You are on page 1of 25

See discussions, stats, and author profiles for this publication at: https://www.researchgate.

net/publication/334227237

‫ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﻧﺴﻘﻴﺔ ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻴﺔ‬-‫اﺑﺴﺘﻤﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻋﻠﻮم اﻹﻋﻼم واﻹﺗﺼﺎل‬-

Article · July 2019

CITATIONS READS
0 24,621

2 authors, including:

Mohammed El Nadir Abdallah Tani


Université Abdelhamid Ibn Badis Mostaganem
19 PUBLICATIONS   0 CITATIONS   

SEE PROFILE

Some of the authors of this publication are also working on these related projects:

Media epistemology View project

Interpretation Of Media Discourse View project

All content following this page was uploaded by Mohammed El Nadir Abdallah Tani on 04 July 2019.

The user has requested enhancement of the downloaded file.


‫‪37 / 147‬‬

‫�إب�ستمولوجيا علوم الإعالم واالت�صال‬


‫مقاربة ن�سقية مفاهيمية‬
‫ع���ب���د اهلل ث������اين حم���م���د ال���ن���ذي���ر‬

‫�أ����س���ت���اذ حم���ا��ض�ر‪ ،‬ق�����س��م ع��ل��وم الإع��ل�ام‬


‫واالت�������ص���ال‪ ،‬ج��ام��ع��ة م�����س��ت��غ��امن‪ ،‬اجل��زائ��ر‬

‫المل ّخ�ص‬
‫برزت الظاهرة االتصالية إلى الوجود مع بداية اإلنسان ممارسته االتصال‪ ،‬وقد تطور هذا المفهوم عبر التاريخ؛‬
‫نتيجة تطور وسائله؛ فبدأ اإلنسان يمارس االتصال عن طريق اإلشارات واإليماءات والرموز‪ ،‬ثم مر بعد ذلك إلى أن‬
‫اخترعت المطبعة التي كانت نقطة انعطاف في تحول تاريخ االتصال من االتصال التقليدي الشخصي إلى االتصال‬
‫الجماهيري؛ فالفضل يعود لهذه التقنية التي حولت المجتمع من مجتمع جمعي إلى مجتمع جماهيري‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن معالجة المسألة الفكرية والفلسفية ال تتم بصفة تجريدية عن العوامل األخرى‪ ،‬وفي هذا‬
‫اإلطار نعتقد أن أهم مدخل لطرح اإلشكال اإلبستمولوجي في علوم اإلعالم واالتصال هو ذلك الذي ينطلق من الثورة‬
‫االتصالية التي شهدتها وسائل اإلعالم واالتصال‪ ،‬ومن هنا فإننا نحاول في هذه الدراسة طرح عالقة اإلبستمولوجيا‬
‫واتجاهاتها بتكنولوجيا اإلعالم واالتصال‪ .‬والبداية تكون بمعرفة مكونات الظاهرة اإلعالمية التي تتسم بالتداخل‬
‫والتعقيد؛ ذلك أن المتمعن في المشهد اإلعالمي على مر العصور وعبر التاريخ وعلى الصعيد الدولي يالحظ أن‬
‫اإلعالم ارتبط تاريخي ًا بالثورة الصناعية وبحركة الرأسمالية التي ازدهرت في القرن التاسع عشر‪ ،‬وتطور باتجاه العالمية‬
‫واالحتكار ويتحكم فيه منطق السوق‪ ،‬ويقوم على الملكية الفردية والربح والتنافس‪.‬كما أن هذا اإلعالم مرتبط بسياق‬
‫التكنولوجيا الحديثة التي دفعت االتصال إلى مرحلة عالية من الكثافة والسرعة واالنتشار؛ األمر الذي أدى إلى تسريع‬
‫نقل الرسائل وزيادة التفاعل بين المرسل والمتلقي‪ .‬وهو كذلك مرتبط بالفكر االقتصادي لوسائل اإلعالم من تجارة‬
‫وصناعة وتمويل لهذا االتصال‪.‬‬
‫على كل حال سنعالج في هذه الدراسة موضوع إبستمولوجيا علوم اإلعالم واالتصال؛ بحيث نتطرق فيه إلى‬
‫ماهية إبستمولوجيا علوم اإلعالم واالتصال ونتناول فيه ماهية إبستمولوجيا اإلعالم‪ :‬المفاهيم وأهم فلسفات اإلعالم‪،‬‬
‫وإبستمولوجيا االتصال وأهم مفاهيم االتصال‪.‬‬
‫‪2019‬‬

‫‪67‬‬
‫‪37 / 147‬‬
‫‪-1‬إبستمولوجيا اإلعالم ( المفاهيم)‪.‬‬
‫‪-1-1‬مفهوم إبستمولوجيا اإلعالم‪.‬‬
‫‪ -1-1-1‬مفهوم اإلعالم‪.‬‬
‫اصطالح ًا‬
‫يتصل معنى اإلعالم باألخبار واألنباء واحلوادث العارضة‪ ،‬وال يتضمن في املعنى‬
‫ال باألحداث‬‫اللغوي أكثر من اإلنباء واإلظهار واإلبراز ؛ فيكون من هذه اجلهة أكثر اتصا ً‬
‫وأشد تعلق ًا بالصفة اآلنية العابرة(‪.)1‬‬
‫ملعرفة املعالم التي متيز املوضوعات ذات الثقافة والنظام املشترك تصوري‪ ،‬واخلبرة‬
‫التي تخص هوية املوضوع‪ ،‬أدلى في هذا املقام برنارد الميزات ‪ LAMIZET Bernard‬بأن ‪:‬‬
‫"اإلعالم ينشر بني مواضيع التركيبة اإلجتماعية لبناء الروابط اإلجتماعية ومعرفة اآلثار"(‪.)2‬‬
‫وليس هناك تعريف محدد ملفهوم اإلعالم بسبب اتساع مفهومه وتداخله في كثير من‬
‫مجاالت النشاط اإلنساني والعالقات اإلنسانية مبختلف أنواعها‪ ،‬ولهذا يصعب حتديد مفهوم‬
‫لفظة "اإلعالم"؛ بسبب اختالف منهاجه وتعدد أدواره‪ ،‬وتباين مذاهب الباحثني(‪.)3‬‬
‫ويستخدم اإلعالم للداللة على عمليتني في وقت واحد تكمل إحداهما األخرى؛‬
‫فهو يشير من جهة إلى عملية استقاء املعلومات واستخراجها واحلصول عليها من خالل‬
‫الوجود السريع والفوري في مكان احلدث‪ ،‬أو الغوص في أعماق صاحب املعلومة طو ً‬
‫ال‬
‫وعرض ًا الستخالص املعلومات‪.‬‬
‫إن اإلبستمولوجيا ‪ -‬من وجهة نظر ريجيس دوبريه‪" -‬هي‪":‬تفكير حول العلوم‪،‬‬
‫تدرس تكوين املعارف الصاحلة؛ فخطابها معياري حول أنظمة من البيانات الوصفية‪ .‬فهي‬
‫تبرز معايير صالحية‪ ،‬وتعني "العوائق" أمام تطور احلق‪ ،‬إنها متطلبة ومشككة وتتحرك‬
‫في األفق الكالسيكي للفلسفة وكأنها محكمة للمعرفة‪ ،‬تبحث عن مرتكزات‪ ،‬وتقوم‬
‫‪2019‬‬

‫بعمل التحقق"‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫‪37 / 147‬‬

‫علم اإلعالم يقوم بعكس ذلك متام ًا‪ :‬فهو يهدف إلى وصف البايانات املعيارية‪.‬‬
‫إن "احلقيقة" ال تهم علماء اإلعالم‪ ،‬ليس بأكثر مما تهم ميول القلب أطباء القلب‪ .‬إننا‬
‫النطرح هنا أسئلة حول اجلوهر واملرتكزات(‪.)4‬‬
‫إن علم اإلع�لام العام ال يستطيع أن يجد وجهه النظري إال من خ�لال جتلياته‬
‫اإلقليمية‪ .‬فاملقاربة أو ال��روح اإلعالمي الذي يقوم بإسناد كل مجال للنشاط إلى نظام‬
‫من النقل يدعمه‪ ،‬سيكون له تطبيقات أو فروع بقدر ما لعلم االجتماع والتاريخ‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫الدين‪ ،‬العلوم‪ ،‬املؤسسات‪ ،‬الثقافات‪ ،‬احلقوق‪ ،‬الفن‪ ،‬إلخ‪...‬يعني‪ :‬كيف يحدث‬
‫النقل واالنتشار وال��دوران والتمدد والتعدد‪،‬إلخ؟ وعلى أي مرتكز‪.‬؟ وماذا يغير هذا‬
‫ويركب في اجلسم أجهزة اإلرسال وااللتقاط؟ وبأي توجهات‪ ،‬وأي مسارات وشبكات‬
‫وحتالفات وتالقيات ومنافذ‪ ،‬إلخ؟(‪ .)5‬وهذا ما اصطلح عليه ريجيس دوبري في خصوصية‬
‫علم اإلعالم بتقاطع علوم عديدة الجتياز احلقول ‪.‬‬
‫إنه من الطبيعي أن تقوم نظرية إعالمية تعطي للدولة – باعتبارها املمثل للمجتمع‪-‬‬
‫حق التحكم في اآللة اإلعالمية وتوجيهها الوجهة التي تخدم املجتمع وتسهم في حتقيق‬
‫غايته‪ .‬وميكن أن نسمي هذه النظرية أو الفلسفة ( فلسفة اإلعالم املوجه)‪.‬‬
‫وبالطبع لم تخرج التصنيفات التي قدمها الباحثون للخلفيات الفلسفية لإلعالم عن‬
‫فلسفة اإلعالم احلر وفلسفة اإلعالم املوجه(‪.)6‬‬
‫ولكن اختلف الباحثون في مسميات الفلسفات التي تتفرع من هاتني الفلسفتني‬
‫الكبيرتني‪ ،‬وذلك تبع ًا ألشكال السيطرة ودرجاتها ومبرراتها في فلسفة اإلعالم املوجه‪،‬‬
‫وتبع ًا لتدخل الدولة أو املجتمع في احلد من احلريات الواسعة في فلسفة اإلعالم احلر؛ لذا‬
‫ظهر أكثر من مسمى لهذه الفلسفات‪ ،‬ولكن هذه املسميات ــ على الرغم من تعددها ـــ لم‬
‫تخرج في النهاية عن كونها إما " فلسفات إعالم موجه" وإما " فلسفات إعالم حر"‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ -‬تصنيفات إبستمولوجيا اإلعالم‬


