You are on page 1of 154

‫‪0‬‬

‫كيف نحمي أولدانا من رفاق‬

‫السـوء والمخدرات‬

‫الدكتور ‪ :‬خالد أحمد الشـنتوت‬

‫الطبعة الثانية‬

‫‪2005 / 1426‬‬

‫‪0‬‬
‫‪1‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫مقـدمـة الكـتاب‬
‫الحمد لله وحده ‪ ،‬والصلةا والسلما‬
‫على رسوله ‪ ،‬وبعد ‪:‬‬
‫ً‬
‫كان صوته في الهاتف مرتجفا وهو‬
‫يقول ‪:‬‬
‫ـ خالد أريدك في أمر عاجل ‪ ،‬بل إن‬
‫أمواج العبرات واضحة وهي تعصف‬
‫بصوته ؛ فتخرجه عن هدوئه المعتاد ‪.‬‬
‫وقد اقترب من الخمسين ‪ ،‬عاش‬
‫شطرا ً كبيرا ً منها يكرس جهوده لتربية‬
‫أولده الستة ‪ ،‬حتى دخل بعضهم‬
‫الجامعة ‪ ،‬ومازال الخرون في‬
‫المدارس الثانوية والعدادية ‪ .‬وكان‬
‫يردد على مسامع زملئه كل يوما حديث‬
‫رسول الله ‪ ] ‬إذا مات النسان انقطع‬
‫عمله إل من ثالثاة ‪ :‬إل من صدقة جارية‬
‫‪ ،‬أو علم ينتفع به ‪ ،‬أو ولد صالح يدعو له‬
‫[)‪.(1‬‬
‫ودهش خالد لما فتح الباب ورأى‬
‫صديقه ) أبا حسان ( وقد احمرت عيناه‬
‫‪ ،‬وانحدرت الدموع تبلل لحيته الكثة‬
‫‪ 1‬ـ مسلم ) ‪ (1631‬في الوصية ‪ ،‬باب ما يلحق النسان من‬
‫الثواب بعد وفاته ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫المهذبة ‪ ،‬واختنق صوته فلم يستطع أن‬
‫ينطق بكلمة واضحة ‪.‬‬
‫ـ خيرا ً يا أبا حسان ‪ ،‬خيرا إن شاء الله ‪،‬‬
‫ً‬
‫ماذا جرى ؟‬
‫وجاء صوته من قلبه المكدود والمفعم‬
‫باللم ‪:‬‬
‫ـ ولدي ‪ ،‬يا خالد ‪ ،‬ولدي عمر‪،‬لم نـره‬
‫منذ ثالثاة أياما ‪ ،‬ثام غلبته الدموع‬
‫فانحبس صوته‪.‬‬
‫ـ عمر شاب يا أبا حسان ‪ ،‬وهو شاب‬
‫مؤدب ومتدين ل تخف عليه ‪ ،‬هيا اجلس‬
‫وخذ كأسا ً من الماء ‪ ،‬ثام نفكر سوية‬
‫ولهدوء ‪ ،‬ولن أتركك حتى تجده سليما ً‬
‫إن شاء الله تعالى ‪.‬‬
‫ومرت سلسلة سريعة من الذكريات‬
‫ترسم لخالد ملمح شخصية عمر ‪،‬‬
‫الطالب المثالي الذي درس عنده في‬
‫العاما الماضي ‪ ،‬كان من الطلب‬
‫المتفوقين ‪ ،‬وكان قليل الختلطا‬
‫بالخرين ‪ ،‬حتى الطلب الملتزمينـ‬
‫بدينهم ‪ ،‬فقد كان متحفظا ً من الجميع ‪،‬‬
‫وسرعان ما تذكر خالد أن عمر في‬
‫الثالث المتوسط هذا العاما ‪ ،‬أي بداية‬
‫مرحلة القران ‪ ،‬المرحلة الحتمية التي‬
‫لبد أن يمر بها الفرد خلل مراحل‬
‫نمـوه النفسي والجتماعي ‪ .‬ولم يقطع‬

‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫هذا الشريط سوى وجه أبي حسان‬
‫الذي يبعث على السـى واللم ‪ ،‬فقال‬
‫خالد ‪:‬‬
‫ـ متى غادر البيت ؟ وإلى أين ؟ ومـع‬
‫مـن ؟‬
‫ً‬
‫ـ سافر يوما الخميس صباحا مع بعض‬
‫الولد من أقاربه ‪ ،‬قال لي ‪ :‬سنذهب‬
‫إلى العمرةا ‪ ،‬ونعود مساء غد )الجمعة (‬
‫‪ ،‬وهانحن بعد ظهر يوما السبت ولم يعد‬
‫أحد منهم !!!‬
‫ـ هل سألتم بعض القارب في مكة لعله‬
‫رآهم ؟‬
‫ـ سألنا ‪ ،‬وكان الجواب ‪ :‬أنه لم يرهم‬
‫أحد ولم يسمع عنهم أحد ‪.‬‬
‫ـ تأخروا يوما ً واحدا ً ‪ ،‬والغائب حجتـه‬
‫معـه يا أبا حسان ‪ ،‬ل تقلق سوف‬
‫يعودون بعد قليل سالمين غانمين إن‬
‫شاء الله تعالى ‪ .‬و ‪...‬‬
‫وقطع حديثهم رنين الهاتف فأسرع خالد‬
‫وأمسك السماعة ‪ ،‬فسمع صوت أحد‬
‫أولد أبي حسان يسأل عن والده ‪،‬‬
‫فقال فرحا ً ‪:‬‬
‫ـ وصل عمر ‪ ،‬بشـر يا ولدي ؟‬
‫ولكن صوت المتحدث لم يكن منبئا ً بما‬
‫يتسر ‪ ،‬بل يحمل ألما ً وقلقا ً كبيرين ‪ ،‬ثام‬

‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫قال ‪ :‬لو سمحت أكلم بابا إذا كان‬
‫عندكم ؟‬
‫أعطى خالد السماعة لزميله وتسمرت‬
‫عيناه على ملمح وجهـه ‪.‬‬
‫ـ الشرطة ‪ !!!..‬ماذا يقولون ؟‬
‫ـ قالوا ‪ :‬ابعث والدك يقابلنا في المخفر‬
‫‪.‬‬
‫وضع السماعة بعد أن امتلت بنحيب‬
‫ولده ‪ ،‬فماذا ستقول لهم الشرطة يا‬
‫ترى !!؟ أهو ميت بعد حادث في‬
‫الطريق ؟ أما هو في المستشفى‬
‫مسجى في العناية المركزةا ؟ شـد أبو‬
‫حسان نفسـه حتى وقف حائرا ً ‪،‬‬
‫فأسرع خالد ومشى معه خارج البيت‬
‫قائل ً ‪:‬‬
‫ـ سلّم المور لله يا أبا حسان ‪ ،‬وكاد أن‬
‫يختنق صوت خالد بآخر كلمة نطقها ‪،‬‬
‫لذلك لزما الصمت ‪ ،‬فسارا معا ً إلى‬
‫سيارةا خالد ووصل إلى المخفر ‪ ،‬وبعد‬
‫لحظات كان الضابط المناوب يرجو‬
‫خالدا ً أن يتركهما قليل ً ‪ ،‬خرج خالد من‬
‫المكتبـ إلى الصالة ‪ ،‬وما هي إل‬
‫لحظات حتى سمع ارتطاما جسد أبي‬
‫حسان بالرض ؛ بينما يحاول الضابط‬
‫المناوب مساعدته ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪5‬‬
‫دخل خالد فرأى أبا حسان في غيبوبة ‪،‬‬
‫وقد أسرع الضابط إلى الهاتف يطلب‬
‫السعاف ‪ ،‬وبعد لحظات حاول كل‬
‫منهما مساعدته على التنفس ؛ ثام‬
‫وصلت سيارةا السعاف فنقلته إلى‬
‫المستشفى العاما ‪.‬‬
‫التفت خالد إلى الضابط المناوب الذي‬
‫رافقهما حتى اطمأن على الجراءات‬
‫اللزمة وقال ‪:‬‬
‫ـ هل حصل مكـروه لعمر ؟ حادث‬
‫سيارةا في الطريق ؟ أما ماذا ؟‬
‫فأجاب الضابط وهو يزفر زفرةا حـرى ‪:‬‬
‫ضبط عمر مع رفاقه يتعاطون‬
‫المخدرات في البر يـوما الخميس‬
‫الماضي ‪.‬‬
‫ما أن لمست هذه الكلمات ذهـن خالد‬
‫حتى كادت الدهشة أن تذهب بوعيـه ‪،‬‬
‫فراح يتمتم بغير وعي ‪ :‬ـ عمر !!! غير‬
‫معقولـ أبدا ً ‪ ،‬عمر طـالب مؤدب ‪،‬‬
‫مـحافظ على دينـه ‪ ،‬طـالب متفوق ‪،‬‬
‫يهتم بـه والده كثيرا ً ‪.‬‬
‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬
‫ومرت الياما فتحسن أبو حسان قليل ً ‪،‬‬
‫وسمح له الطبيب المعالج بالخروج‬

‫‪5‬‬
‫‪6‬‬
‫على دراجـة ؛ ليزور عمر في السـجن ‪،‬‬
‫وأصر خالد على مرافقتـه على الرغم‬
‫من محاولة أبي حسان أن ل يذهب‬
‫معهم ‪ ،‬إلى سجن المخدرات ‪ ،‬يالـه من‬
‫عار كبير ‪ ،‬كيف يراه الناس بلحيتـه‬
‫وهيئتـه ‪ ،‬ومعه خالد المدرس مربي‬
‫الشباب ‪ ،‬كيف يراهم الناس ذاهبين إلى‬
‫سجن المخدرات !!؟‬
‫وبعد ‪ ...‬كان اللقاء المـر ‪ ،‬والصورةا‬
‫المؤلمة لعمر بثياب السجن ‪ ،‬حليق‬
‫الرأس ‪ ،‬يبكي كطفل صغير وهو يدفن‬
‫رأسـه في صـدر والده ‪ ،‬بعد أن قبل‬
‫يـديـه وقدميـه ثام قال بصوت ممزوج‬
‫بالبكاء ‪:‬‬
‫ـ كنت أرغب أن تكون لي ) شـلة ( مثل‬
‫غيري من الشباب ‪ ،‬ولما دعوني إلى‬
‫رحلة اقترحت أن تكون رحلة عمرةا ‪،‬‬
‫فرفضوا في البدايـة ‪ ،‬ثام وافقوا وقررنا‬
‫السفر للعمرةا ‪ ،‬وفي الطريق جلسنا‬
‫في إحدى الستراحات نتناول الطعاما ‪،‬‬
‫وما أن شربت الشاي حتى شعرت‬
‫بنعس عجيب ‪ ،‬وأحلما أشد عجبا ً ‪،‬‬
‫وعندما كنت أفيق بين الفينة والخرى‬
‫فأرى رفاقي في حالة يرثاى لها ‪ ،‬ما‬
‫كنت أصدق ما أراه ‪ ،‬وما كنت أعرف‬
‫ماذا أفعل ‪ ،‬وكيف الخلصا ‪ ،‬وماذا حل‬

‫‪6‬‬
‫‪7‬‬
‫بي وبرفاقي ‪ ،‬ولماذا ل نتابع السـفر‬
‫إلى مكـة !!!؟ وما درت إل ورجال‬
‫الشرطة يمسكون بنا وقيدونا ‪ ،‬ثام‬
‫أحضرونا إلى قسم مكافحة المخدرات‬
‫‪ ،‬وعند التحقيق معي أقسمت لهم أنني‬
‫ل أعرف المخدرات ‪ ،‬ولم أتناولها ‪،‬‬
‫ولنهم لم يصدقوني وقال لي الضابط ‪:‬‬
‫ـ نتائج المختبرـ تقول أنكم تعاطيتم‬
‫المخدرات ‪ ،‬كلكم والكمية التي‬
‫تعاطيتها أنت قليلة جدا ً ‪ ،‬ويبدو أنها‬
‫المرةا الولى ‪ ،‬وإذا كان القانون يحبس‬
‫زملءك عشر سنوات ‪ ،‬فإنه يحبسك‬
‫ثالثاا ً فقط ‪ ،‬لنها المرةا الولى ‪ .‬وعندما‬
‫صرخت من الغضب وقلت له ‪:‬‬
‫ـ ما ذنبي أنا ‪ ،‬يبدو أنهم قدموها لي‬
‫دون علمي ؟ فقال الضابط بحزما وهو‬
‫يـدق بيـده منفعلًـ ‪:‬‬
‫ـ ذنبـك يا عمر أنك مشيتـ معهم ‪،‬‬
‫وكان عليك البتعـاد عن رفاق السـوء‬
‫والمخدرات ‪.‬‬
‫الطبعة الولى المدينة المنورةا في ربيع‬
‫الول ‪1414‬هـ ) ‪1993‬ما( ‪.‬‬
‫والطبعة الثانية في المدينة‬
‫المنورةا رجب ‪1426‬هـ )‪2005‬ما( ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪8‬‬
‫الفصل الول‬
‫مسـؤوليـة الوالـدين عن أولدهــم‬
‫أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه‬
‫عن أبي هريرةا ‪ ‬قال ‪ :‬قال النبي ‪‬‬
‫] كل مولود يولد على الفطرةا ‪ ،‬فأبواه‬
‫يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ‪ ،‬كمثل‬
‫البهيمة تنتج البهيمة ‪ ،‬هل ترى فيها‬
‫جدعاء [ )‪ .(1‬يقول العيني يرحمه الله‬
‫في عمدةا القاري ) ‪... ) : (7/93‬‬
‫والمراد بالفطرةا الدين ‪ ،‬فلو ترك عليها‬
‫لسـتمر على لزومها ولم يفارقها إلى‬
‫غيرها ‪ ،‬لن هذا الدين موجود في‬
‫النفوس ‪ ،‬وإنما يعدل عنه لفة من‬
‫آفات البشرية والتقليد ‪ ،‬فأبواه يهودانه‬
‫‪ ...‬الفاء للتسبب ‪ :‬أي إذا تغير كان‬
‫بسبب أبويه ‪ ،‬أي أنهما يعلمانه ما هو‬
‫عليه ويصرفانه عن الفطرةا ‪.‬‬
‫وعن عبد الله بن عمر ‪ ‬قال ‪ :‬سمعت‬
‫رسول الله ‪ ‬يقول ‪ ] :‬كلكم راع‬
‫ومسؤول عن رعيته ‪ ،‬فالماما راع‬
‫‪ 1‬ـ صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب الجنائز ‪ ،‬باب إذا اسلم الصبي‬
‫فمات ‪ ،‬وباب ما قيل في أولد المشركين ‪ ،‬وصحيح مسلم‬
‫رقم الحديث )‪ ( 2658‬في باب القدر ‪ ،‬وفي سنن أبي داود ‪،‬‬
‫كتاب السنة ‪ ،‬باب ذراري المشركين رقم الحديث )‪، (4549‬‬
‫)‪ ، (7/83‬وفي موطأ الماما مالك في كتاب الجنائز ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪9‬‬
‫ومسؤول عن رعيته ‪ ،‬والرجل راع في‬
‫أهله ومسؤول عن رعيته ‪ ،‬والمرأةا في‬
‫بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن‬
‫رعيتها ‪ ،‬والخادما في مال سيده راع‬
‫وهو مسؤول عن رعيته [ قال ‪:‬‬
‫فسمعت هؤلء من النبي ‪ ، ‬وأحسب‬
‫النبي ‪ ‬قال ‪ ] :‬والرجل في مال أبيه‬
‫راع ومسؤول عن رعيته ‪ ،‬فكلكم راع‬
‫ومسؤول عن رعيته [)‪ .(1‬قال الخطابي‬
‫رحمه الله ) ورعاية الرجل أهله ‪:‬‬
‫سياسته لمرهم ‪ ،‬وإيصالهم حقوقهم ‪،‬‬
‫ورعاية المرأةا تدبير البيت والولد‬
‫والخدما( ‪ .‬ويقول ابن حجر يرحمه الله‬
‫)‪ : (13/120‬لبن عدي بسند صحيح‬
‫عن أنس ‪ ] :‬إن الله سائل كل راع عما‬
‫استرعاه حفظ ذلك أما ضيعه [ وقال‬
‫النووي يرحمه الله )‪ ) : (12/454‬قال‬
‫العلماء الراعي هو الحافظ المؤتمن‬
‫الملتزما صلح ما قاما عليه وما هو تحت‬
‫نظره ن ففيه أن كل من كان تحت‬
‫نظره شيء ‪ ،‬فهو مطالب بالعدل فيه ‪،‬‬
‫والقياما بمصالحه في دينه ودنياه‬
‫ومتعلقاته]مامنـ عبد يسترعيهـ الله‬
‫‪ 1‬ـ صحيح البخاري رقم )‪ (7138‬في فاتحة كتاب الحكاما‬
‫وغيره ‪ ،‬ومسلم رقم )‪ (1829‬في المارةا ‪ ،‬والترمذي )‬
‫‪ (1705‬فبي الجهاد ‪ ،‬وأبو داود )‪ (2928‬في المارةا ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪10‬‬
‫رعية يموت يوما يموت وهو غاش‬
‫لرعيتهـ إل حرما الله عليه الجنة [ ‪.‬‬
‫ويقول الماما الغزالي يرحمه الله في‬
‫رسالة أنجع الوسائل ‪ ) :‬الصبي أمانة‬
‫عند والديه ‪ ،‬وقلبه الطاهر جوهرةا‬
‫ساذجة خاليه من كل نقش وصورةا ‪،‬‬
‫وهو قابل لكل نقش ‪ ،‬ومائل إلى كل ما‬
‫يمال به إليه ‪ ،‬فإن عوّد الخير وعلمه‬
‫نشأ عليه ‪ ،‬وسعد في الدنيا والخرةا‬
‫أبواه ‪ ،‬وكل معلم له ومؤدب ‪ ،‬وإن عود‬
‫الشر وأهمل إهمال البهائم ؛ شقي‬
‫وهلك ‪ ،‬وكان الوزر في رقبة القيم عليه‬
‫والوالي له ‪ ،‬ويقول رسول الله ‪ ] ‬كل‬
‫مولود يولد على الفطرةا ‪ ،‬وإنما أبواه‬
‫يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه [ ‪.‬‬
‫وأكد ابن القيم يرحمه الله هذه‬
‫المسؤولية فقال‪):‬قال بعض أهل العلم‬
‫إن الله سبحانه وتعالى يسأل الوالد عن‬
‫ولده يوما القيامة ‪ ،‬قبل أن يسأل الولد‬
‫عن والده ‪ ،‬فإنه كما أن للب على ابنه‬
‫حقا ً ‪ ،‬فللبن على أبيـه حق ‪ ،‬فكما قال‬
‫تعالى ‪ ‬ووصينا النسان بوالديه حسنا ً‬
‫‪ -‬العنكبوتـ ‪ -7‬وقال أيضا ً ‪  :‬قوا‬
‫أنفسكم وأهليكم نارا ً وقودها الناس‬
‫والحجارةا ‪ -‬التحريم ‪ - 6‬فوصية الله‬
‫للباء بأولدهم سابقة على وصية الولد‬

‫‪10‬‬
‫‪11‬‬
‫بآبائهم ‪ ،‬فمن أهمل تعليم ولده ما‬
‫ينفعه وتركه سدى فقد أساء غاية‬
‫الساءةا ‪ ،‬وأكثر الولد إنما جاء فسادهم‬
‫من قبل الباء ‪ ،‬وإهمالهم لهم ‪ ،‬وترك‬
‫تعليمهم فرائض الدين وسـننه ‪،‬‬
‫فأضاعوهم صغارا ً ‪ ،‬فلم ينتفعوا‬
‫بأنفسهم ‪ ،‬ولم ينفعوا آباءهم كبارا ً ‪،‬‬
‫كما عاتب أحدهم ولده على العقوق ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬يا أبت إنك عققتني صغيرا ً ‪،‬‬
‫فعققتك كبيرا ً ‪ ،‬وأضعتني وليدا ً‬
‫فأضعتك شيخا ً)‪.(1‬‬
‫وعن ابن عمر ‪ ‬قال ‪ :‬قال رسول الله ‪‬‬
‫‪ ] :‬كفى بالمرء إثاما ً أن يضيع من يقوت‬
‫[)‪.(2‬‬
‫وعن ابن عمر ‪ ‬قال‪):‬سماهم الله‬
‫‪-‬تبارك وتعالى‪-‬أبراراً؛ لنهم بروا الباء‬
‫والبناء ‪ ،‬كما أن لوالديك عليك حقا ً ‪،‬‬
‫كذلك لولدك عليك حقاً()‪.(3‬‬
‫حقـوق الولـد على والديـه ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ محمد نور سويد ‪ ،‬التربية النبوية للطفل ‪ ،‬صا ‪. 37‬‬
‫‪ 2‬ـ رواه الحاكم في مستدركه ‪ ،‬وقال صحيح السناد ولم‬
‫يخرجاه ‪ ،‬وأقره الذهبي ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ كتاب العيال )‪ ، (175‬وأخرجه البخاري في الدب المفرد‬
‫)‪ ، (94‬وأخرج البيهقي في السنن الكبرى )‪ (3/84‬عن ابن‬
‫عمر ‪ ‬قال ‪ ) :‬أدب ابنك فإنك مسؤول عن ولدك ‪ ،‬ماذا أدبته‬
‫‪ ،‬وماذا علمته ‪ ،‬وإنه مسؤول عن برك ‪ ،‬وطواعيته لك ( ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪12‬‬
‫تبدأ حقوق الولد على أبويه قبل الــزواج‬
‫‪ ،‬وتســتمر مــدى الحيــاةا ‪ ،‬وتكــون على‬
‫أشــــــدها خلل الطفولة ثام المراهقة ‪،‬‬
‫وهذا موجز لهمها ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ السعي للزواج من امرأةا صالحة‬
‫ذات دين ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ السكن في بيئـة ملتزمـة بدينها ‪،‬‬
‫لتوفير البيئةـ الصالحة للولد ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ اتباع السنة في المعاشرةا الزوجية ‪،‬‬
‫والدعاء بالمأثاور ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ اتباع السنة في استقبال‬
‫المولود‪،‬كأن يؤذن في أذنيه بعدولدته‪،‬‬
‫ويحنكه بنفسه ‪ ،‬أو يذهب به إلى عالم‬
‫صالح يدعو له ويحنكه ‪،‬ويعد له العقيقةـ‬
‫‪.‬‬
‫‪-5‬عدما تسخط البنات‪،‬واستقبال البنت‬
‫بنفس الفرحة التي يستقبلـ بهاالولد‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ أن يتخيرله اسماًحسناً‪،‬ذكرا ً كان‬
‫أوأنثى‪،‬كما ورد في السنة المطهرةا‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ أن يختنه ذكرا ً كان أو أنثى ‪ ،‬والختن‬
‫من سنن الفطرةا ‪ ،‬ويستحب أن يكون‬
‫بعيد الولدةا بأياما قليلة لسهولتهـ على‬
‫الطفل ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ أن يختارله مرضعة صالحة ‪ ،‬وأفضل‬
‫مرضعة للطفل أمـه ‪ ،‬لما للبنها من‬
‫توافق مع الطفل ‪ ،‬كما أن للرضاعـة‬

‫‪12‬‬
‫‪13‬‬
‫من الما أثاـر طيب في النمو النفسي‬
‫والعاطفي للطفل ‪.‬‬
‫‪9‬ـ أن ترعاه أمه وتحضنه ‪ ،‬خاصة خلل‬
‫مرحلتي المهد والطفولة المبكرةا ‪ ،‬ول‬
‫تتركه للخادمات أو المربيات مهما كن‬
‫مخلصات في عملهن ‪ ،‬فالما ل تعوض‬
‫عند الطفل بالدنيا كلها ‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ وعلى الوالدين أن يعلما طفلهما‬
‫كتاب الله عز وجل ‪ ،‬قبل كل شيء ‪ ،‬ثام‬
‫ما يلزمه من العلوما في دينه ‪ ،‬ثام‬
‫يعلمانه صنعة من علوما الدنيا ‪.‬‬
‫‪11‬ـ أن يعلمه أبوه السباحة والرماية‬
‫وركوب الخيل)الدراجة والسيارةا(‪،‬‬
‫والهدف إعداده جسديا ً ونفسيا ً للجهاد‬
‫في سبيل الله ‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ أليرزقه إل طيباً‪،‬من الكسب‬
‫الـحلل ‪ ،‬فقد روى الطبراني في‬
‫الوسط أن رسول الله ‪ ‬قال ‪ ] :‬من‬
‫سـعى على عياله من حله فهو‬
‫كالمجاهد في سـبيل الله ‪ ،‬ومن طلب‬
‫الدنيا حلل ً في عفاف كان في درجة‬
‫الشهداء [ ‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ أن يعلمه الصلةا ويدربه عليها في‬
‫سن السابعة ‪ ،‬ويواظب على هذا‬
‫التدريب والتعليمـ حتى ترسخ عنده ‪،‬‬

‫‪13‬‬
‫‪14‬‬
‫ويصحبه إلى المساجد للصلةا ‪ ،‬وسماع‬
‫الدروس ‪ ،‬والمواعظ من العلماء ‪.‬‬
‫‪ 14‬ـ أن يدربه على الصوما منذ السابعة‬
‫‪ ،‬ويراعي الفصولـ وطول اليوما ‪.‬‬
‫‪ 15‬ـ أن يدرب بناته على الحجاب منذ‬
‫السابعة ‪ ،‬ويتبع كافة السبلـ التربوية‬
‫من ترغيب وترهيب وتشويق وتعزيز‬
‫لهذا السلوك السلمي عندها ‪.‬‬
‫‪ 16‬ـ أن يكون الوالدان قدوةا حسنة‬
‫لطفالهم داخل البيت وخارجه ‪،‬‬
‫فالطفال يتعلمون من اقتدائهم بأفعال‬
‫والديهم أضعاف ما يتعلمونه من‬
‫أقوالهم ‪.‬‬
‫‪17‬ـ أن يعلماه آداب السـتئذان وسـائـر‬
‫الداب الجتماعية‪ ،‬بالقول والعمل‪،‬‬
‫والتلقينـ والقدوةا‪.‬‬
‫‪18‬ـ أن يوفرله الرفقـة الصالـحة ‪ ،‬ويهيأ‬
‫لـه رفقتهم والتفاعلـ معهم ‪ ،‬كمشاركته‬
‫في المخيمات السلمية وغيرها ‪.‬‬
‫‪ 19‬ـ أن يعده للحياةا العملية ‪،‬‬
‫كالدراسـة وتعليمه مهنة نافعة له في‬
‫دينه ودنياه ‪،‬أن يسهر على تخطيط‬
‫مستقبله النافع ‪.‬‬
‫‪20‬ـ أن يعوله حتى سن الرشد‪،‬ويقدما‬
‫له ما يحتاجه وأن يساعده بعد الرشد ـ‬
‫إن كان الولد فقيرا ً والوالد غنيا ً ـ ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪15‬‬
‫‪21‬ـ أن يعدل الوالدان بين أولدهم ‪،‬‬
‫ويساوون بينهم في الحب والعطف‬
‫والمعاملة المالية ‪ ،‬وخاصة بين الذكور‬
‫والناث ‪ ،‬أو أبناء الزوجات إذا كان‬
‫للرجل أكثر من زوجـة ‪.‬‬
‫‪22‬ـ أن يبحثا لولدهمـا عن الزوجـة‬
‫الصالحة ذات الدين ‪ ،‬وأن يبحثا لبنتهما‬
‫عن الزوج الصالح ذي الديـن ‪ ،‬وينفقا‬
‫على ولدهما أو بنتهما من مالهما‬
‫الخاصا ـ إذاكانا أغنياء ـ من أجل‬
‫زواجهما وبناء السرةا المسلمة ‪.‬‬
‫‪23‬ـ أن يرشد الوالدان أولدهم بعد‬
‫الزواج إلى سعادةا الدنيا والخرةا ‪،‬أن‬
‫يزور الوالدان أولدهم وبناتهم في‬
‫بيوتهم الجديدةا ‪ ،‬وأن ل تضعف رابطة‬
‫البوةا بعد زواج الولد ‪.‬‬
‫أو ولـد صالـح يدعـو لـه‬
‫م هذا الهتماما‬
‫قد يتساءل أحدهم ‪ :‬ل ِ َ‬
‫م هذه العناية المستمرةا به‬ ‫بالولد !!؟ ول ِ َ‬
‫طوال الحياةا !!؟ والجواب على ذلك أن‬
‫الولد الصالح كنز للخرةا ‪ ،‬وأعمال الولد‬
‫الصالحة يستفيد منها والداه بعد موتهما‬
‫‪ ،‬ناهيك عن الدعاء لهما بعد موتهما ‪،‬‬
‫فالولد الصالح أعظم استثمار للوالدين‬
‫في الدنيا والخرةا ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪16‬‬
‫فعن أبي هريرةا‪ ‬أن رسول الله ‪ ‬قال‬
‫‪ ] :‬إذا مات النسان انقطع عمله إل من‬
‫ثالثاة ‪ :‬إل من صدقة جارية ‪ ،‬أو علم‬
‫ينتفع به ‪ ،‬أو ولد صالح يدعو لـه [‪ .‬وقال‬
‫النووي يرحمه الله ينقطع عمل الميت‬
‫بموـه ‪ ،‬وينقطع تجدد الثواب إلفي هذه‬
‫الشياء الثلثاة‪،‬لكونه كان سببها‪،‬فإن‬
‫الولدمن كسبه‪ ،‬وكذلك العلم الذي‬
‫خلفه من تعليم أو تصنيف ‪ ،‬وكذلك‬
‫الصدقة الجارية وهي الوقف ‪ ،‬وفيه‬
‫فضيلة الزواج لرجاء ولد صالح )‪. (1‬‬
‫وعن أبي الدرداء قال ‪ :‬ذكرنا عند‬
‫رسول الله ‪ ‬الزيـادةا في العمر فقال ‪:‬‬
‫] إن الله ل يؤخر نفسا ً إذا جاء أجلها ‪،‬‬
‫وإنما الزيادةا في العمر أن يرزق الله‬
‫العبد ذرية صالحة ‪ ،‬يدعون له فيلحقه‬
‫دعاؤهم في قبره [ )‪. (2‬‬
‫وعن أبي هريرةا ‪ ‬قال ‪ ) :‬ترفع للميت‬
‫بعد موته درجته فيقول ‪ :‬أي رب ! أي‬
‫شيء هذه ؟ فيقال ولدك استغفر لك (‬
‫)‪. (3‬‬
‫‪ 1‬ـ مسلم )‪ (1631‬في الوصية ‪ ،‬باب ما يلحق النسان من‬
‫الثواب بعد وفاته ‪. ،‬‬
‫‪ 2‬ـ ذكره ابن كثيرفي التفسير )‪ ، (4/373‬ورواه الحكيم ‪،‬‬
‫انظر كنز العمال )‪. (16/281‬‬
‫‪ 3‬ـ البخاري في الدب المفرد رقم )‪ (36‬و يقول الهيثمي ‪:‬‬
‫رواه الطبراني في الوسط وفيه ضعفاء قد وثاقوا )‪(10/210‬‬

‫‪16‬‬
‫‪17‬‬
‫وحدث أبو نعيم قال ‪ :‬حدثانا عبد‬
‫الرحمن بن الغسيل قال ‪ :‬أخبرني أسيد‬
‫بن علي أنه سمع أبا أسيد يحدث القوما‬
‫قال ‪ :‬كنا عند النبي ‪ ‬فقال رجل ‪ :‬يا‬
‫رسول الله ! هل بقي من بر أبوي‬
‫شيء بعد موتهما ؟ قال ‪] :‬نعم ‪ ،‬خصال‬
‫أربع ‪ :‬الدعاء لهما ‪ ،‬والستغفار لهما ‪،‬‬
‫وإنفاذ عهدهما ‪ ،‬وإكراما صديقهما ‪،‬‬
‫وصلة الرحم التي ل رحم لك إل من‬
‫قبلهما [)‪. (1‬‬
‫وعن عائشة ‪ ‬أن رجل ً قال للنبي ‪: ‬‬
‫] إن أمي افتلتت نفسها ‪ ،‬وأراها لو‬
‫تكلمت تصدقت ‪ ،‬أفأتصدق عنها ؟ قال‬
‫‪ :‬نعم تصدق عنها [)‪. (2‬‬
‫وعن عبد الله بن عباس ‪ ‬أن سعد بن‬
‫عبادةا ‪ ‬استفتى رسول الله ‪ ‬فقال ‪:‬‬
‫] إن أمي ماتت وعليها نـذر ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫اقضـه عنهـا [)‪. (3‬‬

‫‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ البخاري في الدب المفرد)‪ (35‬وأخرجه أبو داود وابن‬
‫ماجه ‪ ،‬وقال الحافظ في التهذيب ‪ :‬أخرجه ابن حبان والحاكم‬
‫في صحيحهما ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ صحيح البخاري )‪ (2760‬في الوصايا ‪ ،‬باب ما يستحب‬
‫لمن توفي فجأةا أن يتصدقوا عنه ‪ ،‬والترمذي في الزكاةا ‪،‬‬
‫وأبو داود والنسائي ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ صحيح البخاري )‪ (2761‬في الوصايا ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪18‬‬
‫ويقول ابن حجر في شرح الحديثين‬
‫السابقين ‪ :‬وبين النسائي من وجه آخر‬
‫جهة الصدقة المذكورةا فأخرج من‬
‫طريق سعيد بن المسيبـ عن سعد بن‬
‫عبادةا قال ‪ ]:‬قلت يارسول الله إن أمي‬
‫ماتت‪،‬أفأتصدق عنها؟ قال ‪ :‬نعم‪ ،‬قلت‬
‫أي الصدقة أفضل ؟ قال ‪ :‬سقي المـاء‬
‫[‪.‬‬
‫وأخرج الدارقطني أن سعدا ً قال ‪ :‬يا‬
‫رسول الله أتنتفع أمي إن تصدقت عنها‬
‫وقد ماتت ؟ قال نعم ‪ .‬قال ‪ :‬بما‬
‫تأمرني ؟ قال ‪ :‬اسـق المـاء ‪ .‬ثام يقول‬
‫ابن حجر ‪ :‬وفي أحاديث الباب من‬
‫الفوائد ‪ :‬جواز الصدقة عن الميت ‪ ،‬وأن‬
‫ذلك ينفعه بوصول ثاواب الصدقة إليه‬
‫ولسيما إن كان من الولد ‪ ،‬وهو‬
‫مخصص لعموما قوله تعالى ‪ ‬وأن ليس‬
‫للنسان إل ما سعى ‪ ‬ويلتحق بالصدقة‬
‫العتق عند الجمهور ‪ ) ..‬الفتح‬
‫‪. (5/458‬‬

