة اإلعامر من واقع احلسابات األمريكية ،ناهزت هذه التكاليف 143مليار
وتأسيسا عىل هذا االفرتاض ،فيمكن اعتبار أن تكاليف الدمار تصل
ً دوالر ىف أفغانستان وحدها كام سبقت اإلشارة.
لنفس املبلغ تقري ًبا؛ أى حواىل 143مليار دوالر أمريكى.
ج -جدير بالذكر أن الدول التى شهدت احلرب األمريكية عىل اإلرهاب تنخفض فيها-بصورة نسبية -تكاليف
نظرا لوعورة اجلغرافيا والتضاريس ىف مناطق الرصاع ىف جنوب أفغانستان وشامل باكستان. الدمار وإعادة اإلعامر؛ ً
ريا ىف مناطق الرصاع ىف سوريا والعراق ،وقد تتضاعف هذه التكاليف أكثر من مرة. غري أن هذه التكاليف تعلو كث ً
ولذلك ،فتكاليف الدمار الذى حل بسوريا والعراق ال يمكن ُمناظرته بالتكاليف املقدرة إلعادة اإلعامر هناك.
د -يتعني َخصم العوائد املبارشة املرتبطة باحلرب األمريكية عىل اإلرهاب ،وا ُملتمثلة ىف املساعدات األمريكية ُالتدفقة
للدول التى جترى احلرب عىل أرضها( .)2وقد بلغت ُجلة املساعدات األمريكية املخصصة ألفغانستان خالل الفرتة
( )2018-2001نحو 32.3مليار دوالر .كام بلغت هذه املساعدات ىف حالة العراق نحو 43مليار دوالر خالل
* تكاليف الظل( :سعر الظل) هو قيمة نقدية تحدد للتكاليف غير المعروفة أو التى يصعب حسابها حاليًا.
61
المشهد في أرقام
املشهد
الفرتة ( .)2018-2003وبمقارنة املساعدات األمريكية املتدفقة لدول احلرب عىل اإلرهاب بالتكاليف املقدرة
اخلمس .ويعنى ذلك أن هذه املساعدات ال يمكنها أن تعوض للدمار واهلدم وإعادة اإلعامر ،سنجد أهنا تدور حول ُ
خصوصا إذا أضفنا للتكاليف االقتصادية التكاليف االجتامعية والبيئية والسياسية.
ً بأى حال اخلسائر الباهظة للحرب،
-2كشف حساب مقرتح للحرب
إزاء هذه املعايري ،يمكن تلخيص بنود كشف احلساب ا ُملقرتح لتكلفة احلرب األمريكية عىل اإلرهاب كام يىل:
أ -الواليات املتحدة األمريكية
ىف الواليات املتحدة األمريكية ،تتنوع التكاليف حسب املنظور املستخدم .ويمكن تقسيمها إىل العنارص الفرعية التالية:
( )1القيمة املقدرة للتكاليف االقتصادية التى حتملتها للحرب عىل اإلرهاب ،وقد بلغت نحو ٦٫٤تريليون دوالر،
خالل عقدين من الزمان.
( )2عىل صعيد التكاليف واألعباء السياسية ،فإن تكلفة احلرب عىل اإلرهاب ،والح ًقا تكاليف االنسحاب من
ضغوطا سياسية عىل األحزاب األمريكية ،وخصمت بالتاىل من أرصدهتا لدى الناخب األمريكى، ً أفغانستان ،مارست
نظرا لدور العديد من وسائل اإلعالم ىف تضخيم الفاتورة التى حتملها دافع الرضيبة األمريكى جراء احلرب األمريكية ً
فيام وراء البحار .كام حتملت السياسة اخلارجية األمريكية فاتورة تكاليف سياسية إضافية حلرهبا عىل اإلرهاب بفعل
الدعاية ا ُملضادة هلا ،وبفعل ُمناوأة الصني وروسيا للوجود األمريكى ىف مناطق النفوذ التقليدى هلام.
( )3أما عىل صعيد التكاليف االجتامعية ،فناهيك عن الضحايا من مواطنيها املدنيني ،فإن هتديد املصالح األمريكية
الذى تسببت فيه هذه احلرب رفع من تكاليف التأمني للبعثات الدبلوماسية ،وزاد من املخاطر التى يتعرض هلا مواطنو
الواليات املتحدة ىف مناطق وأقاليم احلرب.
ب -أفغانستان
بالنظر ىف فاتورة التكاليف التى حتملتها أفغانستان ىف احلرب األمريكية عىل اإلرهاب ،فإنه يمكن تلخيصها هى
األخرى للعنارص التالية:
( )1من خالل واقع االقتصاد األفغانى ،قدرنا تكلفة الدمار بنحو 143مليار دوالر .ونتيجة للتدهور الشديد ىف
املؤرشات االقتصادية الكلية كمعدالت البطالة والتضخم والعجز االقتصادى اخلارجى ،فقد انعكس كل ذلك عىل
تردى نصيب الفرد األفغانى من الناتج املحىل اإلمجاىل وتراجعه ملا دون 508دوالرات أمريكى ىف عام 2020بعدما
وصل 637دوالر ىف عام .2013كام بلغت نسبة القابعني حتت خط الفقر أكرب من نصف الشعب األفغانى ىف عام
( 2016آخر عام له بيانات منشورة ىف البنك الدوىل).
( )2عىل جانب التكاليف السياسية ،فإن عودة أفغانستان لنفس النقطة التى كانت عليها ىف عام ،2001واستمرار
حالة الترشذم والتحارب ،أفقدهتا فرصة االستقرار السياسى .كام أن الوصول هلذه النقطة ،أفقد املنظومة السياسية
القائمة رشعية دولية رضورية وفق قواعد اللعبة احلالية ىف السياسة الدولية.
ونظرا لضخامة عدد الضحايا من املدنيني األفغان ،فإنه ال يمكن تقدير أو قياس تكاليف
ً ( )3عىل الصعيد االجتامعى،
62
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
وقوع الضحايا؛ إذ إن حياة فرد واحد ال تقدر بثمن ،وذلك ُيمثل داللة إضافية عىل ضخامة التكاليف االجتامعية التى
دفعتها أفغانستان خالل سنني احلرب.
( )4بالنظر ىف التكاليف البيئية للحرب األمريكية عىل اإلرهاب ،فإن متلك االقتصاد األفغانى للعديد من املوارد
ريا من تكاليف هذه احلرب ،إما الستنزاف هذه املوارد وهدرها وتبديدهاالطبيعية النادرة وشديدة الندرة ،رفع كث ً
بثمن بخس ،أو الستخدام هذه العوائد املحدودة ىف متويل تكاليف احلرب.
ج -باكستان
وبالتأمل ىف فاتورة احلرب األمريكية عىل باكستان ،فإنه يمكن تلخيصها ىف املؤرشات التالية:
( )1بينام يتمتع االقتصاد الباكستانى ببعض من عوامل القوة ىف جماالت الصناعة والتصدير ،فقد زاد ذلك من مرونة
حتمله لتكاليف احلرب ،وقلل -ولو نسبيا -من الفاتورة التى حتملها .وكام سبقت اإلشارة ،فإن تكاليف الدمار ىف
الطبيعة اجلغرافية ىف شامل باكستان حمدودة.
( )2عىل املستوى السياسى ،يمكن القول إن احلرب األمريكية عىل اإلرهاب أفادت باكستان عىل صعيد سياستها
اخلارجية ،ومكنتها من املناورة ىف إقليمها اجلغراىف املأزوم سياس ًيا.
( )3التكاليف االجتامعية متثل أبرز أنواع التكاليف التى عانت منها باكستان جراء تلك احلرب ،خصوصا أن باكستان
جاءت تالية ألفغانستان ىف عدد الضحايا املدنيني بفعل هذه احلرب.
