You are on page 1of 10

‫السنة الثالثة ليسانس حضارة إسالمية‬ ‫مقياس حاضر العالم اإلسالمي‬

‫واقع العالم اإلسالمي االقتصادي‬ ‫المحاضرة الثامنة‪:‬‬

‫قام اإلسالم في حل جميع مسائل الحياة على الفطرة ‪ ،‬فلم يهمل جانبا من جوانبه ا وال تجاه ل حقيق ة من حقائقه ا ‪ ،‬ف أقر‬
‫في المسائل االقتصادية للحياة اإلنسانية جميع األصول الفطرية ال تي ق ام عليه ا ص رح إقتص ادي إنس اني ث ابت ال تحت اج إلى‬
‫تعديل فضمن حماية حياة اإلنسان كل إنسان بنظام من التآخي يمقت الطفيلية والنهب في إط ار من األفك ار والثقاف ة المس توحاة‬
‫من صميم العقيدة اإلس المية ال تي تع د العم ل اإلقتص ادي حفظ ا للحي اة (‪ ، )1‬وللن وع اإلنس اني ‪ .‬فق ام اإلقتص اد اإلس المي على‬
‫أصول منها ‪:‬‬

‫‪ -‬إن المال كله هلل والبشر مستخلفون فيه ‪.‬‬

‫‪ -‬وجوب تأمين الضروريات لكل فرد من مأكل وملبس ومسكن ‪.‬‬

‫‪ -‬تحريم أكل أموال الناس بالباطل في أي صورة من الصور كالرشوة والسرقة والغبن ‪.‬‬

‫‪ -‬تحريم الربا وأحل اإلسالم محله القرض الحسن ‪ .‬واعتبر المرابي عدوا محاربا هلل ورسوله ألنه يستغل حاجة اآلخرين‬
‫فيتحكم فيهم ويزرع بذور الحقد بين الناس (‪. )2‬‬

‫‪ -‬تحريم االحتكار والجشع واالستغالل والمكوس ‪.‬‬

‫‪ -‬النهي عن أن يكون المال دولة بين األغنياء ‪ ،‬فحارب الطبقية من أي نوع ‪ ،‬ورمى إلى إقامة عدالة اجتماعية تخل و من‬
‫الحقد والظلم ‪ .‬فهو ال يسعى إلفقار الغني بل يأخذ بيد الفقير ويرتف ع ب ه إلى مس توى الئ ق من العيش ومن هن ا يس ود المجتم ع‬
‫الحب والتآلف بين الغني والفقير ال الصراع والحقد (‪. )3‬‬

‫‪ -‬الحث على اإلنفاق ووجوبه إذا اقتضت الضرورة ‪.‬‬

‫كما قرر اإلس الم الحج ر على الس فهاء ال ذين يب ذرون أم والهم في الوج وه غ ير المش روعة ‪ .‬فعلى اإلنس ان أن يحس ن‬
‫الخالفة في المال ‪.‬‬

‫‪ -‬كما قرر اإلرث والوصية لتفتيت الثروة وعدم تجميعها في أيدي أناس معدودين (‪. )4‬‬

‫‪ -‬ولم يفصل اإلسالم الحياة االقتصادية عن الحياة الدينية والخلقية التي ش رعها للن اس ‪ ،‬ف إن اإلنس ان حل ق لعب ادة هللا ‪،‬‬
‫وإن ما في األرض من ثمرات خلق ليكون معون ة ل ه على تل ك العب ادة ‪ ،‬فالمس لم ينظ ر إلى ك ل ش يء حول ه من خالل ش غله‬
‫برسالته ‪ ،‬فاهلل مورد حياته ‪ ،‬ومصدر خيره وعونه ‪ ،‬والناس إخوته يعنيهم من أمر رسالتهم مثل ما يعنيه ‪ ،‬ويتنافسون فيه ا فال‬
‫يزيدهم التنافس إال فرحا وتعاونا وألفة ومحبة ‪ .‬والمال إلى جانب ذلك ذلك فضله ليس هدفا وال غاية ‪ .‬وال مجال له في نفوسهم‬
‫المشغولة بغرضها إال مجال الضرورة ‪ . . .‬وفي هذا يقول اإلمام ابن تيمية ‪ " :‬إن األصل أن هللا تعالى إنم ا خل ق الم ال إعان ة‬

‫انظر مالك بن نبي – مفكرا إصالحيا ص ‪. 235‬‬ ‫‪)(1‬‬

‫انظر‪ -‬أبو األعلى المودودي – الربا ص ‪. 45 – 40‬‬ ‫‪)(2‬‬

‫كما في األفكار االشتراكية – فكرة صراع الطبقات – التي تولد الحقد الدائم بين الناس ‪.‬‬ ‫‪)(3‬‬

‫وهذا يخالف اإلرث الرأسمالي ( والوصية ) الذي يركز الثروة في أيدي عدد محدود من الناس ‪.‬‬ ‫‪)(4‬‬

‫‪1‬‬
‫السنة الثالثة ليسانس حضارة إسالمية‬ ‫مقياس حاضر العالم اإلسالمي‬

‫على عبادته ألنه إنما خلق الخلق لعبادته " (‪ ، )5‬ولذلك فحياة المسلم وحدة كاملة متوازنة ‪ ،‬فحسم اإلسالم الشر بحذافيره واجتث‬
‫نوابت الفساد من أصولها في نفسية المسلم ‪.‬‬

‫‪ -‬وحث اإلسالم على السعي في طلب الرزق وأباح الملكية الفردية وبين الحالل والحرام – والفردية أحد عناصر التقويم‬
‫الروحي الذي أريد لنفس اإلنسان ليكون لكل فرد إحساسه الذاتي بالتكليف الذي ألقي على عموم الناس بعمارة األرض ولتك ون‬
‫مسئوليته الخاصة عن ذلك التكليف ‪ .‬وحظر على المسلم الخبائث فحرم الخمر وأنواع المسكرات والمخدرات وسائر المنكرات‬
‫والفواحش ولم يقتصر على تحريمها فقط بل حرم كذلك ص ناعتها وإع دادها واإلتج ار به ا بيع ا وش راء ‪ . . .‬ولم يع د اإلس الم‬
‫البغاء مهنة وال الرقص حرفة وال الغناء من وسائل الكسب ‪ ،‬والم ال ال ذي ي أتي من ه ذه الس بل ال يع د م اال حالال ب ل جمي ع‬
‫المكاسب ال تي ت در ال ربح على بعض الن اس وتض ر ب اآلخرين أو ب المجتمع البش ري كالرش وة والس رقة والميس ر وص نوف‬
‫المقامرة وجميع المعامالت التي يخالطه ا الغبن والغش – يراه ا اإلس الم ج رائم يع اقب عليه ا ‪ .‬وه و يح رم احتك ار الحب وب‬
‫واألغذية واألمتعة التي تعد من حاجيات الناس ويمنع حبسها طمعا في ارتفاع األشعار فيفضي ذلك إلى األزم ات والض نك في‬
‫المع ايش ‪ ،‬كم ا ح رم ط رق الكس ب ال تي تفض ي إلى ال نزاع والتخاص م ‪ ،‬أو ال تي يتعل ق ال ربح والخس ارة فيه ا ب الحظوظ‬
‫المجهولة ‪ ،‬وليس للسعي فيها نصيب ‪ ،‬أو ال تكون بين المتب ايعين به ا أو المتعاق دين عليه ا ح دود معلوم ة أو حق وق واض حة‬
‫مرسومة ‪ .‬وبذلك لم يدع اإلسالم الملكية الفردية ح رة طليق ة (‪ ، )6‬ب ل قي دها بض وابط غاي ة في اإلحك ام ‪ ،‬وجعله ا توج ه لخ ير‬
‫البشرية ‪.‬‬