‫‪18‬‬
‫‪19‬‬
‫أولويـات التـربيــة‬
‫يبذل كثيرـ من الباء جهودا ً كبيرةا من‬
‫أجل أولدهم ‪ ،‬ولكنها مبعثرةاـ وغير‬
‫مدروسـة ‪ ،‬حتى أن بعض هذه الجهود‬
‫تكون سببا ً في ضياع الولد وشقائهم‬
‫في الدنيا والخرةا ‪ ،‬كالب الذي يشتري‬
‫لسـرته ) الدش ( الهوائي اللقط‬
‫للفضائيات ‪ ،‬دون أن يقيد هذا اللقط ‪،‬‬
‫ويبرمجه بحيث يدخل المحطات‬
‫النافعـة الخبارية والتعليميةـ ‪ ،‬ول يسمح‬
‫للمحطات الهابطة التي تبث الرذيلة ‪،‬‬
‫فيحذفها عند برمجة الهوائي ‪ ،‬هذه‬
‫المحطات التي تبث خصيصا ً للعالم‬
‫السلمي ‪ ،‬كي تفسـد أجيالـه الصاعدةا‬
‫‪ ،‬مثل هذا الب يشقى ليجمع ثامن‬
‫)الدش( والتلفاز ‪ ،‬ثام يشتريه لسـرته‬
‫ظنا ً منه أنه ينفعهم في حين أدخل‬
‫السـم الزعاف إلى بيتـه)‪.(1‬‬
‫وبعض الباء يدفع الرسوما الباهظة‬
‫ليدخل ابنه أو ابنته في مدارس‬
‫المنصرين ‪ ،‬منخدعا ً بضرورةا تفوق‬
‫الولد أو البنت في الرياضيات واللغات‬
‫الجنبية أو الفيزياء ‪ ،‬فيستطيعـ عندئذ‬
‫‪ 1‬ـ انظر موضوع التلفزيون في البيت المسلم ‪ ،‬في كتابي‬
‫دور البيت في تربية الطفل المسلم ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪20‬‬
‫إلحاقه بكلية الطب أو الهندسـة وما‬
‫شابهها ‪ ،‬فهذا ألب دفع للمنصرين‬
‫أجورا ً مرتفعـة جدا ً لتنصير ولده ‪ ،‬أو‬
‫تشـويه مفهومـه عن السـلما مدى‬
‫حياته وصبغه بالعلمانية ‪ ،‬ووقوفه في‬
‫صف أعـداء المسلمين ‪.‬‬
‫لذا كان من الضروري للب المسلم أن‬
‫يعي الهم والمهم في التربية ‪ ،‬فيبدأ‬
‫بالهم ثام المهم من منظور إسلمي ‪،‬‬
‫وهذا عرض سريع لذلك ‪:‬‬
‫‪1‬ـ التربيـة الروحيـةـ ‪:‬‬
‫النسان روح ثام جسد ‪ ،‬والروح أهم من‬
‫الجسد ‪ ،‬وهي محل العقيدةا والقيم‬
‫وكل ما يميز النسان عن غيره من‬
‫الكائنات ‪ .‬وقد ميزه الله بها ليجعله‬
‫خليفة في الرض ‪ ،‬وقد خصـه عزوجل‬
‫بها دون غيره فقال ‪  :‬فإذا سويته‬
‫ونفخت فيه من روحي فقعوا له‬
‫ساجدين ‪ ‬ـ الحجر ‪ 29‬ـ ولهذا أمر‬
‫الملئكة بالسجود له وفضله على سائر‬
‫العالمين ‪ ) .‬والطاقة الروحية في‬
‫النسان أكبر طاقاته ‪ ،‬وأشدها اتصال ً‬
‫بحقائق الوجود ‪ ،‬فطاقة الجسد‬
‫محدودةا بالحواس ‪ ،‬وطاقة العقل‬
‫محدودةا أيضا ً بالزمان والمكان ‪ ،‬أما‬

‫‪20‬‬
‫‪21‬‬
‫طاقة الروح فل تعرف الحدود والقيود ‪،‬‬
‫وهي وحدها تملك التصال بالله ( )‪. (1‬‬
‫وطريقة السلما في تربية الروح هي‬
‫أن يعقد صلة دائمة بينها وبين الله‬
‫عزوجل في كل لحظة ‪ ،‬وكل عمل ‪،‬‬
‫والعبادةا هي الوسيلة الفعالة لتربية‬
‫الروح ‪ ،‬لنها تعقد الصلة الدائمة بالله‬
‫سبحانه وتعالى ‪ ،‬وكلما توجهت الروح‬
‫إلى ربها وخالقها نمـت وترعرعتـ ‪ ،‬وإذا‬
‫انحرفت عنه ذبلت وضعفت ‪.‬‬
‫وتبدأ التربية الروحية قبل الولدةا ‪ ،‬وفي‬
‫المهد ‪ ،‬وتزداد أهميتها في الطفولة‬
‫المبكرةا ‪ ،‬ومن وسائلها ‪ :‬الدعـاء‬
‫للمولود قبل الولدةا ‪ ،‬واتبـاع السنة عند‬
‫الولدةا ‪ ،‬ثام القدوةا الحسنة من‬
‫الوالدين خلل الطفولة المبكرةا ؛ حيث‬
‫يراهما يصليان ‪ ،‬ويسمعهما يتلوان‬
‫القرآن الكريم كل يوما ‪ ،‬ويسمع‬
‫أذكارهما ‪ ،‬ويحس بصلتهما في الليل ‪،‬‬
‫ثام أمره بالصلةا والصوما في السابعة ‪،‬‬
‫ومتابعته حتى يعتادهما ‪. (2) ...‬‬

‫‪ 1‬ـ محمد قطب ‪ ،‬منهج التربية السلمية )‪. (1/44‬‬


‫‪ 2‬ـ انظر دور البيت في تربية الطفل المسلم ‪ ،‬للباحث ‪،‬‬
‫وانظر تربية الشباب المسلم للباحث ‪ ،‬وانظر تربية الطفال‬
‫في الحديث الشريف للباحث ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ 2‬ـ التربيـة الخلقيـة ‪:‬‬
‫تستند الخلق الحسنة إلى اليمان بالله‬
‫واليوما الخر ‪ ،‬والجنة والنار ‪ ،‬وبدون‬
‫ذلك تضيع الفوارق بين الخير ولشـر ‪،‬‬
‫لذا ل يمكن الفصل بيت التربية الروحية‬
‫والتربية الخلقية ‪ ،‬وأي وسيلة في‬
‫أحدهما تخدما الطرف الخر ‪ .‬ومن‬
‫وسائل التربية الخلقية ‪:‬‬
‫حنان الوالدين وخاصة ألما على الطفل‬
‫في مرحلة المهـد ‪ ،‬ينمـي لـديه عاطفة‬
‫الحـب وهي أسا س الخلق الحسـنة ‪.‬‬
‫وعدما تركـه للخادمة والمربية التي قد‬
‫يشعر الطفل أنها ل تحبـه وإنما تقوما‬
‫بواجبها مكرهةـ ؛ عندئذ تنشأ لديه‬
‫عاطفة الكراهيةـ بدل ً من عاطفة الحـب‬
‫‪ ،‬وعاطفة الكراهية أساس الخلق‬
‫الشريرةا ‪ .‬وتنميـة ) الضبط ( عند‬
‫الرضيع مقدمـة لتنمية الصبر عنده ‪،‬‬
‫والصبر أسا س الخلق الفاضلة ‪.‬‬
‫وفي الطفولة المبكرةا القدوةا الحسنة‬
‫من الوالدين تربي في الطفل الصدق‬
‫والمانة والصبر والتفاؤل ‪...‬إلخ من‬
‫الصفات الحميدةا ‪ .‬وكي ينمو الضمير‬
‫عنده لبد من تقييم أفعاله ومجازاته‬
‫عنها ‪ ،‬فيكافأ عندما يحسن ولو‬
‫بابتسامة ‪ ،‬ويعاقب عندما يسيء ولو‬

‫‪22‬‬
‫‪23‬‬
‫بالصمت الجاف ) تقطيب الوجه ( ‪،‬‬
‫وفي مرحلة الطفولة المتأخرةا يتسارع‬
‫نمو القيم عند الطفال ‪ ،‬لذلك يوجـه‬
‫الطفل إلى قراءةا السيرةا النبويـة ‪،‬‬
‫وقصص النبيين ‪ ،‬وحياةا الصحابة‬
‫رضوان الله عليهم ‪ ،‬ومشاهدةا قصص‬
‫أو روايات تدور حول الفضائل كالصدق‬
‫والمانـة والوفـاء بالعهـد والحلـم‬
‫والتضحيـة ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ التربيـة العقليـة ‪:‬‬
‫معظم الباء يضعون التربية العقلية في‬
‫المرتبة الولى ‪ ،‬وهذا خطأ برأيي ‪ ،‬لن‬
‫العامل التقي الورع خير من المهندس‬
‫الفاسق في الدنيا والخرةا ‪ ،‬والبقال‬
‫الصادق المين خير من المقاول‬
‫السراق الكذوب في الدنيا والخرةا ‪ ،‬لذا‬ ‫ّ‬
‫فالب العاقل التقي الورع يهتم بدين‬
‫أولده أول ً ‪ ،‬وأخلقهم ثاانيا ً ‪ ،‬وفصل‬
‫ألخلق عن الدين أمر نظري فقط ‪،‬‬
‫فالتقي صادق ‪ ،‬ومن يخاف الله ل يظلم‬
‫الناس ول يسرقهم ‪ ،‬ثام يهتم بتربيتهم‬
‫تربية عقليةـ تمكنهم من العيش شرفاء‬
‫كرماء صالحين في مجتمعهم ‪.‬‬
‫والتربية العقليةـ تقوما على أساس‬
‫لسلمي ‪ ،‬منطلق من كتاب الله وسنة‬
‫رسوله ‪ ، ‬فكل ما خالف الكتاب‬

‫‪23‬‬
‫‪24‬‬
‫والسنة باطل ضار ل خير فيه ‪ .‬لذا أول‬
‫ما يعلم الب أولده كتاب الله عزوجل ‪،‬‬
‫ثام سيرةا رسوله ‪ ‬وسنته ‪ ،‬ولبد أن‬
‫يكونا ركنين أساسيين في أي تعليم‬
‫إسلمي ‪ ،‬ومن ثام فعلى المسلم أن‬
‫يجمع ما يستطيعـ من علوما الماضي‬
‫والحاضر ‪ ،‬ويجمع الصالة مع التجديد ‪،‬‬
‫وقد فتح السلما المجال للعقلـ بالنظر‬
‫في السماوات والرض ‪ ،‬والتفكير فيهما‬
‫‪ ،‬وبما يحويان من كائنات حيـة وغير‬
‫حيـة ‪ ،‬ليكشف العقل السـنن الربانية‬
‫في هذا الكون ) قوانين الفيزياء‬
‫والكيمياء وغيرهما ( فيستثمرها‬
‫وتتحقق خلفة النسان لله في الرض ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ التربيـة الجسـديـة ‪:‬‬
‫وكثير من الباء ل يعرفون النمو إل بما‬
‫يشاهدونه من زيادةا في طول أولدهم‬
‫وزيادةا أوزانهم ‪ ،‬وتورد خدودهم ‪ ،‬فإذا‬
‫مر ض الولد سـهر البوان وهرب النوما‬
‫منهما ‪ ،‬وسـارعا إلى الطبيب ‪ ،‬والـدواء‬
‫والمستشفى ‪ ...‬حتى يتماثال للشفاء ‪،‬‬
‫وهذا طيب وضروري ‪ ،‬لكن السهر على‬
‫دين الولد وأخلقه ‪ ،‬وثاقـافتـه يجب أن‬
‫ل تقـل عن السهر على جسده ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪25‬‬
‫واعتنى السلما بتربيـة الجساما ‪ ،‬كما‬
‫اعتنى بتربية الرواح والعقولـ ‪ ،‬بل إن‬
‫التربية السلمية هي الوحيدةا التي‬
‫تعتني بالنسان ككل ‪ :‬روحـه وخلقـه‬
‫وعقلـه وجسـده ‪ ،‬ومن أهم وسائل‬
‫التربية الجسدية ‪:‬‬
‫العتدال في الطعاما والشراب ‪ ،‬وعدما‬
‫السراف أو التقتيرـ فيهما ‪ ،‬واتباع السنة‬
‫النبوية في ذلك ‪ ،‬وكذلك العتدال في‬
‫النوما ‪ ،‬وأن يكون النوما بعد صلةا‬
‫العشاء ‪ ،‬وحتى الفجر ‪ ،‬مع نوما قليل‬
‫في القيلولة ‪ ،‬والسراف في النوما داء ‪،‬‬
‫كالسراف في الطعاما ‪ ،‬ومن المفيد أن‬
‫يعتاد الولد على ممارسة الرياضة‬
‫البدنية مع رفاق صالحين ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪26‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫مـراحـل نمـو النسـان‬
‫حاجـة الوالديـن لعلم نفـس‬
‫النمـو ‪:‬‬
‫من الزاد الضروري للوالدين أن يتعرفا‬
‫على مبادئ علم نفس النمو ‪ ،‬حيث‬
‫توجد خصائص لكل مرحة تميزها عن‬
‫غيرها ‪ ،‬وتجعل التعامل مع الطفل في‬
‫هذه المرحلة مختلفا ً عن التعاملـ معه‬
‫في مرحلة أخرى ‪ .‬وعلى مؤسسات‬
‫التعليم العاما ‪ ،‬ووسائل العلما أن تقدما‬
‫للباء والمهات هذه المبادئ الضرورية‬
‫لهما في تعاملهما مع الولد ‪ ،‬ويجب‬
‫على مدار س البنات أن تخصص مقررا ً‬
‫أساسيا ً في المرحلة الثانوية عن علم‬
‫نفس النمو ‪ ،‬وهذا المقرر أكثر نفعا ً‬
‫بعشرات المرات من مقررات الفيزياء‬
‫والرياضيات التي تحشى بها أذهان‬
‫الطالبات في المدرسة الثانوية ‪ ،‬وقد‬
‫لحظت أن بعض الجامعات الردنية‬
‫تفرد فيها تخصصا ً اسمه ) تربية الطفل‬
‫( ‪ ،‬ولعل هذا التخصص بداية لتدريس‬
‫هذا المقرر في مدارس البنات الثانوية‬
‫‪ ،‬ولبد أن يكون علم نفس النمو مقررا ً‬

‫‪26‬‬
‫‪27‬‬
‫على مستوى الجامعة لكل طالب‬
‫جامعي ‪ ،‬ليكون الب المتخرج من‬
‫الجامعة مطلعا ً على مبادئ هذا العلم‬
‫الضروري لكل أب وأما ‪.‬‬
‫فالمكافأةا مثل ً تختلف من مرحلة إلى‬
‫أخي ‪ ،‬فبينما يفرح الطفل الرضيع‬
‫باللعبة التي تقوما على اللوان ‪ ،‬ل يفرح‬
‫بها الطفل بعد السابعة ويراها إهانة له‬
‫وليست مكافأةا ‪ ،‬ويريد عندئذ لعبة‬
‫معقدةا كالمسدس أو السيارةا ‪...‬إلخ ‪.‬‬
‫وكذلك العقوبة ـ وهي وسيلة تربوية‬
‫صحيحة)‪ (1‬ـ تختلف من مرحلة لخرى ‪،‬‬
‫إما إذا استعملت عقوبة الرضيع‬
‫للمراهق ‪ ،‬أو عقوبة الطفولة الباكرةا‬
‫للطفولة المتأخرةا ‪ ،‬فقد تعود العقوبة‬
‫بالضرر بدل ً من الفائدةا ‪.‬‬
‫وهذا عرض سريع ومبسط لهذه‬
‫المراحل مع أهم خصائصها ‪:‬‬
‫‪1‬ـ مرحلة الرضيع‬
‫تبدأ هذه المرحلة منذ الولدةا حتى نهاية‬
‫السنة الثانية ‪ ،‬وتسمى أيضا ً مرحلة‬
‫المهد ‪،‬وأهم حاجات الطفل فيها‬
‫‪ 1‬ـ تنصرف أذهاننا عندما نسمع كلمة عقوبة على الضرب‬
‫فورا ً ‪ ،‬وهذا خطأ كبير ‪ ،‬فالعقوبات درجات أولها تقطيب‬
‫الوجه وآخرها الضرب ‪ ،‬وبينهما بضعة أنواع من العقوبات ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪28‬‬
‫الحليب والنظافة ‪ ،‬ويبدو ذلك واضحا ً‬
‫من سلوكه ‪ ،‬إذ يعبر الرضيع عن رضاه‬
‫بالنوما أو اللعب أحيانا ً بيديه عندما يمل‬
‫معدته بالحليب ‪ ،‬ويكون نظيفا ً ) غير‬
‫مبللـ ( ‪ ،‬وخاليا ً من المرض ‪ ،‬ويبكي‬
‫الرضيع إذا جاع أو احتاج إلى النظافة أو‬
‫أحس باللم ‪.‬‬
‫وأفضل حليب يلئم الرضيع حليب أمـه‬
‫‪ ،‬وللرضاعة من ألم فوائد نفسية أهمها‬
‫نمو عاطفة الحب عند الطفل ‪ ،‬وهي‬
‫أساس الخير عنده ‪.‬‬
‫) ‪ ...‬يقضي الوليد ) منذ الولدةا وحتى‬
‫أسبوعين ( معظم وقته في النوما ‪،‬‬
‫وتتحقق له الراحة والستجماما ‪ ،‬والبكاء‬
‫ظاهرةا عادية في هذه المرحلة ‪ ،‬ويؤثار‬
‫نمط الستجابة النفعالية والحالة‬
‫النفسية للما أو من يقوما مكانها على‬
‫حالة الوليد النفعالية ‪ ...‬وتعتبر الما أهم‬
‫عامل في عملية التنشئة الجتماعية‬
‫للوليد ‪ ،‬وللرضاعة شقان أولهما التغذية‬
‫وثاانيهما الخبرةا النفعالية ‪ ،‬لما يرتبط‬
‫بعملية الرضاعة من إحساس بالحب‬
‫والحنان والدفء ‪ ،‬فاللبن )لبن الما (‬
‫هو أكمل غذاء جسمي ‪ ،‬والحب هو‬
‫أشهى غذاء نفسي ‪ ،‬والذي يلحظ‬
‫استجابات الرضيـع للرضاعـة من‬

‫‪28‬‬
‫‪29‬‬
‫تعبيرات وجهـه أثاناءها يتبين مدى أهمية‬
‫هذه العمليـة لديـه ‪ .‬وكلما كان اتجـاه‬
‫ألم إيجابيا ُ نحو عملية الرضاعة كانت‬
‫في حالة استرخاء تاما وهدوء انفعالي‬
‫عميق ‪ ،‬يتضح من سرورها ورضاها‬
‫عندما يرضع وليدها ‪ ،‬مما ينعس على‬
‫حالة الرضيع ‪ ،‬وخيرةا الرضاعة السارةا‬
‫تعتبر شرطا ً ضروريا ً لهدوء الرضيع‬
‫انفعاليا ً ‪ ،‬ولنمو اتجاهات اجتماعية‬
‫سوية لديه ‪ ،‬وفي ذلك فقائدةا للرضيع‬
‫وأمه معا ً ‪ ،‬وفيه مصدر أمن وسعادةا‬
‫للطرفين ‪ ،‬وخبرةا الرضاعة السليمة‬
‫تزيـد من ثاقـة الطفل بالعالم وتجعله‬
‫متفائل ً فيما بعـد وأقدر على العطاء ‪،‬‬
‫أما إذا كانت خبرةا الرضاعة مشوبة‬
‫باللم والحرمان فإن ذلك يولد مشاعر‬
‫الغضب والعدوان )‪. (1‬‬
‫وإذا اضطرت أما إلى الرضاعة الصناعية‬
‫فعلى ألما أن تحمل الرضيع وتضمـه‬
‫إلى صدرها ‪ ،‬ثام تتحدث إليه وتداعبـه ‪،‬‬
‫ول تقتصر على مجرد وضع الزجاجة في‬
‫فمـه وكفـى ‪ ،‬كما تفعل كثير من‬
‫المهات اليوما ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ حامد زهران ‪ ،‬علم نفس النمو ‪ ،‬صا ‪ ، 101‬ومابعدها‬


‫بتصرف ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪30‬‬
‫بعض الفوائـد التربويـةـ ‪:‬‬
‫‪1‬ـ أفضل حليب للرضيع هو حليب أمـه‬
‫‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ توفير الهدوء للوليد ليناما نوما ً‬
‫عميقا ً ‪ ،‬لنه حاجة أساسية لـه ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ يجب إعداد الطفال في السرةا‬
‫لستقبال المولود الجديد ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ النتباه على الفروق الفرية ‪ ،‬وعدما‬
‫استعجال النمو عند الرضيع ‪ ،‬كجلوسـه‬
‫أو مشيه أو نطقـه ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ إتماما التطعيمات أثاناء مرحلة‬
‫الرضاعـة ‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ عـدما الحـد من حرية الحركة‬
‫للرضيع ‪ ،‬كالثياب الضيقة أو لفـه‬
‫بالقماش خوفا ً عليه من الـبرد مما‬
‫يعيـق حركته ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ تربية حواس الرضيع باللعب‬
‫الملونـة ‪ ،‬والجراس الصغيرةاـ ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ تشجيع الرضيع على استخداما اللغة‬
‫‪ ،‬والتحدث معـه ‪.‬‬
‫‪9‬ـ التدرج في عملية الفطاما ‪ ،‬واختيار‬
‫الزمن المناسب لها ‪.‬‬
‫‪_10‬تدريب الرضيع على وجبات‬
‫منتظمة من الرضاعة ‪ ،‬ومرات منتظمة‬
‫من الخروج ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الطفـولـةـ المبكـرة ‪:‬‬

‫‪30‬‬
‫‪31‬‬
‫وتسمى مرحلة ما قبل التمييز ‪ ،‬أو ما‬
‫قبل المدرسـة ‪ ،‬وتبدأ بنهاية السنة‬
‫الثانية وتنتهي في نهاية السادسـة ‪،‬‬
‫وهي أهم مراحل عمر النسان ‪ ،‬إذ‬
‫الشخصية( سـريعا ً فيها ‪،‬‬ ‫يكون نمـو‬
‫)‪1‬‬
‫ومن أهم خصائصها ‪:‬‬
‫يكتسبـ الطفل اللغة في هذه‬ ‫‪.1‬‬
‫المرحلة ‪ ،‬بالضافة إلى مرحلة‬
‫المهد ‪ ،‬والتقليد هو حجر الساس‬
‫في اكتساب اللغة ‪ ،‬ومن هنا نعرف‬
‫خطر الخادمات غير العربيات‬
‫وأثارهن على لغة الطفل ‪ .‬وتكون‬
‫عيوبـ الكلما مثل تكرار الكلمات‬
‫والتردد ‪،‬والتأتأةا أحيانا ً عادية‬
‫وتزول وحدها بدون تدخل ‪.‬‬
‫ويساعد كثرةا الختلطا بالراشدين‬
‫والتحدث معهم ‪ ،‬والستماع‬
‫لكلمهم ؛ يساعد النمو اللغوي عند‬
‫الطفل ‪.‬‬
‫تعتبر هذه المرحلة مرحلة‬ ‫‪.2‬‬
‫النشاطا الحركي المستمر ‪،‬‬
‫فالطفل دائم الحركة ‪ ،‬ول يكف‬
‫عن اللعب إل في النوما ‪ ،‬واللعب‬
‫نشاطا حيوي ونفسي واجتماعي‬
‫وعقلي يقوما به الطفل ‪ ،‬ويتفاعل‬
‫‪ 1‬ـ حامد زهران ‪ ،‬صا ‪ 161‬وما بعدها بتصرف ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪32‬‬
‫به مع العالم الخارجي ‪ ،‬واللعبـ‬
‫في هذه المرحلة فردي في جملته‬
‫‪ ،‬ويعتبر اللعب من أهم وسائل‬
‫الطفل في تفهمه للعالم من حولـه‬
‫‪ ،‬وبالتدريج وفي نهاية هذه المرحلة‬
‫يكون الطفل أصدقاء اللعب ‪ ،‬لتنمو‬
‫الصداقة ) العلقات الجتماعية (‬
‫عنده على مدى أوسـع في‬
‫الطفولة المتأخرةا ‪ ،‬ثام تزداد نموا ً‬
‫في المراهقة حتى تعرف )بالقران‬
‫( كما سنرى ‪ .‬واللعب في هذه‬
‫المرحلة ل يقل أهمية عن الطعاما‬
‫للطفل ‪ .‬وقد روى الترمذي في‬
‫نوادره أن رسول الله ‪ ‬قال ‪:‬‬
‫] عـرامة الصبي في صغـره زيادةا‬
‫في عقله في كبـره [ )‪ . (1‬وجاء‬
‫في المعجم الوسيط أن )عرما ( ‪:‬‬
‫اشتد وشرس ‪ .‬وهكذا فعرامة‬
‫الصبي ‪ :‬أي لعبـه الكثير وحيويته‬
‫وقوةا حركته وكثرتها كل ذلك دليل‬
‫على طاقته الفائضة ‪ ،‬مما يكسبه‬
‫مهارات وخبرات كثيرةا ومعرفة‬
‫أوسـع فينمو عقلـه ‪ ،‬وهذا في‬

‫‪ 1‬ـ ذكره السيوطيـ في الجامع الصغير ‪ ،‬وقال عنه صحيح ‪،‬‬


‫ولم يقل فيه المناوي شيئا ً ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪33‬‬
‫الغـالب ‪ ،‬ولكل قاعدةا شـواذ‬
‫) وخاصة في النسان ( ‪.‬‬
‫في نهاية هذه المرحلة يزيد‬ ‫‪.3‬‬
‫السؤال عند الطفل ‪ ،‬حتى سميت‬
‫بسن السؤال ‪ ،‬فتسمع منه ‪ :‬ماذا‬
‫؟‪ ،‬ولماذا ؟ ومتى ؟ وأين ؟ وكيف‬
‫؟ ومن ؟ ‪ ..‬إلخ ‪ .‬إنه يحاول‬
‫الستزادةا العقلية ‪ ،‬يريد أن يعرف‬
‫الشياء التي تثير انتباهه ‪ ،‬وربما‬
‫يتزامن كثرةا السؤال مع نمو الذكاء‬
‫‪ ،‬ويلحظ عدما قدرةا الطفل على‬
‫تركيز انتباهه وتتحسن هذه القدرةا‬
‫في السادسة ‪ ،‬ويكون تفكير‬
‫الطفل في هذه المرحلة ذاتيا ً‬
‫) يدور حول نفسه ( ومحسوسا ً ‪،‬‬
‫وغير منطقي ‪ ،‬كأن يكلم العصا‬
‫وكأنها تسمعه ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتلعب الما دورا هاما في هذه‬ ‫‪.4‬‬
‫المرحلة ‪ ،‬كمدرسة خصوصية‬
‫لطفلها في عملية التنشئةـ‬
‫الجتماعية ‪ ،‬والنمو اللغوي ‪،‬‬
‫والعقلي ‪ ،‬وقد لوحظ أن غياب‬
‫الوالد عن السرةا ) حتى الغياب‬
‫الجزئي ( يؤثار سلبيا ً على النمو‬
‫العقلي للطفل‪ ،‬ويضاعف آثاارغياب‬
‫الب انحراف الما ورفضها للطفل‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪34‬‬
‫العلقات الجتماعية في‬ ‫‪.5‬‬
‫السرةا ) كالعلقة بين الوالدين ‪،‬‬
‫والعلقة مع الولد الكبار ‪ ( ...‬لها‬
‫النصيب الوفر في النمو النفسي‬
‫والجتماعي والنفعالي عند الطفل‬
‫‪ ،‬وكلما كانت العلقات السرية‬
‫إيجابية ومتزنـة كان النمو النفسي‬
‫والجتماعي والنفعالي سليما ً‬
‫ومتوازنا ً ‪ ،‬كما ينمو الضمير في‬
‫نهاية هذه المرحلة ‪.‬‬
‫أهميـة الطفولـة المبـكرةا‬
‫يرى علماء النفس أن شخصية‬
‫النسان تتحدد في هذه المرحلة ‪،‬‬
‫حتى قال أحدهم ‪ :‬في السادسة‬
‫ينتهي كل شيء ز ويعني تتحدد معالم‬
‫الشخصية ‪ ،‬ومن أهمية هذه المرحلة‬
‫‪:‬‬
‫يكتسبـ الطفـل عقيدته من‬ ‫‪-1‬‬
‫والديه خلل هذه المرحلة ‪ ،‬فقد‬
‫أخرج البخاري يرحمه الله عن أبي‬
‫هريرةا ‪ ‬قال ‪ :‬قال رسول الله ‪‬‬
‫] كل مولود يولد على الفطرةا‬
‫فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو‬

‫‪34‬‬
‫‪35‬‬
‫يمجسانه [)‪ . (1‬وقد جعل الله‬
‫الطفل يتلقى عن والديه فقط‬
‫خلل الطفولة المبكرةا ‪ ،‬وجعله‬
‫يرى والديه المثل العلى في كل‬
‫شيءٍ حسن ‪ ،‬فل يصدق غيرهما ‪،‬‬
‫وجعله معتمدا ً على والديه في كل‬
‫شيء ‪ ،‬كل ذلك لنه جعل الوالدين‬
‫مسؤولين عن عقيدته ‪ ،‬فهما‬
‫يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه أو‬
‫يحفظان فطرةا الله التي فطر‬
‫المولود عليها وهي السلما ‪.‬‬
‫‪ -2‬يكتسب الطفل أسس السلوك‬
‫الجتماعي من البيت ‪ ،‬وتبقى ثاابتة‬
‫مدى العمر ‪ ،‬وتنادي التربية الحديثة‬
‫بأهمية الخبرات الولى للطفال ‪،‬‬
‫وآثاارها في تباين ميولهم واتجاهاتهم‬
‫وأنماطا سلوكهم المختلفةـ )‪، (2‬‬
‫وترسم الملمح الرئيسيةـ لشخصيةـ‬
‫الطفل المقبلة في هذه المرحلة ‪،‬‬
‫ويصبح من الصعوبة إزاحة بعضها‬
‫مستقبل ً ‪ .‬وتقول ) مارغريت ماهلر (‬
‫‪ :‬إن السنوات الثلث الولى من حياةا‬
‫‪ 1‬ـ صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب الجنائز ‪ ،‬باب إذا اسلم الصبي‬
‫فمات ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ انظر محمد جميل ‪ ،‬صا ‪ ، 218‬وعائشة السيار في مجلة‬
‫التربية ‪ ،‬وعبد الله محمد خوج ‪ ،‬صا ‪ ، 12 ،11‬وانظر رينيه‬
‫دوبو ‪ ،‬صا ‪114‬‬

‫‪35‬‬
‫‪36‬‬
‫كل إنسان تعتبر ميلدا ً آخر ‪ ،‬واتفق‬
‫أعضاء مدرسة التحليل النفسي على‬
‫أن السنوات الولى هي مرحلة‬
‫الصياغة الساسية لسلوك وشخصية‬
‫الطفل ‪.‬‬
‫وذهب ) رينيه دوبو ( إلى أن كثيرا ً‬
‫من نتائج التأثايرات الباكرةا ‪ -‬إن لم‬
‫نقل كلها ‪ -‬دائمة وكأنها في الظاهر‬
‫ل تزول أبدا ً ‪ .‬ويقول أيضا ً ‪ :‬ول‬
‫يصل الطفال إلى سن الثالثة أو‬
‫الرابعة من عمرهم إل ويكون‬
‫سلوكهم قد تبلور نهائيا ً من أثار‬
‫العوامل الثقافية والبيئية ‪.‬‬
‫بعض الفـوائـد التربويـة‬
‫النتباه إلى الفروق الفردية ‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫وعدما القلق إذا تأخر الطفل في‬
‫النطق ‪ ،‬أو المشي ‪ ،‬أو كان جسمه‬
‫أصغر من أمثاله في السن ‪.‬‬
‫تعويد الطفل على النظاما في‬ ‫‪.2‬‬
‫الطعاما والنوما واللعب بدون قسوةا‬
‫‪.‬‬
‫يجب أن ل تمل السرةا من‬ ‫‪.3‬‬
‫حركة الطفل الكثيرةا ولعبه‬
‫المستمر لنه حاجة أساسية في‬
‫هذه المرحلة ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪37‬‬
‫تهيئة مكان اللعب ‪ ،‬حيث‬ ‫‪.4‬‬
‫يتوفر الهواء الطلق ‪ ،‬وأشعة‬
‫الشمس المناسبة ‪ ،‬وتهيئة رفاق‬
‫اللعب عند نهاية هذه المرحلة ‪.‬‬
‫النتباه إلى سلمة حواس‬ ‫‪.5‬‬
‫الطفل ‪ ،‬وخاصة السمع ‪ ،‬والبصر ‪،‬‬
‫والتأكد من سلمتهما بالملحظة‬
‫المباشرةا من الوالدين ‪.‬‬
‫الستفادةا من حب الطفل‬ ‫‪.6‬‬
‫للقصص ‪ ،‬في التربية الروحية‬
‫والخلقية وفي النمو اللغوي ‪،‬‬
‫فتحكي له أمه بعض السيرةا‬
‫وقصص النبياء والصحابة ‪.‬‬
‫إبعاد الطفل عن سماع‬ ‫‪.7‬‬
‫اللفاظ البذيئة ‪ ،‬وألفاظ السباب‬
‫الشائعة ‪ ،‬كي ل يألفها في صغره ‪،‬‬
‫حتى إذا كبر وسمعها ل يألفها ‪.‬‬
‫ل يعاقب الطفل بدنيا ً في هذه‬ ‫‪.8‬‬
‫المرحلة ‪ ،‬وينبغي تقليل العقاب‬
‫المعنوي ‪ ،‬وعدما اللجوء إليه إل في‬
‫حالت نادرةا جدا ً ‪ ،‬والكتفاء‬
‫بالمكافأةا إذا أحسن ‪ ،‬وعدما‬
‫المكافأةا إذا أساء ‪.‬‬
‫الخادمات خطر كبيرـ جدا ً في‬ ‫‪.9‬‬
‫هذه المرحلة وخاصة غير المسلمة‬
‫‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫‪38‬‬
‫‪.10‬الثبات في معاملةـ الطفل‬
‫من قبل الوالدين ‪ ،‬والجدةا والجد‬
‫وسائر أفراد السرةا ‪ ،‬فل يكافأ‬
‫أحدهم على سلوك ؛ يعاقب عليه‬
‫الخر‪ .‬وعدما الثبات خطير جدا ً‬
‫على النموالخلقي للطفل ‪.‬‬
‫‪.11‬عدما نبذ الطفل ‪ ،‬وإحاطته‬
‫بالحب والحنان والرعاية من قبل‬
‫الخرين ‪ ،‬كي تنمو عنده عاطفة‬
‫الحب والتفاؤل من الخرين ‪.‬‬
‫‪.12‬تعويد الطفل بالتدريج على‬
‫رؤية الغرباء ومجالستهم‬
‫ومحادثاتهم بالتدريج ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ مرحلـة الطفولـة‬
‫المتأخـرة‬
‫وتسمى كذلك الطفولة الهادئة لن‬
‫الطفل فيها أقل حركة من الطفولة‬
‫المبكرةا ‪ ،‬وأقل حركة أيضا ً من مرحلة‬
‫المراهقة ‪ ،‬كما تسمى مرحلة التمييز ‪،‬‬
‫أو مرحلة المدرسة البتدائية ‪ ،‬وتبدأ في‬
‫السابعة وتنتهي في الثانية عشرةا عند‬
‫البلوغ ‪ .‬وأهم خصائصها ‪:‬‬
‫الخصـائص الروحيـة‬
‫يؤمر الطفل بالصلةا في‬ ‫‪.1‬‬
‫السابعة ‪ ،‬بعد أن يدرب عليها منذ‬
‫السادسة ‪ ،‬ويرغب فيها قبل‬
‫السابعة ‪ ،‬قال رسول الله صلى‬