د -العراق وسوريا
أما عن وضع العراق وسوريا ىف كشف احلساب املخترص للحرب األمريكية عىل اإلرهاب؛ فهو ال خيتلف كثريا عن
الوضع األفغانى ىف ضخامة ما حتمله من فواتري هلذه احلرب ،كام توضحه النقاط التالية:
( )1عىل الصعيد االقتصادى ،تراجعت العديد من مؤرشات األداء االقتصادى العراقى والسورى خالل سنوات
احلرب ،إذ تراجع متوسط نصيب الفرد من الناتج املحىل اإلمجاىل من حواىل 6آالف دوالر تقري ًبا ىف عام ،2011
ليصل لنحو 4.1ألف دوالر ىف عام 2020ىف العراق (.)3
( )2تعد التكاليف السياسية هى األشد رضاوة ىف حالة العراق وسوريا ،حيث إن فقدان مساحة شاسعة من أراىض
العراق وسوريا بفعل تنظيم «داعش» ىف العقد املاىض ساهم ىف تراجع مؤرشات االستقرار السياسى الداخىل فيهام،
وتسبب ذلك ىف مزيد من الضعف والتبعية ىف عالقتهام السياسية اخلارجية .كل ذلك مرده لدوران آلة احلرب األمريكية
عىل اإلرهاب ىف أراىض العراق وسوريا .كام أن احلرب األمريكية عىل اإلرهاب ،باإلضافة لغياب االستقرار السياسى
السورى ،والنزوح واهلجرة اخلارجية ،قلل من فرص االستثامر واإلنتاج والتصدير ىف االقتصاد السورى ،رغم متتعه
بقدرات ملحوظة ىف هذه األنشطة ىف مرحلة ما قبل احلرب األمريكية عىل اإلرهاب.
ً
ففضل ( )3وما صح بالنسبة للتكاليف االجتامعية ىف أفغانستان وباكستان ،يصح أيضا ىف حالتى العراق وسوريا؛
عن ارتفاع ضحايا احلرب األمريكية عىل العراق ىف العقدين املاضيني ،فقد زادت هذه احلرب من ويالت الفقر بني
صفوف الشعبني العراقى والسورى ،وتراجعت مؤرشات االستقرار االجتامعى فيهام.
63
المشهد في أرقام
املشهد
( )4فيام خيص التكاليف البيئية ،وبالنظر إىل ضخامة االحتياطيات النفطية لدى العراق ،ونتيجة لتنوع املوارد الطبيعية
السورية ،فإنه من نتائج احلرب األمريكية عىل اإلرهاب أن استنزاف جزء مهم من هذه املوارد الطبيعية ،أحدث
وتدهورا ىف أرصدة املوارد الطبيعية ىف مناطق هذه احلرب ىف كل من سوريا والعراق.
ً ً
اختالل بيئ ًيا
ورغم ما يؤكده كشف احلساب السابق من ضخامة نصيب الواليات املتحدة األمريكية من تكاليف وأعباء هذه
احلرب ،فإهنا -ىف املقابل -متلك آليات لنقل وتوزيع هذا العبء خارج اقتصادها .هذا إمجال ترشحه السطور التالية.
خامسا :توزيع أعباء احلرب وآليات نقل العبء خارج االقتصاد األمريكى
ً
من ا ُملستقر عليه أن لالقتصاد األمريكى ىف النظام العاملى ما ليس لغريه؛ فعملته املحلية تُعا َمل كام لو أهنا عملة العامل ىف
املبادالت واالحتياط واملضاربة .وسوقه املاىل املحىل يشكل العمود الفقرى هلذا السوق عىل صعيده العاملى ،وتتمتع
األوراق املالية األمريكية بقبول عاملى واسع نابع من الثقة ىف األداء االقتصادى األمريكى .أما باقى الدول ،أطراف
احلرب األمريكية عىل اإلرهاب ،فال تبلغ ىف جمموعها جزء بسيط مما يملك االقتصاد األمريكى عامل ًيا .والنتيجة
املنطقية هلذا التباين الشديد أنه ُيتاح لالقتصاد األمريكى فرص عديدة لتحمل عبء حربه عىل اإلرهاب عن طريق
نقل هذا العبء خارج أراضيه بالعديد من الوسائل املالية والنقدية.
وأوىل هذه الوسائل حيدث عندما تلجأ اخلزانة األمريكية إلصدار سندات دولية ،حيث متثل هذه السندات املصدر
األساسى لتمويل حرهبا ضد اإلرهاب ،ما يعنى أن حائزى تلك السندات من غري املقيمني بالواليات املتحدة
-خصوصا من بلدان العامل الثالث -هم من يدفعون فعليا تكاليف هذه احلرب .ثم يعاد ترحيل هذه التكاليف عرب
إصدارات جديدة لتلك السندات .يؤكد ذلك ما توقعه تقرير للمجلة الدولية «فوربس» من أن تستمر الواليات
املتحدة ىف حتمل تكاليف احلرب ىف أفغانستان لفرتة طويلة بعد اكتامل عملية االنسحاب العسكرى التى أقرها الرئيس
بايدن ،فقد مولت واشنطن احلرب األفغانية بأموال ُمقرتضة .ويقدر باحثو جامعة براون أنه تم بالفعل دفع أكثر من
500مليار دوالر من الفوائد املدرجة ىف املبلغ اإلمجاىل البالغ 2.26تريليون دوالر .كام يتوقع هؤالء أنه بحلول عام
2050يمكن أن تصل تكلفة الفائدة عىل ديون احلرب األفغانية وحدها إىل 6.5تريليون دوالر ،أى ما ُيعادل مبلغ
20ألف دوالر لكل مواطن أمريكى(.)4
أما ثانى هذه الوسائل ،وأكثرها أمهية وأقلها تكلفة عىل االقتصاد األمريكى ،هو الدوالر األمريكى نفسه ،إذ يلعب
هذا الدوالر دورا حاسام ىف هذه اآللية األمريكية لنقل أعباء حرهبا عىل اإلرهاب خارج اقتصادها .ذلك أن التحكم
ىف حجم السيولة الدوالرية هو قرار حرصى ملجلس االحتياطى الفيدراىل األمريكى ،لكن نتائجه عظيمة األثر عىل
االقتصاد العاملى .ومؤدى ذلك أن نمو السيولة الدولية الدوالرية ِّ
يمكن الواليات املتحدة من تدبري احتياجاهتا
(خصوصا السلع األولية) واخلدمات املختلفة الرضورية حلرهبا ضد اإلرهاب ،لكنه ال حيملها
ً اخلارجية من السلع
تكاليف اقتصادية ىف األجل القصري واملنظور.
وعندما تتوسع جغراف ًيا احلرب األمريكية عىل اإلرهاب ،وعندما تطول مدة احلرب كام حدث ىف هذه احلرب،
يزداد احتياج الواليات املتحدة للسيولة الدولية ،وتأخذ هذه السيولة ىف النمو الرسيع بفعل نمو املعروض الدوىل
من الدوالر؛ ثم تبدأ الضغوط التضخمية ىف الظهور باألسواق الدولية هلذا السبب وألسباب عديدة ال يتسع املقام
64
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
لذكرها .ومع تراجع القوة الرشائية للدوالر ،تنخفض مكاسب املضاربة ىف سندات اخلزانة األمريكية ،وتظهر اخلسائر
القدرية ىف االحتياطيات الدوالرية لدى البنود املركزية عامل ًيا .وكلام زادت قيمة الدوالر وسندات اخلزانة األمريكية
ىف هيكل االحتياطيات الدولية ىف اقتصاد ما ،وكلام زاد ميل هذا االقتصاد لالسترياد ،نمت -ىف املقابل -حصته
ىف التضخم املستورد من الواليات املتحدة ،وزاد نصيبه النسبى ىف أعباء احلرب األمريكية عىل اإلرهاب .وبطبيعة
احلال ،ختتلف حصة كل اقتصاد من هذه األعباء بحسب درجة مناعته الذاتية ىف النظام املاىل الدوىل .ومن املعلوم أن
الدول النامية ،ىف آسيا وإفريقيا وأمريكا الالتينية ،صاحبة أقل درجة ىف هذه املناعة الذاتية ُمقارنة بالدول املتقدمة.
