Professional Documents
Culture Documents
السـوء والمخدرات
الطبعة الثانية
2005 / 1426
0
1
بسم الله الرحمن الرحيم
مقـدمـة الكـتاب
الحمد لله وحده ،والصلةا والسلما
على رسوله ،وبعد :
ً
كان صوته في الهاتف مرتجفا وهو
يقول :
ـ خالد أريدك في أمر عاجل ،بل إن
أمواج العبرات واضحة وهي تعصف
بصوته ؛ فتخرجه عن هدوئه المعتاد .
وقد اقترب من الخمسين ،عاش
شطرا ً كبيرا ً منها يكرس جهوده لتربية
أولده الستة ،حتى دخل بعضهم
الجامعة ،ومازال الخرون في
المدارس الثانوية والعدادية .وكان
يردد على مسامع زملئه كل يوما حديث
رسول الله ] إذا مات النسان انقطع
عمله إل من ثالثاة :إل من صدقة جارية
،أو علم ينتفع به ،أو ولد صالح يدعو له
[).(1
ودهش خالد لما فتح الباب ورأى
صديقه ) أبا حسان ( وقد احمرت عيناه
،وانحدرت الدموع تبلل لحيته الكثة
1ـ مسلم ) (1631في الوصية ،باب ما يلحق النسان من
الثواب بعد وفاته .
1
2
المهذبة ،واختنق صوته فلم يستطع أن
ينطق بكلمة واضحة .
ـ خيرا ً يا أبا حسان ،خيرا إن شاء الله ،
ً
ماذا جرى ؟
وجاء صوته من قلبه المكدود والمفعم
باللم :
ـ ولدي ،يا خالد ،ولدي عمر،لم نـره
منذ ثالثاة أياما ،ثام غلبته الدموع
فانحبس صوته.
ـ عمر شاب يا أبا حسان ،وهو شاب
مؤدب ومتدين ل تخف عليه ،هيا اجلس
وخذ كأسا ً من الماء ،ثام نفكر سوية
ولهدوء ،ولن أتركك حتى تجده سليما ً
إن شاء الله تعالى .
ومرت سلسلة سريعة من الذكريات
ترسم لخالد ملمح شخصية عمر ،
الطالب المثالي الذي درس عنده في
العاما الماضي ،كان من الطلب
المتفوقين ،وكان قليل الختلطا
بالخرين ،حتى الطلب الملتزمينـ
بدينهم ،فقد كان متحفظا ً من الجميع ،
وسرعان ما تذكر خالد أن عمر في
الثالث المتوسط هذا العاما ،أي بداية
مرحلة القران ،المرحلة الحتمية التي
لبد أن يمر بها الفرد خلل مراحل
نمـوه النفسي والجتماعي .ولم يقطع
2
3
هذا الشريط سوى وجه أبي حسان
الذي يبعث على السـى واللم ،فقال
خالد :
ـ متى غادر البيت ؟ وإلى أين ؟ ومـع
مـن ؟
ً
ـ سافر يوما الخميس صباحا مع بعض
الولد من أقاربه ،قال لي :سنذهب
إلى العمرةا ،ونعود مساء غد )الجمعة (
،وهانحن بعد ظهر يوما السبت ولم يعد
أحد منهم !!!
ـ هل سألتم بعض القارب في مكة لعله
رآهم ؟
ـ سألنا ،وكان الجواب :أنه لم يرهم
أحد ولم يسمع عنهم أحد .
ـ تأخروا يوما ً واحدا ً ،والغائب حجتـه
معـه يا أبا حسان ،ل تقلق سوف
يعودون بعد قليل سالمين غانمين إن
شاء الله تعالى .و ...
وقطع حديثهم رنين الهاتف فأسرع خالد
وأمسك السماعة ،فسمع صوت أحد
أولد أبي حسان يسأل عن والده ،
فقال فرحا ً :
ـ وصل عمر ،بشـر يا ولدي ؟
ولكن صوت المتحدث لم يكن منبئا ً بما
يتسر ،بل يحمل ألما ً وقلقا ً كبيرين ،ثام
3
4
قال :لو سمحت أكلم بابا إذا كان
عندكم ؟
أعطى خالد السماعة لزميله وتسمرت
عيناه على ملمح وجهـه .
ـ الشرطة !!!..ماذا يقولون ؟
ـ قالوا :ابعث والدك يقابلنا في المخفر
.
وضع السماعة بعد أن امتلت بنحيب
ولده ،فماذا ستقول لهم الشرطة يا
ترى !!؟ أهو ميت بعد حادث في
الطريق ؟ أما هو في المستشفى
مسجى في العناية المركزةا ؟ شـد أبو
حسان نفسـه حتى وقف حائرا ً ،
فأسرع خالد ومشى معه خارج البيت
قائل ً :
ـ سلّم المور لله يا أبا حسان ،وكاد أن
يختنق صوت خالد بآخر كلمة نطقها ،
لذلك لزما الصمت ،فسارا معا ً إلى
سيارةا خالد ووصل إلى المخفر ،وبعد
لحظات كان الضابط المناوب يرجو
خالدا ً أن يتركهما قليل ً ،خرج خالد من
المكتبـ إلى الصالة ،وما هي إل
لحظات حتى سمع ارتطاما جسد أبي
حسان بالرض ؛ بينما يحاول الضابط
المناوب مساعدته .
4
5
دخل خالد فرأى أبا حسان في غيبوبة ،
وقد أسرع الضابط إلى الهاتف يطلب
السعاف ،وبعد لحظات حاول كل
منهما مساعدته على التنفس ؛ ثام
وصلت سيارةا السعاف فنقلته إلى
المستشفى العاما .
التفت خالد إلى الضابط المناوب الذي
رافقهما حتى اطمأن على الجراءات
اللزمة وقال :
ـ هل حصل مكـروه لعمر ؟ حادث
سيارةا في الطريق ؟ أما ماذا ؟
فأجاب الضابط وهو يزفر زفرةا حـرى :
ضبط عمر مع رفاقه يتعاطون
المخدرات في البر يـوما الخميس
الماضي .
ما أن لمست هذه الكلمات ذهـن خالد
حتى كادت الدهشة أن تذهب بوعيـه ،
فراح يتمتم بغير وعي :ـ عمر !!! غير
معقولـ أبدا ً ،عمر طـالب مؤدب ،
مـحافظ على دينـه ،طـالب متفوق ،
يهتم بـه والده كثيرا ً .
* * * * *
ومرت الياما فتحسن أبو حسان قليل ً ،
وسمح له الطبيب المعالج بالخروج
5
6
على دراجـة ؛ ليزور عمر في السـجن ،
وأصر خالد على مرافقتـه على الرغم
من محاولة أبي حسان أن ل يذهب
معهم ،إلى سجن المخدرات ،يالـه من
عار كبير ،كيف يراه الناس بلحيتـه
وهيئتـه ،ومعه خالد المدرس مربي
الشباب ،كيف يراهم الناس ذاهبين إلى
سجن المخدرات !!؟
وبعد ...كان اللقاء المـر ،والصورةا
المؤلمة لعمر بثياب السجن ،حليق
الرأس ،يبكي كطفل صغير وهو يدفن
رأسـه في صـدر والده ،بعد أن قبل
يـديـه وقدميـه ثام قال بصوت ممزوج
بالبكاء :
ـ كنت أرغب أن تكون لي ) شـلة ( مثل
غيري من الشباب ،ولما دعوني إلى
رحلة اقترحت أن تكون رحلة عمرةا ،
فرفضوا في البدايـة ،ثام وافقوا وقررنا
السفر للعمرةا ،وفي الطريق جلسنا
في إحدى الستراحات نتناول الطعاما ،
وما أن شربت الشاي حتى شعرت
بنعس عجيب ،وأحلما أشد عجبا ً ،
وعندما كنت أفيق بين الفينة والخرى
فأرى رفاقي في حالة يرثاى لها ،ما
كنت أصدق ما أراه ،وما كنت أعرف
ماذا أفعل ،وكيف الخلصا ،وماذا حل
6
7
بي وبرفاقي ،ولماذا ل نتابع السـفر
إلى مكـة !!!؟ وما درت إل ورجال
الشرطة يمسكون بنا وقيدونا ،ثام
أحضرونا إلى قسم مكافحة المخدرات
،وعند التحقيق معي أقسمت لهم أنني
ل أعرف المخدرات ،ولم أتناولها ،
ولنهم لم يصدقوني وقال لي الضابط :
ـ نتائج المختبرـ تقول أنكم تعاطيتم
المخدرات ،كلكم والكمية التي
تعاطيتها أنت قليلة جدا ً ،ويبدو أنها
المرةا الولى ،وإذا كان القانون يحبس
زملءك عشر سنوات ،فإنه يحبسك
ثالثاا ً فقط ،لنها المرةا الولى .وعندما
صرخت من الغضب وقلت له :
ـ ما ذنبي أنا ،يبدو أنهم قدموها لي
دون علمي ؟ فقال الضابط بحزما وهو
يـدق بيـده منفعلًـ :
ـ ذنبـك يا عمر أنك مشيتـ معهم ،
وكان عليك البتعـاد عن رفاق السـوء
والمخدرات .
الطبعة الولى المدينة المنورةا في ربيع
الول 1414هـ ) 1993ما( .
والطبعة الثانية في المدينة
المنورةا رجب 1426هـ )2005ما( .
7
8
الفصل الول
مسـؤوليـة الوالـدين عن أولدهــم
أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه
عن أبي هريرةا قال :قال النبي
] كل مولود يولد على الفطرةا ،فأبواه
يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ،كمثل
البهيمة تنتج البهيمة ،هل ترى فيها
جدعاء [ ) .(1يقول العيني يرحمه الله
في عمدةا القاري ) ... ) : (7/93
والمراد بالفطرةا الدين ،فلو ترك عليها
لسـتمر على لزومها ولم يفارقها إلى
غيرها ،لن هذا الدين موجود في
النفوس ،وإنما يعدل عنه لفة من
آفات البشرية والتقليد ،فأبواه يهودانه
...الفاء للتسبب :أي إذا تغير كان
بسبب أبويه ،أي أنهما يعلمانه ما هو
عليه ويصرفانه عن الفطرةا .
وعن عبد الله بن عمر قال :سمعت
رسول الله يقول ] :كلكم راع
ومسؤول عن رعيته ،فالماما راع
1ـ صحيح البخاري ،كتاب الجنائز ،باب إذا اسلم الصبي
فمات ،وباب ما قيل في أولد المشركين ،وصحيح مسلم
رقم الحديث ) ( 2658في باب القدر ،وفي سنن أبي داود ،
كتاب السنة ،باب ذراري المشركين رقم الحديث )، (4549
) ، (7/83وفي موطأ الماما مالك في كتاب الجنائز .
8
9
ومسؤول عن رعيته ،والرجل راع في
أهله ومسؤول عن رعيته ،والمرأةا في
بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن
رعيتها ،والخادما في مال سيده راع
وهو مسؤول عن رعيته [ قال :
فسمعت هؤلء من النبي ، وأحسب
النبي قال ] :والرجل في مال أبيه
راع ومسؤول عن رعيته ،فكلكم راع
ومسؤول عن رعيته [) .(1قال الخطابي
رحمه الله ) ورعاية الرجل أهله :
سياسته لمرهم ،وإيصالهم حقوقهم ،
ورعاية المرأةا تدبير البيت والولد
والخدما( .ويقول ابن حجر يرحمه الله
) : (13/120لبن عدي بسند صحيح
عن أنس ] :إن الله سائل كل راع عما
استرعاه حفظ ذلك أما ضيعه [ وقال
النووي يرحمه الله ) ) : (12/454قال
العلماء الراعي هو الحافظ المؤتمن
الملتزما صلح ما قاما عليه وما هو تحت
نظره ن ففيه أن كل من كان تحت
نظره شيء ،فهو مطالب بالعدل فيه ،
والقياما بمصالحه في دينه ودنياه
ومتعلقاته]مامنـ عبد يسترعيهـ الله
1ـ صحيح البخاري رقم ) (7138في فاتحة كتاب الحكاما
وغيره ،ومسلم رقم ) (1829في المارةا ،والترمذي )
(1705فبي الجهاد ،وأبو داود ) (2928في المارةا .
9
10
رعية يموت يوما يموت وهو غاش
لرعيتهـ إل حرما الله عليه الجنة [ .
ويقول الماما الغزالي يرحمه الله في
رسالة أنجع الوسائل ) :الصبي أمانة
عند والديه ،وقلبه الطاهر جوهرةا
ساذجة خاليه من كل نقش وصورةا ،
وهو قابل لكل نقش ،ومائل إلى كل ما
يمال به إليه ،فإن عوّد الخير وعلمه
نشأ عليه ،وسعد في الدنيا والخرةا
أبواه ،وكل معلم له ومؤدب ،وإن عود
الشر وأهمل إهمال البهائم ؛ شقي
وهلك ،وكان الوزر في رقبة القيم عليه
والوالي له ،ويقول رسول الله ] كل
مولود يولد على الفطرةا ،وإنما أبواه
يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه [ .
وأكد ابن القيم يرحمه الله هذه
المسؤولية فقال):قال بعض أهل العلم
إن الله سبحانه وتعالى يسأل الوالد عن
ولده يوما القيامة ،قبل أن يسأل الولد
عن والده ،فإنه كما أن للب على ابنه
حقا ً ،فللبن على أبيـه حق ،فكما قال
تعالى ووصينا النسان بوالديه حسنا ً
-العنكبوتـ -7وقال أيضا ً :قوا
أنفسكم وأهليكم نارا ً وقودها الناس
والحجارةا -التحريم - 6فوصية الله
للباء بأولدهم سابقة على وصية الولد
10
11
بآبائهم ،فمن أهمل تعليم ولده ما
ينفعه وتركه سدى فقد أساء غاية
الساءةا ،وأكثر الولد إنما جاء فسادهم
من قبل الباء ،وإهمالهم لهم ،وترك
تعليمهم فرائض الدين وسـننه ،
فأضاعوهم صغارا ً ،فلم ينتفعوا
بأنفسهم ،ولم ينفعوا آباءهم كبارا ً ،
كما عاتب أحدهم ولده على العقوق ،
فقال :يا أبت إنك عققتني صغيرا ً ،
فعققتك كبيرا ً ،وأضعتني وليدا ً
فأضعتك شيخا ً).(1
وعن ابن عمر قال :قال رسول الله
] :كفى بالمرء إثاما ً أن يضيع من يقوت
[).(2
وعن ابن عمر قال):سماهم الله
-تبارك وتعالى-أبراراً؛ لنهم بروا الباء
والبناء ،كما أن لوالديك عليك حقا ً ،
كذلك لولدك عليك حقاً().(3
حقـوق الولـد على والديـه :
1ـ محمد نور سويد ،التربية النبوية للطفل ،صا . 37
2ـ رواه الحاكم في مستدركه ،وقال صحيح السناد ولم
يخرجاه ،وأقره الذهبي .
3ـ كتاب العيال ) ، (175وأخرجه البخاري في الدب المفرد
) ، (94وأخرج البيهقي في السنن الكبرى ) (3/84عن ابن
عمر قال ) :أدب ابنك فإنك مسؤول عن ولدك ،ماذا أدبته
،وماذا علمته ،وإنه مسؤول عن برك ،وطواعيته لك ( .
11
12
تبدأ حقوق الولد على أبويه قبل الــزواج
،وتســتمر مــدى الحيــاةا ،وتكــون على
أشــــــدها خلل الطفولة ثام المراهقة ،
وهذا موجز لهمها :
1ـ السعي للزواج من امرأةا صالحة
ذات دين .
2ـ السكن في بيئـة ملتزمـة بدينها ،
لتوفير البيئةـ الصالحة للولد .
3ـ اتباع السنة في المعاشرةا الزوجية ،
والدعاء بالمأثاور .
4ـ اتباع السنة في استقبال
المولود،كأن يؤذن في أذنيه بعدولدته،
ويحنكه بنفسه ،أو يذهب به إلى عالم
صالح يدعو له ويحنكه ،ويعد له العقيقةـ
.
-5عدما تسخط البنات،واستقبال البنت
بنفس الفرحة التي يستقبلـ بهاالولد.
6ـ أن يتخيرله اسماًحسناً،ذكرا ً كان
أوأنثى،كما ورد في السنة المطهرةا.
7ـ أن يختنه ذكرا ً كان أو أنثى ،والختن
من سنن الفطرةا ،ويستحب أن يكون
بعيد الولدةا بأياما قليلة لسهولتهـ على
الطفل .
8ـ أن يختارله مرضعة صالحة ،وأفضل
مرضعة للطفل أمـه ،لما للبنها من
توافق مع الطفل ،كما أن للرضاعـة
12
13
من الما أثاـر طيب في النمو النفسي
والعاطفي للطفل .
9ـ أن ترعاه أمه وتحضنه ،خاصة خلل
مرحلتي المهد والطفولة المبكرةا ،ول
تتركه للخادمات أو المربيات مهما كن
مخلصات في عملهن ،فالما ل تعوض
عند الطفل بالدنيا كلها .
10ـ وعلى الوالدين أن يعلما طفلهما
كتاب الله عز وجل ،قبل كل شيء ،ثام
ما يلزمه من العلوما في دينه ،ثام
يعلمانه صنعة من علوما الدنيا .
11ـ أن يعلمه أبوه السباحة والرماية
وركوب الخيل)الدراجة والسيارةا(،
والهدف إعداده جسديا ً ونفسيا ً للجهاد
في سبيل الله .
12ـ أليرزقه إل طيباً،من الكسب
الـحلل ،فقد روى الطبراني في
الوسط أن رسول الله قال ] :من
سـعى على عياله من حله فهو
كالمجاهد في سـبيل الله ،ومن طلب
الدنيا حلل ً في عفاف كان في درجة
الشهداء [ .
13ـ أن يعلمه الصلةا ويدربه عليها في
سن السابعة ،ويواظب على هذا
التدريب والتعليمـ حتى ترسخ عنده ،
13
14
ويصحبه إلى المساجد للصلةا ،وسماع
الدروس ،والمواعظ من العلماء .
14ـ أن يدربه على الصوما منذ السابعة
،ويراعي الفصولـ وطول اليوما .
15ـ أن يدرب بناته على الحجاب منذ
السابعة ،ويتبع كافة السبلـ التربوية
من ترغيب وترهيب وتشويق وتعزيز
لهذا السلوك السلمي عندها .
16ـ أن يكون الوالدان قدوةا حسنة
لطفالهم داخل البيت وخارجه ،
فالطفال يتعلمون من اقتدائهم بأفعال
والديهم أضعاف ما يتعلمونه من
أقوالهم .
17ـ أن يعلماه آداب السـتئذان وسـائـر
الداب الجتماعية ،بالقول والعمل،
والتلقينـ والقدوةا.
18ـ أن يوفرله الرفقـة الصالـحة ،ويهيأ
لـه رفقتهم والتفاعلـ معهم ،كمشاركته
في المخيمات السلمية وغيرها .
19ـ أن يعده للحياةا العملية ،
كالدراسـة وتعليمه مهنة نافعة له في
دينه ودنياه ،أن يسهر على تخطيط
مستقبله النافع .
20ـ أن يعوله حتى سن الرشد،ويقدما
له ما يحتاجه وأن يساعده بعد الرشد ـ
إن كان الولد فقيرا ً والوالد غنيا ً ـ .
14
15
21ـ أن يعدل الوالدان بين أولدهم ،
ويساوون بينهم في الحب والعطف
والمعاملة المالية ،وخاصة بين الذكور
والناث ،أو أبناء الزوجات إذا كان
للرجل أكثر من زوجـة .
22ـ أن يبحثا لولدهمـا عن الزوجـة
الصالحة ذات الدين ،وأن يبحثا لبنتهما
عن الزوج الصالح ذي الديـن ،وينفقا
على ولدهما أو بنتهما من مالهما
الخاصا ـ إذاكانا أغنياء ـ من أجل
زواجهما وبناء السرةا المسلمة .
23ـ أن يرشد الوالدان أولدهم بعد
الزواج إلى سعادةا الدنيا والخرةا ،أن
يزور الوالدان أولدهم وبناتهم في
بيوتهم الجديدةا ،وأن ل تضعف رابطة
البوةا بعد زواج الولد .
أو ولـد صالـح يدعـو لـه
م هذا الهتماما
قد يتساءل أحدهم :ل ِ َ
م هذه العناية المستمرةا به بالولد !!؟ ول ِ َ
طوال الحياةا !!؟ والجواب على ذلك أن
الولد الصالح كنز للخرةا ،وأعمال الولد
الصالحة يستفيد منها والداه بعد موتهما
،ناهيك عن الدعاء لهما بعد موتهما ،
فالولد الصالح أعظم استثمار للوالدين
في الدنيا والخرةا .
15
16
فعن أبي هريرةا أن رسول الله قال
] :إذا مات النسان انقطع عمله إل من
ثالثاة :إل من صدقة جارية ،أو علم
ينتفع به ،أو ولد صالح يدعو لـه [ .وقال
النووي يرحمه الله ينقطع عمل الميت
بموـه ،وينقطع تجدد الثواب إلفي هذه
الشياء الثلثاة،لكونه كان سببها،فإن
الولدمن كسبه ،وكذلك العلم الذي
خلفه من تعليم أو تصنيف ،وكذلك
الصدقة الجارية وهي الوقف ،وفيه
فضيلة الزواج لرجاء ولد صالح ). (1
وعن أبي الدرداء قال :ذكرنا عند
رسول الله الزيـادةا في العمر فقال :
] إن الله ل يؤخر نفسا ً إذا جاء أجلها ،
وإنما الزيادةا في العمر أن يرزق الله
العبد ذرية صالحة ،يدعون له فيلحقه
دعاؤهم في قبره [ ). (2
وعن أبي هريرةا قال ) :ترفع للميت
بعد موته درجته فيقول :أي رب ! أي
شيء هذه ؟ فيقال ولدك استغفر لك (
). (3
1ـ مسلم ) (1631في الوصية ،باب ما يلحق النسان من
الثواب بعد وفاته . ،
2ـ ذكره ابن كثيرفي التفسير ) ، (4/373ورواه الحكيم ،
انظر كنز العمال ). (16/281
3ـ البخاري في الدب المفرد رقم ) (36و يقول الهيثمي :
رواه الطبراني في الوسط وفيه ضعفاء قد وثاقوا )(10/210
16
17
وحدث أبو نعيم قال :حدثانا عبد
الرحمن بن الغسيل قال :أخبرني أسيد
بن علي أنه سمع أبا أسيد يحدث القوما
قال :كنا عند النبي فقال رجل :يا
رسول الله ! هل بقي من بر أبوي
شيء بعد موتهما ؟ قال ] :نعم ،خصال
أربع :الدعاء لهما ،والستغفار لهما ،
وإنفاذ عهدهما ،وإكراما صديقهما ،
وصلة الرحم التي ل رحم لك إل من
قبلهما [). (1
وعن عائشة أن رجل ً قال للنبي :
] إن أمي افتلتت نفسها ،وأراها لو
تكلمت تصدقت ،أفأتصدق عنها ؟ قال
:نعم تصدق عنها [). (2
وعن عبد الله بن عباس أن سعد بن
عبادةا استفتى رسول الله فقال :
] إن أمي ماتت وعليها نـذر ،فقال :
اقضـه عنهـا [). (3
.
1ـ البخاري في الدب المفرد) (35وأخرجه أبو داود وابن
ماجه ،وقال الحافظ في التهذيب :أخرجه ابن حبان والحاكم
في صحيحهما .
2ـ صحيح البخاري ) (2760في الوصايا ،باب ما يستحب
لمن توفي فجأةا أن يتصدقوا عنه ،والترمذي في الزكاةا ،
وأبو داود والنسائي .
3ـ صحيح البخاري ) (2761في الوصايا .
17
18
ويقول ابن حجر في شرح الحديثين
السابقين :وبين النسائي من وجه آخر
جهة الصدقة المذكورةا فأخرج من
طريق سعيد بن المسيبـ عن سعد بن
عبادةا قال ]:قلت يارسول الله إن أمي
ماتت،أفأتصدق عنها؟ قال :نعم ،قلت
أي الصدقة أفضل ؟ قال :سقي المـاء
[.