‫‪38‬‬
‫‪39‬‬
‫الله عليه وسلم ‪ ) :‬مروا أولدكم‬
‫بالصلةا وهم أبناء سبع ‪ ،‬واضربوهم‬
‫عليها لعشر ‪ ،‬وفرقوا بينهم‬
‫بالمضاجع ()‪. (1‬‬
‫والسابعة سن التمييز ‪ ،‬إذ تتسع‬
‫الفاق العقلية للطفل ) المعرفية (‬
‫ويتعلم المهارات ‪ ،‬كما تتسع بيئته‬
‫الجتماعية بسبب دخول المدرسة ‪،‬‬
‫وما زال الطفل لين العريكة )يحب‬
‫التقليد ( ‪ ،‬يسعى لرضاء الكبار‬
‫) والديه ومدرسيه ( ‪ ،‬فإذا أمر‬
‫بالصلةا تجده ينشط إلى تنفيذ ذلك‬
‫بنفس طيبة ‪ ،‬وهمة عالية ‪ ،‬وسنرى‬
‫أن الطفل عند البلوغ يرى أن تنفيذ‬
‫أوامر والديه دون مناقشـة منه دليل‬
‫على طفولته ؛ التي يرغب في‬
‫مغادرتها ‪ ،‬بينما يرى كثيرـ منهم أن‬
‫معارضة الكبار ) وحتى الوالدين (‬
‫دليل على أنهم ليسوا أطفال ً ‪.‬‬
‫في السابعة أيضا ً يؤمر الطفل‬ ‫‪.2‬‬
‫بالصوما ‪ ،‬بعد أن يدرب عليه قبل‬
‫ذلك ويرغب فيه ‪ ،‬حسب الزمان‬

‫‪ 1‬ـ سنن أبي داود ‪ ،‬كتاب الصلةا ‪ ،‬باب متى يؤمر الغلما‬
‫بالصلةا ‪ ،‬وقال اللباني في إرواء الغليل )‪ : (2/7‬صحيح ‪،‬‬
‫أرجه أحمد )‪ (2/187‬وأبو داود ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪40‬‬
‫والمكان )‪. (1‬فإن كان النهار طويل ً‬
‫والطقس حارا ً ‪ ،‬سمح لبن‬
‫السابعة والثامنة بالتدرج في‬
‫الصوما ‪ ،‬وإن كان النهار قصيرا ً‬
‫والطقس معتدل ً أمر ابن السابعة‬
‫بصوما رمضان كله إن لم يكن‬
‫مريضا ً ‪.‬‬
‫يقول محمد قطب ‪ ) :‬وقد اختص‬
‫حديث رسول الله ‪ ‬الصلةا بهذا المر‬
‫لنها عنوان السلما الول والكبر ‪،‬‬
‫حتى ليقول رسول الله ‪ ] : ‬بين‬
‫الرجل والكفر ترك الصلةا [ )‪. (2‬‬
‫ولكن جميع آداب السلما وأوامره‬
‫سائرةا على هذا النهج ‪ ،‬وإن كان‬
‫الرسول ‪ ‬لم يحدد لها زمنا ً معينا ً‬
‫كالصلةا ‪ ،‬فكلها تحتاج إلى تعويد‬
‫مبكرـ ‪ ،‬وكلها تحتاج إلى اللزاما بها‬
‫بالحسم ‪ ،‬إن لم يتعودهاـ الصغير من‬
‫‪ 1‬ـ المقصود بالزمان أن رمضان قد يكون في الربيع أو‬
‫الشتاء آنذاك ‪ ،‬فيسهل الصوما على ابن السابعة لن النهار‬
‫قصير والطقس بارد ‪ ،‬والمقصود بالمكان أن يكون الطفل‬
‫في منطقة معتدلة ) مثل حوض البحر البيض المتوسط (‬
‫حيث الطقس لطيف ‪ ،‬وليكون في الجزيرةا العربية ويأتي‬
‫رمضان في السنبلة ) تموز وآب ( ‪ ،‬عندئذ يصعب الصوما‬
‫على معظم أطفال السابعة ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ مسلم في اليمان ‪ ،‬باب إطلق الكفر على من ترك‬
‫الصلةا ‪ ،‬وأبو داود في السنة رقم )‪ (4678‬باب في رد‬
‫الرجاء ‪ ،‬والترمذي في اليمان ‪ ،‬باب ماجاء في ترك الصلةا ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪41‬‬
‫تلقاء نفسـه ( )‪ . (1‬ويقول فقهاء‬
‫المذهب الشافعي ‪ ) :‬ويؤمر به‬
‫الصبي لسبع ويضرب عليه لعشر(‬
‫يقصدون الصوما)‪.(2‬‬
‫‪ . 3‬تؤمر البنات بالحجاب في السابعة‬
‫‪ ،‬بعد تدريبهن عليه وترغيبهنـ فيه منذ‬
‫السادسة ‪ ،‬ويقول فقهاء الشافعية ‪:‬‬
‫تحجب البنت عندما تشتهى ‪ ،‬وتتفاوت‬
‫البنات في السن التي تشتهى فيها ‪،‬‬
‫حسب طولها وصحتها وجمالها ‪ ،‬والبيئةـ‬
‫التي تعيش فيها ‪ ،‬وعندما يظن‬
‫اشتهاؤها تؤمر بالحجاب ـ ولو لم تبلغ‬
‫المحيض ـ فإن لم تحجب فتنت‬
‫الناظرين إليها فيأثام وليها ‪ ،‬ولبد من‬
‫فترةا للتدريب وتعويد البنت على‬
‫الحجاب قبل المـر بـه ‪.‬‬
‫‪ . 4‬يستمر الطفال في هذه المرحلة‬
‫في حفظ القرآن الكريم ‪ ،‬والمواظبة‬
‫على جماعة المسجد ‪ ،‬وقد التحقوا بها‬
‫منذ السابعة أو السادسـة ‪.‬‬
‫الخصائص الخلقيـة ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ محمد قطب ‪ ،‬منهج التربية السلمية )‪. (2/48‬‬


‫‪ 2‬ـ أحمج بن النقيب المصري ‪ ،‬عمدةا السـالك وعدةا الناسك‬
‫‪ ،‬قطر ‪1982 ،‬ما ‪ .‬والحاديث كثيرةا والدلة وافية ‪ ،‬وقد صنف‬
‫البخاري يرحمه الله بابا ً عنوانه ) صوما الصبيان ( انظر كتابي‬
‫تربية الطفال في الحديث الشريف صا ‪. 81‬‬

‫‪41‬‬
‫‪42‬‬
‫ينمو التفكيرـ في هذه المرحلة ‪ ،‬ليدخل‬
‫عتبـة التفكيرـ المجرد ‪ ،‬ويغادر حدود‬
‫المحسوس ‪ ،‬كما تسهم المدرسة في‬
‫النمو العقلي والجتماعي للطفل في‬
‫هذه المرحلة‪ ،‬ويحل المفهوما العاما لما‬
‫هوصواب أو خطأ‪،‬وماهوحلل أوحراما‪،‬‬
‫محل القواعد المحددةا ‪ ،‬وتحل المعايير‬
‫الداخلية تدريجيا ً محل الطاعة‬
‫للمطالب الخارجية ‪ ،‬ويزداد إدراك‬
‫قواعد السلوك الجتماعي القائم على‬
‫الحتراما المتبادل ‪ ،‬وفي الطفولة‬
‫المتأخرةا تتحدد التجاهات الخلقية‬
‫للطفل عادةا في ضوء التجاهات‬
‫الخلقيـة السـائدةا في أسـرته‬
‫ومدرسـته وبيئتـه الجتماعية ‪ ،‬كما‬
‫يدرك الطفل مفاهيم المانة والصدق‬
‫والعدالة ويمارسها ‪ ،‬كما ينمو الضمير‬
‫)‪(1‬‬
‫والرقابة الذاتية على السلوك‬
‫‪.‬ويؤدي ذلك إلى نمو أخلقي يتضح من‬
‫خلل ‪:‬‬
‫‪ .1‬خلق الداب ‪ :‬والدب حسن‬
‫العشرةا ‪ ،‬والخذ بمكارما الخلق ‪ ،‬ومن‬
‫هذه الداب ‪ :‬الدب مع الوالدين‬
‫ومخاطبتهما بالقول الكريم ‪ ،‬ثام الدب‬
‫مع العلماء والمدرسين ‪ ،‬فالعلماء‬
‫ـ حامد زهران ‪ ،‬مرجع سابق ‪. 265 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪42‬‬
‫‪43‬‬
‫أرحـم بأمة محمد من آبائهم وأمهاتهم‬
‫كما يقول الغزالي ) الحياء ‪، ( 1/11:‬‬
‫لن آباءهم يحفظونهم من نار الخرةا ‪.‬‬
‫ثام أدب الخوةا داخل السرةا ‪ ،‬ومع‬
‫الزملء ‪ ،‬وخاصة أن أطفال هذه‬
‫المرحلة يبدأون الختلطا مع أبناء‬
‫الجيران ‪.‬‬
‫‪ .2‬خلق الصدق ‪ :‬ويثبت عند الولد‬
‫بالقدوةا الحسنة من الوالدين‬
‫والمدرسين ‪ ،‬وسائر الكبار الذين‬
‫يختلط بهم الولد ‪ ،‬وكذبة صغيرةا من‬
‫أحد الوالدين أو الكبار الذين يثق بهم‬
‫الطفل كالمدرس ؛ قد تكفي لتدمير‬
‫فضيلة الصدق عند الطفل ‪ ،‬لن والده‬
‫أو والدته أو مدرسه يمثل النموذج‬
‫الفضل للنسان ‪ ،‬فإذا كذب هذا‬
‫النموذج ؛ إذن ل يوجد من ل يكذب ‪_ .‬‬
‫مشكلةـ الهاتف ‪ ،‬يقع فيها بعض‬
‫المسلمين ‪ ،‬عندما يطلبه أحد فيقول‬
‫لولده ‪ :‬قل له بابا غير موجود ‪ ،‬هذه‬
‫جريمة خلقية ‪ ،‬عافانا الله منها ‪ ،‬ماذا‬
‫عليه لو قال ‪ :‬بابا سيكلمك بعد مدةا ‪ ،‬أو‬
‫بابا مشغولـ الن ‪ ،‬وهناك من المعاريض‬
‫ما يصح ‪ :‬كأن يقول له الولد ‪ :‬ابحث‬
‫عنه عند فلن ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫‪44‬‬
‫‪ .3‬خلق المانة ‪ :‬وتنمو المانة كذلك‬
‫بالقدوةا الحسنة من السرةا ‪ ،‬كسائر‬
‫السلوك الخلقي ‪ ،‬فعندما يرى الطفل‬
‫أمه تصدق أباه ن وأخاه الكبيرـ يصدق‬
‫أمه ‪ ،‬ول يرى من يكذب ‪ ،‬أو يسرق من‬
‫داخل السرةا أو خارجها ؛ تنمو المانة‬
‫لديه ‪ ،‬وفي هذه المرحلة تنمو القيم‬
‫عند الطفل ومنها المانة بعد أن يفهم‬
‫معناهاـ ‪ ،‬ومن المانة حفظ السرار ‪،‬‬
‫ومن وسائل التربية على المانة حسن‬
‫الظن بالطفل مع المراقبة غير‬
‫المباشرةا ‪ ،‬كأن يطلب منه والده أن‬
‫يفتح محفظة نقوده ويأخذ منها ) كذا (‬
‫مع انتباه الوالد إلى دقة التنفيذ ‪.‬‬
‫‪ .4‬نمو الضمير ‪ :‬والضمير محكمة‬
‫داخلية في النسان السوي ‪ ،‬تحكم على‬
‫أفعال النسان وتجازيه بالسرور والرضا‬
‫إن كانت خيرا ً ‪ ،‬واللم والندما إن كانت‬
‫شـرا ً ‪ ،‬وهو بـذرةا في النسـان تنمو‬
‫بفضل البيئةـ الخلقية وتتطلب ما يلي ‪:‬‬
‫أ_ تمييز الخير عن الشر ‪ ،‬ويستطيع‬
‫الطفل في هذه المرحلة أن يميز بينهما‬
‫‪ ،‬ولذلك تسمى مرحلة التمييز ‪،‬‬
‫وللسرةا والمدرسة والمسجد الدور‬
‫الول في هذه المعرفة ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫‪45‬‬
‫ب_ الجزاء الخلقي ‪ :‬أي مكافأةا‬
‫الطفل على فعل الخير ‪ ،‬ومعاقبته على‬
‫فعل الشر ‪ ،‬ولبدأن يكون الجزاء‬
‫خارجياًفي البداية ) من السرةا‬
‫والمدرسة ( ثام يتحول بالتدريج إلى‬
‫جزاء أخلقي ينبع من ضمير الفرد‬
‫نفسه ‪.‬‬
‫وسبق القول أن الطفل في مرحلة‬
‫الطفولة المبكرةا ل يعاقب بالضرب ‪،‬‬
‫لن المر صريح بالضرب في العاشرةا‬
‫من أجل الصلةا ‪ ،‬ولم يسمح به قبل‬
‫ذلك ‪ ،‬فل يضرب الطفل قبل العاشرةا ‪،‬‬
‫لكن يعاقب بأنواع أخرى غير الضرب ‪،‬‬
‫كحرمانه من المكافأةا ‪ ،‬أو تنبيه بالكلما‬
‫‪ ،‬أو إيقافه ملصقا ً للجدار مدةا من‬
‫الزمن تتناسب مع ) الجريمة ( ومع‬
‫السن أيضا ً ‪ ،‬أو حرمانه من النزهة أو‬
‫اللعب لمدةا يوما واحد مثل ً ‪.‬‬
‫ولبد من ملزمة الثواب مع العقاب ‪،‬‬
‫فيكافأ الطفل إذا أحسن ويعاقب إذا‬
‫أساء ‪ ،‬وهكذا تنمو لدى الطفل ملكة‬
‫الضمير ‪.‬‬
‫الخصائص الجتماعية‬
‫وهذه مدار البحث لنها تتعلق بجماعة‬
‫الرفاق ) القران ( ‪ ،‬فأكثر ما يميز‬

‫‪45‬‬
‫‪46‬‬
‫الطفل في هذه المرحلة ‪ :‬التفتح‬
‫الجتماعي ‪ ،‬وبعد التمركز حول الذات‬
‫في بداية الطفولة ‪ ،‬ثام القتصار على‬
‫علقات السرةا في مرحلة ما قبل‬
‫المدرسة ‪ ،‬تنمو النزعةـ الجتماعية لدى‬
‫الطفل في هذا العمر ‪ ،‬وأثار المدرسة‬
‫واضح وهاما في النمو الجتماعي ‪ ،‬وأهم‬
‫الخصائص الجتماعية في هذه المرحلة‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫‪ _1‬انفصال الجنسين ‪:‬‬
‫‪0‬قبيل البلوغ يتجمع الصبيان في‬
‫مجموعات من الذكور ل تقبل الناث‬
‫في وسطها _في العادةا_ ‪ ،‬وتتجمع‬
‫الناث في مجموعات من الناث ل تقبل‬
‫الصبيان في وسطها كذلك ‪ ،‬تجد البنات‬
‫في مجموعة يلعبن ‪ ،‬فإذا جاء في‬
‫وسطها ولد يطردنه من بينهن قائلت ‪:‬‬
‫)) نحن بنات وأنت ولد فلماذا تأتي في‬
‫وسطنا ؟! هل أنت بنت ؟ ) أو بنوتة (‬
‫تلعب مع البنات ؟! (( ‪ .‬وتجد الصبيان‬
‫في مجموعة يلعبون ‪ ،‬فإذا جاءت في‬
‫وسطهم بنت تصايحوا عليها وطردوها ‪:‬‬
‫)) نحن صبيان فما الذي يأتي بالبنات‬
‫في وسطنا ؟! اذهبي فالعبي مع البنات‬
‫اللواتي مثلك ! (( ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫‪47‬‬
‫ومع أن علم النفس الغربي ذاته يعلم‬
‫هذه الحقيقة ويسجلها فإن الجاهليةـ‬
‫الحديثة تنشئ مدارس إعدادية مختلطة‬
‫لتكسرـ هذا الحاجز الفطري ‪ ،‬وتحاول‬
‫تغيير طبائع النفوس ! _ محمد قطب ‪:‬‬
‫‪. _ 2/199‬‬
‫وهذه مرحلة انتقالية بين الطفولة حيث‬
‫ل يميز الذكور عن الناث ‪ ،‬ومرحلة‬
‫البلوغ حيث يتسارع النمو ‪ ،‬وتظهر‬
‫الفوارق البارزةا بين الجنسين ‪.‬‬
‫فعن أبي هريرةا رضي الله عنه أن‬
‫رسول الله ‪ ‬قال ‪ ) :‬مروا أولدكم‬
‫بالصلةا وهم أبناء سبع ‪ ،‬واضربوهم‬
‫عليها وهم أبناء عشر ‪ ،‬وفرقوا بينهم‬
‫في المضاجع ()‪ . (1‬ويستفاد من هذا‬
‫الحديث أن يفرق الولد الذكور عن‬
‫البنات في السرةا أثاناء النوما ‪،‬‬
‫فتخصص غرفة للصبيان ‪ ،‬وأخرى‬
‫للبنات ‪ ،‬وإذا تعذر وجود الغرفتينـ‬
‫تقسم الغرفة الواحدةا أثاناء النوما بما‬
‫يتيسر ويحجب بين الجنسين ‪.‬‬
‫‪ _ 2‬نمو النمط الجنسي ‪:‬‬
‫في الطفولة المبكرةا ‪ ،‬قد يرتدي‬
‫الطفل بعض ثاياب شقيقته أو العكس‬
‫‪ 1‬ـ جامع الصولـ )‪. (5/187‬‬

‫‪47‬‬
‫‪48‬‬
‫دون اعتراض _ وهذه خطأ أصل ً _ أما‬
‫في الطفولة المتأخرةا فل يقبل الصبي‬
‫أن يابس قميصا ً لونه بناتي ‪ ،‬ول تقبل‬
‫البنت ثاوبا ً لونه رجالي ‪ ،‬كما تنصرف‬
‫اهتمامات الصبي إلى نشاطات للرجال‬
‫كألعاب الكرات _ وخاصة القدما _‬
‫وركوب الدراجة ‪ ،‬والسباحة ‪ ،‬وتنصرف‬
‫البنات إلى ألعاب خاصة بهن مثل نط‬
‫الحبل والشغال اليدوية والحياكة‬
‫وأعمال المنزل ‪ ،‬كما يتجه الصبيان إلى‬
‫أن يصبحوا أكثر خشونة واستقلل ً ‪،‬‬
‫بينما تتجه البنات إلى أن يصبحن أكثر‬
‫أدبا ً وحياءً وتعاونا ً من الصبيان ‪ .‬ويبدي‬
‫الصبيان اهتماما ً أكثر بزملء والدهم‬
‫وأقاربهم الرجال ‪ ،‬بينما تبدي البنات‬
‫اهتماما ً أكثر بزميلت أمها وقريباتهن ‪.‬‬
‫ويبدأ الصبيان بمساعدةا والدهم في‬
‫أعماله خارج المنزل ‪ ،‬ويسعدون بذلك ‪،‬‬
‫بينما تبدأ البنات بمساعدةا أمهن في‬
‫عملها داخل المنزل ‪ ،‬ويسعدن بذلك ‪.‬‬
‫وهذا التنميط الجنسي سابق للفروق‬
‫الجنسية الجسدية التي ستظهر عند‬
‫البلوغ ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تحمل المسؤولية ‪:‬‬
‫وتسمى رغبة ) النمو ( ‪ ،‬فالصبي في‬
‫هذه المرحلة يضايقه أن يعامل كطفل ‪،‬‬
‫ويرغب أن ينظر إليه الخرون كرجل‬

‫‪48‬‬
‫‪49‬‬
‫وليس كطفل )‪ ، (1‬وكذلك البنت يضايقها‬
‫جدا ً أن يقال عنها طفلة ‪ ،‬وتتمنى أن‬
‫ينظر إليها الخرون على أنها فتاةا‬
‫وليست طفلة ‪ .‬فتراها تلبس الحجاب ‪،‬‬
‫وتقلد النساء الكبيرات في أدبهن‬
‫وحشمتهن‪،‬وتريد من الخرين أن‬
‫ينظروا إليها مثلما ينظروا إلى‬
‫الكبيرات‪.‬‬
‫وتقع أحيانا ً مشكلة بين الوالدين‬
‫وأولدهم ‪ )،‬يقول الب ‪ :‬يريد أن يدعي‬
‫أنه رجل ‪ ،‬إنه ل يريد أن يطيع أمري ‪.‬‬
‫وتقول الما ‪ :‬هذه البنت ل تريد أن تطيع‬
‫أمري ! تريد أن تجعل نفسها كبيرةا !‬
‫والمربي الحصيف ل ينتظر حتى يتحول‬
‫المر إلى مشكلةـ ‪ ،‬ثام يبحث لها عن‬
‫حل ‪ ،‬إنه يتقي المشكلةـ ابتداء ويحول‬
‫دون حدوثاها ‪ ،‬فحين يحس الب أو الما‬
‫أن الولد يحس أنه أكبر من طفل ‪،‬‬
‫فعليهما أن يسارعا _ بفرح _ إلى تقبل‬
‫هذا المر ‪ ،‬وعليهما هما أن يسعيا إلى‬
‫إعلنه ‪ :‬إن ابننا _ فلنا ً _ لم يعد الن‬
‫طفل ً إنه أصبح رجل ً ‪ .‬كم يثلج صدر‬
‫الصبي هذا العلن كم يغذي إحساسه‬
‫‪ 1‬ـ يذكر الباحث عندما كان في المرحلة البتدائية ‪ ،‬كيف كان‬
‫يتضايق لن النساء الكبيرات ل يتحجبن عنه ‪ ،‬وكان يعلمهن‬
‫أنه سيمر _يقصد لعلهن يحتجبن عنه _ فتقول إحداهن ‪ :‬مر يا‬
‫بني أنت مثل ابني ‪ .‬فيتضايق لنهن يعاملنه كطفل ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫‪50‬‬
‫بذاته ويطمئنه على ذاته‪ ،‬ثام على الفور‬
‫ينبغي أن يتغير السلوك‪،‬لعطاء هذا‬
‫العلن من الواقع‪.‬‬
‫فبدل ً من أن يشتري له أبوه حاجاته‬
‫دون مشورةا منه ‪ ،‬ينبغي له الن أن‬
‫يأخذ رأيه ‪ :‬ما رأيك في هذا الحذاء ؟ ما‬
‫رأيك غي هذا اللون ؟ أو يعطيه النقود‬
‫ويترك له حرية شراء حاجاته ‪ ،‬مع‬
‫النصح والتوجيه ‪ .‬ثام يرسله بين الحين‬
‫والخر نائبا ً عنه في قضاء أمر من‬
‫المور ‪ ،‬إلى مكتبـ البريد ‪ ،‬أو السوق‬
‫لشراء بعض حاجات البيت ‪ ،‬كما‬
‫تستطيعـ الما أن تطلب منه مرافقة‬
‫أخته ‪ ،‬أو مرافقتها هي )أمه( في‬
‫مشوار معين ‪ ،‬أو استقبال ضيوف‬
‫والده في غيابه ‪...‬إلخ ‪.‬‬
‫والمر مع البنت كذلك ‪ ،‬وإن كان‬
‫علجها يقع على عاتق أمها أكثر من‬
‫أبيها ‪ ،‬فلتعلن الما أماما الخوةا والقارب‬
‫والصدقاء ‪ :‬إن بنتنا _ فلنة _ لم تعد‬
‫اليوما طفلة إنها صارت )) ست بيت ((‬
‫تصنع في نفسها كما تصنع في نفس‬
‫الصبي ‪ ،‬وتطمئنها على ذاتها ‪ ،‬وترضي‬
‫نزعتها إلى تكبير نفسها ‪.‬‬
‫ثام على الما أن تشفع ذلك بتغيير جذري‬
‫في المعاملةـ ‪ ،‬فتستشيرها في كل‬

‫‪50‬‬
‫‪51‬‬
‫شيء يخصها ‪ ،‬أو تسمح لها بالشراء‬
‫بنفسها ‪ ،‬ثام عليها أن تدخلها معها في‬
‫تدبير المنزل ‪ ،‬كإعداد المائدةا ‪ ،‬أو إعداد‬
‫)) السلطة (( أو تنظيف الصحون ‪،‬‬
‫وتنظيف البيت كله أو بعضه ‪ ،‬كذلك‬
‫تدخلها معها على الضيفات والجلوس‬
‫معهن بعض الوقت ‪ ،‬وتبادل بعض‬
‫الحديث ‪ ،‬كل ذلك يحل عقدةا ))الكبر((‬
‫عندها ‪ ،‬فيسلس قيادها لمها ول تعود‬
‫تعصي أوامرها ‪ ،‬وفي الوقت ذاته تنمو‬
‫شخصيتها وتكتسبـ خبرات اجتماعية‬
‫وخبرات في تدبير المنزل هي في حاجة‬
‫)‪(1‬‬
‫إليها جميعا ً ‪.‬‬
‫‪.4‬جـماعـة القأـران ‪:‬‬
‫والسعي نحو القران ) الرفاق ( ؛‬
‫خطوةا أولى نحو الرشد ‪ ،‬حيث أن‬
‫الرشد يعني العتماد على الذات بدل ً‬
‫من العتماد على البوين ‪ ،‬فعندما‬
‫يسعى الطفل نحو القران ‪ ،‬يأنس بهم‬
‫‪ ،‬ويكون معهم )) شلة (( لها قيمها‬
‫وأسرارها ‪ ،‬عندئذ يقلل من تعلقه‬
‫بوالديه ‪ ،‬وتتبلور جماعات الرفاق في‬
‫مرحلة المراهقة ‪ ،‬وجماعات الرفاق‬
‫هي محور هذا البحث ‪ ،‬لذلك سيفردها‬

‫‪ - 1‬محمد قطب ) ‪ ( 204 /2‬بتصرف كبير ‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫‪52‬‬
‫الباحث في الفصل القادما بما يمكن من‬
‫التفصيلـ ‪.‬‬
‫المراهـقـة‬
‫تبدأ المراهقة منذ البلوغـ الذي يتراوح‬
‫بين العاما)‪ (15_12‬من العمر‪،‬وتسبق‬
‫البنات الصبيان بسنة واحدةا في الغالب‬
‫‪ ،‬وتستمر المراهقة حتى العاما ) ‪_18‬‬
‫‪ ( 20‬من العمر ‪ ،‬وهذا التفاوت سببه‬
‫الفروق الفردية ‪ ،‬بالضافة إلى البيئةـ ‪،‬‬
‫والمراهقة أهم المراحل التي يمر بها‬
‫الولد أثاناء نموهم ‪ ،‬وترجع هذه الهمية‬
‫للسباب التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬المعنى الشائع الخاطئ للمراهقة‬
‫الذي يرى المراهق مريضا ً نفسيا ً ‪،‬‬
‫قلقا ً و مضطربا ُ ‪ ،‬بل يرى القلق‬
‫والضطراب حتميين في المراهقة ‪،‬‬
‫هذا المفهوما الذي نشره المريكي‪:‬‬
‫)ستانللي هول‪:‬ـ ‪( STANLLY ALL‬‬
‫)‪ (1‬وخلصته أن المراهقة عاصفة‬
‫‪ - 1‬مفكر أمريكي ولد عاما ) ‪ ( 1844‬وتوفي ) ‪، (1924‬تأثار‬
‫بآراء لوك وروسو ‪ ،‬وربط بين تاريخ النسان وتطور نمو الفرد‬
‫ن وتميز بتوسعه في دراسة المراهقة ‪ ،‬ووضع لها فترةا زمنية‬
‫)‪ (15_12‬سنة ‪ ،‬ووصف الفترةا بالهياج والتوتر والحركة‬
‫والميل إلى المثالية ‪ ،‬والثورةا على التقاليد والمعاناةا ‪،‬‬
‫والتعبير عن المشاعر والحاسبس ‪ ،‬وقد طبق نظرية دارون‬
‫في النشوء والرتقاء على علم النفس ‪ ،‬ومعنى ذلك أن جميع‬

‫‪52‬‬
‫‪53‬‬
‫من التوتر والضطراب الحتميين ‪،‬‬
‫مما يجعل كثيرا ً من الباء‬
‫والمدرسين يتساهلونـ مع الشباب ‪،‬‬
‫ويتغاضون عن أخطائهم وأفعالهم‬
‫الضارةا ‪ ،‬لنهم ينظرون إليهم‬
‫نظرتهم إلى المريض الذي ل حرج‬
‫عليه ‪ .‬فيضيع الشباب في أهم‬
‫مراحل نموهم ‪.‬‬
‫‪ .2‬لن المراهقة مرحلة التغيرات‬
‫السريعة والجذرية أحيانا ً ‪ ،‬ول بد‬
‫من التعامل الواعي مع المراهق ‪.‬‬
‫خصـائص المراهقـة‬
‫سنوجز خصائص المراهقة تحت اسم‬
‫حاجات المراهقة ‪ ،‬ونهدف من ذلك‬
‫توعية الباء إلى ما يحتاجه أبناؤهم‬
‫المراهقون ‪ ،‬فيعملون على إشباع‬

‫المراهقين مرضى ‪ ،‬ومن ثام يحتاجون المعالجة الطبية‬


‫والنفسية ‪ ،‬والمراهقة عند )هول( عبارةا عن عاصفة تصيب‬
‫النسان ‪ .‬وقد تبين خطأ هذا الرأي بناء على الدراسات‬
‫الميدانية في الغرب والشرق والعالم العربي ‪ .‬وأول مةت‬
‫يبين خطأه علماء النفس أنفسهم ‪ ،‬فالمراهقة عنده ‪ :‬تغير‬
‫شامل وسريع ‪ .‬انظر ‪ _1 :‬سيكولوجية المراهق المسلم‬
‫المعاصر ‪ ،‬لعبد الرحمن محمد العيسوي ‪ ،‬صا)‪_2. (49‬‬
‫المراهقون ‪ ..‬لسمير جميل أحمد الراضي ‪ ،‬صا)‪_3 . (271‬‬
‫تربية الشباب المسلم ‪ ،‬لخالد شنتوت ‪ ،‬صا ‪. 9‬‬

‫‪53‬‬
‫‪54‬‬
‫هذه الحاجات ‪ ،‬ليصل أبناؤهم إلى‬
‫مرحلة الرشد بسلما ‪.‬‬
‫‪-1‬الحاجـة إلى العبـاداة ‪:‬‬
‫وهي حاجة فطرية ‪ ،‬تظهر في توجه‬
‫النسان إلى الله عند الشدةا والخطر ‪،‬‬
‫وقد بين الرسول ‪ ‬ذلك بقوله ‪ ) :‬ما‬
‫من مولود إل يولد على الفطرةا ‪،‬‬
‫فأبواه يهودانه وينصرانه ويشركانه ‪،‬‬
‫فقال رجل ‪ :‬يا رسول الله ‪ :‬أرأيت لو‬
‫مات قبل ذلك ؟ قال ‪ :‬الله أعلم بما‬
‫كانوا عاملين ()‪ (1‬أي على عقيدةا‬
‫التوحيد ‪ ،‬والميل إليها ‪ ،‬لكن البيئة‬
‫التي يربى فيها تصرف الوليد عن‬
‫أصل الفطرةا ‪ ،‬أو تحافظ عليها ‪.‬‬
‫ً‬
‫فيتجه المراهق إلى المسجد أحيانا ‪،‬‬
‫ويحافظ على الصلوات والنوافل ‪،‬‬
‫والذكار والوراد ‪.‬‬
‫وربما اجتذبته ساحات الجهاد طلبا ً‬
‫للشهادةا وإرضاء الله عز وجل ‪،‬‬
‫أشارت إلى ذلك كثيرـ من الدراسات‬
‫النفسية الميدانية ‪ ،‬وبينت أنها عند‬
‫)‪(2‬‬
‫المراهقات أكثر من المراهقين ‪.‬‬
‫وفي هذه الفترةا التي تنفجر فيها‬
‫شحنة الجنس ‪ ،‬تنفجر شحنة روحية‬
‫‪ - 1‬مسلم ) ‪ (2658‬في باب القدر ‪.‬‬
‫‪ _22‬عبد العزيز النغيمشي ‪ ،‬صا ‪. 39‬‬

‫‪54‬‬
‫‪55‬‬
‫عجيبةـ ‪ ،‬شفافة صافية مشرقة ‪....‬‬
‫تنطلق معها لتضبطها وتسيطر عليها ‪،‬‬
‫ولكي ل ينطلق المراهق كالحيوان !‬
‫هذه الشحنة الروحية في مرحلة‬
‫البلوغ تأخذ صورةا مشاعر دينية‬
‫صافية شفافة ‪ ،‬تجنح ببعض الشباب‬
‫أحيانا ً إلى الصوفية ‪ ،‬وهذه العاطفة‬
‫الدينية تأتي في موعدهاـ المناسب ‪،‬‬
‫مع بدء التكليفـ الرباني ‪ ،‬لتصل القلب‬
‫بالله ‪ ،‬وتربطه به برباطا الحب‬
‫والتقوى ‪ ،‬والمربي المسلم ) الب أو‬
‫المدرس ( ينمي هذه المشاعر بإرشاد‬
‫الفتى ) والفتاةا ( إلى شعائر العبادةا ‪،‬‬
‫والنوافل ‪ ،‬وصوما التطوع ‪ ،‬وتلوةا‬
‫القرآن الكريم ‪ ،‬وطلب العلم‬
‫الشرعي ‪ ،‬ومتابعة الحلقات العلمية‬
‫)‪(1‬‬
‫في المساجد ‪.‬‬
‫‪ -2‬الحاجـة إلى العمل وتحمل‬
‫المسؤولية ‪:‬‬
‫تلح التغيرات الجسدية والعقليةـ‬
‫والنفسيةـ على المراهق أن يعمل مثل‬
‫الكبار ‪ ،‬ول يبقى عالة على والديه ‪،‬‬
‫لنه لم يعد طفل ً ‪ ،‬وتدفعه الرغبة في‬
‫) الكبر ( إلى الرغبة في تحمل‬
‫المسؤولية ‪ ،‬فتراه مندفعا ً إلى عرض‬
‫‪ _31‬محمد قطب ‪ ( 227 /2 ) :‬بتصرف ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪56‬‬
‫خدماته على والده وأمه وأقاربه‪،‬يريد‬
‫أن يكلفوه بمهمة ما فينجزهالهم‪.‬‬
‫وينبغي على المربين ) آباء ومدرسين‬
‫( المبادرةا إلى تكليف المراهقين‬
‫بالعمال المناسبة لهم لشباع هذه‬
‫الحاجة ‪ ،‬ومن هذه العمال ‪:‬‬
‫أ _ شراء حاجات البيت من‬
‫السوق‪،‬مع توجيهه وإرشاده إلى‬
‫الحسن‪ ،‬ولضير في أخطاء الفتى في‬
‫هذا الميدان مرات عدةا في‬
‫البداية‪،‬وسوف يتعلم بعد ذلك ‪ .‬كما‬
‫تكلف الفتاةا بمساعدةا الما في أعمال‬
‫البيت ‪ ،‬وقد تسند إليها أعمال البيت‬
‫كلها في أياما العطل المدرسية ‪.‬‬
‫ب_ يكلف الوالدان الفتى والفتاةا‬
‫بمساعدةا أشقائهم الصغار في‬
‫مذاكرةا دروسهم ‪ ،‬مع توزيع‬
‫المسؤولية عليهم في هذه المتابعة ‪،‬‬
‫بينما يقوما الوالدان بدور الموجه‬
‫التربوي فقط ‪.‬‬
‫ج _ أعمال موسمية في التجارةا ‪ ،‬أو‬
‫حرفة صناعية ما يمارسها الفتى في‬
‫العطلة الصيفية ‪ ،‬بينما تدرب الفتاةا‬
‫على بعض العمال المنزليةـ المنتجة‬
‫كالكتابة على ) اللة الكاتبة ( أو‬
‫الحاسب اللي ‪ ،‬فتقوما بطبع الرسائل‬

