You are on page 1of 2

‫‪n‬‬

‫ساعة واحدة‪·  ‬‬


‫الشهود يا مسلمون في الطالق وليس في الزواج‪! ،‬‬
‫؛؛؛‬
‫؛؛؛‪ /‬بقلم ‪ /‬علي أبو الخير‬
‫؛؛؛‬
‫نكتب عن قضية من أخطر القضايا التي تمس العالقات الشخصية اإلسالمية‪ ،‬وهي قضية الطالق‪،‬‬
‫والذي اعتبره النبي الكريم أبغض الحالل عند هللا‪ ،‬وقد> وضع هللا قيوداً على الطالق تمنع إرادة‬
‫الرجل|الزوج مستقلة في الطالق‪ ،‬ولكن المسلمين ساروا على عكس الطريق> منذ فجر تاريخهم‪ ،‬هللا‬
‫جعل سورة مستقلة للطالق‪ ،‬ولم يجعل للزواج سورة مستقلة‪ ،‬ألن الزواج يجمع والطالق يفرق‪ ،‬لم‬
‫يطلب هللا الشهود في أي آية قرآنية في الزواج‪ ،‬ولكنه طلبها وأمر بها في الطالق‪ ،‬ولقد استقر األمر‬
‫في تاريخ المسلمين على ضرورة الشهود في الزواج‪ ،‬وعلى عدم أهمية الشهود في الطالق‪ ،‬وكم‬
‫حدثت مآسي تدمى لها القلوب عندما يتفرق شمل األسرة‪ ،‬عندما يقول الزوج لزوجه "أنت طالق‬
‫ثالث مرات متفرقة"‪ ،‬وال يجد لدى شيوخ الدين أي حل لعودة الزوجة إلى زوجها‪ ،‬فشاع التالعب‬
‫بالمحلل‪ ،‬وهو التيس‪ ،‬أو الزوج المستعار‪ ،‬كما قيل عنه‪ ،‬رجل يدخل بامرأة لتعود لزوجها‪ ،‬وهللا لم‬
‫يأمر بالمحلل أبداً‪ ،‬ولكنه وضع قيوداً على الطالق تجعله عسيراً إن لم يكن مستحيالً‪ ،‬وإذا حدث‬
‫الطالق العسير ثالث مرات يكون الطالق نهائياً‪ ،‬على أية حال هذا ليس موضوعنا‪،‬‬
‫ولكن موضوعنا> هو ما حدث من تالعب ديني في األمور الشخصية‪ ،‬التي منعت الشهود> في الطالق‬
‫وقررت وجوبه في الزواج‪ ،‬لم يأت في القرآن الكريم أي آية تدل على وجوب الشهود في الزواج‪،‬‬
‫فإعالن الزواج يُعتبر> اإلشهاد الشائع على أن فالنا ً تزوج فالنة‪ ،‬وعندما وضع الفقهاء شروط> الزواج‬
‫اعتبروا> الشاهدين من ضمن ضرورات> الزواج‪ ،‬بل اكتفوا بشاهدين دون إشهار وهو الزواج السري‪،‬‬
‫الذي تطور> للزواج العرفي والمسيار‪ ،‬فضالً> عن زواج المتعة المؤقت عند الشيعة‪ ،‬وهي كلها كما‬
‫نرى أنواع من الزواج الباطل رغم وجود الشاهدين‪ ،‬استند الفقهاء على أحاديث تؤكد ضرورة الشهود‬
‫في الزواج‪ ،‬قال الشيخ سيد سابق> في كتابه "فقه السنة ‪ ":‬ذهب جمهور العلماء إلى أن الزواج ال ينعقد‬
‫إال ببيّنة‪ ,‬وال ينعقد حتى يكون الشهود> حضوراً حالة العقد‪ ،‬ولو حصل إعالن عنه بوسيلة أخرى"‬
‫وإذا شهد الشهود> وأوصاهم> المتعاقدان بكتمان العقد وعدم إذاعته كان العقد صحيحاً‪ ،‬واستدلوا> على‬
‫أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬ ‫صحته على حديث رواه الدارقطني> عن أم المؤمنين عائشة ّ‬
‫"ال نكاح إال بولي وشاهدي عدل"‪ ،‬وقال الترمذي ‪" :‬والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب‬
‫النب ّي صلى هللا عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين وغيرهم‪ ,‬قالوا‪( :‬ال نكاح إاّل بشهود) لم يختلف في‬
‫ذلك من مضى منهم إاّل قوم من المتأخرين من أهل العلم"‪ ،‬هذا ملخص كل ما قيل عن الشهود> في‬