وبالتاىل ،فعندما نجد بعض الدول املتقدمة اقتصاد ًيا تتحالف مع الواليات املتحدة ىف حرهبا عىل اإلرهاب (مثل أملانيا
وبريطانيا) ،فهى تتحمل جز ًءا من تكلفة هذه احلرب طواعية؛ أما أغلب الدول النامية ،فهى تتحمل جز ًءا من هذه
األعباء دون إرادهتا .لكن إىل أى مدى يمكن للعامل اخلارجى أن يستمر ىف حتمل نصيب من أعباء هذه احلرب؟!
كرها ،له حدود .وهذه احلدود
طوعا أو ً
إن استدامة حتمل العامل اخلارجى جلزء مهم من تكاليف احلرب األمريكيةً ،
هى التى ختصم من قدرة االقتصاد األمريكى عىل االستمرار ،فيتحمل تكاليف تلك احلرب عىل اإلرهاب .فاحلد
األول هو املدة الزمنية للحرب ،واحلد اآلخر هو فاعلية آليات نقل العبء خارج االقتصاد األمريكى .أما عن مدة
احلرب ،فتعترب احلرب األمريكية عىل اإلرهاب هى األطول ىف تاريخ الواليات املتحدة األمريكية .كام أن مقاومة
اجلبهة الصينية -الروسية من جهة ،وتفاقم مشكالت االحتاد األوروبى بفعل توسع جبهة احلرب واقرتاهبا من
حدودها ،قلال من فاعلية آليات نقل عبء هذه احلرب خارج االقتصاد األمريكى .ولذلك ،فاعتقادنا اجلازم أن
القرار األمريكى بتجميد احلرب ىف أفغانستان واالنسحاب الدراماتيكى منها ،مرده األول القصور الشديد الذى
أصاب آلية نقل عبء احلرب خارج ًيا.
خامتة
إذا كان هناك من يدعى أنه ىف احلرب -أى حرب -تُصمت القوانني ،لكن أحدً ا ال يمكنه االدعاء بأن احلروب يمكنها
أن تُصمت التكلفة .بل إننا أدركنا ىف احلرب األمريكية عىل اإلرهاب أن صوت التكاليف يعلو عىل صوت القنابل.
لذلك ،فإن مستقبل احلرب األمريكية عىل اإلرهاب بات يدور وفق القاعدة الذهبية التى ذكرناها ىف صدر هذا املقال.
تضيق جغراف ًيا حرهبا عىل اإلرهاب طاملا ضاقت إمكاناهتا وبعد إمتام انسحاهبا من أفغانستان ،ستظل الواليات املتحدة ّ
االقتصادية وزادت الفاتورة السياسية التى تتحملها لقاء هذه احلرب .أما األسباب الدولية األخرى ،اإلنسانية
واالجتامعية والبيئية ،فهى أبعد ما تكون عن تفسري احلروب األمريكية أو التنبؤ هبا ،وتلك هى القاعدة الذهبية الثانية!
65
المشهد في أرقام
املشهد
المصادر
1- Source: Jason w.Davi dson the costs of wor to United states Aklies since 911. May 12.2021
Coasts of war, Waston Institure for Internatlonal and public Affairs.
-2يالحظ أن المساعدات األمريكية القتصاد أفغانستان تبلغ نحو %0.15كنسبة من الناتج المحلى اإلجمالى األمريكى ،وتصل ذات النسبة
لنحو %0.2فى حالة االقتصاد العراقى .راجع فى ذلكJason W. Davidson, The Costs of War to United States :
.coasts of war, Watson Institute for International and public Affairs ,2021 ,12 May ,11/9 Allies Since
-3تجدر المالحظة أنه ال توجد بيانات حديثة على موقع البنك الدولى عن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى اإلجمالى فى حالة االقتصاد
السورى ،وكانت آخر البيانات المنشورة فى عام ،2007وبلغ هذا المعدل نحو 4آالف دوالر تقريبا.
-4راجع فى ذلك التقرير التالى على اإلنترنت:
https://arabic.euronews.com/2021/08/17/huge-sums-of-money-and-huge-human-losses-how-
much-did-the-war-in-afghanistan-cost-20-years
66
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
67
ملحق خاص
املشهد
آمنة فايد
باحث مساعد -مركز األهرام للدراسات السياسية واالستراتيجية.
يأيت يف هذا اجلزء من املجلة( :امللحق اخلاص) ،عرض رسيع ملعلومات حول أبرز الشخصيات والتنظيامت واهليئات ،التي غالبا
ما يأيت ذكرها يف الكتابات أو التحليالت حول مسار احلرب األمريكية عىل اإلرهاب ،سواء عىل صعيد الداخل األمريكي أو عىل
صعيد الدولتني املستهدفتني باحلرب :أفغانستان والعراق .فضال عن رشح مبسط ألهم املفاهيم ،التي صاحبت اختاذ قرار احلرب يف
الواليات املتحدة أو ظهرت خالل األحداث الالحقة يف الدول املعنية باحلرب .وقد جاء هذا العرض بمثابة دليل مفتاحى ملساعدة
القارئ لفهم أحداث احلرب ،و ُقدم مرتبا أبجديا لتسهيل الوصول إىل املعلومة.
إضافة إىل ذلك حيتوى امللحق عىل عدد من اجلداول الشارحة ألثر احلرب عىل أوضاع الدول املعنية عىل مستويات أمنية واقتصادية
وسياسية وعسكرية.
وىف هناية امللحق ،تقدم املجلة جمموعة من الصور األبرز ذات الصلة باحلرب األمريكية عىل اإلرهاب .وقد روعي ترتيبها زمنيا،
لتكون بمثابة رسد برصى خمترص ملسار حرب األعوام العرشين عىل اإلرهاب.
68
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
69
ملحق خاص
املشهد
وتنفيذ السياسات الدولية ملكافحة اإلرهاب التى تتبعها خاضعا لإلقامة اجلربية فعليا ىف باكستان ،حتى تم إطالق
الواليات املتحدة األمريكية .وعقب هجامت 11سبتمرب رساحه ىف 2018حتت ضغوط أمريكية .وتوىل برادر
عام ،2001خدم «بريمر» ىف رئاسة املجلس االستشارى املكتب السياسى للحركة ىف الدوحة ،وقاد مفاوضات
لألمن الداخىل ،ثم عينه الرئيس األمريكى «جورج بوش السالم التى أدت إىل االنسحاب األمريكى.
رئيسا لإلدارة املدنية لإلرشاف عىل
االبن» عام ً 2003 -5املال هبة اهلل ُخندزاده :زعيم حركة طالبان احلاىل ،ولد
إعادة إعامر العراق .كام تم تعيينه ىف 12مايو 2003
عام 1961ىف والية قندهار األفغانية ،وشارك ىف احلرب
مديرا لسلطة التحالف املؤقتة ىف العراق ،وهى اهليئة ً األفغانية السوفيتية إىل جانب املجاهدين األفغان.