‫‪56‬‬
‫‪57‬‬
‫العلمية ‪ ،‬أو تصف الكتب لدور النشر‬
‫وما شابه ذلك ‪.‬‬
‫د_ إسهاما الفتيان ‪ ،‬والفتيات في‬
‫الدعوةا السلمية وتابعة أنشطتها ‪،‬‬
‫من محاضرات ‪ ،‬ومخيمات صيفية ‪،‬‬
‫ومراكز نسوية ‪...‬إلخ ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الحـاجـةـ إلى توكيـد الـذات‬
‫ويسميه البعض الحاجة إلى الهوية ‪ ،‬أو‬
‫الحاجة إلى النتمـاء ‪ ،‬فالمراهق يريد‬
‫أن يعرف نفسـه ‪ ،‬ويريـد أن يقدما‬
‫نفسـه للخرين بقالب فكري أو‬
‫سياسي معين كأن يقول لهم ‪ :‬أنا‬
‫مسلم ‪ ،‬أو أنا علماني ‪ ،‬وقد يكون‬
‫أكثر دقة فيقول ‪ :‬أنا منهجي السلما ‪،‬‬
‫أو أنا منهجي العلمانية ‪.‬‬
‫ويخرج الفتى من تمركزه حول ذاته ـ‬
‫كما كان في الطفولة ـ وينشغل‬
‫بالمجتمع ‪ ،‬والمــة ‪ ،‬والبشريـة ‪،‬‬
‫فيبحث عن سبب الفسـاد ؟ ومن أين‬
‫يبدأ الصلح ؟ ومن هذا الخيط يسعى‬
‫الفتى إلى النتمـاء ‪ ،‬كما تتسارع‬
‫الجماعات والحزاب إلى جذب‬
‫الشباب إليها ‪ ،‬وتصل درجة الحماسة‬

‫‪57‬‬
‫‪58‬‬
‫إلى الفدائية والتضحية بالنفس في‬
‫سبيل ما يراه حقا ً )‪. (1‬‬
‫ويساهم العمل وتحمل المسؤولية‬
‫في إشباع دافع توكيد الذات عند‬
‫المراهق ‪ ،‬كما يصل المر أحيانا ً إلى‬
‫التمرد على الكبار من أجل إثابات هذه‬
‫الذات وتوكيدها ‪ .‬فقد يخالف المراهق‬
‫أوامر الكبار ‪ ،‬ل ‪ ،‬لنه ناقشها ووجدها‬
‫غير مناسبة لـه ‪ ،‬وإنما رفضها لنها‬
‫أوامر الكبار ‪ ،‬ليثبت أنـه قادر على‬
‫الرفـض ‪ ،‬ويبيـن للخرين أنـه صار‬
‫كبيرا ً ‪ ،‬ولم يـعد طفل ً تملـى عليـه‬
‫الوامر ‪.‬‬
‫ويتقبل المراهق من أصحابـه ؛ لن‬
‫نصائحهم ليست أوامرا ً من الكبار ‪،‬‬
‫وسيتضح ذلك أكثر عند الحديث عن‬
‫جماعة القران ‪.‬‬
‫‪ - 4‬الحـاجـةـ إلى المعرفــةـ‬
‫أوحب الطلع الذي ينمو بشكل‬
‫متسارع بسبب التفتح العقلي للمراهق‪،‬‬
‫ويعزز هذا الدافع لديه القدرات الجديدةا‬
‫المتفتحةـ ‪ ،‬كالقدرةا على الفهم المجرد‬
‫‪ ،‬دون الرجوع إلى المحسوسات ‪،‬‬
‫فيتجه بعض المراهقين إلى اقتناء‬
‫ـ محمد قطب )‪. (2/259‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪58‬‬
‫‪59‬‬
‫الكتب والقصص والصحف والمجلت‬
‫وقراءتها والعكوف عليها ‪ ،‬والستمتاع‬
‫بما تحويه من أحداث ‪ ،‬وتحليلت‬
‫وقصص ‪،‬ونماذج بطولية ‪ ،‬وأفكار‬
‫تغييرية ‪ ،‬وقد يلجأ المراهق إلى القراءةا‬
‫_ والقراءةا الموسعة _ في مجالت‬
‫متعددةا ‪ ،‬حيث ل يجد ما يلبي رغبته في‬
‫الستطلع من زاوية علمية واقعية ‪.‬‬

‫نماذج لوسائل إشباع داافع‬


‫الستطلع ‪:‬‬
‫‪ _1‬نشاطا القراءةا عن المكتشفات‬
‫والمخترعات‪،‬وعن الغرائب‬
‫والمجاهيل‪،‬والقراءةا في كتب‬
‫المذكرات‪،‬والرحلت الستكشافية حول‬
‫الرض‪،‬وبين القارات‪،‬وفي البحار ‪.‬‬
‫‪ _2‬نشاطا القراءةا في قصص‬
‫المغامرات والبطولت الوهمية ‪،‬‬
‫وروايات العنف والعصابات‪.‬‬
‫‪ _3‬نشاطا الرحلت‪،‬والسفار القصيرةا‬
‫والطويلة ‪،‬ويشدهم إليها زيارةا‬
‫المنشآت الجديدةا ‪ ،‬أو الغريبة‪،‬وزيارةا‬
‫المتاحف والثاار القديمة‪ ،‬والماكن‬
‫الطبيعيةـ الملفتة والعجيبة كالشللت‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪60‬‬
‫نشاطا الكتشافـ والتجريب ‪ ،‬مثل _‪4‬‬
‫تجريب ) شرب السجائر ( وقيادةا‬
‫السيارات بطريقة معينة جديدةا ‪،‬وأحيانا ً‬
‫‪ .‬تجريب المخدرات‬
‫وهكذايتضح أن الدافع إلى الطلع‪،‬قد‬
‫يكون سببا ً من أسباب تعاطي‬
‫المخدرات‪ ،‬لذلك لبد من تدريب‬
‫المراهقينـ على ضبط هذا الدافع ‪،‬‬
‫ويمكن تدريب المراهق على هذا‬
‫الضبط من خلل ‪:‬‬
‫‪ _1‬التأكيد على مراقبة الله الدائمة له ‪.‬‬
‫قال عز وجل ‪ :‬يعلم خائنة العين وما‬
‫تخفي الصدور‪ _ ‬غافر‪. _ 19:‬‬
‫‪ _2‬تكوين ضوابط حسية وحركية ‪ :‬مثل‬
‫غض البصر ‪ ،‬وحفظ السمع عن‬
‫المسموعات المذمومة ‪.‬‬
‫‪ _3‬فن السؤال ‪ :‬أي أن تخدما أسئلته‬
‫تعلمه المثمر ‪ ،‬مضبوطةـ بحدود الدب‬
‫العاما ‪ ،‬فعن أبي هـريرةا رضي الله عنه‬
‫قال ‪ :‬سمعت رسـول الله ‪ ‬يقول ‪:‬‬
‫] ما نهيتكم عنه فاجتنبوهـ ‪ ،‬وما أمرتكم‬
‫به فأتوا منه ما استطعتم ‪ ،‬فإنما أهلك‬
‫الذين من قبلكم كثرةا مسائلهم‬
‫واختلفهم على أنبيائهم [)‪ ، . (1‬فل تكون‬
‫‪ 1‬ـ متفق عليه ‪ ،‬البخاري في العتصاما ‪ ،‬باب القتداء بسنن‬
‫رسول الله ‪ ‬رقم )‪ (6777‬ومسلم في الفضائل باب توقيره‬

‫‪60‬‬
‫‪61‬‬
‫أسئلة لمجرد الثرثارةا ‪ ،‬أو الترف‬
‫الفكري أو أسئلة غيبية ل فائدةا منها ‪،‬‬
‫ول يوجد لدى النسان أداةا للخوض فيها‬
‫‪.‬‬
‫‪ _4‬فن الستئذان ‪ :‬وهو منتهى ضبط‬
‫حب الطلع ‪ ،‬فل يسمع ول ينظر ول‬
‫يسأل إل بعد الستئذان بذلك ‪.‬‬
‫‪ _5‬منع التعدي الستطلعي ‪ :‬ونقصد به‬
‫التجسس ‪ ،‬وهو غاية التعدي في حب‬
‫المعرفة‪،‬وقد ينزلق المراهق إلى‬
‫التجسس على الناس لشباع هذا‬
‫الدافع ‪.‬‬
‫‪ _6‬تلبية حاجة المعرفة ‪ :‬وهذه أهم‬
‫الوسائل الممكنة لشباع نهم المراهق‬
‫إلى المعرفة ‪:‬‬
‫أ_ تزويد البيت بمكتبة شاملة ‪،‬‬
‫وجيدةا في محتوياتها ‪ ،‬وترتيبها ‪ ،‬ول‬
‫بد أن تحوي ما يجذب المراهق ‪،‬‬
‫كالقصص ‪ ،‬وكتب الرحلت ‪،‬‬
‫والتراجم والسير ‪ ،‬والمذكرات ‪،‬‬
‫والكتشافات العلمية ‪ ،‬والشرطة‬
‫المسجلة في الوعظ والناشيد‬
‫والمحاضرات ‪.‬‬

‫‪ ‬رقم )‪. (1337‬‬

‫‪61‬‬
‫‪62‬‬
‫ب_ استخداما أسلوب الحوار في‬
‫التعامل مع المراهق ‪ ،‬من أجل توجيهه‬
‫إلى النافع المفيد له ‪.‬‬
‫ج_ أنشطة المراهق ‪ :‬كالرحلت‬
‫والمخيمات والمسكرات ‪ :‬ومنها رحلت‬
‫الحج والعمرةا ‪ ،‬ورحلت إلى المواقع‬
‫التاريخية ‪ ،‬أو للطلع على المنشآت‬
‫الصناعية والمدنية والعسكرية والعلمية‬
‫وغيرها ‪ .‬ومنها رحلت من أجل الجهاد‬
‫في سبيل الله عز وجل ‪.‬‬
‫‪ -5‬الـحاجـة إلى الـرفـاق‬
‫وهذه الحاجة من أقوى حاجات‬
‫المراهقة‪،‬وقد وجدناها في الطفولة‬
‫المتأخرةا‪ ،‬لكنها تتبلور في المراهقة‬
‫بشكل ملفت للنتباه ‪.‬‬
‫ويتعذر منع الشباب المراهق عن‬
‫الرفقـة أو فرض العـزلة عليه ‪ ،‬وهو‬
‫أمر يصطدما مع طبع النسان وجبلته ‪،‬‬
‫ويحرمه من حاجة نفسية مهمة ‪.‬‬
‫ويتجه المراهقون إلى أقرانهم وزملئهم‬
‫في أشياء كثيرةا من أهما التشابه في‬
‫التحولت والمشكلت ‪ ،‬وسوف تفرد‬
‫هذه الحاجة في فصل مستقلـ نظرا ً‬
‫لهميتها في هذا البحث ‪.‬‬
‫المراهقـة الهادائـة‬

‫‪62‬‬
‫‪63‬‬
‫تقول ) مارغريت ميد ‪: ( MEAD‬‬
‫المراهقة مرحلة نمو عادي ‪ ،‬وما داما‬
‫هذا النمو يسير في مجراه الطبيعي ل‬
‫يتعرض المراهق لزمات ‪ ،‬وقد اهتمت‬
‫ميد بدراسة المجتمعات البدائية ‪:‬‬
‫كالقبائل التي تعيش في الخياما ‪،‬‬
‫وتمتهن الرعي والصيد ‪ ،‬وقليل ً من‬
‫الزراعة ‪ ،‬وتقول عن هذه المجتمعات‬
‫البدائية ‪ ) :‬في هذه المجتمعات تختفي‬
‫مرحلة المراهقة ‪ ،‬وينتقل الفرد من‬
‫الطفولة إلى الرشد مباشرةا ‪ ،‬بعد‬
‫احتفال تقليدي ( )‪. (1‬‬
‫وقد أثابتت الدراسات أن المراهقة‬
‫مرحلة نمو عادي ) خالية من القلق‬
‫والضطراب ( ‪ ،‬والمراهق ل يتعرض‬
‫لزمة من أزمات النمو ما داما هذا النمو‬
‫يسير في مجراه الطبيعي )‪. (2‬‬
‫والزمات والقلق ليسا ضربة لزب في‬
‫المراهقة ‪ ،‬فقد تمر بدون هذه الزمات‬
‫‪ ،‬يقول عبد الرحمن العيسوي ‪:‬‬
‫) وجدير بالذكر أن النمو الجنسي في‬
‫المراهقة ل يؤدي بالضرورةا إلى أزمات‬
‫‪ ،‬لكن النظم الحديثة هي المسؤولة عن‬

‫‪- 1‬حامد زهران ‪ ،292‬وعبد الرحمن العيسوي ‪ ،‬صا ‪. 29‬‬


‫‪- 2‬حامد زهران ‪،‬صا ‪.29‬‬

‫‪63‬‬
‫‪64‬‬
‫أزمة المراهقة ( )‪ (1‬ثام يقول العيسوي‬
‫تحت عنوان ) أسطورةا العاصفة ( ‪:‬‬
‫) ولقد بالغ البعض في وصف المراهقة‬
‫بالعاصفة ‪ ،‬وقد أكدت الدراسات‬
‫الحديثة أن المراهقة ليست بالضرورةا‬
‫وبالطبيعةـ مرحلة عواصف وضغوطا ‪،‬‬
‫ففي بعض الدراسات لم تزد نسبة‬
‫المضطربينـ منهم على ) ‪، ( %20‬‬
‫ينحدر معظمهم من بيوت محطمة وغير‬
‫)‪(2‬‬
‫سعيدةا‬

‫الفصل الثالث‬
‫الحاجـة إلى الرفـاق‬
‫تـمهيد ‪:‬‬
‫القرين في اللغة ‪ :‬المقارن والمصاحب‬
‫‪ ،‬والقرين الزوج لنه يصاحب زوجته ول‬
‫يفارقها ‪ ،‬والقرينة ‪ :‬الزوجة )‪. (3‬‬
‫‪ - 1‬عبد الرحمن العيسوي ‪،‬صا ‪. 29‬‬
‫‪- 2‬عبد الرحمن العيسوي ‪ ،‬صا ‪. 49‬وللمزيد ينظر كتاب تربية‬
‫الشباب المسلم ‪ ،‬لخالد شنتوت ‪ ،‬نشر دار المجتمع ) ‪1413‬‬
‫(‪.‬‬
‫‪ - 3‬المعجم الوسيط ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪65‬‬
‫والقران ‪ :‬مجموعة من الفتيان ‪ ،‬قل‬
‫البلوغ بقليل أو بعده أو مجموعة من‬
‫الفتيات ‪ ،‬يكونون جماعة للذكور ‪ ،‬أو‬
‫جماعة للناث ‪ ،‬والصح مجموعة يتراوح‬
‫عددها بين)‪ (5-2‬على الكثر‪ .‬وجماعة‬
‫القران مجموعة أهم حدث في حياةا‬
‫النسان بعد الطفولة المبكرةا ‪ ،‬فما هي‬
‫جماعة القران ؟ ولماذا تشتد الحاجة‬
‫إلى الرفاق عند الفتى المراهق ؟ وما‬
‫أثارها في حياةا النسان ؟ وما هي سبل‬
‫الوقاية من أقران السوء ؟ وكيف‬
‫يتصرف الوالدان الحصيفان إزاء ذلك ؟‬
‫‪.‬‬
‫وخلل إحدى عشرةا سنة عملها الباحث‬
‫مرشدا ً طلبيا ً )‪ (1‬؛ راجعني عشرات‬
‫الباء يقولون كلما ً واحدا ً خلصته ‪:‬‬
‫يقول الب _ واللم النفسي يعصره _ ‪:‬‬
‫كان ولدي طفل ً مؤدبا ً ‪ ،‬ل يخالف‬
‫والديه ‪ ،‬ول يخرج من البيت ؛ إل إلى‬
‫المدرسة ‪ ،‬أو مع أسرته وكان متفوقا ً‬
‫في دراسته ‪ ،‬محبوبا ً في أسرته ‪،‬‬
‫مطيعا ً لوالديه ومدرسيه وإخوانه ‪...‬‬
‫‪ - 1‬المرشد الطلبي كان اسمه المشرف الجتماعي ‪،‬‬
‫ومهمته في المدرسة مساعدةا الطلب على التكيف‬
‫الجتماعي المدرسي ‪ ،‬ورعاية الطلب المتفوقين ‪،‬‬
‫والمتأخرين دراسيا ً ‪ ،‬وربط البيت بالمدرسة ‪...‬إلخ ‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫‪66‬‬
‫حتى إذا تعرف على ابن فلن وابن فلن‬
‫‪ ،‬من عندكم في هذه المدرسة‬
‫) وأحيانا ً من حارته ( ؛ وكون معهم‬
‫)) بشكة (( )‪ ، (1‬ل يفارقهم ول يفارقونه‬
‫؛ تغير سلوكه وطبعه ‪ ،‬وصار ل يطيق‬
‫المكث في البيت ‪ ،‬ول يحب الخروج‬
‫معها ‪ ،‬ول يسمع لوالديه كما كان ‪،‬‬
‫وتغير مستوى تحصيله الدراسي_كما‬
‫ترى_ وحالتنا معه حالة متعبة ‪...‬‬
‫أسـباب جماعـة القأـران‬
‫جماعة القران مرحلة ضرورية من‬
‫مراحل النمو الجتماعي والنفسي يمر‬
‫بها النسان قبل البلوغـ بقليل ‪ ،‬وخلل‬
‫فترةا المراهقة ‪ ،‬وتستمر هذه النزعةـ‬
‫قوية جدا ً عند الشباب حتى يتزوج‬
‫الشاب ‪ ،‬وتتزوج الفتاةا ‪ ،‬فتقل الرابطة‬
‫بين القران ‪ ،‬لتنشأ بدل ً منها رابطة‬
‫السرةا الجديدةا التي سيكون أبا ً فيها ‪،‬‬
‫أو تكون أما ً في هذه السرةا الجديدةا ‪،‬‬
‫وقد تستمر رابطة القران بعد الزواج ؛‬
‫لكن بشكل أضعف ‪ ،‬وفي كل الحالت‬
‫تغرس في النسان صفات قد ل تفارقه‬
‫مدى العمر ‪.‬‬
‫‪ - 1‬كلمة دارجة في الحجاز وتعني مجموعة صغيرةا من‬
‫الصدقاء ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫‪67‬‬
‫) والرفقة مطلب نفسي ل يستغني عنه‬
‫النسان ‪ ،‬وخصوصا ً في مرحلة‬
‫المراهقة ‪ .‬وبوجود الرفقة المنسجمة‬
‫يتم قضاء الوقات وتبادل الراء‬
‫والخبرات وبث المال والتشارك في‬
‫الحاسيس والمشاعر ‪ ...‬ويتعذر منع‬
‫الشاب المراهق عن الرفقة أو فرض‬
‫العزلة عليه ‪ ،‬وهو أمر يصطدما مع طبع‬
‫النسان وجبلته ‪ ،‬ويحرمه من حاجة‬
‫نفسية مهمة ()‪. (1‬‬
‫مرحلة جديدة في العمر‬
‫يبدأ الطفل الهتماما بالقران قبل‬
‫البلوغ ‪ ،‬وهذه محطة جديدةا في العمر ‪،‬‬
‫يمكن التزود منها ‪ ،‬واستدراك بعض ما‬
‫فات من المحطات السابقة ) الطفولة‬
‫المبكرةا ‪ ،‬والمتأخرةا ( وتكون إعادةا‬
‫التشكيلـ بأن ) ينتقي المربي لطفله‬
‫أصلح النماذج ن سواء للمصاحبة العامة‬
‫في المجموعة ‪ ،‬أو للصداقة الخاصة ‪،‬‬
‫ويكون ذلك بالتلطف ل بالفرض ‪ ،‬كأن‬
‫يدعو الب أصدقاء ابنه إلى البيت‬
‫ويكرمهم ‪ ،‬وتستطيع الما أن تدعو‬
‫صديقات ابنتها كذلك ( )‪. (2‬‬
‫‪ - 1‬عبد العزيز النغيمشي ‪ :‬صا ‪. 62‬‬
‫‪ - 2‬محمد قطب ‪ :‬منهج التربية السلمية ) ‪. ( 203 / 2‬‬

‫‪67‬‬
‫‪68‬‬
‫وهكذا يتدخل الوالدان الحاذقان بشكل‬
‫غير مباشر لتدارك ما فاتهم في‬
‫المحطات السابقة ؛ فيهيئون أقرانا ً‬
‫صالحين لولدهم ‪ ،‬وبذلك يعيد التشكيل‬
‫‪ ،‬ويجعله صالحا ً ‪ ،‬أو يحافظ على‬
‫تشكيلـ الطفولة الصالح ‪.‬‬
‫القأـران قأنطـرة عبـور‬
‫عاش الطفل داخل السرةا ‪ ،‬كانت‬
‫علقاته محصورةا بأمه عندما كان‬
‫رضيعا ً ‪ ،‬ثام توسعت فشملت والده ‪،‬‬
‫وبقية أفراد أسرته خلل الطفولة‬
‫المبكرةا ‪ ،‬ثام شملت المدرس وبعض‬
‫زملء المدرسة على مستوى محدود‬
‫جدا ً خلل بداية الطفولة المتأخرةا ‪،‬‬
‫وبعد سنوات يصبح هذا الطفل راشدا ً‬
‫تتسع علقاته الجتماعية حتى تشمل‬
‫المجتمع كله ‪ ،‬ول بد له من مرحلة‬
‫انتقالية يتدرب فيها على العلقات‬
‫الجتماعية غير السرية ‪ ،‬وهذا أحد‬
‫أسباب جماعة الرفاق ) القران ( ‪.‬‬
‫وهذه الجماعة بمثابة ) دورةا ( يتعلم‬
‫فيها المراهق معايير سلوكية خاصة ‪،‬‬
‫ويتعلم منها الحياةا الجتماعية العلمية ‪،‬‬
‫وتعطيه فرصة التعاملـ مع أفراد‬

‫‪68‬‬
‫‪69‬‬
‫متساوين معه ‪ ،‬وتساعده على‬
‫)‪(1‬‬
‫الستقلل الشخصي عن الوالدين ‪.‬‬
‫وعاش الطفل متعلقا ً بوالديه ‪ ،‬ل يتلقى‬
‫من غيرهما خلل الطفولة المبكرةا ‪ ،‬ثام‬
‫صار يتلقى من المدرسين في الطفولة‬
‫المتأخرةا ‪ ،‬وما زال يتلقى من الكبار‬
‫لنه صغير ‪ ،‬والن يريد الطفل أن يكون‬
‫كبيرا ً ‪ ،‬لنه سيدخل مرحلة الرشد بعد‬
‫قليل ‪ ،‬ويريد أن يتحرر من الخضوع‬
‫الكلي للكبار ؛ لنه لم يعد طفل ً يخضع‬
‫لوالديه ومدرسيه في كل شيء ‪ ،‬فماذا‬
‫يفعل وهو يهاب ولوج مجتمع الكبار‬
‫دفعة واحدةا ‪ ،‬لذلك يمر بهذه المرحلة‬
‫النتقالية ‪ ،‬فتعلق الطفل بوالديه أكثر‬
‫من تعلقه بأقرانه ‪ ،‬وتعلق الرجل‬
‫بالمجتمع أقل من تعلق الفتى بأقرانه ‪،‬‬
‫ويلحظ أن مجموعة القران لعبت‬
‫دورالمرحلة النتقالية بين السرةا‬
‫والمجتمع‬
‫وعاش الطفل متعلقا ً بوالديه ‪ ،‬ويريد‬
‫اليوما أن يقلل هذا التعلق لنه يرى‬
‫نفسه كبيرا ً ‪ ،‬ويريد أن يتعامل مع أفراد‬
‫من خارج السرةا ‪ ،‬كبداية للتعامل مع‬
‫أي فرد في المجتمع ‪ ،‬فيبدأ التعاملـ مع‬

‫‪ - 1‬حامد زهران ‪ ،‬علم نفس النمو ‪ ،‬صا ‪. 226‬‬

‫‪69‬‬
‫‪70‬‬
‫القران كتمهيد للتحرر من الطفولة‬
‫ومغادرتها إلى الرشد ‪.‬‬
‫كيف تتكون مجموعة القأران‬
‫) الرفاق (‬
‫يلحظ على أفراد مجموعة القران ‪:‬‬
‫‪ _1‬التقارب في العمر ‪.‬‬
‫‪ _2‬التشابه في الميول والهوايات‬
‫والوظيفةـ الجتماعية ) تلميذ مثل ً ( ‪،‬‬
‫وتجد هواةا كرةا القدما يتقاربون حتى‬
‫يشكلوا مجموعة ‪ ،‬وهواةا الرحلت‬
‫يشكلون مجموعة أخرى ‪ ،‬المتفوقون‬
‫يشكلون مجموعة خاصة بهم ‪،‬‬
‫والمتأخرون دراسيا ً يشكلون مجموعة‬
‫خاصة بهم ‪ ،‬حتى ينطبق المثل القائل ‪:‬‬
‫إن الطيور على أشكالها تقع ‪.‬‬
‫‪ _3‬العامل الجغرافي ‪ :‬فهم أبناء حي‬
‫واحد ‪ ،‬تم تعرفهم في المسجد ‪ ،‬أو‬
‫المدرسة ‪ ،‬أو الشارع أحيانا ً ‪ .‬ول بد من‬
‫المعايشة في الفصل ‪ ،‬أو المسجد ‪ ،‬أو‬
‫الشارع ‪ ،‬أو من خلل زيارات القرباء‬
‫أحيانا ً ‪.‬‬
‫‪ _4‬بعض التكامل في الصفات‬
‫الشخصية ‪ :‬كأن تجد مجموعة من‬
‫الرفاق منهم الغني الذي يملك سيارةا ‪،‬‬
‫ومنهم الفقير المتقدما على صاحب‬

‫‪70‬‬
‫‪71‬‬
‫السيارةا دراسيا ً ولو بقليل ‪ ،‬ومنهم‬
‫الذي يملك صفات الزعامة ‪،‬ومنهم من‬
‫يعزف عن وظيفة الزعيم ‪،‬حتى تلمس‬
‫بعض التكاملـ المؤقت في الشلة‬
‫الواحدةا ‪.‬‬
‫‪ _5‬من نافلة القول أن مجموعات‬
‫الذكور ل تقبل الناث ‪ ،‬ومجموعات‬
‫الناث ل تقبل الذكور ‪ ،‬كما سبق في‬
‫الطفولة المتأخرةا ‪.‬‬
‫‪ _6‬الرفقة الختيارية ل يلزما بها‬
‫المراهق ‪ ،‬وإنما يختار رفاقه بمحض‬
‫إرادته ‪ ،‬فيلبي هذا الختيار حاجة نفسية‬
‫عند المراهق وهي أنه ل يرغب أن‬
‫يفرض عليه أحد ‪ ،‬ويمقت إصدار‬
‫الوامر من الكبار ) الوالدان‬
‫والمدرسون ( ‪ ،‬وينزع إلى الستقللية‬
‫في الرأي والتصرف ‪.‬‬
‫‪ _7‬معارضة الكبار لهذه المجموعة يزيد‬
‫من التصادق أفرادها ببعضهم ‪ ،‬إذ تنشأ‬
‫هذه المجموعات أصل ً ؛ كرد فعل على‬
‫تسلط الكبار عليهم ‪ ،‬وكبداية للتحرر‬
‫من سلطتهم ‪ ،‬فإذا عارضها الكبار ؛‬
‫تأجج الصراع بين مجموعة المراهقينـ‬
‫والكبار ‪ ،‬ويزيد توحد هذه المجموعة‬
‫)‪. (1‬‬
‫‪ - 1‬عبد العزيز النغيمشي ‪ ،‬المراهقون ‪ ،‬صا ‪. 68‬‬

‫‪71‬‬
‫‪72‬‬
‫يبحث الفتى‪،‬كما تبحث الفتاةا في العمر‬
‫)‪ _ (15_10‬لشعوريا ً _ عن أفراد‬
‫الشلة‪،‬في البيئات التي يعيش فيهاكل‬
‫منهما‪ ،‬وهي المدرسة‪ ،‬المسجد‪،‬‬
‫الشارع ‪ ،‬الحي ‪ ،‬وبعد التعرف غير‬
‫المقصود عادةا ‪ ،‬يتقرب الفتى ممن‬
‫لمس فيه صفات وطموحات مشابهة‬
‫لما عنده‪،‬فيزيد التعرفـ عليه‪ ،‬والتقرب‬
‫منه‪ ،‬حتى تتوثاق عرى الصداقة بينهما ‪،‬‬
‫ثام يضم ثاالث ورابع وربما خامس بنفس‬
‫الطريقة إلى المجموعة ‪ .‬وتضع‬
‫المجموعة بعض القواعد لها ؛ فيسارع‬
‫أفرادها إلى طاعة هذه القواعد لنها‬
‫نابعة منهم ؛ ولم تفرض عليهم من‬
‫الكبار ‪.‬‬
‫المبـكرون إلى جماعـة الرفـاق‬
‫الطفل الذي يعيش في جو منزلي غير‬
‫عطوف ) يتيم ‪ ،‬والداه قاسيان معه ‪،‬‬
‫أسرته ذات تقاليد صارمة في تعاملها‬
‫مع البناء ‪...‬إلخ ( هذا الطفل أسرع إلى‬
‫البحث عن الرفاق خارج السرةا ‪ ،‬لنه‬
‫يبحث عن الحنان الذي فقده في أسرته‬
‫‪ ،‬وهذه حالة غير سوية ‪ ،‬لذلك‬
‫) تجتذب الصحبة السيئةـ المراهق ؛‬
‫لوجوده في جو منزلي غير عطوف ‪،‬‬

‫‪72‬‬
‫‪73‬‬
‫وغير آمن ‪ ،‬أو لخفاق المراهق في‬
‫التوحد مع أبيه ‪ ،‬وإخفاق البنت في‬
‫توحدها مع أمها ( )‪. (1‬ومثل هذا الطفل‬
‫يلتحق بأول مجموعة رفاق تصادفه _‬
‫وقد تكون سيئة _ لنه ل يطيق النتظار‬
‫والبحث عن الفضل ‪.‬‬
‫والمبكرون في النضج كذلك يسارعون‬
‫إلى البحث عن مجموعة الرفاق ‪،‬‬
‫فالفروق الفردية بين الفتيان تجعلهم‬
‫يتفاوتون في زمن البحث عن مجموعة‬
‫الرفاق ‪ ،‬ومن هذه الفروق التبكيرـ في‬
‫النضج ‪.‬‬
‫والصبيان يبكرون في البحث عن‬
‫مجموعات الرفاق أكثر من البنات‬
‫لختلطهم مع زملئهم في المدرسة‬
‫والمسجد والشارع ‪ ،‬أما البنات فأقل‬
‫اختلطا ً بزميلتهن ‪ ،‬ول توجد غير‬
‫المدرسة تؤمن لهن هذه الفرصة ‪.‬‬
‫والطفال المتقدمون في النمو‬
‫الجتماعي ) غير النعزاليين ( يبكرون‬
‫في البحث عن الرفاق ‪ ،‬ويكونون‬
‫مجموعات أكبر نسبيا ً من غيرهم‬
‫تتراوح بين ) ‪ ( 5 _ 3‬أعضاء ‪ ،‬ويقودها‬
‫أكثرهم في النمو الجتماعي ‪ ،‬بينما‬
‫يتأخر )النعزاليون( في البحث عن‬
‫‪ - 1‬حامد زهران ‪ ،‬صا ‪. 327‬‬

‫‪73‬‬
‫‪74‬‬
‫مجموعات الرفاق ‪ ،‬ويكونون‬
‫مجموعات صغيرةا نسبيا ً تتكون غالبا ً‬
‫من عضوين فقط أو ثالثاة على الكثر ‪.‬‬
‫ويحسب الباحث أن التأخر في البحث‬
‫عن مجموعة الرفاق أفضل من التبكيرـ‬
‫؛ لن الطفل يزداد نضجا ً ويتمكن من‬
‫الختيار الفضل ‪ ،‬وعندما نضع الطفل‬
‫في جو أسري تربوي متعلمـ ؛ يراعي‬
‫خصائص النمو لكل مرحلة ؛ عندئذ‬
‫ينتقي الطفل رفاقه على مهل ‪ ،‬ويكون‬
‫اختياره للصلح بإذن الله تعالى ‪.‬‬
‫أثـر القأـران على الفـرادا‬
‫تؤثار جماعة القران على النسان سلبيا ً‬
‫أو إيجابيا ً ‪ ،‬فالطفل الحسن الذي التحق‬
‫بمجموعة فاسدةا ؛ يكتسبـ منها القيم‬
‫والخلق الفاسدةا ‪ ،‬والطفل السيء‬
‫الذي التحق بمجموعة صالحة ينمي‬
‫أخلقه وقيمه الفاضلة ويعمقها ‪،‬‬
‫ويحافظ عليها ‪ ،‬ويشبع حاجته إلى‬
‫الرفقة ‪.‬‬
‫ً‬
‫وقلما نجد مراهقا كان له خلة ومحبة‬
‫وملزمة لرفقة ما ؛ إل ويكون على‬
‫نهجها وطريقتها‪،‬متحدا ً معها في أفكاره‬
‫وسلوكه وأخلقه‪ ،‬إن خيرا ً فخير‪ ،‬وإن‬
‫شرا ً فشر ‪ ،‬وبعد أن يجتاز سن‬

‫‪74‬‬
‫‪75‬‬
‫المراهقة ؛ يبقى في الغالب على ما‬
‫كان عليه من توجهات وصفات ‪ ،‬وربما‬
‫بقيت رفقته كما عي لم تتغير في‬
‫أشخاصها وسماتها ‪ ،‬وهذا ما يحدث في‬
‫الغالب )‪) . (1‬وتتميز المراهقة المبكرةا‬
‫_ البلوغـ _ بأنها مرحلة المسايرةا()‪. (2‬‬
‫والمجاراةا والموافقة والنسجاما مع‬
‫المحيط الجتماعي ‪ ،‬وقبول العادات‬
‫الجتماعية الشائعة بغية تحقيق التوافق‬
‫الجتماعي()‪. (3‬‬
‫أثـر القأـران على عقيـدة الفـردا‬
‫قال تعالى ‪  :‬ويوما يعض الظالم على‬
‫اتخذت مع الرسول‬ ‫ُ‬ ‫يديه يقول يا ليتني‬
‫سبيل ً ‪ ،‬يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلنا ً‬
‫خليل ً ‪ ،‬لقد أضلني عن الذكر بعد إذ‬
‫جاءني وكان الشيطان النسان خذول ً ‪‬‬
‫_ الفرقان ‪ . _ 30 -28 :‬وعن أبي‬
‫موسى _ رضي الله عنه _ عن النبي ‪‬‬
‫أنه قال ‪ ] :‬إنما مثل الجليس الصالح‬
‫والجليس السوء كحامل المسك ونافخ‬
‫الكير ‪ :‬فحامل المسك إما أن يحذيك _‬
‫‪ - 1‬عبد العزيز النغيمشي ‪ ،‬صا ‪. 71‬‬
‫‪ - 2‬المسايرةا هي أن يتفق الفرد في سلوكه مع بيئته‬
‫الجتماعية ‪ ،‬والبيئة هنا هي الرفاق ‪.‬‬
‫‪ - 3‬حامد زهران ‪ ،‬صا ‪. 325‬‬