‫الزواج‪ ،‬ولكن ُوجدت آراء لم تشيع ولم يأخذ بها المسلمون‪ ،‬قال ابن المنذر النيسابوري في تفسيره ‪:‬‬
‫"ال يثبت في الشاهدين في النكاح خبر"‪ ،‬وقال يزيد بن هارون كما جاء في كتاب "سير أعالم النبالء‬
‫للذهبي" ‪" :‬أمر هللا تعالى باإلشهاد> في البيع دون النكاح‪ ,‬فاشترط أصحاب الرأي الشهادة للنكاح‪ ,‬ولم‬
‫يشترطوها> للبيع"‪ ،‬فاإلشهار يكفي في الزواج‪ ،‬والشهود يكفون في البيع والعقود‪ ،‬ولكن كل ذلك حسن‬
‫طالما أن الزواج فيه إشهار ووجود شاهدين ال يؤثم فيه أحد‪ ،‬وهي من ضمن زيادة اإلحتياط‪ ،‬ولكن‬
‫شاهدين فقط دون إشهار يكون سريا ً يصل به لدرجة البطالن‪.‬‬
‫ولو أن وجود> الشاهدين وصل للطالق لكان األمر حسناً‪ ،‬ولكن ما حدث هو أن أسقط فقهاء األمة‬
‫شرط الشاهدين العدلين في الطالق‪ ،‬أي أنهم ألزموا أنفسهم بما لم يطلب منهم القرآن‪ ،‬وتركوا القرآن‬
‫مهجورا في الطالق‪ ،‬رغم أن اآلية ‪ 2‬في سورة الطالق تأمر"فإذا> بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف>‬
‫أو فارقوهن بمعروف> واشهدوا> ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة هلل ذلكم يوعظ به من كان يؤمن باهلل‬
‫واليوم األخر ومن يتق هللا يجعل له مخرجا"‪ ،‬ودام الحال على ما هو عليه حتى اليوم‪ ،‬رغم وجود‬
‫علماء مستنيرين قالوا بما يتفق مع القرآن‪ ،‬فقال الشيخ محمد أبو زهرة كتاب "األحوال الشخصية"‬
‫على قوله تعالى‪":‬وأشهدوا> ذوي عدل منكم"‪" :‬فهذا األمر بالشهادة جاء بعد ذكر إنشاء الطالق وجواز>‬
‫الرجعة‪ ،‬فكان المناسب أن يكون رجعا ً إليه‪ ،‬وإن تعليل اإلشهاد بأنه يوعظ به من كان يؤمن باهلل‬
‫واليوم اآلخر يرشح ذلك ويقويه‪ ،‬ألن حضور> الشهود العدول ال يخلو من موعظة حسنة يزجونها إلى‬
‫الزوجين‪ ،‬فيكون لهما مخرج من الطالق الذي هو أبغض الحالل إلى هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬وأنه لو كان‬
‫لنا أن نختار للمعمول به في مصر الخترنا> هذا الرأي فيشترط> لوقوع الطالق حضور> شاهدين عدلين‬
‫ليمكنهما مراجعة الزوجين فيضيقا الدائرة ولكيال يكون الزوج فريسة لهواه ولكي يمكن إثباته في‬
‫المستقبل فال تجري فيه المشاحة وينكره المطلق إن لم يكن له دين والمرأة على علم به وال تستطيع>‬
‫إثباته فتكون في حرج شديد"‪ ،‬وقال الشيخ محمد الغزالي في كتابه " قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة‬
‫والوافدة" " "وأستطيع أن أضم إلى ذلك رفض الطالق الذي ليس عليه إشهاد‪ ،‬فالشاهدان البد منهما‬
‫لقبول العقد والرجعة والطالق على سواء وخير لنا نحن المسلمين أن تقتبس من تراثنا> ما يصون‬
‫مجتمعنا ويحميه من نزوات األفراد‪ >.‬أما الزهد في هذا التراث كله فهو الذي فتح الطريق لمحاوالت‬
‫تنصير قوانين األسرة"‪ ،‬وكم زهدت األمة في تراثها القرآني الحقيقي‪ ،‬فضاعت وأضاعت‪ ،‬واعتلى‬
‫غير العالمين المابر‪ ،‬وأفتوا في الطالق وغيره فأضلونا السبيل حتى اليوم‪ ...‬يرحمكم هللا‪!!! ،‬‬
‫‪...‬‬

You might also like