‫بعد أن قسمنا أهم الفلسفات اإلعالمية اجلديرة بالدراسة النقدية وهي( الفلسفة‬
‫‪2019‬‬

‫‪69‬‬
‫‪37 / 147‬‬
‫الليبرالية ــ املسؤولية االجتماعية ــ االشتراكية ــ التنموية)‪ ،‬نود تقسيم هذا املطلب إلى‬
‫فرعني ‪ :‬اخللفية الفلسفية لنظرية اإلعالم احلر‪ ،‬واخللفية الفلسفية لنظرية اإلعالم املوجه‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الخلفية الفلسفية لنظرية اإلعالم الحر‬


‫أو ًال ‪ -‬الفلسفة الليبرالية‬
‫تشكلت املالمح العامة لفلسفة اإلعالم الليبرالي ــ مثلها في ذلك مثل باقي الفلسفات‬
‫اإلعالمية ــ تبع ًا ملسلمات الكوزمولوجيا(‪ )7‬العلمانية وغاياتها‪ ،‬أما مالمحها الدقيقة فقد‬
‫تشكلت تبع ًا الفتراضات األساسية التي قالت بها الفلسفة الليبرالية‪ ،‬وذلك فيما يتعلق‬
‫بطبيعة اإلنسان‪ ،‬ومدى أهلية هذه الطبيعة للتمتع باحلرية وطبيعة الدولة ــ باعتبارها الكيان‬
‫العام الذي يعيش اإلنسان وميارس حرياته في إطاره ــ وطبيعة العالقة بني اإلنسان والدولة‪،‬‬
‫ومدى انعكاس ذلك على حريات الفرد‪ ،‬واحلدود التي يسمح للدولة التدخل في حريات‬
‫الفرد في إطارها‪ ،‬وطبيعة احلقيقة وكونها متاحة للجميع وليست حكر ًا على أحد دون‬
‫غيره‪ ،‬بشرط استخدام الفرد عقله استخدام ًا سليم ًا‪.‬‬
‫وقد مر األساس الذي تستند إليه حرية التعبير‪ -‬وهي الركيزة األساسية التي قامت‬
‫عليها فلسفة اإلعالم الليبرالي –بعدة مراحل؛ فقد استندت في املرحلة األولى إلى األساس‬
‫الديني‪ ،‬وفي مرحلة ثانية إلى األساس الطبيعي‪ ،‬وأخير ًا استندت إلى األساس النفعي‪.‬‬

‫‪ -1‬األساس الديني‬
‫كان أساس حرية التعبير عند ملتون ومعاصريه ــ الذي كتب كتاب ًا كام ً‬
‫ال يدافع فيه‬
‫عن حرية الصحافة وأسماء ( أربوجيتكيا) في ‪ 1644‬ــ هو أساس ديني‪ ،‬فالرب ــ وهو‬
‫رب طهري ــ يريد أن تكون للناس صحافة حرة حتى يستطيعوا كشف احلقيقة‪.‬‬

‫‪ -2‬األساس الطبيعي‬
‫وهو األس��اس ال��ذي جنم عن التخلي عن الفكر الديني ال��ذي أفسح مكانه لنظرة‬
‫‪2019‬‬

‫الكوزمولوجيا العلمانية‪ ،‬وبناء على هذا األساس اعتبرت حرية التعبير حق ًا من احلقوق‬

‫‪70‬‬
‫‪37 / 147‬‬

‫الطبيعية لإلنسان مثلها مثل باقي احلقوق الطبيعية اللصيقة بالطبيعة اإلنسانية‪ ،‬وقد وسع‬
‫الليبراليون من نطاق مفهوم احلرية‪ ،‬فبينما نظر إليها ميلتون على أنها مجرد التحرر من‬
‫الترخيص احلكومي‪ ،‬نظر الليبراليون إليها على أنها منع للتدخل احلكومي بأشكاله كافة‪،‬‬
‫وبينما أنكر ملتون حرية التعبير على أولئك الذين يختلفون حول املسائل األساسية‪ ،‬كان‬
‫الليبراليون على النقيض؛ إذ كانت احلرية بالنسبة إليهم تعني احلث على املعارضة حتى‬
‫حول املسائل األساسية‪ ،‬وحتى شكل احلكم نفسه ينبغي أال يسلم من املعارضة‪ ،‬وال ينبغي‬
‫للدولة أن تتدخل ولو كان ذلك إنقاذ ًا لنفسها‪.‬‬
‫بينما ك��ان ملتون يؤيد ف��رض القيود على بعض أن��واع املوضوعات مثل اإلحلاد‬
‫والتجديف‪ ،‬فقد سمح الليبراليون بنشر كل شيء تقريب ًا على الرغم من إقرارهم لبعض‬
‫قوانني الفنت والعنف والبذاءة (‪.)8()...‬‬

‫‪ -3‬األساس النفعي‬
‫كان التطور الثالث في ركيزة حرية التعبير على أيدي النفعيني وعلى رأسهم "جون‬
‫ستيوات ميل" الذي أيد في كتابه ( عن احلرية) حرية التعبير ال على أساس طبيعي وإمنا‬
‫على أساس املنفعة(‪.)9‬‬
‫وترتكز دعواه حلرية التعبير على أساس نفعي‪ ،‬على أربع حجج كبرى نوجزها فيما‬
‫يأتي‪ :‬أولها‪ -‬أننا إذا أسكتنا رأي ًا فقد نخفي حقيقة‪ .‬وثانيها‪-‬أن الرأي اخلاطئ قد يحتوي‬
‫بداخله على جزء ولو صغير ًا من احلقيقة‪ ،‬وال بد من معرفته للوصول إلى احلقيقة كاملة‪.‬‬
‫وثالثها‪ :‬أنه حتى لو كان الرأي املتقبل عموم ًا هو كل احلقيقة‪ ،‬فإن الناس لن يعتنقوه‪ ،‬على‬
‫أسس عقلية‪ ،‬إمنا كتحيز مالم يضطروا إلى الدفاع عنه‪ .‬ورابعها‪ :‬أنه لم تتعرض اآلراء‬
‫الشائعة للمناقشة من‪ ،‬ومن ثم فإنها تفقد حيويتها‪ ،‬وتأثيرها في السلوك واألخالق(‪.)10‬‬

‫ثاني ًا‪ -‬فلسفة المسؤولية االجتماعية‬


‫قد يبدو للوهلة األول��ى أن االنتقادات التي تعرضت لها وسائل اإلع�لام في ظل‬
‫الفلسفة الليبرالية‪ ،‬هي التي دفعت إلى ظهور فلسفة املسؤولية االجتماعية‪ ،‬والواقع أن‬
‫‪2019‬‬

‫‪71‬‬
‫‪37 / 147‬‬
‫هذا صحيح إلى حد ما؛ ذلك ألن هذا النقد ما كان له أن يثمر فلسفة متكاملة‪ ،‬لوال تضافر‬
‫عدة عوامل أخرى معه أدت إلى ظهور النظرية اجلديدة‪.‬‬
‫وميكن أن نزعم أن احملرك الفاعل نحو هدم بعض مقوالت الفلسفة اإلعالمية‬
‫الليبرالية ــ الذي جعل املناداة بإيجاد فلسفة جديدة أم��ر ًا ملح ًا ــ هو التغير الذي أصاب‬
‫الفلسفة االجتماعية الليبرالية والذي كان ال بد أن ميتد إلى الفلسفة اإلعالمية باعتبارها‬
‫جزء ًا منها‪.‬‬
‫وقد كان العامل الفاعل وراء حدوث هذا التحول في الفلسفة االجتماعية الليبرالية‬
‫هو ظهور نظريات علمية جديدة زعزعت األسس التي كانت تقوم عليها هذه الفلسفة‪.‬‬
‫فقد حتدت أفكار التطور‪ ،‬والفيزياء اجلديدة‪ ،‬تصور نيوتن للكون كنظام أبدي اليتغير‪،‬‬
‫كما فرض علم النفس احلديث بنظرية فرويد واملدرسة السلوكية‪ ،‬حصار ًا حول العقالنية‬
‫( وهي من أهم املبادئ التي ارتكزت عليها الليبرالية)‪ ،‬وأثار علماء االقتصاد واالجتماع‬
‫في مراجعتهم للفردية في الفكر الليبرالي ــ الشكوك حول وجود سوق حرة مفتوحة سواء‬
‫(للسلع أو األفكار)(‪.)11‬‬
‫وقد رافق هذه التغيرات الفكرية في الفرضيات األساسية للفلسفة الليبرالية ــ التي‬
‫كان انتقالها للفلسفة اإلعالمية الليبرالية أمر ًا حتمي ًا ــ عدة عوامل أخرى‪ ،‬جعلت من‬
‫إدخال تعديالت على الفلسفة اإلعالمية أمر ًا ضروري ًا‪ ،‬ومن هذه العوامل ‪:‬‬
‫‪ -‬ازدياد قوة تأثير الصحافة نتيجة لتطورها تكنولوجيا‪.‬‬
‫‪ -‬ظهور وسائل إعالمية جديدة‪ ،‬كالراديو‪ ،‬والتلفزيون‪ ،‬والسينما‪ ،‬ذات فاعلية‬
‫وتأثير كبير؛ مما جعل احلاجة إلى وضع ضوابط ومسؤوليات لهذه الوسائل أمر ًا‬
‫ضروري ًا‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن كل هذه اخلطوات التي نبعت من داخل وسائل اإلعالم كانت‬
‫خطوات فعالة في سبيل الوصول إلى فكر إعالمي جديد‪ ،‬فإن هذا الفكر لم ينتظم في‬
‫شكل فلسفة جديدة ومتكاملة للصحافة إال في عام ‪ 1947‬م الذي صدر فيه تقرير"جلنة‬
‫حرية الصحافة"‪ ،‬وقد صيغت نظرية املسؤولية االجتماعية في كتاب أعدته اللجنة كاملة‬
‫‪2019‬‬