‫‪75‬‬
‫‪76‬‬
‫يعطيك مجانا ً _ وإما أن تبتاع منه ‪ ،‬وإما‬
‫أن تجد منه ريحا ً طيبة ‪ ،‬ونافخ الكير إما‬
‫أن يحرق ثايابك ‪ ،‬وإما أن تجد منه ريحا ً‬
‫خبيثة [ )‪. (1‬‬
‫قال ابن حجر ‪ :‬وفي الحديث النهي عن‬
‫مجالسة من يتأذى بمجالسته في الدين‬
‫والدنيا ‪ ،‬والترغيب في مجالسة من‬
‫ينتفع بمجالسته فيهما ‪ .‬ويقول النووي ‪:‬‬
‫وفيه فضيلة مجالسة الصالحين ‪ ،‬وأهل‬
‫الخير والمروءةا ومكارما الخلق والورع‬
‫‪ ،‬والعلم والدب ‪ ،‬والنهي عن مجالسة‬
‫أهل الشر والبدع ومن يغتاب الناس أو‬
‫يكثر فجره وبطالته ونحو ذلك من‬
‫النواع المذمومة ‪ .‬وفي تحفة الحوذي‬
‫يقول المباركفوري ‪ :‬ومن أحب قوما ً‬
‫بالخلصا يكون من زمرتهم ‪ ،‬وإن لم‬
‫يعمل عملهم ‪ ،‬لثبوت التقارب بين‬
‫قلوبهم ‪ ،‬وربما تؤدي تلك المحبة إلى‬
‫موافقتهم ‪ ،‬وفيه الحث على محبة‬
‫الصلحاء والخيار ورجاء اللحاق بهم‬
‫‪ - 1‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه البخاري في كتاب البيوع ‪ ،‬باب )‬
‫‪(38‬في العطار وبيع المسك ‪،‬ورقم الحديث)‪، (2101‬وفي‬
‫فتح الباري )‪ (379_4‬دار الريان ‪ .‬ومسلم في كتاب البر‬
‫والصلة والداب ‪،‬باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة‬
‫قرناء السوء ‪،‬رقم الباب )‪ (45‬ورقم الحديث)‪ (2628‬وفي‬
‫شرح النووي )‪ (417 _16‬دار القلم ‪ ،‬وأخرجه أبو داود في‬
‫كتاب الدب ‪ ،‬باب ‪ :‬من يؤمر أن يجالس ) ‪. ( 184 _ 7‬‬

‫‪76‬‬
‫‪77‬‬
‫والخلصا من النار) ‪ . ( 7/60‬ويقول‬
‫الخطابي في شرح سنن أبي داود ‪:‬‬
‫وفي الحديث إرشاد إلى الرغبة في‬
‫صحبة الصلحاء والعلماء ومجالستهم‬
‫فإنها تنفع في الدنيا والخرةا ‪ ،‬وإلى‬
‫اجتناب صحبة الشرار والفساق فإنها‬
‫تضر دينا ً ودنيا ‪.‬‬
‫والجليس صيغة مبالغة من كثرةا‬
‫المجالسة والملزمة ‪ ،‬ول شك أن‬
‫للجليس أثارا ً تراكميا ً متدرجا ً على‬
‫شخصية المرء وأخلقه )‪ . (1‬وتدخل‬
‫هذه الثاار التراكمية إلى نفس القرين‬
‫دون أن يشعر ‪ ،‬ول ينتبه إل بعد فوات‬
‫الوان ‪ ،‬فلو كان أحد القرناء يدخن ‪،‬‬
‫والخر ل يدخن ‪ ،‬ويظن في نفسه أنه‬
‫لن يتأثار بقرينه ولن يعتاد على التدخين‬
‫‪ ،‬لكن تعوده على رائحة التدخين من‬
‫قرينه ‪ ،‬ثام الرغبة اللشعورية في‬
‫التوحد مع قرينه ‪ ،‬تدفعه _ دون أن‬
‫يشعر _ إلى المسايرةا ‪ ،‬فيدخن مرةا‬
‫لرضاء قرينه ‪ ،‬ومرةا ثاانية وثاالثة مجاراةا‬
‫ومسايرةا حتى يعتاد ذلك من أقرانه ‪.‬‬
‫وعندما ل يكون الب مدخنا ً فإن‬
‫الطريق الوحيد لتعود الولد على‬
‫التدخين هو مجموعة الرفاق ‪.‬‬
‫‪ - 1‬عبد العزيز النغيمشي ‪ ،‬صا ‪. 70‬‬

‫‪77‬‬
‫‪78‬‬
‫ول يعني هذا أن الرفاق ل يأتي منهم‬
‫خير ‪ ،‬بل إن الرفاق _ أحيانا ً _ مدرسة‬
‫خير يلتحق بها المراهق فيتخرج منها‬
‫مؤمنا ً صلب اليمان ‪ ،‬ومسلما ً حسن‬
‫السلما ‪ ،‬ومجاهدا ً في سبيل الله‬
‫ورسوله ‪ ، ‬يحصل ذلك إذا كتب الله‬
‫الهداية لشخص ما ‪ ،‬فيهييء له رفاقا ً‬
‫صالحين يجرونه نحو التقوى والعمل‬
‫الصالح ‪ ،‬وسنرى أن دور البيت المسلم‬
‫بشكل‬
‫ٍ‬ ‫هو السعي لتهيئةـ هؤلء الرفاق‬
‫غير مباشر لولده ؛ فيضمن سلمة‬
‫عقيدتهم وسلوكهم ‪ ،‬ويسعدون في‬
‫دينهم ودنياهم ‪.‬‬
‫أثر القأـران على التحصيل‬
‫الدراسي‬
‫من خلل عمل الباحث في الرشاد‬
‫الطلبي لحظ أن الطلب المتفوقين‬
‫أكثر انسجاما ً مع أسرهم ‪ ،‬وأقل‬
‫انسجاما ً مع رفاقهم ‪ ،‬وبالتالي هؤلء‬
‫يتأخرون في اللتحاق بمجموعة الرفاق‬
‫‪ ،‬ويلتحقون بمجموعات قليلة العدد‬
‫نسبيا ً ) ‪ ( 3_2‬في الغالب ‪ ،‬وربما يتأخر‬
‫عندهمـ التفتح الجتماعي ‪ ،‬كل ذلك‬
‫لصالح التفوق في عملهم المدرسي ‪،‬‬
‫ومعظم الطلبة الوائل ينطبق عليهم‬

‫‪78‬‬
‫‪79‬‬
‫ذلك ‪ ،‬حتى إذا كان لهم رفاق فإن‬
‫الوقت الذي يقضونه معهم قليل نسبيا ً‬
‫‪.‬‬
‫وعكس ذلك الطلب المتأخرون دراسيا ً‬
‫أقل انسجاما ً مع أسرهم ‪ ،‬وأسرع في‬
‫اللتحاق بمجموعات الرفاق ‪ ،‬وأكثر‬
‫التصاقا ً بهم ‪ ،‬وتكون مجموعاتهم أكبر‬
‫في العدد ) ‪ ( 5_4‬في الغالب ‪ ،‬وأكثر‬
‫نشاطا ً وحركة وخاصة من حيث الوقت‬
‫الذي يضيعونه في اللعب والتسكعـ في‬
‫الشوارع والسهر معا ً ‪.‬‬
‫وهناك علقة عكسيةـ بين عدد الفراد‬
‫المجموعة من جهة وبين متوسط درجة‬
‫تحصيل أفرادها الدراسي ‪ ،‬وبنفس‬
‫الوقت توجد علقة عكسيةـ أيضا ً بين‬
‫عدد الساعات التي يعيشها الرفاق معا ً‬
‫وبين متوسط درجة التحصيلـ الدراسي‬
‫‪.‬‬
‫وقد يكون القران _ أحيانا ً قليلة _ عونا ً‬
‫للفتى على الجتهاد ‪ ،‬عندما تكون‬
‫الشلة صالحة ومجتهدةا فإنها تدفع‬
‫أعضاءها على الجد والجتهاد ‪ ،‬كما أنهم‬
‫يتعاونون على مذاكرةا دروسهم وحل‬
‫واجباتهم ‪.‬‬
‫أثر القأـران على سـلوك الفـردا‬

‫‪79‬‬
‫‪80‬‬
‫تتحدد معظم معالم الشخصية وسماتها‬
‫في الطفولة المبكرةا ‪ ،‬ثام تأتي‬
‫المراحل التالية فتدعم أو تعيق هذه‬
‫المعالم ‪ ،‬ومن أهم المراحل التي تدعم‬
‫ما بُني في الطفولة ‪ ،‬أو تعيقه وقد‬
‫تهدما أو تخرب بعضه ؛ مرحلة القران ‪.‬‬
‫وسبب ذلك أن الفتى يريد أن يتحرر من‬
‫الطفولة ويغادرها ‪ ،‬فينتقل إعجابه من‬
‫والديه ومدرسيه إلى العجاب بالرفاق ‪،‬‬
‫وكلما وجد في المجموعة عضو ذو‬
‫شخصية قوية فإن أثاره ينتشر على بقية‬
‫العضاء ‪ ،‬إن كان خيرا ً فخير ‪ ،‬وإن كان‬
‫شرا ً فشر ‪ ،‬ومن الملحظ أن انتقال‬
‫الشر أسرع ؛ لن الهدما أسرع وأسهل‬
‫من البناء ‪ .‬فالعجاب يدفع إلى التقليد‬
‫ويتقمص الفتيان شخصية زعيم‬
‫المجموعة أكثر من تقمصهم‬
‫لشخصياتـ الكبار ‪ ،‬لنه يظن أن تقليده‬
‫لرفيقه مبني على حرية اختياره ‪ ،‬وغير‬
‫مفروض عليه من الكبار ‪.‬‬
‫وقد تبين في إحدى الدراسات التي‬
‫استفتت ) ‪ ( 623‬طالبا ً في سبع‬
‫مدارس ثاانوية أن هناك انخفاضا ً في‬
‫اتصال المراهقين بالراشدين من آباء‬
‫ومدرسين وغيرهم ‪ ،‬وتبين أن هذا يؤدي‬

‫‪80‬‬
‫‪81‬‬
‫إلى تضاعف اتصال المراهق برفقته‬
‫وازدياد التعلق بها )‪. (1‬‬
‫وتبين من دراسة مقارنة أن المراهقين‬
‫يستمدون السلوك والرأي من‬
‫أصدقائهم في قضايا ومجالت حيوية‬
‫مؤثارةا ‪ ،‬تتعلق بأنماطا السلوك‬
‫والملبس والبرنامج اليومي والهوايات ‪،‬‬
‫وكل هذه قضايا خطيرةا ومتجددةا تحدث‬
‫تراكميا ً عبر الزمن ‪ ،‬تتأسس عليها‬
‫شخصية المراهق وسماته وطبائعه‬
‫)‪. (2‬‬
‫وهكذا تعد مجموعة القران أحد‬
‫المصادر المهمة والمفضلة عند‬
‫المراهقينـ للقتداء واستقاء الراء‬
‫والفكار ‪ ،‬ويؤدي القتران والتشابه بين‬
‫القران _ في كثيرـ من الحيان _ إلى‬
‫التوحد والتعلق بالرفقة بحيث ل يقدما‬
‫المراهق عليها أحدا ً ويربط غالبا ً‬
‫‪ .‬مصيره بمصيرها ورأيه برأيها‬

‫‪ - 1‬دراسة ) أيكوفتا ( بعنوان تفاعل المراهقين والراشدين ‪،‬‬


‫وعلقته بتلزما المراهق مع أقرانه ‪ .‬بحث منشور في مجلة‬
‫المراهقة ) ‪ 1975‬ما ( ‪ ،‬انظر عبد العزيز النغيمشي صا ‪. 66‬‬
‫‪ - 2‬دراسة ) سيبالد ووايت ( ‪ :‬الجماعات المرجعية لفراد ما‬
‫بين العشر إلى عشرين سنة ‪ .‬بحث منشور في مجلة‬
‫المراهقة ) ‪ 1980‬ما ( ‪ ،‬انظر النغيمشي ‪. 66 :‬‬

‫‪81‬‬
‫‪82‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫الوقاية من رفاق السوء‬
‫تمـهيـد ‪:‬‬
‫سيحاول الباحث أن يقدما للباء بعض‬
‫النصائح العملية _ على ضوء ما سبق‬
‫من خصائص مرحلة المراهقة ‪،‬‬
‫والحاجة إلى الرفاق _ كي يخططوا‬
‫لحاطة أبنائهم بمجموعات صالحة من‬
‫الرفاق بشكل غير مباشر ‪ ،‬ودرهم‬
‫وقاية خير من قنطار علج‪،‬والعمل منذ‬
‫الطفولة لتوفير هذه البيئةـ الصالحة ؛‬
‫أسهل بألف مرةا من إخراج المراهق‬
‫من مجموعة رفاق فاسدةا‪،‬وقد تضيع‬
‫كل المحاولت لخراجه منها‪.‬‬
‫كن محبوبـا ً عند ولـدك‬
‫كل الباء يحبون أبناءهم بشكل غريزي‬
‫‪ ،‬أما البناء فيحبون آباءهم بسبب‬
‫تآلفهم معهم ‪ ،‬وعشرتهم الطويلة ‪،‬‬
‫وبعبارةا أخرى يحب الباء والمهات‬
‫أطفالهم بدافع عضوي فطري ؛ سببه‬
‫هرمونـ )برولكتين( عند الما ‪ ،‬وشبيه‬
‫بذلك عند الب ‪ ،‬أما الطفال فيحبون‬
‫آباءهم وأمهاتهم بدافع اجتماعي‬

‫‪82‬‬
‫‪83‬‬
‫مكتسب خلل مرحلة الطفولة الطويلة‬
‫المدى ‪.‬‬
‫ومن أدلتي على ذلك أن الطفال‬
‫يحبون أمهاتهم أكثر من آباءهم ‪ ،‬لن‬
‫المهات أكثر صلة بهم من الباء ‪ .‬ويدل‬
‫عليه أيضا ً أن حب الباء للبناء أكبر من‬
‫حب البناء للباء ؛ لن الول فطري‬
‫والثاني مكتسب ‪.‬‬
‫فإذا صح ذلك فإن مدى حب البناء‬
‫للباء يتناسب طردا ً مع الزمن السعيدـ‬
‫الذي يقضيه الباء مع البناء ‪ ،‬كالسهرةا‬
‫السرية الصغيرةا ‪ ،‬يقص فيها الب ما‬
‫يحبه الطفال من القصص ‪ ،‬أو تحكي‬
‫لهم الما ما يشبع خيالهم من الحكايات ‪،‬‬
‫أو النزهةـ في البساتين والحدائق أو‬
‫البرية حيث اللعب الذي يحبه الطفال‬
‫كثيرا ً ؛ وخاصة إذا لعب البوان مع‬
‫أطفالهم الصغار _ في الطفولة‬
‫المبكرةا _ أو هيأوا لهم رفاق اللعب‬
‫المحبوبين ليشبعوا عندهم الحاجة إلى‬
‫اللعب ؛ والحاجة إلى الرفاق ؛ بآن واحد‬
‫‪.‬‬
‫أو الرحلة التي تقوما بها السرةا معا ً‬
‫كالعمرةا أو الستجماما في منتزه نظيف‬
‫أو شاطئ خال من العورات ‪ ،‬أو‬
‫الصطياف في بلد مسلم جميل ل‬

‫‪83‬‬
‫‪84‬‬
‫تنتهك فيه حرمات الدين ‪ ،‬أو زيارات‬
‫أسرية إسلمية هادفة ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬
‫وهذا الزمن السعيد )‪ (1‬الذي يقضيه‬
‫الوالدان مع أولدهم يعمق محبة الباء‬
‫في قلوب البناء ‪ ،‬ويأتي بعده الهدايا‬
‫التي يقدمها الباء لبنائهم ‪ ،‬فالولد‬
‫يفضل ساعات من السعادةا يعيشها مع‬
‫أمه وأبيه ‪ ،‬على الهدية الثمينة منهما مع‬
‫غيابهما ‪.‬‬
‫تقبـيل الولدا‬
‫ومما يعمق محبة الطفال للوالدين‬
‫تقبيل البوين لهم ‪ ،‬فالقبلة من الب أو‬
‫الما للطفل تعبير عن الحب القوي ‪،‬‬
‫وعندما يعلن الوالدان عن حبهما للطفل‬
‫بهذه اللغة ؛ فإن الطفل يحب والديه ‪،‬‬
‫فيبادلهما الحب ‪ ،‬وهذا أساس نمو‬
‫العاطفة السليمة عند النسان ‪.‬‬
‫وللقبلة دور فعال في تحريك مشاعر‬
‫الطفل وعاطفته ‪ ،‬وقد صنف البخاري‬
‫يرحمه الله بابا ً في كتاب الدب سماه ‪:‬‬
‫‪ - 1‬قلت الزمن السعيد كي أفرق بينه وبين الزمن الذي‬
‫يقضيه الب عادةا بين أولده آمرا ً وموبخا ً ومؤكدا ً على تنفيذ‬
‫أوامره ‪ ،‬وربما محققا ً ثام معاقبا ً بالشتم أو الجلد ‪...‬إلخ ‪،‬‬
‫وبعض الباء يتوهم أن تجارته وصفقاته أهم من أولده ‪ ،‬كما‬
‫تتوهم بعض المهات أن وظيفتها أهم من أطفالها ‪ ،‬وأن‬
‫الخادمة تقوما بما يلزما نيابة عنها !! ‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫‪85‬‬
‫باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته ‪،‬‬
‫وقال ثاابت عن أنس ‪ :‬أخذ النبي ‪‬‬
‫إبراهيم فقبله وشمه ‪ .‬وهذه بعض‬
‫أحاديث الباب ‪:‬‬
‫‪ _1‬عن أبي نعيم قال ‪ :‬كنت شاهدا ً‬
‫لبن عمر وسأله رجل عن دما البعوض‬
‫فقال ‪ :‬ممن أنت ؟ قال ‪ :‬رجل من‬
‫العراق ‪ .‬قال ‪ :‬انظروا إلى هذا يسألني‬
‫عن دما البعوض ‪ ،‬وقد قتلوا ابن النبي ‪‬‬
‫‪ .‬وسمعت النبي ‪ ‬يقول ‪ ) :‬هما‬
‫ريحانتي من الدنيا ( ‪.‬‬
‫‪ _2‬عن أبي هريرةا رضي الله عنه قال ‪:‬‬
‫قبل رسول الله ‪ ‬الحسن بن علي‬
‫وعنده القرع بن حابس التميمي جالسا ً‬
‫‪ ،‬فقال القرع ‪ :‬إن لي عشرةا من الولد‬
‫ما قبلت واحدا ً منهم)‪(1‬فنظر إليه رسول‬
‫الله ‪ ‬ثام قال‪ ) :‬من ل يرحم ل يرحم ( ‪.‬‬
‫‪ _3‬وعن عائشة رضي الله عنها قالت ‪:‬‬
‫جاء أعرابي إلى رسول الله ‪ ‬فقال ‪:‬‬
‫تقبلون الصبيان فما نقبلهم ‪ ،‬فقال‬
‫النبي ‪ ) : ‬أو أملك لك أن نزع الله من‬
‫قلبك الرحمة ( ‪.‬‬

‫‪ - 1‬من قيم الجاهلية العربية أن الرجل ل يقبل الولد ‪ ،‬وأن‬


‫ذلك من صفات النساء ‪ ،‬وما زالت إلى عهد قريب في‬
‫القبائل البدوية ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫‪86‬‬
‫يقول ابن حجر يرحمه الله ‪ :‬ويجوز أن‬
‫يريد الريحان المشموما ‪ ،‬لن الولد‬
‫يشمون ويقبلون فكأنهم من جملة‬
‫الرياحين ‪ ،‬وفي جواب النبي ‪ ‬للقرع ‪:‬‬
‫إشارةا إلى أن تقبيل الولد وغيره من‬
‫الهل والمحارما وغيرهم من الجانب‬
‫إنما يكون للشفقة والرحمة ‪ ،‬ل للذةا‬
‫والشهوةا ‪ ،‬وكذا الضم والشم والمعانقة‬
‫‪.‬‬
‫‪ _4‬وصنف الماما مسلم يرحمه الله‬
‫تعالى بابا ً في كتاب الفضائل عنوانه ‪:‬‬
‫رحمته ‪ ‬بالصبيان والعيال وتواضعه‬
‫وفضل ذلك ‪ ،‬ورد فيه ‪ :‬عن أنس بن‬
‫مالك رضي الله عنه قال ‪ :‬ما رأيت‬
‫أحدا ً كان أرحم بالعيال من رسول الله‬
‫‪ ‬قال ‪ :‬كان إبراهيم مسترضعاًـ له في‬
‫عوالي المدينة فكان ينطلق ونحن معه‬
‫فيدخل البيت وإنه ليدخن _ وكان ظئره‬
‫قينا ً )حداداً( _ فيأخذه فيقبله ثام يرجع‬
‫‪ ...‬الحديث‪ .‬قال النووي ‪ :‬وفيه فضيلة‬
‫)‪(1‬‬
‫رحمة العيال وتقبيلهم‬

‫‪ - 1‬وفي كتب الحديث كثير من هذا المعنى مثل ‪ :‬كتاب‬


‫العيال لبن أبي الدنيا‪،‬وخاصة باب حمل الولدان وشمهم‬
‫وتقبيلهم‪،‬وفي صحيح البخاري كتاب اللباس ‪ ،‬باب السخاب‬
‫للصبيان‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪87‬‬
‫ومما تجدر الشارةا إليه أن تعميق حب‬
‫البناء لبائهم يتم في مرحلة المهد ) ‪_0‬‬
‫‪ ( 2‬ثام في مرحلة الطفولة المبكرةا )‬
‫‪ . ( 6_2‬كما أن المرجو من تعميق هذه‬
‫المحبة بناء أساس لموقف إيجابي من‬
‫الطفل نحو أسرته ‪ ،‬يجعله على صلة‬
‫قوية بوالديه ‪ ،‬تبقى متينةـ حتى يمر‬
‫الطفل بالمراهقة ثام يصل إلى الرشد ‪.‬‬
‫حتى إذ دخل الطفل مرحلة الطفولة‬
‫المتأخرةا تبدأ مرحلة جديدةا من إرساء‬
‫سبل الوقاية من رفاق السوء ‪.‬‬
‫إذا كـبر ابنـك خاويـه‬
‫من خصائص الطفولة المتأخرةا أن‬
‫الولد يرى نفسه كبيرا ً ‪ ،‬وعلى الوالدين‬
‫الحصيفين إشباع هذه الرغبة بالوسائل‬
‫التالية ‪:‬‬
‫‪ _1‬أن ل يطهرا للولد أو البنت أنهما ما‬
‫زال طفلين ‪ ،‬بل على عكس ذلك ينبغي‬
‫أن يعلن الب وتعلن الما أن فلنا ً صار‬
‫رجل ً ‪ ،‬وأن فلنة صارت فتاةا ‪ ،‬ومن ثام‬
‫يتصرفان نع كال منهما على ضوء ذلك‬
‫العلن ‪.‬‬
‫‪ _2‬أن يكتم الوالدان خوفهما الزائد‬
‫على ولدهم إذا تأخر عن البيت ‪ ،‬أو‬
‫مارس عمل ً للكبار ‪ ،‬كقيادةا الدراجة أو‬

‫‪87‬‬
‫‪88‬‬
‫السيارةا ‪ ،‬لن الولد يفهم من ذلك أنه‬
‫مازال طفل ً في نظر والديه ‪ ،‬ويؤلمه‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫‪ _3‬يبدل الوالدان علقتهما مع الولد أو‬
‫البنت بالتدريج ‪ ،‬من علقة البوةا إلى‬
‫علقة الصداقة ‪ ،‬فبعد أن كان الوالدان‬
‫يلقنان أولدهم تلقينا ً ‪ :‬افعل كذا ‪،‬‬
‫وإياك أن تفعل كذا ‪ ...‬تتبدل اللهجة إلى‬
‫‪ :‬أنا أرى أن هذا هو الفضل لك ‪ ،‬ولك‬
‫حرية الختيار ‪ ... ،‬أقترح أن تفكر في‬
‫هذا المر ‪ ...‬أنصحك أن ل تصاحب‬
‫الطلب الكسالى ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬
‫وهكذا تبدلت اللهجة من أوامر أب إلى‬
‫نصائح صديق ‪.‬‬
‫‪ _4‬يكثر الب من اصطحاب أولده‬
‫اليافعين ) في الطفولة المتأخرةا ( معه‬
‫في زياراته لصدقائه ‪ ،‬ومجالس العلم‬
‫والدب التي يرتادها ‪ ،‬كما تكثر الما من‬
‫اصطحاب بناتها اليافعات معها إلى مثل‬
‫تلك الزيارات والمجالس ‪ .‬وأثاناء‬
‫الذهاب والعودةا يتحدث الب مع ولده‬
‫كأنه يستشيره في أمور البيت أو إخوانه‬
‫الصغار ‪ ،‬كما تتحدث الما مع بنتها في‬
‫الذهاب والعودةا تستشيرها في شئون‬
‫البيت ‪ ،‬وأخواتها الصغيرات ‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪89‬‬
‫‪ _5‬يبدأ الوالدان بالعودةا إلى العقاب‬
‫المعنوي‪،‬ومعاتبة الولد أو البنت عند‬
‫اللزوما)‪.(1‬‬
‫‪ _6‬تعويد الولد على الحوار والمناقشة‬
‫الموضوعيةـ ثام الشورى منذ صغره ‪،‬‬
‫وتنمية التفكيرـ الحر عند الولد ‪ ،‬ليتمكن‬
‫من اتخاذ القرار ‪ ،‬ومساعدته على‬
‫الوصول إلى القرار الصحيح ‪.‬‬
‫والغرض من صداقة الب لبنه ‪ ،‬والما‬
‫لبنتها ؛ أن الطفل في هذه المرحلة‬
‫يبحث عن أصدقاء ‪ ،‬ويريد من الخرين‬
‫أن يعاملوه كراشد ل كطفل ‪ ،‬وأهم من‬
‫ذلك أن تكون علقة الولد بأبيه متينةـ ‪،‬‬
‫‪ -1‬يرى الباحث أن يتدرج العقاب حسب المخطط التالي ‪:‬‬
‫‪ _ 1‬ثاواب بل عقاب منذ الميلد وحتى نهاية السنة الثانية ‪.‬‬
‫‪ _2‬العقاب بتغير ملمح الوجه تغيرا ً طفيفا ً ‪ ،‬وطفل‬
‫حالما يرى‬ ‫الثالثة يلحظ ذلك ‪ ،‬وقد يبكي ألما ً‬
‫البتسامة غابت عن وجه أمه ‪.‬‬
‫‪ _3‬العقاب بالحرمان من بعض المكافآت ‪ ،‬كوقت اللعب‬
‫أو حلوى أو زيارةا ‪...‬إلخ ‪ .‬حتى نهاية السابعة ‪.‬‬
‫‪ _4‬العقاب بالتأنيب اللفظي المعتدل ‪ ،‬والحرمان من‬
‫المكافآت ‪ ،‬حتى العاشرةا ‪.‬‬
‫‪ -5‬يسمح بالضرب التربوي في العاشرةا حسب ما ورد في‬
‫فقه التربية السلمية ‪.‬‬
‫‪ _6‬استبدال الضرب بالتوبيخ اللفظي بالتدريج ‪ ،‬ثام‬
‫الوصول إلى العقاب بالعتاب في حوالي العمر )‪ (14_12‬وما‬
‫بعد ‪ .‬فالصديق ل يعاقب بالضرب ‪ ،‬وإنما يعاتب صديقه ‪،‬‬
‫ويستهجن ما ل يرضى عنه من سلوكه ‪ ،‬كما يمدح ما أعجبه‬
‫ويثني عليه لتعزيزه ‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫‪90‬‬
‫وعلقة البنت بأمها قوية أيضا ً ‪ ،‬فيؤدي‬
‫ذلك إلى تأخر التحاق الولد بمجموعة‬
‫الرفاق ‪ ،‬وكلما تأخر اللتحاق بالرفاق‬
‫كان ذلك أفضل وأسلم ‪ ،‬لن الولد‬
‫عندئذ ينتقي رفاقه على مهل ‪ ،‬أما إذا‬
‫كانت علقة الولد بوالديه واهية ؛ فإنه‬
‫يسرع إلى البحث عن الرفاق ‪ ،‬وغالبا ً‬
‫تشده أول مجموعة يصادفها وقد تكون‬
‫سيئة ‪.‬‬
‫وقد دلت دراسة قاما بها ) برنفنبرز (‬
‫على وجود علقة إيجابية بين إحساس‬
‫المراهقينـ بالمسؤولية من ناحية‪،‬ومدى‬
‫صداقتهم لوالديهم من ناحية أخرى‪ ،‬أي‬
‫كلما كان التعامل يأخذ منحى الصداقة )‬
‫التعاون ‪ ،‬المشورةا ‪ ،‬الحوار ( بين‬
‫المراهق وبين والديه ‪ ،‬وجدت المراهق‬
‫أكثر إحساسا ً بالمسؤولية ‪ ،‬وتنعكس‬
‫هذه العلقة إلى علقة سالبة عندما‬
‫يحس المراهقون بالنبذ والهمال‬
‫والجفاء من جانب والديهم )‪. (1‬ومن‬
‫أغراض هذه الصداقة أيضا ً أن يدعم‬
‫الب ما قدمه لبنه في الطفولة‬
‫المبكرةا بطريقة التلقين والوامر ‪،‬‬
‫حيث يقدمه الن على شكل نصائح‬
‫واقتراحات ‪ ،‬كما يتابع الب الحصيف‬
‫‪ - 1‬عبد العزيز النغيمشي ‪ ،‬صا ‪. 106‬‬

‫‪90‬‬
‫‪91‬‬
‫عملية البناء التربوي عند ولده ‪ ،‬ويكمل‬
‫عملية التنشئةـ الجتماعية بأسلوب‬
‫يناسب المرحلة التي يعيشها الولد ‪.‬‬
‫) وسبيل المربي إلى صيانة فتاه وفتاته‬
‫عن أقذار الجاهلية الدنسة لن يكون‬
‫سهل ً ‪ ،‬ووسيلته هي تعميق الحساس‬
‫بالله ‪ ،‬ووسيلته كذلك أن يكون صديقا ً‬
‫لمن يربيه ‪ ،‬وأن يجعل الصلة التي‬
‫تربطه بالبيت أقوى وأثاقل من الصلة‬
‫التي تربطه بالمجتمع ‪ ،‬وأن تكون صلة‬
‫المودةا بين الولد وأبيه ‪ ،‬وبين الفتاةا‬
‫وأمها كافية للمكاشـفة التي يمكن عن‬
‫طريقها تصفية الضغط الزائد عن الحد‬
‫‪. (1) ( ...‬‬
‫الـرفقـةـ الصالحـة‬
‫وأفضل سبل الوقاية من رفاق السوء ؛‬
‫وضع الولد في مجموعة صالحة من‬
‫رفاق الخير ‪ ،‬فكيف ذلك ؟‬
‫‪ _1‬القأامة في بيئة صالحة ‪:‬‬
‫لن العامل الجغرافي هو العامل الول‬
‫في انتقاء القران لبعضهمـ كي يشكلوا‬
‫مجموعة الرفاق ‪ ،‬فهم زملء في حي‬
‫واحد ‪ ،‬أو مدرسة واحدةا ‪،‬أو مسجد‬
‫‪ - 1‬محمد قطب ‪. ( 240 / 2 ) ،‬‬

‫‪91‬‬
‫‪92‬‬
‫واحد ‪ ،‬لذلك يجب على الب المسلم‬
‫أن يسكن في بلد مسلم ‪ ،‬أو على القل‬
‫في بلد تتوفر فيه الرفقة الصالحة‬
‫لولده وبناته ‪ ،‬وأن يجعل هذا الهدف‬
‫مقدما ً على العمل والكسب والوظيفة‬
‫وغير ذلك ‪ ،‬فالوالد راع وهو مسئول‬
‫عن أولده وبناته أماما الله عز وجل ‪،‬‬
‫لذا وجب عليه القامة في بلد صالح ‪،‬‬
‫يتوفر فيه عدد من الصالحين من أجل‬
‫أولده وبناته ‪.‬‬
‫فكم من أب ترك أوروبا أو أمريكا حيث‬
‫فرصا العمل متوفرةا ومريحة ‪ ،‬عندما‬
‫كبر أولده ‪ ،‬ليحافظ عليهم من رفاق‬
‫السوء هناك ‪ ،‬حيث ل يوجد رفاق خير ‪.‬‬
‫وفي البلد الصالح تختلف الحياء بحسب‬
‫غالبية السر التي تسكنها ‪ ،‬وبحسب‬
‫المسجد الذي يتوفر فيه الداعية‬
‫المسلم ‪ ،‬وحيث المدرسة المسلمة‬
‫التي تكمل ما بناه البيت المسلم )‪. (1‬‬
‫‪ _2‬من صفات الحي المسلم ؛‬
‫المسجد العامل‬
‫‪ - 1‬من نعم الله الكثيرةا على الباحث أن أولده شبوا‬
‫وترعرعوا في المدينة المنورةا أطهر وأشرف بقاع العالم ‪،‬‬
‫وقد وصل الباحث إليها عندما كان ابنه الكبر في الحادية‬
‫عشرةا من عمره ‪ ،‬فكانت مجموعة رفاقه من خيرةا أبناء‬
‫طيبة الطيبة ‪ ،‬ولله الحمد والمنة ‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫‪93‬‬
‫الذي يرتاده الشباب والولد في‬
‫الصلوات الخمس ‪ ،‬أو لللتحاق بجماعة‬
‫تحفيظ القرآن الموجودةا فيه ‪ ،‬أو‬
‫حضور الدروس والحلقات العلمية‬
‫كالتجويد والتفسيرـ والحديث والفقه ‪،‬‬
‫وربما قدمت فيه بعض الحصص‬
‫المدرسية كالرياضيات والنحو والفيزياء‬
‫والنجليزية ‪ .‬إلخ‪.‬‬
‫وعندما يلتقي الولد عدةا مرات يوميا ً‬
‫في المسجد فإن الولد عندئذ ينتقي‬
‫أفراد مجموعته من رواد المسجد ‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫فتكون له رفقة صالحة بإذن الله‬
‫‪ _3‬ومن صفات الحي المسلم ‪:‬‬
‫المدرسة المسلمة‬
‫والمدرسة المسلمة ) مثل مدارس‬
‫تحفيظ القرآن الكريم ‪ ،‬والمعاهد‬
‫العلمية في المملكة العربية السعوديةـ ‪،‬‬
‫وقليل من المدارس العامة ( ‪،‬‬
‫والمدرسة المسلمة عي المدرسة التي‬
‫تكمل مهمة البيت المسلم ‪ ،‬فتحافظ‬
‫على الفطرةا التي فطر الله الناس‬
‫عليها ‪ .‬وقد تكون مدرسة أهلية ‪ ،‬ويأمل‬
‫الباحث أن تتجه الصحوةا السلمية‬
‫‪ - 1‬للمزيد من الطلع على دور المسجد في الرفقة الصالحة‬
‫ينظر ‪ :‬خالد شنتوت ‪ ،‬تربية الشباب المسلم ‪ ،‬نشر دار‬
‫المجتمع ‪ ،‬صا ‪. 68‬‬