‫ولم يبين اإلس الم بع د ذل ك أس لوب الخط ط االقتص ادية ‪ ،‬وض مان تحقي ق ه ذه األص ول ‪ ،‬وكيفي ة التعام ل المب اح بين‬
‫المؤسس ات العام ة والخاص ة ‪ ،‬واش راف الدول ة أو س يطرتها على االنت اج وم ا أش به ذل ك ‪ .‬فهي موكول ة إلى اجته اد ذوي‬
‫اإلختصاص من األمة في حدود تلك األصول التي ال تتغير بتغير الزمان والمكان ‪ ،‬فقد ترك اإلسالم كما ه و ش أنه في ك ل م ا‬
‫يعرض له من األمور البشرية – للفكر اإلنساني وللجهود البشرية أن تبتكر في كل عصر ما يلزمها لتحقيق مصالحها ‪.‬‬

‫والمال الذي يمتلكه المسلم يتصرف فيه صاحبه بطرق ثالث ‪:‬‬

‫‪ -‬فإما أن يستهلكه في مرافق الحالل ال في الشهوات والسرف في ال ترف ‪ ،‬فق د اش ترط اإلس الم اإلعت دال والتوس ط في‬
‫المعيشة ولم يحل بين اإلنسان وبين أن يعيش عيشة طيبة معتدلة ‪ .‬قال تعالى ‪:‬‬

‫سو ًرا ) (‪. )7‬‬ ‫س ْط َها ُك َّل ا ْلبَ ْ‬


‫س ِط فَتَ ْق ُع َد َملُو ًما َّم ْح ُ‬ ‫( َوالَ ت َْج َع ْل يَدَكَ َم ْغلُولَةً إِلَى ُعنُقِ َك َوالَ تَ ْب ُ‬

‫وقال جل وعال في صفات المؤمنين ‪َ ( :‬والَّ ِذينَ إِ َذا أَنفَقُوا لَ ْم يُ ْ‬


‫س ِرفُوا َولَ ْم يَ ْقتُ ُروا َو َكانَ بَيْنَ َذلِكَ قَ َوا ًما ) (‪. )8‬‬

‫‪ -‬وإما أن يستعمله في تجارة أو صناعة تعود عليه بالربح الحالل ‪.‬‬

‫‪ -‬وإما أن يدخره – واإلسالم يكره كنز األموال وإدخ ار الغ ني م ا ال يحت اج إلي ه في نفقات ه ‪ ،‬ومن أراد أن ي دخر فعلي ه‬
‫الزكاة ‪ % 2،5‬سنويا ليوزع على األصناف الثمانية الذين ذكرهم هللا سبحانه وتعالى في اآلية ‪:‬‬

‫يل هّللا ِ َوا ْب ِن‬ ‫ب َوا ْل َغ‪FF‬ا ِر ِمينَ َوفِي َ‬


‫س ‪F‬ب ِ ِ‬ ‫ين َوا ْل َع‪F‬ا ِملِينَ َعلَ ْي َه‪FF‬ا َوا ْل ُمؤَ لَّفَ‪ِ F‬ة قُلُ‪F‬وبُ ُه ْم َوفِي ِّ‬
‫الرقَ‪F‬ا ِ‬ ‫ص َدقَاتُ لِ ْلفُقَ َراء َوا ْل َم َ‬
‫س‪F‬ا ِك ِ‬ ‫( إِنَّ َما ال َّ‬
‫يضةً ِّمنَ هّللا ِ ) ‪ .‬وهذا حق وليس منة ‪ .‬قال تعالى ‪:‬‬ ‫(‪)9‬‬
‫سبِي ِل فَ ِر َ‬
‫ال َّ‬

‫السياسة الشرعية ص ‪ / 40‬وانظر الثروة في ظل اإلسالم – البهي الخولي ص ‪ 72‬فما بعد ‪.‬‬ ‫‪)(5‬‬

‫انظر الثروة في ظل اإلسالم – البهي الخولي – ص ‪. 79 – 77‬‬ ‫‪)(6‬‬

‫سورة اإلسراء اآلية ‪. 29‬‬ ‫‪)(7‬‬

‫سورة الفرقان اآلية ‪. 67‬‬ ‫‪)(8‬‬

‫سورة التوبة اآلية ‪. 60‬‬ ‫‪)(9‬‬

‫‪2‬‬
‫السنة الثالثة ليسانس حضارة إسالمية‬ ‫مقياس حاضر العالم اإلسالمي‬

‫سائِ ِل َوا ْل َم ْح ُر ِ‬
‫وم ) (‪. )10‬‬ ‫( َوالَّ ِذينَ فِي أَ ْم َوالِ ِه ْ‪F‬م َح ٌّ‬
‫ق َّم ْعلُو ٌم ‪ ،‬لِّل َّ‬

‫بمعنى آخر نرى اإلسالم يبعد كل البعد عن النظام الرأسمالي الفردي الذي يعطي حرية العمل والكسب بأي وسيلة كانت‬
‫‪ .‬والحرية المطلقة في التصرف بالمال ‪ .‬وبعيد جدا عن النظام الشيوعي واإلشتراكي الذي يجعل الفرد سنا في دوالب ال أهمية‬
‫ل ه وال اعتب ار ‪ ،‬ويلغي ملكيت ه الفردي ة ‪ .‬إذا يض ع اإلس الم تص ورا اقتص اديا يق وم على أس اس الكس ب المش روع واإلنف اق‬
‫المشروع ‪ ،‬ويوجه طرق الكسب وطرق اإلنفاق لما فيه صالح الجميع ‪ ،‬ويكون دور القائمين على شئون االقتصاد دور الج امع‬
‫الموزع ال المحتكرين الذين يقتصرون في اإلنفاق على شهواتهم الخاصة ‪.‬‬

‫وفي عهد جمود المسلمين تختلف نظامهم اإلقتصادي كتخلفهم في جميع المجاالت فكان الفقر والمرض واألمي ة والجه ل‬
‫متفشيا ‪ ،‬والتواكل باسم القناعة منتشرا ولكن بقيت فكرة التكافل االجتماعي في المجتمع اإلسالمي فكان الفقر والقناعة وااليث ار‬
‫كل ذلك يجتمع في المجتمع اإلسالمي المتخلف ‪ .‬ولم تنل المص الح العام ة ش يئا من اإلنف اق ‪ ،‬ومن ذل ك اهم ال العناي ة ب الري‬
‫والزراعة ‪ ،‬فكثرت الفيضانات ‪ ،‬وأهملت الطرق وش ئون األمن ‪ ،‬فاس تغل العي ارون واللص وص الفرص ة وش اركوا في نهب‬
‫المحالت التجارية والبيوت وقام األعراب بغارات على الريف ونهبوا المحاصيل ‪ ،‬وتربصوا بقوافل الحجاج والتجارة ‪ ،‬فعانى‬
‫المسلمون فقدان األمن والجوع وانتشرت األوبئة ‪ ،‬وخاصة بعد أن تغيرت طرق التجارة عن بالد اإلسالم بعد حرك ة الكش وف‬
‫الجغرافية األوربية ‪.‬‬