وأخرج الدارقطني أن سعدا ً قال :يا
رسول الله أتنتفع أمي إن تصدقت عنها
وقد ماتت ؟ قال نعم .قال :بما
تأمرني ؟ قال :اسـق المـاء .ثام يقول
ابن حجر :وفي أحاديث الباب من
الفوائد :جواز الصدقة عن الميت ،وأن
ذلك ينفعه بوصول ثاواب الصدقة إليه
ولسيما إن كان من الولد ،وهو
مخصص لعموما قوله تعالى وأن ليس
للنسان إل ما سعى ويلتحق بالصدقة
العتق عند الجمهور ) ..الفتح
. (5/458
18
19
أولويـات التـربيــة
يبذل كثيرـ من الباء جهودا ً كبيرةا من
أجل أولدهم ،ولكنها مبعثرةاـ وغير
مدروسـة ،حتى أن بعض هذه الجهود
تكون سببا ً في ضياع الولد وشقائهم
في الدنيا والخرةا ،كالب الذي يشتري
لسـرته ) الدش ( الهوائي اللقط
للفضائيات ،دون أن يقيد هذا اللقط ،
ويبرمجه بحيث يدخل المحطات
النافعـة الخبارية والتعليميةـ ،ول يسمح
للمحطات الهابطة التي تبث الرذيلة ،
فيحذفها عند برمجة الهوائي ،هذه
المحطات التي تبث خصيصا ً للعالم
السلمي ،كي تفسـد أجيالـه الصاعدةا
،مثل هذا الب يشقى ليجمع ثامن
)الدش( والتلفاز ،ثام يشتريه لسـرته
ظنا ً منه أنه ينفعهم في حين أدخل
السـم الزعاف إلى بيتـه).(1
وبعض الباء يدفع الرسوما الباهظة
ليدخل ابنه أو ابنته في مدارس
المنصرين ،منخدعا ً بضرورةا تفوق
الولد أو البنت في الرياضيات واللغات
الجنبية أو الفيزياء ،فيستطيعـ عندئذ
1ـ انظر موضوع التلفزيون في البيت المسلم ،في كتابي
دور البيت في تربية الطفل المسلم .
19
20
إلحاقه بكلية الطب أو الهندسـة وما
شابهها ،فهذا ألب دفع للمنصرين
أجورا ً مرتفعـة جدا ً لتنصير ولده ،أو
تشـويه مفهومـه عن السـلما مدى
حياته وصبغه بالعلمانية ،ووقوفه في
صف أعـداء المسلمين .
لذا كان من الضروري للب المسلم أن
يعي الهم والمهم في التربية ،فيبدأ
بالهم ثام المهم من منظور إسلمي ،
وهذا عرض سريع لذلك :
1ـ التربيـة الروحيـةـ :
النسان روح ثام جسد ،والروح أهم من
الجسد ،وهي محل العقيدةا والقيم
وكل ما يميز النسان عن غيره من
الكائنات .وقد ميزه الله بها ليجعله
خليفة في الرض ،وقد خصـه عزوجل
بها دون غيره فقال :فإذا سويته
ونفخت فيه من روحي فقعوا له
ساجدين ـ الحجر 29ـ ولهذا أمر
الملئكة بالسجود له وفضله على سائر
العالمين ) .والطاقة الروحية في
النسان أكبر طاقاته ،وأشدها اتصال ً
بحقائق الوجود ،فطاقة الجسد
محدودةا بالحواس ،وطاقة العقل
محدودةا أيضا ً بالزمان والمكان ،أما
20
21
طاقة الروح فل تعرف الحدود والقيود ،
وهي وحدها تملك التصال بالله ( ). (1
وطريقة السلما في تربية الروح هي
أن يعقد صلة دائمة بينها وبين الله
عزوجل في كل لحظة ،وكل عمل ،
والعبادةا هي الوسيلة الفعالة لتربية
الروح ،لنها تعقد الصلة الدائمة بالله
سبحانه وتعالى ،وكلما توجهت الروح
إلى ربها وخالقها نمـت وترعرعتـ ،وإذا
انحرفت عنه ذبلت وضعفت .
وتبدأ التربية الروحية قبل الولدةا ،وفي
المهد ،وتزداد أهميتها في الطفولة
المبكرةا ،ومن وسائلها :الدعـاء
للمولود قبل الولدةا ،واتبـاع السنة عند
الولدةا ،ثام القدوةا الحسنة من
الوالدين خلل الطفولة المبكرةا ؛ حيث
يراهما يصليان ،ويسمعهما يتلوان
القرآن الكريم كل يوما ،ويسمع
أذكارهما ،ويحس بصلتهما في الليل ،
ثام أمره بالصلةا والصوما في السابعة ،
ومتابعته حتى يعتادهما . (2) ...
21
22
2ـ التربيـة الخلقيـة :
تستند الخلق الحسنة إلى اليمان بالله
واليوما الخر ،والجنة والنار ،وبدون
ذلك تضيع الفوارق بين الخير ولشـر ،
لذا ل يمكن الفصل بيت التربية الروحية
والتربية الخلقية ،وأي وسيلة في
أحدهما تخدما الطرف الخر .ومن
وسائل التربية الخلقية :
حنان الوالدين وخاصة ألما على الطفل
في مرحلة المهـد ،ينمـي لـديه عاطفة
الحـب وهي أسا س الخلق الحسـنة .
وعدما تركـه للخادمة والمربية التي قد
يشعر الطفل أنها ل تحبـه وإنما تقوما
بواجبها مكرهةـ ؛ عندئذ تنشأ لديه
عاطفة الكراهيةـ بدل ً من عاطفة الحـب
،وعاطفة الكراهية أساس الخلق
الشريرةا .وتنميـة ) الضبط ( عند
الرضيع مقدمـة لتنمية الصبر عنده ،
والصبر أسا س الخلق الفاضلة .
وفي الطفولة المبكرةا القدوةا الحسنة
من الوالدين تربي في الطفل الصدق
والمانة والصبر والتفاؤل ...إلخ من
الصفات الحميدةا .وكي ينمو الضمير
عنده لبد من تقييم أفعاله ومجازاته
عنها ،فيكافأ عندما يحسن ولو
بابتسامة ،ويعاقب عندما يسيء ولو
22
23
بالصمت الجاف ) تقطيب الوجه ( ،
وفي مرحلة الطفولة المتأخرةا يتسارع
نمو القيم عند الطفال ،لذلك يوجـه
الطفل إلى قراءةا السيرةا النبويـة ،
وقصص النبيين ،وحياةا الصحابة
رضوان الله عليهم ،ومشاهدةا قصص
أو روايات تدور حول الفضائل كالصدق
والمانـة والوفـاء بالعهـد والحلـم
والتضحيـة .
3ـ التربيـة العقليـة :
معظم الباء يضعون التربية العقلية في
المرتبة الولى ،وهذا خطأ برأيي ،لن
العامل التقي الورع خير من المهندس
الفاسق في الدنيا والخرةا ،والبقال
الصادق المين خير من المقاول
السراق الكذوب في الدنيا والخرةا ،لذا ّ
فالب العاقل التقي الورع يهتم بدين
أولده أول ً ،وأخلقهم ثاانيا ً ،وفصل
ألخلق عن الدين أمر نظري فقط ،
فالتقي صادق ،ومن يخاف الله ل يظلم
الناس ول يسرقهم ،ثام يهتم بتربيتهم
تربية عقليةـ تمكنهم من العيش شرفاء
كرماء صالحين في مجتمعهم .
والتربية العقليةـ تقوما على أساس
لسلمي ،منطلق من كتاب الله وسنة
رسوله ، فكل ما خالف الكتاب
23
24
والسنة باطل ضار ل خير فيه .لذا أول
ما يعلم الب أولده كتاب الله عزوجل ،
ثام سيرةا رسوله وسنته ،ولبد أن
يكونا ركنين أساسيين في أي تعليم
إسلمي ،ومن ثام فعلى المسلم أن
يجمع ما يستطيعـ من علوما الماضي
والحاضر ،ويجمع الصالة مع التجديد ،
وقد فتح السلما المجال للعقلـ بالنظر
في السماوات والرض ،والتفكير فيهما
،وبما يحويان من كائنات حيـة وغير
حيـة ،ليكشف العقل السـنن الربانية
في هذا الكون ) قوانين الفيزياء
والكيمياء وغيرهما ( فيستثمرها
وتتحقق خلفة النسان لله في الرض .
4ـ التربيـة الجسـديـة :
وكثير من الباء ل يعرفون النمو إل بما
يشاهدونه من زيادةا في طول أولدهم
وزيادةا أوزانهم ،وتورد خدودهم ،فإذا
مر ض الولد سـهر البوان وهرب النوما
منهما ،وسـارعا إلى الطبيب ،والـدواء
والمستشفى ...حتى يتماثال للشفاء ،
وهذا طيب وضروري ،لكن السهر على
دين الولد وأخلقه ،وثاقـافتـه يجب أن
ل تقـل عن السهر على جسده .
24
25
واعتنى السلما بتربيـة الجساما ،كما
اعتنى بتربية الرواح والعقولـ ،بل إن
التربية السلمية هي الوحيدةا التي
تعتني بالنسان ككل :روحـه وخلقـه
وعقلـه وجسـده ،ومن أهم وسائل
التربية الجسدية :
العتدال في الطعاما والشراب ،وعدما
السراف أو التقتيرـ فيهما ،واتباع السنة
النبوية في ذلك ،وكذلك العتدال في
النوما ،وأن يكون النوما بعد صلةا
العشاء ،وحتى الفجر ،مع نوما قليل
في القيلولة ،والسراف في النوما داء ،
كالسراف في الطعاما ،ومن المفيد أن
يعتاد الولد على ممارسة الرياضة
البدنية مع رفاق صالحين .
25
26
الفصل الثاني
مـراحـل نمـو النسـان
حاجـة الوالديـن لعلم نفـس
النمـو :
من الزاد الضروري للوالدين أن يتعرفا
على مبادئ علم نفس النمو ،حيث
توجد خصائص لكل مرحة تميزها عن
غيرها ،وتجعل التعامل مع الطفل في
هذه المرحلة مختلفا ً عن التعاملـ معه
في مرحلة أخرى .وعلى مؤسسات
التعليم العاما ،ووسائل العلما أن تقدما
للباء والمهات هذه المبادئ الضرورية
لهما في تعاملهما مع الولد ،ويجب
على مدار س البنات أن تخصص مقررا ً
أساسيا ً في المرحلة الثانوية عن علم
نفس النمو ،وهذا المقرر أكثر نفعا ً
بعشرات المرات من مقررات الفيزياء
والرياضيات التي تحشى بها أذهان
الطالبات في المدرسة الثانوية ،وقد
لحظت أن بعض الجامعات الردنية
تفرد فيها تخصصا ً اسمه ) تربية الطفل
( ،ولعل هذا التخصص بداية لتدريس
هذا المقرر في مدارس البنات الثانوية
،ولبد أن يكون علم نفس النمو مقررا ً
26
27
على مستوى الجامعة لكل طالب
جامعي ،ليكون الب المتخرج من
الجامعة مطلعا ً على مبادئ هذا العلم
الضروري لكل أب وأما .
فالمكافأةا مثل ً تختلف من مرحلة إلى
أخي ،فبينما يفرح الطفل الرضيع
باللعبة التي تقوما على اللوان ،ل يفرح
بها الطفل بعد السابعة ويراها إهانة له
وليست مكافأةا ،ويريد عندئذ لعبة
معقدةا كالمسدس أو السيارةا ...إلخ .
وكذلك العقوبة ـ وهي وسيلة تربوية
صحيحة) (1ـ تختلف من مرحلة لخرى ،
إما إذا استعملت عقوبة الرضيع
للمراهق ،أو عقوبة الطفولة الباكرةا
للطفولة المتأخرةا ،فقد تعود العقوبة
بالضرر بدل ً من الفائدةا .
وهذا عرض سريع ومبسط لهذه
المراحل مع أهم خصائصها :
1ـ مرحلة الرضيع
تبدأ هذه المرحلة منذ الولدةا حتى نهاية
السنة الثانية ،وتسمى أيضا ً مرحلة
المهد ،وأهم حاجات الطفل فيها
1ـ تنصرف أذهاننا عندما نسمع كلمة عقوبة على الضرب
فورا ً ،وهذا خطأ كبير ،فالعقوبات درجات أولها تقطيب
الوجه وآخرها الضرب ،وبينهما بضعة أنواع من العقوبات .
27
28
الحليب والنظافة ،ويبدو ذلك واضحا ً
من سلوكه ،إذ يعبر الرضيع عن رضاه
بالنوما أو اللعب أحيانا ً بيديه عندما يمل
معدته بالحليب ،ويكون نظيفا ً ) غير
مبللـ ( ،وخاليا ً من المرض ،ويبكي
الرضيع إذا جاع أو احتاج إلى النظافة أو
أحس باللم .
وأفضل حليب يلئم الرضيع حليب أمـه
،وللرضاعة من ألم فوائد نفسية أهمها
نمو عاطفة الحب عند الطفل ،وهي
أساس الخير عنده .
) ...يقضي الوليد ) منذ الولدةا وحتى
أسبوعين ( معظم وقته في النوما ،
وتتحقق له الراحة والستجماما ،والبكاء
ظاهرةا عادية في هذه المرحلة ،ويؤثار
نمط الستجابة النفعالية والحالة
النفسية للما أو من يقوما مكانها على
حالة الوليد النفعالية ...وتعتبر الما أهم
عامل في عملية التنشئة الجتماعية
للوليد ،وللرضاعة شقان أولهما التغذية
وثاانيهما الخبرةا النفعالية ،لما يرتبط
بعملية الرضاعة من إحساس بالحب
والحنان والدفء ،فاللبن )لبن الما (
هو أكمل غذاء جسمي ،والحب هو
أشهى غذاء نفسي ،والذي يلحظ
استجابات الرضيـع للرضاعـة من
28
29
تعبيرات وجهـه أثاناءها يتبين مدى أهمية
هذه العمليـة لديـه .وكلما كان اتجـاه
ألم إيجابيا ُ نحو عملية الرضاعة كانت
في حالة استرخاء تاما وهدوء انفعالي
عميق ،يتضح من سرورها ورضاها
عندما يرضع وليدها ،مما ينعس على
حالة الرضيع ،وخيرةا الرضاعة السارةا
تعتبر شرطا ً ضروريا ً لهدوء الرضيع
انفعاليا ً ،ولنمو اتجاهات اجتماعية
سوية لديه ،وفي ذلك فقائدةا للرضيع
وأمه معا ً ،وفيه مصدر أمن وسعادةا
للطرفين ،وخبرةا الرضاعة السليمة
تزيـد من ثاقـة الطفل بالعالم وتجعله
متفائل ً فيما بعـد وأقدر على العطاء ،
أما إذا كانت خبرةا الرضاعة مشوبة
باللم والحرمان فإن ذلك يولد مشاعر
الغضب والعدوان ). (1
وإذا اضطرت أما إلى الرضاعة الصناعية
فعلى ألما أن تحمل الرضيع وتضمـه
إلى صدرها ،ثام تتحدث إليه وتداعبـه ،
ول تقتصر على مجرد وضع الزجاجة في
فمـه وكفـى ،كما تفعل كثير من
المهات اليوما .
29
30
بعض الفوائـد التربويـةـ :
1ـ أفضل حليب للرضيع هو حليب أمـه
.
2ـ توفير الهدوء للوليد ليناما نوما ً
عميقا ً ،لنه حاجة أساسية لـه .
3ـ يجب إعداد الطفال في السرةا
لستقبال المولود الجديد .
4ـ النتباه على الفروق الفرية ،وعدما
استعجال النمو عند الرضيع ،كجلوسـه
أو مشيه أو نطقـه .
5ـ إتماما التطعيمات أثاناء مرحلة
الرضاعـة .
6ـ عـدما الحـد من حرية الحركة
للرضيع ،كالثياب الضيقة أو لفـه
بالقماش خوفا ً عليه من الـبرد مما
يعيـق حركته .
7ـ تربية حواس الرضيع باللعب
الملونـة ،والجراس الصغيرةاـ .
8ـ تشجيع الرضيع على استخداما اللغة
،والتحدث معـه .
9ـ التدرج في عملية الفطاما ،واختيار
الزمن المناسب لها .
_10تدريب الرضيع على وجبات
منتظمة من الرضاعة ،ومرات منتظمة
من الخروج .
2ـ الطفـولـةـ المبكـرة :
30
31
وتسمى مرحلة ما قبل التمييز ،أو ما
قبل المدرسـة ،وتبدأ بنهاية السنة
الثانية وتنتهي في نهاية السادسـة ،
وهي أهم مراحل عمر النسان ،إذ
الشخصية( سـريعا ً فيها ، يكون نمـو
)1
ومن أهم خصائصها :
يكتسبـ الطفل اللغة في هذه .1
المرحلة ،بالضافة إلى مرحلة
المهد ،والتقليد هو حجر الساس
في اكتساب اللغة ،ومن هنا نعرف
خطر الخادمات غير العربيات
وأثارهن على لغة الطفل .وتكون
عيوبـ الكلما مثل تكرار الكلمات
والتردد ،والتأتأةا أحيانا ً عادية
وتزول وحدها بدون تدخل .
ويساعد كثرةا الختلطا بالراشدين
والتحدث معهم ،والستماع
لكلمهم ؛ يساعد النمو اللغوي عند
الطفل .
تعتبر هذه المرحلة مرحلة .2
النشاطا الحركي المستمر ،
فالطفل دائم الحركة ،ول يكف
عن اللعب إل في النوما ،واللعب
نشاطا حيوي ونفسي واجتماعي
وعقلي يقوما به الطفل ،ويتفاعل
1ـ حامد زهران ،صا 161وما بعدها بتصرف .
31
32
به مع العالم الخارجي ،واللعبـ
في هذه المرحلة فردي في جملته
،ويعتبر اللعب من أهم وسائل
الطفل في تفهمه للعالم من حولـه
،وبالتدريج وفي نهاية هذه المرحلة
يكون الطفل أصدقاء اللعب ،لتنمو
الصداقة ) العلقات الجتماعية (
عنده على مدى أوسـع في
الطفولة المتأخرةا ،ثام تزداد نموا ً
في المراهقة حتى تعرف )بالقران
( كما سنرى .واللعب في هذه
المرحلة ل يقل أهمية عن الطعاما
للطفل .وقد روى الترمذي في
نوادره أن رسول الله قال :
] عـرامة الصبي في صغـره زيادةا
في عقله في كبـره [ ) . (1وجاء
في المعجم الوسيط أن )عرما ( :
اشتد وشرس .وهكذا فعرامة
الصبي :أي لعبـه الكثير وحيويته
وقوةا حركته وكثرتها كل ذلك دليل
على طاقته الفائضة ،مما يكسبه
مهارات وخبرات كثيرةا ومعرفة
أوسـع فينمو عقلـه ،وهذا في
32
33
الغـالب ،ولكل قاعدةا شـواذ
) وخاصة في النسان ( .
في نهاية هذه المرحلة يزيد .3
السؤال عند الطفل ،حتى سميت
بسن السؤال ،فتسمع منه :ماذا
؟ ،ولماذا ؟ ومتى ؟ وأين ؟ وكيف
؟ ومن ؟ ..إلخ .إنه يحاول
الستزادةا العقلية ،يريد أن يعرف
الشياء التي تثير انتباهه ،وربما
يتزامن كثرةا السؤال مع نمو الذكاء
،ويلحظ عدما قدرةا الطفل على
تركيز انتباهه وتتحسن هذه القدرةا
في السادسة ،ويكون تفكير
الطفل في هذه المرحلة ذاتيا ً
) يدور حول نفسه ( ومحسوسا ً ،
وغير منطقي ،كأن يكلم العصا
وكأنها تسمعه .
ً ً
وتلعب الما دورا هاما في هذه .4
المرحلة ،كمدرسة خصوصية
لطفلها في عملية التنشئةـ
الجتماعية ،والنمو اللغوي ،
والعقلي ،وقد لوحظ أن غياب
الوالد عن السرةا ) حتى الغياب
الجزئي ( يؤثار سلبيا ً على النمو
العقلي للطفل ،ويضاعف آثاارغياب
الب انحراف الما ورفضها للطفل.
33
34
العلقات الجتماعية في .5
السرةا ) كالعلقة بين الوالدين ،
والعلقة مع الولد الكبار ( ...لها
النصيب الوفر في النمو النفسي
والجتماعي والنفعالي عند الطفل
،وكلما كانت العلقات السرية
إيجابية ومتزنـة كان النمو النفسي
والجتماعي والنفعالي سليما ً
ومتوازنا ً ،كما ينمو الضمير في
نهاية هذه المرحلة .
أهميـة الطفولـة المبـكرةا
يرى علماء النفس أن شخصية
النسان تتحدد في هذه المرحلة ،
حتى قال أحدهم :في السادسة
ينتهي كل شيء ز ويعني تتحدد معالم
الشخصية ،ومن أهمية هذه المرحلة
:
يكتسبـ الطفـل عقيدته من -1
والديه خلل هذه المرحلة ،فقد
أخرج البخاري يرحمه الله عن أبي
هريرةا قال :قال رسول الله
] كل مولود يولد على الفطرةا
فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو
34
35
يمجسانه [) . (1وقد جعل الله
الطفل يتلقى عن والديه فقط
خلل الطفولة المبكرةا ،وجعله
يرى والديه المثل العلى في كل
شيءٍ حسن ،فل يصدق غيرهما ،
وجعله معتمدا ً على والديه في كل
شيء ،كل ذلك لنه جعل الوالدين
مسؤولين عن عقيدته ،فهما
يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه أو
يحفظان فطرةا الله التي فطر
المولود عليها وهي السلما .
-2يكتسب الطفل أسس السلوك
الجتماعي من البيت ،وتبقى ثاابتة
مدى العمر ،وتنادي التربية الحديثة
بأهمية الخبرات الولى للطفال ،
وآثاارها في تباين ميولهم واتجاهاتهم
وأنماطا سلوكهم المختلفةـ )، (2
وترسم الملمح الرئيسيةـ لشخصيةـ
الطفل المقبلة في هذه المرحلة ،
ويصبح من الصعوبة إزاحة بعضها
مستقبل ً .وتقول ) مارغريت ماهلر (
:إن السنوات الثلث الولى من حياةا
1ـ صحيح البخاري ،كتاب الجنائز ،باب إذا اسلم الصبي
فمات .
2ـ انظر محمد جميل ،صا ، 218وعائشة السيار في مجلة
التربية ،وعبد الله محمد خوج ،صا ، 12 ،11وانظر رينيه
دوبو ،صا 114
35
36
كل إنسان تعتبر ميلدا ً آخر ،واتفق
أعضاء مدرسة التحليل النفسي على
أن السنوات الولى هي مرحلة
الصياغة الساسية لسلوك وشخصية
الطفل .
وذهب ) رينيه دوبو ( إلى أن كثيرا ً
من نتائج التأثايرات الباكرةا -إن لم
نقل كلها -دائمة وكأنها في الظاهر
ل تزول أبدا ً .ويقول أيضا ً :ول
يصل الطفال إلى سن الثالثة أو
الرابعة من عمرهم إل ويكون
سلوكهم قد تبلور نهائيا ً من أثار
العوامل الثقافية والبيئية .
بعض الفـوائـد التربويـة
النتباه إلى الفروق الفردية ، .1
وعدما القلق إذا تأخر الطفل في
النطق ،أو المشي ،أو كان جسمه
أصغر من أمثاله في السن .
تعويد الطفل على النظاما في .2
الطعاما والنوما واللعب بدون قسوةا
.
يجب أن ل تمل السرةا من .3
حركة الطفل الكثيرةا ولعبه
المستمر لنه حاجة أساسية في
هذه المرحلة .
36
37
تهيئة مكان اللعب ،حيث .4
يتوفر الهواء الطلق ،وأشعة
الشمس المناسبة ،وتهيئة رفاق
اللعب عند نهاية هذه المرحلة .
النتباه إلى سلمة حواس .5
الطفل ،وخاصة السمع ،والبصر ،
والتأكد من سلمتهما بالملحظة
المباشرةا من الوالدين .
الستفادةا من حب الطفل .6
للقصص ،في التربية الروحية
والخلقية وفي النمو اللغوي ،
فتحكي له أمه بعض السيرةا
وقصص النبياء والصحابة .
إبعاد الطفل عن سماع .7
اللفاظ البذيئة ،وألفاظ السباب
الشائعة ،كي ل يألفها في صغره ،
حتى إذا كبر وسمعها ل يألفها .
ل يعاقب الطفل بدنيا ً في هذه .8
المرحلة ،وينبغي تقليل العقاب
المعنوي ،وعدما اللجوء إليه إل في
حالت نادرةا جدا ً ،والكتفاء
بالمكافأةا إذا أحسن ،وعدما
المكافأةا إذا أساء .
الخادمات خطر كبيرـ جدا ً في .9
هذه المرحلة وخاصة غير المسلمة
.
37
38
.10الثبات في معاملةـ الطفل
من قبل الوالدين ،والجدةا والجد
وسائر أفراد السرةا ،فل يكافأ
أحدهم على سلوك ؛ يعاقب عليه
الخر .وعدما الثبات خطير جدا ً
على النموالخلقي للطفل .
.11عدما نبذ الطفل ،وإحاطته
بالحب والحنان والرعاية من قبل
الخرين ،كي تنمو عنده عاطفة
الحب والتفاؤل من الخرين .
.12تعويد الطفل بالتدريج على
رؤية الغرباء ومجالستهم
ومحادثاتهم بالتدريج .