‫‪93‬‬
‫‪94‬‬
‫المعاصرةا إلى بناء المؤسسات‬
‫السلمية الضرورية للمجتمع المسلم ‪،‬‬
‫ومنها المدرسة المسلمة ‪ .‬ويبدو أن‬
‫التجاه إلى نمو التعليم الهلي يزيد بعد‬
‫أن بدأت الدول تعجز عن توفير التعليم‬
‫الفضل ‪.‬‬
‫وتكون المدرسة المسلمة ) في العالم‬
‫السلمي ( إذا ما وجد فيها بعض‬
‫المدرسين الدعاةا ‪ ،‬الذين امتهنوا‬
‫التعليم رسالة وليس حرفة ‪ ،‬ومع أن‬
‫هؤلء قلة حاليا ً إل أنهم موجودون ‪،‬‬
‫وعلى الب المسلم أن يبحث عن‬
‫المدرسة التي يتوفر فيها مثل هؤلء‬
‫الدعاةا المربين ؛ مهما كان موقع‬
‫المدرسة بعيدا ً عن البيت ‪.‬‬
‫وقد يبدو المر صعبا ً لول وهلة ‪،‬‬
‫فانتقاء الحي المناسب ‪ ،‬والمسجد‬
‫العامل المربي ‪ ،‬والمدرسة المسلمة ‪،‬‬
‫لكن الصعوبة تتبدد مرةا واحدةا عندما‬
‫تتعاون عدةا أسر مسلمة ‪ ،‬فتسكن في‬
‫حي واحد ‪ ،‬ثام توفر حافلة لنقل الولد‬
‫وأخرى للبنات إلى المدرسة المسلمة‬
‫في الصباح ‪ ،‬والمسجد العامل في‬
‫المساء ‪ ،‬وهذه الحافلة ستكون من‬
‫مرافق البيئة الصالحة التي يتعرف فيها‬
‫الرفاق الصالحون على بعضهم ‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫‪95‬‬

‫‪ _4‬ومن صفات الحي المسلم ‪:‬‬


‫الشارع المسلم‬
‫الشارع كمؤسسة تربوية هو الساحات‬
‫الموجودةا في الحياء السكنيةـ ‪ ،‬حيث‬
‫يلتقي فيها عدد من أطفال ) ‪( 14_8‬‬
‫تقريبا ً أ ليقضوا مدةا من يومهم المعتاد‬
‫‪ ،‬وعندما يكون الحي مسلما ً ‪ ،‬فإن‬
‫الشارع مؤسسة تربوية غير مقصودةا‬
‫ذات أثار بالغ في تنشئة الطفال ‪ .‬وهذه‬
‫الساحات هي المكان المفضل لفراد‬
‫مجموعة القران ‪ ،‬من أجل ألعابهم‬
‫الجتماعية ‪ ،‬وقد يصل الحال إلى‬
‫تشكيلـ فريق الحي لكرةا القدما من‬
‫خلل لقاءات الشارع ‪ ،‬وتنظيم مباراةا‬
‫مع فريق الحي المجاور ‪.‬‬
‫وللشارع بعض اليجابيات ومنها أن‬
‫اللعب وجماعات الرفاق حاجتان‬
‫أساسيتان للطفال ‪ ،‬ويوفر الشارع هذه‬
‫الحاجات للولد ‪ .‬وله بعض السلبياتـ‬
‫أيضا ً ومنها عدما تحكم الكبار في هذا‬
‫الشارع ‪ 0 .‬وهذا سر محبة الولد‬
‫للشارع لنه يخلصهم من سلطة الكبار‬
‫(‪.‬‬
‫أما إذا كانت معظم السر في الحي‬
‫مسلمة وملتزمة بدينها ‪ ،‬فينصح الباحث‬

‫‪95‬‬
‫‪96‬‬
‫عندئذ بالستفادةا من هذه المؤسسة‬
‫على النحو التالي ‪:‬‬
‫‪ _1‬إعداد الساحات العامة في الحي ‪،‬‬
‫وفرشها بالرمل النظيف الناعم ‪،‬‬
‫وتغطية بعضها بالمروج ‪ ،‬وتظليل بعضها‬
‫‪.‬‬
‫‪ _2‬إشاعة المر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكرـ بين سكان الحي ‪ ،‬فإذا رأى أحد‬
‫المارةا طفلين يتشاجران يسرع إلى‬
‫فض نزاعهما ‪ ،‬وإذا رأى أحدهم طفل ً‬
‫يدخن مثل ً ينزع السيجارةا من فمه‬
‫ويصادر علبة السجائر منه ويتلفها ‪،‬‬
‫ويخبر والده بذلك ليعالج الموقف ‪ ،‬وإذا‬
‫سمع أحد المارةا كلمة نابية وقف وأنب‬
‫قائلها ‪ ،‬وشرح له ضرر ذلك ونصحه بأن‬
‫ل يعود لمثلها ‪.‬‬
‫‪ _3‬تهتم الشرطة ‪ ،‬وهيئة المر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬وإدارةا‬
‫التعليم بهذه الساحات ‪ ،‬وتراقبها لتسهر‬
‫على المن فيها )‪. (1‬‬
‫‪ _5‬المتابعة غير المباشرة‬
‫بعد القامة في البيئةـ الصالحة ‪ ،‬ل بد‬
‫من المتابعة غير المباشرةا من الوالدين‬
‫‪ -1‬خالد شنتوت ‪ ،‬الشارع مؤسسة تربوية ‪ ،‬مجلة التربية ابو‬
‫ضبي العدد ) ‪ ( 107 _ 105‬ديسمبر ‪. 1993‬‬

‫‪96‬‬
‫‪97‬‬
‫‪ ،‬حتى ينتظم الولد في مجموعة‬
‫صالحة من رفاق الخير ‪ ،‬والمقصود من‬
‫المتابعة غير المباشرةا أن ل يعرف‬
‫الولد ذلك ‪ ،‬لن الولد يريد أن ينتقي‬
‫رفاقه بحرية ‪ ،‬دون تدخل من الكبار ‪،‬‬
‫وخاصة الوالدين ‪ ،‬لن الولد يرى تدخل‬
‫والديه في انتقاء أصحابه دليل ً على‬
‫أنهم يعتبرونه طفل ً ‪ ،‬وهذا يضايق الولد‬
‫كثيرا ً ‪ .‬وهذه أهم الوسائل لهذه‬
‫المتابعة غير المباشرةا ‪:‬‬
‫أ _ زيارات إسلمية بين البيوتـ‬
‫المسلمة ‪ ،‬بحيث يتوفر القران فيها ‪،‬‬
‫ويفسح المجال للولد الذكور بالنفراد‬
‫وحدهم ‪ ،‬وكذلك تنفرد البنات وحدهن ‪،‬‬
‫وحبذا لو شغل بعض الوقت بذكر الله‬
‫كتلوةا ‪ ،‬ـأو دراسة حديث ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬
‫ب_ تقوما عدةا بيوت مسلمة بنزهة‬
‫مشتركة ‪ ،‬أو رحلة قريبة ‪ ،‬على أن يتم‬
‫الفصل بين الجنسين ‪ ،‬ويتحقق فيها‬
‫لقاء القران بأمثالهم ‪ .‬كما يخصص‬
‫بعض الوقت للذكر كالتلوةا أو موعظة‬
‫أو درس في الفقه ‪ ،‬مع أذكار السفر ‪.‬‬
‫والمحافظة على أداء الصلةا في أوقاتها‬
‫‪.‬‬
‫ج_ يجمع أحد الباء أقران ولده‬
‫ويصحبهم إلى رحلة ‪ ،‬أو نزهة أو البرية‬

‫‪97‬‬
‫‪98‬‬
‫من أجل اللعب بكرةا القدما ‪ ،‬ول بد من‬
‫تخصيص بعض الوقت للذكر كما سبق ‪،‬‬
‫ويفضل تناول الطعاما الجماعي ‪ ،‬وتؤدى‬
‫صلةا الجماعة ‪ .‬كما تجمع الما الحصيفة‬
‫قرينات ابنتها الصالحات في بيتها ‪ ،‬أو‬
‫في زيارةا لحدى الداعيات ‪.‬‬
‫د_ يدعو الب المسلم أقران ولده‬
‫الصالحين إلى بيته ‪ ،‬خلل مناسبة ما ‪،‬‬
‫ويكرمهم ‪ ،‬ويحثهم على التزاور في الله‬
‫‪ ،‬وكذلك تدعو الما المسلمة قرينات‬
‫ابنتها الصالحات ‪ ،‬وتحثهن على التزاور‬
‫واللقاءات المسلمة ‪ .‬وتقدما لهن العون‬
‫والمساعدةا الممكنة ‪.‬‬
‫هـ _ يتعرفـ الب المسلم _ دون علم‬
‫ولده _ على أقران ولده ‪ ،‬ويبحث عنهم‬
‫ليطمئن على صلحهم وسلمة سلوكهم‬
‫‪ ،‬ويقوما بزيارات متكررةا إلى المدرسة‬
‫‪ ،‬ليتعرف بواسطة المرشد الطلبي‬
‫والمدرسين على زملء ولده المقربين ‪،‬‬
‫وعدما يلحظ ميل ولده إلى رفاق سوء‬
‫يحسم المر بشدةا بتبديل الحي أو‬
‫المدرسة أو البلد كله ‪ ،‬لن الموقف‬
‫خطير جدا ً ويتوقف عليه صلح ولده في‬
‫الدنيا والخرةا ‪.‬‬
‫و_ الستعانة بذوي الخبرةا ‪ :‬كأن يلجأ‬
‫الب إلى مدرس داعية ‪ ،‬ويوصيه بولده‬

‫‪98‬‬
‫‪99‬‬
‫‪ ،‬ويعمل الب على توثايق صلة ابنه بهذا‬
‫المدرس ‪ ،‬كأن يزوره في البيت بصحبة‬
‫ولده ‪ ،‬أو يطلب الب من قريب ) أخ‬
‫كبيرـ ‪ ،‬عم ‪ ،‬خال ( مساعدته في‬
‫المتابعة والتوجيه غير المباشرين نحو‬
‫الرفقة الصالحة ‪.‬‬
‫و_ المخيمات السلمية والمراكز‬
‫الصيفية‬
‫ومن أفضل وسائل تكوين الرفاق‬
‫الصالحين المخيمات السلمية‬
‫والمراكز الصيفية ‪ ،‬وهذه المراكز تشبع‬
‫عدةا حاجات روحية ونفسية واجتماعية‬
‫للطفال والشباب ‪ ،‬ولن معظم أفراد‬
‫هذه المخيمات أو المراكز من الفتيان‬
‫المنتقينـ إسلميا ً ‪ ،‬فإنها أفضل البيئات‬
‫لنتقاء الرفقة الصالحة ‪ ،‬وينبغي للب‬
‫المسلم أن يرسل أولده إلى هذه‬
‫المخيمات ولو كانت بعيدةا ‪ ،‬وعليه أن‬
‫يخطط عطلتهـ وفقا ً لهذه المخيمات‬
‫والمراكز نظرا ً لهميتها ‪ ،‬وأن يتحمل‬
‫النفقات _ إن وجدت _ من أجل تربية‬
‫أولده تربية إسلمية ‪.‬‬
‫وعندما نسلم بأن المراهقة حبس‬
‫الطاقات المتفجرةا عند الفتى ‪ ،‬مما‬
‫تدفعه إلى البحث عن رفاق سوء‬

‫‪99‬‬
‫‪100‬‬
‫ليشغلـ وقته ويصرف هذه الطاقة‬
‫الفائضة المحبوسة ‪ ،‬فإن المعسكرات‬
‫أفضل الوسائل لصرف هذه الطاقات‬
‫بالعمل والتدريب والنشطة والتعلمـ‬
‫بالضافة إلى إشباع الحاجات المتعددةا‬
‫المذكورةا سابقا ً ‪.‬‬
‫فالحاجات الروحية )‪ (1‬المتفجرةا عند‬
‫الشباب تشبعها إقامة الصلوات الخمس‬
‫جماعة في المخيم ‪ ،‬بالضافة إلى‬
‫التهجد قبل الفجر ‪ ،‬وصلةا القياما في‬
‫جوف الليل ‪ ،‬وتلوةا القرآن الكريم آناء‬
‫الليل وأطراف النهار ‪ ،‬وصوما التطوع‬
‫والفطار الجماعي ن وأذكار اليوما‬
‫والليلة ‪ ،‬وجو الخوةا في الله ‪.‬‬
‫والحاجات الجتماعية يشبعها توفير‬
‫القران في العمر والثقافة والفكر ‪،‬‬
‫بالضافة إلى تحمل المسؤولية عندما‬
‫تسند المهمات إلى الفراد المشاركين‬
‫في المعسكر ‪ ،‬والعيش المشترك مع‬
‫الخرين ‪.‬‬
‫والحاجات النفسيةـ يشبعها شعور‬
‫الشاب بأنه رجل يعيش في المعسكر ‪،‬‬
‫‪ - 1‬وفي المراهقة تتفجر شحنة روحية عجيبة ‪ ،‬شفافة صافية‬
‫مشرقة ‪ ،‬وهنا الفرصة الذهبية للمربي الحكيم أن ينتهز‬
‫فرصة انطلق هذه الشحنة الروحية الهائلة ليعيد تشكيل‬
‫النفس إن فاته ذلك في الطفولة ‪ ...‬انظر محمد قطب ‪،‬‬
‫منهج التربية السلمية ) ‪. ( 226 / 2‬‬

‫‪100‬‬
‫‪101‬‬
‫ويتدرب على القتال من أجل الجهاد في‬
‫سبيل الله ‪ ،‬والتعودـ على الخشونة في‬
‫المأكل والمشرب والنوما ‪ ،‬والتعودـ على‬
‫المفاجآت ‪ .‬وخدمة البيئة تشبع دافع‬
‫توكيد الذات كبناء سد أو تعبيد طريق‬
‫وتشعر الفتيان بأهميتهم في المجتمع ‪،‬‬
‫ويدفعهم إلى تحمل المسؤولية ‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫‪102‬‬
‫الوقاية من المخدرات‬
‫تـمهيـد ‪:‬‬
‫تعد مشكلة تعاطي المخدرات من أهم‬
‫المشكلتـ التي تسبب خطرا ً بالغا ً يهدد‬
‫مستقبل المجتمع ‪ ،‬لما يترتب عليها من‬
‫أضرار بالغة ينعكس أثارها على الفرد‬
‫والمجتمع ‪ ،‬فالخمور والمسكرات‬
‫والمخدرات والعقاقير المخدرةا تسبب‬
‫مخاطر ومشكلت عديدةا في أنحاء‬
‫العالم ‪ ،‬وتكلف البشرية فاقدا ً يفوق ما‬
‫تفقده أثاناء الحروب المدمرةا )‪. (1‬‬
‫وظاهرةا انتشار تعاطي المخدرات من‬
‫أدلة فشل الحضارةا المعاصرةا في‬
‫ملئمة النسان ‪ ،‬يقول أحمد فتحي‬
‫سرور ) وزير تربية مصري سابق ( ‪:‬‬
‫عندما تنهار عوامل التربية السليمة ؛‬
‫يتخلف النموذج النفسي والجتماعي‬
‫الواقي من النحراف ‪ ،‬ويجد الشباب‬
‫في المخدرات بابا ً خلفيا ً لدخول حياةا‬
‫مصطنعة ) وهمية ( يحيكها له وهم‬
‫زائف يقوما على أسرار العقاقير‬
‫) ‪0 (2‬‬
‫المخدرةا‬
‫وتحاول الصهيونيةـ العالمية إغراق‬
‫الكثير من الدول السلمية والعربية‬
‫‪ - 1‬النقيب نايف المرواني ‪ ،‬الدمان والمدمنون ‪ ،‬صا ‪. 13‬‬
‫‪ - 2‬اللواء محمد فتحي عيد ‪ ،‬المخدرات ‪ ،‬صا ‪.287‬‬

‫‪102‬‬
‫‪103‬‬
‫بالمخدرات المصنعةـ والطبيعية ‪ ،‬وذلك‬
‫بوساطة المنظمات السرية والعملء‬
‫المجندين الذين تضعف نفوسهم أماما‬
‫الغراءات المادية )‪. (1‬‬
‫واتضح من الدراسة الميدانية أن الفئة‬
‫العمرية ) ‪ ( 20 _16‬سنة قد احتلت‬
‫المرتبة الولى بالنسبة للعمر الزمني‬
‫‪ - 1‬المرجع السابق ‪ ،‬صا ‪ . 44‬وقد نشرت في مجلة المجتمع‬
‫الكويتية بعددها ) ‪ ( 1052‬الصادر في ‪ 2‬يونيو ‪ 1993‬ما ؛‬
‫ملفا ً عنوانه ( ‪ :‬جرائم اليهود ضد مصر بعد التطبيع ( مما جاء‬
‫فيه ‪ )) :‬كانت السياحة هي الستار الحديدي الذي ارتكب‬
‫الصهاينة من ورائه كل جرائمهم في مصر ‪ ،‬فعقب كامب‬
‫ديفيد تدفق اليهود في رحلت مكثفة ومتتالية إلى مصر ‪،‬‬
‫وفي ) ‪1988‬ما ( بلغ عدد اليهود الذين زاروا مصر ثالث اليهود‬
‫في فلسطين المحتلة ‪ ،‬وأصبح حجم السياحة السرائيلية‬
‫لمصر يمثل عشرةا بالمائة من إجمالي السياحة الجنبية (( ‪.‬‬
‫ودخل مع السياح التجسس على نطاق واسع ومنه قضية‬
‫) آل مصراتي ( ‪ ،‬وتهريب العملت المزيفة ‪ ... )) ،‬ولم‬
‫يتوقف المر عند ترويج العملت المزيفة للقضاء على‬
‫القتصاد ‪ ،‬وإنما تواكب معه وعلى نفس الخط ترويج‬
‫المخدرات ففي العاما ) ‪ (1989‬تم القبض على خمسة من‬
‫العاملين في المركز الكاديمي السرائيلي في القاهرةا خلل‬
‫تهريب هيروين في معجون أسنان ‪ ،‬وقبلها بعامين ضبط‬
‫الصهيوني ) ساسون فريد ( يقوما بترويج الهيروين في مدينة‬
‫العريش ‪ ،‬وفي عاما ) ‪ (1986‬أكدت وزارةا الداخلية المصرية‬
‫أن إجمالي القضايا التي ضبط فيها صهاينة بلغت ) ‪(4457‬‬
‫قضية ضبط فيها )‪ (51‬طن من الحشيش ‪ ،‬و )‪ (30‬كلغ من‬
‫الفيونـ (( ‪.‬‬
‫)) وصدر تقرير أمني مصري رفيع المستوى عاما )‪(1990‬‬
‫يحذر من أخطار السياسة السرائيليلة ويؤكد أن الموساد‬

‫‪103‬‬
‫‪104‬‬
‫للفرد عند تعاطي المخدرات لول مرةا‬
‫‪ .‬بينما ترى دراسة ) مارفن ( أن‬
‫تعاطي المخدر لول مرةا يقع في الفئة‬
‫العمرية من ) ‪ ( 18_13‬سنة )‪. (1‬‬
‫المخدرات والشباب‬
‫قاما الباحث النقيبـ نايف محمد‬
‫المرواني بدراسة بعض العوامل‬
‫النفسية والجتماعية التي تدفع الفرد‬
‫لتعاطي المخدرات ‪1413 ) ،‬هـ (‬
‫وكانت عينة الدراسة من نزلء قسم‬
‫المخدرات في سجون المدينة المنورةا ‪،‬‬
‫ومن نتائج هذه الدراسة ‪:‬‬
‫) ‪ ( 42%‬من العينة تعاطوا المخدر‬
‫لول مرةا عندما كان عمرهم ) ‪_16‬‬
‫وراء كل المخططات الهادفة إلى تدمير الشباب ‪ ،‬ويقول‬
‫التقرير أن ) ‪ ( %80‬من السياح ل عمل لهم ‪ ،‬ومع ذلك تمتد‬
‫إقامتهم إلى عدةا شهور ‪ ،‬يحرصون خللها على الحتكاك‬
‫بالمصريين ‪ ،‬ويقيمونـ عادةا في فنادق الدرجة الثالثة ‪ ،‬في‬
‫ضيافة الشباب العزب من المصريين الذين يقعون في‬
‫حبائلهم ؛ خاصة إذا كانت مجموعات الصهاينة تضم نساء ‪.‬‬
‫وقد تزامن التقرير مع تفجير قضية )تشارلز( الذي ضبط بعد‬
‫أن نقل طاعون اليدز لمائتي طفل تقريبا ً من أبناء الحياء‬
‫الفقيرةا ؛ أوقعهم في شباكه من خلل إغداق الهدايا والنقود‬
‫عليهم بعد اصطيادهم من الحدائق العامة ‪ ،‬وبعد ضبطه‬
‫اعترف بما قاما به من جرائم ‪ ... ،‬ثام أفرج عنه بعد اتصالت‬
‫مصريةـ أمريكية ‪ ،‬دون أن يمسهـ سوء‪،‬كما أفرج عن ) آل مصراتيـ‬
‫(‪.((..‬‬
‫‪ - 1‬المرجع السابق ‪ ،‬صا ‪. 139‬‬

‫‪104‬‬
‫‪105‬‬
‫‪ ( 20‬سنة ‪ ،‬و) ‪ ( %18‬منهم من ذوي‬
‫العمر)‪ ، (25_20‬و)‪ (%9‬منهم تقل‬
‫أعمارهم عن ستة عشر عاما ً ‪ .‬ويتضح‬
‫من ذلك أن الفئة ) ‪ (20_16‬احتلت‬
‫المرتبة الولى بالنسبة للعمر الزمني‬
‫عند تعاطي المخدر لول مرةا ‪،‬‬
‫والمخيف أن بعض الولد الذين تقل‬
‫أعمارهم عن )‪ (16‬سنة تعاطوا المخدر‬
‫للمرةا الولى ‪ .‬وهذه النتيجةـ تتفق مع‬
‫ما توصل إليه الباحث ) مرزوق‪،‬‬
‫‪ ( 1990‬حيث توصل إلى أن الشباب‬
‫الذين تمتد أعمارهم من ) ‪( 20_18‬‬
‫هم أكثر عرضة للنزلق في هاوية‬
‫المخدرات ‪ ،‬كما تتفق مع دراسة‬
‫الباحث ) الفالح‪ ( 1987،‬حيث توصل‬
‫إلى أن ) ‪ ( %44‬جربوا تعاطي‬
‫المخدرات لول مرةا عندما كانت‬
‫أعمارهم ) ‪ ( 24_20‬سنة ‪ .‬كما تتفق‬
‫مع دراسة ) مارفن ‪ ( 1983 ،‬حيث‬
‫توصل إلى أن عمر المفحوصين عند‬
‫تعاطي المخدر لول مرةا يتراوح بين )‬
‫‪ ( 18_13‬سنة ‪.‬‬
‫وبناء على ذلك يمكن القول بأن أخطر‬
‫مراحل الفرد هي مرحلة المراهقة ‪،‬‬
‫والتي يتعرض خللها الشباب لضغوطا‬
‫من السرةا والمجتمع ‪ ،‬فتؤدي بالبعض‬

‫‪105‬‬
‫‪106‬‬
‫إلى النزلق في هاوية المخدرات ‪ .‬كما‬
‫تبين من نتائج دراسة ظاهرةا تعاطي‬
‫المخدرات أن التعاطي مرتبط بفترةا‬
‫المراهقة أو ما قبلها ‪ ،‬والتي يلجأ فيها‬
‫الشخص لجماعات التعاطي بحثا ً عن‬
‫الدمان وتحقيقا ً لذات الفرد ‪ ،‬أو هربا ً‬
‫من سيطرةا السرةا )‪. (1‬‬
‫وفي دراسة عبد الرحمن المصيقرـ ‪،‬‬
‫بعنوان ‪ :‬الشباب والمخدرات في دول‬
‫الخليج العربي)‪1985‬ما( أشار إلى أن‬
‫الطفال يتعرضون للدمان والتعاطي‬
‫بسبب عملهم في مزارع المخدرات‬
‫) كما في لبنان ( أو نتيجة للقدوةا‬
‫السيئة في البيت أو المدرسة ‪ ،‬أو‬
‫بسبب صحبة السوء ‪ ،‬أو استخداما‬
‫التجار لهم في عمليات تهريب‬
‫المخدرات ‪.‬‬
‫كما يشير إلى كثرةا الحداث‬
‫والمراهقين المتعاطين والمدمنين ‪.‬‬
‫وأكد أن المخدرات تنتشر بشكل سريع‬
‫في المارات العربية المتحدةا بين‬
‫الحداث والشباب )‪. (2‬‬

‫‪ - 1‬نايف محمد المرواني ‪ ،‬الدمان والمدمنون ن صا ‪. 140‬‬


‫‪ - 2‬عبد الحمن مصيقر ‪،‬الشباب والمخدرات في دول الخليج‬
‫العربي والجزيرةا العربية ‪ ،‬العدد)‪ (47‬السنة)‪ (12‬صا ‪. 187‬‬

‫‪106‬‬
‫‪107‬‬
‫وفي لبنان أجرى مارون بغدادي بحثا ً‬
‫تبين منه أن ) ‪ ( %17‬من الحداث‬
‫يؤكدون أنهم جربوا المخدرات ‪ ،‬و)‬
‫‪ ( %90‬منهم تعاطوا الحشيش )‪. (1‬‬
‫وفي دراسة عن مصر تبين أن سن‬
‫تعاطي المخدرات يبدأ في الخامسة‬
‫عشرةا ‪ ،‬وأكثر من نصف مدمني‬
‫الحشيش تتراوح أعمارهم بين ) ‪_16‬‬
‫‪ ( 22‬سنة ن وتبين أيضا ً أنه زاد القبال‬
‫في صفوف الطلب والطالبات ‪ ،‬ولم‬
‫يبعد تعاطي المؤثارات العقليةـ والنفسيةـ‬
‫كالمنشطات سرا ً ‪ ،‬بل صار ضربا ً من‬
‫المباهاةا )‪. (2‬‬
‫أما عن تعاطي الشباب للمخدرات في‬
‫أمريكا فأمر مخيف جدا ً ‪ ،‬إذ يقول‬
‫)وديل هورتون( ‪:‬يموت يوميا ً )‪(80‬‬
‫أمريكيا ً في حوادث السيارات ‪ ،‬لنهم‬
‫يقودونها في حالة سكر‪،‬أو)‪ (30‬ألف‬
‫سنويا ً معظمهم من الشباب ‪ ،‬و)‪(%77‬‬
‫ممن قتلوا في حوادث السيارات من‬
‫الشباب الصغار ‪ ،‬ومن الذكور ‪ ،‬أي‬
‫حادث مروري كل خمس ثاوان من‬
‫‪ - 1‬سهيل الحاج ‪ ،‬المخدرات جريمة العصر ‪ ،‬دار الشمال ‪،‬‬
‫طرابلس ‪ ،‬لبنان ‪1988،‬ما ‪،‬صا ‪. 63‬‬
‫‪ - 2‬حسن إبراهيم عبد العال ‪ ،‬التربية في مواجهة ظاهرةا‬
‫المخدرات ‪ ،‬مجلة رسالة الخليج العربي ‪ ،‬العدد )‪ (2‬السنة)‬
‫‪ (8‬عاما ) ‪1408‬هـ ‪1988 -‬ما ( ‪ ،‬صا ‪31‬‬

‫‪107‬‬
‫‪108‬‬
‫الشباب المخمورين ‪ .‬ومن أسباب‬
‫تدهور التعليمـ في أمريكا انتشار الخمور‬
‫والمخدرات بين الصغار ‪ ،‬ويكلف ذلك‬
‫الدولة ) ‪ ( 63‬بليون دولر سنويا ً‬
‫تصرف على علج المدمنينـ )‪. (1‬ولعل‬
‫كثيرـ من الصغار يتعاطون‬
‫) المستنشقاتـ ( وتوجد في مواد‬
‫عديدةا متوفرةا بين أيدي الناس مثل ‪:‬‬
‫كلورال ‪ ،‬سوائل التنظيف ‪ ،‬البنزين ‪،‬‬
‫مخفف الطلء ) الترنبتين ( ‪ ،‬مزيل‬
‫طلء الظافر ‪ ،‬وقود الولعات ‪ ،‬الصمغ‬
‫الصناعي ) الباتكس ( ‪ ...‬وغيرها ‪،‬‬
‫ويفرغ الولد الوعاء الذي يحوي المذيب‬
‫في كيس من البلستيك ‪ ،‬ثام يقرب‬
‫فتحته من أنفه لتتصاعدـ البخرةا‬
‫فيستنشقها المتعاطي بعمق ‪ ،‬أو يبلل‬
‫بها قطعة قماش ويكمم بها فمه ‪ ،‬وقد‬
‫يخلطها مع مواد عطرية ‪ ،‬وغالبية‬
‫متعاطي المستنشقاتـ من الصغار من‬
‫سن)‪ (18_9‬سنة ‪ ،‬وتحصل وفيات‬
‫مرتفعة ترجع إلى تلف المخ ‪ ،‬وخلل‬
‫الجهاز العصبي ‪ ،‬ويعتبر البنزين من‬
‫أخطر هذه المستنشقات ‪ ،‬وأخطر ما‬
‫‪ - 1‬وديل هورتون ‪ ،‬المراهقون ومآسي تعاطي المخدرات ‪،‬‬
‫ترجمة محمد عبد العليم مرسي ‪ ،‬نشر جامعة الماما محمد‬
‫بن سعود السلمية بالرياض ‪.‬صا ‪. 35‬‬

‫‪108‬‬
‫‪109‬‬
‫فيها أنها تباع بدون رقابة وسهلة‬
‫الستخداما ‪.‬‬
‫أوصاف متعاطي المخدرات‬
‫‪ _1‬تغير في الحضور والنتظاما‬
‫المدرسي ‪ ،‬كالتأخر الصباحي ‪ ،‬والتغيب‬
‫عن المدرسة بشكل متكرر ‪.‬‬
‫‪ _2‬تغير في القدرات العامة ‪،‬العقليةـ‬
‫والجسدية ‪ ،‬ويظهر ذلك في مستوى‬
‫تحصيل الطالب ‪ ،‬وإتقان واجباته‬
‫المدرسية ‪ ،‬ودرجاته في الختبارات ‪.‬‬
‫وهربه من دروس التربية الرياضية‬
‫والعسكرية _ إن وجدت _ لنها تتطلب‬
‫طاقة جسدية ل توجد عنده ‪.‬‬
‫‪ _3‬المظهر الجسدي السيء ‪ ،‬وعدما‬
‫الهتماما بالملبس والنظافة ‪.‬‬
‫‪ _4‬لبس النظارات الشمسية لخفاء‬
‫العيون المنهكةـ من الرق ‪.‬‬
‫‪ _5‬لبس القمصان ذات الكماما الطويلة‬
‫لخفاء آثاار إبر الحقن ‪.‬‬
‫‪ _6‬الرتباطا الشديد مع مجموعة من‬
‫الشرار وهم زملؤه في تعاطي‬
‫المخدرات ‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫‪110‬‬
‫‪_7‬سرقة بعض المواد الصغيرةا‬
‫لبيعها‪،‬لنه دائما ً بحاجة إلى المال‬
‫لتأمين المخدر)‪.(1‬‬
‫أسباب تعاطي الشباب للمخدرات‬
‫ضعـف الـوازع الديـني ‪:‬‬
‫قال عز وجل ‪ :‬ومن أعرض عن ذكري‬
‫فإن له معيشة ضنكا ً‪. ‬‬
‫فعندما ينشأ الولد على غير التقوى‬
‫واليمان ‪،‬تنمو نفوسهم مشوهة على‬
‫غير أصلها ‪ ،‬ضعيفة ل تصمد أماما‬
‫تقلبات الحياةا العادية ‪ ،‬وعن أبي هريرةا‬
‫رضي الله عنه قال ‪ :‬قال رسول الله ‪‬‬
‫)) ل يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن‬
‫‪ ،‬ول يسرق السارق حين يسرق وهو‬
‫مؤمن ‪ ،‬ول يشرب الخمر حين يشربها‬
‫وهو مؤمن (()‪. (2‬فلو تربى هذا الشاب‬
‫‪ - 1‬جون إدي ‪ ،‬المعلم في مواجهة المخدرات ‪ ،‬ترجمة محمد‬
‫عبد العليم مرسي ‪ ،‬مكتب التربية العربي لدول الخليج ‪) ،‬‬
‫‪1412‬هـ _‪ 1991‬ما ( الرياض ‪،‬صا ‪.93‬‬
‫‪ - 2‬مسلم في كتاب اليمان ‪ ،‬باب ) ‪ ( 24‬نقصان اليمان‬
‫بالمعاصي ‪ ...‬ويقول النووي في شرحه ‪ :‬هذا الحديث مما‬
‫اختلف العلماء في معناه والقول الصحيح الذي قاله‬
‫المحققون ل يفعل هذه المعاصي وهو كامل اليمان ‪ ...‬فهم‬
‫مؤمنون ناقصو اليمان ‪ ...‬ويرى بعض العلماء أن هذا من‬
‫فعل ذلك مستحل ً له مع علمه بورود الشرع بتحريمه ‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫‪111‬‬
‫على طاعة الله ورسوله ‪ ،‬فإن الصلةا‬
‫تنهى عن الفحشاء والمنكر ‪ ،‬وإن رفاق‬
‫المسجد يبعدونه عن هذه المعاصي ‪،‬‬
‫لذا فإن ضعف الوازع الديني هو السبب‬
‫الول والهم في تعاطي الشباب‬
‫المخدرات ‪ ،‬ومن أكبر الدلة عليه‬
‫الفارق الكبير بين تعاطي المخدرات‬
‫في الغرب العلماني ‪ ،‬والمجتمعات‬
‫المسلمة الملتزمة بدينها ‪ ،‬ففي‬
‫الوليات المتحدةا المريكيةـ مثل ً يوجد )‬
‫‪ ( 16‬مليون مدمن يوميا ً على‬
‫المخدرات ‪ ،‬أما الذين جربوا المخدرات‬
‫فيصل إلى) ‪ ( 40‬مليون ‪ ،‬وينفق‬
‫المستهلك المريكي ) ‪ ( 100‬دولر‬
‫سنويا ً ثامنا ً لكل أنواع المخدرات ‪ ،‬كما‬
‫يوجد ) ‪ ( 25‬ألف محل يتاجر‬
‫بالمخدرات ‪ ،‬وأكثر المخدرات عندهم‬
‫) الماريجوانا ( ‪.‬‬
‫أما المجتمع المسلم في المملكة‬
‫العربية السعودية فلم يكن يعرف‬
‫المخدرات إلى وقت قريب ‪ ،‬كنتيجةـ‬
‫للثورةا التكنولوجية في المواصلت ‪ ،‬إذ‬
‫دخلت المخدرات مع الوافدين للملكة ‪،‬‬
‫ويرجع عدما تعرض المملكة لهذه‬
‫المشكلةـ بدرجة كبيرةا إلى تمسكها‬
‫بالعقيدةا السلمية في حياتها ‪ ،‬وتزويد‬

‫‪111‬‬
‫‪112‬‬
‫الناشئة بتعاليم دينهم السلمي ‪،‬‬
‫وتماسك السرةا المسلمة وعنايتها‬
‫بأولدها ‪ .‬وموقف الشريعة السلمية‬
‫الحازما في إقامة الحدود الشرعيةـ على‬
‫كل من تسول له نفسه النحراف عن‬
‫السلوك السليم )‪. (1‬‬
‫يقول الدكتور إبراهيم العواجي _ وكيل‬
‫وزارةا الداخلية السعوديةـ _ ) ‪ ...‬إنني‬
‫أبحث عن أصدق الكلمات وأخفها وقعا ً‬
‫وأقلها يأسا ً في تصوير مأساةا عالمنا‬
‫نتيجة لتخليه عن قيمه الروحية ‪ ،‬فإذا به‬
‫اليوما يدفع ضريبة تخليه من كل وازع‬
‫ديني أو ضابط أخلقي ‪ ،‬بعد أن فصل‬
‫العلم عن الخلق ‪ ،‬والمادةا عن الروح ‪،‬‬
‫ووصل بالحرية إلى مهاوي النحلل‬
‫والباحية فوقع فريسة شهواته وملذاته‬
‫‪ ،‬رعب نووي وضياع في عالم‬
‫المخدرات وأخيرا ً مرض اليدز ‪...‬ذلك‬
‫أن الحصانة الحقيقيةـ هي في العودةا‬
‫)‪(2‬‬
‫إلى المبادئ السماوية في اليمان(‬
‫وكلما زاد اليمان وارتفع زادت معه‬
‫الثقة بالله والتوكل عليه والقرب منه ‪،‬‬
‫‪ - 1‬نايف المرواني ‪،‬صا ‪. 54 ، 47‬‬
‫‪ - 2‬بحث لمعالي الدكتور إبراهيم العواجي ألقاه في مؤتمر‬
‫فيينا ) ‪ ( 1987‬في مؤتمر عالمي لمكافحة المخدرات ‪ ،‬نقل ً‬
‫عن محمد علي البار ‪ ،‬المخدرات ‪ ،‬صا ‪. 388‬‬