‫وفي ظل هذا األوضاع المتخلفة تمكن االستعمار الغربي أن يبسط سلطانه على بالد اإلسالم ‪ ،‬ففرض نظامه اإلقتصادي‬
‫مع فلس فته ونظريات ه اإلقتص ادية ‪ ،‬ح تى لم تع د أب واب ال رزق لتفتح إال لمن يخت ار مب اديء ه ذا النظ ام اإلقتص ادي ‪ ،‬فأك ل‬
‫المسلمون السحت أوال ‪ ،‬ثم محا من أذهانهم ما كان من تمييز بين الحالل والحرام ‪ ،‬وبلغ األمر أن ه لم يع د كث ير من المس لمين‬
‫يس لمون بتع اليم اإلس الم ح تى ح رم فيه ا كث يرا من الط رق المش روعة أحله ا نظ ام الغ رب الص ليبي االقتص ادي أو النظ ام‬
‫االشتراكي الشيوعي ‪ ،‬واختلط مفهوم النظام االقتصادي بعملية التنمية ‪ .‬وأص بح االتج اه الع ام يتج ه إلى التنمي ة ‪ ،‬دون األخ ذ‬
‫بالنظام االقتصادي في اإلسالم ‪.‬‬

‫ومن أهم اآلثار االقتصادية التي خلفها االستعمار في الع الم اإلس المي في الن واحي االقتص ادية وت ركت بص ماتها على‬
‫الواقع االقتصادي المعاصر ‪:‬‬

‫‪ -1‬وجه االستعمار م وارد البالد اإلس المية إلى مص الحه الخاص ة ‪ ،‬فش جع رؤوس األم وال األجنبي ة على غ زو البالد‬
‫واستثمار خيراتها ‪ ،‬وأصبحت معظم الش ركات أجنبي ة ت دار لمص الح اس تعمارية ‪ ،‬فق د أق ام المؤسس ات االقتص ادية والبن وك‬
‫لتوظيف ذهب أوربا الذي طفحت به خزائن بنوكه ا في أواخ ر الق رن التاس ع عش ر ‪ ،‬وفتح األس واق لمص نوعاتها ومنتجاته ا‬
‫وخاصة اإلستهالكية والترفيهية والكمالية ‪ ،‬فأص بح ألف راد الع الم اإلس المي ول ع خ اص باالس تهالك التف اخري ‪ ،‬ولهم ج رأة‬
‫عجيبة على االنفاق االستهالكي والتطرف فيه ‪ ،‬وهذه نقطة قاتلة إلقتصاد المسلمين ‪ .‬ثم عمد االستعمار إلى إقراض الحكومات‬
‫للسيطرة عليها وتكبيله ا ب النفوذ الغ ربي وإيق اع ذوي اليس ار في ال ديون لالس تيالء على أمالكهم وتحوي ل مختل ف األراض ي‬
‫والتجارات واألموال إلى البن وك األجنبي ة ‪ .‬ف أنتج أجي اال تفك ر في الحص ول على منتج ات الغ رب وال تفك ر كي ف تنتج ه ذه‬
‫األشياء ‪ ،‬وال تقف مع نفسها في التفكير في نتائج هذا الشيء واستعماله ‪.‬‬

‫‪ -2‬احتكر االستعمار التجارة الخارجي ة للبالد اإلس المية ومعظم التج ارة الداخلي ة ‪ ،‬وعم د إلى ت وطين األوروب يين في‬
‫البالد اإلسالمية عن طريق التج ارة كم ا فع ل في الجزائ ر والهن د وأندونيس يا وأفريقي ا وتركس تان ‪ ،‬وأوف د إلى البالد العربي ة‬
‫خاصة مئات األلوف من األوروبيين ومعظمهم من اليهود فاستوطنوا فيها وتحكموا في اقتصادها وخاص ة في أقط ار المغ رب‬
‫العربي ‪.‬‬

‫‪ -3‬اتج ه االس تعمار إلى محارب ة الص ناعة الوطني ة في الع الم اإلس المي ليض من اس تمرار تبعي ة البالد اإلس المية ل ه‬
‫إقتصاديا كما تتبعه عسكريا أو سياسيا ‪ ،‬وليض من تص ريف منتج ات مص انعه فيه ا ‪ ،‬واكتفى بتوجي ه المس لمين إلى االش تغال‬

‫سورة المعارج اآلية ‪. 25 ، 24‬‬ ‫‪)(10‬‬

‫‪3‬‬
‫السنة الثالثة ليسانس حضارة إسالمية‬ ‫مقياس حاضر العالم اإلسالمي‬

‫بالزراعة ‪ ،‬زاعما أن الصناعة تتطلب قدرة فني ة لم يص لوا إلى درجته ا بع د ‪ .‬وفي الزراع ة ش جع حاص الت معين ة واحتك ر‬
‫تجارتها مثل القطن في مصر والسودان ‪ ،‬والتمر في الع راق ‪ ،‬وزيت الزيت ون في ت ونس والمغ رب ‪ ،‬والمط اط في أندونيس يا‬
‫وماليزي ا وزيت النخي ل في نيجيري ا ‪ ،‬والعنب في الجزائ ر ‪ ،‬وعم ل على إق راض الفالح بالرب ا الف احش ‪ ،‬وجن د الم رابين‬
‫والصيارفة وأصحاب الخمارات في مختلف القرى لسلب األهالي ‪ .‬وهذا أيضا أدى إلى اعتماد البالد اإلسالمية على نمط وسلع‬
‫وخدمات السوق األوروبي واألمريكي ‪ ،‬وعدم القدرة إلى التحول عنها إلى غيرها ‪ .‬وهذا يجعله ا تش تري الس لعة ب أي س عر ‪.‬‬
‫األمر الذي استنزف الفوائض المالية اإلسالمية نتيجة إقدام الغرب متعمدا على زيادة أسعار ص ادراته ب أكثر من زي ادة أس عار‬
‫النفط ‪ ،‬والمواد األولية األخرى ‪.‬‬

‫‪ -4‬احتك ر ث روات الع الم اإلس المي المعدني ة وبخاص ة الب تروال من البالد العربي ة ونيجيري ا وأندونيس يا وأذربيج ان‬
‫وإيران ‪ ،‬والقصدير من ماليزيا وأندونيسيا ونيجيريا ‪ ،‬والحديد في الجزائر وموريتانيا ‪ ،‬والنحاس في بالد الق ازاق ‪ .‬وق د ذهب‬
‫المستعمر ولكن بقي استخراج معظم المعادن بيد الشركات االستعمارية (‪ )11‬وفائدة ذل ك تع ود للمس تعمر ‪ ،‬إذ تنق ل الفل زات إلى‬
‫بالده وتقوم صناعتها على أرضه ‪ ،‬أما البالد التي انتجته وهي بحاجة إليه واأليدي التي عملت على استخراجه تتلقف ص ناعته‬
‫وتأخذها بأسعار مرتفعة ‪ ،‬أو تتوق إليه وال تستطيع شراءه ‪.‬‬

‫‪ -5‬شجع االستعمار نظام اإلقطاع الزراعي والطبقية ‪ ،‬وحرم السواد األعظم من المسلمين أن يعيش في مس توى الئ ق ‪،‬‬
‫لذا شاع الفقر والبؤس والتخلف والمرض في عالم الخيرات الوفيرة والموارد الكثيرة ‪ ،‬فأفقر دول العالم مسلمة حالي ا – وإلي ك‬
‫بعض األرقام المذهلة ( من كتاب الحرمان والتخلف في ديار المسلمين للدكتور نبيل صبحي الطويل ) (‪. )12‬‬

‫نسبة الفقر من السكان‬ ‫نسبة الفقر من السكان‬


‫‪%‬‬ ‫أندونيسيا‬ ‫‪%‬‬ ‫نيجيريا‬
‫‪%‬‬ ‫‪%‬‬ ‫الصومال‬
‫(‪)13‬‬
‫‪%‬‬ ‫بنغالديش‬ ‫أكثر من ‪% 50‬‬
‫‪%‬‬ ‫‪%‬‬ ‫سيراليون‬