3ـ مرحلـة الطفولـة
المتأخـرة
وتسمى كذلك الطفولة الهادئة لن
الطفل فيها أقل حركة من الطفولة
المبكرةا ،وأقل حركة أيضا ً من مرحلة
المراهقة ،كما تسمى مرحلة التمييز ،
أو مرحلة المدرسة البتدائية ،وتبدأ في
السابعة وتنتهي في الثانية عشرةا عند
البلوغ .وأهم خصائصها :
الخصـائص الروحيـة
يؤمر الطفل بالصلةا في .1
السابعة ،بعد أن يدرب عليها منذ
السادسة ،ويرغب فيها قبل
السابعة ،قال رسول الله صلى
38
39
الله عليه وسلم ) :مروا أولدكم
بالصلةا وهم أبناء سبع ،واضربوهم
عليها لعشر ،وفرقوا بينهم
بالمضاجع (). (1
والسابعة سن التمييز ،إذ تتسع
الفاق العقلية للطفل ) المعرفية (
ويتعلم المهارات ،كما تتسع بيئته
الجتماعية بسبب دخول المدرسة ،
وما زال الطفل لين العريكة )يحب
التقليد ( ،يسعى لرضاء الكبار
) والديه ومدرسيه ( ،فإذا أمر
بالصلةا تجده ينشط إلى تنفيذ ذلك
بنفس طيبة ،وهمة عالية ،وسنرى
أن الطفل عند البلوغ يرى أن تنفيذ
أوامر والديه دون مناقشـة منه دليل
على طفولته ؛ التي يرغب في
مغادرتها ،بينما يرى كثيرـ منهم أن
معارضة الكبار ) وحتى الوالدين (
دليل على أنهم ليسوا أطفال ً .
في السابعة أيضا ً يؤمر الطفل .2
بالصوما ،بعد أن يدرب عليه قبل
ذلك ويرغب فيه ،حسب الزمان
1ـ سنن أبي داود ،كتاب الصلةا ،باب متى يؤمر الغلما
بالصلةا ،وقال اللباني في إرواء الغليل ) : (2/7صحيح ،
أرجه أحمد ) (2/187وأبو داود .
39
40
والمكان ). (1فإن كان النهار طويل ً
والطقس حارا ً ،سمح لبن
السابعة والثامنة بالتدرج في
الصوما ،وإن كان النهار قصيرا ً
والطقس معتدل ً أمر ابن السابعة
بصوما رمضان كله إن لم يكن
مريضا ً .
يقول محمد قطب ) :وقد اختص
حديث رسول الله الصلةا بهذا المر
لنها عنوان السلما الول والكبر ،
حتى ليقول رسول الله ] : بين
الرجل والكفر ترك الصلةا [ ). (2
ولكن جميع آداب السلما وأوامره
سائرةا على هذا النهج ،وإن كان
الرسول لم يحدد لها زمنا ً معينا ً
كالصلةا ،فكلها تحتاج إلى تعويد
مبكرـ ،وكلها تحتاج إلى اللزاما بها
بالحسم ،إن لم يتعودهاـ الصغير من
1ـ المقصود بالزمان أن رمضان قد يكون في الربيع أو
الشتاء آنذاك ،فيسهل الصوما على ابن السابعة لن النهار
قصير والطقس بارد ،والمقصود بالمكان أن يكون الطفل
في منطقة معتدلة ) مثل حوض البحر البيض المتوسط (
حيث الطقس لطيف ،وليكون في الجزيرةا العربية ويأتي
رمضان في السنبلة ) تموز وآب ( ،عندئذ يصعب الصوما
على معظم أطفال السابعة .
2ـ مسلم في اليمان ،باب إطلق الكفر على من ترك
الصلةا ،وأبو داود في السنة رقم ) (4678باب في رد
الرجاء ،والترمذي في اليمان ،باب ماجاء في ترك الصلةا .
40
41
تلقاء نفسـه ( ) . (1ويقول فقهاء
المذهب الشافعي ) :ويؤمر به
الصبي لسبع ويضرب عليه لعشر(
يقصدون الصوما).(2
. 3تؤمر البنات بالحجاب في السابعة
،بعد تدريبهن عليه وترغيبهنـ فيه منذ
السادسة ،ويقول فقهاء الشافعية :
تحجب البنت عندما تشتهى ،وتتفاوت
البنات في السن التي تشتهى فيها ،
حسب طولها وصحتها وجمالها ،والبيئةـ
التي تعيش فيها ،وعندما يظن
اشتهاؤها تؤمر بالحجاب ـ ولو لم تبلغ
المحيض ـ فإن لم تحجب فتنت
الناظرين إليها فيأثام وليها ،ولبد من
فترةا للتدريب وتعويد البنت على
الحجاب قبل المـر بـه .
. 4يستمر الطفال في هذه المرحلة
في حفظ القرآن الكريم ،والمواظبة
على جماعة المسجد ،وقد التحقوا بها
منذ السابعة أو السادسـة .
الخصائص الخلقيـة :
41
42
ينمو التفكيرـ في هذه المرحلة ،ليدخل
عتبـة التفكيرـ المجرد ،ويغادر حدود
المحسوس ،كما تسهم المدرسة في
النمو العقلي والجتماعي للطفل في
هذه المرحلة ،ويحل المفهوما العاما لما
هوصواب أو خطأ،وماهوحلل أوحراما،
محل القواعد المحددةا ،وتحل المعايير
الداخلية تدريجيا ً محل الطاعة
للمطالب الخارجية ،ويزداد إدراك
قواعد السلوك الجتماعي القائم على
الحتراما المتبادل ،وفي الطفولة
المتأخرةا تتحدد التجاهات الخلقية
للطفل عادةا في ضوء التجاهات
الخلقيـة السـائدةا في أسـرته
ومدرسـته وبيئتـه الجتماعية ،كما
يدرك الطفل مفاهيم المانة والصدق
والعدالة ويمارسها ،كما ينمو الضمير
)(1
والرقابة الذاتية على السلوك
.ويؤدي ذلك إلى نمو أخلقي يتضح من
خلل :
.1خلق الداب :والدب حسن
العشرةا ،والخذ بمكارما الخلق ،ومن
هذه الداب :الدب مع الوالدين
ومخاطبتهما بالقول الكريم ،ثام الدب
مع العلماء والمدرسين ،فالعلماء
ـ حامد زهران ،مرجع سابق . 265 ، 1
42
43
أرحـم بأمة محمد من آبائهم وأمهاتهم
كما يقول الغزالي ) الحياء ، ( 1/11:
لن آباءهم يحفظونهم من نار الخرةا .
ثام أدب الخوةا داخل السرةا ،ومع
الزملء ،وخاصة أن أطفال هذه
المرحلة يبدأون الختلطا مع أبناء
الجيران .
.2خلق الصدق :ويثبت عند الولد
بالقدوةا الحسنة من الوالدين
والمدرسين ،وسائر الكبار الذين
يختلط بهم الولد ،وكذبة صغيرةا من
أحد الوالدين أو الكبار الذين يثق بهم
الطفل كالمدرس ؛ قد تكفي لتدمير
فضيلة الصدق عند الطفل ،لن والده
أو والدته أو مدرسه يمثل النموذج
الفضل للنسان ،فإذا كذب هذا
النموذج ؛ إذن ل يوجد من ل يكذب _ .
مشكلةـ الهاتف ،يقع فيها بعض
المسلمين ،عندما يطلبه أحد فيقول
لولده :قل له بابا غير موجود ،هذه
جريمة خلقية ،عافانا الله منها ،ماذا
عليه لو قال :بابا سيكلمك بعد مدةا ،أو
بابا مشغولـ الن ،وهناك من المعاريض
ما يصح :كأن يقول له الولد :ابحث
عنه عند فلن .
43
44
.3خلق المانة :وتنمو المانة كذلك
بالقدوةا الحسنة من السرةا ،كسائر
السلوك الخلقي ،فعندما يرى الطفل
أمه تصدق أباه ن وأخاه الكبيرـ يصدق
أمه ،ول يرى من يكذب ،أو يسرق من
داخل السرةا أو خارجها ؛ تنمو المانة
لديه ،وفي هذه المرحلة تنمو القيم
عند الطفل ومنها المانة بعد أن يفهم
معناهاـ ،ومن المانة حفظ السرار ،
ومن وسائل التربية على المانة حسن
الظن بالطفل مع المراقبة غير
المباشرةا ،كأن يطلب منه والده أن
يفتح محفظة نقوده ويأخذ منها ) كذا (
مع انتباه الوالد إلى دقة التنفيذ .
.4نمو الضمير :والضمير محكمة
داخلية في النسان السوي ،تحكم على
أفعال النسان وتجازيه بالسرور والرضا
إن كانت خيرا ً ،واللم والندما إن كانت
شـرا ً ،وهو بـذرةا في النسـان تنمو
بفضل البيئةـ الخلقية وتتطلب ما يلي :
أ_ تمييز الخير عن الشر ،ويستطيع
الطفل في هذه المرحلة أن يميز بينهما
،ولذلك تسمى مرحلة التمييز ،
وللسرةا والمدرسة والمسجد الدور
الول في هذه المعرفة .
44
45
ب_ الجزاء الخلقي :أي مكافأةا
الطفل على فعل الخير ،ومعاقبته على
فعل الشر ،ولبدأن يكون الجزاء
خارجياًفي البداية ) من السرةا
والمدرسة ( ثام يتحول بالتدريج إلى
جزاء أخلقي ينبع من ضمير الفرد
نفسه .
وسبق القول أن الطفل في مرحلة
الطفولة المبكرةا ل يعاقب بالضرب ،
لن المر صريح بالضرب في العاشرةا
من أجل الصلةا ،ولم يسمح به قبل
ذلك ،فل يضرب الطفل قبل العاشرةا ،
لكن يعاقب بأنواع أخرى غير الضرب ،
كحرمانه من المكافأةا ،أو تنبيه بالكلما
،أو إيقافه ملصقا ً للجدار مدةا من
الزمن تتناسب مع ) الجريمة ( ومع
السن أيضا ً ،أو حرمانه من النزهة أو
اللعب لمدةا يوما واحد مثل ً .
ولبد من ملزمة الثواب مع العقاب ،
فيكافأ الطفل إذا أحسن ويعاقب إذا
أساء ،وهكذا تنمو لدى الطفل ملكة
الضمير .
الخصائص الجتماعية
وهذه مدار البحث لنها تتعلق بجماعة
الرفاق ) القران ( ،فأكثر ما يميز
45
46
الطفل في هذه المرحلة :التفتح
الجتماعي ،وبعد التمركز حول الذات
في بداية الطفولة ،ثام القتصار على
علقات السرةا في مرحلة ما قبل
المدرسة ،تنمو النزعةـ الجتماعية لدى
الطفل في هذا العمر ،وأثار المدرسة
واضح وهاما في النمو الجتماعي ،وأهم
الخصائص الجتماعية في هذه المرحلة
ما يلي:
_1انفصال الجنسين :
0قبيل البلوغ يتجمع الصبيان في
مجموعات من الذكور ل تقبل الناث
في وسطها _في العادةا_ ،وتتجمع
الناث في مجموعات من الناث ل تقبل
الصبيان في وسطها كذلك ،تجد البنات
في مجموعة يلعبن ،فإذا جاء في
وسطها ولد يطردنه من بينهن قائلت :
)) نحن بنات وأنت ولد فلماذا تأتي في
وسطنا ؟! هل أنت بنت ؟ ) أو بنوتة (
تلعب مع البنات ؟! (( .وتجد الصبيان
في مجموعة يلعبون ،فإذا جاءت في
وسطهم بنت تصايحوا عليها وطردوها :
)) نحن صبيان فما الذي يأتي بالبنات
في وسطنا ؟! اذهبي فالعبي مع البنات
اللواتي مثلك ! (( .
46
47
ومع أن علم النفس الغربي ذاته يعلم
هذه الحقيقة ويسجلها فإن الجاهليةـ
الحديثة تنشئ مدارس إعدادية مختلطة
لتكسرـ هذا الحاجز الفطري ،وتحاول
تغيير طبائع النفوس ! _ محمد قطب :
. _ 2/199
وهذه مرحلة انتقالية بين الطفولة حيث
ل يميز الذكور عن الناث ،ومرحلة
البلوغ حيث يتسارع النمو ،وتظهر
الفوارق البارزةا بين الجنسين .
فعن أبي هريرةا رضي الله عنه أن
رسول الله قال ) :مروا أولدكم
بالصلةا وهم أبناء سبع ،واضربوهم
عليها وهم أبناء عشر ،وفرقوا بينهم
في المضاجع () . (1ويستفاد من هذا
الحديث أن يفرق الولد الذكور عن
البنات في السرةا أثاناء النوما ،
فتخصص غرفة للصبيان ،وأخرى
للبنات ،وإذا تعذر وجود الغرفتينـ
تقسم الغرفة الواحدةا أثاناء النوما بما
يتيسر ويحجب بين الجنسين .
_ 2نمو النمط الجنسي :
في الطفولة المبكرةا ،قد يرتدي
الطفل بعض ثاياب شقيقته أو العكس
1ـ جامع الصولـ ). (5/187
47
48
دون اعتراض _ وهذه خطأ أصل ً _ أما
في الطفولة المتأخرةا فل يقبل الصبي
أن يابس قميصا ً لونه بناتي ،ول تقبل
البنت ثاوبا ً لونه رجالي ،كما تنصرف
اهتمامات الصبي إلى نشاطات للرجال
كألعاب الكرات _ وخاصة القدما _
وركوب الدراجة ،والسباحة ،وتنصرف
البنات إلى ألعاب خاصة بهن مثل نط
الحبل والشغال اليدوية والحياكة
وأعمال المنزل ،كما يتجه الصبيان إلى
أن يصبحوا أكثر خشونة واستقلل ً ،
بينما تتجه البنات إلى أن يصبحن أكثر
أدبا ً وحياءً وتعاونا ً من الصبيان .ويبدي
الصبيان اهتماما ً أكثر بزملء والدهم
وأقاربهم الرجال ،بينما تبدي البنات
اهتماما ً أكثر بزميلت أمها وقريباتهن .
ويبدأ الصبيان بمساعدةا والدهم في
أعماله خارج المنزل ،ويسعدون بذلك ،
بينما تبدأ البنات بمساعدةا أمهن في
عملها داخل المنزل ،ويسعدن بذلك .
وهذا التنميط الجنسي سابق للفروق
الجنسية الجسدية التي ستظهر عند
البلوغ .
3ـ تحمل المسؤولية :
وتسمى رغبة ) النمو ( ،فالصبي في
هذه المرحلة يضايقه أن يعامل كطفل ،
ويرغب أن ينظر إليه الخرون كرجل
48
49
وليس كطفل ) ، (1وكذلك البنت يضايقها
جدا ً أن يقال عنها طفلة ،وتتمنى أن
ينظر إليها الخرون على أنها فتاةا
وليست طفلة .فتراها تلبس الحجاب ،
وتقلد النساء الكبيرات في أدبهن
وحشمتهن،وتريد من الخرين أن
ينظروا إليها مثلما ينظروا إلى
الكبيرات.
وتقع أحيانا ً مشكلة بين الوالدين
وأولدهم )،يقول الب :يريد أن يدعي
أنه رجل ،إنه ل يريد أن يطيع أمري .
وتقول الما :هذه البنت ل تريد أن تطيع
أمري ! تريد أن تجعل نفسها كبيرةا !
والمربي الحصيف ل ينتظر حتى يتحول
المر إلى مشكلةـ ،ثام يبحث لها عن
حل ،إنه يتقي المشكلةـ ابتداء ويحول
دون حدوثاها ،فحين يحس الب أو الما
أن الولد يحس أنه أكبر من طفل ،
فعليهما أن يسارعا _ بفرح _ إلى تقبل
هذا المر ،وعليهما هما أن يسعيا إلى
إعلنه :إن ابننا _ فلنا ً _ لم يعد الن
طفل ً إنه أصبح رجل ً .كم يثلج صدر
الصبي هذا العلن كم يغذي إحساسه
1ـ يذكر الباحث عندما كان في المرحلة البتدائية ،كيف كان
يتضايق لن النساء الكبيرات ل يتحجبن عنه ،وكان يعلمهن
أنه سيمر _يقصد لعلهن يحتجبن عنه _ فتقول إحداهن :مر يا
بني أنت مثل ابني .فيتضايق لنهن يعاملنه كطفل .
49
50
بذاته ويطمئنه على ذاته ،ثام على الفور
ينبغي أن يتغير السلوك،لعطاء هذا
العلن من الواقع.
فبدل ً من أن يشتري له أبوه حاجاته
دون مشورةا منه ،ينبغي له الن أن
يأخذ رأيه :ما رأيك في هذا الحذاء ؟ ما
رأيك غي هذا اللون ؟ أو يعطيه النقود
ويترك له حرية شراء حاجاته ،مع
النصح والتوجيه .ثام يرسله بين الحين
والخر نائبا ً عنه في قضاء أمر من
المور ،إلى مكتبـ البريد ،أو السوق
لشراء بعض حاجات البيت ،كما
تستطيعـ الما أن تطلب منه مرافقة
أخته ،أو مرافقتها هي )أمه( في
مشوار معين ،أو استقبال ضيوف
والده في غيابه ...إلخ .
والمر مع البنت كذلك ،وإن كان
علجها يقع على عاتق أمها أكثر من
أبيها ،فلتعلن الما أماما الخوةا والقارب
والصدقاء :إن بنتنا _ فلنة _ لم تعد
اليوما طفلة إنها صارت )) ست بيت ((
تصنع في نفسها كما تصنع في نفس
الصبي ،وتطمئنها على ذاتها ،وترضي
نزعتها إلى تكبير نفسها .
ثام على الما أن تشفع ذلك بتغيير جذري
في المعاملةـ ،فتستشيرها في كل
50
51
شيء يخصها ،أو تسمح لها بالشراء
بنفسها ،ثام عليها أن تدخلها معها في
تدبير المنزل ،كإعداد المائدةا ،أو إعداد
)) السلطة (( أو تنظيف الصحون ،
وتنظيف البيت كله أو بعضه ،كذلك
تدخلها معها على الضيفات والجلوس
معهن بعض الوقت ،وتبادل بعض
الحديث ،كل ذلك يحل عقدةا ))الكبر((
عندها ،فيسلس قيادها لمها ول تعود
تعصي أوامرها ،وفي الوقت ذاته تنمو
شخصيتها وتكتسبـ خبرات اجتماعية
وخبرات في تدبير المنزل هي في حاجة
)(1
إليها جميعا ً .
.4جـماعـة القأـران :
والسعي نحو القران ) الرفاق ( ؛
خطوةا أولى نحو الرشد ،حيث أن
الرشد يعني العتماد على الذات بدل ً
من العتماد على البوين ،فعندما
يسعى الطفل نحو القران ،يأنس بهم
،ويكون معهم )) شلة (( لها قيمها
وأسرارها ،عندئذ يقلل من تعلقه
بوالديه ،وتتبلور جماعات الرفاق في
مرحلة المراهقة ،وجماعات الرفاق
هي محور هذا البحث ،لذلك سيفردها
51
52
الباحث في الفصل القادما بما يمكن من
التفصيلـ .
المراهـقـة
تبدأ المراهقة منذ البلوغـ الذي يتراوح
بين العاما) (15_12من العمر،وتسبق
البنات الصبيان بسنة واحدةا في الغالب
،وتستمر المراهقة حتى العاما ) _18
( 20من العمر ،وهذا التفاوت سببه
الفروق الفردية ،بالضافة إلى البيئةـ ،
والمراهقة أهم المراحل التي يمر بها
الولد أثاناء نموهم ،وترجع هذه الهمية
للسباب التالية :
.1المعنى الشائع الخاطئ للمراهقة
الذي يرى المراهق مريضا ً نفسيا ً ،
قلقا ً و مضطربا ُ ،بل يرى القلق
والضطراب حتميين في المراهقة ،
هذا المفهوما الذي نشره المريكي:
)ستانللي هول:ـ ( STANLLY ALL
) (1وخلصته أن المراهقة عاصفة
- 1مفكر أمريكي ولد عاما ) ( 1844وتوفي ) ، (1924تأثار
بآراء لوك وروسو ،وربط بين تاريخ النسان وتطور نمو الفرد
ن وتميز بتوسعه في دراسة المراهقة ،ووضع لها فترةا زمنية
) (15_12سنة ،ووصف الفترةا بالهياج والتوتر والحركة
والميل إلى المثالية ،والثورةا على التقاليد والمعاناةا ،
والتعبير عن المشاعر والحاسبس ،وقد طبق نظرية دارون
في النشوء والرتقاء على علم النفس ،ومعنى ذلك أن جميع
52
53
من التوتر والضطراب الحتميين ،
مما يجعل كثيرا ً من الباء
والمدرسين يتساهلونـ مع الشباب ،
ويتغاضون عن أخطائهم وأفعالهم
الضارةا ،لنهم ينظرون إليهم
نظرتهم إلى المريض الذي ل حرج
عليه .فيضيع الشباب في أهم
مراحل نموهم .
.2لن المراهقة مرحلة التغيرات
السريعة والجذرية أحيانا ً ،ول بد
من التعامل الواعي مع المراهق .
خصـائص المراهقـة
سنوجز خصائص المراهقة تحت اسم
حاجات المراهقة ،ونهدف من ذلك
توعية الباء إلى ما يحتاجه أبناؤهم
المراهقون ،فيعملون على إشباع
53
54
هذه الحاجات ،ليصل أبناؤهم إلى
مرحلة الرشد بسلما .
-1الحاجـة إلى العبـاداة :
وهي حاجة فطرية ،تظهر في توجه
النسان إلى الله عند الشدةا والخطر ،
وقد بين الرسول ذلك بقوله ) :ما
من مولود إل يولد على الفطرةا ،
فأبواه يهودانه وينصرانه ويشركانه ،
فقال رجل :يا رسول الله :أرأيت لو
مات قبل ذلك ؟ قال :الله أعلم بما
كانوا عاملين () (1أي على عقيدةا
التوحيد ،والميل إليها ،لكن البيئة
التي يربى فيها تصرف الوليد عن
أصل الفطرةا ،أو تحافظ عليها .
ً
فيتجه المراهق إلى المسجد أحيانا ،
ويحافظ على الصلوات والنوافل ،
والذكار والوراد .
وربما اجتذبته ساحات الجهاد طلبا ً
للشهادةا وإرضاء الله عز وجل ،
أشارت إلى ذلك كثيرـ من الدراسات
النفسية الميدانية ،وبينت أنها عند
)(2
المراهقات أكثر من المراهقين .
وفي هذه الفترةا التي تنفجر فيها
شحنة الجنس ،تنفجر شحنة روحية
- 1مسلم ) (2658في باب القدر .
_22عبد العزيز النغيمشي ،صا . 39
54
55
عجيبةـ ،شفافة صافية مشرقة ....
تنطلق معها لتضبطها وتسيطر عليها ،
ولكي ل ينطلق المراهق كالحيوان !
هذه الشحنة الروحية في مرحلة
البلوغ تأخذ صورةا مشاعر دينية
صافية شفافة ،تجنح ببعض الشباب
أحيانا ً إلى الصوفية ،وهذه العاطفة
الدينية تأتي في موعدهاـ المناسب ،
مع بدء التكليفـ الرباني ،لتصل القلب
بالله ،وتربطه به برباطا الحب
والتقوى ،والمربي المسلم ) الب أو
المدرس ( ينمي هذه المشاعر بإرشاد
الفتى ) والفتاةا ( إلى شعائر العبادةا ،
والنوافل ،وصوما التطوع ،وتلوةا
القرآن الكريم ،وطلب العلم
الشرعي ،ومتابعة الحلقات العلمية
)(1
في المساجد .
-2الحاجـة إلى العمل وتحمل
المسؤولية :
تلح التغيرات الجسدية والعقليةـ
والنفسيةـ على المراهق أن يعمل مثل
الكبار ،ول يبقى عالة على والديه ،
لنه لم يعد طفل ً ،وتدفعه الرغبة في
) الكبر ( إلى الرغبة في تحمل
المسؤولية ،فتراه مندفعا ً إلى عرض
_31محمد قطب ( 227 /2 ) :بتصرف .
55
56
خدماته على والده وأمه وأقاربه،يريد
أن يكلفوه بمهمة ما فينجزهالهم.
وينبغي على المربين ) آباء ومدرسين
( المبادرةا إلى تكليف المراهقين
بالعمال المناسبة لهم لشباع هذه
الحاجة ،ومن هذه العمال :
أ _ شراء حاجات البيت من
السوق،مع توجيهه وإرشاده إلى
الحسن ،ولضير في أخطاء الفتى في
هذا الميدان مرات عدةا في
البداية،وسوف يتعلم بعد ذلك .كما
تكلف الفتاةا بمساعدةا الما في أعمال
البيت ،وقد تسند إليها أعمال البيت
كلها في أياما العطل المدرسية .