‫‪112‬‬
‫‪113‬‬
‫وكلما ضعف اليمان زادت المشاكل‬
‫وقرب النسان من النزلق في‬
‫المخاطر ‪ ،‬لذا فغن ضمور الوازع‬
‫الديني يعتبر من أهم أسباب انتشار‬
‫المخدرات بين أفراد المجتمع المسلم‬
‫)‪. (1‬‬
‫وفي دراسة سلوى علي سليم )‬
‫‪1989‬ما ( في مصر وجدت أن عدد‬
‫الذين راجعوا عيادةا المراض النفسية‬
‫بمستشفى العباسية خلل الشهور‬
‫الستة الخيرةا من عاما )‪1987‬ما( هو )‬
‫‪(1386‬مدمنا ً على المخدرات ‪ ،‬منهم )‬
‫‪ (586‬قبطيا ً ‪،‬و)‪(800‬مسلم )‪. (2‬‬
‫ومن مقارنة عدد القباطا المدمنينـ مع‬
‫عدد المسلمين المدمنين ‪ ،‬حيث أن‬
‫نسبة المدمنينـ من القباطا تساوي )‬
‫‪ ( %46‬من المدمنين بينما تشكل نسبة‬
‫السكان القباطا إلى سكان مصر )‬
‫‪ (%10‬فقط ‪ ،‬أي أن نسبة المدمنين‬
‫القباطا تعادل خمسة أضعاف نسبة‬
‫المدمنينـ المسلمين ‪ ،‬وتفسير ذلك عند‬

‫‪ - 1‬يوسف عبد الله العريني ‪ ،‬صا ‪. 91‬‬


‫‪ - 2‬سلوى علي سليم ‪ ،‬السلما والمخدرات ‪،‬دراسة‬
‫سوسيولوجية لثار التغير الجتماعي على تعاطي الشباب‬
‫للمخدرات ‪ ،‬مكتبة وهبة بالقاهرةا ‪1989 ،‬ما‪،‬صا ‪. 199‬‬

‫‪113‬‬
‫‪114‬‬
‫الباحث الحالي أن الوازع الديني عند‬
‫المسلمين أقوى منه عند القباطا ‪.‬‬
‫كما وجدت الباحثة أن )‪ (%11‬فقط من‬
‫عينةـ البحث كانوا يؤدون الصلةا وهم‬
‫صغار السن أي أن التنشئةـ الدينية كانت‬
‫قاصرةا لمعظم أفراد العينةـ ‪ ،‬كما‬
‫أوضحت الدراسة أن من يصومون شهر‬
‫رمضان كامل ً )‪5‬ر ‪ (% 18‬فقط من‬
‫العينة ‪ ،‬ومن المعروف أهمية الصياما‬
‫في تقوية الرادةا ‪.‬‬
‫)) ‪ ...‬ومسلمو اليوما الذين أنهكتهم‬
‫المخدرات تحللت صلتهم بدينهم الذي‬
‫يحملون اسمه ‪ ،‬ويجهلون كنهه‬
‫ويأخذونه بالوراثاة ‪ ،‬أكثر من المعرفة ‪،‬‬
‫وقد كان ابتعادهم عن دينهم هو سبب‬
‫تورطهم فيما أضاعهم وأضعفهم ‪ ،‬ولو‬
‫عرفوا السلما بقلوبهم وعقولهم ؛‬
‫لعرفوا أنه ينهى عن كل مل يفسد‬
‫النسان ‪ ،‬ولعرفوا أن الله أحل لهم‬
‫الطيبات وحرما عليهم الخبائث‪ ،‬ونهى‬
‫عن كل ما يضرهم ‪ ...‬وإن بعد الناس‬
‫عن دينهم يسير بصورةا متوازية بمدى‬
‫)‪(1‬‬
‫قربهم من حضارةا العصرـ الحديث‬
‫‪ - 1‬ل يتفق الباحث الحالي مع الباحثة في هذه الفكرةا ‪ ،‬ويرى‬
‫أن المؤمن القوي يتعرف على الحضارةا الغربية فيأخذ منها‬
‫الصالح ويبتعد عن الفاسد ‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫‪115‬‬
‫وهي الحضارةا الغربية القوية‬
‫والمسيطرةا ‪ .‬هذا هو حالنا اليوما ‪،‬‬
‫عندما ضعف الوازع الديني في قلوبنا‬
‫أصبحنا تابعين لغيرنا ‪ ،‬حضاريا ً وثاقافيا ً‬
‫واقتصاديا ً ولننا أصبحنا غير أنفسنا ‪،‬‬
‫في عالم ل يرحم ‪ ،‬أدمن الكثيرون من‬
‫كل أنواع المخدرات ‪ ،‬فغابت عقولنا ‪،‬‬
‫وتدهورت أجسادنا ‪ ،‬وسلمنا أمورنا‬
‫لعدائنا )‪. (1‬‬
‫وقد يعجب كثير من الباء من وجود‬
‫ضعف الوازع الديني عند أبنائهم ‪،‬‬
‫ويتساءلون ‪ :‬كيف تسلل إلى عقول‬
‫أولدهم وقلوبهم ‪ ،‬وجواب ذلك أن‬
‫المدرسة المعاصرةا ووسائل العلما‬
‫وكثرةا الختلطا بالكفار وال‪..‬‬
‫وقد يعجب كثير من الباء من وجود‬
‫ضعف الوازع الديني عند أبنائهم ‪،‬‬
‫ويتساءلون ‪ :‬كيف تسلل إلى عقول‬
‫أولدهم وقلوبهم ‪ ،‬وجواب ذلك أن‬
‫المدرسة المعاصرةا ووسائل العلما‬
‫وكثرةا الختلطا بالكفار والعجاب بهم ‪،‬‬
‫هذه السباب الثلثاة أهم أبواب تسرب‬
‫ضعف الوازع الديني إلى أولدنا ‪.‬‬

‫‪ -1‬سلوى علي سليم ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬صا ‪. 164‬‬

‫‪115‬‬
‫‪116‬‬
‫أما المدرسة فبعض المناهج ل تخلو من‬
‫أفكار علمانية ‪ ،‬هذا في البلدان التي ما‬
‫زال فيها بقية خير‪،‬وفي بعض بلدان‬
‫العالم السلمي تجد المناهج علمانية‬
‫صريحة توجه إلى الكفر واللحاد ‪ ،‬وكثير‬
‫من المدرسين دعاةا صرحاء أو سريين‬
‫إلى العلمانية والكفر واللحاد )‪. (1‬‬
‫أما وسائل العلما فل يوجد مسلم‬
‫يجهل عظيم بلئها على المسلمين ‪،‬‬
‫مما تبثه للمشاهدين من أفلما هابطة ‪،‬‬
‫ومناظر مثيرةا ‪ ،‬ل تراعي حرمة دين ‪،‬‬
‫ول قيم المجتمع وتراثاه ‪ .‬نسأل الله عز‬
‫وجل أن يرفع عنا هذا البلء ‪ .‬ومخالطة‬
‫الكفار والعجاب بحضارتهم المادية أول ً‬
‫ثام العجاب بسلوكهم وأفكارهم على‬
‫طريقة المغلوبـ يقلد الغالب ‪.‬‬
‫وكي ننمي الشعور الديني عند أولدنا‬
‫فنحصنهم من النحراف بكل أشكاله ‪،‬‬
‫وخاصة تعاطي المخدرات ينبغي على‬
‫الوالدين ‪:‬‬
‫‪ _1‬ربط الولد بالقرآن منذ نعومة‬
‫أظافره ‪ ،‬وغرس محبة الله عز وجل‬
‫‪ -1‬أسأل الله عز وجل أن يمد في عمري حتى أتمكن من‬
‫تأليف كتاب )) المدرسة المسلمة (( ‪ ،‬ويبدو أنني سأبدأ به‬
‫حال تقاعدي من التعليم ‪ ،‬لن خبرتي في المدرسة ستبقى‬
‫مادمت أعمل فيها ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫متنامية‬

‫‪116‬‬
‫‪117‬‬
‫في قلب الولد بالطرق التربوية‬
‫)‪(1‬‬
‫السلمية الواردةا في تنمية العقيدةا ‪.‬‬
‫وتنشئته على محبة الله والشوق إلى‬
‫جنته ‪ ،‬وغرس القيم السلمية فيه منذ‬
‫الصغر بالقصص النبوي والسيرةا وحياةا‬
‫الصحابة رضي الله عنهم ‪.‬‬
‫‪ _2‬ربط الولد بالمسجد ‪ :‬وتردده على‬
‫جماعة تحفيظ القرآن ‪ ،‬وحضور‬
‫النشطة السلمية في المسجد ‪،‬‬
‫وربطه بالصحبة الصالحة من خلل‬
‫المسجد ‪ ،‬فينتقي أقرانه من هؤلء‬
‫الصالحين ‪.‬‬
‫‪ _3‬ربط الولد بدروس العلماء ‪ :‬وغالبا ً‬
‫ما تكون في المساجد ‪ ،‬وربما تكون في‬
‫بيت العالم أو أحد طلبه ‪ ،‬واهتماما الولد‬
‫بالعلم ‪ ،‬وخدمة العلماء ترفعه إلى صف‬
‫الصالحين ‪ ،‬وتبعده عن الطالحين ‪.‬‬
‫‪ _4‬تعريف الولد بحكم السلما في‬
‫التدخين ) وقد أجمع العلماء الن على‬
‫تحريمه بعد أن تأكد ضرره الصحي ( ‪،‬‬
‫والشيشةـ والشمة والقات وكل مفتر ‪،‬‬
‫ثام تحفيظ الولد آيات تحريم الخمر‬
‫والحاديث التي تلعن حامله وبائعه ‪...‬‬
‫‪ - 1‬انظر مؤلفات الباحث مثل ‪ :‬دور البيت في تربية الطفل‬
‫المسلم ‪ ،‬فصل ‪ :‬التربية الروحية ‪ .‬وغيره أيضا ً ‪ .‬وخاصة ‪:‬‬
‫تربية الطفال في الحديث الشريف ‪ ،‬وهو قيد الطبع ‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫‪118‬‬
‫إلخ ‪ ،‬وتحريم المخدرات ومدى ضررها‬
‫على الفرد والمجتمع ‪ ،‬وسوء العاقبة‬
‫في الدنيا والخرةا ‪.‬‬
‫‪ _5‬إلحاق الولد بالمخيمات السلمية ‪،‬‬
‫والمراكز الصيفية ‪ ،‬ليعيش ضمن‬
‫مجموعة صالحة من الرفاق ‪ ،‬تبعده عن‬
‫رفاق السوء ‪.‬‬
‫رفـاق السـوء هم السـبب‬
‫دلت دراسة المرواني ) ‪1413‬هـ ( على‬
‫أن ) ‪ ( %35‬من أفراد العينةـ قالوا أن‬
‫مجاملة الصدقاء عي التي دفعتهمـ إلى‬
‫تعاطي المخدرات ‪ ،‬و)‪ (%23‬قالوا إن‬
‫الخضوع لغواية أصدقاء السوء هي‬
‫سبب تعاطي المخدرات بالنسبةـ لهم‬
‫‪.‬و)‪ (%15‬قالوا أن الرغبة في تقليد‬
‫الخرين هي سبب تعاطي المخدرات‬
‫عندهمـ )‪ ، (1‬كما تدل دراسة ) جمعان‬
‫رشيد أبا الرقوش ‪1404،‬هـ ( على أن‬
‫مجاراةا الصدقاء هي السبب الول في‬
‫تعاطي المخدرات ‪ ،‬وكذلك دلت دراسة‬
‫) سليمان قاسم الفالح ‪1407 ،‬هـ (‬
‫على أن مخالطة أصدقاء السوء هي‬
‫العامل الول في تعاطي المخدرات ‪.‬‬
‫ودلت دراسة ) سلوى علي سليم ‪،‬‬
‫‪ - 1‬نايف المرواني ‪،‬صا ‪. 126‬‬

‫‪118‬‬
‫‪119‬‬
‫‪1409‬هـ ( على أن لصحبة السوء‬
‫دورها البارز والهاما في توجيه سلوك‬
‫الشباب إلى النحراف ‪ ،‬ودلت أيضا ً‬
‫على أن وفرةا المال بين يدي بعض‬
‫الشباب له دور في انحراف الشباب ‪،‬‬
‫ول تخلو نتائج أي دراسة ميدانية من أن‬
‫رفاق السوء سبب هاما من أسباب‬
‫تعاطي المخدرات )‪. (1‬‬
‫ول توجد دراسة ميدانية عن المخدرات‬
‫إل وبينت أن لرفقاء السوء دورا ً بارزا ً‬
‫في تعاطي الشباب للمخدرات ‪ ،‬وقد‬
‫لحظنا سابقا ً صفات الولد المبكرين‬
‫إلى جماعات الرفاق ‪ ،‬وهم الذين ل‬
‫يتوافقون مع الجو السري مع والديهم ‪،‬‬
‫لذلك يبحثون عن أول رفيق يصادفونه‬
‫دون النتباه إلى أخلقه وسلوكه ‪.‬‬
‫وبدافع المسايرةا يقلد الولد رفاقهم ‪،‬‬
‫ويتوحدون مع أقرانهم في أفعالهم‬
‫وسلوكهم ‪ ،‬بدون تفكير ومناقشة ‪ ،‬وقد‬
‫دلت الدراسات الميدانية على أن‬
‫مروجي المخدرات يكلفون عميلهم‬
‫الذي يشتري منهم _ بعد أن تنضب‬
‫أمواله _ بالبحث عن زبائن جدد لهم ‪،‬‬
‫مقابل منحه قليل ً من هذه السموما‬
‫بدون مال ‪ ،‬ما يدفع رفاق السوء إلى‬
‫‪ - 1‬المرجع السابق ‪ 75 ،‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫‪120‬‬
‫جلب أصدقائهم إلى هؤلء التجار بعد‬
‫تعويدهم على المخدرات ‪.‬‬
‫ومن طبيعة رفاق السوء أن يشجعوا‬
‫رفاقهم على مماثالتهم في سلوكهم ؛‬
‫كي ل يتميزوا عنهم ‪ ،‬ويكونوا سواء ‪،‬‬
‫وهم _باللشعور _ يدركون مدى شناعة‬
‫فعلهم عندما يتعاطون المخدرات ‪،‬‬
‫ولذلك تراهم مندفعين بحماس إلى‬
‫توريط رفاقهم ليكونوا مثلهم ‪.‬‬
‫)) ‪ ...‬وتشير دراسات أجريت في‬
‫المجتمعات العربية إلى أن مجاراةا‬
‫الصدقاء كانت سببا ً من السباب‬
‫الرئيسية في تعاطي المخدرات ‪ ،‬ففي‬
‫العراق وجد يوسف إلياس أن هناك‬
‫ظاهرةا ملحوظةـ بين الشباب العراقي‬
‫وهي أن تناول المسكرات عي الوسيلة‬
‫المفضلةـ للندماج في الجماعة ‪ .‬وفي‬
‫الردن أشار ) ‪ ( %31‬من متعاطي‬
‫المخدرات إلى أن سبب تعاطيهم يعود‬
‫إلى مجاراةا الصدقاء ‪ ،‬ووجدت فئة‬
‫منهم تناول المخدرات مرةا في السبوع‬
‫بهدف مشاركة الخرين ومجاملتهم‬
‫وتقليدهم ‪ .‬وفي مصر ذكر ) ‪( %84‬‬
‫من المدمنينـ أنهم بدأوا في تعاطي‬
‫المخدرات من خلل توفيرها لهم أول ً‬

‫‪120‬‬
‫‪121‬‬
‫من قبل الصدقاء أو الزملء )‪ (1‬أما‬
‫وقاية الولد من رفاق السوء ‪ ،‬فقد‬
‫سبق الحديث عنها ‪ ،‬وهي أن تقوما‬
‫السرةا بجهودغير مباشرةا لحاطة‬
‫أولدها برفقة صالحة؛ قبل أن يحيط‬
‫نفسه برفاق سوء‪.‬‬
‫تـدخـين الب‬
‫يتأثار الطفال بوالديهم ‪ ،‬ل شعوريا ً ‪،‬‬
‫ومن هذه الثاار تقليد الولد آباءهم في‬
‫التدخين ‪ ،‬وقد روى لي أب أثاق به قال ‪:‬‬
‫كنت مبتلى بالتدخين ‪ ،‬وعندي طفل في‬ ‫ُ‬
‫الرابعة من عمره ‪ ،‬كالزهرةا عند تفتحها‬
‫‪ ،‬وقد أُصيب بمرض تنفسي صار يعاوده‬
‫مرةا في الشهر ‪ ،‬واهتم والداه بمعالجته‬
‫_ خاصة وقد فقدا المولودين السابقين‬
‫له _ وكان الطفل موضع عناية فائقة‬
‫منهما ‪.‬‬
‫وذات صباح في رمضان وقد نفث الب‬
‫سيجارةا قبل المساك ‪ ،‬وترك علبة‬
‫السجائر على الطاولة ‪ ،‬في ذلك‬
‫الصباح أيقظت الزوجة زوجها قائلة ‪:‬‬
‫قم وانظر ماذا يفعل ابنك !!؟ إنه في‬
‫المطبخ ‪.‬‬
‫فنهض الب وذهب إلى المطبخ ليرى‬
‫عجبا ً ‪ ،‬ويسمع ما هو أعجب ‪ ،‬رأى‬
‫‪ - 1‬سلوى علي سليم ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬صا ‪. 160‬‬

‫‪121‬‬
‫‪122‬‬
‫طفله الصغيرـ ابن الرابعة ‪ ،‬صاحب‬
‫الرئة المريضة ‪ ،‬ينفث سيجارةا أخذها‬
‫من علبة والده ‪ ،‬ولما قال له والده ‪:‬‬
‫م تفعل هذا يا بني !!؟ أجاب الطفل‬ ‫_ لِ َ‬
‫بدون تلعثم ‪:‬‬
‫_ أفعل مثلك يا بابا ‪.‬‬
‫أخذ الب السيجارةا من يد طفله ‪،‬‬
‫وقلبه يكاد يتقطع من اللم ‪ ،‬ثام مزقها‬
‫أمامه ‪ ،‬ورماها في سلة المهملت ‪،‬‬
‫ومنذ ذلك اليوما لم ير الطفل أباه يدخن‬
‫‪ ،‬وبعد عدةا شهور قضاها الب يدخن‬
‫سرا ً عن طفله ‪ ،‬أقلع عنه نهائيا ً ولله‬
‫الحمد والمنة ‪.‬‬
‫والتدخين مفتر ويحرمه معظم العلماء ‪،‬‬
‫وهو بداية المخدرات الخرى ‪ ،‬والب‬
‫المدخن يشجع أولده على التدخين ‪،‬‬
‫كما يضعهم عند بوابة المخدرات‬
‫الخطيرةا ‪.‬‬
‫والمر نفسه بالنسبةـ ) للشيشة ( فما‬
‫داما المبدأ واحدا ً وهو حصول الفتور ‪ ،‬أو‬
‫ما يسميه المدمنون ) الكيف ( ؛‬
‫فالمخدرات ) كيف ( كذلك عند‬
‫المدمنينـ ‪.‬‬
‫وكذلك ) القات ( في اليمن ‪ ،‬و) الشمة‬
‫( في شمال إفريقية ‪ ،‬كلها مقدمات‬
‫لولوج باب الحشيش ‪،‬فالخمر‬

‫‪122‬‬
‫‪123‬‬
‫‪،‬فالمخدرات ‪ .‬لذا يجدر بالب المحب‬
‫لولده والغيور عليهم ؛ القلع عن‬
‫التدخين والشيشة وكل أنواع ) الكيف (‬
‫المذكورةا‬
‫ومن دراسة الدكتورةا سلوى علي سليم‬
‫الميدانية عن تعاطي الشباب‬
‫للمخدرات في مصر وجدت الباحثة ‪:‬‬
‫‪ (68%) _1‬من الشباب المدمنينـ قالوا‬
‫‪ :‬الب هو الذي يتعاطى المخدرات ‪ ،‬و)‬
‫‪ (%20‬قالوا ‪ :‬الما عي التي تتعاطى‬
‫المهدئات ‪ ،‬وأجاب )‪ (%9‬بأن الخوةا‬
‫الكبار يتعاطون المخدرات )‪. (1‬‬
‫‪ (31%) _2‬قالوا بأن المشاكلـ السرية‬
‫دفعتهم إلى المخدرات ‪ ،‬و)‪(%26‬‬
‫قالوا‪ :‬رفاق السوء دفعوهم إليها ‪.‬‬
‫‪ (78%) _3‬قالوا أنهم على وفاق مع‬
‫أسرهم ‪،‬لكن الشياطين _وطبعا ً‬
‫يقصدون الشياطينـ البشرية _ هم‬
‫الذين زينوا لهم تعاطي المخدرات في‬
‫البداية ‪.‬‬
‫إغـراق الـولـد بالـمال‬

‫‪ - 1‬سلوى علي سليم ‪ ،‬السلما والمخدرات ‪ ،‬دراسة‬


‫سوسيولوجية لثار التغير الجتماعي على تعاطي الشباب‬
‫للمخدرات ‪ ،‬مكتبة وهبة بالقاهرةا ‪1989 ،‬منص ‪. 202‬‬

‫‪123‬‬
‫‪124‬‬
‫بعض الباء يدفع لولده مصروفا ً كثيرا ً ‪،‬‬
‫وربما بدون حساب ‪ ،‬وقد يكون هذا‬
‫الب مدفوعا ً بعاطفته وحبه لولده ‪ ،‬أو‬
‫للمباهاةا والمفاخرةا أماما الناس ‪،‬‬
‫وعندما يجد الولد مال ً كثيرا ً بين يديه ‪،‬‬
‫يندفع إلى الشهوات ومنها التدخين ‪،‬‬
‫ويكثر الرفاق حوله ‪ ،‬ومنهم من يدور‬
‫في فلكه من أجل ماله ‪ ،‬وقد يندفع‬
‫الولد عندئذ إلى التدخين للمباهاةا ‪ ،‬أو‬
‫تعاطي الحشيش لشباع دافع حب‬
‫الطلع عنده ‪ ،‬وقد يؤدي به المر إلى‬
‫تناول الخمر ليدلل لزملئه أنه أكثر مال ً‬
‫منهم ‪ ،‬ومتى ولج الخمر أوصلته إلى‬
‫المخدرات لنه أما الكبائر ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫والب الحصيف يدفع لولده ما يلزمه ‪،‬‬
‫ويسأل ولده أين صرف أمواله ‪ ،‬ليعود‬
‫ابنه على أنه سيسأل يوما الحساب عن‬
‫ماله من أين اكتسبه وأين أنفقه ‪ ،‬وهذه‬
‫تكفي لما لها من تعويد الولد على‬
‫القتصاد )‪. (1‬‬
‫ومن دراسة سلوى علي سليم‬
‫المذكورةا اتضح أن)‪ (%71‬من الشباب‬
‫المتعاطينـ للمخدرات في مصر‬
‫‪ - 1‬يفهم كثير من الناس كلمة اقتصاد بأنها التقتير والبخل ‪،‬‬
‫وهذا غير صحيح ‪ ،‬إذ أنها تعني العتدال في النفاق والتوسط‬
‫في الستهلك ‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫‪125‬‬
‫تعاطوها للمرةا الولى لمجرد حب‬
‫الستطلع ‪ ،‬ولم يعرفوا أن مجرد‬
‫التجربة ستجعلهم متعاطينـ دائمين‬
‫‪،‬ذلك لن بعضهم _ ربما _ جرب الخمور‬
‫أو الحشيش قبل ذلك ولم يجعله ذلك‬
‫التجريب مدمنا ً ‪ ،‬ويرى الباحث الحالي‬
‫أن هذا الشاب لول أنه يتكأ على مال‬
‫وفير لما خطرت في ذهنه هذه التجارب‬
‫‪ ،‬وقد يكون وجود المال الوفير معه هو‬
‫الذي أغراه بذلك ‪.‬‬
‫كما دلت الدراسة على أن )‪ (%37‬من‬
‫المتعاطينـ ممن وضع لهم آباؤهم‬
‫أرصدةا بأسمائهم في البنوك ‪ ،‬حتى‬
‫يضمنوا لهم مستقبل ً مضمونا ً بعد‬
‫وفاتهم ‪ ،‬وللهرب من الضرائب‬
‫التصاعدية ‪ ،‬وأكد هؤلء أنهم يسحبون‬
‫من أرصدتهم دون علم آبائهم ‪.‬‬
‫ومن العجيبـ في داء المخدرات أن‬
‫الفقير يدمن هربا ً من هموما فقره ‪ ،‬كما‬
‫يدمن الثري بحثا ً عن لذةا موهومةـ ‪،‬‬
‫ففي الوليات المتحدةا _ وهي من‬
‫الدول الثرية _ كانت نسبة الذين‬
‫يدخنون الحشيش عاما )‪1962‬ما( )‬
‫‪ (%4‬فقط من مجموع السكان ‪ ،‬ولكنها‬
‫قفزت إلى )‪ (%64‬عاما )‪1982‬ما( ‪،‬‬
‫كما زاد مدمنو الكوكايين في الفترةا‬

‫‪125‬‬
‫‪126‬‬
‫ذاتها من )نصف( مليون مدمن إلى )‬
‫‪(22‬مليونا ً ‪ .‬فالفقر ورتابة الحياةا‬
‫المصاحبة له سببا ً من أسباب التعاطي‬
‫‪ ،‬والثراء الناتج عن الحياةا الحديثة‬
‫المعقدةا أكل مشاعر النسان ودفعه‬
‫إلى التعاطي ‪.‬‬
‫وفي مصر نجد )‪ (%20‬من السر‬
‫المصرية تستحوذ على )‪ (%52‬من‬
‫الدخل القومي ‪ ،‬بينما )‪ (%80‬من أسر‬
‫مصر تحصل على )‪ (%48‬من الدخل‬
‫القومي ‪ ،‬وهنا يقع التفاوت ويبحث‬
‫الفقراء والثارياء عن المخدرات ‪.‬‬
‫تفضيل الـمال على الولدا‬
‫ومما يساهم في تعاطي الولد‬
‫للمخدرات ؛ إهمال آبائهم لهم ‪ ،‬فالب‬
‫مشغول بتجاراته وصفقاته وأسفاره ‪،‬‬
‫ويعلل نفسه بأنه يشقى في جمع المال‬
‫من أجل أولده ‪ ،‬ليصبحوا أغنياء ومن‬
‫علية القوما ‪ ،‬وما درى الب أن انشغاله‬
‫عن ولده قد يؤدي إلى انحراف الولد ‪،‬‬
‫وربما التف رفاق سوء حول ابنه ‪،‬‬
‫وجروه إلى تعاطي المخدرات فأي مال‬
‫ينفعه عندئذ ؟‬
‫ويتوهم بعض الباء أن السائق‬
‫والخادمات والمدرس الخصوصي ‪،‬‬

‫‪126‬‬
‫‪127‬‬
‫ووكيل العمال ‪ ،‬كل ذلك جدير بأن‬
‫يسد غيبته وانشغاله بصفقاته وتجاراته ‪،‬‬
‫وربما أسفاره وأصحابه ‪ .‬وأثابتت‬
‫التجارب والبحوث الميدانية أن متابعة‬
‫الب لولده ل تعدلها متابعة ‪ ،‬وأن الولد‬
‫يندفع نحو الصلح والخير عندما يعرف‬
‫أن والده مهتم به ‪ ،‬ويندفع إلى رفاق‬
‫السوء إذا عرف أن والده منشغل عند ‪.‬‬
‫ومن دراسة سلوى علي سليم اتضح ما‬
‫يلي ‪:‬‬
‫‪ (52%) _1‬من الشباب المتعاطينـ‬
‫يتغيبـ آباؤهم عن البيت أحيانا ً ‪ ،‬أي )‬
‫‪ (%68‬من الشباب المتعاطينـ ممن‬
‫يتغيبـ آباؤهم عن البيت ‪ ،‬ويحرمون من‬
‫توجيه الباء ورعايتهم ‪.‬‬
‫‪ _2‬بالنسبة لعمل الب تبين أن )‪(%28‬‬
‫من الشباب المتعاطينـ يعمل آباؤهم‬
‫في الخارج ‪ ،‬و) ‪5‬ر ‪ (%17‬من‬
‫المتعاطينـ يعمل آباؤهم بالمهن الحرةا ‪،‬‬
‫ومع أن هؤلء الشباب ميسورون ماليا ً‬
‫إل أن المال لم يستطع أن يعوضهم عن‬
‫رعاية الب وعطفه وتوجيهه ‪.‬‬

‫أوقأــات الفــراغ‬

‫‪127‬‬
‫‪128‬‬
‫ومن دراسة المرواني )‪1413‬هـ( اتضح‬
‫أن )‪ (%41‬من متعاطي المخدرات في‬
‫عينةـ الدراسة عاطلون عن العمل ‪،‬‬
‫وبالتالي يدفعهم الفراغ إلى القلق‬
‫فالنحراف ‪ .‬وقد تبين لعلماء النفس أن‬
‫القلق والضطراب لدى الشباب ناتجان‬
‫عن الفراغ وحبس الطاقة الفائضة‬
‫)‪(1‬‬
‫عندهمـ ‪ ،‬وليسا حتميين في المراهقة‬
‫‪ ،‬والقلق والضطراب الناتجان من‬
‫الفراغ وتعطيل الطاقة يؤديان إلى‬
‫النحراف ‪ ،‬ومن أنواع النحراف تعاطي‬
‫المخدرات وقد أجاب )‪ (%7‬من أفراد‬
‫العينة في دراسة المرواني )‪1413‬هـ(‬
‫أن الفراغ هو سبب انحرافهم وتعاطيهم‬
‫للمخدرات ‪ ،‬فيلجأون إلى ملء وقت‬
‫الفراغ عن طريق المخدرات والسلوك‬
‫المنحرفـ لستثمار وقت الفراغ عندهم‬
‫‪.‬‬
‫ويؤيد هذا أن أولد الحضر أكثر انحرافا ً‬
‫من أولد الريف ؛ لن أولد الريف‬
‫يعملون مع أسرهم في الزراعة ‪ ،‬ول‬
‫يتوفر لديهم أي وقت فارغ ‪ .‬كمل أن‬
‫انحراف الولد في المجتمعات‬
‫‪ - 1‬انظر ماجد عرسان الكيلني ‪ ،‬فلسفة التربية السلمية‬
‫‪،‬صا ‪ ، 110‬وعبد العزيز النغيمشي ‪ ،‬المراهقون‪،‬صا ‪، 26‬‬
‫وخالد شنتوت ‪ ،‬تربية الشباب المسلم ‪،‬صا ‪. 17‬‬

‫‪128‬‬
‫‪129‬‬
‫المتقدمة صناعيا ً أكثر من انحراف‬
‫الولد في البلدان النامية ‪ ،‬لن‬
‫الخيرين يعملون في المجتمعات‬
‫المصنعةـ لن اللة أخذت مكان كثيرـ من‬
‫اليدي العاملة ‪.‬‬
‫ودلت دراسة سلوى علي سليم على‬
‫أن )‪ (%79‬من الشباب المتعاطينـ‬
‫ينتمون إلى محافظات حضرية ‪ ،‬بينما )‬
‫‪ (%13‬ينتمون إلى المراكز ‪ .‬ويعلل‬
‫الباحث الحالي ذلك بمايلي‪:‬‬
‫‪ _1‬للتغير الجتماعي في المدينة أثار‬
‫أكبر منه في القرية ‪ ،‬وبتعبير آخر ‪،‬‬
‫تنتشر الثقافة الغربية في المدينة أكثر‬
‫من القرية ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪_2‬الشباب في المدينة أكثر فراغا من‬
‫شباب القرى ‪ ،‬لن أبناء القرى‬
‫يساعدون أسرهم في العمل الزراعي ‪،‬‬
‫ويشغلون أوقاتهم ‪ ،‬بينما يتسكع كثير‬
‫من الشباب في المدن بدون عمل ‪.‬‬
‫ويعالج ذلك عندما نشغل أوقات الفتيان‬
‫والفتيات بالنافع المفيد لهم ولمتهم في‬
‫دينهم ودنياهم وهذه بعض سبل شغل‬
‫أوقات الفراغ ‪:‬‬
‫‪ _1‬العمل المبكرـ ‪ :‬وهو أن يلحق الب‬
‫ولده في الصيف بأحد محلت البيع أو‬
‫إحدى ورش النجارةا أو الحدادةا أو‬

‫‪129‬‬
‫‪130‬‬
‫إصلح السيارات أو الدوات الكهربائية‬
‫‪ ...‬إلخ ‪ ،‬أو أن يساعد الولد أباه في‬
‫عمله إن كان له مثل هذه العمال التي‬
‫تتطلب المساعدةا ‪ ،‬وللعمل المبكر‬
‫فوائد كثيرةا فهذا رسول الله ‪ ‬نشأ‬
‫وترعرع يتيما ً ‪ ،‬وكان في كفالة جده‬
‫عبد المطلب ثام في كفالة عمه أبي‬
‫طالب ‪ ،‬ونشأ على الباء وحب العمل‬
‫والعتماد على النفس وممارسة‬
‫المسؤولية ‪ ،‬وكان يصر على أن يشارك‬
‫عمه هموما العيش ؛ إذ كان أبو طالب‬
‫كثيرـ الولد قليل المال ‪ ،‬وعندما قرر أن‬
‫يسافر إلى الشاما ابتغاء التجار والربح‬
‫قرر رسول الله ‪ ‬أن يكون معه ‪ ،‬كان‬
‫عمره إذ ذاك نحو ثالث عشرةا سنة ‪.‬‬
‫وقد تعود رسول الله ‪ ‬على حياةا الكدح‬
‫والعمل ‪ ،‬ولم يكن من عادته القعود ‪،‬‬
‫والخلد للدعة والراحة ‪ ،‬وقد كان‬
‫النبياء قبله يأكلون من عمل أيديهم ‪،‬‬
‫وقد اشتغل رسول الله ‪ ‬في رعي‬
‫الغنم في فتوته وشبابه ‪ ،‬روى أبو‬
‫هريرةا رضي الله عنه أن رسول الله ‪‬‬
‫قال ‪ ) :‬ما بعث الله نبيا ً إل رعى الغنم ‪،‬‬
‫فقال أصحابه ‪ :‬وأنت ؟ فقال ‪ :‬نعم ‪،‬‬