‫وتمتد‪ L‬هذه الشركات كاألخطبوط في جسد العالم اإلسالمي ‪ .‬فقد أعلنت شركة ستاندارد اويل رابع الشركات البترولية األمريكية أنها حققت‬ ‫‪)(11‬‬

‫أرباحا صافية قياسية تقدر بـ ‪ 2,18‬مليار دوالر عام ‪ 1984‬م مقابل ‪ 1,86‬مليار عام ‪ 1983‬م ‪ ( .‬الشرق األوسط ص ‪ 5‬األربعاء ‪/ 1 / 23‬‬
‫‪ 1985‬م ) ‪ .‬وسيطرت الشركات التي سميت ( األخوات السبع ) على انتاج وصناعة البترول ‪ ،‬فهي تملك امتيازات ‪ % 82‬من احتياطي‬
‫البترول في العالم المعروف ‪ ،‬وتملك ‪ % 70‬من طاقة التكرير العالمية ‪ ،‬وتسيطر على حوالي ‪ % 85‬من الطاقة العالمية الستخراج مشتقات‬
‫البترول ‪ ،‬وتملك ‪ % 50‬من طاقة الناقالت ‪ ،‬باإلضافة إلى ملكية أنابيب نقل البترول ‪ .‬وهذه الشركات هي ‪ :‬حلف أويل ‪ ،‬وبرتش أويل ‪،‬‬
‫وكونتنينتال ‪ ،‬ومارثون ‪ ،‬ورويال ديتش شل ‪ ،‬وموبيل أويل ‪ ،‬والبترول المكسيكي ‪ ،‬وأتالنتيك‪ L‬لتكرير البترول ‪ ،‬والشركة الفرنسية للبترول ‪.‬‬
‫وأخذت هذه الشركات تفقد كثيرا من سيطرتها بإنشاء منظمة أوبك ‪.‬‬
‫ص ‪[ 30‬كما في النسخة المطبوعة]‪.‬‬ ‫‪)(12‬‬

‫يقول ‪ :‬أن أكثر من نصف سكان بنغالديش‪ L‬البالغ عددهم ‪ 92‬مليونا من البشر يعيشون دون مستوى الكفاف ‪ ،‬وتنقل وكالة رويتر لألنباء‬ ‫‪)(13‬‬

‫أن عشرة بالمائة من سكان العاصمة داكا والبالغ عددهم ‪ 2,5‬مليون نسمة هم من الشحاذين الذين يسهمون بنصيب في الجريمة والدعارة وتمثل‬
‫النساء ‪ % 34‬منهم وتتراوح أعمار ‪ % 12‬منهن بين ‪ 17 – 12‬سنة ( ص ‪. ) 27‬‬

‫‪4‬‬
‫السنة الثالثة ليسانس حضارة إسالمية‬ ‫مقياس حاضر العالم اإلسالمي‬

‫‪%‬‬ ‫الفيلبين‬ ‫‪%‬‬


‫‪%‬‬ ‫‪%‬‬
‫‪%‬‬
‫هذا عدا البالد المعدومة في منطقة حزام الجفاف الشديد ‪ ،‬من الرأس األخض ر غرب ا إلى الص ومال ش رقا ‪ ،‬وهي ج زر‬
‫الرأس األخضر ‪ ،‬وغمبية ‪ ،‬ومالي ‪ ،‬وال نيجر ‪ ،‬وبوركينافاس و ‪ ،‬وتش اد ‪ ،‬وموريتاني ا ‪ ،‬وغيني ا ‪ ،‬وغيني ه بيس او ‪ ،‬ونيجيري ا ‪،‬‬
‫والصومال ‪ ،‬والسودان ‪ ،‬والحبشة ‪ ،‬وكلها دول مسلمة معدمة (‪. )14‬‬

‫وب الطبع ف إن الم رض يالزم الفق ر ‪ ،‬ويزي د الفق ر فق را وجهال وانح دارا في األخالق ‪ ،‬وتحلال من القيم ‪ ،‬ولق د أدرك‬
‫صرون هذه الحقائق منذ زمن بعيد وأتقنوا اللعبة وتفننوا في استغالل الضعف البش ري الظ اهر في كث ير من دي ار اإلس الم‬ ‫المن ّ‬
‫وحولوا عن طريقه أعدادا كبيرة عن دينهم ‪.‬‬

‫( يذكر تقرير حديث من أندونيسيا أنه خالل العقدين األخيرين أي خالل عشرين عاما فق ط – أنش أت األقلي ة النص رانية‬
‫هناك من المستشفيات ما فاق في عدده مؤسسات األغلبية الساحقة من المسلمين ‪ ،‬ح تى أن جمعي ة اإلنجي ل الثاني ة أعلنت ع ام‬
‫‪ 1976‬م عن تنصير ‪ 400,000‬شخص ‪ ،‬وتال ذلك نبأ وكال ة اليونايت د ب رس أن ‪ 3,5‬مليون ا من المس لمين ق د تنص روا خالل‬
‫ثالث سنوات ) ‪.‬‬

‫وعمدت الجمعيات األجنبية إلى استغالل هذا البؤس فتبنى الخواجا أندريه س ابيه البلجيكي ‪ 30903‬من أطف ال المس لمين‬
‫الصوماليين ‪ .‬ونشط جلب الصغار من أفريقيا إلى الغرب وتعليمهم وتدريبهم ثم عودتهم بعد سنوات إلى مواطنهم األصلية وهم‬
‫يحملون في داخلهم عالقات ذات صبغة رسمية وتعاقدية مع الغرب ليكونوا دعاة مخلصين ينشرون معلوماتهم المغلوطة وغير‬
‫الصحيحة عن اإلسالم ‪.‬‬

‫لقد خلف االستعمار التفاوت العجيب بين فئات المسلمين وحافظ عليه المسلمون وشكلت ديارهم الجزء األك بر من الع الم‬
‫الثالث في أفريقيا وآسيا – الذي يسميه الغرب خداعا الدول النامية (‪ . )15‬كتب الدكتور الطويل قائال ‪:‬‬

‫" لق د زرت وعش ت أيام ا وأش هرا في كث ير من الحواض ر الك برى في دي ار المس لمين الغ وس في نيجيري ا ودك ا في‬
‫بنغالديش ‪ ،‬ورأيت فيها جميعا التناقض المخيف بين من يملك ون الماليين ومن ال يملك ون ش روى نق ير ‪ ،‬بين ال بيوت الفخم ة‬
‫والشوارع العريضة وبين األك واخ الخش بية والط رق الض يقة ‪ ،‬بين الح دائق الغن اء في األحي اء الس كنية الراقي ة وبين أك وام‬
‫القمامة واألوساخ وتجمعات المي اه الراك دة والحف ر والحش رات والف ئران على حواش ي الحواض ر الك برى ه ذه وفي أحيائه ا‬
‫القديمة ‪ ،‬بين نظافة الثياب األنيقة للفتية في األماكن الموسرة واألجسام الممتلئة بل وربما المترهلة شحما ودهنا من التخمة ‪. . .‬‬
‫وبين األسمال والخرق البالية على األجساد الضعيفة الهزيل ة المريض ة الجائع ة – بين الفن ادق الفخم ة ذات النج وم الخمس ة ‪،‬‬

‫تتلقى هذه الدول مساعدات من هيئة األمم المتحدة وفي حين أنه في عام ‪ 1979‬م صرف على القطط والكالب األمريكية ‪ 3,2‬مليار دوالر‬ ‫‪)(14‬‬