‫‪72‬‬
‫‪37 / 147‬‬

‫بعنوان "صحافة حرة ومسؤولة"‪ ،‬وفي دراسة أخرى لوليام هوكنغ ــ أحد أعضاء اللجنة‬
‫البارزين ــ بعنوان "حرية الصحافة إطار املبدأ" وقد مت شجب تقرير اللجنة على الفور من‬
‫قبل جميع الصحف‪ ،‬إال قلة منها وباستثناءات ن��ادرة‪ ،‬ووصف احمل��ررون والناشرون‬
‫التقرير على أنه كتاب رسمي لقيود احلكومة على الصحافة(‪.)12‬‬
‫وقد أسهم اإلجنليز أيض ًا في تدشني الفلسفة اجلديدة‪ ،‬وذلك من خالل التقارير التي‬
‫أعدتها" اللجنة امللكية البريطانية لشؤون الصحافة "‪ ،‬وهي اللجنة التي دعيت إلى البحث‬
‫في شؤون الصحافة فاجتمعت لهذه الغاية مرات عديدة‪ ،‬على فترات تاريخية متقطعة‪،‬‬
‫وك��ان من الطبيعي أن يطلق على نظرية املسؤولية االجتماعية التي أسهم األمريكيون‬
‫واإلجنليز في تشكيل مقوالتها " نظرية أجنلو أمريكية"(‪.)13‬‬
‫وقد حظيت هذه الفلسفة بالرفض من قبل أغلب املمارسني اإلعالميني‪ ،‬وحظيت‬
‫على اجلانب األكادميي بقبول واسع‪ ،‬ليس فقط من قبل باحثي اإلعالم الغربيني‪ ،‬بل من‬
‫قبل الباحثني العرب أيض ًا (‪.)14‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الخلفية الفلسفية لإلعالم الموجه‬


‫‪-1‬فلسفة اإلعالم االشتراكي‬
‫هناك كثير من تيارات الفكر االشتراكي‪ ،‬وتتمثل أهم التيارات املعاصرة لهذا الفكر‬
‫في تيارين أساسيني‪ ،‬هما االشتراكية العلمية واالشتراكية الدميقراطية‪.‬‬
‫‪ - 1‬االشتراكية العلمية‪ :‬وهي اشتراكية ماركس وإجنلز‪ ،‬وهي التعبير الذي يستخدمه‬
‫املاركسيون للداللة على أن ما عداها من اشتراكيات تفتقد لسمة العلمية‪.‬‬
‫‪ - 2‬االشتراكية الدميقراطية‪ :‬وتسمى أيض ًا‪ ،‬االشتراكية اإلصالحية؛ ألنها تدعو إلى‬
‫إصالح املجتمع القائم‪ ،‬ومواكبة تطوره ومنوه بالوسائل السلمية‪ ،‬كما تسمى أيضا‬
‫االشتراكية اإلنسانية؛ ألنها ال تغفل قيمة اإلنسان ومتطلباته‪ ،‬وقد سميت أوائل‬
‫القرن العشرين باالشتراكية الدميقراطية‪ :‬ألنها جتمع في كيان عضوي واحد بني‬
‫العدالة االجتماعية واحلرية السياسية‪.‬‬
‫‪2019‬‬

‫‪73‬‬
‫‪37 / 147‬‬
‫تستمد فلسفة اإلعالم االشتراكي أساسها النظري من التراث املاركسي اللينيني(‪،)15‬‬
‫وعلى الرغم من ضآلة ما تتضمنه كتابات ماركس من إش���ارات مباشرة إل��ى اإلعالم‬
‫والصحافة فإن اإلضافات التي قدمها لينني من خالل التجرية السوفياتية ساعدت على‬
‫تشكيل اإلطار النظري العام للصحافة االشتراكية(‪ )16‬وعموم ًا ميكن القول إن ما وضعه‬
‫لينني من أسس للنظام اإلعالمي االشتراكي يعد النموذج الذي قامت عليه جميع نظم‬
‫اإلعالم االشتراكية‪.‬‬
‫كما ميكننا االنطالق من فكر ماركس ورفيقه أجنلز في فهم األساس الفكري لفلسفة‬
‫اإلعالم االشتراكي‪ ،‬ومن أفكار لينني فيما يتعلق مبقوالت هذه الفلسفة بخصوص احلريات‬
‫اإلعالمية‪ ،‬وملكية وسائل اإلعالم‪ ،‬ووظائفها ‪ :‬على عاتق وسائل اإلعالم حتقيق الغايات‬
‫العليا لالشتراكية‪.‬‬
‫‪ -2‬فلسفة اإلعالم التنموي‬
‫أشرنا فيما سبق إلى أن النظريات االجتماعية الوضعية التي تتبناها بلدان العالم‬
‫الثالث‪ ،‬مبا فيها الغالبية العظمى من البلدان اإلسالمية ــ سواء كانت نظريات متيل إلى‬
‫الليبرالية أم إل��ى االشتراكية أم مت��زج بينهما‪ ،‬بالشكل ال��ذي يالئم الظروف املجتمعية‬
‫والتاريخية لكل بلد منها(‪ )17‬ــ هي نظريات تدور في فلك الكوزمولوجيا العلمانية‪ ،‬تنطلق‬
‫من مسلماتها‪ ،‬وتسعى لتحقيق غاياتها‪ ،‬ولكن الظروف املجتمعية والتاريخية التي متر بها‬
‫هذه البلدان ال تسمح لها بالتطلع إلى بلوغ الغايات العليا التي تبشر بها الكوزمولوجيا‬
‫العلمانية في الوقت الراهن(‪.)18‬‬
‫كما تعد وسائل اإلع�لام من األدوات التي تؤدي دور ًا مهم ًا في حتقيق األهداف‬
‫التنموية؛ فقد عملت ال��دول النامية على استغاللها في حتقيق هذه األه��داف التنموية‪،‬‬
‫وألقت الدول النامية على عاتق هذه الوسائل إحداث عملية التنمية ‪.‬‬
‫وهكذا ميكن القول إن��ه‪":‬إذا كانت منطلقات التنظير اإلعالمي عند الغرب هي‬
‫هاجس تأثيرات وسائل اإلعالم على األفراد وحرياتهم وهموم " الدميقراطية " عموم ًا فإن‬
‫منطلقات التنظير اإلعالمي املعياري عند دول العالم النامي هي الدور الذي ميكن أن تؤديه‬
‫‪2019‬‬

‫‪74‬‬
‫‪37 / 147‬‬

‫وسائل اإلعالم في حتسني املستوى املعيشي االجتماعي والسياسي ملجموع املواطنني"‪.‬‬


‫أي دور وسائل اإلعالم في التنمية الشاملة‪ ،‬وقد صبغ هذا الدور فلسفة اإلعالم في الدول‬
‫النامية بصبغة خاصة‪ ،‬جعلتها تتميز عن باقي الفلسفات اإلعالمية؛ مما حدا باحثي اإلعالم‬
‫تسميتها بـ"فلسفة اإلعالم التنموي" أو"نظرية اإلعالم التنموي"(‪.)19‬‬
‫وفيما يلي نعرض ألهم التوجيهات التنظيرية املتعلقة بالدور الذي ينبغي أن تؤديه‬
‫وسائل اإلعالم في عملية التنمية‪.‬‬

‫التوجه األول‪ :‬توجه مدرسة التحديث‬


‫تدور كتابات هذا التوجه في فلك نظرية التحديث التي ترى أن التنمية ميكن أن‬
‫حتدث في العالم الثالث عن طريق نقل األفكار والقيم الغربية‪ ،‬وإزاحة العقبات الثقافية‬
‫التقليدية في هذه البلدان؛ مما يجعل من العالم النامي عامل ًا حديث ًا‪ ،‬وهوما يعني أيض ًا غريب ًا‬
‫في طبيعته‪ ،‬فمن خالل الفيض الكبير من الكتابات‪ ،‬الذي يدور في فلك نظرية التحديث‪،‬‬
‫حاول التركيز على الدور املؤثر الذي ميكن أن تقوم به وسائل اإلعالم في تثقيف الشعوب‬
‫النامية‪ ،‬وحثها نحو انتهاج الطريق نفسه الذي سلكته الدول املتقدمة‪ ،‬وبذلك تصبح هذه‬
‫ال أعلى تتعلق به أفكار الدول الفقيرة وطموحاتها‪ ،‬ويصبح دور اإلعالم نقل هذه‬ ‫الدول مث ً‬
‫الشعوب من النمط التقليدي إلى "التحديث"؛ أي احلياة وفق ًا للنمط الغربي من خالل‬
‫حثها على نبذ األساليب التقليدية وترغيبها في األمناط االستهالكية التي تسود املجتمعات‬
‫الغربية املتقدمة(‪.)20‬‬