التى ُكلفت بإدارة البالد ىف تلك املرحلة .هذا ،وقد سلم
املحاكم الرشعي َة ىف حكومة
َ وبوصفه رجل دين ،ترأس
«بريمر» السيادة إىل احلكومة العراقية املؤقتة ىف يونيو ً
مسئول عن أغلب فتاوى طالبان عام ،1996وأصبح
،2004عىل الرغم من استمرار بقاء القوات األمريكية
طالبان ،وتنفيذ «احلدود الرشعية» وحل املشاكل الدينية
ىف البالد .وكان من أكثر االنتقادات التى وجهت له،
بني أعضاء احلركة .متتع بنفوذ كبري داخل احلركة .وعينه
تلك املعنية بقرار حل اجليش العراقى.
املال منصور نائ ًبا له ىف عام ،2005ثم اختاره جملس
-8ديك تشيني :سياسى ورجل أعامل أمريكى ،شغل ريا هلا عقب اغتيال املال منصور عامشورى احلركة أم ً
منصب رئيس األركان ىف البيت األبيض ىف الفرتة من .2016
1975إىل ،1977وتم اختياره ليكون وزير الدفاع
-6أيمن الظواهري :مرصى اجلنسية من مواليد ،1951
خالل رئاسة «جورج بوش األب» وذلك ىف الفرتة
،1993 - 1989أرشف خالهلا عىل عملية «عاصفة انضم إىل اخللية األوىل لتنظيم اجلهاد املرصى ىف منتصف
الصحراء» عام .1991إال أن تشينى ترك منصبه ىف الستينيات ،وهو ىف اخلامسة عرشة من عمره .درس
عهد الرئيس «كلينتون» وأصبح املدير التنفيذى لرشكة ىف طب القاهرة وختصص ىف اجلراحة .كان من ضمن
«هاليربتون» ىف الفرتة ،2000 - 1995ثم ُاختري بعد املتهمني املقبوض عليهم ىف قضية اغتيال السادات عام
ذلك عام 2000من قبل «جورج دبليو بوش» ليكون ،1981وخرج من السجن بعد انتهاء فرتة عقوبته ىف
دورا رائدً ا ىف كواليس إدارة
نائبه ،و ُيذكر أنه لعب ً ،1984ثم غادر مبارشة من القاهرة إىل جدة ،ثم بيشاور،
«جورج دبليو بوش» للحرب العاملية عىل اإلرهاب بعد ومن هنا بدأ لقاؤه ببقية زمالئه املرصيني من تنظيم اجلهاد
أحداث احلادى عرش من سبتمرب ُ ،2001فأعيد اختياره املرصى ،وأيضا مع أسامة بن الدن وشاركوا مجيعا ىف
لفرتة ثانية كنائب للرئيس عام .2004واجلدير بالذكر القتال إىل جانب املجاهدين األفغان ضد السوفييت،
دفاعا
أنه كان من أوائل املؤيدين حلرب العراق ،وقاد ً وأنشأ مع بن الدن تنظيم القاعدة باعتباره زعيام لتنظيم
قو ًيا عن سجل اإلدارة األمريكية ىف مكافحة اإلرهاب، اجلهاد املرصى ونائبا لزعيم تنظيم القاعدة .ورغم مرضه
حيث ُوصف بأقوى نائب رئيس ىف التاريخ األمريكى. واختفائه اإلعالمى إال أنه ما زال رسميا زعيم القاعدة
بعد مقتل سلفه بن الدن.
-9رساج الدين حقاين :الزعيم احلاىل لشبكة حقانى
(أفغانستان) ،ولد ىف والية بكتيا األفغانية عام ،1973 -7بول بريمر :هو مسئول حكومى أمريكي ،عينه
وهو نجل مؤسس الشبكة ،جالل الدين حقانى. ً
متجول ملكافحة ريا
الرئيس «رونالد ريغان» سف ً
واهتم بمسئوليته عن التخطيط ملحاولة اغتيال الرئيس ً
مسئول عن تطوير اإلرهاب ىف عام ،1986حيث كان
70
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
االنتامء املذهبى من قوائم القبول بالكليات العسكرية. األفغانى حامد كرزاى عام .2008والتنسيق واملشاركة
ً
معارضا عراق ًيا شيع ًيا ىف -12نورى الدين املالكي :كان ىف هجامت ضد القوات األمريكية .وصنفته وزارة
ظل نظام «صدام حسني» ىف أواخر السبعينيات ،وهرب اخلارجية األمريكية بأنه إرهابى عاملى ىف شهر مارس
صادرا ضده ،إىل سوريا، من حكم اإلعدام ،الذى كان ،2008وأصبح رساج الدين نائ ًبا ألمري حركة طالبان
ً
ومنها انتقل إىل إيران .وبعد سقوط نظام «صدام حسني» عام ،2015وتوىل زعامة الشبكة عقب وفاة والده عام
ودخول القوات األمريكية العراق ىف ،2003عاد .2018
«املالكي» إىل العراق ،واختري كعضو ُمناوب ىف جملس -10عبد امللك دروكدال :جزائرى مواليد عام 1970
احلكم العراقى الذى أسس من قبل سلطة االئتالف ،حاصل عىل شهادة جامعية ىف العلوم التكنولوجية عام
املؤقتة برئاسة“ بول بريمر» ،كام شغل منصب نائب .1993وبعد توقف املسار االنتخابى عام ،1992إثر
رئيس املجلس الوطنى املؤقت .وقد انتخب «املالكى» تدخل اجليش ،التحق بحركة «الدولة اإلسالمية»،
أول حكومة عراقية منتخبة ىف مايو ،2006 لتشكيل وأسندت إليه مهام ُصنع ا ُملتفجرات بحكم ختصصه ُ
ُ
إال أن الدولة تعرضت ىف هذه الفرتة لسلسلة من اهلزائم العلمى ،وخربته ىف جمال امليكانيكا واملواد الكيميائية.
العسكرية عىل يد «داعش» والعشائر املحلية .وعند وىف عام ،2001تم استدعاؤه إىل إمارة «اجلامعة السلفية
دخول قوات «داعش» وسيطرهتا عىل مدينة املوصل، وعني ىف جملس أعيان اجلامعة حتى للدعوة والقتال»ُ ،
انترش شعار داخل املدينة يقول «ألف داعشى وال مالكى عام .2003وىف عام ،2004توىل دروكدال إمارة
واحد» ،ىف إشارة إىل املظلومية السنية التى تسبب فيها اجلامعة ،ل ُيعلن بعد ذلك عام 2007عن ُمبايعته لتنظيم
حكم املالكى (.)2014-2006 «القاعدة» واالنضامم إليه ،وتغيري اسم اجلامعة إىل «تنظيم
ومنذ ذلك احلني ،توىلالقاعدة ببالد املغرب اإلسالمي»ُ .
ثانيا :تنظيامت وهيئات
ً دروكدال زعامة اجلامعة ،حتى ُقتل ىف يونيو ،2020إثر
-1تنظيم الدولة اإلسالمية ىف العراق والشام “داعش”: عملية عسكرية نفذهتا القوات الفرنسية بشامل غرب
تعود جذور “داعش” إىل «مجاعة التوحيد واجلهاد» «تساليت» ىف ماىل قرب احلدود مع اجلزائر.