‫‪ ،‬كانت ميزانية األمم المتحدة التي تساعد هذه األقطار ‪ 683‬مليار دوالر فقط ‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن أمريكا تقدم ‪ % 0,022‬من ناتجها القومي كمساعدات وتكون مهينة وبها الكثير من اإلذالل ‪ ،‬بينما تقدم السعودية حوالي‬
‫‪ % 5‬من ناتجها القومي ( جعفر آدم حسين – عرض كتاب العالم الثالث – نظرة من الداخل – للكاتب البريطاني بول هاريسون ) ‪ ( .‬الشرق‬
‫األوسط األربعاء ‪ 1985 / 8 / 28‬م ) ‪.‬‬
‫توجد ثالثة معايير تحدد الدول األكثر فقرا في العالم ‪ :‬األول ‪ :‬الدخل السنوي للفرد يقل عن ‪ 100‬دوالر سنويا ‪ ،‬الثاني ‪ :‬انخفاض نسبة‬ ‫‪)(15‬‬

‫المتعلمين‪ L‬أقل من ‪ % 20‬من السكان ‪ ،‬الثالث ‪ :‬انخفاض دخل االنتاج الصناعي عن ‪ % 10‬من إجمالي الناتج القومي ‪.‬‬
‫وقد بلغ عدد هذه الدول في العالم عام ‪ 1405‬هـ ‪ 1985 /‬م ستة وثالثين دولة مجموع سكانها حوالي ‪ 300‬مليون نسمة ‪ 26 .‬دولة أفريقية و‪9‬‬
‫دول في آسيا ودولة واحدة في أمريكا الالتينية‪. L‬‬
‫ومعظم هذه الدول بالد إسالمية لألسف ‪ ( .‬الشرق األوسط العد ‪ 2481‬ص ‪ 4‬الجمعة ‪ 28‬ذو الحجة ‪ 1405‬هـ ‪ 1985 / 9 / 13 /‬م ) ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫السنة الثالثة ليسانس حضارة إسالمية‬ ‫مقياس حاضر العالم اإلسالمي‬

‫وكثير منها لألجانب ‪ ،‬وبين المقعدين المعوقين من الش حاذين الفق راء ص غارا وكب ارا ‪ . . .‬على أب واب ه ذه األبني ة الرائع ة ‪.‬‬
‫يحدث كل هذا في ديار المسلمين " (‪. )16‬‬

‫وكل ذلك طبعا نتيجة لغياب النظام اإلسالمي االقتصادي وغير االقتصادي ‪.‬‬

‫‪ -6‬ربط االستعمار عمالت العالم اإلسالمي بعملته – فالبلدان التي خض عت للنف وذ االنجل يزي ‪ ،‬ربطت عملته ا بالجني ه‬
‫االسترليني ‪ ،‬والبالد التي خضعت للنفوذ الفرنسي أخضعت عملتها للفرنك الفرنس ي ‪ ،‬وارتبطت كث ير من العمالت اإلس المية‬
‫بالدوالر األمريكي حاليا ‪.‬‬

‫ولكي يحافظ االستعمار على بق اء تخل ف البالد اإلس المية وارتباطه ا ب ه أطل ق على الع الم الث الث في أفريقي ا وآس يا –‬
‫والذي يشكل في أكثره ديار المسلمين – نفاقا وخداعا ‪ ( :‬الدول النامية ) والخبث في هذا التعبير أنه يوحي بالحركة القائم ة م ع‬
‫أن واق ع ه ذه ال دول ه و العكس تمام ا ‪ ،‬ففي ه اس تنقاع إقتص ادي إن لم نق ل تراجع ا وت أخرا (‪ )17‬إذ كلم ا اش تد االرتب اط وزاد‬
‫اإلستيراد زادت التبعية ‪ ،‬وأثرت على العالقات االقتصادية بين بالد المس لمين وعلى التكام ل االقتص ادي وه ذا يمن ع من نم و‬
‫االقتصاد اإلسالمي نموا سويا مستقال ‪.‬‬

‫وترى الغرب يذيع دائما ويمأل األسماع عن المعونات الخارجية للدول النامية ومع ذلك فإنها ال تنمو بل تزداد فق را على‬
‫فقر ‪ ،‬فهو يستهدف اإلبتزاز والكسب غير المشروع تحت ستار المساعدات ‪ ،‬ولقد ع بر رئيس إح دى الش ركات األمريكي ة في‬
‫خطبة له عن سياسة االحتكارات اليهودية األمريكية واالستعمار الجديد بقوله ‪:‬‬

‫" لقد حصلنا مقابل كل دوالر أنفقناه في السنوات الخمس الماضية على مختلف األغراض خارج الواليات المتح دة على‬
‫‪ 4,67‬دوالرا أي أن كل دوالر ربح ‪ 3,67‬دوالرا ‪ ،‬أي أن نسبة الربح بلغت ‪ . " % 367‬وهي سرقة وإبتزاز وليست عملي ات‬
‫إقتصادية سليمة (‪. )18‬‬

‫ويقول ( جورج وودز ) المدير السابق للبنك ال دولي عن المعون ات االقتص ادية ‪ " :‬إذا اس تمر الح ال على ه ذا المن وال‬
‫تكون كمية رؤوس األموال الخارجة من الدول النامية أكثر من المبالغ التي دخلتها في فترة خمس ة عش ر عام ا ‪ ،‬وذل ك بس بب‬
‫الفوائد المرتفعة " (‪. )19‬‬

‫ولعل أطرف األمثلة عما تفعله المعونات الخارجية هو قصة صندوق النق د ال دولي في مص ر في اتف اق ب رامج التث بيت‬
‫اإلقتصادي ال ذي عق د م ع البن ك في جمهوري ة مص ر العربي ة للف ترة م ا بين ‪ 1978‬م – ‪ 1981‬م وك ان اله دف المعلن له ذا‬
‫البرنامج هو إخراج مصر من أزمتها االقتصادية وتقليل نس بة عج ز ميزانه ا التج اري ‪ .‬وفي الدراس ة ال تي أجراه ا ال دكتور‬
‫رمزي زكي الخبير األول في معهد التخطيط القومي المص ري ظه ر أن الص ندوق دخ ل مص ر ع ام ‪ 1978‬م وهي مدين ة ب‬
‫‪ 8000‬ملي ون دوالر ‪ . . .‬وخ رج الص ندوق إي اه منه ا ع ام ‪ 1981‬وهي مدين ة ب أكثر من ‪ 18,000‬ملي ون دوالر أي أن ك ل‬
‫مواطن مصري كان مديونا ب ‪ 422‬دوالرا للعالم (‪ )20‬والغريب أن دخل الفرد الواحد كان ال يتعدى ‪ 460‬دوالرا في السنة ‪.‬‬

‫الحرمان والتخلف في ديار المسلمين ص ‪. 43‬‬ ‫‪)(16‬‬

‫انظر المال القيم ‪ :‬العالم الثالث وقوانين التغير في التخلف المنهجي وتنمية التخلف بقلم عادل ‪ .‬م‪ .‬ع‪ .‬حسون أستاذ القانون الدولي والنظم‬ ‫‪)(17‬‬

‫السياسية – البالغ العدد‪ 781 L‬ص ‪. 63 – 56‬‬


‫السعدني – مصطفى – الفكر الصهيوني والسياسة اليهودية – مطابع األهرام التجارية ‪ .‬القاهرة ‪ 1391‬هـ ‪ 1971 /‬م ‪.‬‬ ‫‪)(18‬‬