ب_ يكلف الوالدان الفتى والفتاةا
بمساعدةا أشقائهم الصغار في
مذاكرةا دروسهم ،مع توزيع
المسؤولية عليهم في هذه المتابعة ،
بينما يقوما الوالدان بدور الموجه
التربوي فقط .
ج _ أعمال موسمية في التجارةا ،أو
حرفة صناعية ما يمارسها الفتى في
العطلة الصيفية ،بينما تدرب الفتاةا
على بعض العمال المنزليةـ المنتجة
كالكتابة على ) اللة الكاتبة ( أو
الحاسب اللي ،فتقوما بطبع الرسائل
56
57
العلمية ،أو تصف الكتب لدور النشر
وما شابه ذلك .
د_ إسهاما الفتيان ،والفتيات في
الدعوةا السلمية وتابعة أنشطتها ،
من محاضرات ،ومخيمات صيفية ،
ومراكز نسوية ...إلخ .
- 3الحـاجـةـ إلى توكيـد الـذات
ويسميه البعض الحاجة إلى الهوية ،أو
الحاجة إلى النتمـاء ،فالمراهق يريد
أن يعرف نفسـه ،ويريـد أن يقدما
نفسـه للخرين بقالب فكري أو
سياسي معين كأن يقول لهم :أنا
مسلم ،أو أنا علماني ،وقد يكون
أكثر دقة فيقول :أنا منهجي السلما ،
أو أنا منهجي العلمانية .
ويخرج الفتى من تمركزه حول ذاته ـ
كما كان في الطفولة ـ وينشغل
بالمجتمع ،والمــة ،والبشريـة ،
فيبحث عن سبب الفسـاد ؟ ومن أين
يبدأ الصلح ؟ ومن هذا الخيط يسعى
الفتى إلى النتمـاء ،كما تتسارع
الجماعات والحزاب إلى جذب
الشباب إليها ،وتصل درجة الحماسة
57
58
إلى الفدائية والتضحية بالنفس في
سبيل ما يراه حقا ً ). (1
ويساهم العمل وتحمل المسؤولية
في إشباع دافع توكيد الذات عند
المراهق ،كما يصل المر أحيانا ً إلى
التمرد على الكبار من أجل إثابات هذه
الذات وتوكيدها .فقد يخالف المراهق
أوامر الكبار ،ل ،لنه ناقشها ووجدها
غير مناسبة لـه ،وإنما رفضها لنها
أوامر الكبار ،ليثبت أنـه قادر على
الرفـض ،ويبيـن للخرين أنـه صار
كبيرا ً ،ولم يـعد طفل ً تملـى عليـه
الوامر .
ويتقبل المراهق من أصحابـه ؛ لن
نصائحهم ليست أوامرا ً من الكبار ،
وسيتضح ذلك أكثر عند الحديث عن
جماعة القران .
- 4الحـاجـةـ إلى المعرفــةـ
أوحب الطلع الذي ينمو بشكل
متسارع بسبب التفتح العقلي للمراهق،
ويعزز هذا الدافع لديه القدرات الجديدةا
المتفتحةـ ،كالقدرةا على الفهم المجرد
،دون الرجوع إلى المحسوسات ،
فيتجه بعض المراهقين إلى اقتناء
ـ محمد قطب ). (2/259 1
58
59
الكتب والقصص والصحف والمجلت
وقراءتها والعكوف عليها ،والستمتاع
بما تحويه من أحداث ،وتحليلت
وقصص ،ونماذج بطولية ،وأفكار
تغييرية ،وقد يلجأ المراهق إلى القراءةا
_ والقراءةا الموسعة _ في مجالت
متعددةا ،حيث ل يجد ما يلبي رغبته في
الستطلع من زاوية علمية واقعية .
59
60
نشاطا الكتشافـ والتجريب ،مثل _4
تجريب ) شرب السجائر ( وقيادةا
السيارات بطريقة معينة جديدةا ،وأحيانا ً
.تجريب المخدرات
وهكذايتضح أن الدافع إلى الطلع،قد
يكون سببا ً من أسباب تعاطي
المخدرات ،لذلك لبد من تدريب
المراهقينـ على ضبط هذا الدافع ،
ويمكن تدريب المراهق على هذا
الضبط من خلل :
_1التأكيد على مراقبة الله الدائمة له .
قال عز وجل :يعلم خائنة العين وما
تخفي الصدور _ غافر. _ 19:
_2تكوين ضوابط حسية وحركية :مثل
غض البصر ،وحفظ السمع عن
المسموعات المذمومة .
_3فن السؤال :أي أن تخدما أسئلته
تعلمه المثمر ،مضبوطةـ بحدود الدب
العاما ،فعن أبي هـريرةا رضي الله عنه
قال :سمعت رسـول الله يقول :
] ما نهيتكم عنه فاجتنبوهـ ،وما أمرتكم
به فأتوا منه ما استطعتم ،فإنما أهلك
الذين من قبلكم كثرةا مسائلهم
واختلفهم على أنبيائهم [) ، . (1فل تكون
1ـ متفق عليه ،البخاري في العتصاما ،باب القتداء بسنن
رسول الله رقم ) (6777ومسلم في الفضائل باب توقيره
60
61
أسئلة لمجرد الثرثارةا ،أو الترف
الفكري أو أسئلة غيبية ل فائدةا منها ،
ول يوجد لدى النسان أداةا للخوض فيها
.
_4فن الستئذان :وهو منتهى ضبط
حب الطلع ،فل يسمع ول ينظر ول
يسأل إل بعد الستئذان بذلك .
_5منع التعدي الستطلعي :ونقصد به
التجسس ،وهو غاية التعدي في حب
المعرفة،وقد ينزلق المراهق إلى
التجسس على الناس لشباع هذا
الدافع .
_6تلبية حاجة المعرفة :وهذه أهم
الوسائل الممكنة لشباع نهم المراهق
إلى المعرفة :
أ_ تزويد البيت بمكتبة شاملة ،
وجيدةا في محتوياتها ،وترتيبها ،ول
بد أن تحوي ما يجذب المراهق ،
كالقصص ،وكتب الرحلت ،
والتراجم والسير ،والمذكرات ،
والكتشافات العلمية ،والشرطة
المسجلة في الوعظ والناشيد
والمحاضرات .
61
62
ب_ استخداما أسلوب الحوار في
التعامل مع المراهق ،من أجل توجيهه
إلى النافع المفيد له .
ج_ أنشطة المراهق :كالرحلت
والمخيمات والمسكرات :ومنها رحلت
الحج والعمرةا ،ورحلت إلى المواقع
التاريخية ،أو للطلع على المنشآت
الصناعية والمدنية والعسكرية والعلمية
وغيرها .ومنها رحلت من أجل الجهاد
في سبيل الله عز وجل .
-5الـحاجـة إلى الـرفـاق
وهذه الحاجة من أقوى حاجات
المراهقة،وقد وجدناها في الطفولة
المتأخرةا ،لكنها تتبلور في المراهقة
بشكل ملفت للنتباه .
ويتعذر منع الشباب المراهق عن
الرفقـة أو فرض العـزلة عليه ،وهو
أمر يصطدما مع طبع النسان وجبلته ،
ويحرمه من حاجة نفسية مهمة .
ويتجه المراهقون إلى أقرانهم وزملئهم
في أشياء كثيرةا من أهما التشابه في
التحولت والمشكلت ،وسوف تفرد
هذه الحاجة في فصل مستقلـ نظرا ً
لهميتها في هذا البحث .
المراهقـة الهادائـة
62
63
تقول ) مارغريت ميد : ( MEAD
المراهقة مرحلة نمو عادي ،وما داما
هذا النمو يسير في مجراه الطبيعي ل
يتعرض المراهق لزمات ،وقد اهتمت
ميد بدراسة المجتمعات البدائية :
كالقبائل التي تعيش في الخياما ،
وتمتهن الرعي والصيد ،وقليل ً من
الزراعة ،وتقول عن هذه المجتمعات
البدائية ) :في هذه المجتمعات تختفي
مرحلة المراهقة ،وينتقل الفرد من
الطفولة إلى الرشد مباشرةا ،بعد
احتفال تقليدي ( ). (1
وقد أثابتت الدراسات أن المراهقة
مرحلة نمو عادي ) خالية من القلق
والضطراب ( ،والمراهق ل يتعرض
لزمة من أزمات النمو ما داما هذا النمو
يسير في مجراه الطبيعي ). (2
والزمات والقلق ليسا ضربة لزب في
المراهقة ،فقد تمر بدون هذه الزمات
،يقول عبد الرحمن العيسوي :
) وجدير بالذكر أن النمو الجنسي في
المراهقة ل يؤدي بالضرورةا إلى أزمات
،لكن النظم الحديثة هي المسؤولة عن
63
64
أزمة المراهقة ( ) (1ثام يقول العيسوي
تحت عنوان ) أسطورةا العاصفة ( :
) ولقد بالغ البعض في وصف المراهقة
بالعاصفة ،وقد أكدت الدراسات
الحديثة أن المراهقة ليست بالضرورةا
وبالطبيعةـ مرحلة عواصف وضغوطا ،
ففي بعض الدراسات لم تزد نسبة
المضطربينـ منهم على ) ، ( %20
ينحدر معظمهم من بيوت محطمة وغير
)(2
سعيدةا
الفصل الثالث
الحاجـة إلى الرفـاق
تـمهيد :
القرين في اللغة :المقارن والمصاحب
،والقرين الزوج لنه يصاحب زوجته ول
يفارقها ،والقرينة :الزوجة ). (3
- 1عبد الرحمن العيسوي ،صا . 29
- 2عبد الرحمن العيسوي ،صا . 49وللمزيد ينظر كتاب تربية
الشباب المسلم ،لخالد شنتوت ،نشر دار المجتمع ) 1413
(.
- 3المعجم الوسيط .
64
65
والقران :مجموعة من الفتيان ،قل
البلوغ بقليل أو بعده أو مجموعة من
الفتيات ،يكونون جماعة للذكور ،أو
جماعة للناث ،والصح مجموعة يتراوح
عددها بين) (5-2على الكثر .وجماعة
القران مجموعة أهم حدث في حياةا
النسان بعد الطفولة المبكرةا ،فما هي
جماعة القران ؟ ولماذا تشتد الحاجة
إلى الرفاق عند الفتى المراهق ؟ وما
أثارها في حياةا النسان ؟ وما هي سبل
الوقاية من أقران السوء ؟ وكيف
يتصرف الوالدان الحصيفان إزاء ذلك ؟
.
وخلل إحدى عشرةا سنة عملها الباحث
مرشدا ً طلبيا ً ) (1؛ راجعني عشرات
الباء يقولون كلما ً واحدا ً خلصته :
يقول الب _ واللم النفسي يعصره _ :
كان ولدي طفل ً مؤدبا ً ،ل يخالف
والديه ،ول يخرج من البيت ؛ إل إلى
المدرسة ،أو مع أسرته وكان متفوقا ً
في دراسته ،محبوبا ً في أسرته ،
مطيعا ً لوالديه ومدرسيه وإخوانه ...
- 1المرشد الطلبي كان اسمه المشرف الجتماعي ،
ومهمته في المدرسة مساعدةا الطلب على التكيف
الجتماعي المدرسي ،ورعاية الطلب المتفوقين ،
والمتأخرين دراسيا ً ،وربط البيت بالمدرسة ...إلخ .
65
66
حتى إذا تعرف على ابن فلن وابن فلن
،من عندكم في هذه المدرسة
) وأحيانا ً من حارته ( ؛ وكون معهم
)) بشكة (( ) ، (1ل يفارقهم ول يفارقونه
؛ تغير سلوكه وطبعه ،وصار ل يطيق
المكث في البيت ،ول يحب الخروج
معها ،ول يسمع لوالديه كما كان ،
وتغير مستوى تحصيله الدراسي_كما
ترى_ وحالتنا معه حالة متعبة ...
أسـباب جماعـة القأـران
جماعة القران مرحلة ضرورية من
مراحل النمو الجتماعي والنفسي يمر
بها النسان قبل البلوغـ بقليل ،وخلل
فترةا المراهقة ،وتستمر هذه النزعةـ
قوية جدا ً عند الشباب حتى يتزوج
الشاب ،وتتزوج الفتاةا ،فتقل الرابطة
بين القران ،لتنشأ بدل ً منها رابطة
السرةا الجديدةا التي سيكون أبا ً فيها ،
أو تكون أما ً في هذه السرةا الجديدةا ،
وقد تستمر رابطة القران بعد الزواج ؛
لكن بشكل أضعف ،وفي كل الحالت
تغرس في النسان صفات قد ل تفارقه
مدى العمر .
- 1كلمة دارجة في الحجاز وتعني مجموعة صغيرةا من
الصدقاء .
66
67
) والرفقة مطلب نفسي ل يستغني عنه
النسان ،وخصوصا ً في مرحلة
المراهقة .وبوجود الرفقة المنسجمة
يتم قضاء الوقات وتبادل الراء
والخبرات وبث المال والتشارك في
الحاسيس والمشاعر ...ويتعذر منع
الشاب المراهق عن الرفقة أو فرض
العزلة عليه ،وهو أمر يصطدما مع طبع
النسان وجبلته ،ويحرمه من حاجة
نفسية مهمة (). (1
مرحلة جديدة في العمر
يبدأ الطفل الهتماما بالقران قبل
البلوغ ،وهذه محطة جديدةا في العمر ،
يمكن التزود منها ،واستدراك بعض ما
فات من المحطات السابقة ) الطفولة
المبكرةا ،والمتأخرةا ( وتكون إعادةا
التشكيلـ بأن ) ينتقي المربي لطفله
أصلح النماذج ن سواء للمصاحبة العامة
في المجموعة ،أو للصداقة الخاصة ،
ويكون ذلك بالتلطف ل بالفرض ،كأن
يدعو الب أصدقاء ابنه إلى البيت
ويكرمهم ،وتستطيع الما أن تدعو
صديقات ابنتها كذلك ( ). (2
- 1عبد العزيز النغيمشي :صا . 62
- 2محمد قطب :منهج التربية السلمية ) . ( 203 / 2
67
68
وهكذا يتدخل الوالدان الحاذقان بشكل
غير مباشر لتدارك ما فاتهم في
المحطات السابقة ؛ فيهيئون أقرانا ً
صالحين لولدهم ،وبذلك يعيد التشكيل
،ويجعله صالحا ً ،أو يحافظ على
تشكيلـ الطفولة الصالح .
القأـران قأنطـرة عبـور
عاش الطفل داخل السرةا ،كانت
علقاته محصورةا بأمه عندما كان
رضيعا ً ،ثام توسعت فشملت والده ،
وبقية أفراد أسرته خلل الطفولة
المبكرةا ،ثام شملت المدرس وبعض
زملء المدرسة على مستوى محدود
جدا ً خلل بداية الطفولة المتأخرةا ،
وبعد سنوات يصبح هذا الطفل راشدا ً
تتسع علقاته الجتماعية حتى تشمل
المجتمع كله ،ول بد له من مرحلة
انتقالية يتدرب فيها على العلقات
الجتماعية غير السرية ،وهذا أحد
أسباب جماعة الرفاق ) القران ( .
وهذه الجماعة بمثابة ) دورةا ( يتعلم
فيها المراهق معايير سلوكية خاصة ،
ويتعلم منها الحياةا الجتماعية العلمية ،
وتعطيه فرصة التعاملـ مع أفراد
68
69
متساوين معه ،وتساعده على
)(1
الستقلل الشخصي عن الوالدين .
وعاش الطفل متعلقا ً بوالديه ،ل يتلقى
من غيرهما خلل الطفولة المبكرةا ،ثام
صار يتلقى من المدرسين في الطفولة
المتأخرةا ،وما زال يتلقى من الكبار
لنه صغير ،والن يريد الطفل أن يكون
كبيرا ً ،لنه سيدخل مرحلة الرشد بعد
قليل ،ويريد أن يتحرر من الخضوع
الكلي للكبار ؛ لنه لم يعد طفل ً يخضع
لوالديه ومدرسيه في كل شيء ،فماذا
يفعل وهو يهاب ولوج مجتمع الكبار
دفعة واحدةا ،لذلك يمر بهذه المرحلة
النتقالية ،فتعلق الطفل بوالديه أكثر
من تعلقه بأقرانه ،وتعلق الرجل
بالمجتمع أقل من تعلق الفتى بأقرانه ،
ويلحظ أن مجموعة القران لعبت
دورالمرحلة النتقالية بين السرةا
والمجتمع
وعاش الطفل متعلقا ً بوالديه ،ويريد
اليوما أن يقلل هذا التعلق لنه يرى
نفسه كبيرا ً ،ويريد أن يتعامل مع أفراد
من خارج السرةا ،كبداية للتعامل مع
أي فرد في المجتمع ،فيبدأ التعاملـ مع
69
70
القران كتمهيد للتحرر من الطفولة
ومغادرتها إلى الرشد .
كيف تتكون مجموعة القأران
) الرفاق (
يلحظ على أفراد مجموعة القران :
_1التقارب في العمر .
_2التشابه في الميول والهوايات
والوظيفةـ الجتماعية ) تلميذ مثل ً ( ،
وتجد هواةا كرةا القدما يتقاربون حتى
يشكلوا مجموعة ،وهواةا الرحلت
يشكلون مجموعة أخرى ،المتفوقون
يشكلون مجموعة خاصة بهم ،
والمتأخرون دراسيا ً يشكلون مجموعة
خاصة بهم ،حتى ينطبق المثل القائل :
إن الطيور على أشكالها تقع .
_3العامل الجغرافي :فهم أبناء حي
واحد ،تم تعرفهم في المسجد ،أو
المدرسة ،أو الشارع أحيانا ً .ول بد من
المعايشة في الفصل ،أو المسجد ،أو
الشارع ،أو من خلل زيارات القرباء
أحيانا ً .
_4بعض التكامل في الصفات
الشخصية :كأن تجد مجموعة من
الرفاق منهم الغني الذي يملك سيارةا ،
ومنهم الفقير المتقدما على صاحب
70
71
السيارةا دراسيا ً ولو بقليل ،ومنهم
الذي يملك صفات الزعامة ،ومنهم من
يعزف عن وظيفة الزعيم ،حتى تلمس
بعض التكاملـ المؤقت في الشلة
الواحدةا .
_5من نافلة القول أن مجموعات
الذكور ل تقبل الناث ،ومجموعات
الناث ل تقبل الذكور ،كما سبق في
الطفولة المتأخرةا .
_6الرفقة الختيارية ل يلزما بها
المراهق ،وإنما يختار رفاقه بمحض
إرادته ،فيلبي هذا الختيار حاجة نفسية
عند المراهق وهي أنه ل يرغب أن
يفرض عليه أحد ،ويمقت إصدار
الوامر من الكبار ) الوالدان
والمدرسون ( ،وينزع إلى الستقللية
في الرأي والتصرف .
_7معارضة الكبار لهذه المجموعة يزيد
من التصادق أفرادها ببعضهم ،إذ تنشأ
هذه المجموعات أصل ً ؛ كرد فعل على
تسلط الكبار عليهم ،وكبداية للتحرر
من سلطتهم ،فإذا عارضها الكبار ؛
تأجج الصراع بين مجموعة المراهقينـ
والكبار ،ويزيد توحد هذه المجموعة
). (1
- 1عبد العزيز النغيمشي ،المراهقون ،صا . 68
71
72
يبحث الفتى،كما تبحث الفتاةا في العمر
) _ (15_10لشعوريا ً _ عن أفراد
الشلة،في البيئات التي يعيش فيهاكل
منهما ،وهي المدرسة ،المسجد،
الشارع ،الحي ،وبعد التعرف غير
المقصود عادةا ،يتقرب الفتى ممن
لمس فيه صفات وطموحات مشابهة
لما عنده،فيزيد التعرفـ عليه ،والتقرب
منه ،حتى تتوثاق عرى الصداقة بينهما ،
ثام يضم ثاالث ورابع وربما خامس بنفس
الطريقة إلى المجموعة .وتضع
المجموعة بعض القواعد لها ؛ فيسارع
أفرادها إلى طاعة هذه القواعد لنها
نابعة منهم ؛ ولم تفرض عليهم من
الكبار .
المبـكرون إلى جماعـة الرفـاق
الطفل الذي يعيش في جو منزلي غير
عطوف ) يتيم ،والداه قاسيان معه ،
أسرته ذات تقاليد صارمة في تعاملها
مع البناء ...إلخ ( هذا الطفل أسرع إلى
البحث عن الرفاق خارج السرةا ،لنه
يبحث عن الحنان الذي فقده في أسرته
،وهذه حالة غير سوية ،لذلك
) تجتذب الصحبة السيئةـ المراهق ؛
لوجوده في جو منزلي غير عطوف ،
72
73
وغير آمن ،أو لخفاق المراهق في
التوحد مع أبيه ،وإخفاق البنت في
توحدها مع أمها ( ). (1ومثل هذا الطفل
يلتحق بأول مجموعة رفاق تصادفه _
وقد تكون سيئة _ لنه ل يطيق النتظار
والبحث عن الفضل .
والمبكرون في النضج كذلك يسارعون
إلى البحث عن مجموعة الرفاق ،
فالفروق الفردية بين الفتيان تجعلهم
يتفاوتون في زمن البحث عن مجموعة
الرفاق ،ومن هذه الفروق التبكيرـ في
النضج .
والصبيان يبكرون في البحث عن
مجموعات الرفاق أكثر من البنات
لختلطهم مع زملئهم في المدرسة
والمسجد والشارع ،أما البنات فأقل
اختلطا ً بزميلتهن ،ول توجد غير
المدرسة تؤمن لهن هذه الفرصة .
والطفال المتقدمون في النمو
الجتماعي ) غير النعزاليين ( يبكرون
في البحث عن الرفاق ،ويكونون
مجموعات أكبر نسبيا ً من غيرهم
تتراوح بين ) ( 5 _ 3أعضاء ،ويقودها
أكثرهم في النمو الجتماعي ،بينما
يتأخر )النعزاليون( في البحث عن
- 1حامد زهران ،صا . 327
73
74
مجموعات الرفاق ،ويكونون
مجموعات صغيرةا نسبيا ً تتكون غالبا ً
من عضوين فقط أو ثالثاة على الكثر .
ويحسب الباحث أن التأخر في البحث
عن مجموعة الرفاق أفضل من التبكيرـ
؛ لن الطفل يزداد نضجا ً ويتمكن من
الختيار الفضل ،وعندما نضع الطفل
في جو أسري تربوي متعلمـ ؛ يراعي
خصائص النمو لكل مرحلة ؛ عندئذ
ينتقي الطفل رفاقه على مهل ،ويكون
اختياره للصلح بإذن الله تعالى .
أثـر القأـران على الفـرادا
تؤثار جماعة القران على النسان سلبيا ً
أو إيجابيا ً ،فالطفل الحسن الذي التحق
بمجموعة فاسدةا ؛ يكتسبـ منها القيم
والخلق الفاسدةا ،والطفل السيء
الذي التحق بمجموعة صالحة ينمي
أخلقه وقيمه الفاضلة ويعمقها ،
ويحافظ عليها ،ويشبع حاجته إلى
الرفقة .
ً
وقلما نجد مراهقا كان له خلة ومحبة
وملزمة لرفقة ما ؛ إل ويكون على
نهجها وطريقتها،متحدا ً معها في أفكاره
وسلوكه وأخلقه ،إن خيرا ً فخير ،وإن
شرا ً فشر ،وبعد أن يجتاز سن
74
75
المراهقة ؛ يبقى في الغالب على ما
كان عليه من توجهات وصفات ،وربما
بقيت رفقته كما عي لم تتغير في
أشخاصها وسماتها ،وهذا ما يحدث في
الغالب )) . (1وتتميز المراهقة المبكرةا
_ البلوغـ _ بأنها مرحلة المسايرةا(). (2
والمجاراةا والموافقة والنسجاما مع
المحيط الجتماعي ،وقبول العادات
الجتماعية الشائعة بغية تحقيق التوافق
الجتماعي(). (3
أثـر القأـران على عقيـدة الفـردا
قال تعالى :ويوما يعض الظالم على
اتخذت مع الرسول ُ يديه يقول يا ليتني
سبيل ً ،يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلنا ً
خليل ً ،لقد أضلني عن الذكر بعد إذ
جاءني وكان الشيطان النسان خذول ً
_ الفرقان . _ 30 -28 :وعن أبي
موسى _ رضي الله عنه _ عن النبي
أنه قال ] :إنما مثل الجليس الصالح
والجليس السوء كحامل المسك ونافخ
الكير :فحامل المسك إما أن يحذيك _
- 1عبد العزيز النغيمشي ،صا . 71
- 2المسايرةا هي أن يتفق الفرد في سلوكه مع بيئته
الجتماعية ،والبيئة هنا هي الرفاق .