بزعامة «أبو مصعب الزرقاوي» الذى انضم بجامعته إىل -11مصطفى الكاظمي :ولد ىف العراق عام ،1967
تنظيم القاعدة ليشكل فرع التنظيم ىف العراق املعروف وحصل عىل شهادة البكالوريوس ىف القانون عام
باسم «قاعدة اجلهاد ىف بالد الرافدين» ىف أكتوبر 2004 .2012توىل الكاظمى منصب رئيس جهاز املخابرات
إثر الغزو األمريكى للعراق .وبعد مقتل «الزرقاوى»، ً
معارضا الوطنى العراقى عام .2016و ُيذكر أنه كان
تزعم «أبو محزة املهاجر» التنظيم ،ثم تشكل تنظيم «دولة لنظام «صدام حسني» وحزب البعث االشرتاكى،
العراق اإلسالمية» بزعامة «أبو عمر البغدادي» ،إىل أن وعاش ىف املنفى لسنوات عدة .إال أنه يشغل اآلن
نجحت القوات األمريكية ىف اغتيال «املهاجر» و»أبو منصب رئيس احلكومة العراقية منذ مايو .2020وعىل
عمر البغدادي» ،فاختار التنظيم «أبو بكر البغدادي» الرغم من انتامء الكاظمى للمذهب الشيعى إال أنه قدم
ريا له .وىف ،2013أعلن البغدادى عن تنظيم «الدولة أم ً خالل فرتة رئاسته للحكومة توجها نحو مواجهة اهلوية
اإلسالمية ىف العراق والشام» ،وهو ما رفضه الظواهرى، الطائفية التى رسختها «املحاصصة السياسية» ملصلحة
كام رفضه اجلوالنى زعيم جبهة النرصة (القاعدية) ىف استعادة اهلوية الوطنية ،وكان من أمثلة ذلك إلغاء خانة
71
ملحق خاص
املشهد
-4احلشد الشعبي :تأسس احلشد الشعبى من قوى سوريا .وبعد ذلك أعلن املتحدث باسم تنظيم «داعش»
عسكرية حتمل أجندات سياسية خمتلفة ووحدها أبو حممد العدنانى ىف تسجيل صوتى ،ىف 29يونيو
الظرف السياسى ،وتنقسم بشكل عام إىل قوى موالية ،2014عن قيام ما سامه «الدولة اإلسالمية» وخليفتها
إليران ،مثل ميليشيات «منظمة بدر ،وكتائب حزب أبو بكر البغدادى ،حتت شعار «باقية وتتمدد».
اهلل ،ىف عصائب أهل احلق» ،التى ترتبط باحلرس -2التحالف الدوىل ملحاربة تنظيم الدولة «داعش» :تم
الثورى اإليرانى ،وحصلت عىل دعم إيرانى كبري، تشكيل التحالف الدوىل ضد «داعش» ىف سبتمرب عام
أثناء احلرب عىل «داعش» ،وهى القوى صاحبة النفوذ ،2014بحيث يلتزم أعضاء التحالف الـ 83بمواجهة
األكرب داخل قوات احلشد الشعبى ،إىل جانب القوى التنظيم عىل خمتلف اجلبهات وتفكيك شبكاته وجماهبة
املوالية ملقتدى الصدر واملناهضة للنفوذ اإليرانى ،مثل طموحاته العاملية .فباإلضافة إىل املواجهة العسكرية
رسايا السالمً .
وأيضا القوى املوالية آلية اهلل السيستانى، لتنظيم «داعش» عرب محلة التحالف الدوىل وقواته
وهى املجموعات التى استجابت لفتوى السيستانى ىف سوريا والعراق .فإن من أهداف والتزامات دول
حول «اجلهاد الكفائي» ضد «داعش» ومحاية املقدسات ومنظامت التحالف ً
أيضا تدمري البنى التحتية االقتصادية
واملزارات الدينية ،وعىل رأسها فصائل العتبات واملالية للتنظيم ،ومنع تدفق املقاتلني اإلرهابيني األجانب
املقدسة التى انسحبت بعد ذلك من احلشد الشعبى عرب احلدود ،ودعم االستقرار ،واستعادة اخلدمات
ونقلت تبعيتها إىل القوات املسلحة العراقية ،حيث األساسية العامة ىف املناطق املحررة من «داعش»،
مسلحا
ً ً
فصيل يتكون احلشد الشعبى حال ًيا من نحو 67 وجماهبة الدعاية اإلعالمية للتنظيم .ويتكون التحالف
بعد انسحاب الفصائل األربعة املعروفة بحشد العتبات من 78دولة ،باإلضافة إىل منظمة اإلنرتبول ،ومنظمة
املقدسة. حلف شامل األطلسى ،واالحتاد األوروبى ،وجتمع دول
-5جملس احلكم االنتقاىل العراقي :تأسس جملس الساحل والصحراء وجامعة الدول العربية.
احلكم االنتقاىل العراقى ىف يوليو 2003بموجب قرار -3حركة طالبان :حركة من الطالب من مناطق البشتون
أصدره رئيس سلطة االئتالف املؤقتة ىف العراق ،احلاكم ىف رشق وجنوب أفغانستان الذين تلقوا تعليمهم ىف
األمريكى بول بريمر .وحددت سلطة االئتالف املؤقتة املدارس اإلسالمية التقليدية ىف باكستان .وعملت
مهام جملس احلكم بأهنا تعيني الوزراء املؤقتني ،ورسم املخابرات الباكستانية عىل دعمهم .وبرزت احلركة
السياسات العامة للبالد بالتنسيق مع سلطة االئتالف، بشكل واضح ىف قندهار األفغانية عىل يد املال حممد عمر
وحتديد املوازنة العامة للدولة ،ووضع اإلجراءات عام ،1994ىف فرتة احلرب األهلية ىف أفغانستان ،عقب
الالزمة إلنشاء دستور للعراق اجلديد .وتم حل املجلس انسحاب القوات السوفيتية ،ومتكنت حركة طالبان من
رسم ًيا ىف يوليو 2004بعد تشكيل احلكومة العراقية دخول العاصمة األفغانية كابول والسيطرة عىل احلكم عام
رئيسا
املؤقتة برئاسة إياد عالوى ،واختيار غازى مشعل ً .1996وتعتمد طالبان ىف تكوينها بشكل كبري عىل قومية
للجمهورية. «البشتون» ،باإلضافة ألعداد قليلة من قوميات الطاجيك
-6وزارة األمن الداخىل األمريكية :تأسست وزارة واألوزبك والشيشان .وهتدف احلركة إىل «تطبيق الرشيعة
األمن الداخىل ىف 25نوفمرب ،2002عقب هجامت اإلسالمية» و»إقامة احلكم اإلسالمي» .وفكر ًيا ،تأثرت
11سبتمرب .وتعترب من كربى الوزارات األمريكية من احلركة -إىل حد كبري -باملدرسة الديوبندية.
72
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
لقانون إصالح االستخبارات ومنع اإلرهاب لسنة حيث عدد املوظفني .ويقوم جملس األمن القومى بمهمة
،2004والذى تم إقراره كرد فعل عىل هجامت سبتمرب التنسيق بني الوزارة وغريها من الوزارات املرتبط عملها
وما الزمها من فشل استخباراتى ىف توقع اهلجامت. باألمن القومي .وختتص وزارة األمن الداخىل باجلوانب
ويعمل املكتب عىل مساعدة أجهزة املخابرات األمريكية األمنية الداخلية ،والشق املدنى ،ومحاية الداخل
املختلفة ،ودمج وتنسيق اجلهود املخابراتية اخلارجية األمريكى ،ومواجهة ومنع حاالت الطوارئ املحلية،
واملحلية والعسكرية واملحلية ،وتنسيق وحتليل التقارير وعىل رأسها اإلرهاب.