‫كتاب المعونات األمريكية والسوفيتية لروبرت ولتزر تعريب ‪ .‬د‪ .‬صبحي الطويل – دار القلم ‪ 1972‬م ص ‪. 8‬‬ ‫‪)(19‬‬

‫الشرق األوسط عدد ‪ 21‬نوفمبر تشرين الثاني ‪ 1982‬م ص ‪. 7‬‬ ‫‪)(20‬‬

‫‪6‬‬
‫السنة الثالثة ليسانس حضارة إسالمية‬ ‫مقياس حاضر العالم اإلسالمي‬

‫وتذكر دراسة أخرى ملخصا لواقع الحياة االقتصادية في مصر تحت عنوان ‪ :‬تضاعف أعب اء ال ديون ‪ 7‬م رات في أق ل‬
‫من ‪ 6‬سنوات وزيادة العجز التجاري ‪ 40‬مرة ) (‪ . )21‬وهو ما يصلح مثال لمعظم أقطار العالم اإلسالمي ‪.‬‬

‫وبمناسبة الديون الخارجية وتراكمها في كثير من الدول المسلمة عرض الدكتور صبحي الطويل بعض األرق ام المذهل ة‬
‫التي تزايدت بصورة هائلة في العقد ( ‪ 1400 – 1390‬هـ ‪ 1980 – 1970 /‬م ) بحيث شكلت في عام ‪ 1400‬هـ ‪ 1980 /‬م‬
‫أكثر من ‪ % 50‬من إجمالي الناتج القومي ‪ .‬والديون في الغالب للدول الكبيرة أو للمؤسسات الدولية الخاضعة لها ‪ .‬في ؤثر ذل ك‬
‫في سياسات الدول الفقيرة المدينة الداخلية والخارجية ‪.‬‬

‫تراكم الديون الخارجية لبعض دول العالم اإلسالمي‬

‫النس بة المئوي ة من إجم الي الن اتج‬


‫المبلغ عام ‪ 1980‬النسبة المئوية‬ ‫المبلغ بالدوالر عام ‪1970‬‬
‫القومي‬
‫مليون دوالر‬ ‫مليون دوالر‬ ‫افغانستان‬
‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬ ‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬ ‫باكستان‬
‫(‪)22‬‬
‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬ ‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬ ‫السودان‬
‫مليون دوالر‬ ‫مليون دوالر‬ ‫اليمن الجنوبي‬
‫(‪)23‬‬
‫‪ 14940‬مليون دوالر ‪%‬‬ ‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬ ‫اندونيسيا‬
‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬ ‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬ ‫موريتانيا‬
‫(‪)24‬‬
‫مليار دوالر‬ ‫مليار دوالر ( عام ‪) 1973‬‬

‫‪ 13216‬مليون دوالر ‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬


‫‪%‬‬
‫‪ 13054‬مليون دوالر (‪%)25‬‬ ‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬
‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬ ‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬ ‫المغرب‬
‫جريدة الشرق األوسط – السابقة – رسالة مكتب القاهرة بقلم عصام رفعت عام ‪ 1982‬م ‪.‬‬ ‫‪)(21‬‬

‫بلغت ديون السودان عام ‪ 1982‬م ‪ 7800‬مليون دوالر ( النيوزويك األمريكية عدد ‪ 16‬أيار ( مايو ) ‪ 1983‬م ص ‪ . 37‬في حين بلغت‬ ‫‪)(22‬‬

‫‪ 9‬مليارات دوالر عام ‪ 1985‬م ‪ ( .‬الشرق األوسط السبت ‪ 1985 / 11 / 16‬م ص ‪ . ) 5‬وهناك ‪ 740‬مليون دوالر أقساط ديون مستحقة‬
‫حتى عام ‪ 1984‬م فقط لدول أسبانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا والدانيمارك والسويد وكندا وبريطانيا والنمسا وايطاليا وسويسرا والمانيا الغربية‬
‫والواليات المتحدة األمريكية ‪.‬‬
‫والديون كلها كانت نتاجا لقروض من الخارج لم تستغل استغالال جيدا في أشياء منتجة فمثال ‪ :‬مصنع بورتسودان للغزل الرفيع وهو مصنع‬
‫حكومي اكتمل انشاؤه عام ‪ 1980‬م ‪ ،‬ولكنه ظل معطال حتى عام ‪ 1985‬حتى حلت مشكلة إمداده بالمياه والكهرباء ‪ ،‬رغم أن هذا المصنع‬
‫قرر إنشاؤه منذ السبعينات لتصدير غزل القطن السوداني ‪ ،‬واآلن السوق محتاج لهذه الغزول في السودان على حد قول السيد محمد عبد اهلل‬
‫وزير المالية والتخطيط اإلقتصادي السوداني في خطاب الميزانية لعام ‪ 1406‬هـ ‪ ( .‬الشرق األوسط – السبت ‪ 1985 / 11 / 16‬م ‪ /‬ربيع‬
‫األول ‪ 406‬هـ ص ‪. ) 5‬‬
‫في حين كانت ديون أندونيسيا عام ‪ 1966‬م ‪ 1719,4‬مليون دوالر ( أندونيسيا العدد‪ / 741 / 19 L‬ص ‪ ) 4‬ولكنها بلغت عام ‪ 1982‬م‬ ‫‪)(23‬‬

‫‪ 25,000‬مليون دوالر ( األخبار القاهرية عدد‪ L‬كانون الثاني ( يناير ) ‪ 1983‬م ) ‪.‬‬
‫مصطفى محمد ص ‪ / 240‬وبلغت ‪ 32‬مليار عام ‪ 1987‬م ‪ /‬من محاضرة للمهندس نجم الدين أربكان في المدينة‪ L‬المنورة بتاريخ ‪/ 25‬‬ ‫‪)(24‬‬

‫‪ 1987 / 2‬م ‪.‬‬


‫وأصبحت ديون مصر عام ‪ 1982‬م ‪ 19200‬مليون دوالر حسب معلومات البنك الدولي لإلنشاء والتعمير ‪ .‬في حين بلغت عام ‪ 1988‬م‬ ‫‪)(25‬‬

‫حوالي ‪ 45‬مليار دوالر ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫السنة الثالثة ليسانس حضارة إسالمية‬ ‫مقياس حاضر العالم اإلسالمي‬

‫مليون دوالر (‪%)26‬‬ ‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬ ‫نيجيريا‬


‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬ ‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬
‫(‪)27‬‬
‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬ ‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬
‫‪ 15073‬مليون دوالر ‪%‬‬ ‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬ ‫الجزائر‬
‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬ ‫‪%‬‬ ‫مليون دوالر‬ ‫السنغال‬
‫وقد بدأت أزم ة ال ديون العالمي ة تطف و على الس احة الدولي ة من ذ ع ام ‪ 1403‬هـ ‪ 1982 /‬م حيث ب دأت ت ترك آثاره ا‬
‫الواض حة على ال دول النامي ة المدين ة نتيج ة للتموي ل المس تمر لج زء كب ير من خيراته ا إلى الع الم الص ناعي لتس ديد ال ديون‬
‫المتراكم ة عليه ا والفوائ د المس تحقة ‪ ،‬وهي طريق ة الس تنزاف خ يرات ه ذه ال دول بش كل يجعله ا مص درا للم واد األولي ة‬
‫الرخيصة ‪ ،‬وسوقا لمنتجاتها الصناعية ‪ .‬ووصل حجم هذه الديون إلى ‪ 900‬بليون دوالر (‪. )28‬‬