- 3حامد زهران ،صا . 325
75
76
يعطيك مجانا ً _ وإما أن تبتاع منه ،وإما
أن تجد منه ريحا ً طيبة ،ونافخ الكير إما
أن يحرق ثايابك ،وإما أن تجد منه ريحا ً
خبيثة [ ). (1
قال ابن حجر :وفي الحديث النهي عن
مجالسة من يتأذى بمجالسته في الدين
والدنيا ،والترغيب في مجالسة من
ينتفع بمجالسته فيهما .ويقول النووي :
وفيه فضيلة مجالسة الصالحين ،وأهل
الخير والمروءةا ومكارما الخلق والورع
،والعلم والدب ،والنهي عن مجالسة
أهل الشر والبدع ومن يغتاب الناس أو
يكثر فجره وبطالته ونحو ذلك من
النواع المذمومة .وفي تحفة الحوذي
يقول المباركفوري :ومن أحب قوما ً
بالخلصا يكون من زمرتهم ،وإن لم
يعمل عملهم ،لثبوت التقارب بين
قلوبهم ،وربما تؤدي تلك المحبة إلى
موافقتهم ،وفيه الحث على محبة
الصلحاء والخيار ورجاء اللحاق بهم
- 1متفق عليه ،أخرجه البخاري في كتاب البيوع ،باب )
(38في العطار وبيع المسك ،ورقم الحديث)، (2101وفي
فتح الباري ) (379_4دار الريان .ومسلم في كتاب البر
والصلة والداب ،باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة
قرناء السوء ،رقم الباب ) (45ورقم الحديث) (2628وفي
شرح النووي ) (417 _16دار القلم ،وأخرجه أبو داود في
كتاب الدب ،باب :من يؤمر أن يجالس ) . ( 184 _ 7
76
77
والخلصا من النار) . ( 7/60ويقول
الخطابي في شرح سنن أبي داود :
وفي الحديث إرشاد إلى الرغبة في
صحبة الصلحاء والعلماء ومجالستهم
فإنها تنفع في الدنيا والخرةا ،وإلى
اجتناب صحبة الشرار والفساق فإنها
تضر دينا ً ودنيا .
والجليس صيغة مبالغة من كثرةا
المجالسة والملزمة ،ول شك أن
للجليس أثارا ً تراكميا ً متدرجا ً على
شخصية المرء وأخلقه ) . (1وتدخل
هذه الثاار التراكمية إلى نفس القرين
دون أن يشعر ،ول ينتبه إل بعد فوات
الوان ،فلو كان أحد القرناء يدخن ،
والخر ل يدخن ،ويظن في نفسه أنه
لن يتأثار بقرينه ولن يعتاد على التدخين
،لكن تعوده على رائحة التدخين من
قرينه ،ثام الرغبة اللشعورية في
التوحد مع قرينه ،تدفعه _ دون أن
يشعر _ إلى المسايرةا ،فيدخن مرةا
لرضاء قرينه ،ومرةا ثاانية وثاالثة مجاراةا
ومسايرةا حتى يعتاد ذلك من أقرانه .
وعندما ل يكون الب مدخنا ً فإن
الطريق الوحيد لتعود الولد على
التدخين هو مجموعة الرفاق .
- 1عبد العزيز النغيمشي ،صا . 70
77
78
ول يعني هذا أن الرفاق ل يأتي منهم
خير ،بل إن الرفاق _ أحيانا ً _ مدرسة
خير يلتحق بها المراهق فيتخرج منها
مؤمنا ً صلب اليمان ،ومسلما ً حسن
السلما ،ومجاهدا ً في سبيل الله
ورسوله ، يحصل ذلك إذا كتب الله
الهداية لشخص ما ،فيهييء له رفاقا ً
صالحين يجرونه نحو التقوى والعمل
الصالح ،وسنرى أن دور البيت المسلم
بشكل
ٍ هو السعي لتهيئةـ هؤلء الرفاق
غير مباشر لولده ؛ فيضمن سلمة
عقيدتهم وسلوكهم ،ويسعدون في
دينهم ودنياهم .
أثر القأـران على التحصيل
الدراسي
من خلل عمل الباحث في الرشاد
الطلبي لحظ أن الطلب المتفوقين
أكثر انسجاما ً مع أسرهم ،وأقل
انسجاما ً مع رفاقهم ،وبالتالي هؤلء
يتأخرون في اللتحاق بمجموعة الرفاق
،ويلتحقون بمجموعات قليلة العدد
نسبيا ً ) ( 3_2في الغالب ،وربما يتأخر
عندهمـ التفتح الجتماعي ،كل ذلك
لصالح التفوق في عملهم المدرسي ،
ومعظم الطلبة الوائل ينطبق عليهم
78
79
ذلك ،حتى إذا كان لهم رفاق فإن
الوقت الذي يقضونه معهم قليل نسبيا ً
.
وعكس ذلك الطلب المتأخرون دراسيا ً
أقل انسجاما ً مع أسرهم ،وأسرع في
اللتحاق بمجموعات الرفاق ،وأكثر
التصاقا ً بهم ،وتكون مجموعاتهم أكبر
في العدد ) ( 5_4في الغالب ،وأكثر
نشاطا ً وحركة وخاصة من حيث الوقت
الذي يضيعونه في اللعب والتسكعـ في
الشوارع والسهر معا ً .
وهناك علقة عكسيةـ بين عدد الفراد
المجموعة من جهة وبين متوسط درجة
تحصيل أفرادها الدراسي ،وبنفس
الوقت توجد علقة عكسيةـ أيضا ً بين
عدد الساعات التي يعيشها الرفاق معا ً
وبين متوسط درجة التحصيلـ الدراسي
.
وقد يكون القران _ أحيانا ً قليلة _ عونا ً
للفتى على الجتهاد ،عندما تكون
الشلة صالحة ومجتهدةا فإنها تدفع
أعضاءها على الجد والجتهاد ،كما أنهم
يتعاونون على مذاكرةا دروسهم وحل
واجباتهم .
أثر القأـران على سـلوك الفـردا
79
80
تتحدد معظم معالم الشخصية وسماتها
في الطفولة المبكرةا ،ثام تأتي
المراحل التالية فتدعم أو تعيق هذه
المعالم ،ومن أهم المراحل التي تدعم
ما بُني في الطفولة ،أو تعيقه وقد
تهدما أو تخرب بعضه ؛ مرحلة القران .
وسبب ذلك أن الفتى يريد أن يتحرر من
الطفولة ويغادرها ،فينتقل إعجابه من
والديه ومدرسيه إلى العجاب بالرفاق ،
وكلما وجد في المجموعة عضو ذو
شخصية قوية فإن أثاره ينتشر على بقية
العضاء ،إن كان خيرا ً فخير ،وإن كان
شرا ً فشر ،ومن الملحظ أن انتقال
الشر أسرع ؛ لن الهدما أسرع وأسهل
من البناء .فالعجاب يدفع إلى التقليد
ويتقمص الفتيان شخصية زعيم
المجموعة أكثر من تقمصهم
لشخصياتـ الكبار ،لنه يظن أن تقليده
لرفيقه مبني على حرية اختياره ،وغير
مفروض عليه من الكبار .
وقد تبين في إحدى الدراسات التي
استفتت ) ( 623طالبا ً في سبع
مدارس ثاانوية أن هناك انخفاضا ً في
اتصال المراهقين بالراشدين من آباء
ومدرسين وغيرهم ،وتبين أن هذا يؤدي
80
81
إلى تضاعف اتصال المراهق برفقته
وازدياد التعلق بها ). (1
وتبين من دراسة مقارنة أن المراهقين
يستمدون السلوك والرأي من
أصدقائهم في قضايا ومجالت حيوية
مؤثارةا ،تتعلق بأنماطا السلوك
والملبس والبرنامج اليومي والهوايات ،
وكل هذه قضايا خطيرةا ومتجددةا تحدث
تراكميا ً عبر الزمن ،تتأسس عليها
شخصية المراهق وسماته وطبائعه
). (2
وهكذا تعد مجموعة القران أحد
المصادر المهمة والمفضلة عند
المراهقينـ للقتداء واستقاء الراء
والفكار ،ويؤدي القتران والتشابه بين
القران _ في كثيرـ من الحيان _ إلى
التوحد والتعلق بالرفقة بحيث ل يقدما
المراهق عليها أحدا ً ويربط غالبا ً
.مصيره بمصيرها ورأيه برأيها
81
82
الفصل الرابع
الوقاية من رفاق السوء
تمـهيـد :
سيحاول الباحث أن يقدما للباء بعض
النصائح العملية _ على ضوء ما سبق
من خصائص مرحلة المراهقة ،
والحاجة إلى الرفاق _ كي يخططوا
لحاطة أبنائهم بمجموعات صالحة من
الرفاق بشكل غير مباشر ،ودرهم
وقاية خير من قنطار علج،والعمل منذ
الطفولة لتوفير هذه البيئةـ الصالحة ؛
أسهل بألف مرةا من إخراج المراهق
من مجموعة رفاق فاسدةا،وقد تضيع
كل المحاولت لخراجه منها.
كن محبوبـا ً عند ولـدك
كل الباء يحبون أبناءهم بشكل غريزي
،أما البناء فيحبون آباءهم بسبب
تآلفهم معهم ،وعشرتهم الطويلة ،
وبعبارةا أخرى يحب الباء والمهات
أطفالهم بدافع عضوي فطري ؛ سببه
هرمونـ )برولكتين( عند الما ،وشبيه
بذلك عند الب ،أما الطفال فيحبون
آباءهم وأمهاتهم بدافع اجتماعي
82
83
مكتسب خلل مرحلة الطفولة الطويلة
المدى .
ومن أدلتي على ذلك أن الطفال
يحبون أمهاتهم أكثر من آباءهم ،لن
المهات أكثر صلة بهم من الباء .ويدل
عليه أيضا ً أن حب الباء للبناء أكبر من
حب البناء للباء ؛ لن الول فطري
والثاني مكتسب .
فإذا صح ذلك فإن مدى حب البناء
للباء يتناسب طردا ً مع الزمن السعيدـ
الذي يقضيه الباء مع البناء ،كالسهرةا
السرية الصغيرةا ،يقص فيها الب ما
يحبه الطفال من القصص ،أو تحكي
لهم الما ما يشبع خيالهم من الحكايات ،
أو النزهةـ في البساتين والحدائق أو
البرية حيث اللعب الذي يحبه الطفال
كثيرا ً ؛ وخاصة إذا لعب البوان مع
أطفالهم الصغار _ في الطفولة
المبكرةا _ أو هيأوا لهم رفاق اللعب
المحبوبين ليشبعوا عندهم الحاجة إلى
اللعب ؛ والحاجة إلى الرفاق ؛ بآن واحد
.
أو الرحلة التي تقوما بها السرةا معا ً
كالعمرةا أو الستجماما في منتزه نظيف
أو شاطئ خال من العورات ،أو
الصطياف في بلد مسلم جميل ل
83
84
تنتهك فيه حرمات الدين ،أو زيارات
أسرية إسلمية هادفة ...إلخ .
وهذا الزمن السعيد ) (1الذي يقضيه
الوالدان مع أولدهم يعمق محبة الباء
في قلوب البناء ،ويأتي بعده الهدايا
التي يقدمها الباء لبنائهم ،فالولد
يفضل ساعات من السعادةا يعيشها مع
أمه وأبيه ،على الهدية الثمينة منهما مع
غيابهما .
تقبـيل الولدا
ومما يعمق محبة الطفال للوالدين
تقبيل البوين لهم ،فالقبلة من الب أو
الما للطفل تعبير عن الحب القوي ،
وعندما يعلن الوالدان عن حبهما للطفل
بهذه اللغة ؛ فإن الطفل يحب والديه ،
فيبادلهما الحب ،وهذا أساس نمو
العاطفة السليمة عند النسان .
وللقبلة دور فعال في تحريك مشاعر
الطفل وعاطفته ،وقد صنف البخاري
يرحمه الله بابا ً في كتاب الدب سماه :
- 1قلت الزمن السعيد كي أفرق بينه وبين الزمن الذي
يقضيه الب عادةا بين أولده آمرا ً وموبخا ً ومؤكدا ً على تنفيذ
أوامره ،وربما محققا ً ثام معاقبا ً بالشتم أو الجلد ...إلخ ،
وبعض الباء يتوهم أن تجارته وصفقاته أهم من أولده ،كما
تتوهم بعض المهات أن وظيفتها أهم من أطفالها ،وأن
الخادمة تقوما بما يلزما نيابة عنها !! .
84
85
باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته ،
وقال ثاابت عن أنس :أخذ النبي
إبراهيم فقبله وشمه .وهذه بعض
أحاديث الباب :
_1عن أبي نعيم قال :كنت شاهدا ً
لبن عمر وسأله رجل عن دما البعوض
فقال :ممن أنت ؟ قال :رجل من
العراق .قال :انظروا إلى هذا يسألني
عن دما البعوض ،وقد قتلوا ابن النبي
.وسمعت النبي يقول ) :هما
ريحانتي من الدنيا ( .
_2عن أبي هريرةا رضي الله عنه قال :
قبل رسول الله الحسن بن علي
وعنده القرع بن حابس التميمي جالسا ً
،فقال القرع :إن لي عشرةا من الولد
ما قبلت واحدا ً منهم)(1فنظر إليه رسول
الله ثام قال ) :من ل يرحم ل يرحم ( .
_3وعن عائشة رضي الله عنها قالت :
جاء أعرابي إلى رسول الله فقال :
تقبلون الصبيان فما نقبلهم ،فقال
النبي ) : أو أملك لك أن نزع الله من
قلبك الرحمة ( .
85
86
يقول ابن حجر يرحمه الله :ويجوز أن
يريد الريحان المشموما ،لن الولد
يشمون ويقبلون فكأنهم من جملة
الرياحين ،وفي جواب النبي للقرع :
إشارةا إلى أن تقبيل الولد وغيره من
الهل والمحارما وغيرهم من الجانب
إنما يكون للشفقة والرحمة ،ل للذةا
والشهوةا ،وكذا الضم والشم والمعانقة
.
_4وصنف الماما مسلم يرحمه الله
تعالى بابا ً في كتاب الفضائل عنوانه :
رحمته بالصبيان والعيال وتواضعه
وفضل ذلك ،ورد فيه :عن أنس بن
مالك رضي الله عنه قال :ما رأيت
أحدا ً كان أرحم بالعيال من رسول الله
قال :كان إبراهيم مسترضعاًـ له في
عوالي المدينة فكان ينطلق ونحن معه
فيدخل البيت وإنه ليدخن _ وكان ظئره
قينا ً )حداداً( _ فيأخذه فيقبله ثام يرجع
...الحديث .قال النووي :وفيه فضيلة
)(1
رحمة العيال وتقبيلهم
86
87
ومما تجدر الشارةا إليه أن تعميق حب
البناء لبائهم يتم في مرحلة المهد ) _0
( 2ثام في مرحلة الطفولة المبكرةا )
. ( 6_2كما أن المرجو من تعميق هذه
المحبة بناء أساس لموقف إيجابي من
الطفل نحو أسرته ،يجعله على صلة
قوية بوالديه ،تبقى متينةـ حتى يمر
الطفل بالمراهقة ثام يصل إلى الرشد .
حتى إذ دخل الطفل مرحلة الطفولة
المتأخرةا تبدأ مرحلة جديدةا من إرساء
سبل الوقاية من رفاق السوء .
إذا كـبر ابنـك خاويـه
من خصائص الطفولة المتأخرةا أن
الولد يرى نفسه كبيرا ً ،وعلى الوالدين
الحصيفين إشباع هذه الرغبة بالوسائل
التالية :
_1أن ل يطهرا للولد أو البنت أنهما ما
زال طفلين ،بل على عكس ذلك ينبغي
أن يعلن الب وتعلن الما أن فلنا ً صار
رجل ً ،وأن فلنة صارت فتاةا ،ومن ثام
يتصرفان نع كال منهما على ضوء ذلك
العلن .
_2أن يكتم الوالدان خوفهما الزائد
على ولدهم إذا تأخر عن البيت ،أو
مارس عمل ً للكبار ،كقيادةا الدراجة أو
87
88
السيارةا ،لن الولد يفهم من ذلك أنه
مازال طفل ً في نظر والديه ،ويؤلمه
ذلك .
_3يبدل الوالدان علقتهما مع الولد أو
البنت بالتدريج ،من علقة البوةا إلى
علقة الصداقة ،فبعد أن كان الوالدان
يلقنان أولدهم تلقينا ً :افعل كذا ،
وإياك أن تفعل كذا ...تتبدل اللهجة إلى
:أنا أرى أن هذا هو الفضل لك ،ولك
حرية الختيار ... ،أقترح أن تفكر في
هذا المر ...أنصحك أن ل تصاحب
الطلب الكسالى ...إلخ .
وهكذا تبدلت اللهجة من أوامر أب إلى
نصائح صديق .
_4يكثر الب من اصطحاب أولده
اليافعين ) في الطفولة المتأخرةا ( معه
في زياراته لصدقائه ،ومجالس العلم
والدب التي يرتادها ،كما تكثر الما من
اصطحاب بناتها اليافعات معها إلى مثل
تلك الزيارات والمجالس .وأثاناء
الذهاب والعودةا يتحدث الب مع ولده
كأنه يستشيره في أمور البيت أو إخوانه
الصغار ،كما تتحدث الما مع بنتها في
الذهاب والعودةا تستشيرها في شئون
البيت ،وأخواتها الصغيرات .
88
89
_5يبدأ الوالدان بالعودةا إلى العقاب
المعنوي،ومعاتبة الولد أو البنت عند
اللزوما).(1
_6تعويد الولد على الحوار والمناقشة
الموضوعيةـ ثام الشورى منذ صغره ،
وتنمية التفكيرـ الحر عند الولد ،ليتمكن
من اتخاذ القرار ،ومساعدته على
الوصول إلى القرار الصحيح .
والغرض من صداقة الب لبنه ،والما
لبنتها ؛ أن الطفل في هذه المرحلة
يبحث عن أصدقاء ،ويريد من الخرين
أن يعاملوه كراشد ل كطفل ،وأهم من
ذلك أن تكون علقة الولد بأبيه متينةـ ،
-1يرى الباحث أن يتدرج العقاب حسب المخطط التالي :
_ 1ثاواب بل عقاب منذ الميلد وحتى نهاية السنة الثانية .
_2العقاب بتغير ملمح الوجه تغيرا ً طفيفا ً ،وطفل
حالما يرى الثالثة يلحظ ذلك ،وقد يبكي ألما ً
البتسامة غابت عن وجه أمه .
_3العقاب بالحرمان من بعض المكافآت ،كوقت اللعب
أو حلوى أو زيارةا ...إلخ .حتى نهاية السابعة .
_4العقاب بالتأنيب اللفظي المعتدل ،والحرمان من
المكافآت ،حتى العاشرةا .
-5يسمح بالضرب التربوي في العاشرةا حسب ما ورد في
فقه التربية السلمية .
_6استبدال الضرب بالتوبيخ اللفظي بالتدريج ،ثام
الوصول إلى العقاب بالعتاب في حوالي العمر ) (14_12وما
بعد .فالصديق ل يعاقب بالضرب ،وإنما يعاتب صديقه ،
ويستهجن ما ل يرضى عنه من سلوكه ،كما يمدح ما أعجبه
ويثني عليه لتعزيزه .
89
90
وعلقة البنت بأمها قوية أيضا ً ،فيؤدي
ذلك إلى تأخر التحاق الولد بمجموعة
الرفاق ،وكلما تأخر اللتحاق بالرفاق
كان ذلك أفضل وأسلم ،لن الولد
عندئذ ينتقي رفاقه على مهل ،أما إذا
كانت علقة الولد بوالديه واهية ؛ فإنه
يسرع إلى البحث عن الرفاق ،وغالبا ً
تشده أول مجموعة يصادفها وقد تكون
سيئة .
وقد دلت دراسة قاما بها ) برنفنبرز (
على وجود علقة إيجابية بين إحساس
المراهقينـ بالمسؤولية من ناحية،ومدى
صداقتهم لوالديهم من ناحية أخرى ،أي
كلما كان التعامل يأخذ منحى الصداقة )
التعاون ،المشورةا ،الحوار ( بين
المراهق وبين والديه ،وجدت المراهق
أكثر إحساسا ً بالمسؤولية ،وتنعكس
هذه العلقة إلى علقة سالبة عندما
يحس المراهقون بالنبذ والهمال
والجفاء من جانب والديهم ). (1ومن
أغراض هذه الصداقة أيضا ً أن يدعم
الب ما قدمه لبنه في الطفولة
المبكرةا بطريقة التلقين والوامر ،
حيث يقدمه الن على شكل نصائح
واقتراحات ،كما يتابع الب الحصيف
- 1عبد العزيز النغيمشي ،صا . 106
90
91
عملية البناء التربوي عند ولده ،ويكمل
عملية التنشئةـ الجتماعية بأسلوب
يناسب المرحلة التي يعيشها الولد .
) وسبيل المربي إلى صيانة فتاه وفتاته
عن أقذار الجاهلية الدنسة لن يكون
سهل ً ،ووسيلته هي تعميق الحساس
بالله ،ووسيلته كذلك أن يكون صديقا ً
لمن يربيه ،وأن يجعل الصلة التي
تربطه بالبيت أقوى وأثاقل من الصلة
التي تربطه بالمجتمع ،وأن تكون صلة
المودةا بين الولد وأبيه ،وبين الفتاةا
وأمها كافية للمكاشـفة التي يمكن عن
طريقها تصفية الضغط الزائد عن الحد
. (1) ( ...
الـرفقـةـ الصالحـة
وأفضل سبل الوقاية من رفاق السوء ؛
وضع الولد في مجموعة صالحة من
رفاق الخير ،فكيف ذلك ؟
_1القأامة في بيئة صالحة :
لن العامل الجغرافي هو العامل الول
في انتقاء القران لبعضهمـ كي يشكلوا
مجموعة الرفاق ،فهم زملء في حي
واحد ،أو مدرسة واحدةا ،أو مسجد
- 1محمد قطب . ( 240 / 2 ) ،
91
92
واحد ،لذلك يجب على الب المسلم
أن يسكن في بلد مسلم ،أو على القل
في بلد تتوفر فيه الرفقة الصالحة
لولده وبناته ،وأن يجعل هذا الهدف
مقدما ً على العمل والكسب والوظيفة
وغير ذلك ،فالوالد راع وهو مسئول
عن أولده وبناته أماما الله عز وجل ،
لذا وجب عليه القامة في بلد صالح ،
يتوفر فيه عدد من الصالحين من أجل
أولده وبناته .
فكم من أب ترك أوروبا أو أمريكا حيث
فرصا العمل متوفرةا ومريحة ،عندما
كبر أولده ،ليحافظ عليهم من رفاق
السوء هناك ،حيث ل يوجد رفاق خير .
وفي البلد الصالح تختلف الحياء بحسب
غالبية السر التي تسكنها ،وبحسب
المسجد الذي يتوفر فيه الداعية
المسلم ،وحيث المدرسة المسلمة
التي تكمل ما بناه البيت المسلم ). (1
_2من صفات الحي المسلم ؛
المسجد العامل
- 1من نعم الله الكثيرةا على الباحث أن أولده شبوا
وترعرعوا في المدينة المنورةا أطهر وأشرف بقاع العالم ،
وقد وصل الباحث إليها عندما كان ابنه الكبر في الحادية
عشرةا من عمره ،فكانت مجموعة رفاقه من خيرةا أبناء
طيبة الطيبة ،ولله الحمد والمنة .
92
93
الذي يرتاده الشباب والولد في
الصلوات الخمس ،أو لللتحاق بجماعة
تحفيظ القرآن الموجودةا فيه ،أو
حضور الدروس والحلقات العلمية
كالتجويد والتفسيرـ والحديث والفقه ،
وربما قدمت فيه بعض الحصص
المدرسية كالرياضيات والنحو والفيزياء
والنجليزية .إلخ.
وعندما يلتقي الولد عدةا مرات يوميا ً
في المسجد فإن الولد عندئذ ينتقي
أفراد مجموعته من رواد المسجد ،
. )(1
فتكون له رفقة صالحة بإذن الله
_3ومن صفات الحي المسلم :
المدرسة المسلمة
والمدرسة المسلمة ) مثل مدارس
تحفيظ القرآن الكريم ،والمعاهد
العلمية في المملكة العربية السعوديةـ ،
وقليل من المدارس العامة ( ،
والمدرسة المسلمة عي المدرسة التي
تكمل مهمة البيت المسلم ،فتحافظ
على الفطرةا التي فطر الله الناس
عليها .وقد تكون مدرسة أهلية ،ويأمل
الباحث أن تتجه الصحوةا السلمية
- 1للمزيد من الطلع على دور المسجد في الرفقة الصالحة
ينظر :خالد شنتوت ،تربية الشباب المسلم ،نشر دار
المجتمع ،صا . 68
93
94
المعاصرةا إلى بناء المؤسسات
السلمية الضرورية للمجتمع المسلم ،
ومنها المدرسة المسلمة .ويبدو أن
التجاه إلى نمو التعليم الهلي يزيد بعد
أن بدأت الدول تعجز عن توفير التعليم
الفضل .