‫التوجه الثاني ‪ :‬توجه مدرسة التبعية‬


‫انصب اهتمام هذا التوجه ــ كنتيجة لعدم وجود جناح حقيقي لوسائل اإلعالم في‬
‫االضطالع بالدور امللقى على عاتقها في عملية التنمية والتحديث ــ على التنظير للمعوقات‬
‫اخلارجية التي تؤثر على أداء وسائل اإلعالم ملهامها التنموية‪ ،‬ورأى أصحاب هذا التوجه‬
‫أن"أي فهم لدور وسائل اإلعالم في عملية التنمية والتحديث سيتم بالقصور‪ ،‬ويكون‬
‫مضل ً‬
‫ال ما لم يأخذ في احلسبان عالقة التبعية اإلعالمية بني ال���دول‪ ،‬في إط��ار النظام‬
‫‪2019‬‬

‫االقتصادي والسياسي الدولي" (‪.)21‬‬

‫‪75‬‬
‫‪37 / 147‬‬
‫وإذا كانت مدرسة التبعية ــ بصفة عامة ــ تعد نتاج ًا ملفكري العالم الثالث‪ ،‬والسيما‬
‫مفكري أمريكا الالتينية فإن مدرسة التبعية الثقافية واإلعالمية قد خرجت الكتابات األولى‬
‫لها من قلب املجتمع األمريكي‪ ،‬وذلك في نهاية ستينيات القرن املاضي‪ ،‬ومتثل ذلك‬
‫في كتاب شيلر" اإلعالم واإلمبراطورية األمريكية" الذي أوضح فيه الهيمنة االتصالية‬
‫واإللكترونية للواليات املتحدة األمريكية وماينجم عنها من هيمنة ثقافية‪ ،‬وبعد ذلك أكمل‬
‫الباحثان نورد نسترجن وفارس في عام ‪ 1974‬دراسة بتكليف من منظمة "اليونسكو" حول‬
‫تدفق برامج التلفزيون الدولية‪ ،‬جذبت اهتمام الباحثني ملعاجلة ظاهرة التبعية اإلعالمية‪،‬‬
‫وتوالت بعد ذلك الدراسات التي ركزت على أبعاد مختلفة ملشكلة التبعية اإلعالمية‪ ،‬مثل‬
‫دراسات بويدباريت وماتلالرت وكتابات أخرى لشلر (‪.)22‬‬

‫‪ - 3‬فلسفة اإلعالم اإلسالمي‬


‫يرى الباحث املصري محمد سيد محمد أن فلسفة اإلعالم اإلسالمي تقوم على‬
‫خمس ركائز‪.‬أوالها‪ :‬هوية هذا اإلعالم‪ .‬وهي أنه إعالم عقائدي‪ .‬وثانيها‪ :‬أنه حق من‬
‫حقوق األفراد‪ ،‬ليس حق ًا باملعنى أو باملفهوم السلبي؛ أي أنه حق ملن أراد‪ ،‬وإمنا هو حق‬
‫باملعنى اإليجابي للحق؛ أي أن كل فرد في اجلماعة اإلسالمية أو في املجتمع اإلسالمي‬
‫املجتمع مكلف بإعالمه إسالمي ًا( باملفهوم الواسع والشامل لإلعالم)‪ .‬وثالثها‪ :‬أن العمل‬
‫اإلعالمي فرض كفاية البد أن يقوم املجتمع بإنشائه‪ .‬رابعها‪ :‬أنه عام لكل من فوق الكرة‬
‫األرضية وليس سري ًا أو لفئة أو طبقة وإمنا هو عالنية للبشر جميع ًا‪ .‬خامسها ‪ :‬أنه معروض‬
‫بغير إكراه ويجادل بالتي هي أحسن(‪.)23‬‬
‫ويعرف الباحث محمد سيد محمد اإلعالم اإلسالمي على أنه‪":‬اإلعالم العام غير‬
‫املتخصص ملجتمع مسلم أو دولة مسلمة أو حكومة إسالمية ‪ ..‬ولكن الواقع املعاصر ملجتمعاتنا‬
‫اإلسالمية ونحن في القرن اخلامس عشر الهجري يحتم علينا القول إن اإلعالم اإلسالمي في‬
‫ظروفنا املعاصرة هو صورة من صور اإلعالم املتخصص وهو (اإلعالم الديني)"(‪.)24‬‬
‫ولكن في حتديد مفهوم اإلعالم اإلسالمي بدقة وموضوعية ال بد أن نفرق أو ً‬
‫ال بني‬
‫أصل املوضوع في جوهره وحقيقته من جانب‪ ،‬وصورته التي هو عليها حني نراه وحني‬
‫‪2019‬‬

‫‪76‬‬
‫‪37 / 147‬‬

‫نعاصره من جانب آخر؛ ذلك أن املجتمع اإلسالمي الذي يطبق الشريعة اإلسالمية مجتمع‬
‫شمولي من حيث العقيدة‪ ،‬ومتكامل من حيث التنظيم‪ ،‬واإلع�لام فيه البد أن يعكس‬
‫شمول العقيدة وتكامل البناء االجتماعي‪ ،‬ومن ثم فإن كل شيء فيه إسالمي بدء ًا من املرح‬
‫وامل��زاح حتى مواجهة املوت‪ ،‬واإلع�لام في مثل هذه احلالة إسالمي في صدق إخباره‪،‬‬
‫وإسالمي في الترويج والتسلية‪ ،‬وإسالمي في إعالناته‪ ،‬وإسالمي في تعليمه‪ ،‬وإسالمي‬
‫في شرح األخبار وتفسيرها وهكذا‪.)25(....‬‬

‫وهناك مفهوم آخر يعرف به اإلعالم اإلسالمي‪":‬هو تزويد اجلماهير بحقائق الدين‬
‫اإلسالمي ونقل األخبار والوقائع واملعلومات بصورة صحيحة ومنضبطة داخل األمة‬
‫اإلسالمية وخارجها"(‪.)26‬‬

‫وكما أوضح اإلسالم املنهاج الذي ينبغي أن يسير عليه املؤمن فإنه أوضح السبيل‬
‫الذي ينبغي أن يهتدي به الكيان االجتماعي املسلم في حتقيق مجتمع االستخالف والعبودية‬
‫املطلقة للخالق األعظم‪.‬‬

‫وفيما يلي نعرض املهام التي ينبغي أن يضطلع بها املجتمع املسلم في سبيل حتقيق‬
‫مجتمع االستخالف‪ ،‬ودور وسائل اإلع�لام في املساهمة في ه��ذه املهام‪ ،‬ثم نعرض‬
‫النعكاسات غايات الفرد املسلم على تفاعله في العملية اإلعالمية‪.‬‬

‫إذا كان املجتمع العلماني يسعى إلى حتقيق التقدم املطرد املفضي إلى إقامة املجتمع‬
‫الفردوسي‪ ،‬فإن املجتمع املسلم يتخذ من مجتمع االستخالف املفضي إلى سعادة أفراده‬
‫في الدارين غاية عليا له‪ .‬وهو في سبيل حتقيق مجتمع االستخالف يسعى مبؤسساته كافة‬
‫( السياسية‪-‬االقتصادية‪-‬االجتماعية‪-‬اإلعالمية‪...‬إلخ)‪ ،‬وفي ضوء املنهج اإللهي‪ ،‬إلى‬
‫حتقيق ثالث مهام كبرى‪ ،‬هي‪:‬‬

‫‪ - 1‬إعمار الكون‪ :‬وذلك من خالل تسخير الكون والكائنات ملا فيه النفع ‪....‬نفع‬
‫اإلنسان‪ ،‬ونفع الكائنات من حوله(‪ .)27‬ويأتي هذا من خالل الكشف عن احلقائق‬
‫والقوانني العلمية التي حتكم عمل األشياء الطبيعية‪ ،‬ومن خالل الكشف عما حتويه‬
‫‪2019‬‬

‫‪77‬‬
‫‪37 / 147‬‬
‫األرض من كنوز وثروات؛ مما يتيح له التقدم املادي وترقية اجلانب املادي من حياة‬
‫أعضائه(‪.)28‬‬
‫‪ - 2‬إعالء كلمة الله بني أفراده وإقامة شرعه فيهم‪ ،‬وتوفير املناخ الذي يتيح لهم أن‬
‫يعبدوا الله حق عبادته‪ ،‬وأن يحققوا أعلى ما تسمح به ملكاتهم من السمو املادي‬
‫والسمو الروحي اللذين تكتمل بهما سعادتهم(‪.)29‬‬
‫‪ - 3‬إعالء كلمة الله في أرضه‪ ،‬بالدعوة إلى دينه‪ ،‬بكل السبل املتاحة‪ ،‬وحتقيق املجتمع‬
‫الذي ميثل خير أمة أخرجت للناس‪.‬‬
‫هذه هي املهام الثالث الكبرى التي يسعى املجتمع املسلم لالضطالع بها على النحو‬
‫الذي حددته شريعة اإلسالم للفرد؛ لتحقيق مجتمع االستخالف‪ ،‬الذي يسعد أفراده في‬
‫هذه الدنيا‪ ،‬ويجعلهم أه ً‬
‫ال للسعادة األبدية في اآلخرة‪.‬‬
‫وال شك أن هذه املهام هي التي حتدد وظائف وسائل اإلعالم في املجتمع املسلم‪،‬‬
‫والتي ميكن تلخيصها على النحو اآلتي‪:‬‬
‫‪ -‬املساهمة في الوظيفة العمرانية‪ ،‬باحلض على العمل والعمران وتوضيح القيم‬
‫اإلسالمية التي حتكم املهمة العمرانية‪.‬‬
‫‪ -‬املساهمة في حتقيق مجتمع العبودية اخلالصة لله ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬بترسيخ‬
‫عقيدة اإلميان بالله الواحد األحد في نفوس الناس وترسيخ السيادة لشرعه(‪ ،)30‬وفضح أي‬
‫انحراف عنها والدعوة لتصحيحه‪.‬‬
‫‪ -‬املساهمة في إع�لاء كلمة الله في أرض��ه بالدعوة إل��ى اإلس�لام في شتى بقاع‬
‫األرض‪ ،‬وبالسبل املتاحة وبذلك يسهم اإلعالم في املهمة الثالثة ملجتمع االستخالف‪.‬‬
‫ف��ي س��ي��اق فلسفة اإلع�ل�ام اإلس�لام��ي ت��ط��رق املفكر اإلع�لام��ي اجل��زائ��ري عزي‬
‫عبدالرحمن* في نظرية احلتمية القيمية إلى إشكالية القيم في اإلعالم‪ ،‬وانطلق من فكرة‬
‫أن ثقافة املجتمع هي التي تصنع محتويات وسائل اإلعالم وليس العكس‪ ،‬والقيمة هي‬
‫دال على مستوى حتضر املجتمع في مضمون الوسيلة‪ ،‬فالترسندنتالية في روح املجتمعات‬
‫التي تبني ثقافتها على الدين هي العامل احلاسم في مسألة ثقافة املجتمعات الدينية‪ ،‬ومن‬
‫‪2019‬‬