‫وبلغ إجمالي الديون الخارجية المتراكمة على دول جنوب الصحراء في أفريقيا ع ام ‪ 1985‬م ح والي مئ ة بلي ون دوالر‬
‫منها ‪ 60.2‬بليون للبنك الدولي ‪ .‬وتواجه معظم هذه الدول صعوبة شديدة في تسديد هذه الديون أو دفع الفوائد المستحقة عليه ا ‪،‬‬
‫كما تواجه صعوبات مماثلة في إعادة جدولة هذه الديون أو في الحصول على قروض جديدة (‪. )29‬‬

‫كما قدر إجمالي ديون الدول النامية مع نهاية عام ‪ 1985‬م ‪ 970‬بليون دوالر كما ذكرته مصادر إقتصادية في العاصمة‬
‫األمريكية (‪. )30‬‬

‫وقد طرحت أمريكا في كلمة وزيرها بيكر – وزير الخزانة – ( كم ا ق الت جري دة الت ايم ) برنامج ا لح ل مش اكل دي ون‬
‫العالم الثالث وذلك في المؤتمر المش ترك ال ذي عق ده البن ك ال دولي وص ندوق النق د ال دولي في مدين ة س يئول عاص مة كوري ا‬
‫الجنوبية – وذلك بزيادة األموال المتاحة للدول المدينة بمبلغ ‪ 29‬ألف مليون دوالر على مدى الثالثة أع وام المقبل ة من البن وك‬
‫التجارية والبنك الدولي ‪ .‬وأن يتولى البنك الدولي دورا أكثر فعالية في معالجة مشكلة الديون ‪ ،‬وأن يؤمن قروضا طويلة األجل‬
‫‪ ،‬أي تريد أمريكا زيادة قروض البنك وتوسيعها ‪ ،‬وتريد من ه التع اون م ع البن وك التجاري ة األخ رى العالمي ة لت أمين األم وال‬
‫الالزمة ‪ .‬ويعتقد بيكر أن البنك الدولي وبنك التنمية األمريكية يس تطيعان فيم ا بينهم ا أن يؤمن ا ‪ % 50‬من اإلحتياج ات لل دول‬
‫النامية (‪ . )31‬وال يخفى ما في هذا المشروع من خطة أمريكية لزيادة تبعية دول العالم الثالث ألمريكا ‪ ،‬وسيطرتها عليها ‪.‬‬

‫ولو تتبعنا حلقة الديون المفرغة للدول النامية نجد أنها تتلخص في زيادة أعباء المديونية – يؤدي إلى – االهتم ام بزي ادة‬
‫صادراتها من المواد الخام األولية – يؤدي إلى – زيادة الع رض الع المي من ه ذه الم واد ( إض افة لحال ة الرك ود اإلقتص ادي‬
‫العالمي ) – يؤدي إلى – انخفاض أسعارها العالمية – يؤدي إلى – نقص في حصيلة الصادرات من العمالت الصعبة – ي ؤدي‬
‫إلى – عدم القدرة على سداد المديونية السنوية – يؤدي إلى – إعادة جدولة هذه الديون مع تزايد األعباء نتيجة لعقوبات الفوائ د‬
‫اإلضافية الناتجة من التأخر في السداد – يؤدي إلى – االتجاه إلى مزيد من االقتراض – يؤدي إلى – زي ادة أعب اء المديوني ة ‪.‬‬
‫ويمكن ثميلها بالشكل التالي ‪:‬‬

‫الشكل‬

‫وبلغت ديون نيجيريا في نهاية عام ‪ 1984‬م ‪ 17,5‬مليار دوالر وعام ‪ 1985‬م ‪ 20‬مليار دوالر ‪ .‬وهذه الديون الخارجية ‪ .‬أما الداخلية‬ ‫‪)(26‬‬

‫فبلغت ‪ 8‬مليارات ويمتص الدين الخارجي حوالي ‪ % 45‬من مصادر الدولة النيجيرية ‪ ( .‬الشرق األوسط األربعاء ‪ 12‬ذو الحجة ‪ 1405‬هـ ‪/‬‬
‫‪ 1985 / 28‬م ص ‪. ) 5‬‬
‫وبلغت ديون سورية عام ‪ 1981‬م ‪ 3900‬مليون دوالر ‪ ( .‬جريدة الرأي ‪ 19‬فبراير ( شباط ) نقال عن وكالة السحافة الفرنسية ) ‪.‬‬ ‫‪)(27‬‬

‫الشرق األوسط – أزمة الديون العالمية – بقلم – د‪ .‬محمد سالم الصيان ‪ 30 /‬محرم ‪ 1406‬هـ ‪ 1985 / 10 / 14 /‬م ‪ .‬ص ‪. 4‬‬ ‫‪)(28‬‬

‫الشرق األوسط العدد‪ / 2545 L‬السبت ‪ 4‬ربيع األول ‪ 1406‬هـ ‪ 1985 / 11 / 16 /‬م ‪ .‬ص ‪. 5‬‬ ‫‪)(29‬‬

‫أخبار العالم اإلسالمي العدد ‪ 25 / 921‬رجب ‪ 1405‬هـ ‪ 1985 / 4 / 15 /‬م ‪.‬‬ ‫‪)(30‬‬

‫الشرق األوسط – األحد ‪ 1985 / 10 / 20‬م ص ‪. 10‬‬ ‫‪)(31‬‬

‫‪8‬‬
‫السنة الثالثة ليسانس حضارة إسالمية‬ ‫مقياس حاضر العالم اإلسالمي‬

‫وتشترك حكومات بعض ال دول النامي ة في توس يع ه ذه الحلق ة من ج راء االن دفاع غ ير المخط ط إلى س الح المديوني ة‬
‫وتقربه بقصد أو بدون قصد إلى حبل وريدها لتجهز على آمال التنمية االقتصادية التي تنش دها ول تزداد فق را على فق ر وتتس ع‬
‫تبعا لذلك الفجوة بينها وبين الدول المتقدمة ‪.‬‬
‫(‪)32‬‬
‫وقد لخص الدكتور محمد سالم سرور الصبان أستاذ االقتصاد المساعد بجامعة الملك عب د العزي ز بج دة أس باب ذل ك‬
‫في العوامل التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬ارتفاع أسعار الفائدة العالمية ‪.‬‬

‫‪ -2‬أمد الكساد االقتصادي العالمي ‪.‬‬

‫‪ -3‬تزايد الحماية الجمركية في الدول الصناعية ‪.‬‬

‫‪ -4‬تراخي أسواق المواد األولية ‪.‬‬

‫‪ -5‬شغل دول العالم الثالث في نزاعات جانبية ‪.‬‬

‫‪ -6‬هروب رؤوس األموال الوطنية ‪.‬‬

‫‪ -7‬إهمال تنمية مختلف القطاعات ‪.‬‬

‫وغاب عن بال الدكتور السبب الرئيسي وهو غياب النظام االقتصادي اإلسالمي واهتزاز الشخصية المسلمة ‪.‬‬

‫وقد قدر المصرف األلماني الغربي ( دوينستر بنك ) حاجة البلدان النامي ة ( وهي إس المية في معظمه ا ) إلى الق روض‬
‫في السنوات الخمس ( ‪ 1990 – 1985‬م ) بما يتراوح يبن ‪ 180‬إلى ‪ 240‬بليون دوالر ‪ .‬وارتفعت فوائد القروض بين ‪1978‬‬
‫و ‪ 1984‬م من ‪ 19‬بليون إلى ‪ 70‬بليون دوالر (‪. )33‬‬

‫‪ -7‬حرم االستعمار العالم اإلسالمي من إقامة شبكة مواصالت تربطها ربطا وثيقا رغم تجاورها وسهولة ربطها ليكرس‬
‫تمزيقها وتفريقها وحاجتها إليه ‪.‬‬