املخابراتية الواردة من خمتلف األجهزة األخرى ،حيث -7جلنة مكافحة اإلرهاب التابعة ملجلس األمن الدويل:
يعد رئيس املكتب بمنزلة الرئيس للمنظومة املخابراتية تشكلت جلنة مكافحة اإلرهاب ،التابعة ملجلس األمن
األمريكية بأكملها. الدوىل ىف 28سبتمرب ،2001لزيادة قدرة الدول عىل
-10شبكة حقاين :أسس شبكة حقانى جالل الدين مكافحة اإلرهاب ،وملراقبة تنفيذ قرار جملس األمن رقم
حقانى الذى شارك ىف قتال السوفييت ىف الثامنينات. ،1373الذى يلزم مجيع الدول بتجريم املساعدة ىف
وعىل الرغم من أهنا متداخلة بدرجة كبرية مع حركة األنشطة اإلرهابية ،وحرمان اإلرهابيني من الدعم املاىل،
طالبان عىل مستوى االنتامء التنظيمى ،حيث يصعب واملالذ اآلمن ،وتبادل املعلومات حول اجلامعات التى
كثريا حتديد اخلط الفاصل بينهم ،إال أن رجاهلا يمثلون ختطط هلجامت إرهابية .وتعمل اللجنة كوسيط بني الدول
القوات األكثر جهوزية للقتال ،وهذا بسبب تركزهم ىف التى متتلك قدرات وإمكانيات وخربات ىف جمال مكافحة
وزيرستان عىل احلدود الباكستانية األفغانية ،وقدرهتم اإلرهاب ،وتلك التى حتتاج إىل املساعدة ىف ذلك األمر،
عىل احلركة عرب ممرات جبلية حدودية .إال أهنا ً
أيضا وتعزيز التعاون بني الدول واملنظامت اإلقليمية والدولية ىف
حتافظ عىل قدر من االستقاللية وعقد الصفقات جمال مكافحة اإلرهاب ،وتضم اللجنة 15عضوا.
الناجحة .وتتمركز الشبكة بشكل رئيسى ىف رشق -8قسم األمن القومى ىف مكتب التحقيقات الفيدراىل
أفغانستان ،وينتمى معظم أعضائها لقومية البشتون. :NSBأنشأ مكتب التحقيقات الفيدراىل ىف الواليات
وتتهم شبكة حقانى بالوقوف وراء عدد من اهلجامت املتحدة األمريكية قسم األمن القومى ()NSB
اإلرهابية ىف أفغانستان ،ومنها حماولة اغتيال الرئيس National Security Branchىف سبتمرب 2005
األفغانى حامد كرزاى ىف ،2008باإلضافة إىل خطف استجابة لتوجيه رئاسى بدمج وجتميع املهام والقدرات
مسئولني ورعايا أجانب مقابل فدية ،وصفقات تبادل واملوارد اخلاصة بمكتب التحقيقات الفيدراىل فيام خيص
سجناء .وقد أدرجتها الواليات املتحدة عىل قوائم مكافحة اإلرهاب التجسس ،عىل أن يقوم الفرع باكتشاف
اإلرهاب ،كام تفرض عليها األمم املتحدة عقوبات. وردع وتعطيل هتديدات األمن القومى للواليات املتحدة
-11طالبان باكستان :ترجع جذور طالبان باكستان إىل ومصاحلها ،وتطوير وتنفيذ هنج اسرتاتيجى حلامية
عام ،2002حينام قام اجليش الباكستانى بفرض سيطرته مصالح األمن القومى للواليات املتحدة.
عىل منطقة القبائل من أجل وقف تنقل املسلحني عىل -9مكتب مدير االستخبارات الوطنية Office of
احلدود الباكستانية األفغانية .وقد ُأعلن رسم ًيا عن the Director of National Intelligence
تأسيس احلركة عام 2007بقيادة بيت اهلل حمسود .وقد ) :(ODNIتم إنشاء هذا املكتب كوكالة مستقلة طب ًقا
73
ملحق خاص
املشهد
العراقية» (فرع تنظيم القاعدة ىف العراق آنذاك) ،ثم درس معظم أعضاء احلركة ىف املدارس الدينية وتأثروا
انترشت فكرة تكوين الصحوات من األنبار إىل حمافظات باملدرسة الديوبندية كام هو احلال بالنسبة لطالبان
دورا ً
مهم ىف تشكيل أخرى .وقد لعبت الواليات املتحدة ً األفغانية .وتؤكد احلركة أهنا رغم اختالفها عن طالبان
تلك املجموعات ودعمها ملواجهة تنظيم القاعدة. أفغانستان تنظيم ًيا إال أن العالقات بينهام مبنية عىل
وبسبب خماوف حكومية آنذاك من تكوين جمموعات «األخوة والتعاطف» .وتسعى احلركة إىل السيطرة عىل
عسكرية عىل أسس طائفية ،قام رئيس الوزراء العراقى املناطق القبلية احلدودية الباكستانية واالستقالل هبا،
نورى املالكى بتفكيك الصحوات إلحالل اجليش كام تسعى إىل تطبيق الرشيعة وحماربة الوجود األجنبى.
بدل منها .ويشري بعض قادة الصحوات إىل أنالعراقى ً وتقوم احلركة بعمليات ضد القوات الباكستانية ،ويتزعم
فكرة الصحوات قامت عىل أساس التهدئة مع الواليات احلركة اآلن نوروىل حمسود.
املتحدة حلشد اجلهود احلركية السنية ملواجهة النفوذ -12البيشمركة :البيشمركة مقاتلون أكراد ىف شامل
اإليرانى الشيعى من جهة ،ومواجهة تنظيم القاعدة من العراق ،يرجع البعض جذورهم إىل أواخر القرن التاسع
جهة أخرى. عرش وأوائل القرن العرشين ،حيث حرس احلدود
القبليون الذين أصبحوا أكثر تنظيام بعد سقوط الدولة
ثال ًثا :املفاهيم
العثامنية إثر احلرب العاملية األوىل .وقد تزايدت هذه
-1الفوىض اخلالقة :Creative Chaosهو مصطلح القوات مع اتساع احلركة القومية الكردية ،كام زادات
ُيقصد به حالة سياسية ُمفتلعة من قبل أشخاص معينني تأثرياهتا وفعاليتها العسكرية ىف سبعينيات القرن املاىض
بعد حالة من الفوىض ا ُملتعمدة ،وبقوم هبا األشخاص منتهجة أسلوب حرب العصابات ضد قوات احلكومة
لقلب األمور ملصلحتهم ،وبدون الكشف عن أنفسهم. العراقية ،وواصلت قتاهلا ضد القوات العراقية ىف
وقد اشتهر هذا املصطلح بعد الغزو األمريكى للعراق. التسعينيات ،ثم حتولت قوات البيشمركة إىل قوة نظامية
-2رشق أوسط جديد /كبري Greater Middle بعد تشكيل حكومة إقليم كردستان ىف شامل العراق
:Eastأطلقت إدارة الرئيس األمريكى “جورج دبليو ىف بداية التسعينيات ،وأصبحت جزءا من مؤسسات
بوش” هذا املصطلح ضمن مبادرة كان قد طرحها ىف حكومة اإلقليم .وقامت الواليات املتحدة بعد الغزو
قمة جمموعة الـثامنية عام ،2004ويضم املصطلح ىف األمريكى للعراق ،بالتعاون مع البيشمركة وتدريب
إطاره كل الدول العربيةُ ،مضا ًفا إليها تركيا ،وإرسائيل، واعتربت قوات مقاتليها ،وإجراء عمليات مشرتكةُ ،
وإيران ،وأفغانستان ،وباكستان. البيشمركة حلي ًفا للقوات األمريكية ىف العراق .وتتكون
-3دول حمور الرش :Axis of evilبدأ تداول املصطلح قوات البيشمركة بشكل عام من القوات املوالية للحزب
أول مرة بعد اهلجوم العسكرى للواليات املتحدة الديمقراطى الكردستانى ( )KDPوالقوات املوالية
األمريكية عىل أفغانستان ،وذلك خالل خطاب الرئيس لالحتاد الوطنى الكردستانى ( ،)PUKويعرب مصطلح
األمريكى األسبق “جورج دبليو بوش” يوم 29يناير عام البيشمركة عن الفدائية وحتدى املوت.