‫‪78‬‬
‫‪37 / 147‬‬

‫ثم فإن القيمة مبفهوم الباحث عزي عبد الرحمن"‪...‬هي ما يعلو عن الشيء‪ ،‬ويرتبط‬
‫باملعاني الكامنة في الدين"(‪ ،)31‬على حد هذا القول فإن رسملة القيمة في محتوى الوسيلة‬
‫يعزز ثقافة املجتمع ويجعل التكنولوجيا حتمية حاملة ومعززة لهذه القيم التي تخدم ثقافة‬
‫املجتمعات الدينية‪ ،‬ومن خالل هذا الطرح نستوحي شبكة مفاهيمية لها عالقة جدلية‬
‫مبفهوم القيم التي تسبح في العالم املعنوي والرمزي للمجتمعات(‪.)32‬‬

‫‪ -2‬إبستمولوجيا االتصال‬

‫‪ -1-2‬مفهوم إبستمولوجيا االتصال ( المفاهيم)‬


‫إن كلمة " االتصال" ــ على الرغم من من تداولها الواسع ــ حتمل معاني مختلفة‬
‫ومتعددة؛ فقد نستعملها لنعني بها مجال الدراسة األكادميي أو النشاط التطبيقي املالزم‬
‫له‪ ،‬أوبوصفها علم ًا أو فن ًا أو عالقات إنسانية أو وسائل اتصال جماهيرية أو حاسبات‬
‫آلية شخصية أو إرش��اد ًا نفسي ًا‪ ،‬كما أنها قد تعبر عن عملية هادفة مقصودة أو طبيعة‬
‫تلقائية‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫وقد أسهم اهتمام املختصني من مجاالت دراسية متباينة( علم النفس‪ ،‬اجتماع‪،‬‬
‫سياسة‪ ،‬أنتروبولوجيا‪ ،‬أدب‪ )..‬في زيادة املعاني املختلفة لكلمة االتصال‪.‬‬
‫ولكن هذا التنوع لم يحل دون جعل كل هذه الطرق واملجاالت واملعاني تركز أص ً‬
‫ال‬
‫على عنصر أساسي هو "نقل املعلومات" الذي سنعتمد عليه أساس ًا في تعريفنا للمصطلح‬
‫"االت��ص��ال"‪ ،‬ولنمر اآلن إلى تعريف كلمة "االتصال" لغة واصطالح ًا لنعطي مناذج‬
‫لتعريفات بعض املهتمني باالتصال كعملية اتصالية(‪.)33‬‬

‫‪ -1-1-2‬مفهوم االتصال‬
‫يعد االتصال إحدى السمات اإلنسانية البارزة‪ ،‬سواء ذلك في شكل كلمات أو‬
‫صور أو موسيقى‪ ،‬مفيد أو ض��ار‪ ،‬مقصود أو عشوائي‪ ،‬فعلي أو مستتر‪ ،‬إعالمي أو‬
‫إقناعي‪ ،‬واضح أو غامض‪ ،‬ذاتي أو مع آخرين(‪.)34‬‬
‫‪2019‬‬

‫‪79‬‬
‫‪37 / 147‬‬
‫ـ االتصال لغة‪ :‬االتصال في اللغة ‪ -‬كما تشير املعاجم ‪ -‬الوصول إلى الشيء أو‬
‫بلوغه واالنتباه إليه(‪ ،)35‬وتستخدم كلمة "اتصال" في سياقات مختلفة‪ ،‬وتتضمن تبادل‬
‫األفكار‪ communication‬مدلوالت عديدة؛ فهي مبعناها املفرد ‪Communications‬‬
‫والرسائل واملعلومات‪ ،‬وتشير في صيغة اجلمع إلى الرسائل التي حتمل مضمون‬
‫االتصال(‪.)36‬‬

‫وأما كلمة ‪ communication‬باإلجنليزية فمشتقة من األصل الالتيني ‪،communis‬‬


‫ومعناها عام أو شائع أو مألوف‪،‬وتعني الكلمة‪":‬املعلومة املرسلة‪ ،‬الرسالة الشفوية أو‬
‫الكتابية‪ ،‬شبكة للطرق وشبكة االتصاالت‪ ،‬كما تعني تبادل األفكار واملعلومات عن‬
‫طريق الكالم أو الكتابة أو الرموز"(‪.)37‬‬

‫االتصال‬
‫اصطالح ًا‪ :‬ظهرت تعريفات عديدة ال ميكن حصرها ملفهوم االتصال من قبل‬
‫الباحثني واملتخصصني في علوم اإلعالم واالتصال‪ ،‬عكست في معظمها أهميته ودوره‬
‫في احلياة اإلنسانية واملكونات والعناصر األساسية لعملية االتصال‪ ،‬ومن هذه التعريفات‬
‫ــ على سبيل املثال ال احلصر ــ ‪:‬‬

‫"العملية التي تنقل بها الرسالة من مصدر معني إلى مستقبل واحد أو أكثر وسائل‬
‫أخرى بغرض اإلقناع أو التأثير على السلوك"(‪.)38‬‬

‫وبحسب تشارلز رايت ‪ wright.R.CH‬فإن االتصال‪":‬هو عملية نقل املعنى أو‬


‫املغزى بني األفراد"(‪.)39‬‬

‫وتتبنى "جيهان رشتي" تعريف االتصال بأنه‪":‬العملية التي يتفاعل مبقتضاها متلقو‬
‫الرسالة ــ كائنات حية أو بشر أو آلة ــ في مضامني اجتماعية معينة‪ ،‬وفيها يتم نقل األفكار‬
‫واملعلومات (منبهات) بني األفراد عن قضية أو معنى أو واقع معني؛ فاالتصال يقوم على‬
‫مشاركة املعلومات والصور الذهنية واآلراء "‪.‬‬
‫‪2019‬‬

‫‪80‬‬
‫‪37 / 147‬‬

‫ويذهب "سمير حسني" إلى أن االتصال‪" :‬هو النشاط ال��ذي يستهدف حتقيق‬
‫العمومية‪ ،‬أو الذيوع أو االنتشار أو الشيوع لفكرة أو موضوع أو منشأ أو قضية‪ ،‬وذلك‬
‫عن طريق انتقال املعلومات أو األفكار أو اآلراء أو االجتاهات من شخص أو جماعة إلى‬
‫أشخاص أو جماعات باستخدام رموز ذات معنى واحد ومفهوم بالدرجة نفسها لدى‬
‫الطرفني‪.‬‬
‫ويرى "محمود عودة"‪" :‬أن مفهوم االتصال يشير إلى العملية أو الطريقة التي‬
‫تنتقل بها األفكار أو املعلومات بني الناس داخل نسق اجتماعي معني‪ ،‬يختل من حيث‬
‫احلجم‪ ،‬ومن حيث العالقات املتضمنة فيه؛ مبعنى أن يكون هذا النسق االجتماعي مجرد‬
‫عالقة ثنائية منطية بني شخص أو جماعة صغيرة‪ ،‬أو مجتمع محلي أو مجتمع قومي أو‬
‫حتى املجتمع اإلنساني ككل"(‪.)40‬‬
‫واالتصال هو "العملية أو الطريقة التي يتم عن طريقها انتقال املعرفة من شخص إلى‬
‫آخر حتى تصبح مشاع ًا بينها‪ ،‬ويؤدي إلى التفاهم بني هذين الشخصني أو أكثر‪ ،‬وبذلك‬
‫يصبح لهذه العملية عناصر ومكونات واجتاه تسير فيه‪ ،‬وهدف تسعى إلى حتقيقه ‪،‬ومجال‬
‫تعمل فيه ويؤثر فيها"(‪.)41‬‬
‫ويشير في ه��ذا الصدد زهير إح���دادن إل��ى أن املعنى القدمي ال��ذي كانت حتمله كلمة‬
‫االتصال هو الوصل والبلوغ‪ ،‬وأما معناه العصري فهو مأخوذ من اإلجنليزية أو الفرنسية وهما‬
‫لغتان تستعمالن لفظ ًا واحد ًا للداللة عليه‪ ،‬وهي كلمة ‪ communication‬ويجب أن نشير إلى‬
‫أن هذه الكلمة باللغات األجنبية تؤدي معاني كثيرة نعبر عنها باللغة العربية بكلمات مختلفة‬
‫نكتفي بذكر ثالث منها‪ ،‬وهي‪" :‬املواصالت" و"البلوغ" و"االت��ص��ال"‪ ،‬وقد استعملها‬
‫علماء النفس واالجتماع بكثرة وأثروا معناها ونوعوها تنويع ًا؛ فهم يرون ــ بصفة إجمالية ـــ‬
‫أن االتصال عملية يتبادل املعاني فيها طرفان‪ :‬مرسل ومستقبل‪ ،‬والتبادل ال يتم إال إذا وقع‬
‫بني شخصني وعندها يسمونه باالتصال الفردي الشخصي‪ ،‬وهو اتصال بدائي وإن وقع بني‬
‫مرسل وعدد كبير من األشخاص فإنهم يسمونه باالتصال اجلماعي أو اجلمعي أو اجلماهيري‬
‫‪ ،masse de communication‬وهو االتصال املتطور (‪.)42‬‬
‫‪2019‬‬