وتكون المدرسة المسلمة ) في العالم
السلمي ( إذا ما وجد فيها بعض
المدرسين الدعاةا ،الذين امتهنوا
التعليم رسالة وليس حرفة ،ومع أن
هؤلء قلة حاليا ً إل أنهم موجودون ،
وعلى الب المسلم أن يبحث عن
المدرسة التي يتوفر فيها مثل هؤلء
الدعاةا المربين ؛ مهما كان موقع
المدرسة بعيدا ً عن البيت .
وقد يبدو المر صعبا ً لول وهلة ،
فانتقاء الحي المناسب ،والمسجد
العامل المربي ،والمدرسة المسلمة ،
لكن الصعوبة تتبدد مرةا واحدةا عندما
تتعاون عدةا أسر مسلمة ،فتسكن في
حي واحد ،ثام توفر حافلة لنقل الولد
وأخرى للبنات إلى المدرسة المسلمة
في الصباح ،والمسجد العامل في
المساء ،وهذه الحافلة ستكون من
مرافق البيئة الصالحة التي يتعرف فيها
الرفاق الصالحون على بعضهم .
94
95
95
96
عندئذ بالستفادةا من هذه المؤسسة
على النحو التالي :
_1إعداد الساحات العامة في الحي ،
وفرشها بالرمل النظيف الناعم ،
وتغطية بعضها بالمروج ،وتظليل بعضها
.
_2إشاعة المر بالمعروف والنهي عن
المنكرـ بين سكان الحي ،فإذا رأى أحد
المارةا طفلين يتشاجران يسرع إلى
فض نزاعهما ،وإذا رأى أحدهم طفل ً
يدخن مثل ً ينزع السيجارةا من فمه
ويصادر علبة السجائر منه ويتلفها ،
ويخبر والده بذلك ليعالج الموقف ،وإذا
سمع أحد المارةا كلمة نابية وقف وأنب
قائلها ،وشرح له ضرر ذلك ونصحه بأن
ل يعود لمثلها .
_3تهتم الشرطة ،وهيئة المر
بالمعروف والنهي عن المنكر ،وإدارةا
التعليم بهذه الساحات ،وتراقبها لتسهر
على المن فيها ). (1
_5المتابعة غير المباشرة
بعد القامة في البيئةـ الصالحة ،ل بد
من المتابعة غير المباشرةا من الوالدين
-1خالد شنتوت ،الشارع مؤسسة تربوية ،مجلة التربية ابو
ضبي العدد ) ( 107 _ 105ديسمبر . 1993
96
97
،حتى ينتظم الولد في مجموعة
صالحة من رفاق الخير ،والمقصود من
المتابعة غير المباشرةا أن ل يعرف
الولد ذلك ،لن الولد يريد أن ينتقي
رفاقه بحرية ،دون تدخل من الكبار ،
وخاصة الوالدين ،لن الولد يرى تدخل
والديه في انتقاء أصحابه دليل ً على
أنهم يعتبرونه طفل ً ،وهذا يضايق الولد
كثيرا ً .وهذه أهم الوسائل لهذه
المتابعة غير المباشرةا :
أ _ زيارات إسلمية بين البيوتـ
المسلمة ،بحيث يتوفر القران فيها ،
ويفسح المجال للولد الذكور بالنفراد
وحدهم ،وكذلك تنفرد البنات وحدهن ،
وحبذا لو شغل بعض الوقت بذكر الله
كتلوةا ،ـأو دراسة حديث ...إلخ .
ب_ تقوما عدةا بيوت مسلمة بنزهة
مشتركة ،أو رحلة قريبة ،على أن يتم
الفصل بين الجنسين ،ويتحقق فيها
لقاء القران بأمثالهم .كما يخصص
بعض الوقت للذكر كالتلوةا أو موعظة
أو درس في الفقه ،مع أذكار السفر .
والمحافظة على أداء الصلةا في أوقاتها
.
ج_ يجمع أحد الباء أقران ولده
ويصحبهم إلى رحلة ،أو نزهة أو البرية
97
98
من أجل اللعب بكرةا القدما ،ول بد من
تخصيص بعض الوقت للذكر كما سبق ،
ويفضل تناول الطعاما الجماعي ،وتؤدى
صلةا الجماعة .كما تجمع الما الحصيفة
قرينات ابنتها الصالحات في بيتها ،أو
في زيارةا لحدى الداعيات .
د_ يدعو الب المسلم أقران ولده
الصالحين إلى بيته ،خلل مناسبة ما ،
ويكرمهم ،ويحثهم على التزاور في الله
،وكذلك تدعو الما المسلمة قرينات
ابنتها الصالحات ،وتحثهن على التزاور
واللقاءات المسلمة .وتقدما لهن العون
والمساعدةا الممكنة .
هـ _ يتعرفـ الب المسلم _ دون علم
ولده _ على أقران ولده ،ويبحث عنهم
ليطمئن على صلحهم وسلمة سلوكهم
،ويقوما بزيارات متكررةا إلى المدرسة
،ليتعرف بواسطة المرشد الطلبي
والمدرسين على زملء ولده المقربين ،
وعدما يلحظ ميل ولده إلى رفاق سوء
يحسم المر بشدةا بتبديل الحي أو
المدرسة أو البلد كله ،لن الموقف
خطير جدا ً ويتوقف عليه صلح ولده في
الدنيا والخرةا .
و_ الستعانة بذوي الخبرةا :كأن يلجأ
الب إلى مدرس داعية ،ويوصيه بولده
98
99
،ويعمل الب على توثايق صلة ابنه بهذا
المدرس ،كأن يزوره في البيت بصحبة
ولده ،أو يطلب الب من قريب ) أخ
كبيرـ ،عم ،خال ( مساعدته في
المتابعة والتوجيه غير المباشرين نحو
الرفقة الصالحة .
و_ المخيمات السلمية والمراكز
الصيفية
ومن أفضل وسائل تكوين الرفاق
الصالحين المخيمات السلمية
والمراكز الصيفية ،وهذه المراكز تشبع
عدةا حاجات روحية ونفسية واجتماعية
للطفال والشباب ،ولن معظم أفراد
هذه المخيمات أو المراكز من الفتيان
المنتقينـ إسلميا ً ،فإنها أفضل البيئات
لنتقاء الرفقة الصالحة ،وينبغي للب
المسلم أن يرسل أولده إلى هذه
المخيمات ولو كانت بعيدةا ،وعليه أن
يخطط عطلتهـ وفقا ً لهذه المخيمات
والمراكز نظرا ً لهميتها ،وأن يتحمل
النفقات _ إن وجدت _ من أجل تربية
أولده تربية إسلمية .
وعندما نسلم بأن المراهقة حبس
الطاقات المتفجرةا عند الفتى ،مما
تدفعه إلى البحث عن رفاق سوء
99
100
ليشغلـ وقته ويصرف هذه الطاقة
الفائضة المحبوسة ،فإن المعسكرات
أفضل الوسائل لصرف هذه الطاقات
بالعمل والتدريب والنشطة والتعلمـ
بالضافة إلى إشباع الحاجات المتعددةا
المذكورةا سابقا ً .
فالحاجات الروحية ) (1المتفجرةا عند
الشباب تشبعها إقامة الصلوات الخمس
جماعة في المخيم ،بالضافة إلى
التهجد قبل الفجر ،وصلةا القياما في
جوف الليل ،وتلوةا القرآن الكريم آناء
الليل وأطراف النهار ،وصوما التطوع
والفطار الجماعي ن وأذكار اليوما
والليلة ،وجو الخوةا في الله .
والحاجات الجتماعية يشبعها توفير
القران في العمر والثقافة والفكر ،
بالضافة إلى تحمل المسؤولية عندما
تسند المهمات إلى الفراد المشاركين
في المعسكر ،والعيش المشترك مع
الخرين .
والحاجات النفسيةـ يشبعها شعور
الشاب بأنه رجل يعيش في المعسكر ،
- 1وفي المراهقة تتفجر شحنة روحية عجيبة ،شفافة صافية
مشرقة ،وهنا الفرصة الذهبية للمربي الحكيم أن ينتهز
فرصة انطلق هذه الشحنة الروحية الهائلة ليعيد تشكيل
النفس إن فاته ذلك في الطفولة ...انظر محمد قطب ،
منهج التربية السلمية ) . ( 226 / 2
100
101
ويتدرب على القتال من أجل الجهاد في
سبيل الله ،والتعودـ على الخشونة في
المأكل والمشرب والنوما ،والتعودـ على
المفاجآت .وخدمة البيئة تشبع دافع
توكيد الذات كبناء سد أو تعبيد طريق
وتشعر الفتيان بأهميتهم في المجتمع ،
ويدفعهم إلى تحمل المسؤولية .
101
102
الوقاية من المخدرات
تـمهيـد :
تعد مشكلة تعاطي المخدرات من أهم
المشكلتـ التي تسبب خطرا ً بالغا ً يهدد
مستقبل المجتمع ،لما يترتب عليها من
أضرار بالغة ينعكس أثارها على الفرد
والمجتمع ،فالخمور والمسكرات
والمخدرات والعقاقير المخدرةا تسبب
مخاطر ومشكلت عديدةا في أنحاء
العالم ،وتكلف البشرية فاقدا ً يفوق ما
تفقده أثاناء الحروب المدمرةا ). (1
وظاهرةا انتشار تعاطي المخدرات من
أدلة فشل الحضارةا المعاصرةا في
ملئمة النسان ،يقول أحمد فتحي
سرور ) وزير تربية مصري سابق ( :
عندما تنهار عوامل التربية السليمة ؛
يتخلف النموذج النفسي والجتماعي
الواقي من النحراف ،ويجد الشباب
في المخدرات بابا ً خلفيا ً لدخول حياةا
مصطنعة ) وهمية ( يحيكها له وهم
زائف يقوما على أسرار العقاقير
) 0 (2
المخدرةا
وتحاول الصهيونيةـ العالمية إغراق
الكثير من الدول السلمية والعربية
- 1النقيب نايف المرواني ،الدمان والمدمنون ،صا . 13
- 2اللواء محمد فتحي عيد ،المخدرات ،صا .287
102
103
بالمخدرات المصنعةـ والطبيعية ،وذلك
بوساطة المنظمات السرية والعملء
المجندين الذين تضعف نفوسهم أماما
الغراءات المادية ). (1
واتضح من الدراسة الميدانية أن الفئة
العمرية ) ( 20 _16سنة قد احتلت
المرتبة الولى بالنسبة للعمر الزمني
- 1المرجع السابق ،صا . 44وقد نشرت في مجلة المجتمع
الكويتية بعددها ) ( 1052الصادر في 2يونيو 1993ما ؛
ملفا ً عنوانه ( :جرائم اليهود ضد مصر بعد التطبيع ( مما جاء
فيه )) :كانت السياحة هي الستار الحديدي الذي ارتكب
الصهاينة من ورائه كل جرائمهم في مصر ،فعقب كامب
ديفيد تدفق اليهود في رحلت مكثفة ومتتالية إلى مصر ،
وفي ) 1988ما ( بلغ عدد اليهود الذين زاروا مصر ثالث اليهود
في فلسطين المحتلة ،وأصبح حجم السياحة السرائيلية
لمصر يمثل عشرةا بالمائة من إجمالي السياحة الجنبية (( .
ودخل مع السياح التجسس على نطاق واسع ومنه قضية
) آل مصراتي ( ،وتهريب العملت المزيفة ... )) ،ولم
يتوقف المر عند ترويج العملت المزيفة للقضاء على
القتصاد ،وإنما تواكب معه وعلى نفس الخط ترويج
المخدرات ففي العاما ) (1989تم القبض على خمسة من
العاملين في المركز الكاديمي السرائيلي في القاهرةا خلل
تهريب هيروين في معجون أسنان ،وقبلها بعامين ضبط
الصهيوني ) ساسون فريد ( يقوما بترويج الهيروين في مدينة
العريش ،وفي عاما ) (1986أكدت وزارةا الداخلية المصرية
أن إجمالي القضايا التي ضبط فيها صهاينة بلغت ) (4457
قضية ضبط فيها ) (51طن من الحشيش ،و ) (30كلغ من
الفيونـ (( .
)) وصدر تقرير أمني مصري رفيع المستوى عاما )(1990
يحذر من أخطار السياسة السرائيليلة ويؤكد أن الموساد
103
104
للفرد عند تعاطي المخدرات لول مرةا
.بينما ترى دراسة ) مارفن ( أن
تعاطي المخدر لول مرةا يقع في الفئة
العمرية من ) ( 18_13سنة ). (1
المخدرات والشباب
قاما الباحث النقيبـ نايف محمد
المرواني بدراسة بعض العوامل
النفسية والجتماعية التي تدفع الفرد
لتعاطي المخدرات 1413 ) ،هـ (
وكانت عينة الدراسة من نزلء قسم
المخدرات في سجون المدينة المنورةا ،
ومن نتائج هذه الدراسة :
) ( 42%من العينة تعاطوا المخدر
لول مرةا عندما كان عمرهم ) _16
وراء كل المخططات الهادفة إلى تدمير الشباب ،ويقول
التقرير أن ) ( %80من السياح ل عمل لهم ،ومع ذلك تمتد
إقامتهم إلى عدةا شهور ،يحرصون خللها على الحتكاك
بالمصريين ،ويقيمونـ عادةا في فنادق الدرجة الثالثة ،في
ضيافة الشباب العزب من المصريين الذين يقعون في
حبائلهم ؛ خاصة إذا كانت مجموعات الصهاينة تضم نساء .
وقد تزامن التقرير مع تفجير قضية )تشارلز( الذي ضبط بعد
أن نقل طاعون اليدز لمائتي طفل تقريبا ً من أبناء الحياء
الفقيرةا ؛ أوقعهم في شباكه من خلل إغداق الهدايا والنقود
عليهم بعد اصطيادهم من الحدائق العامة ،وبعد ضبطه
اعترف بما قاما به من جرائم ... ،ثام أفرج عنه بعد اتصالت
مصريةـ أمريكية ،دون أن يمسهـ سوء،كما أفرج عن ) آل مصراتيـ
(.((..
- 1المرجع السابق ،صا . 139
104
105
( 20سنة ،و) ( %18منهم من ذوي
العمر) ، (25_20و) (%9منهم تقل
أعمارهم عن ستة عشر عاما ً .ويتضح
من ذلك أن الفئة ) (20_16احتلت
المرتبة الولى بالنسبة للعمر الزمني
عند تعاطي المخدر لول مرةا ،
والمخيف أن بعض الولد الذين تقل
أعمارهم عن ) (16سنة تعاطوا المخدر
للمرةا الولى .وهذه النتيجةـ تتفق مع
ما توصل إليه الباحث ) مرزوق،
( 1990حيث توصل إلى أن الشباب
الذين تمتد أعمارهم من ) ( 20_18
هم أكثر عرضة للنزلق في هاوية
المخدرات ،كما تتفق مع دراسة
الباحث ) الفالح ( 1987،حيث توصل
إلى أن ) ( %44جربوا تعاطي
المخدرات لول مرةا عندما كانت
أعمارهم ) ( 24_20سنة .كما تتفق
مع دراسة ) مارفن ( 1983 ،حيث
توصل إلى أن عمر المفحوصين عند
تعاطي المخدر لول مرةا يتراوح بين )
( 18_13سنة .
وبناء على ذلك يمكن القول بأن أخطر
مراحل الفرد هي مرحلة المراهقة ،
والتي يتعرض خللها الشباب لضغوطا
من السرةا والمجتمع ،فتؤدي بالبعض
105
106
إلى النزلق في هاوية المخدرات .كما
تبين من نتائج دراسة ظاهرةا تعاطي
المخدرات أن التعاطي مرتبط بفترةا
المراهقة أو ما قبلها ،والتي يلجأ فيها
الشخص لجماعات التعاطي بحثا ً عن
الدمان وتحقيقا ً لذات الفرد ،أو هربا ً
من سيطرةا السرةا ). (1
وفي دراسة عبد الرحمن المصيقرـ ،
بعنوان :الشباب والمخدرات في دول
الخليج العربي)1985ما( أشار إلى أن
الطفال يتعرضون للدمان والتعاطي
بسبب عملهم في مزارع المخدرات
) كما في لبنان ( أو نتيجة للقدوةا
السيئة في البيت أو المدرسة ،أو
بسبب صحبة السوء ،أو استخداما
التجار لهم في عمليات تهريب
المخدرات .
كما يشير إلى كثرةا الحداث
والمراهقين المتعاطين والمدمنين .
وأكد أن المخدرات تنتشر بشكل سريع
في المارات العربية المتحدةا بين
الحداث والشباب ). (2
106
107
وفي لبنان أجرى مارون بغدادي بحثا ً
تبين منه أن ) ( %17من الحداث
يؤكدون أنهم جربوا المخدرات ،و)
( %90منهم تعاطوا الحشيش ). (1
وفي دراسة عن مصر تبين أن سن
تعاطي المخدرات يبدأ في الخامسة
عشرةا ،وأكثر من نصف مدمني
الحشيش تتراوح أعمارهم بين ) _16
( 22سنة ن وتبين أيضا ً أنه زاد القبال
في صفوف الطلب والطالبات ،ولم
يبعد تعاطي المؤثارات العقليةـ والنفسيةـ
كالمنشطات سرا ً ،بل صار ضربا ً من
المباهاةا ). (2
أما عن تعاطي الشباب للمخدرات في
أمريكا فأمر مخيف جدا ً ،إذ يقول
)وديل هورتون( :يموت يوميا ً )(80
أمريكيا ً في حوادث السيارات ،لنهم
يقودونها في حالة سكر،أو) (30ألف
سنويا ً معظمهم من الشباب ،و)(%77
ممن قتلوا في حوادث السيارات من
الشباب الصغار ،ومن الذكور ،أي
حادث مروري كل خمس ثاوان من
- 1سهيل الحاج ،المخدرات جريمة العصر ،دار الشمال ،
طرابلس ،لبنان 1988،ما ،صا . 63
- 2حسن إبراهيم عبد العال ،التربية في مواجهة ظاهرةا
المخدرات ،مجلة رسالة الخليج العربي ،العدد ) (2السنة)
(8عاما ) 1408هـ 1988 -ما ( ،صا 31
107
108
الشباب المخمورين .ومن أسباب
تدهور التعليمـ في أمريكا انتشار الخمور
والمخدرات بين الصغار ،ويكلف ذلك
الدولة ) ( 63بليون دولر سنويا ً
تصرف على علج المدمنينـ ). (1ولعل
كثيرـ من الصغار يتعاطون
) المستنشقاتـ ( وتوجد في مواد
عديدةا متوفرةا بين أيدي الناس مثل :
كلورال ،سوائل التنظيف ،البنزين ،
مخفف الطلء ) الترنبتين ( ،مزيل
طلء الظافر ،وقود الولعات ،الصمغ
الصناعي ) الباتكس ( ...وغيرها ،
ويفرغ الولد الوعاء الذي يحوي المذيب
في كيس من البلستيك ،ثام يقرب
فتحته من أنفه لتتصاعدـ البخرةا
فيستنشقها المتعاطي بعمق ،أو يبلل
بها قطعة قماش ويكمم بها فمه ،وقد
يخلطها مع مواد عطرية ،وغالبية
متعاطي المستنشقاتـ من الصغار من
سن) (18_9سنة ،وتحصل وفيات
مرتفعة ترجع إلى تلف المخ ،وخلل
الجهاز العصبي ،ويعتبر البنزين من
أخطر هذه المستنشقات ،وأخطر ما
- 1وديل هورتون ،المراهقون ومآسي تعاطي المخدرات ،
ترجمة محمد عبد العليم مرسي ،نشر جامعة الماما محمد
بن سعود السلمية بالرياض .صا . 35
108
109
فيها أنها تباع بدون رقابة وسهلة
الستخداما .
أوصاف متعاطي المخدرات
_1تغير في الحضور والنتظاما
المدرسي ،كالتأخر الصباحي ،والتغيب
عن المدرسة بشكل متكرر .
_2تغير في القدرات العامة ،العقليةـ
والجسدية ،ويظهر ذلك في مستوى
تحصيل الطالب ،وإتقان واجباته
المدرسية ،ودرجاته في الختبارات .
وهربه من دروس التربية الرياضية
والعسكرية _ إن وجدت _ لنها تتطلب
طاقة جسدية ل توجد عنده .
_3المظهر الجسدي السيء ،وعدما
الهتماما بالملبس والنظافة .
_4لبس النظارات الشمسية لخفاء
العيون المنهكةـ من الرق .
_5لبس القمصان ذات الكماما الطويلة
لخفاء آثاار إبر الحقن .
_6الرتباطا الشديد مع مجموعة من
الشرار وهم زملؤه في تعاطي
المخدرات .
109
110
_7سرقة بعض المواد الصغيرةا
لبيعها،لنه دائما ً بحاجة إلى المال
لتأمين المخدر).(1
أسباب تعاطي الشباب للمخدرات
ضعـف الـوازع الديـني :
قال عز وجل :ومن أعرض عن ذكري
فإن له معيشة ضنكا ً.
فعندما ينشأ الولد على غير التقوى
واليمان ،تنمو نفوسهم مشوهة على
غير أصلها ،ضعيفة ل تصمد أماما
تقلبات الحياةا العادية ،وعن أبي هريرةا
رضي الله عنه قال :قال رسول الله
)) ل يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن
،ول يسرق السارق حين يسرق وهو
مؤمن ،ول يشرب الخمر حين يشربها
وهو مؤمن ((). (2فلو تربى هذا الشاب
- 1جون إدي ،المعلم في مواجهة المخدرات ،ترجمة محمد
عبد العليم مرسي ،مكتب التربية العربي لدول الخليج ) ،
1412هـ _ 1991ما ( الرياض ،صا .93
- 2مسلم في كتاب اليمان ،باب ) ( 24نقصان اليمان
بالمعاصي ...ويقول النووي في شرحه :هذا الحديث مما
اختلف العلماء في معناه والقول الصحيح الذي قاله
المحققون ل يفعل هذه المعاصي وهو كامل اليمان ...فهم
مؤمنون ناقصو اليمان ...ويرى بعض العلماء أن هذا من
فعل ذلك مستحل ً له مع علمه بورود الشرع بتحريمه .
110
111
على طاعة الله ورسوله ،فإن الصلةا
تنهى عن الفحشاء والمنكر ،وإن رفاق
المسجد يبعدونه عن هذه المعاصي ،
لذا فإن ضعف الوازع الديني هو السبب
الول والهم في تعاطي الشباب
المخدرات ،ومن أكبر الدلة عليه
الفارق الكبير بين تعاطي المخدرات
في الغرب العلماني ،والمجتمعات
المسلمة الملتزمة بدينها ،ففي
الوليات المتحدةا المريكيةـ مثل ً يوجد )
( 16مليون مدمن يوميا ً على
المخدرات ،أما الذين جربوا المخدرات
فيصل إلى) ( 40مليون ،وينفق
المستهلك المريكي ) ( 100دولر
سنويا ً ثامنا ً لكل أنواع المخدرات ،كما
يوجد ) ( 25ألف محل يتاجر
بالمخدرات ،وأكثر المخدرات عندهم
) الماريجوانا ( .