“حمورا
ً ُ ،2002ماط ًبا الدول التى كانت بحسب قوله -13صحوات العراق :جتمعات سنية عشائرية عراقية
للرش وهيددون السالم العاملى” ،حيث كان ُيقصد بذلك نشأت ىف البداية عام 2006بمدينة األنبار بعد الغزو
العراق ،وإيران ،وكوريا الشاملية ،وهذا ىف إطار اهتامهم األمريكى للعراق ملواجهة «تنظيم دولة اإلسالم
74
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
بني «نرش الديمقراطية ىف اخلارج» -بام قد تتضمنه من بتسليح أنفسهم بأسلحة الدمار الشامل ،واملطالبة بنزع
دخالت عسكرية ىف الدول األخرى -وآليات وأدوات السالح من هذه البلدان.
القضاء عىل اإلرهاب ومحاية األمن القومى األمريكي. -4احلرب االستباقية :Preemptive warابتدعت
-6اإلرهاب الطائفي :رغم أن لتلك الظاهرة جذور الواليات املتحدة األمريكية مصطلح “احلرب االستباقية”
تارخيية ،إال أن املوجه الراهنة تُعد هى األكثر عن ًفا ىف بعد رضبات 11سبتمرب ،2001وذلك بعد إعالهنا عن
التاريخ املعارص .فقد بدأت تلك املوجه ُمتزامنة مع قيام حرب غري حمدودة عىل “اإلرهاب الدويل” .واملقصود
االحتالل األمريكى للعراق ىف عام ،2003وحالة من املصطلح هو التحول من الرد عىل اهلجوم الفعىل
االنحياز ملطالب الطائفة الشيعية ىف العراق ،وتنامى إىل املبادرة باهلجوم ملنع هجوم ُمتمل ،السيام ىف حال
السنة بالتهميش .فاإلرهاب الطائفى ُيمثل توجه شعور ُ اكتشفت أو تنبأت أجهزة الدولة بنوايا ُمبكرة باهلجوم
التنظيم اإلرهابى إلحداث أكرب قدر من الرضر والعنف لدى اخلصم بغض النظر عن مظاهر أو مؤرشات تلك
جتاه طائفة ُمعينة لسامهتا الدينية أو املذهبية ا ُملغايرة ،وهذا النوايا .واجلدير بالذكر أن “احلرب االستباقية” ليست
انطال ًقا من التأكيد عىل حالة «النقاء اإليامين» التى يتميز عمل مرشوع ىف القانون الدوىل العام ،فوف ًقا لنص املادة
هبا أعضاء التنظيم اإلرهابى عن غريهم. 51من ميثاق األمم املتحدة؛ الدافع املرشوع قانون ًيا هو
-7اجلهاد الكفائي :عقب اجتياح تنظيم «داعش» الذى تتبناه الدولة ىف حال وجود خطر حقيقى ،وليس
ملحافظات شامل العراق ىف 13يونيو ،2014أعلن جمرد التوقع بوجود اخلطر.
«عىل السيستاين» فتواه التى دعا فيها «كل قادر عىل محل -5نرش الديمقراطية :Democracy promotion
السالح إىل االنخراط ىف صفوف القوات األمنية بحجة ينقسم تبنى مفهوم “نرش الديمقراطية” إىل مدرستني
حماربة تنظيم «داعش» .وجاء ىف نص الفتوى عىل لسان أساسيتني :األوىل تُعرف بمدرسة املثالية الليربالية
الشيخ «عبد املهدى الكربالئي» ُمثل السيستاين« :إن ،Liberal Exemplarismوهى تدعم عملية نرش
طبيعة املخاطر ا ُملحدقة بالعراق وشعبه ىف الوقت احلارض الديمقراطية ىف اخلارج من خالل قوة النموذج األمريكى
تقتىض الدفاع عن هذا الوطن وأهله وأعراض مواطنيه، الذى تقوم بتصديره للخارج ،وتُعارض استخدام القوة
وهذا الدفاع واجب عىل املواطنني بالوجوب الكفائى، العسكرية ىف هذه العملية .أما املدرسة األخرى تُعرف
بمعنى أنه إذا تصدى له من هبم الكفاية ،بحيث يتحقق باسم النشاط الليرباىل ،Liberal Activisوعىل
الغرض ،وهو حفظ العراق وشعبه ومقدساته ،يسقط النقيض ،يرى رواد هذه املدرسة أن الواليات املتحدة
عن الباقني” .وتابع« :ومن هنا ،فإن املواطنني الذين األمريكية جيب أن تتجاوز فكرة االعتامد عىل جاذبية
دفاعا عن
يتمكنون من محل السالح ومقاتلة اإلرهابيني ً النموذج اخلاص هبا ،وتبدأ بإجراءات ُمددة لنرش
ومقدساهتم عليهم التطوع لالنخراط بلدهم وشعبهم ُ الديمقراطية ىف الدول واملجتمعات غري الليربالية،
ىف القوات األمنية» .وانطال ًقا من هذا األساس ،أعلنت وذلك مع إباحة اللجوء إىل استخدام القوة العسكرية
امليليشيات الطائفية عن وجودها الرشعى ،وعن ُمربرها إذا اقتىض األمر .واجلدير بالذكر ىف هذا الشأن أن جذور
حلشد املزيد من املقاتلني من الشعب وتشكيل ميليشيات املدرسة الثانية تعود إىل الرئيس «ودر ويلسون» ،إال أهنا
أخرى ،تنضم مجيعها حتت مظلة «احلشد الشعبي» بقيادة ريا عقب أحداث احلادى عرش من رواجا كب ً
ً اكتسبت
«فالح فياض» ،و»نور املالكي» ،وغريهم. سبتمرب ،2001حيث أحيت إدارة «بوش االبن» الربط
75
ملحق خاص
املشهد
وسائل العنف اخلارج عن اإلطار القانونى ،ومن ثم -8إعادة بناء الدولة من اخلارج :مفهوم يشري إىل إدخال
غري القادرة عىل حتقيق السالم واالستقرار لشعوهبا أو حتوالت جذرية يف بنية مؤسسات الدولة املستهدفة ،عرب
فرض السيطرة عىل أراضيها .فالدولة الفاشلة ،وف ًقا هلذه مرشوع خارجي ،كى تتمكن من أداء وظائفها األمنية
التعريفات ،هى غال ًبا ما تتميز بضعف النمو االقتصادى، والسياسية واالقتصادية واالجتامعية بكفاءة أكرب .وقد
وسوء توزيع السلع واخلدمات ،وانعدام املساواة شهدت هذه الظاهرة تطبي ًقا يف مراحل خمتلفة من تطور
االقتصادية ،مما يزيد من املنافسة العنيفة عىل املوارد .وقد النظام العاملي ،كام شهدت حاالت خمتلفة من النجاح
أصدر صندوق “السالم” ،باالشرتاك مع جملة “السياسة والفشل اعتام ًدا عيل متغريات عديدة .وقد شهد ت هذه
تطورا وصعو ًدا قو ًيا عقب أحداث سبتمرب ً الظاهرة
تقريرا سنو ًيا حول الدولً اخلارجية” منذ عام 2005
،٢٠٠١حيث ُطرح يف إطارها مفهوم «إعادة بناء الدولة
الفاشلة ،وذلك اعتام ًدا عىل جمموعة من اخلصائص
مصدرا لتهديد السلم واألمن
ً الفاشلة» باعتبارها ُتثل
لتحديد قيمة “الفشل” وترتيب الدول عىل هذا املؤرش،
الدوليني.