‫‪81‬‬
‫‪37 / 147‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬جذور إبستمولوجيا االتصال‬
‫ميتد علم االتصال بجذوره في التاريخ إلى أرسطو الذي وضع أسس ًا علمية لعملية‬
‫االتصال لم تزل قائمة حتى اآلن؛ ألن التفاعل بني ( اخلطيب ‪ -‬املرسل) و(اجلمهور ‪-‬‬
‫املستقبل) يقوم على أن يعد املرسل (رسالته‪-‬خطبته) بصورة شيقة وجذابة ومقنعة‪ ،‬حتى‬
‫ميكن أن تؤثر في اجلماهير بالصورة املستهدفة؛ وذلك ألنه ال قيمة لالتصال‪ -‬من وجهة‬
‫نظر أرسطو‪ -‬مالم يكن مقبو ً‬
‫ال ومفهوم ًا من ( اجلمهور ‪ -‬املستقبلني)‪.‬‬
‫وهنا يتضح محور العالقة التي أوجدها أرسطو بني املرسل والرسالة واملستقبل؛‬
‫حيث قسم املوقف االتصالي إلى ثالث مراحل‪:‬‬
‫• اخلطيب‪.‬‬
‫• اخلطبة‪.‬‬
‫• اجلمهور(‪.)43‬‬

‫‪-3‬إبستمولوجيا علوم اإلعالم واالتصال‬


‫‪ -1-3‬ماهية علوم اإلعالم واالتصال‬
‫فيما يخص الباحثني الذين تطرقوا إلى اإلشكال اإلبستمولوجي في علوم اإلعالم‬
‫واالتصال تطرق إيبار فوندان ‪ fondin Hubert‬في مقال له حول علوم اإلعالم للقطيعة‬
‫اإلبستمولوجية وخصوصية املوضوع‪ ،‬وأشار إلى أن الباحثني في علم اإلعالم لم يفهموا‬
‫حقلهم البحثي مقارنة بباحثني في تخصصات مجاورة أو مع الباحثني في تخصص علم‬
‫االتصال‪ ،‬ومن ثم كيف نفكر إليجاد هذا احلل والبعد املعرفي لإلطار النظري للموضوع‪،‬‬
‫وهذا من أجل التحقق من اإلشكال املطروح وإيجاد األدوات البحثية ملنهج دراسة هذا‬
‫املوضوع(‪ .)44‬فهذا التهافت والتضارب في حتديد هوية وخصوصية موضوع اإلعالم‬
‫واالتصال جعل من الباحثني دمج مفهوم اإلعالم في ظاهرة االتصال وأصبحت عالقة‬
‫االتصال باإلعالم عالقة احتوائية‪ ،‬ومن خالل هذا الطرح ارتأينا أن نقف عند التعريف‬
‫للمفهومني لغة واصطالح ًا‪.‬‬
‫‪2019‬‬

‫‪82‬‬
‫‪37 / 147‬‬

‫‪ -2-3‬مسألة بحوث اإلعالم واالتصال‬


‫ال واسع النطاق حول أهمية بحوث اإلعالم‬ ‫شهدت العقود اخلمسة املاضية جد ً‬
‫واالت��ص��ال‪ ،‬وامتد ه��ذا اجل��دل ليشمل كل األع��م��ال والوسائل واألساليب اإلعالمية‬
‫واالتصالية محلي ًا ودولي ًا‪ ،‬وما ميكن أن تؤديه األبحاث االتصالية من دور متميز في ترشيد‬
‫السياسات اإلعالمية التي تنطوي عليها هذه الوظائف والوسائل واألساليب وتطوير طرائق‬
‫املمارسات اإلعالمية املختلفة وأساليبها‪ ،‬هذا اجلدل الذي جرى متخض عن اكتشاف‬
‫العديد من املتغيرات الناظمة لبحوث اإلع�لام من حيث أهميتها وأهدافها ومجاالتها‬
‫ودورها الوطني واإلقليمي والدولي ومناهجها واملشكالت التطبيقية التي تواجهها وتقلل‬
‫من إمكانية االستفادة منها‪.‬‬
‫املالحظ بالنسبة إلى املفكر الفرنسي ريجيس دوب��ري ‪ Debry Regis‬أن املعاناة‬
‫اإلنسانية القدمية قد فقدت صوت ًا ضروري ًا وحتمي ًا‪ ،‬وإن من األهمية مبكان أن املؤسسة في‬
‫كل عملياتها اإلرسالية ـــ كي تبقى الذاكرة مكتوبة ـــ البد لها من وسيط بني النص الراهن‬
‫والقراء املعنيني أو املستهدفني‪ ،‬وتبقى املؤسسة التحريرية بتقنياتها الكالسيكية في االنتقاء‬
‫وهيراركية أو تسلسل املعلومة(‪.)45‬‬
‫كما أنه إذا حاولنا أن نفهم ما تنشره وسائل اإلعالم دون إغفال عملية االتصال وكيف‬
‫يؤثر مضمونها على الرأي العام ال بد أن ندرك األثر الكبير الذي حتدثه في الوسائل على‬
‫اجتاهات الرأي العام‪ ،‬وميوالته ورغباته كما أدلى بعض الباحثني في الشؤون اإلعالمية‬
‫واالتصالية أنه من الصعب جد ًا وضع حدود واضحة حتدد األبحاث اإلعالمية وتفصلها‬
‫عن غيرها من األبحاث اإلنسانية‪ .‬إن الباحث ال يدرس وسائل االتصال فقط‪ ،‬بل يدرس‬
‫العملية االتصالية برمتها‪ ،‬وهذا مايجرنا إلى احلديث عن عالقة االتصال بالعلوم اإلنسانية‬
‫وفي مقدمتها علم النفس العام‪ ،‬علم النفس االجتماعي‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬األنتروبولوجيا‪،‬‬
‫القانون‪ ،‬االجتماع‪ ،‬السياسة‪.‬‬
‫ومما خلص إليه الباحث واملفكر في اإلعالم واالتصال ولبرشرام أنه‪":‬من الصعوبة‬
‫التفريق ما بني أبحاث اإلع�لام وأبحاث االتصال‪ ،‬فاملصطلحان يلتقيان في املضمون‬
‫‪2019‬‬

‫‪83‬‬
‫‪37 / 147‬‬
‫ويختلفان في الشكل واللفظ‪ ،‬وأي محاولة للتفريق بينهما ستزيد األمور تعقيدا"(‪.)46‬‬
‫كما فسر برنارد مياج ‪ Miege Bernard‬في كتابه اإلعالم واالتصال بوصفهما‬
‫وبي أن مسألة وسائل اإلعالم تتطلب من جميع الباحثني واملتخصصني‬‫موضوع معرفة‪ ،‬نّ‬
‫في االتصال أن يعتبروا وسائل اإلع�لام والتكنولوجيات في اإلع�لام واالتصال هي‬
‫في قلب أسئلة التحليل واالقتراحات النظرية لدراسة املجتمعات املعاصرة في بنائها‬
‫االجتماعي ومستقبلها االقتصادي وخاصة في التنمية السوسيو ثقافية‪ ،‬ومن ثم ربط‬
‫الظاهرة اإلعالمية بالتطور التقاني‪ ،‬كما ص��رح به عالم االت��ص��ال الكندي مارشال‬
‫ماكلوهان ‪.)47( Luhan Mc‬‬
‫‪Armand et Michèle‬‬ ‫كما يبني امل��ف��ك��ران الفرنسيان أرم���ان وميشال م��ات�لار‬
‫‪ mattelart‬في كتاب "التفكير في وسائل اإلع�لام" أن موضوع اإلع�لام واالتصال‬
‫غامض إبستمولوجي ًا؛ إذا إنه ينسى بيئة إنتاجه التاريخية واالقتصادية واللسانية وخاصة‬
‫إنتاجه الفكري(‪.)48‬‬

‫‪ - 4‬الدعامة الفلسفية لنظريات اإلعالم واالتصال‬


‫‪ -1-4‬النظرية الليبرالية‬
‫إذا تناولنا دعائم النظرية الليبرالية بشيء قليل من التفصيل‪ ،‬فإننا جند أن الدعامة‬
‫الفلسفية لها تقوم على رصيد هائل من كتابات الفالسفة واملفكرين الذين شغلتهم قضية‬
‫احلرية والذين كان لكتاباتهم في القرنني السابع عشر والثامن عشر أثر على فكر الثورة‬
‫الفرنسية‪ .‬وألن الفكر الفلسفي ال يقف عقيم ًا في حياة جارية‪ ،‬فقد تطورت أفكار احلرية‬
‫عند فالسفة القرنني التاسع عشر والعشرين؛ مبا يواكب تطور املجتمعات القائمة على‬
‫فلسفة احلرية الرأسمالية وبروز االحتكارات العاملية‪.‬‬
‫ومجمل ماذهب إليه فالسفة احلرية في القرنني السابع عشر والثامن عشر يرتكز‬
‫على النظر إلى العالم كآلة ضخمة ذات حركة مستمرة‪ ،‬وهذه اآللة تسير وفق ًا لقوانني‬
‫الطبيعة (‪ ،)...‬ومن هذا األساس الفكري والفلسفي نتبني بوضوح الدعامة الفلسفية‬
‫‪2019‬‬