أما المجتمع المسلم في المملكة
العربية السعودية فلم يكن يعرف
المخدرات إلى وقت قريب ،كنتيجةـ
للثورةا التكنولوجية في المواصلت ،إذ
دخلت المخدرات مع الوافدين للملكة ،
ويرجع عدما تعرض المملكة لهذه
المشكلةـ بدرجة كبيرةا إلى تمسكها
بالعقيدةا السلمية في حياتها ،وتزويد
111
112
الناشئة بتعاليم دينهم السلمي ،
وتماسك السرةا المسلمة وعنايتها
بأولدها .وموقف الشريعة السلمية
الحازما في إقامة الحدود الشرعيةـ على
كل من تسول له نفسه النحراف عن
السلوك السليم ). (1
يقول الدكتور إبراهيم العواجي _ وكيل
وزارةا الداخلية السعوديةـ _ ) ...إنني
أبحث عن أصدق الكلمات وأخفها وقعا ً
وأقلها يأسا ً في تصوير مأساةا عالمنا
نتيجة لتخليه عن قيمه الروحية ،فإذا به
اليوما يدفع ضريبة تخليه من كل وازع
ديني أو ضابط أخلقي ،بعد أن فصل
العلم عن الخلق ،والمادةا عن الروح ،
ووصل بالحرية إلى مهاوي النحلل
والباحية فوقع فريسة شهواته وملذاته
،رعب نووي وضياع في عالم
المخدرات وأخيرا ً مرض اليدز ...ذلك
أن الحصانة الحقيقيةـ هي في العودةا
)(2
إلى المبادئ السماوية في اليمان(
وكلما زاد اليمان وارتفع زادت معه
الثقة بالله والتوكل عليه والقرب منه ،
- 1نايف المرواني ،صا . 54 ، 47
- 2بحث لمعالي الدكتور إبراهيم العواجي ألقاه في مؤتمر
فيينا ) ( 1987في مؤتمر عالمي لمكافحة المخدرات ،نقل ً
عن محمد علي البار ،المخدرات ،صا . 388
112
113
وكلما ضعف اليمان زادت المشاكل
وقرب النسان من النزلق في
المخاطر ،لذا فغن ضمور الوازع
الديني يعتبر من أهم أسباب انتشار
المخدرات بين أفراد المجتمع المسلم
). (1
وفي دراسة سلوى علي سليم )
1989ما ( في مصر وجدت أن عدد
الذين راجعوا عيادةا المراض النفسية
بمستشفى العباسية خلل الشهور
الستة الخيرةا من عاما )1987ما( هو )
(1386مدمنا ً على المخدرات ،منهم )
(586قبطيا ً ،و)(800مسلم ). (2
ومن مقارنة عدد القباطا المدمنينـ مع
عدد المسلمين المدمنين ،حيث أن
نسبة المدمنينـ من القباطا تساوي )
( %46من المدمنين بينما تشكل نسبة
السكان القباطا إلى سكان مصر )
(%10فقط ،أي أن نسبة المدمنين
القباطا تعادل خمسة أضعاف نسبة
المدمنينـ المسلمين ،وتفسير ذلك عند
113
114
الباحث الحالي أن الوازع الديني عند
المسلمين أقوى منه عند القباطا .
كما وجدت الباحثة أن ) (%11فقط من
عينةـ البحث كانوا يؤدون الصلةا وهم
صغار السن أي أن التنشئةـ الدينية كانت
قاصرةا لمعظم أفراد العينةـ ،كما
أوضحت الدراسة أن من يصومون شهر
رمضان كامل ً )5ر (% 18فقط من
العينة ،ومن المعروف أهمية الصياما
في تقوية الرادةا .
)) ...ومسلمو اليوما الذين أنهكتهم
المخدرات تحللت صلتهم بدينهم الذي
يحملون اسمه ،ويجهلون كنهه
ويأخذونه بالوراثاة ،أكثر من المعرفة ،
وقد كان ابتعادهم عن دينهم هو سبب
تورطهم فيما أضاعهم وأضعفهم ،ولو
عرفوا السلما بقلوبهم وعقولهم ؛
لعرفوا أنه ينهى عن كل مل يفسد
النسان ،ولعرفوا أن الله أحل لهم
الطيبات وحرما عليهم الخبائث ،ونهى
عن كل ما يضرهم ...وإن بعد الناس
عن دينهم يسير بصورةا متوازية بمدى
)(1
قربهم من حضارةا العصرـ الحديث
- 1ل يتفق الباحث الحالي مع الباحثة في هذه الفكرةا ،ويرى
أن المؤمن القوي يتعرف على الحضارةا الغربية فيأخذ منها
الصالح ويبتعد عن الفاسد .
114
115
وهي الحضارةا الغربية القوية
والمسيطرةا .هذا هو حالنا اليوما ،
عندما ضعف الوازع الديني في قلوبنا
أصبحنا تابعين لغيرنا ،حضاريا ً وثاقافيا ً
واقتصاديا ً ولننا أصبحنا غير أنفسنا ،
في عالم ل يرحم ،أدمن الكثيرون من
كل أنواع المخدرات ،فغابت عقولنا ،
وتدهورت أجسادنا ،وسلمنا أمورنا
لعدائنا ). (1
وقد يعجب كثير من الباء من وجود
ضعف الوازع الديني عند أبنائهم ،
ويتساءلون :كيف تسلل إلى عقول
أولدهم وقلوبهم ،وجواب ذلك أن
المدرسة المعاصرةا ووسائل العلما
وكثرةا الختلطا بالكفار وال..
وقد يعجب كثير من الباء من وجود
ضعف الوازع الديني عند أبنائهم ،
ويتساءلون :كيف تسلل إلى عقول
أولدهم وقلوبهم ،وجواب ذلك أن
المدرسة المعاصرةا ووسائل العلما
وكثرةا الختلطا بالكفار والعجاب بهم ،
هذه السباب الثلثاة أهم أبواب تسرب
ضعف الوازع الديني إلى أولدنا .
115
116
أما المدرسة فبعض المناهج ل تخلو من
أفكار علمانية ،هذا في البلدان التي ما
زال فيها بقية خير،وفي بعض بلدان
العالم السلمي تجد المناهج علمانية
صريحة توجه إلى الكفر واللحاد ،وكثير
من المدرسين دعاةا صرحاء أو سريين
إلى العلمانية والكفر واللحاد ). (1
أما وسائل العلما فل يوجد مسلم
يجهل عظيم بلئها على المسلمين ،
مما تبثه للمشاهدين من أفلما هابطة ،
ومناظر مثيرةا ،ل تراعي حرمة دين ،
ول قيم المجتمع وتراثاه .نسأل الله عز
وجل أن يرفع عنا هذا البلء .ومخالطة
الكفار والعجاب بحضارتهم المادية أول ً
ثام العجاب بسلوكهم وأفكارهم على
طريقة المغلوبـ يقلد الغالب .
وكي ننمي الشعور الديني عند أولدنا
فنحصنهم من النحراف بكل أشكاله ،
وخاصة تعاطي المخدرات ينبغي على
الوالدين :
_1ربط الولد بالقرآن منذ نعومة
أظافره ،وغرس محبة الله عز وجل
-1أسأل الله عز وجل أن يمد في عمري حتى أتمكن من
تأليف كتاب )) المدرسة المسلمة (( ،ويبدو أنني سأبدأ به
حال تقاعدي من التعليم ،لن خبرتي في المدرسة ستبقى
مادمت أعمل فيها .
ُ متنامية
116
117
في قلب الولد بالطرق التربوية
)(1
السلمية الواردةا في تنمية العقيدةا .
وتنشئته على محبة الله والشوق إلى
جنته ،وغرس القيم السلمية فيه منذ
الصغر بالقصص النبوي والسيرةا وحياةا
الصحابة رضي الله عنهم .
_2ربط الولد بالمسجد :وتردده على
جماعة تحفيظ القرآن ،وحضور
النشطة السلمية في المسجد ،
وربطه بالصحبة الصالحة من خلل
المسجد ،فينتقي أقرانه من هؤلء
الصالحين .
_3ربط الولد بدروس العلماء :وغالبا ً
ما تكون في المساجد ،وربما تكون في
بيت العالم أو أحد طلبه ،واهتماما الولد
بالعلم ،وخدمة العلماء ترفعه إلى صف
الصالحين ،وتبعده عن الطالحين .
_4تعريف الولد بحكم السلما في
التدخين ) وقد أجمع العلماء الن على
تحريمه بعد أن تأكد ضرره الصحي ( ،
والشيشةـ والشمة والقات وكل مفتر ،
ثام تحفيظ الولد آيات تحريم الخمر
والحاديث التي تلعن حامله وبائعه ...
- 1انظر مؤلفات الباحث مثل :دور البيت في تربية الطفل
المسلم ،فصل :التربية الروحية .وغيره أيضا ً .وخاصة :
تربية الطفال في الحديث الشريف ،وهو قيد الطبع .
117
118
إلخ ،وتحريم المخدرات ومدى ضررها
على الفرد والمجتمع ،وسوء العاقبة
في الدنيا والخرةا .
_5إلحاق الولد بالمخيمات السلمية ،
والمراكز الصيفية ،ليعيش ضمن
مجموعة صالحة من الرفاق ،تبعده عن
رفاق السوء .
رفـاق السـوء هم السـبب
دلت دراسة المرواني ) 1413هـ ( على
أن ) ( %35من أفراد العينةـ قالوا أن
مجاملة الصدقاء عي التي دفعتهمـ إلى
تعاطي المخدرات ،و) (%23قالوا إن
الخضوع لغواية أصدقاء السوء هي
سبب تعاطي المخدرات بالنسبةـ لهم
.و) (%15قالوا أن الرغبة في تقليد
الخرين هي سبب تعاطي المخدرات
عندهمـ ) ، (1كما تدل دراسة ) جمعان
رشيد أبا الرقوش 1404،هـ ( على أن
مجاراةا الصدقاء هي السبب الول في
تعاطي المخدرات ،وكذلك دلت دراسة
) سليمان قاسم الفالح 1407 ،هـ (
على أن مخالطة أصدقاء السوء هي
العامل الول في تعاطي المخدرات .
ودلت دراسة ) سلوى علي سليم ،
- 1نايف المرواني ،صا . 126
118
119
1409هـ ( على أن لصحبة السوء
دورها البارز والهاما في توجيه سلوك
الشباب إلى النحراف ،ودلت أيضا ً
على أن وفرةا المال بين يدي بعض
الشباب له دور في انحراف الشباب ،
ول تخلو نتائج أي دراسة ميدانية من أن
رفاق السوء سبب هاما من أسباب
تعاطي المخدرات ). (1
ول توجد دراسة ميدانية عن المخدرات
إل وبينت أن لرفقاء السوء دورا ً بارزا ً
في تعاطي الشباب للمخدرات ،وقد
لحظنا سابقا ً صفات الولد المبكرين
إلى جماعات الرفاق ،وهم الذين ل
يتوافقون مع الجو السري مع والديهم ،
لذلك يبحثون عن أول رفيق يصادفونه
دون النتباه إلى أخلقه وسلوكه .
وبدافع المسايرةا يقلد الولد رفاقهم ،
ويتوحدون مع أقرانهم في أفعالهم
وسلوكهم ،بدون تفكير ومناقشة ،وقد
دلت الدراسات الميدانية على أن
مروجي المخدرات يكلفون عميلهم
الذي يشتري منهم _ بعد أن تنضب
أمواله _ بالبحث عن زبائن جدد لهم ،
مقابل منحه قليل ً من هذه السموما
بدون مال ،ما يدفع رفاق السوء إلى
- 1المرجع السابق 75 ،وما بعدها .
119
120
جلب أصدقائهم إلى هؤلء التجار بعد
تعويدهم على المخدرات .
ومن طبيعة رفاق السوء أن يشجعوا
رفاقهم على مماثالتهم في سلوكهم ؛
كي ل يتميزوا عنهم ،ويكونوا سواء ،
وهم _باللشعور _ يدركون مدى شناعة
فعلهم عندما يتعاطون المخدرات ،
ولذلك تراهم مندفعين بحماس إلى
توريط رفاقهم ليكونوا مثلهم .
)) ...وتشير دراسات أجريت في
المجتمعات العربية إلى أن مجاراةا
الصدقاء كانت سببا ً من السباب
الرئيسية في تعاطي المخدرات ،ففي
العراق وجد يوسف إلياس أن هناك
ظاهرةا ملحوظةـ بين الشباب العراقي
وهي أن تناول المسكرات عي الوسيلة
المفضلةـ للندماج في الجماعة .وفي
الردن أشار ) ( %31من متعاطي
المخدرات إلى أن سبب تعاطيهم يعود
إلى مجاراةا الصدقاء ،ووجدت فئة
منهم تناول المخدرات مرةا في السبوع
بهدف مشاركة الخرين ومجاملتهم
وتقليدهم .وفي مصر ذكر ) ( %84
من المدمنينـ أنهم بدأوا في تعاطي
المخدرات من خلل توفيرها لهم أول ً
120
121
من قبل الصدقاء أو الزملء ) (1أما
وقاية الولد من رفاق السوء ،فقد
سبق الحديث عنها ،وهي أن تقوما
السرةا بجهودغير مباشرةا لحاطة
أولدها برفقة صالحة؛ قبل أن يحيط
نفسه برفاق سوء.
تـدخـين الب
يتأثار الطفال بوالديهم ،ل شعوريا ً ،
ومن هذه الثاار تقليد الولد آباءهم في
التدخين ،وقد روى لي أب أثاق به قال :
كنت مبتلى بالتدخين ،وعندي طفل في ُ
الرابعة من عمره ،كالزهرةا عند تفتحها
،وقد أُصيب بمرض تنفسي صار يعاوده
مرةا في الشهر ،واهتم والداه بمعالجته
_ خاصة وقد فقدا المولودين السابقين
له _ وكان الطفل موضع عناية فائقة
منهما .
وذات صباح في رمضان وقد نفث الب
سيجارةا قبل المساك ،وترك علبة
السجائر على الطاولة ،في ذلك
الصباح أيقظت الزوجة زوجها قائلة :
قم وانظر ماذا يفعل ابنك !!؟ إنه في
المطبخ .
فنهض الب وذهب إلى المطبخ ليرى
عجبا ً ،ويسمع ما هو أعجب ،رأى
- 1سلوى علي سليم ،مرجع سابق ،صا . 160
121
122
طفله الصغيرـ ابن الرابعة ،صاحب
الرئة المريضة ،ينفث سيجارةا أخذها
من علبة والده ،ولما قال له والده :
م تفعل هذا يا بني !!؟ أجاب الطفل _ لِ َ
بدون تلعثم :
_ أفعل مثلك يا بابا .
أخذ الب السيجارةا من يد طفله ،
وقلبه يكاد يتقطع من اللم ،ثام مزقها
أمامه ،ورماها في سلة المهملت ،
ومنذ ذلك اليوما لم ير الطفل أباه يدخن
،وبعد عدةا شهور قضاها الب يدخن
سرا ً عن طفله ،أقلع عنه نهائيا ً ولله
الحمد والمنة .
والتدخين مفتر ويحرمه معظم العلماء ،
وهو بداية المخدرات الخرى ،والب
المدخن يشجع أولده على التدخين ،
كما يضعهم عند بوابة المخدرات
الخطيرةا .
والمر نفسه بالنسبةـ ) للشيشة ( فما
داما المبدأ واحدا ً وهو حصول الفتور ،أو
ما يسميه المدمنون ) الكيف ( ؛
فالمخدرات ) كيف ( كذلك عند
المدمنينـ .
وكذلك ) القات ( في اليمن ،و) الشمة
( في شمال إفريقية ،كلها مقدمات
لولوج باب الحشيش ،فالخمر
122
123
،فالمخدرات .لذا يجدر بالب المحب
لولده والغيور عليهم ؛ القلع عن
التدخين والشيشة وكل أنواع ) الكيف (
المذكورةا
ومن دراسة الدكتورةا سلوى علي سليم
الميدانية عن تعاطي الشباب
للمخدرات في مصر وجدت الباحثة :
(68%) _1من الشباب المدمنينـ قالوا
:الب هو الذي يتعاطى المخدرات ،و)
(%20قالوا :الما عي التي تتعاطى
المهدئات ،وأجاب ) (%9بأن الخوةا
الكبار يتعاطون المخدرات ). (1
(31%) _2قالوا بأن المشاكلـ السرية
دفعتهم إلى المخدرات ،و)(%26
قالوا :رفاق السوء دفعوهم إليها .
(78%) _3قالوا أنهم على وفاق مع
أسرهم ،لكن الشياطين _وطبعا ً
يقصدون الشياطينـ البشرية _ هم
الذين زينوا لهم تعاطي المخدرات في
البداية .
إغـراق الـولـد بالـمال
123
124
بعض الباء يدفع لولده مصروفا ً كثيرا ً ،
وربما بدون حساب ،وقد يكون هذا
الب مدفوعا ً بعاطفته وحبه لولده ،أو
للمباهاةا والمفاخرةا أماما الناس ،
وعندما يجد الولد مال ً كثيرا ً بين يديه ،
يندفع إلى الشهوات ومنها التدخين ،
ويكثر الرفاق حوله ،ومنهم من يدور
في فلكه من أجل ماله ،وقد يندفع
الولد عندئذ إلى التدخين للمباهاةا ،أو
تعاطي الحشيش لشباع دافع حب
الطلع عنده ،وقد يؤدي به المر إلى
تناول الخمر ليدلل لزملئه أنه أكثر مال ً
منهم ،ومتى ولج الخمر أوصلته إلى
المخدرات لنه أما الكبائر ...إلخ.
والب الحصيف يدفع لولده ما يلزمه ،
ويسأل ولده أين صرف أمواله ،ليعود
ابنه على أنه سيسأل يوما الحساب عن
ماله من أين اكتسبه وأين أنفقه ،وهذه
تكفي لما لها من تعويد الولد على
القتصاد ). (1
ومن دراسة سلوى علي سليم
المذكورةا اتضح أن) (%71من الشباب
المتعاطينـ للمخدرات في مصر
- 1يفهم كثير من الناس كلمة اقتصاد بأنها التقتير والبخل ،
وهذا غير صحيح ،إذ أنها تعني العتدال في النفاق والتوسط
في الستهلك .
124
125
تعاطوها للمرةا الولى لمجرد حب
الستطلع ،ولم يعرفوا أن مجرد
التجربة ستجعلهم متعاطينـ دائمين
،ذلك لن بعضهم _ ربما _ جرب الخمور
أو الحشيش قبل ذلك ولم يجعله ذلك
التجريب مدمنا ً ،ويرى الباحث الحالي
أن هذا الشاب لول أنه يتكأ على مال
وفير لما خطرت في ذهنه هذه التجارب
،وقد يكون وجود المال الوفير معه هو
الذي أغراه بذلك .
كما دلت الدراسة على أن ) (%37من
المتعاطينـ ممن وضع لهم آباؤهم
أرصدةا بأسمائهم في البنوك ،حتى
يضمنوا لهم مستقبل ً مضمونا ً بعد
وفاتهم ،وللهرب من الضرائب
التصاعدية ،وأكد هؤلء أنهم يسحبون
من أرصدتهم دون علم آبائهم .
ومن العجيبـ في داء المخدرات أن
الفقير يدمن هربا ً من هموما فقره ،كما
يدمن الثري بحثا ً عن لذةا موهومةـ ،
ففي الوليات المتحدةا _ وهي من
الدول الثرية _ كانت نسبة الذين
يدخنون الحشيش عاما )1962ما( )
(%4فقط من مجموع السكان ،ولكنها
قفزت إلى ) (%64عاما )1982ما( ،
كما زاد مدمنو الكوكايين في الفترةا
125
126
ذاتها من )نصف( مليون مدمن إلى )
(22مليونا ً .فالفقر ورتابة الحياةا
المصاحبة له سببا ً من أسباب التعاطي
،والثراء الناتج عن الحياةا الحديثة
المعقدةا أكل مشاعر النسان ودفعه
إلى التعاطي .
وفي مصر نجد ) (%20من السر
المصرية تستحوذ على ) (%52من
الدخل القومي ،بينما ) (%80من أسر
مصر تحصل على ) (%48من الدخل
القومي ،وهنا يقع التفاوت ويبحث
الفقراء والثارياء عن المخدرات .
تفضيل الـمال على الولدا
ومما يساهم في تعاطي الولد
للمخدرات ؛ إهمال آبائهم لهم ،فالب
مشغول بتجاراته وصفقاته وأسفاره ،
ويعلل نفسه بأنه يشقى في جمع المال
من أجل أولده ،ليصبحوا أغنياء ومن
علية القوما ،وما درى الب أن انشغاله
عن ولده قد يؤدي إلى انحراف الولد ،
وربما التف رفاق سوء حول ابنه ،
وجروه إلى تعاطي المخدرات فأي مال
ينفعه عندئذ ؟
ويتوهم بعض الباء أن السائق
والخادمات والمدرس الخصوصي ،
126
127
ووكيل العمال ،كل ذلك جدير بأن
يسد غيبته وانشغاله بصفقاته وتجاراته ،
وربما أسفاره وأصحابه .وأثابتت
التجارب والبحوث الميدانية أن متابعة
الب لولده ل تعدلها متابعة ،وأن الولد
يندفع نحو الصلح والخير عندما يعرف
أن والده مهتم به ،ويندفع إلى رفاق
السوء إذا عرف أن والده منشغل عند .
ومن دراسة سلوى علي سليم اتضح ما
يلي :
(52%) _1من الشباب المتعاطينـ
يتغيبـ آباؤهم عن البيت أحيانا ً ،أي )
(%68من الشباب المتعاطينـ ممن
يتغيبـ آباؤهم عن البيت ،ويحرمون من
توجيه الباء ورعايتهم .
_2بالنسبة لعمل الب تبين أن )(%28
من الشباب المتعاطينـ يعمل آباؤهم
في الخارج ،و) 5ر (%17من
المتعاطينـ يعمل آباؤهم بالمهن الحرةا ،
ومع أن هؤلء الشباب ميسورون ماليا ً
إل أن المال لم يستطع أن يعوضهم عن
رعاية الب وعطفه وتوجيهه .
أوقأــات الفــراغ
127
128
ومن دراسة المرواني )1413هـ( اتضح
أن ) (%41من متعاطي المخدرات في
عينةـ الدراسة عاطلون عن العمل ،
وبالتالي يدفعهم الفراغ إلى القلق
فالنحراف .وقد تبين لعلماء النفس أن
القلق والضطراب لدى الشباب ناتجان
عن الفراغ وحبس الطاقة الفائضة
)(1
عندهمـ ،وليسا حتميين في المراهقة
،والقلق والضطراب الناتجان من
الفراغ وتعطيل الطاقة يؤديان إلى
النحراف ،ومن أنواع النحراف تعاطي
المخدرات وقد أجاب ) (%7من أفراد
العينة في دراسة المرواني )1413هـ(
أن الفراغ هو سبب انحرافهم وتعاطيهم
للمخدرات ،فيلجأون إلى ملء وقت
الفراغ عن طريق المخدرات والسلوك
المنحرفـ لستثمار وقت الفراغ عندهم
.
ويؤيد هذا أن أولد الحضر أكثر انحرافا ً
من أولد الريف ؛ لن أولد الريف
يعملون مع أسرهم في الزراعة ،ول
يتوفر لديهم أي وقت فارغ .كمل أن
انحراف الولد في المجتمعات
- 1انظر ماجد عرسان الكيلني ،فلسفة التربية السلمية
،صا ، 110وعبد العزيز النغيمشي ،المراهقون،صا ، 26
وخالد شنتوت ،تربية الشباب المسلم ،صا . 17
128
129
المتقدمة صناعيا ً أكثر من انحراف
الولد في البلدان النامية ،لن
الخيرين يعملون في المجتمعات
المصنعةـ لن اللة أخذت مكان كثيرـ من
اليدي العاملة .
ودلت دراسة سلوى علي سليم على
أن ) (%79من الشباب المتعاطينـ
ينتمون إلى محافظات حضرية ،بينما )
(%13ينتمون إلى المراكز .ويعلل
الباحث الحالي ذلك بمايلي:
_1للتغير الجتماعي في المدينة أثار
أكبر منه في القرية ،وبتعبير آخر ،
تنتشر الثقافة الغربية في المدينة أكثر
من القرية .
ً
_2الشباب في المدينة أكثر فراغا من
شباب القرى ،لن أبناء القرى
يساعدون أسرهم في العمل الزراعي ،
ويشغلون أوقاتهم ،بينما يتسكع كثير
من الشباب في المدن بدون عمل .
ويعالج ذلك عندما نشغل أوقات الفتيان
والفتيات بالنافع المفيد لهم ولمتهم في
دينهم ودنياهم وهذه بعض سبل شغل
أوقات الفراغ :
_1العمل المبكرـ :وهو أن يلحق الب
ولده في الصيف بأحد محلت البيع أو
إحدى ورش النجارةا أو الحدادةا أو
129
130
إصلح السيارات أو الدوات الكهربائية
...إلخ ،أو أن يساعد الولد أباه في
عمله إن كان له مثل هذه العمال التي
تتطلب المساعدةا ،وللعمل المبكر
فوائد كثيرةا فهذا رسول الله نشأ
وترعرع يتيما ً ،وكان في كفالة جده
عبد المطلب ثام في كفالة عمه أبي
طالب ،ونشأ على الباء وحب العمل
والعتماد على النفس وممارسة
المسؤولية ،وكان يصر على أن يشارك
عمه هموما العيش ؛ إذ كان أبو طالب
كثيرـ الولد قليل المال ،وعندما قرر أن
يسافر إلى الشاما ابتغاء التجار والربح
قرر رسول الله أن يكون معه ،كان
عمره إذ ذاك نحو ثالث عشرةا سنة .
وقد تعود رسول الله على حياةا الكدح
والعمل ،ولم يكن من عادته القعود ،
والخلد للدعة والراحة ،وقد كان
النبياء قبله يأكلون من عمل أيديهم ،
وقد اشتغل رسول الله في رعي
الغنم في فتوته وشبابه ،روى أبو
هريرةا رضي الله عنه أن رسول الله
قال ) :ما بعث الله نبيا ً إل رعى الغنم ،
فقال أصحابه :وأنت ؟ فقال :نعم ،
130
131
)(1
كنت أرعاها على قراريط أهل مكة (
.