مثل تآكل السلطة الرشعية ،وفقدان االحتكار املرشوع
الستخدام القوة داخل أراضيها ،وعدم القدرة عىل توفري -9الدولة الفاشلة (اهلشة) :Failed/Fragile State
اخلدمات العامة ،أو التفاعل مع الدول األخرى كعضو انترش مصطلح “الدولة الفاشلة” ىف األدبيات السياسية
منذ أوائل التسعينيات من القرن العرشين .حيث بدأ
كامل العضوية ىف املجتمع الدوىل.
البحث ىف ماهية الدولة الفاشلة وحمدداهتا وتبعاهتا .وقد
-10ا ُملحاصصة الطائفية :هى عملية قائمة عىل ظهر اجتاهني أساسيني لصياغة مفهوم “الدولة الفاشلة”،
فكرة “اهلوية الطائفية” ،حيث يتم تعزيز أو االعرتاف حيث عرفها االجتاه األوىل بأهنا تلك الدول التى ال
بمجموعات عرقية ُمعينة ،بينام يتم استبعاد وهتميش دورا ككيان مستقل .بينام عرفها االجتاه
تستطيع أن تلعب ً
جمموعات عرقية أخرى .وهذه املحاصصات يتم اآلخر ،بأهنا الدول التى مل تعد قادرة عىل القيام بوظائفها
حتديدها من قبل السلطات احلاكمة ىف الدولة ،وتُدعم األساسية .هذا ىف حني وصفها آخرون بأهنا الدولة التى
من خالل الترشيعات التى تصدرها احلكومة. حتكمها ميليشيات مسلحة ،أو التى تفقد السيطرة عىل
76
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
جدول ()١
ترتيب الدول الثالث (العراق – أفغانستان – باكستان) على مؤشر اإلرهاب العالمي
جدول ()2
ترتيب الدول الثالث (العراق – أفغانستان -باكستان) على مؤشر الفساد العالمي
77
ملحق خاص
املشهد
جدول ()٣
ترتيب الدول الثالث (العراق – أفغانستان – باكستان) على مؤشر السالم العالمي
78
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
جدول ()٤
ترتيب الدول الثالث (العراق – أفغانستان -باكستان)
على مؤشر التنمية البشرية العالمي
79
ملحق خاص
املشهد
جدول ()٥
ترتيب الدول الثالث (العراق – أفغانستان -باكستان)
على مؤشر الدولة الفاشلة /الهشة العالمي
جدول ()٦
ترتيب الدول الثالث (العراق – أفغانستان -باكستان)
على مؤشر الجوع العالمي
80
جدول ()٧
التكاليف المادية والبشرية للهجمات فى أفغانستان وباكستان والعراق في الفترة ()2019 -2002
الممتلكات اإلصابات القتلى الحوادث
العراق باكستان أفغانستان العراق باكستان أفغانستان العراق باكستان أفغانستان العراق باكستان أفغانستان العام
1 13 7 4 322 212 10 102 54 6 43 30 2002
33 10 33 1393 181 139 356 119 113 71 29 74 2003
2004
126 34 29 5192 274 343 2840 138 315 482 69 131 2005
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
106 56 52 8092 643 851 4404 280 627 762 149 247 2006
221 79 51 12681 2121 1041 6371 1238 1063 963 214 304 2007
195 162 88 6432 1801 1262 2695 1070 1009 1037 512 368 2008
415 311 197 9377 3541 1584 2567 1478 1063 1122 657 498 2009
81
673 344 196 6883 2892 1567 2057 1539 977 1158 684 531 2010
الممتلكات اإلصابات القتلى الحوادث
العراق باكستان أفغانستان العراق باكستان أفغانستان العراق باكستان أفغانستان العراق باكستان أفغانستان العام
82
664 460 143 4953 2412 1923 1810 1456 1401 1227 922 377 2011
املشهد
525 687 381 6636 3701 3904 2407 1862 2743 1265 1428 1041 2012
808 706 451 14952 5077 3716 6390 2357 3122 2506 1952 1151 2013
1280 704 554 15130 2829 4700 10737 1764 4507 3373 1828 1597 2014
521 314 525 11904 1338 6278 7012 1088 5314 2422 1015 1716 2015
537 171 308 13317 1729 5057 9783 957 4597 2969 739 1344 2016
299 183 254 4086 1830 5015 4271 852 4653 1956 576 1168 2017
1034 439 1204 1723 1016 6514 1054 537 7379 1131 366 1443 2018
167 86 318 1029 654 6221 564 300 5725 495 279 1422 2019
ملحق خاص
جدول ()٨
صادرات الواليات المتحدة من السالح سنويًا وحسب الوجهة الجغرافية
بالمليون دوالر
اإلجمالي إلى جميع دول العالم إلى أفغانستان إلى العراق العام
7571 2000
5589 2001
4891 2002
5664 2003
83
ملحق خاص
املشهد
جدول ()٨
واردات أفغانستان من السالح حسب النوع بالمليون دوالر
مركبات
اإلجمالي صواريخ محركات مدفعية طائرات العام
مصفحة
2000
2001
2003
2004
84
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
جدول ()٩
واردات العراق من السالح حسب النوع بالمليون دوالر
أنظمة
أجهزة مركبات
اإلجمالي سفن صواريخ محركات مدفعية الدفاع طائرات العام
استشعار مصفحة
الجوي
2000
2001
2002
2003
9103 368 131 1071 134 133 3333 533 3401 اإلجمالي
85
ملحق خاص
املشهد
لقاء جمع الرئيس األمريكى رونالد ريجان مع قيادات الحرب األفغانية ضد القوات السوفيتية فى
عام 1983داخل البيت األبيض .فى اللقاء وصفهم ريجان بـ «المقابل األخالقى لآلباء المؤسسين
للواليات المتحدة» .من داخل بيئة المقاتلين األفغان المدعومين ماليا ودوليا من قبل واشنطن خرج
منها تنظيم القاعدة وحركة طالبان !
86
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
87
ملحق خاص
املشهد
كولن باول وزير خارجية الواليات المتحدة في عهد بوش االبن ،ورئيس األركان في حرب عاصفة الصحراء في عهد
بوش األب ،وهو يلقى كلمة بالده في األمم المتحدة في فبراير ،2002استخدم فيها وسائل العرض الحديثة وزعم
خاللها أن الواليات المتحدة لديها أدلة أكيدة حول وجود أسلحة دمار شامل لدى العراق .ودافع عن قرار حكومته
بشن الحرب على العراق.
كولن باول فى مقابلة تليفزيونية فى سبتمبر 2015يعترف أن معلومات امتالك العراق ألسلحة الدمار الشامل كانت
كاذبة ،مدعيا أنه كان خطأ أجهزة االستخبارات األمريكية .وفى تصريحات الحقة اعترف بأن حرب العراق كانت قرارا
خاطئا لوث سمعته !
88
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
مظاهرات واسعة فى شوارع بريطانيا اعتراضا على قرار رئيس الوزراء البريطانى تونى بلير
المشاركة فى الحرب على العراق فى .2003
89
ملحق خاص
املشهد
اسقاط تمثال الرئيس العراقى األسبق بعد الغزو االمريكى للعراق فى 2003إيذانا بسقوط نظام
صدام وحكومته وحل المؤسسات األمنية والعسكرية والسياسية في العراق.
90
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
91
ملحق خاص
املشهد
92
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
93
ملحق خاص
املشهد
تعلق المواطنين األفغان الراغبين فى الهروب من كابول عقب سيطرة طالبان بطائرات اإلجالء
األمريكية مما تسبب فى سقوط قتلى من بينهم.
94
العدد الثاني -سبتمبر ٢٠٢١ -
95
املشهد
لدراسة التطرف واإلرهاب
Website: https://acpss.ahram.org.eg/