‫وكا ما اهتم به من مواصالت كانت لخدمة أغراضه االستعمارية من م واطن اإلنت اج إلى الم وانيء أو أم اكن التص دير‬
‫كم ا ه و الح ال في أقط ار المغ رب الع ربي – ت ونس والجزائ ر والمغ رب وموريتاني ا ‪ ،‬ونيجيري ا ‪ ،‬والس ودان ‪ ،‬ومص ر ‪،‬‬
‫والعراق ‪ ،‬وإيران ‪ ،‬والهند ‪.‬‬

‫فعجزت دول البلدان اإلسالمية في عهد استقاللها عن استيعاب معنى التخطيط واإلحاطة بمفهومه الواس ع وم ا يمكن أن‬
‫يؤدي إليه من نتائج وتشابه إنتاجها ‪ ،‬فأدى ذلك إلى تنافسها رغم ما تتمتع به هذه البلدان من تكامل اقتصادي ‪.‬‬

‫هذا الواقع االقتصادي المخزن للعالم اإلسالمي وبقاء أثر االستعمار في بالد اإلس الم أم ر ط بيعي في ظ ل غيب ة النظ ام‬
‫االقتصادي اإلسالمي ‪ ،‬وهذا التخلف الذي يعاني منه عالم اإلسالم ال يتحمل اإلسالم وزره بل ه و في الحقيق ة عقوب ة مس تحقة‬
‫من هللا على المسلمين لتخليهم عن نظام اإلسالم ال لتمسكهم به كما يزعم الزاعمون ‪.‬‬

‫الشرق األوسط ‪ 30‬محرم ‪ 1406‬هـ ‪ 1985 / 10 / 14 /‬م ‪.‬‬ ‫‪)(32‬‬

‫الشرق األوسط – السبت ‪ 1984 / 12 / 29‬م ‪ .‬ص ‪. 5‬‬ ‫‪)(33‬‬

‫‪9‬‬
‫السنة الثالثة ليسانس حضارة إسالمية‬ ‫مقياس حاضر العالم اإلسالمي‬

‫ش‪ْ F‬رتَنِي أَ ْع َمى‬


‫‪F‬و َم ا ْلقِيَا َم‪ِ F‬ة أَ ْع َمى ‪ ،‬قَ‪FF‬ا َل َر ِّب لِ َم َح َ‬ ‫شةً َ‬
‫ضن ًكا َونَ ْح ُ‬
‫ش‪ُ F‬رهُ يَ‪ْ F‬‬ ‫ض عَن ِذ ْك ِري فَإِنَّ لَهُ َم ِعي َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ( :‬و َمنْ أَ ْع َر َ‬
‫(‪)34‬‬
‫سى ) ‪.‬‬ ‫صي ًرا ‪ ،‬قَا َل َك َذلِ َك أَتَ ْت َك آيَاتُنَا فَنَ ِ‬
‫سيتَ َها َو َك َذلِ َك ا ْليَ ْو َم تُن َ‬ ‫َوقَ ْد ُكنتُ بَ ِ‬

‫ستَقَا ُموا‪َ F‬علَى الطَّ ِريقَ ِة أَل َ ْ‬


‫سقَ ْينَاهُم َّماء َغ َدقًا ) (‪. )35‬‬ ‫وقال سبحانه وتعالى ‪َ ( :‬وأَلَّ ِو ا ْ‬

‫وهكذا فقد العالم اإلسالمي مكانته وتالشت قوته وانه ارت دعائم ه ‪ ،‬وس قطت مكانت ه األولى ومش ت س كة األجن بي في‬
‫حقل ه (‪ . )36‬باس تمرار االس تعمار الفك ري والثق افي األجن بي بع د االس تقالل السياس ي إلى الي وم بمختل ف التي ارات والعقائ د‬
‫والنظريات االقتص ادية واالجتماعي ة واألخالقي ة ‪ ،‬فك انت ت أثيرا متص ال بالت أثير الس ابق أي ام االس تعمار في الق ادة والساس ة‬
‫وأص حاب ال رأي والمش رعين وفي الف رد المس لم بأس لوب التربي ة في ه ذه البالد اإلس المية ‪ ،‬فظل وا على والئهم للعلماني ة ‪،‬‬
‫وتلمسوا في تشريعاتهم القضائية واإلدارية مراجع القانون الفرنس ي واإلنجل يزي والش يوعي واإلش تراكي ‪ . . .‬إلخ ‪ ،‬فأص يبت‬
‫األمة بالهوان ولعل ذلك تصديق للنذير النبوي الذي رواه ابن عمر رضي هللا عنهما أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال ‪:‬‬

‫" يا معشر المهاجرين خمس خصال إن ابتليتم بهن ونزلن عليكم – أعوذ باهلل أن تدركوهن ‪ :‬لم تظه ر الفاحش ة في ق وم‬
‫قط حتى يعلنوا بها إال فشت فيهم األوجاع التي لم تكن في أس الفهم ‪ ،‬ولم ينقص وا المكي ال والم يزان إال أخ ذوا بالس نين وش دة‬
‫المئونة وجور السلطان ‪ ،‬ولم يمنعوا زكاة أموالهم إال منعوا القطر من السماء ولوال البه ائم لم يمط روا ‪ ،‬ولم ينقض وا عه د هللا‬
‫ورسوله إال سلط هللا عليهم عدو من غيرهم فيأخذ بعض ما في أيديهم ‪ ،‬وما لم يحكموا بكتاب هللا إال جعل بأسهم بينهم " (‪. )37‬‬

‫وهذا الحديث يلخص بالفعل واقع العالم اإلسالمي من جميع النواحي ‪.‬‬

‫فاألمراض االجتماعية التي انتشرت في المجتمع اإلسالمي والتي استقدمها من الغرب وانحرافاته ‪ ،‬والجفاف الذي يغزو‬
‫أراضي المسلمين وامتداد التصحر في أقطاره ‪ ،‬والخوف من الحكام وفقدان الثقة بين الح اكم والمحك وم والتح ديات الخارجي ة‬
‫العاتية – الصليبية والشيوعية والصهيونية والهندوسية والخالفات المس تفحلة المس تحكمة بين األقط ار اإلس المية ‪ ،‬والح روب‬
‫التي تنشب بينها والتي ال تجد من القوى الكبرى عمال يوقفها أو يحد منها ‪ ،‬بل تجد تشجيعا وتأييدا لتستمر تستنزف طاقة األمة‬
‫البشرية والمادية وتعمق االقليمية والقومية والع داء بين أط راف ال نزاع ‪ .‬ه ذا ه و واق ع األم ة اإلس المية باختص ار بين ه ه ذا‬
‫الحديث الشريف ‪ .‬فهي يعي المسملون ذاتهم ؟ (‪. )38‬‬

‫سورة طه اآليات ‪. 126 – 124‬‬ ‫‪)(34‬‬

‫سورة الجن اآلية ‪. 16‬‬ ‫‪)(35‬‬

‫من أقوال المبشر زويمر سنة ‪ 1911‬م في مؤتمر لكنو ‪ .‬وكان رئيسا للمؤتمر ‪ – .‬المبشر زويمر ومفترياته – حاضر العالم اإلسالمي –‬ ‫‪)(36‬‬

‫لألمير شكيب ص ‪. 182 – 181‬‬


‫أخرجه ابن ماجه والطبراني في الكبير ‪.‬‬ ‫‪)(37‬‬

‫انظر الباب الرابع من هذا الكتاب ‪.‬‬ ‫‪)(38‬‬

‫‪10‬‬

You might also like