_2حفظ القرآن الكريم :وخاصة إذا
بدأ الفتى بحفظه منذ الطفولة ،
فيراجعه ويثبته أثاناء هذه الفترةا ،
ويُشجع الفتى على إتقان الحفظ
بالقراءةا الصحيحة أو القراءات
الصحيحة على عالم متخصص .وإن لم
يبدأ بالحفظ في الطفولة يشجع على
الحفظ في فتوته ،وما زال ذهنه ملئما ً
للحفظ ). (2
-3المطالعة :ومن أفضل سبل الوقاية
من خطر الفراغ تعويد الطفل على
المطالعة منذ الصغرـ ،حتى ينشأ على
حبها ،وحل المطالعة بحر ل حدود له ،
كما أنها أفضل سبل شغل الوقت لكبار
السن عند التقاعد ،وحب المطالعة
نعمة كبيرةا ينعمها الله على عبده
المسلم ؛ تحفظه من الجهل ،ومن
الفراغ ،ومن الشيخوخة ،وقد يبدأ
الوالد بتكليف ولده إعداد بحث ما ،
تتوفر مراجعه في البيت ،ويشجعه
- 1أخرجه البخاري في كتاب الحارةا ،باب رعي الغنم على
قراريط ،رقم الحديث في فتح الباري ). (2262
- 2قال لي من أثاق بهم أنهم بدأوا الحفظ في الثلثاينات من
عمرهم ،وقال أحدهم أنه بدأ الحفظ في الخامسة والربعين
وكان يؤما المسلمين في التراويح وعمره يناهز السبعين .
131
132
على إنجازه ويكافئه عليه ،ومع التكرار
يعتاد الولد على حب المطالعة .
_4إعداد قاموس النجليزية :ومن
العمال التي تقضي على الفراغ أن يعد
الولد قاموسا ً للنجليزية ،وبعد أن
يحضر الب الدفتر المناسب ،يقسمه
على أحرف النجليزية ،ثام يبدأ بتنفيذ
الفكرةا من أول كتاب تعلمه الولد ) وهو
كتاب أول متوسط في بلدنا العربية
غالباً( ،فيضع كل كلمة مرت في هذه
الكتب في محلها من القاموس ،مع
كتابة معناهاـ العربي ،وتصنيفها اللغوي
) اسم ،فعل ،صفة ...الخ ( وتصريفاتها
اللغوية .وهذا العمل أفضل الطرق
لتعلم النجليزية وللقضاء على الفراغ
معا ً .
_5التحضير للعاما الدراسي القادما :
ومن سبل الوقاية من الفراغ أن يطلب
الب من أولده تحضير بعض المواد
الصعبة ) كالرياضيات ،والقواعد ،
والنجليزية ...الخ ( للعاما القادما ،مع
الب أو الما أو الخ الكبر أو مع مدرس
،وقد وجدت معاهد صيفية كثيرةا لمثل
هذا الغرض ،يلجأ إليها الفتيان للتحضير
إلى الشهادات العامة كالكفاءةا
والثانوية .حتى تجد السرةا كلها تعلم
132
133
بعضها بعضا ً ،ويشرف الب والما على
سير ذلك التعليم .
_6الدعوةا والجهاد :ومن أفضل سبل
الوقاية من أوقات الفراغ أن يكتب الله
للولد اللتحاق بإحدى جماعات الدعوةا
السلمية ،والجهاد السلمي ،عندئذ
يطمئن البوان على ولدهما بأنه صار
رجل ً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ،
بل صار قدوةا في الخير ،وسلك أسرع
وأقصر طريق إلى الجنة .
_7إلحاق الولد بالمخيمات السلمية
والمراكز الصيفية ،التي تحصنه من
رفاق السوء ،وتبعده عن مزالق
النحراف ،كما تشبع لديه حاجة
ضرورية في النمو الجتماعي والنفسي
.
سـفر الشـباب إلى الخـارج
ومن أسباب تعاطي الشباب للمخدرات
سفرهم إلى الخارج ) بلد الكفار ( ،
حيث يجد الشاب المسلم المحافظ
على دينه ؛ الشهوات مبثوثاة في كل
مكان ،في الفندق والمطعم والشارع ،
ول يكفي ذلك ،بل يجد سماسرةا
الرذيلة يتلقونه في المطار وأينما حل
يعرضون عليه خدماتهم في تأمين ما
133
134
يريد مما حرما الله ورسوله . ومن
البدهي أن الشاب يعيش منضبطاًـ بدينه
وعقله ومجتمعه ،وحالما يفارق
مجتمعه فقد أحد الضوابط التي تحرسه
من شياطين النس والجن .وقد يجد
هذا الشاب عملء الصهيونية ينتظروه
في المطارات الدولية الكبرى ،وفي
الفنادق والمطاعم ،يقدمون له
المخدرات تحت اسم أي دواء
)مسكنـ للصداع مثل ً ( ،وبعض
المخدرات الن يكفي لتناولها مرةا
واحدةا حتى تحدث الدمان عليها ،
عملء الصهيونية والصليبيةـ ينتظرون
شبابنا بفارغ الصبر ،ليؤدوا مهمتهم
وواجبهم في إفساد شبابنا وإدخال
سموما المخدرات إلى مجتمعاتنا .
والحـل :
أن تمنع أيها الب ولدك من السفر إلى
بلد الكفار للسياحة ،وقد صدرت
فتاوى من كبار العلماء تبين أنه ل يجوز
السفر إلى بلد الكفار للسياحة ،وبلدنا
المسلمة جميلة ونظيفة وما زال كثير
من شبابنا ل يعرفونها .منطقة عسيرـ
الممتدةا من الطائف وحتى حدود اليمن
؛ منطقة باردةا صيفا ً ،وأشجارها دائمة
الخضرةا ،وفيها مناظر جميلة وخلبة ،
134
135
ونسيم عليل ،وشعب مسلم ،ومساجد
وعلماء ،وترى المصطافين من سائر
بلدان الجزيرةا العربية يقضون فيها
عطلتهمـ الصيفية ،وقد باشرت
الحكومة _ جزاها الله خيرا ً _ الهتماما
بها وتوفير المرافق الصحية فيها ،كما
في السودةا ،ودلغان ،في أبها ،وغابة
رغدان في الباحة .
135
136
الفصل الخامس
إخراج الولد من رفاق السوء
تمهيد :
درهم وقاية خير من قنطار علج ،ولكن
إذا فات الوان وانخرطا الولد في
مجموعة من رفاق السوء ،فقد صار
الولد على حافة هاوية الهلك في الدنيا
والخرةا ،وهل يقف الوالدان مكتوفي
اليدي يتفرجان على فلذةا الكبد كيف
تحترق في نار الدنيا ،ويتصورانه كيف
يحترق في نار الخرةا !!؟؟ ل شك أن
العلج صعب جدا ً ،وهو أشبه ما يكون
بالعمليات الجراحية ،ول ينجح فيه غير
الب الحصيف ،وقد يتطلب المر
الستعانة بخبير تربوي .فماذا يفعل
الوالدان ؟
خلل إحدى زيارات الب للمدرسة أخبر
بأن ولده ملتف على مجموعة فاسدةا ،
في المدرسة أو خارجها ،وقد تبين ذلك
للمرشد الطلبي أو غيره من
المدرسين ،أو شاهد الوالدان ابنهما مع
بعض الرفاق ،وبعد البحث عنهم تبين
أنهم أولد سوء ،فماذا يفعل الوالدان ؟
136
137
اللـجـوء إلى الله
أول ما يخطر للمسلم عندما يقع في
ملمة اللجوء إلى الله ،فيدعوه ليل ً
ونهارا ً أن يرفع عنه ذلك البلء ،ويكثر
الوالدان من الستغاثاة بالله عز وجل
ويلحان في طلب المعونة لبعاد ابنهم
عن رفاق السوء .
ثام يذكر الوالدان هذا الولد بلطف ولين
،ولغة يبدو فيها العطف والخوف على
مستقبل الولد ،يذكرانه بالنصوصا
الشرعية التالية :
يقول عز وجل {ويوما يعض الظالم
اتخذت مع
ُ على يديه يقول يا ليتني
الرسول سبيل ً ،يا ويلتى ليتني لم أتخذ
فلنا ً خليل ً ،لقد أضلني عن الذكر بعد
إذ جاءني وكان الشيطان للنسان
خذول ً }_ الفرقان – 30، 28:وقوله
سبحانه وتعالى { :ول تطع من أغفلنا
قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره
فرطا ً }_ الكهف . _28 :وقوله :
) مثل الجليس الصالح والجليس السوء
كمثل صاحب المسك وكير الحداد :ل
يعدمك من صاحب المسك ،إما ان
تشتريه أو تجد ريحه ،وكير الحداد
يحرق بيتك أو ثاوبك أو تجد منه ريحا ً
137
138
خبيثة ( ) . (1وعن أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه عن النبي ) : ل
تصاحب إل مؤمنا ً ،ول يأكل طعامك إل
تقي ( ) . (2والحاديث الشريفة في
الحث على مصاحبة المؤمن والبتعاد
عن مصاحبة الفاسق كثيرةا ). (3
حـدودا الحـريـة
ينبغي للوالدين أن يزرعا في عقول
أولدهم منذ الصغرـ أن الحرية محدودةا
ومن حدودها الشرع والعقلـ والمجتمع ،
فليست حرةا تلك الفعال المخالفة
للشرعـ ،وليست حرةا تلك المخالفة
للعقلـ أو المجتمع .
بل إن الحرية الحقيقية هي ما وافق
هذه التعابير الثلثاة ،ويضرب الب
لولده المثل التالي:
ينتقي النسان أصحابه على ضوء ما
يفهم من الشرع ،وما يدله عليه عقله
من مطابقة الواقع على الشرع ،وما
- 1صحيح البخاري ،كتاب البيوع ،باب ) (38في العطار وبيع
المسك ن ورقم الحديث ) (2101وفي الفتح ) ( 4/379دار
الريان .
- 2سنن أبي داود ،رقم الحديث ) ( 4811في عون المعبود
ن قال المناوي :قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي .
- 3انظر تربية الطفال في الحديث الشريف ،للباحث ،
فصل الجليس الصالح ،تحت الطبع .
138
139
يسكت عنه الناس ول يرونه شاذا ً
فيستنكرونه حسب العرف السائد .
وسمعة المرء محصلة لمدى فهمه هذه
المقولة ،إذ للمرء سمعة مشتركة مع
أسرته كلها ،والمجتمع يقيم الفرد
ويعمم نتائج التقييم على أسرته كلها ،
لذلك يجب على الفرد مراعاةا القيم
والعراف الجتماعية ) التي ل تخالف
الشرع ( حفاظا ً على سمعة أسرته .
ومنها أن ل يصاحب المنبوذين من
المجتمع ،وإذا وعى الولد ذلك
فسيسهلـ على الوالدين إقناعهم
بالبتعاد عن رفاق السوء .لنهم
يفهمون أنهم ليسوا أحرارا ً عندما
يصاحبون الشرار .
الـحوار الـهادائ
قد يصعب على الب أن يرى ولده
يحترق ،ويتصرف معه بهدوء ،لكن
العنف والتوتر سيؤديان عكس ما يريد
الب ،سيتشبث الولد برفاقه ليثبتـ أنه
رجل وليس طفل ً ينتقي له والده
أصحابه .والب الحصيف يتصرف
بهدوء وحسب خطة ليقنع ابنه بأن الخير
له في البتعاد عن هؤلء الرفاق ،
وليتدرب الب على الحوار مع أولده
139
140
منذ صغرهمـ ،فيبين مساوئ رفاق
السوء ،وفشلهم في المدرسة ،
وإهمال واجباتهم الدينية والمدرسية ،
وسوء أدبهم مع أسرهم ،ويجتهد الب
للحصولـ على معلوماتـ وافية عنهم
قبل اتخاذ القرار لخراج ولده من
شلتهم .على أن يقدما هذه المعلوماتـ
على شكل نصائح غير ملزمة ،دفعه
إلى تقديمها حبه لولده .
تأمـين مجموعـة من البدائـل قأبل
الـحوار
دأب بعض الباء على منع أبنائهم من
اللعب مع رفاق السوء ،أو مشاهدةا
برامج التلفاز ...أو ..دون تأمين
البديل السلمي لما ينهون عنه ،لن
المنع حبس لطاقة متفجرةا يستحيلـ
حبسها وستنفجر أخيرا ً ،والصحيح
صرف هذه الطاقة في قنوات مشروعة
نافعة ،فيؤمن الب رفاق الخير لولده _
كما بين سابقا ً _ قبل أن ينهاه عن
رفاق السوء ،ويوفر له برامج إسلمية
بواسطة الفيديو قبل أن ينهاه عن
برامج التلفاز .
وفي مجال الرفقة يوفر الب لولده
صلت وزيارات ومخيمات ...الخ _ كما
140
141
بين سابقا ً _ ثام يحاوره في انتقاء
أصحابه ممن يشاء من هؤلء ،يذكر له
عشرين أو ثالثاين اسما ً من هؤلء
الخيار ويقول له :أنصحك بانتقاء
أصحابك من بينهم ،وهؤلء أفضل من
رفاق السوء فلن وفلن ...وهكذا
يتصرف الب مع ولده ضمن الحرية
المحددةا .
ويكثف الوالدان عندئذ من وسائل
تأمين الجليس الصالح ،ومنها على
الخص :إلحاق الولد بمخيم إسلمي ،
أو رحلة إسلمية ،أو درس ونشاطا
دعوي إسلمي ،وهذه البدائل ستساعد
الولد على ترك رفاق السوء إن شاء
الله تعالى .ومنها حث بعض القران
الصالحين على مصاحبته ،وتشجيعهمـ
على ذلك بدعوتهم إلى المنزل
وإكرامهم ،وتكرار الزيارات لهم في
بيوتهم .ومساعدتهم على إقامة
أنشطة مشتركةـ كالرحلة أو ألعاب
جماعية ...إلخ .
نقل الولــد من المدرســة
وإذا كان رفاق السوء الذين التحق
الولد بهم من زملء المدرسة ،وممن ل
يمكن أن يلتقي بهم في غيرها ،يسارع
141
142
الب إلى نقل ولده من هذه المدرسة
في أي وقت من العاما الدراسي ،حتى
لو أدى ذلك إلى ضياع سنة دراسية
عليه ،وهذه السنة أهون من ضياع
الولد طول حياته ،وربما تضيع آخرته .
ويفضل أن يتعللـ الب بأسباب أخرى
للنقل لن فتيان يتضايقون جدا ً إذا
تدخل الوالدان في انتقاء أصدقائهم .
نقـل مسـكن الســرةـ من الحي
وإذا كان رفاق السوء الذين التحق
الولد بهم من سكان الحي ،وممن ل
يمكن لولده مخالطتهم في غير هذا
الحي ،فل يتأخر الب في نقل مسكن
أسرته من هذا الحي إلى آخر فيه رفاق
خير ،وفيه مسجد نشيط ،وتكثر فيه
السر الملتزمةـ بإسلمها ،وقد يضطر
الب إلى بيع داره في هذا الحي وشراء
دار أخرى ،وما فيه من التعب والمشقة
وربما التكلفة المالية ؛ لكن ذلك أهون
من ضياع أحد أولده ،فالولد هو الثروةا
الحقيقية للب وللمجتمع في الدنيا
والخرةا .وقد انتقلت أسر مسلمة من
أوربا أو أمريكا أو كندا وترك الب
المسلم عمله الممتاز فيها عندما صار
أولده في مرحلة القران ،خوفا ً من
142
143
التحاقهم بإحدى مجموعات السوء
الكثيرةا هناك .
وأخيرا ً يلحظ صعوبة العلج ،وهو كما
أسلفت أشبه بالعمليات الجراحية ،
وسبب ذلك إهمال الوالدين الرشادات
التربوية اللزمة من أجل توفير الجليس
الصالح لولدهم منذ الصغرـ ،ودرهم
وقاية خير من قناطير علج .
عـلج المدمـن على المخـدرات :
يقول الطبيب النفسي عادل صادق :
_1الدمان له علج ،وكل مدمن يمكن
علجه وشفاؤه مع تحفظ واحد هو
صعوبة علج )السيكوباتي( ). (1
_2ومن المعلوما أن إنقاذ مدمن يحتاج
إلى صبر ،واستمرار بدون توقف ،إذن
إن العلج ليس هو التوقف عن التعاطي
،وغنما هو الستمرار في التوقف ،ول
يكون ذلك إل بعلج السباب التي تدفعه
إلى التعاطي ،فالدمان ليس هو
المرض ،وغنما هو عرض للمرض .
_3والمعالج الحقيقي للمدمن ليس هو
الطبيب ،وإنما هو إنسان قريب منه
يحبه ،ول يمكن علج مدمن على
الطلق بدون وجود هذا النسان في
- 1هو الشخصية النطوائية المتشائمة الذي ل يثق بأحد .
143
144
حياته ،وإذا خلت حياةا المدمن من
إنسان يحبه فلن يشفى ،بل سيتمادى
حتى الموت .
_4ول بد من إسهاما المدمن نفسه في
خطة العلج .
_5بداية العلج يكون في شكل رسالة
إلى وجدان المدمن محتواها :أننا نحبه
،ول بد أن نعبر له عن حبنا له بطريقة
ما ،عندئذ يكون الحوار ممكنا ً معه .
_6الحوار الصريح مع المدمن ،وهدما
جدار الصمت ليقول ما عنده .
_7الوقوف بحزما فيما يختص بالنقود ،
فأي درهم مال يعطى له تآمر على قتل
نفسه .
_8مراجعة الطبيب الذي يتعرف على
الحالة بكل تفاصيلها من المدمن
وأسرته ،ثام يصف العلج ويشرح
طريقة العلج للمدمن ولسرته ،ول بد
أن ينال الطبيب ثاقة المدمن وحبه له .
_9بعد خروج المدمن من المستشفى
،يعود لتشرفـ عليه أسرته التي تجتهد
في إزالة السباب التي تدفعه إلى
التعاطي ). (1
مستشفيات المـل
- 1عادل صادق ،الدمان له علج 1986 ،ما ،صا .111
144
145
مستشفيات متخصصة في علج
المدمنينـ على المخدرات ) (1وجميع
دول العالم ل تعاقب المدمن الذي
يسعى نحو العلج ،وإنما تشجعه وتقدر
ظروفه ،ويمنح هؤلء خلل فترةا العلج
الضمانات التي تحميهم من خدش
كرامتهم وتكتم أسرارهم محافظة
على مراكزهمـ الجتماعية .ويتقدما
المريض مباشرةا إلى قسم الستقبال
في المستشفى فيبدأ العلج دون عقاب
.وقد يستمر العلج بمراجعة العيادات
الخارجية تحت إشراف الطبيب النفسي
والخصائي الجتماعي ،أو ينوما المدمن
في المستشفى ليعالج جسديا ً ونفسيا ً
من الدمان ). (2
145
146
الـمراجــع
أول ً :كتب الحديث الشريف :
1ـ الدب المفرد للبخاري ،نشر
مشروع زايد لتحفيظ القرآن الكريم ،
1981ما
2ـ الجامع الصغير للسيوطي ،دار
الكتب العلمية ،طا 4
3ـ جامع الصول للجرزي ،تحقيق
الرناؤوطا ،دار الفكر ،طا 1983، 2ما
4ـ صحيح البخاري ) ،فتح الباري (
لبن حجر ،دار اليان ،طا 1988، 2ما
5ـ صحيح مسلم ) شرح النووي ( ،
مراجعة الميس ،دار القلم ،طا 1
6ـ العيال لبن أبي الدنيا ،تحقيق نجم
خلف ،ابن القيم بالدماما 1990 ،ما
7ـ مختصر سنن أبي داود ،للمنذري ،
مكتبةـ السنة المحمدية .
ثانيا ً :الكتب التربـويـة :
1ـ أحمد بن النقيبـ المصري ،عمدةا
السلك وعدةا الناسك ،الشؤون الدينية
بقطر
2ـ جون إدي ،المعلم في مواجهة
المخدرات ،ترجمة محمد عبد العليم
مرسي ،مكتب التربية العربي لدول
الخليج بالرياض 1991،ما .
146
147
3ـ حامد زهران ،علم نفس النمو ،دار
المعارف 1986 ،ما .
4ـ حسن إبراهيم عبد العال ،التربية
في مواجهة المخدرات ،مجلة رسالة
الخليج ،العدد ) ( 2السنة ) ( 8
1988ما .
5ـ خالد شنتوت ،تربية الطفال في
الحديث الشريف ،مطابع الرشيد
.1417
6ـ خالد شنتوت ،تربية الشباب
المسلم ،دار المجتمع بجدةا 1993 ،ما .
7ـ خالد شنتوت،دور البيت في تربية
الطفل المسلم ،دار المطبوعات بجدةا
.
8ـ خالد شنتوت ،الشارع مؤسسة
تربوية ،بحث منشور في مجلة التربية
الماراتية ،العدد ) ديسمبر ( 1993ما .
9ـ رينيه دوبو ،إنسانية النسان ،
تعريب نبيه الطويل ،الرسالة 1984ما .
10ـ سلوى علي سليم ،السلما
والمخدرات ،مكتبةـ وهبة بالقاهرةا
1989ما .
11ـ سهيل الحاج ،المخدرات جريمة
العصر ،طرابلس 1988 ،ما .
147
148
12ـ سيف الدين حسين شاهين ،
المخدرات والمؤثارات العقليةـ ،دار
الفق بالرياض 1413 ،هـ .
13ـ عائشة السيار ،التنشئةـ
الجتماعية ،بحث منشور في مجلة
التربية الماراتية ،العدد ) ( 52
1407هـ .
14ـ عادل صادق ،الدمان له علج ،
مصر 1986،ما .
15ـ عبد الرحمن العيسوي ،
سيكولوجية المراهق المسلم ،الكويت
1987ما .
16ـ عبد الرحمن مصيقر ،الشباب
والمخدرات في دول الخليج العربي ،
مجلة دراسات الخليج ،العدد ) . ( 47
17ـ عبد العزيز النغيمشي ،المراهقون
،دار طيبة بالرياض 1411،هـ .
18ـ ماجد عرسان الكيلني ،فلسفة
التربية السلمية ،مكتبةـ هادي بمكة .
19ـ محمد جميل محمد يوسف ،النمو
من الطفولة ...الرياض 1401،هـ .
20ـ محمد علي البار ،المخدرات ،
جريمة المخدرات ،القاهرةا 1981،ما .
21ـ محمد قطب ،منهج التربية
السلمية ،دار الشروق 1401،هـ .
148
149
22ـ محمد نور سويد ،منهج التربية
النبوية للطفل ،الكويت 1988،ما .
23ـ نايف المرواني ،الدمان
والمدمنون 1992 ،ما .
24ـ يوسف عبد الله العريني ،جحيم
المخدرات ،الرياض 1990ما .
149
150
المحتـوى
الموضوع
الصفحة
الفصل الول :مسؤولية
الوالدين عن أولداهم
حقوق الولد على والديه
7 ...........................
أو ولد صالح يدعو له
9 ............................
أولويات التربية
11 ...................................
الفصل الثاني :مراحل نمو
النسان
حاجة الوالدين لعلم نفس النمو
16 ..................
مرحلة الرضيع
17 ..................................
مرحلة الطفولة المبكرةا وأهميتها
18 ...............
مرحلة الطفولة المتأخرةا وخصائصها
22 ..........
مرحلة المراهقة وخصائصها
30 ...................
الفصل الثالث :الحاجة إلى
الرفاق
150
151
أسباب جماعة الرفاق
39 .............................
كيف تتكون جماعة الرفاق
41 ......................
المبكرون إلى جماعة الرفاق
42 ....................
أثار القران على التحصيلـ الدراسي
45 ...........
أثارهم على سلوك الفرد
46 ...........................
الوقأاية من الفصل الرابع :
رفاق السوء
كن محبوبا ً عند ولدك
48 ............................
تقبيل الولد
49 .......................................
إذا كبر ابنك خاويه
51 ...............................
الرفقة الصالحة :القامة في بيئة
صالحة 53 .....
المخيمات والمراكز الصيفية
58 ...................لوقأاية من
المخدرات
المخدرات والشباب
61 ..............................
151
152
أوصاف متعاطي المخدرات
63 ....................
أسباب تعاطي المخدرات :
ضعف الوازع الديني
64 ..........................
رفاق السوء
69 ........................................
إغراق الولد بالمال
72................................
أوقات الفراغ
74......................................
سفر الشباب إلى الخارج
77...........................
الفصل الخامس :إخراج الولد
من رفاق السوء
اللجوء إلى الله
79.....................................
الحوار الهادئ
81......................................
البدائل :نقل الولد من المدرسة
82..................
نقل المسكنـ من
الحي82...............................
علج المدمن على المخدرات
83....................
152
153
153