‫‪130‬‬
‫‪131‬‬
‫)‪(1‬‬
‫كنت أرعاها على قراريط أهل مكة (‬
‫‪.‬‬
‫‪ _2‬حفظ القرآن الكريم ‪ :‬وخاصة إذا‬
‫بدأ الفتى بحفظه منذ الطفولة ‪،‬‬
‫فيراجعه ويثبته أثاناء هذه الفترةا ‪،‬‬
‫ويُشجع الفتى على إتقان الحفظ‬
‫بالقراءةا الصحيحة أو القراءات‬
‫الصحيحة على عالم متخصص ‪ .‬وإن لم‬
‫يبدأ بالحفظ في الطفولة يشجع على‬
‫الحفظ في فتوته ‪ ،‬وما زال ذهنه ملئما ً‬
‫للحفظ )‪. (2‬‬
‫‪ -3‬المطالعة ‪ :‬ومن أفضل سبل الوقاية‬
‫من خطر الفراغ تعويد الطفل على‬
‫المطالعة منذ الصغرـ ‪ ،‬حتى ينشأ على‬
‫حبها ‪ ،‬وحل المطالعة بحر ل حدود له ‪،‬‬
‫كما أنها أفضل سبل شغل الوقت لكبار‬
‫السن عند التقاعد ‪ ،‬وحب المطالعة‬
‫نعمة كبيرةا ينعمها الله على عبده‬
‫المسلم ؛ تحفظه من الجهل ‪ ،‬ومن‬
‫الفراغ ‪ ،‬ومن الشيخوخة ‪ ،‬وقد يبدأ‬
‫الوالد بتكليف ولده إعداد بحث ما ‪،‬‬
‫تتوفر مراجعه في البيت ‪ ،‬ويشجعه‬
‫‪ - 1‬أخرجه البخاري في كتاب الحارةا ‪ ،‬باب رعي الغنم على‬
‫قراريط ‪ ،‬رقم الحديث في فتح الباري )‪. (2262‬‬
‫‪ - 2‬قال لي من أثاق بهم أنهم بدأوا الحفظ في الثلثاينات من‬
‫عمرهم ‪ ،‬وقال أحدهم أنه بدأ الحفظ في الخامسة والربعين‬
‫وكان يؤما المسلمين في التراويح وعمره يناهز السبعين ‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫‪132‬‬
‫على إنجازه ويكافئه عليه ‪ ،‬ومع التكرار‬
‫يعتاد الولد على حب المطالعة ‪.‬‬
‫‪ _4‬إعداد قاموس النجليزية ‪ :‬ومن‬
‫العمال التي تقضي على الفراغ أن يعد‬
‫الولد قاموسا ً للنجليزية ‪ ،‬وبعد أن‬
‫يحضر الب الدفتر المناسب ‪ ،‬يقسمه‬
‫على أحرف النجليزية ‪ ،‬ثام يبدأ بتنفيذ‬
‫الفكرةا من أول كتاب تعلمه الولد ) وهو‬
‫كتاب أول متوسط في بلدنا العربية‬
‫غالباً( ‪ ،‬فيضع كل كلمة مرت في هذه‬
‫الكتب في محلها من القاموس ‪،‬مع‬
‫كتابة معناهاـ العربي ‪ ،‬وتصنيفها اللغوي‬
‫) اسم ‪،‬فعل ‪،‬صفة ‪...‬الخ ( وتصريفاتها‬
‫اللغوية ‪ .‬وهذا العمل أفضل الطرق‬
‫لتعلم النجليزية وللقضاء على الفراغ‬
‫معا ً ‪.‬‬
‫‪ _5‬التحضير للعاما الدراسي القادما ‪:‬‬
‫ومن سبل الوقاية من الفراغ أن يطلب‬
‫الب من أولده تحضير بعض المواد‬
‫الصعبة ) كالرياضيات ‪ ،‬والقواعد ‪،‬‬
‫والنجليزية ‪ ...‬الخ ( للعاما القادما ‪ ،‬مع‬
‫الب أو الما أو الخ الكبر أو مع مدرس‬
‫‪ ،‬وقد وجدت معاهد صيفية كثيرةا لمثل‬
‫هذا الغرض ‪ ،‬يلجأ إليها الفتيان للتحضير‬
‫إلى الشهادات العامة كالكفاءةا‬
‫والثانوية ‪ .‬حتى تجد السرةا كلها تعلم‬

‫‪132‬‬
‫‪133‬‬
‫بعضها بعضا ً ‪ ،‬ويشرف الب والما على‬
‫سير ذلك التعليم ‪.‬‬
‫‪ _6‬الدعوةا والجهاد ‪ :‬ومن أفضل سبل‬
‫الوقاية من أوقات الفراغ أن يكتب الله‬
‫للولد اللتحاق بإحدى جماعات الدعوةا‬
‫السلمية ‪ ،‬والجهاد السلمي‪ ،‬عندئذ‬
‫يطمئن البوان على ولدهما بأنه صار‬
‫رجل ً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ‪،‬‬
‫بل صار قدوةا في الخير ‪ ،‬وسلك أسرع‬
‫وأقصر طريق إلى الجنة ‪.‬‬
‫‪ _7‬إلحاق الولد بالمخيمات السلمية‬
‫والمراكز الصيفية ‪ ،‬التي تحصنه من‬
‫رفاق السوء ‪ ،‬وتبعده عن مزالق‬
‫النحراف ‪ ،‬كما تشبع لديه حاجة‬
‫ضرورية في النمو الجتماعي والنفسي‬
‫‪.‬‬
‫سـفر الشـباب إلى الخـارج‬
‫ومن أسباب تعاطي الشباب للمخدرات‬
‫سفرهم إلى الخارج ) بلد الكفار ( ‪،‬‬
‫حيث يجد الشاب المسلم المحافظ‬
‫على دينه ؛ الشهوات مبثوثاة في كل‬
‫مكان ‪ ،‬في الفندق والمطعم والشارع ‪،‬‬
‫ول يكفي ذلك ‪ ،‬بل يجد سماسرةا‬
‫الرذيلة يتلقونه في المطار وأينما حل‬
‫يعرضون عليه خدماتهم في تأمين ما‬

‫‪133‬‬
‫‪134‬‬
‫يريد مما حرما الله ورسوله ‪ . ‬ومن‬
‫البدهي أن الشاب يعيش منضبطاًـ بدينه‬
‫وعقله ومجتمعه ‪ ،‬وحالما يفارق‬
‫مجتمعه فقد أحد الضوابط التي تحرسه‬
‫من شياطين النس والجن ‪ .‬وقد يجد‬
‫هذا الشاب عملء الصهيونية ينتظروه‬
‫في المطارات الدولية الكبرى ‪ ،‬وفي‬
‫الفنادق والمطاعم ‪ ،‬يقدمون له‬
‫المخدرات تحت اسم أي دواء‬
‫)مسكنـ للصداع مثل ً ( ‪ ،‬وبعض‬
‫المخدرات الن يكفي لتناولها مرةا‬
‫واحدةا حتى تحدث الدمان عليها ‪،‬‬
‫عملء الصهيونية والصليبيةـ ينتظرون‬
‫شبابنا بفارغ الصبر ‪ ،‬ليؤدوا مهمتهم‬
‫وواجبهم في إفساد شبابنا وإدخال‬
‫سموما المخدرات إلى مجتمعاتنا ‪.‬‬
‫والحـل ‪:‬‬
‫أن تمنع أيها الب ولدك من السفر إلى‬
‫بلد الكفار للسياحة ‪ ،‬وقد صدرت‬
‫فتاوى من كبار العلماء تبين أنه ل يجوز‬
‫السفر إلى بلد الكفار للسياحة ‪ ،‬وبلدنا‬
‫المسلمة جميلة ونظيفة وما زال كثير‬
‫من شبابنا ل يعرفونها ‪ .‬منطقة عسيرـ‬
‫الممتدةا من الطائف وحتى حدود اليمن‬
‫؛ منطقة باردةا صيفا ً ‪ ،‬وأشجارها دائمة‬
‫الخضرةا ‪ ،‬وفيها مناظر جميلة وخلبة ‪،‬‬

‫‪134‬‬
‫‪135‬‬
‫ونسيم عليل ‪ ،‬وشعب مسلم ‪ ،‬ومساجد‬
‫وعلماء ‪ ،‬وترى المصطافين من سائر‬
‫بلدان الجزيرةا العربية يقضون فيها‬
‫عطلتهمـ الصيفية ‪ ،‬وقد باشرت‬
‫الحكومة _ جزاها الله خيرا ً _ الهتماما‬
‫بها وتوفير المرافق الصحية فيها ‪ ،‬كما‬
‫في السودةا ‪ ،‬ودلغان ‪ ،‬في أبها ‪ ،‬وغابة‬
‫رغدان في الباحة ‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫‪136‬‬
‫الفصل الخامس‬
‫إخراج الولد من رفاق السوء‬
‫تمهيد ‪:‬‬
‫درهم وقاية خير من قنطار علج ‪ ،‬ولكن‬
‫إذا فات الوان وانخرطا الولد في‬
‫مجموعة من رفاق السوء ‪ ،‬فقد صار‬
‫الولد على حافة هاوية الهلك في الدنيا‬
‫والخرةا ‪ ،‬وهل يقف الوالدان مكتوفي‬
‫اليدي يتفرجان على فلذةا الكبد كيف‬
‫تحترق في نار الدنيا ‪ ،‬ويتصورانه كيف‬
‫يحترق في نار الخرةا !!؟؟ ل شك أن‬
‫العلج صعب جدا ً ‪ ،‬وهو أشبه ما يكون‬
‫بالعمليات الجراحية ‪ ،‬ول ينجح فيه غير‬
‫الب الحصيف ‪ ،‬وقد يتطلب المر‬
‫الستعانة بخبير تربوي ‪ .‬فماذا يفعل‬
‫الوالدان ؟‬
‫خلل إحدى زيارات الب للمدرسة أخبر‬
‫بأن ولده ملتف على مجموعة فاسدةا ‪،‬‬
‫في المدرسة أو خارجها ‪ ،‬وقد تبين ذلك‬
‫للمرشد الطلبي أو غيره من‬
‫المدرسين ‪ ،‬أو شاهد الوالدان ابنهما مع‬
‫بعض الرفاق ‪ ،‬وبعد البحث عنهم تبين‬
‫أنهم أولد سوء ‪ ،‬فماذا يفعل الوالدان ؟‬

‫‪136‬‬
‫‪137‬‬
‫اللـجـوء إلى الله‬
‫أول ما يخطر للمسلم عندما يقع في‬
‫ملمة اللجوء إلى الله ‪ ،‬فيدعوه ليل ً‬
‫ونهارا ً أن يرفع عنه ذلك البلء ‪ ،‬ويكثر‬
‫الوالدان من الستغاثاة بالله عز وجل‬
‫ويلحان في طلب المعونة لبعاد ابنهم‬
‫عن رفاق السوء ‪.‬‬
‫ثام يذكر الوالدان هذا الولد بلطف ولين‬
‫‪ ،‬ولغة يبدو فيها العطف والخوف على‬
‫مستقبل الولد ‪ ،‬يذكرانه بالنصوصا‬
‫الشرعية التالية ‪:‬‬
‫يقول عز وجل {ويوما يعض الظالم‬
‫اتخذت مع‬
‫ُ‬ ‫على يديه يقول يا ليتني‬
‫الرسول سبيل ً ‪ ،‬يا ويلتى ليتني لم أتخذ‬
‫فلنا ً خليل ً ‪ ،‬لقد أضلني عن الذكر بعد‬
‫إذ جاءني وكان الشيطان للنسان‬
‫خذول ً }_ الفرقان ‪ – 30، 28:‬وقوله‬
‫سبحانه وتعالى ‪{ :‬ول تطع من أغفلنا‬
‫قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره‬
‫فرطا ً }_ الكهف ‪ . _28 :‬وقوله ‪: ‬‬
‫) مثل الجليس الصالح والجليس السوء‬
‫كمثل صاحب المسك وكير الحداد ‪ :‬ل‬
‫يعدمك من صاحب المسك ‪ ،‬إما ان‬
‫تشتريه أو تجد ريحه ‪ ،‬وكير الحداد‬
‫يحرق بيتك أو ثاوبك أو تجد منه ريحا ً‬

‫‪137‬‬
‫‪138‬‬
‫خبيثة ( )‪ . (1‬وعن أبي سعيد الخدري‬
‫رضي الله عنه عن النبي ‪ ) : ‬ل‬
‫تصاحب إل مؤمنا ً ‪ ،‬ول يأكل طعامك إل‬
‫تقي ( )‪ . (2‬والحاديث الشريفة في‬
‫الحث على مصاحبة المؤمن والبتعاد‬
‫عن مصاحبة الفاسق كثيرةا )‪. (3‬‬
‫حـدودا الحـريـة‬
‫ينبغي للوالدين أن يزرعا في عقول‬
‫أولدهم منذ الصغرـ أن الحرية محدودةا‬
‫ومن حدودها الشرع والعقلـ والمجتمع ‪،‬‬
‫فليست حرةا تلك الفعال المخالفة‬
‫للشرعـ ‪ ،‬وليست حرةا تلك المخالفة‬
‫للعقلـ أو المجتمع ‪.‬‬
‫بل إن الحرية الحقيقية هي ما وافق‬
‫هذه التعابير الثلثاة ‪ ،‬ويضرب الب‬
‫لولده المثل التالي‪:‬‬
‫ينتقي النسان أصحابه على ضوء ما‬
‫يفهم من الشرع ‪ ،‬وما يدله عليه عقله‬
‫من مطابقة الواقع على الشرع ‪ ،‬وما‬
‫‪ - 1‬صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب البيوع ‪ ،‬باب )‪ (38‬في العطار وبيع‬
‫المسك ن ورقم الحديث )‪ (2101‬وفي الفتح ) ‪ ( 4/379‬دار‬
‫الريان ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سنن أبي داود ‪ ،‬رقم الحديث ) ‪ ( 4811‬في عون المعبود‬
‫ن قال المناوي ‪ :‬قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي ‪.‬‬
‫‪ - 3‬انظر تربية الطفال في الحديث الشريف ‪ ،‬للباحث ‪،‬‬
‫فصل الجليس الصالح ‪ ،‬تحت الطبع ‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫‪139‬‬
‫يسكت عنه الناس ول يرونه شاذا ً‬
‫فيستنكرونه حسب العرف السائد ‪.‬‬
‫وسمعة المرء محصلة لمدى فهمه هذه‬
‫المقولة ‪ ،‬إذ للمرء سمعة مشتركة مع‬
‫أسرته كلها ‪ ،‬والمجتمع يقيم الفرد‬
‫ويعمم نتائج التقييم على أسرته كلها ‪،‬‬
‫لذلك يجب على الفرد مراعاةا القيم‬
‫والعراف الجتماعية ) التي ل تخالف‬
‫الشرع ( حفاظا ً على سمعة أسرته ‪.‬‬
‫ومنها أن ل يصاحب المنبوذين من‬
‫المجتمع ‪ ،‬وإذا وعى الولد ذلك‬
‫فسيسهلـ على الوالدين إقناعهم‬
‫بالبتعاد عن رفاق السوء ‪ .‬لنهم‬
‫يفهمون أنهم ليسوا أحرارا ً عندما‬
‫يصاحبون الشرار ‪.‬‬
‫الـحوار الـهادائ‬
‫قد يصعب على الب أن يرى ولده‬
‫يحترق ‪ ،‬ويتصرف معه بهدوء ‪ ،‬لكن‬
‫العنف والتوتر سيؤديان عكس ما يريد‬
‫الب ‪ ،‬سيتشبث الولد برفاقه ليثبتـ أنه‬
‫رجل وليس طفل ً ينتقي له والده‬
‫أصحابه ‪ .‬والب الحصيف يتصرف‬
‫بهدوء وحسب خطة ليقنع ابنه بأن الخير‬
‫له في البتعاد عن هؤلء الرفاق ‪،‬‬
‫وليتدرب الب على الحوار مع أولده‬

‫‪139‬‬
‫‪140‬‬
‫منذ صغرهمـ ‪ ،‬فيبين مساوئ رفاق‬
‫السوء ‪ ،‬وفشلهم في المدرسة ‪،‬‬
‫وإهمال واجباتهم الدينية والمدرسية ‪،‬‬
‫وسوء أدبهم مع أسرهم ‪ ،‬ويجتهد الب‬
‫للحصولـ على معلوماتـ وافية عنهم‬
‫قبل اتخاذ القرار لخراج ولده من‬
‫شلتهم ‪ .‬على أن يقدما هذه المعلوماتـ‬
‫على شكل نصائح غير ملزمة ‪ ،‬دفعه‬
‫إلى تقديمها حبه لولده ‪.‬‬
‫تأمـين مجموعـة من البدائـل قأبل‬
‫الـحوار‬
‫دأب بعض الباء على منع أبنائهم من‬
‫اللعب مع رفاق السوء ‪،‬أو مشاهدةا‬
‫برامج التلفاز ‪ ...‬أو ‪ ..‬دون تأمين‬
‫البديل السلمي لما ينهون عنه ‪ ،‬لن‬
‫المنع حبس لطاقة متفجرةا يستحيلـ‬
‫حبسها وستنفجر أخيرا ً ‪ ،‬والصحيح‬
‫صرف هذه الطاقة في قنوات مشروعة‬
‫نافعة ‪ ،‬فيؤمن الب رفاق الخير لولده _‬
‫كما بين سابقا ً _ قبل أن ينهاه عن‬
‫رفاق السوء ‪ ،‬ويوفر له برامج إسلمية‬
‫بواسطة الفيديو قبل أن ينهاه عن‬
‫برامج التلفاز ‪.‬‬
‫وفي مجال الرفقة يوفر الب لولده‬
‫صلت وزيارات ومخيمات ‪...‬الخ _ كما‬

‫‪140‬‬
‫‪141‬‬
‫بين سابقا ً _ ثام يحاوره في انتقاء‬
‫أصحابه ممن يشاء من هؤلء ‪ ،‬يذكر له‬
‫عشرين أو ثالثاين اسما ً من هؤلء‬
‫الخيار ويقول له ‪ :‬أنصحك بانتقاء‬
‫أصحابك من بينهم ‪ ،‬وهؤلء أفضل من‬
‫رفاق السوء فلن وفلن ‪ ...‬وهكذا‬
‫يتصرف الب مع ولده ضمن الحرية‬
‫المحددةا ‪.‬‬
‫ويكثف الوالدان عندئذ من وسائل‬
‫تأمين الجليس الصالح ‪ ،‬ومنها على‬
‫الخص ‪ :‬إلحاق الولد بمخيم إسلمي ‪،‬‬
‫أو رحلة إسلمية ‪ ،‬أو درس ونشاطا‬
‫دعوي إسلمي ‪ ،‬وهذه البدائل ستساعد‬
‫الولد على ترك رفاق السوء إن شاء‬
‫الله تعالى ‪ .‬ومنها حث بعض القران‬
‫الصالحين على مصاحبته ‪ ،‬وتشجيعهمـ‬
‫على ذلك بدعوتهم إلى المنزل‬
‫وإكرامهم ‪ ،‬وتكرار الزيارات لهم في‬
‫بيوتهم ‪ .‬ومساعدتهم على إقامة‬
‫أنشطة مشتركةـ كالرحلة أو ألعاب‬
‫جماعية ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬
‫نقل الولــد من المدرســة‬
‫وإذا كان رفاق السوء الذين التحق‬
‫الولد بهم من زملء المدرسة ‪ ،‬وممن ل‬
‫يمكن أن يلتقي بهم في غيرها ‪ ،‬يسارع‬

‫‪141‬‬
‫‪142‬‬
‫الب إلى نقل ولده من هذه المدرسة‬
‫في أي وقت من العاما الدراسي ‪ ،‬حتى‬
‫لو أدى ذلك إلى ضياع سنة دراسية‬
‫عليه ‪ ،‬وهذه السنة أهون من ضياع‬
‫الولد طول حياته ‪ ،‬وربما تضيع آخرته ‪.‬‬
‫ويفضل أن يتعللـ الب بأسباب أخرى‬
‫للنقل لن فتيان يتضايقون جدا ً إذا‬
‫تدخل الوالدان في انتقاء أصدقائهم ‪.‬‬
‫نقـل مسـكن الســرةـ من الحي‬
‫وإذا كان رفاق السوء الذين التحق‬
‫الولد بهم من سكان الحي ‪ ،‬وممن ل‬
‫يمكن لولده مخالطتهم في غير هذا‬
‫الحي ‪ ،‬فل يتأخر الب في نقل مسكن‬
‫أسرته من هذا الحي إلى آخر فيه رفاق‬
‫خير ‪ ،‬وفيه مسجد نشيط ‪ ،‬وتكثر فيه‬
‫السر الملتزمةـ بإسلمها ‪ ،‬وقد يضطر‬
‫الب إلى بيع داره في هذا الحي وشراء‬
‫دار أخرى ‪ ،‬وما فيه من التعب والمشقة‬
‫وربما التكلفة المالية ؛ لكن ذلك أهون‬
‫من ضياع أحد أولده ‪ ،‬فالولد هو الثروةا‬
‫الحقيقية للب وللمجتمع في الدنيا‬
‫والخرةا ‪ .‬وقد انتقلت أسر مسلمة من‬
‫أوربا أو أمريكا أو كندا وترك الب‬
‫المسلم عمله الممتاز فيها عندما صار‬
‫أولده في مرحلة القران ‪ ،‬خوفا ً من‬

‫‪142‬‬
‫‪143‬‬
‫التحاقهم بإحدى مجموعات السوء‬
‫الكثيرةا هناك ‪.‬‬
‫وأخيرا ً يلحظ صعوبة العلج ‪ ،‬وهو كما‬
‫أسلفت أشبه بالعمليات الجراحية ‪،‬‬
‫وسبب ذلك إهمال الوالدين الرشادات‬
‫التربوية اللزمة من أجل توفير الجليس‬
‫الصالح لولدهم منذ الصغرـ ‪ ،‬ودرهم‬
‫وقاية خير من قناطير علج ‪.‬‬
‫عـلج المدمـن على المخـدرات ‪:‬‬
‫يقول الطبيب النفسي عادل صادق ‪:‬‬
‫‪ _1‬الدمان له علج ‪ ،‬وكل مدمن يمكن‬
‫علجه وشفاؤه مع تحفظ واحد هو‬
‫صعوبة علج )السيكوباتي( )‪. (1‬‬
‫‪ _2‬ومن المعلوما أن إنقاذ مدمن يحتاج‬
‫إلى صبر ‪ ،‬واستمرار بدون توقف ‪،‬إذن‬
‫إن العلج ليس هو التوقف عن التعاطي‬
‫‪ ،‬وغنما هو الستمرار في التوقف ‪ ،‬ول‬
‫يكون ذلك إل بعلج السباب التي تدفعه‬
‫إلى التعاطي ‪ ،‬فالدمان ليس هو‬
‫المرض ‪ ،‬وغنما هو عرض للمرض ‪.‬‬
‫‪ _3‬والمعالج الحقيقي للمدمن ليس هو‬
‫الطبيب ‪ ،‬وإنما هو إنسان قريب منه‬
‫يحبه ‪ ،‬ول يمكن علج مدمن على‬
‫الطلق بدون وجود هذا النسان في‬
‫‪ - 1‬هو الشخصية النطوائية المتشائمة الذي ل يثق بأحد ‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫‪144‬‬
‫حياته ‪ ،‬وإذا خلت حياةا المدمن من‬
‫إنسان يحبه فلن يشفى ‪ ،‬بل سيتمادى‬
‫حتى الموت ‪.‬‬
‫‪ _4‬ول بد من إسهاما المدمن نفسه في‬
‫خطة العلج ‪.‬‬
‫‪ _5‬بداية العلج يكون في شكل رسالة‬
‫إلى وجدان المدمن محتواها ‪ :‬أننا نحبه‬
‫‪ ،‬ول بد أن نعبر له عن حبنا له بطريقة‬
‫ما ‪ ،‬عندئذ يكون الحوار ممكنا ً معه ‪.‬‬
‫‪ _6‬الحوار الصريح مع المدمن ‪ ،‬وهدما‬
‫جدار الصمت ليقول ما عنده ‪.‬‬
‫‪ _7‬الوقوف بحزما فيما يختص بالنقود ‪،‬‬
‫فأي درهم مال يعطى له تآمر على قتل‬
‫نفسه ‪.‬‬
‫‪ _8‬مراجعة الطبيب الذي يتعرف على‬
‫الحالة بكل تفاصيلها من المدمن‬
‫وأسرته ‪ ،‬ثام يصف العلج ويشرح‬
‫طريقة العلج للمدمن ولسرته ‪ ،‬ول بد‬
‫أن ينال الطبيب ثاقة المدمن وحبه له ‪.‬‬
‫‪ _9‬بعد خروج المدمن من المستشفى‬
‫‪ ،‬يعود لتشرفـ عليه أسرته التي تجتهد‬
‫في إزالة السباب التي تدفعه إلى‬
‫التعاطي )‪. (1‬‬
‫مستشفيات المـل‬
‫‪ - 1‬عادل صادق ‪ ،‬الدمان له علج ‪1986 ،‬ما ‪ ،‬صا ‪.111‬‬

‫‪144‬‬
‫‪145‬‬
‫مستشفيات متخصصة في علج‬
‫المدمنينـ على المخدرات )‪ (1‬وجميع‬
‫دول العالم ل تعاقب المدمن الذي‬
‫يسعى نحو العلج ‪ ،‬وإنما تشجعه وتقدر‬
‫ظروفه ‪ ،‬ويمنح هؤلء خلل فترةا العلج‬
‫الضمانات التي تحميهم من خدش‬
‫كرامتهم وتكتم أسرارهم محافظة‬
‫على مراكزهمـ الجتماعية ‪ .‬ويتقدما‬
‫المريض مباشرةا إلى قسم الستقبال‬
‫في المستشفى فيبدأ العلج دون عقاب‬
‫‪ .‬وقد يستمر العلج بمراجعة العيادات‬
‫الخارجية تحت إشراف الطبيب النفسي‬
‫والخصائي الجتماعي ‪ ،‬أو ينوما المدمن‬
‫في المستشفى ليعالج جسديا ً ونفسيا ً‬
‫من الدمان )‪. (2‬‬

‫‪ - 1‬أنشأت وزارةا الصحة في المملكة العربية السعودية هذه‬


‫المستشفيات في المدن الرئيسية وجهزتها بالطباء‬
‫والمتخصصين ‪.‬‬
‫‪ - 2‬سيف الدين حسين شاهين ‪ ،‬المخدرات والمؤثارات‬
‫العقلية ‪ ،‬دار الفق ‪1413 ،‬هـ ‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫‪146‬‬
‫الـمراجــع‬
‫أول ً ‪ :‬كتب الحديث الشريف ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الدب المفرد للبخاري ‪ ،‬نشر‬
‫مشروع زايد لتحفيظ القرآن الكريم ‪،‬‬
‫‪1981‬ما‬
‫‪2‬ـ الجامع الصغير للسيوطي ‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪ ،‬طا ‪4‬‬
‫‪ 3‬ـ جامع الصول للجرزي‪ ،‬تحقيق‬
‫الرناؤوطا‪ ،‬دار الفكر ‪ ،‬طا ‪1983، 2‬ما‬
‫‪4‬ـ صحيح البخاري ‪ ) ،‬فتح الباري (‬
‫لبن حجر ‪ ،‬دار اليان ‪ ،‬طا ‪1988، 2‬ما‬
‫‪ 5‬ـ صحيح مسلم ) شرح النووي ( ‪،‬‬
‫مراجعة الميس ‪ ،‬دار القلم ‪ ،‬طا ‪1‬‬
‫‪ 6‬ـ العيال لبن أبي الدنيا ‪ ،‬تحقيق نجم‬
‫خلف ‪ ،‬ابن القيم بالدماما ‪1990 ،‬ما‬
‫‪ 7‬ـ مختصر سنن أبي داود ‪ ،‬للمنذري ‪،‬‬
‫مكتبةـ السنة المحمدية ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪:‬الكتب التربـويـة ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ أحمد بن النقيبـ المصري ‪ ،‬عمدةا‬
‫السلك وعدةا الناسك ‪ ،‬الشؤون الدينية‬
‫بقطر‬
‫‪2‬ـ جون إدي ‪ ،‬المعلم في مواجهة‬
‫المخدرات ‪ ،‬ترجمة محمد عبد العليم‬
‫مرسي ‪ ،‬مكتب التربية العربي لدول‬
‫الخليج بالرياض ‪1991،‬ما ‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫‪147‬‬
‫‪3‬ـ حامد زهران ‪ ،‬علم نفس النمو ‪ ،‬دار‬
‫المعارف ‪1986 ،‬ما ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ حسن إبراهيم عبد العال ‪ ،‬التربية‬
‫في مواجهة المخدرات ‪ ،‬مجلة رسالة‬
‫الخليج ‪ ،‬العدد ) ‪ ( 2‬السنة ) ‪( 8‬‬
‫‪1988‬ما ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ خالد شنتوت ‪ ،‬تربية الطفال في‬
‫الحديث الشريف ‪ ،‬مطابع الرشيد‬
‫‪.1417‬‬
‫‪ 6‬ـ خالد شنتوت ‪ ،‬تربية الشباب‬
‫المسلم ‪ ،‬دار المجتمع بجدةا ‪1993 ،‬ما ‪.‬‬
‫‪7‬ـ خالد شنتوت‪،‬دور البيت في تربية‬
‫الطفل المسلم ‪ ،‬دار المطبوعات بجدةا‬
‫‪.‬‬
‫‪8‬ـ خالد شنتوت ‪ ،‬الشارع مؤسسة‬
‫تربوية ‪ ،‬بحث منشور في مجلة التربية‬
‫الماراتية ‪ ،‬العدد ) ديسمبر ( ‪1993‬ما ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ رينيه دوبو ‪ ،‬إنسانية النسان ‪،‬‬
‫تعريب نبيه الطويل ‪ ،‬الرسالة ‪1984‬ما ‪.‬‬
‫‪10‬ـ سلوى علي سليم ‪ ،‬السلما‬
‫والمخدرات ‪ ،‬مكتبةـ وهبة بالقاهرةا‬
‫‪1989‬ما ‪.‬‬
‫‪11‬ـ سهيل الحاج ‪ ،‬المخدرات جريمة‬
‫العصر ‪ ،‬طرابلس ‪1988 ،‬ما ‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫‪148‬‬
‫‪ 12‬ـ سيف الدين حسين شاهين ‪،‬‬
‫المخدرات والمؤثارات العقليةـ ‪ ،‬دار‬
‫الفق بالرياض ‪1413 ،‬هـ ‪.‬‬
‫‪13‬ـ عائشة السيار ‪ ،‬التنشئةـ‬
‫الجتماعية ‪ ،‬بحث منشور في مجلة‬
‫التربية الماراتية ‪ ،‬العدد ) ‪( 52‬‬
‫‪1407‬هـ ‪.‬‬
‫‪ 14‬ـ عادل صادق ‪ ،‬الدمان له علج ‪،‬‬
‫مصر ‪1986،‬ما ‪.‬‬
‫‪15‬ـ عبد الرحمن العيسوي ‪،‬‬
‫سيكولوجية المراهق المسلم ‪ ،‬الكويت‬
‫‪1987‬ما ‪.‬‬
‫‪16‬ـ عبد الرحمن مصيقر ‪ ،‬الشباب‬
‫والمخدرات في دول الخليج العربي ‪،‬‬
‫مجلة دراسات الخليج ‪ ،‬العدد ) ‪. ( 47‬‬
‫‪17‬ـ عبد العزيز النغيمشي ‪ ،‬المراهقون‬
‫‪ ،‬دار طيبة بالرياض ‪1411،‬هـ ‪.‬‬
‫‪18‬ـ ماجد عرسان الكيلني ‪ ،‬فلسفة‬
‫التربية السلمية ‪ ،‬مكتبةـ هادي بمكة ‪.‬‬
‫‪19‬ـ محمد جميل محمد يوسف ‪ ،‬النمو‬
‫من الطفولة ‪ ...‬الرياض ‪1401،‬هـ ‪.‬‬
‫‪20‬ـ محمد علي البار ‪ ،‬المخدرات ‪،‬‬
‫جريمة المخدرات ‪ ،‬القاهرةا ‪1981،‬ما ‪.‬‬
‫‪21‬ـ محمد قطب ‪ ،‬منهج التربية‬
‫السلمية ‪ ،‬دار الشروق ‪1401،‬هـ ‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫‪149‬‬
‫‪22‬ـ محمد نور سويد ‪ ،‬منهج التربية‬
‫النبوية للطفل ‪ ،‬الكويت ‪1988،‬ما ‪.‬‬
‫‪23‬ـ نايف المرواني ‪ ،‬الدمان‬
‫والمدمنون ‪1992 ،‬ما ‪.‬‬
‫‪24‬ـ يوسف عبد الله العريني ‪ ،‬جحيم‬
‫المخدرات ‪ ،‬الرياض ‪1990‬ما ‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫‪150‬‬
‫المحتـوى‬
‫الموضوع‬
‫الصفحة‬
‫الفصل الول ‪ :‬مسؤولية‬
‫الوالدين عن أولداهم‬
‫حقوق الولد على والديه‬
‫‪7 ...........................‬‬
‫أو ولد صالح يدعو له‬
‫‪9 ............................‬‬
‫أولويات التربية‬
‫‪11 ...................................‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬مراحل نمو‬
‫النسان‬
‫حاجة الوالدين لعلم نفس النمو‬
‫‪16 ..................‬‬
‫مرحلة الرضيع‬
‫‪17 ..................................‬‬
‫مرحلة الطفولة المبكرةا وأهميتها‬
‫‪18 ...............‬‬
‫مرحلة الطفولة المتأخرةا وخصائصها‬
‫‪22 ..........‬‬
‫مرحلة المراهقة وخصائصها‬
‫‪30 ...................‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬الحاجة إلى‬
‫الرفاق‬

‫‪150‬‬
‫‪151‬‬
‫أسباب جماعة الرفاق‬
‫‪39 .............................‬‬
‫كيف تتكون جماعة الرفاق‬
‫‪41 ......................‬‬
‫المبكرون إلى جماعة الرفاق‬
‫‪42 ....................‬‬
‫أثار القران على التحصيلـ الدراسي‬
‫‪45 ...........‬‬
‫أثارهم على سلوك الفرد‬
‫‪46 ...........................‬‬
‫الوقأاية من‬ ‫الفصل الرابع ‪:‬‬
‫رفاق السوء‬
‫كن محبوبا ً عند ولدك‬
‫‪48 ............................‬‬
‫تقبيل الولد‬
‫‪49 .......................................‬‬
‫إذا كبر ابنك خاويه‬
‫‪51 ...............................‬‬
‫الرفقة الصالحة ‪ :‬القامة في بيئة‬
‫صالحة ‪53 .....‬‬
‫المخيمات والمراكز الصيفية‬
‫‪ 58 ...................‬لوقأاية من‬
‫المخدرات‬
‫المخدرات والشباب‬
‫‪61 ..............................‬‬

‫‪151‬‬
‫‪152‬‬
‫أوصاف متعاطي المخدرات‬
‫‪63 ....................‬‬
‫أسباب تعاطي المخدرات ‪:‬‬
‫ضعف الوازع الديني‬
‫‪64 ..........................‬‬
‫رفاق السوء‬
‫‪69 ........................................‬‬
‫إغراق الولد بالمال‬
‫‪72................................‬‬
‫أوقات الفراغ‬
‫‪74......................................‬‬
‫سفر الشباب إلى الخارج‬
‫‪77...........................‬‬
‫الفصل الخامس ‪ :‬إخراج الولد‬
‫من رفاق السوء‬
‫اللجوء إلى الله‬
‫‪79.....................................‬‬
‫الحوار الهادئ‬
‫‪81......................................‬‬
‫البدائل ‪ :‬نقل الولد من المدرسة‬
‫‪82..................‬‬
‫نقل المسكنـ من‬
‫الحي‪82...............................‬‬
‫علج المدمن على المخدرات‬
‫‪83....................‬‬

‫‪152‬‬
153

153

You might also like