‫‪84‬‬
‫‪37 / 147‬‬

‫للنظرية الليبرالية لإلعالم؛ فوفق ًا للنظرية الليبرالية ينبغي أن تكون للصحافة قاعدة كبيرة‬
‫من احلرية كي تساعد الناس في بحثهم عن احلقيقة‪ ،‬ولكي يصل اإلنسان إلى احلقيقة عن‬
‫طريق العقل ينبغي أن تتاح له حرية الوصول إلى املعلومات واألفكار ‪،‬وهو يستطيع أن مييز‬
‫فيما تقدمه له الصحافة بني احلقيقي والزائف باستخدام عقله(‪.)49‬‬
‫وفي القرن العشرين أصبح املفهوم الفلسفي للحرية في املجتمع الليبرالي يتضمن‬
‫مسؤولية وسائل اإلعالم جتاه املجتمع‪ ،‬وظهرت نظرية املسؤولية االجتماعية التي أكدت‬
‫فرضية أن اإلعالم له دور اجتماعي بالدرجة األولى‪ ،‬وأصبح املفكرون يوجهون النقد‬
‫املباشر والعنيف لصحف اإلثارة التي تسعى إلى نشر الفضائح واجلنس واجلرمية (‪.)...‬‬

‫‪ -2-4‬النظرية الشمولية‬
‫يرى كثير من الباحثني أن أفالطون في جمهوريته قد وضع األساس الفلسفي لنظم‬
‫احلكم الشمولية‪ ،‬وأنه جعل الدولة هي املصلحة العليا ومصلحة الفرد دونها ‪ .‬وأنه صرف‬
‫جل اهتمامه إلى الدولة‪ ،‬وجعل كل القوى مسخرة في سبيلها‪ ،‬وهو في سبيل ذلك لم‬
‫يجد ضمير ًا في التضحية مبصلحة الفرد من أجل مصلحة الدولة‪.‬‬
‫ثم يجيء بعده هيجل املثالي ثم يعقبه كارل ماركس الفيلسوف املادي‪ ،‬ولكن النظرية‬
‫الشمولية في إطارها الفلسفي املعاصر تعتمد على الفلسفة املادية في البلدان الشيوعية‬
‫بصفة عامة‪ ،‬والشك أن الفلسفة املادية تعني عند أصحابها أيديولوجية شاملة وليست كما‬
‫يتهمها مخالفوها بأنها تعني مفهوم االستمتاع احلسي‪.‬‬

‫‪ -3-4‬النظرية المختلطة‬
‫العالقة بني الفرد واملجتمع كانت ومازالت الشغل الشاغل لإلنسان منذ عصوره‬
‫القدمية حتى اليوم‪ ،‬وعندما ظهرت بلدان العالم الثالث إلى الوجود السياسي والدولي‬
‫في القرن العشرين كمجتمعات مستقلة ونامية‪ ،‬كان أهم ما طرأ على فلسفة وتطبيق‬
‫العالقة بني الفرد واملجتمع خالل أحقاب طويلة من التاريخ هو االعتراف بدور الدولة‬
‫وتدخلها حتى في املجتمعات الليبرالية‪ ،‬ثم التقارب والترابط بني الشعوب نتيجة لنمو‬
‫‪2019‬‬

‫‪85‬‬
‫‪37 / 147‬‬
‫وسائل االتصال عاملي ًا (‪ ،)...‬وإن تعقبنا الدعامة الفلسفية لنظرية اإلعالم املختلطة فإننا‬
‫نقف أمام حقيقتني أساسيتني‪ :‬أولهما أن الفكر املاركسي يرى في جتارب العالم الثالث‪،‬‬
‫االشتراكية حتريف ًا‪ ،‬وأن الفكر الليبرالي يرى في جتارب العالم الثالث‪ ،‬الليبرالية املقيدة‬
‫ال لفكر‬‫زيف ًا‪ ،‬أما احلقيقة الثانية‪ ،‬فإن بعض جتارب العالم الثالث قدمت نظري ًا إطار ًا متكام ً‬
‫سياسي جديد يقف على قدميه قرين ًا وندّ ًا للفكر املاركسي وللفكر الليبرالي(‪.)50‬‬

‫خاتمة‬
‫إن احلديث عن املسألة اإلبستمولوجية لعلوم اإلع�لام واالتصال أمر يتطلب التفكير‬
‫العميق تاريخيا ًوربط تطور الظاهرة االتصالية بالثورة التكنولوجية لوسائل اإلعالم؛ فالتصنيف‬
‫الذي قدمه ريجيس دوبريه لالتصال بداية مبرحلة الصور الذهنية ‪Logosphère‬وحتول إلى عصر‬
‫الصور البصرية ‪ Graphosphère‬وإلى الصور املتحركة ‪vidéosphère‬بفضل التكنولوجيا‬
‫احلديثة لإلعالم واالتصال ‪،‬ومن ثم ظهر مفهوم التفاعلية في االتصال بفضل املواقع من اجليل‬
‫الثاني ‪ . WEB02‬كل هذا التحول وعلى هذا املستوى يحيلنا إلى نسق فلسفي واحد هو الرجوع‬
‫إلى االتصال الذهني الذي يبقى مؤسساً ألشكال اإلعالم واالتصال األخرى‪.‬‬
‫وفي األخير نخلص إلى أن إبستمولوجيا علوم اإلعالم واالتصال تبقى رهينة تطور‬
‫الوسيلة أو الوسيط على تعبير مارشال ماكلوهان؛ فاالجتهادات اإلبستمولوجية في هذا‬
‫امليدان راجعة لفلسفة تاريخ اإلعالم في نسق تكنولوجي‪.‬‬

‫الهوامش والمراجع‬
‫ دوبريه‪ ،‬ريجيس‪ :‬محاضرات في علم اإلعالم العام –امليديولوجيا‪ ،-‬ترجمة‪ :‬شاهني فؤاد وجورجيت‬ ‫(‪)1‬‬

‫احلداد‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ :‬دار الطليعة‪ ،1996 ،‬ص‪.33‬‬


‫ محاضرات في علم اإلعالم العام ــ امليديولوجيا ــ‪ ،‬ص‪.25‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫ال يرى سيبرت وزمياله أن األصل في‬ ‫ قدم كثير من الباحثني تصنيف ًا عام ًا قريب ًا من هذا التصنيف؛ فمث ً‬ ‫(‪)3‬‬

‫النظريات اإلعالمية هما نظري ًا السلطة واحلرية‪ ،‬وأن النظرية السوفياتية تطوير لألولى واملسؤولية االجتماعية‬
‫تطوير للثانية‪.‬‬
‫‪Voir : Siebert F.S, T.Peterson and W.schramm  four of the Press Theories, Urbana :‬‬ ‫(‪ )4‬‬
‫‪2019‬‬

‫‪University of Illinois Press,1956, p81.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪37 / 147‬‬

‫كذلك يقسم كل من جون ميرل ‪،‬ورالف لوينشتاين ‪،‬النظم اإلعالمية في العالم إلى نظامني؛" نظام مرتبط‬ ‫ ‬
‫بالدولة ‪،‬نظام حر ‪"،‬أو نظم ذات ميول سلطوية ‪،‬ونظم ذات ميول ليبرالية‪.‬‬
‫‪Voir : Merril ,J.and Lowenstein,R,Media : Message and Men ,New york : Longman ,1979,p154:‬‬ ‫(‪ )5‬‬
‫ كذلك يرى سامي زبيان أن هناك صنفني من اإلعالم في العالم ‪،‬إعالم مرتبط بالدولة وإعالم مستقل عن‬ ‫(‪)6‬‬

‫الدولة ‪ :‬انظر زبيان ‪،‬سامي ‪:‬الصحافة اليومية واإلعالم‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪ :‬دار املسيرة‪ ،1987 ،‬ص‪.94-93‬‬
‫ الكوزمولوجيا ‪ :Cosmology‬علم يبحث في أصل الكون وبنيته العامة وعناصره وقوانينه التي تسيره‪ ،‬أما‬ ‫(‪)7‬‬

‫الكوزمولوجيا العلماتية‪ ،‬وهي تبحث في البيئة التي تتحكم في طبيعة اإلنسان وأهم القوانني الوضعية‬
‫وغاياتها‪.‬‬
‫ انظر‪ :‬ريفرز‪ ،‬وليام ل‪ .‬وآخرون‪ :‬وسائل اإلعالم واملجتمع احلديث‪ ،‬ترجمة‪ :‬إمام إبراهيم‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار‬ ‫(‪)8‬‬

‫املعرفة‪ ،1975 ،‬ص ‪.97-94‬‬


‫وكان هذا نتيجة الهجوم على القانون الطبيعي واحلقوق الطبيعية القائمة عليه من قبل بعض الفالسفة‪ ،‬وال‬ ‫ ‬
‫سيما (ديفيد هيوم)‪ .‬وملا كان (بنتام) أستاذ(مل) قد قال باملنفعة أساس ًا لكل احلقوق اإلنسانية؛ فقد استخدم‬
‫مل هذا األساس كركيزة حلرية الرأي‪.‬‬
‫ مل‪ ،‬جون ستيوارت‪ :‬في احلرية‪ ،‬ط‪ ،1‬ترجمة‪ :‬طه السباعي‪ ،‬القاهرة‪ :‬مطبعة األدب‪ ،1922 ،‬ص‪.135-134‬‬ ‫(‪)9‬‬

‫(‪ )10‬وسائل اإلعالم واملجتمع احلديث‪ ،‬ص ‪.111-110‬‬


‫(‪ )11‬بيل‪ ،‬إيلي‪" :‬العودة إلى هتشستر‪ :‬خمسة وثالثون عام ًا على نظرية املسؤولية االجتماعية"‪ ،‬شمول‪،‬‬
‫روبرت‪" .‬محرر" مسؤوليات الصحافة‪ ،‬ترجمة‪ :‬عصفور ألفرد‪ ،‬عمان‪ :‬مركز الكتب األردني‪،1990،‬‬
‫ص ‪.50-49‬‬
‫(‪ )12‬حمزة ‪،‬عبد اللطيف‪ :‬اإلعالم له تاريخ ومذاهبه‪،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪ ،1965 ،‬ص ‪.135‬‬
‫(‪ )13‬حمدي‪ ،‬حسن‪ :‬الوظيفة اإلخبارية لوسائل اإلعالم‪،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪ ،1989 ،‬ص‪.155‬‬
‫(‪ )14‬عبد الرحمن‪ ،‬عواطف‪ :‬املدرسة االشتراكية في الصحافة‪ :‬احلقبة اللينينية‪ ،1923-1896 :‬ط‪ ،2‬القاهرة ‪:‬‬
‫مركز البحوث العربية‪ ،1988 ،‬ص‪.10-7‬‬
‫(‪ )15‬املدرسة االشتراكية في الصحافة‪ :‬احلقبة اللينينية‪ ،1988 ،1923-1896 :‬ص‪.10-7‬‬
‫(‪ )16‬تأثير اإليديولوجيا السياسية التي تتبناها الدول النامية بالظروف التاريخية واملجتمعية والثقافات احمللية‪،‬‬
‫انظر‪ :‬أبو زيد‪ ،‬أحمد ‪ :‬الدولة في العالم الثالث‪ :‬الرؤية السوسيولوجية‪ ،‬القاهرة ‪ :‬دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،1985 ،‬ص ‪.190-183‬‬
‫(‪ )17‬يرى في هذا املعنى محمد صابر " أن الدول النامية ال ميكنها في ظل الظروف القائمة إحراق املراحل للحاق‬
‫بركب احلضارة"‪ ،‬انظر‪ :‬بال‪ ،‬فرنسيس‪ :‬وسائل اإلعالم والدول النامية‪ ،‬ترجمة‪ :‬حسني العويدات‪ ،‬تونس‬
‫‪2019‬‬

‫‪ :‬املنظمة العربية للتربية والعلوم الثقافية‪،1982 ،‬ص ‪.5‬‬

‫‪87‬‬
‫‪37 / 147‬‬
‫(‪ )18‬السماسيري‪ ،‬محمود يوسف‪ :‬فلسفات اإلعالم املعاصرة في ضوء املنظور اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،1‬فرجينيا‪ :‬املعهد‬
‫العالي للفكر اإلسالمي‪ ،2008 ،‬ص ‪.71-70‬‬
‫(‪ )19‬عبد الرحمن‪ ،‬عواطف‪ :‬قضايا التبعية اإلعالمية والثقافية في العالم الثالث‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬دار الفكر‬
‫العربي‪ ،1997 ،‬ص‪.50‬‬
‫(‪ )20‬رشتي‪ ،‬جيهان أحمد‪ :‬اإلعالم الدولي‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪.326-325 ،1986 ،‬‬
‫(‪ )21‬فلسفات اإلعالم املعاصرة في ضوء املنظور اإلسالمي‪ ،‬ص‪.75‬‬
‫(‪ )22‬محمد‪ ،‬سيد محمد‪ :‬املسؤولية اإلعالمية في اإلسالم‪ ،‬ط‪ ،1‬اجلزائر‪ :‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،1986 ،‬ص‬
‫ص ‪.257-256‬‬
‫(‪ )23‬املسؤولية اإلعالمية في اإلسالم‪ ،‬ص ص ‪.44-43‬‬
‫(‪ )24‬املسؤولية اإلعالمية في اإلسالم‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫(‪ )25‬الضاري‪ ،‬مثنى حارث؛ والزيدي‪ ،‬طه أحمد‪ :‬اإلعالم اإلسالمي ــ الواقع والطموح ــ‪ ،‬ط‪،1‬األردن‪ :‬دار‬
‫النفائس للنشر والتوزيع‪ ،2007 ،‬ص ‪.20‬‬
‫(‪ )26‬أبو سليمان‪ ،‬عبد احلميد‪ : ‬أزمة العقل املسلم‪ ،‬ط‪ ،3‬القاهرة‪ :‬دار القارى العربي‪ ،‬ص ‪.136-135‬‬
‫(‪ )27‬الشيباني‪ ،‬عمر التومي‪ :‬مفهوم اإلنسان في الفكر اإلسالمي‪ ،‬الكتاب اإلسالمي ‪ /‬الدار اجلماهيرية للنشر‬
‫والتوزيع واإلعالن‪ ،‬يوليو ‪ ،1987‬ص ‪.269-263‬‬
‫(‪ )28‬الغنوشي‪ ،‬راشد‪ :‬احلريات العامة في الدولة اإلسالمية‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬
‫‪ ،1993‬ص ‪.327-326‬‬
‫(‪ )29‬الشنقيطي‪ ،‬محمد سيد ساداتي‪ :‬اإلعالم اإلسالمي‪ ،‬األهداف والوظائف‪ ،‬سلسلة دراسات في اإلعالم‬
‫والرأي العام‪ ،‬الرياض‪ :‬دار عالم الكتب‪ ،1991 ،‬ص ‪.7‬‬
‫(‪ )30‬عبد الرحمن عزي أكادميي وباحث إعالمي جزائري‪ ،‬من مواليد ‪ 1954‬بقرية بني ورثيالن(اجلزائر)‪.‬‬
‫(‪ )31‬عزي‪ ،‬عبد الرحمن‪ :‬دراسات في نظرية االتصال –نحو فكر إعالمي متميز‪ ،-‬ط‪ ،1‬مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪،‬بيروت‪ :‬لبنان‪،2001،‬ص‪.108‬‬
‫(‪ )32‬ثاني عبد الله‪ ،‬النذير محمد‪ :‬الرأسمال القيمي من منظور عزي‪ ،‬مداخلة غير منشورة في امللتقى الوطني‬
‫‪ ،‬جامعة عبد احلميد‬ ‫‪ 24/25‬أفريل ‪2012‬‬ ‫األول حول النظريات احلديثة في علوم اإلعالم واالتصال أيام‬
‫بن باديس ــ مستغامن ‪.‬‬
‫(‪ )33‬دليو‪ ،‬فضيل‪ :‬االتصال‪ :‬مفاهيمه‪ ،‬نظرياته‪ ،‬وسائله‪،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬دار الفجر للنشروالتوزيع‪،‬‬
‫‪ ،2003‬ص‪.15‬‬
‫(‪ )34‬عمار ‪،‬حسن؛ السيد حسن‪ ،‬ليلى‪ :‬االتصال ونظرياته املعاصرة‪ ،‬ط‪،2‬مصر‪ :‬ال��دار املصرية اللبنانية‪،‬‬
‫‪2019‬‬

‫ـ‪ ،2002‬ص‪.15‬‬

‫‪88‬‬
‫‪37 / 147‬‬

‫(‪ )35‬ريحي‪ ،‬مصطفى عليان؛ عبد الديس‪ ،‬محمد‪ :‬وسائل االتصال وتكنولوجيا التعليم‪،‬ط‪ ،1‬عمان‪ :‬دار‬
‫الصفا للنشر التوزيع‪ ،1999،‬ص‪.25‬‬
‫(‪ )36‬مكاوي‪ ،‬حسن عماد؛ السيد‪ ،‬حسن‪ ،‬ليلى‪ :‬االتصال ونظرياته املعاصرة‪ ،‬ط‪ ،1‬مصر‪ :‬ال��دار املصرية‬
‫اللبنانية‪ ،2002 ،‬ص‪.15‬‬
‫(‪ )37‬وسائل االتصال وتكنولوجيا التعليم‪ ،‬ص‪.24‬‬
‫(‪ )38‬وسائل االتصال وتكنولوجيا التعليم ‪،‬ص‪.25‬‬
‫(‪ )39‬دليو‪ ،‬فضيل‪ :‬مقدمة في وسائل االتصال للجماهيرية‪ ،‬ط‪ ،2‬اجلزائر ‪ :‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪،1998 ،‬‬
‫ص‪.18‬‬
‫(‪ )40‬االتصال ونظرياته املعاصرة‪ ،‬ص‪.24-25‬‬
‫(‪ )41‬وسائل االتصال وتكنولوجيا التعليم‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫(‪ )42‬إحدادن‪ ،‬زهير‪ :‬مدخل لعلوم اإلعالم واالتصال‪ ،‬ط‪ ،1‬اجلزائر‪ :‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪2002 ،‬ص ‪.9‬‬
‫(‪ )43‬الدليمي‪ ،‬عبد ال��رزاق محمد‪ :‬اإلع�لام التربوي‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ :‬دار املسيرة للنشر والتوزيع‪،2001 ،‬‬
‫ص‪.31‬‬
‫(‪Hubert ,Fondin : La science de l’information : posture épistémologique et spécificité )44‬‬

‫‪disciplinaire , documentaliste, science de l’information, vol.38,n°2 :2001, ,p112.‬‬

‫(‪Debry, Regis : introduction a la médiologie, 1ere edition, France :presse universitaire )45‬‬

‫‪de,2000.p8.‬‬

‫‪Miege, Bernard : L’information communication –objet de connaissance-, 1ere‬‬ ‫(‪ed , )46‬‬

‫‪Belgique, p-50--51.‬‬

‫‪Mattelart, Armand et michèle : Penser les médias,Paris : édition la découvertes ,1986, p58.‬‬ ‫(‪) 47‬‬

‫(‪ )48‬محمد‪ ،‬سيد محمد‪ :‬صحافة سلطة رابعة كيف؟‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬دار الشعب للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪ ،1989‬ص‪20.‬‬

‫(‪ )49‬صحافة سلطة رابعة كيف؟‪ ،‬ص‪.29‬‬


‫(‪ )50‬محمد‪،‬سيد محمد‪ :‬املسؤولية اإلعالمية في اإلسالم من البعثة إلى القرن احلادي والعشرين‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪:‬‬
‫دار الفكر العربي‪ ،2008 ،‬ص ‪.273-272‬‬
‫‪2019‬‬

‫‪89‬‬
37 / 147
2019

90

View publication stats

You might also like